مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق

أنور بن أهل الله

مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق إعداد أنور بن أهل الله بن أنوار الله

تطلب من - الجامعة المدنية فيني بنغلاديش - دار القرآن والسنة, قريش منشي, داغن بهونيا, فيني. - مصطفي لائبريري, ميزان رود, فيني. بنغلاديش مكارم الأخلاق لمن أراد الخلاق

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وعلي آله وأصحابه أجمعين. إن موضوع الخُلُق من الموضوعات العظيمة في ديننا الحنيف وعليه يدور نجاح المسلم فكيف ينجح العالم في وظيفته إذا لم يكن علي خلق؟ وكيف ينجح الزوج في حياته إذا لم يكن علي خلق؟ وكيف ينجح الداعية في دعوته إذا لم يكن علي خلق؟ وكيف ينجح الأخ مع إخوانه إذا لم يكن علي خلق؟ فالأخلاق عليها مدار نجاح الإنسان في هذه الحياة, حتي قال بعض العلماء (إن الدين كله هو الخلق) وهذا ما أثبته صلي الله عليه وسلم لما قال: [إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق] وأعظم وصف وصف الله به نبيه صلي الله عليه وسلم في كتابه العزيز بقوله {وإنك لعلي خلق عظيم} والإنسان يحتاج إلي هذا الخلق في كل ميادين الحياة بعد توحيد لله رب العالمين وعبادته له. وهذه الأخلاق لابد أن تتجلي في حياته ومع محيطه الذي هو يعيش فيه. ونحن والله نعيش أزمة أخلاقية في واقعنا سواء علي مستوي العلاقات الزوجية أو المصلين في المساجد أو الطلاب والمدرسين أو الجار مع جيرانه أو الولد مع والديه.

فعلينا أن نراجع أنفسنا ونحاسبها فديننا دين الأخلاق, ووالله ما انتشر الدين في ربوع العالم إلا بالأخلاق التي أظهرت عظمة هذا الدين ومقوماته في سائر شئون الحياة، ولقد أجاد الشاعر لماقال: وإنما الأمم الأخلاق مابقيتْ: فإنْ هم ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا وعلماء الإسلام قديما وحديثا اعتنوا اعتناء عظيما ببيان محاسن الأخلاق ومساوئها وأفردوها بالمصنفات. فقد ألف في ذلك ابن أبي الدنيا والخرائطي وابن الوردي وابن أبي الفتح البستي وغيرهم. فمن هذه المنطلقات الثابتة أشار إليَّ والدي وشيخي وأستاذي ـ حفظه الله وأمده في حياته ـ أن أكتب رسالة في بيان محاسن الأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتحلي بها في حياته لينال بذلك أعلي الدرجات وأرفع المنازل في الدنيا والآخرة. وبعد توفيق ومدد من الله عزوجل شرعت في كتابة هذه الرسالة, وكان التركيز علي ذكر محاسن الأخلاق دون مساوئها إيمانا مني أن من تحلي بهذه الفضائل والمكارم وجسدها في حياته لن يصدر منه ما يُسيئ أخلاقَه ويَمتهِن شخصيتَه. ولابد أن نعلم أن حسن الخلق يقوم علي أربعة أركان: الصبر والعفة والشجاعة والعدل. فالصبر يحمل علي احتمال الأذي وكظم الغيظ وكف الأذي، والعفة تجنب الإنسان الرذائل والقبائح، والشجاعة تحمل علي عزة النفس والتحلي بمعالي الأخلاق، والعدل يحمل علي الاعتدال والوسطية, كما أن الأخلاق السافلة مبناها علي أربعة أخلاق: الجهل والظلم

والشهوة والغضب. فالجهل يري الإنسان الحَسَنَ قبيحا، والظلم يحمله علي وضع الشيئ في غير موضعه، والشهوة تحمله علي الحرص والشح والبخل والرذائل والفواحش والدناءات، والغضب يولد الكبر والحقد والحسد والعدوان والسفه. فما علي المسلم إلا أن يتحلي بالفضائل ويتخلي عن الرذائل مستعينا بالله عزوجل وبالدُّرْبة والتدرب وبمصاحبة الأخيار. وفي هذه الرسالة بيان للأخلاق ومكانتها في الدين الإسلامي ونبذة عن منافع ومضار الأخلاق في حياة المسلم وذكر لأخلاق النبي صلي الله عليه وسلم وتوضيح للأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتحلي بها في حياته مع ذكر للأدلة لكل خلق حتي يكون القارئ علي الاستبصار لما يقرأ, حتي يكون علي هدي ونور من الله عزوجل. أسأل الله عزوجل أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم وأن يجعل ذلك في حسناتي يوم القيامة وأن يوفق كل من قرأ هذه الرسالة علي العمل بما جاد فيها, إنه علي كل شيئ قدير. أخوكم أنور بن مولانا أهل الله بن مولانا أنوار الله

الخلق لغة واصطلاحا

الخلق لغة واصطلاحا: الخلق لغة: بسكون اللام أوضمها: السجية، والخليقة هي الطبيعة والخلقة هي الفطرة. سواء كانت خيرا أوشرا. (¬1) وأما اصطلاحا: فهو الصورة الباطنة للإنسان والتي يمكن أن تظهر للآخرين بأشكال مختلفة علي جوارحه الظاهرة للناس. وعرَّفه ابن المبارك فقال: هو طلاقة الوجه وبذل المعروف وكف الأذي. وقيل: هو صلاح القلب مع صلاح الجوارح. التعريف المميز للأخلاق الإسلامية: الأخلاق الإسلامية هي مجموعة الأقوال والأفعال التي يجب أن تقوم علي أصول وقواعد وفضائل مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعقيدة والشريعة الإسلامية من خلال القرآن الكريم وسنة الأكرم صلي الله عليه وسلم. ومما يستنبط من هذا التعريف أن الأخلاق في الإسلام ليست جزءا من الدين بل هي جوهره وروحه. وكيف لا ورسولنا صلي الله عليه وسلم يقول: [إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق] (¬2) أهمية الأخلاق: إن أعظم ما يتميز به المسلم بعد استقرار الإيمان بالله تعالي في قلبه التحلي بالأخلاق الفاضلة والتعلق بآدابها وإلزاماتها السلوكية فهي تطعيم ¬

_ (¬1). مختار الصحاح (¬2). رواه أحمد عن أبي هريرة بلفظ صالح الأخلاق ورواه الإمام مالك في الموطأ بلفظ حسن الأخلاق.

