موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي
محمد نعيم ساعي
المقدمة
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي هذه الموسوعة تضمنت أمهات مسائل الفقه الإِسلامي التي قال بها جمهور العلماء من أئمة السلف وصالحي هذه الأمة في خير القرون ابتداء بعصر الصحابة والتابعين وانتهاء بآخر عصر الأئمة المجتهدين تَأِلْيف الدكتور: محمد نعيم محمد هاني ساعي أستاذ الفقه وأصوله - الجامعة الأمريكية المفتوحة الولَايات المتحدَة المجلَّد الأوَّل دار السلام للطباعة والنشر وَالتوزيع والترجمَة
الباعث على تأليف هذا الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين الحمد لله دائم الفضل والإنعام والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للأنام سيدنا محمَّد وآله الطيبن وأزواجه الطاهرات وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان على الدوام من السلف الصالح والخلف العظام المبتغين وجه مولانا ذي الجلال والإكرام وبعد. فهذا كتابنا "موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإِسلامي" قد شاء ربنا -عز وجل- أن يرى النور بعد إذ ظل حبيس الخزائن والأوراق أكثر من سبعة عشر عامًا فلله الحمد والشكر على ما أنعم وأتم. الباعث على تأليف هذا الكتاب لقد كنت وما زلت أعتقد أنَّ الفقه الإِسلامي هو حياة الأمة ومبعث المتقدم والتحضر فيها بل هو عندي ميزان قوتها وضعفها ومؤشر عزَّتها وهوانها ... إن الفقه الذي أعنيه ليس كتابًا ودرسًا أو محاضرةً وندوةً ولا حتى استفتاءً وفتوى وحسب، بل هو قبل ذلك علم وعمل ومعرفة وأخلاق، وأعظم من ذلك كله دستور وقانون وحاكم وسلطان ... إنه بكلمةٍ مختضرةٍ هوية شعبٍ وكيان أمة .... إنه كتاب ناطق وسنَّة ماضية ... إن الفقه يا أحبتنا .... القرآنُ الكريمُ بسوره وآياته وعبره وعظاته، وأمره ونهيه .... إنه سنة الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بكل ما فيها من حب ورحمة وأدب وتواضعٍ وهدًى ورشاد .... الناقلون لهذا العلم وإذا كان الفقه بهذا المعنى الكبير فلابد أن يتناسق حاملوه وناقلوه مع ما ذكرناه .... نعم أيها القراء الأعزاء .. إنهم العلماء والفقهاء .. إنهم ورثة الأنبياء، وطريق الأولياء .. تلقٍ وإسناد وزهدٌ وعزوفٌ وعزة واستغناء، وخضوع وإِخباتٌ ... وصدق وإباء .. إنها بعض صفات الناقلين لهذا العلم الجليل ... ولو أنك رأيت الفقه الإِسلامي وقد تخلَّفت عنه بعض معانيه التي ذكرنا أو بعض صفات حامليه وناقليه التي إليها نوَّهنا وأشرنا فاعلم أنه ليس هو الفقه الذي أراده النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" ... نعم ليس هو الفقه ذاك .. إن فقهًا تُباع به الأديان. وتشتري به الذمم أو فقهًا تُطرق به أبواب الدنيا ويتلهى به عن الآخرة. ليس هو فقه الإِسلام والدين الذي ذكره
مسائل الإجماع
ربنا -عز وجل- في كتابه بقوله: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} [التوبة: 122] .. وإن الفقه الذي صار قاصرًا على الحرف والقلم. وانفصل عن ميادين الحياة والذمم .. ليس هو الفقه الذي أمر به مولانا -سبحانه وتعالى- عندما قال: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] ... فإذا كان هذا الذي ذكرناه قد كان بعضه أو جله ولا زال كائنًا فهل هي نهاية الدنيا وآخر الأمر؟؟ ... لا وألف لا .. إنه نور الله لابد أن يتم (¬1) .. وهو دينه -عز وجل- لابد أن يظهره على الدين كله (¬2) .. وإنه التجديد في دين هذه الأمة لابد كائن (¬3) ولولا هذا وذاك لما شرع قلم أو خط بنان .. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21]. مسائل الإجماع لا يختلف فقيه أو عالم على أهمية الإجماع في الشريعة الإِسلامية، إذ هو ركن ركين من أركان الفقه الإِسلامي وهو في حقيقته عمود هذا الدين الذي قام عليه في قسميه العقدي والتشريعي ونحن هنا سنخصُّ القسم التشريعي. في الكلام على مواده وبعض ما يؤخذ على المشتغلين به، وأما الإجماع في قسمه العقدي. فقد إنتهينا بحمد الله وفضله من الكلام عليه وفق قواعد النظر والاستدل في كتابنا "القانون في عقائد الفرق الإِسلامية" بوضع قانونٍ يرجع إليه المختلفون في العقائد من أصحاب المقالات والفرق الإِسلامية إذا راموا وحدةً علميةً فيما بينهم تقوم على أصول هذا الدين وفق منهاج لا مجاملة فيه ولا مداهنة يعتمد على "قواطع الوحي واللغة والعقل". الإجماع "المتفق عليه" والإجماع الذي نعني هو الإجماع المتفق عليه الذي مهما بحثت له عن مخالفٍ من المجتهدين كثر أو قلَّ كان مشهورًا أو مغمورًا (¬4) فإنك لن تجد له سبيلًا. ¬
الإجماع المدعى
وهذا الإجماع قسمان: قسم يعلمه الخاصة والعامة من المسلمين وهو المسمى عندهم بـ "المعلوم من الدين بالضرورة" كفرض الحج والصيام والصلوات الخمس والزكاة وبعض التفصيلات في تلك الأركان كوجوب الطواف والسعي والوقوف بعرفة ووجوب الإمساك في رمضان في نهاره وحل الإفطار في ليله وأن الصلاة فيها قيام وقراءة وركوع وسجود وغير ذلك، ومن هذا القبيل علم الخاصة والعامة بتحريم الزنا والربا والخمر والميسر وقذف الأعراض ونحو ذلك، ومن هذا القبيل كذلك تحريم التبرُّج وكشف العورات في الجملة ووجوب التستر والتحشُم والعفاف، فهذا النوع من الإجماع لا يحتاج لبحث أو اطلاع أو سؤال عالم أو استفتاء فقيه. وقسم آخر من الإجماع هو في حقيقته تفصيل للقسم الأول، وهذا إنما يعرفه الخاصة من المسلمين وهم علماء الشريعة وفقهاؤها، وأما العامة ففرضهم سؤال أهل العلم واستفتاؤهم (¬1) ومن هذا القبيل: إجماعهم على أن القصر جائز في السفر المعتبر (¬2)، وإجماعهم على بعض أنصبة الزكاة المفروضة، وإجماعهم على بعض مناسك الحج ووجوب الدماء في بعض محظوراته، ومن هذا القبيل إجماعهم على معنى التستر الذي أمرت به المرأة وهو "الحجاب" وهو ستر البدن كله ما عدا الوجه والكفين (¬3)، وغير ذلك، وإنما يقل معرفه العامة في المسلمين بهذا القسم ويكثر بحسب إقبال الناس على العلم والاحتكاك بالعلماء والتلقي عنهم، وهذا في حقيقته يعكس حال أمة الإِسلام تقدمًا وتخلُّفًا، فهذه الأمة كانت أيام عزها وريادتها مقبلة على العلم والتعلم عارفة بكثير مما أجمع عليه العلماء واختلفوا فيه، ولما تخلفت وتأخرت دبَّ فيها العجز وفشا الجهل بأبسط معارف دينها ودنياها فلله الأمر من قبل ومن بعد. الإجماع المُدَّعى وأما الإجماع بغير المعنى الذي ذكرناه وبقسميه السابقين فقد تعددت مراتبه وكثر مدَّعوه، من ذلك فتوى الصحابي الذي لم يعلم له مخالف بين سائر الصحابة، ومن ¬
ذلك اتفاف الخلفاء الراشدين أو اتفاف أهل الحرمين أو اتفاق أهل المدينة أو اتفاق أكثر أهل العلم فكل ذلك لا يُعَدُّ إجماعًا على التحقيق في مذهبنا ومذهب جمهور أهل العلم من الأصوليين والفقهاء، وهذا النوع من إجماع المُدَّعى أكثر من الإجماع المتفق عليه الذي ذكرته أولًا وقد شكلت مسائل هذا النوع من الإجماع (أعني الإجماع المدعى) أكثر مادة "موسوعة الإجماع في الفقه الإِسلامي" للشيخ الفاضل الأستاذ "سعدي أبو حبيب". أجزل الله مثوبته مما جعل موسوعته مزيجًا وخليطًا من مسائل الاتفاق ومسائل الاختلاف، بل حتى مسائل مقطوع بالإجماع فيها. ومسائل مقطوع بالخلاف فيها وقد صرح هو حفظه الله بهذا المزج في مقدمة كتابه، إلا أنه يعاب على المصنف أكرمه الله تعالى أنه لم يلتزم بالتمييز بين المسائل التي ثبت فيها الإجماع أو صحَّ وبين المسائل التىِ ثبت فيها الخلاف المعتبر؛ بل وفي كثير من الأحيان المسائل التي اشتد فيها الخلاف. فإن قال قائل: لكن المصنف لم يلتزم بتعريف معين للإجماع كما ذكرت، وكما بين هو فلا يصح أن ينازع فيما أدخله في كتابه في شتى أنواع الإجماع. والجواب: أن هذا التوجيه لا يصح لأن المصنِّف حفظه الله تعالى قد فسح المجال في هامش كتابه لنقد بعض المسائل التي ادُّعِيَ فيها الإجماع لعدةٍ من الأئمة، وكان معظمها من نصيب ابن حزم الأندلسي -رحمه الله- تعالى، ومن كتابه "نقد مراتب الإجماع" لكن الشيخ سعدي حفظه الله كما قلت لم يلتزم بهذا المنهج في كثير من المسائل التي ثبت فيها الخلاف؛ بل والخلاف الشديد في بعض الأحيان، وكان من اليسير على الشيخ أكرمه الله أن يثبت هذا الخلاف في هامش كتابه؛ لأن هذا الخلاف موجود في نفس المصدر، وفي نفس الصحيفة في بعض الأحيان التي نقل منها أو منه المسألة التي ادعِيَ فيها الإجماع (¬1)، وهذا عندي خلل يذهب بفائدة كبرى من فوائد تلك الموسوعة وهي التمييز بين ما لا يجوز فيه الخلاف ولا الاجتهاد، وبين ما يجوز فيه ذلك، وبين ما ليس فيه سعة للناس وبين ما لهم فيه سعة وبحبوحة يستوي في هذا الأمر الأخير العامةُ والخاصةُ، وهناك أمور أخرى تؤخذ على موسوعة الإجماع ليس هذا مجال بسطها الآن (¬2). ¬
أهمية اتفاق أكثر أهل العلم أو "قول الجمهور"
أهمية اتفاق أكثر أهل العلم أو "قول الجمهور" لقد ذكرت فيما مضى أن "اتفاق أكثر أهل العلم" لا يُعتبر إجماعًا عند أكثر الأصوليين والفقهاء، وهو كذلك. إلا أن هذا لا يقلل من شأن قولهم، بل إنه في حقيقته يعزز من مكانته ولو لم يكن لقول "الجمهور" إلا اختلاف العلماء في اعتباره إجماعًا لكفى، فكيف إذا عرف القارئ ما لقول "الجمهور" من أهمية وفضل فوق هذا الذي ذكرناه. فلا أظنه يعجب بعد ذلك من إنفاقنا الوقت والجهد والمال لتأليف هذه الموسوعة المباركة. موسوعة مسائل "الجمهور" صلة وصلٍ بين الأصول وبين الفروع إن المستقرأ لأحكام الشريعة يجد أنها تنقسم إلى قسمين رئيسين: أصول مجمع عليها، وفروع مختلف فيها، ويجد كذلك أن الفروع المختلف فيها تنقسم إلى قسمين: فروع أشتد فيها الخلاف (¬1)، وفروع ضعف فيها الخلاف (¬2)، وهذا القسم الأخير يضعف فيه الخلاف ويضيق حتى يقترب جدّا من مسائل الإجماع. وقد لا يكون هذا فتبقى المسألة أقرب إلى مسائل الخلاف، وهذا هو بكل تبسيط واستقراء حال مسائل الجمهور التي قمنا بجمعها في هذه الموسوعة المباركة إنها أشبه ما تكون بالمواد الضرورية لحماية هيكل البناء أو العمران فلا هي هيكل وقواعد وأعمدة، ولا هي في الوقت نفسه تزويق أو تزيين أو كماليات للبناء لكنها بين ذلك وذاك من غير أن يستغنى واحد منهما عنها. مسائل الجمهور وأمهات مسائل الفقه الإِسلامي للفقه مسائل هي قوامه وأصله، عليها وعلى أساسها قام التشريع الإِسلامي، وعليها وعلى تفريعاتها جرى معظم جهد الفقهاء وأئمة العلم، هذه المسائل تُسمى عند العلماء بـ "أمهات مسائل الفقه" وهي مسائل تتناول أبواب الفقه من أولها إلى آخرها عبادات ومعاملات، وهذه المسائل في حقيقتها تمثل المادة الخام التي تشكلت منها تصورات ¬
مسائل الجمهور ومقاصد الشريعة وكلياتها الكبرى
موالإِسلام ومفاهيمه العامة، فمسائل الطهارة في أصولها من تقسيم المياه إلى طاهرة مطهرة وطاهرة غير مطهرة ومتنجسة وتقسيم الماء إلى قليل وكثير، ومسائل تطهير المتنجس من ثوب أو بدن أو مكان، ومسائل شروط صحَّة الصلاة من وضوء وغسل وستر عورة واستقبال قبلة، وتفصيلات مسائل الوضوء والغسل وما يوجبهما ويفسدهما. أقول هذه كلها أمهات مسائل ولو ذهبت أستقصي سائر أبواب الفقه لما انتهينا إلا بوضع مصنف برمته يلتقط درر تللث المسائل ويجمع شملها، فإذا عرف القارئ أن مسائل الجمهور هي معظم أمهات مسائل الفقه الإِسلامي (¬1) إن لم تكن كلها وإذا عرف القارئ كذلك أننا ضممنا إلى مسائل الجمهور كثيرًا من مسائل الإجماع أو الاتفاق المتعلقة بها، فلا أظن بعد هذا أن كتابنا هذا قد ترك من أمهات مسائل الفقه إلا القدر اليسير والنادر (¬2) وكتاب هذا شأنه أرجو من الله تعالى أن تتم به الفائدة ويكثر به النفع. مسائل الجمهور ومقاصد الشريعة وكليَّاتها الكبرى لقد استقصينا مسائل الجمهور التىِ جمعناها واستقرأنا معانيها التي تضمنتها فما وجدناها في غالبها الأغلب إلا منسجمة ومتناسقة مع مقاصد الشريعة وقواعدها وكلياتها "الكبرى" فمقاصد الحرص على التطهر والتنظف من الأدناس والأرجاس، ومقاصد التخفيف والتيسير ورفع الحرج في العبادات خاصة؛ كلها متفقة مع ما ذهب إليه جمهور الفقهاء في تفصيلات تلك المسائل، ومقاصد الأمر بالتستر والتحشم وحفظ العورات وسد أبواب التعدِّي على الأعراض والأموال والدماء، ومقاصد الردع والزجر في أبواب الحدود والجنايات، أقول: كل ذلك منسجم في معظمه كما قلت مع ما ذهب إليه جمهور الفقهاء والعلماء، وقيل الأمر نفسه في سائر مقاصد الشريعة، وكلياتها ولا غرابة في هذا؛ فإنه من مقتضيات البناء الإِسلامي الذي أشرنا إليه في الفقرة السابقة. مسائل الجمهور وقواعد الفقه وإذا كانت القواعد الفقهية التي وضعها الفقهاء بعد استنباطهم لأحكام الفقه من ¬
مسائل الجمهور وأدلة الفقهاء في المسائل المتنازع فيها
أدلتها التفصيلية لا تبتعد كثيرًا في روحها عن مقاصد الشريعة، فلا عجيب بعد ذلك أن تأتي مسائل الجمهور منسجمة في غالبها الأغلب مع تلك القواعد، فقاعدة "لا ضرر ولا ضرار" أو قاعدة "إذا ضاق الأمر اتسع" أو قاعدة "الأمور بمقاصدها"، أو قاعدة "العادة محكمة"، وغير ذلك من قواعد الفقه الكبرى لا تذهب بعيدًا عما قال جمهور الفقهاء والعلماء. مسائل الجمهور وأدلَّة الفقهاء في المسائل المتنازع فيها إن المستقرأ لمسائل الجمهور والأدلة التي استندت إليها يجد أنها في الغالب الأغلب أقوى دليلًا وأظهر حجة بالمقارنة مع أدلة من خالف الجمهور من بعض أهل العلم المجتهدين وأئمته، وهذا الترجيح الذي خلصنا إليه وإن كان ترجيحًا اعتباريًّا في أعيان المسائل وتفصيلاتها، إلا أنه في ظني ترجيح صادق في جملته وعمومه، فقد يختلف أهل النظر من المشتغلين في الفقه وعلومه في المسألة الفلانية مثلًا التي قال فيها الجمهور بقول. أهو أرجح دليلًا وأقوى حجة من قول من خالفهم؟ أم أن قول غيرهم أقوى وأظهر؟ إلا أن هؤلاء الناظرين لو جمعوا مسائل الجمهور كلها الراجح منها والمرجوح لوجدوا والله تعالى أعلم أن ما رجح منها يفوق بكثير المرجوح والضعيف (¬1)، وقد رأيت المشتغلين بمذاهب الأئمة ونقل أقوالهم يجنحون إلى هذا الذي ذكرته أو نحوه كابن المنذر وابن رشد وابن حجر وغيرهم رحمهم الله تعالى. " ترجيح مذهب الجمهور في الجملة" له أسبابه ولما بحثنا عن الأسباب الكامنة وراء قوة قول الجمهور في الجملة ورجحانه، وجدنا ما تقر به الأعين وتلذُ به الأنفس، وهاك أيها القارئ الحبيب بعضها: ¬
مسائل الجمهور وقول "أكثر الصحابة والتابعين"
مسائل الجمهور وقول "أكثر الصحابة والتابعين" أولًا: لن تجد في الغالب الأغلب قول الجمهور من الفقهاء المجتهدين في الأعصر المختلفة إلا وهو موافق لقول أكثر الصحابة أو التابعين أو قول أكثر الصحابة والتابعين معًا إذا وجد (¬1) لأكثر هؤلاء رضي الله تعالى عنهم قول في المسألة التي قال بها الجمهور من الفقهاء، وهذا أمر مفروع منه توصلنا إليه بالبحث والاستقراء، وهذا السبب وحده فيه من قوة الترجيح ما يعتز به الفقيه ويفخر وذلك بالنظر إلى حقيقته ومعناه. مسائل الجمهور وبلوغ الخبر النبوي لبعض المجتهدين دون بعض ثانيًا: إذا كان من بين أسباب الخلاف بين الأئمه المجتهدين هو بلوغ الحديث النبوي على صاحبه أفضل صلاة وأتم سلام لبعض المجتهدين دون بعض، فإنك لن تجد في الغالب الأغلب الجمهور من الفقهاء يذهبون إلى قول إلا والحديث الشريف والنص النبوي في المسألة معهم لا يتركهم ولا يتركونه، وإن فات البعض من الأئمة هذا الحديثُ فهو من نصيب غير الجمهور في الجملة والغالب الأغلب. مسائل الجمهور وترك العمل بالخبر النبوي لمعارضة ظاهره أصلًا من أصول بعض المجتهدين ثالثًا: وسواء كان هذا الأصل "عمل أهل المدينة" أو "القياس" أو "عموم الكتاب" أو "النص قطعي الثبوت" أو غير ذلك، فإن هناك تلازمًا في الجملة وفي الغالب الأغلب (¬2) بين صحة الخبر النبوي (وسلامته من قوادح الشذوذ والعلة ومعارضة ¬
مسائل الجمهور والقوة الكامنة في قول الأكثر والأغلب
الإجماع الثابت) وبن قول الجمهور، فخلاف مالك للجمهور مشهور في مسائل ترك العمل بالحديث الصحيح والذي قد يرويه هو أحيانًا -رحمه الله- لمخالفة ظاهره عمل أهل المدينة، وكذلك خلاف أبي حنيفة -رحمه الله- تعالى للجمهور مشهور في مسائل ترك العمل بالحديث الثابت لمعارضته عموم نص قرآني، أو غير ذلك من خلاف بعض الأئمة المجتهدين للجمهور لبعض ما ذكرته. مسائل الجمهور والقوة الكامنة في قول الأكثر والأغلب رابعًا: وهذا أمر تشهد له العقول، ويرتاح له النظر، وهو أن القوة في القول والسلامة في الرأي هي في الغالب في جانب الأكثر والأغلب ما دامت قضية تقبل الخطأ والصواب، وهو أمر لا ينحصر في مسائل الفقه المختلف فيها، وإنما هو أمر عام في كل مسألة أو قضيةٍ تحتمل أكثر من رأي كونها ليست من قواطع العارف ولا من ثوابت الأمور، فما جلس جماعةً من الناس يناقشون مسألة مما يصح فيها القبول والرفض، أو الإقدام والإحجام، أو الصحة والفساد، أو غير ذلك من الأضداد وانفض مجلسهم عن ذهاب أكثرهم إلى كذا، إلا رأيت المطَّلع عليهم بداهةً يذهب في الغالب إلى الوقوف عند هؤلاء الأكثرين والأخذ برأيهم إذا ما توفر في هؤلاء المجتمعين شرطان أساسان النزاهة والأهلية، فإذا عدت أيها القارئ الفطن إلى مسائل الفقه الظنية، وهي التي تقبل الاختلاف وتعدد الآراء فلن تجد الأمر يعدو ما ذكرناه في جملته؛ والله تعالى أعلم وأعز وأحكم. عودة إلى بيان أهمية موسوعة "مسائل الجمهور" مسائل الجمهور "والحديث الضعيف" لقد كان موقف بعض الأئمة من الحديث الذي قصر إسناده عن إلحاقه بمرتبة "المقبول" (¬1) أنهم اعتبروا أمورًا لتقوية العمل بهذا الحديث والأخذ به، منها أن يقول ¬
قول الجمهور ومجتهدو أو مرجحو المذاهب الفقهية
بمعناه أكثر أهل العلم وجمهورهم. قال الإِمام النووي -رحمه الله- تعالى: قال الشافعي -رحمه الله-: وأحتج بمرسل كبار التابعي إذا أسند من جهةٍ أخرى، أو أرسله من أَخَذَ عن غير رجال الأول ممن يقبل عنه العلم، أو وافق قول بعض الصحابة، أو أفتى أكثر العلماء بمقتضاه. قال (يعني الشافعي): ولا أقبل مرسل غير كبار التابعين، ولا مرسلهم إلا بالشرط الذي وصفته. قال النووي: هذا نصُّ الشافعي في الرسالة وغيرها وكذا نقله عنه الأئمة المحققون من أصحابنا الفقهاء والمحدثين، كالبيهقي والخطيب البغدادي وآخرين، ولا فرق في هذا عنده (يعني عند الشافعي) بين مرسل سعيد بن المسيب وغيره، هذا هو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون .. اهـ (¬1). وكان موقف كثير من الفقهاء القول بمقتضى حدثنا اختلف في قبوله ورده إذا صار إلى العمل به أكثر أهل العلم، انظر ما ذكره الموفق ابن قدامة في المغني في كثير من المسائل من هذا القبيل، منها مسألة الأضراس والأسنان في أن ديتهما واحدة، مع أن دليل المسألة حديثان مختلف في قبولها وردهما. الأول كتاب عمرو بن حزم، والثاني رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (¬2) قال الموفق ابن قدامة -رحمه الله- فكان ما ذكرناه مع موافقة الأخبار وقول أكثر أهل العلم أولى .. اهـ. وانظر مسألة أقل الطهر أنه خمسة عشر يومًا واحتجاج العلماء بالحديث الضعيف الوارد فيه لقول جمهور العلماء به. في إعلاء السنن ج 1 ص 253. قول الجمهور ومجتهدو أو مرجحو المذاهب الفقهية وكذلك كان "قول الجمهور" أحد الاعتبارات التي اعتمد عليها كثير من الفقهاء المجتهدين ومرجحي المذاهب الفقهية في اعتماد قول أو ترجيح رواية, ومن هذا القبيل قول الشافعي في مسألة توريث الجد مع الإخوة: مع أن ما ذهبت إليه قول الأكثر من أهل الفقه بالبلدان قديمًا وحديثًا (¬3) .. اهـ. ومن هذا القبيل: ترجيح المزني قول الشافعي في القديم من مذهبه بجواز المسح على ¬
"قول الجمهور" وقاعدة "الخروج من خلاف العلماء مستحب"
الجرموق خلافًا لقوله الجديد بالمنع من ذلك تحرزًا من انفراد الشافعي عن سائر العلماء الذين وافقوه في مذهبه القديم. قال المزني -رحمه الله-: قال الشافعي - رضي الله عنه - (¬1): ولا يمسح على جرموقين. قال (يعني الشافعي) في القديم يمسح عليهما (قال المزنى) قلت أنا: ولا أعلم بين العلماء في ذلك اختلافًا وقوله (يعني قول الشافعي) معهم (يعني مع العلماء) أولى به من انفراده عنهم (¬2) .. اهـ. ومن هذا القبيل: ترجيح الموفق ابن قدامة إحدى الروايتين عن أحمد -رحمه الله- باعتبارات عدة. منها أنه قول أكثر أهل العلم، ومن أمثلة ذلك: اختلاف الروايتين عن أحمد في من جنى على سنٍّ فسودها هل فيها حكومة، أم ثلث الدية (¬3). ومن أمثلته: ما قاله الموفق في مسألة الموضحة في الوجه والرأس وأنها فيهما سواء وقد روى عن أحمد ما يخالف ويوافق هذا، قال الموفق: وحمل كلام أحمد على هذا (يعني التسوية فيهما) أولى من حمله على ما يخالف الخبر وقول أكثر أهل العلم (¬4) اهـ. ومن هذا القبيل: ترجيح الإِمام ابن بطال المالكي لإحدى الروايتين عن مالك رحمه الله تعالى في مسألة التكبير بعد الفراغ من التشهد الأول من حين بدء قيامه إلى الركعة الثالثة أو بعد انتصابه قائمًا قال ابن بطال: وهذا الذي يوافق الجمهور أولى (يعني الرواية الأولى)، قال: وهو الذي تشهد له الآثار .. اهـ نقله عنه النووي رحمه الله تعالى (¬5). قال الحافظ ابن الصلاح ذاكرًا بعض ما يترجح به أحد القولين للشافعي أو الوجهين للأصحاب (يعني أصحاب الشافعي في المذهب): ويترجح أيضًا ما وافق أكثر أئمة المذاهب، قال النووي: وهذا الذي قاله فيه ظهور واحتمال (¬6). اهـ. " قول الجمهور" وقاعدة "الخروج من خلاف العلماء مستحبٌّ" نقل غير واحدٍ من الأئمة اتفاق العلماء على استحباب الخروج من خلاف العلماء في ¬
المسائل المتنازع فيها إذا أمكن ذلك (¬1) فقهًا وتطبيقًا، وقد جرى عمل الفقهاء على هذا في مصنَّفاتهم رحمهم الله تعالى وهي قاعدة جليلة فيها ورع واحتياط، وفهم لمقاصد الشريعة، وأدب بين المختلفين من أهل الفقه والمجتهدين. قال الإِمام ابن قدامة -رحمه الله- بعد ما ذكر القولين لأهل العلم في وقت جواز صلاة الجمعة، وهما بعد الزوال وقبله قال -رحمه الله-: إذا ثبت هذا فالأولى أن لا تصلي إلا بعد الزوال ليخرج من الخلاف ويفعلها في الوقت الذي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعلها فيه في أكثر أوقاته (¬2) .. اهـ. وقال الإِمام الشيرازي صاحب المهذب -رحمه الله-: قال الشافعي: وأحب أن لا يقصر في أقل من ثلاثة أيام، قال الشيرازي: وإنما استحب ذلك (يعني الشافعي) ليخرج من الخلاف؛ لأن أبا حنيفة لا يبيح القصر إلا في ثلاثة أيام (يعني مسيرة ثلاثة أيام) (¬3) .. اهـ. قال النووي في نفس المسألة: قال الشافعي والأصحاب: والأفضل أن لا يقصر في أقل من مسيرة ثلاثة أيام للخروج من خلاف أبي حنيفة وغيره مِمَّن سنذكره في فرع مذاهب العلماء إن شاء الله تعالى (¬4) .. اهـ. وقال النووي -رحمه الله- تعالى في مسألة ترتيب القضاء بين الفوائت من الصلوات: إذا فاته صلاة أو صلوات استحب أن يقدم الفائتة على فريضة الوقت المؤداة، وأن يرتب الفوائت فيقضي الأولى ثمَّ الثانية ثمَّ الثالثة وهكذا لحديث جابرٍ، وللخروج من خلاف العلماء الذي سنذكره إن شاء الله تعالى في فرع مذاهب العلماء (¬5) .. اهـ. فإذا كان الخروج من خلاف العلماء في الجملة مستحبًّا ومطلوبًا، وسواء قلَّ المختلفون أم كثروا، فكيف إذا كان المخالفون أكثر العلماء، وجمهورهم لا شك أن الخروج من ¬
مكانة "مذهب الجمهور" عند العلماء وموقفهم منه
خلافهم أشد طلبًا وأكثر استحبابًا, ولا يمكن معرفة هذا إلا بمعرفة أقوالهم ونقل مذاهبهم ولعل عملنا هذا أن يسهم في ذلك. وبالله التوفيق (¬1). مكانة "مذهب الجمهور" عند العلماء وموقفهم منه لا يمكن للمشتغل في الفقه الإِسلامي اشتغال الباحثين الغواصين في بحاره وبين درره ولآلئه أن يجهل أو يتجاهل مكانة قول الجمهور ومذهبهم عند أئمة الفقه وأهل العلم، ولعل هذه المكانه تبدو جليَّة للمطَّلع على كلام أهل هذا الفن ومصنفاتهم بأمور عدةٍ، منها ما ذكرناه في الصفحات الماضية ويضاف إليه أمور: أولًا: إفراغ الوسع في عدم مخالفتهم أو الانفراد عنهم لا من قبيل المجاملة أو المداهنة، فليس في علوم الشريعة شيء من هذا أو ذاك وإنما اعتدادًا واعتبارًا بمدرك قولهم، وأدلة مذهبهم واجتماع كثرتهم على القول أو الرأي الواحد، فاجتماع عددهم مع توفر صفات العلم والتقوى والنزاهة مظنَّة الصواب والرأي السديد، وإنفراد غيرهم عنهم مظنة الخطأ والشطط والجنوح البعيد. وكذلك كان فعل الأئمة إذا تعارضت عندهم الأدلة في المسألة ولم يتبين لهم فيها قول، فقول الجمهور لا مندوحه عنه أو التوقف في المسألة بِرُمتها. فإذا عرفت هذا فلا غرابة أن يقول الإِمام الكبير أبو الزناد: وربَّما اختلفوا في الشيء فأخذنا بقول أكثرهم وأفضلهم رأيًا (¬2) .. اهـ. وهذا مالك بن أنس إمام دار الهجرة -رحمه الله- يقول: إن حقّا على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية، وأن يكون متبعًا لأكثر مَنْ مضى قبله (¬3). وهذا الشافعي يحاج خصمه في مسألةِ بيع المدبر، فيحتج عليه خصمه بأن المنع من بيع المدبر هو قول أكثر الفقهاء، فيرد عليه الشافعي -رحمه الله- بقوله: بل قول أكثر الفقهاء أن يباع، فيحتج الخصم أن أهل المدينة لا يقولونه، فيرد عليه ¬
الشافعي بذكر من يقول من أهل المدينة ومكة والعراق ببيعه ثم يقول -رحمه الله-: وقول أكثر التابعين ببيعه فكيف ادعيت فيه الأكثر والأكثر ممن مضى عليك,. مع أنه لا حجة لأحدٍ مع السنة (¬1) .. اهـ. ثانيًا: الاعتناء بنقل أقوال الجمهور ومذاهبهم، فقل أن ترى مصنفًا في فقه المذاهب إلا وصاحبه مهتم بنقل قول الجمهور في المسائل التي فيها قول، ابتداءً بالإمام الكبير أبي بكر ابن المنذر النيسابوري في القرن الثالث الهجري وانتهاءً بما يعلمه الله تعالى من عمر هذه الدنيا وبقاء علوم الفقه والشريعة، ومرورًا بالإمام الماوردي وابن عبد البر وابن رشد والقرطبي والقاضي عياض والخطابي والبغوي وابن قدامة والنووي والحافظ ابن حجر العسقلاني والبدر العيني والشوكاني وغيرهم كثير وكثير رحمهم الله تعالى وحشرنا في زمرتهم آمين. ثالثًا: قد ذكرت فيما مضى تنويهًا اختلاف الأصوليين والفقهاء في الاحتجاج بقول جمهور العلماء، أو بانعقاد الإجماع مع مخالفة العدد اليسير من الفقهاء، فالذي عليه جمهور الأصوليين والفقهاء: أن الإجماع لا ينعقد ولو مع مخالفة المجتهد الواحد الموجود في عصر الأكثرين، وهو مذهب جماهير أصحاب أئمة المذاهب الأربعة، وذهب الغزالي -رحمه الله- إلى غير هذا، قال -رحمه الله-: والمذهب انعقاد إجماع الأكثر مع مخالفة الأقل. ونقل الآمدي مذهب الغزالي عن محمَّد بن جرير الطبري وأيي الحسين الخياط، وألمح إلى هذا الشيخ أبو محمَّد الجويني والد إمام الحرمين، لكن مراده والله تعالى أعلم إجماع الأكثر مع عدم العلم بالأقل الذي خالف، قال -رحمه الله- تعالى: والشرط أن يجمع جمهور تلك الطبقة ووجوههم ومعظمهم، ولسنا نشترط قول جميعهم، وكيف نشترط ذلك وربما يكون في أقطار الأرض من المجتهدين من لم نسمع به فإن السلف الصالح كانوا يعلمون ويتسترون بالعلم (¬2). ونقل عن ابن الحاجب أن إجماع الأكثر حجة، ولكنه ليس إجماعًا، وحكى الآمدي أن المخالفين للأكثر إذا بلغوا عدد التواتر قدح في الإجماع، وإلا فلا، وذكره بعضهم عن ابن جرير في الصحيح من معنى قوله في هذه المسألة، وقيل: إجماع الأكثر أولى وليس ¬
حديث "إذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم"
حجة، وقيل: يقدح مخالفه الاثنين فما فوق دون الواحد، وقيل غير ذلك (¬1). حديث "إذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد الأعظم" استشهد بهذا الحديث من يقول إن اتفاق الأكثر حجة يجب المصير إليه وأوردوه في كتبهم ونوزع في دلالته وفي إسناده، وأنا أذكر أصل الحديث وما قيل فيه، وما جاء في معناه من الأحاديث والآثار. أخرج أحمد في مسنده وابن ماجه وصححه السيوطي في الجامع الصغير عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أمتي لا تجتمع على ضلالٍ فإذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد الأعظم" (¬2). قال الإِمام المناوي -رحمه الله-: أي فعليكم بالسواد الأعظم من أهل الإِسلام أي الزموا متابعة جماهير المسلمين، فهو الحق الواجب، والفرض الثابت الذي لا يجوز خلافه، فمن خالف مات ميتهً جاهليةً .. اهـ. وأخرج أحمد في مسنده عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه خطب الناس بالجابية فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فينا بمقامي فيكم فقال: "أكرموا أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى إن الرجل ليحلف ولا يستحلف ويشهد ولا يستشهد، ألا فمن سَرَّهُ بَحْبَحَةُ الجنة فليلزم الجماعة، فإنَّ الشيطان مع الفذ، وهو من الاثنين أبعد، ولا يخلون رجل بامرأةٍ فإن الشيطان ثالثهما، ومن سرَّته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن". استدل به الشافعي -رحمه الله- على حجيَّة الإجماع (¬3). قلت: ولو استدل به على حجية قول الجمهور لم يكن بعيدًا بل قد يكون قويًّا؛ لأن الجماعة المعنية بالحديث ليست الكل، وإنما الأكثر والأغلب والسواد الأعظم دلَّ عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وهو من الاثنين أبعد" إلا أن هذا الحديث وشبهه محلُّهُ في أصول الدين والشرائع لا في الفروع، وقد بينَّت هذا أشد توضيح في كتابي "القانون في عقائد الفرق الإِسلامية" والله الموفق لا رب سواه. ¬
مستند النقل عن الجمهور
وعن أبي ذر رضي الله تعالى عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال "اثنان خير من واحد، وثلاثة خير من اثنين، وأربعة خير من ثلاثة، فعليكم بالجماعة؛ فإن الله -عز وجل- لن يجمع أمتي إلا على الهدى" أخرجه أحمد والترمذي وذكره السيوطي في الجامع الصغير وصححه، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وله شواهد عند الترمذي (¬1). وأخرج أحمد في المسند عن سعيد بن جمهان قال: أتيت عبد الله بن أبي أوفي (الصحابي - رضي الله عنه -) وهو محجوب بالبصرة، فسلمت عليه. قال لي: من أنت؟ فقلت: أنا سعيد بن جمهان. قال: فما فعل والدك؟ قال: قلت: قتلته الأزارقة. قال (يعني عبد الله بن أبي أوفي): لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة. حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم كلاب النار. قال: قلت: الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها؟ قال: بل الخوارج كلها. قال: قلت: فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم، قال: فتناول (يعني عبد الله بن أبي أوفي) يدي فغمزها غمزةً شديدةً ثم قال: ويحك يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم، إن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته، فأخبره بما تعلم، فإن قَبِلَ منك وإلا فدعه فإنك لست بأعلم منه. قال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات .. اهـ. قلت: وهذه الأخبار وشبهها كلها كما قلت في الأصول لا الفروع، وقصدنا بذكرها التنبيه على هذا، وإن كان جوهر معناها لا يبعد عما نحن فيه من باب الاستئناس لا الاعتماد والاستقلال. والله ولي التوفيق. مستند النقل عن الجمهور ليس لآحاد الناس في هذا الزمان أن ينسبوا إلى الجمهور من فقهاء الإِسلام وأئمته قولًا أو رأيًا هكذا بالتشهِّي، أو بالتخمين، وسواء كان هؤلاء الآحاد خاصةً أو عامة؛ لأن الأمر في هذا من باب الإخبار، والخبر لابد فيه من تحري الصدق وخاصةً إذا كان نقلًا عن أكابر الأمة وصالحيها، فإذا ثبت هذا فإن النقل عن الجمهور له طريقان، أحدهما قوي، والآخر ضعيف. أما القوي: فهو إسناد العهدة إلى من عرف من العلماء بالأمانة في النقل والاطلاع ¬
مستندنا في هذه "الموسوعة المباركة"
على أقاويل الفقهاء ومذاهبهم، حتى صار عمدة في هذا الباب عند الموافق والمخالف كالنووي وابن قدامة وغيرهما رحمهم الله تعالى جميعًا. وكلما اقترب زمان هذا العالم الأمين المطلع الناقل من زمان أصحاب المذاهب والأقاويل الفقهية كلما كان النقل أثبت، وكلما كانت النسبة إلى جمهورهم أقوى وأجود. وأما الطريق الآخر الضعيف: فهو الاجتهاد في هذا الزمان بإفراغ الوسع وبذل الطاقة في البحث والاطلاع على تلك الأقاويل والمذاهب التي بلغنا علمها وَوَصَلنا ذِكْرهَا في المطبوع من المصنفات والمؤلفات الفقهية التي اشتهرت بذكر المذاهب الفقهية، وأعني بتلك المصنَّفات والمؤلفات: القديم منها الذي يرجع إلى أقرب زمان لأصحاب المذاهب الفقهية والأئمة المجتهدين، وهذا الزمان ينتهي عندي بالاطلاع والاستقراء بالإمام الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني صاحب فتح الباري شرح صحيح البخاري، والمتوفى عام (852 هـ) فكل من جاء بعده رحمه الله تعالى وذكر مذاهب الفقهاء وأقاويلهم إنما نقل عنه أو عمن قبله، وسواء صرّح هؤلاء الناقلون في كثير من الأحيان بذلك أو لم يصرحوا في بعض الأحيان، وهذا الطريق الضعيف لا يصح في طريقة نقله إلا أن يقال: أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أو الفقهاء احتياطًا وورعًا. وإنما قلنا إنه طريق ضعيف؛ لأنه نقل وإثبات للمعلوم والموجود في زماننا فقد يكون ما غاب عنا علمه من أقاويل الفقهاء ومذاهبهم في نفس المسألة ما يقدح في نسبه هذا القول أو غيره إلى أكثر العلماء أو جمهورهم. مستندنا في هذه "الموسوعة المباركة" (¬1) لقد كان مستندنا في هذا الكتاب الجديد "موسوعة مسائل الجمهور" جُلُّهُ من الطريق الأول القوي، ولم نذكر فيه من المسائل من الطريف الثاني. إلا الشيء اليسير الذي لا يكاد يُذكر لقلته بالنظر لعدد المسائل كلها التي تضمنتها هذه الموسوعة، وقد نبَّهنا على تلك المسائل بذكر ما يوضِّح أنها من اجتهادنا وبضاعتنا ولقد جرى لنا بتوفيق الله كثير من تلك المسائل ما أبهج لساننا بالشكر والحمد لربنا ذي الفضل والإنعام، فقد ¬
مستندنا من الطريق الأول
اجتهدت في بعض مسائل الكتاب في نسبتها إلى الجمهور مع التنبية على ذلك، ثم كان أن اطلعت على بعض المراجع والمصادر القديمة فوجدت المسألة مذكورةً بالتصريح بنسبتها إلى الجمهور، فحذفت ما يفيد أنها من اجتهادي ونسبتها إلى قائلها ممن صرح بأنها قول الجمهور، فكانت سعادةً ما بعدها سعادةً، وفرحةً ما بعدها فرحة أن صار لي بفضل الله ورحمته من الأنس بأقوال العلماء ومذاهبهم وأُلْفِ كلامهم ما جعل اجتهادي في نسبة القول إلى أكثرهم أو جمهورهم يقرب من الحقيقة أو يصييها، فحمدًا لله تعالى أولًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا، وسرًا وجهرًا. مستندنا من الطريق الأول لقد ذكرنا أن مستندنا في هذه الموسوعة كان جله من الطريق الأول، وذكرنا هناك أنه كلما اقترب زمان الناقل من زمان الأئمة المجتهدين كلما كان أثبت وأجود وأقوى، وهذا ما فعلناه بحمد الله تعالى في عملنا هذا، فقد فتشنا عن أقرب هؤلاء الناقلين رحمهم الله تعالى إلى زمان الأئمة والفقهاء المجتهدين مع التحري عن الأمانة والنزاهة والإنصاف والاطلاع الواسع والدقة في النقل، فوجدنا جماعة من هؤلاء الأفاضل والعلماء الكبار جعلناهم العمدة في هذه الموسوعة، وجعلنا ما سواهم أنسًا وعضدًا وهذا ذكرٌ مختصرٌ لهم رتبناهم حسب أسنانهم (¬1) أدبًا رضي الله تعالى عنهم أجمعين. الإِمام الكبير أبو بكر بن المنذر قل أن ترى إمامًا من بعد القرن الرابع الهجري يذكر الفقه ومذاهبه إلا وهو ينقل عن هذا الجهبذ الكبير محمَّد بن إبراهيم ابن المنذر أبي بكر النيسابوري شيخ الناقلين لمذاهب الفقهاء وأقاويلهم، وُلد قريبًا من منتصف القرن الثالث. وتوفي في العقد الثاني من القرن الرابع (¬2) له تصانيف كثيرة لا يوجد منها إلا شيء يسير أهمه بعض كتابه "الإشراف على مذاهب أهل العلم" والذي جعلناه بعض أهم مصادرنا في هذه ¬
قاضي القضاة الإمام الكبير أبو الحسن الماوردي (364 هـ - 450 هـ)
الموسوعة، أجمع المترجمون لهذا الإِمام الجليل على سعة اطلاعه وأمانته ونزاهته ودقة نقله حتى صار عمدةً في شيئين أحدهما أعظم من الآخر، الأول: حكايته الإجماع، والثاني: نقل مذاهب الفقهاء وخاصةً مذهب الجمهور والعامة منهم، مع تحفظنا على بعض الناقلين عنه لبعض مسائل الإجماع؛ فقد ثبت لدينا أن بعضها لا يسلم من وجود المخالف المعتبر خلافه (¬1) وليس على ابن المنذر رحمه الله تعالى في هذا مأخذ، فقد كان دقيقًا في عبارته التي يستعملها ويصدر بها نقله للإجماع وغيره، فهو يقول: "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم، وأجمع أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم" "وأكثر من نحفظ عنه من أهل العلم" "وبه يقول عوام أهل العلم، ولا أحفظ عن غيرهم خلاف قولهم، وهذا قول كل من أحفظ عنه من أهل العلم. وغير ذلك من العبارات التي تترك مكانًا ولو صغيرًا لمن قد يثبت خلافه ممن لم يصل علمه لابن المنذر رحمه الله تعالى، فإذا قال -رحمه الله- أجمع أهل العلم، فعضَّ على ذلك بالنواجذ في الغالب، والله تعالى أعلم، رحمه الله تعالى ابن المنذر وجزاه عنا وعن الإِسلام خير الجزاء. قاضي القضاة الإِمام الكبير أبو الحسن الماوردي (364 هـ - 450 هـ) لا أظن أن أحدًا قرأ لهذا العَلَم الكبير إلا وشُغف به حبًّا -رحمه الله-، وكأنه موسوعة في الفقه والأخلاق معًا, ولِمَ نقول كأنه بل هو كذلك ولا نزكِى على الله تعالى أحدًا، فهو عمدة في نقل مذاهب الفقهاء عامة وجمهورهم خاصة وقيل الأمر نفسه في حكايته الإجماع، وحكاية أقاويل من شذَّ عن جمهور أهل العلم وعوامهم مع القصد في تخطئة المخالفين والأدب الجم في حكاية أقاويلهم وأدلتهم وهو منفرد مستقل بالنقل عن الأئمة والفقهاء صاحب إسنادٍ ورواية، ناقدٌ للأخبار والآثار, خبير في مذهب الشافعي ونصوصه، بحر في معرفة المذاهب والآراء، صاحب إنصاف وأمانة، هو عندي أجلُّ وأقدم من اعتنى بنقل مذاهب الفقهاء وأقاويلهم بعد ابن المنذر قرأ ودرس وصنَّف ¬
الإمام الكبير محمد بن أحمد بن محمد بن رشد (520 هـ = 595 هـ)
وأفاد وأجاد -رحمه الله- رحمة واسعة، قد آن الأوان ليأخذ هذا الإِمام مكانه الصحيح من بين سائر علماء الأمة وفقهائها، وخاصةً بعد قيام بعض أهل العلم الفضلاء بطبع كتابه العظيم "الحاوي الكبير" ومنه نقلنا وعليه استندنا في كثير من مسائل موسوعتنا. فأجزل الله المثوبة لحبيبنا الماوردي، وشكر الله لكل من خدم كتابه الجليل وسائر كتبه والحمد لله أولًا وآخرًا. الإِمام الكبير محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن رشد (520 هـ = 595 هـ) أحد الأئمة الأعلام من لان له الفقه وأدلته كما لان الحديد لداود، فصيح البيان، أديب اللسان، حافظ للمذاهب، عارف بالأدلة، سهل العبارة، قوي الإشارة، رزق الله تعالى كتابه "بداية المجتهد" القبول عند خلقه فصار أشهر كتابٍ في الفقه المقارن في حجمه، اعتمدنا عليه في موسوعتنا مع التحفُّظ في ما يدل ظاهره أنه مذهب الجمهور، وفيما ينقله عن بعض الأئمة من مذاهب، ولعله كان -رحمه الله- كثيرًا ما يعتمد على حافظته وكتابه هذا عمدة في النظر للمبتدئين وكفاية للمقتصدين كما أشار هو -رحمه الله- في ثنايا كتابه، فعليه الرحمة والرضوان، وجمعنا وإياه وجميع العلماء العاملين في دار الكرامة آمين. الإِمام الكبير فقيه الحنابلة موفق الدين عبد الله أبو محمَّد ابن قدامة المقدسي ثم الدمشقي الصالحي (541 هـ = 630 هـ) قرأنا وراجعنا كتابه الشهير "المغني" مرتين فوجدناه -رحمه الله- قد اختص من بين الأقران بالقدرة الفائقة بعناية الله تعالى على اختصار المسألة والأقوال فيها وأدلتها بما لا يحتاج فيها إلى مزيد ولا يصح فيها أخصر من ذلك بعبارة سهلة واضحة، مع التحقيق والتدقيق والأمانة في النقل والأدب والإنصاف مع المخالفين، وهو يُعتبر عندنا بحق مع كتاب المجموع للنووي صلة الوصل بين السلف والخلف في فقه المذاهب وأقوال الفقهاء. لا يجوز في أحد هذين الكتابين الاستغناء عنهما ولا الاختصار ولا التلخيص (¬1)، ¬
الإمام الرباني والعالم الصمداني محيي الملة والدين أبو زكريا يحيى بن شرف النواوي (631 هـ = 676 هـ)
فهما كما قال أحمد بن حنبل -رحمه الله- في الشافعي: كالشمس للدنيا وكالعافية للبدن، فانظر هل لهذين من بدل أو عنهما من عوض؟؟. وقد اعتمدنا في موسوعتنا على هذين الكتابين الجليلين في ترتيب الأبواب والمسائل الفقهية والنقل لمذاهب الفقهاء ومذهب الجمهور وحكاية الإجماع أو الاتفاق أو عدم العلم بالمخالف، وإني أشهد بما أعلم من كتاب المغني أنُّ الموفق -رحمه الله- تعالى كان موفقًا بحقٍ وحقيق فهو ثقةٌ أمين, منصف أديب، عارف بالمذاهب وأدلتها، ناقد للأخبار وأسانيدها مع بعض الأخطاء اليسيرة في النقل لبعض الأقوال وبعض مسائل الإجماع، وعذره في ذلك -واللُّه تعالى أعلم- اختلاف الرواية عن بعض الأئمة أو النقل عنهم، وعدم العلم بالمخالف، أو عدم اعتبار المخالف في المسألة لضعف الرواية عنه أو لشذوذ شديد في قوله، وقد أثبتنا بعض هذه الملاحظات في موسوعتنا هذه، وفي تعليقنا على المغني الذي نسأل الله تعالى أن يعيننا على إخراجه للناس ابتغاء التبرك بخدمة الشيخ الموفق وكتابه، وإظهارًا لمزيد من القيمة العلمية لهذا العمل الجليل. فرحم الله تعالى الموفق، ووفقنا للحوق به وسائر شيوخ صالحية دمشق في الفردوس الأعلى مع النبين والصِّدِّيقينَ والشهداء والصالحين، إنه تعالى ولي ذلك والقادر عليه آمين. الإِمام الرباني والعالم الصمداني محيي الملة والدين أبو زكريا يحيى بن شرف النواوي (631 هـ = 676 هـ) لا أمل من قراءة كتبه أو النظر في مصنفاته، بكينا كثيرًا لذكر سيرته والإطلاع على أحواله، أحببناه فوق العادة، وشُغفنا بطريقته ومَسلكه حتى لم نستطع في كتابنا "فقه السنن" إلا أن نحذو حذوه ونقتفي أثره، حتى لكأننا بضعة منه، ولا أظنُّ أن الزمان إلى الآن قد جاد بمثل هذا الإِمام الجليل، وكان أخصَّ ما اختصَّ به -رحمه الله- تعالى هو أنسه باللُّه وانشغاله الكامل عن الخلق، واشتغاله بما يرضي خالقه، وكأنه - رضي الله عنه - قد ألهمه الله تعالى بقصر عمره وقلة بقائه في هذه الدار الفانية (¬1)، نعم لقد أحسَّ أنه -رحمه الله- تعالى كان يسابق الأجل بكل كلمة وبكل حرف، لا يضيع لحظة من وقته في غير ما ينفعه ¬
في آخرته، أو يقرِّبه عند ربه، لا يبالي بإدبار الدنيا وإقبالها, ولا (¬1) بهجوم الناس عليه أو نفورهم عنه، هيبةُ الله في قلبه تحاقرت عندها ممالك السلاطين وتيجانهم، كان صوَّامًا قوَّامًا لا يأكل من فاكهة ولا خضرة دَمشق لكثرة ما فيها من أوقاف ورعًا واحتياطًا، خوَّفهُ الملك الظاهر وهدده كي يفتي بجواز أخذ الضرائب للصرف على الجند وحرب الأعداء من الكفار فامتنع -رحمه الله- تعالى عن الفتوى حتى يُخْرِجَ السلطان والأمراء والوزراء ما عندهم من الحلي والمتاع الفاخر فيُباع لمصلحة المقاتلة والجند فإذا احتيج بعد ذلك للمال أفتى بجوازه، فهدده الملك الظاهر بالسجن وغيره فهدده الإِمام النووي بالله، فلم يلبث الملك الظاهر حتى مات، فهؤلاء رجال ... وها هنا أقوام يزعمون أنهم رجال وهم (السابقون) رجال يفتون السلطان قبل أن يستفتيهم ويعطونه ما يريد من دينهم قبل أن يسألهم!!! فلله الأمر من قبل ومن بعد. لقد خضع الموافق والمخالف لهذا العالم الجليل، وأجمع الناس على تبحُّره في مذهب الشافعي وسائر الأئمة رحمهم الله تعالى، وأنه كان من أهل الإنصاف والنزاهة والأمانة والدقة في النقل، فلذا جعلنا مجموعه عمدة في موسوعتنا, ولمَّا لم يَكْمُلْ المجموع بانقضاء أجل مؤلفه عليه الرحمة والرضوان استعضنا عمَّا فاتنا من المجموع بما ذكره النووي في شرح صحيح مسلم وشيء يسير من روضة الطالبين، لقد أكثر النووي -رحمه الله- تعالى من النقل في كتابيه هذين عن الإمامين أبي بكر ابن المنذر والقاضي عياض (¬2) صاحب الشفاء وشرح مسلم وكلاهما إمام وعمدة، ولولا ما فيهما من صفات الأمانة والنزاهة وسعة الاطلاع لما اعتمد عليهما إمامنا النووي رحمهم الله تعالى ولولا خشية الإطالة على القارئ لما أمسكنا عن الكلام عن هذا العالم الفريد فجزاه الله عنا وعن المسلمين والإِسلام خير ما جازي عالمًا عن أمته. ¬
أئمة آخرون نقلنا عنهم وأفدنا منهم
أئمة آخرون نقلنا عنهم وأفدنا منهم لم نكتف بالنقل عمن ذكرناهم من الأئمة، لكنا نقلنا عن غيرهم وأفدنا منهم بالتثبت والتوثيق في مسائل الجمهور التي نقلها البعض، أو بعض المسائل التي حكى فيها الإجماع، أو في نسبة بعض الأقوال لقائليها من الفقهاء والأئمة، أو في توجيه بعض الأقوال المستغربة كما فعلنا في القول المنسوب لأبي حنيفة -رحمه الله- تعالى من جواز استئجار المرأة للزنى، فوضَّحنا هذا القول ووجهناه بما يزيل غباره ويخفف غرابته بما حكاه أهل مذهبه من العارفين بمرامي الإِمام ومدارك أقواله. ومن هؤلاء الأئمة الذين نقلنا عنهم وأفدنا منهم: الإِمام الكبير أبو جعفر الطحاوي في شرح معاني الآثار, وابن عبد البر في التمهيد وغيره، وعلاء الدين السمرقندي في تحفة الفقهاء، والقرطبي في التفسير، وابن حجر في فتح الباري، والشوكاني في نيل الأوطار فهؤلاء سيجد القارئ كثيرًا منهم قد أثبتنا أسماءهم في بعض المسائل في أصل الكتاب أو في هامشه ونقلنا عن غير هؤلاء في هامش الكتاب لنقل قولٍ لإمام أو توضيح مسألةٍ أو توثيق قولٍ أو غير ذلك مما تقتضيه مقاصد كتابنا ومراميه، وعلى رأس هؤلاء إمام دار الهجرة مالك بن أنس في مدونته، والإمام الكبير محمَّد بن الحسن الشيباني في الحجة على أهل المدينة، والإمام الحجة أبو بكر الرازي الجصاص وصِنْوُهُ العَلَمُ الرحَّالةُ أبو بكر بن العربي. وغيرهم رحمهم الله تعالى وأجزل مثوبتهم. عملنا في هذه الموسوعة 1 - لم نرتض في كثير من مسائل هذه الموسوعة (وبقدر المكنة) أن نثبت المسائل عن ناقليها بدون توثيق أو تحقيق، وذلك للتحقق من نسبة الأقوال إلى قائليها وخاصة الأئمة أصحاب المذاهب المعروفة، فرجعنا إلى أكثر من مصدر للتحقق من ذلك. 2 - لم نرتض في كل مسألةٍ أثبتناها في أصل الكتاب إلا أن يصرِّح الناقلون لها أنها قول الجمهور على اختلاف مراتبه (¬1). 3 - كل مسألة لم يصرِّح الناقلون لها أنها قول الجمهور، وغلب على ظننا بالتحرِّي والبحث والرجوع إلى المصادر أنها قول الجمهور ميَّزناها عن غيرها بقولنا: أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم، أو جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم. ¬
4 - جهدنا أن ننقل المسألة واختلاف الفقهاء فيها بصياغة من عندنا وخاصة عندما يكون في المسألة توزع في الأقوال والمذاهب في أكثر من مصدر حتى نجمع بين أصالة القديم وجزالته وبن سلاسة الحديث ويسر عبارته. 5 - ميزنا بين مراتب "مذهب الجمهور" بعبارات تفيد ذلك، وأقوى تلك المراتب وأعلاها أن نقول: "مذهب العامة من العلماء" أو "عامة أهل العلم" أو نحو ذلك (¬1) وذلك عندما يكون المخالف للجمهور عددًا يسيرًا، واحدًا أو اثنين أو نحو ذلك. وأدناها أن نقول: "أكثر أهل العلم" أو "جمهور أهل العلم" وبين هاتين المرتبتين مراتب (¬2). 6 - ذكرنا في الهامش كثيرًا من مسائل الإجماع أو الاتفاق مما لها تعلق بمسائل الجمهور في أصل الكتاب حتى نُضْعِفَ الفائدة للقارئ والمطلع، وميزنا بين مراتب تلك المسائل بعبارات دقيقة (¬3). 7 - جعلنا الهامش ساحة رحبة لخدمة مسائل الموسوعة من التقييدات الضروريات أو التعليقات المفيدات أو الفوائد المهمات أو الشروح لبعض غريب الكلمات بما يثري أصل الكتاب ويزيد من قيمته العلمية. 8 - ذكرنا كذلك في كثير من مواضع الموسوعة بعض المسائل الفقهية المتفرعة عن مسائل أصل الكتاب مما لا إجماع فيها ولا قول للجمهور، وأفرغنا في ذلك جهدًا كي يتحرر النزاعُ الفقهي في هذه المسائلِ، وكي نضعها في مكانها المناسب بين مسائل الفقه الإسلامي. 9 - قمنا بتوجيه بعض الأقوال المنسوبة لبعض الأئمة الكبار مما فيه غرابة أو بعد عن المألوف أو نحو ذلك. 10 - صححنا بعض الأقوال المنسوبة لبعض الأئمة خطأ بالرجوع إلى مصادر أقوال أولئك رحمهم الله تعالى لم نفرّق في ذلك بين إمام وبين غيره فكلهم عندنا أصحاب ¬
موسوعة "مسائل الجمهور" والفوائد التي دل عليها أو يمكن أن يقدمها هذا المشروع الجديد
فضل وجميل، متَّعنا الله برؤيتهم في دار كرامته آمين. موسوعة "مسائل الجمهور" والفوائد التي دل عليها أو يمكن أن يقدمها هذا المشروع الجديد إذا ثبت ووضح فيما مضى للقراء الأحبة أهمية "قول الجمهور" "ومسائل الجمهور" في الجملة، فإني أحب أن ألخص وأبين بعض الفوائد التي دلَّ عليها أو يمكن أن يقدِّمها هذا المشروع الفقهي الجديد، فأقول وبالله التوفيق. هذا المشروع وهذه الموسوعة 1 - هو أول جهد علمي يجمع بين دفتيه معظم مسائل الفقه الإِسلامي التي كان لجمهور العلماء فيها قولٌ أو مذهب. 2 - هو دعوة علمية للاستمساك بقول جمهور الفقهاء في الكثير من المسائل لما لقولهم من ارتباط وثيق بأصول الشريعة ومقاصدها وقواعد الفقه ومعالم هذا الدين. 3 - وهو في الوقت نفسه امتثال عملي علمي لما أوصى به الأئمة الكبار من التابعين ومن بعدهم أمثال عبيدة السلماني وأبي الزناد ومالك بن أنس وغيرهم من العناية بمذاهب أكثر أهل العلم واتباع أقوال جمهورهم قدر المكنة إذا عز الدليل وعسرت الحجة (¬1). 4 - يُعتبر هذا المشروع تأريخًا علميًّا لمدارس الفقه ومذاهبه في ظهورها الأول منذ عصر الصحابة والتابعين وإلى آخر عصر الأئمة المجتهدين أمثال الطبري وابن المنذر (¬2). 5 - جمع هذا المشروع معظم أمهات مسائل الفقه الإِسلامي تلك الأمهات التي على أساسها قام صرح الفقه الإِسلامي وتشريعه، وهو بذا يُعتبر أول مشروع حديث يعتني بهذه المسائل ويبرز أهميتها. 6 - ضَمَّت هذه الموسوعة إلى جانب أصل مسائلها كثيرًا من مسائل الإجماع أو ¬
الاتفاق التي لها تعلق بأبواب الكتاب ومسائله مما يجعل الفائدة مضاعفة، ولا شك أن من اجتمع عنده أمهات مسائل الفقه أو جُلّها مضمومًا إليها كثير من مسائل الاتفاق فقد كاد أن يجتمع له أصل الفقه الإِسلامي، وسهل عليه بعد ذلك إن كان من المشتغلين بالفقه وأدلته أن يُخَرِّج ويُفَرِّع ما سوى ذلك من المسائل على ذلك الأصل العظيم. 7 - لخَّصتْ هذه الموسوعة بأسلوبٍ سهلٍ موجزٍ عيون مسائل الفقه الإِسلامي من أهم وأكبر مصادره مما يجعلها خلاصة لثروة علميةٍ فقهية ومرجعًا فقهيًا لا يُستغنى عنه. 8 - إنَّ هذا المشروع الجديد إذا كان في جانبه الأكبر يسلِّط الضوء على مذاهب جمهور العلماء وأقاويلهم؛ فإنه في جانبه الآخر يبرز صفة عالية من صفات الأمم المتقدمة، تلكم هي الحرية الفكرية عند علماء المسلمين والتي تتجلى في أجمل مظاهرها عندما نرى فقيهًا أو إمامًا لا يهاب أن يخالف قَوْلُهُ جَماهِيرَ علماءِ المسلمين صحابة كانوا أو تابعين أو غيرهم. ما دام الدليلُ الذي قام عنده يعضده ويدلُّ عليه. وهذا في جوهره يمثل قمة الارتقاء الفكري والتقدم العلمي عند علماء هذه الأمة أيام عصورهم الذهبية مما كان له أثره الواضح في الحياة الاجتماعية والسياسية والعلمية وأثرى بالتالي تلك الأعصر بذلك المزيج من الآراء والمذاهب والمدارس والتي عكست بدورها نضوج فكرٍ، وحرية رأي وسعة أفق ورحابة صدرٍ. 9 - إن هذه الموسوعة تجمع بين دفتيها صفحات مشرقة من تلك الأخلاق العلمية الفذَّة التي تحلى بها علماؤنا وأئمتنا الأقدمون، وكان من أبرز وأجمل تلك الأخلاق: الأمانة والنزاهة والإنصاف ...... أخلاق ميزت تلك الطبقة من العلماء الكبار، حملت أمثال ابن عبد البر "المالكي" وهو ينقل مذاهب الفقهاء ليقول: ولا نعلم أحدًا وافق مالكًا من فقهاء الأمصار في قوله هذا. أو نحو ذلك، وتحمل النووي -رحمه الله- وهو شافعي المذهب على نقل مذهب الشافعي في بعض المسائل التي خالف فيها جمهور العلماء لقول النووي بعد ذلك، وأكثر العلماء أو جمهور العلماء على أنه كذا وكذا؛ يعني خلافًا لقول الشافعي، وأمثال هذا عن ابن عبد البر وابن قدامة والنووي وابن رشد والماوردي وغيرهم كثير، رحمهم الله تعالى ونفعنا الله تعالى بعلومهم وأخلاقهم. إنَّ القارئ يستطيع أن يستشف بعض تلك الأخلاق من خلال مطالعته لهذه الموسوعة فقط، وأما إذا بذل شيئًا من الجهد ليرجع إلى المصادر التي أثبتناها في أصل الكتاب أو في هامشة وأرجو ذلك - فإنه سيجد عجبًا من تلك الأخلاق المرضية
والنفوس الزكيَّة ما يحمله على إطراق الرأس احترامًا وتقديرًا لأولئك الذين صنعوا تاريخ أمةٍ بأخلاقهم قبل علومهم، ولا شك عندي أنَّ القارئ عندما يستعرض سريعًا بعض أخلاقنا العلمية في هذا الزمان سيشعر بالخجل والتقزز لهذا الهبوط في مستوى الحوار العلمي وذاك الانحطاط في أحوال قلوب وأنفس المختلفين .... 10 - وإذا كانت هذه الموسوعة تعني في أصل وضعها بالمسائل التي قال بها جمهور العلماء والفقهاء فإنها في الوقت نفسه موسوعة جمعت في كتاب واحد كل عجيب وغريب من الأقوال الشاذة. والتي انفرد بها بعض أئمة أهل العلم من السَّلف الصالح رحمهم الله تعالى ليجد القارئ فيها إن شاء الله تعالى (أعني الموسوعة) كل شيقٍ وممتع ومفيد، ولتكون له مرجعًا في موسوعتين اثنتين إحداهما للفقه الغالب والمنتشر والأخرى للفقه النادر والمنفرد. 11 - هذه الأقوال الشاذة التي أشرنا إليها لم نضعها في كتابنا لتكون في جملتها مذهبًا لأحدٍ، فهذا أمر طالما حذَّر العلماء منه ورغبوا عنه، وإنما هو أمر تقتضيه طبيعة الفقه المقارن والأمانة العلمية، وهو في الوقت نفسه رسالة غزيرة المعنى لأهل عصرنا .... نعم إن هذه الأقوال الشاذة التي انفرد بها عدد من فقهاء الصحابة والتابعين أو من جاء بعدهم والتي وصل بعضها في الغرابة والشذوذ حدًا بعيدًا. أقول: إنَّ هؤلاء المنفردين بهذه الأقوال لو كانوا في عصرنا لوجدوا من أهل الجهالة والمتطفلين على علوم الدين قلبًا غليظًا، وصدرًا ضيقًا حرجًا, ولربما رموا أحدهم بما يستحيا من ذكره ويعف القلم عن سطره بينما تجد أهل الأعصر الأولى لا يزيد أحدهم وهو يورد قول المخالف المنفرد الشاذ. على أن يقول: "وهذا خطأ" أو "وهذا لا يصح" (¬1) أو نحو ذلك، ثم يواصل سرده العلمي ردًا واستدلًا غير ملتفتٍ لشخص هذا القائل المنفرد أو ذاته أو ذمته أو دينه وإنما كل جهده أن يفند القول بلاغًا لرسالة العلم وتأديةً لأمانته .... 12 - وإذا تحدَّثنا عن الأخلاق فلعلَّ من فوائد هذه الموسوعة المباركة أن تكون صلة وصلٍ بين سلف هذه الأمة الصالح وبن خلفها, ولعلها أن توقظ جيلنا الحاضر ليأخذ من سيرة ¬
ماضيه الغابر؛ إذ ليس في هذه الموسوعة إلا أسماء الذهب والياقوت من أكابر علماء الأمة وصالحيها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعين لهم بإحسان رضي الله تعالى عنهم أجمعين. 13 - هذه الموسوعة تمثِّل في مسائل جمهورها حصنًا حصينًا لأهل العزائم وطلاب الورع والاحتياط في غالبها الأغلب، وهي في الوقت نفسه تمثِّل في جانبها الآخر من الأقوال التي خالفت الجمهور أو انفردت وشذّت عنهم فسحة وبحبحة لأهل المضايق والحاجات، وذلك إذا عز عليهم أن يجدوا بين أقوال الفقهاء وأهل العلم رخصةً تتسع لحاجتهم أو تستوعب نازلتهم. 14 - استوعبت هذه الموسوعة مسائل الفقه الإِسلامي بمختلف أبوابه، ورتبت ترتيبًا فقهيًّا ابتداءً بكتاب الطهارة وانتهاء بكتاب عتق أمهات الأولاد، وهي بذا تقدِّم فائدة علمية سريعة لطلاب العلم والباحثين خاصةً والمثقفين وغيرهم بشكلٍ عام. 15 - سيجد المفتون وأئمة المساجد والمراكز الإِسلامية إن شاء الله تعالى في هذه الموسوعة بغيةً عزيزةً، وضالةً منشودة؛ إذ أن هذا المشروع في جملته مسائل الفقه التي لا ينفك أحدٌ من العامة عن الحاجة لمعرفة جوانبها أو استفتاء أهل العلم فيها. 16 - هذه الموسوعة تأكيد علمي على أن مالكًا وأبا حنيفة والشافعي وأحمد أصحاب المذاهب والمدارس الفقهية المعروفة وغيرهم من فقهاء هذه الأمة ليسوا إلا حلقة من الحلقات العلمية في سلسلة ذهبية فريدة من التلقِّي والتحصيل، وليسوا بدعًا أو اختراعًا، وأنَّ هذه السلسلة بدأت أولى حلقاتها في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمَّ عصر الصحابة والتابعين ومن بعدهم يأخذ فيها الخالف عن السالف والآخر عن الأول. 17 - هذه الموسوعة تُعتبر ردًّا علميًا عمليًّا على تلك الموجة الساذجة التي خرجت على الناس قبل نحو خمسين أو ستين عامًا (ولا زالت) تنادي بالقضاء على الخلاف المذهبي والنزاع الفقهية زاعمةً أن الصحابة والتابعن لم يختلفوا إلا في مسائل معدودة، وأنَّ المذاهب الفقيهة شر وبلاء، وأن الفقه الصحيح هو فقه الكتاب "أو فقه الكتاب والسنة" أو "فقه السنة" أو "فقه النبي - صلى الله عليه وسلم -" وأن من أسباب تخلف الأمة وانحطاطها اتباع المذاهب الفقهية والخلاف المذهبي، وأن الأمة صارت بهذا شيعًا وأحزابًا إلى غير ذلك من الدعاوى الجاهلة والمغالطات الظاهرة .... لقد جهلت أو تجاهلت هذه الفئة أن الخلاف في فروع الفقه مقصد رباني، وغاية تشريعية، وأنه مظهر من مظاهر رحمته تعالى وجمال هذا الدين، وأن الخلاف الذي
ذمَّه الله تعالى في كتابه والتفرُّق الذي نهى عنه ربنا سبحانه وتعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - هو في أصول الدين لا في فروعه وأن الصحابة والتابعين لم يقتصر خلافهم في الفروع على مسائل معدودة، وإنما كان في مسائل كثيرة، بل كان في أمهات مسائل الفقه الفرعية، وأن من جاء بعدهم من الفقهاء المجتهدين عندما اختلفوا في تلك المسائل إنما كانوا فيها على سنن من قبلهم من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وأنَّ نصوص الكتاب والسنَّة ليست مرتبة واحدة من حيث الدلالة على الحكم ففيها قطعي الدلالة، وهذا لا خلاف في العمل بمقتضاه وهو أحد أدلَّة المسائل المتفق عليها وفيها (النصوص) ظني الدلالة، وهي أحد أسباب الاختلاف بين الفقهاء وعلى رأسهم فقهاء الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم، نعم لقد جهلت هذه الفئة أو تجاهلت كل هذا، وجهلت فوق هذا أو تجاهلت أنَّ هذه الأمة كانت في أوجِّ تقدمها وتحضرها وفتوحاتها وريادتها للعالم أقول كانت هذه الأمة في أوجها مختلفة في فروع دينها, لكنها كانت مجتمعة على أصول دينها ضابطة للخلاف فيما سوي ذلك بمناهج البحث والنظر وقواعد الاجتهاد والاستنباط، وحافظةً كل ذلك أصولًا وفروعًا بسياج قوي من الأخلاق العلمية العالية، مادة هذا السياج وطينته تقوى الله وقصد رضاه، ولعل أن تكون هذه الموسوعة دعوةً صادقةٌ وتنبيهًا مخلصًا لتلك الفئة وغيرها، فإننا نعلم أن كثيرًا من أصحاب تلك الدعوات ما دفعهم لهذا إلا حبهم للكتاب والسنة والسَّلف الصالح، وها نحن تقدم لهم عملًا ومشروعًا جديدًا مادته وأساسه حب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وصالحي هذه الأمة عبد الله بن عمر وابن عباس وزيد بن ثابت وعائشة وسعيد بن المسيب والحسن البصري والنخعي والزهري وطاوس وابن المبارك والليث والأوزاعي ومالك وأبي حنيفة والثوري ومحمد بن الحسن والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وغيرهم من سادات هذه الأمة المرضية رحمهم الله تعالى ورضي عنهم أجمعين. 18 - لقد كان من بين مقاصد هذه الموسوعة التخفيف من حدّة التعصب للمذاهب والأقوال وأن المسألة الفقهيه المختلف فيها لا يصح أن تخرج عن إطار الخلاف العلمي أو التباين الفكري وأنه خلاف محمود مشروع ما دام في إطار المناهج والقواعد العلمية والأخلاقية. لقد اختلف الأوائل وفي عصور خير القرون في كثير من فروع الفقه وكان خلافًا يسعهم ويسع من جاء بعدهم إلى يوم القيامة. إن خلاف الأوائل لم يفسد لهم ودَّا ولا كدّر لهم قلبًا أو نكد عليهم عيشًا ولا أوقف بُرمته مسيرة أمة جعلها الله تعالى خير أمة أخرجت للناس، فذهبت تفتح مشارق
الأرض ومغاربها، وتضيء للناس دروب الحياة، وتبني لهم منارات في العلم والأدب، وتشيد لهم صروح الاجتماع والسياسة والاقتصاد وسائر أوجه التحضر البشري والتمدن الإنساني وهي أثناء عملها الضخم هذا ما تفتأ تختلف أكابرها وتتعدد آراء أفذاذها وعلمائها وفق مناهج من العلم والخلق الرصين صارت فيما بعد معلمًا من معالم التفوق والسمو الحضاري .. وإذا اختلف الأوائل وهم على الحال الذي وصفت - في الاعتدال من الركوع أهو ركن أم لا؟ وفي تكبيرة الإحرام أيجزئ عنها غيرها من التكبيرات أم لا؟ وفي النية في الوضوء والغسل. هل هي ركن أم لا؟ وفي عروض التجارة، هل فيها زكاة أم لا؟ وفي أكل الثلج في نهار رمضان أيبطل الصوم أم لا؟ وفي الطهارة لطواف الحج والعمرة هل تشترط أم لا؟ .... أقول: إذا اختلف الأوائل في تلك المسائل وأشباهها، وهي في أعمدة الإِسلام وأركانه ولم يعطل مسيرة أمةٍ ولم يكن في ذلك وفي تلك الأيام عيب أو شؤم على أهلها، أفيصح أن نجعل الخلاف في التراويح (وهي نافلة) أهي عشرون أم ثماني ركعات، سيفًا بتارًا أو قلمًا هتارًا تُسفك به دماء أو تُهتك به ذمم أو تُقطع لأجله وشائج وأرحام؟!!! إني أرجو من الله تعالى أن يكون من بين ثمرات هذا المصنف (المشروع الجديد) هو الإسهام في عودة الأمة إلى رشدها وأن يكون كالمنبه للغفلان والموقظ للوسنان آمين اللهم آمين. 19 - هذا المشروع يعتبر حصانة علميةً لقول الجمهور. وحماية لمذهبهم من أن يُنسب إليهم مالًا يصح، وقد كثر هذا في المصنفات والكتب الحديثة فتري المؤلف بنسب القول الفلاني لجمهور الفقهاء خطأ أو سهوًا أو لنقله عمن لم يتحر دقة النقل، أو لخلط بين اصطلاح جمهور أئمة المذاهب الأربعة وبين غيرهم. 20 - هذه الموسوعة أرجو أن يكون من شأنها أن تفتح لطلاب العلم والباحثين وطلاب الدراسات العليا. آفاقًا في ميادين البحث والاستقراء والإحصاء وحقول الفقه المقارن وأصوله وغير ذلك. وأخيرًا وليس آخرًا: فإن أقوال الجمهور لها أهميتها الخاصة ومكانتها الرفيعة عند أهل العلم من الفقهاء والأصولين والمحدثين ولعل ما كتبته في هذه المقدمة المتواضعة يلقي الضوء على هذا المشروع الجديد ويرغِّب الخاصة والعامة في اقتنائه والإفادة منه،
رموز واصطلاحات "الموسوعة"
بذلت فيه من الجهد ما الله أعلم به، وقصدي من ذلك نفع المسلمين خاصتهم وعامتهم، وأن يكون لي صدقةً جاريةً بعد مماتي وموعظةً حسنةً لأهلي وأولادي وأحبابي، راجيًا من المولى الكريم القبول منه أولًا وأخيرًا، وأن يرزقه الله تعالى استقبالًا حسنًا من الجمهور الكريم من القرَّاء والمطَّلعين والباحثين، لا أزعم أنني قد وفيت بحق هذا الكتاب على الوجه الأكمل ولكنه جهد الضعيف القاصر المحدود إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فهو مني ومن الشيطان، من رأى في هذا الكتاب خيرًا أو أمرًا حسنًا فليدع لنا، ومن رأى عيبًا أو نقصًا أو خطأ فليدلنا عليه مأجورًا مشكورًا، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. رموز واصطلاحات "الموسوعة" وضعنا المسائل في أصل الكتاب التي فيها تصريح من مصادرها بأنها "قول الجمهور" أو "أكثر أهل العلم" على اختلاف مراتبها وأشرنا في نهاية كل مسألة إلى المصدر ورقم الجزء ورقم الصفحة مثاله: مغ ج 3 ص 183 كل ما ليس فيه تصريح بأنه قول الجمهور وكان من اجتهادنا وضعناه في أصل الكتاب كذلك ولكن ميزنا بين هذه وبين غيرها بقولنا: "جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم" أو "أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم" ثم أشرنا إلى المصدر والجزء والصفحة. كما فعلنا في المسائل التي فيها تصريح وهذا النوع من المسائل مصادره أكثر من غيره. وما سوى هذا من المسائل وسواء كانت إجماعًا (باختلاف مراتبه) أو مسائل متفرِّعة، أو شروح أو تعليقات؛ فقد أشرنا إلى مصادر ذلك في الغالب بنفس الطريقة المذكورة أعلاه، اسم المصدر، والجزء، ورقم الصفحة, ولكن وضعنا ذلك في الهامش.
رموز المصادر: إشراف: الإشراف على مذاهب أهل العلم لأبي بكر ابن المنذر. الحاوي: الحاوي الكبير لأبي الحسن الماوردي. بداية: بداية المجتهد لمحمد بن رشد (الحفيد). مغ: المغني لموفق الدين ابن قدامة. مج: المجموع شرح المهذب لأبي زكريا النووي. قرطبي: الجامع لأحكام القرآن. فتح: فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ أحمد بن حجر العسقلاني. شرح: شرح صحيح مسلم لأبي زكريا النووي. المدونة: المدونة للإمام مالك بن أنس رواية ابن القاسم. الحجة: الحجة على أهل المدينة للإمام محمَّد بن الحسن الشيباني. معاني الآثار: شرح معاني الآثار للإمام أبي جعفر الطحاوي. تحفة: تحفة الفقهاء للإمام علاء الدين السمرقندي. بدائع: بدائع الصنائع للكاساني. الجصاص: أحكام القرآن لأبي بكر الرازي الحنفي. إعلاء السنن: إعلاء السنن للتهانوي. الشرح الصغير: الشرح الصغير لأحمد الدردير. تمهيد: التمهيد لابن عبد البر. محلى: المحلى لابن حزم الأندلسي. وصلى الله على سيد الخلق وحبيب الحق محمَّد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا والحمد لله رب العالمين وكتبه الفقير إلى رحمة ربه القدير محمَّد نعيم ساعي غفر الله له ولوالديه وأهله وأولاده وأحبابه وجميع المسلمين. آمين إلباسو- تكساس- الولايات المتحدة الأمريكية 7/إبريل/ 2004
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الطهارة
كتاب الطهارة
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين اللهم صل على محمَّد وعلى آل محمَّد. رب يسر ولا تعسر كتاب الطهارة فصل في أحكام المياه باب في التطهير بماء البحر مسألة (1) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على جواز الطهارة بماء البحر من غير كراهة. وبه يقول أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى. وحكي عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهم كراهة التطهر به (¬1). وبه يقول سعيد بن المسيب -رحمه الله- تعالى فيما حكى عنه. مج ج 1 ص 139. مغ ج 1 ص 8. بداية ج 1 ص 33. الحاوي ج 1 ص 40. باب في الماء المشمس مسألة (2) جمهور الفقهاء على أنه لا كراهة بالتطهر (¬2) بالماء المشمس. وبه يقول مالك وأبو حنيفة وأحمد وداود وغيرهم. وكره الشافعي التطهر به وقال: ولا أكره المشمس إلا من جهة الطب؛ لكراهية عمر ذلك وقوله "يورث البرص" .. اهـ. قلت: واعتمد الماوردي الكراهة فيما يخص البدن من تطهير شرب ونحوه. واختار النووي عدم الكراهة. مج ج 1 ص 136. الحاوي ج 1 ص 42. ¬
باب في التطهر بماء زمزم
باب في التطهر بماء زمزم مسألة (3) جمهور العلماء على أنه لا كراهة في الطهارة بماء زمزم. وروى عن الإِمام أحمد كراهته. مج ج 1 ص 139. باب في الماء المتغير بالمكث مسألة (4) جماهير العلماء على أنه لا كراهة في استعمال الماء المتغير بالمكث. وذهب ابن سيرين إلى كراهته. حكاه عنه ابن المنذر. مج ج 1 ص 139. بداية ج 1 ص 34. مغ ج 1 ص 13. باب في الماء المسخن مسألة (5) جمهور العلماء على أنه لا كراهة في الطهارة بالماء المسخن وسواء سخن بطاهر أو بنجس. روى هذا عن عمر وابنه وابن عباس وأنس رضي الله عنهم. وبه يقول أهل الحجاز، وحكى عن مجاهد كراهته وأهل العراق. ألمح به الشافعي عنه وصرح به الماوردي فحكاه عن مجاهد جزمًا (¬1). وروى عن أحمد كراهته إذا سخن بنجاسة. مج ج 1 ص 139. مغ ج 1 ص 16. باب في التطهر بغير الماء المطلق هل يجزئ؟ مسألة (6) جماهير السلف والخلف على أن رفع الحدث وإزالة النجس لا يصح إلا بالماء المطلق. وبه يقول مالك والشافعي ومحمد بن الحسن وزفر. وهو قول أبي عبيد وأبي يوسف في أن الطهارة لا تكون إلا بالماء. قلت: قد حكى ابن المنذر إجماع من يحفظ عنه من أهل العلم على عدم جواز الطهارة بماء الورد ونحوه. وقال أبو حنيفة: يجوز إزالة النجاسة بكل مائع طاهر مزيل للعين (¬2) كالخل وماء ¬
باب التطهر بمياه القنوات الجارية
الورد وروى عن أحمد ما يدل على نحوه. وحكى عن ابن أبي ليلى وأبي بكر الأصم جواز الطهارة بكل مائع طاهر، وروي عن علي أنه كان لا يرى بأسًا بالوضوء بالنبيذ (¬1). وبه يقول الحسن البصري والأوزاعي، وقال عكرمة: النبيذ وضوء من لم يجد الماء. وقال محمَّد بن الحسن: يجمع بين النبيذ والتيمم. حكاه الماوردي عنه (¬2). وقال إسحاق: النبيذ حلوًّا أحب إليَّ من التيمم وجمعهما أحب إليِّ. وقال أبو حنيفة: بجواز الوضوء بالنبيذ عند فقد الماء كقول عكرمة وحكى عنه تقييده ذلك في السفر وذلك إذا لم يشتد نبيذ التمر إذا عدم الماء. وحكى عنه الجمع بين التيمم وبين الوضوء به وحكى عنه الرجوع إلى قول الجمهور وهو الأصح عند كثير من أهل مذهبه. وحكى عن الأوزاعي وسفيان الثوري جواز الوضوء بأي نبيذ مطلقًا (¬3). مج ج 1 ص 141، مغ ج 1 ص10 بداية ج 1 ص 45. باب التطهر بمياه القنوات الجارية مسألة (7) جمهور أهل العلم على جواز الاغتسال والوضوء بمياه الأنهر حيث هي والقنوات الجارية ولا كراهة في ذلك. وحكى الخطابي عن البعض أنه كره ذلك واستحب أن يؤخذ له الماء في ركوةٍ ونحوها. مج ج 1 ص 211. * * * ¬
فصل في ما يفسد الماء وما لا يفسده
فصل في ما يفسد الماء وما لا يفسده باب في الماء المستعمل (¬1) مسألة (8) جمهور السلف والخلف على أن الماء المستعمل في نفسه طاهرٌ. وبه يقول مالك والشافعي وأحمد، ورُوي عن أحمد يُعفى عن يسيره إذا وقع في الماء إذا تناثر من المتوضئ (¬2). وقال أبو يوسف: هو نجس. واختلف فيه عن أبي حنيفة -رحمه الله- على ثلاث روايات. إحداها: كقول الجمهور وهو رواية محمَّد بن الحسن عنه. والثانية نجس نجاسة مخففةً، والثالثة: نجس نجاسة مغلظةً. مج ج 1 ص 198. باب في جواز التطهر بالماء المستعمل مسألة (9) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على جواز التطهر بالماء المستعمل. وبه يقول الزهري ومالك والأوزاعي في أشهر الروايتين عنهما، وبه يقول أبو ثور وداود. قال ابن المنذر: وروى عن علي وابن عمر وأبي أمامة - رضي الله عنهم - وعطاء والحسن ومكحول والنخعي أنهم قالوا فيمن نسى مسح رأسه فوجد في لحيته بللًا: يكفيه مسحه بذلك البلل. قال ابن المنذر: وهذا يدل على أنهم يرون المستعمل مطهرًا، قال: وبه أقول: قلت: وهو قول أحمد في رواية والشافعي في قولٍ وذهب أبو حنيفة ومالك في روايةٍ والشافعي في ظاهر مذهبه وأحمد إلى أنه ليس بمطهر (¬3). الحاوي ج 1 ص 296، مغ ج 1 ص 18. مج ج 1 ص 199. ¬
باب في الماء يقع فيه ما لا نفس له سائلة من الميتات
باب في الماء يقع فيه ما لا نفس له سائلة (¬1) من الميتات مسألة (10) جمهور العلماء على أن الماء لا ينجس إذا مات فيه ما لا نفس له سائلة وسواء كان الماء قليلًا أو كثيرًا. وهو قول الشافعي في قديم قوله. وحكي عن يحيى بن أبي كثير ومحمد بن المنكدر أنه يفسد الماء إذا كان قليلًا. وبه يقول الشافعي في أحد قوليه إذا كان الماء دون القلتين (¬2). واختار النووي القول بالطهارة. مج ج 1 ص 177 مغ ج 1 ص 39 الحاوي ج 1 ص 321. باب في الماء الكثير يقع فيه بول الآدمي وغيره من النجاسات مسألة (11) أكثر أهل العلم على أن الماء الكثير إذا بلغ قلتين أو أكثر فإنه لا ينجسه شيء من النجاسات إذا وقع فيه حتى يغير إحدى صفاته من طعم أو لون أو ريح (¬3). وسواء وقع فيه بول آدمي أو غيره من سائر النجاسات. وبه يقول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه. وقال أحمد في رواية: ينجس بوقوع بول الآدمي وعذرته فيه ولو لم يغيره. روى هذا عن عليٍّ - رضي الله عنه - والحسن البصري (¬4). مغ ج 1 ص 37. ¬
باب في الماء يخالطه شيء من الطاهرات
باب في الماء يخالطه شيء من الطاهرات (¬1) مسألة (12) جمهور أهل العلم على أن الماء إذا وقع فيه شيء من الطاهرات فإنه باقٍ على طهوريته حتى تتغير صفته. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد (¬2). وحكى ابن المنذر عن الزهري في كِسَرِ خُبْزٍ بُلَّت غيرت لونه أو لم تغير لونه لا يتوضأ منه. وحكى نحوه عن أم هانئ - رضي الله عنهما - وقال مالك: لا يتوضأ من الماء الذي يُبل فيه الخبز نقله عنه ابن القاسم في المدونة. قلت: وعندي أن هذا يحمل في قول مالك فيما نقع وتفتت وعيز الماء ويدل عليه قوله -رحمه الله- في الجلد يقع في الماء ثم يخرج لا بأس بالوضوء منه. باب في الفرق بين قليل الماء الراكد وكثيره إذا وقع فيه نَجَس (¬3) مسألة (13) جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الماء الراكد إذا وقع فيه شيء من النجاسات فإنه لا فرق في ذلك بين قليل الماء وكثيره من أنه لا ينجس حتى تتغير صفته من طعم أو لون أو ريح. روي ذلك عن حذيفة وأبي هريرة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم. وهو مروي عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وعكرمة وعطاء وجابر بن زيد وعبد الرحمن بن أبي ليلى والنخعي ومالك والأوزاعي والثوري ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد في إحدى الروايتين وداود. قال ابن المنذر: وبهذا المذهب أقول. قال النووي: واختاره الغزالي في الإحياء، واختاره الروياني في كتاب البحر والحلية. قال في البحر: وهو اختياري واختيار جماعةٍ رأيتهم بخراسان والعراق. قال النووي -رحمه الله تعالى: وهذا المذهب أصحها بعد مذهبنا. وقالت طائفة: ينجس قليل الماء بمجرد وقوع النجاسة فيه ولو لم تغير صفة من صفاته ولا ¬
ينجس الكثير منه إلا بالتغير. وما كان دون القلتين فهو قليل وإلا فهو كثير (¬1) وبهذأ قال الشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأحمد في روايةٍ. وهو مروي عن ابن عمر - رضي الله عنه - وسعيد ابن جبير ومجاهد. وقال أبو حنيفة: القليل الذي ينجس بمجرد وقوع النجاسة فيه هو الذي إذا حرك أحد جانبيه تحرك جانبه الآخر وما لا فهو كثير لا ينجس إلا بالتغير. قلت: وفي المسألة غير هذا الذي ذكرناه من مذاهب الفقهاء (¬2). مغ ج (1) ص 161، مغ ج (1) ص 24، نيل ج (1) ص 36. * * * ¬
فصل في الأسئار
فصل في الأسْئَار (¬1) باب في سؤر الهر (¬2) مسألة (14) جمهور العلماء على طهارة سؤر الهر ولا كراهة فيه. وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وجمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين من أهل المدينة والشام وأهل الكوفة وأصحاب الرأي. وقال أبو حنيفة: هو مكروه فإن فعل أجزأه، روى هذا عن ابن عمر - رضي الله عنه - ويحيى الأنصاري وابن أبي ليلى. وروى عن أبي هريرة أنه يغسل الإناء من سؤره مرة أو مرتين. وبه قال ابن المنذر، وقال الحسن وابن سيرين: يغسل مرةً. وقال طاوس: يغسل سبعًا كالكلب. مغ ج 1 ص 44 مج ج 1 ص 217. باب في سؤر الآدمي مسألة (15) جمهور العلماء بل عامتهم على طهارة سؤر الآدمي مؤمنًا كان أو كافرًا (¬3)، طاهرًا أو جنبًا أو حائضًا، وممن قال هذا: الحسن ومجاهدو الزهرى ومالك ¬
والأوزاعي والثوري والشافعي وأبو عبيد، وحكي عن إبراهيم النخعي أنه كره سؤر الحائض، وروي عن جابر بن زيد أنه لا يتوضأ منه. قلت: وقال مالك: لا يتوضأ بسؤر النصراني ولا بما أدخل يده فيه. رواه عنه ابن القاسم في المدونة. مغ ج 1 ص 43، 214. * * *
فصل في الأواني والدباغ
فصل في الأواني والدباغ مسألة (16) جماهير العلماء على صحة الوضوء والاغتسال من آنية الذهب والفضة مع اتفاقهم على تحريم الاتخاذ والاستعمال (¬1) وممن قال هذا: مالك وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق وابن المنذر. وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد. وقال داود لا يصح التطهر بها ومنها. وهو وجه في مذهب أحمد اختاره أبو بكر الأثرم. مج ج 1 ص290. شرح ج 14 ص30. باب في اتخاذ آنية الذهب والفضة من غير استعمال مسألة (17) جمهور العلماء على تحريم اتخاذ آنية الذهب والفضة ولو لم يستعملها وأنه يستوي في ذلك الرجال والنساء. واختلف النقل عن الشافعي في هذا، فمن أصحابه من حكاه قولين للشافعي ومنهم من جعله وجهين في المذهب والمختار الصحيح عندهم التحريم (¬2). مج ج 1 ص 290. باب في تضبيب الأوانى بالفضة (¬3) مسألة (18) جمهور العلماء من السلف والخلف على كراهة الضبة بالفضة للآنية ¬
باب في استعمال الآنية الثمينة من غير الذهب والفضة
وروي هذا عن علي بن الحسين -رضي الله عنهما- وعطاء بن أبي رباح وسالم بن عبد الله والمطلل بن عبد الله حنطب والحسن وابن سيرين، وروي عن عائشة وعروة بن الزبير، وقال أبو حنيفة وأصحابة: يجوز. وحكى هذا عن أحمد وإسحاق وحكاه ابن المنذر في المفضض عن سعيد بن جبير وميسرة وزاذان وطاوس وعمر بن عبد العزيز وأبي ثور وأخذ به -رحمه الله-. قال النووي: والمعروف عن أحمد كراهة المضبب. مج ج 1 ص 298. باب في استعمال الآنية الثمينة من غير الذهب والفضة مسألة (19) جمهور العلماء بل عامتهم على جواز اتخاذ واستعمال سائر الأواني الثمينة سوى الذهب والفضة كالياقوت والزمرد والبلور والعقيق ونحوها، وكذلك الأواني غير الثمينة كالمصنوعة من الخشب والخزف والجلود. وروي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كره الوضوء في الصفر (¬1) والنحاس والرصاص وما أشبه ذلك. وحكى الموفق في المغني أنه اختيار الشيخ أبي الفرج المقدسي. مغ ج 1 ص 65. باب في آنية الكفار والمشركين وثيابهم مسألة (20) جمهور العلماء من السلف والخلف على طهارة آنية الكفار والمشركين وثيابهم سواء كانوا أهل ذمة أو غيرهم من الحربين وغير أهل الكتاب. وروي عن أحمد في آنية المجوس وطعامهم أنه لا يؤكل من طعامهم إلا الفاكهة. واختار القاضي نجاسة آنية غير أهل الكتاب (¬2). وحكي هذا عن إسحاق. مج ج 1 ص 301. ¬
فصل في الدباغ
فصل في الدباغ باب في تطهير جلد الميتة (¬1) بالدباغ مسألة (21) جمهور العلماء بل عامتهم على أن جلد ميتة مأكول اللحم قبل دبغه نجس لا يصح الصلاة فيه ولا استعماله في رطب ولا يابس، وجمهور من بلغنا قولهم من هؤلاء على أنه يطهر منها بدبغه ما كان طاهرًا حال حياته، وممن روي عنه طهارة جلود الميتة إذا دُبغت مما كما منها طاهرًا حال حياته: عطاء والحسن والشعبي والنخعي وقتادة ويحيى الأنصاري وسعيد بن جبير والأوزاعي والليث والثوري وابن المبارك وإسحاق والشافعي، وروي نحو هذا عن عُمَر وابن عباس وابن مسعود وعائشة رضي الله تعالى عنهم على خلاف يينهم فيما هو طاهر حال حياته. قلت: وبه قال أحمد في إحدى الروايتين. وقد حكى الخطابي عن عامة العلماء جواز الدباغ. وقال أبو حنيفة: تُطهر الجلود كلها بالدباغ إلا جلد الخنزير، وقال أحمد في المشهور عنه: لا يَطْهُرُ شيء بالدباغ. وبه قال مالك في إحدى الروايتين. وروي هذا كذلك عن عمر وابنه وعمران بن حصين وعائشة - رضي الله عنها -. وقالت طائفة: يطهر بالدباغ جلد ميتة مأكول اللحم دون غيره. حكاه النووي عن الأوزاعي وابن المبارك وأبي داود وإسحاق بن راهويه. وقال داود وأهل الظاهر: يطهر كل جلود الميتات ظاهرًا وباطنًا. وبه قال أبو يوسف، حكاه عنه الماوردي في الحاوي. وقال الزهري: جلد الميتة لمأكول اللحم طاهر قبل الدباغة وبعدها. حكاه عنه الماوردي (¬2). قلت: وفي المسألة تفصيل ومذاهب غير هذا اكتفينا بذكر أشهرها. مج ج 1 ص 258، مغ ج 1 ص 55. ¬
باب في أكل جلد الميتة إذا دبغ
باب في أكل جلد الميتة (¬1) إذا دبغ مسألة (22) جمهور أهل العلم على عدم جواز أكل جلد ميتة مأكول اللحم إذا دُبغ، وحكي عن ابن حامدٍ أنه يحل. وهو وجه لأصحاب الشافعي. حكاه الماوردي (¬2). مغ ج 1 ص 58. باب في بيع جلد الميتة قبل الدباغ وبعده مسألة (23) جمهور العلماء على عدم جواز بيع جلد الميتة قبل الدباغ وجوازه بعد الدباغ، وقال أبو حنيفة: يجوز في الحالتين قبل الدبغ وبعده، وقال الشافعي في القديم: لا يجوز في الحالتين (¬3). قلت: وبه قال مالك (¬4). مج ج 1 ص 268. باب في اشتراط استعمال (¬5) الماء في الدباغة مسألة (24) أكثر أهل العلم على أنه لا يشترط غسل المدبوغ بالماء. وبه قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى، وفي المسألة وجهان في المذهب الشافعي، وكذا الحنبلي أحدهما يشترط (¬6). مج ج 1 ص 265. * * * ¬
فصل في السواك
فصل في السواك (¬1) باب في السواك قبل الوضوء والصلاة مسألة (25) جمهور أهل العلم على أن السواك سنة مستحبة مؤكدة ليس واجبًا لا عند وضوءٍ ولا عند صلاة وأن تَرْكَهُ لا يبطل وضوءًا ولا يبطل صلاةً. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وجمهور فقهاء الأمصار وأهل الفتوى. وقال داود بن علي الظاهري: السواك واجبٌ، لكن لا يقدح تركه في صحة الصلاة. وقال إسحاق بن راهويه: السواك واجبٌ، فإن تركه عمدًا بطلت صلاته، وإن تركه ناسيًا لم تبطل. حَكَى هذين القولين عن داود وإسحاق، والماورديُّ (¬2) وغيرهٌ. مج ج 1 ص 307. مغ ج 1 ص 78. باب في السواك للصائم هل يكره في وقت دون وقت مسألة (26) جمهور العلماء على استحباب السواك للصائم وغيره وأنه لا يكره للصائم لا قبل الزوال (الظهر) ولا بعد الزوال، روي هذا عن عمر وابنه وابن عباس وعائشة رضي الله تعالى عنهم. وبه قال النخعي وابن سيرين وعروة ومالك وأصحاب الرأي وأحمد في رواية وذهبت طائفة إلى كراهته للصائم آخر النهار. روي هذا عن عطاء. وبه قال الشافعي (¬3). وأحمد في روايةٍ (¬4) وإسحاق وأبو ثور. وروي عن عمر رواية رضي الله تعالى عنهما وحكاه ابن الصباغ عن الأوزاعي والحسن. قلت: والصحيح عن عبد الله بن عمر خلافه رواه البخاري في صحيحه معلَّقًا جزمًا ¬
قال: وقال ابن عمر يستاك أول النهار وآخره. ونقل الترمذي عن الشافعي في الصائم يستاك أول النهار وآخره. وإستغرب هذا النقلَ النوويّ وقال: وأن كان قويًّا من حيث الدليل، وبه قال المزني وأكثر العلماء (¬1). مج ج 1 ص 310. * * * ¬
فصل في أفعال الوضوء
فصل في أفعال الوضوء باب في النية للوضوء والغسل مسألة (27) جمهور العلماء من أهل الحجاز وغيرهم على أن النية شرط لصحة الوضوء والغسل والتيمم. روي ذلك عن علي رضي الله تعالى عنه. وبه يقول ربيعة ومالك والشافعي والليث وأحمد وإسحاق وأبو عبيدة وابن المنذر. وذهبت طائفة إلى صحَّة جميع ذلك بدون نيَّة. حكاه ابن المنذر عن الأوزاعي والحسن بن صالح، وحكاه أصحاب الشافعي عنهما وعن زفر. وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري: يصح الوضوء والغسل بلا نية ولابد منها للتيمم وروي ذلك عن الأوزاعي رحمه الله تعالى (¬1). قلت: قد حكى صاحب التحفة الإجماع في وجوب النية للتيمم (¬2). مج ج 1. ص 333 قرطبي ج 1 ص 85. باب في وضوء الكافر قبل إسلامه مسألة (28) جمهور العلماء على أن الكافر إذا توضأ ثم أسلم فإن وضوءه هذا لا يجزؤه؛ بل لابد له إذا أراد الصلاة من وضوء جديد، وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وداود. وقال أبو حنيفة: يجزؤه وضوؤه قبل إسلامه. مج ج 1 ص 349. باب في الرجل يوضئه غيره (¬3) مسألة (29) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الرجل إذا وضَّأه غيره فإنه يجزء ¬
باب في التسمية عند الوضوء
عنه. ونقل عن داود فيما حكاه صاحب الشامل (ابن الصباغ) أنه لا يصح. مج ج 1 ص 358. باب في التسمية عند الوضوء مسألة (30) جمهور العلماء على أن التسمية في أول الوضوء سنَّة مستحبة ولا تجب وليست شرطًا في صحة الوضوء. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والثوري وأبو عبيد وأحمد في أظهر الروايتين وابن المنذر. قلت: وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى المنصوص عنه، وحكاه الموفق عن أصحاب الرأي، وقال أحمد في رواية وإسحاق بن راهويه: التسمية واجبة فإن تركها عمدًا بطل وضوؤه وإن تركها ناسيًا صح وضوؤه، قال النووي: أو تركها سهوًا أو معتقدًا أنها غير واجبة لم تبطل طهارته، ونقل المحاملي والماوردي عن أهل الظاهر أنها واجبة بكل حال فمن تركها عمدًا أو ناسيًا بطلت طهارته، وحكي هذا المذهب عن الحسن البصري .. حكاه عنه الموفق ابن قدامة. وحكي عن أبي حنيفة أنها غير مستحبة. قلت: ولا أظنه يثبت عن أبي حنيفة. وإنما الذي حكاه الطحاوي عنه وعن أبي يوسف ومحمد بن الحسن: أن الوضوء لا يبطل بتركها كقول الجمهور. وحكي عن مالك في روايةٍ أنها بدعة. وعنه أنها مباحة لا فضيلة في فعلها ولا تركها (¬1). مج ج 1 ص 361. باب في غمس اليدين في الإناء قبل الوضوء منه (¬2) مسألة (31) جمهور العلماء على أنه يكره لمريد الوضوء من الإناء غمس يديه فيه قبل ¬
باب في من شك في نجاسة يده هل ينجس الماء بذلك؟
أن يغسلهما وذلك إذا شكٌّ في نجاسة يده، ولا يجب عليه ذلك وسواء قام من نوم الليل أو النهار، أو شك في نجاسة يده بسبب غير ذلك، والجمهور على استحياب غسل اليدين قبل إِدخالها الإناء من غير إيجاب، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى، وبه قال أحمد فيمن قام من نوم النهار. وبقول الجمهور قال عطاء ومالك والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر، وقال أحمد في روايةٍ: لا فرق بين نوم الليل ونوم النهار، حكى ذلك النووي، وقال الموفق: لا تختلف الرواية (يعني عن أحمد) في أنه لا يجب غسلها من نوم النهار. وقال داود بقول أحمد في الفرق بين نوم الليل وبين نوم النهار؛ فيجب في الأول ولا يجب في الثاني، ونقل ابن رشد عن داود القول بالوجوب مطلقًا (¬1)، وبه قال الحسن البصري -رحمه الله- تعالى. وروي هذا عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، حكاه عنهما جزمًا الموفق ابن قدامة -رحمه الله- تعالى (¬2). مج ج 1 ص 364، الحاوي مج ج 1 ص 101. باب في من شك في نجاسة يده هل ينجس الماء بذلك؟ مسألة (32) جمهور العلماء بل عامتهم على أنَّ من شكّ في نجاسة يديه قبل إدخالهما الإناء فإن الماء لا ينجس إذا أدخل يديه الإناء قبل غسلهما، وهو قول الشافعي وكل من لا يوجب غسل اليدين وسائر العلماء. قال النووي: وهذا مذهب العلماء كافة إلا الحسن البصري وإسحاق ومحمد بن جرير الطبري وداود فإنهم قالوا ينجس الماء إذا غمس يده من قام من نوم الليل، قلت: وحكاه الموفق عن أحمد احتمالًا إذا كان الماء يسيرًا لقول أحمد -رحمه الله- تعالى فيه: أعجب إليَّ يهريق الماء (¬3). مج ج 1 ص 364، الحاوي ج 1 ص 101. باب في استحباب غسل ما توهم من النجاسة مسألة (33) جمهور العلماء على أنه يُستحب في النجاسة المتوهمة في ثوب أو بدن أو مكان أن يغسل موضعها, ولا يكفي في ذلك ألاستحبابِ الرَّشُّ، وقال بعض أصحاب مالك يكفى الرش. ¬
باب في الخلاف في اللحية الكثيفة في الوضوء
مج ج 1 ص 365. باب في الخلاف في اللحية الكثيفة (¬1) في الوضوء مسألة (34) جماهير العلماء على أن المتوضئ لا يجب عليه غسل باطن لحيته الكثيفة أو تخليلها وإنما يكفيه غسل ظاهرها. وممن روي عنه الترخيص بترك التخليل: ابن عمر والحسن بن علي رضي الله تعالى عنهم وإبراهيم النخعي والشعبي وأبو العالية ومجاهد وأبو القاسم ومحمد بن علي وسعيد بن عبد العزيز، وإليه ذهب مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد، ونقل القرطبي عن ابن خويز منداد اتفاق الفقهاء عليه إلا شيء روي عن سعيد بن جبير، وقالت طائفة قليلة: يجب غسل باطن اللحية الكثيفة، حكي هذا عن عطاء، حكاه عنه الموفق. وحكاه الخطابي عن إسحاق بن راهويه. ونقله النووي عن المزني وأبي ثور وحكاه ابن رشد عن ابن عبد الحكم من أصحاب مالك (¬2) وكذا حكاه عنه القرطبي. وحكاه الرافعي وجهًا وقولًا في المذهب الشافعي وردَّه الشيخ أبو حامد أن يكون وجهًا في المذهب (¬3). قلت: وكان ربيعة بن عبد الرحمن والقاسم بن محمَّد وابن سيرين ينكرون تخليل ¬
باب في دلك الأعضاء في الوضوء والغسل
اللحية بالكليَّة ونحوه عن النخعي وهو قول مالك في المدونة. مج ج 1 ص 380، مغ ج 1 ص 87، قرطبي ج 6 ص 83. باب في دلك الأعضاء في الوضوء والغسل مسألة (35) جمهور الفقهاء على أنه لا يجب دلك الأعضاء باليد في الوضوء والغسل ولكن يُستحب، وهذا قول الحسن والنخعي والشعبي وحماد والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبي حنيفة وسائر أصحاب الرأي. وقال مالك والمزني بالوجوب. قال مالك: إمرار يده حيث تنال يده واجب ونحوه، قال أبو العالية: وقال عطاء في الجنب: يفيض عليه الماء؟ قال: لا، بل يغتسل غسلان؛ لأن الله تعالى قال: {حَتَّى تَغتسَلُواْ} (¬1) [النساء: 43]. مج ج 1 ص 387، مج ج2 ص 189، بداية ج 1 ص 61. باب في غسل المرفقين والكعبين في الوضوء مسألة (36) جمهور العلماء بل عامتهم على وجوب غسل المرفقين والكعبين في الوضوء، وبه يقول عطاء ومالك وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي والشافعي وأحمد وإسحاق. وحكي عن زفر (¬2) أنه لا يجب، وبه قال بعض أصحاب مالك وأبو بكر بن داود. وحكاه ابن رشد عن الطبري أيضًا. مج ج 1 ص 389، مغ ج 1 ص 107، الحاوي ج 11 ص 112، بداية ج 1 ص 20، قرطبي ج 6 ص 86. باب في من توضأ ثم حلق رأسه أو كُشطت جلدة من يده مسألة (37) جمهور العلماء سلفًا وخلفًا على أن من توضَّأ ثم قُطعت يده من محل ¬
باب في النزعتين في الوضوء هل هما من الرأس أم من الوجه؟
الفرض أو رجله أو حلق رأسه أو كُشِطَتْ جلدة من وجهه أو يده؛ فإنه لا يلزمه غسل ما ظهر ولا مسحه ما دام على تلك الطهارة. قال يونس بن عبيد: ما زاده إلا طهارةً. وحكي عن مجاهد والحكم وحماد وعبد العزيز بن الماجشون -من أصحاب مالك- ومحمد بن جرير الطبري أنهم أوجبوا طهارة ذلك العضو (¬1). مج ج 1 ص 395، مغ ج 1 ص 100. باب في النزعتين (¬2) في الوضوء هل هما من الرأس أم من الوجه؟ مسألة (38) جمهور العلماء على أن النزعتين من الرأس يجزء مسحهما عن فرض مسح الرأس. وذهب البعض إلى أنهما من الوجه. حكاه الماوردي ونقله عنه النووي ولم يذكرا من قال به من العلماء (¬3). مج ج 1 ص 397. باب في المسح على العمامة والخمار ونحو ذلك هل يجزئ عن مسح الرأس؟ مسألة (39) جمهور الفقهاء على أن المتوضئ إذا كان على رأسه عمامة أو قلنسوة أو خمار وأراد مسح رأسه فإنه لا يجزئه الاقتصار على المسح على عمامته ونحو ذلك؛ بل لابد له أن يمسح على رأسه، فإذا أراد استيعاب الرأس بالمسح؛ استحب أن يمسح على عمامته أو قلنسوته كلها مع ما مسح من رأسه، وسواء أراد أن ينزع ما على رأسه أو لم يرد، وسواء كان به عذر أم لا، وبه قال من الصحابة علي بن أبي طالب وابن عمرو جابر رضي الله تعالى عنهم، وحكاه ابن المنذر عن عروة بن الزبير والشعبي والنخعي والقاسم ومالك وأصحاب الرأي. قلت: وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. ¬
باب في اشتراط ماء جديد لمسح الرأس
وقالت طائفة كثيرة: يجوز الاقتصار على العمامة ونحوها منهم سفيان الثوري والأوزاعي وأحمد وأبو ثور وإسحاق ومحمد بن جرير الطبري وداود. قال ابن المنذر: ممن مسح على العمامة أبو بكر الصديق، وبه قال عمر (¬1) وأنس بن مالك وأبو أمامة، وروي عن سعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء رضي الله تعالى عنهم، وعمر بن عبد العزيز ومكحول والحسن وقتادة والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور، ثم شرط بعض هؤلاء لبسها على طهارة وشرط بعضهم كونها محنكةً (¬2) أي بعضها تحت الحنك، ولم يشترط بعضهم شيئًا من ذلك (¬3). مج ج 1 ص 406، الحاوي ج 1 ص 119، 355. باب في اشتراط ماء جديد لمسح الرأس مسألة (40) جمهور أهل العلم على أن المتوضئ يأخذ لرأسه ماءً جديدًا غير الذي غسل به يديه، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وهو المعتمد في مذهب أحمد -رحمه الله-، وقالت طائفة: يجوز أن يمسح رأسه بما فضل من غسل يديه. وبه يقول الحسن وعروة والأوزاعي. قال ابن رشد: وروي عن ابن الماجشون أنه قال: إذا نفذ الماء مسح رأسه ببلل لحيته. قال ابن رشد: وهو اختيار ابن حبيب ومالك والشافعي (¬4). وقال ابن المنذر: وروي عن عليٍّ وابن عمر وأبي أمامة - رضي الله عنه - وعطاء والحسن ومكحول والنخعي أنهم قالوا فيمن نسى مسح رأسه فوجد في لحيته بللًا: يكفيه مسحه بذلك البلل، ثمَّ قال ابن المنذر: وبه أقول (¬5). ¬
باب في مسح الأذنين هل يشترط لهما ماء جديد؟
مغ ج 1 ص 117، بداية ج 1 ص 22. باب في مسح الأذنين هل يشترط لهما ماء جديد؟ مسألة (41) جمهور العلماء على أنه يُشترط لمسح الأذنين ماءٌ جديدٌ غير الذي مسح به الرأس، وبه يقول الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يمسحان مع الرأس بماءٍ واحد (¬1). وقال أحمد فيمن ترك مسح الأذنين ناسيًا أو عامدًا وقد مسحهما مع الرأس أجزأه (¬2). مج ج 1 ص 410. باب في الاختلاف في الأذنين هل هما من الرأس أم من الوجه؟ مسألة (42) جمهور العلماء على أن الأذنين من الرأس، وبه قال من الصحابة: ابن عباسٍ وابن عمر وأبو موسى رضي الله تعالى عنهم، وقال به من التابعين: عطاء وابن المسيب والحسن وعمر بن عبد العزيز والنخعي وابن سيرين وسعيد بن جبير وقتادة وهو قول مالك والثوري وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد. نقله عنهم ابن المنذر، وقال الترمذي صاحب الجامع: هو قول أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم، وبه قال الثوري. وقال الشعبي فيما حكي عنه والحسن بن صالح: ما أقبل منهما فهو من الوجه يغسل معه وما أدبر فمن الرأس يمسح معه. قال ابن المنذر: واختاره إسحاق (يعني بن راهويه) وذهب جماعة من السلف إلى أنهما ليستا من الوجه ولا من الرأس، بل هما عضوان مستقلان يُسَنُّ مسحهما على الانفراد ولا يجب. حُكي هذا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - وكذا حُكي هذا القول عن الحسن وعطاء وأبي ثور. قلت: وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى، حكاه عنه الماوردي (¬3). وحكى ابن رشد عنه خلاف هذا وهو أنهما من الوجه فيغسلان معه. وهو قول الزهري (¬4). مج ج 1 ص 411. ¬
باب في الأذنين في الوضوء هل مسحهما فرض؟
باب في الأذنين في الوضوء هل مسحهما فرض؟ مسألة (43) جمهور العلماء بل عامتهم على أن مسح الأذنين مستحب وأن الوضوء لا يبطل بتركه. وقال إسحاق بن راهويه بل هو واجب فمن ترك المسح عليها عمدًا بطل وضوؤه حكاه عنه ابن المنذر والماوردي. مج ج 1 ص 413، الحاوي ج 1 ص 120. باب في وجوب غسل الرجلين في الوضوء مسألة (44) جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على أن الرجلين في الوضوء لا يجزئ فيهما إلا الغسل إلا للابس الخفِّ وصاحب الجبيرة بشروطه. وأنه لا يجزئ فيهما المسح، وذهب محمَّد بن جرير الطبري فيما حُكي عنه بالتخيير بين المسح وبين الغسل، وحُكي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ما أجد في كتاب الله إلا غسلتين ومسحتين. وروي عن عليِّ رضي الله تعالى عنه أنه مسح على نعليه وقدميه ثمَّ دخل المسجد فخلع نعليه ثمَّ صلى، وروي عن أنس بن مالك نحو قول ابن عباس (¬1). وحُكي عن الشعبي أنه قال: الوضوء مغسولان وممسوحان. الممسوحان يسقطان في التيمم، وذكر ابن رشد نحو الذي ذكرناه ولم يعين قائله. مج ج 1 ص 414 مغ ج 1 ص 120. بداية ج 1 ص 24 الحاوي ج 1 ص 123 قرطبي ج 6 ص 91. باب في معنى الكعبين الذين ذكرهما الله في الوضوء مسألة (45) جماهير أهل اللغة والفقه والتفسير والحديث على أن الكعبين هما ¬
باب في الزيادة على المرفقين والكعبين في الوضوء
العظمان الناتئان عند مفصل السِّاق والقدم، وحكى الخطابي (¬1) عن أبي هريرة وأهل الكوفة أن الكعبين هما العظمان الناتئان في ظهر القدمين. وحكاه بعض الأصحاب في المذهب الشافعي عن محمَّد بن الحسن. قال المحاملي: ولا يصح عنه، وحكاه عن محمَّد بن الحسن الماوردي وابن قدامة والقرطبي وقال: وروي عن ابن القاسم، وحكاه الرافعي وجهًا في مذهب الشافعي. قال النووي: ليس بشيء. قلت: قد نصَّ الشافعي -رحمه الله- على هذا الذي ذهبت إليه الجماهير (¬2). مج ج 1 ص 418، قرطبي ج 6 ص 96. باب في الزيادة على المرفقين والكعبين في الوضوء مسألة (46) أكثر العلماء على أن غسل مازاد على حد المرفقين والكعبين في الوضوء مكروه أو لا يستحب. وذهب أبو هريرة في الثابت عنه إلى استحباب ذلك مسندًا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: وهو المعتمد في المذهب الشافعي لا خلاف فيه عند أهل المذهب (¬3). مج ج 1 ص 424. باب في التوقيت في المسح على الرأس مسألة (47) أكثر العلماء على أن المستحب في الرأس مسحة واحدة. وممن روي عنه هذا: عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما وطلحة بن مصرف والحكم وحماد والنخعىِ ومجاهد وسالم بن عبد الله والحسن البصري وأصحاب الرأي وأحمد وأبو ثور. حكاه عنهم ابن المنذر، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه. واختاره ابن المنذر. وذهب أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه وسعيد بن جبير وعطاء وزاذان وميسرة إلى استحباب ثلاث مسحات، وهو مذهب الشافعي وأصحابه وداود وأحمد في رواية ¬
باب في الزيادة على الثلاث في الوضوء
وحكى ابن المنذر وغيره عن ابن سيرين أنه قال: يمسح رأسه مرتين (¬1). مج ج 1 ص 426، مغ ج 1 ص 114, بداية ج 1 ص 22، قرطبي ح 6 ص 89. باب في الزيادة على الثلاث في الوضوء مسألة (48) جماهير العلماء على أن الزيادة على الثلاث مرات في أفعال الوضوء مكروه وأنه لا يبطل الوضوء. وحكى الدارمي في الاستذكار عن قوم أنه ييطل الوضوء كما لو زاد في الصلاة. وقال عبد الله بن المبارك: لا آمن من ازداد على الثلاث أن يأتم. وقال أحمد -رحمه الله- تعالى: لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى. وقال إبراهيم النخعي: تشديد الوضوء من الشيطان. لو كان هذا فضلًا لأوثر به أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - (¬2). مج ج 1 ص 432. باب في الاقتصار على المرة الواحدة في أفعال الوضوء مسألة (49) أكثر أهل العلم على أن من توضأ مرةً مرةً اجزأه، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد. ونُقل عن مالك أنه لم يوقت فيه شيئًا قال -رحمه الله-: إنما قال الله تعالى: {فَاُغسِلُواْ وُجُوهَكُمّ} [المائدة: 6] وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز: الوضوء ثلاثًا ثلاثًا إلا ¬
باب في ترتيب أفعال الوضوء
غسل الرجلين فإنه ينقيهما (¬1) مغ ج 1 ص 129. باب في ترتيب أفعال الوضوء (¬2) مسألة (50) أكثر العلماء على أن الترتيب بين أفعال الوضوء المفروضة مستحب ولا يجب ولا يبطل الوضوء بتركه. حكاه البغوي عن أكثر العلماء، وحكاه ابن المنذر عن علي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وعطاء ومكحول والنخعي والزهري وربيعة والأوزاعي وأبو حنيفة ومالك وأصحابهما والمزني وداود وابن المنذر، واختاره أبو نصر البندنيجي من الشافعية، وحكاه القرطبي عن الثوري والليث بن سعد. وقال عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس وعليُّ بن أبي طالب في روايةٍ رضي الله تعالى عنهم: هو واجب، وبه قال قتادة وأبو ثور وأبو عبيد والشافعي وإسحاق بن راهويه وأحمد في المشهور عنه (¬3). مج ج 1 ص 434، قرطبي ج 6 ص 99. باب في كم يصلي بالوضوء الواحد؟ (¬4) مسألة (51) جماهير العلماء على أن غير أصحاب الأعذار إذا توضأوا فإن لهم أن يصلوا بهذا الوضوء ما شاءوا من الفروض والنوافل ما لم يُحْدِثُوا. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والثوري والشافعي وأحمد وغيرهم. قال مالك: لا بأس أن يقيم الرجل على وضوء واحدٍ ¬
باب في المسح على القلنسوة
يصلي به يومين أو أكثر من ذلك، وحكى أبو جعفر الطحاوي وأبو الحسن بن بطال في شرح صحيح البخاري عن طائفة من العلماء أنه يجب الوضوء لكل صلاة وإن كان متطهرًا. وحكى الحافظ أبو محمَّد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسي الظاهري في كتابه الإجماع هذا المذهب عن عمرو بن عبيد. قال: وروينا عن إبراهيم (يعني النخعي) أنه لا يصلي بوضوء واحد أكثر من خمس صلوات. وحكى الطحاوي عن قوم أنه يجوز جمع صلوات بوضوء واحد للمسافر دون الحاضر (¬1). مج ج 1 ص 456، معاني الآثار ج 1 ص41. باب في المسح على القلنسوة (¬2) مسألة (52) عامة أهل العلم على عدم جواز الاقتصار على المسح على القلنسوة في الوضوء. قال ابن المنذر: ولا نعلم أحدًا قال بالمسح على القلنسوة إلا أن أنسًا رضي الله تعالى عنه مسح على قلنسوته (¬3). مغ ج 1 ص 312. باب في الموالاة بين أفعال الوضوء (¬4) * * * ¬
فصل في أحكام المسح على الخفين
فصل في أحكام المسح على الخفين (¬1) باب في التوقيت في المسح على الخفين للمسافر والمقيم مسألة (53) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على أن المسح على الخفين مؤقتٌ للمقيم يومٌ وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بليالها. قال ابن المنذر: وممن قال بالتوقيت عمر وعليٌّ وابن مسعود وابن عباس وأبو زيد الأنصاري رضي الله تعالى عنهم وبه قال شريح وعطاء وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز والشعبي. وبه يقول الأوزاعي والثوري وأبو ثور والحسن بن صالح وأبو حنيفة والشافعي في الجديد وأحمد وإسحاق. قلت: والمعتمد في المذهب الشافعي هو قول الشافعي الجديد. وقالت طائفة: لا توقيت ويمسح ما شاء. وبه قال من الصحابة أبو عبيدة بن الجراح وعبد الله بن عمر ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو الدرداء، حكاه عنهم الماوردي، وحكاه عن عروة والحسن والزهري، وحكاه غيره عن أبي سلمة بن عبد الرحمن والشعبي وربيعة والليث وأكثر أصحاب مالك وهو المشهور عنه. وفي رواية عنه أنه مؤقت. وفي رواية مؤقت للحاضر دون المسافر، قال ابن المنذر: قال سعيد بن جبير يمسح من غُدُوِّهِ إلى الليل. قلت: وبه يقول الشافعي في القديم (¬2). مج ج 1 ص 467. ¬
باب في المسح على أعلى الخف وأسفله
باب في المسح على أعلى الخف وأسفله (¬1) مسألة (54) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الذي يجزئ في المسح على الخف إنما هو مسح أعلاه لا أسفله وأن من اقتصر على مسح أسفله فإنه لا يجزؤه. قال أشهب من أصحاب مالك: يجزؤه. وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي (¬2). قلت: والمعتمد في المذهب خلافه. وإن اختار أبو إسحاق الشيرازي الإجزاء (¬3). مغ ج 1 ص 305، مج ج 1 ص 503. باب في ابتداء مدة المسح على الخفين مسألة (55) جمهور العلماء على أن ابتداء المدة في المسح على الخفين من حين أول حدث بعد اللبس، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري وهو مذهب الشافعي وأصح الروايتين عن أحمد وداود. وقال الأوزاعي وأبو ثور: ابتداء المدة من حين يمسح بعد الحدث وهو رواية عن أحمد وداود واختيار ابن المنذر والنووي، وحكي نحو هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. وحكى الماوردي والشاشي عن الحسن البصري أن ابتداءها من اللبس (¬4). مج ج 1 ص 470. * * * ¬
فصل في أنواع الخفاف التي يجوز المسح عليها
فصل في أنواع الخفاف التي يجوز المسح عليها باب في المسح على الجرموق (¬1) مسألة (56) جمهور العلماء بل عامتهم على جواز المسح على الجرموقين وأنهما كالخفين في أحكامهما، وذلك إذا لبسهما والذي تحتهما على طهارة كاملة، وبجواز المسح في الجملة على الجرموقين يقول أبو حنيفة وسفيان الثوري والحسن بن صالح وأحمد وداود والمزني. قال الشيخ أبو حامد الإسفراييني: هو قول العلماء كافةً. وقال المزني في مختصره: لا أعلم بين العلماء في جوازه خلافًا. قلت: وهو قول الشافعي في القديم من مذهبه ومالك في رواية عنه. وهو قول الأوزاعي -رحمه الله- حكاه عنه الموفق. وقال الشافعي في الجديد من مذهبه ومالك في رواية؛ لا يجوز المسح على الجرموقين. مج ج 1 ص 492، الحاوي ج 1 ص 366. باب في نقض المسح بنزع أحد الخفين (¬2) مسألة (57) جمهور العلماء على أن ما يترتب على نزع الخفين من أحكام يترتب على نزع أحدهما، وبه يقول مالك والثوري وأبو حنيفة والأوزاعي والشافعي وعبد الله ابن المبارك وأحمد رحمهم الله تعالى. ¬
باب في المسح على الجوربين
وحكى ابن المنذر عن الزهري وأبي ثور قالا: يغسل التي نزع خفها ويمسح على خف الأخرى. مج ج 1 ص 511. مغ ج 1 ص 292. باب في المسح على الجوربين مسألة (58) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على جواز المسح على الجوربين إذا كانا صفيقين (ثخينين) يمكن متابعة المشي عليهما, ولا يُشترط كونهما مجلَّدين أو منعَّلين. قال ابن المنذر: ويروي إباحة المسح على الجوربين عن تسعةٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليٍّ وعمار وابن مسعود وأنس وابن عمر والبراء وبلال وابن أبي أوفي وشهد بن سعد رضي الله تعالى عنهم، وبه قال عطاء والحسن وسعيد بن المسيب والنخعي وسعيد بن جبير والأعمش والثوري والحسن بن صالح وعبد الله بن المبارك وزفر وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد. قلت: وهو اختيار النووي والمعتمد عنده في مذهب الشافعي -رحمه الله-. قال ابن المنذر: وكره ذلك مجاهد وعمرو بن دينار والحسن بن مسلم ومالك والأوزاعي. وقال الشافعي في المنصوص عنه: يجوز المسح عليه بشرط أن يكون مجلدًا إلى الكعب، وهو قول أبي حنيفة وقول من كره المسح عليه بغير هذه الصفة. هكذا حكاه الموفق عنهم. ويُحتمل أنهم كرهوا المسح عليه مطلقًا، وحكى عن عمر وعليٍّ جواز المسح على الجورب مطلقًا؛ يعني وإن كان رقيقًا، وحكى هذا عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود. قلت: والثابت عن أبي يوسف ومحمد اشتراط كونه صفيقًا (¬1). وحكي عن أبي حنيفة المنع مطلقًا. والصحيح عنه خلاف هذا. مج ج 1 ص 483، مغ ج 1 ص 298. * * * ¬
فصل في الأحداث التي تنقض الوضوء
فصل في الأحداث التي تنقض الوضوء باب في الخارج من أحد السبيلين (¬1) مسألة (59) جمهور العلماء على أن الخارج من أحد السبيلين ينقض الوضوء، وسواء كان الخارج نادرًا أو معتادًا. قال ابن المنذر: ودم الاستحاضة ينقض في قول عامة العلماء إلا رييعة. قال -رحمه الله-: واختلفوا في الدود يخرج من الدبر، فكان عطاء بن أبي رباح والحسن البصري وحماد بن أبي سليمان وأبو مجلز والحكم وسفيان الثوري والأوزاعي وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور؛ يرون منه الوضوء. وقال قتادة ومالك: لا وضوء فيه. وروي ذلك عن النخعي. وقال مالك: لا وضوء في الدم يخرج من الدبر. قال النووي: هذا كلام ابن المنذر، ونقل أصحابنا عن مالك أن النادر لا ينقض، والنادر عنده كالمذي يدوم لا بشهوةٍ، فإن كان بشهوةٍ فليس بنادرٍ. قلت: وهو موافق في الجملة لما حكاه ابن القاسم عن مالك في المدونة (¬2). وقال داود: لا ينقض النادر وإن دام إلا المذي للحديث. مج ج2 ص 6. مغ ج 1 ص 160. باب في نقض الوضوء بخروج الدم مسألة (60) جمهور الصحابة والتابعين على أن خروج الدم من فصد أو حجامة والقيئ والرعاف لا ينقض الوضوء قلَّ ذلك أو كثر. حكاه عن أكثر الصحابة والتابعين ¬
باب في نقض الوضوء بمس الأنثيين (الخصيتين)
البغوي. وهو مروي عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وابن أبي أوفي وجابر وأبي هريرة وعائشة رضي الله تعالى عنهم. وبه قال سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر والقاسم بن محمَّد وطاوس وعطاء ومكحول وربيعة ومالك وأبو ثور وداود. وهو مذهب الشافعي. وبه قال ابن المنذر. ونقل الخطابي عن أكثر الفقهاء أنه ينقض مع اختلافهم في القليل الذي ينقض والكثير الذي لا ينقض. وممن قال به عمر بن الخطاب وعليُّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما. ورُوي هذا عن عطاء وابن سيرين وابن أبي ليلى، وهو مذهب أبي حنيفة والثوري وزفر والأوزاعي وأحمد وإسحاق (¬1). مج ج 2 ص 55. باب في نقض الوضوء بمس الأنثيين (الخصيتين) (¬2) مسألة (61) جمهور العلماء على أنه لا وضوء على من مسَّ أنثييه. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم رحمهم الله تعالى. ورُوي عن عروة قال: من مسَّ أنثييه فليتوضأ. وقال عكرمة: من مسَّ ما بين الفرجين فليتوضأ. وقال الزهري: أحبُّ إلي أن يتوضأ (¬3). ¬
باب في الوضوء من مس فرج البهيمة
مغ ج 1 ص 175. باب في الوضوء من مس فرج البهيمة مسألة (62) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الوضوء لا ينتقض بمس فرج البهيمة. وقال عطاء والليث يَنْتَقِضُ. حكاه عنهما الماوردي وغيره (¬1). مج ج2 ص 43. باب في وضوء من أكل ما مسته النار مسألة (62) جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أنه لا وضوء بأكل شيء مسَّته النار بما في ذلك لحم الإبل. حُكي هذا عن أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب وأبي طلحة وأبي الدرداء وعامر بن ربيعة وأبي أمامة رضي الله تعالى عنهم. وإليه ذهب الشافعي ومالك وأبو حنيفة رحمهم الله تعالى. وقالت طائفة: يجب مما مسَّته النار. وهو قول عمر بن العزيز والحسن والزهري وأبي قلابة وأبي مجلز، وحكاه ابن المنذر عن جماعة من الصحابة ابن عمر وأبي طلحة وأبي موسى وزيد بن ثابت وأبي هريرة وعائشة رضي الله تعالى عنهم. وقالت طائفة: يجب الوضوء من أكل لحم الجزور خاصةً. وهو قول أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى. وحكاه الماوردي عن جماعة الصحابة الذين ذكرهم ابن المنذر وحكاه ابن المنذر عن جابر بن سمرة كذلك - رضي الله عنه - ومحمد بن إسحاق وأبي ثور وأبي خيثمة. واختاره الإِمام أبو بكر بن خزيمة وابن المنذر والبيهقي (¬2). مج ج 2 ص 58، مغ ج 1 ص 183، الحاوي ج 1 ص 205، بداية ج 1 ص 54، تحفة ج 1 ص 25. ¬
باب في لبن الإبل هل فيه وضوء؟
باب في لبن الإبل هل فيه وضوء؟ مسألة (64) عامة أهل العلم على أنه لا وضوء من شرب لبن الإبل. وقال أحمد في رواية: فيه الوضوء (¬1). مج ج2 ص 60. باب في أكل كبد الجزور وطحاله ونحوه عل فيه وضوء؟ مسألة (65) جمهور الفقهاء على أنه لا وضوء من أكل كبد الجزور أو طحاله أو سنامه أو دهنه أو مرقه. واختلف عن أصحاب أحمد في هذا (¬2). مج ج2 ص 61. باب في الوضوء من النوم مسألة (66) جمهور العلماء بل عامتهم على أن النوم في الجملة ينقض الوضوء، وأكثرهم على أن الذي ينقض منه النوم مضطجعًا وأن من نام ممكنًا مقعدته من الأرض فلا وضوء عليه، وبه يقول مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما. وهو قول أبي حنيفة في الاضطجاع وهو مذهب الشافعي في كل ما ذكرناه. وقالت طائفة: يَنْتَقِضُ الوضوء بالنوم على كل حال. روي معناه عن أبي هريرة وابن عباس وأنس رضي الله تعالى عنهم. وبه قال إسحاق بن راهويه وأبو عبيد والحسن والمزني وابن المنذر. وقالت طائفة: ينقض كثير النوم دون قليله على كل حال. حكاه ابن المنذر عن الزهري ورييعة والأوزاعي. وهو إحدى الروايتين عن مالك وأحمد. وقال أبو حنيفة وداود: إن نام على هيئةِ من هيئات الصلاة لم ينتقض سواء كان خارج الصلاة أم داخلها، وإن نام مستلقيًا أو مضطجعًا انتقض. وحكي عن ابن المبارك وجماعة من التابعين أن نوم المصلي خاصة لا ينقض. وذهبت طائفة إلى أن النوم لا ينقض الوضوء مطلقًا. حكي هذا عن أبي موسى ¬
باب في الوضوء من غسل الميت
الأشعري - رضي الله عنه - وأبي مجلز وحميد الأعرج. وحكي عن سعيد بن المسيب أنه كان ينام مرارًا مضطجعًا ينتظر الصلاة ثم يصلي ولا يعيد (¬1). مغ ج 1 ص 162، 165. بداية ج 1 ص 49، القرطبي ج 5 ص 221. باب في الوضوء من غسل الميت مسألة (67) أكثر الفقهاء على أنه لا ضوء من غسل الميت (¬2). وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي. وقال إسحاق بن راهويه وإبراهيم النخعي: فيه الوضوء. وروي ذلك عن ابن عُمَرَ وابن عباس وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، وروي عن أحمد ما يحتمل القولين. مغ ج 1 ص 184. باب في الردة عن الإسلام هل تنقض الوضوء؟ مسألة (68) جمهور العلماء على أن الردة لا تنقض الوضوء. وهو مذهب الشافعي. وقال الأوزاعي وأحمد وأبو ثور وأبو داود: تنقض (¬3). مج ج2 ص 62. باب في الشك في الحدث هل ينقض الوضوء؟ مسألة (69) جمهور العلماء على أن من تيقَّن الطهارة وشك في الحدث فإنه لا وضوء عليه ويبنى على يقينه وسواء كان هذا الشك داخل الصلاة أو خارجها، وبه يقول الثوري وأهل العراق والأوزاعي والشافعي. وهو مذهب أحمد -رحمه الله-. وحكى الماوردي وغيره عن الحسن البصري أنه إن شكَّ وهو في الصلاة فلا وضوء عليه وإن كان في غيرها لزمه الوضوء. وهو وجه لبعض الأصحاب في المذهب الشافعي حكاه المتولي والرافعي. وعن مالك ثلاث روايات: إحداها كقول الحسن، والثانية يلزمه الوضوء بكل حال والثالثة: يُستحب. حكاها النووي عنه وحكى بعضها الماوردي وابن قدامة. ¬
باب في الوضوء من قص الشارب وتقليم الظفر ونحوه
مج ج2 ص 65، مغ ج 1 ص 193، الحاوي ج 1 ص 207. باب في الوضوء من قص الشارب وتقليم الظفر ونحوه مسألة (70) جمهور العلماء على أن قصَّ الشارب وتقليم الظفر ونتف الإبط لا ينقض شيءٌ من ذلك الوضوء، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد. وحُكي عن مجاهد والحكم وحماد خلاف ذلك. مغ ج 1 ص 196. باب في القهقهة في الصلاة هل تنقض الوضوء (¬1) مسألة (71) جمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم على أن القهقهة في الصلاة لا تبطل الوضوء، وبه قال من الصحابة عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وأبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنهم. وروى البيهقي عن أبي الزناد قال: أدركت من فقهائنا الذين ينتهي إلى قولهم سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمَّد وأبا بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن ثابت وعبد الله بن عبيد الله بن عتبة وسليمان بن يسار ومشيخةٍ جلة سواهم يقولون: الضحك في الصلاة ينقضها ولا ينقض الوضوء. قال البيهقي: وروينا نحوه عن عطاء والشعبي والزهري. وحكاه الماوردي عن مالك وأحمد وإسحاق. وحكاه غيره عن محكول وأبي ثور وداود. وقال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: القهقهة تبطل الوضوء والصلاة، وعن الأوزاعي روايتان كالمذهبين. والله تعالى أعلم (¬2). مج ج2 ص 61 بداية ج 1 ص 55. ¬
باب في لمس المرأة من فوق حائل. وهل فيه وضوء؟
باب في لمس المرأة من فوق حائل. وهل فيه وضوء؟ مسألة (72) جمهور أهل العلم على أن من مسَّ امرأة من فوق حائل فإن وضوءه لا يَنتقض وسواء مسَّ بشهوةٍ أو بغير شهوةٍ وبه قال الشافعي وهو مذهب أحمد ومقتضى مذهب أبي حنيفة وصاحبيه (¬1). وقال مالك والليث يَنتقض إن كان ثوبًا رقيقًا. وكذلك قال ربيعة إذا غمزها من وراء ثوب رقيق لشهوةٍ. قال المروزي: لا نعلم أحدًا قال ذلك غير مالك والليث (¬2). مغ ج 1 ص 191. باب في الوضوء من لمس المرأة مسألة (73) أكثر من بلغنا (¬3) قوله من أهل العلم على أن لمس المرأة في الجملة يؤثِّر في صحة الوضوء. ثمَّ اختلف هؤلاء في اللمس الناقض للوضوء. فذهبت طائفة كثيرة إلى أن اللمس ينقض الوضوء بإطلاق بشهوة أو بغير شهوة بقصد أو بغير قصد ما دام اللمس من غير حائل. روي هذا عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم. وبه يقول زيد بن أسلم ومكحول والشعبي والنخعي وعطاء بن السائب والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري ورييعة وسعيد بن عبد العزيز والأوزاعي في إحدى الروايتين عنه. وبه يقول الشافعي وأحمد في إحدى الروايات عنه، وقال الأوزاعي في رواية: لا يَنْتقِضُ إلا أن يلمس بأحد أعضاء الوضوء. وذهبت طائفة إلى أن اللمس الناقض للوضوء هو أن يكون عن مباشرة فاحشة (يعني ¬
كثيرة بأن يكونا متجردين) مع انتشار الذَّكَرِ. وبه يقول أبو حنيفة وصاحبه أبو يوسف (¬1). وقالت طائفة ذاتُ عددٍ: إنما ينقض إذا كان عن شهوة قبلةً كان أو غير ذلك. وبه يقول مالك والليث وإسحاق والحكم وحماد. وروي هذا عن رييعة والثوري والشعبي والنخعي وأحمد في روايةِ، ولا فرق عند مالك وربيعة في روايةٍ عنهما إن لمس بحائل أو بغير حائل وعن عبد الملك بن الماجشون أن من تعمد مس امرأته بيده لملاعبةٍ فليتوضأ، التذَّ أو لم يلتذ. وقال داود الظاهري: لا ينقض اللمس إلا بالعمد وخالفه ابنه في هذا وقال: لا يَنْتَقِضُ الوضوء باللمس مطلقًا. وبه قالت طائفة من السلف. روي هذا عن عليٍّ وابن عباسٍ رضي الله تعالى عنهم. وروي كذلك عن عطاء بن أبي رباح وطاوس والحسن ومسروق والثوري. وبه قال محمَّد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمهم الله تعالى جميعًا. وفي المسألة أقوال أُخَرُ. قلت: وبين القائلين بالنقض في الجملة خلاف في النقض في لمس المحارم والزوجات والصغيرات والكبيرات وفي الفرق بين اللامس وبين الملموس. وهي مسألة يطول ذكرها اكتفينا بذكر أهم معالمها وبالله التوفيق. مج ج2 ص 30، مغ ج 1 ص 186، الحاوي ج 1 ص 183، الحجةج 1 ص 65، قرطبي ج 5 ص 224، المدونة ج 1 ص 13، إعلاء السنن ج 1 ص 94. * * * ¬
فصل في ما يمتنع على المحدث فعله (ما يحرم بالحدث)
فصل في ما يمتنع على المحدث فعله (ما يحرم بالحدث) (¬1) باب في مس المصحف وحمله للمحدث مسألة (74) جمهور العلماء على أن مسَّ المصحف وحمله لا يجوز للمحدث. روي عدم جواز مس المصحف للمحدث عن ابن عمر - رضي الله عنه - والحسن وعطاء وطاوس والشعبي والقاسم بن محمَّد، وبه يقول مالك وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي والشافعي وأحمد. قال الموفق: ولا نعلم لهم مخالفًا إلا داود فأنه أباح مسَّه. وروي عن الحكم وحماد: يجوز مسه وحمله. وروي عنهما جواز مسه بظهر الكف دون بطنه (¬2). مج ج 2 ص 74، مغ ج 1 ص 137، بداية ج 1 ص 56. * * * ¬
فصل في أحكام الاستطابة والاستنجاء (التخلي)
فصل في أحكام الاستطابة والاستنجاء (التخلي) باب في الاستنجاء من البول والغائط ونحوهما لمريد الصلاة مسألة (75) جمهور العلماء على أن الاستنجاء من البول والغائط وكل خارج من أحد السبيلين نجسٍ ملوثٍ واجب، وهو شرط في صحة الصلاة. وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق وداود ومالك في روايةٍ. وقال أبو حنيفة: هو سنَّهَ. وهو رواية عن مالك. وحكاه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والعبدري وغيرهم عن المزني، وجعل أبو حنيفة هذا أصلًا في النجاسات فما كان منها قدر درهم بغليٍّ (¬1) عفى عنه، وإن زاد فلا. وكذا عنده -رحمه الله- في الاستنجاء إن زاد الخارج على درهم وجب وتعيَّنْ الماء ولا يجزيه الحجر ولا يجب عنده الاستنجاء بالحجر. وحكي عن ابن سيرين فيمن صلى بقوم ولم يستنج. قال: لا أعلم به بأسًا. حكاه الموفق عنه ووجَّهه بما يتفق مع الجمهور أو بما يقتضي أنه سنة غير واجبٍ (¬2). مج ج 2 ص 98، مغ ج 1 ص 141. باب في الاستنجاء بغير (¬3) الأحجار مسألة (76) أكثر أهل العلم على أنه يجوز الاستنجاء بغير الحجر إذا قام مقام الحجر في الإنقاء. وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في روايةٍ. وقال أحمد في روايةٍ وداود: لا يجزئ إلا الحجر (¬4)، وهو اختيار أبي بكر ¬
باب في التخيير في الاستنجاء بين الماء والحجر
عبد العزيز من الحنابلة. مغ ج 1 ص147. باب في التخيير في الاستنجاء بين الماء والحجر مسألة (77) ذهبت الجماهير من العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم إلى أنه يجوز الاقتصار في الاستنجاء على الماء ويجوز الاقتصار على الأحجار. والأفضل أن يجمع بينهما، وإن أراد الاقتصار على أحدهما فالماء أفضل، ولا فرق في الجواز -أعني الاقتصار على الأحجار- بين وجود الماء وبين عدمه، ولا فرق بين الحاضر والمسافر والصحيح والمريض. وبهذا الذي قلنا قال فقهاء الأمصار. وحكى ابن المنذر عن سعد بن أبي وقاص وحذيفة وعبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهم أنهم كانوا لا يرون الاستنجاء بالماء. وعن سعيد بن المسيب قال: ما يفعل ذلك إلا النساء. وقال عطاء: غسل الدبر محدث. وحكى الموفق عن الحسن البصري أنه كان لا يستنجى بالماء. وقال: وكان ابن عمر لا يستنجى بالماء ثمَّ فعله، وقال لنافع: جربناه فوجدناه صالحًا. قال الموفق: وهو مذهب رافع بن خديج، وروي عن حذيفة القولان جميعًا (¬1). مج ج 2 ص 104، مغ ج 1 ص 142. باب في الاستنجاء بالنجس وبالروث وبالعظام مسألة (78) جمهور العلماء على أنه لا يجوز الإستنجاء بالنجس ولا بالروث ولا بالعظام، وبه قال الثوري والشافعي وإسحاق. وهو مذهب أحمد. وذهب أبو حنيفة إلى جوازه بالروث وبالعظام. حكاه عنه الموفق وعنه في الروث النووي. قال الموفق: وأباح مالك الاستنجاء بالطاهر منهما (¬2). ¬
باب في النهي عن الاستنجاء باليمين
قلت: وبجواز الاستنجاء بالعظام قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن. قال ابن رشد: وشذَّ الطبري فأجاز الإستنجاء بكل طاهر ونجس (¬1). مج ج 2 ص 118، مغ ج 1 ص 148. باب في النهي عن الاستنجاء باليمين مسألة (79) أكثر العلماء على أن النهي عن الاستنجاء باليمن هو نهي تأديب وتنزيه فلو استنجى بيمينه أجزأه. حكاه عن أكثر العلماء النووي نقلًا عن الخطابي. وقال بعض أهل الظاهر: هو نهي تحريم ولا يجزؤه، وهو وجه لبعض الأصحاب في المذهب الشافعي (¬2). مج ج 2 ص 112، مغ ج 1 ص 145. باب في استقبال القبلة أثناء التخلي في الفضاء مسألة (80) أكثر أهل العلم على عدم جواز استقبال القبلة أثناء التبول أو التغوط في الفضاء، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد. وقال عروة بن الزبير وربيعة وداود: يجوز استقبالها واستدبارها في الفضاء وفي البنيان (¬3). مغ ج 1 ص 153. * * * ¬
فصل في ما يوجب الغسل (الحدث الأكبر)
فصل في ما يوجب الغسل (الحدث الأكبر) باب فيما يوجب الغسل من الإيلاج (¬1) مسألة (81) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن الإيلاج في فرج المرأة ودبرها ودبر الرجل ودبر البهيمة وفرجها الحيَّة والميتة بالنسبة للمرأة سواء. أقول: كل ذلك موجب للغسل وإن لم يصاحبه نزول منيٍ. وقال داود: لا يجب الغسل بالإيلاج إلا إذا صاحبه نزول المنى. وحكى ذلك عن الأعمش. وبقول داود قال من الصحابة عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب وأبَي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم، ثمَّ منهم من رجع عنه إلى قول الجمهور، ومنهم من لم يرجع (¬2). وقال أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى: لا يجب الغسل بالإيلاج في البهيمة ولا في المرأة ¬
باب فيمن أحس بنزول المني إثر شهوة فمنعه من النزول
الميتة (¬1) مج ج2 ص 137، مغ ج2 ص 203، الحاوي ج 1 ص 208، بداية ج 1 ص 65، تحفة ج 1 ص 27، قرطبي ج 5 ص 205. باب فيمن أحسَّ بنزول المني إثر شهوة فمنعه من النزول مسألة (82) مذهب العلماء كافة إلا ما سنذكره عن أحمد أن من أحسَّ بانتقال المنى ونزولٍ إثر شهوةٍ لتقبيل ونحوه فأمسك ذكره فلم يخرج منه في الحال شيءٌ ولا علم خروجه بعد ذلك فلا غسل عليه، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين. وقال أحمد في روايةٍ وهي الأشهر عنه: يجب عليه الغسل. مج ج 2 ص 142، مغ ج 1 ص 198. باب في التطهر من أثر المذي في الذَكَرِ والأنثيين مسألة (83) جمهور العلماء على أن الرجل إذا أمذى فإنه يجب عليه غسل موضع النجاسة الذي أصابه المذيُ، وأما غسل باقي الذَّكَرِ إذا لم يصبه المذيُ وكذا الأنثييان (الخصيتان) إذا لم يصبهما المذي فلا يجب في شيءٌ من ذلك غسله بالماء ولكن يُستحب، وبه يقول أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد في إحدى الروايات، وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى. وقال مالك وأحمد في روايةٍ: يجب غسل كل الذكر. وقال أحمد في رواية: يجب غسل كل الذكر والأنثيين (¬2). مج ج 2 ص 147، مغ ج 1 ص 163. ¬
باب في الكافر إذا أسلم ولم يجنب حال كفره. هل عليه غسل؟
باب في الكافر إذا أسلم ولم يجنب حال كفره. هل عليه غسلُ؟ مسألة (84) أكثر العلماء على أن الكافر إذا أسلم ولم يكن قد أجنب في الكفر استحب له أن يغتسل ولا يجب عليه، وسواء في هذا الكافر الأصلي والمرتد والذمي والحربي. حكى هذا القول عن أكثر العلماء الخطابي وغيره، ونقله عنه النووي، وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-، وهو مذهب الشافعي. وقال مالك وأحمد وأبو ثور: يلزمه الغسل، واختاره ابن المنذر والخطابي (¬1). مج ج 2 ص 156. * * * ¬
فصل فيما يحرم بالجنابة
فصل فيما يحرم بالجنابة (¬1) باب في الوضوء للجنب إذا أراد النوم مسألة (85) أكثر السلف -أو كثير منهم- على أنه يكره (¬2) للجنب النوم قبل أن يتوضأ، والجمهور على استحباب الوضوء للجنب إذا أراد النوم، ولا يجب عند الجمهور هذا ولا الوضوء كذلك للجنب إذا أراد الأكل أو الشرب أو معاودة الجماع، وممن قال بكراهية النوم للجنب قبل الوضوء: عليّ بن أبي طالب وابن عباس وأبو سعيد الخدري وشداد بن أوس وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وهو قول الحسن البصري وعطاء والنخعي ومالك وأحمد وإسحاق. حكاه عنهم ابن المنذر واختاره. قال ابن المنذر: وقال سعيد بن المسيب وأصحاب الرأي: هو بالخيار، نقل ذلك عن ابن المنذر: النووي، وحكى ابن رشد عن أهل الظاهر أنهم أوجبوا الوضوء للجنب إذا أراد أن ينام. مج ج 2 ص 162، بداية ج 1 ص 57، 58، نيل ج 1 ص 270. باب في قراءة القرآن للجنب مسألة (86) أكثر العلماء على أن قراءة القرآن حرام للجنب والحائض قليلها وكثيرها حتى بعض آية، حكاه الخطابي وغيره عن أكثر العلماء، وهو محكي عن عمر بن الخطاب وعلي وجابر رضي الله تعالى عنهم والحسن والزهري والنخعي وقتادة. وأحمد وإسحاق، وهو مذهب الشافعي. وقال مالك: يقرأ الجنب الآيات اليسيرة للتعوُّذ. وفي الحائض روايتان عنه إحداهما: تقرأ، والثانية: لا تقرأ. وقال أبو حنيفة: يقرأ الجنب بعض آيةٍ، ولا يقرأ آية كاملة، وعنه رواية كمذهب الجمهور (¬3). ¬
باب في دخول المسجد والمكث فيه للجنب
وقال داود: يجوز للجنب والحائض قراءة كل القرآن، وروي هذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وروي كذلك عن سعيد بن المسيب (¬1). قال النووي: قال القاضي أبو الطيب وابن الصباغ وغيرهما: واختاره ابن المنذر. مج ج 2 ص 162، بداية ج 1 ص 68، تحفة ج 1 ص 32. باب في دخول المسجد والمكث فيه للجنب مسألة (87) جمهور العلماء على أنه يحرم على الجنب المكث في المسجد وسواء توضَّأ أم لم يتوضَّأ. وممن روي عنه حرمة المكث في المسجد ولو توضأ: عبد الله بن مسعود وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وسعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد ابن جبير وعمرو بن دينار ومالك وأبو حنيفة وأصحابه والثوري وإسحاق بن راهويه. وهو مذهب الشافعي. وقال أحمد: يحرم المكث على الجنب بدون وضوء، فإذا توضأ جاز له المكث. وقال المزني وداود وابن المنذر: يجوز للجنب المكث في المسجد مطلقًا، وحكاه الشيخ أبو حامد عن زيد بن أسلم (¬2). قلت: وأما العبور فيجوز عند الشافعي بحاجة وبغير حاجةٍ خلافًا لأحمد، وحُكي عن سفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهويه أنه لا يجوز له العبور إلا إذا لم يكن له بدُّ، فيتوضأ ويمرُّ (¬3). مج ج 2 ص 163, مغ ج 1 ص 136، نيل ج 1 ص 288. * * * ¬
فصل في صفة الغسل وأحكامه
فصل في صفة الغسل وأحكامه باب في الوضوء قبل الغسل مسألة (88) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الوضوء لمريد الاغتسال من الجنابة سنَّة مستحبة ولا يجب، وحكى ابن جرير الطبري وابن عبد البر الإجماع في هذه المسألة. نقله عن الطبري النوويُّ، وعن ابن عبد البر ابن قدامة (¬1). وقال أبو ثور وداود: هو واجب (¬2). مج ج 2 ص 189, بداية ج 1 ص 62. باب في المرأة تنقض ضفائرها للغسل مسألة (89) جمهور العلماء على أن المرأة إذا أرادت أن تغتسل للجنابة أو للحيض (يعني لطهرها من الحيض) وكان لها ضفائر، فلا يجب عليها أن تنقض ضفائر شعر رأسها إن كان الماء يصل إلى أصول شعرها بغير نقضٍ، وإلا تعينَّ النقض إن لم يصل الماء إلى أصول الشعر إلا به، وبه يقول الشافعي. وحُكي عن النخعي أنه لابد من النقض مطلقًا. وحكى ابن المنذر عن الحسن وطاوس أنه يجب النقض في الحيض، ولا يجب في الجنابة وبه قال أحمد مع اختلاف بين أصحابه هل هو واجبٌ أم مستحبٌّ؟ (¬3). ¬
باب في اغتسال الرجل بفضل طهور المرأة
مج ج 2 ص 190، مغ ج 1 ص 225، 226. باب في اغتسال الرجل بفضل طهور المرأة مسألة (90) جمهور العلماء على أنه يجوز للرجل أن يتطهر بفضل طهور المرأة سواء خلت به أم لا, ولا كراهة في ذلك، وبه يقول أبو حنيفة ومالك والشافعي. وقال أحمد وداود: لا يجوز إذا خلت به، ويجوز إذا اغتسلا معًا، ورُوي هذا عن عبد الله بن سرجس والحسن البصري، ورُوي عن أحمد كمذهب الجمهور. ورُوي عن ابن المسيب والحسن كراهة التطهر بفضل المرأة مطلقا (¬1). مج ج 2 ص 194، مغ ج 1 ص 94، الحاوي ج 1 ص 231. باب في اغتسال المرء عُرْيانًا إذا كان خاليًا مسألة (91) جماهير العلماء على جواز اغتسال المرء عريانًا مكشوف العورة إذا كان خاليًا لا يراه أحد ممن لا يجوز له النظر إلى عورته، حكاه عن الجماهير القاضي عياض. ونهى عن ذلك ابن أبي ليلى، حكاه عنه القاضي عياض (¬2). قلت: نُقل ذلك كله عن القاضي عياض النوويُّ رحمهما الله تعالى. مج ج 2 ص 200. باب في المضمضة والاستنشاق في الوضوء والغسل مسألة (92) جمهور العلماء على أن المضمضة والاستنشاق سنَّتان في الوضوء والغسل، ولا يشترطان لصحتهما، وبه قال الحسن البصري والزهري والحكم وقتادة وربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك والليث والأوزاعي والشافعي، ورُوي هذا عن عطاء وحماد وأحمد، حكاه عن أكثر هؤلاء ابن المنذر. وذهبت طائفة إلى أنهما واجبان في الوضوء والغسل وشرطان لصحتهما، وبه يقول ابن أبي ليلى وإسحاق وأحمد في المشهور عنه وعطاء في روايةٍ. وقالت طائفة بوجوبها في الغسل دون الوضوء، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري. ¬
باب في اجتماع موجبين للغسل كحيض وجنابة
وقال آخرون: الاستنشاق واجب في الوضوء والغسل دون المضمضمة، وإليه ذهب أبو ثور وأبو عبيد وداود وأحمد في روايةٍ. قال ابن المنذر: وبه أقول (¬1). مج ج 1 ص 373، ج 2 ص 200. باب في اجتماع موجبين للغسل كحيض وجنابة مسألة (93) أكثر أهل العلم على أنه إذا اجتمع موجبان للغسل كحيض وجنابةٍ فإنَّ غسلًا واحدًا يكفي، وبه قال عطاء وأبو الزناد وربيعة ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد. ورُوي عن الحسن والنخعي في الحائض تطهر وقد كانت جنبًا أن عليها غسلين. مغ ج 1 ص 220. باب في الموالاة والترتيب بين أعضاء الوضوء في الغسل مسألة (94) جمهور العلماء على أنه لا تجب المولاة في الغسل، ولا يجب على المغتسل أن يرتب بين أعضاء الوضوء في بدنه، وبه قال أحمد. وقال رييعة فيمن ترك ذلك أن عليه أن يعيد الغسل، وبه قال الليث. قال الموفق (ابن قدامة): واختلف فيه عن مالك (¬2) وفيه وجه لأصحاب الشافعي. مغ ج 1 ص 220. باب في قدر الماء الذي يجزئ في الغسل والوضوء مسألة (95) أكثر أهل العلم على أنه لا توقيت في قدر الماء الذي يجزئ في الوضوء والغسل، القليل في ذلك والكثير (¬3) سواء إذا استوعب المتوضئ أعضاء وضوئه ¬
والمغتسل بدنه كله، وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وغيرهم، قال مالك: وقد كان بعض من مضى يتوضأ بثلث المدِّ (¬1). وحُكي عن أبي حنيفة -رحمه الله- أنه لا يجزئ ما دون مم الصالح في الغسل وما دون المدِّ في الوضوء. مج ج 1 ص 223. * * * ¬
فصل في التيم وأحكامه
فصل في التيم وأحكامه باب في النية للتيمم مسألة (96) جمهور العلماء على أن التيمم لا يصح إلا بنيةٍ، وبه قال ربيعة ومالك والليث والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وابن المنذر، وهو مذهب أحمد. وحُكِيَ عن الأوزاعي والحسن بن صالح أنه يصح بغير نيةٍ، وبه قال زفر. مغ ج 1 ص 253، بداية ج 1 ص 89. باب في التيمم لعذر الماء البارد يخشى من الضرر مسألة (97) أكثر أهل العلم على أن واجد الماء البارد الذي يخشى منه الضرر ولا يستطيع تسخينه، فإنه يجوز له التيمم. وبه قال مالك (¬1) وأبو حنيفة والشافعي وأحمد. وقال عطاء والحسن: يغتسل وإن مات لم يجعل الله له عذرًا، قال الموفق ابن قدامة -رحمه الله-: ومقتضى قول ابن مسعود أنه لا يتيمم؛ فإنه قال: لو رخصنا لهم في هذا لأوشك أحدهم إذا برد عليه الماء أن يتيمم ويدعه. مغ ج 1 ص 265، بداية ج 1 ص 87. باب في التيمم عن الجنابة مسألة (98) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على جواز التيمم عن الجنابة، رُوي هذا عن عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وعمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهم، وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري والشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق وابن المنذر وغيرهم. وذهب عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنهما فيما رُوي عنهما وإبراهيم النخعي إلى أن التيمم لا يجوز إلا عن الحدث الأصغر فقط، وحُكي أن عمر وعبد الله بن مسعود رجعا إلى قول الجماعة؛ قاله ابن الصباغ وغيره وجزم به القرطبي (¬2). ¬
باب في الجنب والحائض تطهر يتيممان لفقد الماء ثم يجدانه
مج ج 2 ص 210، ج 1 ص 261، قرطبي ج 6 ص 103. الحاوي ج 1 ص 249، بداية ج 1 ص 85، نيل ج 1 ص 322. باب في الجنب والحائض تطهر يتيممان لفقد الماء ثم يجدانه مسألة (99) مذهب العلماء كافة إلا من سنذكره أن الجنب والحائض إذا طهرت إذا تيممًا لفقد الماء ثمَّ قدرًا على استحمال الماء لزمهما أن يغتسلا. وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن التابعي: لا يلزمهما. مج ج 2 ص 211، الحاوي ج 1 ص 252، نيل ج 1 ص 322. باب في التيمم عن النجاسة مسألة (100) جمهور العلماء على أن التيمم عن النجاسة لا يجوز وهو مذهب الشافعي. وأجازه أحمد -رحمه الله- تعالى، واختلف أصحابه في وجوب إعادة هذه الصلاة. وقال ابن المنذر: كان الثوري والأوزاعي وأبو ثور يقولون: يمسح موضع النجاسة بتراب ويصلي، وقال أبو ثور فيما حكاه عنه ابن المنذر: وهو مذهب الشافعي؛ قال ابن المنذر: والمعروف من قول الشافعي بمصر: أن التيمم لا يجزئ عن نجاسة. مج ج 2 ص 212، مغ ج 1 ص 274. باب في التيمم. كيف هي صفته؟ مسألة (101) أكثر العلماء على أن الواجب في التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى، وبه قال من الصحابة عليُّ بن أبي طالب وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، وهو قول الحسن البصري والشعبي وسالم بن عبد الله ومالك والليث والثوري وأصحاب الرأي وعبد العزيز بن أبي سلمة. وحكى الماورديُّ وغيره عن ابن سيرين أنه لا يجزئه إلا ثلاث ضربات: ضربة لوجهه، وضربة لكفيه، وضربةٌ لذراعيه. ونقل القرطبي عن ابن عبد البر أنه حكى عن ابن أبي ليلى والحسن بن حييٍّ أنه (يعني التيمم) ضربتان يمسح بكل ضربةٍ وجهه وذراعيه ومرفقيه. قال ابن عبد البر: ولم يقل بذلك أَحَدٌ من أهل العلم غيرهما.
