مقدمات في علم القراءات

مجموعة من المؤلفين

المقدمة

المقدمة بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله رب العالمين، أنزل الكتاب على نبيه الأمين، ويسره للذكر فقال: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17]، ورفع عن هذه الأمة الحرج والمشقة، فأمر رسوله أن يقرئ أمته القرآن على سبعة أحرف، كلها كاف شاف، وبأيها قرءوا فقد أصابوا. والصلاة والسلام على رسول الله الرءوف الرحيم بأمته، الذي كان منهجه دائما طلب التخفيف والتهوين: «هوّن على أمتي»، «أسأل الله معافاته ومغفرته وإن أمتي لا تطيق ذلك»، وحين أجيب دعاؤه بالتخفيف على الأمة أعطي ثلاث دعوات مستجابات فقال: «اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلى الخلق كلهم حتى إبراهيم عليه الصلاة والسلام» (¬1). وبعد: فالكتاب الذي نقدمه اليوم للقراء الكرام بعنوان «مقدمات في علم القراءات» جاء ثمرة جهد متواصل لمدة غير قليلة، وبعد خبرة طويلة في تدريس هذا العلم ومعرفته والاطلاع على معظم ما كتب فيه من دراسات وبحوث. والكتب التي ألفت في هذا الباب كثيرة جدا، وفيها فوائد قيمة، ومباحث نافعة، ومعلومات طيبة. ولكن الذي يميز هذا الكتاب أمران: أحدهما: أنه كتاب منهجي أعدّ وفق الخطة التدريسية لمادة «مدخل إلى القراءات القرآنية» التي تدرس في كلية الدعوة وأصول الدين، وفي عدد من الكليات والمعاهد الشرعية في الأردن وخارجه. ¬

_ (¬1) هذه العبارات مقتبسة من روايات حديث الأحرف السبعة وسيأتي تخريجها في موضعه من الكتاب.

وثانيهما: أنه أضاف كثيرا من الإضافات النوعية فيما يتعلق بمحتوى المادة العلمية التي يحسن أن يدرسها الطلبة ويلمّوا بمعرفتها في هذا العلم، كالتعريف بأصول القراءات، وبالأصول التي يقرأ بها القراء العشرة، وكالمؤلفات في علم القراءات والعلوم المتصلة به، وأقسامها، والإشارة إلى بعض الشبهات التي أوردت على القراءات والرد عليها. وكان من دوافع تأليف هذا الكتاب أن المدرّس لعلم القراءات لا يجد في المكتبة الإسلامية كتابا يجمع هذه المباحث ويعرضها بطريقة علمية ميسرة قريبة، بل كان مضطرا لمراجعة العديد من الكتب واختيار مباحث وصفحات من كل منها، وفي هذا ما فيه من المشقة على الطلبة والمدرّس في آن. أما أسلوب الكتاب فقد كان سهلا واضحا إلى حد كبير، وبين أبحاثه ولغته انسجام رغم اشتراك ثلاثة في تأليفه وصياغته. وسيجد القارئ الكريم أن الكتاب يتسم بمنهجية البحث العلمي الجاد، والتوثيق الصحيح، وتنوع وغزارة المصادر والمراجع، وتحرير القول في كثير من المواضع التي كثر فيها الخلاف بين العلماء. وكشأن أي جهد بشري، نعترف عن يقين أننا لن نبلغ الكمال مهما حاولناه، وقد نختلف في الرأي مع بعض القارئين الكرام، ونرجح ما يضعفه غيرنا، ولا بأس بذلك ولا ضير، فاختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية، وحسب الباحث أن يكون موضوعيا في التزامه الرأي الذي يقود إليه الدليل ويهدي إليه البرهان العلمي والنقل الصحيح. ونرحّب بكل توجيه جاد وتنبيه على ما في الكتاب من أخطاء، لا بد من وجودها رغم المراجعة الكثيرة، والرغبة الصادقة في تجنبها، وعسى أن يتم استدراك ما يصلنا من تنبيهات القراء الكرام في طبعات لاحقة. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم المؤلفون

الفصل الأول الأحرف السبعة وعلاقتها بالقراءات العشر المتواترة

الفصل الأول الأحرف السبعة وعلاقتها بالقراءات العشر المتواترة

المبحث الأول روايات حديث نزول القرآن على سبعة أحرف

الفصل الأول الأحرف السبعة وعلاقتها بالقراءات العشر المتواترة المبحث الأول روايات حديث نزول القرآن على سبعة أحرف نزل القرآن الكريم على سبعة أحرف كما ثبت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلّى الله عليه وسلم وقبل إيراد الروايات، وبيان معناها، ينبغي بيان معنى الحرف، فإن الأحرف: جمع حرف، والحرف من كل شىء طرفه وشفيره وحدّه، ومن الجبل أعلاه المحدد ... وواحد حروف التهجي والناقة الضامرة أو المهزولة أو العظيمة ومسيل الماء، ... وعند النحاة: ما جاء لمعنى ليس باسم ولا فعل (¬1)، ومن معاني الحرف في اللغة: الوجه، كقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ [الحج: 11]، والمراد بالحرف هنا: الوجه، أي النعمة والخير، وإجابة السؤال والعافية، فإذا استقامت له الأحوال اطمأنّ وعبد الله، وإذا تغيرت عليه وامتحنه بالشدة والضر ترك العبادة (¬2). وقال الأزهري: «وكل كلمة تقرأ على وجوه من القرآن تسمى حرفا، يقرأ هذا في حرف ابن مسعود، أي: قراءة ابن مسعود» (¬3). ويرى الإمام أبو عمرو الداني (444 هـ): أن الحرف يطلق على أمرين: الأمر الأول: أن معنى الحرف الوجه من اللغات. والأمر الثاني: أن معنى الحرف القراءة (¬4). ¬

_ (¬1) طاهر أحمد الزاوي، ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة (1: 537)، والرازي، مختار الصحاح ص 148. (¬2) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري (9: 24). (¬3) ابن منظور، لسان العرب (4: 88). (¬4) د. عبد الصبور شاهين، تاريخ القرآن، ص 195، وما بعدها.

أولا: بعض الأحاديث الواردة في أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف:

وقال الحافظ ابن الجزري نقلا عن الإمام الداني: «والوجه الثاني من معناها أن يكون سمى القراءات أحرفا على طريق السّعة، كعادة العرب في تسميتهم الشيء باسم ما هو منه، وما قاربه وجاوره، ... وكلا الوجهين محتمل، إلا أن الأول محتمل احتمالا قويا في قوله صلّى الله عليه وسلم: «سبعة أحرف»، أي: سبعة أوجه وأنحاء. والثاني محتمل احتمالا قويا في قول عمر رضي الله عنه في الحديث: «سمعت هشاما يقرأ سورة الفرقان على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، أي على قراءات كثيرة» (¬1). وسيكون عرض هذا الموضوع ضمن النقاط التالية: أولا: إيراد أهم روايات الأحاديث الواردة في الأحرف السبعة. ثانيا: أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة، ومناقشتها، مع بيان الرأي الراجح. ثالثا: التمثيل للأحرف السبعة بأمثلة تبين معناها، وذلك على النحو التالي: أولا: بعض الأحاديث الواردة في أن القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف: لقد تواترت الروايات الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف عند المحدثين (¬2) وقد نصّ الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام على أن هذا الحديث تواتر عن النبي صلّى الله عليه وسلم. وقال الحافظ ابن الجزري: «وقد تتبعت طرق هذا الحديث في جزء مفرد جمعته في ذلك، فرويناه من حديث عمر بن الخطاب، وهشام بن حكيم بن حزام، وعبد الرحمن ابن عوف، وأبي بن كعب، وعبد الله بن عباس، وأبي سعيد الخدري، وحذيفة بن اليمان، وأبي بكرة، وعمرو بن العاص، وزيد بن أرقم، وأنس بن مالك، وسمرة بن جندب، وعمر بن أبي سلمة، وأبي جهم، وأم أيوب الأنصارية رضي الله عنهم (¬3) وهذه بعض الروايات: ¬

_ (¬1) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 23 - 24). (¬2) أشار إلى هذا التواتر، ونقل جملة من الأحاديث الواردة في موضوع الأحرف السبعة، الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، في بحثه: حديث الأحرف السبعة، دراسة لإسناده ومتنه، واختلاف العلماء في معناه، وصلته بالقراءات القرآنية، ص 27. (¬3) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 21).

1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: «قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» (¬1). 2 - وعن أبي بن كعب رضي الله عنه: أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار (¬2) قال: فأتاه جبريل فقال: «إن الله يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على حرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على حرفين، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاء الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على ثلاثة أحرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاء الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا» (¬3). 3 - وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: «لقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم جبريل فقال: يا جبريل إني بعثت إلى أمة أمّيين (¬4): منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط، قال: يا محمد إن القرآن أنزل على سبعة أحرف» (¬5). وفي رواية أبي داود: «ليس منها إلا شاف كاف ... » (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم، انظر: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، في فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف (9: 23)، والنووي، صحيح مسلم بشرح النووي، في صلاة المسافرين، بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف (6: 101). (¬2) الأضاة: بوزن القناة والحصاة: الماء المستنقع كالغدير، وأضاة بني غفار موضع بالمدينة، ومنازل بني غفار غربي سوق المدينة، وبالسائلة من أجبل جهينة إلى بطحان، انظر: الخطابي، معالم السنن مع سنن أبي داود (2: 160)، وابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر (1: 53). (¬3) رواه مسلم، انظر: النووي، صحيح مسلم بشرح النووي، في صلاة المسافرين، باب: بيان أن القرآن أنزل على سبعة أحرف، (6: 103 - 104). (¬4) الأمّي: هو الذي لا يكتب، ولا يقرأ، ممن بقي على خلقته لم يتعلم الكتاب، انظر: الفيروزآبادي، القاموس المحيط، مادة «أمم»، ص 1392. (¬5) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، انظر: سنن الترمذي، كتاب القراءات، باب ما جاء أنزل القرآن على سبعة أحرف (5: 194 - 195). (¬6) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، رقم (1477)، (2: 160).

4 - وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فكدت أن أساوره في الصلاة (¬1)، فانتظرته حتى سلّم، ثم لبّبته بردائه (¬2)، فقلت: من أقرأك هذه السورة؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قلت له: كذبت، فو الله إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها، فانطلقت أقوده إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام، فقرأ هذه القراءة التي سمعته يقرؤها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: اقرأ يا عمر، فقرأت القراءة التي أقرأني رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه» (¬3). 5 - عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، قال: سمع عمرو بن العاص رجلا يقرأ آية من القرآن، فقال: من أقرأكها، قال: رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قال: فقد أقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم على غير هذا، فذهبا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال أحدهما: يا رسول الله آية كذا وكذا، ثم قرأها، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت فقال الآخر يا رسول الله، فقرأها على رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال: أليس هكذا يا رسول الله، قال: هكذا أنزلت، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فأيّ ذلك قرأتم فقد أحسنتم، ولا تماروا فيه، فإن المراء فيه كفر، أو آية الكفر» (¬4). ¬

_ (¬1) أي آخذ برأسه في الصلاة، انظر: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري (9: 25) حديث رقم (4992). (¬2) أي: جمعت عليه ثيابه عند لبّته أي موضع نحره، وموضع القلادة من الصدر، لئلا يتفلت مني، وأخذت بمجامع ردائه في عنقه، وجررته به، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه شديدا في الحق، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفعل ذلك اجتهادا منه لظنه أن هشاما قد خالف الصواب، ولهذا لم ينكر عليه النبي صلّى الله عليه وسلم، وأمره بإرساله، أي: بتركه، انظر: المرجع السابق، والنووي، صحيح مسلم (6: 98)، والفيروزآبادي، القاموس المحيط، مادة (لبب)، ص 170. (¬3) رواه البخاري ومسلم، انظر: ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، في فضائل القرآن، باب أنزل القرآن على سبعة أحرف (9: 23)، والنووي، صحيح مسلم بشرح النووي، في صلاة المسافرين، باب بيان أن القرآن نزل على سبعة أحرف (6: 98 - 101). (¬4) الإمام أحمد، المسند، حديث رقم (17855)، (4: 205).

ثانيا: أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة

6 - عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: قرأت آية، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه خلافها، فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلم فقلت: ألم تقرئني آية كذا وكذا، قال: بلى. فقال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا، فقال: بلى كلاكما محسن مجمل، قال: فقلت له: فضرب صدري فقال: يا أبيّ بن كعب إني أقرئت القرآن، فقيل لي: على حرف أو على حرفين؟ قال: فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقال: على حرفين أو ثلاثة؟ قال الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت: غفورا رحيما، أو قلت: سميعا عليما، أو عليما سميعا، فالله كذلك، ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب (¬1). 7 - عن أبي بن كعب قال: «كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقلت: إنّ هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقرءا، فحسّن النبيّ صلّى الله عليه وسلم شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري، ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقا، فقال لي: يا أبيّ أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هوّن على أمتي، فردّ إليّ الثانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه أن هون على أمتي، فردّ إليّ الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف فلك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليّ الخلق كلهم حتى إبراهيم صلّى الله عليه وسلم» (¬2). ثانيا: أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة : قبل البدء باستعراض أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة لا بد من طرح بعض التساؤلات بين يدي الموضوع توطئة لبيان المعنى الذي يبدو راجحا في معناها. ¬

_ (¬1) الإمام أحمد، المسند، حديث رقم (21187)، (5: 124). (¬2) صحيح مسلم (6: 101 - 103) رقم الحديث 820.

هل نصّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم على معنى الأحرف السبعة؟ وهل نصّ أحد من رواة الحديث على ذلك؟ وهل عرف الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وهم الصدر الأول معناها؟ أم أن معناها كان غير واضح لديهم؟ أما الجواب عن السؤالين الأولين، فهو أن النبي صلّى الله عليه وسلم لم ينص على معنى الأحرف السبعة، ولا نصّ أحد من رواة الحديث كذلك. قال ابن العربي: «لم يأت في معنى هذه السبع نص ولا أثر، واختلف الناس في تعيينها» (¬1). أما أن الصحابة الكرام رضي الله عنهم عرفوا معناها أو لم يعرفوا، فنقول بادئ بدء: بأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولا شك أن الأمة- وقتئذ- محتاجة لمعرفة معنى الأحرف السبعة لكي تتمكن من الإتيان بالرخصة، وهي القراءة وفق الأحرف السبعة وقد عمل الصحابة بهذه الرخصة. ولذلك، فان النبي صلّى الله عليه وسلم والصحابة الكرام رضي الله عنهم لم يبيّنوا حقيقتها لأحد أمرين لا ثالث لهما: الأمر الأول: أن معنى هذه الأحرف السبعة واضح عندهم مما جعلها غير محتاجة للبيان والتفسير؛ ولذلك لم يرد في شيء من روايات الحديث على تعددها وكثرتها أن أحدا سأل عن معناها، وقد اطلعوا عليها وعملوا بها، وهذا أقرب الأمرين إلى النصوص الواردة في معنى الأحرف السبعة. الأمر الثاني: أن معنى هذه الأحرف السبعة غير واضح عندهم مع تعسّر فهمها لكثرتها وتشعّب فروعها مما احتاج مع ذلك إلى بحث واستقصاء قام به اللاحقون، وهذا قول يتناقض ومعنى الرخصة والتوسعة على الأمة، فقد فهموا معناها وعملوا بها، وحصل المقصود منها (¬2). ¬

_ (¬1) الزركشي، البرهان في علوم القرآن (1: 212). (¬2) د. عبد العزيز القارئ، حديث الأحرف السبعة وصلته بالقراءات القرآنية، ص 77 - 78، وانظر نحوا من هذا الكلام بصورة موجزة مقتضبة: د. محمد سالم محيسن، القراءات وأثرها في علوم العربية (1: 26).

ولا بد من التنبيه على أن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ليست هي القراءات السبع التي اشتهرت في الأمصار باتفاق القراء (¬1)، بل هي جزء من الأحرف السبعة، وقد نقل ابن الجزري عن غير واحد من العلماء أنهم كرهوا ما فعله ابن مجاهد، فقال: « ... ولذلك كره كثير من الأئمة المتقدمين اقتصار ابن مجاهد على سبعة من القراء، وخطّئوه في ذلك، وقالوا: ألا اقتصر على دون هذا العدد أو زاده أو بيّن مراده ليخلص من لا يعلم من هذه الشبهة ... » (¬2). وهذه أهم الأقوال التي قيلت في معنى الأحرف السبعة وقد بلغت أربعين قولا، كما حكى ذلك القرطبي والسيوطي وغيرهما (¬3): 1 - أن هذا الحديث من المشكل المتشابه الذي لا يعلم معناه، وذلك لأن (الحرف) مشترك لفظي يصدق على معان كثيرة، وهو ينسب إلى ابن سعدان النحوي. ويناقش هذا القول بأن الأحرف السبعة، هي كيفيات قد عمل بها الصحابة، ونقلوها إلى الآفاق رواية وتحملا وأداء، ولو كانت من المتشابه الذي لا يعلم معناه، لما عملوا بها، فإن التمكن من العمل بالرخصة، وهي نزول القرآن على سبعة أحرف، يلزمه معرفة معناها، أو كيفية أدائها، فيبعد حينئذ أن تكون الأحرف السبعة من المتشابه الذي لا يعرف معناه. ¬

_ (¬1) وهي قراءة نافع المدني، وابن كثير المكي، وابن عامر الشامي، وأبي عمرو البصري، والكوفيين الثلاثة: عاصم وحمزة والكسائي. (¬2) انظر هذه المسألة في عامة كتب القراءات وعلوم القرآن، ومنها: ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 36)، وابن الجزري منجد المقرئين، ص 54، ومكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات، ص 38، وما بعدها، ومناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص 162. (¬3) انظر تفصيل الأقوال في معنى الأحرف السبعة: ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 24) وما بعدها، وابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري (9: 23) وما بعدها، وأبو شامة، المرشد الوجيز، ص 91 وما بعدها، وابن كثير، فضائل القرآن، ص 67، والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن، (1: 31) وما بعدها، والقرطبي، التذكار في أفضل الأذكار من القرآن، ص 30، والزركشي، البرهان في علوم القرآن (1: 213 - 227)، والصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع، ص 9 - 15، ومكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات، ص 80، ود. عبد العزيز ابن عبد الفتاح القارئ، حديث الأحرف السبعة، دراسة لإسناده ومتنه، واختلاف العلماء في معناه، وصلته بالقراءات القرآنية، ص 78 - 79، والزرقاني، مناهل العرفان (1: 153 - 183).

ثم إنه لا يسلم أن المشترك اللفظي لا يدرى أي معانيه هو المقصود؟ بل إن المشترك اللفظي يدل على معناه المقصود متى قامت قرينة تعين ذلك المعنى، ومن الأحاديث السابقة في معنى الأحرف السبعة تبين أن المقصود بالحرف معنى من معانيه على التعيين، وهو الوجه الأدائي، أو كيفية الأداء، وهذه الأوجه هي التي يرجع إليها الاختلاف في قراءة ألفاظ القرآن الكريم (¬1). 2 - أن حقيقة العدد ليست مرادة لأن لفظ السبعة يطلق في لسان العرب، ويراد به الكثرة في الآحاد، وهذا القول ينسب إلى القاضي عياض. ويناقش هذا القول: بأن العدد مراد في الحديث بدليل استزادة النبي صلّى الله عليه وسلم الحروف حرفا حرفا، ويزيده جبريل عليه السلام، فلو لم يكن العدد مرادا، لما توقف العدد عند سبعة. 3 - أن المقصود سبعة أصناف من المعاني والأحكام هي: الحلال والحرام، والأمر والزجر، والمحكم والمتشابه، والأمثال، وقيل: الحلال والحرام، والمحكم والمتشابه، والأمثال، والإنشاء، والإخبار، وقيل: الناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، والمجمل والمبين، والمفسر، وقيل: الوعد والوعيد والمطلق والمقيد، والتفسير، والإعراب والتأويل، وقيل غير ذلك. ويناقش هذا القول: بأن الصحابة رضي الله عنهم قد اختلفوا وترافعوا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، كما ثبت في حديث عمر وهشام وأبيّ بن كعب، وابن مسعود وعمرو بن العاص، وغيرهم، فلم يختلفوا في تفسيره ولا في أحكامه، ولكنهم اختلفوا في قراءة حروفه، وكيفية أدائه. واحتج بعضهم لهذا القول بما روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «نزل الكتاب الأول من باب واحد على حرف واحد، ونزل القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف زاجرا وآمرا، وحلالا، وحراما، ومحكما، ومتشابها، وأمثالا، فأحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه، وافعلوا ما أمرتم به، وانتهوا عما نهيتم عنه، ¬

_ (¬1) الزرقاني، مناهل العرفان (1: 172).

واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا» (¬1). وقد أجيب عن هذا الحديث بثلاثة أمور: الأمر الأول: أن هذه السبعة غير السبعة الأحرف التي ذكرها النبي صلّى الله عليه وسلم في الأحاديث، فقد فسرها في هذا الحديث بأنها الحلال والحرام ... ، ثم أكد ذلك بالأمر بقوله: قولوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا فدل ذلك على أن هذه غير القراءات. الأمر الثاني: أن السبعة الأحرف في هذا الحديث هي تفسير للسبعة أبواب، وليست هي عين الأحرف السبعة. الأمر الثالث: أن قوله: الحلال والحرام ... لا تعلق له بالسبعة الأحرف، ولا بالسبعة الأبواب، بل هو إخبار عن القرآن، أي هو كذا وكذا. 4 - أن المراد سبع لغات من لغات العرب الفصحى أنزل القرآن بها فهي متفرقة فيه، فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، وهو قول أبي عبيد القاسم بن سلام. ويناقش هذا القول: بأن هناك بعض الكلمات ليست من اللغات التي عدّوها، بدليل أن القرآن الكريم نزل بلغات كثيرة متعددة ليست منحصرة فيما ذكروا، فمثلا: لفظ (سامدون) في قوله تعالى: وَأَنْتُمْ سامِدُونَ [النجم: 61] باللغة الحميرية، و (رفث) بمعنى الجماع، بلغة مذحج، وهكذا ... (¬2). 5 - أن المراد سبع لغات من لغات العرب، ثم اختلفوا في تعيينها فقال بعضهم: قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن، وقال البعض الآخر: إنها خمس لغات في أكناف هوازن: سعد وثقيف، وكنانة وهذيل، وقريش، ولغتان على جميع ألسنة العرب. ويناقش القول الرابع والخامس: بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهشام بن حكيم قد اختلفا في قراءة سورة الفرقان كما ثبت في الصحيح، وكلاهما قرشي من ¬

_ (¬1) قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وانظر: الحاكم، المستدرك على الصحيحين، حديث رقم (2031) (1: 739). (¬2) الزرقاني، مناهل العرفان (1: 180).

لغة واحدة وقبيلة واحدة، ولو كان المقصود بالأحرف السبعة اللغات المختلفة أو كانت لغات متفرقة، لما اختلف القرشيان، ولغتهما واحدة، فظهر بأنّ المقصود من الأحرف السبعة شيء آخر غير لغات العرب. 6 - أن المراد هو أنها لغات سبع تكون في الكلمة الواحدة في الحرف الواحد باختلاف الألفاظ واتفاق المعاني، كقول القائل: هلمّ، وأقبل، وتعال، وإليّ، وقصدي، وقربي، ونحوي ... ، فهذه الألفاظ السبعة: معناها واحد هو: الطلب والإقبال، وهو منسوب لجمهور أهل الفقه والحديث، منهم: سفيان الثوري، وابن وهب، وهو قول ابن جرير الطبري (¬1). واستدلوا بما جاء في حديث أبي بكرة من قوله صلّى الله عليه وسلم: «كلّها شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة، ولا آية رحمة بعذاب»، وما جاء في حديث أبي بن كعب أنه كان يقرأ: «كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ، مروا فيه، سعوا فيه»، وما جاء عن ابن مسعود أنه كان يقرأ: «لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا، أمهلونا، أخرونا». يناقش هذا القول بعدة أمور (¬2): الأمر الأول: أن ما ذكر في الأحاديث ليس من قبيل حصر الأحرف السبعة، بل هو من باب التمثيل فقط لما نزل من القرآن الكريم، ويؤيد ذلك قول ابن عبد البر: «أراد بهذا ضرب المثل للحروف التي نزل القرآن عليها أنها معان متّفق مفهومها، مختلف مسموعها، لا يكون في شيء منها معنى وضده، ولا وجه يخالف معنى وجه خلافا ينفيه ويضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده» (¬3). الأمر الثاني: أن الواقع الحقيقي للقراءات الثابتة عن النبي صلّى الله عليه وسلم يخالف ما ذهبوا إليه مخالفة صريحة، إذ كثير من أوجه الاختلاف ليست داخلة في معنى الترادف الذي قصروا عليه معنى الأحرف السبعة، وأدنى تأمل للقراءات العشر المتواترة يجد هذا الاختلاف يتجاوز المرادفات اللفظية. ¬

_ (¬1) الطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن (1: 23). (¬2) الزرقاني، مناهل العرفان، (1: 174) وما بعدها. (¬3) الزركشي، البرهان (1: 221).

الأمر الثالث: أن هذا القول يلزم منه أن الأمة أسقطت واطرحت ستة أحرف، واختارت حرفا واحدا، وفي هذا إهدار لجملة كثيرة للثابت عن النبي صلّى الله عليه وسلم، بل إن الصواب: أن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على العرضة الأخيرة التي عارضها النبي صلّى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام لم يغادر منها حرفا واحدا، وما كان له رضي الله عنه، ولا لغيره فعل ذلك، فإن القرآن بأوجهه المتعددة منزل، منقول إلينا بالتواتر. فكيف تجمع الأمة على ترك ستة أحرف، ويتوافق الجميع على هذا الترك؟ 7 - أن المراد بالأحرف السبعة: الأنواع التي يقع بها التغاير والاختلاف في الكلمات القرآنية، ولا يخرج عنها ثم اختلفوا في تعيينها وحصرها. فعند أبي الفضل الرازي- مثلا- هي سبعة أصناف: 1 - اختلاف أوزان الأسماء من الإفراد والتثنية والجمع. 2 - اختلاف تصريف الأفعال وما تستند إليه نحو الماضي والمستقبل والأمر، والإسناد إلى المذكر والمؤنث والمتكلم والمخاطب والفاعل والمفعول به. 3 - وجوه الإعراب. 4 - الزيادة والنقصان. 5 - التقديم والتأخير. 6 - القلب وإبدال كلمة بأخرى أو حرف بآخر. 7 - اختلاف اللغات من فتح وإمالة وترقيق وتفخيم، وتحقيق وتسهيل، وإدغام وإظهار، ونحو ذلك. وقريب مما ذهب إليه أبو الفضل الرازي ذهب ابن قتيبة. وقد درس الإمام ابن الجزري أوجه القراءة، فوجدها لا تخرج عن سبعة أنواع هي: النوع الأول: في الإعراب بما لا يزيل صورتها في الخط، ولا يغير معناها، ومثاله: «هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ»، والوجه الثاني: «أَطْهَرُ». النوع الثاني: الاختلاف في إعراب الكلمة، وحركات بنائها بما يغير معناها، ولا يزيلها عن صورتها، ومثاله: «رَبَّنا باعِدْ»، والوجه الثاني: «رَبَّنا باعِدْ».

النوع الثالث: الاختلاف في حروف الكلمة دون إعرابها، ومثاله: «وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها»، والوجه الثاني: «ننشرها». النوع الرابع: الاختلاف في الكلمة بما يغير صورتها ومعناها، ومثاله: «طَلْعٌ نَضِيدٌ»، وفي موضع آخر: «وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ». النوع الخامس: الاختلاف في الكلمة بما يغير صورتها في الكتاب ولا يغير معناها، ومثاله: «إلا زقية واحدة»، «صيحة واحدة». النوع السادس: الاختلاف بالتقديم والتأخير، ومثاله: «وجاءت سكرة الحق بالموت»، و «جاءت سكرة الموت بالحق». النوع السابع: الاختلاف بالزيادة والنقصان، ومثاله: «وما عملت أيديهم» و «عملته». وهذا القول بما يتضمنه من تفصيلات واستقراء للقراءات القرآنية، ومحاولة تحديد معنى الأحرف السبعة، يعتبر أقرب الأقوال لمعنى الأحرف السبعة، بيد أنه لا يعطي تعريفا شاملا لحقيقة الأحرف السبعة. ورغم تعدد وجهات النظر التي يوردها القدماء في معنى الحديث، والتي بلغ بها السيوطي نحوا من أربعين قولا، فإن الحديث- بمختلف رواياته- لا ينص على شيء منها ... ، وكذلك فإنه لم يثبت من وجه صحيح تعيين كل حرف من هذه الأحرف، وكثير منها غير معروف النسبة إلى عالم معين وإنما هي مجرد استنتاج تحتمله الروايات ... ثم إن فهم معنى الحديث لا يمكن أن يكون في اتجاهه الصحيح إذا تخطى الدائرة التي تشير إليها روايات الحديث، وهي أن الخلاف كان في حدود ألفاظ التلاوة، وأن الرخصة التي كان يتحدث عنها الحديث لا تتجاوز حدود القراءة ... ومن هنا يمكن القول بأن الرخصة الواردة في الحديث ليست شيئا سوى هذه الوجوه المختلفة للتلاوة التي ينقلها القراء جيلا عن جيل حتى تنتهي إلى الصحابة الذين سمعوها من النبي صلّى الله عليه وسلم ... » (¬1). ¬

_ (¬1) غانم قدوري، رسم المصحف، ص 142 - 144، وقريب منه ما ذكره الدكتور عبد العال سالم مكرم، القراءات القرآنية وأثرها في الدراسات النحوية، ص 27.

ثالثا: الرأي المختار في معنى الأحرف السبعة:

ثالثا: الرأي المختار في معنى الأحرف السبعة: إن الأقوال السابقة لا تخلو من مناقشة وأخذ ورد، كما سبق، ولا تحدد حقيقة الأحرف السبعة، ولا تبين معناها، ولذا فإن الرأي الذي يظهر أنه منسجم ومتوافق والأحاديث الواردة في معنى الأحرف السبعة، هو الذي توصل إليه الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ بدقة وتفصيل، وهو أن الأحرف السبعة: «وجوه متعددة متغايرة منزلة من وجوه القراءة، يمكنك أن تقرأ بأي منها فتكون قد قرأت قرآنا منزلا، والعدد هنا مراد، بمعنى: أن أقصى حدّ يمكن أن تبلغه الوجوه القرآنية المنزلة هو سبعة أوجه، وذلك في الكلمة القرآنية الواحدة ضمن نوع واحد من أنواع الاختلاف والتغاير، ولا يلزم أن تبلغ الأوجه هذا الحد في كل موضع من القرآن» (¬1). وهو قريب مما توصل إليه الدكتور عبد الصبور شاهين بقوله: «ما يمثّل اختلاف اللهجات وتباين مستويات الأداء الناشئة عن اختلاف الألسن وتفاوت التعليم، وكذلك ما يشمل اختلاف بعض الألفاظ وترتيب الجمل بما لا يتغير به المعنى المراد». ويعلق الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد على كلام الدكتور عبد الصبور شاهين فيقول: « ... ويظل معنى الحديث يشير إلى تلك الرخصة التي جاءت تيسيرا، وحلا لمشكلة واجهت الجماعة المسلمة، دون تحديد لأبعاد تلك الرخصة، ولكنها لا تخرج عن إطار وجوه القراءات المروية ... » (¬2). وقد عرف الدكتور نور الدين عتر الأحرف السبعة اصطلاحا بقوله: «هي سبعة أوجه فصيحة من اللغات والقراءات أنزل عليها القرآن الكريم» (¬3)، وهو منسجم مع ما توصل إليه الدكتور القارئ أيضا. ¬

_ (¬1) د. عبد العزيز القارئ، حديث الأحرف السبعة، ص 78 - 79، وقد توصل إلى النتيجة ذاتها في الجملة د. محمد المجالي في بحثه المنشور في مجلة دراسات في العدد (23)، بعنوان: «معنى الأحرف السبعة»، وقد اقترح الدكتور حازم الكرمي اختصار هذا التعريف، بحذف بعض مفرداته انظر علوم القرآن بين البرهان والإتقان، ص 173. (¬2) غانم قدوري، رسم المصحف، ص 144. (¬3) نور الدين عتر، علوم القرآن، ص 136.

وقد أشار ابن حجر العسقلاني إلى المعنى المتقدم، ونص كلامه: «باب أنزل القرآن على سبعة أحرف: أي على سبعة أوجه جوّز أن يقرأ بكل وجه منها، وليس المراد أن كل كلمة ولا جملة منه تقرأ على سبعة أوجه، بل المراد أن غاية ما انتهى إليه عدد القراءات في الكلمة الواحدة إلى سبعة» (¬1). ودليل القول المختار في معنى الأحرف السبعة مستفاد من معنى الأحاديث الواردة فيه، ومن القراءات القرآنية الثابتة المتواترة، وذلك ضمن النقاط التالية: 1 - أن الحرف يراد به الوجه المتعلق بالقراءة، وأنها كيفيات لتلاوة الكلمة القرآنية الواحدة، بدليل اختلاف هشام بن حكيم وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما واختصامهما عند النبي صلّى الله عليه وسلم. 2 - وصفت هذه الأوجه بأنها متعددة؛ لأن القرآن لم يقرأ بوجه واحد، وقوله: «متغايرة»: إشارة إلى وجوه الاختلاف بين هذه الوجوه سواء في اللفظ فقط مع اتفاق المعنى، مع أنه لا يوجد حرف قرآني يطابق الآخر من جميع الوجوه، ولا بد من زيادة المعنى فإن الزيادة في المبنى يكون معها زيادة في المعنى، أو كان الاختلاف في اللفظ والمعنى، ومن أمثلته الواقعة في القرآن ما قرئ في المتواتر: ربّنا بعد بين أسفارنا [سبأ: 19]، والمعنى في هذا الحرف هو أنهم من عتوّهم وطغيانهم طلبوا من ربهم عز وجل أن يباعد بين أسفارهم، وقرئ في حرف آخر: «ربّنا بعّد بين أسفارنا»، بالمبالغة في فعل الأمر، ومعنى هذا الحرف: يشير إلى إلحاحهم وإصرارهم على هذا المطلب، وقرئ في حرف متواتر ثالث: «رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا» فعلا ماضيا، ومعناه: فيه إخبار بما وقع منهم من الشكاية والتحسر، لمّا تحقق ذلك ورأوا ما ترتب عليه من الشدة والمشقة، وهو تباين في المعنى- كما هو واضح-، كما فيه تباين في اللفظ (¬2). وفيما سبق رد على من قصر الاختلاف بين الوجوه على نوع واحد هو: الترادف، وهو قول ابن جرير الطبري ومن وافقه. ¬

_ (¬1) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري (9: 23). (¬2) انظر هذا التفصيل: د. عبد العزيز القارئ، حديث الأحرف السبعة، ص 97 - 99.

3 - أن هذه الأوجه وصفت بأنها منزلة، وهذا دليل على أن الرخصة إنما كانت في القراءة، واستخدام هذه الأوجه عند الحاجة إليها، ولا يعني هذا أبدا أنه يجوز الاستغناء عن شيء منها، لأن هذه الأوجه كلها منزلة، يعلمها جبريل عليه السلام رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ويلقنه إياها ثم يبلغها النبي صلّى الله عليه وسلم إلى الصحابة لكي يحفظوها ويقرئهم إياها، ويتخير لكل منهم ما يشاء حسبما يرى النبي صلّى الله عليه وسلم من أحوالهم، واستعداداتهم ولغاتهم ولهجاتهم. 4 - قوله: «وجوه القراءة ... »: لأنه ورد في الحديث كما سبق في قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «أقرأني جبريل على حرف ... »، وقول جبريل- عليه السلام-: «إن الله يأمرك أن تقرأ أمتّك القرآن على سبعة أحرف ... » وقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ... »، وهذه الألفاظ صريحة في أن الأحرف شيء يتعلق بالقراءة. 5 - قوله: «يمكنك أن تقرأ بأي منها، فتكون قد قرأت قرآنا منزلا ... »: بدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «فأيما حرف قرءوا فقد أصابوا ... » أي أصابوا القرآن، ولا يجوز ترك شيء منها بالرأي أو التحكم الذي قد يفهم من بعض الأقوال التي قيلت في معنى الأحرف السبعة، بمعنى: أنها كلها كافية شافية ولا ترجيح بين شيء منها، إذ هي أبعاض القرآن، وهو متكون من مجموعها، ولذلك حرص عثمان رضي الله عنه عند كتابتها في المصاحف أن يثبتها برسم واحد حتى لا يتوهم أحد أن هناك ترجيحا لبعضها على بعض. 6 - قوله: «والعدد هنا مراد ... »: فقد صرحت الروايات كلها بالعدد سبعة بدليل التدرج في إنزال الأحرف السبعة التي وردت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم، وفيه: «أقرأني جبريل، فلم أزل أستزيده، ويزيدني، حتى انتهى إلى سبعة أحرف ... »، وهذا التدرج لا يكون له فائدة إذا لم يكن العدد مرادا، ومراجعة النبي صلّى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام دليل آخر على ذلك. واستنبط بعض العلماء من قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «على سبعة أحرف ... »، أن استخدام النبي صلّى الله عليه وسلم حرف (على) دون غيره مشعر بالشرطية، وتقدير الكلام: أن تقرأ أمتك القرآن بأحرف متعددة على ألا تتجاوز سبعة أحرف ....

7 - قوله: «بمعنى أن أقصى حد يمكن أن تبلغه الوجوه القرآنية المنزلة هو سبعة أحرف ... »: إن الناظر والمتتبع للقراءات القرآنية الصحيحة المتواترة يجدها على نوعين: 1 - مواضع الاتفاق: وهي لم يرد فيها إلا وجه واحد، وهو معظم القرآن. 2 - مواضع الاختلاف: وهذه تبدأ من وجهين فأكثر وتصل إلى سبعة أوجه، ولكن باستقراء القراءات المتواترة، وجد بأن أقصى ما يمكن أن تبلغه هو ستة أوجه، وقد تصل في بعض الحالات إلى سبعة أوجه إذا ضم إليها الروايات الشاذة (¬1). 8 - قوله: «وذلك في الكلمة القرآنية الواحدة ضمن نوع واحد من أنواع الاختلاف والتغاير» (¬2): قيدت السبعة كحد أقصى بالكلمة القرآنية الواحدة ضمن النوع الواحد من أنواع التغاير والاختلاف، وذلك احترازا من التفريعات التي يفرّعها القراء خشية التركيب في الطرق، فقد يكون في الكلمة الواحدة موضعان أو أكثر من مواضع الخلاف، كل موضع منها يندرج ضمن نوع من أنواع التغاير؛ فإذا جمع ما في ذلك كله من أوجه دون اعتبار للأنواع تولّد عدد كبير من الأوجه. ولمزيد بيان لهذه النقطة نضرب مثالين يوضحان المقصود: المثال الأول: قوله تعالى: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: 3 - 4]، ففي ياء «الرحيم» عند الوقف ثلاثة أوجه مقروءة: القصر والتوسط والإشباع ثم في ميم: «الرحيم» مع ميم «ملك» وجهان من حيث الإدغام والإظهار، مع الوجهين الآخرين في: «ملك» بالألف وبدونها. فإذا جمعت هذه الأوجه على اعتبار أنها موضع واحد، فمجموع الأوجه سبعة أوجه، ولكن اعتبار هذه المواضع موضعا واحدا خطأ، فياء: «الرحيم» مد عارض، وهو موضع مستقل بنفسه فيه ثلاثة أوجه، والميمان المتماثلان بين لفظتي: «الرحيم» و «ملك» موضع مستقل بنفسه، وفيه وجهان، فلا يجمع أوجه المد العارض مع أوجه الميمين المتماثلين. ¬

_ (¬1) د. عبد العزيز القارئ حديث الأحرف السبعة، وصلته بالقراءات القرآنية، ص 79 - 87. (¬2) انظر هذا القيد مع أمثلته التي توضحه بتصرف يسير: د. عبد العزيز القارئ، حديث الأحرف السبعة، ص 90 - 93.

رابعا: أمثلة للأحرف السبعة:

فالمد العارض نوع من أنواع التغاير، واجتماع الميمين المتماثلين نوع آخر من أنواع التغاير، وكذلك الوجهان في: «ملك» نوع ثالث من أنواع التغاير. المثال الثاني: قوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [البقرة: 37]، في هذه الآية عدة مواضع وقع فيها الخلاف: فلفظة «آدم» منصوبة مع رفع: «كلمات»، وهي قراءة ابن كثير المكي، وقرأ باقي القراء العشرة برفع: «آدم» ونصب «كلمات»، وهما وجهان صحيحان مقروءان في هذا الموضع. وكذلك فإن الألف في: «فتلقى» فيها ثلاثة أوجه مقروءة: الوجه الأول: الفتح، والوجه الثاني: التقليل، والوجه الثالث: الإمالة، وفيها من حيث المد ثلاثة أوجه: القصر، والتوسط، والإشباع. وكذلك فإن في ألف البدل في «آدم» ثلاثة أوجه مقروءة: القصر والتوسط والإشباع، وبين ميم (آدم) وميم (من) وجهان هما الإظهار والإدغام فإذا جمعت هذه الأوجه كانت أكثر من عشرة، ولذلك لا بد من اعتبار كل نوع من أنواع التغاير على حدة، فالخلاف في فرش كلمتي: «آدم» و «كلمات» بالرفع والنصب والعكس نوع تغاير واحد، والأوجه في «فتلقى» نوع تغاير في الفتح والتقليل والإمالة، ونوع آخر في مقدار المد المنفصل فيها، وأوجه مدّ البدل نوع مستقل من أنواع التغاير، ويكون كل نوع منها بمنزلة صور متعددة للأحرف السبعة في الكلمة الواحدة ضمن نوع التغاير المستقل، في كل نوع من الأنواع السابقة. رابعا: أمثلة للأحرف السبعة: سأكتفي في التمثيل للأحرف السبعة بثلاثة أمثلة يتضح بها المقصود منها، وهي على النحو التالي: 1 - قوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: 4]، فيه قراءتان متواترتان صحيحتان، القراءة الأولى: (مالك) بالألف بعد الميم، وهي قراءة عاصم والكسائي ويعقوب وخلف، والقراءة الأخرى: (ملك) بغير ألف، وهي قراءة نافع وأبي عمرو وابن كثير وابن عامر وحمزة وأبي جعفر (¬1). ¬

_ (¬1) ابن مهران، الغاية في القراءات العشر، ص 75، وابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 273).

فهذان الوجهان يعتبران من الأحرف السبعة التي نزلت تخفيفا على الأمة، وبلغت هنا حرفين. 2 - قوله تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ [الإسراء: 23]، فيه ثلاثة أوجه متواترة صحيحة، وهي: الوجه الأول: بشديد الفاء مع كسرها منونة، أفّ، وهي رواية نافع، وحفص عن عاصم، وأبي جعفر، والوجه الثاني بفتح الفاء من غير تنوين تخفيفا «أفّ»، وهي قراءة ابن كثير، وابن عامر، ويعقوب، الوجه الثالث: بكسر الفاء من غير تنوين، «أفّ»، وهي قراءة باقي العشرة (¬1). ففي هذا المثال تعتبر الأوجه الثلاثة من جملة الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، وبلغت هنا ثلاثة أحرف. 3 - قوله تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ [البقرة: 98] فيها خمسة أوجه متواترة صحيحة، ووجهان شاذان غير مقروء بهما، فالمجموع سبعة أوجه. أما الأوجه المقروء بها، فهي: الوجه الأول: (جبريل) بكسر الجيم والراء وحذف الهمزة، وإثبات الياء، وهي قراءة نافع وأبي عمرو وابن عامر وحفص عن عاصم وأبي جعفر ويعقوب. الوجه الثاني: (جبريل) بفتح الجيم وكسر الراء وإثبات الياء من غير همز، وهي قراءة ابن كثير المكي. الوجه الثالث: (جبرئيل) بفتح الجيم والراء وإثبات الهمزة مكسورة والياء ساكنة وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف. الوجه الرابع: (جبرئل) وهو الوجه السابق مع حذف الياء بعد الهمزة، وهي رواية أبي بكر بن عياش عن عاصم. الوجه الخامس: وهو الوجه السابق حال الوقف، بتسهيل الهمزة بين بين- أي بين الهمزة والياء-، وهو وجه لحمزة (¬2). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (2: 306 - 307)، وابن الجزري، تحبير التيسير، ص 135. (¬2) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (2: 219)، وابن الجزري، تحبير التيسير ص 95، وعبد الفتاح القاضي، البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، من طريقي الشاطبية والدرة، ص 37.

وأما الوجهان الشاذان غير المقروء بهما: فالوجه الأول: (جبرائيل) بألف قبل الهمزة وحذف الياء، وهي رواية الحسن البصري. والوجه الثاني: (جبرئلّ) بفتح الجيم والراء وهمزة مكسورة، ولام مشددة، وهي رواية ابن محيصن من «المبهج» (¬1). في المثال السابق يتضح جليا معنى الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن فهي وجوه متعددة، متغايرة نزل بها القرآن تصل في حدها الأعلى سبعة أوجه في الكلمة الواحدة ضمن نوع التغاير الواحد كما تقدم، وتبين أيضا أن أقصى عدد للأحرف الواردة في المتواتر هو: ستة أحرف، ففي هذا المثال خمسة أوجه متواترة، وهي من جملة الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، بمعنى: أن كلمة (جبريل) فيها خمس كيفيات للقراءة متواترة، ووجهان آخران شاذان. وقد ذكر مكي بن أبي طالب رحمه الله تعالى مثالا للأحرف السبعة في سورة الفاتحة وفي ذلك يقول: «مثال لاختلاف القراء في سورة الفاتحة مما هو جزء من الأحرف السبعة ... مما روي عن السبعة المشهورين مما لا يخالف خط المصحف مما قرأت به ... قرأ عاصم والكسائي: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ بألف، وقرأ باقي القراء- أي من السبعة- ملك بغير ألف. وقرأ ابن كثير في رواية قنبل عنه: السراط، وسراط بالسين، وقرأ حمزة في رواية خلف عنه: الصِّراطَ بين الصاد والزاي. وقرأ ذلك باقي القراء بالصاد خالصة. قرأ حمزة عليهم بضم الهاء، وكسرها باقي القراء. قرأ ابن كثير والحلواني عن قالون عن نافع عليهم بضم الميم، ويصلانها بواو في الوصل خاصة. ¬

_ (¬1) عبد الفتاح القاضي، القراءات الشاذة، وتوجيهها من لغة العرب، ص 31.

خامسا: الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف:

قرأ أبو عمرو- أي من رواية السوسي عنه- الرّحيم ملك بالإدغام، وباقي القراء بالإظهار (¬1). خامسا: الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف (¬2): يمكن تلمس الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف بالنظر في الأحاديث النبوية الشريفة الواردة في معناها، وبما تتضمنه من اختلاف أوجه القراءة على النحو التالي: 1 - تيسير القراءة والحفظ على قوم أميين. وهذا واضح في قول النبي صلّى الله عليه وسلم المتقدم: «يا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين، منهم العجوز، والشيخ الكبير، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط»، فقد كانت العرب قبائل متعددة، وكان بينها اختلاف وتباين في اللهجات واللغات وطريقة الأداء، فلو ألزمت الأمة بكيفية واحدة من كيفيات القراءة لشق ذلك على مجموع الأمة، وإن كان يخدم بعضها (¬3). وهو تحقيق لقول الله عز وجل: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17]. قال الحافظ ابن الجزري: «فأما سبب وروده على سبعة أحرف، فللتخفيف على هذه الأمة وإرادة اليسر بها، والتهوين عليها شرفا لها وتوسعة ورحمة وخصوصية لفضلها، وإجابة لقصد نبيها أفضل الخلق وحبيب الحق ... وكما ثبت صحيحا: إن القرآن نزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف، وإن الكتاب قبله كان ينزل من باب واحد على حرف واحد، وذلك أن الأنبياء عليهم السلام كانوا يبعثون إلى أقوامهم الخاصين بهم، والنبي صلّى الله عليه وسلم بعث إلى جميع الخلق أحمرها وأسودها عربيها وعجميها؛ وكانت العرب الذين نزل القرآن بلغتهم لغاتهم- أي لهجاتهم- مختلفة، وألسنتهم شتى، ويعسر على أحدهم الانتقال من لغته إلى غيرها، أو من حرف إلى آخر، بل قد يكون بعضهم لا يقدر على ذلك ولو بالتعليم والعلاج لا سيما الشيخ والمرأة، ومن لم يقرأ كتابا كما أشار إليه صلّى الله عليه وسلم، فلو كلفوا العدول عن لغتهم، والانتقال عن ألسنتهم لكان من التكليف بما لا يستطاع ... » (¬4). ¬

_ (¬1) مكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات، ص 131 - 135. (¬2) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 52 - 53). (¬3) الزرقاني، مناهل العرفان (1: 145). (¬4) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 22).

2 - إعجاز القرآن في معانيه وأحكامه، فتقلّب الصور اللفظية في بعض الأحرف والكلمات فيه زيادة في المعنى، وفيه دلالة على الأحكام التي يستنبطها الفقهاء (¬1) وذلك على أنواع: النوع الأول: أن يكون مرجحا لحكم اختلف فيه، كقراءة «وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ» في كفارة اليمين، بزيادة: «مؤمنة»، وهي قراءة شاذة، في قوله تعالى: لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ [المائدة: 89]، فكان فيها ترجيح لاشتراط الإيمان، كما ذهب إليه الشافعي وغيره، ولم يشترطه أبو حنيفة. النوع الثاني: أن يكون لأجل اختلاف حكمين شرعيين، كقراءة: «وَأَرْجُلَكُمْ» في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة: 6]، ففيها قراءتان صحيحتان: القراءة الأولى: «وَأَرْجُلَكُمْ» بنصب اللام، وهي قراءة نافع وابن عامر وحفص والكسائي ويعقوب، وذلك عطفا على: «أَيْدِيَكُمْ»، فيكون حكمها الغسل كالوجه. القراءة الثانية: «وأرجلكم» بخفض اللام، وهي قراءة الباقين، وذلك عطفا على: «بِرُؤُسِكُمْ» لفظا ومعنى، أي المسح على الخفين. وعليه: فإن قراءة الخفض تقتضي مشروعية المسح على الخفين، وقراءة الفتح تقتضي فرض الغسل للأرجل في الوضوء، وقد فرق النبي صلّى الله عليه وسلم بين الغسل وجعله للرجلين في الوضوء، وجعل المسح على الخفين. النوع الثالث: أن يكون لإيضاح حكم يقتضي الظاهر خلافه، كقراءة «فامضوا إلى ذكر الله» فإن قراءة «فَاسْعَوْا» يقتضي ظاهرها المشي السريع، فجاءت القراءة الأخرى وهي شاذة، لكي توضح أن المقصود هو الذهاب إلى المسجد بأي صورة من الصور سواء أكان ماشيا أم راكبا أم مهرولا ... إلخ. ¬

_ (¬1) الصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع، ص 15، والزركشي، البرهان في علوم القرآن (1: 227)، ومناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص 169.

النوع الرابع: أن يكون حجة لأهل الحق، ودفعا لأهل الزيغ، كقراءة: «وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً»، ففيها قراءتان: القراءة الأولى: «وملكا كبيرا» بكسر اللام، وهي من أعظم الحجج على رؤية الحق تبارك وتعالى في الدار الآخرة؛ لأنه سبحانه هو الملك وحده في الدار الآخرة: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [غافر: 16]. القراءة الثانية: «وملكا كبير» بضم الميم وسكون اللام، وهي قراءة الباقين، وهي القراءة المتواترة. النوع الخامس: أن يكون حجة بترجيح قول بعض العلماء كقراءة: «أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ»، فإن اللمس يطلق على الجس والمس، كقوله تعالى: فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ [الأنعام: 7]، أي: مسوه. النوع السادس: أن يكون حجة لقول بعض أهل العربية، وذلك نحو قوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ [النساء: 1]، فقراءة حمزة: والأرحام بالخفض، حجة لأهل العربية على جواز أن يكون معطوفا على موضع الجار والمجرور، والمعنى: «تساءلون به وبالأرحام»، وهذا العطف غير جائز عند بعض أهل العربية، وقراءة الباقين: وَالْأَرْحامَ، والمعنى: «اتقوا الأرحام أن تقطعوها» (¬1). النوع السابع: أن يكون للجمع بين حكمين مختلفين، ومثاله «يطهرن» بالتخفيف والتشديد، في قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة: 222]. فقد قرأ شعبة وحمزة والكسائي وخلف العاشر «يطّهّرن»، بفتح الطاء والهاء مع التشديد فيهما، وهو مضارع «تطهر، وصيغة التشديد تفيد وجوب المبالغة في طهر النساء من الحيض؛ لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، وقرأ الباقون: «يطهرن»، بسكون الطاء، وضم الهاء مخففة، مضارع «طهر»، يقال طهرت المرأة إذا انقطع عنها الحيض، فالجمع بين القراءتين يعني: أن الحائض لا يقربها زوجها حتى تطهر بانقطاع دم حيضها، وتطّهّر بالاغتسال. ¬

_ (¬1) ابن زنجلة، حجة القراءات، ص 188 - 190.

3 - تعد هذه الأحرف من خصائص هذه الأمة، ومن المناقب التي امتازت بها عن غيرها من الأمم لأن كتب الأمم السابقة كانت تنزل على وجه واحد، وإنه من أعظم الخصائص لهذه الأمة أن الله عز وجل تكفل بحفظ كتابها، وهو على خلاف كتب الأمم السابقة، فقد وكل الله تعالى حفظها لهم فحرفوها وضيعوها. ويترتب عليه: أن الله تعالى تكفل بحفظ سائر الأحرف القرآنية التي أنزلها؛ لأن كل حرف منها بمنزلة الآية فضياع شيء منها واندثاره يعني أن بعض أبعاض القرآن ضاعت، أو اندثرت وهذا يتنافى مع مقتضى الحفظ الرباني للقرآن (¬1). كما أن في اختلاف القراءات نهاية البلاغة، وكمال الإعجاز، وغاية الاختصار، وجمال الإيجاز؛ إذ كل قراءة بمنزلة الآية؛ إذ كان تنوع اللفظ بكلمة تقوم مقام آيات، ولو جعلت دلالة كل لفظ آية على حدتها لم يخف ما كان في ذلك من التطويل (¬2). 4 - أن الأحرف السبعة حفظت لغة العرب من الضياع والاندثار، فقد تضمنت خلاصة ما في لغات القبائل العربية من فصيح وأفصح (¬3). 5 - أن في الأحرف السبعة برهانا واضحا ودلالة قاطعة على صدق القرآن، فمع كثرة وجوه الاختلاف والتنوع لم يتطرق إليه تضاد، ولا تناقض، ولا تخالف، بل كله يصدق بعضه بعضا، ويبين بعضه بعضا، وبعضه يشهد لبعض على نمط واحد، وأسلوب واحد، وهذا دليل قاطع على أنه من عند الله عز وجل نزل على قلب النبي صلّى الله عليه وسلم. 6 - أن نزول القرآن على سبعة أحرف فيه بيان لفضل الأمة المحمدية بتلقيها كتاب ربها هذا التلقي، والاعتناء به هذه العناية، وفيه إعظام لأجور الأمة المحمدية، ذلك أنهم يفرغون جهدهم في حفظ القرآن الكريم، وتتبع معانيه، واستنباط الحكم والأحكام من دلالة كل لفظ من ألفاظ الأحرف السبعة، وإنعامهم النظر ¬

_ (¬1) د. عبد العزيز القارئ، حديث الأحرف السبعة وصلته بالقراءات القرآنية، ص 96. (¬2) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 52). (¬3) د. عبد العزيز القارئ، حديث الأحرف السبعة، وصلته بالقراءات القرآنية، ص 102.

في الكشف عن التوجيه والتعليل والتخريج للروايات القرآنية، وبيان وجهها في العربية، وكشف وجه الفصاحة فيها، ولا ريب في أن هذه أجور عظيمة لهذه الأمة في خدمة كتاب الله عز وجل، ومن ناحية أخرى فإن انشغال أبناء الأمة الإسلامية في تدارس وحفظ القرآن والتمييز بين متشابهاته أمر مقصود ليبقى كل حافظ على اتصال بالقرآن الكريم وتعاهد له، وكذا يقال بالنسبة للعناية بقراءاته وتتبعها وبيان وجوهها، فإن ذلك يؤدي إلى انشغال الأمة بتعلم القرآن وتعليمه وبذلك يستمر تعلقهم به قراءة وتدبرا وعملا. 7 - أن في الأحرف السبعة بيانا لظهور سر الله تعالى في توليه حفظ كتابه العزيز، وصيانة كلامه المنزل، فقد قيض الله عز وجل في كل عصر وفي كل مصر من يحفظون كتاب الله عز وجل، بأوجهه المختلفة.

المبحث الثاني جمع القرآن الكريم في عهد عثمان رضي الله عنه والفرق بينه وبين جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه

المبحث الثاني جمع القرآن الكريم في عهد عثمان رضي الله عنه والفرق بينه وبين جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه جمع القرآن الكريم في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم في الصدور وعلى أدوات الكتابة الأولية، وهي اللخف والعسب وجريد النخل وغيرها من أنواع الورق المتوفرة عندهم، ولم يكن القرآن الكريم آنذاك مجموعا في مكان واحد، بل كان مفرق الآيات والسور، أو مرتب الآيات فقط وبالأحرف السبعة (¬1). قال البيهقي في المدخل: «واعلم أن القرآن كان مجموعا كله في صدور الرجال أيام حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ومؤلفا هذا التأليف الذي نشاهده ونقرؤه إلا «سورة براءة» فإنها كانت من آخر ما نزل من القرآن ... ويشبه أن يكون رسول الله صلّى الله عليه وسلم إنما لم يجمعه في مصحف واحد، لما كان يعلم من جواز ورود النسخ على أحكامه ورسومه، فلما ختم الله دينه بوفاة نبيه صلّى الله عليه وسلم، وانقطع الوحي، قيض لخلفائه الراشدين عند الحاجة إليه جمعه بين الدفتين» (¬2). ثم جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه بسبب خوف الفاروق عمر رضي الله عنه ذهاب القرآن باستشهاد حفاظه وقد أمر أبو بكر رضي الله عنه زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يجمع القرآن، ذلك أن زيدا كان من حفاظ القرآن ومن كتاب الوحي، وهو ممن شهد العرضة الأخيرة للقرآن الكريم، وقد كان القرآن في عهد أبي بكر في مصحف واحد مرتب الآيات مشتملا على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن (¬3). ¬

_ (¬1) أبو شامة، المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز، ص 56 وما بعدها. (¬2) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 61 - 62. (¬3) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 62 - 63، ومناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص 118 - 128، وغانم قدوري، رسم المصحف، دراسة لغوية تاريخية، ص 95 - 107 وما بعدها.

ولما اتسعت الفتوحات الإسلامية وتفرق القراء في الأمصار، أخذ كل صحابي يقرئ أهل البلدة التي ينزل فيها ما تعلمه من النبي صلّى الله عليه وسلم على وفق الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ولكن دخول الأعاجم في الإسلام وسماعهم للقرآن على هذا النحو أدى إلى دخول الشك في نفوس الناشئة الذين لم يدركوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم. واشتد الأمر حينما كان غزو «أرمينية»، وغزو «أذربيجان» من أهل العراق، وكان فيمن غزاها حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، فرأى اختلافا كثيرا في وجوه القراءة، وكان بعض ذلك خارجا عن سنن القراءة الصحيحة المتلقاة عن النبي صلّى الله عليه وسلم وبلغ الأمر بهم إلى تكفير بعضهم بعضا، ففزع حذيفة إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه يخبره بالأمر، فاستشار عثمان أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم في جمع القرآن على وفق العرضة الأخيرة؛ درءا للفتنة، وأن ينسخوه من الصحف التي كانت عند أبي بكر رضي الله عنه في جمعه الأول للقرآن الكريم فوافقوه على ذلك. وفعلا قام عثمان رضي الله عنه بجمع الناس على الأحرف الثابتة عن النبي صلّى الله عليه وسلم في العرضة الأخيرة برسم واحد في غالبه على حرف ولغة قريش، يحتمل الأوجه المختلفة، واطرح ما سواها، لكونه نسخ في العرضة الأخيرة؛ أو لكونه يعدّ تفسيرا وشرحا للآيات الكريمة من قبل الصحابة الكرام، وقد شارك في جمع القرآن زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص بن أمية، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي رضي الله عنهم (¬1). قال الحافظ ابن الجزري: «والحق ما تحرر من كلام الإمام محمد بن جرير الطبري وأبي عمر بن عبد البر وأبي العباس المهدوي ومكي بن أبي طالب القيسي وأبي القاسم الشاطبي، وابن تيمية وغيرهم، وذلك أن المصاحف التي كتبت في زمن أبي بكر رضي الله عنه كانت محتوية على جميع الأحرف السبعة، فلما كثر الاختلاف، وكاد المسلمون أن يكفر بعضهم بعضا أجمع الصحابة على كتابة القرآن العظيم على العرضة الأخيرة التي قرأها النبي صلّى الله عليه وسلم على جبريل عام قبض، فكتبوا المصاحف على لفظ لغة قريش والعرضة الأخيرة، وما صح عن النبي صلّى الله عليه وسلم وجردوا المصاحف عن ¬

_ (¬1) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 64 وما بعدها، ود. غانم قدوري، رسم المصحف، ص 107 وما بعدها.

النقط والشكل لتحتمله صورة ما بقي من الأحرف السبعة كالإمالة والتفخيم والإدغام والهمز والحركات وأضداد ذلك مما هو باقي الأحرف السبعة غير لغة قريش ... » (¬1). ونسخ عثمان رضي الله عنه مجموعة من المصاحف وأرسلها إلى الأمصار حيث قام بجمع القرآن الذي تلقاه النبي صلّى الله عليه وسلم، والذي كان يتنزل بوجوه متعددة ومتغايرة منزّلة من أوجه القرآن الكريم، وهي أوجه تتعلق بالتلاوة والقراءة كما تبين جليا من خلال استعراض الأحاديث الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف، ومن خلال المعنى المختار للأحرف السبعة. وقد ذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة العرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلّى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام متضمنة لها لم تترك منها حرفا، وهو القول الذي يظهر صوابه من خلال الأحاديث الصحيحة، والآثار المشهورة المستفيضة (¬2). وقد حسم عثمان بذلك الخلاف بين المسلمين في وجوه قراءة القرآن، وحملهم على ما نزل من القرآن بكيفياته المختلفة، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على الرسم الذي كتب به عثمان القرآن مشتملا على المستقر من الأحرف السبعة في العرضة الأخيرة، ولا ريب في أن إجماع الصحابة حجة قطعية حسمت مادة الخلاف بين المسلمين، وأوجبت العمل بالرسم العثماني (¬3). قال أبو شامة: «ثم إن الصحابة رضي الله عنهم خافوا من كثرة الاختلاف، وألهموا، وفهموا أن تلك الرخصة قد استغني عنها بكثرة الحفظة للقرآن، ومن نشأ على حفظه صغيرا، فحسموا مادة ذلك بنسخ القرآن على اللفظ المنزل غير اللفظ ¬

_ (¬1) منجد المقرئين، ص 21 - 22. (¬2) هذا هو القول المشهور، وذهبت طائفة من الفقهاء والقراء إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة؛ لأن الأمة لا يجوز لها أن تهمل شيئا منها وذهبت طائفة أخرى إلى أن المصاحف لا تشتمل إلا على حرف واحد، انظر: ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 31)، ومنجد المقرئين ص 21، والطبري، جامع البيان (1: 64). (¬3) انظر سبب جمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه، مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص 128 وما بعدها.

المرادف له، وصار الأصل ما استقرت عليه القراءة في السنة التي توفي فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد ما عارضه به جبريل عليه السلام في تلك السنة مرتين، ثم اجتمعت الصحابة على إثباته بين الدفتين، وبقي من الأحرف السبعة التي كان أبيح قراءة القرآن عليها ما لا يخالف المرسوم ... » (¬1). ورجح بعض المعاصرين أن عثمان رضي الله عنه قد جمع الناس على حرف واحد وهو لغة قريش واطرح ما سواها (¬2). وهذا الرأي يمكن أن يفهم من جهتين: فإن أرادوا أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قد ألزم المسلمين بالقراءة بحرف قريش فحسب، وترك الأحرف الأخرى التي نزل بها القرآن، فهذا قول ضعيف لأمرين: الأمر الأول: أن هذا القول يتعارض والمعنى الأقرب لمعنى الأحرف السبعة، فالأحرف السبعة كما تقدم هي كيفيات ووجوه متعددة متغايرة لكلمات القرآن الكريم، وهذه الوجوه مشتملة على حرف قريش وغيره. الأمر الثاني: أن في هذا القول هدرا لجملة من القراءات القرآنية التي نزلت على النبي صلّى الله عليه وسلم وثبتت في العرضة الأخيرة. ويتمسك القائلون بأن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على حرف واحد: بأن الأحرف السبعة رخصة فيسوغ أخذ حرف منها دون سائر الأحرف. ويرد على هذا الدليل: بأن التخيير إنما كان في قراءة ما هو متلقّى لا في نقل الروايات القرآنية، ولذلك كانت الرخصة في قراءة هذه الأحرف السبعة، أو قراءة بعضها، لا أن الأمة مخيرة أن تنقل ما تشاء منها، وتترك ما تشاء، فهذا مما لم تتناوله الرخصة سيما أن القرآن محفوظ كله بسائر الأحرف التي نزل بها. ثم إن الصحابة الكرام قاموا بنقل ما تلقوه من النبي صلّى الله عليه وسلم من أوجه القراءة موافقا للرسم العثماني لضبط الأوجه المقروء بها، ذلك أن الخبير بالرسم العثماني يدرك بأنه ¬

_ (¬1) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 89 - 90. (¬2) منهم محمد طاهر الكردي، ود. عبد الفتاح شلبي، ود. عبده الراجحي، وانظر هذه المسألة: غانم قدوري، رسم المصحف، ص 146 - 147.

