معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ

محمد سالم محيسن

الجزء الاول

[الجزء الاول] بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى حكاية عمّا دعا به أبو الأنبياء «إبراهيم» عليه وعلى نبينا «محمد» أفضل الصلاة والسلام: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ سورة الشعراء الآية 84

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله الذي أنزل «القرآن» هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. وأشهد أن لا إله إلا الله القائل في محكم كتابه: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (¬1). والصلاة والسلام على رسول الله الذي صح عنه من الحديث الذي رواه «أبو سعيد الخدري» رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من شغله القرآن، وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين، وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» اهـ (¬2). وبعد: فقد اقتضت إرادة الله تعالى أن جعل قلوب بعض عباده المؤمنين أوعية «للقرآن» فحفظوه، وفهموه، وعملوا بتعاليمه: فأحلّوا حلاله، وحرّموا حرامه، وتأدّبوا بآدابه، وتخلّقوا بأخلاقه ثم علّموه للمسلمين حتى وصل إلينا صحيحا مرتّلا، فقد تلقّاه الخلف عن السلف، وتعلمه جيل بعد جيل. وهكذا ستظلّ ¬

_ (¬1) سورة الحجر الآية 9. (¬2) رواه الترمذي، أنظر: التاج ج 4 ص 6. والفضائل في ضوء الكتاب والسنة د/ محمد سالم محيسن ص 243.

طائفة من المسلمين- بعون الله تعالى- لا همّ لهم إلا حفظ «القرآن» ثم تعليمه للمسلمين، الى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولقد كان من نعم الله الكبرى التي أنعم بها عليّ أن جعلني من حفظة كتابه ثم تعلّم رواياته وقراءاته، ثم الوقوف على معرفة رسمه، وضبطه، وعدّ آياته، ثم فهم معانيه وأحكامه، والوقوف على بلاغته وإعجازه. ولقد تعلق قلبي ووجداني تعلقا كبيرا «بالقرآن» منذ نعومة أظافري. وأحمد الله تعالى أن وفقني فدوّنت ما يقرب من أربعين كتابا كلها لها صلة بالقرآن الكريم. وبما أن حفاظ «القرآن» لهم المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة في نفسي وفكري، فقد رأيت من الواجب عليّ نحوهم أن أقوم بتجلية بعض الجوانب المشرقة على هؤلاء الأعلام ليقتفي آثارهم من شرح الله صدره للإسلام. فأمسكت بقلمي- رغم كثرة الأعمال المنوطة بي- وطوّفت بفكري، وعقلي بين المصنفات التي كتبت شيئا عن هؤلاء «الحفاظ» بدءا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلّم. ويسعدني ويشرّفني أن أقدّم الجزء الاول لتراجم هؤلاء العلماء الأجلاء تحت عنوان: «حفاظ القرآن عبر التاريخ». وقد ضمّنت هذا الجزء تراجم حفاظ القرآن ابتداء من الصحابة رضوان الله عليهم حتى عام 405 هـ خمس وأربعمائة من الهجرة (¬1). كما رتبت الأعلام حسب ¬

_ (¬1) تنبيه: أدخلت ضمن هذه التراجم ترجمة كل من: 1 - عامر السيد عثمان ت 1408 هـ لأنه شيخي. 2 - محمد سالم محيسن مؤلف هذا الكتاب.

حروف الهجاء ليسهل الرجوع إليها عند اللزوم. أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لي لسان صدق في الآخرين وأن يجعلني من الناجين الفائزين يوم يقوم الناس لربّ العالمين. وصلّ اللهمّ على سيدنا «محمد» وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين. خادم العلم والقرآن الدكتور/ محمد محمد محمد سالم محيسن المدينة المنورة الجمعة 20 رمضان 1408 هـ. الموافق 6 مايو 1988 م.

رقم الترجمة/ 1"إبراهيم أبو اسحاق" ت 360 هـ ونيف

رقم الترجمة/ 1 «إبراهيم أبو اسحاق» ت 360 هـ ونيف (¬1) هو إبراهيم بن محمد بن مروان أبو اسحاق الشامي الأصل، المصريّ الدار، ضابط ماهر عارف بقراءة ورش عالي السند فيها. ذكره الذهبي ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «إبراهيم أبو إسحاق» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم «أبو بكر بن سيف» وذلك سنة ثمان وتسعين ومائتين من الهجرة. تصدر «إبراهيم أبو اسحاق» لتعليم القرآن واشتهر بالثقة والضبط وحروف القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن. ومن الذين أخذوا عنه: ابن غلبون، وابنه طاهر مؤلف كتاب «التذكرة» وغيرها (¬2). توفي «إبراهيم أبو اسحاق» سنة بضع وستين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) أنظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج 1 ص 26. (¬2) أنظر: طبقات القراء ج 2 ص 26.

رقم الترجمة/ 2"إبراهيم البزوري" ت 361 هـ

رقم الترجمة/ 2 «إبراهيم البزوري» ت 361 هـ (¬1) هو: إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم أبو اسحاق البزوري (¬2) البغدادي مقرئ كبير وشيخ جليل ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «إبراهيم البزوري» القراءة عن خيرة العلماء. فقد قرأ على: اسحاق ابن احمد الخزاعي وأحمد بن فرح، وأحمد بن يعقوب بن أخي العرق، وأحمد بن سهل الأشناني، وابن مجاهد، وأبي بكر النقاش، وجعفر بن محمد الرافقي (¬3). تصدر «أبو بكر البزوري» لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، واشتهر بالصدق ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: عبد الباقي بن الحسن، وعلي بن محمد الحذّاء، ومحمد بن عمر بن بكير، ومحمد بن الحسن بن عبد الله الشمعي، وأبو جعفر محمد بن جعفر بن علان، ومنصور بن أحمد العراقي. ومنصور بن محمد السندي، وأبو الحسين علي بن محمد الخبازي. يقول «ابن الجزري»: وقول «الحفدلي» إن «الشذائي» قرأ على «إبراهيم البزوري» غلط فاحش اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) أنظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 6/ 16 - 17، وغاية النهاية ج 1 ص 4. (¬2) نسبة إلى «بزرجسابور» بضمتين وراء ساكنة، وجيم مفتوحة، من بغداد. أنظر: معجم البلدان ج 1 ص 410. (¬3) أنظر: طبقات القراء ج 1 ص 4. (¬4) أنظر: طبقات القراء ج 1 ص 4.

أخذ «إبراهيم البزوري» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: حدث عن يوسف بن يعقوب القاضي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وأحمد بن الحسين بن نصر الحذاء وجعفر الفريابي وأحمد بن فرح المقرئ. وإبراهيم بن هاشم البغوي، ومحمد بن جرير الطبري، وعلي بن اسحاق بن زاطيا، واسحاق بن إبراهيم بن حاتم (¬1). وقد حدث عن «إبراهيم البزوري» عدد من العلماء، يقول «الخطيب البغدادي»: حدثنا عنه أبو الحسن بن الحمامي المقرئ، وأبو نعيم الأصبهاني، ومحمد بن عمر بن بكير النجار (¬2). توفي «إبراهيم البزوري» يوم الخميس لست بقين من ذي الحجة سنة إحدى وستين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر: تاريخ بغداد ج 6 ص 16. (¬2) انظر: تاريخ بغداد ج 6 ص 16.

رقم الترجمة/ 3"إبراهيم الطبري" ت 393 هـ

رقم الترجمة/ 3 «إبراهيم الطبري» ت 393 هـ (¬1) هو: إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «إبراهيم الطبري» القراءة عن عدد كبير من خيرة حفاظ القرآن. يقول «ابن الجزري» قرأ إبراهيم الطبري علي أحمد بن عثمان بن بوبان، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ. وأبي بكر النقاش، وأبي بكر بن مقسم، ومحمد بن علي بن الهيثم، وأبي عيسى بكار، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن قرد بن أبي عمر الطوسي النقاش، وعبد الوهاب بن العباس. وقرأ الحروف على أحمد بن عبد الله ابن محمد المكي عن العنزي صاحب البزي، وإبراهيم بن أحمد بن الحسن القرماسيني عن أبي بكر الأصبهاني وغيره، وأبي سليمان محمد بن عبد الله بن سليمان بن الطيب بن يوسف السعدي الدمشقي عن أحمد بن عبد الله بن ذكران، وعثمان بن أحمد بن عبد الله الرقيقي عن صاحب خلف وأبي بكر بن جعفر بن أحمد الشعيري عن صاحب أبي حمدون وغير هؤلاء كثير (¬2). وقد رحل أبو اسحاق الطبري في سبيل العلم إلى كثير من الأمصار يأخذ عن علمائها وفي هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي: «كان إبراهيم الطبري أحد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 6/ 19، وتاريخ الإسلام الورقة 220 (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 1/ 5 - 6 والنجوم الزاهرة 4/ 209، وشذرات الذهب ج 3/ 142. (¬2) انظر: طبقات القراء ج 1 ص 5.

الشهود ببغداد، وذكر لي أبو القاسم التنوخي أنه شهد أيضا بالبصرة، وواسط، والأهواز والكوفة، ومكة، والمدينة المنورة. قال: وأم بالناس في المسجد الحرام أيام الموسم، وما تقدم فيه من ليس بقرشي غيره» ثم يقول الخطيب البغدادي: «وسكن إبراهيم الطبري بغداد وحدث بها عن اسماعيل بن محمد الصفار، وأبي عمرو بن السماك وأحمد بن سليمان العبداني، وعلي بن ادريس السنوري، ومن في طبقتهم وبعدهم». ثم يقول: «وكان أبو الحسن الدارقطني خرج له خمسمائة جزء. وكان كريما سخيا مفضلا على أهل العلم، حسن المعاشرة، جميل الأخلاق، وداره مجمع أهل القرآن والحديث وكان ثقة» (¬1). تصدر «إبراهيم الطبري» لتعليم القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: «الحسين بن علي العطار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وأبو علي الأهوازي، وأبو علي البغدادي صاحب كتاب «الروضة» وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأحمد بن رضوان، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الإخشيني روى عنه الحروف» (¬2). احتل «إبراهيم الطبري» مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه، يقول «الإمام ابن الجزري»: «كان الطبري ثقة مشهورا أستاذا» (¬3). توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر: تاريخ بغداد ج 6 ص 19. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 5. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 5.

رقم الترجمة/ 4"إبراهيم بن محمد المعروف بنفطويه" ت 323 هـ

رقم الترجمة/ 4 «إبراهيم بن محمّد المعروف بنفطويه» ت 323 هـ (¬1) هو: إبراهيم بن محمد بن عرفة بن سليمان بن المغيرة بن حبيب الأزدي، أبو عبد الله البغدادي، صاحب التصانيف. تلقى نفطويه القراءة عن خيرة العلماء منهم: محمد بن عمرو بن عون الواسطي، وأحمد بن إبراهيم بن الهيثم البلخي. وسمع الحروف من «شعيب بن أيوب الصريفيني صاحب يحيى بن آدم، وقيل عرض عليه وعن محمد بن الجهم» (¬2). جلس نفطويه لتعليم القرآن والنحو، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: محمد بن أحمد الشنبوذي، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وغير هؤلاء كثير. سكن «نفطويه» بغداد وحدث بها عن «إسحاق بن وهب العلّاف، وخلف بن محمد كردوس، ومحمد بن عبد الملك الدقيقي، وشعيب بن أيوب الصريفيني، وعباس بن محمد الدوري، واحمد بن عبد الجبار العطاردي، وعبد الكريم بن الهيثم العاقولي»، وقد روى عن «نفطويه» الحديث عدد كثير منهم: «أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، وأبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ» (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات النحويين للزبيدي 154، ونور القبس 344. وفهرست ابن النديم 81، وتاريخ بغداد 6/ 159، ونزهة الألباء 326، والمنتظم 6/ 277، وإرشاد الأريب 1/ 254، والكامل لابن الأثير 8/ 313، وإنباه الرواة 1/ 176، ووفيات الأعيان 1/ 47، والمختصر لأبي الفداء 2/ 83، وإشارة التعيين، الورقة 2 - 3 وتاريخ الاسلام الورقة 125 (أحمد الثالث 2917/ 9) وتذكرة الحفاظ 3/ 804، والعبر 2/ 198، وميزان الاعتدال 1/ 64، وتلخيص ابن مكتوم 31، ومرآة الجنان 2/ 287، ومعرفة القراء 1/ 273، وغاية النهاية، 1/ 25. وبغية الوعاة 1/ 428، وطبقات المفسرين 1/ 19، وشذرات الذهب 2/ 298. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 25. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 6 ص 159.

وقد احتل نفطويه مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا المقام يقول «القفطي»: كان «نفطويه» حسن الحفظ للقرآن، أول ما يبتدئ في مجلسه بمسجد الأنباريين بالغدوات الى أن يقرئ القرآن علي قراءة «عاصم» ثم الكتب بعدها وكان مسندا في الحديث، ثقة، صدوقا، وكان حسن المجالسة للخلفاء والوزراء، متقن الحفظ للسير وأيام الناس، وتواريخ الزمان، ووفاة العلماء، وكانت له مروءة وفتوّة (¬1). وقد ترك «نفطويه» كتبا متعددة في شتى العلوم استفاد منها الكثيرون مما يدلّ على كثرة علمه وسعة اطلاعه، من هذه الكتب: غريب القرآن، والردّ على من قال بخلق القرآن، وكتاب التاريخ، وكتاب المقنع في النحو، وكتاب الاستيفاء في الشروط، وكتاب الأمثال، وكتاب الشهادات، وكتاب الاقتضابات، وكتاب في الردّ على المفضل الضبيّ في نقضه على «الخليل بن أحمد»، وكتاب الملح، وكتاب المصادر، وكتاب القوافي. توفي «نفطويه» ببغداد بعد حياة حافلة بالعلم وتعليم القرآن في شهر صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر إنباه الرواة ج 1 ص 216.

رقم الترجمة/ 5"أبي بن كعب" رضي الله عنه ت 30 هـ

رقم الترجمة/ 5 «أبي بن كعب» رضي الله عنه ت 30 هـ (¬1) عده «أبو عبيد القاسم بن سلام» ت 224 هـ ضمن الصحابة الذين أتموا حفظ «القرآن» وذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الاولى من حفاظ «القرآن الكريم». عرض «أبي بن كعب» القرآن على النبي عليه الصلاة والسلام. كان «أبيّ» رضي الله عنه صاحب مدرسة وحده: فقد قرأ عليه الكثيرون من الصحابة أذكر منهم: عبد الله بن عباس رضي الله عنه، أبا هريرة رضي الله عنه، عبد الله بن السائب رضي الله عنه، كما قرأ على «ابيّ» الكثيرون من التابعين أذكر منهم: عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، أبا عبد الرحمن السلمي، وأبا العالية. شهد «أبي بن كعب» رضي الله عنه «بدرا» والمشاهد كلها. وكان ربعة من الرجال، أبيض الرأس، واللحية. ومناقب «أبي بن كعب» رضي الله عنه كثيرة أذكر منها ما يلي: فهو سيّد القراء بالاستحقاق، وأقرأ هذه الأمة على الاطلاق. فعن «أبي صالح الكاتب» قال: حدثنا «موسى بن علي» عن أبيه، أن «عمر بن الخطاب» رضي الله ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 3/ 59، ومسند أحمد 5/ 113، وتاريخ البخاري الكبير 2/ 39، حلية الأولياء 1/ 250، والاستيعاب 1/ 47، وتاريخ ابن عساكر 2/ 292، أسد الغابة 1/ 61، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 108، تاريخ الاسلام للذهبي 2/ 27، تذكرة الحفاظ 1/ 111، سير أعلام النبلاء 1/ 389، غاية النهاية 1/ 31، العبر 1/ 223 الإصابة 1/ 19، تهذيب التهذيب 1/ 187. طبقات الحفاظ للسيوطي وشذرات الذهب 1/ 32، معرفة القراء الكبار 1/ 28.

عنه خطب بالجابية (¬1) فقال: «من أراد أن يسأل عن «القرآن» فليأت «أبي ابن كعب»، من أراد أن يسأل عن «الفرائض» فليأت «زيدا»، من أراد أن يسأل عن «الفقه» فليأت «معاذا»، من أراد أن يسأل عن «المال» فليأتني فإن الله جعلني خازنا وقاسما» (¬2). كما أمر الهادي البشير صلى الله عليه وسلم بحفظ القرآن على «أبيّ بن كعب» يشير الى ذلك الحديث التالي: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «استقرءوا القرآن من أربعة: من «ابن مسعود، وأبيّ، ومعاذ، وسالم مولى أبي حذيفة» (¬3). ولعظم شأن «أبي بن كعب» عند النبي عليه الصلاة والسلام، فقد قرأ عليه النبي صلى الله عليه وسلّم بعض «القرآن» للإرشاد، والتعليم، يدل على ذلك الحديث التالي: فعن «أبي» رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أمرت أن أقرأ عليك القرآن» قلت: يا رسول الله وسميت لك؟ قال: نعم» اهـ (¬4). وعن «أنس بن مالك» رضي الله عنه قال: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أربعة كلهم من الأنصار: «أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد أحد عمومتي» (¬5). قال رجل «لابيّ» أوصني. قال: «اتخذ كتاب الله إماما، وارض به قاضيا وحكما. فإنه الذي استخلفه فيكم رسولكم، شفيع، مطاع، وشاهد لا ¬

_ (¬1) الجابية: المراد بها: قرية من أعمال دمشق. (¬2) أخرجه عبد الله بن الامام أحمد في زوائد المسند وسنده حسن. (¬3) أخرجه البخاري. (¬4) أخرجه أحمد وأبو نعيم. (¬5) أخرجه البخاري.

يفحم، فيه ذكركم وذكر من قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبركم وخبر ما بعدكم» اهـ (¬1). توفي «أبي بن كعب» بالمدينة المنورة سنة ثلاثين من الهجرة في خلافة «عثمان» رضي الله عنه. رحم الله «أبي بن كعب» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم في الحلية ج 1 ص 253.

رقم الترجمة/ 6"أحمد بن الأشعث" ت قبل 300 هـ

رقم الترجمة/ 6 «أحمد بن الأشعث» ت قبل 300 هـ (¬1) هو: أحمد بن محمد بن يزيد بن الأشعث بن حسان أبو بكر العنزي البغدادي المعروف بأبي حسّان ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «ابن الأشعث» القرآن على خيرة علماء عصره منهم: «أبو نشيط» صاحب «قالون» أحد رواة «نافع» الإمام الاول بالنسبة لأئمة القراءة ولا زالت قراءة «أبي نشيط» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ «ابن الأشعث» القراءة عن «أحمد بن زرارة» عن «سليم» (¬2). وقد اشتهر «الأشعث» بالقراءة وصحة الضبط مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: وحذق «ابن الأشعث» في قراءة «قالون» وتصدّر للإقراء فتلا عليه «ابن شنبوذ، وأحمد بن بويان، وعلي بن سعيد بن ذؤابة، وأبو الحسين، وغيرهم» اهـ (¬3) وقال «الذهبي»: توفي «أحمد بن الأشعث» قبل الثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- معرفة القراء الكبار: 1/ 237، وغاية النهاية، ج 1 ص 133. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 134. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 237.

رقم الترجمة/ 7"أحمد الأشناني" ت 307 هـ

رقم الترجمة/ 7 «أحمد الأشناني» ت 307 هـ (¬1) هو: أحمد بن سهل بن الفيروزان أبو العباس الأشناني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أحمد الأشناني» القراءة عن مشاهير العلماء منهم: «عبيد بن الصبّاح» صاحب «حفص» أحد رواة «عاصم بن أبي النجود» ثم قرأ على جماعة من أصحاب «عمرو بن الصباح» منهم: «الحسين بن المبارك، وإبراهيم السمسار، وعلي بن محصن وعليّ بن سعيد» وآخرون (¬2). وقد تصدر «أحمد الأشناني» للإقراء فتتلمذ عليه عدد كثير منهم: «أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل الدقاق، وابن مجاهد، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وعمر ابن أحمد والد الحافظ «أبي الحسن الدارقطني» ومحمد بن علي بن الجلندا، وعلي ابن سعيد القزاز، وعبد الله بن الحسين السامري، وإبراهيم بن محمد الماوردي، والحسن بن سعيد المطوعي، وأبو بكر النقاش» وغير هؤلاء كثير (¬3). وكان «أحمد الأشناني» من الثقات، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «حدثني الحسن بن أبي طالب عن أبي الحسن الدارقطني، قال: ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 4/ 185، وتاريخ الإسلام الورقة 30 (أحمد الثالث 2917/ 9) وغاية النهاية 1/ 59، ونهاية الغاية، الورقة 15، وشذرات الذهب 2/ 250 ومعرفة القراء ج 1 ص 248. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 249. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 60.

أحمد بن سهل الأشناني «ثقة» (¬1) وقال «البغدادي» أيضا: أخبرنا «أحمد ابن أبي جعفر» قال: سمعت «القاضي أبا الحسن عليّ بن الحسن الجراحيّ» يقول: أحمد بن سهل الأشنانيّ المقرئ ثقة صدوق» اهـ (¬2). كما أخذ «أحمد الأشناني» الحديث عن خيرة العلماء منهم: «بشير بن الوليد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعبد الأعلى بن حماد، والحسين بن علي بن الأسود العجلي» وآخرون (¬3). وكما اشتهر «أحمد الأشناني» بتعليم القرآن، اشتهر أيضا برواية حديث النبي عليه الصلاة والسلام. وقد روى عنه عدد كثير منهم: «إبراهيم بن أحمد البزوري، وعبد العزيز بن جعفر المجاشي ومحمد بن خلف بن جيان» وآخرون (¬4). توفي «أحمد الأشناني» يوم الاربعاء لاربع عشرة خلت من المحرم سنة سبع وثلاثمائة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «أحمد الأشناني» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 185. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 185. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 185. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 185.

رقم الترجمة/ 8"أحمد البزي" ت 250 هـ

رقم الترجمة/ 8 «أحمد البزّيّ» ت 250 هـ (¬1) هو: أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبي بزّة، مولى بني مخزوم. عالم القراءات، الحجة، الثقة، مؤذن المسجد الحرام أربعين سنة. وقال «البخاري»: اسم «أبي بزّة» «بشّار» مولى عبد الله بن السائب المخزومي وأبو بزّة: فارسي، وقيل: همذاني، أسلم على يد «السائب بن صيفي المخزومي». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «البزّي» سنة سبعين ومائة من الهجرة. وقرأ «البزّي» القرآن على مشاهير علماء عصره منهم: «عكرمة بن سليمان، وأبو الإخريط وهب بن واضح، وعبد الله بن زياد مولى عبيد بن عمير الليثي، عن أخذهم عن «إسماعيل بن عبد الله القسط». قال «أبو عمرو الداني»: اتفق الناقلون عن «البزّي» على أن «إسماعيل القسط» قرأ على «ابن كثير» نفسه، إلا ما كان من الاختلاف عن «أبي الإخريط» فإن الذي حكى عنه الموافقة للجماعة من أن «إسماعيل القسط» قرأ على «ابن كثير». وحكى عنه «القوّاس» أنه قرأ على «إسماعيل القسط» وأنه قرأ على «شبل بن عباد، ومعروف» وقرأ على «ابن كثير». وقال «أبو الإخريط»: ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- المعرفة والتاريخ 1/ 703، والجرح والتعديل 2/ 71، والأنساب للسمعاني 2/ 217، واللباب لابن الأثير 1/ 121، والعبر 1/ 455، وميزان الاعتدال 1/ 144، ومرآة الجنان 2/ 156، ووفيات ابن قنفذ 1/ 174، والعقد الثمين 3/ 142، معرفة القراء الكبار 1/ 173، وغاية النهاية 1/ 119، ولسان الميزان 1/ 283.

ولقيت «شبلا، ومعروفا» فقرأت عليهما القراءة التي قرأتها على «إسماعيل القسط» (¬1). وقراءة «البزّي» مشهورة ومتواترة، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. ولقد كان «البزّي» رحمه الله تعالى من الذين أوقفوا حياتهم على تعليم القرآن، والأذان في المسجد الحرام، وقد تتلمذ على «البزّي» الكثيرون، منهم: «إسحاق بن محمد الخزاعي، والحسن بن الحباب، وأحمد بن فرح، وأبو ربيعة محمد بن إسحاق، ومحمد بن هارون، وآخرون (¬2). وقد حدث «البزّي» عن «مؤمل بن إسماعيل، ومالك بن سعير، وأبي عبد الرحمن المقرئ» وغيرهم (¬3). وقد روى عن «البزّي» البخاري في تاريخه، والحسن بن الحباب بن مخلد، ومحمد بن يوسف بن موسى، والحسن بن العباس الرازي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وآخرون (¬4). يقول «ابن الجزري»: وقد روى «البزّي» حديث التكبير مرفوعا من آخر «والضحى» وقد أخرجه الحاكم «أبو عبد الله» من حديثه في المستدرك، عن «أبي يحيى محمد بن عبد الله بن محمد المقرئ» الإمام بمكة، حدثنا محمد بن علي بن زيد الصائغ، حدثنا «البزّي» وقال: سمعت «عكرمة بن سليمان»، يقول: قرأت على «إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين، فلما بلغت «والضحى» قال: كبّر عند خاتمة كل سورة، فإني قرأت ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 174. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 119. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 174. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 175.

على «عبد الله بن كثير» فلما بلغت والضحى قال كبّر حتى تختم. وأخبره «ابن كثير» أنه قرأ على «مجاهد» فأمره بذلك، وأخبره «مجاهد» أن «ابن عباس» رضي الله عنه أمره بذلك، وأخبره «ابن عباس» أن «أبيّ بن كعب» رضي الله عنه أمره بذلك، وأخبره «أبيّ» أن النبي صلى الله عليه وسلّم أمره بذلك. قال «الحاكم» هذا صحيح الإسناد، ولم يخرجه البخاري ولا مسلم» اهـ (¬1). وأقول: إن التكبير أثناء الختم سنة مشهورة بين القراء. وقد قرأت به، وأقرأت به تلاميذي، والحمد لله رب العالمين. وقد نظم «ابن الجزري» باب التكبير في منظومته: «طيبة النشر في القراءات العشر» فقال: وسنة التكبير عند الختم* صحت عن المكين أهل العلم في كل حال ولدى الصلاة* سلسل عن أئمة الثقات من أول انشراح أو من الضحى* من آخر أو أول قد صححا للناس هكذا وقيل إن ترد* هلل وبعض بعد لله حمد والكل للبزّي رووا وقنبلا* من دون حمد ولسوس نقلا تكبيره من انشراح وروى* عن كلهم أول كل يستوى يقول «ابن الجزري»: اختلف في سبب ورود التكبير من المكان المعيّن. فروى «الحافظ أبو العلاء» بإسناده عن «أحمد بن فرح» عن «البزّي» أن الأصل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلّم انقطع عنه الوحي، فقال المشركون قلى محمدا ربّه فنزلت سورة «والضحى» فقال النبي صلى الله عليه وسلّم «الله أكبر» وأمر النبي صلى الله عليه وسلّم أن يكبر إذا بلغ «والضحى» مع خاتمة كل سورة حتى يختم. ¬

_ (¬1) أنظر طبقات القراء ج 1 ص 119.

ثم يقول «ابن الجزري» وهذا قول الجمهور من أئمتنا كأبي الحسن بن غلبون، وأبي عمرو الداني وغيرهما بين متقدم ومتأخر، قالوا فكبّر النبي صلى الله عليه وسلّم شكرا لله تعالى لما كذب المشركين، وقيل: فرحا وسرورا بنزول الوحي بعد انقطاعه (¬1). توفي «البزّي» سنة خمسين ومائتين بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «البزّي» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 3 ص 375.

رقم الترجمة/ 9"أحمد التستري"

رقم الترجمة/ 9 «أحمد التستري» (¬1) هو: أحمد بن محمد بن عبيد الله بن إسماعيل أبو العباس العجلي التستري نزيل الأهواز. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «التستري» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: أحمد بن محمد بن عبد الصمد الرازي، والخضر بن الهيثم الطوسي، ومحمد بن موسى الزينبي وأحمد بن شبيب (¬2). تصدر التستري لتعليم القرآن واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة أبو علي الأهوازي (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة التستري إلا أن الحافظ «الذهبي» قال: بقي الى قريب الثمانين وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله التستري رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج 1 ص 123. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 123. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 338.

رقم الترجمة/ 10"أحمد الخزاز" ت 286 هـ

رقم الترجمة/ 10 «أحمد الخزّاز» ت 286 هـ (¬1) هو: أحمد بن علي بن الفضل أبو جعفر الخزاز بالخاء المعجمة وزايين، بغدادي، مقرئ ماهر. تلقى «أحمد الخزاز» القراءة عن خيرة العلماء: فقد سمع حروف القرآن من «محمد بن يحيى القطيعي، وأبي هاشم الرفاعي، وقرأ على «هبيرة» صاحب «حفص» وعرض القرآن على «محمد بن عمر القصبي» (¬2). تصدر «أحمد الخزاز» لتعليم القرآن فأخذ عنه الكثيرون منهم: «ابن مجاهد، وابن شنبوذ، وعلي بن الحسين الرقي، وأحمد بن عجلان، ومحمد بن يعقوب المعدّل، والخضر بن الهيثم» (¬3). كما أخذ «أحمد الخزاز» حديث النبي صلى الله عليه وسلّم عن خيرة العلماء منهم: «هوذة بن خليفة، وعاصم بن علي، والحكم ابن أسلم، وأسيد بن زيد، وأبو بكر بن أبي الأسود، وأحمد بن يونس، وسعيد بن سليمان، وشريح بن النعمان، وعلي بن الجعد» وآخرون (¬4). وقد روى الحديث عن «أحمد الخزاز» عدد كثير منهم: «يحيى بن صاعد، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد: 4/ 303، وتاريخ الإسلام، الورقة 164، (أوقاف)، ومعرفة القراء 1/ 258، وتذكرة الحفاظ 2/ 637، والمشتبه 160، وغاية النهاية 1/ 86، وتوضيح المشتبه 1/ الورقة 9. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 258. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 87. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 303.