باب في حد مسح اليدين في التيمم
وقال عطاء ومكحول والأوزاعي وأحمد وإسحاق: الواجب ضربة واحدةٌ للوجه والكفين. حكاه ابن المنذر عنهم وقال: وبه أقول. وبقول أحمد وإسحاق قال داود، وحكاه الخطابي عن عامة أصحاب الحديث (¬1). مج ج 2 ص 213، بداية ج 1 ص 93. باب في حد مسح اليدين في التيمم مسألة (102) أكثر العلماء على أن الواجب في مسح اليدين في التيمم هو المسحُ إلى المرفقين، ولا يجب أكثر من ذلك ولا يجزئ أقل من ذلك، وهو قول ابن عمر وجابر رضي الله تعالى عنهم، وبه يقول سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن البصري وابن سيرين ومالك والليث وأبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن وسفيان الثوري، وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال عطاء ومكحول والأوزاعي وأحمد وإسحاق: الواجب مسحهما إلى الكفين. ورُوي هذا عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وبه قال عكرمة، ورواه أبو ثور عن الشافعي في القديم من مذهبه وردَّه الماورديُّ. وحكى الماورديُّ وغيره عن الزهري أنه يجب مسحهما إلى الإبطين، ووهَّنَ النوويُ هذه الحكاية لقول الخطابي: لم يختلف العلماء في أنه لا يجب مسح ما وراء المرفقين (¬2). مج ج 2 ص 213، بداية ج 1 ص 91. باب في صفة الصعيد الطيب الذي يجزئ في التيمم مسألة (103) أكثر الفقهاء على أنه لا يجزئ في التيمم إلا التراب، حكاه عنهم الأزهري والقاضي أبو الطيب، وهو قول الشافعي وأحمد وداود وابن المنذر. وبه يقول ¬
باب في التيمم بالتراب النجس
أبو يوسف يعقوب القاضي صاحب أبي حنيفة في قوله الأخير الذي استقرَّ عليه. وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن ومالك: يجوز بكل أجزاء الأرض حتى بصخرةٍ مغسولةٍ. وقال بعض أصحاب مالك: يجوز بكل ما اتصل بالأرض كالخشب والثلج وغيرهما. قلت: قد ذكر ابن القاسم في المدونة أن مالكًا أوْسَعَ على الرجل لا يجد إلا الثلج أن يتيمم عليه. وأما الملح فثلاثة أقوال لأصحاب مالك: أحدها يجوز، والثاني: لا. والثالث وهو عندهم أشهرها: أنه إن كان مصنوعًا لم يجز التيمم به، وإلا جاز. قلت: ويجوز عندهم (أصحاب مالك) التيمم بالمعادن كلها إلا الذهب والفضة، وبالجواهر بشرط أن تبقى في محالها ولا تنتقل فتصير في أيدي الناس أموالًا. وقال الأوزاعي والثوري: يجوز بالثلج وكل ما على الأرض (¬1). مج ج 2 ص 215، 216. باب في التيمم بالتراب النجس مسألة (104) مذهب العلماء كافةً إلا من سنذكره أنه لا يجوز التيمم بالتراب النجس. وانفرد الأوزاعي -رحمه الله- تعالى فجوَّزه بتراب المقابر (¬2). مج ج 2 ص 219، مغ ج 2 ص 260. باب في التيمم بتراب الأرض السبخة (المالحة) مسألة (105) جمهور العلماء على جواز التيمم بتراب الأرض السبخة، وهو التراب الذي فيه ملوحة ولا ينبت (¬3). ¬
باب في التيمم هل يرفع الحدث؟
وحكى الماورديّ عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وإسحاق عدم الجواز. وكذا حكى هذا القرطبي (¬1). مج ج2 ص 221، قرطبي ج 5 ص 238. باب في التيمم هل يرفع الحدث؟ مسألة (106) جماهير العلماء على أن التيمم لا يرفع حدثًا، لا أصغر ولا أكبر وبه يقول الشافعي -رحمه الله- تعالى (¬2). وقال داود الظاهري والكرخي الحنفي وبعض المالكية يرفعه. وحُكي هذا كذلك عن أبي حنيفة (¬3). قلت: وحكاه القرطبي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (أعني القول بأن التيمم يرفع الحدث) رواه عنه ابن حرملة وابن جريج وغيرهما (¬4). وحكى الماورديُّ عن أبي ثور أنه يجوز أن يجمع بالتيمم الواحد بين الفوائت من الصلوات، وبه يقول محمَّد بن الحسن (¬5). مج ج 2 ص 224، مغ ج 1 ص 253. ¬
باب في الاستيعاب في التيمم
باب في الاستيعاب في التيمم مسألة (107) أكثر العلماء على أنه يجب إيصال التراب إلى جميع البشرة الظاهرة من الوجه والشعر الظاهر عليه. حكاه عنهم العبدريّ. وعن أبي حنيفة روايات. إحداها: كمذهب الأكثرين، ذكرها الكرخي في مختصره، والثانية: إن ترك قدر درهم منه لم يجزه ودونه يجزيه، والثالثة: إن ترك دون ربع الوجه أجزأه وإلا فلا. حكاه الطحاوي عنه وعن أبي يوسف وزفر. وحكى ابن المنذر عن سليمان بن داود الظاهري أنه جعله كمسح الرأس (¬1). مج ج 2 ص 241. باب في التيمم للفريضة قبل دخول وقتها مسألة (108) جمهور العلماء على أن التيمم للمكتوبة (الفريضة من الصلاة) لا يجوز إلا بعد دخول وقتها، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وداود. وقال أبو حنيفة: يجوز قبل دخول الوقت، وبه قال أهل الظاهر وابن شعبان من أصحاب مالك. حكاه عنهم ابن رشد (¬2). مج ج 2 ص 245. باب في التيمم بوجود الماء لخوف فوات وقت الصلاة مسألة (109) جمهور أهل العلم منهم مالك والشافعي على أنه لا يجوز التيمم مع وجود ماء يقدر على استعماله ولا يحتاج إليه لعطش ونحوه، وسواء خاف خروج وقت الصلاة لو توضأ أم لا، والفرائض وصلاة العيد والجنازة في ذلك سواء. وذهبت طائفة إلى أنه يجوز له التيمم إذا خاف لو اشتغل بالوضوء خروج وقت الصلاة. ثمَّ يتوضأ بعد ذلك ويعيد الصلاة، وهو قول الأوزاعي والثوري، وبه قال مالك في رواية. وهو وجه شاذ في المذهب الشافعي. حكى هذا القول عن هؤلاء ¬
باب في شراء الماء للوضوء بأكثر من ثمن مثله. هل يجب؟ أم يجزؤه التيمم؟
العبدريُّ (¬1). وقال أبو حنيفة: يجوز التيمم لصلاة العيد والجنازة مع وجود الماء إذا خاف فوتهما. وحُكي هذا عن الزهري والأوزاعي والثوري وإسحاق وأحمد في روايةٍ عنه، وبه قال إبراهيم النخعي ويحيى الأنصاري والحسن البصري وسعد بن إبراهيم والليث وأصحاب الرأي. وقال الشعبي: في من خاف فوت الجنازة إذا توضأ؛ يصلي عليها من غير وضوء ولا تيمم؛ لأنها لا ركوع فيها ولا سجود، وإنما هي دعاءٌ فأشبهت الدعاء في غير الصلاة (¬2). وحُكي مثل ذلك عن داود وابن جرير الطبري. مج ج 2 ص 246، مغ ج 1 ص 268، قرطبي ج 6 ص 99. باب في شراء الماء للوضوء بأكثر من ثمن مثله. هل يجب؟ أم يجزؤه التيمم؟ مسألة (110) جماهير العلماء من السلف والخلف على أن من فقد الماء ثم وجده يباع بأكثر من ثمن مثله، فإنه لا يجب عليه شراؤه وجاز له أن يتيمم. وهو مذهب الشافعي، وقال الثوري وأبو حنيفة: يلزمه شراؤه بالغبن اليسير. وقال مالك في الجنُبِ لا يجد الماء إلا بثمن: إن كان قليل الدراهم رأيت أن يتيمم، وإن كان موسعًا عليه يقدر رأيت أن يشتري ما لم يكثر عليه في الثمن، فإن رفعوا عليه في الثمن تيمم وصلَّى. رواه عنه ابن القاسم. ¬
باب فيمن عدم الماء أول الوقت ورجى حصول الماء قبل خروج الوقت يصلى أم يؤخر؟
وقال الحسن البصري: يلزمه شراؤه بكل ماله (¬1) مج ج2 ص 257. باب فيمن عدم الماء أول الوقت ورجى حصول الماء قبل خروج الوقت يصلى أم يؤخر؟ مسألة (111) أكثر العلماء على أن عادم الماء بعد طلبه إن ظن وجوده بعد ذلك راجيًا له قبل خروج الوقت فالأفضل في حقه أن ينتظر ويؤخر الصلاة لحين ظنه، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد، وبه قال الشافعي مرةً. وقال الشافعي في أصح القولين عنه باتفاق أهل المذهب: تقديم الصلاة أفضل (¬2). مج ج 2 ص 265. باب فيمن وجد ماء لا يكفي لتمام طهارته هل يتوضأ به أم يتيمم مسألة (112) أكثر العلماء على أن من وجد ماءً لا يكفيه إلا لبعض طهارته من وضوءٍ أو غُسْلٍ فإنه لا يجب عليه استعمال هذا القدر من الماء في بعض طهارته، وحسبه أن يتيمم فقط، وهذا مذهب مالك (¬3) وأبي حنيفة وسفيان الثوري والأوزاعي والمزني وابن المنذر والشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين، وهو قول الحسن والزهري وحماد. وذهب الشافعي في أصحِّ قوليه وأحمد في رواية وكذا داود وعطاء والحسن بن صالح ومعمر بن راشد فيما حكاه عنهم ابن الصباغ إلى أنه يجب عليه أن يستعمل ما وجد من الماء لما يمكنه من طهارة، ثم يتيمم عن الباقي (¬4). ¬
باب في التيمم للمرض اليسير هل يجوز؟
مج ج 2 ص 271، قرطبي ج 5 ص 230. باب في التيمم للمرض اليسير هل يجوز؟ مسألة (113) مذهب العلماء كافةً إلا ما سنحكيه عن البعض أن المرض اليسير الذي لا يُخْشَى معه باستعمال الماء تَلَفٌ أو مرضٌ مخوف ولا إبطاء برء (شفاء) ولا زيادة ألم فهذا ونحوه لا يجوز بسببه التيمم. وحُكي عن بعض أصحاب مالك وأهل الظاهر أنه يجوز (¬1). مج ج 2 ص 288. باب في صفة المرض الذي يجوز له التيمم مسألة (114) أكثر العلماء وجمهورهم على أن المرض إذا كان يُخشى باستعمال الماء معه إبطاء برءٍ، أو زيادة ألمٍ، أو زيادة مرضٌ؛ فهو مرضٌ؛ مانعٌ من استعمال الماء ومبيحٌ للتيمم. رُوي هذا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد وعكرمة وطاوس والنخعي وقتادة، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي في أصحِّ قوليه وأحمد في إحدى الروايتين وداود. وذهبت طائفة إلى عدم جواز التيمم بنحو ما ذكرنا، وبه قال عطاء والحسن وأحمد في روايةٍ. وقال مالك وداود فيما حُكي عنه: يجوز التيمم لمطلق المرض (¬2). مج ج 2 ص 290. مغ ج 1 ص 261، الحاوي ج 1 ص 269، بداية ج 1 ص 87. باب في كم يصلي بالتيمم الواحد من الفرائض؟ مسألة (115) أكثر العلماء على أنه لا يجوز أن يصلي بالتيمم الواحد أكثر من فريضة واحدةٍ، وهو قول عليّ بن أبي طالبٍ وابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، وإليه ذهب الشعبي والنخعي وقتادة وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والليث وأحمد في روايةٍ وإسحاق، حكاه عنهم ابن المنذر، وهو مذهب الشافعي. ¬
باب في المتيمم يجد الماء قبل شروعه في الصلاة
وحكى ابن المنذر عن ابن المسيب والحسن البصري والزهري وأبي حنيفة ويزيد بن هارون أنه يصلِّي به فرائض ما لم يُحْدِثْ، وأشار إلى هذا أحمد. قال ابن المنذر: ورُوي هذا القول عن ابن عباس وأبي جعفر. قال النووي: وبه قال المزني وداود. قلت: وهو قول محمَّد بن الحسن. وحكى ابن المنذر عن أبي ثور أنه يصلي به فوائت، ولا يصلي به فريضة أخرى بعد خروج الوقت. قلت: ومذهب مالك الذي رواه عنه ابن القاسم في المدونة أنه يصلي مكتوبتين (فريضتين) بتيمم واحد ولا نافلة ومكتوبة بتيمم واحدٍ إلا أن تكون نافلةً بعد مكتوبة (¬1) فلا بأس بذلك، وإن تيمم فصلى مكتوبة ثمّ ذكر مكتوبةً أخرى كان نسيها فليتيمم لها أيضًا ولا يجزئه ذلك التيمم لهذة الصلاة (¬2). مج ج2 ص 297، 298. باب في المتيمم يجد الماء قبل شروعه في الصلاة مسألة (116) جمهور أهل العلم بل عامتهم على أن من تيمم ثمَّ وجد الماء قبل شروعه في الصلاة فإن تيممه قد بطل ولزمه الوضوء، ضاق الوقت -أعني وقت الصلاة- أو اتسع، وسواء وجد الماء أثناء تيممه أو بعد فراغه منه (¬3). وحكي القاضي عبد الوهاب المالكي التفريق بين ضيق الوقت وسعته فيصحُّ في الأول ويصلي به بخلاف الثاني. وحُكي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن التابعي أنه إذا وجد الماء بعد فراغه من التيمم فتيممه صحيح وجاز له أن يصلِّي به (¬4). ¬
باب في التيمم في الحضر والإعادة للصلاة لمن وجد الماء داخل الوقت
مج ج2 ص 306، بداية ج 1 ص 95. باب في التيمم في الحضر والإعادة للصلاة لمن وجد الماء داخل الوقت مسألة (117) جمهور العلماء على أن من فقد الماء في الحضر واستوفى شروط إباحة التيمم فله أن يتيمم ويصلِّي ثمَّ يعيد صلاته تلك إن وجد الماء داخل الوقت. هذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة في روايةٍ. قلت: وهو الصحيح عنه -رحمه الله- تعالى (¬1). وذهب أبو حنيفة في روايةٍ عنه إلى أنه لا يصلِّي حتى يجد الماء. قلت: والصحيح أنه قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن أو مذهبهما. وذهب مالك والثوري والأوزاعي والمزني والطحاوي إلى أنه يصلِّي بالتيمم ولا يعيد. وبه قال أحمد في روايةٍ، والشافعي في قولٍ (¬2). قلت: وقال مالك مرة كقول الجمهور (¬3). مج ج 2 ص 310. باب في المسافر يصلي بتيممه ثمَّ يجد الماء. هل يعيد صلاته؟ مسألة (118) جمهور العلماء من السَّلف والخلف على أن المسافر إذا صلى بتيممه ثمَّ وجد الماء، فإنه لا يجب عليه أن يعيد صلاته سواء وجد الماء في الوقت أم خارجه. وبه قال الشعبي والنخعي وأبو سلمة بن عبد الرحمن ومالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر والمزني، وهو الصحيح من مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وحكى ابن المنذر وغيره عن طاوس وعطاء والقاسم بن محمَّد ومكحول وابن سيرين والزهري وربيعة أنهم قالوا: إذا وجد الماء في الوقت لزمه الإعادة، واستحبَّه الأوزاعي ولم يوجبه. وحكى صاحب التحفة عن مالك أنه يعيد. قلت: الذي نصَّ عليه مالك في المسافر يجد ¬
باب في المسافر المتيمم يجد الماء اثناء صلاته
الماء في الوقت بعد أن صلَّى بتيممه أنه لا يعيد، رواه ابن القاسم عنه (¬1) مج ج 2 ص310، تحفة ج 1 ص 45. باب في المسافر المتيمم يجد الماء اثناء صلاته مسألة (119) أكثر العلماء فيما حكاه البغوي على أنَّ من وجد الماء أثناء صلاة السفر وكان قد تيمم لها بطلت صلاته، وبه قال سفيان الثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن والمزني، وهو قول أحمد في أصحِّ الروايتين عنه، وهو اختيار ابن سريج، قال أبو حنيفة: إلا أن تكون صلاة العيدين أو الجنازة فلا تبطل، أو كان الذي وجده من الماء سؤر ما يكره كالحمار فلا تبطل صلاة المتيمم بوجدانه. وقال مالك (¬2) وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وداود وأحمد في رواية: لا تبطل، وهو المشهور من مذهب الشافعي (¬3). مج ج 2 ص 319، 320. باب في صلاة فاقد الطهورين (¬4) ومن حُبِسَ في حَشٍّ (مكان نجس) ولا ماء فيه ولا تراب ¬
فصل في المسح على الجبائر والعصائب
فصل في المسح على الجبائر والعصائب باب في المسح على الجبيرة تكون في مواضع الطهارة هل يُشترط معه التيمم؟ مسألة (120) جمهور الفقهاء على أن الجبيرة إذا كانت في مواضع أعضاء الطهارة كاليد والرجل فإنه يكفي المسح عليها (الجبيرة) مع غسل الصحيح الباقي من العضو ولا يلزم التيمم، وهو قول أحمد والشافعي في قديم مذهبه وصححه الشيخ أبو حامد الإسفراييني والجرجاني والروياني في كتابه الحلية (¬1). وقال الشافعي في الجديد: يلزمه التيمم، وهو نصه -رحمه الله- في الأم والبويطي والكبير، وجزم النووي بأنه أصحُّ الطريقين لأصحاب الشافعي (¬2). مج ج 2 ص 328. باب في الماسح على الجبيرة هل يعيد صلاته بعد برئه؟ مسألة (121) جمهور العلماء على أن من مسح على الجبيرة أو العصابة وغسل الصحيح من أعضاء الطهارة أو الصحيح الباقي منها فليس عليه أن يعيد صلاته التي صلاها مدة مسحه على جبيرته. قال الموفق: وممن رأى المسح على العصائب: ابن عمر وعبيد بن عمير وعطاء، وأجاز المسح على الجبائر: الحسن والنخعي ومالك ¬
باب في المتيمم يخلع عمامته أو خفه. هل يبطل تيممه بذلك؟
وإسحاق والمزني وأبو ثور. واختلف أصحاب الشافعي في هذه المسألة اختلافًا شديدًا في أصل حكاية المسألة ومختصره أن المعتمد كما ذكره النووي أنه إن وضع الجبيرة على طهر (يعني كماسح الخفِّ) فلا إعادة وإلا وجبت (¬1). مج ج 2 ص 328. باب في المتيمم يخلع عِمَامَتَهُ أَوْ خفَّه. هل يبطل تيممه بذلك؟ مسألة (122) مذهب العلماء كافة إلا من سنذكره أن المتيمم إذا خلع ما لبسه من خف أو عمامة فإن تيممه لا ييطل. وقال أحمد في رواية حكاها عنه العبدري والموفق ابن قدامة: يبطل تيممه. مج ج 2 ص 329، مغ ج 1 ص 273. * * * ¬
كتاب الحيض
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الحيض
فصل فيما يمتنع على الحائض
كتاب الحيض فصل فيما يمتنع على الحائض (¬1) باب في المرأة الحائض تتوضأ وقت الصلاة وتجلس وتسبِّح هل قال بذلك أحد؟ مسألة (133) جمهور العلماء من السَّلف والخلف على أن الحائض ليس عليها وضوء ولا تسبيح، ولا ذِكْرٌ في أوقات الصلاة المكتوبة ولا في غيرها. وممن قال بهذا الأوزاعي ومالك والثوري وأبو حنيفة وأصحابه. حكاه عنهم ابن جرير الطبري، وهو مذهب الشافعية. حكاه عنهم النووي. وحُكي عن الحسن البصري أنه قال: تَطَّهرُ وتسبح، وعن أبي جعفر قال لنا: مُرْ نساء الحُيَّض أن يتوضأن في وقت الصلاة، ويجلسن ويذكرن الله -عز وجل- ويسبحن. قلت: وحمل النووي قولهما على الاستحباب دون الوجوب، وقال: أما استحباب التسبيح فلا بأس به، وإن كان لا أصل له على هذا الوجه المخصوص. مج ج 2 ص 338. باب في الوضوء للحائض مسألة (134) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الوضوء من الحائض لا يصحُّ. وشذَّ الحسن البصري وأبو جعفر فاعتدَّا بوضوئها (¬2). مج ج 2 ص 338. ¬
باب في قراءة القرآن ومسه للحائض
باب في قراءة القرآن ومسه للحائض مسألة (125) جمهور العلماء على تحريم قراءة القرآن للحائض وكذلك مَسُّهُ. وهو قول عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، وبه قال الحسن البصري وقتادة وعطاء وأبو العالية والنخعي وسعيد بن جبير والزهري وإسحاق وأبو ثور والشافعي في المشهور من مذهبه وهو إحدى الروايتين عن مالك وأبي حنيفة وأحمد رحمهم الله تعالى. وذهب داود إلى الجواز، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد في الرواية الثانية عنهم (¬1). مج ج 2 ص 340. باب في وطء الحائض (¬2) هل فيه كفارة؟ مسألة (126) أكثر العلماء على أن وطء الحائض ليس فيه كفارة، ويستوي في ذلك العامد والمخطئ والذاكر والناسي والعالم والجاهل، وإنما عليه التوبة والاستغفار، وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما وأحمد في رواية, وحكاه ابن المنذر عن عطاء وابن أبي مليكة والشعبي والنخعي ومكحول والزهري وأيوب السختياني وأبي الزناد وربيعة وحماد بن أبي سليمان وسفيان الثوري والليث بن سعد والشافعي في المشهور من مذهبه. وذهبت طائفة إلى وجوب الكفّارة على الزوج خاصةً على خلافٍ بينهم في صفة الكفَّارة وشرط وجوبها، فذهب جمع إلى أنها دينار أو نصفه على اختلاف الحالّ منهم ابن عباس وقتادة والأوزاعي وأحمد في رواية وإسحاق. حكاه ابن المنذر. وذهب الحسن البصري في المشهور عنه إلى أن عليه ما على المجامع في رمضان. وحكى ابنُ جرير الطبري عنه (عن الحسن) قال: يعتق رقبةً، أو يهدي بدنةً، أو يطعم عشرين صاعًا. وذهب سعيد بن جبير فيما حُكي عنه إلى أن عليه عتق رقبةِ (¬3). مج ج 2 ص 343، 344. مغ ج 1 ص 351، بداية ج 1 ص80، الحاوي ج 9 ص 315. ¬
باب في مباشرة الحائض فيما دون الفرج
باب في مباشرة الحائض فيما دون الفرج مسألة (127) أكثر العلماء على تحريم مباشرة الحائض فيما دون الفرج بين السرة والركبة وأن ما سوى ذلك من فوق السرَّة أو تحت الركبة جائزٌ، وبه يقول أبو حنيفة ومالك والشافعي في المنصوص عنه في كثير من كتبه وهو الأصحُّ عند جمهور أصحابه. وحكاه ابن المنذر عن سعيد بن المسيب وطاوس وشريح وعطاء وسليمان بن يسار وقتادة. وحكاه القرطبي عن الأوزاعي كذلك ونسبه إلى جماعة عظيمة من العلماء. وذهب إلى جواز مباشرة الحائض فيما دون الفرج طائفة كثيرة منهم عكرمة ومجاهد والشعبي وإبراهيم النخعي والحكم وسفيان الثوري والأوزاعي ومحمد بن الحسن وأحمد وأصبغ من أصحاب مالك وأبو ثور وإسحاق بن راهويه وابن المنذر وداود. حكاه عنهم العبدريُّ وغيره، وهؤلاء رحمهم الله تعالى قالوا: إنما يجتنب موضع الدم وحسب وهو الفرج. وانفرد ابن عباس فيما حكاه القرطبي فقال: يجتنب الرجل فراش زوجه ما دامت حائضًا، وحكى كذلك هذا عن عبيدة السلماني، حكاه عنه القرطبي والماورديُّ (¬1). مج ج 2 ص 346، الحاوي ج 1 ص 380. باب في المنع من وطء الحائض حتى تتطهر مسألة (128) جمهور العلماء على أن الحائض إذا طهرت من حيضها فإنه لا يجوز وطؤها حتى تتطهَّر بغسل إذا وُجد الماء، أو بتيمم إذا تعذر استعماله لفقدٍ أو غيرهء هكذا حكاه الإِمام الماورديّ عن الجمهور، وهو مذهب الشافعي. وحكاه ابن المنذر عن سالم بن عبد الله وسليمان بن يسار والزهري وربيعة ومالك والثوري والليث بن سعد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور. وقال ابن المنذر: وروينا بإسنادٍ فيه مقالٌ عن طاوس وعطاء ومجاهد أنهم قالوا: إن أدرك الزوجَ الشبقُ أمَرَها أن تتوضأ ثمَّ أصابها إن شاء. قال ابن المنذر: وأصحُّ من هذا عن عطاء ومجاهد موافقة القول الأول. قال -رحمه الله-: ولا يثبت عن طاوس خلاف قول سالم. قال ابن المنذر: فإذا بطل أن يصحَّ عن هؤلاء قولٌ ثانٍ كان القول الأول كالإجماع. ¬
باب في وطء المستحاضة
قلت: لا يثبت في المسألة إجماعٌ. قال الإِمام النووي: وقال أبو حنيفة: إن انقطع دمها لأكثر الحيض -وهو عشرة أيام عنده- حل الوطءُ في الحال، وإن انقطع دمها لأقلِّه لم يحل حتى تغتسل أو تتيمم، فإن تيممت ولم تُصَلِّ لم يحل الوطء حتى يمضي وقت الصلاة. قلت: حل وطء الحائض إذا انقطع عنها الدم لأكثر الحيض ثابت عن أبي حنيفة -رحمه الله- تعالى (¬1). وقال داود الظاهري: إذا غسلت فرجها حلّ الوطء. وحُكي عن مالك تحريم الوطء إذا تيممت عند فقد الماء. قلت: وهذا القول صحيح عن مالك في رواية ابن القاسم عنه (¬2). قال النووي: هكذا نقل أصحابنا وغيرهم هذا الخلاف مطلقًا كما ذكرته، وقال ابن جرير: أجمعوا على تحريم الوطء حتى تغسل فرجها، وإنما الخلاف بعد غسله. قلت: هذا كلام النووي بحروفه -رحمه الله- تعالى (¬3). مج ج 2 ص 348، مغ ج 1 ص 353، الحاوي ج 1 ص 386، بداية ج 1 ص 78، القرطبي ج3 ص 88. باب في وطء المستحاضة مسألة (129) أكثر العلماء على جواز وطء المستحاضة في الزمن المحكوم بأنه طهرٌ وإن كان الدم جاريًا، وهو مذهب الشافعي، وحكاه ابن المنذر في الإشراف عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وسعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وقتادة وحماد بن أبي سليمان وبكر بن عبد الله المزني والأوزاعي ومالك ابن أنس وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وأبي ثور. قال ابن المنذر: وبه أقول. وحُكي عن عائشة رضي الله تعالى عنها وإبراهيم النخعي والحكم ومحمد بن سيرين ¬
باب في أقل الحيض وأكثره
المنع من ذلك. وقال النووي نقلًا عن البيهقي وغيره أن نقل المنع عن عائشة ليس بصحيح عنها، بل هو قول الشعبي أدرجه بعض الرواة في حديثها. وقال أحمد: لا يجوز الوطء إلا أن يخاف زوجها العنت (¬1). مج ج 2 ص 351، مغ ج 1 ص 353، بداية ج 1 ص 84، قرطبي ج 3 ص 86. باب في أقل الحيض وأكثره مسألة (130) أكثر العلماء على أن المرأة لو رأت الدم ساعة وانقطع لا يكون حيضًا. وادَّعى ابن جرير الإجماع في ذلك، ونازعه النووي بأن أقل الحيض عند مالك دفعة واحدة فقط. قلت: واختلف العلماء في ما سوى ذلك، فالمشهور في المذهب الشافعي أنْ أقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يومًا. قال ابن المنذر: وبه قال عطاء وأحمد وأبو ثور. وقال الثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: أقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام. قال: وبلغني عن نساء الماجشون أنهن كن يحضن سبع عشرة. قال أحمد: أكثر ما سمعناه سبع عشرة. قال ابن المنذر: وقالت طائفة: ليس لأقل الحيض ولا لأكثره حد بالأيام بل الحيض إقبال الدم المنفصل عن دم الاستحاضة، والطهرُ إدباره. قال الإِمام النووي: وحكى أصحابنا عن أبي يوسف أقل الحيض يومان وأكثره الثالث. وعن مالك، لا حدَّ لأقلِّه وقد يكون دفقة واحدة. وحكى الماورديُّ عن مالك ثلاث روايات في أكثر الحيض. إحداها: خمسة عشر والثانية: سبعة عشر. والثالثة: غير محدود (¬2). وعن مكحول أكثره سبعة أيام. مج ج 2 ص 358. ¬
باب في أقل الطهر
باب في أقل الطهر مسألة (131) أكثر العلماء فيما حكاه الماورديُّ على أن أقل الطهر خمسة عشر يومًا، وبه قال الثوري، وقال أبو ثور: وذلك مما لا يختلفون فيه فيما نعلم وهو رواية عن مالك، وحكاه عن الجمهور العيني في شرح البخاري. قال العبدريّ: واختلف أصحاب مالك في أقلِّ الطهر فروى ابن القاسم أنه غير محدود وأنه ما يكون مثله طهرًا في العادة. وروى عبد الملك بن الماجشون أنه خمسة أيام، وقال سحنون: ثمانية أيام، وقال غيره: عشرة أيام، وقال محمَّد بن سلمة: خمسة عشر، وهو الذي يعتمده أصحابه البغداديون. وقال ابن المنذر: وأنكر أحمد وإسحاق التحديد في الطهر. وقال أحمد: الطهر بين الحيضتين على ما يكون. وقال إسحاق: توقيتهم الطهر بخمسة عشر باطل. قال النووي: وقال أحمد في رواية الأثرم وأبي طالب: أقلُّ الطهر ثلاثة عشر يومًا (¬1). مج ج 2 ص 359، الكافي ج 1 ص 186. باب في الحامل. هل تحيض؟ مسألة (132) جمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم على أن الحامل لا تحيض، وأن ما تراه من الدم أثناء حملها هو دم فساد. حكاه الموفق عن الجمهور ونقله النووي عن أكثر العلماء منهم سعيد بن المسيب وعطاء والحسن وجابر بن زيد وعكرمة ومحمد بن المنكدر والشعبي ومكحول والزهري وحماد والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأبو عبيد وأبو ثور وأبو يوسف وأحمد والحكم وابن المنذر. وبه قال الشافعي في القديم. وذهب الشافعي في الجديد وقتادة ومالك والليث إلى أن الحامل تحيض (¬2). قلت: ¬
باب في الصفرة والكدرة
وحكاه ابن وهب عن الزهري وربيعة ويحيى بن سعيد وابن أبي سلمة ورواه عن عائشة - رضي الله عنها - بسندٍ فيه مقال (¬1). مج ج 2 ص 363، مغ ج 1 ص 371. باب في الصفرة والكدرة مسألة (133) أكثر الفقهاء على أن الصفرة والكدرة في زمن إمكان الحيض حيضٌ، ولا نظر للعادة، وأنها في غير زمن الإمكان لا تكون حيضًا. وبه قال رييعة ومالك وسفيان والأوزاعي وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وأحمد وإسحاق. حكاه عنهم صاحب الشامل، وحكاه عن أكثر الفقهاء العبدريُّ. وخالف البغويُّ العبدريَّ في نقله، فحكى أن أكثر الفقهاء يقيدون كون الصفرة والكدرة حيضًا بأن تكون في زمن الحيض المعتاد فإن ظهرتا في غير زمن الحيض المعتاد فلا تكونان حيضًا، وحكاه البغوي عن سعيد بن المسيب وعطاء والثوري والأوزاعي وأحمد، وحكاه الموفق عن يحيى الأنصاري وعبد الرحمن بن مهدي والشافعي وآخرين ممن ذكرهم البغوي وغيره. قلت: والصحيح المعتمد من مذهب الشافعي هو القول الأول. وقال أبو يوسف: الصفرة حيض، والكدرة ليست بحيض إلا أن يتقدمها دم، وحكاه الماوردي عن محمَّد بن الحسن، والصحيح ما نقلناه عنه أولًا. وقال أبو ثور: إن تقدَّمها دم فهما حيضٌ وإلا فلا، وهو اختيار ابن المنذر (¬2). مج ج 2 ص 370. باب في المستحاضة كم مرة تغتسل؟ مسألة (134) جمهور العلماء من السَّلف والخلف على أن المستحاضة لا يجب عليها إلا غسلٌ واحدٌ عند انقطاع حيضها وأن طهارتها للصلاة ليست إلا الوضوء. وهذا مذهب عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وعائشة ¬
رضي الله تعالى عنهم، وبه قال عروة بن الزبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو حنيفة ومالك (¬1) والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى. ورُوي عن ابن عمر وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم وعطاء بن أبي رباح أنهم قالوا: يجب عليها الغسل لكل صلاة. ورُوي هذا أيضًا عن علي وابن عباس. ورُوي عن عائشة أنها قالت: تغتسل كل يومٍ غسلًا واحدًا. وقال سعيد بن المسيب والحسن البصري فيما روى عنهما: تغتسل من صلاة الظهر إلى صلاة الظهر دائمًا. مج ج 2 ص 490، مغ ج 1 ص 374، بداية ج 1 ص 80. * * * ¬
فصل في النفاس
فصل في النفاس باب في أكثر النفاس مسألة (135) أكثر العلماء من الصَّحابة والتابعين ومن بعدهم على أن أكثر النفاس أربعون يومًا. حكاه عنهم الترمذي والخطابي وغيرهما. قال الخطابي: قال أبو عبيد: على هذا جماعة الناس. وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وأنس وعثمان بن أبي العاص وعائذ بن عمرو وأم سلمة رضي الله تعالى عنهم، وحكاه كذلك عن الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وابن المبارك وأحمد وإسحاق وأبي عبيد رحمهم الله تعالى. قلت: وحكاه ابن عبد البر في الكافي عن الليث أيضًا، وحكاه ابن رشد عن أكثر الصحابة رضي الله تعالى عنهم من أهل العلم منهم. وحكى الترمذي وابن المنذر وابن جرير وغيرهم عن الحسن البصري أنه خمسون يومًا. وذهب الشافعي في المشهور عنه وأبو ثور وداود إلى أنه ستون يومًا. وقال الليث فيما حكاه عنه الطحاوي ونقله القاضي أبو الطيب: قال بعض الناس إنه سبعون يومًا. قال ابن المنذر: وذكر الأوزاعي عن أهل دمشق أنَّ أكثر النفاس من الغلام ثلاثون، ومن الجارية أربعون. ورُوي عن الضحَّاك أكثره أربعة عشر يومًا. وقد رُوي عن مالك الرجوع عن التحديد بشيء، وقال: يُسأَلُ النساءُ عن ذلك (¬1). قلت: وقد كان يقول مالك أن أكثره ستون يومًا، ثم رجع عن ذلك إلى ما ذكرناه (¬2). مج ج 2 ص 479، مغ ج 1 ص 357. باب في أقلِّ النفاس مسألة (136) جمهور العلماء على أن أقل النفاس مَجَّةٌ (دفقة دمٍ) حكاه القاضي ¬
باب في النفساء ينقطع دمها قبل مضي أكثر مدة النفاس
أبو الطيب وهو مذهب مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة في رواية عنه. وذهب أبو حنيفة في روايةٍ إلى أنه أحد عشر يومًا، وفي روايةٍ خمسة وعشرون، وبه قال أبو عبيد فيما حكاه عنه الموفق ابن قدامة. وحكي عن محمَّد بن الحسن وأبي ثور أن أقله ساعة. وحكى الماورديّ عن الثوري أن أقله ثلاثة أيام. وقال المزني: أقله أربعة أيام. وحكى الموفق عن مالك والأوزاعي وأبي عبيد أنها إن لم تر دمًا تغتسل وتصلِّي (¬1). مج ج 2 ص 480. باب في النفساء ينقطع دمها قبل مضيِّ أكثر مدة النفاس مسألة (137) جمهور العلماء على أن النفساء إذا انقطع دمها قبل مضي أكثر مدة النفاس (¬2) واغتسلت جاز وطؤها بدون كراهةٍ، وجاز لها الصلاة وغيرها ولا كراهة. حكاة النووي عن الجمهور والعبدريُّ عن أكثر الفقهاء. وقال أحمد: يُكره وطؤها في ذلك الطهر ولا يحرم. وحكى صاحب البيان عن عليٍّ بن أبي طالب وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وأحمد -رحمه الله- تعالى أنه يكره وطؤها إذا انقطع دمها لدون أربعين (¬3). مج ج 2 ص 487. * * * ¬
فصل في النجاسات وأحكامها
فصل في النجاسات وأحكامها باب في بول الصبي الرضيع (¬1) مسألة (138) مذهب العلماء كافةً إلا من سنذكره أن بول الصبي الرضيع الذي لم يطعم إلا اللبن نجس على خلافٍ بينهم في كيف يكون تطهيره مما سنذكره بَعْدُ إن شاء الله تعالى (¬2). وانفرد داود الظاهري فقال: ليس هو بنجس. مج ج 2 ص 503. باب في بول الحيوان الذي لا يُؤكل مسألة (139) جماهير العلماء بل عامتهم على أن بول الحيوان الذي لا يؤكل نجسٌ. وقال داود: ليس هو بنجس, وحُكي عن النخعي مثل قول داود (¬3). مج ج 2 ص 503. باب في بول وروث ما يُؤكل لحمه مسألة (140) جمهور العلماء على أن بول ما يؤكل لحمه وكذا روثه نجس, وهو ¬
باب في تطهير المذي
مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأبي يوسف وغيرهم (¬1). وقال عطاء والنخعي والزهري ومالك وسفيان الثوري وزفر وأحمد: بوله وروثه طاهران، وهو وجه عند الشافعية، وحكاه الرافعي عن أبي سعيد الإصطرخي وهو اختيار الروياني وأبي بكر بن إسحاق بن خزيمة الملقب بإمام الأئمة في صحيحه. قلت: وبقول مالك قال الزهري وعطاء وعبد الرحمن بن القاسم ونافع وأبو الزناد وسالم ومجاهد في أبوال وأرواث الأنعام من الإبل والبقر والغنم خاصة، وهو قول مالك في المدونة بخلاف أبوال وأرواث الخيل فهي عند هؤلاء جميعًا غير طاهرة كأبوال وأرواث البغال والحمير. وعن الليث بن سعد ومحمد بن الحسن أن بول المأكول طاهر دون روثه. وقال أبو حنيفة: ذرق الحمام طاهر وبه قال الحكم وحماد (¬2). مج ج 2 ص530, نيل ج 1 ص61, المنهل ج 3 ص 182. باب في تطهير المذي مسألة (141) جمهور العلماء على أن المذي لا يجزئ في تطهير ما لامسه النضح، بل لابد فيه من الغَسلِ، وبه قال الشافعي وأحمد في روايةٍ. وقال أحمد -رحمه الله- تعالى: أرجو أن يجزيه النضح (¬3). مج ج 2 ص 507. باب في نجاسة الخمر مسألة (142) جمهور العلماء بل عامتهم على نجاسة الخمر، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى. ¬
باب في نجاسة النبيذ المسكر
وحكى القاضي أبو الطيب عن ربيعة شيخ مالك وعن داود أنهما قالا بطهارتها (¬1). مج ج 2 ص 516، بداية ج 1 ص101. باب في نجاسة النبيذ المسكر مسألة (143) جمهور العلماء على أن النبيذ المسكر نجس، وهو مذهب مالك والشافعي. وذهب أبو حنيفة وطائفةٌ قليلة إلى أنه طاهر (¬2) مج ج 2 ص 517. باب في طهارة النبيذ وجواز شربه بعد ثلاثة أيام ما لم يشتد مسألة (144) جمهور العلماء بل جماهيرهم على طهارة النبيذ وجواز شربه ولو بعد ثلاثة أيام ما لم يشتد ويُعد مسكرًا. وقال أحمد -رحمه الله- تعالى: لا يجوز بعد ثلاثة أيام ولو لم يشتد ويعد مسكرًا (¬3). مج ج 2 ص 517. باب في الانتباذ (¬4) في بعض الأوعية هل له أثر في التنجيس وتحريم الشرب؟ مسألة (145) جمهور العلماء على جواز الانتباذ في جميع الأوعية من الخزف والخشب والجلود والدباء والمزفت والنحاس وغيرها، ويجوز شرب ما انتبذ فيها ما لم يُعد مسكرًا (¬5). مج ج 2 ص 518، شرح ج 13 ص 158. ¬
باب في نجاسة الخنزير
باب في نجاسة الخنزير مسألة (146) جمهور العلماء على نجاسة الخنزير حيًّا وميتًا (¬1). وذهب مالك في أحد قوليه إلى طهارة الخنزير ما دام حيًّا. قلت: ضعف هذا القول ابن عبد البر في الكافي (¬2). مج ج 2 ص 520، الكافي ج 1 ص 161. * * * ¬
فصل فيما يطهر من النجاسات وتطهيرها
فصل فيما يطهر من النجاسات وتطهيرها باب في تخلل الخمر بنفسها مسألة (147) جمهور العلماء على أن الخمر إذا تخللت بنفسها طهرت حتى نقل القاضي عبد الوهاب المالكي فيها الإجماع، وكذا حكى الاتفاق على جواز أكلها ابن رشد في البداية. وحُكي عن سحنون المالكي أنها لا تطهر (¬1). مج ج 2 ص 529، شرح ج 13 ص 152. باب في تخليل الخمر مسألة (148) أكثر العلماء على أن الخمر إذا خُلِّلَتْ بوضع شيء فيها فإنها لا تطهر، وهو مذهب الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى. وذهب أبو حنيفة والأوزاعي والليث إلى طهارتها. ولمالك فيها ثلاث روايات: أصحها: أن التخليل حرام لكنه يطهرها، والثانية: التخليل حرام ولا يطهر، والثالثة: حلالٌ وتطهر (¬2). مج ج 2 ص 529، شرح ج 13 ص 150. باب في آنية الخمر ودنانها (¬3) مسألة (149) جمهور العلماء على جواز إمساك آنية الخمر وظروفها ودنانها وزقوقها. وهو مذهب الشافعي. وعن أحمد -رحمه الله- أنه لا يجوز، بل يجب كسر دنانها وشق زقوقها. مج ج 2 ص 529. ¬
باب في تطهير نجاسة الكلب إذا ولغ في الإناء
باب في تطهير نجاسة الكلب إذا ولغ في الإناء مسألة (150) جمهور العلماء على أن الكلب إذا ولغ في الإناء فقد نجسه، وأن أقل ما يجزئ في تطهيره أن يغسل سبعًا إحداهن بالتراب، وهذا مذهب الشافعي. وحكى ابن المنذر وجوب الغسل عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وعروة بن الزبير وعمرو ابن دينار ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور. وبه قال ابن المنذر. ورُوي عن أحمد ثماني مرات إحداهن بالتراب، وبه قال داود في روايةٍ. وقال الزهري: يكفيه ثلاث مرات. وقال أبو حنيفة: يجب غسله حتى يغلب على الظنِّ طهارته، فلو حصل ذلك بمرةٍ أجزأه، وهو مذهبه في سائر النجاسات العينية. وذهب الأوزاعي ومالك في المشهور المعتمد عنه إلى أن الإناء لا ينجس بولوغ الكلب فيه، وكذا الطعام والشراب لا ينجسان بولوغ الكلب فيما كانا فيه من إناء فيحل أكل الطعام وشرب الماء ويجوز التوضأ به، وأما غسل الإناء: فإنما يجب تعبدًا لورود الأمر فيه، وبمذهب الأوزاعي ومالك قال الزهري والثوري وداود الظاهري (¬1). مج ج 2 ص 531، شرح ج 3 ص 184، 185. باب في تطهير نجاسة الخنزير مسألة (151) أكثر العلماء على أنه يجزئ في تطهير ما تنجس بملامسة الخنزير أو ولوغه أن يغسل الإناء أو غيره مما أصابته نجاسة الخنزير مرةً واحدةً، وهو قول الشافعي في القديم. وذهب الإِمام أحمد ومالك في رواية عنه وجمهور أصحاب الشافعي إلى وجوب سبع غسلات. شرح ج 3 ص 185، مج ج 2 ص 537. باب في تطهير النجاسات غير الكلب والخنزير وبول الرضيع مسألة (152) جمهور العلماء على أن سائر النجاسات مما سوى الكلب والخنزير ¬
باب في تطهير النجاسة الذائبة في الأرض
وبول الرضيع يكفي في إزالتها وتطهيرها أن تغسل مرةً واحدةً (¬1)، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- وأحمد في إحدى الروايات. وقال أحمد في روايةٍ: يُشترط سبع غسلات كنجاسة الكلب، وروى عنه أنه قال: ثلاث غسلات، وحكاه النووي مذهبًا لأبي حنيفة في شرح مسلم (¬2). مج ج 2 ص 543، شرح ج 13 ص 94. باب في تطهير النجاسة الذائبة في الأرض مسألة (153) جمهور العلماء على أن الواجب في تطهير النجاسة الذائبة في الأرض المكاثرة بالماء حتى نرول أثر النجاسة، وبه قال مالك وأحمد وداود، وهو المعتمد في المذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى: إن كانت الأرض رخوةً ينزل فيها الماء؛ أجزأه صبه عليها، وإن كانت صلبةً؛ لم يجزئه إلا حفرها ونقل ترابها (¬3). مج ج 2 ص 544. باب في الماء المستعمل في وضوء ونحوه هل يفسد الماء أو ينجسه مسألة (154) جماهير العلماء على أن من توضأ في إناء ثم صبَّ ما فيه من الماء المستعمل في تلك الطهارة في بئرٍ فيها ماء كثير فإن ماء البئر لا يفسد وهو على طهوريته ولا يجب نزح شيء منه. وقال أبو يوسف: يجب نزح جميعها. وقال محمَّد: ينزح منه عشرون دلوًا (¬4). مج ج 2 ص 555. ¬
كتاب الصلاة
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الصلاة
باب في حكم تارك الصلاة مع اعتقاد وجوبها
كتاب الصلاة باب في حكم تارك الصلاة مع اعتقاد وجوبها مسألة (155) جمهور العلماء على أن تارك الصلاة تكاسلًا غير منكرٍ لفرضيتها فإنه لا يكفر، بل يستتاب فإن تاب وإلا قُتل حدًّا لا كفرًا، ويُغَسَّلُ ويُكَفَّنُ ويُصلَّي عليه ويُدفن في مقابر المسلمين، وعلى هذا جماعة العلماء من السلف والخلف (أعني في عدم تكفيره). وممن قال يُقتل حدًّا لا كفرًا بعد استتابته: مكحول ومالك وحماد بن زيد ووكيع والشافعي. وممن قال لا يكفر: الزهري وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والمزني وآخرون، قال هؤلاء جميعهم: لا يُقتل، ولكن يُضرب ويُحبس حتى يصلي. وقالت طائفة: هو كافر. قال ابن المنذر: هذا قول إبراهيم النخعي وأيوب السختياني وابن المبارك وأحمد وإسحاق. وقال أحمد: لا يكفر أحد بذنبٍ إلا تارك الصلاة عمدًا. قلت: وذكر ابن المنذر عن أحمد أنه يُستتاب ثلاثًا (يعني ثلاث صلوات). قال ابن المنذر: وبه قال سليمان بن داود وأبو حنيفة وأبو بكر بن أبي شيبة. قلت: ورُوي القول بتكفير تارك الصلاة عمدًا وإجراء أحكام المرتدين عليه عن عليٍّ ابن أبي طالبٍ، ومال ابن المنذر إلى القول بعدم تكفيره وقتله (¬1). مج ج 3 ص 17، مغ ج 2 ص 299. * * * ¬
فصل في موقيت الصلاة
فصل في موقيت الصلاة باب في الصلاة قبل دخول وقتها (من غير جمعٍ) مسألة (156) جمهور أهل العلم على أن من صلَّى قبل دخول وقت الصلاة فإن صلاته لا تصحُّ سواء فعله عامدًا أم مخطأً كل الصلاة أو بعضها باطلة، وبه قال الزهري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. ورُوي عن ابن عباس والحسن والشعبي أنهم أجازوا صلاة من أدَّاها أعني صلاة الظهر قبل الزوال. ورُوي عن مالك فيمن صلى العشاء قبل مغيب الشفق جاهلًا أو ناسيًا يعيد ما كان في الوقت، فإن ذهب الوقت قبل علمه أو ذكر فلا شيء عليه. مغ ج 1 ص 407. باب في الحائض تطهر قبل الفجر أو قبل المغرب مسألة (157) جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن الحائض إذا طهرت قبل الفجر أو قبل المغرب فإنه يجب عليها صلاة الظهر والعصر وصلاة المغرب والعشاء، وقد رُوي هذا عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس وطاوس ومجاهد والنخعي والزهري وربيعة ومالك والليث والشافعي وإسحاق وأحمد وأبي ثور، قال أحمد -رحمه الله-: عامة التابعين يقولون بهذا القول إلا الحسن وحده قال: لا يجب إلا الصلاة التي طهرت في وقتها وحدها. قلت: وبه قال الثوري وأصحاب الرأي. حكاه الموفق عنهم. وحُكي عن مالك أنه إذا أدرك قدر خمس ركعات من وقت الثانية وجبت الأولى (¬1). مغ ج 1 ص 407. باب في وقت الاختيار في صلاة العصر مسألة (158) جماهير العلماء على أن وقت الاختيار للعصر يمتدُّ إلى مصير ظلِّ كل شيءٍ مثليه، وهو مذهب الشافعي. ¬
باب في وقت المغرب
وقال أبو حنيفة: يمتد إلى اصفرار الشمس. مج ج 3 ص 28. بداية في ج 1 ص 125. باب في وقت المغرب مسألة (159) أكثر العلماء على أن المغرب لها وقت واحدٌ. وهو المنقول عن أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وهو قول الأوزاعي والشافعي في عامة كتبه وهو المشهور عند أصحابه، وبه يقول مالك في أصحِّ وأشهر الروايات عنه. وقال آخرون: للمغرب وقتان. وبه يقول أبو حنيفة والثوري والشافعي في القديم من مذهبه وأحمد وأبو ثور وإسحاق وداود وابن المنذر وهو رواية عن مالك. وهو اختيار النووي -رحمه الله-. وقال البعض القليل: إن المغرب يبقى وقتها إلى طلوع الفجر، وبه قال مالك في روايه وحكاه ابن النذر عن طاوس وعطاء (¬1). مج ج 3 ص 34. باب في معنى الشفق الذي بغيابه يدخل وقت العشاء مسألة (160) أكثر أهل العلم على أن الشفق الذي بغيابه بدخل وقت العشاء إجماعًا هو الحمرةُ، روى البيهقي هذا القول عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس رضي الله تعالى عنهم ومكحول وسفيان الثوري، وحكاه ابن المنذر عن ابن أبي ليلى ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، وهو قول الشافعي وأبي ثور وداود. وقال أبو حنيفة وزفر والمزني: هو البياض. ورُوي ذلك عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - وعمر ابن عبد العزيز والأوزاعي، واختاره ابن المنذر. قلت: ورُوي هذا عن ابن عباس كذلك حكى الروايتين عنه ابن المنذر. مج ج 3 ص 40، بداية ج 1 ص 126. * * * ¬
باب في صلاة الصبح هل هي من صلوات الليل أم من صلوات النهار
باب في صلاة الصبح هل هي من صلوات الليل أم من صلوات النهار مسألة (161) جماهير العلماء على أن صلاة الصبح (الفجر) من صلوات النهار، وأن أول النهار هو طلوع الفجر الصادق وهو ضؤوه الثاني ويسمى بالفجر الثاني. وقالت طائفة: صلاة الصبح هي لا من صلوات الليل ولا من صلوات النهار، وإنما هي ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. حكاه الشيخ أبو حامد الإسفراييني. ولم يسم أحدًا. وقالت طائفة: آخر الليل طلوع الشمس وهو أول النهار، وصلاة الصبح من صلوات الليل وللصائم أن يأكل حتى تطلع الشمس. حكاه أبو حامد عن حذيفة بن اليمان وأبي موسى الأشعري وأبي مجلز والأعمش. وحكى القاضي أبو الطيب وابن الصباغ عن الأعمش أنه قال: صلاة الصبح هي من صلوات الليل، وإنما قبل طلوع الشمس من الليل يحل فيه الأكل للصائم (¬1). مج ج 3 ص 42. باب في الرجل يصلي الصلاة فيخرج وقتها أثناء صلاته مسألة (162) جمهور العلماء على أن من دخل في صلاة الفريضة في وقتها ثم خرج وقتها وهو في أثنائها فإن صلاته صحيحةٌ ولا تبطل وسواء وقع أكثرها داخل الوقت أم خارجه (¬2). وقال أبو حنيفة: تبطل صلاة الصبح لأنها عبادة ييطلها الحدث فبطلت بخروج الوقت فيها كطهارة مسح الخفِّ. هكذا حكاه عنه النووي. مج ج 3 ص 44. باب في وقت وجوب صلاة الفريضة مسألة (163) أكثر العلماء على أن الصلاة تجب أول الوقت وجوبًا موسعًا، وتجب وجوبًا مضيقًا إذا لم ييق من الوقت إلا بقدر ما يسعها، وهو قول مالك والشافعي ¬
باب في الأفضل في أداء صلاة الصبح هل هو التغليس أم الإسفار؟
وأحمد وداود وبه قال أبو حنيفة في إحدى الروايات عنه. وقال أبو حنيفة في رواية زفر عنه: تجب إذا بقي من الوقت ما يسع الصلاة، وعنه رواية أخرى وهي المشهورة عنه: أنها تحب بآخر الوقت إذا بقى منه قدر تكبيرة. مج ج 3 ص 44. باب في الأفضل في أداء صلاة الصبح هل هو التغليس أم الإسفار؟ مسألة (164) جمهور العلماء على أن الأفضل في صلاة الصبح أن تصلَّى في أول وقتها وهو ما يسمى بالتَّغليس (يعني وقت الغلس)، وهو مذهب عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم. وإليه ذهب الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق. وقالت طائفة: التأخير إلى وقت الإسفار أفضل، وإليه ذهب عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه والنخعي والثوري وأبو حنيفة رحمهم الله تعالى (¬1). مج ج 3 ص 48، بداية ج 1 ص 128. باب في الأفضل في الظهر هل هو التعجيل أم الإبراد؟ مسألة (165) جمهور العلماء على أن تعجيل الظهر أفضل إلا في شدة الحر فالأفضل الإبراد. وقال مالك: أحب أن تصلى في الصيف والشتاء والفيء ذراع (¬2). مج ج 3 ص 50. باب في العصر هل الأفضل تعجيلها أم تأخيرها؟ مسألة (166) جمهور العلماء على أن تقديم (تعجيل) العصر في أول وقتها أفضل، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وقال مالك تُصلَّى العصر والشمس بيضاء نقية، وهو بنحو ما رواه -رحمه الله- عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - (¬3). ¬
باب في تأخير العشاء هل هو الأفضل؟
قلت: وهو قريب مما قاله جمهور العلماء (¬1). وذهب الثوري وأبو حنيفة وأصحابه إلى أن تأخير العصر أفضل ما لم تتغير الشمس. مج ج 3 ص 50. باب في تأخير العشاء هل هو الأفضل؟ مسألة (167) جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين على أن تأخير صلاهّ العشاء أفضل. حكاه الإِمام الترمذي، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد وإسحاق، وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله تعالى عنهم والشافعي وأبي حنيفة. وذهب مالك إلى أن صلاتها كما يفعله الناس يصلونها بعد مغيب الشفق قليلًا، وأنكر -رحمه الله- تأخيرها إلى ثلث الليل للمسافرين والحاضرين، وتقديم العشاء محكي عن الشافعي كذلك (¬2). مج ج 3 ص 52، مغ ج 1 ص 403. باب في الصلاة الوسطى هل هي العصر أم غيرها؟ مسألة (168) أكثر العلماء على أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد وداود وابن المنذر. ونقله الواحدي عن علي وابن مسعود وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم والنخعي والحسن وقتادة والضحاك والكلبي ومقاتل، ونقله ابن المنذر عن أبي أيوب الأنصاري وأبي سعيد الخدري وابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وعبيدة السلماني -رحمه الله-، وحكاه الترمذي عن أكثر العلماء من الصحابة وغيرهم. وذهبت طائفة إلى أنها صلاة الصبح، وهو قول الشافعي ومذهب مالك ونقله الواحدي عن عمر ومعاذ بن جبل وابن عباس وابن عمر وجابر رضي الله تعالى عنهم وعكرمة ومجاهد والرييع بن أنس. وقالت طائفة: هي الظهر، وهو رواية عن أبي حنيفة، ونقله الواحدي عن زيد بن ¬
باب في قضاء الصلوات المتروكات عمدا
ثابت وأبي سعيد الخدري وأسامة بن زيد وعائشة، ونقله ابن المنذر عن عبد الله بن شداد رضي الله تعالى عنهم. وقال قبيصة بن ذؤيب: هي المغرب. قال الواحدي: وقال بعضهم: هي العشاء الآخرة، وبعضهم: إنها إحدى الصلوات الخمس المبهمة. ونقل القاضي عياض عن بعضهم: إنها الجمعة، وعن بعضهم: أن الوسطى جميع الصلوات الخمس. مج ج 3 ص 56. باب في قضاء الصلوات المتروكات عمدًا (¬1) مسألة (169) جماهير العلماء بل عامتهم على وجوب قضاء الصلوات سواء تركهن بعذر أو بغير عذرٍ حتى كاد أن يكون الأمر إجماعًا. وانفرد ابن حزم الأندلسي وتبعه ابن تيمية من المتأخرين فقالا: لا يجب قضاء الصلاة المتروكة عمدًا بل لا يصحُّ، وإنما واجبُ من ترك صلاةً عمدًا أن يتوب ويستغفر. مج ج 3 ص 68، بداية ج 1 ص 239. * * * ¬
فصل في الأذان وأحكامه
فصل في الأذان وأحكامه باب في الأذان لغير الصلوات المكتوبات. هل يشرع؟ مسألة (170) جمهور العلماء من السَّلف والخلف على أن الأذان لا يشرع إلا للصلوات الفرائض (المكتوبات) وكذا الإقامةُ فلا يشرعان لجنازة ولا لعيدٍ ولا لغير ذلك من الصلوات النوافل التي تشرع فيها الجماعة كصلاة التراويح. قلت: وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد. ونقل عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه مشروعتيها في صلاة العيدين. مج ج 3 ص 75. باب في حكم الأذان والإقامة للجماعة والمنفرد والحاضر والمسافر مسألة (171) جمهور العلماء على أن الأذان والإقامة سَّنة للصلوات المكتوبات في الحضر والسفر، للجماعة وللمنفرد، ولا يجبان على منفرد ولا على جماعة، وليسا شرطًا في صحة الصلاة، وهو قول أبي حنيفة والشافعي، وهو قول أصحاب أبي حنيفة كذلك محمَّد وأبي يوسف وزفر. وبه يقول إسحاق بن راهويه وحكاه السرخسي عن جمهور العلماء. قلت: ومذهب مالك وأحمد أنهما -أعني الأذان والإقامة- ليسا شرطًا في صحة الصلاة، وقال ابن المنذر: هما فرض في حق الجماعة في الحضر وفي السفر. قال -رحمه الله-: وقال مالك: تجب في مسجد الجماعة. وقال عطاء والأوزاعي: إن نسي الإقامة أعاد الصلاة، وعن الأوزاعي رواية أنه يعيد ما دام في الوقت، ونقل العبدري عن مالك أنهما سنَّة وفرضا كفاية عند أحمد. قلت: والذي ذكره ابن القاسم عن مالك أن الأذان في المساجد والمواضع التي تجمع فيها الأئمة (يعني الأمراء) وما سوى هذا فالمنفرد والجماعة إذا كانوا في حضر أو سفر فالإقامة تجزئهم. قال مالك: كل شيء من أمر الأمراء إنما هو بأذان وإقامة. رواه ابن القاسم عنه، وقال مالك فيمن صلى ونسي أن يقيم: أنه لا يعيد ولا شيء عليه إلا أن يتعمد فيستغفر الله. وقال داود: هما فرض لصلاة الجماعة وليسا بشرط لصحتهما.
باب في الكلام أثناء الأذان هل يبطله
وقال مجاهد: إن نسي الإقامة في السَّفر أعاد. وقال المحاملي: قال أهل الظاهر: هما واجبان لكل صلاة، واختلفوا في اشتراطهما لصحتهما (يعني لصحة الصلاة) (¬1). مج ج 3 ص 80، مغ ج 1 ص 427. باب في الكلام أثناء الأذان هل يبطله مسألة (172) جماهير العلماء على أن الكلام أثناء الأذان لا يبطله. وحُكي عن الزهري أنه أبطله بالكلام. مج ج 3 ص110. باب في الأذان من الجنب هل يُعتدُّ به؟ مسألة (173) أكثر أهل العلم على أن الأذان من الجنب معتدٌ به. وقال أحمد في روايةٍ: لا يُعتد به. مغ ج 1 ص 424. باب في استحباب الأذان في السفر مسألة (174) أكثر أهل العلم على استحباب الأذان في السفر للراعي وأشباهه، قال الموفق: وكان ابن عمر يقيم لكل صلاة إقامة إلا الصبح فإنه يؤذن لها ويقيم. وكان يقول: إنما الأذان على الأمير والإقامة على الذي يجمع الناس، وعنه أنه كان لا يقيم في أرضٍ تقام فيها الصلاة. وعن عليٍّ - رضي الله عنه - أنه قال: إن شاء أذَّن وأقام وإن شاء أقام، وبه قال عروة والثوري. وقال الحسن وابن سيرين تجزئه الإقامة. وقال إبراهيم النخعي: إذا كانوا رفاقًا أذَّنوا وأقاموا، وإذا كان وحده أقام الصلاة. مغ ج 1 ص 432. باب في كلمات الإقامة مسألة (175) أكثر العلماء على أن الإقامة إحدى عشرة كلمة، وهو قول عمر بن ¬
باب في التثويب وفي غير صلاة الصبح هل يشرع؟
الخطاب وابنه وأنس رضي الله تعالى عنهم، وبه يقول الحسن البصري ومكحول والزهري والأوزاعي والشافعي في قوله الجديد، وأحمد وإسحاق وأبو ثور ويحيى بن يحيى وداود وابن المنذر. قال البيهقي: وممن قال بإفراد الإقامة سعيد بن المسيب وعروة ابن الزبير والحسن وابن سيرين ومكحول والزهري وعمر بن عبد العزيز ومشايخ جلَّةٌ من التابعين سواهم. قال البغوي: هو قول أكثر أهل العلم. وقال مالك: عشر كلمات بإفراد قوله: قد قامت الصلاة. قلت: وهو قول ابن القاسم في المدونة، وقال أبو حنيفة والثوري وابن المبارك: هو سبع عشرة كلمة مثل الأذان مع زيادة "قد قامت الصلاة" مرتين (¬1). مج ج 3 ص 92. باب في التثويب وفي غير صلاة الصبح هل يشرع؟ مسألة (176) جمهور أهل العلم على أن التثويب في صلاة الفجر سنة وأنه لا يستحب في غيرها من الصلوات. قلت: والتثويب أن يقول المؤذن بعد "حي على الفلاح" الثانية "الصلاة خير من النوم". وممن قال بهذا: ابن عمر والحسن البصري وابن سيرين والزهري ومالك والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور والشافعي. وقال أبو حنيفة: التثويب بين الأذان والإقامة في الفجر أن يقول المؤذن: "حي على الصلاة" مرتين "حي على الفلاح" مرتين. وحُكي عن إبراهيم النخعي أنه كان يقول: التثويب سنَّةٌ في كل الصلوات كالصبح. وحُكي عن الحسن بن صالح أنه يُستحب التثويب في أذان العشاء أيضًا (¬2). مج ج 3 ص 95. باب في وضع المؤذن إصبعيه في أذنيه إذا أذن مسألة (177) أكثر أهل العلم على أن المستحب في حقِّ المؤذن أن يجعل إصبعيه في أذنيه إذا أذن. ¬
باب في متابعة المؤذن فيما يقول
ولم يرَ ذلك مالك -رحمه الله-، وجعله واسعًا على المؤذِّن إن شاء فعله وإن شاء تركه، وهي رواية ابن القاسم عنه. وقال البعض: المستحب أن يجعل كفَّيه مضمومتين على أذنيه (¬1). مغ ج 1 ص 434. باب في متابعة المؤذن فيما يقول مسألة (178) جمهور العلماء على أن متابعة المؤذن فيما يقول سنة وليست واجبة. وحكى الإمام الطحاوي خلافًا لبعض السلف في إيجابها وكذا القاضي عياض (¬2). مج ج 3 ص 114. باب في كيف يُتَابَعُ المؤذنُ مسألة (179) جمهور العلماء على أن المؤذنَ يُتَابَعُ في جميع ما يقول على التفصيل المعروف، وهو أن يقول كما يقول المؤذن إلا في الحيعلتين فيقول: "لا حول ولا قوة إلا بالله". وعن مالك -رحمه الله- تعالى روايتان إحداهما كقول الجمهور، والثانية: يتابعه إلى آخر الشهادتين ففط. قلت: هي رواية ابن القاسم عنه (¬3). مج ج 3 ص 115. باب في المؤذن يؤذنُ ويقيم غيره. هل في ذلك بأس؟ مسألة (180) أكثر أهل العلم على أنه لا فرق بين أن يؤذِّن المؤذِّن للصلاة فيقيم هو أو يقيم غيره، حكاه عن أكثر العلماء الإِمام الحازمي، وهو قول مالك وأكثر أهل الحجاز وأبي حنيفة وأكثر علماء أهل الكوفة وأبي ثور. وقال البعض: المستحب أن من أذَّن فهو يقيم، وبه يقول الشافعي (¬4). ¬
باب في الأذان والإقامة للنساء. هل يشرعان؟
مج ج 3 ص 116، بداية ج 1 ص 142. باب في الأذان والإقامة للنساء. هل يشرعان؟ مسألة (181) جمهور العلماء على أنه ليس على النساء أذان ولا إقامة. وقال مالك: أن أقَمن فحسنٌ. وقال الشافعي: إن أَذَّن وأقمن فحسنٌ. قلت: وممن قال ليس على النساء أذان ولا إقامةُ، ابن عمر وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم، وسعيد بن المسيب وابن شهاب الزهري وربيعة وأبو الزناد ويحيى بن سعيد. حكاه عنهم عبد الله بن وهب وحكاه عن مالك والليث بن سعد. ورواه عن ابن عمر روايةً. وقال إسحاق بن راهويه: عليهن الأذان والإقامة. وذكر ابن المنذر أن عائشة - رضي الله عنهما - كانت تؤذِّن وتقيم. قلت: ولا خلاف بين أهل العلم أن كل أذان النساء وإقامتهن لمن رَخَّصَ لهن بذلك هو عند امتناع وجود الرجال الأجانب وإلا خفضت صوتها أو أقامت في نفسها (¬1). بداية ج 1 ص 145. * * * ¬
فصل في شرائط صحة الصلاة
فصل في شرائط صحة الصلاة أبواب طهارة البدن وما يصلي فيه وعليه باب في تطهير البدن والثوب من النجاسة المعلومة مسألة (182) جمهور العلماء من السَّلف والخلف على أنّ إزالة (تطهير) النجاسة من بدن المصلي وثوبه شرط من شرائط صحة الصلاة يستوي في ذلك الفرض والنفل، الأداء والقضاء، وكذا صلاة الجنازة وسجود التلاوة أو الشكر وبه يقول الشافعي في المعتمد من مذهبه، وأبو حنيفة وأحمد ومالك في إحدى الروايات المرجوحة عنه، وهو قول سعيد بن المسيب وقتادة. ورُوي كذلك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. وقال مالك في أصحِّ وأشهر الروايات عنه، أن ذلك شرط مع العلم دون النسيان والجهل. وذهب مالك في روايةٍ ثالثة إلى أن الصلاة تصحُّ مع النجاسة وإن كان عالمًا متعمدًا وإزالتها سنَّةٌ ونُقل نحوه عن ابن عباس وسعيد بن جبير (¬1). مغ ج 1 ص 713، مج ج 3 ص 126. باب في وصل الشعر في الصلاة وخارجها مسألة (183) جماهير العلماء على أن الوصل حرام بشعر أو بغيره (¬2) لحاجة أو لغير حاجة وهو عام في حق الرجال والنساء. وحكى القاضي عياض عن طائفةٍ جوازه. وهو مروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها وضعَّفه القاضي -رحمه الله-. وقال الليث بن سعد: يجوز الوصل بغير الشَّعْر. مج ج 3 ص 147. ¬
باب في الصلاة في المجزرة والمزبلة ومحجة الطريق (¬1) مسألة (184) أكثر أهل العلم على صحَّة الصلاة في المجزرة والمزبلة ومحجة (¬2) الطريق مع الكراهة، وهو مقتضى مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد، وعن مالك روايات أحدها يجوز في غير كراهة (¬3) وذكر الموفق عن بعض الأصحاب في مذهب أحمد أنهم نصُّوا على عدم جواز الصلاة في تلك الأماكن. مغ ج 1 ص 719. باب في المحبوس ونحوه لا يجد إلا المكان النجس مسألة (185) جماهير العلماء على أن من ضاق عليه الوقت (وقت الصلاة) فلم يقدر على الصلاة إلا في مكان نجس كالمحبوس ونحوه فإنه لا يعذر في ترك الصلاة بل يصلي على حاله وجوبًا، وبه يقول مالك والشافعي وأحمد (¬4). وقال أبو حنيفة: لا يجب عليه أن يصلي حتى يجد مكانًا طاهرًا ضاق الوقت أو اتسع. مج ج 3 ص 147. باب في الصلاة في الكنائس والبِيع (معابد اليهود) ونحوها مسألة (186) جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم على صحة الصلاة في الكنائس والبِيَع (معابد اليهود) ونحوها إذا كان ما يصلَّى عليه طاهرًا مع الكراهة. حكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وأبي موسى رضي الله تعالى عنهم والحسن البصري والشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن عبد العزيز. واختاره ابن المنذر -رحمه الله-، وهو قول مالك والشافعي، وهو مذهب أحمد. وحكى ابن رشد عن قوم كراهتها مطلقًا، وعن قوم جوازها من غير تفصيل. وقال -رحمه الله-: وفَرقَ قوم بين أن يكون فيها صور أو لا يكون، وهو مذهب ابن عباس لقول ¬
عمر: لا تدخل كنائسهم من أجل التماثيل. قال رحمه الله: والعلة فيمن كرهها لا من أجل التصاوير حملها على النجاسة (¬1). مج ج3 ص 151، مغ 1ص 723. باب في الصلاة في الأرض المغصوبة مسألة (187) جمهور الفقهاء على أن الصلاة في الأرض المغصوبة مع كونها حرامًا لكنها صحيحة، وبه يقول الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وإليه ذهب مالك رحمه الله. وذهب الإِمام أحمد في إحدى الروايتين إلى بطلانها (¬2). مج ج 3 ص54. باب في الصلاة على الصوف والبسط والطنافس ونحو ذلك مسألة (188) جماهير العلماء على صحَّة الصلاة على الصُّوف واللبود والبسط والطافس وجميع الأمتعة الطاهرة بدون كراهة. وذهب مالك إلى كراهة ذلك تنزيهًا (¬3). مج ج3 ص 155, مغ ج1 ص 724، بداية ج1ص 157. باب فيمن صلى بثوب نجس جهلاً أو نسياناً مسألة (189) جمهور العلماء على أن من صلَّى بنجاسة جهلاً أو نسيانًا فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه. حكاه ابن المنذر عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وسعيد ابن المسيب وطاوس وعطاء وسالم بن عبد الله ومجاهد والشعبي والنخعي والزهري ويحيى الأنصاري والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور، وبه يقول ابن المنذر، وهو مذهب ¬
ربيعة ومالك والشافعي في القديم وأحمد في روايةٍ. قال النووي رحمه الله: وهو قوي في الدليل وهو المختار. وذهبت طائفة إلى أن الصلاة باطلة ويجب إعادتها، منهم الشافعي في الجديد من مذهبه وأحمد في روايةٍ. وهو قول أبى قلابة رحمه الله تعالى. قلت: والصحيح المنقول عن مالك رحمه الله برواية ابن القاسم عنه أنه يعيد ما دام في الوقت بمنزلة من صلى على موضع نجس فإن خرج الوقت فلا قضاء عليه (¬1). وحكاه ابن القاسم عن الزهري ورييعة. مج ج3 ص 149. باب في يسير الدم والقيح يكون في ثوب المصلي مسألة (190) جمهور أهل العلم يرون العفو عن يسير الدم والقيح يكون في ثوب المصلي. روي هذا عن ابن عباس وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وابن أبي أوفى رضي الله تعالى عنهم، وهو قول سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وطاوس ومجاهد وعروة بن الزبير ومحمد بن كنانة والنخعي وقتادة والأوزاعي والشافعي في أحد قوليه وأبي حنيفة وأصحابه. قال الموفق رحمه الله: وكان ابن عمر ينصرف من قليله وكثيره. وقال الحسن البصري: كثيره وقليله سواء. ونحوه عن سليمان التيمي، وهو أحد قولي الشافعي (¬2). مغ ج1ص 725. ¬
باب في الصلاة في مرابض الغنم مسألة (191) جمهور أهل العلم بل عامتهم على صحَّة الصلاة في مرابض الغنم. وبه يقول مالك (¬1) وأحمد. وقال الشافعي: لا تجوز الصلاة في مرابض الغنم إلا أن يكون ما يُصلِّي عليه فيها سليمًا من أبوالها وأرواثها. قلت: وهو مقتضى قول كل من يقول بنجاسة أبوال وأرواث مأكول اللحم. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إباحة الصلاة في مرابض الغنم إلا الشافعي فإنه اشترط أن تكون سليمة من أبعارها وأبوالها (¬2). مغ ج1 ص 732. ... ¬
"أبواب ستر العورة (¬1) (¬2) وما تُستر به العورة من الثياب باب في عورة الرجل (¬3) في الصلاة وغيرها مسألة (192) أكثر أهل العلم على أن عورة الرجل هي ما بين سرَّته إلى ركبته وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في رواية, وهي المعتمد في المذهب وقال أحمد في رواية: هما السوءتان (الفرجان) وهو قول ابن أبي ذئبٍ وداود. مغ ج1 ص 615. مسألة (193) جماهير العلماء على أن عورة الأمة ليست كعورة الحرة حتى كاد أن يكون الأمر إجماعًا. ¬
وخالف الإِمام محمَّد بن سيرين فيما حُكي عنه في أم الولد فجعلها كالحرة. وقال الحسن البصري في الأمة المزوجة التي أسكنها الزوج منزله: هي كالحرة تغطي رأسها، وأوجب عليها الخمار، وأستحبه عطاء (¬1). مج ج3 ص160، مغ ج1ص 639، بداية ج1ص 154 باب في صلاة الأمة مكشوفة الرأس مسألة (194) جمهور العلماء بل عامتهم على جواز صلاة الأمة مكشوفة الرأس، وأوجب الحسن على الأمة الخمار إذا تزوجت أو اتخذها الرجل لنفسه يعني تَسرَّى بها. وقال مالك نحوه في السرائر اللاتي ولدن، وقال رحمه الله في أمهات الأولاد: لا يصلين إلا بقناع كالحرائر من غير أن يوجب ذلك عليهن (¬2). مغ ج1 ص 639، بداية ج1ص 154. باب في صلاة الرجل مكشوف العاتقين مسألة (195) جمهور العلماء من السلف والخلف على صحة صلاة الرجل مكشوف العاتقين مع الكراهة، وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة. وذهب أحمد وطائفة إلى وجوب وضع شيء على العاتقين، وفي صحة صلاته بدون وضع شيء روايتان، وخصّ أحمد ذلك في الفرض دون النقل (¬3). ¬
مج ج3 ص 165، مغ ج1ص 618، بداية ج1ص 153. باب في الصلاة في ثوب الحرير مسألة (196) جمهور العلماء على أن الصلاة في ثوب الحرير صحيحة مع تحريم ذلك إلا لمن كان به حكة يصفه الطبيب له ونحو ذلك. قلت: والجمهور على صحة صلاة الرجل في ثوب الحرير ولو كان واجداً لغيره. وخالف أحمد في ذلك. مج ج3 ص 169. باب في الصلاة في الثوب المغصوب مسألة (197) جمهور العلماء على أن الصلاة في الثوب المغصوب صحيحةٌ مع الحرمة. وقال أحمد في أصحِّ الروايتين عنه: الصلاة باطلة (¬1). مج ج3 ص 170. ... ¬
أبواب استقبال القبلة
أبواب استقبال القبلة (¬1) باب في الصلاة في الكعبة مسألة (198) جمهور العلماء على جواز الصلاة داخل الكعبة والفرض والنفل في ذلك سواء، وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي. وقال مالك وأحمد: يجوز النفل المطلق دون الفرض والوتر. وقال محمَّد بن جرير الطبري: لا يجوز الفرض ولا النفل، وبه قال أصبغ من أصحاب مالك وجماعة من الظاهرية، وحُكي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما (¬2). مج ج3 ص 181. باب في استقبال القبلة لطالب العدو والغريم ونحوه مسألة (199) أكثر أهل العلم على أن طالب العدو (يعني في الحضر) الذي يخشى هروبه وفواته فإنه يصلي صلاة الآمن من استقبال القبلة وغير ذلك، وبه قال أحمد في رواية. وقال أحمد في رواية: يصلي صلاة الخائف حسب حاله كالذي يطلبه العدو وبه قال الأوزاعي. ورُوي ذلك عن شُرَحْبيل بن حسنة - رضي الله عنه -. مغ ج1ص 449. ... ¬
فصل في السترة وما يقطع الصلاة باب في ما يقطع الصلاة
فصل في السترة وما يقطع الصلاة باب في ما يقطع الصلاة مسألة (200) أكثر أهل العلم على أن من صلى إلى سترة فإنه لا يقطع صلاته شيء ولو مرَّ يينه وبين سترته، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي. وقال أحمد وإسحاق: تبطل بمرور الكلب الأسود فقط. وقال الحسن البصري: تبطل بمرور المرأة والحمار والكلب الأسود (¬1). مج ج3 ص 212، بداية ج1ص 236. باب في المرأة تخالف فتصلي بحذاء الرجل. هل تبطل صلاته؟ مسألة (201) أكثر أهل العلم على أن المرأة لو خالفت فصلت إلى جنب الرجل أو صلت وسط صف الرجال فإن صلاة من بحذائها من الرجال لا تبطل، وهو مذهب مالك والشافعي وغيرهما (¬2). وقال أبو حنيفة رحمه الله بالبطلان على تفصيل طويل ليس هذا محل بسطه (¬3). مج ج 3 ص 214. باب في المصلي يدفع من مر بين يديه مسألة (202) أكثر أهل العلم على أن المصلي له أن يدفع من مرّ بين يديه، وهو مروي عن ابن مسعود وابن عمر وسالم، ربه قال الشافعي وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي. قال الموفق: ولا أعلم فيه خلافاً. قلت: والجمهور على أن هذا الدفع لا يجب. قلت: والذي استحضره عن داود وجماعة من أهل الظاهر أن دفعه ومقاتلته واجبان ¬
لظاهر الحديث. مغ ج2 ص 75. باب في سترة الإمام مسألة (202) أكثر أهل العلم على أن سترة الإِمام سترةٌ لمن خلفه من المأمومين (¬1) قلت: هكذا حكى المسألة الموفق ولم يحك عن غيرهم خلافهم. مغ ج2 ص 67. ... ¬
فصل في صفة الصلاة (¬1) باب في الإمام يكبر للدخول في الصلاة إذا فرغ المقيم مسألة (204) جمهور العلماء من السلف والخلف على أن الإِمام لا يكبِّر للدخول في الصلاة حتى يفرغ المقيم من الإقامة، وبه يقول مالك والشافعي وآخرون. وقال أبو حنيفة والثوري ومحمد بن الحسن في إحدى الروايتين عنه: إذا قال المقيم "قد قامت الصلاة" كبَّر الإِمام وكبر المأموم خلفه. وحكاه ابن رشد عن زفر أيضًا (¬2). مج ج3 ص 215. باب في تكبير المأموم بعد فراغ المقيم للصلاة (¬3) مسألة (205) جمهور أهل العلم على أن المصلِّي مع الجماعة في المسجد لا يكبِّر حتى ينتهي المقيم من إقامة الصلاة. وبه قال الحسن ويحيى بن وثاب وإسحاق وأبو يوسف والشافعي وأحمد. وقال سويد بن غفلة والنخعي: يكبر إذا قال المقيم "قد قامت الصلاة" ورُوي هذا عن أصحاب عبد الله بن مسعود، وبه قال أبو حنيفة. مغ ج1ص 503. باب في تكبيرة الإحرام هل هي ركن؟ مسألة (206) جمهور العلماء من السلف والخلف منهم مالك والشافعي وأحمد على أن تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة لا تصحّ ولا تنعقد إلا بها. قلت: وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى. وقال الزهري فيما حكاه عنه ابن المنذر وغيره: تنعقد الصلاة بمجرد النية بلا تكبير. ¬
وحكى نحوه عن ابن عُليَّهَ والأصمِّ (¬1). مج ج 3 ص 232، بداية ج1 ص 161. باب فيمن ترك تكبيرة الإحرام هل يجزئ عنها غيرها؟ مسألة (207) جمهور العلماء على أن من ترك تكبيرة الإحرام سهواً أو عمدًا لم تنعقد صلاته ولا تجزئ عنه تكبيرة الركوع ولا غيرها، وبه يقول أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وداود. وقالت طائفة: تجزئ عنه تكبيرة الركوع. حكاه ابن المنذر عن سعيد بن المسيب والحسن البصري والزهري وقتادة والحكم والأوزاعي وحماد بن أبي سليمان في روايةٍ. وقال العبدري: ورُوي عن مالك في المأموم مثله لكنه قال يستأنف الصلاة بعد سلام الإمام (¬2). مج ج 3 ص 233. باب في تكبيرة الإحرام بغير اللغة العربية هـ تجزئ عنه؟ مسألة (208) جمهور العلماء على أن تكبيرة الإحرام لا تجوز لمن يحسن العربية إلا بالعريية وتجوز بغيرها لمن لا يحسنها، وبه يقول مالك وأبو يوسف ومحمد بن الحسن والشافعي وأحمد وداود. وقال أبو حنيفة فيما حكاه عنه النووي أنها تجوز بالعريية وبغير العربية لمن يحسن العربية ولمن لا يحسنها (¬3). مج ج 3 ص 240. باب في انعقاد التكبير بلفظ "الله الأكبر" بزيادة أل التعريف مسألة (209) جمهور العلماء على أن الصلاة تنعقد بقول المصلِّي "الله الأكبر" بزيادة ال التعريف، وبه قال الشافعي رحمه الله تعالى في الجديد من مذهبه. ¬
باب في تكبيرة الإحرام بقول "الله أجل" أو "الله أعظم"
وقال مالك وأحمد وداود: لا تنعقد، وهو قول الشافعي في القديم (¬1). مج ج 3 ص 240. باب في تكبيرة الإحرام بقول "الله أَجَلُّ" أو "الله أعظم" مسألة (210) جماهير العلماء منهم مالك والشافعي وأحمد وداود على أن الصلاة لا تنعقد إلا بلفظ التكبير، وأنها لا تنعقد بنحو "الله أَجَلُّ" أو "الله أعظم". وقال أبو حنيفة: تنعقد بكل ذِكْرٍ يُقصدُ به تعظيم الله تعالى. وقال أبو يوسف: تنعقد بألفاظ التكبير كنحو قوله: "الله الكبير" (¬2). مج ج 3 ص240. باب في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام مسألة (211) جمهور العلماء على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام وأن ذلك سنَّة مستحبة غير واجب. وقال بعض العلماء: هو واجب. وقال بعضهم: لا يُستحب (¬3). مج ج 3 ص 242، بداية ج 1 ص 175. باب في وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في موضع القراءة أثناء القيام (¬4) مسألة (212) جمهور العلماء على استحباب وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في ¬
باب في الدعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام
موضع القراءة أثناء القيام (أو عند القراءة في القيام). وممن قال به من الصحابة عليّ بن أبي طالب وأبو هريرة وعائشة وغيرهم رضي الله تعالى عنهم، وقال به من التابعين سعيد ابن جبير وإبراهيم النخعي وأبو مجلز وآخرون، وبه يقول سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود رحمهم الله تعالى أجمعين. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من الصحابة والتابين ومن بعدهم. وذهبت طائفة إلى أنه يرسل يديه ولا يضع إحداهما على الأخرى. حكاه ابن المنذر عن عبد الله بن الزبير والحسن البصري والنخعي، وحكاه القاضي أبو الطيب عن ابن سيرين. وقال الليث بن سعد: يرسلهما، فإن طال ذلك عليه وضع اليمنى على اليسرى للاستراحة. وقال الأوزاعي: هو مخيَّر بين الوضع والإرسال. وقال مالك في رواية ابن القاسم عنه بالإرسال، وهو الأشهر عنه -رحمه الله-، وعليه جميع أو جمهور أصحابه من أهل المغرب (¬1). وروى ابن عبد الحكم عن مالك كقول الجمهور. مج ج 3 ص 248، بداية ج 1 ص 181. باب في الدعاء الاستفتاح بعد تكبيرة الإحرام مسألة (213) جمهور العلماء من الصحاية والتابعين ومن بعدهم على استحباب استفتاح الصلاة بعد التكبير للإحرام بدعاء الاستفتاح المأثور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وذلك قبل القراءة. وخالف في ذلك مالك -رحمه الله- تعالى فقال يكبر للإحرام ثمَّ يقرأ ولا يستفتح وأنكر الدعاء الوارد في ذلك (¬2). مج ج 3 ص 256، مغ ج 1 ص 515. ¬
باب في المستحب في دعاء الاستفتاح
باب في المستحب في دعاء الاستفتاح مسألة (214) جمهور أهل العلم على أن المستحب في دعاء الاستفتاح هو "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جَدُّكَ ولا إله غيرك". وبه قال عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود والثوري وإسحاق وأبو حنيفة وأصحابه. قلت: وهو مذهب أحمد -رحمه الله- تعالى. وقال الشافعي: المستحب فيه هو دعاء التوجُّه وهو: "وجت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ..... إلى آخر الدعاء". وبه قال ابن المنذر، وحكى ابن رشد عن أبي يوسف أنه يجمع بينهما (¬1). مغ ج 1 ص 516. باب في الاستعاذة قبل القراءة مسألة (215) جمهور العلماء على استحباب الاستعاذة للقراءة في الصلاة وبعد دعاء الاستفتاح، وهو قول ابن عمر وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم وعطاء والحسن البصري وإبراهيم النخعي والأوزاعي، وإليه يذهب الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقال مالك: ولا يتعوَّذ الرجل في المكتوبة قبل القراءة ولكن يتعوَّذ في قيام رمضان إذا قرأ (¬2). مج ج 3 ص 260. باب في محل الاستعاذة للقراءة في الصلاة مسألة (216) جمهور العلماء على أن الاستعاذة للقراءة في الصلاة محلها هو قبل الشروع في قراءة الفاتحة، وهو مذهب الشافعي وسائر من يستحب الاستعاذة للقراءة سوى من سنذكرهم. ¬
باب في صفة الاستعاذة المستحبة في الصلاة
وقالت طائفة: يستعيذ بعد القراءة، وقال به أبو هريرة رضي الله عنه ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي، وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - يتعوَّذ بعد فراغ الفاتحة لظاهر الآية. مج ج 3 ص 260. باب في صفة الاستعاذة المستحبة في الصلاة مسألة (317) أكثر العلماء على أن صفة الاستعاذة المستحبة في الصلاة هي "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". وقال الثوري: يُستحب أن يقول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم". نقله عنه القاضي أبو الطيب. وقال الحسن بن صالح: يقول "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم". ونُقل عنه كذلك: "أعوذ بالله السميع العلم من الشيطان الرجيم إن الله هو السميع العليم". وحكى مثل هذا عن أحمد -رحمه الله-. مج ج 3 ص 260. باب في الاستعاذة للقراءة هل هي واجبة؟ أم غير ذلك؟! مسألة (218) جمهور العلماء على أن الاستعاذة في الصلاة مستحبةٌ غير واجبةٍ وهو مذهب الشافعي وغيره. وحكى عن عطاء وسفيان الثوري أنهما قالا بوجوبها، حكاه عنهما العبدريُّ وقال: وعن داود روايتان. إحداهما وجوبها قبل القراءة. مج ج 3 ص 261. * * *
فصل في أبواب القراءة في الصلاة
فصل في أبواب القراءة في الصلاة باب في قراءة القرآن في الصلاة مسألة (219) جماهير العلماء على أن قراءة القرآن في الجملة فرض في الصلاة، لا تصحُّ بدونها، وهو قول جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وبه يقول مالك وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وغيرهم رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وشذَّ قوم فقالوا: لا تجب القراءة ولا تُشترط لصحَّة الصلاة بل هي مستحبةٌ. حُكي هذا عن الحسن بن صالح وأبي بكر الأصم. قلت: ورُوي نحوه عن عمر بن الخطاب وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، ورُوي عن ابن عباس أنه لا يشترطها في صلاة السر. قال مالك -رحمه الله-: ليس العمل على قول عمر حين ترك القراءة فقالوا له: إنك لم تقرأ. فقال: كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا: حسن. قال: فلا بأس إذن. قال مالك: وأرى أن يعيد من فعل هذا وإن ذهب الوقت. قلت: يعني يقضي (¬1). مج ج 3 ص 263. باب في قراءة الفاتحة في الصلاة. هل تتعين؟ أم يجزئ عنها غيرها؟ مسألة (220) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن قراءة الفاتحة متعين في الصلاة لا تصحُّ إلا بها ولا يجزئ عنها غيرها من القرآن للقادر عليها. وهو قول عمر بن الخطاب وعثمان بن العاص وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم، وبه يقول خوات بن جبير ومحمد بن شهاب الزهري ¬
باب في تسمية فاتحة الكتاب "بأم الكتاب"
وابن عون والأوزاعي ومالك والشافعي وعبد الله بن المبارك وأحمد وأسحاق وأبو ثور وسفيان الثوري وداود. حكاه عن جل هؤلاء ابن المنذر -رحمه الله- ونقله عنه النووي. وقال أبو حنيفة في أشهر الروايات عنه إنها واجبة وليست فرضًا ولا شرط لصحة الصلاة ويجزئ عنها غيرها من القراءة، وفي رواية أنها تستحب ولا تجب. قلت: المعتمد من مذهب أبي حنيفة أن الفاتحة واجبة على الذاكر دون الناسي وأن من تركها نسيانًا أو سهوًا سجد للسهو عنها وجوبًا، وتمت صلاته إذا كان قرأ شيئًا من القرآن غيرها (¬1). مج ج 3 ص 261. باب في تسمية فاتحة الكتاب "بأم الكتاب" مسألة (221) أكثر العلماء على جواز أن تُسمَّى الفاتحة بـ "أم الكتاب". ومنع ذلك الحسن البصري ومحمد بن سيرين. مج ج 3 ص 265. باب في قراءة البسملة في أول الفاتحة (¬2) مسألة (222) أكثر أهل العلم على أنه يشرع للمصلي أن يقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم" في أول الفاتحة، وفي أول كل سورة، وهو قول الشافعي وأحمد. وقال مالك وأبو حنيفة: لا تشرع، وبه يقول الأوزاعي -رحمه الله- تعالى (¬3). مغ ج 1 ص 520. ¬
باب في الجهر والإسرار بالبسملة
باب في الجهر والإسرار بالبسملة مسألة (223) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم عند قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية للإمام وللمنفرد. رُوي هذا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ (¬1) وعمار بن ياسر وأبيِّ بن كعب وابن عمر وابن عباس وأبي قتادة وأبي سعيد وقيس بن مالك وأبي هريرة وعبد الله بن أبي أوفي وشداد بن أوس وعبد الله بن جعفر والحسين بن علي وعبد الله بن عمر ومعاوية وجماعة آخرين من المهاجرين والأنصار رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وروى الجهر كذلك عن خلائق من التابعين منهم السعيدان بن المسيب وابن جبير وطاوس وعطاء ومجاهد وأبو وائل ومحمد بن سيرين وعكرمة وعلي بن الحسين وابنه محمَّد بن عليٍّ وسالم بن عبد الله بن عمر ومحمد بن المنكدر وأبو بكر بن محمَّد بن عمر وابن حزم ومحمد بن كعب ونافع مولي ابن عمر وعمر بن عبد العزيز وأبو الشعثاء جابر بن زيد ومكحول وحبيب بن أبي ثابت ومحمد بن شهاب الزهري وأبو قلابة وعليُّ بن عبد الله بن عباس وابنه محمَّد بن عليٍّ والأزرق بن قيس وعبد الله بن مغفل ابن مقرن رحمهم الله تعالى. وقال بالجهر أيضًا من بعد التابعين: عبد الله بن عمر العمري والحسن بن زيد وعبد الله ابن حسن وزيد بن عليّ بن حسين ومحمد بن عمر بن عليٍّ وابن أبي ذئب والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه. حكى هذا القول عن هؤلاء جميعًا الحافظ أبو بكر الخطيب. ورُوي هذا القول عن بعض هؤلاء الحافظ البيهقي، وزاد في التابعين عبد الله بن صفوان ومحمد بن الحنفية وسليمان التيمي وممن تابعهم المعتمر بن سليمان. وحكى هذا القول عن بعض هؤلاء ابن عبد البر وزاد فقال: هو قول جماعة أصحاب ابن عباس طاوس وعكرمة وعمرو بن دينار، وقول ابن جريح مسلم بنا خالد وسائر أهل مكة، وهو أحد قولي ابن وهب صاحب مالك، وحكاه غير ابن عبد البر عن ابن المبارك. رحمهم الله تعالى أجمعين. قلت: وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى في الفاتحة قولًا واحدًا، واختلف عنه في البسملة هل هي آية من أول كل سورة على قولين: المعتمد في المذهب يجهر بها في ¬
باب في قراءة الفاتحة في كل ركعة. هل يجب؟
أول كل سورة في صلاة الجهر للإمام وللمنفرد. وذهبت طائفة إلى أنَّ المستحب في البسملة هو الإسرار بها في الصلاة السرية والجهرية للإمام وللمنفرد. وحكاه ابن المنذر عن عليِّ بن أبي طالب وابن مسعود وعمار ابن ياسر وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم، والحكم وحماد والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة. وهو مذهب أحمد وأبي عبيد، وحكي كذلك عن النخعي، وحكي عن ابن أبي ليلى، والحكم أن الجهر والإسرار سواء (¬1). مج ج 3 ص 274، 275. باب في قراءة الفاتحة في كل ركعةٍ. هل يجب؟ مسألة (224) أكثر العلماء على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعةٍ، وهو مرويٌّ عن عليِّ بن أبي طالب وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، وحكاه ابن المنذر عن ابن عونٍ والأوزاعي وأبي ثور، وهو الصحيح عن مالك وداود، وهو مذهب الشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى. وقال أبو حنيفة: تجب القراءة في الركعتين الأوليين، وأما الركعتان الأخريان فلا تجب فيهما قراءة أصلًا؛ بل إن شاء قرأ، وإن شاء سبَّح، وإن شاء سكت. وقال الحسن البصري وبعض أصحاب داود: لا تجب القراءة إلا في ركعة من كل الصلوات. وقال إسحاق بن راهويه فيما حكاه ابن المنذر عنه: إن قرأ في أكثر الركعات أجزأه، وعن الثوري: إن قرأ في ركعة من الصبح أو الرباعية فقط لم يجزه. وحكي عن مالك: إن ترك القراءة في ركعة من الصبح لم تجزه، وإن تركها في ركعة من غيرها أجزأه (¬2). ¬
باب في القراءة للمأموم في ركعات الصلاة
قلت: حكاه ابن القاسم عن مذهب مالك تخريجًا لا من قوله (¬1) مج ج 3 ص 291. باب في القراءة للمأموم في ركعات الصلاة مسألة (225) أكثر العلماء على وجوب القراءة على المأموم خلف الإِمام في كل الركعات، السرية والجهرية في ذلك سواء. قال النووي: قال الترمذي في جامعه: القراءة خلف الإِمام هي قول أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين. قال -رحمه الله-: وبه يقول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال ابن المنذر: قال الثوري وابن عيينة وجماعة من أهل الكوفة: لا قراءة على المأموم. وقال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد وإسحاق: لا يقرأ خلف الإِمام في الجهريَّة ويقرأ في السريَّة. وقال ابن عون والأوزاعي وأبو ثور وغيره من أصحاب الحديث: تجب القراءة على المأموم في السرية والجهرية. وقال الإِمام الخطابي: قالت طائفة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم: تجب على المأموم، وكانت طائفة منهم لا تقرأ واختلف الفقهاء بعدهم على ثلاثة مذاهب، ثمَّ حكى المذاهب التي حكاها ابن المنذر، وحكى الإيجاب مطلقًا عن مكحول وحكاه القاضي أبو الطيب عن الليث بن سعد. وحكى العبدريَّ عن أحمد أنه يُستحب للمأموم أن يقرأ في سكتات الإِمام، ¬
ولا يجب عليه، فإن كانت جهرية ولم يسكت الإِمام لم يقرأ (يعني المأموم) وإن كانت سرية استحبت الفاتحة وسورة. وقال أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى: لا تجب القراءة على المأموم بحال لا في سرية ولا في جهرية. ونقل القاضي أبو الطيب والعبدري عن أبي حنيفة أن قراءة المأموم خلف الإِمام معصية. قلت: هذا مقيد في حال قراءة الإِمام جهرًا. قال الإِمام النووي بعد حكاية ما ذكرناه من الأقوال. والذي عليه جمهور المسلمين القراءة خلف الإِمام (¬1) في السرية والجهرية. قال الإِمام البيهقي: وهو أصحُّ الأقوال على السنة وأحوطها. قال النووي: ثمَّ روى (يعني البيهقي) هذا القول بأسانيده المتعددة عن عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وابن عباس وأبي الدرداء وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وعبادة بن الصامت وأبي هريرة وهشام بن عامر وعمران (بن حصين) وعبد الله بن مغفل وعائشة رضي الله عنهم. قال النووي: ورَوَى هذا القول (يعني البيهقي) كذلك بأسانيده عن جماعة من التابعين منهم: عروة بن الزبير ومكحول والشعبي وسعيد بن جبير والحسن البصري رحمهم الله تعالى جميعًا (¬2). مج ج 3 ص 295. ¬
باب في القراءة بغير العربية (بالترجمة) في الصلاة وخارجها
باب في القراءة بغير العربية (بالترجمة) في الصلاة وخارجها مسألة (226) جماهير العلماء على عدم جواز قراءة القرآن بغير لغة العرب (ترجمة معاني القرآن واعتبارها قرآنا) لا في الصلاة ولا خارجها، والقادر والعاجز في ذلك سواء، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وداود. وقال أبو حنيفة: تجوز وتصحُ الصلاة بالترجمة مطلقًا. وقال أبو يوسف ومحمد: يجوز ذلك للعاجز دون القادر. مج ج 3 ص 312. باب في قراءة السورة بعد الفاتحة مسألة (227) جماهير العلماء على أن قراءة السورة بعد الفاتحة في الركعتين الأوليين سنَّة مستحبة وليست واجبة، وأن الفاتحة تجزئ المصلِّي لو اقتصر عليها، وهو مذهب مالك والثوري وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم رحمهم الله تعالى. وحكي عن الصحابين الجليلين عمر بن الخطاب وعثمان بن أبي العاص رضي الله تعالى عنهما وجوب قراء سورة مع الفاتحة أقلها ثلاث آيات. مج ج 3 ص 324. باب في الجهر للمنفرد فيما يجهر به مسألة (228) جماهير العلماء على أن المنفرد حكمه كالإمام في استحباب الجهر بالقراءة فيما يستحب أن يجهر به. وقال أبو حنيفة: إسراره وجهره سواء. مج ج 3 ص 325. باب في تكبيرات الانتقالات سوى تكبيرة الإحرام مسألة (229) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن تكبيرات الانتقالات سنَّة متبعة من سنن الصلاة سوى تكبيرة الإحرام فإنها واجبة، وبهذا قال من الصحابة أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عمر وغيرهم رضي الله تعالى عنهم، وهو قول ابن جابر بن عبد الله وقيس بن عباد وشعيب والأوزاعي وسعيد
باب في رفع اليدين للركوع وللرفع منه (الاعتدال)
ابن عبد العزيز والشافعي وأحمد في رواية وعوام أهل العلم. ونُقل عن سعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري أنهم قالوا: لا يُشرع إلا تكبيرة الإحرام، ولا يُكبَّر غيرها، وكذلك نُقل هذا القول عن القاسم بن محمَّد وسالم بن عبد الله بن عمر ومحمد بن سيرين، ونقل كذلك عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما. وقال أحمد بن حنبل في المشهور عنه جميع تكبيرات الانتقالات واجبة كتكبيرة الإحرام. مج ج 3 ص 334، مغ ج 1 ص 537، مغ ج 1 ص 543، 659، بداية ج 1 ص 161. باب في رفع اليدين للركوع وللرفع منه (الاعتدال) مسألة (330) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين على استحباب رفع اليدين للهُوِىِّ للركوع وللرفع منه. روى هذا القول عن أكثر الصحابة والتابعين والعلماء الإِمام الأوزاعي والإمام أبو بكر ابن المنذر والإمام أبو عيسى الترمذي صاحب الجامع والإمام الحسن البصري وحميد بن هلال والإمام أبو عبد الله البخاري صاحب الصحيح والإمام أبو بكر البيهقي رحمهم الله تعالى جميعًا. أما من رُوي عنه هذا القول من الصحابة فعدد غفيرٌ منهم عمر بن الخطاب وابنه وعبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعبد الله بن الزبير وأبو هريرة وأبو حميد الساعدي وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة الأنصاري وأبو أسيد الساعدي البدري ومحمد بن مسلمة البدريُّ وسهل بن سعد وعبد الله بن عمر بن العاص ووائل بن حجر ومالك بن الحويرث وأبو موسى الأشعري، ورُوي كذلك عن أبي بكر الصديق وعليّ بن أبي طالب وعقبة بن عامرٍ وعبد الله بن جابر البياضي الصحابي وكذا أم الدرداء رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وأما من رُوي عنه هذا القول وقال به من التابعين وغيرهم من العلماء والمحدثين فخلائق لا يحصون منهم طاوس وعطاء بن أبي رباح ومجاهد والحسن البصري وسالم ابن عبد الله وسعيد بن جبير ونافع مولي ابن عمر ومحمد بن سيرين والقاسم بن محمَّد وعمر بن عبد العزيز ومكحول وعبد الله بن دينار والنعمان بن أبي عياش وعبيد الله بن عمر والحسن بن مسلم وقيس بن سعيد وعبد الله بن المبارك وعامة أصحابه -رحمه الله- والليث
باب في التطبيق في الركوع هل يكره؟
ابن سعد وأبو ثور والأوزاعي ومالك وعبد الله بن وهب والشافعي وإسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل والبخاري ومحدثوا أهل بخارى عيسى بن موسى وكعب بن سعيد ويحيى بن معين وعبد الله بن محمَّد المشيدي والحميدي شيخ البخاري وعليُّ بن المديني ومحمد بن سلام وإسحاق بن إبراهيم. وروى هذا القول كذلك عن أبيِ قلابة التابعي وأبي الزبير وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن يحيى وغيرهم من أئمة الإِسلام شرقًا وغربًا. وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري وابن أبي ليلى وسائر أصحاب الرأي: لا يرفع يديه في الصلاة إلا لتكبيرة الإحرام، وروى هذا عن مالك. قلت: هي رواية ابن القاسم عنه، قال مالك -رحمه الله-: لا أعرف رفع اليدين في شيء من تكبير الصلاة لا في خفضٍ ولا في رفعٍ، إلا في افتتاح الصلاة رفع يديه شيئًا خفيفًا، والمرأة في ذلك بمنزلة الرجل. قلت: ورُوي هذا القول عن علي وابن مسعود والبراء بن عازب، وعليه أصحاب ابن مسعود رضي الله تعالى عنهم أجمعين (¬1). مج ج 3 ص 336. باب في التطبيق في الركوع هل يُكره؟ مسألة (231) جماهير العلماء بل عامتهم على أن المستحب للمصلي في الركوع أن يضع يديه على ركبتيه، باطن كفِّه وأصابعه اليمنى على ظاهر ركبته اليمنى وباطن كفِّه وأصابعه اليسرى على ظاهر ركبته اليسرى، ومذهب الجماهير أن التطبيق لا يشرع وهو منسوخ، وعلى هذا الذي ذكرناه العمل عند جماهير الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وبه يقول الثوري ومالك وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وإسحاق. وذهب جماعة من السلف إلى أن التطبيق سنَّة، وهو أن يجعل المصلِّي إحدى كفيه على الأخرى ثمَّ يجعلهما بين ركبتيه إذا ركع، وهو مذهب الصحابي الجليل عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. ¬
باب في الاطمئنان في الركوع وسائر الأركان
مغ ج 1 ص 541 مج ج 3 ص 350. باب في الاطمئنان في الركوع وسائر الأركان مسألة (232) جمهور العلماء على وجوب إقامة الرجل صُلْبَهُ في الركوع ووجوب الاطمئنان فيه وفي سائر الأركان من الاعتدال والسجود والجلوس بين السجدتين وغير ذلك، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وداود وغيرهم رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: يكفيه في الركوع أدنى انحناء ولا يجب الطمأنينة فيه ولا في شيء من سائر الأركان (¬1). مج ج 3 ص 349. باب في أذكار الركوع وغيره من الأركان هل يجب شيء من ذلك؟ مسألة (233) جماهير العلماء على أن أذكار الركوع والسجود والاعتدال من الركوع وتكبيرات الانتقالات وغير ذلك. كل ذلك سنَّة مستحبة، ولا يجب شيء من ذلك إلا أنه يكره تعمد ترك ذلك، وليس شيء منها شرط لصحّة الصلاة، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد في رواية ضعيفة عنه. وقال إسحاق بن راهويه: التسبيح واجب إن تركه عمدًا بطلت صلاته، وأن نسيه لم تبطل. وقال داود: واجب مطلقًا، وأشار الخطابي في معالم السنن إلى اختياره. وقال أحمد: جميع ذلك واجب، فإن ترك شيئًا منه عمدًا بطلت صلاته، وأن لم يتعمَّد لم تبطل ويسجد للسهو. مج ج 3 ص 354، مغ ج 1 ص 543. باب في قراءة القرآن في الركوع وفي السجود. هل تُشرع؟ مسألة (234) جمهور العلماء على المنع من قراءة القرآن في الركوع وفي السجود وأنها لا تُشرع؟ وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وغيرهم. ¬
باب في الاعتدال (الرفع) من الركوع هل هو ركن؟
وذهب جماعة من التابعين إلى جواز ذلك، وهو مذهب الإِمام البخاري -رحمه الله-. بداية ج 1 ص 169. باب في الاعتدال (الرفع) من الركوع هل هو ركن؟ مسألة (235) أكثر العلماء على أن الاعتدال بعد الركوع ركنُ من أركان الصلاة لا تصح إلا به وهو مذهب الشافعي وأحمد وداود ومالك في إحدى الروايتين عنه. قلت: وهي رواية ابن القاسم عنه. وذهب أبو حنيفة ومالك في رواية إلى عدم وجوب الاعتدال (¬1). قلت: وهي رواية ابن زياد عنه. مج ج 3 ص 359. * * * ¬
باب في قول المصلي ربنا لك (ولك) الحمد هل يقولها الإمام وغيره؟
باب في قول المصلي ربنا لك (ولك) (¬1) الحمد هل يقولها الإِمام وغيره؟ مسألة (236) جمهور أهل العلم على أنه يُشرع ويستحب قول: "ربنا ولك الحمد" في حق كل فصل منفردًا أو إمامًا أو مأمومًا، وبه قال ابن مسعود وابن عمر وأبو هريرة رضي الله تعالى عنهم والشعبي ومحمد بن سيرين وأبو بردة والشافعي وإسحاق وابن المنذر. وأحمد في المشهور عنه. وقال أحمد في روايةٍ أنه لا يقوله المنفرد. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يشرع قول هذا في حق الإِمام ولا المنفرد (¬2). مغ ج 1 ص 548. باب في تقديم الركبتين قبل اليدين في الهوىّ من الاعتدال للسجود مسألة (237) أكثر العلماء على أن المستحب للمصلِّي إذا أراد الهُوِيَّ من الاعتدال للسجود أن يقدم ركبتيه ثُمَّ يديه، نقله عن أكثر العلماء الترمذي والخطابي والقاضي أبو الطيب، وهو قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وإبراهيم النخعي ومسلم بن بشار وسفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر. وقال مالك والأوزاعي وأحمد في روايةٍ: يقدم يديه قبل ركبتيه. وقال مالك في روايةٍ: يقدم أيهما شاء ولا ترجيح (¬3). مج ج 3 ص 361. ¬
باب في السجود على الأرض بالجبهة والأنف
باب في السجود على الأرض بالجبهة والأنف مسألة (238) جمهور العلماء على وجوب وضع الجبهة على الأرض في السجود وأن غيرها لا يجزئ عنها. وانفرد أبو حنيفة عن سائر العلماء فقال بالتخيير بين الجبهة والأنف (¬1). مج ج 3 ص 365، مغ ج 1 ص 557. باب في السجود على ما اتصل بالمصلي من كُمِّ أو طرف عمامة ونحو ذلك مسألة (239) أكثر العلماء على صحَّة السجود على ما اتصل بالمصلي كُمًّا كان أو ذيلًا أو يدًا أو طرف عمامة أو غير ذلك، وهو قول مالك وأبي حنيفة والأوزاعي وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين، وإليه كان يذهب عطاء وطاوس والنخعي والشعبي، وممن رخص في السجود على كور العمامة الحسن ومكحول وعبد الرحمن بن يزيد، وسجد شريح على برنسه. وذهب الشافعي وأحمد في رواية وداود إلى عدم صحَّة السجود على شيء من ذلك (¬2). مج ج 3 ص 366. باب في وضع ما سوى الجبهة على الأرض في السجود. هل يجب؟ مسألة (240) جماهير الفقهاء على عدم اشتراط وضع اليدين والركبتين والقدمين في السجود، وأنه لو لم يسجد معه إلا جبهته لأجزأه (صحَّ سجوده)، وهو أحد قولي الشافعي. وقال الشافعي -رحمه الله- في قوله الآخر بالوجوب، وهو المختار المعتمد عند أهل مذهبه (¬3). مج ج 3 ص 368. ¬
باب في الإقعاء وما يكره مه في الصلاة
باب في الإقعاء وما يكره مه في الصلاة مسألة (241) أكثر العلماء على أن الإقعاء مكروه وأن له هيئة (صفة) واحدة لا غير. وذهب جمع من العلماء إلى أن الإقعاء له هيئتان اثنتان: إحداهما مكروهة، والأخرى مستحبة (¬1). مج ج 3 ص 382، مغ ج 1 ص 564. باب في الجلوس بين السجدتين مسألة (242) جمهور العلماء على أن الجلوس بين السجدتين ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا به وكذا الاطمئنان فيه، وهو مذهب الشافعي وأحمد وآخرين. وذهب أبو حنيفة إلى عدم الوجوب في الأمرين معًا. ورُوي عن أبي حنيفة ومالك أنه يجب أن يرتفع بحيث يكون إلى القعود أقرب. مج ج 3 ص 383. باب في جلسة الاستراحة هل تستحب؟ مسألة (243) أكثر العلماء على عدم استحباب جلسة الاستراحة. حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وأبي الزناد ومالك والثوري وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق والشافعي في أحد قوليه. ¬
باب في التشهد الأول هل هو واجب؟
وذهبت طائفة إلى استحبابها، وهو مروي عن مالك بن الحويرث وأبي حميد وأبي قتادة وغيرهم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله تعالى عنهم، وبه قال أبو قلابة من التابعين وغيره، وبه قال الترمذي صاحب السنن قال النووي: وبه قال أصحابنا، وهو مذهب داود ورواية عن أحمد والشافعي في قوله الثاني (¬1). مج ج 3 ص 386، مغ ج 1 ص 567. باب في التشهد الأول هل هو واجب؟ مسألة (344) أكثر العلماء على أن التشهد الأول سنة ليس بواجب وهو قول مالك والثوري والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقال الليث وأحمد وأبو ثور وإسحاق وداود: هو واجب. قال أحمد: إن ترك التشهد (يعني الأول) عمدًا بطلت صلاته وإن تركه سهوًا سجد للسهو وأجزأته صلاته. مج ج 3 ص 394. بداية في ج 1 ص 179. باب في صفة الشهد المستحب مسألة (245) أكثر أهل العلم على اختيار تشهد عبد الله بن مسعود، وبه قال الثوري وإسحاق وأبو ثور وأحمد وأصحاب الرأي وكثير من أهل المشرق. وقال مالك: أفضله تشهُّد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -. وقال الشافعي: أفضله تشهُّد عبد الله بن عباس (¬2). مغ ج 1 ص 573. ¬
باب في التكبير عند النهوض من التشهد الأول
باب في التكبير عند النهوض من التشهد الأول مسألة (246) جماهير العلماء على أن المستحب للمصلِّي إذا أراد أن ينهض من فراغه من التشهد الأول إلى قيام الركعة الثالثة أن يبدأ التكبير من حين شروعه في القيام للركعة الثالثة ولا ينتظر حتى ينتصب قائمًا، وهو مذهب الشافعي ومالك في إحدى الروايتين. وقال مالك في الرواية الثانية: لا يكبِّر حتى ينتصب قائمًا. مج ج 3 ص 406. باب في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير. هل تجب؟ مسألة (247) أكثر العلماء على أن الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في التشهد الأخير مستحبة وليست واجبة، وهو قول مالك وأهل المدينة وأبي حنيفة وأهل الكوفة وسائر أهل الرأي وأحمد في إحدى الروايتين. قال ابن المنذر: هو قول جُلِّ أهل العلم إلا الشافعي. وقال إسحاق: إن تركها عمدًا لم تصح صلاته، وإن تركها سهوًا رجوت أن تجزئه قال ابن المنذر: وبالقول الأول أقول. وقال الشافعي: هي فرض حكمها حكم سائر الأركان، وهو منقول عن عمر بن الخطاب وابنه وعبد الله بن مسعود وأبي مسعود البدري رضي الله تعالى عنهم، ورُوي هذا عن الشعبي وبه قال أحمد في الرواية الثانية عنه. قلت: وقد اعتبرها الموفق في المغني الصحيح في المذهب. وحُكِيَ هذا القولُ عن محمَّد بن كعب القرظي. حكاه الماورديُّ عنه (¬1). مج ج 3 ص 413، مغ ج 1 ص 580، الحاوي ج 2 ص 137. ¬
باب في التعوذ من الفتن آخر التشهد الأخير هل يجب؟
باب في التعوذ من الفتن آخر التشهد الأخير هل يجب؟ مسألة (248) جمهور العلماء على أن دعاء التعوُّذ المعروف آخر التشهد وقبل السلام مستحب ولا يجب. وروى مسلم عن طاوس ما يفيد الوجوب وحكاه ابن رشد عن بعض أهل الظاهر (¬1). شرح مسلم ج 5 ص 89. باب في التسليم من الصلاة هل هو ركن؟ مسألة (249) جمهور العلماء على أن التسليم من الصلاة ركن من أركان الصلاة، ولا يخرج المصلِّي من صلاته إلا به, وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: لا يجب السلام ولا هو من الصلاة؛ بل إذا قعد قدر التشهد ثمَّ خرج من الصلاة بما ينافيها من سلام أو كلام أو حدث أو قيام أو فعل أو غير ذلك أجزأه وتمت صلاته، وحكى هذا عن الأوزاعي كذلك (¬2). مج ج 3 ص 424، بداية ج 1 ص 172. باب في التسليمة الثانية في الصلاة مسألة (250) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على استحباب التسليمة الثانية للمصلي، حكاه عن الجمهور الترمذي والقاضي أبو الطيب وآخرون، وحكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وعليٍّ بن أبي طالب وابن مسعود وعمار بن ياسر ونافع بن الحارث رضي الله تعالى عنهم، وحكاه كذلك عن عطاء بن أبي رباح وعلقمة والشعبي وأبي عبد الرحمن السلمي التابعي والثورى وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي. قلت: وهو مذهب الشافعي. قال ابن المنذر: وقالت طائفة: يسلِّم تسليمة واحدة، قاله ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة - رضي الله عنهما - والحسن وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز ومالك والأوزاعي. قلت: وحكى ابن رشد عن مالك قولًا ضعيفًا أن المأموم يسلِّم ثلاثًا واحدة للتحلل ¬
باب في الاقتصار على تسليمة واحدة هل يجزئ؟
من الصلاة، والثانية للإمام ردًّا عليه، والثالثة عن يساره. قال ابن المنذر: وقال عمار بن أبي عمار: كان مسجد الأنصار يسلِّمون فيه تسليمتين, ومسجد المهاجرين يسلِّمون فيه تسليمة. قال ابن المنذر: وبالأول أقول (¬1). مج ج 3 ص 425. باب في الاقتصار على تسليمة واحدة هل يجزئ؟ مسألة (251) جمهور العلماء على أن الواجب في حق المصلِّي تسليمة واحدة وأن الثانية لا تجب. وحكى الطحاوي والقاضي أبو الطيب وآخرون عن الحسن بن صالح أنه أوجب التسليمتين جميعًا. قال النوري: وهي رواية عن أحمد وبهما (يعني بالتسليمتين) قال بعض أصحاب مالك والله أعلم. مج ج 3 ص 425، مغ ج 1 ص590، بداية ج 1 ص 172. باب في هيئة دعاء القنوت هل يتعين فيه شيء؟ مسألة (252). جماهير العلماء على أن دعاء القنوت لا يتعين فيه شيء معين من الدعاء. وذهب بعض أهل العلم إلى تعين دعاء أبي بن كعب "اللهم إنا نستعينك ونستغفرك" (¬2). مج ج 3 ص 439. باب في القنوت في صلاة الصبح مسألة (253) أكثر أهل العلم من السلف ومن بعدهم (أو كثير منهم) (¬3) على ¬
باب في القنوت للنازلة هل يشرع في غير الصبح؟
استحباب القنوت في الصبح في النوازل وغيرها، وهو مذهب أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعليّ وابن عباس والبراء بن عازبٍ رضي الله تعالى عنهم، وهو قول خلائق من التابعين، وهو مذهب ابن أبي ليلى والحسن بن صالح ومالك والشافعي وداود. وقال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه وأصحابه وأبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري وأحمد: لا قنوت في الصبح (¬1). قال أحمد: إلا الإِمام فيقنت إذا بعث الجيوش، وقال إسحاق: يقنت للنازلة خاصةً. مج ج 3 ص 445. باب في القنوت للنازلة هل يشرع في غير الصبح؟ مسألة (254) جمهور العلماء على أن القنوت لا يشرع في النوازل في غير صلاة الصبح. وقال آخرون بل تقنت للنازلة في كل صلاة، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى (¬2) مج ج 3 ص 447. * * * ¬
فصل في أبواب صلاة التطوع
فصل في أبواب صلاة التطوع باب في صلاة الوتر هل هي واجبة؟ مسألة (255) جماهير العلماء على أن صلاة الوتر سنَّة مؤكدة غير واجبة وأنه لا يجب شيء من الصلوات سوى الصلوات الخمس، وهو مذهب مالك وأبي يوسف ومحمد بن الحسن صاحبي أبي حنيفة (¬1) والشافعي وأحمد وغيرهم من السلف ومن بعدهم. وقال أبو حنيفة: هو واجب، فإن تركه حتى طلع الفجر أثم ولزمه القضاء. قال ابن المنذر: ولم يذهب إلى هذا غير أبي حنيفة. حكاه عنه الماورديُّ. الحاوي ج 2 ص 278، بداية ج 1 ص 117، مغ ج 1 ص 377، 791، مج ج 3 ص 474. باب في أداء الوتر على الراحلة للمسافر مسألة (256) جمهور العلماء من الصحابة ومن بعدهم على جواز فعل الوتر وسائر النوافل على الراحلة (الدابة) في السفر بعذرٍ وبغير عذرٍ، وهو قول علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وبه يقول عطاء والثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود رحمهم الله تعالى وغيرهم. وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يجوز أداء الوتر على الراحلة بل ينزل ويصليها كما يصلِّي الفرائض إلا لعذرٍ (¬2). مج ج 3 ص 477، بداية ج 1 ص 266. باب في أول وقت الوتر وآخره مسألة (257) جماهير العلماء على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقتٌ للوتر، وأنه يفوت بطلوع الفجر، وهو مذهب الشافعي، وحكاه ابن المنذر عن جماعة، وقال: وممن استحب فعله أول الليل أبو بكر وعثمان وأبو الدرداء وأبو هريرة ¬
باب في أقل الوتر من الركعات
ورافع بن خديج وعبد الله بن عمر وبن العاص لما أسنَّ (أصبح مُسِنًّا)، واستحب تأخيره عمر وعليّ وابن مسعود ومالك. قلت: ويصلىِ الوتر لمن نام عنه ما لم يصل الصبح عند مالك ولا يقضي عنده بعد فوات وقته. رواه ابن القاسم عنه. وحكى ابن المنذر عن جماعة من السلف أنهم قالوا: يمتد وقته إلى أن يصلِّي الصبح، وهو قول عطاء والنخعي والثوري وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. وعن طائفة أنه يصلِّي الوتر ولو صلَّى الصبح، حكاه ابن المنذر عن طاوس. وقال آخرون: يصلِّي الوتر وإن طلعت الشمس. حكاه ابن المنذر عن أبي ثور والأوزاعي. وعن سعيد بن جبير: يوتر ولو من الليلة القابلة (¬1). مج ج 3 ص 477. باب في أقل الوتر من الركعات مسألة (258) جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن أقل الوتر ركعة واحدة، رُوي ذلك عن عثمان وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبي موسى الأشعري وعائشة ومعاوية ومعاذٍ القارئ بمشهدٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو ثور، وهؤلاء قالوا: المستحب فيه أن يصلِّي ركعتين ثمَّ يسلم ثمَّ يوتر بركعةٍ. حكى هذا الموفق -رحمه الله-. وقال أبو حنيفة: هي ثلاث ركعات لا غير لا يفصل بينهما كهيئة المغرب لا يزيد عليها ولا ينقص، ومالك يقول: هي ثلاث لكن يَفصل بينهما، وممن أوتر بثلاث: عمر وعلي وأبي بن كعب وأنس وابن مسعود وابن عباس وأبو أمامة وعمر بن عبد العزيز وسائر أصحاب الرأي. وقال إسحاق: لا يصح إلا بثلاث ركعات أو أكثر، وبه يقول سفيان الثوري. ¬
باب في سنة القراءة في الوتر
حكاه عنه النووي (¬1). مج ج 3 ص 477. باب في سنة القراءة في الوتر مسألة (259) جمهور العلماء على أن سنَّة القراءة في الوتر لمن صلَّاها ثلاث ركعات أن يقرأ في الأولى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وفي الثانية بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، ثمّ ذهب الشافعي ومالك وداود إلى زيادة المعوذتين في الثالثة ونقله عياض عن جمهور العلماء. قلت: وكان مالك يعمل بهذا في خاصة نفسه ولا يفتي به أحدًا. وذهب أبو حنيفة والثوري وإسحاق وأحمد فيما حُكي عنه إلى الاقتصار على {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} في الثالثة، ونقله الترمذي عن أكثر العلماء (¬2). مج ج 3 ص 479. باب في نقض (¬3) الوتر مسألة (260) أكثر العلماء على أن من صلى الوتر أول الليل ثم عَنَّ له أن يصلِّي من الليل فإن وتره لا ييطل ولا يحتاج إلى وتر جديد، حكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وسعد وعمار بن ياسر وابن عباس وعائذ بن عمرو وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وهو قول طاوس وعلقمة والنخعي وأبي مجلز والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وأبي ثور رحمهم الله تعالى. وقالت طائفة: ينقضه فيصلِّي في أول تهجُّده ركعة تشفع وتره الأول، ثمّ يتهجد ثمَّ يوتر وترًا جديدًا في آخر صلاته. حكاه ابن المنذر عن عثمان بن عفان وعليِّ بن أبي طالب وسعد وابن مسعود وابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - وعمرو بن ميمون وابن سيرين وإسحاق. قلت: وهو مذهب أبي حنيفة -رحمه الله-. مج ج 3 ص 480، بداية في ج 1 ص 267. ¬
باب في التنفل بعد الوتر هل قال به أحد؟
باب في التنفُّل بعد الوتر هل قال به أحد؟ مسألة (261) أكثر أهل العلم بل عامتهم على أنه لا يُستحب لمن صلَّى الوتر أن يصلي بعده شيئًا من النوافل إلا لمن نام وقد صلَّى الوتر أول الليل ثمَّ عنَّ له أن يقوم أو يتهجَّد من آخر الليل (¬1). وسُئل أحمد عن الركعتين بعد الوتر اللتين جائتا في بعض الأحاديث. فما ترى فيها؟ فقال: أرجو إن فعله إنسان لا يضيق عليه، ولكن يكون وهو جالس كما جاء في الحديث. قلت (يعني السائل): تفعله أنت؟ قال (يعني أحمد): لا ما أفعله (¬2). مغ ج 1 ص 767. باب في المستحب المسنون في صلاة الليل من الركعات مسألة (262) أكثر أهل العلم على أن صلاة التطوع في الليل المستحب والمسنون فيها أن تصلي ركعتين ركعتين، يَفْصِلُ بين كل منهما بالسلام، وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد بن الحسن والشافعي وأحمد وداود وابن المنذر، وحكاه النووي عن الحسن البصري وسعيد بن جبير (¬3). قلت: وصلاة نفل النهار هي كذلك عند مالك. ¬
باب في راتبة الفجر هل قال أحد بوجوبها؟
وقال أبو حنيفة: إن شئت ركعتين، وإن شئت أربعًا (يعني لا يفصل بينهما) وإن شئت ستًّا، وإن شئت ثمانيًا. مغ ج 1 ص 761. باب في راتبة الفجر هل قال أحد بوجوبها؟ مسألة (263) جماهير العلماء على أن راتبة الفجر سنَّة مؤكدة ليست واجبةُ. ونقل القاضي عياض عن الحسن البصري -رحمه الله- القول بوجوبها (¬1). مج ج 3 ص 482. باب في الإسرار والجهر في راتبة الفجر مسألة (264) أكثر العلماء على أن المستحب في ركعتي الفجر (راتبة الفجر) هو الإسرار. وبه يقول مالك والشافعي. وقال آخرون: المستحب فيهما الجهر. وقال آخرون: هو بالخيار. بداية ج 1 ص 268. باب في الاضطجاع بعد راتبة الفجر وقبل أداء الفرض هل يُستحب؟ مسألة (265) جمهور العلماء على أن الاضطجاع (¬2) بعد راتبة الفجر وقبل الفرض ليس سنَّة. وذهب الشافعي إلى الاستحباب. مج ج 3 ص 483. باب في فعل السنن الرواتب (¬3) في السفر مسألة (366) أكثر العلماء على استحباب فعل الرواتب في السفر. ¬
باب في عدد ركعات التراويح في رمضان هل هي عشرون أم أكثر من ذلك؟
وقالت طائفة: لا يُستحب. مج ج 3 ص 486. باب في عدد ركعات التراويح في رمضان هل هي عشرون أم أكثر من ذلك؟ مسألة (267) جمهور العلماء على أن الأفضل في عدد ركعات التراويح في رمضان أن تكون عشرين ركعة، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد وداود وغيرهم. وقال مالك: التراويح تسع ترويحات، وهي ست وثلاثون ركعةً غير الوتر. قال -رحمه الله-: هو الأمر القديم. رواه عنه ابن القاسم. قال الشافعي -رحمه الله-: ورأيتهم بالمدينة يقومون بستٍ وثلاثين ركعةً بسبع ترويحات، ويوترون بثلاث. قال -رحمه الله-: وأحبُّ إليَّ عشرون لأنه رُوي عن عمر بن الخطاب وكذلك (يعني بالعشرين) يقومون بمكة ويوترون بثلاثةٍ. هذا نصُّه بحروفه -رحمه الله- (¬1). مج ج 3 ص 486. باب في القراءة من المصحف في قيام رمضان للإمام وغيره هل يشرع؟ (¬2) باب في التراويح هل الأفضل فيها الجماعة أم الانفراد؟ مسألة (268) جماهير العلماء على أن فعل التراويح في جماعةً أفضل من الانفراد؟ ¬
باب في صلاة الضحى هل أنكرها أحد؟
ذوأنَّ صلاة الليل في آخره أفضل من فعلها أوله. وهو مذهب أحمد (¬1). وقال رييعة ومالك وأبو يوسف وآخرون: الانفراد فيها أفضل. قلت: وذكره الشافعي -رحمه الله- (¬2). مج ج 3 ص 487، بداية ج 1 ص274. باب في صلاة الضحى هل أنكرها أحدٌ؟ مسألة (269) جمهور العلماء من السلف والخلف على أن صلاة الضحى سنَّة مستحبَّة. وثبت عن ابن عمر أنه عدها بدعةً، وعن ابن مسعود نحوه. مج ج 3 ص 490. باب في ركعتي تحية المسجد مسألة (270) جمهور العلماء على أن من دخل المسجد في غير الأوقات المكروهة (¬3) سنَّ له صلاة ركعتين قبل أن يجلس، ولا يجب عليه ذلك. وقال أهل الظاهر هما واجبتان. بداية ج 1 ص 292. ¬
فصل في أبواب سجود التلاوة والشكر
فصل في أبواب سجود التلاوة والشكر باب في سجود التلاوة هل يجب شيء منه؟ مسألة (271) جمهور العلماء على أن سجود التلاوة سنَّة وليس واجبًا، وهو قول عمر بن الخطاب وسلمان الفارسي وابن عباس وعمران بن حصين رضي الله تعالى عنهم. وبه يقول مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى: سجود التلاوة واجب على القارئ وعلى المستمع (¬1). مج ج 3 ص 513. باب في سجدات المفصل مسألة (272) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على إثبات سجدات المفصل، وهي: النجم {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}. قلت: وقال مالك في رواية ابن القاسم عنه: ليس في المفصل منها شيء، والسجدات عند مالك إحدى عشرة سجدة "المص" و"الرعد" و"النحل" و"بني إسرائيل" و"مريم" و"الحج" في أولها و"الفرقان" و"الهدهد" يعني القصص و"آلم تنزيل السجدة" و"ص" و"حم تنزيل" (¬2). مج ج 3 ص 515. باب في اشتراط الطهارة لسجود التلاوة مسألة (273) جمهور العلماء على اشتراط الطهارة وسائر شرائط الصلاة لسجود التلاوة، وبه يقول كل من يحفظ عنه من فقهاء الأمصار (¬3). ¬
باب في التكبير لسجود التلاوة
وروي عن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه في الحائض تسمع السجدة، تؤمي برأسها، وبه قال سعيد بن المسيب، قال ويقول: اللَّهم لك سجدت. وعن الشعبي فيمن سمع السجدة على غير وضوء يسجد حيث كان وجهه. مغ ج 1 ص 650، بداية ج 1 ص 56. باب في التكبير لسجود التلاوة مسألة (274) جمهور الفقهاء على أن الساجد للتلاوة يكبِّر إذا خفض للسجود ويكبِّر إذا رفع منه، وممن رُوي عنه التكبير لسجود التلاوة ابن سيرين والحسن وأبو قلابة والنخعي ومسلم ابن يسار وأبو عبد الرحمن السلمي وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي. ووافق مالك الجمهور إذا كان الساجد للتلاوة في صلاة واختلف عنه إذا كان في غير صلاة، وروى ابن القاسم عنه أنه كان -رحمه الله- يُضَعِّفُ التكبير قبل السجود وبعد السجود، وروي عنه أنه قال بَعْدُ: أرى أن يكبِّر. قال ابن القاسم: وقد اختلف قوله فيه إذا كان في غير صلاة (¬1). بداية ج 1 ص 295. باب في الركوع هل يقوم مقام سجود التلاوة؟ مسألة (275) جمهور العلماء من السلف والخلف على أن الركوع لا يقوم مقام سجود التلاوة. وقال أبو حنيفة: يقوم مقامه (¬2). مج ج 3 ص 525. ¬
باب في القارئ في الصلاة يمر بآية رحمة أو آية عذاب
باب في القارئ في الصلاة يمر بآية رحمة أو آية عذابٍ مسألة (276) جمهور العلماء من السلف ومن بعدهم على أنه يُستحب للقارئ في الصلاة إذا مرَّ بآية رحمةٍ أن يسأل الله ذلك، وإذا مرَّ بآية عذاب أن يستعيذ بالله من ذلك. وقال أبو حنيفة: يكره ذلك. قلت: ونحوه قال ملك في المأموم يسمع الإِمام يقرأ الآية فيها ذكر النار. قال: وإن تعوذ فسرًّا (¬1). باب في سجود الشكر لتجدد نعمة او اندفاع نقمة مسألة (277) أكثر العلماء على استحباب سجود الشكر عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمةٍ، وهو محكي عن أبي بكر الصديق وعليِّ بن أبي طالب وكعب بن مالك رضي الله تعالى عنهم، وحُكي كذلك عن إِسحاق وأبيِ ثور، وهو مذهب الليث والشافعي وأحمد وداود وابن المنذر. وقالت طائقة بكراهته، منهم أبو حنيفة والنخعي ومالك في أشهر الروايتين عنه. وقال مالك في رواية: ليس هو سنة. مج ج 3 ص 523. * * * ¬
فصل في أبواب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها
فصل في أبواب ما يفسِدُ الصلاة وما يكره فيها باب في التسبيح والتصفيق في الصلاة مسألة (278) جمهور العلماء على أن من نابه (عرض له) شيء في الصلاة فإن كان رجلًا سبَّحَ، وإن كان امرأة صفَّقت وسواء تعلق هذا الشيء بالصلاة أو لأمر خارجها وأنَّ من فعل هذا فإن صلاته تامة ولا تفسد، وبه يقول الأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق وداود وغيرهم. ووافق أبو حنيفة الجمهور إذا كان الأمر يتعلَّق بالصلاة لتنبيه إمامه ونحوه ومنعه لغير ذلك. وذهب مالك إلى أن المرأة تسبح كالرجل، وحكاه ابن رشد عن جماعة لم يسمهم (¬1). مج ج4 ص 12. مغ ج 1 ص 707. باب في الالتفات اليسير في الصلاة مسألة (279) جمهور الفقهاء على أن الالتفات اليسير في الصلاة لا يبطل الصلاة ما لم يستدبر القبلة، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وأبو ثور وغيرهم. قال الموفق: قال ابن عبد البر: وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يفسد الصلاة إذا كان يسيرًا. وقال الحسن: إن التفت عن يمينه وعن شماله فقد مضت (صحَّت) صلاته، وإن استدبر القبلة استقبل (أعاد) صلاته. قلت: ولم يحك الموفق -رحمه الله- من خالف الجمهور في هذا إلا أن ابن القاسم ذكر عندما سُئل عن قول مالك فيمن التفت بجميع جسده أنه لم يسأل مالكًا عن هذا ثمَّ قال: وذلك كله سواء، يعني لا تبطل صلاته ما لم يستدبر القبلة فلعلَّ هذا يبعد قليلًا عن معنى قول الجمهور، والله تعالى أعلم (¬2). مغ ج 1 ص 161. ¬
باب في التكلم عمدا في الصلاة
باب في التكلم عمدًا في الصلاة مسألة (280) جمهور (الفقهاء) العلماء على أن من تكلم عمدًا في الصلاة فإنه يبطلها وسواء تكلم لمصلحة الصلاة أو لغير ذلك، وهو مذهب الشافعي. وقال مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنهما والأوزاعي: لا تبطل إذا كان لمصلحة الصلاة (¬1). وحكى ابن رشد عن الأوزاعي أنه شذَّ قال: من تكلَّم في الصلاة لإحياء نفس أو لأمرٍ كبير فإنه يبني (¬2). مج ج 4 ص 15. باب في كلام الناسي في الصلاة مسألة (281) جمهور العلماء على أن من تكلم ناسيًا في الصلاة ولم يكثر كلامه فإن صلاته صحيحة لا تبطل، وبه قال العبادلة ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم، وبه قال كذلك عروة بن الزبير وعطاء والحسن البصري والشعبي وقتادة وجميع المحدثين، وهو قول مالك والشافعي والأوزاعي وبه قال أحمد في روايةٍ وإسحاق وأبو ثور وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقال إبراهيم النخعي وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وأحمد في روايةٍ تبطل. ووافق أبو حنيفة الجمهور في سلام الناسِيَ في أنه لا ييطها (¬3). مج ج 4 ص 16. باب في عد الآي (الآيات) في الصلاة مسألة (282) أكثر من بلغنا من أهل العلم على جواز عد الآي (الآيات) في الصلاة وأنه لا يفسد الصلاة. قال ابن المنذر: رخص فيه ابن أبي مليكة وأبو عبد الرحمن السلمي وطاوس وابن سيرين والشعبي والنخعي والمغيرة بن حكيم والشافعي وأحمد وإسحاق. ورواه الأثرم عن يحيى بن وثاب والحسن ومجاهد وسعيد بن جبير. وكره ذلك أبو حنيفة. حكاه عنه ابن المنذر. مج ج 4 ص 29، مغ ج 1 ص 663. ¬
باب في التسبيح والتحميد ونحوهما في غير موضعه في الصلاة هل يبطلها؟
باب في التسبيح والتحميد ونحوهما في غير موضعه في الصلاة هل يبطلها؟ مسألة (283) جمهور العلماء على أن التسبيح والتحميد وما شابههما من أذكار الصلاة إذا قيل في غير موضعه (ركوع أو سجود ونحوه) فإنه لا يبطل الصلاة، وسواء قصد بذلك التنبيه أو لم يقصد، وهو مذهب الشافعي والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور. قلت: وبه يقول مالك (¬1). وقال أبو حنيفة: إن قاله ابتداءً لم يبطل، وإن قاله جوابًا أبطل؛ لأنه كلام. مج ج 4 ص 19. باب في الفتح على الإِمام (تلقينه) إذا أرتج عليه هل يشرع؟ مسألة (284) أكثر العلماء على أن الفتح على الإِمام وتلقينه إذا غلط أو أرتج (نسي أو تردد) عليه مشروع مستحب ولا يفسد الصلاة، وبه قال عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن عمر رضي الله تعالى عنهم وعطاء والحسن وابن سيرين وابن معقل ونافع بن جبير وأبو أسماء الرجي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق. حكاه ابن المنذر عنهم وقال: وبالتلقين أقول: نقله عنه النووي. وزاد الموفق في هؤلاء فحكاه عن أبي عبد الرحمن السلمي. قال النووي: وكرهه ابن مسعود وشريح والشعبي والثوري ومحمد بن الحسن. وقال أبو حنيفة: تبطل الصلاة به (¬2). بداية ج 1 ص 194. باب في التبسم في الصلاة هل هو كالضحك؟ (¬3) مسألة (285) أكثر العلماء على أن التبسم لا يبطل الصلاة، وهو مذهب جابر بن عبد الله الصحابي رضي الله تعالى عنه، وهو قول عطاء ومجاهد والنخعي والحسن ¬
باب فيمن أحدث في الصلاة من غير عمد هل يبني على صلاته إذا توضأ أم يستأنف؟
وقتادة والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. قلت: وهو مذهب مالك وأحمد. وذهب ابن سيرين إلى أنه يبطل الصلاة كالضحك قال -رحمه الله-: لا أعلم التبسّم إلا ضحكًا (¬1). مغ ج 1 ص 705. مج ج 4 ص 19. باب فيمن أحدث في الصلاة من غير عمدٍ هل يبني على صلاته إذا توضأ أم يستأنف؟ مسألة (286) جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من أحدث في صلاته من غير عمدٍ انتقض وضوؤه فإذا توضأ لتوِّه فإنه ييني على ما مضى من صلاته، ولا يستأنف الصلاة من جديد، وبه قال عمر بن الخطاب وعليٌّ وابن عمر. حكاه عنهم ابن الصباغ، ورواه البيهقي عن سلمان الفارسي وابن عباس وابن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وعطاء وطاوس وأبي إدريس الخولاني وسليمان بن يسار وغيرهم. قلت: وبه قال أبو حنيفة وابن أبي ليلى والأوزاعي والشافعي في القديم من مذهبه. وقال آخرون: لا يجوز البناء، بل يستأنف (يعيد) صلاته من جديد، وبة قال المسور بن مخرمة الصحابي - رضي الله عنه - ومالك وابن شبرمة والشافعي في الجديد وأحمد في الصحيح من مذهبه (¬2). قلت: وحكى ابن رشد هذا المذهب عن الجمهور إلا في الرعاف. (نزول الدم من أنفه) مج ج 4 ص 5. باب في الأكل أو الشرب عمدًا في الصلاة النافلة (¬3) مسألة (287) أكثر الفقهاء بل جمهمورهم على أن من أكل أو شرب في صلاة ¬
باب في من خالف فجهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر
ال نفل عامدًا فإن صلاته تبطل، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في أصح الروايتين. وقال أحمد في روايةٍ: لا يبطلها، ورُوي عن ابن الزبير وسعيد بن جبير أنهما شربا في التطوع، وعن طاوس أنه لا بأس به، وقال به إسحاق. قال ابن المنذر: لا يجوز ذلك، ولعلَّ من حكى ذلك عنه فعله سهوًا. مج ج 4 ص 21، مج ج 1 ص 713. باب في من خالف فجهر في موضع الإسرار أو أسرَّ في موضع الجهر مسألة (288) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر فإن صلاته لا تبطل، وبه قال الحسن وعطاء وسالم ومجاهد والقاسم والشعبي وعلقمة والأسود والأوزاعي والشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد والثوري وأبو ثور وإسحاق (¬1). ورُوي عن أنس رضي الله تعالى عنه أنه جهر في الظهر والعصر ولم يسجد. وقال ابن أبي ليلى: إذا أسرَّ في موضع الجهر أو عكس بطلت صلاته. مغ ج 1 ص 683، مج ج 4 ص 49. باب في المصلي يُسلَّم عليه كيف يفعل؟ مسألة (289) جمهور العلماء على أن من كان في صلاةٍ فسلَّم عليه أحدٌ فإنه لا يرد عليه باللفظ (بالكلام) وإنما يرد عليه بالإشارة، وليس ذلك واجبًا عليه فإن خالف فرد عليه بالكلام (باللفظ) بطلت صلاته، ويُستحب لمن ردَّ على المسلِّم عليه في الصلاة وقد ردَّ عليه إشارة أن يردَّ عليه باللفظ إذا قضى صلاته (أنهى صلاته)، وبهذا الذي ذكرناه من أنه يرد إشارة قال ابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وهو قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم رحمهم الله تعالى. ¬
باب في صلاة من كف شعره أو ثوبه ونحو ذلك
وقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه وسعيد بن المسيب والحسن البصري وقتادة: يردُّ عليه في صلاته لفظًا. وقال عطاء والثوري: يردُّ بعد فراغه من صلاته سواء كان المسلِّمُ حاضرًا أم لا، ورُوي عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -. وقال النخعي: يرُّد بقلبه. وقال أبو حنيفة: لا يرد لا لفظًا ولا إشارة (¬1). مج ج 4 ص 33. باب في صلاة من كفَّ شعره أو ثوبه ونحو ذلك مسألة (290) جمهور العلماء على كراهية الصلاة مع كَفِّ شَعْرٍ أوْ ثوب أو نحو ذلك، وسواء فعل ذلك لأجل الصلاة أم لغير ذلك. وقال مالك: يكره ذلك إذا فعل شيئًا مما ذُكر لأجل الصلاة وأما من كان على هيئته تلك قبل الصلاة ثمَّ دخل في صلاته فلا بأس به (¬2). مج ج 4 ص 27. باب في صلاة الحاقن (المدافع للأخبثين البول والغائط) مسألة (291) عامة أهل العلم في المشهور عنهم أن صلاة الحاقن مكروهة ولا تبطل بمدافعة الأخبثين. وقال بعض الأصحاب في المذهب الشافعي: إن ذهب خشوعه بطلت صلاته. وقال أهل الظاهر ببطلان الصلاة مع المدافعة مطلقًا. قلت: وروى ابن القاسم عن مالك أن الحاقن يعيد صلاته في الوقت وخارجه (¬3). مج ج 4 ص 34، بداية ج 1 ص 238. ¬
باب في الاتكاء على العصي في صلوات النوافل
باب في الاتكاء على العصي في صلوات النوافل مسألة (292) جمهور العلماء على جواز الاتكاء على العِصِيِّ في الصلوات النوافل وحكى عن ابن سيرين كراهته. وقال مجاهد: ينقص من أجره بقدره. مج ج 3 ص 220. باب في الاتكاء على العصي ونحوها في الصلوات الفرائض مسألة (293) جمهور العلماء على عدم جواز الاتكاء على شيء في الصلوات الفرائض كالعصا أو الجدار ونحو ذلك بحيث لو لم يتكئ لسقط، وأن صلاته تبطل بذلك إلا للمضطر كالمريض ونحوه فيجوز له ذلك، وهو أفضل في حقِّه من الجلوس. وأجاز جماعة من الصحابة والسلف الاتكاء مطلقًا منهم أبو ذرٍ وأبو سعيد الخدري - رضي الله عنهم -. مج ج 3 ص 220. * * *
فصل في أبواب سجود السهو
فصل في أبواب سجود السهو (¬1) باب في من قرأ في غير موضع القراءة هل يسجد للسهو؟ مسألة (294) عوام أهل العلم على أنه لا سجود للسهو على من قرأ القرآن في غير موضع القراءة، وهو قول العلماء كافة إلا رواية عن أحمد وهو المعتمد في المذهب عند الشافعية. مج ج 4 ص 47. باب في السجود السهو للزيادة وللنقصان مسألة (295) جمهور العلماء من السلف والخلف على أن سجود السهو يشرع للزيادة كما يشرع للنقصان. وقال علقمة والأسود: لا يسجد للزيادة. مج ج 4 ص 48. باب في من سها في أكثر من موضعين كم مرة يسجد للسهو؟ مسألة (296) أكثر العلماء على أن من سها في صلاله أكثر من مرةٍ فإنه يجزئه سجود للسهو واحد (يعني سجدتين)، وهو قول إبراهيم النخعي ومالك والشافعي ¬
باب في سجود السهو لمن قعد لما يقام له وعكسه
والثوري والليث وأحمد وأصحاب الرأي. وقال الأوزاعي: إذا سها سهوين سجد مرتين (يعني أربع سجدات) (¬1) مج ج 4 ص 55، مغ ج 1 ص 693. باب في سجود السهو لمن قعد لما يُقام له وعكسه مسألة (297) جمهور أهل العلم على أن سجود السهو يشرع لمن قام في موضع القعود أو قعد في موضع القيام، وإليه ذهب ابن مسعود - رضي الله عنه - وقتادة والثوري والشافعي وإسحاق واصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد. وقال علقمة والأسود: لا سجود فيه. مغ ج 1 ص 676. باب في من نسى الجلوس للتشهد الأول واستوى قائمًا هل يرجع؟ مسألة (298) أكثر الفقهاء على أن المصلِّي إذا نسي الجلوس للتشهد الأول واستوى قائمًا وشرع في قراءته فإنه لا يجوز له العود للتشهد، بل يمضي في صلاته ثم يسجد للسهو، رُوي هذا عن عمر وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود والمغيرة بن شعبة والنعمان ابن بشير وابن الزبير وعقبة بن عامر رضي الله تعالى عنهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز والأوزاعي وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي. قلت: ومذهب إبراهيم النخعي وأحمد كمذهب الجمهور إلا أن يتذكر قبل شروعه في القراءة فيعود في هذا الحال للتشهد، وأبى ذلك الشافعي -رحمه الله- فقال: إن انتصب قائمًا حرم عليه العود للتشهد، وفي مذهبه إن عاد بطلت صلاته، ونقل النووي عن عمر بن عبد العزيز والأوزاعي وأبي حنيفة وأصحابه موافقتهم للشافعي في تحريم العود للتشهد إذا انتصب قائمًا. ¬
باب في الإمام يتحمل السهو عن المأموم
وقال مالك: إن كان للقيام أقرب لم يعد وإلا عاد. وقال الحسن البصري: إن ذكره قبل الركوع عاد وإلا فلا (¬1) مغ ج 1 ص 677، بداية ج 1 ص 255. باب في الإمام يتحمل السهو عن المأموم مسألة (299) عوام أهل العلم على أن الإِمام يتحمل سهو المأموم وأن المأموم لا يشرع له سجود السهو إذا كان غير مسبوق (يعني كان موافقًا لإمامه) ولا يشرع كذلك للإمام أن يسجد عن سهو مأمومه سواء كان المأموم موافقًا أو مخالفًا (مسبوقًا) (¬2). وقال مكحول: يسجد المأموم لسهو نفسه. مج ج 4 ص 56، مج ج 1 ص 695، بداية ج 1 ص 256. باب في الإمام يسهو هل يسجد المأموم معه للسهو؟ مسألة (300) جمهور العلماء على أن الإِمام إذا سها فسجد للسهو لزم المأموم أن يتابع إمامه في ذلك. وقال ابن سيرين: لا يلزمه، وبه قال إسحاق (¬3). مج ج 4 ص 58. باب في الرجل يشك لا يدري كم صلى كيف يفعل؟ مسألة (301) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من شكَّ في صلاته فلم يدرِ كم صلى فإنه يبني على ما استيقن ويسجد للسهو قبل السلام. المنفرد والإمام سواء في ذلك. رُوي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعبد الله بن عمرو وشريح والشعبي وعطاء وسعيد بن جبير، وبه قال سالم بن عبد الله وربيعة ومالك وعبد العزيز بن أبي سلمة ¬
باب في أصل سجود السهو هل هو واجب؟
والثوري والشافعي وإسحاق والأوزاعي. وقال آخرون: يبني على غالب ظنه المنفرد والإمام في ذلك سواء، رُوي ذلك عن عليِّ بن أبي طالب وابن مسعود، وبنحوه قال النخعي وأصحاب الرأي. ورُوي عن أحمد أن هذا في الإِمام خاصة، أما المنفرد فيبني على ما استيقن. وقالت طائفة: إذا شكَّ فليس عليه رجوع إلى يقين ولا تحرٍّ وإنما عليه السجود (¬1). مغ ج 1 ص 667، في ج 4 ص 37. باب في أصل سجود السهو هل هو واجب؟ مسألة (302) جماهير العلماء على أن سجود السهو سنَّة ليس بواجب وسواء في ذلك الزيادة والنقصان. وقال أبو حنيفة: هو واجب وليس شرطًا في صحَّة الصلاة فلو تركه أثم وصحت صلاته. وقال الإِمام مالك: هو واجب في النقص دون الزيادة. وقال أحمد: هو واجب في الزيادة وفي النقصان (¬2). مج ج 4 ص 61. باب في سجود السهو في الفرض وفي النفل مسألة (303) جماهير العلماء على أن سجود السهو يشرع إذا وجد سببه في كل صلاة. سواء كانت فرضًا أو نفلًا. وقال ابن سيرين: لا يشرع في صلاة النفل. مج ج 4 ص 64، مغ ج 1 ص 698. باب في من صلَّى المغرب أربعًا. ماذا يفعل؟ مسألة (304) جمهور العلماء على أن من سها فصلَّى المغرب أربعًا فحقه أن يسجد للسهو ثمّ يسلم لا غير، وبه يقول علقمة والحسن وعطاء والزهري والنخعي ومالك والليث والشافعي وإسحاق وأبو ثور. ¬
باب في المسبوق هل عليه سجود للسهو إذا لم يوجد سببه؟
وقال قتادة والأوزاعي: يلزمه الإتْيَان بركعة أخرى لتصير صلاته وترًا ثم يسجد للسهو وتكون الركعتان الزائدتان تطوعًا. وقال أبو حنيفة: إن ذكر قبل أن يسجد جلس للتشهد، وإن ذكر بعد السجود وكان جلس عقيب الرابعة قدر التشهد صحت صلاته، ويضيف إليهما أخرى (يعني ركعة أخرى) لتكون نافلة فإن لم يكن جلس في الرابعة بطل فرضه وصارت صلاته نافلةً، ولزمه إعادة الصلاة، وقال نحوه حماد بن أبي سليمان (¬1). مج ج 4 ص 65. باب في المسبوق هل عليه سجود للسهو إذا لم يوجد سببه؟ مسألة (305) جماهير العلماء على أن المأموم المسبوق إذا سلَّم إمامه قام فأتم ما فاته، ولا يشرع سجود للسهو إلا أن يوجد سببه. وحكي عن ابن عمر وابن الزبير وأبي سعيد الخدري - رضي الله عنهم - أنهم قالوا في المسبوق إذا أدرك وترًا من صلاة إمامه يتم ما فاته ثمَّ يسجد للسهو، وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد وإسحاق (¬2). مج ج 4 ص 66، مغ ج 1 ص 697. * * * ¬
فصل في أبواب الساعات التي نهي عن الصلاة فيها (صلاة النافلة)
فصل في أبواب الساعات التي نُهي عن الصلاة فيها (صلاة النافلة) (¬1) باب في وقت الكراهة في صلاة الصبح مسألة (306) جمهور العلماء على أن وقت الكراهة في صلاة الصبح يدخل بمجرد طلوع الفجر، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد. وهو أحد الأوجه لأصحاب الشافعي. وذهب أصحاب الشافعي في الصحيح المعتمد عندهم إلى أن وقت الكراهة لا يدخل إلا بأداء صلاة الفجر (¬2). مج ج 4 ص 68. باب في قضاء الفوائت في الأوقات المنهي عنها مسألة (307) جمهور الفقهاء على جواز قضاء الفوائت في الأوقات المنهى عنها. رُوي ذلك عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه، وبه قال أبو العالية وإبراهيم النخعي والشعبي والحكم وحماد ومالك والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وهو مذهب الشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى أجمعين. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: تُباح الفوائت بعد الصبح والعصر، ولا تُباح في الأوقات الثلاثة الأخرى إلا عصر يومه فتباح عند اصفرار الشمس (¬3). مج ج 4 ص70. ¬
باب في وقت النهي عن التنفل بعد صلاة العصر
باب في وقت النهي عن التنفل بعد صلاة العصر مسألة (308) جماهير العلماء على أن النهي عن صلاة النافلة بعد صلاة العصر مطلق وغير مقيد بوقت اصفرار الشمس أو غروبها. قلت: ونقل ابن المنذر عن طائفة كثيرة من أهل العلم من الصحابة والتابعين الترخيص في التنفل بعد العصر، وأن النهي منحصر في تحري طلوع الشمس وغروبها. رُوي هذا عن عليٍّ والزبير وابنه وتميم الداري والنعمان بن بشير وأبي أيوب الأنصاري وعائشة، وفعله الأسود بن يزيد وعمر وميمون ومسروق وشريح وعبد الله بن أبي الهزيل وأبو بردة وعبد الرحمن بن الأسود وابن البيلماني والأحنف بن قيس، قال الموفق بن قدامة -رحمه الله-: وحكى عن أحمد أنه قال: لا نفعله ولا نعيب فاعله، وذلك لقول عائشة - رضي الله عنها -: إنما نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتحرى طلوع الشمس أو غروبها. رواه مسلم. وقول عليٍّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ولا صلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة". قلت: ومذهب مالك اعتبار اصفرار الشمس (¬1). مغ ج 4 ص 71. باب في صلاة الجنازة في الأوقات المنهي عنها مسألة (309) جمهور أهل العلم على النهي عن صلاة الجنازة عند طلوع الشمس وعند استوائها وعند غروبها، روي هذا عن جابر وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، وبه قال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وإسحاق وأحمد في رواية. قلت: ومذهب مالك في وقت اصفرار الشمس ووقت غروبها، وفي وقت الإسفار بعد الصبح ووقت طلوعها. لا تُصلِّي عنده الجنائز في هذه الأوقات إلا أن يُخشى على الميت من التلف وقت الإسفار ووقت اصفرار الشمس. وقال الشافعي وأحمد في رواية بالجواز (¬2). مغ ج 1 ص 749. ¬
تابع لقضاء الفوائت
تابع لقضاء الفوائت (¬1) باب من نسي صلاة من يوم ولا يعرف عينها مسألة (310) أكثر أهل العلم على أن من نسي صلاةً من يومٍ ولا يعرف عينها ظهرًا أو عصرًا أو غير ذلك لزمه قضاء صلوات يوم وليلةٍ، أي خمس صلوات، وهو مذهب الشافعي وأحمد غيرهما، وذكر النووي وجهًا في المذهب وهو أنه يلزمه صلاة أربع ركعات، وينوي الفائتة، ويجلس في ركعتين ثم يجلس في الثالثة ثمَّ يجلس في الرابعة، وحكاه صاحب المهذب أبو إسحاق الشيرازي عن المزنى. قلت: ولم يحك الموفق في المغني من خالف الجمهور في هذا فلينظر في قول المزني -رحمه الله- (¬2). مغ ج 1 ص 646. * * * ¬
فصل في أبواب صلاة الجماعة
فصل في أبواب صلاة الجماعة باب في حكم صلاة الجماعة مسألة (311) جمهور العلماء على أن صلاة الجماعة للفرائض الخمس ليست فرضًا على الأعيان بل سنَة مؤكدة، وبه يقول مالك والثوري وأبو حنيفة، ومذهب الشافعي أنها فرض على الكفاية، وعلى الأعيان كقول الجمهور. قلت: وكل من سبق يقول لا يصحُّ أن تعطل الجماعات في المساجد فظهر أنَّه لا فرق بين مذهب الشافعي وبين من ذكرناهم والله أعلم. وقال عطاء والأوزاعي وأحمد وأبو ثور والمزني وابن المنذر: هي فرض على الأعيان لكنها ليست شرطًا لصحة الصلاة، رُوي نحو ذلك عن ابن مسعود وأبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -. وقال داود: هي فرض على الأعيان وشرط لصحة الصلاة، وبه قال بعض أصحاب أحمد -رحمه الله- (¬1). مج ج 4 ص 77، بداية ج 1 ص 186. باب في المرأة العجوز (¬2) تحضر صلاة الجماعة مسألة (312) جمهور الفقهاء على أنه لا يكره للمرأة العجوز شهود شيء من صلوات الجماعة. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: يكره إلا في الفجر والعشاء والعيد. باب في المشي بالسكينة لمن قصد صلاة الجماعة مسألة (313) أكثر العلماء على أنه يُستحب لقاصد الجماعة في المسجد أن يأتيها بسكينة ولا يسرع سواء خاف فوت تكبيرة الإحرام أم لا، وهو مذهب زيد بن ثابت وأنس بن مالك ¬
باب في إدراك الركوع مع الإمام
رضي الله تعالى عنهما. وإليه ذهب الشافعي وأحمد وأبو ثور وابن المنذر. وقال ابن مسعود وابن عمر - رضي الله عنهما - والأسود بن يزيد وعبد الرحمن بن يزيد التابعيان وإسحاق بن راهويه: إذا خاف فوت تكبيرة الإحرام أسرع. مج ج 4 ص 91، بداية ج 1 ص 198. باب في إدراك الركوع مع الإمام مسألة (314) جماهير العلماء على أن من أدرك الإِمام وهو راكع فركع معه مطمئنًا أنه يدرك الركعة بذلك. وذهبت طائفة يسيرة إلى أنه لا يدرك الركعة، وهو منقول عن أبي بكر بن خزيمة وأبي بكر الصِبْغي، وحُكي هذا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. حكاه عنه ابن رشد. وحُكي عن الشعبي أنه يدرك الركعة ولو رفع الإِمام من الركوع إذا أدرك بعض المأمومين ولما يرفعوا من الركوع بَعْدُ. مج ج 4 ص 100، بداية ج 1 ص 243. باب فيمن فاته الركوع مع الإمام مسألة (315) جمهور العلماء على أن من لم يدرك الإِمام في الركوع فقد فاتته الركعة. وقال زفر: تُحسب إن أدركه في الاعتدال. مج ج 4 ص 101. باب في الكلام بين الإقامة وبين الدخول في الصلاة مسألة (316) جمهور العلماء على أنه لا يُكره الكلام بعد الإقامة وقبل تكبيرة الإحرام والأولى تركه إلا لحاجة. وكرهه أبو حنيفة وغيره من الكوفيين. مج ج 4 ص 110.