وتجميل لكل ما يتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات بحيث يشمل الخلق كل جوانب السلوك الإنساني وهو أعظم ما أعطي العبد من النعم. يقول الرسول صلي الله عليه وسلم لما سئل ما خير ماأعطي العبد؟ قال: [حسن الخلق] (¬1) وذلك لأنه يزين الإنسان ويضفي عليه قدرا من الجمال والبهاء، ولاريب أن مرتبة الأخلاق تأتي بعد الشهادتين والصلاة، والدين عبادات ومعاملات، فالمعاملات كلها قائمة علي الأخلاق بعد تقوى الله عزوجل. يقول الرافعي في كتابه (وحي القلم): لو أنني سئلت عن أجمل فلسفة في الدين الإسلامي كلها في لفظين لقلت: إنها ثبات الأخلاق. وتكمن أهمية الأخلاق أن القرآن قدم التزكية التي هي الأخلاق قبل العلم: قال تعالي {كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم مالم تكونوا تعلمون} (¬2) ولقد صدق الشاعر لما قدر بقاء الأمم ببقاء الأخلاق فقال: وإنما الأمم الأخلاق مابقيت: فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا وقال أحد الحكماء: (ليس هناك حمل أثقل من البر، مَن برَّك فقد أوثقك ومن جفاك فقد أطلقك). وقال الآخر: (بالخلق تملك العالم). ¬

_ (¬1). رواه ابن ماجة عن أسامة بن شريك ورواه عبد الرزاق في مصنفه. (¬2) البقرة [151]

فضائل الأخلاق

فضائل الأخلاق وبيان لمكانتها في الإسلام: من تأمل كتاب الله عزوجل حق التأمل يري الآيات التي تتحدث في الأخلاقيات التي ينبغي أن يتحلي بها المسلم مما يجعله يَقِفُ وقفة دهشة وإعجاب. قال تعالي: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين} (¬1) ويقول تعالي: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} (¬2) ويقول جل وعلا: {فمن فرض فيهن الحج فلارفث ولا فسوق ولاجدال في الحج} (¬3) ويقول تعالي أيضا: {وقولوا للناس حسنا} (¬4) فهذه الآيات غيض من فيض. واللبيب تكفيه الإشارة، ومن تأمل سيرة النبي صلي الله عليه وسلم وأحاديثه المباركة في الأخلاق يري عجب العجاب، وكيف لا والله جل وعلا مدح نبيه صلي الله عليه وسلم في آية عظيمة وذلك في قوله تعالي: {وإنك لعلي خلق عظيم} (¬5) ولما سئلت عائشة ـ رضي الله تعالي عنها ـ عن خلق النبي صلي الله عليه وسلم كان جوابها: [كان خلقه القرآن] (¬6) ¬

_ (¬1) آل عمران [134] (¬2). الأعراف [199] (¬3) البقرة [197] (¬4) البقرة [83] (¬5). القلم [4] (¬6) رواه أحمد

ويقول أنس ـ رضي الله تعالي عنه ـ[كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا] (¬1) ويقول أيضا: [مامسست ديباجا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولقد خدمت رسول الله صلي الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي قط: أف ولا قال لشيئ فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيئ لم أفعله: ألا فعلت كذا] (¬2) سبحان الله أي خلق هذا الذي كان يتخلق به صلي الله عليه وسلم، ولا غرو فلقد جاءت أحاديثه صلي الله عليه وسلم تؤكد وتعظم هذا الجانب في حياة الناس أعني جانب التخلق بالفضائل والمكارم والتخلي عن الرذائل والمنكرات، فعن النواس بن سمعان ـ رضي الله عنه ـ قال: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: [البر حسن الخلق والإثم ماحاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس] (¬3) وعن أبي الدرداء ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [مامن شيئ أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذي] (¬4) ¬

_ (¬1). متفق عليه (¬2) متفق عليه (¬3) رواه مسلم (¬4) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [إن من خياركم أحسنكم أخلاقا] (¬1) وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، قال: [تقوي الله وحسن الخلق] وسئل عن أكثر مايدخل الناس النار، فقال: [الفم والفرج] (¬2) وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: [إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم والقائم] (¬3) وعن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلي الجنة لمن حسن خلقه] (¬4) الله أكبر صاحب الخلق الحسن مسكنه وموطنه أعلي الجنان. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم] (¬5) وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلي الله عليه ¬

_ (¬1). متفق عليه (¬2). رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (¬3). رواه أبوداؤد (¬4) رواه أبوداؤد بإسناد صحيح (¬5). رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

نبذة من أخلاق النبي صلي الله عليه وسلم

وسلم قال: [إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا] (¬1) وبعد استعراض هذه الأحاديث المباركة العظيمة هل يبقي شك في أهمية الأخلاق ومكانتها في هذا الدين العظيم، فصاحب الخلق الحسن له من المزايا التي اختص بها عند الله وعند رسوله صلي الله عليه وسلم حتي في معاملة الكفار إننا مأمورون بإظهار الأخلاق السمحة التي هي روح الإسلام وجوهره، فالله جل في علاه لما بعث موسي وهارون ـ عليهما السلام ـ إلي فرعون الذي طغي وادعي الربوبية أمرهما بقوله تعالي: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشي} (¬2) نبذة من أخلاق النبي صلي الله عليه وسلم لقد تعمدت أن أذكر شيئا من سيرة النبي المصطفي والرسول المجتبي حتي يتجلي لنا هدي نبينا صلي الله عليه وسلم في هذا الجانب العظيم والله جل وعلا يقول: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر} (¬3) ويصفه جل وعلا في آية عظيمة في كتابه العزيز: {وإنك لعلي خلق عظيم}. ومن هنا يظهر لنا هذا الخلق العظيم الذي في حياة النبي صلي الله عليه وسلم. فلقد كان صلي الله عليه وسلم يمتاز بفصاحة اللسان وبلاغة القول ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وقال حديث حسن (¬2) طه [44] (¬3) الأحزاب [21]

وأوتي جوامع الكلم وخص ببدائع الحكم، يخاطب كل قبيلة بلسانها ويحاورها بلغتها، فلم يكن فاحشا ولامتفحشا ولابذيئا في لسانه ولا في قوله. وكان الحلم والاحتمال والعفو عند المقدرة صفات أدبه الله بها، فلم يزد مع كثرة الأذي إلا صبرا وعلي إسراف الجاهل إلا حلما. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ: [ما خير رسول الله صلي الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منها، وما انتقم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها] (¬1) وكان من صفاته الجود والكرم علي ما لايقدر قدره وكان يعطي عطاء من لا يخاف الفقر أبدا، وكان من الشجاعة والنجدة والبأس بالمكان الذي لايجهل فكان أشجع الناس. قال علي ـ رضي الله عنه ـ[كنا إذا حمي البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله صلي الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلي العدو منه] (¬2) وكان أشد الناس حياء وإغضاء. قال أبو سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ: [كان أشد حياء من العذراء في خدرها. وإذا كره شيئا عرف في وجهه.] (¬3) وكان لا يثبت نظره في وجه أحد, خافض الطرف, نظره إلي الأرض أطول من نظره إلي السماء, يغضي حياء ويغضي من مهابته، فلا يكلم إلا حين يبتسم. وكان أعدل الناس وأعفهم وأصدقهم لهجة وأعظمهم أمانة, وكان يسمي قبل نبوته بالأمين. وكان أشد الناس ¬

