مقتل الشيخ جميل الرحمن الأفغاني

مقبل بن هادي الوادعي

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله الذي قدّر فهدى وقال في كتابه الكريم: ياأيّها الّذين ءامنوا استعينوا بالصّبر والصّلاة إن الله مع الصّابرين * ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون * ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثّمرات وبشّر الصّابرين * الّذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وأنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون (¬1). وأشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فهذه نبذة عن قتل أخينا في الله الشيخ جميل الرحمن الأفغاني، وقد وصلتنا معلومات من بعض إخواننا في الله جزاهم الله خيرًا لعلها تكون مجلدًا صغيرًا، واستفدنا منها، ولم نزبرها في هذا الكتاب خشية أن تكبّر حجم الكتاب، وأضفت إليها (حول كلمة وهابي)، لما بلغني من عداوة الأفغان للوهابية، فقد أخبرني بعض إخواني في الله أنه كان في بعض المعسكرات وسمع بعض الأفغان يقول: إذا انتهينا من الشيوعيين؛ ¬

(¬1) سورة البقرة، الآية:153 - 157.

سنرجع على الوهابية. وكذا أضفت إليها أسئلة من بعض إخواننا في الله اليمنيين المتعاونين مع أخينا في الله (جميل الرحمن) لما لها من تعلق بموضوع الاعتداء. نسأل من الله أن ينفع بما كتبته وأن يحقق به الحق، ويدحض الباطل إنه على كل شيء قدير. هذا وأني أنصح العلماء والدعاة إلى الله من أهل السنة أن يجدوا ويجتهدوا في التحذير من الحزبية المشؤومة التي فرقت شمل المسلمين ويكون التحذير على الاستمرار لأن عمل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان ديمة. أسأل الله أن يوفقهم لذلك أنه على كل شيء قدير. أبوعبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي

مقابلة في شأن الجهاد الأفغاني

مقابلة في شأن الجهاد الأفغاني السؤال1: بما أنكم عشتم في بيئة زيدية وتعلمتم المذهب الزيدي عند أهله، فما هو السر في تحولكم إلى منهج أهل السنة والجماعة؟ الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. نعم عشنا في بيئة زيدية لا يعرف آباؤنا إلا زيد بن علي والهادي والحسن والحسين وعلي بن أبي طالب، لكن ينبغي أن يعلم أننا لا نستطيع أن نسمي العامة زيدية، فلا نسمي زيديًّا إلا من درس المذهب الزيدي واقتنع بما فيه، وأما العامة فهم أتباع من وثقوا به ويظنون أن من دعاهم أو اقتدوا به على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أما تركي المذهب الزيدي وانتقالي إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن التقليد محرم، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولا تقف ما ليس لك

به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولاً (¬1)}، ويقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {اتّبعوا ما أنزل إليكم من ربّكم ولا تتّبعوا من دونه أولياء قليلاً ما تذكّرون (¬2)}، ولقد تبرأ جماعة ممن درسوا المذهب الزيدي منه وابتعدوا عنه، من ذلكم: علامة اليمن محمد بن إبراهيم الوزير الذي قال فيه الشوكاني: لو قلت أن اليمن لم تنجب مثله لما أبعدت عن الصواب. ثم بعده صالح بن مهدي المقبلي صاحب "العلم الشامخ" القائل: العلم يا صاحبي ما قال خالقنا والمصطفى واطّرح ما شئت من كتب هذا على أن المقبلي لم يخلص إلى السنة، فهو بين أهل السنة وبين الشيعة والمعتزلة ما ترك أحدًا إلا هاجمه حتى أهل السنة وحتى الإمام البخاري رحمه الله، وبعده محمد بن إسماعيل الأمير صاحب "سبل السلام" والكتب النيرة المتداولة التي تداولها المسلمون، وبعده محمد ابن علي الشوكاني قاضي قضاة القطر اليماني فإنه أيضًا ابتعد عن المذهب الزيدي، فمثل هؤلاء الأربعة الذين ينبغي أن يقال: لماذا تركوا المذهب الزيدي؟ لأنّهم درسوه وعرفوا ما فيه ثم رأوا أنه بعيد عن كتاب الله وعن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية:36. (¬2) سورة الأعراف، الآية:3.

أما أنا فدراستي بصعدة بعد أن تعلمت شيئًا من السنة، وأحببت سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، درست قدر ثلاث سنين، وكلما ازددت دراسة للمذهب الزيدي ازددت بغضاً له، لماذا؟ لأنه في العقيدة مسروق من مذهب المعتزلة كما بينا هذا في شريط "المذهب الزيدي مبني على الهيام" وفي الأحكام والعبادات مسروق من المذهب الحنفي وفي التشيع مسروق من المذهب الرافضي، فحق لمسلم أن يتبرأ من هذه البدع ومن هذه الخرافات، والله سبحانه وتعالى يقول في نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم: {وإن تطيعوه تهتدوا (¬1)}، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وما آتاكم الرّسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا (¬3)}. فالتمذهب ليس من دين الإسلام، بل أن الإمام ابن عبد البر يقول: أجمع أهل العلم على أن المقلد لا يعد من أهل العلم. فالحمد لله الذي وفقنا لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من بدء الطلب الحقيقي أقول من بدء الطلب الحقيقي لأننا طلبنا العلم في المكتب وهو ما يبتدئ فيه الطالب بمعرفة الهجاء وحفظ أو قراءة القرآن، قرأنا قراءة لا نذوق حلاوتها ولا ندري ¬

(¬1) سورة النور، الآية:54. (¬2) سورة الحشر، الآية:7. (¬3) سورة الأحزاب، الآية:21.

لماذا نقرأ، ثم بعد ذلك ضاع من العمر ما شاء الله، وبعدها بحمد الله وفقنا لدراسة سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من بدء الأمر، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. السؤال2: بما أن الشعب اليمني عاش تحت وطأة التصوف والتشيع، فكيف بدأتم الدعوة؟ وكيف حققتم هذه النتائج المثمرة؟ الجواب: نعم، الأمر كما يقول الأخ، الشعب اليمني عاش تحت وطأة التشيع ووطأة التصوف، والقليل الذي هو متمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لقد دخل التشيع إلى اليمن من القرن الثالث واعتبرها المؤرخ الجعدي صاحب "طبقات فقهاء اليمن" فتنةً دخلت إلى اليمن، ثم لم يزل التشيع إلى أعوام قريبة حتى من تظاهر بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم استحلوا دمه، فذلكم محمد بن إبراهيم الوزير رحمه الله تعالى بعد أن كان يجلّه أساتذته وكانوا يجهلونه، فلما تظاهر بالسنة كتب شيخه رسالة يفند ما ذهب إليه، وأجاب عليه بكتابه "العواصم والقواصم" وبكتابه: "الروض الباسم" فكان من جملة ما قال يبين لنا حالته بسبب تمسكه بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبسبب تحامل أعداء السنة عليه يقول وهو يفر بدينه من شعب إلى شعب ومن واد إلى واد: فحينًا بشعب بطن واد كأنّه وحينًا بطود تمطر السحب دونه هنالك يصفو لي من العيش ورده

فإن يبست ثمّ المراعي وأجدبت ... ولا عار أن ينجو كريم بنفسهفقد هاجر المختار قبلي وصحبه ... حشا قلم تمسي به الطير تصفرأشم منيف بالغمام مؤزروإلا فورد العيش رمق مكدّر فروض العلا والعلم والدين أخضرولكن عارًا عجزه حين ينصروفرّ إلى أرض النجاشي جعفر كانت القراءة في كتب السنة جريمة لا تغتفر، ولسنا بصدد القصص فقد ذكرنا شيئًا في شريط "المذهب الزيدي مبني على الهيام"، لسنا في سبيل القصص التي حدثت لعلماء السنة بسبب تمسكهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذا قالوا: فلان سنّي فكأنّهم قالوا: فلان يهودي. ثم بعده أيضًا صالح بن مهدي المقبلي ومن ذكر حصل لهم من الأذى ما الله به عليم، فالحمد لله خاب أعداؤهم وانتشرت سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وانتشر أيضًا علمهم، انتصر علم هؤلاء الأئمة الذين قاموا بالدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أما بدء الدعوة ههنا فإننا قدمنا إلى قومنا غرباء عند القريب والبعيد، فذاك يرى أنني إذا وضعت يدي اليمنى على يدي اليسرى في الصلاة أن صلاتي باطلة، وآخر إذا سمع مني أنني أقول: أن الهادي لا ينفع ولا يضر مع الله؛ يرى أنني أبغض أهل بيت النبوة، وآخر أيضًا إذا وجد عندي "صحيح البخاري" أو "صحيح مسلم"؛ يقول: هذا وهّابي قد انحرف عن أهل بيت النبوة، وبقيت ما شاء الله تارة ببلدي وأخرى بصنعاء وأخرى في ذمار أتنقل وأزور طلبة العلم وأهل السنة، ولا أستأنس إلا إذا كنت بين أهل السنة، أما في بلدي فيا لله يالله من ضيق يتوالى عليّ

وأنا في بلدي، والسبب في هذا ما ذكر، لا يدري طالب العلم أيواجه العامة الذين لا يفقهون عن دين الله شيئًا؟ أم يواجه المتمذهبة، أم يواجه غلاة التشيع؟ إلى غير ذلك، وهناك أيضًا من يدفع هذين الصنفين وهم الشيوعية والبعثية والناصرية فأنّهم يكيدون للإسلام من تحت الستار ولا يستطيعون أن يرفعوا رؤوسهم لأنّهم في بلد مسلم. فبدأت بحمد الله بتعليم القرآن، وبعد ذلكم الأحاديث: أحاديث في فضل اليمن وفي فضل أهل بيت النبوة وفي فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنّهم يقولون أن أهل السنة لا يحبون رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا يحبون أهل بيت النبوة، وهكذا يرمونهم بالعظائم، فأردنا أن نبرهن لهم أنّهم كاذبون في هذه الفرية وأن أهل السنة يحبون أهل النبوة حبًا شرعيًا ويحبون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حبًا شرعيًا وينْزلونه المنْزلة التي أنزله الله إياها، وهكذا المنْزلة التي أنزل نفسه إياها، فقد روى البخاري في "صحيحه" عن عمر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ((لا تطروني كما أطرت النّصارى عيسى بن مريم عليه السّلام فإنّما أنا عبد الله ورسوله)) وجاء أيضًا في "المسند" وفي "السنن" والمعنى متقارب من حديث عبد الله بن الشخير ومن حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا ترفعوني فوق منْزلتي)) ومن حديث عبد الله بن الشخير أنّهم قالوا أي الوفد: أنت سيّدنا. فقال: ((السّيّد الله تبارك وتعالى)) قلنا: وأفضلنا فضلاً وأعظمنا طولاً. فقال: ((قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينّكم الشّيطان)).فأهل السنة ينْزلون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم منْزلته.

وأذكر عند أن كنت بتلك الوحشة، في هذه البلد وعندنا مسجد من الطين وبرك مسقف والحمد لله، زارني رجل فاضل وقد قتله الشيوعيون رحمه الله تعالى وهو الأخ مرشد الكبودي، فعند أن رأى تلكم الحالة لا أستطيع أن أصفها لكم، كان يقول: أضاعوني وأيّ فتًى أضاعوا؟!! ... ليوم كريهة وسداد ثغر لأنه كان يعرفني من مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فكأني لم أسمع أخي في الله مرشد الكبودي وكأنه لم يعنني والحمد لله، بعدها بحمد الله صار أهل العلم والدعاة إلى الله يأتون إلى هنا ويزوروننا، ذاك من أرحب، وذاك من حاشد، وذاك من آنس، وذاك من عنس، وذاك من صنعاء، وذاك من تعز، وذاك من السودان، وذاك من مصر، وذاك من بلجيكا ... الخ أخبرني شخص يقول: كنت في السيارة وهناك اجتماع عندكم في دماج، وأنا في السيارة فإذا اثنان يتحدثان من أهل دماج عند أن رأوا الجمع الكثير وطلبة العلم وإذا هما يقولان: لقد ظلمنا مقبلاً، هكذا إخواني في الله عند أن رأوا طلبة العلم يفدون. الآن أهل البلد بحمد الله سنّيهم وشيعيّهم -أعني أهل دماج- يحبون الدعوة، على أنه ليس هناك في دماج أحد نستطيع أن نقول إنه شيعي، اللهم إلا واحدًا ليس له أثر، وإلا فهم عامة مساكين أتباع كل ناعق، كل يوم وهو يتراجع اثنان أو ثلاثة والله المستعان. فالحمد لله الآن أهل دماج مستجيبون للدعوة ومستعدون لمناصرة

الدعوة، ويكرمون من أتى إليهم ويصبرون على من أتى إليهم من طلبة العلم، فجزاهم الله عن الدعوة خيرًا والحمد لله الذي وفقهم لهذا. السؤال3: بما أننا وجدنا تقاربًا في الحياة القبلية والتعصب المذهبي بين الشعب الأفغاني والشعب اليمني فبماذا تنصحون القائمين على الدعوة في أفغانستان؟ الجواب: الذي أنصح به هو ما نصح النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا موسى ومعاذ ابن جبل حيث قال لهما: ((يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا)) وما جاء في "الصحيحين" من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إنّما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين)) وبما جاء أيضًا في "الصحيح" عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لعائشة: ((إنّ الرّفق لا يكون في شيء إلاّ زانه ولا ينْزع من شيء إلاّ شانه)) ونحن في مجتمع لا نستطيع أن ندعوه إلا بالرفق واللين؛ لأنه ليس بأيدينا سلطة. ثم بعد ذلك المجتمع هو رأس مالنا فلا ينبغي أن ننفر المجتمع، ندعو المجتمع من كتاب إلى كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى سنة رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والقبيلي مستعد أن يكفر في سبيل الكبْر، فإذا شاددته وأردت أن تلزمه أو تصارعه مستعد أن يقتلك أو تقتله وهو مسلم وأنت مسلم، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "الصحيح" من حديث أبي بكرة: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار)) ويقول أيضًا كما في "الصحيحين" من حديث ابن مسعود: ((لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن

لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله إلاّ بإحدى ثلاث: النّفس بالنّفس، والثّيّب الزّاني، والمارق من الدّين التّارك للجماعة)) ثم بعد ذلك الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: {وقل لعبادي يقولوا الّتي هي أحسن إنّ الشّيطان ينْزغ بينهم إنّ الشّيطان كان للإنسان عدوًّا مبينًا (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة ادفع بالّتي هي أحسن فإذا الّذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليّ حميم (¬2)}. فنحن نقول: إن إخواننا العامة إذا سخطوا علينا قابلناهم بالتي هي أحسن، وشيعة اليمن نحن نعتبرهم مسلمين مبتدعة، فإذا تقدموا خطوة تأخرنا أخرى، لأننا نعتبرهم مسلمين ولا نستحل دمائهم ولا أموالهم ولا أعراضهم، وقد رأينا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أقوى منا؛ فقد ضربتهم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبحمد الله أيضًا ضربوا بسبب التأليف وبسبب الدعوة إلى الله، فالدعوة إلى الله أنفع، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة}. فلا بد من دعوة بحكمة وموعظة حسنة، وأن تعرف من تواجه، أنت تواجه أخاك المسلم لا تستحل ماله ولا دمه ولا عرضه فإن قبل منك اليوم وإلا فسيقبل غدًا أو بعد غد، أما أن يكون الانتصار للنفس, شأن أهل الدنيا أنّهم إذا خالفهم أحد نبذوه ورموه بالألقاب المشنعة، فذاك بعثي وذاك ناصري وذاك ¬

(¬1) سورة الإسراء، الآية:53. (¬2) سورة فصلت، الآية:34.

شيوعي، وربما لا يكون بعثيًّا ولا ناصريًّا ولا شيوعيًّا، لكن لأجل أنه خالفهم ولم يستجب لهم. فلا بد من الدعوة برفق ولين، لأن أهل السنة يمثلون سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {وما أرسلناك إلاّ رحمةً للعالمين (¬1)}، فينبغي أن تكون دعوة أهل السنة رحمة من عند الله عز وجل، يقول سبحانه وتعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (¬2)}، ويقول الله سبحانه وتعالى: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك (¬3)}. وقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعامل أجلاف الأعراب غير معاملة أفاضل صحابته، فذاك الذي من أفاضل صحابته يقول له: ((إنّك امرؤ فيك جاهليّة)) يقصد أبا ذر, وآخر يقول له: ((أفتّان أنت يا معاذ)) لكن الأعرابي يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويمسكه بحاشية ردائه ويقول: يا محمد أعطني فإنّك لا تعطيني من مالك ولا من مال أبيك. فيعطيه. فدعوة العامي تحتاج إلى صبر وإلى تأليف، ينبغي أن تتألفوا العامة، فقد جعل الله سبحانه وتعالى قسطًا في الزكاة للمؤلفة قلوبهم، وينبغي ¬

(¬1) سورة الأنبياء، الآية:107. (¬2) سورة التوبة، الآية:128. (¬3) سورة آل عمران، الآية:159.

أيضًا أن تحسنوا إليهم؛ فأنتم دعاة إلى الجنة، لا ينبغي أن نكون دعاة إلى النار ولا ينبغي أن نكون منفّرين وينبغي أن نعرف من ندعو فنحن ندعو أهل اليمن الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّهم ألين قلوبًا وأرقّ أفئدةً)) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الإيمان يمان والحكمة يمانية)). وقد رأينا من الاستجابة بعد تلكم الحالة التي قصصتها عليكم، ومن استقبال أهل السنة لسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومن حفاوتهم بإخوانّهم أهل السنة، وإكرامهم لإخوانّهم أهل السنة، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ورب العزة يقول: {وجعلنا منهم أئمّةً يهدون بأمرنا لمّا صبروا (¬1)}، فلا بد أن تصبر على العامي، ولا بد أن تصبر أيضًا على طلب العلم، ولا بد أن تصبر أيضًا على أبيك وأمك وعلى أخيك وأختك وعلى مجتمعك، لا تكن فظًا غليظًا، ولا تنتصر لنفسك، ربما كانت الخصومة شهوة نفس فينبغي أن تبتعد عن شهوة النفس وعن حظوظ النفس، والله المستعان. فننصح إخواننا القائمين بالدعوة هنالك في أفغانستان بالرفق واللين وبالدعوة إلى كتاب الله وإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبتقديم الأهم فالأهم إن استطاعوا؛ فقد روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لمعاذ: ((إنّك ستأتي قومًا من أهل الكتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن ¬

(¬1) سورة السجدة، الآية:24.

