مناقب الإمام أبي حنيفة وصاحبيه

الذهبي، شمس الدين

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَفْضَلِ الرِّجَالِ. أَمَّا بَعْدُ فَهَذَا كِتَابٌ فِي أَخْبَارِ فَقِيهِ الْعَصْرِ وَعَالِمِ الْوَقْتِ، أَبِي حَنِيفَةَ، ذِي الرُّتْبَةِ الشَّرِيفَةِ، وَالنَّفْسِ الْعَفِيفَةِ، وَالدَّرَجَةِ الْمُنِيفَةِ: النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ زُوطَى مُفْتِي أَهْلِ الْكُوفَةِ، وُلِدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ، وَأَنْفَذَ مَا أَوْضَحَهُ مِنَ الدِّينِ الْحَنِيفِيِّ وَأَمْضَاهُ، فِي سَنَةِ ثَمَّانِينَ فِي خِلافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِالْكُوفَةِ،

«رأيت أنسا رضي الله عنه» ، وقال يعقوب بن شيبة السدوسي: أبو حنيفة مولى لبني تيم الله بن ثعلبة

وَذَلِكَ فِي حَيَاةِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَكَانَ مِنَ التَّابِعِينَ لَهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِإِحْسَانٍ، فَإِنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ إِذْ قَدِمَهَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا حَنِيفَةَ، يَقُولُ: «رَأَيْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ» ، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ السَّدُوسِيُّ: أَبُو حَنِيفَةَ مَوْلَى لِبَنِي تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ وَقَالَ أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ الْقَاضِي: سَأَلْتُ

«سبي ثابت أبو أبي حنيفة من كابل، فاشترته امرأة من بني تيم الله بن ثعلبة

ابْنَ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ: لِمَنْ وَلاؤُكُمْ؟ فَقَالَ: «سَبْيُ ثَابِتٍ أَبُو أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ كَابِلٍ، فَاشْتَرَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَأَعْتَقَتْهُ» وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ حَسَنَ الْوَجْهِ وَاللِّحْيَةِ حَسَنَ الثِّيَابِ» وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ زِيَادٍ: «رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ بِالْكُوفَةِ وَعَلَيْهِ

" رأيت شيخا في مسجد الكوفة يفتي الناس وعليه قلنسوة طويلة، فقلت من هذا؟ قالوا: أبو

طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ بِمِصْرَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " رَأَيْتُ شَيْخًا فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ يُفْتِي النَّاسَ وَعَلَيْهِ قَلَنْسُوَةٌ طَوِيلَةٌ، فَقُلْتُ مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو حَنِيفَةَ " قَالَ قَاضِي مِصْرَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ السَّعْدِيُّ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ مُجَلَّدٌ وَاحِدٌ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَهْلٍ التِّرْمِذِيُّ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ غَسَّانَ الْقَاضِي، ثَنَا أَبِي، أَنَا جَدِّي أَبُو غَسَّانَ أَيُّوبُ بْنُ يُوسُفَ، سَمِعَ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، يَقُولُ: " كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ جَمِيلَ الْوَجْهِ، سَرِيَّ الثَّوْبِ عَطِرًا، وَلَقَدْ أَتَيْتُهُ فِي حَاجَةٍ، فَصَلَّيْتُ مَعَهُ الصُّبْحَ وَعَلَيَّ كِسَاءٌ قُومِسِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِسْرَاجِ بَغْلَهُ، وَقَالَ: أَعْطِنِي كِسَاءَكَ لأَرْكَبَ فِي حَاجَتِكَ وَهَذَا كِسَائِي إِلَى أَنْ أَرْجِعَ، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا رَجِعَ، قَالَ: يَا نَضْرُ أَخْجَلْتَنِي بِكِسَائِكَ، قُلْتُ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْهُ؟ قَالَ: هُوَ غَلِيظٌ، قَالَ النَّضْرُ: وَكُنْتُ اشْتَرَيْتُهُ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَأَنَا بِهِ مُعْجَبٌ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ قُومِسِيٌّ قَوَّمْتُهُ بِثَلاثِينَ دِينَارًا " مِنْ أَخْلاقِهِ وَوَرَعِهِ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ

شديد الذب عن حرام الله، مجانبا لأهل الدنيا، وطويل الصمت دائم الفكر، لم يكن مهذارا ولا

الرَّشِيدِ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ، فَقَالَ لَهُ هَارُونُ: صِفْ لِي أَخْلاقَ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: " كَانَ وَاللَّهِ شَدِيدَ الذَّبِّ عَنْ حَرَامِ اللَّهِ، مُجَانِبًا لأَهْلِ الدُّنْيَا، وَطَوِيلَ الصَّمْتِ دَائِمَ الْفِكْرِ، لَمْ يَكُنْ مِهْذَارًا وَلا ثِرْثَارًا، إِنْ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ عِنْدَهُ مِنْهَا عِلْمٌ أَجَابَ فِيهَا , مَا عَلِمْتُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلا صَائِنًا لِنَفْسِهِ وَدِينِهِ، مُشْتَغِلا بِنَفْسِهِ عَنِ النَّاسِ لا يَذْكُرُ أَحَدًا إِلا بِخَيْرٍ، فَقَالَ الرَّشِيدُ: هَذِهِ أَخْلاقُ الصَّالِحِينَ " وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ غَسَّانَ: سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ: ذَكَرَ قَوْمٌ أَبَا حَنِيفَةَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَتَنَقَّصَهُ بَعْضُهُمْ، فَقَالَ سُفْيَانُ: «مَهْ! كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ أَكْثَرَ النَّاسِ صَلاةً، وَأَعْظَمَهُمْ أَمَانَةً، وَأَحْسَنَهُمْ مُرُوءَةً» وَرُوِيَ عَنْ شُرَيْكٍ، قَالَ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ طَوِيلَ الصَّمْتِ دَائِمَ الْفِكْرِ، كَبِيرَ الْعَقْلِ، قَلِيلَ الْمُحَادَثَةِ لِلنَّاسِ» وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ، سَمِعْتُ وَكِيعًا، يَقُولُ: قَالَ

أبو حنيفة شديد الخوف لله، هائبا للحرام أن يستحل»

الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حُيَيٍّ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ شَدِيدَ الْخَوْفِ لِلَّهِ، هَائِبًا لِلْحَرَامِ أَنْ يَسْتَحِلَّ» وَعَنْ بِشْرِ بْنِ يَحْيَى، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَوْقَرَ فِي مَجْلِسِهِ، وَلا أَحْسَنَ سَمْتًا وَحِلْمًا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَقَدْ كُنَّا عِنْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، فَوَقَعَتْ حَيَّةٌ مِنَ السَّقْفِ فِي حِجْرِهِ، فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ نَفَضَ حِجْرَهُ، فَأَلْقَاهَا وَمَا مِنَّا أَحَدٌ إِلا هَرَبَ» وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: «لَمَّا حَذِقَ أَبِي حَمَّادٌ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ، أَعْطَى أَبُو حَنِيفَةَ الْمُعَلِّمَ خَمْسِ مِائَةِ دَرْهَمٍ» ، وَقَدْ وَرَدَ فِي كَرَمِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَفْضَالِهِ أَخْبَارٌ عَدِيدَةٌ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، ثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: «جَعَلَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى نَفْسِهِ إِنْ حَلَفَ بِاللَّهِ صَادِقًا فِي عَرَضِ حَدِيثِهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِدِينَارٍ، فَكَانَ إِذَا حَلَفَ تَصَدَّقَ بِدِينَارٍ، وَكَانَ إِذَا أَنْفَقَ عَلَى عِيَالِهِ نَفَقَةً تَصَدَّقَ بِمِثْلِهَا» وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ: «لَقِيَ أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ النَّاسِ عَتَبًا لِقِلَّةِ مُخَالَطَتِهِ النَّاسَ، فَكَانُوا يَرَوْنَهُ مِنْ زَهْوٍ فِيهِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ غَرِيزَةٌ فِيهِ» وَقَالَ جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنِ الرَّبِيعِ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ وَرِعًا تَقِيًّا، مُفَضَّلا عَلَى إِخْوَانِهِ» وَقَالَ لُوَيْنٌ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ جَابِرٍ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ قَلِيلَ

«إن كنتم تنتفعون بهذا فافعلوا» . رواها الطحاوي، عن أبي خازم القاضي عنه شيوخ أبي حنيفة

الْكَلامِ إِلا بِمَا يُسْأَلُ عَنْهُ، قَلِيلَ الضَّحِكِ كَثِيرَ الْفِكْرِ، دَائِمَ الْقُطُوبِ كَأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِمُصِيبَةٍ» وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ، سَمِعْتُ الْخُرَيْبِيَّ، يَقُولُ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنِّي وَضَعْتُ كِتَابًا عَلَى خَطِّكَ إِلَى فُلانٍ، فَوَهَبَ لِي أَرْبَعَةَ آلافِ دِرْهَمٍ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «إِنْ كُنْتُمْ تَنْتَفِعُونَ بِهَذَا فَافْعَلُوا» . رَوَاهَا الطَّحَاوِيُّ، عَنْ أَبِي خَازِمٍ الْقَاضِي عَنْهُ شُيُوخُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ تَفَقَّهَ بِحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ صَاحِبِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَبِغَيْرِهِ، وَقَالَ: اخْتَلَفْتُ إِلَى حَمَّادٍ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ، قَالَ: صَحِبْتُهُ عَشْرَةَ أَعْوَامٍ أَحْفَظُ قَوْلَهُ وَأَسْمَعُ مَسَائِلَهُ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ بِمَكَّةَ، وَقَالَ: مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ عَطَاءٍ، وَسَمِعَ مِنْ عَطَيَّةَ الْكُوفِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الأَعْرَجِ، وَعِكْرِمَةَ، وَنَافِعٍ، وَعَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَسَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، وَقَتَادَةَ بْنِ دَعَامَةَ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، وَمَنْصُورٍ، وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَعَدَدٍ كَثِيرٍ مِنَ التَّابِعِينَ. تَفَقَّهَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْكِبَارِ مِنْهُمْ: زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ، وَأَبُو يُوسُفَ

الْقَاضِي، وَابْنُهُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَنُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْمَعْرُوفُ بِنُوحٍ الْجَامِعِ، وَأَبُو مُطِيعٍ الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُئُيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَسَدُ بْنُ عَمْرٍو الْقَاضِي، وَرَوَى عَنْهُ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ عِدَّةٌ لا يُحْصَوْنَ فَمِنْ أَقْرَانِهِ: مُغِيرَةُ بْنُ مُقْسِمٍ، وَزَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَمَالَكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَيُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، وَمِمَّنْ بَعْدَهُمْ: زَائِدَةُ، وَشُرَيْكٌ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ , وَوَكِيعٌ، وَالْمُحَارِبِيُّ، وَأَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وِإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الأَزْرَقُ، وَالْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، وَزَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَسَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ، وَمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، وَعَبْدُ الرَّازَّقِ بْنُ هَمَّامٍ، وَحَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَهَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَأَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ، وَخَلائِقٌ عِبَادَةُ أَبِي حَنِيفَةَ قَدْ تَوَاتَرَ قِيَامُهُ اللَّيْلَ وَتَهَجُّدُهُ وَتَعَبُّدُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ

أبو حنيفة يسمى الوتد لكثرة صلاته»

يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي بَكْرٌ، سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ النَّبِيلُ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُسَمَّى الْوَتَدُ لِكَثْرَةِ صَلاتِهِ» وَقَالَ حُرَيْثُ بْنُ أَبِي الْوَرْقَاءِ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ إِسْحَاقَ السَّمَرْقَنْدِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي رَكْعَةٍ» هَذِهِ حِكَايَةٌ غَرِيبَةٌ، وَالْمَحْفُوظُ مَا رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ الْكِنْدِيُّ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: " كُنْتُ أَمْشِي مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ إِذْ سَمِعْتُ رَجُلًا، يَقُولُ لآخَرَ: هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ لا يَنَامُ اللَّيْلَ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَاللَّهِ لا يَتَحَدَّثُ عَنِّي مَا لا أَفْعَلُ! فَكَانَ يُحْيِي اللَّيْلَ صَلاةً وَدُعَاءً وَتَضَرُّعًا " وَرَوَى حِبَّانُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ حَكَّامِ بْنِ سَلْمٍ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: «كُنَّا نَخْتَلِفُ إِلَى عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، فَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ بِطُهْرٍ وَاحِدٍ» وَرَوَى يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: «صَحِبْتُ أَبَا حَنِيفَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ صَلَّى الْغَدَاةَ إِلا بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ كُلَّ لَيْلَةٍ عِنْدَ السَّحَرِ» وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ: ثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ رَجَاءٍ، عَنْ أُمِّ حُمَيْدٍ حَاضِنَةِ وَلَدِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ أُمُّ وَلَدِ أَبِي حَنِيفَةَ: «مَا تَوَسَّطَ أَبُو حَنِيفَةَ فِرَاشًا بِلَيْلٍ مُنْذُ عَرِفْتُهُ، وَإِنَّمَا كَانَ نَوْمُهُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الصَّيْفِ وَبِاللَّيْلِ فِي مَسْجِدِهِ أَوَّلَ اللَّيْلِ فِي الشِّتَاءِ» وَعَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئِ، قَالَ: «لَوْ رَأَيْتَ أَبَا حَنِيفَةَ يُصَلِّي، عَلِمْتَ أَنَّ الصَّلاةَ مِنْ هَمِّهِ»

" يردد هذه الآية {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} [الطور: 27] وهو يبكي، ويقول: اللهم من

وَقَالَ جُبَارَةُ بْنُ الْمُغَلِّسِ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ الْجُعْفِيَّ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَهُ وَهُوَ " يُرَدِّدُ هَذِهِ الآيَةَ {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] وَهُوَ يَبْكِي، وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ مُنَّ عَلَيْنَا وَقِنَا عَذَابَ السَّمُومِ يَا رَحِيمُ " وَعَنْ سَلْمِ بْنِ سَالِمٍ الْبَلْخِيِّ، عَنْ أَبِي الْجُوَيْرِيَّةِ، قَالَ: «صَحِبْتُ أَبَا حَنِيفَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَمَا رَأَيْتُهُ لَيْلَةً وَاحِدَةً وَضَعَ جَنْبَهُ» وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْعَوَّامِ الْقَاضِي فِي فَضَائِلِ أَبِي حَنِيفَةَ: ثَنَا الطَّحَاوِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: «رُبَّمَا قَرَأْتُ فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ حِزْبَيْنِ مِنَ الْقُرْآنِ» قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْبَزَّازُ: سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ مِسْعَرًا، يَقُولُ: " دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَرَأَيْتُ رَجُلا يُصَلِّي فَاسْتَحْلَيْتُ قِرَاءَتَهُ، فَوَقَفْتُ حَتَّى قَرَأَ سَبْعًا، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ، ثُمَّ بَلَغَ الثُّلُثَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ، ثُمَّ بَلَغَ النِّصْفَ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَى حَالِهِ حَتَّى خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هُوَ أَبُو حَنِيفَةَ " قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ رُسْتُمَ الْمَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ بْنَ مُصْعَبٍ، يَقُولُ: " خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ أَرْبَعَةٌ مِنَ الأَئِمَّةِ: عُثُمَّانُ بْنُ عَفَّانَ، وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ "

«ربما ختم أبو حنيفة القرآن في رمضان ستين مرة»

وَعَنْ يَحْيَى بْنِ نَصْرٍ، قَالَ: «رُبَّمَا خَتَمَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ سِتِّينَ مَرَّةً» مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ، " أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَامَ لَيْلَةً يُرَدِّدُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46] ، وَيَبْكِي وَيَتَضَرَّعُ إِلَى الصَّبَاحِ " وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْمُصَيْصِيُّ فِي سِيرَةِ أَبِي حَنِيفَةَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَلِيحِ بْنِ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ كُمَيْتٍ، سَمِعْتُ رَجُلا يَقُولُ لأَبِي حَنِيفَةَ: اتَّقِ اللَّهَ! فَانْتَفَضَ وَاصْفَرَّ وَأَطْرَقَ، وَقَالَ: «جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، مَا أَحْوَجَ النَّاسَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى مَنْ يَقُولُ لَهُمْ مِثْلَ هَذَا!» وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ كُمَيْتٍ: فَتَحَ غُلامٌ لأَبِي حَنِيفَةَ يَوْمًا رُزْمَةَ خَزٍّ، فَإِذَا الأَخْضَرُ وَالأَحْمَرُ وَالأَصْفَرُ، فَقَالَ الْغُلامُ: نَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، فَبَكَى أَبُو حَنِيفَةَ حَتَّى اخْتَلَجَ صِدْغَاهُ وَمِنْكَبَاهُ، وَأَمَرَ بِغَلْقِ الدُّكَّانِ، وَقَامَ مُغَطَّى الرَّأْسِ مُسْرِعًا، فَلَمَّا كَانَ مَنِ الْغَدِ جَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: " يَا أَخِي، مَا أَجْرَأَنَا يَقُولُ أَحَدُنَا: نَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ! إِنَّمَا يَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ مَنْ رَاضَ نَفْسَهُ - يَعْنِي لَهَا -، إِنَّمَا يُرِيدُ مِثْلُنَا أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ الْعَفْوَ " وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي تَارِيخِهِ مِنْ جِهَةِ أَسَدِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «صَلَّى أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا حُفِظَ عَلَيْهِ صَلاةَ الْفَجْرِ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَكَانَ عَامَّةَ اللَّيْلِ يَقْرَأُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ، وَكَانَ يُسْمَعُ بُكَاؤُهُ بِاللَّيْلِ حَتَّى