يحتمل وجوها كثيرة فخوفا من تسرب ما لم يثبت قرآنا، عني الصحابة رضي الله عنهم والتابعون، ومن بعدهم بضبط روايات القرآن الكريم، واشتهر طائفة من نقلة هذه الروايات بالضبط والإتقان، وعرفوا بها، واشتهروا بنقلها، فنشأ مفهوم القراءات القرآنية أو علم القراءات. وأما إذا أرادوا بقولهم السابق: أن رسم المصحف كان بحرف قريش فقط، وأن رسمه يحتمل ما ثبت في العرضة الأخيرة، فهو رأي فيه وجاهة لولا أنه يشكل عليه ما ورد في صحيح الإمام البخاري من حديث أنس بن مالك قال: «فأمر عثمان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش؛ فإن القرآن أنزل بلسانهم، ففعلوا» (¬1)، فالأثر السابق يستفاد منه الأمور التالية: الأمر الأول: أن غالب القرآن نزل بلسان قريش، لقول عثمان رضي الله عنه: «فإن القرآن نزل بلسانهم»، أي: أن غالب القرآن نزل بلسان قريش؛ بدليل قوله تعالى: قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ [الزمر: 28]، وقوله تعالى: بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء: 195]، فالآيتان الكريمتان تدلان على أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب جميعا؛ وإن كان غالبه نزل بلغة قريش. قال أبو شامة: «ومعنى قول عثمان رضي الله عنه «إن القرآن أنزل بلسان قريش»، أي: معظمه بلسانهم، فإذا وقع الاختلاف في كلمة فوضعها على موافقة لسان قريش أولى من لسان غيرهم، أو المراد: نزل في الابتداء بلسانهم، ثم أبيح بعد ذلك أن يقرأ بسبعة أحرف» (¬2). الأمر الثاني: أن الأثر السابق يدل صراحة على أن رسم المصحف رسم بلغة قريش، وغيرها بدليل قول عثمان رضي الله عنه: «إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في ¬

_ (¬1) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، بشرح صحيح البخاري، (9: 8 - 9). (¬2) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 69، وانظر: خالد السبت، مناهل العرفان، للزرقاني، دراسة وتقويم.

عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش»، فهو يدل على أن بعض الأحرف كانت تكتب بلغة غير لغة قريش. والذي يترجح في هذه الجزئية- والله تعالى أعلم-: أن القرآن الكريم قد رسم في غالبه بلغة قريش، مع هذا لا يمنع من رسم طائفة من الحروف بلغة غيرها؛ لأن رسم المصحف قد احتوى على ما استقر من الحروف القرآنية في العرضة الأخيرة. وعليه: فإن أبا بكر رضي الله عنه قصد إلى جمع القرآن الكريم في مكان واحد حفظا للقرآن من الذهاب والاندثار والعياذ بالله، وقصد عثمان رضي الله عنه أن يقتصر الناس على تلاوته على اللفظ الذي كتب بأمر النبي صلّى الله عليه وسلم، ولا يتعدوه إلى غيره من القراءات التي كانوا يقرءون بها مع كونها منافية لخط المصحف (¬1). ¬

_ (¬1) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 71.

المبحث الثالث الأحرف السبعة وعلاقتها بالقراءات العشر المتواترة

المبحث الثالث الأحرف السبعة وعلاقتها بالقراءات العشر المتواترة تقدم أن الأحرف السبعة هي الكيفيات المختلفة التي نزل بها القرآن الكريم، وأنه قد نسخ شيء منها في العرضة الأخيرة، وقد استقر الأمر- كما سيأتي- أن القراءات العشر هي المتواترة، وأنها جملة ما بقي في العرضة الأخيرة (¬1). وعليه: فإن القراءات العشر المتواترة هي جملة ما بقي من الأحرف السبعة، وهو الصورة النهائية لكتاب الله عز وجل. قال البغوي: «جمع الله تعالى الأمة بحسن اختيار الصحابة على مصحف واحد، وهو آخر العرضات على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر بكتبته، جمعا بعد ما كان مفرقا في الرقاع ليكون أصلا للمسلمين، يرجعون إليه ويعتمدون عليه، وأمر عثمان رضي الله عنه بنسخه في المصاحف، وجمع القوم عليه، وأمر بتحريق ما سواه قطعا لمادة الخلاف، فكان ما يخالف الخط المتفق عليه في حكم المنسوخ والمرفوع، كسائر ما نسخ ورفع منه باتفاق الصحابة، والمكتوب بين اللوحين هو المحفوظ من الله عز وجل للعباد، وهو الإمام للأمة ... » (¬2). فالأحرف السبعة هي الأعم، وأخص منها القراءات العشر المتواترة، وأخص منها القراءات السبع المتواترة، وأن ما سوى القراءات العشر المتواترة شاذ، وليس قرآنا ولا يقرأ به. وعليه: فإن القراءات السبع والعشر المتواترة تعتبر جزءا من الأحرف السبعة التي نزلت على قلب الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلم؛ لكونه قد نسخ جزء منها في العرضة الأخيرة. ¬

_ (¬1) تقدم قول الإمام الطبري في كون الأحرف السبعة هي حرف واحد اختاره عثمان رضي الله عنه، وعليه: فإن القراءات العشر المتواترة تعتبر حرفا واحدا من الأحرف السبعة، وقد نوقش هذا القول في موضعه، وتبين ضعفه. (¬2) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 144.

ولذلك فإنه يمكن وضع القاعدة التالية: «كل قراءة صحيحة متواترة هي من الأحرف السبعة، وليس كل شيء من الأحرف السبعة متواترا؛ لكونه قد نسخ شيء منها في العرضة الأخيرة». قال ابن الجزري: «إن المصاحف العثمانية لم تكن محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أبيحت بها قراءة القرآن كما قال جماعة من أهل الكلام وغيرهم، بناء منهم على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة». وقال: «لأننا إذا قلنا إن المصاحف العثمانية محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى كان ما خالف الرسم يقطع بأنه ليس من الأحرف السبعة وهذا قول محظور لأن كثيرا مما خالف الرسم قد صح عن الصحابة رضي الله عنهم، وعن النبي صلّى الله عليه وسلم» (¬1). ثم علق الدكتور القارئ على قول ابن الجزري المتقدم بقوله: «هذا مقتضى التحقيق لأن بعض أفراد الأحرف السبعة نسخت تلاوته في العرضة الأخيرة، فلم يقرئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعدها فلا يعتبر بعد ذلك قرآنا ولذا لم يكتب في المصاحف العثمانية لأن عثمان رضي الله عنه، ورهطه رضوان الله عليهم كانوا يتحرون كتابة ما ثبت في العرضة الأخيرة ... والحق الذي يعرفه كل محقق، أن ما أثبت في هذه العرضة من أحرف القرآن، والذي يمثل الصيغة الكاملة الأخيرة للقرآن قد كتب كله في المصاحف العثمانية، ولم يترك منه شيء، وقد اتفق المحققون على أن ما رواه الأئمة العشرة قد استوعب كل هذه الأحرف، واتفقوا على أن ما رواه غيرهم زائدا على ما رووه بجملتهم إما شاذ أو منكر أو ضعيف أو موضوع» (¬2). وقال ابن الجزري: «الباب السادس: في أن العشرة بعض الأحرف السبعة، وأنها متواترة أصولا وفرشا ... (¬3). وقال: «وقول من قال: إن القراءات المتواترة لا حد لها، إن أراد في زماننا فغير صحيح، لأنه لا يوجد اليوم قراءة متواترة وراء العشر، وإن أراد في الصدر الأول، فيحتمل إن شاء الله» (¬4). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، منجد المقرئين، ص 21. (¬2) د. عبد العزيز القارئ، حديث الأحرف السبعة، وصلتها بالقراءات القرآنية، ص 123 - 124. (¬3) ابن الجزري، منجد المقرئين، ص 54. (¬4) ابن الجزري، منجد المقرئين، ص 16.

وقال الإمام مكي بن أبي طالب: «إن هذه القراءات كلها التي يقرأ بها الناس اليوم، وصحت روايتها عن الأئمة إنما هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، ووافق اللفظ بها خط المصحف، مصحف عثمان الذي أجمع الصحابة ومن بعدهم عليه، واطّرح ما سواه مما يخالف خطه ... وجمع المسلمين عليها، ومنع من القراءة بما خالف خطها، وساعده في ذلك زهاء- أي قدر- اثني عشر ألفا من الصحابة والتابعين، واتبعه على ذلك جماعة من المسلمين بعده، وصارت القراءة عند جميع العلماء بما يخالفه بدعة وخطأ وإن صحت ورويت» (¬1). وقال الإمام البغوي: «المصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر العرضات على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأمر عثمان بنسخه في المصاحف وجمع الناس عليه وأذهب ما سوى ذلك قطعا لمادة الخلاف، فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع، فليس لأحد أن يعول في اللفظ على ما هو خارج عن الرسم» (¬2). وقال أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي (ت 440): «أصح ما عليه الحذاق من أهل النظر في معنى ذلك أن ما نحن عليه في وقتنا هذا من هذه القراءات هو بعض الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن». وقال أبو شامة: «إن هذه القراءات التي نقرؤها هي بعض من الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن، استعملت لموافقتها المصحف الذي اجتمعت عليه الأمة، وترك ما سواها من الحروف السبعة لمخالفته لمرسوم خط المصحف؛ إذ ليس بواجب علينا القراءة بجميع الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن، وإذ قد أباح النبي صلّى الله عليه وسلم لنا القراءة ببعضها دون بعض، لقوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل: 20]، فصارت هذه القراءة المستعملة في وقتنا هذا هي التي تيسرت لنا بسبب ما رواه سلف الأمة رضوان الله عليهم من جمع الناس على هذا المصحف، لقطع ما وقع بين الناس من الاختلاف، وتكفير بعضهم لبعض» (¬3). ¬

_ (¬1) الإبانة عن معاني القراءات، تحقيق: د. عبد الفتاح شلبي، ص 33 - 35. (¬2) ابن حجر العسقلاني، فتح الباري بشرح صحيح البخاري (9: 30). (¬3) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 141 - 142، وانظر: خالد السبت، مناهل العرفان، الزرقاني، دراسة وتقويم (1: 372).

المبحث الرابع خلاصة ما ينبغي اعتقاده في الأحرف السبعة والقراءات القرآنية العشر المتواترة وتاريخ المصحف الشريف

المبحث الرابع خلاصة ما ينبغي اعتقاده في الأحرف السبعة والقراءات القرآنية العشر المتواترة وتاريخ المصحف الشريف لقد لخص الإمام أبو عمرو الداني رحمه الله تعالى جملة ما يجب على المسلم اعتقاده في الأحرف السبعة والقراءات القرآنية وتاريخ المصحف، مبينا أهم القضايا في هذه المسألة الهامة والحساسة والحاسمة في موضوع القرآن الكريم، وفيما يلي كلمات الإمام أبي عمرو الداني بنصها لأهميتها: قال أبو عمرو الداني: «وجملة ما نعتقده من هذا الباب، وغيره: من إنزال القرآن، وكتابته، وجمعه، وتأليفه، وقراءته، ووجوهه، ونذهب إليه ونختاره، أن القرآن منزّل على سبعة أحرف: كلها شاف كاف، وحق وصواب، وأن الله تعالى قد خيّر القراء في جميعها، وصوّبهم إذا قرءوا بشيء منها. وأن هذه الأحرف السبعة المختلف معانيها تارة، وألفاظها تارة مع اتفاق المعنى، ليس فيها تضاد، ولا تناف للمعنى، ولا إحالة ولا فساد، وأنا لا ندري حقيقة أي هذه السبعة الأحرف كان آخر العرض، أو آخر العرض كان ببعضها دون جميعها. وأن جميع هذه السبعة أحرف، قد كانت ظهرت، واستفاضت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وضبطتها الأمة على اختلافها عنه، وتلقتها منه، ولم يكن شيء منها مشكوكا فيه، ولا مرتابا به. وأن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومن بالحضرة من جميع الصحابة، قد أثبتوا جميع تلك الأحرف في المصاحف، وأخبروا بصحتها، وأعلموا بصوابها، وخيروا الناس فيها، كما كان صنع رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وأن من هذه الأحرف حرف أبي بن كعب، وحرف عبد الله بن مسعود، وحرف زيد بن ثابت، وأن عثمان رحمه الله تعالى والجماعة؛ إنما طرحوا حروفا وقراءات

باطلة، غير معروفة، ولا ثابتة، بل منقولة عن الرسول صلّى الله عليه وسلم، نقل الأحاديث، التي لا يجوز إثبات قرآن وقراءات بها. وأن معنى إضافة كل حرف مما أنزل الله تعالى إلى من أضيف من الصحابة كأبيّ، وعبد الله، وزيد، وغيرهم من قبل أنه كان أضبط له، وأكثر قراءة، وإقراء به، وملازمة له، وميلا إليه، لا غير ذلك. وكذلك إضافة الحروف والقراءات إلى أئمة القراءة بالأمصار، المراد بها أن ذلك القارئ، وذلك الإمام اختار القراءة بذلك الوجه من اللغة، وآثره على غيره، وداوم عليه ولزمه، حتى اشتهر وعرف به، وقصد فيه، وأخذ عنه. فلذلك أضيف إليه دون غيره من القراء، وهذه الإضافة إضافة اختيار ودوام ولزوم، لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد. وأن القرآن لم ينزل بلغة قريش فقط، وإن كان معظمه نزل بلغة قريش، وأن رسول الله صلّى الله عليه وسلم سنّ جمع القرآن، وكتابته، وأمر بذلك، وأملاه على كتبته، وأنه صلّى الله عليه وسلم لم يمت حتى حفظ جميع القرآن جماعة من أصحابه، وقد حفظ الباقون منه جميعه متفرقا، وعرفوه وعلموا مواقعه ومواضعه، على وجه ما يعرف ذلك اليوم، من ليس من الحفاظ لجميع القرآن. وأن أبا بكر الصديق، وعمر الفاروق، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وجماعة من الأمة، أصابوا في جمع القرآن بين لوحين، وتحصينه، وإحرازه، وصيانته، وجروا في كتابته على سنن الرسول صلّى الله عليه وسلم، وسنته، وأنهم لم يثبتوا منه شيئا غير معروف، ولا ما لم تقم الحجة به، ولا رجعوا في العلم بصحة شيء منه، وثبوته إلى شهادة الواحد والاثنين، وما جرى مجراها، وإن كانوا قد أشهدوا على النسخة التي جمعوها، على وجه الاحتياط، من الغلط، وطرق الحكم- أي توهمه-. وأن أبا بكر رضي الله عنه، قصد في جمع القرآن إلى تثبيته بين اللوحين فقط، ورسم جميعه، وأن عثمان رحمه الله تعالى، أحسن وأصاب، ووفق لفضل عظيم، في جمع الناس على مصحف واحد، وقراءات محصورة، والمنع من غير ذلك، وأن سائر الصحابة، من علي رضي الله عنه ومن غيره، كانوا متبعين لرأي أبي بكر وعثمان

في جمع القرآن، وأنهم أخبروا بصواب ذلك، وشهدوا به، وأن عثمان رضي الله عنه لم يقصد قصد أبي بكر في جمع نفس القرآن بين لوحين، وإنما قصد جمع الصحابة على القراءات الثابتة المعروفة عن الرسول صلّى الله عليه وسلم، وألقى ما لم يجر مجرى ذلك، وأخذهم بمصحف، لا تقديم فيه ولا تأخير. وأنه لم يسقط شيئا من القراءات الثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم ولا منع منها، ولا حظر القراءة بها؛ إذ ليس إليه، ولا إلى غيره أن يمنع ما أباحه الله تعالى وأطلقه، وحكم بصوابه، وحكم الرسول صلّى الله عليه وسلم للقارئ به أنه محسن مجمل في قراءته. وأن القراء السبعة ونظائرهم من الأئمة متبوعون في جميع قراءاتهم الثابتة عنهم، التي لا شذوذ فيها، وأن ما عدا ذلك مقطوع على إبطاله وفساده، وممنوع من إطلاقه والقراءة به، فهذه الجملة التي نعتقدها ونختارها في هذا الباب، والأخبار الدالة على صحة جميعها كثيرة» (¬1). ¬

_ (¬1) أبو عمرو الداني، الأحرف السبعة للقرآن، ص 60 - 63.

الفصل الثاني مفهوم علم القراءات، ونشأته والمراحل التي مر بها وشروط القراءة الصحيحة وأنواع القراءات

الفصل الثاني مفهوم علم القراءات، ونشأته والمراحل التي مر بها وشروط القراءة الصحيحة وأنواع القراءات

المبحث الأول مفهوم علم القراءات، والفرق بين القرآن والقراءات

الفصل الثاني مفهوم علم القراءات، ونشأته والمراحل التي مر بها، وشروط القراءة الصحيحة، وأنواع القراءات المبحث الأول مفهوم علم القراءات، والفرق بين القرآن والقراءات سيكون الحديث في هذا المبحث في تعريف علم القراءات، والفرق بين القرآن والقراءات، وذلك على النحو التالي: أولا: تعريف علم القراءات: أما القراءات لغة، فهي جمع قراءة، وهي في اللغة مصدر قرأ، يقال: قرأ، يقرأ، قراءة، وقرآنا، بمعنى تلا، فهو قارئ، والقرآن متلو (¬1). أما علم القراءات: «فهو العلم الذي يعنى بكيفية أداء كلمات القرآن الكريم، واختلافها معزوا إلى ناقله» (¬2). وقال بعض العلماء: بأن القراءات علم بكيفيات أداء كلمات «القرآن الكريم» من تخفيف وتشديد، واختلاف ألفاظ الوحي في الحروف» (¬3). وقال الدمياطي: «علم يعلم منه اتفاق الناقلين لكتاب الله تعالى واختلافهم في الحذف والإثبات والتحريك والتسكين والفصل والوصل، وغير ذلك من هيئة النطق والإبدال وغيره من حيث السماع» (¬4). ¬

_ (¬1) الفيروزآبادي، القاموس المحيط، ص 62. (¬2) ابن الجزري، منجد المقرئين ومرشد الطالبين، ص 3. (¬3) د. محمد سالم محيسن، القراءات وأثرها في علوم العربية، ص 16. (¬4) الدمياطي، إتحاف فضلاء البشر، ص 5.

ثانيا: مصدر القراءات:

وموضوع هذا العلم هو: كلمات القرآن من حيث أحوال النطق بها وكيفية أدائها، واستمداده من النقول الصحيحة المتواترة عن علماء القراءات الموصولة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. والمقرئ: من علم بها أداء ورواها مشافهة، فلو حفظ كتابا امتنع إقراؤه بما فيه إن لم يشافهه من شيوخه مشافهة. والقارئ المبتدئ: من أفرد إلى ثلاث روايات، والمنتهى من نقل منها أكثرها (¬1). ثانيا: مصدر القراءات (¬2): القراءات القرآنية المتواترة هي جملة ما بقي من الأحرف السبعة التي نزلت على النبي صلّى الله عليه وسلم، ومصدرها الوحيد هو الوحي الرباني الذي نزل به جبريل الأمين عليه السلام على النبي صلّى الله عليه وسلم عن طريق النقل الصحيح المتواتر. قال الله عز وجل عن النبي صلّى الله عليه وسلم في تلقيه القرآن والقراءات: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى [النجم: 3 - 5]. وليست القراءات القرآنية مأخوذة من خط العرب، أو رسم المصحف، أو اجتهاد الصحابة أو التابعين، فلا مجال للرأي والاجتهاد في تحديد قرآنية الرواية، ونسبة القراءات للقراء كما تقدم في كلام أبي عمرو الداني هي نسبة اختيار ودوام ولزوم ورواية واشتهار، لا نسبة اختراع ورأي واجتهاد. ثالثا: الفرق بين القرآن والقراءات (¬3): القرآن الكريم هو كلام الله تعالى المعجز المتعبد بتلاوته والمنقول إلينا نقلا متواترا، والمبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس، وعليه: فالقرآن الكريم هو الوحي الذي أنزله الله عز وجل على قلب محمد صلّى الله عليه وسلم، ونقل بالتواتر. ¬

_ (¬1) انظر هذه المقدمة في علم القراءات: ابن الجزري، منجد المقرئين، ص 3 - 5، وعبد الفتاح القاضي، البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، ص 7، وإبراهيم عطوة عوض، من مقدمة تحقيق شرح الشاطبية، إبراز المعاني لأبي شامة، ص 12. (¬2) الدكتور عبد الهادي الفضلي، القراءات القرآنية، تاريخ وتعريف، ص 79، 105. (¬3) انظر هذه المسألة: د. محمد سالم محيسن، القراءات وأثرها في علوم العربية، ص 16 - 18.

فهل هناك فرق بين القرآن والقراءات، وقد علمنا بأن القراءات هي كيفيات أداء كلمات القرآن، مع اختلافها معزوا إلى ناقله، ومنها المتواتر والشاذ على ما سيأتي. بادئ بدء لا بد من القول بأن الإمام بدر الدين الزركشي يرى بأن القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان، حيث يقول: «واعلم أن القرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان، فالقرآن هو الوحي المنزل على محمد صلّى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز، والقراءات: هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في الحروف، وكيفيتها، من تخفيف وتثقيل ... » (¬1). ومنه أيضا: التخفيف والهمز والتسهيل والتحقيق، والفتح والإمالة، وغيرها من أوجه الاختلاف سواء وقع في الأصول أو في فرش الكلمات. وتابع الزركشي في هذا القول القسطلاني في لطائف الإشارات، والشيخ أحمد ابن محمد الدمياطي، صاحب إتحاف فضلاء البشر. وهذا الإطلاق من الإمام الزركشي يفيد كون القرآن والقراءات شيئين متغايرين مختلفين مطلقا من كل وجه، وهو إن كان يقصده الإمام فليس بصواب؛ لأن القراءات الصحيحة المتواترة التي تلقتها الأمة بالقبول ما هي إلا جزء من القرآن الكريم، فبينهما ارتباط وثيق، وهو ارتباط الجزء بالكل. ولعل ما قصده الإمام الزركشي أن بينهما ارتباطا وثيقا، وتداخلا لا ينكر، حيث قال: «ولست في هذا أنكر تداخل القرآن بالقراءات، إذ لا بد أن يكون الارتباط بينهما وثيقا، غير أن الاختلاف على الرغم من هذا يظل موجودا بينهما، بمعنى أن كلّا منهما شيء يختلف عن الآخر لا يقوى هذا التداخل بينهما على أن يجعلهما شيئا واحدا، فما القرآن إلا التركيب واللفظ، وما القراءات إلا اللفظ ونطقه، والفرق بين هذا وذاك واضح، وبيّن» (¬2). والذي يبدو أن القرآن والقراءات ليسا متغايرين تغايرا كاملا، بل هما متغايران من وجه، حيث إن القرآن يشمل مواضع الاتفاق والاختلاف التي صحت وتواترت عن النبي صلّى الله عليه وسلم، والقراءات هي أوجه الاختلاف سواء كانت متواترة أو شاذة، ومعلوم بأن الشاذ لا يصح كونه قرآنا. ¬

_ (¬1) الزركشي، البرهان (1: 318). (¬2) المصدر السابق.

كما أنهما ليسا متفقين مطلقا، بل هما متفقان من وجه أيضا، فإن القرآن هو الوحي النازل على النبي صلّى الله عليه وسلم، والقراءات الصحيحة المتواترة جزء من هذا القرآن. ويرى الدكتور محمد سالم محيسن أن: القرآن والقراءات حقيقتان بمعنى واحد، أي: أنهما شيء واحد، ودليله: أن كلّا منهما وحي منزل على الرسول صلّى الله عليه وسلم (¬1). والظاهر أن هذا الرأي ليس بصواب؛ لما يأتي (¬2): 1 - أن القراءات على اختلاف أنواعها لا تشمل كلمات القرآن كله، لأنها موجودة في بعض ألفاظه، فكيف يقال بأنهما حقيقتان متحدتان. 2 - أن تعريف القراءات يشمل المتواتر والشاذ، والقراءات المتواترة من القرآن قطعا، والقراءات الشاذة لا تعتبر قرآنا، فكيف يقال بأن القرآن والقراءات على هذا الإطلاق حقيقة متحدة. لذا، فإن المتتبع لروايات الأحرف السبعة، وما تتضمنه من معان ودلالات يجدها تدلل على أن القرآن الكريم هو الوحي الذي أنزله الله عز وجل على نبيه صلّى الله عليه وسلم للبيان والإعجاز بما يتضمنه من أوجه الاختلاف التي تواترت وهي الأحرف السبعة، والتي سبق بيان معناها، وأنها كيفيات مختلفة لأداء كلمات القرآن الكريم، ومن هذه الكيفيات ما نسخ، ولم يتواتر، ومنها ما صح وتواتر عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وهو جملة ما بقي من الأحرف السبعة. والمدقق في: كلمات القرآن الكريم المتواتر: يجد أنها تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: الكلمات التي لم تنزل إلا بوجه واحد، وبكيفية واحدة، وهي أكثر القرآن الكريم. القسم الثاني: الكلمات التي نزلت بعدة أوجه، وهي جملة ما بقي من الأحرف السبعة، وهي أوجه الاختلاف التي ينقلها القراء بالتواتر جيلا بعد جيل. ¬

_ (¬1) القراءات وأثرها في علوم العربية (1: 17 - 18). (¬2) الدكتور شعبان محمد إسماعيل، القراءات: أحكامها، ومصدرها، ود. حازم سعيد حيدر، علوم القرآن بين البرهان والإتقان، ص 224 و 225.

وعليه: فإن القرآن والقراءات المتواترة حقيقة واحدة باعتبار كونهما وحيا من عند الله تبارك وتعالى؛ فإن القراءات المتواترة والاختلاف الثابت عن النبي صلّى الله عليه وسلم في بعض الكلمات جزء من الوحي النازل على النبي صلّى الله عليه وسلم. والقرآن والقراءات حقيقتان متغايرتان باعتبار طبيعة كل منهما، فإن القرآن هو كل ما نزل من عند الله عز وجل سواء كان بوجه أو وجوه ونقل بالتواتر، وهو في الحالتين نزل للإعجاز والبيان، والقراءات بنوعيها المتواتر والشاذ؛ وهي الكلمات المختلف فيها. ولذا فإن القرآن الكريم أعم من القراءات القرآنية المتواترة، كما أن القراءات الشاذة ليست من القرآن، والقراءات القرآنية المتواترة جزء من القرآن، ولا تنافي بينهما فكل قراءة صحيحة ثابتة عن النبي صلّى الله عليه وسلم هي بعض من أبعاض القرآن الكريم، نزلت رخصة وتخفيفا على الأمة كما ثبت ذلك في أحاديث الأحرف السبعة.

المبحث الثاني نشأة علم القراءات والمراحل التي مر بها

المبحث الثاني نشأة علم القراءات والمراحل التي مر بها القراءات القرآنية مرتبطة ارتباطا وثيقا بنزول القرآن الكريم، وقد تقدم أن القرآن نزل على سبعة أحرف، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلم يقرئ الصحابة رضي الله عنهم بهذه الأحرف، وكل واحد منهم يأخذ القراءة، ويقرأ ويقرئ بحسب ما تعلم، وانتشر الصحابة في الأمصار وتلقى منهم التابعون هذه الأحرف، وأخذ الأئمة عن التابعين حتى وصلت إلى زمن التدوين على ما سيأتي تفصيله. أولا: متى كانت الرخصة بالأحرف السبعة؟ لقد وقع الخلاف عند العلماء في بداية نزول القراءات وأوجه الاختلاف في الكلمات، هل بدأ نزولها في مكة، أو في المدينة، على قولين: القول الأول: أن بداية نزولها كان بمكة المكرمة، وذلك للأدلة التالية (¬1): 1 - الأحاديث الواردة في نزول القرآن على سبعة أحرف، ومنها: «أقرأني جبريل على حرف واحد، فراجعته، فلم أزل أستزيده، ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» فوجه الدلالة واضح في أن القراءات تزامن نزولها مع نزول القرآن الكريم، بدليل قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «أقرأني جبريل على حرف، أي: بداية نزول القرآن الكريم، وهكذا كان يطلب النبي صلّى الله عليه وسلم من جبريل الزيادة. 2 - أن القرآن الكريم نزل بحرف، وبأكثر من حرف، والناظر في سور القرآن الكريم يجد أن معظم سور القرآن نزلت بمكة، حيث إن عدد السور المكية ثلاث وثمانون سورة. 3 - أنه لم يثبت بسند صحيح أن هذه السور نزلت مرة أخرى بالمدينة المنورة، فعدم نزولها مرة أخرى دليل على أنها نزلت أول مرة في مكة مشتملة على الأحرف السبعة. ¬

_ (¬1) د. محمد سالم محيسن، القراءات وأثرها في علوم العربية (1: 50 - 51).

4 - أن الغاية التي من أجلها نزلت الأحرف السبعة هي التخفيف عن الأمة على اختلاف لغاتها ولهجاتها، وهذه الحالة موجودة في مكة، ثم إن الأمة أحوج ما تكون إلى التيسير والتخفيف في مكة قبل المدينة النبوية. القول الثاني: إن بداية نزول القراءات القرآنية كان في المدينة، وذلك للأدلة التالية: 1 - قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف»، وأن النبي صلّى الله عليه وسلم كان عند أضاة بني غفار قال: فأتاه جبريل فقال: «إن الله يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على حرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم أتاه الثانية فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على حرفين، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاء الثالثة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على ثلاثة أحرف، فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته، وإن أمتي لا تطيق ذلك، ثم جاء الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ أمّتك القرآن على سبعة أحرف، فأيما حرف قرءوا عليه فقد أصابوا». وجه الدلالة في الحديث: أن هذا الحديث يدل على الوقت الذي رخص فيه أن يقرأ القرآن على سبعة أحرف، وهو في المدينة بعد الهجرة، بدليل أن (أضاة بني غفار) هو مستنقع ماء قرب المدينة (¬1). 2 - أن الأحاديث التي ورد فيها خلاف الصحابة في أوجه القراءة كانت في مسجد، ومعلوم أن المسجد كان في المدينة، ولم يكن في مكة. 3 - أن حكمة كون بداية نزول الأحرف السبعة في المدينة، أن المؤمنين في مكة كانوا قليلي العدد والسواد الأعظم منهم من قريش، وعلى اتصال دائم برسول الله صلّى الله عليه وسلم، وهم متمكنون من حفظ القرآن الكريم، وتلاوته تلاوة صحيحة خالية من التصحيف، أما في المدينة، فقد زاد عددهم، واتسع نطاق الدعوة، وأرسل الرسول صلّى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) الدكتور شعبان محمد إسماعيل، القراءات أحكامها ومصدرها، ص 47، وانظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري (9: 28)، دار الفكر.

ثانيا: التدرج التاريخي لنشأة علم القراءات:

يراسل القبائل والأقوام، من داخل الجزيرة العربية وخارجها، وكانوا متعددي اللغات واللهجات، فاحتاجوا للرخصة، فأخذ كل منهم يقرأ بقدر استطاعته (¬1). يدل على هذا قول ابن حجر: «أنزل أولا بلسان قريش ثم سهل على الأمة أن يقرءوه بغير لسان قريش وذلك بعد أن كثر دخول العرب في الإسلام لقد ثبت أن ورود التخفيف بذلك كان بعد الهجرة» (¬2). وليس من السهل القطع بترجيح قول على آخر، ولكن الإشارات التي ذكرها أصحاب القول الثاني ربما تكون أقرب لموضوع الأحرف السبعة، والظروف التي نزلت فيها، وطبيعة الرخصة والحاجة إليها، فإن أضاة بني غفار موضع بالمدينة، كما أن الأحاديث الواردة في الأحرف السبعة ظاهرها كان في مسجد، وهو كان في المدينة، مع أن هذا القول يشكل عليه: كون عدد من سور القرآن مكية، وفيها وجوه اختلاف. وبقية الاستدلالات تبدو عقلية وتحتمل الصواب والخطأ، ولذلك يظهر أن الأحرف نزلت في المدينة، ولكن لا يبعد أن جزءا منها نزل في مكة المكرمة. ويمكن أن يقال أيضا إن السور التي نزلت بمكة نزلت أولا على حرف واحد وكان المسلمون يقرءونها بحرف واحد، فلما انتقلوا إلى المدينة وكثر الداخلون في الإسلام واحتيج إلى القراءة بسبعة أحرف صارت هذه السور تقرأ على سبعة أحرف بتعليم وتوقيف من الرسول صلّى الله عليه وسلم. ثانيا: التدرج التاريخي لنشأة علم القراءات: ترجح لدينا أن أكثر القراءات نزل في المدينة المنورة، بيد أنه لا يبعد أن يكون بعضها بدأ نزوله في مكة المكرمة. وقد كان القرآن الكريم يتلقى عن النبي صلّى الله عليه وسلم حرفا حرفا، يتلقاه عنه الصحابة رضي الله عنهم، وكان القرآن محفوظا في الصدور، وهكذا القراءات، ثم عني العلماء ¬

_ (¬1) الدكتور شعبان محمد إسماعيل، القراءات أحكامها ومصدرها، ص 44. (¬2) ابن حجر، فتح الباري (9: 28).

بتدوين القراءات بعد وضع الشروط لقبولها، واعتبارها قرآنا، وسأجمل في ما يأتي المراحل التي مر بها هذا العلم الجليل على النحو التالي (¬1): المرحلة الأولى: القرآن والقراءات في زمن النبوة، ويمكن إجمال هذه المرحلة بالنقاط التالية: 1 - تعليم جبريل عليه السلام النبي صلّى الله عليه وسلم القرآن والقراءات، وكان هدفها حفظ النبي صلّى الله عليه وسلم ما كان يلقاه من القرآن. 2 - تعليم النبي صلّى الله عليه وسلم الصحابة القرآن الكريم امتثالا لقول الله تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ [الإسراء: 106]، وقد ورد عن عثمان وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم: «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم كان يقرئهم العشر، أي: آيات فلا يجاوزونها إلى عشر أخرى حتى يتعلموا ما فيها من العمل، فيعلمهم القرآن والعمل معا». 3 - تعليم بعض المسلمين بعضا آي القرآن وسوره، وكان ذلك بأمر النبي صلّى الله عليه وسلم وإقراره، فأول من قدم إلى المدينة لتعليم المسلمين القرآن الكريم من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وإنه نزل دار القراء وكان سمي بالمقرئ، وعبد الله بن أم مكتوم، ثم بلال وعمار رضي الله عنهم، ولما فتح النبي صلّى الله عليه وسلم مكة ترك فيهم معاذ ابن جبل رضي الله عنه لتعليم المسلمين القرآن. 4 - ظهور طائفة من الصحابة يتدارسون كتاب الله عز وجل يسمون (بالقراء)، وهو بداية نشوء هذا المصطلح، وكانوا سبعين رجلا شببة كانوا إذا أمسوا أتوا ناحية المدينة فتدارسوا القرآن، وهم الذين قتلوا في غزوة بئر معونة. 5 - تصدي بعض الصحابة لحفظ القرآن عن ظهر قلب في زمن النبي صلّى الله عليه وسلم، ومنهم: أبو بكر الصديق، وأبي بن كعب (ت 20 هـ)، وعبد الله بن مسعود (ت 32 هـ)، وأبو الدرداء عويمر بن زيد (ت 32 هـ)، وعثمان بن عفان (ت 35 هـ)، وعلي بن أبي طالب (ت 40 هـ)، وأبو موسى الأشعري (ت 44 هـ)، وزيد بن ثابت (ت 45 هـ) ¬

_ (¬1) انظر تفصيلا: ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 7 - 9)، وأبو شامة، المرشد الوجيز، ص 148 وما بعدها، والدكتور عبد الهادي الفضلي، القراءات القرآنية تاريخ وتعريف، ص 13 - 52، والدكتور شعبان محمد إسماعيل، القراءات أحكامها ومصدرها، ص 49 وما بعدها.

رضي الله عنهم، قال الذهبي عنهم: «فهؤلاء الذين بلغنا أنهم حفظوا القرآن في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم، وأخذ عنهم عرضا، وعليهم دارت أسانيد قراءة الأئمة العشرة» (¬1). هذا، وكون هؤلاء الذين حفظوا القرآن على النبي صلّى الله عليه وسلم لا يعني أن غيرهم من الصحابة لم يحفظوا القرآن، ولكن هؤلاء هم الذين اشتهروا في الأخذ عن الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلم وهناك من الصحابة من أخذوا القرآن وحفظوه على النبي صلّى الله عليه وسلم. المرحلة الثانية: القرآن والقراءات في زمن الصحابة والتابعين، ويمكن إجمال هذه المرحلة بالنقاط التالية: 1 - تلمذة جماعة من الصحابة والتابعين على جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، فقد قرأ أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب وعبد الله بن عياش وأبو العالية الرياحي قرءوا على أبي بن كعب، وقرأ المغيرة بن أبي شهاب المخزومي على عثمان بن عفان، وقرأ الأسود بن يزيد النخعي على عبد الله بن مسعود. 2 - بدأ أخذ بعض وجوه القراءة المختلفة، ونقلها بالرواية، وقد ذكر ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه في (القراءات)، وهو من أوائل الكتب المؤلفة في علم القراءات، وهذه النقطة لم تتعد القرن الأول الهجري، وبدأت تشيع ظاهرة اختلاف القراءات في النصف الأول من القرن الأول، كما يؤخذ من وفيات الصحابة رضي الله عنهم. 3 - تعيين الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهم مقرئا خاصا لكل مصر من الأمصار التي بعث إليها بمصحف، وتوافق قراءته قراءة أهل المصر المرسل إليهم في الأكثر الأغلب، وقد كتبت المصاحف على وفق العرضة الأخيرة كما تقدم، والمشهور أن المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الأمصار خمسة، وفي هذه المرحلة بدأ التمييز بين القراءات الصحيحة المعتبرة، والقراءات الآحادية والشاذة، وبدأت تنتشر الروايات الشاذة، وهذا التمييز أساسه التلقي وموافقة الرسم العثماني. وقد أرسل عبد الله بن السائب المخزومي (ت في حدود 70 هـ) إلى مكة، وأبو عبد الرحمن السلمي (ت 47 هـ) إلى الكوفة، وكان قبله ابن مسعود حينما أرسله عمر ¬

_ (¬1) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 39).

ابن الخطاب رضي الله عنه، وعامر بن عبد قيس (حوالي 55 هـ) إلى البصرة، والمغيرة ابن أبي شهاب المخزومي (ت نيف وسبعين هـ) إلى الشام، وجعل زيد بن ثابت (ت 45 هـ) مقرئا في المدينة، وكان هذا في حدود سنة ثلاثين من الهجرة. 4 - إقبال جماعة من كل مصر على المصحف العثماني لتلقي القراءات وفق ما تلقاه الصحابة عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وذلك على النحو التالي (¬1): أ- في المدينة: معاذ بن الحارث، المعروف بمعاذ القارئ (ت 63 هـ)، وسعيد ابن المسيب (ت 94 هـ)، وعروة بن الزبير (ت 95 هـ)، وعمر بن عبد العزيز (ت 101 هـ) وعطاء بن يسار (ت 103 هـ)، وسالم بن عبد الله بن عمر (ت 106 هـ)، وغيرهم. ب- في مكة: عبيد بن عمير (ت 74 هـ)، ومجاهد بن جبر (ت 103 هـ)، وطاوس بن كيسان (ت 106 هـ)، وعطاء بن أبي رباح (ت 115 هـ)، وعبد الله بن أبي مليكة (ت 117 هـ)، وعكرمة مولى ابن عباس (ت 200 هـ)، وغيرهم. ج- في الكوفة: عمرو بن شراحيل (ت بعد 60 هـ)، وعلقمة بن قيس (ت 62 هـ)، ومسروق بن الأجدع (ت 63 هـ)، وعبيدة بن عمرو السلماني (ت 72 هـ)، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمي (ت 74 هـ)، وإبراهيم بن يزيد النخعي (ت 96 هـ)، وغيرهم. د- في البصرة: عامر بن عبد قيس (ت حوالي 55 هـ)، ويحيى بن يعمر العدواني (ت 90 هـ)، ونصر بن عاصم الليثي (ت قبل المائة هـ)، وأبو رجاء العطاردي (ت 105 هـ)، والحسن البصري (ت 110 هـ)، ومحمد بن سيرين (ت 110 هـ)، وغيرهم، هـ- في الشام: المغيرة بن أبي شهاب المخزومي (ت نيف وسبعين هـ)، وخليفة بن سعد صاحب أبي الدرداء، وغيرهم، وشملت هذه النقطة النصف الثاني من القرن الأول الهجري والنصف الأول من القرن الثاني الهجري. 4 - تجرد قوم للقراءة والأخذ واعتنوا بضبط القراءة حتى صاروا أئمة يقتدى بهم في القراءة، وقد أجمع أهل بلدهم على تلقي القراءة منهم بالقبول، ولتصديهم للقراءة نسبت القراءة إليهم، ومنهم: ¬

_ (¬1) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 7) وما بعدها.

أ- بالمدينة: أبو جعفر يزيد بن القعقاع (ت 130 هـ)، وشيبة بن نصاح (ت 130 هـ)، ونافع بن أبي نعيم (ت 169 هـ). ب- بمكة: عبد الله بن كثير (ت 120 هـ)، وحميد بن قيس الأعرج (ت 130 هـ)، ومحمد بن محيصن (ت 123 هـ). ج- بالكوفة: يحيى بن وثاب (ت 103 هـ)، وعاصم بن أبي النجود (ت 129 هـ)، وسليمان بن مهران الأعمش (ت 148 هـ)، وحمزة الزيات (ت 156 هـ)، والكسائي (ت 189 هـ). د- بالبصرة: عبد الله بن أبي إسحاق (ت 129 هـ)، وعيسى بن عمر (ت 149 هـ)، وأبو عمرو بن العلاء (ت 154 هـ)، وعاصم الجحدري (ت 128 هـ)، ويعقوب الحضرمي (ت 205 هـ). هـ- بالشام: عبد الله بن عامر (118 هـ)، وعطية بن قيس الكلابي (ت 121 هـ) وإسماعيل بن عبد الله بن المهاجر، ويحيى بن الحارث الذماري (ت 145 هـ)، وشريح بن يزيد الحضرمي (ت 203 هـ). وكانت هذه الفترة تمهيدا للمرحلة التي بعدها، وهي فترة التدوين لروايات القراءات مع توفرها وبروزها ووضوحها. المرحلة الثالثة: بدء التأليف في القراءات والتدوين وتنامي هذا الاتجاه حتى نضوج علم القراءات، ونضوج التأليف فيه، واستقراره، وسيأتي تفصيل دقيق في فصل مستقل من هذا الكتاب يبين حركة التأليف والتصنيف في علم القراءات، وتحقيق ذلك، ولكني في هذا المبحث سأعالج حركة التأليف بالقدر الذي يخدم إبراز هذه المرحلة كمرحلة تاريخية من مراحل نشوء علم القراءات دون الخوض في التفصيلات الدقيقة والتحقيقات المهمة، وذلك ضمن النقاط التالية: 1 - بدء التأليف في علم القراءات، وبدء عملية التدوين، وقد اختلف المؤرخون في أول من ألف في علم القراءات، فذهب الأكثر إلى أنه الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام (ت 224 هـ)، وذهب ابن الجزري إلى أنه أبو حاتم السجستاني (ت 225 هـ)، وقيل غير ذلك، ولكن الذي يبدو أن يحيى بن يعمر (ت 90 هـ) هو أول من ألف

في علم القراءات ثم تتابع التأليف من بعده، وقد زاد عدد المؤلفات بعد ابن يعمر إلى تسبيع ابن مجاهد السبعة واقتصاره عليهم، وجعلهم في مصنف خاص على ما يذكر الدكتور عبد الهادي الفضلي عن أربع وأربعين مصنفا (¬1). ويلاحظ أن هذه المصنفات لم تقتصر على عدد معين من القراءات. 2 - تسبيع السبعة والاقتصار على جمع مؤلفاتهم في مؤلف خاص، وذلك في كتاب (السبعة في القراءات) لأبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي (ت 324 هـ)، وبدء ظهور شروط القراءة الصحيحة، وتمييز الصحيح من الشاذ، فإن اختيار ابن مجاهد السبعة يشعر بأن ما سواها شاذ، وسيأتي تفصيل ما فعله ابن مجاهد، وسبب اقتصاره على السبعة، وشروط الاختيار مفصلا. 3 - بعد تسبيع السبعة، وتشذيذ القراءات الشواذ، جاءت مرحلة الاحتجاج للقراءات في جوانبها اللغوية من صوتية وصرفية ونحوية، وسيأتي تفصيل المصنفات في علم توجيه القراءات والاحتجاج لها في مبحث العلوم المتصلة بعلم القراءات. 4 - توالي التأليف في القراءات السبع، ومن أبرز هذه الكتب «التيسير» لأبي عمرو الداني (ت 444 هـ)، ونظمه للإمام الشاطبي (ت 590 هـ)، وقد زادت شروحها عن (29) شرحا، وتعدّ هذه النقطة هي الفاصلة للتفرقة بين القراءات الصحيحة والقراءات الشاذة، باشتهار كتاب التيسير ونظمه للشاطبي. 5 - ثم جاءت مرحلة تفريد القراءات وتسديسها وتثمينها وتعشيرها دفعا لما علق في أذهان كثيرين من أن الأحرف السبعة الواردة في الحديث الشريف هي القراءات السبع التي جمعها ابن مجاهد، قال أبو الفضل الرازي: «إن الناس إنما ثمنوا القراءات وعشّروها وزادوا على عدد السبعة الذين اقتصر عليهم ابن مجاهد- لأجل هذه الشبهة- وإني لم أقتف أثرهم تثمينا في التصنيف أو تعشيرا أو تفريدا إلا لإزالة ما ذكرته من الشبهة. وليعلم أن ليس المراعى في الأحرف السبعة المنزلة عددا من الرجال دون آخرين ولا الأزمنة ولا الأمكنة، وأنه لو اجتمع عدد لا يحصى من الأمة فاختار كل واحد منهم حروفا بخلاف صاحبه، وجرد طريقا ¬

_ (¬1) د. عبد الهادي الفضلي، القراءات القرآنية، تاريخ وتعريف، ص 27 - 33.

اختيار ابن مجاهد للسبعة، وأثره في التأليف في القراءات:

في القراءة على حدة في أي مكان كان وفي أي أوان أراد بعد الأئمة الماضين في ذلك- بعد أن كان ذلك المختار بما اختاره من الحروف بشرط الاختيار- لما كان بذلك خارجا عن الأحرف السبعة المنزلة، بل فيها متسع إلى يوم القيامة» (¬1). والمقصود بالتفريد إفراد قراءة واحدة بالتأليف، والتسديس: ذكر ست قراءات في مؤلف واحد وهكذا. والهدف من ذلك أمران: 1 - إزالة ما توهمه كثيرون من أن القراءات السبع هي الأحرف السبعة. 2 - بيان أن هناك قراءات أخرى غير السبع مقبولة وصحيحة. وقد أورد ابن الجزري طائفة من هذه الكتب في قائمة مصادر كتابه «النشر»، وذكر في غاية النهاية كثيرا منها عند ترجمته لمؤلفيها، وذكر صاحب كشف الظنون أكثرها حسب ترتيب أسمائها على حروف المعجم، كما ذكرت مرتبة على حسب سنوات وفاة مؤلفيها في الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي- قسم القراءات (¬2)، وسيأتي ذكر مجموعة من هذه الكتب في المبحث الأول من الفصل الخامس. اختيار ابن مجاهد للسبعة، وأثره في التأليف في القراءات: ذكر ابن مجاهد أن القراء السبعة الذين ضمن كتابه قراءاتهم، خلفوا التابعين في القراءة، وأجمعت العامة على قراءاتهم، وهو بهذا كأنه يلتمس لنفسه العذر فيما قام به من اختيار السبعة دون غيرهم وفي هذا يقول بعد أن ترجم لهم: «فهؤلاء سبعة نفر من أهل الحجاز والعراق والشام، خلفوا في القراءة التابعين وأجمعت على قراءتهم العوام من أهل كل مصر من هذه الأمصار التي سميت، وغيرها من البلدان التي تقرب من هذه الأمصار، إلا أن يستحسن رجل لنفسه حرفا شاذا، فيقرأ به من الحروف التي رويت عن بعض الأوائل منفردة، فذلك غير داخل في قراءة العوام ولا ينبغي لذي لب أن يتجاوز ما مضت عليه الأئمة والسلف بوجه يراه جائزا في العربية أو مما قرأ به قارئ غير مجمع عليه» (¬3). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، النشر (1: 43 - 44). (¬2) أصدرته مؤسسة آل البيت في الأردن، ويقع في ثلاثة أجزاء. (¬3) ابن مجاهد التميمي، السبعة في القراءات، ص 87.

والذي ينعم نظره في هذا النص يجد أن ابن مجاهد يعدّ قراءة هؤلاء السبعة هي القراءات المجمع عليها، وما سواها ليس كذلك وقد كان للعلماء في صنيع ابن مجاهد رأيان، فذهب جماعة منهم (¬1) إلى لومه وتخطئته، وذهب آخرون (¬2) إلى التماس العذر له وبيان أنه لم يقصد أن هذه القراءات السبع هي المقصودة بالحديث. وأيا كان الأمر فإن هناك أمرا مهما دعا ابن مجاهد إلى القيام بهذا العمل. قال مكي: «إن الرواة عن الأئمة من القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيرا في العدد كثيرا في الاختلاف فأراد الناس في العصر الرابع أن يقتصروا من القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط به القراءة، فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة والأمانة وحسن الدين وكمال العلم، قد طال عمره واشتهر أمره، وأجمع أهل مصره على عدالته وثقته وعلمه، فأفردوا من كل مصر وجّه إليه عثمان مصحفا إماما هذه صفته: فكان هؤلاء السبعة في الأمصار، ومع ذلك لم تترك القراءة بقراءة غيرهم كأبي جعفر ويعقوب وغيرهما» (¬3). وقد اشتهرت هذه القراءات السبع وتداولها الناس وكان لمكانة ابن مجاهد العلمية أثر كبير في هذه الشهرة، فضلا عما يتمتع به أصحاب القراءات السبع من مكانة علمية رفيعة. ومما زاد في شهرة هذه القراءات وتمسك الناس بها أن ابن مجاهد أفرد القراءات الشاذة بمؤلف خاص فكان عمله هذا حاسما في توضيح الفرق بين المقبول والمردود من القراءات، وأشار المستشرق نولدكه إلى هذا الكتاب بقوله: «تبدأ مراجع القراءات ¬

_ (¬1) من هؤلاء: أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي الذي قال: «ولقد فعل مسبع هؤلاء ما لا ينبغي له أن يفعله وأشكل على العامة حتى جهلوا ما لا يسعهم جهله، وأوهم كل من قل نظره أن هذه هي المذكورة في الخبر النبوي لا غير .. قال: وليته إذ اقتصر نقص عن السبعة أو زاد ليزيل هذه الشبهة» منجد المقرئين 71. (¬2) من هؤلاء أبو شامة وأبو طاهر بن أبي هاشم، قال أبو شامة: «لم يرد ابن مجاهد ما نسب إليه بل أخطأ من نسب إليه ذلك» فتح الباري (9: 31)، قال ابن حجر: «وقد بالغ أبو طاهر ابن أبي هاشم صاحبه في الرد على من نسب إليه أن مراده بالقراءات السبع الأحرف السبعة المذكورة في الحديث» فتح الباري (9: 31). (¬3) مكي، الإبانة ص 47 - 48.

ثالثا: القراءات القرآنية في عصرنا الحاضر:

الشاذة حقيقية بالرجل الذي أسس نظام القراءات السبع المشهورة (ابن مجاهد) وقد ألف إلى جانب كتاب السبعة كتابا آخر اسمه كتاب (الشواذ) وقد ضاع» (¬1). وبعد ذلك توالى التأليف في القراءات السبع التي اختارها ابن مجاهد، فألف مكي ابن أبي طالب: التبصرة، والكشف، وألف أبو عمرو الداني: التيسير وجامع البيان، وألف ابن شريح: الكافي، ونظم الشاطبي قصيدته: «حرز الأماني ووجه التهاني» ضمنها كتاب التيسير. «وقد كانت مؤلفات الداني ومعاصريه من علماء القرن الخامس حدا فاصلا في التفرقة بين القراءات الصحيحة والشاذة لا سيما مؤلفات الداني بما لقيته من شهرة وإقبال دراسي عليها وبما حظيت به الشاطبية من شرح ودرس» (¬2). ذلك لأن في مؤلفات القرن الرابع أمثال السبعة لابن مجاهد قراءات صحيحة شذذها رجال القرن الخامس ومن بعدهم كقراءة ابن كثير (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) في الفاتحة بنصب غير، وقراءته (لَإِحْدَى الْكُبَرِ) في المدثر بغير همز (لحدى)، وقراءات شواذ وردت في مختصر البديع لابن خالويه. مثل قراءة ابن كثير من رواية البزي (سَحابٌ ظُلُماتٌ) في النور بالإضافة، اعتدها متواترة مقرءو القرن الخامس ومن بعدهم، وفي ضوئه قد نستطيع أن نعتبر عصر الداني العصر الذي استقرت فيه الحدود بين القراءات الصحاح والقراءات الشواذ. ثالثا: القراءات القرآنية في عصرنا الحاضر: بعد الحديث عن نشأة علم القراءات وحاله في المراحل الزمنية المتعددة، فإنه ينبغي تبيين حال هذا العلم في عصرنا الحاضر، بعد أن مرّ هذا العلم بأوقات ندر فيها طالبوه، وقلّ فيها راغبوه، إلا أننا في هذا العصر بحمد الله نلمس بداية عودة صادقة إلى هذا العلم، ورغبة جامحة في تعلمه وتلقيه، وعادت القراءات لتنتشر من جديد، ومظاهر هذه العودة إلى علم القراءات متعددة ومنها: ¬

_ (¬1) د. عبد الصبور شاهين، تاريخ القرآن، ص 220. (¬2) ابن الجزري، منجد المقرئين، ص 15.

1 - انتشار القراءات التي يقرأ بها في العالم الإسلامي:

1 - انتشار القراءات التي يقرأ بها في العالم الإسلامي: كانت قراءات الأئمة العشرة منتشرة في الأمصار الإسلامية، يقرأ أهل كل مصر وما حوله بقراءة إمامهم، واستمر الحال على ذلك قرونا، وذكر الداني أن إمام الجامع الكبير في البصرة لا يقرأ إلا بقراءة يعقوب (¬1)، وكان أهل مصر يقرءون برواية ورش حتى القرن الخامس الهجري، ثم انتشرت بينهم قراءة أبي عمرو البصري (¬2). ويبدو أن الأمر استمر على هذا الحال زمنا بعد ذلك، حتى امتد حكم الدولة العثمانية للبلاد العربية، في القرن العاشر الهجري فانتشرت رواية حفص عن عاصم في معظم العالم الإسلامي منذ ذلك الوقت بسبب اعتماد الدولة العثمانية لها، ثم طباعة المصحف بها، وازدادت انتشارا في زماننا هذا بسبب كثرة المصاحف المطبوعة بها، وانتشار التسجيلات بها وعبر الإذاعات ووسائل الإعلام المتعددة. فرواية حفص عن عاصم يقرأ بها معظم المسلمين في الدول الإسلامية وغيرها. ويقرأ برواية قالون عن نافع، في ليبيا وأجزاء من تونس والجزائر (¬3). وبرواية ورش عن نافع في غرب مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا وتشاد والكمرون ونيجيريا وأغلب البلاد الإفريقية الغربية، وفي شمال وغرب السودان (¬4). ويقرأ برواية الدوري عن أبي عمرو في السودان والصومال، وحضر موت في اليمن (¬5). وينتشر طلبة علم القراءات والراغبون في تلقيها في أماكن عديدة ودول كثيرة. ¬

_ (¬1) عبد الرازق موسى، تحقيق: الإيضاح على متن الدرة، ص 27. (¬2) الضباع، الإضاءة ص 57. (¬3) د. عبد الرحمن الجمل، المغني في علم التجويد، ص 26. (¬4) أبو بكر محمد أبو اليمن، المختصر المفيد في معرفة أصول رواية أبي سعيد، ص 14. والمرجع السابق، ص 26. (¬5) أبو بكر العطاس، تيسير الأمر لمن يقرأ من العوام بقراءة أبي عمرو، ص 16 و 21.

2 - طباعة المصاحف بالروايات المتعددة:

2 - طباعة المصاحف بالروايات المتعددة: نظرا لانتشار رواية حفص عن عاصم بين معظم المسلمين فإن غالبية المصاحف تطبع وفق روايته. وتأتي بعد ذلك المصاحف المطبوعة برواية ورش عن نافع، حيث طبعت في مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة وفي بلاد المغرب العربي وسوريا وقطر. وطبعت مصاحف برواية قالون في ليبيا وتونس والجزائر. وبرواية الدوري في السودان والمدينة المنورة. ويلحظ القارئ في هذه المصاحف وجود اختلافات يسيرة بينها في الضبط وفي الحركات المثبتة على الألفاظ المختلف فيها بين هذه الروايات، وقد حرص القائمون على طباعة المصاحف على إثبات الرواية التي طبع بها المصحف على الغلاف من الجانبين حتى لا يظن أحد وجود خطأ فيه، كما تختلف هذه المصاحف في رسم بعض الألفاظ تبعا للمذهب الذي رسم به المصحف وتختلف في عدد آياتها حسب العدد المعتمد لبلد القارئ، وهذا أمر ينبغي التنبه له والاعتناء به، وعلى القارئ في المصاحف المطبوعة بأي من هذه الروايات الاطلاع على التعريف بالمصحف وعلى اصطلاحات الضبط المستعملة فيه حتى يتمكن من القراءة فيه بسهولة ويسر. وفيما يلي تعريف بأشهر المصطلحات المستخدمة في المصاحف المطبوعة برواية غير رواية حفص عن عاصم: - علامة همزة الوصل: نقطة توضع على أعلى الألف أو وسطها أو تحتها، لتدل على كيفية البدء بهذه الهمزة، فإن وضعت فوق الألف فهذا يدل على الابتداء بها مفتوحة، وإن وضعت على وسطها فهذا يدل على الابتداء بها مضمومة، وإن وضعت تحت الألف فهذا يدل على الابتداء بها مكسورة، ويستخدم مع همزة الوصل: جرّة، تدل على الحركة التي تسبق همزة الوصل، فإن وضعت فوق الألف تدل على أن الحركة التي قبلها الفتح، وإن وضعت على وسط الألف دلت على أن الحركة التي قبلها الضم، وإن وضعت تحت الألف دلت على أن الحركة التي قبلها الكسر، مثل: وَكانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ [الزخرف: 69 - 70].

الم (1) اللَّهُ [آل عمران: 1 - 2]. وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوها [الحجر: 45 - 46]. وإذا كانت همزة الوصل بعد حرف عطف لا ينفك عنها كالواو والفاء لا توضع عليها أية إشارة لعدم إمكان البدء بها. - الدائرة المطموسة: لها أكثر من دلالة فهي: أ- تدل على الهمزة المسهلة بين بين نحو: كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً رَسُولُها كَذَّبُوهُ [المؤمنون: 44]. ب- تدل على الهمزة المبدلة واوا أو ياء، وتميز عن الدالة على الهمزة المسهلة بإثبات الحركة معها هنا دون المسهلة، مثل: السُّفَهاءُ أَلا. وفي بعض المصاحف يوضع بدلا من الدائرة المطموسة ياء صغيرة تدل على الهمزة المبدلة ياء، وواو صغيرة تدل على الهمزة المبدلة واوا. ج- تدل على الإمالة أو التقليل: وفي بعض المصاحف تستخدم علامة الشكل المعين للإمالة، وعلامة المثلث للتقليل. د- تدل على الاختلاس في الألفاظ التي ورد فيها الاختلاس من بعض القراء مثل: لا تَعْدُوا على رواية قالون ومن وافقه. هـ- تدل على الإشمام في الألفاظ التي ورد فيها الإشمام عن بعض القراء مثل: سِيءَ بِهِمْ عند نافع ومن وافقه. - تستخدم بعض المصاحف عددا من علامات الضبط الأخرى المعمول بها عند المغاربة مثل: أ- علامة السكون: دائرة مغلقة تشبه علامة الحرف المزيد رسما. ب- الضمة: واو صغيرة حذف رأسها (د). ج- عدم نقط أربعة حروف إذا وقعت متطرفة أي في آخر الكلمة، وهي الحروف المجموعة بكلمة: ينفق. د- علامة الإدغام الناقص: بإثبات السكون على الحرف المدغم وتشديد الحرف المدغم فيه. هـ- علامة الوقف: رأس صاد، مأخوذ من كلمة: صه.

3 - تسجيل الروايات صوتيا:

3 - تسجيل الروايات صوتيا: كان للتقدم الهائل الذي شهدته البشرية في السنوات الأخيرة أثره الواضح، وانتفع دعاة الإسلام منه في تحديث وسائل الدعوة والخير، ومن ذلك تسجيل القرآن الكريم بأصوات عدد من القراء المتقنين وبروايات متعددة، فقد سجل المصحف برواية حفص بأصوات عشرات بل مئات القراء، وبرواية ورش بصوت محمود خليل الحصري وغيره، وبرواية قالون بصوت محمد بو سنينة وعلي بن عبد الرحمن الحذيفي وبرواية الدوري بصوت علي عبد الرحمن الحذيفي، ومحمود خليل الحصري. وصدرت أشرطة صوتية ومرئية وأقراص كمبيوتر عليها تسجيلات منها ما هو تعليمي ومنها ما هو توثيقي بالروايات والقراءات المتواترة، منها قرص كمبيوتر Cd بالقراءات السبع بصوت إبراهيم الجرمي، وموسوعة الوسيط في علم التجويد التي استخدمت فيها أحدث وسائل التقنية في تعليم رواية حفص من طريق الشاطبية، من إعداد وتنفيذ الدكتور محمد خالد منصور، وكانت كلية القرآن الكريم في المدينة المنورة قد بدأت بإصدار موسوعة القراءات العشر مسجلة على أشرطة بطريقة تعليمية، وأنجزت جزءا من العمل وبثته إذاعة القرآن الكريم في السعودية. 4 - قيام مؤسسات وكليات تعنى بعلم القراءات. بعد أن مرت مدة من الزمن، قل فيها متلقو علم القراءة والباحثون في دقائقه، واكتفى أكثر الناس بتعلم الرواية المشتهرة وهي رواية حفص عن عاصم، ظهرت بحمد الله نهضة علمية في هذا العلم الجليل، وبدأ طلبة العلم يقبلون على علم القراءات، وعاد الاعتناء بالتلقي والإجازة يأخذ موقعه المتميز، ورافق ذلك إنشاء عدد من المعاهد والأقسام العلمية والكليات والجمعيات تعنى بتعليم القراءات، ومنها: 1 - معهد القراءات بالقاهرة: أنشئ سنة 1365 هـ/ 1946 م، ويدرس فيه القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة، ثم من طريق الطيبة، وقد تولى التدريس فيه نخبة من كبار علماء القراءات

أمثال: محمد بن محمد جابر المصري، محمود حافظ برانق، محمد سليمان صالح، عامر السيد عثمان، عبد العظيم الخياط وغيرهم (¬1). 2 - كلية القرآن الكريم بالمدينة المنورة: أنشئت عام 1394 هـ، ويدرس فيها القراءات العشر من طريقي الشاطبية والدرة، ومواد التفسير وعلوم القرآن ورسم المصحف وضبطه وعدّ الآي وتوجيه القراءات ومناهج المفسرين والتوحيد والسيرة والإعجاز وغيرها من المواد (¬2). 3 - جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بالسودان: أنشئت سنة 1410 هـ/ 1990 م، وتضم ست كليات، ولها فروع متعددة في مدن السودان، وتعنى كلية القرآن الكريم بتعليم القراءات العشر وغيرها من علوم القرآن الكريم والعلوم الشرعية (¬3). 4 - الكلية العليا للقرآن الكريم باليمن: أنشئت عام 1994 م، وتمنح درجة البكالوريوس، والإجازة بالسند في القراءات (¬4). 5 - قسم القراءات القرآنية بجامعة البلقاء التطبيقية بالأردن: وهو حديث الإنشاء، حيث التحق الفوج الأول به في العام الدراسي 2000/ 2001 م، وقد وضعت له خطة دراسية محكمة يتقن الطالب من خلالها القراءات العشر من طريق الشاطبية والدرة ويتعرف إلى طيبة النشر والقراءات الشاذة وأعلام القراء وتوجيه القراءات والإعجاز القرآني ورسم المصحف إلى غير ذلك من العلوم الشرعية النافعة. ¬

_ (¬1) د. لبيب السعيد، الجمع الصوتي الأول للقرآن، ص 90، ود. إبراهيم الدوسري، الإمام المتولي وجهوده في علم القراءات، ص 53 و 163 و 171. (¬2) مجلة كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد 1 ص 365 - 369. (¬3) دليل جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية ص 9 - 18. (¬4) نشرة تعريفية بالجمعية الخيرية لتعليم القرآن الكريم.

6 - جمعية المحافظة على القرآن الكريم بالأردن: أنشئت عام 1991 م، وتعنى بعقد دورات تعليمية للقراءات القرآنية، فضلا عن دورات تعليم أحكام التجويد وتخريج أعداد من حفظة القرآن الكريم، ومنح الإجازة بالقراءات العشر أو ببعضها. هذه أمثلة لعدد من الجامعات والكليات المتخصصة ويوجد كثير من المدارس والمعاهد والكليات وحلقات العلم والمراكز في جميع أنحاء العالم الإسلامي وخارجه حيث يوجد مسلمون، يدرّس فيها أحكام تلاوة القرآن الكريم، وعلومه المتعددة، كما تجرى المسابقات العالمية في أقطار متعددة بين حفظة القرآن الكريم والمقبلين على تعلمه برواياته المتعددة وقراءاته العشر المتواترة.