يشهدوا أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدًا رسول الله، فإن هم طاعوا لك بذلك ... الخ)) شاهدنا من هذا أنه يبدأ بالعقيدة، وبتحبيب الدين إلى المسلمين؛ فالشخص إذا أحب الدين وأحب الله ورسوله مستعد أن يتنازل عن كل شيء يخالف دين الله، بل ربما يكون بعد أيام أغير منك وأنفع منك للإسلام. السؤال4: بما أن إخوانكم أهل الدعوة إلى الكتاب والسنة في أفغانستان يعيشون غربة الإسلام الحقيقية، خصوصًا في المجتمعات التي غلب عليها الجهل والتعصب المذهبي والأهواء، فبماذا تنصحونهم؟ الجواب: الذي ننصحهم به هو استقدام العلماء الأفاضل، فإن هذا ينفعهم، وسواء كان المستقدم عربيًّا أم أعجميًّا أبيض أم أسود، فالعلماء هم الذين يضعون الأشياء مواضعها، فرب العزة يقول في كتابه الكريم: {وما يعقلها إلاّ العالمون (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى مبينًا حال العلماء أنّهم هم الذين يضعون الأشياء مواضعها فيقول سبحانه وتعالى في شأن قارون عند أن خرج على قومه في زينته: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل ¬

(¬1) سورة العنكبوت، الآية:43.

صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون (¬1)}. ثم بعد هذا البدء من جديد، وذلك أن يجلس أهل العلم لطلبة العلم يعلمونهم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإننا ننصح إخواننا بنجد وإخواننا بالحجاز وإخواننا بمصر وإخواننا باليمن أن لا يبخلوا على إخوانهم الأفغانيين في سبيل التعليم أو في سبيل الجهاد، ننصح بهذا فالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "الصحيحين" من حديث النعمان بن بشير: ((مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى)) ويقول أيضًا كما في "الصحيحين" من حديث أبي موسى الأشعري: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا)) ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {إنّما المؤمنون إخوة (¬2)}، ويقول أيضًا: {ياأيّها الّذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرًا منهم (¬3)}، ويقول: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (¬4)}. فالواجب على إخواننا أهل السنة في جميع البلاد الإسلامية أن يتفقدوا إخوانهم؛ فإن أكثر المسلمين من أهل السنة ولكن ليس لهم من يرعاهم إلا الله سبحانه وتعالى، فهكذا ينبغي لهم أن يستقدموا إخوانهم ¬

(¬1) سورة القصص، الآية:79 - 80. (¬2) سورة الحجرات، الآية:10. (¬3) سورة الحجرات، الآية:11. (¬4) سورة آل عمران، الآية:103.

أهل السنة، ويبدءون بتعليم كتاب الله، وما يستقيم به اللسان من اللغة العربية، وما يستطاع من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم هذا الذي إن شاء الله يأتي بنتيجة في مدة ثلاث سنوات أو مدة سنتين، وما ندري بإذن الله تعالى إلا وإخواننا الأفغانيون يصدّرون مدرسين ويصدّرون دعاةً إلى الله إذا سلكوا هذا السبيل. المسلمون محتاجون إلى أن يصدروا دعاةً إلى الله، إلى أمريكا وإلى روسيا وغيرها من دول الكفر لكن متى يكونون كذلك؟ إذا تفقهوا في دين الله فحينئذ يستطيعون أن يصدروا والحمد لله الدين يسر ما عقّده إلا الناس، رب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولقد يسّرنا القرءان للذّكر فهل من مدّكر (¬1)}. ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((بعثت بالحنيفيّة السّمحة)) فالدين يسر وتعلمه يسر، فقط يحتاج إلى من يجلس ويتعلم في حدود ما يستطيع. وينبغي أيضًا أن نهيئ أنفسنا في مسألة العلم إلى الكتابة والتحقيق، فإن الكتابة والتحقيق تضرب الأعداء فهناك من يعتدي على دين الإسلام بالكتابة، وهناك من يعتدي على دين الإسلام بالخطابة، وهناك من يعتدي على دين الإسلام بالتلبيس، فلا بد أيضًا أن نأهّل أنفسنا للكتابة وللتحقيق، وهكذا بحمد الله يمكن أن يزوروا إخوانهم ويتعلموا البحث والتحقيق، وفي وقت قريب على أنني أجد كتابة أخينا في الله جميل الرحمن حفظه الله كتابة طيبة، والحمد لله، والله المستعان. ¬

(¬1) سورة القمر، الآية:17.

السؤال5: ما هي وجهة نظركم في الجهاد الأفغاني؟ الجواب: وجهة نظرنا أن الله سبحانه وتعالى رفع عن المسلمين ذلاًّ وعارًا بسبب إخواننا الأفغانيين جزاهم الله خيرًا، فقد كان المسلمون ترجف قلوبهم إذا ذكرت روسيا، وكانوا يظنون أنّها قوة لا تستطاع وبحمد الله أخزاها الله وصدق الله إذ يقول: {ياأيّها الّذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم (¬1)}، ويقول: {ولينصرنّ الله من ينصره إنّ الله لقويّ عزيز (¬2)}، ويقول: {وعد الله الّذين ءامنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم وليمكّننّ لهم دينهم الّذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا (¬3)}. وفي "الصحيحين" من حديث معاوية والمغيرة بن شعبة والمعنى متقارب أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خذلهم حتّى يأتي أمر الله وهم كذلك)) أهل السنة وأهل الحديث داخلون دخولاً أوّليًّا، لكنه أيضًا يدخل المجاهد كما قاله النووي رحمه الله تعالى ويدخل ذوو الأعمال التي تخدم الإسلام يدخلون في مسألة الظهور. فالحمد لله الذي وفقهم لهذا وأيّد بهم دينه وأسأل الله العظيم أن ¬

(¬1) سورة محمد، الآية:7. (¬2) سورة الحج، الآية:40. (¬3) سورة النور، الآية:55.

يتمها بخير، وأن يجمع كلمتهم، ثم بعد ذلك أيضًا ننصحهم بجمع الكلمة؛ فإن الله عز وجل يحذر من الفرقة ويبين أنّها سبب الفشل يقول سبحانه وتعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى في شأن أهل الكتاب: {تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتّى (¬2)}. فعليهم أن يتّحدوا وأن يتآخوا حتى يحقق الله ما يريدون من النصر، أما إذا بقوا أحزابًا متفرقين فربما يدب بينهم الخلاف، ويغذى من قبل أمريكا وروسيا ومن قبل أعداء الإسلام وما ندري وقد اشتغل المجاهدون بأنفسهم والله المستعان. السؤال6: ما هي نصيحتكم للشباب المسلم؟ الجواب: نصيحتنا للشباب المسلم أن يقتدوا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبصحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ففي حال الحرب يهيئون أنفسهم للحرب، لحرب الكفار اليهود والنصارى والشيوعيين وغيرهم من أعداء الإسلام، وفي حال السلم يهيئون أنفسهم لطلب العلم ولما يحتاجون إليه كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((بعثت بين يدي السّاعة بالسّيف حتّى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظلّ رمحي، وجعلت الذّلّة والصّغار على من خالف أمري)). ¬

(¬1) سورة الأنفال، الآية:46. (¬2) سورة الحشر، الآية:14.

والشباب المسلم محتاجون إلى رعاية أنصحهم جميعًا -ليست النصيحة للأخوة الأفغانيين ولكن لجميع الشباب المسلم-: بالابتعاد عن الحزبية فإن الحزبية تعتبر جاهلية حديثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في "الصحيحين" من حديث جابر عند أن تخاصم أنصاري ومهاجري فقال الأنصاري: ياللأنصار! وقال المهاجري: يا للمهاجرين! فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((أبدعوى الجاهليّة وأنا بين أظهركم؟! دعوها فإنّها منتنة)) ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من قتل تحت راية عمّيّة يغضب للعصبة ويقاتل للعصبة فليس من أمّتي)) فالتعصب الحزبي يعتبر دسيسة ويغذّى من قبل أعداء الإسلام، نحن مسلمون سمّانا الله مسلمين ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {إنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاعبدون (¬1)}، ويقول: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون (¬2)}، فسبيل الله واحد وكتاب الله واحد، وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم واحدة. وأما قول القائل: (نتعاون فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه) فلا، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله (¬3)}، ويقول: {فإن تنازعتم في شيء ¬

(¬1) سورة الأنبياء، الآية:92. (¬2) سورة الأنعام، الآية:153. (¬3) سورة الشورى، الآية:10.

فردّوه إلى الله والرّسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر (¬1)}. لا يقول حزب من الأحزاب: أنت تنازل أيها الحزب عن جميع أفكارك واتبعنا. لا، معناه أن لا تدعوه إلى تقليدك، قل له نحن وأنت نتبع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قل له: {تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم} أن لا نحكّم إلا كتاب الله ولا نحكّم إلا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الاختلاف هلكة. روى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((ذروني ما تركتكم فإنّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم)) وروى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لتسوّنّ صفوفكم أو ليخالفنّ الله بين وجوهكم)) وروى أبوداود في "سننه" من حديث محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((افترقت اليهود على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً، وتفرّقت النّصارى على إحدى أو ثنتين وسبعين فرقةً وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقةً)) فالفرقة تعتبر عذابًا وأما حديث: ((اختلاف أمّتي رحمة)) فحديث لا سند له، أعني أنه حديث باطل، لأن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولا يزالون مختلفين إلاّ من رحم ربّك ولذلك خلقهم (¬2)}، مفهوم الآية الكريمة أن ¬

(¬1) سورة النساء، الآية:59. (¬2) سورة هود، الآية:118.

الذين يختلفون لم يرحمهم الله عز وجل. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "صحيح البخاري" من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رجلاً قرأ آيةً وسمعت النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقرأ خلافها، فجئت به النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخبرته، فعرفت في وجهه الكراهية وقال: ((كلاكما محسن، ولا تختلفوا فإنّ من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)). فالاختلاف هلكة ويغذيه أعداء الإسلام، وتغذية المخابرات الخبيثة، ويجب على طلبة العلم أن يتبرءوا إلى الله من الحزبية، نقول هذا حتى بحت أصواتنا مشفقين على طلبة العلم أن تضيع أعمارهم في الحزبية، وأن تضيع أعمارهم في (قال فلان، قال فلان) نحن نريد (قال الله، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {إنّما المؤمنون إخوة (¬1)}، ويقول: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (¬2)}، ويقول: {إنّ الّذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء إنّما أمرهم إلى الله (¬3)}. فالأمر خطير؛ الحزبية فرقت المسلمين، فرب شخص يكون حافظًا للقرآن مبرزًا في السنة، وبعد أن تتدنس فكرته بحزبية فإذا هو قد أصبح من جملة العامة، ربما يحلق لحيته ويلبس البنطلون ويكون مخزّنًا (¬4) مدخنًا، ¬

(¬1) سورة الحجرات، الآية:10. (¬2) سورة آل عمران، الآية:103. (¬3) سورة الأنعام، الآية:159. (¬4) التخزين: أكل شجرة القات.

إلى غير ذلك. فحذار حذار من الحزبية، والواجب علينا أن نبتعد عنها وأن نحذّر جميع المسلمين، قد تأكدنا جميعًا أن أعداء الإسلام يحرصون على التحريش بين المسلمين، النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((إنّ الشّيطان قد أيس أن يعبده المصلّون في جزيرة العرب ولكن في التّحريش)) فأعداء الإسلام يسلكون مسلك الشيطان في التحريش بين الجماعات، الجماعة الواحدة ما تدري إلا وقد انقسمت إلى قسمين أو إلى ثلاثة. ثم أنني أنصحهم جميعًا أن يحرصوا على أن لا يضيع وقتهم في الكرة فهي من المخدرات وأنت المسؤول عن عمرك فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتّى يسأل عن أربع -ومنها:- عمره فيما أفناه)) أيضًا آلات اللهو والطرب وهكذا السينما وجميع ما يبعدك عن الدين لا نستطيع في هذا المجلس أن نكمل ما نريد أن نتكلم به والله المستعان. السؤال7: لقد مضى على الجهاد الإسلامي الأفغاني ما يقارب اثنتا عشر سنة وسقوط ما يقارب المليون والنصف من القتلى الذين نحتسبهم عند الله، أصبح الجهاد على وشك الانتهاء وإقامة دولة إسلامية، وبدأ التسابق الحزبي من المنظمات والأحزاب الجهادية في الحصول على أكثر عدد من المقاعد في مجلس الشورى، ومن ثمّ الحقائب الوزارية، فتراهم يتجاهلون جماعة الدعوة إلى الكتاب والسنة، مع العلم بأن هذه الجماعة هي أول من بدأ بالجهاد في أفغانستان، في حين أنّهم وافقوا على إعطاء الحزب

الشيعي ستين مقعدًا مع العلم أنّهم لم يشتركوا في الجهاد!! فبماذا تنصحون جماعة الدعوة في التعامل مع هذا الموقف؟ الجواب: الذين يريدون أن يبعدوا إخوانهم العاملين لله سبحانه وتعالى لن يفلحوا، فقد كنا نتوقع بعد هذه التضحية من إخواننا الأفغانيين أن نسمع منهم الخير، ما كنا نتوقع أن نسمع رئيسًا ولا جمهوريًا إلى غير ذلك، كنا نتوقع أن نسمع منهم لقب (أمير المؤمنين) ويقلّدون هذا الأمر رجلاً قرشيًا، وهذا يصير ضربة على أمريكا وعلى روسيا وعلى الدويلات التي تمشي بعد روسيا وأمريكا، كنا نتوقع أن نسمع حاكمًا يلقّب بأمير المؤمنين فإن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((الأئمّة من قريش)) ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلاّ كبّه الله على وجهه ما أقاموا الدّين)) والحديث في "صحيح البخاري" من حديث معاوية. لكن من زمن قديم والدعاة إلى الله خصوصًا أخانا جميل حفظه الله تعالى ومن سلك مسلكه يبدءون -أو يحرصون على أن يبدءوا- بالعقيدة، ولما كانت المسألة لفيف، هذه التي نخشاها الحزبية التي تجمع الصوفي والشيعي والفاسق والصالح ثم بعد ذلك يرجعون يتقاتلون على الكراسي، لأنه لم يكن البناء من أول الأمر بناءً إيمانيًا، استسلام لكتاب الله ولسنة رسول الله، استسلام لحكم الله، رب العزة يقول في كتابه الكريم: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في

أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلّ ضلالاً مبينًا (¬3)}. فإذا كان الأمر كذا فيخشى من أن يشغلهم أعداء الإسلام بالقتال بينهم، ثم بعد ذلك يرجع أعداء الإسلام أو يتمكن عملاء الشيوعية. وقد حقق الله النصر للمسلمين فلماذا يتخاذلون؟! ولماذا يتنازعون على الكراسي؟! ولماذا يتنازعون على مسؤولية عظيمة؟! الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((كلّكم راع، وكلّكم مسئول عن رعيّته، الإمام راع ومسؤول عن رعيّته)) والإمام أيّ شيء في البلاد يكون مسئولاً عنه أمام الله عز وجل، لكن ينبغي أن يقلّد لهذا المنصب الرجل الصالح القرشي، ثم بعد ذلك يجتمع أهل الحل والعقد ويتشاورون في أعضاء الحكومة فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم (¬4)}. أما مسألة التصويت فهي تعتبر طاغوتية فليبلغ الشاهد الغائب فإن الله ¬

(¬1) سورة النساء، الآية:65. (¬2) سورة النور، الآية:63. (¬3) سورة الأحزاب، الآية:36. (¬4) سورة النساء، الآية:83.

عز وجل يقول في كتابه الكريم: {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون (¬1)}، ويقول: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين ءامنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (¬2)}، ويقول مبينًا أن الفاسق لا يستوي مع المؤمن: {أم نجعل الّذين ءامنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (¬3)}. والتصويت يجعل صوت العالم الفاضل وصوت الخمار واحدًا، بل أقبح من هذا المرأة صوتها وصوت الرجل واحد، ورب العزة يقول حاكيًا عن امرأة عمران: {وليس الذّكر كالأنثى (¬4)}. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((لا يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة)). فأنا أنصح أخي في الله جميل الرحمن حفظه الله تعالى أن يصبر ويحتسب، ولا يدخل في هذه الانتخابات الجاهلية التي ما أنزل الله بها من سلطان. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((يقول الله تعالى: يا آدم! فيقول: لبّيك وسعديك والخير في يديك. فيقول: أخرج بعث النّار. قال: وما بعث النّار؟ قال: من كلّ ألف تسع مائة وتسعةً وتسعين))، ويقول تعالى في كتابه الكريم: {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل الله (¬5)}، ¬

(¬1) سورة السجدة، الآية:18. (¬2) سورة الجاثية، الآية:21. (¬3) سورة ص، الآية:28. (¬4) سورة آل عمران، الآية:36. (¬5) سورة الأنعام، الآية:116.

ويقول سبحانه وتعالى: {وما أكثر النّاس ولو حرصت بمؤمنين (¬1)}، ويقول: {وقليل من عبادي الشّكور (¬2)}، ما يغتر بالكثرة غثاء كغثاء السيل، وأنا أسألكم أيها الأخوة: الصالحون في مجتمعنا أكثر أم الفاسدون؟ ... الفاسدون. أمر مخطط يا إخواننا يعرفون أن الصالحين لا ينجحون في هذا، من أجل أن لا ينجح الصالحون جاءوا بالانتخابات، فينبغي أن نكفر بهذا التصويت وأن نبتعد عن هذه الانتخابات، والله سبحانه وتعالى سيجعل بأسهم بينهم. ثم أيضًا لا نقاتلهم؛ لأنّهم مسلمون والمسلم لا يحل له أن يقاتل أخاه المسلم بل نصبر ونحتسب ونتقي الله سبحانه وتعالى، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ومن يتّق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب (¬3)}. وقد ذكرنا نبذه طيبة في شأن التصويت في الطبعة الثانية من "المخرج من الفتنة". وإن اعتدوا على الجماعة فلهم أن يدافعوا عن أنفسهم، أما إذا لم يعتدوا فلا يقاتلهم إخواننا ويقولون: لماذا ما تعطون لنا كرسيًا؟ فهذا الكرسيّ بلاء، بلاء، ستأتي قروض ربوية وتحتاج أن توقع أنت يا صاحب الكرسي، ستأتي بعثات إلى الخارج وتوقع عليها، وسيأتي أيضًا نصارى ¬

(¬1) سورة يوسف، الآية:103. (¬2) سورة سبأ، الآية:13. (¬3) سورة الطلاق، الآية:2 - 3.