ومحمد بن مخلد، وأبو عمرو بن السمّاك، وجعفر الخالدي، وأبو بكر الشافعي، وإسماعيل بن علي الخطبي، وأحمد بن يوسف بن خالد» وغيرهم كثير (¬1). توفي «أحمد الخزاز» يوم الاثنين لاربع عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ست وثمانين ومائتين من الهجرة. رحم الله «أحمد الخزاز» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 303.

رقم الترجمة/ 11"أحمد بن صالح" ت 248 هـ

رقم الترجمة/ 11 «أحمد بن صالح» ت 248 هـ (¬1) هو: أحمد بن صالح أبو جعفر المصري، الحافظ المقرئ. الامام الحجة القارئ المحدث الحافظ أحد الأعلام. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أحمد بن صالح» سنة سبعين ومائة من الهجرة بمصر، وكان «والده» من أجناد «طبرستان» كما قال «ابن يونس» في تاريخه (¬2). وقد أخذ «أحمد بن صالح» القراءة عن مشاهير العلماء، منهم: «ورش، وقالون» وله عن كل منهما رواية. كما قرأ على «إسماعيل بن أويس، وأخيه أبي بكر» عن نافع، وروى حروف «عاصم بن أبي النجود» عن «حرمي بن عمارة» (¬3). وقد جلس «أحمد بن صالح» لتعليم القرآن الكريم، وقد أخذ عنه الكثيرون، منهم «أحمد بن محمد بن حجاج، والحسن بن أبي مهران، والحسن بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- التاريخ الكبير 2/ 6، والجرح والتعديل 2/ 56، وتاريخ بغداد 4/ 195، والجمع لابن القيسراني 1/ 10، وتذكرة الحفاظ 2/ 495، والعبر 1/ 450، ومعرفة القراء الكبار 1/ 184، والكاشف 1/ 60، وميزان الاعتدال 1/ 103، ومرآة الجنان 2/ 154، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 6، والديباج المذهب 1/ 143، وغاية النهاية 1/ 62، وتهذيب التهذيب 1/ 39، والنجوم الزاهرة 2/ 328، وحسن المحاضرة 1/ 306، وطبقات الحفاظ للسيوطي 216، وخلاصة تذهيب الكمال 6، وشذرات الذهب 2/ 117، وشجرة النور 1/ 67. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 184. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 62.

علي بن مالك الأشناني والحسن بن القاسم بن عبد الله»، وآخرون (¬1). وقد أخذ «أحمد بن صالح» حديث النبي صلى الله عليه وسلّم عن خيرة العلماء، منهم «سفيان بن عيينة، وعبد الله بن وهب، وابن أبي فديك، وعبد الرزاق»، وخلق سواهم» (¬2). قال «الذهبي» وقد حدث عن «أحمد بن صالح»: «البخاري، وأبو داود، ومحمد بن يحيى، وصالح بن محمد بن جزرة، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وأبو بكر بن أبي داود وخلق كثير» اهـ (¬3). ثم يقول «الذهبي»: وقد رحل «أحمد بن صالح» في الكهولة الى «بغداد» وذاكر «أحمد بن حنبل» وسمع من «عفان بن مسلم» وغيره اهـ (¬4). وقال «أحمد بن صالح» عن نفسه: كتبت عن «ابن وهب» خمسين الف حديث اهـ (¬5). وقال «صالح بن محمد الحافظ»: «لم يكن بمصر» أحد يحسن الحديث غير «أحمد بن صالح» كان رجلا جامعا، يعرف الفقه، والحديث، والنحو، ويتكلم في حديث الثوري، وشعبة، وغيرهما- يعني يذاكر به- ثم قال: وكان يحفظ حديث «الزهري» اهـ (¬6). ونظرا لأن «أحمد بن صالح» كان من علماء القرآن، والحديث، ولشهرته بالضبط وصحة الرواية، فقد احتل مكانة مرموقة بين العلماء وأثنى عليه الكثيرون، وهذا قبس من أقوال العلماء عنه: ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 62. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 184. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 185. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 185. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 185. (¬6) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 186.

قال «أبو عمرو الداني»، قال: «مسلمة بن القاسم الأندلسي»: الناس مجمعون على ثقة «أحمد بن صالح» لعلمه، وخيره، وفضله، وأن «أحمد بن حنبل» وغيره كتبوا عنه ووثقوه» (¬1). وقال «البخاري»: «أحمد بن صالح»: ثقة، مأمون، ما رأيت أحدا يتكلم فيه بحجة، كان «أحمد وابن المديني، وابن نمير» يثنون عليه اهـ (¬2). وقال «ابن نمير»: إذا جاوزت الفرات فليس أحدا مثل «أحمد بن صالح» اهـ (¬3). وقال «يعقوب النسوي» الحافظ: كتبت عن أكثر من ألف شيخ، حجتي فيما بيني وبين الله رجلان،: «أحمد بن حنبل وأحمد بن صالح» اهـ (¬4). وقال «ابن وارة» هؤلاء أركان الدين، «أحمد بن حنبل، وابن نمير، والنّفيلي وأحمد ابن صالح» اهـ (¬5). وقال «أحمد بن عبد الله العجلي» ثقة صاحب سنة اهـ (¬6). توفي «أحمد بن صالح» في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «أحمد بن صالح» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 186. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 185. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 185. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 62. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 186. (¬6) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 186.

رقم الترجمة/ 12"أحمد بن صالح" ت بعد 350

رقم الترجمة/ 12 «أحمد بن صالح» ت بعد 350 (¬1) هو: أحمد بن صالح بن عمر بن اسحاق أبو بكر البغدادي، ثم انتقل الى الشام ونزل طرابلس وحدث بها وبالرملة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أحمد بن صالح» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: الحسن بن الحباب، والحسن بن الحسين الصواف، ومحمد بن هارون التمار، وأبو بكر بن مجاهد، وأبو الحسن أحمد بن جعفر بن المنادي، وأبو الحسن بن شنبوذ وآخرون. تصدر «أحمد بن صالح» لتعليم القرآن واشتهر بين الناس بصحة القراءة فأقبل عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «عبد الباقي بن الحسن، وعبد المنعم بن غلبون، وعلي بن بشر الأنطاكي، وخلف بن قاسم بن سهل الأندلسي» (¬2) قال «الخطيب البغدادي»: حدث «أحمد بن صالح» بطرابلس والرملة عن جعفر بن عيسى الناقد ومحمد بن الحكم العتكي وروى عنه «الغرباء» وذكر «ابن الثلاج» أنه سمع منه (¬3). توفي «أحمد بن صالح» بالرملة بعد الخمسين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 4/ 205، وغاية النهاية ج 1 ص 62. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 62. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 205.

رقم الترجمة/ 13"أحمد الصفار"

رقم الترجمة/ 13 «أحمد الصّفّار» (¬1) هو: أحمد بن موسى أبو جعفر الصفّار البغدادي المعدّل. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أحمد الصفّار» القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «عمرو بن الصباح، وأبو شعيب القوّاس البغدادي، والعباس بن الفضل الصفّار، ومحمد بن الفضل زرقان، وحمدان بن أبي عثمان الدقاق» وآخرون (¬2). تصدّر «أحمد الصفّار» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «ابن شنبوذ، ومحمد بن أبي جعفر بن أبي أمية، ومحمد بن عمران التمّار، وعبد الوهاب بن العباس المسكي (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أحمد الصفّار». رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- معرفة القراء الكبار 1/ 259، وغاية النهاية ج 1 ص 143. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 259. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 143.

رقم الترجمة/ 14"أحمد بن الصقر" ت 366 هـ

رقم الترجمة/ 14 «أحمد بن الصقر» ت 366 هـ (¬1) هو: أحمد بن الصقر بن ثابت أبو الحسن الطائي المنجبي، أستاذ ماهر، له مؤلف في القراءات سماه «الحجة». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أحمد بن الصقر» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: أبو عيسى بكار، وأبو بكر بن مقسم، وعبد الواحد بن أبي هاشم (¬2). تصدر «أحمد بن الصقر» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والصدق، وجودة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن، وتتلمذ عليه عدد كبير، وفي مقدمتهم: «عبدان ابن عمر المنجبي، وعلي بن معتوق العين ترماني»، نسبة الى «عين ترما» قرية من غوطة دمشق الشرقية تبعد عنها أربعة أميال تقريبا (¬3). قال الحافظ «الذهبي»: ترك «أحمد بن الصقر» كتابا في القراءات سماه «الحجة» (¬4). توفي «أحمد بن الصقر» بعد أن أصبح كهلا سنة ست وستين وثلاثمائة من الهجرة، بعد أن أدّى للمسلمين الكثير من الأعمال الفاضلة أهمها تعليم القرآن الكريم. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام، الورقة 67 (آيا صوفيا) وغاية النهاية ج 1 ص 63. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 336. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 63. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 336.

رقم الترجمة/ 15"أبو أحمد العجلي" توفي في حدود 220 هـ

رقم الترجمة/ 15 «أبو أحمد العجليّ» توفي في حدود 220 هـ (¬1) هو: عبد الله بن صالح بن مسلم أبو أحمد العجلي الكوفيّ. الإمام الحجة الثقة الثبت. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو أحمد العجلي» القراءة عن مشاهير علماء عصره: فقد أخذها عرضا عن «حمزة الزيات» الإمام السادس من أئمة القراءات. كما روى حروف القراءات عن: «أبي بكر بن عياش وحفص بن سليمان» سماعا (¬2) كما أخذ «أبو أحمد العجليّ» الحديث عن خيرة العلماء، منهم: «أبو بكر النهشلي، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وفضيل بن مرزوق، وحماد بن سلمة، وزهير بن معاوية، وشبيب بن شبّة، والحسن بن صالح بن حيّ» وطائفة غيرهم (¬3). وقد سكن «أبو أحمد العجليّ» بغداد، وأترابها، وقد تلقى عنه القرآن الكثيرون منهم: ابنه أبو الحسن أحمد، وأحمد بن يزيد الحلواني، وأبو حمدون، وإبراهيم بن الرازي، ومحمد بن شاذان الجوهري» وآخرون (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 5/ 85، وتاريخ بغداد 9/ 477، وتذكرة الحفاظ 1/ 390، معرفة القراء الكبار 1/ 165، والعبر 1/ 360، والكاشف 2/ 96، وميزان الاعتدال 2/ 445، ومرآة الجنان 2/ 53، وغاية النهاية 1/ 423، وتهذيب التهذيب 5/ 261، ولسان الميزان 7/ 64، وطبقات الحفاظ للسيوطي 169، وشذرات الذهب 2/ 27. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 423. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 165. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 423.

وكان «أبو أحمد العجلي» ثقة، صدوقا، مستقيم الحديث. توفي في حدود العشرين ومائتين. رحم الله «أبا أحمد العجلي» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 16"أحمد بن فرح" ت 303 هـ

رقم الترجمة/ 16 «أحمد بن فرح» ت 303 هـ (¬1) هو: أحمد بن فرح بن جبريل أبو جعفر الضرير البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد أخذ «ابن فرح» القرآن والروايات عن خيرة العلماء. يقول «ابن الجزري»: قرأ «ابن فرح» على «الدوري» بجميع ما عنده من القراءات، وعلى «عبد الرحمن بن واقد» وقرأ أيضا على «البزّي، وعمر بن شبّة» اهـ (¬2). وقرأ القرآن على «ابن فرح» عدد كثير. وفي هذا يقول «الذهبي»: وتصدر للإفادة زمانا، وبعد صيته، واشتهر اسمه، لسعة علمه، وعلوّ سنده، فقرأ عليه: «زيد بن علي بن أبي بلال، وعبد الله بن محرز، وعليّ بن سعيد القزاز، وأبو بكر النقاش، وعبد الواحد بن أبي هاشم وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ، والحسن بن سعيد المطوعي» وآخرون (¬3). كما أخذ «ابن فرح» الحديث عن خيرة العلماء منهم: «عليّ بن عبد الله المديني، وأبو الربيع الزهراني، وأبو بكر بن أبي شبة، وعثمان بن أبي شيبة، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وإسحاق بن بهلول التنوخي» وغير هؤلاء. (¬4) ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 4/ 345، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 13 (أحمد الثالث 2917/ 9) وتذكرة الحفاظ 2/ 703، والعبر 2/ 125، وغاية النهاية 1/ 95، ومعرفة القراء 1/ 238، ونهاية الغاية، الورقة 22، وطبقات المفسرين 1/ 63، وشذرات الذهب 2/ 241. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 95. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 239. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 345.

كما أخذ الحديث عن «ابن فرح» عدد كثير منهم: «أبو طالب بن البهلول الأنباري، وأحمد بن جعفر بن مسلم الختلي، وعثمان بن أحمد ابن سمعان الرزاز» وغير هؤلاء (¬1). وكان «ابن فرح» من الثقات، وفي هذا المعنى يقول «الخطيب البغدادي»: حدثني «علي بن محمد بن نصر» قال: سمعت «حمزة بن يوسف» يقول: سألت أبا الحسن الدارقطني عن أحمد بن فرح فقال: كان ثقة اهـ (¬2). وقد احتلّ «ابن فرح» مكانة سامية لدى العلماء، يقول عنه «الخطيب البغدادي»: حدثنا «أبو الحسن محمد بن أحمد بن حمّاد فقال: قرأت في كتاب «أخي»: مات «أحمد بن فرح» في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثمائة، صلى عليه «أبو عاصم بن أبي الحسين» وكان قد أوصى أن يصلي عليه رجل من أهل السنة، وكان ثقة مأمونا، عالما بالعربية واللغة، عالما بالقرآن» اهـ (¬3). رحم الله «ابن فرح» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 345. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 345. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 346.

رقم الترجمة/ 17"أحمد الفيل" ت 286 هـ

رقم الترجمة/ 17 «أحمد الفيل» ت 286 هـ (¬1) هو: أحمد بن محمد بن حميد أبو جعفر البغدادي الملقب «بالفيل» لعظم خلقته، كما يعرف «بالفامي» نسبة الى قرية «فامية» من عمل دمشق، قال عنه «ابن الجزري» كان «أحمد الفيل» مشهورا حاذقا (¬2). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أحمد الفيل» القرآن عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «يحيى بن هاشم السمسار» عن «حمزة» و «عمرو بن الصباح» يقول «ابن الجزري»: وقد اشتهرت رواية «حفص بن سليمان بن المغيرة» من طريق «أحمد الفيل» (¬3). تصدر «أحمد الفيل» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم «أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل البحتري، ومحمد بن أحمد بن الخليل بن أبي أمية، وأحمد ابن محمد شيخ الرهاوي» (¬4). كما أخذ «أحمد الفيل» حديث النبي صلى الله عليه وسلّم عن خيرة العلماء منهم: «يحيى بن هاشم السمسار، وعاصم بن علي» وغيرهما (¬5). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- معرفة القراء: 1/ 259، وغاية النهاية: ج 1 ص 143. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 112. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 259. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 112. (¬5) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 436.

وقد أخذ عنه الحديث عدد كثير منهم: «عبد الصمد بن علي الطستي، وعبد الباقي بن قانع» وغيرهما (¬1). قال «الخطيب البغدادي»: أخبرنا «هاشم السمسار» حدثنا «الصفّار» أخبرنا «عبد الباقي بن قانع» أن «أحمد بن حميد الفيل المقرئ» مات سنة ست وثمانين ومائتين من الهجرة. رحم الله «أحمد الفيل» رحمة واسعة، وجزاه الله عن القرآن أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 436.

رقم الترجمة/ 18"أحمد القواس" ت 240 هـ

رقم الترجمة/ 18 «أحمد القوّاس» ت 240 هـ (¬1) هو: أحمد بن محمد بن علقمة بن نافع المكي المعروف بالقوّاس. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أحمد القواس» القراءة عن «أبي الإخريط وهب بن واضح»، وحدّث عن «مسلم بن خالد الزنجي»، وغيره (¬2). وجلس «أحمد القوّاس» للإقراء مدّة من الزمن، وقد أخذ عنه القراءة عدد كثير منهم: «أحمد بن يزيد الحلواني، وقنبل، وعبد الله بن جبير الهاشمي»، وقيل: إن «البزّي» قرأ عليه القرآن، ذكره الداني، وغيره (¬3). وحدث عن «أحمد القواس»: «ابن مخلد، ومحمد بن علي الصائغ، وعلي ابن أحمد بن بسطام» وغيرهم (¬4). وقد كان «القواس» حجة في القراءة، ومن المجيدين لحروف القرآن، يقول «ابن مجاهد» قال لي «قنبل»: قال لي «القواس» في سنة سبع وثلاثين ومائتين الق هذا الرجل- يعني البزي- فقل له: هذا الحرف ليس من قراءتنا، يعني قوله تعالى: في سورة «إبراهيم» ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تهذيب الكمال 1/ 482، وتذهيب التهذيب 1/ الورقة 26، والعقد الثمين للفاسي 3/ 159، ومعرفة القراء الكبار 1/ 178، وغاية النهاية 1/ 123، وتهذيب التهذيب ج 1 ص 80. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 123. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 123. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 179.

وَما هُوَ بِمَيِّتٍ (¬1) مخففا، وإنما يخفف من الميت من قد مات بالفعل، وما لم يمت فهو مشدّد اهـ (¬2). وأقول: هذا هو الصواب، فقد أجمع القراء العشرة على تشديد ما لم يمت في جميع القرآن الكريم. توفي «القواس» سنة أربعين ومائتين من الهجرة. رحمه الله تعالى رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) سورة إبراهيم الآية 17. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 179.

رقم الترجمة/ 19"الأعرج حميد بن قيس" ت 130 هـ

رقم الترجمة/ 19 «الأعرج حميد بن قيس» ت 130 هـ (¬1) الإمام، الثقة، المحدث، العالم بالفرائض. هو حميد بن قيس أبو صفوان الأعرج المكي القارئ. أخذ «حميد» القراءة عن «مجاهد بن جبر» وعرض عليه ثلاث مرات وروى عنه القراءة: سفيان بن عيينة، وأبو عمرو بن العلاء، وإبراهيم بن يحيى، وعبد الوارث بن سعيد، وآخرون. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. يقول «ابن عيينة» قال: «حميد»: كل شيء أقرؤه فهو قراءة مجاهد. وقال «ابن عيينة» أيضا: كان «حميد بن قيس» أفرضهم وأحسبهم، وكانوا لا يجتمعون إلا على قراءته، ولم يكن بمكة أحد أقرأ منه ومن «ابن كثير» اهـ (¬2). وقال «عبد الله ابن مسلم بن قتيبة»: «حميد بن قيس» مولى آل الزبير، كان قارئ أهل المدينة، وكان كثير الحديث، فارضا، حاسبا، قرأ على «مجاهد» اهـ (¬3) ويقول «الذهبي»: روى «حميد الأعرج» الحديث عن «مجاهد بن جبر، ¬

_ (¬1) أنظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ خليفة 395، وطبقات خليفة 282، والتاريخ الكبير 2/ 352، والمعرفة والتاريخ 1/ 285، و 2/ 26، والكاشف 1/ 257، وميزان الاعتدال 1/ 615، ومعرفة القراء الكبار 1/ 97، وغاية النهاية 1/ 265، وتقريب التهذيب 1/ 203، وتهذيب التهذيب 3/ 46، وخلاصة تذهيب الكمال 94. (¬2) أنظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 98. (¬3) أنظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 98.

وعطاء، والزهري» وغيرهم، وحدث عنه «معمر، وابن عيينة»، وغيرهما، وقد وثقه «أبو داود» (¬1). توفي «حميد الأعرج» سنة ثلاثين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «حميدا» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) أنظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 97.

رقم الترجمة/ 20"ابن الأخرم" ت 341 هـ

رقم الترجمة/ 20 «ابن الأخرم» ت 341 هـ (¬1) هو: محمد بن النضر بن مرة بن الحر الربعي بن حسان بن محمد بن النضر بن مسلم بن ربيعة الفرسى أبو الحسن الدمشقي المعروف بابن الأخرم شيخ الإقراء بالشام. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «ابن الأخرم» سنة ستين ومائتين بقينية خارج دمشق، وقينية كانت قرية مقابل الباب الصغير من مدينة دمشق، واندثرت وأصبحت أرضا زراعية، وسكنها جماعة من العلماء (¬2). أخذ «ابن الأخرم» القراءة عن عدد من علماء القراءات: فقد أخذ القراءة عرضا عن هارون الأخفش وهو من جلّة أصحابه وأضبطهم. قال عبد الباقي بن الحسن: قال لي «ابن الأخرم»: قرأت على الأخفش وكان يأخذ عليّ في منزلي اهـ (¬3). كما قرأ «ابن الأخرم» على جعفر بن أحمد بن كزاز، وأحمد بن نصر بن شاكر وآخرين. جلس «ابن الأخرم» لتعليم القرآن بدمشق واشتهر بالضبط والثقة، وصحة ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام الورقة 211، والعبر 2/ 257، وغاية النهاية 2/ 270 - 271، ونهاية الغاية الورقة 267، والنجوم الزاهرة 3/ 309، وطبقات المفسرين للسيوطي 40، وشذرات الذهب ج 2 ص 361. (¬2) انظر معجم البلدان ج 4 ص 425. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 291.

الاسناد وازدحم على مجلسه الطلاب. وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: انتهت الى «ابن الأخرم» رئاسة الاقراء بالشام، وكان له حلقة عظيمة وتلاميذ جلة (¬1) وقال «محمد بن علي السّلمي»: قمت ليلة المؤذن الكبير لآخذ النوبة على «ابن الأخرم» فوجدت قد سبقني ثلاثون قارئا، ولم تدركني النوبة الى العصر اهـ (¬2). وقال أبو القاسم بن عساكر الحافظ «طال عمر ابن الأخرم» وارتحل الناس إليه وكان عارفا بعلل القراءات بصيرا بالتفسير والعربية متواضعا حسن الأخلاق كبير الشأن اهـ. (¬3) وقد روى القراءة عرضا على «ابن الأخرم» أحمد بن عبد العزيز بن بدهن. وأحمد بن نصر الشذائي، وأحمد بن مهران، وصالح بن ادريس، وعبد الله بن علية، وعلي بن زهير، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، ومحمد بن أحمد السّلمي وغيرهم كثير. قال محمد بن أحمد الشنبوذي قرأت على «ابن الأخرم» فما وجدت شيخا أحسن منه معرفة بالقراءات ولا أحفظ، ومع ذلك كان يحفظ تفسيرا كبيرا ومعاني، وقال لي: إن الأخفش لقنني القرآن (¬4). وقال الحافظ أبو عمرو الداني: قرأت فيما أملاه «علي بن داود» لما قدم «ابن الأخرم» بغداد، وحضر مجلس ابن مجاهد قال «ابن مجاهد» لأصحابه: هذا صاحب الأخفش الدمشقي فاقرءوا عليه. وكان ممن قرأ عليه أبو الفتح بن ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 291. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 271. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 292. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 271.

بدهن» (¬1). هكذا قضى «ابن الأخرم» حياته في جهاد وكفاح وصبر وجلد، وكان من المخلصين لتعليم كتاب الله تعالى ومن الحريصين على رواية القراءات القرآنية وفقا للكيفية التي نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السّلام. ولقد تفضل الله سبحانه وتعالى بمنه وكرمه على حفاظ القرآن بالثواب الجزيل والفضل الكبير، وقد ورد في ذلك الكثير من أحاديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم. من هذه الأحاديث الحديث الذي رواه «أبو هريرة» رضي الله عليه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حلّه، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب: ارض عنه، فيرضى عنه. فيقال له: اقرأ وارق، وتزاد بكل آية حسنة» اهـ (¬2). توفي «أبو الحسن بن الأخرم» سنة احدى وأربعين وثلاثمائة، وصليت عليه في المصلى بعد الظهر، وكان يوما صائفا، وصعدت غمامة على جنازته من المصلى الى قبره (¬3) . رحم الله «ابن الأخرم» رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 271. (¬2) رواه الترمذي بإسناد صحيح: أنظر التاج ج 4 ص 5. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 292.

رقم الترجمة/ 21"إدريس الحداد" ت 292 هـ

رقم الترجمة/ 21 «إدريس الحدّاد» ت 292 هـ (¬1) هو: إدريس بن عبد الكريم الحداد أبو الحسن البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «إدريس الحدّاد» القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «خلف بن هشام البزّار، ومحمد بن حبيب الشموني» وآخرون (¬2). كان «إدريس الحداد» من خيرة العلماء في الضبط والصدق والاتقان مما استوجب ثناء العلماء عليه، وقد سئل عنه «الدارقطني» فقال: «ثقة» وفوق الثقة بدرجة (¬3). تصدر «إدريس الحداد» لتعليم القرآن، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «محمد بن أحمد بن شنبوذ، وابن مقسم، وموسى بن عبيد الله الخاقاني، ومحمد بن إسحاق البخاري، وأحمد بن بويان، وأحمد بن عبيد الله بن حمدان، والحسن بن سعيد المطوعي، وأبو بكر النقاش، وعلي بن الحسين الرقي»، وغيرهم كثير (¬4). كما سمع «إدريس الحداد» حديث النبي صلى الله عليه وسلم من خيرة ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 7/ 14، وتاريخ الإسلام، الورقة 263 (أوقاف) وتذكرة الحفاظ 2/ 654، ومعرفة القراء الكبار 1/ 254، والعبر 2/ 93، ومرآة الجنان 2/ 220، وغاية النهاية 10/ 154 والنجوم الزاهرة 3/ 157، وشذرات الذهب 1/ 210. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 254. (¬3) انظر شذرات الذهب ج 2 ص 210. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 154.

العلماء منهم: «داود بن عمرو الضبيّ، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأبو الربيع الزهراني، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وليث بن حمّاد الصفار، وإبراهيم ابن عبد الله الهروي، وأحمد بن حاتم الطويل» وغيرهم (¬1). وقد روى الحديث عن «إدريس الحداد» عدد كثير وفي مقدمتهم: «أبو بكر بن الأنباري، وأحمد بن سليمان النجاد، وإسماعيل بن علي الخطبيّ، وأبو علي بن الصوّاف» وآخرون (¬2). توفي «إدريس الحداد» يوم الأضحى، وهو يوم السبت سنة اثنتين وتسعين ومائتين وله ثلاث وتسعون سنة. رحم الله «إدريس الحداد» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 14. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 14.

رقم الترجمة/ 22"أبو الأزهر المصري" ت 231 هـ

رقم الترجمة/ 22 «أبو الأزهر المصريّ» ت 231 هـ (¬1) هو: عبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة، أبو الأزهر المصري، صاحب الإمام، «مالك» وراو مشهور بالقراءة ومن الثقات. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الأزهر» القراءة عرضا عن «ورش» وروى حروف «حمزة» عن «داود بن أبي طيبة». وقد أخذ القراءة عن «أبي الأزهر» عدد كثير، منهم: «محمد بن سعيد الأنماطي، وحبيب بن إسحاق، والفضل بن يعقوب» وآخرون. يقول «الذهبي»: حدث «أبو الأزهر» عن: «أبيه، وسفيان بن عيينة، وابن وهب» اهـ (¬2). توفي «أبو الأزهر» سنة إحدى وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام، الورقة 52 (أحمد الثالث 2917/ 7)، ومعرفة القراء الكبار 1/ 182 وغاية النهاية 1/ 389، وحسن المحاضرة 1/ 486. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 193.

رقم الترجمة/ 23"إسحاق المروزي" ت 286 هـ

رقم الترجمة/ 23 «إسحاق المروزي» ت 286 هـ (¬1) هو: إسحاق بن إبراهيم بن عثمان بن عبد الله أبو يعقوب المروزي ثم البغدادي ورّاق «خلف البزار» وراوي اختياره عنه. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «إسحاق المروزي» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم «خلف البزار» فقد قرأ عليه اختياره في القراءة، ثم قام به بعده وقرأ أيضا على «الوليد بن مسلم». اشتهر «إسحاق» بالثقة، والضبط وصحة القراءة، والجودة، والاتقان، ولذا أقبل عليه طلاب العلم، فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «محمد بن عبد الله بن أبي عمرو النقاش، والحسن بن عثمان البرصاطي- على الصواب كما ذكر «ابن الجزري» وعليّ بن موسى الثقفي، وابنه محمد بن إسحاق المروزي، وابن شنبوذ. توفي «إسحاق المروزي» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن سنة ست وثمانين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 155.

رقم الترجمة/ 24"أبو اسحاق الأنطاكي" ت 339 هـ

رقم الترجمة/ 24 «أبو اسحاق الأنطاكي» ت 339 هـ (¬1) هو: إبراهيم بن عبد الرزاق بن الحسن بن عبد الرزاق الأنطاكي أبو اسحاق. وأنطاكية بالفتح ثم السكون، والياء مخففة، وليس قول «امرئ القيس»: «علون بأنطاكية فوق قمة ... كحرمة نحل أو جنة يثرب» دليلا على تشديد الياء، لأنها للنسبة، وكانت العرب إذا أعجبها شيء نسبته الى «أنطاكية». وأنطاكية من أعيان بلاد الشام، موصوفة بالنزاهة، والحسن، وطيب الهواء، وعذوبة الماء وكثرة الفواكه وسعة الخير (¬2). تلقى «أبو اسحاق الأنطاكي» القراءة من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: والده، ومحمد بن العباس بن شعبة، وشهاب بن طالب، واسحاق الخزاعي، ومحمد بن حمد الرازي، وعبيد الله بن صدقة، وأحمد بن أبي رجاء، والفضل بن زكريا، وعيسى بن محمد بن أبي ليلى، وحمدان المغربل، و «قنبل» في قول وآخرون (¬3). رحل «أبو اسحاق الأنطاكي» الى بعض الأقطار في سبيل طلب العلم وبخاصة القراءة القرآنية وفي هذا يقول محمد بن الحسن الأنطاكي: سمعت أبا اسحاق الأنطاكي يقول: أتيت مكة وقنبل حي، وقرأت هذه القراءات من هذا الكتاب الذي رواه «قنبل» وهو يسمع فما رد عليّ شيئا، وما أرى ذلك إلا ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام الورقة 196، وغاية النهاية 1/ 16، والنجوم الزاهرة 3/ 300 وشذرات الذهب 2/ 346. (¬2) انظر معجم البلدان ج 1 ص 266. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 16.