«رأيت أبا حنيفة قرأ القرآن في ركعة»

يَرْحَمَهُ جِيرَانُهُ، وَحُفِظَ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَتَمَ الْقُرْآنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي تُوِفِّيَ فِيهِ سَبْعَةَ آلافِ مَرَّةٍ» أَخْبَرَنِي بِهَذَا الْمُسْلِمُ بْنُ عَلانَ إِجَازَةً، أَنَا أَبُو الْيَمَنِ الْكِنْدِيُّ، أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكَاغِذِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَارِثِيُّ بِبُخَارَى، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْبَلْخِيُّ، ثَنَا حَمَدُ بْنُ قُرَيْشٍ، سَمِعْتُ أَسَدَ بْنَ عَمْرٍو فَذَكَرَهُ، وَقَالَ مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ: «رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رَكْعَةٍ» وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: «مَكَثَ أَبُو حَنِيفَةَ مُدَّةً يُصَلِّي الْخَمْسَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَمَّا غَسَلَ الْحَسَنُ بْنُ عِمَارَةَ أَبِي، قَالَ: «غَفَرَ اللَّهُ لَكَ لَمْ تَفْطِرْ مُنْذُ ثَلاثِينَ سَنَةً، وَلَمْ تَتَوَسَّدْ يَمِينُكَ بِاللَّيْلِ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَلَقَدْ أَتْعَبْتَ مَنْ بَعْدَكَ، وَفَضَحْتَ الْقُرَّاءَ» وَقَالَ حَامِدُ بْنُ آدَمَ الْمَرْوَزِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَوْرَعَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ جُرِّبَ بِالسِّيَاطِ وَالأَمْوَالِ» وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ: ثَنَا جَدِّي، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: " مَرَرْتُ مَعَ أَبِي بِالْكُنَّاسَةِ، فَبَكَى، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتِ مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ، فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ضَرَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ جَدَّكَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَشْرَةَ أَسْوَاطٍ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ، فَلَمْ يَفْعَلْ "

«أقول أخطأ الحسن وأصاب ابن مسعود»

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ، كُنَّا جُلُوسًا مَعَهُ فِي مَسْجِدِ الْخِيفِ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَفْتَاهُ، فَقَالَ الرَّجُلُ: قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «أَخْطَأَ الْحَسَنُ» ، فَجَاءَ رَجُلٌ مُغَطَّى الْوَجْهِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ الْفَاعِلَةِ، تَقُولُ أَخْطَأَ الْحَسَنُ! فَهَمَّ النَّاسُ بِهِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «أَقُولُ أَخْطَأَ الْحَسَنُ وَأَصَابَ ابْنُ مَسْعُودٍ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مَلِيحِ بْنِ وَكِيَعٍ: نَا يَزِيدُ بْنُ كُمَيْتٍ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ وَشَتَمَهُ رَجُلٌ وَاسْتَطَالَ عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: يَا كَافِرُ يَا زِنْدِيقُ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، هُوَ يَعْلَمُ مِنِّي خِلافَ مَا تَقُولُ» قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَحْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ» الْوَاقِدِيُّ: ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، قَالَ: أَخَذَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَبَا حَنِيفَةَ، فَأَرَادَهُ عَلَى وِلايَةِ الْقَضَاءِ، فَأَبَى فَحَبَسَهُ، فَقِيلَ لأَبِي حَنِيفَةَ: إِنَّهُ حَلَفَ أَنْ لا يُخْرِجَكَ حَتَّى تَلِيَ لَهُ، وَإِنَّهُ يُرِيدُ بِنَاءً، فَتَوَلَّ لَهُ عَدَّ اللَّبِنِ، فَقَالَ: «لَوْ سَأَلَنِي أَنْ أَعُدَّ لَهُ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ لَمْ أَفْعَلْ» وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرِّقِّيُّ، قَالَ: " ضَرَبَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَبَا حَنِيفَةَ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ، فَأَبَى، فَقَالَ النَّاسُ: اسْتَتَابَهُ ". وَذُكِرَ أَبُو حَنِيفَةَ عِنْدَ ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَقَالَ: مَاذَا يُقَالَ فِي رَجُلٍ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَالأَمْوَالَ، فَنَبَذَهَا، وَضُرِبَ بِالسِّيَاطِ فَصَبَرَ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ فِيمَا كَانَ غَيْرُهُ يَسْتَدْعِيهِ؟ !

«ما أصابني في ضربي شيء أشد علي من غم والدتي، وكان بها برا»

مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ: حَدَّثَنِي حِبَّانُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ حِينَ ضُرِبَ لِيَلِيَ الْقَضَاءَ: «مَا أَصَابَنِي فِي ضَرْبِي شَيْءٌ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ غَمِّ وَالِدَتِي، وَكَانَ بِهَا بَرًّا» يَعْقُوَبُ بْنُ شَيْبَةَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُبَارَكِ، نَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: " أَشْخَصَ الْمَنْصُورُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَأَرَادَهُ عَلَى أَنْ يُوَلِّيَهُ، فَأَبَى فَحَلَفَ عَلَيْهِ لَيَفْعَلَنَّ وَحَلَفَ أَبُو حَنِيفَةَ أَنْ لا يَفْعَلَ، فَقَالَ الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ: أَلا تَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَحْلِفُ؟ ! قَالَ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى كَفَّارَةِ أَيْمَانِهِ أَقْدَرُ مِنِّي، فَأَبَى أَنْ يَلِيَ، فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ، فَمَاتَ فِيهِ وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْخَيْزُرَانِ ". رَوَاهَا يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، عَنْ بِشْرٍ، وَرَوَاهَا أَيْضًا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ الْكُوفِيُّ، عَنْ بِشْرٍ، فَزَادَ فِيهَا: فَسُجِنَ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى حُمَيْدٍ الطُّوسِيُّ شُرْطِيَّهُ، فَأَرَادَ أَنْ يُؤْذِيَهُ، فَقَالَ: يَا شَيْخُ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَدْفَعُ إِلَيَّ الرَّجُلَ، وَيَقُولُ لِي: اقْتُلْهُ، أَوِ اقْطَعْهُ، أَوِ اضْرِبْهُ، وَلا عِلْمَ لِي بِقِصَّتِهِ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هَلْ يَأْمُرُكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرٍ قَدْ وَجَبَ، أَوْ بِأَمْرٍ لَمْ يَجِبْ؟ قَالَ: بَلْ بِمَا قَدْ وَجَبَ، قَالَ: فَإِذَا أَمَرَكَ بِقَتْلٍ وَاجِبٍ، أَوْ ضَرْبٍ مُتَعَيِّنٍ فَبَادِرْ إِلَيْهِ، فَإِنَّكَ مَأْجُورٌ فِي ذَلِكَ. يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُضْرَبُ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ فَيَأْبَى، وَلَقَدْ سَمِعْتُهُ يَبْكِي، وَقَالَ: أَبْكِي غَمًّا عَلَى وَالِدَتِي! وَعَنْ مُغِيثِ بْنِ بُدَيْلٍ، قَالَ: دَعَا أَبُو جَعْفَرٍ أَبَا حَنِيفَةَ إِلَى الْقَضَاءِ فَامْتَنَعَ، فَقَالَ: أَتَرْغَبُ عَمَّا نَحْنُ فِيهِ؟ فَقَالَ: لا أَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، قَالَ لَهُ: كَذَبْتَ، قَالَ: قَدْ حَكَمَ عَلَيَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنِّي لا أَصْلُحُ، لأَنَّهُ نَسَبَنِي إِلَى الْكَذِبِ، فَإِنْ كُنْتُ كَاذِبًا فَلا أَصْلُحُ، وَإِنْ كُنْتُ صَادِقًا فَقَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنِّي لا أَصْلُحُ، فَحَبَسَهُ

المنصور ينازل أبا حنيفة في أمر القضاء، فقال: والله ما أنا بمأمون الرضا، فكيف أكون بمأمون

إِسْمَاعُيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ الْمَنْصُورَ يُنَازِلُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَنَا بِمَأْمُونِ الرِّضَا، فَكَيْفَ أَكُونِ بِمَأْمُونِ الْغَضَبِ؟ فَلا أَصْلُحُ لِذَلِكَ، فَقَالَ: كَذَبْتَ أَنْتَ تَصْلُحُ، قَالَ: وَكَيْفَ يَحِلُّ لَكَ أَنْ تُوَلِّيَ مَنْ يَكْذِبُ "، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ: وَقِيلَ إِنَّهُ وَلِيَ الْقَضَاءَ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَأْتِهِ فِيهِمَا أَحَدٌ، وَقَضَى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ اشْتَكَى سِتَّةَ أَيَّامٍ ثُمَّ مَاتَ، وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصَّيْمَرِيُّ الْفَقِيهُ بِسَنَدٍ لَهُ: لَمْ يَقْبَلْ أَبُو حَنِيفَةَ الْعَهْدَ بِالْقَضَاءِ، فَضُرِبَ مِائَةَ سَوْطٍ وَحُبِسَ، وَمَاتَ فِي السِّجْنِ، كَذَا قَالَ، وَقِيلَ: حُمِلَتْ إِلَيْهِ عَشْرَةُ آلافٍ، فَوُضِعَتْ لَهُ فِي الدَّارِ، فَاغْتَمَّ وَلَمْ يَنْطِقْ وَمَكَثَتْ تِلْكَ الْبَدْرَةُ فِي مَكَانِهَا، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ، حَمَلَهَا وَلَدُهُ حَمَّادٌ إِلَى الَّذِي جَاءَ بِهَا وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ قُحْطُبَةَ، فَقَالَ: هَذِهِ وَدِيعَتُكَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْحَسَنُ، وَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَاكَ! لَقَدْ شَحَّ عَلَى دِينِهِ إِذْ شَحَّتْ بِهِ أَنْفُسُ أَقْوَامٍ. وَيُرْوَى أَنَّ ابْنَ هُبَيْرَةَ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ حَلَفَ أَنَّهُ لا يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ، فَقَالَ: يُعَارِضُ يَمِينِي بِيَمِينِهِ؟ ! فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ عِشْرِينَ سَوْطًا عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ: اذْكُرْ مَقَامَكَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ أَذَّلُ مِنْ مَقَامِي بَيْنَ يَدَيْكَ، فَلا تَهْدِرْ دَمِي فَإِنِّي، أَقُولُ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَأَوْمَأَ إِلَى الجَّلادِ أَمْسِكْ، فَأَصْبَحَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي السِّجْنِ وَقَدِ انْتَفَخَ رَأْسُهُ وَوَجْهُهُ مِنَ الضَّرْبِ، قِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ "

" أنتم مسار قلبي، وجلاء حزني، وأسرجت لكم الفقه وألجمته، وقد تركت الناس يطئون أعقابكم،

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ حَمَّادٍ اللُّؤْلُئِيُّ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: اجْتَمَعْنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ: دَاوُدُ الطَّائِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَعْنٍ، وَعَافِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَوَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، وَزُفَرُ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، وَقَالَ: " أَنْتَمْ مَسَارُّ قَلْبِي، وَجِلاءُ حُزْنِي، وَأَسْرَجْتُ لَكُمُ الْفِقْهَ وَأَلْجَمْتُهُ، وَقَدْ تَرَكْتُ النَّاسَ يَطَئُونَ أَعْقَابَكُمْ، وَيَلْتَمِسُونَ أَلْفَاظَكُمْ مَا مِنْكُمْ وَاحِدٌ إِلا وَهُوَ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ، فَسَأَلْتُكُمْ بِاللَّهِ وَبِقَدْرِ مَا وَهَبَ اللَّهُ لَكُمْ مُنْ جَلالَةِ الْعِلْمِ مَا صُنْتُمُوهُ عَنْ ذَلِكَ الاسْتِئْجَارِ، وَإِنْ بُلِيَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِالْقَضَاءِ، فَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ خَرِبَةً سَتَرَهَا اللَّهُ عَنِ الْعِبَادِ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ، وَلَمْ يَطِبْ لَهُ رِزْقُهُ، فَإِنْ دَفَعَتْهُ ضَرُورَةٌ إِلَى الدُّخُولِ فِيهِ، فَلا يَحْتَجِبَنَّ عَنِ النَّاسِ، وَلْيُصَلِّ الْخَمْسَ فِي مَسْجِدِهِ، وَيُنَادِي عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ: مَنْ لَهُ حَاجَةٌ؟ فَإِذَا صَلَّى الْعِشَاءَ نَادَى ثَلاثَةَ أَصْوَاتٍ: مَنْ لَهُ حَاجَةٌ؟ ثُمَّ دَخَلَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا لا يَسْتَطِيعُ الْجُلُوسَ مَعَهُ أَسْقَطَ مِنْ رِزْقِهِ بِقَدْرِ مَرَضِهِ، وَأَيَّمَا إِمَامٍ غَلَّ فَيْئًا أَوْ جَارَ فِي حُكْمٍ، بَطُلَتْ إِمَامَتُهُ وَلَمْ يَجُزْ حُكْمُهُ " عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، «إِذَا ارْتَشَى الْقَاضِي فَهُوَ مَعْزُولٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْزَلْ»

الأعمش إذا سئل عن الدقائق أرسلهم إلى أبي حنيفة، وقد قال مغيرة له ألا تأتي أبا

ذِكْرُ مَنْ وَصَفَهُ بِالْفِقْهِ عَنِ الأَعْمَشِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: «إِنَّمَا يُحْسِنُ هَذِهِ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْخَزَّازُ، وَأَظُنُّهُ بُورِكَ لَهُ فِي عِلْمِهِ» يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، سَمِعْتُ جَرِيرًا، يَقُولُ: «كَانَ الأَعْمَشُ إِذَا سُئِلَ عَنِ الدَّقَائِقِ أَرْسَلَهُمْ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ قَالَ مُغِيرَةْ لَهُ أَلا تَأْتِي أَبَا حَنِيفَةَ» يَحْيَى بْنُ أَكْثُمَّ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي مُغِيرَةُ: «جَالِسْ أَبَا حَنِيفَةَ تَفَقَّهْ، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَوْ كَانَ حَيًّا لَجَالَسَهُ» شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، قَالَ: «كَانَ شُعْبَةُ حَسِنَ الرَّأْيِ فِي أَبِي حَنِيفَةَ كَثِيرَ التَّرَحُّمِ عَلَيْهِ» عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، سَمِعْتُ مِسْعَرًا، يَقُولُ: «رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ لَفَقِيهًا عَالِمًا» حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، سَمِعْتُ زَائِدَةَ بْنَ قُدَامَةَ، يَقُولُ: «النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ فَقِيهُ الْبَدَنِ لَمْ يَعُدْ مَا أَدْرَكَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ» . وَعَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: «كَانَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ أَفْقَهَ أَهْلِ زَمَانِهِ» أَبُو نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ صَالِحِ بْنِ حُيَيٍّ، يَقُولُ: «لَمَّا مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ، ذَهَبَ مُفْتِي الْعِرَاقِ وَفَقِيهُهَا» بِشْرُ الْحَافِي، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ، يَقُولُ: «إِذَا أَرَدْتَ الآثَارَ، فَسُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، وَإِذَا أَرَدْتَ تِلْكَ الدَّقَائِقَ فأَبُو حَنِيفَةَ» رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ جُرَيْجٍ، فَقِيلَ لَهُ: مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: «رَحِمَهُ اللَّهُ، لَقَدْ ذَهَبَ مَعَهُ عِلْمٌ كَثِيرٌ»

أبو حنيفة عالم العراق» ، قال زيد بن هارون: أفقه من رأيت أبو حنيفة، وعن شداد بن حكيم: " ما