ويهود وتستقبلهم إلى غير ذلك، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولا تركنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار (¬1)}، ويقول: {ياأيّها الّذين ءامنوا لا تتّخذوا بطانةً من دونكم لا يألونكم خبالاً ودّوا ما عنتّم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر (¬2)}. والله المستعان. السؤال8: وأخيرًا هل لكم من كلمة توجهونها إلى إخوانكم من القادة والشعب الأفغاني المسلم عامة، وإلى فضيلة الشيخ جميل الرحمن خاصة؟ الجواب: الذي ننصح به إخواننا القادة وفقهم الله لكل خير أن يحرصوا كل الحرص على جمع الكلمة، وأن يعطوا الرجل المناسب العمل المناسب فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يؤمّر خالد بن الوليد وهو لا يحفظ إلا أحاديث يسيرة، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يثني على عبد الله بن مسعود: ((من أحبّ أن يقرأ القرآن غضًّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أمّ عبد))، ينزّل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كل شخص من صحابته منْزلته ويعطيه فضيلته. ألاّ يكل أمرهم إلى أمريكا ولا إلى روسيا، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النّصارى حتّى تتّبع ملّتهم (¬3)}، فهم لا يريدون أن يحقق للإسلام نصر ولا يريدون أن تجتمع ¬

(¬1) سورة هود، الآية:113. (¬2) سورة آل عمران، الآية:118. (¬3) سورة البقرة، الآية:120.

كلمة المسلمين. ثم ننصح أخانا في الله جميل الرحمن حفظه الله تعالى باستقدام إخوانه أهل السنة ليشاركوه في التعليم، وليؤازروه على هذا الأمر فإن هذا ينفعه. وننصحه أيضًا أن لا يغتر بمجتمعنا الذي نعيش فيه فهو لا يساعد على الخير، فعليك أن تتمسك بالسنة ولو لم يتبعك أحد؛ فقد قال الأوزاعي رحمه الله تعالى: (عليك بالسنة وإن رفضك الناس، وإياك والبدعة وإن زخرفها لك الناس) أو بهذا المعنى. ويقول عبد الله بن المبارك -وقد سئل: من هم جماعة المسلمين؟ - فقال: حسين بن واقد ومحمد بن ثابت وأبوحمزة السكري. وقال: هؤلاء هم جماعة المسلمين. ثم بعد ذلك إذا استفتى أحد أو غير ذلك فعليه أن يطلب الدليل، وأن يعرض الفتوى على كتاب الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، نحن نحب علماء السنة، أمّا الدين فلسنا مستعدين أن نقلد أحدًا وإذا كنا على الحق لا نخاف من هذا ولا من هذا، فلا بأس أن نستفتي أفاضل العلماء لكن ينبغي أن ينظر فرب عالم يكون متأثرًا بمجتمعه ورب عالم يكون متأثرًا ببيئته، ورب عالم يكون مهزوم النفس لا يستطيع أن يقول بكل ما في نفسه، فعليه أن يجتهد وأن يبحث، أنصحه بكتب السنة إذا عرضت مسألة أن يبحث في هذه المسألة والله المستعان. ونستودعهم الله ونسأل الله العظيم أن يجمع كلمتهم وأن ينصرهم على أعدائهم، والحمد لله رب العالمين.

مقتل الشيخ جميل الرحمن

مقتل الشيخ جميل الرحمن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد: فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين ءامنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فالله أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ الله كان بما تعملون خبيرًا (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتّقوى (¬2)}. وروى الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمره أن يقول الحقّ ولو كان مرًّا. وفي "الصحيحين" عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: بايعْنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السّمع والطّاعة في المنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول بالحقّ ¬

(¬1) سورة النساء، الآية:135. (¬2) سورة المائدة، الآية:8.

حيثما كنّا لا نخاف في الله لومة لائم. هذه الأدلة تحتّم على المسلم فضلاً عن الداعي إلى الله أن يقول كلمة الحق في حدود ما يستطيع، ويحرم عليه التلبيس من أجل أغراض دنيوية، أو من أجل حزبية أو غير ذلك. وقد جاءتنا الأخبار المفزعة المقلقة بما حصل في أفغانستان من قتل أخينا جميل الرحمن رحمه الله تعالى. وهذا أمر مهيأ له من زمن، فقبل سنتين وسائل أعداء الإسلام تشن هجومًا على العرب الموجودين في أفغانستان بأنّهم وهابية، وما زالوا يتهددون العرب هناك، والعرب جزاهم الله خيرًا ذهبوا ليقاتلوا في سبيل الله لا لأجل مغنم، ولا لأجل أمر دنيوي، ولكنهم ذهبوا ليقاتلوا في سبيل الله، يعرف ذلك إخوانهم الصالحون من أفغانستان. وقبل أيام زارنا أخونا في الله محمد الأشموري وكان طالب علم عندنا، فيقول: إن الشباب هنالك يطلبون منك أن تتكلم في شريط، وذلك أن (حكمتيار) قد وجه قواته إلى (كنر)، بل أعظم من هذا يقول: تقدمنا إلى موقع من المواقع الذي به أعداء الإسلام فاحتللناه، ثم لن نشعر إلا بالرماية من خلفنا، ثم يقول: أحيط بنا وأسرنا، أحاط بنا أصحاب (حكمتيار) وأسرونا, حتى حصلت وساطات وفكّوا أسرنا، والشباب هنالك كانوا في حيرة شديدة، جازاهم أعداء الإسلام جزاء سنمار. وبعد هذا حدث ما حدث، من قتل أخينا (جميل) وقبله احتلال أكثر أماكن

(كنر). أما قتل أخينا (جميل) فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابًا مؤجّلا (¬1)}، ويقول: {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعةً ولا يستقدمون (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيّدة (¬3)}، ويقول سبحانه وتعالى: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الّذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم (¬4)}. فهذا أجله، أنه سيقتل رحمه الله تعالى وأرجو أن يكون في سبيل الله، لكن الشيء الذي يتعجب منه أو الذي يدهش هو: لم كان العرب الذين عند أخينا (جميل الرحمن) وهابية؟! وعند (سيّاف) وأصحابه لهم التقدير والإجلال، ويقدرونهم غاية التقدير؟!! أخونا (جميل الرحمن) رحمه الله تعالى قام بمدارس تحفيظ قرآن، وبدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وقام في مجلة (المجاهد) بنشر فوائد ونصائح للعلماء. وأعتقد أن ما فعله (حكمتيار) من باب: رمتني بدائها وانسلت، فهو عميل لأمريكا ولأعداء الإسلام، وهم من قبل مدة يشنون ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية:145. (¬2) سورة الأعراف، الآية:34. (¬3) سورة النساء، الآية:78. (¬4) سورة آل عمران، الآية:154.

على المجاهدين بأنّهم وهابيون. فمن الذي حقق لهم ما يريدون؟ إنه (حكمتيار) وأصحابه الآخرون. بل الأحزاب السبعة تمالأت والحمد لله عندنا وثائق قدر مجلد صغير وصلت هذه الوثائق في اليوم الثامن من ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وأربعمائة وألف (8 ربيع أول 1412). وبعد ذلك اتضحت الحقيقة، وعرف الناس أنه أمر متواطأ عليه بين الأحزاب كلها، وبين الإخوان المفلسين وإلا فما معنى المقابلة التي نشرتْها جريدة (الصحوة) لا بارك الله فيها مع (حكمتيار) وتسأله عن ولاية (كنر)؟ فيقول: (إن بها عملاء لأعداء الإسلام). فهذا تمهيد وما معنى أنه أشيع في (الرياض) قبل مقتل أخينا (جميل الرحمن) بيوم أنه قد قتل، وكانوا يذهبون إلى أفغاني صاحب مطعم ويقول: (لا، لم يقتلْ، سيأتيكم الخبر بعد العصر يوم الجمعة). وبعد عصر يوم الجمعة جاء الخبر بقتل أخينا (جميل الرحمن) رحمه الله تعالى. ولبّس الإخوان المفلسون على كثير من أهل العلم حتى قالوا: (إن الجهاد الأفغاني فرض عين) وهذا كلام من لا يدري، وهذه فتوى من لا يدري، أن يقال: الجهاد في أفغانستان فرض عين فمعناه أن المسلمين في جميع البلاد الإسلامية يجب عليهم أن يذهبوا جميعًا ويبقوا في أفغانستان حتى يطهروها من الشيوعيين، وبلاد المسلمين ملغمة بالشيوعيين والبعثيين والناصريين وليس لدى الأفغانيين ما يقومون به لو أتاهم المسلمون، فهذه الفتوى مهزلة.

وأيضًا تلبيسات أخرى، والذي يظهر أن مقصودهم هو ألا توجد دعوة سنة، كما تحاملوا علينا قبل هذا هنا: لماذا تسمون أنفسكم أهل السنة؟ فأنتم متشددون، وأنتم منفرون، وهذا الاسم منفر تسمون أنفسكم بأهل السنة، وهكذا، يهمهم ألا يوجد في الساحة غيرهم، وقد درسنا أحوالهم وإلا فمدارس تحفيظ القرآن يجب أن تشجع أم يجب أن تحطّم كما قال الخبيث (حكمتيار)؟. وقد ذهب أحد إخواننا إليه وقال له: مدارس تحفيظ القرآن، وإقامة الحدود. قال: لا ليس هذا وقتها، بل نبدأ أولاً بهؤلاء الوهابية، الذين يريدون طمس تراثنا -يعني تقاليدنا-. وهكذا فقد كفّروا شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ محمد بن عبد الوهاب، والشيخ ابن باز وجمعًا من علماء المسلمين، فالخرافة في أفغانستان لا تنكر ولا ينكرها إلا أعمى البصيرة، فقبور مشيدة، وحروز وعزائم, ودعاء واستغاثة بغير الله، والطامة الكبرى (صبغة الله مجددي) الذي وثب على السلطة. (صبغة الله مجددي) صوفي حلولي، عميل لأمريكا، وعميل لإيران، وعميل لنجيب الله، وعميل لظاهر شاه، وقد ذهب إليه وقالوا له عن هذا الأمر، فقال: إن الأحزاب السبعة ستقدم على (كنر) إلا أن يتراجع. فهذه هي الطامة الكبرى. ومنذ زمن قلنا لإخواننا إننا لا نتوقع أن تقوم دولة إسلامية في أفغانستان، وجزاهم الله خيرًا فقد قاموا بهزيمة الروس وبكسر الروس، فيشكرون على هذا، أما قيام دولة إسلامية في أفغانستان فأول من يحاربها

حكومات المسلمين. وقبل سنتين كتب إليّ الأخ (جميل الرحمن) رحمه الله تعالى وقال: إننا قادمون على انتخابات، فهل ندخل فيها؟ وإذا لم ندخل فيها وعزلنا فسيحولون بيننا وبين الدعوة. فأجبت عليه: أنني أنصحك ألا تدخل في الانتخابات لأنّها طاغوتية، ثم دخل فيها وأنا أعتبره مخطئًا. والدعوة لها الله، فلا يستطيعون أن يحولوا بينك وبين الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فما استطاعت الحكومات ذوات السلطة أن تحول بين الدعاة إلى الله في مصر، ولا في اليمن، ولا في السودان، ما استطاعت الحكومات بحمد الله أن تحول بين الدعاة إلى الله، وبين الدعوة إلى الله. فهذا الذي كتبت له. وهؤلاء الذين يقولون وهابية، ماذا يعنون بوهابية؟ أنّهم يتمسكون بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو أمر مخطط سياسي من قبل الأتراك، وزيني دحلان، وعلماء السوء هم الذين ولعوا بهذه الكلمة، وإلا فالوهابية ليس لهم مذهب إلا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فهل يقال: إن تخريب القباب المشيدة على القبور وهابية؟ لا، النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر عليّ بن أبي طالب ألاّ يدع قبرًا مشرفًا إلاّ سوّاه، ولا صورةً إلاّ طمسها. رواه مسلم. وقال: ((ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم

وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتّخذوا القبور مساجد؛ إنّي أنْهاكم عن ذلك)) رواه مسلم عن حديث جندب رضي الله عنه. ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لعنة الله على اليهود والنّصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد)). وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألاّ يبنى على القبور، ولا تجصّص، وأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في "صحيح مسلم" بتسوية القبور. وأيقال أن نهي الناس أن يدعوا غير الله: وهّابية؟! فالله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرّك (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {ومن أضلّ ممّن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين (¬2)}. أيقال أن أخذ الحروز والعزائم ممن كانت عليه: وهابية؟! لا، النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينهى عن هذا، يقول الله سبحانه وتعالى: {قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضرّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمة هل هنّ ممسكات رحمته (¬3)}. والأدلة على هذا متكاثرة، لكن الأعاجم مساكين ربما يعذرون، لكن هذا المفلس الذي يذهب ويغض الطرف ويقول: نحن نجاهد الشيوعية، لا الشرك. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جاهد هذا وهذا، ¬

(¬1) سورة يونس، الآية:106. (¬2) سورة الأحقاف، الآية:5 - 6. (¬3) سورة الزمر، الآية:38.

أزال الشرك وجاهد الكفار فينبغي أن نجمع بين هذا وهذا. أما الحزبية فهذا شيء من آثارها المقيتة، أن يعادى أولياء الله، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول فيما يرويه عن ربه: ((من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب)). فما ظنك بمن قتل أولياء الله، ومن عطل مدارس تحفيظ القرآن, ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ومن يقتل مؤمنًا متعمّدًا فجزاؤه جهنّم خالدًا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذابًا عظيمًا (¬1)}. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار)) قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: ((إنّه كان حريصًا على قتل صاحبه)). ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في "صحيح البخاري" من حديث ابن عمر: ((لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا)). ويقول أيضًا كما في "الصحيحين" من حديث ابن مسعود: ((أوّل ما يقضى بين النّاس يوم القيامة في الدّماء)). ويقول أيضًا كما في "الصحيحين" من حديث ابن مسعود أيضًا: ((لا يحلّ دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النّفس بالنّفس، والثّيّب الزّاني، والمارق من الدّين التّارك للجماعة)). ولاعتدائهم على المسلمين فأنا أقول: إنّها لا تجوز مساعدتهم لأنّهم إذا كانوا يقتلون الدعاة إلى الله ويقتلون من ينكر هذه الأمور وينتهكون ¬

(¬1) سورة النساء، الآية:93.

حرمات المسلمين. فيجب على الإخوان المسلمين أن يتقوا الله سبحانه وتعالى، فقد لبّسوا على الناس في شأن (الخميني) ثم انكشف الأمر، ولبّسوا في شأن (صدام) وانكشف الأمر، ولبسوا في شأن (عمر البشير) وعرف الأمر عند أن ذهب إخواننا إلى السودان، فحرام عليهم أن يتعصبوا للحزبية بالتلبيس. من زمن قديم وهم يقولون (جميل الرحمن) أضر على المجاهدين من الشيوعية، و (حكمتيار) يقول: بهم نبدأ، ثم نتوجه إلى الشيوعية. فهؤلاء لا يقاتلون الشيوعية إذا كان الأمر كذلك، فإنه لا يحصل نصر إلا باستقامة: {وعد الله الّذين ءامنوا منكم وعملوا الصّالحات ليستخلفنّهم في الأرض كما استخلف الّذين من قبلهم وليمكّننّ لهم دينهم الّذي ارتضى لهم وليبدّلنّهم من بعد خوفهم أمنًا يعبدونني لا يشركون بي شيئًا (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين ءامنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبّت أقدامكم (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى: {إن ينصركم الله فلا غالب لكم (¬3)}. ولسنا نزهّد في الجهاد في سبيل الله، لكن ينبغي أن تعلم من تجاهد، ¬

(¬1) سورة النور، الآية:55. (¬2) سورة محمد، الآية:7. (¬3) سورة آل عمران، الآية:160.