_ (¬1). رواه البخاري (¬2) الشفاء للقاضي عياض ورواه أصحاب الصحيح والسنن (¬3) رواه البخاري

تواضعا وأبعدهم عن الكبر. يمنع عن القيام له كما يقومون للملوك وكان يعود المساكين ويجالس الفقراء، ويجيب دعوة العبد ويجلس في أصحابه كأحدهم. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ[كان يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل بيده كما يعمل أحدكم في بيته وكان بشرا من البشر يفلي ثوبه، ويحلب شاته ويخدم نفسه] (¬1) 34 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 وكان أوفي الناس بالعهود وأوصلهم للرحم وأعظمهم شفقة ورحمة بالناس، أحسن الناس عشرة وأدبا وأبسط الناس خلقا، أبعد الناس من سوء الأخلاق، لم يكن فاحشا ولامتفحشا ولا لعانا ولاصخابا في الأسواق ولايجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح وكان لايدع أحدا يمشي خلفه، وكان لايترفع علي عبيده وإمائه في مأكل ولا ملبس. وكان يحب المساكين ويجالسهم ويشهد جنائزهم ولا يحقر فقيرا لفقره، ولايعظم غنيا لغناه، وكان متواصل الأحزان دائم الفكر. ليست له راحة ولا يتكلم في غير حاجة. يعظم النعمة وإن دقت ويتكلم بجوامع الكلم، فصل لافضول فيه ولا تقصير. إذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه. جل ضحكه التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام. يتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة. وكان دائم البِشْر، سهل الخلق، لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ لا يذم أحدا ولا يعيره ولايطلب عورته. ¬

_ (¬1) مشكاة المصابيح [2/ 521]

منافع الخلق الحسن ومضار الخلق السيئ

فهذه الخلال ماهي إلا خطوط قصار من مظاهر كماله وعظيم صفاته صلي الله عليه وسلم، أما حقيقة ماكان عليه فأمر لايدرك كنهه ولا يسبر غوره إلا الله تعالي. منافع الخلق الحسن ومضار الخلق السيئ لاريب أن الأخلاق الحميدة هي القيم الإنسانية التي بها يرتقي المسلم وبها يعتلي شأنه ويرتفع مقامه في هذه الدنيا وفي الآخرة وهنا ذكر لهذه المنافع والثمار. (1) يضبط بها سلوك الفرد من الداخل فالخلق الكريم يمنع صاحبه من الإضرار بنفسه وبمجتمعه. فلايؤذي نفسه ولايؤذي الآخرين. (2) الأخلاق الحسنة سبب لسعادة العبد في الدنيا فصاحب الخلق الحسن يحب الناس ويحبونه فتلين له المصاعب، وتنفتح له الأبواب المغلقة فينجح في أعماله ووظائفه ويترقي بسببها إلي أعلي الدرجات. (3) صاحب الخلق الحسن أقرب الناس مجلسا إلي النبي صلي الله عليه وسلم وأحبهم إليه. قال صلي الله عليه وسلم [إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا] (¬1) (4) الخلق الحسن يوصل بصاحبه إلي أعلي الدرجات في الآخرة فهو أثقل شيئ في ميزان المؤمن يوم القيامة. قال صلي الله عليه وسلم: [ما من شيئ أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق] (¬2) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وقال حديث حسن (¬2) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

مضار الأخلاق السيئة وعواقبها

(5) حسن الخلق سبب لصلاح المجتمع وسعادته بل هو من أهم عوامل قوة الأمة ورفعها. (6) راحة النفس واطمئنان القلب حيث يعلم أنه لم يؤذ أحدا ولم يكدر صفو أحد. وبعد استعراض لبعض من منافع الأخلاق وثمارها نذكر بعضا من مضار الأخلاق السيئة وعواقبها: (1) صاحب الخلق السيئ مذكور بالذكر القبيح يمقته الله عزوجل ويبغضه الرسول صلي الله عليه وسلم ويبغضه الناس علي اختلاف مشاربهم. عن جابر ـ رضي الله عنه ـ قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا] (¬1) (2) صاحب الخلق السيئ هو من ملأ الله أذنيه من ذم الناس له شرا. عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [أهل الجنة من ملأ الله أذنيه من ثناء الناس خيرا وهو يسمع وأهل النار من ملأ أذنيه من ثناء الناس شرا وهو يسمع] (¬2) (3) سوء الخلق سبب لفساد المجتمع وشقائه وتعاسته، وأعظم برهان علي هذا تلكم المشاكل والقلاقل من ظلم وعدوان وأكل حقوق عباد الله, كلها راجع إلي الأخلاق السيئة. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وقال حديث حسن (¬2) رواه ابن ماجة والحاكم والبزار

كيف تكتسب الأخلاق الحسنة

(4) صاحب الخلق السيئ فوضوي في كل جانب حياته فهو يؤذي نفسه ويؤذي الآخرين فيجلب التعاسة لنفسه وللآخرين. (5) سوء الخلق يجلب لصاحبه الهم والغم والكد وضيق العيش. قال أبوحاتم سلمة بن دينار ـ رحمه الله تعالي ـ: [السيئ الخلق أشقي الناس وهم في سرور فيسمعون صوته فينفرون منه فرقا منه وحتي إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة وإن كلبه ليراه فينزوعلي الجدار حتي إن قطته لتفر منه.] كيف تكتسب الأخلاق الحسنة: كثيرون أولئك الذين يعانون من أخلاق سيئة، ويسئلون كيف نكتسب الأخلاق الحسنة وكيف نضبطها وماهو السبيل للتخلي عن الأخلاق الرذيلة. نقول هنا ذكر للأسباب المعينة للتخلق بالأخلاق الحسنة: (1) الإيمان الحق والقرب من الله تعالي: فهذا منبع الأخلاق الحميدة فبه تزكو النفوس ويهذب السلوك. (2) مجالسة ومصاحبة أصحاب الخلق الحسن: فإن للأصحاب أثرا كبيرا في سلوك الإنسان ومعاملاته ومعاشرته وقد قيل: (الصاحب ساحب) أي إن كان صاحب خير يسحبه إلي الخير وإن كان صاحب شر يسحبه إلي شر ولقد صدق الشاعر لما قال: عن المرء لا تسئل وسل عن قرينه: فكل قرين بالمقارن يقتدي