لصحة قراءتي، وذلك أني حفظتها بعينها، ثم يقول: وقد رحلت الى «المصّيصة» بفتح الميم وتشديد الصاد وياء ساكنة وهي مدينة على شاطئ جيحان من ثغور الشام بين أنطاكية وبلاد الروم تقارب «طرسوس» (¬1). وكان «بقصّيصة» أحمد بن حفص الخشاب، فأخذت عنه قراءة أبي عمرو، وكان قد قرأها على «السّوسى». ثم يقول: وقرأت على «الأخفش» مقرئ أهل دمشق (¬2). وهكذا نجد أبا اسحاق الأنطاكي طوف البلاد سعيا لتلقي حروف القرآن الكريم، ثم جلس بعد ذلك للإقراء وتعليم القرآن وحديث النبي عليه الصلاة والسلام. وقد أخذ عنه القراءة عدد كثير، وفي مقدمتهم: ابنه أبو الحسن، ومحمد ابن الحسن بن علي، وعلي بن محمد بن بشر، وعبد المنعم بن غلبون، وعلي بن موسى الأنطاكي، وعلي بن اسماعيل البصري، وأبو علي بن حبش، وعبد الله بن اليسع الأنطاكي، والحسن بن سعيد المطوعى وغير هؤلاء كثير (¬3). أخذ أبو اسحاق الأنطاكي حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء فقد روى عن «أبي أمية الطرسوسي، ومحمد بن إبراهيم الصوري، ويزيد ابن عبد الصمد، وعلي بن عبد العزيز البغوي» وغير هؤلاء. وكما كان أبو اسحاق الأنطاكي معلما لكتاب الله تعالى كان راويا ايضا لسنة الهادي البشير صلى الله عليه وسلم. وقد حدث عنه «أبو أحمد محمد بن جامع الدهان، وشهاب بن محمد الصوري، ومحمد بن أحمد الملطيّ، ومحمد بن أحمد بن جميع الغساني» وآخرون (¬4). ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 288. (¬2) انظر معجم البلدان ج 5 ص 144. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 16. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 287.

بلغ «أبو اسحاق الأنطاكي» مكانة سامية بين العلماء وطلاب العلم مما استحق الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول الإمام الداني ت 444 هـ: «أبو اسحاق الأنطاكي» مقرئ جليل ضابط مشهور ثقة مأمون اهـ (¬1). وقال «الذهبي» ت 748 هـ: «كان أبو اسحاق الأنطاكي مقرئ أهل الشام في زمانه معرفة وإسنادا» اهـ (¬2). وقال «ابن العماد الحنبلي» ت 1089 هـ «كان أبو اسحاق الأنطاكي مقرئ أهل الشام وصنف كتابا في القراءات الثمان، وروى الحديث عن أبي أمية الطرسوسي» اهـ (¬3). توفي «أبو اسحاق الأنطاكي» في شعبان سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 287. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 287. (¬3) انظر شذرات الذهب ج 2 ص 346.

رقم الترجمة/ 25"إسحاق الخزاعي" ت 308 هـ

رقم الترجمة/ 25 «إسحاق الخزاعي» ت 308 هـ (¬1) هو: إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع بن أبي بكر الخزاعي، المكي، الإمام في قراءة المكيين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «إسحاق الخزاعي» القرآن على مشاهير علماء عصره، في مقدمتهم «أحمد البزّي» أحد رواة «ابن كثير». ولا زالت قراءة «البزّي» يلقاها الناس بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ القرآن عن «عبد الوهاب بن فليح» وروى الحروف عن «عبد الله ابن جبير، وقنبل» الراوي الثاني عن ابن كثير (¬2). قال المطوعي: سمعنا الخزاعي يقول: قرأت على «ابن فليح» سبعا وعشرين ختمة، وقرأت على «البزّي» ثلاثين ختمة اهـ (¬3). وقد تلقى القرآن على «إسحاق الخزاعي» عدد كثير منهم: «ابن شنبوذ، ومحمد بن موسى الزينبي، والحسن بن سعيد المطوعي، وابن مجاهد، ومحمد بن أحمد الأشناني، وأبو بكر الداجوني، وإبراهيم بن عبد الرزاق» وغيرهم كثير (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام الورقة 35 - 36 (أحمد الثالث 2917/ 7) ومعرفة القراء الكبار 1/ 227 وغاية النهاية 1/ 156، والعقد الثمين 3/ 290 وشذرات الذهب 2/ 252. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 227. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 156. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 156.

وكان «إسحاق الخزاعي» من الثقات، وفي هذا المعنى يقول الذهبي: كان إسحاق الخزاعي ثقة، حجة، رفيع الذكر (¬1). ويقول أيضا: إسحاق الخزاعي إمام في قراءة المكيين، مطّلع، ضابط ثقة، مأمون، له كتاب حسن جمعه في اختلاف المكيين واتفاقهم اهـ (¬2). توفي «إسحاق الخزاعي» في رمضان سنة ثمان وثلاث مائة بمكة المكرمة، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 228. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 228.

رقم الترجمة/ 26"إسحاق المسيبي" ت 206 هـ

رقم الترجمة/ 26 «إسحاق المسيّبي» ت 206 هـ (¬1) العالم الثبت الثقة المحدث الفقيه. هو إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن المسيّب، المخزومي، أبو محمد المسيبي المدني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «إسحاق المسيبي» القرآن عن «نافع بن أبي رويم» وهو الإمام الأول من أئمة القراءات. وقد جلس «إسحاق المسيبي» لتعليم القرآن بالمدينة المنورة بعد شيخه «نافع» وقد تتلمذ عليه الكثيرون، منهم: ولده «محمد»، وأبو حمدون الطيب ابن إسماعيل، وخلف بن هشام، ومحمد بن سعدان، وأحمد بن جبير، وعبد الله بن ذكوان، وآخرون (¬2) كما حدث عنه «ابن ذكوان، وأحمد بن حنبل» وغيرهما (¬3). قال «أبو حاتم السجستاني»: إذا حدثت عن «المسيبي» عن «نافع» ففرغ سمعك وقلبك، فإنه أتقن الناس، وأعرفهم بقراءة أهل المدينة، وأقرؤهم للسنة، وأفهمهم بالعربية اهـ (¬4). توفي «إسحاق المسيبي» سنة ست ومائتين. رحمه الله رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ البخاري الكبير 1/ 401، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/ 234، وتهذيب الكمال 2/ الترجمة 381، والكاشف 1/ 113، وميزان الاعتدال 1/ 200، ومعرفة القراء الكبار 1/ 147، وغاية النهاية 1/ 157، وتهذيب التهذيب 1/ 249، والتحفة اللطيفة 1/ 284. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 157. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 147. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 157.

رقم الترجمة/ 27"إسماعيل القسط" ت 170 هـ

رقم الترجمة/ 27 «إسماعيل القسط» ت 170 هـ (¬1) علامة عصره، الضابط، الثقة، مقرئ مكة المكرمة. هو أبو إسحاق إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين المخزومي، مولاهم، المعروف بالقسط، قارئ أهل مكة في زمانه، وآخر أصحاب ابن كثير وفاة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة. وذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «إسماعيل القسط» سنة مائة من الهجرة. تلقى «إسماعيل القسط» القرآن على «ابن كثير» الإمام الثاني من أئمة القراءات. كما أخذ القرآن عن كل من «شبل بن عباد، ومعروف بن مشكان، وسمع من «علي بن زيد بن جدعان». وكان «إسماعيل القسط» ثقة، ضابطا، جلس للإقراء، فأقرأ الناس زمانا طويلا، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: الإمام محمد بن إدريس الشافعي، وعكرمة بن سليمان، وداود بن شبل بن عباد، وعبد الله بن زياد، وأبو قرّة موسى ابن طارق، وأبو الإخريط وهب بن واضح، وآخرون. قال «مضر بن محمد الأسدي»: حدثنا ابن أبي بزّة أنه قرأ على «عكرمة» وأخبرني أنه قرأ على «شبل بن عبّاد» وعلى «إسماعيل بن قسطنطين». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 2/ 180، والعبر 1/ 305، والوافي بالوفيات 9/ 146، والعقد الثمين 3/ 300، وغاية النهاية 1/ 165، ومعرفة القراء الكبار 1/ 141، وشذرات الذهب ج 1/ 236.

توفي «إسماعيل القسط» سنة سبعين ومائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحم الله «إسماعيل القسط» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 28"إسماعيل بن جعفر" ت 180 هـ

رقم الترجمة/ 28 «إسماعيل بن جعفر» ت 180 هـ (¬1) هو إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري مولاهم المدني، الحافظ، الثقة، ولد «إسماعيل بن جعفر» سنة بضع ومائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «إسماعيل بن جعفر» القرآن على «شيبة بن نصاح» ثم عرض القرآن على الإمام نافع المدني، الإمام الأول من أئمة القراءات، وسليمان بن مسلم بن جماز. وسمع الحديث من مشاهير علماء عصره، منهم: عبد الله بن دينار، وأبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن، والعلاء بن عبد الرحمن، وحميد الطويل، وهشام بن عروة، وربيعة بن عبد الرحمن، وآخرون. وتصدر «إسماعيل بن جعفر» للإقراء فتتلمذ عليه عدد كثير منهم: الإمام أبو الحسن الكسائي، وأبو عبيد القاسم بن سلّام، وسليمان بن داود الهاشمي، وأبو عمر الدوري، وآخرون. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 7/ 2/ 72، وطبقات خليفة 327، والتاريخ الكبير 1/ 349. والجرح والتعديل 2/ 162، ومشاهير علماء الأمصار 141، وتاريخ بغداد 6/ 218، والجمع بين الصحيحين 1/ 24، وتهذيب الكمال 3/ ترجمة 433، وتذكرة الحفاظ 1/ 250، وسير أعلام النبلاء 8/ 203، ومعرفة القراء الكبار 1/ 144، والكاشف 1/ 121، والعبر 1/ 275، والوافي بالوفيات 9/ 104، والبداية والنهاية 10/ 275، وغاية النهاية 1/ 163، وتقريب التهذيب 1/ 68، وتهذيب التهذيب 1/ 287، والتحفة اللطيفة 1/ 294، وطبقات الحفاظ للسيوطي 106، وخلاصة تذهيب الكمال: 33، وشذرات الذهب 1/ 293.

وكما تصدر «إسماعيل بن جعفر» للإقراء، تصدّر أيضا للحديث، وقد أخذ عنه الحديث عدد كثير منهم: قتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر، ومحمد بن سلام البيكندي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وداود بن عمرو الضبيّ، ومحمد بن الصباح الدولابي، وآخرون. وكما اشتهر «إسماعيل بن جعفر» بالإقراء، والحديث، اشتهر أيضا بالصدق والثقة، والأمانة، يقول «يحيى بن معين»: إسماعيل بن جعفر ثقة مأمون. وقد كان «إسماعيل بن جعفر» مؤدّبا «لعليّ» ولد الخليفة المأمون، وهذا مما زاد في حرمته ومكانته. توفي «إسماعيل بن جعفر» سنة ثمان ومائة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وسنة سيّد الأنام. رحم الله «إسماعيل بن جعفر» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 29"أبو الأسود الدؤلي" ت 75 هـ

رقم الترجمة/ 29 «أبو الأسود الدؤلي» ت 75 هـ (¬1) علامة العصر والاوان في اللغة، والنحو، والقراءات، أول من وضع علم النحو، وأول من ابتكر نقط المصاحف، قاضي البصرة، الثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «ابن فارس»: «الدؤل» بضم الدال، وفتح الهمزة: قبيل من كنانة اهـ. وقال «أبو اليقظان» «الدّول» بضم الدال، وسكون الواو، من «بكر بن وائل» وعددهم كثير اهـ. وقد أسلم «أبو الأسود» في حياة النبي صلى الله عليه وسلّم، ولكنه لم ير الرسول عليه الصلاة والسلام، لهذا اعتبره المؤرخون من المخضرمين (¬2). قال «أبو عمرو الداني» ت 444 هـ: قرأ «أبو الأسود» القرآن على ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 7/ 99، طبقات خليفة ت 1515، تاريخ البخاري 6/ 334، المعارف 434، الكنى للدولابي 107، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الأول 503، مراتب النحويين 11، الأغاني 12/ 297، أخبار النحويين البصريين 13، معجم الشعراء للمرزباني 67، طبقات النحويين 21، الفهرست لابن النديم 39، سمط اللآلي 66، تاريخ ابن عساكر 8/ 303، نزهة الألباء 1/ 8، معجم الأدباء 12/ 34، أسد الغابة 3/ 69، إنباه الرواة 1/ 13 وفيات الأعيان 2/ 535، تهذيب الكمال ص 632، 1580، تاريخ الإسلام 3/ 94، العبر 1/ 77، البداية والنهاية 8/ 312، غاية النهاية ت 1493، الإصابة ت 4329، و 4333 كنى ت 88 و 99، تهذيب التهذيب 12/ 10، النجوم الزاهرة 1/ 184، بغية الوعاة 2/ 22 خلاصة تذهيب الكمال 443، خزانة الأدب 1/ 136، تهذيب ابن عساكر 7/ 104، سير أعلام النبلاء: 1/ 11. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 346.

«عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب» رضي الله عنهما، كما قرأ على «أبي الأسود» عدد كثير، منهم: «ولده حرب، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وحمران بن أعين» اهـ (¬1). وأخذ «أبو الأسود» الحديث عن «عمر، وعلي، وأبي بن كعب، وأبي ذر والزبير بن العوام» وآخرين. كما حدث عنه: ابنه حرب، ويحيى بن يعمر، وابن بريدة، وآخرون. وأخذ عن «أبي الأسود» النحو: «عنبسة ميمون الأقرن» ثم أخذه عن «ميمون» «عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي» وأخذ عنه «عيسى بن عمر» وأخذه عنه «الخليل بن أحمد» وأخذه عنه «سيبويه» وأخذه عنه «سعيد الأخفش» (¬2) وذكر المؤرخون أن «أبا الأسود» أول من نقط المصاحف، وسبب ذلك أنه سمع قارئا يقرأ قول الله تعالى: أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ (¬3) بخفض لام «ورسوله» فقال: ما ظننت أن أمر الناس قد صار الى هذا، فذهب الى «زياد» وقال له: أريد كاتبا فطنا، فأتى به فقال له «أبو الأسود» خذ «المصحف» ومدادا يخالف لونه لون المصحف، وانظر إليّ وأنا أقرأ القرآن، فإذا فتحت فمي بالحرف فانقط نقطة أعلاه، وإذا رأيتني قد ضممت فمي فانقط نقطة بين يدي الحرف، وإن كسرت فانقط نقطة تحت الحرف، فإذا أتبعت شيئا من ذلك غنة أي تنوينا، فاجعل مكان النقطة نقطتين، وهكذا حتى أتى على القرآن كله، ولهذا اعتبر «أبو الأسود» أول من ابتكر نقط المصاحف (¬4). وقال «محمد بن سلام الجمحي»: أبو الأسود هو أول من وضع باب الفاعل ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 82. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 346. (¬3) سورة التوبة الآية 3. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 83.

والمفعول، والمضاف، وحرف النصب، والرفع، والجرّ، والجزم، الخ، ثم أخذ ذلك عنه «يحيى بن يعمر» اهـ (¬1). وقال «المبرّد»: حدثنا «المازني»: قال: السبب الذي جعل «أبا الأسود» يضع أبواب النحو، أن بنت أبي الأسود قالت له: «ما أشدّ الحر»؟ برفع الدال، فقال: الحصباء بالرمضاء، قالت: إنما تعجبت من شدته فقال: أو قد لحن الناس؟ فأخبر بذلك «عليا» رضي الله عنه فأعطاه أصولا بنى عليها، فقال «علي» رضي الله عنه: «ما أحسن هذا النحو الذي نحوت» فمن ثم سمّى النحو نحوا اهـ (¬2). ولقد بلغ «أبو الأسود» القمة في المجد، وكانت له المكانة المرموقة بين العلماء، يقول عنه «الجاحظ»: أبو الأسود مقدم في طبقات الناس، كان معدودا في: الفقهاء، والشعراء، والمحدثين، والفرسان، والنحاة، والحاضري الجواب ... الخ (¬3) توفي «أبو الأسود» سنة تسع وستين من الهجرة، بعد حياة حافلة في نشر العلم، والقرآن، وتعليمهما. رحم الله «أبا الأسود» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 82. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 83. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 84.

رقم الترجمة/ 30"الأسود بن يزيد" (أبو عمرو النخعي الكوفي) ت 75 هـ

رقم الترجمة/ 30 «الأسود بن يزيد» (أبو عمرو النخعي الكوفي) ت 75 هـ (¬1) الإمام القدوة، قارئ الكوفة. وهو أخو «عبد الرحمن بن يزيد» ووالد «عبد الرحمن بن الأسود» وابن أخي «علقمة بن قيس» وخال «إبراهيم النخعي» فهؤلاء أهل بيت من رءوس العلم والعمل، والفضل. وكان «الأسود ابن يزيد» مخضرما، أدرك الجاهلية والإسلام. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «الأسود بن يزيد» «القرآن» على «عبد الله بن مسعود» رضي الله عنه وروى عن الخلفاء الأربعة. كما كان من العباد الذين لا هم لهم إلا قراءة «القرآن» فكان يختم «القرآن» كل ست ليال، وفي رمضان كان يختم كل ليلتين. وكان «الأسود ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 6/ 70، وطبقات خليفة 353، وتاريخ البخاري الكبير: 1/ 449 وتاريخه الصغير 1/ 154، والمعارف 432، والمعرفة والتاريخ 2/ 559، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 2/ 291، وثقات ابن حبان 4/ 31، ومشاهير علماء الأمصار 100، وحلية الأولياء 2/ 102، والاستيعاب 94، وطبقات الشيرازي 79، وأسد الغابة 1/ 88، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 122، وتهذيب الكمال 3، الترجمة 509، وتاريخ الإسلام 3/ 137، وتذكرة الحفاظ 1/ 50، وسير أعلام النبلاء 4/ 50، معرفة القراء الكبار: 1/ 50، والعبر 1/ 86، والكاشف 1/ 132، والوافي بالوفيات 9/ 256، والبداية والنهاية 9/ 12، وغاية النهاية 1/ 171، والاصابة 1/ 106، وتهذيب التهذيب 1/ 342، وطبقات الحفاظ للسيوطي: 15، وخلاصة تذهيب الكمال 37، وشذرات الذهب 1/ 82.

ابن يزيد» من معلمي «القرآن الكريم» ومن الذين قرءوا عليه: «إبراهيم النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، ويحيى بن وثاب». وحدث «الأسود بن يزيد» عن: «معاذ بن جبل، وبلال، وابن مسعود، وعائشة، وحذيفة بن اليمان»، وغيرهم. كما حدث عنه: «ابنه عبد الرحمن، وأخوه، وإبراهيم النخعي، وعمارة بن عمير، وأبو إسحاق السبيعي»، وآخرون. وكان «الأسود بن يزيد» ورعا تقيا، تضرب بعبادته المثل، فقد ورد أنه حج ثمانين حجة، من بين حجة وعمرة، وكان صوّاما قوّاما، وكان يقول في تلبيته: لبيك غفّار الذنوب. وقال «إبراهيم النخعي»: كان «الأسود» إذا حضرت الصلاة أناخ بعيره، ولو على حجر. توفي «الأسود بن يزيد» سنة خمس وسبعين من الهجرة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن، وقراءته، وعبادة الله تعالى. رحم الله «الأسود بن يزيد» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 31"ابن أشتة" ت 360 هـ

رقم الترجمة/ 31 «ابن أشتة» ت 360 هـ (¬1) هو: محمد بن عبد الله بن محمد بن أشتة أبو بكر الأصبهاني أستاذ كبير وإمام شهير، ونحوي محقق سكن مصر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن أشتة» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أبو بكر ابن مجاهد الإمام المشهور وصاحب كتاب السبعة في القراءات، ومحمد بن أحمد بن الحسن الكسائي الأخير، ومحمد بن يعقوب المعدل، وأبو بكر النقاش، وأبو بكر الآدمي، وإبراهيم بن جعفر الباطرقاني، ويوسف بن جعفر بن معروف. وآخرون (¬2) يقول «ابن الجزري»: وقول «ابن سوار» في كتابه «المستنير» في سند رواية «روح» أنه قرأ على «أحمد بن حرب المعدل» وهم. والصواب أنه محمد ابن يعقوب المعدل. كما ذكره «ابن أشتة» في كتابه، وهو أخبر به «وأحمد بن حرب» قديم الوفاة توفي سنة إحدى وثلاثمائة، ولم يدركه «ابن أشتة» ولو لم يسمّه «ابن أشتة» في كتابه لقلنا: إنه ربما يروي عنه بواسطة ولكن بعد تسميته ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام، وفيات 360 (آيا صوفيا 3008)، والمشتبه 28، والوافي بالوفيات 3/ 347، وغاية النهاية 2/ 184، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين: 1/ الورقة 17. ونهاية الغاية، الورقة 246، وبغية الوعاة 1/ 142، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 157. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 184.

له وتعيينه أنه: «محمد بن يعقوب» لا سبيل الى أن يكون: أحمد بن حرب. وأيضا فإن المعدل الذي هو معروف بابن وهب صاحب «روح» وأبي الزعراء صاحب الدوري، إنما هو: محمد بن يعقوب، لا «أحمد بن حرب» اهـ (¬1). تصدر «ابن أشتة» لتعليم القرآن واشتهر بالثقة وجودة الإتقان، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة القرآنية: خلف بن إبراهيم، وعبد الله بن محمد بن أسد الأندلسي، وعبد المنعم بن غلبون، ومحمد بن عبد الله المؤدب، وخلف بن قاسم وغير هؤلاء (¬2). لم يقتصر عمل «ابن أشتة» على الدرس والتعليم، بل تعدى ذلك إلى الكتابة والتصنيف فزود مكتبة علوم القرآن بالمصنفات النافعة المفيدة، من هذه المصنفات: كتاب «رياضة الألسنة» في اعراب القرآن ومعانيه، وكتاب «المصاحف» يقول عنه «السيوطي» رأيت لابن أشتة «كتاب المصاحف»، ونقلت منه أشياء في كتاب «الاتقان» (¬3) ومن مصنفات «ابن أشتة» أيضا كتاب «المحبر»، قال عنه «ابن الجزري»: وكتابه «المحبّر» كتاب جليل يدل على عظيم مقداره (¬4) ومن مصنفات «ابن أشتة» أيضا كتاب «المفيد في الشاذ» (¬5). احتل «ابن أشتة» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه حول هذا المعنى يقول الداني: «ابن أشتة» ضابط مشهور ثقة، عالم بالعربية بصير ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 184. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 321. (¬3) انظر بغية الوعاة ج 1 ص 142. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 321. (¬5) انظر طبقات المفسرين ج 2 ص 162.

بالمعاني، حسن التصنيف، صاحب سنة، روى عنه جماعة من شيوخنا، وسمع منه عبد المنعم بن غلبون، وخلف بن إبراهيم، وعبد الله بن محمد بن أسد الأندلسي وآخرون اهـ (¬1). قال ابن الجزري: «ابن أشتة» أستاذ كبير وإمام شهير، ونحوي محقق ثقة» اهـ (¬2). توفي «ابن أشتة» بمصر في شعبان سنة ستين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 321. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 184.

رقم الترجمة/ 32"أبو الأشعث الجرشي"

رقم الترجمة/ 32 «أبو الأشعث الجرشي» (¬1) هو: عامر بن سعيد بالتصغير، أبو الأشعث الجرشي، نسبة إلى «الجرش» قرية بمصر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو الأشعث» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «ورش» أحد رواة «الإمام نافع» المدني المشهورين ولا زالت قراءة «ورش» يتلقاها المسلمون حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين (¬2) وقد تلقى على «أبي الأشعث» القرآن «محمد بن عبد الرحيم» الأصبهاني، وقال: قرأت عليه «بالمصّيصة» في المسجد الجامع. وكان يقول: قرأت على «ورش» ثم يقول «الأصبهاني»: فختمت عليه ختمتين، وشرعت في الثالثة فمات اهـ (¬3). كان «أبو الأشعث» من خيرة العلماء، المجاهدين، الصابرين، وفي هذا المعنى يقول «الداني» كان «أبو الأشعث خيّرا فاضلا بلغ المائة في سنه، وزاد عليها، وغزا «الروم» سبعين سنة» اهـ (¬4). توفي «أبو الأشعث» إلى رحمة الله، ولم يذكر أحد من المؤرخين تاريخ وفاته. رحم الله «أبا الأشعث» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المشتبه 148، وغاية النهاية 1/ 349، وتوضيح ابن ناصر الدين 1/ الورقة 8. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 349. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 349. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 160.

رقم الترجمة/ 33"ابن أبي الأصبغ" ت 339 هـ

رقم الترجمة/ 33 «ابن أبي الأصبغ» ت 339 هـ (¬1) هو: محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن منير، أبو بكر الحراني المعروف بابن أبي الأصبغ إمام الجامع بمصر، وفقيه متصدر، وكان من علماء مذهب «الإمام مالك» رحمه الله-. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن أبي الأصبغ» القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم: أحمد بن هلال. كما سمع حروف القرآن من عبد الله بن عيسى عن قالون. وقالون أحد الرواة المشهورين عن الإمام نافع المدني الإمام الاول بالنسبة إلى أئمة القراءات، ولا زالت قراءة قالون يتلقاها المسلمون حتى الآن (¬2) كما أخذ «ابن أبي الأصبغ» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن العلماء. وفي مقدمتهم: «محمد بن سليمان المنقري» وغيره (¬3) تصدر «ابن أبي الأصبغ» لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. فمن الذين أخذ عنهم القراءة القرآنية: «أحمد بن عمر بن محفوظ الجيزيّ، ومنير ابن أحمد الخشاب، وأبو محمد بن النحاس، وأبو عبد الله بن المفرج الأندلسي» وغيرهم (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام، الورقة 200، والديباج المذهب 2/ 307، وغاية النهاية 2/ 68. وحسن المحاضرة 1/ 488. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 301. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 301. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 68.

توفي «ابن أبي الأصبغ» بمصر سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبيّ عليه الصلاة والسّلام. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 34"أيوب بن تميم" ت 198 هـ

رقم الترجمة/ 34 «أيّوب بن تميم» ت 198 هـ (¬1) هو: أيوب بن تميم بن سليمان بن أيوب، أبو سليمان التميمي الدمشقي الضابط المشهور. ولد «أيوب بن تميم» سنة عشرين ومائة من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «أيوب» القرآن على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «يحيى بن الحارث الذماري» صاحب «ابن عامر» الإمام الرابع بالنسبة للقراء العشرة المشهورين، وقد خلف «أيوب» «ابن عامر» في القراءة بدمشق (¬2). وقد تلقى القرآن على «أيوب بن تميم» كثير منهم: «الوليد بن عتبة» و «عبد الله بن ذكوان» ولا زالت قراءة «ابن ذكوان» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ الحروف عن «أيوب بن تميم»: «عبد الحميد بن بكار، وأبو مسهر الغسّاني، وهشام بن عمّار» ولا زالت قراءة «هشام» يتلقاها المسلمون حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. قال «ابن ذكوان» قلت «لأيوب بن تميم»: أنت تقرأ بقراءة «يحيى بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ ابن عساكر (تهذيب 3/ 205)، وتاريخ الإسلام للذهبي، الورقة 196 (آيا صوفيا 3006) ومعرفة القراء الكبار 1/ 148 وغاية النهاية: 1/ 172. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 148.

الحارث»؟ قال: نعم، أقرأ بحروفها كلها، إلا قوله تعالى: «جبلّا» من قوله تعالى: ولقد أضل منكم جبلّا كثيرا أفلا تعقلون (¬1) فإنه رفع الجحيم، وأنا أكسرها اهـ (¬2). وأقول: ورد في «جبلا» أربع قراءات. الاولى: قراءة «نافع» و «عاصم وأبي جعفر»: «جبلّا» بكسر الجيم، وتشديد اللام؛ والثانية: قراءة «ابن كثير، وحمزة، والكسائي، ورويس، وخلف العاشر». «جبلا» بضم الجيم والباء وتخفيف اللام؛ والثالثة: قراءة «روح» «جبلّا» بضم الجيم والباء، وتشديد اللام. والرابعة: قراءة «ابي عمرو وابن عامر»، «جبلا» بضم الجيم، وسكون الباء وتخفيف اللام وكلها لغات، ومعناها: الخلق (¬3). توفي «أيوب بن تميم» سنة ثمان وتسعين ومائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) سورة يس الآية 62. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 148. (¬3) انظر المهذب في القراءات العشرة/ محمد محيسن ج 2 ص 169.