ومع من تجاهد، وما هي النهاية إذا تمت الدولة (لحكمتيار)؟ إشادة القباب، والتمسح بأتربة الموتى، ودعاء غير الله، العمالة لأمريكا. أنا متأكد أنه مدفوع من قبل أمريكا ومن قبل أعداء الإسلام، فلا يقول: هؤلاء عملاء لأمريكا، إلا من باب: رمتني بدائها وانسلت، وإلا فلا تستطيع جماعة (حكمتيار) ومن معه أن يدخلوا إلى (كنر)، وعند أن حملوا على (كنر) لم يطلق عليهم الشيوعيون طلقة واحدة، فهذا دليل على تمالؤ بين أعداء الإسلام. سيقولون ممكن أن ننفذ كل شيء وتصطلح الأحزاب، لكن هؤلاء الذين يتمسكون بالكتاب والسنة سيبقون في طريقنا، فنبيدهم من قبل أن يعرقلوا ما نريد، و ((إذا وسّد الأمْر إلى غير أهله فانتظر السّاعة)) كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وكما جاء أيضًا في "الصحيحين" عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتّى إذا لم يبق عالمًا اتّخذ النّاس رءوسًا جهّالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا)). حرام، حرام، أن تعطى تلك القوات للسفهاء، يجب أن تكون بأيدي عقلاء لا يوجّهونها إلا إلى الشيوعيين وإلى الأمريكيين وإلى أعداء الإسلام. أما أن توجه إلى المسلمين فهذا أمر خطير، والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه، التّقوى ههنا التّقوى ههنا،

حسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم)) فمالهم خضعوا لهذا الطاغوتي (صبغة الله مجددي) الذي اجتمعت فيه كل خصال الشر؟!! ولماذا لم يعزلوه إذا كانوا صادقين؟!! فالمسألة مادة، فقد أخبرت أن بعض تجار أرض الحرمين ونجد، وهو تاجر واحد قدّم في عام واحد: خمسين مليونًا وهي زكاته يوجهها إلى أولئك. وكما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((والله ما الفقر أخشى عليكم ولكنّي أخشى أن تبسط الدّنيا عليكم كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم)). ثم مدبر من المدبرين وجويهل كان يريد أن يشعلها ههنا في اليمن، إذا قيل له: أعط لطالب علم يريد أن يتزوج، أو يبني له بيتًا. قال: لا. وإذا قيل له: هات لنا مدفعًا ورشاشًا. قال: خذوا!! فأنا أقول: إنه جويهل، ما درى باليمن، وما اليمن عليه، فلا نحتاج إلى مدفعك ورشاشك بل ندعو إلى الله وإلى كتاب الله، ونسأل الله أن يزيل الشيوعيين وأن يطهر بلدنا من الشيوعيين والبعثيين والناصريين. والحمد لله لو أتحد أهل الخير لاستطاعوا أن يقضوا على الشيوعيين في شهر واحد، يبغّضونهم إلى الناس حتى يتركوهم مثل الكلاب في نظر الناس، وهم سيتنازلون أو ينازلهم الشعب نفسه. ينبغي أن نتأنّى في الأمور، ولا نسند الأمور إلى الجهال، انظروا عاقبة إسناد الأمور إلى الجهال كيف تسلط (صبغة الله مجددي)، ثم تلبيسات عند الإخوان المسلمين فربما يقولون: والله صحيح (صبغة الله مجددي) هذا

رجل صوفي ومشرك لا خير فيه، لكن اسكتوا. فكيف نسكت على هذا ولا نخذل عن الجهاد في سبيل الله، وفي النهاية هذا الطاغوتي يصعد على الكرسي (صبغة الله مجددي). وقد كنا سمعنا (بحكمتيار) أنه اعتزل وقال: هذه حكومة مؤقتة لستة أشهر، ولكنها الدنيا. والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشّرف لدينه)). فحب الشرف والمال والزعامة هو الذي يجعل الشخص يضطرب وله في كل يوم موقف ويتلون فنحن ينبغي أن نبين للمسلمين حال الجهاد في أفغانستان أنه قد أصبح صراعًا وطنيًّا والشيوعية أصبحت هذه الأيام في مأمن. ثم ماذا يفيدنا أن يتقدموا ويقضوا على الشيوعية وهم يحاربون الدين: {إنّما جزاء الّذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض (¬1)}. فعند أن أمّن الأخ (جميل) بلده، وأقام بعض الحدود، وأقام بعض مدارس تحفيظ القرآن ومعاهد حتى أصبح الشباب هنالك كأنّهم في مكة أو في مدينة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ومن العجائب والغرائب أن (حكمتيار) وأتباعه يسخرون ممن يقول لهم: أين الله؟ أو أن لله يدًا أو أن لله وجهًا وهكذا سائر الأسماء والصفات، ويقولون: هؤلاء وهابية، ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية:33.

وهؤلاء مشبهة، فسخروا وسائل إعلامهم لمحاربة سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ثم هذه الجريدة الممسوخة التي تسمى بجريدة (الصحوة) -والتي ينبغي أن تسمى بجريدة (الغفلة) - ما تستحيي أن تثير فتنة وتشجعها من أجل أن (جميل الرحمن) أبى أن ينضم معهم، فقد جاء أناس من الإخوان، وقالوا له: لا تشق العصا. فقال: ابغوني ثلاثة أحزاب وأنا رابعهم نتفق جميعًا. فذهبوا إليهم، وأبوا، ثم رجعوا إليه وقالوا له: لا تشق العصا. قال: ائتوني بحزبين وأنا ثالثهم. فذهبوا إليهم وأبوا، ثم رجعوا إليه وقالوا له: لا تشق العصا. قال: ائتوني بحزب ينضم معي وأنا معه. فذهبوا إليهم، وأبوا، ثم رجعوا إليه وقالوا له: لا تشق العصا. فقال: إذًا أنا أنضم إلى فلان -وهذا ليس من أحزاب الإخوان المسلمين- فقالوا: أما هذا فلا. فأهل السنة مشغولون بالتعليم وبالدعوة إلى الله، وبالتأليف وبتفقد أحوال المسلمين في جميع البلاد الإسلامية، والإخوان المسلمون مشغولون بإعلامهم وبحزبيتهم، ومستعد كبيرهم أن يلقى السني بالوجه السني، ويلقى الصوفي بالوجه الصوفي، ويلقى الشيعي بالوجه الشيعي، ويلقى الفويسق بالوجه الفويسق. ومن أجل هذا فالناس يلتفون حولهم لأجل المصالح، فالتفاف الحزبيين حول بعضهم البعض من أجل المصالح، وإلا فالله سبحانه وتعالى ذم الحزبية، يقول سبحانه وتعالى: {إنّ الّذين فرّقوا

دينهم وكانوا شيعًا لست منهم في شيء (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانًا وكنتم على شفا حفرة من النّار فأنقذكم منها (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {وإنّ هذه أمّتكم أمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاتّقون (¬3)}، وهذه الحزبية يقول الله سبحانه وتعالى فيها: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم (¬4)}، ويقول في شأن اليهود: {تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتّى (¬5)}. والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقةً، وافترقت النّصارى على ثنتين وسبعين فرقةً، وستفترق هذه الأمّة على ثلاث وسبعين فرقةً)) انتهى الحديث عند أبي داود، وزاد: ((كلّها في النّار إلاّ واحدة)) من حديث معاوية، وقد سئل عن الفرقة فقال: ((هي الجماعة)). فينبغي لنا معشر اليمنيين أن نتخذ عبرة بأولئك الذين أصبحوا يوجهون مدافعهم إلى بعضهم البعض، وكذلك الحزبية في لبنان. ويقول أحد الأخوة القادمين من السودان: الحزبية أنْهكت السودان وأضعفت ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية:159. (¬2) سورة آل عمران، الآية:103. (¬3) سورة المؤمنون، الآية:52. (¬4) سورة الأنفال، الآية:46. (¬5) سورة الحشر، الآية:14.

قواه، حتى إن هذه الحكومة عند أن أرادت إلغاء هذه الحزبية أصبحت في تعب ومشقة، لأن الحزبية قد أنْهكت قوى البلد وقوى الدولة، فصاحب الحزب قد يكون محافظًا وهو شيوعي أو بعثي أو ناصري، وهل يهمه أن يرقى البلد ويطور البلد؟ بل يهمه أن يرقى حزبه وأن يطور حزبه ويلمع أصحابه ويوظّف أصحابه، من أجل هذا فأيّ حزبية تدخل بلدًا تمسخها، وقد وقع في اليمن ما وقع والله أعلم بالعاقبة وبالخاتمة فنخشى أن تلحق بلدنا بلبنان، وبأفغانستان. أسأل الله العظيم أن يحفظ علينا ديننا وأن يعيذنا من الفتن. والحمد لله رب العالمين. ***** السؤال9: يقول (جلال الدين حقاني) إذا أصدرنا عملة أفغانية صورة من نعمل؟ هل هذا الكلام يوافق الإسلام أم يخالفه؟ الجواب: الصورة لا يجوز وضعها على العملة، والعملة التي فيها صور محرمة، لأن الصور من حيث هي محرمة: ((إنّ الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب ولا صورة)). السؤال10: الذين يلمزوننا وإخواننا هنالك بأننا وهابية وقبل كل شيء لسنا راضيين بهذا، فهل هذا صحيح؟ الجواب: لنا شريط في (حول كلمة وهابية) فإن شاء الله يضاف إلى

هذا البحث ويخرج إن شاء الله في كتاب بإذن الله تعالى، وكذلك تكلمنا على فرقة العرب أنفسهم في (الدفاع عن العلماء)، حتى لا يلبّس الملبسون على المجتمع، ويرونهم أنّهم يقاتلون في سبيل الله، والواقع أن (حكمتيار) ومن معه يقاتلون في سبيل الشيطان، وإلا فلو كانوا يقاتلون في سبيل الله لأذعنوا لكتاب الله ولسنة رسول الله: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا (¬1)}، {فليحذر الّذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم (¬2)}. فالذي يقاتل في سبيل الله يخاطر بنفسه ويقدم نفسه إلى المعركة وإلى الموت فكيف يلقى الله وهو على شركيات، أو يدافع عن الشركيات، لا بد من تنقية وتخليص العقيدة، والله المستعان. السؤال11: انتقدتم كثيرًا في الشريط الإخوان المسلمين، فهل انتقادكم في هذا وفي غيره للإخوان لأنّهم إخوان، أم لأنّهم جعلوا الدعوة إلى حزبيتهم أعظم من دعوتهم إلى الإسلام مع أن هناك فرقًا إسلامية من أهل السنة تمشي على نفس الخط؟ الجواب: نحن لا ننتقد الإخوان لأنّهم إخوان، لكن ننتقدهم لأنّها ¬

(¬1) سورة النساء، الآية:65. (¬2) سورة النور، الآية:63.

غلبت على دعوتهم الحزبية، وأصبح أحدهم ربما يرحل من البلد إلى بلد ويدعو الناس إلى حزب التجمع الطاغوتي، أو يدعو الناس إلى أي حزب من أحزاب الإخوان المسلمين. أما لمجرد تسميتهم بالإخوان المسلمين فلا ولكن هؤلاء يحاربون السنة وأهل السنة، ولو استطاعوا أن يقضوا على الدعوة ههنا في دماج لفعلوا، والله المستعان. السؤال12: الحرب التي وقعت بين المسلمين في أفغانستان، هل هي فكرة حزبية أم عقائدية؟ وما توقعاتكم على افتراض أحد الأمرين؟ الجواب: الذي يظهر لي أنّه أمر مدفوع من قبل أعداء الإسلام وأنه مستأجر؛ لأن أعداء الإسلام يعرفون مكانة السنة ومكانة أهل السنة في نفوس الناس، فهم لا يخافون من الحزبيين ولا يخافون من مدافعنا ولا من رشاشاتنا، ولكن يخافون من المتمسكين بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهم يعرفون أنّهم يستطيعون أن يداروا الإخوان المفلسين بمركز أو بوزارة أو بكرسي، ثم يتنازلون عن دعاويهم وعن ما يريدون. لكن أصحاب السنة متمسكون بالكتاب والسنة، ولا يحكّمون إلا الكتاب والسنة، ولا يتنازلون إلى أمور دنيوية. فقد بلغني أن أمريكا قالت لزعماء مصر: إنكم تهتمون بجماعة الجهاد، وأمر جماعة الجهاد ظاهر لكن هناك من يعلّم ويخرج رجالاً وهم أصحاب الإسكندرية. فأصبحت الحكومة المصرية تتنكر لأصحاب

الإسكندرية. فأعداء الإسلام يخيفهم التمسك بالكتاب والسنة، والدعوة إلى الكتاب والسنة، فلا يخيفهم التمثيليات ولا تخيفهم الأناشيد، والله المستعان. السؤال13: هل الجهاد ضد (حكمتيار) واجب؟ أم ماذا يعمل في مثل هذا الأمر؟ الجواب: يتوقف فيه فلا يقاتل إلا إذا كان من باب الدفاع فيجوز أن يقاتل، وإلا فنحن لم نكفره لكن نعتقد أنه عميل لدولة من أعداء الإسلام وأنّها هي التي حملته على هذا. السؤال14: ما نصيحتك لمن أراد الجهاد في أفغانستان هذه الأيام وخاصة بعد هذه الفتن التي تدمي القلوب؟ الجواب: أنصحه أن يتأنّى حتى تأتي أخبار من إخواننا أهل السنة هنالك، وإذا كان الأمر مهيأ أن يقوموا بمواجهة أعداء الإسلام، أما تحت هذه الرايات الجاهلية فأنا لا أنصح أحدًا أن يذهب إلى هنالك ويقاتل تحت راية (حكمتيار) أو راية (سياف) أو راية (صبغة الله مجددي) فقد ظهر نفاقهم، وأنّهم لا يحاربون لأجل الدين، بل يحاربون لأجل الكراسي. والله المستعان. السؤال15: قبل أيام من قتل (جميل الرحمن) عقد اجتماع في إيران بين بعض قادة المجاهدين ووفد من الحكومة الإيرانية والباكستانية

واتفقوا على الحل الدولي لحل القضية الأفغانية، فهل هذا له علاقة بقتل (جميل الرحمن) واحتلال بلدته؟ الجواب: يحتمل أنه من قبل إيران أو من قبل أمريكا، ويحتمل أنه من قبل حكومة من حكومات المسلمين، فإنه يحزنها ويقلقها ويخيفها ويزعجها ويذعرها أن توجد حكومة إسلامية تحكم بكتاب الله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السؤال16: لقد وصفت الإخوان المسلمين بالمفلسين ما هي أسباب الإفلاس؟ الجواب: هم مفلسون في السياسة، فقد أصبحوا كالكرة فإن جاءهم حزبي أو شيوعي أو بعثي أو ناصري انضموا معه من أجل أن يتوصلوا إلى الكراسي، ولكن الكراسي لا تأتي بالانتخابات والتصويتات، لا تأتي الكراسي إلا بعمل للإسلام. وفي العلم أيضًا مفلسون، ولكن الذي عنيته أنّهم مفلسون في السياسة. السؤال17: هل مرارتك وغضبك على مقتل (جميل الرحمن) لأنه سلفي أم لأنه مسلم؟ الجواب: لأنه سلفي أكثر، لأن السلفيين وأهل السنة وأهل الحديث هم زبدة المسلمين وهم خيار المسلمين، ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: إن خطأ المحدثين والسلفيين وأهل السنة ليس بشيء إلى أخطاء المبتدعة.

فكونه سنيًا أحب إلينا من أن يكون مجرد مسلم. السؤال18: بعد قيام الوحدة بثلاثة أيام وافق أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني في مجلس النواب وصوتوا على قرار ضد تجنيد المرأة، بينما في هذه الأيام صوتوا على قرار يجب فيه أن تجند المرأة. فما علة ذلك؟ الجواب: هو أمر سياسي، يريدون أن يكسبوا رضا الشعب بهذا وأنّهم لا يريدون مخالفة الإسلام وتحطيم الإسلام. والآن يرون أنفسهم قد تمكنوا بعض التمكن، ولو أنّهم تمكنوا لرأيتم منهم أسوأ وأسوأ، ولكن الواجب على خطباء المساجد وعلى الدعاة إلى الله أن يعطوا هذا الأمر قسطه فإنه يعتبر هتكًا لأعراض اليمنيين، ولأعراض المسلمين. السؤال19: بشأن المساعدات: إن لم توجد جماعة فهل يجوز أن يساعد هؤلاء على ما فيهم من الشر؟ الجواب: أرى أنّهم لا يساعدون، لأنّهم لو تمكنوا وأقاموا دولة فستكون دولة قبورية، ودولة أمريكية أو دولة روسية، ويمكن أن يستخلص منهم المستقيمون ويساعدون، والله المستعان. السؤال20: كنت قبل أيام توصي من أراد أن يستنصحك في الجهاد أن يذهب عند (حكمتيار) أو (جميل الرحمن). فهل كانت الأخبار التي تبلغك غير الأخبار الصحيحة؟

الجواب: أما (حكمتيار) فقد بلغني أنه إذا سئل عن العقيدة يجيب بمذهب السلف إذا كان عند العرب، لكن إذا كانت عند الأفغان يراوغ. وقد اتضح الآن أنه انقلب على عقبيه. ولا أذكر أنني قلت: يذهب عند (حكمتيار) لكن أقول: عند (جميل الرحمن) أو عند (أسامة) فلما عرفت الحزبية عند (أسامة) لم أرشد إليه فالله المستعان. السؤال21: كيف نستطيع أن نكون حكومة إسلامية إذا لم نرد الكراسي ونتركها للشيوعيين؟ الجواب: إذا كان الكراسي تحكّم الكتاب والسنة فذاك. أما أن ندخل في المناصب على أنصاف حلول فهذا لا يجوز، فنغض الطرف ونرحب بالديمقراطية، واحترام الرأي والرأي الآخر، والقوانين الوضعية نقضي بها إذا كنا قضاة، فهذا لا يجوز. أما إذا كنا نحكم بالكتاب والسنة ونمكّن فذاك، وأما أن يطلب منا أن نحكم بالقوانين الوضعية فالله عز وجل يقول: {أفحكم الجاهليّة يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون (¬1)}، ويقول: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (¬2)}. السؤال22: هل الواجب على العلماء الذين هم مع الإخوان بعد هذا ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية:50. (¬2) سورة المائدة، الآية:44.

الحادث الأليم أن يتركوا الإخوان ويتجهوا إلى الإسلام الصحيح المتمثل بالكتاب والسنة؟ الجواب: قلت هذا منذ زمن عندما ألفت (المخرج من الفتنة) وعرفنا خداع الإخوان المسلمين: إنه يجب على علمائهم أن يتخلوا عنهم، ومن لم يتخل عنهم فهو منهم. بعد هذه الأمور ووضوحها، فدعوتهم مبنية على التلبيس، وهناك مصالح، فالعالم هذا من يجمع له الجمع الكبير من يصوت له حتى يكون في مجلس النواب، فهي مسألة مصالح، وليست مسألة دين. السؤال23: هل الذي يسجل في الحزب الاشتراكي يكون كافرًا؟ الجواب: إذا كان يعتقد مبادئ الحزب الاشتراكي فهو كافر، وإذا كان يجهل فهو ضال أضل من حمار أهله. السؤال24: إذا ترك الإخوان المسلمون التحزب إلى جماعتهم، وتقديس مشايخهم، واعتقاد ألا ننصر الإسلام إلا عن طريقهم، ورجعوا إلى كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن ينصر الإسلام من أي طريق كان موافقًا لشرع الله هل ستتوب منهم؟ الجواب: نعم، أود هذا وأتمنى أن يكون الأمر كله كذلك، والسلطة لهم إذا جاءت سلطة، وأنا أجلس أعلّم وأدعو إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولو أكون خادمًا فلا يضر بحمد الله وهذا الذي نتمنى. السؤال25: هل هناك فرق بين انتقادك على الإخوان والتجمع وانتقاد

غيرك من السلفيين؟ الجواب: أنا قد ذقت مرارتهم في اليمن، فمنذ بدأت الدعوة هنا وهم يحاربونني بالتنفير وبالابتعاد بشبابهم عني، فبسبب هذا وهذا ومعرفة ما هم عليه من العقيدة أتحامل عليهم أكثر، وهم يتحملون فهم يعرفون أن الذي أقوله حق. في ذات مرة زارنا رجل من صنعاء وهو كبير السن فصرنا نضحك على الكلام الذي أقوله وهو يقول: هم يعلمون أن هذا الكلام حق وإلا فما كانوا يصبرون على هذا الكلام. السؤال26: سمعنا شريطًا للشيخ الألباني حفظه الله، بأن السلفيين أو السلفية الجديدة يحذون حذو الإخوان، فهل سلفيو اليمن إخوان الفكر والمنهج أم أن هنالك فرقًا شاسعًا بينهم وبين الإخوان؟ الجواب: بل بينهم فرق، إلا أنّ أصحاب جمعية الحكمة تأثروا بدعوة (عبد الرحمن عبد الخالق) وإلا ففيه فرق، فسلفيو اليمن يؤمنون بأسماء الله وصفاته، ولا يقتحمون في كثير من المخالفات الشرعية .. والله المستعان. السؤال27: وهل هم متحدون في الولاء؟ الجواب: لا، ليسوا سواء السلفيون (¬1) أفضل إن شاء الله. ¬

(¬1) ثم تدهور (عبد الرحمن عبد الخالق) وصار لا فرق بينه وبين الإخوان المسلمين.

