مقدمة إملاء الاستذكار للحافظ أبي عمر ابن عبد البر القرطبي

أبو طاهر السِّلَفي

جَمِيْعُ الحُقُوقِ مَحْفُوَظَةٌ الطَّبْعَةُ الأولى 1422 هـ - 2001 م دَار البشائر الإسْلاميّة للطّباعَة وَالنّشر وَالتَّوزيْع هَاتفْ: 702857 - فَاكسْ: 704963/ 009611 بَيروتْ - لبْنانْ ص ب: 5955/ 14 e-mail: [email protected]

[مقدمة التحقيق]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وبه ثقتي مُقَدِّمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فإن العناية بإخراج المخطوطات وتحقيقها جزء من المسؤولية الملقاة على عاتق الباحثين وطلبة العلم المختصين، ففي إخراجها إحياء لتراث الأمة الِإسلامية المجيد، وأداء لبعض الواجب نحو علمائها المخلصين. وقد تتابع بفضل الله تعالى في الآونة الأخيرة ظهور كتب التراث، حيث دفعت عجلات المطابع بالعديد من الكتب إلى عالم النور، وإسهاماً في خدمة التراث الإِسلامي وإحياء كنوزه ودفائنه من الاندثار ظهرت سلسلة لقاء العشر الأواخر من رمضان في المسجد الحرام برعاية دار البشائر الإِسلامية ببيروت، وبتعضيد من أهل الخير والفضل (¬1). ¬

_ (¬1) إحياءً لمجالس العرض وسماع الكتب ومقابلتها، وسيراً على مهيع المحدثين في ذلك، قرأت هذه الرسالة بفضل الله وتوفيقه بحضور جمع من أهل العلم والفضل ليلة السابع والعشرين من رمضان عام 1421 هـ في صحن المسجد الحرام تجاه الكعبة المشرفة، وطباق السماع مدوّن في آخر النص المحقق لهذه الرسالة، فلينظر هناك، والله ولي التوفيق.

ويسعدني أن تكون مشاركتي في هذه السلسلة العلمية المباركة بإخراج هذه الرسالة التي سطّرها "حافظ الإِسلام، وأعلى أهل الأرض إسناداً في الحديث والقراءات مع الدين والثقة والعلم" (¬1): أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلَفىِ الأصبهاني (ت 576 هـ)، وهي مقدمة على كتاب الاستذكار في شرح ما رسمه الإِمام مالك في موطئه من الرأي والآثار, لأبي عمر ابن عبد البر النَّمَري القرطبي (ت 463 هـ)، وَضَعَهَا لطلاّبه مدخلًا إلى هذا الكتاب العظيم قبل أن يشرع في تدريسه. وتُعَدُّ هذه الرسالة من أقدم ما صُنِّفَ في افتتاحيات الكتب، إن لم تكن أقدمها، وكتب الافتتاحيات مصنّفات يضعها العالم أو يمليها برسم الشروع في إقراء كتاب من الكتب أو تدريسه، ويتناول فيها ترجمة صاحب الكتاب المراد إقراؤه، ويتحدث عن خصائص كتابه، ومنهجه فيه، كما أنه يَسُوقُ أسانيده إليه، وَيَعْرِض ما قيل في الثناء عليه نثراً ونظماً. وقد أبان الحافظ السِّلفي في هذه الرسالة عن نشاطه العلمي بالمدرسة العادلية -التي تسمّت فيما بعد باسمه- وتحدّث عن مجالسه العلمية، وعَزْمِهِ على إملاء كتاب الموطأ للإِمام مالك رحمه الله، ثم العدول عنه إلى كتاب الاستذكار، وفي غضون ذلك أشاد بالإِمام مالك وبكتابه الموطأ، وذَكَرَ نُبَذاً من ثناء العلماء عليه، ثم ترجم للحافظ ابن عبد البر ترجمة مستفيضة أكثر فيها من الثناء عليه وعلى تصانيفه، وتفرّد فيها بذكر بعض الأقوال في ولادته ووفاته، وخَتَمَ الكتاب بذكر بعض أشعاره في الثناء على تآليفه، وبخاصة كتاب الاستذكار الذي عزم على إملائه وتدريسه لطلابه. ولهذا كانت هذه الرسالة شهادة من الحافظ السِّلفي بجلالة ابن عبد البر، وعلو كعبه، وسعة علومه، وشهادة منه أيضاً لكتابه الاستذكار بعدم وجود نظير له ¬

_ (¬1) غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجوزي 1/ 102.

في بابه، فهو من أجلّ كتب الحديث والفقه، علاوة على ما حوته -رغم وجازتها- من فوائد فريدة، ومعلومات عزيزة. وقد اعتمدت في تحقيقها على نسختين خطيتين، واجتهدت في ضبط نَصِّها، وتوثيق نقولها، والتعليق عليها، وصَدَّرْتُهَا بدراسة موجزة عَرَّفْتُ فيها بالمؤلف تعريفاً موجزاً، وَوَضَّحْتُ ما يتعلق بإثبات عنوانها، وصحّة نسبتها إلى مصنفها، مع وصف النسختين المعتمدتين في التحقيق، كما تَحَدَّثْتُ عن موضوع الكتاب، وعناية العلماء بكتاب الاستذكار. وختاماً أضرع إلى المولى العلي القدير أن يمدني بتوفيقه، وأن يلهمني الرشد والسداد، وأن يغفر لي الزلل والتقصير، وأن يكتب لي هذا العمل في ميزان حسناتنا يوم الدين، والحمد لله أولاً وآخراً، وظاهراً وباطناً، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وكتب عبد اللطيف بن محمد الجيلاني الآسفي المغربي لطف الله به وغفر له ولوالديه بالمسجد النبوي الشريف بتاريخ 5/ 2/ 1416 هـ وأعاد النظر فيها يوم الإِثنين 12/ 3/ 1422 هـ

ترجمة موجزة للمؤلف

ترجمة موجزة للمؤلف هو أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو طاهر السَّلَفِي الجُرْواءاني الأصبهاني، ولد سنة خمس وسبعين بعد الأربعمائة أو قبلها بسنة على ما رجّحه الذهبي رحمه الله، وطلب الحديث من صغره، وارتحل وهو دون العشرين سنة، فدخل بغداد وسمع بها، وسمع أيضاً بالكوفة وواسط والبصرة ومكة والدَّينَّوْر وشهرستان وبلاد أخرى عديدة، وأملى عدّة مجالس بسَلَمَاس وهو شاب، وانتخب على غير واحد من المشايخ، وكتب العالي والنازل، ونسخ من الأجزاء ما لا يحصى كثرة، وبقي في الرحلة ثمانية عشر عاماً يكتب الحديث والفقه والأدب والشعر. وقدم دمشق سنة تسع وخمسمائة فأقام بها سنتين، ثم استوطن ثغر الإِسكندرية بضعاً وستين سنة؛ بقي بها إلى أن مات رحمه الله وهو ينشر العلم ويحصِّلُ الكتب التي قلّ ما لعالم مثلها في الدّنيا. وكان مُكِبّاً على الكتابة والاشتغال والرواية, لا راحة له غالباً إلاَّ في ذلك؛ حتّى روي عنه أنه قال: "لي سِتُّون سنة بالإِسكندرية ما رأيت منارتها إلاَّ من هذه الطاقة، وأشار إلى غرفته التي يجلس فيها". وقال عنه تلميذه عبد القادر الرُّهاوي: "بلغني أن مدة مقامه بالإِسكندرية ما خرج منها إلى بستان ولا فُرْجة سوى مرة واحدة، بل كان لازماً مدرسته، وما كنا نكاد ندخل عليه إلاَّ ونراه مطالعاً في شيء، وكان حليماً متحملاً لجفاء الغرباء". وقد اشتهر الحافظ السِّلفي بالإِكثار من الشيوخ؛ فقد ذكر الحافظ أبو القاسم

التُّجِيبي السّبتي أنهم يزيدون على الألف، ثم قال: "وهذا اتساع عظيم في الأخذ عن المشايخ". وكان لَهُ عند مُلُوكِ مِصْرَ الجَاهُ والكَلِمَةُ النَّافِذَةُ، بَنَى له الوزير العادل ابن السلآر مدرسة كبيرة أطلق عليها المدرسة العادلية، ثم سميت بعد ذلك باسمه "السِّلَفية"، ووقف عليها وقفاً، وكان يدرس بها الفقه على مذهب الشافعي ويروي الحديث. والمُتَصَفّحُ للمصادر التي ترجمت للحافظ السِّلفي يجد أن كثيرًا من الأئمة قد أثنوا عليه ثناء عاطراً، وأشادوا إشادة بالغة بسعة علومه، وعلو مكانته. قال المنذري: "كان أوحد زمانه في علم الحديث وأعرفهم بقوانين الرواية والتحديث، جمع بين علو الإِسناد، وغلو الانتقاد، وبذلك ينفرد عن أبناء جنسه". وقال أبو سعد السمعاني: "السِّلفي ثقة ورع متقن متثبت، فهم حافظ، له حَظُّ من العربية، كثير الحديث، حسن اللهم والبصيرة فيه". وقال ابن ناصر: "كان ببغداد كأنه شُعْلَةُ نار في تحصيل الحديث". وقال أبو الربيع ابن سالم: "متفرد في الدنيا بالإِمامة في علم الحديث، وعلو الدرجة في الإِسناد، وأخذ عنه أهل الأرض جيلاً بعد جيل، وسمع الناس على أصحابه، وهو لم يبعد عهده بشبابه". ورُوِيَ عن السِّلفي نفسه أنه قال: ليس على الأرض في زماني ... من شأنه في الحديث شاني نظماً وضبطاً يلي علوًّا ... فيه على رغم كل شاني وكانت وفاته رحمه الله رحمة واسعة جزاه عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء، في صبيحة يوم الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة، وقد تجاوز من العمر مائة سنة.

ويحسن في ختام هذه الترجمة المقتضبة أن أشير إلى بعض مؤلفاته المطبوعة: 1 - معجم السفر (¬1). 2 - كتاب الأربعين المستغني بتعيين ما فيه عن المعين، ويعرف بالأربعين البلدانية (¬2). 3 - الوجيز في ذكر المُجاز والمُجيز (¬3). 4 - المجالس الخمسة السلماسية (¬4). 5 - مقدمة إملاء معالم السنن للخطابي (¬5). هذا ما تَسَنَّى لي تلخيصه من ترجمة الحافظ السلفي، وقد جَرَيْتُ في تدوينها مجرى الاختصار مراعاة للمقام؛ إذ لا يتسع لبسطها والإِطالة فيها، كما أنه توجد دراسات ضافية حوله سيأتي الإِشارة إليها ضمن هذه القائمة التي حصرت فيها ما أمكنني الوقوف عليه من مصادر ترجمته تسهيلاً لمن أراد التوسع في معرفة أخباره، والوقوف على مناقبه ومآثره: الأنساب للسمعاني 7/ 105, 106، اللباب لابن الأثير 1/ 274، الكامل لابن الأثير 11/ 191، وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 150، مرآة الجنان لليافعي 8/ 362، المعجم لابن الأبار ص 48 - 50، التقييد لابن نقطة ص 176 - 180، سير أعلام النبلاء للذهبي 5/ 21 - 39، تذكرة الحفاظ للذهبي ¬

_ (¬1) طبع الجزء الأول منه بتحقيق د. بهيجة الحسني في العراق، ثم طبِع كاملاً في باكستان بتحقيق د. شير محمد زمان، ثم نشرته دار الفكر ببيروت اعتماداً على طبعة باكستان ووضع على غلافه: تحقيق عبد الله البارودي!! (¬2) طبع مرتين، آخرهما بتحقيق مسعد السعدني عن أضواء السلف بالرياض. (¬3) طبع مراراً أحسنها بتحقيق: د. عبد الغفور البلوشي في مكتبه الإيمان بالمدينة. (¬4) طبع بتحقيق مشهور حسن سلمان عن دار الصميعي بالرياض. (¬5) طبعها الشيخ محمد حامد الفقي في نهاية الجزء الثامن من كتاب معالم السنن ص 138 - 163.

4/ 1298، العبر في خبر من غير للذهبي 4/ 227، ميزان الاعتدال للذهبي 1/ 155، أهل المائة فصاعداً (¬1) للذهبي ص 134، البداية والنهاية لابن كثير 12/ 307، الطبقات الكبرى للسبكي 6/ 32، تهذيب تاريخ دمشق 1/ 449، مقدمة تحقيق معجم السفر للدكتورة بهيجة الحسني، مقدمة تحقيق معجم السفر للدكتور شير محمد زمان (¬2)، مقدمة تحقيق الوجيز في ذكر المجاز والمجيز للدكتور عبد الغفور البلوشي، مقدمة تحقيق الأربعين البلدانية لعبد الله رابح ص 8 - 22 (¬3)، الحافظ أبو طاهر السلفي للدكتور حسن عبد الحميد صالح (¬4)، الحافظ السِّلفي أشهر علماء الزمان لمحمد محمود زيتون (¬5). * * * ¬

_ (¬1) ضمن مجلة المورد العراقية ح 2 ع 4/ 1979. (¬2) باللغة الإِنجليزية. (¬3) نشر دار البيروتي بدمشق عام 1412 هـ. (¬4) نشر المكتب الإِسلامي ببيروت عام 1977 م. (¬5) نشر مؤسسة شباب الجامعة بالإسكندرية عام 1972 م.