بيان للأخلاق

(3) محاسبة النفس: فقد خلقت أمارة بالسوء نزاعة إلي الشر فعاتب نفسك وحاسبها وقُدْها نحو الخير، ولاتكن ذيلا لها تتبعها في هواها وقد قيل: والنفسُ كالطفلِ إِن ترضْعهُ شبَّ على ... حُبِّ الرضاعِ وإِن تفطمْهُ ينفطمِ (4) التمرن والتدرب علي التخلق بالأخلاق الفاضلة والتخلي عن الرذائل من الأخلاق. وقد قال صلي الله عليه وسلم: [إنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم] (¬1) (5) قرائة سير السلف الصالح فإنها من الأسباب العظيمة والمعينة علي التخلق بالأخلاق الحسنة، فالحديث عن العلماء فيه محاسنهم وآدابهم وأخلاقهم. (6) الدعاء والطلب من الله تعالي فإنه من أعظم الأسباب الموصلة إلي محاسن الأخلاق وكان من دعاء النبي صلي الله عليه وسلم [اللهم اهدني لأحسن الأخلاق فإنه لايهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها فإنه لايصرفها إلا أنت] (¬2) بيان للأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتحلي بها في حياته الأول: النصيحة للمسلمين: ¬

_ (¬1) رواه الدارقطني في الأفراد (¬2) رواه النسائي وأحمد

كظم الغيظ

عن جرير بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: [بايعت رسول الله صلي الله عليه وسلم علي إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم] (¬1) وعن أبي رقية تميم بن أوس الداري ـ رضي الله عنه ـ[أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم] (¬2) من جعل في قلبه النصح والنصيحة لعباد الله لايحمل الغش والحقد والحسد ولا يتعرض لهم بالإيذاء والنكال. الثاني: كظم الغيظ والغضب: قال تعالي: {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس} (¬3) عن معاذ بن أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [من كظم غيظا وهو قادر علي أن ينفذه دعاه الله سبحانه علي رؤوس الخلائق يوم القيامة حتي يخيره من الحور العين ماشاء] (¬4) الثالث: الصبر: قال تعالي: [واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين] (¬5) ¬

_ (¬1). متفق عليه (¬2) رواه مسلم (¬3) آل عمران [134] (¬4) رواه أبوداؤد والترمذي وقال حديث حسن (¬5) البقرة [153]

أداء الحقوق

وقال تعالي: [إنما يوفي الصابرون أجرهم بغيرحساب] (¬1) وقال تعالي: [ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور] (¬2) عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أن ناسا من الأنصار سألوا رسول الله صلي الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتي نفد ما عنده فقال لهم حين أنفق كل شيئ بيده: [مايكن عندي من خير فلن أدخره عنكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر] (¬3) وعن أبي يحيي صهيب بن سنان ـ رضي الله عنه ـ قال قال رسول الله عليه وسلم: [عجبا لأمرالمؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له] (¬4) والصبر ثلاثة أنواع: (1) الصبر علي طاعة الله. (2) الصبر عن معصية الله. (3) الصبر علي قضاء الله وقدره. فالخير كل الخير لمن صبر واحتسب ومن فقد الصبر فقد خسر كل شيئ. الرابع: أداء الحقوق لعباد الله: ¬

_ (¬1) الزمر [10] (¬2) الشوري [43] (¬3) متفق عليه (¬4) رواه مسلم

الصدق

عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها] قالوا: يا رسول الله! فما تأمرنا؟ قال: [تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم] (¬1) وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [لتؤدن الحقوق إلي أهلها يوم القيامة حتي يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء] (¬2) وعن خولة بنت عامر الأنصارية ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: [إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة] (¬3) الخامس: الصدق في الأقوال والأفعال: قال تعالي: {ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} (¬4) وقال تعالي: {والصادقين والصادقات} (¬5) عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [إن الصدق يهدي إلي البر وإن البر يهدي إلي الجنة وإن الرجل ليصدق حتي يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلي الفجور وإن الفجور يهدي إلي النار وإن الرجل ليكذب حتي يكتب عند الله كذابا] (¬6) ¬

_ (¬1). متفق عليه (¬2) رواه مسلم (¬3). رواه البخاري (¬4) التوبة [119] (¬5). الأحزاب [35] (¬6). متفق عليه

المؤاخاة

وعن أبي سفيان صخر بن حرب ـ رضي الله عنه ـ في حديثه الطويل في قصة هرقل، قال هرقل: فماذا يأمركم ـ يعني النبي صلي الله عليه وسلم ـ قال أبو سفيان: قلت يقول: [اعبدوا الله وحده لاتشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آبائكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة] (¬1) السادس: المؤاخاة في الله: قال تعالي: {إنما المؤمنون إخوة} (¬2) عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك؟ قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا, فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال كل فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل, فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال نم فنام, ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان آخر الليل قال سلمان قم الآن قال فصليا, فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله عليه وسلم [صدق سلمان] (¬3) ¬

_ (¬1) متفق عليه (¬2) الحجرات [10] (¬3). رواه البخاري

زيارة الإخوان

ولقد ضرب أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أروع الأمثلة في الأخوة الحقيقية لله جل وعلا لم تعرف البشرية مثيلا لتلك الأخوة العظيمة. السابع: زيارة الإخوان: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا] (¬1) فيا سبحان الله! بزيارة صادقة في الله لأخ له طاب وطاب ممشاه وتبوأ من الجنة منزلا وكل ذلك بزيارة كانت لله عزوجل. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم [أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله تعالي علي مدرجته ملكا فلما أتي عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخالي في هذه القرية قال: هل لك من نعمة تربها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالي، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه] (¬2) وجبت محبة الله تعالي لهذا الرجل لما كانت زيارته ومحبته لأخيه في الله عزوجل. الثامن: التعاون علي البر والتقوي: قال تعالي: {وتعاونوا علي البر والتقوي} (¬3) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وقال حديث حسن (¬2) رواه مسلم (¬3) المائدة [2]

أداء الأمانات

عن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي] (¬1) التاسع: أداء الأمانات إلي أهلها: قال تعالي: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها} (¬2) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان] (¬3) العاشر: رد المظالم إلي أهلها: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيئ فليتحلله منه اليوم قبل أن لايكون دينار ولادرهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه] (¬4) الحادي عشر: كف الأذي عن الناس: عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر مانهي الله عنه] (¬5) ¬