الْمُثَنَّى بْنُ رَجَاءٍ، سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبِي عَرُوبَةَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ عَالِمَ الْعِرَاقِ» ، قَالَ زَيْدُ بْنُ هَارُونَ: أَفْقَهُ مَنْ رَأَيْتُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ حَكِيمٍ: " مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي زَمَانِهِ. الْحَلْوَانِيُّ، قُلْتُ لأَبِي عَاصِمٍ النَّبِيلِ: أَبُو حَنِيفَةَ أَفْقَهُ أَوْ سُفْيَانَ؟ فَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ، عَبْدُ الرَّازِقِ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِنْ كَانَ الاحْتِيَاجُ إِلَى الرَّأْيِ فَهُوَ أَسَدُّهُمْ رَأْيًا، وَعَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: لَوْلا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَدْرَكَنِي بِأَبِي حَنِيفَةَ وَسُفْيَانَ لَكُنْتُ بِدْعِيًّا " يَحْيَى بْنُ آدَمَ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ فَهِمًا بِعِلْمِهِ مُتَثَبِّتًا فِيهِ، إِذَا صَحَّ عِنْدَهُ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْدُهُ إِلَى غَيْرِهِ» الْمُزَنِيُّ وَغَيْرُهُ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «النَّاسُ عِيَالٌ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ» إِسْحَاقُ بْنُ بَهْلُولٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: «مَا مَقَلَتْ عَيْنِي مِثْلَ أَبِي حَنِيفَةَ» إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ الْخَلالُ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ آيَةً» أَحْمَدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: قِيلَ لِمَالِكٍ: هَلْ رَأَيْتَ

رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته»

أَبَا حَنِيفَةَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، رَأَيْتُ رَجُلًا لَوْ كَلَّمَكَ فِي هَذِهِ السَّارِيَةِ أَنْ يَجْعَلَهَا ذَهَبًا لَقَامَ بِحُجَّتِهِ» أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُغَلِّسٍ: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «إِنْ كَانَ الأَثَرُ قَدْ عُرِفَ وَاحْتِيجَ إِلَى الرَّأْيِ، فَرَأْيُ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ أَحْسَنُهُمْ وَأَدَقُّهُمْ فِطْنَةً وَأَغْوَصُهُمْ عَلَى الْفِقْهِ وَهُوَ أَفْقَهُ الثَّلاثَةِ» سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّازِقِ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ بِرَأْيِهِ، فَأَبُو حَنِيفَةَ»

" أمالك أفقه أم أبو حنيفة؟ ، فقال: أبو حنيفة "

وَقَالَ حِبَّانُ بْنُ مُوسَى: سُئِلَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: " أَمَالِكٌ أَفْقَهُ أَمْ أَبُو حَنِيفَةَ؟ ، فَقَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ " بِشْرُ الْحَافِي، قَالَ: قَالَ الْخُرَيْبِيُّ: «مَا يَقَعُ فِي أَبِي حَنِيفَةَ إِلا جَاهِلٌ أَوْ حَاسِدٌ» أَبُو مُسْلِمٍ الْكَجِّيُّ، عَنْ مُحَمِّدِ بْنِ سَعْدٍ الْكَاتِبِ، عَنِ الْخُرَيْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «يَجِبُ عَلَى أَهْلِ الإِسْلامِ أَنْ يَدْعُوا اللَّهَ لأَبِي حَنِيفَةَ فِي صَلاتِهِمْ» وَعَنْ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ» يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدَ الْقَطَّانِ، يَقُولُ: «لا نَكْذِبُ اللَّهَ مَا سَمِعْنَا أَحْسَنَ مِنْ رَأْيِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَدْ أَخَذْنَا بِأَكْثَرِ أَقْوَالِهِ» يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ، يَقُولُ: «لَوْ وُزِنَ عِلْمُ أَبِي حَنِيفَةَ بِعِلْمِ أَهْلِ زَمَانِهِ لَرَجِحَ» طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ النَّخَعِيُّ، سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ، يَقُولُ: «كَلامُ أَبِي حَنِيفَةَ أَدَقُّ مِنَ الشَّعْرِ لا يَعِيبُهُ إِلا جَاهِلٌ» الْحُمَيْدِيُّ، سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: " شَيْئَانِ مَا ظَنَنْتُهُمَا أَنْ يَتَجَاوَزَا قَنْطَرَةَ الْكُوفَةِ: قِرَاءَةُ حَمْزَةَ، وَرَأْيُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ بَلَغَا الآفَاقَ " وَمِنْ قَوْلِهِ فِي الرَّأْيِ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، سَمِعْتُ أَبَا عِصْمَةَ وَهُوَ نُوحٌ الْجَامِعُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، يَقُولُ: «مَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى الرَّأْسِ

وَالْعَيْنِ، وَمَا جَاءَ عَنِ الصَّحَابَةِ اخْتَرْنَا، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُمْ رِجَالٌ وَنَحْنُ رِجَالٌ» جَمَاعَةٌ، قَالُوا: قَالَ ابْنُ مَعِينٍ سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ أَبِي قُرَّةَ، سَمِعْتُ

«آخذ بكتاب الله، فما لم أجد فبسنة رسول الله والآثار الصحاح عنه التي فشت في أيدي الثقات عن

يَحْيَى بْنَ الضُّرَيْسِ، يَقُولُ: شَهِدْتُ الثَّوْرِيَّ وَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَا تَنْقِمُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ: قَالَ: وَمَالَهُ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «آخُذُ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَمَا لَمْ أَجِدْ فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَالآثَارِ الصِّحَاحِ عَنْهُ الَّتِي فَشَتْ فِي أَيْدِي الثِّقَاتِ عَنِ الثِّقَاتِ، فَإِنْ لَمْ أَجِدْ، فَبِقَوْلِ أَصْحَابِهِ آخُذُ بِقَوْلِ مَنْ شِئْتُ، وَأَمَّا إِذَا انْتَهَى الأَمْرُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، وَالشَّعْبِيَّ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، فَأَجْتَهِدُ كَمَا اجْتَهَدُوا» ، فَسَكَتَ سُفْيَانُ طَوِيلا، ثُمَّ قَالَ كَلِمَاتٍ مَا بَقِيَ أَحَدٌ فِي الْمَجْلِسِ إِلا كَتَبَهَا: نَسْمَعُ الشَّدِيدَ مِنَ الْحَدِيثِ فَنَخَافُهُ، وَنَسْمَعُ اللَّيِّنَ فَنَرْجُوهُ وَلا نُحَاسِبُ الأَحْيَاءَ، وَلا نَقْضِي عَلَى الأَمْوَاتِ نُسَلِّمُ مَا سَمِعْنَا وَنَكِلُ مَا لَمْ نَعْلِمْهُ إِلَى عَالِمِهِ، وَنَتَّهِمُ رَأَيْنَا لِرَأْيِهِمْ وَكِيعُ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، يَقُولُ: «الْبَوْلُ فِي الْمَسْجِدِ أَحْسَنُ مِنْ بَعْضِ الْقِيَاسِ» مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ، سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِيهِ رَأْيٌ لا نُجْبِرُ عَلَيْهِ أَحَدًا، وَلا نَقُولُ يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ قَبْولُهُ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ أَحْسَنَ مِنْهُ فَلْيَأْتِ بِهِ» الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيُّ، قَالَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «عِلْمُنَا هَذَا رَأْيٌ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ، وَمَنْ جَاءَنَا بِأَحْسَنَ مِنْهُ قَبِلْنَاهُ مِنْهُ» . قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: جَمِيعُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ: ضَعِيفَ الْحَدِيثِ أَوْلَى عِنْدَهِ مِنَ الْقِيَاسِ وَالرَّأْيِ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرِّقِّيُّ: " كُنَّا عِنْدَ الأَعْمَشِ وَعِنْدَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، فَسُئِلَ الأَعْمَشُ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ: أَفْتِهِ يَا نُعْمَانُ، فَأَفْتَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ:

«دعهم فإنهم لا يتفقهون إلا بهذا»

مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لِحَدِيثٍ حَدَّثَنَاهُ أَنْتَ! ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ الْحَدِيثَ، فَقَالَ لَهُ الأَعْمَشُ: أَنْتَمُ الأَطِبَّاءُ وَنَحْنُ الصَّيَادِلَةُ " أَحْمَدُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: كَرَرْتُ بِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِذَا أَصْحَابُهُ حَوْلَهُ قَدِ ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ، فَقُلْتُ: أَلا تَنْهَاهُمْ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: «دَعْهُمْ فَإِنَّهُمْ لا يَتَفَقَّهُونَ إِلا بِهَذَا» فَصْلٌ قَالَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ: حَدَّثَنِي أَبُو نُعَيْمٍ، سَمِعْتُ زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ، يَقُولُ: " كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجْهَرُ فِي أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ جَهْرًا شَدِيدًا، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ حَتَّى نُؤْتَى فَتُوضَعَ فِي أَعْنَاقِنَا الْحِبَالُ، قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَغَدَوْتُ أُرِيدُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَلَقِيتُهُ رَاكِبًا يُرِيدُ وَدَاعَ عِيسَى بْنِ مُوسَى قَدْ كَادَ وَجْهُهُ يَسْوَدُّ، فَقَدِمَ بَغْدَادَ فَأُدْخِلَ عَلَى الْمَنْصُورِ " مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، يَقُولُ: " يَقْدِمُ عَلَيْنَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ صِنْفَانِ يَعْنِي مِنْ خُرَاسَانَ: الْجَهْمِيَّةُ، وَالْمُشَبِّهَةُ " النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّهُ قَالَ: «جَهْمٌ وَمُقَاتِلٌ كَانَا فَاسِقَيْنِ، أَفْرَطَ هَذَا فِي التَّشْبِيهِ وَهَذَا فِي النَّفْيِ» قَالَ أَبُو يُوسُفَ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ «لا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُحَدِّثَ مِنَ الْحَدِيثِ، إِلا مَا يَحْفَظُهُ مِنْ وَقْتِ مَا سَمِعَهُ» شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّرِيفَيْنِيُّ، ثَنَا أَبُو يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ رُؤْيَا أَفْزَعَتْنِي، رَأَيْتُ كَأَنِّي أَنْبِشُ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُ الْبَصْرَةَ، فَأَمَرْتُ رَجُلا يَسْأَلُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ،

«إذا سمعتهم يذكرون أبا حنيفة بسوء ساءني ذلك، وأخاف عليهم المقت من الله تعالى علي بن

فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ يَنْشُرُ أَخْبَارَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وَفِي رِوَايَةٍ: هَذَا رَجُلٌ يَنْشُرُ عِلْمَ النُّبُوَّةِ. وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: " رَأَى أَبُو حَنِيفَةَ كَأَنَّهُ يَنْبِشُ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَأْخُذُ عِظَامَهُ يَجْمَعُهَا، وَيُؤَلِّفُهَا، فَهَالَهُ ذَلِكَ، فَأَوْصَى صَدِيقًا لَهُ إِذَا قَدِمَ الْبَصْرَةَ أَنْ يَسْأَلَ ابْنَ سِيرَينَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ يَجْمَعُ سُنَّةَ النَّبِيِّ وَيُحْيِيهَا "، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ يَقُولُ: " رَأَيْتُ كَأَنِّي نَبَشْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَزِعْتُ وَخِفْتُ أَنْ يَكُونَ رِدَّةً عَنِ الإِسْلامِ، فَجَهَّزْتُ رَجُلًا إِلَى الْبَصْرَةِ، فَقَصَّ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ الرُّؤْيَا، فَقَالَ: إِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَا هَذَا الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يَرِثُ عِلْمَ نَبِيٍّ " ابْنُ أَبِي رِزْمَةَ، عنَ عَبْدَانَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: «إِذَا سَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ أَبَا حَنِيفَةَ بِسُوءٍ سَاءَنِي ذَلِكَ، وَأَخَافُ عَلَيْهِمُ الْمَقْتَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ» ثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: " كُنْتُ أَسْمَعُ بِذِكْرِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَأَتَمَنَّى أَنْ أَرَاهُ، فَإِنِّي لَبِمَكَّةَ إِذْ رَأَيْتُ النَّاسَ مُتَقِصِّفِينَ عَلَى رَجُلٍ، فسَمِعْتُ رَجُلًا، يَقُولُ: يَا أَبَا حَنِيفَةَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ هُوَ، فَقَالَ: إِنِّي ذُو مَالٍ وَأَنَا مِنْ خُرَاسَانَ وَلِي ابْنٌ أُزَوِّجُهُ الْمَرْأَةَ وَأُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَالَ الْكَثِيرَ، فَيُطَلِّقُهَا فَيَذْهَبُ مَالِي، وَأَشْتَرِي لَهُ الْجَارِيَةَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ فَيُعْتِقُهَا، فَيَذْهَبُ مَالِي فَهَلْ مِنْ حِيلَةٍ؟ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «أَدْخِلْهُ سُوقَ الرَّقِيقِ، فَإِذَا وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَى جَارِيَةٍ فَاشْتَرِهَا لِنَفْسِكَ، ثُمَّ زَوِّجْهَا إِيَّاهُ، فَإِنْ طَلَّقَهَا رَجِعَتْ مَمْلُوكَةً لَكَ، وَإِنْ

«لو وزن عقل أبي حنيفة بعقل نصف أهل الأرض، لرجح بهم»

أَعْتَقَهَا لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ» ، قَالَ اللَّيْثُ: فَوَاللَّهِ مَا أَعْجَبَنِي صَوَابُهُ كَمَا أَعْجَبَنِي سُرْعَةُ جَوَابِهِ، وَرَوَى نَحْوَهَا الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ إِلَى اللَّيْثِ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَاصِمٍ، يَقُولُ: «لَوْ وُزِنَ عَقْلُ أَبِي حَنِيفَةَ بِعَقْلِ نِصْفِ أَهْلِ الأَرْضِ، لَرَجِحَ بِهِمْ» قَالَ الطَّحَاوِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَأَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَذْكُرَانِ، أَنَّ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَمَّادٍ، قَالَ: " شَكَكْتُ فِي طَلاقِ امْرَأَتِي، فَسَأَلْتُ شُرَيْكًا، فَقَالَ: طَلِّقْهَا وَأَشْهِدْ عَلَى رَجْعَتِهَا، ثُمَّ سَأَلْتُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيَّ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَرَاجِعْهَا، فَإِنْ كُنْتَ طَلَّقْتَهَا فَقَدْ رَاجَعْتَهَا، ثُمَّ سَأَلْتُ زُفَرَ بْنَ الْهُذَيْلِ، فَقَالَ لِي: هِيَ امْرَأَتُكَ حَتَّى تَتَيَقَّنَ طَلاقَهَا، فَأَتَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ لِي: أَمَّا سُفْيَانُ فَأَفْتَاكَ بِالْوَرَعِ، وَأَمَّا زُفَرُ فَأَفْتَاكَ بِعَيْنِ الْفِقْهِ، وَأَمَّا شُرَيْكٌ فَهُوَ كَرَجُلٍ قُلْتَ لَهُ: لا أَدْرِي أَصَابَ ثَوْبِي بَوْلٌ أَمْ لا، فَقَالَ لَكَ: بُلْ عَلَى ثَوْبِكَ وَاغْسِلْهُ " مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ اللُّؤْلُئيُّ، يَقُولُ: أَتَيْتُ دَاوُدَ الطَّائِيَّ أَنَا وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَجَرَى ذِكْرُ شَيْءٍ، فَقَالَ دَاوُدُ لِحَمَّادٍ: يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ مَهْمَا تَكَّلَمَ فِيهِ الْمُتَكَلِّمُ بِشَيْءٍ رَجَاءَ أَنْ يَسْلَمَ

«أعلمنا الله أنه كلامه، فمن أخذ بما علمه الله فقد استمسك بالعروة الوثقى، فهل بعد التمسك