التعريف بالرسالة

التعريف بالرسالة موضوع الرسالة: تُعَدُّ هذه الرسالة من كتب الافتتاحيات كما نبّهت عليه في المقدمة، ويبدو أن الحافظ السِّلفي هو أول من شَهَرَ هذا اللّون من التصنيف بين المحدثين، إذ له مقدمة أخرى على كتاب معالم السنن للخطابي (¬1). وممن حذا حذوه في هذا الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي (ت 842 هـ) حيث ألف كتاب: "افتتاح القاري لصحيح البخاري" (¬2)، وكذلك ألّف الحافظ السيوطي (ت 911 هـ): "رفد القاري بما ينبغي تقديمه عند افتتاح صحيح البخاري" (¬3)، ثم كثر تصنيف الافتتاحيات عند المتأخرين؛ لاسيما على صحيح البخاري. وتعتبر كتب الافتتاحيات مرجعاً مهماً في دراسة مناهج المصنفين؛ إذ يتضمن كثير منها خلاصة الاستقراء لتلك المناهج,. كما أنها مصدر لا يستغنى عنه فيما يتعلق بتراجم العلماء، ومعرفة أسانيد الكتب ومدى انتشارها واهتمام الناس بها. ومقدمة إملاء الاستذكار التي أتشرف بتحقيقها وإخراجها اليوم تؤرخ لجانب من النشاط العلمي في القرن السادس الهجري، وتكشف عن جهود عالم ¬

_ (¬1) نشرها محمد حامد الفقي في آخر كتاب معالم السنن 8/ 138 - 163. (¬2) يوجد له نسخة خطية بمكتبة الموسوعة الفقهية بوزارة الأوقاف الكويتية برقم: 1/ 286. (¬3) له نسخة خطية بالخزانة العامة بالرباط برقم: 2711 ك.

الإِسكندرية وحافظها أبي طاهر السِّلَفي (ت 576 هـ) بالمدرسة العادلية -التي تسمّت فيما بعد باسمه: "السِّلَفية"- في تدريس العلوم الشرعية كالحديث والفقه، وعنايته بعقد مجالس الإِملاء التي بواسطتها حصَّل عنه تلاميذه رواياته وعوالي أسمعته الواسعة. ومن جملة الكتب الحديثية التي أخذت حيِّزاً من اهتمام الحافظ السِّلفي كتاب الموطأ لإمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله، فقد أملاه سنة إحدى وخمسين وخمسمائة للهجرة، وخصّص له يومين من كل أسبوع، وخلال المدة التي أملى فيها الموطأ طُلِبَ منه أن يكتب شرحاً عليه، فاعتذر عن الخوض في لُجَّة شرح هذا الكتاب العظيم تواضعًا منه رحمه الله وورعاً، واستعاض عن شرحه بإملاء كتاب الاستذكار للحافظ ابن عبد البر الأندلسي لعدم وجود كتاب يضاهيه من شروح الموطأ على حد قوله. والناظر في هذه الرسالة يجد الحافظ السِّلفي قد ذكر نُتَفاً من ترجمة الإِمام مالك، وما قيل في الثناء على موطئه، وأتبع ذلك بترجمة للحافظ ابن عبد البر، اعتنى فيها بذكر تصانيفه وما قيل في الثناء على بعضها. ولم تخلُ هذه الرسالة من فوائد عزيزة يندر العثور عليها في مصادر أخرى، ففيها بيان اهتمام الحافظ السِّلفي بمؤلفات ابن عبد البر حيث كان عزم على الرحلة إلى الأندلس للقاء علمائها -من تلاميذ ابن عبد البر- للحصول على تلك المؤلفات، علاوة على ذلك انفردت هذه الرسالة بذكر تراجم مختصرة لبعض العلماء، وذكر بعض الأقوال في تحديد ولادة ابن عبد البر ووفاته، كما تفتّقت فيها شاعرية الحافظ السِّلفي فجادت قريحته بأبيات شعرية معبرة في مدح الإِمام مالك والثناء على تصانيف الحافظ ابن عبد البر؛ خصوصًا كتابه "الاستذكار"، وقد بلغ عدد الأبيات في مدحه كتاب الاستذكار أحد عشر بيتًا. ومن المسائل العلمية التي احتوت عليها هذه الرسالة مسألة الخلاف بين أهل المشرق والمغرب في الإِجازة، وقد بين المؤلف رأيه في ذلك، وبهذا

عناية العلماء بكتاب الاستذكار لابن عبد البر النمري

تكون هذه الرسالة على وَجَازَتِهَا وصِغَم حجمها في غاية الأهمية لما تضمنته من فوائد وفرائد يبتهج بالاطلاع عليها طُلاَّبُ العلم وَرُوَّادُه، والله ولي التوفيق والسداد. عناية العلماء بكتاب الاستذكار لابن عبد البر النمري: قام الدكتور علي النجدي ناصف قبل أزيد من عشرين عاماً بتحقيق جزءين من كتاب الاستذكار (¬1)، ثم توقّف عن نشر بقية الأجزاء، وتأخّر صدور الكتاب كاملاً إلى سنة (1413 هـ) حيث أخرجه الدكتور عبد المعطي قلعجي في ثلاثين مجلداً مع الفهارس. وقد شغل هذا الكتاب اهتمام العلماء منذ القديم، فصرفوا عنايتهم إليه، وتجلّى ذلك في قيامهم باختصاره والجمع بينه وبين بعض شروح الموطأ الأخرى كالتمهيد لمؤلفه والمنتقى للباجي. وبما أن رسالة الحافظ السِّلفي التي نحن بصدد التقديم لها تدخل في هذا الإِطار، فإنه من المناسب بيان ما وقفت عليه من جهود أهل العلم حول هذا الكتاب العظيم. 1 - شرع في الجمع بينه وبين كتاب التمهيد هشام بن أحمد المعروف بابن العواد الفقيه القرطبي (ت 559 هـ)، ولم يكمله لوفاته (¬2). 2 - الجمع بين الاستذكار والمنتقى، لأبي الحسن علي بن عبد الله بن ملود اللُّمَائي المعروف بالمالطي القيرواني (ت 537) (¬3). ¬

_ (¬1) نشر من قبل المجلس الأعلى للشؤون الِإسلامية بمصر سنة 1973 م. (¬2) انظر: الغنية للقاضي عياض، ص 217. (¬3) انظر: المعجم لابن الأبار، ص 281

3 - الأنوار في الجمع بين المنتقى والاستذكار، لأبي عبد الله محمد بن سعيد المعروف بابن زرقون (ت 586 هـ) (¬1). 4 - المختار الجامع بين المنتقى والاستذكار (¬2)، لأبي عبد الله محمد بن عبد الحق بن سليمان الكومي اليعفري، قاضي تلمسان (ت 625 هـ) (¬3). 5 - اختصار كتاب الاستذكار، لأبي بكر محمد بن عبد الله بن أحمد الأنصاري الإِشبيلي القرطبي (ت 630 هـ) (¬4). 6 - اختصار كتاب الاستذكار، لأبي الحسن علي بن إبراهيم بن علي الجذامي القاضي (ت 632 هـ) (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: عنوان الدراية، ص 263، ويوجد منه نسخة خطية بالخزانة الحمزاوية بإقليم الراشيدية بالمغرب، ولها صورة ميكروفيليمة بالخزانة العامة بالرباط برقم: 222 حم، ويوجد بالمكتبة الأزهرية الجزء الثالث برقم: 42 حديث، ويقع في 284 ورقة، منسوخ في القرن السابع الهجري (انظر: الفهرس الشامل للتراث العربي الإِسلامي المخطوط/ الحديث وعلومه 1/ 261). (¬2) انظر: التكملة 2/ 623، وعنوان الدراية، ص 374، ومنه نسخة خطية بالخزانة العامة بالرباط برقم (180/ 40)، نسخت سنة 730 هـ كتبها محمَّد بن قاسم بن عيسى، وتقع على 188 ورقة. (¬3) قال ابن الأبار: "كان حميد السيرة، مشاركاً في الفقه وعلم الكلام، معتنياً بالحديث وروايته، معظماً عند الخاصة والعامة، وجمع من الدواوين شيئاً عظيماً"، وذكر ابن الأبار أيضاً أن كتابه هذا يقع في عشرين سفراً في نحو ثلاثة آلاف ورقة، وكذلك قال ابن الجزري، وأما الذهبي فصرح بأنه في عشر مجلدات". (انظر: التكملة 2/ 623، وسير أعلام النبلاء 22/ 261، وغاية النهاية 2/ 159). (¬4) انظر: التكملة 2/ 630، قال الرعيني في ترجمته لمؤلف هذا المختصر: "كانت له عناية بالفقه وعكوف عليه، واختصر كتاب الاستذكار لأبي عمر ابن عبد البر اختصاراً حسناً، ذاكرته في مواضع منه وتناولته من يده غير مرة". (انظر: برنامج الرعيني ص 13). (¬5) انظر: الديباج المذهب لابن فرحون، ص 210.

إثبات عنوان الرسالة، وبيان صحة نسبتها لمصنفها

إثبات عنوان الرسالة، وبيان صحة نسبتها لمصنفها: عنوان هذه الرسالة كما هو مثبت على الصحيفة الأولى من النسخة الخطية المحفوظة بالظاهرية: "مقدمة كتاب الاستذكار الذي ألفه أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الحافظ بالأندلس رحمه الله، في شرح ما رسمه الأمام أبو عبد الله مالك بن أنس الأصبحي في مُوَطَّئِه رواية يحيي بن يحيي الليثي عنه رضي الله عنهم أجمعين" (¬1). وأطلق الحافظ ابن رجب الحنبلي على هذه الرسالة: "مقدمة إملاء الاستذكار" (¬2). ويبدو لي أن الأنسب هو ما ذكره ابن رجب رحمه الله لدلالته بوضوح على مضمون الرسالة، بعكس العنوان الأول الذي يحتمل أن يكون من وضع الناسخ نظراً لطوله وعدم دقته، والله أعلم أمّا بخصوص نسبتها إلى الحافظ السِّلفي فلا يتطرق أدنى احتمال للتشكيك في صحة ذلك؛ لقيام الدلائل القاطعة على ذلك منها: (أ) ورد في أول الرسالة بعد ذكر العنوان نسبتها إليه. (ب) وجود طباق السماع بآخر الرسالة مسنداً إليه. (ج) موافقة مضامين الرسالة لما عرف من أخبار عن الحافظ السِّلفي في مصادر ترجمته، كمقامه بالإِسكندرية، وتدريسه بالمدرسة العادلية وغير ذلك. (د) اقتباس الحافظ ابن رجب الحنبلي في ذيل طبقات الحنابلة (1/ 223) من هذه الرسالة مصرحاً باسمها واسم مؤلفها. ¬

_ (¬1) نسخة الظاهرية ل 116 ب (ضمن مجموع)، أمّا نسخة الخزانة المحمودية فكتب على أولها: "الجزء الأول من إملاءات في مجالس على موطأ الإِمام مالك"، ويبدو أنه من وضع الناسخ، والله أعلم. (¬2) ذيل طبقات الحنابلة 1/ 223.

وصف النسختين الخطيتين المعتمدتين في التحقيق

وصف النسختين الخطيتين المعتمدتين في التحقيق: عثرت لهذه الرسالة على نسختين خطيتين: الأولى: وهي من محفوظات المكتبة الظاهرية (مكتبة الأسد حالياً)، وتقع ضمن مجموع برقم (71) (¬1)، ومنها صورة بقسم المخطوطات بالجامعة الإِسلامية بالمدينة النبوية ضمن مجموع (484). وتشتمل هذه النسخة على سبع لوحات (من ل 116 إلى 120) كل لوحة تشتمل على وجهين، كل وجه يحتوي على 16 سطراً، كل سطر يتضمن حوالي 12 كلمة، والخط الذي كتبت به مشرقي واضح سوى كلمات يسيرة وقع فيها طمس أو غموض تصعب معه القراءة. وهذه النسخة مقابلة ومصحّحة فقد كتب في آخرها: "قوبل وصحّ إن شاء الله تعالى"، ومع نهاية كلام الحافظ السلفي كتب الناسخ: "وهذا أول الكتاب. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. وآخر من نقل من كلام شيخنا والحمد لله"، ثم كُتِبَ بعد ذلك طباق السماع الذي يبين قراءة هذه النسخة على المؤلف من طرف الشيخ العدل أبي محمد عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد اللخمي، وفيه بيان أسماء السامعين على المؤلف، وختم الناسخ أسماءهم بذكر اسمه، وهو حماد بن هبة الله بن حماد الحراني (¬2)، ثم ذكر تاريخ السماع وهو يوم الجمعة السادس عشر من شوال من سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بثغر الِإسكندرية المحروس بالمدرسة العادلية. ¬

_ (¬1) انظر: المنتخب من مخطوطات دار الكتب الظاهرية - قسم الحديث، ص 302. (¬2) هو حماد بن هبة الله بن حماد بن الفضل أبو الثناء الحراني التاجر السَّفَّار، رحل إلى مصر والعراق وخراسان، وكتب وخرج وأفاد، قال الذهبي: "وكان له عمل جيد في الحديث"، ولد سنة 511 هـ، وتوفي بحران سنة 598 هـ قال ابن نقطة: "وكان ثقة". (انظر ترجمته في: التقييد لابن نقطة، ص 258، والذيل لابن رجب 1/ 434، وشذرات الذهب لابن الحماد 4/ 335).