المبحث الثالث شروط القراءة الصحيحة، وأنواع القراءات

المبحث الثالث شروط القراءة الصحيحة، وأنواع القراءات بناء على ما تقدم: فقد نشأ مفهوم القراءات القرآنية، وهي تنقسم عند القراء إلى قسمين في الجملة (¬1). القسم الأول: القراءة المتواترة (¬2): وهي القراءة التي توفرت فيها ثلاثة أركان وهي شروط القراءة الصحيحة المقروء بها: 1 - موافقة وجه صحيح في اللغة العربية: أي موافقة القراءة للقواعد والآراء النحوية المستقاة من النطق العربي الفصيح (¬3). 2 - موافقة أحد المصاحف التي أرسلها عثمان بن عفان رضي الله عنه للأمصار، والرسم العثماني: هو كيفية كتابة الحروف والكلمات القرآنية بما يوافق ما استقر عليه أمر القرآن في العرضة الأخيرة، والتي سبق التفصيل فيها في جمع عثمان رضي الله عنه القرآن الكريم، وكانت غاية رسم المصحف بهذه الكيفيات نفي الروايات التي لم تثبت قرآنيتها؛ أي: لإخراج القراءات الشاذة والآحادية (¬4)، وسيأتي تفصيل لتعريف علم الرسم، وأهم المصنفات فيه في مبحث العلوم المتعلقة بالقراءات. 3 - حصول التواتر: وهو رأي جمهور القراء وهو قول الأصوليين والفقهاء (¬5). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، منجد المقرئين، ص 15 وما بعدها. (¬2) التواتر عند الأصوليين يعني: «خبر عدد يمتنع معه لكثرته تواطؤ على الكذب عن محسوس، أو خبر عن عدد كذلك إلى أن ينتهي إلى محسوس»، انظر: ابن النجار الفتوحي، شرح الكوكب المنير (2: 324). (¬3) الدكتور عبد الهادي الفضلي، القراءات القرآنية، تاريخ وتعريف، ص 121 - 122. (¬4) الدكتور عبد الهادي الفضلي، القراءات القرآنية، تاريخ وتعريف، ص 114. (¬5) الصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع، ص 17، والشيخ عبد الفتاح القاضي، القراءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب، ص 7، والآمدي، الإحكام في أصول الأحكام (1: 160)، وابن

وخالف مكي بن أبي طالب، وابن الجزري في اشتراط التواتر ركنا في القراءة الصحيحة، وقالا: إن صحة الإسناد مع الاشتهار تكون كافية لإثبات القراءة القرآنية، إضافة إلى الركنين الآخرين وهما موافقة سنن العربية وموافقة الرسم العثماني (¬1). ووجه الفرق بين الفريقين بالنسبة للركنين الآخرين سوى التواتر: أن الركنين الآخرين عند القائلين بالتواتر، هما ركنان لازمان للتواتر، بمعنى: أن القراءة المتواترة لا بد فيها من تحقق الشرطين الآخرين بطريق التّبع. بخلاف القائلين: بأن التواتر ليس شرطا في صحة القراءة فإن الركنين الآخرين يعتبران ضروريين لاعتبار صحة القراءة فكون القراءة وردت بطريق الآحاد لا يكفي لاعتبار صحة القراءة بالحرف المروي. وحينئذ يظهر: أن الخلاف بين الفريقين خلاف مؤداه واحد، ذلك أن الفريقين يشترطان التواتر لاعتبار إثبات القراءة وبيان ذلك: أن القائلين بالتواتر يعتبرون الشرطين الآخرين بمنزلة تحصيل الحاصل وتابع لتواتر الرواية، وكذلك الحال بالنسبة للقائلين بصحة السند مع الاشتهار، مع موافقة الوضع العربي والرسم العثماني، فإن هذين الشرطين يعطيان الرواية الصحيحة المشتهرة قوة التواتر فيأتلف الكلام حينئذ ولا يختلف. ¬

_ الحاجب، منتهى الوصول والأمل، ص 46، وابن السبكي، جمع الجوامع مع حاشية العطار عليه (1: 297)، والتفتازاني، شرح التلويح على التوضيح على متن التنقيح (1: 26 - 27)، والغزالي، المستصفى (1: 101)، وعبد العلي الأنصاري، فواتح الرحموت (1: 7)، والشوكاني، إرشاد الفحول، ص 30. (¬1) مكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات، ص 57 وما بعدها، وابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 14)، ولذلك قال ابن الجزري: فكلّ ما وافق وجه نحو ... وكان للرّسم احتمالا يحوي وصح إسنادا هو القرآن ... فهذه الثلاثة الأركان انظر: طيّبة النشر، ص 9، وانظر: الشيخ عبد الفتاح القاضي، حول القراءة الشاذة والأدلة على حرمة القراءة بها، ص 15.

القسم الثاني: القراءات الشاذة:

مع أننا نجد أن الحافظ ابن الجزري يجزم بأن التواتر شرط للقراءة الصحيحة بقوله: «الباب السادس: في أن العشرة بعض الأحرف السبعة، وأنها متواترة فرشا وأصولا حال اجتماعهم وافتراقهم، وحل مشكلات ذلك» (¬1). وقد شذذ جمهور القراء قول مكي وابن الجزري حيث قال الصفاقسي: «مذهب الأصوليين وفقهاء المذاهب الأربعة والمحدثين والقراء: أن التواتر شرط في صحة القراءة، ولا تثبت بالسند الصحيح غير المتواتر، ولو وافقت رسم المصاحف العثمانية، وهو قول محدث لا يعول عليه، ويؤدي إلى تسوية غير القرآن بالقرآن» (¬2). وعليه: فالقراءة الصحيحة المتواترة، هي القراءة التي توافرت فيها الأركان الثلاثة المتقدمة، وأنه بناء عليها تعتبر هذه الرواية قراءة قرآنية، تصح القراءة بها في الصلاة، وفي خارجها، ولا خلاف عند العلماء في ذلك كما تقدم من قول الصفاقسي: «أنه قول عامة العلماء». قال ابن عابدين: «القرآن الذي تجوز به الصلاة بالاتفاق هو المضبوط في مصاحف الأئمة التي بعث بها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار، وهو الذي أجمع عليه الأئمة العشرة، وهذا هو المتواتر جملة وتفصيلا فما فوق السبعة إلى العشرة غير شاذ، وإنما الشاذ ما وراء العشرة وهو الصحيح» (¬3). القسم الثاني: القراءات الشاذة: أولا: مفهومها لغة واصطلاحا: الشاذ لغة: المنفرد، وهو ما ندر عن الجمهور (¬4). ¬

_ (¬1) منجد المقرئين، ص 54 وما بعدها، وقد جعل بعض الباحثين هذا تناقضا من ابن الجزري- رحمه الله-، فتارة يقول بصحة السند مع الاشتهار، كما في النشر، وتارة يجزم بشرط التواتر كما في منجد المقرئين، والمهم: أن غاية قوله رحمه الله هو القول بشرط التواتر وهو ما نرجحه. (¬2) الصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع، ص 17، وانظر: ابن النجار الفتوحي، شرح الكوكب المنير (2: 136). (¬3) ابن عابدين، رد المحتار (1: 486). (¬4) الفيروزآبادي، القاموس المحيط، مادة: (شذذ)، ص 427.

وأما القراءة الشاذة اصطلاحا، فهي ما اختل فيها ركن من أركان القراءة الثلاثة المتقدمة: التواتر، وموافقة الرسم العثماني، وموافقة وجه من وجوه اللغة العربية (¬1). غير أن جمهور القراء يعتبرون الشاذ ما كان غير متواتر، فالآحاد عندهم في حكم الشاذ، وهي القراءة التي اختل فيها ركنها الركين وهو التواتر، وهذا الركن يعد الركن الأهم، والمعول عليه في اعتبار إثبات قرآنية الرواية، فمتى فقدت الرواية أحد هذه الشروط، تكون شاذة ويحكم بعدم قرآنيتها، ولا تعتبر قرآنا. قال الحافظ ابن الجزري: « ... ومتى اختل ركن من الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة ... هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف» (¬2). ثانيا: رواة القراءات الشاذة: وهم ينقسمون إلى قسمين (¬3): القسم الأول: الذين رووا القراءات الشاذة بصورة عامة، وهم كثير حتى روي عن بعض الأئمة العشرة رواية بعض القراءات الشاذة، ومنهم بعض الصحابة كابن مسعود (ت 32 هـ)، ومسروق بن الأجدع بن مالك (ت 62 هـ)، وعبد الله بن الزبير (ت 73 هـ) رضي الله عنهم، ومن التابعين: كنصر بن عاصم الليثي البصري (ت 99 هـ)، ومجاهد بن جبر (ت 103 هـ)، وأبان بن عثمان بن عفان (ت 105 هـ)، والضحاك بن مزاحم (ت 105 هـ)، ومحمد بن سيرين (ت 110 هـ)، وقتادة بن دعامة أبو الخطاب السدوسي (ت 117 هـ)، وغيرهم. القسم الثاني: وهم أشهر أصحاب القراءات الشاذة، وهم أربعة، جمعهم بعض العلماء كالقباقبي في إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز، والدمياطي في إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر، وسأعرف بهم بصورة موجزة على النحو التالي: 1 - ابن محيصن: هو محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي مولاهم المكي، مقرئ أهل مكة مع ابن كثير، ثقة، روى له مسلم، قال ابن مجاهد: «كان لابن محيصن اختيار في القراءة على مذهب العربية، فخرج به عن إجماع أهل بلده، ¬

_ (¬1) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 171 - 172، 184. (¬2) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 9). (¬3) الدكتور شعبان محمد إسماعيل، القراءات، أحكامها ومصدرها، ص 128.

فرغب الناس عن قراءته، وأجمعوا على قراءة ابن كثير لاتباعه» (¬1)، توفي سنة ثلاث وعشرين ومائة بمكة. 2 - يحيى اليزيدي: هو أبو محمد يحيى بن المبارك بن المغيرة العدوي البصري، المعروف باليزيدي، إمام نحوي مقرئ، توفي سنة اثنتين ومائتين. 3 - الحسن البصري: هو أبو سعيد الحسن بن يسار البصري، إمام أهل زمانه علما، وعملا، وفصاحة ونبلا، توفي سنة عشر ومائة. 4 - الأعمش: هو أبو محمد سليمان بن مهران الأعمش، الأسدي الكوفي مولاهم الإمام الجليل، توفي سنة ثمان وأربعين ومائة (¬2). ثالثا: أنواع القراءات الشاذة: النوع الأول: ما ورد آحادا وصح سنده، ولكنه خالف رسم المصحف أو خالف قواعد العربية أو لم يشتهر الاشتهار الذي اشترطه مكي وابن الجزري رحمهما الله تعالى، ومثال هذا النوع: ما أخرجه الحاكم من طريق عاصم الجحدري عن أبي بكرة: أن النبي صلّى الله عليه وسلم قرأ: «متكئين على رفارف خضر، وعباقري حسان»، وأخرج من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلّى الله عليه وسلم قرأ: «فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرات أعين»، وغيرها من الأمثلة (¬3). النوع الثاني: ما لم يصح إسناده، ومن ذلك قراءة «ملك يوم الدين» بصيغة الماضي، ونصب «يوم»، و «إياك يعبد» ببنائه للمفعول. النوع الثالث: وهو الموضوع المختلق (¬4). النوع الرابع: القراءات التفسيرية، وهي التي سيقت على سبيل التفسير وهو يشبه من أنواع الحديث المدرج (¬5)، مثل قراءة سعد بن أبي وقاص «وله أخ أو أخت من ¬

_ (¬1) ابن مجاهد، السبعة، ص 65، وابن الجزري، غاية النهاية (2: 167). (¬2) عبد الفتاح القاضي، القراءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب، ص 11 - 19. (¬3) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن (1: 168)، ومكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات ص 85 - 89، والعلوي الشنقيطي، نشر البنود على مراقي السعود (1/ 83). (¬4) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن (1: 168)، ومكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات ص 85 - 89. (¬5) المدرج عند المحدثين: أن تزاد لفظة في متن الحديث، أو سنده من كلام الراوي، فيحسبها من

أم»، وكقراءة ابن عباس: «ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج»، وغيرها (¬1)، وقد كانوا يدخلون هذا النوع في التفسير؛ لأنهم محققون لما تلقوه عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وهم الذين حضروا التنزيل وهم أولى الناس بتأويله. قال أبو عبيد القاسم بن سلّام: «المقصد من القراءة الشاذة: تفسير القراءة المشهورة، وتبيين معانيها كقراءة عائشة، وحفصة رضي الله عنهما: «والصلاة الوسطى، صلاة القصر»، وقراءة ابن مسعود رضي الله عنه: «فاقطعوا أيمانهما»، وقراءة جابر رضي الله عنه: «فإن الله من بعد إكراهن لهن غفور رحيم»، فهذه الحروف، وما شاكلها قد صارت مفسّرة للقرآن، وقد كان يروى مثل هذا عن التابعين في التفسير فيستحسن، فكيف إذا روي عن كبار الصحابة، ثم صار في نفس القراءة فهو أكثر من التفسير وأقوى فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف معرفة صحة التأويل» (¬2). وقد اتفق القراء جميعا بعد ذلك: على أن ما وراء القراءات العشر التي جمعها القراء العشرة والواردة في طيبة النشر لابن الجزري شاذ، أي: غير متواتر، ولا يجوز اعتقاد قرآنيته، ولا تصح الصلاة به (¬3). رابعا: حكم القراءات الشاذة: القراءات الشاذة لا تعتبر قرآنا، ولا يجوز اعتقاد قرآنيتها، ولذلك لا تجوز قراءتها في الصلاة وفي خارجها، ولكن يجوز تعلمها وتعليمها وتدوينها في الكتب، وبيان وجهها من حيث اللغة والإعراب (¬4). ¬

_ - يسمعها مرفوعة في الحديث، وهو محرم إذا كان المدرج متعمدا إلا أن يكون على سبيل التفسير والتوضيح فلا بأس به، والأولى أن ينص الراوي على الكلمات التي أدرجها، وانظر: أحمد محمد شاكر، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن كثير، ص 69 - 73. (¬1) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن (1: 168). (¬2) نقلا عن: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن (1: 168). (¬3) الصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع، ص 18، وهو المفهوم من قول الفقهاء والأصوليين، وانظر مثلا: ابن عابدين، رد المحتار (: 486)، وابن السبكي، جمع الجوامع، ومعه حاشية العطار عليه (1: 299). (¬4) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 181، وعبد الفتاح القاضي، القراءات الشاذة وتوجيهها في لغة العرب، ص 10.

كما أن القراءة الشاذة حجة عند الأصوليين في استنباط الحكم الشرعي وإثباته بها (¬1). خامسا: أهم المصنفات في القراءات الشاذة: للقراءات الشاذة مصنفات خاصة بها، ومن أهمها: 1 - الشواذ في القراءات: لابن مجاهد (ت 324 هـ) ولابن جني توجيه القراءات التي فيه بكتابه: المحتسب. 2 - البديع في القراءات، ومختصره، وقد نشر المختصر بعنوان: مختصر في شواذ القرآن، كلاهما لابن خالويه (ت 370 هـ). 3 - التعريف بالقراءات الشواذ لأبي عمرو الداني (ت 444 هـ). 4 - الإقناع في القراءات الشاذة لأبي علي الأهوازي (ت 446 هـ). 5 - اللوامح في شواذ القراءات لأبي الفضل الرازي (ت 454 هـ). 6 - شواذ القراءات واختلاف المصاحف لمحمود بن عبد الله الكرماني (ت 505 هـ). 7 - التقريب والبيان في معرفة شواذ القرآن لعبد الرحمن الصفراوي (ت 634 هـ). 8 - نهاية البررة فيما زاد على العشرة لابن الجزري (ت 833 هـ). 9 - مقدمة في مذاهب القراء الأربعة الزائدة على العشرة لسلطان المزاحي (ت 1075 هـ). 10 - الإفادة المقنعة في قراءات الأئمة الأربعة لعبد الله بن مصطفى الكوبريلي (ت 1148 هـ). 11 - الفوائد المعتبرة في القراءات الأربعة الزائدة على العشرة، منظومة، وشرحها: موارد البررة كلاهما للمتولي (ت 1313 هـ). 12 - القراءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب لعبد الفتاح القاضي (ت 1403 هـ). ¬

_ (¬1) انظر: د. محمد خالد منصور، حكم الاحتجاج بالقراءة الشاذة عند الأصوليين، ص 13 وما بعدها، بحث منشور في مجلة دراسات الجامعة الأردنية، المجلد (26)، العدد (2)، شهر (7)، 1999 م.

سادسا: طريقة معرفة القراءة الشاذة: يمكن لطالب العلم أن يتعرف على القراءات الشاذة عن طريق مراجعة الكتب الصحيحة المؤلفة في القراءات السبع أو العشر المتواترة، فإن ما سواهما شاذ، أو مراجعة الكتب المتخصصة في البحث في القراءات الشاذة أو مراجعة كتب التفسير التي تعتني ببيان القراءات إجمالا كتفسير الطبري والزمخشري وأبي حيان الأندلسي، وأخيرا مراجعة أئمة القراءة المعروفين الضابطين المتقنين (¬1). سابعا: أمثلة القراءات الشاذة (¬2): 1 - قرأ الضحاك بن مزاحم: «وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ» أي: داود وسليمان- عليهما السلام-، وسبب شذوذ هذه القراءة، أنها غير متواترة، والقراءة المتواترة هي قوله تعالى: وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ [البقرة: 102]. 2 - قرأ أبو موسى الأشعري: «ولا تناسوا الفضل بينكم»، وسبب شذوذها: عدم التواتر، فالرسم العثماني يحتملها إن ألحقت الألف في موضعها، والقراءة المتواترة هي قوله تعالى: وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة: 237]. 3 - قرأ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «وله أخ أو أخت من أمه» بزيادة لفظ: «من أمه»، وسبب شذوذها أمران، أنها غير متواترة، ومخالفة للرسم العثماني، والقراءة المتواترة هي قوله تعالى: وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء: 12]. 4 - قرأ أبي بن كعب رضي الله عنه: «تأتينكم» بتاء التأنيث، لأن الفاعل، وهو «رسل» جمع تكسير، فيجوز في فعله التذكير والتأنيث، وسبب شذوذها عدم التواتر، والقراءة المتواترة هي قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي [الأعراف: 35]. بناء على ما تقدم من تعريف القراءات، وتقسيم القراءات إلى متواترة وشاذة، يظهر أن التقسيم هو باعتبار صحة نقل الرواية، وعدد الناقلين. ¬

_ (¬1) الدكتور شعبان محمد إسماعيل، القراءات أحكامها، ومصدرها، ص 105. (¬2) الدكتور شعبان محمد إسماعيل، القراءات، أحكامها، ومصدرها، ص 108 - 110.

تقسيمات أخرى للقراءات القرآنية:

تقسيمات أخرى للقراءات القرآنية: وهناك اعتبارات أخرى لتقسيم القراءات القرآنية على النحو التالي: أولا: باعتبار نوع الاختلاف الواقع في الكلمات القرآنية إلى قسمين أصول وفرش (¬1): القسم الأول: الأصول، أي: أصول القراءات، أو أصول القراءة، وهي تعني القواعد المطردة التي تنطبق على كل جزئيات القاعدة، والتي يكثر دورها، وتطرد، ويدخل في حكم الواحد منها الجميع، بحيث إذا ذكر حرف من حروف القرآن الكريم، ولم يقيد يدخل تحته كل ما كان مثله، فالتفخيم للخاء المفتوحة مثلا يكون مطردا في كل كلمة ترد في القرآن فيها خاء مفتوحة. وإنما سميت الأصول أصولا لأنها يكثر دورها ويطرد حكمها على جزئياتها. والأصول التي يذكرها علماء القراءات هي: الاستعاذة، والبسملة، وسورة أم القرآن، والإدغام الكبير، وهاء الكناية، والمد والقصر، والهمزتان من كلمة، ومن كلمتين، والهمز المفرد، ونقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها، والسكت على الساكن قبل الهمز وغيره، ووقف حمزة وهشام على الهمز، والإدغام الصغير، والكلام في ذال: «إذ» ودال «قد» و «تاء التأنيث» ولام «هل وبل» وحروف قربت مخارجها، وأحكام النون الساكنة والتنوين، والفتح والإمالة وبين اللفظين، وإمالة هاء التأنيث وما قبلها في الوقف، ومذاهب القراء في الراءات واللامات، والوقف على أواخر الكلم، والوقف على مرسوم الخط، وياءات الإضافة، والياءات الزوائد. القسم الثاني: الفرش، وهو الكلمات التي يقل دورها وتكرارها من حروف القراءات المختلف فيها في القرآن الكريم، ولم تطرد، وقد أطلق عليها القراء فرشا لانتشارها كأنها انفرشت وتفرقت في السور وانتشرت؛ ولأنها لما كانت مذكورة في أماكنها من السور فهي كالمفروشة، فإن الفرش إذا ذكر فيه حرف فإنه لا يتعدى أول حرف من تلك السورة إلا بدليل أو إشارة أو نحو ذلك، ويبتدئ القراء بذكر الفرش من أول سورة البقرة إلى آخر سورة الناس، وقد سمى بعضهم الفرش فروعا مقابلة للأصول. ¬

_ (¬1) أحمد بن الجزري، شرح طيبة النشر، ص 167 - 168، وابن القاصح، سراج القارئ، ص 147 - 148، وأبو شامة، إبراز المعاني، ص 317 - 319.

ومثاله ما ورد في سورة البقرة في قوله تعالى: وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ [البقرة: 9]، فقد قرأ الكوفيون الأربعة: عاصم وحمزة والكسائي وخلف، وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب: «يخدعون»، وقرأ الباقون من العشرة: «يخادعون». ثانيا: باعتبار نسبة القراءات لناقليها، أو ما يسمى: الفرق بين القراءة والرواية والطريق (¬1). فما نسب لإمام من الأئمة العشرة مما أجمع عليه الرواة عنه فهو قراءة، وكل ما نسب للراوي عن الإمام فهو رواية، وكل ما نسب للآخذ عن الراوي وإن سفل فهو طريق. - فمثلا: الفتح في لفظ «ضعف» في سورة الروم قراءة حمزة، ورواية شعبة، وطريق عبيد بن الصباح عن حفص، وكذلك إثبات البسملة قراءة المكي، ورواية قالون عن نافع، وطريق الأصبهاني عن ورش، وهكذا. ثالثا: تقسيم القراءات القرآنية باعتبار إلزام القارئ بأوجه قراءة أو رواية معينة، أو تخييره فيها إلى الخلاف الواجب والجائز. أولا: الخلاف الواجب: وهو عين القراءات والروايات والطرق بمعنى أن القارئ ملزم بالإتيان بها جميعا، فلو أخل بشيء منها عد ذلك نقصا في روايته، كأوجه البدل مع ذات الياء لورش فهي طرق وإن شاع التعبير عنها بالأوجه تساهلا. والخلاف الواجب يكون في أصول القراءة: ومثاله الخلاف في المد الجائز المنفصل، وكالخلاف في الإمالة، وغيرها من الأصول. ويكون أيضا في فرش الكلمات، ومثاله: الخلاف في قراءة لفظ: «فرهين» في قوله تعالى: وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ [الشعراء: 149]، فقد قرأ ابن عامر والكوفيون: عاصم وحمزة والكسائي وخلف بالألف: «فارهين»، وقرأ الباقون بدون ألف: «فرهين» (¬2). ¬

_ (¬1) عبد الفتاح القاضي، البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، ص 10 - 11. (¬2) أحمد بن الجزري، شرح طيبة النشر، ص 288.

ثانيا: الخلاف الجائز: وهو الخلاف في الأوجه التي على سبيل التخيير، والإباحة كأوجه البسملة، وأوجه الوقف على عارض السكون، فالقارئ مخير في الإتيان بأي وجه منها وهو غير ملزم بالإتيان بها كلها فلو أتى بوجه منها أجزأه ولا يعتبر ذلك تقصيرا منه ولا نقصا في روايته، وهذه الأوجه الاختيارية لا يقال لها قراءات ولا روايات ولا طرق بل يقال لها أوجه فقط. ولذلك فإن من جهل الفرق بين الخلاف الواجب والجائز تعذرت عليه القراءة وخلط فيها (¬1). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (: 54 - 57، 99) وما بعدها، وابن الجزري، التمهيد في علم التجويد ص 33 - 35، والصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع، وعبد الفتاح القاضي، البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، ص 7 - 11.

الفصل الثالث التعريف بالقراء العشرة ورواتهم

الفصل الثالث التعريف بالقراء العشرة ورواتهم

المبحث الأول التعريف بالقراء العشرة

الفصل الثالث التعريف بالقراء العشرة ورواتهم تحدثنا في الفصل الثاني من هذا الكتاب عن مفهوم علم القراءات ونشأته ومراحله وشروط القراءة الصحيحة، وأنواع القراءات، وسيكون الحديث في هذا الفصل عن القراء العشرة ورواتهم إذ يجدر بالدارس أن يعرف طرفا من سيرة هؤلاء الأعلام الكبار الذين اتفق العلماء على اختيارهم من بين مئات بل ألوف القراء لأن كلّا منهم «ممن اشتهرت إمامته، وطال عمره في الإقراء وارتحال الناس إليه من البلدان» (¬1) إضافة إلى اشتهارهم بالثقة والأمانة وحسن الدين وكمال العلم، وإجماع أهل عصرهم على عدالتهم فيما نقلوا، والثقة فيما قرءوا ورووا، ولم تخرج قراءاتهم عن خط المصحف (¬2). المبحث الأول التعريف بالقراء العشرة 1 - نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم : اسمه ونسبه: أبو عبد الرحمن الليثي مولاهم، المدني إمام أهل المدينة في القراءة وأحد القراء السبعة الأعلام. أصله من أصبهان، كان أسود اللون حالكا، صبيح الوجه حسن الخلق فيه دعابة. - شيوخه: أخذ القراءة عرضا عن جماعة من تابعي أهل المدينة؛ عبد الرحمن ابن هرمز الأعرج وأبي جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة بن نصاح، ويزيد بن رومان ومسلم بن جندب، وصالح بن خوّات والأصبغ بن عبد العزيز النحوي وعبد الرحمن ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، والزهري. ¬

_ (¬1) مكي بن أبي طالب، الإبانة عن معاني القراءات ص 48. (¬2) المرجع السابق ص 47.

قال نافع: قرأت على سبعين من التابعين. - تلاميذه: روى القراءة عنه عرضا وسماعا إسماعيل بن جعفر، وعيسى بن وردان وسليمان بن مسلم بن جماز ومالك بن أنس وهم من أقرانه، وإسحاق بن محمد وأبو بكر وإسماعيل ابنا أبي أويس ويعقوب بن جعفر، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعيسى بن مينا قالون، وسعد بن إبراهيم وأخوه يعقوب، ومحمد بن عمر الواقدي، والزبير بن عامر، وخلف بن وضاح، وأبو الذكر محمد بن يحيى، وأبو العجلان وأبو غسان محمد بن يحيى بن علي، وصفوان، ومحمد بن عبد الله بن إبراهيم بن وهب، وهؤلاء من أهل المدينة. وموسى بن طارق أبو قرة اليماني، وعبد الملك بن قريب الأصمعي وخالد بن مخلد القطواني، وأبو عمرو بن العلاء، وأبو الربيع الزهراني، وخارجة بن مصعب الخراساني، وخلف بن نزال الأسلمي، وسقلاب بن شيبة، وعثمان بن سعيد (ورش)، وعبد الله بن وهب، ومحمد بن عبد الله بن وهب، ومعلى بن دحية، والليث بن سعد، وأشهب بن عبد العزيز، وحميد بن سلامة، وهؤلاء من أهل مصر. وعتبة بن حماد الشامي، وأبو مسهر الدمشقي، والوليد بن مسلم، وعراك بن خالد، وخويلد بن معدان، وهؤلاء من أهل الشام. وكردم المغربي، وأبو الحارث، وعبد الله بن إدريس الأودي، والغاز بن قيس الأندلسي عرض عليه القرآن وضبط عنه اختياره، وأبو بكر القورسي، ومحمد القورسي. - تصدره للإقراء: أقرأ نافع الناس دهرا طويلا أكثر من سبعين عاما، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالمدينة المنورة، قال أبو عبيد: وإلى نافع صارت قراءة أهل المدينة وبها تمسكوا إلى اليوم. وقال ابن مجاهد: وكان الإمام الذي قام بالقراءة بعد التابعين بمدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلم نافع، قال: وكان عالما بوجوه القراءات، متبعا لآثار الأئمة الماضين ببلده. قال مالك بن أنس: قراءة أهل المدينة سنّة. قيل له: قراءة نافع؟ قال: نعم. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة. قلت: فإن لم يكن؟ قال: قراءة عاصم.

2 - ابن كثير المكي:

- صفاته وثناء العلماء عليه: - كان نافع إذا تكلم يشمّ من فيه رائحة المسك، فسئل: أتتطيب كلما قعدت تقرئ الناس؟ قال: ما أمسّ طيبا، ولكني رأيت فيما يرى النائم النبي صلّى الله عليه وسلم وهو يقرأ في فيّ، فمن ذلك الوقت أشمّ من فيّ هذه الرائحة. - قال المسيبي: قيل لنافع: ما أصبح وجهك وأحسن خلقك! قال: كيف لا أكون كذلك وقد صافحني رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعليه قرأت القرآن- يعني في النوم-. - قال قالون: كان نافع من أطهر الناس خلقا ومن أحسن الناس قراءة، وكان زاهدا جوادا، صلى في مسجد النبي صلّى الله عليه وسلم ستين سنة. - قال الليث بن سعد: حججت سنة ثلاث عشرة ومائة، وإمام الناس في القراءة بالمدينة نافع. - قال الأعشى: كان نافع يسهّل القرآن لمن قرأ عليه إلا أن يقول له إنسان: أريد قراءتك. - عن نافع قال: كنت أقرأ جالسا، فمرّ بي عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فقال: يا ابن أخي، متى تقرأ قائما؟ إذا كبرت، إذا سقمت؟ قال: فما قرأت بعد ذلك قاعدا إلا خيل إلي أنه تمثّل بين عينيّ. - وثقه يحيى بن معين والنسائي وأبو حاتم وليّنه أحمد، وهو قليل الحديث، ولم يرو له شيء في الكتب الستة. - وفاته: لما حضرت نافعا الوفاة قال له أبناؤه: أوصنا. قال: اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين. توفي سنة 169 هـ وقيل 170 هـ وقيل غير ذلك. رحمه الله تعالى (¬1). 2 - ابن كثير المكي: - اسمه ونسبه: عبد الله بن كثير، أبو معبد المكي الداري، وفي هذه النسبة أقوال: منها أنه كان عطارا، والعطار تسمية العرب داريا لأن العطر إنما يجلب من ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 331 - 334).

دارين بالبحرين، ومنها أنه من بني الدار رهط تميم الداري، ومنها أنه الذي لا يبرح داره ولا يطلب معاشا. والصواب الأول. - مولده: ولد بمكة عام (45) للهجرة ولقي كثيرا من الصحابة منهم: عبد الله بن الزبير وأبو أيوب الأنصاري، وأنس بن مالك، كما لقي مجاهد بن جبر ودرباس مولى ابن عباس، وروى عن هؤلاء. - شيوخه: أخذ القراءة عرضا عن عبد الله بن السائب، ومجاهد بن جبر ودرباس. - تلاميذه: روى القراءة عنه: إسماعيل بن عبد الله القسط، وإسماعيل بن مسلم، وجرير بن حازم، والحارث بن قدامة، وحمّاد بن سلمة، وحمّاد بن زيد، وخالد بن القاسم، والخليل بن أحمد، وسليمان بن المغيرة، وشبل بن عباد، وابنه صدقة بن عبد الله بن كثير، وطلحة بن عمرو، وعبد الله بن زيد بن يزيد، وعبد الملك بن جريج، وعلي بن الحكم، وعيسى بن عمر الثقفي، والقاسم بن عبد الواحد، وقزعة ابن سويد، وقرة بن خالد، ومطرف بن معقل، ومعروف بن مشكان، وهارون بن موسى، ووهب بن زمعة، ويعلى بن حكيم، وابن أبي فديك، وابن أبي مليكة، وسفيان بن عيينة، والرحّال، وأبو عمرو بن العلاء. - صفاته: كان فصيحا بليغا مفوّها، ذا سكينة ووقار، عالما بالعربية، ولم يزل هو الإمام المجتمع عليه في القراءة بمكة حتى مات. - صفاته الخلقية: كان طويلا جسيما أسمر أشهل العينين، أبيض اللحية، يخضب بالحناء. قال الأصمعي: قلت لأبي عمرو (أي البصري): قرأت على ابن كثير؟ قال: نعم، ختمت على ابن كثير بعد ما ختمت على مجاهد، وكان ابن كثير أعلم بالعربية من مجاهد. - وفاته: توفي ابن كثير رحمه الله سنة (120 هـ) بمكة، قال سفيان بن عيينة: حضرت جنازة ابن كثير الداري سنة عشرين ومائة (¬1). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 443 - 445).

3 - أبو عمرو البصري

3 - أبو عمرو البصري :- اسمه ونسبه: هو الإمام الكبير والعلم الشهير، في علم القراءات واللغة العربية زبّان بن العلاء ابن العريان بن عبد الله التميمي المازني البصري أبو عمرو أحد القراء السبعة (¬1). مولده وشيوخه: ولد بمكة سنة ثمان وستين للهجرة، وبدأ يطلب العلم يافعا، فقرأ بمكة والمدينة والكوفة والبصرة، ولقي كثيرا من العلماء والشيوخ، وحظي بالسماع من بعض الصحابة كأنس بن مالك رضي الله عنه، وقرأ على الحسن البصري، وحميد بن قيس الأعرج، وأبي العالية الرياحي، وسعيد بن جبير، وشيبة بن نصاح، وعاصم بن أبي النجود، وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وابن كثير المكي وغيرهم (¬2). بلغ اهتمامه بالعلم درجة كبيرة فأخذ عن عدد وافر من العلماء «وكانت كتبه ودفاتره ملء بيت إلى السقف» (¬3) وكان كثير المطالعة والبحث والتدقيق في مسائل العلوم، لا سيما القراءات والعربية والشعر وأيام العرب، يدل على ذلك ما رواه ابن الجزري قال: «مرّ الحسن بأبي عمرو وحلقته متوافرة والناس عكوف عليه فقال: لا إله إلا الله، لقد كادت العلماء أن يكونوا أربابا، كل عزّ لم يوطد بعلم فإلى ذل يؤول» (¬4). وكان يقرئ الناس القرآن في مسجد البصرة (¬5)، وكان إذا دخل شهر رمضان لم يتمّ فيه بيت شعر (¬6) وذلك لانشغاله بالعلم والقراءة والإقراء، وتعظيمه شهر رمضان. - ثناء العلماء عليه: أثنى عليه العلماء كثيرا وذكروا من فضائله وطيب خصاله ما يشهد له بالمقام الرفيع، فمن ذلك قول أبي عبيدة: ¬

_ (¬1) ياقوت الحموي، معجم الأدباء (11: 156). (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء (1: 288). (¬3) محمد بن شاكر الكتبي، فوات الوفيات (2: 29). (¬4) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 134) دار الفكر. (¬5) محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي، طبقات النحويين واللغويين ص 35. (¬6) ابن الجزري، غاية النهاية، مرجع سابق (1: 291).

«أبو عمرو أعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب والشعر» (¬1). وكان يونس بن حبيب يقول: «لو كان أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله في كل شيء، كان ينبغي أن يؤخذ بقول أبي عمرو بن العلاء» (¬2). وقال الأصمعي: «لم أر بعد أبي عمرو أعلم منه» (¬3). وكان أبو عمرو يعرف نفسه جيدا ويعرف موضعه من العلم والمعرفة، وفي هذا يقول: «ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني» وقال للأصمعي: «لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري في صدرك لفعلت، لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر الأعمش على حملها، ولولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قرئ لقرأت كذا وكذا وذكر حروفا» (¬4). وهذا القول يدل على حرص أبي عمرو على تعليم العلم وتبليغه للناس، كما يدل على حرصه وتثبته في الرواية فهو لا يقرأ إلا بما قرئ، لأن القراءة سنة متبعة، ولا تجوز القراءة بما صح لغة إذا لم يصح سنده ويثبت نقله. وكان أبو عمرو عاملا بعلمه، صاحب زهد وتقوى يراقب الله ويخشاه، فقد استمر مدة طويلة «يختم القرآن في كل ثلاث ليال» (¬5) وهذا أمر لا يطيقه إلا عظماء الرجال وأصحاب الهمم العالية. وكان قد نقش على فصّ خاتمه هذا البيت: وإن امرأ دنياه أكبر همّه ... لمستمسك منها بحبل غرور (¬6) وهو بيت مشتمل على معان عظيمة في الزهد والتقلل من الدنيا وعدم الانشغال بها لأنها دار الغرور والفتنة. ¬

_ (¬1) ياقوت الحموي، مرجع سابق (11: 160). (¬2) المرجع السابق (11: 160). (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية، مرجع سابق (1: 290 - 291). (¬4) المرجع السابق (1: 290). (¬5) المرجع السابق (1: 290). (¬6) محمد بن شاكر الكتبي، مرجع سابق (2: 28)، والزبيدي الأندلسي مرجع سابق ص 38.

أما كراماته: فمنها ما ذكره صاحبه وتلميذه عبد الوارث، قال: «حججت سنة من السنين مع أبي عمرو بن العلاء وكان رفيقي فمررنا ببعض المنازل فقال: قم بنا، فمشيت معه، فأقعدني عند ميل وقال: لا تبرح حتى أجيئك، وكان منزل قفر لا ماء فيه، فاحتبس عليّ ساعة فاغتممت، فقمت أقفيه الأثر فإذا هو في مكان لا ماء فيه، فإذا عين وهو يتوضأ للصلاة، فنظر إلي فقال: يا عبد الوارث اكتم عليّ ولا تحدث بما رأيت أحدا فقلت: نعم يا سيد القراء. قال عبد الوارث: فو الله ما حدثت به أحدا حتى مات» (¬1)، وهذه الحادثة تؤكد منزلة أبي عمرو من الولاية وحسن الصلة بالله سبحانه، حيث فجّر له عين ماء في الأرض المجدبة، ليتوضأ ويشرب منها، وهو مع ذلك لا يفاخر ولا يريد أن يطلع أحد على هذا السر الذي بينه وبين ربه سبحانه وتعالى. ولأن أبا عمرو بهذه المنزلة من العلم والزهد والصدق فقد أقبل عليه الناس ينهلون من علمه ويقرءون عليه القرآن، وقد توقع شعبة أن ستكون قراءة أبي عمرو هي القراءة المعتمدة بين الناس، قال وهب بن جرير: قال لي شعبة: تمسك بقراءة أبي عمرو فإنها ستصير للناس إسنادا، قال ابن الجزري: «وقد صح ما قاله شعبة رحمه الله، فالقراءة التي عليها الناس اليوم بالشام والحجاز واليمن ومصر هي قراءة أبي عمرو فلا تكاد تجد أحدا يلقن القرآن إلا على حرفه خاصة في الفرش، وقد يخطئون في الأصول، ولقد كانت الشام تقرأ بحرف ابن عامر إلى حدود الخمسمائة فتركوا ذلك لأن شخصا قدم من أهل العراق وكان يلقن الناس بالجامع الأموي على قراءة أبي عمرو فاجتمع عليه خلق واشتهرت هذه القراءة عنه وأقام سنين كذا بلغني وإلا فما أعلم السبب في إعراض أهل الشام عن قراءة ابن عامر وأخذهم بقراءة أبي عمرو، وأنا أعدّ ذلك من كرامات شعبة» (¬2). قرأ على أبي عمرو عدد كبير من الناس: فقد روى القراءة عنه عرضا وسماعا أحمد بن محمد بن عبد الله الليثي وأحمد بن موسى اللؤلؤي وإسحاق بن يوسف بن يعقوب الأزرق وحسين بن علي الجعفي والأصمعي وعبد الوارث بن سعيد ويحيى اليزيدي وغيرهم، وروى عنه الحروف محمد بن الحسن بن أبي سارة وسيبويه (¬3). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية، مرجع سابق (1: 291). (¬2) المرجع السابق (1: 292). (¬3) المرجع السابق (1: 290).

4 - عبد الله بن عامر الشامي:

ومن أخبار أبي عمرو أنه خرج مع أبيه هاربين من الحجاج، قال: فبينما نحن نسير إذا أعرابي على بعير له ينشد: لا تضيقنّ بالأمور فقد تف ... رج غماؤها بغير احتيال ربما تكره النفوس من الأم ... ر لها فرجة كحل العقال فقال أبي: ما الخبر؟ قال: مات الحجّاج. فكنت بقوله (فرجة) أسر مني بقوله: مات الحجّاج (¬1) والفرجة (بالفتح) من الهم و (بالضم) من الحائط. وبقي أبو عمرو يقرئ الناس ويعلمهم حتى كانت وفاته سنة أربع وخمسين ومائة بالكوفة، قال أبو عمرو الأسدي: «لما أتى نعي أبي عمرو أتيت أولاده فعزيتهم عنه، وهنا لك أقبل يونس بن حبيب فقال: نعزيكم وأنفسنا بمن لا نرى شبها له آخر الزمان، والله لو قسم علم أبي عمرو وزهده على مائة إنسان لكانوا كلهم علماء زهادا، والله لو رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلم لسره ما هو عليه» (¬2). رحم الله أبا عمرو شيخ القراء والنحاة وأستاذ العربية والشعر والأدب- وجزاه عن القرآن وأهله خير الجزاء. 4 - عبد الله بن عامر الشامي: - مولده: في السنة الثامنة للهجرة وفي ضيعة يقال لها (رحاب)، وهي اليوم بلدة صغيرة تابعة لمحافظة المفرق في شمال الأردن، ولد الإمام الكبير والتابعي الجليل عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم اليحصبي، أبو عمران، إمام أهل الشام وشيخ القراء بها. وكانت الأردن وبقية بلاد الشام آنذاك تحت حكم الرومان، ومن المعروف أن السنة الثامنة للهجرة قد شهدت أول صدام عسكري بين المسلمين والروم حيث دارت معركة مؤتة الشهيرة بين الجانبين، وكان ذلك إيذانا ببدء العمل الجهادي والفتح الإسلامي خارج نطاق الجزيرة العربية. ¬

_ (¬1) الزبيدي الأندلسي، مرجع سابق ص 35، وابن الجزري، غاية النهاية (1: 290). (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 292).

وبعد ما اندفعت طلائع المدّ الإسلامي وضمت إليها بلاد الشام بعد موقعة اليرموك الفاصلة، وحينما صارت دمشق الشام حاضرة من حواضر الإسلام الكبرى، بدأ كثير من الأسر والقبائل تنتقل إليها لتنعم بالعيش في أفياء عدل الإسلام وكان ابن عامر ممن ارتحلوا إلى دمشق مع أهله وهو ابن تسع سنين، وهناك قدّر له أن يطلب العلم على أيدي عدد من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام وهم الذين كانوا أساتذة الدنيا ومعلمي البشرية، وكان العلم كالماء والهواء يتمتع بتحصيله كل راغب دون منة ولا عناء، فالفتح الإسلامي كان فتحا فكريا وعلميا قبل أن يكون فتحا عسكريا، وكانت المدارس ودور العلم تنتشر وتزداد كلما اتسعت رقعة الفتوح. ومن أبرز الصحابة الذين لقيهم ابن عامر وسمع منهم: معاوية بن أبي سفيان، والنعمان بن بشير، وواثلة ابن الأسقع، وفضالة بن عبيد، وأبو الدرداء. ونبغ في كثير من العلوم وخصوصا علم القرآن الذي هو مصدر العلوم ومعينها، إذ كانت قراءة القرآن آنذاك مقدمة على كل العلوم، ومن أتقنها وبرع فيها فهو الإمام المفضل والقدوة المبجل، وفي هذا المعنى كان الصحابة يقولون: «كان الرجل إذا حفظ سورة البقرة وآل عمران جد فينا» أي كانت له مكانة بيننا وعرفنا له قدره وفضله. - شيوخه: كان ابن عامر أحد الطلبة النجباء الحريصين على القرآن الكريم قراءة وتدبرا وعملا فقد أخذ القراءة عرضا عن أبي الدرداء، والمغيرة بن أبي شهاب المخزومي، وفضالة بن عبيد، وصار رأسا وإماما في القراءة والإقراء، وفي ذلك يقول ابن مجاهد التميمي «وعلى قراءة ابن عامر أهل الشام والجزيرة» وهذا القول دليل على مكانة ابن عامر حيث صارت قراءته في ذلك الزمان قراءة عامة المسلمين في الشام والجزيرة. قال ابن الجزري: «ولا زال أهل الشام قاطبة على قراءة ابن عامر تلاوة وصلاة وتلقينا إلى قريب الخمسمائة». عاش ابن عامر بين أهل دمشق دهرا طويلا، نذر نفسه للقرآن والعلم والدعوة، وتولى عددا من المناصب، حيث كان إمام الجامع بدمشق وهو الذي كان ناظرا على عمارته حتى فرغ.

قال تلميذه يحيى بن الحارث الذماري: «كان ابن عامر رئيس الجامع، لا يرى فيه بدعة إلا غيّرها». كما ولي القضاء بدمشق بعد أبي إدريس الخولاني، فكان قاضيا موفقا إذ اجتمع فيه من الصفات والشمائل ما يطمح إليه الطامحون إلى الكمال. وصفه الأهوازي بقوله: «كان عبد الله بن عامر إماما عالما ثقة فيما أتاه، حافظا لما رواه، متقنا لما وعاه، عارفا فهما، قيّما فيما جاء به، صادقا فيما نقله، من أفضل المسلمين وخيار التابعين، وأجلّة الراوين، لا يتّهم في دينه ولا يشكّ في يقينه، ولا يرتاب في أمانته، ولا يطعن عليه في روايته، صحيح نقله فصيح قوله، عليا في قدره مصيبا في أمره، مشهورا في عمله، مرجوعا إلى فهمه، لم يتعدّ فيما ذهب إليه الأثر، ولم يقل قولا يخالف فيه الخبر» (¬1). وهذه الشهادة من الأهوازي وهو العالم الجليل والقارئ الكبير جديرة أن تكتب بماء الذهب، لأنها شهادة من عارف خبير بحق عالم كبير، ولأنها أبرزت جوانب من صفات ابن عامر وأخلاقه، جديرة أن تكون محل القدوة والتأسي. - تلاميذه: وقد أفاد من علم ابن عامر ومنهجه كثيرون، وصار له تلامذة وأتباع ورثوا علمه من بعده، وراحوا ينشرونه بين الناس على منهج أمة (اقرأ) في التعلم والتعليم ونشر آفاق العلم والفكر إلى أقصى مدى ممكن، فكان من هؤلاء التلامذة البررة يحيى بن الحارث الذماري، وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وسعيد ابن عبد العزيز، وخلاد بن يزيد بن صبيح المري، ويزيد بن أبي مالك، كل هؤلاء رووا القراءة عرضا عن ابن عامر، بالإضافة إلى مئات ممن أخذوا عنه وأفادوا من علمه. وهؤلاء التلاميذ صار منهم علماء كبار أجلاء، فقد صار سعيد بن عبد العزيز مفتيا لدمشق في أيام بني أمية، ومن العلماء العاملين الأخيار، وصار يحيى بن الحارث إمام الجامع الأموي وشيخ الإقراء بدمشق بعد ابن عامر، وكان ثقة عالما خيرا فاضلا. ¬

_ (¬1) الذهبي، معرفة القراء الكبار، (1: 82 - 86). ابن الجزري، غاية النهاية 423 - 425.

5 - عاصم الكوفي:

- وفاته: توفي ابن عامر رحمه الله بدمشق يوم عاشوراء سنة ثمان عشرة ومائة، بعد أن بلغ مائة وعشر سنوات، كانت حافلة بالعلم والعطاء والخير. رحمه الله رحمة واسعة وأجزل له الأجر والمثوبة وجزاه عن المسلمين خير الجزاء (¬1). 5 - عاصم الكوفي: - اسمه ونسبه: عاصم بن- بهدلة- أبي النّجود (بفتح النون)، أبو بكر الأسدي مولاهم الكوفي الحنّاط، شيخ الإقراء بالكوفة وأحد السبعة. - شيوخه: أخذ القراءة عن زر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي عمرو الشيباني. - تلاميذه: روى القراءة عنه أبان بن تغلب، وأبان بن يزيد العطار، وإسماعيل بن مجالد، والحسن بن صالح، وحفص بن سليمان، والحكم بن ظهير، وحمّاد بن سلمة، وحماد بن زيد، وحماد بن أبي زياد، وحماد بن عمرو، وسليمان بن مهران الأعمش، وسلام بن سليمان أبو المنذر، وسهل بن شعيب، وأبو بكر شعبة بن عياش، وشيبان بن معاوية، والضحاك بن ميمون، وعصمة بن عروة، وعمرو بن خالد، والمفضل بن محمد، والمفضل بن صدقة، ومحمد بن رزيق، ونعيم بن ميسرة، ونعيم بن يحيى، وغيرهم كثير، وروى عنه حروفا من القرآن، أبو عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، والحارث بن نبهان، وحمزة الزيات، والحمّادان (ابن سلمة، وابن زيد) والمغيرة الضبي، ومحمد بن عبد الله العزرمي، وهارون بن موسى (¬2). - أقوال العلماء فيه وثناؤهم عليه :- كان قارئ أهل الكوفة ومقرئهم بعد أبي عبد الرحمن السلمي- في مسجده- وإمامهم الذي تمسكوا بقراءته واقتدوا به فيها بعد التابعين إلى وقتنا هذا (¬3). ¬

_ (¬1) المرجعان السابقان. (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 346 - 348). (¬3) الأندرابي، قراءات القراء المعروفين بروايات الرواة المشهورين، ص 95.

- وكان في قراءته متبعا آثار من قبله، غير مخالف فيها لما مضى عليه السلف (¬1). - قال أبو إسحاق السبيعي: ما رأيت أحدا أقرأ للقرآن من عاصم بن أبي النجود. - وقال يحيى بن آدم: ثنا حسن بن صالح قال: ما رأيت أحدا قط كان أفصح من عاصم، إذا تكلم كاد يدخله خيلاء (¬2). - قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن عاصم فقال: رجل صالح خيّر ثقة، فسألته: أي القراءة أحبّ إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، فإن لم تكن فقراءة عاصم (¬3). - قال ابن الجزري: وثقه أبو زرعة وجماعة، وقال أبو حاتم: محله الصدق، وحديثه مخرج في الكتب الستة (¬4). - جمع بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن (¬5). - روايته الحديث: روى عن أبي رمثة رفاعة بن يثربي التميمي، والحارث بن حسان البكري، وكانت لهما صحبة، وحديثه عن أبي رمثة في مسند أحمد، وحديثه عن الحارث في كتاب أبي عبيد القاسم ابن سلام (¬6). - أسانيد قراءة عاصم: قرأ عاصم على أبي عبد الرحمن السلمي عبد الله بن حبيب، وقرأ أبو عبد الرحمن على عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن مسعود، وقرأ هؤلاء على رسول الله صلّى الله عليه وسلم (¬7). وقال أبو بكر بن عياش: قال لي عاصم: ما أقرأني أحد حرفا إلا أبو عبد الرحمن وكان تعلّم من عثمان وعرض على عليّ، قال عاصم: وكنت أرجع من عند أبي ¬

_ (¬1) المرجع السابق ص 95. (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 347). (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 348). (¬4) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 348). (¬5) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 347). (¬6) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 347). (¬7) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 108.

6 - حمزة بن حبيب الزيات الكوفي:

عبد الرحمن فأعرض ما تعلمت منه على زر بن حبيش، قال أبو بكر لعاصم: لقد استوثقت يا أبا بكر، وقرأ زر على عليّ وعبد الله، وقرآ على رسول الله صلّى الله عليه وسلم (¬1). - وفاته: قال أبو بكر بن عياش: دخلت على عاصم وقد احتضر، فجعلت أسمعه يردد هذه الآية يحققها حتى كأنه يصلي: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ [الأنعام: 62] فعلمت أن القراءة منه سجية (¬2). توفي آخر سنة 127 هـ- بالكوفة وقيل بالسماوة وهو يريد الشام ودفن بها (¬3). 6 - حمزة بن حبيب الزيات الكوفي: - اسمه ونسبه: الإمام العلم والحافظ الحجة، أبو عمارة حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات الكوفي، التيمي مولاهم. قال فيه سفيان الثوري: غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض، وقال أيضا: «ما قرأ حمزة حرفا من كتاب الله إلا بأثر» شهد له العلماء بالفضل والعلم والزهد والورع، وتتلمذ على يديه خلق لا يحصون، وكتب له التوفيق في حياته فكان أستاذا كبيرا نهض بحق العلم، فأقرأ الناس القرآن وعلمهم مما علمه الله تعالى. ولد حمزة سنة 80 هجرية فيكون قد أدرك عصر الصحابة، ولا يستبعد أن يكون رأي بعضهم، وحسبه أنه عاش في تلك القرون المشهود لها بالخير، ونشأ بالكوفة. - شيوخه: أخذ العلم على علماء الكوفة وقرائها، فقرأ على حمران بن أعين، وأبي إسحاق السبيعي، والأعمش، وجعفر الصادق، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومغيرة بن مقسم، وغيرهم، وكانت الكوفة آنذاك مصرا من أمصار الإسلام العظيمة، فيها للعلم والفكر مراكز ومدارس، ومنها تنطلق جيوش الفتح الظافرة لتجاهد في سبيل الله، وتخرج الناس من الظلمات إلى النور. ¬

_ (¬1) المرجع السابق ص 102. (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 348). (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 348 - 349).

عرف حمزة بلقب الزيات، لأنه كان تاجرا، يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان، ويجلب من حلوان الجبن والجوز (¬1). ولم يكن عمله بالتجارة يحول بينه وبين تعلم العلم وتعليمه، فالعالم يبذل علمه وينشره حيثما حلّ وأينما نزل، وكلما اتسع مجال اتصاله بالناس، ازداد حرصه على نشر العلم بينهم، فالعلم أمانة ومسئولية، والعالم سوف يسأل عن علمه ماذا فعل به. - ثناء العلماء عليه: وقد عرف العلماء لحمزة فضله وعلمه وزهده وورعه، فأثنى عليه منهم كل من عرفه، ونقلت لنا كتب التراجم فيضا من أقوالهم فيه تصرح بإجلالهم له واعترافهم بقدره، ومن ذلك: قال أبو حنيفة لحمزة: «شيئان غلبتنا عليهما لا ننازعك فيهما، القرآن والفرائض» (¬2). وترجم له ياقوت الحموي في معجمه فقال: «إليه المنتهى في الصدق والورع والتقوى، وإليه صارت الإمامة في القراءة بعد عاصم والأعمش، وكان إماما حجة ثقة ثبتا رضيا قيما بكتاب الله، بصيرا بالفرائض خبيرا بالعربية، حافظا للحديث عابدا زاهدا خاشعا قانتا لله ورعا، عديم النظير» (¬3). ولقد بلغ من زهده وورعه وعظيم فضله أن الناس كانوا يعتقدون بولايته وكرامته، وفي هذا يقول ابن فضيل: «ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة» (¬4). أما قراءته فكان طلبة العلم يتسابقون إلى أخذها وتعلمها، لدقته وضبطه وتحريه، وكان شيخه الأعمش إذا رآه مقبلا يقول لمن حوله: هذا حبر القرآن، وهي شهادة من الأعمش (الإمام الجليل الحافظ) تدل على مقدار إتقان حمزة وتفوقه في علم القراءات خاصة. ¬

_ (¬1) ياقوت الحموي، معجم الأدباء (10: 290). (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 263). (¬3) ياقوت الحموي، معجم الأدباء (10: 292). (¬4) المرجع السابق.

7 - الكسائي:

وكان شعيب بن حرب يقول لأصحابه: ألا تسألونني عن الدر؟ يعني قراءة حمزة (¬1). وكان من منهجه أن يقرئ القرآن حتى يتفرق الناس، وهذا يعني أنه يمكث في الدرس مدة طويلة، ثم ينهض فيصلي أربع ركعات، ثم يصلي ما بين الظهر والعصر، وما بين المغرب والعشاء (¬2). وهذا يدل على صبره وحرصه على تعليم القرآن، كما يدل على كثرة عبادته، ورغبته في الطاعة والعمل الصالح، وصدق الإمام الشاطبي إذ يقول فيه: وحمزة ما أتقاه من متورع ... إماما صبورا للقرآن مرتلا - تلاميذه: أما تلاميذه الذين أخذوا عنه فقد كانوا كثيرين جدا منهم إبراهيم بن أدهم، وإبراهيم بن طعمة، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وبكر بن عبد الرحمن، وجعفر بن محمد الخشكني، وحجاج بن محمد، وخالد بن يزيد الطبيب، وخلاد بن خالد الأحول، وأبو الأحوص سلام بن سليم وسفيان الثوري، وشعيب بن حرب، وعلي بن حمزة الكسائي، ويحيى بن زياد الفراء، ويحيى بن المبارك اليزيدي وغيرهم. - وفاته: بقي حمزة يقرئ القرآن، ويعلم الناس حتى لقي ربه مرضيا، سنة (156 هـ)، بمدينة حلوان، في آخر سواد العراق، رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن القرآن وأهله خير الجزاء. 7 - الكسائي: - اسمه ونسبه: علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدي مولاهم، وهو من أولاد الفرس من سواد العراق. أبو الحسن الكسائي، نسبة إلى كساء أحرم فيه. - شيوخه: أخذ القراءة عرضا عن حمزة الزيات، عرض عليه أربع مرات، ومحمد ابن أبي ليلى، وعيسى بن عمر الهمداني، وروى الحروف عن أبي بكر بن عياش ¬

_ (¬1) المرجع السابق. (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 263).

وإسماعيل ويعقوب ابني جعفر عن نافع، وعن عبد الرحمن بن أبي حماد، وأبي حيوة شريح بن يزيد، والمفضل بن محمد الضبي، وزائدة بن قدامة عن الأعمش، ومحمد بن الحسن بن أبي سارة وقتيبة بن مهران، ورحل إلى البصرة فأخذ اللغة عن الخليل. - تلاميذه: أخذ عنه القراءة عرضا وسماعا، إبراهيم بن زاذان وإبراهيم بن الحريش وأحمد بن جبير، وأحمد بن أبي سريج، وأحمد بن أبي ذهل، وأحمد بن منصور البغدادي، وأحمد بن واصل، وإسماعيل بن مدّان، وحفص بن عمر الدوري، وحمدويه بن ميمون، وحميد بن ربيع الخزاز، وزكريا بن وردان، وسريج بن يونس، وسورة بن المبارك، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وعبد الرحمن بن واقد، وعبد الرحيم بن حبيب، وعبد القدوس بن عبد المجيد، وعبد الله بن أحمد بن ذكوان، وعبيد الله بن موسى، وعدي بن زياد، وعلي بن عاصم، وعمر بن حفص المسجدي، وعيسى بن سليمان، والفضل بن إبراهيم، وفورك بن شبويه، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وقتيبة بن مهران، والليث بن خالد، ومحمد بن سفيان، ومحمد بن سنان، ومحمد بن واصل، والمطلب بن عبد الرحمن، والمغيرة بن شعيب، وأبو توبة ميمون بن حفص، ونصير بن يوسف، وأبو إياس هارون بن علي الكسائي (ابن الكسائي نفسه) وهارون بن عيسى، وهارون بن يزيد، وهاشم بن عبد العزيز البربري، ويحيى بن آدم، ويحيى بن زياد الخوارزمي، فهؤلاء المكثرون عن الكسائي. أما المقلون عنه فهم: إسحاق بن إسرائيل، وحاجب بن الوليد، وحجاج بن يوسف بن قتيبة، وخلف بن هشام البزار، وزكريا بن يحيى الأنماطي، وأبو حيوة شريح بن يزيد، وصالح الناقط، وعبد الواحد بن ميسرة القرشي، وعلي بن خشنام، وعمر بن نعيم بن ميسرة، وعروة بن محمد الأسدي، وعون بن الحكم، ومحمد بن زريق، ومحمد بن سعدان، ومحمد بن عبد الله بن يزيد الحضرمي، ومحمد بن عمر الرومي، ومحمد بن المغيرة، ومحمد بن يزيد الرفاعي، ويحيى بن زياد الفراء، ويعقوب الدورقي، ويعقوب الحضرمي روى عنه الحروف (¬1). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 535 - 537).

* تنبيه: ورد ذكر قتيبة بن مهران في شيوخ الكسائي وفي تلاميذه، وذلك أن قتيبة قال: قرأت على الكسائي، وقرأ عليّ الكسائي، وكان قتيبة قد صحب الكسائي أكثر من خمسين سنة، وشاركه في عامة شيوخه وروى عنهم (¬1). وقال قتيبة أيضا: قرأت القرآن من أوله إلى آخره على الكسائي، وقرأ الكسائي القرآن من أوله إلى آخره عليّ، وعنه قال: صحبت الكسائي في إحدى وخمسين سنة وشاركته في عامة أصحابه ... وقال: قرأت على أبي الحسن الكسائي نيفا وعشرين ختمة ... وقرأت على الكسائي اختياره، وقرأ الكسائي عليّ قراءة أهل المدينة (¬2). - أقوال العلماء فيه وثناؤهم عليه: - قال عنه يحيى بن معين: ما رأيت بعيني هاتين أصدق لهجة من الكسائي. - قال الشافعي: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي. - قال أبو عبيد: كان الكسائي يتخيّر القراءات، فأخذ من قراءة حمزة ببعض وترك بعضا، وكان من أهل القراءة، وهي كانت علمه وصناعته، ولم يجالس أحدا كان أضبط ولا أقوم بها منه. - قال ابن مجاهد: فاختار من قراءة حمزة وقراءة غيره، قراءة متوسطة غير خارجة عن آثار من تقدّم من الأئمة، وكان إمام الناس في القراءة في عصره، وكان يأخذ الناس عنه ألفاظه بقراءته عليهم. - قال أبو بكر الأنباري: اجتمعت في الكسائي أمور، كان أعلم الناس بالنحو، وأوحدهم في الغريب، وكان أوحد الناس في القرآن، فكانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط الأخذ عليهم، فيجمعهم ويجلس على كرسي، ويتلو القرآن من أوله إلى آخره، وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع والمبادي (¬3). ¬

_ (¬1) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 122. (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 26 - 27). (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 537 - 538).

- قال الأندرابي: كان قارئ أهل الكوفة ومقرئهم بها، وإمامهم الذي تمسكوا بقراءته، واقتدوا به فيها بعد حمزة، من وقتهم إلى وقتنا، وكان كثير الرواية للحديث والعلم، عالما بما مضى عليه السلف من القراءة (¬1). صحب الكسائي هارون الرشيد، وكان الرشيد يكرمه ويجلّه، ويقرأ عليه ويأتمّ به ويسأله. وكان قبل ذلك يطوف بالبلاد ويقرئ الناس، قال ابن ذكوان: أقمت على الكسائي أربعة أشهر وقرأت عليه القرآن غير مرة (¬2). وهذا يعني أن الكسائي قدم الشام وأقام بها مدة. قال ابن الجزري: وقفت على ما يدل أن الكسائي دخل الشام وأقرأ بجامع دمشق (¬3). - مؤلفاته: ألف الكسائي كتبا كثيرة منها: كتاب معاني القرآن، وكتاب القراءات، والعدد واختلافهم فيه، والنوادر الكبير، والنوادر الأوسط، والنوادر الأصغر، وكتابا في النحو، وكتاب الهجاء، ومقطوع القرآن وموصوله، والمصادر، والحروف، والهاءات، وكتاب أشعار. - وفاته: توفي رحمه الله سنة (189 هـ) بقرية (أرنبوية) من قرى الري (¬4)، وكان بصحبة هارون الرشيد، متوجهين إلى خراسان، ومات معه أيضا محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة، فأسف الرشيد لذلك وقال: دفنا الفقه والنحو بالريّ، وكان الكسائي قد بلغ السبعين عند وفاته (¬5)، ورثاه أبو محمد اليزيدي فقال: تصرمت الدنيا فليس خلود ... وما قد نرى من بهجة سيبيد لكل امرئ كأس من الموت مترع ... وما إن لنا إلا عليه ورود ألم تر شيبا شاملا ينذر البلى ... وأن الشباب الغضّ ليس يعود ¬

_ (¬1) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 119. (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 537). (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 405). (¬4) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 539 - 540) وتحبير التيسير، ص 111 - 112. (¬5) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 540).

8 - أبو جعفر يزيد بن القعقاع:

سنفنى كما أفنى القرون التي خلت ... فكن مستعدا فالفناء عتيد أسيت على قاضي القضاة محمد ... وفاضت عيوني والعيون جمود وقلت إذا ما الخطب أشكل من لنا ... بإيضاحه يوما وأنت فقيد وأقلقني موت الكسائي بعده ... وكادت به الأرض الفضاء تميد وأذهلني عن كل عيش ولذة ... وأرق عيني والعيون هجود هما عالمانا أوديا وتخرّما ... فما لهما في العالمين نديد فحزني متى يخطر على القلب خطرة ... بذكرهما حتى الممات جديد (¬1) 8 - أبو جعفر يزيد بن القعقاع: - اسمه ونسبه: يزيد بن القعقاع المخزومي، أبو جعفر المدني القارئ، أحد القراء العشرة، تابعي مشهور كبير القدر. - شيوخه: عرض القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وروى عنهم. - تلاميذه: روى القراءة عنه نافع بن أبي نعيم، وسليمان بن مسلم بن جمّاز، وعيسى بن وردان، وأبو عمرو، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وإسماعيل ويعقوب ابناه، وميمونة بنته. هو من التابعين، أتي به إلى أم سلمة وهو صغير، فمسحت على رأسه ودعت له بالبركة، أقرأ الناس في المدينة قبل وقعة الحرّة، والحرّة سنة (63 هـ)، وكان إمام أهل المدينة في القراءة، كان ثقة قليل الحديث. - أقوال العلماء فيه وثناؤهم عليه: - قال أبو الزناد: لم يكن أحد أقرأ للسنة من أبي جعفر، وكان يقدّم في زمانه على عبد الرحمن بن هرمز الأعرج. - قال الإمام مالك: كان أبو جعفر رجلا صالحا يقرئ الناس بالمدينة (¬2). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 540) والاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 130 باختلافات يسيرة. (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 382 - 383).