مِنْهُ، فَلْيَحْذَرْ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْقُرْآنِ، إِلا بِمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ، فَلَقَدْ سَمِعْتُ أَبَاكَ، يَقُولُ: «أَعْلَمَنَا اللَّهُ أَنَّهُ كَلامَهُ، فَمَنْ أَخَذَ بِمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، فَهَلْ بَعْدَ التَّمَسُّكِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى إِلا السُّقُوطُ فِي الْهَلَكَةِ؟ !» ، فَقَالَ حَمَّادٌ لِدَاوُدَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا فَنِعْمَ مَا أَشَرْتَ بِهِ " عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى سُوقِ الْخَزَّازِينَ بِالْكُوفَةِ يَسْأَلُ عَنْ دُكَّانِ أَبِي حَنِيفَةَ الْفَقِيهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ: «لَيْسَ هُوَ بِفَقِيهٍ هُوَ مُفْتٍ مُتَكَلِّفٍ» مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثَّلْجِيُّ، سَمِعْتُ حِبَّانَ، يَقُولُ: " أَتَتِ امْرَأَةٌ أَبَا حَنِيفَةَ بِثَوْبٍ، فَقَالَ: بِكَمْ هُوَ؟ قَالَتْ: بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، قَالَ لَهَا: هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: بِمَائَتَيْنِ، قَالَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: بِثَلاثِ مِائَةٍ، قَالَ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، قَالَتْ: بِأَرْبَعِ مِائَةٍ فَاشْتَرَاهُ بِأَرْبَعِ مِائَةٍ، وَقِيلَ: إِنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ: بِعْنِي ثَوْبَيْنِ وَأَحْسِنْ بَيْعِي، قَالَ: أَيَّ لَوْنٍ تُرِيدُ؟ فَوَصَفَ لَهُ، فَقَالَ: أَتُنْظِرُنِي جُمْعَتَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَذَهَبَ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَدَفَعَ إِلَيْهِ الثَّوْبَيْنِ وَدِينَارًا، وَقَالَ: إِنِّي لَمْ أُحْسِنْ إِلَيْكَ إِنِّي جَعَلْتُ لَكَ بِضَاعَةً، فَرُزِقْتَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَاحْمَدْهُ، فَقَالُوا لأَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ: أَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِهِ: وَأَحْسِنْ بَيْعِي؟ "، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ أَحْسِنْ بَيْعِي فَقَدِ ائْتَمَنَهُ " عُبَيْدُ بْنُ يَعِيشَ: ثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: " كَانَ سُفْيَانُ إِذَا قِيلَ لَهُ: أَمُؤْمِنٌ أَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ: عِنْدَ اللَّهِ، قَالَ: أَرْجُو، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ، يَقُولُ: «أَنَا مُؤْمِنٌ هَهُنَا وَعِنْدَ اللَّهِ»

أبو أسيد يجالس أبا حنيفة، وكان شيخا عفيفا مغفلا، فقال مرة في مجلس أبي حنيفة لرجل: ارفع

قَالَ أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدَانَ، حَدَّثَنِي الضَّبِّيُّ مُؤَدِبُ الْمُعِزِّ، قَالَ: " كَانَ أَبُو أُسَيْدٍ يُجَالِسُ أَبَا حَنِيفَةَ، وَكَانَ شَيْخًا عَفِيفًا مُغَفَّلًا، فَقَالَ مَرَّةً فِي مَجْلِسِ أَبِي حَنِيفَةَ لِرَجُلٍ: ارْفَعْ رُكْبَتَكَ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبُولَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَبْزُقَ، فَقَالَ الرَّجُلُ لأَبِي حَنِيفَةَ: أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ؟ قَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: أَلَيْسَ يُقَالُ إِذَا جَالَسْتَ الْعُلَمَاءَ، فَجَالِسْهُمْ بِقِلَّةِ السَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ؟ فَضَحِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْقَوْمُ مِنْهُ، وَكَانَ أَبُو أُسَيْدٍ جَالِسًا فِي الشَّارِعِ إِذْ مَرُّوا بِبَكْرةٍ سَمِينَةٍ، فَقَالَ: لَيْتَهَا لِي! قَالُوا: مَا تَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: أَخْتِنُهَا وَأَنْحَرُ ابْنِي! قَالَ وَتَهَيَّأَ يَوْمَ الأَحَدِ وَلَبِسَ ثِيَابَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَتَطَيَّبَ وَخَرَجَ، وَجَلَسَ إِلَى صَدِيقٍ لَهُ عَطَّارٍ فَتَحَدَّثَ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: أَلا تَقُومُ بِنَا إِلَى الْجُمُعَةِ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا أُسَيْدٍ، الْيَوْمُ الأَحَدُ النَّاسُ يَغْلِطُونَ بِيَوْمٍ وَأَنْتَ تَغْلِطُ بِالأُسْبُوعِ كُلِّهِ! قَالَ: مَا ظَنَنْتُ إِلا أَنَّهُ الْجُمُعَةُ، قَالَ: وَمَرِضَ فَعَادَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ، قَالَ: أَطْعَمُوكَ الْيَوْمَ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، مَرَقَةَ رُبَّ

«قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما عليه أفلاق من حجارة بيض»

جُمَّيْزٍ وَرُمَّانٍ! فَضَحِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَقَالَ لَهُ: أَنْتَ فِي عَافِيَةٍ " دَاوُدُ بْنُ رَشِيدٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى «قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسَنَّمًا عَلَيْهِ أَفْلاقٌ مِنْ حِجَارَةٍ بِيضٍ» الطَّحَاوِيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ هِلالَ بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ، يَقُولُ: «جَالَسْتُ أَبَا حَنِيفَةَ سَنَتَيْنِ وَنِصْفَ سَنَةٍ، فَمَا سَمِعْتُهُ لَحَنَ فِي شَيْءٍ إِلا فِي حَرْفٍ وَاحِدٍ، زَعَمَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَنَّ لَهُ فِيهِ مَخْرَجًا» مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ فَقِيهُ بُخَارَى، عَنْ أَبِي وَهْبٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُزَاحِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: «مَا لَزِمْتُ سُفْيَانَ حَتَّى جَعَلْتُ عِلْمَ أَبِي حَنِيفَةَ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِقَبْضِ يَدِهِ» وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْعَوَّامِ السَّعْدِيُّ قَاضِي مِصْرَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ التِّرْمِذِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلامٍ الْبَلْخِيَّ، سَمِعْتُ نُصَيْرَ بْنَ يَحْيَى الْبَلْخِيَّ، يَقُولُ: قُلْتُ

رأي أبي حنيفة خلد في الكتب، قلت: فقد خلد رأي مالك في الكتب، قال: أبو حنيفة أكثر رأيا منه،

لأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلَ: مَا الَّذِي تَنْقِمُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: الرَّأْيَ، قُلْتُ: فَهَذَا مَالِكٌ أَلَمْ يَتَكَلَّمْ بِالرَّأْيِ؟ قَالَ: " بَلَى، وَلَكَنْ رَأْيُ أَبِي حَنِيفَةَ خُلِّدَ فِي الْكُتُبِ، قُلْتُ: فَقَدْ خُلِّدَ رَأْيُ مَالِكٍ فِي الْكُتُبِ، قَالَ: أَبُو حَنِيفَةَ أَكْثَرُ رَأْيًا مِنْهُ، قُلْتُ: فَهَلا تَكَلَّمْتُمْ فِي هَذَا بِحِصَّتِهِ وَهَذَا بِحِصَّتِهِ؟ ! فَسَكَتَ " فَصْلٌ فِي وَرَعِهِ سِوَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ كَأْسٍ الْقَاضِي: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِبْرِيُّ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: «كَانَ حَفْصُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَرِيكَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يُجَهِّزُ عَلَيْهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَنْ فِي ثَوْبِ كَذَا عَيْبًا، فَإِذَا بِعْتَهُ فَبَيِّنْ، فَنَسِيَ حَفْصٌ وَبَاعَهُ مِنْ غَيْرِ تِبْيَانٍ مِنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ، وَعَلِمَ أَبُو حَنِيفَةَ، فَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ» قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ حَسِنَ الدِّينِ، عَظِيمَ الأَمَانَةِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خَلَفٍ الْبَكَّائِيُّ: نَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ،

ابتعت ثوبين، فبعت أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم»

وَغَيْرُهُ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ أَبَا حَنِيفَةَ تَطْلُبُ مِنْهُ ثَوْبَ خَزٍّ، فَأَخْرَجُوهُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ ضَعِيفَةٌ، فَبِعْنِيهِ بِمَا تَقَوَّمَ عَلَيْكَ، فَقَالَ: خُذِيهِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَتْ: لا تَسْخَرْ بِي، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنِّي ابْتَعْتُ ثَوْبَيْنِ، فَبِعْتُ أَحَدَهُمَا بِرَأْسِ الْمَالِ إِلا أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ» عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: " طَلَبُ الْعِلْمِ، قِيلَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: مَا اشْتَدَّ عَلَيْكَ " وَعَنْ خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ: " أَجَازَ الْمَنْصُورُ أَبَا حَنِيفَةَ بِعَشْرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ، وَدُعِيَ لِيَقْبِضَهَا فَشَاوَرَنِي، ثُمَّ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ إِنْ رَدَدْتُهَا عَلَيْهِ غَضِبَ، وَإِنْ قَبِلْتُهَا دَخَلَ عَلَيَّ فِي دِينِي مَا أَكْرَهُهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا الْمَالَ عَظِيمٌ فِي عَيْنِهِ، أَفَإِذَا دُعِيتَ لِتَقْبِضَهَا، فَقُلْ: لَمْ يَكُنْ هَذَا أَمَلِي مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَفَعَلَ وَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى الْمَنْصُورِ فَحَبَسَهَا عَنْهُ " وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُئِيِّ، قَالَ: «وَاللَّهِ مَا قَبِلَ أَبُو حَنِيفَةَ لأَحَدٍ مِنْهُمْ جَائِزَةً، وَلا هَدِيَةً، يَعْنِي الأُمَرَاءَ» مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الدَّقِيقِيُّ، سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ هَارُونَ، يَقُولُ: «لَمْ أَرَ أَعْقَلَ، وَلا أَفْضَلَ، وَلا أَوْرَعَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ» أَبُو قِلابَةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ تَبِينُ عَقْلُهُ فِي مَنْطِقِهِ، وَفِعْلِهِ، وَمِشْيَتِهِ، وَمَدْخَلِهِ، وَمَخْرَجِهِ» قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ: «مَا رَأَيْتُ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ دِينًا، وَوَرَعًا»

«غفر الله لنا ولسفيان، لو أن سفيان فقد في زمن إبراهيم النخعي، لدخل على المسلمين

مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانُ يَنَالُ مِنْكَ، وَيَتَكَلَّمُ فِيكَ، فَقَالَ: «غَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلِسُفْيَانَ، لَوْ أَنَّ سُفْيَانَ فُقِدَ فِي زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، لَدَخَلَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقْدُهُ» مُحَمَّدُ بْنُ الصَّقْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: «اسْتَحَلَّ مِنِّي ابْنُ أَبِي لَيْلَى مَالا أَسْتَحِلِّهُ أَنَا مِنْ بَهِيمَةٍ» أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ، ثَنَا خَلادُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَالَ مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ: «طَلَبْتُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ الْحَدِيثَ، فَغَلَبَنَا وَأَخَذْنَا فِي الزُّهْدِ، فَبَرَعَ عَلَيْنَا وَطَلَبْنَا مَعَهُ الْفِقْهَ، فَجَاءَ مِنْهُ مَا تَرَوْنَ» قَالَ ابْنُ كَأْسٍ: ثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: " لَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَقُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هُوَ مِنَ الْعِلْمِ بِمَنْزِلَةٍ! فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! هُوَ مِنَ الْعِلْمِ، وَالْوَرَعِ، وَالزُّهْدِ، وَإِيثَارِ الدَّارِ الآخِرَةِ بِمَحَلٍّ لا يُدْرِكُهُ فِيهِ أَحْمَدُ، وَلَقَدْ ضُرِبَ بِالسِّيَاطِ عَلَى أَنْ يَلِيَ الْقَضَاءَ لأَبِي جَعْفَرٍ فَلَمْ يَفْعَلْ "

«جهم بن صفوان الخراساني كافر»

يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعَ أَبَا حَنِيفَةَ، يَقُولُ: «جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ الْخُرَاسَانِيُّ كَافِرٌ» فَصْلٌ فِي الاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ اخْتَلَفُوا فِي حَدِيثِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَهُ وَرَآهُ حُجَّةً، وَمِنْهُمْ مَنْ لَيَّنَهُ لِكَثْرَةِ غَلَطِهِ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ إِلا. قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: قِيلَ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ: كَيْفَ كَانَ حَدِيثُ أَبِي حَنِيفَةَ؟ قَالَ: " لَمْ يَكُنْ بِصَاحِبِ حَدِيثٍ،

قُلْتُ: لَمْ يَصْرِفِ الإِمَامُ هِمَّتَهُ لِضَبْطِ الأَلْفَاظِ وَالإِسْنَادِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هِمَّتُهُ الْقُرْآنُ وَالْفِقْهُ، وَكَذَلِكَ حَالُ كُلِّ مَنْ أَقْبَلَ عَلَى فَنٍّ، فَإِنَّهُ يُقَصِّرُ عَنْ غَيْرِهِ , مِنْ ثَمَّ لَيَّنُوا حَدِيثَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْقُرَّاءِ كَحَفْصٍ، وَقَالُونَ وَحَدِيثَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ كَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَعُثْمَانَ الْبَتَّيِّ، وَحَدِيثَ جَمَاعَةٍ مِنَ الزُّهَّادِ كَفَرْقَدٍ السِّنْجِيِّ، وَشَقِيقٍ الْبَلْخِيِّ، وَحَدِيثَ جَمَاعَةٍ مِنَ النُّحَاةِ، وَمَا ذَاكَ لِضَعْفٍ فِي عَدَالَةِ الرَّجُلِ، بَلْ لِقِلَّةِ إِتَّقَانِهِ لِلْحَدِيثِ، ثُمَّ هُوَ أَنْبَلُ مِنْ أَنْ يَكْذِبَ "، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ جَزَرَةٌ وَغَيْرُهُ: أَبُو حَنِيفَةَ ثِقَةٌ،

«رحم الله مالكا كان إماما، رحم الله أبا حنيفة كان إماما»

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحْرِزٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ لا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ: «رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا كَانَ إِمَامًا، رَحِمَ اللَّهُ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ إِمَامًا» فَصْلٌ فِي مَنْثُورِ أَخْبَارِهِ رَوَى الْخَطِيبُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ عَطِيَّةَ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، نا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ: كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَبْعَثُ بِالْبَضَائِعِ إِلَى بَغْدَادَ، فَيَشْتَرِي بِهَا الأَمْتِعَةَ وَيَحْمِلُهَا إِلَى الْكُوفَةِ، وَيَجْمَعُ الأَرْبَاحَ عِنْدَهُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ، فَيَشْتَرِي بِهَا حَوَائِجَ الأَشْيَاخِ الْمُحَدِّثِينَ، وَأَقْوَاتَهُمْ، وَكُسْوَتَهُمْ، وَجَمِيعَ حَوَائِجِهِمْ، ثُمَّ يُعْطِيهِمْ، وَيَقُولُ: «لا تَحْمَدُوا إِلا اللَّهَ، فَإِنِّي مَا أَعْطَيْتُكُمْ مِنْ مَالِي شَيْئًا، وَلَكِنْ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيَّ فِيكُمْ»

" دعا المنصور أبا حنيفة، فقال الربيع الحاجب وكان يعادي أبا حنيفة: يا أمير المؤمنين، هذا

قَدْ جَاءَ غَيْرُ حِكَايَةٍ فِي جُودِ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَذْلِهِ لِتَلامِذَتِهِ كَأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِ. مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، ثَنَا نَمِرُ بْنُ حَدَّادٍ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: " دَعَا الْمَنْصُورُ أَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ الرَّبِيعُ الْحَاجِبُ وَكَانَ يُعَادِي أَبَا حَنِيفَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا يُخَالِفُ جَدَّكَ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ، يَقُولُ: إِذَا حَلَفَ ثُمَّ اسْتَثْنَى بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَازَ الاسْتِثْنَاءُ، وَهَذَا لا يُجَوِّزُ الاسْتِثْنَاءَ إِلا مُتَّصِلًا بِالْيَمِينِ! فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ الرَّبِيعَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَكَ فِي رِقَابِ جُنْدِكَ بَيْعَةٌ! قَالَ: وَكَيْفَ؟ قَالَ: يَحْلِفُونَ لَكَ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى مَنَازِلِهِمْ فَيَسْتَثْنُونَ فَتَبْطُلُ أَيْمَانُهُمْ، فَضَحِكَ الْمَنْصُورُ، وَقَالَ: يَا رَبِيعَ، لا تَعْرِضْ لأَبِي حَنِيفَةَ " يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ، يَقُولُ: رَأَيْتُ الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ آخِذًا بِرِكَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ، يَقُولُ: «وَاللَّهِ مَا أَدْرَكْنَا أَحَدًا تَكَلَّمَ فِي الْفِقْهِ أَبْلَغَ، وَلا أَصْبَرَ، وَلا أَحْضَرَ جَوَابًا مِنْكَ، وَإِنَّكَ لَسَيِّدُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي وَقْتِكَ غَيْرَ مَا دَفْعٍ، وَمَا يَتَكَلَّمُونَ فِيكَ إِلا لِحَسَدٍ» سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ، فَرَأَيْتُهُ مُطْرِقًا مُفَكِّرًا، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ عِنْدِ شُرَيْكٍ، فَأَنْشَأَ، يَقُولُ: « إِنْ يَحْسِدُونِي فَإِنِّي غَيْرَ لائِمِهِمْ ... قَبْلِي مِنَ النَّاسِ أَهْلُ الْفَضْلِ قَدْ حُسِدُوا فَدَامَ لِي وَلَهُمْ مَا بِي وَمَا بِهِمْ ... وَمَاتَ أَكْبَرُنَا غَيْظًا بِمَا يَجِدُ »