رقم الترجمة/ 35"أبو أيوب الخياط" ت 235 هـ

رقم الترجمة/ 35 «أبو أيوب الخيّاط» ت 235 هـ (¬1) هو: سليمان بن أيوب بن الحكم أبو أيوب الخياط البغدادي، والمعروف بصاحب «البصري» مقرئ جليل ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 733 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو أيوب» القرآن على خيرة العلماء، وفي هذا المعنى يقول «ابن الجزري»: قرأ «أبو أيوب» على «اليزيدي». وقيل: إنه عرض على «أبي عبد الرحمن عبد الله بن اليزيدي». وإن ثبت ذلك فلا يمنع عرضه على «اليزيدي» نفسه، فقد صحّ عندنا من غير طريق اهـ (¬2). وقد تلقى «القرآن» على «أبي أيوب» عدد كثير، منهم: «أحمد بن حرب المعدّل، وإسحاق بن مخلد الدقاق، وعلي بن أحمد بن مروان، وبكر بن أحمد السراويلي، والسرّي بن مكرم، وعبد الله بن كثير المؤدب» وغيرهم كثير (¬3). كان «أبو أيوب» من الحفاظ الثقات، وفي هذا المعنى يقول «ابن معين»: «أبو أيوب» صاحب البصري ثقة صدوق، حافظ لما يكتب عنه اهـ (¬4). توفي «أبو أيوب» سنة خمس وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في معرفة القراء: 1/ 194، وغاية النهاية: ج 1/ 312. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 312. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 312. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 312.

رقم الترجمة/ 36"أيوب بن المتوكل" ت 200 هـ

رقم الترجمة/ 36 «أيّوب بن المتوكّل» ت 200 هـ (¬1) حجة القراءات، الثبت الثقة، معلم القرآن، ومجوّده. هو أيوب بن المتوكل البصري الصيدلاني المقرئ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «أيوب بن المتوكل» القرآن على خيرة علماء عصره، منهم: سلام القارئ، وأبو الحسن الكسائي، وحسين الجعفي، وآخرون (¬2). كما أخذ الحديث عن «فضيل بن سليمان» وجماعة. وقد تلقى القرآن على «أيوب بن المتوكل» عدد كبير أجلّهم: محمد بن يحيى القطيعي، وخالد بن إبراهيم، وفهد بن الصقر (¬3). كما حدث عنه «ابن المديني، ويحيى بن معين»، وجماعة. وقال «أحمد بن سنان»: سمعت «أيوب بن المتوكل يقول: «قرأت على يحيى القطان، وسألني كتاب الحروف، فسمعه مني» (¬4). وكان «أيوب بن المتوكل» من خير علماء عصره، يقول «إسحاق بن إبراهيم الشهيدي»: دخلت الكوفة فأتيت «عبد الله بن إدريس» فأول ما ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ البخاري الكبير 1/ 424، والمعرفة والتاريخ 2/ 647، وتاريخ بغداد 7/ 7، وغاية النهاية 1/ 172، ومعرفة القراء الكبار 1/ 148. (¬2) أنظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 148. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 172. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 149.

سألني عن «أيوب بن المتوكل» قلت: هو بخير، قال: يقرئ؟ قلت: نعم، قال: ذلك أقرأ الناس (¬1) وقال «أبو حاتم السجستاني»: أيوب بن المتوكل من أقرأ الناس، وأرواهم للآثار في القرآن (¬2). وقال «أيوب بن المتوكل»: ما غلبت «يعقوب الحضرمي» إلّا بالأثر. ويقول «الذهبي»: كان «أيوب بن المتوكل» إماما ضابطا ثقة، متبعا الأثر، وقد وثقه «علي بن المديني» وغيره اهـ (¬3). ويقول «الذهبي» أيضا: جاء عن «أيّوب» أخبار كثيرة، وكان من جلّة القراء وبلغنا أن «يعقوب الحضرمي» وقف على قبر «أيوب» عند ما دفن فقال: يرحمك الله يا أيّوب، ما تركت خلقا أعلم بكتاب الله منك اهـ (¬4). توفي «أيوب بن المتوكل» سنة مائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «أيوب» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 149. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 149. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 149. (¬4) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 173.

رقم الترجمة/ 37"ابن برهام" ت 385 هـ

رقم الترجمة/ 37 «ابن برهام» ت 385 هـ (¬1) هو: مظفر بن أحمد بن إبراهيم أبو الفتح الدمشقي المعروف بابن برهام ويقال: «برهان» بالنون. ذكره «الذهبي» ت 784 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن برهام» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: محمد بن الأخرم، وصالح بن ادريس، والحسن بن سعيد المطوعي، ومحمد بن أحمد بن الحسن الأشناني، وعلي بن عبد العزيز الجلاء، وعلي بن سعيد أبو ذؤابة (¬2). كما أخذ «ابن برهام» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء. وفي مقدمتهم: «أحمد بن عبد الله بن النصر بن هلال، وأبي علي الحصائري» وجماعة (¬3). تصدر «ابن برهام» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة الضبط. ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «عبيد الله بن سلمة، وتمام بن محمد، وأبو سعيد الماليني، وعلي بن الحسن الربعي، وعبد الله بن محمد الزارع، وأبو علي الحسين بن علي الرهاوي» (¬4) توفي «ابن برهام» سنة خمس وثمانين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام الورقة 182 (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 2/ 300 - 301، وله ترجمة في تاريخ دمشق لابن عساكر. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 300. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 353. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 300.

رقم الترجمة/ 38"بكار بن أحمد" ت 353 هـ

رقم الترجمة/ 38 «بكار بن أحمد» ت 353 هـ (¬1) هو: بكار بن أحمد بن بكار بن بنان بن بكار بن زياد بن درستويه ابو عيسى البغدادي مقرئ ثقة مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «بكار بن أحمد» في شهر صفر سنة خمس وسبعين ومائتين وظل يقرئ القرآن أكثر من ستين سنة، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الخياط، قال: سمعت أحمد بن عبد الله بن الخضر يقول: سمعت أبا عيسى بكار بن أحمد في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة يقول: «أنا أقرأ منذ ستين سنة، وسألته في اثر ذلك عن سنّه فقال لي: ولدت في صفر سنة خمس وسبعين ومائتين» اهـ (¬2). تلقى «ابن بكار» القرآن الكريم وسنة الهادي البشير صلى الله عليه وسلم على خيرة العلماء فمن أخذ عنهم «بكار» القراءة القرآنية: «الحسن بن الحسين الصواف صاحب أبي حمدون، وأحمد بن يعقوب ابن أخي العرق وعبد الله بن الصقر السكري، وابن مجاهد، وأبو بكر محمد بن سليمان المروزي، وأبو عبد الله الحداد»، وآخرون (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 7/ 134 - 135، وتاريخ الإسلام، وفيات سنة 353، وغاية النهاية 1/ 177، والنجوم الزاهرة 3/ 338، وشذرات الذهب 3/ 12. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 134. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 177.

ومن الذين أخذ عنهم «بكار» سنة الهادي البشير صلى الله عليه وسلم: «عبد الله بن أحمد بن حنبل، وإبراهيم بن هاشم البغوي. وأحمد بن علي الآبار، وأحمد بن القاسم بن نصر، وأحمد بن عبد الله بن شجاع، والحسين بن محمد بن عفير، والعباس بن يوسف الشكلي، وأحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي» وغير هؤلاء (¬1). جلس «بكار» زمنا طويلا يقرئ الناس ويروي لهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم، واشتهر بالثقة وصحة الضبط، فأقبل عليه الناس من كل مكان، وكثر طلابه والآخذون عنه، فمن الذين نقلوا عنه القراءة القرآنية: «أبو جعفر الكتاني، وعلي بن محمد العلاف، وأبو الحسن الحمامي، وأبو العلاء محمد بن الحسن الوراق وأبو بكر بن مهران، والحسن بن الفحام، وعبد الملك بن بكر النهرواني وآخرون (¬2). ومن الذين أخذوا عن «بكار» سنة النبي عليه الصلاة والسلام: عبد العزيز بن جعفر الفارسيّ، وأبو الحسن بن رزقويه، وأبو علي بن شاذان، وغير هؤلاء (¬3). كان «بكار» من الثقات، وفي هذا يقول الخطيب البغدادي: «كان «بكار» ثقة ينزل الجانب في سوق يحيى» اهـ (¬4). توفي «بكار» يوم الأربعاء ودفن يوم الخميس لتسع بقين من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة من الهجرة، ودفن عند قبر الإمام أبي حنيفة- رحمه الله- في مقبرة الخيزران. رحم الله «بكار بن أحمد» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 134. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 177. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 306. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 134.

رقم الترجمة/ 39"أبو بكر الأدمي" ت 327 هـ

رقم الترجمة/ 39 «أبو بكر الأدمي» ت 327 هـ (¬1) هو أحمد بن محمد بن إسماعيل المعروف بالحمزوي لأنه كان عارفا بحروف حمزة، وكان من الثقات المتقنين. ذكره الذهبي ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو بكر الأدمي» القرآن عن خيرة العلماء منهم: سليمان بن يحيى الضبيّ، وهو من أجل أصحابه، ومحمد بن عمر بن سليمان، وعثمان بن سعيد، وغيرهم كثير. تصدر «أبو بكر الأدمي» لتعليم القرآن ببغداد في جامع المدينة مدة طويلة، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: محمد بن عبد الله بن أشتة، وعبد الله بن الصقر ومحمد ابن أحمد الشنبوذي، وأبو بكر الشطوي، ومحمد بن أحمد بن عبد الرحمن وعبد الواحد بن أبي هاشم سماعا، وعبد الله بن الحسن، وغيرهم كثير (¬2). وكما اشتغل «أبو بكر الأدمي» بحفظ القرآن وتعليمه اشتغل أيضا بالسنة النبوية وروايتها، فسمع الحديث من: محمد بن اسماعيل الحساني، والحسن بن عرفة، والسّري بن عاصم، وفضل بن سهل الأعرج، وأبي يوسف القلويّ، وغيرهم (¬3) ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 4/ 389 - 390، وتاريخ الإسلام، الورقة 142، وتذكرة الحفاظ 3/ 831، وغاية النهاية. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 275. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 389.

وقد روى الحديث عن أبي بكر الأدمي عدد كثير، في مقدمتهم: الدارقطني، ويوسف بن عمر القواس. يقول الخطيب البغدادي: حدثني عبيد الله بن أبي الفتح حدثنا أبو الحسن الدارقطني حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي الشيخ! (¬1) توفي «أبو بكر الأدمي» يوم الأربعاء لعشرين بقين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 390.

رقم الترجمة/ 40"أبو بكر الأذفوي" ت 388 هـ

رقم الترجمة/ 40 «أبو بكر الأذفوي» ت 388 هـ (¬1) هو: محمد بن علي بن أحمد بن محمد أبو بكر الأذفوي المصري، وأذفو بضم الهمزة، وسكون الذال المعجمة وفاء، مدينة حسنة بالقرب من أسوان، يقول «ابن الجزري» قد رأيتها. ولد «أبو بكر الأذفوي» سنة أربع وثلاثمائة من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو بكر الأذفوي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: أخذ القراءة عرضا عن «المظفر بن أحمد بن حمدان»، وسمع الحروف من: أحمد بن إبراهيم بن جامع، وسعيد بن السكن، والعباس بن أحمد (¬2) كما أخذ «أبو بكر» علوم العربية والحديث عن عدد من خيرة العلماء. وفي هذا يقول «القفطي»: وصحب أبو بكر «الأذفوي» أبا جعفر النحاس المصري، وأخذ عنه وأكثر. وروى كل تصانيفه، وأخذ عن غيره من أهل العلم ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- فهرست ابن خير 74، 302، ومعجم البلدان 1/ 126، وإنباه الرواة 3/ 186 - 188، وإشارة التعيين الورقة 51، وتاريخ الإسلام الورقة 199، (آيا صوفيا 3008) والطالع السعيد 552. وتلخيص ابن مكتوم الورقة 224، والبلغة 238 - 239 وغاية النهاية 2/ 198 - 199، وتحفة الأحباب 276. وبغية الوعاة 1/ 189، وحسن المحاضرة 1/ 490، 532. وطبقات المفسرين للسيوطي 38، وللداودي 2/ 194 وشذرات الذهب 3/ 130، وتاج العروس 10/ 128 وغيرها. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 198.

والقرآن، والحديث والعربية، وكان سيد أهل عصره في مصره وغير مصره، وقرأ على الاجلاء واعتاد على مجالسة الرؤساء والفضلاء (¬1) تصدر «أبو بكر الأذفوي» لتعليم القرآن الكريم وحروفه واشتهر بالثقة والضبط وحسن الإتقان وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: «روى عن أبي بكر الأذفوي القراءة «محمد بن الحسين بن النعمان، والحسن بن سليمان، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وابنه أبو القاسم أحمد بن أبي بكر الأذفوي، وعتبة بن عبد الملك وأبو الفضل الخزاعي» (¬2). ومع أن «أبا بكر الأذفوي» كان من العلماء الأجلاء ومن الذين تصدوا لتعليم القرآن والتصنيف في علومه إلا أنه مع ذلك كان خشابا يتجر في الخشب ولعله كان يتمثل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال في الحديث الذي رواه المقداد بن معديكرب رضي الله عنه حيث قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبيّ الله داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده» (¬3). لم تقتصر جهود «أبي بكر الأذفوي» على التعليم والتجارة بل تصدى للتصنيف وترك للمكتبة الإسلامية ثروة قيمة من مصنفاته، في مقدمة ذلك كتابه «الاستغناء» في تفسير القرآن الذي بلغ مائة وعشرين مجلدا، وقد جمع فيه من العلوم ما لم يجتمع في غيره قال عنه «الذهبي»: منه نسخة بمصر بوقف القاضي الفاضل عبد الرحيم علي البيساني على مدرسته بالقاهرة (¬4). من هذا يتبين أن «أبا بكر الأذفوي» بلغ منزلة رفيعة في العلم، ومكانة سامية في خدمة القرآن الكريم وعلومه. وفي هذا المعنى يقول «الإمام أبو عمرو ¬

_ (¬1) انظر إنباه الرواة ج 3 ص 186. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 198. (¬3) رواه البخاري، انظر الترغيب ج 2 ص 870. (¬4) انظر انباه الرواة ج 3 ص 187.

الداني»: انفرد «أبو بكر الأذفوي» بالإمامة في وقته في قراءة «نافع» إمام أهل المدينة. مع سعة علمه وبراعة فهمه وصدق لهجته وتمكنه من علم العربية وبصره بالمعاني، روى عنه القراءة جماعة من الأكابر (¬1). وقال «الحافظ الذهبي»: «برع أبو بكر الأذفوي» في علوم القرآن، وكان سيد أهل عصره بمصره، له كتاب التفسير في مائة وعشرين مجلدا موجود بالقاهرة (¬2). وقال «القفطي»: كان «أبو بكر» صالحا يرتزق من معيشته وكان خشابا. وصحب أبا جعفر النحاس المصري وأخذ عنه وأكثر، وكان سيد أهل عصره في مصره وغير مصره (¬3). وقال «الإمام ابن الجزري»: «أبو بكر الأذفوي» أستاذ نحوي مقرئ مفسر ثقة (¬4). وقال «العلامة السيوطي»: كان أبو بكر من أهل الدين والصلاح والأدب والعلم، صنف كتاب «الاستغناء» في التفسير (¬5). هكذا تجد خيرة العلماء يتفقون على علمه وتقواه وتوثيقه. وهناك ملاحظة علمية مهمة ذكرها «الذهبي» حيث قال: «وقد غلط «ابن سوار» فأسند قراءة «ورش» عن شيخه العثماني عن الأذفوي عن أحمد ابن عبد الله بن هلال. كذا قال. فأسقط بينهما رجلا وهو: المظفر بن أحمد عن ابن هلال» (¬6). توفي «أبو بكر الأذفوي» بمصر يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 354. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 199. (¬3) انظر إنباه الرواة ج 3 ص 186. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 198. (¬5) انظر بغية الوعاة ج 1 ص 189. (¬6) انظر طبقات القراء ج 2 ص 199.

رقم الترجمة/ 41"أبو بكر الأصبهاني" ت 296 هـ

رقم الترجمة/ 41 «أبو بكر الأصبهاني» ت 296 هـ (¬1) هو: محمد بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن شبيب بن يزيد أبو بكر الأصبهاني، الأسدي شيخ القراء في زمانه. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «أبو بكر الأصبهاني» القراءة عن خيرة علماء عصره وفي مقدمتهم: «أبو الربيع سليمان بن أخي الرشديني». قال «عبد الواحد بن أبي هاشم»: حدثنا «محمد بن أحمد الدقاق»، حدثنا «محمد بن عبد الرحيم الأصبهاني» قال: قرأت القرآن على «أبي الربيع ابن أخي الرشديني» وختمت عليه إحدى وثلاثين ختمة، وقلت له: الى من تسند قراءتك؟ قال: الى «ورش» (¬2). كما قرأ «الأصبهاني» على «مواس بن سهل» والحسن بن الجنيد، والفضل ابن يعقوب الحمراوي» بمصر. وقال «الأصبهاني» دخلت «مصر» ومعي ثمانون ألفا فأنفقتها على ثمانين ختمة اهـ (¬3). وقد اشتهر «الأصبهاني» بالقراءة وعظم شأنه مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول «أبو عمرو الداني» ت 444 هـ: الأصبهاني إمام عصره في رواية ورش لم ينازعه في ذلك أحد من نظرائه (¬4). ولا زالت قراءة «الأصبهاني» عن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في تاريخ الإسلام (الطبقة الثلاثون) وغاية النهاية ج 2 ص 169. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 234. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 170. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 233.

«ورش» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد الله رب العالمين. كما حدث «الأصبهاني» عن «عثمان بن أبي شيبة، وداود بن رشيد، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وعبد الله بن عمر مشكدانه» وغيرهم (¬1) توفي «الأصبهاني» ببغداد سنة ست وتسعين ومائتين من الهجرة. رحمه الله تعالى رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 2 ص 233.

رقم الترجمة/ 42"أبو بكر بن الإمام" ت 355 هـ

رقم الترجمة/ 42 «أبو بكر بن الإمام» ت 355 هـ (¬1) هو: أحمد بن العباس بن عبيد الله، أبو بكر البغدادي، المعروف بابن الإمام، نزيل خراسان إمام واستاذ ماهر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. شغف «ابن الإمام» بالترحال الى كثير من المدن لتلقّي العلم والأخذ عن العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «ورد «ابن الإمام» خراسان سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، ثم إنه خرج من «نيسابور» ودخل «مرو» و «بخارى». ثم انصرف الى نيسابور سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة ثم خرج الى «جرجان» ومنها الى «الريّ». فبلغني أنه توفي في الريّ» اهـ (¬2). أخذ «ابن الإمام» القراءة عن خيرة العلماء، منهم: والده، وأحمد بن سهل الأشناني، وأبو بكر بن مجاهد، ومحمد بن إبراهيم الأهناسيّ، وعلي بن محمد بن فارس (¬3). كما أخذ «ابن الإمام» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، منهم: أبو القاسم البغوي، وجعفر بن محمد الفريابي، وعبد الله ابن محمد بن ناجية (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 4/ 330 - 331، وتاريخ الإسلام، وفيات 355، والوافي بالوفيات 7/ 11، وغاية النهاية 1/ 64 - 65. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 330. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 64. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 330.

تصدر «ابن الإمام» لتعليم القرآن، فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: أبو عبد الله الحاكم الحافظ والقاضي أبو بكر الحيري، وعلي بن جعفر السعيدي، وأبو نصر أحمد بن علي بن السمناني وغيرهم (¬1). اشتهر «ابن الإمام» بالقراءات وصحة الضبط وجودة الاتقان. وفي هذا يقول تلميذه «أبو عبد الله الحاكم»: «كان أبو بكر أحمد العباس بن الإمام البغدادي» أوحد عصره في أداء الحروف في القراءات ومن المتقدمين ببغداد من أصحاب أبي بكر بن مجاهد» اهـ (¬2). توفي «ابن الإمام» بالريّ في صفر من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله «ابن الإمام» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 64. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 330.

رقم الترجمة/ 43"أبو بكر بن الأنباري" ت 328 هـ

رقم الترجمة/ 43 «أبو بكر بن الأنباري» ت 328 هـ (¬1) هو: محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسن، أبو بكر بن الأنباري البغدادي الإمام الكبير والأستاذ الشهير. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «ابن الأنباري» في يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من رجب سنة إحدى وسبعين ومائتين من الهجرة، ونشأ في بيت علم ومعرفة، لأن والده رحمه الله تعالى كان من العلماء بالقرآن الكريم، كما كان أديبا لغويا مصنفا. تلقى «أبو بكر بن الأنباري» القرآن الكريم على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: والده القاسم بن محمد، واسماعيل بن إسحاق القاضي، والحسن بن الحباب، وأحمد بن سهل الأشناني، وسليمان بن يحيى الضبيّ، وعبيد الله بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات الزبيدي 153 - 154، ونور القبس 345، وفهرست ابن النديم 75، وتاريخ بغداد 3/ 181 - 186، وفهرست ابن خير، 44، 166، 197، 341، 348، ونزهة الألباء 197 - 204، وإرشاد الاريب 7/ 73 والكامل لابن الأثير 6/ 284، واللباب/ 1/ 69. وإنباه الرواة 3/ 201 - 208، ووفيات الأعيان 4/ 341 - 43، والمختصر لأبي الفداء 2/ 82، وإشارة التعيين الورقة 52، وتاريخ الإسلام الورقة 154 - 155، وتذكرة الحفاظ 3/ 842 - 844، والعبر 2/ 214، وتلخيص ابن مكتوم 228 - 229، والوافي بالوفيات 4/ 344 - 45، ومرآة الجنان 2/ 294، والبداية والنهاية 11/ 196، ووفيات ابن قنفذ 209، والبلغة 245 - 246، وغاية النهاية 2/ 230 - 231، ونهاية الغاية الورقة 255، وبغية الوعاة 1/ 212، وطبقات الحفاظ للسيوطي 449، والمزهر 2/ 466، والنجوم الزاهرة 3/ 269، وشذرات الذهب 2/ 315 - 316 وغيرها.

عبد الرحمن الواقدي، ومحمد بن هارون التمار، وأحمد بن فرح وغيرهم كثير (¬1). وقد تصدر «أبو بكر بن الأنباري» للتدريس وتعليم القرآن ولغة العرب في حياة والده وكان يملي في ناحية من المسجد وأبوه في ناحية أخرى. وقد تتلمذ على «أبي بكر بن الأنباري» عدد كثير، أذكر منهم ما يلي: عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبا الفتح بن بدهن، وأحمد ابن نصر، وعبد الله بن الحسين السامري والحسين بن خالويه، وصالح بن ادريس، وأبا علي اسماعيل القالي، والدارقطني، وعبد العزيز بن عبد الله الشعيري، وغير هؤلاء كثير (¬2). كما أن «أبا بكر الأنباري» أخذ حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة علماء عصره، فسمع: اسماعيل بن اسحاق القاضي، وأحمد بن الهيثم بن خالد البزاز، ومحمد بن يونس، وأبا العباس ثعلب، ومحمد بن النضر وغيرهم من هذه الطبقة. وكما اشتهر «ابن الأنباري» بتعليم القرآن اشتهر أيضا برواية حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم. وقد روى عنه الحديث عدد كثير منهم: أبو عمر بن حيوية، وأبو الحسين بن البواب، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو الفضل بن المأمون واحمد بن محمد بن الجراح، ومحمد بن عبد الله، وغيرهم كثير (¬3). وقد وهب الله تعالى «أبا بكر بن الأنباري» حافظة قوية، وذاكرة فذة نادرة، وقد ذكر ذلك غير واحد من الذين أرخوا له. يقول الخطيب البغدادي: ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 230. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 230. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 182.

ت 463 هـ. حدثني علي بن أبي علي البصري عن أبيه قال: أخبرني غير واحد ممن شاهد «أبا بكر محمد بن القاسم الأنباري» أنه كان يملي من حفظه لا من كتاب، وان عادته في كل ما كتب عنه من العلم كانت هكذا. ما أملى قط من دفتر. ثم قال: وسمعت حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق يقول: «كان أبو بكر بن الأنباري يملي كتبه المصنفة ومجالسه المشتملة على الحديث والأخبار والتفاسير، والأشعار، كل ذلك من حفظه (¬1). ومن الأدلة على قوة حفظه ما يلي: قال «أبو علي القالي»: «كان «ابن الأنباري» يحفظ ثلاثمائة ألف بيت شاهدا في القرآن (¬2). وقال «محمد بن جعفر التميمي»: ما رأينا أحفظ من «ابن الأنباري» ولا أغزر من علمه. حدثوني عنه أنه قال: أحفظ ثلاثة عشر صندوقا». قال «التميمي»: وهذا ما لا يحفظ لأحد قبله. ثم يقول: وحدثت أنه كان يحفظ مائة وعشرين تفسيرا بأسانيدها. وقيل: إن «ابن الأنباري» أملى كتاب «غريب الحديث» في خمسة وأربعين ألف ورقة اهـ (¬3). وحكى «جعفر بن معاذ» أنه كان عند «أبي بكر بن الأنباري» في الجامع فسأله إنسان عن معنى آية فقال: فيها عشرة أوجه، فقال: هات ما حضر منها. فقال كلها حاضرة اهـ (¬4). وذكر «القفطي» أن «أبا بكر بن الأنباري» مرض يوما مرضا شديدا فانزعج أبوه عليه انزعاجا شديدا، فلامه الناس على ذلك، فقال: كيف لا أجزع لعلة من يحفظ جميع ما ترون، وأشار لهم الى «حيرى» مملوءة كتبا (¬5). والحيرى: شبه الحظيرة. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 182. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 281. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 231. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 231. (¬5) انظر إنباه الرواة للقفطي ج 3 ص 202. والقراء الكبار للذهبي ج 1 ص 281. وطبقات القراء لابن الجزري ج 2 ص 231.

وكان «أبو بكر الأنباري» أمينا في كل شىء، وبخاصة في علمه، فكان إذا أخطأ لا تمنعه مكانته العلمية عن أن يرجع عن خطئه، ويقول لتلاميذه: إني أخطأت، والصواب كذا. وحول هذا المعنى يحكي أبو الحسن الدارقطني أحد تلاميذه: أنه حضره في مجلس أملاه يوم جمعة. فصحف اسما أورده في إسناد حديث- إما كان حيّان أو حبّان فقال: (حبان)، قال الدارقطني: فأعظمت أن يحمل عن مثله في فضله وجلالته وهم، وهبته أن أقفه على ذلك، فلما انقضى الإملاء تقدمت الى المستملي وذكرت له وهمه، وعرفته صواب القول فيه وانصرفت، ثم حضرت الجمعة الثانية مجلسه. فقال «أبو بكر بن الأنباري» للمستملي: عرف جماعة الحاضرين أن صحفنا الاسم الفلاني لما أملينا حديث كذا في الجمعة الماضية، ونبهنا ذلك الشاب على الصواب وهو كذا، وعرف ذلك الشاب أنا رجعنا الى الأصل فوجدناه كما قال اهـ. وهكذا يجب أن تكون أمانة العلماء وصدق الأساتذة مع تلاميذهم. يقول «ابن النديم» ت 385 هـ: أخذ «أبو بكر الأنباري» النحو عن «ثعلب» وكان أفضل من أبيه وأعلم، كان في نهاية الذكاء والفطنة، وجودة القريحة، وسرعة الحفظ، وكان مع ذلك ورعا من الصالحين، لا تعرف له زلة، وكان يضرب به المثل في حضور البديهة وسرعة الجواب، وكان أكثر ما يمليه من غير دفتر ولا كتاب اهـ (¬1). وقال عنه «الإمام الداني» ت 444 هـ: «أبو بكر ابن الأنباري» إمام في صناعته مع براعته في فهمه وسعة علمه، وصدق لهجته اهـ (¬2). ومن صفات «ابن الأنباري» أنه كان من الزهاد، لأنه أعطى كل وقته للعلم طلبا ودراسة وتعليما وتدوينا، ومن الأدلة على زهده ما رواه القفطي ¬

_ (¬1) انظر إنباه الرواة ج 3 ص 207. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 231.

ت 624 هـ حيث قال: «مضى ابن الأنباري يوما في النخّاسين ورأى جارية تعرض حسنة كاملة الوصف. قال «ابن الأنباري» فوقعت في قلبي ومضيت الى دار أمير المؤمنين «الراضي بالله». فقال لي: اين كنت الى الساعة؟ فعرفته، فأمر بعض أصحابه فمضى فاشتراها وحملها الى منزلي فجئت فوجدتها فعلمت الأمر كيف جرى، فقلت لها كوني فوق الى أن أستبرئك وكنت أطلب مسألة من العلم قد اختلت عليّ فاشتغل قلبي بالجارية فقلت للخادم: خذها وامض بها الى النخاس فليس قدرها أن تشغل قلبي عن علمي فبلغ «الراضي بالله» أمره فقال: لا ينبغي أن يكون العلم في قلب أحد أحلى منه في صدر هذا الرجل» (¬1). وقد احتل «أبو بكر بن الأنباري» مكانة عظيمة بين العلماء وعامة الناس مما جعل العلماء يثنون عليه ويوثقونه، حول هذا المعنى يقول «الخطيب، البغدادي»: «كان «ابن الأنباري» من أعلم الناس بالنحو والأدب، وأكثرهم حفظا، وكان صدوقا فاضلا خيرا، دينا من أهل السنة، وصنف كتبا كثيرة في علوم القرآن وغريب الحديث، والمشكل، والوقف والابتداء، والرد على من خالف مصحف العامة» اهـ (¬2). وقد ترك «ابن الأنباري» ثروة علمية كبيرة في فنون متعددة انتفع بها المسلمون من بعده، من هذه المصنفات: كتاب «الوقف والابتداء»، وهذا الكتاب يعتبر من أقدم الكتب التي صنفت في هذا العلم ومن أوسعها وأجمعها. وقد تم طبعه ولله الحمد. وفي الحديث عن قيمة هذا الكتاب العلمية يقول الإمام الداني: «سمعت بعض أصحابنا يقول عن شيخ له إن ابن الأنباري لما صنف كتابه في الوقف والابتداء جيء به الى «ابن مجاهد» فنظر فيه وقال: لقد كان ¬

_ (¬1) انظر إنباه الرواة ج 3 ص 204. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 182.