باب في الاستخلاف للإمام إذا حزبه أمر
باب في الاستخلاف للإمام إذا حَزَبَهُ أَمْرٌ مسألة (317) جمهور العلماء على جواز الاستخلاف للإمام إذا حَزَبَهُ أمرٌ. وبه قال عمر بن الخطاب وعليٌّ رضي الله تعالى عنهما وعلقمة وعطاء والحسن البصري والنخعي والثورى ومالك وأصحاب الرأي وأحمد في روايةٍ. قلت: وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى. وقال أحمد في روايةٍ ببطلان صلاة المأمومين، وعدم جواز الاستخلاف. قال أبو بكر الأثرم: تبطل صلاتهم روايةً واحدةً (¬1). مج ج 4 ص 126. * * * ¬
فصل في أبواب الإمامة وصفة الأئمة
فصل في أبواب الإمامة وصفة الأئمة باب في اقتداء المأموم بمن يخالفه في فروع الفقه مسألة (318) أكثر العلماء بل جمهورهم على صحة اقتداء المأموم بمن يخالفه في الفروع الاجتهادية، وعلى هذا مضى حال فقهاء الصحابة والتابعين ومن بعدهم وأن العبرة في صحة صلاة الجماعة إنما هي باعتقاد الإِمام ومذهبه. وذكر القاضي روايةً عن أحمد بالمنع (¬1). مغ ج 2 ص 27. باب في اجتماع الرجل والصبي والمرأة مع الإِمام كيف يقفون؟ مسألة (319) أكثر أهل العلم على أنه لو اجتمع مع الإِمام رجلٌ واحدٌ وصبيٌّ واحد وامرأة واحدة فإنه يقف الرجل والصبي خلف الإِمام والمرأة من خلفهما. وقال الحسن البصري: يقومون متواترين بعضهم خلف بعض (¬2). مغ ج2 ص 36. باب في إمام الجمعة يكون مسافرًا مسألة (320) جمهور العلماء على صحة صلاة الجمعة خلف الإِمام المسافر وهو مذهب الشافعي وغيره من الأئمة رحمهم الله تعالى. ونقل العبدري عن زفر وأحمد أنها لا تصحُّ. مج ج 4 ص 131. باب في إمام الجمعة يكون عبداً مسألة (321) جمهور العلماء على صحَّة صلاة الجمعة خلف العبد، وهو مذهب أبي حنيفة، وهو المشهور في المذهب الشافعي. وقال مالك: لا تصح، وهو رواية عن أحمد. مج ج 4 ص 131. ¬
باب في الصلاة خلف الفساق والمبتدعة
باب في الصلاة خلف الفُسَّاقِ والمبتدعة مسألة (322) جمهور العلماء على صحَّة الصلاة خلف الفاسق والمبتدع الذي لا يُكَفَّرُ ببدعته (¬1). وهو مذهب الشافعي. وفرَّق أحمد بين المعلن ببدعته الداعية إليها, وبين المُسِرِّ ولم يفرِّق بين البدعة المكفِّرة وبن البدعة غير المكفِّرة، فأوجب الإعادة على من صلَّى خلف المعلن، وأما غير المعلن فعنه في ذلك روايتان. وقال مالك: لا تصح وراء فاسق بغير تأويل كشارب الخمر والزاني، وبه قال أحمد. قلت: واختلف عن مالك في أهل الأهواء والبدع، فمرة توقف، ومرة قال: يُصلي خلفهم، ولعله توقف في طائفة معينة ولم يتردد قوله في آخرين، وهذا هو الظاهر من نقل ابن القاسم عنه (¬2). مج ج 4 ص 134. باب في المرأة تكون إمامًا للرجال هل صحح إمامتها أحد؟ مسألة (333) جماهير العلماء من السلف والخلف على عدم صحة إمامة المرأة للرجال، الفرض والنفل في ذلك سواء. وهو مذهب فقهاء المدينة السبعة التابعين، ومذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وسفيان وأحمد وداود. وقال أبو ثور والمزني وابن جرير: تصحُّ صلاة الرجال وراءها (¬3). مج ج 4 ص 136، مغ ج 2 ص 33، بداية ج 1 ص 192، الحاوي ج 2 ص 326. ¬
باب فيمن صلى محدثا (على غير وضوء) متعمدا هل يكفر؟
باب فيمن صلى مُحْدِثًا (على غير وضوء) متعمدًا هل يكفر؟ مسألة (324) جمهور العلماء على عدم تكفير من صلَّى مُحْدِثًا متعمدًا بل هو آثم فاسق إلا أن يستحل ذلك فيكفر، وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: يكفر لتلاعبه واستهزائه. مج ج 4 ص 142. باب في صلاة المتوضئ خلف المتيمم مسألة (325) جمهور العلماء على صحة صلاة المتوضئ خلف المتيمم الذي لا يقضي، وهو قول ابن عباس وعمَّار بن ياسر رضي الله تعالى عنهم وسعيد بن المسيب وعطاء والحسن والزهري وحماد بن أبي سليمان ومالك والثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وكره ذلك عليُّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - وربيعة ويحيى الأنصاري وإبراهيم ومحمد بن الحسن. وقال الأوزاعي: لايؤمهم إلا أن يكون أميرًا أو يكونوا متيممين مثله. مج ج 4 ص 144. باب في إمامة العبد للعبيد وغيرهم مسألة (326) جمهور العلماء على عدم كراهة إمامة العبد للعبد وللأحرار ولكن الحر أولى. وهو مذهب الشافعي، قال الموفق -رحمه الله-: هذا قول أكثر أهل العلم ورُوي عن عائشة - رضي الله عنهما -، أن غلامًا لها كان يؤمها (¬1). وقال أبو مجلز التابعي: تُكره إمامته مطلقًا وهي رواية عن أبي حنيفة. وقال الضحاك: تُكره إمامته للأحرار ولا تُكره للعبيد. وقال مالك: لا يؤمهم إلا أن يكون قارئًا وهم أميون (¬2). قلت: قيده مالك في رواية ابن القاسم في السفر (¬3). ¬
باب في إمامة ولد الزنا
باب في إمامة ولد الزنا مسألة (327) جمهور العلماء على عدم كراهة إمامة ولد الزنا، وهو قول عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنهما - وعطاء والحسن والزهري والنخعي وعمرو بن دينار وسليمان بن موسى والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وابن المنذر. وقال أصحاب الرأي: لا تجزئ الصلاة خلفه، حكاه عنهم الموفق ابن قدامة. وكرهه مجاهد وعمر بن عبد العزيز، وحكاه الموفق عن الشافعي. قلت: وهو غلط (¬1). وقال مالك والليث: يكره أن يكون إمامًا راتبًا (¬2). مج ج 4 ص 165. باب في المأموم إذا كان واحدًا أين يقف من الإمام؟ مسألة (338) عوام أهل العلم على أن المأموم إذا كان رجلًا واحدًا أو صبيًا مميزًا يعقل أمر الصلاة فإنه يقف عن يمين الإِمام. وحُكي عن سعيد بن المسيب أنه يقف عن يساره. وعن النخعي أنه يقف وراءه إلى أن يريد الإِمام أن يركع، فإن لم يجيء مأموم آخر تقدم فوقف عن يمينه (يمين الإِمام) (¬3). مج ج 4 ص 168، مغ ج 2 ص 43، بداية ج 1 ص 196، الحاوي ج 2 ص 339. باب في الجماعة في غير المسجد مسألة (339) جمهور العلماء بل جماهيرهم على أنه يُشترط لصحة الجماعة في غير المسجد ألا تطول المسافة بين الإِمام والمأموم، وهو مذهب الشافعي. وقال عطاء: يصحُّ مطلقًا وإن طالت المسافة ميلًا وأكثر إذا علم المأموم صلاة إمامه. مج ج 4 ص 181. ¬
باب في الطريق يحول بين الإمام وبين المأمومين إذا كانوا في غير المسجد
باب في الطريق يحول بين الإِمام وبين المأمومين إذا كانوا في غير المسجد مسألة (330) أكثر أهل العلم على صحة اقتداء المأمومين بالإمام في غير المسجد إذا حال بينهما طريق، وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا يصح. مج ج 4 ص 181. باب في الإمام يقرأ الفاتحة هل يقول هو آمين؟ مسألة (331) جمهور الفقهاء على أن الإِمام إذا انتهى من قراءة الفاتحة قال: آمين. وهو مذهب الشافعي وأحمد، وبه يقول مالك في رواية المدنيين عنه. وقال مالك في رواية ابن القاسم والمصريين: لا يؤمن هو، وإنما التأمين للمأمومين (¬1). بداية ج 1 ص 193. باب في صلاة المنفرد خلف الصف هل تصحُّ؟ مسألة (332) جمهور العلماء على صحة صلاة المنفرد خلف الصفِّ مع الكراهة، حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري ومالك والأوزاعي وأصحاب الرأي وحكاه غيره عن زيد بن ثابت الصحابي - رضي الله عنه - والثوري وابن مالك وداود. قلت: وهو مذهب الشافعي. وقالت طائفة: لا تجوز صلاته، حكاه ابن المنذر عن النخعي والحكم والحسن بن صالح وأحمد وإسحاق. قال ابن المنذر: وبه أقول. قال النووي: والمشهور عن أحمد وإسحاق أن المنفرد خلف الصفِّ يصحُّ إحرامه، فإن دخل في الصف قبل الركوع صحَّت قدوته، وإلا بطلت صلاته. قلت وذكر الموفق تفصيلًا غير هذا. قلت: وقال مالك في رواية ابن القاسم عنه: من صلى خلف الصفوف وحده فإن صلاته تامةٌ مجزئةٌ عنه ولا يَجْبِذْ إليه أحدًا. قال ابن القاسم: فقلت لمالك: أفيجبذ إليه ¬
رجلًا من الصفِّ؟ قال: لا. وكره ذلك. قال -رحمه الله-: وقال مالك: لا بأس بالصفوف بين الأساطين إذا ضاق المسجد (¬1). بداية ج 1 ص 197، الحاوي ج 2 ص340. * * * ¬
أبواب صلاة المريض
أبواب صلاة المريض (¬1) باب في الرجل يفتتح صلاته قاعدًا ثم يقدر على القيام مسألة (333) جمهور العلماء عل أن من افتتح صلاته عاجزًا لمرض ونحوه قاعدًا ثم قدر على القيام فإنه يقوم ويتمُّ صلاته وما مضى من صلاته صحيح وصلاته تامة. وهو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي. قلت: وبه قال ابن القاسم صاحب مالك، وهو المذهب عنده (¬2). وقال محمَّد بن الحسن صاحب أبي حنيفة: تبطل صلاته. مج ج 4 ص 188. * * * ¬
فصل في أبواب صلاة المسافر
فصل في أبواب صلاة المسافر باب في قصر الصلاة في السفر بدون خوف هل يُكره؟ مسألة (334) جمهور العلماء على جواز قصر الصلاة في السفر ولو بدون خوف ولا كراهة في ذلك، وهو مذهب الشافعي. وكرهه بعض السلف. رُوي هذا عن عائشة رضي الله تعالى عنها (¬1). مج ج 4 ص 189، بداية ج 1 ص 219. باب في قصر الصلاة الرباعية في السفر ركعتين مسألة (335) جمهور العلماء على أن الصلاة الرباعية تقصر في السفر فتصلَّى ركعتين بخوف وبدون خوف، وبه يقول الشافعي وسائر الأئمة. وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: الصلاة في الخوف ركعةٌ واحدة وحُكي هذا عن الحسن البصري -رحمه الله- كذلك (¬2). مج ج4 ص 189. باب في رخصتي القصر والجمع هل يجب شيء منهما في السفر؟ مسألة (336) أكثر العلماء على أن القصر والإتمام في السفر كلاهما جائز وأن القصر أفضل، هذا قول عثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وعائشة وابن مسعود وابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وبه يقول الحسن البصري ومالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وداود. ورواه البيهقي عن سلمان الفارسي في اثني عشر من الصحابة، وعن أنس بن مالك والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود وسعيد بن المسيب وأبي قلابة رحمهم الله تعالى ورضي الله عنهم أجمعين. وقال أبو حنيفة والثوري وآخرون: القصر واجب، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وجابر وعمر بن عبد العزيز ومالك في رواية وأحمد. ¬
باب في القصر في السفر المباح والسفر في المعصية
قال أبو حنيفة: فإن صلَّى أربعًا وقعد بعد الركعتين قدر التشهد صحَّت صلاته؛ لأن السلام ليس بواجب عنده وتقع الأخيرتان نفلًا، وإن لم يقعد هذا القدر بعد الركعتين فصلاته باطلة (¬1). مج ج 4 ص 198، مغ ج 2 ص 107، 108، 110. باب في القصر في السفر المباح والسفر في المعصية مسألة (337) جماهير العلماء على جواز القصر في السفر المباح وغيره، إلا أن يكون سفر معصيةٍ فلا يجوز حينئذٍ، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد. ورُوي عن ابن مسعود - رضي الله عنه -. وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: لا يجوز القصر إلا في سفر حج أو غزو وفي رواية عنه لا يجوز إلا في سفر طاعةٍ، ولا يُشترط كونه واجبًا، وبه قال عطاء في روايةٍ. وقال الأوزاعي وأبو حنيفة والثوري والمزني: يجوز القصر في سفر المعصية وغيره (¬2). مج ج 4 ص 202، مغ ج 2 ص 99، 101، قرطبي ج 5 ص 355، 356. باب في المسافر يشرع في القصر إذا جاوز بنيان بلده هل يجوز قبل ذلك؟ مسألة (338) جماهير العلماء على عدم جواز الشروع في قصر الصلاة للمسافر حتى يجاوز المسافر بنيان بلده وإن غادر منزله وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد. وذهب البعض إلى جواز القصر مذ أنشأ السفر ولو كان في داره، ورُوي عن الحارث ابن أبي رييعة أنه أراد سفرًا فصلَّى بهم ركعتين في منزله وفيهم الأسود بن يزيد وغير واحدٍ من أصحاب ابن مسعود. قال القرطبي: وبه قال عطاء بن أبي رباح وسليمان بن موسى. وذهب البعض إلى جواز القصر إذا غادر حيطان منزله. مج ج 4 ص 205، مغ ج 2 ص 96، بداية ج 1 ص 223، قرطبي ج 5 ص 356. ¬
باب في الرجل يسافر ليلا أو نهارا متى يبدأ بالترخص؟
باب في الرجل يسافر ليلًا أو نهارًا متى يبدأ بالترخص؟ مسألة (339) أكثر أهل العلم بل عامتهم على أن المسافر إذا غادر بنيان بلده جاز له الترخص بالقصر سواء سافر ليلًا أو نهارًا. وقال مجاهد: مسافر الليل يترخص إذا دخل النهار، ومسافر النهار يترخص إذا دخل الليل. مغ ج 2 ص 97. باب في المسافة التي يشرع فيها قصر الصلاة في السفر مسألة (340) أكثر أهل العلم بل جمهورهم على أنه لا يجوز القصر في مطلق السفر؛ بل لابد من مسافة لجواز القصر، وأكثرهم على أنه لا يجوز القصر في أدنى من مسيرة يوم تام. قال ابن المنذر: عامة العلماء يقولون مسيرة يوم تام، وبه نأخذ، وبه قال الأوزاعي. ورُوي عن جماعة من السلفى رحمهم الله ما يدل على جواز القصر في أقل من يوم. فقال الأوزاعي: كان أنس يقصر فيما يينه وبين خمسة فراسخ، وكان قبيصة بن ذؤيب وهانىء بن كلثوم وابن محيريز يقصرون فيما بين الرملة وبيت المقدس. وذهب جماعة إلى أنه لا يجوز القصر في أقل من مسيرة يومين وهي أربعة بُرُدٍ أو ستة عشر فرسخًا أو ثمانية وأربعون ميلًا هاشمية (حوالي 81 كيلو مترًا) وبه قال ابن عمر وابن عباس والحسن البصري والزهري ومالك والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور. وقال آخرون: لا يجوز القصر إلا في مسيرة ثلاثة أيام، وبه يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وسويد بن غَفَلة والشعبي وإبراهيم النخعي والحسن بن صالح والثوري وأبو حنيفة، وعن أبي حنيفة أنه يجوز في يومين وأكثر الثالث وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن. وقال داود: يقصر في طويل السفر وقصيره. قال الشيخ أبو حامد: حتى قال (يعني داود): لو خرج إلى بستان خارج البلد قصر. ورُوي عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أنه خرج من قصره بالكوفة حتى أتى النخيلة فصلى بها الظهر والعصر ركعتين ثم رجع من يومه فقال: أردت أن أعلمكم سننكم. وعن جبير بن نفير قال: خرجت مع شرحبيل بن السمط - رضي الله عنه - إلى قرية على رأس
باب في نية القصر عند الإحرام
سبعة عشر ميلًا أو ثمانية عشر ميلًا فصلى ركعتين فقلت له؟ فقال: رأيت عمر بن الخطاب يصلِّي بالحليفة ركعتين وقال: إنما فعلت كما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل. رواه مسلم. ورُوي أن دحية الكلبي خرج من قرية من دمشق مرةً إلى قدر ثلاثة أميال في رمضان، ثم إنه أفطر وأفطر معه أناس وكره آخرون أن يفطروا؛ فلمَّا رجع إلى قريته قال: والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما كنت أظن أني أراه، إن قومًا رغبوا عن هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. يقول ذلك للذين صاموا قبل. رواه أبو داود (¬1). مغ ج 2 ص 91، 92. باب في نية القصر عند الإحرام مسألة (341) أكثر العلماء على أنه يشترط لصحة قصر الصلاة أن ينوي نية القصر عند الإحرام للصلاة، وهو مذهب الشافعي وغيره. وقال المزني: لو نواه في أثناء صلاته ولو قبل السلام جاز القصر. وقال أبو حنيفة: لا تجب نية القصر. مج ج 4 ص 208. باب في القصر والإتمام في السفر أيُّهما أفضل؟ مسألة (342) جمهور الفقهاء (¬2) على أن القصر في السفر أفضل من الإتمام، وبه قال مالك وأحمد وسائر الأئمة. وقال الشافعي في أحد قوليه: الإتمام أفضل. مغ ج 2 ص 110. باب في رخصة الجمع في السفر وقت النزول ووقت السير (¬3) مسألة (343) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على جواز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء تقديمًا وتأخيرًا للمسافر نازلًا وسائرًا، وبه قال عطاء وجمهور علماء ¬
باب في صلاة المسافر خلف المقيم هل يقصر أو يتم؟
المدينة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين وإسحاق وابن المنذر (¬1). وذهبت طائفة إلى أن جواز جمع التأخير إلى وقت الثانية إنما يجوز للمسافر السائر في وقت الأولى وأما إذا كان نازلاً فإنما يجوز له الجمع تقديمًا أي في وقت الأولى. ورُوي هذا عن سعد وابن عمر - رضي الله عنه -. وبه قال عكرمة وأحمد في إحدى الروايتين. مغ ج2 ص 114. باب في صلاة المسافر خلف المقيم هل يقصر أو يتم؟ مسألة (344) جمهور العلماء على أن المسافر إذا اقتدى بمقيم ولو في جزءٍ من صلاته فإنه يجب عليه أن يصلَّي صلاة المقيمين ولا يجوز له القصر. وهذا محكيٌّ عن ابن عمر وابن عباس - رضي الله عنهم - وجماعة من التابعين، وبه يقول الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وأبو ثور وسائر أصحاب الرأي. وقال الحسن البصري وإبراهيم النخعي ومحمد بن شهاب الزهري وقتادة ومالك: إن أدرك ركعة فأكثر لزمه الإتمام وإلا فله القصر. وقال طاوس والشعبي وتميم بن حزام: إن أدرك ركعتين معه أجزأتاه (يعني أجزأتاه قصراً). وقال إسحاق بن راهويه: له القصر خلفى المتمِّ بكل حال، فإن فرغت صلاة المأموم تشهَّد وحده وسلم وقام الإِمام إلى باقي صلاته، وحُكي مثل هذا عن طاوس والشعبي وداود (¬2). مج ج 4 ص 112. باب في الرجل تفوته الصلاة في الحضر فيريد أن يقضيها في السفر مسألة (345) جمهور العلماء على أن من فاتته صلاة في الحضر فأراد قضاءها في السفر فعليه أن يصليها تامةٍ من غير قصر، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد. وقال الحسن البصري والمزني: يقصر (¬3). مج ج 4 ص 224. ¬
باب في الرجل تدركه الصلاة حاضرا ثم يسافر قبل خروج وقتها
باب في الرجل تدركه الصلاة حاضًرا ثم يسافر قبل خروج وقتها مسألة (346) جمهور العلماء على أن من أدركته الصلاة في الحضر ثمَّ سافر ولم يخرج وقت الصلاة فله أن يقصرها، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد في روايةٍ والأوزاعي (¬1). وقال المزني وأبو العباس بن سريج: لا يجوز. وبه قال أحمد في روايةٍ. مج ج 4 ص 224، مغ ج 2 ص 127. باب في الجمع في السفر هل قال أحدٌ بعدم جوازه؟ مسألة (347) جمهور العلماء من السَّلف والخلف على جواز الجمع في السفر المباح بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت الأولى تقديمًا أو في وقت الثانية تأخيرًا، وهو محكي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وسعد بن أبي وقاص وأسامة بن زيد وابن عمر وابن عباس وأبي موسى الأشعري -رضي الله عنهم- وهو قول طاوس ومجاهد وعكرمة وزيد ابن أسلم وربيعة ومحمد بن المنكدر وأبي الزناد ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وابن المنذر رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال الحسن البصري ومحمد بن سيرين ومكحول وإبراهيم النخعي وأبو حنيفة وبعض أصحابه: لا يجوز الجمع بسبب السفر بحالٍ، وإنما يجوز في عرفات في وقت الظهر، وفي المزدلفة في وقت العشاء بسبب النسك للحاضر والمسافر، وحكى هذا القول عن المزني كذلك. مج ج 4 ص 226، مغ ج 2 ص 112، بداية ج 1 ص 225. باب في الجمع في الحضر من غير عذر هل يجوز؟ مسألة (348) جمهور العلماء على أنه لا يجوز الجمع في الحضر من غير عذرٍ كمرض أو مطر أو خوف، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد. وقالت طائفة: يجوز بدون عذرٍ. قلت: ورُوي هذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما -. ¬
باب في الجمع في الحضر بسبب المطر
وقال ابن سيرين: يجوز للحاجة ما لم يتخذه عادةً (¬1). مج ج 4 ص 238، مغ ج 2 ص 121، بداية ج 1 ص 228. باب في الجمع في الحضر بسبب المطر مسألة (349) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على جواز الجمع بين الصلاتين في مسجد الجماعة بسبب المطر. وبه قال ابن عمر وأبان بن عثمان وعروة بن الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وسائر فقهاء المدينة السبعة ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق. قلت: ثمَّ ذهب أكثر هؤلاء إلى أن هذا جائز فقط بين المغرب والعشاء في وقت الأولى دون الظهر والعصر. وقال أبو حنيفة وأصحاب الرأي: لا يجوز، وهو قول المزني من أصحاب الشافعي (¬2). مغ ج 2 ص 116. باب في فعل النوافل في السفر مسألة (350) جماهير العلماء على استحباب فعل النوافل في السفر، وهو مذهب القاسم بن محمَّد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق. وقالت طائفة: لا يصلي النوافل في السفر، وهو مذهب عبد الله بن عمر رضي الله عنه تعالى عنهما. قلت: ورُوي عنه أنه قال لو أردت أن أتطوع في السفر لأتممت أو نحو هذا (¬3). مج ج 4 ص256. ¬
فصل في أبواب صلاة الخوف
فصل في أبواب صلاة الخوف باب في عدد ركعات صلاة الخوف مسألة (351) مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم منهم الأئمة الأربعة أن صلاة الخوف كالصلاة في الأمن من حيث عدد الركعات لكل صلاة، الصبح ركعتان والظهر أربع وكذا العصر والعشاء، والمغرب ثلاث، فإذا انضم للخوف السفر المعتبر في الشرع جاز في صلاة الخوف قصر الرباعية كما في صلاة المسافر سواءً بسواء. ورُوي هذا عن ابن عمر - رضي الله عنهما - والنخعي والثوري. وذهب عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما والحسن البصري والضحاك وإسحاق بن راهويه إلى أن صلاة الخوف ركعة لا غير (¬1). وحُكي هذا القول كذلك عن جابر بن عبد الله الصحابي رضي الله تعالى عنه وطاوس، وحكى الجمهور عن هؤلاء رحمهم الله تعالى أن صلاة الخوف ركعة على المأموم والإمام، وحكى الشيخ أبو حامد عنهم أن الفرض على الإِمام في الخوف ركعتان وعلى المأموم ركعة، والله تعالى أعلم. مج ج 4 ص 259، مغ ج 2 ص 270. باب في الرخصة في صلاة الخوف مسألة (352) مذهب الجماهير من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أن صلاة الخوف رخصة ثابتة باقية إلى يوم القيامة وليست مختصة بزمان النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تكن مختصة بحضور النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم تُنسخ في زمانه صلى الله عليه وآله وسلم. وذهب أبو يوسف وإسماعيل بن علبة ومحمد بن الحسن (¬2) إلى أنها كانت مختصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومن يصلي معه، وذهبت بوفاته - صلى الله عليه وسلم - وحكى ابن رشد عنه أنها ¬
باب في تأخير الصلاة لشدة الخوف هل يجوز؟
لا تُصلَّى بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بإمام واحدٍ، وإنما تُصلَّى بعده - صلى الله عليه وسلم - بإمامين يصلي واحدٌ منهما بطائفةٍ ركعتين، ثمَّ يصلِّي الآخر بطائفةٍ أخرى -وهي الحارسة- ركعتين أيضًا وتحرس التي قد صلَّت. وقال المزني: كانت ثمَّ نُسخت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -. مج ج 4 ص 259، مغ ج 2 ص260، بداية ج 1 ص230، قرطبي ج 5 ص 364. باب في تأخير الصلاة لشدة الخوف هل يجوز؟ مسألة (353) مذهب الجمهور أنه لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها حتى يدخل وقت الصلاة التي بعدها لا في شدة الخوف ولا في غيره وإنما يصلِّي في شدة الخوف ولو في الالتحام على الهيئة المعروفة في مواطنها مسايفين ومقاتلين راجلين وراكبين متوجهين إلى القبلة وغير متوجهين. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: إذا التحم القتال جاز التأخير، وحكاه ابن رشد عن طائفةٍ من فقهاء الشام. قال: لا يصلِّي أحد في حال المسايفة، ولا يصلِّي الخائف إلا إلى القبلة. مج ج 4 ص 286، مغ ج 2 ص270، بداية ج 1 ص 231، 234، قرطبي ج 5 ص 369، الحاوي ج 2 ص 470. باب في جواز صلاة الخوف مسألة (354) مذهب الجماهير أن صلاة شدة الخوف جائزة وحكى البعض فيها الإجماع. وحكى الشيخ أبو حامد عن البعض أنها لا تجوز بل يجب تأخير الصلاة حتى يزول الخوف. قلت: وهو قول أبي حنيفة. مج ج 4 ص 286, بداية ج 1 ص 234. باب في حمل السلاح في صلاة الخوف مسألة (355) أكثر أهل العلم على أنه لا يجب حمل السلاح في صلاة الخوف.
وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه وأصحاب أحمد. وقال الشافعي في قوله الآخر وداود: يجب. مغ ج 2 ص 267. * * *
فصل في أبواب ما يكره لبسه وما لا يكره
فصل في أبواب ما يُكره لبسه وما لا يكره باب في لبس الحرير والتحلي بالذهب للنساء مسألة (356) يجوز للنساء لبس الحرير والتحلِّي بالفضة وبالذهب كالخاتم والحلقة والسوار والخلخال والطوق والعقد والقلائد وغيرها، هذا مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ومذهب الأئمة الأربعة، وقد حكى كثير من العلماء الإجماع على هذا، وذهبت طائفة يسيرة من المتقدمين ووافقهم بعض العصريين إلى تحريم الذهب على النساء إذا كان سميكًا. مج ح 2 ص 294، 295. باب في النقش على الخاتم مسألة (357) مذهب الجمهور جواز نقش الخاتم بما فيه ذكر الله تعالى ولا كراهة في ذلك، وهو مذهب سعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنه ومالك والشافعي رحمهم الله تعالى. وكره بعضهم ذلك منهم ابن سيرين لخوف امتهانه. مج ج 4 ص 303. باب في خاتم الفضة للنساء مسألة (358) مذهب الجماهير جواز خاتم الفضة للنساء ولا كراهة فيه. وقال الخطابي: يُكره لها خاتم الفضة؛ لأنه من شعار الرجال. مج ج 4 ص 304. * * *
فصل في أبواب صلاة الجمعة
فصل في أبواب صلاة الجمعة (¬1) باب في سقوط الجمعة عن المسافر مسألة (359) أكثر العلماء على عدم وجوب الجمعة على المسافر (¬2) وهو مذهب الأئمة الأربعة. وقال إبراهيم النخعي والزهري: تجب عليه إذا سمع النداء، وهو مذهب داود الظاهري وأصحابه. مج ج 4 ص 313، مغ ج 2 ص 173، بداية ج 1 ص 207. باب في سقوط الجمعة عن العبيد مسألة (360) جمهور العلماء على أن الجمعة لا تجب على العبد ولا المكاتب وكذا المدبر قال ابن المنذر: وهو قول عطاء والشعبي والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز ومالك وأهل المدينة والثوري وأهل الكوفة وأحمد وإسحاق وأبي ثور. قلت: وهو مذهب الشافعي. ¬
باب في اجتماع الجمعة والعيد
قال ابن المنذر: قال بعض العلماء: تجب الجمعة على العبد فإن منعه السيد فله التخلُّف وعن الحسن وقتادة والأوزاعي وجوبها على عبد يؤدي الضريبة وهو الخراج وقال داود: تجب عليه مطلقًا وهي رواية عن أحمد (¬1). مج ج 4 ص 313، بداية ج 1 ص 207. باب في اجتماع الجمعة والعيد مسألة (361) جمهور العلماء على أنه إذا اجتمع في يوم الجمعة صلاة الجمعة وصلاة العيد فإن الجمعة تسقط على أهل القرى إذا صلُّوا العيد ولا كراهة في تركها وييقى الوجوب على أهل البلد فلابد لهم من صلاة الجمعة ولو حضروا صلاة العيد، وهو مذهب عثمان بن عثمان رضي الله تعالى عنه وعمر بن عبد العزيز رحمهم الله تعالى. وقال عطاء بن أبي رباح: إذا صلُّوا العيد لم تجب بعده في هذا اليوم صلاة الجمعة ولا الظهر ولا غيرهما إلا العصر لا على أهل القرى ولا أهل البلد، وبه قال الشعبي والنخعي والأوزاعي. قال ابن المنذر: وروينا نحوه عن علي بن أبي طالب وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم. وقال أحمد: تسقط الجمعة عن أهل القرى وأهل البلد ولكن يجب الظهر. واختلف عن أحمد في وجوبها على الإِمام. وقال أبو حنيفة: لا تسقط الجمعة عن أهل البلد ولا أهل القرى (¬2). مج ج 4 ص 320، مغ ج 2 ص 212. باب في السفر ليلة الجمعة مسألة (362) مذهب العلماء كافة إلا ما سنحكيه عن إبراهيم النخعي أنه يجوز السفر ليلة الجمعة وإن لم يدرك الجمعة في طريقه. وحكى العبدري عن إبراهيم النخعي أنه لا يجوز السفر بعد دخول العشاء ليلة الجمعة. مج ج 4 ص 327. ¬
باب في الجمعة على أهل القرى
باب في الجمعة على أهل القرى مسألة (363) جمهور العلماء على صحة الجمعة لأهل القرية إذا كان فيهم أربعون رجلًا ممن تصح بهم الجمعة وجمهورهم على وجوب الجمعة عليهم حينئذٍ وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وحكاه الشيخ أبو حامد عن عمر وابنه وابن عباس رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وقال علي بن أبي طالب والحسن البصري وابن سيرين والنخعي فيما حكاه عنهم ابن المنذر: أن الجمعة لا تصحُّ إلا في مصر جامع، وبه قال أبو حنيفة والثوري (¬1). مج ج 4 ص 333. باب في انعقاد الجمعة بمن لا تجب عليهم مسألة (364) جمهور أهل العلم على أن الجمعة لا تنعقد بالعبيد ولا المسافرين (¬2) وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: تنعقد. مج ج 4 ص 333. باب في الوقت الذي تصحُّ به الجمعة مسألة (365) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم منهم الأئمة الثلاثة مالك وأبو حنيفة والشافعي أن وقت الجمعة هو وقت صلاة الظهر ولا تصح قبله. وحكاه القرطبي عن جمهور السلف والخلف. وذهب أحمد وعطاء وإسحاق إلى جوازها قبل الزوال مع اختلاف عن أصحاب أحمد في الساعة التي تصحُّ قبل الزوال (¬3). ¬
باب في الخطبة يوم الجمعة
ونقل الماوردي في الحاوي عن ابن عباس كقول أحمد ومن وافقه. مج ج 4 ص 339، مغ ج 2 ص210، بداية ج 1 ص 208، قرطبي ج 18 ص 105. باب في الخطبة يوم الجمعة مسألة (366) جمهور العلماء منهم الشافعي ومالك وأحمد أنه لابد لصحة الجمعة من خطبة وأكثرهم على اشتراط تقدم خطبتين وحضور العدد المطلوب في الجمعة لهما. وقال أبو حنيفة: الخطبة شرط ولكن تجزئ خطبة واحدة ولا يشترط العدد لسماعها كالأذان، وبالاكتفاء بالخطبة الواحدة قال الأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي. وعن الحسن البصري أن الجمعة تصحُّ بلا خطبة، حكاه عنهم ابن المنذر، وبه قال داود وعبد الملك من أصحاب مالك. قال القاضي عياض: ورُوي عن مالك (¬1). مج ج 4 ص 343، مغ ج 2 ص 149، 151، بداية ج 1 ص 212، الحاوي ج 2 ص 432. باب في اشتراط القيام للخطبة مسألة (367) جمهور العلماء على أن القيام في خطة الجمعة واجب وهو شرط لصحتها ولا يسقط إلا للعاجز عن القيام، وهو مذهب مالك والشافعي. قال الموفق: ويحتمله كلام أحمد -رحمه الله-. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله (يعني أحمد) يسأل عن الخطبة قاعدًا أو يقعد في إحدى الخطبتين؟ فلم يعجبه. حكاه ابن المنذر عن جل أهل العلم من علماء الأمصار. وقال مالك في رواية: القيام واجب فإن تركه أساء وصحَّت الخطبة. وقال أحمد في المنصوص عليه وأبو حنيفة: القيام للخطبة ليس واجبًا ولا شرطًا. وحكاه النووي عن مالك وأبي حنيفة وأحمد. قلت: والصحيح ما فصلناه وأن القيام للقادر واجب، حكاه عن الجمهور القرطبي وابن المنذر، ونقله عن ابن المنذر الحافظ في الفتح. ¬
باب في الجلوس بين الخطبتين
والشوكاني في النيل، وأن المعتمد في مذهب مالك أن القيام واجب وليس شرطًا للصحة (¬1). قرطبي ج 18 ص 114، فتح ج 5 ص 63، نيل ج 3 ص 329. باب في الجلوس بين الخطبتين مسألة (368) جمهور العلماء على أنه لا يشترط الجلوس بين الخطبتين بل هو سنَّة وهو قوله مالك وأبي حنيفة وأحمد حكاه عن الجمهور الموفق والنووي وابن عبد البر وذهب الشافعي إلى أن كلًا من القيام والجلوس شرط لصحة الجمعة، ورُوي عن مالك وأحمد ما يوافق قول الشافعي في الجلوس بين الخطبتين حكاه القاضي عياض (¬2). مج ج 4 ص 344، مغ ج 2 ص 153، فتح ج 5 ص70. باب في سلام الخطيب على الحاضرين مسألة (369) أكثر أهل العلم على أنه يُستحب للإمام أن يسلِّم على الجالسين إذا صعد المنبر لخطبة الجمعة وهو قول ابن عباس وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي وأحمد والشافعي. وقال مالك وأبو حنيفة: يكره (¬3). مج ج 4 ص 357. * * * ¬
أبواب غسل الجمعة
أبواب غسل الجمعة باب في غسل الجمعة مسألة (370) جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم منهم مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد: أن غسل الجمعة سنَّة ليس بواجب، وبه قال الأوزاعي والثوري. وقال أبو هريرة الصحابي رضي الله تعالى عنه فيما حكاه عنه ابن المنذر والحسن البصري فيما حكاه الخطابي: أنه واجب، وهو رواية عن مالك وأحمد. ويُروى كذلك عن عمار بن ياسر الصحابي أيضًا وهو قول أهل الظاهر (¬1). مج ج 4 ص 364، مغ ج 2 ص 200، بداية ج 1 ص 217، قرطبي ج 18 ص 106. باب في غسل الجنابة هل يجزئ عن غسل الجمعة؟ مسألة (371) أكثر العلماء على أن من اغتسل من جنابة نهار الجمعة فإنه يجزئه عن غسل الجمعة وهو قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ومجاهد ومكحول ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأبي ثور. وقال أحمد -رحمه الله-: أرجو أن يجزئه. وقال أبو قتادة الصحابي رضي الله تعالى عنه: لا يجزئه، وهو قول بعض الظاهرية. مج ج 4 ص 365، مغ ج 2 ص 201. باب في الغسل ليلة الجمعة مسألة (372) مذهب الجماهير من العلماء أن من اغتسل للجمعة ليلتها فإنه لا يجزئ عن غسل الجمعة وهو المذهب الصحيح عند الشافعية. وقال الأوزاعي: يجزئه. مج ج 4 ص 366، مغ ج 2 ص 201. باب في وقت غسل الجمعة مسألة (373) مذهب الجمهور أن أول وقت غسل الجمعة يدخل بطلوع فجرها وهو مذهب الحسن ومجاهد والنخعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور حكاه عنهم ابن ¬
باب فيمن اغتسل للجمعة ثم أجنب
المنذر وهو مذهب الشافعي. وقال مالك -رحمه الله-: لا يجزئه إلا عند الذهاب إلى الجمعة. مج ج 4 ص 366، مغ ج 2 ص 201. باب فيمن اغتسل للجمعة ثم أجنب مسألة (374) جمهور الفقهاء على أن من اغتسل للجمعة في وقتها المعتبر ثمَّ أجنب فإنه لا يلزمه إعادة غسل الجمعة وهو مذهب الشافعي. وقال الأوزاعي: يبطل غسل الجمعة ويلزمه إعادته. ثمَّ اختلف الجمهور في استحباب إعادته فمنهم من استحب ومنهم من لم يستحب. مج ج 4 ص 366. باب في غسل الجمعة للمرأة مسألة (375) جمهور الفقهاء على استحباب الغسل للمرأة إذا حضرت الجمعة وهو مذهب مالك والشافعي. وقال أحمد: لا تغتسل. مج ج 4 ص 366. باب فيمن يشترط في غسل الجمعة أن يكون عن جنابة مسألة (376) جماهير العلماء على أن غسل الجمعة المسنون لا يُشترط فيه أن يكون غسل جنابة على الحقيقة وإنما غسل كغسل الجنابة في صفاته. وذهب بعضهم إلى أن إتيان الأهل مستحب قبل الرواح إلى الجمعة فيكون أعون له على غض بصره. مج ج 4 ص 369. باب في وقت التبكير للجمعة مسألة (377) أكثر العلماء على اعتبار أول النهار زمنًا لبدء ساعات التبكير إلى الجمعة وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى وغيره.
باب في إتيان الجمعة بالسكينة
وقالت طائفة: هو من طلوع الشمس. وقالت طائفة: هو لحظات خفيفة بعد الزوال وهو مذهب مالك -رحمه الله- (¬1). وجعل ابن العربي المالكي الأصح هو ما ذهب إليه الجمهور. مج ج 4 ص 370، قرطبي ج 18 ص 105. باب في إتيان الجمعة بالسكينة مسألة (378) جمهور العلماء على استحباب إتيان الجمعة مشيًا بسكينة ووقار وجمهورهم على كراهة الإسراع، وحكاه ابن المنذر في مطلق الصلوات عن زيد بن ثابت وأنس بن مالك وأبي ثور وأحمد واختاره ابن المنذر، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وروى ابن المنذر عن جماعة من الصحابة والتابعين وغيرهم الإسراع عند سماع الإقامة منهم ابن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهم - والأسود بن يزيد وعبد الرحمن بن يزيد وإسحاق رحمهم الله تعالى (¬2) ورُوي عن ابن مسعود خلاف هذا. مج ج 4 ص 372. باب في الكلام وقت جلوس الخطيب على المنبر مسألة (379) جمهور العلماء على أنه لا بأس بالكلام لمن حضر الجمعة إذا جلس الإِمام على المنبر ما لم يشرع في الخطبة، وبه قال عطاء وطاوس والزهري وبكر المزني والنخعي ومالك والشافعي وإسحاق وأحمد ويعقوب ومحمد. وقال أبو حنيفة -رحمه الله- يمتنع الكلام من حين يخرج الإِمام أي من حين دخوله المسجد, ورُوي ذلك عن عمر وابن عباس (¬3). مج ج 4 ص 387. ¬
باب في المسبوق يدرك الجمعة
باب في المسبوق يدرك الجمعة مسألة (380) أكثر العلماء على أن من أدرك ركوع الركعة الثانية مع الإِمام يوم الجمعة فقد أدرك الجمعة. حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم وسعيد بن المسيب والأسود وعلقمة والحسن البصري وعروة بن الزبير والنخعي والزهري ومالك والأوزاعي والثوري وأبي يوسف وأحمد وإسحاق وأبي ثور. رحمهم الله تعالى واختاره ابن المنذر، وحُكي مثله عن الشعبي وزفر ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى. وقال عطاء وطاوس ومجاهد ومكحول: من لم يدرك الخطبة فقد فاتته الجمعة ويصلي أربعًا، وحكى مثله عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه. وقال الحكم وحماد وأبو حنيفة: من أدرك التشهد مع الإِمام أدرك الجمعة، ونقل عنهم أنه يدرك الجمعة إذا أدرك الإِمام قبل سلامه أو مادام متلبسًا بصلاته. مج ج 4 ص 389، مغ ج 2 ص 159، 158. باب في تشميت العاطس في غير الجمعة مسألة (381) جمهور العلماء على أن تشميت العاطس سنَّة ليس بواجب. وقال بعض أصحاب مالك هو واجب. قلت: وهذا في غير الجمعة (¬1). مج 4 ص 426. باب في الأذان للجمعة مسألة (382) جمهور الفقهاء على أن وقت أذان الجمعة هو إذا خرج الإِمام وجلس على المنبر، واختلفوا فيما سواه من الأذان. بداية ج 1 ص 209. باب في توجه الحاضرين للجمعة جهة الخطيب مسألة (383) مذهب العامة من العلماء استحباب انحراف حاضري الجمعة ¬
باب في الكلام والخطيب يخطب
وتوجههم جهة الخطيب أثناء خطبته، وممن رُوي عنه أنه كان يستقبل الإِمام أثناء خطبته وينحرف عن القبلة عبدُ الله بن عمر وأنس، وبه قال شريح وعطاء ومالك والثوري والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وابن جابر ويزيد بن أبي مريم والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي حكى هذا كله ابن المنذر وقال: هذا كالإجماع. ورُوي عن الحسن أنه استقبل القبلة ولم ينحرف إلى الإِمام وعن سعيد بن المسيب أنه كان لا يستقبل هشام بن إسماعيل إذا خطب فوكَّلَ به هشام شرطيًّا يعطفه إليه. مغ ج 2 ص 151. باب في الكلام والخطيب يخطب مسألة (384) أكثر أهل العلم على كراهية (¬1) الكلام لحاضر الجمعة والخطيب يخطب ووجوب الإنصات، وإلى ذلك ذهب مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وأحمد في أشهر الروايتين عنه. ولم يرَ في الكلام أثناء الخطبة بأسًا عروة بن الزبير وسعيد بن جبير والشعبي والنخعي والثوري وداود (¬2). وقال آخرون: يجب الإنصات لسامع الخطبة وأما غيره فله أن يسبِّح ويذكر الله تعالى، وحكى القرطبي أن الإنصات واجب وجوب سنَّةٍ ومن تكلم فقد لغا ولا تفسد صلاته. مغ ج 2 ص 166، بداية ج 1 ص 213. باب في الاحتباء يوم الجمعة مسألة (385) أكثر أهل العلم على جواز الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب رُوي ذلك عن ابن عمر وغيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرين وهو مذهب سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء وشريح وعكرمة بن خالد وسالم ونافع ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. ¬
باب في الجمعة تنعقد بالبالغين
وكره ذلك عبادة ابن نسي، حكاه عنه أبو داود وقال إنه لم يبلغه عن أحدٍ غيره أنه كرهه (¬1). مغ ج 2 ص 171. باب في الجمعة تنعقد بالبالغين مسألة (386) أكثر أهل العلم على أن الجمعة لا تنعقد إلا بالبالغ وأنها لا تجب على الصبي (¬2). قال الموفق في المغني: وذكر بعض أصحابنا في الصبي المميز رواية أخرى أنها واجبةٌ عليه. مغ ج 2 ص 172. باب في تعدد صلاة الجمعة في البلد الواحد مسألة (387) جمهور العلماء على عدم جواز تعدد الجمعة في البلد الواحد إذا لم تدع إلى ذلك حاجة، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وقال عطاء: يجوز التعدد (¬3). مغ ج 2 ص 190. باب في صلاة الظهر للمعذور في ترك الجمعة مسألة (388) أكثر أهل العلم على أن أصحاب الأعذار ممن لا تجب عليهم الجمعة لهم أن يصلوا الظهر يوم الجمعة إذا دخل وقت الظهر ولا يلزمهم الانتظار حتى يقضي إمام الجمعة صلاته (¬4). وقال أبو بكر بن عبد العزيز: لا تصح صلاته قبل الإِمام. مغ ج 2 ص 198. باب في السفر في نهار الجمعة مسألة (389) أكثر أهل العلم على جواز السفر يوم الجمعة قبل دخول وقتها، وبه قال الحسن وابن سيرين وأحمد في إحدى الروايات عنه. ¬
باب فيما يقرأ في الجمعة
وقال أحمد في رواية: لا يجوز، وقال أحمد في أخرى: يجوز للمجاهد فقط. مغ ج 2 ص 218. باب فيما يقرأ في الجمعة مسألة (390) أكثر الفقهاء على أنه يُسن أن يقرأ في الجمعة في الركعة الأولى سورة الجمعة واستحب مالك أن يقرأ في الأولى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} والثانية بالغاشية كالعيدين. بداية ج 1 ص 216 * * *
فصل في أبواب صلاة العيدين
فصل في أبواب صلاة العيدين باب في حكم صلاة العيد مسألة (391) جماهير العلماء على أن صلاة العيدين سنة مؤكدة ليست بواجبة وهو مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وداود رحمهم الله تعالى، وروي عن أحمد مثل ذلك. وقال بعض أصحاب أبي حنيفة: هي فرض كفاية، وهي رواية عن أحمد (¬1). مج ج 5 ص 6. باب في التنفل لصلاة العيد مسألة (392) جمهور العلماء على أنه لا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها، رُوي هذا عن علي وابن مسعود وحذيفة وجابر، وبه قال أحمد. وقال آخرون: يُتنفل قبلها وبعدها، وهو مذهب أنس وعروة. وبه قال الشافعي. وقال آخرون: يتنفل بعدها ولا يتنفل قبلها، وبه قال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة ورُوي هذا عن ابن مسعود أيضًا. قال ابن رشد: وفرق قوم بين أن تكون الصلاة في المصلى (يعني لا يتنفل لها) أو في المسجد (أي فيتنفل) وهو مشهور مذهب مالك. بداية ج 1 ص 288. باب في الأذان والإقامة للعيد مسألة (393) جمهور العلماء على أنه لا أذان ولا إقامة في صلاتي العيد وإنما ينادي لها. ونقل ابن المنذر عن ابن الزبير أنه أذن لها وأقام (¬2) مج 5 ص 19، مغ ج 2 ص 235. ¬
باب في التكبيرات صلاة العيد
باب في التكبيرات صلاة العيد مسألة (394) أكثر العلماء على أن تكبيرات صلاة العيدين الزوائد هي في الأولى سبع وفي الثانية خمس وهو محكى عن أبي بكر الصديق وعمر وعلي وزيد بن ثابت وعائشة وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنهم ويحيى الأنصاري والزهري ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى جميعًا. وقالت طائفة: في كل ركعة سبعًا. حكاه ابن المنذر عن ابن عباس والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك رضي الله عنهم وسعيد بن المسيب والنخعي. وحكى الترمذي عن ابن مسعود: في الأولى خمس وفي الثانية أربع. وحكى ابن المنذر عن ابن مسعود وحذيفة وأبي موسى رضي الله تعالى عنهم وعقبة بن عمرو في كل ركعة ثلاث تكبيرات، وهو مذهب أبي حنيفة. وحكى عن الحسن البصري في الأولى خمس وفي الثانية ثلاث. وحكى عن ابن مسعود وحذيفة وأبي موسى وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم في كل ركعة أربع تكبيرات. وحكى عن الحسن البصري رواية في الأولى ثلاثًا وفي الثانية اثنتين (¬1). مج 5 ص 25. باب في التكبير في صلاة العيد مسألة (395) جماهير العلماء على أن محل التكبيرات الزوائد في صلاتي العيد تكون بين دعاء الاستفتاح والتعوذ، وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: يقرأ في الثانية قبل التكبيرات ثمَّ يكبِّر. وحكى عن أبي يوسف أنه يتعوذ قبل التكبيرات ليتصل التعوذ بدعاء الاستفتاح. وحكى عن محمَّد أنه يكبر التكبيرات ثمَّ يأتي بدعاء الاستفتاح ثمَّ التعوذ (¬2). ¬
باب في المسبوق في صلاة الجماعة متى يكبر؟
باب في المسبوق في صلاة الجماعة متى يكبر؟ مسألة (396) جمهور العلماء على أن تكبيرات العيد إثر الصلوات تكون في حق المسبوق في صلاة الجماعة بعد إنتهائه من صلاة نفسه. ونقله ابن المنذر عن ابن سيرين والشعبي وابن شبرمة ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي. واختاره ابن المنذر. وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى جميعًا. وحكي عن الحسن البصري أنه يكبِّر ثمَّ يقضي. وعن مجاهد ومكحول يكبِّر ثمَّ يقضي ثمَّ يكبر. مج 5 ص 45، مغ ج 2 ص 257. باب في التكبيرات إثر الصلوات للمنفرد وغيره مسألة (397) جماهير العلماء على استحباب التكبير إثر الصلوات أيام الأضحى للمنفرد والمؤتم. وهو مذهب مالك والأوزاعي وأبي يوسف ومحمد والشافعي. وحكى ابن المنذر وغيره عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله تعالى عنهم، والثوري وأبي حنيفة وأحمد أن المنفرد لا يكبِّر (¬1). مج 5 ص 47. باب في مشروعية تكبير الفطر مسألة (398) جماهير العلماء أن تكبير عيد الفطر سنَّة ليس بواجب للعامة والخاصة سواء كبر الإِمام أو لم يكبِّر. وحُكي عن ابن عباس أنه لا يكبِّر إلا أن يكبر إمامه. وحُكي عن أبي حنيفة أنه لا يكبِّر مطلقًا ونُقل عنه أنه قال: يكبر يوم الأضحى ولا يكبِّر يوم الفطر. وحكى العبدري وغيره عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وداود أنهم قالوا: ¬
باب في وقت التكبير في عيد الفطر
التكبير في عيد الفطر واجب وفي عيد الأضحى مستحب (¬1) مج 5 ص 48. باب في وقت التكبير في عيد الفطر مسألة (399) جمهور العلماء على أن أول وقت التكبير في عيد الفطر من وقت الغدو إلى صلاة العيد. حكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عمر وأبي أمامة وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم وعبد الرحمن بن أبي ليلى وسعيد بن جبير والنخعي وأبي الزناد وعمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان وأبي بكر بن محمَّد والحكم وحماد ومالك وأحمد وإسحاق وأبي ثور وحكاه الأوزاعي عن الناس. وذهب سعيد بن المسيب وأبو سلمة وعروة وزيد بن أسلم فيما نُقل عنهم إلى أن أول وقت التكبير من غروب شمس ليلة العيد، وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى جميعًا. مج 5 ص 48 بداية ح1 ص 289. باب في التكبير في العيدين مطلقًا مسألة (400) جمهور العلماء على أن التكبير في العيدين في الجملة سنَّة مستحبة وخاصة عند خروجه من ييته إلى صلاة العيد، رُوى ذلك عن عليٍّ وابن عمر وأبي أمامة وأبي رهم وغيرهم رضي الله تعالى عنهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان وأبي بكر بن محمَّد والنخعي وسعيد بن جبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى والحكم وحماد ومالك وإسحاق وأبو ثور والشافعي وابن المنذر. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: يكبِّر يوم الأضحى، ولا يكبِّر يوم الفطر لأن ابن عباس سمع التكبير يوم الفطر فقال: ما شأن الناس؟ فقيل: يكبرون. فقال: أمجانين الناس؟ وقال إبراهيم: إنما يفعل ذلك الحواكون. مغ ج 2 ص 231، بداية ح1 ص 289. * * * ¬
باب في الجهر بالقراءة في صلاة العيد
باب في الجهر بالقراءة في صلاة العيد مسألة (401) أكثر أهل العلم على أنه يُستحب الجهر بالقراءة في صلاة العيد. ورُوى عن عليٍّ أنه كان يسمع من يليه ولم يجهر جهرًا يسمع غيرهم. مغ ج 2 ص 236. * * *
أبواب صلاة الكسوف
أبواب صلاة الكسوف (¬1) باب في الخطبة لصلاة الكسوف مسألة (402) جمهور العلماء على استحباب خطبتين بعد صلاة الكسوف وهو مذهب الشافعي. وقال مالك وأبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد في رواية: لا تشرع لها الخطبة (¬2). مج 5 ص 58. باب في الجهر والإسرار في صلاتي الكسوف والخسوف مسألة (403) أكثر الفقهاء على أنه يُستحب الإسرار في صلاة كسوف الشمس وبه قال الشافعي. وقال أبو يوسف ومحمد وإسحاق: يستحب الجهر فيها (¬3). الحاوي ج 2 ص 508. * * * ¬
أبواب صلاة الخسوف
أبواب صلاة الخسوف باب في الصلاة لخسوف القمر مسألة (404) أكثر أهل العلم على مشروعية صلاة الكسوف لخسوف القمر، نقل فعلها عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وبه قال عطاء والحسن والنخعي الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال مالك: ليس لكسوف القمر سنَّة. وحكى ابن عبد البر عن مالك وأبي حنيفة أنهما قالا: يصلِّي الناس لخسوف القمر وحدانًا ركعتين ركعتين ولا يصلون جماعة لأن خروجهم إليها مشقة (¬1). مغ ج 2 ص 273. باب في صلاة الكسوف في الساعات المكروهة مسألة (405) أكثر أهل العلم على أن الكسوف إذا وقع في أوقات النهي عن الصلاة فإن صلاة الكسوف لا تشرع. رُوي ذلك عن الحسن وعطاء وعكرمة بن خالد وابن أبي مليكة وعمرو بن شعيب وأبي بكر ابن محمَّد بن عمرو بن حزم ومالك وأبي حنيفة. وقال الشافعي: تصلَّى في أوقات النهي، وروى ابن وهب عن مالك: لا يُصَلَّى لكسوف الشمس إلا في الوقت الذي تجوز فيه النافلة (¬2). * * * ¬
أبواب صلاة الاستسقاء
أبواب صلاة الاستسقاء (¬1) باب في تقديم الصلاة على الخطبة مسألة (406) جمهور العلماء على تقديم صلاة الاستسقاء على الخطبة وهو مذهب الشافعي ومالك ومحمد بن الحسن (¬2). وقال جمع: يُستحب تقديم الخطبة على الصلاة حكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وحكاه العبدري عن عبد الله بن الزبير وعمر بن عبد العزيز والليث بن سعد (¬3). مج 5 ص 87، مغ ج 2 ص 288. باب في مشروعية صلاة الاستسقاء مسألة (407) جماهير العلماء على جواز صلاة الاستسقاء وعلى أنها سنَّة مؤكدة وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى، وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: ليس في الاستسقاء صلاة وإنما هو الدعاء، وحكى عنه الماوردي أنه قال هي بدعة. مج 5 ص 92، مغ ج 2 ص 285، بداية ج 1 ص280، فتح ج 5 ص 176، الحاوي ج 2 ص 417. باب في وقت الخروج لصلاة الاستسقاء مسألة (408) جمهور العلماء بل جماعتهم على أنه يستحب الخروج لصلاة الاستسقاء عند زوال الشمس. حكاه عن جماعة العلماء ابن المنذر. ¬
باب في تحويل الرداء في الاستسقاء
وخالف أبو بكر بن حزم في هذا (¬1) مغ ج 2 ص 287. باب في تحويل الرداء في الاستسقاء مسألة (409) أكثر أهل العلم على أنه يُستحب في صلاة الاستسقاء تحويل الرداء للإمام والمأموم، وبه قال الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: لا يُستحب وحكى عن سعيد بن المسيب وعروة والثوري أن تحويل الرداء مختص بالإمام دون المأموم، وهو قول الليث وأبي يوسف ومحمد بن الحسن (¬2). مغ ج 2 ص 289، بداية ج 1 ص 282، فتح ج 5 ص 184. * * * ¬
كتاب الجنائز
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الجنائز
أبواب غسل الميت
كتاب الجنائز أبواب غسل الميت باب في الزوجة تغسل زوجها الميت مسألة (410) جماهير العلماء على أن للزوجة غسل زوجها الميت حتى نقل الإجماع فيها ابن المنذر والعبدري وغيرهما. وقال أحمد في رواية: ليس لها ذلك (¬1). مج 5 ص 118. باب في الزوج يغسل زوجته الميتة مسألة (411) جمهور العلماء على أن للزوج غسل زوجته الميتة، حكاه ابن المنذر عن علقمة وجابر بن زيد وعبد الرحمن بن الأسود وسليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن وقتادة وحماد بن أبي سليمان ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي وعطاء وداود وابن المنذر. وقال أبو حنيفة والثوري: ليس له غسلها، وهو رواية عن الأوزاعي (¬2). مج 5 ص 118، بداية ج 1 ص 300. باب في الميت يكون جنبًا أو تكون حائضًا مسألة (412) جماهير العلماء على أن الجنب والحائض إذا ماتا غسلًا غسلًا واحدًا. وقال الحسن البصري: يُغسلان غسلين، قال ابن المنذر: لم يقل به غيره. مج 5 ص 119 مع ج 2 ص 328. ¬
باب في قلم أظفار الميت ونحوه
باب في قلم أظفار الميت ونحوه مسألة (413) جمهور العلماء على كراهة قلم أظفار الميت وأخذ شعر إبطه وعانته وشاربه منهم مالك وأبو حنيفة والثوري والمزني وابن المنذر وهو المختار من أقوال الشافعي -رحمه الله-. وقال جمع بالاستحباب منهم سعيد بن المسيب وابن جبير والحسن البصري وأحمد ابن حنبل وإسحاق بن راهويه. وهو قول للشافعي مرجوح (¬1). مج 5 ص 136. باب في الغسل على من غسَّلَ ميتًا مسألة (414) أكثر العلماء على أنه لا يجب على من غسَّل ميتًا أن يغتسل وهو قول ابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم والحسن البصري والنخعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي. وهو اختيار ابن المنذر. وقال جماعة: يغتسل، وهو مروي عن علي وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما وابن المسيب وابن سيرين والزهري. ورُوي عن أحمد والنخعي وإسحاق أنه يتوضأ. والمختار الصحيح عند أصحاب الشافعي أنه يُسن الاغتسال ولا يجب (¬2). مج 5 ص 139. باب في تسريح شعر الميت مسألة (415) جماهير الفقهاء على عدم استحباب تسريح شعر الميت وهو مذهب أبي حنيفة -رحمه الله- تعالى. والمذهب عند الشافعية استحبابه. مج 5 ص140. ¬
باب في الكافور ونحوه للميت
باب في الكافور ونحوه للميت مسألة (416) جمهور الفقهاء على استحباب الكافور في الغسلة الأخيرة وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وقال أبو حنيفة: لا يُستحب. مج 5 ص 140. باب في الإيتار في غسل الميت مسألة (417) جمهور العلماء على استحباب الإيتار في غسل الميت وأقله ثلاثًا وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وقال مالك: لا تقدير في ذلك. مج 5 ص140. باب في توجيه الميت إلى القبلة مسألة (418) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على استحباب توجيه الميت أو من حضره الموت إلى القبلة، وممن استحبه: عطاء والنخعي ومالك وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام والشافعي وأحمد وإسحاق وخلائق من السلف والخلف (¬1). وأنكر ذلك سعيد بن المسيب -رحمه الله- (¬2). مغ ج 2 ص 306. باب في المضمضة والاستنشاق للميت مسألة (419) أكثر أهل العلم على عدم استحباب إدخال الماء فا (فم) ومنخري الميت مضمضة واستنشاقًا، وبه قال سعيد بن جبير والنخعي والثوري وأبو حنيفة وهو مذهب أحمد. وقال الشافعي: يمضمضه وينشقه كما يفعل الحي. مغ ج 2 ص 320. ¬
باب في الرجل يغسل زوجته
باب في الرجل يغسل زوجته مسألة (420) أكثر أهل العلم على أنه لا يجوز للرجال غسل أحد من النساء وليس للنساء غسل أحد من الرجال غير الإجماع الحاصل من جواز غسل المرأة زوجها, وجواز غسل الرجل زوجته الذي ذهب إليه الجمهور، وما سوى هذا فمذهب جمهور أهل العلم المنع، وسواء كانت المرأة أو الرجل من المحارم أو لا. وحُكي عن أبي قلابة أنه غسَّل ابنته. وقال الحسن ومحمد ومالك: لا بأس بغسل ذات محرم عند الضرورة (¬1). مغ ج 2 ص 399، بداية ج 1 ص 299. باب في المبطون والغريق ونحوهما مسألة (421) جماهير العلماء على أن من مات في غير معترك الكفار فإنه يُغسَّل، ويُصلَّى عليه والمبطون ومن مات تحت الهدم والنفساء في ذلك سواء. قلت: وكذلك الغريق والحريق. وحُكي عن الحسن أنه لا يصلِّى على النفساء واعتبرها شهيدةً. مغ ج 2 ص 405. باب في الميت غير المختون هل يُختن؟ مسألة (422) أكثر أهل العلم على أن من مات من المسلمين غير مختن فإنه لا يشرع ختنه. وحكى الإِمام أحمد عن بعض الناس أنه يُختتن. مغ ج 2 ص 409. * * * ¬
أبواب الكفن للميت
أبواب الكفن للميت باب في مؤنة كفن الميت وجهازه مسألة (423) جماهير العلماء على أن مؤنة كفن الميت وتجهيزه تخرج من رأس ماله، وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء ومجاهد والحسن وعمرو بن دينار وعمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة ومالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن حكاه عنهم ابن المنذر، ثمَّ قال: وبه نقول. وقال خِلاس بن عمرو: من ثلث التركة وقال طاوس: إن كان المال قليلًا فمن الثلث، وإلا فمن رأس المال. حكى القولين الأخيرين ابن المنذر مج 5 ص 142. باب في كفن الميت الرجل والصبي مسألة (424) جمهور العلماء على استحباب ثلاثة أثواب للبالغ والصبي سواءً بسواء وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى، وهو اختيار ابن المنذر. قال ابن المنذر: وكان سويد بن غفلهّ يُكَفِّنُ في ثوبين، وبه قال أبو حنيفة -رحمه الله-. وقال: وكان ابن عمر يُكفن في خمسة. وقال ابن المسيب في الصبي يكفن في ثوب. وقال أحمد وإسحاق: في خرقة، فإن كُفِّن في ثلاثة فلا بأس. ورُوي عن الحسن وأصحاب الرأي: في ثوبين (¬1). مج 5 ص 159. باب في كفن المرأة مسألة (425) أكثر العلماء على استحباب خمسة أثواب للمرأة منهم الشعبي وابن سيرين والنخعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي. حكاه ابن المنذر ¬
باب في المستحب في تكفين الميت
عنهم، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال عطاء: ثلاثة أثواب درع وثوب ولفافة فوقهما. وقال سليمان بن موسى: درع وخمار ولفافة (¬1). مج 5 ص 159 مع ج 2 ص 341. باب في المستحب في تكفين الميت مسألة (426) أكثر أهل العلم على استحباب أن يُكفَّن الميت في أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة. وحُكى عن أبي حنيفة أن المستحب أن يُكفَّن في إزار ورداء وقميص. مغ ج 2 ص 328. * * * ¬
أبواب الصلاة على الميت
أبواب الصلاة على الميت (¬1) باب فيمن يقدم للصلاة على الميت مسألة (427) أكثر أهل العلم على تقديم الوالي (يعني إمام المسلمين) على ولي الميت وهو قول علقمة والأسود والحسن البصري وسويد بن غفلة ومالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وهو قول الشافعي القديم واختيار ابن المنذر رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال الشافعي في الجديد والضحاك وأبو يوسف: الولي مقدم على الوالي (¬2). مج 5 ص 176، مغ ج 2 ص 367، بداية ج 1 ص 319. باب في الميت يوصي أن يصلي عليه غير الأولياء مسألة (428) أكثر الفقهاء على أن الميت لو أوصى أن يصلِّي عليه غير الأولياء فإن وصيته لا تنفذ. وبه قال الشافعي وسائر الفقهاء خلا من سنذكرهم. وقال أحمد بن حنبل: الوصي أولى بالصلاة من جميع الأولياء، وبه قال ابن سيرين، وحكى هذا عائشة وأم سلمة وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهم. الحاوي ج 3 ص 47. باب في السلام في صلاة الميت هل هو تسليمة أو تسليمتان؟ مسألة (429) أكثر العلماء على اجزاء تسليمة واحدة في صلاة الجنازة، حكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وواثلة ابن الأسقع وأبي هريرة وعبد الله بن أبي أوفى وأبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله تعالى عنهم والحسن البصري وابن سيرين وسعيد بن جبير والثوري وابن عيينة وابن المبارك وعيسى بن يونس ووكيع وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد وإسحاق رحمهم الله تعالى. ¬
باب في الصلاة على الطفل والصبي
وقال أبو حنيفة: تسليمتان وهو مذهب الشافعي رحمهما الله تعالى واختيار المزني. مج 5 ص 194، مغ ج 2 ص 373، بداية ج 1 ص 310. باب في الصلاة على الطفل والصبي مسألة (430) جماهير العلماء على وجوب الصلاة على الطفل والصبي ونقل ابن المنذر الإجماع عليه. وحُكي عن سعيد بن جبير أنه قال: لا يصلَّى عليه ما لم يبلغ. وحُكي عن بعضهم أنه إن كان قد صَلَّى صُلِّي عليه وإلا فلا (¬1). مج 5 ص 205. باب في الصلاة على السقط مسألة (431) جمهور العلماء على أن السقط إذا بلغ أربعة أشهر ولم يتحرك لا يُصلَّى عليه وبه قال الشافعي في الجديد وهو المعتمد في المذهب. وقال أحمد وداود: يصلَّى عليه، وهو قول الشافعي في القديم من مذهبه. وحكى ابن المنذر عن جابر بن زيد التابعي والحكم وحماد ومالك والأوزاعي وأصحاب الرأي في السقط أنه إذا لم يستهل لا يصلَّى عليه. وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه يُصلَّى عليه وإن لم يستهل، وبه قال ابن سيرين وابن المسيب وأحمد وإسحاق (¬2). مج ج 5 ص 206. باب في غسل الشهيد والصلاة عليه مسألة (433) جمهور العلماء على أن الشهيد لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه، وهو قول عطاء والنخعي وسليمان بن موسى ويحيى الأنصاري والحاكم وحماد والليث ومالك ومن وافقه من أهل المدينة، وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر، وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال سعيد بن المسيب والحسن البصري: يُغسل ويُصلَّى عليه، وهو قول عبيد الله ابن الحسن العنبري. ¬
باب في الصبي الشهيد
وقال أبو حنيفة والثوري والمزني: يُصلَّى عليه ولا يُغسَّل، وبه قال أحمد في رواية (¬1) مج 5 ص 213، مغ ج 2 ص 401، بداية ج 1 ص 298. باب في الصبي الشهيد مسألة (433) جمهور العلماء على أن الصبي إذا استشهد لا يُغسَّل ولا يُصلَّى عليه وهو قول مالك وأبي يوسف ومحمد وأبي ثور وابن المنذر، وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال أبو حنيفة: يُغسَّل ويُصلَّى عليه. مج 5 ص 215. باب في الصلاة على ولد الزنا مسألة (434) جمهور العلماء على وجوب الصلاة على ولد الزنا إذا مات، وبه قال النخعي والزهري ومالك وأحمد وإسحاق. حكاه عنهم ابن المنذر، وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال قتادة: لا يُصلَّى عليه (¬2). مج 5 ص 217. ¬
باب في الصلاة على الميت بين القبور
باب في الصلاة على الميت بين القبور مسألة (435) جمهور العلماء على كراهة الصلاة على الجنازة في المقبرة بين القبور. حكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم وعطاء وابن سيرين وأحمد وإسحاق وأبي ثور واختاره ابن المنذر رحمهم الله تعالى، وهو رواية عن مالك. ولم يرَ الكراهة أبو هريرة وعمر بن عبد العزيز ومالك في رواية رحمهم الله تعالى ورضي عنهم. مج 5 ص 218. باب في دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة مسألة (436) جمهور أهل العلم على أن المستحب لمصلي الجنازة أن يبدأ بالفاتحة بعد الاستعاذة وبعد التكبيرة الأولى من غير أن يدعو بدعاء الإستفتاح. وقال ابن المنذر: كان الثوري يستحب أن يستفتح في صلاة الجنازة. قال الموفق: وقد رُوي عن أحمد مثل قول الثوري (¬1). مغ ج 2 ص 369. باب في الجهر والإسرار في صلاة الجنازة مسألة (437) جماهير العلماء على أن المستحب في صلاة الجنازة الإسرار في القراءة والدعاء. ورُوي عن ابن عباس أنه جهر بفاتحة الكتاب، وبه قال جماعة من الأصحاب في المذهب الشافعي منهم أبو حامد الإسفراييني والمحاملي وسليم الرازي وغيرهم (¬2). مغ ج 2 ص 370. ¬
باب في الرجل تفوته صلاة الجنازة هل يصلي منفردا؟
باب في الرجل تفوته صلاة الجنازة هل يصلي منفردًا؟ مسألة (438) أكثر أهل العلم على أن من فاتته صلاة الجنازة مع الجماعة فله أن يصلي عليها وحده ما لم تدفن فإذا دفنت فله أن يصلي على القبر إلى شهر. رُوي ذلك عن أبي موسى وابن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهم وبه قال الأوزاعي والشافعي وأحمد. وقال النخعي والثوري ومالك وأبو حنيفة: لا تُعاد الصلاة على الميت إلا للولي إذا كان غائبًا ولا يُصلى على القبر إلا كذلك (¬1). مغ ج 2 ص 391. باب في تكبيرات صلاة الجنازة مسألة (439) أكثر أهل العلم على أن المشروع في صلاة الجنازة أربع تكبيرات وبه قال من الصحابة عمر وابنه وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله وعبد الله بن أبي أوفي والحسن بن عليٍّ والبراء بن عازب وأبو هريرة وعقبة بن عامر رضي الله تعالى عنهم، وهو قول محمَّد بن الحنفية وعطاء والأوزاعي ومالك وأبي حنيفة والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي. قال النووي: قال ابن المنذر: وقال ابن مسعود وزيد بن أرقم: يكبِّر خمسًا وقال ابن عباس وأنس بن مالك وجابر بن زيد: يكبِّر ثلاثًا وعن ابن سيرين نحوه. وقال بكر بن عبد الله المزني: لا ينقص من ثلاث تكبيرات ولا يُزاد على سبع. وقال أحمد: لا ينقص من أربع ولا يزاد على سبع وعن ابن مسعود: يكبِّر ما يكبِّر الإِمام، وقال عليٌّ رضي الله تعالى عنه: يكبِّر ستًّا ولو كبر الإِمام خمسًا فا (¬2) ختلف القائلون بأربع. فقال الثوري ومالك وأبو حنيفة: لا يتابعه وقال أحمد وإسحاق: يتابعه. قال ابن المنذر: بالأربع أقوال. ¬
قال النووي: وقال العبدري: ممن قال بخمس تكبيرات زيد بن أرقم وحذيفة بن اليمان والشيعة وعن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أنه كبر على أهل بدر ستًا، وعلى غيرهم من الصحابة خمسًا وعلى سائر الناس أربعًا، ورُوي أنه كبر على أبي قتادة سبعًا وكان بدريًا: وقال داود -رحمه الله-: إن شاء خمسًا وإن شاء أربعًا، وعن أحمد رواية أنه لا يتابع الإِمام في زيادة على الأربع، وفي رواية: يتابعه إلى خمس والمشهور عنه يكبِّر أربعًا فإن زاد إمامه يتابعه إلى سبع (¬1). مغ ج 2 ص 394، بداية ج 1 ص 308. * * * ¬
أبواب حمل الجنازة والدفن
أبواب حمل الجنازة والدفن باب في النساء يتبعن الجنازة مسألة (440) جماهير العلماء على كراهة اتباع النساء للجنازة. حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وأبي أمامة وعائشة رضي الله تعالى عنهم ومسروق والحسن والنخعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق، وهو قول الثوري ومذهب الشافعي رحمهم الله تعالى. وقال جماعة: لا يُكره، وهو مروي عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه والزهري وربيعة. ومالك يكره في الشابة دون غيرها. وحكى العبدري عن مالك أنه يكره إلا أن يكون الميت ولدها أو والدها أو زوجها وكان ممن يخرج مثلها لمثله. مج 5 ص 224. باب في السير خلف الجنازة وقدامها مسألة (441) جماهير العلماء على أن السير أمام الجنازة أفضل من السير خلفها الراكب والماشي في ذلك سواء، وبه قال أبو بكر وعمر وعثمان وابن عمر والحسن بن علي وأبو قتادة وأبو هريرة وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم والقاسم بن محمَّد وسالم وشريح وابن أبي ليلى والزهري ومالك وأحمد وداود، وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى. وقال الثوري -رحمه الله-: يسير الراكب خلفها والماشي حيث شاء منها (¬1). مج 5 ص 227، مغ ج 2 ص 361. باب في تجصيص القبر والكتابة عليه مسألة (442) جماهير العلماء على كراهة تجصيص القبر والكتابة عليه، وبه قال مالك وأحمد وداود. وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى. ¬
باب في المرأة تموت وفي بطنها جنين
وقال أبو حنيفة: لا يكره (¬1) مج ج 5 ص 250. باب في المرأة تموت وفي بطنها جنين مسألة (443) أكثر الفقهاء على أنه إن ماتت امرأة وفي جوفها جنين ظاهره الحياة شُقَّ بطنها وأخرج الجنين، وهو قول ابن سريح من الشافعية، وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى. واختار النووي التفصيل باعتبار رجاء حياته وعدمه (¬2). مج ص 252. باب في الدفن ليلًا هل يكره؟ مسألة (444) مذهب الجماهير من العلماء على عدم كراهة الدفن ليلًا. وقال الحسن البصري -رحمه الله-: يُكره (¬3). مج 5 ص 255. * * * ¬
أبواب التعزية وزيارة القبور
أبواب التعزية وزيارة القبور باب في تعذيب الميت ببكاء أهله مسألة (445) جمهور العلماء على أن أحاديث تعذيب الميت ببكاء أهلة محمولة على من أوصى بذلك. وقالت طائفة: معناها أن الميت يُعذَّب بْذكرِ أَهْلهِ نَقَائِصَهُ وقبائحه ظنًا منهم أنها منائح ومحاسن، أو بادعاء ما يحرم كقولهم يا مرمل النساء وميتم الأطفال وما أشبه ذلك. وقالت طائفة: عذاب الميت ببكاء أهله هو حزنه عليهم ورفقه من أجلهم، واختاره ابن جرير الطبري. ورجَّحه القاضي عياض. وقال طائفة: هو محمول على الكافر وصاحب الذنب فيعذب الكافر بكفره والعاصي بذنبه وليس ببكاء أهله، وهو قول عائشة رضي الله تعالى عنها (¬1). مج 5 ص 265. باب في الجلوس على القبر مسألة (446) جمهور العلماء على كراهة الجلوس على القبر والاتكاء عليه منهم النخعي والليث وأبو حنيفة وداود وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى. وقال مالك: لا يكره. مج 5 ص 269. باب في المشي بالنعال والخفاف بين القبور مسألة (447) أكثر العلماء على عدم كراهة المشي بين القبور بالنعلين أو الخفين ونحوهما وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وقال أحمد -رحمه الله-: يكره، وهو اختيار صاحب الحاوي الإِمام الماوردي من الشافعية. مج 5 ص 269 مغ ج 2 ص 423. فائدة: نقل الإِمام النووي عن أكثر العلماء قولهم ببقاء حياة الخَضِرِ -عليه السلام-. مج 5 ص 259. ¬
باب في التعزية بعد الدفن
باب في التعزية بعد الدفن مسألة (448) جمهور العلماء على جواز التعزية بعد الدفن. وقال الثوري: لا تستحب بعد الدفن لأنه خاتمة أمره. مغ ج 2 ص 403. باب في قراءة القرآن للميت (¬1) وإهداء ثوابها له هل يصله ذلك؟ مسألة (449) جمهور أهل العلم على أن من قرأ للميت قرآنًا وأهدى ثوابه للميت فإن ذلك لا يلحقه. هكذا حكاه النووي عن الشافعي والجمهور. قلت: وذهب أحمد وآخرون إلى أنه يلحقه ثوابه وينتفع به إن شاء الله تعالى (¬2). شرح ج 11 ص 85. * * * ¬
كتاب الزكاة
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الزكاة
باب في الزكاة على المكاتب
كتاب الزكاة (¬1) باب في الزكاة على المكاتب مسألة (450) جمهور العلماء على أنه لا زكاة على المكاتب في ماله، الزرع وغيره في ذلك سواء، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. ونقل ابن المنذر عن أبي ثور أنه أوجبها في مال المكاتب في كل شيء كالحر تمامًا. وحكاه العبدري عن داود رحمهما الله تعالى. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: يجب العشر في زرعه ولا تجب الزكاة في باقي أمواله (¬2). مج 5 ص 283، مغ ج 2 ص 495، الحاوي ج 3 ص 154. باب في الزكاة على العبد مسألة (451) جمهور العلماء على أنه لا يجب على العبد زكاة، وبه قال ابن عمر وجابر رضي الله تعالى عنهم والزهري وقتادة ومالك وأبو حنيفة رحمهم الله تعالى. وهو مذهب أحمد والصحيح في مذهب الشافعي. وحكى ابن المنذر عن عطاء وأبي ثور الوجوب، ورُوي مثل ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه، قاله ابن المنذر وحكاه العبدري عن داود رحمهم الله تعالى (¬3). مج 5 ص 283، مغ ج 2 ص 493. باب في الزكاة في مال الصبي والمجنون مسألة (452) جمهور العلماء على وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون. حكاه ¬
باب في تأخير الزكاة
ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر وجابر والحسن بن علي وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وطاوس وعطاء وجابر بن زيد ومجاهد وابن سيرين وربيعة ومالك والثوري والحسن بن صالح وابن عيينة وعبيد الله بن الحسن وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور وسليمان بن حرب رحمهم الله تعالى. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وقال أبو وائل وسعيد بن جبير والحسن البصري وإبراهيم النخعي: لا زكاة في مال الصبي. وقال سعيد بن المسيب: لا يزكي الصبي حتى يصلِّي ويصوم رمضان. وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز: في ماله الزكاة لكن لا يخرجها الولي بل يحصيها فإذا بلغ الصبي أعلمه فيزكي في نفسه. وقال ابن أبي ليلى: فيما ملكه زكاة لكن إن أداها الوصي ضمن. وقال ابن شبرمة: لا زكاة في ذهب وفضة، وتجب في إبله وبقره وغنمه وما ظهر من ماله زكيته وما غاب عني فلا. وقال أبو حنيفة: لا زكاة في ماله إلا عشر المعشرات (¬1). مج 5 ص 283. باب في تأخير الزكاة مسألة (453) جمهور العلماء على عدم جواز تأخير الزكاة إذا وجبت بل الواجب إخراجها على الفور وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم -رحمه الله-. ونقل عن أبي حنيفة أنها على التراخي، وقد اختلف أصحاب أبي حنيفة في المسألة، فقال الكرخي بقول الجمهور، وقال أبو بكر الرازي: على التراخي. مج 5 ص 288. باب في مانع الزكاة مسألة (454) أكثر العلماء على أن من أخفى ماله تهربًا من الزكاة ثمَّ ظهر عليه فالواجب أخذ زكاة ماله وحسب، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله تعالى. ¬
وقال أحمد: تُؤخذ منه زكاة ماله ونصف ماله عقوبة له (¬1). وهو قول للشافعي قديم، وبه قال إسحاق بن راهوية وأبو بكر بن عبد العزيز من أصحاب الوجوه في المذهب الحنبلي. مج 5 ص 289. مغ ج 2 ص 435. * * * ¬
أبواب صدقة المواشي
أبواب صدقة المواشي باب في زكاة الخيل مسألة (455) أكثر العلماء على أنه لا زكاة في الخيل. حكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عمر والشعبي والنخعي وعطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والحاكم والثوي وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي حنيفة وأبي بكر بن أبي شيبة، وحكاه غيره عن عمر بن الخطاب والأوزاعي ومالك والليث وداود، وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى جميعًا. ولم يفرق الجمهور بين أن تكون سائمة أو معلوفة بشرط أن لا تكون معدَّة للتجارة. وقال حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة: تجب الزكاة في الخيل إن كانت معدة للتوالد والتناسل فإن كانت ذكورًا وإناثًا ففيها الزكاة قولًا واحدًا، وإن تمحضت إناثًا فعن أبي حنيفة روايتان وكذا إن تمحضت ذكورًا، ويُعتبر في زكاة الخيل الحول دون النصاب ومالكها بالخيار إن شاء أعطى من كل فرس دينارًا، وإن شاء قومها وأخرج ربع عشر قيمتها. ويخرج من هذه المسألة ما لو أعدت الخيل للتجارة ففيها الزكاة عند الكل، وكذلك منها ما لو أعدت للجهاد أو للاستعمال فلا زكاة فيها مطلقًا (¬1). مج 5 ص 291، مغ ج 2 ص 491، بداية ج 1 ص 332، قرطبي ج 10 ص 79. باب في الزكاة في الأموال المعدَّة للنماء مسألة (456) جماهير العلماء على أنه لا زكاة في الأموال المعدة للنماء في نصابها حتى يحول عليها الحول ونقل العبدري عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله تعالى عنهم أنهما قالا: تجب الزكاة فيه يوم ملك النصاب فإذا حال الحول وجبت زكاة ثانية (¬2). مج 5 ص 308، الحاوي ج 3 ص 88. ¬
باب في أوقاص المواشي هل فيها زكاة؟
باب في أوقاص المواشي هل فيها زكاة؟ مسألة (457) أكثر العلماء على أنه لا زكاة في أوقاص المواشي وحكاه العبدري عن أبي حنيفة ومحمد وأحمد وداود وهو الصحيح في مذهب مالك، وهو الأصح من قولي الشافعي. وقال مالك في رواية والشافعي في قول: يتعلق الفرض بالجميع. مج 5 ص 337. باب في وسم أنعام الزكاة والجزية في غير الوجه (¬1) مسألة (458) جماهير العلماء على استحباب وسم أنعام الزكاة والجزية في غير الوجه، وقال أبو حنيفة يكره (يعني كراهة تحريم) لأنه مُثْلهٌ وتعذيث للحيوان (¬2). شرح ج 14 ص 100. باب في الإبل تكون دون خمس وعشرين مسألة (459) جمهور العلماء من السلف والخلف على أنه من ملك دون خمس وعشرين من الإبل فإنه يجزئه أن يخرج عنها بعيرًا ولو كان الفرض في حقه أن يخرج عنها شاة. وهو مذهب الشافعي. وجاء عن مالك وأحمد وداود: أنه لابد من إخراج شاة ولا يجزئه البعير. مج 5 ص 338. باب في الشياه فوق نصابٍ ودون نصابٍ مسألة (460) مذهب العلماء كافة إلا من سنذكره أن الشياه إذا بلغت (ثلاثمائة) وواحدة ففيها ثلاث شياه حتى تبلغ أربعمائة ففيها أربع شياه، (وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-) ¬
باب في الحامل من الأنعام هل تجزئ في الصدقة؟
ثمَّ في كل مائة شاة شاة، وبه قال أحمد في إحدى الروايتين عنه. وحكوا عن إبراهيم النخعي والحسن بن صالح أنهما قالا: إذا بلغت الشياه ثلاثمائة وواحدة وجب أربع شياه إلى أربعمائة. فإذا زادت واحدة ففيها خمس شياه، وبه قال أحمد في روايةٍ. مج 5 ص 363، مغ ج 2 ص 472، بداية ج 1 ص 346. باب في الحامل من الأنعام هل تجزئ في الصدقة؟ مسألة (461) جماهير العلماء أن الحامل تجزئ في صدقة المواشي إذا تبرع بها صاحبها، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وحكوا عن داود أنها لا تجزئ. مج 5 ص 377. باب في زكاة السائمة مسألة (462) أكثر أهل العلم على أنه لا زكاة في الأنعام إذا كانت معلوفةً أو عاملة، وإنما الزكاة في السائمة، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد والثوري وهو قول علي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله ومعاذ بن جبل - رضي الله عنهم -. وحُكي عن مالك في الإبل والبقر والنواضح والأنعام والمعلوفة الزكاة، وبه قال الليث (¬1). وقال داود: معلوفة الغنم لا زكاة فيها ومعلوفة الإبل والبقر فيها الزكاة، حكاه عنه الماوردي. مغ ج 2 ص 441، بداية ج 1 ص 333، الحاوي ج 3 ص 188. باب في زكاة البقر مسألة (463) أكثر أهل العلم على أن زكاة البقر في كل ثلاثين تبيع أو تبيعة إلى تسع وثلاثين فإذا بلغت أربعين ففيها مُسِنَّةٌ إلى تسع وخمسين فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان ¬
باب في البقر إذا كان دون الثلاثين
إلى تسع وستين، فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة وإذا زادت ففي كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة، وبه قال الشعبي والنخعي والحسن ومالك والليث والثوري وابن الماجشون والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأبو ثور، وهو مذهب أحمد -رحمه الله-. وقال أبو حنيفة في بعض الروايات: فيما زاد على الأربعين بحسابه في كل بقرةٍ ربع عشر مسنة فرارًا من جعل الوقص تسعة عشر، وهو مخالف لجميع أوقاصها؛ فإن جميع أوقاصها عشرة عشرة (¬1). مغ ج 2 ص 468. باب في البقر إذا كان دون الثلاثين مسألة (464) جمهور العلماء على أنه لا زكاة فيما دون الثلاثين من البقر. وبه قال الأئمة الأربعة مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد. وحكى عن سعيد بن المسيب والزهري أنهما قالا: في كل خمسٍ شاة. وحكى ابن رشد عن طائفة في كل عشر من البقر شاة إلى ثلاثين ففيها تبيع (¬2) مغ ج 2 ص 468، بداية ج 1 ص 345، الحاوي ج 3 ص 106. باب في البقر الوحش هل فيع زكاة؟ مسألة (465) أكثر أهل العلم بل جمهورهم على أنه لا زكاة في بقر الوحش. واختار أبو بكر بن عبد العزيز من فقهاء الحنابلة روايةً عن الإِمام أحمد بوجوب الزكاة مغ ج 2 ص 470. ¬
باب في المستفاد من الغنم أثناء الحول
باب في المستفاد من الغنم أثناء الحول مسألة (466) أكثر أهل العلم على أن ما تولد من الغنم أثناء الحول إذا اكتمل النصاب بدونها فإن الزكاة واجبة في الجميع؛ أعني الأمهات والأولاد. وحُكي عن الحسن والنخعي أنه لا زكاة في السخال حتى يحول عليها الحول. مغ ج 2 ص 477. باب في المواشي تكون في بلدانٍ متفرقة مسألة (467) مذهب العلماء كافة إلا ما رُوي عن أحمد أن من ملك أنعامًا في بلدانٍ متفرقة فإنه يضم بعضها إلى بعض فإذا بلغت نصابًا فإن فيها الزكاة وسواء بلغ البعد بين تلك الأنعام مسافة القصر أو دونها. ورُوي عن أحمد أنه لا يجمع بينها إلا إذا كانت المسافة بينها دون مسافة القصر قال ابن المنذر: لا أعلم هذا القول عن غير أحمد. قلت: ورُوي عن أحمد ما يوافق قول الجماعة. حكى ذلك الموفق في المغني. مغ ج 2 ص 489. باب في الخلطة المعتبرة في الأنعام مسألة (468) أكثر أهل العلم على أن الخلطة المعتبرة في الزكاة إنما هي في السائمة من الأنعام وحسب، وأنه لا أثر لهذه الخلطة في غير ذلك من الذهب والفضة وعروض التجارة والزروع والثمار، بل حكم المشتركين فيها حكم المنفردين. وقال أحمد في روايةٍ: إن شركة الأعيان تؤثر في غير الماشية فإذا كان بينهم نصاب يشتركون فيه فعليهم الزكاة، وبه قال إسحاق والأوزاعي في الحَبِّ والثمر. مغ ج 2 ص 490. باب في المستفاد من المال أثناء الحول مسألة (469) جمهور العلماء على أن من ملك نصابًا مما يعتبر فيه الحول ثمَّ استفاد له مال آخر من غير جنس المال الأول فحكمه أنه مال مستقل، فإن بلغ نصابًا استقبل به حولًا مستقلًا وإن لم يبلغ فلا شيء عليه وبه قال مالك والشافعي.