السؤال28: إذا كنتم تحذرون من المشاركة في الانتخابات فكيف يصل المسلمون إلى الحكم وتحكيم الشريعة؟ الجواب: الذي يظن أنه سيصل بالانتخابات فهو مغفل! مغفل! مغفل!، الذي يصل إلى الانتخابات هو الذي يكون عنده ملايين الدولارات الأمريكية، وفي الليل يذهب إلى مشايخ القبائل وإلى الضباط وإلى كذا وكذا، فهذا هو الذي سيفوز في الانتخابات، وعلى فرض أنه فاز في الانتخابات الصالح، فالحكومة ستوجه له المدافع والرشاشات، فهم ليسوا مستعدين أن يعطوها بالانتخابات، فنحن نعلّم إن شاء الله في حدود ما نستطيع، والوصول إلى السلطة تكون بتقوى الله والعلم والعمل والدعوة إلى الله وإعداد العدة في حدود ما يستطاع والله المستعان. السؤال29: نخشى يا شيخ أن يكون السائل من المفلسين، موجود بيننا ويدافع عنهم فما هو ردك على ذلك؟ الجواب: ما شممت منه رائحة الإخوان المفلسين، وإلا فكنت أعطيه قسطه ولو كان بجانبي. السؤال30: ما نصيحتكم للمسلمين عامة ولأهل اليمن خاصة؟ الجواب: الذي أنصحهم أن يرجعوا إلى علمائهم لأن المسألة أصبحت ملتبسة بسبب كثرة الدعاة إلى الله، لكن أي علماء؟ العلماء الذين لم تستعبدهم الحكومات، فلا تقول لهم: اخطب في الوحدة، ويخطب في

الوحدة، واصدر الفتوى في كذا وكذا، ويصدر الفتوى في كذا وكذا: {فاسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (¬1)}. ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في شأن بيان العلماء أنّهم يضعون الأشياء مواضعها: {وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون (¬2)}، وقال سبحانه وتعالى: {وما يعقلها إلاّ العالمون (¬3)}. فأنصحهم أن يرجعوا إلى علمائهم ويستفسروهم عن كل أمر، والذين يقولون: العلماء لا خبرة لهم بالواقع أعتقد أنّهم دسيسة على الإسلام، لأنّهم يريدون أن يزهدوا الناس في العلم وفي الدعوة ويريدون أن يتخذوا من أنفسهم زعماء للناس يوجهونهم كما يريدون، أيها المسكين أأنت أعرف بالواقع؟!! وأنت الذي خرجت في الشوارع كالأنعام السائبة تصفق (لصدام) وأنت الذي تعرف الواقع، وتناقش على بساط الديمقراطية وتحترم الرأي والرأي الآخر وميثاق الشرف .. وأنت الذي تمدح (عمر البشير) وأنا أعتقد أنه لا يمدح (عمر البشير) إلا مغفل، فهم جهلوا الدين وجهلوا الواقع، وماذا ينفعني أن أدخل إلى مكتبة الإخوان المفلسين والجرائد والمجلات مرصفة، وهم لم يفعلوا ولم يعملوا مثل الذي ألفه ¬

(¬1) سورة النحل، الآية:43. (¬2) سورة القصص، الآية:80. (¬3) سورة العنكبوت، الآية:43.

(وجاء دور المجوس) فهذا بحمد الله يقرأ ويكتب وكذلك الذي ألف (الصراع العربي الإسرائيلي) يقرأ ويكتب، والذي ألف أيضًا (دراسات في السيرة) يقرأ ويكتب، أما هذا المسكين فيقرأ ويقرأ ثم الحزبية هي التي تتغلب .. والله المستعان. السؤال31: بعض الأخبار تقول: إن السلفية الجديدة حزب سري مثلما كان الإخوان من قبل ولهذا ينظّمون بعض الأمور معًا فهل هذا صحيح؟ الجواب: الذي يظهر أنه ليس بصحيح، فعندهم حزبية لكن لا يبلغون مبلغ الإخوان المسلمين، وأيضًا ليسوا متفقين، فقد اتفقوا ببعض زعمائهم وأورد عليه أسئلة حتى عجّزوه وقال: أنا أبرأ إلى الله، تبرأ إلى الله من ماذا؟ وأنت تدعو في كل مجلس إلى الإخوان المفلسين، فمن الذي أمسكك حتى تبقى مع الإخوان المسلمين أأنت مربوط ومقيد؟ انصرف إذا كنت تبرأ إلى الله .. الله المستعان. ومن عجائب وغرائب الحزبية أنّهم يرحبون بوزير الدفاع الذي قام على نجيب، ويباركون الهجوم على (كنر) وقتل أخينا (جميل الرحمن) فأعجب لهؤلاء الحمقى يرحبون بالشيوعي الذي يسخر من الإسلام ويطيرون فرحًا لقتل أولياء الله، فقاتل الله الحزبية التي تعمي وتصم وتجعل الحسن قبيحًا والقبيح حسنًا. والسائل يقصد السلفية المزيفة التي هي سلفية عبد الرحمن بن عبد الخالق وسلفية أصحاب جمعية الحكمة اليمانية.

هذه مرثية لأخينا في الله (محمد بن أحمد الفراج) كلية الشريعة رثى فيها الشيخ (جميل الرحمن) رحمه الله، قال حفظه الله تعالى: جلّ المصاب وهام الفكر واضطرباياقوم شمس سماء أفغان كاسفةوأرضها من ربيع الخير مجدبةياللحساب الذي طمّت نوازلهتبكي جميلاً أنار الله مسكنهتبكي المجاهد، ما ناحت مطوقةتمالأ القوم حتى ضاق عسكرهمما ينقمون من الشيخ الجليل سوىيرفو عقيدة أقوام مخرقةيريد إسعادهم دنيا وآخرةيا شيخ كانت لك الأعداء شاهدةتقابل الشر بالغفران تدفعهلئن ذهبت عن الميدان مرتحلاًقرة عيونكم يا أهل شعوذةمضرج بدواء الخلد مسجدهطوى حياةً كانت كلها سغبًا يارب أسبغ عليه اليوم مغفرةً

واقبله في الشهدا واجعل منازلهيا أيها الظالم العادي بغفلتهخسرت حظك يا غدار ذمتهماذا جنى وتراه قد تحاوشهكل سما اليوم قد حانت منيتهإرادة الله فيك خير منْزلةنريدها دعوةً لله صادقةبحكمة المصطفى الهادي وعزمتهأخلق لذي اللبب الأخلاق مجتلدًاحتى ينال على الأيام بغيتهيارب أفرغ علينا في مصيبتنايا أخوة الدين والآلام تجمعناأزفه ... وصبا نجد تقل ... به ... وودعت عيني الأفراح والطرباوبدرها في دياجير الدجى احتجباونبعها العذب في ينبوعه نضباتعاظم الخطب حتى حارت الخطباحتى ترقرق دمع العين وانسكباوما روت ديمة من ودقها الترباوجموا فأضاقوا البر والرحباأن قام يدعو إلى التوحيد محتسبايزيح عنها ركام الجهل والحجباوهم يريدون فيه الشر يا عجباوللمحبين والقالين كنت أباحتى أسرت به الأفغان والعربافإن بذرك للتوحيد ما ذهبافقد ثوى الليث في محرابه تربايشكو إلى ربه الأوضار والكربالله كم محنة عانى وكم تعباورحمة من لدنك تذهب النصبا مع النبيين والأبرار والنجبايا ربّ جرم ركبت اليوم مرتكبًاأحل ربي بك التنكيل والغضباجمع الضلالة والتبديع واحتزباهيهات أنّى يساوي الطاهر الجنباوقد أرادك فيه السوء والعطبافانْهض لها يا سميع الله محتسباحتى تبدد شمس السنة الحجباوبالتجمل أجمل للفتى سبباويدرك العاقل المقصود والإرباصبرًا جميلاً يزيل الهم والوصباعزاء صدق من الأعماق ملتهباحتى تحل ربوع السادة الغربا

وهذه قصيدة أخرى لأخينا في الله (عبد الله بن محمد العنيزي) الرياض. قال حفظة الله تعالى: مرثية الشيخ جميل الرحمن مالي أرى الدمع من عينيّ ينهمروالطير باتت على الأغصان واجمةوأقفر الروض واصفرت أزاهرهسمعت طارق سوء كاد يصرعنيلولا اليقين بحكم الله ألهمنيقالوا: جميل إلى الرحمن ودعنامن للمعاهد والتعليم ينشرهمن لليتامى إذا جاعت حواملها؟ من للمجاهد في الوديان قد حملتفقلت كلا (سميع الله) يخلفهسنرفع الراية البيضاء في عجلراياتنا دولة التوحيد غايتهايا أمة الشرك قد بانت خيانتكمأين الكلام عن التوحيد كذبكم؟ وراية الشرك يحميها مجددكموالرافضية في الشورى وقد منعت

لنجدعنّ بأيدينا أنوفكمبني الصحابة قد كانت أوائلكمالله أكبر كم سارت ركائبناالله أكبر دين الله يجمعناجماعة الدعوة الغراء ترفعهاجماعة الدعوة الغراء قد لبستيا من يدافع من أبناء جلدتناهل شاهدت عينك العمياء فعلتهمأيديهم تقتل التوحيد شاهدةفعل المجوس التي كانت أوائلنالم يجمعوا مرة مذ كان أولهمهل شاهدت عينك العميا قبورهميا من يجادل والأموال يجمعهاهل اطلعت على ما كان يدرسهأعطيتهم قوةً قوّت عزائمهمسألت ربي إله الكون خالقناسألته يخذل الأعداء قاطبة ... والقلب من لوعة الأحزان يعتصرلا ترفع الشدو ما الأسباب؟ ما الخبر؟ أين العيون التي ترويه والمطر؟ فصرت من هوله أدعو وأصطبرأن المصاب قضاء الله والقدرمن بعد ما جاهد الإلحاد ينكسربين القرى صابر بالله مستتر؟! من للأرامل يعلو وجهها الضجر؟ كفاه سيفًا به النيران والشرر؟ وكل صاحب توحيد سينتصرنقضي على الشرك لا نبقي ولا نذرنحن الحماة لدين الله نستعرأين الجهاد الذي تبدون والغير؟ أشقاكم قاتل بالغدر مفتخربايعتموه، فأين الدين والأثر؟! عن الحضور حماة الدعوة الغرر حتى التصوف والتخريف ينتحرتجاهد الشرك في الأفغان تنتشرمن المدينة لا يحلو لها السمرصفو العقيدة قد قامت به (كنر) خفاقة فوق هام السحب قد ظهرواأكفانها في قراع الشرك ما فترواعن التصوف هل شاهدت ما فجرواففي كنار لهم جمع لهم خبرجبالها والوهاد السود والمدرقد حذرونا لهم بطش إذا قدرواوفي القضاء على التوحيد قد أمرواوفي المزارات أصنام ومعتبرالسيف والمدفع الرشاش والدررأبناؤهم أنه الإشراك والكفرلو أعطيت صاحب التوحيد ما قدروايجزي جميلاً وشمس الحق تنتصرأصنامهم وسيوف البغي تندثر

بسم الله الرحمن الرحيم نونية (كنر) حمدًا لك اللهم يا هادي الورىثم الصلاة على النبي محمدهذا وقائع قصة مرويةوتنير درب الحائرين لتنجليوتنير درب الجاهلين تعصبًاقامت جحافل حزبهم تسعى إلىفسعوا إلى تقتيل شعب كاملقاموا بسفك دمائنا في (كنر) قتلوا شيوخًا ونساءً ومثّلواسرقوا المعسكر والبيوت وليتهمرشقوا (أبا أنس) وكان أميرناوقبل ذلك في الطريق تمكنواأجزاء من ترك الحياة مجاهدًاألأنّهم قاموا بنشر عقيدة أم أنّهم قتلوا اللصوص ووطّدوا أم أنّهم قصدوا الجهاد توسعًا

أم أنّهم رفضوا دخول محافل أم أنّهم قاموا بحرق مزارعكيف استحليتم دماء رجالنا؟ قالوا: لأنّهم جميعًا آمنواولأنّهم تركوا التمذهب واقتدوايا قالب الدين (¬1) الحنيف وحاكمًاكوّنت حزبًا جائرًا يسعى إلىوسعيت تلهث خلف شعب محمدوسعيت أعوامًا بكل وسيلةكالكلب يأكل من طعام سيادهوتمر أيام على عدوانهوإذا الدّعي بخسة ينوى علىفي ¬

(¬1) أعني: قلب الدين حكمتيار .. رئيس الحزب الإسلامي.

بيت والدنا وبالشيخ جميلوإذا الدّعيّ خسة يخلو بههذا يمد يدًا بقصد قتالهكانت يدًا عربية مأجورةخرجت رصاصات وبالحقد ارتوتأرضيتها يا من أقمت جنازةأبقتلهم للشيخ ظنوا أنّهمإن العقيدة والجماعة وحدةوالدين منصور به وبغيرهوالله ناصر دينه ورجالهفالدعوة الغرّاء أصل ثباتناوالله أسأل أن يديم جهادناوالله ... أسأل رحمة ... وشهادة ... والشكر بعد الحمد للديانوعلى الصحابة هم أولي العرفانتحكي مؤامرة بكل بيانلهم الحقيقة أيما جليانبحقيقة الأحزاب حق بيانإخماد نور الحق والإيمانوطغوا وربّي أيما طغيانحرقوا قلوب العرْب والأفغانبأفاضل الأبطال والشجعانكفّوا أياديهم عن العربان (وأبا معاذ) المدني الثانيمن وضع لغم قتّل الإخوانفي القتل والتشريد والعدوان؟ سلفية الأركان والبنيان؟ بالأمن أحياءً وفي البلدان؟ لإزالة الإلحاد والطغيان؟ يتلى بها الكفر الصريح عيان؟ الأفيون والخشخاش (¬1) والدخان؟ أتقاتلون (جماعة القرآن)؟ بعقيدة النجدي والشيباني (¬2) بطريقة البازيّ والألباني (¬3) بالنار لا بالحق والبرهانسفك الدماء بأبخس الأثمانتبغي النقود لدافع إيمانثم التفّت لتقتل الطرفان (¬4) فإذا اكتفى عض يد الإحسانوالأرض تشهد فعلة الشيطان (¬5) شرّ عظيم يبتغيه الجاني (¬6) يقضى اجتماع عاجل بلجانليقابل الإحسان بالعدوانوالشيخ بالخير يمد يدانلتبيد شيخ السيف والقرآن لتصيب رأس الشيخ والعينانوبكيتها دهرًا وأنت الجاني؟ سيفرقون جماعة القرآن!! لا تقبل التغيير والنقصانوالبغي مدحور مدى الأزمانومذل حزب البغي والعدوانوجهادنا لعبادة الرحمنفي كل رابية وكل مكانلفقيدنا الغالي مع الغفران أخوكم/ أبوعبد الله حنظلة القصيمي ¬

(¬1) الخشخاش هو: الحشيش. (¬2) النجدي: الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهم ما يسمون (بالوهابية). والشيباني: الإمام أحمد بن حنبل أمام أهل السنة. (¬3) البازي: الشيخ عبد العزيز بن باز. والألباني: المحدث الشيخ محمد ناصر الدين. (¬4) الطرفان: الكفار والمسلمين. (¬5) بدء مقتل الشيخ جميل الرحمن رحمه الله. (¬6) الجاني هو: عبد الله الرومي، ويعمل في مجلة "البنيان المرصوص" واسمه الحقيقي: أشرف النيلي، مصري الجنسية.

بعض المعلومات التي وصلت من بعض إخواننا في الله

بعض المعلومات التي وصلت من بعض إخواننا في الله جماعة الدعوة إلى القرآن والسنة المركز الرئيسي في أفغانستان البيان الرسمي والوحيد الصادر عن الجماعة حول اغتيال الشيخ/ جميل الرحمن رحمه الله {وما كان لنفس أن تموت إلاّ بإذن الله} الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أما بعد: فبقلوب مطمئنة، ونفوس مسلّمة لأمر الله، وقضائه، تلقت جماعة الدعوة إلى القرآن والسنة ومن وراءها من إخوانهم العرب والعجم نبأ اغتيال أميرها (جميل الرحمن) رحمه الله وأجزل له المثوبة. فقبل ظهيرة يوم الجمعة 20/ 2/1412 وقفت سيارة بجوار مجمع جماعة الدعوة في باجور ونزل منها عربي حنطي السحنة، وبقي فيها أفغانيان .. ولما كانت جماعة الدعوة أكثر الجماعات ارتباطًا بالأحبة الأنصار العرب، وأشدها مودة بهم كان الشيخ رحمه الله قد أصدر أمرًا بعدم تفتيش العرب الذين يطلبون مقابلته .. وذلك احترامًا لهم، وتقديرًا

لجهودهم، ولبعد الشبهة عنهم. وتقدم هذا العربي من الشيخ موهمًا معانقته، فإذا به يطلق عدة طلقات من مسدس على رأس الشيخ رحمه الله تعالى ليرديه قتيلاً، ثم ولى هاربًا باتجاه السيارة المنتظرة عند الباب .. فتبعه أحد الحرس فأطلق القاتل عليه طلقة أصابته في بطنه .. ثم تتابع عليه الحرس فأمطروه وابلاً من الرصاص أرداه قتيلاً. فلما سمعت السيارة إطلاق النار الغزير .. لاذت بالفرار. ثم بعد تبين هوية القاتل أنه: كان يتسمى بعدة أسماء، من أشهرها عبد الله الرومي واسمه الحقيقي (أشرف بن أنور بن محمد النيلي). وأنه كان من المتعاونين مع الأحزاب الأفغانية العاملة على الساحة. وله مقالات في بعض مجلات الجهاد. وكان موغر الصدر مشحون القلب على أصحاب دعوة التوحيد .. شديد الحقد عليهم، سليط اللسان. وأن ما أشيع من أنه كان مضطرب النفس .. وأنه قتل نفسه وأننا برأنا إحدى الجهات، وغير ذلك من الإشاعات الكاذبة. إنما هي أخبار مغرضة عارية عن الصحة. أريد بها تمييع القضية ومن وراءها. وإن لدى (جماعة الدعوة) من الأدلة الشرعية ما يبطل دعاوي المتخرصين وبعضها بخط يد القاتل ولا يزال التحقيق جاريًا إلى ساعة كتابة هذا البيان وسنبين ذلك إن شاء الله عند اكتماله.