«مات أبو حنيفة في نصف شوال سنة خمسين ومائة» ، وقال الواقدي وغيره: «مات أبو حنيفة في رجب سنة

فَصْلٌ فِي وَفَاةِ أَبِي حَنِيفَةَ قِيلَ: إِنَّهُ بَقِيَ فِي نَفْسِ الْمَنْصُورِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِقِيَامِهِ مَعَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَلَى الْمَنْصُورِ، وَكَانَ أَبُو جَعْفَرٍ لا يُصْطَلَى لَهُ بِنَارٍ وَفِيهِ جَبَرُوتٌ وَشَهَامَةٌ، قَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ: «مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالسِّجْنِ بِبَغْدَادَ، وَدُفِنَ فِي مَقَابِرِ الْخَيْزُرَانِ» أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَرْتِيُّ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: «مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي نِصْفِ شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ» ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ: «مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ وَلَهُ سَبْعُونَ سَنَةً» ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: «مَاتَ بِبِغْدَادَ وَكُنْتُ يَوْمَئِذٍ بِالْكُوفَةِ» ، وَقَالَ أَبُو حَسَّانَ الزِّيَادِيُّ، وَيَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: «مَاتَ فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسِينَ» ، وَجَاءَ عَنْ بَعْضِهِمْ: «مَاتَ فِي شَعْبَانَ، وَفِي رَجَبٍ أَصَحُّ، وَبَلَغَنَا أَنَّ الْمَنْصُورَ سَقَاهُ السُّمَّ، فَاسْوَدَّ وَمَاتَ شَهِيدًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى» وَمِنْ حَدِيثِهِ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُؤَيَّدِ الْهَمَدَانِيُّ بِمِصْرَ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ بِبَغْدَادَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي غَالِبٍ الزَّاهِدُ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ الأَنْمَاطِيُّ، أَنَا أَبُو الطَّاهِرِ الْمُخْلِصُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الذَّهَبِيُّ سَنَةَ ثَلاثَةٍ وَتِسْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، ثَنَا أَبُو حَامِدٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا

فأمر به فرجم في موضع قليل الحجارة، فأبطأ عليه الموت، فانطلق يسعى إلى موضع كثير الحجارة

إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، أَنَا أَبُو يُوسُفَ، ثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقَرَّ بِالزِّنَا فَرَدَّهُ، ثُمَّ عَادَ فَأَقَرَّ بِالزِّنَا فَرَدَّهُ، ثُمَّ عَادَ فَأَقَرَّ بِالزِّنَا فَرَدَّهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ سَأَلَ عَنْهُ قَوْمَهُ: «هَلْ تُنْكِرُونَ مِنْ عَقْلِهِ شَيْئًا؟» قَالُوا: لا، فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ فِي مَوْضِعٍ قَلِيلِ الْحِجَارَةِ، فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ، فَانْطَلَقَ يَسْعَى إِلَى مَوْضِعٍ كَثِيرِ الْحِجَارَةِ وَاتَّبَعَهُ النَّاسُ، فَرَجَمُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ، ثُمَّ ذَكَرُوا شَأْنَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَصْنَعُ، فَقَالَ: «فَلَوْلا خَلَّيْتُمْ سَبِيلَهُ!» قَالَ: فَسَأَلَ قَوْمُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَأْذَنُوهُ فِي دَفْنِهِ وَالصَّلاةِ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ: «لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ قُبِلَ مِنْهُمْ» أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الْحَنْبَلِيُّونَ، قَالُوا: أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَيْنُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ التَّغْلِبِيُّ، زَادَ أَبُو الْفِدَاءِ، فَقَالَ: وَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ قُدَامَةَ، قَالا: أَنْبَأَنَا أَبُو الْمَكَارِمِ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ

متعة النساء»

هِلالٍ، أَنَا أَبُو الْفَضْلِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْمُؤَمِّلِ الْكَفْرُطَابِيُّ حُضُورًا سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ التَّمِيمِيُّ، أَنَا خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْقُرَشِيُّ بِدِمَشْقَ، أَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَيَّارٍ بِنُصَيْبِينِ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ» وَمِنَ الْمَنَامَاتِ الْمُبَشِّرَةِ لأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الْقَاسِمُ بْنُ غَسَّانَ الْقَاضِي: ثَنَا أَبِي، ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ يَوْمَ مَوْتِ أَخِيهِ، فَرَأَيْتُهُ يَسْتَطْعِمُ شَيْئًا مِنْ رَجُلٍ وَيَضْحَكُ، فَقُلْتُ: تَدْفِنُ أَخَاكَ عَلِيًّا غُدْوَةً وَتَضْحَكُ آخِرَ النَّهَارِ! قَالَ: لَيْسَ عَلَى أَخِي مِنْ بَأْسٍ، قُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] فَتَوَهَّمْتُهُ يَتْلُو الآيَةَ،

ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَخِي كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَأَعَادَ الآيَةَ، فَقُلْتُ: أَتَقْرَأُ أَمْ تَرَى شَيْئًا؟ قَالَ: أَفَلا تَرَى مَا أَرَى؟ قُلْتُ: لا، فَمَاذَا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى، وَرَفَعَ يَدَهُ، فَقَالَ: هَذَا نَبِيُّ اللَّهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ إِلَيَّ وَيُبَشِّرُنِي بِالْجَنَّةِ، وَهَؤُلاءِ الْمَلائِكَةُ مَعَهُ كَذَلِكَ بِأَيْدِيهِمْ حُلَلُ السُّنْدُسِ وَالإِسْتَبْرَقِ، وَهَؤُلاءِ الْحُورُ الْعِينُ مُتَحَلِّيَاتٍ مُتَزَيِّنَاتٍ يَنْتَظِرْنَ مَتَى أَصِيرُ إِلَيْهِنَّ، فَتَكَلَّمَ بِهَذَا وَقَضَى رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَلِمَاذَا أَحْزَنُ عَلَيْهِ وَقَدْ صَارَ إِلَى نَعِيمٍ؟ قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ صِرْتُ إِلَى الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، فَقَالَ لِي حِينَ رَآنِي: يَا أَبَا نُعَيْمٍ، عَلِمْتَ أَنِّي رَأَيْتُ أَخِي الْبَارِحَةَ فِي مَنَامِي كَأَنَّهُ صَارَ إِلَى وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَخِي، أَلَيْسَ قَدْ مِتَّ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الثِّيَابُ الَّتِي عَلَيْكَ؟ قَالَ: السُّنْدُسُ وَالإِسْتَبْرَقُ، وَلَكَ يَا أَخِي عِنْدِي مِثْلَهَا، قُلْتُ: مَاذَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي وَبَاهَى بِي وَبِأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَلائِكَةَ، قُلْتُ: أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَأَيْنَ مَنْزِلُهُ؟ قَالَ: نَحْنُ فِي جِوَارٍ فِي أَعْلَى عِلِّيينَ، قَالَ الْقَاسِمُ: قَالَ أَبِي: فَكَانَ أَبُو نُعَيْمٍ إِذَا ذَكَرَ أَبَا حَنِيفَةَ أَوْ ذُكِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ، يَقُولُ: بَجٍ بَجٍ فِي أَعْلَى عِلِّيينَ "

" رأيت محمد بن الحسن في المنام، فقلت: إلام صرت؟ قال: غفر لي، قلت: بم؟ قال: قيل لي: لم نجعل

أَبُو بِشْرٍ الدُّولابِيُّ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَرْتِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَجَاءٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ: إِلامَ صِرْتَ؟ قَالَ: غُفِرَ لِي، قُلْتُ: بِمَ؟ قَالَ: قِيلَ لِي: لَمْ نَجْعَلْ هَذَا الْعِلْمَ فِيكَ إِلا وَنَحْنُ نَغْفِرُ لَكَ، قُلْتُ: فَمَا فَعَلَ أَبُو يُوسُفَ؟ قَالَ: فَوْقَنَا بِدَرَجَةٍ، قُلْتُ: فَأَبُو حَنِيفَةَ؟ قَالَ: فِي أَعْلَى عِلِّيينَ " مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الْمُصَيْصِيُّ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ وَاقِدٍ، ثَنَا الْمُطَّلِبُ بْنُ زِيَادٍ، أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ الْحَسَنِ إِمَامُنَا، قَالَ: " رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي، قُلْتُ لَهُ: بِالْعِلْمِ؟ قَالَ: مَا أَضَرَّ الْفَتْوَى عَلَى صَاحِبِهَا! قُلْتُ: بِمَ؟ قَالَ: بِقَوْلِ النَّاسِ فِيَّ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ مِنِّي " مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ أَيْضًا، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ اللَّيْثِيُّ، ثَنَا حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ، ثَنَا عَبَّادٌ التَّمَّارُ، قَالَ: " رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: إِلامَ صِرْتَ؟ قَالَ: إِلَى سَعَةِ رَحْمَتِهِ، قُلْتُ: بِالْعِلْمِ؟ قَالَ: هَيْهَاتَ! لِلْعِلْمِ شُرُوطٌ وَآفَاتٌ قَلَّ مَنْ يَنْجُو، قُلْتُ: فَبِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: بَقَوْلِ النَّاسِ فِيَّ مَا لَمْ أَكُنْ عَلَيْهِ "، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

تَرْجَمَةُ الإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ لِلإِمَامِ الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 748 قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَدْلُ فِي قَضَائِهِ، الْمُتَطَوِّلُ بِنَعْمَائِهِ، الْعَلِيُّ فِي كِبْرِيَائِهِ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَشْرَفِ أَنْبِيَائِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا إِلَى يَوْمِ لِقَائِهِ. هَذِهِ تَرْجَمَةُ الإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ خُنَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ بَحِيرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الأَنْصَارِيِّ، عُرِضَ سَعْدُ بْنُ بَحِيرٍ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَصْغَرَهُ وَهُوَ سَعْدُ بْنُ حَبْتَةَ، شَهِدَ الْخَنْدَقَ وَمَا بَعْدَهَا، وَإِنَّ حَبْتَةَ هِيَ ابْنَةُ خَوَّاتِ بْنِ بَحِيرٍ الأَنْصَارِيِّ، وَنَسَبْ سَعْدٍ فِي بُجَيْلَةَ وَإِنَّمَا حَالَفَ الأَنْصَارَ وَمِنْ وَلَدِهِ النُّعْمَانُ بْنُ سَعْدٍ الرَّاوِي عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَأَخُوهُ خُنَيْسُ بْنُ سَعْدٍ،

وُلِدَ أَبُو يُوسُفَ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ بِالْكُوفَةِ وَكَتَبَ الْعِلْمَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ، فَسَمِعَ مَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَالأَعْمَشِ، وَزَيْدِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، وَعَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ وَطَبَقَتِهِمْ

وَتَفَقَّهَ بأَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ أَجَلُّ أَصْحَابِهِ:

أطلب الحديث والفقه وأنا مقل، فجاء أبي يوما وأنا عند أبي حنيفة، فقال: يا بني، لا تمدن رجلك

تَفَقَّهَ عَلَيْهِ عَدَدٌ كَثِيرٌ، وَرَوَى عَنْهُ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَابْنُ سَمَاعَةَ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَعَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ، وَهِلالُ الرَّأْيِ، وَإبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، وَأَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْحَرَّانِيُّ، وَأَجَلُّ أَصْحَابِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. وَلِيَ قَضَاءَ بَغْدَادَ لِمُوسَى الْهادِي، ثُمَّ وَلِيَ الْقَضَاءَ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ، وَعَلا شَأْنُهُ، وَهُوَ أَوَّلُ مِنْ دُعِيَ قَاضِي الْقُضَاةِ. قَالَ مُكْرَمُ الْقَاضِي: ثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَرْمَلَةَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: " كُنْتُ أَطْلُبُ الْحَدِيثَ وَالْفِقْهَ وَأَنَا مُقِلٌّ، فَجَاءَ أَبِي يَوْمًا وَأَنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، لا تَمُدَنَّ رِجْلَكَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ خُبْزَهُ مَشْوِيُّ وَأَنْتَ مُحَتَاجٌ إِلَى الْمَعَاشِ، فَآثَرْتُ طَاعَةَ أَبِي

" مرض أبو يوسف، فعاده أبو حنيفة، فلما خرج، قال: إن يمت هذا الفتى فهو أعلم من عليها، وأومأ

فَتَفَقَّدَنِي أَبُو حَنِيفَةَ، فَجَعَلْتُ أَتَعَاهَدُ مَجْلِسَهُ، فَلَمَّا أَتَيْتُ دَفَعَ إِلَيَّ مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَقَالَ لِي: الْزَمِ الْحَلَقَةَ، فَإِذَا نَفَدَتْ هَذِهِ فَأَعْلِمْنِي، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيَّ بَعْدَ مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ مِائَةَ أُخْرَى، ثُمَّ كَانَ يَتَعَاهَدُنِي، وَحَكَى أَنَّ أُمَّهُ هِيَ الَّتِي أَنْكَرَتْ عَلَيْهِ، وَأَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَأَنَّهَا أَسْلَمَتْهُ عِنْدَ قَصَّارٍ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ " ثَنَاءُ الأَئِمَّةِ عَلَى أَبِي يُوسُفَ ذَكَرَ أَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: " مَرِضَ أَبُو يُوسُفَ، فَعَادَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قَالَ: إِنْ يَمُتْ هَذَا الْفَتَى فَهُوَ أَعْلَمُ مَنْ عَلَيْهَا، وَأَوْمَأَ إِلَى الأَرْضِ " عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: " أَوَّلُ مَا كَتَبْتُ الْحَدِيثَ اخْتَلَفْتُ إِلَى أَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي، فَكَتَبْتُ عَنْهُ، ثُمَّ اخْتَلَفْتُ بَعْدُ إِلَى النَّاسِ، قَالَ: وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ أَمْيَلُ إِلَيْنَا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ " إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ فِي أَصْحَابِ الرَّأْيِ أَثْبَتَ فِي الْحَدِيثِ وَلا أَحْفَظَ، وَلا أَصَحَّ رِوَايَةً مِنْ أَبِي يُوسُفَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ صَدُوقٌ غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِ مَا فِي حَدِيثِ الْمَشَايِخِ يَعْنِي مِنَ الْغَلَطِ»

«أبو يوسف صاحب حديث، صاحب سنة»

عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: «أَبُو يُوسُفَ صَاحِبُ حَدِيثٍ، صَاحِبُ سُنَّةٍ» مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: «قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو يُوسُفَ وَأَقَلُّ مَا فِيهِ الْفِقْهُ، وَقَدْ مَلأَ بِفِقْهِهِ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ» بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: " سَأَلَنِي الأَعْمَشُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَأَجَبْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ لِي: مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا؟ قُلْتُ: لِحَدِيثٍ حَدَّثْتَنَاهُ أَنْتَ، فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ، إِنِّي لأَحْفَظُ هَذَا الْحَدِيثَ قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَ أَبَوَاكَ، فَمَا عَرِفْتُ تَأْوِيلَهُ إِلا الآنَ " ابْنُ الثَّلْجِيِّ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيَّ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى الْفِقْهِ، أَوِ الْعِلْمِ اطِّلاعًا يَتَنَاوَلُهُ كَيْفَ يَشَاءُ» عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، قَالَ: «مَا أُحِبُّ أَنْ أَرْوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ، إِلا عَنْ أَبِي يُوسُفَ، فَإِنَّهُ كَانَ صَاحِبَ سُنَّةٍ» يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ عِنْدَ وَفَاتِهِ: «كُلُّ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ فَقَدْ رَجِعْتُ، إِلا مَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ»

«أبو يوسف كان منصفا في الحديث»