باب في العسل هل فيه زكاة؟
ورُوي عن ابن مسعود وابن عباس ومعاوية أن الزكاة تجب فيه حين استفاده إذا بلغ نصابًا. قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري يزكى المال المستفاد بحول الأصل إذا كان الأصل نصابًا. حكاه ابن رشد عنهم (¬1). مغ ج 2 ص 497. باب في العسل هل فيه زكاة؟ مسألة (470) جمهور أهل العلم على أنه لا زكاة في العسل، وبه يقول مالك والشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وابن المنذر، وبه يقول أبو حنيفة إن لم يكن في أرضٍ عشرية. قال ابن النذر: ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يَثْبُتُ ولا إجماع فلا زكاة فيه وهو قول الجمهور، وحكاه عن الجمهور ابن رشد كذلك وابن عبد البر. وقال أحمد: فيه الزكاة، ويروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري وسليمان بن موسى والأوزاعي وإسحاق. وبه قال أبو حنيفة إن كان في أرض العشر (¬2). بداية ج 1 ص 334. * * * ¬
أبواب زكاة الثمار والزروع
أبواب زكاة الثمار والزروع باب في زكاة الرطب والعنب مسألة (471) جماهير العلماء على أنه لا زكاة في الرطب والعنب ما دام رطبًا حتى يصير يابسًا فيبلغ نصابًا وهو خمسة أوسق (¬1)، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال أبو حنيفة وزفر: يجب فيهما الزكاة على أي حال كانا وسواء كانا قليلًا أو كثيرًا حتى الحبة فيها العشر. مج 5 ص 415، بداية ج 1 ص 349. باب في زكاة الخضروات مسألة (473) مذهب جماهير العلماء على أنه لا زكاة في الخضر وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال أبو حنيفة: فيها الزكاة (¬2). مج ص 444. باب في اجتماع الخراج والعشر مسألة (473) مذهب الجمهور من العلماء جواز اجتماع الخراج مع العشر في زكاة الزروع. قال ابن المنذر: ممن قال به عمر بن عبد العزيز وربيعة والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح والليث وابن المبارك وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وداود. اهـ، قلت: وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. ¬
باب في العشر على الرجل يستعير الأرض
وقال أبو حنيفة: لا يجب العشر مع الخراج (¬1) مج 5 ص 454، بداية ج 1 ص 327. باب في العشر على الرجل يستعير الأرض مسألة (474) مذهب العلماء كافة إلا من سنذكر أن من استعار أرضًا أن عشرها على المستعير لا على صاحبها. ورُوي عن أبي حنيفة أنه على المعير، وهذا رواه عنه عبد الله بن المبارك وليس هو الأشهر عنه بل الأشهر عنه موافقة سائر العلماء (¬2). مج 5 ص 456. باب في الأرض المعشرة هل فيها غير العشر؟ مسألة (475) مذهب العلماء كافة إلا ما سنحكيه أن (الأرض ذات) الثمر والزرع إذا وجب فيهما العشر لم يجب بعد ذلك فيهما شيء. وقال الحسن البصري: على مالكها العشر في كل سنة كالماشية والدراهم والدنانير. مج 5 ص 456، الحاوي ج 3 ص 255. باب في نصاب الزروع والثمار مسألة (476) أكثر أهل العلم على أنه لا زكاة في زرع أو ثمر حتى يبلغ خمسة أوسق وهو مروي عن ابن عمرو جابر وأبي أمامة بن سهل وبه قال عمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد والحسن وعطاء ومكحول والحكم والنخعي ومالك وأهل المدينة والثوري والأوزاعي وابن أبي ليلى والشافعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد. ¬
باب في الخرص في الزكاة
وقال مجاهد وأبو حنيفة ومن تابعهما: تجب الزكاة في قليلِ ذلك وكثيره (¬1). مغ ج 2 ص 554، بداية ج 1 ص 349. باب في الخرص في الزكاة مسألة (477) أكثر أهل العلم على العمل بالخرص وهو أن يبعث الإِمام ساعي الزكاة ليقدر زكاة الثمار عند بدو صلاحها، وممن كان يرى الخرص عمر بن الخطاب وسهل ابن أبي حتمة ومروان والقاسم بن محمَّد والحسن وعطاء والزهري وعمرو بن دينار وعبد الكريم بن أبي المخارق ومالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور. وحُكي عن الشعبي أن الخرص بدعة. وقال أهل الرأي: الخرص ظن وتخمين لا يلزم به حكم وإنما كان الخرص تخويفًا للأكرة لئلا يخونوا فأما أن يلزم به حكم فلا. وقال داود: لا خرص إلا في النخيل فقط (¬2). مغ ج 2 ص 568، بداية ج 1 ص 350. باب في الزكاة في الثمر مختلف الأنواع مسألة (478) أكثر أهل العلم على أن الثمر الذي وجبت فيه الزكاة إن كان أنواعًا فإنه يؤخذ من كل نوع ما يخصه دون تفريق بين جيد ورديء. وقال مالك والشافعي: يؤخذ من الوسط. قال ابن المنذر: وقال غيرهما: يؤخذ عشر ذلك من كلٍّ بقدره (¬3). مغ ج 2 ص 573. باب في زكاة الحبوب مسألة (479) أكثر من بلغنا من أهل العلم على أن الحبوب التي تجب فيها الزكاة يعتبر نصابها كلٌّ على حدة فلا يُضم بعضها إلى بعض، وبه قال عطاء ومكحول وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري والحسن بن صالح وشريك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد في رواية. ¬
باب هل في الأرض حق سوى الزكاة؟
وقال عكرمة: يُضم بعضها إلى بعض في تكميل النصاب، وحكاه ابن المنذر عن طاوس. قال أبو عبيد: لا نعلم أحدًا من الماضين جمع يينهما إلا عكرمة، وبه قال أحمد في رواية, وقال آخرون: يضم القريب إلى قريبه والشبيه إلى شبيهه فتضم الحنطة إلى الشعير وبه قال مالك والليث وأحمد في رواية (¬1). مغ ج 2 ص 594. باب هل في الأرض حق سوى الزكاة؟ مسألة (480) جماهير العلماء أنه لا يجب على صاحب المال وقت الصرام والحصاد زكاة صدقة غير الزكاة التي أوجبها الله تعالى. وحُكي عن مجاهد والنخعي أنهما أوجبا ذلك، وروي مثل ذلك عن الشعبي. مج 5 ص 456، 461. باب في حكم الأرض الموقوفة على المسلمين مسألة (481) أكثر أهل العلم على عدم جواز شراء الأرض الموقوفة أو بيعها وبه قال عمر وعليٌّ وابن عباس وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم، ورُوي ذلك عن عبد الله بن مغفل وقبيصة ابن ذؤيب ومسلم بن مسلم وميمون بن مهران والأوزاعي ومالك وأبي إسحاق الغزاري. وقال الثوري: إذا أقرَّ الإِمام أهل العنوة في أرضهم توارثوها وتبايعوها، ورُوي نحو هذا عن ابن سيرين والقرطبي. مغ ج 2 ص 584. * * * ¬
أبواب زكاة الذهب والفضة
أبواب زكاة الذهب والفضة باب في أنواع الجواهر الثمينة هل فيها زكاة؟ مسألة (482) جماهير العلماء من السلف والخلف على أنه لا زكاة فيما سوى الذهب والفضة من الجواهر كالياقوت واللؤلؤ والزبرجد والفيروزج والزمرد وإن كثرت أو علت قيمتها، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-، ومذهبهم كذلك أن لا زكاة في حلية البحر لا في عنبر ولا غيره. وحكى ابن المنذر وغيره عن الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والزهري وأبي يوسف وإسحاق بن راهويه أنهم قالوا: يجب الخمس في العنبر. قال الزهري: وكذلك اللؤلؤ قال النووي: وحكى أصحابنا عن عبد الله بن الحسن العنبري أنه قال: يجب الخمس في كل ما يخرج من البحر سوى السمك. وحكى العنبري وغيره عن أحمد روايتين (إحداهما) كمذهب الجماهير و (الثانية): أنه أوجب الزكاة في كل ما ذكر إذا بلغت قيمته نصابًا في المسك والسمك (¬1). مج 5 ص 464، الحاوي ج 3 ص 280. باب في اعتبار الوزن في نصاب النقدين مسألة (483) جمهور العلماء على أن الاعتبار في زكاة الذهب والفضة هو اكتمال النصاب فيهما وزنًا فلو نقص وزنهما عن النصاب حبَّة أو بعض حبَّة لم يجب فيهما زكاة ولو كَمُلَا في السوق رواجًا، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وقال مالك: إن نقصت المائتان من الفضة حبَّة وحبتين ونحوهما مما يتسامح به ويروج رواج الوازنة وجبت الزكاة، وعن مالك رواية أنها إذا نقصت ثلاثة دراهم وجبت الزكاة. وعن أحمد رواية كقول مالك الأول. وعنه إن نقصت دانقًا أو دانقين وجبت الزكاة (¬2). مج 5 ص 465. ¬
باب في معنى قوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة}
باب في معنى قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} مسألة (484) جمهور العلماء على أن الكنز المقصود في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} وهو كل مال وجبت فيه الزكاة ولم تؤد زكاته سواء كان مالًا مدفونًا أم ظاهرًا. وهو قول الشافعي -رحمه الله-. وقال ابن داود: الكنز في اللغة المال المدفون. سواء أديت زكاته أم لا. وقال ابن جرير: الكنز المحرَّم في الآية هو ما لم تنفق منه في سبيل الله في الغزو (¬1). مج ص 473. باب في الزكاة على ما زاد من نصاب الفضة مسألة (485) جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم على أنه ما زاد على نصاب الفضة يُخْرجُ منه ربع العشر، قلَّت الزيادة أو كثرت، وممن قال به: علي بن أبي طالب وابن عمر والنخعي ومالك وابن أبي ليلى والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد وأحمد وأبو ثور وأبو عبيد. واختاره ابن المنذر. وقال سعيد بن المسيب وطاوس وعطاء والحسن البصري والشعبي ومكحول وعمرو بن دينار والزهري وأبو حنيفة: لا شيء في الزيادة على مائتين حتى تبلغ أربعين ففيها درهم. حكى قول الجميع ابن المنذر -رحمه الله- (¬2). مج 5 ص 477، بداية ج 1 ص 338، الحاوي ج 3 ص 264. باب في الزكاة على ما زاد من نصاب الذهب مسألة (486) جمهور العلماء من السلف والخلف على أن ما زاد على نصاب الذهب يُخْرَجُ منه ربع العشر، قلَّت الزيادة أو كثرت، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وقال طاوس وعطاء والزهري وأيوب وسليمان بن حرب: لا شيء في الزيادة حتى ¬
باب في الاعتبار في نصاب الذهب
تبلغ أربعة دنانير (¬1) مج 5 ص 477. باب في الاعتبار في نصاب الذهب مسألة (487) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الذهب إذا لم يبلغ عشرين مثقالًا فإنه لا تجب فيه زكاة ولو بلغ مائتي درهم (¬2). وممن قال به علي بن أبي طالب وعمر بن عبد العزيز ومحمد بن سيرين وعروة بن الزبير وإبراهيم النخعي والحكم ومالك والثوري والأوزاعي والليث والشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد، وحكى الماوردي عن مالك إن نقصت العشرين مثقالًا حبةً وجازت جواز الوازنة وجبت فيها الزكاة، وهو كقوله -رحمه الله- في الوَرِق (الفضة). قال الماوردي: وقال عمر بن عبد العزيز: إن نقصت ربع مثقال وجبت فيها الزكاة، وإن نقصت ثلث مثقال لم تجب فيها الزكاة. وقال طاوس وعطاء والزهري وأيوب وسليمان بن حرب: يجب ربع العشر في الذهب إذا بلغت قيمته مائتي درهم ولو كان أقل من عشرين مثقالًا. حكى قول الجميع ابن المنذر -رحمه الله- (¬3). ¬
باب في ضم الذهب والفضة
مج ج 5 ص 477 مغ ج 2 ص 599، الحاوي ج 3 ص 267. باب في ضم الذهب والفضة مسألة (488) جمهور العلماء على أن الذهب والفضة لا يُضم أحدهما إلى الآخر إذا نقص نصابهما والقليل والكثير في ذلك سواء، حكاه ابن المنذر عن ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وشريك وأحمد وأبي ثور وأبي عبيد، وهو مذهب الشافعي رحمهم الله تعالى جميعًا. قال ابن المنذر: وقال الحسن وقتادة والأوزاعي والثوري ومالك وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي: يُضم أحدهما إلى الآخر (¬1). مج 5 ص 478. باب في اعتبار الوزن في نصاب النقدين مسألة (489) مذهب العلماء كافة أن الاعتبار في نصاب الذهب والفضة هو الوزن لا العدد. وحكى الإِمام الماوردي وغيره عن المنقري وبشر المريسي المعتزلي أن الاعتبار بمائتي درهم عددًا لا وزنًا حتى لو كان معه مائة درهم عددًا وزنها مائتان فلا شيء فيها وإن كانت مائتان عددًا وزنها مائة وجبت الزكاة (¬2). مج 5 ص 478، الحاوي الكبير ج 3 ص 258. باب في اعتبار الحول في زكاة النقدين (الذهب والفضة) مسألة (495) جمهور العلماء منهم مالك والشافعي وأحمد على أن الاعتبار في وجوب الزكاة في الذهب والفضة هو مرور حول كامل بعد اكتمال نصابهما فإذا نقص النصاب انقطع الحول فإذا كمل اسْتُؤْنِف حولٌ جديد. وقال أبو حنيفة: المعتبر وجود النصاب في أول الحول وآخره، ولا يضر نقصه بينهما حتى لو كان معه مائتا درهم فتلفت كلها في أثناء الحول إلا درهمًا أو أربعون شاة فتلفت في أثناء الحول إلا شاة ثمَّ ملك في آخر الحول تمام (إلا شاة) المائتين وتمام الأربعين ¬
باب في حلي الذهب والفضة للنساء هل فيه زكاة؟
وجبت زكاة الجميع (¬1). قلت: وحكى الماوردي عن مالك أن النصاب معتبرٌ عنده بآخر الحول. مج5 ص479. مسألة (491) مذهب العلماء كافة إلا ما رُوي عن الحسن أن الذهب إذا بلغ عشرين مثقالًا ففيه الزكاة ولو لم تبلغ قيمته مائتي درهم فضةً. ورُوي عن الحسن أنه قال: لا زكاة في هذه الحال حتى يبلغ الذهب أربعين مثقالًا (¬2). مغ ج 2 ص 599، مج ج5 ص 477، الحاوي ج 3 ص 267. باب في حلي الذهب والفضة للنساء هل فيه زكاة؟ مسألة (492) أكثر أهل العلم على أنه لا زكاة في الحلي المباح اتخاذه ذهبًا كان أو فضة ولو بلغ كل منهما نصابًا، وبه قال عبد الله بن عمر بن الخطاب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعائشة وأسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهم وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد والشعبي ومحمد بن علي والقاسم بن محمَّد وابن سيرين والزهري ومالك والأصح من قولي الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وابن المنذر. وقال عمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وميمون بن مهران وجابر بن زيد والحسن بن صالح وسفيان الثوري وأبو حنيفة وداود فيه الزكاة. وحكاه ابن المنذر كذلك عن ابن المسيب وابن جبير وعطاء ومجاهد وابن سيرين وعبد الله بن شداد والزهري. وحكى البيهقي روايةً عن ابن عمر وابن المسيب أن زكاة الحلي عاريته (¬3). مج 5 ص 501، 492. ¬
أبواب زكاة التجارة
أبواب زكاة التجارة باب في هل تجب الزكاة في عروض التجارة؟ مسألة (493) جماهير العلماء من الصحابة والتابعين على وجوب الزكاة في عروض التجارة وهو قول عمر ابن الخطاب وابن عباس والفقهاء السبعة أعني فقهاء المدينة سعيد ابن المسيب والقاسم بن محمَّد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وخارجة ابن زيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسلمان بن يسار وهو قول الحسن البصري وطاوس وجابر بن زيد وميمون بن مهران وإبراهيم النخعي ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد حكاه عنهم ابن المنذر. وحكى أصحابنا عن داود وغيره من أهل الظاهر أنهم قالوا: لا تجب. وقال ربيعة ومالك: لا زكاة في عروض التجارة ما لم تنض وتصير دراهم أو دنانير، فإذا نضت لزمه زكاة عام واحد (¬1). مج ح 6 ص 3، 4، مغ ج 2 ص 622، بداية ج 1 ص 335. باب في زكاة عروض التجارة متى تجب؟ مسألة (494) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن زكاة عروض التجارة تجب في كل عام إذا بلغ مال التجارة نصابًا، وبه قال الثوري والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد. قلت: والجمهور على أنها تخرج من قيمتها لا من أعيانها. وقال مالك: لا يزكيه إلا لحول واحد. (¬2) وقال المزني كالجمهور لكنها تخرج عنده ¬
باب في الحول في عروض التجارة متى يبدأ؟
من أعيانها، وقال آخرون: بل يزكي ثمنه الذي ابتاعه به لا قيمته. مغ ج 2 ص 623، بداية ج 1 ص 355. باب في الحول في عروض التجارة متى يبدأ؟ مسألة (495) أكثر من بلغنا (¬1) قوله من أهل العلم أن الحول في عروض التجارة يبدأ من حين بلوغ مال التجارة النصاب، وبه قال الثوري وأهل العراق والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر. وهو مذهب أحمد. وقال مالك: ينعقد الحول على ما دون النصاب فإذا كان في آخره نصابًا زكاه. وقال أبو حنيفة: يعتبر في طرفي الحول دون وسطه. مغ ج 2 ص 624، 633. * * * ¬
أبواب زكاة المعدن والركاز
أبواب زكاة المعدن والركاز (¬1) باب في اشتراط الحول في زكاة المعدن مسألة (496) جماهير العلماء من السلف والخلف على أنه لا يُشترط الحول في زكاة المعدن وإنما تجب زكاته بوجوده وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي في المشهور من قوليه وهو نصه في معظم كتبه، وهو مذهب أحمد رحمهم الله تعالى. وقال المزني والشافعي في قول له: يُشترط فيه الحول (¬2). مج ح 6 ص 35. باب في المكاتب والذمي يجدان المعدن هل عليهما فيه زكاة؟ مسألة (497) جماهير العلماء على أنه لا زكاة على المكاتب والذمي في المعدن إذا أخذا منه شيئًا. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: يجب عليهما. مج ج 6 ص 37. باب في وجوب الزكاة في الركاز مسألة (498) جماهير العلماء على أنه يجب في الركاز وهو دفين الجاهلية الخمسُ ¬
باب في زكاة الركاز على الذمي
وهو مذهب الشافعي. وقال الحسن البصري: إن وُجِد في أرض الحرب ففيه الخمس، وإن وجده في أرض العرب ففيه الزكاة. مج ج6 ص 38، مغ ج 2 ص 612. باب في زكاة الركاز على الذمي مسألة (499) جمهور أهل العلم على وجوب زكاة الركاز على الذمي نقله ابن المنذر عن مالك وأهل المدينة والثوري وأهل العراق من أصحاب الرأي وغيرهم والأوزاعي والشافعي وأبي ثور، وبه قال ابن المنذر. وردَّ النووي حكاية هذا القول عن الشافعي فجزم أنَّ قول الشافعي أنه لا يجب على الذمِّي؛ لأنه ليس من أهل الزكاة، وقال الثوري والأوزاعي وأبو عبيد: إذا كان الواجد له عبدًا يرضخ له منه ولا يعطاه كله. مج ج6 ص 38، مغ ج 2 ص 616. باب في الركاز هل يُشترط فيه نصاب؟ مسألة (500) جمهور [أهل] العلم على أنه لا يُشترط في الركاز النصاب، وهو مذهب أبي حنيفة وأصح الروايتين عن مالك وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأصحاب الرأي، نقله عنهم ابن المنذر. وقال: وهو أولى بظاهر الحديث. وذهب الشافعية في المعتمد من قولي الشافعي إلى اشتراط النصاب (¬1). مج ج 6 ص 47. * * * ¬
أبواب زكاة الفطر
أبواب زكاة الفطر باب في زكاة الفطر هل هي واجبة؟ مسألة (501) جماهير العلماء على أن زكاة الفطر واجبة وهو قول الأئمة الأربعة مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى. وقال ابن اللبان من الشافعية وأشهب من المالكية وإبراهيم ابن علية وأبو بكر بن كيسان الأصم: إنها سنَّة، وقد كانت فرضًا حتى نسختها الزكاة المفروضة السنوية، وقد نقل الإجماع في هذه المسألة البيهقي وابن المنذر (¬1). مج ج 6 ص 48، مغ ج 2 ص 645، بداية ج 1 ص 366. باب في اليسار (الغِنَي) المعتبر في صدقة الفطر مسألة (502) جمهور العلماء على أن ضابط اليسار الموجب لصدقة الفطر هو أن يملك المرء ما يزيد على قوته وقوت من تلزمه نفقتهم ليلة العيد ويومه، وبه قال أبو هريرة وأبو العالية والشعبي وعطاء وابن سيرين والزهري ومالك وابن المبارك والشافعي وأبو ثور. وهو مذهب أحمد. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: ضابطه أن يملك نصابًا من الذهب أو الفضة، أو ما قيمته نصاب ذهب أو فضة فاضلًا عن مسكنه وأثاثه الذي لابد منه، وبه قال أصحاب الرأي (¬2). مج ج6 ص52، بداية ج 1 ص 367. ¬
باب في صدقة الفطر في عبيد التجارة
باب في صدقة الفطر في عبيد التجارة مسألة (503) أكثر الفقهاء على أن عبيد التجارة تجب فطرتهم على سيدهم، وهو مذهب مالك والشافعي رحمهما الله تعالى. وقال أبو حنيفة: لا تجب (¬1). مج ج 6 ص 59. باب في فطرة العبد على سيده مسألة (504) جمهور الفقهاء على وجوب فطرة العبيد على سيدهم إذا عملوا في أرضه أو ماشيته، وبه قال ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وطاوس وعطاء بن يسار والزهري ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور. وحُكي عن (¬2) عبد الملك أنه لا تجب. مج ج6 ص 59. باب في صدقة الفطر عن العبيد الغائبين مسألة (505) أكثر أهل العلم على وجوب إخراج صدقة الفطر عن الرقيق الغائبين (الآبقين) عُلم مكانهم أو لم يُعلم، وسواء كانت غيبتهم قريبة أو بعيدة، وسواء كانوا في دار الإِسلام أو غير ذلك، وبه قال الشافعي وأبو ثور وابن المنذر، وهو مذهب أحمد. وأوجبها الزهري إذا علم مكانه، والأوزاعي إن كان في دار الإِسلام، ومالك أن كانت غيبته قريبة ولم يوجبها عطاء والثوري وأصحاب الرأي (¬3). مغ ج 2 ص 674. باب في إخراج زكاة الفطر عن الزوجة الكافرة والعبد الكافر (¬4) مسألة (506) جمهور الفقهاء على أنه لا يجب على السيد المسلم إخراج زكاة الفطر ¬
باب في العبد المسلم على من تجب صدقة فطره؟
عن زوجته الكافرة ولا عن عبده الكافر، حكاه عن الجمهور في العبد الكافر الحافظ في الفتح، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وهو قول علي بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وابن المسيب والحسن وأبو ثور: وحكاه ابن المنذر عن عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والنخعي والثوري حكاه عنهم في العبد والزوجة النووي. وحكى الحافظ عن عطاء والنخعي والثوري والحنفية وإسحاق؛ أنهم أوجبوها عليه. قلت: وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وحكى الموفق عن أبي حنيفة أنه يخرج زكاة الفطر عن ابنه الصغير إذا ارتدَّ (¬1). فتح ج 7 ص 140. باب في العبد المسلم على من تجب صدقة فطره؟ مسألة (507) جماهير المسلمين على وجوب زكاة الفطر على السيد في عبده المسلم. وبه قال الفقهاء كافة إلا داود الظاهري فقال: لا تجب على السيد، وإنما هي على العبد، ويجب على السيد تمكينه من الكسب لها. وقد نقل ابن المنذر الإجماع في هذه المسألة (¬2). مج ج 6 ص 60. باب في وجوب صدقة الفطر على من تجب مؤنتهم دون غيرهم مسألة (508) أكثر أهل العلم على أن زكاة الفطر لا تجب إلا عمن تجب مؤنتهم والنفقة عليهم، فمن تبرع بمؤنة فقير أو ضمَّ إليه يتيمًا في شهر رمضان فإنه لا يجب عليه إخراج صدقة الفطر عنه ولكنه يُستحب. وقال أحمد في رواية: يجب عليه، واختارها أكثر الأصحاب في المذهب، ورجَّح الموفق قول الجمهور. مغ ج 2 ص 677. ¬
باب في صدقة الفطر عن الجنين في بطن أمه هل تجب؟
باب في صدقة الفطر عن الجنين في بطن أمه هل تجب؟ مسألة (509) أكثر أهل [العلم] على عدم وجوب إخراج صدقة الفطر عن الجنين في بطن أمه، قال ابن المنذر: كل من نحفظ عنه من علماء الأمصار لا يوجبون على الرجل زكاة الفطر عن الجنين في بطن أمه. وقال أحمد في رواية: تجب. مغ ج 2 ص 695. باب في إخراج صدقة الفطر عن الصغير في ماله مسألة (510) مذهب الجماهير من الفقهاء من السلف والخلف وجوب زكاة الفطر على الكبير والصغير, وقال محمَّد بن الحسن: ليس في مال الصغير صدقة. وحُكِي عن ابن المسيب والحسن البصري أنها لا تجب إلا على من صلى وصام، وحُكي مثل ذلك عن سيدنا علي رضي الله تعالى عنه، وبه قال الشعبي. مج ج 6 ص 82، مغ ج 2 ص 646، الحاوي ج 3 ص 351. باب في العبد المؤمن يكون تحت السيد الكافر مسألة (511) جماهير أهل العلم على أن الكافر لا تجب عليه زكاة الفطر في عبده المسلم. وقال الشافعية في أصح الوجهين: تجب وحُكي مثله عن أحمد. ونقل ابن المنذر الإجماع على عدم الوجوب. مج ج 6 ص 82، مغ ج 2 ص 647، فتح ج 7 ص 140. باب في صدقة الفطر في مال اليتيم مسألة (512) جمهور الفقهاء على أن صدقة الفطر على اليتيم وكذا الصغير تجب في ماله إن كان له مال، وهو مذهب مالك والأوزاعي وأبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي وأحمد وابن المنذر رحمهم الله تعالى. وقال محمَّد بن الحسن: ليس في مال الصغير من المسلمين صدقة (¬1). ¬
باب في صدقة الفطر على أهل البادية
وحكاه الماوردي عن زفر بن الهذيل. مج ج 6 ص 83، مغ ج 2 ص 646، الحاوي ج 3 ص 360. باب في صدقة الفطر على أهل البادية مسألة (513) جماهير العلماء على وجوب زكاة الفطر على أهل البادية. وحكى ابن المنذر وغيره عن عطاء وربيعة والزهري أنها لا تجب. وحكاه ابن رشد عن الليث. مج ج 6 ص 84، مغ ج 2 ص 653، بداية ج 1 ص 367، الحاوي ج 3 ص 384. باب في المجزئ في صدقة الفطر مسألة (514) أكثر العلماء على أن المجزئ في صدقة الفطر صاع من الأجناس المجزئة، ولا يجزئ نصف صاع من أي منها التمر والزبيب والشعير والبر وغيرها في ذلك سواء، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد. وقال آخرون: يجزئ نصف صاع من بر ولا يجزئ في البقية إلا صاع وبه قال الثوري وأكثر أهل الكوفة إلا أبا حنيفة فقال: يجزئ نصف صاع زبيب كنصف صاع بر. ورُوي إجزاء نصف صاع عن علي وابن مسعود وجابر بن عبد الله وابن الزبير وأبي هريرة ومعاوية وأسماء. قال ابن المنذر: وروينا إجزاء نصف صاع بر عن أبي بكر الصديق وعثمان رضي الله تعالى عنهما قال: ولم يثبت عنهما، وبه قال ابن المسيب وطاوس وعطاء ومجاهد وعمر بن عبد العزيز ورُوي عن سعيد بن جبير وعروة بن الزبير ومصعب بن مسعد وأبي قلابة واختلف فيه عن علي وابن عباس والشعبي (¬1). مج ج 6 ص 84، الحاوي ج 3 ص 379. باب في قدر الصاع المجزئ في صدقة الفطر مسألة (515) جمهور العلماء منهم مالك والشافعي وأبو يوسف وأحمد على أن قدر الصاع المجزئ في زكاة الفطر هو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي. وحكاه الماوردي عن ¬
باب في إخراج القيمة في صدقة الفطر
سائر فقهاء الحرمين وأكثر فقهاء العراقيين. وقال أبو حنيفة ومحمد: ثمانية أرطال (¬1) مج ج 6 ص 85. باب في إخراج القيمة في صدقة الفطر مسألة (516) جمهور الفقهاء على عدم جواز إخراج القيمة في زكاة الفطر وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد. وقال الثوري وأبو حنيفة: يجوز، وُروي مثل ذلك عن عمر بن عبد العزيز (¬2) والحسن. مج ج 6 ص 73. باب في زكاة الفطر هل يُعطى منها غير المسلمين؟ (¬3) مسألة (517) جمهور العلماء على أن زكاة الفطر مصرفها مصرف الزكاة الحولية والتي ذكر الله تعالى مصرفها في كتابه العزيز. وبهذا قال مالك والليث والشافعي وأبو ثور. وقال أبو حنيفة يجوز إعطاؤها للذمِّي. ورُوي عن عمرو بن ميمون وعمرو بن شرحبيل ومرة الهمذاني أنهم كانوا يعطون منها الرهبان. بداية ج 1 ص370. ¬
باب تعجيل الصدقة
باب تعجيل الصدقة مسألة (518) أكثر أهل العلم على جواز تعجيل الصدقة الحولية إذا وجد نصابها. وبه قال الحسن وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق وأحمد وأبو عبيد. وقال ربيعة ومالك وداود: لا يجوز، وهىِ حكاية عن الحسن (¬1). مج ج 6 ص 87 * * * ¬
أبواب قسم الصدقات
أبواب قسم الصدقات باب في وسم أنعام الزكاة مسألة (519) جمهور أهل العلم على استحباب وسم الماشية المعدَّة للزكاة. وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: لا يجوز وهو مُثْلة. مج ج 6 ص 120. باب في اشتراط النية في إخراج الزكاة مسألة (520) جماهير العلماء على اشتراط النية لصحة أداء الزكاة الواجبة وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والثوري والشافعي وأحمد وأبي ثور وداود رحمهم الله تعالى. وقال الأوزاعي -رحمه الله-: لا تجب النية بل الزكاة كأي دين من الديون يصح أداؤه بدون نية. مج ج 6 ص 124، مغ ج 2 ص 505، الحاوي ج 3 ص 178. باب في عُمَّال الزكاة للولاة الظالمين هل تجزئ الزكاة إذ سُلمت لهم؟ مسألة (521) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على إجزاء الزكاة عمن أخرجها لمصدِّق الزكاة للحكام سواء كانوا بارِّين أو فاجرين. وقال أبو عبيد في الخوارج: يأخذون الزكاة على من أخذوا الإعادة؛ لأنهم ليسوا أئمة فأشبهوا قطاع الطريق (¬1). مغ ج 2 ص510. باب في القريب الذي يجوز إعطاؤه من الزكاة الواجبة مسألة (522) أكثر أهل العلم على جواز صرف الزكاة إلى كل من لا تجب نفقته على المزكي سواء كان وارثًا أو موروثًا، وبه قال الشافعي وأحمد في روايةٍ وأبو عبيد. وقال أحمد في رواية: لا يجوز صرفها للقريب إذا كان موروثًا. مغ ج 2 ص 512. ¬
باب في الزكاة تعود للمزكي بالتوريث
باب في الزكاة تعود للمزكي بالتوريث مسألة (523) جمهور العلماء على أن من أخرج زكاته لمستحق قريب يجوز دفع الزكاة إليه ثم مات وعادت الزكاة على المزكي بالميراث فهو حلال طيب. وقال ابن عمر والحسن بن حي: لا يجوز أكل هذا المال. مغ ج 2 ص 516. باب في إعطاء عبيد بني هاشم من الزكاة مسألة (5241) أكثر العلماء على جواز صرف الزكاة إلى موالي بني هاشم. ومذهب أحمد المنع من ذلك. مغ ج 2 ص 519. باب في صرف الزكاة إلى بعض الأصناف دون بعض مسألة (525) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم من فقهاء الأمصار أنه يجوز صرف الزكاة إلى صنف واحد من الأصناف الثمانية، وهو قول الحسن البصري وعطاء وسعيد بن جبير والضحاك والشعبي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد وأبي عبيد. قال ابن المنذر وغيره: ورُوي هذا عن حذيفة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم قال مالك: ويصرفها إلى أمسِّهم حاجةً، وقال إبراهيم النخعي. إن كانت قليلة جاز صرفها إلى صنف وإلا وجب استيعاب الأصناف. وقال عكرمة وعمر بن عبد العزيز والزهري وداود والشافعي بوجوب استيعاب الأصناف مطلقًا (¬1). مج ج 6 ص 131. باب في مصرف سهم الرقاب مسألة (526) أكثر العلماء على أن سهم الرقاب يُصرف إلى المكاتبين وبه قال علي ابن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وسعيد بن جبير والزهري والليث بن سعد والثوري ¬
باب في نقل الزكاة من بلد إلى آخر
وأبو حنيفة والشافعي وغيرهم رحمهم الله تعالى، وذهب آخرون إلى أن سهم الرقاب يصرف في شراء العبيد ثمَّ يعتقون وبه قال مالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه حكاه ابن المنذر وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والحسن البصري وعبيد الله بن الحسن العنبري وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور (¬1). مج ج 6 ص 146. باب في نقل الزكاة من بلد إلى آخر مسألة (527) أكثر أهل العلم على كراهة نقل الزكاة من بلد المزكي إلى بلد غيره تقصر في مثله الصلاة وهو قول عمر بن عبد العزيز وطاوس وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي والثوري ومالك وأحمد، وهل تجزؤه؟ في ذلك خلاف، فقد نصَّ الإِمام ابن قدامة على الإجزاء ونقله عن أكثر أهل العلم وهو قول أبي حنيفة -رحمه الله- ونص الإِمام النووي على عدم الإجزاء وجعله أصح قولي الشافعي -رحمه الله- تعالى وجعله كذلك قول من ذكرناهم في أول المسألة من فقهاء الأمصار. وهو إحدى الروايتين عن أحمد. مج ج 6 ص 170، مغ ج 2 ص 531. باب فيمن مات وفي ذمته زكاة هل تخرج من رأس ماله؟ مسألة (528) جمهور الفقهاء على أن من مات وقد وجبت عليه زكاة ولم يؤدها فإنها تخرج من تركته وجوبًا ولو جاوزت ثلث ماله وقال أبو حنيفة: تسقط عنه بالموت إلا أن يوصي. وبالأول قال عطاء والحسن والزهري وقتادة ومالك والشافعي وإسحاق وأحمد وأبو ثور وابن المنذر. وقال بالثاني مع أبي حنيفة: أصحاب الرأي وابن سيرين والشعبي والنخعي وحماد ابن سليمان وداود بن أبي هند وحميد الطويل والمثني والثوري. وقال الأوزاعي والليث: تجب ولا تتجاوز الثلث وهي مقدمة على الوصايا ولكن بالشرط الآنف (¬2). مج ج 6 ص 181 ¬
باب زكاة الدين وصداق الزوجة
باب زكاة الدين وصداق الزوجة (¬1) مسألة (529) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من ملك مالًا بلغ نصابًا وعليه دين يستغرق ماله أو يذهب بنصابه فلا زكاة عليه في كل ما يُعدُّ من الأموال الباطنة كالدراهم والدنانير والذهب والفضة، وبه قال عطاء وسليمان بن يسار وميمون ابن مهران والحسن والنخعي والليث ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد والشافعي في القديم. وقال ربيعة وحماد بن أبي سليمان والشافعي في الجديد: لا يمنع الزكاة (¬2). وقال أبو حنيفة: الدين يمنع زكاة كل ما فيه زكاة إلا الحبوب وقال مالك: الدين يمنع زكاة الناضِ (¬3) فقط إلا أن يكون له عروضٌ فيها وفاءٌ من دينه فإنه لا يمنع. مغ ج 2 ص 635. * * * ¬
كتاب الصيام
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الصيام
باب في العاجز عن الصيام
كتاب الصيام باب في العاجز عن الصيام مسألة (530) جمهور العلماء منهم طاوس وسعيد بن جبير والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه -رحمهم الله تعالى- أن الشيخ العاجز عن الصيام لا صوم عليه ولكن تجب في حقه الفدية مع اختلاف بين هؤلاء -رحمهم الله تعالى- في قدر تلك الفدية فذهب أكثرهم على أنها مدٌّ من طعام عن كل يوم، وبه قال علي وابن عباس وأبو هريرة وأنس وسعيد بن جبير وطاوس وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي في قوله الآخر وقال مكحول وربيعة ومالك وأبو ثور وابن المنذر: لا فدية عليه ولا صوم (¬1). مج ج 6 ص 212،210. باب في السفر في رمضان مسألة (531) مذهب الجماهير من العلماء جواز السفر لمن دخل عليه رمضان وهو مقيم، فإذا سافر جاز له الفطر إذا تحققت شروط السفر المعتبرة وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد. وحُكي عن أبي مخلد التابعي أنه لا يسافر، فإن سافر لزمه الصوم وحرم الفطر. وحُكي عن عَبيدة السلماني وسويد بن غفلة أنه يلزمه الصوم بقية الشهر ولا يمتنع السفر، وحكى ذلك أيضًا عن أبي مجلز لاَحِقُ بن حُمَيْد التابعي (¬2). ¬
باب في صوم المسافر وفطره
وحكاه القرطبي عن عائشة وعليّ وابن عباس. مج ج 6 ص 216، مغ ج 3 ص 33، قرطبي ج 2 ص 299، بداية ج 1 ص 392. باب في صوم المسافر وفطره مسألة (532) جمهور العلماء على جواز الفطر والصوم في السفر، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد. ورُوي عن أصحاب داود الظاهرى جواز الصوم ومنعه ونقل ابن المنذر عن ابن عمر وسعيد بن جبير كراهية الصوم للمسافر وعن ابن عمر أنه قال: إن صام قضاه. قال ابن المنذر: ورُوي عن ابن عباس أنه لا يجزئه الصوم وعن عبد الرحمن بن عوف قال: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر. قال النووي: وحكى أصحابنا بطلان صوم المسافر عن أبي هريرة وأهل الظاهر والشيعة (¬1). مج ج 6 ص 217، مغ ج 3 ص 87، بداية ج 1 ص 388، نيل ج 4 ص 305. باب في السفر المبيح للفطر في رمضان مسألة (533) جمهور أهل العلم على أن السفر المبيح للفطر في رمضان هو السفر الذي تقصر فيه الصلاة على اختلافهم في المسافة التي لأجلها تقصر الصلاة، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد. ¬
باب في المسافر يطيق الصوم
وقال قوم يفطر في كل ما يطلق عليه سفرٌ. وبه يقول أهل الظاهر (¬1) بداية ج 1 ص 390. باب في المسافر يطيق الصوم مسألة (534) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المسافر إذا أطاق الصوم فالصوم في حقه أفضل، وهو قول حذيفة بن اليمان وأنس بن مالك وعثمان بن العاص رضي الله تعالى عنهم، وهو قول عروة بن الزبير والأسود بن يزيد وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وسعيد بن جبير والنخعي والفضيل بن عياض ومالك وأبي حنيفة والشافعي والثوري وعبد الله بن المبارك وأبي ثور وآخرين رحمهم الله تعالى. وقال ابن عباس وابن عمر - رضي الله تعالى عنهم - وابن المسيب والشعبي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وعبد الملك بن الماجشون رحمهم الله تعالى: الفطر أفضل. وقال آخرون: هما سواء وقال مجاهد وعمر بن عبد العزيز وقتادة: الأفضل منهما هو الأيسر والأسهل عليه قال ابن المنذر: وبه أقول (¬2). مج ج 6 ص 219، نيل ج 4 ص 307. باب في المسافر يترخص بالفطر قبل خروجه من بيته هل يجوز؟ مسألة (535) مذهب العامة من العلماء أن رخصة الإفطار في رمضان للمسافر لا تحوز حتى يغادر مريد السفر بنيان البلد. وقال الحسن: يفطر في ييته إن شاء يوم يريد أن يخرج ورُوي نحوه عن عطاء. قال ابن عبد البر: قول الحسن قول شاذ، وليس الفطر لأحد في الحضر في نظرٍ ولا أثر. وقد رُوي عن الحسن خلافه. وقال محمَّد بن كعب: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد السفر وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل. فقلت له: سنَّة؟ فقال: سنَة. ثمَّ ¬
باب في المسافر في رمضان يصوم في سفره غير رمضان هل يجوز؟
ركب. قال الترمذي: هذا حديث حسن (¬1). مغ ج 3 ص 34. باب في المسافر في رمضان يصوم في سفره غير رمضان هل يجوز؟ مسألة (536) أكثر العلماء على أن المسافر إذا ترخص بالفطر في رمضان حال سفره فإنه إن شاء أن يصوم فلا يجوز له أن يصوم إلا بنية صوم رمضان الذي هو فيه، فلا يجوز له أن يصوم قضاءً ولا نذرًا ولا تطوعًا. وقال أبو حنيفة: يقع ما نواه إذا كان واجبًا, لأنه زمن أبيح له فطره؛ فكان له صومه عن واجب كغير شهر رمضان. مغ ج 3 ص 35. باب في صيام يوم الشك والسماء مصحية مسألة (537) مذهب العامة من العلماء عدم جواز صيام يوم الشك وهو آخر يوم من شعبان إذا كانت السماء مصحية ولم يتبين للناس هلال رمضان إلا أن يوافق هذا اليوم صيامًا كان يصومه أحدهم تطوعًا. وحُكي عن القاسم بن محمَّد أنه سُئل عن صيام آخر يوم من شعبان هل يُكره؟ قال: لا إلا أن يغمى الهلال (¬2). مغ ج 3 ص 4، بدية ج 1 ص 408. باب في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - "فاقدروا له" مسألة (538) جمهور السلف والخلف على أن معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فاقدروا له" في شأن ليلة الشك وقد حال بين الناس وبين رؤية هلال رمضان حائل من غيم أو غيره. قال هؤلاء: معناه قدِّروا بقية تمام الشهر، وأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا، أو لا تصوموا رمضان حتى يتم شعبان ثلاثين يومًا تقديرًا، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي رحمهم الله تعالى. ¬
باب في من رأى هلال رمضان وحده
وقال أحمد بن حنبل -رحمه الله- تعالى وطائفة يسيرة: معناه ضيِّقوا له وقدِّروه تحت السحاب، وأوجب هؤلاء صيام ليلة الغيم، وهو مذهب ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. وقال مطرف بن عبد الله وأبو العباس بن سريج وابن قتيبة وآخرون: معناه قدروه بحساب المنازل (¬1). مج ج 6 ص 223، مغ ج 3 ص 8، بداية ج 1 ص 374، فتح ج 8 ص 257، قرطبي ج 2 ص 293. باب في من رأى هلال رمضان وحده مسألة (539) مذهب عامة العلماء أن من رأى هلال رمضان وجب في حقه صوم رمضان حتى ولو رد القاضي شهادته فلو جامع أهله في هذا اليوم ذاكرًا مختارًا لزمته الكفارة، وبه يقول مالك والشافعي وأحمد والليث. وقال عطاء والحسن وابن سيرين وأبو ثور وإسحاق بن راهويه: لا يلزمه الصوم. وقال أبو حنيفة: يلزمه الصوم ولا تلزمه الكفارة إن جامع (¬2). مج ج 6 ص 235، بداية ج 1 ص 375. ¬
باب في هلال رمضان يرى في بلد هل يلزم سائر البلدان صومه
باب في هلال رمضان يرى في بلدٍ (¬1) هل يلزم سائر البلدان صومه باب فيمن رأى هلال شوال وحده مسألة (540) أكثر العلماء على أن الفطر واجب في حق من رأي هلال شوال وحده دون الناس، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى، وحكاه ابن رشد عن أبي ثور، وبه قال ابن المنذر. وقال مالك والليث وأحمد: لا يجوز له الأكل (¬2) وحكاه ابن رشد عن أبي حنيفة. مج ج 6 ص 235. باب في عدد الشهود في هلال شوال مسألة (541) لا يثبت هلال شهر شوال وسائر الشهور إلا بشهادة رجلين عدلين وهو قول العلماء كافة إلا ما حكي عن أبي ثور من قبول شهادة رجل عدلٍ واحد. ¬
باب في شهادة النساء في هلال رمضان
وبه قال طائفة من أهل الحديث. حكاه عنهم ابن المنذر ونقل إمام الحرمين عن صاحب التقريب قوله: لو قلت بما قاله أبو ثور لم أكن مبعدًا (¬1). مج ج 6 ص 235، مغ ج ص 94، بداية ج 1 ص 376، الحاوي ج 3 ص 412. باب في شهادة النساء في هلال رمضان مسألة (542) مذهب الجماهير من العلماء أن شهادة النساء لا تُقبل في ثبوت هلال رمضان. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى وغيره من فقهاء الأمصار. وحكى ابن المنذر عن الثوري إجازة شهادة رجل وامرأتين. مج ج 6 ص 237، 239. باب في اجتهاد الأسير والمحبوس في هلال رمضان مسألة (543) مذهب العلماء كافة إلا الحسن بن صالح أن الأسير أو المحبوس في مكان لا يتمكن فيه تيقن هلال رمضان أن عليه أن يجتهد لمعرفة ثبوت الشهر، فإذا اجتهد ووافق اجتهاده شهر (¬2) رمضان فصيامه صحيح وقد أجزأه عن صوم رمضان وهو ¬
باب في المجتهد في تحري الهلال يصوم بنية التطوع
مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأبي ثور. وقال الحسن بن صالح: عليه الإعادة. حكاه عنه الماوردي. مج ج 6 ص 240، مغ ج 3 ص 96، الحاوي ج 3 ص 459. باب في المجتهد في تحرّي الهلال يصوم بنية التطوع مسألة (544) مذهب الجمهور من العلماء إلا أبا حنيفة -رحمه الله- تعالى أن من وصفنا حاله في المسألة السابقة لو كان صام رمضان اجتهادًا ووافق اجتهاده شهر رمضان إلا أنه صامه بنية التطوع فإن صيامه لا يجزؤه. مج ج 6 ص 243. * * *
أبواب النية في الصوم
أبواب النية في الصوم باب في اشتراط النية في صيام رمضان ونحوه من الصيام الواجب مسألة (545) مذهب الجماهير من العلماء أن الصوم لا يصحُّ بدون نية، ويستوي في ذلك صوم رمضان وغيره، الواجب والتطوع في ذلك سواء، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقال عطاء ومجاهد وزفر: إن كان الصوم متعينًا بأن يكون صحيحًا مقيمًا في شهر رمضان فلا يفتقر إلى نية. قال الماوردي: فأما صوم النذر والكفارة فيُشترط له النية بإجماع المسلمين (¬1). مج ج 6 ص 258، بداية ج 1 ص 384، الحاوي ج 3 ص 397. باب في نية رمضان من الليل مسألة (546) مذهب جماهير العلماء من السلف والخلف أن صوم رمضان لا يصح إلا بنيةٍ من الليل، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: يصح بنية قبل الزوال. قال: وكذا النذر المعين، وأما صوم القضاء والكفارة فلا يصحان إلا بنية من الليل (¬2). مج ج 6 ص 258. ¬
باب في النية لكل يوم في رمضان
باب في النية لكل يوم في رمضان مسألة (547) جمهور العلماء على أنه لابد لكل صيام يومٍ من نية لذاك اليوم ويستوى في ذلك رمضان وغيره وسواء كان الصوم واجبًا أو تطوعًا، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وإسحاق بن راهويه وداود وابن المنذر رحمهم الله تعالى. وقال مالك: إذا نوى في أول ليلة من رمضان صوم جَمِيعِه كفاه لجميعه، ولا يحتاج إلى النية لكل يوم، وعن أحمد وإسحاق روايتان: أصحهما: كقول الجمهور. والثانية: كمالك رحمهم الله تعالى (¬1). مج ج 6 ص 259. باب في تمييز الصيام الواجب بالنية مسألة (548) جمهور الفقهاء على وجوب تمييز الصيام الواجب بالنية أعني أنه يجب على الصائم صيامًا واجبًا أن يميزه عن غيره من الصيام الواجب بالنية فإن كان رمضان نوى صيام رمضان، وإن كان قضاءً نوى قضاءً أو كان نذرًا نوى نذرًا وهكذا. وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وداود وقال هؤلاء جميعًا ماخلا الشافعي بوجوب نية الفرضية وفي مذهب الشافعي وجهان (أصحهما) لا يشترط. وقال أبو حنيفة: لا يجب تعيين النية في الصوم الواجب الذي لا يتسع زمانه لغيره. كصوم رمضان وصوم النذر المتعين في زمان معين (¬2). مج ج 6 ص 260. ¬
باب فيمن أصبح في رمضان بدون نية ثم جامع أهله
باب فيمن أصبح في رمضان بدون نية ثمَّ جامع أهله مسألة (549) جمهور الفقهاء منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد على أن من أصبح في نهار رمضان بدون نية ثم جامع أهله قبل الزوال فلا كفارة عليه لكنه يأثم. وقال أبو يوسف -رحمه الله- تعالى: عليه الكفارة. قال: ولو جامع بعد الزوال فلا كفارة عليه، والأكل عنده كالجماع في هذا. مج ج 6 ص 260. باب في وقت الإمساك عن المفطرات مسألة (550) مذهب الجماهير من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن الإمساك عن مفطرات الصوم ييدأ وجوبًا بطلوع الفجر وبه قال من الصحابة عمر بن الخطاب وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم من فقهاء الأمصار رحمهم الله تعالى، وبه يقول عطاء وغيره من التابعين. ورُوي عن علي وحذيفة وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم جواز الأكل بعد طلوع الفجر حتى يملأ ضوءُ الفجر البيوتَ والطرقَ، وبه قال من التابعين مسروق والأعمش. ومال إسحاق بن راهويه إلى قول الجماهير من غير أن يرى بأسًا في قول الآخرين (¬1). مج ج 6 ص 262، بداية المجتهد ج 1 ص 379، مغ ج 3 ص 3، قرطبي ج 2 ص 318. * * * ¬
أبواب ما يفسد الصوم وما لا يفسده
أبواب ما يفسد الصوم وما لا يفسده باب في الشاك في طلوع الفجر يأكل حتى يستيقن مسألة (551) مذهب الجماهير من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم خلا مالكًا -رحمه الله- تعالى أن الشاك في طلوع الفجر يجوز له الأكل والشرب حتى يستيقن أو يغلب على ظنه ولا قضاء عليه، وحكى ابن رشد عن مالك جواز الأكل واتصاله بطلوع الفجر للشاك. وهذا الذي ذكرناه هو مذهب أبي بكر الصديق وابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وهو مذهب عطاء والأوزاعي وأصحاب الرأي وأحمد وأبي ثور رحمهم الله تعالى حكاه عنهم الإِمام أبو بكر بن المنذر واختاره [رحمه الله] تعالى. قلت: وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال مالك -رحمه الله- تعالى: عليه القضاء (¬1). باب فيمن أصبح جنبًا في نهار رمضان مسألة (552) جمهور العلماء على أن من جامع من الليل وأصبح جنبًا في نهار رمضان فصيامه صحيح، وكذلك الحال في شأن الحائض والنفساء لو طهرتا في الليل وأصبحتا في نهار رمضان من غير اغتسال، وهو مذهب علي بن أبي طالب وابن مسعود وأبي ذر وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن عباس وابن عمر وأم سلمة وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وهو مذهب جماهير التابعين والثوري ومالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وأبي ثور. قال الموفق: وبه قال مالك والشافعي في أهل الحجاز وأبو حنيفة والثوري في أهل العراق والأوزاعي في أهل الشام والليث في أهل مصر وإسحاق وأبو عبيد في أهل الحديث وداود في أهل الظاهر. قال العبدري: وهو قول سائر الفقهاء. وقال ابن المنذر: وقال سالم بن عبد الله: لا يصحُّ صومه قال: وهو الأشهر عن أبي هريرة والحسن البصري، وعن طاوس وعروة بن الزبير روايةً عن أبي هريرة ¬
باب في من أفطر ناسيا
أنه إن علم جنابته قبل الفجر ثمَّ نام حتى أصبح لم يصح صومه وإلا فيصح. وقال النخعي: يصحُّ النفل دون الفرض، وعن الأوزاعي أنه لا يصح صوم منقطعة الحيض حتى تغتسل، وبه قال الحسن بن حي وعبد الملك بن الماجشون والعنبري وأوجبوا عليها القضاء (¬1). مج ج 6 ص 265، مغ ج 3 ص 75، 76، بداية ج 1 ص 387، الحاوي ج 3 ص 414، قرطبي ج 2 ص 325. باب في من أفطر ناسيًا مسألة (553) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن من فعل شيئًا من المفطرات ناسيًا فصومه صحيح ولا شيء عليه، رُوي ذلك عن عليٍّ وبه قال أبو هريرة وابن عمر وعطاء وابن أبي ذئب والأوزاعي والحسن البصري ومجاهد وأبو حنيفة والشافعي والثوري وإسحاق وأبو ثور وداود وابن المنذر وغيرهم. وقال رييعة ومالك: يفطر الناسي في فعل ما يفطر به العامد. وقال عطاء والأوزاعي والليث: يفطر الناسي في الجماع دون غيره. وقال أحمد: يفطر الناسي في الجماع ويجب عليه القضاء والكفارة. مغ ج 3 ص 51، مج ج 6 ص 286. باب فيمن أكل ظانًا عدم طلوع الفجر أو غروب الشمس مسألة (554) جمهور العلماء على أن من أكل أو شرب ظانًّا عدم طلوع الفجر أو عدم غروب الشمس فبان له خلاف ذلك فإن عليه القضاء وهو قول ابن عباس ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهم، وهو قول عطاء وسعيد بن جبير ومجاهد والزهري والثوري، حكاه ابن المنذر عنهم وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأبو ثور. وقال إسحاق بن راهويه وداود: صومه صحيح ولا قضاء. وحكى ذلك عن عطاء ¬
باب في إمساك من أصبح مفطرا أول أيام رمضان
وعروة (¬1) بن الزبير والحسن البصري ومجاهد. مج ج 1 ص 268، مغ ج 3 ص 73، الحاوي ج 3 ص 95، قرطبي ج 2 ص 328. باب في إمساك من أصبح مفطرًا أول أيام رمضان مسألة (555) مذهب العامة من العلماء أن من أصبح مفطرًا ظانًا أنه آخر يوم من شعبان فقامت البينة أنه أول أيام رمضان وجب عليه الإمساك بقية يومه والقضاء (¬2). ورُوي عن عطاء أنه قال: يأكل بقية يومه. قال ابن عبد البر: لا نعلم أحدًا قاله غير عطاء. قال الموفق في المغني: وذكر أبو الخطاب ذلك روايةً عن أحمد ولا أعلم أحدًا ذكرها غيره، وأظن هذا غلط. مغ ج 3 ص 71. باب فيمن طلع عليه الفجر وفي فمه طعام مسألة (556) عامة أهل العلم على أن من كان في فمه طعام وطلع الفجر من نهار رمضان فإنه لا يجوز له ابتلاعه بل لابد له من لفظه وإلا بطل صومه (¬3). مج ج 6 ص 270. باب في ابتلاع مالا يُؤكل في العادة هل يفطر؟ مسألة (557) جماهير العلماء على أن الصائم إذا ابتلع عمدًا مالًا يُؤكل في العادة كالحصاة والحجر والعشب فإنه يفطر، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وداود وجماهير العلماء من السلف والخلف. قال الإِمام النووي: وحكى أصحابنا عن أبي طلحة الأنصاري الصحابي - رضي الله عنه - والحسن بن صالح وبعض أصحاب مالك أنه لا يفطر بذلك، وحكوا عن أبي طلحة أنه ¬
باب فيمن تقيأ عمدا
كان يتناول البَردَ وهو صائم ويبتلعه ويقول (ليس هو بطعام ولا شراب). مج ج 6 ص 276، مغ ج 3 ص 36. مسألة (558) جمهور العلماء على أن من ابتلع ولو شيئًا يسيرًا كحبة سمسم في نهار رمضان فإنه يفطر. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال أبو حنيفة: لا يفطر كما في الباقي في خلل الأسنان (¬1). مج ج 6 ص 277. باب فيمن تقيَّأ عمدًا مسألة (559) أكثر أهل العلم على أن من أفطر عمدًا بالتقيؤ فإن عليه القضاء فقط. وهو مذهب علي وابن عمر وزيد بن أرقم رضي الله تعالى عنهم، وهو مذهب علقمة والزهري ومالك وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، وهو مذهب الشافعي أيضًا، وبه قال ابن المنذر. وقال عطاء وأبو ثور عليه القضاء والكفارة، والجمهور على الإفطار في حق من تقيأ عمدًا، وقال طاوس: لا يفطر (¬2). مج ج 6 ص 279، مغ ج 3 ص 52، بداية ج 1 ص 383. باب فيمن تقيأ بغير عمدٍ مسألة (560) أكثر أهل العلم على أن من ذرعه القيء فإن صومه لا يبطل وبه يقول علي وابن عمر وزيد بن أرقم ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر. ونُقل عن الحسن البصري ما يوافق قول الأكثرين وما يخالفه وكذلك نُقل عن أصحاب مالك الخلاف فيمن ذرعه القيئ، وقال أحمد -رحمه الله- تعالى: إن تقيأ فاحشًا أفطر ونقل عن ابن مسعود وابن عباس أنه لا يفطر بالقيئ عمدًا (¬3). مج ج 6 ص 279، 280, مغ ج 3 ص 52، بداية ج 1 ص 383. ¬
باب في الحقنة الشرجية للصائم
باب في الحقنة الشرجية للصائم مسألة (561) مذهب العامة من العلماء أن الحقنة الشرجية (وهي التي تُؤخذ من الدبر) تفطر الصائم، وهو مذهب الأئمة الأربعة، وحكاه ابن المنذر عن عطاء والثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق، وحكاه العبدري عن مالك ونقله المتولي عن عامة العلماء. وقال الحسن بن صالح وداود: لا يفطر (¬1). مج ج 6 ص 280. باب في الطعام العالق بين الأسنان مسألة (562) مذهب الجماهير من العلماء أن الطعام الباقي بين الأسنان لو ابتعله عمدًا الصائم اختيارًا فإنه يفطر، وقيده الموفق بأن كان كثيرًا يمكن لفظه، ونقله عن أكثر أهل العلم. وقال أبو حنيفة: لا يفطر. حكى ذلك كله ابن المنذر -رحمه الله- تعالى (¬2). مج ج 6 ص 282، مغ ج 3 ص 47. باب في المضمضة والاستنشاق للصائم مسألة (563) أكثر الفقهاء على أن الصائم إذا تمضمض أو استنشق فوصل الماء إلى جوفه أو دماغه فإنه يفطر مطلقًا سواء بالغ أو لم يبالغ، وهو قول مالك وأبي حنيفة والمزني. والمختار من مذهب الشافعي: أنه إن بالغ أفطر وإلا فلا. وقال الحسن البصري وأحمد وإسحاق وأبو ثور: لا يبطل مطلقًا. وحكى الماوردي عن ابن عباس والشعبي والنخعي وابن أبي ليلى أنه إن توضأ لنافلة بطل صومه، وإن توضأ لفريضة فلا (¬3). مج ج 6 ص 290، الحاوي ج 3 ص 458. ¬
باب في الفطر العمد بغير جماع هل يكفيه القضاء؟
باب في الفطر العمد بغير جماع هل يكفيه القضاء؟ مسألة (564) جمهور العلماء على أن من أفطر يومًا من رمضان عمدًا من غير جماع فإنه يكفيه لإبراء ذمته لذلك اليوم أن يقضي يومًا مكانه مع وجوب إمساك بقية اليوم الذي أفطر فيه، وأما الكفارة ففيها خلاف (¬1). وهذا الذي ذكرناه هو مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى. وحكى ابن المنذر وغيره عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه يلزمه أن يصوم اثنى عشر يومًا، وقال سعيد بن المسيب: يلزمه صوم ثلاثين يومًا، وقال النخعي ووكيع: يلزمه صوم ثلاثة آلاف يوم، وقال علي بن أبي طالب وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما: لا يقضيه صوم الدهر (¬2). مج ج 6 ص 292، مغ ج 3 ص 51. باب في المقيم يجامع في نهار رمضان ثمَّ يسافر مسألة (565) أكثر العلماء على أن المقيم الصائم إذا أفسد صومه بالجماع ثمَّ سافر فإن كفارة الجماع لا تسقط عنه، وهو مذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة وأحمد وسائر العلماء إلا ابن الماجشون المالكي فأسقطها بالسفر (¬3). مج ج 6 ص 306. ¬
باب فيمن جامع من غير إنزال
باب فيمن جامع من غير إنزال مسألة (566) جمهور العلماء على أن من أفسد صومه بجماع تام أنزل أو لم ينزل في نهار رمضان فإن الكفارة واجبة في حقه وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود. وحكى العبدري وغيره عن الشعبي وسعيد بن جبير والنخعي وقتادة أنهم قالوا لا كفارة عليه، (¬1) وحكى الماوردي أن الإجماع منعقد على خلاف ذلك. مج ج 6 ص 311، مغ ج 3 ص 55، بداية ج 1 ص 397، الحاوي ج 3 ص 424. باب في وجوب القضاء مع الكفارة في الجماع مسألة (567) مذهب العلماء كافة إلا الأوزاعي والشافعي في أحد قوليه أن من أفسد صومه بجماع فإنه يجب عليه قضاء اليوم الذي أفسده مع لزوم الكفارة في حقه. وقال الأوزاعي -رحمه الله- تعالى: إن كَفَّر بالصوم لم يجب قضاؤه، وان كَفَّر بالعتق أو الإطعام قضاه، وقال الشافعي في أحد قوليه: من لزمته الكفارة لا قضاء عليه (¬2). مج ج 6 ص 311، مغ ج 3 ص 54، بداية ج 1 ص 397. باب في كفارة الجماع في رمضان, هل هي على التخيير؟ مسألة (568) جمهور العلماء على أن كفارة إفساد الصيام في رمضان بالجماع هي على الترتيب لا على التخيير فيبدأ المكفر بعتق الرقبة فإن لم يستطع انتقل إلى إطعام ستين مسكينًا فإن لم يستطع انتقل إلى صيام شهرين متتابعين، وهو قول الثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في أشهر الروايتين عنه. وقال أحمد في رواية ومالك كذلك: بل هي على التخيير. ورُوي عن مالك أيضًا أنه قال: الذي نأخذ به في الذي يصيب أهله في شهر رمضان إطعام ¬
باب في التتابع في صوم الشهرين عن الكفارة
ستين مسكينًا أو صيام ذلك اليوم، وليس التحرير والصيام من كفارة رمضان في شيء (¬1). مغ ج 3 ص 65، الحاوي ج 3 ص 432. باب في التتابع في صوم الشهرين عن الكفارة مسألة (569) جمهور العلماء على أن كفارة إفساد الصيام بالجماع إن وجبت بالصيام أعني صيام شهرين، فإنه يشترط في ذلك التتابع. وذهب ابن أبي ليلى إلى جواز التفريق (¬2). مج ج 6 ص 311، مغ ج 3 ص 66. باب فيمن جامع في صوم واجب غير رمضان مسألة (570) جمهور الفقهاء على أن كفارة إفساد الصوم بالجماع لا تجب إلا إذا وقع هذا الإفساد في يوم من أيام رمضان وحسب، فلا تجب على من أفسد صوم نذرٍ أو قضاء أو غير ذلك من أنواع الصيام الواجب. وقال قتادة: تجب الكفارة في إفساد قضاء رمضان، ورُوي عن ابن القاسم وابن وهب أن من أفسد قضاء يوم من رمضان فعليه قضاء يومين مكانه. حكاه عنهما ابن رشد. مج ج 6 ص 312، مغ ج 3 ص 61، بداية ج 1 ص 404. باب في الحجامة للصائم مسألة (571) أكثر الفقهاء على أن الحجامة لا تفطر الصائم، والحاجم والمحجوم في ذلك سواء، وهو قول ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبي سعيد الخدري وأم سلمة رضي الله تعالى عنهم وبه قال سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والشعبي والنخعي ومالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري وداود وغيرهم: قال صاحب الحاوي الإِمام الماوردي: وبه قال أكثر الصحابة والفقهاء. وقال آخرون: الحجامة تفطر، وهو قول علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعائشة والحسن البصري وابن سيرين وعطاء والأوزاعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وابن خزيمة. ¬
باب في القبلة للصائم
قال الخطابي: قال أحمد وإسحاق: يفطر الحاجم والمحجوم وعليهما القضاء دون الكفارة. وقال عطاء: يلزم المحتجم في رمضان القضاء والكفارة (¬1). مج ج 6 ص 317، الحاوي ج 3 ص 461. باب في القُبلة للصائم مسألة (572) جمهور الفقهاء على أن القُبْلة لا تفطر الصائم إلا أن يكون معها إنزال فإن أنزل فقد فسد صومه ووجب في حقه القضاء دون الكفارة. وحكى الخطابي عن سعيد بن المسيب أن من قبَّل في رمضان قضى يومًا مكانه. وحكاه الماوردي عن محمَّد بن الحنفية وعبد الله بن شبرمة (¬2). مج ج 6 ص 324، الحاوي ص 438. باب في الغيبة للصائم مسألة (573) مذهب العلماء كافة إلا الأوزاعي أن الغيبة لا تفطر الصائم، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى. وقال الأوزاعي -رحمه الله- تعالى: يبطل الصوم بالغيبة ويجب قضاؤه، وحكى ابن رشد عن أهل الظاهر أن الرفث (الفحش في الكلام) يفطر الصائم. مج ج 6 ص 324. الحاوي ج 3 ص 465. بداية ح1 ص 404. باب في الوصال في الصيام مسألة (574) جمهور العلماء على أن الوصال للصائم منهي عنه. وحكى العبدري والماوردي وابن المنذر عن ابن الزبير عبد الله أنه كان يرى جواز ¬
باب في السنة كلها وقت لقضاء رمضان
الوصال وأنه كان يواصل (¬1). مج ج 6 ص 327، مغ ج 3 ص 101، فتح ج 9 ص 33، قرطبي ج 2 ص 329. باب في السَّنةِ كلها وقت لقضاء رمضان مسألة (575) جمهور العلماء على أن السَّنة كلها وقت لقضاء ما وجب قضاؤه من رمضان خلا أيام رمضان الحاضر ويومي العيد والتشريق. وهو قول سعيد بن المسيب وأحمد وإسحاق وأبي ثور. حكاه عنهم ابن المنذر. قلت: وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. قال ابن المنذر: وروينا عن علي بن أبي طالب أنه كره قضاءه في ذي الحجة قال: وبه قال الحسن البصري والزهري قال ابن المنذر: وبالأول أقول. مج ج 6 ص 337. باب فيمن مات وعليه قضاء أيام من رمضان مسألة (576) جمهور الفقهاء على أن من أفطر أيامًا من رمضان بعذر من الأعذار التي تبيح الفطر ثم لم يتمكن من قضاء تلك الأيام حتى مات، فإنه لا يجب على أوليائه في حقه شيء، وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي رحمهم الله تعالى. قال العبدري: وهو قول العلماء كافةً إلا طاوسًا وقتادة فقالا: يجب أن يطعم عنه لكل يوم مسكين (¬2). مج ج 6 ص 343، مغ ج 3 ص 81. * * * ¬
أبواب قضاء الصيام
أبواب قضاء الصيام باب فيمن مات وعليه أيام من رمضان (¬1) بغير عذر مسألة (577) أكثر أهل العلم على أن من مات وقد ترك شيئًا من قضاء رمضان بغير عذر أُطْعِمَ عنه عن كل يوم مدًّا من طعام، رُوي ذلك عن عائشة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وبه قال مالك والليث والأوزاعي والثوري والشافعي في أشهر قوليه والخزرجي وابن علية وأبو عبيد في الصحيح عنهم. وقال الشافعي في قوله الآخر: يصوم عنه وليه، وبه قال طاوس والحسن البصري والزهري وقتادة وأبو ثور وداود. ورُوي عن ابن عباس التفريق بين صوم النذر وبين صوم رمضان فقال: يصام عنه صوم النذر ويطعم عن صوم رمضان وبه قال أحمد وإسحاق والليث وأبو عبيد وأبو ثور وحكى ابن المنذر عن ابن عباس والثوري أنه يُطْعَمُ عنه عن رمضان عن كل يوم مدان (¬2). مغ ج 3 ص 82، 83. باب فيمن ترك قضاء أيام رمضان حتى دخل رمضان آخر مسألة (578) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من لم يقض ما فاته من رمضان حتى دخل عليه رمضان آخر فإن عليه القضاء وإطعام مدٍّ عن كل يوم، وبه قال ابن عباس وابن عمر وأبو هريرة رضي الله تعالى عنهم ومجاهد وسعيد بن جبير ومالك ¬
باب في تفريق قضاء رمضان
والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وهو قول عطاء بن أبي رباح والقاسم بن محمَّد والزهري، إلا أن الثوري فيمن مضى ذكره يقول أن الفدية مدان عن كل يوم. وقال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وأبو حنيفة والمزني وداود: يقضيه ولا فدية عليه. مج ج 6 ص 336، مغ ج 3 ص 83. باب في تفريق قضاء رمضان مسألة (579) أكثر الفقهاء وأهل العلم على أنه لا يجب في قضاء رمضان التتابع بل يجوز قضاؤه مُفَرقًا، وبه قال علي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وابن عباس وأنس بن مالك وأبو هريرة وابن محيريز وأبو قلابة ومجاهد وأهل المدينة والحسن وسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ومالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور. ورُوي وجوب التتابع عن ابن عمر وعائشة وعلي والحسن البصري وعروة بن الزبير والنخعي والشعبي وداود الظاهري (¬1). الحاوي ج 3 ص 454. باب في الصوم على الصبي هل يجب؟ مسألة (580) أكثر أهل العلم على أن الصيام لا يجب على الصبي المميز ولا على الغلام المطيقين للصوم حتى يبلغا الحُلُم. وذهب بعض الأصحاب في مذهب الإِمام أحمد إلى وجوبه على الغلام إذا أطاقه (¬2). مغ ج 3 ص 90. باب في صبي يبلغ أثناء شهر رمضان مسألة (581) عامة أهل العلم على أن الصبي إذا بلغ أثناء الشهر وجب عليه ما بقي من الشهر ولا قضاء عليه لما مضى من الشهر سواء صامه أو أفطره مطيقًا أو غير مطيق. ¬
باب في الكافر يسلم أثناء الشهر هل يقضي ما فاته؟
وقال الأوزاعي: يقضيه إن كان أفطره وهو مطيق لصيامه (¬1) مغ ج 3 ص 91. باب في الكافر يسلم أثناء الشهر هل يقضي ما فاته؟ مسألة (582) مذهب العامة من أهل العلم على أنه لا يجب على الكافر إذا أسلم أثناء رمضان أن يقضي ما فاته من الشهر، وبه قال الشعبي وقتادة ومالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وهو مذهب أحمد -رحمه الله- تعالى. وقال عطاء: يجب عليه قضاؤه، وحكاه الماوردي عن عطاء والحسن (¬2). ورُوي عن الحسن كالمذهبين السابقين. الحاوي ج 3 ص 462، قرطبي ج 2 ص 300. * * * ¬
أبواب صوم التطوع والأيام التي نهي عن الصوم فيها
أبواب صوم التطوع والأيام التي نُهي عن الصوم فيها باب في صوم يوم عرفة للحاج مسألة (583) أكثر العلماء على استحباب فطر يوم عرفة للحاج، رواه ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم ونقله الترمذي والماوردي وغيرهما عن أكثر العلماء، ونقله العبدري عن عامة الفقهاء غير ابن الزبير وعائشة رضي الله تعالى عنهم، ونقله ابن المنذر عن مالك والثوري، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وحكى ابن المنذر عن ابن الزبير وعثمان بن أبي العاص الصحابي وعائشة وإسحاق بن راهويه استحباب الصوم، واستحبه عطاء في الشتاء والفطر في الصيف، وقال قتادة: لا بأس بالصوم إذا لم يضعف عن الدعاء. وحكى صاحب البيان عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال: يجب الفطر بعرفة. مج ج 6 ص 350، مغ ج 3 ص 106، الحاوي ج 3 ص 472، فتح ج 9 ص 73، قرطبي ج 2 ص 421. باب في تعيين يوم عاشوراء مسألة (584) جمهور العلماء على أن يوم عاشوراء المستحب صيامه هو اليوم العاشر من المحرم وأن تاسوعاء هو اليوم التاسع منه. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم (¬1). مج ج 6 ص 352، فتح ج 9 ص 80. باب في صوم الدهر مسألة (585) جماهير العلماء على عدم كراهية صيامٍ الدهر إذا أفطر الأيام المنهي عنها وإذا لم يشق عليه ذلك بضرر أو غيره ولم يفوت حقًّا من الحقوق، قال صاحب الشامل: وبه قال عامة العلماء، وكذا نقله القاضي عياض عن جماهير العلماء، قال النووي -رحمه الله- تعالى: وممن نقلوا عنه ذلك عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله ¬
باب في صيام أيام التشريق
وأبو طلحة وعائشة وغيرهم من الصحابة رضي الله تعالى عنهم والجمهور من بعدهم. وقال أبو يوسف وغيره من أصحاب أبي حنيفة: يكره مطلقًا (¬1). مج ج 6 ص 360، فتح ج 9 ص 55. باب في صيام أيام التشريق مسألة (586) أكثر أهل العلم على عدم جواز صيام أيام التشريق لمن رام فيها صيام تطوع أو تنفل. ورُوي عن ابن الزبير وابن عمر وأبي طلحة والأسود بن يزيد أنهم كانوا يصومونها. واختلف في جواز صيام أيام التشريق للمتمتع الذي لا يجد الهدي فأجاز ذلك للمتمتع ابن عمر وعائشة والأوزاعي ومالك وأحمد وإسحاق في رواية, وحكى ابن المنذر جواز صومها للمتمتع وغيره عن الزبير بن العوام وابن عمر وابن سيرين. قلت: وهو قول الشافعي في القديم من مذهبه. ومنع من ذلك علي بن أبي طالب وأبو حنيفة وداود وابن المنذر وأحمد في أصحِّ الروايتين عنه، وسوى هؤلاء جميعًا بين المتمتع وين غيره في المنع (¬2). مغ ج 3 ص 97. باب فيمن صام تطوعًا فأفسده بعذر أو بغير عذر مسألة (587) أكثر العلماء على أنه لا قضاء على من خرج من صيام التطوع وسواء خرج من هذا الصيام بعذر أو بغير عذر وهو قول عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن ¬
باب في صيام يوم الشك
عباس وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم، وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقال أبو حنيفة ومن وافقه يجب القضاء. قلت: وفي المسألة تفصيل ليس هذا محل بسطه (¬1). مج ج 6 ص 366، قرطبي ج 2 ص. باب في صيام يوم الشك مسألة (588) مذهب الجمهور من العلماء أنه لا يجوز صوم يوم الشك عن رمضان وبه قال عمر بن الخطاب وعلي وابن عباس وابن مسعود (¬2) وحذيفة وأنس وأبو هريرة وأبو وائل وعكرمة وابن المسيب والشعبي والنخعي وابن جريج والأوزاعي. حكاه عنهم ابن المنذر. قال: وقال مالك: سمعت أهل العلم ينهون عنه. قال النووي: وممن قال به أيضًا عثمان بن عفان وداود الظاهري. قال ابن المنذر: وبه أقول. قلت: وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقالت عائشة وأختها أسماء: نصومه من رمضان، وكانت عائشة تقول: "لأن أصوم من شعبان أحب إليَّ من أن أفطر يومًا من رمضان" ورُوي هذا عن عليٍّ أيضًا. قال العبدري: ولا يصحُّ عنه. وقال الحسن وابن سيرين: إن صام الإِمام صاموا، وإن أفطر أفطروا. وقال ابن عمر وأحمد بن حنبل: إن كانت السماء مصحية لم يجز صومه وإن كانت مغيمة وجب صومه عن رمضان. وعن أحمد روايتان كمذهبنا (الشافعي) ومذهب الجمهور وعنه رواية ثالثة كمذهب الحسن. مج ج 6 ص 371، بداية ج 1 ص 408، مغ ج 3 ص 4. ¬
باب في صيام يوم الشك تطوعا
باب في صيام يوم الشك تطوعًا مسألة (589) جمهور الفقهاء على النهي عن صيام يوم الشك تطوعًا إلا أن يوافق عادة له، وبه قال عثمان وعلي وعبد الله بن مسعود وحذيفة وعمار. وابن عباس وأبو هريرة وأنس والأوزاعي ومحمد بن مسلمة المالكي وداود. حكاه عنهم العبدري. قلت: وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى: لا يُكره صومه تطوعًا، ويحرم صومه عن رمضان (¬1). مج ج 6 ص 371، مغ ج 3 ص 4. باب في نذر صيام يومي الأضحى والفطر مسألة (590) مذهب العلماء كافة إلا أبا حنيفة أن النذر لا ينعقد يومي الأضحى والفطر فإن نذر صومًا فيهما فلا شيء عليه. وقال أبو حنيفة: ينعقد نذره ويلزمه صوم يومٍ غيرهما قال: فإن صامهما أجزأه مع أنه حرام. مج ج 6 ص 393. باب ما يُستحب في الصيام وما يُكره وصوم التطوع مسألة (591) أكثر أهل العلم على استحباب تعجيل الفطر للصائم فيبدأ بالإفطار ثمَّ يصلى المغرب (¬2). ج 3 ص 101. باب في اختصاص الأمة بليلة القدر مسألة (592) جماهير العلماء على أن ليلة القدر مختصة بهذه الأمَّة وزادها الله تعالى شرفًا، وأنها لم تشرع لمن قبلنا. ¬
باب في وقت تحري ليلة القدر
وقال بعض الناس: كانت مشروعة قبلنا. مج ج 6 ص 398. باب في وقت تحري ليلة القدر مسألة (593) أكثر العلماء على أن ليلة القدر منحصرة في العشر الأواخر من رمضان، وقال غيرهم غير ذلك، وكان ابن مسعود يرى أنها في السنة كلها (¬1). وحكى الماوردي عدم الخلاف في أنها في العشر الأواخر في رمضان. مج ج 6 ص 403، مغ ج 3 ص 113. * * * ¬
كتاب الاعتكاف
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الاعتكاف
باب في اشتراط الصيام للاعتكاف
كتاب الاعتكاف (¬1) باب في اشتراط الصيام للاعتكاف مسألة (594) جمهور العلماء على أن الصيام شرط لصحة الاعتكاف، وهو قول ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير والزهري ومالك والثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق في رواية عنهما، وقد حكي هذا القول عن جمهور العلماء القاضي عياض وذهب الشافعي والحسن البصري وأبو ثور وداود وابن المنذر وأحمد في أصحِّ الروايتين عنه إلى أن الصيام مستحب لكنه ليس شرطًا لصحة الاعتكاف. قال ابن المنذر: وهو مروي عن علي بن أبي طالب وابن مسعود (¬2). مج ج 6 ص 417، شرح ج 11 ص 126. باب في زمان الاعتكاف هل فيه حد معين؟ مسألة (595) أكثر الفقهاء على أنه لا حد معين في زمن الاعتكاف، وهو قول أبي حنيفة والشافعي. واختلف عن مالك في حده فقال في رواية ابن القاسم عنه: أقله عشرة أيام، وروي ¬
باب في من نوى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان
يوم وليلة، وقيل غير ذلك (¬1) بداية ج 1 ص 415. باب في من نوى اعتكاف العشر الأواخر من رمضان (¬2) مسألة (596) جمهور الفقهاء على أن من نوى إعتكاف العشر الأواخر من رمضان فإنه يدخل معتكفه قبل غروب الشمس من ليلة إحدى وعشرين ويخرج منه بعد غروب الشمس من ليلة الأول من شوال. وهو مذهب الشافعي وجماعة الفقهاء، وهو قول أحمد في رواية ومالك والثوري وأبي حنيفة. وحكى بن أبي ثور والأوزاعي وإسحاق أنه يدخل معتكفه قبل طلوع الفجر من يوم واحد وعشرين (¬3) وبه قال أحمد في رواية. الحاوي ج 3 ص 488. ¬
باب في خروج المعتكف لعيادة مريض ونحوه
باب في خروج المعتكف لعيادة مريض ونحوه مسألة (597) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن المعتكف اعتكاف نذر لا يجوز له الخروج من معتكفه لعيادة مريض واتباع جنازة فلو فعل شيئًا من ذلك بطل اعتكافه، وهو قول عطاء ومجاهد وعروة بن الزبير والزهري ومالك وأبي حنيفة والشافعي وإسحاق وأبي ثور وأحمد في أصح الروايتين عنه وهو اختيار ابن المنذر ورواه البيهقي عن سعيد بن المسيب. وقال الحسن البصري وسعيد بن جبير والنخعي: يجوز. قال ابن المنذر: رُوي ذلك عن عليٍّ ولم يثبت عنه (¬1). مج ج 6 ص 441. باب في خروج المعتكف لصلاة الجمعة مسألة (598) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أنه يجوز للمعتكف اعتكاف نذر أن يخرج من معتكفه لصلاة الجمعة، وبه قال سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي وأحمد وعبد الملك من أصحاب مالك وابن المنذر وداود وأبو حنيفة في رواية عنه. وذهب الشافعي ومالك وأبو حنيفة في رواية إلى عدم الجواز وإلى بطلان الاعتكاف به. مج ج 6 ص 443 (¬2). باب في جماع المعتكف عامدًا مسألة (599) جماهير الفقهاء على أن المعتكف اعتكاف نذرٍ لو جامع عامدًا ذاكرًا عالمًا بالتحريم فإنه لا تلزمه الكفارة بهذا مع اتفاق العلماء كافة وإجماعهم على فساد اعتكافه. قال ابن المنذر: وهو قول أهل المدينة والشام والعراق. قلت: وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين. وقال الحسن البصري والزهري: عليه كفارة الواطئ في صوم رمضان، قال ¬
باب فيما يجوز للمعتكف فعله
العبدري: وهو أصحُّ الروايتين عن أحمد. وعن الحسن رواية أخرى أنه يعتق رقبة، فإن عجز أهدى بدنة، فإن عجز تصدَّق بعشرين صاعًا من تمر (¬1). مج ج 6 ص 457، مغ ج 3 ص 142، الحاوي ج 3 ص 499، بداية ج 1 ص 418. باب فيما يجوز للمعتكف فعله مسألة (600) أكثر العلماء على أنه يجوز للمعتكف أن يلبس ويأكل ويتطيب بما شاء مما يجوز لغير المعتكف، وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال أحمد: يُستحب أن لا يلبس رفيع الثياب ولا يتطيب. قال الماوردي: وحكى عن طاوس وعطاء أنه ممنوع من الطيب كالحج (¬2). * * * ¬
كتاب الحج
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الحج
باب في العمرة هل هي واجبة؟
كتاب الحج باب في العمرة هل هي واجبة؟ مسألة (601) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن العمرة واجبة وهو قول عمر وابن عباس وابن عمر وجابر وطاوس وعطاء وابن المسيب وسعيد بن جبير والحسن البصري وابن سيرين والشعبي ومسروق وأبو بردة ابن أبي موسى الحضرمي وعبد الله بن شداد والشافعي في الجديد والثوري وأحمد وإسحاق وابن عبيد وداود. وقال مالك وأبو حنيفة وأبو ثور: هي سنة ليست واجبة وحكاه ابن المنذر وغيره عن النخعي. قلت: وهو مذهب الشافعي في القديم (¬1). مج ج 7 ص 9. باب في معنى دخول العمرة في الحج مسألة (602) أكثر العلماء على أن تفسير قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" هو أن العمرة جائزة في أشهر الحج. قال النووي: وهذا هو الأصح، وهو تفسير الشافعي وأكثر العلماء، ونقله الترمذي عن الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال آخرون: معناه دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج إذا جمع بينهما بالقِرآن. مج ج 7 ص 10. باب في حج الصبي مسألة (603) جماهير العلماء من السلف والخلف على صحة حج الصبي وهو مذهب ملك والشافعي وأحمد وداود وأشار ابن المنذر إلى الإجماع فيه هكذا حكاه عنه النووي ثم قال: ¬
باب في حج العبد
وقال أبو حنيفة في المشهور عنه: لا يصح حجه (¬1) مج ج 7 ص 33. باب في حج العبد مسألة (604) مذهب العلماء كافة إلا داود صحة حج العبد ولو بغير إذن سيده. وقال داود: لا يصح بغير إذنه. مج ج 7 ص 35. باب في الحج على العبد هل يجب قبل عتقه؟ مسألة (605) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الحج لا يجب على العبد حتى يُعْتَقَ. قال ابن رشد: وأوجبه عليه بعض أهل الظاهر (¬2). بداية ج 1 ص 424. ¬
باب في تأخر بلوغ الصبي وعتق العبد إلى ما بعد يوم عرفة
باب في تأخر بلوغ الصبي وعتق العبد إلى ما بعد يوم عرفة مسألة (606) جمهور العلماء على أن الصبي إذا لم يبلغ والعبد إذا لم يُعتق إلا بعد الوقوف بعرفة فإن عليه حجة الإِسلام وسواء كان بعد وقت الوقوف أو قبل انتهاء وقته ولكن من غير وقوف. وقال ابن سريج: يجزئهما إذا كان وقت الوقوف باقيًا وكانا قد وقفًا في عرفات قبل البلوغ وقبل العتق (¬1). مج ج 7 ص 44. باب في الحج بالمال الحرام ونحوه مسألة (607) أكثر الفقهاء على أن من حجَّ بمال حرام أو بدابة مغصوبة فإن حجه صحيح لكنه يأثم. وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي. وقال أحمد -رحمه الله- تعالى: لا يجزؤه. مج ج 7 ص 45. باب فيما يُشترط من المال لوجوب الحج مسألة (608) جمهور الفقهاء على أن من كان له مال يتجر فيه وكانت غلته تكفيه وأهله ومن يعول سنته وليس له مال غيره لكنه يكفيه للحج ذهابًا وأيابًا ويفضل منه ما يكفي أهله ومن يعول حتى يعود من حجه فإن الحج واجب في حقه وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وقال أحمد بعدم الوجوب. مج ج 7 ص 54. ¬
باب في من عادته الاقتراض وسؤال الناس هل يجب عليه الحج؟
باب في من عادته الاقتراض وسؤال الناس هل يجب عليه الحج؟ مسألة (609) مذهب جماهير العلماء على أن الحج لا يلزم من عادته سؤال الناس أو المشي، وبه قال الحسن البصري ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو حنيفة والشافعى وأحمد وبعض أصحاب مالك. وقال مالك: يلزمه الحج في الصورتين، وبه قال داود، وقال عكرمة: الاستطاعة صحة البدن. مج ج 7 ص 55، مغ ج 3 ص 169. باب في الحج ماشيًا وراكبًا أيهما أفضل؟ مسألة (610) أكثر الفقهاء على أن الحج راكبًا أفضل من الحج ماشيًا. وقال داود: الماشي أفضل. مج ج 7 ص 65. باب في العاجز بنفسه والقادر على استئجار غيره مسألة (611) جمهور العلماء على وجوب الحج على العاجز عن أداء الحج بنفسه لكنه واجدٌ للمال والأجير بأجرة المثل، وبه قال عليُّ بن أبي طالب والحسن البصري والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وداود. وقال مالك: لا يجب عليه (¬1). مج ج 7 ص 74. باب في العاجز ينيب عن نفسه ثمَّ يبرأ من مرضه مسألة (612) جمهور العلماء على أن المعضوب وهو العاجز عن الحج بنفسه إذا أحج أجيرًا عنه للحج ثم شُفي فإن هذا الحج لا يجزؤه وعليه أن يحج بنفسه قلت: وهو مذهب الشافعي. وقال أحمد وإسحاق: يجزؤه ولا إعادة عليه. باب في حج المرأة عن الغير مسألة (613) مذهب العامة من العلماء جواز حج المرأة عن المرأة وجواز حجها عن الرجل. وخالف الحسن بن صالح في ذلك وكره حج المرأة عن الرجل. مغ ج 3 ص 184، فتح ج 8 ص 189. ¬
باب في وقت العمرة
باب في وقت العمرة مسألة (614) جمهور الفقهاء على أن السنة كلها وقت للعمرة، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وداود. وقال أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى: تُكره العمرة (¬1) يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق. مج ج 7 ص 124، بداية ح 1 ص 431. باب في تكرار العمرة مسألة (615) جمهور العلماء من السلف والخلف على استحباب تكرار العمرة في السنة ولا كراهة في ذلك حكى هذا عن الجمهور الماوردي والسرخسي والعبدري وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأنس وعائشة وعطاء رضي الله تعالى عنهم، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد رحمهم الله تعالى. وقال الحسن البصري وابن سيرين ومالك: تكره العمرة في السنة أكثر من مرة (¬2). مج ج 7 ص 124. تابع كتاب الحج (¬3) باب في عمرة القارن وغيره من أدنى الحل مسألة (616) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن عمرة القارن والعمرة من أدنى الحل تجزئ كلتاها عن العمرة الواجبة. ورُوي عن أحمد أن عمرة القارن لا تجزئ وعنه كذلك أن العمرة من أدنى الحل لا تجزئ عن العمرة الواجبة، وقال: إنما هي من أربعة أميال. مغ ج 6 ص 174. ¬
باب في الإفراد والقران والتمتع
باب في الإفراد والقران والتمتع مسألة (617) مذهب العلماء كافة من الصحابة والتابعين إلا ما سنذكره عن عمر ابن الخطاب وعثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنهما- جواز الإفراد والتمتع والقران ولا كراهة في شيء من ذلك. وثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان أنهما كانا ينهيان عن التمتع، وفي نهيهما تأويل وتفسير للعلماء ليس هذا محل بسطه (¬1). مج ج 7 ص 127. باب في إدخال الحج على العمرة مسألة (618) جمهور العلماء على جواز إدخال الحج على العمرة. قال النووي: وشذ بعض الناس فمنعه وقال: لا يدخل إحرام على إحرام كما لا يدخل صلاة على صلاة (¬2). مج ج 7 ص 140 بداية ج 1 ص 449. باب في فسخ الحج إلى عمرة مسألة (619) جمهور الفقهاء على عدم جواز فسخ الحج وقلبه عمرة أو فسخ العمرة وقلبها حجًّا لا لعذر ولا لغيره وسواء ساق الهدي أم لا. قال ابن الصباغ والعبدري وآخرون: وبه قال عامة الفقهاء. وقال القاضي عياض في شرح صحيح مسلم. جمهور الفقهاء على أن فسخ الحج إلى العمرة كان خاصًّا للصحابة رضي الله تعالى عنهم. ¬
باب في بعض شرائط التمتع
وقال أحمد -رحمه الله- تعالى: يجوز فسخ الحج إلى العمرة لمن لم يسق الهدي ونقله، أعني الجواز القاضي عياض عن بعض أهل الظاهر. مج ج 7 ص 144 مغ ج 3 ص 416 بداية ح1 ص 441 قرطبي ج 2 ص 393. باب في بعض شرائط التمتع مسألة (620) جمهور العلماء على أن من الشرائط التي يكون فيها المتمتع متمتعًا أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، فلو أحرم بالعمرة قبل دخول أشهر الحج وفرغ منها قبل ذلك وحج في سنته مفردًا فلا يكون متمتعًا ولا دم عليه. وقال طاوس: يلزمه. ونقل عن الحسن أنه قال: من اعتمر بعد النحر فهي متعة. قال ابن المنذر: لا نعلم أحدًا قال بواحدٍ من هذين القولين (¬1). مج ج 7 ص 154 مغ ج 3 ص 499 بداية ح 1 ص440 قرطبي ح 2 ص 396. باب في طواف وسعي المتمتع هل يجزئان عن حجه؟ مسألة (621) جمهور العلماء على أن المتمتع يطوف ويسعى لعمرته فإذا أحل منها وأحرم لحجه وجب عليه طواف وسعي آخران. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم والثوري وأبو ثور. وروي عن عطاء وطاوس أنه يكفيه سعي واحد بين الصفا والمروة. قرطبي ج 2 ص 397. ¬
باب في استحباب إحرام المتمتع بالحج من أول ذي الحجة إذا فرغ من عمرته
باب في استحباب إحرام المتمتع بالحج من أول ذي الحجة إذا فرغ من عمرته مسألة (622) أكثر العلماء من الصحابة ومن بعدهم على أن المتمتع إذا تحلل من عمرته فإنه يستحب له أن يحرم بالحج من أول ذي الحجة وسواء كان واجدًا للهدي أم عادمه. وبه قال عمر بن الخطاب ومالك وأبو ثور وغيرهم. وذهب عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير والشافعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر وآخرون إلى أن المستحب في حقه أن يحرم بالحج يوم الثامن وهو يوم التروية. وثبت ذلك عن ابن عمر في الصحيحين من فعله. قال النووي: وكلاهما جائزٌ بالإجماع. مج ج 7 ص 160. باب في المحرم بالعمرة قبل أشهر الحج وفعلها في أشهره مسألة (632) جمهور العلماء على أن من أحرم بالعمرة قبل دخول أشهر الحج وفعل أفعالها في أشهر الحج فإنه ليس عليه دم التمتع. وبه قال جابر بن عبد الله وقتادة والشافعي في أصح قوليه وأحمد وإسحاق وداود وأبو ثور. وقال الحسن والحكم وابن شبرمة والشافعي في أحد قوليه: يلزمه (¬1) وحكى عنهم الموفق أنهم قالوا: عمرته في الشهر الذي يطوف فيه. وقال طاوس: عمرته في الشهر الذي يدخل فيه الحرم. وقال مالك: عمرته في الشهر الذي يحل فيه. وهو قول عطاء. مج ج 7 ص 161. ¬
باب في من اعتمر في أشهر الحج وحج في غير عام عمرته هل يكون متمتعا؟
باب في من اعتمر في أشهر الحج وحج في غير عام عمرته هل يكون متمتعًا؟ مسألة (624) جمهور الفقهاء على أن من شرط التمتع بالحج أن يعتمر في أشهر الحج وأن يحج من عامه الذي اعتمر فيه، فإن حج في عامٍ آخر فإنه لا يكون متمتعًا. ونقل عن الحسن البصري خلاف هذا فقال من اعتمر في أشهر الحج فهو متمتع حج في سنته أو في غيرها. مغ ج 3 ص 500 قرطبي ج 2 ص 396. باب في الهدي على المتمتع (¬1) ما الذي يجزئ فيه مسألة (625) جمهور العلماء على أن الهدي في حق المتمتع هو شاةٌ. وهو قول مالك. وقال ابن عمر لا ينطلق الهدي إلا على الإبل والبقر وأن معنى قوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} أي: بقرة أدون من بقرة وبَدَنة أدون من بدنة (¬2). بداية ح1 ص 487. باب في الدم على القارن مسألة (626) جمهور العلماء على أن القارن يجب عليه دم وهي شاة كدم التمتع. وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد -رحمه الله- تعالى. وقال طاوس وحكاه العبدري عن الحسن بن علي وابن سريج وهو مذهب داود وابنه أبي بكر محمَّد بن داود: لا دم عليه. مج ج 7 ص 169 مغ ج 3 ص 497. باب في اشتراط وجوب الدم على القارن أن يكون آفاقيًا مسألة (627) جمهور العلماء على أن شرط وجوب الدم على القارن هو أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام. فإن كان من حاضري المسجد الحرام فلا دم عليه. ونقل النووي عن أبي حنيفة وجوب الدم على المكي إذا قرن أو تمتع (¬3). وبه قال ابن ¬
باب في الإحرام من الميقات وقبله
الماجشون في حق المكي إذا قرن. حكاه عنه الموفق في المغني. وابن رشد في البداية والقرطبي. مغ ج 3 ص 497 بداية ج 1 ص 443 قرطبي ج 2 ص 392. باب في الإحرام من الميقات وقبله مسألة (628) مذهب العلماء كافة إلا داود جواز الإحرام من الميقات ومما فوق الميقات. وقال داود كما نقله عنه العبدري وغيره: لا يجوز الإحرام مما فوق الميقات وأنه لو أحرم مما فوق الميقات لم يصح إحرامه ويلزمه أن يرجع ويحرم من الميقات. مج ج 7 ص 180. باب فيمن ترك الإحرام من الميقات قاصدًا النسك مسألة (629) جمهور أهل العلم على أن من جاوز الميقات قاصدًا الحج والعمرة وأحرم بعد تجاوزه الميقات ولم يعد لميقاته فإن عليه دمًا. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد. وقال عطاء والحسن والنخعي: لا شيء على من ترك الميقات (¬1). بداية ج 1 ص 429 الحاوي ج 4 ص 72، 73. باب من ترك الإحرام من الميقات هل ينعقد حجه مسألة (630) مذهب عامة أهل العلم أن من ترك الإحرام من الميقات ومضى في حجه أو عمرته دون أن يرجع إلى الميقات للإحرام منه فإن نسكه ينعقد مع وجوب الدم عليه. وقال سعيد بن جبير: لا حج له (¬2). الحاوي ج 4 ص 72. ¬
باب في الميقات من مسكنه بين مكة والميقات
باب في الميقات من مسكنه بين مكة والميقات مسألة (631) جمهور العلماء على أن من كان مسكنه بين مكة وبين الميقات فميقاته من مسكنه، وبه قال طاوس ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وأبو ثور. وقال مجاهد: يحرم من مكة (¬1). مج ج 7 ص 183 مغ ج 3 ص 213 بداية ج 1 ص 429. باب فيمن جاوز الميقات ثم عَنَّ له الحج (¬2) مسألة (632) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن من جاوز الميقات غير مريدٍ (¬3) نسكًا ثم عنَّ له أن يحرم بالحج أحرم من موضعه، وبه قال ابن عمر وعطاء ومالك والشافعي والثوري وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وابن المنذر. وقال أحمد وإسحاق: يلزمه العود إلى الميقات (¬4). مج ج 7 ص 183. باب ميقات أهل العرق والمشرق مسألة (633) أكثر أهل العلم على أن ميقات أهل العراق والمشرق هو ذات عرق. ¬
باب في الإحرام من بعد الميقات لمن خشي فوت الحج
وبه قال مالك وأبو ثور وأصحاب الرأي. قال ابن عبد البر: أجمع أهل العلم على أن إحرام العراقي من ذات عرق إحرامٌ من الميقات. ورورى عن أنس أنه كان يحرم من العقيق واستحسنه الشافعي وابن المنذر وابن عبد البر. وكان الحسن بن صالح يحرم من الربذة وروي ذلك عن خصيف والقاسم بن عبد الرحمن. مغ ج 3 ص 207 بداية ج 1 ص 428. باب في الإحرام من بعد الميقات لمن خشي فوت الحج مسألة (634) جمهور العلماء على أن من خشي فوات الحج بعوده إلى الميقات أحرم من موضعه، وعليه دم. وروى عن سعيد بن جبير أن من ترك العود إلى الميقات فلا حج له. مغ ج 3 ص 222. * * *
أبواب الإحرام وما يحرم فيه (محظورات الإحرام)
أبواب الإحرام وما يحرم فيه (¬1) (محظورات الإحرام) باب في الغسل للإحرام مسألة (635) عوام أهل العلم على أن الغسل للإحرام مستحب ليس واجبًا. قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن الغسل للإحرام ليس بواجب إلا ما روي عن الحسن البصري أنه قال: إذا نسي الغسل يغتسل إذا ذكره. وحكى ابن رشد عن أهل الظاهر أنهم أوجبوه وعن أبي حنيفة والثوري أن الوضوء (¬2) يجزئ عنه. مج ج 7 ص 192 مغ ج 3 ص 225 بداية ج 1 ص 445. باب في الطيب (التعطر) للإحرام مسألة (636) جمهور العلماء من السلف والخلف على استحباب الطيب عند إرادة الإحرام. وبه قال سعد بن أبي وقاص وابن عباس وابن الزبير ومعاوية وعائشة وأم حبيبة - رضي الله تعالى عنهم - وهو قول أبي حنيفة والشافعي والثوري وأبي يوسف وأحمد وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر وداود وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقال عطاء والزهري ومالك ومحمد بن الحسن: يكره. قال القاضي عياض: حكي أيضًا عن جماعة من الصحابة والتابعين (¬3). وبه قال أبو جعفر الطحاوي. مج ج 7 ص 203 فتح ج 7 ص 175. ¬
باب في المستحب في وقت الشروع بالإحرام
باب في المستحب في وقت الشروع بالإحرام مسألة (637) جمهور العلماء من السلف والخلف على استحباب الإحرام عند بدء المسير وإنبعاث الراحلة، وبه قال مالك والشافعي في قوله الجديد. وقال أبو حنيفة وأحمد وداود: إذا فرغ من الصلاة، وبه قال الشافعي في القديم. وروي عن أحمد أن الكل سواءُ (¬1). مج ج 7 ص 205. باب في التلبية للحاج مسألة (638) أكثر الفقهاء على استحباب التلبية (¬2) في كل مكان وفي الأمصار وفي البراري وليس لها مكان تختص به. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال أحمد: هو مسنون في الصحاري قال: ولا يعجبني أن يلبي في المصر. مج ج 7 ص 227. ¬
باب في التلبية
باب في التلبية مسألة (639) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم استحباب التلبية أو جوازها لغير المحرم. وبه قال الحسن والنخعي وعطاء وبن السائب والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي. وكره ذلك مالك. مغ ج 3 ص 261. باب في آخر وقت التلبية للمحرم مسألة (640) جمهور أهل العلم على أن المحرم يقطع التلبية إذا رمى جمرة العقبة يوم النحر. وبقطع التلبية عند رمي الجمرة قال جمهور فقهاء الأمصار وأهل الحديث أبو حنيفة والشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وابن أبي ليلى وأبو عبيد والطبري والحسن بن حي. وروي هذا عن ابن مسعود وابن عباس وميمونة -رضي الله عنهم-. وهو قول عطاء وسعيد بن جبير والنخعي وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن. وقال مالك: يقطعها إذا زاغت الشمس من يوم عرفة. وقال: وذلك الأمر الذي لم يزل عليه أهل العلم ببلدنا. قال ابن شهاب الزهري: كانت الأئمة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي يقطعون التلبية عند زوال الشمس من يوم عرفة. وروي عن سعد بن أبي وقاص وعائشة تقطع التلبية إذا راح إلى الموقف. وعن علي وأم سلمة -رضي الله عنهما- حتى تزول الشمس يوم عرفة على ما قاله مالك -رحمه الله-. وعن الحسن يلبي حتى يصلي الغداة يوم عرفة (¬1). بداية ج 1 ص 449 مج ج 8 ص 142 معاني الآثار ج 2 ص 227. باب في انعقاد النسك هل يكون بالنية أم التلبية؟ مسألة (641) جمهور الفقهاء بل عامتهم على أن الاعتبار في انعقاد النسك حجًّا أو عمرة أو كلاهما إنما هو بالنية لا بالتلبية. فمن نوى حجًّا ولبى بعمرة انعقد نسكه حجًّا. وقال داود بن علي: الاعتبار بما لبى لا بما نوى. الحاوي ج 4 ص 83. ¬
باب فيمن أحرم وعليه قميص ونحوه هل يجب بخلعه دم؟
باب فيمن أحرم وعليه قميص ونحوه هل يجب بخلعه دم؟ مسألة (642) أكثر أهل العلم على أن المحرم إذا أحرم وعليه قميص فإنه يجوز له خلعه ولا يجب عليه شَقُّهُ ولا فدية عليه، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، وروي عن عطاء وعكرمة. وحكي عن الشعبي والنخعي وأبي قلابة وأبي صالح ذكوان أنه يشق ثيابه لئلا يتغطى رأسه حين ينزع القميص منه (¬1). وحكاه الطحاوي أيضًا عن سعيد بن جبير روايةً. مغ ج 3 ص 262. باب في حلق الشعر للمحرم مسألة (643) أكثر أهل العلم على أن المحرم لا يجوز له حلق أي شعر متعلق برأس أو بدن وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال أهل الظاهر: لا فدية في شعر غير الرأس. وعن مالك روايتان كالمذهبين (¬2). مج ج 7 ص 229. باب في قلم الظفر للمحرم مسألة (644) مذهب العلماء كافة إلا داود تحريم قلم الظفر للمحرم وجمهورهم على أن فيه الفدية وهو قول حماد ومالك والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأى. وقال داود: يجوز للمحرم قَلْمُ أظفاره كلها ولا فدية عليه. وروي عن عطاء المنع من قلم الظفر ولكن لا فدية عليه وروي عنه موافقة الجمهور (¬3). ¬
باب في المنطقة (الحزام فيه النقود وغيره)
باب في المنطقة (الحزام فيه النقود وغيره) مسألة (645) مذهب العلماء كافة إلا ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- جواز المنطقة والهميان للمحرم. روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب وعطاء ومجاهد وطاوس والقاسم والنخعي والشافعي وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي (¬1). وقال ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- بكراهتهما في أصح الروايتين عنه. وبه قال نافع مولى ابن عمر. مج ج 7 ص 235 مغ ج 3 ص 277. باب في الخفين للمحرم مسألة (646) جمهور العلماء على أن المحرم إذا لم يجد نعلين جاز له لبس خفين بشرط قطعهما أسفل من الكعبين ولا يجوز من غير قطعهما، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وداود وهو مروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وعروة والنخعي. وقال أحمد: يجوز لبسهما من غير قطع، وروي ذلك عن عطاء وسعيد بن سالم (¬2) القداح. مج ج 7 ص 241 بداية ج 1 ص 432 الحاوي ج 4 ص 97. باب في السراويل للمحرم مسألة (647) جمهور العلماء على أن المحرم إذا لم يجد إزارًا فإنه يجوز له لبس السراويل ولا فدية عليه في ذلك. وبه قال الشافعي وأحمد وداود. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يجوز له لبسها وإن عدم الإزار فإن لبسه لزمه الفدية. وقال الرازي الحنفي: يجوز لبسه وعليه الفدية. قلت: وكذلك الحكم فيمن لم يجد نعلين فلبس (¬3) خفين. مج ج 7 ص 242 مغ ج 3 ص 273. ¬
باب في تغطية الوجه للمحرم الرجل
باب في تغطية الوجه للمحرم الرجل مسألة (648) جمهور العلماء على جواز ستر الوجه (¬1) وتغطته للمحرم الرجل ولا فدية عليه. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. روى هذا عن عثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وزيد بن ثابت وجابر وابن الزبير من قولهم. وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجوز كرأسه (¬2). وهو قول ابن عمر - رضي الله عنهما -. مج ج 7 ص 244. باب في السيف للمحرم مسألة (649) أكثر العلماء. على جواز تقلد السيف للمحرم وهو قول عطاء وهو مذهب الشافعي. وبه قال مالك وابن المنذر ونُقِلَ عن الحسن البصري كراهته، وعن مالك أنه لا يجوز (¬3). مج ج 7 ص 244. ¬
باب في تبخير ثوب المحرم وتطييبه
باب في تبخير ثوب المحرم وتطييبه مسألة (650) أكثر العلماء على عدم جواز التبخر في الثوب أو التطيب في الثوب وسواء كان الثوب مما يعلق به الطيب أو ينتفض. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. ونص عليه أحمد. وقال أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى: يجوز للمحرم أن يتبخر بالعود والند ولا يجوز أن يجعل شيئًا من الطيب في بدنه، ويجوز أن يجعله على ظاهر ثوبه فإن جعله في باطنه. وكان الثوب لا ينتفض- فلا شيء عليه وإن كان ينتفض لزمته الفدية (¬1). مج ج 7 ص 256. باب في الرياحين للمحرم مسألة (651) أكثر الفقهاء على جواز أنواع الرياحين للمحرم وأنه لا فدية فيها. وبه قال عثمان وابن عباس والحسن البصري ومجاهد وإسحاق والشافعي في أحد قوليه. وقال ابن عمر وجابر والشافعي في أحد قوليه والثوري ومالك وأبو ثور. لا يجوز وفيه الفدية. وقال مالك وأبو حنيفة: يحرم ولا فدية عليه. واختلف في الفدية عن عطاء وأحمد (¬2). مج ج 7 ص 257. باب فيما لا فدية فيه من النبات مما له رائحة مسألة (652) مذهب العامة من العلماء أن النبات الذي لا ينبت للطيب ولا يتخذ ¬
باب في لبس الثوب المطيب إذا زالت رائحته
منه الطيب كنبات الصحراء من الشيح والقيصوم والخزامي والفواكة كلها من الأترج والتفاح والسفرجل، وما ينبته الآدميون لغير قصد الطيب كالحناء والعصفر، فإن ذلك كله مباح للمحرم ولا فدية فيه. وروي عن ابن عمر أنه كان يكره للمحرم أن يشم شينًا من نبات الأرض من الشيح والقيصوم (¬1). مغ ج 3 ص 294. باب في لبس الثوب المطيب إذا زالت رائحته مسألة (653) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أنه يجوز للمحرم لبس ثوب مطيب زالت رائحته بطول الزمان أو بغلبة صبغ عليه بحيث لو رش لم تبدُ رائحة الطيب السابق. وبه قال سعيد بن المسيب والحسن والنخعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي، وروي ذلك عن عطاء وطاوس. وكره مالك ذلك إلا أن يغسل ويذهب لونه (¬2). مغ ج 3 ص 295. باب في تزوج المحرم وتزويجه مسألة (654) جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ممن بعدهم على أنه لا يجوز للمحرم التزوج ولا التزويج، وبه قال عمر بن الخطاب وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والزهري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقال الحكم والثوري وأبو حنيفة: يجوزان يتزوج ويُزَوِّج (¬3). وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما -. مج ج 7 ص 262 شرح ج 9 ص 194. ¬
باب في نكاح المحرم. هل ينعقد؟
باب في نكاح المحرم. هل ينعقد؟ مسألة (655) جمهور الفقهاء على أن المحرم إذا تزوج فنكاحه باطل ويفرق بينهما تفرقة الأبدان بغير طلاق. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال مالك وأحمد: يجب تطليقها لتحل لغيره بيقين (¬1). مج ج 7 ص 264. باب في المحرم يراجع زوجته المطلقة مسألة (656) أكثر العلماء على جواز رجعة المحرم وصحتها وبه قال مالك والشافعي وأحمد في أحد الروايتين. وقال أحمد في أشهر الروايتين: لا يجوز (¬2). مج ج 7 ص 264 مع ج 3 ص 338. باب في بَيْضِ ما حرم صيده مسألة (657) مذهب العلماء كافة إلا داود والمزني أن كل صيد حرم على المحرم صيده حرم عليه بيضه، وإذا كَسَرَهُ لزمه قيمته. روي ذلك عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما- وبه قال النخعي والزهري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وهو مذهب أحمد (¬3). وقال المزني وداود: هو حلال ولا جزاء فيه. مج ج 7 ص 294. باب فيمن قتل صيدًا عمدًا وهو محرم مسألة (658) جمهور الفقهاء بل جماهيرهم على أن المحرم إذا قتل صيدًا عمدًا أو خطأً أو ناسيًا لزمه الجزاء، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد. وقال مجاهد: إن قتله خطأً أو ناسيًا لإحرامه لزمه الجزاء وإن قتله عمدًا ذاكرًا لإحرامه فلا جزاء. وبه قال الحسن البصري. ¬
باب في الجماعة من المحرمين يشتركون في قتل الصيد
قال ابن المنذر: واختلفوا فيمن قتله خطأً فقال ابن عباس وطاوس وسعيد بن جبير وأبو ثور: لا شيء عليه. قلت: وحكاه ابن رشد عن أهل الظاهر. وحكاه الماوردي عن داود الظاهري. وقال ابن المنذر: وبه أقول. قال: وقال الحسن وعطاء والنخعي ومالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي: عليه الجزاء (¬1). مج ج 7 ص 296 مغ ج 3 ص 530 بداية ج 1 ص 474. باب في الجماعة من المحرمين يشتركون في قتل الصيد مسألة (659) جمهور أهل العلم على أنه لو اشترك جماعة مُحْرِمُون في قتل صيد فإن عليهم جزاءً واحدًا. وهو مذهب مذهب الشافعي وقوله. حكاه الماوردي عن جمهور الفقهاء وجميع الصحابة. وقال مالك والثوري وأبو حنيفة وصاحباه: على كل واحدٍ منهم جزاءٌ كامل. إلا أن يكون صيد حرم فقال أبو حنيفة عليهم جزاءٌ واحد (¬2). الحاوي ج 4 ص 320. باب في محرم يقتل صيدًا بعد صيد مسألة (660) جمهور العلماء على أن المحرم إذا قتل صيدًا ولزمه جزاؤه ثم قتل صيدًا آخر لزمه جزاء الثاني، وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وإسحاق وابن المنذر. قال العبدري: هو قول الفقهاء كافة إلا من سنذكره. وقال ابن المنذر: قال ابن عباس وشريح والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد والنخعي وقتادة: يجب الجزاء بالصيد الأول دون ما بعده. قال النووي: وحكاه أصحابنا عن داود. قال الماوردي: قال داود: لو قتل مائة صيدٍ إنما يلزمه الجزاء الأول فقط. ¬
باب في طير الماء كالبط ونحوه. هل يعتبر صيدا؟
وعن أحمد روايتان كالمذهبين (¬1) باب في طير الماء كالبط ونحوه. هل يعتبر صيدًا؟ مسألة (661) عوام أهل العلم على أن طير الماء كالبط وغيره يعتبر من صيد البر فلا يجوز للمحرم صيده. وبه قال الأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وغيرهم. وقالوا: إن صاده ففيه الجزاء. وحكي عن عطاء أنه قال حيث يكون أكثر فهو صيده (¬2). مغ ج 3 ص 357. مج ج 7 ص 307 بداية ج 1 ص 483. باب في الجراد. هل هو صيد؟ مسألة (662) مذهب أهل العلم كافة إلا ما سنحكيه عن البعض أن الجراد يعتبر صيدًا وأن فيه الجزاء على من صاده. وقال أبو سعيد الأصطخري: لا جزاء فيه وحكاه الماوردي عن أبي سعيد الخدري وحكاه ابن المنذر عن كعب الأحبار وعروة بن الزبير قالا: هو من صيد البحر فلا جزاء فيه. وروي كذلك عن ابن عباس. وحكاه الماوردي عن داود بن علي الظاهري (¬3). مج ج 7 ص 305 مغ ج 3 ص 534. باب في قتل الغراب مسألة (663) أكثر العلماء على إباحة قتل الغراب وأنه لا جزاء فيه. وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي. وقال بعض أصحاب الحديث: إنما يباح الغراب الأبقع دون سائر الغربان (¬4). ¬
باب في قتل الفأرة
مج ج 7 ص 308 مغ ج 3 ص 341 بداية ج 1 ص 482. باب في قتل الفأرة مسألة (664) جمهور العلماء على إباحة قتل الفأرة وأنه لا جزاء فيها. وحكى ابن المنذر عن النخعي أنه منع المحرم من قتلها. مج ج 7 ص 309 مغ ج 3 ص340 بداية ج 1 ص 481. باب في قتل القَرَادِ مسألة (665) أكثر الفقهاء على جواز قتل القراد للمحرم، قال العبدري: يجوز عندنا للمحرم أن يقرد بعيره، وبه قال عُمَرُ وابن عباس وأكثر الفقهاء. قال ابن المنذر: وممن أباح تقريد بعيره عُمَرُ وابن عباس وجابر بن زيد وعطاء والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي (¬1). قال ابن المنذر: وكرهه ابن عمر ومالك وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال في المحرم يقتل قرادًا يتصدق بتمرة أو تمرتين، قال ابن المنذر: وبالأول أقول. مج ج 7 ص 309. باب فيمن تطيب أو ادهن ناسيًا مسألة (666) مذهب الجمهور من العلماء أن من تطيب أو ادهن أو لبس ناسيًا أو جاهلًا بالتحريم فلا فدية عليه، فإن تذكر لزمه المبادرة بإزالة الطيب أو ما تعلق به التحريم قال الشافعي -رحمه الله-: وإن تطيب ناسيًا فلا شيء عليه وإن تطيب عامدًا فعليه الفدية. هذا نصه -رحمه الله- بحروفه في مختصر المزني. قال النووي: وخالف فيه بعض السلف. قلت: حكاه الماورديُّ عن أبي حنيفة ومالكٍ والمزني وقالوا. الناسي كالعامد والجاهل بالتحريم كالعالم (¬2). مج ج 7 ص 314. ¬
باب في دخول الحمام للمحرم
باب في دخول الحَمَّامِ للمحرم مسألة (667) جمهور العلماء على أنه لا بأس للمحرم من غَسْلِ رأسه ودخول الحمام وإزالة الوسخ عن نفسه ولا شيء عليه. وبه قال الشافعي -رحمه الله- تعالى وابن المنذر. وممن رخص بغسل المحرم رأسه وبدنه عمر وابنه وعلي وجابر - رضي الله عنهم - وسعيد بن جبير وأبو ثور وأصحاب الرأي إذا غسل رأسه برفق من غير سدرٍ أو خطمي. وقال مالك: تجب الفدية بإزالة الوسخ. وكره مالك للمحرم أن يغطس في الماء ويغيب فيه رأسه (¬1). وقال أبو حنيفة: إن غسل رأسه بخطمي لزمته الفدية (¬2). وبه قال أحمد في رواية ومالك وكره ذلك جابر بن عبد الله الصحابي رضي الله تعالى عنه. قال ابن المنذر: وقال أبو يوسف ومحمد: عليه صدقة مج ج 7 ص 326 بداية ج 1 ص 436. باب في الحجامة ونحوها للمحرم مسألة (668) جمهور العلماء على أنه لا بأس للمحرم من الحجامة والفصد وقطع العِرْق ما لم يقطع شعرًا وبه قال مسروق وعطاء وعبيد بن عمير والشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وابن المنذر. وقال ابن عمر ومالك: ليس له الحجامة إلا من ضروره. وقال الحسن البصري: إن فعله فعليه دم (¬3). مج ج 7 ص 326 مغ ج 3 ص 278. ¬
أبواب ما يجب في محظورات الإحرام
أبواب ما يجب في محظورات الإحرام باب فيما يجب في حلق الشعرة والشعرتين مسألة (669) أكثر الفقهاء على أن المحرم إذا حلق شعرة أو شعرتين فعليه الضمان وبه قال الشافعي، وهو قول الحسن وأبي ثور قالوا: في الشعرة مُدَّ من الطعام وفي الشعرتين مُدان. وقال مجاهد: لا شيء في شعرة أو شعرتين، وبه قال داود. وهو إحدى الروايتين عن عطاء. وحكاه ابن رشد عن مالك قال: إلا أن يكون أماط به أذىً فعليه الفدية. وقال أحمد: في الشعرة والشعرتين يجب قبضة من طعام. وقال ابن الماجشون فيما قل من الشعر إطعام، وفيما كثر فدية. يعني دم. قال النووي: وقال داود: للمحرم أن يأتي في إحرامه كل ما يجوز للحلال فِعْلُهُ إلا ما نص على تحريمه، فله الاغتسال ودهن لحيته وجسده إذا لم يكن الدهن مطيبًا وله قلم أظفاره وحلق عانته ونتف إبطه إلا أن يعزم على الأضحية فلا يأخذ من أظفاره ولا من شعره في العشر حتى يضحي. قال: وللمرأة الاختضاب وللرجل شم الريحان وأكل ما فيه زعفران فإن فعل ما نهي عنه من لباس وطيب لم تجب الفدية عليه عند فعله لعدم الدليل على إيجاب ذلك. هكذا حكاه عنه العبدري. انتهى كلام النووي (¬1). مج ج 7 ص 335. باب في من حلق من شعره وحلق من بدنه. هل عليه دمان؟ مسألة (670) أكثر الفقهاء على أن من حلق من شعر رأسه شعرتين ومن بدنه شعرتين فعليه دم واحد. وروي عن أحمد أنه قال فيمن حلق من شعر رأسه وبدنه ما يجب الدم بكل واحدٍ منهما منفردًا ففيهما دمان. مغ ج 3 ص 522. ¬
باب في فدية من حلق رأسه لأذى
باب في فدية من حلق رأسه لأذى (¬1) مسألة (671) جمهور أهل العلم على أن من حلق رأسه لأذي واختار الإطعام فإنه يكفيه أن يطعم ستة مساكين. والجمهور على أن الكفارة لا تجب إلا بعد إماطة الأذى. وقال عكرمة ونافع والحسن فيما روى عنهم: الإطعام لعشرة مساكين والصيام عشرة أيام. بداية ج 1 ص 484، 486. باب فيمن فعل ما يمنع منه المحرم من لباس وترفه لغير ضرورة مسألة (672) جمهور العلماء بل عامتهم على أن من لبس الثياب المخيطة أو تطيب أو حلق شعر رأسه أو قلم أظفاره لغير ضرورة فإن عليه الفدية. وقال داود ليس على من لبس السراويل واستعمل الطيب فدية لكنه يأثم (¬2). بداية ج 1 ص 485. باب في الوطء (الجماع) المفسد للحج مسألة (673) جمهور العلماء على أن المحرم إذا وطئ وطئًا مفسدًا لم يزل بذلك عقد الإحرام (¬3) بل عليه المضي في فاسده والقضاء. وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد قال الماوردي والعبدري: هو قول عامهَ الفقهاء. وقال داود ورييعة: يزول الإحرام بالإفساد ويخرج منه بمجرد الإفساد. وحكاه الماوردي عنهما. قال (يعني الماوردي): وقد حكي عن عطاء نحوه (¬4). ¬
باب في المباشرة دون الفرج
مج ج 7 ص 360 الحاوي ج 4 ص 216 بداية ج 1 ص 489. باب في المباشرة دون الفرج مسألة (674) جمهور العلماء على أن المحرم إذا وطئ فيما دون الفرج فإن حجه لا يفسد أنزل أو لم ينزل مع اختلافهم فيما يجب عليه من دم. وبه قال سعيد بن جبير وأبو ثور وأبو حنيفة وأحمد والثوري والشافعي وابن المنذر. فأما الشافعي فأوجب شاةً في أصح قوليه، وبه قال ابن المنذر، وبدنة في قوله الآخر، وبه قال سعيد بن جبير والثوري وأحمد وأبو ثور وقال أبو حنيفة: دم. وقال عطاء والقاسم بن محمَّد والحسن ومالك وإسحاق: إن أنزل فسد حجه ولزمه قضاؤه. وعن أحمد في فساده روايتان (¬1). مج ج 7 ص 362. باب فيمن أفسد الحج بالوطء. هل يفارق زوجته؟ (¬2) مسألة (675) جمهور العلماء على أن من وطئ وهو محرم فأفسد حجه أنه يفارق زوجته من قابل إذا قضى حجه. وبه قال مالك. وقال الشافعي يفترقان من حيث أفسدا حجهما. وقالت طائفة: من أفسد حجه فليس عليه أن يفارق زوجته. وبه قال أبو حنيفة. بداية ج 1 ص 491. باب في المحرم يُقَبلُ بشهوةٍ مسألة (676) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن المحرم إذا قَبَّلَ بشهوة فإن حجه لا يفسد، وبه قال ابن المسيب وعطاء وابن سيرين والزهري وقتادة ومالك والشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة وأبو ثور. قال ابن المنذر: روينا ذلك عن ابن عباس، وروينا عنه أنه يفسد حجه وعن عطاء رواية أنه يستغفر الله تعالى ولا شيء عليه. ¬
باب في إفساد الحج بالوطء بعد الوقوف بعرفة
وعن سعيد بن جبير أربع روايات (إحداها) كقول ابن المسيب (والثانية) عليه بقرة (والثالثة) يفسد حجه (والرابعة) لا شيء عليه بل يستغفر الله تعالى (¬1). باب في إفساد الحج بالوطء بعد الوقوف بعرفة مسألة (677) جمهور الفقهاء على أن من وطئ قبل رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر فقد فسد حجه ولا فرق بين أن يكون هذا الوطء قبل الوقوف بعرفة أو بعده بشرط أن يكون وطئًا عمدًا مع العلم بالتحريم. وقال أبو حنيفة وأصحاب الرأي: إن كان بعد الوقوف لم يفسد حجه وإن كان قبله فسد. قلت: وبه قال ابن عباس ومحمد بن الحسن (¬2). مغ ج 3 ص 513. باب فيمن وطئ بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر وقبل الإفاضة مسألة (678) جمهور أهل العلم على أن من وطئ بعد رمي جمرة العقبة الكبرى يوم النحر وقبل طواف الإفاضة لم يفسد حجه وعليه هديٌ. وبه قال مالك (¬3). وهو قول ابن عباس وعكرمة وعطاء والشعبي وربيعة والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي. وقالت طائفة: من وطئ قبل طواف الإفاضة فسد حجه. وهو قول ابن عمر -رضي الله عنهما- وبه قال النخعي والزهري وحماد. بداية ج 1 ص 490. باب في المعتمر يجامع بعد طوافه وسعيه وقبل الحلق مسألة (679) مذهب العلماء كافة سوى الشافعي أن المعتمر إذا جامع بعد الطواف والسعي وقبل الحلق فإن عمرته لا تفسد مع اختلافهم فيما يجب عليه، وبه قال ابن عباس والثوري وأبو حنيفة، وقالوا: عليه دم وبه قال مالك وقال: عليه الهدي، وبه ¬
قال عطاء وقال: يستغفر الله ولا شىء عليه. وقال الشافعي: تفسد عمرته على المذهب المخرج على اعتبار الحلق نسكًا في أصح القولين. قال ابن المنذر: ولا أحفظ هذا عن غير الشافعي (¬1). قال ابن المنذر: قول ابن عباس أعلى. مج ج 7 ص 263 بداية ج 1 ص490. * * * ¬
أبواب جزاء الصيد
أبواب جزاء الصيد (¬1) باب في جزاء صيد النعام مسألة (680) مذهب العلماء كافة إلا النخعي أن المحرم إذا صاد نعامة ففيها بدنة. وبه قال عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية وعطاء ومجاهد ومالك والشافعي وغيرهم رحمهم الله تعالى. وقال النخعي فيما حكاه ابن المنذر عنه: في النعامة وشبهها ثمنها. وبه قال أبو حنيفة (¬2) حكاه عنه قدامة. مج ج 7 ص380 مغ ج 3 ص 542. باب في المُحْرِم يصيد (يقتل) الصيد ويأكله هل عليه جزاءان؟ مسألة (681) جمهور أهل العلم على أن المحرم لو قتل صيدًا وأكله فإن عليه جزاءً (كفارة) واحدًا. وهو قول أبي حنيفة وأهل المدينة. وبه قال محمَّد بن الحسن. وروى عن عطاء وطائفة: أن عليه كفارتين (¬3). بداية ج 1 ص 475. باب في صيد ما دون الحَمَامِ مسألة (682) جمهور العلماء على أن المحرم إذا صاد ما دون الحمام من العصافير ونحوها من الطيور فإن فيها القيمة وحسب. وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد والجمهور والصحيح من مذهب داود. وقال بعض أصحاب داود لا شيء فيه. قلت: وحكى هذا عن داود نفسه. حكاه ¬
باب في منع الكافر دخول حرم مكة
عنه الماوردي وغيره (¬1). مج ج 7 ص 381 مع ج 3 ص 540. باب في منع الكافر دخول حرم مكة مسألة (683) جمهور العلماء على منع الكافر من دخول الحرم مارًّا أو مقيمًا. وجوزه أبو حنيفة ما لم يستوطنه. مج ج 7 ص 400. باب في أفضل بقاع الأرض مسألة (684) جمهور الفقهاء والعلماء على أن مكة هي أفضل بقعة في الأرض وبه قال علماء مكة والكوفة وبه قال الشافعي وأحمد في أصح الروايتين وابن وهب وابن حبيب المالكيان. وقال مالك وجماعة: المدينة أفضل. مج ج 7 ص 401. باب في أهل البغي يتحصنون بالحرم. هل يجوز قتالهم؟ مسألة (685) جمهور الفقهاء على جواز قتال أهل البغي إذا تحصنوا في الحرم ولم يمكن رد بغيهم إلا بالقتال. وبه قال الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال البعض: لا يجوز قتالهم بل يُضَيَّقُ عليهم حتى يرجعوا عن البغي. مج ج 7 ص 402. فرع: في مسائل متعلقة بصيد الحرم ونباته باب في تحريم صيد الحرم على غير المحرم والحرم مسألة (686) مذهب العلماء كافة إلا داود تحريم صيد الحرم على الحلال (يعني غير المُحرِم) فإن قتله فعليه الجزاء. مع اتفاق الكل على تحريم صيده. وقال داود: لا جزاء عليه. مج ج 7 ص 410 مغ ج 3 ص 358 بداية ج 1 ص 475. ¬
باب في جزاء من صاد في الحرم
باب في جزاء من صاد في الحرم مسألة (687) أكثر العلماء على أن جزاء الحرم كجزاء الإحرام (¬1) فيه التخيير بين المثل وبين الإطعام وبين الصيام. وبه قال مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: لا مدخل للصيام فيه. مج ج 7 ص 410. باب في تحريم صيد المدينة مسألة (688) مذهب العلماء كافة إلا أبا حنيفة أن صيد حرم المدينة حرام، وبه قال مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة ليس بحرام. مج ج 7 ص 411. باب في الصيد المعتبر فيه الجزاء مسألة (689) أكثر الفقهاء على أن الجزاء على المحرم إنما يجب في الصيد الذي يجوز أكله لو كان الحاج حلالًا (¬2). مغ ج 3 ص 532. باب في جزاء الصيد هل هو المثل أم القيمة؟ مسألة (690) أكثر أهل العلم على أن الواجب في جزاء الصيد هو مثله من النَّعم، وهو مذهب الشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: الواجب القيمة ويجوز المثل (¬3). ¬
باب في صيد المدينة. هل فيه جزاء؟
مغ ج 3 ص 535. بداية ج 1 ص 573. باب في صيد المدينة. هل فيه جزاء؟ مسألة (691) جمهور العلماء على أنه لا ضمان ولا سلب ولا غير ذلك على من أتلف صيد المدينة. وبه قال الشافعي في المشهور من مذهبه. وأحمد في إحدى الروايتين. وقال الشافعي في القديم: يسلب القاتل، وبه قال أحمد في الرواية الثانية ورجحه النووي وقال: وبه قال سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة. وهو قول ابن أبي ذئب وابن المنذر. مج ج 7 ص 411 مغ ج 3 ص370. باب في صيد "وَجٍ" مسألة (692) مذهب العلماء كافة أن صيد وج لا يحرم. وقال الشافعي بكراهته، ثم رجح النووي حمل الكراهة على التحريم وجعله الأصح في مذهب الشافعي. مج ج 7 ص 411. * * *
أبواب صفة الحج والعمرة
أبواب صفة الحج والعمرة باب في رفع اليدين لرؤية الكعبة مسألة (693) جمهور العلماء على استحباب رفع اليدين لرؤية الكعبة، وبه قال الشافعي، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وسفيان الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق قال: وبه أقول. وقال مالك: لا يرفع. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. حكاه عنهم أبو جعفر الطحاوي (¬1). مج ض ج 8 ص 10. فرع: في مسائل الطواف (¬2) باب في الطهارة للطواف مسألة (694) مذهب الجمهور من العلماء اشتراط الطهارة من الحدث والنجس لصحة الطواف. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى: لا يشترط. (¬3) ويعيد من طاف أو سعى بغير طهارة استحبابًا فإن عاد إلى وطنه من غير أن يعيد أهرق دمًا. نص عليه أبو حنيفة -رحمه الله- فيما رواه عنه محمَّد بن الحسن. مج ج 8 ص 18. باب في ستر العورة للطواف مسألة (695) جمهور العلماء على أن ستر العورة شرط في صحة الطواف. ¬
باب فيمن ترك شيئا من الطواف
وبه قال مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: ليس شرطًا (¬1) مج ج 8 ص 20. باب فيمن ترك شيئًا من الطواف مسألة (696) جمهور العلماء على أن من بقي عليه شيء من طوافه فإنه لا يصح حتى يتمه سبعًا وسواء كان في مكة أو رجع إلى بلده، وأن هذا النقص لا يجبر بالدم وبه قال عطاء ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر. وقال أبو حنيفة. إن كان بمكة لزم الإتمام في طواف الإفاضة، وإن كان قد انصرف منها، وقد طاف ثلاث طوفات لزمه الرجوع للإتمام، وإن كان قد طاف أربعًا لم يلزمه العود بل أجزأه طوافه وعليه دم (¬2). مج ج 8 ص 24. باب فيمن طاف للوداع هل يجزئه عن طواف الإفاضة؟ مسألة (697) جمهور العلماء على أن من نسي أو ترك طواف الإفاضة وطاف للوداع فإنه يجزئه عن طواف الركن. حكاه ابن رشد عن الجمهور. وحكى عنهم أن طواف القدوم لا يجزئ عن طواف الإفاضة. وذكر الموفق أنه لا يجزئه طواف الوداع حتى ينوي طوافه عن الإفاضة (¬3). وقالت طائفة من أصحاب مالك: يجزئ طواف القدوم عن طواف الإفاضة. بداية ج 1 ص 454. باب في تقبيل اليد لمن أشار للحجر الأسود مسألة (698) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على استحباب تقبيل اليد بعد الإشارة للحجر الأسود لمن لم يستطع تقبيله (¬4) (الحجر الأسود) وبه قال ابن عمر وابن ¬
باب في وضع الجبهة على الحجر الأسود
عباس وجابر بن عبد الله وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وسعيد بن جبير وعطاء وعروة وأيوب السختياني والثوري وأحمد وإسحاق، حكاه عنهم ابن المنذر. وهو مذهب الشافعي. قال ابن المنذر: وقال القاسم بن محمَّد ومالك: يضع يده على فيه من غير تقبيل (¬1). قال ابن المنذر: وبالأول أقول. مج ج 8 ص 62. باب في وضع الجبهة على الحجر الأسود مسألة (699) جمهور العلماء على استحباب السجود على الحجر الأسود لمن استطاع تقبيله حكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وطاوس والشافعي وأحمد. قال ابن المنذر: وبه أقول. وقال مالك -رحمه الله- تعالى: هو بدعة. حكاه عنه ابن المنذر والقاضي عياض. مج ج 8 ص 62. باب في الركن اليماني. هل يستحب تقبيله؟ مسألة (700) أكثر أهل العلم على أنه لا يستحب تقبيل الركن اليماني بل يكتفي باستلامه وحكي عن أبي حنيفة أنه لا يستلمه. وجزم الطحاوي بأن مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، هو استلام الركنين اليمانيين. وقال الخرقي: يستلمه ويقبله قلت: ومذهب الشافعي ومالك أنه يستلم ولا يقبل. وهو الصحيح عن أحمد. مغ ج 3 ص 394 (¬2). باب في استلام الركنين الشاميين مسألة (701) جمهور العلماء على أنه لا يستحب استلام الركنين الشاميين ولا تقبيلهما. وهو مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة وأحمد. ¬
باب في مكان الرمل في الطواف
قال القاضي عياض: هو إجماع أئمة الأمصار والفقهاء قال: وإنما كان فيه خلاف لبعض الصحابة والتابعين وانقرض الخلاف وأجمعوا على أنهما لا يستلمان وممن كان يقول باستلامهما الحسن والحسين ابنا عليٍّ وابن الزبير وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعروة بن الزبير وأبو الشعثاء قلت: وروي هذا عن معاوية رضي الله تعالى عنه. مج ج 8 ص 62 مغ ج 3 ص 394 بداية ج 1 ص 451. باب في مكان الرَّمَلِ في الطواف مسألة (702) جمهور العلماء على أن الرَّمَلَ المستحب (¬1) يكون ابتداءً من الحجر الأسود وانتهاءً إليه. وبه قال عبد الله، وعروة بن الزبير والنخعي ومالك والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور حكاه عنهم ابن المنذر. وقال: وبه أقول. قلت: وهو الصحيح من مذهب الشافعي. وقال طاوس وعطاء ومجاهد وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمَّد والحسن البصري وسعيد بن جبير: لا يَرْمُل بين الركنين اليمانيين. مج ج 8 ص 63. باب في الأشواط التي يستحب فيها الرَّمَلُ مسألة (703) جمهور العلماء على أن الرَّمَلَ المستحب إنما يكون في الطوفات الثلاث الأولى من السبع. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. ¬
باب في ترك الرمل
وحكى القاضي أبو الطيب عن ابن الزبير أنه كان يرمل في السبع كلها. وقال ابن عباس: لا يرمل في شيء من الطواف. مج ج 8 ص 63. باب في ترك الرَّمَلِ مسألة (704) مذهب العامة من الفقهاء أن من ترك الرَّمَلَ في طوافه فلا شيء عليه. وحكي عن الحسن البصري والثوري وعبد الملك بن الماجشون أن من تركه عليه دم وقالوا: هو نسكٌ (¬1). مغ ج 3 ص 390. باب في قراءة القرآن للطائف مسألة (705) جمهور العلماء على استحباب قراءة القرآن أثناء الطواف، وهو مذهب الشافعي وحكاه ابن المنذر عن عطاء ومجاهد والثوري وابن المبارك وأبي حنيفة ¬
باب في الطائف يخالف فيجعل البيت عن يمينه
وأبي ثور وقال: وبه أقول. وكره عروة بن الزبير والحسن البصري ومالك القراءة في الطواف. وعن أحمد روايتان كالمذهبين. مج ج 8 ص 64. باب في الطائف يخالف فيجعل البيت عن يمينه مسألة (706) جمهور العلماء على أن الترتيب شرط في صحة الطواف، وذلك بأن يجعل البيت عن يساره، ويطوف على يمينه تلقاء وجهه فإن عكسه لم يصح، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وداود. وقال أبو حنيفة: يعيده إن كان بمكة فإن رجع إلى وطنه ولم يعده لزمه دم وأجزأه طوافه (¬1). مج ج 8 ص 64. باب في أن الحِجْرَ من البيت مسألة (707) جمهور العلماء على أن الطائف لو طاف من الحجر لم يصح طوافه، وبه قال عطاء والحسن البصري ومالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وابن المنذر، ونقله القاضي عن العلماء كافة سوى أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: إن كان بمكة أعاده وإن رجع إلى وطنه بلا إعادة أراق دمًا وأجزأه طوافه (¬2). مج ج 8 ص 64 بداية خ 1 ص 451. باب فيمن قطع طوافه لصلاة الجماعة مسألة (708) أكثر العلماء على أن الطائف إذا قطع طوافه للصلاة مع الجماعة الأولى وقد أقيمت الصلاة فإذا قضى صلاته بني على طوافه السابق وأتم ما بقي عليه. وبه قال الشافعي. قال ابن المنذر: وبه قال أكثر العلماء؛ منهم ابن عمر وطاوس وعطاء ومجاهد والنخعي ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي. قال: ولا أعلم أحدًا خالف ذلك إلا الحسن البصري فقال: يستأنف. قلت: ونقل ¬
باب في المريض يطاف به محمولا
الموفق ابن قدامة عن مالك أنه لا يقطع طوافه إلا أن يخاف فوت وقت الصلاة. مج ج 8 ص 64 مغ ج 3 ص 413. باب في المريض يطاف به محمولًا مسأله (709) مذهب العلماء كافة إلا عطاء أن المريض يطاف به ويجزؤه. وعن عطاء قولان: (أحدهما) هذا. (والثاني) يستأجر من يطوف عنه. حكى ذلك كله ابن المنذر -رحمه الله- تعالى. مج ج 8 ص 64. باب في القارن. هل يكفيه طواف واحد؟ مسألة (710) أكثر العلماء على أن القارن يكفيه لحجه طواف إفاضةٍ واحد وسعي واحدٍ، وبه قال ابن عمر وجابر بن عبد الله وعائشة وطاوس وعطاء والحسن البصري ومجاهد ومالك والشافعي وابن الماجشون وأحمد وإسحاق وابن المنذر وداود. قال الماوردي -رحمه الله-: وهو إجماع الصحابة وقول الأكثرين من التابعين والفقهاء. وقال الشعبي والنخعي وجابر بن زيد وعبد الرحمن بن الأسود وسفيان الثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة: يلزمه طوافان وسعيان وحكى هذا عن علي وابن مسعود. قال ابن المنذر: لا يصح هذا عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه (¬1). مج ج 8 ص 65 الحاوي ج 4 ص 164. باب في ركعتي الطواف في الأوقات المكروهة مسألة (711) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على جواز صلاة الطواف (يعني تحية الطواف) في الأوقات المنهي عنها بلا كراهة. وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس والحسن والحسين ابني عليّ وابن الزبير وطاوس وعطاء والقاسم بن محمَّد وعروة ومجاهد وأحمد وإسحاق وأبي ثور. وبه قال الشافعي -رحمه الله- تعالى. وكره ذلك مالك -رحمه الله- تعالى. ¬
باب في ركعتي الطواف في الحجر
مج ج 8 ص 62. باب في ركعتي الطواف في الحِجْرِ مسألة (712) جمهور العلماء بل جماهيرهم على أن ركعتي الطواف تصحان في أي مكان في الحرم والحِجْر كغيره في ذلك. وقال مالك: إذا صلاهما في الحِجْر أعاد الطواف والسعي إن كان بمكة، فإن لم يصلهما حتى رجع إلى بلاده أراق دمًا ولا إعادة عليه. مج ج 8 ص 67. باب في الصلاة (التنفل) بين الطوافين مسألة (713) أكثر العلماء على أن الطائف يكره له أن ينتقل من طواف إلى غيره قبل أن يصلي ركعتي الطواف لطوافه الذي انتهى منه. وبه قال ابن عمر والحسن والزهري ومالك وأبو حنيفة وأبو ثور ومحمد بن الحسن وابن المنذر ونقله القاضي عياض عن جماهير العلماء. وذهب المسُوَّر وعائشة وطاوس وعطاء وسعيد بن جبير وأحمد وإسحاق وأبو يوسف. إلى جواز ذلك من غير كراهة، قلت: وجعله النووى المذهب المعتمد عند الشافعية (¬1). وحكى ابن رشد عن عائشة أنها كانت لا تفرق بين ثلاثة أساييع ثم تركع ست ركعات. مج ج 8 ص 67 بداية ج 1 ص 452. باب في الخروج إلى السعي بعد ركعتي الطواف مسألة (714) جماهير العلماء على أن المستحب في حق من طاف وصلى ركعتي الطواف أن لا يشتغل بشيء إلا استلام الحجر ثم الخروج إلى الصفا للسعي. وقال ابن جرير الطبري: يطوف ثم يصلي ركعتيه ثم يأتي الملتزم ثم يعود إلى الحجر الأسود فيستلمه ثم يخرج إلى الصفا (¬2). ¬
فرع في بيان واجبات السعي وشروطه وسننه وآدابه
مج ج 8 ص 72. فرع في بيان واجبات السعي (¬1) وشروطه وسننه وآدابه باب في كيفية السعي بين الصفا والمروة مسألة (715) جماهير العلماء على أن السعي بين الصفا وبين المروة يكون بالبداءة بالصفا والانتهاء بالمروة وأن الذهاب من الصفا إلى المروة يعتبر شوطًا والذهاب من المروة إلى الصفا يعتبر شوطًا ثانيًا وهكذا حتى يتم سبعة أشواط يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة كما ذكرنا. وذهب محمَّد بن جرير الطبري وجماعة من الأصحاب في المذهب الشافعي أن الشوط الواحد يكون بالبداءة بالصفا والعود إليه (¬2) وحكى صاحب التحفة عن الطحاوي أن عوده من المروة إلى الصفا لا يحسب شوطًا وهو بمعنى قول ابن جرير. مج ج 8 ص 75 بداية ج 1 ص 456 الحاوي ج 4 ص 159. باب في السعي لا يكون إلا بعد طواف مسألة (716) جمهور العلماء أن السعي لا يصح إلا إذا تقدمه طواف وبه قال مالك ¬
باب في اشتراط البداءة بالصفا في السعي
والشافعي وأبو حنيفة وأحمد. وحكى ابن المنذر عن عطاء وبعض أهل الحديث أنه يصح قال النووي: حكاه أصحابنا عن عطاء وداود (¬1). وحكى الموفق عن أحمد -رحمه الله- أنه يجزئه أن يسعى قبل الطواف إذا كان ناسيًا بخلاف ما لو كان عامدًا فلا يجزئه. وقال الثورى: ليس على من أخطأ فسعى قبل الطواف شيء. مج ج 8 ص 82 بداية ج 1 ص 457. باب في اشتراط البداءة بالصفا في السعي مسألة (717) جمهور العلماء أن الترتيب في السعي شرط لصحته فيبدأ بالصفا وينتهي بالمروة. وهو مذهب الشافعي، وبه قال الحسن البصري والأوزاعي ومالك وأحمد وداود وحكاه ابن المنذر عن أبي حنيفة أيضًا. قال النووي: والمشهور عن أبي حنيفة أنه ليس بشرط، وعن عطاء روايتان (إحداهما) كمذهبنا (والثانية) يجزئ الجاهل. وحكى هذه الثانية عنه ابن رشدٍ في البداية (¬2). مج ج 8 ص 83 بداية ج 1 ص 456. باب في قطع السعي للصلاة مسألة (718) أكثر العلماء على أن الساعي له أن يقطع سعيه إذا أقيمت الصلاة المكتوبة فإذا أدى صلاته بني على سعيه ولا يلزمه الاستئناف، وهو مذهب الشافعي، وبه قال ابن عمر وابنه سالم وعطاء وأبو حنيفة وأبو ثور. قال ابن المنذر: هو قول أكثر العلماء. وقال مالك: لا يقطعه للصلاة إلا أن يضيق وقتها. وقال الحسن: إذا قطعه يستأنف ولا يبني. مغ ج 8 ص 83 مغ ج 3 ص 413. ¬
باب في الطهارة للسعي. هل هي شرط؟
باب في الطهارة للسعي. هل هي شرط؟ مسألة (719) جمهور العلماء على أن الطهارة من الحدثين ليست شرطًا لصحة السعي فيجوز السعي من المحدث والجنب والحائض، وهو مذهب الشافعي (¬1). وعن الحسن أنه إن كان قبل التحلل أعاد السعي وإن كان بعده فلا شيء عليه. مج ج 8 ص 83 مغ ج 3 ص413 بداية ج 1 ص 457. فرع في المناسك بعد السعي باب في الإتمام لغير المسافر يوم عرفة مسألة (720) مذهب الجمهور أن إمام الحج إذا كان مسافرًا فصلى بهم الظهر والعصر يوم عرفة قاصرًا قصر خلفه المسافرون سفرًا طويلًا ولزم الإتمامُ المقيمين. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى. وقال مالك: يجوز للجميع القصر. وبه قال القاسم بن محمَّد وسالم والأوزاعي (¬2). مج ج 8 ص 95 مغ ج 3 ص 427. باب في الأذان والإقامة للجمع يوم عرفة مسألة (721) جمهور العلماء على أن الحاج إذا جمع بين الظهر والعصر في وقت ¬
باب في الجمع بين الصلاتين للمنفرد يوم عرفة
الظهر في عرفات فإنه يؤذن للأولى ويقيم لكلٍ منهما. وهو مذهب الشافعي، وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور وابن المنذر. وقال مالك: يؤذن لكل منهما ويقيم، وقال أحمد وإسحاق: يقيم لكل منهما ولا يؤذن لواحدة منهما. وروي عن أحمد أنه مخيرٌ بين أن يؤذن للأولى أو لا يؤذن. حكاه عنه الموفق (¬1). مج ج 8 ص 96. باب في الجمع بين الصلاتين للمنفرد يوم عرفة مسألة (722) جمهور العلماء على أن الحاج إذا فاتته الصلاة مع الإِمام جمعًا بين الظهر وبين العصر، فإنه يجوز له أن يصليهما منفردًا جامعًا بينهما. وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور. وهو قول عطاء في التابعين. وبه قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن. وقال أبو حنيفة: لا يجوز، وهو قول النخعي والثوري (¬2). مج ج 8 ص 96. باب في الإسرار في الصلاة يوم عرفة مسألة (723) مذهب العلماء كافة إلا ما نقل عن أبي حنيفة استحباب الإسرار في صلاتي الظهر والعصر في عرفة. قال ابن المنذر: وممن حفظ ذلك عنه طاوس ومجاهد والزهري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة. قال النووي: ونقل أصحابنا عن أبي حنيفة الجهر كالجمعة (¬3). مج ج 8 ص 96. باب في استحباب صلاة الظهر يوم التروية في منى مسألة (724) جمهور العلماء على أنه يستحب للحاج أن يصلي الظهر يوم التروية بمنى. وهو مذهب الشافعي، وبه قال الثوري ومالك وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور. ¬
باب في الوقوف المجزئ في عرفة
قال ابن المنذر: وقال ابن عباس: إذا زاغت الشمس فليخرج إلى مني، قال: وصلى ابن الزبير الظهر بمكة يوم التروية وتأخرت عائشة يوم التروية حتى ذهب ثلث الليل. مج ج 8 ص 96. باب في الوقوف المجزئ في عرفة مسألة (725) جمهور العلماء على أن من وقف في عرفة نهارًا بعد الزوال ودفع منها إلى مزدلفة نهارًا بعد الزوال، فقد صح حجه، وهو مذهب الشافعي، وبه قال عطاء والثوري وأبو حنيفة وأبو ثور. قال النووي: وهو الصحيح من مذهب أحمد ونقله ابن المنذر عن جميع العلماء إلا مالكًا فقال: قال مالك: المعتمد في الوقوف بعرفة هو الليل فإن لم يدرك شيئًا من الليل فقد فاته الحج (¬1). قال النووي: وهو رواية عن أحمد. مج ج 8 ص 112 مغ ج 3 ص 432 بداية ج 1 ص460. باب في وقت الوقوف في عرفة مسألة (726) جمهور العلماء على أن وقت الوقوف في عرفة، هو ما بين زوال شمس يوم التاسع وطلوع فجر ليلة العاشر، وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة، قال القاضي أبو الطيب والعبدري: هو قول العلماء كافة إلا أحمد. وحكى ابن عبد البر الإجماع في ذلك. وقال أحمد: وقته ما بين طلوع الفجر يوم عرفة وطلوعه يوم النحر (¬2). مج ج 8 ص 112. ¬
باب فيمن دفع من عرفة قبل الغروب
باب فيمن دفع من عرفة قبل الغروب مسألة (727) أكثر أهل العلم على أن من دفع من عرفة قبل الغروب فعليه دم. وبه قال عطاء والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وقال ابن جريج: عليه بدنة. وقال الحسن البصري: عليه هدي من الإبل (¬1). باب فيمن وقف ببطن عُرَنَة مسألة (728) جماهير العلماء على أن الحاج لو اكتفى بالوقوف ببطن عُرنَةَ فإن وقوفه لا يصح. قال النووي: وحكى ابن المنذر وأصحابنا عن مالك أنه يصح ويلزمه دم. وقال العبدري: هذا الذي حكاه أصحابنا عن مالك لم أره له بل مذهبه في هذه المسألة كمذهب الفقهاء أنه لا يجزؤه. قال: وقد نص أصحابه أنه لا يجوز أن يقف بعرنة (¬2). مج ج 8 ص 112 مغ ج 3 ص 428. باب فيمن فاته الوقوف بعرفة كيف يفعل؟ مسألة (729) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من فاته الوقوف بعرفة تحلل من حجه بطواف وسعي وحلق (¬3) وسقط عنه المبيت والرمي. روي ذلك عن عمر بن الخطاب وابنه وزيد بن ثابت وابن عباس وابن الزبير -رضي الله تعالى عنهم- وروى كذلك عن مروان بن الحكم، وبه قال مالك والثوري ¬
باب في وجوب الدم على من فاته عرفة
والشافعي وأبو حنيفة وصاحباه وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية والمزني: يجعله كالحج الفاسد فيمضي به ولا يسقط عنه شيء من أعمال الحج المتبقية عليه (¬1). مغ ج 3 ص 550. باب في وجوب الدم على من فاته عرفة مسألة (730) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من فاته الوقوف بعرفة فإن عليه دمًا وبه قال من ذكرناهم في المسألة السابقة إلا أبا حنيفة ومحمدًا وأحمد في رواية عنه (¬2). مع ج 3 ص 551 بداية ح 1 ص 489. باب في المبيت بمزدلفة. هل هو ركن؟ مسألة (731) جماهير العلماء على أن المبيت بمزدلفة ليس ركنًا من أركان الحج فلو تركه الحاج صح حجه لكنه واجب يجبر تركه بدم، وبه قال عطاء والزهري وقتادة والثورىِ والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة وأصحابه ونقل عن ابن خزيمة وأبي عبد الرحمن ابن بنت الشافعي أنهما قالا هو ركن لا يصح الحج إلا به. وبه قال علقمة والأسود والشعبي والنخعي والحسن البصري (¬3). مج ج 8 ص 121، 130 الحاوي ج 4 ص 177، بداية ج 1 ص 462. باب في ترك الجمع في مزدلفة مسألة (732) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن من ترك الجمع بين المغرب العشاء في مزدلفة فصلى المغرب قبل أن يأتي مزدلفة فصلاته صحيحة ولا شيء عليه لكنه خالف السنة. وبه قال عطاء وعروة والقاسم بن محمَّد وسعيد بن جبير ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف وابن المنذر. وهو مذهب أحمد. ¬
باب في ترك التنفل بين الصلاتين المجموعتين في مزدلفة
وقال أبو حنيفة والثوري: لا يجزئه. وقالا إن الجمع نسكٌ (¬1) مغ ج 3 ص 440. باب في ترك التنفل بين الصلاتين المجموعتين في مزدلفة مسألة (733) مذهب العامة من الفقهاء أنه لا يستحب التطوع بين المغرب والعشاء لمن جمع يينهما في مزدلفة. قال ابن المنذر: ولا أعلمهم يختلفون في ذلك. وروي عن ابن مسعود أنه تطوع بينهما ونقله عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. مغ ج 3 ص 440. باب في الوقوف على "قُزَح" مسألة (734) جماهير العلماء على أنه يستحب للبائت في مزدلفة إذا أصبح الصبح أن يقف بعد صلاة الصبح على قزح ولا يزال واقفًا به يدعو ويذكر حتى يسفر الصبح جدًا، وبه قال الشافعي وابن مسعود وابن عمر وأبو حنيفة. قال ابن المنذر: هو قول عامة العلماء غير مالك, فإنه كان يرى أن يرفع منه قبل الإسفار (¬2). مج ج 8 ص 130. باب في الإسراع في وادي "مُحَسّر" مسألة (735) عامة أهل العلم على استحباب الإسراع في وادي مُحَسّر. وبه قال ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وابن الزبير. وذكر النووي عن ابن عباس خلاف هذا (¬3). مج ج 8 ص 130. باب في معنى "المشعر الحرام" مسألة (736) جمهور العلماء من الفقهاء والمفسرين وأصحاب الحديث والسِّيَرِ على ¬
باب في رمي الجمرة الكبرى يوم النحر هل هو ركن؟
أن المشعر الحرام هو جميع مزدلفة. وقال آخرون: بل هو قزح جبل معروف بمزدلفة. وعده النووي مذهبًا للشافعي (¬1). مج ج 8 ص 131. باب في رمي الجمرة الكبرى يوم النحر هل هو ركن؟ مسألة (737) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن رمي جمرة العقبة الكبرى ليس ركنًا وإنما هو واجب. وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود وقال عبد الملك بن الماجشون من أصحاب مالك: هو ركن حكاه عنه العبدري (¬2). مج ج 8 ص 141 بداية ح 1 ص 468. باب في متى يقطع الحاج التلبية مسألة (738) جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن الحاج يقطع التلبية أول شروعه في رمي جمرة العقبة، وبه قال الثوري وأبو حنيفة والشافعي. وقال أحمد وإسحاق وطائفة: يلبي حتى يفرغ من رمي جمرة العقبة وأشار ابن المنذر إلى اختياره (¬3). مج ج 8 ص 142 فتح ج 7 ص 341. باب في المستحب في قدر حصيات الرمي مسألة (739) جمهور العلماء من السلف والخلف على استحباب كون حصيات الرمي مثل قدر حصي الخذف، وبه قال ابن عمر وجابر وابن عباس وابن الزبير وطاوس وعطاء وسعيد بن جبير وأبو حنيفة وأبو ثور، قلت: وهو مذهب الشافعي. ¬
باب في موقف الرامي للجمرات
وذهب مالك إلى استحباب كونه أكبر من ذلك. حكاه عنه ابن المنذر (¬1) مج ج 8 ص 142. باب في موقف الرامي للجمرات مسألة (740) جمهور العلماء على استحباب أن يكون موقف الرامي للجمرات عند العقبة في بطن الوادي، وتكون مني عن يمينه ومكة عن يساره، وبه قال عبد الله بن مسعود وجابر والقاسم بن محمد وسالم وعطاء ونافع والثوري ومالك وأحمد، وهو مذهب الشافعي. وقال ابن المنذر: وروينا أن عمر- رضي الله تعالى عنه - خاف الزحام فرماها من فوقها (¬2). مج ج 8 ص 143 مع ج 3 ص 447. باب في الحلق. هل هو نُسك؟ مسألة (741) جمهور العلماء على أن الحلق نسكٌ (¬3) وهو المعتمد في مذهب الشافعي، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد في ظاهر مذهبه. وذهب الشافعي في أحد قوليه وعطاء وأبو ثور وأبو يوسف إلى أنه ليس بنسك (¬4). وروى هذا عن أحمد. مج ج 8 ص 153 بداية ج 1 ص 487. باب في الحلق والتقصير مسألة (742) مذهب العلماء كافة سوى ما حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري أن التقصير في الحج يجزئ ولا يلزمه الحلق. ¬
باب في الأصلع الذي لا شعر له
وقال الحسن البصري فيما حكاه عنه ابن المنذر: يلزمه الحلق في أول حجة ولا يجزؤه التقصير (¬1). مج ج 8 ص 153 مغ ج 3 ص 456. باب في الأصلع الذي لا شعر له مسألة (743) جمهور العلماء على أن الأصلع الذي لا شعر له يستحب أن يُمِرَّ الموسي على رأسه، وأن ذلك ليس بواجب. وبه قال مالك والشافعي وأحمد. وهو. قول مسروق وسعيد بن جبير والنخعي وأبي ثور وأصحاب الرأي (¬2). وقال أبو حنيفة: هذا الإمرار واجب. وحكي عن أبي بكر بن داود الظاهري أنه لا يستحب. مج ج 8 ص 154 مغ ج 3 ص 461. باب في الحلق على من لَبَّدَ رأسه مسألة (744) جمهور العلماء عل أن من لبد رأسه فإنه يجب عليه أن يحلق شعره ولو لم ينذر حلقه، وبه قال عمر بن الخطاب وابنه والثوري ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر. حكاه عن الجمهور القاضي عياض. وهو قول الشافعي في القديم. حكاه عنه الماوردي، وقال ابن عباس وأبو حنيفة: لا يلزمه حلقه، وهو الصحيح في مذهب الشافعي كما قرره الإِمام النووي (¬3). قلت: هو قول الشافعي في الجديد من أن التقصير يجزئه. مج ج 8 ص 156. ¬
باب في معنى "يوم الحج الأكبر"
باب في معنى "يوم الحج الأكبر" مسألة (745) جماهير العلماء على أن يوم الحج الأكبر، هو يوم النحر، وقال البعض: بل هو يوم عرفة. مج ج 8 ص 161. باب في تأخير طواف الإفاضة إلى ما بعد أيام التشريق. هل في ذلك دم؟ مسألة (746) جمهور العلماء على أن من أخر طواف الإفاضة إلى ما بعد أيام التشريق فلا دم عليه، وبه قال عمرو بن دينار وعطاء وابن عيينة وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد ومالك في رواية، وهو مذهب الشافعي وابن المنذر. وقال أبو حنيفة: إن رجع إلى وطنه قبل الطواف لزمه العود للطواف فيطوف وعليه دم للتأخير، وهو الرواية المشهورة عن مالك (¬1). مج ج 8 ص 161. باب في ترك الدعاء عند الجمرتين مسألة (747) جمهور العلماء على أن من ترك الوقوف عند الجمرتين الأوليين للدعاء فلا شيء عليه وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور. وقال الثوري: يطعم شيئًا، فإن أراق دمًا كان أفضل (¬2). مج ج 8 ص 216 مغ ج 3 ص 477. باب في رفع الأيدي بالدعاء عند الجمرتين مسألة (748) جمهور العلماء على أنه يستحب رفع الأيدي وقت الدعاء عند الجمرتين الأوليين، وبه قال ابن عمر وابن عباسٌ ومجاهد وأبو ثور وابن المنذر، وهو ¬
باب فيمن خالف بين أعمال يوم النحر فقدم وأخر
مذهب الشافعي وأحمد ومن قبلهما أبي حنيفة رحمهم الله تعالى (¬1) وأنكر مالك ذلك فيما حكاه عنه ابن المنذر. مج ج 8 ص 216 مغ ج 3 ص 475. باب فيمن خالف بين أعمال يوم النحر فقدم وأخر مسألة (749) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن من خالف في ترتيب أعمال الرمي والحلق والنحر والطواف فقدم شيئًا منها على الآخر ناسيًا أو جاهلًا فلا شيء عليه. وبه قال الحسن وطاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والشافعي وإسحاق وأبو ثور وداود والطبري. وقال أبو حنيفة: إن قدم الحلق على الرمي أو على النحر فعليه دم، فإن كان قارنًا فعليه دمان، وقال زفر: عليه ثلاثة دماء لأنه لم يوجد منه التحلل الأول، فلزمه الدم كما لو حلق قبل يوم النحر (¬2). مغ ج 3 ص 471. ¬
باب في التحلل
باب في التحلل مسألة (750) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن للحج تحللين: أول وثان، وأن من رمى جمرة العقبة الكبرى يوم النحر ثم حلق حل له كل شيء إلا النساء فإذا أطاف طواف الإفاضة حلَّ له كل شيء بما في ذلك النساء. وإلى ذلك ذهب ابن الزبير وعائشة -رضي الله تعالى عنهم- وعلقمة وسالم وطاوس والنخعي وعبد الله بن الحسين وخارجة بن زيد والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد في الصحيح من مذهبه. وروي عن ابن عباس وأحمد أنه يحل له كل شىء إلا الوطء في الفرج. وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: يحل له كل شيء إلا النساء والطيب. وروي ذلك عن ابن عمر وعروة بن الزبير وعباد بن عبد الله بن الزبير. وروي عن عروة أنه لا يلبس القميص ولا العمامة ولا يتطيب. مغ ج 3 ص 462. باب فيمن أدركه الليل ليلة ثالث أيام التشريق مسألة (751) أكثر العلماء على أن من أدركه الليل، وهو بمنى فقد وجب عليه المبيت ليلة الثالث من أيام التشريق والرمي في يومه. وبه قال عمر وابنه وأبو الشعثاء جابر ابن زيد وعطاء وطاوس وأبان ابن عثمان والنخعي ومالك وأهل المدينة والثوري وأهل العراق والشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق، حكاه ابن المنذر عنهم، وقال: وبه أقول. قال ابن المنذر: وروينا عن الحسن والنخعي قالا: من أدركه العصر وهو بمنى في اليوم الثاني لم ينفر حتى الغد. قال ابن المنذر: ولعلهما قالا ذلك استحبابًا والله أعلم. ¬