في نفسي أن أعمل في هذا المعنى كتابا، وما ترك هذا الشاب لمصنف ما يصنف» اهـ (¬1). وعن مصنفات «ابن الأنباري» وأهميتها وقيمتها العلمية يقول القفطي: نقلا عن «محمد بن جعفر»: مات «ابن الأنباري» فلم نجد من تصنيفه إلا شيئا يسيرا، وذلك أنه كان يملي من حفظه، وقد أملى كتاب «غريب الحديث» قيل إنه خمسة وأربعون ألف ورقة، وكتاب شرح الكافي وهو نحو ألف ورقة، وكتاب الهاءات وهو نحو ألف ورقة وكتاب الأضداد وما رأيت أكبر منه. وكتاب الجاهليات سبعمائة ورقة. وكتاب المذكر والمؤنث ما عمل أحد أتم منه، ورسالة المشكل ردا على ابن قتيبة، وأبي حاتم ونقضا لقولهما، وكتاب الزاهر في النحو، وكتاب المقصور والممدود. وكتاب الموضح في النحو. وكتاب نقض مسائل ابن شنبوذ، وكتاب اللامات، وكتاب شرح المفضليات، وكتاب السبع الطوال وعمل عدة أشعار ودواوين من أشعار العرب (¬2). ومن الأدلة على فهم «ابن الأنباري» لكتاب الله تعالى، وكيف يكون الوقف عند تمام الكلام ما رواه أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله النحوي المؤدب حيث قال: حدثني أبي قال: سمعت «أبا بكر بن الأنباري» يقول: دخلت «المارستان» بباب المحول، فسمعت صوت رجل في بعض البيوت يقرأ: أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ (¬3). فقال: أي «ابن الأنباري» أنا لا أقف إلا على قوله تعالى: كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ فأقف على ما عرفه القوم وأقروا به، لأنهم لم يكونوا يقرون بإعادة الخلق، وأبتدي بقوله: ثُمَّ يُعِيدُهُ ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 231. (¬2) انظر إنباه الرواة ج 3 ص 208. (¬3) سورة العنكبوت الآية 19.

فيكون خبرا. وأما ما قرأه «ابن شنبوذ» الأحمق إن تعذبهم فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنك أنت الغفور الرحيم (¬1)، فخطأ، لأن الله قد قطع لهم العذاب في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ (¬2). أقول: وقراءة «ابن شنبوذ» هذه قراءة شاذة، والقراءة الصحيحة والمتواترة: وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. توفي أبو بكر بن الأنباري وهو دون الخمسين سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة ببغداد ودفن في داره. رحم الله «أبا بكر بن الأنباري» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) سورة المائدة الآية 118. (¬2) سورة النساء الآية 48.

رقم الترجمة/ 44"أبو بكر الباهلي"

رقم الترجمة/ 44 «أبو بكر الباهلي» (¬1) هو: محمد بن أحمد بن علي أبو بكر الباهلي البصري النجار الصناديقي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو بكر الباهلي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: القاسم بن زكريا المطرز، وأبو بكر الداجوني، وأبو بكر النقاش، وعمر بن محمد الكاغدي وأبو سلمة عبد الرحمن بن اسحاق الكوفي، ومحمد بن الربيع بن سليمان الخبزي. تصدر «أبو بكر الباهلي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة. وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي الأهوازي» ونسبه وكناه، وقال: إنه قرأ عليه في مسجده بالبصرة في بني لقيط سنة خمس وثمانين وثلاثمائة (¬2). ولم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة أبي بكر الباهلي، وقال «الحافظ الذهبي»: كان حيا في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. رحم الله «أبا بكر الباهلي» رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج 2 ص 76. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 76.

رقم الترجمة/ 45"أبو بكر التمار"

رقم الترجمة/ 45 «أبو بكر التمّار» هو: محمد بن هارون بن نافع بن قريش بن سلامة أبو بكر البغدادي المعروف بالتمار، مقرئ البصرة، وضابط مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو بكر التمار» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «رويس» «محمد بن المتوكل» قال الداني: وهو من أجل أصحاب رويس وأضبطهم. وقال «ابن الجلندا»: قرأت على «التمار» وأخبرني أنه قرأ على «رويس» أربعا وعشرين ختمة، وثلاثا وعشرين ختمة أخرى متقطعا، وأقرأت في مسجده بعد موته سنتين اهـ (¬1). و «رويس» شيخ التمار من القراء المشهورين، ولا زالت قراءته يتلقاها المسلمون حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ «أبو بكر التمار» القراءة أيضا عن «وردان بن إبراهيم الأثرم، وبكير بن إبراهيم، وسعيد بن أوس» وآخرين (¬2). وقد تصدر «أبو بكر التمار» لتعليم القرآن الكريم، فتتلمذ عليه الكثيرون. وفي هذا يقول «ابن الجزري»: روى القراءة عن «أبي بكر التمار» عرضا وسماعا: «أحمد بن محمد اليقطيني، وأبو بكر النقاش، وأبو بكر بن الأنباري، وعبد الواحد بن عمرو، وعبد الله بن الحسن بن سليمان النخّاس، وأبو الفرج ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 272. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 266.

الشنبوذي، وأبو الفرج محمد بن إبراهيم النحوي، وأحمد بن محمد بن مقسم» وغيرهم كثير (¬1). توفي «أبو بكر التمّار» بعد سنة عشر وثلاثمائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «أبا بكر التمّار» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 272.

رقم الترجمة/ 46"أبو بكر الداجوني" ت 324 هـ

رقم الترجمة/ 46 «أبو بكر الدّاجوني» ت 324 هـ (¬1) هو: محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن سليمان الضرير، الداجوني الكبير. و «داجون» قرية من قرى «الرملة» بفلسطين، وتعرف اليوم «ببيت دجن». ولد «أبو بكر الداجوني» سنة مائتين وثلاث وسبعين من الهجرة. وكان «الداجوني» من المحبين للقرآن الكريم فرحل في سبيل ذلك الى الكثير من علماء هذا الفنّ وأخذ عنهم القراءات. وفي هذا يقول «ابن الجزري»: أخذ «أبو بكر الداجوني» القراءة عرضا وسماعا عن «الأخفش بن هارون، ومحمد بن موسى الصوري، وموسى بن جرير، وعبد الله بن جبير، وعبد الرزاق بن الحسن، والعباس بن الفضل بن شاذان، وأحمد بن عثمان بن شبيب، وإسحاق الخزاعي، وأحمد بن محمد بن عبد الله البيساني» وغيرهم كثير (¬2). وبعد أن تعلم «أبو بكر الداجوني» القراءات القرآنية، تصدر لتحفيظ القرآن وتعليم حروفه ورواياته، فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: أبو بكر بن مجاهد، وعبد الله بن محمد القبّاب الأصبهاني، وزيد بن أبي بلال الكوفي، والعباس بن محمد الداجوني الصغير، وأحمد العجلي، شيخ أبي علي الأهوازي، وعبد الله بن محمد بن فورك. وسمع منه الحروف «أحمد بن محمد النحاس، والحسن بن رشيق» (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- معرفة القراء الكبار: 1/ 268، وتاريخ الإسلام، الورقة 110 (أحمد الثالث 2917/ 9) وغاية النهاية: 2/ 77. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2 ص 77. (¬3) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2 ص 77. أنظر القراء الكبار ج 1 ص 269.

وقد اشتهر الداجوني وذاع صيته، وأثنى عليه الكثيرون. يقول عنه «الداني»: أبو بكر الداجوني إمام مشهور، ثقة، مأمون، حافظ، ضابط، رحل الى العراق، والى «الريّ» بعد سنة ثلاثمائة. وقد ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد صنّف «الداجوني» كتابا في القراءات استفاد منه المسلمون. توفي «أبو بكر الداجوني» في رجب سنة ثلاثمائة وأربع وعشرين من الهجرة عن إحدى وخمسين سنة. رحم الله «الداجوني» رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 47"أبو بكر الرازي" ت 312 هـ

رقم الترجمة/ 47 «أبو بكر الرّازي» ت 312 هـ (¬1) هو: أحمد بن محمد بن عثمان بن شبيب، نزيل مصر، مقرئ مشهور بالضبط والاتقان. وكان حجة في قراءة القرآن الكريم. تلقى «أبو بكر الرازي» القرآن على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أحمد ابن أبي شريح، والفضل بن شاذان، وموسى بن هارون، صاحب البزّي، والحسن بن علي بن حماد الرازي». وقد تصدر «أبو بكر الرازي» إلى تعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: «أبو الفرج الشنبوذي، وأحمد بن محمد العجلي، وأحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس، والحسن بن رشيق، وسمع منه الحروف «أبو بكر الداجوني» وقد كان «الداجوني» يروي القراءة عن «أبي بكر الرازي» عرضا وسماعا (¬2) توفي «أبو بكر الرازي» بمصر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم ورواياته. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام، الورقة 66 (أحمد الثالث 1917/ 9) وغاية النهاية 1/ 123، ومعرفة القراء الكبار 1/ 269، وحسن المحاضرة 1/ 488. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 269.

رقم الترجمة/ 48"أبو بكر الزينبي" ت 318 هـ

رقم الترجمة/ 48 «أبو بكر الزينبي» ت 318 هـ (¬1) هو: محمد بن موسى بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، وأبو بكر الزينبي الهاشمي البغدادي. قال الأهوازي: وسمّي الزينبي لأن جدته كانت «زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس». وهو مقرئ محقق ضابط لقراءة المكيين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو بكر الزينبي» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: أبو ربيعة، وسعدان بن كثير، ومحمد بن شريح العلاف، واسحاق بن محمد الخزاعي، والحسن بن محمد الحداد، وآخرون. تصدر «أبو بكر الزينبي» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: أحمد ابن عبد العزيز بن بدهن، وعلي بن محمد بن خشنام، وأحمد بن عبد الرحمن بن الفضل وغيرهم كثير (¬2) توفي أبو بكر الزينبي سنة ثمان عشرة وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج 2 ص 267 - 268. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 367.

رقم الترجمة/ 49"أبو بكر بن سيف" ت 307 هـ

رقم الترجمة/ 49 «أبو بكر بن سيف» ت 307 هـ (¬1) هو: عبد الله بن مالك بن عبد الله بن يوسف بن سيف أبو بكر، التجيبي المصري. أخذ «أبو بكر بن سيف» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو يعقوب الأزرق» صاحب «ورش» ولا زالت قراءة «الازرق» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما حدث «أبو بكر بن سيف» عن «محمد بن رمح» صاحب «الليث ابن سعد». قال «ابن الجزري»: وكان «أبو بكر بن سيف» شيخ الديار المصرية في زمانه، وعمّر زمانا، وانتهت إليه الإمامة في قراءة «ورش» اهـ (¬2). وقد أخذ القراءة عن «أبي بكر بن سيف» عدد كثير منهم: «إبراهيم بن محمد بن مروان، وأحمد بن محمد بن اسماعيل النحوي، وسعيد بن جابر الأندلسي ومحمد بن إبراهيم بن خيرون، وابن الفرج، أبو عدي عبد العزيز بن علي بن الإمام، وآخرون (¬3) وقد حدث عنه «ابن يونس» كما ذكر «ابن العماد» (¬4) توفي «أبو بكر بن سيف» يوم الجمعة في جمادى الآخرة سنة سبع وثلاثمائة بمصر، رحمه الله واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام، الورقة 32 (أحمد الثالث 2917/ 7) ومعرفة القراء 1/ 231، وغاية النهاية 1/ 445. وحسن المحاضرة 1/ 487، وشذرات الذهب ج 2 ص 251. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 445. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 445. (¬4) انظر شذرات الذهب ج 2 ص 251.

رقم الترجمة/ 50"بكر بن شاذان" ت 405 هـ

رقم الترجمة/ 50 «بكر بن شاذان» ت 405 هـ (¬1) هو: بكر بن شاذان بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الحربي، ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو بكر بن شاذان» القرآن عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: زيد بن أبي بلال، وأبو بكر محمد بن علي بن الهيثم بن علون، ومحمد بن عبد الله بن مرة النقاش. وأحمد بن بشر الشارب، وبكار بن أحمد بن بكار (¬2) كما أخذ «بكر بن شاذان» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وحدث عنهم. وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «بكر بن شاذان» جعفر الخالدي. وعبد الباقي بن قانع، وأبا بكر الشافعي، وغيرهم، ثم يقول: حدثنا عنه الازهري وأبو محمد الخلال، وعبد العزيز بن علي الازجي ثم يقول: وكان عبدا صالحا ثقة أمينا اهـ (¬3). تصدر «بكر بن شاذان» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وأقبل ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 10/ 431 - 432، وتاريخ الإسلام الورقة 40 (آيا صوفيا 3009) وغاية النهاية 1/ 467 - 468، ونهاية الغاية الورقة 130، وشذرات الذهب ج 3 ص 173. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 178. انظر القراء الكبار ج 1 ص 371. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 97.

عليه حفاظ للقرآن يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: أبو علي الحسن ابن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن محمد المالكي، والحسن بن علي العطار، والحسن بن القاسم غلام الهراسي، وأبو الحسن الخياط، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي (¬1). اشتهر «بكر بن شاذان» بالأخلاق الفاضلة، والصفح والعلم، والعفو عن عثرات الإخوان عملا بقوله تعالى: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (¬2) ويقول الهادي البشير صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه «عبادة بن الصامت» رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا أدلك على ما يرفع الله به الدرجات، قالوا: نعم يا رسول الله، قال: تحلم على من جهل عليك، وتعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك (¬3). والدليل على تخلق «بكر بن شاذان» بهذه الأخلاق الفاضلة ما رواه «الخطيب البغدادي» حيث قال: حدثني الحسن بن غالب المقرئ أن بكر ابن شاذان وأبا الفضل التميمي جرى بينهما كلام. فبدت من «أبي الفضل» كلمة ثقلت على «بكر»، وانصرف، ثم ندم «التميمي» فقصد «أبا بكر بن يوسف» وقال له: قد كلمت «بكر بن شاذان» بشيء جفا عليه، وندمت على ذلك، وأريد أن تجمع بيني وبينه فقال له «ابن يوسف»: سوف نخرج لصلاة العصر، فخرج «بكر» وجاء الى «ابن يوسف» والتميمي عنده، فقال له التميمي: أسألك بالله أن تجعلني في حل، فقال: «بكر» سبحان الله ما فارقتك ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 178. (¬2) سورة آل عمران الآيتان 133 و 134. (¬3) رواه البزار والطبراني. أنظر الترغيب 3/ 511.

حتى أحللتك وانصرف، فقال التميمي: قال لي والدي: يا عبد الواحد احذر من أن تخاصم من إذا نمت كان منتبها اهـ (¬1). وقال «ابن الجزري» ت 833 هـ: «بكر بن شاذان» الواعظ شيخ ماهر ثقة مشهور صالح زاهد (¬2) توفي «بكر بن شاذان» يوم السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 97. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 178.

رقم الترجمة/ 51"أبو بكر بن الشارب" ت 370 هـ

رقم الترجمة/ 51 «أبو بكر بن الشارب» ت 370 هـ (¬1) هو: أحمد بن محمد بن بشر بن علي بن محمد بن جعفر المعروف بابن الشارب، أبو بكر الخراساني المؤدّب، نزيل بغداد، شيخ جليل ثقة ثبت. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو بكر بن الشارب» القراءة عن محمد بن موسى الزينبي، وأبي بكر محمد بن يونس وابن مجاهد، وأبي مزاحم الخاقاني وغيرهم. وقرأ على «أبي بكر بن الشارب»، «بكر بن شاذان، والخزاعي، والكارزيني، وعلي بن أحمد بن عمر الحمامي»، وغيرهم كثير. توفي «أبو بكر بن الشارب» سنة سبعين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 4/ 401 - 402، وتاريخ الإسلام وفيات 370، (آيا صوفيا 3008، ورقة 97) وغاية النهاية 1/ 107، 108.

رقم الترجمة/ 52"أبو بكر الشذائي" ت 373 هـ

رقم الترجمة/ 52 «أبو بكر الشذائي» ت 373 هـ (¬1) هو: أحمد بن نصر بن منصور بن عبد الحميد بن عبد المنعم أبو بكر الشذائي البصري إمام مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو بكر الشذائي» القراءة عن عدد كبير من خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: عمر بن محمد بن نصر الكاغذي، والحسن بن بشار بن العلاف، وابن مجاهد، وابن الأخرم ومحمد بن جعفر الحربي، وابن شنبوذ، ونفطويه، ومحمد بن أحمد الداجوني الكبير، وأبو مزاحم موسى الخاقاني، واسحاق بن أحمد النحوي، ومحمد بن موسى الزينبي وغيرهم كثير (¬2). تصدر «أبو بكر الشذائي» إلى تعليم القرآن واشتهر بالثقة، وصحة الضبط والاتقان وذاع صيته بين المسلمين وأقبل عليه طلاب العلم وتتلمذ عليه الكثيرون. وفي مقدمة من أخذ عن «أبي بكر الشذائي» للقراءة، «أبو الفضل الخزاعي، وأحمد بن عثمان بن جعفر المؤدب، والحسن بن علي الشاموخي، وأبو عمرو بن سعيد البصري، ومحمد بن القاسم التكريتي، ومحمد بن الحسين الكارزيني، وعلي بن جعفر السعيدي» وغير هؤلاء كثير (¬3). توفي «أبو بكر الشذائي» بالبصرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام، وفيات 373 الورقة 121 (آيا صوفيا) 3008. وغاية النهاية 1/ 144 - 145، وبغية الوعاة 1/ 394. وشذرات الذهب 3/ 80. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 144. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 145.

رقم الترجمة/ 53"أبو بكر الطرازي" ت 385 هـ

رقم الترجمة/ 53 «أبو بكر الطرازي» ت 385 هـ (¬1) هو: محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان أبو بكر الطرازي البغدادي، نزيل نيسابور مقرئ محقق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «الطرازي» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر بن مجاهد، وأحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي قتادة، وابن شنبوذ، وجعفر بن محمد السرنديبي، وأبو بكر الزيتوني، وعلي بن سعيد بن ذؤابة» (¬2). كما أخذ «أبو بكر الطرازي» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول: «الخطيب البغدادي»: سكن «أبو بكر الطرازي» «نيسابور، وحدث بها عن: أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، وأبي سعيد العدوي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبي بكر بن دريد وأحمد ابن موسى بن مجاهد، وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري» ثم يقول «البغدادي»: «وكان فيما بلغني يظهر التقشف وحسن المذهب، إلا أنه روى مناكير وأباطيل وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي» حدثنا عنه ابنه علي، وأبو عبيد محمد بن أبي نصر النيسابوري وغيرهما، حدثنا أبو الحسن علي بن أبي بكر الطرازي بنيسابور حدثنا أبي، وأنبأنا أبو عبيد محمد بن أبي نصر ببغداد، أنبأنا ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 3/ 225 - 225، وتاريخ الإسلام الورقة 182 (آيا صوفيا 3008) وميزان الاعتدال 4/ 28، وغاية النهاية 2/ 237. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 237.

أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي، حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا، حدثنا خراش بن عبد الله الطحان، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر، والنظر إلى الوجه القبيح يورث الكلح» اهـ. يقول «البغدادي»: وهذا الحديث لم يروه «أبو سعيد العدوي» عن خراش عن أنس، وإنما رواه بإسناد آخر (¬1)، ثم يقول «البغدادي»: وكان أبو بكر الطرازي يحدث كثيرا من حفظه، ومن ذلك الحديث التالي. قال: وحدثنا خراش بن عبد الله حدثنا «أنس بن مالك» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حسن الله خلق امرئ ولا خلقه فأطعمه النار. ثم يقول «البغدادي»: وجميع نسخة «أبي سعيد العدوي» التي رواها عن خراش أربعة عشر حديثا، وليس فيها شيء من هذه الأحاديث اهـ (¬2). تصدر «أبو بكر الطرازي» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمتهم: نصر بن أبي نصر الحداد، ومنصور بن أحمد العراقي وآخرون (¬3). أحتل «أبو بكر الطرازي» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: الطرازي نزيل نيسابور مقرئ ضابط، صالح على السند (¬4). وقال الإمام «ابن الجزري»: كان «أبو بكر الطرازي» مقرئا محققا (¬5). توفي «أبو بكر الطرازي» سنة خمس وثمانية وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 225. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 226. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 352. وطبقات القراء ج 2 ص 237. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 352. (¬5) انظر طبقات القراء ج 2 ص 237.

رقم الترجمة/ 54"أبو بكر العجلي" ت 355 هـ

رقم الترجمة/ 54 «أبو بكر العجلي» ت 355 هـ (¬1) هو: أحمد بن عبد الرحمن بن الفضل بن الحسن بن البحتري أبو بكر العجلي المروزي ثم البغدادي الدقاق المعروف بالوليّ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو بكر العجلي» القرآن الكريم وسنة الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، فمن الذين أخذ عنهم القراءة وحروف القرآن: والده، ومحمد بن يونس الزينبي، وابن مجاهد، وأحمد بن الحسن السمسار، وأحمد بن دبيس، والحسن بن علي بن بشار، ومحمد بن عبيد القاضي، وأحمد بن سهل الأشناني، والحسن بن الحباب، والقاسم بن محمد بن بشار وآخرون. وسمع كتاب الوقف والابتداء من أبي بكر بن الأنباري (¬2). ومن الذين أخذ عنهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «الحسن بن علي ابن الوليد الفارسي، وأحمد بن يحيى الحلواني ومحمد بن نصر الصائغ، ومحمد بن الليث الجوهري، وعبد الله بن محمد ابن ناجية، وأبو علي أحمد بن الحسن المقرئ، وقاسم بن محمد الأنباري، وأبو عيسى بن قطن السمسار» (¬3). تصدر «أبو بكر العجليّ» لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 4/ 249، وتاريخ الإسلام، وفيات 355، وغاية النهاية ج 1 ص 66 - 67. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 66. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 249.

فأقبل عليه الطلاب وتتلمذ عليه الكثيرون، فمن الذين أخذوا عنه القراءة وحروف القرآن: «علي بن عبيد الله بن جناح، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الحسن بن الحمامي» وغير هؤلاء (¬1) ومن الذين أخذوا عنه سنة الهادي البشير صلى الله عليه وسلم: «عبيد الله بن محمد الكاتب، وعلي بن أحمد الرزاز، وآخرون (¬2). اشتهر «أبو بكر العجلي» بالثقة ودقة الضبط وصحة الرواية مما استوجب الثناء عليه وفي هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي: «كان أبو بكر العجلي من الثقات» اهـ (¬3). وقال الحافظ «الذهبي»: «كان أبو بكر العجلي من كبار المقرئين ومن ثقاتهم» اهـ (¬4). توفي «أبو بكر العجلي» ببغداد في رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. رحم الله «أبا بكر العجلي» رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 67. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 249. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 249. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 311.

رقم الترجمة/ 55"أبو بكر بن عياش" ت 193 هـ

رقم الترجمة/ 55 «أبو بكر بن عيّاش» ت 193 هـ شيخ الإسلام، الإمام، الحجة، القارئ، المحدث، الثقة. وقد اختلف المؤرخون في اسمه على عدة أقوال أشهرها أن اسمه: «شعبة» بن سالم الأسدي مولاهم الكوفي، مولى واصل الأحدب. ولد «شعبة» رحمه الله تعالى سنة خمس وتسعين من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. يقول «أبو بكر» عن نفسه: قرأت القرآن وجوّدته ثلاث مرات على «عاصم ابن أبي النجود» اهـ (¬1). وقال «يحيى بن آدم»: قال لي «أبو بكر» تعلمت من «عاصم» «القرآن» كما يتعلم الصبيّ من المعلم، فلقي منّي شدّة، فما أحسن غير قراءته، وهذا الذي أخبرتك به من القرآن إنما تعلمته من عاصم تعلّما اهـ (¬2). ومما تجدر الإشارة إليه أن «أبا بكر بن عياش» أحد الرواة عن «عاصم» المشهورين. ولا زالت رواية «أبي بكر» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها، والحمد لله رب العالمين. ويقول «الذهبي» ت 748 هـ: عرض «أبو بكر» القرآن أيضا فيما بلغنا على «عطاء بن السائب، وأسلم المنقري» (¬3). وروى «يحيى بن آدم» عن «أبي بكر» قال: تعلمت من «عاصم» ¬

_ (¬1) أنظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 137. (¬2) أنظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 137. (¬3) أنظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 135.

خمسا خمسا، ولم أتعلم من غيره، ولا قرأت على غيره، واختلفت إليه نحوا من ثلاث سنين في الحرّ، والشتاء، والأمطار اهـ. وقال «عبيد بن يعيش» سمعت «أبا بكر» يقول: ما رأيت أقرأ من «عاصم»، فقرأت عليه، وما رأيت أفقه من «مغيرة» فلزمته اهـ (¬1). ولقد تعلق قلب «أبي بكر» تعلقا عظيما منقطع النظير بالقرآن حتى كان لا يفتر لسانه عن قراءته، والروايات، التالية توضح ذلك. يقول الذهبي: روى من وجوه متعددة أن «أبا بكر» مكث نحوا من أربعين سنة يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة (¬2). وقال «جعفر الخلدي» حدثنا «ابن مسروق» حدثنا «يحيى الجماني» قال: «لما حضرت «أبا بكر بن عياش» الوفاة بكت أخته، فقال لها: ما يبكيك انظري إلى تلك الزاوية قد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة» اهـ (¬3) يقول «الذهبي»: وقد حدث «أبو بكر بن عياش» عن «عاصم» وأبي إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير، وإسماعيل السدي، وحصين بن عبد الرحمن، وآخرين (¬4). وقد تلقى «القرآن» على «أبي بكر بن عياش» عدد كثير منهم: «أبو الحسن الكسائي، ويحيى العكيمي، وأبو يوسف الأعمش، وعبد الحميد بن حبان وعروة بن محمد الأسدي، ويحيى بن آدم، وآخرون. كما حدّث عن «أبي بكر بن عياش»: ابن المبارك، والكسائي، ووكيع، وأبو داود، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 138. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 8 ص 503. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 138. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 8 ص 495.

كريب، والحسن بن عرفة، وهنّاد بن السرّي، وخلق كثير (¬1). ولقد كان «لأبي بكر بن عياش» المكانة السامية المرموقة بين العلماء، فكان حجة منقطع النظير، مما استوجب ثناء العلماء عليه، والروايات التالية توضح ذلك: قال «الحافظ يعقوب بن شيبة»: «كان «أبو بكر» معروفا بالصلاح البارع، وكان له فقه، وعلم بالأخبار» اهـ (¬2) وقال «يحيى بن معين»: كان أبو بكر بن عياش ثقة، وقال غير واحد من العلماء: كان، رحمه الله، صدوقا (¬3). كما كان عليه رحمة الله تعالى من المتمسكين بسنة النبي عليه الصلاة والسلام وفي هذا المعنى يقول «ابن المبارك»: ما رأيت أحدا أسرع إلى السنة من «أبي بكر بن عياش» اهـ (¬4). وكما اشتهر «أبو بكر بن عياش» بتعليم القرآن، وتلاوته له، اشتهر أيضا بالزهد والورع، ومن أدلة ذلك ما يلي: قال «يحيى بن سعيد»: زاملت «أبا بكر بن عياش» إلى «مكة» فما رأيت أورع منه، لقد أهدى له رجل رطبا، فبلغه أنه من بستان أخذ من «خالد ابن سلمة المخزومي» فأتي آل خالد، فاستحلّهم، وتصدق بثمنه (¬5) وقال «يحيى ابن معين»: «لم يفرش «لأبي بكر بن عياش» فراش خمسين سنة (¬6) وكان ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 8 ص 496. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 136. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 8 ص 497. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 8 ص 496. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 8 ص 499. (¬6) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 137.

«أبو بكر بن عياش» رحمه الله تعالى من الذين ينطقون الحكمة، فمن ذلك قوله: «أدنى نفع السكوت السلامة، وكفى بها عافية، وأدنى ضرر المنطق الشهرة، وكفى بها بلية» (¬1). وقال «أبو هاشم الرفاعي»: سمعت «أبا بكر» يقول: «الخلق أربعة: معذور، ومخبور، ومجبور، ومثبور، فالمعذور: البهائم والمخبور: ابن آدم، والمجبور: الملائكة، والمثبور الجنّ» اهـ (¬2). توفي «أبو بكر بن عياش» سنة ثلاث وتسعين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتلاوة القرآن وتعليمه. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 137. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 136.