حَنْبَلٌ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: «أَبُو يُوسُفَ كَانَ مُنْصِفًا فِي الْحَدِيثِ» قَالَ الْفَلاسُ: «أَبُو يُوسُفَ صَدُوقٌ كَثِيرُ الْغَلَطِ» إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الزُّهْرِيُّ، ثَنَا بِشْرٌ الْمِرِّيسِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «صَحِبْتُ أَبَا حَنِيفَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، ثُمَّ رَتَعْتُ فِي الدُّنْيَا سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ أَجَلِي قَدْ قَرُبَ، فَمَا عَبَرَ يَسِيرٌ حَتَّى مَاتَ» ابْنُ كَأْسٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: «لَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُ أَبِي يُوسُفَ عِلْمًا، وَفِقْهًا، وَمَعْرِفَةً، وَلَوْلاهُ لَمْ يُذْكَرْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَلا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، لَكِنَّهُ نَشَرَ عِلْمَهُمَا» أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي، عَنْ بَكْرٍ الْعَمِّيِّ، عِنْ هِلالِ الرَّأْيِ، قَالَ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ يَحْفَظُ التَّفْسِيرَ وَالْمَغَازِي وَأَيَّامُ الْعَرَبِ، وَكَانَ أَحَدُ عُلُومِهِ الْفِقْهُ» قَالَ الْمُزَنِيُّ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ أَتْبَعَهُمْ لِلْحَدِيثِ» أَحْمَدُ بْنُ عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَمَاعَةَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ يُصَلِّي بَعْدَ مَا وَلِيَ الْقَضَاءَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَتَيْ رَكْعَةٍ»

أبو يوسف يحب أصحاب الحديث ويميل إليهم»

عَبَّاسٌ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ يُحِبُّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ وَيَمِيلِ إِلَيْهِمْ» عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الْمَدِينِيُّ، سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " كُنَّا نَأْتِي أَبَا يُوسُفَ لَمَّا قَدِمَ الْبَصْرَةَ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، فَكَانَ يُحَدِّثُ بِعَشْرَةِ أَحَادِيثَ وَعَشْرَةِ آرَاءٍ وَأَرَاهُ، قال: مَا أَجِدُ عَلَى أَبِي يُوسُفَ إِلا حَدِيثَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فِي الْحَجْرِ، وَكَانَ صَدُوقًا " وَمِنْ شَمَائِلِهِ الطَّحَاوِيُّ، نَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، يَقُولُ: " لَمَّا قَدِمَ أَبُو يُوسُفَ الْبَصْرَةَ مَعَ الرَّشِيدِ، اجْتَمَعَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ عَلَى بَابِهِ، فَطَلَبَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمُ الدُّخُولَ إِلَيْهِ أَوَّلًا، فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَأْذَنْ لِفَرِيقٍ مِنْهُمْ، وَقَالَ: أَنَا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا، وَلا أُقَدِّمُ فِرْقَةً عَلَى فِرْقَةٍ، ولَكِنِّي أَسْأَلُ الْفَرِيقَيْنِ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَأَيُّهُمْ أَصَابُوا دَخَلُوا، ثُمَّ قَالَ: رَجُلٌ مَضَغَ خَاتَمِي هَذَا حَتَّى هَشَّمَهُ مَا لِي عَلَيْهِ؟ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَلَمْ يُعْجِبْهُ قَوْلُهُمْ، وَقَالَ فَقِيهٌ: عَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَصُوغًا وَيَأْخُذُ الْفِضَّةَ الْمَهْشُومَةَ، إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الْخَاتَمِ أَنْ يُمْسِكَهُ لِنَفْسِهِ، وَلا شَيْءَ عَلَى هَاشِمِهِ، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَدْخُلُ أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ، وَدَخَلْتُ مَعَهُمْ، فَسَأَلَهُ الْمُسْتَمْلَى فَأَمْلَى حَدِيثًا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، وَقَالَ: مَا أَخَافُ

«لو استطعت أن أشاطركم ما في قلبي من العلم لفعلت»

عَلَى رَجُلٍ مِنْ شَيْءٍ خَوْفِي عَلَيْهِ مِنْ كَلامِهِ فِي الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، فَوَقَعَ لِي أَنَّهُ أَرَادَ شُعْبَةَ، فَقُمْتُ، وَقُلْتُ: لا أَجْلِسُ فِي مَجْلِسٍ يُعَرَّضُ فِيهِ بِأَبِي بَسْطَامٍ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَرَجِعْتُ إِلَى نَفْسِي، فَقُلْتُ: هَذَا قَاضِي الآفَاقِ، وَوَزِيرُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَزَمِيلُهُ فِي حَجِّهِ وَمَا يَضُرُّهُ غَضَبِي! فَرَجِعْتُ فَجَلَسْتُ حَتَّى فَرَغَ الْمَجْلِسُ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ إِقْبَالَ رَجُلٍ مَا كَانَ لَهُ هَمٌّ غَيْرِي، فَقَالَ: يَا هِشَامُ، وَإِذَا هُوَ يَعْنِينِي لأَنِّي كُنْتُ عِنْدَهُ بِبَغْدَادَ، وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِأَبِي بَسْطَامٍ سُوءًا، وَلَهُوَ فِي قَلْبِي أَكْبَرُ مِنْهُ فِي قَلْبِكَ فِيمَا أَرَى، وَلَكِنْ لا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا مِثْلَ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ بَكَّارٌ: فَذَكَرْتُ هَذَا لِهِلالِ بْنِ يَحْيَى، فَقَالَ: أَنَا وَاللَّهِ الَّذِي أَجَبْتُ أَبَا يُوسُفَ عَنِ الْخَاتَمِ " ابْنُ الثَّلْجِيِّ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: «لِوَ اسْتَطَعْتُ أَنْ أُشَاطِرَكُمْ مَا فِي قَلْبِي مِنَ الْعِلْمِ لَفَعَلْتُ» وسَمِعْتُهُ، يَقُولُ: «مَرِضْتُ مَرَضًا نَسِيتُ فِيهِ كُلَّ مَا كُنْتُ أَحْفَظُهُ حَتَّى الْقُرْآنَ، وَلَمْ أَنْسَ الْفِقْهَ لأَنَّ عِلْمِي بِمَا سِوَى الْفِقْهِ عِلْمُ حِفْظٍ، وَعِلْمِي بِالْفِقْهِ عِلْمُ هِدَايَةٍ، كَرَجُلٍ غَابَ عَنْ بَلَدِهِ مُدَّةً، ثُمَّ قَدِمَ أَفَتَرَاهُ يَغِيبُ عَنْ طَرِيقِ مَنْزِلِهِ؟» عَنْ هِلالِ الرَّأْيِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «مُخَاشَنَةُ الْوُلاةِ ذُلٌّ، وَمُخَاشَنَةُ الْقُضَاةِ فَقْرٌ»

«لا أقل من عشرة شهود، اثنان يموتان، واثنان يغيبان، واثنان لا يؤديان، واثنان يثبتان، واثنان

وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ الصَّكِّ يَعْنِي الأَسْجَالَ وَنَحْوَهُ: «لا أَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ شُهُودٍ، اثْنَانِ يَمُوتَانِ، وَاثْنَانِ يَغِيبَانِ، وَاثْنَانِ لا يُؤَدِّيَانِ، وَاثْنَانِ يَثْبُتَانِ، وَاثْنَانِ يَزُورَانِ» مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: " الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ: كَيْفَ وَلِمَ، وَتَعَاطَى مِرَاءً وَمُجَادَلَةً، اسْتَوْجَبَ الْحَبْسَ وَالضَّرْبَ الْمُبَرِّحَ " وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لا يُفْلِحُ مَنِ اسْتَحْلَى شَيْئًا مِنَ الْكَلامِ» وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «لا يُصَلَّى خَلْفَ مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ» إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجَرَّاحِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ يَعْنِي السَّفَّاحَ، قَدْ أَشْخَصَ الْعُلَمَاءَ، فَكُنَّا نَسْمَعُ تِلْكَ الأَيَّامَ» عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «مَنْ قَالَ إِيمَانِي كَإِيمَانِ جِبْرِيلَ فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ» أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ الْفَقِيهُ، حَدَّثَنِي فَرَجٌ مَوْلَى أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: رَأَيْتُ مَوْلايَ أَبَا يُوسُفَ «إِذَا دَخَلَ فِي الْقُنُوتِ لِلْوِتْرِ، رَفَعَ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ» ، إِنْ كَانَ فَرَجٌ ثِقَةً أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي: ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَاضِي هَمَذَانَ، ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: " كَانَ أَبُو يُوسُفَ

" قدم علينا ربيعة بن أبي عبد الرحمن فأتيته، فقلت: ما تقول في عبد بين رجلين أعتقه أحدهما؟

إِذَا ذَكَرَ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنَ، قَالَ: أَيُّ سَيْفٍ هُوَ غَيْرَ أَنَّ فِيهِ صَدَأً وَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى جِلاءٍ، وَإِذَا ذَكَرَ الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ، قَالَ: هُوَ عِنْدِي كَالصَّيْدَلانِيِّ إِذَا سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يُطْلِقُ بَطْنَهُ أَعْطَاهُ مَا يُمْسِكُهُ، وَإِذَا ذَكَرَ بِشْرًا، يَقُولُ: هُوَ كَإِبْرَةِ الرَّفَّاءِ طَرْفُهَا دَقِيقٌ وَهِيَ سَرِيعَةُ الانْكِسَارِ، وَإِذَا ذَكَرَ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ، قَالَ: هُوَ كَجَمَلٍ حَمَلَ حِمْلا فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ، فَيَذْهَبُ مَرَّةً هَكَذَا وَمَرَّةً هَكَذَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ " الطَّحَاوِيُّ، ثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: " قَدِمَ عَلَيْنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا؟ فَقَالَ: الْعِتْقُ بَاطِلٌ، قُلْتُ: فَإِنْ أَعْتَقَ الآخَرُ يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِكَ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا بَاطِلًا، فَإِذَا كَانَ عِتْقُ مَوْلَيَيْهِ لا يَجُوزُ، فَمَنْ يَجُوزُ عِتْقُهُ فِيهِ " أَبُو بَكْرٍ الْخَصَّافُ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادِ، قَالَ: " كُنَّا يَوْمًا بِبَابِ أَبِي يُوسُفَ إِذْ أَقْبَلَ مِنْ دَارِ الرَّشِيدِ يَبْتَسِمُ، فَقَالَ: حَدَثَتْ مَسْأَلَةٌ فِي دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهِيَ أَنَّ قَاضِيًا بِأَرْمِنِيَّةَ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ جَارِيَتَانِ فِي جَرَّتَيْنِ، وَقَدِ اسْتَقَتَا مَاءً فَوَضَعَتَا الْجَرَّتَيْنِ لِتَسْتَرِيحَا، فَسَقَطَتْ جَرَّةٌ عَلَى الأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا، فَاخْتَصَمَتَا إِلَى الْقَاضِي، فَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا: سَقَطَتْ جَرَّةُ هَذِهِ عَلَى جَرَّتِي وَكَسَرَتْهَا،

«من طلب المال بالكمياء أفلس، ومن طلب العلم بالكلام تزندق، ومن طلب غريب الحديث

فَجَعَلَ الْقَاضِي يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا لا يَعْرِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَالَ لِلْقَيِّمِ: أَخِّرْهُمَا، ثُمَّ صَاحَتَا وَاوَيْحَتَا! فَقَالَ لِلْقَيِّمِ: اذْهَبْ فَاشْتَرِ لَهُمَا جَرَّتَيْنِ وَأَرْضِ كُلًا مِنْهُمَا، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، قَالَ لِرَجُلٍ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ: مَاذَا يَقُولُ النَّاسُ وَيَخُوضُونَ فِيهِ مِنْ أَمْرِنَا؟ قَالَ يَقُولُونَ: إِنَّ الْقَاضِي لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَحْكُمَ فِي جَرَّتَيْنِ حَتَّى غَرِمَهُمَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَفَلا يَرْضَوْنَ مِنِّي أَنْ أَحْكُمَ فِيمَا أُحْسِنُ، وَأَغْرَمَ فِيمَا لا أُحْسِنُ؟ ! قَالَ أَبُو يُوسُفَ: فَقُلْتُ: يَا أمير الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا رَجُلٌ عَاقِلٌ فَزِدْ فِي أَرْزَاقِهِ لِلْغَرَامَاتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ، فَقُلْنَا لأَبِي يُوسُفَ: كَيْفَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ قَالَ: إِنْ كَانَتَا وَضَعَتَا الْجَرَّتَيْنِ فِي مُسْتَرَاحٍ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَاعِلَةٌ جَرَّتَهَا فِي حَقِّهَا غَيْرَ جَانِيَةٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قِيمَةُ جَرَّةِ صَاحِبَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا فِي مُسْتَرَاحٍ وَالأُخْرَى فِي غَيْرِ مُسْتَرَاحٍ، فَالَّتِي فِي غَيْرِ الْمُسْتَرَاحِ جَانِيَةٌ عَلَى صَاحِبَتِهَا " بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «مَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِمْيَاءِ أَفْلَسَ، وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلامِ تَزَنْدَقَ، وَمَنْ طَلَبَ غَرِيبَ الْحَدِيثَ كَذِبَ» مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا سُلَيْمَانَ الْجُوزْجَانِيَّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: " دَخَلْتُ عَلَى الرَّشِيدِ وَفِي يَدَيْهِ دُرَّتَانِ يُقُلِّبُهُمَا، فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ، هَلْ رَأَيْتَ أَحْسَنَ مِنْ هَاتَيْنِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قُلْتُ: الْوِعَاءَ الَّذِي هُمَا فِيهِ، قَالَ: فَرَمَى بِهِمَا إِلَيَّ، وَقَالَ: شَأْنُكَ بِهِمَا، فَأَخَذْتُهُمَا وَقُمْتُ "

ما زنيت قط، ولا جرت في حكم، ولا أخاف من شيء إلا من شيء كان مني كنت آخذ القصص، فأقرؤها على

الطَّحَاوِيُّ: نَا بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي مَالِكٍ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ فِي مَرَضِهِ، يَقُولُ: " وَاللَّهِ مَا زَنَيْتُ قَطُّ، وَلا جُرْتُ فِي حُكْمٍ، وَلا أَخَافُ مِنْ شَيْءٍ إِلا مِنْ شَيْءٍ كَانَ مِنِّي كُنْتُ آخُذُ الْقَصَصَ، فَأَقْرَؤُهَا عَلَى الرَّشِيدِ، ثُمَّ أُوَقِّعُ لأَصْحَابِهَا بِحَضْرَتِهِ، فَأَخَذْتُ قِصَّةً لِنَصْرَانِيٍّ فِي ضَيْعَةٍ بِيَدِ الرَّشِيدِ يَزْعُمُ أَنَّهُ غَصَبَهُ إِيَّاهَا، فَدَعَوْتُ النَّصْرَانِيَّ وَقَرَأْتُ قِصَّتَهُ عَلَى الرَّشِيدِ، فَقَالَ: هَذِهِ الضَّيْعَةُ لَنَا وَرِثْنَاهَا عَنِ الْمَنْصُورِ، فَقُلْتُ لِلنَّصْرَانِيِّ: قَدْ سَمِعْتَ أَفَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: لا وَلَكِنْ حَلِفُهُ، فَقُلْتُ: الْحَلِفُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَحَلَفَ وَذَهَبَ النَّصْرَانِيُّ، فَأَخَافُ مِنْ تَرْكِي أَنْ أُقْعِدَ النَّصْرَانِيَّ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَجْلِسَ الْخَصْمِ " عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَذْكُرُونَ تَجِيزُ شَهَادَةَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ مَا يَكُونُ حَتَّى يَكُونَ؟ قَالَ: «وَيْحَكَ! هَذَا إِنْ تَابَ وَإلا قَتَلْتُهُ» بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ فِي مَرَضِهِ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَطَأْ فَرْجًا حَرَامًا، وَأَنِّي لَمْ آكُلْ دِرْهَمًا حَرَامًا، وَأَنَا أَعْلَمُ» ابْنُ كَأْسٍ: ثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْقَزْوِينِيُّ، ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ الْعَرَبِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ عِنْدَ مَوْتِهِ، يَقُولُ: «لَيْتَنِي مِتُّ عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِقْهِ، وَإِنِّي وَاللَّهِ دَخَلْتُ فِي الْقَضَاءِ وَلَمْ أَتَعَمَّدْ جُورًا، وَلا رَفَعْتُ خَصْمًا عَلَى خَصْمٍ مِنْ سُلْطَانٍ وَلا سُوقَةٍ»