- كان أبو جعفر رجلا صالحا عابدا زاهدا كثير العبادة، كان يصوم يوما ويفطر يوما يروّض نفسه على العبادة، وكان يصلي في الليل أربع تسليمات يقرأ في كل ركعة بالفاتحة وسورة من طوال المفصل، ويدعو عقيبها لنفسه وللمسلمين ولكل من قرأ عليه وقرأ بقراءته بعده وقبله (¬1). - إسناد قراءته: قرأ أبو جعفر على ابن عباس وأبي هريرة وعبد الله بن عياش، وقرأ هؤلاء على أبي بن كعب، وقرأ أبي على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، كما قرأ أبو جعفر على خباب بن الأرت ... وقيل إنه قرأ على زيد بن ثابت، وسنه تحتمل ذلك (¬2). - عن قتيبة بن مهران قال: سألت سليمان بن مسلم بن جماز، فقلت: أقرأت على أبي جعفر وشيبة ونافع؟ قال: نعم، قد قرأت على أبي جعفر وشيبة ونافع، وسألته فقلت له: أتقرأ بقراءة أبي جعفر أو نافع؟ فقال: أقرئ الناس بقراءة نافع، وإذا كنت وحدي فأحبّ إليّ أن أقرأ، بقراءة أبي جعفر (¬3). - وفاته: قال سليمان بن جمّاز: شهدت أبا جعفر حين حضرته الوفاة، وجاء أبو حازم الأعرج، ومشيخة معه كانوا من جلسائه، فانكبّوا عليه يصرخون فلم يجبهم، قال شيبة- وكان ختنه على ابنته-: ألا أريكم منه عجبا؟ قالوا: بلى. قال: فكشف عن صدره وإذ دوّارة بيضاء مثل اللبن. فقال أبو حازم وأصحابه: هذا والله نور القرآن (¬4). وروى المسيبيّ عن نافع أنه قال: لمّا غسل أبو جعفر القارئ نظروا فإذا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف، فما شك أحد أنه نور القرآن (¬5). وروي عن سليمان بن أبي سليمان العمري قال: رأيت أبا جعفر القارئ على الكعبة (أي في المنام)، فقلت: أبو جعفر؟ قال: نعم، أقرئ إخواني السلام، وأخبرهم أن الله تعالى جعلني من الشهداء الأحياء المرزوقين، وأقرئ أبا حازم ¬

_ (¬1) المرجع السابق (2: 383). (¬2) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 45 - 46. (¬3) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 47 - 48. (¬4) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 49. (¬5) المرجع السابق ص 48.

9 - يعقوب بن إسحاق الحضرمي

السلام، وقل له: يقول أخوك أبو جعفر: الكيس الكيس، فإن الله تبارك وتعالى وملائكته يتراءون مجلسك بالعشيّات (¬1). توفي رحمه الله بالمدينة في خلافة مروان سنة ثلاثين ومائة، وقيل غير ذلك (¬2). 9 - يعقوب بن إسحاق الحضرمي :- اسمه ونسبه: الإمام العلم والأستاذ الكبير يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي البصري، أبو يوسف، وأبو محمد قارئ أهل البصرة ومقرئهم وإمامهم الذي تمسكوا بقراءته بعد أبي عمرو بن العلاء (¬3). هو قارئ معمّر عاش ثمانيا وثمانين سنة، ومن عجيب الموافقات أن أباه وجدّه وجد أبيه عاش كل منهم ثمانيا وثمانين سنة (¬4). قضى زمانه في طلب العلم وتعليمه، فكان يجود بوقته في تعلم مسائل العلم وتتبع دقائقه وأخذه عن الشيوخ والعلماء فقرأ القرآن على أبي المنذر سلام بن سليمان الطويل كما قرأ على ابن محيصن، ومجاهد، ومهدي بن ميمون، وشعيب بن الحبحاب، وأبي الأشهب العطاردي ويونس بن عبيد وغيرهم (¬5)، وروى عن حمزة والكسائي كذلك (¬6). ولكثرة من لقي من العلماء والفضلاء حصل علما كثيرا غزيرا في كثير من جوانب المعرفة فصار إماما في القراءات والعربية والفقه، وكان من أعلم أهل زمانه بمذاهب النحاة في القرآن الكريم ووجوه الاختلاف فيه (¬7). قال أبو حاتم السجستاني: «كان يعقوب أعلم من رأيت بلغات العرب وألفاظها وأشعارها وأيامها وبالنحو، وما رأيت أقرأ من يعقوب» (¬8). ¬

_ (¬1) المرجع السابق ص 49. (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 384). (¬3) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين، ص 135. (¬4) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 389). (¬5) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 140. (¬6) ياقوت الحموي، معجم الأدباء (20: 52). (¬7) المرجع السابق (20: 52). (¬8) ابن غلبون الحلبي، التذكرة في القراءات الثمان (1: 60).

ولقد كان هذا الإمام عاملا بعلمه حريصا على أن يكون ما حصله من العلم سبيلا للهداية والتقوى وخشية الله عز وجل، فكان كما وصفه الذين ترجموا له: «زاهدا ورعا ناسكا» (¬1) بل إن تنسكه وخشوعه في الصلاة بلغ درجة عالية حتى قيل إنه سرق رداؤه عن كتفه وهو في الصلاة ولم يشعر به وردّ إليه ولم يشعر لشغله بالصلاة (¬2)، وهذا يعني أن الصلاة والتدبر فيها قد ملك عليه فؤاده حتى شغله عن كل شيء واستغرق في الخشوع لدرجة أنه لم يعد يدري ما يدور حوله، فهو في عالم الصلاة وأجوائه الفسيحة يحلق مناجيا ربه متجردا من الدنيا ومتعها وأحوالها. وكان يعقوب أيضا ثقة صدوقا متبعا آثار من قبله من الأئمة غير مخالف لهم في القراءة، وثّقه أحمد بن حنبل وأبو حاتم، وقال أبو حاتم فيه: صدوق، هو أعلم من رأيت بالحروف والاختلاف في القرآن وعلله ومذاهبه ومذاهب النحو، وأروى الناس لحروف القرآن ولحديث الفقهاء (¬3). وكونه متبعا آثار من قبله من الأئمة غير مخالف لهم في القراءة يؤكد على أمر جدير بالاهتمام وهو أن القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول وليس لأحد أن يزيد فيها او ينتقص منها، وقد اتفقت كلمة أهل العلم على أن القراءة سنة، وأنه لا مجال فيها للتشهي ولا للرأي أو القياس، فالقراءة رواية محققة متقنة يضبطها القارئ عن شيوخه العدول الضابطين ولا يحيد عما رواه وتعلمه قيد شعرة. وهي مسألة تؤكد لنا أن طريق أخذ القرآن هي النقل بالمشافهة والمشامّة وإنما كانت قواعد التجويد لحراسة الرواية والحفاظ عليها من أن يتطرق إليها نسيان أو وهم. كان يعقوب- رحمه الله- حريصا على نشر العلم وتبليغه بكل وسيلة ممكنة، فأخذ يقرئ الناس ويعلمهم مستشعرا أهمية ما يقوم به من جهد مبارك، وأنه كلما كان أثره أكبر في هذا المجال كان أجره أعظم، فالرسول صلّى الله عليه وسلم يقول: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» ويقول: «بلغوا عني ولو آية». - تلاميذه: كثر تلاميذ يعقوب الذين أخذوا عنه العلم ونقلوا عنه القراءات بالسند المتصل إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فكان منهم: زيد ابن أخيه أحمد، وكعب بن إبراهيم، ¬

_ (¬1) ياقوت الحموي، معجم الأدباء (20: 52)، وابن الجزري، غاية النهاية (2: 388). (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 388). (¬3) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 135، وابن الجزري، غاية النهاية (2: 387).

وروح بن عبد المؤمن، ومحمد بن المتوكل المعروف برويس، وأبو حاتم السجستاني، وفهد بن الصقر، وحميد بن الوزير، والمنهال بن شاذان، وأبو بشر القطان، ومسلم ابن سفيان المفسر، ومحمد بن وهب الفزاري، وعبد الله بن بحر الساجي، وعبدان ابن يحيى، وداود بن أبي سالم، والوليد بن حسان وغيرهم (¬1) كما وجد في تأليف الكتب وتدوين العلم فيها وسيلة نافعة لأن الطلبة يحرصون على نسخها وحفظها ونشرها بين الناس وفي ذلك إحياء للعلم وإيقاظ للهمم، فألف كتابه الجامع الذي ذكر فيه اختلاف وجوه القراءات ونسب كل حرف إلى من قرأ به، وكتاب وقف التمام وغير ذلك (¬2). وكان يعقوب رحمه الله حريصا على تلاوة القرآن بإتقان وإحكام، فعرضه ختمات كثيرة على عدد من العلماء؛ بالتحقيق تارة وبالحدر تارة ليطمئن على سلامة أدائه وحسن تجويده وفي هذا يقول: «قرأت على سلّام الطويل القرآن في سنة ونصف، وقرأت على شهاب بن شرنفة المجاشعي في خمسة أيام» (¬3). فقراءته في سنة ونصف تدل على تؤده وأناة وتحقيق، وقراءته في خمسة أيام تؤكد إتقانه وقدرته على القراءة المحققة في الحدر، على حد قول ابن مجاهد حين سئل: من أقرأ الناس، فقال: من حقق في الحدر» (¬4). وقد كتب لقراءة يعقوب أن يتداولها الناس ويقرءوا بها مدة طويلة وفي هذا يقول الداني: «وائتم بيعقوب في اختياره عامة البصريين بعد أبي عمرو فهم أو أكثرهم على مذهبه» (¬5). وكان يعقوب صاحب جاه ومكانة، حيث عرف له الناس قدره وأكرموه لعلمه وورعه حتى بلغ من جاهه أنه كان يحبس ويطلق (¬6). ومن أحسن ما قيل في مدحه شعرا. قول أبي الحسين الأديب (¬7): ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 387). (¬2) ياقوت الحموي، معجم الأدباء (2: 52). (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 386). (¬4) أبو العلاء العطار، التمهيد في معرفة التجويد، ص 189. (¬5) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 387). (¬6) المرجع السابق (2: 388). (¬7) قراءات القراء المعروفين ص 140 - 141.

10 - خلف بن هشام البزار:

وما كان كالحضرمي إذا ... تفاخر أهل بلدان أديب قارئ طبّ ... لبيب حبر قرآن غزير العلم لا ساه ... ولا واه ولا وان تقي فاضل برّ ... تقيّ الدين رباني وهي أبيات تصف شيئا مما كان عليه يعقوب من العلم والفضل والزهد والتقوى. - وفاته: توفي يعقوب سنة 205 هـ، وله من العمر ثمان وثمانون سنة، رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام والقرآن خير الجزاء. 10 - خلف بن هشام البزار: - اسمه ونسبه: الثقة الكبير الزاهد العابد العالم الإمام خلف بن هشام بن ثعلب ابن خلف، أبو محمد الأسدي البغدادي البزار (¬1)، أحد القراء العشرة المعروفين، وأحد الرواة عن سليم عن حمزة الزيات. أصله من (فم الصلح) والصلح كورة فوق واسط لها نهر يستمد من دجلة على الجانب الشرقي يسمى (فم الصلح) (¬2). - مولده ونشأته العلمية: ولد سنة (150 هـ) وعرف منذ صغره بالذكاء والنباهة، فقد أتم حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين (¬3)، وهي سنّ مبكرة، حفظ القرآن عندها كثير من العلماء المتقنين وهذا يعني أهمية العناية بالصغار ليحفظوا ويتقنوا، لأن أذهانهم أقدر على الحفظ والاستظهار. وبدأ بطلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة (¬4)، فبرع وتقدم حتى شهد له سليم ابن عيسى صاحب حمزة بأنه لم يخلف ببغداد من هو أقرأ منه (¬5). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء (1: 273) والنشر (1: 291). (¬2) مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع (2: 849). (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية: (273) والنشر (1: 191). (¬4) المرجع السابق. (¬5) الخبر في غاية النهاية (1: 273).

وقد أعانه على طلب العلم همة وقادة وقلب سئول، ورغبة قوية في التعلم والتلقي والأخذ عن العلماء، وكان له من الغنى واليسار ما يذلل له الصعوبات التي كثيرا ما تكون عقبة أمام طلبة العلم. وكان سخيا بماله، يبذله على التعلّم وفهم المسائل، حتى ليكاد من يطالع سيرته يرميه بالإسراف، ومما يدل على ذلك قوله: «أشكل عليّ باب من النحو فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حفظته أو قال عرفته» (¬1) ويدل على ذلك أيضا أنه كان يكلف الوراقين بالكتابة له، بل كان له ورّاق مختص به هو أحمد بن إبراهيم المعروف ب (ورّاق خلف) (¬2) وكذا أخوه إسحاق بن إبراهيم الذي روى عن خلف اختياره (¬3). ولم يقتصر خلف في طلبه على مدرسة واحدة من مدارس القراء بل أخذ قراءة أهل المدينة عن إسحاق المسيبي عن نافع بن أبي نعيم، وقراءة أهل مكة عن عبيد بن عقيل عن شبل بن عباد عن ابن كثير، وقراءة أهل البصرة عن عبد الوهاب بن عطاء عن أبي عمرو البصري وقراءة عاصم الكوفي عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن عاصم، وأخذ عن سليم عن حمزة (¬4)، وقال خلف أيضا: كنت أحضر بين يدي عليّ بن حمزة الكسائي وهو يقرأ على الناس، وينقطون مصاحفهم بقراءته (¬5). وقد بلغ من حرصه وشدة تحريه أنه قال: قرأت على سليم بن عيسى القرآن مرارا كثيرة، وكنت أسأله عند الفراغ من القرآن، أأروي عنك بهذه القراءة التي قرأتها عليك عن حمزة؟ فيقول: نعم، قال: وسمعته يقول: قرأت القرآن على حمزة عشر مرات (¬6). - قراءته واختياره: كان حرص العلماء على تلقي قراءة خلف والأخذ عنه دليلا على ثقتهم بعلمه وصحة نقله وروايته، بل كان بعضهم يرى أن خلفا أضبط الناس ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 273) والنشر (1: 191). (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 34). (¬3) المرجع السابق (1: 155). (¬4) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين، ص 149 - 150. (¬5) المرجع السابق ص 150. (¬6) ابن مهران، الغاية في القراءات العشر، ص 108.

للقراءة وأقومهم بها، قال مسلمة بن عاصم (صاحب الفرّاء): «كتبت الحروف من غير وجه، ما اعتمدت إلا على ما حدّثني به خلف بن هشام البزار، لأنه يقرأ كيف أخذ وكيف أدّى» (¬1) ولأنه كان من العلماء بوجوه القراءات واختلاف الروايات فقد «اختار اختيارا حسنا غير خارج عن الأثر» (¬2) والمقصود أنه استقل بقراءة يقرأ بها حتى صارت منهجا ومدرسة، بعد أن كان راويا من رواة قراءة حمزة. وفي اختياره خالف حمزة في مائة وعشرين حرفا. قال ابن الجزري: «تتبعت اختياره فلم أره يخرج عن قراءة الكوفيين في حرف واحد بل ولا عن حمزة والكسائي وأبي بكر إلا في حرف واحد وهو قوله تعالى في الأنبياء: (وحرام على قرية) قرأها كحفص والجماعة بألف، وروى عنه أبو العز القلانسي في إرشاده السكت بين السورتين فخالف الكوفيين» (¬3). واشتهرت قراءة خلف شهرة فائقة في بعض البلاد، وفي هذا يقول أبو الحسن محمد بن عبد الله النقاش الحربي: فأول من قرأت عليه إسحاق بن إبراهيم المروزي وقرأ على خلف وقرأ على سليم وقرأ على حمزة وكان لا يقرأ ولا يقرئ إلا بهذا الحرف لا يحسن غيره، فخلفه ابنه محمد فقرأت عليه أيضا ... وقرأت بعده على جماعة منهم أبو الحسن علي بن محمد بن نيزك، وأبو الحسن محمد بن إبراهيم، وإبراهيم بن إسحاق المعروف بغلام جلّان، وأبو بكر بن أسد المؤدب باختيار خلف كله. قال: ولم يكن يعرف عندنا بالربض غير اختياره ولا يقرأ إلا به (¬4). - شيوخه: أما شيوخه الذين قرأ عليهم فهم كثيرون منهم سليم بن عيسى، وعبد الرحمن بن أبي حماد، ويعقوب بن خليفة الأعشى، وأبو زيد سعيد بن أوس، وروى الحروف عن إسحاق المسيبي، وإسماعيل بن جعفر، وعبد الوهاب بن عطاء، ¬

_ (¬1) المرجع السابق ص 129 - 130. (¬2) المرجع السابق ص 129. (¬3) ابن الجزري، النشر (1: 191). (¬4) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 148 - 149.

ويحيى بن آدم، وعبيد بن عقيل، وروى رواية قتيبة عنه، وسمع من الكسائي الحروف، ولم يقرأ عليه القرآن. قال أبو علي الأهوازي في مفردة الكسائي قال الفضل بن شاذان عن خلف: إنه قرأ على الكسائي، والمشهور عند أهل النقل لهذا الشأن أنه لم يقرأ عليه وإنما سأله عنها وسمعه يقرأ القرآن إلى خاتمته وضبط ذلك عنه بقراءته عليهم (¬1). - تلاميذه: روى عنه القراءة كثيرون عرضا وسماعا، فمنهم: ورّاقة أحمد بن إبراهيم، وأخوه إسحاق بن إبراهيم، وإبراهيم بن علي القصار، وأحمد بن يزيد الحلواني، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وأحمد بن زهير، وسلمة بن عاصم، وأحمد بن البرائي، وعبد الله بن عاصم شيخ الغضائري، وعلي بن الحسين بن سلم ومحمد بن إسحاق شيخ ابن شنبوذ، ومحمد بن الجهم، ومحمد بن مخلد الأنصاري، ومحمد بن عيسى، والفضل بن أحمد الزبيدي، وعلي بن محمد بن نازك، وإبراهيم ابن إسحاق، ومحمد بن إبراهيم، ومحمد بن سعيد الضرير، وأبو بكر بن أسد المؤدب، وعبيد بن عقيل، وعبد الوهاب بن عطاء، وموسى بن عيسى، وأبو الوليد عبد الملك بن القاسم، وعمر بن فائد فيما ذكره الهذلي (¬2). وكان رجلا صدوقا صالحا كثير العلم والرواية عن السلف، عالما بوجوه قراءات الأئمة وله كتاب حسن صنفه في القراءات (¬3). أنشد أبو الحسن إدريس بن عبد الكريم (¬4): أيها السامع علما من خلف ... نلت من علم الهدى نلت الهدف إنما البزار حبر فاضل ... فضله في الشرق والغرب عرف واستفد من علمه صدقا فما ... أصبح العلم يلقّى لخلف ثم بالقرآن قد قاربه ... غلب الباقي طرا والسلف من عليه قرأ القرآن من ... غامض القرآن حرفا لم يخف زاده الله ثباتا طالما ... في كتاب الله والعلم اختلف ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 273) والنشر (1: 191). (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 273 - 274). (¬3) الاندرابي، قراءات القراء المعروفين ص 147. (¬4) المرجع السابق ص 150.

أسانيد القراء العشرة:

- وفاته: توفي ببغداد سنة 229 هـ وهو مختف من الجهمية (¬1). رحمه الله رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام والقرآن خير الجزاء. أسانيد القراء العشرة (¬2): قرأ نافع على جماعة من التابعين، منهم أبو جعفر يزيد بن القعقاع وأبو داود عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وشيبة بن نصاح، ومسلم بن جندب الهذلي، ويزيد ابن رومان، وقرأ هؤلاء على أبي هريرة وابن عباس وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، عن أبي بن كعب عن النبي صلّى الله عليه وسلم. وقرأ ابن كثير على عبد الله بن السائب المخزومي الصحابي، ومجاهد بن جبر، ودرباس مولى ابن عباس، وقرأ عبد الله بن السائب على أبي بن كعب، وأخذ مجاهد ودرباس عن ابن عباس عن أبي بن كعب وزيد بن ثابت عن النبي صلّى الله عليه وسلم. وقرأ أبو عمرو على مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة بن خالد المخزومي، وعطاء بن أبي رباح وابن كثير وابن محيصن، وحميد بن قيس الأعرج، ويزيد بن القعقاع، ويزيد بن رومان، وشيبة بن نصاح، والحسن البصري، ويحيى بن يعمر. وقرأ سعيد بن جبير على ابن عباس، وقرأ عكرمة على ابن عباس وابن عمر، وقرأ عطاء على أبي هريرة، وقرأ ابن محيصن على مجاهد ودرباس وسعيد بن جبير، وقرأ حميد بن قيس على مجاهد. وقرأ الحسن البصري على حطان بن عبد الله الرقاشي وأبي العالية الرياحي، وقرأ حطان على أبي موسى الأشعري (¬3)، وقرأ أبو العالية على أبي بن كعب وزيد بن ثابت وابن عباس، وعمر بن الخطاب (¬4). وقرأ يحيى بن يعمر على ابن عمر وابن عباس وأبي الأسود الدؤلي، وقرأ أبو الأسود على عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب (¬5). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 274). (¬2) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 115 - 124. (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 253). (¬4) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 284). (¬5) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 346).

وقرأ ابن عامر الشامي على أبي الدرداء الصحابي، والمغيرة بن أبي شهاب المخزومي، وقرأ أبو الدرداء على الرسول صلّى الله عليه وسلم، وقرأ المغيرة على عثمان بن عفان. وقرأ عاصم الكوفي على أبي عبد الرحمن السلمي وزر بن حبيش، وقرأ أبو عبد الرحمن على عثمان وعليّ وأبيّ وزيد بن ثابت وابن مسعود، وقرأ زرّ على عثمان وابن مسعود. وقرأ حمزة الزيات على سليمان بن مهران الأعمش وابن أبي ليلى وحمران بن أعين، وأبي إسحاق السبيعي، ومنصور بن المعتمر، ومغيرة بن مقسم، وجعفر الصادق وغيرهم. وقرأ الأعمش على إبراهيم النخعي وزر بن حبيش وعاصم وغيرهم، وقرأ النخعي على الأسود بن يزيد وعلقمة بن قيس (¬1)، وقرآ على ابن مسعود. وقرأ ابن أبي ليلى على الأعمش وغيره، وقرأ حمران على عبيد بن نضلة ويحيى ابن وثاب، وقرأ عبيد على ابن مسعود، وقرأ يحيى بن وثاب على عبيد (¬2). وقرأ أبو إسحاق السبيعي على علقمة والأسود وزر بن حبيش. وقرأ منصور بن المعتمر على الأعمش، وقرأ المغيرة بن مقسم على عاصم، وقرأ جعفر الصادق على أبيه محمد الباقر عن زين العابدين عن الحسين عن علي عن النبي صلّى الله عليه وسلم (¬3). وقرأ الكسائي على حمزة الزيات وعيسى بن عمر الهمداني، وابن أبي ليلى وغيرهم. وقرأ عيسى بن عمر على عاصم والأعمش (¬4) وغيرهما. وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وعلى ابن عباس وأبي هريرة، وقرأ هؤلاء الثلاثة على أبي بن كعب، وقرأ ابن عباس وأبو هريرة أيضا على زيد بن ثابت. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 29). (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 497 - 498). (¬3) الذهبي، الكاشف عمن له رواية في الكتب الستة (1: 130)، وابن الجزري، غاية النهاية (1: 196). (¬4) الذهبي، الكاشف (2: 317)، وابن الجزري، غاية النهاية (1: 612 - 613).

وقرأ يعقوب البصري على أبي المنذر سلام بن سليمان الطويل، وشهاب بن شرنفة، ومهدي بن ميمون، وأبي الأشهب جعفر بن حيان العطاردي، وأبي عمرو البصري، وقرأ أبو المنذر على عاصم وأبي عمرو وتقدم سندهما، وقرأ شهاب على هارون بن موسى الأعور، وقرأ هارون على أبي عمرو، وعلى عاصم الجحدري، وقرأ عاصم الجحدري على الحسن البصري، وسليمان بن قتة، وقرأ سليمان على ابن عباس. وقرأ مهدي على شعيب بن الحبحاب، وقرأ شعيب على أبي العالية الرياحي، وقرأ أبو العالية على أبي وزيد. وقرأ أبو الأشهب على أبي رجاء عمران بن ملحان العطاردي، وقرأ أبو رجاء على ابن عباس وأبي موسى الأشعري. وقرأ خلف البزار على سليم بن عيسى، ويعقوب بن خليفة الأعشى وأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري، وروى القراءة أيضا عن الكسائي وعن يحيى بن آدم عن شعبة. وقرأ سليم على حمزة، وتقدم سنده. وقرأ الأعشى على شعبة (¬1)، وقرأ شعبة على عاصم وقرأ أبو زيد على المفضّل عن عاصم، وقرأ أيضا على أبي عمرو. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 390).

المبحث الثاني الرواة عن القراء العشرة

المبحث الثاني الرواة عن القراء العشرة كانت خطة ابن مجاهد التميمي حين اختار القراء السبعة ليدوّن أصول وفرش قراءاتهم أن يختار اثنين فقط من تلامذة ورواة كل قارئ- وليس بالضرورة أن يكون هذان ممن أخذوا مباشرة عن القارئ- كما سيأتي بيانه. وهذا الاختيار كان محاولة لحصر وجوه الخلاف بين القراءات عامة، تسهيلا على طلبة العلم، وبيانا لما بين المرويات عن القارئ الواحد من اختلاف. وقد تتابع المؤلفون بعد ابن مجاهد على هذا المنهج بالنسبة للسبعة، فلما أضيفت قراءات الثلاثة المتممين للعشرة، روعي أيضا منهج ابن مجاهد في إثبات الخلاف بين اثنين من رواة كل واحد من القراء الثلاثة. 1 - راويا نافع :* قالون: واسمه عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى الزرقي (أبو موسى) مولى بني زهرة ومعلم العربية وقارئ المدينة ونحويّها، لقبه نافع (قالون) لجودة قراءته لأن معناها بلغة الروم (جيد) قرأ على نافع سنة (150 هـ)، وختم عليه ختمات عديدة، قال النقاش: قيل لقالون: كم قرأت على نافع؟ قال: ما لا أحصيه كثرة إلا أني جالسته بعد الفراغ عشرين سنة. - شيوخه: كما أخذ على آخرين منهم عيسى بن وردان أحد رواة أبي جعفر. - تلاميذه: منهم: ابناه إبراهيم وأحمد، وإبراهيم بن الحسين الكسائي، وإبراهيم بن محمد المدني، وأحمد بن صالح المصري، وأحمد بن يزيد الحلواني وغيرهم. وكان قالون أصم شديد الصمم، وكان يقرأ عليه القرآن فينظر إلى شفتي القارئ ويرد عليه اللحن والخطأ. - وفاته: توفي سنة (220 هـ) بالمدينة المنورة (¬1). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 105، وغاية النهاية (1: 615 - 616).

2 - راويا ابن كثير المكي

* ورش: اسمه عثمان بن سعيد بن عبد الله، أبو سعيد المصري، لقبه نافع (ورشا) لبياضه، والورش شيء أبيض يصنع من اللبن، وقيل غير ذلك، وغلب عليه هذا اللقب حتى صار لا يعرف إلا به. هو شيخ القراء والمحققين بمصر في زمانه، ولد بمصر سنة (110 هـ) ورحل إلى نافع بالمدينة فعرض عليه القرآن عدة ختمات وذلك سنة (155 هـ). - تلاميذه: عرض عليه القرآن كثيرون، منهم: أحمد بن صالح، وداود بن أبي طيبة، وأبو الربيع داود بن سليمان المهري، وأبو الأشعث عامر بن سعيد الجرشي، وعبد الصمد بن عبد الرحمن، وأبو يعقوب الأزرق وغيرهم. كان ثقة حجة في القراءة، حسن الصوت، إذا قرأ يهمز ويمدّ ويشدد ويبين الإعراب، لا يملّه سامعه. - وفاته: توفي ورش رحمه الله بمصر سنة (197 هـ) (¬1). 2 - راويا ابن كثير المكي :* البزي: أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزة، مقرئ مكة ومؤذن المسجد الحرام ولد سنة (170 هـ). - شيوخه: قرأ على أبيه، وعبد الله بن زياد وعكرمة بن سليمان ووهب بن واضح. - تلاميذه: قرأ عليه إسحاق بن محمد الخزاعي، والحسن بن الحباب، وأحمد ابن فرح، وأبو ربيعة محمد بن إسحاق، ومحمد بن هارون، وموسى بن هارون، ومضر بن محمد الضبي وأبو علي الحداد، وغيرهم. والبزي هو الذي روى حديث التكبير مرفوعا من آخر الضحى. قال البزي: سمعت عكرمة بن سليمان يقول: قرأت على إسماعيل بن عبد الله ابن قسطنطين، فلما بلغت والضحى قال: كبّر عند خاتمة كل سورة، فإني قرأت على عبد الله بن كثير فلما بلغت والضحى قال: كبّر حتى تختم، وأخبره ابن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك، وأخبره ابن عباس ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 106، وغاية النهاية (1: 502 - 503).

3 - راويا أبي عمرو البصري

أن أبي بن كعب أمره بذلك، وأخبره أبي أن النبي صلّى الله عليه وسلم أمره بذلك، قال الحاكم: هذا صحيح الإسناد ولم يخرجه البخاري ولا مسلم (¬1). - وفاته: توفي البزي سنة (205 هـ) بمكة وله ثمانون سنة (¬2) رحمه الله* قنبل: هو محمد بن عبد الرحمن بن خالد المخزومي مولاهم، أبو عمر المكي، شيخ القراء بالحجاز في زمانه، لقبه (قنبل) لأنه من أهل بيت بمكة يعرفون بالقنابلة، ولد سنة (195 هـ). - شيوخه: أخذ القراءة عرضا عن أحمد بن محمد بن عون النبال، وروى عن البزي. - تلاميذه: منهم: أبو ربيعة محمد بن إسحاق، ومحمد بن عبد العزيز بن عبد الله ابن الصباح، وإسحاق بن أحمد الخزاعي، ومحمد بن حمدون، والعباس بن الفضل، وأحمد بن محمد بن هارون، وأحمد بن موسى بن مجاهد، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ ... وغيرهم. انتهت إليه رئاسة الإقراء بالحجاز، ورحل الناس إليه من الأقطار. توقف عن الإقراء قبل وفاته بسبع سنين، حيث طعن في السنّ وشاخ. - وفاته: توفي سنة إحدى وتسعين ومائة بمكة رحمه الله عن ست وتسعين سنة (¬3). 3 - راويا أبي عمرو البصري :* الدوري: حفص بن عمر بن عبد العزيز، أبو عمر الدوري النحوي، والدوري نسبة إلى الدور، موضع ببغداد، إمام القراءة وشيخ الناس في زمانه، ثقة ثبت كبير ضابط ... رحل في طلب القراءات وقرأ بسائر الحروف السبعة وبالشواذ وسمع من ذلك شيئا كثيرا. ¬

_ (¬1) قال الذهبي في التلخيص: «البزي قد تكلم فيه» انظر: الذهبي، التلخيص بهامش المستدرك (3: 304)، والحديث أخرجه ابن غلبون في التذكرة في القراءات الثمان (2: 659 - 660) وأبو عمرو الداني في جامع البيان ورقة 370/ ب- 371/ أو ابن الجزري في النشر (2: 413)، وفي تحبير التيسير، ص 622. (¬2) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 107، وغاية النهاية (1: 119 - 120). (¬3) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 106، وغاية النهاية (2: 165 - 166).

- شيوخه: قرأ على إسماعيل بن جعفر عن نافع، وعلى أخيه يعقوب بن جعفر عن ابن جماز عن أبي جعفر، وسليم عن حمزة، ومحمد بن سعدان عن حمزة، وعلى الكسائي لنفسه ولأبي بكر عن عاصم، وحمزة بن القاسم عن أصحابه، ويحيى اليزيدي وشجاع بن أبي نصر البلخي. - تلاميذه: قرأ عليه وروى القراءة عنه أحمد بن حرب شيخ المطوعي، وأحمد ابن فرج بالجيم، وأحمد ابن فرح (بالحاء) أبو جعفر المفسر المشهور، وأحمد بن يزيد الحلواني، وأحمد بن مسعود السراج، وإسحاق بن إبراهيم العسكري، وإسماعيل بن أحمد، وإسماعيل بن يونس بن ياسين، وعبد الرحمن بن عبدوس، ومحمد بن حمدون القطيعي، قال أبو داود: ورأيت أحمد بن حنبل يكتب عن أبي عمر الدوري، وقال أحمد بن فرح المفسر: سألت الدوري: ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله غير مخلوق. - وفاته: توفي سنة (240 هـ) (¬1) رحمه الله. * السوسي: صالح بن زياد بن عبد الله الرستبي، أبو شعيب السوسي الرّقّي. مقرئ ضابط محرر ثقة. - شيوخه: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن يحيى اليزيدي، وهو من أجلّ أصحابه. - تلاميذه: روى القراءة عنه ابنه محمد (أبو المعصوم)، وموسى بن جرير النحوي، وأبو الحارث محمد بن أحمد الطرسوسي الرقي وأحمد بن محمد الرافقي، وأحمد بن حفص المصيصي، ومحمد بن سعيد الحراني، وعلي بن محمد السعدي، وأحمد بن يحيى الشمشاطي، ومحمود بن محمد الأديب الأنطاكي، وموسى بن جمهور، وأحمد بن شعيب النسائي الحافظ، وجعفر بن سليمان المشحلائي وغيرهم. - وفاته: توفي في أول سنة (261 هـ) وقد قارب السبعين. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 107، وغاية النهاية (1: 255 - 256).

4 - راويا ابن عامر الشامي:

روى الدوري والسوسي عن يحيى بن المبارك اليزيدي عن أبي عمرو البصري (¬1). 4 - راويا ابن عامر الشامي: * هشام بن عمار بن نصير بن ميسرة، أبو الوليد السلمي، الدمشقي، إمام أهل دمشق وخطيبهم، ومقرئهم ومفتيهم ومحدّثهم. - شيوخه: أخذ القراءة عرضا عن أيوب بن تميم وعراك بن خالد وسويد بن عبد العزيز والوليد بن مسلم، وصدقة بن خالد، ومدرك بن أبي سعد، وعمر بن عبد الواحد وروى الحروف عن عتبة بن حماد ومعلّى بن دحية عن نافع وروى عن مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة والدراوردي ومسلم بن خالد الزنجي وغيرهم. - تلاميذه: روى القراءة عنه أبو عبيد القاسم بن سلام وأحمد بن يزيد الحلواني، وأحمد بن أنس، وإبراهيم بن دحيم، وإسحاق بن أبي حسان، وإسماعيل بن الحويرس، وموسى بن جمهور، والعباس بن الفضل، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمر وهارون بن موسى الأخفش وغيرهم. وروى عنه الوليد بن مسلم ومحمد بن شعيب وهما من شيوخه والبخاري في صحيحه، وأبو داود والنسائي وابن ماجة في سننهم، ووثقه يحيى بن معين والنسائي والدارقطني. - فضائله: كان فصيحا علامة واسع الرواية، خطيبا مفوها، رزق كبر السن وصحة العقل والرأي، ارتحل الناس إليه في القراءات والحديث. - وفاته: توفي سنة (245 هـ) بدمشق (¬2)، رحمه الله. * ابن ذكوان: عبد الله بن أحمد بن بشر بن ذكوان، أبو عمرو القرشي الفهري الدمشقي، الإمام الأستاذ الشهير، الراوي الثقة شيخ الإقراء بالشام وإمام جامع دمشق. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 107 - 108، وغاية النهاية (1: 332 - 333). (¬2) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 109، وغاية النهاية (2: 355 - 356).

- فضله وأقوال العلماء فيه:

- شيوخه: أخذ القراءة عرضا عن أيوب بن تميم، وهو الذي خلفه في القيام بالقراءة بدمشق، وقرأ على الكسائي حين قدم الشام، وروى الحروف عن إسحاق المسيبي عن نافع. - تلاميذه: روى القراءة عنه ابنه أحمد، وأحمد بن أنس وأحمد بن المعلى، وأحمد بن يوسف التغلبي، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وهارون بن موسى الأخفش وغيرهم. - مؤلفاته: كتاب أقسام القرآن وجوابها، ما يجب على قارئ القرآن عند حركة لسانه. - فضله وأقوال العلماء فيه: قال أبو زرعة الدمشقي: لم يكن بالعراق ولا بالحجاز ولا بالشام ولا بمصر ولا بخراسان في زمان ابن ذكوان أقرأ عندي منه. قال ابن ذكوان: أقمت على الكسائي سبعة أشهر، وقرأت عليه القرآن غير مرة. - وفاته: توفي رحمه الله سنة (242 هـ) بدمشق (¬1). 5 - راويا عاصم الكوفي: * شعبة: أبو بكر بن عياش بن سالم الكوفي الأسدي الحنّاط. - شيوخه: عرض القرآن على عاصم ثلاث مرات، وعلى عطاء بن السائب، وأسلم المنقري. - تلاميذه: عرض عليه يعقوب بن خليفة الأعشى وعبد الرحمن بن أبي حماد، وعروة بن محمد الأسدي، ويحيى بن محمد العليمي، وسهل بن شعيب، وروى عنه الحروف سماعا إسحاق بن عيسى، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وأحمد بن جبير والكسائي، وأبو عمر الدوري وغيرهم. - عمّر طويلا، ولكنه قطع الإقراء قبل موته بسبع سنين، وكان إماما كبيرا عالما عاملا، وكان من أئمة السنة. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 108، وغاية النهاية (1: 404 - 405).

6 - راويا حمزة الكوفي:

- وفاته: توفي سنة (193 هـ) وقيل سنة (194 هـ) بالكوفة (¬1)، رحمه الله. * حفص بن سليمان بن المغيرة، أبو عمر الأسدي الكوفي الغاضري البزاز، يعرف ب (حفيص) وهو الذي أخذ قراءة عاصم على الناس تلاوة، ونزل بغداد فأقرأ بها، وجاور بمكة فأقرأ بها أيضا. أقرأ الناس دهرا، وكان في القراءة ثقة ثبتا ضابطا لها. - شيوخه: أخذ القراءة عرضا وتلقينا عن عاصم، وكان ربيبه، ابن زوجته. - تلاميذه: روى القراءة عنه عرضا وسماعا حسين بن محمد المروذي، وحمزة ابن القاسم الأحول، وسليمان بن داود الزهراني، وحمدان بن أبي عثمان الدقاق، وعمرو بن الصباح، وعبيد بن الصباح، وأبو شعيب القواس وغيرهم. - وفاته: توفي سنة (180 هـ) وقيل غير ذلك، وكان قد ناهز التسعين من العمر (¬2). رحمه الله. 6 - راويا حمزة الكوفي: * خلف بن هشام بن ثعلب البزار، أبو محمد الأسدي البغدادي، أصله من (فم الصلح) ولد سنة (150 هـ) وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين، وابتدأ بطلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة. كان ثقة كبيرا زاهدا عابدا عالما. - شيوخه: أخذ القراءة عرضا عن سليم بن عيسى وعبد الرحمن بن أبي حماد عن حمزة، ويعقوب بن خليفة الأعشى وأبي زيد سعيد بن أوس عن المفضل الضبي، وروى الحروف عن إسحاق المسيبي وإسماعيل بن جعفر، وعبد الوهاب بن عطاء ويحيى بن آدم وعبيد بن عقيل، وروى رواية قتيبة عنه من طريق ابن شنبوذ والمطوعي أداء وسماعا، وسمع من الكسائي الحروف ولم يقرأ عليه القرآن، وسمعه يقرأ القرآن إلى خاتمته وضبط ذلك عنه بقراءته عليهم، وروى عنه قراءة الأعشى عن زائدة بن قدامة. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 110، وغاية النهاية (1: 325 - 327). (¬2) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 110، وغاية النهاية (1: 254 - 255).

7 - راويا الكسائي:

- تلاميذه: روى القراءة عنه عرضا وسماعا أحمد بن إبراهيم ورّاقة، وأخوه إسحاق بن إبراهيم، وإبراهيم بن علي القصّار، وأحمد بن يزيد الحلواني، وإدريس ابن عبد الكريم الحداد، وأحمد بن زهير، وغيرهم. قال ابن أشتة: كان خلف يأخذ بمذهب حمزة إلا أنه خالفه في مائة وعشرين حرفا (يعني في اختياره). - وفاته: توفي رحمه الله ببغداد سنة (229 هـ) وهو مختف من الجهمية (¬1). * خلاد بن خالد، أبو عيسى الشيباني مولاهم، الصيرفي الكوفي. إمام في القراءة ثقة عارف محقق أستاذ. - شيوخه: أخذ القراءة عرضا عن سليم وهو من أضبط أصحابه وأجلّهم، وروى القراءة عن حسين بن علي الجعفي عن أبي بكر، وعن أبي بكر نفسه عن عاصم، وعن أبي جعفر محمد بن الحسن الرؤاسي. - تلاميذه: روى القراءة عنه عرضا أحمد بن يزيد الحلواني، وإبراهيم بن علي القصار، وإبراهيم بن نصر الرازي، وحمدون بن منصور، وسليمان بن عبد الرحمن الطلحي، والقاسم بن يزيد الوزان وهو أنبل أصحابه، ومحمد بن شاذان الجوهري وهو من أضبطهم، ومحمد بن عيسى الأصبهاني وغيرهم. - وفاته: توفي بالكوفة سنة (220 هـ) (¬2) رحمه الله. 7 - راويا الكسائي: * أبو الحارث الليث بن خالد البغدادي، ثقة معروف حاذق ضابط. - شيوخه: عرض على الكسائي، وهو من جلة أصحابه، وروى الحروف عن حمزة بن القاسم الأحول، وعن اليزيدي. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 111، وغاية النهاية (1: 272 - 274)، والجهمية فرقة ضالة تنسب إلى الجهم بن صفوان الراسبي تلميذ الجعد بن درهم، كان يقول بالجبر والاضطرار ويزعم أن الجنة والنار تفنيان، ويزعم أن الإيمان هو المعرفة بالله تعالى، وأن الكفر هو الجهل به. انظر: البغدادي، الفرق بين الفرق، ص 158 - 159. (¬2) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 111، وغاية النهاية (1: 274 - 275).

8 - راويا أبي جعفر المدني:

- تلاميذه: روى القراءة عنه عرضا وسماعا سلمة بن عاصم صاحب الفراء، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير، والفضل بن شاذان، ويعقوب بن أحمد التركماني. - وفاته: توفي سنة (240 هـ) (¬1) رحمه الله. * حفص بن عمر الدوري، وهو الراوي عن أبي عمرو البصري، تقدمت ترجمته. 8 - راويا أبي جعفر المدني: * عيسى بن وردان المدني، أبو الحارث الحذاء. إمام مقرئ حاذق وراو محقق ضابط. - شيوخه: عرض على أبي جعفر وشيبة، ثم عرض على نافع، وهو من قدماء أصحابه، وجلتهم، وقد شاركه في الإسناد. - تلاميذه: عرض عليه إسماعيل بن جعفر، وقالون، ومحمد بن عمر الواقدي. - وفاته: توفي بالمدينة في حدود سنة (160 هـ) (¬2). رحمه الله. * ابن جمّاز: سليمان بن مسلم بن جمّاز، أبو الربيع الزهري، مولاهم المدني. مقرئ جليل ضابط. - شيوخه: عرض على أبي جعفر وشيبة، ثم عرض على نافع، وأقرأ بحرف أبي جعفر ونافع. - تلاميذه: عرض عليه إسماعيل بن جعفر، وقتيبة بن مهران. - وفاته: توفي بالمدينة بعد سنة (170 هـ) (¬3). رحمه الله. 9 - راويا يعقوب البصري: * رويس: محمد بن المتوكل اللؤلؤي، أبو عبد الله البصري، المعروف برويس مقرئ حاذق ضابط مشهور جليل. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 112، وغاية النهاية (2: 34). (¬2) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 113، وغاية النهاية (1: 616). (¬3) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 113، وغاية النهاية (1: 315).

10 - راويا خلف:

- شيوخه: أخذ القراءة عرضا عن يعقوب الحضرمي، وهو من أحذق أصحابه، ختم عليه عدة ختمات. - تلاميذه: روى القراءة عنه عرضا محمد بن هارون التمّار، والزبير بن أحمد الزبيري الشافعي. - وفاته: توفي بالبصرة سنة (238 هـ) (¬1). رحمه الله. * روح بن عبد المؤمن، أبو الحسن الهذلي، مولاهم، البصري النحوي. مقرئ جليل ثقة ضابط مشهور. - شيوخه: عرض على يعقوب، وهو من جلة أصحابه، وروى الحروف عن أحمد بن موسى، ومعاذ بن معاذ وابنه عبيد الله بن معاذ، ومحبوب، كلهم عن أبي عمرو، وحماد بن شعيب صاحب خالد بن جبلة، وعن محمد بن صالح المري صاحب شبل. - تلاميذه: عرض عليه الطيب بن الحسن بن حمدان القاضي، وأبو بكر محمد ابن وهب الثقفي، ومحمد بن الحسن بن زياد، وأحمد بن يزيد الحلواني، وأحمد بن يحيى الوكيل، والزبير بن أحمد الزبيري، وغيرهم، وسمع منه الحروف حسين بن بشر بن معروف الطبري، وروى عنه البخاري في صحيحه. - وفاته: توفي سنة (234 هـ) أو (235 هـ) (¬2). رحمه الله. 10 - راويا خلف: * إسحاق بن إبراهيم بن عثمان بن عبد الله، أبو يعقوب المروزي ثم البغدادي، ورّاق خلف وراوي اختياره عنه، ثقة، كان قيّما بالقراءة، قال الدارقطني عنه: ثقة وفوق الثقة بدرجة. - شيوخه: قرأ على خلف اختياره وقام به بعده، وقرأ على الوليد بن مسلم. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 113، وغاية النهاية (2: 234). (¬2) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 113، وغاية النهاية (1: 285).

- تلاميذه: قرأ عليه محمد بن عبد الله بن أبي عمر النقّاش، والحسن بن عثمان البرصاطي، وعلي بن موسى الثقفي، وابنه محمد بن إسحاق بن إبراهيم، وابن شنبوذ. - وفاته: توفي سنة (286 هـ) (¬1). رحمه الله. * إدريس بن عبد الكريم الحداد، أبو الحسن البغدادي، إمام ضابط متقن ثقة. - شيوخه: قرأ على خلف روايته واختياره، وعلى محمد بن حبيب الشموني، وقرأ على خلف عن قتيبة. - تلاميذه: روى القراءة عنه سماعا ابن مجاهد، وعرضا ابن شنبوذ وابن مقسم وموسى بن عبيد الله الخاقاني، وأحمد بن بويان والحسن بن سعيد المطوعي وأبو بكر النقاش وغيرهم. - وفاته: توفي يوم الأضحى سنة (292 هـ) (¬2). رحمه الله. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 114، وغاية النهاية (1: 155). (¬2) ابن الجزري، تحبير التيسير، ص 114، وغاية النهاية (1: 154).

الفصل الرابع التعريف بأصول القراءات وأصول القراء العشرة

الفصل الرابع التعريف بأصول القراءات وأصول القراء العشرة

المبحث الأول التعريف بأصول القراءات

الفصل الرابع التعريف بأصول القراءات وأصول القراء العشرة المبحث الأول التعريف بأصول القراءات سيتم في هذا المبحث التعريف بأشهر المصطلحات المتداولة في كتب القراءات وتبيينها وإيضاحها (¬1). * الأصول: مسائل علم القراءات التي لها قاعدة معينة تندرج فيها الجزئيات، مثل: الإدغام، والمد، والإمالة، ونحوها، وقد يخالف بعض القراء القاعدة في كلمات يسيرة. وقيل: الأصل: الحكم الكلي الجاري في كل ما تحقق فيه شرطه. * الفرش: الألفاظ القرآنية التي اختلف فيها القراء، والتي لا تندرج ضمن قواعد ومسائل أصول القراءة، وسميت بالفرش لانتشارها وتفرقها في السور، فإن فرش الشيء: نشره وبثه (¬2). * الاستعاذة: مصدر استعاذ أي طلب العوذ والعياذ، وهو اللجوء والامتناع والاعتصام، فإذا قال القارئ: أعوذ بالله فكأنه قال: ألجأ واعتصم وأتحصن بالله. والاستعاذة ليست من القرآن، وورد في صيغتها أقوال متعددة، المختار منها لفظ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لموافقته اللفظ الوارد في سورة النحل (¬3). ¬

_ (¬1) أخذت هذه المادة من مصادر متعددة، وللاستزادة والتوسع يراجع: - ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 304 و 313 و 338 و 408) ومواضع أخرى. - الضباع، الإضاءة في بيان أصول القراءة، ص 5 - 56. - الحموي، أحمد بن عمر، القواعد والإشارات في أصول القراءات، ص 42 - 54. (¬2) سبق التعريف بالأصول والفرش، ص 77، وأعيد هنا لاندراجه ضمن مصطلحات القراء. (¬3) أي قوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ [النحل: 98].

والاستعاذة مندوبة عند بداية القراءة، ويجهر القارئ بها عند بداية القراءة، واستثني من الجهر بها: إذا كان القارئ خاليا، وإذا كان يقرأ سرا، وإذا كان ضمن جماعة يقرءون بالدور ولم يكن هو المبتدئ بالقراءة. وإذا قطع القارئ قراءته لأمر ضروري كسعال أو نسيان، أو لأمر له صلة بالقراءة كالتفسير وبيان الحكم فلا يعيد الاستعاذة، وإذا قطع قراءته لأمر لا صلة له بالقراءة كرد سلام، أو طال انقطاع الفصل ولو بأمر ذي صلة بالقراءة فإنه يعيد الاستعاذة. * البسملة: مصدر بسمل إذا قال: بسم الله أو كتبها. وهي واجبة عند بداية القراءة من أول السورة، سوى سورة التوبة وجائزة إذا كانت القراءة من وسط السورة، واختلف في البدء من وسط سورة التوبة هل تجوز معه البسملة أو لا والراجح جواز البسملة. والبسملة هي الآية الأولى من سورة الفاتحة عند المكيين والكوفيين وليست كذلك عند باقي علماء العدد، ووجه الخلاف فيها أنها نزلت في بعض الأحرف ولم تنزل في بعضها، وكل منهما متواتر، فمن أثبتها آية فهي ثابتة في حرفه متواترة إليه ثم منه إلينا، ومن لم يعدها آية فهي محذوفة في حرفه، فمن تواترت في حرفه وجب عليه إثباتها في قراءته لكونها آية عنده. * الصلة: يراد بها صلة ميم الجمع، وصلة هاء الكناية. أ- صلة ميم الجمع: ميم الجمع هي ميم زائدة تدل على جمع المذكرين، وصلتها أن تضم وتلحق بواو لفظية حالة الوصل إذا وقعت قبل متحرك. ب- صلة هاء الكناية: هي هاء الضمير المكنى بها عن المفرد المذكر الغائب، وصلتها أن يلحق بها حرف مد لفظي يناسب حركتها، إذا وقعت بين متحركين، فتوصل المضمومة بواو، نحو: إِنَّهُ كانَ وتوصل المكسورة بياء، نحو: بِعِبادِهِ خَبِيراً، إلا ما استثني لبعض القراء. والأصل في حركة الهاء الضم، وتكسر إذا وقعت بعد كسر أو ياء ساكنة، نحو: (به، فيه، عليه)، وتقصر إذا وقعت بين ساكنين نحو: وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وإذا

وقعت قبل ساكن نحو: لِلَّهِ الْأَسْماءُ أما إذا وقعت بعد ساكن وقبل متحرك نحو أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً فتوصل عند ابن كثير وتقصر عند غيره، إلا ما استثني. ومقدار القصر هنا حركة واحدة، ومقدار الصلة حركتان إذا كانت الصلة صغرى أي إذا لم يكن المتحرك الذي بعد الهاء همزة، فإن كان همزة كانت الصلة كبرى ومقدارها هو مقدار المد المنفصل. ويلحق بهاء الكناية هاء: (هذه) فتوصل إن وقعت قبل متحرك نحو: هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ [الأعراف: 73]، وتكون الصلة كبرى إن كانت قبل همزة، نحو: هذِهِ أُمَّتُكُمْ [الأنبياء: 92]، وتقصر إذا وقعت قبل ساكن نحو: هذِهِ الشَّجَرَةَ [البقرة: 35]. * الإدغام: هو اللفظ بالحرفين كالثاني مشددا، وفائدته تخفيف اللفظ لثقل النطق بحرفين متفقين في المخرج أو متقاربين. وينقسم الإدغام إلى كبير وصغير، فالكبير: ما كان أول الحرفين فيه محركا، والصغير: ما كان أولهما فيه ساكنا، وينقسم إلى كامل وناقص، فالإدغام الكامل هو: ذهاب ذات الحرف وصفته، والإدغام الناقص: ذهاب ذات الحرف وبقاء صفته. وأسباب الإدغام ثلاثة: هي التماثل والتجانس والتقارب، فالتماثل هو: أن يتفق الحرفان مخرجا وصفة، أو أن يتحدا اسما ورسما، والتجانس أن يتفق الحرفان مخرجا ويختلفا صفة أو عكسه، والتقارب: أن يتقارب الحرفان مخرجا و/ أو صفة. وشروط الإدغام: في الكبير: 1 - أن يلاقي المدغم المدغم فيه خطا ولفظا أو خطا فقط، فدخل نحو: إِنَّهُ هُوَ وخرج نحو: أَنَا نَذِيرٌ. 2 - أن لا يكون المدغم فيه الحرف الأخير في الكلمة، إن كانا بكلمة واحدة، فدخل نحو خَلَقَكُمْ وخرج نحو: خَلَقَكَ. وفي الصغير: 1 - تقدم الساكن.

2 - في المتماثلين أن لا يكون الساكن حرف مد (¬1)، أو هاء سكت، وفي هذا الثاني خلاف. 3 - في المتجانسين والمتقاربين: أن لا يكون الأول حرف حلق نحو: أَبْلِغْهُ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ. وينقسم الإدغام إلى واجب وجائز وممتنع، فالواجب: ما اتفق القراء على إدغامه، مثل إدغام اللام في اللام نحو هَلْ لَكُمْ، والنون في الراء نحو: مِنْ رَبِّهِمْ، والجائز: ما اختلف فيه القراء، فأدغمه بعضهم وأظهره باقيهم نحو: لَقَدْ جاءَكُمْ أدغمه هشام وأبو عمرو بن حمزة والكسائي وخلف العاشر وأظهره الباقون، وقِيلَ لَهُمْ أدغمه السوسي وأظهره الباقون، والممتنع: ما لم يدغمه أحد، لوجود ما يمنع من الإدغام أو لعدم وجود أحد شروطه أو أسبابه، نحو: نَنْسَخْ لا تدغم النون في النون لاختلال شرط الإدغام، وهو تقدم المدغم، ومِنْ عَمَلِ لا تدغم النون في العين لعدم حصول سبب الإدغام، فهما حرفان متباعدان، وواسِعٌ عَلِيمٌ لا تدغم العين في العين لتنوين الأول وهو أحد موانع الإدغام. * المد: هو إطالة الصوت بأحد حروف المد واللين، أو حرفي اللين عن مقداره الطبيعي الذي لا تقوم ذواتها بدونه. ويقابله: القصر، وهو إثبات حروف المد واللين، أو اللين فقط من غير زيادة عليها (¬2)، وهو الأصل لعدم احتياجه إلى سبب والمد محتاج إلى سبب، وقد يكون المد بالإشباع، وهو المراد عند إطلاقه- أي بمقدار ثلاث ألفات- وقد يكون بالتوسط، وهو المد بمقدار ألفين. وقد يراد بالمد إثبات حرف المد، وبالقصر حذفه، أي تحريكه بحركته فقط، وهذا في باب هاء الكناية. ¬

_ (¬1) هذا الشرط بناء على التعريف الثاني للتماثل، وهو: اتحاد الحرفين اسما ورسما، أما على التعريف الأول وهو: اتحاد المخرج والصفة فلا داعي للنص عليه على مذهب من يرى مخارج الحروف سبعة عشر مخرجا، لأن حروف المد تخرج من الجوف فلا تتحد في المخرج مع الواو والياء غير المديتين. (¬2) مقداره في حروف المد واللين: حركتان، وفي حرفي اللين: مدّ ما دون الحركتين، وعبر عنه بعضهم: بمقدار تحقق الحرف.

وحروف المد واللين هي: الألف والواو والياء، فالألف حرف مد ولين دون شرط لأنها لا تكون إلا ساكنة بعد فتح، أما الياء والواو فهما حرفا مد إذا سكنا بعد حركة مماثلة لهما، وهما حرفا لين إذا سكنا بعد فتح. وينقسم المد إلى أصلي وفرعي، فالأصلي: الذي لا تقوم ذات الحرف إلا به ولا يتوقف على سبب من همز أو سكون، ويسمى المد الذاتي، ومدّ الصيغة، والقصر لأنه يقابل المد. والمد الفرعي: هو الزائد على المد الأصلي لسبب من همز أو سكون أو سبب معنوي، وأنواعه كثيرة، وقد يسمى النوع الواحد منها بأكثر من اسم وفيما يلي بيان لبعضها: أ- المد المتصل: هو ما اتصل شرطه بسببه نحو: (الملائكة، السماء)، ويسمى مد البنية لأن الكلمة بنيت على المد، والمد الواجب لإجماع القراء على مده وإن تفاوتوا في قدره. ب- المد المنفصل: هو ما انفصل شرطه عن سببه نحو: بِما أُنْزِلَ ويسمى مد البسط لأنه يبسط بين الكلمتين بساطا يفصل به بينهما، ويسمى مد الفصل، والمد الجائز وقد يكون الانفصال حقيقيا إذا كان حرف المد ثابتا رسما ولفظا نحو: قالُوا آمَنَّا، أو حكميا إذا كان حرف المد ثابتا لفظا لا رسما نحو يا أَيُّهَا، وَأَمْرُهُ إِلَى. ج- مد التعظيم: وهو في لا النافية في كلمة التوحيد، نحو: لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ [الأنبياء: 87] عند بعض من يقصر المنفصل، ومقداره ألفان، ويسمى مد المبالغة. د- مد التبرئة: وهو مد (لا) النافية للجنس نحو: لا رَيْبَ لا شِيَةَ فِيها بمقدار ألفين، عند حمزة فقط. هـ- مد التبرئة: وهو مد (لا) النافية للجنس نحو: لا رَيْبَ لا شِيَةَ فِيها بمقدار ألفين، عند حمزة فقط. هـ- مد الحجز: يكون في الألف التي يؤتى بها للفصل بين الهمزتين عند من قرأ به نحو: أَأَنْذَرْتَهُمْ سمي بذلك لأنه يحجز بين الهمزتين، ومقداره ألف واحدة، ويسمى: المد الفاصل، ومد العدل.

ومد الفرق: هو مد الألف المبدلة من همزة الوصل إذا دخلت عليها همزة الاستفهام سمي بذلك للفرق بين الاستفهام والخبر، ومقداره ثلاث ألفات، وهو من أقسام اللازم. ز- المد العارض للوقف: هو مد حرف المد أو اللين إذا وليهما ساكن للوقف نحو: لِلْمُتَّقِينَ، الْحِسابِ، يَعْمَلُونَ، رَيْبَ، خَوْفٌ وحكمه جواز المد والتوسط والقصر لكل القراء. ح- المد العارض للإدغام: هو مد حرف المد أو اللين إذا وليهما ساكن للإدغام، وذلك في قراءة من يدغم، نحو: (يقول لهم) وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا وحكمه عنده جواز المد والتوسط والقصر. ط- مد التمكين: هو مراعاة إثبات مد الواو أو الياء إذا وليهما مماثل حذرا من الإدغام أو الإسقاط، نحو: فِي يَوْمَيْنِ آمَنُوا وَعَمِلُوا ومقداره ألف، أي حركتان، وهو من المد الطبيعي. ي- مد البدل: هو أن تسبق الهمزة حرف المد في كلمة واحدة نحو آدَمَ وحكمه القصر عند غير ورش، وجواز مده وتوسطه وقصره عنده. ك- مد الهجاء اللازم: في فواتح السور التي هجاؤها ثلاثة أحرف، أوسطها حرف مد وثالثها ساكن، وحروفه سبعة مجموعة في عبارة: (سنقص لكم) وزاد بعضهم العين معها، لأنها تمد في وجه وتوسط في وجه آخر، أما حروف الفواتح التي هجاؤها على حرفين، وهي خمسة مجموعة في: (حي طهر) فحكمها القصر، وهي من أنواع المد الطبيعي. ل- المد اللازم الكلمي: هو ما اجتمع فيه حرف المد مع ساكن أصلي في كلمة ويقسم إلى: مثقل؛ إن كان السكون للإدغام نحو: الصَّاخَّةُ ومخفف إن كان السكون لغير الإدغام نحو: أَأَنْذَرْتَهُمْ عند من أبدل الهمزة الثانية ألفا ومَحْيايَ عند من سكن الياء، وسمي لازما للزوم سببه في الحالين، أو لالتزام القراء بمده مقدارا واحدا من غير تفاوت فيه، وهو ثلاث ألفات.

* الإبدال: هو قلب الهمزة حرف مدّ من جنس حركة ما قبلها، وأصل الإبدال للهمزة الساكنة، فتبدل الساكنة بعد فتح ألفا نحو: الْبَأْسِ وتبدل الساكنة بعد كسر ياء نحو: لَبِئْسَ وتبدل الساكنة بعد ضم واوا نحو مُؤْمِنٌ، وتبدل الهمزة المتحركة حسب حركة ما قبلها، فتبدل المفتوحة بعد ضم واوا نحو: مُؤَذِّنٌ وتبدل المفتوحة بعد كسر ياء نحو: مِنَ السَّماءِ آيَةً، وتبدل المفتوحة بعد الفتح ألفا مثل: مِنْسَأَتَهُ. * التسهيل: هو النطق بالهمزة بحالة متوسطة بين الهمزة المحققة، وبين حرف المد المجانس لحركتها، فتسهل الهمزة المفتوحة بجعلها بين الهمزة والألف نحو: أَأَنْتُمْ، وتسهل الهمزة المضمومة بجعلها بين الهمزة والواو نحو: أَبْناؤُكُمْ وتسهل الهمزة المكسورة بجعلها بين الهمزة والياء نحو: اعْلَمُوا أَنَّكُمْ. وليحترز القارئ من قلب الهمزة هاء، فإنه لحن لا يجوز، وعيب في القراءة لا ينبغي (¬1)، وعلى القارئ التمكن من نطق الهمزة المسهلة صحيحة عن طريق التلقي من أفواه القراء المتقنين. والتسهيل هو الأصل في تغيير الهمز، لأن فيه بقاء أثر الهمزة، يليه الإبدال لأنه وإن لم يبق للهمزة أثر فقد عوّض عنها حرف آخر، يليه النقل لأن فيه بقاء حركة الهمزة، ويليه الحذف لأنه إزالة تامة للهمزة (¬2). وقد يطلق التسهيل ويراد به مطلق التغيير في الهمزة. * الإسقاط أو الحذف: هو إزالة الهمزة بحيث لا يبقى لها صورة ولا أثر، ويكون بحذف إحدى الهمزتين المتلاصقتين نحو: جا أمرنا، وبحذف الهمزة في نحو: (جاء) عند الوقف بقصرها لهشام وحمزة، على وجه أن الهمزة أبدلت ثم حذفت (¬3). ¬

_ (¬1) السالم محمد الشنقيطي، التعليقات المليحة والردود الصحيحة على نظم نصرة القارئ بالهاء الصريحة، ص 78 - 81. (¬2) الضباع، الإضاءة، ص 24. (¬3) الضباع، الإضاءة، ص 137.

* النقل: تحريك الحرف الواقع قبل الهمزة بحركتها، ثم تحذف الهمزة من اللفظ، فالنقل يكون إلى حرف ساكن صحيح (¬1) منفصل واقع قبل الهمزة نحو: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا قُلْ أُوحِيَ بِالْإِيمانِ فيحرك الساكن بحركة الهمزة التي تحذف لفظا. وقد يعبر عن أنواع تخفيف الهمز هذه وهي: التسهيل والإبدال والإسقاط والنقل: بالتخفيف، وإنما خففت الهمزة بهذه الصور المتعددة لأنها أثقل الحروف وأبعدها مخرجا. * الإمالة: هي تقريب الفتحة من الكسرة، والألف من الياء، من غير قلب خالص ولا إشباع مبالغ فيه. وتسمى: الإمالة الكبرى، والإضجاع، والبطح، والإمالة المحضة. * التقليل: هو النطق بالألف بحالة بين الفتح والإمالة. وتسمى: بين بين، وبين اللفظين، والتلطيف، والتوسط والإمالة الصغرى. والإمالة لهجة مشهورة، عند قبائل وسط الجزيرة وشرقيها مثل: تميم وأسد وطيء وقيس، والحروف التي تمال هي الألف والفتحة التي قبلها، وأسباب الإمالة هي: 1 - وجود كسرة في اللفظ قبل الألف، مثل الرِّبَوا كَمِشْكاةٍ. 2 - وجود كسرة في اللفظ بعد الألف، مثل: النَّارَ النَّاسِ 3 - وجود كسرة في اللفظ في بعض الأحوال، مثل: طابَ جاءَ لأن أوائلها تكسر إذا اتصلت بالضمير المرفوع فنقول: طبت، جئت. 4 - وجود ألف منقلبة عن ياء نحو: رَمى سَعى. 5 - وجود ألف تشبه الألف المنقلبة عن ياء كألف التأنيث نحو الدُّنْيا الذِّكْرى. 6 - وجود إمالة أخرى في اللفظ مثل: نَأى تمال فتحة النون لإمالة فتحة الهمزة والألف، ويسمى هذا السبب: الإمالة للإمالة. 7 - وجود ألف مرسومة ياء وإن كان أصلها الواو مثل: ضُحًى دَحاها (¬2). ¬

_ (¬1) جاز النقل إلى حرف المد في مبحث وقف حمزة على الهمز. (¬2) الضباع، الإضاءة ص 29، ود. محمد سالم محيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة (1: 116).