رقم الترجمة/ 56"أبو بكر بن مجاهد" ت 324 هـ

رقم الترجمة/ 56 «أبو بكر بن مجاهد» ت 324 هـ (¬1) هو: أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي الحافظ الأستاذ البغدادي، شيخ الصنعة وشيخ القراء في عصره، والمقدم منهم على جميع أهل زمانه. نشأ «أبو بكر بن مجاهد» منذ نعومة أظافره على حفظ القرآن، وأكبّ إكبابا منقطع النظير على قراءات القرآن، وتفسيره، واعرابه، وروايات حروفه وطرقه، تساعده في ذلك حافظة واعية لا يرتسم فيها شيء الا يثبت وكأنما يحفر فيها حفرا، كما كان يساعده ذكاء نافذ ومعرفة واعية بالرواية والقراء. وقد مضى يختلف إلى شيوخ القراءات في عصره حتى أخذ عنهم جميعا، وكأنما تحولت حافظته سجلّا ضخما بجميع القراءات بطرقها ورواياتها الكثيرة. ومن أهم شيوخه «عبد الرحمن بن عبدوس» الثقة الضابط المحرر، تلميذ «أبي عمر الدوري» إذ يقول «ابن مجاهد»: قرأت على «ابن عبدوس» قراءة نافع من أول القرآن إلى خاتمته نحوا من عشرين ختمة. ويذكر «ابن مجاهد» في مستهل حديثه عن «ابن كثير» وأسانيده لقراءته أنه قرأ بها على «قنبل» شيخ القراء بمكة المكرمة سنة مائتين وثمانية وسبعين للهجرة، مما يدل على أنه رحل لسماع القراءات إلى أمصارها في مكة المكرمة، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- فهرست ابن النديم 1/ 31، وتاريخ بغداد 5/ 144، وفهرست ابن خير 23، والمنتظم 6/ 282، والكامل لابن الأثير 8/ 328، وتاريخ الإسلام، الورقة 129 (أحمد الثالث 2917/ 9) والعبر 2/ 201، ومرآة الجنان 2/ 288، وطبقات السبكي 3/ 58، وطبقات الأسنوي 2/ 394 والبداية والنهاية 11/ 185، وغاية النهاية 1/ 139، ومعرفة القراء: 1/ 270، ونهاية الغاية الورقة 27، وطبقات ابن قاضي شهبة 1/ 73، والنجوم الزاهرة 3/ 258 وشذرات الذهب: 2/ 302.

والمدينة المنورة، والكوفة والبصرة، ودمشق. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على شدّة تعلق «ابن مجاهد» بجمع الروايات، وحفظ الطرق والقراءات. ومن يتتبع شيوخ «ابن مجاهد» يجدهم بلغوا العشرات وكلهم من خيرة علماء علم القراءات وحسبي أن أشير هنا إلى بعض هؤلاء: منهم: محمد بن إسحاق أبو ربيعة، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير، وأحمد بن يحيى ثعلب، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وأحمد بن فرح، وإدريس بن عبد الكريم، والحسن بن العباس بن أبي مهران، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعبد الله بن أبي داود، وغير هؤلاء كثير (¬1). وبعد أن تلقى «ابن مجاهد» جميع قراءات القرآن الكريم جلس للإقراء وتعليم المسلمين حروف القرآن الكريم. وفي هذا المعنى يقول عنه «ابن الجزري»: وبعد صيت «ابن مجاهد» واشتهر أمره، وفاق نظراءه مع الدين والحفظ والخير، ولا أعلم أحدا من شيوخ القراءات أكثر تلاميذ منه، ولا بلغنا ازدحام الطلبة على أحد كازدحامهم عليه، حكى «ابن الأخرم»: أنه وصل إلى «بغداد» فرأى في حلقة «ابن مجاهد» نحوا من ثلاثمائة مصدّر (¬2). وقال «علي بن عمر» المقرئ: كان «ابن مجاهد» له في حلقته أربعة وثمانون خليفة يأخذون على الناس (¬3). من هذا يتبين أن الذين تلقوا القرآن على «ابن مجاهد» وأخذوا عنه حروف القراءات عدد كثير أذكر منهم ما يلي: «إبراهيم بن أحمد الخطّاب، والحسن بن أحمد بن عبد الغفّار الفارسي، والحسن بن سعيد المطوعي، والحسين بن خالويه ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 140. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 142. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 271.

النحوي، والحسين بن محمد بن حبشي، وزيد بن علي، وعبد السلام بن بكّار، وعبد الله بن الحسين أبو أحمد السامري، وغير هؤلاء كثير (¬1). ويقول «الذهبي»: آخر من روى السبعة لابن مجاهد «أبو اليمن الكندي» تفرد بعلوّ رواية الكتاب، عن «ابن توبة» عن «الصريفيني» عن «أبي حفص الكتّاني عنه» اهـ (¬2). كما أكبّ «ابن مجاهد» على دراسة الحديث النبوي الشريف، وحدث عن عدد كبير من علماء الحديث منهم: «عبد الله بن أيوب المخزومي، ومحمد بن عبد الله الزهيري، وزيد بن إسماعيل الصائغ، وسعدان بن نصر، وأحمد ابن منصور الرمادي، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، ومحمد بن سعد العوفي، وعباس الدوري، وأبو رفاعة العدوي»، وغيرهم كثير (¬3). ولم يقتصر «ابن مجاهد» على تعليم القرآن وحروفه، بل تصدّر أيضا لرواية الحديث النبوي الشريف. ومن الذين رووا عنه: «أبو طاهر بن أبي هاشم، وأحمد بن عيسى، وأبو بكر الجعابي، وأبو القاسم بن النخاس، وأبو الحسين بن البوّاب، وأبو بكر بن شاذان، وطلحة بن محمد بن جعفر، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين» وآخرون (¬4). بلغ «ابن مجاهد» القمّة في المجد وبعد الصيت، واحتل مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: كان «ابن مجاهد» ثقة، مأمونا، كتب إليّ «أبو طاهر محمد بن الحسين المعدّل» من الكوفة، عن «أحمد بن يحيى» النحوي، قال: في سنة ست وثمانين ومائتين، ما بقي في عصرنا هذا أحد أعلم بكتاب الله من «أبي بكر بن مجاهد» اهـ (¬5). وقال «أبو عمرو الداني»: فاق «ابن مجاهد» ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 140. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 271. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 144. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 145. (¬5) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 145.

في عصره، سائر نظرائه من أهل صناعته، مع اتساع علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وظهور نسكه (¬1). توفي «ابن مجاهد» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام يوم الاربعاء في شعبان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة من الهجرة. ودفن في مقبرة له بباب البستان في الجانب الشرقي ببغداد، وصلّى عليه «الحسن بن عبد الله الهاشمي». رحم الله «ابن مجاهد» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 270.

رقم الترجمة/ 57"أبو بكر المعافري"

رقم الترجمة/ 57 «أبو بكر المعافري» (¬1) هو: محمد بن عبد الله أبو بكر المعافري المصري، مقرئ مجود معروف قيم برواية ورش. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «المعافري» القراءة عرضا عن أبي بكر محمد بن القباب، وأبي العباس أحمد بن محمد بن القباب. تصدر المعافري لتعليم القرآن. وقد روى عنه القراءة عرضا، خلف بن إبراهيم ابن خاقان، وسعيد بن عبد العزيز الثغري. توفي المعافري بمصر سنة بضع وخمسين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية 2/ 188 - 189، وحسن المحاضرة 1/ 489.

رقم الترجمة/ 58"أبو بكر بن مقسم" ت 354 هـ

رقم الترجمة/ 58 «أبو بكر بن مقسم» ت 354 هـ (¬1) هو: محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن الحسين بن محمد أبو بكر البغدادي العطار المقرئ النحوي المفسر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «ابن مقسم» سنة خمس وستين ومائتين من الهجرة، وعمر كثيرا حيث توفي عن تسع وثمانين سنة. أخذ «ابن مقسم» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «ابن إدريس ابن عبد الكريم، وداود بن سليمان، وحاتم بن اسحاق، وأبو العباس المعدل والعباس بن الفضل الرازي، وأحمد بن فرح المفسر، وعبد الله بن محمد بن بكار، ومضر بن محمد، وعلي بن الحسين الفارسي وآخرون (¬2). كما أخذ «ابن مقسم» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد من ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- فهرست ابن النديم 33، وتاريخ بغداد 2/ 206 - 208، ونزهة الألباء 360 - 363، والمنتظم 7/ 30، وإرشاد الأريب 18/ 150 - 154 (ط، مصر) وكامل ابن الأثير 8/ 566، وإنباه الرواة 3/ 100 - 103، وتاريخ الإسلام، وفيات 354، وتذكرة الحفاظ 3/ 924، والعبر 2/ 310، وميزان الاعتدال 2/ 166، وتلخيص ابن مكتوم الورقة 200 - 201، والوافي بالوفيات 2/ 337 - 338 والبداية والنهاية 11/ 259 - 260، والبلغة 219، وغاية النهاية 2/ 123 - 125، ونهاية الغاية الورقة 231، ولسان الميزان 5/ 130، والنجوم الزاهرة 3/ 343، وبغية الوعاة 1/ 89، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 127 - 129، وشذرات الذهب 3/ 16. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 123.

العلماء: فقد سمع أبا السّري موسى بن الحسن، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، وموسى بن اسحاق الأنصاري، وأبا العباس ثعلب، والحسن القطان، ومحمد بن الليث الجوهري، وإدريس بن عبد الكريم الحداد، وآخرين (¬1). تصدر «ابن مقسم» لتعليم القرآن زمنا طويلا، فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «ابنه أحمد، وأبو بكر بن مهران، وعلي بن عمر الحمامي، والفرج بن محمد التكريتي، والحسن بن محمد الفحام، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وعلي بن محمد العلاف، وأبو الفرج الشنبوذي، وغير هؤلاء (¬2) كان «ابن مقسم» من الثقات، فقد وثّقه الخطيب البغدادي، والحافظ شمس الدين محمد بن علي الداوديّ، صاحب «طبقات المفسرين» حيث قال: «وكان «ابن مقسم» ثقة ومن أعرف الناس بالقراءات، وأحفظهم لنحو الكوفيين ولم يكن فيه عيب إلا أنه قرأ بحروف تخالف الإجماع، واستخرج لها وجوها من اللغة والمعني» اهـ (¬3). كما أثنى عليه العلامة «أبو عمرو الداني» حيث قال: «ابن مقسم» مشهور بالضبط والإتقان، عالم بالعربية، حافظ للغة، حسن التصنيف في علوم القرآن، وكان قد سلك مذهب «ابن شنبوذ» الذي أنكر عليه، فحمل الناس عليه لذلك (¬4). كما أثنى عليه «ابن العماد الحنبلي» صاحب كتاب «شذرات الذهب» حيث قال: «تصدر «ابن مقسم» للإقراء دهرا، وكان علامة في نحو ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 206. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 125. (¬3) انظر طبقات المفسرين ج 2 ص 131. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 307.

الكوفيين، سمع من ثعلب أماليه، وصنف عدة تصانيف، وله قراءة معروفة منكرة خالف فيها الإجماع» (¬1). اشتهر «ابن مقسم» بالعلم، وقد صنف عدة مصنفات منها: كتاب الأنوار في تفسير القرآن، والمدخل الى علم الشعر، والاحتجاج في القراءات، وكتاب في النحو، وكتاب الوقف والابتداء في القرآن، وكتاب المصاحف، وعدد التمام، ومجالسات ثعلب ومفرداته، والرد على المعتزلة، والانتصار لقرّاء الأمصار، واللطائف في جمع هجاء المصاحف، وغير ذلك (¬2). ومع أن «ابن مقسم» كان من العلماء ومن المؤلفين إلا أنه وقع فيما وقع فيه «ابن شنبوذ» حيث أجاز القراءة بما يتفق رسم المصحف والعربية، دون الاعتداد بصحة السند، وفي هذا يقول: ابن الجزري: وله اختيار في القراءات رويناه في كتاب الكامل وغيره، رواه عنه أبو الفرج الشنبوذي، ويذكر أنه كان يقول: إن كل قراءة وافقت رسم المصحف ووجها في العربية فالقراءة بها جائزة، وإن لم يكن لها سند اهـ (¬3). وقد ذكر المؤرخون خروج «ابن مقسم» على إجماع العلماء حيث أجاز القراءة بغير المتواتر والمشهور من حروف القرآن، حيث قال جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي وقد ذكر حاله: أبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ صاحب أبي بكر بن مجاهد في كتابه الذي سماه «كتاب البيان» فقال: وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا، فزعم أن كل من صح عنده وجه في العربية لحرف من القرآن يوافق خط المصحف فقراءته جائزة في الصلاة وغيرها. وابتدع بقيله ذلك بدعة ضل بها عن ¬

_ (¬1) انظر شذرات الذهب ج 2 ص 16. (¬2) انظر طبقات المفسرين ج 2 ص 132. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 124.

قصد السبيل، وأورط نفسه في مزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله وحاول إلحاق كتاب الله من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله بسيّئ رأيه طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القراءات من جهة البحث، واستخرج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض. وقد كان «أبو بكر بن مجاهد» شيخنا نسله من بدعته المضلة باستتابته منها وأشهد عليه الحكام والشهود بعد أن سئل البرهان علي صحة ما ذهب إليه فلم يأت بطائل ولم تكن له حجة قوية ولا ضعيفة، فاستوهب «أبو بكر بن مجاهد» تأديبه من السلطان عند توبته وإظهاره الاقلاع عن بدعته المضلة، فالله سبحانه وتعالى قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من الزائغين بقوله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (¬1). توفي «أبو بكر بن مقسم» يوم الخميس لثمان خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وثلاثمائة. رحمه الله وغفر له إنه غفور رحيم. ¬

_ (¬1) سورة الحجر الآية 9 وانظر إنباه الرواة ج 3 ص 101.

رقم الترجمة/ 59"أبو بكر النقاش" ت 351 هـ

رقم الترجمة/ 59 «أبو بكر النقاش» ت 351 هـ (¬1) هو: محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون بن جعفر بن مسند أبو بكر النقاش الموصلي الأصل ثم البغدادي. ولد «أبو بكر النقاش» بالموصل سنة ست وستين ومائتين من الهجرة، وعني بالقراءات القرآنية من صغره. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. شغف «أبو بكر النقاش» منذ نعومة أظفاره بالقراءات القرآنية وفي سبيل ذلك وصل الى كثير من المدن والأمصار يأخذ عن شيوخها ويتلقى عن علمائها وفي هذا يقول الإمام «ابن الجزري»: طاف «أبو بكر النقاش» الأمصار وتجول في البلدان وكتب الحديث وقيد السنن، وصنف المصنفات في القراءات، والتفسير، وغير ذلك. وطالت أيامه، فانفرد بالإمامة في صناعته مع ظهور نسكه، وورعه، وصدق لهجته، وبراعة فهمه، وحسن اطلاعه، واتساع معرفته اهـ (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- فهرست ابن النديم 33، وتاريخ بغداد 2/ 201، وأنساب السمعان الورقة 556، والمنتظم 7/ 14، وإرشاد الأريب 6/ 496، والكامل لابن الأثير 8/ 545، ووفيات الأعيان 4/ 298، وتاريخ الإسلام الورقة 3، وتذكرة الحفاظ 3/ 908 - 909، والعبر 2/ 292، وميزان الاعتدال 3/ 502، والوافي والوفيات 2/ 345 - 346، ومرآة الجنان 2/ 347، وطبقات السبكي 3/ 145 - 146، وطبقات الاسنوي 2/ 483، والبداية والنهاية 11/ 242، وغاية النهاية 2/ 119 - 121، ونهاية الغاية الورقة 229. ولسان الميزان 5/ 132، والنجوم الزاهرة 3/ 334، وطبقات الحفاظ للسيوطي 370 - 371، وطبقات المفسرين له 29، وللداودي 2/ 131، وشذرات الذهب 3/ 8. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 119.

وقال «الخطيب البغدادي»: كان أبو بكر النقاش عالما بحروف القرآن حافظا للتفسير، وله تصانيف في القراءات وغيرها من العلوم، وكان قد سافر الى الكثير من المدن شرقا وغربا، وكتب بالكوفة، والبصرة، ومكة، ومصر، والشام، والجزيرة، والموصل، والجبال، وبلاد خراسان وما وراء النهر. اهـ (¬1). ويجمع المؤرخون على أن شيوخ «أبي بكر النقاش» بلغوا عددا كبيرا فمن الذين أخذ عنهم القراءات: أبو ربيعة، وأبو علي الحسين بن محمد الحداد المكي، ومحمد بن عمران الدينوري، ومدين بن شعيب البصري، وأبو أيوب الضبي، واسماعيل بن عبد الله النحاس، وادريس بن عبد الكريم، وأحمد بن فرح، وهارون الأخفش، وعبيد الله بن بكار، وغيرهم كثير (¬2). ومن الذين أخذ عنهم الحديث: اسحاق بن سفيان الختليّ، وإبراهيم بن زهير الحلواني، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ المكي، وأحمد بن محمد بن رشد بن المصري، والحسين بن ادريس الهرويّ، وغيرهم كثير (¬3). تصدر «أبو بكر النقاش» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذاع صيته، وأقبل عليه طلاب العلم من كل فج عميق، يأخذون عنه وينهلون من علمه ويقرءون مصنفاته. ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية، محمد بن عبد الله بن أشتة، محمد بن أحمد الشنبوذي، والحسن بن محمد الفحام، والحافظ أبو الحسن الدارقطني، والفرج ابن محمد القاضي، وعبد الله بن عبد الصمد الوراق، وإبراهيم بن أحمد الطبري، ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 201. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 119. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 201.

واحمد بن عبد الله بن الحسين البزاز، ومحمد بن الحسن بن الفضل القطان وغيرهم كثير (¬1). ومن الذين رووا عنه سنة الهادي البشير صلى الله عليه وسلم: أبو بكر بن مجاهد، وجعفر بن محمد، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو حفص بن شاهين، ومحمد ابن الحسين بن الفضل، ومحمد بن أبي الفوارس، وأبو الحسن بن الحمامي المقرئ، وجماعة آخرون (¬2). وكان «أبو بكر النقاش» من المشهود لهم بالثقة، وفي هذا يقول الإمام «الداني» ت 444 هـ: النقاش جائز القول، مقبول الشهادة، سمعت عبد العزيز بن جعفر يقول: كان النقاش يقصد في قراءة «ابن كثير، وابن عامر» لعلو إسناده فيهما، وكان له بيت مليء كتبا، وكان أبو الحسن الدارقطني يستملي له وينتقي للناس من حديثه اهـ (¬3). سمع «أبو بكر بن مجاهد» الحروف من جماعة كثيرة، وطاف الأمصار، وتجول في البلدان وكتب الحديث، وقيد السنن، وصنف المصنفات، وطالت أيامه فانفرد بالإمامة في صناعته مع ظهور نسكه وورعه وصدق لهجته وبراعة فهمه، وحسن اطلاعه واتساع معرفته اهـ (¬4). ترك «أبو بكر النقاش» ثروة علمية ضخمة حيث صنف في القراءات والتفسير وغير ذلك، ومن مصنفاته: كتاب التفسير في نحو اثني عشر ألف ورقة سماه «شفاء الصدور» أو «إشفاء الصدور» وكتاب «الموضح في معاني ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 120. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 202. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 121. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 295.

القرآن» ودلائل النبوة، والقراءات بعللها، وكتاب العقل، وكتاب المناسك، وكتاب أخبار القصاص، وكتاب ذم الحسد، وكتاب أبواب في القرآن، وكتاب إرم ذات العماد، وكتاب المعجم الاوسط، والمعجم الأصغر، والمعجم الكبير في أسماء القراء وقراءاتهم، وكتاب السبعة بعللها الكبير، وكتاب السبعة الاوسط، وكتاب السبعة الأصغر، وغيرها كثير (¬1). ظل «أبو بكر النقاش» يتلو كتاب الله تعالى حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وفارق الدنيا وفي هذا يقول أبو الحسن بن الفضل القطاني: حضرت أبا بكر النقاش وهو يجود بنفسه في ثالث شوال سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، فجعل يحرك شفتيه ثم نادى بعلو صوته: (لمثل هذا فليعمل العاملون) يرددها ثلاثا ثم خرجت نفسه رحمه الله تعالى اهـ (¬2). رحم الله أبا بكر النقاش رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات المفسرين للداودي ج 2 ص 136. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 298.

رقم الترجمة/ 60 ابن أبي بلال ت 358 هـ

رقم الترجمة/ 60 ابن أبي بلال ت 358 هـ (¬1) هو: زيد بن علي بن أحمد بن محمد بن عمران بن أبي بلال أبو القاسم العجلي الكوفي شيخ العراق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «ابن أبي بلال» على عدد كبير من علماء القرآن، وفي مقدمتهم: أحمد بن فرح، وعبد الله بن عبد الجبار، والحسن بن العباس، وعبد الله بن جعفر السّواف، ومحمد بن أحمد الداجوني، وأبو بكر بن مجاهد، وأبو علي الحسن النقار، وأحمد بن إبراهيم القصباني، ومحمد بن يونس النحوي، وأبو مزاحم الخاقاني، وعبد الله بن القاسم الخياط وحماد بن أحمد وغيرهم كثير (¬2). وبعد أن بدت مواهب «ابن أبي بلال» جلس لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر وذاع صيته وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان يأخذون عنه، ويقرءون عليه. ومن الذين أخذوا عن «ابن أبي بلال» القراءة القرآنية: «بكر بن شاذان، وأبو الحسن الحمامي، وعبيد الله بن عمر المصاحفي، والحسن بن محمد بن الفحام، والحسن بن علي بن الصقر، وعبد الباقي بن الحسن، وعلي بن محمد بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 8/ 449 - 450، وتاريخ الإسلام، وفيات 458، (آيا صوفيا 3008) ومرآة الجنان 2/ 371، وغاية النهاية 1/ 298 - 299، وشذرات الذهب 3/ 27. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 298.

موسى الصابوني، وعلي بن محمد العلاف، والحسن بن خشيش، وأحمد بن الصقر وغير هؤلاء كثير (¬1). يقول «الخطيب البغدادي»: «نزل «ابن أبي بلال» بغداد وحدّث بها عن محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، وعلي بن العباس المقانعي، وعبد الله ابن زيدان البجلي، ومحمد بن محمد بن عقبة الشيباني، وعبد الله بن أسيد الأصبهاني. ثم يقول الخطيب البغدادي: وحدثنا عن «ابن أبي بلال» أبو الحسن بن زرقويه، وعلي بن أحمد الحمامي المقرئ، وأبو نعيم الأصبهاني، وكان صدوقا اهـ (¬2). ومن الأحاديث التي حدث بها «ابن أبي بلال» الحديث التالي: قال البغدادي: أخبرنا «أبو نعيم» حدثنا «أبو القاسم زيد بن علي بن أبي بلال المقرئ الكوفي- ببغداد- قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن الحسن بن أسيد الأصبهاني بالكوفة حدثنا «النضر بن هشام» قال: حدثنا «مروان بن صبيح» قال: حدثنا «عبد العزيز بن صهيب» عن «أنس بن مالك» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه فهي راجعة على صاحبها: البغي، والمكر، والنكث، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلّم: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ وقرأ: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ وقرأ: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ (¬3). احتل «ابن أبي بلال» مكانة سامية بين المسلمين وطلاب العلم واشتهر بين ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 298. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 8 ص 450. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 8 ص 450. والآيات هي على التوالي: فاطر: 43؛ يونس: 23؛ والفتح: 10.

الناس وذاع صيته، وعرف لدى الجميع بصدق الحديث. ودقة الضبط مما استوجب الثناء عليه. حول هذه المعاني يقول «ابن الجزري»: «ابن أبي بلال» شيخ العراق إمام حاذق ثقة اهـ (¬1). توفي «ابن أبي بلال» ببغداد في جمادى الاولى سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. رحم الله «ابن أبي بلال» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 298.

رقم الترجمة/ 61"ابن بنان" ت 374 هـ

رقم الترجمة/ 61 «ابن بنان» ت 374 هـ (¬1) هو: عمر بن محمد بن عبد الصمد بن الليث بن بنان أبو محمد البغدادي، مقرئ زاهد عابد. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن بنان» القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء. وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: عرض «ابن بنان» لابن كثير على الحسن بن الحباب وأبي ربيعة، وللدوري على أحمد بن فرح المفسر (¬2). كما حدث «ابن بنان» عن عدد من العلماء، حول هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي: «أبو محمد المقرئ كان أحد عباد الله الصالحين، وحدث عن جعفر ابن محمد بن العباس البزاز، والحسين بن محمد بن عفير، وأبي القاسم البغوي، ومحمد بن سليمان المالكي البصري، وإبراهيم بن حماد القاضي، وأبي ذر بن الباغندي». ثم يقول الخطيب البغدادي: حدثنا عنه بشرى بن عبد الله، ومحمد بن عمر ابن بكير، وعبد العزيز الازجي، وأبو محمد الجوهري. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 11/ 260، وتاريخ الإسلام الورقة 127 (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 1/ 597. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 597. انظر القراء الكبار ج 1 ص 326.

ثم يقول: حدثني عبد العزيز بن علي حدثنا أبو محمد عمر بن محمد بن عبد الصمد المقرئ،- ببغداد- أخبرنا أبو علي محمد بن سليمان بن علي بن أبي أيوب- بالبصرة- حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من زرع زرعا أو غرس غرسا فأكل منه إنسان أو بهيمة فهو له صدقة اهـ (¬1). تصدر «ابن بنان» لتعليم القرآن واشتهر بالأمانة والصدق، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: الحسين بن أحمد (¬2). توفي «ابن بنان» يوم السبت التاسع من رجب سنة أربع وسبعين وثلاثمائة ودفن في مقبرة باب حرب بعد أن قارب التسعين. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 11 ص 259. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 597.

رقم الترجمة/ 62"ابن بويان" ت 344 هـ

رقم الترجمة/ 62 «ابن بويان» ت 344 هـ (¬1) هو: أحمد بن عثمان بن محمد بن جعفر بن بويان الخراساني البغدادي الحربي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «ابن بويان» سنة ستين ومائتين من الهجرة. تلقى «ابن بويان» القراءة على مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: ادريس بن عبد الكريم، وأحمد بن الأشعث، ومحمد بن أحمد بن واصل، وأبو عيسى موسى بن إبراهيم الزينبي، والحسن بن العباس بن أبي مهران الجمال، وغير هؤلاء. تصدر «ابن بويان» لتعليم القرآن الكريم، وذاع صيته في الآفاق، وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه حروف القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون: إبراهيم بن أحمد الطبري، وإبراهيم بن عمر البغدادي، وأحمد بن نصر الشذائي، وطالب بن عثمان النحوي، وعبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي، وعلي بن عمر الدارقطني، ومحمد بن الحسن الآدمي، والحسن بن محمد بن الحباب، وأحمد بن الحسين بن مهران وغيرهم كثير (¬2). كما أخذ «ابن بويان» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم عن عدد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 4/ 298 - 299، وتاريخ الإسلام الورقة 218 - 219، وتذكرة الحفاظ 3/ 865، والوافي بالوفيات 7/ 176، وغاية النهاية 1/ 79 - 80، والنجوم الزاهرة 3/ 314، وشذرات الذهب 2/ 366. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 80 والقراء الكبار ج 1 ص 292.

من علماء السنة المطهرة. فقد سمع «محمد بن علي الوراق، المعروف بحمدان، وكان عنده عنه جزء واحد من حسنه «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه، كما سمع من موسى بن هارون الحافظ وادريس بن عبد الكريم الحداد. كما تصدر «ابن بويان» لرواية حديث النبي عليه الصلاة والسّلام. ومن الذين حدثوا عنه: أبو الحسن بن رزقويه، وأبو نصر أحمد بن محمد بن حسنود، وابن المفضل القطان وأحمد بن عمر الدلال (¬1). اشتهر «ابن بويان» بالحفظ، والثقة وصحة الضبط، وفي هذا يقول أبو عمرو الداني ت 444 هـ: «كان «ابن بويان» ثقة حافظا ضابطا مشهورا» (¬2). توفي «ابن بويان» سنة أربع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. رحم الله «ابن بويان» رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 298. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 293.

رقم الترجمة/ 63"ابن جبير" ت 258 هـ

رقم الترجمة/ 63 «ابن جبير» ت 258 هـ (¬1) هو: أحمد بن جبير بن محمد بن جعفر بن أحمد بن جبير، أبو بكر، وقيل: أبو جعفر، الكوفي نزيل أنطاكية، وكان أصله من خراسان، ثم سافر إلى الحجاز، والعراق، والشام، ومصر، ثم أقام بأنطاكية، فنسب إليها، وكان «ابن جبير» من أئمة القراء. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات .. وكان «ابن جبير» من المحبين لقراءة القرآن الكريم، وقد تتلمذ منذ باكورة حياته على والده، ثم بعد ذلك أخذ القراءة على مشاهير علماء عصره: يقول «أبو عمرو الداني»: أخذ «أحمد بن جبير» القراءة عرضا وسماعا عن: الكسائي وعن سليم، وعبيد الله بن موسى، وعبد الوهاب بن عطاء، وأبي يوسف الأعشى، وحجاج بن محمد الأعور، والحسين بن عيسى، وعمرو بن ميمون، وغيرهم كثير (¬2). كما سمع «ابن جبير» بعض قراءة «عاصم» من «أبي بكر بن عيّاش» (¬3). يقول «الذهبي»: روى عبد الباقي بن فارس، عن عبد الله بن عليّ، عن الحسين بن إبراهيم، قال: «قرأت على» أحمد بن جبير الكوفي»، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام، الورقة 217 (أحمد الثالث، 2917/ 7) ومعرفة القراء الكبار 1/ 207 وغاية النهاية 2/ 42. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 207. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 42.

المعروف بالانطاكي لطول مقامه بها، وأخبرني أنه قرأ على «الكسائي» بالحروف التي عرضها على «أبي بكر بن عياش» (¬1) وقال «أبو طاهر بن أبي هاشم»: حدثنا «محمد بن يونس» حدثنا «أحمد ابن صدقة» حدثنا أحمد بن جبير بأنطاكية، قال: سمعت «أبا بكر بن عياش» وكنت أقول له فلان يقرأ عندنا كذا وكذا، فيقول: ... كان «عاصم» يقرأ كذا وكذا» اهـ (¬2). وقد تصدى «ابن جبير» للاقراء فتتلمذ عليه عدد كثير منهم «عبد الله ابن صدقة، ومحمد العباس بن شعبة، وشهاب بن طالب، والفضل ابن زكريا، والحسين بن إبراهيم بن أبي عجرم، وحمدان بن المغربل، وغيرهم كثير (¬3). وكان «ابن جبير» إماما جليلا ثقة ضابطا اهـ (¬4). وقال عنه «أحمد بن يعقوب التائب»: «أدركته وأنا ابن عشرين سنة أو دونها وكان فصيحا عالما، وكان إذا قرأ تخاله لفخامة صوته، وجمهورية صوته بدويّا» اهـ (¬5). توفي «أحمد بن جبير» سنة ثمان وخمسين ومائتين يوم التروية، ودفن يوم عرفة بعد الظهر بباب الجنان. رحم الله «أحمد بن جبير» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 207. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 208. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 42. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 42. (¬5) انظر القراء الكبار ج 1 ص 207.