منهجي في التحقيق

أمّا أول الرسالة ففيه بيان العنوان واسم المؤلف، ونصّ وقف هذه النسخة على جميع المسلمين بالمدرسة الضيائية بسفح قاسيون، وتضمنت أيضاً نص سماع الشيخ حماد بن هبة الله الحراني، وهو الناسخ كما تقدم ذكره (¬1). وقد اعتمدت هذه النسخة أصلاً في التحقيق لصحتها وضبطها ومكانة ناسخها، وإليها أشير بقولي: "الأصل". أمّا النسخة الثانية: فهي من محفوظات المكتبة المحمودية الواقعة ضمن مجموعة المكتبات الوقفية التي تضمها مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة النبوية، ورقمها: 396، وهي في الحقيقة مقدمة الجزء الأول من إملاءات في مجالس على موطأ الإِمام مالك رحمه الله للعلامة أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السِّلفي. وهذه النسخة غُفْلٌ من ذكر اسم الناسخ أو تاريخ النسخ، وتقع في ست ورقات ونصف الورقة، كل ورقة تتكون من جهتين، كل جهة تحتوي على حوالي سبع عشرة سطراً، كل سطر يتضمن سبع كلمات تقريباً، وهي بخط مغربي واضح، وهذه النسخة فيما يظهر عتيقة أيضاً، ويوجد بها بعض الاختلافات والفروقات مع نسخة الظاهرية، لكنها عارية من السماعات أو التصحيحات التي تدل على المقابلة، وبذلك تكون دون النسخة الأخرى -التي اتخذتها أصلاً- في الصِّحَّة والضّبط، وقد رمزت لهذه النسخة بحرف: "م". منهجي في التحقيق: ويتلخص ذلك في النقاط التالية: 1 - قدّمت للرسالة بدراسة موجزة. 2 - قمت بنسخ الرسالة من نسخة الظاهرية التي اتخذتها أصلاً وفق ¬

_ (¬1) وكتب بعد ذلك أيضاً ما يدل على أن الحافظ عبد الغني بن سرور المقدسي قد تملك النسخة.

القواعد الإِملائية الحديثة، ثم قابلتها على نسخة المحمودية، ونبّهت على الفروق بينها وبين نسخة الأصل، ووضعت الزيادات في المتن بين معقوفين مع الإِشارة إلى ذلك في الهامش. 3 - وثقت نقول المؤلف في هذه الرسالة من مصادرها الأصيلة. 4 - اعتنيت بتوضيح مراد المؤلف في بعض المواطن من الرسالة. 5 - شرحت بعض المصطلحات العلمية التي ذكرها المؤلف. 6 - عرَّفت بالأعلام غير المشهورين ممن ورد ذكرهم في الرسالة. 7 - عرّفت ببعض الأماكن والبلدان. 8 - اعتنيت بضبط الأسماء والألفاظ. إلى غير ذلك مما يجده القارئ في ثنايا الرسالة. * * *

صورة لورقة العنوان من مخطوطة الظاهرية (الأصل)

صورة لبداية مخطوطة الظاهرية (الأصل)

صورة لنهاية مخطوطة الظاهرية (الأصل) وفيها يبدو طباق السماع

صورة لبداية مخطوطة الخزانة المحمودية (م)

صورة لنهاية مخطوطة الخزانة المحمودية (م)

تمهيد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم رَبِّ يَسِّرْ قرئ على الشيخ الإِمام العالم الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السِّلَفي الأصبهاني -وأنا أسمع- في يوم الجمعة الثالث عشر من شوال من سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بثغر الإِسكندرية (¬1) بالمدرسة العادلية (¬2)، قال: قلت: أما بعد حمد الله رب العالمين، والصلاة على سيد الأولين والآخرين، وخاتم الرسل والنبيين، محمد وآله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المهاجرين، [والأنصار المجاهدين بنصرة الدين] (¬3)، والتابعين لهم بإحسان وأتباع التابعين: ¬

_ (¬1) هي المدينة المعروفة، ثاني أكبر المدن بالبلاد المصرية حالياً، وقد أقام بها المؤلف الحافظ السِّلفي معظم عمره من حين وصوله إليها في ذي القعدة سنة 511 هـ إلى أن توفي سنة 576 هـ. (انظر: معجم البلدان لياقوت 1/ 217، والمعجم لابن الآبار، ص 49، وسير أعلام النبلاء 21/ 16). (¬2) نسبة إلى منشئها الملك العادل السني أبي الحسن علي بن السّلار، وزير الخليفة الظافر، وتعد أول مدرسة للشافعية بمصر، أسست سنة 546 هـ وتولى الحافظ السِّلفي الإِشراف عليها، وعرفت باسمه فيما بعد، وقد كانت مركز إشعاع علمي ومنتدى يلتقي فيه علماء الحديث ورواده، لها دور بارز في إعادة أهل مصر إلى عقيدة أهل السنة والوقوف في وجه التيار الرافضي (انظر: وفيات الأعيان 1/ 105، وراجع: الحافظ أبو طاهر السِّلفي للدكتور حسن عبد الحميد، ص 104، وما بعدها. (¬3) في م: والمجاهرين بنصرة الدين المجاهدين.

فقد سألتموني -سنة سِتٍّ وأربعين وخمسمائة- (¬1) معشر الفقهاء المالكية والشافعية بالثغر المبارك -ثغر الإِسكندرية- بعد تضلعكم من أصول الفقه وفروعه، واستيفائكم -وقت استفتائكم- كل نوع من ينبوعه، وتبحركم -بعون الله تعالى-[في] (¬2) سائر فنونه، وما يتعين تحصيله من نُكَتِهِ وعُيُونه؛ أن أملي عليكم من الحديث -الذي عليه مدار الشرع الأصلِ منه والفرع- ما يمكنني إملاؤه ويَخِفُّ عليَّ إلقاؤه. فأمليت في المدرسة العادلية -التي لم [يُنشَأ للفقهاء، ولم يُبْنَ قط] (¬3) مثلها شرقاً وغرباً، بُعْداً وقُرْباً، والله تعالى يُكافئ مُنْشِئَهَا (¬4) الحسنى (¬5)، ويُبَوِّأَه جنّات عدن في العقبى -مجالس من رواياتي عن شيوخي تتضمن من الحديث الصحيح والمشهور الكثير، ومن الفرد والغريب اليسير، مع الكلام على الأكثر وَفْقَ ما كان الخاطر يسمح به ويمليه، بلا ارتياء تام كما أرتضيه، وفي آخر كل مجلس ما تيسر من حكايته وشعر لي ¬

_ (¬1) ما بين العارضتين ساقط من م. (¬2) زيادة من م. (¬3) في م: لم يبن للفقهاء. (¬4) خلّف إنشاء المدرسة العادلة ارتياحاً كبيراً وسروراً عظيماً في نفوس أهل الإِسكندرية، وعرفاناً منهم بالجميل سجّلوا كلمات دعاء وشكر للملك العادل على إنشائه لهذه المدرسة، ويدخل دعاء السِّلفي هنا في هذا الباب، كما عَمَدَ شعراؤهم إلى نظم القصائد تعبيراً عما تُكِنُّه نفوسهم من الغبطة والابتهاج، ومن ذلك قصيدة الشاعر أبي محمد عبد الوهاب بن إسماعيل يفتخر بالمدرسة ويمدح منشئها العادل ويشيد بالمشرف عليها الحافظ السِّلفي. (انظر: معجم السفر للمصنف، ص 119 - 220، والحافظ أبو طاهر السِّلفي للدكتور حسن عبد الحميد، ص 106، 107). (¬5) في م: بالحسنى.

ولغيري من النوازل (¬1) والعوالي (¬2) على ما جرت به العادة في الأمالي (¬3). فلمّا بلغت الثلاثين وجُزْتُها، قطعتها (¬4) إلى أن أرى رأيي فيما بَعْدُ من ضَمِّ مجالسَ أخرى -إن شاء الله- إليها؛ على قضية أرتضيها وأعول عليها، ثمّ آثرت إملاء ديوان جامع من رواياتي وعوالي (¬5) سماعاتي يحتوي على ¬

_ (¬1) يقصد الأحاديث التي تقع له بنزول، والحديث النازل ينقسم إلى قسمين: نزول مسافة، ونزول صفة، فأما نزول المسافة فهو كثرة الوسائط في الإِسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أو إلى إمام من أئمة الحديث، أو إلى رواية أحد الكتب المصنفة. وأما نزول الصفة فهو تأخر وفاة الراوي على موت الراوي الذي في السند الآخر، وإن كانا متساويين في العدد، وكذا تأخر السماع (راجع هذا الموضوع بتوسع، في: العلو والنزول لابن طاهر المقدسي، ومعرفة أنواع علم الحديث لابن الصلاح، ص 448، وفتح المغيث للسخاوي 3/ 359 - 364، وتدريب الراوي للسيوطي 2/ 248). (¬2) يعني الأحاديث التي تقع له بعلو، والإِسناد العالي ضد النازل، وهو سنة عمن سلف، وينقسم أيضاً إلى قسمين: علو مسافة، وعلو صفة، فأما علو المسافة فهو القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث العدد بإسناد نظيف صحيح، أو القرب من إمام من أئمة الحديث، أو العلو المقيد بالنسبة إلى رواية أحد الكتب المصنفة كالصحيحين والسنن. وأما علو الصفة فهو العلو بتقدم وفاة الشيخ، وإن تساوى الإِسنادان في العدد، أو بتقدم السماع من الشيخ، فمن سمع منه متقدماً كان أعلى ممن مع منه بعده (راجع هذا الموضوع بتوسع في: معرفة أنهل علم الحديث لابن الصلاح، ص 437، وفتح المغيث للسخاوي 3/ 333 - 359، وتدريب الراوي للسيوطي 2/ 231). (¬3) الأمالي جمع إملاء، وهو أن يعقد عالم وحوله تلامذته بالمحابر والقراطيس فيتكلم بما فتح الله سبحانه وتعالى عليه من العلم، ويكتبه التلامذة فيصير كتاباً يسمونه الإِملاء أو الأمالي، وعلماء الشافعية يسمونه التعليق، وهو من وظائف العلماء قديماً خصوصاً الحفاظ من أهل الحديث في يوم من أيام الأسبوع يوم الثلاثاء أو الجمعة، وهو المستحب، كما يستحب أن يكون في المسجد لشرفهما. (انظر: كشف الظنون 1/ 161، والرسالة المستطرفة، ص 159). (¬4) في م: فلما بلغت العشرين قطعتها. (¬5) في م: وعالي.

ما يحتاج إليه الفقيه الكامل المتصدي للفتيا, ولا يستغني عنه ما دام في الدنيا؛ لتضمنه أحاديث الأحكام، وما لا بد للمفتي منه مدى الأيام. فتعذّر علي؛ لبعد الكتب عني والفوائد التي سمعتها بالعلو في الصغر، وجمعتها في السفر والحضر، ولو كانت حاضرة لكان إخراج ما ذكرته منها (¬1) [أسهل] (¬2) علي من كل سهل، وأهون من كل هين، لكن العذر واضح على ما بينته، والحمد لله على كل حكم منه وأمرٍ وقضاء قضاه، حلو أو مُرّ. فلم أر بعد ذلك كتاباً أولى بالإِملاء من موطأ [أبي عبد الله] (¬3) مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، إمام دار الهجرة؛ لاشتهاره ¬

_ (¬1) كان الحافظ السِّلفي مغرماً بجمع الكتب والاستكثار منها، وما كان يصل إليه من المال يخرجه في شرائها، ولذلك تجمعت عنده خزائن كتب لم يتفرغ للنظر فيها، وكلامه هنا يشير به إلى تلك الكتب والفوائد التي حصّلها في أسفاره ورحلاته، وغابت عنه أثناء عزمه على عقد مجالس الإِملاء، وتجدر الِإشارة هنا إلى أن الحافظ السِّلفي جمع أثناء رحلته الطويلة في المشرق الإِسلامي مجموعتين كبيرتين من الكتب والمسموعات، ترك إحداهما وديعة في مدينة سلماس -من المدن الشهيرة بأذربيجان- عند حفيد ابن أبي الخير؛ لعدم قدرته على حملها معه عند توجهه إلى ديار بكر، وهي تشمل كل سماعاته وانتخاباته في أذربيجان وأرمينية وشروان وباب الأبواب. وأما المجموعة الثانية فهي التي كان قد أودعها في مدينة آمد عندما توجّه إلى الشام، وهي تضم كل ما تجمّع لديه من أصول السماعات والمنتخبات في ديار بكر. وكان السلفي كثير الحنين إلى كتبه، حيث ألمح في كتابه معجم السفر عدة مرات إلى ما ذكرته هنا، ودعا الله عزّ وجلّ أن يجمع شمله بكتبه، وأن يهيئ له أسباب إحضارها إليه وهو في الإسكندرية. (انظر: معجم السفر، ص 146، 232، 362، 375، والحافظ السِّلفي لحسن عبد الحميد، ص 123، 124). (¬2) في الأصل: سهل، والمثبت من م. (¬3) ساقط من م.

في الآفاق، واتفاق الفِرَق على صحته من غير اختلاف بينهم على الإِطلاق (¬1). ولو لم يَرِدْ في فضله سوى قول الشافعي رحمة الله عليه: "ما بعد كتاب الله تعالى كتاب أصح من الموطأ" (¬2)، لكان مقنعاً، وبجلالته معلناً معلماً، ثم لمَحَلِّ مؤلفه عند المؤالف والمخالف، وإجماعهم على علمه وثقته، وقصورهم عن شرح فضله وصفته؛ حتى قال يحيي بن سعيد القطان ويحيى بن معين -وهما هما- "مالك أمير المؤمنين في الحديث" (¬3)، ولم يبلغ فيما بلغنا أحد درجته، [لم ينل] (¬4) رتبته ومنزلته، فضلاً من الله تبارك وتعالى، ونعمة عليه من عنده تتوالى. وقد بلغني أن أبا بكر الخطيب الحافظ ببغداد قال: "جمعت الرواة عن ¬

_ (¬1) قال الحافظ ابن حجر: "والحاصل أن أول من صنف في الصحيح يصدق على مالك باعتبار انتقائه وانتقاده للرجال، فكتابه أصح الكتب المصنفة في هذا الفن من أهل عصره وما قاربه كمصنفات سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة والثوري وابن إسحاق ومعمر وابن جريح وابن المبارك وعبد الرزاق وغيرهم. فكتابه صحيح عنده وعند من تبعه ممن يحتج بالمرسل والموقوف". (النكت 1/ 278، 279، وراجع أيضاً في الكلام على صحة الموطأ: التقييد والإِيضاح للعراقي، ص 13، وفتح المغيث للسخاوي 1/ 28، وتدريب الراوي للسيوطي 1/ 110، 111). (¬2) انظر: ترتيب المدارك 2/ 70، قال القاضي عياض: "وفي رواية عنه: أفضل، وما كتب الناس بعد القرآن شيئًا هو أنفع من موطأ مالك، وإذا جاء الأثر من كتاب مالك فهو الثريا، وفي رواية أخرى عن الشافعي: وما في الأرض كتاب في العلم أكثر صواباً من كتاب مالك". (وراجع في هذا الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1/ 12، وتذكرة الحفاظ 1/ 208). (¬3) وممن روي عنه هذا القول أيضاً: علي بن المديني. (انظر: ترتيب المدارك 1/ 155). (¬4) في الأصل: ولا نبل، والمثبت من م.