باب في من رمى الجمرات أيام التشريق قبل الزوال
وقال النووي: وقال أبو حنيفة: له التعجيل ما لم يطلع فجر اليوم الثالث (¬1). وحكاه الماوردي عنه وعن عطاء. مج ج 8 ص 217. باب في من رمى الجمرات أيام التشريق قبل الزوال مسألة (752) جمهور العلماء على أن وقت رمي الجمرات أيام التشريق هو بعد زوال الشمس وأن من رماها قبل زوال الشمس أعادها بعد الزوال. وروى عن أبي جعفر محمَّد بن علي بن الحسين - رضي الله عنهم - أنه قال فيما حكاه عنه ابن رشد: رمي الجمار من طلوع الشمس إلى غروبها. وقال طاوس وعكرمة: يجوز أن يرمي قبل الزوال كيوم النحر، وعن أبي حنيفة يجزئه قبل الزوال في اليوم الثالث (¬2) استحبابًا لا قياسًا. حكى ذلك كله الماوردي. بداية ج 1 ص 467. باب في التعجيل (النفر الأول) أيام التشريق لأهل مكة وغيرهم مسألة (752) أكثر العلماء على أن النفر الأول جائزٌ لأهل مكة كما هو جائزٌ لغيرهم، وهو مذهب الشافعي، وبه قال عطاء وابن المنذر. وحكي عن عمر بن الخطاب أنه منع أهل مكة من ذلك. وقال مالك: إن كان لهم عذر جاز وإلا فلا. مج ج 8 ص 217 مغ ج 3 ص 479. باب في طواف الإفاضة. هل يتم الحج بتركه؟ مسألة (754) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن طواف الإفاضة والذي يسمى أيضًا طواف الزيارة (¬3) ركن من أركان الحج لا يتم الحج إلا به ولا يجبر تركه بدم وأن ¬
باب في آخر وقت رمي الجمرات أيام منى
من عاد إلى بلده وقد ترك هذا الطواف فإن حجه يبقى معلقًا حتى يطوف وييقى محرمًا حتى يعود إلى مكة على إحرامه ثم يطوف. وبه قال عطاء والثوري ومالك والشافعي وإسحاق وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي وابن المنذر. وقال الحسن يحج من العام المقبل، وحكى نحو ذلك عن عطاء قولًا ثانيًا، وقال: يأتي عامًا قابلًا من حج أو عمرة (¬1). مغ ج 3 ص 492 مج ج 8 ص 161. باب في آخر وقت رمي الجمرات أيام منى مسألة (755) أكثر أهل العلم على أن آخر وقت الرمي هو آخر أيام التشريق (¬2) فإذا خرجت قبل أن يرمي الحاج فات وقت الرمي واستقر في ذمته الفداء الواجب في ترك الرمي. وحكي عن عطاء فيمن رمى جمرة العقبة ثم خرج إلى إبله في ليلة أربع عشرة ثم رمى قبل طلوع الفجر فإن لم يرم أهراق دمًا. مغ ج 3 ص 520. باب في طواف الوداع. هل هو واجبٌ؟ مسألة (756) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن طواف الوداع واجب يجب بتركه دم. هو مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى، وبه قال الحسن البصري والحكم وحماد والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور. وقال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في تركه. وحكاه الموفق عن ¬
باب في سقوط طواف الوداع عن الحائض
الشافعي في قول له (¬1) وذكر النووي عن مجاهد روايتين كالمذهبين. مج ج 8 ص 218. باب في سقوط طواف الوداع عن الحائض مسألة (757) مذهب الجمهور من أهل العلم أن الحائض لا يجب في حقها طواف الوداع ولا تؤمر بالانتظار حتى تطهر، وهو مذهب الشافعي. قال ابن المنذر: وبهذا قال عوام أهل العلم، منهم مالك والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة وغيرهم. قال: وروينا عن عمر وابن عمر وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم أنهم أمروا ببقائها لطواف الوداع. قال ابن المنذر: وروينا عن ابن عمر وزيد الرجوع عن ذلك (¬2). مج ج 8 ص 218 مغ ج 3 ص 489. ¬
باب في رفض العمرة للحائض
باب في رفض العمرة للحائض مسألة (758) جمهور الفقهاء على أن المرأة إذا أهلت بعمرة في أشهر الحج ثم حاضت فخشيت أن يفوتها الحج أن لها أن تدخل الحج على العمرة فتصبح قارنة ثم تفعل ما يفعل الحاج إلا الطواف بالبيت فتنتظر حتى تطهر (¬1). وقال أبو حنيفة فيما حكاه عنه محمَّد بن الحسن فيمن هذا حالها: أنها تهل بالحج وترفض العمرة ثم تمضي في حجتها فإذا قضت مناسكها وطافت بعد طهرها وتحلَّلَتْ من حجها خرجت إلى التنعيم فأهلت منها بعمرة قضاءٌ لعمرتها وعليها هديٌ لرفضها العمرة (¬2). مغ ج 3 ص510. باب في الفوات والإحصار مسألة (759) جمهور أهل العلم على أن من أحصره العدو فله التحلل مع وجوب الدم وهو شاةٌ وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد. وحكى النووي عن مالك أنه لا دم عليه (¬3). مج ج 8 ص 254 مغ ج 3 ص 371. باب في الإحصار في العمرة مسألة (760) جمهور العلماء على أن من أحرم بالعمرة ثم أحصر فله التحلل، وهو مذهب الشافعي. وحكى النووي عن مالك المنعَ من ذلك (¬4). مج ج 8 ص 254. ¬
باب في منع الزوج زوجه من الحج الواجب إذا أحرمت به
باب في منع الزوج زوجه من الحج الواجب إذا أحرمت به مسألة (761) أكثر أهل العلم على أن الزوجة إذا أحرمت بالحج الواجب أو العمرة الواجبة (يعني حجة الإِسلام وعمرته) فليس لزوجها تحليلها ومنعها من المضي فيما أحرمت به. وبه قال النخعي وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في أصح قوليه. وهو مذهب الإِمام أحمد رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال الشافعي في قوله الآخر: له منعها وتحليلها. مغ ج 3 ص 554. * * *
فصل في الهدي
فصل في الَهدْي (¬1) باب في المستحب في شراء الهدي مسألة (762) جمهور العلماء على جواز شراء الهدي من مني مع استحباب شرائه من بلده وسوقه منه، وهو مذهب الشافعي، وبه قال ابن عباس وأبو حنيفة وأبو ثور وقال ابن عمر وسعيد بن جبير: لا هدي إلا ما أحضر عرفات (¬2). مج ج 8 ص 256. باب في إشعار وتقليد الهَدي مسألة (763) جماهير العلماء من السلف والخلف على استحباب الإشعار والتقليد في الإبل والبقر، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف ومحمد. قال الخطابي: قال جميع العلماء: الإشعار سنة ولم ينكره أحد غير أبي حنيفة. وقال أبو حنيفة: الإشعار بدعة، ونقل العبدري عنه أنه قال: هو حرام، وقال مالك: إن كانت البقرة ذات سنام فلا بأس بإشعارها وإلا فلا (¬3). مج ج 8 ص 258 مغ ج 3 ص 574. باب في تقليد الهَدْي. هل يجزئ عن الإحرام؟ مسألة (764) مذهب العلماء كافة أن من قلد هديه وأشعره لا يصير بذلك مُحرِمًا. وهو مذهب الشافعي. ونَقل عن ابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم أنهما قالا: يصير محرمًا بمجرد ¬
باب في الهدي وبم يجب
تقليد (¬1) الهَدي. وشكك الإِمام النووي في صحة هذا النقل. مج ج 8 ص 260. باب في الهدي وبم يجب أكثر أهل العلم على أن الهدى لا يصير واجبًا في عينه بمجرد شرائه ولو بالنية ولا بالنية المجردة. وقال أبو حنيفة: يجب بالشراء مع النية. مغ ج 3 ص 559. باب في الجذع من الضأن في الهدايا مسألة (765) أكثر أهل العلم على أن الجذع من الضأن يجزئ في الضحايا والهدايا. وقال ابن عمر: لا يجزئ في الهدايا إلا الثني من كل جنس. بداية ج 1 ص 498. ¬
فصل في الأضحية وأحكامها
فصل في الأضحية وأحكامها باب في حكم الأضحية مسألة (766) أكثر العلماء على أن الأضحية سنة مؤكدة في حق الموسر ولا تجب عليه. وهو مذهب الشافعي، وبه قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وبلال وأبو مسعود البدري وسعيد بن المسيب وعطاء وعلقمة والأسود ومالك وأحمد وأبو يوسف وإسحاق وأبو ثور والمزني وداود وابن المنذر. وقال ربيعة والليث بن سعد وأبو حنيفة والأوزاعي: واجبة على الموسر إلا الحاج بمنى. وحكى الماوردي عن أبي حنيفة أنها واجبة على المقيم دون المسافر. قلت: وهو الصحيح من مذهبه. وقال محمَّد بن الحسن: هي واجبة على المقيم بالأمصار. وحكى الماوردي عن محمَّد كقول الجمهور (¬1). مج ج 8 ص 284 مغ ج 11 ص 94. الحاوي ج 15ص 71. شرح ج 13 ص 110. باب في ذبح الأضحية ليلًا ونهارًا مسألة (767) جمهور الفقهاء على جواز ذبح الأضحية ليلًا ونهارًا في أيام الذبح مع استحباب أن يكون الذبح نهارًا وكراهته ليلًا. وهو مذهب الشافعي. وبه قال أبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور والأصح عن أحمد. وقال مالك: لا يجزؤه الذبح ليلًا، بل يكون شاة لحم وهي رواية عن أحمد (¬2). مج ج 8 ص290. شرح ج 13 ص 111. ¬
باب في الأضحية بغير الأنعام. هل تصح؟
باب في الأضحية بغير الأنعام. هل تصح؟ مسألة (768) مذهب العلماء كافة إلا ما سنحكيه عن غيرهم أن الأضحية لا تصح إلا بالإبل أو البقر أو الغنم فلا يجزئ شيء من الحيوان غير ذلك. وهو مذهب الشافعي. وحكى ابن المنذر عن الحسن بن صالح أنه يجوز أن يضحي ببقر الوحش عن سبعة وبالضبا عن واحد، وبه قال داود في بقرة الوحش (¬1). مج ج 8 ص 293 بداية ج 1 ص 568. شرح ج 13 ص 117. باب في الأفضل في الضحايا من الأنعام مسألة (769) جمهور أهل العلم على أن الأفضل في الضحايا الإبل ثم البقر ثم الغنم والضأن أفضل من الماعز، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وداود. وقال مالك أفضلها الكباش من الغنم والضأن أولى من الماعز، ثم البقر، ثم الإبل (¬2). بداية ج 1 ص 609. شرح ج 13 ص 118. باب في السن المجزئ في الضحايا مسألة (770) مذهب العلماء كافة إلا ما سنحكيه عن البعض أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز إلا الثني، ولا من الضأن إلا الجذع. وحكي عن الزهري أنه قال: لا يجزئ الجذع من الضأن. وعن الأوزاعي أنه يجزئ الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن، وحكى صاحب البيان عن ابن عمر كالزهري، وعن عطاء كالأوزاعي (¬3). مج ج 8 ص 294 بداية ج 1 ص 571 الحاوي ج 15 ص 76 - شرح ج 13 ص 117. باب في الأضحية بمكسور القرن مسألة (771) جمهور العلماء على جواز التضحية بمكسور القرن سواء كان يدمي ¬
باب في الأيام التي تجوز فيها الأضحية
(ينزف دمًا) أم لا. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي. وكرهه مالك إذا كان يدمي وجعله عيبًا (¬1). شرح ح 13 ص120. باب في الأيام التي تجوز فيها الأضحية مسألة (772) جمهور أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الفقهاء أن أيام الأضحية والهدايا هىِ أربعة أيام من يوم النحر إلى آخر أيام التشريق الثلاثة حتى تغيب شمسه. وهو مذهب الشافعي -رحمه الله-. وبه قال علي بن أبي طالب وجبير بن مطعم وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وعطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وسليمان ابن موسى الأسدي فقيه الشام ومكحول وداود الظاهري. وقالت طائفة: يختص وقت التضحية بيوم النحر ويومين بعده. روى هذا عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر وأنس رضي الله تعالى عنهم، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد. وقال محمَّد بن سيرين: لا تجوز التضحية إلا في يوم النحر خاصة. وقال سعيد بن جبير: يجوز لأهل الأمصار يوم النحر خاصة، ولأهل السواد في أيام التشريق. وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن وإبراهيم النخعي وسليمان بن يسار أنها من يوم النحر إلى آخر ذي الحجة (¬2). الحاوي ج 15 ص 124. باب في تسمين الأضحية مسألة (772) جمهور العلماء على استحباب تسمين الأضحية. وهو مذهب الشافعي. وقال بعض المالكية: يكره (¬3). نقله القاضي عياض عنهم. مج ج 8 ص 296. شرح ج 13 ص 118. ¬
باب في الاشتراك في الأضحية
باب في الاشتراك في الأضحية مسألة (774) جماهير العلماء على جواز اشتراك السبعة في البدنة أو البقرة سواء كانوا أهل بيت واحد أو متفرقين وسواء قصد بعضهم أو كلهم القربى وسواء كانت أضحية أو منذورة. وهو مذهب الشافعي، وبه قال أحمد وداود (¬1) إلا أن داود جوزه في التطوع دون الواجب. وبه قال بعض أصحاب مالك. وقال أبو حنيفة: إن كانوا كلهم متقربين جاز، وقال مالك: لا يجوز الاشتراك مطلقًا كما لا يجوز في الشاة الواحدة. وروي عن عمر بن الخطاب أنه قال: لا تجزئ نفس واحدة عن سبعة. وعن سعيد بن المسيب أن الجزور عن عشرة والبقرة عن سبعة. وبه قال إسحاق (¬2). مج ج 8 ص 298 مغ ج 11 ص 96 بداية ج 1 ص 573. الحاوي ج 15 ص 122. مسألة (775) قال النووي: قال جمهور العلماء من أهل اللغة وغريب الحديث والفقهاء: المقابلة التي قطع من مقدم أذنها فلقة وتدلت في مقابلة الأذن ولم ينفصل، والمدابرة التي قطع من مؤخر أذنها فلقة وتلت منه، ولم تنفصل، والفلقة الأولى تسمى الإقبالة والأخرى تسمى الإدبارة. باب في الإنابة والتوكيل في الأضحية مسألة (776) جماهير العلماء على أنه يجوز لمريد التضحية أن يستنيب أو يوكل كتابيًا في ذبح أضحيته مع كراهة ذلك. وهو مذهب الشافعي. وهو قول أبي ثور وابن المنذر. وقال مالك: لا يصح وتكون شاة لحم. وحكي هذا عن أحمد. وممن كره ذلك ¬
باب في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الذبح
علي وابن عباس وجابر - رضي الله عنهم -. وهو قول الحسن وابن سيرين (¬1) مج ج 8 ص 307. شرح ج 13 ص 121. باب في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الذبح مسألة (777) مذهب الجماهير من العلماء عدم استحباب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الذبح، بل لا يذكر إلا الله تعالى. وهو مذهب مالك. وذهب الشافعي إلى استحباب ذلك (¬2). مج ج 8 ص 310. باب في التسمية عند الذبح مسألة (778) جماهير العلماء على أن التسمية على الذبيحة واجبة مع الذكر دون النسيان، وبه قال ابن عباس وأبو هريرة وسعيد بن المسيب وطاوس وعطاء والحسن البصري والنخعي وعبد الرحمن بن أبي ليلى وجعفر بن محمَّد والحكم وربيعة ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة. حكاه عنهم ابن المنذر. وقال ابن سيرين وأبو ثور وداود: لا تحل سواء تركها عمدًا أو سهوًا. حكاه عنهم العبدري. وقال ابن المنذر عن الشعبي ونافع كمذهب ابن سيرين. وذهب الشافعي إلى أنها مستحبة غير واجبة ولا تشترط لحل الذييحة (¬3). مج ج 8 ص 311 شرح ج 13 ص 73. ¬
باب في بيع أجزاء الأضحية كالصوف والجلد سوى اللحم
باب في بيع أجزاء الأضحية كالصوف والجلد سوى اللحم (¬1) مسألة (779) جمهور أهل العلم على أنه لا يجوز بيع شيء من أجزاء الأضحية لا جلدها ولا صوفها ولا غير ذلك. وقال أبو حنيفة يجوز مبادلته بالعروض ولا يجوز بالدراهم والدنانير. وقال عطاء: يجوز بكل شيء. بداية ج 1 ص 577. باب في الأكل من الأضحية. هل يجب؟ مسألة (780) جمهور العلماء على أن الأكل من أضحية التطوع لا يجب بل هو مستحب، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وغيرهم رحمهم الله تعالى. قال النووي: وأوجبه بعض السلف (¬2). قال: وهو قول أبي الطيب ابن سلمة من أصحابنا حكاه عنه الماورديُّ. قلت: وجماهير العلماء على عدم جواز الأكل من الأضحية الواجبة وحكى ابن المنذر عن الحسن البصري جواز الأكل من جزاء الصيد وغيره. مج ج 8 ص 318 شرح ج 13 ص 131. ¬
باب في الأضحية للمسافر
باب في الأضحية للمسافر (¬1) مسألة (781) جماهير العلماء على أن الأضحية سنة مستحبة للمقيم والمسافر وإلى هذا ذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا أضحية على المسافر. قال النووى: وروي هذا عن علي - رضي الله عنه -، وعن النخعي. وقال مالك وجماعة: لا تشرع للمسافر بمنى ومكة. مج ج 8 ص 325. شرح ج 13 ص 134. باب في ادخار لحوم الأضاحي مسألة (782) عامة أهل العلم على جواز ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث ونهى عن ذلك عليٌّ وابن عمر رضي الله تعالى عنهما (¬2). مغ ج 11 ص 110. شرح ج 13 ص 129. * * * ¬
فصل في العقيقة وأحكام المولود
فصل في العقيقة وأحكام المولود باب في التسمية بأسماء الأنبياء مسألة (783) مذهب الجمهور بل الجماهير جواز التسمية بأسماء الأنبياء والملائكة وروي عن عمر بن الخطاب النهي عن التسمية بأسماء الأنبياء. وروي عن الحارث بن مكين قاضي مصر كراهية التسمية بأسماء الملائكة. وروي عن مالك كراهة التسمية بجبريل وياسين. مج ج 8 ص 334. باب فيما تجزئ به العقيقة من الأنعام مسألة (784) جمهور العلماء على أن ما يجزئ به العقيقة من الأنعام هو ما يجزئ به الضحايا من الإبل والبقر والغنم. قال ابن رشد: وأما مالك: فاختار فيها الضأنَ على مذهبه في الضحايا قال ابن رشد: واختلف قوله: هل يجزئ فيها الإبل والبقر أو لا يجزئ (¬1). بداية ج 1 ص 609. باب في الفرع والعتيرة مسألة (785) مذهب الجماهير من العلماء أن الأمر بالفرع والعقيرة منسوخ وأنها غير مشروعة. نقل هذا عن جماهير العلماء القاضي عياض. وذهب الشافعي إلى أن الذي نسخ هو وجوبها أما استحبابها أو جوازها فلم يزل. وكان ابن سيرين يذبح العقيرة في رجب (¬2). مج ج 8 ص 342 مغ ج 11 ص 125 شرح ج 13 ص 137. باب في العقيقة هل تجب؟ مسألة (786) جمهور العلماء على أن العقيقة مستحبة غير واجبة، وهو مذهب الشافعي. ¬
باب في فوات العقيقة
وبه قال مالك وأبو ثور وأحمد في الصحيح المشهور عنه. وقالت طائفة: هي واجبة: وهو قول بريدة بن الخصيب والحسن البصري وأبي الزناد وداود الظاهري وأحمد في روايةٍ. وقال أبو حنيفة: ليست بواجبة ولا سنة بل هي بدعة (¬1). قال الشافعي: أفرط في العقيقة رجلان، رجل قال: إنها واجبة، ورجل قال: إنها بدعة. مج ج 8 ص 344 مغ ج 11 ص 119 بداية ج 1 ص 608. باب في فوات العقيقة مسألة (787) جمهور العلماء على أن العقيقة يستحب أن تكون يوم السابع ولا تفوت بفوات اليوم السابع للمولود. وهو مذهب الشافعي. وبه قالت عائشة وعطاء وإسحاق. وقال مالك: تفوت (¬2). مج ج 8 ص 345 بداية ج 1 ص610. مع ج 11 ص 121. باب في العقيقة عن الغلام بشاتين وعن الأنثى بشاة مسألة (788) مذهب الجمهور من العلماء أنه يستحب أن يعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاةً، وهو مذهب الشافعي، وبه قال ابن عباس وعائشة وأحمد وإسحاق وأبو ثور. والجمهور على أنها مستحبة عن الصغير فقط. وقال ابن المنذر: وكان ابن عمر: يعق عن الغلام والجارية شاةً شاةً، وبه قال أبو جعفر (¬3) ومالك وقال الحسن وقتادة: لا عقيقة عن الجارية. ¬
باب في تلطيخ المولود بدم العقيقة
قلت: وحكى ابن رشد أن قومًا شذوا وأجازوها عن الكبير. مج ج 8 ص 344 مغ ج 11 ص120. بداية ج 1 ص 609. باب في تلطيخ المولود بدم العقيقة مسألة (789) جمهور الفقهاء على كراهة تلطيخ رأس المولود بدم العقيقة وبه قال الزهري ومالك والشافعي وأحمد وابن المنذر. واستحب الحسن وقتادة ذلك. مغ ج 11 ص 122 بداية ج 1 ص 611. * * *
كتاب النذر
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب النذر
باب في نذر صيام الأيام المنهى عنها
كتاب النذر (¬1) باب في نذر صيام الأيام المنهى عنها مسألة (790) جماهير العلماء على أن نذر صيام الأيام المنهي عن صيامها لا ينعقد ولا يلزم بهذا النذر شيء. وبه قال مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: ينعقد نذره ولا يصوم ذلك بل يصوم غيره. قال: فإن صامه أجزأه وسقط عنه به فرض نذره. مج ج ص 354. باب في النذر بالمباحات. هل ينعقد؟ مسألة (791) جمهور العلماء على أن من نذر مباحًا فإن نذره لا ينعقد. وإلى ذلك ذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة. وقال أحمد: ينعقد ويلزمه كفارة يمين (¬2). مج ج 8 ص 354 شرح ج 11 ص 96. باب في من نذر أن يعصي الله تعالى مسألة (792) جمهور العلماء على أن نذر المعصية لا ينعقد ولا يلزم من نذره شىء. روى هذا عن مسروق والشعبي. قال الموفق: وهو مذهب مالك والشافعي. وحكاه النووي عن داود. وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري والكوفيون: لا يجوز له الوفاء بنذره ويلزمه كفارة يمين. حكاه عنهم ابن رشد وبه قال أحمد في رواية. وروى نحو هذا عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حصين وسمرة بن حندب. ¬
باب في هل يشترط في النذر صيغة معينة
واختلف فيه عن أصحاب الشافعي فذهب أكثرهم مذهب الجمهور وهو اختيار النووي. وذهب بعضهم إلى أنه ينعقد ويلزمه كفارة. واختاره الإِمام أبو بكر البيهقي (¬1). بداية ج 1 ص 558 شرح ج 11 ص 96، 101. باب في هل يشترط في النذر صيغة معينة مسألة (793) جمهور أهل العلم على أن النذر ينعقد بكل صيغة أو لفظ يدل على إلزام الناذر بفعل قربة؛ كأن يقول: نذرت لله أو عليَّ لله نذر كذا، أو لله عليَّ كذا أو إن شفى الله مريض فعليّ كذا. وهو مذهب مالك والمعتمد في مذهب أحمد والصحيح في مذهب الشافعي. وروى نحو هذا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما والقاسم بن محمَّد ويزيد بن إبراهيم التيمي. وذهب سعيد بن المسيب فيما حكاه عنه ابن رشد إلى أنه لا ينعقد إلا بصيغة النذر بأن يقول لله عليَّ نذر كذا أو نذرت لله فعل كذا، ونحو ذلك مما فيه التصريح بلفظ النذر. وعن القاسم بن محمَّد مثل هذا، إلا أن الموفق جعل هذا القول مما اختلف فيه عن سعيد والقاسم (¬2). بداية ج 1 ص 557. باب في النذر المطلق مسألة (794) أكثر أهل العلم على أن من نذر التزام طاعة من غير تعليقها بحصول شيء كأن يقول ابتداءً لله عليَّ صوم شهر أنه يلزمه الوفاء به. وبه قال أهل العراق، وهو مذهب أحمد وظاهر مذهب الشافعي. قلت: وهو الأصح في المذهب وذكر النووي وجهًا آخر في المذهب وهو أنه لا يلزمه، وجعله بعضهم قولًا آخر للشافعي -رحمه الله- تعالى (¬3). مغ ج 1 ص 333 بداية ج 1 ص 557. ¬
باب في النذر المبهم (غير المسمى)
باب في النذر المبهم (غير المسمى) مسألة (795) أكثر أهل العلم على أن من نذر نذرًا مبهمًا دون أن يسميه ففيه كفارة يمين. روي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعائشة، وبه قال الحسن وعطاء وطاوس والقاسم وسالم والشعبي والنخعي وعكرمة وسعيد بن جبير ومالك والثوري ومحمد بن الحسن. وهو مذهب أحمد. وقال الشافعي: لا ينعقد نذره ولا كفارة فيه (¬1). مغ ج 11 ص 334 بداية ج 1 ص560. باب فيمن نذر المشي إلى مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو المسجد الأقصى مسألة (796) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من نذر المشي إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - أو المسجد الأقصى لزمه ذلك. وبه قال مالك والأوزاعي وأبو عبيد وابن المنذر والشافعي في أحد قوليه. وبه يقول أبو يوسف وقال: وإن صلى في البيت الحرام أجزأه. وقال الشافعي في قوله الآخر: لا يبين لي وجوب المشي إليهما لأن البر بإتيان بيت الله فرض والبر بإتيان هذين نفل. وهو قول أبي حنيفة (¬2). مغ ج 3 ص 350. باب في النذر بالمشي إلى غير المساجد الثلاثة مسألة (797) جماهير العلماء على أن من نذر أن يمشي إلى مسجد غير المساجد ¬
باب في الوفاء بالنذر عن الميت
الثلاثة، وهي الحرام والمدينة والأقصى؛ لم يلزمه ولا ينعقد نذره. وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد. وقال أحمد: لا ينعقد نذره ولكن يلزمه كفارة يمين. وقال الليث بن سعد: يلزمه المشي إلى ذلك المسجد. وقال محمَّد بن مسلمة المالكي: إذا نذر قصد مسجد قباء لزمه. مج ج 8 ص 377 مغ ج 11 ص350 بداية ج 1 ص 562. باب في الوفاء بالنذر عن الميت مسألة (798) جمهور أهل العلم على أن من مات وكان قد نذر نذرًا ماليًّا (¬1) ولم يترك تركة (مالًا) أو كان نذرًا غير مالي، فإنه لا يجب على الورثة الوفاء بذلك ولكن يستحب. وهو مذهب الشافعي. وقال أهل الظاهر: يجب الوفاء بالنذر عن الميت في الحالين. حكاه عنهم النووي. شرح ج 11 ص 97. * * * ¬
كتاب الأطعمة
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الأطعمة
باب في لحوم الخيل
كتاب الأطعمة باب في لحوم الخيل مسألة (799) أكثر العلماء على جواز أكل لحم الخيل بدون كراهة، وهو مذهب الشافعي، وبه قال عبد الله بن الزبير وفضالة بن عبيد وأنس بن مالك وأسماء بنت أبي بكر وسويد بن غفلة وعلقمة والأسود وعطاء وشريح وسعيد بن جبير والحسن البصري وإبراهيم النخعي وحماد بن أبي سليمان وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وداود. وحكاه الموفق عن ابن سيرين وابن المبارك وسعيد بن جبير وأبي ثور. وكرهها طائفة، منهم ابن عباس والحكم ومالك وأبو حنيفة. قال أبو حنيفة: يأثم بأكله ولا يسمى حرامًا (¬1). وحكى الموفق كراهتها عن الأوزاعي وأبي عبيد. مج ج 9 ص 5 قرطبي ج 10 ص 76. شرح ج 13 ص 95. باب في لحوم الحمر الأهلية. هل أباحها أحد؟ مسألة (800) جماهير العلماء من السلف والخلف على تحريم لحوم الحمر الأهلية. وهو مذهب الشافعي. قال الخطابي: هو قول عامة العلماء: قال: وإنما رويت الرخصة فيه عن ابن عباس رواه عنه أبو داود في سننه. قال النووي: ورواه عن ابن عباسٍ البخاريُّ في صحيحه. قال النووي: وعند مالك ثلاث روايات في لحمها، أشهرها أنه مكروه كراهة تنزيه شديدة، والثانية حرام، والثالثة مباح. وحُكِي عن عائشة إباحتها. ذكره ابن رشد ¬
باب في ألبان الحمر الأهلية
والموفق. وقال به عكرمة وأبو وائل (¬1). مج ج 9 ص 6. مغ ج 11 ص 65. بداية ج 1 ص 618. الحاوي 15 ص 141. شرح ج 13 ص 91. باب في ألبان الحمر الأهلية مسألة (801) أكثر أهل العلم على تحريم ألبان الحمر الأهلية ورخص فيها عطاء وطاوس والزهري. مغ ج 11 ص 66. باب في لحوم البغال مسألة (802) لحم البغل لا يجوز أكله في مذهب العلماء كافةً إلا ما روي عن الحسن أنه أباحه (¬2). مج ح 9 ص 8 مغ ج 11 ص 66. بداية ج 1 ص 618. الحاوي ج 15 ص 143. باب في لحوم الكلاب. هل قال أحد بجوازها؟ مسألة (803) جماهير العلماء على تحريم لحوم الكلاب. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد. وروى عن مالك إباحة لحم الجرو (يعني الكلب الصغير) (¬3). مج ج 9 ص 8. ¬
باب في لحم القط الأهلي
باب في لحم القط الأهلي مسألة (804) جمهور العلماء على تحريم السنور (القط) الأهلي، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد. وذهب الليث إلى إباحته وقال مالك: يكره، واختلف في معنى الكراهة عنده (¬1). مج ج 9 ص 8. باب في أكل الضَّب مسألة (805) جمهور العلماء على إباحة أكل الضب، وبه قال مالك والشافعي وأحمد والليث وابن المنذر. وقال بكراهته أصحاب أبي حنيفة. ونقل صاحب البيان عن أبي حنيفة تحريمه. وبه قال الثوري (¬2). مج ج 9 ص 11 مع ج 11 ص 81. شرح ج 13 ص 97. ¬
باب في القنفذ
باب في القُنفذ مسألة (806) جمهور العلماء على أن القنفد حلال أكله من غير كراهة، وبه قال مالك والشافعي والليث وأبو ثور. وقال أحمد: يحرم. وهو قول أبي هريرة. حكاه عنه الموفق وحكي عن مالك كراهته. وقال أصحاب أبي حنيفة: يكره. ونقل صاحب البيان عن أبي حنيفة تحريمه. قلت: والصحيح عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن الكراهة دون التحريم (¬1). مج ج 9 ص 11. باب في اليربوع مسألة (807) جمهور العلماء على إباحة أكل اليربوع من غير كراهة، وبه قال مالك والشافعي وأحمد. وهو قول عروة وعطاء الخراساني وأبي ثور وابن المنذر. وقال أصحاب أبي حنيفة: يكره. ونقل صاحب البيان عن أبي حنيفة تحريمه (¬2). مج ج 9 ص11. باب في لحوم السباع. هل أباحها أحد؟ جمهور العلماء على تحريم أكل السباع التي تتقوى بنابها كالأسود والنمور والذئاب والفهود وغيرها. وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وداود. وقال مالك: تكره ولا تحرم. وقال الشعبي وسعيد بن جبير وبعض أصحاب مالك: هو مباح (¬3). مج ج 9 ص 14 مغ ج 11 ص 66. باب في القرد. هل يجوز أكله؟ مسألة (808) جمهور العلماء بل عامتهم على تحريم أكل القرد. وحكى ابن عبد البر أنه لا خلاف في أنه لا يؤكل ولا يباع. قال: وما علمت أحدًا رخص في أكله إلا ما ¬
باب في أكل الأرنب. هل كرهه أحد؟
ذكره عبد الرزاق عن معمر عن أيوب. سئل مجاهد عن أكل القرد؟ فقال: ليس من بهيمة الأنعام. حكى هذا القرطبي. وحكى الموفق كراهة أكله عن عمر وعطاء ومكحول والحسن ولم يجيزوا بيعه. وقال القرطبي: ذكر ابن المنذر أنه قال: روينا عن عطاء أنه سئل عن القرد يقتل في الحرم؛ فقال: يحكم به ذوا عدل. قال (ابن المنذر): فعلى مذهب عطاء يجوز أكل لحمه لأن الجزاء لا يجب على من قتل غير الصيد (¬1). وحكاه النووي عن مالك وجمهور أصحابه. قرطبي ج 7 ص 121 بداية ج 1 ص 616. باب في أكل الأرنب. هل كرهه أحد؟ مسألة (809) جمهور العلماء على إباحة أكل الأرنب وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد. وروي عن عمرو بن العاص وابن أبي ليلى أنهما كرهاها (¬2). مج ج 9 ص 14 مغ ج 11 ص70 قرطبي ج 7 ص 123. شرح 13 ص150. باب في لحوم جوارح الطير مسألة (810) أكثر أهل العلم على تحريم كل ذي مخلب من الطير وهي التي تصيد ¬
باب في الجراد وكيف يحل أكله
بمخلبها وتتقوى به. وبه قال الشافعي وأبو ثور وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي وأحمد وداود (¬1). وقال مالك والليث والأوزاعي ويحيى بن سعيد: لا يحرم من الطير شيء. قال مالك: لم أر أحدًا من أهل العلم يكره سباع الطير. مغ ج 11 ص 68. شرح ج 13 ص 82. باب في الجراد وكيف يحل أكله مسألة (811) جماهير العلماء من السلف والخلف على إباحة أكل الجراد كيفما مات، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد ومحمد بن عبد الحكم الأبهري المالكيان. وقال مالك: لا يحل إلا إذا مات بسبب خارج عنه، فإن مات حتف أنفه لم يؤكل. وعن أحمد كذلك أنه إذا قتله البرد لا يؤكل، وعنه كذلك (¬2) إذا مات بغير سبب لا يؤكل، وروي هذا عن سعيد بن المسيب. قرطبي ج 7 ص 269. بداية ج 1 ص 583. شرح ج 13 ص 103. باب في المتوحش من الحيوان إذا صار أهليًا. هل يحرم؟ مسألة (812) مذهب العامة من أهل العلم في المتوحش من الحيوان الذي يؤكل إذا تأهَّل واستأنس فإنه يبقى على أصله في الحل وكذلك الأهلي إذا توحش إذا كان لا يحل أكله فإنه يبقى على أصله في التحريم. وروى عن طلحة بن مصرف قال: إن الحمار الوحشي إذا أنس واعتلف فهو بمنزلة الأهلي. قال أحمد -رحمه الله- تعالى: وما ظننت أنه روى في هذا شىِء وليس الأمر عندي على ما قال. قال الموفق: وأهل العلم على خلافه لأن الظباء إذا تأنست لم تحرم والأهلي إذا توحش لم يحل، ولا يتغير منها شيء عن أصله وما كان عليه. ¬
باب في الزرع والثمر يسمد بالنجاسات. هل يؤكل؟
قال عطاء في حمار الوحش إذا تناسل في البيوت: لا ترول عنه أسماء الوحش. مغ ج 11 ص 69. باب في الزرع والثمر يُسَمَّدُ بالنجاسات. هل يؤكل؟ مسألة (813) أكثر الفقهاء على أن الزروع والثمار التي سقيت بالنجاسات أو سمِّدت بها فإن أكلها جائز. وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وكان سعد بن أبي وقاص يدمل أرضه بالعرة ويقول مكتل عرة مكتل بر. قال الموفق: والعرة عذرة الناس. وذهب الموفق في المغني إلى التحريم وانتصر له وجعله القول المفتى به في مذهب أحمد -رحمه الله- تعالى (¬1). مغ ج 11 ص 73. باب في تحريم مال الغير مسألة (814) جمهور العلماء على أنه لا يجوز لأحد أن يأكل من مال أحد إلا بإذنه إلا أن يكون مضطرًا فيأكل بقدر ضرورته وسواء كان هذا المال ثمرًا أو زرعًا أو لبنًا وسواء كان هذا المال في بستان أو أرض بحائط أو بغير حائطٍ. وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وداود رحمهم الله تعالى (¬2). وقال أحمد -رحمه الله- تعالى: إذا اجتاز به وفيه فاكهة رطبة وليس عليه حائط جاز الأكل منه من غير ضرورة ولا ضمان عليه عنده في أصح الروايتين، وفي الرواية الأخرى يباح له ذلك عند الضرورة ولا ضمان. مج ج 9 ص 46 مغ ج 11 ص 76. شرح ج 12 ص 29. ¬
باب في الضيافة. هل هي واجبة؟
باب في الضيافة. هل هي واجبة؟ مسألة (815) جمهور العلماء على أن الضيافة على المسلم للمسلم سنة مستحبة غير واجبة، ويستوي في ذلك أهل البوادي وأهل المدن. وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي. وقال الليث بن سعد وأحمد بن حنبل: هي واجبة يومًا وليلةً، قال أحمد: هي واجبة يومًا وليلة على أهل البادية وأهل القرى دون أهل المدن (¬1). مج ج 9 ص 48. شرح ج 12 ص 30. باب في كسب الحَجَّام مسألة (816) جماهير العلماء على أن كسب الحجام جائز للأحرار والعبيد، مع استحباب التنزه عنه. وهو مذهب الشافعي. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. وقال أحمد في رواية ضعيفة عنه وفقهاء المحدثين: يحرم على الأحرار دون العبيد. حكى هذا القول عن هؤلاء النووي -رحمه الله- تعالى (¬2). مج ج 9 ص 50. شرح ج 10 ص 233. باب في الشحوم المحرمة على اليهود مسألة (817) جماهير العلماء على أن الشحوم التي كانت محرمة على اليهود جائزة وحلال أكلها من غير كراهة. وبه قال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي وبعض أصحاب أحمد وهو قول الخرقي منهم. وقال العبدري: وقال مالك: هي مكروهة ليست محرمة، وقال ابن القاسم أشهب وبعض أصحاب أحمد: هي محرمة وقيل: إنه مروي عن مالك أيضًا. وقال القاضي عياض: هذا قول كبراء أصحاب مالك. قلت: وجزم ابن رشد بنقل القولين عن مالك أعني الكراهة والتحريم. مج ج 9 ص 61 بداية ج 1 ص 593. شرح ج 12 ص 102. ¬
كتاب الصيد والذبائح
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الصيد والذبائح
فصل في التذكية وأحكامها
كتاب الصيد والذبائح فصل في التذكية وأحكامها باب في صيد المجوسي للجراد مسألة (818) جمهور العلماء على إباحة ما صاده المجوسي من جراد، وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال الليث ومالك: لا يؤكل ما صاده من الجراد. بخلاف السمك. قلت: أما السمك فذكر النووي إجماع العلماء على جواز أكل ما صاده المجوسي (¬1). مج ج 9 ص 63 مغ ج 11 ص 38. باب في السمك الطافي مسألة (819) جمهور العلماء على إباحة أكل ميتة السمك الطافي، وهو الذي مات حتف أنفه. وبه قال أبو بكر الصديق وأبو أيوب الأنصاري وعطاء بن أبي رباح ومكحول والنخعي وأبو ثور ومالك والشافعي وأحمد وداود وغيرهم. وقال ابن عباس وجابر بن عبد الله وجابر بن زيد وطاوس وأبو حنيفة: لا يجوز وكرهه ابن سيرين (¬2). مج ج 9 ص 27 - 63. الحاوي ج 11 ص 64 شرح 13 ص 86. باب في ذبيحة الأقلف مسألة (820) جماهير العلماء على جواز ذييحة الأقلف وهو الذي لم يختتن. قال ابن المنذر: وبه قال عوام أهل العلم من علماء الأمصار قال: وبه نقول. قال ابن المنذر: وقال ابن عباس: لا يؤكل وهو إحدى الروايتين عن الحسن البصري. مج ج 9 ص 67. ¬
باب في ذبيحة السارق ونحوه
باب في ذبيحة السارق ونحوه مسألة (821) جمهور العلماء على جواز أكل ذييحة السارق والغاصب وسائر من تعدى بذبح مال غيره، وبه قال الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة ومالك وأبو حنيفة والشافعي. وقال طاوس وعكرمة وإسحاق بن راهويه: يكره. وحكاه ابن رشد عن إسحاق وداود. مج ج 9 ص 68. بداية ج 1 ص 594. شرح ج 13 ص 145. باب في ذبائح أهل الكتاب مسألة (822) جمهور العلماء على جواز ذبيحة أهل الكتاب ولو لم يذكروا اسم الله عليه، وبه قال علي بن أبي طالب والنخعي وحماد بن سليمان وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم. قال ابن المنذر: فإن ذبحوا على صنم أو غيره لم يحل. قال ابن المنذر: وقال عطاء: إذا ذبح النصراني على اسم عيسى فكُلْ قد علم الله أنه سيقول ذلك، وبه قال مجاهد ومكحول (¬1). وقال أبو ثور: إذا سموا الله تعالى فكل وإن لم يسموه فلا تأكل وحكى مثله عن عليٍّ وابن عمر وعائشة. مج ج 9 ص 68. الحاوي ج 15 ص 94. شرح ج 12 ص 102. ¬
باب في ذبيحة المرأة والصبي
باب في ذبيحة المرأة والصبي مسألة (823) جمهور العلماء بل عامتهم على جواز ذبيحة المرأة وجمهورهم على جواز ذبيحة الصبي العاقل المميز. ولا كراهة في شيء من ذلك. وحكى ابن رشد عن أبي الصعب الكراهة (¬1). بداية ج 1 ص 594. باب في ذبائح أهل الكتاب لكنائسهم مسألة (834) جمهور العلماء على كراهة ما ذبحه أهل الكتاب لكنائسهم، وبه قال ميمون بن مهران وحماد والنخعي ومالك والثوري والليث وأبو حنيفة وإسحاق. ورخص فيه أبو الدرداء وأبو أمامة الباهلي والعرباض بن سارية والقاسم بن مخيمرة وحمزة ابن حبيب وأبو مسلم الخولاني وعمرو بن الأسود ومكحول وجبر بن نوف والليث بن سعد (¬2). وقال قوم: هو حرام وحكاه النووي عن جماهير العلماء، وهو مذهب الشافعي، وبه قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: لا نأكله. حكى قول الجمهور ومن تلاهم ابن المنذر -رحمه الله- تعالى. مج ج 9 ص 68. شرح 12 ص 102. ¬
باب في ذبائح نصارى بني تغلب
باب في ذبائح نصارى بني تغلب مسألة (825) جمهور أهل العلم على إباحة ما ذبحه نصارى بني تغلب وتنوخ وبهراء، وبه قال ابن عباس والنخعي والشعبي وعطاء الخراساني والزهري والحكم وحماد وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه وأبو ثور. وهو الصحيح في مذهب الإِمام أحمد. وقال قوم: هو حرام، وبه قال عليٌّ بن أبي طالب وعطاء وسعيد بن جبير وهو مذهب الشافعي. وروي هذا عن مكحول (¬1). مج ج 9 ص 68. بداية ج 1 ص 592. باب في ذبائح المجوس مسألة (836) جمهور العلماء على أن ذبائح المجوس لا تحل للمسلم. وهو مذهب الشافعي، وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير ومجاهد وعبد الرحمن بن أبي ليلى والنخعي وعبيد الله بن يزيد ومرة الهمداني والزهري ومالك والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق. حكي هذا القول عن هؤلاء ابن المنذر، وقال: وروينا عن ابن المسيب أنه قال: إذا كان المسلم مريضًا وأمر مجوسيًّا أن يذبح أجزأه وقد أساء. قلت: وحكى الموفق في المغني عن أبي ثور أنه أباح صيد المجوسي وذبيحته (¬2). قال ابن المنذر: واختلفوا في المجوسي يسمي شيئًا لناره فيذبحه مسلم فكرهه الحسن وعكرمة ورخص فيه ابن سيرين، قال ابن المنذر: يأكلها المسلم إذا ذبحها مسلم وسمى الله تعالى عليها. مج ج 9 ص 68 مغ ج 11 ص 38. بداية ج 1 ص 594. باب في ذبيحة المرتد مسألة (827) أكثر العلماء على تحريم ذبيحة المرتد. وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور. وكره ذلك الثوري. قال ابن المنذر: وكان الأوزاعي يقول في هذه المسألة معنى قول ¬
باب في التذكية بسكين مغصوب
الفقهاء أن من تولى قومًا فهو منهم، وقال إسحاق: إن ارتد إلى النصرانية حلت ذبيحته. مج ج 9 ص 69 مغ ج 11 ص 36. بداية ج 1 ص 592. باب في التذكية بسكين مغصوب مسألة (828) مذهب العلماء كافة إلا داود وأحمد في رواية أن التذكية بسكين مغصوب أو مسروق أو كالٍّ جائزة مع الكراهة. وهو مذهب الشافعي. وقال داود وأحمد في رواية: لا تحل الذبيحة. مج ج 9 ص 72. باب في التذكية بالسن والظفر ونحوهما مسألة (829) مذهب الجماهير من العلماء أن التذكية بالسن والظفر وسائر العظام لا تجوز ولا تُحِلُّ الذبيحةَ. وهو مذهب الشافعي، وبه قال النخعي والحسن بن صالح والليث وفقهاء الحديث وأحمد وإسحاق وداود وأبو ثور ومالك في رواية. وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يجوز الذبح بالظفر والعظم المتصلين ويجوز بالمنفصلين وبه قال مالك في روايةٍ (¬1). وحكى ابن المنذر عن مالك أنه قال: تحصل الذكاة بكل شيء حتى بالسن والظفر وحكى نحو هذا عن ابن جريج. وحكى العبدري عن ابن القصار المالكي أن الظاهر من مذهب مالك إباحة الذكاة بالعظم ومنعه بالسن، قال ابن القصار: وعندي تحصل الذكاة بهما، وعن ابن جريح قال: تذكى بعظم الحمار، ولا تذكى بعظم القرد. مج ج 9 ص 72. شرح ج 13 ص 124. باب فيمن خالف فذبح الإبل ونحر الغنم والبقر مسألة (820) جمهور العلماء على جواز أكل الإبل إذا ذبحت والغنم والبقر إذا نحرت. وهو مذهب الشافعي، قال ابن المنذر: قال بهذا أكثر أهل العلم، منهم عطاء وقتادة والزهري والثوري والليث بن سعد وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور. وقال مالك: إن ذبح البعير من غير ضرورة أو نحو الشاة كذلك كره أكلها، وإن ¬
باب في الذابح يتمادى في الذبح فيقطع رأس الذبيحة
نحر البقر فلا بأس. قال ابن المنذر: وإنما كره مالك ذلك كراهة تنزيه، وقد يكره الإنسانُ الشيء ولا يحرمه. قلت: ونقل ابن رشد الجواز عن جماعة العلماء. قال النووي: وذكر القاضي عياض عن مالك روايةً بالكراهة، وروايةً بالتحريم وروايةً بإباحة ذبح المنحور دون نحر المذبوح. ونقل العبدري عن داود أنه قال: إذا ذبح الإبل ونحر البقر لم يؤكل. مج ج 9 ص 79 مغ ج 11 ص 47. بداية ج 1 ص 584. شرح ج 13 ص 124. باب في الذابح يتمادى في الذبح فيقطع رأس الذبيحة مسألة (831) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المذكي إذا بالغ في تذكية الذبيحة حتى قطع رأسها بِرُمَّتِه فهي حلال. وهو مذهب الشافعي، وحكاه ابن المنذر عن عليِّ بن أبي طالب وابن عمرٌ، وعمران بن الحصين وعطاء والحسن البصري والشعبي والنخعي والزهري وأبي حنيفة وإسحاق وأبي ثور ومحمد. قلت: وبه قال ابن عباس، وكرهها ابن سيرين ونافع. وقال مالك: إن تعمد ذلك لم يأكلها، وهي رواية عن عطاء. وقال سعيد بن المسيب: قد حرمت لأنها ماتت من مبيح وحاظر. حكاه عنه الماورديُّ (¬1). باب في المنخنقة ونحوها تدرك وفيها حركة المذبوح مسألة (822) مذهب الجمهور من العلماء أن المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إذا أدركها الذابح ولم ييق فيها إلا حركة المذبوح فلا تحل. وبه قال مالك وأبو يوسف والشافعي. وقال أبو حنيفة وداود: إذا ذكاها قبل أن تموت حلت، ولم يفصلا. قال ابن المنذر: روينا عن عليٍّ - رضي الله عنه - إن أدركها وهي تحرك يدًا أو رجلًا فذكاها حلَّت قال: وروى معنى ذلك عن أبي هريرة والشعبي والحسن البصري وقتادة ومالك. وقال الثوري: إذا أخرق السبع بطها وفيها الروح فذبحها فهي ذكية، وبه قال ¬
باب في نحر الإبل قائمة
أحمد وإسحاق. قال الليث: إن ركضت عند الذبح فلا بأس بأكلها (¬1). مج ج 9 ص 81. باب في نحر الإبل قائمة مسألة (833) مذهب العلماء كافة إلا ما سنذكره أن نحر الإبل قائمة هو المسنون والأفضل. وهو مذهب الشافعي. وقال الثوري وأبو حنيفة: نحرها قائمة وباركة سواء، ولا فضيلة في واحد منهما. وحكى القاضي عياض عن عطاء أن نحرها باركة معقولة أفضل من قائمة. مج ج 9 ص 81. باب في أكل ما ذكي إذا ترك توجيهه إلى القبلة مسألة (834) أكثر أهل العلم على أنه لا كراهة في أكل ما ذكى إذا لم يوجه إلى القبلة اثناء تذكيته مع استحباب جميعهم ذلك (¬2). وكره ابن عمر وابن سيرين أكل ما ذبح لغير القبلة. مغ ج 11 ص 46. ¬
باب في الذبيحة المذكاة تقع في الماء وفيها بقية رمق
باب في الذبيحة المذكاة تقع في الماء وفيها بقية رمق مسألة (835) أكثر الفقهاء على أن من ذكى ذبيحة فاستوفى شروط تذكيتها فلم تمت حتى وقعت في الماء فماتت أو دهسها داهس أو وقع عليها شيء فماتت فإنها حلال يجوز أكلها. وقال أحمد: لا تؤكل. مغ ج 11 ص 48. باب في بعض ما يقوله الذابح عند ذبحه مسألة (836) أكثر أهل العلم على أنه حسنٌ أن يقول الذابح عند التذكية اللهم هذا عني وعن أهل ييتي أو إذا كان وكيلًا أن يقول اللهم هذا عن فلان فتقبله مني أو من فلان. وقال أبو حنيفة: يكره أن يذكر اسم غير الله. مغ ج 11 ص 117. باب في ذكاة الحيوان الإنسي إذا توحش مسألة (837) جمهور العلماء على أن الحيوان الإنسي إذا توحش (¬1) فإن ذكاته تكون بجرحه في أي موضع من بدنه بما يجوز به التذكية من الآلات والوسائل وهذا ما يسمى بالعقر، وهو مذهب الشافعي، وبه قال علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وابن عمر وابن عباس وطاوس وعطاء والشعبي والحسن البصري والأسود بن يزيد ومسروق والحكم وحماد والنخعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وأبو ثور والمزني وداود. وقال سعيد بن المسيب ورييعة والليث بن مسعد ومالك: لا يحل إلا بذكاته في موضع الذبح، وهو الحلق واللبة ولا يتغير موضع الذكاه بتوحشه وترديه (¬2). مج ج 9 ص 113 مغ ج 11 ص 34. شرح 13 ص 126. ¬
باب في جنين الحيوان المذكي يخرج ميتا
باب في جنين الحيوان المذكي يخرج ميتًا مسألة (838) مذهب الجماهير من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار أن الجنين في بطن الحيوان المذكى إذا خرج ميتًا، فإنه حلال يجوز أكله. وبه قال الشافعي -رحمه الله- تعالى. روي هذا عن عمر وعليٍّ. وبه قال سعيد بن المسيب والنخعي وإسحاق وابن المنذر. وقال أبو حنيفة وزفر: لا يحل حتى يخرج حيًّا فيذكى. وقال مالك: إن خرج ميتًا تام الخلق وتم شعره فحلال بذكاة الأم. وإن لم يتم ولم ينبت شعره فحرام. روى ذلك عن عطاء وطاوس ومجاهد والزهري والحسن بن صالح وقتادة والليث وأبي ثور. قال ابن المنذر: كان الناس على إباحته لا نعلم أحدًا خالف ما قالوه إلى أن جاء أبو حنيفة فحرمه، وقال ذكاة نَفْس لا تكون ذكاة نَفْسين. ونقل الخطابي أن ابن المنذر قال في كتاب آخر له: إنه لم يقل بقول أبي حنيفة أحد من العلماء غيره، قال: ولا أحسب أصحابه وافقوه عليه. قال الخطابي: وقد ذهب أكثر العلماء إلى إباحته لكن اشترط بعضهم فيه الإشعار. مج ج 9 ص 115 مغ ج 11 ص 51. الحاوي ج 15 ص 148. بداية ج 1 ص 582. * * *
فصل في أحكام الصيد
فصل في أحكام الصيد (¬1) باب في الصيد بالسباع المعلمة مسألة (839) أكثر الفقهاء على جواز الصيد بجميع الجوارح المعلمة من السباع بما في ذلك الكلب الأسود. قال العبدري وبهذا قال أكثر الفقهاء. وقال ابن المنذر: وقال عوام أهل العلم من أهل المدينة وأهل الكوفة بإباحة صيد الكلب الأسود كغيره. قلت: وهو مذهب الشافعي. وقال الحسن البصري والنخعي وقتادة وأحمد وإسحاق: يجوز بذلك كله إلا الكلب الأسود البهيم، قال ابن المنذر: قال أحمد: ما أعلم أحدًا يرخص فيه إذا كان بهيمًا (¬2). وبه قال بعض الأصحاب من الشافعية. مج ج 9 ص 84. الحاوي ج 15 ص 6 بداية ج 1 ص 599 شرح ج 10 ص 237 ج 13 ص 74. باب في الصيد بالجوارح المعلمة من الطير مسألة (840) أكثر الفقهاء على جواز الصيد بجميع الجوارح المعلمة من الطير بما في ذلك البازي والعقاب والصقور كلها. وهو مذهب الشافعي. وبه قال سلمان الفارسي وابن عباس وعطاء وعكرمة وطاوس وسعيد بن جبير، وحكاه أبو الزناد عن فقهاء المدينة الذين ينتهي إلى قولهم، وحكاه ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير والحسن البصري ومالك وأبي حنيفة وأبي ثور ومحمد. وحكى العبدري عن ابن عمر ومجاهد أنهما كرها صيد البازي وغيره من الطير. وحكي أنهما لم يجوزا الصيد إلا بالكلب المعلم (¬3). مج ج 9 ص 84. بداية ج 1 ص 599. ¬
باب في ما علمه مجوسي من طير أو سبع
باب في ما عَلَّمَهُ مجوسي من طير أو سَبُع مسألة (841) جمهور الفقهاء على جواز الاصطاد بالسباع والطيور الجارحة التي علَّمَهَا مَجُوسي. وهو مذهب الشافعي. قال ابن المنذر: وبه قال سعيد بن المسيب والحكم والزهري ومالك وأبو حنيفة وأبو ثور، وهو أصح الروايتين عن عطاء. وكره ذلك جابر بن عبد الله والحسن البصري وعطاء في رواية ومجاهد والنخعي والثوري وإسحاق بن راهويه. وقال ابن جرير الطبري: لا يجوز بكلب المجوسي، ويجوز ما صاده المجوسي بكلب المسلم. وكره الحسن الاصطياد بكلب اليهودي والنصرانىِ. وقال أحمد بن حنبل وإسحاق: كلب اليهودي والنصراني أهون (¬1). مج ج 9 ص 86. باب في صيد الكتابي مسألة (842) جمهور العلماء على جواز أكل ما صاده الكتابي بسهمه أو بجوارحه المعلمة، وبه قال عطاء وأبو حنيفة والليث والأوزاعي والشافعي وأحمد وابن المنذر وداود. وقال مالك: لا يحل صيده وتحل ذبيحته. مج ج 9 ص 90 مغ ج 11 ص 35. باب في صيد المجوسي مسألة (843) جمهور العلماء على تحريم ما صاده المجوسي بكلبه أو بسهمه. وبه قال عطاء وسعيد بن جبير والنخعي ومالك والشافعي والليث والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق وغيرهم. قال ابن المنذر: وقال أبو ثور فيهم قولان (أحدهما) كقول الجمهور (والثاني) تحل ¬
باب في الصيد يصاد بسهم أو جارحة فيقع في الماء أو يتردى من جبل
ذبائحهم ولهم كتاب. قلت: والأصح عن أبي ثور جواز أكل ذبيحته وصيده (¬1). مج ج 9 ص 90 مغ ج 11 ص 38. باب في الصيد يصاد بسهمٍ أو جارحة فيقع في الماء أو يتردى من جبل (¬2) مسألة (844) جمهور أهل العلم على أن الصيد إذا رمي بسهم أو أرسلت عليه جارحة فجرح ثم وقع في الماء حتى غمره أو تردى من جبلٍ فإنه لا يؤكل إلا أن يكون جرحه موحيًا (أصاب مقاتله) فلا بأس حينئذٍ. وهو قول الشافعي ومالك والليث وقتادة وأبي ثور. وقال أحمد في المشهور عنه: لا يؤكل ولا فرق بين أن تكون الجراحة موحية أو غير موحيةٍ. وبه قال ابن مسعود في ظاهر قوله وعطاء وربيعة وإسحاق وأصحاب الرأي. حكاه عن الجميع الموفق -رحمه الله-. وحكى ابن رشد عن أبي حنيفة أنه لا يؤكل إذا سقط في الماء ولو كان منفوذ المقاتل ويؤكل إن تردى (¬3). بداية ج 1 ص 605. باب في الكلب المعلم يصيد بغير إرسال صاحبه مسألة (845) جمهور الفقهاء على عدم جواز أكل ما صاده الكلب المعلم إذا استرسل وصاد بغير إرسال صاحبه وسواء خرج به صاحبه للصيد أم لا. وبه قال ربيعة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وأحمد وابن المنذر، قال العبدري: هو قول الفقهاء كافة. قال: وقال الأصم: يَحِلُّ. وحكاه الماوردي عن محمَّد بن جرير الطبري. ¬
باب في الكلب المعلم المرسل وغيره يشتركان في قتل الصيد
قال ابن المنذر: وقال عطاء والأوزاعي: يَؤكل إن كان إخراجه (يعني الكلب) للصيد. وقال إسحاق: إذا سمى عند انفلاته أبيح صيده (¬1). مج ج 9 ص 90 الحاوي ج 15 ص 21. شرح ج 13 ص 74. باب في الكلب المعلم المرسل وغيره يشتركان في قتل الصيد مسألة (846) جمهور العلماء على تحريم أكل الصيد الذي اشترك في قتله كلبان أحدهما معلم مرسل والآخر لا يدري حاله، أو لا يدري أيهما قتله. وبه قال عطاء والقاسم بن مخيمرة ومالك وأبو حنيفة وأحمد وأبو ثور. قلت: وهو مذهب الشافعي. وحكى ابن المنذر عن الأوزاعي أنهما إذا اشتركا في قتله وكان الآخر مُعلمًا حل (¬2). مج ج 9 ص 91. باب في كلب الصيد يقتل الصيد بصدمه ونحوه مسألة (847) أكثر أهل العلم على أن الكلب المعلَّم إذا قتل الصيد بصدمه أو بخنقه ولم يقتل بجرحه فإنه لا يحل أكله. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد والمزني والشافعي في قول. وهو قول ابن القاسم من أصحاب مالك وقال الشافعي في قول آخر: يجوز. قلت: وجعله النووي الأصح والمعتمد (¬3). وبه قال أشهب من أصحاب مالك ورواه الحسن بن زياد عن أبي حنيفة وروى أبو يوسف ومحمد وزفر عن أبي حنيفة عدم الجواز. مغ ج 11 ص 9. ¬
باب فيمن أرسل كلبه المعلم على صيد غير معين
باب فيمن أرسل كلبه المعلم على صيد غير معين مسألة (848) أكثر أهل العلم على أن من شرط حل الصيد بالكلب المعلم أن يرسله صاحبه على صيدٍ فإن أرسله مبهمًا فصاد صيدًا لم يجز أكله. واضطرب كلام الإِمام النووي في هذه المسألة ونقل فيها خلافًا في المذهب وخلافًا بين العلماء (¬1). مغ ج 11 ص 10. باب فيمن أغرى كلبه المعلم على صيدٍ وفيه حياة مستقرة مسألة (849) أكثر أهل العلم على أن الصائد بالكلب المعلم إذا وجد الصيد فيه حياة مستقرة وليس معه ما يذكيه به فأغرى (¬2) كلبه عليه ليقتله فإنه لا يجوز الأكل من هذا ¬
باب في الصيد يوجد بين كلبين معلمين أحدهما مرسل، والثاني غير مرسل
الصيد. وبه قال فقهاء الأمصار وأحمد في رواية. وقال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وأحمد في رواية يجوز أكله (¬1). مغ ج 11 ص 13 بداية ج 1 ص 603. باب في الصيد يوجد بين كلبين مُعَلَّمين أحدهما مُرسل، والثاني غير مرسل مسألة (850) أكثر أهل العلم على أن المسلم إذا أرسل كلبه المعلم فاسترسل مع كلبه كلب آخر مُعَلَّمٌ بنفسه (يعني دون أن يرسله صاحبه) فقتلا الصيد أو وجد الصيد مقتولًا ولا يُدْرى من قتله فإنه لا يحل أكله (¬2). وقال الأوزاعي: يحل. مغ ج 11 ص 16. باب في السباع المعلمة تأكل من الصيد مسألة (851) أكثر العلماء على تحريم الصيد الذي صادته الجوارح من السباع المعلمة وأكلت منه، وبه قال ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وسعيد بن جبير والشعبي والنخعي وعكرمة والضحاك وقتادة والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثور حكاه عنهم ابن المنذر، وقال: وبه أقول. قال النووي: وهو مذهب الحسن البصري وداود. وحكى ابن المنذر عن سعد بن أبي وقاص وسلمان الفارسي وابن عمر ومالك أنهم قالوا بإباحته. وروي كذلك عن أبي هريرة والشافعي في قولٍ وأحمد في رواية (¬3). مج ج 9 ص 94 مغ ج 11 ص 8. شرح ج 13 ص 75. ¬
باب في جوارح الطير المعلمة تأكل من الصيد
باب في جوارح الطير المعلمة تأكل من الصيد مسألة (852) جماهير العلماء على إباحة ما صادته جوارح الطير المعلمة وأكلت منه، وبه قال الشافعي في أحد قوليه، وحكاه ابن المنذر عنه، وعن ابن عباس والنخعي وحماد بن أبي سليمان والثوري وأبي حنيفة وأصحابه ومالك وأحمد والمزني. قال النووي: وأما إذا أكلت منه جارحة الطير كالصقور، فالأصح عندنا تحريمه كما سبق، ثم قال النووي: ولا أعلم أحدًا وافقنا عليه بل جماهير ..... (¬1) على إباحته. مج ج 9 ص 95 مغ ج 11 ص 11 (¬2) بداية ج 1 ص 601. شرح ج 13 ص 77. باب فيما صادته السباع المعلمة. قبل أكلها من آخر صيدٍ مسألة (853) جمهور العلماء على أن الصيود الماضية التي صادتها جوارح السباع والطير قبل أن تأكل من آخر صيد صادته حلال جائز أكلها، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد وداود. وقال أبو حنيفة: يحرم جميع ما صادته قبل ذلك. مج ج 9 ص 95. باب في الكلب المعلم يلعق دم الصيد مسألة (854) مذهب العلماء كافةً إلا ما سنحكيه عن البعض أن الكلب المعلم إذا لعق دم ما صاده فإن ذلك لا يحرمه. وهو مذهب الشافعي. وحكى ابن المنذر عن الشعبي والثوري أنهما كرها أكله. قال النووي: وليس ¬
باب في صيد المعراض
بشيء. قلت: وحكاه عن الشعبي الماوردي ونقل عنه التحريم (¬1) مج ج 9 ص 95. باب في صيد المعراض مسألة (855) جمهور العلماء بل جماهير أهل العلم على أن المعراض (¬2) إذا قتل بعرضه لا بحده صيدًا فإنه لا يحل أكله. وبه قال عليٌّ وعثمان وعمار وابن عباس رضي الله تعالى عنهم وهو قول النخعي والحكم ومالك والثوري والشافعي وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وأبي ثور. وقال ابن عمر: ما رمى من الصيد بجلاهق أو معراض فهو من الموقوذة. ولم يفرق ابن عمر بين ما قتل بحده وبين ما قتل بعرضه، وبه قال الحسن. وقال الأوزاعي وأهل الشام: يياح ما قتله بحده وعرضه (¬3). شرح ج 13 ص 75. باب في صيد البندقة مسألة (856) أكثر العلماء بل جماهيرهم على كراهة الصيد بالبندقة، وكراهة أكل ما صيد بالبندقة وهي كراهة تحريم في الغالب الأغلب. وهو الذي صرح به النووي -رحمه الله- فنقل عن الجمهور أنه لا يحل صيد البندقة. قال ابن عمر في المقتولة بالبندقة: تلك الموقوذة. وممن كره ذلك سالم والقاسم ومجاهد وعطاء والحسن وإبراهيم ومالك والثوري والشافعي (¬4) وأبو ثور. وهو مذهب أحمد. ورخص فيما قتل بها ابن المسيب. وروي هذا عن عمار وعبد الرحمن بن أبي ليلى. مغ ج 11 ص 37. شرح ج 13 ص 75. ¬
باب في صيد الأخبولة والشبكة
باب في صيد الأُخبُولة والشبكة مسألة (857) جمهور العلماء بل جماهيرهم على أن الصيد إذا وقع في أحبولة أو شبكة ومات فيها فهو ميتة ولو وجد في الأحبولة حديدة مات بسببها فالحكم كذلك. وهو مذهب الشافعي. وحكى ابن المنذر عن الحسن البصري أنه أجاز هذا إن كان قد سعى وقت نصبه للأحبولة والشبكة. وحكاه عنه كذلك ابن رشد. وحكى الماوردي عن أبي حنيفة أنه إن كان في الأحبولة أو الشبكة سلاح قطع بحده حلَّ أكله (¬1). مج ج 9 ص 106 مغ ج 11 ص 25. بداية ج 1 ص 604. * * * ¬
كتاب البيوع
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب البيوع
باب في الإشهاد على أنواع العقود
كتاب البيوع باب في الإشهاد على أنواع العقود مسألة (858) جمهور العلماء من السلف والخلف على أن الإشهاد على عقود المعاوضات المالية كالبيع والإجارة وغير ذلك مستحب غير واجب. وهو مذهب الشافعي، وبه قال أبو أيوب الأنصاري وأبو سعيد الخدري والشعبي والحسن وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق وغيرهم، حكاه عنهم ابن المنذر وقال: وقالت طائفة: يجب الإشهاد على البيع وهو فرض لازم يَعْصِي بتركه. وبهذا الأخير قال ابن عباس ومجاهد، قال ابن المنذر: وكان ابن عمر إذا باع بنقدٍ أَشْهَد. وممن رأى الإشهاد على البيع عطاء وجابر بن زيد والنخعى (¬1). مج ج 9 ص 141. باب في بيع المُكرَه مسألة (859) جمهور العلماء على عدم صحة بيع المُكْرهِ بغير حق. وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: يصح ويقف على إجازة المالك في حال اختياره. مج ج 9 ص 147. باب في بيع المضطر مسألة (860) عامة أهل العلم على أن من باع شيئًا اضطرارًا لسداد دين أو دفع مؤنة ترهقه فإن بيعه صحيح مع الكراهة في حق المشتري العالم بحاله. قلت: ولا أدري إن كان قول أبي حنيفة يتوجه في هذه المسألة. مج ج 9 ص 148. ¬
باب في خيار المجلس
باب في خيار المجلس مسألة (861) جمهور العلماء على ثبوت خيار المجلس للمتعاقِدَيْن. وهو مذهب الشافعي، وبه قال ابن عمر وأبو برزة الأسلمي وسعيد بن المسيب وطاوس وعطاء وشريح والحسن البصري والشعبي والزهري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك وعلي بن المديني، حكاه ابن المنذر عنهم وحكاه القاضي أبو الطيب عن عليّ بن أبي طالب وابن عباس وأبي هريرة وابن أبي ذؤيب. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يثبت بل يلزم البيع بنفس الإيجاب والقبول وحكى هذا عن شريح والنخعي وربيعة (¬1). مج ج 9 ص 171 مغ ج 4 ص 6. بداية ج 2 ص 251. شرح ج 10 ص 173. باب في خيار الشرط (¬2) مسألة (862) مذهب العامة من أهل العلم على أن خيار الشرط جائزٌ وأما من حيث التأقيت فأكثرهم على أنه بحسب حاجة المتبايعين في كل شيء وبه قال ابن أبي ليلى والحسن ابن صالح وعبيد الله بن الحسن العنبري وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد وابن المنذر وداود وفقهاء المحدثين. وحكى ابن رشد عن جماعة أنهم منعوه أصلًا. وقال جماعة: لا يجوز أكثر من ثلاثة أيام، وهو مذهب الشافعي، وبه قال أبو حنيفة وعبد الله بن شبرمة وزفر والأوزاعي في رواية عنه. مج ج 9 ص 212 مغ ج 4 ص 95. الحاوي ج 5 ص 65. بداية ج 2 ص 251 فتح ج 9 ص 180. * * * ¬
أبواب ما يجوز بيعه وما لا يجوز
أبواب ما يجوز بيعه وما لا يجوز باب في بيع الكلاب مسألة (863) جماهير العلماء على أن بيع الكلاب لا يجوز وأن ثمنها حرام المُعَلَّم منها وغيره سواء. وكذلك الصغير والكبير. وهو مذهب الشافعي. وبه قال أبو هريرة والحسن البصري والأوزاعي وربيعة والحكم وحماد وأحمد وداود وابن المنذر وغيرهم. وقال أبو حنيفة: يصح بيع جميع الكلاب التي فيها نفع وتجب القيمة على متلفه. وحكى ابن المنذر عن جابر وعطاء والنخعي جواز ييع الكلب للصيد دون غيره. وقال مالك: لا يجوز بيع الكلب، وتجب القيمة على متلفه، وإن كان كلب صيدٍ أو ماشية وعنه رواية كمذهب الشافعي، وعنه رواية كمذهب أبي حنيفة (¬1). مج ج 9 ص 215. فتح ج 9 ص 30. شرح ج 10 ص 233. باب في بيع الهر الأهلي مسألة (864) جماهير العلماء على جواز ثمن الهرة الأهلية، وهو مذهب الشافعي ونقل ابن المنذر الترخيص في بيعه عن ابن عباس وابن سيرين والحكم وحماد ومالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي حنيفة وسائر أصحاب الرأي. ونقل ابن المنذر عن طائفة كراهية ييعه، منهم أبو هريرة ومجاهد وطاوس وجابر بن زيد (¬2). قال ابن المنذر: إن ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن بيعه، فبيعه باطل وإلا فجائز. مج ج 9 ص 216. بداية ج 2 ص 154. شرح ج 10 ص 234. ¬
باب في بيع جلد الميتة قبل الدباغ
باب في بيع جلد الميتة قبل الدباغ مسألة (865) جمهور العلماء على عدم جواز ييع جلد الميتة قبل الدباغ. وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة بجوازه (¬1). مج ج 9 ص 218. باب في الانتفاع بشحوم الميتة في الاستصباح وطلاء السفن ونحو ذلك مسألة (866) جمهور أهل العلم على عدم جواز الانتفاع بشحوم الميتة في شيء وقال عطاء بن أبي رباح والشافعي وأصحابه ومحمد بن جرير الطبري: يجوز الانتفاع بها في طلي السفن والاستصباح وغير ذلك مما ليس بأكل ولا في بدن الآدمي. شرح ج 11 ص 6. باب في بيع السَّمنِ والزيت المتنجسين مسألة (867) جماهير العلماء على عدم جواز ييع السمن والزيت إذا تنجسا بشرط أن يكونا مائعين. وهو المشهور من مذهب الشافعي، وبه قال مالك وأحمد، وقالوا ولا يمكن تطهيرهما. وقال أبو حنيفة وأصحابه والليث بن سعد: يمكن غسله، ويجوز بيعه قبل غسله كالثوب النجس وكما يجوز الاستصباح به والوصيه به والصدقة والهبة. وقال داود: يجوز بيع الزيت دون السمن (¬2). مج ج 9 ص 225. ¬
باب في بيع العبد المدبر
باب في بيع العبد المُدَبَّرِ (¬1) مسألة (868) جمهور العلماء من السلف والخلف على عدم جواز بيع العبد المُدبَّرِ وبه قال مالك وأبو حنيفة في روايةٍ، وبه قال أيضًا سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي والزهري والأوزاعي والثوري، ونقله القاضي عياض عن جمهور العلماء من السلف وغيرهم من أهل الحجاز والشام والكوفة. وذهب جماعة إلى جواز بيعه مطلقًا سواء كان لحاجةٍ أو لغير حاجة، وسواء كان تدبيره مطلقًا أم مقيدًا، قال النووي: هذا مذهبنا، وبه قالت عائشة أم المؤمنين ومجاهد وطاوس وعمر بن عبد العزيز وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وغيرهم. قلت: نص الشافعي على جوازه. وقال الحسن وعطاء: يجوز إذا احتاج إلى ثمنه سيِّدُهُ. وقال أبو حنيفة: إن كان تدبيرًا مطلقًا لم يجز، وإن كان مقيدًا بأن يقول: إن مت من مرضي هذا فأنت حر جاز (¬2). مج ج 9 ص 232. شرح ج 11 ص 141. باب في بيع العين الموقوفة مسألة (869) مذهب العلماء كافة إلا أبا حنيفة عدم صحة بيع العين الموقوفة سواء حكم بصحته حاكم أم لا. وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد. وقال أبو حنيفة: يجوز البيع ما لم يحكم بصحته حاكم (¬3). مج ج 9 ص 234. الشرح الكبير ج 4 ص 17. ¬
باب في بيع الخمر
باب في بيع الخمر مسألة (870) جماهير العلماء على عدم جواز بيع الخمر وسواء باعه المسلم أو ذمي حربي أو غير حربي، وسواء باعه بنفسه أو وكَّل غير المسلم في بيعه. وهو مذهب الأئمة الثلاثة؛ مالك والشافعي وأحمد، وهو قول أبي يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة: يجوز للمسلم أن يوكل ذميًّا في بيعها وشرائها (¬1). مغ ج 4 ص 284. باب في كسر أواني الخمر وشق أوعيتها هل يجوز؟ مسألة (871) جمهور أهل العلم على أن أواني الخمر تهراق ولا تكسر وكذا أوعيتها. لا تشق وأن على متلفها القيمة. وذلك إذا كانت تصلح لغيرها. وهو مذهب الشافعي ومالك في رواية. وقال مالك في رواية تكسر أوانيها وتشق أوعيتها (¬2). شرح ج 11 ص 5. * * * ¬
أبواب ما نهي عنه من بيع الغرر وغيره
أبواب ما نهي عنه من بيع الغرر وغيره باب في بيع العين الغائبة وقت البيع مسألة (872) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين علي جواز بيع العين الغائبة مع اختلافهم في اشتراط الوصف والخيار. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وابن المنذر نقله عن أكثر العلماء البغوي وغيره. وقال الشافعي في أصح قوليه: لا يجوز، وبه قال الحكم وحماد. وفصل ابن المنذر أقوال العلماء في هذه المسألة فقال: فيه ثلاثة مذاهب: (مذهب الشافعي) أنه لا يصح (والثاني) يصح البيع إذا وصفه، وللمشتري الخيار إذا رآه. سواء كان على تلك الصفة أم لا، وهو قول الشعبي والحسن والنخعي والثوري وأبي حنيفة وغيره من أهل الرأي (والثالث) يصح البيع، وللمشتري الخيار إن كان على غير ما وصف وإلا فلا خيار، قاله ابن سيرين وأيوب السختياني ومالك وعبيد الله ابن الحسن وأحمد وأبو ثور وابن نصر، قال ابن المنذر: وبه أقول (¬1). مج ج 9 ص 291. باب في بيع الصوف على ظهر الغنم مسألة (873) جماهير العلماء على بطلان ييع الصوف على ظهر الغنم، وهو مذهب الشافعي. وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وأبي ثور. قال: وبه أقول. وقال سعيد بن جبير ورييعة ومالك والليث بن سعد وأبو يوسف: يجوز بيعه بشرط أن يجز قريبًا من وقت البيع. وقال أحمد في روايةٍ: يجوز إذا جز في الحال (¬2). مج ج 9 ص 319. ¬
باب في بيع اللبن في ضرع الشاة
باب في بيع اللبن في ضرع الشاة مسألة (874) جمهور العلماء على عدم جواز بيع اللبن في ضرع الشاة إلا أن يحلب ويعرف قدره فيباع بعد انفصاله. وبه قال ابن عباس وأبو هريرة ومجاهد والشعبي وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة وأبو ثور وابن المنذر. وهو مذهب أحمد. وقال طاوس: يجوز ييعه كيلًا. وقال سعيد بن جبير: يجوز ييعه. وقال الحسن البصري: يجوز شراء لبن الشاة شهرًا. وروي مثل هذا عن مالك لحاجة الصبي الرضيع. ومثله عن محمَّد بن مسلمة المالكي (¬1). مج ج 9 ص 317. بداية ج 2 ص 191. باب في بيع المزاد (المزايدة) مسألة (875) جمهور أهل العلم على جواز ييع المزاد، وهو أن يزيد الرجل في ثمن السلعة بحضور البائع، وقد عرض عليه غيره سعرًا أقل، ثم يزيد غيره، فإذا رضي البائع سعرًا أمضى العقد مع صاحبه وترك ما سواه. وكره ذلك بعض السلف (¬2). شرح ج 10 ص 159. بداية ج 2 ص 200. باب في الرجل يسوم على سوم أخيه بعد انعقاد البيع (¬3) مسألة (876) جمهور أهل العلم على أن الرجل إذا عقد البيع لفلانٍ ولا زالا في مدة خيار المجلس فأتى رجل آخر وزاده في السعر، فعقد البائع لهذا الآخر، فإن العقد صحيح لكنه مكروه وكذلك الأمر فيما لو كان العارض هو البائع لا المشتري. وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وغيرهما. ¬
باب في النجش
وقال داود: لا يصح، لان وقع فسخ في أي حالة وقع (¬1) بداية ج 2 ص 199. باب في النجش (¬2) مسألة (877) أكثر أهل العلم على أن البيع الذي فيه نجش هو بيع صحيح تترتب عليه آثاره مع اتفاق الكل على تحريم هذا النوع من البيع وعلى أن الإثم يلحق الناجش. وممن قال بصحة البيع الشافعي وأصحاب الرأي. وهو اختيار الموفق ابن قدامة الحنبلي. وقال أحمد في رواية عنه: إن البيع باطل. وهو اختيار أبي بكر من أصحاب الاختيارات في مذهب الإِمام أحمد. وبه قال مالك (¬3). مغ ج 4 ص 278. باب في تلقي الركبان مسألة (878) أكثر أهل العلم على النهي عن تلقي الركبان وكراهة الشراء منهم قبل نزولهم السوق. وممن كره ذلك عمر بن عبد العزيز ومالك والليث والأوزاعي والشافعي وإسحاق. وحكي عن أبي حنيفة أنه لم ير بذلك بأسًا (¬4). مغ ج 4 ص 381. باب في صحة بيع المتلقي من الركبان مسألة (879) مذهب العامة من الفقهاء أن من اشترى من التجار قبل نزولهم السوق، وهو معنى تلقي الركبان، فإنه يعتبر بيعًا صحيحًا مع كراهة جمهور أهل العلم له. وممن قال بصحة البيع: مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في أصح الروايتين عنه. ¬
باب في بيع العبد المسلم للكافر
وروي عن أحمد أنه جعله بيعًا باطلًا لا يصح. وحكى ابن رشد عن الشافعي أن البائع بالخيار إذا أتى السوق إن شاء أمضى البيع وإن شاء رده (¬1). باب في بيع العبد المسلم للكافر مسألة (880) جمهور العلماء على صحة ييع العبد المسلم لكافر وبه قال أبو حنيفة. وقال جماعة لا يصح في مذهب الشافعي وبه قال أحمد. وروى عن مالك كالمذهبين (¬2). مج ج 9 ص 353. * * * ¬
أبواب ما يفسد البيع من الشروط وما لا يفسده
أبواب ما يفسد البيع من الشروط وما لا يفسده باب في اشتراط ما ينافي مقتضى العقد مسألة (881) جماهير العلماء على أن من باع شيئًا واشترط شرطًا ينافي مقتضى العقد فالبيع باطل، وسواء شرط شرطًا واحدًا أو شرطين. وهو المشهور من مذهب الشافعي، وبه قال ابن عمر وعكرمة والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة. قال الماوردي: هو مذهب جميع الفقهاء. وقال ابن سيرين وعبد الله بن شبرمة وحماد بن أبي سليمان: البيع صحيح والشرط صحيح. وقال الحسن البصري والنخعي وابن أبي ليلى وأبو ثور وابن المنذر: البيع صحيح والشرط باطل لاغٍ. وقال أحمد وإسحاق: إن شرط شرطًا واحدًا من هذه الشرائط صح البيع ولزم الشرط وإن شرط شرطين فأكثر بطل البيع (¬1). مج ج 9 ص 371. شرح ج 10 ص 142. باب في البيع الفاسد مسألة (882) أكثر العلماء على أن من اشترى شيئًا فاسدًا فإن آثار البيع لا تترتب عليه فلا يصح تملكه ولا التصرف فيه، بل الواجب فيه رده، فإن تلف في يده لزمه البدل. وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: يملكه بالقبض ملكًا ضعيفًا خبيثًا, ويصح تصرفه، ويلزم كل واحد منهما فسخ الملك ورد العوض على صاحبه. مج ج 9 ص 373. باب في عقد بيعيتين في بيعة مسألة (883) جمهور العلماء على أن من عقد بيعتين في بيعة واحدة فإن عقده باطل لا يصح، وهو مثل أن يقول: بعتك داري على أن تبيعني دارك، أو بعتك داري على أن تزوجني ابنتك، أو على أن تؤجرني دارك أو أؤجرك داري، أو على أن أزوجك ابنتي، أو يقول. بعتك الشيء الفلاني بكذا على أن آخذ منك الدينار بكذا. وبهذا ¬
باب في النهي عن بيع وسلف هل إذا ترك الشرط يصح البيع؟
كله قال أبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد، وجوز ذلك مالك وقال: لا ألتفت إلى اللفظ الفاسد إذا كان معلومًا حلالًا (¬1). مغ ج 4 ص 290. باب في النهي عن بيع وسلف هل إذا ترك الشرط يصح البيع؟ مسألة (884) جمهور العلماء على أن كل عقد فيه بيع وسلف هو عقد باطل وسواء ترك الشرط قبل القبض أو لم يترك. وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة. وقال مالك إذا ترك الشرط صح العقد. وبه قال أصحابه إلا محمَّد بن الحكم. قال ابن رشد: وقد روى عن مالك مثل قول الجمهور. بداية ج 2 ص 195. باب في بيع النقد والنسيئة (التقسيط) في صيغة واحدة (¬2) مسألة (885) جمهور العلماء على أن من قال بعتك هذه السلعة بكذا نقدًا أو بأكثر من كذا نسيئة فإن هذا البيع باطل لا يصح. وروى عن طاوس وحماد والحكم أنهم قالوا: لا بأس أن يقول أبيعك بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا، فيذهب على أحدهما، وروي عن أحمد أنه قال: فيمن قال للخياط: إن خطته اليوم ذلك درهم، وإن خِطته غدا فلك نصف درهم. أنه يصح. مغ ج 4 ص 290. باب في بيع وسلف إذا ترك الشرط مسألة (886) جمهور العلماء على تحريم بيع وسلف وهو أن بيعه كذا بشرط أن يُسْلفَهُ كذا، أو أن يشتري كذا بشرط أن يقرض المشتري البائع كذا. وهو بيع باطل لا يصح. ونقل عن مالك أن البيع يصح فيما لو ترك المشترط السلف (¬3). مغ ج 4 ص 291 بداية ج 2 ص 195. ¬
باب في بيع العرايا
باب في بيع العرايا (¬1) مسألة (887) جمهور الفقهاء على جواز العرايا وهي أن يوهب للإنسان من النخل ما ليس فيه خمسة أوسق (¬2) فيبيعها بخرصها من التمر لمن يأكلها رطبًا. وبه قال مالك وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام وإسحاق وأحمد وابن المنذر وغيرهم. وقال أبو حنيفة: لا تجوز العرايا أصلًا (¬3). مغ ج 4 ص 181 مج ج 10 ص 302. باب فيما يشترط من بيع العرية مسألة (888) جمهور الفقهاء الذين أجازوا بيع العرايا أشترطوا لصحة هذا البيع أن يكون فيما دون خمسة أوسق، وأن تباع بخرصها من التمر لا أقل منه ولا أكثر، وأن يكون التمر المشترى به معلومًا بالكيل، فلا يجوز جزافًا، وأن يتم التقابض في المجلس. مغ ج 4 ص 182، 183، 184. باب في بيع الأصول والثمار - بيع النخل المؤبر مسألة (889) جمهور الفقهاء على أنه يجوز لأحد المتبايعين اشتراط جزءٍ من ثمر النخل المعقود عليه إذا كان معلومًا. وقال ابن القاسم من أصحاب مالك: لا يجوز اشتراط بعضها (¬4). ¬
باب في بيع الثمرة قبل بدو صلاحها
مغ ج 4 ص 191 بداية ج 1 ص 227 شرح ج 10 ص 191. باب في بيع الثمرة قبل بدو صلاحها مسألة (890) أكثر الفقهاء على أن من اشترى ثمرًا قبل بدو صلاحه على أن يقطعها في الحال ثم تركها حتى بدا صلاحها فإن البيع صحيح. ولأحمد قولان في روايتين: أحدهما موافق للجمهور. والثاني: يبطل البيع (¬1). مغ ج 4 ص 204. باب في بيع الثمرة قبل بدو صلاحها من غير شرط تبقية أو قطع (¬2) مسألة (891) جمهور العلماء على أن من باع ثمرة قبل بدو صلاحها مطلقًا من غير أن يشترط القطع فإن البيع باطل. وهو قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والليث والثوري. وقال أبو حنيفة يجوز ويلزم المشتري القطع. بداية ج 2 ص 181. ¬
باب في بيع الثمرة بعد بدو صلاحها بشرط التبقية
باب في بيع الثمرة بعد بدو صلاحها بشرط التبقية مسألة (892) جمهور أهل العلم على جواز ييع الثمر بعد بدو صلاحها بشرط التبقية (بقاء الثمرة على أصولها). وقال أبو حنيفة: لا يجوز (¬1). بداية ح 2 ص 183. باب في بيع الثمرة بعد بدو صلاحها بإطلاق (¬2) مسألة (893) جمهور أهل العلم على أن من باع ثمرة بعد بدو صلاحها بإطلاق (دون أن يشترط تبقية أو قطعًا) فإن هذا الإطلاق محمول على التبقية. وقال أبو حنيفة: بل هو محمول على القطع. بداية ج 2 ص 183. باب في بيع الأمة المكاتبة وغيرها مع اشتراط الوطء مسألة (894) أكثر الفقهاء على أنه لا يجوز بيع. الأمة مع اشتراط البائع وطئها وسواء كانت مكاتبة أو غير مكاتبة. وبه قال ابن عقيل من الحنابلة. والمشهور من مذهب أحمد أنه لا يجوز في غير المكاتبة ويجوز في المكاتبة. مغ ج 4 ص 211. باب في بيع العربون مسألة (895) جمهور علماء الأمصار على أن بيع العربون لا يجوز، وهو أن يعطى المشتري جزءًا من ثمن السلعة للبائع، فإن نفذ البيع ومضى كان العربون جزءًا من الثمن وإلا استحقه البائع. وحكي عن جماعة من التابعين أنهم أجازوه، منهم مجاهد وابن سيرين ونافع بن الحارث وزيد بن أسلم. بداية ج 2 ص 196. ¬
باب في الاستثناء في البيع
باب في الاستثناء في البيع مسألة (896) أكثر أهل العلم على عدم جواز بيع عدد من الشياه واستثناء شاة لا على التعيين. أو بيع حائطٍ (بستان ثمر أو زرع) واستثناء مكيلةٍ. وقال مالك: يصح في الأولى وفي الثانية أجازه مالك فيما كان دون الثلث (¬1). مغ ج 4 ص 214 بداية ج 2 ص 198. باب في بيع الشاة الحامل واستثناء ما في بطنها مسألة (897) جمهور أهل العلم على أنه لا يجوز بيع الشاة الحامل ونحوها واستثناء ما في بطنها. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي والثوري. وقال أحمد وأبو ثور وداود: يجوز. بداية ج 2 ص 197. باب في بيع الجزاف مسألة (898) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على كراهة بيع شيء جزافًا مع معرفة مبلغ كيله أو وزنه. وممن كره هذا عطاء وابن سيرين ومجاهد وعكرمة ومالك وإسحاق وأحمد. وروي كذلك عن طاوس. وهي كراهة تحريم عند هؤلاء في أغلب الظن. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا بأس به. وروي عن أحمد أنه كرهه ولم يحرمه. مغ ج 4 ص 228. باب في المصراة (¬2) مسألة (899) جمهور أهل العلم على أن من اشترى شاة مصراة أو غيرها من بهيمة الأنعام على هذه الصفة، فإنه له الخيار في إمساكها أو ردها مع رد بدل اللبن الذي حلبه ¬
باب في المصراة في جميع بهيمة الأنعام
على اختلاف بينهم (¬1) في أي شيء يكون البدل. روي هذا عن ابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وأنس رضي الله تعالى عنهم. وبه قال مالك وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو يوسف. وذهب أبو حنيفة ومحمد بن الحسن إلى أنه لا خيار للمشتري. مغ ج 4 ص 233 الحاوي ج 5 ص 236 شرح ج 10 ص 167. باب في المصراة في جميع بهيمة الأنعام مسألة (905) جمهور أهل العلم على أن حكم المصراة يصدق على بهيمة الأنعام شاة كانت أو بقرة أو ناقة. وانفرد داود فقال: لا تكون إلا في الإبل والغنم. مغ ج 4 ص 236. باب في استثناء الشيء من الثمر معين في البيع مسألة (901) جمهور العلماء بل عامتهم على أن من باع ثمرة نخلات فاستثنى من ثمر عشر آصع فالبيع باطل. وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وحكاه النووي عن العلماء كافةً وقال: وقال مالك وجماعة من علماء المدينة. يجوز ذلك ما لم يزد على قدر ثلث الثمرة. شرح ج 10 ص 115. باب في حكم من باع وأخفى العيب عن المشتري مسألة (902) أكثر أهل العلم على أن من باع شيئًا وأخفى عيبًا فيه عن المشتري فإن العقد صحيح وتترتب عليه آثاره لكنَّ البائع آثم مرتكب حرامًا. وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد. وحكى عن أبي بكر عبد العزيز من أصحاب أحمد أن البيع باطل. مغ ج 4 ص 238. ¬
باب في بيع العينة
باب في بيع العينة مسألة (903) جمهور أهل العلم على أن بيع العينة (¬1) حرام ولا ينعقد. وبه قال من الصحابة ابن عباس وعائشة، وهو قول الحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي وإليه ذهب أبو الزناد وربيعة وعبد العزيز بن أبي سلمة والثوري والأوزاعي ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد وأبي حنيفة. وقال الشافعي: هو جائز، وهو بيع صحيح (¬2). وبه قال أبو ثور وداود. مغ ج 4 ص 256. باب في ما يملكه العبد مسألة (904) مذهب العامة من أهل العلم أن العبد لا يملك إلا ما ملَّكهُ (¬3) إياة سيِّدُهُ. وقال أهل الظاهر: يملك. مغ ج 4 ص 256. باب في بيع السلعة بثمن مكتوب عليها مسألة (905) جمهور أهل العلم على جواز البيع بالرقم -يعني بالثمن المكتوب ¬
باب في بيع السلعة مع سكوت صاحبها
عليها -ولا كراهة في هذا. وكرهه طاوس. مغ ج 4 ص 264. باب في بيع السلعة مع سكوت صاحبها مسألة (906) أكثر أهل العلم على أن من باع سلعة بحضور صاحبها، وهو ساكت فهو كبيعها وهو غائب. وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأبي ثور وأحمد. وقال ابن أي ليلى: سكوته إقرار. مغ ج 4 ص 275. باب في النهي عن سوم الغير. هل يدخل فيه الذمي؟ مسألة (907) جمهور أهل العلم على أن النهي عن سوم الرجل على سوم الغير لا يقتصر على المسلم، بل يتعداه إلى الكافر (الذمي). وقال الأوزاعي: بل هو مقتصر على المسلم (¬1). بداية ج 2 ص 199. باب في بيع الموصوف بالذمة مسألة (908) أكثر أهل العلم على صحة بيع ما رآه المشتري ولم يكن موجودًا عند العقد إذا كان زمان الفصل بين الرؤية وبين إمضاء العقد قصيرًا أو كانت السلعة لا تتغير بطول الزمان. وقال أحمد في رواية: لا يجوز حتى يرياها المتبايعان حالة العقد. وحكي ذلك عن الحكم وحماد. وهو قول ابن القاسم الأنماطي الشافعي (¬2). مخ ج 4 ص 87 الحاوي ج 5 ص 25. ¬
أبواب الربا
أبوابُ الربا باب في الربا في دار الحرب مسألة (909) جمهور العلماء على تحريم الربا في دار الحرب، وسواء كان هذا بين مسلم وحربي أو بين مسلم ومسلم، وسواء دخل المسلم دار الحرب بأمان أم بغيره. وهو مذهب الشافعي، وبه قال مالك وأحمد وأبو يوسف. وقال أبو حنيفة: لا يحرم الربا في دار الحرب بين المسلم وأهل الحرب، ولا بين مسلمَينِ لم يهاجرا منها، فإذا باع مسلم لحربي في دار الحرب درهمًا بدرهمين، أو أسلم رجلان فيها ولم يهاجرا فتبايعا درهمًا بدرهمين جاز (¬1). مج ج 1 ص 390. باب في الربا في المطعوم مسألة (910) مذهب الجمهور ثبوت الربا في قليل المطعوم وكثيره وفيما يباع منه كيلًا أو وزنًا وفيما يباع عددًا. وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: لا ربا في قليل المطعوم كالحفنة والحفنتين، ولا فيما يباع عددًا كالبطيخ والبيض والسفرجل وسائر الفواكه التي تباع عددًا. مج ج 9 ص 403. باب في الحيوان. هل فيه ربا؟ مسألة (911) جماهير العلماء على أنه لا ربا في الحيوان، فيجوز بيعه متفاضلًا حالًا ومؤجلًا، وهو مذهب الشافعي. وقال مالك: لا يجوز بيع بعير ببعيرين، ولا ببعير إذا كانا جميعًا أو أحدهما لا يصلح إلا للذبح كالكسير والحطيم ونحوهما (¬2). وحكى النووي في شرح صحيح مسلم المنع من بيع الحيوان متفاضلًا عن أبي حنيفة ¬
باب في التفاضل في غير المطعوم والنقدين
والكوفيين، وكذا حكاه الماوردي عن أبي حنيفة مج ج 9 ص 403 شرح ج 11 ص 39. باب في التفاضل في غير المطعوم والنقدين مسألة (912) جمهور العلماء على جواز بيع كل ما ليس مطعومًا ولا ذهبًا ولا فضة بعضه ببعض متفاضلًا ومؤجلًا. وهو مذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة: يحرم التأجيل في بيع الجنس بعضه ببعض من أي مال كان. مج ج 9 ص 404. * * *
أبواب الربا والصرف
أبواب الربا والصرف باب في ربا الفضل وربا النسيئة مسألة (913) جماهير العلماء على تحريم الربا بنوعيه؛ ربا الفضل، وربا النسيئة، وقال ابن عباس: لا ربا إلا في النسيئة. وحكي هذا عن أسامة بن زيد وزيد بن أرقم وعبد الله بن الزبير (¬1). وحكاه الماوردي عن البراء بن عازب وعمن ذكرناهم بصيغه الجزم. مغ ج 4 ص 123 بداية ج 2 ص 156. الحاوي ج 5 ص 76. باب في ربا الفضل. هل يختص الأعيان المنصوص عليها؟ مسألة (914) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن الربا (أعني ربا الفضل) لا ينحصر في الأعيان المنصوص عليها في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما يتعداها إلى غيرها إذا وجد فيها علة تحريم ربا الفضل. وبه قال فقهاء الأمصار القائلين بالقياس، وهو قول مالك وأبي حنيفة وصاحبيه والشافعي وأحمد وغيرهم. وحكي عن طاوس وقتادة أنهما قصرا الربا على الأعيان المنصوصة. وبه قال داود وكل من نفى القياس (¬2). مغ ج 4 ص 124 بداية ج 2 ص 157 شرح ج 11 ص 9. باب في جريان ربا الفضل في الجنس الواحد فقط مسألة (915) جمهور أهل العلم على أن ربا الفضل لا يجري إلا في الجنس الواحد كالذهب بالذهب والفضة بالفضة والتمر بالتمر. وقال سعيد بن جبير: كل شيئين يتقارب الانتفاع بهما لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلًا كالحنطة بالشعير، والتمر بالزبيب، والذرة بالدخن. وحكاه النووي عن مالك في الحنطة بالشعير أنه لا يجوز عنده وجعلهما واحدًا (¬3). ¬
باب فيما يجري فيه ربا الفضل
مغ ج 4 ص 124 شرح ج 11 ص 20. باب فيما يجري فيه ربا الفضل مسألة (916) أكثر أهل العلم بل جماهيرهم على أنه إذا اجتمع في الجنس الواحد الكيل والوزن والطعم فإنه يجري فيه ربا الفضل. قال ابن المنذر: هذا قول علماء الأمصار في القديم والحديث سوى قتادة فإنه بلغني أنه شذ عن جماعة الناس فقصر تحريم التفاضل على الستة الأشياء. مغ ج 4 ص 127. باب فيما لا يجري فيه ربا الفضل مسألة (917) أكثر أهل العلم على أنه إذا انتفى الكيل والوزن والطعم واختلف الجنس فإنه لا يجري فيه ربا الفضل. قلت: وقد مر خلاف سعيد بن جبير السابق. مغ ج 4 ص 127. باب في بيع الثوب بالثوب ونحوه مسألة (918) أكثر أهل العلم على جواز بيع الثوب بالثوبين والكساء بالكساءين لأنه مما لا يوزن. وكذلك ما كان أصله مما يوزن لكنه صار مما لا يوزن كبيع سكين بسكينين أو إبرة بإبرتين. وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأحمد في رواية. وعن أحمد رواية أخرى أن الربا يجري في الكل لأن الكل أصله مما يوزن. مغ ج 4 ص 129. باب في الأعيان الربوية إذا كان فيها الصحيح والمكسور مسألة (919) أكثر أهل العلم على أنه لا فرق في التحريم والإباحة في الأعيان التي يجري فيها الربا بين الصحيح والمكسور، ولا بين الجيد والرديء فما كان مثلًا بمثل ويدًا ¬
باب في بيع الرطب بالتمر. هل يجوز؟
ييد جاز أو ما كان متفاضلًا يدًا بيدٍ جاز أو ما كان مثلًا بمثل آجلًا جاز، وما كان متفاضلًا آجلًا حرم. وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد. وحكي عن مالك جواز بيع المضروب بقيمتة من جنسه، وأنكر أصحابه ذلك ونفوه عنه. وحكى عن أحمد أنه لا يجوز بيع الصحاح بالمكسرة. مغ ج 4 ص 129. باب في بيع الرطب بالتمر. هل يجوز؟ مسألة (920) جمهور الفقهاء على عدم جواز ييع الرطب بالتمر. وبه قال سعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب والليث ومالك والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد. وهو مذهب أحمد. قال ابن عبد البر: جمهور علماء المسلمين على أن بيع الرطب بالتمر لا يجوز بحال من الأحوال. وقال أبو حنيفة: يجوز. مغ ج 4 ص 132. باب في بيع الرطب بالرطب ونحوه مع التماثل مسألة (921) أكثر أهل العلم على جواز بيع الرطب بالرطب والعنب بالعنب ونحوه إذا كان متماثلًا. ومنع الشافعي فيما ييبس من ذلك، وأما ما لا ييبس كالقثاء والخيار ونحوه فعلى قولين. وبه قال أبو حفص العكبري من أصحاب الترجيح في مذهب الإِمام أحمد. وكلام الخرقي يحتمله. مغ ج 4 ص 132. باب في بيع الأعيان الربوية بعضها ببعض إذا تساوت كيلًا ووزنًا مسألة (922) جمهور أهل العلم على جواز بيع الأعيان التي يجرى فيها الربا بعضها ببعض إذا تساوت كيلًا في المكيل، ووزنًا بالموزون، ولو اختلفت في غيرها من الصفات. وأنه لا يجوز بيع هذه الأعيان إذا اختلفت كيلًا في الكيل أو وزنًا في الوزون ولو تساوت في سائر الصفات، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وهو مذهب أحمد.
باب إذا اختلفت الأجناس
وقال مالك: يجوز بيع الموزونات بعضها ببعض جزافًا. مغ ج 4 ص 133. باب إذا اختلفت الأجناس مسألة (923) أكثر أهل العلم على أن الأجناس إذا اختلفت جاز بيع بعضها ببعض جزافًا، المكيل بالموزون والموزون بالمكيل. والمكيل بالمكيل والموزون بالموزون. ومنع من ذلك بعض الأصحاب في مذهب الإِمام أحمد إذا كان الجنسان مما يكال أو مما يوزن. وروي عن أحمد كراهة ذلك. وبه قال القاضي والشريف وأبو جعفر. مغ ج 4 ص 135. باب في بيع اللبن بشاة في ضرعها لبن مسألة (924) جمهور العلماء على أنه لا يجوز بيع اللبن بشاة في ضرعها لبن. وهو مذهب مالك والشافعي. وقال الأوزاعي: يجوز. شرح ج 12 ص 30. باب في بيع اللحم بحيوان من جنسه مسألة (925) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أنه لا يجوز ييع اللحم بحيوان (¬1) من جنسه (¬2). وبه قال مالك والشافعي وفقهاء المدينة السبعة. وقال مالك فيما حكى عنه أن هذا لا يجوز إذا كان الحيوان معدًّا للحم أما إذا كان معدًّا لغير اللحم كالزرع أو الحرث أو السقاية فلا بأس بذلك. ¬
باب في بيع اللحم بحيوان غير مأكول اللحم
وقال أبو حنيفة: يجوز مطلقًا. مغ ج 4 ص 147. باب في بيع اللحم بحيوان غير مأكول اللحم مسألة (926) عامة الفقهاء على جواز بيع اللحم بحيوان غير مأكول اللحم. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد والشافعي في أحد قوليه. وقال الشافعي في قوله الآخر: لا يجوز (¬1). مغ ج 4 ص 150. باب في الشراء بالدنانير والقضاء بالدراهم في البيع الحال مسألة (927) أكثر أهل العلم علي أن من اشترى من أحدٍ شيئًا بالدنانير جاز أن يقضيه ثمنها بالدراهم إذا كان البيع حالًّا وقضاه بسعر اليوم الذي اشترى فيه، وكذلك يصح العكس، وهو أن يشتري بالدراهم ويقضي بالدنانير بالشروط التي ذكرنا. ومنع من ذلك ابن عباس وأبو سلمة بن عبد الله وابن شبرمة. وروي ذلك عن ابن مسعود. مغ ج 4 ص 173. باب في المدين يقول للدائن ضع عني وأعجل لك مسألة (928) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أنه لا يجوز أن يقول المدين لغريمه (يعني الدائن) ضع عني شيئًا أو بعضًا من الدين وأعجِّل لك ما بقي. كره ذلك زيد بن ثابت وابن عمر والمقداد وسعيد بن المسيب وسالم والحسن وحماد والحكم والشافعي ومالك والثوري وهشيم وابن علية وإسحاق وأبو حنيفة (¬2). ¬
باب (في المتاجرة بمال اليتيم)
وروي عن ابن عباس والنخعي وأبي ثور أنهم لم يروا في ذلك بأسًا. مغ ج 4 ص 174. باب (في المتاجرة بمال اليتيم) (¬1) مسألة (929) جمهور العلماء على جواز متاجرة الوصي بمال اليتيم إذا كان الوصي عارفًا أمينًا أو دفع مال اليتيم لمن يتاجر فيه مضاربة، وكان المضارب عارفًا أمينًا. وممن ذهب إلى هذا عمر وابنه وعائشة والضحاك والنخعي والحسن بن صالح ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. وروي عن الحسن البصري كراهة ذلك. وحكى الماوردي عن ابن أبي ليلى المنع من ذلك وقال: لا يجوز لوليه أن يتاجر بماله مغ ج 4 ص 293 الحاوي ج 5 ص 361. باب في السَّلَمِ (¬2) مسألة (930) أكثر أهل العلم على عدم جواز الشركة والتولية في المُسلَم فيه وحكي عن مالك جوازهما. مغ ج 4 ص 341. ¬
باب فيما يجوز فيه السلم من العروض
باب فيما يجوز فيه (¬1) السلم من العروض مسألة (931) جمهور أهل العلم على جواز السلم في العروض التي تنضبط بالصفة والعدد، وقال داود وطائفة من أهل الظاهر: لا يجوز السلم إلا في المكيل والموزون. بداية ج 2 ص 241. باب في القرض مسألة (932) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المستقرض إذا زاد المقرض عند وفائه القرض من غير اشتراط ولا مواطأة أو وفاه أقل منه كذلك برضاهما فهو جائز، بل الزيادة من المستقرض عند الوفاء مستحبة محمودة إذا كانت من غير اشتراط. رخص في ذلك ابن عمر وسعيد بن المسيب والحسن والنخعي والشعبي والزهري ومكحول وقتادة ومالك والشافعي وإسحاق. وقال أبو الخطاب الحنبلي: إن قضاه خيرًا منه أو زاده زيادة بعد الوفاء من غير مواطأةٍ فعلى روايتين. وروي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن عمر أنه يأخذ مثل قرضه ولا يأخذ فضلًا (¬2). مغ ج 4 ص 361. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الرهن
كتاب الرهن
كتاب الرهن باب في الرهن في الحضر وفي السفر مسألة (933) جمهور أهل العلم على جواز الرهن في السفر وفي الحضر. وخالف مجاهد فقال: لا يكون الرهن إلا في السفر. حكاه عنه ابن المنذر. حكاه النووي عنه وعن داود. مغ ج 4 ص 367. شرح ج 11 ص 40 الإشراف ج 1 ص 69. بداية ج 2 ص 326. باب في رهن المصحف مسألة (934) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم جواز رهن المصحف وجواز بيعه. وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد في روايةٍ. وقال أحمد في أشهر الروايتين: لا يصح رهن المصحف ولا يجوز بيعه. مغ ج 4 ص 380. باب في الراهن يؤدي بعض المال الذي رهن به مسألة (935) جمهور العلماء بل عامتهم على أن من رهن شيئًا بمالٍ فأدى بعض هذا المال وأراد فك بعض الرهن فإنه ليس له ذلك حتى يؤدي للمرتهن كل المال الذي رهن به. وهو قول مالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي. حكاه عنهم ابن المنذر. وحكى ابن رشد عن قوم أن له ذلك ويبقى مالم يؤد ماله مرهونًا عند المرتهن (¬1). بداية ج 2 ص 327. ¬
باب في الراهن يبيع أو يهب الرهن
باب في الراهن يبيع أو يهب الرهن مسألة (936) جمهور العلماء بل عامتهم على أنه ليس للراهن أن يتصرف في الرهن بيعًا أو هبةً أو صدقةً. وأن للمرتهن حق امضاء ما سبق أو نسخه وإبطاله. وقال مالك: وإن زعم أن تصرفه كان لتعجيل حقه حلف وكان له ذلك. وقال قوم: يجوز ييعه مطلقًا (¬1). بداية ج 2 ص 330. باب في اختلاف الراهن والمرتهن في قيمة الرهن مسألة (937) جمهور أهل العلم على أن الراهن والمرتهن إذا اختلفا في قدر الرهن فالقول قول الراهن. وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي. وقال مالك: القول قول المرتهن فيما ذكره من قدر الحق ما لم تكن قيمة الرهن أقل من ذلك فإن زاد على قيمة الرهن، فالقول قول الراهن. بداية ج 2 ص 331. باب في المتراهنين يضعان الرهن في يد آخر مسألة (938) جمهور العلماء على أن المتراهنين إذا شرطا كون الرهن على يدي رجل رضيا به واتفقا عليه جاز وكان وكيلًا للمرتهن نائبًا عنه في القبض ومتى قبضه أي الوكيل صح قبضه. وبه قال عطاء وعَمْرو بن دينار والثوري وابن المبارك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وقال الحكم والحارث العكلي وقتادة وابن أبي ليلى: لا يكون مقبوضًا بذلك (¬2). مغ ج 4 ص 387. ¬
باب في وطء الأمة المرهونة
باب في وطء الأمة المرهونة مسألة (929) جماهير العلماء على أنه لا يحل للراهن وطء أمته المرهونة أيًّا كان حالها صغيرةً أو كبيرة آيسة أو غير ذلك. وقال بعض أصحاب الشافعي: يجوز له وطء أمته المرهونة إذا كانت آيسة أو صغيرة لا يتأتى منها الحبل (¬1). مغ ج 4 ص 402. باب في انتفاع المرتهن بالرهن مسألة (940) جمهور أهل العلم على أن المرتهن لا ينتفع من الرهن بشيء إذا كان الرهن بسبب القرض. ولا فرق أن يكون الرهن حيوانًا أو عروضًا أو عقارًا. وهو قول الشافعي بسبب القرض أو البيع، وقال أحمد وإسحاق في الرهن يكون حيوانًا يركب أو يحلب: له ركوبه وحلبه وعليه نفقته. وقال أبو ثور: له ركوبه إذا كان الراهن لا ينفق عليه. وكذا العبد له استخدامه إذا ترك الراهن النفقة عليه (¬2). بداية ج 2 ص 338. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب المفلس
كتاب المفلس
كتاب المفلس باب في حبس المعسر بالدين مسألة (941) أكثر أهل العلم على جواز حبس المعسر في الدين حتى يثبت إعساره. وبه قال مالك والشافعي وأبو عبيد والنعمان (¬1) وسوار وعبيد الله بن الحسن. وروي كذلك عن شريح والشعبي. وقال عمر بن عبد العزيز: يقسم ماله بين الغرماء ولا يحبس. وبه قال عبد الله بن جعفر والليث بن سعد. مغ ج 4 ص 503 الإشراف ج 1 ص 145. باب في المفلس الذي لا مال له أصلًا مسألة (942) جمهور الفقهاء على أن المفلس الذي لا مال له أصلًا فإن فلسه يسقط الدين عنه إلى وقت ميسرته. وحكي عن عمر بن عبد العزيز أن لغرمائه أن يؤاجروه بما يفي بديونهم. قال ابن رشد: وبه قال أحمد من فقهاء الأمصار (¬2). بداية ج 2 ص 346. باب في الرجل يبيع الشيء فيجده بعينه عند المفلس مسألة (943) جمهور أهل العلم على أن من باع سلعةً بعوض إلى أجل لرجلٍ ثم تبين فَلَسُهُ ووجد البائع سلعته بعينها عند المفلس فهو أحق بها من باقي الغرماء، وسواء كان له غريم أو غرماء غير البائع أو لم يكن إلا هو. وهو قول عثمان وعليّ رضي الله ¬
تعالى عنهما. وبه قال عروة بن الزبير ومالك والأوزاعي وعبيد الله بن الحسن والشافعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر قلت: على اختلاف بين بعض هؤلاء فيما لو وجد قيمة السلعة أقل أو مساويةً أو أكثر من تلك يوم بيعها. وقال الحسن البصري وابن شبرمة وأبو حنيفة: هو أسوة الغرماء (¬1). بداية ج 2 ص 341. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي هذه الموسوعة تضمنت أمهات مسائل الفقه الإسلامي التي قال بها جمهور العلماء من أئمة السلف وصالحي هذه الأمة في خير القرون ابتداء بعصر الصحابة والتابعين وانتهاء بآخر عصر الأئمة المجتهدين تأليف الدكتور: محمد نعيم محمد هاني ساعي أستاذ فقه وأصوله - الجامعة الأمريكية المفتوحة الولايات المتحدة المجلد الثاني دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الحجر
كتاب الحجر
كتاب الحجر باب في الحجر على الكبير مسألة (944) أكثر أهل العلم على أنه يجوز الحجر على السفيه ولو كان كبيرًا قال ابن المنذر: أكثر علماء الأمصار من أهل الحجاز والعراق والشام ومصر يرون الحجر على كل مضيع لماله صغيرًا كان أو كبيرًا، وهذا قول القاسم بن محمَّد بن أبي بكر الصديق، وبه قال مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد (¬1). وقال أبو حنيفة: لا يدفع ماله إليه قبل خمس وعشرين سنة وإن تصرف نفذ تصرفه فإذا بلغ خمسًا وعشرين سنة فك عنه الحجر ودفع إليه ماله. وهو قول إبراهيم النخعي وابن سيرين في عدم جواز ابتداء الحجر على الكبار. حكاه عنهما ابن رشد. مغ ج 4 ص 511 الإشراف ج 1 ص 128. شرح ج 12 ص 191. باب في حد (تعريف) الرشد مسألة (945) أكثر أهل العلم على أن الرشد في السفيه هو الصلاح في التصرف في المال، وبه قال مالك وأبو حنيفة. وهو مذهب أحمد. وقال الحسن والشافعي وابن المنذر: الرشد صلاحه في أمر ماله وأمر دينه (¬2). مغ ج 4 ص 522. * * * ¬
باب في الإناث ذوات الآباء المحجور عليهن للصغر متى يرفع عنهن الحجر؟
باب في الإناث ذوات الآباء المحجور عليهن للصغر متى يرفع عنهن الحجر؟ مسألة (946) جمهور العلماء على أن حكم الإناث المحجور عليهن بسبب الصغر إذا كان لهن آباء هو عينه حكم الذكور برفع الحجر بالبلوغ وإيناس الرشد. وقال مالك: لا يرفع عن الأنثى الحجر ما دامت في ولاية أبيها حتى تتزوج ويدخل بها زوجها ويؤنس رشدها (¬1). بداية ج 2 ص 334. باب في عتق السفيه المحجور عليه مسألة (947) جمهور أهل العلم على أن عتق السفيه المحجور عليه لا ينفذ، وهو قول الشافعي وأبي ثور، وقال ابن المنذر: وأكثر أصحابنا (¬2) ثم قال ابن المنذر: وبه نقول. وقال ابن أبي ليلى ينفذ (¬3) وقال محمَّد بن الحسن: يعتق العبد ويسعى (العبد) في جميع قيمته (¬4). بداية ج 2 ص 336. باب في طلاق السفيه مسألة (948) أكثر أهل العلم على صحة طلاق السفيه المحجور عليه. وقال ابن أبي ليلى: لا يقع طلاقه (¬5). وحكاه ابن رشد. عن أبي يوسف. مغ ج 4 ص 527 بداية ج 2 ص 336. ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الصلح
كتاب الصلح
كتاب الصلح (¬1) مسألة (949) أكثر الفقهاء على أن النهي الوارد في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا يمنع أحدُكم جَارهُ أن يضع خَشَبَهُ على جدارهِ" أنه محمول على الكراهية لا على التحريم. قلت: ومقتضى أصول الظاهرية أنه محمول على الوجوب. مغ خ 5 ص 44. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الحوالة والضمان
كتاب الحوالة والضمان
كتاب الحوالة والضمان باب في متى تبدأ ذمة المحيل مسألة (950) مذهب العامة من الفقهاء أن الحوالة إذا استوفت شروط صحتها فقد برئت ذمة المُحيِلِ. وحكاه ابن المنذر عن مالك والليث والشافعي وأحمد وأبي عبيد وأبي ثور. وبه قال ابن المنذر -رحمه الله-. وروي عن الحسن أن الحوالة لا تبِرئ ذمة المحيل (¬1) حتى يبرأه صاحب الدين. وعن زفر أنه قال: لا تنقلُ الحق. وأجراها مجرى الضمان. وحكاه ابن المنذر عن الحسن بمثل الذي ذكرناه. مغ ج 5 ص 58. باب في صاحب الدين يحال على مليء. هل يجب عليه قبول ذلك؟ مسألة (951) جمهور أهل العلم على أن صاحب الدين إذا أحيل على مليء عنده قضاءُ دينه. فلا يجب عليه قبول تلك الحوالة لكنه يندب له. وقال بعضهم: يياح ولا يندب. وقال داود: وآخرون: بل يجب قبول الحوالة. شرح ج 10 ص 228. * * * ¬
أبواب الضمان (الكفالة)
أبواب الضمان (الكفالة) باب في ضمان المحبوس والغائب مسألة (952) أكثر أهل العلم على صحة ضمان المحبوس والغائب ودين الميت. وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يصح (¬1). مغ ج 5 ص 73. بداية ج 2 ص 354. باب في الضامن والمضمون يحضران عند المضمون له مسألة (953) جمهور أهل العلم على أنه إذا حضر الضامن (الكفيل) والمضمون (المكفول) عند المضمون له (المكفول له). فللأخير هذا (يعني المكفول له) أن يطالب من شاء منهما إما الضامن وإما المضمون. وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والشافعي والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق. وحكاه ابن المنذر كذلك عن مالك وأبي عبيد. وقال ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو ثور: لا يطالب إلا الضامن (¬2). بداية ج 2 ص 352. باب في ضمان مال المكاتبة مسألة (954) أكثر أهل العلم على عدم صحة ضمان المال الذي وقع عليه عقد المكاتبة بين السيد وبين عبده. وبه قال الشافعي وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية أخرى: يصح. مغ ج 5 ص 75. باب في الكفالة بالنفس مسألة (955) أكثر أهل العلم على جواز الكفالة بالنفس (¬3). وبه قال شريح ومالك والثوري والليث وأبو حنيفة. وهو مذهب أحمد. والشافعي في الصحيح المعتمد عنه. وقال الشافعي في بعض أقواله: الكفالة بالبدن ضعيفة. قال الموفق: واختلف أصحابه؛ فمنهم من قال: هي صحيحة قولًا واحدًا وإنما أراد أنها ضعيفة في القياس وإن ¬
باب في الكفيل بالنفس يتعذر عليه الوفاء
كانت ثابتة بالإجماع والأثر، ومنهم من قال فيها قولان: أحدهما أنها غير صحيحة. مغ ج 5 ص 95 بداية ج 2 ص 350 الإشراف ج 1 ص 125. باب في الكفيل بالنفس يتعذر عليه الوفاء مسألة (956) أكثر القائلين يجواز الكفالة بالنفس، وهم جمهور أهل العلم على أن الكفيل إذا تعذر عليه إحضار المكفول به مع حياته أو امتنع من إحضاره لم يلزمه ما عليه ولا يغرم. وحكاه ابن المنذر عن الشعبي وشريح وحماد بن أبي سليمان وأحمد. وقال: ويشبه مذهب الشافعي في ذلك إذا مات المكفول. وقال الموفق ابن قدامة: يلزمه وحكاه ابن المنذر عن الحكم ومالك والليث. وعن ابن القاسم الفرق بين أن يموت المطلوب حاضرًا أو غائبًا فإن مات حاضرًا فلا شيء على الكفيل وإلا نظر في المسافة التي مات فيها غائبًا، فإن كان مما يقدر على إحضاره مثلها غرم الكفيل وإلا فلا. مغ ج 5 ص 96 بداية ج 2 ص 350. باب في الكفالة بالنفس على من عليه حدٌّ شرعيٌّ مسألة (957) أكثر أهل العلم على عدم صحة الكفالة بالنفس (البدن) في من عليه حدٌّ سواءٌ كان الحد حقًّا لله تعالى كالزنا والسرقة أو كان حقًّا لآدمي كحد القذف والقصاص، وبه قال شريح والحسن وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي والشافعي في حدود الله تعالى، وهو مذهب أحمد. واختلف قول الشافعي في حدود الآدمين فقال مرة: يصح، وقال في موضع: لا يصح (¬1). وروي عن أبي حنيفة جوازها في الحدود والقصاص أو في القصاص دون الحدود. حكى ذلك ابن رشد. مغ ج 5 ص 97 الإشراف ج 1 ص 124 بداية ج 2 ص 352. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الشركة
كتاب الشركة
كتاب الشركة (¬1) أبواب المضاربة باب في المضارب يشترط من يعمل معه مسألة (958) أكثر الصحابة على أنه يجوز للمضارب ببدنه أن يشترط على المضارب بماله أن يعمل معه غلامه أو خادمه. وهو ظاهر كلام الشافعي، وهو الوجه المعتمد عند الحنابلة. وحكاه ابن رشد عن مالك والشافعي وأبي حنيفة وذهب بعض الصحابة إلى المنع. وبه قال القاضي من الحنابلة. وذكر أبو الخطاب من الحنابلة أيضًا فيه وجهان (¬2). وممن قال بالمنع أشهب من أصحاب مالك. حكاه عنه ابن رشد. مغ ج 5 ص 138. باب في المضارب يشتري من يُعْتَقُ على رب المال مسألة (959) أكثر الفقهاء على أن المضارب إذا اشترى في الذمة من يعتق على رب ¬
باب في المضاربة بالعروض
المال وقع الشراء للعاقد وليس له دفع الثمن من مال المضاربة، وإن فعل ضمن. وبه قال الشافعي. وقال القاضي أبو يعلى من الحنابلة: ظاهر كلام أحمد صحة الشراء مغ ج 5 ص 155. باب في المضاربة بالعروض مسألة (960) جمهور أهل العلم على أن المضاربة بالعروض لا تصح. وحكى ابن المنذر كراهة المضاربة بالعروض عن الحسن وابن سيرين والنخعي والحارث العُكْليّ ومالك وعبيد الله بن الحسن والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. وذهبت طائفة إلى جوازها بشرط أن تُقَوَّمَ العروض قبل دفعها للعامل. وممن قال ذلك طاوس وحماد بن أبي سليمان والأوزاعي وابن أبي ليلى (¬1). بداية ج 2 ص 283. باب في المضارب يضارب لرجلين بمالين مختلفين مسألة (961) أكثر الفقهاء على أنه يجوز للمضارب بمال لرجل أن يضارب بمالٍ لرجلٍ آخر مطلقًا. وذهب الحنابلة إلى عدم الجواز أذا كانت المضاربة الأخرى فيها إضرار بالمضاربة الأولى. نص على ذلك الخرقي واعتمده وانتصر له ابن قدامة في المغني. مغ ج 5 ص 163. باب في تضمين المضارب بالتعدي مسألة (962) أكثر أهل العلم على تضمين المضارب إذا تعدى وفعل في مال المضاربة ما لم يأذن له صاحب المال. روي ذلك عن أبي هريرة وحكيم بن حزام وأبي قلابة ونافع وإياس والشعبي والنخعي والحكم وحماد ومالك والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. ¬
باب في استيفاء رب المال ماله. قبل مقاسمة الأرباح
وروي عن عليٍّ -رضي الله تعالى عنه- أنه لا ضمان على من شورك في الربح. وروي معنى ذلك عن الحسن والزهري. مغ ج 5 ص 540 (طبعة مكتبة الرياض). باب في استيفاء رب المال ماله. قبل مقاسمة الأرباح مسألة (963) أكثر أهل العلم على أنه لا يجوز للشريكين مضاربةً قسمة الربح بينهما حتى يستوفي رب المال ماله. قاله ابن المنذر (¬1) وحكاه عنه الموفق في المغني. وبه قال أبو حنيفة. وقال الثوري والشافعي وإسحاق بالجواز إذا تراضيا (¬2) فإذا ظهر في المال خسران أو تلف المال كله لزم العامل رد إقل الأمرين مما أخذه أو نصف خسران المال إذا اقتسما الربح نصفين. وهو مذهب أحمد. مغ ج 5 ص 179. باب في القراض (المضاربة) المؤجل مسألة (964) جمهور أهل العلم على أنه لا يجوز القراض المؤجل. وقال أبو حنيفة: يجوز إلا أن يتفاسخا. بداية ج 2 ص 285. باب في المضارب يهلك عنده بعض المال قبل العمل مسألة (965) جمهور العلماء على أن المضارب إذا دفع إليه رب المال ماله فهلك بعض المال عنده، فإنه لا يجوز أن يجعل ما بقي من المال قراضًا (مضاربةً) على الشرط المتقدم، ولو صدقه رب المال حتى يتفاصلا ويستأنفان عقد قراضٍ جديد. وهو قول مالك -رحمه الله-. وقال ابن حبيب من أصحاب مالك: يجوز أن يجعل الباقي قراضًا ويلزم العامل أن ¬
باب في نفقة المضارب (المقارض)
يمضي في عقد المضاربة على الشرط المتقدم بشرط أن يكون قد صدقه رب المال. بداية ج 2 ص 287. باب في نفقة المضارب (المقارض) مسألة (966) جمهور العلماء على أن المضارب لا نفقة له في الحضر وأن له النفقة في السفر من طعام وكسوةٍ. وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري. وحكاه ابن المنذر عن الأوزاعي وأبي ثور وإسحاق والشافعي في رواية المزني. وقال النخعي والحسن له نفقته في السفر والحضر. وروي هذا عن الشافعي. وقال الشافعي في المشهور من أقواله: لا نفقة له لا في حضر ولا في سفر وهي رواية البويطي عنه. وبه قال ابن سيرين وحماد بن أبي سليمان. وقال به أحمد كذلك إلا أن يشترط (¬1). بداية ح 2 ص 287. باب في الدائن يجعل دينه مضاربةً مسألة (967) أكثر أهل العلم على أنه لا يجوز لمن له دين على أحد أن يجعل دينه مضاربة، وهو أن يقول صاحب الدين للمدين: اذهب وضارب بديني عليك. قال ابن المنذر: وممن حفظا ذلك عنه عطاء والحكم وحماد ومالك والثوري وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي (¬2). وبه قال الشافعي وابن المنذر. قال الموفق: وقال بعض أصحابنا: يحتمل أن تصح المضاربة. مغ ج 5 ص 195. بداية ح 2 ص 284. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الوكالة
كتاب الوكالة
كتاب الوكالة (¬1) ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الإقرار
كتاب الإقرار
كتاب الإقرار باب في الوارث يقر بوجود وارث آخر مسألة (968) أكثر أهل العلم على أن الوارث لو أقر بوجود وارث آخر يشاركه في الميراث صح إقراره وشارك المقر له في ميراثه (¬1) مع إجماع أهل العلم على أنه لا يثبت به نسبٌ إلا باستيفاء شروطه. وقال الشافعي: لا يشاركه. وحكي ذلك عن ابن سيبرين. وقال إبراهيم النخعي: ليس بشيء حتى يقروا جميعًا. مغ ج 5 ص 325. باب في الإقرار بالدين في مرض الموت مسألة (969) أكثر أهل العلم على أن من أقر بدين في مرض موته فهو كالإقرار في حال صحته إذا كان الدين لغير وارثٍ. ونقل ابه المنذر فيه الإجماع عمن يحفظ عنه من أهل العلم. وقال أحمد في رواية أخرى حكاها عنه بعض أصحابه في المذهب أنه لا يقبل. وقال أبو الخطاب الحنبلي: فيه رواية أخرى أنه لا يقبل إقراره بزيادةٍ على الثلث مغ ج 5 ص 342. باب فيمن أقر لامرأته بمهر مثلها في مرض موته مسألة (970) مذهب العامة من أهل العلم أن من أقرَّ في مرض موته لامرأته بمهر مثلها أو دونه فإقراره صحيح يعتدُّ به. وخالف الشعبي، فقال: لا يجوز إقراره لها. مغ ج 5 ص 344. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب العارية
كتاب العارية
كتاب العاريَّةِ باب في ضمان العارية مسألة (971) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن العارية لا يضمنها مستعيرها إلا إذا أتلفها بتعدٍّ. وبه قال الحسن والنخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي وابن شبرمة. ووري عن ابن عباس وأبي هريرة -رضي الله تعالى عنهم- أنها عارية مضمونة تعدى فيها المستعير أم لم يتعد. وبه قال عطاء والشافعي وإسحاق. وهو مذهب أحمد (¬1). مغ ج 5 ص 355. باب في العارية. هل هي واجبة؟ مسألة (972) أكثر أهل العلم على أن العارية مستحبةٌ غير واجبة وقال بعض أهل العلم: إنها واجبة (¬2). مغ ج 5 ص 354. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الغصب
كتاب الغصب
كتاب الغصب (¬1) باب في المغصوب يتلف في يد الغاصب مسألة (973) مذهب العامة من أهل العلم أن المغصوب إذا تلف في يد غاصبه وكان غير متقارب الصفات، وهو ما عدا المكيل والموزون فإن الواجب فيه القيمة. وحُكِي عن العنبري أنه يجب في كل شيءٍ مثله. مغ ج 5 ص 376. باب في الغاصب يزرع الأرض المغصوبة مسألة (974) أكثر الفقهاء على أن من غصب أرضًا (¬2) وزرعها فإن لصاحبها الحق في قلع الزرع ولا يجبر على تركه والتصالح مع الغاصب. وقال أبو عبيد: لا يملك صاحب الأرض إجبار الغاصب على قلعه ويخير المالك بين أن يقر الزرع في الأرض إلى الحصاد ويأخذ من الغاصب أجر الأرض وأرش نقصها وبين أن يدفع إليه نفقته ويكون الزرع له. وهو مذهب أحمد. مغ ج 5 ص 392. باب في تغير قيمة المغصوب بيد الغاصب مسألة (975) جمهور العلماء على أن الغاصب لا يضمن تغير قيمة المغصوب بسبب تغير الأسعار. وبه قال أحمد. وحكاه ابه المنذر عن مالك وأصحاب الرأي وحكي عن أبي ثور أنه يضمنه. وحكاه ابن المنذر عنه وعن الشافعي (¬3). مغ ج 5 ص 400. ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الشفعة
كتاب الشفعة
كتاب الشفعة (¬1) باب في الشفعة للجار مسألة (976) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أنه لا شفعة للجار وإنما الشفعة في الملك المشاع والشريك غير المقاسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. وبه قال عمر بن الخطاب وعثمان -رضي الله تعالى عنهما- وهو قول عمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والزهري ويحيى الأنصاري وأبي الزناد وربيعة والمغيرة بن عبد الرحمن ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر، وهو مذهب أحمد. رحمهم الله تعالى جميعًا. وقال ابن شبرمة والثوري وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي: الشفعة بالشركة ثم بالشركة في الطريق ثم بالجوار. وقال أبو حنيفة: يُقدَّمُ الشريكُ فإن لم يكن وكان الطريق مشتركًا كدرب لا ينفذ تثبت الشفعة لجميع أهل الدرب الأقرب فالأقرب فإن لم يأخذوا ثبتت للملاصق من درب آخر خاصةً. وقال العنبري وسوار: تثبت بالشركة بالمال وبالشركة في الطريق (¬2). مغ ج 5 ص 461 شرح ج 11 ص 46. باب في الملك الذي تثبت فيه الشفعة مسألة (977) مذهب العامة من أهل العلم أن الشفعة تكون في الشِقْص (الحصة) المنتقل بعوض، وأما المنتقل بغير عوض، كالهبة بغير ثواب والصدقة والوصية والإرث فلا شفعة فيه. وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. ¬
باب في الشفعة بين الورثة ونحوهم هل يختص بها أهل السهم الواحد دون غيرهم؟
وحكي عن مالك رواية أخرى في المنتقل بهبة أو صدقة أن فيه الشفعة ويأخذه الشفيع بقيمته. وحكي ذلك عن ابن أبي ليلى (¬1). مغ ج 5 ص 468. باب في الشفعة بين الورثة ونحوهم هل يختص بها أهل السهم الواحد دون غيرهم؟ مسألة (978) جمهور أهل العلم على أن حكم الشفعة للشركاء لا يختلف باختلاف أنصبة الشركاء أو سهمانهم أو حصصهم فتخص أهل السهم الواحد أو الحصة الواحدة دون غيرهم، بل الشفعة تثبت لهم جميعًا. وقال مالك: أهل السهم الواحد أحق بالشفعة إذا باع أحدهم من الشركاء معهم في المال بسبب التعصيب. ولا حق لأهل التعصيب في الشفعة على أهل السهام المقدرة (المفروضة) وأهل السهام المقدرة يدخلون في الشفعة على ذوي التعصيب. وقال أهل الكوفة: يختص أهل السهام المقدرة (أهل الفرائض) إذا باع أحدهم شيئًا بالشفعة فيما بينهم دون أهل التعصيب، وأهل التعصيب يختصون بالشفعة فيما يينهم دون أهل الفرائض. حكاه عنهم ابن رشد وقال عطاء في رجلين اشتريا ثلث دارٍ واشترى آخران الثلثين، فباع أحد الاثنين نصيبه قال (يعني عطاء): صاحبه الذي اشترى معه أولى بالشفعة. قال ابن المنذر: وقال سائر أهل العلم: هو وسائر الشركاء سواء. هذا مذهب أصحاب الرأي وعبيد الله بن الحسن. وللشافعي قولان هذا أصحهما. قال أبو بكر (ابن المنذر): وبه نقول لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- حكم للشريك بالشفعة، فحكم جميع الشركاء واحد (¬2). الإشراف ج 1 ص 50. ¬
باب في الشفعة للورثة
باب في الشفعة للورثة مسألة (979) أكثر أهل العلم على أن حق الشفعة لا ينتقل إلى الورثة إذا لم يطالب به صاحبه قبل موته فإن مات ولم يطالب به سقط حق الورثة فيه. روي هذا عن الحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي. وبه قال الثوري وإسحاق وأحمد وأصحاب الرأي. وقال مالك والشافعي والعنبري: ينتقل إلى الورثة طالب به الميت أم لم يطالب. قال أبو الخطاب الحنبلي: ويتخرج لنا مثل ذلك (¬1). مغ ج 5 ص 536 الإشراف ج 1 ص 49. باب في الشفعة للذمي مسألة (980) جمهور أهل العلم على ثبوت الشفعة للذمي على المسلم، فإذا باع شريك الذمي شقصه (حصته) لمسلم فإن للذمي الحق في انتزاع ذلك الشقص منه. روى هذا عن شريح وعمر بن عبد العزيز. وبه قال إبراهيم النخعي وإياس بن معاوية وحماد بن أبي سليمان والثوري ومالك والشافعي والعنبري وأصحاب الرأي قلت: وهو قول ابن المنذر. وقال الحسن والشعبي: لا شفعة لذمي على مسلم. وهو مذهب أحمد. مغ ج 5 ص 551. الإشراف ج 1 ص 48. شرح ج 11 ص 46. باب في الشفعة للبدوي (الأعرابي) مسألة (981) أكثر أهل العلم على ثبوت الشفعة للبدويِّ على القروي وللقروي على البدويِّ. وبه قال الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر. وقال الشعبي وعثمان البتي: لا شفعة لمن لم يسكن المِصْرَ. مغ ج 5 ص 553. الإشراف ج 1 ص 49 شرح ج 11 ص 46. باب في الشفعة في غير العقار (الدور والأرض) مسألة (982) أكثر أهل العلم على أنه لا شفعة في العروض والحيوان، وإنما هي في العقار والدور والأرضين وممن قال بأنه لا شفعة في العروض والحيوان عطاء والحسن ¬
باب في الشفيع والمشتري يختلفان في الثمن ولا بينة
البصري. حكاه عنهما ابن النذر وقال: وبه قال مالك والثوري. والأوزاعي، وعبيد الله بن الحسن، وقتادة، وربيعة والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي. قال ابن المنذر: وقال الحكم وحماد: لا شفعة في العبد. وقال عطاء مرةً: الشفعة في كل شيء حتى في الثوب. وقد اختلف فيه عنه. قال أبو بكر (يعني ابن المنذر)، بالقول الأول أقول. قلت: وحكى ابن رشد عن أبي حنيفة أنه لم يجز الشفعة في البئر والفحل (¬1)، وأجازها في العرصة والطريق. الإشراف ج ص 41. بداية ج 2 ص 307 شرح ج 11 ص 45. باب في الشفيع والمشتري يختلفان في الثمن ولا بينة مسألة (983) جمهور الفقهاء على أنه إذا اختلف المشتري والشفيع في الثمن فقال المشتري: اشتريته بكذا. وقال الشفيع: بل اشتريته بأقل من هذا. أن القول قول المشتري إن لم يكن لأحد بينة (¬2). وحكى ابن رشد عن أصحاب مالك الاختلاف في هذه المسألة، فقال ابن القاسم: القول قول المشتري إذا أتى بما يشبه باليمين، فإن أتى بما لا يشبه. فالقول قول الشفيع. وقال أشهب إذا أتى بما يشبه (يعني البينة) فالقول قول المشتري بلا يمين وإذا أتى بما لا يشبه البينة فالقول قوله مع يمينه. وحكي عن مالك قبول قول المشتري بلا يمين إذا كان ذا سلطان ويعرف عنه أنه إذا اشترى زاد في الثمن. بداية ج 2 ص 314. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب المساقاة
كتاب المساقاة
كتاب المساقاة باب في مشروعية المساقاة في الشجر المثمر مسألة (984) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المساقاة جائزة لجميع أنواع الشجر المثمر. وهو قول الخلفاء الأربعة رضي الله تعالى عنهم. وبه قال سعيد بن المسيب وسالم ومالك والثوري والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد وإسحاق وأبو الثور. وقال داود: لا يجوز إلا في النخيل. وقال الشافعي: لا يجوز إلا في النخيل والكرم. وفي سائر الشجر له في ذلك قولان. وقال أبو حنيفة وزفر: لا تجوز المساقاة مطلقًا لا في نخيل ولا في كرم ولا (¬1) في غيرهما. مغ ج 5 ص 556. باب في مشروعية المساقاة مسألة (985) جمهور أهل العلم بل جماهيرهم على جواز المساقاة. وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد. وعده الموفق في المغني إجماعًا، وبه قال أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وقال أبو حنيفة وزفر: لا تجوز. وروي هذا عن ابن عمر (¬2). مغ ج 5 ص 554 بداية ج 2 ص 292. شرح ج 10 ص 209. باب في المساقاة في البعل من الشجر وغيره مسألة (986) جمهور العلماء الذين جوزوا المساقاة جوزوها في البعل من الشجر المثمر الذي لا يحتاج إلى سقى وفي ما يحتاج إلى سقي، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وغيرهم. قلت: وقد ذكرنا فيما مضى منع أبي حنيفة لها بالجملة (¬3). مغ ج 5 ص 564. ¬
باب في القسمة في المساقاة. هل تجوز بالخرص؟
باب في القسمة في المساقاة. هل تجوز بالخرص؟ مسألة (987) أكثر العلماء على أن القسمة في المساقاة بين العامل والمساقي في الثمر لا تكون إلا بالكيل، وأنها لا تجوز بالخرص (¬1). قال ابن رشد: وأجاز قوم قسمتها بالخرص. واختلف في ذلك أصحاب مالك. واختلفت الرواية عنه. فقيل: يجوز. وقيل: لا يجوز من الثمار في الربوية. ويجوز في غير ذلك. وقيل يجوز بإطلاقٍ إذا اختلفت حاجة الشريكين. بداية ج 2 ص 296. باب في المساقاة بعد بدو الصلاح في الثمرة مسألة (988) جمهور أهل العلم من القائلين بجواز المساقاة على أنها لا تجوز بعد بدو الصلاح في الثمرة. وبه قال ابن المنذر. وهو قول مالك -رحمه الله- وأبي يوسف ومحمد إلا أن يزاد الثمر بالعمل. وقال سحنون من أصحاب مالك: لا بأس بذلك. وللشافعي قولان. أحدهما هذا والثاني موافق للجمهور (¬2). وقال بالجواز أبو ثور إذا احتاج إلى من يقوم به وكرهه الليث بن سعد وقال: ولكن صاحبه يستأجر له من يسقيه. بداية ج 2 ص 297. باب في جهالة المدة في المساقاة مسألة (989) جمهور أهل العلم من القائلين بالمساقاة على أنها لا تجوز مع جهالة مدة العقد. وقالت طائفة: يجوز. وبه قال أهل الظاهر (¬3). بداية ج 2 ص 297. شرح ج 10 ص 211. ¬
باب في لزوم عقد المساقاة والمزارعة
باب في لزوم عقد المساقاة والمزارعة مسألة (990) أكثر الفقهاء على أن عقد المساقاة والمزارعة هو من العقود اللازمة التي تلزم طرفي العقد المضي فيها. وذهب أحمد في ظاهر المروي عنه إلى أنه عقد جائز غير لازم، وبه قال بعض أصحاب الحديث (¬1). مغ ج 5 ص 568. باب المزارعة (¬2) مسألة (991) أكثر أهل العلم على جواز عقد المزارعة قال البخاري: قال أبو جعفر: ما بالمدينة أهل بيت إلا ويزرعون على الثلث والربع، وزارع عليُّ وسعدٌ وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز والقاسم وعروة وآل أبي بكر وآل عليٍّ وابن سيرين، وبه قال سعيد ابن المسيب وطاوس وعبد الرحمن بن الأسود وموسى بن طلحة والزهري وعبد الرحمن ابن أبي ليلى وابنه وأبو يوسف ومحمد، وروي ذلك عن معاذ والحسن وعبد الرحمن بن يزيد قال البخاري: وعامل عمر الناس على أنه إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاؤوا بالبذر فلهم كذا. وكره المزارعة عكرمة ومجاهد والنخعي وأبو حنيفة وزفر وروي المنع منها عن ابن عمر وجابر - رضي الله عنه -، وروي عن ابن عباس الأمران جميعًا. وقال مالك: لا تجوز المزارعة إلا ما كان من الأرض بين الشجر وأجازها الشافعي في الأرض بين النخيل إذا كان بياض الأرض أقل، فإن كان أكثر فعلى وجهين، ومنعها في الأرض البيضاء (¬3). ¬
باب في إجارة الأرض بالذهب والفضة والعروض
باب في إجارة الأرض بالذهب والفضة والعروض مسألة (992) أكثر أهل العلم على جواز إجارة الأرض لزراعتها بالذهب والفضة وسائر العروض سوى المطعوم. قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن اكتراء الأرض (يعني الأرض الزراعية) وقتًا معلومًا جائزٌ بالذهب والفضة روينا هذا القول عن سعيد ورافع بن خديج وابن عمر وابن عباس، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة والقاسم وسالم وعبد الله بن الحارث ومالك والليث والشافعي وإسحاق وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي (¬1). وروي عن طاوس والحسن كراهة ذلك. مغ ج 5 ص 596 الإشراف ج 1 ص 158 شرح ج 10 ص 229 بداية ج 2 ص 265. باب في إجازة الأرض بمطعوم من غيرها مسألة (993) أكثر أهل العلم على جواز كراء الأرض (يعني إجارتها) بمطعوم من غير الخارج منها، وبه قال سعيد بن جبير وعكرمة والنخعي والشافعي وأحمد وأبو ثور وأصحاب الرأي. ومنع من ذلك مالك حتى منع إجارتها باللبن والعسل، وروي عن أحمد أنه قال: ربما تهيبته. قال القاضي: هذا من أحمد على سبيل الورع، ومذهبه الجواز (¬2). مغ ج 5 ص 597. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الإجارات
كتاب الإجارات
كتاب الإجارات باب في وقوع عقد الإجار على المنفعة مسألة (994) أكثر أهل العدم على أن عقد الإجارة يقع على المنفعة (¬1) لا على العين. وقال بعضهم: يقع على العين. مغ ج 6 ص 4. باب في عقد الإجارة: هل هو عقد لازم؟ مسألة (995) جمهور أهل العلم على أن عقد الإجارة من العقود اللازمة التي لا تنفسخ إلا بما تنفسخ به من وجود العيب أو ذهاب المنفعة للمعقود عليه أو ذهاب العين كلها ونحو ذلك، وهو قول مالك والشافعي وأبي ثور والثوري وأحمد وإسحاق. حكاه عنهم ابن المنذر. وقال قوم: عقد الإجارة عقد جائز كالجعالة. ووافق أبو حنيفة الجمهور في لزوم عقد الإجارة. وخالفهم في جواز فسخه بالأعذار الطارئة على المستأجر كأن يموت ما يمنعه من استيفاء المنفعة أو الوفاء بمدة العقد (¬2). بداية ج 2 ص 275. باب في مدة عقد الإجارة. هل هناك حدٌّ معين؟ مسألة (996) جمهور أهل العلم بل جماهيرهم على أنه لا حدَّ لأكثر المدة التي يصح فيها عقد الإجارة على منفعة عين ما دامت العين صالحة لتلك المدة. وهو قول ¬
باب في الإجارة على الحمام
مالك -رحمه الله-. واختلف عن الشافعي -رحمه الله- في هذه المسألة على ثلاثة أقوال. أصحها كقول سائر أهل العلم. (الثاني) لا يجوز أكثر من سنة. (الثالث) لا يصح على أكثر من ثلاثين سنة (¬1). مغ ج 2 ص 7. باب في الإجارة على الحَمَّام مسألة (997) أكثر أهل العلم على أن عقد الإجارة على الحَمَّامِ جائز ونقل ابن المنذر فيه الإجماع قال ابن المنذر: إذا حدده وذكر جميع آلته شهورًا مسماةً، وهذا قول مالك وأبي ثور وأصحاب الرأي وهو على مذهب الشافعي، وروي عن أحمد كراهته. والأصح عند أصحابه أنها كراهة تنزيه (¬2). مغ ج 6 ص 22. باب في موت أحد المتعاقدين في الإجارة هل يفسخها؟ (¬3) باب في المستأجر يؤجر الدار أو الدابة بأكثر مما استأجرها به (¬4) باب في المؤجر يخرج المستأجر من الدار المستأجرة قبل انتهاء المدة مسألة (998) جمهور الفقهاء على أن المؤجر لو أخرج المستأجر من الدار (¬5) التي ¬
باب في تلف العين المستأجرة قبل استيفاء منافعها
عقد عليها الإجارة قبل انتهاء مدة العقد فإنه (يعني المؤجر) يستحق أجرة المدة التي شغلها المستأجر للدار. ومذهب أحمد كما أفاده ابن قدامة أنه لا شيء للمالك إذا منع المستأجر من إتمام مدة العقد. مغ ج 6 ص 24. باب في تلف العين المستأجرة قبل استيفاء منافعها مسألة (999) عامة الفقهاء على أن من استأجر عينًا للانتفاع بمنافعها ثم تلفت بعد قبضها من غير أن ينتفع المستأجر منها بمدة معينة فإن عقد الإجارة ينفسخ ولا شيء للمالك. وقال أبو ثور: يلزم المستأجر أجرة ما استأجره. مغ ج 6 ص 26. باب في الإجارة على كتابة المصحف مسألة (1000) أكثر أهل العلم على أنه يجوز للرجل أن يستأجر من يكتب له مصحفًا روي هذا عن جابر بن زيد ومالك بن دينار، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وأبي المنذر وقال ابن سيرين: لا بأس أن يستأجر الرجل شهرًا ثم يستكتبه مصحفًا. وهو مذهب أحمد. وكره علقمةكتابة المصحف بالأجر (¬1). مغ ج 6 ص 37. باب في زرع الأرض المستأجرة غير المكتوب في عقد الإجارة مسألة (1001) مذهب العامة من العلماء أن من استأجر أرضًا ليزرعها نوعًا مسمى من الزرع، فإنه له أن يزرعها غير هذا المسمى في العقد مادام ضرر المزروع يساوي ضرر المسمى في العقد أو أقل منه. وقال داود وأهل الظاهر: ليس له إلا ما سمَّاه في العقد. مغ ج 6 ص 65. باب فيمن استأجر دابة فتجاوز بها المكان المتفق عليه في العقد مسألة (1002) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من استأجر دابة لمكان معين ثم تجاوز هذا المكان فإن عليه أجرة ما سمى في العقد وأجرة المثل فيما زاد على العقد. ¬
باب في استئجار الدابة للغزو في سبيل الله
وبه يقول أبو الزناد ونقله عن فقهاء المدينة السبعة. وهو قول الحكم وابن شبرمة والشافعي. وهو مذهب أحمد وبضمان قيمة الدابة إذا تلفت مع تمام أجرة ما تعاقد عليه قال هؤلاء رحمهم الله، وقال الثوري وأبو حنيفة: لا أجر عليه فيما زاد وحكي عن مالك أنه إذا تجاوز بالدابة مسافة بعيدة خُيِّر صاحبُها بين أجرة المثل وبين المطالبة بقيمتها يوم التعدي. مغ ج 6 ص 78. باب في استئجار الدابة للغزو في سبيل الله مسألة (1003) أكثر أهل العلم على أن من استأجر دابة مدة غزوه في سبيل الله، فإن العقد لا يصح؛ لجهالة المدة وقدر استهلاك المنفعة. وبه قال الأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وقال مالك: قد عرف وجه ذلك وأرجو أن يكون حقيقًا (¬1). مغ ج 6 ص 85. باب في الأجرة على الحجامة مسألة (1004) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على جواز الأجرة على الحجامة. وبه قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- وعكرمة والقاسم وأبو جعفر ومحمد بن علي بن الحسين وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وهو اختيار أبي الخطاب الحنبلي واعتمده ورجحه الموفق ابن قدامة في المغني. وكره كسب الحجام عثمان وأبو هريرة والحسن والنخعي، ونص على كراهته أحمد ورأى عدم جواز الانتفاع بأجرته وقال: ويصرفه في علف دوابه وطعمة عبيده ومؤنة ¬
باب في الإجارة لكحل العين المريضة
صناعته ولا يحل له أكله (¬1) مغ ج 6 ص 121. باب في الإجارة لكحل العين المريضة مسألة (1005) مذهب العامة من العلماء أن من استأجر من يكحل له عينه لمرض فيها وكانت الإجارة على مدة معينة وانتهت المدة دون أن تبرأ عينه، فإن الأجير يستحق كامل أجرته. وحكي عن مالك أنه لا يستحق شيئًا حتى تبرأ عينه. قال ابن قدامة: ولم يحك أصحابه (يعني أصحاب مالك) ذلك عنه. مغ ج 6 ص 125. باب في الراعي يتلف ما تحت يده من الماشية هل يضمن؟ مسألة (1006) جمهور الفقهاء بل عامتهم على أن الراعي الأجير لا يضمن ما تلف تحت يده من الماشية إذا كان هذا من غير تفريط منه. وروي عن الشعبي أنه يضمن. مغ ج 6 ص 127. باب في تأجير الحلي للنساء مسألة (1007) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم جواز الإجارة على الحليِّ للنِّساء إذا كانت المدة معلومة والأجر معلومًا. وبه قال الثوري والشافعي وإسحاق وأحمد وأصحاب الرأي وابن المنذر. وروي عن أحمد أنه قال في إجارة الحليِّ، ما أدري ما هو؟ قال القاضي: هو ¬
باب في الإجارة على ضراب الفحل
محمول على إجارته بأجرة من جنسه فأما بغير جنسه فلا بأس به لتصريح أحمد بجوازه. وقال مالك في إجارة الحليّ والثياب: هو من المشتبهات (¬1). مغ ج 6 ص 129. باب في الإجارة على ضراب الفحل (¬2) باب في الأجرة على تعليم القرآن (¬3) باب في تأجير الدور والمحال لمن يتخدها كنيسة أو لبيع الخمر ونحوه مسألة (1008) مذهب العامة من العلماء أنه لا يجوز للمسلم تأجير داره أو محله لمن يتخذها كنيسةً أو محلًّا لبيع الخمر أو ناديًا للقمار. وقال أبو حنيفة: يجوز إذا كانت داره أو محله في السواد، وخالفه صاحباه في هذا وإختلف أصحابه في قوله (¬4). مغ ج 6 ص 136. ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب إحياء الموات
كتاب إحياء الموات
كتاب إحياء الموات باب في مشروعية إحياء الموات مسألة (1009) جمهور العلماء على أن إحياء الأرض الميتة جائز بشروطه وأن من أحيا أرضا ميتة لا يعرف لها مالك وليس فيها أثر عمارة فهي لمن أحياها. مغ ج 6 ص 147. باب في الأرض المحياة تعود مواتًا مسألة (1010) أكثر أهل العلم من القائلين بجواز الإحياء على أن الأرض الميتة إذا ملكت بالإحياء ثم تركها من أحياها حتى خرجت وصارت مواتًا فإنها لا تملك بالإحياء. وقال مالك: تملك. مغ ج 6 ص 148. * * *
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الوقف والعطايا
كتاب الوقف والعطايا
كتاب الوقف والعطايا باب في مشروعية الوقف مسألة (1011) أكثر أهل العلم من السلف ومن بعدهم على أن الوقف صحيح جائز. قال جابر: لم يكن أحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ذو مقدرة إلا وقف. وهو مذهب مالك وأبي يوسف ومحمد والشافعي وأحمد، ولم ير شريح الوقف، وقال: لا حبس عن فرائض الله. قال أحمد: وهذا مذهب أهل الكوفة. قلت: هو قول أبي حنيفة أن الوقف لا يلزم، وهو قول زفر. مغ ج 6 ص 185 نيل ج 6 ص 129 شرح ج 11 ص 86. باب في لزوم الوقف بغير وصية مسألة (1012) جمهور أهل العلم على أن الوقف يلزم الواقف بمجرده ولا يحتاج إلى وصية بعد الموت. فلا يحق للواقف الرجوع فيه. وقال أبو حنيفة: يحق للواقف الرجوع في وقفه ما لم يوص به بعد موته. وحكي هذا القول عن علي وابن مسعود وابن عباس. وخالف أبا حنيفة صاحباه أبو يوسف ومحمد. مغ ج 6 ص 186. باب في الوقف في مرض الموت مسألة (1013) جمهور أهل العلم القائلين بلزوم الوقف على أن من وقف شيئًا في مرض موته، فإنه يعتبر وقفًا لازمًا بقدر الثلث ولا يتوقف لزومه على إجازة الورثة، وأما ما زاد على الثلث فيتوقف صحة ولزومًا على إجازتهم. قلت: وينسحب على هذه المسألة خلاف أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- في أصل لزوم الوقف. مغ ج 6 ص 220.
باب في الوقف بما لا تبقى عينه
باب في الوقف بما لا تبقى عينه مسألة (1014) مذهب العامة من الفقهاء أن الوقف لا يصح إلا بما تبقى عينه وتجري منافعه وأما ما تفنى عينه باستهلاكه كالطعام والشراب والدراهم والدنانير والذهب والفضة والشمع وغير ذلك فلا يصح وقفه. وحكي عن مالك والأوزاعي جواز الوقف بالطعام. قال الموفق: ولم يحكه أصحاب مالك. مغ ج 6 ص 235. * * *
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الهبة والعطية
كتاب الهبة والعطية
كتاب الهبة والعطية باب في اشتراط القبض في هبة المكيل والموزون مسألة (1015) جمهور الفقهاء على أن الهبة والصدقة لا تلزمان في المكيل والموزون إلا بالقبض، فإن لم تقبضا جاز للواهب والمتصدق الرجوع فيهما. وبه قال النخعي والثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة والشافعي وهو مذهب أحمد. وقال مالك. وأبو ثور: هما لازمان بمجرد العقد (¬1). مغ ج 6 ص 246. باب في لزوم الهبة بالقبض مسألة (1016) أكثر أهل العلم على أن الهبة والصدقة وسائر أنواع التبرعات مما يدخل تحت تمليك ما يملك بغير عوض في حال حياة المتبرع فإن جميعها لا تلزم إلا بالقبض مكيلًا أو موزونًا أو غير ذلك. وهو قول الثوري والنخعي والحسن بن صالح والعنبري والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية أخرى هي لازمة في غير المكيل والموزون. وروي هذا عن عليٍّ وابن مسعود. وبه قال مالك وأبو ثور (¬2). مغ ج 6 ص 251. باب في الهبة بين الزوجين. هل يجوز لأحدهما الرجوع فيها؟ مسألة (1017) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الزوجين إذا وهب أحدهما لصاحبه فإنه لا يجوز لهما الرجوع فيما وهباه. وبه قال عمر بن عبد العزيز والنخعي وربيعة ومالك والليث بن سعد والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. وهو قول عطاء بن أبي رباح وقتادة وأحمد بن حنبل في المرأة تهب لزوجها بطيب نفس أنها لا ترجع. وبعدم جواز الرجوع في الهبة بين الزوجين قال ابن المنذر. وقالت طائفة: ¬
باب في الرجل يهب ولده الصغير هل يشترط فيها القبول؟
للزوجة أن ترجع في هبتها لزوجها وليس للزوج أن يرجع في هبته لها. وبه قال شريح والشعبي. وجعله الزهري عمل القضاة. الإشراف ج 1 ص 388. باب في الرجل يهب ولده الصغير هل يشترط فيها القبول؟ مسألة (1018) جمهور الفقهاء على أن من وهب ولده الصغير هبة مما لا تحتاج إلى قبض؛ فإنها جائزة صحيحة تترتب آثارها إذا أشهد عليها. وقال الشافعي: لابد فيها من قول الوالد نيابة عن ولده الصغير: قبلت. وهو قول القاضي أبي يعلى من الحنابلة (¬1). مغ ج 6 ص 260. باب في المفاضلة بين الأولاد في الهبة هل للورثة حق في ذلك؟ مسألة (1019) أكثر أهل العلم على أن من فاضل بين أولاده فوهب بعضهم دون بعض ولم يسترد ذلك في حال حياته فإنه يصبح حقًا للموهوب له ولا حق لسائر الورثة فيه. وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في أشهر الروايتين عنه. ¬
باب في المتصدق أو الواهب (المتبرع) يشتري صدقته أو هبته
وقال أحمد في رواية أخرى: بل للورثة استرجاع ما وهب لبعضهم دون سائرهم ثم يقسم الموهوب وسائر ما تركه الميت على الورثة حسب ما فرض الله تعالى. وهو قول عروة بن الزبير وإسحاق. مغ ج 6 ص 284. باب في المتصدق أو الواهب (المتبرع) يشتري صدقته أو هبته مسألة (1020) جمهور العلماء على أن من تصدق بصدقة أو تبرع أو وهب شيئًا فإنه يكره له أن يشتريها ممن تصدق عليه بها ولكن لا يحرم عليه ذلك وجمهورهم على أن الهبة لو عادت للواهب بالميراث فلا بأس فيها. وقال آخرون: بل. هو ممنوع تحريمًا. وحكاه ابن رشد عن أهل الظاهر. شرح ج 11 ص 62 بداية ج 2 ص 398. باب في الرجل يعود في هبته (¬1) (الاعتصار في الهبة) باب في المفاضلة بين الأولاد في الهبة مسألة (1021) جمهور أهل العلم على أن المفاضلة في الهبة بين الأولاد مكروهه كراهة تنزيه في مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي والهبة على هذا النحو صحيحة. وقال طاوس وعروة ومجاهد والثوري وأحمد وإسحاق وداود هو حرام. قلت: اختلف في هذه المسألة عن مالك وأصحابه روى ابن القاسم عنه الكراهة في من وهب جميع ماله لواحد دون الآخرين. وروى أشهب عنه المنع، وحكى الداوودي عن أكثر أصحاب مالك المنع (¬2). بداية ج 2 ص 392. ¬
باب في العمرى والرقبى
باب في العُمرى والرقبى مسألة (1022) أكثر أهل العلم على أن العمرى والرقبى (¬1) كلاهما جائز وحكي عن بعضهم أنها لا تصح (¬2) قلت: وهو قول محمَّد بن الحسن (¬3). مغ ج 6 ص 303. باب في الاشتراط في العمرى مسألة (1023) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم القائلين بجواز العمرى على أن المُعْمِرَ إذا شرط أنه إذا مات المُعْمَرُ عاد له ما أعمره فإنه عقد صحيح وشرط صحيح فإذا مات المُعمَر عادت الدار إلى المُعْمِرِ. وبه قال القاسم بن محمَّد وزيد بن قُسَيط والزهري وأبو سلمة بن عبد الرحمن وابن أبي ذئب ومالك وأبو ثور وداود والشافعي في القديم وأحمد في رواية. وقال الشافعي في الجديد من مذهبه وأبو حنيفة وأحمد في رواية جعلها ابن قدامة ظاهر المذهب: يصح العقد ويلغى الشرط وتكون الدار للمْعمَر وورثته (¬4). مغ ح 6 ص 307. باب في الرجل يُسْكِنُ دَاَرهُ مسألة (1024) جمهور أهل العلم على أن من قال لآخر سكنى (أو اُسكُنْ) هذه الدار عمرك أو عمري فإن للِمُسْكِنِ استرداد داره في أي وقت شاء، وهي هبة منافع لا أعيان. وأيهما مات بطلت الإباحة وعادت الدار لصاحبها أو ورثته وبه قال الشعبي والنخعي والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وروي معنى هذا عن حفصة رضي الله تعالى عنها. ¬
وقال الحسن وعطاء وقتادة هي كالعمرى تكون لِلْمُعْمَرِ ولعقبه. وحكي عن الشعبي أنه إن قال هي لك اسكن حتى تموت فهي له حياته وموته. وإن قال: داري هذه اسكنها حتى تموت فإنها ترجع إلى صاحبها (¬1). مغ ج 6 ص 313. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب اللقطة
كتاب اللقطة
كتاب اللُّقطة باب فيما لا يُعَرَّفُ من اللقطة مسألة (1025) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أنه لا تحديد في اليسير المباح التقاطه والانتفاع به من غير تعريف والأمر في ذلك يعود إلى العرف قلت: وهو يختلف باختلاف الزمان والمكان. وقال مالك وأبو حنيفة: لا تعريف فيما لا يقطع به السارق. وهو ربع دينار عند مالك وعشرة دراهم عند أبي حنيفة. مغ ج 6 ص 323. باب في اللقطة في الأثمان والعروض مسألة (1026) أكثر أهل العلم على أنه لا فرق في أحكام اللقطة من جواز الالتقاط والتعريف حولًا والتملك بعد الحول والضمان بين الأثمان كالدراهم والدنانير وبين العروض كالثياب وسائر الأمتعة إلا ما جاء الشرع باستثنائه، وبه قال أحمد في أظهر الروايتين عنه. وهي التي انتصر لها الموفق في المغني. وقال أحمد في رواية وبه قال أكثر الأصحاب في المذهب: لا تملك العروض بالتعريف ثم اختلف هؤلاء فيما يفعل بها. فقال أبو بكر وابن عقيل: يعرفها أبدًا. وقال القاضي: هو بالخيار بين أن يقيم على تعريفها حتى يجيء صاحبها وبين دفعها إلى الحاكم ليرى رأيه فيها. وهل له أن يبيعها ثم يتصرف بثمنها على روايتين. مغ ج 6 ص 330. باب في الملتقط يعرِّف (¬1) اللقطة عامًا ثم تتلف في يده بعد تملكها مسألة (1027) جمهور أهل العلم على أن الملتقط إذا عرَّف اللقطة عامًا ثم تملكها ¬
باب في جواز التقاط ضالة الغنم ونحوها
بعد ذلك وتلفت في يده بعد تملكها فإنه يضمنها لصاحبها إذا جاء وطالب بها. وقال داود: لا يلزمه بدلها ولا شيء عليه (¬1). شرح ج 2 ص 23. باب في جواز التقاط ضالة الغنم ونحوها مسألة (1028) أكثر أهل العلم على أنه يجوز التقاط الشاة وما شابهها من الحيوان الذي لا يمتنع بنفسه كفصلان الإبل وعجول البقر وأفلاء الخيل والدجاج والأوز وأن حكم هذه الحيوانات حكم غيرها من الأثمان من حيث الالتقاط والتعريف والتملك. وبه قال أحمد في الصحيح من مذهبه. وروي عن أحمد رواية أخرى أنه ليس لغير الإِمام التقاطها. وقال الليث بن سعد: لا أحب أن يقربها إلا أن يحرزها لصاحبها (¬2). مغ ج 6 ص 363. باب في ضالة الغنم إذا أكلها ملتقطها هل يضمن؟ مسألة (1029) مذهب العامة من العلماء أن ضالة الغنم إذا التقطت فعلى صاحبها الضمان إذا اختار أكلها (¬3). وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة (¬4). وانفرد مالك فقال: لا ضمان في ضالة الغنم ولا تعريف. قال ابن عبد البر: لم يوافق مالكًا أحدٌ من العلماء على قوله. مغ ج 6 ص 364 بداية ج 2 ص 366. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب اللقيط
كتاب اللقيط
كتاب اللقيط باب في اللقيط يسترق, هل يجوز؟ مسألة (1030) مذهب الجماهير من أهل العلم بل عامتهم أن اللقيط حرٌّ. وانفرد النخعي فقال: إذا التقطه احتسابًا فهو حرٌّ، وإن التقطه مريدًا استرقاقه فله ذلك (¬1). مغ ج 6 ص 374. باب في ولاء اللقيط مسألة (1031) جمهور أهل العلم على أن ولاء اللقيط يعني ميراثه إذا لم يعرف له وارث فهو للمسلمين بمن فيهم ملتقطه. وبه قال مالك والشافعي وهو مذهب أحمد. وقال شريح وإسحاق: الولاء لِمُلتَقِطهِ مغ ج 6 ص 383 شرح ج 10 ص 141. باب في المعمل بالقافة لإلحاق النسب مسألة (1032) جماهير العلماء على جواز العمل بقول القائف. وهو مذهب الشافعي وأحمد، وهو قول أنس - رضي الله عنه - وعطاء ويزيد بن عبد الملك والأوزاعي والليث وأبي ثور. وذهب أبو حنيفة وأصحابه والثوري وإسحاق إلى المنع من العمل بالقافة (¬2). شرح ج 10 ص 41. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الوصايا
كتاب الوصايا
كتاب الوصايا باب في حكم الوصية مسألة (1033) جمهور العلماء على أن الوصية ليست واجبة إلا على من ترك دينًا أو أمانة أو حقًّا لا يخرج من عهدته إلا بالوصية. وبه قال الشعبي والنخعي والثوري ومالك والشافعي وأحمد وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي وغيرهم. وأوجبها الزهري وأبو مجلز فيمن ترك مالًا. وأوجبها أبو بكر عبد العزيز في الأقربين اللذين لا يرثون. وبه قال داود. وحكي ذلك عن مسروق وطاوس وإياس وقتادة وابن جرير. مغ ج 6 ص 415 شرح ج 11 ص 74. باب في القدر المستحب في الوصية مسألة (1034) جمهور أهل العلم على أن المستحب في الوصية أن تكون بأقل من الثلث، وأكثر هؤلاء على أن المستحب من ذلك الخمس. روي هذا عن ابن عباس قال: لو أن الناس غضوا من الثلث، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الثلث والثلث كثير". وري استحباب الخمس عن أبي بكر وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما. قال الموفق: وهو ظاهر قول السلف وعلماء أهل البصرة. وروي أن أبا بكر وعليًّا أوصيا بالخمس وعن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: لأن أوصى بالخمس أحب إلي من الربع. وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون صاحب الربع أفضل من صاحب الثلث وصاحب الخمس أفضل من صاحب الربع. وعن الشعبي قال: كان الخمس أحب إليهم من الثلث. وعن العلاء بن زياد قال: أوصى أبي أن أسأل العلماء أي الوصية أعدل فما تتابعوا عليه فهو وصيته؟ فتتابعوا على الخمس. وقال القاضي أبو يعلي وأبو الخطاب الحنبليان: إن كان غنيًّا استحب الوصية بالثلث. يعني بذلك الورثة إذا كانوا أغنياء. وإلا استحب أن يوصي بأقل من الثلث. قاله النووي وحكاه عن المذهب (المذهب الشافعي).