* التفخيم: سمن يعتري الحرف فيمتلئ الفم بصداه (¬1). ويسمى التغليظ، إلا أنه كثر استعمال التفخيم في الراءات، والتغليظ في اللامات. * الترقيق: نحول يعتري الحرف فلا يملأ صداه الفم. وتنقسم الحروف الهجائية بالنسبة للتفخيم والترقيق إلى ثلاثة أقسام: 1 - ما يفخم قولا واحدا، وهي حروف الاستعلاء السبعة، المجموعة في (قظ خص ضغط). 2 - ما يرقق تارة ويفخم أخرى لسبب من الأسباب، وهي اللام والراء والألف. 3 - ما يرقق قولا واحدا، وهي بقية الحروف. وللتفخيم مراتب أربعة هي: 1 - المفتوح وبعده ألف نحو: طابَ الضَّالِّينَ. 2 - المفتوح نحو: يَضْرِبَ غَفَرَ، والساكن بعد فتح نحو: يَقْتُلُونَ، 3 - المضموم نحو: يَظُنُّونَ غَلَبَتْ، والساكن بعد ضم نحو: مُقْمَحُونَ، 4 - المكسور نحو: ضِراراً خِلالٌ، والساكن بعد كسر نحو إِطْعامُ (¬2). * الوقف: قطع الصوت عن آخر الكلمة زمنا يتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة. ولا يجوز الوقف على وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسما، وتتعين معه البسملة بين السورتين. ولدراسة الوقف جانبان: أولهما: معرفة ما يوقف عليه، وما يبدأ به وهذه قضية يحددها المعنى ويحكم فيها السياق، ويندرج فيه تقسيم الوقف إلى اختياري واختباري واضطراري، وتقسيم الوقف الاختياري إلى تام وكاف وحسن وقبيح، بالإضافة إلى أنواع الوقف الأخرى مثل: وقف السنة والوقف اللازم، والوقف المتكلف، ووقف المراقبة (¬3). ¬

_ (¬1) محمد مكي نصر، نهاية القول المفيد ص 93. (¬2) المرصفي، هداية القاري 105 - 108 بتصرف، حيث عدّها خمس مراتب وفصّل في حديثه عن المرتبة الرابعة وهي الساكن ووزعها فهي في الحقيقة أربع مراتب. (¬3) للتوسع في هذا الأمر انظر: د. السيد رزق الطويل، في علوم القراءات ص 158 - 169.

وثانيهما: معرفة كيفية الوقف على الكلمة، وذلك بأحد خمسة أشياء هي: السكون المحض، الروم، الإشمام، الإبدال، الحذف، وسيأتي تعريفها. * السكت: قطع الصوت عن الساكن زمنا دون زمن الوقف من غير تنفس بنية العود إلى القراءة في الحال. والسكت قسمان: سكت للهمز وسكت لغيره، والمشهور عن حمزة السكت على الساكن قبل الهمز، والسكت لغير الهمز يكون على ألفاظ معينة لمن ورد عنه ذلك، وبين السورتين لمن يسكت بينهما، فالسكت مقيد بالسماع والرواية. * القطع: الكف عن القراءة والانتقال منها إلى غيرها، ولا يكون إلا على رءوس الآي. * الابتداء: الشروع في القراءة. * السكون المحض: هو تفريغ الحرف من الحركة، وهو الأصل في الوقف لأن الوقف محل استراحة القارئ، والسكون أبلغ في تحصيل الراحة، ولأن الوقف ضد الابتداء، وكما اختص الابتداء بالحركة اختص الوقف بالسكون. * الروم: هو تضعيف الصوت بالحركة حتى يذهب معظمها، أو: هو الإتيان ببعض الحركة بحيث يسمعها القريب المصغي دون البعيد، ويقدّر الباقي من الحركة بثلثها، ويكون الروم في المرفوع والمجرور، ويعامل الروم معاملة الوصل فلا يمد المد العارض للسكون معه، وإن كان اللفظ الموقوف عليه منونا حذف التنوين نحو: الْمُسْتَقِيمَ، الْحَكِيمُ. * الإشمام: هو الإشارة بالشفتين على هيئة من ينطق بالضمة بعيد تسكين الحرف، فهو إشارة بلا صوت، ويكون في المرفوع فقط. وفائدة الوقف بالروم وبالإشمام: تبيين حركة الحرف الموقوف عليه، وهي مهارة تدل على تمكن من النطق وإجادة له. ويأتي الإشمام عند علماء القراءات بمعان أخرى غير هذا، وهي: 1 - خلط صوت الصاد بالزاي، وذلك في نحو: الصِّراطَ، يُصْدِرَ عند من قرأ به.

2 - خلط الكسرة بالضمة: وذلك في نحو قِيلَ وغِيضَ عند من قرأه بالإشمام، وكيفيته هنا أن يتلفظ القارئ بحركة مركبة من جزءين ضمة وكسرة، جزء الضمة أولا وهو الأقل، يليه جزء الكسرة وهو الأكثر. 3 - ضم الشفتين مقارنا لسكون الحرف المدغم، وذلك في لفظ تَأْمَنَّا [يوسف: 11] على أحد الوجهين فيه لمعظم القراء، وفي إدغام السوسي ما كان مرفوعا على وجه عنده. ويختلف الإشمام في هذه الحالات الثلاثة عنه في الحالة الأولى، ففي هذه الثلاثة يكون الإشمام حالة الوصل، بخلاف الحالة الأولى التي يكون الإشمام فيها وقفا. * الإبدال: هو جعل حرف مكان آخر، ويوقف بالإبدال في حالتين: 1 - المنصوب المنون: يبدل تنوينه ألفا حال الوقف نحو: سَمِيعاً بَصِيراً. 2 - تاء التأنيث المرسومة هاء في الأسماء نحو: الْجَنَّةَ، رَحْمَةٌ فيوقف عليها بإبدالها هاء، وإن كانت منونة حذف تنوينها. وهذا الوجه من أوجه الوقف يرجع إلى الإسكان، فالموقوف عليه فيه يسكّن للوقف بعد إبداله. * الحذف: سبق أنه يأتي بمعنى الإسقاط والإزالة، ويوقف بالحذف في أربعة أشياء: 1 - تنوين المرفوع والمجرور. 2 - صلة هاء الضمير. 3 - صلة ميم الجمع عند من يثبتها وصلا. 4 - الياءات الزوائد عند من يقف بحذفها أو يحذفها في الحالين. فإذا حذفت سكن الحرف الذي قبل المحذوف، ووقف عليه بالسكون، فهذا الوجه يرجع إلى الإسكان أيضا. * الاختلاس: هو النطق بمعظم الحركة، ويقدّر بثلثيها. وكيفيته أن يسرع القارئ حال النطق بالحركة حتى يذهب شيء منها، على أن يكون الثابت منها أكثر من الذاهب.

ويكون الاختلاس في الحركات الثلاث عند من وردت عنه القراءة به، كما في لفظ تَعْدُوا عند من اختلس فتحة العين ويَخِصِّمُونَ عند من اختلس كسرة الخاء، ويَأْمُرُكُمْ عند من اختلس ضمة الراء. * ياء الإضافة: ياء زائدة تدل على المتكلم، وتتصل بالاسم والفعل والحرف نحو: الذِّكْرى، فَطَرَنِي، إِنِّي. وعلامتها: إمكان حذفها وأن يحل محلها الكاف والهاء، فتقول في عِلْمِي: علم، وعلمك، وعلمه. وهي في القرآن على قسمين: الأولى: مدغم فيها ما قبلها مثل إِلى، لَدَى وغير مدغم مثل عَلى، عِنْدِي، فالأولى مفتوحة دائما إلا ياء بِمُصْرِخِيَّ فهي مكسورة في قراءة حمزة. والثانية: تأتي ساكنة وهو الأصل فيها لأنها حرف مبني، والأصل في البناء السكون، وتأتي مفتوحة. والياءات الواقعة في القرآن من هذا القسم- أي غير المدغم- (876) ياء، تنقسم إلى ياءات متفق عليها بين القراء العشر عددها (664) ياء، منها (566) ياء متفق على سكونها و (98) متفق على فتحها، والباقي وهو (212) ياء مختلف فيها بين الإسكان والفتح (¬1). * الياء الزائدة: هي الياء المتطرفة المحذوفة رسما للتخفيف لفظا، وخلاف القراء في إثباتها وحذفها وصلا ووقفا، أو وقفا فقط وعدد الياءات الزوائد المختلف فيها بين القراء (121) ياء، وتأتي هذه الياء أصلية أي لام الكلمة نحو: الدَّاعِ، بِآياتِ، وَالْبادِ وتأتي زائدة مثل: وَاتَّقُونِ، ثُمَّ كِيدُونِ، وتأتي في وسط الآية كما في الأمثلة السابقة، وفي آخرها نحو: التلاق، يسر، ولا تنظرون، من يخاف وعيد. ¬

_ (¬1) الضباع، الإضاءة ص 53.

المبحث الثاني التعريف بأصول القراء العشرة

المبحث الثاني التعريف بأصول القراء العشرة بعد أن تعرفنا إلى أصول القراءات، ومعاني الألفاظ الشائعة بين القراء ننتقل إلى التعريف بأصول كل قارئ من القراء العشرة منفردا، على وجه الإيجاز والاكتفاء بأصل القاعدة وترك تفصيل الاستثناءات فليس هذا موضعها، مع ذكر مثال تطبيقي لكل قارئ، يبين بعضا من أوجه قراءته، مشتملا على الأصول والفرش، يهدف إلى إلقاء الضوء على القراءة لا ذكر جزئياتها بالتفصيل فهذا موضعه الدراسة التفصيلية للجانب النظري والتطبيقي للقراءات العشر (¬1). 1 - أصول قراءة نافع نظرا لكثرة الخلاف بين راويي نافع، فقد ذكرت أصول كل راو مستقلة. أ- رواية قالون: - له البسملة بين كل سورتين سوى بين الأنفال والتوبة. - له في ميم الجمع إذا وقعت قبل متحرك، همزة أو غيرها، وجهان هما: إسكان الميم، وصلتها بواو لفظية وتمد بمقدار حركتين إن كان المتحرك حرفا سوى الهمزة وإن كان همزة فحكمها حكم المد المنفصل. - روى قصر هاء الكناية في مواضع هي: يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران: 75]، نُؤْتِهِ مِنْها [آل عمران: 145 والشورى: 201] ونُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ [النساء: 115]، أَرْجِهْ وَأَخاهُ [الأعراف: 111، والشعراء: 36] ووَ يَتَّقْهِ [النور: 52] مع ملاحظة أنه ¬

_ (¬1) المراجع الرئيسة في هذا المبحث هي: ابن الجزري، تحبير التيسير في القراءات العشر ص 186 - 281، الضباع، الإضاءة ص 57 - 141، محمد الصادق قمحاوي، البحث والاستقراء في تراجم القراء ص 77 - 93، عبد الفتاح القاضي، تاريخ القراء العشرة وتواتر قراءاتهم ومنهج كل في القراءة 13 - 15 و 18 و 22 ومواضع أخرى منه.

يكسر القاف، فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ [النمل: 28]، يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر: 7]، وله في يَأْتِهِ مُؤْمِناً [طه: 75] وجهان: القصر والصلة. - له في المد المنفصل وجهان: القصر والتوسط، وله في المد المتصل: التوسط. - له تسهيل الهمزة الثانية من الهمزتين المجتمعتين في كلمة واحدة مع إدخال الألف بينهما، سواء كانت الهمزة الثانية مفتوحة نحو: أَأَنْتُمْ أم مكسورة نحو: أَإِفْكاً أم مضمومة نحو لا أُلْقِيَ. - له في الاستفهام المكرر، وهو كل جملة فيها استفهامان نحو: أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ [الرعد: 5] الاستفهام في الموضع الأول وهو فيه على أصله من التسهيل والإدخال، والإخبار في الموضع الثاني، إلا ما استنثي. - له في الهمزتين من كلمتين إذا كانتا مفتوحتين نحو: جاءَ أَمْرُنا [هود: 40] إسقاط الهمزة الأولى، وإذا كانتا مكسورتين نحو: مِنَ السَّماءِ إِنَّ [سبأ: 9] أو مضمومتين في أَوْلِياءُ أُولئِكَ [الأحقاف: 32] تسهيل الهمزة الأولى أما إذا اختلفتا في الحركة، فإن كانت الأولى مفتوحة والثانية مضمومة نحو: جاءَ أُمَّةً [المؤمنون: 44] أو مكسورة نحو تَفِيءَ إِلى [الحجرات: 9] تسهيل الثانية بين بين، وإن كانت الأولى مضمومة والثانية مفتوحة نحو: نَشاءُ أَصَبْناهُمْ [الأعراف: 100] إبدال الثانية واوا مفتوحة، وإن كانت الأولى مكسورة والثانية مفتوحة نحو مِنَ السَّماءِ آيَةً [الشعراء: 4] إبدال الثانية ياء مفتوحة، وإن كانت الأولى مضمومة والثانية مكسورة نحو: يَشاءُ إِلى [البقرة: 213] وجهان: إبدال الثانية ياء مكسورة أو تسهيلها بين بين. وهذا الحكم المتعلق بالهمزتين من كلمتين حال الوصل فقط، فإذا وقفت على الأولى وبدأت بالثانية تعين تحقيقهما. - روى لفظ النَّبِيُّ كيف جاء مفردا أو مجموعا جمع سلامة أو جمع تكسير بالهمز بدلا من الياء الثانية. - روى إدغام الذال في التاء في لفظ أَخَذَتِ، واتَّخَذْتُمُ كيف وقعا مفردين أو مجموعين، وأدغم الباء في الميم من وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ [البقرة: 284] وهو يقرأ

ب - أصول رواية ورش:

بجزم الباء فيه، وله الإدغام والإظهار في ارْكَبْ مَعَنا [هود: 42]، ويَلْهَثْ ذلِكَ [الأعراف: 176]. - له في لفظ التَّوْراةَ وجهان: الفتح والتقليل، وله الإمالة في لفظ الْأَنْهارُ [التوبة: 109]. - روى فتح ياء الإضافة إذا وقعت قبل همزة قطع مفتوحة أو مضمومة أو مكسورة إلا ما استثني، ويفتح ياء الإضافة إذا وقعت قبل سائر الحروف إلا ما استثني (¬1). - روى إثبات الياء الزائدة في تسعة عشر موضعا، وله الوجهان في أربعة مواضع وحذفها فيما عدا ذلك (¬2). ب- أصول رواية ورش: - له بين السورتين ثلاثة أوجه: الوصل والسكت وكلاهما دون بسملة، وله البسملة بأوجهها الثلاثة، وتمتنع البسملة بين الأنفال والتوبة. - روى صلة ميم الجمع إذا وقع بعدها همزة قطع نحو: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [هود: 7] والمد فيها من باب المد المنفصل، وتقتصر الصلة على حالة الوصل، فإن وقف على الميم سكنها. - له في المد المنفصل والمتصل الإشباع، وله في مد البدل ثلاثة أوجه هي: القصر والتوسط والإشباع، سواء أكان البدل محققا أم مغيرا بالتسهيل أو الإبدال أو النقل، واستثني له من البدل ثلاثة أصول وكلمتان باتفاق وكلمتان بخلاف (¬3). - وله في حرف اللين إذا وقعت بعده همزة متصلة نحو: شَيْءٍ، سُوءَ، يَيْأَسُ، كَهَيْئَةِ التوسط والإشباع، إلا ما استثني. - له في الهمزتين من كلمة إذا كانت الثانية مفتوحة وجهان: الإبدال والتسهيل، وينظر حال الإبدال فإن كان ما بعد الألف المبدلة ساكنا مدت مدا مشبعا نحو: ¬

_ (¬1) للاطلاع على المواضع المستثناة ينظر د. أحمد شكري، قراءة الإمام نافع ص 52 - 55. (¬2) للاطلاع على المواضع ينظر: الضباع، الإضاءة، ص 105. (¬3) د. أحمد شكري، قراءة الإمام نافع ص 79.

أَأَنْذَرْتَهُمْ وإن كان متحركا قصرت نحو: فَإِذا أَمِنْتُمْ، وإذا كانت الثانية مضمومة أو مكسورة فله تسهيلها بين بين، وهو في الاستفهام المكرر كقالون. - له في الهمزتين من كلمتين إذا كانتا متفقتين في الحركة وجهان: الإبدال والتسهيل، وقد يكون الإبدال مع المد إذا كان ما بعد الحرف المبدل ساكنا، نحو: جاءَ أَمْرُنا أو القصر إذا كان متحركا نحو جاءَ أَحَدٌ [النساء: 43] ويجوز الوجهان فيما تحرك بحركة عارضة نحو عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ [النور: 33]. أما إذا كانت الهمزتان من كلمتين مختلفتين في الحركة فالحكم فيهما له كقالون. - روى إبدال الهمزة الساكنة إذا كانت فاء للكلمة نحو: يُؤْمِنَّ، فَأْتِيا، أَنِ ائْتِ وإبدال الهمزة المفتوحة بعد ضم إذا كانت فاء للكلمة نحو: مُؤَذِّنٌ كما يبدل الهمزة الساكنة والمتحركة في ألفاظ أخرى. - روى لفظ النَّبِيُّ بالهمز كقالون. - روى نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها وحذف الهمزة، على أن يكون المنقول إليه: ساكنا، صحيحا، منفصلا، نحو: مَنْ آمَنَ، وَلَقَدْ أَرْسَلْنا، قُلْ إِنِّي، بِالْآخِرَةِ. - له إدغام دال قد في الضاد نحو: فَقَدْ ضَلَّ [البقرة: 108]، وفي الظاء نحو: فَقَدْ ظَلَمَ [البقرة: 231]، وإدغام تاء التأنيث في الظاء نحو: كانَتْ ظالِمَةً [الأنبياء: 11]، وإدغام الذال في التاء في أَخَذَتِ واتَّخَذْتُمُ حيث وردا، وإدغام يس وَالْقُرْآنِ وله في ن وَالْقَلَمِ الإدغام والإظهار. - له التقليل في: 1 - الألف المتطرفة بعد الراء، نحو: الذِّكْرى، أُخْراهُمْ، أَدْراكَ. 2 - الألف الواقعة قبل الراء المتطرفة المكسورة كسرة إعراب، مثل: لِلْأَبْرارِ، مِنْ أَقْطارِها. 3 - الألف في لفظ التَّوْراةَ. 4 - الألف في لفظ بِالْكافِرِينَ المعرف والمنكر على أن يكون بالياء. 5 - الألف والهمزة في لفظ ناراً إذا لم يقع بعده ساكن. 6 - الألف التي بعد الرا والحا من فواتح السور وألف ها ويا من فاتحة سورة مريم.

7 - الألفات الواقعة في رءوس آي عشر سور هي: طه والنجم والقيامة والمعارج والنازعات وعبس والأعلى والليل والضحى والعلق، إلا ما دخلت عليه هاء ففيه الفتح والتقليل، سوى لفظ ذِكْراها، فإنه بالتقليل، والمقصود بالألفات هنا: المتطرفة المرسومة ياء، أما الألفات المبدلة من التنوين نحو: عَزْماً، نَخْلًا والألفاظ التي ليس آخرها ألفا نحو: يُدافِعُ، بِالسَّاهِرَةِ فلا تقليل فيها. - وله الفتح والتقليل في: 1 - ذوات الياء: وهي الألفات المنقلبة عن ياء أو المردودة إليها أو المرسومة بها، مثل: الْأَعْلى، فَأَحْياكُمْ، الدُّنْيا، ضُحاها إلا ما استثني. 2 - لفظ أَراكَهُمْ [الأنفال: 43]. 3 - لفظ وَالْجارِ موضعان في [النساء: 36]. 4 - لفظ جَبَّارِينَ [المائدة: 22، والشعراء: 130] وله الإمالة في الألف التي بعد الهاء من طه. - روى ترقيق الراء المفتوحة والمضمومة إذا وقعت بعد كسر لازم متصل، أو بعد ياء ساكنة، نحو: شاكِراً، الْآمِرُونَ، خَيْراً، فَتَحْرِيرُ. فإذا فصل بين الكسرة اللازمة المتصلة والراء ساكن رققت الراء نحو الْمِحْرابَ، عِشْرُونَ إلا إذا كان الساكن أحد ثلاثة حروف هي (القاف، والصاد، والطاء) نحو: مِصْراً، وَقْراً، فِطْرَتَ. إلا ما استثني له. - روى تغليظ اللام المفتوحة إذا وقعت بعد صاد أو طاء أو ظاء على أن تكون هذه الحروف الثلاثة مفتوحة أو ساكنة، نحو: الصَّلاةَ، مُعَطَّلَةٍ، بِظَلَّامٍ، فإن فصل بينهما ألف نحو: فِصالًا أو تطرفت اللام ووقف عليها نحو: بَطَلَ أو كان في اللفظ ألف فيها فتح وتقليل نحو: يَصْلاها جاز الوجهان: التغليظ والترقيق. - روى فتح ياءات الإضافة التي يفتحها قالون، وزاد عليها عددا من الياءات. - روى إثبات الياءات الزائدة التي أثبتها قالون، وخالفه في بعضها.

مثال لقراءة نافع: (سورة المعارج)

مثال لقراءة نافع: (سورة المعارج) سَأَلَ [1] بإبدال الهمزة ألفا. سائِلٌ [1] لقالون بالتوسط، ولورش بالإشباع، وكذا سائر مواضع المد المتصل لِلْكافِرينَ [2] لورش بالتقليل. إِنَّهُمْ [6] لقالون بصلة الميم وإسكانها، وكذا كل ميم بعدها متحرك. وَنَراهُ [7] لورش بالتقليل. يَوْمِئِذٍ [11] بفتح الميم. تُؤْوِيهِ [13] لا إبدال فيها لورش لاستثنائه. الْأَرْضِ [14] لورش بالنقل، وكذا كل همزة بعد لام التعريف. كَلَّا إِنَّها [15] لقالون بالقصر وبالتوسط، ولورش بالإشباع، ومثله كل مواضع المد المنفصل. لَظى، لِلشَّوى، وَتَوَلَّى، فَأَوْعى [15 و 16 و 17 و 18] كلها بالتقليل لورش، لأنها من رءوس آي السور العشرة. نَزَّاعَةً [16] بالرفع. مَنْ أَدْبَرَ [17] لورش بالنقل، وكذا ما يشبهه. الْخَيْرُ [21] لورش بترقيق الراء، وكذا ما أشبهه مثل غَيْرُ [28 و 30]. صَلاتِهِمْ [23 و 34] لورش بتغليظ اللام. مَأْمُونٍ [28] لورش بالإبدال. ابْتَغى [31] لورش بالفتح وبالتقليل. بشهادتهم [33] بلا ألف بعد الدال. مِنْهُمْ أَنْ [38] لقالون بالصلة أو بالإسكان، وله حال القراءة بالصلة القصر أو التوسط، ولورش بالصلة مع الإشباع. لَقادِرُونَ [40] لورش بترقيق الراء. خَيْراً [41] لورش بترقيق الراء. سِراعاً [43] لورش بترقيق الراء. نُصُبٍ [43] بفتح النون وتسكين الصاد.

2 - أصول قراءة ابن كثير

2 - أصول قراءة ابن كثير - له البسملة بين السورتين سوى بين الأنفال والتوبة. - قرأ بصلة ميم الجمع وصلا إذا وقعت قبل متحرك. - قرأ بصلة هاء الكناية إذا وقعت بعد ساكن وقبل متحرك، نحو عَقَلُوهُ وَهُمْ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى وقرأ أَرْجِهْ وَأَخاهُ في موضعيها بهمزة ساكنة بعد الجيم وبضم الهاء وصلتها. - قرأ بقصر المد المنفصل وتوسط المتصل. - قرأ بتسهيل الهمزة الثانية من الهمزتين في كلمة، بدون إدخال ألف بينهما. - روى البزي عنه في الهمزتين من كلمتين كقالون، وروى قنبل عنه كورش. - وقف على تاء التأنيث المرسومة تاء بالهاء نحو: وَرَحْمَتُ رَبِّكَ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ. - قرأ بفتح ياء الإضافة قبل همزة القطع والوصل وسائر الحروف إلا ما استثني. - قرأ بإثبات الياء الزائدة في الحالين أي وصلا ووقفا في عدد من الألفاظ، ووقف بإثبات الياء في عدد من الألفاظ المقصورة نحو: وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ [النحل: 96]. - روى البزي التكبير عند سور الختم، وهي من سورة الضحى إلى الناس ولفظه: الله أكبر، أما الزيادة عليه، والتكبير لغير البزي فليسا من طريق التيسير والشاطبية. مثال لقراءة ابن كثير: (سورة يوسف 1 - 20) إِنَّا أَنْزَلْناهُ [2] بقصر المد المنفصل، وكذا جميع مواضعه، وبصلة هاء الكناية لوقوعها بعد ساكن وقبل متحرك. قُرْآناً [2] بفتح الراء وبلا همزة بعدها في جميع مواضعه. لَعَلَّكُمْ [2] بصلة ميم الجمع، وكذا كل ميم جمع قبل متحرك. لِأَبِيهِ [4] بصلة الهاء. يا بُنَيَّ [5] بكسر الياء. آية للسائلين [7] بلا ألف بعد الياء، وإذا وقف عليها فبالهاء.

3 - أصول قراءة أبي عمرو

وَأَخُوهُ [8] اطْرَحُوهُ [9] وَأَلْقُوهُ، يَلْتَقِطْهُ [10] كلها بصلة الهاء أما هاء وَجْهُ [9] فلا توصل لأنها ليست هاء كناية بل هي من أصل الكلمة. مُبِينٍ اقْتُلُوا [8 و 9] بضم التنوين وصلا. نرتع ونلعب [12] بالنون فيهما وكسر العين. لَيَحْزُنُنِي أَنْ [13] بفتح ياء الإضافة. عَنْهُ [13] بصلة الهاء ومثله يَجْعَلُوهُ [15] ووَ أَسَرُّوهُ [19] ووَ شَرَوْهُ [20]. يبشراي [19] بياء مفتوحة بعد الألف. 3 - أصول قراءة أبي عمرو - له من الأوجه بين السورتين كما لورش. - قرأ بكسر الهاء والميم التي بعدها، إذا وقعت الهاء بعد ياء ساكنة أو كسر وبعد الميم ساكن نحو: بِهِمُ الْأَسْبابُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ. - روى السوسي الإدغام الكبير إذا تحقق شرطه ولم يوجد أحد موانعه، وقد سبق تبيينها في التعريفات. - قرأ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ في موضعيها ونُؤْتِهِ مِنْها ونُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ ويَتَّقْهِ بإسكان الهاء، وأرجئه وأخاه بهمزة بعد الجيم وضم الهاء مقصورة، وأسكن السوسي هاء يَرْضَهُ لَكُمْ وللدوري فيها وجهان: الإسكان والصلة، وسكن السوسي هاء يَأْتِهِ مُؤْمِناً في طه. - قرأ بتوسط المد المتصل، وبقصر المنفصل، وللدوري في المنفصل وجه ثان هو التوسط. - قرأ بتسهيل الهمزة الثانية من الهمزتين في كلمة مع إدخال ألف بينهما. - قرأ بإسقاط الهمزة الأولى من الهمزتين في كلمتين إذا كانتا متفقتين في الحركة، أما إذا اختلفتا فهو كقالون. - روى السوسي إبدال الهمزة الساكنة حرف مد من جنس حركة ما قبلها، نحو: كَبِيرٌ، الْمُؤْمِنُونَ، فَأْتُوا إلا ما استثني.

مثال لقراءة أبي عمرو: (سورة الصف)

- قرأ بإدغام ذال إذ في حروفها وهي: (التاء والزاي والصاد والدال والسين والجيم) ودال قد في حروفها وهي: (السين والذال والضاد والظاء والزاي والجيم والصاد والشين)، وتاء التأنيث في حروفها وهي: (السين والثاء والصاد والزاي والظاء والجيم) وأدغم لام هل في التاء نحو: فَهَلْ تَرى [الحاقة: 8]، والباء المجزومة في الفاء نحو: وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ [الحجرات: 11] والذال في التاء اتَّخَذْتُمُ كيف ورد، وفَنَبَذْتُها [طه: 96] وعُذْتُ [الدخان: 20] والثاء في التاء من أُورِثْتُمُوها [الزخرف: 72] ولَبِثْتَ كيف جاء، والدال في الذال من كهيعص (1) ذِكْرُ والدال في التاء في وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ موضعي آل عمران والباء في الميم من وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ [البقرة: 284] والراء المجزومة في اللام نحو: يَغْفِرْ لَكُمْ بخلاف عن الدوري في إدغام الراء في اللام. - قرأ بتقليل الألف في الألفاظ التي على وزن فعلى بفتح الفاء وضمها وكسرها نحو: الدُّنْيا، بِسِيماهُمْ، صَرْعى. - وقرأ بإمالة الألف المتطرفة بعد الراء، والألف التي قبل راء متطرفة مكسورة. - وقرأ بتقليل الألف في رءوس آي السور الإحدى عشرة وهي: طه والنجم والمعارج والقيامة والنازعات وعبس والأعلى والشمس والليل والضحى والعلق، إلا ما كان منها رائيا فبالإمالة. - وروى الدوري إمالة لفظ النَّاسِ المجرور. - وقف على تاء التأنيث المرسومة تاء بالهاء. - قرأ بفتح ياءات الإضافة الواقعة قبل همزة قطع أو وصل أو سواها من الحروف إلا ما استثني. - قرأ بإثبات الياء الزائدة وصلا في ثلاثة وثلاثين موضعا. مثال لقراءة أبي عمرو: (سورة الصف) وَهُوَ [1] بتسكين الهاء، وكذا ما أشبهه. يا أَيُّهَا [2] بقصر المد المنفصل، وللدوري وجه آخر هو توسطه، وكذا كل مد منفصل.

4 - أصول قراءة ابن عامر

مُوسى [5] بالتقليل وكذا عِيسَى [6 و 14] وقفا أما وصلا فألفه محذوفة. تُؤْذُونَنِي للسوسي بالإبدال. إِسْرائِيلَ [6] بتوسط المد المتصل، وكذا كل مدّ متصل. التَّوْراةِ بالإمالة. يَأْتِي للسوسي بالإبدال. بَعْدِي اسْمُهُ بفتح الياء. أَظْلَمُ مِمَّنِ [7] للسوسي بالإدغام. افْتَرى بالإمالة. مُتِمُّ نُورِهِ [8] بالتنوين وفتح الراء. أَرْسَلَ رَسُولَهُ [9] للسوسي بالإدغام. تُؤْمِنُونَ [11] للسوسي بالإبدال، ومثله الْمُؤْمِنِينَ. يَغْفِرْ لَكُمْ [12] بالإدغام، وللدوري وجه آخر هو الإظهار. وَأُخْرى [13] بالإمالة. أَنْصارَ اللَّهِ [14] بالتنوين وبلام الجر في لفظ الجلالة. الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ للسوسي بالإدغام. 4 - أصول قراءة ابن عامر - له بين السورتين ما لورش. - روى هشام يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ معا بآل عمران ونُؤْتِهِ مِنْها معا بآل عمران وموضع الشورى ونُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ في النساء ويَتَّقْهِ في النور وفَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ في النمل بقصر الهاء وصلتها. ويَرْضَهُ لَكُمْ في الزمر بقصر الهاء، وخَيْراً يَرَهُ، وشَرًّا يَرَهُ في الزلزلة بإسكان الهاء فيهما، وأرجئه في الأعراف والشعراء بهمزة ساكنة بعد الجيم وضم الهاء وصلتها، وقرأه ابن ذكوان بالهمز مع كسر الهاء وقصرها. - قرأ بتوسط المد المنفصل والمتصل.

- روى هشام في الهمزتين من كلمة: إذا كانت الثانية مفتوحة تسهيل الثانية أو تحقيقها وله إدخال الألف بينهما، أما إذا كانت الثانية مكسورة فله الإدخال وتركه إلا سبعة مواضع يتعين له فيها إدخال الألف بين الهمزتين. - روى هشام في الاستفهام المكرر: الإخبار في الأول والاستفهام في الثاني إلا ما استثني. - روى هشام تخفيف الهمزة المتطرفة وقفا، وله فيها أوجه كثيرة تبعا لحركة الهمزة والحرف الذي قبلها وكيفية رسمها (¬1). - روى هشام إدغام ذال إذ في حروفها، ودال قد في حروفها سوى لَقَدْ ظَلَمَكَ [ص: 24] وافقه ابن ذكوان في الذال والزاي والضاد والظاء. - وأدغم ابن عامر تاء التأنيث في الثاء والظاء، وأدغم ابن ذكوان لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ [الحج: 40]. - وروى هشام إدغام لام بل وهل في: التاء والثاء والزاي والسين والطاء والظاء. - وأدغم ابن عامر الذال في التاء من لَاتَّخَذْتَ كيف ورد، والثاء في التاء من لَبِثْتَ حيث ورد، والدال في الثاء من يُرِدْ ثَوابَ حيث ورد والدال في الذال من كهيعص ذِكْرُ والنون في الواو من يس وَالْقُرْآنِ ن وَالْقَلَمِ وروى هشام إدغام الثاء في التاء من أُورِثْتُمُوها. - روى هشام الإمالة في إِناهُ [الأحزاب: 53]، ووَ مَشارِبُ [يس: 73] وآنِيَةٍ [الغاشية: 5] وعابِدُونَ وعابِدٌ [الكافرون: 3 و 4 و 5]. - وروى ابن ذكوان إمالة: جاءَ وشاءَ حيث وردا، وفَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً [البقرة: 10]، والتَّوْراةَ حيث ورد والْمِحْرابَ المجرور حيث ورد، واختلف عنه في كلمات يسيرة، وقرأ بإمالة (را) في فواتح السور، و (يا) من فاتحة مريم. - قرأ بفتح ياء الإضافة في عدد من المواضع. ¬

_ (¬1) للتفصيل ينظر: المتولي، إتحاف الأنام وإسعاف الإفهام بشرح توضيح المقام في وقف حمزة وهشام، والضباع، الإضاءة ص 131 - 138.

مثال لقراءة ابن عامر: (سورة الأحقاف)

مثال لقراءة ابن عامر: (سورة الأحقاف) حم [1] لابن ذكوان بإمالة ألف حا. وَما بَيْنَهُما إِلَّا [3] بتوسط المد المنفصل في جميع مواضعه، وكذا المد المتصل. جاءَهُمْ [7] لابن ذكوان بالإمالة. لتنذر [12] بالتاء. بوالديه حسنا [15] بضم الحاء وتسكين السين وبلا ألف. كرها كلاهما، لهشام بفتح الكاف. يتقبل [16] بضم الياء وأحسن بالرفع ويتجاوز بالياء مضمومة. أف [17] بفتح الفاء دون تنوين. أَتَعِدانِنِي لهشام بإدغام النون في النون مع المد المشبع في الألف. ولنوفيهم [19] بالنون، ولهشام وجه آخر هو (وَلِيُوَفِّيَهُمْ) بالياء. أأذهبتم [20] بزيادة همزة الاستفهام، ولهشام إدخال ألف بين الهمزتين مع تحقيق الهمزة الثانية وتسهيلها. لا ترى إلا مساكنهم [25] بالتاء مفتوحة وبفتح النون. وَإِذْ صَرَفْنا [29] لهشام بالإدغام. أَوْلِياءُ [32] لهشام وقفا خمسة أوجه تسمى: خمسة القياس، هي إبدال الهمزة ألفا مع القصر والتوسط والمد، وتسهيل الهمزة بين بين بروم مع التوسط ومع القصر. شَيْءٍ [33] لهشام وقفا أربعة أوجه هي: النقل والإدغام، وكلاهما مع السكون ومع الروم. 5 - أصول قراءة عاصم - له البسملة بين السورتين إلا بين الأنفال والتوبة. - روى حفص- فِيهِ مُهاناً [الفرقان: 69] بصلة الهاء وأَرْجِهْ في موضعيه وفَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ بالإسكان، ويَرْضَهُ لَكُمْ بالقصر، أما وَيَتَّقْهِ فروايته بتسكين القاف ويلزم منه قصر الهاء.

مثال لقراءة عاصم: (سورة هود 1 - 60)

وروى ضم الهاء في وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا [الكهف: 63] وعَلَيْهُ اللَّهَ [الفتح: 10]. وروى شعبة يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ونُؤْتِهِ مِنْها ونُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ ويَتَّقْهِ بإسكان الهاء فيها. - قرأ بتوسط المد المنفصل والمتصل. - روى حفص السكت على: ألف عِوَجاً [الكهف: 1] ومَرْقَدِنا [يس: 52] ونون مَنْ راقٍ [القيامة: 27] ولام بَلْ رانَ [المطففين: 14]. - روى حفص إدغام الثاء في الذال في يَلْهَثْ ذلِكَ والباء في الميم في ارْكَبْ مَعَنا. - وروى شعبة إدغام الذال في التاء من اتَّخَذْتُمُ كيف ورد، والنون في الواو من يس وَالْقُرْآنِ ن وَالْقَلَمِ. - روى حفص إمالة ألف مَجْراها [هود: 41]. - وروى شعبة إمالة: رَمى [الأنفال: 17] وهارٍ [التوبة: 109] وأَدْراكَ حيث ورد، ورانَ [المطففين: 14] وأَعْمى [الإسراء: 72] معا وهمزة وألف وَنَأى [الإسراء: 83]، وكل لفظ رَأْيَ حيث وقع قبل متحرك، وبإمالة الراء فقط إذا وقع قبل ساكن نحو رَأَى الْقَمَرَ، وحروف (حي طهر) من فواتح السور، وأمال وقفا سُدىً [القيامة: 36] وسُوىً [طه: 58]. - له تسكين ياء الإضافة إلا ما استثني. - قرأ بحذف الياء الزائدة إلا ما استثني. مثال لقراءة عاصم: (سورة هود 1 - 60) الر [1] لشعبة بإمالة ألف را. تَعْبُدُوا إِلَّا [2] بتوسط المنفصل هنا وحيث ورد، وكذلك المد المتصل. تَذَكَّرُونَ [14 و 30] لشعبة بتشديد الذال. فَعُمِّيَتْ [28] لشعبة بفتح العين وتخفيف الميم. أَجرِيَ إِلَّا [29 و 51] لشعبة بتسكين الياء.

6 - أصول قراءة حمزة

مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ [40] لشعبة بعدم تنوين اللام. مَجْراها [41] لشعبة بضم الميم وعدم الإمالة، ولحفص بفتح الميم وبالإمالة . 6 - أصول قراءة حمزة - قرأ بصلة السورة بالتي بعدها دون بسملة، إلا بين الناس والفاتحة. - قرأ بالإشمام في الصاد الساكنة قبل الدال نحو: أَصْدَقُ [النساء: 87 و 122] وروى خلف الإشمام في لفظ (الصراط) كيف ورد، وافقه خلاد في الموضع الأول بخلاف عنه، أي أن لخلاد فيه وجهين: الصاد والإشمام. - قرأ بضم الهاء في ألفاظ (إليهم، عليهم، لديهم) حيث وردت وبضم الهاء والميم إذا وردتا بعد ياء ساكنة أو كسر، وبعد الميم ساكن نحو: عَلَيْهِمُ الْقِتالُ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ. - قرأ بالإدغام الكبير في: بَيَّتَ طائِفَةٌ [النساء: 81] أَتُمِدُّونَنِ [النمل: 36] وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (2) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً [الصافات: 1 - 3]، وَالذَّارِياتِ ذَرْواً [الذاريات: 1] مع المد المشبع فيهن. - وروى خلاد إدغام: فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً [المرسلات: 5] وفَالْمُغِيراتِ صُبْحاً [العاديات: 3] بخلاف عنه فيهما. - قرأ بإسكان الهاء في يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ونُؤْتِهِ مِنْها ونوله ... ونصله وضم هاء لِأَهْلِهِ امْكُثُوا [طه: 10 والقصص: 29] وفَأَلْقِهْ. - وروى خلاد في وَيَتَّقْهِ بالصلة والإسكان. - له إشباع المد المنفصل والمتصل. - قرأ بالسكت على الساكن قبل الهمزة في (ال وشيء) وجها واحدا عن خلف، ولخلاد وجهان: السكت وعدمه، أما الساكن المفصول قبل الهمزة نحو: قَدْ أَفْلَحَ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فلخلف فيه وجهان: السكت وعدمه، ولا شيء فيه لخلاد، وهذا كله حال الوصل.

- قرأ بتخفيف الهمز المتوسط والمتطرف حال الوقف، وله قواعد كثيرة وأوجه متعددة (¬1). - روى خلف إدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء بدون غنة. - قرأ بإدغام دال قد في حروفها، وتاء التأنيث في حروفها، وذل إذ في التاء والذال من الروايتين، وفي أحرف الصغير من رواية خلاد ولام هل وبل في التاء والسين والثاء. وأدغم خلاد الياء في الفاء نحو: أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ وأدغم حمزة الثاء في التاء في أُورِثْتُمُوها حيث ورد ولَبِثْتَ حيث ورد، والذال في التاء من عُذْتُ وفَنَبَذْتُها وأَخَذْتُمْ حيث ورد والدال في الذال من كهيعص ذِكْرُ والدال في التاء من يُرِدْ ثَوابَ والباء في الميم من وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ، واختلف عن خلاد في إدغام ارْكَبْ مَعَنا. وأظهر حمزة النون عند الميم من هجاء طسم في الشعراء والقصص. - قرأ بالإمالة في: 1 - ذوات الياء: وهي كل ألف مرسومة بالياء، إلا ما استثني، ومن ذوات الياء رءوس آي السور الإحدى عشرة المذكورة سابقا. إلا دَحاها [النازعات: 30] وتَلاها وطَحاها [الشمس: 2 و 6] ووَ الضُّحى [الضحى: 1]. 2 - الرِّبا حيث ورد. أَوْ كِلاهُما [الإسراء: 23]. 3 - تَراءَا الْجَمْعانِ [الشعراء: 61] بإمالة الراء وصلا، والراء والهمزة وقفا. 4 - وَنَأى [الإسراء: 83 وفصلت: 51] بإمالة الهمز من الروايتين، وبإمالة النون معها لخلف. 5 - رَأْيَ بإمالة الراء والهمزة حيث ورد قبل متحرك، والراء فقط إذا ورد قبل ساكن. 6 - (زاد وشاء وجاء وخاب وران وخاف وطاب وضاق وحاق وزاغ) إلا ما استثني من مواضع. 7 - حروف (حي طهر) في فواتح السور. ¬

_ (¬1) للاطلاع والاستزادة ينظر: محمد عبد الله مندور، شرح رسالة حمزة، ومحمود حافظ وزميله: مرشد الأعزة إلى شرح رسالة حمزة.

مثال لقراءة حمزة: (سورة الرحمن)

- وله التقليل في الألف الواقعة قبل الراء المتطرفة المكسورة في ألفاظ: الْأَبْرارِ والْأَشْرارِ وقَرارٍ حيث وردت. والْبَوارِ والْقَهَّارُ حيث ورد، والتَّوْراةَ حيث ورد. - له تسكين ياء الإضافة إلا ما استثني. - قرأ بحذف الياء الزائدة إلا ما استثني. مثال لقراءة حمزة: (سورة الرحمن) الْقُرْآنَ [2] وقفا بالنقل. الْإِنْسانَ [3] وصلا بالسكت على الساكن قبل الهمز، ولخلاد وجه آخر هو عدم السكت، ووقفا بالنقل وبالسكت لمن يسكت وصلا، وبالنقل لمن لا يسكت وصلا، وكذا ما أشبهه. بِحُسْبانٍ وَالنَّجْمُ [5 و 6] لخلف بترك الغنة، وكذا ما أشبهه، (أي إذا وقع بعد النون الساكنة أو التنوين واو أو ياء). وَالسَّماءَ [7] بإشباع المد المتصل وصلا، وبإبدال الهمزة مع المد والتوسط والقصر وقفا. وَالرَّيْحانُ [12] بكسر النون. فَبِأَيِّ [13] وقفا بإبدال الهمزة ياء أو بتحقيقها، وكذا ما أشبهه آلاءِ وقفا بخمسة القياس وهي: إبدال الهمزة مع المد والتوسط والقصر، وتسهيل الهمزة بروم مع المد ومع القصر. اللُّؤْلُؤُ [22] وقفا بإبدال الهمزة الأولى، وبإبدال الهمزة الثانية مع السكون المحض، ومع الروم، ومع الإشمام، وبتسهيلها بين بين مع الروم فهي أربعة أوجه. الْمُنْشَآتُ [24] بكسر الشين، ووقفا بإبدال الهمزة ياء مفتوحة. وَيَبْقى [27] بالإمالة. يَسْئَلُهُ [29] وقفا بالنقل ومثله يُسْئَلُ [39]. شَأْنٍ وقفا بالإبدال. لَكُمْ أَيُّهَ [31] لخلف وصلا بالسكت على الميم الساكنة، وله وجه آخر هو عدم السكت، ووقفا بالسكت إن كان يسكت وصلا، وبتركه إن كان لا يسكت وصلا.

7 - أصول قراءة الكسائي

مِنْ أَقْطارِ [33] لخلف وصلا بالسكت أو بتركه، ووقفا بالسكت أو بالنقل أو بالتحقيق، ولخلاد وقفا بالنقل أو بالتحقيق. السَّماءُ [37] وقفا بخمسة القياس. ذَنْبِهِ إِنْسٌ [39] بإشباع المد المنفصل حيث ورد. بِسِيماهُمْ [41] بالإمالة، ومثلها وَجَنَى [54] وقفا. فَيُؤْخَذُ [41] بالإبدال وقفا. خافَ [46] بالإمالة. مُتَّكِئِينَ [54 و 76] وقفا بحذف الهمزة، أو بتسهيلها بين بين. بَطائِنُها وقفا بتسهيل الهمزة بين بين مع المد ومع القصر. كَأَنَّهُنَّ [58] وقفا بتسهيل الهمزة أو بتحقيقها. 7 - أصول قراءة الكسائي - له البسملة بين السورتين إلا الأنفال والتوبة فله بينهما: الوصل أو السكت أو الوقف، وهذه الأوجه الثلاثة جائزة لجميع القراء. - قرأ بضم الهاء والميم إذا وردتا بعد كسر أو ياء ساكنة، وبعد الميم ساكن، فإذا وقف كسر الهاء، نحو عَلَيْهِمُ الْقِتالُ بِهِمُ الْأَسْبابُ. - قرأ بتوسط المد المنفصل والمتصل. - قرأ في الاستفهام المكرر بالإخبار في الأول والاستفهام في الثاني إلا ما استثني. - أدغم ذال إذ في حروفها سوى الجيم، وأدغم دال قد وتاء التأنيث ولام هل ويل في حروفها. - وأدغم الباء الساكنة في الفاء، والذال في التاء من عُذْتُ وفَنَبَذْتُها وأَخَذْتُمْ كيف ورد، والدال في الذال من كهيعص ذِكْرُ وفي الثاء من وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ والباء في الميم من وَيُعَذِّبُ مَنْ في البقرة، والنون في الواو من يس وَالْقُرْآنِ ون وَالْقَلَمِ، والفاء في الباء من نَخْسِفْ بِهِمُ والثاء في التاء من أُورِثْتُمُوها ولَبِثْتَ كيف وردا. - وأدغم أبو الحارث اللام في الذال من وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ حيث ورد.

مثال لقراءة الكسائي: (سورة البلد)

- له الإمالة في: 1 - ذوات الياء. 2 - الرِّبَوا حيث ورد. 3 - أَوْ كِلاهُما [الإسراء: 23]. 4 - التَّوْراةَ حيث ورد. 5 - رانَ [المطففين: 14]. 6 - الألف الواقعة بين راءين ثانيتهما مكسورة وهي الْأَبْرارِ، الْأَشْرارِ، الْقَرارُ. 7 - هارٍ [التوبة: 109]. 8 - ألفات (حي طهر) من حروف الفواتح. وأمال الدوري الألفات الواقعة قبل الراء المتطرفة المكسورة نحو وَفِي النَّارِ وبِالْكافِرِينَ المعرف والمنكر، وكلمات أخرى. - قرأ بإمالة هاء التأنيث في الوقف إذا وقع قبلها أحد حروف (فجثت زينب لذود شمس) نحو: ثَلاثَةِ، رَحْمَةٌ، بَلْدَةً، وإن وقع قبلها أحد حروف (أكهر) وكان قبل أحد هذه الحروف كسرة أو ياء ساكنة أمالها نحو: الْمَلائِكَةِ، مِائَةَ، وَجْهَهُ، وإلا فتحها نحو: امْرَأَتُ، سَفاهَةٍ، حَسْرَةً: وإن وقع قبل الهاء أحد حروف: (حق ضغاط عص خظ) لم يملها، هذا هو المذهب الراجح عنه، وروي عنه إمالة الهاء بعد جميع الحروف سوى الألف. - قرأ بإبدال تاء التأنيث المفتوحة هاء حال الوقف. - قرأ ياء الإضافة بالإسكان إلا ما استثني. - قرأ الياء الزائدة بالحذف إلا ما استثني. مثال لقراءة الكسائي: (سورة البلد) لا أُقْسِمُ [1] بتوسط المد المنفصل حيث ورد، وكذلك المد المتصل. أَيَحْسَبُ [5 و 7] بكسر السين. الْعَقَبَةَ [11] وما يليها من رءوس الآي، بالإمالة وقفا. أدراك [12] بالإمالة.

8 - أصول قراءة أبي جعفر

فَكُّ رَقَبَةٍ [13] بفتح الكاف ونصب تاء التأنيث منونة. أو أطعم [14] بفتح الهمزة وبفتح العين بلا ألف بعدها وفتح الميم. مُؤْصَدَةٌ [20] بالإبدال. 8 - أصول قراءة أبي جعفر - له البسملة بين السورتين إلا بين الأنفال والتوبة. - له صلة ميم الجمع إذا وقعت قبل متحرك، وصلا فقط. - له إدغام النون الأولى في الثانية من تَأْمَنَّا [يوسف: 11] إدغاما محضا من غير روم ولا إشمام. - قرأ بقصر المنفصل وتوسط المتصل. - قرأ بتسكين هاء يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ونُؤْتِهِ ونُوَلِّهِ ونُصْلِهِ وفَأَلْقِهْ. - وروى ابن جماز تسكين هاء يَرْضَهُ لَكُمْ وروى ابن وردان صلتها. - وروى ابن وردان أَرْجِهْ بكسر الهاء مع القصر، وبكسرها مع الصلة ابن جماز، كما روى ابن وردان تُرْزَقانِهِ [يوسف: 37] بقصر الهاء، ويَتَّقْهِ بإسكان الهاء، ووصلهما ابن جماز. - له تسهيل الهمزة الثانية من الهمزتين في كلمة مع إدخال الألف بينهما. - وله في الاستفهام المكرر: الإخبار في الأول والاستفهام في الثاني، إلا ما استثني. - له تسهيل الهمزة الثانية من الهمزتين من كلمتين إذا كانتا متفقتين في الحركة، أما المختلفتان في الحركة فحكمهما له كقالون. - له إبدال كل همزة ساكنة حرف مد من جنس حركة ما قبلها إلا: وَنَبِّئْهُمْ [الحجر: 51 والقمر: 28] وأَنْبِئْهُمْ [البقرة: 33]، وأبدل الهمزة المفتوحة بعد ضم نحو مُؤَجَّلًا، وأبدل الهمزة المتحركة في نحو لَيُبَطِّئَنَّ ولَنُبَوِّئَنَّهُمْ والْقُرى وناشِئَةَ وبِالْخاطِئَةِ. - له حذف الهمزة في ألفاظ منها: (متكين خاطين مستهزون) مع ضم الزاي.

مثال لقراءة أبي جعفر: (سورة الإنسان)

- له إبدال الهمزة وإدغامها فيما قبلها في ألفاظ منها: (جزء كهيئة النسيّ). - له تسهيل الهمزة الثانية من إِسْرائِيلَ وإِذا رَأَيْتَ حيث وردا. - قرأ بالسكت على حروف الهجاء الواقعة في أوائل السور. - له الإدغام بين الثاء والتاء من لَبِثْتُمْ وبين الذال والتاء من أَخَذَتِ كيف ورد وعُذْتُ. - له إخفاء النون الساكنة والتنوين إذا وقعا قبل الغين والخاء سوى: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا [النساء: 135] وفَسَيُنْغِضُونَ [الإسراء: 51] ووَ الْمُنْخَنِقَةُ [المائدة: 3]. - له فتح ياء الإضافة إلا ما استثني. - له إثبات الياء الزائدة وصلا إلا ما استثني. مثال لقراءة أبي جعفر: (سورة الإنسان) سلاسلا [4] بالتنوين وصلا، وبإبداله ألفا وقفا. كَأْسٍ [5] بالإبدال، ومثله كَأْساً [17]. وَإِسْتَبْرَقٌ بالكسر مع التنوين. نُطْعِمُكُمْ بصلة الميم وصلا إذا وقعت قبل متحرك، وكذا ما أشبهه. سُندُسٍ خُضْرٌ بالإخفاء للتنوين عند الخاء وكذا عند الغين. مُتَّكِئِينَ [13] بحذف الهمزة. قَوارِيرَا [15، 16] مثل سلاسلا. لُؤْلُؤاً [19] بإبدال الهمزة الأولى. عليهم [21] بكسر الهاء وتسكين الياء. 9 - أصول قراءة يعقوب - له من الأوجه بين السورتين ما لأبي عمرو. - قرأ بضم كل هاء ضمير جمع لمذكر أو لمؤنث أو لمثنى، إذا وقعت بعد ياء ساكنة نحو: عَلَيْهِنَّ، فِيهِمْ، (إليهما).

وزاد رويس فضم الهاء فيما زالت منه الياء لعارض جزم أو بناء نحو: فَآتِهِمْ، يُغْنِهِمُ إلا ما استثني. - قرأ باتباع حركة ميم الجمع الواقعة قبل ساكن لحركة الهاء، فإن كانت الهاء مضمومة ضم الميم نحو: يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ وإن كانت الهاء مكسورة كسر الميم نحو: فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ. - قرأ بالإدغام الكبير في: وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ [النساء: 36]. وروى رويس إدغام الكاف في الكاف في ثلاثة مواضع كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً [طه: 33 - 35] وإدغام الباء في الباء في فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ [المؤمنون: 101]، وروى الإدغام والإظهار في جَعَلَ لَكُمْ جميع ما في النحل [72 و 78 و 80 و 81] ولا قِبَلَ لَهُمْ [النمل: 37] وَأَنَّهُ هُوَ أربعة في النجم [43 و 44 و 48 و 49] ولَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ [البقرة: 20] والْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ [البقرة: 79]، الْكِتابَ بِالْحَقِّ أول موضع في [البقرة: 176]. - وقرأ بإدغام النون في النون في أَتُمِدُّونَنِ [النمل: 36] مع مد الواو قبلها، وإدغام التاء في التاء في تَتَمارى [النجم: 55] وروى رويس إدغامهما في ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا [سبأ: 46] وإذا بدئ بهما فبتاءين مظهرتين. - قرأ بقصر الهاء في يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ونُؤْتِهِ مِنْها ونُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ وفَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ويَتَّقْهِ ويَرْضَهُ، وأَرْجِهْ بهمزة ساكنة بعد الجيم وضم الهاء مقصورة. - وروى رويس قصر هاء بِيَدِهِ في مواضعها الأربعة [البقرة: 237 و 249 والمؤمنون: 88 ويس: 83]، وقصر هاء يَأْتِهِ مُؤْمِناً [طه: 75] وروى روح إسكان هاء يَأْتِهِ. - قرأ بقصر المد المنفصل وتوسط المد المتصل. - روى رويس تسهيل الهمزة الثانية من الهمزتين في كلمة. - قرأ في الاستفهام المكرر: بالاستفهام في الأول والإخبار في الثاني، إلا ما استثني.

- روى رويس تسهيل الهمزة الثانية من الهمزتين من كلمتين إذا كانتا متفقتين في الحركة، أما المختلفتان في الحركة فحكمهما لرويس كقالون. - قرأ بإدغام الباء في الميم من يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ آخر البقرة، والنون في الواو من هجاء يس وَالْقُرْآنِ ون وَالْقَلَمِ. - وروى روح إدغام الذال في التاء من اتَّخَذْتُمُ كيف جاء. - قرأ بإمالة لفظ أَعْمى الأول في سورة [الإسراء: 72]. - وأمال رويس لفظ بِالْكافِرِينَ حيث وقع، وافقه روح في موضع النمل إِنَّها كانَتْ مِنْ قَوْمٍ كافِرِينَ، وأمال روح ياء: يس. - قرأ بإبدال تاء التأنيث المفتوحة هاء حال الوقف. - وقف بإثبات هاء السكت على: لِمَ [آل عمران: 65]، وفِيمَ [النساء: 97 والنازعات: 43]، ومِمَّ [الطارق: 5]، وعَمَّ [النبأ: 1]، وفَبِمَ [الحجر: 54] وبِمَ [النمل: 35]، وهُوَ وهِيَ، وعلى ضمير جمع المؤنث الغائب نحو: عَلَيْهِنَّ [النور: 60]، وأَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ [الممتحنة: 12] وعلى الياء المشددة نحو: إِلَيَّ [الدخان: 18]، عَلَى [الحجر]، بِيَدَيَّ [ص: 75]. ووقف رويس بالهاء على فَثَمَّ [البقرة: 115 والشعراء: 64 والإنسان: 20] مفتوح الثاء ويا أَسَفى [يوسف: 84] ويا وَيْلَتى [المائدة: 31 وهود: 72] ويا حَسْرَتى [الزمر: 56]. - وقف بإثبات الياء على ما حذفت ياؤه رسما ووصلا في أحد عشر لفظا في سبعة عشر موضعا هي: وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ [البقرة: 269] حيث قرأ بكسر التاء وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ [النساء: 146]، وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ [المائدة: 3]، يَقُصُّ الْحَقَّ [الأنعام: 57] حيث قرأ بالضاد المكسورة وصلا، ونُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ [يونس: 103]، بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ [طه: 12 والنازعات: 16]، ولَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج: 54]، ووادِ النَّمْلِ [النمل: 18]، والْوادِ الْأَيْمَنِ [القصص: 30]، وبِهادِ الْعُمْيِ [الروم: 53]، ويُرِدْنِ الرَّحْمنُ [يس: 23]، وصالِ الْجَحِيمِ [الصافات: 163]، ويُنادِ الْمُنادِ [ق: 41] وتُغْنِ النُّذُرُ [القمر: 5]، والْجَوارِ [الرحمن: 24 والتكوير: 16].

مثال لقراءة يعقوب: (سورة الرعد)

- يسكن ياءات الإضافة إلا ما استثني. - يثبت الياءات الزائدة في الحالين أي وصلا ووقفا إلا ما استثني. مثال لقراءة يعقوب: (سورة الرعد) وَالَّذِي أُنْزِلَ [1] بقصر المد المنفصل حيث ورد. بِلِقاءِ [2] بتوسط المد المتصل حيث ورد. وَهُوَ [3] بإثبات الهاء وقفا. يُغْشِي [3] بفتح الغين وتشديد الشين. أَإِذا [5] لرويس بتسهيل الهمزة الثانية. إِنَّا بهمزة واحدة. مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ [6] بكسر الميم. الْمُتَعالِ [9] بالياء وصلا ووقفا. الْكافِرِينَ [14] لرويس بالإمالة. أَفَاتَّخَذْتُمْ [16] لروح بالإدغام. توقدون [17] بالتاء. لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى [18] بكسر الميم. عليهم [23] بضم الهاء. عَلَيْهِمُ الَّذِي [30] بضم الهاء والميم وصلا، وبضم الهاء وقفا. مَتابِ [30] وعِقابِ [32] ومَآبِ [36] بإثبات الياء وصلا ووقفا. أَخَذْتُهُمْ [32] لروح بالإدغام. الْكافِرِينَ [35] لرويس بالإمالة. 10 - أصول قراءة خلف العاشر - قرأ بصلة السورة بالتي بعدها دون بسملة كحمزة. - قرأ بضم الهاء والميم وصلا، إذا وقعا بعد ياء ساكنة أو كسر، وبعد الميم ساكن، نحو: مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي. - قرأ بتوسط المد المنفصل والمد المتصل.

مثال لقراءة خلف العاشر: (سورة الإسراء 70 - 111)

- روى إدريس في وجه عنه السكت على الساكن قبل الهمز في لام التعريف وشيء والساكن المفصول والموصول سوى حرف المد، نحو: الْأَمْنِ، شَيْءٍ، إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا، مَسْؤُلًا والوجه الآخر عنه عدم السكت (¬1). - أدغم دال قد في حروفها الثمانية، وذال إذ في التاء والدال، وتاء التأنيث في الجيم والظاء والسين والزاي والصاد، وأدغم الذال في التاء من اتَّخَذْتُمُ كيف وقع وفَنَبَذْتُها وعُذْتُ وأدغم الدال في الذال من كهيعص ذِكْرُ وفي الثاء من وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ والباء في الميم من وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ آخر البقرة، والنون في الواو من يس وَالْقُرْآنِ ون وَالْقَلَمِ، والثاء في الذال من يَلْهَثْ ذلِكَ. - وافق حمزة فيما يميله من ألفاظ إلا كلمات يسيرة خالفه فيها. - له تسكين ياء الإضافة إلا ما استثني. - له حذف الياء الزائدة إلا ما استثني. مثال لقراءة خلف العاشر: (سورة الإسراء 70 - 111) بَنِي آدَمَ [70] بتوسط المد المنفصل حيث ورد، وكذلك المد المتصل. فَمَنْ أُوتِيَ [71] لإدريس بالسكت وبالإدراج وكذا ما أشبهه من كل ساكن سوى حرف مد، بعده همزة من كلمة أو كلمتين. أَعْمى [72] كلاهما بالإمالة. عَسى [79] بالإمالة. جاءَ [81] بالإمالة، وجاءَهُمُ [94]. وَنَأى [83] بإمالة النون والهمزة والألف. أَهْدى [84] بالإمالة. وَلَقَدْ صَرَّفْنا [89] فَأَبى بالإدغام بالإمالة. كِسَفاً [92] بتسكين السين. تَرْقى [93] بالإمالة. ¬

_ (¬1) ينظر تحقيق وجه السكت لإدريس عند: عبد الرازق بن علي موسى في هامش الإيضاح شرح الدرة ص 143 و 144، وعبد الرافع الشرقاوي في هامش شرح الدرة للنويري (1: 268 و 269).

الْهُدى [94] بالإمالة. كَفى [96] بالإمالة. مَأْواهُمْ [97] بالإمالة. خَبَتْ زِدْناهُمْ بالإدغام. فَأَبَى [99] وقفا بالإمالة. مُوسى ويا مُوسى [101] بالإمالة. فَسْئَلْ بالنقل. جاءَهُمْ بالإمالة. جاءَ [104] بالإمالة. يُتْلى [107] بالإمالة. قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا [110] بضم اللام والواو وصلا. الْحُسْنى بالإمالة.

الفصل الخامس المؤلفات في علم القراءات والعلوم المتصلة به

الفصل الخامس المؤلفات في علم القراءات والعلوم المتصلة به

المبحث الأول المؤلفات في علم القراءات

الفصل الخامس المؤلفات في علم القراءات والعلوم المتصلة به علم القراءات ميدان واسع للبحث والدراسة والتأليف، وقد اعتنى العلماء على مدار العصور بهذا العلم فحققوا مسائله وحرروا دقائقه وبينوا أصوله وفرشه وأبوا به، ولم يقتصروا على ذلك بل بحثوا في العلوم التي تتصل به وألفوا في كل ذلك مؤلفات كثيرة ما بين مطول ومختصر، ومنظوم ومنثور، وفيما يلي إشارة إلى شيء من جهودهم. المبحث الأول المؤلفات في علم القراءات أولا: كتب الرواية: وهي الكتب التي اعتنت برواية الكلمات التي وقع فيها الخلاف بين القراء في أصول القراءات وفرشها، وهذه الكتب كثيرة جدا، منها مؤلفات في القراءات السبع، وأخرى في العشر، أو الثمان أو الأربع عشرة، ومنها ما اقتصر على ثلاث قراءات أو قراءة واحدة أو رواية، وبعضها اقتصر على القراءات الشواذّ. وأغلب هذه الكتب ألف نثرا، وبعضها نظم، وهناك شروح للنظم وحواش عليه. وسنورد فيما يلي أسماء عدد من هذه المؤلفات وفق الترتيب التالي: أ- أشهر المؤلفات في القراءات والتي تعد المراجع الأساسية في هذا العلم. ب- من المؤلفات في قراءة واحدة أو رواية أو طريق أو في المقارنة بين قراءتين أو روايتين. ج- من المؤلفات في عدد من القراءات دون السبع. د- من المؤلفات في القراءات السبع. هـ- من المؤلفات في القراءات الثمان والعشر. ومن المؤلفات فيما زاد على العشر قراءات.