مالك فبلغ عددهم ألفاً أو قريباً من الألف" (¬1)، الشك مِنّي. ولو لم يكتب عنه [آلاف] (¬2) لما بقيت رواية [ألف] (¬3)، وهو رحمه الله المعنيّ بما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإِبل يطلبون العلم فلا يجدون عالماً (¬4) أعلم من عالم المدينة" (¬5). ¬

_ (¬1) وذلك في كتابه الرواة عن مالك، قال الذهبي: وقد جمع الحافظ أبو بكر الخطيب كتاباً كبيراً في الرواة عن مالك وشيء من روايتهم عنه، وقال أيضاً: هو في ستة أجزاء. (السير 8/ 82، 18/ 290)، وذكر ابن خير أنه مبوّب على حروف المعجم. (فهرسة ابن خير، ص 181)، وأشار السيوطي والكتاني إلى أنه بلغ بهم ألفًا إلاَّ سبعة (تنوير الحوالك، ص 10، والرسالة المستطرفة، ص 113). ويوجد من هذا الكتاب نسخة خطية في مكتبة المرعشي في قم بإيران 2/ 46 ضمن مجموع من الورقة 121/ ب إلى الورقة 177. (انظر: الفهرس الشامل للتراث العربي الإِسلامي المخطوط/ الحديث النبوي 2/ 860)، وقد اختصره الرشيد العطار واستدرك عليه عدداً من التراجم في جزء يقع في 17 ورقة، عندي مصورة عنه، وأصله في مكتبة سراي أحمد الثالث بتركيا برقم: 264، وعنه مصورة بقسم المخطوطات بالجامعة الِإسلامية برقم: 1818، وقد نشر مؤخراً بتحقيق سالم عبد الهادي عن سكتبة الغرباء بالمدينة المنورة، وقد جمع الرواة عن مالك عدد من العلماء منهم القاضي عياض وبلغ بهم ألفاً وثلاثمائة اسم في تأليف مفرد لذلك، ومع هذا فقد ذكر معظمهم في ترتيب المدارك (2/ 171 - 225)، وألف في الرواة عن مالك أيضاً: أبو عبد الله ابن مفرج، وأبو عبد الله ابن أبي دليم، وعبد الرحمن بن محمَّد البكري. (انظر: السير 8/ 82). (¬2) في الأصل: الألف، والمثبت من م. (¬3) في الأصل: الألف، والمثبت من م. (¬4) في م: تضرب آباط الإبل، فلا يوجد عالم أعلم. (¬5) أخرجه الإِمام أحمد في مسنده (2/ 299)، والترمذي في سننه (5/ 46) كتاب العلم، باب ما جاء في عالم المدينة، ح 268، وقال: هذا حديث حسن، وابن حبان في صحيحه (9/ 52، 53 بترتيب ابن بلبان) ح 3736، والحاكم في المستدرك 1/ 90، 91) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وأخرجه كذلك البيهقي في السنن الكبرى (1/ 386)، كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن =

قال ذلك سفيان بن عيينة وغيره من الجلة، وعلماء الملة (¬1) (¬2). وَحَسْبُكَ بمن يَرُومُ الخليفة إسماعَ كتابه لولديه [في منزله] (¬3) فيكون من جوابه: "العلم يا أمير المؤمنين يؤتى [إليه] (¬4) ولا يأتي"، ¬

_ = (1) أبي الزبير عن أبي صالح -السمان- عن أبي هريرة به، وفيه عنعنة ابن جريج وأبي الزبير، وهما مدلسان، وقد صحّح هذا الحديث أيضًا القاضي عياض، وبيّن اختلاف ألفاظه ورواياته وطرقه فقال: "في رواية يلتمسون العلم فلا يجدون عالمًا أعلم، وفي رواية أفقه من عالم المدينة، وفي بعضها: آباط الاِبل مكان أكباد الإبل"، وقال أيضاً: "وقد رواه غير سفيان عن ابن جريج بمثل حديث سفيان، منهم المحاربي موقوفاً على أبي هريرة، ومحمد بن عبد الله الأنصاري مسنداً، وهو ثقة مأمون، وهذا الطريق أشهر طرقه، ورجاله رجال مشاهير ثقات خرّج عن جميعهم البخاري ومسلم وأهل الصحيح، ورواه أبو موسى الأشعري بلفظ آخر، وذكر ابن حبيب حديثاً آخر بسنده عن جابر". (ترتيب المدارك 1/ 70). (¬1) في م: والعلماء في الملة. (¬2) اختلفت الروايات عن سفيان بن عيينة في تعيين المقصود بالحديث المتقدم، فروي عنه أنه مالك، وهو الصحيح عنه، وروي عنه أيضاً أنه عبد الله بن عبد العزيز العمري الزاهد، ومن الروايات الصحيحة والصريحة عن سفيان في هذا قوله: "كنت أقول هو سعيد بن المسيب حتى قلت كان في زمانه سليمان بن يسار، وسالم بن عبد الله، وغيرهما، ثم أصبحت اليوم أقول: إنه مالك لم يبق له نظير بالمدينة". قال القاضي عياض: "هذا هو الصحيح عن سفيان، رواه عنه ابن مهدي وابن معين وذؤيب بن عمامة وابن المديني والزبير بن بكار وإسحاق بن أبي إسرائل، كلهم سمع سفيان يفسره بمالك أو يقول: وأظنه أو أحسبه أو أُرَاه أو كانوا يرونه". وقد استبعد ابن عبد البر في الانتقاء أن يكون المقصود بالحديث عبد الله بن عبد العزيز العمري الزاهد فقال: "ليس العمري هذا ممن يلحق في العلم والفقه بمالك بن أنس وإن كان عابداً شريفاً"، وممن فسّر الحديث بمالك أيضاً: ابن جريج وعبد الرزاق الصنعاني. (انظر: سنن الترمذي 5/ 46، والجرح والتعديل 1/ 12، والانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء ص 19, 22 وترتيب المدارك 1/ 70، والسير 8/ 57). (¬3) ساقطة من م. (¬4) زيادة من م ليست في الأصل.

فيسأله إفرادهما [عند حضورهما] (¬1) في مجلسه بالسماع، فيجيبه: "إن العلم لا يحل منعه"، حتى سمعاه مع عامة الناس عليه، بعد أن مشيا إليه (¬2). ويسأله في حَمْلِ الأمّة كافة على كتابه فيمتنع ويقول: "قد تفرّق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في البلاد، وأنا جمعت من حديث أهل المدينة ما جمعت، [ما] (¬3) كان لله فسيبدو" (¬4). فَبَدا كما قال، وظهر وانبثّ في مدن الإِسلام، وانتشر بحسن نيته وبركته، وتركِهِ زخارف الدنيا رغبةً في آخرته، فَرَضِيَ الله عنه وأرضاه، وجزاه عن المسلمين خيراً بما ألّفه وأملاه. ولي فيه وفي كتابه الذي إن شاء الله أُمْلِيهِ مقطّعات، فَمِمَّا قلته فيه قديماً: إِمَامُ الْوَرَى في الشَّرْعِ بالشَّرْقِ مَالِكٌ ... بِالْغَرْبِ أَيْضاً في جَمِيعِ الْمَمَالِكِ فمَنْ يَكُ سُنَيًّا وللشَّرْعِ تَابِعاً ... ولِلْعِلْمِ طَلاَّباً عليه بِمَالِكِ (¬5) ¬

_ (¬1) ساقطة من م. (¬2) نقلت قصة مالك هذه مع المهدي بألفاظ مختلفة، ففي بعضها قال مالك: "يا أمير المؤمنين!! العلم أهل أن يوقر ويؤتى"، وفي رواية أخرى قال مالك: "أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تكون أوّل من أجرى على يديك ذل العلم، قال: وما ذاك، قال: أدركت أهل العلم يؤتون ولا يأتون"، وورد في بعض الروايات التصريح باسم ولد المهدي وهما موسى وهارون. (راجع في هذا: ترتيب المدارك 2/ 20 - 24، والسير 8/ 63). (¬3) في م: وما. (¬4) روى هذا الخبر عن مالك بألفاظ متعددة يطول الكلام بشرحها. (راجع: الانتقاء لابن عبد البر ص 41،40 وترتيب المدارك 2/ 70 - 73). (¬5) من البحر الطويل، ونقل القاضي عياض من السِّلَفي أبياتاً أخرى في مدح الموطأ والإشادة به، وذلك في كتابه ترتيب المدارك (2/ 78)، وهي كالتالي: أعم الكتب نفعاً للفقيه ... موطأ مالك لاشكّ فيه =

فاستخرت الله تعالى وعَوَّلْتُ على إملائه -سنة إحدى وخمسين وخمسمائة- (¬1) في كل أسبوع يومين فقط حتى لا يكون ذلك سبباً للإِخلال بالدروس الفقهية [الخلافية والمذهبية (¬2)] (¬3). فلقا تقرّر هذا سُئِلْتُ في الكلام على المشكل منه، وما يجب ذكره من (¬4) فوائده عند السؤال عنه. فامتنعت من (¬5) المطلوب؛ إذ البضاعة مزجاة، لا تجب فيها زكاة، والأوقات مستغرقة فيما لا خفاء به من الاشتغال مع الأصحاب وما اقترحوه من شرح الكتاب يستدعي فراغاً وأمداً طويلاً، ولا أجد [ذا] (¬6) الآن إلى ذلك سبيلاً، مع هذا فربما لم أصل إلى المراد، ولم أبلغ الغرض مع الاجتهاد، فأصير غَرَضاً للكَلاَمِ، بل للكِلاَم، وعرضة للملام والآلام. فرأيت الإِعراض ¬

_ = فلا تبدأ بشيء من سماع ... سواه عن إمام ترتضيه وصاحب من يعظمه وجانب ... كتاب جميع من قد يزدريه (¬1) ما بين العارضتين ساقطة من م. (¬2) كان للحافظ السِّلفي دروس في الفقه الشافعي بالمدرسة العادلية "السِّلفية"، واستمر عشرات السنين على تدريس كتاب الإِبانة الذي ألّفه عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فوران الفوراني في الفقه الشافعي، وكان له أيضاً دروس في الفقه المالكي، فقد أشار في ترجمة حياة ابن ملوك الأندلسي إلى أنه سمع عليه الرسالة لابن أبي زيد، وكذلك صنع في ترجمة نفيس بن عبد الخالق، وذكر في ترجمة الرضا عبد الله بن الفضل الحضرمي أنه كان يقرأ عليه شرح ابن بطال على صحيح البخاري قراءة دراية لا رواية. (انظر في هذا: معجم السفر للمصنف، ص 145، 405 والمعجم لابن الأبار، ص 49، والحافظ السِّلفي للدكتور حسن عبد الحميد صالح، ص 145 - 146). (¬3) ساقط من م. (¬4) في م: من ذكر. (¬5) في م: عن. (¬6) ساقطة من م.

ذكر إملاء الاستذكار

عمّا يُنْصِبُ الإِعراض عند القصور للذمّ أولى وأحرى، وأدعى إلى السلامة في الأولى والأخرى. فَمِلْتُ إلى إملاء كتاب الاستذكار لأبي عمر ابن عبد البر الأندلسي في شرحه؛ إِذْ هُوَ كِتَابٌ لَمْ يُصَنَّفُ في فَنِّهِ مِثْلُهُ (¬1). والمُصَنِّف فقد اشتهر نبله وفضله، وتَضَمَّنَ كتابُه ما يُحْتَاجُ إليه كاملاً، وَيُعْجبُ من كان عالماً فاضلاً، ويُسْتَغنَى به عن غيره من المؤلفات، واللهَ المُوَفِّقُ لإِلقائه في أبرك الأوقات والساعات، وإتمامِه وَفْقَ المأمول، وعلى مقتضى السول، بمنِّه وفضله، ويُمْنِهِ وطَوْلِه. وقد كتب به إلي أبو عمران موسى بن عبد الرحمن بن أبي تليد الشاطبي (¬2)، من الأندلس، وهو سماعه من مؤلفه على ما أعلمنيه أبو الوليد ابن الدّبّاغ (¬3)، وكتبه إلّي بخطه، وهو من [أهل] (¬4) المعرفة والدراية، والعارفين بمراتب الرواية. وقال في فهرسته (¬5): "كتاب الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما ¬

_ (¬1) تقدّم الحديث عن كتاب الاستذكار في الدراسة، ص 8. (¬2) مولده سنة 444 هـ، روى عن ابن عبد البر كثيراً، وكان فقيهاً مفتياً ببلده، أديباً شاعراً ديِّنًا فاضلاً، توفي سنة 517 هـ. (انظر ترجمته في: الصلة لابن بشكوال 2/ 576، والمعجم لابن الأبار، ص 194، والسير 19/ 516). (¬3) هو يوسف بن عبد العزيز بن يوسف بن عمر بن فيره الليثي، أبو الوليد ابن الدباغ، مولده سنة 482 هـ روى عن أبي علي الصدفي كثيرًا، ولازمه طويلاً، قال ابن بشكوال: وكان من أنبل أصحابنا وأعرفهم بطريقة الحديث وأسماء الرجال وأزمانهم وثقاتهم وضعفائهم وأعمارهم، ومن أهل العناية الكاملة بتقييد العلم ولقاء الشيوخ، توفي سنة 546 هـ. (انظر ترجمته في الصلة: 2/ 644، 645، والسير 20/ 220). (¬4) زيادة من م ليست في الأصل. (¬5) قال الذهبي في السير (20/ 220): "رأيت برنامجه، وقد سمع كتباً كباراً".