باب في الرجل يوصي ولا وارث له هل يجوز بما زاد على الثلث؟
ويروى عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه جاءه شيخ فقال: يا أمير المؤمنين أنا شيخ كبير ومالي كثير ويرثني أعراب موالي كلالة متزوج نسبهم أفأوصى بمالي كله؟ قال لا قال: فلم يزل يحط حتى بلغ العشر. وقال إسحاق: السُّنَةُ الربع إلا أن يكون رجلًا يعرف في ماله حرمة شبهات أو غيرها فله استيعاب الثلث (¬1). شرح ج 11 ص 83. باب في الرجل يوصي ولا وارث له هل يجوز بما زاد على الثلث؟ مسألة (1035) جمهور أهل العلم على أنَّ الوصية إذا كانت ممن (رجل أو امرأة) لا وارث له، فإنها لا تجوز فيما زاد على الثلث وإليه ذهب مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين. وقالت طائفة: يجوز. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وأحمد في رواية وإسحاق وروي هذا عن علي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما (¬2). شرح ج 11 ص 77. باب فيمن خالف وأوصى لغير قرابته المحتاجين مسألة (1036) أكثر أهل العلم على أن من خالف المستحب في الوصية فجعلها في غير أقاربه المحتاجين اللذين لا يرثون فإن وصيته تصح وتنفذ فيهم. وبه قال سالم وسليمان بن يسار وعطاء ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وحكى عن طاوس والضحاك وعبد الملك بن يعلى أنهم قالوا: ينزع عنهم ويرد إلى قرابته. وروي عن سعيد بن المسيب والحسن وجابر بن زيد: للذي أوصى له من غير القرابة ثلث الثلث الموصى به ويرد الباقي إلى القرابة. وحكاه ابن رشد عن الحسن وطاوس وإسحاق قالوا: ترد على القرابة، ولم يفصل عنهم. مغ ج 6 ص 418 بداية ج 2 ص 399. ¬
باب في الوصية لبعض الوارثين
باب في الوصية لبعض الوارثين مسألة (1037) جمهور العلماء على أن من أوصى لبعض قرابته الوارثين فإن صحة الوصية متوقفة على إجازة سائر الورثة، فإن أجازوها صحت وإلا فلا. وهو ظاهر مذهب الشافعي وأحمد. وقال المزني وأهل الظاهر والشافعي في قول وظاهر معنى روايةٍ لأحمد وبعض الأصحاب في مذهب الإِمام أحمد: الوصية باطلة ولو أجازها سائر الورثة إلا أن تعتبر عطية متبدأةً منهم (¬1). مغ ج 6 ص 419 بداية ج 2 ص 450. باب في الإشهاد على الوصية، هل هو يشترط في صحة إنفاذها؟ مسألة (1038) جمهور العلماء على أن الإشهاد على الوصية المكتوبة شرط لصحة إنفاذها والعمل بها. وهو مذهب الشافعي. وقال الإِمام محمَّد بن نصر المروزي: لا يجب الإشهاد بل تكفي الكتابة. شرح ج 11 ص 76. باب في الموصَي له يموت قبل الموصي هل يستحق الورثة شيئًا؟ مسألة (1039) أكثر أهل العلم على أن من أوصى لمن تجوز له الوصية فمات المُوصَى له قبل موت الموصي بطلت الوصية ولا يستحق ورثة المُوْصَى له شيئًا. روي ذلك عن عليَّ رضي الله تعالى عنه. وبه قال الزهري وحماد بن أبي سليمان وربيعة ومالك والشافعي وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وقال الحسن: تكون لولد الموُصَى له. وقال عطاء: إذا علم المُوْصي بموت المُوصَى له ولم يُحْدِث في ما أوصى به شيئًا فهو لوارث المُوْصَى له. مغ ج 6 ص 435 بداية ج 2 ص 400. ¬
باب في تمليك الوصية بالقبول
باب في تمليك الوصية بالقبول مسألة (1040) جمهور العلماء على أن المُوصَى له لا يملك الوصية إلا بالقبول وذلك إذا كان المُوصَى له مُعيَّنًا يمكن القبول منه. وبه قال مالك وهو مذهب أحمد، وحكى ابن رشد عن الشافعي أنه ليس شرطًا (¬1). مغ ج 6 ص 440. باب فيمن أوصى بمثل نصيب أحد ورثته من غير تعيين مسألة (1041) جمهور العلماء على أن من أوصى لأحد بمثل نصيب أحد ورثته من غير أن يسميه، فإن كان الورثة يتفاضلون في الميراث فللمُوصَى له مثل نصيب أقلهم ميراثًا يزاد على فريضتهم، وإن كانوا متساويين فله مثل نصيب أحدهم مزادًا على الفريضة ويجعل كواحد منهم زاد فيهم، وإن أوصى بنصيب وارث معين فله مثل نصيبه مزادًا على الفريضة. وبه قال أبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد. وقال مالك وابن أبي ليلى وزفر وداود: يعطى مثل نصيب المعين أو مثل نصيب أحدهم إذا كانوا يتساوون من أصل المال غير مزيد ويقسم الباقي بين الورثة. وقال مالك: إن كانوا يتفاضلون نظر إلى عددهم فأعطى سهمًا من عددهم. مغ ج 6 ص 448. باب فيمن أوصى بمثل نصيب أحد الأبناء الثلاثة مسألة (1042) أكثر أهل العلم على أن من ترك ثلاثة بنين وأوصى آخر بمثل نصيب أحد أولاده فإن للموصَى له الربع والباقي للأبناء. وبه قال الشعبي والنخعي والثوري والشافعي وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وذهب مالك وموافقوه إلى أن للمُوْصَى له الثلث والباقي بين الأبناء (¬2). مغ ج 6 ص 453. باب في الاستثناء في الوصية مسألة (1043) جمهور العلماء على أن من أوصى لأحدٍ واستثنى مطلقًا ولم يذكر في ¬
باب في التفاضل بين الأوصياء إذا جاوزت الوصية الثلث
استثنائه أن حصة المُوْصَى له تكون بعد نصيب الورثة ولا بعد الوصية فإن هذا الاستثناء يحمل على ما بعد نصيب الورثة وذهب محمَّد بن الحسن والبصريون إلى أنه يحمل على ما بعد الوصية. مغ ج 6 ص 461. باب في التفاضل بين الأوصياء إذا جاوزت الوصية الثلث مسألة (1044) جمهور العلماء على أن من فاضل في وصيته بين الأوصياء فأعطى بعضهم أكثر من بعض أُعْطِيَ كل منهم بقدر سهمه في الوصية وسواء جاوزت الوصية الثلث فأجازه الورثة أو لم يجيزوه أو لم تجاوز الوصية الثلث. وبه قال الحسن البصري وإبراهيم النخعي ومالك وابن أبي ليلى والثوري والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد. وهو مذهب أحمد. وقال أبو حنيفة وأبو ثور وابن المنذر إذا جاوزت الوصية الثلث بطل التفاضل بين الأوصياء وأعطي كل منهم مثل نصيب صاحبه مستخرجًا من ثلث المال. مغ ج 1 ص 465. باب في الوصية تكون أكثر من مال الميت مسألة (1045) جمهور الفقهاء على أن من أوصى فجاوز في وصيته جميع المال قُسِّمَ المال بين الأوصياء على قدر وصاياهم مثل العَوْلِ وجُعِلَت وصاياهم كالفروض التي فرضها الله تعالى للورثة إذا زادت على المال وإن ردُّوا قُسِّمَ الثلث بينهم على قدر تلك السهام. وبه قال النخعي ومالك والشافعي. وهو مذهب أحمد. وقال أبو حنيفة: يأخذ أكثرهم وصيةً مما يفضل به على من دونه ثم يقتسمون الباقي إن أجازوا، وفي الرد لا يضرب لأحدهم بأكثر من الثلث. وإن نقص بعضهم عن الثلث أخذ أكثرهم ما يفضل به على مَنْ دونه. مغ ج 6 ص 467. باب فيمن أوصى لبني فلان هل يدخل في ذلك الإناث؟ مسألة (1046) جمهور الفقهاء على أن من أوصى لبنيه أو بني فلان فالوصية للذكور دون الإناث والخناثى. وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وهو مذهب أحمد. وقال الحسن
باب في الوصية بالمنافع
وإسحاق وأبو ثور: الوصية للذكور والإناث. وقال الثوري: إن كانوا ذكورًا وإناثًا فهو بينهم، وإن كن بناتٍ لا ذكر معهن فلا شيء لهن. مغ ج 6 ص 469. باب في الوصية بالمنافع مسألة (1047) جمهور العلماء على صحة الوصية بالمنافع. وبه قال مالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. ويعتبر عند هؤلاء خروجها من ثلث المال. وقال ابن أبي ليلى: لا تصح الوصية بالمنفعة، وبه قال ابن شبرمة وأهل الظاهر حكاه عن الجميع ابن رشد. مغ ج 6 ص 477 بداية ج 2 ص 400. باب في الرجوع الموصي ببعض أو كل وصيته مسألة (1048) أكثر العلماء على أنه يجوز لِلْمُوْصِي أن يرجع في جميع ما أوصى به أو بعضه بما في ذلك العتق. روي ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه. وبه قال عطاء وجابر بن زيد والزهري وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور. وهو مذهب أحمد. وقال الشعبي وابن سيرين وابن شبرمة والنخعي يغير منها ما شاء إلا العتق (¬1). مغ ج 6 ص 485. باب فيمن أوصى بشيء ثم باعه مسألة (1049) جمهور العلماء على أن من أوصى بشيء ثم باعه فإنه يعتبر رجوعًا في وصيته. وحكي أن أصحاب الرأي قالوا: لا يعتبر البيع رجوعًا. مغ ج 6 ص 486. باب في التبرعات المُنَجَّزَة كالعتق ونحوه في مرض الموت مسألة (1050) جمهور العلماء على أن التبرعات المنجزة كالعتق والمحاباة والهبة ¬
باب في التبرعات في مرض الموت, هل تقدم على الوصية؟
المقبوضة والصدقة والوقف والإبراء من الدين والعفو عن الجناية الموجبة للمال إذا كانت في مرض مُخَوِّفٍ اتصل به الموت، فإنها تخرج من ثلث المال اعتبارًا بالوصية. وحكاه ابن المنذر إجماعًا عمن يحفظ عنه من أهل العلم (¬1). وحكي عن أهل الظاهر في الهبة المقبوضة أنها من رأس المال. وحكاه ابن رشد عنهم وعن طائفة من السلف. مغ ج 6 ص 491 شرح ج 11 ص 77 بداية ج 2 ص 391. باب في التبرعات في مرض الموت, هل تقدم على الوصية؟ مسألة (1051) جمهور العلماء على أن التبرعات في حال مرض الموت المخوف والمتصل بالموت والتي تعامل كالوصية في إخراجها من الثلث فإنها تُقَدَّم على الوصية بما في ذلك العتق. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وزفر فيما حكي عنهم: إلا العتق فإنه يقدم على تلك التبرعات. مغ ج 6 ص 492. باب في المحاباة في البيع والشراء في مرض الموت مسألة (1052) جمهور العلماء على أن المحاباة في عقد البيع والشراء في مرض الموت المخوف المتصل بالموت لا تمنع صحة العقد. وقال أهل الظاهر: العقد باطل. مغ ج 6 ص 515. باب في وصية الصبي غير المميز مسألة (1053) أكثر أهل العلم على عدم صحة وصية الصبي غير المميز وكذا المجنون والمبرسم (¬2). وبه قال حميد بن عبد الرحمن ومالك والأوزاعي والشافعي - رضي الله عنهم - وأصحاب الرأي وأحمد ومن تبعهم. وانفرد إياس بن معاوية فقال بصحة وصية الصبي والمجنون إذا وافقت وصيتهم الحق. مغ ج 6 ص 528. ¬
باب في وصية المحجور عليه لسفه
باب في وصية المحجور عليه لسفه مسألة (1054) الأكثرون من أهل العلم على صحة وصية المحجور عليه لسفه. وجعل أبو الخطاب الحنبلي المسألة على وجهين. ونازعه في ذلك الموفق ابن قدامة. مغ ج 6 ص 528. باب في الوصية للعبد مسألة (1055) أكثر أهل العلم على أن من أوصى لعبده بشيء معين كثوب أو دار فالوصية باطلة وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية: إنها صحيحة. وهو قول مالك وأبي ثور. وقال الحسن وابن سيرين: إن شاء الورثة أجازوا وإن شاء ردوا. مغ ج 6 ص 538. باب في المال المستفاد بعد الوصية مسألة (1056) أكثر أهل العلم على أن من أوصى بشيء من ماله ثم استفاد مالًا جديدًا بعد الوصية وقبل موته فإنه يضم إلى وصيته ثم يخرج من جميع ماله ما تلد وما جدَّ بقدر ما أوصى. وبه يقول النخعي والأوزاعي ومالك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. والجمهور على هذا سواء علم بما استفاده أو لم يعلم. وحكي عن أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز وربيعة ومالك أنه لا يدخل في وصيته إلا ما علم إلا المدبر فإنه يدخل في كل شيء. مغ ج 6 ص 567. باب فيمن يصح أن يكون وصيًا مسألة (1057) أكثر أهل العلم على صحة الوصية إلى المرأة يعني أن تكون وصيًّا. روي ذلك عن شريح. وبه قال مالك والثوري والأوزاعي والحسن بن صالح وإسحاق والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. ومنع من ذلك عطاء. مغ ج 6 ص 569.
باب في القرعة إذا تساوت الحقوق, هل تشرع؟
باب في القرعة إذا تساوت الحقوق, هل تشرع؟ مسألة (1058) جمهور أهل العلم على أن القرعة مشروعة إذا تشاح أهل الحقوق ولا سبيل لتعيين صاحب الحق وذلك في العتاق والطلاق ونحوهما وبه قال في الجملة مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود ومحمد بن جرير الطبري وغيرهم. وقال أبو حنيفة وأصحابه: القرعة باطلة. قال النووي: وقد قال بقول أبي حنيفة الشعبي والنخعي وشريح والحسن. وحكي أيضًا عن ابن المسيب (¬1). شرح ج 11 ص 140. فتح ج 11 ص 116. باب في التوكيل في الوصية مسألة (1059) أكثر أهل العلم على أن من أوصى لفلان بأن يوصي إلى من يشاء بأن قال: أذنت لك أن توصي إلى من شئت أو كل من أوصيت إليه فقد أوصيتُ إليه جازت الوصية، وقال الشافعي في أحد قوليه: لا تصح. مغ ج 6 ص 574. باب في العتق في مرض الموت مسألة (1060) جمهور الفقهاء على أن العتق في مرض الموت يخرج مخرج الوصية فيكون من ثلث المال فإن تجاوز الثلث توقف على إجازة الورثة (¬2). وحكي عن مسروق فيمن أعتق عبده في مرض موته ولا مال له غيره قال: أجيزه برمته، شىِءٌ جعله لله لا أرده. مغ ج 6 ص 580 الإشراف ج 2 ص 305 شرح ج 11 ص 140. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الفرائض
كتاب الفرائض
كتاب الفرائض باب في الكلالة مسألة (1061) جمهور أهل العلم على أن الكلالة معناها من ليس له ولد ولا والد. فشرط في توريثهم (¬1) عدم الولد والوالد. وبه قال زيد بن ثابت وابن عباس وجابر بن زيد والحسن البصري وقتادة وللنخعي وأهل المدينة والبصرة والكوفة. ويروى عن ابن عباس أنه قال: الكلالة من لا ولد له. ويروى ذلك عن عمر قال الموفق: والصحيح عنهما كقول الجماعة. مغ ج 7 ص 5 شرح ج 11 ص 58. باب في الأخوات يجتمعن مع البنات, هل يرثن تعصيبًا؟ مسألة (1062) جمهور العلماء على أن الأخوات إذا اجتمعن مع البنات فإنهن يرثن تعصيبًا وسواء كن الأخوات الشقيقات أو الإخوات لأب. روي ذلك عن عمر وعليّ وزيد وابن مسعود ومعاذ وعائشة -رضي الله عنهم-. وخالف ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومن تابعه، فروي عنه أنه كان لا يجعل الأخوات مع البنات عصبةً. فقال في بنتٍ وأختٍ: للبنت النصف ولا شيء للأخت. فقيل له: إن عمر قضى بخلاف ذلك جعل للأخت النصف، فقال ابن عباس: أأنتم أعلم أم الله؟ يريد قول الله سبحانه {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فإنما جعل لها الميراث بشرط عدم الولد (¬2). مغ ج 6 ص 6 شرح ج 11 ص 58. ¬
باب في فرض البنتين
باب في فرض البنتين مسألة (1063) مذهب العامة من العلماء أن فرض البنتين الثلثان. وشذَّ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في رواية عنه فجعل فرضهما النصف. مغ ج 7 ص 8 بداية ج 2 ص 407. باب في تعصيب بنات الابن من قبل الابن إذا كان في درجتهن كأخيهن ونحوه مسألة (1064) مذهب العامة من العلماء أنه إذا كان مع بنات الابن ابنٌ في درجتهن كأخيهن أو ابن عمهن أو أَنْزَلَ (أقل درجة) منهن كابن أخيهن أو ابن عمهن أو ابن ابن عمهن عصبهن في الباقي فجعل بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. روي ذلك عن عليّ وزيد وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وبه قال مالك والثوري والشافعي وإسحاق وأحمد وأصحاب الرأي. وبه قال سائر الفقهاء إلا ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ومن اتبعه فإنه خالف الصحابة في ست مسائل من الفرائض هذه إحداهن. ومذهب ابن مسعود أنه جعل الباقي للذكر دون أخواته. وبه قال أبو ثور (¬1). وحكاه ابن رشد عنهما وعن داود. مغ ج 7 ص 10. بداية ج 2 ص 408. باب في تعصيب الذكر لبنات الابن إذا كان في درجتهن مسألة (1065) جمهور الفقهاء على أنه إذا كان مع بنات الابن ذكر في درجتهن فإنه يعصبهن فيما بقي. للذكر مثل حظ الأنثيين. وبه قال جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم. وخالف ابن مسعود ومن وافقه (وهي إحدى مسائله الست) فقال لبنات الابن الأضر بهن من المقاسمة أو السدس، فإن كان السدس أقلَّ مما يحصل لهن بالمقاسمة فرضه لهن وأعطى الباقي للذكر. وإن كان الحاصل لهن بالمقاسمة أقل قاسم بهن. مغ ض ج 7 ص 12. ¬
باب في الأخوات لأب بمنزلة الأخوات الشقيقات عند عدمهن
باب في الأخوات لأب بمنزلة الأخوات الشقيقات عند عدمهن مسألة (1066) مذهب العامة من الفقهاء: أن الأخوات من الأب بمنزلة الأخوات من الأب والأم إذا لم يكن أخوات لأب وأم، فإن كان أخوات لأب وأم وأخوات لأبٍ فللأخوات من الأب والأم الثلثان وليس للأخوات من الأب شيء إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن كانت أخت واحدة لأب وأم وأخوات لأب فللأخت للأب والأم النصف وللأخوات من الأب واحدة كانت أو أكثر من ذلك السدس تكملة الثلثين إلا أن يكون معهن ذكر فيعصبهن فيما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين. وخالف ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- ومن تبعه فلم يجعل للأخوات من الأب شيئًا إذا كان معهن ذكر وقد استكمل الأخوات للأب والأم الثلثين، فإن كانت أخت واحدة من أبوين وأخوة وأخوات من أبٍ جعل للإناث من ولد الأب الأضر بهن من المقاسمة أو السدس وجعل الباقي للذكور كفعله في ولد الابن مع البنات. مغ ج 7 ص 13. باب في الأم تحجب من الثلث إلى السدس. متى يكون ذلك؟ مسألة (1067) جمهور الفقهاء على أن الأم تحجب من الثلث إلى السدس إذا كان للميت ولد أو ولد ابنٍ أو اثنان من الإخوة والأخوات فصاعدًا. وقال ابن عباس: لا يحجب الأم عن الثلث إلى السدس من الإخوة والأخوات إلا ثلاثة. وحكي ذلك عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنهم. وروي أن ابن عباس قال لعثمان رضي الله تعالى عنه: ليس الأخوان إخوةً في لسان قومك فلم تحجب بهما الأم؟ فقال: لا أستطيع أن أرد شيئًا كان قبلي ومضى في البلدان وتوارث الناس به. مغ ج 7 ص 16. باب في المسألة العُمَرية مسألة (1068) مذهب العامة من فقهاء الأمصار أن الميت لو ترك زوجًا وأبوين وليس له ولد فللزوج النصف وللأم ثلث ما بقي، وما بقي للأب. ولو ترك الميت زوجة وأبوين وليس له ولد، فللزوجة الربع وللأم ثلث ما بقي، وما بقي للأب. وتسمى هاتان المسألتان بالعُمَريتين؛ لقضاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بهما وتبعه على ذلك عثمان وزيد بن ثابت وابن مسعود. وروي ذلك عن عليٍّ، وبه قال الحسن والثوري ومالك والشافعي
باب في العول
وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وذهب ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- إلى جعل ثلث المال كله للأم في المسألتين، وروي ذلك عن عليِّ وروي هذا عن شريح في زوج وأبوين. وقال ابن سيرين كقول الجماعة في زوجٍ وأبوين، وكقول ابن عباس في امرأةٍ وأبوين. وبه قال أبو ثور. مغ ج 7 ص 20. مسألة (1069) مذهب العامة من العلماء أن الميت لو ترك زوجًا وأمًّا وإخوةً وأخوات لأم وأختًا لأبٍ وأخوات لأب فللزوج النصف وللأم السدس وللإخوة والأخوات من الأم الثلث بينهم بالتسوية وللأخت من الأب والأم النصف وللأخوات من الأب السدس. وشذَّ ابن عباس في روايةٍ عنه فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين في الإخوة والأخوات من الأم. مغ ج 7 ص 24. باب في العول (¬1) مسألة (1070) مذهب الجماهير من العلماء من الصحابة ومن بعدهم أن المال إذا ضاق بأصحاب الفروض عالت المسألة إلى أسهم (حصص) بقدر فروضهم ووزع المال عليهم بقدر تلك الحصص ودخل النقص عليهم جميعًا كما يقسم المال بين غرماء المدين ولا مال له يكفي الجميع. روي ذلك عن عمر وعليّ والعباس وابن مسعود وزيد رضي الله تعالى عنهم. وبه قال مالك في أهل المدينة والثوري وأهل العراق والشافعي وأصحابه وإسحاق ¬
باب في مسألة في العول (في زوج وأخت وأم) أو مسألة المباهلة
نعيم بن حماد وأبو ثور وسائر أهل العلم إلا من سنذكرهم. وهو مذهب أحمد. ومنع من العول في مسائل الميراث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وتبعه على ذلك عدد قليل. وممن روي عنهم ذلك محمَّد بن الحنفية ومحمد بن علي بن الحسين وعطاء وداود. مغ ج 7 ص 25 بداية ج 2 ص 415. باب في مسألة في العول (في زوجٍ وأختٍ وأمٍّ) أو مسألة المباهلة مسألة (1071) ذهبت الجماهير من العلماء في زوج وأخت وأم إلى أن هذه المسألة تعول إلى عدد من السهام ويعطى كلٌّ بقدر فرضه من تلك السهام، وذهب ابن عباس ومن وافقه إلى إعطاء الزوج النصف والأخت النصف الآخر ولا شيء للأم (¬1). مغ ج 7 ص 26. باب في ابني عمٍّ أحدهما أخ لأم مسألة (1072) جمهور الفقهاء على أن الميت إذا ترك ابني عم أحدهما أخ لأم فللأخ للأم السدس وما بقي بينهما يقسم نصفين. روي ما يدل على هذا عن عمر رضي الله تعالى عنه. ويروى ذلك عن عليٍّ وزيد وابن عباس رضي الله تعالى عنهم. وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي ومن تبعهم. وهو مذهب أحمد. وقال ابن مسعود: المال كله للذي هو أخ من أمٍّ. وبه قال شريح والحسن وابن سيرين وعطاء والنخعي وأبو ثور. مغ ج 1 ص 27. فائدة: قال الموفق في المغني: حصل خلاف ابن عباس للصحابة في خمس مسائل أشتهر قوله فيها (أحدها) زوج وأبوان (والثانية) امرأة وأبوان، للأم ثلث الباقي عندهم (يعني عند جمهور الصحابة) وجعل هو لها ثلث المال فيها، (والثالثة) أنه لا يحجب الأم إلا بثلاثة من الإخوة (الرابعة) لم يجعل الأخوات مع البنات عصبة (الخامسة) أنه لا يُعِيلُ المسائل، فهذه الخمس صحت الرواية عنه فيها، وأشتهر عنه القول بها, وشذت روايات سوى هذه ذكرنا بعضها فيما مضى. مغ ج 7 ص 27. ¬
باب في ابني عم أحدهما أخ لأم والآخر أخ لأب
باب في ابني عمٍّ أحدهما أخ لأمٍّ والآخر أخ لأبٍ مسألة (1073) جمهور العلماء على أن الميت لو ترك ابني عم أحدهما أخ لأم والآخر أخ لأب. فللأخ من الأم السدس والباقي للأخ من الأب. فإن كان معهما أخ من أبوين فكذلك وإن كان ابن عم لأبوين وابن عم هو أخ لأمٍ فللأخ السدس والباقي للآخر ومقتضى مذهب ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أن المال كله لابن العم الذي هو أخ لأم. مغ ج 7 ص 28. باب في ابني عم أحدهما أخ لأمٍّ وبنتٍ أو بنت ابنٍ مسألة (1074) جمهور العلماء على أن الميت لو ترك ابني عم أحدهما أخ من أم ومعه بنت أو بنت ابنٍ فللبنت أو بنت الابن النصف والباقي بينهما نصفين وسقطت الإخوة من الأم بالبنت، ولو كان الذي ليس بأخٍ ابنُ عمٍّ من أبوين أخذ الباقي كله. ومقتضى قول ابن مسعود أن الباقي للأخ في المسألتين. مغ ج 7 ص 28. فائدة: قال الموفق ابن قدامة: فحصل خلاف ابن مسعود في مسائل ست هذه إحداهن (يعني المسألة (1074) السابقة) (والثانية) في بنت وبنات ابنٍ وابن ابنٍ الباقي عنده للابن دون أخواته (الثالثة) في أخوات الأبوين وأخوات لأب. الباقي عنده للأخ دون أخواته (الرابعة) بنت وابن ابنٍ وبناتُ ابنٍ. عنده لبنات الابن الأضر بهن من السدس أو المقاسمة (الخامسة) أخت لأبوين وأخ وأخوات لأب للأخوات عنده الأضر بهن (السادسة) كان يحجب الزوجين والأم بالكفار والعبيد والقائلين ولا يورثهم. مغ ج 7 ص 29. فائدة: في بعض المسائل المتفرعة عن خلاف ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. (1) ابنا عم أحدهما زوج والآخر أخ من أم فللزوج النصف وللأخ السدس والباقي بينهما. وأصل المسألة من ستة سهام. للزوج أربعة وللأخ من أم اثنان. وترجع بالاختصار إلى ثلاثة. وعند ابن مسعود الباقي للأخ فتكون من سهمين لكل واحد منهما سهم. (2) ثلاثة بني عم أحدهم زوج والآخر أخ من أم فللزوج النصف وللأخ السدس
باب في الرد
والباقي بينهما على ثلاثة. أصلها من ستة يضرب فيها الثلاثة تكن ثمانية عشر للزوج النصف تسعه، وللأخ ثلاثة. يبقى ستة بينهم على ثلاثة. فيحصل للزوج أحد عشر وهي النصف والتسع وللأخ خمسة وهي السدس والتسع وللثالث التسع سهمان. (3) فإن كان الزوج ابن عم لأبوين فالباقي كله له وإن كان هو والثالث من أبوين فالثلث الباقي بينهما وتصح من ستة للزوج الثلثان ولكل واحد من الأخوين سدس، وابن مسعود في جميع ذلك يجعل الباقي بعد فرض الزوج للذي هو أخ من أم. (4) ثلاثة إخوةٍ لأم أحدهم ابن عم وثلاثة بني عم أحدهم أخ لأم فاضمم واحدًا من كل عدد إلى العدد الآخر يصير معك أربعة بني عم وأربعة إخوة فهم ستة في العدد وفي الأحوال ثمانية ثم اجعل الثلث للإخوة على أربعة والثلثين علي بني العم على أربعة فتصح من اثني عشر لكل أخ مفرد سهم. ولكل ابن عم مفرد سهمان ولكل ابن عم هو أخ ثلاثة فيحصل لهما النصف وللأربعة الباقين النصف وعلى قول عبد الله للإخوة الثلث والباقي لابني العم اللذَيْنِ هما أخوان والله أعلم. مغ ج 7 ص 29، 30. مسألة (1075) جمهور العلماء بل جماهيرهم في زوج وأم وأخوة لأم (¬1) وأخوات من أبوين أو من أب أن للأخوات هؤلاء الثلثين وعالت المسألة إلى عشرة ومقتضى مذهب ابن عباس ومن وافقه ممن لا يرى العول أنهم يردون النقص على الأخوات غير ولد الأم فيسقطون الأخوات من ولد الأبوين كما لو كانوا إخوةً. مغ ج 7 ص 24. باب في الرد (¬2) مسألة (1076) جمهور أهل العلم على أن المال الذي تركه الميت إذا لم يستوعب ¬
باب في توريث الجدات
مستحقيه من أهل الميراث فإن ما بقي يرد على مستحقيه على قدر حصصهم المفروضة (¬1) روي ذلك عن عمر وعليٍّ وابن عباس، وبه قال ابن مسعود بالجملة، وحكي ذلك عن الحسن وابن سيرين وشريح وعطاء ومجاهد والثوري وأبي حنيفة وأصحابه. قال ابن سراقة وعليه العمل اليوم في الأمصار. وروي عن ابن مسعود أنه كان لا يرد علي بنت ولا على أخت من أبٍ مع أخت من أبوين ولا على جدةٍ مع ذي سهم. وروى ابن منصور عن أحمد أنه لا يرد على ولد الأم مع الأم ولا على الجد مع ذي سهم وضعفه الموفق في المغني. وذهب زيد بن ثابت إلى أن الفاضل عن ذوي الفروض يُرَدُّ لبيت المال ولا يرد على أحدٍ فوق فرضه. وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي رضي الله تعالى عنهم. مغ ج 7 ص 47. باب في توريث الجدات (¬2) مسألة (1077) مذهب العامة من العلماء توريث أم الأم وإن علت وأم الأبٍ وإن علت، وهذا إن كانتا في القرب سواء كأم أم أم وأم أم أب. وحكي عن داود أنه لا يورث أمَّ أُمِّ الأبِ شيئًا. مغ ج 7 ص 54. باب في الجدة المدلية بأبٍ غير وارث مسألة (1078) مذهب العامة من العلماء أن الجدة المدلية بأبٍ غير وارثٍ لا ترثُ (¬3) وحكي عن ابن عباسٍ وجابرِ بن زيدٍ ومجاهدٍ وابن سيرين أنهم قالوا: ترث. مغ ج 7 ص 55. ¬
باب في الجدتين تكونان من جهتين (إحداهما ليست أما للأخرى)
باب في الجدتين تكونان من جهتين (إحداهما ليست أما للأخرى) مسألة (1079) مذهب العامة من أهل العلم أن الجدتين إذا لم تكن إحداهما أمَّ الأخرى (¬1) بأن كانتا من جهتين، والقربى من جهة الأم فالميراث لها وتحجب البُعْدى. وروى عن ابن مسعود ويحيى بن آدم وشريك أن الميراث بينهما. وروي عن ابن مسعود أيضًا أنه إن كانتا من جهتين فهما سواء، وإن كانتا من جهة واحدة فهو للقُربى، يعني به أن الجدتين من قبل الأب إذا كانت إحداهما أم الأب والأخرى أم الجد سقطت أم الجد بأم الأب. قال الموفق: وسائر أهل العلم على أن القربى من جهة الأم تحجب البُعْدى من جهة الأب. مغ ج 7 ص 56. باب في توريث الجد مسألة (1080) مذهب عامة أهل العلم أن الجد لا ينقص نصيبه في الميراث إذا كان وارثًا عن سدس جميع المال أو تسمية السدس له إذا عالت المسألة بحيث زادت فروض الوارثين عن المال. وروي عن الشعبي أنه قال: إن ابن عباس كتب إلى عليٍّ في ستة إخوة وجد؟ فكتب إليه: اجعل الجد سابعهم وامح كتابي هذا. وروي عنه في سبعة إخوةٍ وجد أن الجد ثامنهم. وحكي عن عمران بن حصين والشعبي المقاسمة إلى نصف سدس المال. مغ ج 7 ص 70. باب في حجب الجد الإخوة والأخوات مسألة (1081) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن الجد يحجب (يسقط) جميع الإخوة والأخوات من جميع الجهات سواء كانوا إخوة أو أخوات للأبوين أو للأب وأن شأن الجد في هذا شأن الأب سواء بسواء. وإليه ذهب أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. وبه قال عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير, وروي ذلك عن عثمان وعائشة وأبي بن كعب وأبي الدرداء ومعاذ بن جبل وأبي ¬
باب في الاختلاف في كيفية توريث الإخوة والأخوات مع الجد
موسى وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم. وحكى هذا كذلك عن عمران بن الحصين وجابر بن عبد الله وأبي الطفيل وعبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنهم. ومن التابعين عطاء وطاوس وجابر بن زيد. وبه قال قتادة وإسحاق وأبو ثور ونعيم بن حماد وأبو حنيفة والمزني وابن شريح وابن اللبان وداود وابن المنذر. وذهب عليٌّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم إلى توريثهم والمنع من حجبهم بالجد. وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي وأبو يوسف ومحمد. مغ ج 7 ص 64. باب في الاختلاف في كيفية توريث الإخوة والأخوات مع الجد مسألة (1082) أكثر أهل العلم القائلين بتوريث الإخوة والأخوات مع الجد وعدم حجبهم به ذهبوا مذهب زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه في كيفية توريثهم. وهو إعطاء الجد الأحظ من المقاسمة كأنه أخٌ أو ثلث جميع المال. وبه قال مالك وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام والشافعي وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأبو عبيد والثوري والنخعي والحجاج بن أرطأة وأحمد. ونسبه الموفق في المغنى إلى أكثر أهل العلم (¬1). وذهب الشعبي والنخعي والمغيرة بن المقسم وابن أبي ليلى والحسن بن صالح مذهب عليٍّ بن أبي طالب وهو إعطاء الأخوات فروضهن والباقي للجد إلا أن ينقصه ذلك من السدس فيفرضه له، فإن كانت أخت لأبوين وإخوة لأب فرض للأخت النصف وقاسم الجدُّ الإخوة فيما بقي إلا أن تنقصه المقاسمة عن السدس فيفرضه له، فإن كان الأخوة كلهم عصبة قاسمهم الجد إلى السدس، فإن اجتمع ولد الأب وولد الأبوين مع الجد سقط ولد الأب ولم يدخلوا في المقاسمة ولا يعتد بهم، وإن انفرد ولد الأب قاموا مقام ولد الأبوين مع الجد، فإن كان أصحاب الفرائض بنتًا أو بنات فلا يزيد الجد على الثلث ولا يقاسم به. وذهب مسروق وعلقمة وشريح مذهب عبد الله بن مسعود وهو كمذهب عليٍّ في الأخوات، وقاسم الجد الإخوة إلى الثلث، فإن كان معهم أصحاب فرائض أعطي أصحاب الفرائض فرائضهم ثم صنع صنيع زيد بن ثابت في إعطاء الجد الأحظ من المقاسمة أو ثلث الباقي أو سدس جميع المال. ¬
باب في توريث ذوي الأرحام
مغ ج 7 ص 67. فائدة: المسائل المشهورة بأسمائها في الفرائض كثيرة ومنها العُمَرية والمُشَرِّكَةُ وأمُّ الفروخ والحِماَريّةُ والأكْدَرّيةُ والخرقَاءُ والغراوينُ. باب في توريث ذوي الأرحام (¬1) مسألة (1083) جمهور الصحابة وفقهاء العراق والكوفة والبصرة وجماعة العلماء من سائر الآفاق على توريث ذوي الأرحام إذا عدم أصحاب الفروض والعصبات ولا أحد من الوارثين إلا الزوج والزوجة. روي هذا عن عُمَر وعليّ وعبد الله بن مسعود وأبي عبيدة بن الجراج ومعاذ بن جيل وأبي الدرداء رضي الله تعالى عنهم. وبه قال شريح وعمر بن عبد العزيز وعطاء وطاوس وعلقمة ومسروق. وذهب زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه إلى عدم توريثهم ورد الميراث إلى بيت مال المسلمين. وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وأبو ثور وداود وابن جرير وأكثر فقهاء الأمصار (¬2). بداية ج 2 ص 406 مغ ج 7 ص 83. باب في المولى المُعتَق وعصباته إذا تزاحموا مع ذوي الأرحام مسألة (1084) أكثر أهل العلم على أن المولى المعتق وعصباته أولى بالميراث من ذوي الأرحام إذا تزاحما ولم يكن أصحاب فروض ولا عصبات. وبه قال عامة من قال بتوريث ذوي الأرحام وقول من لا يرى توريثهم أيضًا. وروي عن ابن مسعود تقديم ذوي الأرحام على المعتق وعصباته وبه قال ابنه أبو عبيدة وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعلقمة والأسود وعبيدة ومسروق وجابر بن زيد والشعبي والنخعي والقاسم بن عبد الرحمن وعمر بن عبد العزيز وميمون ومهران. مغ ج 7 ص 92. ¬
أبواب في ميراث الخنثى والخنثى المشكل
أبواب في ميراث الخنثى (¬1) والخنثى المشكل (¬2) باب في ضابط الخنثى الذكور والخنثى الأنثى مسألة (1085) جمهور أهل العلم على أن الخنثى إذا بال من العضوين فحكمه حكم أسبقهما في التبول فإن سبق بقوله من العضو الذكري فهو خنثى ذكر وألا فهو ختثى أنثى وفي الأول أحكامه أحكام الذكور وفي الثاني أحكامه أحكام النساء. روي ذلك عن سعيد بن المسيب. وبه قال أحمد. مغ ج 7 ص 114. باب في التوقف في توريث الخنثى المشكل الصبي حتى يبلغ مسألة (1086) جمهور العلماء على أن الخنثى المشكل إذا كان صبيًّا ومات له من يرثه فإنه يتوقف في أمره حتى يبلغ ويتبين حاله بظهور علامات المذكورة أو الأنوثة. وبه قال أحمد. وحكي عن علي والحسن -رضي الله تعالى عنهما- أنهما قالا: تعد ¬
باب في توريث الخنثى المشكل إذا لم يتبين أمره
أضلاعه لأن أضلاع المرأة أكثر من أضلاع الرجل، وقال جابر بن زيد: يوقف إلى جنب حائط فإن بال عليه فهو ذكر وإن بلل بين فخذيه فهو أنثى. مغ ج 7 ص 115. باب في توريث الخنثى المشكل إذا لم يتبين أمره مسألة (1087) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الخنثى المشكل إذا مات قبل بلوغه أو بلغ ولازال مُشكلًا فإنه يرث نصف ميراث ذكر ونصف ميراث أنثى. وبه قال ابن عباس والشعبي وابن أبي ليلى وأهل مكة والثورى واللؤلؤي وشريك والحسن بن صالح وأبو يوسف ويحيى بن آدم وضرار ابن ورد ونعيم بن حماد. وورثه أبو حنيفة بأسوأ حالاته وأعطى الباقي لسائر الورثة. وأعطاه الشافعي ومن معه اليقين ووقف الباقي حتى يتبين منه الأمر أو يصطلح الورثة وقال بقول الشافعي أبو ثور وداود وابن جرير. وورثه بعض أهل البصرة على الدعوى فيما بقى بعد اليقين وبعضهم بالدعوى من أصل المال. قال الموفق: وفيه أقوال شاذة سوى هذه. مغ ج 7 ص 115. باب في ميراث ولد المُلَاعنة مسألة (1088) جمهور العلماء على أن المتلاعنين (¬1) إذا مات أحدهما قبل أن يلاعن ورثه الآخر. وهو مذهب أحمد. وقال الشافعي -رحمه الله- تعالى- إذا كمل الزوج لعانه لم يتوارثا حتى لو ماتت الزوجة قبل لعانها. وقال مالك: إن مات الزوج بعد لعانه. فإن لاعنت المرأة لم ترث ولم تَحِدَّ، وإن لم تلاعن ورثت وحدت. مغ ج 7 ص 121. باب في الزوجة تموت قبل لعانها وبعد لعان زوجها مسألة (1089) جمهور العلماء على أن الزوجة إذا ماتت بعد لعان زوجها وقبل أن تلاعن ورثها زوجها. وهو مذهب أحمد. وقال الشافعي: لا يرثها. مغ ج 7 ص 121. ¬
باب في الحاكم يفرق بين المتلاعنين قبل تمام الملاعنة
باب في الحاكم يفرق بين المتلاعنين قبل تمام الملاعنة مسألة (1090) جمهور العلماء على أن المتلاعنين إذا فرق الحاكم بينهما قبل تمام اللعان فإن الفرقة لا تقع ولا ينقطع التوارث بينهما. وقال أبو حنيفة وصاحباه: إن فرق الحاكم بينهما بعد أن تلاعنا ثلاثًا وقعت الفرقة وانقطع التوارث. وإن فرق بينهما قبل ذلك لم تقع الفرقة ولم ينقطع التوارث. مغ ج 7 ص 122. باب في ولد الملاعنة يموت عن مولى أمه وبنتٍ وبنتِ ابنٍ مسألة (1091) جمهور الفقهاء على أن ولد الملاعنة إذا مات وترك بنتًا وبنت ابنٍ ومولى أمه فإن الباقي بعد إعطاء أهل الفرائض فرضها لمولى الأم. وقال ابن مسعود: يرد الباقي على أهل الفرائض بقدر فروضهم. مغ ج 7 ص 125. باب في ولد الملاعنة يموت عن بنتٍ وبنتِ ابنٍ ومولى أمه وأمه مسألة (1092) أكثر أهل العلم على أن ولد الملاعنة إذا مات وترك بنتًا وبنت ابنٍ ومولى أمهِ وأمًّا فإن لأمه السدس والباقي لمولى أمه. وبه قال أحمد في روايةٍ. وقال ابن مسعود: هو للأم (يعني الباقي). وهو الرواية الثانية عن أحمد. مغ ج 7 ص 125. باب في ولد الملاعنة إذا مات ولم يترك صاحب السهم مسألة (1093) مذهب الجمهور من العلماء أن ولد الملاعنة إذا مات ولم يترك ذا سهم فإن المال لعصبة أمه. روى ذلك عن عليٍّ. وقال أبو حنيفة وأصّحابه هو بين ذوي الأرحام كميراث غيره ورووه كذلك عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه. مغ ج 7 ص 126. باب في المنفي بالملاعنة إذا كانا توأمين مسألة (1094) جمهور الفقهاء على أن المتلاعنين إذا كان المنفي بالتلاعن بينهما
باب في عصبة ولد الملاعنة هل يعقلون عنه؟
توأمين ولها ابن آخر من الزوج لم ينفه فمات أحد التوأمين فميراث توأمه منه كميراث الآخر. وقال مالك: يرثه توأمه ميراث ابن لأبوين. وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي -رحمه الله- تعالى. مغ ج 7 ص 127. باب في عصبة ولد الملاعنة هل يعقلون عنه؟ مسألة (1095) أكثر أهل العلم على أن عصبة ولد الملاعنة لا يعقلون (¬1) عنه ولا يثبت لهم ولاية التزويج ولا غير ذلك. روى عن عليٍّ -رضي الله تعالى عنه- أنه جعلهم عاقلةً فروى أنه قال لأولياء (¬2) المرجومة في ولدها: هذا ابنكم يرثكم ولا ترثونه وإن جنى فعليكم. روى هذا القول عن عبد الله بن مسعود وإبراهيم النخعي. مغ ج 7 ص 127. باب في ميرث ولد الملاعنة وولد الزنا مسألة (1096) جمهور العلماء على التسوية بين ولد الزنا وبين ولد الملاعنة في أحكام الميراث في المتفق والختلف فيها. وقال الحسن بن صالح: عصبة ولد الزنا سائر المسلمين. مغ ج 7 ص 129. باب في ولد الزنا مسألة (1097) جمهور العلماء على أن ولد الزاني لا يلحق الزاني حتى لو استلحقه أو ادعاه (¬3). وقال الحسن البصري وابن سيرين: يلحق الواطئ إذا أقيم عليه الحد ويرثه. وقال إبراهيم النخعي: يلحقه إذا جلد الحدَّ أو ملك الموطوءة. وقال إسحاق: يلحقه. وذكر عن عروة وسليمان بن يسار نحوه. وروى علي بن عاصم عن أبي حنيفة أنه قال: لا أرى بأسًا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها مع حملها ويستر عليها والولد ولدٌ له. مغ ج 7 ص 129. ¬
باب في ميراث العبد والأسير
باب في ميراث العبد والأسير مسألة (1098) مذهب العامة من العلماء أن العبد لا يرث ولا يورث وممن روى عنه هذا عليٌّ وزيدٌ رضي الله تعالى عنهما. وبه قال الثوري ومالك والشافعي وأسحاق وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وروي عن ابن مسعود في رجلٍ مات وترك أبًا مملوكًا، يُشْتَرى من مالِه ثم يعتق فيرث. وبه قال الحسن. وحكي عن طاوس أن العبد يرث ويكون ما ورثه لسيده ككسبه كما لو وُصِّى له. مغ ج 7 ص 130. باب في توريث الأسير المعلومة حياته مسألة (1099) مذهب العامة من الفقهاء أن الأسير (¬1) بيد الكفار إذا علمت حياته فإنه يرث. وانفرد سعيد بن المسيب، فقال: لا يرث لأنه عبدٌ، وحكي ذلك عن النخعي وقتادة. مغ ج 7 ص 131 ص 212. باب في ميراث مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ مسألة (1100) مذهب الجمهور من أهل العلم أن الميت لو ترك أبنًا نصفه حر وابن ابنٍ حر فالمال بينهما نصفين متساويين. وقال الثوري: لابن الابن الربع لأنه محجوب بنصف الابن عن الربع. مغ ج 7 ص 140. باب في ميراث من أقر له بعض الورثة بالنسب مسألة (1101) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن بعض الورثة لو أقر بمن ¬
باب في موانع الإرث
يشاركه في الميراث فللمقرِّ له فضل ما في يد المُقِر عن ميراثه. وبه قال مالك والأوزاعي والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وشريك ويحيى بن آدم ووكيع وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأهل البصرة. وقال النخعي وحماد وأبو حنيفة وأصحابه: يقاسمه ما في يده. وقال الشافعي -رضي الله عنه- وداود: لا يلزمه في الظاهر دفع شيء إليه، وهل يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى على قولين: أصحهما لا يلزمه، فإذا قلنا: يلزمه، ففي قدره وجهان كالمذهبين. مغ ج 7 ص 144. باب في موانع الإرث مسألة (1102) جمهور العلماء على أن القاتل لا يوَرَّث من مُوَرثه الذي قتله شيئًا وذلك إذا كان القتل عمدًا (¬1). وحكي عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير أنه يرث. وبه قال الخوارج. ولمح به ابن رشد عن أهل الظاهر (¬2). مغ ج 7 ص 161 بداية ج 2 ص 428. باب في التوارث بين المسلم وبين الكافر (¬3) مسألة (1103) جمهور الفقهاء بل جماهيرهم من الصحابة ومَنْ بعدهم على أن المسلم لا يرث الكافر. روي هذا عنه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأسامة بن زيد وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم. وبه قال عمرو بن عثمان وعروة والزهري وعطا وطاوس والحسن وعمر بن عبد العزيز وعمرو بن دينار والثوري وأبو حنيفة وأصحابه ومالك ¬
باب في التوارث بين أهل الملل الكافرة
والشافعي. ونسبه الموفق في المغني إلى عامة الفقهاء، وقال: وعليه العمل. وهو قول أحمد ابن حنبل رضي الله تعالى عنه. وروي عن عمر ومعاذ ومعاوية -رضي الله تعالى عنهم- أنهم وَرثُوا المسلم من الكافر ولم يورثوا الكافر من المسلم. وحكي ذلك عن محمَّد بن الحنفية وعليِّ بن الحسين وسعيد بن المسيب ومسروق وعبد الله بن معقل والشعبي والنخعي ويحيى بن يعمر وإسحاق. قال الموفق: وليس بموثوق به عنهم. قلت: وحكاه ابن رشد بصيغة الجزم عن معاذ بن جبل ومعاوية من الصحابة وسعيد بن المسيب ومسروق من التابعين. وكذلك حكى هذا القول روايةً أبو محمَّد عليّ بن حزم (¬1) الأندلسي عن معاذ بن جبل ومعاوية ويحيى بن يعمر وإبراهيم ومسروق. قال ابن حزم وهو قول إسحاق بن راهويه وهو عن معاوية ثابت كما روينا من طريق حماد بن سلمة أنا (يعني أخبرنا) داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق أن معاوية كان يورث المسلم، من الكافر ولا يورث الكافر من المسلم قال مسروق: ما حدث في الإِسلام قضاء أعجب إليَّ منه. اهـ. مغ ج 7 ص 65 بداية ج 2 ص 420 شرح ج 11 ص 52. باب في التوارث بين أهل الملل الكافرة (¬2) مسألة (1104) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الكفار إذا اختلفت مللهم فلا توارث بينهم. على خلاف بين أهل هذا القول في تحديد الملل التي إذا اختلفت امتنع التوارث والتي إذا توافقت جاز. فمنهم من جعل اليهودية ملةً والنصرانية ملةً وسائر من لا كتاب له ملةً واحدة. وبه يقول شريح وعطاء وعمر بن عبد العزيز والضحاك والحكم والثوري والليث وشريك ومغيرة والضبي وابن أبي ليلى (¬3) والحسن بن صالح ووكيع. ووروي ذلك عن مالك والنخعي في رواية وهو اختيار القاضي أبي يعلى، ولم يرتض قوم جعل سائر من لا كتاب له ملةً واحدة، قالوا: بل هم ملل مختلفة كالمجوسية وعبادة الأوثان وعبادة الشمس فهؤلاء لا يرث بعضهم بعضًا. روى ذلك عن عليّ - رضي الله عنه - وبه قال الزهري وربيعة وطائفة من أهل المدينة وأهل البصرة وإسحاق. وهو اختيار الموفق ابن قدامة في المغني. وذهب جمعٌ إلى أن الكفر ملة واحدةٌ يرث بعضهم بعضًا لا فرق بين يهودي ونصراني وغير ذلك. وبه قال حماد وابن شبرمة وأبو حنيفة والشافعي وداود. وأحمد في ¬
باب في ميراث المرتد
رواية حرب عنه. واختاره الخلَّال الحنبلي وحكي هذا القول عن الثوري كذلك. مغ ج 7 ص 167. باب في ميراث المرتد (¬1) مسألة (1105) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المرتد إذا قتل أو مات على ردته فإن ماله لورثته المسلمين. روي ذلك عن أبي بكر الصديق وعمر وعليّ وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم. وبه قال سعيد بن المسيب وجابر بن زيد والحسن البصري وعمر ابن عبد العزيز وعطاء والشعبي والحكم والأوزاعي والثوري وابن شبرمة وأهل العراق وإسحاق. وروي عن أحمد ما يدل على ذلك، وفرق الثوري وأبو حنيفة واللؤلؤي وإسحاق بين ماله قبل ردته فجعلوه لورثته المسلمين ويبن ماله الذي اكتسبه بعد ردته فجعلوه فيئًا. وذهب قوم إلى أن ماله يكون فيئًا في بيت مال المسلمين (¬2) وهو قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وبه قال ربيعة ومالك وابن أبي ليلى والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأحمد في رواية. وذهب آخرون إلى أن ماله لأهل دينه الذي اختاره إن وجد من يرث منهم وإلا فهو فيءٌ وبه قال داود. وروي ذلك عن علقمة وسعيد بن أبي عروبة. مغ ج ص 174. باب في من أسلم بعد موت موورثه المسلم (¬3) مسألة (1106) جمهور الفقهاء بل عامتهم على أن الكافر أو المرتد إذا أسلم أو عاد لإسلامه بعد موت موروثه المسلم فإنه لا يرثه. وهو المشهور عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه. وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس والزهري وسليمان بن يسار والنخعي والحكم وأبو الزناد وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية. وذهب قوم إلى التفريق فإن أسلم بعد موت موروثه وقبل قسم ميراثه (¬4) ورثه، روي هذا عن عمر وعثمان والحسن بن عليّ وابن مسعود. وبه قال جابر بن زيد والحسن ¬
باب في العبد يعتق بعد موت موروثه وقبل القسمة
ومكحول وقتادة وحميد وإياس بن معاوية وإسحاق وأحمد في رواية. مغ ج 7 ص 171. باب في العبد يعتق بعد موت موروثه وقبل القسمة (¬1) مسألةأ (1107) جمهور الفقهاء من الصحابهّ ومن بعدهم على أبي العبد إذا أعتق بعد موت موروثه فإنه لا يرثه وسواء أعتق قبل القسمة أو بعدها، وبه قال أحمد، وروي عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل مات وترك عبدًا فأعتق قبل أن يقسم ميراثه فقال: له ميراثه. وحكي مثل ذلك عن مكحول وقتادة، مغ ج 7 ص 173. باب في الممنوع من الإرث هل يحجب؟ مسألة (1108) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الممنوع من الميراث بسبب من أسباب المنع كالقتل أو الرق أو غيره فإنه لا يحجب غيره ممن استحق الميراث. وقال ابن مسعود ومن وافقه: بل يحجب القاتلُ والولدُ الكافرُ والرقيق الأمَّ والزوجين، ويحجب الإخوةُ الذين على هذه الصفة الأمَّ. وبه قال أبو ثور وداود وجرى الحسن البصري مجرى ابن مسعودٍ في القاتلِ خاصةً دون غيرهِ. مغ ج 7 ص 192. باب في ميراث الحمل (¬2) مسألة (1109) أكثر أهل العلم على أن من مات عن حمل يرثه فإنه يوقف للحمل شيء من مال من يشاركه (¬3) في الميراث ثم يدفع لشركائه الباقي على اختلاف بين القائلين بهذا في قدر ما يوقف له. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والليث وشريك ويحيى بن آدم وهو رواية الربيع عن الشافعي. وهو مذهب أحمد. وذهب الشافعي في المشهور ¬
باب في دية المقتول هل يرثها أهل الميراث أم هي للعاقلة خاصة؟
من مذهبه (¬1): إلى أنه لا يدفع لشركائه شيءٌ، مغ ج 7 ص194. باب في دية المقتول هل يرثها أهل الميراث أم هي للعاقلة خاصةً؟ مسألة (1110) مذهب العامهّ من العلماء أن دية المقتول مال موروث كسائر أمواله يرثها أهل الفروض أولاً ثم العصبات ثم ذوو الأرحام وتجري فيها سائر أحكام الميراث وكذلك سائر أحكام المال الذي يتركه الميت من إنفاذ الوصايا والديون. وغيره واختلف في هذه المسألة عن عليّ رضي الله تعالى عنه. فروي عنه مثل قول الجماعة وروي عنه أنها للعصبة التي تعقل عنه خاصة وكان عمر بن الخطاب يذهب إلى هذا ثم رجع عنه لما بلغه الحديث فيها. وقال أبو ثور: هي على الميراث (يعني تعزل للميراث خاصةً) ولا تقْضَى منها ديون المقتول ولا تنفذ منها وصاياه (¬2). وعن أحمد رحمه الله تعالى نحو هذا في روايةٍ. وفي أخرى ما يوافق قول الجمهور. مغ ج 7 ص 204. باب في ميراث دية الجنين المقتول مسألة (1111) جماهير الققهاء بل عامتهم. إلا شيئاً يحكى عن ربيعة والليث أن الحامل إذا ضُرِبَ بطنها فأسقطت فإن الدية على الضارب غرة موروثةٌ عن الجنين كأنه سقط حيًّا. وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد، مغ ج 7 ص303 شرح ج 11 ص 176. باب في ميراث المفقود (¬3) باب في هل تُخَصُّ الزوجة بشيء من أحكام المفقود مسألة (1112) أكثر الفقهاء على أنه لا فرق فيما يترتب على الخلاف الجاري في ¬
باب فيمن مات وفي ورثته مفقود
أحكام المفقود بين ماله وبين زوجته، فما يجري على مال المفقود يجري على زوجه، وقال مالك والشافعي في القديم (¬1) من مذهبه تستثنى الزوجة من هذا فتتربص أربع سنين ثم يحكم لها بموت زوجها ثم تعتد أربعة أشهر وعشرًا ثم تحل للأزواج. ومذهبه الجديد خلاف ذلك. مغ ج 7 ص 206. باب فيمن مات وفي ورثته مفقود مسألة (1113) أكثر الفقهاء على أن من مات وفي ورثته مفقود فإنه يعطى كل وارث من ورثته اليقين ويوقف الباقي حتى يتبين أمره أو تمضي مدة الانتظار فتعمل المسألة على أنه حي ثم على أنه ميت وتضرب إحداهما في الأخرى تباينًا أو في وفقهما إن اتفقنا وتجتزئ بإحداهما إن تماثلتا أو بأكثرها إن تناسبتا ويُعْطى كل واحد أقل النصيبين ومن لا يرث إلا من أحدهما لا نعطيه شيئًا ونقف الباقي. وقال بعض أصحاب الشافعي: يقسم المال على الموجودين لتحقق وجودهم وأما المفقود فمشكوك فيه فلا يورث مع الشك. وقال محمَّد بن الحسن: القول قول مَنْ المالُ في يده ولا يوقف للمفقود شيء. مغ ج 7 ص 208. باب في الميراث المترتب على النكاح في مرض الموت مسألة (1114) جمهور الفقهاء على أن من تزوج في المرض المخوف فهو كمن تزوج في حال الصحة من حيث صحة العقد وترتب آثاره من الصداق والميراث وبه قال أبو حنيفة والشافعي رضي الله تعالى عنهما. وهو مذهب أحمد -رحمه الله- تعالى. وقال ¬
باب في ميراث المطلقة الرجعية في مرض الموت
مالك: أي الزوجين كان مريضًا مرضًا مخوفًا أثناء عقد النكاح فالنكاح فاسد لا يتوارثان به إلا أن يصيبها (يعني يطؤها) فيكون لها المسمى في ثلاثة مقدمًا على الوصية. وروى عن الزهري ويحيى بن سعيد مثله. واختلف أصحاب مالك في نكاح من لا يرث كالأمة والذمية، فقال بعضهم: يصح لأنه لا يتهم بقصد توريثها. ومنهم من أبطله لجواز أن تكون وارثة (¬1). وقال رييعة وابن أبي ليلى: الصداق والميراث من الثلث. وقال الأوزاعي: النكاح صحيح ولا ميراث يينهما. وروي عن القاسم بن محمَّد والحسن البصري أنه إن قصد الإضرار بورثته فالنكاح باطل وإلا فهو صحيح. مغ ج 7 ص 212. باب في ميراث (¬2) المطلقة الرجعية في مرض الموت مسألة (1115) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن من طلق في المرض المخوف طلاقًا رجعيًا ثم مات أثناء عدة مطلقته فإنها ترثه، وإن ماتت هي قبله فلا يرثها. روي هذا عن عُمَر وعثمان رضي الله تعالى عنهما. وبه قال عروة وشريح والحسن والشعبي والنخعي والثوري وأبو حنيفة في أهل العراق ومالك في أهل المدينة وابن أبي ليلى. وهو قول الشافعي - رضي الله عنه - في القديم. وروي عن عتبة بن عبد الله بن الزبير: لا ترث مبتوتة. وروي ذلك عن عليّ وعبد الرحمن بن عوف. وهو قول الشافعي الجديد لأنها بائن بموت زوجها قبل ارتجاعها. مغ ج 7 ص 217. باب في ميراث المبتوتة إذا تزوجت مسألة (116) أكثر أهل العلم على أن المبتوتة إذا تزوجت لم ترث من زوجها الأول الذي بتَّ طلاقها. وسواء كانت في عصمة الزوج الثاني أو بانت منه. وقال مالك في أهل المدينة ترثه. مغ ج 7 ص 219. ¬
باب في من طلق في مرض الموت ثم برئ ثم مات بعد ذلك
باب في من طلق في مرض الموت ثم برئ ثم مات بعد ذلك مسألة (1117) جمهور العلماء على أن من طلق زوجته في مرض الموت (¬1) (المرض المخوف) ثم شفي من مرضه ثم مات بعد ذلك فإن مطلقته لا ترثه. وروي عن النخعي والشعبي والثوري وزفر أنها ترثه. مغ ج 7 ص 219. باب في ميراث المطلقة ثلاثًا في مرض الموت قبل الدخول مسألة (1118) أكثر أهل العلم على أن من طُلِّقَتْ في المرض المخوف (يعني مرض الموت) ثلاثًا قبل الدخول بها فلا ميراث لها وليس عليها عِدةٌ ولها نصف الصداق. وبه قال جابر بن زيدٍ وإبراهيم النخعي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايات الأربع عنه. وقال الحسن البصري وعطاء وأبو عبيد: لها الصداق كاملًا والميراث وعليها العدة. واختاره أبو بكر الحنبلي. وروى عن عطاء أنه قال: لها الميراث والصداق ولا عدة عليها. وقال مالك في رواية أبي عبيد عنه: لها الميراث ونصف الصداق وعليها العدة. مغ ج 7 ص 220. باب في الرجل يطلق في مرض الموت إحدى نسائه الأربع مسألة (1119) جمهور الفقهاء على أن من كان تحته أربع زوجات فطلق إحداهن ثلاثًا في مرض الموت ثم تزوج أخرى في عدة المطقة أو طلق امرأةً واحدة ونكح أختها ومات في عدتها فالنكاح باطل والميراث بين المطلقة وباقي الزوجات، وبه قال أبو حنيفة ومالك. وهو أحد وجهي قول الشافعي القديم. وقال الشافعي في الجديد: النكاح صحيح والميراث للجديدة مع باقي الزوجات دون المطلقة. مغ ج 7 ص 229. باب في الرجل يطلق في مرض الموت نساءه الأربع مسألة (1120) جمهور الفقهاء على أن من كان تحته أربع زوجات فطلقهن في مرضه ¬
ثم صح وتزوج أربعًا غيرهن ثم مات فالميراث للمنكوحات ولا شيء للمطلقات. ومقتضى قول مالك ومن وافقه أنه لا شيء للمنكوحات والميراث للمطلقات. مغ ج 7 ص 230. * * *
مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الولاء
كتاب الولاء
كتاب الولاء (¬1) باب في تقديم المولى في الميراث على الرد وذوي الأرحام مسألة (1121) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على تقديم المولى في الميراث على الرد وذوي الأرحام، وروى عن عمر وعليّ تقديم الرد على المولى. رروى عنهما كذلك وعن ابن مسعود تقديم ذوى الأرحام على المولى. مغ ج 7 ص 239. باب في الميراث بين السيد ومولاه عند اختلاف الدين مسألة (1122) جمهور العلماء على أن التوارث لا يجوز بين السيد وبين مولاه إذا اختلف دينهما. وقال أهل الظاهر وأحمد في رواية: يرث السيد مولاه ولو اختلف دينهما. روي ذلك عن علي وعمر بن عبد العزيز. وقال مالك: يرث المسلم مولاه النصراني ولا يرث النصراني مولاه المسلم. مغ ج 7 ص 241. باب في ثبوت الولاء بين الحربيين مسألة (1133) مذهب العامة من أهل العلم أن الولاء يثبت بين الحربيين, فإذا أعتق حربي حربيًا ثبت الولاء للمُعْتِقِ. وأبى ذلك أهل العراق فقالوا: العتق في دار الحرب وكذلك الكتابة والتدبير لا يصح من ذلك شيء ولو استولد سيد أمته في دار الحرب لم تصر أم ولدٍ مسلمًا كان السيفُ أو ذميًّا أو حربيًّا. مغ ج 7 ص 241. ¬
باب في بيع الولاء وهبته
باب في بيع الولاء وهبته مسألة (1124) جمهور أهل العلم بل جماهيرهم من السلف والخلف على أن الولاء لا بياع ولا يوهب ولا يجوز للسيد أن يأذن لمولاه فيوالي من يشاء. روى ذلك عن عمر وعليّ وابن مسعودٍ وابن عباس وابن عمر رضي الله تعالى عنهم. وبه قال سعيد بن المسيب وطاوس وإياس بن معاوية والزهري ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه. وهو مذهب أحمد. روى سعيد بن منصور عن عبد الله بن مسعود قال: إنما الولاء كالنسب، فيبيع الرجل نسبه؟ وكره جابر بن عبد الله بيع الولاء. وروى سعيد بن منصور أن ميمونة وهبت ولاء سليمان بن يسار لابن عباس وكان مكاتبًا. وروي أن ميمونة وهبت ولاء مواليها للعباس وولاؤهم اليوم لهم. وروى أن عروة ابتاع ولاء طهمان لورثة مصعب بن الزبير. وقال ابن جريج قلت لعطاء: أذنت لمولاي أن يوالي من شاء فيجوز؟ قال: نعم. مغ ج 7 ص 243 شرح ج 10 ص 148 ص 149. باب في انتقال الولاء للورثة إذا مات المعتق مسألة (1125) جمهور العلماء على أن الولاء لا ينتقل بموت المعتِق ولا يرثه ورثته وإنما يرثون المال بسببه مع بقائه للمعتق. روى نحو هذا عن عمر وعليّ وزيد وابن مسعود وأبيّ بن كعب وابن عمر وأبي مسعود البدري وأسامة بن زيد وبه قال عطاء وطاوس وسالم بن عبد الله والحسن وابن سيرين والشعبي والزهري والنخعي وقتادة وأبو الزناد وابن قُسَط ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وداود وأحمد في أصح الروايات عنه. وشذ شريح فقال: الولاء كالمال يُؤرَثُ عن المعتِق فمن ملك شيئًا حياتَهُ فهو لورثته، وروى حنبل ومحمد بن الحكم عن أحمد نحو هذا، قال الموفق: وغلطهما أبو بكر وهو كما قال: فإن رواية الجماعة عن أحمد مثل قول الجماعة. مغ ج 7 ص 244، ص 263. باب في ميراث من أُعتق من الزكاة أو النَّذر أو الكفارة مسألة (1126) جمهور الفقهاء على أن من أعتق عبده عن نذر أو كفارة فولاؤه يبقى له. وقال أحمد في الذي يعتق من زكاته: إن ورث منه شيئًا جعله في مثله (¬1) قال: وهذا قول ¬
باب في عتق المحارم من ذوي الأرحام على سيدهم
الحسن. وبه قال إسحاق. قال الموفق: وعلى قياس ذلك العِتقُ من الكفارة والنذر لأنه واجب عليه. وروي عن أحمد -رحمه الله- أنه قال في الذي يُعْتَقُ في الزكاة: ولاؤه للذي جرى عتقه على يديه. وقال مالك والعنبري: ولاؤه لسائر المسلمين ويجعل في بيت المال وقال أبو عبيد: ولاؤه لصاحب الصدقة (¬1). مغ ج 7 ص 247. باب في عتق المحارم من ذوي الأرحام على سيدهم مسألة (1127) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن ملك رحمًا محرمًا عتق عليه وكان ولاؤه له روي ذلك عن عمر وابن مسعود رضي الله تعالى عنهما. وبه قال الحسن وجابر بن زيد وعطاء والحكم وحماد وابن أبي ليلى والثوري والليث وأبو حنيفة والحسن بن صالح وشريك ويحيى بن آدم (¬2) وهو المشهور عن أحمد. وأعتق مالك الوالدين والمولودين وإن بعدوا، والأخوة والأخوات دون أولادهم وذهب الشافعي إلى أنه لا يعتق إلا عمودا النسب. وبه قال أحمد في روايةٍ. ذكرها أبو الخطاب. وانفرد داود الظاهري وأتباعه فمنعوا أن يعتق أحدٌ إلا بإعتاق. مغ ج 7 ص 247. باب في المحارم من غير ذوي الأرحام مسألة (1128) جمهور العلماء على أن المحارم من غير ذوى الأرحام لا يعتقون على سيدهم كالأم والأخ من الرضاعة والرييبة وأم الزوجة وابنتها. وحكى عن الحسن وابن سيرين وشريك أنه لا يجوز ييع الأخ من الرضاعة وروى عن ابن مسعود أنه كره ذلك (¬3). مغ ج 7 ص 248. ¬
باب في ولاء المكاتب والمدبر
باب في ولاء المكاتب والمُدَبَّر مسألة (1129) جمهور الفقهاء بل عامتهم على أن ولاء المكاتب والمُدَبَّر لسيدها إذا أعتقا. وبه يقول الشافعي وأهل العراق. وهو مذهب أحمد. وحكى ابن سراقة عن عمرو بن دينار وأبي ثور أنه لا ولاء على المكاتب لسيده. وقال قتادة: من لم يشترط ولاء المكاتب فلمكاتبه أن يوالي من شاء. وقال مكحول: أما المكاتب إذا اشترط ولاءه مع رقبته فجائز. مغ ج 7 ص 249. باب في ولاء أم الولد مسألة (1130) جمهور الفقهاء على أن ولاء أم الولد لسيدها إذا ماتت يرثها أقرب عصبات سيدها (¬1) وبه قال من الصحابة عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما. وقال ابن مسعود: تعتق من نصيب ابنها فيكون ولاؤها له، وعن ابن عباس نحوه. وعن عليٍّ رضي الله تعالى عنه لا تعتق ما لم يعتقها وله بيعها (¬2) وبه قال جابر بن زيد وأهل الظاهر. وعن ابن عباس نحوه. مغ ج 7 ص 250. باب في العتق يجر ولاء الأولاد للمُعتَق مسألة (1131) جمهور الفقهاء على أن من كان له أَمةٌ فأعتقها ثم تزوجت عبدًا فأنجب منها أولادًا ثم صار حرًّا بإعتاق سيده له فإن ولاء أولاده ينتقل من سيِّد زوجته إليه مع بقاء ولائه (المعتَقِ) لسيِّدِهِ. وعلى هذا كما أسلفنا جمهور الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم. وروى هذا عن عمر وعثمان وعليّ والزبير وعبد الله وزيد بن ثابت رضي الله تعالى عنهم. وبه قال من التابعين مروان بن الحكم وسعيد بن المسيب والحسن البصري ومحمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز والنخعي. وبه قال من الفقهاء مالك والثوري والأوزاعي والليث وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وإسحاق وأبو ثور. وهو مذهب أحمد. وروي عن رافع بن خديج أن الولاء لا ينجر عن موالي الأم، وبه قال مالك بن أوس بن الحدثان والزهري ¬
باب في مسائل متفرعة عن المسالة السابقة
وميمون بن مهران وحميد بن عبد الرحمن وداود. وروي نحو هذا عن عثمان وزيد بن ثابت وأنكرهما ابن اللبَّانِ وقال: مشهورٌ عن عثمان أنه قضى بالولاء للزبير على رافع بن خديج. مغ ج 7 ص 253. باب في مسائل متفرعة عن المسالة السابقة مسألة (1132) أكثر أهل العلم على أن الولاء إذا انجرَّ إلى موالي (¬1) الأب في المسألة السابقة (1131) ثم انقرضوا عاد الولاء إلى بيت المال ولم يرجع إلى موالي الأم بحال. وحكي عن ابن عباس أنه يعود إلى موالي الأم. مغ ج 7 ص 255. مسألة (1133) مذهب عامة الفقهاء على أن الأمة في المسألة السابقة لو كانت بائنًا من زوجها وأتت بولد لأقل من أربع سنين لحق الولد أباه وانجر ولاؤه وولد الأمة مملوكٌ سواء كان من نكاح أو من سفاح عربيًّا كان الزوج أو أعجميًا. وروى عن عمر أنه إن كان زوجها عربيًّا فولده حر وعليه قيمته ولا ولاء عليه. وروى عن أحمد بن حنبل مثل هذا. وبه قال ابن المسيب والثوري والأوزاعي وأبو ثور وبه قال الشافعي في القديم ثم رجع عنه. مغ ج 7 ص 256. مسألة (1134) أكثر أهل العلم أنه إذا كان أحد الزوجين الحرين في المسألة السابقة حر الأصل فلا ولاء على ولدها سواء كان الآخر عربيًّا أو مولًى أو أعجميًّا. وقال أبو حنيفة: إن كان أعجميًا والأم مولاة ثبت الولاء على ولده. مغ ج 7 ص 257. باب في ولاء الأب يشتريه ولدهُ فَيُعْتَقُ عَليهِ مسألة (1135) جمهور الفقهاء على أن العبد إذا تزوج مُعْتَقَة فاستولدها أولادًا فهم أحرار وولاؤهم لموالي أمهم كما ذكرنا من قبل، فإن اشترى أحدُهم أباه عُتِقَ عليه (¬2) وله ¬
باب في دور الولاء
ولاؤه، ويجر إليه ولاء أولاده كلهم. ويبقى ولاء المشتري لمولى أمه لأنه لا يكون مولى نفسه. وبذا قال مالك في أهل المدينة، وأبو حنيفة في أهل العراق والشافعي. وهو مذهب أحمد. وشذ عمرو بن دينار المدني فقال: يجر ولاء نفسه فيصير حرًّا لا ولاء عليه. قال ابن سريج ويحتمله قول الشافعي. مغ ج 7 ص 259. باب في دور الولاء مسألة (1136) جمهور العلماء على أن العبد إذا تزوج معتقة فأولدها بنتين ثم اشترت هاتان البنتان أباها عتق عليهما ولهما عليه الولاء. فإن ماتت إحداهما قبل أبيها فمالها لأبيها. ثم إذا مات الأب فللباقية نصف ميراث أبيها، فإذا مات الأب بعد ذلِك فللباقية نصف ميراث أبيها؛ لكونها ابنته ونصف الباقي وهو الربع لكونها مولاة نصفه، ويبقى الربع لموالي البنت التي ماتت قبل أبيها فنصفه لهذه البنت لأنها مولاة نصف أختها لها سبعة أثمان ميراثه ولمولي أم الميتة الثمن. فإن ماتت (¬1) البنت الباقية بعدهما (¬2) فما لها لمواليها، نصفه لمولي أمها ونصفه لمولي أختها الميتة (¬3) وهم أختها وموالي أمها فنصفه لمولي أمها وهو الربع، والربع الباقي رجع إلى هذه الميتة فهذا الجزء دائرٌ لأنه خرج من الميتة ثم دار إليها، والجمهور على أنه يعود لمولى أم الميتة. وبه قال بعض الشافعية وبعض أهل المدينة وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي: يجعل في ييت مال المسلمين لأنه لا مستحق له نعلمه وبه قال محمَّد بن الحسن. وهو قياس قول مالك والشافعي. مغ ج 7 ص 261. باب في ما يرث النساء من الولاء مسألة (1137) جمهور العلماء على أن النساء لا يرثن بالولاء إلا ما أَعْتَقْنَ أو أَعْتَقَ من أَعْتَقْنَ وجر الولاء إليهن من أَعْتقْنَ والكتابة كذلك. وروي عن أحمد في بنت المعتق خاصةَ أنها ترث. مغ ج 7 ص 264. ¬
باب في الولاء يكون لأقرب عصبات المعتق
باب في الولاء يكون لأقرب عصبات المُعتِقِ مسألة (1138) مذهب عامة العلماء على أن المولى (¬1) العتيق إذا مات وليس له من نسبه من يرثه فإن كان سيده المُعْتِقُ حيًّا فمالُهُ لَه، وإن كان ميتًا ورث المال أقرب عصبات العبد العتيق ولدًا كان أو أبًا أو أخًا أو عمًّا أو ابن عم أو عم أب، وسواء كان المعْتَقُ ذكرًا أو أنثى، فإن لم يكن له عصبةٌ من نسبه كان الميراث لمولاه ثم لعصباته الأقرب فالأقرب. ثم لمولاه وكذلك أبدًا. روي هذا عن عُمَر رضي الله تعالى عنه، وبه قال الشعبي والزهري وقتادة ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو حنيفة وصاحباه. وهو مذهب أحمد. وروي عن عليّ ما يدلُّ على أن مذهبه في امرأةٍ ماتت وخلفت ابنها وأخاها أو ابن أخيها أن ميراث مواليها لأخيها وابن أخيها دون ابنها. وروي عنه الرجوع إلى قول الجماعة. مغ ج 7 ص 269. باب في ميراث أبي المُعْتِقِ وابنه إذا اجتمعا مسألة (1139) أكثر الفقهاء على أن العبد المُعْتَقَ إذا مات ولم يترك إلا أبا مُعْتِقِه وابن مُعْتِقِهِ فإن الابن يحوز المال كله. روي هذا عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -. وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والشعبي والحسن والحكم وقتادة وحماد والزهري ومالك والثوري وأبو حنيفة ومحمد والشافعي، وذهب آخرون إلى أن للأب السدس وما بقى للابن. نص على هذا أحمدُ في رواية جماعة من أصحابه. وكذلك قال في جد المعتق وابنه وقال: ليس الجد والأخ والابن من الكبر في شيء يجزيهم على الميراث. وهذا قول شريح والنخعي والأوزاعي والعنبري وإسحاق وأبي يوسف. مغ ج 7 ص 272. باب في المُعَتِقِ يترك جد مولاه وابن أخي مولاه مسألة (1140) مذهب الجمهور أن المُعتَقَ إذا مات ولم يترك إلا جَدُّ مولاه وابني أخي مولاه فالمال لجده، وقال مالك بجعل الميراث لابن الأخ وإن سفل. وبه قال الشافعي. مغ ج 7 ص 273. ¬
باب في بيان أولى الولاة بإرث الولاء
باب في بيان أولى الولاة بإرث الولاء مسألة (1141) جمهور أهل العلم على أن الولاء للكبر فلو هلك رجل عن ابنين ومولىً فمات أحد الابنين بعده عن ابنٍ ثم مات المولى فالولاء لابن معتقه. ولو هلك الابنان بعده وقبل المولى وخلف أحدها ابنًا والآخر تِسعة كان الولاء يينهم على عددهم لكل واحد منهم عُشْرَهُ. به قال الإِمام أحمد وقال: روي هذا عن عمر وعثمان وعليّ وزيد وابن مسعود. قال الموفق: وروي سعيد عن الشعبي أن عمر وعليًّا وابن مسعود وزيدًا كانوا يجعلون الولاء للكبر وروي ذلك عن ابن عمر وأبي بن كعب وأبي مسعود البدري وأسامة بن زيد. وبه قال عطاء وطاوس وسالم بن عبد الله والحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي والزهري وقتادة وابن نشيط (¬1) ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وداود. كلهم قالوا: الولاء للكبر. وشذَّ شريح فقال: الولاء بمنزلة المال يورث عن المعتق فمن ملك شيئًا حياته (¬2) فهو لورثته. وحكى عن عمر وعليّ وابن عباس وابن المسيب نحو هذا. وروي عن أحمد نحو هذا ولم يثبت عنه (¬3) (¬4). مغ ج 7 ص 275. باب في ميراث المولى المُعْتَقِ من مُعْتِقِهِ مسألة (1142) مذهب العامة من أهل العلم أن المولى المُعْتَقَ لا يرث من سيده الذي أعتقه إذا مات ولم يترك وارثًا. وحكي عن شريح وطاوس أنهما ورثاه. مغ ج 7 ص 277. باب في الرجل يدخل في الإِسلام على يد رجل هل له ميراثه؟ مسألة (1143) جمهور الفقهاء بل عامتهم على أن الرجل إذا أسلم على يد رجل ¬
باب في ولاء اللقيط وميراثه
فليس له ميراثه. وبه قال الحسن والشعبي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية: يرثه. وبه قال إسحاق وحكي النووي عن ربيعة والليث وأبي حنيفة أن له ولاؤه وحكي عن إبراهيم أن له ولاؤه ويعقل عنه. وحكي عن ابن المسيب أنه إن عقل عنه ورثه وان لم فلا. وحكي عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنهما أنه يرثه وإن لم يواله. مغ ج 7 ص 278. شرح ج 10 ص 141. باب في ولاء اللقيط وميراثه مسألة (1144) جمهور الفقهاء على أن اللقيط حر وأنه لا ولاء عليه لملتقطه. وروي عن عمر أن ولاءه لملتقطه. وبة قال الليث وإسحاق. وحكي عن إبراهيم النخعي أنه إن نوى أن يرث منه فله ذلك. مغ ج 7 ص 279 شرح ج 10 ص 141. * * *
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الوديعة
كتاب الوديعة
كتاب الوديعة باب في متى يضمن المستودع الوديعة مسألة (1145) جمهور أهل العلم على أن الوديعة إذا تلفت في يد المستْودَعِ من غير تعدٍّ ولا تفريط فإنه لا يضمنها وحتى لو ذهب أو تلف شيء من مال المستَوْدَع معها. روي ذلك عن أبي بكر وعليّ وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم. وبه قال شريح والنخعي ومالك وأبو الزناد والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية أخرى: إن ذهبت الوديعة من بين ماله (يعني مال المستودع) غرمها لما روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ضَمَّنَ أنس بن مالك وديعةً ذهبت من بين ماله. وصحح القاضي الرواية الموافقة للجمهور. مغ ج 7 ص 280. باب في موت المستودَعِ وعنده وديعة ودين مسألة (1146) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المستودع إذا مات وعنده وديعة لا تتميز عن ماله وكان عليه دين سواها فهي والدين سواء فإن وفي مالُه بهما وإلا اقتسماها -أعني صاحب الوديعة وصاحب الدين- بقدر الحصص وبهذا قال الشعبي والنخعي وداود بن أبي هندٍ ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق. وروي ذلك عن شريح ومسروق وعطاء وطاوس والزهري وأبي جعفر محمَّد بن علي. وروي عن النخعي أيضًا: الأمانة قبل الدين. وقال الحارث العكلي: الدين قبل الأمانة. مغ ج 7 ص 289. باب في المستودع يدعي ضياع الوديعة أو تلفها هل يحلف؟ مسألة (1147) أكثر أهل العلم على أن المستودع إذا ادعى ضياعها أو تلفها من غير تعدٍّ ولا يينة للمودع فالقول قوله مع يمينه. وقال البعض: لا يحتاج إلى اليمين. مغ ج 7 ص 292.
فصل في قسم الفيء والغنيمة والصدقة الواجبة
فصل في قسم الفيء والغنيمة والصدقة الواجبة مسألة (1148) مذهب الجماهير من العلماء على أن الفيء لا يُخَمَّسُ. وبه قال أحمد في إحدى الروايتين. وقال الشافعي: يُخَمس كما تُخَمَّس الغنيمة. وروى عن عمر ما يدل عليه. قال ابن المنذر: ولا نحفظ عن أحدٍ قبل الشافعي في الفيء خَمَّسَ كخُمْس الغنيمة. مغ ج 7 ص 299. باب في سلب القاتل هل يُخمَّس؟ مسألة (1149) أكثر أهل العلم على أن سَلَبَ القاتل لا يُخَمَّسُ. مغ ج 7 ص 300. باب في صَفِي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسألة (1150) أكثر أهل العلم على أن الصَّفِيِّ كان ثابتًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انقطع بموته - صلى الله عليه وسلم -. وانفرد أبو ثور فقال ببقائه للإمام من بعده - صلى الله عليه وسلم -. وزعم قوم أن الصفيَّ لم يكن أصلًا. مغ ج 7 ص 303. باب فيما يُسْهم للراجل والفارس من الغنيمة مسألة (1151) جمهور أهل العلم على أن الراجل من المجاهدين يأخذ سهمًا من الغنيمة وأن الفارس يأخذ ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه وبه قال مالك وأبو يوسف ومحمد بن الحسن والشافعي وأحمد وغيرهم رحمهم الله تعالى، وقال أبو حنيفة: للراجل سهم وللفارس سهمان. مغ ج 7 ص 312. * * *
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب قسم الصدقة الواجبة (الزكاة)
كتاب قسم الصدقة الواجبة (الزكاة)
كتاب قسم الصدقة الواجبة (الزكاة) باب في مصرف (في سبيل الله) مسألة (1152) مذهب عامة أهل العلم أن مصارف الزكاة هي التي ذكرها ربنا -عز وجل- في كتابه وأن سبيل الله هو الجهاد، وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأحمد في رواية, وروى عن عطاء والحسن أنهما قالا: ما أعطت في الجسور والطرق، فهي صدقة ماضية. وروي عن ابن عباس وابن عمر أن الحج في سبيل الله وبه قال إسحاق وأحمد في رواية. مغ ج 1 ص 313 ص 327 القرطبي (الجامع) ج 8 ص 185. باب في مصرف سهم الرقاب مسألة (1153) جمهور العلماء على أن مصرف "وفي الرقاب" (¬1) يدخل فيه العبد المكاتب. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد. وقال مالك: إنما يصرف سهم الرقاب في إعتاق العبيد، ولا يعجبني أن يعان منها مكاتبٌ. مغ ج 7 ص 321. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب النكاح
كتاب النكاح
كتاب النكاح مسألة (1154) جمهور العلماء على أن النكاح لا يجب إلا عند خوف الوقوع في الحرام، وما سوى هذا فهو سنة مستحبة في عموم الأحوال. وقال أبو بكر بن عبد العزيز من الحنابلة: هو واجب. وحكاه عن أحمد. وحكي عن داود أنه يجب في العمر مرةً واحدةً وحكى الوجوب عن داود أيضًا الماورديُّ (¬1) قلت: وهو قول محمَّد بن حزم. مغ ج 7 ص 334 شرح ج 9 ص 173. باب في الولي في النكاح مسألة (1155) جمهور العلماء على أنه لا نكاح إلا بولي وأن المرأة لا يجوز أن تتولى عقد النكاح بنفسها ولا أن توكل في نكاحها إلا وليّها. ولا أن تزوج غيرها. فإن جرى شيء من ذلك لم يصح عقد النكاح. روى هذا عن عمر وعليّ وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وعائشة رضي الله تعالى عنهم. وإليه ذهب سعيد بن المسيب والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد والثوري وابن أبي ليلي وابن شبرمة وابن المبارك وعبيد الله العنبري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد. وبه قال مالك في رواية أشهب عنه (¬2). وروي عن ابن سيرين والقاسم بن محمَّد والحسن بن صالح وأبي صالح وأبي يوسف أنه لا يجوز لها ذلك بغير إذن الوليّ فإن فعلت كان موقوفًا على إجازته. وقال أبو حنيفة رحمة الله تعالى: لها أن تزوج نفسها وغيرها وتوكل غير وليها في النكاح. وقال ابن رشد (¬3) ويتخرج على رواية ابن القاسم عن مالك في الولاية قول رابع. أن اشتراطها (يعني الولاية في النكاح) سنة لا فرض. وذلك أنه روي عنه أنه كان يرى الميراث بين الزوجين بغير وليِّ، وأنه يجوز للمرأة غير الشريفة (¬4) أن تستخلف رجلًا من الناس على إنكاحها (¬5) وكان يستحب أن تقدم الثيب وليها ليعقد عليها. وحكى الماوردي عن مالك ¬
باب في الخلوة في النكاح الفاسد هل يجب بها المهر؟
إنها إن كانت غير ذات شرف أو جمال أو مال صح نكاحها بغير ولي (¬1). مغ ج 7 ص 337. باب في الخلوة في النكاح الفاسد هل يجب بها المهر؟ مسألة (1156) أكثر أهل العلم على أن المهر لا يجب للمرأة بالخلوة في النكاح الفاسد. وقال أحمد في المنصوص عنه أن المهر يستقر بالخلوة قياسًا على العقد الصحيح. مغ ج 7 ص 324. باب في ترتيب (¬2) الولايه في النكاح مسألة (1157) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن أولى الناس بولاية عقد نكاح المرأة ابنها. وبه قال مالك والعنبري وأبو يوسف وإسحاق وابن المنذر وأبو حنيفة في روايةٍ. وقال الشافعي: أبوها أولى وهو المشهور عن أبي حنيفة. وهو مذهب أحمد. مغ ج 7 ص 346. * * * ¬
أبواب الشروط المعتبرة لثبوت ولاية النكاح
أبواب الشروط المعتبرة لثبوت ولاية النكاح باب في ولاية العبد في النكاح مسألة (1158) مذهب جمهور أهل العلم أن العبد لا تثبت له ولاية وقال أصحاب الرأي: يجوز أن يزوجها العبد بإذنها (¬1). مغ ج 7 ص 356. باب في ولاية الكافر على المسلمة مسألة (1159) مذهب عامة أهل العلم على أنه لا ولاية لكافر على مسلمة. قال ابن المنذر: أْجمع عامة من نحفظ عنه من أهل العلم على هذا، وقال أحمد رحمه الله تعالى: بلغنا أن عليًّا أجاز نكاح الأخ ورد نكاح الأب وكان نصرانيًا (¬2). مغ ج 7 ص 356. باب في اشتراط البلوغ لثبوت الولاية مسألة (1160) جمهور أهل العلم على أن البلوغ شرط في ثبوت الولاية وبه قال الثوري والشافعي وإسحاق وابن المنذر وأبو ثور. وأحمد في رواية. وعن أحمد رواية أخرى أنه إذا بلغ الغلام عشرًا زوج وتزوج وطلق وأجيزت وكالته في الطلاق. قال الموفق: وهذا يحتمله كلام الخرقي. ثم قال -رحمه الله- والأول اختيار أبي بكر وهو الصحيح. مغ ج 7 ص 356. باب في الولي هل له أن يزوج نفسه من موليته بإذنها؟ مسألة (1161) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن من كان وليًّا لامرأة يجوز له نكاحها (¬3) ¬
باب في الكفاءة في النكاح
فإن له أن يزوجها من نفسه إذا أذنت له. ويتولى هو طرفي العقد (¬1). وبه قال الحسن وابن سيرين وربيعة ومالك والثوري وأبو حنيفة وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر. وأحمد في روايةٍ. وقال أحمد في رواية: لا يزوج نفسه حتى يولي رجلًا. وقال الشافعي في ابن العم والمولى: لا يزوجها إلا الحاكم، ولا يجوز أن يتولى طرفيه كالبيع ولا أن يوكل من زوجه (¬2). مغ ج 7 ص 361. باب في الكفاءة في النكاح مسألة (1162) أكثر أهل العلم على أن الكفاءة في النكاح ليست شرطًا لصحة النكاح روي نحو هذا عن عمر وابن مسعود وعمر بن عبد العزيز وعبيد بن عمير وحماد بن أبي سليمان وابن سيرين وابن عون ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية: هي شرط. قال: إذا تزوج المولى العريية فُرِّق بينهما وبه قال سفيان. وقال أحمد كذلك: لو كان المتزوج حائكًا فرقت بينهما. وقال كذلك في الرجل يشرب الشراب ما هو بكفء لها يفرق بينهما (¬3). مغ ج 7 ص 372. باب في بلوغ الجارية تسعًا هل تعد بالغةً؟ مسألة 11621) جمهور الفقهاء على أن بلوغ الجارية (يعني البنت) تسع سنين لا يجعلها في حكم البالغات. وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد في روايةٍ. وقال أحمد في روايةٍ: لها حكم البالغة. مغ ج 7 ص 383. باب في تزويج الثيب البالغة مسألة (1164) جمهور أهل العلم بل جماهيرهم على أن الثيب البالغة لا تُزَوَّجُ إلا بأمرها (بإذنها) أبوها وغيره في ذلك سواء. وشذ الحسن فقال له تزويجها وإن كرهت. وقال النخعي: يزوج الأب بنته إذا كانت في عياله. فإن كانت بائنةً في بيتها مع عيالها استأمرها. مغ ج 7 ص 385. ¬
باب في مباشرة الثيب العقد بنفسها هل يصح؟
باب في مباشرة الثيب العقد بنفسها هل يصح؟ مسألة (1165) جمهور أهل العلم على أن الثيب أحق بنفسها في النكاح في الإذن به لا في مباشرة العقد. وقال الشعبي والزهري والأوزاعي وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد، وهو قول داود: لها أن تباشر العقد بنفسها (¬1). شرح ج 9 ص 203. باب في هل يشترط إعلام البكر أن إذنها صماتها (سكوتها) مسألة (1166) جمهور أهل العلم على أنه لا يشترط إعلام البكر أن إذنها هو سكوتها قال النووي: وشرطه بعض المالكية واتفق أصحاب مالك على استحبابه (¬2). شرح ج 9 ص 205. باب في الأيم التي تستامر في النكاح ما هي صفتها؟ مسألة (1167) جمهور العلماء على أن الأيم التي جاء الحديث باستئمارها في النكاح هي المرأة الثيب، وهي التي سبق لها أن تزوجت. وبه قال علماء الحجاز والفقهاء كافة إلا من سيأتي ذكرهم. وقال أبو حنيفة وزفر وأهل الكوفة: الأيم هي كل من لا زوج لها بكرًا كانت أو ثيبًا بشرط أن تكون بالغةً، وبه قال الشعبي والزهري. شرح ج 9 ص 203. باب في كيف يكون إذن الثيب (¬3) وإذن البكر مسألة (1168) مذهب العامة من أهل العلم على أن إذن البكر يجزئ أن يكون صماتها (سكوتها) ولا يشترط كلامها أو إذنها الصريح (¬4) وبه يقول شريح ¬
باب في اختلاف الزوجين في الإذن في النكاح
والشعبي وإسحاق والنخعي والثوري والأوزاعي وابن شبرمة وأبو حنيفة وهو مذهب أحمد والشافعي. ولا فرق بين كون الولي أبًا أو غيره. وقال أصحاب الشافعي: في صمتها في حق غير الأب وجهان (¬1). مغ ج 7 ص 386 شرح ج 9 ص 204 بداية ج 2 ص 5. باب في اختلاف الزوجين في الإذن في النكاح مسألة (1169) أكثر الفقهاء على أن الزوجين إذا اختلفا في إذنها في النكاح قبل الدخول فالقول قولها ثيبًا كانت أو بكرًا، وقال زفر في البكر: القول قول الزوج وفي الثيب كقول الجماعة. مغ ج 7 ص 389. باب في تزويج السيد عبده الصغير مسألة (1170) أكثر أهل العلم على أن السيد يملك تزويج عبده الصغير الذي لم يبلغ بغير إذنه. وهو المذهب عند الموفق ابن قدامة الحنبلي وقال بعض الشافعية: فيه قولان، وقال أبو الخطاب من الحنابلة: يحتمل أن لا يملك تزويجه. مغ ج 7 ص 401. باب في تزويج البكر الصغيرة (¬2) من قِبَلِ غير الأب أو الجد مسألة (1171) جمهور أهل العلم على أنه لا يجوز لغير الأب والجد تزويج البنت البكر الصغيرة وأنَّ الزواج إن وقع فهو باطل لا ينعقد. وهو قول مالك والثوري والشافعي وابن أبي ليلى وأحمد وأبي عبيد. وقال الأوزاعي وأبو حنيفة وأبو يوسف ¬
باب في تزويج الوصي غير الولي البنت البكر الصغيرة
وجماعة من السلف: يجوز تزويجها لجميع الأولياء (يعني من قِبَلِ) فإذا بلغت كان لها الخيار أن تمضي النكاح أو الفسخ. وقال أبو يوسف: لا خيار لها إذا بلغت (¬1). شرح ج 9 ص 206. باب في تزويج الوصي غير الولي البنت البكر الصغيرة مسألة (1172) جماهير العلماء على أنه لا يجوز للوصيِّ من غير الأولياء تزويج البنت البكر الصغيرة. وقال شريح وعروة وحماد ومالك فيما حكاه عنه الخطابي له تزويجها قبل البلوغ. وحكاه الماورديُّ عن أبي ثور (¬2). شرح ج 9 ص 206. باب في تزويج الوليين المرأة من اثنين مسألة (1173) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المرأة إذا أذنت لأكثر من ولي في تزويجها وزوجها وليان من رجلين فالنكاح للسابق منهما دخل بها الثاني أو لم يدخل. وهذا قول الحسن والزهري وقتادة وابن سيرين والأوزاعي والثوري والشافعي وأبي عبيد وأصحاب الرأي. وهو المذهب عند الحنابلة. وقال عطاء ومالك كقول الأولين إلا أن يدخل بها الثاني فإن دخل بها الثاني صار النكاح له (¬3). مغ ج 7 ص 404. باب في نكاح العبد بغير إذن سيده (¬4) مسألة (1174) جمهور الفقهاء على أن العبد إذا عقد النكاح بغير إذن سيده فنكاحه باطل لا يعتد فيه. وحكى ابن المنذر فيه الإجماع. قال الموفق بعد ما حكى قول ابن ¬
باب فيما يجب للمرأة إذا أصابها عبد في نكاح بغير إذن سيده
المنذر: والصواب ما قلنا إن شاء الله تعالى؛ فإنهم اختلفوا في صحته، فعن أحمد في ذلك روايتان؛ أظهرهما أنه باطل وهو قول عثمان وابن عمر وبه قال شريح، وهو مذهب الشافعي. وعن أحمد أنه موقوف على إجازة السيد فإن أجازه جاز وإن رده بطل وهو قول أصحاب الرأي. مغ ج 7 ص 410. باب فيما يجب للمرأة إذا أصابها عبد في نكاح بغير إذن سيده مسألة (1175) أكثر الفقهاء على أن العبد إذا وطئ امرأة في نكاح لم يأذن به سيده فإن للمرأة مهر مثلها. وبه قال أحمد في روايةٍ. وقال أحمد في روايةٍ: لها من المهر خمساه. وهو قول عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه، وبه عمل أبو موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه. وعن أحمد أنها إن علمت أنه عبدٌ فلها خمسا المهر، وإذا لم تعلم فلها المهر في رقبة العبد. مغ ج 7 ص 411. باب فيمن تزوج أمة على أنها حرة كيف يفعل في أولادها منه؟ (¬1) مسألة (1176) أكثر الفقهاء على أن من تزوج أمة ظنَّ أنها حرة فأولد منها أولادًا فإن عليه فداؤهم لسيدها وأن فداهم هو قيمتهم. وممن قال بفداء الأولاد عمر وقضى به وعلي وابن عباس رضي الله تعالى عنهم. وهو قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية: ليس عليه فداؤهم. وعن أحمد في صفة فدائهم ثلاث روايات: الأولى: وقد ذكرناها في أول المسألة والثانية: يضمنهم بمثلهم الذكر بالذكر والأنثى بالأنثى، والثالثة: مخير بين القيمة وبين المثلية. مغ ج 7 ص 415. باب في الغرر (¬2) في النكاح باب في خُطْبةِ النكاح مسألة (1177) مذهب عامة أهل العلم أن خُطْبَةَ النكاح ليست واجبة لكنها مندوبة ¬
باب في نكاح السر
مستحبة. وقال داود بوجوبها. وحكاه الماوردي عنه وعن أبي عبيد القاسم بن سلام. مغ ج 7 ص 433. بداية ج 2 ص 4 الحاوي ج 9 ص 164. باب في نكاح السر مسألة (1178) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على كراهية نكاح السر لكنه عقد نكاح صحيح. وممن روى عنه هذا عمر رضي الله تعالى عنه وعروة وعبد الله بن عبيد الله ابن عتبة والشعبي ونافع مولى ابن عمر. وبه يقول مع الصحة أبو حنيفة والشافعي وابن المنذر وأحمد في الصحيح عنه. وقال مالك: النكاح باطل، وبه يقول أبو بكر عبد العزيز من الحنابلة وجعله قولًا لأحمد وغلَّطَةُ في ذلك الموفق. مغ ج 7 ص 435. باب في الجمع في النكاح بين بنتي العم أو بنتي الخالة ونحوها (¬1) مسألة (1179) جمهور العلماء بل عامتهم على إنه لا يحرم الجمع بين بنتي العمة أو بنتي الخالة أو بنتي العم أو بنتي الخال في عقد نكاح واحد. وحكى القاضي عياض عن بعض السلف أنهم حرموا ذلك نقله عنه النووي. شرح ج 9 ص 192. باب في الحر (¬2) يجمع بين أكثر من أربع زوجات ¬
باب في ما يحرم على الرجل نكاحه من النساء
باب في ما يحرم على الرجل نكاحه من النساء (¬1) مسألة (1180) أكثر أهل العلم على أن من عقد على امرأة حرم عليه كل أم لها من نسبٍ أو رضاعٍ قريبةٍ أم بعيدة ولا يشترط في هذا التحريم الدخولُ، وبه يقول من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن مسعود وابن عمر وجابر وعمران بن حصين وغيرهم من الصحابة والتابعن رضي الله تعالى عنهم، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد. وحكي عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه أنها لا تحرم إلا بالدخول بابنتها كما لا تحرم ابنتها إلا بالدخول بها. مغ ج 7 ص 473. باب في الربيبة (بنت الزوجة المدخول بها) مسألة (1181) مذهب العامة من الفقهاء تحريم بنت الزوجة المدخول بها سواء كانت في حجر الزوج أو لم تكن، وروي عن عمر وعليّ رضي الله تعالى عنهما أنهما رخَّصا فيها إذا لم تكن في حجره. وبه قال داود الظاهري -رحمه الله- تعالى. مغ ج 7 ص 473 شرح ج 10 ص 126 فتح ج 19 ص 190. باب في الزوجة تموت أو تطلق قبل الدخول، هل تحرم بنتها؟ مسألة (1182) جماهير الفقهاء على أن من تزوج امرأةً فطلقها أو ماتت قبل الدخول فإن بنتها لا تحرم عليه. وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد في روايةٍ. وذهب ¬
باب في لبن الفحل
زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه إلى أنها تحرم. وبه قال أحمد في روايةٍ. واختارها أبو بكر الحنبلي. مغ ج 7 ص 473. باب في لبن الفحل (¬1) مسألة (1183) جمهور الفقهاء على التحريم بلبن الفحل وهو الرجل الذي كان سببًا في وجود اللبن المُحرِّم في المرضعة. فمن كان له امرأتان أرضعت إحداهما غلامًا والأخرى جاريةً حَرُمَ الغلامُ على الجارية لأن أباهما من الرضاعة واحدٌ. وممن قال بهذا عليٌّ وابن عباس - رضي الله عنهما -. وإليه ذهب عطاء وطاوس ومجاهد والحسن والشعبي والقاسم وعروة ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. قال ابن عبد البر: وإليه ذهب فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق والشام وجماعة أهل الحديث. وذهب جماعةٌ إلى أن لبن الفحل لا يُحَرِّمُ شيئًا. وبه قال سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وعطاء بن يسار والنخعي وأبو قلابة وروي ذلك عن عبد الله بن الزبير وجماعة آخرين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - غير مُسَمَّينَ. مغ ج 7 ص 476 الحاوي الكبير ج 11 ص 358 فتح الباري ج 19 ص 183 شرح ج 10 ص 19. باب في هل يحرم من الزنا ما يحرم بالمصاهرة الحلال؟ مسألة (1184) جمهور الفقهاء بل عامتهم على أن من زنا بامرأةٍ فقد حرمت عليه البنت من الزنا وكل امرأة أدلت به لو كان نكاحًا لحرمت عليه كبنت الابن وبنت أخيه وبنت بنته. وهو مذهب أحمد وأبي حنيفة وأصحاب الرأي. وقال مالك والشافعي في المشهور من مذهبه يجوز ذلك كله. مغ ج 7 ص 485. باب في النظر إلى فرج امرأة هل ينشر حرمة المصاهرة (¬2) مسألة (1185) أكثر أهل العلم على أن من نظر إلى فرج امرأة فإنه لا ينشر حرمة ¬
باب فيمن كان في ملك يمينه أختان هل له أن يطأ إحداهما؟
المصاهرة فلا تحرم بنت المرأة المنظور إليها وبه قال الشافعي وأحمد في روايةٍ. وروي عن عمر وابن عمر وعامر بن ربيعة وكان بدريًّا وعبد الله بن عمرو فيمن يشتري الخادم (يعني المرأة الخادم) ثم يجردها أو يقبلها لا يحل لابنه وطؤها. وهو قول القاسم والحسن ومجاهد ومكحول وحماد بن أبي سليمان وأبي حنيفة وأحمد في رواية. مغ ج 7 ص 487. باب فيمن كان في ملك يمينه أختان هل له أن يطأ إحداهما؟ مسألة (1186) أكثر أهل العلم على أن من كان في ملكه أختان (يعني أمتان) فله أن يطأ إحداهما. وهو المذهب الذي اعتمده الموفق في المغني. وقال الحكم وحماد لا يقرب واحدةً منهما، وروي ذلك عن النخعي وذكره أبو الخطاب مذهبًا لأحمد. مغ ج 7 ص 494. باب في الجمع بين الزوجة وبنت زوجها السابق (ربيبتها) مسألة (1187) أكثر أهل العلم على أنه يجوز للرجل أن يجمع في النكاح بين المرأة وبين بنت زوجها السابق (أي ربيبتها). فعل ذلك عبد الله بن جعفر وصفوان بن أمية. قال الموفق: وبه قال سائر الفقهاء إلا الحسن وعكرمة وابن أبي ليلى رويت عنهم كراهيته. مغ ج 7 ص 498 شرح ج 9 ص 192. باب في تزويج بنت الرجل من غير زوجته من ابن زوجته من غيره مسألة (1188) مذهب العامة من الفقهاء على أن الرجل لو كان له ولد أو بنت من فاطمة وتزوج عائشة وله بنت أو ولد من غيره فإنه يجوز تزويج ولده من فاطمة من أولاد عائشة من غيره. وحكى عن طاوس كراهية ذلك إذا كان من ما ولدته المرأة (يعني عائشة) بعد وطء الرجل لها. مغ ج 7 ص 498.
باب في نكاح غير المسلمات من أهل الكتاب وغيرهم
باب في نكاح غير المسلمات من أهل الكتاب (¬1) وغيرهم مسألة (1189) جماهير أهل العلم على تحريم ذبائح المجوس وتحريم نكاح نسائهم وانفرد أبو ثور فأباح ذلك. مغ ج 7 ص 502. باب في التسري بالأمة الكتابية مسألة (1190) عامة أهل العلم على جواز الاستمتاع بالأمة الكتابية تسريًا وكره ذلك الحسن البصري (¬2). مغ ج 3 ص 506. باب في وطء إماء المجوس وسائر من يحرم نكاح حرائرهم من الكوافر مسألة (1191) أكثر أهل العلم على من حرم نكاحها من حرائر نساء غير أهل الكتاب حرم وطؤها إن كانت أمة مملوكة بملك اليمين. وبه قال مرة الهمذاني والزهري وسعيد بن جبير والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعي وهو مذهب أحمد. قال ابن عبد البر: على هذا جماعة فقهاء الأمصار وجمهور العلماء وما خالفه فشذوذ لا يعد خلافًا. قال ابن عبد البر: ولم يبلغنا إباحة ذلك إلا عن طاوس (¬3). مغ ج 7 ص 507. باب في تزويج الأمة الكتابية مسألة (1192) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أنه لا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية ولو كان عبدًا، وبه قال الحسن والزهري ومكحول ومالك والشافعي والثوري والأوزاعي والليث وإسحاق وأحمد، وروي هذا عن عمر وابن مسعود ومجاهد. وقال أبو ميسرة وأبو حنيفة يجوز للمسلم نكاحها. مغ ج 7 ص 508. ¬
باب في نكاح المسلم الحر للأمة المسلمة
باب في نكاح المسلم الحر للأمة المسلمة (¬1) مسألة (1193) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المسلم الحر إذا لم يخش العنت وكان قادرًا على نكاح المسلمة الحرة فإنه لا يجوز له نكاح الأمة المسلمة. روي ذلك عن جابر وابن عباس. وبه قال عطاء وطاوس والزهري وعمرو بن دينار ومكحول ومالك والشافعي وإسحاق. وهو مذهب أحمد. وقال مجاهد: مما وسع الله على هذه الأمَّةِ نكاح الأمةِ وان كان موسرًا، وبه قال أبو حنيفة إلا أن يكون تحته حرة. وقال قتادة والثوري: إذا خاف العنت حل له نكاح الأمة وان وجد الطول لنكاح الحرة المسلمة. مغ ج 7 ص 510. باب في نكاح الزانية للزاني وغيره مسألة (1194) أكثر أهل العلم على جواز أن تنكح الزانية إذا انقضت عدتها من الزنا بوضع أو غيره وإذا تابت من الزنا. ويستوي في حل نكاحها الزاني وغيره. وبه قال من الصحابة أبو بكر وعمرو وابنه وابن عباس رضي الله تعالى عنهم. وإليه ذهب جابر بن زيد وعطاء والحسن وعكرمة والزهري والثوري والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وروي عن ابن مسعود والبراء بن عازب وعائشة أنها لا تحل للزاني بحال. قالوا: لا يزالا زانيين ما اجتمعا. وحكاه الماورديُّ عن عليّ - رضي الله عنه - والحسن البصري. مغ ج 7 ص 518 الحاوي ج 9 ص 189. باب في هل يفسخ الزنى النكاح مسألة (1195) مذهب العامة من أهل العلم أن الزنى لا يفسخ النكاح وسواء كان من الرجل أو من المرأة، وسواء كان قبل الدخول أو بعده. وبه قال مجاهد وعطاء والنخعي والثوري والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وروى عن جابر بن عبد الله أن المرأة إذا زنت يُفَرَّقُ بينهما وليس لها شيء، وروي هذا كذلك عن الحسن. وروي عن عليّ رضي الله تعالى عنه أنه فرق بين رجل وامرأته زنى قبل الدخول بها. مغ ج 7 ص 518 الحاوي ج 9 ص 190. ¬
باب في الخطبة على خطبة الذمي هل يجوز؟
باب في الخطبة على خطبة الذمي هل يجوز؟ مسألة (1196) جمهور العلماء على أن تحريم الخطبة على خطبة الغير لا يقتصر على المسلم بل يتعداه إلى الكافر (الذمي). وقال الأوزاعي: بل هو مقتصر على المسلم (¬1). شرح ج 9 ص 198. باب فيما يجوز من النظر إلى المخطوبة مسألة (1197) أكثر أهل العلم على أنه لا يجوز للخاطب أن ينظر لمن أراد خطبتها لما سوى الوجه والكفين. وهو مذهب الشافعي وأحمد في رواية، وفي أخرى ينظر لما يظهر منها غالبًا في منزلها، قال الشافعي -رحمه الله- وإذا أراد أن يتزوج المرأة فليس له أن ينظر إليها حاسرة وينظر إلى وجهها وكفيها وهي متغطية، وقال الأوزاعي ينظر إلى مواضع اللحم. وقال داود: ينظر إلى جميع بدنها (¬2). باب في وطء الرجل أَمتَهُ الفاجرة (¬3) باب في خطبة الرجل على أخيه (¬4) باب في فسخ النكاح إذا اشترى الرجل امرأته للعتق مسألة (1198) مذهب العامة من العلماء أن من اشترى زوجته الأمة للعتق انفسخ النكاح ¬
باب فيمن ملك بعض زوجته الأمة
بمجرد تملكها وقبل أن يعتقها. وقال الحسن: هما على نكاحهما وحتى لو أعتقها. مغ ج 7 ص 528. باب فيمن ملك بعض زوجته الأمة مسألة (1199) عامة المفتين من الفقهاء على أن من ملك بعض زوجته الأمة انفسخ نكاحها ولا يحل له وطؤها حتى يستخلصها فتحل له بملك اليمين. وروي عن قتادة أنه قال: لم يزده ملكه فيها إلا قربًا. مغ خ 7 ص 528. باب في حكم النكاح إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين مسألة (1200) مذهب العامة من العلماء حتى كاد أن يكون إجماعًا أنه إذا أسلم أحد الزوجين الكافرين وتخلف الآخر حتى انقضت عدة المرأة انفسخ النكاح. باب في الأمة يتزوجها المسلم ثم تباع هل ينفسخ نكاحها أو يكون طلاقًا؟ مسألة (1201) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الأمة إذا كانت مزوجة من مسلم ثم بيعت فإنها لا تطلق ونكاحها لا ينفسخ وأن قوله تعالى {إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (¬1) ¬
باب في ارتداد أحد الزوجين قبل الدخول
خاص بالإماء المسبيات حكاه ابن المنذر عن عوام أهل العلم وعلماء الأمصار من أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل الشام من أصحاب الحديث وأصحاب الرأي. وإليه ذهب ابن المنذر، وقال ابن عباس: ينفسخ نكاحها بالبيع. وهو قول ابن مسعود وأنس ابن مالك - رضي الله عنهم -. شرح ج 10 ص 36. الإشراف ج 1 ص 200 شرح ج 10 ص 143. وروي عن النخعي أنها ترد إلى زوجها وإن طالت المدة. مغ ج 7 ص 536. باب في ارتداد أحد الزوجين قبل الدخول (¬1) مسألة (1202) عامة أهل العلم على أنه إذا ارتد أحد الزوجين المسلمين قبل الدخول انفسخ النكاح. وحكي عن داود أنه لا ينفسخ بالردة. مغ ج 7 ص 564. باب في نكاح المتعة (¬2) مسألة (1203) جماهير الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على تحريم نكاح المتعة وهو أن يعقد نكاح امرأة على أجل مسمى. وروي تحريمه عن عمر وعليّ وابن عمر وابن مسعود وابن الزبير. قال ابن عبد البر: وعلى تحريم المتعة مالك وأهل المدينة وأبو حنيفة في أهل الكوفة والأوزاعي في أهل الشام والليث في أهل مصر والشافعي وسائر أصحاب الآثار. وهو مذهب أحمد المعتمد. وقال زفر: يصح النكاح، ويبطل الشرط. وحكي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أنها جائزة. قال الموفق: وعليه أكثر أصحابه عطاء وطاوس. وبه قال ابن جريج وحكي ذلك عن أبي سعيد الخدري وجابر. وقال أبو بكر الحنبلي: فيها رواية أخرى (يعني عن أحمد) أنها مكروهة غير حرام لأن ¬
باب فيمن عقد على امرأته وفي نيته طلاقها
ابن منصور سأل أحمد عنها فقال يجتنبها أحب إليَّ. قال: فظاهر هنا الكراهة دون التحريم. قال الموفق: وغير أبي بكر من أصحابنا يمنع هذا ويقول في المسألة رواية واحدة في تحريمها. مغ ج 7 ص 571 الحاوي ج 9 ص 328. باب فيمن عقد على امرأته وفي نيته طلاقها مسألة (1204) مذهب عامة أهل العلم أن من عقد على امرأة وفي نيته طلاقها بعد أجل من غير أن يذكر هذا في العقد فعقد النكاح صحيح لا بأس به. وقال الأوزاعي: هو نكاح متعة (¬1). مغ ج 7 ص 573 شرح ج 9 ص 182. باب في نكاح المحلل مسألة (1205) جمهور أهل العلم بل عامتهم على أن نكاح المحلل باطل لا يصح وهو حرام. وممن قال ذلك الحسن والنخعي وقتادة ومالك والليث والثوري وابن المبارك والشافعي. وهو مذهب أحمد. وسواء قال الولي زوجتكها إلى أن تطأها أو شرط أنه إذا أحلها فلا نكاح بينهما أو أنه إذا أحلها للأول طلقها. وحكي عن أبي حنيفة أنه يصح النكاح ويبطل الشرط. وقال الشافعي في الصورتن الأوليين: لا يصح، وفي الثالثة على قولين (¬2). مغ ج 7 ص 574. باب في مَن نوى تحليل امرأة لزوجها دون ذكر ذلك في العقد مسألة (1206) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن من تزوج امراةً ينوي تحليلها لزوجها دون أن يذكر هذا في العقد فعقد النكاح باطل. روي هذا عن ابن عمر وابن عباس وعثمان وهو ظاهر قول الصحابة رضي الله تعالى عنهم. وبه قال الحسن والنخعي والشعبي وقتادة وبكر المزني والليث ومالك والثوري وإسحاق وأحمد. وقال أبو حنيفة والشافعي: العقد صحيح. وهو وجه عند الحنابلة ذكره القاضي (¬3). مغ ج 7 ص 575. ¬
فصل في العيوب التي يفسخ فيها النكاح
فصل في العيوب التي يفسخ فيها النكاح (¬1) باب في العنين, هل يضرب أجل لاختباره مسألة (1207) جمهور الفقهاء على أن العنين إذا ادعى عليه العنةُ فإنه يضرب له أجل لاختباره وبيان حاله فإذا ثبت ما ادعى عليه كان الخيار للمرأة في فسخ النكاح. وهو قول عمر وعثمان وابن مسعود والمغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنهم. وبه قال سعيد ابن المسيب وعطاء وعمرو بن دينار والنخعي وقتادة وحماد بن أبي سليمان. قال الموفق: وعليه فتوى فقهاء الأمصار, منهم مالك وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو عبيد. قال الموفق: وشَذَّ الحكم بن عيينة وداود فقالا: لا يؤجل وهي امرأته. وروي ذلك عن علي رضي الله تعالى عنه (¬2). مغ ج 7 ص 603 الحاوي ج 9 ص 368. باب في كم يؤجل العنين مسألة (1208) أكثر أهل العلم من القائلين بتأجيل العنين يقولون يؤجل سنةً من وقت ترافعهما عند الحاكم. فإذا ثبتت عنته ثبت لها الخيار ولا يفسخ النكاح إلا بحكم حاكم (¬3) وعن الحارث بن ربيعة أنه أجل رجلًا عشرة أشهرٍ. مغ ج 7 ص 604، ص 605. ¬
باب في علم المرأة بعنة الزوج وقت العقد هل يثبت لها خيار الفسخ؟
باب في علم المرأة بعنَّة الزوج وقت العقد (¬1) هل يثبت لها خيار الفسخ؟ مسألة (1209) أكثر أهل العلم على أن الزوجة لو علمت بعنَّة زوجها وقت العقد ورضيت به فليس لها حق الخيار في الفسخ ولا يضرب للرجل أجلٌ لمعرفة حاله. وهو قول عطاء والثوري وابن القاسم وأصحاب الرأي والشافعي في القديم من مذهبه. وقال الشافعي في الجديد: يؤجل؛ لأنه قد يكون عِنِّينًا في نكاح دون نكاح. مغ ج 7 ص 607. باب في العنين يطأ امرأته ثم تدعي عِنَّتَهُ مسألة (1210) أكثر أهل العلم على أن المرأة أذا أقرت أن زوجها وطأها مرةً ثم ادعت عجزه فإنه لا حق لها في خيار الفسخ ولا يضرب لزوجها الأجل. وبه قال عطاء وطاوس والحسن ويحكى الأنصاري والزهري وعمرو بن دينار وقتادة وابن هاشم ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وقال أبو ثور: إن عجز عن وطئها أجل لها. مغ ج 7 ص 610. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الصداق
كتاب الصداق
كتاب الصَّداق (¬1) باب في الرجل يُصْدِقُ امرأته معيبًا (¬2) مسألة (1211) جمهور أهل العلم على أن للمرأة رد الصداق إذا كان معيبًا ولو شيئًا يسيرًا. وحكي عن أبي حنيفة أنه ليس لها أن ترده. مغ ج 8 (ص 13). باب في النكاح على صداق محرم مسألة (1212) جمهور أهل العلم بل عامتهم على أن من تزوج امرأة على صداقٍ محرم كخمر أو خنزير فعقد النكاح صحيح والتسمية فاسدة ولها مهر المثل إلا أن يطلق (¬3) أو يموت قبل الدخول. وممن قال بصحة النكاح وفساد التسمية الثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد، وكذا قال الجمهور إذا عقد عليها بمهر مجهول. حكاه الماورديُّ. وحكي عن أبي عبيد أن النكاح فاسد، وهو اختيار أبي بكر عبد العزيز من الحنابلة. وفرق مالك بين قبل الدخول وبين بعده؛ فقال بفسخ النكاح قبله، وبثبوته بعده. مغ ج 8 (ص 22، 23)، والحاوي جـ 9 (ص 394). باب في جواز الصداق (المهر) بالقليل والكثير (¬4) مسألة (1213) جماهير العلماء من السلف والخلف على صحة المهر بالقليل والكثير ¬
باب في كم تملك المرأة من صداقها بمجرد عقد النكاح؟
ونقله القاضي عياض عن العلماء كافة من الحجازيين والبصريين والكوفيين والشاميين وغيرهم. وبه يقول ربيعة وأبو الزناد وابن أبي ذئب، ويحيى بن سعيد، والليث بن سعد، والثوري، والأوزاعي، ومسلم بن خالد الزنجى، والشافعي، وابن أبي ليلى، وداود، حكاه النووي عنهم وعن فقهاء أهل الحديث، وابن وهب عن أصحاب مالك. قلت: وحكاه الماوردي عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس - رضي الله عنهم - والحسن البصري وسعيد بن المسيب وأحمد وإسحاق، وحكاه الموفق أيضًا عن عطاء وعمرو بن دينار. وقال مالك: أقله ربع دينار كنصاب السرقة. وقال أبو حنيفة وأصحابه: أقله عشرة دراهم، وقال ابن شبرمة: أقله خمسة دراهم، وقال إبراهيم النخعي: أقله: أربعون درهمًا، وعن سعيد بن جبير: أقله خمسون درهمًا (¬1) شرح جـ 9 (ص 213). باب في كم تملك المرأة من صداقها بمجرد عقد النكاح؟ مسألة (1214) مذهب عامة أهل العلم أن المرأة تملك كامل (¬2) صداقها بعقد النكاح. وحكى عن مالك أنها لا تملك إلا نصفه. وروي عن أحمد رحمه الله تعالى ما يدل على هذا! قال ابن عبد البر: هذا موضع اختلف فيه السلف والآثار, وأما الفقهاء اليوم (¬3) فعلى أنها تملكه. مغ جـ 8 (28). ¬
باب في النقصان يطرأ على الصداق إذا وقع الطلاق قبل الدخول
باب في النقصان يطرأ على الصداق إذا وقع الطلاق قبل الدخول مسألة (1215) أكثر الفقهاء على من أصدق امرأة وطلقها قبل الدخول فطرأ نقصان على الصداق، فإنه مخير بين أن يرجع على الزوجة بنصف قيمة الصداق (¬1) وقت إصداقها، وإما أن يرضى بأخذ نصف قيمته ناقصًا وليس له أخذ أرش النقص. وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي: القياس أن له ذلك (¬2). مغ جـ 8 (ص 31). باب في المباشرة دون الفرج من غير خلوةٍ (¬3) هل توجب كامل الصداق؟ مسألة (1216) أكثر الفقهاء على أن من استمتع بامرأته بعد عقد النكاح بمباشرةٍ دون الفرج ومن غير خلوةٍ؛ فإنها لا تستحق بهذا كامل المهر. وهو وجه عند الحنابلة، وقال أحمد في المنصوص عنه: أنه إذا أخذها فمسها، وقبض عليها من غير أن يخلو بها لها الصداق كاملًا إذا نال منها شيئًا لا يحل لغيره. وقال في رواية مهنا: إذا تزوج امرأة ونظر إليها وهي عريانة تغتسل أُوْجِبُ عليه المهر. وفي رواية إبراهيم: إذا اطلع منها ما يحرم على غيره فعليه المهر. مغ جـ 8 (ص 66). ¬
باب في عفو المرأة عن بعض صداقها أو كله
باب في عفو المرأة عن بعض صداقها أو كله (¬1) باب في امتناع المرأة عن تسليم نفسها حتى تتسلم صداقها (¬2) مسألة (1217) أكثر أهل العلم على أن المرأة لا تجبر على تسليم نفسها حتى تتسلم صداقها ومذهب الشافعي أن للزوج منعها من تَسَلُّمِ صداقها حتى تُسَلِّمَ نفسها (¬3). مغ جـ 8 (ص:80). باب في من جعل صداق أمَتِهِ عتقها مسألة (1218) جمهور أهل العلم على أنه لا يجوز أن يعتق الرجل أمَتَهُ على أن تتزوج به، وأن يكون عتقها صداقها وإذا قبلت على هذا الشرط عتقت ولم يلزمها أن تتزوجه، وعليها قيمتها له. وبهذا قال مالك، والشافعي وأبو حنيفة، ومحمد بن الحسن وزفر. وقال سعيد بن المسيب والحسن والنخعي والزهري والثوري والأوزاعي وأبو يوسف وأحمد وإسحاق: يجوز أن يعتقها على ذلك ويكون عتقها صداقها، ويلزمها ذلك ويصح الصداق (¬4) وحكى الماوردي عن الأوزاعي أنها لا تصير زوجة بالعتق ولكن تُخَيَّرُ على أن تتزوج به بعقد مستجد. شرح جـ 9 (221). باب في المرأة تجعل صداقها طلاق غيرها مسألة (1219) أكثر الفقهاء على أن من تزوج امرأةً فجعل صداقها طلاق امرأةٍ له أخرى، فالتسمية فاسدة والنكاح صحيح ولها مهر مثلها. وبه قال أحمد في رواية واختارها أبو بكر عبد العزيز من الحنابلة. وقال أحمد في رواية أخرى أن التسمية صحيحة. ¬
باب في الرجل يصدق المرأة صداقين أحدهما في نكاح سر والآخر في علانية
مغ ج 8 (ص: 87). باب في الرجل يصدق المرأة صداقين أحدهما في نكاح سر والآخر في علانيةٍ مسألة (1220) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم: على أن من أصدق امرأة صداقين أحدهما في نكاح سرًّ، والآخر في نكاح علانيةٍ , فالواجب للمرأة الصداق الذي انعقد به النكاح أولًا سرًّا كان أو علانيةً، وبه قال سعيد بن عبد العزيز وأبو حنيفة والأوزاعي والشافعي. وروي نحوه عن شريح والحسن والزهري والحكم بن عيينة ومالك وإسحاق، وهو اختيار القاضي أبي يعلى من الحنابلة، وحمل ما روي عن أحمد مما يخالفه عليه (¬1). وقال أحمد في ظاهر رواية الأثرم عنه: الواجب الصداق الذي انعقد به النكاح علانية. وبه قال الشعبي وابن أبي ليلى والثوري وأبو عبيد. مغ جـ 8 (ص 82). باب في صداق الموطوءة في نكاح فاسد أو شبهة والمكرهة على الزنا (¬2) * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الوليمة
كتاب الوليمة
كتاب الوليمة (¬1) باب في حكم الوليمة مسألة (1221) أكثر أهل العلم على أن وليمة العرس سنة مستحبة وليست واجبةً. وقال بعض أصحاب الشافعي -رحمه الله-: هي واجبة (¬2). قلت: وكلام الشافعي -رحمه الله- ظاهره يحتمله. مغ جـ 8 (105). باب في إجابة الدعوة لوليمة العرس مسألة (1222) أكثر أهل العلم على أن إجابة الدعوة لوليمة العرس واجبة على المستطيع إن لم يكن بها لهو محرم. وبه يقول مالك والشافعي والعنبري وأبو حنيفة وأصحابه. وهو مذهب أحمد. وقال بعض أصحاب الشافعي: هي من فروض الكفايات كرد السلام. وقال بعضهم يندب إجابتها (¬3). مغ جـ 8 (ص:106). ¬
باب في التصاوير تكون في وليمة العرس
باب في التصاوير تكون في وليمة العرس (¬1) مسألة (1223) أكثر أهل العلم على أن من دعي لوليمة عرس، فوجد تصاوير حيوان معلقةً على الستور والحيطان وعلى ما لا يوطأ؛ فإن أمكنه حطها (نزعها) أو قطع رؤوسها فعل وجلس أو كانت في موضع يوطأ أو يداس أو يتكأ عليها فلا بأس بحضوره. قال ابن عبد البر: هذا أعدل المذاهب. وحكاه عن سعد بن أبي وقاص وسالم وعروة وابن سيرين وعطاء وعكرمة بن خالد وعكرمة مولى ابن عباس وسعيد بن جبير. وهو مذهب الشافعي وكره أبو هريرة التصاوير ما نصب منها وما بُسطَ. وهو مذهب مالك إلا أنه كان يكرهها تنزهًا ولا يراها محرمة أعني المبسوطة لا المعلقة (¬2). مغ ج 8 (ص 110). باب في إجابة الدعوة في غير وليمة العرس مسألة (1224) جمهور أهل العلم على أن إجابة الدعوة في غير وليمة العرس إذا خلت عن المنكر مستحبه غير واجبة. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي. وهو مذهب أحمد. وقال العنبري تجب إجابة كل دعوةٍ لعموم الأمر. وحكاه النووي عن أهل الظاهر وقال (¬3): وبه قال بعض السلف. قلت: حكاه ابن عبد البر عن أهل الظاهر أيضًا. ¬
شرح جـ 9 (ص 234). التمهيد جـ1 (ص 273). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب عشرة النساء
كتاب عشرة النساء
كتاب عشرة النساء (¬1) باب في إتيان الرجل زوجته في غير القبل (¬2) مسألة (1225) جمهور العلماء على تحريم إتيان النساء في أدبارهن زوجة كانت أو أمةً أو غير ذلك. وممن قال بهذا من الصحابة عليٌّ وعبد الله بن مسعود، وأبو الدرداء، وابن عباس، وعبد الله بن عمرو وأبو هريرة رضي الله تعالى عنهم. وبه قال سعيد بن المسيب وأبو بكر بن عبد الرحمن ومجاهد وعكرمة والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد وابن المنذر. وذهب قوم إلى إباحته في الزوجة والأمة. روي ذلك عن ابن عمرو وزيد بن أسلم ونافع ومالك. وروي عن مالك أنه قال: ما أدركت أحدًا أقتدي به في ديني يشك في أنه حلال. قال الموفق -رحمه الله-: وأهل العراق من أصحاب مالك ينكرون ذلك. وروى هذا عن الشافعي -رحمه الله- تعالى كذلك رواه عنه ابن عبد الحكم. وجعل الحاكم النيسابوري هذا من مذهب الشافعي القديم قال: فأما الجديد فالمشهور أنه حرمه. نيل الأوطار جـ 6 (ص 353، 355) الحاوي جـ 9 (ص 317). باب في العزل عن النساء (¬3) مسألة (1226) أكثر من بلغنا قولهم من أهل العلم في مسألة العزل أنهم ما بين مرخص فيه من غير كراهة وما بين كاره له كراهة تنزيه. وقد رويت الرخصة فيه عن عليٍّ وسعد بن أبي وقاص، وأبي أيوب، وزيد بن ثابت، وجابر، وابن عباس، ¬
باب في العزل عن الزوجة الحرة هل يعزل بغير إذنها؟
والحسن بن عليٍّ وخباب بن الأرت رضي الله تعالى عنهم. وروى هذا كذلك عن سعيد بن المسيب وطاوس، وعطاء، والنخعي، ومالك، والشافعي وأصحاب الرأي. وروي عن عمر، وعليٍّ أيضًا وابن عمر وابن مسعود كراهة ذلك وعن بعض هؤلاء هي كراهة تحريم في الأغلب وعن بعضهم كراهة تنزيه. ورويت الكراهة كذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وممن قال بالمنع من العزل تحريمًا: ابن حبان وهو مقتضى كلام الموفق في المغني، فإنه قيد كراهة التنزيه بالحاجة وأما من غير حاجة فمقتضاه التحريم وهو قول محمَّد بن حزم (¬1). قلت: ولا فرق عند من نقلنا عنهم في هذه المسألة بين الحرة وبين الأمة إذا كانت زوجة. مغ ج 8 (ص 132). باب في العزل عن الزوجة الحرة هل يعزل بغير إذنها؟ (¬2) مسألة (1227) جمهور العلماء على أن العزل لا يجوز عن الزوجة الحرة إلا بإذنها، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي في الراجح من مذهبه ومذهب أحمد، وقال الغزالي: يجوز بغير إذنها. مغ ج19 (ص 368). باب في العزل عن الأَمَةِ مسألة (1228) جمهور العلماء على جواز العزل عن الأمة المتخذة للتسري بغير إذنها. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد (¬3) وذهب أبو محمد ابن حزم إلى المنع مطلقًا. وهو وجه للشافعية حكاه الروياني. فتح جـ 19 (ص 368) نيل الأوطار جـ 6 (ص 348). ¬
باب في الرجل يمتنع عن وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر
باب في الرجل يمتنع عن وطء زوجته (¬1) أكثر من أربعة أشهر مسألة (1229) أكثر الفقهاء على أن الرجل إذا امتنع عن وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر، فليس للقاضي التفريق بينهما إذا طالبت الزوجة به. وقال أحمد في رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها يقول: غدًا أدخل بها غدًا أدخل بها إلى شهر، هل يجبر على الدخول؟ فقال: أذهب إلى أربعة أشهر إن دخل بها وإلا فَرَّقَ بينهما (¬2). مغ ج8 (ص 142). باب في القسم بين النساء (¬3) وبين الحرة وبين الأَمَةِ مسألة (1230) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم: أن من كان عنده حرة وأمة قسم للحرة ليلتين وللأمة ليلة. وبهذا قال عليُّ بن أبي طالبٍ وسعيد بن المسيب ومسروق والشافعي وإسحاق وأبو عبيد. قال الموفق: وذكر أبو عبيد أنه مذهب الثوري والأوزاعي وأهل الرأي. قلت: وهو مذهب أحمد. ومالك في إحدى الروايتين. وقال مالك في الرواية الأخرى: يسوى بين الحرة والأمة في القسم (¬4) وبه قال ابن حزم. مغ جـ 8 (ص 148). ¬
باب في المرأة العروس كم يبيت عندها عقيب الزفاف؟
باب في المرأة العروس كم يبيت عندها عقيب الزفاف؟ مسألة (1231) جمهور العلماء على أن الرجل إذا استجد زواج امرأة؛ فإن حقها عليه أن يبيت عندها سبع ليالٍ إن كانت بكرًا، وثلاث ليالٍ إن كانت ثيبًا، وسواء كانت له زوجات أخريات أم لم يكن له، فإن كان له زوجات أخريات فبات عند البكر سبعًا أو عند الثيب ثلًاثا، عاد إلى نسائه الأخريات وعاود القسم لهن مع الجديدة ولا يقضى للقديمات مع ما باته مع الجديدة إلا أن يبيت مع الثيب سبعًا، فيقضي للقديمات ويُسَبع لكل واحدة منهن ولا يزيد للجديدة عن السبع إلا برضا الأخريات. وممن قال للبكر سبع وللثيب ثلاث وأنه لا يقضي للقديمات إذا بات عند البكر سبعًا وعند الثيب ثلاثًا. مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن جرير، وحكاه الموفق عن الشعبي والنخعي وأبي عبيد وابن المنذر. قال الموفق -رحمه الله-: وروي عن سعيد بن المسيب والحسن وخلاس بن عمرو، ونافع مولى ابن عمر للبكر ثلاث واللثيب ليلتان. وقال أبو حنيفة: والحكم وحماد يجب قضاء الجميع في الثيب والبكر وحكى الحافظ عن الكوفيين أن البكر والثيب سواء في الثلاث، وعن الأوزاعي للبكر ثلاث وللثيب يومان (¬1). شرح جـ1 (ص 44) فتح جـ 19 (ص 376). باب في الإقراع بين النساء إذا أراد السفر ببعضهن (¬2) مسألة (1232) أكثر أهل العلم على أن من أراد سفرًا وأراد السفر بإحدى نسائه أو ببعضهن، فإن عليه أن يقرع بينهن. ¬
باب في قضاء للاتي لم يسافر بهن
وحكي عن مالك أنه لا يجب عليه ذلك، بل له أن يسافر بأيتهن شاء من غير قرعة. مغ ج8 (ص: 155). باب في قضاء للاتي لم يسافر بهن مسألة (1233) أكثر أهل العلم على أن الرجل إذا سافر ببعض نسائه وترك البعض، فإنه لا يلزمه إذا رجع من سفره أن يقضي لمن ترك من نسائه في القسم. وحكي عن داود أنه يلزمه القضاء. مغ جـ 8 (ص: 156). * * *
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الخلع
كتاب الخلع
كتاب الخلع (¬1) باب في حكم الخلع مسألة (1234) جمهور العلماء على أن الخلع ثابت جائز غير منسوخ. وقال أبو بكر بن عبد الله المزني: لا يجوز، وهو منسوخ بقوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}: قال ابن عبد البر: ولا نعلم أحدًا خالفه (يعني جواز الخلع) إلا بكر بن عبد الله المزني. وروى عن ابن سيرين وأبي قلابة: أنه لا يحل الخلع حتى يجد على بطنها رجلًا لقول الله تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}. مغ ج8 (ص: 174)، الحاوي جـ 10 (ص: 4). باب في ما يجوز به العِوَضُ في الخلع مسألة (1235) أكثر أهل العلم على جواز الخلع بأي عوض اتفق عليه الزوجان قلَّ أو كثير بما ساوى الصداق أو أقل أو أكثر (¬2). روي ذلك عن عثمان وابن عمرو وابن عباس وعكرمة ومجاهد وقبيصة بن ذؤيب والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. ويروى عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا: لو اختلعت امرأة من زوجها بميراثها وعقاص رأسها كان ذلك جائزًا. وقال عطاء وطاوس والزهري وعمرو بن شعيب: لا يأخذ أكثر مما أعطاها. قال الموفق: وروي ذلك عن عليٍّ بإسناد منقطع واختاره أبو بكر قال: (يعني أبو بكر الحنبلي) فإن فعل رد الزيادة: ¬
باب في مخالعة المرأة زوجها من غير ما بأس بها
وروى عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما أرى أن يأخذ كل مالها ولكن ليدع لها شيئًا. مغ ج (8) (ص:175) فتح جـ 20 (ص:65). باب في مخالعة المرأة زوجها من غير ما بأس بها مسألة (1236) أكثر أهل العلم على أن الخلع يصح بسبب وبغير سبب وسواء كرهت المرأة زوجها أو خافت أن لا تقوم بحقه أو لم يكن شيء من ذلك؛ فالخلع جائز وصحيح لكنه مكروه. وممن قال بصحته أبو حنيفة والثوري ومالك والأوزاعي والشافعي ويحتمله ما روي عن أحمد -رحمه الله- تعالى. وقال ابن المنذر وداود: لا يصح ولا يجوز إلا بسبب، كالذي ذكره الله تعالى. قال ابن المنذر: وروي معنى ذلك عن ابن عباس، وكثير من أهل العلم. مغ ج 8 (ص: 177) فتح ج20 (ص: 64) الحاوي ج10 (ص: 7). باب في هل يقع الخلع إذا ضارَّ الزوج بزوجته بالضرب ونحوه؟ مسألة (1227) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الرجل إذا ضارَّ بزوجته بضرب أو تضييق أو قطع نفقه أو نحو ذلك ثم خالعته امرأته على عوض؛ فالخلع باطل والعوض مردود عليها. روي ذلك عن ابن عباس وعطاء ومجاهد والشعبي والنخعي والقاسم بن محمَّد وعروة وعمرو بن شعيب وحميد بن عبد الرحمن والزهري. وبه قال مالك والثوري وقتادة والشافعي وإسحاق، وهو مذهب أحمد. وقال أبو حنيفة: العقد صحيح والعوض لازم وهو آثم عاصٍ. وروي عن مالك أنه قال: إذا أخذ منها شيئًا على جهة المفارقة ولا ينوي بذلك طلاقًا رد العوض ومضى الخلع عليه. قال الموفق: ويتخرج لنا مثل ذلك إذا قلنا يصح الخلع بغير عوضٍ. مغ ج8 (ص: 178). باب في الخلع هل هو فسخْ أم طلاق؟ مسألة (1238) جمهور العلماء على أن الخلع طلاق وأكثرهم على أنه طلقة واحدة بائنة لا يملك الزوج فيها رجعةً. روي ذلك عن سعيد بن المسيب، والحسن وعطاء وقبيصة وشريح ومجاهد وأبي سلمة بن عبد الرحمن والنخعي والشعبي والزهري
باب في هل يملك الزوج في الخلع الرجعة؟
ومكحول وابن أبي نجيح ومالك والأوزاعي والثوري وأصحاب الرأي والشافعي في الجديد وأحمد في إحدى الروايتين (¬1)، وحكاه عن أكثر أهل العلم من الصحابة وغيرهم الإِمام الترمذي. وذهب آخرون إلى أنه فسخ، وهو قول ابن عباس وطاوس وعكرمة وإسحاق وأبي ثور والشافعي في القديم وأحمد في روايةٍ وداود وابن المنذر. وروي عن الشافعي أنه كناية فإذا قصد الطلاق، وإلا فهو فسخ، واعتمده السبكي وجعله آخر ما ذهب إليه الشافعي (¬2). بداية ج 2 ص 84 فتح ج 20 ص 63. باب في هل يملك الزوج في الخلع الرجعة؟ مسألة (1239) أكثر أهل العلم على أن الخلع سواء كان فسخًا أو طلاقًا، فإنه لا رجعة فيه، وبه قال الحسن وعطاء وطاوس والنخعي والثوري والأوزاعي ومالك والشافعي وإسحاق، وهو مذهب أحمد. وحكى عن الزهري وسعيد بن المسيب أنهما قالا: الزوج بالخيار بين إمساك العوض ولا رجعة له، وبين رده وله الرجعة. وقال أبو ثور: إن كان الخلع بلفظ الطلاق فله الرجعة. مغ ج 8 (ص: 184). باب في الخلع على عوض فاسد مسألة (1240) أكثر أهل العلم على أن من خالع امرأته على عوض فاسد؛ كأن يخالعها على فرسٍ فيبين أنها قد ماتت؛ فإن الخلع صحيح ولا يفسد بفساد العوض، وأما بم يرجع على امرأته ففي المسألة خلاف اعتبارًا بنوع العوض الفاسد، وهذا مذهب أبي ثور ومحمد بن الحسن وأبي يوسف. وقال أبو حنيفة: يرجع دائمًا بالمُسَمَّى. وقال الشافعي يرجع أبدًا بمهر المثل. قلت: ولم يذكر الموفق القول المقابل لقول الجمهور. مغ ج 8 (ص:202). ¬
باب في هل يصح الخلع مع الأجنبي بدون إذن المرأة؟!!