_ (¬1) متفق عليه (¬2) النساء (¬3) متفق عليه (¬4) رواه البخاري (¬5) متفق عليه

الرحمة

وعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [عذبت امرأة في هرة سجنتها حتي ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض] (¬1) فانظر ـ رعاك الله ـ كيف أن هذه المرأة دخلت النار بهرة آذتها فما بالك بإيذاء عبد من عبيد الله عزوجل. الثاني عشر: الرحمة إلي الخلق: وصف الله نبيه صلي الله تعالي عليه وسلم بقوله تعالي في كتابه العزيز: {بالمؤمنين رؤوف رحيم}. وعن أبي هريرة رضي الله تعالي عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من لا يرحم لا يرحم] (¬2) وعن جرير بن عبد الله رضي الله تعالي عنه قال قال رسول الله عليه وسلم: [من لا يرحم الناس لا يرحمه الله] (¬3) الثالث عشر: قضاء الحوائج للمسلمين: عن ابن عمر رضي الله تعالي عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه ¬

_ (¬1). رواه مسلم (¬2) متفق عليه (¬3) متفق عليه

التستر علي عباد الله

كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة] (¬1) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم [والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه] (¬2) الرابع عشر: التستر علي عباد الله: عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [لايستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة] (¬3) فلا ينبغي للعبد أن يفضح عباد الله عز وجل ويتخذ ذلك سخرية وتهكما لشؤونهم وتعرضا لفضح حياتهم بالقيل والقال. ذلك جرم عظيم وإثم عظيم. الخامس عشر: عيادة المريض: عن ثوبان ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم [إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتي يرجع قيل يا رسول الله! وما خرفة الجنة قال: جناها] (¬4) وعن أبي موسي الأشعري ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [عودوا المريض وأطعموا الجائع وفكوا العاني] (¬5) ¬

_ (¬1). متفق عليه (¬2) متفق عليه (¬3). رواه مسلم (¬4) رواه مسلم (¬5). رواه البخاري

إجابة دعوة المسلم

وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا] (¬1) أبعدَ هذا الفضل والثواب نتناسي أو نتقاعس عن عيادة المريض بتفقد أحواله والاطمئنان عليه بالمؤاساة والإيعاد بالأجر العظيم من عنده سبحانه وتعالي؟ السادس عشر: إجابة دعوة المسلم: عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [حق المسلم علي المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه.] (¬2) السابع عشر: الشفاعة للمسلمين: قال تعالي: {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها} (¬3) عن أبي موسي الأشعري ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة أقبل علي جلسائه فقال: [اشفعوا تؤجروا ويقضي الله علي لسان نبيه ما أحب] (¬4) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي (¬2) رواه مسلم (¬3) النساء [85] (¬4) متفق عليه

الإصلاح بين الناس

الثامن عشر: الإصلاح بين الناس: قال تعالي: {والصلح خير} (¬1) وقال تعالي: {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما} (¬2) عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [تعدل بين اثنين صدقة] (¬3) وعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ـ رضي الله تعالي عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: [ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا] (¬4) التاسع عشر: إفشاء السلام: قال تعالي: {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها} (¬5) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [والذي نفسي بيده لاتدخلوا الجنة حتي تؤمنوا ولاتؤمنوا حتي تحابوا, أولا أدلكم علي شيئ إذا فعلتموه تحاببتم, أفشوا السلام بينكم] (¬6) ¬

_ (¬1) النساء [128] (¬2). النساء [114] (¬3) متفق عليه (¬4). متفق عليه (¬5). النساء [86] (¬6) رواه مسلم

التواضع

وعن أبي يوسف عبد الله بن سلام ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: يا أيها الناس أفشوا السلام وأطموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام] (¬1) العشرون: التواضع: قال تعالي: {ولاتمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا} (¬2) وقال تعالي: {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} (¬3) عن عياض بن حمار ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [إن الله أوحي إليَّ أن تواضعوا حتي لايفخر أحد علي أحد ولايبغي أحد علي أحد] (¬4) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [مانقصت صدقة من مال ومازاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله] (¬5) الحادي والعشرون: الإحسان إلي الضعفة والمساكين: قال تعالي: {وبالوالدين إحسانا وذي القربي واليتامي والمساكين} (¬6) ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (¬2) الإسراء [38] (¬3) الشعراء [215] (¬4) رواه مسلم (¬5) رواه مسلم (¬6). البقرة [83]

ملاطفة اليتيم

وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [الساعي علي الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لايفتر وكالصائم الذي لايفطر] (¬1) وعن أبي الدرداء ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: [ابغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم] (¬2) الثاني والعشرون: الملاطفة إلي اليتيم: قال تعالي: {ويسئلونك عن اليتامي قل إصلاح لهم خير} (¬3) عن سهل بن سعد ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطي وفرج بينهما] (¬4) وعن أبي شريح خويلد بن عمروالخزاعي قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة] (¬5) الثالث والعشرون: الإحسان إلي الزوجة: قال تعالي: {وعاشروهن بالمعروف} (¬6) ¬

_ (¬1) متفق عليه (¬2) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (¬3) البقرة [220] (¬4) رواه البخاري (¬5). رواه النسائي بإسناد جيد (¬6). النساء [18]

الإحسان إلي الجار

عن معاوية بن حيوة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قلت يا رسول الله! ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: [أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولاتقبح ولا تهجر إلا في البيت] (¬1) الرابع والعشرون: الإحسان إلي الجار: قال تعالي: {وبالوالدين إحسانا وبذي القربي واليتامي والمساكين والجار ذي القربي والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم} (¬2) عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [والله لايؤمن والله لايؤمن والله لايؤمن، قيل من يارسول الله؟ قال: الذي لايأمن جاره بوائقه] (¬3) وعن أبي شريح ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلايؤذ جاره] وفي رواية [فليحسن إلي جاره] (¬4) الخامس والعشرون: صلة الأرحام: قال تعالي: {فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم} (¬5) ¬

_ (¬1) رواه أبوداؤد وهو حسن (¬2) النساء [36] (¬3) متفق عليه (¬4) متفق عليه (¬5) محمد [22]

البر إلي الوالدين

فقطيعة الرحم من الفساد في الأرض وصاحبه مقطوع عن الله عزوجل. عن عائشة ـ رضي الله تعالي عنها ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [الرحم معلقة بالعرش تقول [من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله] (¬1) وعن أنس ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه] (¬2) بصلة الرحم تتحقق الصلة التي أمر بها ديننا الحنيف وفيها بركة في الرزق وسعة لها وبركة في العمر. السادس والعشرون: البر إلي الوالدين: قال تعالي: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا} (¬3) وقال تعالي: {وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} (¬4) فلولا مقام بر الوالدين لما قرن الله عبادته وطاعته وبين طاعة الوالدين. وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلي الله تعالي؟ قال: الصلاة علي وقتها. قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين. قلت ثم أي؟ قال: ¬

_ (¬1). متفق عليه (¬2) متفق عليه (¬3) الأحقاف [15] (¬4) الإسراء [23]