أ - أشهر المؤلفات في القراءات والتي تعد المراجع الأساسية في هذا العلم:

أ- أشهر المؤلفات في القراءات والتي تعد المراجع الأساسية في هذا العلم: 1 - كتاب السبعة في القراءات: ألفه ابن مجاهد التميمي المتوفي 324 هـ- ببغداد وجمع فيه أصول وفرش قراءات سبعة قراء اختارهم من بين قراء الأمصار ووضع لاختياره شروطا معينة منها الضبط والإتقان وطول العمر في ملازمة القراءة ... وقد اشتهر هذا الكتاب شهرة فائقة وتناقله طلبة العلم، وكان ابن مجاهد قصد التخفيف على طلبة القراءات وتقريب هذا العلم لهم فاقتصر على سبعة قراء واختار راويين عن كل قارئ. وقد عرف ابن مجاهد بعد ذلك ب «مسبّع السبعة». وقد فعل ابن مجاهد ذلك رغبة في ضبط قراءات السابقين وحفظها، وفي هذا يقول تلميذه أبو طاهر بن أبي هاشم (ت 349 هـ): سأل رجل ابن مجاهد: لم لا يختار الشيخ لنفسه حرفا يحمل عليه؟ فقال: نحن أحوج إلى أن نعمل أنفسنا في حفظ ما مضى عليه أئمتنا، أحوج منّا إلى اختيار حرف يقرأ به من بعدنا» (¬1). 2 - التيسير في القراءات السبع: ألفه أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني المتوفى 444 هـ بدانية في الأندلس، وقد اشتهر هذا الكتاب في الأندلس والمغرب شهرة عظيمة وصار الطلبة يحفظونه ويروونه ويقرءون القرآن بمضمنه. ومما زاد في شهرة التيسير وسهل انتشاره بين الناس أن الشاطبي قد ضمنه في منظومته (حرز الأماني). 3 - الشاطبية (حرز الأماني ووجه التهاني): منظومة مكونة من 1173 بيتا نظمها الإمام أبو القاسم الشاطبي المتوفى سنة 590 هـ بمصر، وأصله من مدينة شاطبة بالأندلس، وقد ضمّن الشاطبي كتاب التيسير للداني في هذه المنظومة وأضاف إليه بعض الخلافات وهي الكلمات التي عرفت فيما بعد باسم «زيادات القصيد» أي ما زادته القصيدة الشاطبية على ما في التيسير، وفي هذا يقول الشاطبي رحمه الله: وفي يسرها التيسير رمت اختصاره ... فأجنت بعون الله منه مؤملا وألفافها زادت بنشر فوائد ... فلفّت حياء وجهها أن تفضلا وسميتها حرز الأماني تيمنا ... ووجه التهاني فاهنه متقبلا ¬

_ (¬1) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 217).

وهذه القصيدة وضع لها ناظمها مصطلحا خاصا واستخدم فيه الرموز للدلالة على القراء وطريقة عزو القراءات إليهم، فصار من يحفظها ويعرف شرحها وفك رموزها قادرا على الإحاطة باختلاف القراء السبعة ورواتهم أصولا وفرشا. وللشاطبية شروح كثيرة جدا فقد اعتنى بها العلماء عناية فائقة ورزقت من الشهرة والقبول ما لم يرزقه كتاب آخر، ومن أبرز شروح هذه القصيدة: أ- فتح الوصيد في شرح القصيد: لعلم الدين السخاوي (ت 643 هـ) وهو تلميذ الشاطبي. قال ابن الجزري في ترجمته: «هو أول من شرحها بل هو والله أعلم سبب شهرتها في الآفاق وإليه أشار الشاطبي بقوله: يقيض الله لها فتى يشرحها» (¬1). ب- إبراز المعاني من حرز الأماني: ألفه أبو شامة المقدسي المتوفى سنة 665 هـ، حرص فيه على شرح أبيات الشاطبية وبيان معانيها وفك رموزها. للشاطبية شروح كثيرة أخرى منها: شرح شعلة الموصلي (ت 656 هـ) واسمه كنز المعاني وشرح الجعبري (ت 732 هـ)، وشرح ابن القاصح ت 801 هـ واسمه سراج القارئ المبتدي وتذكرة المقرئ المنتهي، وشرح الضباع (ت 1381 هـ) واسمه: إرشاد المريد إلى مقصود القصيد وشرح القاضي (ت 1403 هـ) واسمه الوافي. 4 - متن الدرة المضيئة في القراءات الثلاث المتممة للعشر: لابن الجزري شمس الدين محمد بن محمد الدمشقي المتوفى ب (شيراز) سنة 833 هـ. منظومة في (240) بيتا على بحر الشاطبية ورويّها، ذكر فيها قراءات كل من أبي جعفر المدني ويعقوب البصري وخلف الكوفي، واستخدم رموز الشاطبي في العزو لهؤلاء القراء، فجعل رمز نافع وراوييه لأبي جعفر وراوييه، ورمز أبي عمرو وراوييه ليعقوب وراوييه، ورمز حمزة وراوييه لخلف وراوييه، وكان منهجه أن جعل قراءة نافع أصلا لقراءة أبي جعفر، وقراءة أبي عمرو أصلا لقراءة يعقوب وقراءة حمزة أصلا لقراءة خلف، فإن اتفقا لم يذكر القراءة وإن اختلفا فقرأ كل منهما بوجه ذكر ذلك الخلاف. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 570).

وفي هذا يقول: لثان أبو عمرو والأول نافع ... وثالثهم مع أصله قد تأصلا ورمزهم ثم الرواة كأصلهم ... فإن خالفوا أذكر وإلا فأهملا (¬1) - وللدرة المضيئة شروح كثيرة منها: شرح الزبيدي وشرح السمنودي. 5 - تحبير التيسير في القراءات العشر: ألفه ابن الجزري ت 833 هـ، وهو كتاب التيسير لأبي عمرو الداني مضافا إليه القراءات الثلاث، وقد بين ابن الجزري أنه نظم الدرة ليكون من حفظها وحفظ الشاطبية قد جمع القراءات العشر نظما، ثم ألف تحبير التيسير ليكون من قرأه قد عرف خلاف القراء العشرة نثرا فقال: «رأيت أن أتحف حفاظ الشاطبية بتعريف قراءات العشرة وأجعلها في متن الحرز منظومة مختصرة، فجاءت في أسلوب من اللطف عجيب ... ولمّا تلقيت بالقبول وحصل بها لأهلها من النفع غاية المأمول رأيت أن أفعل ذلك في كتاب التيسير وأضيف إلى سبعته الثلاثة في أحسن منوال يكون له كالتحبير مع ما أضيف إليه من تصحيح وتهذيب وتوضيح وتقريب من غير أن أغيّر لفظ الكتاب أو أعدل به إلى غيره من خطأ أو صواب، وحيث كانت الزيادة عليه يسيرة ألحقتها بالحمرة فيه، وإن كانت كثيرة قدمت عليها لفظ (قلت) وختمتها بلفظ: (والله الموفق)» (¬2). 6 - النشر في القراءات العشر: ألفه ابن الجزري، وهو كتاب حافل عظيم، يعدّ عمدة للمشتغلين بعلم القراءات، يقع في مجلدين، قدم له مؤلفه بمقدمة مطولة ذكر فيها فضل حملة القرآن، ثم تحدث عن جمع القرآن وحفظه وأركان القراءة الصحيحة وضوابطها، وأقسام القراءات الشاذة، وتحدث عن معنى الأحرف السبعة واشتمال المصاحف عليها ثم ذكر تعريفا موجزا بالقراء العشرة ورواتهم وطرقهم، كما بيّن مصادره التي استقى منها في تأليفه هذا الكتاب، وتحدث أيضا عن مخارج الحروف وصفاتها ومراتب القراءة والترقيق والتفخيم، والوقف والابتداء والاستعاذة والبسملة، وسائر أصول القراء العشرة. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، متن الدرة المضيئة، ص 15. (¬2) ابن الجزري، تحبير التيسير في القراءات العشر، ص 93.

وبيّن ما قام به من جهد في هذا الكتاب فقال: «وجمعتها- أي القراءات- في كتاب يرجع إليه وسفر يعتمد عليه، لم أدع عن هؤلاء الثقات الأثبات حرفا إلا ذكرته، ولا خلفا إلا أثبته، ولا إشكالا إلا بينته وأوضحته، ولا بعيدا إلا قربته، ولا مفرّقا إلا جمعته ورتبته، منبها على ما صح عنهم وشذّ، وما انفرد به منفرد وفذّ، ملتزما التحرير والتصحيح والتضعيف والترجيح، معتبرا للمتابعات والشواهد، رافعا إبهام التركيب بالعزو المحقق إلى كل واحد، جمع طرق بين الشرق والغرب، فروى الوارد والصادر بالغرب، وانفرد بالإتقان والتحرير، واشتمل جزء منه على كل ما في الشاطبية والتيسير، لأن الذي فيهما عن السبعة أربعة عشر طريقا، وأنت ترى كتابنا هذا حوى ثمانين طريقا تحقيقا، غير ما فيه من فوائد لا تحصى ولا تحصر ... » (¬1). 7 - تقريب النشر: ألفه ابن الجزري حيث اختصر كتابه النشر في مجلد لطيف ذكر فيه خلاف القراء في الأصول والفرش، قاصدا تقريب النشر للقراء والباحثين حتى لا ينشغلوا بالمقدمات التي جاءت في كتاب النشر، وكذا التعليقات والأسانيد التي يمكن أن يستغني عنها طلبة القراءات. 8 - مختصر تقريب النشر: ألفه الشيخ زكريا الأنصاري (ت 926 هـ) اختصر فيه تقريب النشر فلم يبق إلا ما لا بدّ منه لمعرفة أصول وفرش القراءات العشر. 9 - طيبة النشر في القراءات العشر: منظومة ألفها ابن الجزري عدد أبياتها (1015) بيتا ضمنها كتابه النشر، وجعلها على بحر الرجز، ولكل بيت رويّ مستقل، واستخدم رموز الشاطبي في منظومته، وزاد عليها رموزا كثيرة، واستكثر من الرموز في عزو القراءات بطريقة تحتاج إلى شرح وانتباه وتدقيق. - وللطيبة شروح كثيرة، فقد اعتنى بها العلماء وتناقلوها حفظا بالسند المتصل إلى ناظمها ومن أفضل شروحها شرح ابن الناظم واسمه أحمد، وهو شرح صغير لكنه واضح سهل العبارة، وشرح النويري تلميذ ابن الجزري وهو شرح مطوّل فيه فوائد كثيرة وغير ذلك. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 56 - 57).

* تنبيه: تلقي القراءات من طريق الشاطبية والدرة، أو التيسير والتحبير عرف عند القراء باسم (القراءات العشر الصغرى) والمقصود بذلك قلة الطرق المؤدية إلى هذه القراءات. وتلقي القراءات من طريق طيبة النشر، والنشر عرف عند القراء باسم (القراءات العشر الكبرى) وذلك لكثرة الطرق التي حواها هذا الكتاب. ب- من المؤلفات في قراءة واحدة أو رواية أو طريق أو في المقارنة بين قراءتين أو روايتين وهي كثيرة متنوعة منها: 1 - مفردات القراء السبعة لأبي عمرو الداني، حيث جعل لكل واحد من القراء السبعة كتابا مستقلا. 2 - مؤلفات أبي حيان الأندلسي في القراءات مفردا كل قراءة بجزء مستقل وهي: - الأثير في قراءة ابن كثير. - تقريب النائي في قراءة الكسائي. - الروض الباسم في قراءة عاصم. - غاية المطلوب في قراءة يعقوب. - المزن الهامر في قراءة ابن عامر. - المورد الغمر في قراءة أبي عمرو. - النافع في قراءة نافع (¬1). 3 - قراءة ابن محيصن لأبي علي الأهوازي (ت 446 هـ). 4 - القمر المنير في قراءة الإمام عبد الله بن كثير لمحمد نبهان بن حسين مصري (¬2). 5 - إرشاد القراء إلى قراءة الكسائي لمحمد بن عوض زائد الحرباوي (¬3). 6 - رسالة حمزة للمتولي، ولها عدة شروح. ¬

_ (¬1) د. أحمد خالد شكري، القراءات في تفسير البحر المحيط، ص 153 - 158، (رسالة ماجستير غير منشورة)، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1987 م. (¬2) صدر عن دار طوق النجاة في بيروت ومؤلفه هو أستاذ القراءات في جامعة أم القرى. (¬3) صدر عن دار التوبة بالرياض.

7 - رسالة ورش، ورسالة قالون كلاهما للمتولي، ولهما عدة شروح أشهرها: فتح المعطي وغنية المقري في شرح مقدمة ورش المصري للمتولي، وهداية المريد إلى رواية أبي سعيد للضباع. 8 - الرياش في رواية شعبة بن عياش، والثمر اليانع في رواية قالون عن نافع كلاهما لمحمد نبهان بن حسين مصري. 9 - المختصر الجامع في رواية قالون، وفي رواية ورش عن نافع، لعبد الحليم بن محمد الهادي قابه. 10 - المغني في رواية قالون، وفي رواية ورش، وفي رواية شعبة، ثلاثتها للدكتور عبد الرحمن الجمل. 11 - رواية قالون، ورواية ورش، ورواية الدوري عن أبي عمرو، ورواية السوسي عن أبي عمرو، ورواية شعبة عن عاصم، وقراءة الإمام الكسائي، وقراءة حمزة، كلها لإبراهيم طه سليم الداية. 12 - المطلوب في الكلمات المختلف فيها عن أبي يعقوب الأزرق، للضباع. 13 - القول الأصدق في بيان ما خالف فيه الأصبهاني الأزرق. 14 - هدي البرية لما فيه الخلاف بين حفص ودوري أبي عمرو من طريق الشاطبية للدكتور محمد سالم محيسن. 15 - إتحاف حرز المعاني برواية الأصبهاني لحسين خطاب. 16 - قراءة الإمام نافع للدكتور أحمد خالد شكري. 17 - الفارق بين رواية ورش وحفص لأعمر بن محم بوبا الجكني. 18 - النظم الجامع لقراءة الإمام نافع، وشرحه، كلاهما لعبد الفتاح القاضي. ج- من المؤلفات في عدد من القراءات دون السبع. 1 - القراءات الخمس: لأحمد بن جبير الكوفي نزيل أنطاكية (ت 258). 2 - قراءة الحسن البصري ويعقوب: لأبي علي الأهوازي (ت 446 هـ). 3 - نفيس الأثاث في القراءات الثلاث: لأبي العز القلانسي الواسطي (ت 521 هـ). 4 - الكفاية في القراءات الست: لسبط الخياط عبد الله بن علي (ت 541 هـ).

هـ - من المؤلفات في القراءات الثمان وحتى العشر:

5 - مصطلح الإشارات في القراءات الست المروية عن الثقات: لابن القاصح علي بن عثمان (ت 801 هـ). 6 - غاية المطلوب في قراءة خلف وأبي جعفر ويعقوب: لعبد الرحمن بن أحمد بن عياش الدمشقي (ت 853 هـ). د- من المؤلفات في القراءات السبع: غير ما سبق ذكره. 1 - الإرشاد في معرفة مذاهب القراء السبعة وشرح أصولهم: لعبد المنعم بن غلبون (ت 389 هـ). 2 - الهادي: لابن سفيان القيرواني (ت 415 هـ). 3 - التبصرة في القراءات السبع: لمكي بن أبي طالب القيسي (ت 437 هـ). 4 - جامع البيان في القراءات السبع: لأبي عمرو الداني (ت 444 هـ). 5 - العنوان في القراءات السبع: لإسماعيل بن خلف الأنصاري (ت 455 هـ). 6 - الكافي: لابن شريح الرعيني (ت 476 هـ). 7 - تلخيص العبارات: لأبي علي الحسن بن خلف بن بلّيمة (ت 514 هـ). 8 - التجريد في القراءات السبع: لابن الفحام الصقلي (ت 516 هـ). 9 - الإقناع في القراءات السبع: لابن الباذش أحمد بن علي الأنصاري (ت 540 هـ). 10 - عقد اللآلي في القراءات السبع العوالي منظومة لأبي حيان الأندلسي (ت 745 هـ). 11 - شفاء الصدور بذكر قراءة الأئمة السبعة البدور: لرضوان بن محمد المخللاتي (ت 1311 هـ). 12 - خلاصة الفوائد في قراءة الأئمة السبعة الأماجد: لمحمد محمد هلال الأبياري. هـ- من المؤلفات في القراءات الثمان وحتى العشر: 1 - البديع في القراءات السبع وقراءة يعقوب الحضرمي: لأبي علي الفارسي (ت 377 هـ). 2 - التذكرة في القراءات الثمان: لطاهر بن عبد المنعم بن غلبون (ت 399 هـ). 3 - الوجيز في شرح أداء القراء الثمانية: للحسن بن علي الأهوازي (ت 446 هـ). 4 - التبصرة في قراءة الأئمة العشرة لأبي الحسن علي بن محمد الخياط (ت 450 هـ)

و - من المؤلفات فيما زاد على القراءات العشر:

5 - التلخيص في القراءات الثمان: لأبي معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري (ت 478 هـ). 6 - المستنير في القراءات العشر: لأبي طاهر أحمد بن علي بن سوار البغدادي (ت 496 هـ). 7 - المهذب في القراءات العشر: لأبي منصور الخياط (ت 499 هـ). 8 - إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي في القراءات العشر: لأبي العز القلانسي (ت 521 هـ). 9 - الكنز في القراءات العشر لعبد الله بن عبد المؤمن الواسطي (ت 740 هـ). 10 - البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة: لعمر بن قاسم النشار (ت 900 هـ). 11 - زبدة العرفان في وجوه القرآن في القراءات العشر: لحامد بن عبد الفتاح البالوي (ت 1173 هـ). ومن المؤلفات فيما زاد على القراءات العشر: 1 - كتاب القراءات: لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت 224 هـ)، جعلهم خمسة وعشرين قارئا. 2 - كتاب القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي: (ت 282 هـ) فيه عشرون قراءة. 3 - كتاب أبي جعفر الطبري: (ت 310 هـ) فيه أكثر من عشرين قراءة. 4 - المنتهى في القراءات الخمسة عشر: لأبي الفضل الخزاعي (ت 408 هـ). 5 - الروضة في القراءات الإحدى عشرة: لأبي علي الحسن بن محمد البغدادي (ت 438 هـ). 6 - الجامع في القراءات العشر وقراءة الأعمش: لأبي الحسن علي بن محمد الخياط (ت 450 هـ). 7 - الكامل في القراءات الخمسين: لأبي القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي (ت 465 هـ). 8 - سوق العروس في القراءات: لأبي معشر عبد الكريم بن عبد الصمد الطبري القطان (ت 478 هـ) فيه ألف وخمس مائة وخمسون رواية وطريقا.

ثانيا: الكتب المؤلفة في بيان معنى الأحرف السبعة والصلة بينها وبين القراءات:

9 - المبهج في القراءات الثمان وقراءة الأعمش وابن محيصن واختيار خلف لسبط الخياط (ت 541 هـ). 10 - الجامع للأداء في اختلاف الأئمة الخمسة عشر: لموسى بن الحسين المعدل (ت في القرن الخامس). 11 - الجامع الأكبر والبحر الأزخر: لأبي القاسم اللخمي الاسكندري (ت 629 هـ). 12 - البستان في القراءات الثلاث عشرة: لابن الجندي، عبد الله بن أيدغدي (ت 769 هـ). 13 - إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز في القراءات الأربع عشرة: لمحمد بن خليل القباقبي (ت 849 هـ). 14 - مجمع السرور والحبور ومطلع الشموس والبدور في القراءات الأربع عشرة: منظومة للقباقبي (ت 849 هـ). 15 - لطائف الإشارات لفنون القراءات: لشهاب الدين القسطلاني (ت 923 هـ)، وهو في القراءات الأربع عشرة. 16 - إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربع عشر: لأحمد بن محمد الدمياطي البناء (ت 1117 هـ) وهو اختصار لطائف الإشارات (¬1). ثانيا: الكتب المؤلفة في بيان معنى الأحرف السبعة والصلة بينها وبين القراءات: وهي كتب تهدف إلى بيان المقصود بالأحرف السبعة، وغالبا ما تتعرض لإيراد روايات حديث الأحرف السبعة وشرح كلماته ومحاولة تتبع الأقوال في معنى الأحرف والتفرقة بين الحرف والقراءة. ¬

_ (¬1) تم جمع هذه القائمة عن المؤلفات في القراءات من مصادر متعددة، منها: فهارس المكتبات العامة، وابن الجزري، النشر في القراءات العشر (1: 583)، وحاجي خليفة، كشف الظنون (2: 1317 - 1323) ود. محمد سالم محيسن، في رحاب القرآن الكريم (1: 385 - 394 و 488 - 527).

ومن هذه الكتب: 1 - الإبانة عن معاني القراءات: ألفه مكي بن أبي طالب (ت 437 هـ)، فجعله على شكل أسئلة وأجوبة، يورد السؤال ثم يجيب عليه جوابا شافيا. كما بيّن أنه جعل هذا الكتاب متصلا بكتاب الكشف عن وجوه القراءات، ولكنه كتاب مستقل من حيث مسائله وموضوعاته. من الموضوعات التي طرقها الكتاب: هل القراءات التي يقرأ بها الناس اليوم هي الأحرف السبعة التي أباح النبي صلّى الله عليه وسلم القراءة بها ... أو هي بعضها أو هي واحدة منها؟ معنى الأحرف السبعة، فائدة القراءة بأكثر من حرف، علة اشتهار القراء السبعة (¬1). 2 - المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز: لأبي شامة الدمشقي (ت 665 هـ) وهو كتاب نفيس تعرض فيه المؤلف للبحث في معنى حديث الأحرف السبعة، وعدد من المباحث في علم القراءات. 3 - القواعد والإشارات في أصول القراءات: رسالة صغيرة ألفها القاضي أحمد بن عمر بن محمد بن أبي الرضا الحموي المتوفى سنة (791 هـ). تحدث المؤلف عن مسألة تفضيل بعض القرآن على بعض، ومعنى حديث الأحرف السبعة وأقوال العلماء في معنى الحديث، وجمع القرآن في عهد عثمان رضي الله عنه، ثم تحدث عن اثنين وثلاثين أصلا من الأصول التي يكثر دورانها كالفتح والإمالة والإدغام والإظهار والإخفاء والاختلاس والإشمام ونحو ذلك. - ومن الكتب أيضا في هذا الموضوع: 4 - الأحرف السبعة: لأبي عمرو الداني. 5 - الأحرف السبعة ومنزلة القراءات منها: للدكتور حسن ضياء الدين عتر. 6 - الأحرف السبعة والقراءات: للدكتور عبد العزيز القارئ. 7 - القراءات القرآنية- تاريخ وتعريف: للدكتور عبد الهادي الفضلي. ¬

_ (¬1) انظر: الإبانة عن معاني القراءات ص 19 - 22 ط 1 سنة 1399 هـ- 1979 م الناشر: دار المأمون للتراث، تحقيق: د. محيي الدين رمضان.

ثالثا: الكتب المؤلفة في بيان أصول القراءات:

8 - تاريخ القرآن: د. عبد الصبور شاهين. 9 - مدخل إلى القرآن الكريم: د. محمد عبد الله دراز. 10 - نزول القرآن على سبعة أحرف: لمناع القطان. 11 - القراءات والأحرف السبعة: لمحمد فهد خاروف. كما بحثت هذه الموضوعات في كتب علوم القرآن كالبرهان في علوم القرآن للزركشي، والإتقان للسيوطي، ومناهل العرفان للزرقاني، وإتقان البرهان للدكتور فضل حسن عباس. ثالثا: الكتب المؤلفة في بيان أصول القراءات: وهي كتب تهدف إلى بيان الأصول التي تدور عليها القراءات كالإظهار والإدغام والمد والقصر والإشمام والروم والاختلاس والإمالة والتقليل ... ومع أن هذه الأصول تذكر عادة في كتب الرواية وكتب التوجيه كالتيسير والشاطبية والنشر والتحبير وغيرها، فقد ألفت فيها كتب ورسائل مستقلة منها: 1 - الإضاءة في بيان أصول القراءة: ألفه الشيخ علي محمد الضباع، وضمّنه أهم مصطلحات علم القراءات. أما منهجه فيه فإنه قدّم بمقدمة ذكر فيها مبادئ علم القراءات، ثم بدأ ببيان المصطلحات الفنية لهذا العلم مثل: المقرئ والقارئ والاستعاذة والبسملة ومعنى الأصول، والإظهار والإدغام والقلب والإخفاء ... ثم بدأ يعرض أصول كل قارئ من القراء فعرض أصول الكوفيين، ثم البصريين، ثم الحجازيين ثم أصول ابن عامر الشامي، معتمدا على ما ورد في الشاطبية والدرة. 2 - الإنباء في تجويد القرآن: لابن الطحان الأندلسي (ت بعد 560 هـ)، شرح فيه عددا من مصطلحات القراءات والتجويد كالحركات ومقاديرها والسكون وأنواعه وأصول المد واللين ومقادير المد وموجباته وأحكام النون الساكنة والتنوين، والتفخيم والترقيق والفتح والإمالة والتقليل والوقف على أواخر الكلم. 3 - القواعد والإشارات في أصول القراءات: لابن أبي الرضا الحموي، وتقدم الحديث عنه.

رابعا: الكتب المؤلفة في بيان صلة القراءات بالنحو واللغة أو في دراسة بعض الأصول القرآنية من الوجهة اللغوية.

4 - الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع: لابن بري، وهي منظومة اقتصر فيها الناظم على تبيين أصول قراءة نافع، ولها شروح كثيرة. رابعا: الكتب المؤلفة في بيان صلة القراءات بالنحو واللغة أو في دراسة بعض الأصول القرآنية من الوجهة اللغوية. وكانت الغاية من تأليف هذه الكتب- غالبا- بيان اتساق القراءات القرآنية مع قواعد النحو واللغة، وأثر القراءات في تطوير بعض قواعد اللغة، ورد شبهات المعترضين على بعض القراءات القرآنية. ومن هذه الكتب: 1 - أثر القراءات القرآنية في تطوّر الدرس النحوي: ألفه الدكتور عفيف دمشقية وقسمه إلى ستة فصول تحدث فيها عن الأحرف والقراءات، الرسم الإملائي، ووجوه الخلاف، القراءات ونشأة النحو، وجوه القراءات ووجوه الإعراب، القراءة القرآنية والممنوع من الصرف، إعراب القرآن. 2 - أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي: د. عبد الصبور شاهين. 3 - اللهجات العربية في القراءات القرآنية: د. عبده الراجحي. 4 - الإمالة في القراءات واللهجات العربية: د. عبد الفتاح شلبي. 5 - القراءات واللهجات: د. عبد الوهاب حمودة. خامسا: الكتب المؤلفة في تتبع ظاهرة من ظواهر القراءات: وخير مثال على ذلك كتاب: 1 - تحفة الأقران فيما قرئ بالتثليث من حروف القرآن: ألفه أبو جعفر الرعيني أحمد ابن يوسف بن مالك الغرناطي الإلبيري (ت 779 هـ) بحلب. موضوع الكتاب: تتبع المؤلف الكلمات التي قرئت بالحركات الثلاث في القرآن الكريم سواء أكان التثليث بنية أو إعرابا، وسواء أكانت القراءات كلها متواترة أو بعضها غير متواتر، وقد عرض المؤلف ثمانيا وثمانين لفظة مثلثة ورتبها على حروف المعجم، مراعيا الحرف المثلث فكلمة شُرَكاؤُكُمُ قرئت (شركاؤكم، شركاءكم،

سادسا: كتب في دراسة تاريخ القراءات

شركائكم) أي أن التثليث في الهمزة، فهو يوردها في حرف الهمزة، وكلمة جَذْوَةٍ قرئت بتثليث الجيم جَذْوَةٍ فهو يوردها في حرف الجيم وهكذا، وينبه على حرف الهجاء الذي لم يرد فيه ألفاظ مثلثة، كما التزم في الحرف الواحد ترتيب الآيات بحسب ورودها في القرآن الكريم. يعد هذا الكتاب صنيعا جديدا في علم القراءات وإن كان من الناحية اللغوية قد عرف هذا النوع من التأليف كما هو الحال في مثلثات قطرب، والدرر المبثثة في الغرر المثلثة للفيروزآبادي. سادسا: كتب في دراسة تاريخ القراءات . 1 - الانتصار للقرآن: ألفه القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني (ت 403 هـ) وتحدث فيه عن كثير من موضوعات علوم القرآن وإعجازه، وردّ على كثير من الشبهات التي أثيرت حول القرآن ونقله. ومن هذه المباحث: ترتيب الآيات والسور، والأحرف السبعة، والقراءات السبع، وإعجاز القرآن، وفضائله وغير ذلك. 2 - جمال القراء وكمال الإقراء: ألفه علم الدين السخاوي (ت 643 هـ) بدمشق. وهو كتاب يتحدث في عدد كبير من موضوعات علوم القرآن، وقد قسمه مؤلفه إلى عدة كتب فسمى الأول: نثر الدرر في ذكر الآيات والسور، والثاني: الإفصاح الموجز في إيضاح المعجز، والثالث في فضائل القرآن، والرابع في تقسيمات القرآن الكريم إلى أجزاء وأحزاب ... والخامس في معرفة العدد أي عدد الآيات، والسادس في ذكر القراءات الشاذة، والسابع في الناسخ والمنسوخ، والثامن في مشاهير القراء من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم، والتاسع في التجويد ومراتبه، وأنواع القراءة المبتدعة كالترعيد والترقيص والتطريب ... وأورد في هذا الكتاب منظومته التي سماها عمدة المفيد وعدّة المجيد في معرفة التجويد وهي في (64 بيتا)، والعاشر في معرفة الوقف والابتداء والمقطوع والموصول وأدعية ختم القرآن الكريم. 3 - لطائف الإشارات لفنون القراءات: ألفه الحافظ شهاب الدين القسطلاني أحمد بن محمد بن أبي بكر ت 923 هـ.

سابعا: كتب في الدفاع عن القراءات القرآنية:

والكتاب من الكتب التي تناولت موضوعات عديدة في علوم القرآن، ففيه الحديث المستفيض حول القراءات العشر والأربع الشواذ والعناية بإعرابها، والوقف والابتداء، والرسم العثماني، وعدد الآي والكلمات والحروف، ولطائف من أسرار التنزيل ودقائق من أنوار التأويل، وقد أمضى المؤلف في جمع هذا الكتاب وتأليفه نحو خمسة عشر عاما. ومن الكتب التي تدخل في هذا الباب، كتب علوم القرآن عموما كالبرهان والإتقان ومناهل العرفان وتاريخ القرآن وغيرها. سابعا: كتب في الدفاع عن القراءات القرآنية: سواء أكان هذا الدفاع في مواجهة بعض المفسرين واللغويين ممن طعنوا على القراءات وردّوا بعضها، أم كان في مواجهة بعض المستشرقين والملحدين ممن أوردوا بعض الشبهات على القراءات القرآنية، فمن ذلك: 1 - دفاع عن القراءات المتواترة في مواجهة الطبري المفسر: ألفه الدكتور لبيب السعيد وجعله قسمين، تحدث في الأول عن بعض المقدمات الضرورية، ثم عن فضل الإمام ابن جرير الطبري وعنايته بالقراءات، ومسلكه في الحكم على القراءات، ومنهجه في المفاضلة بين القراءات واختيار بعضها دون بعض، وتحدث في القسم الثاني عن جميع القراءات المتواترة التي تعرض لها الطبري بنقل أو ردّ أو تضعيف وهي تسعة وثمانون موضعا، وقد ناقش المؤلف أقوال الطبري مناقشة علمية جادّة، واحتج لهذه القراءات احتجاجا محكما. 2 - القراءات القرآنية في نظر المستشرقين والملحدين: ألفه الشيخ عبد الفتاح القاضي للردّ على المستشرق اليهودي جولد تسيهر الذي أثار بعض الشبهات حول القراءات القرآنية في كتابه «مذاهب التفسير الإسلامي». وكان منهج المؤلف أن يتتبع الشبهات التي أوردها المستشرق فينقلها بنصها ثم يردّ عليها ردّا محكما قائما على الأصول العلمية الصحيحة، وهو هادئ في ردّه، طويل النفس في إيراد الحجج والأدلة، لا يدع مدخلا لشبهة إلا سدّه، ولا منفذا لافتراء إلا أغلقه.

ثامنا: كتب في تطبيق القراءات القرآنية:

وهو من قبل أن يبدأ بالردّ، يورد الأدلة على أن مصدر القراءات هو النقل الصحيح وليس اجتهاد الرأي، ثم يبدأ بالرد على الشبهات وينقضها من أساسها. وقد سبقت الإشارة إلى أن كثيرا من كتب توجيه القراءات تضمنت دفاعا عن بعض القراءات التي اعترض عليها بعض اللغويين والمفسرين وردّوها، ولكن تلك الكتب لم يكن هدفها الدفاع عن القراءات في مواجهة هؤلاء بقدر ما كان هدفها تجلية معنى القراءة وبيان اتفاقها مع اللغة وقواعدها. ثامنا: كتب في تطبيق القراءات القرآنية: وهي كتب عنيت بتتبع القراءات القرآنية أصولا وفرشا، وفق ترتيب المصحف الشريف، حيث تقسم المصحف إلى أرباع وتبدأ باستعراض القراءات القرآنية الواردة في كل ربع منه، حسب أولوية ورودها، فإذا فرغت من ربع انتقلت إلى ما بعده وهكذا حتى نهاية القرآن الكريم، وهذه الكتب تهدف إلى تعريف القارئ بكيفية تأدية القراءات أصولا وفرشا إذا أراد أن يقرأ للسبعة أو الثلاثة أو العشرة، ومن أهمها: 1 - غيث النفع في القراءات السبع: ألفه الصفاقسي «ولي الله علي النوري» (ت 1117 هـ) وقدم له بمقدمة أورد فيها بعض أحاديث فضائل القرآن وبعض روايات حديث الأحرف السبعة، وذكر حكم القراءة بالشواذ وشروط المقرئ وأركان القراءة الصحيحة ثم بين منهجه في كتابه فقال: «رتبته على حسب السور والآيات، ولا أترك من أحكام الفرش شيئا إلا ما تكرر كثيرا، وصار من البديهيات ... وأما الأصول فالمهم وهو ما يحتاج إلى تحقيق، فلا أترك منه شيئا، وأما المتكرر المعلوم كالمدّ وميم الجمع ... فلا أطوّل به ... وأذكر حكم كل ربع بانفراده ... وأشير إلى انتهائه بذكر آخر كلمة منه مع ذكر حكم الوقف عليها، وبيان هل هي من الفواصل أم لا، والفاصلة آخر كلمة من الآية ... وإذا قلت في العدد: (مكي) أعني بذلك علماء مكة كابن كثير ومجاهد. و (مدني) علماء المدينة كيزيد ونافع وشيبة وإسماعيل، فإن وافق يزيد أصحابه فمدني أول، وإن انفردوا عنه فمدني آخر ... وإذا ذكرت ضمير المفرد الغائب بارزا كان كقوله وكلامه وهو أو مستترا كذكر وقال، فأريد به الشيخ الصالح العلامة أبا القاسم الشاطبي، وربما

أصرح به عند خوف اللبس، ... وإذا قلت: شيخنا فالمراد به العلامة المحقق .. سيدي محمد بن محمد الأقراني المغربي السوسي نزيل مصر والمتوفى بها سنة (1081 هـ)، وإذا قلت: المحقق، فأعني به الإمام ابن الجزري، وربما أعتمد في العزو إليه دون أصوله، فالدرك عليه لا عليّ وإذا قلت: اتفقت السبعة ففيه إشعار أن من فوقهم خالفهم، وإذا قلت: القراء، أو اتفقوا أو أجمعوا، فالسبعة وغيرهم ... » (¬1). ومن الكتب التي سلكت هذا السبيل أيضا: 2 - البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة: للشيخ عبد الفتاح القاضي. 3 - المهذب في القراءات العشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر: للدكتور محمد محمد محمد سالم محيسن. 4 - التذكرة في القراءات الثلاث وتوجيهها من طريق الدرة: د. محمد سالم محيسن. 5 - الإرشادات الجلية في القراءات السبع وتوجيهها من طريق الشاطبية: د. محمد سالم محيسن. ¬

_ (¬1) انظر: الصفاقسي، غيث النفع في القراءات السبع ص 37 - 48.

المبحث الثاني العلوم المتصلة بالقراءات

المبحث الثاني العلوم المتصلة بالقراءات أولا: علم التجويد: من أهم العلوم التي لها صلة وثيقة بعلم القراءات علم التجويد، وفيما يلي تعريف بعلم التجويد لغة واصطلاحا، ثم استعراض أهم الكتب المؤلفة فيه، ثم بيان أوجه الاتفاق والاختلاف بين هذين العلمين: تعريف علم التجويد لغة واصطلاحا: التجويد لغة: مصدر من جوّد تجويدا: وهو التحسين، إذا أتى بالقراءة مجوّدة الألفاظ بريئة من الجور في النطق بها، ونعني به: انتهاء الغاية في إتقانه، وبلوغ الغاية في تحسينه، ولهذا يقال: جود فلان في كذا: إذا فعل جيدا، والاسم منه: الجودة. وهو حلية التلاوة، وزينة القراءة، وهو إعطاء الحروف حقها، وترتيبها مراتبها، ورد الحرف إلى مخرجه، وأصله، وإلحاقه بنظيره، وإشباع لفظه، وتلطيف النطق به على حال صيغته، وهيئته، من غير إسراف، ولا تعسف، ولا إفراط، ولا تكلف، ولذلك قال الإمام الداني: «ليس بين التجويد، وتركه إلا رياضة لمن تدبره بفكه» (¬1). فالتجويد: «إعطاء الحروف حقها من صفاتها ذاتية كانت أم عرضية، ومستحقها مما ينشأ عن صفاتها الذاتية مع بلوغ الغاية والنهاية في إتقانها وتحسينها وخلوها من الزيادة والنقص» (¬2). ويمكن تعريف علم التجويد بأنه: «علم بقواعد وأحكام لكيفية النطق بالكلمات القرآنية على الكيفية التي أنزل بها على النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، التمهيد في علم التجويد، تحقيق الدكتور: علي حسين البواب، ص 47، والشيخ ابن يالوشة التونسي، الفوائد المفهمة في شرح المقدمة الجزرية، ص 7. (¬2) عبد الرازق موسى، الفوائد التجويدية في شرح المقدمة الجزرية، ص 51.

أهمية علم التجويد:

فمسائل علم التجويد هي قواعده التي انبنى عليها، من أحكام الاستعاذة، والبسملة، والنون الساكنة والتنوين، والمدود، وغيرها. كما أن علم التجويد، علم ينبني على الممارسة والتطبيق، والأخذ من أفواه المشايخ فإن القراءة سنة متبعة يأخذها الآخر عن الأول، ولا يتأتى هذا إلا بالتلقي، والمشافهة عن القراء. قال العلامة الضباع: «والحاصل أنه لا بد من التلقي من أفواه المشايخ الضابطين المتقنين، ولا يعتمد الأخذ من المصاحف بدون معلم أصلا، ولا قائل بذلك ... وحينئذ فأخذ القرآن من المصحف بدون موقف لا يكفي، بل لا يجوز، ولو كان المصحف مضبوطا» (¬1). أهمية علم التجويد: تظهر أهمية علم التجويد في الأمور التالية: الأمر الأول: أنه طريق لصون اللسان عن اللحن في لفظ القرآن الكريم حال الأداء. الأمر الثاني: أنه طريق لتدبر معاني كتاب الله عز وجل، والتفكر في آياته، والتبحر في مقاصده، تحقيقا لقوله تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29]. الأمر الثالث: أنه طريق لتقويم اعوجاج اللسان، وتدريبه على النطق بالعربية الفصحى، وفي هذا إحياء للغة العربية، وفيه حث على تعلمها، فكثير من مباحث علم التجويد، والقراءات هي مباحث لغوية كالبحث في همزتي الوصل والقطع، والإمالة، وغيرها، ولا يتم فهمها والعمل بها إلا بالتمرس في اللغة، نحوا وصرفا، ولله در القائل: لقد يدّعي علم القراءة معشر ... وباعهموا في النّحو أقصر من شبر فإن قيل: ما إعراب هذا ووجهه ... رأيت طويل الباع يقصر عن فتر (¬2) ¬

_ (¬1) الضباع، تذكرة الإخوان، ص 10. (¬2) إبراهيم عطوة عوض، مقدمة إبراز المعاني شرح الشاطبية، ص 13، وانظر ابن يالوشة التونسي، الفوائد المفهمة، ص 7.

المصنفات في علم التجويد

المصنفات في علم التجويد (¬1) : بدأ علم التجويد منثورا متفرقا في كتب القراءات، كما أن مباحثه وأصوله ومسائله كانت متداخلة في ثنايا كتب اختلاف القراء (¬2)، ثم أفرد هذا العلم بمصنفات خاصة به، وقد صنف في هذا الفن مصنفات كثيرة، وفيما يلي تعداد لأهم هذه المصنفات دون حصر لها، مع الاقتصار على ذكر المطبوع منها: وذلك على النحو التالي: 1 - رائية أبي مزاحم الخاقاني (ت 325 هـ)، وهو أول من صنف في علم التجويد، وهي أول ما نظم في هذا العلم، وعلى ذلك فيكون بداية النظم في هذا العلم في أواخر القرن الثالث الهجري تقريبا. وقد استقصى الدكتور عبد العزيز عبد الفتاح القارئ ما نظم في علم التجويد، فلم يعثر على أقدم من هذا النص (¬3). 2 - نونية علم الدين السخاوي، (ت 643 هـ)، والمسماة: «عمدة المفيد وعدة المجيد في معرفة التجويد» (¬4). 3 - الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة، لأبي محمد مكي بن أبي طالب القيسى القيرواني ثم القرطبي (ت 437 هـ)، وهو مطبوع (¬5). 4 - التحديد في الإتقان والتجويد لأبي عمرو الداني (ت 444 هـ) وهو مطبوع (¬6). ¬

_ (¬1) قام باستقصاء المصنفات والمؤلفات في علم التجويد الدكتور غانم قدوري الحمد في أطروحته للدكتوراه، والتي كانت بعنوان: «الدراسات الصوتية عند علماء التجويد»، وقد أوصل المصنفات القديمة إلى تسعة وأربعين مصنفا ما بين مطبوع ومخطوط، وقيد ذلك ما بين القرن الرابع، وهو بداية التأليف في هذا العلم، وأواخر القرن الثالث عشر من الهجرة النبوية الشريفة، وذكر كذلك جملة من المصنفات الحديثة ذكرا سريعا، انظر: الدكتور غانم قدوري الحمد، الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، ص 23 - 59. (¬2) من تقريظ الدكتور حازم الكرمي لكتاب: «الفوائد التجويدية في شرح المقدمة الجزرية»، حيث ذكر في عجالة نشأة علم التجويد، ومراحله وأطواره التي مر بها، انظر: الفوائد التجويدية، ص 5 - 7. (¬3) الدكتور عبد العزيز القارئ، قصيدتان في تجويد القرآن، ص 9. (¬4) الدكتور عبد العزيز القارئ، قصيدتان في تجويد القرآن، ص 36. (¬5) طبع في دار المعارف للطباعة بدمشق، 1973 م، تحقيق الدكتور أحمد حسن فرحات. (¬6) صدر عن دار عمّار للنشر والتوزيع في عمان، بتحقيق: د. غانم قدوري الحمد.

5 - الموضح في التجويد لعبد الوهاب بن محمد القرطبي (ت 461 هـ) وهو مطبوع (¬1). 6 - التمهيد في معرفة التجويد لأبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني العطار (ت 569 هـ) وهو مطبوع (¬2). 7 - التمهيد في علم التجويد، لإمام الحفاظ، وخاتمة المحققين، محمد بن محمد ابن محمد بن الجزري الشافعي (ت 833 هـ) (¬3). 8 - المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه، وتعرف بالمقدمة الجزرية، وهي نظم يتألف من (107) أبيات، ومطلعها: يقول راجي عفو ربّ سامع ... محمد بن الجزري الشافعي وبعد فإن هذه مقدمة ... فيما على قارئه أن يعلمه «وقد أرست مقدمة ابن الجزري قواعد علم التجويد، وحددت معالمه وأطره في أربع حلقات: مخارج الحروف، وصفاتها، والمسائل التجويدية، والوقف والابتداء» (¬4). هذا، وإن المقدمة الجزرية من أشهر كتب التجويد في العصور المتأخرة، وأكثرها تداولا، وقد شرحت شروحا عدة، وسأذكر أهم المطبوع منها على النحو التالي: أ- الحواشي المفهمة في شرح المقدمة: لأبي بكر أحمد بن محمد الجزري، ولد المؤلف (ت 835 هـ) (¬5). ب- الحواشي الأزهرية في حل ألفاظ المقدمة الجزرية: للشيخ خالد بن عبد الله الأزهري (ت 905 هـ) (¬6). ¬

_ (¬1) صدر عن دار عمّار للنشر والتوزيع في عمان، بتحقيق: د. غانم قدوري الحمد. (¬2) صدر عن دار عمّار للنشر والتوزيع في عمان، بتحقيق: د. غانم قدوري الحمد. (¬3) حققه الدكتور حسين البواب، طبع مكتبة المعارف الرياض، 1985 م، وطبع في مصر 1908 م، وأعاد تحقيقه الدكتور غانم قدوري كما أفاد هو في كتابه: الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، ص 35. (¬4) تقريظ الدكتور حازم الكرمي لكتاب الفوائد التجويدية، ص 7. (¬5) طبع بالمطبعة الميمنية بمصر، 1309 هـ. (¬6) طبع بمطبعة محمد علي صبيح وأولاده بمصر، مع متن الجزرية، (د. ت).

الفرق بين علمي التجويد والقراءات:

ج- الدقائق المحكمة في شرح المقدمة: للقاضي زكريا بن محمد الأنصاري (ت 926 هـ) (¬1). د- المنح الفكرية على متن الجزرية: لعلي بن سلطان محمد القاري (ت 1014 هـ) (¬2). 9 - جهد المقل: لمحمد بن أبي بكر الملقب بساجقلي زاده (ت 1150 هـ) وهو مطبوع (¬3). 10 - نهاية القول المفيد في علم التجويد: لمحمد مكي نصر، وهو مطبوع (¬4). 11 - أحكام قراءة القرآن الكريم: لمحمود خليل الحصري (ت 1401 هـ) وهو مطبوع (¬5). 12 - حق التلاوة: لحسني شيخ عثمان (¬6). 13 - هداية القارئ في تجويد كلام الباري: للشيخ السيد عجمي المرصفي (ت 1408 هـ). 14 - تنقيح الوسيط في علم التجويد: للدكتور محمد خالد منصور. والتأليف متتابع في هذا الفن ما بين مطول ومتوسط ومختصر. الفرق بين علمي التجويد والقراءات (¬7): علم التجويد كما تقدم هو: «علم بقواعد وأحكام لكيفية النطق بالكلمات القرآنية على الكيفية التي أنزل بها على النبي الكريم صلّى الله عليه وسلم». ¬

_ (¬1) طبع بمطبعة محمد علي صبيح وأولاده بمصر، مع متن الجزرية، 1956 هـ، وعليه عدة حواش، ومنها: حاشية زين العابدين بن محي الدين الأنصاري، وحاشية أبي الضياء نور الدين علي بن علي الشبراملسي القاهري، وحاشية أبي النصر عبد الرحمن النحراوي، وغيرها. (¬2) طبع بالمطبعة الميمنية بمصر، 1322 هـ. (¬3) صدر عن دار عمار للنشر والتوزيع في عمان، بتحقيق: د. سالم قدوري الحمد. (¬4) صدر عن المكتبة التوفيقية بالقاهرة. (¬5) صدر عن جماعة تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة بتحقيق: محمد طلحة بلال منيار. (¬6) طبع أكثر من عشر طبعات وفي دول متعددة منها طبعة دار المنار في الأردن. (¬7) انظر: الفرق بين علمي التجويد والقراءات: مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص 188 - 190، وغانم قدوري الحمد، الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، ص 20 - 21.

وتقدم: أن علم التجويد يعتني بتحسين وتجويد الألفاظ القرآنية، من حيث إخراج كل حرف من مخرجه، ورده إلى أصله، وترتيبه، وإعطاؤه حقه ومستحقه من الصفات، وبعض المسائل التجويدية المتعلقة بتحسين اللفظ، إضافة إلى الوقف الصحيح والابتداء الصحيح، وخلاصة القول: أنه العلم الذي يعتني بتصحيح النطق بالكلمات القرآنية بلا تعسف ولا إفراط ولا تكلف. والتجويد وإن كان صناعة علمية لها قواعدها التي تعتمد على إخراج الحروف من مخارجها مع مراعاة صلة كل حرف بما قبله وما بعده في كيفية الأداء؛ فإنه لا يكتسب بالدراسة بقدر ما يكتسب بالممارسة والمران ومحاكاة من يجيد القراءة (¬1). أما علم القراءات فهو «العلم الذي يعني بكيفية أداء كلمات القرآن، واختلافها معزوا إلى ناقله»، وهو العلم الذي يعنى بنقل الروايات القرآنية المروية عن النبي صلّى الله عليه وسلم. وهذا لا يعني أن علم القراءات منفصل عن علم التجويد، بل إن علماء القراءات ينقلون هذه الروايات ويعلمونها طلابهم على وفق الكيفية المجودة المروية عن صلّى الله عليه وسلم، ولكن جل اهتمامهم هو الاعتناء بهذه الروايات ونقلها، وضبطها؛ وإن كانت تروى مجودة. مما سبق يمكن القول بأن علمي التجويد والقراءات يشتركان فيما يلي: 1 - أن كليهما يرتبط بألفاظ القرآن من جهة يختلف فيها عن الآخر. 2 - أن القراءات القرآنية المعزوة إلى ناقليها لا يمكن قراءتها منفكة عن الكيفية المجودة التي أنزل القرآن بها، بمعنى أن الأوجه المنقولة نقلت مجودة. 3 - أن علم التجويد يعدّ جزءا من علم القراءات على اعتبار أن علم القراءات على ما تقدم ينقسم إلى قسمين: الأصول والفرش، وأن علم التجويد في كثير من مباحثه يعتبر من الأصول التي بحثها القراء. ويتضح أيضا أن علمي القراءات والتجويد يختلفان في أمرين (¬2): ¬

_ (¬1) مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص 188. (¬2) غانم قدوري الحمد، الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، ص 20 - 21.

الأمر الأول: من حيث الموضوع: فإن علم التجويد لا يعنى باختلاف الرواة، وعزو الروايات لناقليها، بقدر عنايته بتحقيق الألفاظ وتجويدها وتحسينها، وهو مما لا خلاف في أكثره بين القراء؛ فإن القراء عموما متفقون على موضوعات مخارج الحروف والصفات، والقضايا الكلية للمد والقصر، وأحكام النون الساكنة والتنوين، والميم الساكنة، وغيرها. الأمر الثاني: من حيث المنهج: فإن منهج كتب القراءات هو المنهج النقلي؛ فإن كتب القراءات كتب رواية، بخلاف كتب التجويد فلا تعتني بالرواية، ولكنها كتب دراية، تعتمد على درجة مقدرة القارئ في ملاحظة أصوات اللغة، وتحليلها، ووصفها حال إفرادها أو تركيبها. وقد استفيد الفرق بين علمي التجويد والقراءات من نصوص وردت في كتاب: «الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة»، لمكي بن أبي طالب (ت 437 هـ). ومنها قوله في مقدمة الكتاب: «وإني لما رأيت هذه الحكمة البديعة والقدرة العظيمة في هذه الحروف التي نظمت ألفاظ كتاب الله- جل ذكره- ووقفت على تصرفها في مخارجها وترتيبها عند خروج الصوت بها، واختلاف صفاتها، وكثرة ألقابها ... قويت نيتي في تأليف هذا الكتاب وجمعه في تفسير الحروف ومخارجها، وصفاتها وألقابها، وبيان قويها وضعيفها، واتصال بعضها ببعض، ومناسبة بعضها لبعض، ومباينة بعضها لبعض، ليكون الوقوف على معرفة ذلك عبرة في لطف قدرة الله الكريم؛ وعونا لأهل تلاوة القرآن على تجويد ألفاظه وإحكام النطق به ... ولست أذكر في هذا الكتاب إلا ما لا اختلاف فيه بين أكثر القراء، فيجب على كل من قرأ بأي حرف كان من السبعة أن يأخذ نفسه بتحقيق اللفظ وتجويده، وإعطائه حقه على ما نذكره مع كل حرف من هذا الكتاب» (¬1). ومنها قوله حين تحدث عن أحكام تجويد الهمزة: «وقد تقدم ذكر أصول القراء واختلافهم في الهمز وتليينه وحذفه وبدله وتحقيقه وغير ذلك من أحكامه في غير هذا الكتاب فلا حاجة بنا إلى ذكر ذلك، وكذلك ما شابهه، فليس هذا كتاب اختلاف، ¬

_ (¬1) مكي بن أبي طالب، الرعاية لتجويد القراءة، ص 51 - 52.

ثانيا: علم الرسم وعلم الضبط:

وإنما هو كتاب تجويد ألفاظ ووقوف على حقائق الكلام وإعطاء اللفظ حقه ومعرفة أحكام الحروف التي ينشأ الكلام منها، مما لا اختلاف في أكثره» (¬1). وقد بين محمد المرعشي الملقب ساج قلي زاده (ت 1150) الفرق بين علمي التجويد والقراءات بقوله: «إن قلت: ما الفرق بين علمي التجويد والقراءات؟ قلت: علم القراءات علم يعرف فيه اختلاف أئمة الأمصار في نظم القرآن في نفس حروفه أو في صفاتها، فإذا ذكر فيه شيء من ماهية صفات الحروف، فهو تتميم، إذ لا يتعلق الغرض به. وأما علم التجويد فالغرض منه معرفة ماهيات صفات الحروف، فإذا ذكر فيه شيء من اختلاف الأئمة، فهو تتميم؛ كذا حقق في الرعاية» (¬2). وقال المرعشي أيضا: «اعلم أن علم القراءة يخالف علم التجويد؛ لأن المقصود من الثاني معرفة حقائق صفات الحروف مع قطع النظر عن الخلاف فيها. مثلا يعرف في علم التجويد أن حقيقة التفخيم كذا، وحقيقة الترقيق كذا، وفي القراءة- أي علم القراءات- يعرف فخمها فلان، ورققها فلان، وبهذا يندفع ما عسى أن يقال: علم القراءة يتضمن مباحث صفات الحروف، كالإدغام والإظهار والمد والقصر والتفخيم والترقيق، وهي مباحث علم التجويد» (¬3). ثانيا: علم الرسم وعلم الضبط: علم الرسم: هو العلم الذي يبحث في معرفة خط المصاحف العثمانية وطريقة كتابتها والقواعد المتبعة فيها خلافا للرسم القياسي الإملائي، وقد اتفق أئمة الإقراء على لزوم مرسوم المصاحف فيما تدعو الحاجة إليه اختيارا واضطرارا، فيوقف على الكلمة الموقوف عليها على وفق رسمها في الهجاء وذلك باعتبار الأواخر (¬4). ¬

_ (¬1) مكي بن أبي طالب، الرعاية لتجويد القراءة، ص 128. (¬2) ساج قلي زاده، جهد المقل، ص 110. (¬3) ترتيب العلوم، ص 64 - 65، نقلا عن الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، ص 21 - 22. (¬4) ابن الجزري، النشر (2: 128).

وعرفه الضباع بقوله: «علم تعرف به مخالفة المصاحف العثمانية لأصول الرسم القياسي، وموضوعه: حروف المصاحف العثمانية من حيث يبحث فيه عن عوارضها من الحذف والزيادة والبدل والفصل والوصل ونحو ذلك» (¬1). أما علم الضبط: فهو العلم الذي يبحث في طريقة نقط الكلمات والحروف القرآنية، نقط إعراب ونقط إعجام، وما يتعلق بذلك من رموز وحركات. وقال الضباع: «علم يعرف به ما يدل على عوارض الحروف التي هي الفتح والضم والكسر والسكون والشد والمد ونحو ذلك ... وموضوعه: العلامات الدالة على تلك العوارض من حيث وضعها وتركها وكيفيتها ومحلها ولونها وغير ذلك» (¬2). وقد ألف في هذا العلم كتب كثيرة على امتداد العصور، ومن أهم هذه الكتب: 1 - المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار: ألفه أبو عمرو الداني ت 444 هـ، وقد اشتهر هذا الكتاب شهرة فائقة، وزاد في شهرته وتداوله أن الإمام أبا القاسم الشاطبي (ت 590 هـ) نظمه في قصيدته الرائية المشهورة باسم «عقيلة أتراب القصائد». وقد تتبع الداني مسائل الرسم ومباحثه وجعلها في أبواب وفصول تجمع المسائل المتشابهة في موضع واحد، وبيّن منهجه في ذلك بقوله: «هذا كتاب أذكر فيه إن شاء الله ما سمعته من مشيختي ورويته عن أئمتي من مرسوم خطوط مصاحف أهل الأمصار: المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام وسائر العراق المصطلح عليه قديما مختلفا فيه ومتفقا عليه، وما انتهى إليّ من ذلك وصح لديّ منه عن الإمام مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه وعن سائر النسخ التي انتسخت منه الموجه بها إلى الكوفة والبصرة والشام، وأجعل جميع ذلك أبوابا وأصنفه فصولا، وأخليه من بسط العلل وشرح المعاني لكي يقرب حفظه ويخفّ متناوله على من التمس معرفته من طالبي القراءة وكاتبي المصاحف وغيرهم ... » (¬3). ¬

_ (¬1) الضباع، سمير الطالبين، ص 30. (¬2) الضباع، سمير الطالبين، ص 119. (¬3) أبو عمرو الداني، المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ص 2 - 3.

2 - التبيين لهجاء التنزيل: ألفه أبو داود سليمان بن نجاح الأندلسي (ت 496 هـ) وهو تلميذ أبي عمرو الداني وقد لازمه كثيرا وأخذ عنه القراءات (¬1)، وجعل هذا الكتاب في ستة مجلدات، ثم جرّد منه كتابا مختصرا سماه: التنزيل في هجاء المصاحف. 3 - المنصف: منظومة لأبي الحسن علي بن محمد البلنسي (ت 564 هـ) (¬2). 4 - عقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد: منظومة نظمها أبو القاسم الشاطبي (ت 590 هـ)، ضمّنها مسائل المقنع لأبي عمرو الداني، وزاد عليه أحرفا يسيرة جملتها ست كلمات (¬3). وهذه المنظومة عدد أبياتها مائتان وثمان وتسعون بيتا تبدأ بقول الشاطبي: الحمد لله موصولا كما أمرا ... مباركا طيبا يستنزل الدّررا وآخرها قوله: تمت عقيلة أتراب القصائد في ... أسنى المقاصد للرسم الذي بهرا تسعون مع مائتين مع ثمانية ... أبياتها ينتظمن الدّرّ والدّررا (¬4) وقد لقيت العقيلة اهتماما كبيرا من الشراح والدارسين، وكان أول من شرحها علم الدين السخاوي (ت 643 هـ) تلميذ الإمام الشاطبي (¬5)، وسمى شرحه: الوسيلة إلى شرح العقيلة (¬6). 5 - مورد الظمآن في رسم أحرف القرآن: منظومة ألفها الخراز محمد بن محمد بن إبراهيم الأموي الشريشي، وكان الخراز قد نظم قصيدة سماها (عمدة البيان)، وذيّلها بالضبط المتصل بمورد الظمآن اليوم، لكنه أعاد نظم القسم الخاص بالرسم ¬

_ (¬1) انظر: ابن الجزري، غاية النهاية (1: 316 - 317)، ود. غانم قدوري الحمد، رسم المصحف، دراسة لغوية تاريخية، ص 176. (¬2) المارغني، دليل الحيران شرح مورد الظمآن، ص 31، ود. غانم قدوري، رسم المصحف، ص 176. (¬3) المارغني، دليل الحيران، ص 25. (¬4) د. غانم قدوري، رسم المصحف، ص 178. (¬5) د. غانم قدوري، رسم المصحف، ص 178. (¬6) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 570).

وسماه (مورد الظمآن) وهو الذي نتحدث عنه هنا، وأبقى ما يتعلق بالضبط الذي كان في آخر عمدة البيان، متصلا بالنظم الجديد، وعدة أبيات مورد الظمآن أربعمائة وأربعة وخمسون بيتا، وعدة أبيات الضبط مائة وأربعة وخمسون بيتا، فيكون المجموع ستمائة وثمانية أبيات. وقد اشتهر القسم الخاص بالرسم من هذا النظم باسم (مورد الظمآن) بينما اشتهر الذيل الخاص بالضبط باسم (ضبط الخراز)، وقد جعل الخراز الرسم وفقا لقراءة نافع فيما يخص علاقة القراءة بالرسم من حذف وغيره واختلاف في رسم بعض الحروف (¬1). وقد لقيت هذه المنظومة عناية فائقة من الشراح فشرحها عدد كبير من العلماء، أولهم عبد الله بن عمر الصنهاجي تلميذ المؤلف. وشرحها الشيخ حسين بن علي الرجراجي وفرغ من شرحها سنة (842 هـ) وسماه تنبيه العطشان (¬2). وأشهر شروحها شرح ابن عاشر الأنصاري (ت 1040 هـ بفاس) واسمه فتح المنان المروي بمورد الظمآن، ولما كانت قصيدة مورد الظمآن لا تشمل ما تثيره القراءات الأخرى غير قراءة نافع من وجوه الخلاف فقد حاول ابن عاشر تكميل هذا النقص بنظم ذيّل به شرحه لمورد الظمآن حيث يقول: «وهذا تذييل سميته الإعلان بتكميل مورد الظمآن، ضمنته بقايا خلافيات المصاحف في الحذف وغيره مما يحتاج إليها من تخطّى قراءة نافع إلى غيرها من قراءات السبعة» (¬3). وقام الشيخ إبراهيم بن أحمد المارغني التونسي (ت 1349 هـ) في العصر الحديث بشرح المورد والضبط والإعلان فرغ منه سنة (1325 هـ)، وما أضافه في الإعلان، وسماه دليل الحيران شرح مورد الظمآن في رسم وضبط القرآن، وجعل شرح الذيل الذي كمل به ابن عاشر منظومة الخراز في آخر الكتاب، وسماه: «تنبيه الخلاف إلى شرح الإعلان بتكميل مورد الظمآن» (¬4). ¬

_ (¬1) المارغني، دليل الحيران، ص 28، ود. غانم قدوري، رسم المصحف، ص 180. (¬2) د. غانم قدوري، رسم المصحف، ص 181. (¬3) المرجع السابق ص 182. (¬4) المرجع السابق ص 182.

ثالثا: علم التحريرات:

ومن الشروح الحديثة على مورد الظمآن: «لطائف البيان في رسم القرآن شرح مورد الظمآن» للشيخ أحمد محمد أبو زيتحار، من علماء الأزهر، وهو شرح مدرسي يناسب طلبة معاهد القراءات (¬1). 6 - جامع البيان في معرفة رسم القرآن: لعلي إسماعيل هنداوي. ثالثا: علم التحريرات: المقصود بالتحرير: العناية بتنقيح القراءة من أي خطأ أو خلل كالتركيب أي خلط وجه بوجه، وهو ما يسمى بالتلفيق (¬2)، وقد نص كثير من العلماء على أن التلفيق حرام، وقال آخرون: إنه خطأ، وفرّق ابن الجزري بين ما يجوز لغة وما لا يجوز مبينا أن ما يجوز لغة إذا حصل فيه تلفيق بين بعض الوجوه فهو جائز ولكنه معيب لا يحسن من القراء. وقال الشيخ مصطفى الإزميري: التركيب حرام في القرآن على سبيل الرواية ومكروه كراهة تحريم على ما حققه أهل الدراية (¬3)، وعلى هذا يكون المقصود من التحرير: التدقيق في القراءات وتقويمها والعمل على تمييز كل رواية على حدة من طرقها الصحيحة وعدم خلطها برواية أخرى. وقد كانت عادة السلف إفراد كل قارئ أو راو بختمة كاملة للقرآن الكريم، فكان الطالب لا ينهى أخذ القراءات السبع أو العشر إلا بسبع أو عشر ختمات أو أكثر، وهذا يستلزم وقتا طويلا وجهدا كبيرا، فنشأ ما يسمّى بجمع القراءات، ووضعت له الشروط التي تضمن سلامة القراءة وعدم تركيب الوجوه، وقد نص ابن الجزري على ذلك بقوله (¬4): وقد جرى من عادة الأئمة ... إفراد كل قارئ بختمة حتى يؤهلوا لجمع الجمع ... بالعشر أو أكثر أو بالسبع ¬

_ (¬1) د. غانم قدوري، رسم المصحف هامش رقم 109 ص 182 - 183. (¬2) عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى، تأملات حول تحريرات العلماء للقراءات المتواترة، ص 9، ود. عبد الغفور محمود مصطفى جعفر، القرآن والقراءات والأحرف السبعة، ص 104 - 125. (¬3) المرجع السابق ص 9. (¬4) ابن الجزري، طيبة النشر، ص 61.