وجماعة الدعوة وإن لم توجه الاتّهام الرسمي حتى الآن إلى أحد .. فإنّها تؤمن أن الجريمة لم تكن فردية .. وأنّها دبرت بليل .. وأن هذه اليد الآثمة كان وراءها من وراءها من الذين يكرهون الدعوة السلفية، ويكيدون لها وقد ساهم في قتله كل من تعرض لدعوة التوحيد .. أو للجماعة، أو للشيخ .. بالاتّهام أو إنذار أو شتم سواء كان بمقال أو خطبة أو كلام، وسواء كانوا من العرب أو من العجم حتى أوغروا صدره ودفعوه إلى هذه الجريمة المنكرة، وأن على هؤلاء جميعًا وزر هذا الحادث الأليم. ولقد خاب ظنّ من ظنّ، أن بدفعهم عربيًا لقتل الشيخ لإبعاد الشبهة عنهم .. وللإيقاع بيننا وبين أحبابنا العرب .. كيف! والعرب أحبابنا وأنصارنا بالمال والأنفس. ولولا الله ثم إخواننا العرب لما قامت كثير من المنظمات الجهادية ولذا فنحن نبرّئ كل العرب الشرفاء الذين وقفوا معنا، وأيدوا دعوتنا .. ونعلنها صريحة .. إننا لا نستغني عنهم بعد الله. وإن هذه الحملة من أعداء الجهاد المبارك ضد إخواننا العرب فإنا نحمّل مسؤوليتها من دفع هذا العربي الجاهل إلى هذا الفعل الآثم. ويخطئ من يظن أن دعوة الرجوع إلى الكتاب والسنة على فهم سلفنا الصالح دعوة تتعلق بالرجال أو الأرض أو الديار، إنّهم يظنون دعوتنا دعوة الأنبياء مثل أحزابهم المبتدعة المتعلقة بالأشخاص .. إذا ماتوا ماتت ..

وما جميل الرحمن عندنا إلا رجل داعية، قد خلتْ الدعاة من قبله، فإن مات أو قتل استبدلناه برجل آخر .. وحفظ دعوتنا من حقنا على ربنا .. {إنّا نحن نزّلنا الذّكر وإنّا له لحافظون (¬1)}. ولذلك فإن أولياء الشيخ (جميل الرحمن) رحمه الله تعالى وجماعة الدعوة لا يسمحون للناس، بنشر صور الشيخ ولا بوصفه بالشهيد، فالله أعلم بمن يكلم في سبيله، ولكننا ندعو الله له بالرحمة والشهادة وأن يتقبل عمله، ويجعله في جنان فردوسه. وسوف يتحمل المخالفون لهذا مسؤوليتهم القضائية. وإتباعًا لسنة سلفنا الصالح .. فقد تم اختيار الشيخ (سميع الله) أميرًا للجماعة قبل دفن الشيخ رحمه الله تعالى. وجماعة الدعوة إذ تعلن هذا تعلن أن هذا هو البيان الوحيد الرسمي الذي صدر عنها بخصوص اغتيال الشيخ رحمه الله تعالى. وختامًا فإننا نتوجه بالشكر والدعاء لكل من واسانا في مصيبتنا. وندعو الله تعالى أن يتغمد فقيدنا برحمته، ويسكنه فسيح جنانه، وأن يعلي كلمته، ويرفع راية التوحيد, راية سلفنا الصالح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. أمير جماعة الدعوة سميع الله ¬

(¬1) سورة الحجر، الآية:9.

بيان من جماعة الدعوة إلى القرآن والسنة حول اغتيال الشيخ جميل الرحمن رحمه الله تعالى {وما كان لنفس أن تموت إلاّ بإذن الله كتابًا مؤجّلاً (¬1)} بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وحب لقائه، تنعى جماعة الدعوة إلى القرآن والسنة إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فضيلة الشيخ جميل الرحمن (العالم المجاهد) أمير جماعة الدعوة إلى القرآن والسنة، الذي لقي وجه ربه بعد أن امتدت إليه يد الغدر لتقتله قبيل صلاة الجمعة من هذا اليوم 20/ 2/1412 الموافق 30/ 8/1991م. وقد تمكن القاتل أخزاه الله من الدخول إلى بيت الشيخ جميل الرحمن صباح هذا اليوم بحجة السلام عليه وملاقاته، وجلس ينتظر الشيخ الذي كان في اجتماع مع لجنة الصلح بين (الجماعة والحزب) المكونة من بعض الإخوة العرب. وكان القاتل ويدعي (عبد الله الرومي) شاب عربي كان يعمل مراسلاً لمجلة "الجهاد" ثم لمجلة "البنيان المرصوص" قد أدخل معه مسدسًا مستغلاً ثقة حراس الشيخ جميل الرحمن بأي عربي وعدم التشديد على تفتيشهم. ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية:145.

وبعد أن أنْهى الشيخ اجتماعه بالأخوة جلس في ساحة البيت ينتظر وقت الصلاة، فما كان من المجرم إلا أن تقدم نحو الشيخ واقترب منه ليوهمه أنه سيعانقه، وفي هذه الأثناء حينما قام الشيخ جميل الرحمن ليعانق (قاتله) مد القاتل يده إلى جيبه ليتناول مسدسه وسدد طلقاته نحو الشيخ جميل الرحمن فأصابت اثنتان من الطلقات وجه الشيخ ما بين عينه وأنفه وأصابت الثالثة رأسه في منطقة الأذن. وقد هرع الحراس ليتبينوا الأمر بعد سماعهم لأصوات الطلقات، وفي هذه الأثناء حاول القاتل الهرب، فأطلق رصاصة على أحد الحراس أصابته في بطنه وخرجت من ظهره، ولما أن أحاط بقية الحراس به ورأى أنه قد يئس من الهرب ما كان منه إلا أن أطلق رصاصة من مسدسه على نفسه منتحرًا (¬1) ثم انْهال حراس (الشيخ جميل) بإطلاق الرصاص عليه. إن هذه الجريمة البشعة وفي هذا الوقت بالذات لتدل على أن مخطط أعداء الله هو النيل من عقيدة السلف (أهل السنة والجماعة) ومن يمثلها من الدعاة المخلصين الذين نحسب أن الشيخ جميل منهم، ولئن ظن أعداء دين الله أنّهم بقتلهم للشيخ جميل الرحمن فأنّهم سيقضون على الدعوة التي أمن بها ودعا إليها فقد خاب ظنهم، وأن الله يقيض لهذا الدين من يحمله ويدافع عنه ويقدم له نفسه وماله. والحمد لله الذي لم يعلق دينه على الرجال ولم يتعبدنا بتعظيمهم، ولا تقديمهم على الحق ولسنا بفضل الله ¬

(¬1) قد اختلفت الروايات في هذا كما ترى من البيان الأول.

تعالى ممن يطري ويغلو في قادتهم، فإن الشيخ أفضى إلى ما قدم لا نقول إنه من الشهداء، ولا في الجنان العلى، بل ندعو الله عز وجل أن يكون من الشهداء ويعفو عنه ويغفر له ويدخله فسيح جناته. إن جماعة الدعوة إلى القرآن والسنة لتعاهد الله عز وجل على المضي قدمًا في الدعوة إلى الله عز وجل وتوحيده وفق منهج أنبيائه ورسله والسلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين. إن دعمنا وقوتنا ليست للأشخاص وإنما هي للتوحيد وحمايته ونبذ الشرك وأهله أينما كانوا وحيثما كانوا وسنظل بإذنه ندعو إلى دعوة التوحيد وعقيدة السلف الصالح حتى نلقى الله عز وجل مهما افتقدنا من قادة ومهما كلفنا من عناء ومهما تكالب علينا أعداء الله من المخرفين والمبتدعين والمشركين والمنافقين وغيرهم والله غالب على أمره ولا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيرًا من فقيدنا وإنا لله وإنا إليه راجعون. وسيوارى جثمان الشيخ غدًا صباحًا في الساعة الثامنة بإذن الله تعالى ولقد عين موقتًا الشيخ رحمت خان مكانه.

مذكرة عن شخصية الشقي المجرم قاتل الشيخ جميل الرحمن رحمه الله كنيته في أفغانستان، أبوعبد الله الرومي: أهم المعلومات: أعرف هذا الإنسان من قبل قدومي للجهاد أي بحوالي ثلاث سنوات وكانت معرفتي به في مكة في الحج. الرجل من جماعة الإخوان المسلمين. الرجل بكامل قواه العقلية بل إن الرجل مجتهد في تحصيل العلم فإني عاشرته في بيت واحد ورأيت سهره الساعات الطوال في المطالعة والكتابة. الرجل المجرم مراسل في مجلة "الجهاد" التابعة لـ (عبد الله عزام) ولكن قبل فترة، تحول إلى مراسل في مجلة "البنيان المرصوص". الرجل يحمل حقدًا كبيرًا جدًا على السلفية الذين يسميهم (وهابية). جاء مرة إلى معسكر العرب قبل سنة وعمل بلبلة وفتنة كبيرة جدًا وكان الأمير (حنظلة القصيمي). الرجل يحمل حقدًا على جماعة الدعوة ويصفها بالعمالة السعودية وأنه جاءت لتفرق المجاهدين وتفسد الجهاد. جاء في الأيام الأخيرة أثناء الأزمة يسأل ويستفسر وطلبت أنا منه الدخول للضيافة والجلوس مع المسئولين ولكنه رفض وكان أكثر سؤاله

عن مكان الشيخ رحمه الله. جاء قبل مقتل الشيخ بيومين تقريبًا وسأل أحد الأخوة وأنا موجود واسم الأخ أبوهاشم اليمني وسأل عن مكان الشيخ فقال له الأخ بالحرف الواحد: أنا أرى في وجهك الجاسوسية لإحدى المجلات ثم لماذا تغير في كنيتك كثيرًا؟ ثم ذهب. الرجل في الأيام الأخيرة يغير في كنيته كثيرًا. الشاهد على ذلك: عبد الله الأثري ..

حول كلمة وهابي

حول كلمة وهابي (¬1) إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {ياأيّها الّذين ءامنوا اتّقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ إلاّ وأنتم مسلمون}، {ياأيّها النّاس اتّقوا ربّكم الّذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالاً كثيرًا ونساءً واتّقوا الله الّذي تساءلون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبًا}، {ياأيّها الّذين ءامنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا}. أما بعد: فيقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ألمْ تر كيْف ضرب الله مثلاً كلمةً طيّبةً كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السّماء * تؤتي أكلها كلّ حين بإذن ربّها ويضرب الله الأمثال للنّاس لعلّهم ¬

(¬1) وكانت خطبة جمعة وحصلت تتمه بين مغرب وعشاء وإجابة عن الأسئلة التي تتعلق بهذا .. والحمد لله.

يتذكّرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار (¬1)}، في هذه الآيات المباركة تبشير من الله سبحانه وتعالى أن من كان يعمل لله عز وجل فإن الله يبقيه وينمّيه ويبارك فيه، وإن من كان يعمل لغير الله فإنه ليس له من قرار يمحقه الله سبحانه وتعالى، وهذا واقع كما أخبر الله سبحانه وتعالى فإذا نظرنا إلى بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإلى ما أرجف الكفار وأعداء الإسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم كانت العاقبة للتقوى، وهكذا بعد نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى زماننا هذا الذي يعتبر زمن الفتن فتن شتى لا يعلم كثرتها إلا الله سبحانه وتعالى، في هذا الزمن المخلوط بالشرك وبما يسوء المسلمين هناك نهضة مباركة في جميع البلاد الإسلامية وعجز أعداء الإسلام أن يواجهوا هذه النهضة المباركة التي الفضل فيها لله عز وجل فهو الذي بارك فيها ونمّاها وسدّدها. ثم عمد أعداء الإسلام إلى التنفير عن هذه النهضة المباركة بألقاب شتى ليصرفوا المسلمين عن هذه النهضة المباركة وعن هذه اليقظة المباركة، ألقاب شتى ونحن متكلمون في يومنا هذا إن شاء الله على لقب واحد، وإن كان بحمد الله الحاضرون بريئون من هذا ومنهم من لا يعلم هذا ولكنني أقول ليبلغ الشاهد الغائب فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول: ((ليبلغ الشاهد الغائب)) ويقول أيضًا: ((نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلّغها)). ¬

(¬1) سورة إبراهيم، الآية:24 - 26.

تلكم الكلمة الخبيثة التي يشيعها الشيوعيون والبعثيون والناصريون والرافضة والصوفية المبتدعة يشيعونها في مجتمعاتنا ليصدوا الناس عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ألا وهي كلمة (وهّابيّة) فمن تمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم نفّروا عنه وأطلقوا عليه ذلكم اللقب لينفروا عنه، وينبغي أن يعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى من علماء القرن الثاني عشر عالم يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم، ولو كنا مقلديه لقلدنا عالمنا اليمني محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني وقد كان معاصرًا له؛ فهو أعلم من الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ولكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب أيد الله دعوته بالسلطة وانتشر علمه، ومحمد بن إسماعيل الأمير الذي ملأ الدنيا مؤلفات وانتفع المسلمون بكتبه حطّمه اليمنيون وأرادوا إخراجه من صنعاء. تلكم الكلمة التي ينفّر بها عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويصد بها عن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجب عليكم أن تتأنوا في شأنها، وأن تنظروا ما معناها؟ نسبة إلى عالم من العلماء، ليست نسبة إلى ماركس، وليست نسبة إلى لينين، وليست نسبة إلى أمريكا، وليست نسبة إلى روسيا، وليست نسبة إلى زعماء أعداء الإسلام، على أننا لا نجيز لمسلم أن ينتسب إلا إلى الإسلام وإلى نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ينبغي أن تتأنوا في هذا الأمر فسليمان عليه السلام عند أن أخبر الهدهد بما تفعل ملكة سبأ وقومها {قال سننظر أصدقت أم كنت من

الكاذبين (¬1)}، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (¬2)}، نتكلم بهذا ليس لأجل أهل السنة والذين بدماج فإن دعوتهم بحمد الله مقبولة، ولكن هذه الدعاية قد أصبحت بأرض الحرمين وبمصر والسودان وبالشام وبالعراق وبجميع البلاد الإسلامية؛ من كان متمسكًا بالدين قالوا: ذاك وهابي. رب العزة يقول في كتابه الكريم: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬3)}، ونبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول كما في "صحيح مسلم": ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التّقوى هاهنا ويشير إلى صدره ثلاث مرّات بحسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه)) نحن نحذر عن هذه الدعاية شفقةً ورحمة بإخواننا العامة من أن يسيئوا الظن بإخوانّهم الدعاة إلى الله عز وجل، وأن يؤذوا إخوانهم الدعاة فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {والّذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانًا وإثمًا مبينًا (¬4)}. والأمر كما قيل: رمتني بدائها وانسلت. الأمر كما قيل أن الشيوعي وأن البعثي وأن الناصري لهم من ¬

(¬1) سورة النمل، الآية:27. (¬2) سورة الحجرات، الآية:6. (¬3) سورة المائدة، الآية:2. (¬4) سورة الأحزاب، الآية:58.

يدعمهم بخلاف أهل السنة والدعاة إلى الله ورب العزة يقول في كتابه الكريم {ومن يكسب خطيئةً أو إثمًا ثمّ يرم به بريئًا فقد احتمل بهتانًا وإثمًا مبينًا (¬1)}. وإنني أقول لإخواني الدعاة إلى الله في جميع البلاد الإسلامية: عليهم أن يشمروا عن ساعد الجد، وعليهم أن يقصدوا بدعوتهم وجه الله، لا لأجل الكراسي، ولا لأجل المناصب، ولا لأجل حطام الدنيا، إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه. الدعوة إلى الله أرفع من الكراسي وأرفع من المناصب وأرفع من حطام الدنيا، {ومن أحسن قولاً ممّن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنّني من المسلمين (¬2)}. نعم رب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون (¬3)}، أنتم عندكم كتاب الله وعندكم سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأعداؤكم من شيوعيين ومن بعثيين ومن ناصريين ومن رافضة ومن صوفية دعايتهم مبنية على الكذب، دعايتهم مبنية على التلبيس، دعايتهم مبنية على الخيانة، الدعاة إلى الله ليس لهم ناصر إلا الله سبحانه وتعالى وكفى بالله نصيرًا، ويقول تعالى في كتابة الكريم مثبّتًا لعباده المؤمنين: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن ¬

(¬1) سورة النساء، الآية:112. (¬2) سورة فصلت، الآية:33. (¬3) سورة النساء، الآية:104.