مصاحبة المؤمن

الجهاد في سبيل الله] (¬1) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة] (¬2) فانظر ـ رعاك الله تعالي ـ كيف خسر هذا بعقوقه لوالديه! فلقد دعا عليه النبي صلي الله عليه وسلم بالخيبة والخسار. السابع والعشرون: مصاحبة المؤمن: عن أبي سعيد ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [لاتصاحب إلامؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي] (¬3) الثامن والعشرون: الحب في الله عزوجل: عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [إن الله تعالي يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي] (¬4) وعن معاذ ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: [قال الله عزوجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء] (¬5) ¬

_ (¬1). متفق عليه (¬2) رواه مسلم (¬3) رواه أبوداؤد والترمذي (¬4) رواه مسلم (¬5) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

توقير الكبار وأهل الفضل

التاسع والعشرون: توقير الكبار وأهل الفضل والعلماء: عن أبي موسي ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [إن من إجلال الله تعالي إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط] (¬1) وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا] وفي رواية [حق كبيرنا] (¬2) الثلاثون: القناعة باليسير: عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغني غني النفس] (¬3) وعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله تعالي عنهما ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه] (¬4) عن عبيد الله بن محصن الأنصاري الخطمي ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:: [من أصبح منكم آمنا في سربه معافا في بدنه وعنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها] (¬5) ¬

_ (¬1) رواه أبوداؤد (¬2) رواه أبوداؤد والترمذي وقال حديث حسن صحيح (¬3) متفق عليه (¬4) رواه مسلم (¬5). رواه الترمذي وقال حديث حسن

العفاف

الحادي والثلاثون: العفاف عن السؤال للغير: قال تعالي: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا} (¬1) عن حكيم بن حزام ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [اليد العليا خير من اليد السفلي وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ماكان عن ظهر غني ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله] (¬2) الثاني والثلاثون: الأكل من عمل يده: قال تعالي: {فإذا قضيت الصلوة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} (¬3) عن المقدام بن معديكرب ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [ماأكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داؤد عليه السلام كان يأكل من عمل يده] (¬4) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم [لأن يحتطب أحدكم حزمة علي ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه] (¬5) ¬

_ (¬1). البقرة [273] (¬2). متفق عليه (¬3) الجمعة [10] (¬4) رواه البخاري (¬5) متفق عليه

الكرم والجود

الثالث والثلاثون: الكرم والجود والإنفاق: قال تعالي: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم} (¬1) وقال تعالي: {وما أنفقتم من شيئ فهو يخلفه} (¬2) عن ابن مسعود ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [لاحسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه علي هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها] (¬3) وعن جابر ـ رضي الله تعالي عنه ـ[ماسئل رسول الله صلي الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا] (¬4) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم [ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا] (¬5) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: قال تعالي: [أنفق يا ابن آدم ينفق عليك] (¬6) ¬

_ (¬1) البقرة [261] (¬2) سبأ [39] (¬3) متفق عليه (¬4) متفق عليه (¬5) متفق عليه (¬6). متفق عليه

الإيثار والمؤاساة

الرابع والثلاثون: الإيثار والمؤاساة: قال تعالي: {ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} (¬1) عن جابر ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية] (¬2) عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالي عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم [من كان معه فضل ظهر فليعد به علي من لا ظهر له ومن كان له فضل من زاد فليعد به علي من لا زاد له] (¬3) وقصة الصحابي الذي ضيف ضيف رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم يأكل هو وامرأته وقال لامرأته: عللي الصبيان حتي يناموا فأكل الضيف وباتا طاويين بغير طعام فلما أصبح الصباح قال لهما النبي صلي الله عليه وسلم [لقد عجب الله من صنيعكما البارحة] (¬4) الخامس والثلاثون: الحلم والجلد: قال تعالي: {إن إبراهيم لحليم أواه منيب} (¬5) وعن ابن عباس ـ رضي الله تعالي عنهما ـ قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لاشج عبد القيس: [إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة] (¬6) ¬

_ (¬1). الحشر [9] (¬2). رواه مسلم (¬3). رواه مسلم (¬4) ... متفق عليه عن أبي هريرة (¬5) ... هود [75] (¬6) رواه مسلم

الأناة

السادس والثلاثون: الأناة والتريث: قال تعالي: {وكان الإنسان عجولا} (¬1) عن سهل بن سعد ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [العجلة من الشيطان] (¬2) وقوله صلي الله عليه وسلم: [إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة] (¬3) السابع والثلاثون: العفو والصفح: قال تعالي: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} (¬4) وقال تعالي: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجهلين} (¬5) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [ومازاد الله بعفو إلا عزا] (¬6) وعن ابن مسعود ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: كأني أنظر إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: [اللهم اغفر لقومي فإنهم لايعلمون] (¬7) ¬

_ (¬1) الإسراء [11] (¬2) أخرجه الترمذي (¬3). رواه مسلم (¬4). النور [22] (¬5). الأعراف [199] (¬6) رواه مسلم (¬7) متفق عليه

الرفق

ولقد عفا النبي صلي الله عليه وسلم عن أهل مكة يوم الفتح يوم قال لهم: [ماترون أني فاعل بكم فقالوا: أخ كريم ابن أخ كريم فقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء] (¬1) أي لقد عفوت عنكم ولطالما آذوا رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي أخرجوه من مكة المكرمة. الثامن والثلاثون: الرفق: عن عائشة ـ رضي الله تعالي عنها ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله] (¬2) وعن عائشة ـ رضي الله تعالي عنها ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [إن الرفق لايكون في شيئ إلا زانه ولا ينزع من شيئ إلا شانه] (¬3) وعن جرير بن عبد الله ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من يحرم الرفق يحرم الخير كله] (¬4) التاسع والثلاثون: احتمال الأذي: عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن رجلا قال: يا رسول الله! إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ¬

_ (¬1). الرحيق المختوم [405] ورواه البيهقي في سننه (¬2). متفق عليه (¬3) رواه مسلم (¬4) رواه مسلم

الإعراض عن الجاهلين

ويجهلون علي فقال: [لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولايزال معك من الله تعالي ظهير عليهم ما دمت علي ذلك] (¬1) فانظر ـ رعاك الله ـ كيف بك برجل يكون الله جل وعلا نصيرا ومعينا له ما دام وهو يحتمل الأذي من المسيئ. الأربعون: الإعراض عن الجاهلين: قال تعالي: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما} (¬2) وعن أنس ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: كنت أمشي مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجذبه بردائه أثرت به حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء] (¬3) الحادي والأربعون: الحياء: قال تعالي: {فجاءت إحداهما تمشي علي استحياء} (¬4) عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذي عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان] (¬5) ¬

