منهج الدعوة والحسبة بين أهل السنة وأهل البدعة

صالح بن غصون

فتوى الشيخ صالح بن غصون رحمه الله حول المظاهرات والاغتيالات والمسيرات

[فتوى الشيخ صالح بن غصون رحمه الله حول المظاهرات والاغتيالات والمسيرات] فتاوى في فقه الجهاد والسياسة الشرعية منهج الدعوة والحسبة بين أهل السنة وأهل البدعة

بعض الدعاة يدندن حول مسألة وسائل الدعوة، وإنكار المنكر، ويدخلون فيها المظاهرات والاغتيالات

سئل فضيلة الشيخ صالح بن غصون - رحمه الله- هذه الأسئلة وأجاب عليها بما يأتي: في السنتين الماضيتين نسمع بعض الدعاة يدندن حول مسألة وسائل الدعوة، وإنكار المنكر، ويدخلون فيها المظاهرات والاغتيالات والمسيرات، وربما أدخلها بعضهم في باب الجهاد الإسلامي. أ- نرجو بيان ما إذا كانت هذه الأمور من الوسائل الشرعية أم تدخل في نطاق البدع المذمومة والوسائل الممنوعة. ب- نرجو توضيح المعاملة الشرعية لمن يدعو إلى هذه الأعمال، ومن يقول بها ويدعو إليها. الجواب: الحمد لله، معروف أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة والإرشاد من أصل دين الله - " عز وجل-، ولكن الله- جل وعلا- قال في محكم كتابه العزيز:

{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] ولما أرسل- عز وجل- موسى وهارون إلى فرعون قال: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 44] والنبي صلى الله عليه وسلم جاد بالحكمة وأمر أن يتحلى بالصبر، هذا في القرآن العزيز في سورة العصر: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1 - 3] فالداعي إلى الله- عز وجل- والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عليه أن يتحلى بالصبر، وعليه أن يحتسب الأجر والثواب، وعليه أيضا أن يتحمل ما قد يسمع أو ما يناله في سبيل دعوته، وأما أن يسلك مسلك العنف أو أن يسلك مسلك أذى الناس، أو مسلك التشويش، أو مسلك الخلافات والنزعات وتفريق الكلمة هذه أصل دعوة الخوارج، هم الذين ينكرون المنكر بالسلاح، ينكرون الأمور

التي لا يرونها وتخالف معتقداتهم بالقتال وسفك الدماء وبتكفير الناس وما إلى ذلك من أمور، ففرق بين دعوة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وسلفنا الصالح وبين دعوة الخوارج، ومَنْ نهج منهجهم، وجرى مجراهم. دعوةُ الصحابة بالحكمة والموعظة، وبيان الحق، والتحلي بالصبر، واحتساب الأجر والثواب. ودعوة الخوارج بقتال الناس، وسفك دمائهم، وتكفيرهم، وتفريق الكلمة وتمزيق صفوف المسلمين، هذه أعمال خبيثة، وأعمال محدثة. والأولى أن الذين يدعون إلى هذه الأمور يُجانَبُونَ، ويبعد عنهم، ويساء بهم الظن، هؤلاء فرَّقوا كلمة المسلمين، الجماعة رحمة، والفرقة نقمة وعذاب - والعياذ بالله-، ولو اجتمع أهلُ البلد على الخير، واجتمعوا على كلمة واحدة لكان لهم مكانة، وكان لهم هيبة. لكن أهل البلد الآن أحزاب وشيع، تمزقوا واختلفوا ودخل عليهم الأعداء من

أنفسهم ومن بعضهم على هذا مسلك بدعي، ومسلك خبيث ومسلك- مثلما تقدم- جاء عن طريق الذين شقوا العصا، والذين قاتلوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه من الصحابة وأهل بيعة الرضوان، قاتلوه يريدون الإصلاح، وهم رأس الفساد، ورأس البدعة، ورأس الشقاق، فهم الذين فرقوا كلمة المسلمين وأضعفوا جانب المسلمين، وهكذا أيضا حتى الذي يقول بها ويتبناها ويحسنها، فهذا المعتقد سيئ ويجب أن يبتعد عنه. واعلم أنه شخص ضار لأمته ولجلسائه، ولمن هو من بينهم، والكلمة الحق: أن يكون المسلم عاملَ بناء وداعيا إلى الخير، ومتلمسا للخير تماما، ويقول الحق، ويدعو بالتي هي أحسن، وباللين، ويحسن الظن بإخوانه، ويعلم أن الكمال مَنال صعب، وأن المعصوم هو النبي صلى الله عليه وسلم، وأن لو ذهب هؤلاء لم يأت أحسن منهم، فلو ذهب هؤلاء الناس الموجودون

سواء منهم الحكام أو المسؤولين، أو طلبة العلم أو الشعب، لو ذهب هذا كله، شعب أي بلد؛ لجاء أسوأ منه، فإنه لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه، فالذي يريد من الناس أن يصلوا إلى درجة الكمال أو أن يكونوا معصومين من الأخطاء والسيئات هذا إنسان ضال، هؤلاء هم الخوارج، هؤلاء هم الذين فَرقّوا كلمة الناس وآذوهم، هذه مقاصد المناوئين لأهل السنة والجماعة بالبدع من الرافضة والخوارج والمعتزلة، وسائر ألوان أهل الشر والبدع. [مجلة سفينة النجاة العدد الثاني يناير 1997]

§1/1