يمسسكم قرح فقد مسّ القوم قرح مثله وتلك الأيّام نداولها بين النّاس (¬1)} ويقول سبحانه وتعالى: {فلا تهنوا وتدعوا إلى السّلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم (¬2)}، لكن ينبغي أن لا تكون الدعوة دعوة ثورات، ودعوة انقلابات فإنّها تفسد أكثر مما تصلح تكون دعوة المسلمين إلى كتاب ربّهم وإلى سنة نبيهم محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى. ***** الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله .. أما بعد: فيقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وقل جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقًا (¬3)}، في هذه الآية المباركة أيضًا تبشير من الله سبحانه وتعالى على أن الباطل لا يستطيع أن يثبت أمام الحق، ويقول تعالى: {فأمّا الزّبد فيذهب جفاءً وأمّا ما ينفع النّاس فيمكث في الأرض (¬4)}. فنحمد الله سبحانه وتعالى الذي أيقظ قومنا اليمنيين خاصة وأيضًا غير اليمنيين بنجد وبأرض الحرمين وبمصر، وقد أصبح كثير منهم لا يرفع ¬

(¬1) سورة آل عمران، الآية:140. (¬2) سورة محمد، الآية:35. (¬3) سورة الإسراء، الآية:81. (¬4) سورة الرعد، الآية:17.

رأسًا إلى هذه الدعاية الخبيثة التي هي نسبة إلى عالم من العلماء أثنى عليه علماء الإسلام، يقول: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني رحمه الله في محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله:- لقد جاءت الأخبار عنه بأنه ... يعيد لنا الشرع الشريف بما يبدي وينشر جهرًا ما طوى كل جاهل ... ومبتدع منه فوافق ما عندي ويعمر أركان الشريعة هادمًا ... مشاهد ضل الناس فيها عن الرشد أعادوا بها معنى سواع ومثله ... يغوث وود بئس ذلك من ود وقد هتفوا عند الشدائد باسمها ... كما يهتف المضطر بالصمد الفرد وكم عقروا في سوحها من عقيرة ... أهلت لغير الله جهرًا على عمد وكم طائف حول القبور مقبّل ... ومستلم الأركان منهن بالأيدي على الدعاة إلى الله أن يثبتوا على الحق، وقد قلنا في غير ما درس وفي غير ما خطبة: إنه كذب وافتراء أن ينسبونا إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فإننا لا نرضى أن ننتسب إلا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذي هو شفيعنا وحبيبنا وأخرجنا الله سبحانه به من الظلمات إلى النور، فتلكم الدعايات ستزول، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لقب بالصابئ، أي الخارج من دينه إلى دين آخر، أما نحن فلم نخرج من ديننا إلى دين آخر، ولم نكفّر آباءنا وأجدادنا كما يزعمون، ولم نكفّر الأولياء أيضًا ولم نبغض أهل بيت النبوة، فقد تكلمنا في غير ما خطبة في فضائل أهل بيت النبوة ولم نبغض الصالحين ولم نكفر مجتمعنا الذي نعيش فيه ولم نستجيز الخروج على

حكومة مسلمة، فليبلغ الشاهد الغائب، وبعدها تذوب وتكون تلكم الدعايات سببًا لانتشار السنة، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {إنّ الّذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرًّا لكم بل هو خير لكم لكلّ امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والّذي تولّى كبره منهم له عذاب عظيم لولا إذ سمعتموه ظنّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا وقالوا هذا إفك مبين (¬1)}. إذا سمعت رجلاً يقول: (ذاك وهابي) فاعلم أنه أحد رجلين .. إما خبيث مخبث، وإما جاهل لا يعرف كوعه من بوعه، فرية كبيرة على الدعاة إلى الله ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {إنّ الّذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الّذين ءامنوا لهم عذاب أليم في الدّنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون (¬2)}، سمانا الله مسلمين ونحن أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا نرضى بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بديلاً، لا نرضى أن ننتسب إلى شافعي ولا إلى زيدي ولا إلى وهابي ولا إلى غير ذلك، ذلكم العالم الجليل الذي يزعمون أنّهم يسيئون إلى من انتسب إليه، أنصح كل أخ في الله أن يقرأ كتابه "كتاب التوحيد" لتروا آية قرآنية وحديثًا نبويًا، ذلك الكتاب العظيم على أن فيه بعض الأحاديث الضعيفة ولكن لا تضر فقد بينت في "النهج السديد"، انظروا و ((لا تكونوا إمّعةً، تقولون: إن أحسن النّاس أحسنّا، وإن ظلموا ¬

(¬1) سورة النور، الآية:11. (¬2) سورة النور، الآية:19.

ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم إن أحسن النّاس أن تحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا)). والله المستعان. ***** الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله .. أما بعد: نرجع إلى مسألة (وهابيه) فإنّها تهمنا، أنت إذا نظرت إلى مجتمعنا إلى المجتمع الإسلامي من حيث هو بين مستقل ومستكثر فيما نذكره، وبين مستخف ومستعل فيما سنذكره أيضًا: لوجدت الزنا منتشرًا، وشرب الخمر منتشرًا، والفسوق والفجور بجميع أنواعه، والقتل والقتال بين المسلمين، ووجدت كل شر في مجتمعنا الإسلامي، ووجدت الرحلات لشباب المسلمين إلى أمريكا وإلى روسيا وإلى العراق، حتى ما يرجع الشاب إلا وهو يحتقر مجتمعه المسلم ويرى أباه كرتونًا ما نسمع في مجتمعنا من ينفر عن هذه المصائب والأوابد التي تؤذن بعقوبة من الله عز وجل، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {واتّقوا فتنةً لا تصيبنّ الّذين ظلموا منكم خاصّةً (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {لا خير في كثير من نجواهم إلاّ من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين النّاس (¬2)} ¬

(¬1) سورة الأنفال، الآية:25. (¬2) سورة النساء، الآية:114.

كل هذه الأمور والمنكرات الموجودة التي تؤذن بعقوبة عاجلة للمسلمين وتؤذن بخزي للمجتمع المسلم، ما نجد من يتمعر لها وينكرها، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعزّ منهم وأمنع لا يغيّرون إلاّ عمّهم الله بعقاب)). يعلم من هذا أنه أمر مخطط من قبل أعداء الإسلام، وبدء هذه الكلمة أو هذه الدعايات الخبيثة أمر سياسي، وهو أن إخواننا النجديين عند أن وقفوا في وجه الشريف حسين وفي وجه الأتراك وأذاقوهم المرّ بعد هذا شنوا هذه الدعاية وساعدهم علماء السوء كأحمد زيني دحلان المخرف قاضي مكة، ذلكم الرجل الضّليل فقد ألّف كتبًا يزعم أنه يردّ بها على الوهابية، من أجل هذا فنحن نقول لإخواننا العامة -وهذا الكتاب من أجلهم فقط- كذلك لإخواننا من طلبة العلم المبتدئين نقول لهم: إياكم أن تغتروا بمن يروج هذه الدعاية الخبيثة التي يريد بها فصل أهل العلم وفصل الدعاة إلى الله عن المجتمع المسلم، لأن أهل العلم والدعاة إلى الله هم يعتبرون حراس المجتمع المسلم، أما ما عداهم فأتباع كل ناعق، واسمع بارك الله فيك إلى قصة قارون عند أن خرج على قومه في زينته، قال الله تعالى: {فخرج على قومه في زينته قال الّذين يريدون الحياة الدّنيا ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنّه لذو حظّ عظيم* وقال الّذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحًا ولا يلقّاها إلاّ الصّابرون* فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله

وما كان من المنتصرين* وأصبح الّذين تمنّوا مكانه بالأمس يقولون ويكأنّ الله يبسط الرّزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن منّ الله علينا لخسف بنا ويكأنّه لا يفلح الكافرون (¬1)}. في هذه الآيات دليل على أن العامة أتباع كل ناعق، من أجل هذا فالشيوعيون والبعثيون والناصريون والرافضة يركزّون على هذه الكلمة ليفصلوا بين الدعاة إلى الله وبين المجتمع. وإذا عرفت أن من مصادر هذه الدعاية الخبيثة أحمد زيني دحلان قاضي مكة؛ فينبغي أن تعرف أن الشخص لو كانت لحيته تملأ صدره أو كانت عمامته مثل إطار السيارة فأنت لا تلتفت إليه إذا سمعته يقول (وهابي) واعلم أن الرجل مفتون وأنه صاحب فتنه. ماذا ينقمون على الدعاة إلى الله؟ إلا أنّهم يصلون كل صلاة في وقتها! إلا أنّهم لا يتعاملون في البنوك الربوية! إلا أنّهم ينكرون الفنادق التي بها الفساد! إلا أنّهم ينكرون اختلاط الرجال والنساء في الجامعات والمدارس! إلا أنّهم يعبدون الله كما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم!. السؤال32: بعض الناس الجهلة يقولون أن دعوة محمد بن عبد الوهاب دعوة شر ويستدلون بحديث: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا قال قالوا وفي نجدنا .. إلى أن قال: هناك الزّلازل والفتن وبها يطلع قرن الشّيطان)) أرجو أن تبينوا كيفية رد هذه الشبهة؟ ¬

(¬1) سورة القصص، الآية:79 - 82.

الجواب: أما دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب فإنّها دعوة مباركة، وأنت إذا قرأت في كتابه "كتاب التوحيد" تجده كما قلنا يستدل بآية قرآنية وحديث نبوي، سواء أكان في باب تعليق الحروز والعزائم، أم كان في باب دعاء غير الله، أم كان في باب التحذير من بناء القباب على القبور، تجده يستدل بآية قرآنية وحديث نبوي وقد نفع الله بدعوته الإسلام والمسلمين. أما حديث: ((اللهمّ بارك لنا في شامنا وفي يمننا)) قالوا: وفي نجدنا .. إلى أن قال: ((هناك الزّلازل والفتن وبها يطلع قرن الشّيطان)) فإنه لا يلزم استمراره في جميع الأوقات، فممكن أن يأتي في وقت ثم في وقت ثم في وقت ثم في وقت، لماذا؟ انظر حالة الشام الآن كيف هي بها نصيرية أكفر من اليهود والنصارى ولست أعني أن أهل الشام كلهم كذلك، وانظر إلى حال اليمن فاليمن التي هي بلدنا اليمن الشمالية ففيها عمل صالح وآخر سيئ، أما عدن التي تعتبر من اليمن ففيها شيوعية حمراء وفقر مدقع وخوف مزعج، نسأل الله العظيم أن يزيل حكم الشيوعيين وأن يدحرهم (¬1)، فهذا الحديث لا يلزم استمراره. ثم بعد ذلك أيضًا أبوهريرة يقول: لا أزال أحب بني تميم لما سمعت من ثلاث: الأولى: أنه جاء سبي فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في امرأة من السبي ((إنّها ¬

(¬1) وقد فعل والحمد لله.

من ولد إسماعيل)). الثانية: ((أنّهم أشدّ النّاس على الدّجال)). الثالثة: عندما جاء خراجهم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((هذا خراج قومي)) أو بهذا المعنى. ثم بعد ذلك أيضًا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((أنّهم أشدّ النّاس على الدّجال)) نعم إن سبب نزول قول الله عز وجل: {إنّ الّذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون (¬1)}، هم بنو تميم لكن ينبغي أن يعلم أنه في ذلك الوقت كان فيهم مسيلمة الكذاب وكانت الجفاوة البدوية تغلب عليهم، ولكن لهم حسنات ولهم سيئات كغيرهم من المسلمين والله المستعان. القصد أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب انتفع بها المسلمون، وما أكثر المسلمين الذين أنقذهم الله من الضلال ومن البدع والخرافات بسبب كتبه رحمه الله تعالى. وأنت إذا قرأت في كتابه "كتاب التوحيد" كما أسلفت تجده يأتي بآية قرآنية وبحديث نبوي. ولنذكر شيئًا من الآيات القرآنية التي استدل بها، مما استدل به على أنه لا يكشف الضر إلا الله سبحانه وتعالى: {قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضرّ هل هنّ كاشفات ضرّه أو أرادني برحمة هل هنّ ممسكات رحمته (¬2)}، وأيضًا قوله تعالى: {والّذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير * إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون ¬

(¬1) سورة الحجرات، الآية:4. (¬2) سورة الزمر، الآية:38.

بشرككم ولا ينبّئك مثل خبير (¬1)}، فهو يذكر الآية القرآنية والحديث النبوي، ويمكن أن يستفيد كل شخص من ذلك الكتاب والحمد لله. السؤال33: ما المقصود بنجد التي ورد ذكرها في الحديث أهي نجد الحجاز أم نجد العراق؟ الجواب: الذي يظهر أنّها تشمل هذا وهذا فنجد عبارة عما ارتفع من الأرض، والعراق مرتفع ويسمى نجدًا، وهكذا أيضًا اليمامة وغيرها فهو مرتفع ويسمى نجدًا، ولكن إخواننا النجديين يريدون أن يرموا به أهل العراق، فالظاهر أنه يشمل هذا وهذا، وإن جاء في بعض الروايات (العراق) فهو يحمل بدليل أنّها كلها في المشرق، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أن الشمس تطلع بين قرني شيطان فكلها في المشرق، والظاهر أنه يشمل هذا وهذا. السؤال34: نفقت هذه الدعاية الخبيثة على كثير من الجهلة وأصبحوا يعتقدون أن الوهابية دعوة إلى تغيير الدين، فما نصيحتك لهم وأي كتاب تدلهم عليه؟ وربما أطلقوا على كتاب "البخاري" و" مسلم" و"تفسير ابن كثير" أنّها كتب وهابية؟ الجواب: سؤال حسن، الذي ينبغي أن يعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس له مؤلفات كثيرة حتى يظن أنه يريد أن يغير الدين فله "كتاب التوحيد" وله "الثلاثة الأصول" وله "كشف الشبهات" وله ¬

(¬1) سورة فاطر، الآية:13 - 14.

"مسائل الجاهلية" وله رسائل، ومن يريد أن يعرف دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب فأنا أنصحه بقراءة "الدرر السنية" حتى كأنه مجالس للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو رجل مصلح افتري عليه يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم، ولسنا نجيز تقليده ولا تقليد غيره من العلماء، بل ننصح كل مسلم أن يأخذ دينه من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنصح إخواني وأبنائي إذا أرادوا أن يعرفوا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كأنّهم مجالسوه ومعاصروه أنصحهم أن يقرءوا "الدرر السنية". والحمد لله. السؤال35: ذكرت كتب المدارس أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بدايتها كانت دعوة توحيد حقًّا، وعند أن اتصلت بآل سعود صارت دعوة سياسية، هل هذا صحيح؟ الجواب: الحكومات في جميع البلاد الإسلامية تسحب الأمور لصالحها ولصالح الكراسي لكن أنا أسألك أيها القائل: هل تستطيع الحكومة السعودية أن تغير "كتاب التوحيد"؟ أو تغير "كشف الشبهات" أو تغير "مسائل الجاهلية" أو تغير هذه الكتب؟ لا تستطيع. فدعوة الشيخ رحمه الله تعالى لا يستطيع أحد أن يغيرها فهي دعوة من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. السؤال36: محمد بن عبد الوهاب خرج على الحاكم المسلم بل على الخلافة الإسلامية آنذاك، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر باليد،

وممن ينسبون أنفسهم للعلم يزعمون أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد لا يجوز، ويلومون الشباب لإحراقهم بعض أندية الفيديو والسينما وبعض الأفراح التي يكون فيها شرب خمر وحشيش ونساء ترقصن عاريات، فهل تغيير المنكر باليد وارد كما فعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب أم هذا يحرم في زماننا كما يزعم بعض الناس ويقولون: يكفي اللسان؟ الجواب: نسأل إخواننا في الله: الشيخ محمد بن عبد الوهاب هل هو الذي خرج على الأتراك؟ أم الأتراك هم الذين أرادوا أن يقتحموا نجد وأن يضموها إلى حكومتهم وذلك بعد وفاته، ثم بعد ذلك الأتراك انشغلوا بقتال اليمنيين وبقتال النجديين وفرطوا في سبع جمهوريات أخذتْها الشيوعية. من تلكم الجمهوريات (أرمينية) ومنها القوقاز ومنها (تركستان) ... الخ، فحكومة الأتراك في آخر أمرها صارت مبنية على الجهل وعلى الفساد؛ فهو أراد أن يصون بلده من الفساد، وكذلك اليمنيون ولهم حق في ذلك إذا ظهر الفساد، وهي مسألة اجتهادية أي مسألة الخروج على الحاكم المسلم إذا فسق. جمهور أهل السنة لا يجيزون الخروج على الحاكم المسلم إذا فسق، ومنهم من يجيز ويستدل بفعل الحسين بن علي، وبفعل ابن الأشعث في خروجه على يزيد وبفعل محمد بن الحسن الملقب بالنفس الزكية وبفعل زيد بن علي وجماعته. لكن كما قلنا: أولئك الذين هاجموا نجد وهاجموا اليمن وأعداء الإسلام احتلوا كثيرًا

من الأراضي الإسلامية وأدخلوها الشيوعية بقهر المسلمين، والأتراك يقاتلون المسلمين فهي فتنة وقى الله شرها وأسأل الله العظيم أن يقينا وإياكم شر كل ذي فتنة والله المستعان. وأما تغيير المنكر باليد فيشترط ألا يؤدي المنكر إلى ما هو أنكر منه، وألا يثير فتنة بالخروج على الحاكم. السؤال37: من تعلم في هذا الزمن من العلماء الذي يروجون هذه الدعاية ويلمزون أهل السنة بها من علماء السوء؟ الجواب: الذي أذكره في هذا الزمن: إمام الضلالة الخميني فإنه سخّر إذاعته لسب الوهابية والتحذير من الوهابية، ثم بعد ذلك أيضًا الرافضة سواء أكانوا في اليمن أم في غير اليمن، وأذكر الآن مثالاً من صعدة يظن العامة أنه يمطر به الغيث، قال: قد أخرج خالد يعني الأمير خالد رحمه الله تعالى عند أن كان أميرًا نحو كذا وكذا الذين يريدون أن يخربوا المذهب، ولكن بحمد الله يقول: قد زحفت عدن وقربت عدن سيأتي الفرج من قبل عدن. يلتمس المسكين الفرج من الشيوعية، نعم لو جاءتك يا مسكين لسحبت بلحيتك واستحلت ما حرم الله، فالشيعة لهم مواقف سيئة ضد المسلمين من زمن قديم، وقد أخبر شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الذهبي

وتلميذه ابن كثير ثلاثتهم أخبروا (¬1): أن للرافضة مواقف ضد المسلمين مع اليهود والنصارى. ثم بعد ذلكم الخبيث الرافضي إمام الضلالة الخميني يقول: أولاً نبدأ بمكة ثم نخرج إلى فلسطين، هذا شأنهم أنّهم ينفرون، وأيضًا رجل ضليل يدعى محمد علوي مالكي وآخر وهو: أبوغدة، نقل الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى عنه أنه كان يسب الوهابية على المنابر فلما جاء إلى الرياض ليدرّس فإذا هو يتلون. وهكذا أيضًا ممن يحذر: كثير من علماء السوء من الأزهريين: محمد الغزالي تارة يقول: الوهابية وتارة يقول السلفية، كثير من الأزهريين لأنّهم مخرفون فهم يحذرون من الوهابية، وتجد الصوفيين والرافضة وأهل الدنيا، حتى أهل الدنيا فالذي يرتشي إذا نهيته يقول: أنت وهابي، يتسترون بهذه الكلمة. السؤال38: هل للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى مذهب مستقل في الفقه أم أنه حنبلي المذهب؟ الجواب: هو يقول كما في كتاب "الدرر السنية": إنه حنبلي المذهب وليس مجتهدًا، وليس له كتاب مستقل في الفقه. وهذا أيضًا مما يعاب عليه وعلى أمثاله لأن التمذهب ليس واردًا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والتقليد داء بل هو عمى. ¬

(¬1) أما ابن تيمية ففي كتابه "منهاج السنة"، وأما ابن كثير ففي "البداية والنهاية" وأما الذهبي ففي "المنتقى مختصر منهاج السنة".