_ (¬1) رواه مسلم (¬2) الفرقان [63] (¬3) متفق عليه (¬4) القصص [25] (¬5) متفق عليه

حفظ السر

وعن عمران بن حصين ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [الحياء لايأتي إلا بخير] (¬1) الثاني والأربعون: حفظ السر: عن ثابت عن أنس ـ رضي الله تعالي عنه ـ أتي علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلم علينا فبعثني إلي حاجة، فأبطأت علي أمي فلما جئت قالت: ما حبسك؟ فقلت: بعثني رسول الله صلي الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر، قالت: لاتخبرن بسر رسول الله صلي الله عليه وسلم أحدا، قال أنس: [والله لو حدثت به أحدا لحدثتك به يا ثابت] (¬2) الثالث والأربعون: الورع عن الشبهات: عن النعمان بن بشير ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: [إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لايعلمهن كثير من الناس فمن اتقي الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام] (¬3) وعن عطية بن عروة السعدي ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [لايبلغ العبد أن يكون من المتقين حتي يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس] (¬4) ¬

_ (¬1) متفق عليه (¬2) رواه مسلم (¬3). متفق عليه (¬4) ... رواه الترمذي وقال حديث حسن

الوفاء بالعهد

وعن أنس ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم وجد تمرة في الطريق فقال: [لولا أني أخاف أن تكون من الصدقة لأكلتها] (¬1) الرابع والأربعون: الوفاء بالعهد والوعد: قال تعالي: {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} (¬2) عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان] (¬3) الخامس والأربعون: طيب الكلام: قال تعالي: {وقولوا للناس حسنا} (¬4) وعن عدي بن حاتم ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة] (¬5) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [الكلمة الطيبة صدقة] (¬6) السادس والأربعون: طلاقة الوجه عند اللقاء: ¬

_ (¬1). متفق عليه (¬2) الإسراء [34] (¬3). متفق عليه (¬4) البقرة [83] (¬5) متفق عليه (¬6) متفق عليه

التبسم

عن أبي ذر ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: [لاتحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقي أخاك بوجه طلق] (¬1) فهذا دليل علي أن العبوس في الوجه ليس من ديننا العظيم بل إن إظهار طلاقة الوجه لأخيه المسلم من المعروف عند الله وعند رسوله صلي الله عليه وسلم. السابع والأربعون: التبسم: عن عائشة ـ رضي الله تعالي عنها ـ قالت: [مارأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم مستجمعا قط ضاحكا حتي تري منه لهواته إنما كان يبتسم] (¬2) عن أبي ذر ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [وتبسمك في وجه أخيك صدقة] (¬3) الثامن والأربعون: المصافحة عند اللقاء: عن البراء بن عازب ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [مامن مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفرلهما قبل أن يفترقا] (¬4) التاسع والأربعون: إسداء المعروف للآخرين: قال تعالي: {وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} (¬5) ¬

_ (¬1) رواه مسلم (¬2). متفق عليه (¬3) رواه ابن حبان (¬4) رواه أبوداؤد (¬5) الحج [77]

الإهداء

عن جابر ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [كل معروف صدقة] (¬1) الخمسون: الإهداء للآخرين: عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [تهادوا تحابوا] (¬2) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [لودعيت إلي كراع أو ذراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت] (¬3) الحادي والخمسون: إعانة ذي الحاجة الملهوف: عن أبي موسي الأشعري ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [علي كل مسلم صدقة قيل أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق، قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف، قيل: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يأمر بالمعروف أو الخير، قيل: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر فإنها صدقة] (¬4) الثاني والخمسون: الدلالة علي الخير: عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من دل علي خير فله مثل أجر فاعله] (¬5) ¬

_ (¬1) رواه البخاري (¬2) رواه الطبراني (¬3) رواه البخاري (¬4). متفق عليه (¬5) رواه مسلم

إكرام الضيف

الثالث والخمسون: إكرام الضيف: عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه] (¬1) الرابع والخمسون: الوقار والسكينة: قال تعالي: {وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هونا} (¬2) عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا] (¬3) والشاهد من الحديث [وعليكم السكينة] فهي من صفات المؤمن بأنه ذو سكينة ووقار وطمأنينة. الخامس والخمسون: مكافأة صاحب المعروف علي معروفه: قال تعالي: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} (¬4) عن ابن عمر ـ رضي الله تعالي عنهما ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من استعاذكم بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه ومن آتي إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له] (¬5) ¬

_ (¬1) متفق عليه (¬2) الفرقان [63] (¬3). متفق عليه (¬4) الرحمن [60] (¬5) أخرجه البيهقي

التزهد

السادس والخمسون: التزهد فيما عند الناس: عن سهل بن سعد ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! دلني علي عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال: [ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس يحبك الناس] (¬1) السابع والخمسون: الصمت: عن أنس ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [الصمت حكمة وقليل فاعله] (¬2) اعلم إن كان القول في خير فليكثر ولا يأخذ بالصمت أبدا وإن في الشر أو الفضول أو الفتنة فليصمت. الثامن والخمسون: حفظ اللسان: قال تعالي: {مايلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} (¬3) عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: [إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد مما بين المشرق] (¬4) ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجة وغيره وسنده حسن (¬2) أخرجه البيهقي في الشعب بسند ضعيف وصحح أنه موقوف من قول لقمان الحكيم (¬3) ق [18] (¬4). متفق عليه

ترك ما لا يعنيه

وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من كان يؤمن بالله واليوم والآخر فليقل خيرا أو ليصمت] (¬1) التاسع والخمسون: ترك ما لايعنيه: قال تعالي: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} (¬2) عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه] (¬3) الستون: استرعاء الرعية بحقها: قال تعالي: {وقفوهم إنهم مسئولون} (¬4) عن معقل بن يسار ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة] (¬5) وعن ابن عمر ـ رضي الله تعالي عنهما ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته] (¬6) ¬

_ (¬1). متفق عليه (¬2). المائدة [101] (¬3). رواه الترمذي: (¬4) الصافات [24] (¬5) متفق عليه (¬6) متفق عليه

تجنب إيذاء خلق الله

الحادي والستون: تجنب إيذاء خلق الله: قال تعالي: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا} (¬1) عن أبي حرمة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [من ضار مسلما ضاره الله ومن شاق مسلما شاق الله عليه] (¬2) الثاني والستون: الاشتغال بعيوب نفسه: عن أنس ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس] (¬3) الثالث والستون: الذب عن أعراض إخوانه المسلمين: عن أبي الدرداء ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم: [من رد عن عرض أخيه بالغيب رد الله عن وجهه النار يوم القيامة] (¬4) الرابع والستون: المروء ة: عن سهل بن سعد الساعدي ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره دنيها وسفاسفها] (¬5) ¬