رقم الترجمة/ 64"جعفر بن الصباح" ت 294 هـ

رقم الترجمة/ 64 «جعفر بن الصبّاح» ت 294 هـ (¬1) هو: جعفر بن عبد الله بن الصباح بن نهشل أبو عبد الله، الأنصاري الأصبهاني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن الصباح» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء منهم: «أبو عمر الدوري» ومحمد بن عيسى الأصبهاني التميمي باختياره، والربيع بن ثعلب، وعبد الحميد بن بكّار وآخرون (¬2). وقد تلقى القرآن على «ابن الصباح» عدد كثير منهم: «محمد بن أحمد بن عبد الوهاب، ومحمد بن أحمد الكسائي، وعليّ بن عبد العزيز» وغيرهم كثير (¬3). كما أخذ «ابن الصباح» أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، فقد سمع من «إسماعيل بن موسى ابن بنت السّدي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي» وجماعة (¬4). كما حدث عن «ابن الصبّاح» الكثيرون، منهم: «أبو حمد العسّال، وأبو القاسم الطبراني، وآخرون (¬5). توفي «ابن الصباح» سنة أربع وتسعين ومائتين على خلاف. رحم الله «ابن الصباح» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في:- تاريخ الإسلام، الورقة 52 (أحمد الثالث 2917/ 9) ومعرفة القراء الكبار 1/ 242، وغاية النهاية 1/ 195. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 192. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 192. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 244. (¬5) انظر القراء الكبار ج 1 ص 244.

رقم الترجمة/ 65"أبو جعفر الطبري" ت 310 هـ

رقم الترجمة/ 65 «أبو جعفر الطّبري» ت 310 هـ (¬1) هو: محمد بن جرير بن يزيد أبو جعفر الطبري أحد الأعلام وصاحب التفسير والتاريخ والتصانيف. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو جعفر الطبري» «بآمد» عاصمة طبرستان سنة أربع وعشرين ومائتين من الهجرة. لم يكد «أبو جعفر الطبري» يبلغ السنّ التي تؤهله للتعليم حتى عهد به والده إلى علماء «بآمد» وسرعان ما يتفتح عقله وتبدو عليه مخايل النبوغ وهو حدث. وفي هذا يقول «الطبري» عن نفسه: حفظت القرآن ولي سبع سنين، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين وكتبت الحديث وأنا في التاسعة من عمري (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- فهرست ابن النديم 234، وتاريخ بغداد 2/ 162، وطبقات الشيرازي 93، وأنساب السمعاني 367، وتاريخ ابن عساكر 37/ الورقة 248، والمنتظم 6/ 170، وإرشاد الأريب 18/ 40، وإنباه الرواة 3/ 89، والمحمدون من الشعراء 263، وتاريخ الاسلام، الورقة 45، (أحمد الثالث 2917/ 9) وتذكرة الحفاظ 2/ 710، وميزان الاعتدال 3/ 298، وتلخيص ابن مكتوم 198، والوافي بالوفيات 2/ 284، ومرآة الجنان 2/ 261، وطبقات السبكي 3/ 120 والبداية والنهاية 11/ 145، ووفيات ابن قنفذ 203، ومعرفة القراء: 1/ 264، وغاية النهاية 2/ 106، ولسان الميزان 5/ 103، والنجوم الزاهرة 1/ 205. (¬2) انظر معجم الأدباء ج 18 ص 49.

هذا الخبر إن دل على شيء فإنما يدلّ على ذكائه ونبوغه، لأنه من النادر أن يستطيع صبيّ في السابعة من عمره أن يحفظ القرآن كله. ومن النادر أيضا أن يستطيع صبيّ في التاسعة من عمره أن يكتب الحديث على الطريقة التي كان يسير عليها القدماء من الرواية والسند. وإذا كان المسلمون ارتضوا أن يصلي بهم غلام في الثامنة من عمره فهذا دليل على ثقتهم فيه، وتقديرهم له، وإعجابهم به. رحل «أبو جعفر الطبري» في سبيل طلب العلم إلى: العراق، والشام، والحجاز، ومصر، ولقد كانت مصر ثريّة بعلمائها الذين أخذ عنهم «الطبري». فقد أخذ عن «يونس بن عبد الأعلى الصدفي» قراءة «حمزة، وورش». كما أخذ «الطبري» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «سليمان بن عبد الرحمن بن حامد، والعباس بن الوليد بن مزيد، كما روى حروف القراءات سماعا عن: «أبي كريب محمد بن العلاء، وأحمد بن يوسف التغلبي» وغير هؤلاء كثير (¬1). كما أخذ حديث النبي صلى الله عليه وسلّم عن خيرة العلماء منهم: «محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد بن منيع البغوي، ومحمد بن حميد الرازي، وأبو كريب محمد بن العلاء، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأبو سعيد الأشجّ» وغيرهم كثير (¬2). وفي «مصر» أخذ فقه الشافعي على «الربيع بن سليمان المرادي، واسماعيل بن إبراهيم المزني، ومحمد بن عبد الله بن الحكم». وقد تصدر «أبو جعفر الطبري» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 107. (¬2) تاريخ بغداد ج 2 ص 162.

«محمد بن أحمد الداجوني، وعبد الواحد بن عمر، وعبد الله بن أحمد الفرغاني، ومحمد بن محمد بن فيروز الكرجي شيخ الأهوازي»، وغيرهم كثير (¬1). ومن الذين تتلمذوا على «أبي جعفر الطبري» القاضي أبو بكر أحمد قاضي الكوفة، وقد اشتهر بعلمه في الفقه، والقراءات، والتفسير، والأدب، والتاريخ، وله عدّة مؤلفات منها: كتاب في السير، وكتاب في غريب القرآن، وكتاب في القراءات، وكتاب في التاريخ، وكتاب المختصر في الفقه، وغير ذلك. ومن تلاميذ «الطبري» «أبو الحسن أحمد بن يحيى بن علم الدين». وهو صاحب كتاب «المدخل إلى مذهب الطبري»، وكتاب «الاجماع في الفقه على مذهب أبي جعفر الطبري». ومنهم «أبو الفرج المعافي بن زكريا النهرواني» القاضي المشهور. وله كتاب «التحرير» في أصول الفقه، وكتاب «الحدود والعقود» في أصول الفقه أيضا، وكتاب «القراءات»، وغير ذلك. ومنهم: «علي بن عبد العزيز بن محمد الدولابي» مؤلف كتاب القراءات، وكتاب أصول الكلام، وكتاب إثبات الرسالة. ومنهم: «أبو بكر محمد بن أحمد ابن أبي الثلج الكاتب. وأبو القاسم بن المراد مؤلف كتاب الاستقصاء في الفقه وأبو الحسن الدقيقي الحلواني، صاحب كتاب الشروط، وكتاب الرد على المخالفين. وغير هؤلاء ممن تتلمذوا على «أبي جعفر الطبري» فانتهجوا نهجه، واصطبغوا بصبغته، وصار الطابع المميز لكل منهم أنه تخرج من مدرسة الطبري. أما عن معالم شخصية «الطبري» فقد كان طويل القامة، نحيف الجسم، أسمر اللون، واسع العينين، كبير اللحية، وهب حياته للعلم، ولم يتزوج قط. كما أن كتب التاريخ تذكر «لأبي جعفر الطبري» عدة صفات أهمها ما ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 107.

يلي: منها أنه كان «ورعا» كما كان والده أيضا ورعا تقيا. وليس معنى هذا أنه ورث هذه الصفة عن والده، بل معناه أنه تأثر بأبيه ومحاكاته له. ومن مظاهر ورعه أنه كان مع اشتغاله بالتأليف والتدريس يحرص على قراءة قدر من القرآن الكريم، اعتاد أن يقرأه، وكانت قراءته للقرآن تجمع بين الترتيل الجيّد الممثل للمعاني، وبين الخشوع المصور للجلال، حتى لقد كان بعض سامعيه يقول إنه لم يكن يظن أن إنسانا يحسن أن يقرأ هذه القراءة. ووصفه «عبد العزيز بن محمد الطبري» بأنه كان مجوّدا في القراءة، موصوفا بذلك، يقصده القراء ليصلوا خلفه، ويسمعوا قراءته وتجويده (¬1). قال «أبو علي الطوماري»: كنت أحمل القنديل في شهر رمضان بين يدي «أبي بكر بن مجاهد» لصلاة التراويح، فخرج ليلة من ليالي العشر الأواخر من داره، ومررنا على مسجده فاجتازه ولم يدخله، وسار حتى وقف على باب مسجد «الطبري» وكان «الطبري» يقرأ سورة «الرحمن» فاستمع لقراءته طويلا ثم انصرف. فقلت له: يا أستاذ تركت الناس ينتظرونك، وجئت تسمع قراءة «الطبري»؟ فقال: «يا أبا علي، دع عنك، ما ظننت أن الله خلق بشرا يحسن أن يقرأ هذه القراءة» (¬2). ومن الصفات التي اتصف بها: «إباؤه» وعزّة نفسه، فلم يستهن بكرامة نفسه مرة، وقد لزمته هذه الصفة طيلة حياته، حتى كان يرفض الهدايا والمنح، لأنه جرى على ألا يقبل هدية لا يستطيع أن يكافئ بمثلها، فإن كانت فوق طاقته ردّها، واعتذر إلى مهديها. وكثيرا ما رفض هدايا الوزراء، والكبراء على تشوقهم إلى أن يقبلها. ¬

_ (¬1) انظر طبقات الشافعية ج 2 ص 137. (¬2) انظر طبقات المفسرين ص 31.

ومن صفات «الطبري»: جرأته في الحق. ولا غرابة في أن يكون «الطبري» شجاع القلب، جريئا في إعلان ما يعتقده حقّا، لأنه قد استكمل الأسباب التي تسلحه بهذه الجرأة من علم واسع، وورع مشهور، واستهانة بالدنيا ومظاهرها. لهذا كان ممن لا تأخذه في الله لومة لائم. وقد عرض عليه القضاء فأبى أن يقبله، وربما كان «ورعه» هو السبب في رفضه ولاية المظالم مخافة أن يجور في حكم من أحكامه. ويذكر أن «الخاقاني» لما تقلد الوزارة أرسل الى «الطبري» مالا كثيرا، فأبى أن يقبله فعرض عليه القضاء فامتنع (¬1). ومن صفات «الطبري» التواضع: يعرف في كثير من العلماء سماحة النفس، ودماثة الخلق، ورقة المعاملة، والتواضع الذي لا يمسّ كرامة المؤمن بل يعليها، من هؤلاء العلماء «أبو جعفر الطبري». فقد كان رحمه الله ورعا زاهدا في الدنيا، راغبا عما بأيدي الناس، وكان عظيم الأنفة والإباء، فاستغنى بذلك عن الزهو والخيلاء. ومن مظاهر تواضع «الطبري» أنه كان يعطف على تلاميذه، ويتواضع في معاملتهم حبّا لهم، وثقتهم من حبّهم له. ذكر «ابن كامل» أن بعض تلاميذ «الطبري» آلمه في مجلس الأستاذ، فانقطع «ابن كامل» عن المجلس مدّة، ثم قابله «الطبري» فجعل يعتذر له، ويترضاه، ويترفق به، كأنه هو الذي آذاه. فرضي «ابن كامل» وعاد إلى مجلس «الطبري» (¬2) ومن صفات «أبي جعفر الطبري» مضاء عزيمته: أولع «الطبري» بحبه ¬

_ (¬1) انظر طبقات الشافعية ج 2 ص 137. (¬2) انظر معجم الأدباء ج 18 ص 54.

للعلم منذ حداثته إلى أن توفّاه الله تعالى. فقد وهب نفسه للعلم، وأعطى العلم أعظم نصيب من وقته ومن جهده. كانت عزيمته الماضية تتأبى على الفتور والكلال، فتسلح بالصبر، والنشاط. بهذه العزيمة طوّف في كثير من الأقطار، فسمع من كبار العلماء بطبرستان، والعراق، والشام، ومصر. وبهذه العزيمة قرأ كثيرا، وحفظ كثيرا، وألف كثيرا، وكان يستهين بالجهد المضني، ويستسهل الصعب المجهد. وبهذه العزيمة كان يقرأ وهو شديد المرض، فقد ذكر تلميذه «ابن كامل» أنه زاره قبل المغرب وهو شديد العلة، فرأى تحت مصلّاه «فردوس الحكمة» لعلي بن زين الطبري (¬1). وكانت عزيمته القويّة، تنشّطه إلى القراءة وهو في الخامسة والثمانين من عمره، ولم يكن يقنع بالقراءة في ذلك الوقت، بل كان يتدبّر ما يقرأ، ويتمعن فيه، ويخطّ بقلمه في كثير من المواضع (¬2). وكانت ثمرات هذه العزيمة أنه خلّف ثروة عظيمة من المؤلفات في كثير من العلوم المختلفة، وهذا ما سيتضح جليا بإذن الله تعالى أثناء الحديث عن مؤلفاته. ومن صفات «أبي جعفر الطبري» ظرفه: كان «أبو جعفر الطبري» مع كثرة اشتغاله بالعلم إلا أنه لم يصرفه ذلك عن الدعابة، ووجاهة السمت، وأناقة المظهر، والتنعم بما أحله الله تعالى، فقد كان ظريفا في ظاهره، نظيفا في باطنه، حسن العشرة لمجالسيه، مهذبا في جميع أحواله. ومن صفات «الطبري» تعدد ثقافته: وحقا أن منهوم العلم لا يشبع، كما أن منهوم المال لا يقنع، وأنى لمنهوم العلم أن يشبع، وهو يجد في كل لون من ¬

_ (¬1) انظر معجم الأدباء ج 18 ص 48. (¬2) انظر معجم الأدباء ج 18 ص 81.

ألوان المعرفة كشفا عن جديد كان يجهله، ولذّة مستحدثة لا تغني عنها لذّة سابقة؟ وقد عرفنا من حياة «الطبري» أنه وهب نفسه للعلم، وقصر عليه حياته، وناط به حاضره، ومستقبله. ومن أهم ثقافة الطبري: العلوم الدينية من قراءات، وتفسير، وحديث، وفقه، وأصول. وهذه هي ثقافته الأصلية، ومعظم مؤلفاته تدور في فلكها. كان «الطبري» شافعيا أولا، ثم اجتهد وانفرد بمذهب مستقل، وقد مكنه علمه الواسع بالمذاهب المختلفة أن يؤلف كتابا: في «اختلاف الفقهاء» فيعرض آراءهم، وأدلتهم، ويناقشها. وكان الحديث النبوي الواحد يحمله على طلبه في مظانه، وفي هذا يقول «الطبري» عن نفسه: جئت إلى «أبي حاتم السجستاني» وكان عنده حديث في القياس عن «الأصمعي» عن «أبي زائدة» عن «الشعبي» فسألته عنه، فحدثني به (¬1). كان لأبي جعفر الطبري المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة بين العلماء، وغيرهم من خاصة الناس، وعامتهم، مما استوجب الثناء عليه، وهذا قبس مما ذكره المؤرخون عنه. قال «أبو محمد عبد العزيز بن محمد الطبري» أحد تلاميذه: «كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ لأنه جمع من علوم الاسلام ما لا نعلمه اجتمع لأحد، ولا ظهر من كتب المصنفين، وانتشر من كتب المؤلفين ما انتشر له، وكان راجحا في علوم القرآن، والقراءات، واختلاف الفقهاء مع الرواية كذلك» اهـ (¬2). وقال «الخطيب البغدادي»: «كان «أبو جعفر الطبري» أحد أئمة العلماء يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله، وكان قد ¬

_ (¬1) انظر معجم الأدباء ج 18 ص 48. (¬2) انظر الطبري لأحمد الحوفي ص 60.

جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، وكان حافظا لكتاب الله، عارفا بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسنن وطرقها، وصحيحها وسقيمها، وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين، ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام، ومسائل الحلال والحرام، عارفا بأيام الناس وأخبارهم، وله الكتاب المشهور في تاريخ الأمم والملوك، وكتاب في التفسير لم يصنف أحد مثله، وله في أصول الفقه وفروعه كتب كثيرة، واختيار من أقاويل الفقهاء» اهـ (¬1). وقال «ابن خلكان»: «كان «أبو العباس بن سريج» يقول: «محمد ابن جرير الطبري» فقيه العالم» (¬2). وقال «الحسن بن علي الأهوازي المقرئ»: ألف «الطبري» في القراءات كتابا جليلا كبيرا رأيته في ثمانية عشرة مجلدا بخطوط كبار، ذكر فيه جميع القراءات من المشهور والشاذ، وعلل ذلك وشرحه، واختار منها قراءة لم يخرج بها عن المشهور» اهـ (¬3). عاش «الطبري» حياة كانت من بدايتها إلى نهايتها ستا وثمانين سنة قضاها منذ الصغر إلى نهاية العمر بحثا عن العلوم والمعرفة. ومما لا شك فيه أن ثقافة «الطبري» كانت متنوعة، وكان علمه غزيرا، كل ذلك أهل «الطبري» ليترك ثروة علمية عظيمة من المؤلفات والمصنفات. في مقدمة مؤلفات «الطبري» كتابه: «جامع البيان في تفسير القرآن». قال عنه «السيوطي»: إنه جمع فيه بين الرواية والدراية ولم يشاركه في ذلك أحد ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 163. (¬2) طبقات الشافعية ج 2 ص 137. (¬3) انظر معجم الأدباء ج 18 ص 45.

قبله، ولا بعده اهـ (¬1). وقال «الخطيب البغدادي»: إن كتابه في التفسير لم يصنف أحد مثله اهـ. التزم «الطبري» منهجا خاصا في تصنيف كتابه، ويتميز هذا المنهج بعدة سمات، أهمها ما يلي: أولا: الاعتماد على المأثور: ذلك أنه اعتمد على التفسير بالمأثور مما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ومما روى عن الصحابة والتابعين، متتبعا طريق الاسناد الدقيقة في سلاسل الروايات، وبهذا اصطبغ تفسيره بأنه سجّل لما أثر من الروايات. لكنه كان في أكثر تفسيره يلخص الفكرة العامة التي يستنبطها من هذه الروايات، ويصوغها بقوله، ثم يعقب عليها بذكر الروايات التي قد تختلف في التفصيل والايجاز. ثانيا: دقة الإسناد: كان «الطبري» أمينا في ذكر السند، وفي تسجيل أسماء الرواة، لأنه اتصل بكثير من العلماء، وسمع منهم، فإذا كان قد سمع هو وغيره قال، حدثنا، وإذا كان قد سمع وحده، قال: حدثني. ثالثا: الإكثار من الأحاديث النبوية. رابعا: الإكثار من الاستشهاد بالقراءات القرآنية وتخريجها. مثال ذلك قوله تعالى: أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (¬2). ¬

_ (¬1) انظر طبقات المفسرين ص 30. (¬2) سورة التوبة الآية 109.

قال: اختلف القراء في قراءة قوله تعالى: «أفمن أسّس بنيانه» فقرأ بعض قرّاء أهل المدينة وهو «نافع» ومعه «ابن عامر» الشامي، بضم الهمزة، وكسر العين على البناء للمفعول، و «بنيانه» بالرفع نائب فاعل. وقرأت عامة قراء الحجاز، والعراق بفتح الهمزة والسين فيهما على البناء للفاعل، والفاعل ضمير يعود على «من» و «بنيانه» بالنصب مفعول به. ثم قال: وهما قراءتان متفقتان في المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وقوله تعالى: فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى (¬1). قال: اختلف القراء في قراءة قوله تعالى: «ماذا ترى» فقرأته عامة قراء أهل المدينة، والبصرة، وبعض أهل الكوفة بفتح التاء، والراء، وألف بعدها، بمعنى أيّ شيء تأمر. وقرأ عامة قراء الكوفة: «ماذا ترى» بضم التاء، وكسر الراء، وياء بعدها، بمعنى ماذا تشير وماذا ترى من صبرك. ومن مؤلفات «الطبري» تاريخ الأمم والملوك، واختلاف الفقهاء، وتهذيب الآثار، وتفصيل الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخبار، وكتاب آداب القضاة، وكتاب أدب النفوس الجيدة والأخلاق النفيسة وكتاب المسند المجرد، ورسالة البصير في معالم الدين، وكتاب مختصر مناسك الحج، وكتاب الفرائض، وكتاب الموجز في الأصول، وكتاب مسند «ابن عباس» رضي الله عنهما، واختيار من أقاويل الفقهاء، وكتاب المسترشد، وفضائل «عليّ بن أبي طالب وابن عباس» رضي الله عنهما. وكتاب فضائل «أبي بكر وعمر» رضي الله عنهما، وكتاب في تعبير الرؤيا إلى غير ذلك من المصنفات المفيدة والنافعة. ¬

_ (¬1) سورة الصافات الآية 102.

قال «أبو محمد الفرغاني» صاحب ابن جرير: إن قوما من تلامذة «محمد ابن جرير» حسبوا له منذ بلغ الحلم إلى أن مات ثم قسموا على تلك المدّة أوراق مصنفاته، فصار لكل يوم أربع عشرة ورقة اهـ (¬1). توفي «ابن جرير الطبري» في شوال سنة عشر وثلاثمائة ببغداد، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «ابن جرير الطبري» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 265.

رقم الترجمة/ 66"جعفر المشحلائي" ت بعد 330 هـ

رقم الترجمة/ 66 «جعفر المشحلائي» ت بعد 330 هـ (¬1) هو: جعفر بن سليمان أبو أحمد، وقيل: أبو الحسين المشحلائي: بكسر الميم وسكون الشين المعجمة وحاء مهملة، نسبة إلى قرية «مشحلايا» قرية من أعمال حلب. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «جعفر المشحلائي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو شعيب السوسي» الراوي المشهور عن «أبي عمرو بن العلاء البصري». ولا زالت قراءة «السوسي» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن (¬2). تصدر «جعفر المشحلائي» لتعليم القرآن. واشتهر بالثقة والضبط وعمر طويلا، فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «عبد الله بن المبارك، وعبد المنعم بن غلبون»، وهو الذي روى الإدغام الكبير منصوصا (¬3). توفي «جعفر المشحلائي» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن بعد الثلاثين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج 1 ص 192. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 301. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 192.

رقم الترجمة/ 67"جعفر النصيبي" ت 307 هـ

رقم الترجمة/ 67 «جعفر النّصيبي» ت 307 هـ (¬1) هو: جعفر بن محمد بن أسد أبو الفضل الضرير النصيبي المعروف بابن الحمامي، قارئ ضابط حاذق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «جعفر النصيبي» القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عمر الدوري» أحد رواة «أبي عمرو بن العلاء» البصريّ، ولا زالت قراءة «أبي عمر الدوري» يتلقاها المسلمون بالقبول وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. وقد اشتهر «جعفر النصيبي» بالقراءة والاقراء، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: «محمد بن علي الجلندا، ومحمد بن علي بن حسن العطوفي». كما روى عنه حروف القرآن «عبد الله بن أحمد بن ذي زويه، وإبراهيم بن أحمد الخرقي» (¬2). توفي «جعفر النصيبي» سنة سبع وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله «أبا جعفر النصيبي» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام، الورقة 52 (أحمد الثالث 2917/ 9) ومعرفة القراء الكبار: 1/ 242 وغاية النهاية: ج 1/ 195. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 195. انظر القراء الكبار ج 1 ص 242.

رقم الترجمة/ 68"ابن الجلندا" ت بعد 340 هـ

رقم الترجمة/ 68 «ابن الجلندا» ت بعد 340 هـ (¬1) هو: محمد بن علي بن الحسن بن الجلندا أبو بكر الموصلي، مقرئ متقن ضابط. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن الجلندا» القراءة عرضا عن خيرة العلماء، منهم: محمد بن اسماعيل القرشي، والفضل بن داود المدني، والفضل بن أحمد الزبيدي، ومحمد ابن هارون التمار، والحسن بن الحسين الصواف، وجعفر بن محمد بن أسد، وأحمد ابن سهل الأشناني، وأبو بكر بن مجاهد، وأحمد بن عبد ربه ابن عياش وآخرون (¬2). تصدر «ابن الجلندا» لتعليم القرآن، فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: عبد الباقي بن الحسن بن السقاء وغيره (¬3). واشتهر «ابن الجلندا» باتقان القرآن الكريم وضبط حروفه وبرع في القراءات. مما استوجب الثناء عليه وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: اشتهر «ابن الجلندا» بالضبط والإتقان وبرع في القراءات (¬4). وقال عنه ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج 2 ص 201. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 201. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 305. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 305.

«الإمام الداني»: «ابن الجلندا» مشهور بالضبط والاتقان اهـ (¬1). قال «ابن الجزري»: توفي «ابن الجلندا» فيما أحسب سنة بضع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله «ابن الجلندا» رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) أنظر طبقات القراء ج 2 ص 201.

رقم الترجمة/ 69"أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني المخزومي" ت 128 هـ

رقم الترجمة/ 69 «أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني المخزومي» ت 128 هـ (¬1) أحد أئمة التابعين، وعلم من علماء القراءات، الثقة من المشهورين شيخ القراءات بالمسجد النبوي الشريف. أحد القراء العشرة المشهورين، وقراءة «أبي جعفر» من القراءات المتواترة التي لا زال الناس يتلقونها بالقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها، والحمد لله رب العالمين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «ابن الجزري»: عرض «أبو جعفر» القرآن على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة اهـ (¬2). وروى القراءة عنه عدد كثير لأنه كان مدرسة وحده، منهم: «نافع ابن أبي نعيم» أحد القراء السبعة المشهورين، ولا زالت قراءة «نافع» يتلقاها المسلمون بالقبول، وقد قرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ القراءة عن «أبي ¬

_ (¬1) أنظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ خليفة 405، وطبقات خليفة 262، والتاريخ الكبير 8/ 353، والمعارف 528، والمعرفة والتاريخ 1/ 675، و 3/ 213، والجرح والتعديل 9/ 285، ومشاهير علماء الأمصار 76، والكامل لابن الأثير 5/ 394، ووفيات الأعيان 6/ 274، وميزان الاعتدال 4/ 511، ومرآة الجنان 1/ 273، و 280، وغاية النهاية 2/ 382، وتقريب التهذيب 2/ 406، وتهذيب التهذيب 12/ 58، وشذرات الذهب 1/ 176، معرفة القراء الكبار: 1/ 72. (¬2) أنظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 382.

جعفر»: سليمان بن مسلم بن جماز، وعيسى بن وردان، وأبو عمرو بن العلاء، وعبد الرحمن بن زيد، وولداه: إسماعيل، ويعقوب، وآخرون. قال «يحيى بن معين»: كان «أبو جعفر» إمام أهل المدينة في القراءة فسمى القارئ لذلك (¬1). وقال «مالك بن أنس»: كان «أبو جعفر» رجلا صالحا، يقرئ الناس بالمدينة اهـ (¬2). وقال «مجاهد»: حدثوني عن «الأصمعي» عن «أبي الزناد» قال: لم يكن أحد أقرأ للسنة من «أبي جعفر» وكان يقدم في زمانه على «عبد الرحمن ابن هرمز» اهـ (¬3). وقال «الذهبي»: فأما قراءة «أبي جعفر» فدارت على «أحمد بن زيد الحلواني» عن «قالون، عن عيسى بن وردان»، عن «أبي جعفر» قرأ بها «الفضل بن شاذان الداري، وجعفر بن الهيثم عن الحلواني»، وأقرأ بها «الزبير ابن محمد العمري»، عن قراءته على «قالون» بإسناده، وأقرأها «سليمان بن داود الهاشمي، عن سليمان بن مسلم بن جماز» عن «أبي جعفر» وأقرأها «الدوري» عن إسماعيل بن جعفر عن «أبي جعفر» اهـ (¬4). ومن يقرأ تاريخ «أبي جعفر» يتبين له بجلاء ووضوح أنه كان من الزهاد، المتصدقين، الذين يصومون صيام داود عليه السلام، يوضح ذلك النصوص التالية: فعن «سبط الخياط» قال: روى «ابن جماز عنه» أنه كان يصوم يوما ويفطر ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 383. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 383. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 383. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 74.

يوما، واستمرّ على ذلك مدة من الزمان، فقال له بعض أصحابه في ذلك فقال: إنما فعلت ذلك أروض به نفسي لعبادة الله تعالى اهـ (¬1). وقال «ابن الجزري»: قرأت بخط الأستاذ «أبي عبد الله القصّاع» أن «أبا جعفر» كان يصلي في جوف الليل أربع تسليمات يقرأ في كل ركعة بالفاتحة، وسورة من طوال المفصل، ويدعو عقبها لنفسه، والمسلمين، ولكل من قرأ عليه وقرأ بقراءته بعده وقبله اهـ (¬2). وقال «سليمان بن مسلم»: أخبرني «أبو جعفر» أنه أتى به إلى «أم سلمة» أم المؤمنين رضي الله عنها، وهو صغير فمسحت على رأسه، ودعت له بالبركة اهـ (¬3). وعن «عبد الرحمن بن زيد بن أسلم»: كان «أبو جعفر» يصلي خلف القراء في رمضان يلقنهم، وكان بعده «شيبة بن نصاح» جعلوه كذلك اهـ (¬4). كما كان «أبو جعفر» رحمه الله تعالى من المتصدقين الذين يخفون أنفسهم ابتغاء رضوان الله تعالى، يوضح ذلك الخبر التالي: فعن «مالك بن أنس» قال: كان «أبو جعفر» إذا مرّ سائل وهو يصلي بالليل، دعاه فيستتر منه، ثم يلقي إليه إزاره اهـ (¬5). ومن نعم الله على «أبي جعفر» رحمه الله، أن الله أكرمه غاية الإكرام فتفضل عليه في الدنيا ومنحه القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام أما في الدار ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 383. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 383. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 73. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 73. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 73.