قال ابن الجزري: وتلقى الناس الجمع بالقبول، وقرأ به العلماء وغيرهم، لا نعلم أحدا كرهه (¬1). وبعد أن استقر العمل بجمع القراءات في ختمة واحدة في حال التلقي، تشعبت الطرق وكثرت الأوجه، فاحتاج الأمر إلى تنظيم هذه القراءات والتنبيه على عدم التركيب فيها، لأن من شروط الجمع عدم التركيب في القراءة الواحدة، وتمييز بعضها عن بعض، وإلا وقع فيما لا يجوز وقراءة ما لم ينزل (¬2)، وهذه هي مهمة المحررين الذين قاموا بحصر الآيات التي تحتاج إلى تحرير وبينوا ما فيها من الأوجه الجائزة والممنوعة (¬3). ومن أبرز العلماء الذين عنوا بعلم التحريرات: الشيخ مصطفى الإزميري، وعلي المنصوري، والسيد هاشم والشيخ المتولي وغيرهم. وكان عمل هؤلاء يقوم على مراعاة كتاب النشر وأصوله، ورد كل خلاف بين القراء إلى أصله، لأن كتاب النشر أول كتاب استوعب خلاصة ما في كتب القراءات السابقة بأسانيدها ومتونها حيث جمع نحو ألف طريق، وصفها ابن الجزري بقوله: هي أصح ما وجد في الدنيا وأعلاه، ولم نذكر فيها إلا ما ثبت عندنا أو عند من تقدمنا من أئمتنا عدالته، وتحقق لقيه لمن أخذ عنه، وصحت معاصرته، وهذا التزام لم يقع لغيرنا ممن ألف في هذا العلم (¬4). ثم قال: وفائدة ما عيّناه وفصلناه من الطرق وذكرنا من الكتب هو عدم التركيب- يعني التلفيق- فإنها إذا ميزت وبينت ارتفع ذلك (¬5). من فوائد علم التحريرات العمل على منع التركيب والتلفيق في قراءات القرآن، ومن فوائده أيضا بالنسبة لمتن الشاطبية والدرة وطيبة النشر، أنه مفصل لمجمل هذه المتون، وموضح لألفاظها ومقيد لمطلقها، وموفّ لشروطها ومنبه على ضعيفها (¬6). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، منجد المقرئين، ص 12. (¬2) الصفاقسي، غيث النفع، ص 67 وتأملات ص 11. (¬3) عبد الرازق بن علي، تأملات، ص 12. (¬4) ابن الجزري، النشر (1: 193). (¬5) المرجع السابق (1: 193). (¬6) سلمان الجمزوري، الفتح الرحماني، ص 19، مقدمة التحقيق بقلم الشيخ عبد الرازق علي موسى.

وعلم التحريرات يحتاج إلى اطلاع واسع وذهن ثاقب وانتباه لدقائق المسائل، ومع هذا فقد ألّف فيه جملة من العلماء، واعتنوا به أتمّ عناية حتى ميّزوا ما يجوز القراءة به مما لا يجوز، وبينوا كل ما يحتاج إليه القراء. ومن هذه الكتب: 1 - منظومة كنز المعاني بتحرير حرز الأماني: للشيخ سليمان الجمزوري (كان حيا سنة 1209 هـ) وفي مطلعها يقول: إلهي لك الحمد الجميل على الولا ... وصل على المختار والآل والولا وبعد فهذا النظم فيه ذكرت ما ... تعقبه في النشر للحرز فاعقلا فما صح خلف الحرز فيه تركته ... وأذكر خلفا لم يصحّ معلّلا وقيدت بعض المطلقات بقيده ... وزدت شروطا ثم فصلت مجملا ورتبته كالحرز مع ذكر لفظ ما ... تيسر لي لفظا وإلا فأبدلا وسميته كنز المعاني محرّرا ... لحرز الأماني يا إلهي تقبلا (¬1) وقام الشيخ الجمزوري نفسه بشرح هذا النظم في كتاب سماه «الفتح الرحماني شرح كنز المعاني بتحرير حرز الأماني»، وقد حققه أستاذنا الشيخ عبد الرازق علي موسى وطبعته مؤسسة بيت الحكمة بالقاهرة سنة 1414 هـ- 1994 م. 2 - فتح القدير شرح تنقيح التحرير: ألفه الشيخ عامر السيد عثمان شرح فيه تنقيح التحرير للشيخ المتولي، وقد طبع الكتاب في شركة الشمرلي بالقاهرة، وبيّن مؤلفه أنه ألفه استجابة للحاجة الشديدة عند طلبة تخصص القراءات بكلية الدراسات العربية بالجامعة الأزهرية (¬2). 3 - فتح الكريم في تحرير أوجه القرآن الكريم وشرحه الفوز العظيم، ورسائل متعددة في تحرير مسائل متنوعة، جميعها للعلامة محمد المتولي (ت 1313 هـ)، الذي يعدّ من أوائل العلماء المحررين المدققين، وعمدة المصنفين المتأخرين في القراءات. 4 - قواعد التحرير لطيبة النشر: لمحمد بن محمد جابر المصري. ¬

_ (¬1) الجمزوري، الفتح الرحماني، ص 233. (¬2) عامر السيد عثمان، فتح القدير، ص 2.

رابعا: الوقف والابتداء:

5 - حل المشكلات وتوضيح التحريرات في القراءات: لمحمد عبد الرحمن الخليجي. 6 - شرح تنقيح فتح الكريم في تحرير أوجه القرآن العظيم: لأحمد عبد العزيز الزيات. 7 - تحرير الطرق والروايات من طريق طيبة النشر: لعلي المنصوري، (ت 1134 هـ). 8 - تحرير النشر من طريق العشر: لمصطفى الإزميري (ت 1155 هـ). 9 - مختصر بلوغ الأمنية على نظم تحرير مسائل الشاطبية: للضباع. رابعا: الوقف والابتداء: هو العلم الذي يبحث في معرفة ما يوقف عليه وما يبتدأ به من الكلام، ويلحق به أيضا ما يتعلق بكيفيات الوقف على الكلمة وكيفية الابتداء بها، وأهمية هذا العلم كبيرة إذ به يعرف تفسير القرآن وفهم كثير من معانيه، ولذلك روي عن كثير من السلف ما يؤكد أهمية معرفته والعناية به، قال علي رضي الله عنه: «الترتيل معرفة الوقوف وتجويد الحروف» (¬1)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على النبي صلّى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يوقف عنده منها» (¬2). وقال الهذلي: «هو حلية التلاوة وتحلية الدراية وزينة القارئ وبلاغة التالي وفهم المستمع وفخر العالم ... يعلم به الفرق بين المعنيين المختلفين ... والحكمين المتقاربين» (¬3). ولأهمية العلم بمواضع الوقوف وكيفياته اشترط عدد من الأئمة على المجيز أن لا يجيز أحدا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء (¬4). ومما يدل على الصلة بين الوقف والمعنى، الحادثة المشهورة أن رجلا وقف أمام النبي صلّى الله عليه وسلم خطيبا فقال: «من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما»، ووقف، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: «بئس خطيب القوم أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله فقد ¬

_ (¬1) ابن الجزري، النشر (1: 225). (¬2) رواه الحاكم في المستدرك في كتاب الإيمان، باب كيف يتعلم القرآن (1: 35) ورواه البيهقي في السنن الكبرى، كتاب الصلاة، باب بيان أنه قيل يؤمهم أقرؤهم (3: 171). (¬3) الهذلي، الكامل في القراءات الخمسين، ورقة 33/ ب. (¬4) ابن الجزري، النشر (1: 225).

غوى» (¬1)، فعدم مراعاة هذا الخطيب لموضع الوقف أدى إلى تغيير المعنى، وكان عليه أن يقف على: فقد رشد، ثم يبدأ الجملة التالية. وقد اعتنى علماؤنا بهذا العلم، وأولوه رعايتهم واهتمامهم وحرصوا على تبيين مواضع الوقف في القرآن الكريم، لإعانة القارئ على اختيار أماكن الوقف، واصطلحوا على تقسيم الوقف الاختياري إلى أنواع، وعلى إعطاء كل نوع منها رمزا يدل عليه للاختصار والتخفيف على القارئين، وإن اختلفوا في تحديد أنواع الوقف الاختياري، رغبة من بعضهم في زيادة التفريع والتنويع فجعلوها أنواعا كثيرة، ورغب آخرون في تقليل هذه الأنواع واختصارها. فمنهم من جعل مراتب الاختياري ثمانية هي: التام فالحسن فالكافي فالصالح فالمفهوم فالجائز فالبيان فالقبيح، ومنهم من جعلها ثلاثة: تام مختار، وكاف جائز، وقبيح متروك (¬2). وعلى القارئ التمكن من معرفة كيفية الوقف على الألفاظ التي فيها أكثر من وجه أو التي وقع بين القراء خلاف فيها، أو التي يوقف عليها بموافقة الرسم تقديرا أو تحقيقا، بإثبات حروف أو حذفها، وهذا باب واسع دقيق، ومنه مثلا: - الألفاظ المرسومة بالتاء المفتوحة وتقرأ بالإفراد نحو: أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ [البقرة: 218]، وَجَنَّةُ نَعِيمٍ [الواقعة: 89] يقف عليها بالهاء ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب، ويقف عليها الباقون بالتاء. - الوقف بإضافة هاء الوقف في ألفاظ مثل: فِيمَ [النساء: 97] وعَمَّ [النبأ: 1] وهُوَ وهِيَ وعَلَيْهِنَّ [النور: 60]، وإِلَيَّ [الدخان: 18] ليعقوب، وافقه البزي في أحد الوجهين عنه في المثالين الأولين. - الوقف بإثبات بعض الحروف المحذوفة رسما، كإثبات ألف أَيُّهَ المرسوم بحذفها في [النور: 31، والزخرف: 49، والرحمن: 31] لأبي عمرو والكسائي ويعقوب، ويقف الباقون بحذفها. ¬

_ (¬1) الأشموني، منار الهدى، ص 6. (¬2) زكريا الأنصاري، المقصد، ص 6.

ومنه الوقف بإثبات الياء في نحو: وَاخْشَوْنِ [المائدة: 3] وصالِ الْجَحِيمِ [الصافات: 163] ليعقوب، وفي نحو: هادٍ [غافر: 33] وباقٍ [النحل: 96] لابن كثير. - الوقف بقطع الموصول في ألفاظ مثل: وَيْكَأَنَّ وَيْكَأَنَّهُ [القصص: 82] ورد عن الكسائي الوقف على (وي) وعن أبي عمرو: (ويك)، وورد عن الكسائي في أَلَّا يَسْجُدُوا [النمل: 25]، وقراءته فيها بتخفيف اللام، جواز الوقف اضطرارا أو اختبارا على (ألا) و (يا) ويبدأ ب (اسجدوا) بهمزة مضمومة. - الوقف بحذف الهمزة أو إبدالها أو تسهيلها في ألفاظ لحمزة ولهشام، بما يوافقه الرسم تقديرا كالوقف لحمزة على كُفُواً [الإخلاص: 4] بالنقل أي بفتح الفاء وألف بعدها، (كفا)، والوقف له بالنقل أو بالإدغام في مَوْئِلًا [الكهف: 58] فيكون النطق بواو مكسورة بعدها لام وألف على وجه النقل، وبواو مشددة مكسورة بعدها لام وألف على وجه الإدغام (¬1). - الوقف بالروم وبالإشمام أو بدونهما في هاء الكناية وما يتفرع عن ذلك من أوجه متعددة إن كان في اللفظ مد عارض للسكون، أو اختلف القراء في حركة الهاء، فمثلا في لفظ أَرْجِهْ [الأعراف: 111 والشعراء: 36] يجوز لمن قرأه بالهمز الوقف بالروم وبالإشمام لمن ضم الهاء، وبالروم لمن كسرها، ويمتنعان لمن قرأه بلا همز، ولمن قرأه بسكون الهاء، وفي هاء أَنْسانِيهُ [الكهف: 63] يجوز الروم والإشمام لمن قرأ بضم الهاء- وهو حفص وحده- ويمتنعان لمن كسرها، وهذا التفصيل في المثالين مبني على المذهب الراجح في هاء الكناية في جواز دخول الروم والإشمام فيها بشروط (¬2). من المؤلفات في الوقف والابتداء: 1 - إيضاح الوقف والابتداء في كتاب الله عز وجل: لأبي بكر بن القاسم الأنباري (ت 328 هـ) وهو مطبوع. ¬

_ (¬1) د. أحمد خالد شكري، الوقف بما يوافق رسم المصحف تقديرا، بحث مقبول للنشر في مجلة المنارة، جامعة آل البيت، ص 12 - 28. (¬2) ابن الجزري، النشر (2: 124)، والحصري، أحكام قراءة القرآن الكريم، ص 241 - 243.

خامسا: علم توجيه القراءات:

2 - القطع والائتناف: لأبي جعفر النحاس (ت 338 هـ) وهو مطبوع. 3 - المكتفى في الوقف والابتداء: لأبي عمرو الداني (ت 444 هـ) وقد طبع عدّة مرات. 4 - المرشد في معنى الوقف التام والحسن والكافي والصالح والجائز والمفهوم والبيان في تهذيب القراءات وتحقيقها وعللها: للحسن بن علي بن سعيد العماني (ت بعد 500 هـ) وقد اختصره شيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ت 926 هـ) بكتاب أسماه: المقصد بتلخيص ما في المرشد. 5 - الوقف والابتداء: لأبي الحسن علي بن أحمد الغزّال (ت 516 هـ). 6 - الوقف والابتداء: واشتهر باسم: وقوف القرآن، أو: علل الوقوف (¬1) لمحمد بن طيفور السجاوندي (ت 560). 7 - الاقتداء في معرفة الوقف والابتداء: لعبد الله بن محمد النكزاوي (ت 683 هـ). 8 - الاهتداء إلى معرفة الوقف والابتداء: لابن الجزري (ت 833 هـ). 9 - منار الهدى في بيان الوقف والابتداء: لأحمد بن عبد الكريم بن محمد الأشموني (من علماء القرن الحادي عشر). بالإضافة إلى بحث هذا العلم في كتب علوم القرآن والقراءات ومن العلماء من أفرد إحدى قضايا أو مسائل الوقف بتصنيف، مثل كتاب: شرح كلا وبلى ونعم والوقف على كل واحدة منهن في كتاب الله عز وجل لمكي بن أبي طالب القيسي (ت 437 هـ)، ووقوف النبي صلّى الله عليه وسلم في القرآن لمحمد بن عيسى المغربي (¬2). خامسا: علم توجيه القراءات: هو علم غايته بيان وجوه القراءات القرآنية، واتفاقها مع قواعد النحو واللغة، ومعرفة مستندها اللغوي تحقيقا للشرط المعروف (موافقة اللغة العربية ولو بوجه)، كما يهدف علم التوجيه إلى ردّ الاعتراضات والانتقادات التي يوردها بعض النحاة واللغويين والمفسرين على بعض وجوه القراءات. ¬

_ (¬1) د. حازم سعيد حيدر، علوم القرآن بين البرهان والإتقان، ص 230. (¬2) حاجي خليفة، كشف الظنون، ص 2025.

بدأ هذا العلم منذ وقت مبكر حيث كانت مسائله تبحث على شكل جزئيات متناثرة في كتب اللغة والتفسير وكتب معاني القرآن، ثم كان ابن جرير الطبري المفسر (ت 310 هـ) من أوائل من تتبعوا القراءات القرآنية توجيها وبيانا من خلال تفسيره «جامع البيان عن تأويل آي القرآن» حيث اعتنى رحمه الله بذكر وجوه القراءات المختلفة وبيان وجه كل منها من حيث اللغة والاستشهاد لها بما يحضره من شواهد الشعر والنثر، ولكنه في أثناء ذلك تعرض بالانتقاد والردّ لبعض وجوه القراءات الصحيحة زاعما أنها خالفت مقاييس اللغة وقواعد النحو، وجاعلا ما قرره النحاة واللغويون هو الأصل الذي تحاكم إليه القراءات. ولا ريب أن هذا خطأ منهجي، لأن القراءات التي تواتر نقلها وقطع بصحتها لا يجوز ردّها بحال، مع أن الدراسة المستفيضة أثبتت أن ما قرره النحاة من قواعد قاصر عن استيعاب جميع ما جاء في لغة العرب. ولابن جرير رحمه الله هنة أخرى في موضوع التوجيه وهي أن كان يوجه القراءتين أحيانا ويختار إحداهما على الأخرى، والحق أن القراءة ما دامت ثابتة في النقل مقطوعا بصحتها فهي معتمدة لا يفضل غيرها عليها، ويبدو أن مسألة التفضيل هذه أيضا نابعة من مقياس الأفشى في اللغة والأقيس في العربية. وبعد الطبري جاء كثير من العلماء الذين اعتنوا بهذا الجانب عناية فائقة وأفردوا له كتبا مستقلة ومن هؤلاء: 1 - أبو علي الفارسي (الحسن بن عبد الغفار ت 377 هـ)، له كتاب بعنوان: الحجة للقراء السبعة أئمة الأمصار بالحجاز والعراق والشام الذين ذكرهم ابن مجاهد. الكتاب اهتم بتوجيه فرش الحروف، فأبان عن علل القراءات ووجوه اختلافها، يمتاز أسلوبه بالاستطراد الكثير، فهو ينتقل بالقارئ من الكلام على الحرف والخلاف فيه والاحتجاج له إلى تفسير الآية فيغوص في الأعماق مستخرجا من كنوز المعاني ودرر الحقائق ما ينتزع إعجاب القارئ بسعة علمه ونفاذ فكره، ويتناول الكلمة وما يتفرع عنها من معان ودلالات، مبينا هذه المعاني وشواهدها من اللغة، ثم الوجوه الإعرابية أو العلل الصرفية، ويناقش جميع ذلك ويحشد له الشواهد والأدلة فيشبعه ولا يترك بعده زيادة لمستزيد.

2 - مكي بن أبي طالب القيسي (ت 437 هـ) له كتاب: الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها. موضوع الكتاب: الكشف عن وجوه القراءات مع نسبة كل قراءة إلى من قرأ بها من السبعة وبيان الوجه اللغوي أو العلة النحوية التي تتجه عليها كل قراءة. والكتاب جعله المؤلف شرحا لكتابه التبصرة الذي اكتفى فيه بذكر القراءة ومن قرأ بها، فهو يتتبع في الكشف كتاب التبصرة فيشرحه، وفي هذا يقول: «وها أنا ذا حين أبدأ بذلك أذكر علل ما في أبواب الأصول دون أن أعيد ذكر ما في كل باب من الاختلاف إذ ذاك منصوص في الكتاب الذي هذا شرحه، وأرتب الكلام في علل الأصول على السؤال والجواب، ثم إذا صرنا إلى فرش الحروف ذكرنا كل حرف ومن قرأ به، وعلته وحجة كل فريق ثم أذكر اختياري في كل حرف، وأنبه على علة اختياري لذلك كما فعل من تقدّمنا من أئمة المقرئين، فهذا الكتاب كتاب فهم وعلم ودراية، والكتاب الأول كتاب نقل ورواية ... » (¬1). 3 - الحجة للقراءات السبع: لابن خالويه (ت 370 هـ) وهو كتاب مختصر يورد كل قراءة ويوجهها بإيجاز. 4 - حجة القراءات: لأبي زرعة ابن زنجلة (ت نحو 410 هـ) وهو في مجلد كبير، ومؤلفه يوجه قراءات السبعة وينتصر لها، ويستشهد بالشواهد الشعرية وأقوال العرب وقواعد اللغة. 5 - الموضح في القراءات الثمان وعللها: لابن أبي مريم الشيرازي (ت بعد 565 هـ). - ومن مصادر التوجيه والاحتجاج كثير من كتب التفسير وخصوصا: الكشاف عن وجوه التأويل وعيون الأقاويل: للزمخشري (ت 538 هـ). الجامع لأحكام القرآن: للقرطبي (ت 676 هـ). البحر المحيط: لأبي حيان الأندلسي (ت 745 هـ). الدر المصون: للسمين الحلبي (ت 756 هـ). ¬

_ (¬1) مكي بن أبي طالب، الكشف عن وجوه القراءات السبع (1: 4 - 6).

سادسا: علم تراجم القراء (طبقات القراء):

وهذه الكتب توجّه القراءات القرآنية في ثنايا التفسير، عند التعرض للكلمة التي فيها أكثر من قراءة على نحو ما فعل الطبري، ولكن مع اختلافات في المنهج وطريقة العرض. ومن كتب التوجيه كتب اعتنت بالقراءات الشواذّ، واهتمت ببيان إعرابها ووجهها في اللغة، وانسجامها مع الفصيح من كلام العرب، ومن هذه الكتب: - المحتسب في تبيين شواذ القراءات والإيضاح عنها: لأبي الفتح بن جني (ت 392 هـ) وهو في توجيه القراءات الشاذة ونسبتها، وتخريجها والتماس عللها وحججها. - إعراب القراءات الشواذّ: لأبي البقاء العكبري (ت 616 هـ)، وهو يتناول إعراب القراءات الشاذة في القرآن كله من أول الفاتحة إلى آخر سورة الناس، آية آية وسورة سورة، وهو لا يقتصر على إعراب القراءات الشاذة، وإنما يعرب كذلك القراءات السبع والعشر، ويستعين بالآراء النحوية التي يجوز تخريج تلك القراءات عليها، ويستشهد بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والشواهد الشعرية والأمثال والحكم، وكانت مهمته في هذا الكتاب تعليل القراءات والتماس وجوهها في العربية (¬1). سادسا: علم تراجم القراء (طبقات القراء): وهو العلم الذي يعتني بالترجمة لمشاهير القراء، وبيان نبذة عن الحياة الشخصية لكل قارئ منهم من حيث سنة ولادته، ووفاته، ورحلاته في طلب العلم، ونشأته العلمية، ونشاطاته العلمية في التأليف والتدريس، وذكر أهم المواقف المؤثرة في حياة كل قارئ منهم. وقد أخذ التأليف في هذا العلم عدة صور، هي: الصورة الأولى: التأليف المتخصص في هذا الفن، وذلك بإفراد تراجم القراء في كتب خاصة، ومن أشهر هذه الكتب كتابان متقدمان، وكتاب متأخر معاصر. ¬

_ (¬1) العكبري، إعراب القراءات الشواذ ص 64 - 65، مقدمة التحقيق بقلم محمد السيد أحمد عزوز.

أما الكتابان المتقدمان، فهما: معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار للإمام الذهبي، وغاية النهاية في طبقات القراء للإمام ابن الجزري، وفيما يلي إلقاء الضوء على هذين الكتابين لأهميتهما وتخصصهما، بذكر منهج كل إمام ثم ذكر ثلاثة نماذج لترجمة بعض القراء الوارد ترجمتهم فيهما، وذلك على النحو التالي: أ- معرفة القراء الكبار: ألفه شيخ الإسلام الذهبي (ت 748 هـ) وترجم فيه لمشاهير القراء من عصر الصحابة إلى عصره رحمه الله، ورتبه على الطبقات فجعله ثماني عشرة طبقة واحدة، ومع أنه أراد أن يكون كتابه هذا خاصا بالقراء الكبار الذين لهم تراجم حافلة دون غيرهم ممن هم أقل شأنا، إلا أنه كثيرا ما خالف هذا المنهج فترجم لقراء مغمورين، ولقراء مجهولين أيضا. وقد بلغ عدد الذين ترجم لهم سبعمائة وأربعة وثلاثين قارئا. - نماذج لبعض الترجمات في المعرفة للذهبي: 1 - القاسم بن سلام (ت 224 هـ): قال عنه الذهبي: «أبو عبيد الأنصاري، مولاهم، البغدادي، الإمام أحد الأعلام، وذو التصانيف الكثيرة في القراءات، والفقه، واللغة، والشعر، قال أبو عمرو الداني: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائي، وشجاع بن أبي نصر، وإسماعيل بن جعفر، وعن حجاج بن محمد، وعن أبي مسهر، وهشام بن عمار. قال الداني: إمام أهل دهره، في جميع العلوم، صاحب سنة، ثقة مأمون. وكان يجتهد ولا يقلد أحدا، ويذكر في طبقة الشافعي وأحمد وإسحاق، وكان هو أعلمهم بلغات العرب، ومن جلالته، قال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: الحق يجب لله، أبو عبيد أفقه مني وأعلم، وقال الحسن بن سفيان، سمعت ابن راهويه يقول: نحن نحتاج إلى أبي عبيد، وأبو عبيد لا يحتاج إلينا. وقال أبو قدامة: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أبو عبيد أستاذ، وقال الدارقطني: ثقة، إمام جبل، توفي أبو عبيد سنة أربع وعشرين ومائتين» (¬1). ¬

_ (¬1) الذهبي، معرفة القراء (1: 170)، وما بعدها.

2 - محمد بن جرير الطبري (310 هـ): ولد سنة أربع وعشرين ومائتين، ورحل في طلب العلم، وله عشرون سنة. قال عنه الذهبي: «الإمام أبو جعفر، صاحب المصنفات والتفسير والتاريخ، قرأ القرآن على سليمان بن عبد الرحمن الطلحي، صاحب خلاد، وسمع حرف نافع من يونس بن عبد الأعلى ... قال الخطيب: كان أحد أئمة العلم يحكم بقوله، ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها، صحيحها وسقيمها، ناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، عارفا بأيام الناس وأخبارهم. وقال أبو محمد الفرغاني صاحب ابن جرير: إن قوما من تلامذة محمد بن جرير، حسبوا له منذ بلغ الحلم إلى أن مات، ثم قسموا على تلك المدة أوراق مصنفاته، فصار لكل يوم أربع عشرة ورقة، توفي سنة عشر وثلاث مائة» (¬1). 3 - أبو عمر الطلمنكي (ت 429 هـ): قال عنه الذهبي: «أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى لب بن يحيى المعافري الأندلسي، المقرئ الحافظ، نزيل قرطبة، ولد سنة أربعين وثلاث مائة. وكان رأسا في علم القرآن، قراءاته وأحكامه وناسخه ومنسوخه ومعانيه، رأسا في معرفة الحديث وطرقه، حافظا للسنن، ذا عناية بالآثار والسنة، إماما في أصول الديانات، ذا هدي وسمت، ونسك، وصمت. قال أبو عمرو الداني: كان فاضلا ضابطا، شديدا في السنة. وقال ابن بشكوال في كتاب «الصلة»: كان سيفا مجردا على أهل الأهواء والبدع، قامعا لهم، غيورا على الشريعة، شديدا في ذات الله، توفي سنة تسع وعشرين وأربع مائة» (¬2). ¬

_ (¬1) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 265 - 266). (¬2) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 385 - 386).

من خلال استقراء كتاب معرفة القراء الكبار يتبين أن منهج الإمام الذهبي في إيراده التراجم كان على النحو التالي: 1 - قسم الكتاب إلى طبقات بحسب الفترة الزمانية التي عاش فيها القارئ. 2 - يذكر اسم القارئ، ونسبه، ويصدر الترجمة عادة بذكر أهم الألقاب التي أطلقت عليه: كالإمام، الحافظ، القارئ، الإمام العلم، مقرئ الكوفة، الكوفي، القارئ العابد أحد الأعلام، وعن الحسن البصري قال: «سيد أهل زمانه علما وعملا، المقرئ المفسر أحد الأعلام»، وعن علي بن داود الدارني قال: «إمام جامع دمشق ومقرئه» (¬1). 3 - يذكر أهم الشيوخ الذين تلقى عنهم القارئ القرآن والقراءات بالسند المتصل. 4 - يتبع ذلك بذكر أهم التلاميذ الذين أخذوا عنه القرآن والقراءات، ومن منهج الإمام الذهبي أنه لا يستطرد في ذكر الشيوخ والتلاميذ كصنيع الإمام ابن الجزري في غاية النهاية. 5 - يذكر أهم الروايات المتعلقة بسيرة الإمام العلمية والعملية، وبعض مجهوداته في القراءة والإقراء، وبعض المواقف التعليمية، ومواقف القدوة. 6 - يختم الترجمة بذكر سنة الوفاة، ومكانها، وذكر الخلاف في ذلك إن وجد. ب- غاية النهاية في طبقات القراء: للحافظ ابن الجزري (ت 833 هـ) اختصره من كتابه الكبير الذي سماه نهاية الدرايات في أسماء رجال القراءات، واستوعب فيه جميع التراجم التي وردت في كتاب أبي عمرو الداني وكتاب الذهبي وزاد عليهما نحو الضعف (¬2)، ورتبه على حروف المعجم مبتدئا بحرف الألف ثم الباء ثم التاء وهكذا، وبعد أن يذكر أسماء القراء مرتبين في الحرف الواحد، يذكر المنسوبين والملقبين، أي من اشتهروا بنسبتهم أو ألقابهم، ولا يترجم لهم عادة بل يذكر النسبة أو اللقب وبجانبه الاسم ليبحث الباحث عنه في اسمه بحسب الحرف كأن يقول مثلا: الآمدي أحمد بن عبد الله (¬3) فيعرف الباحث أن الآمدي ستكون ترجمته فيمن اسمه أحمد. ¬

_ (¬1) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 366). (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء (1: 3). (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 174).

ثم بعد ذلك يذكر الأبناء، وبالطريقة نفسها فيقول مثلا: ابن الأحدب محمد بن محمد بن عبد الملك (¬1) وهكذا. - نماذج لبعض الترجمات من غاية النهاية: 1 - أبو عمرو الداني (ت 444 هـ): قال عنه ابن الجزري: «عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر أبو عمرو الداني الأموي المعروف في زمانه بابن الصيرفي الإمام العلامة الحافظ أستاذ الأستاذين، وشيخ مشايخ المقرئين، ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، قال أبو عمرو: وابتدأت بطلب العلم في سنة ست وثمانين، ورحلت إلى المشرق في سنة سبع وتسعين، ودخلت مصر في شوال منها، فمكثت بها سنة، وحججت، ودخلت الأندلس في ذي القعدة سنة تسع تسعين وثلاثمائة، وخرجت إلى الثغر سنة ثلاث وأربعمائة، فسكنت سرقسطة سبعة أعوام، ثم رجعت إلى قرطبة، قال: وقدمت دانية سنة سبع عشرة، قال ابن الجزري: فاستوطنها حتى مات». ثم ذكر جملة من شيوخه الذين أخذ عنهم القراءة، وجملة من تلاميذه الذين تلقوه القراءة عنه. «قال ابن بشكوال: كان أحد الأئمة في علم القرآن، ورواياته، وتفسيره، ومعانيه، وطرقه، وإعرابه، وجمع في ذلك تواليف حسانا يطول تعدادها، وله معرفة بالحديث وطرقه، وأسماء رجاله ونقلته، وكان حسن الخط جيد الضبط من أهل الحفظ والذكاء والتفنن دينا تقيا ورعا سنيا. قال بعض الشيوخ: لم يكن في عصره بمدد أحد يضاهيه في حفظه وتحقيقه، وكان يقول: ما رأيت شيئا إلا كتبته، ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته فنسيته، وكان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار، وكلام السلف، فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها»، قال ابن الجزري: «ومن نظر كتبه علم مقدار الرجل، وما وهبه الله تعالى فيه، فسبحان الفتاح العليم، ولا سيما كتاب جامع البيان فيما رواه في القراءات السبع، وله كتاب التيسير المشهور ومنظومته الاقتصاد أرجوزة مجلد ... » ثم ذكر جملة من مصنفاته. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 175).

قال ابن الجزري: «توفي الحافظ أبو عمرو بدانية يوم الاثنين منتصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ودفن من يومه بعد العصر، ومشى صاحب دانية أمام نعشه، وشيعه خلق عظيم رحمه الله تعالى» (¬1). 2 - مكي بن أبي طالب (437 هـ): قال ابن الجزري: «مكي بن أبي طالب بن حيوس بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي، إمام علامة محقق عارف أستاذ القراء والمجودين، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان»، ثم ذكر شيوخه وتلاميذه، «قال أحمد بن مهدي المقري: كان من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية وحسن الفهم والخلق، جيد الدين والعقل، كثير التأليف في علوم القرآن محسنا مجودا عالما بمعاني القراءات». قال ابن الجزري: «ومن تأليفه التبصرة في القراءات، والكشف عليه، وتفسيره الجليل، ومشكل إعراب القرآن، والرعاية في التجويد، والموجز في القراءات، وتواليفه تنيف عن ثمانين تأليفا، مات في ثاني المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة» (¬2). 3 - الإمام الشاطبي (590 هـ): القاسم بن فيرة بكسر الفاء بعدها ياء آخر الحروف ساكنة؛ ثم راء مشددة مضمومة بعدها هاء، ومعناه بلغة عجم الأندلس: الحديد، ابن خلف بن أحمد أبو القاسم، وأبو محمد الشاطبي الرعيني الضرير، ولي الله الإمام العلامة أحد الأعلام الكبار والمشتهرين في الأقطار، ولد في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بشاطبة من الأندلس، وقرأ ببلده القراءات وأتقنها على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص النفري. وكان إماما كبيرا أعجوبة في الذكاء كثير الفنون آية من آيات الله تعالى غاية في القراءات حافظا للحديث بصيرا بالعربية إماما في اللغة، رأسا في الأدب مع الزهد والولاية والعبادة. ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 503 - 504). (¬2) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 309 - 310).

ورحل فاستوطن قاهرة مصر، وأقرأ بها القرآن، وبها ألف قصيدته هذه يعني الشاطبية، وذكر أنه ابتدأ أولها بالأندلس إلى قوله: جعلت أبا جاد، ثم أكملها بالقاهرة. وقال ابن الجزري: ومن وقف على قصيدتيه علم مقدار ما آتاه الله في ذلك خصوصا اللامية التي عجز البلغاء من بعده عن معارضتها، فإنه لا يعرف مقدارها إلا من نظم على منوالها، أو قابل بينها، وبين ما نظم على طريقها، ولقد رزق هذا الكتاب من الشهرة والقبول ما لا أعلمه لكتاب غيره في هذا الفن، بل أكاد ولا في غير هذا الفن فإنني لا أحسب أن بلدا من بلاد الإسلام يخلو منه، بل لا أظن أن بيت طالب علم يخلو من نسخة منه. توفي رحمه الله تعالى في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة بالقاهرة ودفن بالقراءة بين مصر والقاهرة (¬1). ومن خلال استقراء كتاب غاية النهاية يتبين أن منهج الإمام ابن الجزري في إيراده التراجم لا يخرج عن منهج الإمام الذهبي في معرفة القراء الكبار غير أننا نجد الفروقات التالية: 1 - عند ذكره الألقاب التي أطلقت على الإمام أو يطلقها عليه هو، نجده يتوسع في ذلك عما عليه الإمام الذهبي. 2 - توسع الإمام ابن الجزري في ذكر شيوخ وتلاميذ القراء بصورة أكبر مما عليه ذكر الإمام الذهبي للشيوخ والتلاميذ. 3 - بالمقارنة بين ما أورده الإمام الذهبي وابن الجزري في تراجم القراء، فإننا نجد أن ابن الجزري ينقل عامة ما ذكره الإمام الذهبي في المعرفة بدون زيادة غالبا. 4 - توسع الإمام ابن الجزري في ذكر الكتب التي ألفها كل قارئ من القراء الذين أورد تراجمهم، ولا نجد هذا الجانب واضحا في صنيع الإمام الذهبي. ومن الملاحظ أن كتب تراجم القراء وطبقاتهم فيها قصور بصفة عامة، من وجوه: ¬

_ (¬1) ابن الجزري، غاية النهاية (2: 20 - 23).

أولا: لم نجد من ألف بعد ابن الجزري في تراجم القراء مصنفا خاصا بالقراء الذين عاشوا بعده، إلا ما ألفه الدكتور محمد سالم محيسن وسيأتي الحديث عنه. ثانيا: أن الكتب المشهورة ككتاب الذهبي وابن الجزري أغفلت كثيرا من القراء ولم تشر إليهم، فالحاجة إلى كتب التراجم متجددة ومستمرة. ثالثا: أن كتابي الذهبي وابن الجزري- رحمهما الله تعالى- قد أعطيا صورة فيها بعض الغموض لدى الترجمة لبعض القراء، بمعنى: أن النصوص الواردة في ترجمة إمام من الأئمة لا تعطي تصورا شاملا عن الشخصية من جوانبها المختلفة، وفي بعض الترجمات لا يذكر فيها إلا سنة الولادة والوفاة ونزر يسير من الشيوخ والتلاميذ، دون التعرض لأي جانب من الجوانب المهمة في حياة الإمام. رابعا: يلاحظ أن ما ذكره الإمامان في بعض التراجم ليس فيه شيء له صلة بحال الإمام في القراءة والإقراء. خامسا: ليس في التراجم رسم منهجية متواضعة أو متقدمة متعلقة بالقراءة أو الإقراء، وقد خلت هذه التراجم من التعليق على النصوص، والتحليل للمصطلحات التي يذكرها المترجم، وكان المتوقع في مثل هذه الكتب أن تعنى بالجوانب المنهجية المتعلقة بسيرة الأئمة في القراءة والإقراء، وهذا يدعو الباحثين في زماننا إلى ضرورة إعادة النظر في ما كتبه علماؤنا الأجلاء في طبقات القراء، وصياغتها صياغة جديدة يراعى فيها ما يلي: 1 - لم يذكر الإمامان منهج النبي صلّى الله عليه وسلم في القراءة والإقراء في حين أن النبي صلّى الله عليه وسلم هو سيد القراء مطلقا، ولذلك فإن دراسة متأنية لتوجيه النبي صلّى الله عليه وسلم الصحابة كيف يتلقون القرآن، وكيف يؤدونه، يحتاجها المتخصصون، وطلاب الدراسات القرآنية والمتخصصون في الشريعة بشكل عام. 2 - الشمول والإحاطة في السيرة الشخصية والعلمية والعملية للإمام. 3 - العناية بالمصطلحات في علم القراءات والتي يمكن تقسيمها إلى أربعة أقسام: القسم الأول: مصطلحات قديمة، وما زالت مستعملة إلى يومنا هذا بمعناها القديم، مثل مصطلح: الأحرف السبعة، والعرضة الأخيرة، والرواية، والتلقي،

والحرف، القسم الثاني: مصطلحات قديمة، وبقيت مستعملة في زماننا، ولكن معناها قد تغير مثل مصطلح الاختيار، فقد كان يعنى في الأزمنة الأولى اختيار رواية وتلق وأداء، بخلاف معنى هذا المصطلح في زماننا: فإنه يعني أصل الأخذ بالرخصة الواردة في الأحاديث الواردة في الأحرف السبعة، وأنه اختيار أداء وقراءة، لا اختيار رواية، القسم الثالث: مصطلحات قديمة، واندثرت، ولم يبق لها وجود، كقراءة العامة، القسم الرابع: مصطلحات لم تكن موجودة من قبل، ولكنها نشأت متأخرة نظرا لنشوء المصطلحات في كافة الفنون، ومنها: مصطلح توجيه القراءات، تحرير القراءات، وغيرهما كثير، مما يتطلب من الكاتبين في تراجم القراء أن يحللوا كل مصطلح من هذه المصطلحات، ويوضحوا معناها، وموقع هذا المصطلح من علم القراءات قديما وحديثا. 4 - تحليل النصوص التي أوردها الإمامان الذهبي، وابن الجزري، واستخراج المصطلحات القرآنية والمتعلقة بعلم القراءات، وتدوينه، وبيان معانيها، والوقوف على معاني هذه النصوص والتعليق عليها بما يزيل إيهام بعض العبارات فيها، واستنتاج منهاج القراء في القراءة والإقراء. 5 - نفي الشبهات الواردة على بعض هذه النصوص، فبعض النصوص قد يفهم منها معنى غير مراد، كاختيار بعض القراء رواية معينة، أو اختيارها بسبب وجاهتها في العربية، ومن ذلك ما ذكر عن الإمام أبي عمرو بن العلاء، «قال اليزيدي: كان أبو عمرو قد عرف القراءات، فقرأ من كل قراءة بأحسنها، وبما يختار العرب، ومما بلغه من لغة النبي صلّى الله عليه وسلم وجاء تصديقه في كتاب الله عز وجل» (¬1) فهذا النص يشير إلى مصطلحات وإشكالات ينبغي تجليتها والوقوف على معناها، وهي بلا ريب تتطلب توجيها وتفصيلا، كقراءة أبي عمرو بأحسن القراءات، فما الحسن المقصود هنا، وما علاقاته بالرواية والتلقي، وما موقف القراء من هذه القضية شكلا ومضمونا، كل هذه تساؤلات على الباحثين المعاصرين الإجابة عنها بما هو متعارف عليه في قواعد علم القراءات ... ¬

_ (¬1) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 102).

الصورة الثانية:

6 - العناية بأسانيد القراء، وتقييدها ودراستها دراسة علمية، والإشارة إلى موقع كل قارئ من القراء المترجم لهم من هذا السند. 7 - الترجمة للقراء المعاصرين ترجمة وافية، مع بيان مناهجهم. وعلى كل حال فإن الدراسات المتخصصة والمتعمقة في مناهج القراء وترجماتهم ما زالت في خطواتها الأولى، وتحتاج من الباحثين المعاصرين المزيد من الجمع والمقابلة والمقارنة والتحليل والتوظيف لإيجاد قواعد واضحة مستنبطة من سيرة أئمتنا القراء تكون منهجا مستقرا ينتفع منه القراء المعاصرون للسير على سنن النبي صلّى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين في القراءة والإقراء. وأما الكتاب المتأخر، فهو معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ للدكتور محمد سالم محيسن رحمه الله تعالى (ت 1422 هـ). والدكتور محيسن لم يبين منهجه في إيراده التراجم، غير أنه قال في مقدمة كتابه: «وبما أن حفاظ القرآن لهم المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة في نفسي وفكري، فقد رأيت من الواجب نحوهم أن أقوم بتجلية بعض الجوانب المشرقة على هؤلاء الأعلام ليقتفي آثارهم من شرح الله صدره للإسلام. فأمسكت بقلمي- رغم كثرة الأعمال المنوطة بي- وطوفت بفكري، وعقلي بين المصنفات التي كتبت شيئا عن هؤلاء الحفاظ بدءا من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ورتبت الأعلام حسب حروف الهجاء ليسهل الرجوع إليها عند اللزوم ... » (¬1). وبالنظر في الكتاب نجد أن مؤلفه لم يخرج عن كتابي الإمامين الذهبي وابن الجزري بشيء من الزيادة في الاستقصاء والتتبع والتوجيه للروايات والتحليل، ويبدو أنه لم يسلك منهجا واضحا في إيراد التراجم، غير أنه ذكر سيرة بعض القراء المعاصرين اختصارا. الصورة الثانية: ذكر تراجم الأئمة القراء ضمن كتب التراجم والأعلام العامة، وكتب الطبقات مثل: ¬

_ (¬1) الدكتور محمد سالم محيسن، معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ (1: 8 - 9).

الصورة الثالثة:

- الدرر الكامنة بأعيان المائة الثامنة لابن حجر. - الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي. - الكواكب السائرة بأعيان المائة العاشرة لنجم الدين الغزي. - سير أعلام النبلاء للذهبي. - طبقات المفسرين: للداودي. الصورة الثالثة: الترجمة المستفيضة لبعض أعلام القراء في مقدمة تحقيق بعض الكتب، ومن أمثلة ذلك: 1 - ترجمة الحافظ ابن الجزري: للدكتور أحمد محمد مفلح القضاة، في تحقيقه كتاب تحبير التيسير (¬1). 2 - ترجمة الإمام أبي عمرو الداني: للدكتور غانم قدوري الحمد، في تحقيقه كتاب، التحديد في الإتقان والتجويد. 3 - ترجمة الإمام مكي بن أبي طالب: للدكتور أحمد حسن فرحات، في تحقيقه كتاب الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة (¬2)، وكذلك ترجمة الإمام نفسه في مقدمة تحقيق كتاب الإبانة عن معاني القراءات، تحقيق الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي (¬3). 4 - ترجمة ابن الباذش: للدكتور عبد المجيد قطامش في تحقيقه كتاب الإقناع في القراءات السبع (¬4). 5 - ترجمة أبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون الحلبي: للدكتور أيمن رشدي سويد في مقدمة تحقيقه للتذكرة في القراءات الثمان (¬5). ¬

_ (¬1) ابن الجزري، تحبير التيسير في القراءات العشر، تحقيق: الدكتور أحمد محمد مفلح القضاة، ص 28 - 66. (¬2) مكي بن أبي طالب القيسي، الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة، ص 3 - 11. (¬3) مكي بن أبي طالب القيسي، الإبانة عن معاني القراءات، تحقيق الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي، ص 4 - 17. (¬4) ابن الباذش، الإقناع في القراءات السبع (1: 9 - 26). (¬5) ابن غلبون، التذكرة (1: 30 - 70).

الصورة الرابعة:

6 - ترجمة محمد بن خليل القباقبي: للدكتور أحمد خالد شكري في مقدمة تحقيقه لإيضاح الرموز ومفتاح الكنوز (¬1). 7 - ترجمة أبي العز القلانسي: للدكتور عمر حمدان الكبيسي في مقدمة تحقيقه إرشاد المبتدي (¬2). ويمتاز هذا النوع من الترجمة بالإحاطة والشمول والاستقصاء لمعظم ما كتب عن الإمام عن التمحيص والتدقيق، ولكن هذه الطريقة في الترجمة تكون بعيدة عن ربط التراجم بعضها ببعض، وتغيب فيها بعض الجوانب المنهجية في مصطلحات القراءة، وتحليلها، وعلى كل حال فهي خطوة جيدة في طريق الترجمة المتكاملة المنهجية. الصورة الرابعة: دراسة ترجمة إمام من أئمة القراءة ضمن موضوع مخصوص يتعلق بالإمام مثل: 1 - كتاب «الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام، اختياراته ومنهجه في القراءة» للدكتور محمد موسى نصر. 2 - وكتاب قراءة عبد الله بن مسعود، مكانتها مصادرها إحصاؤها: للدكتور محمد أحمد خاطر. الصورة الخامسة: وهي إفراد ترجمة إمام في كتاب مستقل، يعنى بالجوانب التفصيلية الدقيقة لحياة الإمام والعصر الذي عاش فيه، وطلبه العلم، ورحلاته فيه، وتلاميذه وشيوخه، ومنهجه في القراءة والإقراء بصورة منهجية استقرائية مقارنة. ومن أبرز ما ألف على هذه الشاكلة: كتاب: «الإمام الشاطبي سيد القراء» للدكتور إبراهيم محمد الجرمي، حيث فصّل في الشاطبي وعصره بذكر الحياة السياسية في عصره واسمه وكنيته ولقبه ومولده ونشأته، وطلبه للعلم، وأولاده، وصفاته كالإخلاص والحفظ والورع والصبر على المصائب إلى غير ذلك من الآداب والخصال، ثم تعرض لشخصيته العلمية فذكر أساتذته وشيوخه، ثم أسانيده في القراءة، ثم تلامذته، ¬

_ (¬1) القباقبي، إيضاح الرموز، ص 12 - 34 (رسالة دكتوراه غير منشورة). (¬2) القلانسي، إرشاد المبتدي، ص 55 - 65).

ثم مذهبه الفقهي والعقدي، ومكانته عند العلماء وثناؤهم عليه، ومصنفاته، الشاطبية: من حيث مكانتها عند العلماء وتحليلها ورموزها وأبوابها وفوائدها اللغوية والنحوية والوعظية، واقتباساتها الحديثية، وطبعاتها وشراحها ومختصراتها، وكتاب عقيلة أتراب القصائد في الرسم، وكتاب ناظمة الزهر في عد الآي، ثم ذكر وصفا لمجلس إقراء الإمام الشاطبي، ثم ختم دراسته بذكر آرائه القرآنية والفقهية واللغوية، ثم ذكر مروياته وشعره (¬1). ويعدّ هذا النوع من الدراسات المستفيضة التي تعطي تصورا منهجيا واضحا يعتمد على الدقة والاستقراء والتحليل والتمحيص والوصول للحقائق، ورسم صورة واضحة لمنهج الإمام في القراءة والإقراء. وهذا النمط من الدراسات هو الذي ينبغي أن يسود وأن يشجع لتظهر نتاجات علمية ناضجة في تراجم القراء. ومن الدراسات المتخصصة التي أفردت إماما مستقلا بترجمة ما يلي: 1 - مصعب بن عمير رضي الله عنه لمحمد حسن بريغش، ضمن سلسلة أعلام المسلمين (3). 2 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لعبد الستار الشيخ، ضمن سلسلة أعلام المسلمين (24). 3 - زيد بن ثابت كاتب الوحي وجامع القرآن، لصفوان داودي، سلسلة أعلام المسلمين (32)، وهي دراسة متعمقة للسيرة الشخصية والعلمية لهذا الإمام، كما أن فيها تفصيلا دقيقا مقارنا في موضوع جمع القرآن في زمن أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما، وما صنعه عثمان رضي الله عنه من جمع الناس على العرضة الأخيرة رسما ورواية (¬2). 4 - الفتح المواهبي في ترجمة الإمام الشاطبي لشهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني (ت 923 هـ). ¬

_ (¬1) الدكتور إبراهيم محمد الجرمي، الإمام الشاطبي سيد القراء، ص 11 - 248. (¬2) صفوان عدنان داودي، زيد بن ثابت كاتب الوحي وجامع القرآن.

سابعا: علم الفواصل:

5 - الإمام أبو عمرو الداني وكتابه جامع البيان في القراءات السبع: للدكتور عبد المهيمن طحان. 6 - شيخ القراء الإمام ابن الجزري: للدكتور محمد مطيع الحافظ. 7 - الإمام المتولي وجهوده في علم القراءات للدكتور إبراهيم الدوسري، وهو رسالة ماجستير قدمت لجامعة الإمام محمد بن مسعود الإسلامية بالرياض عام 1411 هـ تعرض فيها الباحث للتعريف بحياة المتولي وعصره ومؤلفاته، وضمّن بحثه دراسة جادّة لقيمة مؤلفات المتولي وتأثيره فيمن بعده وتأثره بمن سبقه من العلماء. سابعا: علم الفواصل: الفاصلة: هي آخر كلمة في الآية، ويعبر عنها برأس الآية (¬1)، وعلم الفواصل: هو العلم الذي يبحث في أحوال آيات القرآن الكريم من حيث عدد الآيات في كل سورة، وما هي رأس الآية أو خاتمتها (¬2). وقد اعتنى العلماء عناية بالغة بتتبع الفواصل في القرآن الكريم، حيث كانت المصاحف القديمة خالية من تحديد مواضعها، حتى تطور الأمر إلى وضع ثلاث نقط عند رأس الآية، ثم تطورت النقط الثلاث فصارت دائرة، ثم كتب رقم الآية في داخلها. ويدلّ اختلاف العلماء في عدد آي القرآن الكريم على أن في تحديدها مجالا للاجتهاد، وليست كلها توقيفية، وقد ورد في الحديث أنه صلّى الله عليه وسلم كان يقف على رءوس الآي، إلا أنه قطعا كان يقف على غير رءوس الآي أيضا إما للاستراحة كما في الآيات الطويلة أو لبيان المعنى. ولذا خلص عدد من الأئمة في هذا العلم إلى جعله قسمين: قسم توقيفي، وآخر قياسي (¬3)، ووضعوا بناء عليه طرق التعرف إلى رأس الآية وهي: 1 - مساواة الآية لما قبلها وما بعدها طولا وقصرا. ¬

_ (¬1) السيوطي، الإتقان (3: 290). (¬2) عبد الرازق بن علي موسى، مرشد الخلان، ص 30. (¬3) المخللاتي، القول الوجيز، ص 125.

علماء العدد:

2 - مشاكلة الفاصلة لغيرها مما هو معها في السورة في الحرف الأخير منها أو فيما قبله. 3 - الاتفاق على عدّ نظائرها في القرآن الكريم. 4 - انقطاع الكلام عندها (¬1). ومما ينبغي التنبيه إليه أن الاختلاف في عدد وآيات السور أمر شكلي لا يؤثر على نص القرآن شيئا، ولا يزيد فيه كلمات أو ينقصها منه، إنما هو خلاف في تحديد مواقع انتهاء الآيات، ولتوضيح ذلك تذكر الأمثلة التالية: أ- سورة الإخلاص أربع آيات عند أكثر علماء العدد وخمس آيات عند بعضهم، ويرجع الاختلاف فيها إلى قوله تعالى: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ أهو آية أم آيتان، فمن جعله آية كانت السورة عنده أربع آيات على النحو التالي: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ. ومن عدّه آيتين كانت السورة عنده خمس آيات: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ (3) وَلَمْ يُولَدْ (4) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (5). ب- سورة الزلزلة: ثمان آيات عند عدد من علماء العدد وتسع آيات عند باقيهم، والمختلف فيه لفظ (أشتاتا) فمن عده آية كانت عدد الآيات عنده تسعا، ومن لم يعده كان عدد الآيات عنده ثمانيا. علماء العدد: اعتمد معظم المؤلفين في عدد آيات القرآن الكريم على نسبة الخلاف في العدد إلى سبعة مذاهب، هي: 1 - المدني الأول: هو ما يرويه نافع عن شيخيه أبي جعفر وشيبة، وعدد الآيات فيه (6217). 2 - المدني الأخير: هو ما يرويه إسماعيل بن جعفر عن سليمان بن جماز عن أبي جعفر وشيبة، وعدد الآيات فيه (6214). 3 - العدد المكي: هو ما يرويه أبو عمرو الداني عن ابن كثير عن مجاهد عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وعدد الآيات فيه (6210). ¬

_ (¬1) عبد الفتاح القاضي، نفائس البيان، ص 24، وعبد الرازق بن علي موسى، مرشد الخلان، ص 34 - 38.

علاقة علم العدد بعلم القراءات:

4 - العدد البصري: هو ما يرويه الداني عن عاصم الجحدري وعطاء بن يسار وعدد الآيات فيه (6204). 5 - العدد الدمشقي: هو ما يرويه الداني عن يحيى الذماري عن ابن عامر عن أبي الدرداء، وعدد الآيات فيه (6227) وقيل (6226). 6 - العدد الحمصي: هو ما أضيف إلى شريح بن يزيد الحمصي، وعدد الآيات فيه (6232). 7 - العدد الكوفي: هو ما يرويه حمزة وسفيان عن علي بن أبي طالب، وعدد الآيات فيه (6236) (¬1). علاقة علم العدد بعلم القراءات: يحتاج القارئ إلى أن يكون على اطلاع على علم العدد، خاصة في الألفاظ التي يختلف حكمها باختلاف عدّها أو عدمه، وذلك في باب الإمالة، حيث أمال بعض القراء رءوس آي إحدى عشرة سورة، ومنهم من قلّلها، وفي هذه السور ألفاظ اختلف في عدّها، وهي ممالة أو مقللة إن كانت من رءوس الآي، وليست كذلك إن لم تكن معدودة، وقد جرى اعتماد القراء في العدّ على العدد المشهور في بلدانهم، ففي قراءة نافع يعتمد العدد المدني الأخير، وفي قراءة أبي عمرو يعتمد العدد البصري، وفي قراءة الكوفيين يعتمد العدد الكوفي. وفي المثال التالي توضيح ما سبق: لفظ (طغى) من قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ طَغى [النازعات: 37] يعدّ رأس آية عند البصريين والكوفيين والدمشقي والحمصي، وليس معدودا عند المدنيين والمكي فيقرأ بالتقليل لأبي عمرو لأنه من رءوس آي السورة، ويقرأ لورش عن نافع بالوجهين: الفتح والتقليل لأنه ليس من رءوس الآي عنده (¬2). ¬

_ (¬1) عبد الفتاح القاضي، نفائس البيان، ص 25 - 26، وعبد الرازق بن موسى علي، مرشد الخلان، ص 26 - 28. (¬2) عبد الفتاح القاضي، البدور الزاهرة، ص 337، ود. أحمد خالد شكري، قراءة الإمام نافع، ص 212.

من المؤلفات في علم الفواصل:

من المؤلفات في علم الفواصل: 1 - البيان في عد آي القرآن: لأبي عمرو الداني (ت 444 هـ) وهو مطبوع. 2 - ناظمة الزهر في أعداد آيات السور: للشاطبي (ت 590 هـ) منظومة ولها شروح كثيرة منها: أ- القول الوجيز في فواصل الكتاب العزيز: لأبي عيد رضوان بن محمد المخللاتي (ت 1313 هـ)، وهو مطبوع بتحقيق عبد الرازق بن موسى علي. ب- بشير اليسر شرح ناظمة الزهر: لعبد الفتاح القاضي (ت 1403 هـ). 3 - أقوى العدد في معرفة العدد: لأبي الحسن السخاوي (ت 643 هـ)، جعله ضمن كتابه: جمال القراء وكمال الإقراء. 4 - المدد في معرفة العدد: لإبراهيم بن عمر الجعبري (ت 732 هـ). 5 - أرجوزة في علم الفواصل لمحمد بن أحمد المتولي (ت 1313 هـ) وله شرح اسمه: المحرر الوجيز في عدّ آي الكتاب العزيز لعبد الرازق بن علي إبراهيم موسى. 6 - الفرائد الحسان في عدّ آي القرآن منظومة لعبد الفتاح القاضي (ت 1403 هـ) وشرحها الناظم باسم: نفائس البيان. وشرحها عبد الرازق بن علي إبراهيم موسى باسم: مرشد الخلان إلى معرفة عدّ آي القرآن. 7 - الفاصلة في القرآن لمحمد الحسناوي، وهو كتاب مختلف في منهجه عن الكتب السابقة، حيث بحث في: أركان الفاصلة، وأبنيتها، وجمالها، وإيقاعها، وفي علاقة الفاصلة بالمقطع وبالسورة وأنواع الفواصل وختم بعضها بأسماء الله الحسنى ودلالات ذلك. كما بحث في علم الفواصل وذكر جوانب منه كثير ممن كتب في علوم القرآن، والقراءات، والتفسير، وكانوا يذكرون الخلاف في عدد الآيات قبل الشروع بتفسير السورة أو بيان ما فيها من أوجه القراءة.

الفصل السادس شبهات حول القراءات القرآنية وردها

الفصل السادس شبهات حول القراءات القرآنية وردها

الشبهة الأولى: عدم تواتر القراءات:

الفصل السادس شبهات حول القراءات القرآنية وردها حاول عدد من أعداء الإسلام قديما وحديثا إثارة الشبه والشكوك والمطاعن في القرآن الكريم، بغية صد الناس عنه وإبعادهم عن هدايته، وكان علماء المسلمين لهم بالمرصاد، فردّوا كيدهم في نحرهم، وبينوا بطلان هذه الشبه والافتراءات بالأدلة الدامغة، وانقلب أصحاب تلك الشبه خائبين. وكانت الشبه المثارة على القرآن الكريم متنوعة في موضوعاتها وأساليبها ومصادرها، وسنقتصر في هذا الكتاب على عرض عدد من الشبه التي أثيرت حول القراءات القرآنية وردها بما يشفي الغليل ويداوي العليل. الشبهة الأولى: عدم تواتر القراءات: زعم عدد ممن لم يمهر في علم القراءات ولم يتمكن منه أن القراءات غير متواترة، لأنها منقولة بأسانيد آحاد، ولأنه لا يستطيع أحد أن يثبت تواترها، وقد ردّد هذه الشبهة عدد من العلماء (¬1). ومنهم من اقتصر على نفي التواتر عن القراءات الثلاث بعد إثبات تواتر القراءات السبع، والزعم بأن القراءات الثلاث إنما هي مشتهرة مستفيضة فقط ولا تصل في ثبوتها إلى درجة التواتر. الرد على هذه الشبهة: التواتر: هو ما يرويه جماعة تحيل العادة وقوع الكذب منهم مصادفة واتفاقا، عن جماعة كذلك من أول السند إلى منتهاه فلا يتحقق التواتر إلا إذا وجد العدد الموصوف بما ذكر في الطبقات من بدء السند إلى نهايته. ¬

_ (¬1) ينظر مثلا كلام الإمام الشوكاني في فتح القدير (1: 418): «ولا يخفى عليك أن دعوى التواتر باطلة، يعرف ذلك من يعرف الأسانيد التي رووها بها».

وهذا المعنى متحقق في قراءات الأئمة العشرة، فقد رواها معظم الصحابة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، ورواها عن الصحابة التابعون، وأتباع التابعين فمن بعدهم، ورواها عنهم أمم لا يحصون كثرة وعددا في جميع العصور والأجيال، ولم تخل أمة من الأمم ولا عصر من العصور ولا مصر من الأمصار من الكثرة والجمّ الغفير، ممن يروي القراءات وينقلها لغيره، إلى وقتنا هذا (¬1). فالقراءات العشر متواترة جملة وتفصيلا، وهو ما عليه أئمة القراءة والفقه والأصول (¬2). أما الطعن في تواتر القراءات الثلاث أيضا، فمردود أيضا، فهي ثابتة كالقراءات السبع. قال عبد الوهاب بن علي السبكي (ت 771 هـ): «والقول بأن القراءات الثلاث غير متواترة في غاية السقوط، ولا يصح القول به ممن يعتبر قوله في الدين» (¬3). وقد عمد ابن الجزري إلى ذكر أسماء عدد من أئمة القراءة قرءوا بالقراءات الثلاث من زمنه إلى أن وصل إلى الأئمة الثلاثة، والعدد في كل طبقة منها لم يقلّ عن الحد الأعلى للعدد الذي ذكره بعض العلماء لقبول التواتر، وعلق بقوله: «فثبت من ذلك أن القراءات لثلاث متواترة» (¬4). كما أن قراءات الأئمة الثلاثة لا تخرج عن قراءة السبعة إلا في حروف يسيرة، وأبو جعفر من شيوخ نافع، وقرأ يعقوب على سلام الطويل، وقرأ سلام على أبي عمرو وعاصم، أما خلف فقراءته لم تخرج عن قراءة الكوفيين (¬5). وأما أسانيد القراء فهي أسانيد آحاد، لأنه يستحيل إحصاء جميع من قرأ بهذه القراءة أو تلك، فهي قراءات ذائعة في مختلف البلدان وفي عصور متوالية، وليس مراد هذه الأسانيد الحصر بل التوثيق، ومع ذلك فلو جمعت الأسانيد المتداولة بين ¬

_ (¬1) د. شعبان محمد إسماعيل، القراءات أحكامها ومصدرها ص 99. (¬2) ابن الجزري، منجد المقرئين ص 23، والنويري، شرح طيبة النشر (1: 131). (¬3) نقله عنه ابن الجزري في منجد المقرئين ص 49 والنشر (1: 44). (¬4) ابن الجزري، منجد المقرئين ص 45. (¬5) السالم محمد محمود الشنقيطي، الرد على من طعن في القراءات الثلاث ص 61 - 70.

الشبهة الثانية: أن مصدر اختلاف القراءات رسم المصحف:

القراء واستخرج منها أسماء الأئمة الذين قرءوا بالقراءات في العصور المتعددة لبلغ العدد المطلوب للتواتر وزاد عليه، ونسبة القراءة إلى نافع مثلا لا يعني اقتصارها عليه بل هو المختار لتمثيل هذه القراءة من بين الآلاف الكثيرين الذين يقرءون بها، ويرجع السبب في اختيار هؤلاء دون غيرهم إلى ملازمتهم تلك القراءة، وتجردهم للإقراء وإفنائهم أعمارهم في هذا العلم، مع الثقة والعدالة وحسن السيرة، فإضافة القراءة إليهم: «هي إضافة اختيار ودوام ولزوم لا إضافة اختراع ورأي واجتهاد» (¬1). الشبهة الثانية: أن مصدر اختلاف القراءات رسم المصحف: حيث كان المصحف خاليا من النقط والشكل وطبيعة رسم بعض كلماته بالحذف أو بالزيادة أدت إلى اختلاف أوجه قراءة ألفاظه، فالرسم- عند مثيري هذه الشبهة- هو الذي حدا بابن عامر إلى أن يقرأ (شركائهم) مجرورة بدلا من أن يقرأها شُرَكاؤُهُمْ لأنها هكذا في المصحف (¬2)، واعتمادا على موافقة الرسم قرأ بعض القراء: (سأورثكم) بدلا من سَأُرِيكُمْ (¬3) إلى غير ذلك من الأمثلة (¬4). الرد على هذه الشبهة: أن هذا الزعم يرده الواقع، فاختلاف القراءات مصدره التلقي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم وليس رسم المصحف، حيث لم يكونوا يعتمدون على الكتابة أصلا، وحين كتب عثمان المصاحف وأرسلها إلى الأمصار الإسلامية بعث مع كل مصحف قارئا ليعلم الناس القراءة الصحيحة (¬5)، ولو كان جائزا للناس استخراج القراءات المختلفة من ¬

_ (¬1) ابن الجزري، النشر (1: 52). (¬2) في قوله تعالى: وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ [الأنعام: 137] وهي مرسومة في مصاحف أهل الشام بالياء وفي بقية المصاحف بالواو، والغريب أن ممن ردد هذه الشبهة الزمخشري في تفسيره (2: 42) حيث قال: «والذي حمله على ذلك أنه رأى في بعض المصاحف (شركائهم). (¬3) من قوله تعالى: سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ [الأعراف: 145] وهذه القراءة أوردها الزمخشري في الكشاف (2: 94)، وأبو حيان في البحر المحيط (4: 389). (¬4) ينظر مثلا: غانم قدوري الحمد، رسم المصحف، ص 717 - 728. (¬5) عبد الفتاح القاضي، تاريخ المصحف الشريف، ص 51.

الشبهة الثالثة: جواز القراءة بالمعنى

الرسم لما احتاج الأمر إرسال القارئ مع المصحف، فمدار اختلاف القراءة الرواية لا الرسم. ومن أوضح ما يرد به على هذه الشبهة، وجود ألفاظ وردت في المصحف في أكثر من موضع، ويحتمل رسمها أن تقرأ بأكثر من وجه، إلا أن اختلاف القراء فيها محصور ببعض هذه الأماكن، فلفظ (ملك) مثلا ورد في مواضع أولها مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: 4] وقد اختلف القراء في هذا الموضع فقرءوه بالألف وبدونها، أما بقية المواضع فلم يختلفوا فيها مع ما كان قراءتها رسما ولغة بهذين الوجهين وبغيرهما من الأوجه الكثيرة (¬1). وهذا يدل على أن القراءة إنما تؤخذ بالمشافهة والسماع ولا تؤخذ من رسم المصحف وخطه (¬2). فخلو المصحف من النقط والشكل كان معينا له على استيعاب القراءات الصحيحة والأوجه المتعددة، ولم يكن موجبا للاختلاف أو مصدرا لهذه القراءات، والاعتماد في القراءة إنما هو المشافهة والنقل والتلقي. الشبهة الثالثة: جواز القراءة بالمعنى : ردد هذه الشبهة عدد من المستشرقين وأتباعهم زاعمين جواز إبدال لفظ مكان آخر إذا كان يؤدي المعنى نفسه، معتمدين على بعض روايات الأحرف السبعة وآثار عن عدد من القراء يمكن أن يدل ظاهرها على ما ذهبوا إليه (¬3). ¬

_ (¬1) مثل: ملّاك، مليك، وملك، وملك، وملك، وملك، وملك يوم، ومالك (انظر: أبا حيان، البحر المحيط (: 20). (¬2) أورد عددا من الأمثلة المؤكدة لهذا الأمر: عبد الفتاح القاضي، القراءات في نظر المستشرقين والملحدين ص 49 - 82 ود. محمد سالم محيسن، المغني في القراءات العشر المتواترة (3: 379 - 403). (¬3) للوقوف على تفصيل هذه الشبهة يراجع جولد زيهر، مذاهب التفسير الإسلامي ص 26 و 27 ولتفصيل الرد عليها يراجع: عبد الصبور شاهين، تاريخ القرآن ص 77 - 86. ومحمد أبو شهبة، المدخل لدراسة القرآن الكريم 209 - 212.