رسمه مالك بن أنس في موطئه من الرأي والآثار: سمعت جميعه على الفقيه المشاور أبي عمران موسى بن عبد الرحمن بن أبي تليد، سَمَاعَهُ من مؤلفه أبي عمر ابن عبد البر". وفيما كتب إلى [به] (¬1) أبو الوليد أيضاً بخطه: كتاب جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله (¬2)، لأبي عمر، سماع لشيخنا أبي عمران منه. وسمع (¬3) منه أيضاً من تواليفه كتاب الصحابة (¬4)، وكتاب الاستذكار (¬5)، وكتاب التقصي (¬6)، وغير ذلك من تواليفه ورواياته، وأجازه جميع رواياته وتواليفه. ¬

_ (¬1) ساقط من م. (¬2) طبع عدة طبعات منها طبعة المنيرية عام ما 1398 هـ، ونشرته قبل سنوات مكتبة ابن الجوزي بالدمام (السعودية) في مجلدين ضخمين بتحقيق أبي الأشبال الزهيري. (¬3) في م: وسماعاً. (¬4) هو كتاب الاستيعاب في معرفة الصحاب، ذكر فيه أسماء المذكورين في الروايات والسير والمصنفات من الصحابة رضي الله عنهم، وعرّف بهم وذكر أحوالهم ومنازلهم وعيون أخبارهم على حروف المعجم، وهو كتاب جليل حافل، طبع على هامش كتاب الإصابة لابن حجر في مصر سنة 1328 هـ، ثم طبع مفرداً بعد ذلك عدة طبعات، منها طبعة مكتبة السعادة سنة 1360 هـ وطبعة دار نهضة مصر سنة 1380 هـ بتحقيق علي البجاوي. (¬5) وقع في م تقديم وتأخير: "كتاب الاستذكار وكتاب الصحابة". (¬6) كتاب التقصي لحديث الموطأ وشيوخ الإِمام مالك، أو تجريد التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، مطبوع، وهو مدخل لكتاب التمهيد، فقد حذف فيه ابن عبد البر أقوال العلماء ومذاهبهم مقتصراً على ما ورد من الحديث في الموطأ فقط؛ ولذلك سمي بتجريد التمهيد، وقد ألحق في آخره (ص 259) باباً فيه: "ما لم يرد في رواية يحيي بن يحيي من حديث مالك"، وقد كان أبو الوليد الباجي وأبو عمران الفاسي يفضلان هذا الكتاب على كتاب الملخص من رواية ابن القاسم للقابسي، نظراً لأهميته وغزارة فوائده. (انظر: الغنية للقاضي عياض، ص 43، وبرنامج التجيبي ص 168، وفهرس ابن عطية، ص 83).

وأبو تليد: خصيب بن موسى (¬1)، روى عن القاسم بن مسعدة (¬2)، عن النسوي أبي عبد الرحمن (¬3). وهو جَدُّ شيخنا أبي عمران موسى بن عبد الرحمن بن خلف بن موسى بن أبي تليد، أَرَانِي الفقيه أبو عمران كتاب السير من مصنف النسائي، وفيه السّماع على جده أبي تليد المذكور سنة خمس وثلاث وثلاثمائة بمدينة سالم (¬4) من ثغر الأندلس. ولموسى بن أبي تليد (¬5) سماع من قاسم بن أصبغ (¬6)، ووهب بن ¬

_ (¬1) ترجم له ابن بشكوال ترجمة موجزة فقال: "حدّث عن القاسم بن مسعدة وقد أخذ الناس عنه، وهو جد شيخنا أبي عمران ابن أبي تليد". (الصلة لابن بشكوال 1/ 176). (¬2) هو قاسم بن مُسْعِدَة، أبو محمد البكري، من أهل وادي الحجارة، قال ابن الفرضي: "كان له بصر بالحديث وتمييز بالرجال"، توفي سنة 318 هـ. (انظر ترجمته في: أخبار الفقهاء والمحدثين للخشني، ص 311، تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 1/ 44، وجذوة المقتبس للحميدي، ص 332). (¬3) هو الإِمام النسائي صاحب السنن, وهو غني عن التعريف، والنسوي والنسائي كلاهما نسبة إلى مدينة نسا بلدة بخراسان، والنسوي هو الأجود في النسبة إلى نسا فيما ذكره ابن الجوزي. (انظر: المشتبه للذهبي، ص 639، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 9/ 73، وتبصر المنتبه 4/ 1439). (¬4) مدينة بالأندلس تتصل بأعمال باروشة، وكانت من أعظم المدن وأشرفها وأكثرها شجراً وماء، وكان طارف بن زياد لما افتتح الأندلس ألفاها خراباً فعمرت في الإسلام. (انظر: معجم البلدان 3/ 194). (¬5) هو كذلك جد لأبي عمران المتقدم ذكره، ترجم له ابن الأبار اعتماداً على ابن الدباغ فلم يتجاوز ما ذكره السِّلفي هنا. (انظر: التكملة لكتاب الصلة 2/ 171). (¬6) هو قاسم بن أصبغ بن محمد بن يوسف بن ناصح، أبو محمد البيّاني القرطبي، سمع بقرطبة ورحل إلى المشرق سنة 274 هـ قال ابن الفرضي: "وكان قاسم بن أصبغ بصيراً بالحديث والرجال نبيلاً في النحو والغريب والشعر، تغيّر قبل موته بثلاث سنين"، توفي =

مسرة (¬1). ولخلف بن موسى بن أبي تليد (¬2) سماع من عبد الوارث بن سفيان بن جُبْرُون (¬3). وأما أبو المطرف [عبد الرحمن بن خلف (¬4)، فسمع من أبيه خلف، ومن أبي المطرف] عبد الرحمن بن معافى (¬5) -شيخ من أهل شاطبة، يحدث بالموطأ عن أبي عمر أحمد بن ثابت التغلبي (¬6)، عن عبيد الله بن ¬

_ = سنة 340 هـ. (انظر ترجمته في: تاريخ ابن الفرضي 1/ 406، والجذوة، ص 330، وتذكرة الحفاظ 3/ 853). (¬1) هو وهب بن مَسَرَّة بن بكر، أبو الحزم الفِرِّيشي التميمي الأندلسي الحجاري المالكي الحافظ، قال الذهبي: "كان رأساً في الفقه، بصيراً بالحديث ورجاله، مع ورع وتقوى، دارت عليه ببلده، توفي سنة 376 هـ". (انظر ترجمته في: تاريخ ابن الفرضي 2/ 162، والجذوة، ص 338، والسير 5/ 556، ولسان الميزان 6/ 231). (¬2) ترجم له أيضاً ابن الأبار اعتماداً على ابن الدباغ. (انظر: التكملة 1/ 240). (¬3) عبد الوارث بن سفيان بن جبرون، أبو القاسم القرطبي، روى عن قاسم بن أصبغ، وكان من أوثق الناس فيه وأكثرهم ملازمة له، وكان شيخاً صالحاً عفيفاً، توفي سنة 395 هـ. (انظر ترجمته في: الجذوة، ص 295، والصلة 1/ 364، والسير 17/ 114). (¬4) ترجم له ابن بشكوال بنحو ما ذكره المصنف هنا. (الصلة 1/ 326، 327). (¬5) هو أبو المطرف عبد الرحمن بن عبد الله بن معافى المقرئ الشاطبي. (انظر ترجمته في: التكملة لابن الأبار 3/ 8). (¬6) هو أحمد بن ثابت بن أحمد بن الزبير أبو عمر التغلبي -ووقع في تاريخ ابن الفرضي: الثعلبي، وهو تصحيف- القرطبي، مولده سنة 274 هـ سمع منه عبيد الله بن يحيي وسعيد بن عثمان الأعناقي، قال ابن الفرضي: وكان شيخاً صالحاً ثقة فيما روى، قرئ عليه الموطأ عن عبيد الله بن يحيي، توفي سنة 360 هـ. (انظر ترجمته في: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 1/ 58).

مذهب ابن عبد البر وحفاظ الأندلس في الإجازة والخلاف مع أهل المشرق في ذلك

يحيي بن يحيي (¬1)، عن أبيه، عن مالك -ولأبي المطرف إجازة من أبي بكر محمد بن مروان بن زهر الإِيادي (¬2)، وصحبة طويلة لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، وتوفي سنة خمس وسبعين وأربعمائة، أخبرني بذلك كله ابنه الفقيه أبو عمران (¬3). وأخبرني (¬4) أبو عمران أنه ولد في سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وله سماعٌ كثيرٌ من أبي عمر، موجودٌ بخطوط الثقات الأثبات، وتوفي (¬5) رحمه الله سنة سبع عشرة وخمسمائة. هذا كله مما كتبه إلى أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدبّاغ من سماع أبي عمران على أبي عمر وإجازته له. وقال أيضاً فيما كتبه (¬6) إلى بخطه: أخبرنا الشيخ الأجل الفقيه المشاور أبو عمران موسى بن ¬

_ (¬1) في الأصل: عبد الله بن يحيي، والتصحيح من م، وهو عبيد الله بن يحيي بن يحيي الليثي، أبو مروان القرطبي، روى عن أبيه علمه ولم يسمع بالأندلس من غيره، قال الذهبي: "وطال عمره، وتنافسوا في الأخذ عنه، وكان كبير القدر، وافر الجلالة، توفي سنة 298 هـ. (انظر ترجمته في: تاريخ ابن الفرضي 1/ 292، 293، والجذوة، ص 268، والسير 13/ 531). (¬2) هو محمد بن مروان بن زهر، أبو بكر الإيادي الإشبيلي، قال ابن بشكوال: "كان فقيهاً حافظاً للرأي، حاذقاً بالفتوى، مقدماً في الشورى، من أهل الرواية والدراية، سمع الناس منه كثيرًا، توفي سنة 422 هـ. (انظر ترجمته في: ترتيب المدارك لعياض 8/ 28، والصلة لابن بشكوال 2/ 487، و 488، والسير 17/ 422). (¬3) قال ابن بشكوال: "توفي سنة خمس وسبعين وأربعمائة. ذكره ابن مدير، وقال ابنه أبو عمران: وتوفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة". (الصلة 1/ 327). (¬4) القائل هو أبو الوليد ابن الدباغ. (¬5) يقصد تاريخ وفاة أبي عمران، وقد أشرت إلى وفاته عندما ترجمت له فيما تقدم ص 34. (¬6) في م: كتب.

عبد الرحمن بن خلف بن موسى بن أبي تليد خصيب بن موسى الشاطبي -وهو أجل من أن يقال فيه ثقة-. فأقول [أنا] (¬1) إن شاء الله في أوّل ما أمليه: كتب إلي أبو عمران، قال أخبرنا أبو عمر؛ إذ لم تقع النسخة المقابلة بأصل سماع أبي عمران عن أبي عمر إليّ. ومَذْهَبُ أبي عُمَرَ وعامة حفاظ الأندلس: الجواز فيما يُجَازُ قَوْلُ حدّثنا، وأخبرنا، أو ما شاء المجاز مما يقرب منهما؛ بخلاف ما نحن (¬2) وأهل المشرق عليه من إظهار السّماع والإِجازة، وتمييز أحدهما عن الآخر بلفظ لا إشكال فيه: فمنهم: من قال أخبرنا وحدثنا سواء (¬3)، لكن لا يقال ذلك إلاَّ في المسموع، وفي الإِجازة يقال: أنبأنا وأجاز لنا وأذن لنا، وما يشاكل هذه الألفاظ مما يزيل الإِشكال، ويعلم به أنه إجازة على أي لفظ بيّن ذلك غير قال (¬4) (¬5). ¬

_ (¬1) زيادة من م. (¬2) أي أهل الإِسكندرية. (¬3) نقل ابن خير عن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد أنه كان يقول: الإجازة عندي وعند أبي وجدي كالسماع. (فهرسة ابن خير، ص 16). (¬4) في م: "أو ما يشاكل هذه الألفاظ ما يعلم أنه إجازة". (¬5) قال ابن خير في فهرسته ص 21: "اعلموا رحمكم الله أن الراوي إذا روى الحديث على إحدى المراتب المذكورة فله أن يقول: حدثنا وأخبرنا وأنبأنا؛ أيّ ذلك شاء لا فرق بين هذه الألفاظ عند أكثر أهل العلم، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة ومالك بن أنس وأبو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن، وقال آخرون منهم أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: إذا عرضت على المحدث فقل: أخبرنا ولا تجوز حدثنا إلاَّ فيما سمع من لفظ الحديث، ولا وجه لهذا الفرق، وقد قال الله تعالى: {يومئذ تحدث أخبارها}، وقال تعالى:

ترجمة ابن عبد البر النمري

ومنهم: من لا يستعمل قول حدثنا إلاَّ فيما يسمعه من لفظ الشيخ، وأخبرنا فيما يقرؤه هو عليه أو يسمعه بقراءة غيره، وهو الأشهر الأكثر (¬1). فجَرَيْتُ على مذهبهم في هذا (¬2)، لكن لم أَرَ بُدّاً من بيانه احتياطاً، فإن وافق مسموعه (¬3)، وهو الظاهر في الباب فقد حصل الغرض على الصواب، وإن لم يوافق -وهو بعيد- فقد أجاز له أن يروي عنه ما صحّ أنه تأليفه (¬4) وحديثه، وهذا من تأليفه (¬5) وحديثه بغير رَيْبٍ، إذ قابلناه بنسخ مكتوبة عنه مقابلة بكتابه مقروءة على أعيان أصحابه، فوافق والحمد لله على آلائه ونعمائه. [التعريف بابن عبد البر]: وأبو عمر، فلا بد أيضاً من التعريف به، والتنبيه على موضعه ومكانه ومحله من العلم، وكبير شأنه. ذكره أبو محمد بن حزم الظاهري في رسالته في فضل الأندلس وعلمائها وما صُنِّفَ بها من كتاب، فأثنى عليه وعلى تواليفه، وقال: "كتاب ¬

_ = {لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} فتبّين من قوله تعالى أن الحديث والخبر والنبأ = واحد"، وقال ابن الصلاح في معرفة أنواع علم الحديث، ص 316 متعقباً على القائلين بعدم التفرقة بين ألفاظ الإِجازة والسماع: "في هذا نظر، وينبغي فيما شاع استعماله من هذه الألفاظ مخصوصاً بما سمع من غير لفظ الشيخ ألا يطلق فيما سمع من لفظ الشيخ لما فيه من الإِيهام والإِلباس، والله أعلم". (¬1) ذكر ابن الصلاح أن تخصيص أخبرنا بما قرئ على الشيخ مما شاع عند المتأخرين. (معرفة أنواع علم الحديث، ص 317). (¬2) في م: مذاهبهم في هذا الفن. (¬3) في م: مسموعاته. (¬4) في م: من تواليفه. (¬5) في م. تواليفه.