باب في هل يصح الخلع مع الأجنبي (¬1) بدون إذن المرأة؟!! مسألة (1241) أكثر أهل العلم على أن الرجل الأجنبي إذا قال لزوج امرأةٍ طلق امرأتك أو خالع امرأتك علي ألفٍ عليَّ بدون إذن المرأة ففعل الزوج صح الخلع واستحق الألف. وهو مذهب أحمد. وقال أبو ثور: لا يصح. مغ جـ 8 (ص:218). باب في اختلاف الزوجين في العوض في الخلع مسألة (1242) أكثر الفقهاء على أن المرأة إذا أنكرت ادعاء زوجها أنها خالعته على ألف بطلقة واحدة، فقالت: بل سألتك ثلاثًا بألف أنها تبين بإقراره ويلزمها ثلث الألف، وكذلك إن قالت: طلقني ثلاثًا بألف فطلقها واحدة لزمها ثلث الألف، وقال الموفق تخريجًا على المذهب أن القول قولها في سقوط العوض (¬2). مغ ج8 (ص). باب في تعليق الطلاق بصفة هل تنحل يمينه إذا نكحها بعد طلاق بائن؟ (¬3) مسألة (1243) أكثر أهل العلم على أن من علق طلاق امرأته على صفة ثم طلقها ثلاثًا ثم نكحها بعد أن تزوجت غيره، وطلقت منه ثم وجدت تلك الصفة في نكاحها الجديد؛ فإنها لا تطلق، ونقل ابن المنذر في هذه المسألة الإجماع، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي في أحد أقواله، وهو مذهب أحمد. مغ ج 8 (ص: 231). آخر أبواب الخلع والحمد لله رب العالمين ويليه كتاب الطلاق بحوله وقوته ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الطلاق
كتاب الطلاق
كتاب الطلاق (¬1) باب في طلاق السنة وطلاق البدعة (¬2) مسألة (1244) عامة أهل العلم على أن من طلق امرأته للبدعة وهو أن يطلق امرأته في طهر أصابها فيه أو حائضًا؛ فإنه يأثم ويقع طلاقه. قال الموفق -رحمه الله- تعالى: قال ابن المنذر وابن عبد البر: لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال، وحكاه أبو نصر عن ابن علية وهشام بن الحكم والشيعة قالوا: لا يقع طلاقه. قلت: وهو قول الإِمام الكبير تقي الدين ابن تيمية الملقب بشيخ الإِسلام -رحمه الله- تعالى وقد انتصر لقوله هذا الإِمام ابن القيم -رحمه الله- تعالى (¬3)، وقد سبقهما إلى هذا القول من غير السلف الإِمام أبو محمَّد بن حزم الأندلس الظاهري، ورواه وغيره أعني القول بعدم وقوع الطلاق عن ابن عمرو طاوس. قلت: وهذا كله في المدخول بها أما غير المدخول بها فليس لها طلاق بدعة ولا سنة باتفاق العلماء إلا من حيث عدد الطلقات نقل الإجماع في هذه المسألة ابن عبد البر. مغ ج 8 (ص: 249)، الحاوي ج10 (ص: 115) شرح ج 10 (ص: 60). ¬
باب فيمن طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد
باب فيمن طلق امرأته ثلاثًا في مجلس واحد مسألة (1245) جمهور أهل العلم على أن من طلق امرأته ثلاثًا في مجلس واحد بكلمة واحدة (¬1) أو ثلاث تطليقات فقال: أنت طالق طالق طالق، وعني بالثانية والثالثة طلاقًا منفصلًا؛ فإن زوجته تبين منه ولا يحل له أن ينكحها حتى تنكح زوجًا غيره، ولا فرق في هذا بين أن يطلق قبل الدخول أو بعده. روى ذلك عن ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر وعبد الله بن عمرو وابن مسعود وأنس. قال الموفق -رحمه الله- تعالى: وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين والأئمة بعدهم. قلت: وهو قول الأئمة الأربعة مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد، ولا فرق عند الجمهور في هذا بين البكر وبين غيرها. قال الموفق -رحمه الله- تعالى: وكان عطاء وطاوسٍ وسعيد بن جبير وأبو الشعثاء وعمرو بن دينار يقولون: من طلق البكر ثلاثًا فهي واحدة. وروى طاوس عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة. رواه أبو داود، وروى سعيد بن جبير وعمرو بن دينار ومجاهد ومالك بن الحارث عن ابن عباس خلاف رواية طاوس أخرجه أيضًا أبو داود، وأفتى ابن عباس بخلاف ما رواه عنه طاوس وحكى النووي عن الحجاج ابن أرطأة وابن مقاتل ورواية عن محمَّد بن إسحاق (¬2) أنه لا يقع به شيء. مغ ج 8 (ص:243) شرح ج 10 (ص: 70). ¬
باب في طلاق الحامل التي تبين حملها
باب في طلاق الحامل التي تبين حملها مسألة (1246) أكثر أهل العلم على أنه يجوز للرجل أن يطلق امرأته الحامل إذا تبين حملها قال ابن المنذر: وبه قال أكثر العلماء منهم طاوس والحسن وابن سيرين وربيعة وحماد بن أبي سليمان ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد قال ابن المنذر: وبه أقول. قلت: وهو مذهب الشافعي. وحكي عن بعض المالكية أنه حرام، وعن الحسن رواية أنه مكروه حكاها عنه (¬1) ابن المنذر. شرح ج 10 (ص:65). باب فيمن قال لامرأته أنت طالق للسنة (¬2) وكانت حائضًا أو طاهرًا وجامعها فيه باب في طلاق زائل العقل (¬3) بغير سكر وطلاق السكران المتعدي (¬4) بسكره ¬
باب في طلاق الصبي
باب في طلاق الصبي (¬1) باب في طلاق السفيه مسألة (1247) جمهور أهل العلم على أن السفيه المحجور عليه يقع طلاقه إذا طلق، وبه قال القاسم بن محمَّد ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه، وهو مذهب أحمد، ومنع من وقوعه عطاء. مغ ج 8 (ص:259). باب في طلاق المكره مسألة (1248) جمهور أهل العلم على أن من أكره على الطلاق حقيقةً لا توهمًا فإن طلاقه لا يقع. روي ذلك عن عُمَرَ وعليٍّ وابن عمر وابن عباسٍ وابن الزبير وجابر بن سمرة، وبه قال عبد الله بن عبيد بن عمير وعكرمة والحسن وجابر بن زيد وشريح وعطاء وطاوس وعمر بن عبد العزيز وابن عون وأيوب السختياني ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وأبو عبيد وداود. وقال بوقوعه أبو قلابة والنخعي والزهري والثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد ابن الحسن (¬2) وعن إبراهيم النخعي إذا وَرَّى لم يقع وإلا وقع، وعن أصحاب الشافعي إن نوى قولان: أصحهما يلزمه وإن لم ينو قولان أصحهما لا يلزمه وعن الشعبي: إذا أكرهه اللصوص وقع، وإن أكرهه السلطان فلا يقع. فتح الباري جـ 2 (ص: 54). ¬
باب في نوع الإكراه المعذر في الشرع
باب في نوع الإكراه المعذر في الشرع (¬1) مسألة (1249) أكثر أهل العلم على أن الإكراه الذي ترتفع به بعض الأحكام ليس من شرطه وقوع العذاب أو الضرب وشبههه وإنما يكفي فيه التهديد الخوف بغلبة الظن، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية أخرى: بل لا بد من وقوع شيء من العذاب كالضرب والحبس ونحوهما. مغ ج8 (ص: 260). باب في طلاق المخطئ (¬2) مسألة (1250) جمهور العلماء على أن من سبق لسانه بالطلاق وهو لا يريده فإنه لا يقع، وبه قال أحمد وإليه ذهب جابر بن زيد والشعبي والحكم. وقال الشافعي بأنه يقع في القضاء وأما ديانةً فبينه وبين الله. والمختار في مذهب الشافعي إن دلت قرينة على صدقه عمل بقوله: وإلا فلا (¬3)، ومذهب أبي حنيفة قريب من مذهب الشافعي. قال الحافظ في الفتح: وعن الحنفية ممن أراد أن يقول لامرأته شيئًا فسبق لسانه فقال: أنت طالق يلزمه الطلاق. فتح الباري جـ 20 (ص: 55). باب في طلاق الناسي مسألة (1251) جمهور أهل العلم أن من طلق ناسيًّا فإن طلاقه لا يقع، وبه يقول عطاء وجعله الحسن البصري؛ كالعمد، إلا أن يشترط فيقول: إلا أن أنسى. فتح ج20 (ص:55). باب فيمن طلق في نفسه ولم يتلفظ به مسألة (1252) جمهور العلماء على أن من طلق في نفسه من غير أن يتلفظ بلفظ ¬
باب فيمن أوقع طلاقا قبل النكاح
الطلاق، فإنه لا يُعَدُّ شيئًا، وبه قال عطاء وجابر بن زيد وسعيد بن جبير ويحيى بن أبي كثير والشافعي وإسحاق وروي كذلك عن القاسم وسالم والحسن والشعبي، وقال محمَّد بن سيرين ومحمَّد بن شهاب الزهري: يقع، وروي هذا عن مالك (¬1). فتح الباري ج 20 (ص: 61) في ج 8 (ص: 263). باب فيمن أوقع طلاقًا قبل النكاح (¬2) مسألة (1253) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن من طلق امرأة قبل أن ينكحها فإنه لا يلحقها طلاقه بعد نكاحها. حكاه الإمام البخاري عن عليٍّ وسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبان بن عثمان وعليِّ بن حسين وشُرَيْح وسعيد بن جبير والقاسم وسالم وطاوس والحسن وعكرمة وعطاء وعامر بن سعد وجابر بن زيد ونافع بن جبير ومحمد بن كعب وسليمان بن يسار ومجاهد والقاسم بن عبد الرحمن وعمرو بن هرم والشعبي، ونقله الحافظ في الفتح عن الشافعي وابن مهدى وأحمد وإسحاق وداود وأتباعهم وجمهور أهل الحديث. قلت: وقد صدَّر البخاري المسألة بعد الآية بأثر عن ابن عباس معلق جزمًا وهو قوله: "إنما جعل الله الطلاق بعد النكاح"، قال الحافظ: وقال بالوقوع مطلقًا: أبو حنيفة وأصحابه. وقال بالتفصيل (¬3): ربيعة والثوري والليث والأوزاعي وابن أبي ليلى وإبن مسعود، وأتباعه من قبل هؤلاء، وبه قال مالك في المشهور عنه، وروي عنه عدم الوقوع مطلقًا ولو عين، وعن ابن القاسم مثله، وعنه أنه توقف، وكذا عن الثوري وأبي عبيد، قال الحافظ: وقال جمهور المالكية بالتفصيل، فإن سمى امرأة أو طائفة أو قبيلةً أو مكانًا أو زمانًا يمكن أن يعيش إليه لزمه الطلاق والعتق. وجاء عن عطاء مذهب آخر مفصل بين أن يشرط ذلك في عقد نكاح امرأته أولًا، فإن شرطه لم يصح مَنْ عَيَّنها وإلا صح. أخرجه ابن أبي شبية، وتأول الزهري ومن تبعه قوله: "لا طلاق قبل نكاح" أنه محمول على من لم يتزوج أصلًا؛ فإذا قيل له مثلًا تَزَّوْج فلانة فقال: هي طالق البتة لم يقع بذلك شيء، وهو الذي ورد فيه الحديث، وأما إذا قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق فإن الطلاق إنما يقع حين يتزوجها. ¬
باب في طلاق الغضبان
قلت: وهو عينه مذهب من فصل في المسألة وقد ذكرناه قريبًا. قال الحافظ: وما ادعاه (يعني الزهري) من التأويل ترده الآثار الصريحة عن سعيد ابن المسيب وغيره من مشايخ الزهري في أنهم أرادوا عدم وقوع الطلاق عمن قال إن تزوجت فهي طالق، سواء خصص أم عمم أنه لا يقع، ولشهرة الاختلاف كره أحمد مطلقًا، وقال إن تزوج لا آمره أن يفارق، وكذا قال إسحاق في المعينة. قال البيهقي بعد أن أخرج كثيرًا من الأخبار والآثار الواردة في عدم الوقوع: هذه الآثار تدل على أن معظم الصحابة والتابعين فهموا من الأخبار أن الطلاق أو العتاق الذي علق قبل النكاح والملك لا يعمل بعد وقوعهما. انتهى موضع الغرض من كلام الحافظ، وفي المسألة كلام كثير ليس هذا محل بسطه بل نرجئه إلى الشرح إن شاء الله تعالى (¬1). فتح الباري ج 20 (ص: 51)، نيل الأوطار ج 7 (ص: 28) مغ ج 11 (ص: 232). باب في طلاق الغضبان (¬2) مسألة (1254) جمهور أهل العلم على أن من طلق امرأته وكان متغيظًا مغضبًا يدري ما يقول (¬3) فإن طلاقه يقع، وكذلك عتقه (¬4)، وبه يقول كل من يحفظ عنه من أهل العلم من فقهاء الأمصار وهو مذهب الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى. وأشار أبو داود في سننه إلى المنع من وقوعه دون تفصيل، وترجم له في باب "الطلاق على غضب" وفي نسخةٍ على "غيظ" (¬5) قال الحافظ: وهو مروى عن بعض متأخري الحنابلة، ولم يوجد عن أحدٍ من متقدميهم إلا ما أشار إليه أبو داود. ¬
باب في طلاق الهازل إذا صرح به
قال العلامة الآبادي: ثم الطلاق على في غيظٍ واقع عند الجمهور، وفي روايةٍ عن الحنابلة أنه لا يقع، والظاهر أنه مختار المصنف (يعني أبو داود) -رحمه الله- تعالى. عون المعبود ج 6 (ص: 261). باب في طلاق الهازل (¬1) إذا صرح به باب في من جعل الطلاق بيد زوجته (¬2) أو قال لها أمرك بيدك مسألة (1255) جمهور أهل العلم على أن من قال لامرأته أمرك بيدك؛ فإن هذا لا يكون طلاقًا إلا إذا نواه في الحال أو طلقت المرأة نفسها، وإذا ردت الأمر إليه لم يكن شيءٌ فلا يقع طلاقٌ، وممن روي عنه هذا الأخير ابن عُمَر وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز ومسروق وعطاء ومجاهد والزهري والثوري والأوزاعي والشافعي، وهو مذهب أحمد. وقال قتادة: إن ردت الأمر إليه كانت طلقةً واحدة رجعيةً. مغ ج 8 (ص: 288). باب في التخيير في الطلاق مسألة (1256) جمهور العلماء على أن من خير زوجته بين أن تبقى على عصمته أو تختار فراقه؛ فإن هذا مقيد بمجلس التخيير ولا يمتد بعده. روي هذا عن عمر وعثمان وابن مسعود وجابر رضي الله تعالى عنهم، وبه قال عطاء وجابر بن زيد ومجاهد والشعبي والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. وقال الزهري وقتادة وأبو عبيد وابن المنذر ومالك في إحدى الروايتين: هو على ¬
باب في التخيير في الطلاق هل يكون رجعيا أم بائنا؟
التراخي ولها الاختيار في المجلس وبعده ما لم يفسخ أو يطأ. مغ ج 8 (ص: 294). باب في التخيير في الطلاق هل يكون رجعيًّا أم بائنًا؟ مسألة (1257) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من خير امرأته في الطلاق من غير أن يعين عدد الطلقات التي خيرها فيها ثم اختارت الطلاق. فإنه يكون طلاقًا واحدًا رجعيًّا، وبه قال من الصحابة عمر وابنه وابن مسعود وزيد بن ثابت وعائشة، وروي هذا عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن عمرو، وبه قال أحمد، وهو مقتضى قول الشافعي (¬1) -رحمه الله- تعالى. وقال أبو حنيفة: هي واحدة بائن، وهو قول ابن شبرمة. وقال مالك: هي ثلاث في المدخول بها. مغ ج 8 (ص: 297). باب في المخيرة تختار زوجها أو ترد الأمر إليه مسألة (1258) جمهور العلماء على أن المخيرة في الطلاق إذا ردت الأمر إلى زوجها أو اختارت زوجها؛ فإنه لا يقع عليها طلاق. روي ذلك عن عمر وعليٍّ وزيد وابن مسعود وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري والشافعي وأحمد وابن المنذر. وقال الحسن: تكون واحدة رجعية وروي ذلك عن عليٍّ وزيد بن ثابت والحسن والليث بن سعد، وحكاه الخطابي والنقاش عن مالك ورده القاضي عياض، وبه قال أحمد في رواية شاذة. رواها إسحاق بن منصور قال أحمد -رحمه الله-: فإن اختارت زوجها فواحدة يملك الرجعة، وإن اختارت نفسها فثلاث. قال الموفق: قال أبو بكر: انفرد بهذا إسحاق بن منصور والعمل على ما رواه الجماعة (¬2). بداية ج 2 (ص: 89)، شرح ج 10 (ص: 79). ¬
باب في الاستثناء في الطلاق
باب في الاستثناء في الطلاق مسألة (1259) أكثر أهل العلم على أنَّ الاستثناء في الطلاق جائز؛ فمن طلق امرأته عددًا من الطلقات أو طلق نساء، واستثنى إحداهن أو بعضهن؛ فإن المستثنى من الطلقات لا يقع والمستثنيات من الطلاق لا يقع عليهن طلاق. وحكى ابن المنذر في هذه المسألة الإجماع (¬1) قال -رحمه الله- تعالى: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة أنها تطلق طلقتين. منهم: الثوري والشافعي وأصحاب الرأي. قلت: وهو مذهب أحمد. قال الموفق -رحمه الله- تعالى: وحكي عن أبي بكر (يعني عبد العزيز) أن الاستثناء لا يؤثر في عدد الطلقات ويجوز في المطلقات، فلو قال: أنت طالق ثلاثًا إلا واحدة وقع الثلاث، ولو قال: نسائي طوالق إلا فلانة لم تطلق. مغ ج 8 (ص:311). باب في استثناء الأكثر من الأقل في عدد الطلقات مسألة (1260) الأكثرون من أهل العلم على أن استثناء الأكثر من الأقل في عدد الطلقات أو في عدد الطوالق يصح، وبه قال مالك (¬2) والشافعي (¬3)، وهو مذهب أبي حنيفة، وقال أحمد -رحمه الله- تعالى: لا يصح، وبه يقول أبو يوسف فيما روي عنه. مغ ج 8 (ص: 312) بدائع جـ 3 (ص: 155). باب في الحلف بالطلاق (¬4) وهل يجوز أن يكون الطلاق يمينًا؟ مسألة (1261) جمهور الفقهاء على أن من حلف بالطلاق على فعل شيء أو ترك شيء، ¬
باب فيمن جعل الطلاق قسما (يمينا) على فعل شيء
ثم حنث في يمينه؛ فإن طلاقه يقع، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد. وذهبت طائفة من السلف وجمع من المتأخرين إلى أنه لا يقع طلاقه، وهؤلاء ما بين أن يجعلوه يمينًا ففيه الكفارة أو لا يُعَدُّ شيئًا ولا كفارة فيه ولا طلاق. قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله- جوابًا على سؤال فيمن حلف بالطلاق على أمرٍ من الأمور ثم حنث في يمينه هل يقع به الطلاق أو لا؟: أما المسألة (الأولى) ففيها نزاع بين السلف والخلف على ثلاثة أقوال: (أحدها): أنه يقع به الطلاق إذا حنث في يمينه وهذا هو المشهور عند أكثر الفقهاء المتأخرين حتى اعتقد طائفةٌ منهم أن ذلك إجماع. ثم ذكر -رحمه الله- القول الثاني فقال: (والقول الثاني): أنه لا يقع به طلاق ولا يلزمه كفارة، وهذا مذهب داود وأصحابه وطوائف من الشيعة ويذكر ما يدل عليه عن طائفةٍ من السلف بل مأثور عن طائفةٍ صريحًا؛ كأبي جعفر الباقر رواية جعفر بن محمد. ثم ذكر القول الثالث فقال -رحمه الله-: (والقول الثالث): وهو أصح الأقوال، وهو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار أن هذه يمين من أيمان المسلمين فيجري فيها ما يجري في أيمان المسلمين؛ وهو الكفارة عند الحنث إلا أن يختار الحالف إيقاع الطلاق فله أن يوقعه ولا كفارة، وهذا قول طائفة من السلف والخلف؛ كطاوس وغيره. اهـ موضع الغرض (¬1). باب فيمن جعل الطلاق قسمًا (يمينًا) على فعل شيء مسألة (1262) أكثر أهل العلم على أن من طلق امرأته على فعل شيء؛ كأن يقول أَنْتِ طالقٌ لأقومن لأجلسنَّ لا أشربن من هذه القربة؛ فإنه يمين طلاق لا تطلق امرأته به إلا إذا حنث بترك الفعل في الوقت الذي عينه، وممى روى عنه هذا سعيد بن المسيب والحسن وعطاء والزهري وسعيد بن جبير والشعبي والثوري وأصحاب الرأي. قلت: وهو مقتضى مذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى. وقال شريح: تطلق امرأته ولو قام، وجعله طلاقًا غير معلقٍ بشرط. مغ ج 8 (ص: 339). ¬
باب في هل يمنع من وطء زوجته قبل فعل ما حلف عليه؟
باب في هل يمنع من وطء زوجته قبل فعل ما حلف عليه؟ مسألة (1263) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن من حلف بالطلاق على فعل شيء؛ فإنه يمنع من وطء زوجته حتى يفعل الذي حلف عليه، وبه يقول سعيد بن المسيب والحسن والشعبي ويحيى الأنصاري وربيعة ومالك وأبو عبيد وأحمد في رواية الأثرم عنه. وفصَّلَ يحيى الأنصاري ورييعة ومالك فقالوا: يضرب له أجل المُوْلىِ كما لو حلف أن لا يطأها، وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يمنع من وطئها، وهو المفتى به في مذهب أحمد. مغ ج 8 (ص: 348). باب في الطلاق إلى أجل مسألة (1264) أكثر الفقهاء على أن من علق طلاق امرأته بأجل معين أو غير معين فإن طلاقه لا يقع قبل حلول الأجل، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وروى هذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وعطاء وجابر بن زيد والنخعي والشعبي وسفيان الثوري وأبي عبيد وإسحاق وأحمد. وقال مالك: يقع الطلاق معجلًا. روي هذا عن سعيد بن المسيب والحسن والزهري ويحيى الأنصاري والليث وزفر (¬1). وقال محمَّد بن حزم: لا يقع الطلاق أبدًا (¬2). الحاوي الكبير جـ 10 (ص: 192). باب فيمن قال لامرأته الطاهر إذا حضت فأنت طالق مسألة (1265) أكثر أهل العلم على أن من قال لامرأته الطاهر إذا حضت فأنت طالق فرأت الدم في وقت يمكن أن يكون حيضًا وقع عليهما الطلاق، فإن بان أنه ليس حيضًا لم تطلق حتى تحيض، وبه يقول الثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد. قال ابن المنذر: لا نعلم أحدًا قال غير ذلك إلا مالكًا (¬3). وقال مالك: يحنث حين تكلم به. مغ جـ 8 (ص: 363). ¬
باب في الحلف بالحرام وهو قول الرجل على الحرام
باب في الحلف بالحرام وهو قول الرجل علىَّ الحرامُ مسألة (1266) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن قول الرجل "عليَّ الحرامُ" هي يمين معتدٌّ بها وتدخل في مسائل الطلاق على خلاف يينهم هل تفتقر إلى نية أم لا، وممن ذهب إلى أنها يمين طلاق إذا نوى طلاقًا: الحسن البصري والنخعي وطاوس وأبو حنيفة وصاحباه والشافعي وأحمد وإسحاق، وأما عدد الطلقات فبحسب نيته، وروي هذا عن ابن مسعود وابن عمر. وممن ذهب إلى أنها يمين طلاق بائن بينونة كبرى؛ فلا تحل له من بعد أن تنكح زوجًا غيره: الحكم وابن أبي ليلى ومالك في المدخول بها، وروي هذا عن عليٌّ وزيد ابن ثابت وابن عُمَر وأبي هريرة. وأما غير المدخول بها، فقال مالك: إذا نوى الطلاق. وممن ذهب إلى أنها يمين طلاق واحد بائن: الحكم بن عيينة وحماد بن أبي سليمان وسفيان الثوري ومالك في رواية خويز بن منداد عنه. وممن ذهب إلى أنه طلاق واحد رجعي: الزهري وعبد العزيز بن أبي سلمة وابن الماجشون وروي هذا عن عمر. وذهبت طائفةٌ إلى أنها يمين منعقدة فيها الكفارة، وممن روى عنه هذا: أبو بكر وعمر وعائشة وابن عباس رضي الله تعالى عنهم، وروي عن سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس والأوزاعي وأبي ثور. وذهبت طائفة يسيرة إلى أنها لا شيء فلا هي يمين طلاق ولا هي منعقدة ولا كفارة فيها، وممن روى عنه هذا مسروق والشعبي وأبو سلمة بن عبد الرحمن وربيعة وأصبغ من المالكية (¬1). وقد اختلف في النقل عن بعض من حكينا قولهم، وهناك مذاهب أخرى تركتها خشية التطويل لكن حاصلها يجمعه في الأغلب ما ذكرناه وبالله التوفيق (¬2). ¬
باب في تبعيض الطلاق وقول الرجل: أنت طالق نصف طلقة
فتح الباري ج 20 (ص: 34)، الحاوي الكبير ج 10 (ص: 182)، بدائع الصنائع ج 3 (ص: 105)، تفسير القرطبي ج 8 (ص: 180)، المحلى ج 10 (ص: 124) مغ ج 8 (ص: 305) روضة الطالبين ج 8 (ص: 28) شرح ج 10 (ص: 73). باب في تبعيض الطلاق وقول الرجل: أنت طالق نصف طلقة مسألة (1267) عامة أهل العلم على أن الطلاق لا يتبعض فمن طلق نصف طلقة أو طلاق فهي طلقة كاملة وهو طلاق كامل، ونقل ابن المنذر الإجماع في هذه المسألة عمن يحفظ عنه من أهل العلم، وحكاه عن الشعبي والحارث العكلي والزهري وقتادة والشافعي وأصحاب الرأي وأبي عبيد، وقال أبو عبيد: وهو قول مالك وأهل الحجاز والثوري وأهل العراق. مغ ج 8 (ص 417). باب فيمن اشتبه عليه المطلقة من نسائه هل له أن يقرع بينهن؟ مسألة (1268) أكثر أهل العلم على أن من طلق إحدى نسائه ولم يدر أيتهن التي وقع عليها الطلاق؛ فإنه لا يجزئه أن يقرع بينهن لتعيينها, ولا يجوز له أن يطأ واحدة منهن حتى يعلم المطلقة منهن، وتجب نفقة الجميع عليه (¬1). وذهب أكثر الأصحاب من الحنابلة إلى أن القرعة جائزة فمن تعينت بالقرعة جاز للزوج قربان من سواها، وضعف هذا القول الموفق، وذكر من الرواية عن أحمد ما يوافق الجمهور، وأن القرعة تكون في الميراث لا في الحل. مغ ج 8 (ص 431). باب في المرأة يثبت عندها طلاقها ثلاثًا والزوج ينكره مسألة (1269) أكثر أهل العلم على أن من ثبت عندها طلاقها من زوجها ثلاثًا، وأنكر الزوج الثلاث كلها أو بعضها، فإنه لا يجوز للزوجة تمكينه منها وهي عنه أجنبيةٌ، قال جابر بن زيد وحماد بن أبي سليمان وابن سيرين: تفر منه ما استطاعت وتفتدي منه ¬
باب في المرأة المطلقة أقل من ثلاث تنكح غير زوجها ثم تعود إليه
بكل ما يمكن، وقال الثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف وأبو عبيد: تفر منه، وقال مالك: لا تتزين له ولا تبدي له شيئًا من شعرها ولا عريتها ولا يصيبها إلا وهي مكرهة، وبنحو هذا قال أحمد. وروي عن الحسن والزهري والنخعي يُسْتَحَلفُ ثم يكون الإثم عليه. مغ ج 8 (ص 440). باب في المرأة المطلقة أقل من ثلاث تنكح غير زوجها ثم تعود إليه مسألة (1270) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن من طلق امرأته دون ثلاث طلقات ثم بانت منه وتزوجت غيره ثم مات عنها أو انقضت عدتها منه من طلاق، فإذا عادت إلى زوجها الأول بنكاح جديد؛ فإنها تعود على ما بقى لها من طلاق ولا تستأنف عدد الطلقات من جديد. قال الموفق -رحمه الله- تعالى: وهذا قول الأكابر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُمَرُ وعليٍّ وأبَيِّ ومعاذ وعمران بن حصين وأبي هريرة, وروى ذلك عن زيد وعبد الله بن عمرو بن العاص، وبه قال سعيد بن المسيب وعبيدة والحسن ومالك والثوري وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور ومحمد بن الحسن وابن المنذر. قلت: وأحمد في رواية: ذكرها الموفق في أول المسألة، وهو قول الأوزاعي وزفر (¬1). وقالت طائفة: ترجع إليه وتستأنف عدد الطلقات، وهو المسمى بهدم الطلاق الأول، وبه قال ابن عمر وابن عباس وعطاء والنخعي وشريح وأبو حنيفة وأبو يوسف (¬2). مغ ج 8 (ص 442)، والحاوي ج 10 (ص 286). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الرجعة
كتاب الرجعة
كتاب الرجعة (¬1) باب في اشتراط الوطء من زوجها الثاني حتى تحل للأول مسألة (1271) جمهور أهل العلم، بل عامتهم على أنه يشترط للمطلقة ثلاثًا حتى تحل الأول أن يطأها (¬2) الزوج الثاني، وممن قال هذا: عليُّ بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وتبعهم على هذا جماعة أهل العلم وفقهاء الأمصار منهم: مسروق والزهري ومالك وأهل المدينة والثوري وأصحاب الرأي والأوزاعي وأهل الشام والشافعي وأبو عبيدة وغيرهم رحمهم الله تعالى. وانفرد سعيد بن المسيب -رحمه الله- تعالى؛ فقال بعدم اشتراط الوطء فإذا تزوجها زواجًا صحيحًا لا يقصد به تحليلًا؛ فلا بأس أن يتزوجها الأول. قال ابن المنذر: لا نعلم أحدًا من أهل العلم قال بقول سعيد بن المسيب هذا إلا الخوارج. مغ ج 8 (ص: 471) شرح ج 10 (ص: 3)، والحاوي ج (ص: 326). باب في الأمة هل يختلف حكمها عن الحرة؟ مسألة (1272) جمهور العلماء على أن الأمة المطلقة البائن من زوجها بينونة كبرى لا تحل للأول حتى ينكحها رجل آخر. وقال بعض أصحاب الشافعي تحل الأمة إذا استبرأها مطلقها. مغ ج 8 (ص: 472). ¬
باب في صفة النكاح الذي يحل المطلقة ثلاثا لزوجها الأول
باب في صفة النكاح الذي يُحِلُّ المُطَلَّقَةَ ثلاثًا لزوجها الأول مسألة (1273) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن النكاح الذي يحل المطلقة ثلاثًا لزوجها الأول هو النكاح الصحيح؛ فإن كان النكاح فاسدًا لم يحلها لزوجها الأول الوطء فيه، وهو قول الحسن والشعبي وحماد ومالك والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي والشافعي في قوله الجديد، وهو المفتى به في مذهب أحمد. وقال الشافعي في القديم بأن النكاح الفاسد إذا كان فيه وطءٌ أحلها لزوجها الأول وبهذا قال الحكم، وجعله أبو الخطاب من الحنابلة وجهًا في المذهب. مغ ج 8 (ص: 473). باب في وطء الزوج المملوك (¬1) هل يحل المطلقة ثلاثًا باب في المراهق هل يحلُّ وَطْؤُهُ المطلقة ثلاثًا لزوجها الأول مسألة (1274) جمهور العلماء على أن الزوج لو كان مراهقًا (قارب البلوغ) فإن وطأه يحل المطلقة ثلاثًا لزوجها الأول. وخالف في ذلك مالك وأبو عبيد فقالا: لا يحلها. وروى هذا عن الحسن. مغ ج 8 (ص: 475). باب في رجعة الحامل بولدين مسألة (1275) مذهب عامة أهل العمل أن المطلقة الحامل بولدين إذا وضعت إحداهما؛ فإن لزوجها مراجعتها حتى تضع الثاني. وحكى عن عكرمة أن العدة تنقضي بوضع الأول. مغ ج 8 (ص: 178). باب في هل يشترط في الرجعة القول أو تجوز بفعل يدل عليها؟ مسألة (1276) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من أراد أن يراجع مطلقته أثناء عدتها فلا يشترط لصحة الرجعة أن يقول لها "راجعتك" بل يجوز له مراجعتها ¬
باب في عدة من راجعها زوجها ثم طلقها قبل وطئها هل تبني على ما مضى أم تستأنف
بالقول، وبما يدل عليه من الفعل، فإذا نوى بفعله المراجعة صحت رجعته باتفاق، وأكثر هؤلاء لا يشترط النية. وممن قال تصح المراجعة بالفعل ولو بدون نية: سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين وعطاء وطاوس والزهري والثوري والأوزاعي وابن أبي ليلى وأحمد في رواية وهي اختيار ابن حامدٍ والقاضي وأصحاب الرأي، قال بعضهم: ويشهد. وممن قال: تجوز الرجعة بالفعل ولكن مع النية: مالك وإسحاق. وذهب الشافعي -رحمه الله- تعالى إلى أنه لا بد أن يراجعها بالقول، وبه قال أحمد في إحدى الروايتين. مغ ج 8 (ص: 483). باب في عدة من راجعها زوجها ثم طلقها قبل وطئها هل تبني على ما مضى أم تستأنف مسألة (1277) جمهور (¬1) أهل العلم على أن المرأة إذا طلقها زوجها ثم راجعها في عدتها ثم طلقها ثانيةً قبل أن يطأها؛ فإنها تستأنف لنفسها عدة جديدة ولا تبني على ما مضى من عدتها، وبه قال طاوس وأبو قلابة وعمرو بن دينار وجابر وسعيد بن عبد العزيز وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد وأصحاب الرأي وابن المنذر وأحمد في رواية ابن منصور عنه. قال الموفق: وقال الثوري: أجمع الفقهاء على هذا. وقال عطاء والشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين: تبنى على ما مضى من عدتها. وحكي عن مالك أنه إذا قصد الزوج الإضرار بها بنت وإلا استأنفت. حكاه عنه أبو الخطاب هكذا ذكره الموفق -رحمه الله- تعالى. مغ ج 8 (ص: 495). باب في من راجع امرأته المطلقة بغير علمها فتزوجت بعد انقضاء عدتها هل ترد للأول؟ مسألة (1278) أكثر الفقهاء على أن من راجع مطلقته في عدتها بغير علمها ثم ¬
تزوجت غيره بعد انقضاء عدتها؛ فإن لزوجها الأول ردها إليه إذا أقام البينة على ارتجاعها، وسواء دخل بها الثاني أول لم يدخل ونكاح الثاني فاسد لا اعتداد به، وبه قال الثوري والشافعي وأبو عبيد وأصحاب الرأي وأحمد في روايةٍ، وروى ذلك عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه. وقال مالك وأحمد في إحدى الروايتين. هي للثاني إن كان دخل بها ويبطل نكاح الأول. روى ذلك عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وروى معناه عن سعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن القاسم ونافع مغ ج 8 (ص: 498). * * *
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الإيلاء
كتاب الإيلاء
كتاب الإيلاء (¬1) باب في الشروط (¬2) التي يكون بها الحالف موليًا مسألة (1279) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن كل يمين منعت وطء المرأة (الزوجة) فهي إيلاء يستوي في ذلك من حلف بالله أو بصفاته أو بحلف بالطلاق أو العتاق أو الظهار أو نحو ذلك. روى هذا عن ابن عباسٍ رضي الله تعالى عنهما، وبه قال الشعبي والنخعي ومالك وأهل الحجاز والثوري وأبو حنيفة وأهل العراق والشافعي في الجديد من مذهبه وأبو ثور وأبو عبيد وأحمد في إحدى الروايتين وغيرهم رحمهم الله تعالى، وقال الشافعي في القديم (¬3) وأحمد في رواية: إن الإيلاء لا يكون إلا بالحلف بالله أو بصفاته. مع ج8 (ص:503). باب في المدة (¬4) التي إذا حلف على ترك الوطء فيها يكون موليًا باب في الإيلاء هل يشترط أن يكون في الغضب مسألة (1280) جمهور أهل العلم على أن الإيلاء ليس من شرط صحة وقوعه أن ¬
باب في المؤلي يطلق في مدة الإيلاء
يكون في حالة الغضب. روي ذلك عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، وبه قال الثوري والشافعي وأهل العراق وابن المنذر. وقال مالك والأوزاعي: لا يكون مؤليًّا إذا حلف لمصلحة ولده لفطامه، وعن أبي عبيد مثله. وحكي عن عليٍّ وابن عباس - رضي الله عنهم - لا يكون موليًّا إلا إذا حلف على وجه الغضب، وروي نحو ذلك عن الحسن وقتادة والنخعي، وروي عن عليٍّ - رضي الله عنه - ليس في إصلاح إيلاء (¬1). شرح ج10 (ص: 89). باب في المؤلي يطلق في مدة الإيلاء مسألة (1281) جمهور الفقهاء على أن المُولي إذا طلق امرأته في مدة الإيلاء وقد مر عليها ثلاثة أقراء؛ فإنها تستأنف (تبدأ) عدتها من جديد. وقال جابر بن زيد: تنقضي عدتها بذلك. شرح جـ 10 (ص: 89). باب في هل تطلق (¬2) المرأة بمضى مدة الإيلاء أم غير ذلك؟ باب في الفيئة وكفارتها (¬3) مسألة (1282) جمهور العلماء على أن المُولي إذا فاء ووطأ أهله لزمته الكفارةُ. روي ¬
باب في المعذور بالفيء بالجماع هل يجزؤه أن يفيء بلسانه
ذلك عن زيد وابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وبه قال ابن سيرين والنخعي والثوري وقتادة ومالك وأهل المدينة وأبو عبيد وأصحاب الرأي وابن المنذر والشافعي في ظاهر مذهبه. وقال الحسن: لا كفارة عليه وبه قال الشافعي في أحد قوليه. قال قتادة: هذا خالف الناس، يعني قول الحسن. مغ ج 8 (ص: 534). باب في المعذور بالفيء بالجماع هل يجزؤه أن يفيء بلسانه مسألة (1283) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المولى إذا أراد أن يفيء، وكان لا يقدر على الوطء بعذر يبيحه الشرع؛ كمرضٍ أو إحرامٍ أو نحو ذلك فإن له أن يفيء بلسانه بأن يقول متى قدرت جامعتك ونحو هذا، وممن قال: يفيء بلسانه إذا كان ذا عذرٍ ابن مسعودٍ رضي الله تعالى عنه، وبه يقول جابر بن زيدٍ والنخعي والحسن والزهري والثوري والأوزاعي وعكرمة وأبو عبيد وأصحاب الرأي. وقال سعيد بن جبير: لا يكون الفيء إلا بالجماع في حال العذر وغيره. وقال أبو ثور: إذا لم يقدر لم يوقف حتى يصح أو يصل إن كان غائبًا ولا تلزمه الفيئة بلسانه. وقال بعض الشافعية: يحتاج أن يقول قد ندمت على ما فعلت وإن قدرت وطئت. مغ ج 8 (ص: 537). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الظهار
كتاب الظهار
كتاب الظهار (¬1) باب كيف يكون الظهار مسألة (1284) جمهور العلماء على أن من شبه زوجته بمن تحرم عليه على التأبيد سواء كانت ذات رحم أو غير ذلك (¬2) فهو ظهار؛ كالذي يشبهها بأمه ولا فرق، ويستوي في ذلك الجدات والعمات والأمهات في الرضاعة وأمهات النساء وحلائل الأبناء والآباء ونحو ذلك، وممن قال التشبيه بذات الرحم المحرمة على التأييد كالتشبيه بالأم: الحسن وعطاء وجابر بن زيد والشعبي والنخعي والزهري والثوري والأوزاعي ومالك وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي والشافعي في الجديد، وهو مذهب أحمد، وقال الشافعي في القديم: لا يكون الظهار إلا بأم أو جدةٍ. في ج ص 556 فتح ج 2 (ص: 107) والقرطبي ج 17 (ص: 274). باب فيما لا يكون ظهارًا مسألة (1285) جمهور أهل العلم على أن من شبه زوجته بما يحرم عليه مما ليس محلًّا للاستمتاع بأصل الشرع، كالرجال من الآباء وغيرهم أو البهائم أو نحو ذلك؛ فإن هذا لا يكون ظهارًا مغ اختلافهم في وجوب الكفارة وعدمها. وهو قول أحمد في إحدى الروايتين، وقال ابن القاسم صاحب مالك فيمن يقول أنت عليَّ كظهر أبي أنه ظهار، وبه قال أحمد في روايةٍ. وروي عن جابر بن زيد. مغ ج 8 (ص: 558) فتح ج 20 (ص: 108). ¬
باب فيمن قال أنت علي كأمي هل يكون ظهارا أم لابد له من نية؟
باب فيمن قال أنت عليَّ كأمي هل يكون ظهارًا أم لابد له من نية؟ مسألة (1286) جمهور أهل العلم على أن من قال لزوجته أنت عليَّ كأمي ولم يذكر ظهرًا؛ فإنه لا يكون مظاهرًا حتى ينوي، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في روايةٍ. وقال مالك (¬1) ومحمد بن الحسن: هو ظهار وإن أطلق (¬2). واختاره أبو بكر عبد العزيز من الحنابلة، وروي عن أحمد. مغ ج 8 (ص 559) فتح ج 20 (ص 108). باب فيمن قال أنت علي حرام هل يكون ظهارًا؟ مسألة (1287) جمهور الفقهاء على أن من قال لزوجته أنت عليَّ حرام ونوى به الظهار؛ فإنه يكون ظهارًا، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي، وهو مذهب أحمد، ولازم (¬3) ما روي عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وإسحاق. وذكرنا في أبواب الطلاق قول مسروق والشعبي وأبي سلمة بن عبد الرحمن وربيعة وأصبغ من المالكية أنها لا شيء، وهو قول أهل الظاهر، ذكره ابن حزم في المحلى وانتصر له (¬4)، وذكرنا هناك من جعله يمينًا مُكَفَرةً. مغ ج 8 (ص 560). باب فيمن قال أنت علي حرام وليس في نيته شيءٌ هل يكون ظهارًا؟ مسألة (1288) أكثر الفقهاء على أن من قال لزوجته أنت عليَّ حرام ولم ينو أو يقصد شيئًا؛ فإنه لا يكون مظاهرًا، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين. ¬
باب في كفارة الظهار وهل يجوز للمظاهر أن يجامع قبل التكفير؟
وقال أحمد في رواية الكثيرين من أصحابه: هو ظهار، وحكاه إبراهيم الحربي عن عثمان وابن عباس وأبي قلابة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران والبتي. قلت: وذكرنا في أبواب الطلاق أن هذا القول محكيٌّ كذلك عن إسحاق، وذكرنا هناك كذلك من لم يعتبره شيئًا ومن جعله يمينًا مُكَفَرةً وسائر اختلاف الفقهاء فيه. وبالله التوفيق. مغ ج 8 (ص 560). باب في كفارة الظهار وهل يجوز (¬1) للمظاهر أن يجامع قبل التكفير؟ (¬2) مسألة (1289) أكثر أهل العلم على أنه لا يجوز للمظاهر أن يمس زوجته المظاهر منها جماعًا قبل الكفارة، وسواء كانت الكفارة في حقه عتقًا أو صيامًا أو إطعامًا، وهو قول عطاء والزهري والشافعي وأصحاب الرأي. وذهب أبو ثور إلى أنه يجوز للمظاهر الجماع قبل التكفير إن كانت الكفارة في حقه إطعامًا. قال الموفق: وعن أحمد ما يقتضي ذلك. مغ ج 8 (ص 566). باب في ميراث المظاهر مسألة (1290) جمهور العلماء على أن من ظاهر من امرأته ثم مات قبل أن يكفر أو ماتت قبل أن يطأها وقبل أن يكفر؛ فإن أحدهما يرث صاحبه. وقال قتادة: إن ماتت لم يرثها حتى يُكَفِّرَ. مغ ج 8 (ص 574). ¬
باب في هل يصح الظهار من الأجنبية؟
باب في هل يصح الظهار من الأجنبية؟ (¬1) باب في ظهار العبد (¬2) وهل كفارته ككفارة الحر؟ مسألة (1291) جمهور العلماء بل عامتهم على أن العبد إذا توجب عليه الصيام (¬3) في كفارة الظهار؛ فإنه لا يجزؤه إلا شهران متتابعان؛ كالحر سواءً بسواء. وحكي عن عطاء أنه لو صام شهرًا متتابعًا أجزأه. قال الموفق -رحمه الله-: وقاله النخعي ثم رجع عنه إلى قول الجماعة. مغ ج 8 (ص 617). باب في المظاهر يطأ قبل التكفير مسألة (1292) أكثر أهل العلم على أن المظاهر إذا وطأ زوجته قبل أن يأتي بالكفارة؛ فإنه قد عصى ربه وبقيت زوجته محرمة عليه حتى يُكَفِّرَ، واستقرت الكفارة في ذمته ولا تسقط بموت ولا بطلاق أو غير ذلك، وهي كفارة واحدة. روي ذلك عن سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس وجابر بن زيد ومورق العجلي وأبي مجلز والنخعي وعبد الله ابن أذينة ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبي ثور، وحكاه الصلت بن دينار سماعًا عن عشرة من الفقهاء منهم: الحسن وابن سيرين وبكر المزني ومجاهد وعكرمة وقتادة ونافع. وقالت طائفة: بل عليه كفارتان. حكي هذا عن عمرو بن العاص، وروي عن قبيصة وسعيد بن جبير والزهري وقتادة. وقال أبو حنيفة: لا تثبت الكفارة في ذمته. ¬
باب في مظاهرة المرأة من زوجها
قال الموفق: وحكي عن بعض الناس أن الكفارة تسقط؛ لأنه فات وقتها لكونها وجبت قبل المسيس. مغ ج 8 (ص 620). باب في مظاهرة المرأة من زوجها مسألة (1293) أكثر أهل العلم على أن الظهار لا يصح إلا إذا تلفظ به الزوج، فلو قالت المرأة لزوجها أنتَ عليَّ كظهر أبي فقد عصت ربها وقالت منكرًا من القول وزورًا، لكنه لا تكون به مظاهرةً (¬1). وممن قال أن الظهار لا يقع من المرأة: مالك والشافعي إسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد. وقال الزهري والأوزاعي: هو ظهار، وروي ذلك عن الحسن والنخعي إلا أن النخعي قال: إذا قالت ذلك بعد ما تزوج فليس بشيء. مغ ج 8 (ص 621). باب في اشتراط النية (¬2) في الكفارة * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب اللعان
كتاب اللعان
كتاب اللَّعان (¬1) باب في ملاعنة المطلقة الرجعية مسألة (1294) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من رمى مطلقته الرجعية بالزنا وليس له شهود؛ فإن له أن يلاعنها وسواء كان له منها ولدٌ أم لا. روي هذا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، وبه قال جابر بن زيد والنخعي والزهري وقتادة والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لا يلاعن ويجلد إن لم يأت بالشهود (¬2). مغ ج 8 (ص 17). باب في هل للزوج القاذف أن يلتعن إذا سقط عنه الحد بإبراء أو بينة أو نحوه؟ مسألة (1295) جمهور العلماء على أنه ليس للزوج حق الملاعنة وليس هناك نسب ينفيه أو أسقط عنه حد القذف بإبراء الزوجة، أو بإقامة يينهَ ولا نسب ينفى, وقال بعض أصحاب الشافعي: له ذلك لإزالة الفراش (¬3). ¬
باب في موت أحد الزوجين قبل إتمام التلاعن
مغ ج 9 (ص 22). باب في موت أحد الزوجين (¬1) قبل إتمام التلاعن مسألة (1296) أكثر أهل العلم على أن الزوج إذا مات وقد أتم لعانه وقبل لعانها؛ سقط اللعان ولحقه الولد وورثته زوجته. وقال الشافعي: تبين بلعانه ويسقط التوارث وينفي الولد ويلزمها الحد إلا أن تلتعن. مغ ج 9 (ص 23). باب في موت الزوجة قبل اللعان مسألة (1297) جمهور العلماء على أن الزوجة إذا ماتت قبل أن تلتعن؛ ماتت على الزوجية ويرثها زوجها (¬2). وروي عن ابن عباس أنه إن التعن الزوج لم ترث، وروي نحوه عن الشعبي وعكرمة. مغ ج 9 (ص 23). باب في الفرقة بين المتلاعنين بم تحصل؟ مسألة (1298) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الفرقة بين الزوجين المتلاعنين لا تحصل بلعان الزوج وحده، وأكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الفرقة تقع بفراغ الزوجين من التلاعن، وبه يقول مالك والليث وأبو عبيد وأبو ثور وداود وزفر وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين، وروي هذا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن وأبو يوسف والثوري وسائر أصحاب الرأي: لا تقع الفرقة إلا بتفريق الحاكم، وبه قال أحمد كذلك في رواية. وقال الشافعي: تقع الفرقة بمجرد فراغ الزوج من لعانه (¬3). مغ ج 9 (ص 29). ¬
باب في هل يقع اللعان فرقة أصلا؟
باب في هل يقع اللعان فرقةً أصلًا؟ مسألة (1299) جمهور العلماء بل عامتهم على أن اللعان يوجب الفرقة (¬1) بين الزوجين المتلاعنين، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وسائر فقهاء الأمصار. وقال عثمان البتى وطائفة من أهل البصرة: لا يعقب اللعان فرقة، وإنما تكون الفرقة بطلاق الزوج زوجته (¬2) (¬3). بداية جـ 2 (ص: 146). باب في تحريم الملاعنة على زوجها هل هو على التأبيد؟ مسألة (1300) جمهور العلماء وفقهاء الأمصار على أن المتلاعنين إذا فرغا من اللعان وفُرِّقَ بينهما؛ فإنهما لا يجتمعان في نكاحٍ أبدًا سواء أكذب نفسه أم لا. نقل هذا عن عمر بن الخطاب وعليٍّ بن أبي طالبٍ وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم، وبه قال الحسن وعطاء وجابر بن زيد والنخعي والزهري والحكم ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأبو يوسف وأحمد في رواية الجماعة عنه (¬4) وهو قول داود -رحمه الله- تعالى. وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن (¬5): إن أكذب نفسه فهو خاطب من الخطاب، وحُدَّ الحدَّ ولحق به الولد، ويروى هذا عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وعبد العزيز بن أبي سلمة. حكاه عنهم القرطبي جزمًا. وعن سعيد بن جبير: أنه إن أكذب نفسه ردت إليه ما دامت في العدة. ¬
باب في انتفاء الولد باللعان وما يشترط فيه
وعن أحمد: إن أكذب نفسه حلَّت له وعاد فراشه بحاله (¬1). وقد ذكرنا من قبل قول البتي في أن اللعان لا يوجب فرقةً أصلًا (¬2). القرطبي ج 12 (ص: 194) بداية ج 2 (ص 146). باب في انتفاء الولد باللعان وما يشترط فيه مسألة (1301) جمهور العلماء على أن انتفاء الولد باللعان لا يحصل إلا بلعان الزوجين ولا يكفي في ذلك لعان الرجل وحده. وقال الشافعي -رحمه الله- تعالى: ينتفي الولد بلعان الرجل وحده ولا حاجة فيه للعان المرأة. مغ ج 9 (ص 37). باب في لحوق الولد بالملاعن إذا أكذب نفسه مسألة (1302) جمهور أهل العلم على أن الملاعن إذا نفى ولده ثم أكذب نفسه لحقه ولده وإن كان ميتًا (¬3) (يعني الوالد) وسواء كان له ولد أو لم يكن، وسواء خلف مالًا أو لم يخلف. قلت: ولم يحك الموفق من خالف هذا من الأئمة. مغ ج 9 (ص 41). باب في من لزمه الولد هل له نفيه بعد ذلك؟ مسألة (1303) جمهور العلماء على أن من لزمه لحوق الولد به بإقرار أو غيره لم يكن ¬
باب في من عقد النكاح على امرأة وهو في المشرق وهي في المغرب هل يلحقه الولد منها؟
له نفيه بعد ذلك، وبه قال الشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي. وقال الحسن: له أن يلاعن لنفيه ما دامت أمه عنده يصير لها الولد ولو أقر به. مغ ج 9 (ص:50). باب في من عقد النكاح على امرأة وهو في المشرق وهي في المغرب هل يلحقه الولد منها؟ مسألة (1304) جمهور العلماء، بل عامتهم على أن المشرقي لو تزوج مغربية ولم يغادر كل منهم مكانة فإن الولد لا يلحقه من زوجته تلك إذا أتت به، ولو كان لأكثر من ستة أشهر. وقال أبو حنيفة: الاعتبار بلحوق الولد العقد وأن لا يكون أقل من ستة أشهر. شرح جـ 10 (ص 38). باب في إلحاق الولد يمن لا يتأتي (¬1) منه الولد عادة باب في المرأة تنكح الرجل بعد بلوغها وفاة زوجها الغائب خطأً مسألة (1305) جمهور أهل العلم على أن المرأة إذا نكحت رجلًا بعد اعتدادها من وفاة زوجها الغائب؛ فأتت بولدٍ ثم تبين حياة زوجها الأول, فإن نكاحها الثاني يفسخ وترد إلى الأول بنكاحها الأول والولد للرجل الثاني، وتعتد منه ولها عليه صداق مثلها. روي ذلك عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه وهو قول الثوري وأهل العراق وابن أبي ليلى ومالك وأهل الحجاز والشافعي وإسحاق وأبي يوسف وغيرهم، وهو مذهب أحمد. وقال أبو حنيفة: الولد للأول. مغ ج 9 (ص 57). ¬
باب في استحباب موعظة الإمام للمتلاعنين بعد اليمين الرابعة وقبل الخامسة
باب في استحباب موعظة الإِمام للمتلاعنين بعد اليمين الرابعة وقبل الخامسة مسألة (1306) جمهور العلماء على أنه يستحب للإمام أن يعظ المتلاعنين بعد انتهاء كلٍ منهما من اليمين الرابعة وقبل شروعهما في الخامسة (¬1). مغ ج 9 (ص: 64). باب في الأجنبي يقذف زوجة الملاعن هل يحد بذلك؟ مسألة (1307) جمهور العلماء على أن زوجة الملاعن لو قذفها أجنبي فعليه الحد وسواء رماها بعين الزنا الذي رماها به زوجها أو بغيره (¬2). وممن قال بحد الأجنبي إذا قذف زوجة الملاعن مطلقًا: ابن عباس والزهري والشعبي والنخعي وقتادة ومالك والشافعي وأبو عبيد. ونقل أبو عبيد عن أصحاب الرأي أنهم قالوا: إن لم ينف بلعانها ولدًا حُدَّ قاذُفها. وإن نفاه فلا حد على قاذفها. مغ ج 9 (ص:71). باب في امتناع المرأة عن الملاعنة بعد التعان زوجها مسألة (1308) جمهور العلماء على أن المرأة إذا أبت أن تلتعن بعد التعان زوجها؛ فإن الزوجية باقية والولد لا ينتفي (¬3). وقال الشافعي بالفرقة بمجرد لعان الرجل وله أن ينفي الولد. مغ ج 9 (ص 73). ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب العدد
كتاب العدد
كتابُ العِدَد (¬1) باب في عدة الذمية مسألة (1309) جماهير العلماء على أن عدة الذمية من زوجها المسلم، كعدة المسلمة وهو قول مالك والثوري والشافعي وأبي عبيد وأصحاب الرأي وأحمد. وروى عن مالك أنه جعل عدة الذمية إذا توفي عنها زوجها المسلم حيضةً. مغ ج 9 (ص: 77). باب في عدة الملاعنة مسألة (1310) جمهور العلماء على أن عدة الملاعنة هي عدة المطلقة، وهو قول الأئمة الأربعة رحمهم الله تعالى. وروى عن ابن عباس أن عدة الملاعنةِ تسعة أشهر. مغ ج 9 (ص: 78). باب في عدة المختلعة مسألة (1311) جمهور أهل العلم على أن عدة المختلعة هي عدة المطلقة، وممن قال بهذا سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وعروة وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز والحسن والشعبي والنخعي والزهري وقتادة وخلاس بن عمرو وأبو عياض ومالك والليث ¬
باب في عدة المطلقة بعد الخلوة من غير جماع
والأوزاعي والشافعي. وروي عن عثمان بن عفان وابن عمر وابن عباس وأبان بن عثمان وإسحاق وابن المنذر وأحمد (¬1) أن عدة المختلعة حيضة. مغ ج 9 (ص: 78). باب في عدة المطلقة بعد الخلوة من غير جماع (¬2) مسألة (1312) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن الخلوة من غير جماع توجب العدة على المطلقة. روي هذا عن الخلفاء الراشدين وزيد بن ثابت وابن عمر، وبه قال عروة وعليُّ بن الحسين وعطاء والزهري والثوري والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في بعض قوله القديم (¬3)، وبه قال أحمد -رحمه الله- تعالى. وقال مالك بأنَّ (¬4) الخلوة لا توجب العدة ولا يكمل بها المهر لكن يكون لمدعى الإصابة منهما، وبه قال الشافعي في بعض قوله القديم أيضًا. وقال الشافعي في الجديد من قوله وهو المذهب المعمول به عند جلة أصحابه: لا عدة ولا كمال مهر، وإنما هو كالذي طلق من غير خلوةٍ ولا جماع في وجوب نصف المهر ولا عدة. مغ ج 9 (ص:80). باب في مذاهب العلماء في معنى القرء هل هو الطهر أم الحيضة؟ (¬5) باب في عدة الأمة إذا كانت تعتد بالأقراء مسألة (1313) جمهور العلماء على الأمة المطلقة إذا كانت من أهل الأقراء فعدتها ¬
باب في عدة الآيسة والتي لا تحيض متى تحسب أول عدتها؟
قَرْآنِ، وممن قال هذا: عمر وعليَّ وابن عمر وسعيد بن المسيب وعطاء وعبد الله بن عتبة والقاسم وسالم وزيد بن أسلم والزهري وقتادة ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي. وروي عن ابن سيرين أن عدتها عدةُ الحرة، إلا أن تكون قد مضت بذلك سُنَّةٌ (يعني عن النبي - صلى الله عليه وسلم -)، وبه قال داود الظاهري -رحمه الله- تعالى. مغ ج 9 (ص: 81) بداية ج 2 (ص: 111). باب في عدة الآيسة والتي لا تحيض (¬1) متى تحسب أول عدتها؟ مسألة (1314) جمهور العلماء على أن الآيسة والتي لا تحيض تبدأ بحساب أشهر عدتها الثلاثة منذ لحظة طلاقها، وهو مذهب الأئمة أبي حنيفة والشافعي وأحمد. وقال مالك: إذا طلقت نهارًا بدأت عدتها من أول الليل، وإذا طلقت ليلًا بدأت عدتها من أول النهار، وبه قال أبو عبد الله بن حامد من الحنابلة. مغ ج 9 (ص:90). باب في عدة المتوفى عنها زوجها (¬2) هل يشترط وجود الحيض فيها؟ مسألة (1315) جمهور أهل العلم بل عامتهم على أن عدة المتوفى عنها زوجها غير الحامل أربعة أشهر وعشرًا (¬3) وأنه لا يشترط أن يتخلل هذه المدة حيضٌ سواء كانت مدخولًا بها أم غير ذلك، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وهو مذهب أحمد. ¬
باب في عدة الأمة المتوفى عنها زوجها
وحُكَي أن مالكًا اشترط وجود الحيض في عدة الوفاة إذا كانت المتوفى عنها زوجها مدخولًا بها (¬1) (¬2) (¬3). مغ ج 9 (ص:107). باب في عدة الأمة المتوفى عنها زوجها مسألة (1316) جمهور العلماء بل عامتهم على أن عدة الأمة المتوفى عنها زوجها شهران وخمسة أيام، وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء سليمان بن يسار والزهري وقتادة ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي. وقال ابن سيرين: ما أرى عدة الأمة إلا كعدة الحرة إلا أن تكون قد مضت في ذلك سُنَّةٌ أحق أن تتبع، وبه قال أهل الظاهر. مغ ج 9 (ص: 107) بداية ج 2 (ص: 116). باب في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها مسألة (1317) جماهير الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن عدة الحامل المتوفى عنها زوجها هي مدة حملها بعد وفاة زوجها طالت أو قصرت وسواء كانت أكثر من أربعة أشهر وعشر أم ساوتها أو قَلَّتْ عنها. وذهب ابن عباس إلى أن عدتها أطول الأجلين من مدة الحمل أو الأربعة أشهر وعشر روى هذا كذلك عن عليٍّ بسندٍ غير متصل. مغ ج 9 (ص: 110) بداية ج2 (ص: 115) الحاوي الكبير ج 11 (ص: 235) بدائع ج 3 (ص: 196) القرطبي ج 3 (ص: 174). باب في الحامل المتوفي عنها زوجها إذا وضعت متى تحل للأزواج؟ مسألة (1318) جمهور الفقهاء على أن الحامل المتوفى عنها زوجها إذا وضعت حملها، فإنها ¬
باب في المتوفى عنها زوجها وهى حامل بأكثر من جنين متى تنقضي عدتها؟
تحل للأزواج بمجرد وضع حملها ولا يلزمها الانتظار حتى تطهر من نفاسها (¬1). وحُكي عن حماد وأسحاق أنها لا تحل حتى تطهر وهو تمام عدتها، وبه يقول الأوزاعي، وكره الحسن والشعبي أن تنكح قبل أن تطهر من دم نفاسها. مغ ج 9 (ص: 110) الحاوي الكبير ج 11 (ص: 236) القرطبي ج 3 (ص: 175). باب في المتوفى عنها زوجها وهى حامل بأكثر من جنين متى تنقضي عدتها؟ مسألة (1319) جمهور أهل العلم على أن الحامل بأكثر من جنينٍ إذا تُوفي عنها زوجها؛ فإن عدتها لا تنقضي ولا تحل للأزواج حتى تضع آخر جنين في بطنها. وانفرد أبو قلابة وعكرمة فقالا: تنقضي عدتها بوضع الأول ولا تتزوج حتى تضع آخر حملها (¬2). باب في الحمل والوضع المعتبرين (¬3) بانقضاء العدة وثبوت سائر الأحكام مسألة (1320) مذهب العامة من العلماء أن الحامل المتوفى عنها زوجها لو وضعت مضغةً لا صورة فيها ولم تشهد القوابل بأنها مبتدأ خلق آدمي؛ فإن العدة لا تنقضي بوضع شيءٍ كهذا؛ ولا يثبت شيءٌ من الأحكام بمثله. وقال الحسن البصري: إذا علم أن المضغة كانت حملًا انقضت العدة بوضعها وفي الجناية فيها غرةٌ. مغ ج 9 (ص 115). ¬
باب في أقل مدة الحمل هل هي ستة أشهر أو غير ذلك؟
باب في أقل مدة الحمل (¬1) هل هي ستة أشهر أو غير ذلك؟ باب في الرجل يتزوج المرأة في عدتها إذا كانت مُختلعةً منه مسألة (1321) جمهور الفقهاء على أنه يجوز للرجل إذا خالع زوجته أو فسخ نكاحه منها، فله أن يتزوجها في عدتها، وبه يقول سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس والزهري والحسن وقتادة ومالك والشافعي وأصحاب الرأي. قال الموفق ابن قدامة: وشذ بعض المتأخرين فقال: لا يحل له نكاحها ولا خطبتها؛ لأنها معتدة. مغ ج 6 (ص: 126). باب في الرجل يراجع زوجته ثم يطلقها قبل المسيس كيف تكون عدتها؟ مسألة (1322) جمهور فقهاء الأمصار (¬2) على أن الرجل إذا طلق زوجته طلاقًا رجعيًّا ثم راجعها في عدتها ثم طلقها قبل أن يجامعها (¬3)؛ فإنها تستأنف عدة جديدة من وقت طلاقها الثاني ولا تبني على عدتها الأولى من طلاقها الأول. وبه يقول مالك والشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين وأبو حنيفة -رحمه الله- تعالى (¬4). وقال الشافعي في قوله الآخر وأحمد في الرواية الثانية: تبني على عدتها الأولى، وحكاه صاحب الحاوي عن مالك والصحيح خلافه. ¬
باب في عدة امرأة الغائب والمفقود في غير مهلكة
وقال داود: ليس عليها أن تتم عدتها ولا عدة مستأنفة. بداية جـ2 (ص: 112). باب في عدة امرأة الغائب (¬1) والمفقود في غير مهلكة (¬2) مسألة (1323) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن الزوجة إذا غاب زوجها في غير مهلكة كسفر التجارة والعلم والسياحة ثم انقطع خبره؛ فإنها لا تعتد ولا تحل للأزواج حتى يأتيها خبر موته بيقين. روي ذلك عن عليّ، وإليه ذهب ابن شبرمه وأبي أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة والشافعي في الجديد في قوله، وروي هذا كذلك عن أبي قلابة والنخعي وأبي عبيد، وهو القول المفتى به في مذهب أحمد. نص عليه الموفق. وقال مالك والشافعي في القديم: تتربص أربع سنين (¬3) وتعتد للوفاة أربعة أشهر وعشرًا وتحل للأزواج. وروي عن أحمد أنه إذا مضى على غيبته تسعون سنةً قسم ماله. قال الموفق: وهذا يقتضى أن زوجته تعتد للوفاة ثم تتزوج (¬4). مغ ج 9 (ص:131). ¬
باب في امرأة تتزوج ثم يعود زوجها الغائب
باب في امرأة تتزوج ثم يعود زوجها الغائب (¬1) باب في أم الولد إذا مات سيدها ولم تكن حاملًا (¬2) هل تستبرأ بطهر واحد أَمْ ببعض حيضةٍ؟ مسألة (1324) أكثر أهل العلم على أن أم الولد إذا مات سيدها, ولم تكن حاملًا فإنه لا يكفى لاستبرائها طهر واحدٌ أو بعض حيضة وإن اختلفوا في أدنى ما تستبرأ به (¬3). وقال الشافعي في أحد قوليه: يكفي طهر واحد إذا كان كاملًا، وهو أن يموت السيد في حيضها، فإذا رأت الدم من الحيضة الثانية حلَّت، وتم استبراؤها. مغ ج 9 (ص: 148). باب في وجوب استبراء الأمة قبل وطئها (¬4) مسألة (1325) جمهور العلماء على أن من ملك أمةً بسببٍ من أسباب الملك؛ كالبيع ¬
باب فيما به تستبرأ الأمة الطارئة في الملك
والهبة والإرث وغير ذلك لم يحل له وطؤها حتى يستبرأها بِكرًا كانت أو ثيبًا صغيرة أو كبيرة ممن تحمل أو ممن لا تحمل، وهو قول الحسن وابن سيرين ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد وحكاه ابن المنذر كذلك عن عكرمة وأيوب السختياني والثوري وأسحاق وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: لا يجب استبراء البكر، وبه قال داود. وقال الليث بن سعد: إن كانت ممن لا يحمل مثلها لم يجب أستبراؤها. وقال عثمان البتي: يجب ألاستبرأء على البائع دون المشتري (¬1). وحكى ابن المنذر عن عطاء في العذراء التي حاضت تستبرأ بحيضة. مغ ج 9 (ص:158). باب فيما به تستبرأ الأَمَةُ الطارئةُ في المِلكْ مسألة (1326) أكثر أهل العلم على أن من ملك أمة؛ فإن أستبراءها إن كانت من ذوات الأقراء (¬2) يكون بحيضةٍ. حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر ورواه عن عليٍّ - رضي الله عنهم - قال: وبه قال عطاء بن أبي رباح والحسن البصري والشعبي والنخعي ومكحول والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي، والمزني قال: وبه أقول. وقال سعيد بن المسيب وعطاء: يكون بحيضتين. وحكى ابن المنذر عن ابن سيرين أنها تستبرأ بثلاث حِيَضٍ. مغ ج 9 (ص:161). * * * ¬
فصل في أحكام العدة والإحداد
فصل في أحكام العدة والإحداد باب في وجوب إحداد المرأة الحرة على زوجها المتوفي عنها مسألة (1337) جمهور أهل العلم بل عامتهم على وجوب إحداد المرأة الحرة على زوجها المتوفى عنها. وشذ الحسن البصري -رحمه الله- تعالى فقال: إن الإحداد غير واجب (¬1). قال ابن المنذر: كان الحسن البصري من بين سائر أهل العلم لايرى الإحداد. وحكي هذا عن الشعبي والحكم بن عتيبة أيضًا. مغ ج 9 (ص: 166) بداية ج 2 (148) الحاوي الكبير ج 11 (ص: 273) فتح الباري ج 20 (ص: 170) تفسير الطبري ج 3 (ص 181). باب في الإحداد على الصغيرة إذا توفي عنها زوجها مسألة (1328) جمهور العلماء على أن الزوجة غير البالغة إذا توفي عنها زوجها فإن الإحداد واجب عليها، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة: لا إحداد على صغيرة (¬2)، وعليها العدة، وبعدم الإحداد يقول سائر أصحاب الرأي. فتح الباري ج 20 (ص: 170). باب في الإحداد على الذمية إذا توفي عنها زوجها المسلم مسألة (1329) جمهور أهل العلم على أن الإحداد على الذمية المتوفى عنها زوجها المسلم واجب، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد بن الحسن: لا إحداد على الذمية واتفقوا على وجوب العدة عليها إذا كان زوجها المتوفى عنها مسلمًا، واختلفوا إذا كان ¬
باب في الإحداد على الأمة إذا توفي زوجها عنها
ذميًّا مثلها فأثبتها الصاحبان ونفاها الإِمام (¬1)، وقال بعدم وجوب الإحداد على الذمية ابن نافع وأشهب وروياه عن مالك. مغ ج 20 (ص: 170). باب في الإحداد على الأمة إذا (¬2) توفي زوجها عنها مسألة (1330) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم، بل الذي لا نعلم فيه خلافًا إلا عن البعض: أن الإحداد على الأمة المزوجة إذا توفي عنها زوجها واجب، وهي كالحرة في ذلك، وإن اختلفتا في العدة، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وصاحبيه والشافعي وأحمد، وقال الإِمام ابن رشد في البداية: وقال قوم: ليس على الأمة المزوجة إحدادٌ، وقد حكي ذلك عن أبي حنيفة. اهـ. قلت: ونقله عن أبي حنيفة جزمًا القرطبي في التفسير حكايته عن أبي الوليد الباجي (¬3). بداية ج 2 (ص: 148) بدائع ج 3 (ص: 209) مغ ج 9 (ص: 166) الحاوي ج 11 (ص: 283) فتح ج 20 (ص: 170) نيل الأوطار ج 7 (ص: 95) المحلى ج 10 (ص: 277). باب في إحداد المطلقة ثلاثًا والمبتوتة من غير وفاة مطلقها مسألة (1331) جمهور العلماء على أنه لا إحداد إلا على ذات الزوج إذا توفي عنها زوجها فلا إحداد على المطلقة رجعيةً (¬4) كانت أو بائنًا وسواء كانت بينونتها صغرى أم كبرى، وبعدم وجوب الإحداد على المطقة البائن قال مالك والشافعي في قوله الجديد وابن المنذر، وهو قول عطاء وربيعة وأحمد في إحدى الروايتين. ¬
باب في ما تمتنع منه الحادة من الحلي لوفاة زوجها
وقال أبو حنيفة وأبو عبيد وأبو ثور والمزني: عليها الإحدادُ. وبه يقول الشافعي في قوله القديم والثوري وأحمد في روايةٍ، وحكاه الحافظ في الفتح عن بعض المالكية (¬1)، وحكاه الشوكاني في النيل عن غير هؤلاء وكذا ابن حزمٍ (¬2). فتح الباري جـ 20 (ص: 171). باب في ما تمتنع منه الحادة من الحلي لوفاة زوجها مسألة (1332) جمهور العلماء على أن الحادة على زوجها المتوفى عنها تمنع من لبس الحليِّ كله ذهبًا كان أو فضةً أو غير ذلك، وقال عطاء: يباح لها حليُّ الفضة دون الذهب. مغ ج 9 (ص: 169). باب في اعتداد الحادة في منزل زوجها المتوفى عنها مسألة (1333) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم ومعهم جماعة فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والعراق ومصر على أن المعتدة لوفاة زوجها تعتد في منزلها، روي عن هذا عن ابن عمر وابن مسعود وأم سلمة، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق، وهو مذهب أحمد. وروي عن علىّ وابن عباس وجابر بن عبد اللَّه وعائشة رضي اللَّه تعالى عنهم، أن المعتدة لوفاة زوجها تعتد حيث تشاء، وبه قال جابر بن زيد والحسن وعطاء، وهو قول داود الظاهري رحمه اللَّه تعالى (¬3). مغ ج 9 (ص: 170)، تفسير القرطبي ج 3 (ص: 177). ¬
باب في قيمة سكنى المعتدة من وفاة زوجها
باب في قيمة سكنى المعتدة من وفاة زوجها مسألة (1334) جمهور العلماء على أن السكنى إذا وجبت للمعتدة من وفاة زوجها؛ فإنها تخرج (قيمة السكنى) من رأس مال زوجها المتوفى عنها، وهي مقدمةٌ على مال الغرماء والورثة معًا ولا يباع من مال زوجها لسداد دين بيعًا يمنعها السكنى فيه حتى تقضي العدة، وبقول الجمهور يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي، وهو مذهب أحمد. قلت: ولا أدري من خالف في المسألة، وقد نقل القرطبي عن أكثر الفقهاء حق المتوفى عنها زوجها في سكنى البيت الذي يملك عينه زوجها حتى تنقضي مدة عدتها، وبه قال مالك وأبو حنيفة مغ ج 9 (ص: 172)، والشافعي وأحمد وغيرهم. تفسير القرطبي ج 3 (ص: 177). باب في المعتدة لوفاة زوجها متى يخرجها أهل زوجها من سكناها؟ مسألة (1332) (*) أكثر الفقهاء على أن المعتدة من وفاة زوجها إذا وجبت (¬1) لها السكنى في بيت زوجها الذي توفي عنها، فإن أقارب زوجها من الورثة لا يحق لهم إخراجها من مسكنها إلا أن تكون سليطة بذيئة بلسانها عليهم، وهو معنى "الفاحشة" التي ذكرها ربنا في قوله تعالى في سورة الطلاق: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، وهو قول ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما وسعيد بن المسيب، وبه يقول الشافعي وهو مذهب أحمد. وقال جابر بن زيد والحسن ومجاهد: بل هو الزنى. وقال آخرون: بل هو كل معصية، وروي هذا عن ابن عباس أيضًا. وقال آخرون: هو النشوز على الزوج فيطلقها زوجها على النشوز، فيكون لها التحول حينئذٍ من بيتها، وقال به قتادة (¬2). مغ ج 9 (ص 173). ¬
باب في المعتدة هل لها الخروج إلى الحج؟
باب في المعتدة هل لها الخروج إلى الحج؟ (¬1) باب في المرأة يموت عنها زوجها أو يطلقها وهو ناءٍ عنها متى تبدأ عدتها؟ مسألة (1335) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المرأة إذا توفي عنها زوجها أو طلقها وهو في غير بلدها لسفر أو غيره؛ فإن عدتها تبدأ من يوم وفاته أو طلاقه ولو لم تجتنب ما تجتنبه المعتدة قبل بلوغها الخبر، وهو قول ابن عمر وابن عباسٍ وابن مسعود ومسروق وعطاء وجابر بن زيد وابن سيرين ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وطاوس وسليمان بن يسار وأبي قلابة وأبي العالية والنخعي ونافع ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور وأصحاب الرأي وأحمد في الأصح المشهور عنه. وقال أحمد في رواية إسحاق بن إبراهيم: إن قامت بينة بيوم وفاته؛ فكقول من ذكرنا آنفًا، وإلا فمن يوم يأتيها خبر وفاته. روي هذا عن سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز، ويروى عن عليٍّ والحسن وقتادة وعطاء الخراساني وخلاس بن عمر أن عدتها من يوم يأتيها الخبر مطلقًا. مغ ج 9 (ص 189). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الرضاع
كتاب الرضاع
كتاب الرضاع (¬1) باب في سن الطفل الذي يُحرّمُ فيه الإرضاع (¬2) مسألة (1336) جمهور العلماء على أن أكثر المدة التي تحرم فيها الرضاعة هي سنتان لا أكثر من ذلك، روي نحو ذلك عن عمر وعليٍّ وابن عمر وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة وأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى عائشة رضي اللَّه تعالى عنهم (¬3) أجمعين، وبه يقول الشعبي وابن شبرمة والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد وأبور ثور ومالك في رواية, وفي أخرى حولان وشهر، وفي ثالثة حولان وشهران، ومذهب أحمد موافق للجمهور. وقال أبو حنيفة: يحرم الرضاع في ثلاثين شهرًا. وقال زفر: ثلاث سنين. مغ ج 9 (ص: 201) فتح ج 19 (ص: 176). باب في إرضاع الكبير هل يُحرِّمُ؟ مسألة (1337) جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن الرضاعة التي تُحَّرمُ هي رضاعة الطفل الصغير الذي لا يستغني عن اللبن، وأن رضاعة الكبير لا تحرم وقالت عائشة رضي اللَّه تعالى عنها إن رضاعة الكبير تُحِّرمُ، وروى هذا عن حفصة (¬4) وعليٍّ بن أبي طالب (¬5) وعبد اللَّه بن الزبير، وبه يقول عطاء والليث ¬
باب في قدر (عدد) الرضعات التي تحرم
والأوزاعي وحكى عن داود الظاهري (¬1). مغ ج 9 (ص: 201) فتح جـ 19 (ص: 179) بداية جـ 2 (ص: 45) الحاوي الكبير جـ 11 (ص: 367) شرح جـ 10 (ص: 30). باب في قدر (عدد) الرضعات التي تحرم مسألة (1338) جمهور العلماء على أن التحريم بالرضاع (بسبب الرضاع) يثبت برضعة واحدةٍ فما فوق، وممن روي عنه التحريم بقليل الرضاع وكثيره: عليّ بن أبي طالب وابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن ومكحول والزهري وقتادة والحكم وحماد ومالك والأوزاعي والثوري والليث وأصحاب الرأي، وأحمد في روايةٍ. وقالت طائفةٌ: خمس رضعات يحرمن، روي هذا عن عائشة وابن مسعود وابن الزبير - رضي الله عنهم -، وعطاء وطاوس والشافعي، وبه قال أحمد في رواية جعلها الموفق الصحيح في المذهب. وقال آخرون: ثلاث رضعات فما فوق، وبه يقول أبو ثور وأبو عبيد وداود وابن المنذر وأحمد في رواية ثالثةٍ وإسحاق. قلت: وروى عن عائشة وحفصة: عشر رضعات. قال الحافظ في الفتح: أخرجه مالك في الموطأ (يعني عن عائشة)، قال -رحمه الله-: وجاء عن عائشة أيضًا سبع رضعات. أخرجه ابن أبي خيثمة بإسنادٍ صحيح عن عبد اللَّه بن الزبير عنهما. اهـ (¬2). شرح ج 10 (ص: 29). باب في قدر الرضعات التي تُحرِّمُ مسألة (1339) جمهور العلماء على أن التحريم بالرضاع يثبت برضعة واحدة فما فوق شرح ج 10 (ص: 29). ¬
باب في لبن الفحل
باب في لبن الفحل (¬1) باب في لبن البهيمة هل يُحرِّمُ ما يُحَرمه لَبَنُ الآدميةِ؟ مسألة (1340) مذهب جمهور العلماء بل عامتهم أن لبن البهيمة لا يحرم ما يحرمه لبن الآدمية، فلو ارتضع اثنان من شاة أو غيرها من الحيوان الجائز شرب لبنه لا يصيران أخوين، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد، وبه يقول ابن القاسم وأبو ثور وسائر الفقهاء. قال الموفق ابن قدامة في المغني والماوردي في الحاوي: وحكى عن بعض السلف أنهما يصيران أخوين؛ قال الإِمام الماوردي: وأضيف ذلك إلى مالك، وقد أنكره أصحابه أن لبن البهيمة يحرم ويصيران (¬2) بلبنهما أخوين. اهـ. مغ ج 9 (ص: 205). باب في لبن الرجل هل هو كـ "لبن" المرأة في التحريم؟ مسألة (1341) جمهور العلماء بل عامتهم على أن لبن الرجل لا يتعلق به تحريم، وقال الكرابيسي (¬3): يتعلق به التحريم؛ كالمرأة. مغ ج 9 (ص 205). باب في اللبن يخرج من ثدي المرأة من غير جماع هل ينشر التحريم؟ مسألة (1342) جمهور أهل العلم على أن اللبن إذا خرج من ثدي المرأة من غير وطءٍ؛ فإنه ينشر التحريم، وهو قول مالك وأصحاب الرأي والثوري والشافعي وأبي ثور وأحمد في أظهر الروايتين عنه واختارها ابن حامد، وهو قول كل من يحفظ عنه ابن المنذر من أهل العلم كما حكاه الموفق عنه في المغني. ¬
باب في من تزوج اثنتين فأرضعت إحداهما الأخرى
وقال أحمد بن حنبل رحمه اللَّه تعالى في رواية: لا ينشر التحريم. مغ ج 9 (ص 206). باب في من تَزوج اثنتين فأرضعت إحداهما الأخرى (¬1) مسألة (1343) أكثر الفقهاء على أن من تزوج اثنتين كبيرة وصغيرة؛ فأرضعت الكبيرة الصغيرة؛ فإن نكاح الاثنتين قد فسد (بطل)، وقد حرمت الكبيرة عليه على التأبيد (¬2) وبه يقول الشافعي وأبو حنيفة والثوري وأبو ثور، وهو مذهب أحمد. وقال ابن أبي ذؤيب: إن النكاح لا ينفسخ برضاع الضرائر. وحكى ابن بكير عن مالك رحمه اللَّه تعالى، أنه إذا لم يدخل بالكبرى بطل نكاحها؛ وثبت نكاح الصغرى، وقال الأوزاعي: عكسه (¬3). الحاوي الكبير ج11 (ص: 384). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب النفقات
كتاب النفقات
كتاب النفقات (¬1) باب في نفقة خادم الزوجة هل يلزم الزوج بها؟ مسألة (1344) جمهور أهل العلم على أن الزوجة إن كانت ممن لا تخدم نفسها أو احتاجت لخادم فإن نفقته على الزوج (¬2)، وبه يقول الشافعي وأبو حنيفة ومالك والليث ومحمد بن الحسن. قال الحافظ في الفتح: وشذ أهل الظاهر فقالوا ليس على الزوج أن يخدمها ولو كانت بنت الخليفة. فتح ج 20 (ص: 196) بداية ج 2 (ص: 66). باب في إعسار الزوج أو امتناعه من النفقة هل للزوجة الخيار في الفرقة؟ مسألة (1345) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الزوج إذا أعسر أو امتنع (¬3) عن الإنفاق على زوجته، فلها الخيار إما الصبر على حاله، أو المطالبة بالتفريق بينها وبينه (¬4). ¬
باب في تقدير نفقة الزوجة هل في ذلك حد؟
روي نحو ذلك عن عمر وعليٍّ وأبي هريرة رضي اللَّه تعالى عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وعمر بن عبد العزيز وربيعة وحماد ومالك ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدى والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور، وهو مذهب أحمد. وذهب عطاء والزهري وابن شبرمة وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن إلى أنها لا تملك فراقه بذلك ولكن يرفع يده عنها لتكتسب. مغ ج 9 (ص: 243) بداية ج 2 (ص: 63) الحاوي الكبير ج 11 (ص: 454). باب في تقدير نفقة الزوجة هل في ذلك حد؟ مسألة (1346) أكثر العلماء على أن نفقة الزوجة على زوجها ليس فيها تحديد، وإنما هي مقدرة بالكفاية بحسب حال من تجب له النفقة، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد (¬1) والشافعي في قول حكاه الجويني عنه. وقال الشافعي في المشهور عنه: بل هي مقدرة بالأمداد على الموسر مدان والمتوسط مد ونصف والمقتر مدٌّ واحد. وروي عن مالك نحوه. فتح ج 20 (ص: 187، 198). باب في نفقة الأبناء البالغين هل تجب على الآباء؟ مسألة (1347) جمهور العلماء على أن نفقة الأبناء على الآباء ليست واجبة مطلقًا؛ وإنما تجب لهم حتى يبلغوا إذا كانوا ذكرانًا وحتى يتزوجن إذا كن إناثًا، أو بلغوا وفيهم من المرض ما يمنعهم من الكسب أو غير ذلك من موانع الكسب (¬2). وقال الشافعي: ينفق على البنت وجوبًا حتى تحيض (¬3). وقالت طائفة بوجوب النفقة على الآباء لجميع الأولاد أطفالًا كانوا أو بالغين إناثًا وذكرانًا إذا لم يكن لهم أموالٌ يستغنون بها. حكاه ابن المنذر. فتح ج 20 (ص: 188). باب في نفقة الزوجة هل تسقط بالتقادم أم تبقى في الذمة؟ مسألة (1348) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الزوج إذا ترك النفقة لزوجتة ¬
باب في نفقة الأم على ولدها
فإن حق الزوجة فيه يبقى ثابتًا في ذمة زوجها وسواء ترك النفقة بعذر أو بغير عذرٍ، وبه قال الحسن ومالك والشافعي وأحمد في رواية وابن المنذر (¬1). وقال أحمد في رواية: تسقط نفقتها، ما لم يكن الحاكم قد فرضها لها، وبه قال أبو حنيفة. مغ ج 9 (ص: 249). باب في نفقة الأم على ولدها مسألة (1349) جمهور العلماء على أن نفقة الأمهات على أولادهم واجبة، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وأحمد. وقال مالك: لا تجب (¬2). الحاوي الكبير ج11 (ص: 487). باب في نفقة زوجة العبد المملوك مسألة (1350) جمهور العلماء بل عامتهم (¬3) على أن على العبد نفقة زوجته، وبه قال الشعبي والحكم والشافعي وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد وابن المنذر (¬4)، وحكى عن مالك أنه قال: ليس عليه نفقتها. مغ ج 9 (ص 274). باب في نفقة الزوجة الصغيرة التي لا يوطأ مثلها مسألة (1351) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الزوجة الصغيرة التي لا يحتمل مثلها الوطء؛ فإنه لا نفقة لها على زوجها، وبه قال الحسن وبكر بن عبد اللَّه المزني والنخعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي والشافعي في المنصوص عنه (¬5) وهو مذهب أحمد. وقال الثوري بوجوب النفقة لها، وبه قال الشافعي في موضع. مغ ج 9 (ص: 281). ¬
باب في نفقة المطلقة البائن غير الحامل
باب في نفقة المطلقة البائن (¬1) غير الحامل (¬2) باب في نفق المعتدة من الوفاة إذا كانت حاملا (¬3) مسألة (1352) جمهور العلماء من التابعين والفقهاء وكثير من الصحابة على أنه لا نفقة للحامل المتوفى عنها زوجها أثناء عدتها، وبه قال جابر بن عبد اللَّه وابن عباس وسعيد بن المسيب وعطاء والحسن وعكرمة وعبد الملك بن يعلى ويحيى الأنصاري وربيعة ومالك وأبو حنيفة، وسائر أصحاب الرأي والشافعي وأحمد في رواية وإسحاق وابن المنذر. وروي عن عليٍّ وعبد اللَّه (أظنه ابن مسعود) وبه قال عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه تعالى عنهم، وشريح وابن سيرين والشعبي وأبو العالية والنخعي وخلاس بن عمرو وحماد بن أبي سليمان وأيوب السختياني وسفيان الثوري وأبو عبيد وأحمد في رواية (¬4). الحاوي الكبير ج11 (ص: 237). باب في نفقة الزوجة الناشز مسألة (1353) جمهور العلماء بل عامتهم على أنه لا نفقة للزوجة الناشز (¬5) وبه يقول الشعبي وحماد ومالك وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي وأبو ثور والأوزاعي والشافعي، وهو مذهب أحمد. وقال الحكم: لها النفقة. قال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا خالف هؤلاء (يعني الجمهور) إلا الحكم. مغ ج 9 (ص: 295). ¬
فصل في حضانة الطفل وكفالته
فصل في حضانة الطفل وكفالته (¬1) باب في الحرية شرط في ثبوت الحضانة؟ مسألة (1354) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن الحرية شرط في ثبوت الحضانة، وهو قول عطاء والثوري والشافعي وأبي حنيفة، وسائر أصحاب الرأي وهو مذهب أحمد (¬2). وقال مالك في حرٍ له ولدٌ حرٌ من أمةٍ: الأم أحق به إلا أن تباع فتنقل، فيكون الأب أحق به. مغ ج 9 (ص 297). باب في هل الإسلام شرط في ثبوت الحضانة؟ مسألة (1355) جمهور العلماء على أن الإسلام شرط لثبوت الحضانة فلا حضانة لكافرة على ولدها المسلم، وبه يقول مالك والشافعي وسوار والعنبري وغيرهم. وقال أبو حنيفة وأصحابه وابن القاسم وأبو ثور: بل تثبت حضانة الأم الكافرة على ولدها المسلم (¬3) وقال به ابن حزم ما لم يبلغ الولد سن الاستغناء والفهم. نيل الأوطار جـ 7 (ص: 141). باب في هل تسقط حضانة الأم إذا تزوجت؟ مسألة (1356) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الأم إذا تزوجت سقطت حضانتها وانتقل الحق فيها إلى الأب، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وسائر أصحاب الرأي وأحمد في الغلام دون الجارية، وحكي ابن المنذر الإجماع عمن يحفظ في هذه المسألة. وحكي عن الحسن أنها لا تسقط بالتزويج، وروي هذا عن عثمان رضي اللَّه تعالى عنه، وبه قال ابن حزم. وقال أحمد: تسقط الحضانة في الغلام دون الجارية. ¬
باب في تخيير الولد بين أمه وبين أبيه إذا بلغ سبعا
وقالت طائفة: لا تسقط الحضانة إذا تزوجت قريبًا للمحضونة، وكانت المحضونة جاريةً. روي هذا عن أحمد، وروي عنه لا فرق بين الذكر والأنثى، وحكي هذا عن أبي حنيفة (¬1). مغ ج 9 (ص 306). باب في تخيير الولد بين أمه وبين أبيه إذا بلغ سبعًا (¬2) * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الجنايات
كتاب الجنايات (الجراح)
كتاب الجنايات (الجراح) باب في توبة القاتل عمدًا (¬1) هل تقبل؟ (¬2) مسألة (1357) جمهور أهل العلم على أن قاتل النفس عمدًا بغير حق له توبةٌ، فإذا تاب إلى اللَّه تعالى؛ فإن أمره إلى اللَّه تعالى إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، وقال ابن عباس أن توبته لا تقبل وهو خالد في جهنم أبدًا. مغ جـ 9 (ص 319) نيل الأوطار جـ 7 (ص 208). باب في تنوُّع القتل إلى عمد وشبه عمد وخطأ (¬3) مسألة (1358) أكثر أهل العلم على أن القتل ينقسم إلى عمدٍ وشبه عمدٍ وخطأ. روي هذا عن عمر وعليٍّ رضي اللَّه تعالى عنهما، وبه قال الشعبي والنخعي وقتادة وحماد وأهل العراق والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد وابن المنذر. وقال مالك ليس في كتاب اللَّه إلا العمد والخطأ، فأما شبه العمد فلا يعمل به عندنا. وجعل مالكٌ رحمه اللَّه تعالى شبه العمد من قسم العمد وبه قال الليث قال الموفق: وحكى عن مالك مثل قول الجماعة. قلت: وحكى مثل ذلك ابن رشد تخريجًا. مغ جـ 9 (ص 320) بداية جـ 2 (ص 472) القرطبي جـ 5 (ص 329) نيل الأوطار جـ 7 (ص 168). ¬
باب في القتل بغير محدد مما يزهق الروح في الغالب
باب في القتل بغير محدد مما يزهق الروح في الغالب مسألة (1359) جماهير أهل العلم على أن من تعدى على فلانٍ بغير محدد لكنه يقتل مثله في الغالب (¬1) فقتله فهو قتلٌ عمدٌ يوجب القصاص، وبه قال النخعي والزهري وابن سيرين وحماد وعمرو بن دينار وابن أبي ليلى ومالك والشافعي وإسحاق وأبو يوسف ومحمد، وهو مذهب أحمد. وقال الحسن: لا قود في ذلك (يعني لا قصاص). وروى ذلك عن الشعبي. وقال ابن المسيب وعطاء وطاوس: العمد ما كان بالسلاح. وقال أبو حنيفة: لا قود في ذلك إلا أن يكون قتله بالنار، وفي مثقل الحديد عنه روايتان (¬2). شرح جـ 11 (ص 158). باب في صفة القتل شبه العمد مسألة (1360) جمهور العلماء بل جماهيرهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن من ضرب فلانًا قاصدًا ضربه بما لا يقتل غالبًا، كالحجر الصغير والعصا الصغيرة والسوط فمات فهو قتلٌ شبهُ عمدٍ ولا قود فيه، بل فيه الدية على العاقلة، وبه قال أبو حنيفة والأوزاعي والشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور. وقال مالك: هو عمد موجبٌ للقصاص، وهو قول الليث بن سعد. ¬
باب في القتل الخطأ
وقال أبو بكر الحنبلي: تجب الدية في مال القاتل، وبه قال ابن شبرمة. مغ جـ 9 (ص 337) شرح جـ 11 (ص 159، 177). باب في القتل الخطأ (¬1) مسألة (1361) جمهور أهل العلم على أن من قصد فعلًا محرمًا؛ كقتل بهيمة مملوكة لغيره أو آدمي معصوم الدم فأصاب غير ما قصده من آدمي فقتله فهو قتل خطأ لا قود فيه والدية فيه على العاقلة، وهو مذهب الشافعي وأحمد. قال الموفق: ويتخرج على قول أبي بكر (أحد الأصحاب في المذهب الحنبلي) أن هذا عمدٌ لقوله فيمن رمى نصرانيًّا فلم يقع به السهم حتى أسلم أنه عمد يجب به القصاص. مغ جـ 9 (ص 339). باب في قتل المسلم الذمي (¬2) هل يقاد به؟ مسألة (1363) جمهور العلماء على أن المسلم لا يقتل قصاصًا بقتل الكافر ذميًّا كان أو حربيًّا أو أي كافرٍ كان. روي هذا عن عمر وعثمان وعليٍّ وزيد بن ثابت ومعاوية رضي اللَّه تعالى عنهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز وعطاء والحسن وعكرمة والزهري وابن شبرمة ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر وغيرهم. وقال إبراهيم النخعي والشعبي وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وابن أبي ليلى يُقْتَلُ المسلم إذا قتل ذميًّا دون غيره. وقال مالك والليث: لا يقتل السلم بالذمي إلا إذا قتله غيلةً (¬3). مغ جـ 9 (ص 341) القرطبي جـ 2 (ص 247) شرح جـ 2 (ص 165). ¬
باب في القصاص من السيد إذا قتل عبده
باب في القصاص من السيد إذا قتل عبده مسألة (1363) جمهور العلماء على أن السيد إذا قتل عبده فإنه؛ لا يقاد به. وحكى عن النخعي والثوري في أحد قوليه وداود يقتل به، ونقل القرطبي عن عليِّ ابن المديني والبخاري القول به (¬1). مغ جـ 9 (ص 349). باب في هل يقتل الحر بالعبد (¬2)؟ مسألة (1364) جمهور العلماء على أن الحر لا يقتل بالعبد روى هذا عن أبي بكر وعمر وعليّ وزيد وابن الزبير رضي اللَّه تعالى عنهم، وبه قال الحسن وعطاء وعمر بن عبد العزيز وعكرمة وعمرو بن دينار ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور، وهو مذهب أحمد. قال الشافعي. ليس بين العبد والحر قصاص إلا أن يشاء الحر. وقالت طائفة: يقتل الحر بالعبد. روي هذا عن عليٍّ وابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنهما، وبه قال سعيد بن المسيب وقتادة وإبراهيم النخعي والحكم بن عيينة، وبه يقول أبو حنيفة وأصحابه والثوري وابن أبي ليلى (¬3). القرطبي جـ 2 (ص 247) فتح جـ 26 (ص 24) شرح جـ 11 (ص 165). باب في القصاص بين الأحرار والعبيد فيما دون النفس من الجراحات مسألة (1365) جمهور العلماء على أنه لا قصاص بين الأحرار وبين العبيد فيما دون النفس من الجراحات، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وفقهاء الأمصار في الحجاز والشام ومصر والعراق، وذهب ابن أبي ليلى وداود إلى إثبات القصاص فيها (¬4). القرطبي جـ 2 (ص 247) جـ 5 (ص 314). ¬
باب في القصاص بين العبيد في النفس
باب في القصاص بين العبيد في النفس (¬1) مسألة (1366) أكثر أهل العلم على أن القصاص بين العبيد في النفس جائزٌ. روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز وسالم، وبه يقول النخعي والشعبي والزهري وقتادة والثوري ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد في رواية. وقال آخرون: لا قصاص بين العبيد في النفس، وبه يقول الحسن وابن شبرمة (¬2). وقال أحمد في روايةٍ: أن من شرط القصاص تساوى قيمتهم، فإن اختلفت فلا قصاص. مغ جـ 9 (ص 351). باب في هل يقاد الوالد بقتل (¬3) ولده؟ مسألة (1367) جمهور العلماء وجماعتهم على أن الوالد لا يقتل قودًا إذا قتل ولده على أي وجه أو حال قتله، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي والثوري وأحمد، وهو قول ربيعة والأوزاعي، ونقل هذا عن عمر بن الخطاب جزمًا، وحكى الشافعي في هذه المسألة الإجماع. وقال مالك: إن أخذه وأضجعه وذبحه قتل به وإن رماه بسهم أو حذفه بسيف فقتله أو ضربه بشيء خنقًا وتأديبًا؛ فمات فلا قود فيه بل فيه الدية. وقال ابن نافع وابن عبد الحكم وابن النذر: يقتل به إذا قتله عمدًا على أي وجه كان (¬4). بداية جـ 2 (ص 477) القرطبي جـ 2 (ص 250). ¬
باب في القود بين أحد الأبوين إن لم يكن بينهما ولد
باب في القود بين أحد الأبوين إن لم يكن بينهما ولدٌ (¬1) مسألة (1368) جمهور أهل العلم على أنه إذا قتل أحد الأبوين الآخر ولا ولد بينهما (منهما) فإن القصاص جارٍ بينهما، وهو قول عمر بن العزيز والنخعي والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد (¬2). وقال الزهري: لا يقتل الزوج بامرأته سواء كان لهما ولد أو لم يكن. مغ جـ 9 (ص 362). باب في قتل الولد بأحد أبويه (¬3) مسألة (1369) جمهور العلماء، بل عامتهم على أن الولد يقاد إذا قتل أحد أبويه، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين (¬4) وحكى عن أحمد روايةٌ أخرى أن الابن لا يقتل بأبيه. مغ جـ 9 (ص 365). باب في قتل الجماعة بالواحد مسألة (1370) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم ومعهم جمهور فقهاء الأمصار أن الجماعة لو تمالؤوا على قتل من يجب بقتله القصاص بحيث لو انفرد كل منهم لوجب فيه القود فإنهم يقتلون به جميعًا. روى هذا عن عمر وعليٍّ والمغيرة بن شعبة وابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وأبو سلمة وعطاء وقتادة، وإليه ذهب مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي، وأحمد في المشهور المعتمد عنه. وقالت طائفة غير قليلةٍ: لا تقتل الجماعة بالواحد بل يجب في حقهم الدية، وهذا قول ابن الزبير والزهري وابن سيرين وحبيب بن أبي ثابت وعبد الملك وربيعة وداود الظاهري وابن المنذر وأحمد في رواية. ¬
باب في قتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل
وقال آخرون: لا يقتلون به جميعًا وإنما يقتل منهم واحد ويؤخذ من الباقين حصصهم من الدية. روى هذا عن معاذ بن جبل وعبد اللَّه بن الزبير ومحمد بن سيرين والزهري (¬1). مغ جـ 9 (ص 366) بداية جـ 2 (ص 476). باب في قتل الرجل بالمرأة والمرأة بالرجل مسألة (1371) جمهور العلماء بل عامتهم (¬2) على أن الرجل يقتل بالمرأة وأن المرأة تقتل بالرجل ولا فرق، وهو قول النخعي والشعبي والزهري وعمر بن عبد العزيز ومالك وأهل المدينة وإسحاق وأحمد في المشهور عنه، وبه يقول أبو حنيفة وأصحابه وغيرهم. وهو مذهب الشافعي. وروى عن عليٍّ إذا قتل الرجل بالمرأة أعطى أولياؤه نصف الدية، وحكى ذلكِ عن الحسن وعطاء، وحكى عنهما مثل قول الجماعة، وحكى هذا القول أعني إعطاء نصف الدية عن عثمان البتي. وروي عن الحسن أنه لا يقتل ذكر بأنثى وإنما فيه الدية. حكاه عنه القاضي أبو الوليد الباجي في المنتقى، وحكاه الخطابي في معالم السنن. قال ابن رشد: وهو شاذ، ولكن دليله قوي، وروى عن عليٍّ والحسن أن الأمر متروك إلى الأولياء، فإن اختاروا القتل فيه ونعمت ووقوا أولياء القاتل نصف الدية. إن كان المقتول امرأة، وإن شاءوا استحياء القاتل دفعوا الدية إلى أولياء المقتول ذكرًا كان أو أنثى. حكى هذا عن عليٍّ والشعبيُّ (¬3). قلت: وفي المسألة كلام كثير واعتراضات ليس هذا محل بسطها. فتح جـ 26 (ص 35) مغ جـ 9 (ص 377) بداية جـ 2 (ص 476) القرطبي ص 2 (ص 248) الإشراف جـ 2 (ص 95). ¬
باب في اشتراك المخطىء والعامد في القتل هل يقاد واحد منهما؟
باب في اشتراك المخطىء والعامد في القتل هل يقاد واحد منهما؟ مسألة (1372) أكثر أهل العلم على أنه لو اشترك في القتل عامدٌ ومخطئ، فإنه لا قود على واحد منهما، أما الخطئ: فعليه نصف الدية على عاقلته وتحرير رقبةٍ مؤمنةٍ في ماله، وأما العامد: فعليه نصف الدية في ماله، وممن قال لا قود على واحدٍ منهما النخعي والشافعي وأبو حنيفة، وسائر أصحاب الرأي وهو مذهب أحمد. وحكى عن مالك أنه لا يعفى العامد من القود، بل عليه القصاص، وروي هذا عن أحمد. مغ جـ 9 (ص 379). * * *
فصل في القصاص في العمد في الجراحات
فصل في القصاص في العمد (¬1) في الجراحات باب في الموضحة وكل جرح (¬2) ينتهي إلى عظم مسألة (1373) أكثر أهل العلم على أن كل جرح ينتهي إلى عظم يعامل معاملة الموضحة في جواز استيفائه قصاصًا، وبه يقول الشافعي، وهو مذهب أحمد. وقال بعض أصحاب الشافعي: لا قصاص فيما سوى الوضحة في الرأس والوجه (¬3). قلت: وقد حكى ابن رشد عن الجمهور أن الموضحة لا تكون في الجسد وأوهم كلامه أن الشافعي يجعل الموضحة في جميع الرأس والوجه دون غيرهما من البدن وليس بصحيح، ونقل القرطبي عن ابن المنذر أن الموضحة في غير الرأس والوجه ليس فيها إلا الاجتهاد وجعله قول مالك والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق قال: وبه نقول. قلت: ولعله أراد عند العفو عن القصاص واللَّه تعالى أعلم والذي يظهر لي أن قول الجمهور الذي نقلته هنا في الاستيفاء قصاصًا لا في الدية، وأما الدية فإنها لا تكون إلا في الرأس والوجه ولا تكون في الجسد وبذا يوجه كلام ابن رشد وابن المنذر. مغ جـ 9 (ص 411). باب في المأمومة (¬4) والجائفة هل فيها قصاص؟ مسألة (1374) مذهب العامة من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم أنه لا قصاص في المأمومة ولا في الجائفة، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي، وهو مذهب أحمد (¬5). ¬
باب في القصاص بين الرجل وبين المرأة فيما دون النفس مما يمكن استيفاؤه بالقصاص
وروي عن عبد الله بن الزبير أنه قص من المأمومة (¬1) مغ جـ 9 (ص 419) بداية جـ 2 (ص 503). باب في القصاص بين الرجل وبين المرأة فيما دون النفس مما يمكن استيفاؤه بالقصاص مسألة (1375) جماهير أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على ثبوت القصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس مما يمكن استيفاؤه؛ كالموضحة في الجراحات واليد في الأطراف ونحو ذلك، وبه يقول مالك وسفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر. وقالت طائفة: لا قصاص بينهما فيما دون النفس، وبه يقول حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وأصحابه. قلت: وهو مذهب عطاء والحسن في النفس وما دونها (¬2). شرح جـ 11 (ص 164). * * * ¬
فصل في القصاص في الأطراف
فصل في القصاص في الأطراف (¬1) باب في الأعور يقلع عيني الصحيح مسألة (1376) أكثر أهل العلم على أن الأعور إذا قلع عيني الصحيح؛ فإنه (المتعدى عليه) بالخيار بين أن يقتص ولا شيء له غير ذلك، وبين أن يختار الدية وله ديةٌ واحدةٌ لا غير، وبه يقول مالك أو نصف الدية وهو قول الشافعي. وقال القاضي أبو يعلى: يقتضي الفقه أن يلزمه ديتان: إحداهما: للعين التي تقابل عينه والدية، الثانية: لأجل العين الناتئة؛ لأنها عين أعور. وقال قوم: ليس له إلا القود أو ما اصطلحا عليه، وبه يقول فقهاء الكوفة. وروي عن عثمان وسعيد بن المسيب أنه لا قود وإنما هىِ الدية كاملة لا غير. مغ جـ 9 (ص 431) بداية جـ 2 (ص 486). باب في أخذ اليمنى باليسرى في القصاص مسألة (1377) جمهور العلماء على أن ما كان في الأطراف يمين ويسار فلا تؤخذ يمنى بيسرى ولا يسرى بيمنى، وممن قال هذا: مالك وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي والشافعي، وهو مذهب أحمد. وحكى عن ابن سيرين وشريك أنه تؤخذ يمنى بيسرى ويسرى بيمنى، وحكي هذا عن ابن شُبْرُمة كذلك. مغ جـ 9 (ص 438) القرطبي جـ 6 (ص 193). ¬
باب في سراية الجناية وما فيها من الضمان
باب في سراية الجناية (¬1) وما فيها من الضمان (¬2) مسألة (1378) أكثر الفقهاء على أن الجناية إذا سرت إلى ما يمكن مباشرته بالإتلاف فإنه لا قصاص فيها ولكن فيها الدية. وقال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن وأحمد: فيها القصاص. مغ جـ 9 (ص 444). باب في تأخير الاقتصاص حتى يبرأ جرح المجني عليه مسألة (1379) جمهور العلماء بل عامتهم على أنه لا يقتص من الجاني في الجراح حتى يندمل جرح المجني عليه، وبه يقول النخعي والثوري وأبو حنيفة ومالك والمزني وإسحاق وأبو ثور. وروي هذا عن عطاء والحسن، وهو المعتمد في مذهب أحمد، قال ابن المنذر كل من نحفظ عنه من أهل العلم يرى الانتظار بالجرح حتى يبرأ، وحكاه الشوكاني عن المغيرة (¬3). وقال الشافعي -رحمه الله-: ولو سأل (يعني المجني عليه) القود ساعة قطع إصبعه أَقَدْتُهُ. قلت: وهذا نص الشافعي في مختصر المزني (¬4). وقال الموفق ابن قدامة: ويتخرج لنا أنه يجوز الإقتصاص قبل البرء بناءً على قولنا إنه ¬
باب في قطع الصحيحة من يد أو رجل بالشلاء
إذا سرى إلى النفس يفعل كما فعل (¬1) مغ جـ 9 (ص: 445). باب في قطع الصحيحة من يد أو رجل بالشلاء مسألة (1380) جماهير أهل العلم على أن اليد أو الرجل الشلاء (المشلولة) إذا جنى عليها مَنْ يَدُهُ أوْرِجْلُهُ صحيحةٌ؛ فإنه لا قصاص في شيء في ذلك (¬2)، وحكي عن داود أنه أوجب فيهما القصاص، وحكاه الماوردي عنه جزمًا (¬3). مغ جـ 9 (ص 451). * * * ¬
فصل في أحكام الولاية في القصاص
فصل في أحكام الولاية (¬1) في القصاص باب في عفو بعض الأولياء عن القصاص دون بعض مسألة (1381) أكثر أهل العلم على أن القصاص حق لجميع أولياء المقتول من أهل ورثته صغارًا كانوا أو كبارًا نساءً أو رجالًا من ذوي القرابة بالنسب أو غيره من الأسباب، فإذا عفا أحدهم أو بعضهم فلا حق لغيرهم بعد هذا في القصاص؛ وإنما هي الدية أو العفو، وبه يقول عطاء والنخعي والحكم وحماد والثوري وأبو حنيفة والشافعي وروي معناه عن عمر وطاوس والشعبي، وهو مذهب أحمد. وقال الحسن وقتادة والزهري وابن شبرمة والليث والأوزاعي: ليس للنساء عفو، وقال مالك في المشهور عنه: هو حق موروث للعصبات خاصةً، وهو وجه لأصحاب الشافعي، ووجه آخر أنه لذوي الأنساب دون الزوجين. وذهب بعض أهل المدينة إلى أن القصاص لا يسقط بعفو بعض الأولياء دون بعض، وحكاه الماوردي عن مالك (¬2). مغ جـ 9 (ص: 464). باب في الولى يعفو ثم يقتل الجاني مسألة (1382) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن الوليَّ إذا عفا عن القاتل مطلقًا أو إلى مالٍ ثم قتل من عفا عنه فإن عليه القصاص، وممن قال ذلك قتادة وعكرمة والسدي (¬3) ومالك والشافعي والثوري وابن المنذر. ¬
وقال الحسن: تؤخذ منه الدية ولا يقتل. وقال عمر بن عبد العزيز: الحكم فيه إلى السلطان (¬1) مغ جـ 9 (ص 467). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الديات
كتاب الديات
كتاب الدّيات (¬1) باب في أصل الديات مسألة (1383) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الأصول التي ترجع إليها الديات تقييمًا هي الإبلُ والذهب والفضة والبقر والغنم (¬2)، وهو قول عمر رضي اللَّه تعالى عنه وطاوس وعطاء وفقهاء المدينة السبعة، وبه يقول الثوري وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية: بل هي الإبل لا غير، وبه يقول الشافعي وابن المنذر، وحكى عن طاوس كذلك. مغ جـ 9 (ص 481). باب فيمن قتل نفسه خطأ هل تحمل عاقلته الدية؟ مسألة (1384) جمهور العلماء على أن من قتل نفسه خطأ؛ فإن عاقلته لا تحمل ديته، وبه يقول ربيعة ومالك والثوري والشافعى وأبو حنيفة وأصحاب الرأي وأحمد في رواية , وشذ الأوزاعي فقال: من ذهب يضرب العدو فقتل نفسه، فعلى عاقلته الدية، وبه قال أحمد في رواية وإسحاق. ¬
باب في تغليظ الدية
بداية جـ 2 (ص 493) مغ جـ 9 (ص 510). باب في تغليظ الدية (¬1) باب في هل تحمل العاقلة شيئًا من العمد؟ مسألة (1385) جمهور العلماء على أن العاقلة لا تحمل شيئاً من العمد كائنًا ما كان، وحكى عن مالك أنها تحمل الجنايات التي لا قصاص فيها، كالمأمومة والجائفة، وبه قال قتادة. مغ جـ 9 (ص 503). باب في من أقر على نفسه بقتل خطأٍ أو شبه عمد (¬2) مسألة (1386) أكثر أهل العلم أن من أقر على نفسه تقبل خطأ أو شبه عمد فإن الدية تلزمه في ماله حالَّةً (معجلة). وقال أبو ثور وابن عبد الحكم: لا يلزمه شيء ولا يصح إقراره. مغ جـ 9 (ص 505). باب في هل تحمل العاقلة صلحًا أو اعترافًا مسألة (1387) جمهور العلماء على أن العاقلة لا تحمل صلحًا ولا اعترافًا، وممن قال أن العاقلة لا تحمل الصلح: ابن عباس والزهري والشعبي والثوري والليث والشافعي. وممن قال أن العاقلة لا تحمل الاعتراف: من ذكرناهم آنفًا خلا الليث ومعهم الحسن وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى، والأوزاعي وإسحاق وأصحاب الرأي وهو مذهب أحمد. قلت: قد ذكر الموفق مسألة الاعتراف ونفي العلم بالمخالف. مغ ج (ص 504) القرطبي ج 5 (ص 320). ¬
باب في كم تحمل العاقلة من دية الخطأ؟
باب في كم تحمل العاقلة من دية الخطأ؟ مسألة (1388) جمهور العلماء على أن العاقلة لا تحمل من دية الخطأ إلا ما جاوز الثلث، وبه يقول سعيد بن المسيب وعطاء ومالك وإسحاق وعمر بن عبد العزيز وعمر بن أبي سلمة والزهري. وقال الثوري وأبو حنيفة: تحمل السن والموضحة وما فوقها ولا تحمل دون ذلك، وقال الشافعي في الصحيح عنه: تحمل العاقلةُ القليل والكثير (¬1). مغ القرطبي جـ 5 (ص 320). باب في تخميس دية الخطأ مسألة (1389) أكثر العلماء على أن دية الخطأ تعطى أخماسًا من أسنان الإبل، وهو قول ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه، وإليه ذهب النخعي وعمر بن عبد العزيز وسليمان ابن يسار والزهري والليث وربيعة ومالك وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي والشافعي وابن المنذر، وهو مذهب أحمد. وروي عن عليٍّ رضي اللَّه تعالى والحسن والشعبي والحارث العكلي وإسحاق أنها أرباع، وروي هذا عن زيد بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنه وطاوس. وقال أبو ثور: الديات كلها أخماس، كدية الخطأ، وحكى عنه أن دية العمد مغلظةٌ ودية شبه العمد والخطأ أخماس (¬2). الحاوي الكبير جـ 12 (ص 223) بداية جـ 2 (ص 490) القرطبي جـ 5 (ص 317). باب في من يحمل من العاقلة (¬3) مسألة (1390) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الفقير (¬4) لا يحمل شيئاً من ¬
باب في دية المسلم كالمجوسي وغيره
العقل، وبه يقول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وأحمد في المشهور عنه، وحكى ابن المنذر الإجماع عمن يحفظ من أهل العلم في هذه المسألة. قال الموفق -رحمه الله-: وحكى بعض أصحابنا عن مالك وأبي حنيفة أن للفقير مدخلًا في التحمل. مغ جـ 9 (ص 523). باب في دية المسلم كالمجوسي وغيره (¬1) مسألة (1391) جمهور أهل العلم على أن دية المجوس ثماني مائة درهم وأن دية نسائهم على النصف من ذلك وهي أربعمائة درهم، وممن قال ذلك: عمر وعثمان وابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنهم، وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعطاء وعكرمة والحسن ومالك والشافعي وإسحاق، وهو مذهب أحمد. وروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال: ديته نصف دية المسلم؛ كدية الكتابي. وقال النخعي والشعبي وأصحاب الرأي: ديته كدية المسلم. مغ جـ 9 (ص 530). باب في دية الذمي إذا قُتِلَ عمدًا مسألة (1392) جمهور أهل العلم على أن دية الذمي إذا قُتِلَ عمدًا لا تضاعف، وحكم عثمان بن عفان رضي اللَّه تعالى عنه على رجل قتل ذميًا عمدًا بتغليظ الدية (¬2)، وبه قال أحمد رحمه اللَّه تعالى. مغ جـ 9 (ص 530). باب في دية العبد المكاتب مسألة (1293) جمهور أهل العلم على أن دية العبد المكاتب هي دية عبد ما دام في ذمته ولو درهم من عقد مكاتبته ويستوي في اعتباره عبدًا جنايته والجناية عليه. ¬
باب في دية الجنين إذا سقط ميتا بعد موت أمه
وقال إبراهيم النخعي: يؤدي بقدر ما أدى من كتابته دية الحر، وما بقي يؤدي دية العبد. وروي في ذلك شيءٌ عن عليٍّ رضي اللَّه تعالى عنه. قلت: وقد ذكر الموفق حديث ابن عباس الذي أخرجه أبو داود وأحمد أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - قضى بذلك، أعني بما يوافق قول إبراهيم النخعي. ثم قال: قال الخطابي: وإذا صح الحديث وجب القول به إذا لم يكن منسوخًا أو معارضًا بما هو أولى منه. مغ جـ 9 (ص 534). باب في دية الجنين إذا سقط ميتًا بعد موت أمه مسألة (1394) أكثر الفقهاء بل جمهورهم على أن الجنين إذا سقط ميتًا بالتعدي على أمه؛ فإنه لا دية فيه ولا شيء فيه إذا كان هذا بعد موت أمه وبه يقول مالك وأبو حنيفة. وروي عن الليث وداود أن فيه غرة عبدٍ أو أمة كما لو سقط ميتاً حال حياتها , وبه قال الشافعي، وهو مذهب أحمد (¬1). القرطبي جـ 5 (ص 321). باب في تحديد دية الجنين (¬2) إذا سقط ميتًا مسألة (1395) جمهور الفقهاء على أن دية الجنين إذا سقط ميتًا هي غرة (¬3) عبدٍ أو أمةٍ لاغير، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وهو مذهب أحمد، وهي عند الجمهور عشر دية الأم أو نصف عشر دية الأب. وقال عروة وطاوس ومجاهد: غرة عبدٍ أو أمةٍ أو فرسٍ. ¬
باب في الجنين يسقط حيا ثم يموت بأي شيء تعرف حياته؟
وقال ابن سيرين: غرة عبدٍ أو أمةٍ أو مائة شاة، ونحوه قال الشعبي. وقال داود: كل ما وقع عليه اسم الغرة أجزأ. مغ جـ 9 (ص 539) بداية جـ 2 (ص 496) شرح جـ 11 (ص 176). باب في الجنين يسقط حيًّا ثم يموت (¬1) بأي شيءٍ تعرف حياته؟ مسألة (1396) أكثر الفقهاء على أن الجنين إذا سقط حيًّا ثم مات أن حياته تثبت بكل ما يدل على حياته مستقرة، كالاستهلال والعطاس والحركة القوية وغير ذلك، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي والثوري، وهو المعتمد في مذهب أحمد، وقال مالك وإسحاق: لا يثبت له حكم الحياة حتى يستهل صارخًا، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وابن سيرين والزهري وقتادة، وروي معناه عن عمر وابن عباس والحسن بن عليٍّ وجابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه تعالى عنهم (¬2). بداية جـ 2 (ص 497) الحاوي الكبير جـ 12 (ص 399). باب في الكفارة على ضارب الحامل إذا أسقطت جنينًا (¬3) مسألة (1397) جمهور العلماء على أن من ضرب بطن امرأة حامل فأسقطت بضربه جنينها ثم مات بعد سقوطه حيًّا أو سقط ميتًا؛ فإن عليه الكفارة وهي عتق رقبة مؤمنة، وبه يقول الحسن وعطاء والزهري والحكم ومالك والشافعي وإسحاق وهو مذهب أحمد. قال ابن المنذر: كل من يحفظ عنه من أهل العلم أوجب على ضارب بطن المرأة تلقى جنينًا، الرقبة مغ الغرة. قال الموفق: وروى ذلك عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه. وقال أبو حنيفة: لا كفارة فيه إذا سقط ميتًا. واستحسن مالك الكفارة ولم يوجبها حكاه ابن رشد (¬4). ¬
باب في المرأة الحامل تسقط جنينها تعديا بشرب دواء وغيره
وجزم القرطبي (¬1) بالوجوب عن مالك ونقل عن الشافعي عدم الوجوب وهو خطأ مخالف لنص الشافعي -رحمه الله- في مختصر الزني (¬2). مغ جـ 9 (ص 556). باب في المرأة الحامل تُسقِطُ جنينها تعديًا بشرب دواء وغيره (¬3) مسألة (1398) جمهور العلماء على أن الحامل إذا شربت دواءً، فألقت جنينها بسببه فإن عليها مع الغرة كفارة وهي عتق رقبة مؤمنة. ويخرج على مذهب أبي حنيفة رحمه اللَّه تعالى عدم وجوب الكفارة. مغ جـ 9 (ص 557). باب في من جنى على بهيمة فألقت جنينها مسألة (1399) مذهب العامة من العلماء أن من جنى على بهيمهة حامل فألقت جنينها أن عليه نقص إسقاط حملها. وحكي عن أبي بكر عبد العزيز من أصحاب الوجوه في المذهب الحنبلي أن عليه عُشْرَ قيمة -أمه- كجنين الأمة. مغ جـ 9 (ص 558). * * * ¬
فصل في الضمان في النفوس إذا أزهقت بالتسبب من غير قصد
فصل في الضمان في النفوس إذا أزهقت بالتسبب من غير قصدٍ (¬1) * * * ¬
فصل في ديات الجراح فيما دون النفوس مما كان في الأطراف
فصل في ديات الجراح فيما دون النفوس (¬1) مما كان في الأطراف باب في الأعور يقلع العينين من الصحيح مسألة (1400) أكثر أهل العلم على أن الأعور إذا قلع عيني الصحيح، فإن المجني عليه إذا رضي بالدية إذا كانت الجناية عمدًا أو كانت في أصلها خطأ، فإنه يخير بين أن يأخذ دية كاملةً أو أن يقتص من عين الأعور الصحيحة ويأخذ نصف الدية. وقال القاضي أبو يعلى من الحنابلة: قياس المذهب يقتضي وجوب ديتين إحداهما في العين التي استحق بها قلع عين الأعور والأخرى في الأخرى, لأنها عين أعور (¬2). مغ جـ 9 (ص 591). باب في أجفان العين مسألة (1401) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن في أجفان العينين الأربعة إذا جنى على جميعها الديةُ وفي كل واحد منها الربع، وبه قال الحسن والشعبي وقتادة وأبو هاشم والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد وحكى عن مالك في جفن العين وحجابها الاجتهاد. مغ جـ 9 (ص: 592). باب في دية الأذنين مسألة (1402) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن في الأذنين إذا قطعتا من ¬
باب في دية الشفتين
أصلهما الدية كاملة وفي إحداها نصف الدية. روى ذلك عن عمر وعليٍّ، وبه قال عطاء ومجاهد والحسن وقتادة والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي ومالك في إحدى الروايتين عنه، وهو مذهب أحمد. وقال مالك في الصحيح المشهور عنه: لا دية فيهما إلا إذا ذهب سمعهما (¬1) وإلا ففيهما الاجتهاد وهو الحكومة (¬2) (¬3). مغ ص 9 (ص 593). باب في دية الشفتين (¬4) مسألة (1403) جمهور العلماء على أن في كل شفة نصف دية، وفي كلتاها دية كاملة، ولا فرق في هذا بين عليا وسفلى، وبه قال أبو بكر وعلى وابن مسعود، وحكى ¬
باب في اللسان وفي الكلام إذا ذهب بعضهما
كذلك عن زيد بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنهم، وبه قال الشافعي (¬1) وأحمد في الرواية المشهورة عنه. وقال آخرون: في الشفة العليا ثلث الدية، وفي السلفى الثلثان، وهو مذهب زيد بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنه. حكاه عنه جزمًا ابن رشد، وبه قال سعيد بن المسيب والزهري. مغ جـ 9 (ص 603) بداية جـ 2 (ص 503). باب في اللسان (¬2) وفي الكلام إذا ذهب بعضهما مسألة (1404) أكثر أهل العلم على أن من جنى على لسانه فقطع بعضه فذهب بعض كلامه أنه ينظر إلى ما ذهب من حروف الكلام فيعطي من الدية بقدر ما ذهب منها، وإذا ذهب الكلام كله ففيه الدية كاملة: قال القرطبي: هذا قول مالك والشافعي (¬3) وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي. القرطبي جـ 6 (ص 200). باب في الأسنان والأضراس هل هي سواء؟ مسألة (1405) جمهور العلماء على أن الأسنان والأضراس سواء في الديات فكما أن في كل سن خمس من الإبل (¬4) فكذلك الأمر في الأضراس في كلِّ منها خمس من الإبل، وممن قال بهذا: عروة وطاوس وقتادة والزهري ومالك والثوري والشافعي وإسحاق وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن، وقد روى هذا عن ابن عباس ومعاوية رضي اللَّه تعالى عنهم. قلت: وهو المعتمد في مذهب أحمد. ¬
باب في السن إذا جنى عليها فاسودت
قلت: وقد حكى هذا القول عن جمهور العلماء أبو عمر بن عبد البر (¬1)، وروى عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه أنه قضى في الأضراس ببعير بعير (¬2). وحكى عن سعيد بن المسيب أنه قال: لو كنت أنا لجعلت في الأضراس بعيرين بعيرين فتلك الدية سواء، وروى ذلك مالك في موطئه وحكي عن عطاء نحوه، وحكي عن أحمد رواية أن في جميع الأسنان والأضراس الدية. قلت: وقد حمل الموفق هذه الرواية على مثل قول سعيد بن المسيب؛ لأن عدد الأسنان والأضراس مجتمعة إذا ضرب باثنين ساوى الدية كاملة. مغ جـ 9 (ص 612) بداية جـ 2 (ص 507) القرطبي جـ 6 (ص 197). باب في السن إذا جنى عليها فاسودت مسألة (1406) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن السن إذا جنى عليها فاسودت ففيها الدية وهي خمس من الإبل، روي هذا عن زيد بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنه، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري ومحمد بن سيرين وشريح القاضي ومحمد بن شهاب الزهري وعبد الملك بن مروان والليث بن سعد وعبد العزيز ابن أبي سلمة وسفيان الثوري وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي والشافعي في أحد قوليه (¬3) وأحمد في إحدى الروايتين، وقال الشافعي في موضعٍ: فيها حكومة، وبه قال أحمد في الرواية الثانية عنه. مغ جـ 9 (ص 618). ¬
باب في اليد إذا جني عليها مما فوق الكوع
باب في اليد (¬1) إذا جني عليها مما فوق الكوع مسألة (1407) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الجناية على ما فوق الكوع من اليد لا شيء فيه زياده على الدية، وهو قول عطاء وقتادة والنخعي وابن أبي ليلى ومالك وأبي يوسف وأحمد وبه قال سفيان الثوري إلى المرفق؛ فإن زادت على المرفق ففيها حكومة مع الدية وبعض أصحاب الشافعي يذهبون مذهب عطاء ومن ذكرنا قَبْلُ، وذهب أبو حنيفة ومحمد بن الحسن وجمهور أصحاب الشافعي -رحمه الله- إلى أن الزائد على الكف فيه حكومة مع الدية (¬2). مغ جـ 9 (ص 620). باب في ثديي الرجل (¬3) وهما الثندوتان مسألة (1408) أكثر من بلغنة قوله من أهل العلم على أنه لا دية في الجناية على ثديي الرجل وإنما فيهما حكومة، وبه قال النخعي ومالك وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي وابن المنذر، وهو ظاهر مذهب الشافعي وقوله المنصوص عليه في موضع. وقال إسحاق فيهما الدية وحكى ذلك قولًا للشافعي (¬4) وهو المعتمد في مذهب أحمد. مغ جـ 9 (ص 624). ¬
باب في ذكر العنين
باب في ذَكَرِ العِنيِّن (¬1) مسألة (1409) أكثر أهل العلم (¬2) على أن في ذكر العنين الدية كاملةً إذا جنى عليه، وهو مذهب الشافعي المعتمد عند أصحابه (¬3)، وبه قال أحمد في رواية. وقال قتادة: لا دية فيه كاملة، وبه قال أحمد في الرواية الأخرى. مغ جـ 9 (ص 627). باب في الأنثيين (¬4) (يعني الخصيتين) مسألة (1410) جمهور العلماء على أن لا فرق بين الخصية اليمنى، وبين الخصية اليسرى إذا جنى عليهما، وأن في أحداهما نصف الدية، وفي الأخرى مثل ذلك. وحكي عن سعيد بن المسيب أنه جعل في اليمنى الثلث، وفي اليسرى ثلثى الدية (¬5). مغ جـ 9 (ص 629) بداية جـ 2 (ص 504). باب في دية أصابع اليدين والرجلين والأنامل مسألة (1411) مذهب العاملة من العلماء أن في كلٍ من أصابع اليدين والرجلين الدية كاملةً، وفي كل أصبع عشر من الإبل، وفي كل أنملة ثلث عقلها إلا الإبهام ففي كل ¬
مفصل منها خمس من الإبل. روي هذا عن عمر وعليٍّ وابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهم، وبه قال مسروق وعروة ومكحول والشعبي وعبد الله بن معقل والثوري والأوزاعي ومالك والشافعي وأبو ثور وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي، وأصحاب الحديث، وهو مذهب أحمد. وروى عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه أنه قضى في الإبهام بثلث غرةٍ، وفي التي تليها باثنتى عشرة، وفي الوسطى بعشر، وفي التي تليها بتسع، وفي الخنصر بست. وروى عنه الرجوع عن هذا والرجوع إلى قول الجماعة. وروي عن مجاهد في الإبهام خمس عشرة، وفي التي تليها ثلاث عشرة، وفي التي تليها عشر، وفي التي تليها ثمان، وفي التي تليها سبع (¬1). مغ جـ 9 (ص 631) بداية جـ 2 (ص 507). * * * ¬
فصل في ديات الجراحات مما دون النفس والأطراف
فصل في ديات الجراحات مما دون النفس والأطراف باب في دية موضحة (¬1) الرأس والوجه مسألة (1412) أكثر أهل العلم على أنه لا فرق بين موضحة الرأس وبين موضحة الوجه وأن ديتهما سواء وهي خمس من الإبل. روي ذلك عن أبي بكر وعمر رضي اللَّه تعالى عنهما، وبه قال شريح ومكحول والشعبي والنخعىِ والزهري وربيعة وعبد الله بن الحسن وأبو حنيفة والشافعي وإسحاق، وهو المعتمد في مذهب أحمد. وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال: تضعف موضحة الوجه على موضحة الرأس، فيجب في موضحة الوجه عشر من الإبل، وذكره القاضي أبو يعلى رواية عن أحمد. وروي عن مالك بن يسار في موضحة الوجه تبرأ على شين فيها زائدًا على عقلها مثل نصف عقلها. وقال مالك: إذا كانت في الأنف أو في اللحي الأسفل ففيها حكومة (¬2)، وروى عنه مثل قول بن يسار. مغ جـ 9 (ص 641) بداية جـ 2 (ص 502). باب في الموضحة في غير الرأس والوجه هل فيها شيءٌ مقدرٌ؟ مسألة (1413) أكثر أهل العلم على أن الموضحة في غير الوجه والرأس في العمد إذا رضي المجني عليه بالضمان أو بالخطأ، فإنه لا شيء فيها مقدرٌ (¬3). قال الموفق: قال ابن عبد البر: ولا يكون في البدن موضحة على ذلك جماعة العلماء إلا الليث بن سعد، قال: الموضحة تكون في الجسد أيضاً (¬4). وقال الأوزاعي في جراحة الجسد على النصف من جراحة الرأس وحكي نحو ذلك عن عطاء الخراساني قال في الموضحة في سائر الجسد خمسة وعشرون دينارًا. مغ جـ 9 (ص 642). ¬
باب في دية الهاشمة وهي التي تهشم العظم
باب في دية الهاشمة وهي التي تهشم العظم مسألة (1414) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن في الهاشمة عشرًا من الإبل، هكذا قال الموفق -رحمه الله- تعالى، وقال ابن المنذر: ووجدنا أكثر من لقيناه وبلغنا عنه من أهل العلم يجعلون في الهاشمة عشرًا من الإبل. اهـ، روى هذا عن قيبصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنه، وبه قال قتادة والشافعي وعبيد ابن الحسن العنبري، ونحوه قال الثوري وأصحاب الرأي؛ فجعلوا فيها عشر الدية من الدراهم. وذهب الحسن البصري إلى عدم التوقيت فيها بشيء، وعن مالك نحوه. وقال أبو ثور: إن اختلفوا فيه ففيها حكومة. قال ابن المنذر: النظر يدل على هذا إذ لا سنة فيها ولا إجماع. اهـ. وقال القاضي أبو الوليد الباجي: فيها ما في الموضحة؛ فإن صارت مُنَقِّلة (¬1) فخمسة عشر، وإن صارت مأمومة فثلث الدية. مغ جـ 9 (ص 644) القرطبي جـ 6 (ص 205) بداية جـ 2 (ص 502). باب في دية المأمومة (¬2) مسألة (1415) عامة أهل العلم على أن في المأمومة ثلث الدية العمد والخطأ في ذلك سواءٌ. قال ابن المنذر: وأجمع عوام أهل العلم على القول به. وانفرد مكحول عن جماعة العلماء فقال: إن كانت عمدًا ففيها ثلث (*) الدية وإن كانت خطأ ففيها الثلث. قال ابن المنذر: ولا نعلم أحدًا خالف ذلك إلا مكحولًا ثم قال -رحمه الله-: وهذا قول شاذ وبالقول الأول أقول. مغ جـ 9 (ص 646) القرطبي جـ 6 (ص 206). ¬
باب في الجائفة
باب في الجائفة (¬1) مسألة (1416) جماهير العلماء من أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل الحديث وأصحاب الرأي على أن في الجائفة ثلث الدية يستوي في ذلك العمد والخطأ. وقال مكحول بقوله في المأمومة في العمد الثلثان وفي الخطأ الثلث. مغ جـ 9 (ص 647) القرطبي جـ 6 (ص 206). باب في الجائفة النَّافذة (¬2) مسألة (1417) أكثر أهل العلم على أن الجائفة النافذة هي في الدية جائفتان، ففيها ثلثا الدية ويستوي في هذا أن تنفذ من الظهر إلى البطن أو من البطن إلى الظهر، وبه يقول عطاء ومجاهد وقتادة ومالك والشافعي وأصحاب الرأي. قال ابن عبد البر: لا أعلمهم يختلفون في ذلك. قال الماوردي: وقال أبو حنيفة تلزمه دية جائفةٍ في الوصول إلى الجوف، وحكومة في النفوذ منه، وبه قال بعض أصحابنا (¬3). مغ جـ 9 (ص: 650). باب في ديات العظام مسألة (1418) أكثر أهل العلم على أن ما سوى الأضلاع والتراقي (¬4) وعظام الزندين (¬5) فليس فيها شيء مقدر وإنما فيها حكومة. وقال القاضي أبو يعلى: في عظم الساق بعيران وفي الساقين أربعة أبعرة، وفي عظم الفخذ بعيران وفي الفخذين أربعة. وقال ابن عقيل وأبو الخطاب وجماعة من أصحاب القاضي: في كل واحدٍ من الذراع والعضد بعيران، وزاد أبو الخطاب عظم القدم (¬6). ¬
باب في الجراحات مما دون الموضحة هل فيها دية مقدرة؟
مغ ص 9 (ص 656) بداية ص 2 (ص 507). باب في الجراحات مما دون (¬1) الموضحة هل فيها دية مقدرة؟ مسألة (1419) أكثر الفقهاء على أنه لا شيء مقدر في دية الجراحات التي قبل الموضحة. روي هذا عن عمر بن عبد العزيز ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في رواية. وقال أحمد في رواية: في الدامية بعيرٌ، وفي الباضعة بعيران، وفي المتلاحمة ثلاثة، وفي السمحاق أربعة أبعرة، لرواية سعيد بن منصور عن زيد بن ثابت بمثل ذلك. وعن عليٍّ: في السمحاق خاصةً مثل ذلك. مغ جـ 9 (ص: 658) بداية ص 2 (ص 501). باب في الحكومة (¬2) لا تزيد على أرش الجرح المؤقت مسألة (1420) أكثر أهل العلم على أنه لا يجوز في حكومة الجراحات التي لا أرش لها مؤقت أن تزيد في قيمتها على أرش الجرح المؤقت مما هو فوق الجرح الذي لا توقيت فيه، وبه يقول الشافعي وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد، وحكي عن مالك أنه يجب ما تخرجه الحكومة كائنًا ما كان؛ لأنها جراحة لا مقدر فيها فوجب فيها ما نقص كما لو كانت في سائر البدن. مغ جـ 9 (ص 661). باب في جراحات المرأة هل تساوي جراحات الرجل أم غير ذلك؟ مسألة (1421) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المرأة تساوى في جراحاتها دية الرجل إلى أن تبلغ الثلث من الدية ثم تكون ديتها بعد هذا على النصف من دية الرجل، روي هذا عن عمر وابنه وزيد بن ثابت رضي اللَّه تعالى عنهم، وبه قال سعيد ¬
ابن المسيب وعمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة وابن هرمز والأعرج، قال ابن عبد البر: وهو قول فقهاء المدينة السبعة وجمهور أهل المدينة. قلت: وهو قول ربيعة ومالك وعبد الملك بن الماجشون وأحمد وإسحاق، وحكاه ابن رشد عن الليث ابن سعد، وحكى غيره خلاف ذلك، وقاله الشافعي في القديم من مذهبه (¬1). وقال ابن مسعود وشريح: المرأة تعاقل الرجل إلى نصف عشر ديته؛ أي تساويه في الدية إلى نصف عشرها، وهو دية السن والموضحة، ثم تكون على النصف من الرجل فيما زاد عليه، رروي هذا عن عثمان رضي اللَّه تعالى عنه حكى هذا المذهب الماوردي وابن رشد. وقال زيد بن ثابت وسليمان بن يسار: تعاقل الرجل إلي دية المنقلة وذلك عشر الدية ونصف عشرها، ثم تكون على النصف فيما زاد. حكاه الماوردي في الحاوي. وقال الحسن: يستويان إلى النصف ثم بعد هذا على النصف من دية الرجل. حكاه الموفق في المغني. قال ابن المنذر: وقالت طائفة: دية المرأة على النصف من دية الرجل فيما قلَّ أو كثر، روينا هذا عن عليٍّ بن أبي طالب، وبه قال الثوري والشافعي وأبو ثور والنعمان (يعني أبا حنيفة) وصاحباه (يعني أبا يوسف ومحمد بن الحسن) واحتجوا بأنهم لما أجمعوا على الكثير (¬2) وهو الدية، كان القليل مثله، وبه نقول. اهـ حكاه عنه القرطبي، وحكى الموفق -رحمه الله- هذا القول عن غير هؤلاء. منهم ابن سيرين والليث وابن أبي ليلى وابن شبرمة. مغ جـ 9 (ص 532) الحاوي جـ 12 (ص 290) بدا ية جـ 2 (ص 508) القرطبي جـ 6 (ص 207) نيل الأوطار جـ 7 (ص 225). ¬
فصل في القسامة والدعاوى في النفوس والكفارة فيها
فصل في القسامة (¬1) والدعاوى في النفوس والكفارة فيها باب في هل تشرع القسامة؟ مسألة (1422) جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار في الحجاز والشام والكوفة على أن القسامة مشروعة، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وسفيان وداود وغيرهم رحمهم الله تعالى. قلت: وحكم بها عبد الله بن الزبير وذهبت طائفة من التابعين وغيرهم إلى أن القسامة لا تشرع وأنها لا تحل دمًا ولا تحقنه منهم: الحكم بن عتيبة وأبو قلابة وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار وقتادة ومسلم بن خالد وإبراهيم بن عُلَيَّةَ. وروي عن معاوية بن أبي سفيان أنه لم يقد بها، وروي أنه أذن بها. قلت: وهو مذهب البخاري وحكاه عنه النووي وقال: وعن عمر بن عبد العزيز روايتان كالمذهبين. فتح الباري جـ 26 (ص 58) بداية جـ 2 (ص 511) نيل الأوطار جـ 7 (ص 185) القرطبي جـ 1 (ص 457) شرح جـ 11 (ص 143). ¬
باب في أيمان القسامة هل يبدأ بها أهل القتيل أم المدعى عليهم؟
باب في أيمان القسامة هل يبدأ بها أهل القتيل أم المُدَّعَى عليهم؟ مسألة (1423) جمهور أهل العلم من القائلين بالقسامة على أن أيمان القسامة يبدأ بها المُدَّعُونَ أهلُ القتيل، فإذا حلفوا وجب الحق فيما ادعوه، وبه قال مالك والشافعي. قال مالك: الذي أجمعت عليه الأئمة قديمًا وحديثًا أن المدعين يبدأون في القسامة. وقال آخرون: بل يبدأ المدَّعى عليهم، وهو قول كل من لم يوجب بالقسامة قصاصًا إلا الشافعي -رحمه الله- فقال بقول الأكثرين. شرح جـ 11 (ص 144). باب في القتيل يدعي على فلان قبل موته هل يوجب ذلك قسامة؟ (1417) أكثر أهل العلم من القائلين بالقسامة على أن القتيل إذا قال قبل موته: دمي عند فلان يتهمه؛ فإن ذلك لا يوجب قِسامةً إلا إذا كان ثمة لوثٌ (¬1) بأن غلب علي الظن صدق القتيل في دعواه لعداوة أو غير ذلك، وبه يقول الثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي، وحكاه القرطبي عن جمهور العلماء. وقال مالك والليث: هو لوث يوجب القسامة (¬2). مغ جـ 10 (ص 23) القرطبي جـ 1 (ص 457) بداية جـ 2 (ص 517) شرح جـ 11 (ص 144، 159). ¬
فصل في الكفارة في القتل الخطأ
فصل في الكفارة (¬1) في القتل الخطأ باب في الكفارة في قتل الكافر المعصوم الدم خطأ مسألة (1424) أكثر أهل العلم على وجوب الكفارة بقتل الكافر المعصوم الدم خطأً؛ كالذمي والحربي المستأمن, وبه يقول الشافعي، وهو مذهب أحمد. وقال الحسن البصري ومالك: لا كفارة فيه، وبه قال أبو حنيفة حكاه عنه الماوردي (¬2). مغ جـ 10 (ص 38). باب في الكفارة على الشركاء في القتل مسألة (1425) جمهور العلماء على أن من شارك في قتل يوجب كفارةً فإن على كل شريك كفارة مستقلة ولا يكفي جميعهم كفارة واحدة، وبه يقول الحسن وعكرمة والنخعي والحارث العكلي والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، وأحمد في روايةٍ، وهي المعتمدة في الذهب. وقال آخرون: على الجميع كفارة واحدة، وهو قول أبي ثور، وحكى عن الأوزاعي، وحكى عن أحمد والشافعي. حكاه عن أحمد أبو الخطاب وعن الشافعي أبو علي الطبري، وأنكر ذلك الماوردي أشد الإنكار (¬3). مغ جـ 10 (ص 39). * * * ¬
فصل في البينة في القتل وغيره الموجب للقصاص
فصل في البينة في القتل وغيره الموجب للقصاص (¬1) باب في عدد الشهداء فيما أوجب القصاص مسألة (1426) جمهور العلماء على أنه يكفي في الشهادة على الجناية الموجبة للقصاص في نفس أو طرف شهادة رجلين عدلين، وبه يقول مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد في أشهر الروايتين. قال الماوردي: وقال مالك: يقبل فيما قلِّ من الجراح شاهد وامرأتان، ولا يقبل فيما كثر إلا شاهدان. وقال أحمد في رواية: لا يقبل في الشهادة على القتل خاصة إلا أربعة شهداء، وبه قال الحسن (¬2). مغ جـ 10 (ص 41). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب قتال أهل البغي
كتاب قتال أهل البغي أو (البغاة) أو (الخارجين على الإمام)
كتاب قتال أهل البغي (¬1) أو (البغاة) أو (الخارجين على الإِمام) باب في حكم الخوارج مسألة (1437) جمهور الفقهاء على أن الخوارج الذين خرجوا على عليِّ ومن تبعهم على نحلتهم ممن يكفرون بالذنب ويستبيحون دماء مخالفيهم وأموالهم أنهم بغاة تجري عليهم أحكامهم وأنهم يستتابوا؛ فإن تابوا وإلا قوتلوا وقتلوا على إفسادهم لا على كفرهم، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي، وبه يقول كثير من أهل الحديث. وقالت طائفة من أهل الحديث: هم كفار مرتدون وحكمهم حكم المرتدين وتباح دماؤهم وأموالهم؛ فإن تميزوا في مكان وكانت لهم منعة وشوكة صاروا أهل حرب كسائر الكفار، وإن كانوا في قبضة الإِمام استتابهم كاستتابة المرتدين، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم وكانت أموالهم فيئًا لايرثهم ورثتهم المسلمون. مغ جـ 10 (ص 49) فتح جـ 26 (ص 137). باب فيمن أظهر رأي الخوارج من غير خروج أو سفك دمٍ مسألة (1438) جمهور الفقهاء على أن من أظهر رأي الخوارج من التكفير بالذنب واعتقاد استحلال دماء المسلمين المخالفين وترك الجماعة (يعني جماعة المسلمين) من غير أن يخرج عن سلطان الإِمام أو سفك دم حلال، فإن هؤلاء لا يكفرون ولا يحل قتلهم ¬
ولا قتالهم، وبه يقول أبو حينفة والشافعي، وهو مذهب أحمد وغيرهم بالجملة. إلا أن مالكًا قال في الأباضية وسائر أهل البدع يستتابون، فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم. قال ابن إسحاق (هو إسماعيل): رأي مالك قتل الخوارج وأهل القدر من أجل الفساد الداخل في الدين، كقطاع الطريق فإن تابوا وإلا قتلوا على إفسادهم لا على كفرهم. قال الموفق: وأما من رأى تكفيرهم فمقتضى قوله (¬1) أنهم يستتابون؛ فإن تابوا وإلا قتلوا لكفرهم كما يقتل المرتد. مغ جـ 10 (ص: 58). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الردة وأحكام المرتدين
كتاب الردة وأحكام المرتدين
كتاب الردة (¬1) وأحكام المرتدين باب في قتل المرتدة مسألة (1429) جمهور العلماء على أن المرأة إذا أسلمت أو كانت مسلمة فارتدت عن دينها؛ فإنها تقتل كالرجل (¬2) سواء بسواء. روي ذلك عن أبي بكر وعليِّ رضي الله تعالى عنهما، وبه قال الحسن والزهري والنخعي ومكحول وحماد ومالك والليث والأوزاعي والشافعي وإسحاق، وهو مذهب أحمد. حكي هذا القول عن الجمهور ابن المنذر وابن رشد. وروي عن عليِّ والحسن وقتادة أنها تسترق ولا تقتل. وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: تباع بأرضٍ أخرى. وقال الثوري: تحبس ولا تقتل، ونسبه إلى ابن عباس مسندًا. وقال أبو حنيفة: تحبس المرأة الحرة على الإِسلام (يعني حتى تسلم) وتضرب ويؤمر السيد بإجبار أمته المرتدة على الإِسلام. قال ابن رشد: وشذ قوم فقالوا: تقتل وإن راجعت الإِسلام (¬3). فتح الباري جـ 26 (ص 97) بداية جـ 2 (ص: 553) شرح جـ 12 (ص 209). باب في استتابة المرتد مسألة (1430) جمهور أهل العلم على أن استتابة المرتد واجبة، وأنه يستتاب ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتِلَ، وممن قال بهذا: عمر وعليِّ رضي اللَّه تعالى عنهما، وهو قول ¬
باب في من يتولى قتل المرتد
عطاء والنخعي ومالك والثوري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في المعتمد من قوليه عند أصحابه، والأصح عندهم أنها على الوجوب. وقال أحمد في رواية أخرى: لا تجب استتابته ولكن تستحب وهو أحد قولي الشافعي، وبه قال عبيد بن عمير وطاوس، وروى ذلك عن الحسن (¬1). قلت: وروي عن عطاء فيمن ولد في الإِسلام ثم أرتد أنه لا يستتاب، قال ابن المنذر: والرواية الأولى عن عطاء أثبتت. مغ جـ 10 (ص 76) فتح جـ 26 (ص 99) نيل جـ 7 (ص 7) شرح جـ 12 (ص 208). باب في من يتولى قتل المرتد مسألة (1431) مذهب عامة أهل العلم أن أمر قتل المرتد إلى سلطان المسلمين وإمامهم يستوى في ذلك الحر والعبد، وهذا قول مالك وأبي حنيفة وأحمد والشافعي في أحد قوليه. وقال الشافعي في قوله الآخر: يجوز للسيد قتل عبده المرتد (¬2). مغ جـ 10 (ص 80). باب في ملك المرتد هل يزول بمجرد ردته؟ مسألة (1432) أكثر أهل العلم على أنه لا يحكم بزوال مِلْك المرتد بمجرد ردته، وإنما إذا مات على ردته، قال ابن المنذر: أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم. وقال أبو بكر عبد العزيز الحنبلي: يزول بمجرد ردته. وقال أصحاب أبي حنيفة: ما له موقوف إن أسلم تبينًّا بقاء ملكه وإن مات أو قتل على ردته تبينا زواله في حين ردته، وهو ظاهر كلام أحمد. قاله الشريف أبو جعفر. قال الموفق: وللشافعي ثلاثة أقوال كهذه الثلاثة. مغ جـ 10 (ص 81). ¬
باب في الولد يموت أحد أبويه الكافرين هل يحكم بإسلامه؟
باب في الولد يموت أحد أبويه الكافرين هل يحكم بإسلامه؟ مسألة (1433) أكثر الفقهاء أن الولد من أبوين كافرين إذا مات أحدهما؛ فإنه لا يحكم بإسلامه بمجرد موته. وقال الموفق في المغني: يكون مسلمًا بمجرد موت أحد أبويه. مغ جـ 10 (ص: 97). باب في الشهادة على الردة مسألة (1434) أكثر أهل العلم بل جمهورهم أو عامتهم على أنه يكفي في إقامة البينة على الردة شهادة عدلين. وقال الحسن: لا يقبل إلا أربعة شهداء كقوله في الشهادة على القتل أو ما يوجبه, قال ابن المنذر: ولا نعلم أحدًا خالفهم إلا الحسن. مغ جـ 10 (ص 99). * * *
فصل في السحر
فصل في السحر (¬1) باب في الساحر هل يقتلُ؟ مسألة (1435) جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الساحر، إذا كان يَسْحَرُ بكلام فيه كفرٌ أو يطلب من المسحور فعل أو قول ما يقتضى الكفر فإنه يقتل، وروي قتل الساحر إذا سحر بما يكفر عن عمر بن الخطاب وابنه وحفصة وجندب بن عبد الله رضي اللَّه تعالى عنهم، وروي هذا كذلك عن قيس بن سعد التابعي. قال ابن المنذر: وهذا مذهب عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور وأحمد وإسحاق والنعمان (أبو حنيفة). وروي عن عائشة -رضي الله عنها-، أنها باعت ساحرة كانت سحرتها وجعلت ثمنها في الرقاب ذكر هذا ابن المنذر وأوله بأنها يحتمل أنها لم تكن تسحر بما فيه كفر. قلت: ولا أحفظ عن أحد الآن أنه قال بعدم قتل الساحر إذا سحر بما فيه كفر، والله تعالى أعلم (¬2). الإشراف جـ 2 (ص: 407) شرح جـ 14 (ص: 176) بداية جـ 2 (ص: 554). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الحدود
كتاب الحدود
كتاب الحدود فصل في أحكام الزنا وشروط الإحصان الموجبة للرجم (¬1) باب في اشتراط النكاح الصحيح مسألة (1436) جمهور أهل العلم على أن من شروط الإحصان الوطء في نكاح صحيح، وممن قال بهذا: عطاء وقتادة ومالك والشافعي وأصحاب الرأي. وقال أبو ثور: يحصل الإحصان بالوطء في النكاح الفاسد، وحكى مثل ذلك عن الليث والأوزاعي. قلت: وحكى ابن المنذر عن الليث كقول الجمهور. الإشراف جـ 12 (ص 9) مغ جـ 10 (ص 126). باب في اشتراط الحرية مسألة (1437) عامة أهل العلم على أن الحرية شرط من شروط الإحصان الموجبة للرجم، والجمهور على أن العبد إذا وطئ زوجته الأمة ثم عتقا لم يصيرا محصنين حتى يطأها بعد عتقهما (¬2)، وانفرد أبو ثور فقال برجم العبد والأمة إذا كانا محصنين إلا أن يكون إجماع يخالف ذلك. وحكي عن الأوزاعي في العبد تحته حرة هو محصن رجم إذا زنا وإن كان تحته أمة لم يرجم وحكى كذلك عنه في المملوكين يعتقان وهما متزوجان ثم يطأها الزوج لا يصيران محصنين بذلك. مغ جـ 10 (ص: 127). ¬
باب في اشتراط البلوغ والعقل
باب في اشتراط البلوغ والعقل مسألة (1438) أكثر أهل العلم على أن العقل والبلوغ شرطان من شروط الإحصان وهو نص الشافعي رحمه الله تعالى في البلوغ (¬1)، وقال بعض أصحاب الشافعىِ يصح الإحصان من الصبي والمجنون. حكاه عنهم الموفق في المغني. مغ جـ 10 (ص 128). باب في اشتراط استيفاء شروط الإحصان في الرجل والمرأة معًا مسألة (1439) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم أن الرجل والمرأة لا يصيران محصنين حتى يستوفيا معًا شروط الإحصان فإذا نقص شرط أو شرطان في أحدهما لم يُحْصَنْ الآخر بذلك، وبه يقول أبو حنيفة وأصحابه، وقال نحوه عطاء والحسن وابن سيرين والنخعي وقتادة والثوري وإسحاق قالوه في الرقيق. وقال مالك: إذا كان أحدهما كاملًا صار محصنًا إلا الصبي إذا وطئ الكبيرة لا يُحْصِنُها، وحكى نحوه عن الأوزاعي. واختلف في هذه المسألة على الشافعي رحمه الله، فقيل له قولان: أحدهما: كقول الأكثرين، والثاني: أن الكامل يصير محصنًا كقول مالك واختاره ابن المنذر، وقيل: إنما القولان في الصبي دون العبد، فإنه يصير محصنًا قولًا واحداً (¬2). مغ جـ 10 (ص 128). ¬
باب في رجم الرجل قائما
باب في رجم الرجل (¬1) قائمًا مسألة (1440) جمهور أهل العلم على أن الرجل يرجم قائمًا. وقال مالك: يرجم قاعدًا. وقال آخرون: يخير الإِمام في ذلك. شرح جـ 11 (ص 205). باب في الجمع بين الجلد والرجم على المحصن الزاني مسألة (1441) جمهور العلماء على أن من زنى وكان محصنًا؛ فإنه ليس عليه إلا الرجم. روي هذا عن عمر وعثمان من فعلهما أنهما رجما ولم يجلدا، وروي هذا عن ابن مسعود من قوله، قال: إذا اجتمع حدَّان لله تعالى فيهما القتل أحاط القتل بذلك، وبه قال النخعي والزهري والأوزاعىِ ومالك والشافعي وأبو ثور وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي، وهو اختيار إسحاق الجوزجاني وأبو بكر الأثرم من الحنابلة، وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وروي عن عليِّ من فعله أن عليه الجلد والرجم، وبه قال ابن عباس وأبي بن كعب وأبو ذر نقله عنهم أبو بكر عبد العزيز واختاره، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وبه قال الحسن وإسحاق وداود وابن المنذر، وحكاه القرطبي عن الحسن بن صالح بن حيٍّ (¬2). بداية جـ 2 (ص 522) الحاوي جـ 13 (ص 191) شرح جـ 11 (ص 189). ¬
باب في الصلاة على من قتل حدا بزنى أو غيره
باب في الصلاة (¬1) على من قُتِلَ حدًّا بزنى أو غيره مسألة (1442) جمهور العلماء على أن من مات قتلًا بحد الزنى، فإنه يصلى عليه، وكذلك يصلى على الفساق والمقتولين في الحدود والمحاربة وغيرهم، وهو قول الشافعي في الإِمام وغيره، وقال مالك: من قتله الإِمام في حدِّ لا يصلى عليه (¬2). وقال الزهري: لا يصلي أحدٌ على المرجوم وقاتل نفسه. وقال قتادة: لا يصلي على ولد الزنا. مغ جـ 10 (ص: 132) شرح جـ 11 (ص:204). باب في جلد البِكْرِ (¬3) وتغريبه مسألة (1443) جمهور العلماء على أن غير المحصن، إذا زنى فإنه يجلد مائة جلدةٍ ويُغَرِّبُ عامًا. روى التغريب مع الجلد عن الخلفاء الراشدين، وبه قال أُبيُّ وابن مسعود وابن عمر رضي اللَّه تعالى عنهم، وإليه ذهب عطاء وطاوس والثوري وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وأبو يوسف. وقال مالك والأوزاعي: يغرب الرجل دون المرأة. وقال حماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن: لا يجب التغريب، وهو قول الحسن البصري. وقال أبو حنيفة التغريب: تعزير أمره إلى الإِمام إن شاء فعله وإن شاء تركه. مغ جـ 10 (ص: 133) القرطبي جـ 5 (ص: 87) فتح جـ 25 (ص: 306) نيل الأوطار جـ 7 (ص: 252). شرح جـ 11 (ص: 189) الإشراف جـ 2 (ص: 32). ¬
باب في حد العبد والأمة إذا زنيا
باب في حد العبد والأمة إذا زنيا مسألة (1444) أكثر الفقهاء على أن العبد والأمة إذا زنيا، فإن حدهما خمسون جلدةً سواء كانا بِكْرَين أو ثيبين، وبه قال من الصحابة عمر وعليٌّ وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم، وهو قول الحسن البصري وإبراهيم النخعي ومالك والأوزاعي وأبي حنيفة والشافعي (¬1) وهو مذهب أحمد والبتي والعنبري. وقال ابن عباس وطاوس وأبو عبيد: إن كانا مزوجين فعليهما نصف الحد، وإلا فلا. وقال أهل الظاهر: حد المرأة الأمة خمسون جلدةً وحدُّ العبد الذكر مائة جلدة كالحر (¬2). وروى عن أحمد في الأمة غير المتزوجة تجلد مائة جلدة. وقال أبو ثور: في غير المحصنين نصف العذاب، وإلا عليهما الرجم. مغ جـ 10 (ص 142) بداية جـ 2 (ص 524) جـ 5 (ص 143) شرح جـ 11 (ص 214). باب في القضاة يقيمون الحدود في الأقاليم والنواحي في البلدان مسألة (1445) جمهور العلماء على أن للقضاة إذا كانت ولايتهم مطلقةً أن يقيموا الحدود في الاقاليم والأمصار سوى بلد السلطان ومقر حكمه ومملكته. وقال أبو حنيفة: لا ولاية لهم في إقامة الحدود. شرح جـ 12 (ص 209). ¬
باب في إقامة الحدود في المساجد
باب في إقامة الحدود في المساجد مسألة (1446) أكثر أهل العلم على أن الحدود لا تقام في المساجد. روى هذا عن عمر وعليِّ رضي اللَّه تعالى عنهما من فعلهما، وهو مذهب عكرمة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبي حنيفة ومحمد بن الحسن، حكاه عنهم ابن المنذر، وبه يقول. وروي عن الشعبي أنه ضرب يهوديًّا حرًّا في المسجد، وبه قال ابن أبي ليلى. وقال آخرون: لا بأس بالتعزير الخفيف أن يكون في المسجد، أما الحدود فلا. وحكاه ابن المنذر عن أبي ثور، وبنحوه قال ابن عبد الحكم. الإشراف جـ 2 (ص 29). باب في نواب السلطان يقيمون الحدود مسألة (1447) جمهور العلماء بل عامتهم على أن نواب السلطان (أمراء الأمصار) (حكام الأقاليم) لهم أن يقيموا الحدود كلها، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وسائر العلماء. وحكى النووي عن الكوفيين أن الحدود لا يقيمها في الأقاليم إلا فقهاء الأمصار. شرح جـ 12 (ص 209). باب في عفو السيد عن عبده إذا زنى مسألة (1448) مذهب الجماهير من العلماء بل عامتهم أن السيد إذا عفا عن عبده الزاني؛ فإن ذلك لا يسقط الحد عنه. وقال الحسن: يصح عفوه ويسقط الحد. مغ جـ 10 (ص 146). باب في هل يقيم السيد حد الجلد على رقيقه؟ مسألة (1449) أكثر العلماء بل جماهيرهم على أن للسيد إقامة الحد بالجلد على رقيقه القن. روي نحو ذلك عن عليِّ وابن مسعود وابن عمر وأبي حميد وأبي أسيد الساعديين وفاطمة ابنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي اللَّه تعالى عنهم.