_ (¬1) الأحزاب [58] (¬2) أخرجه أبوداؤد والترمذي وحسنه (¬3) أخرجه البزار بإسناد حسن (¬4) أخرجه الترمذي (¬5) أخرجه الطبراني والبيهقي

السماحة في المعاملات

الخامس والستون: السماحة في المعاملة: عن جابر ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشتري وإذا اقتضي] (¬1) السادس والستون: إماطة الأذي عن الطريق: عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: [الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذي عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان] (¬2) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين] وفي رواية [مررجل بغصن شجرة علي ظهر طريق فقال: [والله لأنحين هذا عن المسلمين لايؤذيهم فأدخل الجنة] وفي رواية [بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك علي الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له] (¬3) دخل الجنة وغفر الله له وشكر له بغصن أماطه عن طريق المسلمين. فيا أسفا علينا وحسرة من أعمال صالحة تضيع منا ومردّه الغفلة والبعد عن الله تعالي. ¬

_ (¬1) رواه البخاري (¬2) متفق عليه (¬3) رواه مسلم

المشورة

السابع والستون: المشورة: قال تعالي: {وشاورهم في الأمر} (¬1) وقال تعالي: {وأمرهم شوري بينهم} (¬2) وعن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [المستشار مؤتمن] (¬3) وعن جابر ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [إذا استشار أحدكم أخاه فليشر إليه] (¬4) الثامن والستون: التأليف والتآلف: عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: [المؤمن يألف ويؤلف ولاخير فيمن لا يألف ولا يؤلف] (¬5) عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [إن أحبكم إلي أحاسنكم أخلاقا الموطؤون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وإن أبغضكم إلي المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الملتمسون للبرآء العيب] (¬6) ¬

_ (¬1) آل عمران [159] (¬2) الشوري [38] (¬3). رواه ابن ماجة (¬4). رواه ابن ماجة (¬5). رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح (¬6) رواه الطبراني

اللين

التاسع والستون: اللين في القول والفعل: قال تعالي: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشي} (¬1) عن ابن مسعود ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غدا علي كل هين لين قريب سهل] (¬2) السبعون: هداية الضال ليعرف طريقه: عن أبي ذر ـ رضي الله تعالي عنه ـ أن النبي صلي الله عليه وسلم قال له: [إفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وتبسمك في وجه أخيك صدقة وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن طريق الناس صدقة وهدايتك الرجل في أرض الضالة صدقة] (¬3) الحادي والسبعون: رقة القلب: قال تعالي: {ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك} (¬4) عن أبي هريرة ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: [أتاكم أهل اليمن هم أرق الناس أفئدة وألينهم قلوبا، الإيمان يمان والحكمة يمانية] (¬5) ¬

_ (¬1) طه [44] (¬2) رواه الترمذي (¬3) رواه البخاري في الأدب المفرد (¬4) آل عمران [159] (¬5) رواه الترمذي

العدل

والشاهد أن النبي صلي الله عليه وسلم وصفهم برقة الأفئدة ولين القلوب. الثاني والسبعون: العدل: قال تعالي: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط} (¬1) وقال تعالي: {وإذا قلتم فاعدلوا ولوكان ذا قربي} (¬2) عن النعمان بن بشير ـ رضي الله تعالي عنهما ـ أن أباه أتي به رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم [أكُلَّ ولدك نحتله مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: فأرجعه. وفي رواية فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال لا، قال: [اتقوا الله واعدلوا في أولادكم] (¬3) الثالث والسبعون: دفع السيئة بالحسنة: قال تعالي: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن} (¬4) قال الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ في تفسير هذه الآية: من أساء إليك فادفعه عنك بالإحسان إليه. وقال ابن عباس ـ رضي الله تعالي عنهما ـ أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإسائة. (¬5) ¬

_ (¬1) المائدة [8] (¬2) الأنعام [152] (¬3). متفق عليه (¬4). فصلت [34] (¬5) تفسير ابن كثير [3107/ 7]

طهارة القلب

قالت عائشة ـ رضي الله تعالي عنها ـ[ما انتقم رسول الله صلي الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة من حرمات الله] (¬1) الرابع والسبعون: طهارة القلب من الغل والحسد والغش: قال تعالي: {والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفرلنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم} (¬2) وقال تعالي: {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم} (¬3) وعن أنس ـ رضي الله تعالي عنه ـ قال: كنا جلوسا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: [يطلع عليكم ألآن رجل من أهل الجنة] فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد، قال النبي صلي الله عليه وسلم مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولي، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلي الله عليه وسلم مثل مقالته أيضا، فطلع ذلك الرجل علي مثل حاله الأولي. فلما قام النبي صلي الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتي تمضي فعلت، قال: نعم. قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه تعار وتقلب علي فراشه، ذكر الله عزوجل وكبر حتي يقوم لصلاة الفجر. قال عبد الله ¬

_ (¬1) متفق عليه (¬2) الحشر [10] (¬3) الشعراء [89 - 88]

: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيرا، فلما مضت الثلاث ليال وكدت أحتقر عليه عمله، قلت: يا عبد الله! إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثم، ولكني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار: [يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة] فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ فقال: ما هو إلا مارأيت. قال: فلما وليت دعاني، فقال: [ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشا ولا أحسد أحدا علي خير أعطاه الله إياه] فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق. (¬1) ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح

الخاتمة

الخاتمة الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وعلي آله وأصحابه أجمعين. وبعد: فإني أحمد الله عزوجل الذي وفقني لإتمام هذه الرسالة, ولاريب أنها تحتوي علي كنوز الأخلاق التي يحتاج إليها المسلم في حياته ليعيش في ظلال الإيمان والأخلاق الفاضلة. فتحسين الأخلاق بات مطلبا عظيما في حياة المسلم، فهي عنوانه أينما اتجه، وإنه من دواعي الاستغراب كيف يريد العالم أن يكون ذا قدوة وهو لم يتخلق بخلق الإسلام! وكيف يريد الزوج حياة أسرية آمنة وهو بعيد عن إظهار الأخلاق التي بها تستمر حياته وتستقر أسرته! وكيف يريد المسلم أن تكون له هيبته ومكانته وهو قد جمع الرذائل والأخلاق السافلة في حياته! إننا بحاجة إلي التأمل وجدية واضحة جليلة تجاه الأخلاق التي نمارسها في حياتنا. ولنرفع شعار [لاحياة بلا أخلاق] أسأل الله رب العرش العظيم أن يهدينا لأحسن الأخلاق وأن يصرف عنا سيئها إنه سميع مجيب الدعوات. وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه. أخوكم يرجو منكم الدعاء الصالح أنور بن مولانا أهل الله بن مولانا أنوار الله 13/ 12/ 1429هـ 11/ 12/2008 م

§1/1