لكن ينبغي أن يعلم أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -مع أنه يقول: إنه حنبلي- ذكر في كتابه أنه إذا أراد أحد اتباع العلماء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرم الله فقد اتخذهم أربابًا ثم استدل بقول الله عز وجل: {اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم (¬1)}. السؤال39: بعض الناس يستدلون بحديث: ((لولا أنّ الشمس تطلع من نجد ما نظرت إليها)) قيل: لماذا؟ قال: ((لأنّه سوف يطلع منها علماء يمرقون من الدين كما يمرق السّهم من الرّميّة)) فما صحة هذا الحديث؟ الجواب: لا أعلمه صحيحًا، وما اطلعت عليه في شيء من كتب السنة فيما أذكر، ثم بعد ذلك هؤلاء الموصوفون هم الخوارج من أي بلدة، وهم الخوارج الذين خرجوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، منهم أناس من بلاد شتى، بعضهم من اليمن وبعضهم من نجد وبعضهم من الأحساء. السؤال40: إطلاق كلمة (شيخ الإسلام) على الشيخ محمد بن عبد الوهاب هل هو غلوّ فيه أم هو يستحقها؟ الجواب: الذي يظهر أنه يستحقها فقد نفع الله بدعوته الكثير الطيب وبارك الله في دعوته وانتفع بها المسلمون. والله المستعان. ¬

(¬1) سورة التوبة، الآية:31.

السؤال41: في هذه الأيام يكثر الإعلام الغربي والشرقي من الدندنة في تحذير المجاهدين الأفغان من المجاهدين العرب المتطوعين من أنّهم يريدون أن يقيموا دولة وهابية في أفغانستان؟ الجواب: الأمر ليس كذلك، ولو كانوا يريدون أن يقيموا دولة وهابية في أفغانستان لذهب جمع كبير من العرب، أما أن يذهب قدر ألفين من العرب ثم يظن أنّهم يريدون أن يقيموا دولة للعرب، أما أنّهم يريدون إقامة دولة إسلامية فهذا ما يتمناه كل مسلم، والله سبحانه وتعالى يقول: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {انفروا خفافًا وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله (¬2)}. فنحن مأمورون بإعانة إخواننا الأفغان، مأمورون أن نعينهم بمالنا وبأنفسنا. أما تلكم الدعاية التي يريدون بها أن يفصلوا المسلمين، أحب شيء إليهم أن يفصلوا المسلمين، ذاك عربي وذاك أعجمي، ويحرصون على أن يفصلوا القبيلة الواحدة وعلى تشتيتها، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: {إنّما المؤمنون إخوة (¬3)}، ويقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرّقوا (¬4)}، فنحن مأمورون أن نعتصم ¬

(¬1) سورة المائدة، الآية:2. (¬2) سورة التوبة، الآية:41. (¬3) سورة الحجرات، الآية:10. (¬4) سورة آل عمران، الآية:103.

بحبل الله جميعًا وأن نقف يدًا واحدة والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله، كلّ المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه، التّقوى ههنا التّقوى ههنا -يشير إلى صدره ثلاثًا- حسب امرئ من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم)) والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول في كما "الصحيحين" من حديث النعمان بن بشير: ((مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى)) ويقول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في "الصحيحين" من حديث أبي موسى: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا)). فأعداء الإسلام يريدون أن يفرقوا بين المسلمين، تارة باسم العروبة وتارة باسم القومية وتارة بأسماء يصطنعونها ولا يستغرب، هذا ما نتوقعه من إذاعات أعداء الإسلام أن ينفروا عن إخواننا الأفغان، لأننا نعتبر إخوانًا، الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((وكونوا عباد الله إخوانًا)) فلا يستغرب أن ينفروا ويقولوا إن العرب يريدون أن يحتلوا أفغانستان، يقال لهم: لو كان العرب يريدون أن يحتلوا أفغانستان ما اقتصروا على نفر قليل، والذي نظن أن غالب الذين ذهبوا يريدون وجه الله والذب عن دين الإسلام، ذاك من اليمن وذاك من سوريا وذاك من مصر وذاك من أرض الحرمين وذاك من نجد وذاك من السودان وذاك من الفليبين، وذاك من بلاد شتى، ما جمعهم إلا رضوان الله وما جمعهم إلا محبة نصر الله عز وجل، حتى إنّهم في خصام مع إخوانهم الأفغان من أجل بعض الجهل الموجود في الأفغان، فلو

أنّهم يريدون أن يثبوا على الحكم ما فتحوا خصومات بينهم وبين إخوانهم الأفغان ولكنها الدعايات الخبيثة التي نتوقع ما هو شر منها. السؤال42: من هو صاحب كتاب "كشف الارتياب عن أتباع محمد ابن عبد الوهاب" وما حقيقة هذا الكتاب؟ الجواب: صاحب الكتاب هو: محسن أمين العاملي، رافضي خبيث يدعو إلى الشرك فهو يجيز أن يدعى غير الله، ويبيح بناء القباب والمساجد على القبور وهو عدو لدود لأهل السنة، وللشيخ محمد بن عبد الوهاب ولدعاة السنة، ومن المؤسف أنه يباع بأرضنا، أما بنجد فأعتقد إنّهم لا يتركونه لأنه بقي هناك من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإلى الله المشتكى، فمؤلف الكتاب رافضي خبيث يدعو إلى الكفر والإلحاد وإلى التمسح بأتربة الموتى، ومن عجيب أمره أنه يريد أن يصحح حديث عطية العوفي ومن جرى مجرى عطية العوفي ويريد أن يضعف حديث سفيان الثوري ووكيع بن الجراح، وهذا من ضلال الرافضة ومن تلبيسهم. السؤال43: بعض الناس يتهمون الدعاة إلى الله بأنّهم وهابيون، وهؤلاء الناس بعضهم لا يصلي ويرتكب بعض المنكرات فما نصيحتكم لهم؟ الجواب: الذي أنصحهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى فإن الله عز وجل

يقول: {ياأيّها الّذين ءامنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديدًا (¬1)}، ويقول سبحانه وتعالى: {ما يلفظ من قول إلاّ لديه رقيب عتيد (¬2)} وأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً، يرفعه الله بها درجات، وإنّ العبد ليتكلّم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنّم)) فالواجب عليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وأن يحذروا من التلبيس على الإسلام، فإن الذي يصد عن الإسلام يتوعده الله سبحانه وتعالى بقوله: {الّذين يستحبّون الحياة الدّنيا على الآخرة ويصدّون عن سبيل الله ويبغونها عوجًا أولئك في ضلال بعيد (¬3)}، فهذا شأن من أراد أن يدعو إلى الانحراف وليعلموا أنّهم لا يضرون الدعوة شيئًا وإنما يضرون أنفسهم، فقد قام كفار قريش وقالوا كما أخبر الله عنهم: {لا تسمعوا لهذا القرءان والغوا فيه لعلّكم تغلبون (¬4)}. دعوتهم هذه ربما تكون سببًا لانتشار دعوة أهل السنة، فالأمر كما يقول الأخ السائل حفظه الله، تجد الرجل مخزنًا قاطعًا للصلاة متنتنًا مرتشيًا، وربما يكون زانيًا، وربما يكون مرتكبًا لجميع الجرائم، وتسمعه يقول: وهابية .. وهابية. فأقول (وهابية وهابية) خير منك؛ فهم أناس يحافظون على صلواتهم ¬

(¬1) سورة الأحزاب، الآية:70. (¬2) سورة ق، الآية:18. (¬3) سورة إبراهيم، الآية:3. (¬4) سورة فصلت، الآية:26.

ويؤدون الصلاة في وقتها ولا يختلسون أموال المسلمين ولا يرتكبون ما حرم الله، فكثير من الناس على هذه الحالة ويظنون أن السنة تحول بينهم وبين شهواتهم، السنة تعدلهم إلى ما هو خير لهم، ولا تحرم عليهم شيئًا أحله الله لهم، فالحمد لله أمرهم منقض والله المستعان. السؤال44: ذكرت في خطبة الجمعة بعض قصيدة الشيخ محمد بن إسماعيل الأمير في مدح الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقد ذكروا بعدها قصيدة أخرى تبدي تراجعًا من الصنعاني رحمه الله فما صحة هذه الأخيرة؟ الجواب: الذي يظهر هو صحتها، والمعلق على الديوان يقول: لا تصح لكن الذي يظهر هو صحتها، لكن إخواني في الله ينبغي أن نعلم أنه يقول: ما تراجعت عما أثنيت عليه في شأن التوحيد، تراجعت عما بلغني عنه في شأن القتال وسفك الدماء هذا الذي تراجعت فيه، ثم كلاهما يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم، والذي يظهر أنه جاء أناس من نجد فصدقهم محمد بن إسماعيل رحمه الله، والله يقول في كتابه الكريم: {ياأيّها الّذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (¬1)}. السؤال45: ما هي الفائدة التي يجنيها المنفرون بلمزهم المتمسكين ¬

(¬1) سورة الحجرات، الآية:6.

بشرع الله بأنّهم وهابية؟ الجواب: عندهم فوائد دنيوية، ثم بعد ذلك الشيطان يدفعهم، فسادن القبر الذي يؤتى بالذبائح إلى القبر، يظن أنه لو اعترف بالسنة لانقطعت عنه الذبائح، وصاحب الحروز والعزائم الذي يختلس أموال المسلمين يظن أنه لو اعترف بالسنة لانقطعت الأموال عنه، وهكذا أيضًا صاحب الرشوة يظن أنه لو اعترف بسنة رسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتفقه الناس لقطعوا الرشوة، فعندهم مصالح شيطانية دنيوية. نسأل الله أن يهدينا وإياهم وأن يردنا وإياهم إلى الحق ردًا جميلا .. وهكذا أيضًا مدير الضرائب ومدير الجمارك إلى غير ذلك كلهم يظنون أنّهم لو اعترفوا بالسنة لانقطعت المصالح، وأيضًا أعداء الإسلام لا يستطيعون الوقوف في وجه الإسلام إلا بالتنفير عنه بالكذب والتضليل، والله المستعان. السؤال46: ما هو واجب الدعاة إلى الله نحو هذه الدعاية الخبيثة؟ هل يتكلمون عليها في المساجد؟ أم يمشون قدمًا في الدعوة إلى الله غير ملتفتين إلى هذه الدعوة الخبيثة وغيرها من الدعايات؟ الجواب: هذا وهذا ينبغي أن يمشوا قدمًا في الدعوة إلى الله وأن يحذروا المسلمين من الدعايات التي تصدهم عن ذكر الله وتصدهم عن الدعوة، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أن كانتْ صفيّة في المسجد ثم أرادت أن تخرج -وكان معتكفًا- خرج معها، فمرّ رجلان من الأنصار فلمّا رأيا النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أسرعا، فقال النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((على رسلكما إنّها صفيّة بنت حييّ)) فقالا:

سبحان الله يا رسول الله. قال: ((إنّ الشّيطان يجري من الإنسان مجرى الدّم))، ورب العزة يقول في كتابه الكريم: {ولتستبين سبيل المجرمين (¬1)}، ويقول: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني (¬2)}، ويقول سبحانه وتعالى حاكيا عن فرعون وهو يروج دعوته: {ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرّشاد (¬3)}، ويقول في شأن موسى: {إنّي أخاف أن يبدّل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد (¬4)}، فلا بد من تزييف الباطل والدفاع عن الدعوة، وتمضي في سبيلها هذا والحمد لله، ولكن ما نبقى نتشاغل بالرد على فلان أو فلان فهم يريدون منا هذا، نمضي قدما وفي أثناء الخطب أو في أثناء الكلام نرد على أولئك الذين يريدون أن يصدوا الناس عن الخير. السؤال47: ما حكم الذي يقول: الوهابية أخطر على الإسلام من الشيوعية؟ الجواب: هذا إما أن يكون جاهلاً وقد تقدم الكلام على الجاهلين في غير هذا المجلس، وأما أن يكون خبيثًا شيوعيًا، والشيوعي يعتبر كافرًا ولو كان يمنيًا وعنده جنبية (¬5) وهو يبرم العمامة، أو يرخي الذؤابة على يمينه، ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية:55. (¬2) سورة يوسف، الآية:108. (¬3) سورة غافر، الآية:29. (¬4) سورة غافر، الآية:26. (¬5) خنجر يوضع على الحزام يعد من تمام زينة اليمنيين.

ولا تظنوا أنه لا توجد شيوعية إلا في عدن (¬1)، أو لا توجد شيوعية إلا في روسيا، لا، ربما يوجد مسؤول وهو شيوعي ههنا، والواجب على إخواننا المسؤولين الكبار أن لا يركنوا إلى أولئك الذين اتّهموا بشيوعية أو بعثية أو ناصرية، فإن الله عز وجل يقول: {ولا ترْكنوا إلى الّذين ظلموا فتمسّكم النّار (¬2)}، ويقول الله تعالى: {ياأيّها الّذين ءامنوا لا تتّخذوا بطانةً منْ دونكمْ لا يأْلونكمْ خبالاً ودّوا ما عنتّمْ قدْ بدت الْبغْضاء منْ أفْواههمْ وما تخْفي صدورهمْ أكْبر قدْ بيّنّا لكم الآيات إنْ كنْتمْ تعْقلون (¬3)}، فالواجب أن يبعد أي مسؤول يتهم بأنه شيوعي أو من الجبهة، إذا لم يتب توبة صادقة، والله المستعان. السؤال48: ماذا تستفيد الأحزاب من هذه الدعاية الخبيثة؟ الجواب: تنبيه حسن: الأحزاب تريد أن يتشاغل المسلمون فيما بينهم فهم يريدون أن يحارشوا أن يضربوا العالم بالعالم، والجماعة بالجماعة، والقبيلة بالقبيلة، وشيخ القبيلة بشيخ القبيلة، وهم ينفذون مخططاتهم فلهم غرض ولهم فائدة، أي فائدة، ربما أكثر الفائدة ترجع إليهم هم؛ لأن المسلمين يشتغل بعضهم ببعض وهم ينفذون مخططاتهم الخبيثة ويثبون على بلاد المسلمين. ¬

(¬1) ثم زلزل الله أقدام الشيوعيين في اليمن وأراح المسلمين منهم. (¬2) سورة هود، الآية:113. (¬3) سورة آل عمران، الآية:118.

السؤال49: بماذا يرد على الذين يقولون أن الوهابية عندهم دين جديد وما هي الوهابية؟ الجواب: أما الوهابية فهم من اتبع الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، أما دعاة أهل السنة فبحمد الله فهم لا يدعون إلى طريقة من هو أفضل من الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ فهم لا يقولون للناس: كونوا زيديين، ولا: كونوا شافعيين، ولا: كونوا حنابلة. بل يقولون للناس: اتبعوا سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وهذه الدعاية الخبيثة صادرة من الشيوعيين والبعثيين والناصريين والشيعة يريدون بها الصد عن الدعاة إلى الله، وأن يجعلوا بين الدعاة إلى الله وبين المدعوين حاجزًا، الدعاة إلى الله يريدون للمسلمين الخير والسعادة، ويريدون لهم الأمن والاستقرار، وأولئك يريدون الصد عن الدعاة إلى الله، لأنّهم في شعب مسلم لا يستطيعون أن يظهروا ما لديهم من الشيوعية والبعثية والناصرية، يقولون: هذا وهابي. أي ينتسب إلى محمد بن عبد الوهاب ونحن ما دعينا يومًا من الأيام إلى مذهب محمد بن عبد الوهاب، بل نعتبره عالمًا من العلماء يصيب ويخطئ ويجهل ويعلم ولو كنا مقلدين لمحمد بن عبد الوهاب لقلدنا أبا بكر الصديق أو لقلدنا عمر الفاروق أو لقلدنا عثمان أو علي بن أبي طالب لكننا نقول لإخواننا المسلمين: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نحكّم إلا كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولسنا ندعو الناس إلى اتباعنا لأننا بشر وطلبة علم

نصيب ونخطئ ونجهل ونعلم، ولا نريد أن نستكثر بالناس ولسنا نريد أن نخطط لانقلابات أو لثورات حتى نستكثر بالناس نريد أن نتمسك بكتاب ربنا وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الكتاب والسنة الذين إذا تمسكنا بهما كنا على هدى، رب العزة يقول في كتابة الكريم: وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون (¬1)، فلنتبع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأولئك الذين يقولون هذا وهابي أبغيك تنظر إليهم بنظر دقيق تجده مرتزقًا صاحب قبر أو صاحب حروز وعزائم أو صاحب رشوة، عندنا بعض القضاة ههنا يختلس أموال الناس بالرشوة والطيافات وإذا سمعوا بالداعي إلى الله قالوا: وهابي جاء يغير الدين، من الذي جاء بدين جديد هو الذي يقول للناس نحن نريد اشتراكية أو نتبع ماركس ولينين أو نريد أن نكون اتباعًا لجمال عبد الناصر الذي أراد أن يطبق الاشتراكية، أو يريد أن نكون أتباعًا لميشيل عفلق البعثي أعاذنا الله من ذلك. وحسبنا الله ونعم الوكيل. ¬

(¬1) سورة الأنعام، الآية:153.

§1/1