باب في هل يملك السيد إقامة حد القطع والقتل على عبيده؟
وروي هذا عن علقمة والأسود والزهري وهبيرة بن مريم وأبي ميسرة، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأبي ثور وابن المنذر، وهو مذهب أحمد رحمه الله تعالى، وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى وأصحاب الرأي: ليس له ذلك إنما ذلك للسلطان (¬1). مغ جـ 10 (ص: 146) شرح جـ 11 (ص 211). باب في هل يملك السيد إقامة حد القطع والقتل على عبيده (¬2)؟ مسألة (1450) أكثر أهل العلم على أن الحدود التي فيها قطع أو قتل لا يقيمها إلا السلطان، ولا يملك السيد أن يقيمها على عبيده، وظاهر مذهب الشافعي جواز ذلك، وهو وجه في مذهب الإِمام أحمد. وبعضهم قال: هو على روايتين في قطع السارق. قاله القاضي. مغ جـ 10 (ص 147). * * * ¬
فصل في الزنا المعتبر في الشرع والذي به يجب الحد وما يدرأ به الحد من الشبهات
فصل في الزنا المعتبر في الشرع (¬1) والذي به يجب الحد وما يدرأ به الحد من الشبهات باب في من وطأ ذات محرم بعقد نكاح أو بغيره مسألة (1451) أكثر أهل العلم على أن من تزوج ذات محرم فوطئها فإن عليه الحد (¬2)، وهو قول الحسن وجابر بن زيد ومالك والشافعىِ وأبي يوسف ومحمد وإسحاق وأبي أيوب وابن أبي خيثمة وهو مذهب أحمد. وقال أبو حنيفة والثوري: لا حد عليه، وإنما عليه التعزير (¬3). مغ جـ 10 (ص 152). باب في درء الحد بكل نكاح اختلف فيه مسألة (1452) أكثر أهل العلم على أن كل وطء في نكاح مختلف في جوازه وبطلانه، فإن الحد يدرأ به. كنكاح المتعة والشغار والتحليل والنكاح بلا ولي ولا شهود، وهو قول عطاء وقتادة ومالك والليث والشافعي وأصحاب الرأي وخالف في ذلك أبو محمَّد بن حزم الأندلسي، فقال بوجوب الحد في كل وطء في نكاح فاسد عنده ولو كان مما اختلف فيه (¬4). وحكى ابن المنذر عن أبي ثور إثبات الإحصان ووجوب الحد في الوطء في النكاح الفاسد. مغ جـ 10 (ص 155) الإشراف جـ 2 (ص 9). ¬
باب في من زنى بامرأة ثم تزوجها
باب في من زنى بامرأة ثم تزوجها مسألة (1453) جمهور العلماء على أن من زنى بامرأة ثم تزوجها، فإن الحد لا يسقط عنه. وقال أبو حنيفة: يسقط. محلى جـ 11 (ص 252). باب فيمن استأجر امرأة أو استخدمها ليزني بها مسألة (1454) جمهور العلماء على أن من استأجر امرأة أو استخدمها (يعني اتخذها خادمًا) ليزني بها وزنى بها فإن عليه حد الزاني، وبه يقول مالك وأبو يوسف ومحمد بن الحسن والشافعي وأبو ثور وأحمد وعامة الفقهاء. وقال أبو حنيفة: هو شبهة تدرأ عنه الحد (¬1). محلى جـ 11 (ص 250) بداية جـ 2 (ص 521) مغ جـ 10 (ص 194). باب في الرجل يطأ جارية ابنه (¬2) مسألة (1455) جمهور العلماء على أن الرجل إذا وطئ جارية ابنه؛ فإنه لا يقام عليه الحد لكنه يغرر لإتيانه ما حرم عليه، وبه يقول مالك وأهل المدينة والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي ومعهم أبو حنيفة، وهو مذهب أحمد. وقال أبو ثور وابن المنذر عليه: الحد، إلا أن يمنع ذلك إجماعٌ. ¬
باب في الرجل يطأ جارية زوجته
مغ جـ 10 (ص: 157) بداية جـ 2 (ص:520) الحاوي جـ 9 (ص: 176). باب في الرجل يطأ جارية زوجته مسألة (1456) جمهور أهل العلم على أن من وطئ جارية زوجته فهو زانٍ ويقام عليه الحد، وهو مذهب عمر وعليِّ رضي اللَّه تعالى عنهما، وإليه ذهب قتادة وعطاء ومالك والشافعي، ولا فرق عند هؤلاء أن تحلها له زوجته أو لا تحلها. وقال قوم: إن كانت زوجته أحلتها له جلد مائة وإلا رجم، وجعله الموفق المذهب المعتمد. وقال آخرون: إن كانت طاوعته غرمها لزوجته وملكها، وإن استكرهها قومت عليه، وهي حرةٌ. حكاه ابن رشد عن أحمد وإسحاق وقال: وهو قول ابن مسعود رضي اللَّه تعالى عنه، وحكاه الموفق عن الحسن كذلك. وقال بعضهم: لا حد عليه وإنما عليه التعزير لشبهة الملك كونه مالكا لامرأته وحكي عن النخعي (¬1). بداية جـ 2 (ص 520). باب في حد اللوطي (¬2) مسألة (1457) جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم (¬3) على أن اللوطي يُحَدُّ بكرًا كان أو ثيبًا مع اختلافهم في صفة الحد، فقال برجمه: عليٌّ وابن عباس وجابر بن زيد وعبد الله بن معمر والزهري وأبو حبيب وربيعة ومالك وإسحاق والشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين. وروي عن أبي بكر وعليٍّ أنهما رأيا فيه التحريق، وهو قول ابن الزبير. ¬
وقال قتادة والأوزاعي وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأبو ثور والشافعي في أشهر قوليه وأحمد في رواية: يقام عليه حد الزاني إن بكرًا فالجلد مع التغريب وإن ثيبًا فالرجم (¬1). وقال الحكم وأبو حنيفة: لا حد عليه وإنما التعزير. وحكي عن عمر وعثمان: أنه يلقى عليه حائط. وعن ابن عباس أنه يلقى من أعلي بناء في البلد، وحكى غير هذا، والله المستعان. مغ جـ 10 (ص 160) نيل الأوطار جـ 7 (ص 287) الحاوي الكبير جـ 13 (ص 222) الإشراف جـ 2 (ص 26). * * * ¬
فصل في ما يثبت به الزنى
فصل في ما يثبت به الزنى (¬1) باب في رجوع المقر بالزنى عن إقراره مسألة (1458) جمهور العلماء على أن من أقر على نفسه بالزنى ثم رجع عن إقراره؛ فإنه يقبل منه ويُكَفُّ عنه وسواء كان إقراره قبل إقامة الحد أو أثناءه، وبهذا قال عطاء ويحيى بن يعمر والزهري وحماد بن مالك والثوري والشافعى وإسحاق وأبو حنيفة وأبو يوسف، وهو مذهب أحمد. وعن مالك إذا رِجع عن شبهة ترك، وإلا فعنه روايتان أشهرها يقبل. وقال الحسن وسعيد بن جبير وابن أبي ليلى وعثمان البتي وداود بن علي: لا يقبل رجوعه، لا يسقط عنه الحد (¬2). بداية جـ 2 (ص 527) الحاوي الكبير جـ 13 (ص 210). باب في قبول شهادة النساء في الزنى مسألة (1459) مذهب عامة العلماء أن الشهادة على الزنى لا يقبل فيها إلا الرجال. وروي عن عطاء وحماد أنه يقبل فيه شهادة ثلاثة رجال وامرأتان. قال الموفق: وهو شذوذ لا يعول عليه. وقال القرطبي: ولابد أن يكون الشهود ذكورًا لقوله: (منكم) ولا خلاف فيه بين الأئمة (¬3). مغ جـ 10ص 175 ¬
باب في شهادة العبيد في الزنى
باب في شهادة العبيد في الزنى مسألة (1460) جمهور العلماء بل عامتهم على أن العبيد لا تقبل شهادتهم في الزني وبه يقول فقهاء الأمصار. وقال أبو ثور: تجوز شهادتهم، وحكى عن أحمد مثله. مغ جـ 10 (ص 176). باب في وجوب الحد على الشهود إذا لم يكملوا أربعةً (¬1) مسألة (1461) أكثر أهل العلم على أن الشهود إذا لم يوفوا نصاب الشهادة على الزني وهو أن يكملوا أربعة حُدَّ كل من شهد بالزنا، وبه يقول مالك والشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين وأصحاب الرأي. وقال الشافعي في أحد قوليه: لا حد عليهم (¬2) وروي عن أحمد. مغ جـ 10 (ص 179). باب في اختلاف الشهود في مكان أو زمان الزنى مسألة (1462) جمهور أهل العلم ممن بلغنا قولهم أن الشهود إذا اختلفوا في شهادتهم؛ فقال بعضهم: في يوم آخر، أو قال بعضهم: في الدار الفلانية، وقال بعضهم: في البيت الفلاني. فإن اختلافهم مسقط للحد عمن شهدوا عليه، وهو قول مالك والشافعي والنخعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد المعتمد، وحكى أبو بكر عبد العزيز عن أحمد أنه يحد لتمام الشهادة واختاره (¬3). مغ جـ 10 (ص 183). ¬
باب في شهادة النساء بعذرية من شهد عليها بالزنى
باب في شهادة النساء بعذرية من شهد عليها بالزنى مسألة (1463) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن الشهادة إذا تمت على امرأة بالزنى ثم شهد أربع نسوة ثقات عليها بأنها عذراء سقط الحد عنها وعن الشهود، وبه يقول الشعبي والثوري والشافعي وأبو ثور وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن وأبو يوسف، وهو مذهب أحمد. وقال مالك وزفر والظاهرية: تحد. وقال أبو محمَّد بن حزم بالتفصيل، فإن كانت العذرية المشهود عليها يبطلها الإيلاج كَذَّبنا الشهود وأسقطنا الحد، وإلا فلا (¬1). مغ جـ 10 (ص 189). باب في هل تصح إقامة البينة على الزنى بظهور الحبل؟ (¬2) مسألة (1464) جماهير العلماء على أنه لا يقام الحد على المرأة بمجرد ظهور الحَبَلِ، وإنما لا بد من بَيِّنة أو إقرار (اعتراف) وسواء كان للمرأة زوج أو سيد أم لا والغريبة (يعني عن البلد) وغيرها سواء، وسواء ادعت الإكراه أو سكتت، وبه يقول أبو حنيفة والشافعي. ¬
وقال عمر - رضي الله عنه -: في الحبل الحدُّ إذا لم يكن لها زوج ولا سيد، وبه قال مالك وأصحابه، فقالوا: إذا حبلت ولم يعلم لها زوج ولا سيد ولا عرفنا إكراهها لزمها الحد إلا أن تكون غريبة طارئة وتدعي أنه من زوج أو سيد، وقالوا: ولا تقبل دعواها الإكراه إذا لم تقم بذلك مستغيثة عند الإكراه قبل ظهور الحمل (¬1). شرح جـ 11 (ص 192). * * * ¬
فصل في أحكام القذف
فصل في أحكام القذف (¬1) باب في الحُر يقذف العبد أو الأمة هل عليه حد؟ مسألة (1465) جمهور أهل العلم بل عامتهم على أن الحر إذا قذف عبدًا فإنه لا حدَّ عليه وقال داود فيما روى عنه بوجوب الحد. وروى عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن عمر عمن قذف أم ولد لآخر فقال: يضرب الحد صاغرًا. ذكره الحافظ في الفتح وقال: وبه قال الحسن وأهل الظاهر. ثم قال: وقال ابن المنذر: اختلفوا فيمن قذف أم ولد. فقال مالك وجماعة: يجب فيه الحد، وهو قياس قول الشافعىِ بعد موت السيد، وكذا كل من يقول أنها عتقت بموت السيد، وعن الحسن البصري أنه كان لا يرى الحد على قاذف أم الولد، وقال مالك والشافعي: من قذف حرًّا يظنه عبدًا وجب عليه الحد. اهـ (¬2) (¬3). مغ جـ 10 (ص 202) فتح جـ 25 (ص 339) بداية جـ 2 (ص 529). باب في المسلم الحر يقذف الرجل أو المرأة من أهل الكتاب (¬4) مسألة (1466) جمهور العلماء على أن المسلم الحر إذا قذف الرجل الكتابي أو المرأة الكتابية سواء كانا ذميين أو غير ذلك، فإنه لا يحد بذلك (¬5). وقال الزهري وسعيد بن المسيب وابن أبي ليلى: عليه الحد إذا كان لها ولد من مسلم. ¬
باب في عفو المقذوف عن قاذفه هل يملكه؟
وقال آخرون: إذا قذف النصرانية وهي زوجة لمسلم حُدَّ. قال ابن المنذر: وجُلُّ العلماء مجمعون وقائلون بالقول الأول، ولم أدرك أحدًا ولا لقيته يخالف في ذلك. حكاه عنه القرطبي (¬1). مغ جـ 10 (ص: 202) القرطبي جـ 12 (ص: 174). باب في عفو المقذوف عن قاذفه هل يملكه؟ (¬2) باب في حد العبد إذا قذف حُرًّا محصنًا مسألة (1467) جمهور أهل العلم على أن حد العبد إذا قذف حرًّا محصنًا مسلمًا أربعون جلدة، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد. وروي عن ابن مسعود وعمر بن عبد العزيز وقبيصة بن ذؤيب أنه كالحر يجلد ثمانين وروي عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم من فعله، وبه قال الأوزاعي وأبو ثور وداود وأصحابه من أهل الظاهر، وحكاه في الفتح عن الزهري. قال ابن المنذر: والذي عليه عوام علماء الأمصار القول الأول، وبه أقول. مغ جـ 10 (ص 206) القرطبي جـ 12 (ص 174) بداية جـ 2 (ص 530) فتح جـ 25 (ص 339) نيل جـ 7 (ص 324). باب في التعريض بالزنى هل يعتبر قذفًا؟ (¬3) مسألة (1468) أكثر أهل العلم على أن التعريض بالزنى لا يعتبر قذفًا ولا يوجب الحد، وإن كان يوجب التعزير عند بعضهم. ¬
باب في قذف من لاعنها زوجها
وممن قال بأنه ليس قذفًا: عطاء وعمرو بن دينار وقتادة والثوري والشافعي وأبو ثور وأبو حنيفة وابن أبي ليلى وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين. وقال مالك وأحمد في رواية وإسحاق: هو قذف وفيه الحد، وروي هذا عن عمر رضي اللَّه تعالى عنه. وروي عن عثمان من فعله، ونقل الماوردي عن مالك وأحمد وإسحاق: أنه عندهم قذف في الغضب دون الرضا (¬1). بداية جـ 2 (ص 530) نيل الأوطار جـ 7 (ص 75). باب في قذف مَنْ لَاعَنَهَا زَوجُها (¬2) باب في قذف الميت وولده حيٌّ مسألة (1469) أكثر أهل العلم على أنه لا حد على من قذف غير محصن سواء كان حيًّا أو ميتًا، وبه يقول الشافعي، وقال: إن كان الميت محصنًا كان لوليه المطالبة، وقال أصحاب الرأي: لا حد على من قذف ميتةً محصنة أو غير محصنة، واختاره أبو بكر عبد العزيز من الحنابلة، واختار الموفق الحد على من قذف أم فلانٍ الميتة ولا اعتبار لإحصانها (¬3). مغ جـ 10 (ص 227). باب في من قذف رجلاً بقذف حُدَّ فيه من قَبلُ مسألة (1470) عامة أهل العلم على أن من رمى رجلاً بزنى فحد فيه ثم أعاد قذفه بنفس ما رماه به أولاً لم يُحدَّ ثانية، وحكي عن ابن القاسم أنه أوجب حدًّا ثانيًا. مغ جـ 10 (ص 234). ¬
باب في الرجل يقذف الجماعة بكلمة واحدة
باب في الرجل يقذف الجماعة بكلمة واحدة (¬1) مسألة (1471) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من قذف جماعة محصورين بكلمة واحدة فليس عليه إلا حدٌّ واحد سواء طالبوا به جميعًا أو بعضهم، وبهذا قال طاوس والشعبي والزهري والنخعىِ وقتادة وحماد ومالك والثوري وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وابن أبي ليلى وإسحاق والشافعي في أحد قوليه وأحمد في إحدى الروايتين. وقال الحسن وأبو ثور وابن المنذر والشافعي في قول وأحمد في رواية: يُحَدُّ لكل واحد منهم (¬2). مغ جـ 10 (ص 331). باب في القاذف يتوب قبل أن يحد هل يدرأ عنه العذاب؟ (¬3) باب في قبول توبة القاذف وقبول شهادته مسألة (1472) جمهور العلماء على أن القاذف إذا تاب، فإن شهادته تقبل بَعْدُ، وسواء تاب قبل الحد أو بعده (¬4)، وقال شريح القاضي وإبراهيم النخعي والحسن البصري وسفيان الثوري وأبو حنيفة: لا تقبل شهادته أبدًا. القرطبي جـ 12 (ص 179). ¬
فصل في حد السرقة وفروعها
فصل في حد السرقة (¬1) وفروعها باب في الاختلاس هل فيه قطع؟ مسألة (1473) عامة أهل العلم على أنه لا قطع في الاختلاس، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وسائر فقهاء الأمصار وأئمة الفتوى (¬2). وقال إياس بن معاوية بالقطع على المختلس. مغ جـ 10 (ص 240) بداية جـ 2 (ص 536). باب في جاحد العارية هل تقطع يده؟ مسألة (1474) جمهور العلماء على أن من استعار شيئًا ثم جحده؛ فإنه لا قطع في ذلك، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين. وقال أحمد في رواية: عليه القطع، وهو قول إسحاق بن راهويه. مغ جـ 10 (ص 240) بداية جـ 2 (ص 536) شرح جـ 11 (ص 188). باب في اشتراط النصاب في القطع مسألة (1475) جمهور العلماء بل جماهيرهم على أن لا قطع في السرقة إلا إذا بلغ المسروق نصابًا (¬3)، وبه يقول مالك وأبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد. وقال الحسن وداود وابن بنت الشافعي بالقطع في قليل المسروق وكثيره. ¬
باب في القطع بسرقة العبد الصغير
مغ جـ 10 (ص 241) بداية جـ 2 (ص 537) الحاوي جـ 13 (ص 219). شرح جـ 11 (ص 181). باب في القطع بسرقة العَبْدَ الصغير (¬1) مسألة (1476) جمهور أهل العلم، بل عامتهم على أن من سرق عبدًا صغيرًا غير مميز فإن فيه القطع، قال ابن المنذر. أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم منهم الحسن ومالك والشافعي والثوري وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: لا يقطع سارق العبد وإن كان صغيرًا. مغ جـ 10 (ص 245) بداية جـ2 (ص 542). باب في اشتراط الحرز (¬2) في القطع مسألة (1477) جمهور العلماء على أن لا قطع على سارق حتى يسرق ما بلغ نصابًا من حرز مثله ويخرج به، وإليه ذهب عطاء والشعبي وأبو الأسود الدؤلي وعمر بن عبد العزيز والزهري وعمرو بن دينار والثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي (¬3). وذهب أهل الظاهر داود وأصحابه إلى عدم اشتراط شيء من ذلك، وانتصر الإِمام محمَّد بن حزم لهذا القول أشد الانتصار وحكاه مسندًا عن عائشة وابن الزبير وسعيد بن المسيب وعبد الله بن عبيد الله والحسن البصري وإبراهيم النخعي وعبيد الله ابن أبي بكرة فيمن سرق ولم يخرج به من الحرز (¬4). مغ جـ 10 (ص 249) بداية جـ 2 (ص 540) القرطبي جـ 6 (ص 162) شرح جـ 11 (ص 185). ¬
باب في القطع في الثمر
باب في القطع في الثمر مسألة (1478) جمهور الفقهاء على أنه لا قطع في سرقة الثمر وجمار النخل قبل إدخاله الحرز. روي معنى هذا عن ابن عمر، وبه قال عطاء ومالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي، وهو مذهب أحمد. وقال أبو ثور: إن كان من ثمر أو بستان محرز ففيه القطع، وبه قال ابن المنذر إن لم يصح خبر رافع (¬1). قال: ولا أحسبه ثابتًا. مغ جـ 10 (ص 262). باب في إضعاف الغرامة في سرقة الثمر مسألة (1479) جمهور الفقهاء على أن من سرق ثمرًا من غير حرزه لا يغرم أكثر من مثله. قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال بوجوب غرامة مثليه. وقال إسحاق: عليه غرامة مثليه. وقال أحمد: لا أعلم سببًا يدفعه (¬2). مغ جـ 10 (ص 263). باب في السارق تقطع يمناه (¬3) ثم يعود فيسرق مسألة (1480) جمهور العلماء بل عامتهم على أن السارق إذا قطعت يمناه ثم عاد ¬
باب في محل القطع من الرجل اليسرى
فسرق فإنه تقطع رجله اليسرى، وبه يقول جماعة فقهاء الأمصار من أهل الفقه والأثر من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو قول مالك والشافعي وأحمد وأبي ثور، وبه قال الزهري كذلك وقال عطاء فيما حكي عنه تقطع يده اليسرى. وروي هذا عن ربيعة وداود (¬1). مغ جـ 10 (ص 265) الحاوي الكبير جـ 13 (ص 321). باب في محل القطع من الرجل اليسرى مسألة (1481) جمهور أهل العلم بل جماهيرهم على أن الرجل اليسرى إذا قطعت فإنها تقطع من مفصل الكعب، وعمل به عُمَرُ رضي اللَّه تعالى عنه، وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي. وقال أبو ثور: تقطع من نصف القدم من معقد الشراك، وفعل ذلك عليِّ رضي اللَّه تعالى عنه، وحكاه النووي عنهما وعن أحمد (¬2). مغ جـ 10 (ص 265) شرح جـ 11 (ص 185). باب في العبد والأمة إذا سرقا مسألة (1482) مسألة (55) جمهور الفقهاء على أن العبد أو الأمة إذا سرق واحدٌ منهما فإن عليه القطع، وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وأبو حنيفة، واتفق هؤلاء على قطع يد العبد الآبق خلا أبا حنيفة، وحكى عن ابن عباس أنه لا قطع على العبيد والإماء، وحكى الموفق وابن رشد الخلاف في العبد الآبق عن عثمان ومروان وسعيد بن العاصي (¬3). مغ جـ 10 (ص 274). باب في النَّبَاش يسرق من القبر مسألة (1483) جمهور العلماء على قطع يد النَّبَّاش إذا سرق من القبر ما بلغت قيمته نصابًا، وممن قال بهذا الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة والشعبي والنخعي وحماد ¬
باب في الوالد يسرق من مال ولده
ومالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر، وروي عن ابن الزبير أنه قطع نباشًا، وهو مذهب أحمد، وقال الثوري وأبو حنيفة لا قطع عليه (¬1) (¬2). القرطبي جـ 6 (ص 164). باب في الوالد يسرق من مال ولده مسألة (1484) جمهور العلماء على أنه لا قطع على والدٍ إذا سرق من مال ولده وهو قول مالك والثوري والشافعي وأبي حنيفة وسائر أصحاب الرأي. وقال أبو ثور وابن المنذر: القطع على كل سارق بظاهر الكتاب إلا أن يجمعوا على شيء فيستثنى (¬3). وحكاه الماوردي عن داود. مغ جـ 10 (ص 284) الحاوي الكبير جـ 13 (ص 348). باب في العبد يسرق من مال سيده مسألة (1485) جمهور العلماء على أنه لا قطع على العبد إذا سرق من مال سيده، وحكى الموفق عن أهل الظاهر أن فيه القطع. وحكاه ابن رشد عنهم وعن أبي ثور (¬4). مغ جـ 10 (ص 285) بداية جـ 2 (ص 543). باب في السارق يرجع عن إقراره (¬5) قبل القطع مسألة (1486) جمهور الفقهاء على أن السارق إذا أقر بسرقة ثم رجع عن إقراره، فإنه يقبل منه ويدرأ عنه الحد ما لم تقم بينة. ¬
باب في صاحب المال يهب ما سرق منه للسارق قبل القطع
وقال ابن أبي ليلى وداود: لا يقبل رجوعه، وهو أحد قولي الشافعي (¬1). مغ جـ 10 (ص 293). باب في صاحب المال يهب ما سُرِقَ منه للسارق قبل القطع مسألة (1487) جمهور أهل العلم على أن صاحب المال إذا وهب السارق ما سرقه من قبل أن يصل الأمر إلى السلطان أو قبل أن يقام عليه الحد وقد وصل الأمر في الحالين إلى السلطان فإن ذلك لا يدرأ عن السارق الحد، وبه يقول مالك والشافعي. وقال أبو حنيفة وطائفة: لا حدَّ عليه. بداية جـ 2 (ص 549). باب في السارق تقطع يده هل يغرم ما سرقه؟ (¬2) باب في الطرار (النشال) هل تقطع يده؟ (¬3) باب في الشفاعة في السرقة (¬4) مسألة (1488) أكثر العلماء على جواز الشفاعة في الحدود قبل وصولها إلى الإمام. شرح جـ 11 (ص 186). ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقة الإسلامي كتاب قطاع الطرق أو المحاربين
كتاب قطاع الطرق أو المحاربين
كتاب قطاع الطرق (¬1) أو المحاربين (¬2) باب في قطاع الطريق يوجد فيهم الصبي أو المجنون أو ذو رحم مسألة (1489) جمهور العلماء على أن قطاع الطريق إذا وجد فيهم صبي أو مجنون أو ذو رحم من المقطوع عليه؛ فإن الحد لا يسقط عن غير هؤلاء. وقال أبو حنيفة يسقط الحد عن جميعهم ويصير القتل للأولياء (¬3) إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا عفوا. ¬
باب في دفع اللصوص ومقاتلتهم إذا أبوا
مغ جـ 10 (ص 318). باب في دفع اللصوص (¬1) ومقاتلتهم إذا أبْوا مسألة (1490) أكثر أهل العلم على أن اللص المطالب لمال غيره بغير حق يناشد بالله للكف عن عدوانه، فإن أبى دفع بما يدفعه، فإن لم يدفع إلا بقتاله وقتله استحب ذلك، وهو أولى من تركه يأخذ المال بغير حق. قال ابن المنذر: وروينا عن جماعة من أهل العلم أنهم رأوا قتال اللصوص ودفعهم عن أنفسهم وأموالهم. هذا مذهب ابن عمر والحسن البصري وإبراهيم النخعي وقتادة ومالك والشافعى وأحمد وإسحاق والنعمان (أبو حنيفة). قال القرطبي: وبهذا يقول عوام أهل العلم. قلت: هذا قول ابن المنذر بحروفه. وقال جماعة: الأَوْلَى أن لا يقاتل، بل ينجو من دمه بماله (¬2). القرطبي جـ 6 (ص 156). الإشراف جـ 1 (ص 540). * * * ¬
فصل في حد المسكر
فصل في حَد المُسْكِرِ (¬1) باب في وصف المسكر الذي يحرم قليله وكثيره مسألة (1491) جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن المسكر حرام قليله وكثيره، يستوي في ذلك عصير العنب وغيره من سائر الأشربة والأنبذة في تحريم شربه والحَدِّ فيه. روىِ هذا عن عمر وعليٍّ وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وسعد بن أبي وقاص وأُبي بن كعب وأنس وعائشة رضي الله تعالى عنهم، وبه قال عطاء وطاوس ومجاهد والقاسم وقتادة وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي وأبو ثور وأبو عبيد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقال أبو حنيفة في عصير العنب إذا طبخ فذهب ثلثاه، ونقيع التمر والزبيب إذا طبخ وإن لم يذهب ثلثاه، ونبيذ الحنطة والذرة والشعير، ونحو ذلك نقيعًا كان أو مطبوخًا: كل ذلك حلال إلا ما بلغ السكر، وأما عصير العنب إذا اشتد وقذف زبده وطبخ، فذهب أقل من ثلثيه، ونقيع التمر والزييب إذا اشتد بغير طبخ: فهذا محرم قليله وكثيره. قلت: جعل أبو حنيفة -رحمه الله- الخمر من العنب والنخل، فيحرم قليلها وكثيرها ويُحَدُّ شاربها، وما سوى ذلك من الأنبذة والأشربة لا يحرم شربه إلا ما بلغ السكر (¬2). مغ جـ 10 (ص 327) نيل الأوطار جـ 9 (ص 77) شرح جـ 13 (ص 148). ¬
باب في الحد من الخمر
باب في الحد من الخمر (¬1) مسألة (1492) جمهور العلماء على أن حد الخمر ثماثون ضربةً (¬2)، وبه يقول مالك والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد في رواية وابن المنذر وفعله عمر بحضره خلق كثير من الصحابة وغيرهم. وقال الشافعي وأبو ثور وداود وأحمد في رواية: أربعون، واختارها أبو بكر عبد العزيز (¬3)، والزيادة على الأربعين تعزير وأمرها إلى الإِمام. بداية جـ 2 (ص 533) فتح جـ 25 (ص 206) شرح جـ 11 (ص 217) الإشراف جـ 2 (ص 87). باب في ما يثبت به حَدُّ الخمر (¬4) مسالى (1493) جمهور أهل العلم على أن ظهور رائحة الخمر من الفم ليس من البينة التي يقام بها الحد، وهو قول الثوري وأبي حنيفة والشافعي وهو المعتمد في مذهب أحمد، وقال مالك وأحمد في رواية يُحَدُّ (¬5)، وقال به جمهور أهل الحجاز. مغ جـ 10 (ص 332). ¬
باب في العصير أو النبيذ يمضي عليه ثلاثة أيام
باب في العصير أو النبيذ يمضي عليه ثلاثة أيام (¬1) مسألة (1494) جمهور أهل العلم على جواز شرب العصير إذا أتت عليه ثلاثة أيام ما لم يغل ويُسْكِرْ. قلت: وقد حكى النووي في هذه المسألة الإجماع ولعلَّه قصد قبل اليوم الرابع (¬2)، وقال أحمد: لا يجوز شربه بعد ثلاثة أيام، غلي أو لم يغل، أسكر أو لم يُسْكِرْ. وقال أحمد: إشْرَبْهُ ثلاثًا ما لم يغل، فإذا أتى عليه ثلاثة أيام فلا تَشْرَبْهُ (¬3). مغ جـ 10 (ص 340). باب في العصير يطبخ فيذهب ثلثاه ويبقى ثلثه مسألة (1495) جمهور العلماء على أن العصير إذا طبخ فذهب ثلثاه وبقي الثلث فهو مباح ما لم يسكر، وممن قال به من الصحابة: عُمَرُ وأبو موسى الأشعري وأبو الدرداء وعلي وأبو أمامة وخالد بن الوليد رضي الله تعالى عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن وعكرمة والثوري والليث ومالك والشافعي. وقال آخرون: هو مباح إلى النصف، روي هذا عن البراء وأبي حنيفة رضي الله تعالى عنهما؛ وقال به جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه -، ومحمد ابن الحنفية وشريح القاضي. وقال آخرون: لا اعتبار بالثلث ولا بالثلثين فيجوز شربه ما لم يسكر، وقال أبو حنيفة: يجوز شربه ما بقي منه الثلث أسكر أو لم يسكر. نيل الأوطار جـ 9 (ص 76) الإشراف جـ 2 (ص 380). باب في الخليطين (¬4) مسألة (1496) جمهور العلماء على أن شرب الخليطين جائز ما لم يسكر، وأن النهي ¬
باب في الإمام يعزر فيموت المعزر هل في ذلك ضمان؟
عنهما إنما هو للتنزيه لا للتحريم، وبه يقول الشافعي، واختاره الموفق في المغني (¬1). وقال أحمد ومالك وإسحاق: لا يجوز، وبه يقول أهل الظاهر لكنهم خصوه بما جاءت به الأحاديث، وحكى النووي عن أبي حنيفة، وأبي يوسف في رواية أنه لا يحرم ولا يكره. نيل الأوطار جـ 9 (ص 73) شرح جـ 13 (ص 154). باب في الإمام يُعزرُ (¬2) فيموت المُعَزَّرُ هل في ذلك ضمانْ؟ مسألة (1497) جماهير العلماء على أن الإِمام إذا عَزَّرَ من يستحق التعزيرَ، فلا ضمان على الإِمام ولا على عاقلته ولا في مال ييت مال المسلمين. وقال الشافعي: يضمن الدية والكفارة. أما الدية فقال -رحمه الله- في أحد قوليه وأصحهما: تجب ديته على عاقلته، والكفارة في ماله، والقول الآخر: تجب الدية في بيت المال. وفي الكفارة وجهان: أحدهما: في بيت المال، والثاني: في مال الإِمام. شرح جـ 11 (ص 221). باب في الشرب من آنية الذهب والفضة مسألة (1498) جمهور العلماء على تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وحكي عن معاوية بن قرة أنه قال: لا بأس بالشرب من قدح فضة (¬3). وحكي عن الشافعي قول أنه مكروه غير محرم، وحكي عن داود الظاهري تحريم الشرب وجواز الأكل وسائر وجوه الاستعمال. مغ جـ 10 (ص 344). ¬
فصل في التعزير وأحكامه
فصل في التعزير (¬1) وأحكامه باب في هل يبلغ في التعزير الحدَّ المشروع؟ (¬2) باب في هل يضمن المعزر ما تلف بتعزيره؟ (¬3) * * * ¬
فصل في رد الصائل من إنسان أو حيوان
فصل في رد الصائل من إنسانٍ أو حيوانٍ باب في الرجل يدافع عن نفسه وماله وعرضه (¬1) باب في الرجل يجد امرأته تزني فيقتلهما (¬2) باب فى البهائم تفسد الأموال في ليل أو نهار (¬3) باب في الرجل يفقأ عين من اطلع من ثقب بابه (¬4) باب في الرجل يعض الرجل فيخلع المعضوض ثنية العاض (¬5) ¬
فصل في تصادم الداوب والفرسان والسفن وما جنت الدابة وعليها أو معها صاحبها
فصل في تصادم الداوب والفرسان والسفن وما جنت الدابة وعليها أو معها صاحبها (¬1) * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقة الإسلامي كتاب الجهاد
كتاب الجهاد
كتاب الجهاد باب في فرض الجهاد هل هو على التعيين أم على الكفاية؟ مسألة (1499) جمهور أهل العلم بل عامتهم على أن الجهاد في الأصل مفروض على الكفاية إذا قام به البعض سقط الطلب عن الباقين، وأنه لا يفرض على الأعيان إلا في أحوال مخصوصة (¬1). وقال سعيد بن المسيب: هو فرض على التعيين، وحكى ابن رشد عن عبد الله بن الحسن أنه جعله تطوعًا. مغ جـ 10 (ص 364) الحاوي الكبير جـ 14 (ص 142) بداية جـ 1 (ص 504). باب في استئذان الوالدين المسلمين في جهاد التطوع (¬2) باب في دعاء (¬3) الكافرين إلى الإسلام قبل القتال مسألة (1500) جمهور العلماء على أن دعوة الكافرين الذين لم يَبْلُغْهُمْ الإِسلام قبل القتال فرض، وأما الذين بلغتهم الدعوة فمستحب، وهو قول نافع مولى ابن عمر والحسن البصري والثوري والليث والشافعي وأبي ثور، وبه قال ابن المنذر، وحكاه عن أكثر أهل العلم، وقال مالك وغيره: يجب في الحالين وقال قوم: لا يجب في الحالين (¬4). ¬
باب في الانغمار في العدو واختراق صفوفهم تعرضا للقتل والشهادة
نيل الأوطار جـ 8 (ص 53) شرح جـ 12 (ص 36). باب في الانغمار في العدوّ واختراق صفوفهم تعرضًا للقتل والشهادة مسألة (1501) جماهير العلماء على أنه يجوز للمجاهد في سبيل الله أن يخترق صفوف العدو وينغمر فيها تعرضًا للقتل وطلبًا للشهادة ولا يكره ذلك. قلت: ولم يذكر النووي من خالف في هذا، وأنا أحسب أن جماعة قالوا لا يجوز ذلك إلا أن يغلب على ظنه إحداث النكاية بالعدو. شرح جـ 13 (ص 46). باب في المبارزة (¬1) مسألة (1502) جمهور أهل العلم، بل عامتهم على جواز المبارزة، وأنكر الحسن البصري المبارزة ولم يعرفها، وكره أبو حنيفة بداءة المسلم بالمبارزة، وروي هذا عن عليٍّ - رضي الله عنه - (¬2). مغ جـ 10 (ص 394). باب في مَنْ حُمِلَ على دابة للغزو هل له أن ينتفع بها مسألة (1503) جمهور العلماء على أن الرجل إذا حمل على دابة للغزو فغزا (¬3) بها فله أن ينتفع بها كيف شاء، كما ينتفع المالك بماله، وبه يقول سعيد بن المسيب وسالم والقاسم ويحيى الأنصاري ومالك والليث والثوري ونحوه عن الأوزاعي، وقال مالك فيما حكي عنه: لا يحل له أن يتصرف فيها إلا في سبيل الله. مغ جـ 10 (ص 399). ¬
باب في أسرى الحرب ما يفعل بهم الإمام؟
باب في أسرى الحرب ما يفعل بهم الإمام؟ مسألة (1504) أكثر العلماء على أن الإِمام إذا صار عنده أسرى من المحاربن من غير النساء والصبيان (¬1) وكانوا أهل كتاب أو مجوس (¬2) فهو مخير بين أربعة أمور: إما المنُّ، وإما الفداء، وإما الاسترقاق، وإما القتل، وبه يقول الاُوزاعي والشافعي وأبو ثور وأحمد ومالك في رواية، وحكى النووي جواز المن على الأسير عن الجمهور. وقال مالك في رواية: لا يجوز المنُّ بغير عوض. وحكى عن سعيد بن جبير والحسن وعطاء كراهة قتل الأسرى وقالوا: لو منَّ عليه أو فاداه كما صنع بأسارى بدر. وقال أصحاب الرأي: لا من ولا فداء وإنما هو القتل أو الاسترقاق (¬3). بداية جـ 1 (ص 506) فتح جـ 12 (119) شرح جـ 12 (ص 88). باب في الإمام يُنَفلُ (¬4) السرية من الجيش مسألة (1505) جمهور العلماء على أن للإمام أن يُنَفلَ الجيش بعضه أو كله ولا يزيد في هذا عن الثلث من الغنيمة بعد عزل خمسها، وبه قال مكحول والأوزاعي وأحمد، وقال الشافعي لا حد للنفل، بل هو موكول للإمام واجتهاده (¬5). مغ جـ 10 (ص 411) نيل جـ 8 (ص 110) فتح جـ 12 (ص 223). ¬
باب في النفل من كل غنيمة وفي غنيمة الذهب والفضة
باب في النَّفَلِ (¬1) من كل غنيمة وفي غنيمة الذهب والفضة مسألة (1506) جمهور أهل العلم على أن النفل يجوز في كل غنيمةٍ. الأولى والثانية وغير ذلك سواء، وأن النفل يكون من كل غنيمة ذهبًا كانت أو فضةً أو غير ذلك، وهو مذهب الشافعي، وقال الأوزاعي وجماعة من أهل الشام: لا ينفل الإِمام من أول غنيمة ولا من غنيمة الذهب والفضة. شرح ص 12 (ص 56). باب في الإمام يَحُضُّ من معه بالنَّفَلِ قبل القتال مسألة (1507) جمهور أهل العلم على أنه يجوز للإمام أن يجعل لمن معه مع المقَاتِلةِ النَّفَلَ من المغنم قبل القتال يحضهم به عليه، وبه يقول الثوري وأحمد، وقال مالك وأصحابه: لا نفل إلا بعد إحراز الغنيمة وكرهوها قبلها (¬2). مغ جـ 10 (ص 412). باب في المقاتل يكون له سَلَبُ من قتل من أهل الحرب (¬3) مسألة (1508) جمهور العلماء على أن المقاتل يستحق سلب من قتله بإذن الإِمام أو بغير إذنه، وبه يقول الأوزاعي والليث والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وهو المعتمد في مذهب أحمد، وحكاه النووي عن ابن جرير الطبري، وقال أبو حنيفة والثوري لا يستحقه إلا أن يشرطه الإِمام له، وقال مالك لا يستحقه إلا أن يقول الإِمام ذلك وذلك بعد انقضاء الحرب والسَلَبُ عنده من جملة الأنفال (¬4). فتح جـ 12 (ص 230). ¬
باب في السلب هل يخمس
باب في السَّلَبِ هل يُخَمَّسُ مسألة (1509) جمهور العلماء على أن السَّلَبَ لا يخمس، بل كله لمستحقه روى ذلك عن سعد بن أبي وقاص، وبه قال الشافعي في المشهور عنه وابن المنذر ومحمد بن جرير، وهو المعتمد في مذهب أحمد، وقال ابن عباس: يخمس، وبه قال الأوزاعي ومكحول، وقال إسحاق: يخمس الكثير دون القليل، وَنَظَرُ ذلك إلى الإِمام (¬1). فتّح جـ 12 (ص 231) مغ جـ 7 (ص 300). باب في الدابة تدخل في السلَبِ والملبوس كذلك مسألة (1510) جمهور أهل العلم على أن الدابة داخلة في السلب، وبه يقول الأوزاعي ومكحول والشافعىِ، وكذلك كل ملبوس، وعن الشافعي يختص السَلَب بأداة الحرب، وحكى الحافظ في الفتح عن أحمد أن الدابة لا تدخل، وسبقه إلى ذلك الموفق في الغني، واختاره أبو بكر عبد العزيز (¬2). فتح ج 12 (ص 230). باب في كون المقتول من المقاتلة شرطًا في استحقاق السَّلَبِ مسألة (1511) جمهور العلماء على أن من شرط استحقاق السلب للقاتل أن يكون المقتول من المقاتِلةَ. فلا يستحقه بقتل صبي أو امرأة أو شيخ يضعف عن القتال. وقال أبو ثور وابن المنذر: يستحقه في كل مقتول من أهل الحرب (¬3). فتح ج 12 (ص 234). باب في الأمان يعطى للكافرين من أهل الحرب من كل مسلم مسألة (1512) جمهور العلماء على أن الأمان للكافرين من أهل الحرب يصح من كل ¬
باب في الإسهام للفارس من الغنيمة
مسلم ذكرًا كان أو أنثى، حرًّا أو عبدًا؛ ما داموا بالغين عاقلين مختارين، وهو قول الثوري والأوزاعي والشافعىِ وأحمد وإسحاق وابن القاسم. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وسحنون من المالكية: إذا أذن له سيده في القتال جاز أمانه وإلا فلا، وعن أبي حنيفة: إذا قاتل جاز أمانه وإلا فلا، وقال عبد الملك بن الماجشون في أمان المرأة: أنه إلى الإِمام إن شاء أجازه وإن شاء رده، وروى عن سحنون مثل ذلك (¬1). مغ جـ 10 (ص 432) فتح جـ 12 (ص 262). باب في الإسهام للفارس (¬2) من الغنيمة مسألة (1513) جمهور العلماء بل جماهيرهم على أن الفارس يعطي ثلاثة أسهم: سهمًا له وسهمين لفرسه. قال الموفق: قال ابن المنذر: هذا مذهب عمر بن عبد العزيز والحسن وابن سيرين وحسين بن ثابت وعوامُّ علماء الإِسلام في القديم والحديث منهم مالك ومن تبعه من أهل المدينة والثوري ومن وافقه من أهل العراق والليث بن سعد ومن تبعه من أهل مصر والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة: للفارس سهم ولفرسه سهم واحد (¬3). مغ جـ 10 (ص 443) بداية جـ 1 (ص 522) نيل جـ 8 (ص 118) شرح جـ 12 (ص 83). ¬
باب في من غزا على البعير كيف يسهم له؟
باب في من غزا على البعير كيف يسهم له؟ مسألة (1514) جمهور العلماء على أن من غزا على بعير فليس له إلا سهم واحد ولا سهم لبعيره وهو والراجل سواء. قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن من غزا على بعير فله سهم راجلٍ كذلك قال الحسن ومكحول والثوري والشافعي وأصحاب الرأي حكاه الموفق عنه. وقال أحمد -رحمه الله- في أشهر الروايتين عنه: أنه إن غزا على بعير لعجزه عن الفرس أسهم له سهمان سهم له وسهم لبعيره، وإن غزا عليه لا لعجز أسهم له سهم واحد ولا شيء لبعيره. وروي عنه أنه يسهم لبعيره سهم مطلقًا، وبه قال الحسن البصري -رحمه الله تعالى-: فيما حكىِ عنه. مغ جـ 10 (ص 448). باب في العبد والمرأة (¬1) يغزوان هل يسهم لهما؟ مسألة (1515) جمهور الفقهاء على أن العبيد والنساء إذا غزوا فإنه لا سهم لهم ولكن يرضخ لهم الإِمام بما يراه مناسبًا وله أن يفاضل في رضخه فيما بينهم وله أن يساوي، وبهذا قال سعيد بن المسيب ومالك والثوري والليث والشافعي وإسحاق، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وقال أبو ثور: يسهم للعبد دون المرأة. روي هذا عن عمر بن عبد العزيز والحسن والنخعي، وحكى النووي عن مالك أنه لا يرضخ للمرأة ولا للعبد، وعن الحسن وابن سيرين والنخعي والحكم في العبد إن قاتل أسهم له، وقال الأوزاعي: يسهم للمرأة، وأما العبد فلا يسهم له ولا يرضخ إلا أن يجيئوا بغنيمة أو يكون لهم غِنَاءٌ فيرضخ لهم. قلت: يعني فيهم غُنْيةٌ ومصلحة للجيش. مغ جـ 10 (ص 451) شرح جـ 12 (ص 190، 191). ¬
باب في استرقاق العرب في حرب الكفار
باب في استرقاق العرب في حرب الكفار مسألة (1516) جمهور العلماء على جواز استرقاق العرب الكافرين إذا وقعوا في أسر المسلمين وهو قول مالك وجمهور أصحابه وأبي حنيفة والأوزاعي والشافعي في الجديد من مذهبه. وقال آخرون: لا يجوز استرقاقهم، وبه قال الشافعي في القديم (¬1). شرح جـ 12 (ص 36). باب في الاستعانة بالمشرك (¬2) والكافر في حرب الكفار باب في الغنائم هل تقسم (¬3) في دار الحرب؟ باب في هل يفرق في السبي بين الأم وولدها الكبير؟ (¬4) مسألة (1517) جمهور العلماء على أنه لا يحرم تفريق الولد إذا كان كبيرًا عن أمه في السبي، وإنما يختص هذا بالصغير، وبه يقول سعيد بن عبد العزيز ومالك والأوزاعي والليث وأبو ثور والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين، وقال أحمد في رواية: لا يجوز في الكبير كما لا يجوز في الصغير. مغ جـ 10 (ص 468) ¬
باب في أم الولد تسلم قبل سيدها الحربي
باب في أم الولد تسلم قبل سيدها الحربي مسألة (1518) أكثر أهل العلم على أن أم ولد الحربي إذا خرجت إلينا في الحرب مسلمة فإنها تعتق وتستبرأ نفسها قبل أن تحلَّ للأزواج. قال ابن المنذر: وقال به كل من نحفظ عنه من أهل العلم، وقال أبو حنيفة: لا تحتاج للاستبراء ولها أن تزوج بغير استبراء. مغ جـ 10 (ص 477). باب في مال المسلم يستولي عليه الكفار ثم يغنمه المسلمون مسألة (1519) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الكفار إذا استولوا في الحرب على أموال المسلمين ثم استردها المسلمون، غلبة وقتالًا فإذا عرف صاحبها رد إليه إذا كان هذا قبل أن تقسم المغانم (¬1)، وممن قال هذا عمر رضي الله تعالى عنه وعطاء والنخعي وسلمان بن ربيعة والليث ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي، وقال الزهري: لا يرد إليه وهو للجيش وبنحوه روى عن عمرو بن دينار (¬2). مغ جـ 10 (ص 478). باب في الغزاة في دار الحرب وما يباح لهم من الطعام وغيره مسألة (1520) أكثر أهل العلم بل عامتهم على أن الغزاة من المسلمين إذا دخلوا دار الحرب فلهم أن يأكلوا مما وجدوه من حلال الطعام ولهم أن يعلفوا دوابهم ولا يحتاجون لإذن الإِمام في ذلك، وممن قال هذا سعيد بن المسيب وعطاء والحسن والشعبي والقاسم وسالم والثوري والأوزاعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، وقال الزهرى: لا يؤخذ إلا بإذن الإِمام، وقال سليمان بن موسى: لا يترك إلا أن ينهى عنه الإِمام فيتقي نهيه. مغ جـ 10 (ص 487). ¬
باب في الجيش يشرك السرايا فيما غنمته
باب في الجيش يُشْرِك السرايا فيما غنمته مسألة (1521) جمهور العلماء بل عامتهم على أن الإِمام إذا فصل سرية من الجيش للغزو فغنمت مغنمًا شَرِكَها الجيش وسائر سراياه، وبه يقول مالك والثوري والأوزاعي والليث وحماد والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي. وقال إبراهيم النخعي: إن شاء الإِمام خَمَّسَ ما تأتي به السريُة وإن شاء نفلهم إياه كلهم. مغ جـ 10 (ص 493). باب في الفيء (¬1) هل يُخَمَّسُ؟ مسألة (1522) جماهير العلماء بل عامتهم على أن الفيء لا يخمس. وقال الشافعىِ دون سائر العلماء يخمس. قال ابن المنذر: لا نعلم أحدًا قبل الشافعي قال بالخمس في الفيء (¬2). * * * ¬
فصل في ما يجوز فعله وما لا يجوز في قتال الكافرين
فصل في ما يجوز فعله وما لا يجوز في قتال الكافرين (¬1) باب في رمي العدو بالنار (¬2) تحريقًا. هل يجوز منه شيء؟ مسألة (1523) أكثر أهل العلم على جواز تحريق العدو بالنار (رميهم بالنار) إذا عجز المسلمون عن أخذهم وقهرهم بغير ذلك، وبه يقول الثوري والأوزاعي والشافعي. مغ جـ 10 (ص 502). ¬
باب في تغريق النحل وتحريقه
باب في تغريق النحل (¬1) وتحريقه مسألة (1524) جمهور أهل العلم على أنه لا يجوز تغريق بيوت حشرات النحل ولا تحريقها، وهو قول الأوزاعي والليث والشافعي، وقيل لمالك: أتحرق بيوت نحلهم؟ قال: أما النحل فلا أدري ما هو؟ (¬2). قال الموفق: ومقتضى مذهب أبي حنيفة إباحته، مغ جـ10 (ص 506). باب في عقر دواب العدو (¬3) باب في قطع شجر العدو وتحريق زرعهم (¬4) باب في النهي عن قتل النساء والصبيان وغير الحالمين من الذكور (¬5) إلا من قاتل منهم (¬6) ¬
فصل في الهجرة وأحكامها
فصل في الهجرة وأحكامها (¬1) باب في أن الهجرة باقية إلى يوم القيامة مسألة (1525) عامة أهل العلم على أن الهجرة باقية لا تنقطع وهي الهجرة من دار الكفر إلى دار الإِسلام، وإنما الذي انقطع منها أنواع، وقال قوم: قد انقطعت الهجرة بكل أنواعها. مغ جـ 10 (ص 513). باب في الغال يعجز عن رد الغلول إلى أصحابه مسألة (1526) جمهور أهل العلم على أنه إذا وقع بيد الغال شيء من الغلول ولم يستطع رده إلي مستحقيه رد خمسه إلى الإِمام وتصدق بالباقي. وبه قال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم. وهو قول الحسن والزهري والأوزاعي ومالك والثوري والليث وأحمد وجمهور العلماء. وقال الشافعي وطائفة: يرده كله إلى الإِمام كسائر الأشياء الضائعة. شرح ج 12 ص 217. باب في دخول الكافرين حرم مكة والمدينة (¬2) مسألة (1527) جماهير العلماء منهم مالك والشافعي وأحمد أنه لا يجوز تمكين كافرٍ من دخول مكة وحرمها بحالٍ من الأحوال. قال النووي: وجوز أبو حنيفة دخولهم الحرم. شرح ج 11 ص 94. ¬
باب في تعزير الغال من الغنيمة
باب في تعزير الغال من الغنيمة مسألة (1528) جمهور العلماء وأئمة الأمصار على أن الغال يُعَزَّرُ ولا يحرق رَحْلُهُ، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والليث وما لا يحصى من الصحابة والتابعين. وقال مكحول والحسن والأوزاعي: يحرق رحله (متاعه) وهو مذهب أحمد. قال الأوزاعي: إلا سلاحه وثيابه. وقال الحسن: إلا دابته ومصحفه (¬1). شرح جـ 12 ص 218. * * * ¬
فصل في الهدنة وأحكامها وعقود الأمان وأحكامها
فصل في الهدنة وأحكامها (¬1) وعقود الأمان وأحكامها باب في من دخل دار الحرب بغير أمان وبغير إذن الإِمام فغنم شيئًا مسألة (1529) جمهور أهل العلم على أن من دخل دار الحرب بغير عقد أمان متسللًا وبغير إذن الإِمام، فإن ما غنمه هو حكم الغنائم سواءً بسواء يخمسه الإِمام ويقسم باقيه عليهم، وبه يقول الشافعي وأحمد في إحدى الروايات، وقال أبو حنيفة: هو لهم خالصًا لا تخميس فيه، وبه قال أحمد في رواية، وقال أحمد في رواية: لا حق لهم فيه وإنما هو لبيت مال المسلمين. مغ جـ 10 (ص 530). * * * ¬
فصل في الغلول من الغنيمة
فصل في الغلول من الغنيمة (¬1) باب في الجاسوس المسلم هل يُقْتلُ؟ مسألة (1530) جماهير العلماء على أن الجاسوس المسلم لا يقْتَلُ، ولكن يُعَزرُة الإِمام بما يراه مناسبًا من ضربٍ وحبسٍ وغير ذلك، وبه قال الأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي وبعض المالكية. وقال مالك: يجتهد فيه الإِمام، وقال كبار أصحابه: يقتل حكاه عنهم القاضي عياض، ونقله عنه النووي (¬2). شرح جـ 12 (ص 67). باب في الجاسوس الذمي (¬3) هل ينتقض عهده بذلك؟ مسألة (1531) جماهير العلماء على أن الذمي والمعاهد إذا تجسس على المسلمين لصالح أهل الحرب؛ فإن عهده لا ينتقض بهذا إلا أن يكون منصوصًا على هذا الشرط بعقد الذمة، وهو مذهب الشافعي، وقال مالك والأوزاعي: يكون ناقضًا للعهد بهذا وللإمام الخيار في استرقاته أو قتله. شرح جـ 12 (ص 67). باب في إقامة الحد على المسلم في أرض العدو (¬4) ¬
باب في العدو يحاصر فينزل على حكم حاكم من المسلمين
باب في العدو يحاصر فينزل على حكم حاكم من المسلمين (¬1) باب في هرب المسلم من الكافرين إذا كانوا ثلاثة مسألة (1532) مذهب العامة من أهل العلم على أن المسلم لا يجوز له أن يفر من الكافرين ما داموا لا يزيدون في العدد عن مثليه إلا أن ينحاز إلى فئة من المسلمين أو التحرف لقتالهم، وحُكي عن الحسن والضحاك أن هذا كان يوم بدر خاصة ولا يجب شيء من ذلك في غيرها (¬2). مغ جـ 10 (ص 551) شرح جـ 13 (ص 4). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقة الإسلامي كتاب الجزية
كتاب الجزية
كتاب الجزية (¬1) باب في المجوس هل تؤكل ذبائحهم وتنكح نساؤهم؟ مسألة (1533) جمهور العلماء على أن المجوس حكمهم حكم أهل الكتاب في أخذ الجزية وحسب، وأما ذبائحهم ونساؤهم فهي على التحريم. ونقل عن أبي ثور جواز أكل ذبائحهم ونكاح نسائهم. مغ ج 10 ص 569. باب في الجزية هل هي مقدرة؟ (¬2) باب في الجزية على العبد من أهل الذمة مسألة (1534) جمهور العلماء بل عامتهم على أن العبد من أهل الذمة لا جزية عليه وسواء كان سيده مسلمًا (¬3) أو كافرًا. ¬
باب في العبد الذي يعتق هل عليه جزية؟
وروي عن أحمد في العبد الذمي لسيده الكافر فيه الجزية. وروي عن عمر وعلي ما يدل عليه. مغ ج 10 ص 586. باب في العبد الذي يعتق هل عليه جزية؟ مسألة (1535) جمهور العلماء وجماعتهم على أن العبد الذمي إذا اعتق وجبت عليه الجزية فيما يستقبل روي ذلك عن عمر بن عبد العزيز. وبه قال سفيان الثوري والليث وابن لهيعة والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي وأحمد في الصحيح المشهور عنه. وروي عن الشعبي أنَّه يُقَرُّ بغير جزية. وروي هذا عن أحمد وقيل رجع عنه إلى قول الجماعة وعن مالك إن كان المعتق له مسلمًا فلا جزية عليه لأن ولاءه له. وعنه كقول الجماعة. مغ ج 10 ص 590. باب في ما يؤخذ من نصارى بني تغلب (¬1) مسألة (1536) جمهور أهل العلم بل عامتهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أن الجزية لا تؤخذ من نصارى بني تغلب. وإنما تؤخذ منهم الزكاة مُضَعَّفَةً من كل حي من الإبل شاتان، ومن كل ثلاثين بقرة تبيعان، ومن كل عشرين دينارًا دينارٌ، ومن كل مئتي درهم عشرة دراهم، وفيما سقت السماء الخمس، وفيما سقت النواضح والدواليب وغيرها من آلات السقي العشر. روي عن عمر في قوله وفعله، وقال به ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي. وروي عن عمر بن العزيز أنه أبى على نصارى بني تغلب إلا الجزية، وقال: لا والله إلا الجزية، وإلا فقد آذنتكم بحرب. ¬
وروي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه قال: لئن تفرغت لبني تغلب ليكونن لي فيهم رأي، لأقتلن مقاتلتهم، ولأسبين ذراريهم؛ فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمة حين نَصّرُوا أولادهم (¬1). مغ ج 10 ص 591. ... ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقة الإسلامي كتاب السبق والرمي
كتاب السبق والرمي
كتاب السبق والرمي (¬1) باب في المسابقة على عوض من الإمام (¬2) وغيره مسألة (1537) جمهور العلماء على جواز المسابقة فيما يجوز المسابقة فيه علي عوض من الإِمام ومن غيره. وبه يقول أبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد. وقال مالك لا يجوز بذل العوص من غير الإِمام (¬3). فتح ج 12 ص 25. باب في بذل العوض من أحد المتسابقين دون الآخر مسألة (1538) جمهور العلماء على جواز المسابقة على عوض من أحد المتسابقين دون الآخر، وبه يقول الشافعي وأبو حنيفة وهو مذهب أحمد. وحكي عن مالك أنه لا يجوز؛ لأنه قمار (¬4). فتح ج12 ص 25. باب في المسابقة على عوض من المتسابقين ومعهما محلل مسألة (1539) جمهور العلماء على جواز المسابقة على عوض من المتسابقين إذا دخل يينهما ثالث من غير أن يبذل شيئًا. وبه يقول سعيد بن المسيب والزهري والأوزاعي وإسحاق والشافعي وأصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. ¬
باب في المسابقة بدون راكب
وحكى أشهب عن مالك أنه قال في المحلل: لا أحب. وعن جابر بن زيد أنه قيل له إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا لا يرون بالدخيل بأسًا. قال: هم أعف من ذلك (¬1). فتح ج 12 ص 25. باب في المسابقة بدون راكب مسألة (1540) جمهور أهل العلم على أن المسابقة في الخيل وغيره من المركوب لا تجوز من غير راكب (سائق)، وقال بعضهم: لا يشترط ذلك. فتح ص 12 ص 25. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقة الإسلامي كتاب الأيمان
كتاب الأيمان
كتاب الأَيْمَانِ (¬1) باب في الحلف بغير الله تعالى وصفاته (¬2) مسألة (1541) جمهور العلماء على تحريم الحَلْفِ بغير الله وصفاته. وقال بعضهم: يجوز أن يحلف بما حلف الله تعالى به (¬3)، وقال الشافعي: أخشى أن تكون معصية (¬4). مغ ج 11 ص:162. باب في اليمين الموجبة للكفارة مسألة (1542) جمهور العلماء على أن من حلف علي فِعْلِ شيء أو تَرْكِ شيء في مستقبل الزمان فلم يفعل أو لم يترك وقد فات زمان الفعل أو الترك، فإن عليه الكفارة بحنثه. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد. وذهبت طائفة إلى أن الحنث متى كان طاعةً لم يوجب كفارةً. وهو قول الشعبي وسعيد بن جبير، وقال قوم: من حلف على فعل معصيةٍ فكفارتها تركها. وهذا يشبه الذي قبله، وقال سعيد بن جبير: اللغو أن يحلف الرجل فيما لا ينبغي له يعني فلا كفارة عليه في الحنث (¬5). مغ ج 11 ص 173. ¬
باب في حنث المكره
باب في حِنْثِ المُكْرَهِ مسألة (1543) أكثر أهل العلم على أن من حلف على فعل شيء فحمل على فعله بالإكراه الذي ينتفي فيه ومعه القصد والإختيار (¬1) البتة فإنه لا كفارة فيه، وبه يقول الشافعي وأبو حنيفة وأحمد، وقال مالك: يحنث. مغ ح 11 ص 176. باب في اليمين الغموس (¬2) مسألة (1544) جمهور العلماء على أن من حلف على شيءِ في الماضي وهو يعلم أنه كاذب فقد ارتكب إثمًا عظيمًا واقترف ذنبًا كبيرًا أوجب الاستغفار والتوبة إلا أنه لا كفارة فيه. وممن ذهب إلى هذا ابن مسعود - رضي الله عنه - وسعيد بن المسيب والحسن البصري ومالك والأوزاعي والثوري والليث وأبو عبيد وأبو ثور وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي من أهل الكوفة. قال ابن مسعود: كنا نعد من اليمن التي لا كفارة لها اليمين الغموس. وقال سعيد بن المسيب: هي من الكبائر وهي أعظم من أن تُكَفَّرُ. قلت: وبه قال أحمد في أشهر الروايتين عنه وهو المعتمد في المذهب. وقال الشافعي: فيه التوبة والكفارة. وروي هذا عن عطاء والزهري والحكم وعثمان البتي. وقال به أحمد في رواية. وحكاه الماوردي عن الأوزاعي كذلك (¬3). مغ ح 11 ص 177 القرطبي ح 6 ص 266 ص 267 بداية ح 1 ص 541. باب في لغو اليمين التي لا كفارة فيها مسألة (1545) أكثر أهل العلم على أن لغو اليمين التي لا كفارة فيها هي اليمين التي لا يعقد عليها الحالف قلبه فتمر على لسانه من غير قصد ولا عقد قلب، كقول الرجل ¬
باب في المرء يحلف على الشيء يعتقد صدقه فيبين خلافه
في بيته لا والله وبلى والله. روي هذا عن عمر وعائشة رضي الله تعالى عنهما. وبه يقول عطاء والقاسم وعكرمة والشافعي والشعبي. وقال آخرون: يمين اللغو هو على ما فسرته عائشة رضي الله تعالى عنها من أنه اليمين في المراء والهزل والمزاحة والحديث الذي لا يعقد عليه القلب. روي هذا عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي مالك الأشجعي وزرارة بن أوفى رضي الله تعالى عنهم. وبه قال الحسن والنخعي ومالك، حَكَى ذلك عن هؤلاء الموفق رحمه الله تعالى في المغني. وحكى ابن رشد عن مالك وأبي حنيفة أن لغو اليمن عندهما أن يحلف على الشيء يظنه حقًّا فيخرج على خلاف ما استيقن. وحكاه كذلك عن الحسن بن أبي الحسن وقتادة ومجاهد والنخعي. قال ابن رشد: وفيه قول ثالث وهو أن يحلف الرجل وهو غضبان (¬1) وبه قال إسماعيل القاضي من أصحاب مالك. وفيه قول رابع: وهو الحلف على المعصية، وروي عن ابن عباس. وفيه قول خامس: وهو أن يحلف الرجل على أن لا يأكل شيئًا مباحًا في الشرع. هذا كلام ابن رشد بحروفه (¬2). مغ ج 11 ص 181. باب في المرء يحلف على الشيء يعتقد صدقه فيبين خلافه مسألة (1546) جمهور أهل العلم على أن من حلف على شيء يعتقد صدقه فتبين خلافه أنه لا كفارة فيه وهو من لغو اليمن. حكاه عن أكثر أهل العلم ابن المنذر ونقله عنه الموفق رحمه الله تعالى. وروي هذا عن ابن عباس وأبي هريرة وأبي مالك وزرارة بن أبي أوفى رضي الله عنهم. والحسن والنخعي ومالك وأبي حنيفة والثوري. وممن قال هذا لغو اليمين: مجاهد وسليمان بن يسار والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه. قلت: وحكاه ابن رشد عن قتادة كذلك. ¬
وحكي عن النخعي في اليمين على الشيء يظنه حقًّا فيتبين خلافه أنه من لغو اليمين (¬1) وفيه الكفارة. وبه قال الشافعي في أحد قوليه، وروي عن أحمد أن فيه الكفارة وليس من لغو اليمين. مغ ج 11 ص 181. * * * ¬
فصل فيما يكون به الحلف وما لا يكون
فصل فيما يكون به الحلف وما لا يكون باب فيمن قال لَعَمْرَك مسألة (1547) جمهور الفقهاء على أن من قال لعمري أو لعمرك فليست بيمين قصد الحلف أو لم يقصد (¬1). وقال الحسن: في قوله لعمري عليه الكفارة إذا حنث. مغ ج 11 ص 189. باب في الحلف بالقرآن أو بآية منه أو بكلام الله (¬2) مسألة (1548) جمهور العلماء على أن الحلف بالقرآن أو بآية منه أو بكلام الله تعالى يمين منعقدة فيها الحنث والكفارة قصد يمينًا أو لم يقصد. بهذا قال ابن مسعود - رضي الله عنه - والحسن وقتادة ومالك والشافعي وأبو عبيد، وقال أبو حنيفة وأصحابه: ليست يمينًا ولا تجب فيها كفارة بالحنث. مغ ج 11 (ص 193). باب في نذر اللجاج يخرج مخرج اليمين مسألة (1549) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من نذر نذرًا يمنع به نفسه من فعل شيء نهى الشرع عنه، بأن قال لله عليّ نذر كذا (¬3) إن كلمت فلانًا، أو إن زرت فلانًا. فإن هذا النذر يخرج مخرج اليمن المنعقدة (¬4) وهو بالخيار إن شاء برَّ بيمينه ولا شيء عليه، وإن شاء حنث وكفرَّ عن يمينه. وما ذكرناه قول عمر وابن عباس وابن عمر وعائشة وحفصة وزينب بنت أبي سلمة رضي الله تعالى عنهم. وبه قال عطاء ¬
باب في الحلف بالخروج من الإسلام أو بالتنصر أو التهود وشبه ذلك
وطاوس وعكرمة والقاسم والحسن وجابر بن زيد والنخعي وقتادة وعبد الله بن شريك والشافعي والعنبري وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر، وهو مذهب أحمد في إحدى الروايتين، وقال سعيد بن المسيب: لا شيء في الحلف بالحج. وحكي عن الشعبي والحارث العكلي وحماد والحكم لا شيء في الحلف بصدقة ماله. وقال أحمد في رواية: لا يجزئه الوفاء بنذره وتتعين عليه الكفارة، وقال أبو حنيفة ومالك: يلزمه الوفاء بنذره (¬1). مغ ج11 (ص 195). باب في الحلف بالخروج من الإسلام أو بالتنصر أو التهود وشبه ذلك مسألة (1550) جمهور الفقهاء على أن من قال إن فعلت كذا فأنا خارج من الإسلام أو يهودي أو نصراني. لم تنعقد يمينه ولا تلزمه كفارة. وبه يقول الأوزاعي ومالك والليث والشافعي وأبو ثور وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين عنه، وحكاه النووي عن جماهير العلماء. وقالت طائفة: تنعقد يمينه وعليه الكفارة إذا حنث. وبه يقول عطاء وطاوس والحسن والشعبي والثوري والأوزاعي (¬2) وإسحاق وأصحاب الرأي منهم أبو حنيفة وصاحباه وروى هذا عن زيد بن ثابت رضي الله عنه. الحاوي الكبير ح 15 (ص 263) نيل الأوطار ج 9 (ص 130) شرح ج 11 (ص 107). باب في من قال أقسم بالله هل تنعقد يمينه؟ مسألة (1551) جمهور العلماء بل عامتهم على أن من قال: أقسم بالله أو أشهد بالله أو أعزم بالله؛ فكل ذلك يمين تجب الكفارة بالحنث فيها قصد يمينًا أو لم يقصد. وقال الشافعي: فإن قال أقسم بالله؛ فإن أراد بها يمينًا فهي يمين، وإن أراد بها ¬
باب في الحلف برسول الله - صلى الله عليه وسلم -
موعدًا فليست بيمين، كقوله: سأحلف (¬1). مغ ج 11 (ص: 203). باب في الحلف برسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسأله (1552) جمهور الفقهاء على أن الحلف بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وسائر المخلوقات كالأنبياء والكعبة لا ينعقد يمينًا ولا يجب بالحنث فيها كفارة، وقال أحمد فيما روى عنه: إن الحلف برسول الله أو بحق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمين تنعقد ويجب بالحنث فيها كفارة. واتفق عليه أصحابه في المذهب (¬2). مغ ج11 (ص: 209). باب في حلف أيمانًا متعددة علي أجناس مختلفة (¬3) مسألة (1553) أكثر أهل العلم على أن من حلف أيمانًا متعددة على أجناس مختلفة كأن يقول والله لا آكل كذا، والله لا أشرب كذا، والله لا ألبس كذا، فإذا حنث في جميعها قبل أن يُكَفِّرَ عن واحدة منها فعليه في كل يمين كفارة. وبه قال أحمد في رواية المروزي عنه. وقال إسحاق: عليه كفارة واحدة. وبه قال أحمد في رواية ابن منصور عنه وجعلها القاضي وأبو بكر عبد العزيز هي المذهب. مغ ج 11 ص 212. باب في تقدم كفارة اليمين علي الحنث به (¬4) مسألة (1554) جمهور العلماء على جواز تقديم كفارة اليمين قبل الحنث به. ¬
باب في الاستثناء في اليمين هل في ذلك توقيت؟
روي هذا عن عمر بن الخطاب وابنه وابن عباس وسلمان الفارسي وسلمة بن مخلد رضي الله تعالى عنهم. وبه قال الحسن وابن سيرين وربيعة ومالك والأوزاعي والثوري وابن المبارك وإسحاق وأبو عبيد وأبو خيثمة وسليمان بن داود. وهو قول الشافعي في هذا إذا كانت الكفارة عتاقًا أو إطعامًا أو كسوة. وقال الشافعي: لا يجوز تقديم التكفير قبل الحنث إذا كان صيامًا. وقال أبو حنيفة: وسائر أصحاب الرأي لا يجوز تقديم الكفارة على الحنث باليمين على أي وجه كانت تلك الكفارة (¬1). وبه قال أشهب من أصحاب مالك. حكاه عنه النووي. مغ ج 11 ص 223 شرح ح 11 ص 109. باب في الاستثناء في اليمين (¬2) هل في ذلك توقيت؟ مسألة (1555) جمهور أهل العلم على أن الاستثناء في اليمين محِلُّه إذا كان متصلاً به الكلام. فإذا انقطع الكلام بغير عذر ثم استثنى لم يحله. وبه يقول مالك والشافعي والثوري وأبو عبيد وأصحاب الرأي وإسحاق، وقال الأوزاعي: لا يشترط الاتصال، فلو استثنى بعد ساعة صح بشرط أن لا يكون بين اليمين وبين الاستثناء كلام. قال الأوزاعي في رجل حلف لا أفعل كذا وكذا ثم سكت ساعة لا يتكلم ولا يحدث نفسه بالاستثناء، فقال له إنسان قل إن شاء الله فقال: إن شاء الله أيكفر بيمينه؛ قال: أراه قد استثنى. وحكي عن الحسن وعطاء يصح الاستثناء ما دام في المجلس، وعن عطاء قدر حلب الناقة العزوزة (¬3). وقال طاوس مثل قول الحسن وعطاء. ونحوه عن قتادة، وقال سعيد ابن جبير: إن استثنى بعد أربعة أشهر جاز، وقال ابن عباس: يدرك الاستثناء في اليمين ¬
باب في الطلاق والعتاق قبل النكاح وقبل التملك
بعد سنة. وتابعه على ذلك أبو العالية والحسن، وقال مجاهد: من قال بعد سنتين إن شاء الله أجزأه (¬1). شرح ح 11 ص 119. باب في الطلاق والعتاق قبل النكاح وقبل التملك (¬2) مسألة (1556) جمهور أهل العلم على أنه لا يقع طلاق ولا عتاق قبل نكاح وقبل تملك. روي هذا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وبه قال سعيد بن المسيب وعطاء والحسن وعروة وجابر بن زيد وسوار وشريح القاضي والشافعي وأبو ثور وابن المنذر. وروي هذا القول الإمام الترمذي في جامعه عن عليّ وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وسعيد بن جبير وعليَّ بن الحسين وشريح وغير واحدٍ من فقهاء التابعين قال: وهو قول أكثر أهل العلم. قلت: وبه قال أحمد في إحدى الروايات. وروي عنه أنه يصح في العتق ولا يصح في الطلاق. وجزم به أبو بكر من الحنابلة. وقال الثوري وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي: يقع الطلاق والعتاق. وروي هذا عن أحمد كذلك. وقال مالك: إن خص جنسًا من الأجناس أو عبدًا بعينه عتق إذا ملكه، وإن قال كل عبدٍ أملكه فهو حر لم يصح. مغ ج 11 (ص: 232) فتح ج 20 ص 51 نيل ح 7 ص 28. ¬
باب في اليمين هل يكون على نية المستحلف أم على نية الحالف؟
باب في اليمين هل يكون على نية المستحلف أم على نية الحالف؟ (¬1) * * * ¬
مَوْسُوْعَة مَسَائِل الجُمْهُوْرِ في الفِقْهُ الإسْلاَمِيِّ كتاب الكفارات
كتاب الكفارات
كتاب الكفارات (¬1) باب في الإطعام في الكفارة هل يجزئ الرضيع المسكين؟ (¬2) مسألة (1557) أكثر الفقهاء على أن الطفل الرضيع الذي لم يطعم إلا اللبن يجزئ في كفارة اليمين إذا كان مسكينًا ويقبضها عنه وليه وينفقها عليه. وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في إحدى الروايتين. وهي اختيار أبي الخطاب الحنبلي. وذهب مالك في ظاهر قوله وأحمد في رواية، لا يجزئ إلا أن يكون ممن يطعم غير اللبن، وهو اختيار القاضي أبو يعلى والموفق رحمهما الله تعالى. مغ ج 11 ص 252. باب في إعتاق الجنين (¬3) من كفارة اليمين مسألة (1558) جمهور أهل العلم على أن إعتاق الجنين في كفارة اليمين لا يجزئ. وهو قول أبي حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد، وقال أبو ثور: يجزئ. مغ ج 11 ص 265. ¬
باب في إجزاء ولد الزنا في العتق في كفارة اليمين
باب في إجزاء ولد الزنا (¬1) في العتق في كفارة اليمين مسألة (1559) جمهور العلماء على أن ولد الزنا يجزئ في العتق في كفارة اليمين. روي هذا عن فضالة بن عبيد وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهما. وبه يقول سعيد ابن المسيب والحسن البصري وطاوس والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وابن المنذر. وهو مذهب أحمد، وقال عطاء والشعبي والنخعي والأوزاعي وحماد فيما روي عنهم: لا يجزئ. مغ ج 11 (ص 272). باب في اشتراط في التتابع في صيام الكفارة عن اليمين مسألة (1560) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على وجوب التتابع في صيام الأيام الثلاثة في كفارة اليمن. وهو قول إبراهيم النخعي وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد القاسم بن سلام وأبي ثور وأبي حنيفة وسائر أصحاب الرأي وأحمد في رواية. قال الموفق: وروى نحو ذلك عن عليٍّ رضي الله تعالى عنه. وبه قال عطاء ومجاهد وعكرمة. قلت: وهو قول الشافعي في أحد قوليه، وقال مالك والشافعي في قوله الآخر: لا بأس بتفريقها والأفضل تتابعها. وبه قال أحمد في رواية حكاها ابن أبي موسى. قلت: وهو قول المزني من أصحاب الشافعي (¬2). مغ ج 11 (ص 273). ¬
باب في أعتق نصفي عبدين أو أمتين هل يجزئه في كفارة اليمين؟
باب في أعتق نصفي عبدين أو أمتين هل يجزئه في كفارة اليمين؟ (¬1) مسألة (1561) أكثر الفقهاء على أن من أعتق في كفارة اليمين نصفي عبدين أو نصفي أمتين أجزأه. واختار أبو بكر من الحنابلة عدم الإجزاء. ولأصحاب الشافعي ثلاثة أوجه في المسألة أحدها بالإجزاء والثاني بالمنع، والثالث يجزئ إذا كان نصف العبد الآخر كان حرًّا في الأصل، فإذا أعتق نصفه إلآخر فقد أتى بالمقصود وهو التحرير. مغ ج 11 (ص 280). باب في المكفر عن يميته ينتقل من الأيسر إلي الأشد اختيارًا مسأله (1562) أكثر أهل العلم على جواز أن ينتقل المكفر عن يمينه من الأدنى إلى الأعلى؛ يعني من الأخف والأيسر إلى الأشد اختيارًا فله ذلك. وإن كان عاجزًا شرعًا، وأختار أبو الخطاب الحنبلي عدم الجواز وجعله ظاهر كلام أحمد من حيث المقتضى. مغ ج 11 ص 212. * * * ¬
فصل في اختلاف أهل العلم فيما يحنث به من الأيمان
فصل في اختلاف أهل العلم فيما يحنث به من الأَيْمَانِ (¬1) باب في من حلف أن لا يدحل بيتًا فدخل مسجدًا مسألة (1563) جمهور أهل العلم على أن من حلف أن لا يدخل بيتًا فدخل مسجدًا أو حمامًا، فإنه لا يحنث بذلك، وقال أحمد يحنث. مغ ج 11 (ص 322). باب في من حلف لا يأكل بيضًا فأكل بيض سمكِ وشبهه مسألة (1564) أكثر العلماء على أن من حلف لا يأكل بيضًا؛ فإنه لا يحنث بأكل بيض لا ينفصل عن بائضه؛ كالسمك والجراد وشبههه. وبهذا قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. وهو اختيار أبي الخطاب والموفق من الحنابلة، وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي: يحنث إذا أكل بيض سمك أو جراد. مغ ج 11 (ص:323). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب القضاء
كتاب القضاء أو الأقضية والأحكام
كتاب القضاء (¬1) أو الأقضية (¬2) والأحكام باب في أخذ الرزق (¬3) علي القضاء من السلطان مسأله (1565) أكثر أهل العلم على جواز أخذ الأرزاق على القضاء وممن رخص فيه شريح القاضي ومحمد بن سيرين والشافعي. وروي عن عمر رضي الله تعالى عنه من فعله. وهو المعتمد في مذهب أحمد واختيار الموفق -رحمه الله- تعالى، وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه والحسن كراهة الأجر على القضاء (يعني الرزق). وروي عن مسروق وعبد الرحمن بن القاسم الامتناع عن أخذ الأجر عليه، قالا: لا نأخذ أجرًا على أن نعدل بين اثنين. وفصَّل أصحاب الشافعي فجوزوا لمن لم يتعين عليه أخذ الأجر. ومنعوا من تعين عليه، وروي عن أحمد أنه كان لا يعجبه أخذ الأجر على القضاء، واختار أبو الخطاب الجواز مع الحاجة وعدمها مع غيرها في وجه. وروي عن أحمد أنه يأخذ بقدر شغله لا يزيد كوالي اليتيم. مغ ج 11 (ص 376). باب في القضاء في المساجد هل يكره؟ مسألة (1566) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم لا يكرهون القضاء في المساجد ولا يرون فيه بأسًا. روى القضاء في المسجد من فعله عن شريح والحسن والشعبي ومحارب بن ¬
باب في حكم الحاكم (القاضي) هل يحل الحرام ويحرم الحلال؟
دثار ويحيى بن يعمر وابن أبي ليلى وابن خلدة قاضٍ لعمر بن عبد العزيز. وروي كذلك عن عمر وعثمان وعليّ رضي الله تعالى عنهم، أنهم كانوا يقضون في المسجد. قال مالك: القضاء في المسجد من أمر الناس القديم، وبعدم الكراهة قال مالك وإسحاق وابن المنذر. وهو مذهب أحمد. وقال الشافعي: يكره ذلك إلا أن يحدث هذا على غير موعد أو ترتيب بأن يتفق أن يكون في المسجد خصمان فيختصمان إليه. وروى أن عمر أرسل إلى عبد الرحمن بن القاسم أَن لا تقضي في المسجد؛ لأنه يأتيك الحائض والجنب. مغ ج 11 ص 388. باب في حكم الحاكم (القاضي) هل يحل الحرام ويحرم الحلال؟ مسألة (1567) جمهور العلماء على أن حكم الحاكم أو القاضي لا يغير من حقيقة الأمر شيئًا فما كان حلالاً يبقى حلالاً وما كان حرامًا يبقى حرامًا. فلو أن قاضيًّا حكم على فلانة بحلها لفلان، وهي لا تحل له في حقيقة الأمر (¬1) فإنه لا يجوز لفلان أن ينكحها. وممن قال هذا: مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود ومحمد بن الحسن، وقال أبو حنيفة: تحل له ظاهرًا وباطنًا يعني في ظاهر الحكم وفي حقيقة الأمر، وهذا في الفروج لا في الأموال. مغ ح 11 (ص 407) بداية ج 2 (ص 557) شرح ج 12 (ص 6). باب في هدايا الحكام (¬2) والولاة والعمال مسألة (1568) جمهور العلماء على أنه لا يجوز للسلطان أو الحاكم المسلم ¬
باب في تعديل الشهود عند الحاكم
(الخليفة- الرئيس- الملك) أن يقبل هديةً في نفسه. وإنما يجوز له قبولها وتكون في بيت مال المسلمين، وإن كان في الحرب فهي فيء إن لم تكن عن قتال. أو غنيمة لها حكم الغنائم إن كانت عن قتالٍ أو حصارٍ، وهذا مذهب الأوزاعي ومحمد بن الحسن وابن القاسم وابن حبيب المالكي. وهو مذهب الشافعي، وقال أبو يوسف وأشهب وسحنون المالكيان: هي للإمام خاصةً. شرح ج 12 (ص 114). باب في تعديل الشهود عند الحاكم (¬1) مسألة (1569) أكثر أهل العلم على أن من شهد على عدل الشهود؛ فإنه يجزئه أن يقول أشهدُ أنه عدلٌ. ولا يحتاج أن يقول أشهد أنه عدل عليَّ ولي (¬2). وبهذا قال شريح وأهل العراق وبعض أصحاب الشافعي. وهو مذهب أحمد. وقال أكثر الأصحاب من الشافعية لا بد أن يقول عليَّ ولي. مغ ج 11 (ص 421). باب في الشهادة على كتاب (¬3) القاضي أو الحاكم إلى غيره من القضاة أو الحكام مسألة (1570) جمهور أهل العلم وأئمة الفتوى على أن كتاب القاضي إلى غيره من الحكام أو القضاة لا يكفي في توثيقه معرفة من أُرْسِلَ إليه خط القاضي وختمه، بل لابد من شهادة شاهدين على أنه كتاب القاضي الفلاني، وأنه كتبه بمحضر منهما أو قرأه عليهما أوقرئ عليه بحضرتهما. وحكي عن الحسن وسوار العنبوي أنه يكفيه معرفة خطه وختمه. وبه قال أبو ثور ¬
باب في القضاء علي الغائب من البلد والمتعذر حضوره
والإصطخري من الأصحاب في المذهب الشافعي. وجعله الموفق قولاً يحتمل التخريج في المذهب. مغ ج 11 (ص 469) بداية ج2 (ص 568). باب في القضاء علي الغائب من البلد والمتعذر حضوره مسأله (1571) جمهور أهل العلم على جواز القضاء على الغائب فيما يتعلق بحقوق الآدمين إذا كان غائبًا عن البلد أو كان مستترًا أو نحو ذلك ويتعذر حضوره مجلس القضاء وهو قول الشافعي، وقال أبو حنيفة وسائر الكوفيين لا يقضى عليه بشيء. شرح ج 12 (ص 8). فائدة: حكى الإمام النووي نور الله ضريحه الإجماع على أن حديث "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وأذا اجتهد فأخطأ فله أجر" إنه مُنَزَّلٌ على الحاكم المتأهل للاجتهاد في الحكم والقضاء في المسألة. وأما غيره من غير المتأهلين فلا يؤجر أبدًا، بل هو عاصٍ في الحالين أصاب أم أخطأ. قلت: وهذا الحكم نفسه في المجتهدين في أحكام الشريعة ومسائل الفقه. ومنه يعلم حرمة الخوض في الاجتهاد وأحكام الفقه المختلف فيها لغير المتأهلين، وأنهم موزورون آثمون في كل الأحوال، ولا حول ولا قوة إلا بالله. انظر شرح ج 12 (ص 13، 14). باب في القاضى يُعْزَلُ فَيقِرُّ على حُكْم حَكَم به أثناء ولايته مسألة (1572) أكثر الفقهاء على أن القاضي إذاً عزل فأقر بحكم حكم به أثناء ولايته؛ فإنه يقبل قوله حتى يأتي ببينة. وبه يقول الأوزإعي وابن أبي ليلى وأصحاب الرأي والشافعي في ظاهر مذهبه. وهو احتمال في المذهب الحبنلي. وقال إسحاق: يقبل قوله ولا يحتاج إلى يينة وهو المعتمد في مذهب أحمد. مغ ج 11 (ص: 476). باب في القضاء على الغائب إذا كان حاضرا في البلد أو قريبًا منها مسأله (1573) جمهور الفقهاء وأهل العلم لا يجيزون الحكم على الغائب إذا كان
حاضرًا في البلد أو قريبًا منها يسهل حضوره مجلس الحكم، وجمهور أهل العلم على هذا حتى لو كان المدعي عنده بينة بما يدعيه، وقال أصحاب الشافعي في وجه له: يجوز إذا كانت ثمة يينة. مغ ج11 (ص 487). * * *
فصل فيمن يصح قضاؤه
فصل فيمن يصح قضاؤه (¬1) باب في المرأة تكون قاضيًا مسألة (1574) جمهور العلماء على أنه يشترط لمن ينتصب للقضاء أن يكون ذكرًا. وقال أبو حنيفة: يجوز أن تكون المرأة قاضيًّا في غير الحدود أي، في الأموال وغير ذلك. وقال محمد بن جرير الطبري: لها أن تكون قاضية في كل شيء. بداية ح 1ص 555. باب في هل يحكم الحاكم بعلمه (¬2) * * * ¬
مَوْسُوْعَة مَسَائِل الجُمْهُوْرِ في الفِقْهُ اِلإسْلاَمِيِ كتاب القسمة كتاب الشهادات
كتاب القسمة/كتاب الشهادات
كتاب القسمة/كتاب الشهادات (¬1) باب في ما يقبل من الشهود في الزنا (¬2) مسألة (1575) جمهور العلماء على اشتراط أن يكون الشهود في الزنا رجالًا أحرارًا. وهو قول مالك والشافعي وأحمد وأبي حنيفة وسائر أصحاب الرأي. قال الموفق: وشذ أبو ثور فقال: تقبل فيه شهادة العبيد. وحكى عن عطاء وحماد أنهما قالا: تجوز شهادة ثلاثة رجال وامرأتين. مغ ج 12 (ص:5). باب في شهادة النساء (¬3) في الحدود مسألة (1576) جمهور أهل العلم على أنه لا يقبل في الحدود إلا شهادة رجلين. وبه قال سعيد بن المسيب والشعبي وإبراهيم النخعي وحماد والزهري وربيعة ومالك والشافعي وأبو عبيد وأبو ثور وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي وأحمد رحمهم الله تعالى، وحكي عن عطاء وحماد أنه يقبل شهادة رجل وامرأتين (¬4). وبه قال أهل الظاهر. بداية ج 2 (ص: 562) فتح ج 11 (ص: 85). باب في الشهادة على القتل مسألة (1577) جمهور العلماء بل عامتهم على أنه يكتفى في الشهادة على القتل برجلين، وهو قول مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وسائر فقهاء الأمصار وأهل العلم. وقال الحسن: لا بد فيه من شهادة أربعة. مغ ج 12 (ص: 6) بداية ج 2 (ص: 561). ¬
باب في شهادة النساء فيما ليس بحد ولا مال ولا ما لايختص به إلا النساء
باب في شهادة النساء فيما ليس بحد ولا مال ولا ما لايختص به إلا النساء (¬1) باب في قبول شهادة النساء منفردات في الرضاع مسألة (1578) جمهور العلماء بل عامتهم على قبول شهادة النساء منفردات في الرضاع فلا يحتجن أن يشهد معهن رجال. قلت: والجمهور على أنه لا يكفي في إثبات الرضاعة امرأة واحدة. حكاه عن الجمهور الحافظ عن الفتح. وقال أبو حنيفة فيما حكى عنه: لا تقبل شهادتهن منفردات (¬2). مغ ج 12 ص 15 بداية ح 2 (ص: 563) فتح ج 11 (ص: 88). باب في شهادة النساء منفردات في استهلال المولود (¬3) مسألة (1579) جمهور العلماء وعامتهم على أن شهادة النساء منفردات مقبولة في ¬
باب في ثبوت المال لمدعيه بشاهد ويمين
إثبات استهلال المولود. وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد بن الحسن، وقال أبو حنيفة لا تقبل منفردات. مغ ج 12 (ص:16). باب في ثبوت المال لمدعيه بشاهد (¬1) ويمين مسألة. (1580) أكثر أهل العلم على أن من ادعى مالاً وليس له شاهدان، فإن يمينه مع شاهدٍ واحدٍ يجزئه. روي هذا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعليٍّ رضي الله تعالى عنهم. وهو قول الفقهاء السبعة وعمر بن عبد العزيز والحسن وشريح وإياس بن معاوية وعبد الله بن عتبة وأبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن يعمر وربيعة ومالك وابن أبي ليلى وأبي الزناد والشافعي وأحمد. وقال الشعبي والنخعي والثوري وأبو حنيفة والأوزاعي وجمهور أهل العراق والليث من أصحاب مالك: لا يُقْضَى باليمين والشاهد بل لا بد من شاهدين رجلين أو رجل وامرأتان (¬2). مغ ج 12 (ص:9). شرح ج 12 (ص:4). * * * ¬
فصل فيمن تجوز شهادته ومن ترد
فصل فيمن تجوز شهادته ومن تُرَدُّ باب في معني العدالة (¬1) في الشهود مسألة (1581) جمهورأهل العلم على أن العدالة صفة زائدة عن الإسلام وهي في جملتها فعل للواجبات وترك للمحرمات مع الاعتناء بالمندوبات والابتعاد عن المكروهات ودنايا الخصال التي تجرح بأهل المروءات. وقال أبو حنيفة: يكفي ظاهر الإسلام وأن لا يكون معلومًا بجرحة. بداية ج 2 (ص: 558) فتح ج 11 (ص: 67). باب في شهادة الصبي مسألة (1582) جمهور أهل العلم على اشتراط البلوغ في الشهود وأنه لا تقبل شهادة الصبي صغيرًا كان أو كبيرًا مميزًا أو مراهقًا. روي هذا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وبه قال القاسم وسالم وعطاء ومكحول وابن أبي ليلى والأوزاعي والثوري والشافعي وإسحاق وأحمد وأبو عبيد وأبو ثور وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وزفر. قلت: وقد حكى ابن رشد الإجماع في هذه المسألة في غير شهادة الصبيان بعضهم على بعض (¬2). وقال أحمد في رواية: تقبل شهادة الصبي إذا كان ابن عشر سنين. وروي عن عليّ - رضي الله تعالى عنه - أنها تقبل في شهادة بعضهم على بعض، وروي ذلك عن شريح والحسن والنخعي. قال إبراهيم النخعي: كانوا يجيزون شهادة بعضهم على بعض فيما كان يينهم. قال المغيرة: وكان أصحابنا لا يجيزون شهادتهم على رجل ولا على عبد. فتح ج 11 (ص: 67). ¬
باب في شهادة الصبيان فيما يكون بينهم من الجراحات
باب في شهادة الصبيان فيما يكون بينهم من الجراحات مسألة (1583) جمهور العلماء وفقهاء الأمصار على رد شهادة الصبيان بعضهم على بعض فيما يكون بينهم من الجراحات. وهو قول من ذكرناهم في المسألة السالفة ممن رد شهادتهم بإطلاق. وروي عن أحمد قبول شهادتهم إذا شهدوا قبل الافتراق وبه يقول مالك. وروي عن الزهري أن شهادتهم جائزة ويستحلف أولياء المشجوج. وذكره عن مروان. وذكرنا فيما مضى ما روي عن عليٍّ - رضي الله تعالى عنه - في هذا. قال ابن رشد: واختلف أصحاب مالك. هل تجوز إذا كان بينهم كبير. أم لا؟ ولم يختلفوا أنه يشترط فيها العدة المشترطة في الشهادة. واختلفوا هل يشترط فيها المذكورة أم لا، واختلفوا أيضًا هل تجوز في القتل الواقع بينهم؟. وبقول مالك وأحمد قال ابن أبي ليلي وقوم من التابعين (¬1). وهو قول ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما (¬2). بداية ج 2 (ص: 559). باب في شهادة الكفار من أهل الذمة وغيرهم مسألة (1584) جمهور العلماء على رد شهادة الكفار وعدم قبولها مطلقًا سواء كانت على المسلمين أو على أنفسهم اتفقت مللهم أم اختلفت، وممن قال بهذا الحسن وابن أبي ليلى والأوزاعي ومالك والشافعي وأبو ثور وأحمد. وحكى ابن رشد اتفاق العلماء على هذا فيما سوى الشهادة على الوصية في السفر (¬3). وقال حماد بن أبي سليمان وسفيان الثوري وقضاة البصرة الحسن وسوار وعبيد الله: تقبل شهادتهم بعضهم على بعض ولا يشترط اتفاقهم في الملة؛ فالكفر ملة واحدة. وبه يقول أبو حنيفة -رحمه الله- تعالى وأصحابه. وهو قول عثمان البتي. وقال الزهري والشعبي وقتادة: تقبل شهادة أهل كل ملة على أهل ملتهم ولا تقبل على غيرهم؛ فأجازوا شهادة اليهوديّ على اليهودي والنصراني على النصراني ومنعوا ¬
باب في شهادة أهل الكتاب علي وصية المسلم في السفر
شهادة اليهودي على النصراني والنصراني على اليهودي. وحكي مثل هذا عن الحكم وأبي عبيد وإسحاق (¬1). فتح ج 11 (ص: 115). باب في شهادة أهل الكتاب علي وصية المسلم في السَّفَرِ مسألة (1585) جمهور من بلغنا قوله من أهل العلم على قبول شهادة أهل الكتاب على وصية المسلم في السفر إذا لم يوجد غيرهم من المسلمين. وبه قال من الصحابة أبو موسى الأشعري وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهم. وبه يقول سعيد بن المسيب ويحيى بن يعمر وسعيد بن جبير وأبو مجلز وإبراهيم النخعي وشريح القاضي وعَبِيدَةَ السلماني ومحمد بن سيرين ومجاهد وقتادة والسدي. وهو قول سفيان الثوري والأوزاعي ويحيى بن حمزة، ومال إليه أبو عبيد القاسم بن سلام لكثرة من مال إليه. كذا قال القرطبي. وهو قول أحمد بن حنبل نص عليه -رحمه الله- تعالى (¬2). وهو قول غير هؤلاء، رحمهم الله تعالى. قال ابن المنذر. وبهذا قال أكابر الماضين يعني في تفسير الآية التي في سورة المائدة. قلت: وبه قال داود وأهل الظاهر. وحكاه ابن حزم عن جمهور السلف. وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: لا تقبل شهادة غير المسلم على المسلم. مغ ج 12 (ص: 51) القرطبي ج 6 (ص: 349) فتح ج 11 (ص: 256) المحلى ج 9 (ص: 407). ¬
فصل في أحكام الشهداء ممن فيهم تهمة جلب نفع أو دفع ضرر
فصل في أحكام الشهداء ممن فيهم تهمة جلب نفع أو دفع ضررِ باب في شهادة العدو علي عدوه والخصم علي خصمه مسألة (1586) جمهور العلماء على أن شهادة العدو على عدوه لا تقبل وهي العداوة في الأمور الدنيوية؛ كشهادة المقذوف على القاذف وولي المقتول على القاتل وشبه ذلك، وممن روي عنه هذا ربيعة والثوري وإسحاق ومالك والشافعي. وهو مذهب أحمد، وقال أبو حنيفة: لا تمنع العداوة الشهادة (¬1). مغ ج 12 (ص:55). باب في شهادة الأب علي ابنه والابن علي أبيه مسألة (1587) جمهور العلماء على قبول شهادة الابن علي أبيه والأب على ابنه وقال أحمد في رواية أن شهادة الوالد والولد أحدهما على الآخر لا تقبل. حكاها عنه القاضي، وقال بعض الشافعية: لا تقبل شهادة الابن علي أييه في قصاص ولا حد قذف. مغ ج 12 (ص: 66). باب في شهادة الأخ لأخيه مسأله (1588) جمهور أهل العلم، بل عامتهم على قبول شهادة الأخ لأخيه. روي هذا عن ابن الزبير رضي الله عنه، وبه قال شريح وعمر بن عبد العزيز والشعبي والنخعي والثوري ومالك والشافعي وأبو عبيد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي. وحكي عن الثوري أنه لا تقبل شهادة كل ذي رحم محرم. حكاه ابن المنذر. وحكي عن مالك أنه لا تقبل شهادته لأخيه إذا كان منقطعًا إليه في صلته وبره. وقال ابن المنذر: قال مالك: لا تجوز شهادة الأخ لأخيه في النسب وتجوز في الحقوق. مغ ج 12 (ص: 69). باب في شهادة الوالد لولده والولد لوالده مسألة (1589) جمهور الفقهاء على رد شهادة أحدهما للآخر. وممن منعها شريح والحسن والشعبي والنخعي ومالك والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأحمد في رواية وأبو ¬
باب في شهادة الأقارب من غير الأصول والفروع
حنيفة وسائر أصحاب الرأي. وروي عن أحمد أنه تقبل شهادة الابن لأبيه ولا تقبل شهادة الأب له. وعن أحمد رواية ثالثة تقبل شهادة كل واحد منهما لصاحبه في ما لا تهمتة فيه كالنكاح والطلاق والقصاص والمال إذا كان مستغنيًا عنه. وقالت طائفة: شهادة كل منهما للآخر مقبوله. روي هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وبه قال عمر بن عبد العزيز وأبو ثور والمزني وداود وإسحاق وابن المنذر (¬1). الحاوي الكبير ج 17 (ص: 163). باب في شهادة الأقارب من غير الأصول والفروع مسألة (1590) جمهور الفقهاء على قبول شهادة الأقارب بعضهم لبعضٍ من غير الأصول والفروع، كالعمات والخالات والأعمام والأخوال وأبناء العم وأبناء الخال وشبه ذلك. وبه يقول أبو حنيفة والشافعىِ. وهو مذهب أحمد. وروي هذا عن عمر وابن الزبير رضي الله عنهما وقال الأوزاعي: لا أقبلها من ذي محرم. وقال مالك: أقبلها في كل حق. إلا في النسب (¬2). الحاوي الكبير17 (ص: 165). باب في شهادة الصديق لصديقه مسألة (1591) جمهور العلماء على قبول شهادة الصديق لصديقه، ولو كان ملاطفاً له. وهو قول أبي حنيفة هو مذهب الشافعي وأحمد، وقال مالك لا تقبل شهادة الصديق الملاطف لصديقه وتقبل من غير الملاطف. الحاوي الكبير17 (ص: 162) مغ ج 12 (ص: 70). باب في شهادة الزوج لزوجته والزوجه لزوجها والعبد لسيده (¬3) ¬
باب في شهادة العبد
باب في شهادة العبد (¬1) مسألة (1592) جمهور العلماء على عدم قبول شهادة العبيد، وبه يقول عطاء ومجاهد والحسن ومالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأبو عبيد. وذهبت طائفة كثيرة إلى قبولها. روي ذلك عن عليٍّ وأنس رضي الله تعالى عنهما. قال أنس: ما علمت أن أحدًا ردَّ شهادة العبد. وبه قال عروة وشريح وإياس وابن سيرين والبتي وأبو ثور وداود ابن المنذر. وهو مذهب أحمد (¬2). القرطبي ج 3 (ص: 390) بداية ج 2 (ص: 559). باب في شهادة ولد الزنا مسألة (1593) جمهور العلماء على قبول شهادة ولد الزنا. وممن ذهب إليه عطاء والحسن والشعبي والزهري والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو حنيفة وأصحابه. وهو مذهب أحمد. قلت: والجمهور على قبول شهادته في الزنا وغيره. وقال مالك والليث: لا يجوز شهادته في الزنا خاصةً. وروي عن عثمان رضي الله عنه ما يومئ إليه فقد حكى عنه أنه قال: ودت الزانية أن النساء كلهن زنين (¬3). مغ ج 12 (ص: 73). باب في قبول شهادة المحدود في القذف إذا تاب (¬4) مسألة (1594) جمهور العلماء على قبول شهادة المحدود في القذف إذا تاب. روي ¬
ذلك عن عُمَرَ وأبي الدرداء وابن عباس رضي الله تعالى عنهم. وهو قول عطاء وطاوس ومجاهد والشعبي والزهري وعبد الله بن عتبة وجعفر بن أبي ثابت وأبي الزناد ومالك والشافعي والبتي وإسحاق وأبي عبيد وابن المنذر. وهو مذهب أحمد. قال الموفق: وحكاه ابن عبد البر عن يحيى بن سعيد ورييعة، وقال شريح والحسن والنخعي وسعيد ابن جبير والثوري وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي لا تُقْبَلُ (¬1). القرطبي ج 12 (ص: 179). * * * ¬
فصل في الشهادة على الشهادة
فصل في الشهادة على الشهادة (¬1) باب في قبول النساء في الشهادة علي الشهادة (¬2) مسألة (1595) جمهور أهل العلم على قبول الشهادة على الشهادة ولو كان في شهود الأصل نساء كأن يشهد رجلان على شهادة رجل وامرأتين. وروي عن أحمد أنه لا يقبل النساء في الشهادة على الشهادة لا في أصل ولا فرع. مغ ج 12 (ص: 94). باب في الشهادة على شهود الأصل منفردين كم يقبل فيه من الشهود؟ مسألة (1596) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على جواز أن يشهد شاهد واحد على كل شاهد أصل انفرادًا. وبه يقول شريح والشعبي والحسن وابن شبرمة وابن أبي ليلى والثوري وإسحاق والبتي والعنبري ونمير بن أوس وأحمد. قال إسحاق: لم يزل أهل العلم على هذا حتى جاء هؤلاء. وقال أحمد: وشاهد على شاهدٍ يجوز، لم يزل الناس على ذا شريحٌ فمن دونه. وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا بد لكل شاهد أصل إذا انفرد من شاهدي فرع، وبه قال أبو عبد الله بن بطة. حكاه الموفق عنه. مغ ج 12 (ص:95). * * * ¬
فصل في الأقضية
فصل في الأقضية (¬1) باب في شهادة المدين علي دائنه بدين أووصية مسألة (1597) جمهور العلماء بل عامتهم على أنه لو ثبت لرجل على رجل دين ببينة؛ فإن ذلك لا يمنع من قبول شهادة المدين على غريمه الدائن بدين آخر أو وصية، وقال ابن أبي ليلى: لا تقبل شهادته على غريمه الميت. مغ ج 12 (ص:108). باب في الُمدَّعَى عليه يحلف ليبرأ كيف تكون اليمين؟ مسألة (1598) جمهور العلماء بل عامتهم على أن المُدَّعِي إذا عدم البينة وتوجهت اليمين للمُدَّعَى عليه ليبرأ؛ فإنه يجزئه حتى يبرأ أن يقول "والله" ما عندي لفلان ما ادعاه عليَّ. وقال مالك: الأفضل أن يقول "والله الذي لا إله إلا هو". قال ابن المنذر: هذا أحب إليَّ. وقال الشافعي: إن كان المُدَّعَى قصاصًا أو عتاقًا أو حدًّا أو مالًا يبلغ نصابًا غُلِّظَتْ اليمن، فيحلف "بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية" وقال في القسامة "عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور" واختاره أبو الخطاب الحنبلي. وجعل القاضي أبو يعلى الحنبلي هذا في القسامة خاصة وليس بشرط (¬2). مغ ج 12 (ص:113). باب في تغليظ (¬3) اليمين هل هو مشروع؟ مسألة (1599) جمهور الفقهاء على أن التغليظ في الأيمان بالزمان والمكان مشروع في ¬
باب في التغليظ بالإحلاف بالمصحف هل يشرع؟
حق المسلمين وغير المسلمين من أهل الذمة ونحوهم. وبه يقول مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة لا يشرع التغليظ إلا بالعدد وهو في القسامة واللعان خاصةً. ولا يشرع بالزمان ولا بالمكان. وبقول أبي حنيفة قال أبو يوسف ومحمد بن الحسن، وقال مسروق وأبو عبيدة بن عبد الله وعطاء وشريح والحسن وإبراهيم بن كعب بن سور والثوري وأبو عبيد التغليظ على أهل الذمة وحدهم. وهو مذهب أحمد. وهو اختيار أبي بكر وابن قدامة من الحنابلة (¬1). الحاوي الكبير 17 (ص: 107). باب في التغليظ بالإحلاف بالمصحف هل يشرع؟ مسألة (1600) عامة أهل العلم على أن الإحلاف بالمصحف لا ينبغي أن يطلبه الحكام والقضاة من الحالفين. قال ابن المنذر. ولم نجد أحدًا يوجب اليمين بالصحف، وقال الشافعي: رأيتهم يؤكدون بالمصحف. ورأيت ابن مازن وهو قاضٍ بصنعاء يغلظ اليمين بالصحف. وحكى الشافعي عن مطرف أن ابن الزبير كان يُحْلِف على المصحف. قال -رحمه الله-: ورأيت مطرفًا بضعًا يحلف على المصحف. قال الشافعي: وهو حسن (¬2). وحكى الماوردي عن الشافعي أنه لا يستحب وإنما أجازه. وحكى القرطبي أن قتادة كان يُحْلِفَ بالمصحف. وحكى عن ابن المنذر نقله عن أحمد وإسحاق أنهما كان لا يكرهان ذلك. وقال ابن العربي: هو بدعة. القرطبي ج 6 (ص: 354) مغ ج 12 (ص: 118). ¬
باب في الرجل يحلف على نفي شيء هل يحلف على البت أوعلى نفي العلم؟
باب في الرجل يحلف على نفي (¬1) شيءٍ هل يحلف على البت أوعلى نفي العلم؟ مسألة (1601) أكثر الفقهاء على أن من استُحْلِفَ على نفي شيءٍ ادعى عليه. فإن كان يحلف على نفي فعل نفسه فهىِ (يعني اليمين) على البت والقطع، فيقول: والله ما بعتك. والله ما اشتريت، وشبه ذلك. وإن كان يحلف على نفي فعل غيره فهي نفي العلم، فيقول: والله لا أعلم إن أبي باعك أو اشترى منك أو نحو ذلك. وبه يقول مالك وأبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد. وقال الشعبي والنخعي: كلها على نفي العلم سواء كانت على نفي فعل نفسه أو فعل غيره. وبه قال أحمد في روايةٍ. ذكرها عنه ابن أبي موسى. وقال ابن أبي ليلى: كلها على البت والقطع على نفي فعل نفسه أو غيره (¬2). الحاوي الكبير ج 17 (ص: 118). * * * ¬
فصل في رجوع الشاهدين أو الشهود عن الشهادة
فصل في رجوع الشاهدين أو الشهود عن الشهادة باب في رجوع الشهود عن الشهادة قبل الحكم مسألة (1602) عامة أهل العلم على أن الشهود إذا رجعوا عن الشهادة قبل صدور الحكم فإنه لا يجوز الحكم بمقتضى الشهادة. وشذ أبو ثور فيما حكي عنه، فقال: بل يحكم بمقتضاها. مغ ج 12 (ص: 137) الحاوي الكبير خ 17 ص 253. باب في رجوع الشهود بعد الحكم وقبل الاستيفاء مسألة (1603) جمهور العلماء على أن الشهود إذا رجعوا عن شهادتهم بعد صدور الحكم وقبل استيفائه (تنفيذه) فإن كان الحكم في غير الحدود (¬1) والقصاص بأن كان مالًا أو طلاقًا أو عتاقًا استوفى (نُفِّذَ) ولم يُنْقَضْ. وقال سعيد بن المسيب والأوزاعي: ينتقض الحكم. هكذا حكي عنهما، وحكي هذا عن عبيد الله بن الحسن العنبري. مغ ج 12 (ص: 137) الحاوي الكبير ج 17 (ص: 254). باب في رجوع الشهود بعد الحكم وبعد استيفائه (تنفيذه) مسألة (1604) جمهور الفقهاء على أن الشهود إذا رجعوا عن شهادتهم بعد صدور الحكم وبعد استيفائه (تنفيذه) فإن الحكم لا ينتقض بذلك. وقال سعيد بن المسيب والأوزاعي فيما حكي عنهما: ينتقض (¬2). الحاوي الكبير ج 17 (ص: 255). ¬
باب في تغريم الشاهدين على مال يرجعان عن شهادتهما بعد الاستيفاء
باب في تغريم الشاهدين على مال (¬1) يرجعان عن شهادتهما بعد الاستيفاء مسألة (1605) جمهور أهل العلم على أن الشاهدين إذا شهدا على مال أنه لفلان ثم رجعا عن شهادتهما بعد استيفاء الحكم وقبض المشهود له للمال، فإن المشهود عليه يرجع على الشاهدين بالمال الذي شهدا به. وبه يقول مالك وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي، وبه قال الشافعي في القديم من قوله. وقال الشافعي في الجديد: لا يرجع عليهما بشيء إلا أن يشهدا بعتق عبد فيضمنا قيمته (¬2). مغ ج 12 (ص:141). باب في تغريم المشهود له بالمال إذا رجع الشهود مسألة (1606) جمهور العلماء على أن الشهود إذا شهدوا بمال لرجلٍ ثم رجعوا عن شهادتهم بعد استيفاء الحكم، فإن المشهود عليه لا يرجع على المشهود له بشيء وحكى عن سعيد بن المسيب والأوزاعي أن الحكم ينتقض وينزع المال من يد المشهود له ويعاد به إلى المشهود عليه. مغ ج 12 (ص:141). باب في الحاكم يخطيء في الحكم هل يضمن؟ (¬3) باب في شاهد الزور هل يعزر ويُشَهَّرُ به؟ مسألة (1607) جمهور العلماء على أن الحاكم إذا تبين أن فلانا شهد زورًا عنده عَزَّرَهُ ¬
باب في الشاهدين يشهد أحدهما بشيء والآخر ببعضه
وشهر به في الناس. روي ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه. وبه يقول شريح والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله والأوزاعي وابن أبي ليلى ومالك والشافعي وعبد الملك بن يعلى قاضي البصرة. وهو مذهب أحمد. وقال أبو حنيفة لا يُعَزَّرُ ولا يُشَهَّرُ (¬1). مغ ج 12 (ص:153). باب في الشاهدين يشهد أحدهما بشيء والآخر ببعضه مسألة (1608) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على إنه إذا شهد شاهدٌ على فلان، بأن أقر لفلان بألف وشهد شاهدٌ ثانٍ بأنه أقر له بخمسمائة، فإن المُدَّعِي يستحق بشهادتها خمسمائة ويحلف على الخمسمائة الأخرى ويستحقها (¬2)، وبه يقول شريح ومالك والشافعي وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وإسحاق وأبو عبيد. وهو مذهب أحمد. وحكي عن الشعبي أنه شهد عنده رجلان أحدهما أنه طلقها تطليقةٍ. وشهد الآخر أنه طلقها تطليقتين. فقال: قد اختلفتما قومًا. يعني لم يجعل شهادتهما شيئاً وحكي عن أبي حنيفة أنه إذ شهد شاهد أنه أقر لفلان بألف وشهد آخر أنه أقر له بألفين لم تصح الشهادة حتى يشهد على إقراره شاهدان اثنان. مغ ج (ص: 156). ¬
باب في شهادة الوصي علي أو للموصي عليهم
باب في شهادة الوصي علي (¬1) أو للمُوصَي عليهم مسألة (1609) جمهور أهل العلم على أن شهادة الوصي لمن هو موصى عليهم لا تجوز إذا كانوا لا زالوا تحت حجره. وهو قول الشعبي والثوري ومالك والشافعي والأوزاعي وأبي حنيفة وابن أبي ليلى. وهو مذهب أحمد. وقال شريح وأبو ثور: تجوز إذا كان الخصم غيره. مغ ج 12 (ص:160). باب في اليمين تتوجه على المُدَّعَى عليه هل يشترط أن يكون بينه وبين الَمدعِّي خلطةٌ؟ مسألة (1610) جمهور العلماء من السلف والخلف على أن اليمين تتوجه على المُدَّعَى عليه إذا ادُّعِىَ عليه حق وإذا عدم المدَّعِي البينةَ. ولا يشترط أن يكون بين المدَّعِي والمدَّعَى عليه سابق خلطة. وهو مذهب الشافعي. وقال مالك وجمهور أصحابه، وفقهاء المدينة السبعة: أن اليمين لا تتوجه إلا على من بينه وبين المدَّعِي خلطة (¬2). شرح ج 12 (ص:3). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب الدعاوى والبينات
كتاب الدعاوي والبينات
كتاب الدَّعَاوَي والبينَات باب في الُمدَّعِي والُمدَّعَى عليه يقيمان البينة مسألة (1611) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أنه لو ادعى رجل على رجل استحقاق شيءٍ في يد المُدَّعَى عليه، فأقام كل منهما بينة على استحقاقه للمتنازع فيه، فإن بينة المُدَّعَى عليه تقدم على بينة المُدّعِي، وبه يقول شريح والشعبي والنخعي والحكم والشافعي وأبو عبيد، وقال: هو قول أهل المدينة وأهل الشام، وروي هذا عن طاوس. وهو قول أبي حنيفة وأبي ثور إذا ما أفادت بينة المُدَّعَى عليه سبب الملك وذلك فيما يكون فيه نتاج أو نساج لا يتكرر. وأما فيما فيه تكرار نسج ونتاج؛ كالصوف والخز فلا تسمع فيه يينة المدعي عليه بحال. وروي عن أحمد مثل هذا القول مطلقًا من غير تقييد أعني تقديم بينة المدعى عليه إذا أفادت بينته سبب الملك. وقال أحمد في المشهور عنه: تقدم بينة المُدَّعِي على بينة المُدَّعَى عليه مطلقًا. وبه قال إسحاق (¬1). مغ ج 12 (ص: 167) الحاوي ج 17 (ص: 303). باب في المُدَّعِي يقيم البينة وحده. هل يستحلف مع بينته؟ مسألة (1612) جمهور العلماء وأهل الفتيا على أن المُدَّعِي لو أقام البينة على صحة دعواه، ولم يكن للمُدَّعَى عليه بينة قضى للمُدَّعِى ببينته من غير أن يُسْتَحلَف. وبه يقول الزهري وأبو حنيفة ومالك والشافعي وهو مذهب أحمد. وقال شريح وعون بن عبد الله والنخعي والشعبي وابن أبي ليلى: يستحلف الرجل مع بينته. قال شريح لرجل: لو أَثْبَتَّ عندي كذا وكذا شاهدًا (يعني بشهادة الشهود) ماقضيت لك حتى تحلف. مغ ج 12 (ص: 168) الحاوي الكبير ج 17 (ص: 308). ¬
باب في الدار في يد رجلين يدعي أحدهما كلها والثاتي نصفها
باب في الدار في يد رجلين يدعي أحدهما كلها والثاتي نصفها مسألة (1613) عامة أهل العلم على أن الدار إذا كانت تحت يد رجلين فادعى أحدهما ملك الدار كلها، وادعى الثاني مِلكَ نصفها، ولا بينة لواحد منهما فهي يينهما نصفين، وحكى عن ابن شبرمة أن لمن ادعاها كلها ثلاثة أرباعها والربع للثاني. مغ ج 12 (ص: 177). باب في الزوجين يتنازعان في البيت وليس لهما بينة (¬1) باب في الرجل يمنع من حقه ولا بينة له هل يأخذ حقه بغير إذن؟ (¬2) مسألة (1614) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن من كان له حق عند فلان وعجز عن استيفائه لجحد مَنْ أخذ منه المال ولا بينة لصاحب الحق وكان ممتنعًا مَنْ عليه الحق في إجابته للحاكم، فإنه يجوز له أن يأخذ منه قدر حقه بغير إذنه إذا كان المأخوذ من جنس حقه ما لم يكن عَرَضًا وما لم يكن لآخذ الحق مدينًا لأحد سوى طالب ¬
باب في المدعى عليه يأبي أن يحلف هل يحكم للمدعي بالنكول
الحق. وبه يقول أبو حنيفة ومالك في المشهور عنه والشافعي وهو وجه في المذهب الحنبلي خرجه أصحاب الحديث في المذهب وأبو الخطاب. وهو ما يدل عليه قول أحمد في غير هذه المسألة (¬1). وقال الموفق: المشهور في المذهب أنه ليس له أخذ قدر حقه، وهو إحدى الروايتين عن مالك. مغ ج 12 (ص: 229). باب في المُدَّعَى عليه يأبي أن يحلف هل يُحْكَمُ للمُدَّعِي بالنكول (¬2) مسألة (1615) أكثر الفقهاء على أن المدعى عليه إذا نكل (امتنع) عن اليمين؛ فإنه لا يُحْكمُ (يُقضى) للمّدَّعِي بمجرد نكوله، بل ترد اليمين إلى المدَّعِي؛ فإذا حلف حكم له، وبهذا الذي قلناه قال شريح والشعبي والنخعي ومحمد بن سيرين والشافعي ومالك في الأموال خاصةً (¬3). وقد صَوَّبَ قول الأكثرين أحمد فيما روي عنه فقال: ما هو ببعيد يحلف ويستحق هو قول أهل المدينة. نقله عنه أبو الخطاب. واختاره وهو قول ابن أبي ليلى في غير التهمة وإلا فلا. وقال أحمد في المنصوص عنه: أنه يُحكم للمدعِي بنكول المُدّعَى عليه في الأموال وما قصد به المال. وهو قول أبي حنيفة -رحمه الله- تعالى فيما كان مالًا بأن يقال له ثلاثًا إن حلفت، وإلا قضيت عليك. قال أبو حنيفة: ولا أحكم عليه بالقتل بالنكول. وخالف أبو يوسف أبا حنيفة فحكم عليه في القتل بالدية دون القود بالنكول. وحكم عليه فيما دون النفسى بالقود إذا نكل. وإن كانت الدعوى في نكاح أو طلاق أو عتق أو نسبٍ لم يوجب على المُنْكِرِ اليمين. ولم يحكم عليه بالنكول (¬4). الحاوي الكبير ج 17 (ص: 140). ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب العتق
كتاب العتق
كتاب العتق (¬1) باب فيمن قال لعبده أنت ابني مسألة (1616) جمهور العلماء بل عامتهم على أن من قال لعبده إذا كان أكبر منه أو لا يولد لمثله أنت ابني؛ لم يعتق ولا يلحقه نسبه وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن حكاه عنهما ابن المنذر. وقال أبو حنيفة: يعتق. وجعله أبو الخطاب وجهًا في المذهب الحنبلي. وهو قول زفر. قال ابن المنذر: هذا من قول النعمان شاذ لم يسبقه إليه أحد ولا تبعه أحد عليه (¬2). مغ ج 11 (ص: 237) بداية ج 2 (ص: 442). * * * ¬
فصل في من يصح منه العتق
فصل في من يصح منه العتق (¬1) باب في الحربي يعتق عبده هل يصح؟ مسألة (1617) جمهور العلماء على صحة عتق الحربي، إذا كان بالغًا عاقلًا رشيدًا. وقال أبو حنيفة: لا يصح عتقه. مغ ج 12 (ص: 238). باب في عتق المحجور عليه مسألة (1618) جمهور العلماء على أن العتق من المحجور عليه لا يصح في أحد من عبيده وقال مالك يصح عتقه لأم ولده، وبه قال أكثر أصحاب مالك وأحمد في رواية (¬2). بداية ج 2 ص 435. باب فيمن ضرب عبده ضربّا مبرحّا أومثَّل به (¬3) هل يعتق عليه؟ مسألة (1619) جمهور العلماء على ان من ضرب عبده ضربًا فأتلف شيئًا منه أو مثَّل به كأن جدع أنفه أو نحو ذلك، فإنه لا يعتق عليه لكن يضمن سيده ما نقص من قيمته لو كان لغيره. وبعدم عتق العبد بما ذكرناه سواء كان عبده أو عبد غيره، قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك وأصحابه والليث بن سعد: يعتق عليه إذا كان عبده. ويكون له ولاؤه ويعاقبه السلطان. (يعني يعاقب السلطان السيَّدَ). وشذ الأوزاعي فقال: يعتق عليه أو على غيره إذا كان عبدًا يضره. قلت: ومن لازم قول الأوزاعي أن يضمن من تعدى على عبد غيره قيمة العبد لسيده. الإشراف ج 2 (ص: 308) شرح ج 11 (ص: 127) بداية ج 2 (ص: 438) (حكايته مذهب الجمهور في الضمان). ¬
باب في عتق المريض مرض الموت
باب في عتق المريض مرض الموت مسألة (1620) جمهور العلماء على أن المريض مرض الموت إذا أعتق ثم مات خرج عتقه من ثلث ماله وإذا صح من مرضه فعتقه من كل ماله كالصحيح (¬1). وقال أهل الظاهر: عتق المريض في مرض الموت؛ كعتق الصحيح. بداية ج 2 ص 435. باب في الثلاثة يشتركون في العتق وأحدهم موسر أو كلهم معسرون مسألة (1621) أكثر أهل العلم على أنه لو كان لثلاثة معسرين عبد أو كان اثنان منهم معسرين، والثاني موسر وأعتقوه واحداً بعد واحدٍ، فإنه يعتق على كل واحدٍ منهم حقه فيه وله ولاؤه. وحكى ابن المنذر قولين شاذين فيما إذا أعتق المعسر نصيبه. الأول: باطل ولا يصح العتق. الثاني: يعتق كله وتكون قيمة نصيب الذي لم يعتق في ذمة المُعتِق يتبع بها إذا أيسر. قال الموفق: وهذان القولان شاذان لم يقلهما من يحتج بقوله ولا يعتمد على مذهبه. مغ ج 12 (ص: 240). باب في العتق بسبب القرابة مسألة (1622) جمهور العلماء بل عامتهم على أن التملك الطارئ للقرابة سبب من أسباب العتق وعامتهم بل كلهم (أعني الجمهور) على أن مَنْ ملك وَلَدَهُ أو وَالِدَهُ، فإنهما يعتقان عليه بمجرد المِلْكِ. قال ابن المنذر: وهذا قول كل من نحفظ عنه من أهل العلم إلا رجلًا (أبهم ابن المنذر اسمه لنكارة قوله) كان في زماننا، فإنه بلغني عنه أنه قال: لا يعتق عليه الوالد والولد. إلا أن يعتقه المالك الذي اشتراه (¬2). ¬
باب في الشركاء في العبد يعتق أحدهم نصيبه وهو موسر
الإشراف ج 2 (ص: 277). بداية ج 2 (ص: 439) شرح ج 10 (ص: 153). باب في الشركاء في العبد يَعْتِقُ أحدهم نصيبه (¬1) وهو موسر مسألة (1623) جمهور من بلغنا قوله من أهل لعلم على أن من أعتق وهو موسر نصيبه في عبد بين شركاء؛ فإن جميع العبد يكون حرًّا وعلى المعتق قيمة حصص شركائه في العبد. والولاء للمعتق. وبه يقول ابن أبي ليلى ومالك وابن شبرمة والثوري والشافعي وأبو يوسف ومحمد وإسحاق. وهو المعتمد في مذهب أحمد (¬2). قلت: والذكر كالأنثى عند الجمهور خلافًا لإسحاق حصره في الذكر، وقال عثمان البتي: لا يعتق إلا حصة المعتق ونصيب الباقين باقٍ على الرق ولا شيء على المعتق. ¬
باب في من أعتق بعض عبده ولا شركاء معه
وقال أبو حنيفة: لا يعتق إلا حصة المعتق، ولشريكه الخيار في ثلاثة أشياء. إن شاء أعتق. وإن شاء استسعى، وإن شاء ضمن شريكه فيعتق حينئذٍ (¬1). مغ ج 12 (ص: 242) فتح ج 10 (ص: 242) شرح ج 10 (ص: 137). باب في من أعتق بعض عبده ولا شركاء معه مسألة (1624) جمهور العلماء على أن من صح منه العتق؛ فأعتق بعض عبده الذي لا يملكه غيره، فإن جميع عبده يعتق. روي ذلك عن عمر وابنه رضي الله تعالى عنهما. وبه قال الحسن والحكم والأوزاعي والثوري والشافعي. قال ابن عبد البر: عامة العلماء بالحجاز والعراق، قالوا: يعتق كله إذا أعتق نصفه. قلت: وهو قول أحمد. وقال طاوس: يعتق ما أعتق ويرق ما بقي. وروى نحوه عن مالك. وحكىِ النووي نقلًا عن القاضي عياض عن أهل الظاهر والشعبىِ وعبد الله بن الحسن العنبري أن للسيد أن يعتق ما شاء من عبده. وقال حماد وأبو حنيفة: يعتق منه ما أعتق ويسعى في باقيه، وروي عن طاوس وربيعة وحماد وكذلك الحسن كقول أبي حنيفة، حكاه القاضي عياض ونقله عنه النووي. وقال: وذهب أصحاب أبي حنيفة إلى أنه ليس عليه سعاية (¬2). مغ ج 12 (ص: 244) بداية ج 2 (ص: 437). فتح ج 10 (ص: 247). شرح ج 15 (ص: 138). باب في الأمة بين الشريكين يطؤها أحدهما (¬3) مسألة (1625) أكثر أهل العلم على أنه لا حَدَّ على من وطأ جاريةً، إذا كانت ¬
باب في الرجل يعتق في مرض موته أو يوصي بعتق ما يجاوز الثلث من ماله
مشتركة بينه وبين غيره في الملك. وقال أبو ثور: بل فيه الحد. مغ ج 12 (ص: 265). باب في الرجل يعتق في مرض موته أو يوصي بعتق ما يجاوز الثلث من ماله (¬1) باب فيمن دبَّر (¬2) بعض عبده وكان ثلث ماله يفي بحل عبده مسألة (1626) أكثر الفقهاء على أن من دبر بعض عبده، وكان ثلث ماله يفي بقيمة العبد كله؛ فإن العتق يسري إلى كل العبد ويكون حرًّا. وبه يقول أحمد في رواية والشافعي في قول. ¬
باب في الرجل يعتق عبده وله مال
وقال أحمد في رواية: لا يكمل فيه العتق. مغ ج 12 (ص: 285). باب في الرجل يعتق عبده وله مال (¬1) * * * ¬
فصل في تعليق العتق
فصل في تعليق العتق باب في الرجل يعلق عتق عبده على شرط ثم يخرج عن ملكه ببيع ونحوه (¬1) مسألة (1627) جمهور العلماء على أن من علق عتق عبده على شرط ثم باعه قبل وقوع الشرط أو وهبه، فإن وقع الشرط بعد ذلك، فإن البيع لا ينفسخ ولا تبطل الهبة ولا يعتق العبد. وبه يقول أبو حنيفة والشافعي. وهو مذهب أحمد، وقال النخعي وابن أبي ليلى: ينتقض البيع ويعتق العبد. مغ ج 12 (ص: 292). باب في من علق عتق عبده على شرط لا زمان له معين مسألة (1628) جمهور أهل العلم على أن من أعتق عبده على شرط من غير أن يعين زمانًا كان يقول له أنت حرٌّ إن لم أضربك عشرة أسواط أو نحو ذلك، فإنه لا يعتق حتى يموت سيده، فإذا باعه قبل ذلك صح البيع ولم ينفسخ، وقال مالك: ليس له بيعه، فإن باعه فسخ البيع. مغ ج 12 (ص: 292). باب في من أعتق كل ولد يولد له من أمته مسألة (1629) جمهور العلماء على أن من قال لأمته كل ولد تلدينه فهو حر عتق كل ولد ولدته، وبه يقول مالك والشافعي والأوزاعي والليث والثوري. قال ابن المنذر: ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم (¬2). مغ ج 12 (ص:302). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب التدبير
كتاب التديير
كتاب التديير (¬1) باب في المدبر إذا أعتق هل يخرج من رأس المال أم ثلثه؟ مسألة (1630) جمهور العلماء على أن المدبر إذا أعتق بموت سيده؛ فإنه يخرج من ثلث ماله. روي ذلك عن عليٍّ وابن عمر رضي الله تعالى عنهم. وبه قال شريح وابن سيرين والحسن وسعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري وقتادة وحماد ومالك وأهل المدينة والثوري وأهل العراق والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي. وهو مذهب أحمد. وقالت طائفة: بل يعتق من رأس المال، روي هذا عن ابن مسعود ومسروق ومجاهد والنخعي وسعيد بن جبير، وبه قال حماد بن أبي سليمان والحكم بن عتيبة وداود، وحكاه النووي عن الليث وزفر، فالله تعالى أعلم. مغ ج 12 (ص: 308) الحاوي الكبير ج 18 (ص: 105) بداية ج 2 (ص: 462). شرح ج 11 (ص: 142). باب في بيع المدبر هل يجوز؟ (¬2) ¬
باب في المدبرة الأمة هل تختلف عن المدبر في البيع
باب في المدبرة الأمة هل تختلف عن المدبر في البيع مسألة (1631) جمهور الفقهاء بل عامتهم على أنه لا فرق في حكم بيع المدبر بين أن يكون عبدًا وبين أن يكون أمة. وفرق أحمد يينهما في رواية فمنع بيع المدبرة مطلقًا في الدين وغيره (¬1). مغ ج 12 (ص: 318). باب في الُمدَبَّرة الحامل هل يتبعها ولدها في العتق؟ مسألة (1632) جمهور العلماء على أن المدبرة إذا حملت بعد (¬2) تدبير سيدها لها؛ فإن ولدها يتبعها في التدبير ويعتق بموت السيد، كما تعتق أمه سواء بسواء. روي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر. وبه قال سعيد بن المسيب والحسن والقاسم ومجاهد والشعبي والنخعي وعمر بن عبد العزيز والزهري ومالك والثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد. والشافعي في أحد قوليه. وقالت طائفة قليلة لا يتبع الولد أمه في التدبير، إلا أن يذكره السيد عند تدبيره. وهو قول جابر بن زيد وعطاء والشافعي في قوله الآخر (¬3) وروي نحو هذا عن مكحول. مغ ج 12 (ص: 323) بداية ج 2 (ص: 463). باب وطء المدبرة هل يجوز للسيد ذلك؟ مسألة (1633) جمهور العلماء على أن للسيد وطأ أمته المدبرة. روي هذا عن ابن عمر رضىِ الله تعالى عنهما من فعله. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من ¬
قوله. وبه يقول سعيد بن المسيب وعطاء والثوري والنخعي ومالك والأوزاعي والليث والشافعي وسائر الفقهاء إلا من سنحكي عنهم خلاف ذلك. وروي عن ابن شهاب الزهري المنع من ذلك. قال أحمد: لا أعلم أحدًا كره ذلك غير الزهري، وحُكي عن الأوزاعي جواز وطئها إذا كان سيدها يطأها قبل التدبير وإلا فلا (¬1). مغ ج 12 ص 328 بداية ج 2 ص 463. * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب المكاتب أو المكاتبة أو الكتابة
كتاب المكاتب أو المكاتبة أو الكتابة
كتاب المكاتب أو المكاتبة أو الكتابة (¬1) باب في حكم المكاتبة إذا سأل العبد سيده ذلك مسألة (1634) جمهور العلماء على أن العبد إذا سأل سيده أن يكاتبه، فإنه يندب للسيد إجابته لذلك ندبًا شديدًا ولا يجب عليه ذلك، وبه يقول الحسن والشعبي ومالك والثوري والشافعي وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي وهو ظاهر مذهب أحمد. وقال عطاء والضحاك وِعمرو بن دينار وداود: إذا سأل العبد الصدوق القادر على الاكتساب سيده الكتابة وجب عليه: أن يجيبه إليها وروي هذا عن أحمد. وقال إسحاق: أخشى أن يأثم إن لم يفعل. مغ ج 12 (ص: 339) الحاوي ج 18 (ص: 142) بداية ج 2 (ص: 444) القرطبي ج 12 (ص: 245). باب المكاتب إذا بقي عليه شيء من مال المكاتبة مسألة (1635) جمهور العلماء على أن العبد المكاتب يبقى عبدًا ما بقي عليه درهم من مكاتبته لم يؤده لسيده. روي هذا عن عُمَرَ وابنه وزيد بن ثابت وعائشة رضي الله تعالى عنهم وسعيد بن المسيب والزهري. وبه قال القاسم وسليمان بن يسار وعطاء وقتادة والثوري وابن شبرمة ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأحمد وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي، وقال عليٌّ: يعتق منه بقدر ما أدى. وروى عن عمر وعلي وابن الزبير إذا أدى الشطر فلا رق عليه ويبقى ما عجز عنه من ذمته لسيده. وروي هذا عن النخعي. وروي عن شريح إذا أدى ثلث كتابته عتق وكان غريمًا بالباقي. وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: إذا أدى قدر قيمته فهو غريم. وقضى به شريح. ¬
باب في العبد يملك مالا يفي بكتابته هل يعتق في الحال
وقال الحسن: إذا عجز أستسعى بعد العجز سنتين (¬1). بداية ج 2 (ص: 449). القرطبي ج 12 (ص: 248). شرح ج 10 (ص: 142). باب في العبد يملك مالًا يفي بكتابته هل يعتق في الحال مسألة (1636) جمهور أهل العلم على أن العبد إذا ملك وفاء مكاتبته، فإنه لا يعتق بذلك، بل حتى يؤدي عوض مكاتبته. وقال أحمد في رواية: إذا ملك ما يؤدي عتق. مغ ج 12 (ص: 362). باب في المكاتب يموت ويترك ما يفي بكتابته (¬2) مسألة (1637) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المكاتب إذا مات وقد ترك مالًا يفي بكتابته، فإنه يموت حرًّا وبقي في ذمته لسيده وما بقي فلورثته. روي ذلك عن عليٍّ وابن مسعود ومعاوية. وبه قال عطاء والحسن وطاوسُ وشريح والنخعي والثوري والحسن بن صالح ومالك وإسحاق وأصحاب الرأي ومعهم أبو حنيفة -رحمه الله- إلا أنه جعله حرًّا في آخر جزءٍ من حياته، وبالذي قلناه قال أحمد في رواية. وروي عن عمر وزيد بن ثابت - رضي الله عنهما - والزهري أنه يموت عبدًا وتنفسح الكتابة بموته وما ترك من مالٍ فهو لسيده. وبه قال إبراهيم وعمر بن عبد العزيز وقتادة والشافعي وأحمد في رواية (¬3). مغ ج 12 (ص: 364) القرطبي ج 12 (ص: 253). باب في ولاء المكاتب لسيده مسألة (1638) جمهور الفقهاء على أن المكاتب إذا أعتق فإن ولاءه لسيده وهو ¬
باب في سفر المكاتب
لعصباته من بعده دون أصحاب الفروض. وهو قول أحمد في رواية وإسحاق. وقال بعضهم: الولاء للرجال فقط. حكاه أحمد -رحمه الله-. وقال بعضهم: بل هو للرجال والنساء. وبه يقول طاوس والزهري، وهو اختيار الموفق ابن قدامة -رحمه الله-. مغ ج 12 (ص: 369). باب في سفر المكاتب مسألة (1639) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن السيد ليس له أن يمنع عبده المكاتب من السفر طويلًا كان أو قصيرًا. وبه يقول الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة والشافعي في قول له. وبعض أصحابه جعلوا المسألة على حالين لا على قولين فإن كان السفر قصيرًا جاز وإلا فلا (¬1). مغ ج 12 (ص: 375) بداية ج 2 (ص: 455). باب في زواج المكاتب مسألة (1640) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن المكاتب ليس له أن يتزوج إلا بإذن سيده. وهو قول الحسن ومالك والليث وابن أبي ليلى وأبي حنيفة والشافعي وأبي يوسف. وهو مذهب أحمد. وقال الحسن بن صالح: له ذلك (¬2). مغ ج 12 (ص: 317) بداية ج 2 (ص: 455). باب في وطء السيد أمته المكاتبة مسألة (1641) جمهور العلماء على أنه ليس للسيد وطء مكاتبته الأمة، وإذا وطئها ¬
باب في من وطئ أمته المكاتبة بغير شرط. هل يقام عليه الحد؟
فقد ارتكب حرامًا سواء اشترط ذلك أم لم يشترط، والشرط في ذلك باطل. وبه يقول الحسن والزهري ومالك والليث والأوزاعي وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي. وقال سعيد بن المسيب: ليس له ذلك إلا أن يشترط. وهو المعتمد في مذهب أحمد وهو قول داود. وقال الشافعي كقول الجمهور إلا أنه جعل الشرط في ذلك مفسدًا للعقد وأبى ذلك مالكٌ. وحكى الموفق عن البعض أنه يجوز أن يطأها في الوقت الذي لا يشغلها فيه عن السعي. مغ ج 12 (ص: 388، 389) بداية ج 2 (ص: 455). باب في من وطئ أمته المكاتبة بغير شرط (¬1). هل يقام عليه الحد؟ مسألة (1642) جمهور العلماء على أن من وطئ أمته المكاتبة من غير أن يشترط عليها ذلك، فإنه قد ارتكب حرامًا يُغَّزرُ عليه ولا يُحَدَّ (¬2). وقال الحسن والزهري عليه الحد. مغ ج 12 (ص: 389) بداية ج 2 (ص: 456). باب في السيد يطأ أمته المكاتبة فيستولدها مسألة (1643) أكثر من بلغنا قوله من أهل العلم على أن السيد إذا وطئ أمته المكاتبة فأتى منها بولد، فإن هذا الاستيلاد لا يبطل الكتابة، بل يبقى عقد الكتابة ساريًا وقد اجتمع لها سببان للعتق الكتابة وكونها أم ولد فأيهما سبق وقع العتق به. وبه يقول الزهري ومالك والثوري والليث والشافعي وأبو حنيفة وسائر أصحاب الرأي، وابن المنذر وهو مذهب أحمد. وقال الحكم بن عتيبة: تبطل كتابتها به. مغ ج 12 ص 393. ¬
باب في تنجيم العوض في الكتابة
باب في تنجيم (¬1) العوض في الكتابة مسألة (1644) أكثر أهل العلم على جواز عقد الكتابة على نجمٍ واحد إذا كان مؤجلًا (¬2) وقال الشافعي لا تصح إلا على ثلاثة أنجم فصاعدًا. قلت: والصحيح عنه على نجمين فصاعدًا (¬3). القرطبي ج 12 (ص: 247) شرح ج 1 (ص: 143). باب في السيد يكاتب عبيدًا في صفقة واحدة مسألة (1645) جمهور أهل العلم على أنه يجوز للسيد أن يكاتب أعْبُدًا له بصفقة واحدة بعوض واحد، فيقول كاتبتكم على ألف منجمة على كذا وكذا. وبه يقول عطاء وسليمان بن موسى وأبو حنيفة ومالك والحسن بن صالح وإسحاق والشافعي في المنصوص عنه، وهو مذهب أحمد (¬4). وقال بعض أصحاب الشافعي فيه قول آخر بعدم الجواز. مغ ج 12 (ص:476). * * * ¬
فصل في الشروط في المكاتبة
فصل في الشروط في المكاتبة باب في السيد يشترط أن يرث عبده مسألة (1646) جمهور العلماء بل عامتهم على أن السيد إذا اشترط على عبده في كتابته أن يرثه دون ورثته أو أن يزاحمهم في الميراث فليس له ذلك وهو شرط فاسد. وبه يقول الحسن وعطاء وشريح وعمر بن عبد العزيز والنخعي وإسحاق. وقال إياس بن معاوية بجواز أن يشترط شيئًا من ميراثه (¬1). مغ ج 12 (ص: 481). * * * ¬
موسوعة مسائل الجمهور في الفقه الإسلامي كتاب أمهات الأولاد
كتاب أمهات الأولاد
كتاب أمهات الأولاد (¬1) باب في اشتراك أم الولد مع غيرها من الإماء في الأحكام مسألة (1647) جمهور العلماء على أن أمهات الأولاد يشتركن مع سائر الإماء في جميع الأحكام ما خلا البيع (¬2). وحكى عن مالك أنه لا يجوز تأجيرها ولا تزويجها. مغ 12 (ص: 492). باب في بيع أمهات الأولاد مسألة (1648) جمهور العلماء على عدم جواز بيع أمهات الأولاد، وكذلك كل تصرف ينقل الملكية إلى غير سيدها؛ كالهبة والوقف وشبه ذلك مما يراد للبيع كالرهن. وروي هذا عن عمر وعثمان وعائشة وهو قول فقهاء الأنصار وأئمة الفتوى منهم مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في الصحيح عنه. وبه يقول ابن حزم خلافُ الداود (¬3). وروي عن عليٍّ وابن عباس وابن الزبير إباحة بيعهن. وبه قال داود. وروى عن أحمد كراهته، فحمل بعضهم قوله هذا على جواز بيعهن مع الكراهة. وأبى ذلك الموفق -رحمه الله- تعالى. مغ ج 12 (ص: 492) بداية ج 2 (ص: 466) الحاوي الكبير ج 18 (ص: 308). باب في أن عتق أم الولد يكون من رأس المال مسألة (1649) جمهور العلماء على أن السيد إذا مات عن أم ولد، فإنها تخرج من ¬
باب فى أم الولد إذا كانت غير مسلمة أو فاجرة
رأس المال وإن لم يملك سواها. وسواء أتت بالولد منه في حالة صحة أو مرض فالأمر سواء. وخالف في هذا من خالف في المنع من بيعهن. مغ ج 12 (ص:505). باب فى أم الولد إذا كانت غير مسلمة أو فاجرة مسألة (1650) جمهور أهل العلم وأئمة الفتوى في الأمصار على أنه لا فرق في عتق أمهات الأولاد بموت السيد بين المسلمة وبين الكافرة ولا بين العفيفة وبين الفاجرة. وروي عن العُمرَينِ ابن الخطاب وابن عبد العزيز أن عتقهن محصور في المسلمات العفيفات. ومال إلى هذا القول الموفق -رحمه الله- تعالى. قلت: روي عن عمر - رضي الله عنه - أنها إذا زنت رُقَّتْ. (يعني عادت إلى الرِّق). مغ ج 12 (ص: 506) بداية ج 2 (ص: 468). باب في أم الولد تأتي بولد من غير سيدها مسألة (1651) جمهور أهل العلم على أن أم الولد إذا أتت بولد آخر من غير سيدها فحكمه حكم أمه في أنه يعتق بموت سيدها (¬1). وفيه خلاف من لم يقل بحكم الاستيلاد وجوز بيع أمهات الأولاد. وروي عن عمر ابن العزيز - رضي الله عنه - و-رحمه الله- أنه قال عن أولاد أم الولد من غير سيدها: هم عبيد. وجعل الموفق في المغني هذا القول على احتمالين أحدهما أنهم عبيد يعني حكمهم حكم أمهم , والثاني أنهم لا يعتقون بعتق أمهم. مغ ج 12 (ص: 507). باب في الوصية لأم الولد مسألة (1652) جمهور العلماء على أنه يجوز للسيد أن يوصي لأم الولد وأن الوصية في حقها تكون من ثلث المال شأن سائر الوصايا. وهو قول الشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي (¬2) وخالف في هذا من خالف في حكم الاستيلاد وبيع أمهات الأولاد. مغ ج 12 (ص:510). ¬
باب في قذف أم الولد هل فيه الحد
باب في قذف أم الولد هل فيه الحد مسألة (1653) جمهور العلماء على أن من قذف أم ولدٍ؛ فإنه لا يقام عليه حد القاذف. وقال أحمد في رواية: يحدّ وذكره عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. مغ ج 12 (ص: 515). نهاية كتاب موسوعة مسائل الجمهور وبنعمته سبحانه وتعالى تتم الصالحات وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا * * *
"تعريف بموسوعة مسائل الجمهور"
" تعريف بموسوعة مسائل الجمهور" هذا الكتاب، وهذه الموسوعة * هو أول جهد علمي امتد عبر نحو عقدين من الزمان ليجمع بين دفتيه مسائل الفقه الإِسلامىِ التي ذهب إليها، أو قال بها جمهور العلماء من أئمة السلف وصالحي هذه الأمة في خير القرون كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -. * جمع هذا المصنف أمهات مسائل الفقه الإسلامي. لم يتخلف عنها إلا النذر اليسير. تلك الأمهات التي على أساسها قام صرح الفقه والتشريع الإسلامي. * يعتبر هذا الكتاب تاريخًا علميًّا عمليًّا لمدارس الفقه ومذاهبه في ظهورها الأول ابتداءً بعصر الصحابة والتابعين وإنتهاءً بعصر آخر الأئمة المجتهدين أمثال الطبري، وابن المنذر. * هذه الموسوعة هي في حقيقتها امتثال علمي عملي لما أوصى به الأئمة الكبار من التابعين ومن بعدهم أمثال: عبيدة السلماني وأبي الزناد ومالك بن أنس من العناية بمذاهب أكثر أهل العلم واتباع أقوال جمهورهم في المسائل المختلف فيها. * هذه الموسوعة ترجمة عملية لتلك الأخلاق العلمية الفذة التي تحلى بها علماء هذه الأمة وفقهاؤها في صدرها الأول. والتي كان من أبرزها تلك النزاهة والأمانة الفريدتان اللتان تحملان أمثال ابن عبد البر المالكي، وهو ينقل مذاهب الفقهاء ليقول: "ولا نعلم أحدًا وافق مالكًا من فقهاء الأمصار في قوله هذا". أو تحملان النووي لنحو هذا. وغيره كثير مما يراه القارئ في هذه الموسوعة المباركة إن شاء الله تعالى. * ضمت هذه الموسوعة إلى جانب أصل مسائلها كثيراً من مسائل الإجماع أو الاتفاق التي لها تعلق بأبواب الكتاب ومسائله مما يجعل الفائدة مضاعفة. ولا شك أن من اجتمع عنده أمهات مسائل الفقه مضمومًا إليها ما تعلق بها من مسائل الاتفاق. فقد كاد أن يجتمع له أصل الفقه الإسلامي وأساسه. * لخصت هذه الموسوعة بأسلوب سهل موجز عيون مسائل الفقه الإسلامي من أهم وأكبر مصادره مما يجعلها خلاصةً لثروة علمية فقهيَّةٍ فذة. ومرجعًا فقهيًّا لا يستغنى عنه. * هذه الموسوعة صلة وصلٍ بين حاضر الأمة وماضيها، وبن سلفها وخلفها. إذ ليس في غالبها إلا أسماء الذهب والياقوت من أكابر علماء هذه الأمة المرضية، ولعلَّ
هذا أن يكون حافزًا لجيلنا المعاصر للعودة إلى تراث الماضين وأخلاق الغابرين. * استوعبت هذه الموسوعة مسائل الفقه الإِسلامي بمختلف أبوابه. ورتبت ترتيبًا فقهيًّا. ابتداءً بكتاب الطهارة وانتهاءً بكتاب عتق أمهات الأولاد. وهي بذا تقدم فائدة علميةً سريعة لطلاب العلم وأهله خاصة. والمثقفين والباحثين عن المعرفة عامةً. * سيجد المفتون وأئمة المساجد والمراكز الإسلامية إن شاء الله تعالى في هذه الموسوعة بغيةً عزيزةً. وضالةً منشودةً؛ إذ أن الكتاب في جملته مسائل الفقه التي لا ينفك أحدٌ من العامة وإلا وهو محتاجٌ لها، أو مستفتٍ أهل العلم عنها. * هذه الموسوعة تعتبر ردًّا علميًّا عمليًّا على تلك الموجة الساذجة التي خرجت قبل نحو خسمين عامًا. وإلى أيامنا هذه -تنادي بالقضاء على الخلاف الفقهي، جاهلةً أو متجاهلة- أن الخلاف في فروع الفقه مقصدٌ ربانىِ وغاية تشريعية. تعكس جمالًا في هذا الدين إذا صدر من أهله وأئمته بأخلاقياتهم العالية وأرواحهم السامية. * هذه الموسوعة تأكيد علمي على أن مالكًا وأبا حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم من فقهاء هذه الأمة ليسوا إلا حلقةً من الحلقات العلمية الفذة في سلسلة ذهبية من التلقي والتحصيل بدأت في عصر الكبار من فقهاء الصحابة والتابعين ومن بعدهم أمثال: عمر وعليٍّ وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب والحسن البصري وابن سيرين وابن المبارك والنخعي وعلقمة ونافع والليث والأوزاعي وغيرهم رحمهم الله تعالى. * هذه الموسوعة حصن حصين لأهل الورع والاحتياط. وهي كذلك فسحة وبحبوحة لأهل المضايق والحاجات إذا عزَّ عليهم أن يجدوا في قول المعاصرين رخصةً تتسع لحاجتهم أو تستوعب نازلتهم. * وإذا كانت هذه الموسوعة تُعْنَى في أصل وضعها بالمسائل التي ذهب إليها جمهور العلماء والفقهاء، فإنها في الوقت نفسه موسوعة جمعت في كتاب واحد كل عجيبٍ وغريب من الأقوال الشاذة، والتي انفرد بها بعض أئمة أهل العلم من السلف الصالح رحمهم الله تعالى وليجد القارئُ فيها إن شاء الله تعالى كل شَيِّقٍ وممتع ومفيد. * كان من بين مقاصد هذه الموسوعة المباركة التخفيف من حدةِ التعصب للأقوال والمذاهب، وذلك إذا عُرِفَ أن كثيرًا من المسائل -التي يتحمس لها الجيل الجديد ويحسبها الصحيح الذي لا يصح غيرها، أو أنها الأصول التي لا يجوز فيها المسامحة والمجاملة- قد وجد من السلف الصالح من هم خير منا علمًا وعملًا مَنْ قالوا بخلافها أو
نقيضها, ولم يكن هذا ليفسد حال الأمة أو يعطل مسيرتها أو ينغص على أهل الإسلام محبتهم ومودتهم. * وأخيرًا وليس آخرًا، فإن أقوال الجمهور لها أهميتها الخاصة ومكانتها الرفيعة عند أهل العلم من الفقهاء والأصولين والمُحدِّثِينَ وقد بينت بعضًا من ذلك في مقدمة الكتاب وبينت كذلك حرص الأئمة الكبار على تجنب مخالفة قول الجمهور وأكثر أهل العلم قدر المكنة والاستطاعة، ونبهت على أن الفوائد العلمية والإحصائية التي يمكن أن تستنبط أو تستخلص من هذا العمل الموسوعىِ أرضها رحبةٌ، وبابها واسع، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب والحمد لله أولًا وآخرًا. * * *