التمهيد لصاحبنا أبي عمر يوسف بن عبد البر -وهو الآن بَعْدُ في الحياة فلم (¬1) يبلغ سِنَّ الشيخوخة- كتاب لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله أصلًا، فكيف أحسن منه (¬2)، وكتابه في الصحابة ليس لأحد من المتقدمين قبله مثله على كثرة ما صنّفوا في ذلك (¬3) ". قال: "ولصاحبنا أبي عمر تواليف لا مثل لها في جميع معانيها" (¬4). وَحَسْبُكَ بأبي محمَّد مُثْنِياً، وكان من أقرانه، وَجَرَتْ بينهما مناظرات ومنافرات، ومع ذلك فيروي (¬5) عنه بالإِجازة (¬6)، وتوفي سنة ست وخمسين ¬

_ (¬1) في م: لم. (¬2) رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها لابن حزم. (ضمن رسائل ابن حزم) 2/ 179. (¬3) يقصد كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب، قال الضبي في بغية الملتمس ص 490: "وهو كتاب حسن كثير الفائدة، رأيت أهل المشرق يستحسنونه جداً ويقدمونه على ألف في بابه"، وقال ابن الصلاح في نوع معرفة الصحابة من كتابه معرفة أنواع علم الحديث، ص 485: "هذا علم كبير، قد ألّف الناس فيه كتباً كثيرة، ومن أحلاها وأكثرها فوائد كتاب الاستيعاب، لولا ما شانه به من إيراده كثيراً مما شجر بين الصحابة، وحكايته عن الإِخباريين لا المحدثين، وغالبٌ على الإخباريين الإكثارُ والتخليط فيما يروونه"، وَدَرَس مآخذ ابن الصلاح على ابن عبد البر دراسة تفصيلية ووضح الأمر في ذلك الأستاذ ليث سعود جاسم في كتابه: "ابن عبد البر الأندلسي وجهوده في التاريخ"، ص 426 فليراجع. (¬4) رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها 2/ 179. (¬5) في م: فروى. (¬6) يعتبر ابن حزم من أقران ابن عبد البر وتلامذته في الوقت نفسه، فقد تلقى عن ابن عبد البر علم الحديث وروى عنه في كتاب الإِحكام في أصول الأحكام في مواضع عديدة، منها: (8/ 1067، 1070، 1073، 1074)، وفي كتبه الأخرى كالفصل في الملل والنحل (4/ 74، 112)، وأيضًا فإنه صاحبه في الأخذ والتلقي عن شيوخه كابن الفرضي وابن الجسور، ولم ينقل عن ابن حزم أنه تكلم في ابن عبد البر بكلام شديد أو جارح، بل كان مثنياً عليه، معظماً لشأنه على الرغم من أن ابن عبد البر قد ردّ على ابن حزم في كتابيه التمهيد والاستذكار، لكن هذه الردود كانت تلميحاً، وليست تصريحاً. (انظر ما كتبه =

قبل موت أبي عمر بأزيد من ست سنين (¬1)، وكان من نوادر الدهر، وعلماء ذلك العصر في فنون شتى، وأنواع مختلفة [في] (¬2) المعنى (¬3). وسمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن مرزوق اليحصبي الأندلسي بمصر (¬4) يقول: سمعت أبا بكر عبد الباقي بن محمد بن [بُرْيَال] (¬5) الحجاري (¬6) بالأندلس يقول: سمعت القاضي أبا القاسم صاعد ابن ¬

_ = الأستاذ ليث سعود جاسم في كتابه: ابن عبد البر الأندلسي وجهوده في التاريخ، ص 148، 149). (¬1) توفي ابن حزم تحديداً عشية يوم الأحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة 456 هـ فكان عمره رحمه الله إحدى وسبعين سنة وعشرة أشهر وتسعة وعشرين يوماً. (انظر: جذوة المقتبس، ص 308، والصلة 2/ 396). (¬2) كلمة في ساقطة من م. (¬3) قال القاضي صاعد بن أحمد: "كان أبو محمد ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإِسلام وأوسعهم معرفة، مع توسعه في علم اللسان، ووفور حظه من البلاغة والشعر والمعرفة بالسير والأخبار". (انظر: الصلة 2/ 395، وراجع ترجمة ابن حزم في السير 18/ 184). (¬4) ترجم له المصنف الحافظ السِّلَفي ضمن شيوخه في كتاب معجم السفر، ص 153، وقال: "كان من صلحاء المسلمين، وفي أمور دينه من المتنبهين، وفي أحوال الدنيا من المغفلين، وكانت له عناية عظيمة بتحصيل كتب أبي محمد ابن حزم الظاهري ورسائله ... وكان ظاهري المذهب، وكذلك شيخه ابن بريال، وكنت أستأنس به مدة إقامتي بمصر، ويقابل معي ما أكتبه وأقرؤه على الشيوخ، ثم رأيته بالإِسكندرية أيضاً، وتوفي على ما بلغني بدمشق رحمه الله، مولده بسرقسطة من مدن الأندلس سنة ست وخمسين وأربعمائة". (¬5) في الأصل: يريال، وهو تصحيف، والصواب كما في م: بريال، بالباء الموحدة، وهو مطابق لما ورد في الصلة ومعجم السفر. (¬6) هو عبد الباقي بن محمد بن سعيد بن أصبغ بن بريال، أبو بكر الحجاري الأنصاري، مولده سنة 416 هـ قال ابن بشكوال: "وكان نبيلاً حافظاً، ذكياً أديباً، شاعراً محسناً، سكن في آخر عمره المرية، توفي سنة 502 هـ ببلنسية وعمّر عمراً طويلاً". (انظر ترجمته في: الصلة 1/ 366 - 367).

أحمد بن صاعد الطليطلي (¬1) يقول: "أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمرى أعلم من كان بالأندلس قبله بالآثار، والسنن واختلاف علماء الأمصار، وكان في أوّل زمانه ظاهري المذهب مدة طويلة، ثم رجع عن ذلك إلى القول بالقياس من غير تقليد أحد (¬2)؛ إلاَّ أنه كثيراً ما يميل إلى مذاهب (¬3) الشافعي (¬4)، وله تواليف شريفة (¬5) مشهورة، وولد في شهر ربيع الأول سنة ثمان وستين وثلاثمائة (¬6). ¬

_ (¬1) هو صاعد بن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن صاعد التغلبي، أبو القاسم الطليطلي، روى عن أبي محمد ابن حزم وأبي الوليد الوقشي، مولده بالمرية سنة 420 هـ، قال ابن بشكوال: "وكان من أهل المعرفة الذكاء والرواية والدراية، وهو صاحب كتاب طبقات الأمم"، توفي بطليطلة وهو قاضيها سنة 462 هـ. (انظر ترجمته في: الصلة 1/ 33، وبغية الملتمس ص 331، الوافي بالوفيات للصفدي 16/ 232). (¬2) في م: لأحد. (¬3) في م: مذهب. (¬4) لا خلاف بين المصادر في أن ابن عبد البر كان ظاهرياً أثرياً لمدة طويلة، ثم رجع إلى القول بالقياس، لكن اختُلف في تحديد المذهب الفقهي الذي استقر عليه، فذهب الحميدي إلى أن ابن عبد البر يميل في الفقه إلى مذهب الشافعي رحمه الله، وجَنَحَ الذهبي إلى أنه مالكي، وجزم ابن كثير بأنه كان مالكياً مع ميل إلى أقوال الشافعي، وخالف الكتاني الآراء السابقة ورأى أنه كان من المجتهدين مع اعتماده ورجوعه لأصول مالك ومذهبه، وقال: "وأقل نظرة يرسلها الرجل في كتاب فضل العلم له يرى الأمر جلياً"، قلت: ومن تأمل اختيارات ابن عبد البر الفقهية من خلال كتبه تبين له أن قول الكتاني هو الأقرب للصواب، والله أعلم. (وراجع في هذا: جذوة المقتبس، ص 367، والسير 18/ 157، وطبقات الشافعية لابن كثير ل 142/ ب (مخطوط)، وفهرس الفهارس 2/ 843، وانظر أيضاً: جامع بيان العلم وفضله 2/ 80، 81، 115). (¬5) في م: كثيرة. (¬6) الصواب في ولادته هو ما نقله ابن بشكوال في الصلة (2/ 642) عن أبي علي الغساني أنه قال: سمعت طاهر بن مفوز يقول: سمعت أبا عمر يقول: ولدت يوم الجمعة والإمام يخطب لخمس بقين من ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وهو اليوم التاسع =

قال ابن [بريال] (¬1): وتوفي في جمادى الأولى لسبع خلون منه سنة ثلاث وستين وأربعمائة (¬2)، وكان عمره أربعاً وتسعين سنة (¬3). وقد ذكره أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي الأندلسي (¬4) المقيم ببغداد -وكان من أهل الحفظ والمعرفة- في كتابه المترجم ¬

_ = والعشرون من نونبر، قال طاهر: أرانيه بخط أبيه عبد الله بن محمد رحمه الله. وقد نقلت بعض المصادر خلاف هذا التاريخ، فذهب الحميدي، وتبعه الضبي إلى أن مولد ابن عبد البر كان سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. (انظر: جذوة المقتبس ص 367، وبغية الملتمس، ص 490)، وما ذهبا إليه مرجوح لقوة ما نقله ابن بشكوال؛ إذ هو مروي عن الحافظ ابن عبد البر نفسه، ثم إنه معتمد على وثيقة تاريخية بخط والد الحافظ ابن عبد البر، كما ورد محدداً بدقة، ففيه ذكر السنة والشهر واليوم ووقت الولادة، وهذا غاية الضبط على خلاف ما نقله الحميدي ومن تبعه في ذلك، والله أعلم. (¬1) في الأصل: يريال، بالمثناة، وهو خلاف ما في نسخة: م، والصلة، ومعجم السفر. (¬2) تحديد ابن بريال لوفاة ابن عبد البر في جمادى الأولى لسبع خلون منه مخالف لما ذكرته معظم المصادر من وفاته يوم الجمعة آخر يوم من ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة بمدينة شاطبة من شرق الأندلس، ودفن لصلاة العصر، وصلى عليه تلميذه أبو الحسن طاهر بن مفوز المعافري. (راجع في هذا: الصلة 2/ 642، ووفيات الأعيان 7/ 71، والسير 18/ 159، ومرآة الجنان لليافعي 3/ 89، وطبقات الشافعية لابن كثير 2/ 460). (¬3) هذا مخالف لما نقله الذهبي في السير (18/ 159) عن أبي داود المقرئ في تحديد مدة عمره؛ إذ ذكر أنه استكمل خمساً وتسعين سنة وخمسة أيام رحمه الله. (¬4) هو محمد بن أبي نصر فتوح بن عبد الله الأزدي الحميدي، أبو عبد الله الميورقي، الحافظ المحدث، الفقيه الظاهري، مولده سنة 420 هـ ولازم ابن حزم وابن عبد البر وطائفة، ثم ارتحل سنة 448 هـ فأخذ بمصر ودمشق ومكة وبغداد وواسط، واستوطن بغداد، قال الذهبي: "وكان من بقايا أصحاب الحديث علماً وعملاً، وعقداً وانقياداً، له كتاب الجمع بين الصحيحين وجذوة المقتبس وغير ذلك من التواليف المفيدة"، توفي ببغداد سنة و 488 هـ. (انظر ترجمته في: الصلة 2/ 530، والسير 19/ 120، والوافي بالوفيات 4/ 317).