الرد على هذه الشبهة

الرد على هذه الشبهة : لو كانت القراءة بالمعنى حاصلة فعلا لكان بين أيدينا الآن آلاف المصاحف المختلفة نتيجة لذلك. وإن القول بجواز تبديل لفظ بآخر يؤدي إلى ذهاب الإعجاز الذي هو من أهم مميزات القرآن الكريم، وإن كل لفظ فيه مقدر في موضعه خير تقدير، ومعبر أصح تعبير، ولا يمكن أن يسدّ أي لفظ آخر مسدّه. وأما ما اعتمد عليه مثيرو هذه الشبهة من روايات وآثار، مثل حديث: «ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة» (¬1) وما يروى عن ابن مسعود أنه كان يقرئ رجلا: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ (43) طَعامُ الْأَثِيمِ [الدخان: 43 - 44] وكان الرجل يقول: طعام اليتيم فقال له ابن مسعود: أتستطيع أن تقول: طعام الفاجر. قال: نعم. قال: فقل (¬2)، فإنها لا تصلح حجة لهم، فالحديث يراد به تبيين أن الحروف التي نزل بها القرآن متفق مفهومها، لا يكون في شيء منها المعنى وضده، ولا يختلف الوجه منها عن معنى وجه آخر بما يضاده، كالرحمة التي هي خلاف العذاب وضده. أما الأثر المروي عن ابن مسعود فإنه ضعيف السند لا يصح الاحتجاج به (¬3)، وعلى فرض صحته فإنه يحمل على أنه أراد توضيح المعنى له ليكون ذلك وسيلة إلى النطق بالصواب، قال القرطبي: «ولا حجة في هذا للجهال من أهل الزيغ أنه يجوز إبدال الحرف من القرآن بغيره، لأن ذلك إنما كان من عبد الله تقريبا للمتعلم وتوطئة منه للرجوع إلى الصواب واستعمال الحق والتكلم بالحرف على إنزال الله وحكاية رسول الله صلّى الله عليه وسلم (¬4). ¬

_ (¬1) رواه الطحاوي في مشكل الآثار (8: 113)، والطبري في تفسيره (1: 46)، وأحمد في المسند برقم 8390 (14: 120) وقال محقق المسند شعيب الأرناءوط: إسناده حسن. (¬2) رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن ص 183، وأورده الفخر الرازي في تفسيره (27: 215). (¬3) انظر: تعليق محقق فضائل القرآن على الحديث، ص 183. (¬4) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن (16: 149).

الشبهة الرابعة: تناقض معنى القراءات

الشبهة الرابعة: تناقض معنى القراءات : زعم المستشرق جولد زيهر: وجود التناقض بين القراءات في المعنى، واستدل على ذلك بالقراءتين المتناقضتين في أول سورة الروم، أولاهما غُلِبَتِ الرُّومُ بالبناء للمجهول، وسَيَغْلِبُونَ بالبناء للفاعل والقراءة الثانية ببناء (غلبت) للفاعل وسَيَغْلِبُونَ للمفعول، وهاتان قراءتان متعارضتان في المعنى (¬1). الرد على هذه الشبهة : إن القراءة الأولى، وهي ببناء غَلَبَتْ للمفعول هي القراءة المتواترة الصحيحة، أما القراءة الثانية ببناء (غلبت) للفاعل فهي قراءة شاذة، والقراءة الشاذة لا تقوى على معارضة القراءة الصحيحة ولا تصلح لمقابلتها، فالقراءة الشاذة ليست قرآنا، ولا يجوز قراءتها على أنها من القرآن، أو إيهام السامع ذلك، وإنما تروى للاحتجاج بها في الفقه واللغة أو للعلم بها (¬2) ولذا فلا ينبغي أن يقال إن في هذا الموضع قراءتين، بل هي قراءة واحدة صحيحة والقراءة الأخرى لا تصح ولا تعدّ قراءة (¬3). وعلى فرض التسليم بصحتها فإنه يمكن الجمع بين القراءتين، بأن كلا منهما تتحدث عن حادثة، فالقراءة الأولى تتحدث عن انتصار الفرس على الروم، وتبشر بانتصار الروم على الفرس خلال بضع سنين، وأن ذلك النصر المبشّر به سيترافق مع نصر آخر للمسلمين على المشركين، وهذا ما حصل فقد تزامن انتصار الروم على الفرس، مع غزوة بدر التي انتصر فيها المسلمون على المشركين. أما القراءة الثانية فتخبر أن الروم انتصروا على سواد الشام وتبشر المسلمين بالانتصار على الروم بعد ذلك ببضع سنين، وقد غزا المسلمون الروم في السنة التاسعة من نزول الآية وفتحوا بعض بلادهم. فهذا المعنى الذي أفادته هذه القراءة لا يتناقض مع المعنى الذي أفادته القراءة القراءة، لأن التناقض لا يتحقق إلا إذا توارد شيئان متضادان على أمر واحد وفي زمن ¬

_ (¬1) جولد زيهر، مذاهب التفسير الإسلامي، ص 29. (¬2) القسطلاني، لطائف الإشارات (1: 72). (¬3) ابن الجزري، النشر (1: 49) وعبد القيوم السندي، صفحات في علوم القراءات (134).

الشبهة الخامسة: مخالفة بعض القراءات اللغة العربية

واحد، فلو قلنا: حضر زيد وذهب عمرو، وحضر عمرو وذهب زيد في الوقت نفسه، فقد اجتمع الذهاب والحضور في زمن واحد وهذا تناقض، ولو قلنا: حضر زيد وذهب عمرو أمس، وحضر عمرو وذهب زيد اليوم، فلا تناقض، لحصول الأمرين في زمنين مختلفين (¬1). ولم يسعف الواقع هذا المستشرق أن يجد مثالا واحدا فيه تعارض بين قراءتين متواترتين، ولو وجد لفرح به وسارع إلى نشره وإذاعته، ولكن اختلاف القراءات اختلاف تنوع وتغاير وليس اختلاف تعارض وتناقض (¬2) وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء: 82]. الشبهة الخامسة: مخالفة بعض القراءات اللغة العربية : طعن عدد من علماء اللغة وغيرهم في بعض أوجه القراءات، ظنا منهم أنها تخالف اللغة، أو لأنها تخالف المشهور من مذهبهم (¬3)، ومن ذلك طعنهم في قراءة حمزة (والأرحام) بالجر، وفي قراءة ابن عامر: (شركائهم) بالياء، وفي قراءة (إنّ هذان لساحران) بتشديد إنّ وبالألف بعد الذال، وفي قراءات أخرى لمخالفتها المشهور من قواعد اللغة. الرد على هذه الشبهة : القراءات المتواترة الصحيحة كلها موافقة للغة العربية ولو بوجه فصيح أو أفصح، وهذا أحد شروط القراءة المقبولة (¬4)، وقد قام العلماء بتتبع جميع القراءات التي طعن فيها أو ردّها بعض النحاة أو غيرهم، وتبيين وجهها في اللغة، فمخالفة القراءة لوجه من وجوه اللغة لا يعني مخالفتها للغة، واللغة واسعة فيها المشهور والضعيف، والنادر والغريب، وكان الأولى بأئمة النحو الذين تسرعوا في ردّ بعض أوجه القراءة أن ¬

_ (¬1) عبد الفتاح القاضي، القراءات في نظر المستشرقين والملحدين، 111 - 122، وأحمد البيلي، الاختلاف بين القراءات، ص 98 - 101. (¬2) د. السيد رزق الطويل، في علوم القراءات، ص 27. (¬3) د. السيد رزق الطويل، في علوم القراءات، ص 66، ود. محمود الصغير، القراءات الشاذة، ص 518 - 532. (¬4) أبو شامة، المرشد الوجيز، ص 171.

يعدّلوا موقفهم وأن يجعلوا ما جاءت به القراءة أساسا لقواعد النحو لا العكس، وقد وقف هذا الموقف عدد من أئمة النحاة المعتبرين كابن مالك وأبي حيان وابن هشام. وأما قراءة حمزة (والأرحام) بالخفض من قوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ [النساء: 1]، بعطف لفظ الأرحام على الضمير المتصل وهو الهاء، المجرور بالياء، في (به) فهي جائزة عند الكوفيين، واحتجوا بقراءة حمزة وبعدد من الشواهد من نثر العرب وشعرهم، ومنها قول الشاعر (¬1): فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا ... فاذهب فما بك والأيام من عجب فلفظ الأيام مخفوض بالعطف على الكاف في بك، والتقدير: بك وبالأيام. ولذا رجح ابن مالك جواز مثل هذا العطف فقال في ألفيته (¬2): وعود خافض لدى عطف على ... ضمير خفض لازما قد جعلا وليس عندي لازما إذ قد أتى ... في النثر والنظم الصحيح مثبتا والتجرؤ على ردّ مثل هذه القراءة خطير، فهي ليست قراءة حمزة وحده، ونسبتها إليه لاشتهاره بها، وقد قرأ بها كثيرون منهم: الأعمش، وابن أبي ليلى، وطلحة بن مصرف، وجعفر الصادق، وحمران بن أعين، والأسود بن يزيد بن قيس، وزر بن حبيش، وعلقمة بن قيس، وزيد بن وهب، ومسروق بن الأجدع (¬3) فهؤلاء جميعهم من شيوخ حمزة، وهي بذلك ثابتة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم فمن ردّها فقد ردّ على النبي صلّى الله عليه وسلم، وهذا مقام خطير محذور لا يقلد فيه أئمة اللغة والنحو (¬4). وأما قراءة ابن عامر: وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ [الأنعام: 137] وفيها الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول، وهو غير جائز عند البصريين إلا للضرورة (¬5)، وخالفهم عدد من الأئمة وقالوا بجواز ¬

_ (¬1) أورده ابن خالويه في: الحجة في القراءات السبع ص 118، وأبو زرعة في حجة القراءات ص 190 وغيرها. (¬2) ابن مالك، ألفية النحو والصرف، باب العطف، ص 48. (¬3) ابن الجزري، غاية النهاية (1: 315 و 343) ومواضع أخرى والنشر (1: 165). (¬4) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن (5: 4). (¬5) أبو البركات بن الأنباري، البيان في غريب إعراب القرآن (1: 343).

ذلك (¬1)، معتمدين على هذه القراءة، وهي قراءة ابن عامر العربي الفصيح أعلى القراء العشرة سندا (¬2)، وقراءته موافقة لقراءة أهل الشام، وموافقة لرسم المصحف الشامي (شركائهم) بالياء (¬3) ويؤيدها عدد من الشواهد منها قول الشاعر (¬4): حملت إليه من لساني حديقة ... سقاها الحجى سقي الرياض السحائب أي: سقي السحائب الرياض. وأما قراءة إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [طه: 63] بالتشديد وبالألف، فقرأ بها نافع وابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي وأبو جعفر ويعقوب وخلف العاشر وتحتمل هذه القراءة أكثر من توجيه، منها (¬5): 1 - مجيئها على لهجة بلحارث بن كعب وخثعم وزبيد وكنانة، الذين يلزمون المثنى الألف دائما فيقولون: جاء الزيدان، ورأيت الزيدان، ومررت بالزيدان. 2 - (إن) بمعنى نعم، فتكون غير عاملة، وتكون (هذان) مبتدأ، و (ساحران) خبر لمبتدإ محذوف والتقدير: لهما ساحران، والجملة خبر (هذان)، ولا يكون (لساحران) خبر (هذان) لأن لام الابتداء لا تدخل على خبر المبتدأ. 3 - أن أصلها: إنه هذان لهما ساحران، وحذف ضمير الشأن، وهو اسم (إن) وما بعدها مبتدأ وخبر، والجملة في محل رفع خبر (إن)، ثم حذف المبتدأ الثاني وهو (هما). وبهذا يتبين لنا أن ما يوجه إلى القراءات من طعن مردود على قائله، والقراءات كلها موافقة للغة العرب، وكان الأولى بالنحاة أن يتجنبوا هذه المزلة وأن يجعلوا القراءات أساسا لقواعد النحو، والعجب من النحاة أنهم يثبتون لغة ببيت أو عبارة قد تكون لمجهول، ولا يثبتونها بالقراءة المتواترة من أئمة السلف. ¬

_ (¬1) كابن مالك (شرح الكافية الشافية) ص 978، وأبي حيان، البحر المحيط (4: 230)، وابن المنير، الانتصاف (2: 41) والسيوطي، جمع الجوامع (2: 52). (¬2) الذهبي، معرفة القراء الكبار (1: 82). (¬3) الداني، المقنع ص 103. (¬4) البيت لأبي الطيب المتنبي، ديوان المتنبي ص 228. (¬5) ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب (1: 37 - 39)، ود. أحمد الغامدي، تخريج أوجه الإعراب ص 72 و 73.

الخاتمة

الخاتمة الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، فقد وقفنا لإتمام هذا الكتاب الذي نرجو أن يجد فيه الدارس بغيته مما يتعلق بعلم القراءات القرآنية. ويقتضي المقام أن نورد أبرز الأفكار التي وردت في هذا الكتاب والنتائج التي توصل إليها، فمن ذلك: 1 - عرض أهم روايات حديث الأحرف السبعة، وأقوال العلماء في معناها، ومناقشة تلك الأقوال، وصولا إلى تقرير الرأي الذي يرجحه الباحثون. وإعطاء بعض الأمثلة الموضحة، ثم بيان الحكم المستفادة من نزول القرآن على سبعة أحرف. 2 - الحديث عن جمع القرآن الكريم في عهد عثمان رضي الله عنه، وأهمية ذلك في فهم معنى الأحرف السبعة وبيان الفرق بين جمع القرآن في عهد أبي بكر وجمعه في عهد عثمان رضي الله عنهما. 3 - توضيح العلاقة بين الأحرف السبعة والقراءات العشر المتواترة. 4 - الحديث عن مفهوم علم القراءات ونشأته كعلم مستقل والمراحل التي مرّ بها، وبيان الشروط المعتبرة في قبول القراءة أو ردّها، وأنواع القراءات ومصدرها، ودور ابن مجاهد في نشأة نظام القراءات السبع، وأثره على التأليف في القراءات، وموقف العلماء من صنيعه. 5 - بحث موضوع القراءات الشاذة وأنواعها وحكمها، ورواتها، وأهم المؤلفات فيها وطرق معرفتها، وبعض الأمثلة التوضيحية. 6 - تقسيم القراءات القرآنية حسب اعتبارات عديدة، كاعتبار نوع الاختلاف الواقع في الكلمات القرآنية أمن الأصول هو أم من الفرش، واعتبار نسبة القراءات لناقليها للتفرقة بين القراءة والرواية والطريق، وبيان الخلاف الواجب والخلاف الجائز. 7 - التعريف بالقراء العشرة بشيء من التفصيل بحيث يتضمن التعريف اسم القارئ ونسبه وأهم شيوخه وتلاميذه وصفاته وأقوال العلماء فيه وبيان تاريخ وفاته. وكذا التعريف بالرواة عن القراء العشرة، وأسانيد القراء متصلة إلى النبي صلّى الله عليه وسلم.

8 - التعريف بأصول القراءات، كالاستعاذة والبسملة والإدغام والإظهار والمد وأنواعه، والإبدال والتسهيل والنقل والإمالة والتقليل، والتفخيم والترقيق والوقف والقطع والسكت وغير ذلك ثم التعريف بالأصول التي تراعى لكل واحد من القراء العشرة ورواته، وإعطاء نموذج تطبيقي من القرآن الكريم على كل قراءة من القراءات العشر. 9 - التعريف بالعلوم المتصلة بعلم القراءات كالتجويد والرسم والضبط وعلم التحريرات والوقف والابتداء، وعلم توجيه القراءات، وطبقات القراء، وعلم الفواصل، مع بيان أهم الكتب في كل علم من هذه العلوم. 10 - عرض ومناقشة بعض الشبهات التي وجهت للقراءات القرآنية، كالطعن في تواترها، ومصدرها، ونظرية القراءة بالمعنى، والقول بتناقضها، ودعوى مخالفة بعض القراءات للغة العربية، ثم الردّ على كل واحدة من هذه الشبهات بالأدلة الكفيلة بدحضها. وأخيرا فقد رأى الباحثون أن يلحقوا بالكتاب نموذجا كاملا للخطة الدراسية لدرجة البكالوريوس في تخصص القراءات القرآنية، ووصفا لمواد هذه الخطة، فإذا أرادت أي جهة أو مؤسسة تعليمية أن تنشئ قسما أو معهدا لتدريس القراءات القرآنية أمكنها أن تستعين بهذه الخطة والوصف، أو تجد بين يديها منهجا تبني عليه أو تنسج على منواله. ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم والحمد لله رب العالمين تم الفراغ منه في 7/ 7/ 1422 هـ- 23/ 9/ 2001 م حرسها الله

الخطة الدراسية لدرجة البكالوريوس في القراءات القرآنية في كلية الدعوة وأصول الدين- جامعة البلقاء التطبيقية

الخطة الدراسية لدرجة البكالوريوس في القراءات القرآنية في كلية الدعوة وأصول الدين- جامعة البلقاء التطبيقية اسم الدرجة العلمية: بكالوريوس في القراءات القرآنية: 1 - مكونات الخطة: تتكون الخطة الدراسية لدرجة البكالوريوس في القراءات القرآنية من (137) ساعة معتمدة موزعة على النحو الآتي: الرقم/ نوع المادة/ الساعات المعتمدة 1/ متطلبات الجامعة/ 31 ساعة 2/ متطلبات الكلية/ 25 ساعة 3/ متطلبات التخصص/ 69 ساعة 4/ متطلبات مساندة/ 12 ساعة المجموع:/ 137 ساعة أولا: متطلبات الجامعة: (31) ساعة معتمدة موزعة على النحو الآتي: أ- المتطلبات الإجبارية: (25) ساعة معتمدة وتشمل المواد الآتية: رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات الأسبوعية/ الساعات/ المتطلب// نظري/ عملي/ المعتمدة/ السابق ع ع 100/ العلوم العسكرية/ 3/-/ 3/- ل ع 101/ اللغة العربية 1/ 3/-/ 3/- ل ز 101/ اللغة الإنجليزية 1/ 3/-/ 3/- ل ع 102/ اللغة العربية 2/ 3/-/ 3/ ل ع 101 ل ز 102/ اللغة الإنجليزية 2/ 3/-/ 3/ ل ز 101 ت م 111/ مهارات الحاسوب/-/ 6/ 3/- ل ز 201/ الكتابة التقنية/ 3/-/ 3/ ل ز 102 ت م 112/ حاسوب 2/-/ 6/ 4/ ت م 111

ب- المتطلبات الاختيارية: (6) ساعة معتمدة يختارها الطالب من بين المواد التي تطرحها الكليات الجامعية. ثانيا: متطلبات الكلية: (25) ساعة معتمدة موزعة على النحو الآتي: رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات الأسبوعية/ الساعات/ المتطلب// نظري/ عملي/ المعتمدة/ السابق د ص 121/ علوم القرآن الكريم/ 3/-/ 3/- د ص 111/ علوم الحديث/ 3/-/ 3/- ف أ 111/ المدخل إلى الفقه الإسلامي/ 3/-/ 3/- ف أ 112/ فقه عبادات 1/ 3/-/ 3/- ف أ 141/ أصول فقه 1/ 3/-/ 3/- د ص 131/ عقيدة 1/ 3/-/ 3/- د ص 191/ التلاوة والحفظ والتجويد 1/-/ 3/ 1/- د ص 122/ تفسير 1/ 3/-/ 3/- د ص 251/ نحو 1/ 3/-/ 3/- ثالثا: متطلبات الكلية: (69) ساعة معتمدة موزعة على النحو الآتي: 1 - متطلبات التخصص الإجبارية: (60) ساعة معتمدة على النحو التالي: رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات الأسبوعية/ الساعات/ المتطلب// نظري/ عملي/ المعتمدة/ السابق ق ق 111/ المدخل إلى علم القراءات/ 3/-/ 3/- ق ق 191/ الأداء القرآني 1/ 2/ 3/ 3/ د ص 191 ق ق 192/ الأداء القرآني 2/ 2/ 3/ 3/ ق ق 191

ق ق 221/ القراءات السبع (شرح الشاطبية) 1/ 3/-/ 3/ ق ق 192 ق ق 222/ القراءات السبع (شرح الشاطبية) 2/ 3/-/ 3/ ق ق 221 ق ق 231/ رسم المصحف وضبطه/ 3/-/ 3/- ق ق 293/ تطبيق القراءات السبع 1/-/ 6/ 3/ ق ق 221 ق ق 294/ تطبيق القراءات السبع 2/-/ 6/ 3/ ق ق 293 ق ق 313/ توجيه القراءات 1/ 3/- 3/- ق ق 323/ القراءات السبع (شرح الشاطبية) 3/ 3/-/ 3/ ق ق 222 ق ق 333/ علم الفواصل/ 3/-/ 3/- ق ق 395/ تطبيق القراءات السبع 3/-/ 6/ 3/ ق ق 294 ق ق 396/ تطبيق القراءات السبع 4/-/ 6/ 3/ ق ق 395 ق ق 414/ توجيه القراءات 2/ 3/-/ 3/ ق ق 313 ق ق 424/ القراءات الثلاث (شرح الدرة) / 3/-/ 3/ ق ق 323 ق ق 425/ طيبة النشر في القراءات العشر/ 3/-/ 3/- ق ق 426/ القراءات الشاذة/ 3/-/ 3/ ق ق 424 ق ق 443/ التفسير التحليلي/ 3/-/ 3/- ق ق 497/ تطبيق القراءات الثلاث 1/-/ 6/ 3/ ق ق 424 ق ق 498/ تطبيق القراءات الثلاث 2/-/ 6/ 3/ ق ق 497

2 - متطلبات التخصص الاختيارية: (9) ساعات معتمدة يختارها الطالب من بين المواد الآتية: رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات الأسبوعية/ الساعات/ المتطلب// نظري/ عملي/ المعتمدة/ السابق ف أ 112/ فقه عبادات 2/ 3/-/ 3/ د ص 142 د ص 223/ تفسير 2/ 3/-/ 3/ د ص 212 د ص 315/ السيرة النبوية/ 3/-/ 3/- ق ق 342/ فقه الكتاب والسنة في ضوء القراءات/ 3/-/ 3/- ق ق 351/ الدراسات الصوتية عند علماء القراءات/ 3/-/ 3/- د ص 353/ قواعد الكتابة والترقيم/ 3/-/ 3/- ق ق 412/ أعلام القراء/ 3/-/ 3/- د ص 446/ التاريخ والحضارة الإسلامية/ 3/-/ 3/- رابعا: المتطلبات المساندة: (12) ساعة معتمدة موزعة على النحو الآتي: رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات الأسبوعية/ الساعات/ المتطلب// نظري/ عملي/ المعتمدة/ السابق د ص 352/ النحو 2/ 3/-/ 3/ د ص 271 د ص 343/ الخطابة والتدريس/ 2/ 1/ 3/- ق ق 452/ البلاغة القرآنية/ 3/-/ 3/- د ص 454/ علم الصرف العربي/ 3/-/ 3/-

الخطة الاسترشادية لدرجة البكالوريوس في القراءات القرآنية

الخطة الاسترشادية لدرجة البكالوريوس في القراءات القرآنية: الفصل الدراسي الأول/ الفصل الدراسي الثاني رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات المعتمدة/ رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات المعتمدة ل ع 101/ اللغة العربية 1/ 3/ ع ع 100/ العلوم العسكرية/ 3 ل ز 101/ اللغة الإنجليزية 1/ 3/ ق ق 111/ المدخل إلى علم القراءات/ 3 د ص 121/ علوم القرآن الكريم/ 3/ ف أ 141/ أصول الفقه/ 3 ف أ 111/ المدخل إلى الفقه الإسلامي/ 3/ د ص 131/ عقيدة 1/ 3 ف أ 112/ فقه العبادات 1/ 3/ ق ق 191/ الأداء القرآني 1/ 3 د ص 191/ التلاوة والحفظ/ والتجويد 1/-/ مادة اختيارية/ 3 المجموع:/ 16/ المجموع:/ 18 الفصل الدراسي الثالث/ الفصل الدراسي الرابع رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات// المعتمدة/// ل ع 102/ اللغة العربية 2/ 3/ ل ز 102/ اللغة الإنجليزية/ 3 ت م 111/ مهارات الحاسوب/ 3/ ق ق 222/ القراءات السبع (شرح الشاطبية) 2/ 3 د ص 111/ علوم حديث/ 3/ ق ق 231/ رسم المصحف وضبطه/ 3 ف ق 192/ الأدب القرآني/ 3/ د ص 251/ نحو 1/ 3 د ص 212/ تفسير 1/ 3/- مادة اختيارية/ 3 ق ق 221/ القراءات السبع (شرح الشاطبية) 1/ 3/-/-/- المجموع:/ 18/ المجموع:/ 15

الفصل الدراسي الصيفي رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات المعتمدة ت م 112/ حاسوب 2/ 3 ق ق 293/ تطبيق القراءات السبع 1/ 3 المجموع:/ 6 الفصل الدراسي الخامس/ الفصل الدراسي السادس رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات المعتمدة/ رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات المعتمدة ل ز 201/ الكتابة التقنية/ 3/ ق ق 313/ توجيه القراءات (1) / 3 ق ق 294/ تطبيق القراءات السبع 2/ 3/ د ص 343/ الخطابة والتدريس/ 3 ق ق 323/ القراءات السبع (شرح الشاطبية) 3/ 3/ ق ق 395/ تطبيق القراءات السبع 3/ 3 ق ق 333/ علم الفواصل/ 3/ ق ق 424/ القراءات الثلاث (شرح الدرة) / 3 د ص 352/ نحو 2/ 3/-/ مادة اختيارية/ 3 مادة اختيارية/ 3/-/-/- المجموع:/ 18/ المجموع:/ 15

الفصل الدراسي السابع/ الفصل الدراسي الثامن رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات المعتمدة/ رقم المادة/ اسم المادة/ الساعات المعتمدة ق ق 396/ تطبيق القراءات السبع 4/ 3/ ق ق 426/ القراءات الشاذة/ 3 ق ق 412/ أعلام القراء/ 3/ ق ق 452/ البلاغة القرآنية/ 3 ق ق 414/ توجيه القراءات 2/ 3/ د ص 454/ علم الصرف العربي/ 3 ق ق 425/ طيبة النشر في القراءات العشر/ 3/ ق ق 498/ تطبيق القراءات الثلاث 2/ 3 ق ق 443/ التفسير التحليلي/ 3/-/-/- ق ق 497/ تطبيق القراءات الثلاث 1/ 3/-/-/- المجموع:/ 18/ المجموع:/ 12

وصف المواد التي يطرحها قسم القراءات وتدرس في بكالوريوس القراءات

وصف المواد التي يطرحها قسم القراءات وتدرّس في بكالوريوس القراءات 1 - (ق ق 111) المدخل إلى القراءات (معتمدة: 3، نظري: 3، عملي: 0) الأحرف السبعة والروايات الواردة فيها، والقراءات وتاريخها، والتدوين فيها وأشهر علماء القراءات، وأبرز العلوم المتصلة بالقراءات كعلم التجويد والرسم والضبط والفواصل، وعلم الاحتجاج للقراءة وأشهر المؤلفات في كل من هذه العلوم. 2 - (ق ق 191) الأداء القرآني (1) (3 - 2 - 3) علم الأداء القرآني، ونشأته وتاريخه، وأشهر المؤلفات فيه، وشرح أصول هذا العلم كمخارج الحروف وألقابها وصفاتها اللازمة والعارضة، والتفخيم والترقيق، مع التطبيق العملي لهذه المصطلحات وإتقانها. المتطلب السابق: (د ص: 191) 3 - (ق ق 192) الأداء القرآني (2) (3 - 2 - 3) بيان علاقة الحروف ببعضها، وما ينشأ عنه عن أحكام المتماثلين والمتجانسين والمتقاربين، وأحكام البدء بهمزة الوصل، وحكم اجتماع همزتي القطع والوصل معا في كلمة واحدة، وكيفية الوقف على أواخر الكلم، وأنواع الوقف والابتداء الجائز وغير الجائز، وأحكام المقطوع والموصول، وتاء التأنيث، والتنبيهات المتعلقة برواية حفص. المتطلب السابق: (ق ق 191) 4 - (ق ق 221) القراءات السبع (شرح الشاطبية) (1) (3 - 3 - 0) القراء السبعة ورواتهم وقراءاتهم، وشرح أصول قراءاتهم كاملة، بحيث يصبح لدى الطالب معرفة جيدة بتطبيق هذه الأصول في أثناء التلاوة. المتطلب السابق: (ق ق 192) 5 - (ق ق 222) القراءات السبع (شرح الشاطبية) (2) (3 - 3 - 0) شرح فرش القراءات السبع، من أول سورة البقرة إلى آخر سورة الكهف، من خلال حفظ أبيات الشاطبية المتعلقة بذلك وشرحها ليكون الطالب قادرا على معرفة مواضع اختلاف القراء السبعة. المتطلب السابق: (ق ق 221)

6 - (ق ق 231) رسم المصحف وضبطه (3 - 3 - 0) رسم المصحف، وبيان القواعد المتبعة في رسم المصحف الشريف، وكيفية كتابته، والقواعد العامة في ذلك من حيث الزيادة والنقص والحذف والإثبات والإبدال ونحوها، مما يسهل على الدارس القراءة في المصحف، والتفريق بين الكتابة بالخط الإملائي أو الرسم العثماني وبيان حكم كتابة المصحف الشريف بالخط الإملائي وكلام العلماء في ذلك. بيان القواعد والأسس التي وضعها العلماء لإزالة اللبس والاستشكال عن الحروف والكلمات في النص القرآني بحيث تقرأ صحيحة سليمة، وتبيين الفروق في كيفيات الضبط المتبعة لدى العلماء، والفرق بين ضبط المصحف الشريف وما تعارف عليه علماء العربية في كتاباتهم. 7 - (ق ق (293) تطبيق القراءات السبع (1) (3 - 0 - 6) التطبيق العملي لما سبق دراسته في مادة: القراءات السبع، حيث يقرأ الطلبة الأجزاء المقررة من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الأنعام بالقراءات السبع حسب طريقة الجمع بالوقف مع الحرص على الترتيب والإحاطة بجميع الأوجه. المتطلب السابق (ق ق 221) 8 - (ق ق 294) تطبيق القراءات السبع (2) (3 - 0 - 6) التطبيق العملي لما سبق دراسته في مادة القراءات السبع، حيث يقرأ الطالب الأجزاء المقررة من أول سورة الأعراف إلى آخر سورة الكهف بالقراءات السبع بطريقة الجمع بالوقف مع الحرص على الترتيب والإحاطة بجميع الأوجه. المتطلب السابق: (ق ق 293) 9 - (ق ق 313) توجيه القراءات (1) (3 - 3 - 0) بيان معنى التوجيه اللغوي والبياني للقراءات القرآنية، وبيان أن القراءة القرآنية الصحية لا تعارض أو تخالف الأصول الصحيحة والمذاهب النحوية المرضية لدى العلماء، والتعرف على الأصول والمذاهب النحوية في معاني القراءات وتوجيهها، ليصير إلى المعنى المراد من القراءات القرآنية على اختلافها وتنوعها.

10 - (ق ق 323) القراءات السبع (شرح الشاطبية) (3) (3 - 3 - 0) دراسة وشرح فرش القراءات السبع، من أول سورة مريم إلى آخر سورة الناس، من خلال حفظ أبيات الشاطبية المتعلقة بذلك ليكون الطالب قادرا على معرفة مواضع اختلاف القراء السبعة. 11 - (ق ق 333) علم الفواصل (3 - 3 - 0) بيان مذاهب العلماء في عدد آي القرآن الكريم، وكم عدد آي القرآن الكريم عند كل منهم، وبيان المواضع المختلفة فيها بين علماء العدد من خلال استعراض آي القرآن الكريم، وبيان المدارس المعتبرة في ذلك، وبيان أن العلماء لم يختلفوا في ثبوت آية أو عدم ثبوتها، ولا في زيادة آية في القرآن أو نقص آية منه. 12 - (ق ق 342) فقه الكتاب والسنة في ضوء القراءات (3 - 3 - 0) دراسة فضائل القرآن الكريم من الكتاب والسنة، والأحكام الفقهية المتعلقة بقارئ القرآن في الطهارات، والأحكام الفقهية المتعلقة بقارئ القرآن في داخل الصلاة وخارجها، ودراسة الأحاديث الواردة في الأحرف السبعة، وبيان فقهها من السنة النبوية الشريفة، وبيان علاقتها بالقراءات العشر المتواترة، ودراسة بعض المسائل الفقهية المتعلقة بالوقف والابتداء، وحكم الجمع بين القراءات. 13 - (ق ق 351) الدراسات الصوتية عند علماء القراءات (3 - 3 - 0) مفهوم الدراسات الصوتية، وأنواعها، ومناهج العلماء فيها، وأهم المصنفات فيها، ومصادر الدراسات الصوتية عند علماء القراءات، ومناهجها، ودراسة الأصوات العربية عند علماء القراءات على مستوى التحليل والتركيب. 14 - (ق ق 395) تطبيق القراءات السبع (3) (3 - 0 - 6) التطبيق العملي لما سبق دراسته في مادة القراءات السبع، حيث يقرأ الطالبة الأجزاء المقررة من أول سورة مريم إلى آخر سورة فاطر، بالقراءات السبع بطريقة الجمع بالوقف مع الحرص على الترتيب والإحاطة بجميع الأوجه. المتطلب السابق: (ق ق 294)

15 - (ق ق 396) تطبيق القراءات السبع (4) (3 - 0 - 6) التطبيق العملي لما سبق دراسته في مادة القراءات السبع حيث يقرأ الطالبة الأجزاء المقررة من أول سورة يس إلى آخر سورة الناس، بالقراءات السبع بطريقة الجمع بالوقف مع الحرص على الترتيب والإحاطة بجميع الأوجه. المتطلب السابق: (ق ق 395) 16 - (ق ق 412) أعلام القراء (3 - 3 - 0) ترجمة لعدد من أعلام القراء، ممن كان لهم دور بارز في هذا العلم والوقوف عند النقاط المهمة في حياتهم التي يمكن استلهام العبد والفوائد منها. 17 - (ق ق 414) توجيه القراءات (2) (3 - 3 - 0) بيان المعاني التي تحملها القراءات القرآنية على اختلافها وتنوعها، والوجهة اللغوية والبيانية لكل قراءة، وتبين المذاهب النحوية والبلاغية في أوجه القراءات، والرد على شبه المغرضين في الطعن في كتاب الله تعالى، ومحاولة بعضهم رد هذه القراءات أو عزوها للرسم أو للهجات العربية دون تعليم النبي للصحابة وتفنيد مزاعمهم في ذلك. المتطلب السابق: (ق ق 313) 18 - (ق ق 424) القراءات الثلاث (شرح الدرة) (3 - 3 - 0) قراءات الأئمة الثلاثة أبو جعفر ويعقوب وخلف وشرح أصولها وفرشها، وبيان أوجه اختلافهم واتفاقهم، والتعرف على أوجه الاختلاف بين رواتهم أصولا وفرشا. المتطلب السابق: (ق ق 323) 19 - (ق ق 425) طبية النشر في القراءات العشر (3 - 3 - 0) تعريف بمنظومة: طيبة النشر التي تعد مرجعا مهما جدا في علم القراءات، وبشروحها، وبأسلوب ناظمها، ومنهجه. 20 - (ق ق 426) القراءات الشاذة (3 - 3 - 0) القراءات الشاذة، وتبين الفرق بينها وبين القراءة الصحيحة، وحكمها، وحكم الاستشهاد بها، وأنواعها، والتعريف بأصول القراء الأربعة (الحسن البصري،

الأعمش، اليزيدي، ابن محيصن)، وغيرهم ممن تنسب إليهم قراءات شاذة، والاطلاع على عدد كلمات الخلاف بينهم، وعلى عدد من المؤلفات في القراءات الشاذة. المتطلب السابق: (ق ق 424) 21 - (ق ق 443) التفسير التحليلي (3 - 3 - 0) دراسة تفسير سور مختارة تفسيرا تحليليا يتم من خلاله التعرض لمعاني المفردات وأسباب النزول والقراءات والنسخ والمناسبة بين الآيات والأحكام والمعنى التفصيلي وما ترشد إليه الآيات الكريمة. 22 - (ق ق 452) البلاغة القرآنية (3 - 3 - 0) بيان مفهوم البلاغة، وعلمها، وتاريخها، وتطورها، وتقدم محتوى قضايا علم المعاني، ومصطلحات علم البيان، ثم الصناعة اللفظية، والمعنوية، وأخيرا البناء الفني للصورة الفنية في القرآن الكريم المتضمن للظاهرة الجمالية في ضوئها ذي التعبير المعجز من الله سبحانه وتعالى. 23 - (ق ق 497) تطبيق القراءات الثلاث (1) (3 - 0 - 6) التطبيقات العملية على القراءات الثلاث بحيث يتدرب الطلبة على أصول القراءات الثلاث، وكيفية تلقيها، وإتقانها، والتطبيقات على فرش الحروف من أول سورة البقرة إلى آخر سورة الأنفال. المتطلب السابق: (ق ق 424) 24 - (ق ق 498) تطبيق القراءات الثلاث (2) (3 - 0 - 6) التطبيقات العملية على القراءات الثلاث بحيث يتدرب الطلبة على كيفية تلقي وإتقان القراءات الثلاث من أول سورة التوبة إلى آخر سورة الناس مع المراجعة المستمرة والتأكيد الدائم على أصول القراءات. المتطلب السابق: (ق ق 497)

المصادر والمراجع

المصادر والمراجع 1 - الآمدي، علي بن محمد الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، المكتب الإسلامي، دمشق، ط 2، 1402 هـ. 2 - د. إبراهيم بن سعيد الدوسري، الإمام المتولي وجهوده في علم القراءات، مكتبة الرشد، الرياض، ط الأولى 1420 هـ- 1999 م. 3 - إبراهيم محمد الجرمي، الإمام الشاطبي سيد القراء، دار القلم، دمشق، ط الأولى، 1420 هـ- 2000 م. 4 - إبراهيم مصطفى ورفاقه، المعجم الوسيط، دار الدعوة، مصر، ط الثالثة. 5 - ابن الأثير أبو السعادات المبارك بن أبي الكرم (ت 606 هـ)، النهاية في غريب الحديث والأثر، المكتبة العلمية، بيروت. 6 - أحمد البيلي، الاختلاف بين القراءات، دار الجيل، بيروت، والدار السودانية للكتب، الخرطوم. 7 - أحمد بن حنبل، (ت 241 هـ) المسند، تحقيق شعيب الأرناءوط، مؤسسة الرسالة. 8 - د. أحمد خالد شكري، قراءة الإمام نافع من روايتي قالون وورش من طريق الشاطبية، دار الفرقان، ط الأولى 1417 هـ- 1996 م. 9 - د. أحمد خالد شكري، القراءات في تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، رسالة ماجستير غير منشورة، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 1987 م. 10 - د. أحمد خالد شكري، الوقف بما يوافق رسم المصحف تقديرا، بحث مقبول للنشر في مجلة المنارة، جامعة آل البيت. 11 - أحمد محمد شاكر، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، دار الكتب العلمية- ط 1، 1983 م، بيروت. 12 - د. أحمد محمد أبو عريش الغامدي، تخريج أوجه الإعراب في القراءات السبع، المكتبة الفيصلية بمكة المكرمة. 13 - إسماعيل بن خلف الأنصاري (ت 455 هـ)، العنوان في القراءات السبع تحقيق: د. زهير زاهد ود. خليل العطية، عالم الكتب، بيروت، 1985 م. 14 - الأشموني، أحمد بن عبد الكريم (القرن العاشر)، منار الهدى في بيان الوقف والابتداء، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر ط الثانية 1393 هـ- 1973 م.

15 - الاندرابي، أحمد بن أبي عمر (ت بعد 500 هـ)، قراءات القراء المعروفين بروايات الرواة المشهورين، تحقيق: د. أحمد نصيف الجنابي، مؤسسة الرسالة، ط الثالثة 1407 هـ- 1986 م. 16 - الباقلاني، أبو بكر بن الطيب (ت 403 هـ) الانتصار للقرآن، تحقيق د. محمد عصام القضاة، دار الفتح، عمّان ودار ابن حزم، بيروت، ط الأولى، 1422 هـ- 2001 م. 17 - أبو البركات بن الأنباري، (ت 577 هـ)، البيان في غريب إعراب القرآن، تحقيق: د. عبد الحميد طه، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1980 م. 18 - أبو بكر العطاس بن عبد الله بن علوي الحبشي، تيسير الأمر لمن يقرأ من العوام بقراءة أبي عمرو، دار الآفاق، جدة، 1403 هـ. 19 - أبو بكر محمد أبو اليمن، المختصر المفيد في معرفة أصول رواية أبي سعيد (ورش)، ط 1406 هـ- 1986 م. 20 - البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي (ت 458 هـ)، السنن الكبرى، دار المعرفة، بيروت. 21 - الترمذي محمد بن عيسى بن سورة (ت 279 هـ)، السنن، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط الثانية 1975 م. 22 - التفتازاني، سعد الدين مسعود بن عمر، شرح التلويح، دار الكتب العلمية- بيروت. 23 - ابن الجزري، أحمد بن محمد (ت 859 هـ)، شرح طيبة النشر في القراءات العشر، تحقيق: علي محمد الضباع، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط الأولى، 1369 هـ- 1950 م. 24 - ابن الجزري محمد بن محمد (ت 833 هـ)، تحبير التيسير في القراءات العشر، دراسة وتحقيق، د. أحمد محمد مفلح القضاة، دار الفرقان وجمعية المحافظة على القرآن الكريم، فرع الزرقاء، ط الأولى، 1421 هـ- 2000 م. 25 - ابن الجزري، التمهيد في علم التجويد، تحقيق: د. علي حسين البواب، مكتبة المعارف، الرياض، 1405 هـ. 26 - ابن الجزري، الدرة المضيئة في القراءات الثلاث المتممة للعشرة، ضبط وتصحيح، محمد تميم الزعبي، مكتبة دار الهدى، جدة، ط الأولى 1414 هـ- 1994 م. 27 - ابن الجزري، طيبة النشر في القراءات العشر، تحقيق وتصحيح: محمد تميم الزعبي، دار المطبوعات الحديثة، جدة ط الأولى. 28 - ابن الجزري، غاية النهاية في طبقات القراء، باعتناء برجستراسر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط الثانية، 1400 هـ- 1980 م.

29 - ابن الجزري، منجد المقرئين ومرشد الطالبين، راجعه: محمد حبيب الله الشنقيطي وأحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت، 1400 هـ- 1980 م. 30 - ابن الجزري، النشر في القراءات العشر، راجعه: علي محمد الضباع، دار الكتب العلمية، بيروت. 31 - الجمزوري، سليمان بن حسين (ت نحو 1200 هـ)، الفتح الرحماني شرح كنز المعاني بتحرير حرز الأماني، تحقيق: عبد الرازق بن علي إبراهيم موسى، بيت الحكمة، القاهرة. 32 - جولد زيهر، (ت 1921 م)، مذاهب التفسير الإسلامي، تعليق: عبد الحليم النجار، مكتبة الخانجي، مصر 1374 هـ- 1955 م. 33 - حاجي خليفة، مصطفى عبد الله (ت 1067 هـ)، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، مكتبة المثنى، بغداد. 34 - د. حازم سعيد حيدر الكرمي، علوم القرآن بين البرهان والإتقان، دار الزمان، المدينة المنورة، ط الأولى، 1420 هـ-. 35 - الحاكم محمد بن عبد الله (ت 405 هـ)، المستدرك على الصحيحين، دار المعرفة، بيروت. 36 - ابن حجر، أحمد بن علي، (ت 852 هـ)، فتح الباري بشرح صحيح البخاري، تحقيق: عبد العزيز بن باز ومحمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب، دار المعرفة، بيروت. 37 - الحموي، أحمد بن عمر بن محمد بن أبي الرضا، (ت 791 هـ)، القواعد والإشارات في أصول القراءات، تحقيق: د. عبد الكريم بن محمد الحسن بكار، دار القلم، دمشق، ط الأولى، 1406 هـ- 1986 م. 38 - أبو حيان، محمد بن يوسف بن علي الغرناطي، (ت 745 هـ)، البحر المحيط في التفسير، مطابع النصر، الرياض. 39 - خالد السبت، مناهل العرفان للزرقاني، دراسة وتقويم دار ابن عفان، السعودية 1997 م. 40 - ابن خالويه، الحسين بن أحمد، (ت 370 هـ)، الحجة في القراءات السبع، تحقيق: د. عبد العال سالم مكرم، مؤسسة الرسالة، ط الخامسة، 1410 هـ- 1990 م. 41 - الخطابي، حمد بن سليمان (ت 388 هـ)، معالم السنن شرح سنن أبي داود، دار الحديث، حمص، ط الأولى، 1973 م. 42 - أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت 275 هـ) سنن أبي داود، تعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت.

43 - دليل جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، أم درمان، السودان، ط الأولى 1416 هـ- 1995 م. 44 - الذهبي، محمد بن أحمد (ت 748 هـ). الكاشف عمن له رواية في الكتب الستة. 45 - الذهبي، محمد بن أحمد، معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار، تحقيق: د. بشار عواد معروف وزميليه، مؤسسة الرسالة، ط الأولى 1404 هـ- 1984 م. 46 - الرازي، فخر الدين محمد بن عمر، (ت 606 هـ)، التفسير الكبير، طهران. 47 - الرازي، محمد بن أبي بكر بن عبد القادر مختار الصحاح. 48 - الرعيني، أبو جعفر، أحمد بن يوسف (ت 779 هـ)، تحفة الأقران فيما قرئ بالتثليث من حروف القرآن، تحقيق: د. علي حسين البواب، دار المنارة، جدة، ط الأولى، 1407 هـ- 1987 م. 49 - الزبيدي، عثمان بن عمر الناشري (ت 848 هـ)، الإيضاح على متن الدرة في القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر، تحقيق: عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى، كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، 1411 هـ. 50 - الزبيدي، محمد بن الحسن (ت 379 هـ)، طبقات النحويين واللغويين، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف بمصر، ط الثانية. 51 - أبو زرعة، عبد الرحمن بن محمد بن زنجلة، (ت نحو 410 هـ)، حجة القراءات، تحقيق: سعيد الأفغاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط الخامسة، 1418 هـ- 1997 م. 52 - الزرقاني، محمد عبد العظيم (ت 1367 هـ- 1948 م)، مناهل العرفان في علوم القرآن، دار الفكر، بيروت، 1988 م. 53 - الزركشي محمد بن عبد الله (ت 794 هـ)، البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة، بيروت، ط الثانية، 1972 م. 54 - زكريا الأنصاري (ت 926 هـ)، المقصد لتلخيص ما في المرشد، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط الثانية، 1393 هـ- 1973 م. 55 - الزمخشري، محمود بن عمر، (ت 538 هـ)، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، دار المعرفة، بيروت. 56 - ساج قلي زاده، محمد بن أبي بكر المرعشي (ت 1150 هـ) جهد المقل، تحقيق: د. سالم قدوري الحمد، دار عمار، عمّان، ط الأولى، 1422 هـ- 2001 م. 57 - السالم محمد محمود أحمد الجكني الشنقيطي، أبحاث في القراءات، ط الأولى 1414 هـ. 58 - ابن السبكي، عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي (ت 771 هـ)، جمع الجوامع، دار الكتب العلمية، بيروت.

59 - السخاوي، علم الدين علي بن محمد (ت 643 هـ)، جمال القراء وكمال الإقراء، تحقيق: د. علي حسين البواب، مكتبة التراث، مكة، ط الأولى، 1408 هـ- 1987 م. 60 - د. السيد رزق الطويل، في علوم القراءات، المكتبة الفيصلية، مكة المكرمة. 61 - السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر (ت 911 هـ) الإتقان في علوم القرآن، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987 م. 62 - السيوطي، همع الهوامع شرح جمع الجوامع، تحقيق: د. عبد العال سالم مكرم، دار البحوث العلمية، الكويت، ط الأولى، 1399 هـ- 1979 م. 63 - أبو شامة، عبد الرحمن بن إسماعيل (ت 665 هـ) إبراز المعاني عن حرز الأماني، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، مطبعة البابي الحبي، مصر. 64 - أبو شامة، المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز، تحقيق: طيار آلتي قولاج، دار صادر، بيروت، 1365 هـ- 1975 م. 65 - د. شعبان محمد إسماعيل، القراءات أحكامها ومصدرها، دعوة الحق، سلسلة شهرية تصدرها رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ط الثانية، 1414 هـ. 66 - الشوكاني، محمد بن علي بن الحمد (ت 1250 هـ)، إرشاد الفحول إلى علم الأصول، دار المعرفة، بيروت. 67 - الشوكاني، محمد بن علي، فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير، دار الفكر، بيروت، ط الثالثة، 1393 هـ- 1973 م. 68 - صابر حسن محمد أبو سليمان، كشف الضياء في تاريخ القراءات والقراء، عالم الكتب، الرياض، ط الأولى، 1995 م. 69 - الصفاقسي، علي النوري، (ت 1117 هـ)، غيث النفع في القراءات السبع (مطبوع بهامش سراج القارئ). 70 - الضباع، علي محمد، (ت 1381 هـ)، الإضاءة في بيان أصول القراءة، المكتبة الأزهرية للتراث، ط الأولى، 1420 هـ- 1999 م. 71 - الضباع، علي محمد، سمير الطالبين في رسم وضبط الكتاب المبين، المكتبة الأزهرية للتراث، ط الأولى، 1420 هـ- 1999 م. 72 - طاهر أحمد الزاوي، ترتيب القاموس المحيط على طريقة المصباح المنير وأساس البلاغة، مطبعة الاستقامة، القاهرة، ط الأولى، 1959 م. 73 - الطبراني، سليمان بن أحمد (ت 360 هـ)، المعجم الكبير، تحقيق: حمدي السلفي، وزارة الأوقاف العراقية، ط الثانية، 1985 م.

74 - الطبري، محمد بن جرير، (ت 310 هـ)، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، دار الفكر، بيروت. 75 - ابن الطحان الأندلسي، عبد العزيز بن علي، (ت بعد 560 هـ)، الإنباء في تجويد القرآن، تحقيق: د. أحمد القضاة، منشورات جمعية المحافظة على القرآن الكريم، عمان، ط الأولى، 1421 هـ- 2000 م. 76 - الطحاوي أحمد بن محمد (ت 321 هـ)، مشكل الآثار، تحقيق، شعيب الأرناءوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط الأولى 1415 هـ. 77 - أبو الطيب المتنبي، (ت 354 هـ)، ديوان المتنبي، دار صادر، بيروت. 78 - ابن عابدين، محمد أمين، حاشية رد المحتار على الدر المختار، شرح تنوير الأبصار في فقه الإمام أبي حنيفة النعمان، دار الفكر، ط الثانية، 1386 هـ- 1966 م. 79 - عامر السيد عثمان (ت 1408 هـ- 1988 م) فتح القدير شرح تنقيح التحرير، مطبعة شركة الشمرلي، القاهرة. 80 - عبد الرازق بن علي بن إبراهيم موسى، تأملات حول تحريرات العلماء للقراءات المتواترة، ط الأولى، 1413 هـ. 81 - عبد الرازق بن علي إبراهيم موسى، الفوائد التجويدية في شرح المقدمة الجزرية، ط الأولى، 1418 هـ- 1997 م. 82 - عبد الرازق علي إبراهيم موسى، مرشد الخلان إلى معرفة عدّ آي القرآن، كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالمدينة المنورة، ط الثانية، 1410 هـ- 1990 م. 83 - د. عبد الرحمن الجمل، المغني في علم التجويد، آفاق للطباعة والنشر، غزة، فلسطين، ط الثانية، 1420 هـ- 1999 م. 84 - د. عبد الصبور شاهين، تاريخ القرآن، دار القلم، 1966 م. 85 - د. عبد العال سالم مكرم، القراءات القرآنية وأثرها في الدراسات النحوية. 86 - د. عبد العال سالم مكرم، ود. أحمد مختار عمر، معجم القراءات القرآنية، جامعة الكويت، ط الأولى، 1402 هـ- 1982 م. 87 - د. عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ، حديث الأحرف السبعة، دراسة لإسناده ومتنه واختلاف العلماء في معناه وصلته بالقراءات القرآنية، مجلة كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية، العدد الأول 1402 هـ. 88 - د. عبد العزيز القارئ، سنن القراء ومناهج المجودين، مكتبة الدار بالمدينة المنورة، ط الأولى، 1414 هـ.

89 - عبد العلي الأنصاري، فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط الأولى، 1418 هـ- 1998 م. 90 - د. عبد الغفور محمود مصطفى جعفر، القرآن والقراءات والأحرف السبعة، الحقيقة، العلاقة، صحة النقل، ط الأولى، 1417 هـ- 1996 م. 91 - عبد الفتاح القاضي (ت 1403 هـ- 1982 م)، البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة، دار الكتاب العربي، بيروت، ط الأولى، 1401 هـ- 1981 م. 92 - عبد الفتاح القاضي، تاريخ القراء العشرة ورواتهم وتواتر قراءاتهم ومنهج كل في القراءة، تقديم وتعليق: صفوت جودة أحمد، مكتبة القاهرة، ط الأولى، 1419 هـ- 1998 م. 93 - عبد الفتاح القاضي، تاريخ المصحف الشريف، مكتبة القاهرة، 1420 هـ- 1999 م. 94 - عبد الفتاح القاضي، حول القراءات الشاذة وحرمة القراءة بها، بحث في مجلة كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد الأول، 1403 هـ. 95 - عبد الفتاح القاضي، القراءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب، دار الكتاب العربي، 1981 م. 96 - عبد الفتاح القاضي، القراءات في نظر المستشرقين والملحدين، مكتبة الدار بالمدينة المنورة. 97 - عبد الفتاح القاضي، نفائس البيان شرح الفرائد الحسان في عدّ آي القرآن، مكتبة الدار بالمدينة المنورة، ط الأولى، 1404 هـ. 98 - عبد الفتاح المرصفي (ت 1409 هـ)، هداية القاري إلى تجويد كلام الباري، السعودية، ط الأولى، 1402 هـ. 99 - عبد القيوم بن عبد الغفور السندي، صفحات في علوم القراءات، المكتبة الإمدادية بمكة المكرمة، ط الأولى، 1415 هـ. 100 - د. عبد الهادي الفضلي، القراءات القرآنية تاريخ وتعريف، دار القلم، بيروت، ط الثالثة. 101 - أبو عبيد القاسم بن سلام، (ت 224 هـ)، فضائل القرآن، تحقيق: وهبي سليمان غاوجي، دار الكتب العلمية ببيروت، ط الأولى، 1411 هـ- 1991 م. 102 - ابن العربي، أبو بكر محمد بن عبد الله، أحكام القرآن، دار المعرفة، بيروت. 103 - العطار، أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني، (ت 569 هـ)، التمهيد في معرفة التجويد، تحقيق: د. غانم قدوري الحمد، دار عمّار، عمان، ط الأولى، 1420 هـ- 2000 م.

104 - العطار، غاية الاختصار في القراءات العشر لأئمة الأمصار، تحقيق: د. أيمن سويد، ط الأولى، 1995 م. 105 - العكبري، أبو البقاء عبد الله بن الحسين (ت 616 هـ)، إعراب القراءات الشواذ، تحقيق: محمد السيد أحمد عزوز، عالم الكتب، بيروت، ط الأولى، 1417 هـ- 1996 م. 106 - العلوي الشنقيطي، عبد الله بن إبراهيم، نشر البنود على مراقي السعود، وضع حواشيه: فادي نصيف وطارق يحيى، دار الكتب العلمية، بيروت، ط الأولى، 1421 هـ- 2000 م. 107 - أبو علي الفارسي، الحسن بن عبد الغفار (ت 377 هـ) الحجة للقراء السبعة، تحقيق: بدر الدين قهوجي وبشير جويحاتي، دار المأمون للتراث، دمشق وبيروت، ط الأولى، 1414 هـ- 1984 م. 108 - أبو عمرو الداني، عثمان بن سعيد (ت 444 هـ) التيسير في القراءات السبع، دار الكتاب العربي، بيروت، ط الثانية 1984 م. 109 - أبو عمرو الداني، جامع البيان في القراءات السبع، (مخطوط) مصور عن نسخة دار الكتب المصرية. 110 - أبو عمرو الداني، المقنع في معرفة رسوم مصاحف أهل الأمصار، تحقيق: محمد أحمد دهمان، دار الفكر، 1359 هـ- 1940 م. 111 - أبو عمرو الداني، الأحرف السبعة للقرآن، تحقيق: د. عبد المهيمن طحان، مكتبة المنارة، مكة المكرمة، ط الأولى، 1408 هـ- 1988 م. 112 - د. غانم قدوري الحمد، الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، وزارة الأوقاف والشئون الدينية، العراق، 1406 هـ- 1986 م. 113 - د. غانم قدوري الحمد، رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية، اللجنة الوطنية للاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري، بغداد، ط الأولى، 1402 هـ- 1982 م. 114 - الغزالي، محمد بن محمد (ت 505 هـ)، المستصفى من علم الأصول، دار الكتب العلمية، بيروت. 115 - ابن غلبون، طاهر بن عبد المنعم، (ت 399 هـ)، التذكرة في القراءات الثمان، تحقيق: د. أيمن رشدي سويد، جدة. 116 - الفيروزآبادي، محمد بن يعقوب (ت 817 هـ)، القاموس المحيط، دار الجيل، بيروت. 117 - ابن القاصح، أبو البقاء علي بن عثمان (ت 801 هـ)، سراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي، مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط الثالثة، 1954 م.

118 - ابن القاصح، شرح تلخيص الفوائد وتقريب المتباعد على عقيلة أتراب القصائد، راجعه: عبد الفتاح القاضي، البابي الحلبي، مصر، ط الأولى، 1949 م. 119 - القرطبي، محمد بن أحمد، (ت 671 هـ)، التذكار في أفضل الأذكار. 120 - القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، مطبعة دار الكتب، مصر. 121 - القسطلاني، أحمد بن محمد (ت 923 هـ)، لطائف الإشارات لفنون القراءات، تحقيق: عامر السيد عثمان ود. عبد الصبور شاهين، المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، مصر، 1392 هـ- 1972 م. 122 - ابن كثير، إسماعيل بن كثير الدمشقي (ت 774 هـ)، فضائل القرآن، مكتبة المعارف، الرياض. 123 - د. لبيب السعيد، الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم، دار المعارف، مصر، ط الثانية. 124 - د. لبيب السعيد، دفاع عن القراءات المتواترة في مواجهة الطبري المفسّر، دار المعارف، مصر. 125 - ابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الريان للتراث بمصر. 126 - المارغني التونسي، إبراهيم بن أحمد (ت 1349 هـ)، دليل الحيران شرح مورد الظمآن في رسم القرآن، مراجعة، عبد الفتاح القاضي، دار القرآن، القاهرة. 127 - ابن مالك، محمد بن عبد الله بن مالك الجياني، (ت 672 هـ)، ألفية النحو والصرف، مطبعة كرم، دمشق. 128 - ابن مالك، شرح الكافية الشافية، تحقيق: د. عبد المنعم أحمد هريدي، مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى، مكة المكرمة. 129 - المتولي، محمد بن أحمد، (ت 1313 هـ)، إتحاف الأنام وإسعاف الأفهام بشرح توضيح المقام في وقف حمزة وهشام، تحقيق: عبد الفتاح القاضي، المكتبة المحمودية، القاهرة. 130 - ابن مجاهد، أحمد بن موسى، (ت 324 هـ)، السبعة في القراءات، تحقيق: د. شوقي ضيف، دار المعارف، مصر، ط الثانية. 131 - مجلة كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد الأول، 1402/ 1403 هـ. 132 - د. محمد خازر المجالي، معنى الأحرف السبعة، مجلة دراسات، الجامعة الأردنية المجلد 23.

133 - د. محمد خالد منصور، حكم الاحتجاج بالقراءة الشاذة عند الأصوليين، مجلة دراسات الجامعة الأردنية، العدد 2، المجلد 26، 1999 م. 134 - د. محمد سالم محيسن، (ت 1422 هـ- 2001 م)، القراءات وأثرها في علوم العربية، دار الجيل، بيروت، ط الأولى، 1998 م. 135 - د. محمد سالم محيسن، في رحاب القرآن الكريم، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1400 هـ- 1980 م. 136 - د. محمد سالم محيسن، معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ، دار الجيل، بيروت، ط الأولى، 1412 هـ- 1992 م. 137 - د. محمد سالم محيسن، المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة. 138 - محمد بن شاكر الكتبي (ت 764 هـ)، فوات الوفيات، تحقيق: د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت. 139 - محمد أبو شهبة (ت 1403 هـ)، المدخل لدراسة القرآن الكريم، دار اللواء، الرياض، ط الثالثة، 1407 هـ- 1987 م. 140 - محمد الصادق قمحاوي، البحث والاستقراء في تراجم القراء، مكتبة الكليات الأزهرية، ط الأولى. 141 - محمد عبد الله حسن مندور، شرح رسالة حمزة، المكتبة المحمودية، بالقاهرة، ط الأولى. 142 - د. محمد مكي الأنصاري، أثر القراءات القرآنية في تطور الدرس النحوي، معهد الإنماء العربي، لبنان، ط الأولى، 1978 م. 143 - محمد مكي نصر، نهاية القول المفيد في علم التجويد، المكتبة التوفيقية، القاهرة. 144 - محمود حافظ برانق ومحمد سليمان صالح، مرشد الأعزة إلى شرح رسالة حمزة، تحقيق ومراجعة: عبد الفتاح القاضي، مكتبة تاج بطنطا، ط الأولى، 1384 هـ- 1964 م. 145 - محمود خليل الحصري (ت 1401 هـ)، أحكام قراءة القرآن الكريم، علّق عليه: محمد طلحة بلال منيار، جماعة تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة، ط الأولى، 1416 هـ- 1995 م. 146 - د. محمود الصغير، القراءات الشاذة، دار الفكر، دمشق، ط الأولى، 1419 هـ- 1999 م. 147 - المخللاتي، أبو عبد رضوان بن محمد (ت 1311 هـ)، القول الوجيز في فواصل الكتاب العزيز، تحقيق: عبد الرازق علي إبراهيم موسى، ط الأولى، 1412 هـ- 1992 م. 148 - مكي بن أبي طالب القيسي، (ت 437 هـ)، الإبانة عن معاني القراءات، تحقيق: د. عبد الفتاح شلبي، المكتبة الفيصلية بمكة المكرمة، ط الثالثة، 1985 م.

149 - مكي بن أبي طالب القيسي، الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة، تحقيق: د. أحمد حسن فرحات، دار عمار، عمان، ط الثانية، 1984 م. 150 - مكي بن أبي طالب القيسي، الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها، تحقيق: د. محي الدين رمضان، مجمع اللغة العربية بدمشق، 1394 هـ- 1974 م. 151 - مناع القطان (ت 1420 هـ- 1999 م)، مباحث في علوم القرآن، مؤسسة الرسالة، ط السابعة، 1980 م. 152 - ابن منظور، محمد بن مكرم الإفريقي (ت 711 هـ)، لسان العرب، دار صادر، بيروت. 153 - ابن المنير الاسكندري، أحمد بن محمد (ت 683 هـ)، الانتصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال (مطبوع بهامش الكشاف). 154 - ابن مهران، أحمد بن الحسين النيسابوري (ت 381 هـ)، الغاية في القراءات العشر، تحقيق: محمد غياث الجنباز، دار العبيكان، الرياض، ط الأولى، 1985 م. 155 - ابن النجار الفتوحي، محمد بن أحمد، شرح الكوكب المنير، تحقيق د. محمد الزحيلي ونزيه حماد مكتبة العبيكان، 1413 هـ- 1993 م. 156 - د. نور الدين عتر، علوم القرآن الكريم، مطبعة الصباح، دمشق، 1996 م. 157 - النووي، يحيى بن شرف (ت 676 هـ)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، تحقيق: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة بيروت، ط الرابعة، 1418 هـ- 1997 م. 158 - النويري، محمد بن محمد (ت 897 هـ)، شرح الدرة المضية في القراءات الثلاث المروية، تحقيق: عبد الرافع بن رضوان بن علي الشرقاوي، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية، ط 1411 هـ. 159 - النويري، محمد بن محمد، شرح طيبة النشر في القراءات العشر، تحقيق: عبد الفتاح السيد سليمان أبو سنة، مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، ط الأولى، 1406 هـ- 1986 م. 160 - الهذلي، يوسف بن جبارة، الكامل في القراءات الخمسين، مصور عن نسخة المكتبة الأزهرية (مخطوط). 161 - ابن هشام الأنصاري، عبد الله بن يوسف (ت 761 هـ)، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث العربي. 162 - ياقوت بن عبد الله الحموي (ت 626 هـ)، معجم الأدباء، دار الفكر، ط الثالثة، 1400 هـ- 1980 م. 163 - ابن يالوشة، محمد بن علي (ت 1314 هـ)، الفوائد المفهمة في شرح المقدمة، ط تونس.

§1/1