رأيت في ليلتي هذه كأني أدخلت الجنة، فرأيت قصرا، فقلت: لمن هذا؟ قال: ليعقوب القاضي، قلت:

الطَّحَاوِيُّ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْقَوَّاسُ، وَقِيلَ: لَمْ يَكُنْ بِبَغْدَادَ أَفْضَلَ مِنْهُ، قَالَ: قَالَ لِي مَعْرُوفٌ الْكَرْخَيُّ: إِنْ تُوِفُّيَ أَبُو يُوسُفَ، فَأَعْلِمْنِي، فَمَضَيْتُ فَإِذَا أَنَا بِجِنَازَةِ أَبِي يُوسُفَ، فَمَضَيْتُ مَعَهَا، وَقُلْتُ: إِنْ رَجِعْتُ إِلَى مَعْرُوفٍ فَاتَتْنِي الْجِنَازَةُ، وَلَمْ يُدْرِكْهَا هُوَ، فَلَمَّا انْصَرَفْتُ أَتَيْتُهُ، وَقُلْتُ: لَوْ رَجِعْتُ إِلَيْكَ لَمْ تُدْرِكْهَا، فَاغْتَمَّ! فَقُلْتُ: مَا يَغُمُّكَ؟ قَالَ: " إِنِّي رَأَيْتُ فِي لَيْلَتِي هَذِهِ كَأَنِّي أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ، فَرَأَيْتُ قَصْرًا، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالَ: لِيَعْقُوبَ الْقَاضِي، قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ اسْتَحَقَّ هَذَا؟ قَالَ: بِتَعْلِيمِهِ الْعِلْمَ وَبِكَثْرَةِ وَقِيعَةِ النَّاسِ فِيهِ " قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: " كَانَ فِي أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَثْغَةٌ، فَكَانَ يحَدَّثَنَا، فَيَقُولُ: ثَنَا مَطْيَفُ بْنُ طَيِيفٍ الْحَايِثِيُّ أَيْ مُطْرَفُ بْنُ طَرِيفٍ الْحَارِثِيُّ " قَالَ أَبُو حَسَّانَ الزِيَادِيُّ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ قَاضِي الرَّشِيدِ، فَاسْتَخْلَفَ وَلَدَهُ يُوسُفَ وَكَانَ يَقْضِي مَعَهُ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو يُوسُفَ أَقَرَّ الرَّشِيدُ ابْنَهُ عَلَى الْقَضَاءِ إِلَى أَنْ مَاتَ يُوسُفُ» الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ سَجَّادَةُ، سَمِعْتُ يُوسُفَ بْنَ أَبِي يُوسُفَ، يَقُولُ: «وُلِّيتُ الْقَضَاءَ وَوَلِيَ أَبِي مِنْ قَبْلِي، فَكَانَتْ وِلايَتُنَا الْقَضَاءَ ثَلاثِينَ سَنَةً، مَا بَلِينَا أَنْ نَقْضِيَ بَيْنَ جَدٍّ وَأَخٍ» ،

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ وَذَكَرَ أَبَا يُوسُفَ، فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَقَالَ أَبُو عَبْدُ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ: تَرَكُوهُ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْفَلاسُ: صَدُوقٌ كَثِيرُ الْغَلَطِ، قُلْتُ: وَلِقَاضِي الْقُضَاةِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ أَخْبَارٌ فِي السُّؤْدُدِ وَالْكَرَمِ، وَالْمُرُوءَةِ، وَالْجَاهِ الْعَرِيضِ، وَالْحُرْمَةِ التَّامَةِ فِي الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ، وَأَخْبَارٌ فِي الْحَطِّ عَلَيْهِ بَعْضُهَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ أَوْرَدَهَا الْعُقَيْلِيُّ، وَابْنُ ثَابِتٍ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ وَغَيْرُهُمَا

«اشهدوا أني قد رجعت عن كل ما أفتيت به الناس، إلا ما في القرآن، واجتمع عليه

قَالَ عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ اللَّبْقِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى، يَقُولُ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ مَرِيضٌ بِجُرْجَانَ، فَقَالَ: «اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ رَجِعْتُ عَنْ كُلِّ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ النَّاسَ، إِلا مَا فِي الْقُرْآنِ، وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ»

«توفي أبو يوسف رحمه الله يوم الخميس لخمس خلون من ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومائة» ، وقال

قَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ: «تُوِفِّيَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِخَمْسٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعِ الأَوَّلِ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ» ، وَقَالَ غَيْرُهُ: فِي رَبِيعِ الآخَرِ بِبَغْدَادَ وَلَهُ تِسْعٌ وَسِتُّونَ سَنَةٌ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ، سَمِعْتُ شُجَاعَ بْنَ مُخَلَّدٍ، يَقُولُ: «حَضَرْنَا جِنَازَةَ أَبِي يُوسُفَ» فَقَالَ عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ: «يَنْبَغِي لأَهْلِ الإِسْلامِ أَنْ يُعَزِّيَ بَعْضَهُمْ بَعْضًا بِأَبِي يُوسُفَ» وَمِنْ حَدِيثِهِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الأَبَرْقُوهِيُّ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ، أَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ أَبِي الْجُودِ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الطَّلايَةِ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الأَنْمَاطِيُّ، أَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْمُخْلِصُ، ثَنَا أَبُو حَامِدٍ الْحَضْرَمِيُّ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، أَنَا أَبُو يُوسُفَ، نَا أَبُو حَنِيفَةَ،

«واستأذنوه في دفنه والصلاة عليه، فأذن لهم»

عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ قَوْمَ مَاعِزٍ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَاسْتَأْذَنُوهُ فِي دَفْنِهِ وَالصَّلاةِ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُمْ» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِبَةِ اللَّهِ الْعُقَيْلِيُّ الْحَنَفِيُّ، أَنَا يُوسُفُ بْنُ خَلِيلٍ، أَنَا عَبْدُ الْخَالِقِ بْنُ الصَّابُونِيِّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ الْبَيِّعُ، قَالا: أَنَا قَرَاتِكِينُ بْنُ أَسْعَدٍ، أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَبْهَرِيُّ، ثَنَا أَبُو عَرُوبَةَ الْحَرَّانِيُّ، ثَنَا جَدِّي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو يُوسُفَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَوْ وَجَدْتُ إِلَّا مُدًّا لاغْتَسَلْتُ» وَبِالإِسْنَادِ، ثَنَا أَبُو يُوسُفَ، ثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «لا وُضُوءَ فِي الْقُبْلَةِ» أَخْبَرَنَا أَبُو الْغَنَائِمِ بْنُ عَلانَ، وَالْمُؤَمِّلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَيُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، كِتَابَةً قَالُوا: أَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ الْمُقْرِئ، أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رُزَيْقٍ الشَّيْبَانِيُّ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَنَا أَبُو عُمَرَ بْنِ مَهْدِيٍّ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُخَلَّدٍ، ثَنَا عَبْدُوَسُ بْنُ بِشْرٍ الرَّازِيُّ، ثَنَا أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي، ثَنَا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ أَتَى الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ» أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَا أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ صَصَرَى، أَنَا عَلِيُّ بْنُ سُرُورٍ الْخَشَّابُ، أَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَدِيدِ سَنَةَ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، أَنَا الْمُسَدَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الأَمْلُوكِيُّ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَلَبِيُّ بِحِمْصٍ سَنَةَ سَبْعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ هَاشِمٍ الْكِنْدِيُّ، ثَنَا جَدِّي لأُمِّي وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي سَكِينَةَ

" لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله علما

الْحَلَبِيُّ، ثَنَا أَبُو يُوسُفَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الْحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا فَعَلَّمَهُ وَقَضَى بِهِ " وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

تَرْجَمَةُ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ لِلإِمَامِ الْحَافِظِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عُثْمَانَ الذَّهَبِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 748 قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. هَذِهِ تَرْجَمَةُ الإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ: وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فَرْقَدٍ الشَّيْبَانِيِّ مَوْلاهُمْ، وَقِيلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مَرْوَانَ، كَانَ وَالِدُهُ مِنْ أَهْلِ حَرَسْتَا قَرْيَةٍ مَشْهُورَةٍ بِظَاهِرِ دِمْشَقَ، فَقَدِمَ الْعِرَاقَ فِي آخِرِ بَنِي أُمَيَّةَ، فَوُلِدَ لَهُ مُحَمَّدٌ بِوَاسِطٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، فَحَمَلَهُ إِلَى الْكُوفَةِ فَنَشَأَ بِهَا، وَكَتَبَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، ثُمَّ لازَمَ أَبَا يُوسُفَ مِنْ بَعْدِهِ حَتَّى بَرَعَ فِي الْفِقْهِ، وَسَمِعَ أَيْضًا مِنْ مُسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، وَمَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، وَعُمَرَ بْنِ ذَرٍّ الْهَمَذَانِيُّ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَلازَمَ مَالِكًا مُدَّةً، وَانْتَهَتْ إِلَيْهِ رِيَاسَةُ الْفِقْهِ بِالْعِرَاقِ بَعْدَ أَبِي يُوسُفَ،

«ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد بن الحسن»

وَتَفَقَّهَ بِهِ أَئِمَّةٌ وَصَنَّفَ التَّصَانِيفَ، وَكَانَ مِنْ أَذْكِيَاءِ الْعَالَمِ، وَلِيَ قَضَاءَ الْقُضَاةِ لِلرَّشِيدِ، وَنَالَ مِنَ الْجَاهِ وَالْحِشْمَةِ مَالا مَزِيدَ عَلَيْهِ رَوَى عَنْهُ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، وَهِشَامُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، وَعَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وُمُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، وَيَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوِحَاظِيُّ وَآخَرُونَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ: أَصْلُهُ مِنَ الْجَزِيرَةِ وَسَكَنَ أَبُوهُ الشَّامَ، ثُمَّ قَدِمَ وَاسِطَ فَوُلِدَ لَهُ مُحَمَّدٌ بِوَاسِطٍ، وَسَمِعَ كَثِيرًا وَنَظَرَ فِي الرَّأْيِ فَغَلَبَ عَلَيْهِ نَزَلَ بَغْدَادَ وَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَسَمِعُوا مِنْهُ. أَحْمَدُ بْنُ عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ» الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «لَوْ أَشَاءُ أَنْ أَقُولَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلُغَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ لَقُلْتُهُ لِفَصَاحَتِهِ» أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ، سَمِعْتُ الْمُزَنِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ سَمِينًا أَخَفَّ رُوحًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَمَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنْهُ، كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ يَقْرَأُ كَأَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَتِهِ» إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: " بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ كَانَ يَسْأَلُ عَنِّي وَعَنْ حَالِي، فَإِذَا أُخْبِرَ قَالَ: إِنْ عَاشَ فَسَيَكُونُ لَهُ شَأْنٌ "

«ما رأيت أعلم بكتاب الله من محمد، كأنه عليه نزل»

إِدْرِيسُ بْنُ يُوسُفَ الْقَرَاطِسِيُّ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنْ مُحَمَّدٍ، كَأَنَّهُ عَلَيْهِ نَزَلَ» الطَّحَاوِيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي دَاوُدَ الْمَكِّيَّ، سَمِعْتُ حَرْمَلَةَ بْنَ يَحْيَى، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا سَمِعْتُ أَحَدًا قَطُّ، كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ رَأَيْتُ أَنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَتِهِ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَدْ كَتَبْتُ عَنْهُ حِمْلَ بَخْتِيٍّ» مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرِّقِّيُّ، نَا الرَّبِيعُ، نَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: «حَمَلْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ حِمْلَ بَخْتِيٍّ كُتُبًا، وَمَا نَاظَرْتُ أَحَدًا إِلا تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، مَا خَلا مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي حَاتِمٍ» نَا الرَّبِيعُ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «حَمَلْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ حِمْلَ بَخْتِيٍّ، لَيْسَ عَلَيْهِ إِلا سَمَاعِي» أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيُّ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «أَنْفَقْتُ عَلَى كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ سِتِّينَ دِينَارًا، ثُمَّ تَدَبَّرْتُهَا، فَوَضَعْتُ إِلَى جَنْبِ كُلِّ مَسْأَلَةٍ حَدِيثًا» وَعَنِ الشَّافِعِيِّ، قَالَ: «مَا نَاظَرْتُ سَمِينًا أَذْكَى مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَقَدْ نَاظَرْتُهُ مَرَّةً، فَجَعَلَتْ أَوْدَاجُهُ تَنْتَفِخُ، وَأَزْرَارُهُ تَنْقَطِعُ» عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ ابْنَ مَعِينٍ، يَقُولُ: «كَتَبْتُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْجَامِعَ الصَّغِيرَ» أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي، نَا بكْرٍ الْعَمِّيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَمَاعَةَ، يَقُولُ:

محمد بن الحسن قد انقطع قلبه من فكره في الفقه، حتى كان الرجل يسلم عليه فيدعو له محمد،

«كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَدِ انْقَطَعَ قَلْبُهُ مِنْ فِكْرِهِ فِي الْفِقْهِ، حَتَّى كَانَ الرَّجُلُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ فَيَدْعُو لَهُ مُحَمَّدٌ، فَيَزِيدُهُ الرَّجُلُ فِي السَّلامِ، فَيَزِدْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الدُّعَاءَ بِعَيْنِهِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ جَوَابِ الزِّيَادَةِ فِي شَيْءٍ» الطَّحَاوِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ شَادَانَ، سَمِعْتُ الأَخْفَشَ النَّحْوِيَّ، يَقُولُ: «مَا وُضِعَ شَيْءٌ لِشَيْءٍ قَطُّ يُوَافِقُ ذَلِكَ، إِلا كِتَابَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الإِيمَانِ، فَإِنَّهُ وَافَقَ كَلامَ النَّاسِ» مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ: «مَحْسُدُونَ وَشَرُّ النَّاسِ مَنْزِلَةً مَنْ عَاشَ فِي النَّاسِ يَوْمًا غَيْرَ مَحْسُودِ» يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، تَقُولُ: مَا كَانَ لِصَاحِبِكَ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَلا لِصَاحِبِي أَنْ يَسْكُتَ أُنْشِدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبِي كَانَ عَالِمًا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ عَالِمًا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ عَاقِلًا؟ قَالَ: نَعَمْ،

قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ صَاحِبُكَ جَاهِلًا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَبِمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَكَانَ عَاقِلًا؟ قَالَ: نَعَمْ،

" حججت مع محمد بن الحسن، فقلت له: حدثني بكتابك في كذا من الفقه، فقال: ما أنشط له، فقلت: أنا

قُلْتُ لِصَاحِبِي ثَلاثُ خِصَالٍ لا يَسْتَقِيمُ لأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ قَاضِيًا إِلا بِهِنَّ، أَوْ كَلامًا هَذَا مَعْنَاهُ " إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ الْبُرُلُّسِيُّ، سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ صَالِحٍ الْوِحَاظِيَّ، يَقُولُ: " حَجَجْتُ مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقُلْتُ لَهُ: حَدَّثَنِي بِكِتَابِكَ فِي كَذَا مِنَ الْفِقْهِ، فَقَالَ: مَا أَنْشَطَ لَهُ، فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَؤُهُ عَلَيْكَ، فَقَالَ لِي: أَيُّهُمَا أَخَفُّ عِنْدَكَ عَلِيَّ: قِرَاءَتِي عَلَيْكَ أَوْ قِرَاءَتُكَ عَلَيَّ، قُلْتُ: قِرَاءَتِي عَلَيْكَ، قَالَ: لا بَلْ قِرَاءَتِي أَخَفُّ، لأَنِّي إِنَّمَا أَسْتَعْمِلُ فِيهَا بَصَرِي وَلِسَانِي، وَقِرَاءَتُكَ أَسْتَعْمِلُ فِيهَا بَصَرِي وَذِهْنِي، وَسَمْعِي " سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، ثَنَا أَبِي، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، قَالَ: «إِذَا اخُتْلِفَ فِي مَسْأَلَةٍ، فَحَرَّمَ فَقِيهٌ وَأَحَلَّ آخَرُ، وَكِلاهُمَا يَسَعُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ، فَالصَّوَابُ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ حَلالٌ أَوْ حَرَامٌ، وَلا يَكُونُ عِنْدَهُ حَلالٌ وَحَرَامٌ وَهُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ قَدْ أَحَلَّ فَقِيهٌ وَحَرَّمَ فَقِيهٌ فِي فَرْجٍ وَاحِدٍ وَكِلاهُمَا صَوَابٌ عِنْدَ اللَّهِ، فَهَذَا مَالا يَنْبَغِي أَنْ يُتَكَلَّمَ بِهِ، وَلَكِنِ الصَّوَابُ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَقَدْ أَدَّى الْقَوْمُ مَا كُلِّفُوا بِهِ حِينَ اجْتَهَدُوا وَوَسِعَهُمْ مَا فَعَلُوا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَوْلِنَا» أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ شُجَاعٍ، يَقُولُ عَلَى انْحِرَافِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، «مَا وُضِعَ فِي الإِسْلامِ كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ مِثْلَ جَامِعِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْكَبِيرِ» مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ، ثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: «أَقَمْتُ عَلَى بَابِ مَالِكٍ ثَلاثَ سِنِينَ، وسَمِعْتُ مِنْهُ