بـ "جذوة المقتبس في تاريخ الأندلس"، فنقلنا ما ذكره على نصّه نقل المسطرة من غير زيادة ولا نقصان. قال رحمه الله في باب الياء من تاريخه (¬1): " يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري، أبو عمر: فقيه حافظ، مكثر، عالم بالقراءات، وبالخلاف في الفقه، وبعلوم الحديث والرجال، قديم السماع، كثير الشيوخ، على أنه لم يخرج عن الأندلس، [لكنه] (¬2) سمع من أكابر أهل الحديث بقرطبة وغيرها، ومن الغرباء القادمين إليها. وألّف مما جمع تواليف نافعة سارت عنه. وكان يميل في الفقه إلى أقوال الشافعي رحمه الله (¬3). مولده في رجب سنة اثنتين وستين وثلاثمائة (¬4). وسمع بنفسه (¬5) قبل الأربعمائة بمدة من جماعة من أصحاب قاسم بن أصبغ البيّاني وغيره. ومن شيوخه: أبو القاسم خلف بن القاسم (¬6) الحافظ (¬7)، وعبد الوارث بن سفيان، ¬

_ (¬1) جذوة المقتبس، ص 367، 369. (¬2) ما بين المعقوفين بياض في نسخة م. (¬3) تقدم ذكر أقوال العلماء المختلفة بشأن تحديد مذهب ابن عبد البر الفقهي وبيان الصواب في ذلك، ص 35. (¬4) تقدم التنبيه على ضعف قول الحميدي هذا في ص 35. (¬5) في م: في نفسه. (¬6) في م: ابن أبي القاسم، وهو خطأ. (¬7) هو خلف بن قاسم بن سهل الأزدي القرطبي، أبو القاسم، يعرف بابن الدباغ، مولده سنة 325 هـ، رحل إلى المشرق سنة 345 هـ، فتردد هناك نحو خمس عشرة سنة فسمع بمصر وبدمشق وبمكة، قال ابن الفرضي: "وكان حافظاً للحديث، عالمًا بطرف، منسوباً إلى =

وسعيد بن نصر (¬1)، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد (¬2)، وأبو عمر أحمد بن محمد بن الجَسُور (¬3)، وأحمد بن عبد الله الباجي (¬4)، وأبو الوليد [بن] (¬5) الفرضي (¬6)، ويونس بن عبد الله ¬

_ = فهمه، وسمع الناس منه قديمًا، له مصنفات، توفي سنة 393 هـ. (انظر ترجمته في: تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي 1/ 163، والسير 17/ 113، وشذرات الذهب 3/ 144). (¬1) هو سعيد بن نصر بن أبي الفتح، أبو عثمان القرطبي، كان من أهل الرواية والاجتهاد والدراية بطلب العلم والحديث، توفي سنة 395 هـ. (انظر ترجمته في: جذوة المقتبس ص 234، والصلة 1/ 206، وبغية الملتمس ص 313، والسير 17/ 80). (¬2) هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أسد، أبو محمد الجهني الطليطلي المالكي البزاز، مولده سنة 310 هـ سمع من قاسم بن أصبغ، وارتحل إلى المشرق في سنة 342 هـ فسمع بمصر ومكة، وكان من أوعية العلم، رأساً في اللغة، فقيهاً محرراً، عالمًا بالحديث، كبير القدر، توفي سنة 395 هـ. (انظر ترجمته في: تاريخ ابن الفرضي 1/ 289، وجذوة المقتبس ص 251، وبغية الملتمس ص 331، والسير 17/ 83). (¬3) هو أحمد بن محمد بن أحمد بن سعيد بن الحُبَاب بن الجسور الأموي مولاهم، أبو عمر القرطبي، مولده سنة 319 هـ أو 326 هـ، روى عن قاسم بن أصبغ ومحمد بن معاوية وابن أبي دليم وآخرين، قال أبو عبد الله الخولاني: "كان من أهل العلم، متقدماً في الفهم، حافظاً للحديث والرأي، عارفاً بأسماء الرجال، قديم الطلب"، توفي سنة 401 هـ. (انظر ترجمته في: جذوة المقتبس، 107، والصلة 1/ 29، وبغية الملتمس، ص 154). (¬4) هو أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة، أبو عمر اللخمي الإِشبيلي، المعروف بابن الباجي، مولده سنة 332 هـ، سمع من أبيه أبي محمد جميع روايته ومن غيره، ورحل إلى المشرق ولقي شيوخاً جلة وكتب كثيرًا، قال ابن عبد البر: "كان إمام عصره وفقيه زمانه لم أَرَ بالأندلس مثله"، توفي سنة 396 هـ. (انظر ترجمته في: الجذوة، ص 128، والصلة 1/ 16، والسير 17/ 74). (¬5) ساقطة من الأصل، واستدركته من م والجذوة. (¬6) هو عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي، مولده سنة 351 هـ روى بقرطبة عن ابن مفرج وخلف بن القاسم وعباس بن أصبغ، وارتحل إلى المشرق سنة 382 هـ فحج =

القاضي (¬1)، وأحمد بن محمد بن عبد الله المقرئ الطلمنكي (¬2) وجماعات قد ذكرنا من حضرنا منهم مُفَرَّقًا في أبوابه (¬3). ومن مجموعاته: - كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، سبعون ¬

_ = وأخذ عن جمع من العلماء منهم الخطيب البغدادي وأبو محمد الضراب وأبي الحسن ابن جهضم، قال ابن عبد البر: "كان فقيهاً عالمًا في جميع فنون العلم في الحديث وعلم الرجال، وله تواليف حسان"، توفي مقتولاً سنة 403 هـ. (انظر: الصلة 1/ 246، ووفيات الأعيان 3/ 105، والسير 17/ 177). (¬1) هو يونس بن عبد الله بن محمد بن مُغِيث بن محمد، أبو الوليد بن الصّفار، قاضي الجماعة بقرطبة وصاحب الصلاة والخطبة بجامعها، مولده سنة 338 هـ، روى عن محمَّد بن معاوية القرشي وأحمد بن ثابت التغلبي وابن زرب وغيرهم، وكتب إليه من المشرق جماعة منهم أبو الحسن الدارقطني الحافظ، قال صاحبه أبو عمر ابن مهدي: "كان من أهل الحديث والفقه، كثير الرواية، وافر الحظ من علم اللغة والعربية"، توفي سنة 429 هـ. (انظر ترجمته في: الجذوة، ص 283، والصلة 2/ 646، والسير 17/ 569). (¬2) هو أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيي، أبو عمر المعافري المقرء الطَّلَمَنكِيّ، مولده سنة 340 هـ، سكن قرطبة، وروى بها عن جماعة، ثم رحل إلى المشرق، فحج وسمع بمكة والمدينة ومصر ودمياط والقيروان، وانصرف إلى الأندلس بعلم كثير، كان أحد الأئمة في علم القرآن العظيم، وكانت له عناية كاملة بالحديث ونقله وروايته وضبطه، ومعرفة برجاله وحملته حافظاً للسنن" جامعاً لها، توفي سنة 429 هـ. (انظر ترجمته في: جذوة المقتبس، ص 114، والصلة 1/ 48، والسير 17/ 74). (¬3) أي من كتابه جذوة المقتبس، ويرى الذهبي في تاريخ الإِسلام (حوادث 461 - 470)، ص 142 أن شيوخ ابن عبد البر لا يبلغون سبعين نفساً، وقد أفرد شيوخه بالتصنيف تلميذه أبو داود سليمان بن نجاح المقرئ، وبلغ عددهم نحو ستين رجلاً. (انظر: بغية المؤانس لابن ليون ل 2/ أمخطوط)، كما أفردهم بالتصنيف أيضاً الحافظ ابن بشكوال ورتبهم على حروف المعجم. (انظر: فهرسة ابن خير، ص 432).

جزءاً (¬1). قال لنا أبو محمد علي بن محمد -يعني ابن حزم الظاهري-: "هو كتاب لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله، فكيف أحسن منه" (¬2). ومنها كتاب في الصحابة سماه: - كتاب الاستيعاب في أسماء المذكورين في الروايات والسير والمصنفات من الصحابة رضي الله عنهم، والتعريف بهم، وتلخيص أحوالهم (¬3) ومنازلهم، وعيون أخبارهم، على حروف المعجم، اثنا عشر جزءاً (¬4). - كتاب جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله، ستة أجزاء. - كتاب الدرر في اختصار المغازي والسير، ثلاثة أجزاء (¬5). - كتاب الشواهد في إثبات خبر الواحد، جزء (¬6). - كتاب التقصي لما في الموطأ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، أربعة أجزاء. ¬

_ (¬1) طبع كتاب التمهيد بإشراف وزارة الأوقاف والشؤون الإِسلامية بالمغرب في 26 مجلداً مع الفهارس، وتحديده هنا حجم الكتاب بسبعين جزءاً لا يدل على أن الكتاب أكبر من الموجود؛ لأن الجزء يتراوح غالبًا بين عشر ورقات إلى عشرين ورقة. (¬2) تقدم ثناء ابن حزم، وهو في رسالته في فضل الأندلس وذكر رجالها. (ضمن رسائل ابن حزم) 2/ 179. (¬3) في م: والتلخيص بهم. (¬4) في الأصل اثنا جزءاً، والتصحيح من م، وجذوة المقتبس. (¬5) نشره المجلس الأعلى للشؤون الِإسلامية بمصر بتحقيق: د. شوقي ضيف سنة 1386 هـ. (¬6) انظر: ترتيب المدارك 8/ 130، والسير 18/ 159.

- كتاب أخبار أئمة الأمصار، [سبعة أجزاء] (¬1). - كتاب البيان عن تلاوة القرآن، جزء (¬2). - كتاب التجريد والمدخل (¬3) إلى علم القرآن بالتجويد (¬4). - كتاب الاكتفاء في قراءة نافع وأبي عمرو بن العلاء بتوجيه ما اختلفا فيه، جزء واحد (¬5). - كتاب الكافي في الفقه على مذهب أهل المدينة، ستة عشر جزءًا (¬6). - كتاب اختلاف أصحاب مالك بن أنس واختلاف رواياتهم عنه، أربعة وعشرون جزءاً (¬7). - كتاب العقل والعقلاء، وما جاء في أوصافهم عن الحكماء والعلماء، جزء واحد (¬8). ¬

_ (¬1) زيادة من م، والجذوة، وغالب الظن أنه يعني بهذا الكتاب كتاب الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، وهو مطبوع. (¬2) انظر: ترتيب المدارك 8/ 129، وبغية الملتمس، ص 49، والسير 18/ 159، ومنه نسخة خطية ناقصة الأول بخزانة يعقوب سركيس بجامعة الحكمة ببغداد برقم: 11 [2]. (انظر: الفهرس الشامل للتراث العربي الإِسلامي المخطوط القرآن وعلومه 1/ 101). (¬3) في م: في المدخل. (¬4) في م: إلى علم القراءة بالتحديد، وورد في الجذوة المطبوع هكذا: "التجويد والمدخل إلى العلم بالتحديد، جزءان". (¬5) انظر: بغية الملتمس، ص 490. (¬6) اقتصر فيه على ما بالمفتي الحاجة إليه، وقد طبع طبعة ردئية فيها غير من السقط والتصحيف والتحريف بتحقيق محمد محمد أحيد ماديك الموريتاني عام ما 1398 هـ في مجلدين، وطبع ذلك مسروقاً عن هذه الطبعة بدار الكتب العلمية ببيروت في مجلد واحد. (¬7) يوجد قطعة مخطوطة من هذا الكتاب في (49) ورقة بالخزانة العامة بالرباط. (¬8) انظر: بغية الملتمس، ص 490.

- كتاب بهجة المجالس، وأنس المُجَالس، بما يجري في المذاكرات، من غرر الأبيات، ونوادر الحكايات، مجلدان (¬1). وغير ذلك من تواليفه (¬2). وقد لَقِينَاهُ، وَكَتَبَ لنا بخطه في فهرسة مسموعاته ومجموعاته مجيزاً لنا [بخطه] (¬3)، وكاتباً إلينا (¬4) بجميع ذلك كله، وتركته حيّاً وقت خروجي من الأندلس سنة ثمان وأربعين وأربعمائة، ثم بلغني وفاته، وأخبرني أبو الحسن علي بن أحمد العابدي (¬5) أنه مات في سنة ستين وأربعمائة بشاطبة من بلاد الأندلس" (¬6). هذا جميع ما ذكره الحميدي، وقد خالف صاعداً في مولده، وابن بريال في وفاته. والقَلْبُ إلى ما ذكراه أَمْيَلُ لكونهما بالأندلس مُقِيمَيْنِ لم يبرحا منها بخلاف الحميدي رحمه الله. ¬

_ (¬1) مطبوع في ثلاثة أجزاء بتحقيق محمد المرسي. (¬2) أحصيت له (47) مصنفاً في مقدمة تحقيقي لكتابه: "الإِنصاف فيما بين علماء المسلمين في قراءة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ من الاختلاف" لابن عبد البر، ص 65 - 72 فليراجع. (¬3) ساقط من م. (¬4) في م: لنا. (¬5) لم أعثر له على ترجمة فيما رجعت إليه من مصادر. (¬6) تقدم التنبيه على أن الصواب في تحديد وفاة ابن عبد البر هو يوم الجمعة آخر يوم من ربيع الآخر سنة 463 هـ بمدينة شاطبة من شرق الأندلس، وما ذكره الحميدي هنا مرجوح، وسيأتي توهين المصنف لقوله بناء على كون الحميدي خارج الأندلس إبّان وفاة شيخه ابن عبد البر.

وبالجملة: فالرجل جليل القدر، واسع العلم، وكتبه فمفيدة كثيرة، وقد قلت فيها لحسنها وكثرة فوائدها: يَا مَنْ يُسَافِرُ في الحديث مُشَرِّقاً ... وَمُغَرِّباً في البَحْرِ بَعْدَ البَرّ مَا أَنْ يَرَى أَبَداً لِكُتْبٍ (¬1) صَاغَهَا ... بِالغَرْبِ حَافِظُهَا ابنُ عَبْدِ البَرّ (¬2) وقلت في الاستذكار خاصة: قُلْ لِمَنْ دَأْبُهُ التفقه في الدِّ ... ينِ وعلمِ الحديثِ حفظاً وضبطا اشتغلْ بالموطأ المرتضى شَرْ ... قاً وغرباً ولا تُجِزْ فِيهِ إِبْطَا بَلْ عَلَى الفَوْرِ لاَ التَّرَاخِي وَبَادِرْ ... بِخلافِ الذي تَرَاخَى وَأَبْطَا وَاكْتُب الاستذكار تغنَ به عَنْ ... كُلِّ جمعٍ من بعد كتب الموطا فابن عبد البر المصنف ما قَصَّ ... ـرَ في الاختيار شرحاً وبسطا وأتى بالخلاف (¬3) أعلام علم الشـ ... ـْرع طُرًّا (¬4) وَعَدَّ ذلك شَرْطا وبما كلهم قد اتفقوا أَيْـ ... ـضاً عليه وفي المصنف خطا والمقالُ الصحيحُ صَوَّبَ فيه ... والذي لم يوافق الحق خطّا والسّقيم الذي يُحَطُّ لدى النَّقْـ ... ـد فقد أسقطَ الجميع وخطّا هذه جملةُ المُضَمِّنِ في الجَمْـ ... ـعِ ومن قال غَيْرَها قُلْتُ أخْطَا فَحَبَاهُ الإِلهُ جَنَةَ عَدْنٍ ... بَعْدَ إِعْطَائِهِ الرِّضَى منه إِعْطَا (¬5) ¬

_ (¬1) في م: ككتب. (¬2) من البحر البسيط. (¬3) في م: باختلاف. (¬4) طرّا: أي جميعًا. (انظر: مختار الصحاح، ص 389). (¬5) من البحر الخفيف.