«ما أعلم أحدا أسوأ ثناء على أصحابه منكم، إذا حدثتكم عن مالك ملأتم علي الموضع، وإذا حدثتكم

لَفْظًا سَبْعَ مِائَةٍ حَدِيثٍ وَنَيِّفًا» ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا حَدَّثَهُمْ عَنْ مَالِكٍ، امْتَلأَ مَنْزِلُهُ، وَكَثُرُوا حَتَّى يَضِيقَ بِهِمُ الْمَوْضِعُ، وَإِذَا حَدَّثَ عَنْ غَيْرِ مَالِكٍ لَمْ يَأْتِهِ إِلا الْيَسِيرُ، فَكَانَ يَقُولُ: «مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْوَأَ ثَنَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ مِنْكُمْ، إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ مَالِكٍ مَلأْتُمْ عَلَيَّ الْمَوْضِعَ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ أَصْحَابِكُمْ إِنَّمَا تَأْتُونَ مُتَكَارِهِينَ» الطَّحَاوِيُّ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ، يَقُولُ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ، يَقُولُ: «هَذَا الْكِتَابُ يَعْنِي كِتَابَ الْحِيَلِ لَيْسَ مِنْ كُتُبِنَا، إِنَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا» ، قَالَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ: إِنَّمَا وَضَعَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ الطَّحَاوِيُّ، نَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " كَانَ

محمد بن الحسن إذا قعد للمناظرة للفقه، أقعد معه رجلا حكما بينه وبين من يناظره، فيقول لهذا

مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا قَعَدَ لِلْمُنَاظَرَةِ لِلْفِقْهِ، أَقْعَدَ مَعَهُ رَجُلًا حَكَمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يُنَاظِرُهُ، فَيَقُولُ لِهَذَا زِدْتَ وَلِهَذَا نَقَصْتَ، فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عِيسَى بْنَ مَرْوَانَ " مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ، قَالَ: «خرَجْنَا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةَ نَزَلْنَا مَعَهُ وَذَلِكَ قُبَيْلَ الظُّهْرِ، فَتَنَحَّى عَنَّا أَظُنُّهُ لِوُضُوئِهِ وَغُسْلِهِ، ثُمَّ لَبِسَ إِزَارًا وَرِدَاءً وَحَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَمَشَى وَمَشَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى مَسْجِدَهَا، فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَلَبَّى وَلَبَّيْنَا مَعَهُ، وَقَرَنَ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ، ثُمَّ مَضَى إِلَى رَحْلِهِ وَهُوَ يُلَبِّي وَكَانَ قَدْ سَاقَ هَدْيَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَحْرَمَ وَلَبَّى أَمْرَ الْجَمَّالَ، فَأَشْعَرَ هَدْيَهُ وَهِيَ بَدَنَةٌ بِسِكِّينٍ، وَمُحَمَّدُ قَائِمٌ يَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى أَشْعَرَهَا مِنَ الْجَانِبِ الأَيْسَرِ فَوْقَ الْكَتِفِ فِي أَصْلِ مُقَدِّمِ السِّنَامِ أَسْفَلِ السِّنَامِ حَتَّى أَظْهَرَ الدَّمَ وَجَلَّلَهَا» إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ، سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، وَقُلْتُ: هَذِهِ الْمَسَائِلُ الدَّقِيقَةُ مِنْ أَيْنَ لَكَ؟ قَالَ: «مِنْ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ» أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: «خَلَّفَ أَبِي ثَلاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَأَنْفَقْتُ خَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفًا عَلَى النَّحْوِ وَالشِّعْرِ، وَخَمْسَةَ عَشْرَ أَلْفًا عَلَى الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ» ابْنُ سَمَاعَةَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ لأَهْلِهِ: «لا تَسْأَلُونِي حَاجَةً مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا فَتَشْغَلُوا قَلْبِي، وَخُذُوا مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْ وَكِيلِي، فَإِنَّهُ أَفْرَغُ لِقَلْبِي وَأَقَلُّ لِهَمِّي»

«ما رأيت أعقل، ولا أفقه، ولا أزهد، ولا أورع، ولا أحسن نطقا وإيرادا من محمد بن الحسن» ، قلت:

ابْنُ كَأْسٍ النَّخَعِيُّ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ سُفْيَانَ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: «مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ، وَلا أَفْقَهَ، وَلا أَزْهَدَ، وَلا أَوْرَعَ، وَلا أَحْسَنَ نُطْقًا وَإِيرَادًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ» ، قُلْتُ: لَمْ يَرْوِ هَذَا عَنِ الرَّبَيِعِ، إِلا أَحْمَدُ بْنُ حَمَّادٍ، وَهُوَ قَوْلٌ مُنْكَرٌ ذِكْرُ تَوْلِيَتِهِ قَضَاءَ الرِّقَّةِ أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْعَمِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَمَاعَةَ، قَالَ: " كَانَ سَبَبُ مُخَالَطَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ السُّلْطَانَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ

الْقَاضِي شوُوِرَ فِي رَجُلٍ يُوَلَّى قَضَاءَ الرَّقَّةِ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا أَعْرِفُ لَكُمْ رَجُلًا يَصْلُحُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَاطْلُبُوهُ مِنَ الْكُوفَةِ، قَالَ: فَأَشْخَصُوهُ، فَلَمَّا قَدِمَ جَاءَ إِلَى أَبِي يُوسُفَ، فَقَالَ: لَمَّاذَا أَشْخَصْتَ؟ قَالَ: شَاوَرُونِي فِي قَاضٍ لِلرَّقَّةِ، فَأَشَرْتُ بِكَ وَأَرَدْتُ بِذَلِكَ مَعْنًى أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَثَّ عِلْمَنَا هَذَا بِالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمِيعِ الْمَشْرِقِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ بِهَذِهِ النَّاحِيَةِ لِيَبُثَّ اللَّهُ عِلْمَنَا بِكَ بِهَا وَبِمَا بَعْدَهَا مِنَ الشَّامَاتِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَمَا كَانَ لِي فِي نَفْسِي مِنَ الْمَنْزِلَةِ مَا أُخْبَرُ بِالْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُشْخَصُ! فَقَالَ: هُمْ أَشْخَصُوكَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالرُّكُوبِ، فَرَكِبَا وَدَخَلا عَلَى يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، فَقَالَ ليَحْيَى: هَذَا مُحَمَّدٌ، فَشَأْنُكُمْ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يُخَوِّفْ مُحَمَّدًا حَتَّى وَلِيَ قَضَاءَ الرَّقَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ فَسَادِ الْحَالِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ "

الحلقة في المسجد يوم الجمعة ببغداد لبشر بن الوليد، فلم يزل كذلك ونحن نجالسه فيها حتى قدم

قَالَ الطَّحَاوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الطَّبَرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ لِي حُمَيْدٌ أَبُو الْعَبَّاسِ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ: «كَانَتِ الْحَلَقَةُ فِي الْمَسْجِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِبَغْدَادَ لِبِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ وَنَحْنُ نُجَالِسُهُ فِيهَا حَتَّى قَدِمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَيْنَا، فَأَتَيْنَاهُ، فَكُنَّا نَتَعَلَّمُ مِنْهُ مَسَائِلَهُ هَذِهِ، ثُمَّ نَأْتِي بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ فَنَسْأَلُهُ عَنْهَا، فَنُؤْذِيَهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا كَثُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ تَرَكَ لَنَا الْحَلَقَةَ» قَالَ ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ: فسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، يَقُولُ: " رَأَيْتُ بِشْرَ بْنَ الْوَلِيدِ عِنْدَ أَبِي، فَنَالَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ لَهُ أَبِي: لا تَفْعَلْ يَا أَبَا الْوَلِيدِ! ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: هَذَا مُحَمَّدٌ قَدْ صَارَ لَهُ فِي يَدِ النَّاسِ مَا صَارَ مِنْ هَذِهِ الْكُتُبِ، فَنَرْضَى مِنْكَ أَنْ تَتَوَلَّى لَنَا وَضْعَ سُؤَالِ مَسْأَلَةٍ وَقَدْ أَعْفَاكَ اللَّهُ مِنْ جَوَابِهَا " وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي مَالِكٍ وَذَكَرَ مَسَائِلَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَقَالَ: «لَمْ يَكُنْ أَبُو يُوسُفَ يُدَقِّقُ هَذَا التَّدْقِيقَ الشَّدِيدَ» الطَّحَاوِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مِرْدَاسٍ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ

" مثل محمد بن الحسن في الجامع الكبير، كرجل بنى دارا، فكان كلما على بنى مرقاة يرقى منها إلى

شُجَاعٍ، يَقُولُ: " مَثَلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا، فَكَانَ كُلَّمَا عَلَّى بَنَى مِرْقَاةً يَرْقَى مِنْهَا إِلَى مَا عَلاهُ مِنَ الدَّارِ حَتَّى اسْتَتَمَّ بِنَاءَهَا كَذَلِكَ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَهَدَمَ مَرَاقِيهَا، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: شَأْنُكُمْ فَاصْعَدُوا " الطَّحَاوِيُّ، نَا أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ سَلامَةَ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ شَدَّادٍ، سَمِعْتُ أَبِي: " قَدِمْتُ الرَّقَّةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ قَاضٍ عَلَيْهَا، فَأَتَيْتُ بَابَهُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَحُجِبْتُ عَنْهُ فَانْصَرَفْتُ، وَأَقَمْتُ بِالرَّقَّةِ مُدَّةً لا آتِيهِ، فَبَيَّنَا أَنَا فِي يَوْمٍ فِي الطَّرِيقِ، إِذَا بِهِ عَلَى دَابَّتِهِ بِهَيْئَةِ الْقَضَاءِ، فَلَمَّا رَآنِي أَقْبَلَ عَلَيَّ وَاسْتَبْطَأَنِي وَوَكَّلَ بِي مَنْ يُصَيِّرُنِي إِلَى الدَّارِ، فَلَمَّا جَلَسَ أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا الَّذِي خَلَّفَكَ عَنِّي، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ هَهُنَا؟ قُلْتُ: أَتَيْتُكَ، فَحُجِبْتُ، فَسَاءَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: مَنْ حَجَبَكَ؟ ! فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ عُقُوبَةَ الْحَاجِبِ فَلَمْ أُخْبِرْهُ بِهِ، فَقَالَ لِي: فَإِذَا لَمْ تَفْعَلْ أُنَحِّيهِمْ كُلَّهُمْ وَدَعَاهُمْ، وَقَالَ: لا يَدَ لَكُمْ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ فِي حَجْبِهِ

" لم يزل محمد بن الحسن عندي عظيما، أنفقت على كتبه ستين دينارا حتى جمعني وإياه مجلس هارون،

عَنِّي، ثُمَّ كُنْتُ آتِيهِ حَتَّى أَصِلَ إِلَى السِّتْرِ، فَأَتَنَحْنَحُ وَأُسَلِّمُ فَيَقُولُ ادْخُلْ " أَنْبَأَنِي الْمُسْلِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَيْسِيُّ وَغَيْرُهُ، أَنَّ أَبَا الْيَمَنِ اللُّغَوِيَّ، أَخْبَرَهُمْ أَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَنَا ابْنُ رَزْقَوَيْهِ، أَنَا ابْنُ السَّمَّاكِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمَّارُ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، سَمِعْتُ الْمُقَدِّمِيَّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: " لَمْ يَزَلْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عِنْدِي عَظِيمًا، أَنْفَقْتُ عَلَى كُتُبِهِ سِتِّينَ دِينَارًا حَتَّى جَمَعَنِي وَإِيَّاهُ مَجْلِسُ هَارُونَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ خَالَفُوا كِتَابَ اللَّهِ، وَأَحْكَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَخَذَنِي مَا قَدَّمَ وَمَا حَدَّثَ، فَقُلْتُ: أَرَاكَ قَدْ قَصَدْتَ أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ وَقَبْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ عَمَدْتَ تَهْجُوهُمْ "

حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو يُوسُفَ

مُنْصِفًا فِي الْحَدِيثِ، فَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، فَكَانَا مُخَالِفَيْنِ لِلأَثَرِ» ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: لا يَسْتَحِقُّ مُحَمَّدٌ عِنْدِي التَّرْكُ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: حَدِيثُهُ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَاحْتَجَّ بِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي الْحَدِيثِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ، قَالُوا: أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْحَنْبَلِيُّ. ح وَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمُنْعِمَ الْقَزْوِينِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ

«من كان له ذمتنا فدمه كدمنا، وديته كديتنا» ، ويحكى عن محمد بن الحسن ذكاء مفرط، وعقل تام،

الصُّوفِيُّ، أَنَا طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ، أَنَا مَكِّيُّ بْنُ مَنْصُورٍ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، أَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي الْجَنُوبِ الأَسَدِيِّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِمَّتُنَا فَدَمُهُ كَدَمِنَا، وَدِيَتُهُ كَدِيَتِنَا» ، وَيُحْكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ذَكَاءٌ مُفْرِطٌ، وَعَقْلٌ تَامٌّ، وَسُودُدٌ، وَكَثْرَةُ تِلاوَةٍ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ يَحْكِي، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، «أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ حِزْبُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» قَالَ أَبُو خَازِمٍ الْقَاضِي، سَمِعْتُ بَكْرًا الْعَمِّيَّ، يَقُولُ: «إِنَّمَا أَخَذَ ابْنُ سَمَاعَةَ وَعِيسَى بْنُ أَبَانَ الصَّلاةَ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ» يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنِي الرَّجُلُ الرَّازِيُّ الَّذِي مَاتَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي بَيْتِهِ، قَالَ: " حَضَرْتُ مُحَمَّدًا وَهُوَ يَمُوتُ فَبَكَى، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَبْكِي مَعَ الْعَمَلِ؟ فَقَالَ لِي: أَرَأَيْتَ إِنْ أَوْقَفَنِي اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ: مَا أَقْدَمَكَ الرَّيّ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِي أَمِ ابْتِغَاءُ مَرْضَاتِي، مَاذَا أَقُولُ؟ ثُمَّ مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ " قَالَ أَبُو خَازِمٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ الْقَاضِي: لَمَّا دَفَنَ الرَّشِيدُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ وَالْكِسَائِيَّ يَعْنِي بِالرّي أَنْشَأَ، يَقُولُ:

أسفت على قاضي القضاة محمد ... فأذريت دمعي والفؤاد عميد وأقلقني موت الكسائي بعده ... وكادت

« أَسِفْتُ عَلَى قَاضِي الْقُضَاةِ مُحَمَّدٍ ... فَأَذْرَيْتُ دَمْعِي وَالْفُؤَادُ عَمِيدُ وَأَقْلَقَنِي مَوْتُ الْكِسَائِيِّ بَعْدَهُ ... وَكَادَتْ بِي الأَرْضُ الْفَضَاءُ تَمِيدُ هُمَا عَالِمَانِ أَوْدَيَا فَتُخِرِّمَا ... فمَا لَهُمْ فِي الْعَالَمِينَ نَدِيدُ » وَقَالَ السِّيرَافِيُّ هَذِهِ الأَبْيَاتُ لِيَحْيَى الْيَزِيدِيِّ وَأَوَّلُهَا: تَصَرَّمَتِ الدُّنْيَا فلَيْسَ خُلُودٌ ... وَمَا قَدْ تَرَى مِنْ بَهْجَةٍ سَتَبِيدُ لِكُلِّ امْرِئٍ كَأْسٌ مِنَ الْمَوْتِ مُتْرَعٌ ... وَمَا إِنَّ لَنَا إِلا عَلَيْهِ وُرُودُ أَلَمْ تَرَ شَيْبًا شَامِلًا يُنْذِرُ الْبِلَى ... وَأَنَّ الشَّبَابَ الْغَضَّ لَيْسَ يَعُودُ سَيَأْتِيكَ مَا أَفْنَى الْقُرُونَ الَّتِي خَلَتْ ... فَكُنْ مُسْتَعِدًّا فَالْفَنَاءُ عَتِيدُ

§1/1