وهذا أول الكتاب: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (¬1). وآخر [ما] (¬2) نُقِلَ من كلام شيخنا، والحمد لله (¬3) * * * ¬

_ (¬1) هنا انتهت مقدمة الإملاء من نسخة م، وبعدها نص كتاب الاستذكار. (¬2) في الأصل: من، وهو تصحيف. (¬3) انتهى كلام المؤلف في هذه المقدمة، وكتب بالهامش: "قوبل وصحّ إن شاء الله تعالى". ثم دوِّن في آخر المخطوط طباق السماع، وصورته ضمن النماذج من المخطوط التي أوردتها قبل بداية النص المحقق، انظر ص 24. هذا، وقد تم إحياء هذا الجزء بالسماع والقراءة بعد قرون متطاولة على السماع الأول المدون سنة 573 هـ وهذا نص السماع: "سمع جميع هذا الجزء بقراءة كاتب هذا السماع غفر الله ذنبه، وستر عيبه، من الأصل المنسوخ: الجماعة الفضلاء: الشيخ الأريب المحقق الأديب أبو ناصر محمد بن ناصر العجمي الحنبلي متع الله به ونفع بعلمه وهو يتابع من مصورة عن مخطوطة الظاهرية، والأستاذ المتفنن عالم البحرين الشيخ نظام بن محمد صالح يعقوبي حفظه الله بخير وعافية، وهو يمسك مصورة عن نسخة الميهبة المحمودية ويقابل معي عليها، والأستاذ الكبير الدكتور قاسم علي سعد، والأستاذ المطلع رمزي سعد الدين دمشقية سلَّمه الله، وجماعة آخرين يطول المجال بذكر أسمائهم. وكتب عبد اللطيف بن محمد الجيلاني الآسفي مولداً، والعبدي قبيلة، والرباطي نشأة، والمدني قراراً، بعد صلاة المغرب ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك عام 1421 هـ في صحن المسجد الحرام تجاه الكعبة المشرفة قبالة الركن اليماني، نفعنا الله جميعاً بالعلم، وجعلنا من أهله، ووفقنا لمرضاته، آمين. صحح ذلك، وكتبه عبيد ربه، وأسير ذنبه: محمد بن ناصر العجمي في 26/ رمضان الأغر/ 1421 هـ. صح ذلك وثبت في تاريخه، وكتب نظام يعقوبي. صح ذلك في التاريخ والمكان المذكورين، وكتبه راجي عفو رب البرية، رمزي سعد الدين دمشقية".

فهرس المصادر والمراجع

فهرس المصادر والمراجع 1 - الإِحسان بترتيب صحيح ابن حبان، لعلاء الدين علي بن بلبان (ت 739 هـ)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، نشر مؤسسة الرسالة ببيروت، ط 2، 1408 هـ. 2 - الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء، للحافظ ابن عبد البر النمري (ت 463 هـ)، تعليق: محمد زاهد الكوثري، نشر دار الكتب العلمية ببيروت. 3 - برنامج التجيبي، للقاسم بن يوسف التجيبي السبتي (ت 730 هـ)، تحقيق: عبد الحفيظ بن منصور، نشر الدار العربية للكتاب بليبيا وتونس، ط 1، 1981 م. 4 - برنامج الرعيني، لأبي الحسن علي بن محمد الرعيني (ت 666 هـ)، تحقيق: د. إبراهيم شبوح، نشر وزارة الثقافة والإِرشاد القومي بدمشق، ط 1، 1381 هـ. 5 - بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، لأحمد بن يحيي بن أحمد بن عميرة (ت 599 هـ)، نشر دار الكتاب العربي ببيروت، ط 1، 1967 م. 6 - تاريخ علماء الأندلس، لأبي الوليد عبد الله بن محمد الأزدي المعروف بابن الفرضي (ت 403 هـ)، نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة، ط 1، 1966 م. 7 - تبصير المنتبه بتحرير المشتبه، لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، تحقيق: محمد البجاوي، نشر المكتبة العلمية ببيروت. 8 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ)، تحقيق: د. عزت علي عطية وموسى محمد علي، نشر دار الكتب الحديثة بمصر.

9 - تذكرة الحفاظ، لأبي عبد الله الذهبي (ت 748 هـ)، تحقيق: عبد الرحمن المعلمي، نشر دار إحياء التراث العربي ببيروت. 10 - ترتيب المدارك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض بن موسى اليحصبي السبتي (ت 544 هـ)، نشر وزارة الأوقاف والشؤون الإِسلامية بالمغرب، مطابع شويخ - سبريس بتطوان، 1983 م. 11 - التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد، لأبي بكر محمد ابن نقطة (ت 629 هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، نشر دار الكتب العلمية ببيروت، ط 1، 1988 م. 12 - التكملة لكتاب الصلة، لأبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن أبي بكر القضاعي المعروف بابن الأبار (ت 659 هـ)، بعناية السيد عزت الحسيني العطار، نشر مطبعة السعادة بمصر، ط 1، 1375 هـ، وهي ناقصة في مجلدين، ورجعت إليها في القسم الدراسي، أما في هوامش التحقيق فرجعت إلى الطبعة التي بتحقيق: د. عبد السلام الهراس، نشر دار الفكر ودار المعرفة بالدار البيضاء - المغرب. 13 - تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك، لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ)، نشر دار الندوة الجديدة ببيروت. 14 - جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله، لأبي عمر ابن عبد البر القرطبي (ت 463 هـ)، نشر المطبعة المنيرية بمصر، 1398 هـ. 15 - جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس، لأبي عبد الله الحميدي (ت 488 هـ)، نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1966 م. 16 - "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم الرازي (ت 327 هـ)، نشر مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد - الدكن بالهند، ط 1، 1371 هـ. 17 - الحافظ أبو طاهر السلفي، للدكتور حسن عبد الحميد صالح، نشر المكتب الإِسلامي، عام 1397 هـ. 18 - الديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب، لابن فرحون (ت 799 هـ)، نشر مكتبة السعادة بالقاهرة، 1351 هـ.

19 - الذيل على طبقات الحنابلة، لزين الدين ابن رجب الحنبلي (ت 795 هـ)، تحقيق: محمد حامد الفقي، نشر مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة، 1952 م. 20 - رسالة في فضل الأندلس وذكر رجالها , الابن حزم الأندلسي (ت 456 هـ)، طبعت ضمن رسائل ابن حزم، تحقيق: د. إحسان عباس، نشر المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط 2، 1978 م. 21 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة، لمحمد بن جعفر الكتاني (ت 1345 هـ)، قدم لها محمد المنتصر الكتاني، نشر دار البشائر الإِسلامية ببيروت، ط 4، 1406 هـ. 22 - السنن, لأبي عيسى الترمذي (ت 279 هـ)، تحقيق: أحمد شاكر وغيره، نشر مطبعة البابي الحلبي بالقاهرة، ط 2، 1398 م. 23 - السنن الكبرى، للبيهقي (ت 458 هـ)، نشر دار المعرفة ببيروت عن الطبعة الأولى بمجلس دائرة المعارف العثمانية النظامية بحيدر آباد الدكن بالهند , ط 1, 1344 م. 24 - سير أعلام النبلاء، للذهبي (ت 748 هـ)، تحقيق: مجموعة من الباحثين بإشراف شعيب الأرناؤوط، نشر مؤسسة الرسالة ببيروت، ط 1، 1401 هـ - 1405 هـ. 25 - شذرات الذهب في أخبار من ذهب، لأبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي (ت 1089 هـ)، نشر دار المسيرة ببيروت، ط 2، 1399 هـ. 26 - الصلة، لابن بشكوال (ت 578 هـ) نشر الدار المصرية للتأليف والترجمة، 1966 م. 27 - طبقات الفقهاء الشافعيين، لإِسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 هـ) , تحقيق: د. أحمد بن عمر هاشم، ود. محمد زينهم محمد عزب، نشر مكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة، ط 1، 1413 هـ، ونظراً لسقم هذه الطبعة فقد عدت إلى النسخة الخطية المحفوظة بالمكتبة الوطنية بتونس.

28 - ابن عبد البر الأندلسي وجهوده في التاريخ، تأليف: ليث سعود جاسم، نشر دار الوفاء للطباعة والنشر بالمنصورة، ط 1، 1407 هـ. 29 - علوم الحديث أو مقدمة ابن الصلاح، لابن الصلاح (ت 643 هـ)، تحقيق: د. عائشة بنت الشاطئ، نشر دار المعارف بالقاهرة، ط 2, 1409 هـ. 30 - عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية، لأبي العباس أحمد بن أحمد الغبريني (ت 714 هـ)، تحقيق: عادل نويهض، نشر دار الآفاق الجديدة ببيروت، ط 2، 1979 م. 31 - غاية النهاية في طبقات القراء، لأبي الخير ابن الجزري (ت 833 هـ)، تحقيق: برجستراسر، نشر مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط 1، 1341 هـ. 32 - الغنية فهرست شيوخ القاضي عياض، للقاضي عياض (ت 544 هـ)، تحقيق: ماهر زهير جرار، نشر دار الغرب الإِسلامي ببيروت، ط 1، 1412 هـ. 33 - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، للحافظ السخاوي (ت 902 هـ) تحقيق: علي حسين علي، نشر الدار السلفية بالهند، 1989 - 1990 م. 34 - الفهرس الشامل للتراث العربي الإِسلامي المخطوط - الحديث النبوي الشريف وعلومه ورجاله، نشر مؤسسة آل البيت بعمان - الأردن، 1991 م. 35 - فهرس ابن عطية، لأبي محمد عبد الحق بن عطية المحاربي الأندلسي (ت 541 هـ)، تحقيق: د. محمد أبو الأجفان ومحمد الزاهي، نشر دار الغرب الِإسلامي ببيروت، ط 2، 1402 هـ. 36 - فهرس الفهارس والأثبات، لعبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، باعتناء د. إحسان عباس، نشر دار الغرب الإِسلامي ببيروت، ط 2، 1402 هـ. 37 - فهرسة ما رواه عن شيوخه، لأبي بكر محمد بن خير بن عمر الأموي الإِشبيلي (ت 575 هـ)، تحقيق: فرانسشكة، طبعة مصورة عن الأصل المطبوع في مطبعة قومس بسرقسطة سنة 1893 م، نشر دار الآفاق الجديدة ببيروت، ط 2, 1399 هـ.

28 - كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، لحاجي خليفة (ت 1067 هـ)، نشر مكتبة المثنى عن طبعة إسطنبول عام 1941 م. 39 - لسان الميزان, للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، نشر مؤسسة الأعلمي ببيروت، ط 2، 1390 هـ - 1971 م. 40 - مختار الصحاح، للشيخ محمد ابن أبي بكر ابن عبد القادر الرازي (ت 666 هـ)، نشر دار القبلة ومؤسسة علوم القرآن بجدة وبيروت، 1406 هـ. 41 - مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان، لأبي محمد عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني المكي (ت 768 هـ)، نشر دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد الدكن بالهند، ط 1، 1338 هـ. 42 - المستدرك على الصحيحين، للحاكم النيسابوري (ت 405 هـ)، نشر دار الفكر ببيروت، 1398 هـ بالتصوير عن الطبعة الهندية. 43 - المسند، للإِمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (ت 241 هـ)، نشر المكتب الإِسلامي ببيروت بالتصوير عن الطبعة الميمنية، ط 2، 1398 هـ. 44 - المشتبه في الرجال، أسماؤهم وأنسابهم، للحافظ الذهبي (ت 748 هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، نشر الدار العلمية بدلهي - الهند، ط 2، 1978 م. 45 - معجم البلدان، لياقوت الحموي الرومي (ت 626 هـ)، تحقيق: فريد عبد العزيز الجندي، نشر دار الكتب العلمية ببيروت، ط 1، 1410 م. 46 - معجم السفر، لأبي طاهر أحمد بن محمد السلفي (ت 576 هـ)، تحقيق: عبد الله عمر البارودي!!، نشر دار الفكر ببيروت، 1993 م. 47 - المعجم في أصحاب أبي علي الصدفي، لابن الأبار (ت 658 هـ)، طبعة مصورة عن طبعة مجريط سنة 1885 م. 48 - المنتخب من مخطوطات الحديث بالمكتبة الظاهرية، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، نشر مجمع اللغة العربية بدمشق، 1390 هـ.

49 - النكت على ابن الصلاح، لابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ)، تحقيق: د. ربيع بن هادي، نشر المجلس العلمي بالجامعة الِإسلامية بالمدينة المنورة، ط 1، 1404 هـ. 50 - الوافي بالوفيات، لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت 764 هـ)، نشر وتوزيع مؤسسة الكتب الثقافية تصويراً عن طبعة هلموت ريتر، 1381 هـ. 51 - وفيات الأعيان وأنباء الزمان، لأبي العباس ابن خلكان (ت 681 هـ)، تحقيق: د. إحسان عباس، نشر دار الثقافة ببيروت. * * *

§1/1