الآخرة وهي لا زالت مجهولة إلا أنا نرجو من الله تعالى له جنة عرضها السموات والارض. ومما يدل على قبوله عند الله تعالى ومغفرته له ما يلي: روى «محمد بن منصور» المدني قال: حدثنا «محمد بن إسحاق المسيبي، حدثني «أبي» عن «نافع» قال: لما غسّل «أبو جعفر» بعد وفاته نظروا ما بين نحره إلى فؤاده مثل ورقة المصحف، قال: فما شك أحد ممن حضر أنه نور القرآن» اهـ (¬1). وقال «شيبة بن نصاح» وكان ختنه على ابنة «أبي جعفر»: ألا أريكم منه عجبا؟ قالوا: بلى، فكشف عن صدره، فإذا «دوّارة» بيضاء مثل اللبن، فقال «أبو حازم» وأصحابه: هذا والله نور القرآن، قال: «سليمان»: فقالت لي: «أم ولده» بعد ما مات: صار ذلك البياض غرة بين عينيه اهـ (¬2). وقال «سليمان بن أبي سليمان» رأيت «أبا جعفر» على الكعبة في المنام، فقلت: أبا جعفر، فقال: نعم، أقرئ إخواني السلام وأخبرهم أن الله جعلني من الشهداء الأخيار المرزوقين اهـ (¬3). توفي «أبو جعفر يزيد بن القعقاع» سنة ثمان وعشرين ومائة من الهجرة، عن نيف وتسعين سنة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن، والزهد، والتقرب إلى الله تعالى. رحم الله «أبا جعفر» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 384. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 75. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 384.

رقم الترجمة/ 70"ابن جماز" ت بعد السبعين ومائة هـ

رقم الترجمة/ 70 «ابن جمّاز» ت بعد السبعين ومائة هـ (¬1) هو: سليمان بن مسلم بن جماز، وقيل سليمان بن سالم بن جماز بالجيم والزاي مع تشديد الميم أبو الربيع الزهري، مولاهم المدني، مقرئ جليل ضابط. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «ابن جمّاز» القراءة عن خيرة العلماء، فقد عرض على «ابي جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة بن نصاح» ثم عرض على «نافع بن أبي رويم» وقرأ بحرف «أبي جعفر، ونافع». اشتهر «ابن جماز» بالثقة، وصحة الضبط، وجودة القراءة، وتتلمذ عليه طلاب العلم، فمن الذين أخذوا عنه القراءة: «إسماعيل بن جعفر، وقتيبة بن مهران» وآخرون. توفي «ابن جماز» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن بعد السبعين ومائة من الهجرة حسبما ذكر «ابن الجزري». رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 315.

رقم الترجمة/ 71"الجمال الازرق" ت في حدود 300 هـ

رقم الترجمة/ 71 «الجمّال الازرق» ت في حدود 300 هـ (¬1) هو: الحسين بن علي بن حمّاد بن مهران أبو عبد الله الجمال الازرق الرازي، ثم القزويني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «الجمّال الازرق» القراءة عن خيرة العلماء منهم: «أحمد بن يزيد الحلواني، وأحمد بن الصباح بن أبي سريج عن «أبي عمرو بن العلاء» ومحمد بن إدريس الدنداني، وسليمان بن داود الهاشمي، وعليّ بن أبي نصر» وغيرهم كثير (¬2). وقد تلقى القرآن على «الجمال الأزرق» عدد كثير منهم: «محمد بن أحمد ابن شنبوذ، وأحمد بن محمد الرازي، والحسن بن سعيد المطوعي، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن مالك القصّار، وأبو بكر بن مجاهد، وغيرهم كثير (¬3). توفي «الجمال الأزرق» في حدود سنة ثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «الجمال الأزرق» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في معرفة القراء الكبار 1/ 236، وغاية النهاية 1/ 244. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 244. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 244.

رقم الترجمة/ 72"أبو حاتم السجستاني" ت 255 هـ

رقم الترجمة/ 72 «أبو حاتم السّجستاني» ت 255 هـ (¬1) هو: سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد أبو حاتم السجستاني، إمام البصرة في النحو والقراءة واللغة والعروض. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ضمن علماء القراءات. كان «أبو حاتم» من النابهين المتعلقين بعلوم اللغة والقرآن. وقد تلقى القرآن على مشاهير علماء عصره، في مقدمتهم: «يعقوب الحضرمي» الإمام الثامن من أئمة القراءات. كما عرض القرآن على «سلام الطويل وأيوب ابن المتوكل». وروى الحروف عن «إسماعيل بن أبي أويس، ومحمد بن يحيى القطيعي، وسعيد بن أوس، وعبيد بن عقيل» (¬2). كما أخذ «أبو حاتم السجستاني» النحو، واللغة على مشاهير علماء عصره وفي هذا المعنى يقول «المبرّد»: سمعت «أبا حاتم» يقول: قرأت كتاب سيبويه على «الأخفش الاوسط»: سعيد بن مسعدة مرتين، ثم يقول «المبرّد»: وكان ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجروح والتعديل 4/ 204، وأخبار النحويين البصريين 93، وطبقات النحويين للزبيدي 94، والفهرست 58، وأنساب السمعاني 291، ونزهة الألباء 145، وإنباه الرواة 2/ 58، ووفيات الأعيان 2/ 430، وإشارة التعيين الورقة 21، وتاريخ الإسلام الورقة 242 (أحمد الثالث 2917/ 7) وتلخيص ابن مكتوم 79، ومرآة الجنان 2/ 156، والبداية والنهاية 12/ 2، والبلغة 93، وغاية النهاية 1/ 320، ومعرفة القراء الكبار 1/ 219، وتهذيب التهذيب 4/ 257، وأنظر «تهذيب الكمال» للمزي. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 320.

«أبو حاتم» كثير الرواية عن «أبي زيد الأنصاري، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، والأصمعي. كما كان عالما باللغة، والشعر، حسن العلم بالعروض، واخراج المعمّى، وله شعر جيّد، ويصيب المعنى» اهـ (¬1). وقد تتلمذ على «أبي حاتم» عدد كثير منهم: «محمد بن سليمان المعروف بالزردقي، وعليّ بن أحمد المسكيّ، وأبو سعيد العسكري، وأبو بكر بن دريد، وأحمد بن حرب، وأحمد بن الخليل العنبري، والحسين بن تميم، وغيرهم كثير (¬2). لقد كان «أبو حاتم من حفاظ القرآن الذين لا يلحنون. يقول «ابن الجزري»: «روينا عن «الحسين بن تميم» البزّاز أنه قال: صلّى «أبو حاتم» بالبصرة ستين سنة بالتراويح وغيرها فما أخطأ يوما، ولا لحن يوما، ولا أسقط حرفا، ولا وقف إلا على حرف تام» اهـ (¬3). كما كان «أبو حاتم» من المتهجدين المستغفرين بالأسحار. فعن «محمد بن إسماعيل الخفاف» قال: «كان «أبو حاتم» وأبواه، جعلوا الليل بينهم أثلاثا: فكان أبوه يقوم الثلث، وأمه تقوم الثلث، وأبو حاتم يقوم الثلث فلما مات أبوه جعل الليل نصفين، فلما ماتت أمّه جعل «أبو حاتم» يقوم الليل كله» اهـ (¬4). وقد احتل «أبو حاتم» بين قومه المنزلة السامية الرفيعة، وقد أثنى عليه الكثيرون من العلماء: قال «ابن دريد»: كان «أبو حاتم، يتبحر في الكتب. ويخرّج المعمّى، حاذق بذلك، دقيق النظر فيه» اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر إنباه الرواة ج 2 ص 58. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 320. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 320. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 320. (¬5) انظر الفهرست لابن النديم ص 87.

وكان «أبو حاتم» متبحرا في كثير من العلوم، والدليل على ذلك مصنفاته المتعددة في القرآن، واللغة، وغيرهما، يقول «القفطي»: كتابه في القراءات مما يفخر به أهل البصرة، فإنه أجلّ كتاب صنف في هذا النوع في زمانه (¬1). كما ذكر «القفطي» «لأبي حاتم» عدّة مصنفات أذكر منها ما يلي: L 1 كتاب إعراب القرآن كتاب الطير كتاب النبات كتاب الفصاحة كتاب النخلة كتاب الأضداد كتاب الهجاء كتاب الادغام كتاب الكرم كتاب الإبل كتاب الاتباع كتاب الزرع 2 L كتاب ما تلحن فيه العامة كتاب المذكر والمؤنث كتاب المقصور والممدود كتاب المقاطع والمبادئ كتاب القسي والنبال والسهام كتاب السيوف والرماح كتاب حلق الإنسان كتاب الشتاء والصيف كتاب النحل والعسل كتاب الخصب والقحط كتاب اختلاف المصاحف كتاب الشوق إلى الاوطان إلى غير ذلك من المصنفات المفيدة والنافعة. توفي «أبو حاتم» سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة. رحم الله «أبا حاتم» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر إنباه الرواة ج 2 ص 63.

رقم الترجمة/ 73"أبو الحارث" ت 240 هـ

رقم الترجمة/ 73 «أبو الحارث» ت 240 هـ (¬1) هو: الليث بن خالد أبو الحارث البغدادي ثقة معروف حاذق ضابط. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الحارث» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «الكسائي» وهو من جلة أصحابه. وروى حروف القراءات عن «حمزة بن القاسم الأحول، وعن اليزيدي». تصدر «أبو الحارث» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والضبط وأخذ عنه الكثيرون منهم: «سلمة بن عاصم، صاحب الفراء، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير، والفضل بن شاذان، ويعقوب بن أحمد التركماني» وآخرون. توفي «أبو الحارث» سنة أربعين ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في طبقات القراء لابن الجزري ج 2 ص 34.

رقم الترجمة/ 74"ابن الحباب" ت 301 هـ

رقم الترجمة/ 74 «ابن الحباب» ت 301 هـ (¬1) هو: الحسن بن الحباب بن مخلد الدقاق، أبو علي، البغدادي، شيخ متصدر للقراءة مشهور، ثقة، ضابط من كبار الحذاق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «الخطيب البغدادي»: كان «ابن الحباب» أصله من «واسط» كثير الحديث، قريب الأمر، وكان ثقة يسكن الجانب الشرقي، وقد قارب التسعين، ولم يغيّر شيبه اهـ (¬2). وقال «ابن الجزري»: روى «ابن الحباب» القراءة عرضا وسماعا عن «البزّي» وهو الذي روى «التهليل» عنه عند الختم، وبه قرأ «الداني» على شيخه «فارس» من طريقه ثم يقول «ابن الجزري» وقرأ «ابن الحباب» أيضا على «محمد بن غالب الأنماطي، وبشر بن هلال» اهـ (¬3). يقول «الخطيب البغدادي»: وقد سمع «ابن الحباب» محمد بن حميد الرازي، ومحمد بن سليمان لوين، ومحمد بن إسماعيل المبارك، ومحمد بن يحيى ابن أبي سمنية، ومحمد بن سهل بن عسكر البخاري (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 7/ 301، وتاريخ الإسلام الورقة 4 (أحمد الثالث 2917/ 7) ومعرفة القراء 1/ 229، وغاية النهاية 1/ 209. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 307. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 209. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 301.

وقد جلس «ابن الحباب» للاقراء، وقد تلقى عليه القرآن الكثيرون، منهم: «ابن مجاهد، وابن الأنباري، وأبو بكر محمد ابن القاسم، وأحمد بن عبد الرحمن ابن الفضل الوليّ وأحمد بن صالح بن عمر، وأحمد بن مسلم الختلي، وأحمد بن عبيد الله، وأبو بكر النقاش، وأبو الحسن بن شنبوذ، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم، وغيرهم كثير» (¬1). وقد كان «ابن الحباب» من الثقات، وفي هذا المعنى يقول «الخطيب البغدادي»: حدثني «عليّ بن محمد بن نصر» قال: سمعت «حمزة بن يوسف» يقول: وسألت «الدارقطني» عن «الحسن بن الحباب بن مخلد الدقاق المقرئ ببغداد، فقال: ثقة» اهـ (¬2). توفي «ابن حباب» سنة إحدى وثلاثمائة من الهجرة وقد قارب التسعين. رحم الله «ابن الحباب» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 301. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 209.

رقم الترجمة/ 75"ابن حبش" ت 373 هـ

رقم الترجمة/ 75 «ابن حبش» ت 373 هـ (¬1) هو: الحسين بن محمد بن حبش- بفتح الحاء وسكون الباء- ابن حمدان، أبو علي الدينوري نسبة إلى مدينة «دينور»، وهي مدينة من أعمال «الجبل» وبينهما وبين همذان عشرون ونيف فرسخا وهي مدينة كثيرة الثمار والزروع وينسب إليها جماعة من علماء القرآن والحديث والأدب (¬2). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن حبش» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: أبو عمران موسى بن جرير الرقي. وإبراهيم بن حرب الحراني، والعباس بن الفضل الرازي، وأبو بكر بن مجاهد، وإبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي، والحسن بن بدر، ومحمد ابن أحمد بن الحسن الشعيري وغير هؤلاء. تصدر «ابن حبش» لتعليم القرآن الكريم واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون منهم: محمد بن المظفر الدينوري، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، ومحمد بن إبراهيم البصير، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأحمد بن عبد الواسع، وأبو غانم الكرجي، وأبو الحسن علي بن محمد الخباز وغيرهم كثير (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الإسلام وفيات 373، ورقة 122 (آيا صوفيا 3008)، وغاية النهاية 1/ 250، ونهاية الغاية الورقة 49، وشذرات الذهب 3/ 81. (¬2) انظر معجم البلدان ج 2 ص 545. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 250.

احتل «ابن حبش» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، حول هذا المعنى يقول «الداني»: «ابن حبش» تقدم في علم القراءات، مشهور بالإتقان ثقة مأمون اهـ (¬1). قال «الإمام ابن الجزري»: ابن حبش حاذق ضابط متقن، وإنه كان يأخذ لجميع القراء بالتكبير في جميع السور وقرأت أنا بالتكبير من طريقه عن السوسي (¬2). توفي «ابن حبش» سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 323. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 250.

رقم الترجمة/ 76"أبو الحسن الأنطاكي" ت 377 هـ

رقم الترجمة/ 76 «أبو الحسن الأنطاكي» ت 377 هـ (¬1) هو: علي بن محمد بن اسماعيل بن محمد بن بشر أبو الحسن الأنطاكي التميمي نزيل الاندلس وشيخها. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو الحسن الأنطاكي» بأنطاكية سنة تسع وتسعين ومائتين من الهجرة. أحب «أبو الحسن الأنطاكي» الرحلة في طلب العلم، فدخل بعض البلاد الإسلامية ليستمع من مشايخها، ويأخذ عن علمائها مثل: دمشق ومصر حتى أصبح من العلماء المشهورين الحذاق، وفي هذا يقول: «ابن الجزري»: لزم «أبو الحسن الأنطاكي» إبراهيم بن عبد الرزاق نحوا من ثلاثين سنة، وخرج من أنطاكية مع أمه للحج في شوال سنة ثمان وثلاثين وانصرف إلى دمشق، فوصل إليه موت شيخه «إبراهيم بن عبد الرزاق» فنزل «مصر» وأقرأ بها إلى أن وجّه «المستنصر بالله» أمير الأندلس قاصدا إلى «مصر» وكتب معه أن يجهز إليه مقرئا، يقرئ الناس بالأندلس فوجه إليه بأبي الحسن، فقدم الاندلس مع «أمه» ودخل «قرطبة» في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- بغية الملتمس 414، وإنباه الرواة 2/ 308 - 309، وتاريخ الإسلام، الورقة 139 - 140، (آيا صوفيا 3008) وتذكرة الحفاظ 3/ 973، والعبر 3/ 5، وتلخيص ابن مكتوم، الورقة 153، ومرآة الجنان 2/ 407 - 408؛ وطبقات السبكي 3/ 468. وغاية النهاية 1/ 564 - 565، وشذرات الذهب 3/ 90. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 56. انظر القراء الكبار ج 1 ص 343.

أخذ «أبو الحسن الأنطاكي» القراءة عن عدد كبير من علماء القراءات، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: أخذ القراءة عرضا عن «إبراهيم بن عبد الرزاق، وأحمد بن محمد بن حشيش، ومحمد بن جعفر بن بيان البغدادي، ومحمد بن النضر بن الأخرم، وأحمد بن صالح البغدادي، وأحمد بن يعقوب التائب». ثم يقول «ابن الجزري»: وقد وقع في كتاب «المستنير» لابن سوار أن «أبا الحسن الأنطاكي قرأ على اسماعيل النحاس عن الازرق عن ورش وهذا مما لا يصح، فإن النحاس توفي قبل مولد «الأنطاكي» هذا بنحو عشر سنين وأكثر. ولكن لما دخل الأنطاكي «مصر» سنة ثلاثين وثلاثمائة كان جماعة من أصحاب «النحاس» موجودين، فيحتمل أن يكون قرأ على بعضهم والله أعلم اهـ (¬1). تصدر «أبو الحسن الأنطاكي» لتعليم القرآن وحروفه، واشتهر بالثقة وحسن القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن وتتلمذ عليه عدد كبير، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج الهيثم بن أحمد الصباغ، وإبراهيم ابن مبشر، وعتبة بن عبد الملك، ومحمد ابن عمر الغازي، وأبو المطرز القنازعي، ومحمد بن يوسف النجار، وعبيد الله بن سلمة بن حزم شيخ أبي عمرو الداني وآخرون» (¬2). لم تقتصر جهود أبي الحسن الأنطاكي على تعليم القرآن، بل شملت أيضا بعض المصنفات النافعة في القراءات. يقول «الإمام الداني»: «أخذ أبو الحسن الأنطاكي» القراءة عرضا وسماعا عن «إبراهيم بن عبد الرزاق، ومحمد بن الأخرم وصنف قراءة ورش» اهـ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 343. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 564. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 565.

احتل «أبو الحسن الأنطاكي» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «أبو الوليد بن الفرضي»: أدخل أبو الحسن الى الاندلس علما جما، وكان بصيرا بالعربية والحساب، وله حظ في الفقه، قرأ الناس عليه، وسمعت أنا منه، وكان رأسا في القراءات، لا يتقدمه أحد في معرفتها في وقته (¬1). وقال «الإمام الداني»: «أبو الحسن الأنطاكي» مشهور بالفضل والعلم، والضبط وصدق اللهجة اهـ (¬2). وقال «القفطي»: رحل «أبو الحسن الأنطاكي» إلى الاندلس، فأدخل إليها علما كثيرا من القراءات والرواية لحديث كثير عن الشاميين والبصريين، وكان بصيرا بالعربية والحساب. وله حظ في الفقه على مذهب الشافعي. قرأ الناس عليه بالاندلس، وكتبوا عنه، وسمعوا منه اهـ (¬3). وقال «الإمام ابن الجزري»: «أبو الحسن الأنطاكي» شيخ الأندلس، وإمام حاذق، مسند، ثقة ضابط، اهـ (¬4). توفي «أبو الحسن الأنطاكي» سنة سبع وسبعين وثلاثمائة بقرطبة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 343. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 565. (¬3) انظر إنباه الرواة ج 2 ص 308. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 364.

رقم الترجمة/ 77"الحسن الجمال" ت 289 هـ

رقم الترجمة/ 77 «الحسن الجمّال» ت 289 هـ (¬1) هو: الحسن بن العباس بن أبي مهران الجمّال بالجيم المعجمة، أبو علي الرازي، شيخ عارف حاذق ثقة، إليه المنتهى في الضبط والتحرير، أقرأ ببغداد وغيرها. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «الجمّال» القراءة على خيرة العلماء منهم: «أحمد بن قالون، وأحمد الحلواني، ومحمد بن عيسى الأصبهاني، وأحمد بن صالح المصري، والقاسم ابن أحمد الخياط، وغيرهم كثير» (¬2). وقد تتلمذ على «الجمال» عدد كثير منهم: «ابن مجاهد، وابن شنبوذ، وابن المنادي، والنقاش، وعبد الجليل الزيات، والحسن بن الحباب، وأحمد بن عثمان بن بويان، وأحمد بن حمّاد صاحب السطاح، وغير هؤلاء كثير» (¬3). قال «الخطيب البغدادي»: سكن «الجمّال» بغداد، وحدث بها عن «سهل بن عثمان العسكري، وعبد المؤمن بن علي الزعفراني، وعبد الله بن هارون الفروي، ويعقوب بن حميد بن كاسب». وروى عنه «يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد ابن مخلد وأبو عمرو بن السمّاك، وعبد الصمد بن علي الطستي» (¬4). توفي «الحسن الجمّال» في رمضان سنة تسع وثمانين ومائتين. رحم الله «الحسن الجمّال» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 7/ 397، وتاريخ الإسلام (الطبقة التاسعة والعشرون) ومعرفة القراء: 1/ 235 وغاية النهاية: 1/ 216. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 216. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 216. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 397.

رقم الترجمة/ 78"الحسن بن أبي الحسن البصري" ت 110 هـ

رقم الترجمة/ 78 «الحسن بن أبي الحسن البصري» ت 110 هـ (¬1) شيخ أهل البصرة، ومفتيها، سيّد أهل زمانه علما وعملا، حافظ القرآن، العامل بآدابه وتعاليمه، أحد أئمة التابعين. مولى «زيد بن ثابت» رضي الله عنه، وكانت «أم الحسن البصري» مولاة لأم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها. ويسار أبوه من سبي «ميسان» وهي أرض واسعة كثيرة القرى، والنخل، بين البصرة وواسط. سكن «يسار» المدينة، وأعتق، وتزوج في خلافة «عمر» رضي الله عنه فولد له «الحسن» لسنتين بقيتا من خلافة «عمر» رضي الله عنه، ثم نشأ الحسن بوادي القرى، وحضر الجمعة مع «عثمان» رضي الله عنه، وسمعه يخطب، وشهد يوم «الدار» وله يومئذ أربع عشرة سنة. قال «محمد بن سعد» كان «الحسن» رحمه الله جامعا، عالما، رفيعا، فقيها، ثقة، حجة، مأمونا، عابدا، كثير العلم، فصيحا، جميلا، وسيما اهـ (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 7/ 156، طبقات خليفة ت 1726، الزهد لأحمد 258، تاريخ البخاري 2/ 289، المعارف 440، المعرفة والتاريخ 2/ 32 و 3/ 338، أخبار القضاة 2/ 3 ذيل المذيل 636، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الاول 40، الحلية 2/ 131، فهرست ابن النديم 202، ذكر أخبار أصبهان 1/ 254، طبقات الفقهاء للشيرازي 87، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 161، وفيات الأعيان 2/ 69، تهذيب الكمال 256، تاريخ الإسلام 4/ 98، تذكرة الحفاظ 1/ 66، تذهيب 2 لتهذيب 1/ 133، البداية والنهاية 9/ 266، و 268، غاية النهاية، 1074، تهذيب التهذيب 2/ 263، النجوم الزاهرة 1/ 267، طبقات الحفاظ للسيوطي 28، خلاصة تذهيب التهذيب 77، طبقات المفسرين 1/ 147، شذرات الذهب 1/ 136، معرفة القراء الكبار: 1/ 65، وسير أعلام النبلاء: ج 4/ 563. (¬2) أنظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 572.

وقال «الذهبي»: كان «الحسن» رجلا تام الشكل، مليح الصورة، بهيّا، وكان من الشجعان الموصوفين اهـ (¬1). وقال «محمد بن سلّام»: حدثنا «أبو عمرو الشّعّاب» بإسناد له قال: كانت «أم سلمة» رضي الله عنها تبعث «أم الحسن» في الحاجة فيبكي وهو طفل، فتسكته «أم سلمة» بثديها، وتخرجه إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير فكانوا يدعون له، فأخرجته إلى «عمر» رضي الله عنه فدعا له وقال: «اللهم فقهه في الدين، وحبّبه إلى الناس» اهـ (¬2). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «ابن الجزري»: قرأ «الحسن البصري» على «حطّان بن عبد الله الرقاشي» عن «أبي موسى الأشعري» وعلى «أبي العالية» عن «أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت» رضي الله عنهما. ثم قال: وروى القراءة عنه «أبو عمرو بن العلاء» وسلام بن سليمان الطويل، ويونس بن عبيد، وعاصم الجحدري (¬3). وقال «الذهبي»: وروى «الحسن البصري» عن: «عمران بن حصين، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن ابن سمرة، والنعمان بن بشير، وابن عباس، وعمرو بن تغلب، ومعقل بن يسار، وانس بن مالك، وجمع من الصحابة» اهـ (¬4). كما روى عنه عدد كثير منهم: «شيبان النحوي، ويونس بن عبيد، وابن ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 572. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 564. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 235. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 565.

عون، وحميد الطويل، وثابت البنانيّ، ومالك بن دينار، وهشام بن حسان، وجرير بن حازم، ومبارك بن فضالة، وأبان بن يزيد العطار، وشبيب بن شيبة، وأشعث بن سوار وغيرهم كثير (¬1). وكان «الحسن البصري» خطيبا رقيق القلب، فعن «مبارك بن فضالة» قال: حدثنا «الحسن البصري» عن «أنس بن مالك» رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة، يسند ظهره إليها، فلما كثر الناس قال: «ابنوا لي منبرا له عتبتان، فلما قام على «المنبر» يخطب، حنّت «الخشبة» إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أي أنس وأنا في المسجد، فسمعت للخشبة حنين الواله، فما زالت تحنّ حتى نزل إليها، فاحتضنها فسكنت» اهـ. وكان «الحسن البصري» إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال: «يا عباد الله الخشبة تحنّ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه، فأنتم أحقّ أن تشتاقوا إلى لقائه» اهـ (¬2). وكان «الحسن البصري» رحمه الله تعالى من الزهاد، الصوّامين: فعن «السّري بن يحيى» قال: كان «الحسن» يصوم البيض، والأشهر الحرم والاثنين، والخميس اهـ (¬3). ولقد كان للحسن البصري المكانة السامية، والمنزلة الحسنة بين المسلمين، والدليل على ذلك ثناء الناس عليه، يوضح ذلك الأقوال الآتية: ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 565. (¬2) أخرجه أحمد في المسند ورجاله ثقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 569. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 578.

قال «قتادة»: ما كان أحد أكمل مروءة من «الحسن البصري» (¬1). وقال «هشام بن حسّان»: كان «الحسن» أشجع أهل زمانه (¬2). وقال «قتادة» كان «الحسن» من أعلم الناس بالحلال والحرام (¬3). وقال «حميد بن يونس»: ما رأينا أحدا أكمل مروءة من «الحسن» (¬4). وقال «عوف»: ما رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من «الحسن» (¬5). وقال «أبو عمرو بن العلاء»: ما رأيت أفصح من «الحسن» والحجاج (¬6). وكان «الحسن البصري» رحمه الله ينطق بالحكمة فمن أقواله: 1 - روى «حوشب» عن «الحسن» أنه قال: يا ابن آدم، والله إن قرأت القرآن وآمنت به، ليطولنّ في الدنيا حزنك، وليشتدّنّ في الدنيا خوفك، وليكثرنّ في الدنيا بكاؤك (¬7). 2 - وقال «هشام بن حسان»: سمعت «الحسن» يحلف بالله، ما أعزّ أحد الدرهم إلا أذلّه الله اهـ (¬8). 3 - وروى «ضمرة بن ربيعة» عن «الحسن» أنه قال: «من كذّب بالقدر فقد كفر اهـ (¬9). ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 574. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 578. (¬3) اخرجه ابن سعد، أنظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 578. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 574. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 575. (¬6) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 574. (¬7) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 575. (¬8) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 576. (¬9) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 581.

4 - وروى «صالح المريّ» عن «الحسن» أنه قال: ابن آدم إنما أنت أيام، كلما ذهب يوم ذهب بعضك اهـ (¬1). 5 - وقال «مبارك بن فضالة»: سمعت «الحسن» يقول: فضح الموت الدنيا، فلم يترك فيها لذي لبّ فرحا اهـ (¬2). يروى أنه في مرض الموت أغمي عليه ثم أفاق إفاقة فقال: لقد نبهتموني من جنات وعيون ومقام كريم اهـ. توفي «الحسن البصري» بعد حياة حافلة بالعلم والعمل. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. وكان ذلك سنة عشر ومائة عن ثمان وثمانين سنة. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 585. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 585.

رقم الترجمة/ 79"أبو الحسن الحلواني" ت 250 هـ ونيف

رقم الترجمة/ 79 «أبو الحسن الحلواني» ت 250 هـ ونيف (¬1) هو: أحمد بن يزيد بن يزداذ الصفّار أبو الحسن الحلواني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. يقول «ابن الجزري»: قرأ «الحلواني» بمكة على «أحمد بن محمد القوّاس، وبالمدينة المنورة على «قالون» رحل إليه مرتين، وإسماعيل وأبي بكر بن أبي أويس، وبالكوفة والعراق على «خلف، وخلاد، وجعفر بن محمد الخشكني، وأبي شعيب القوّاس، وحسين بن الأسود» وآخرين (¬2). كما تتلمذ على «الحلواني» الكثيرون، منهم: «الفضل بن شاذان، وابنه العبّاس بن الفضل، ومحمد بن بسّام، ومحمد بن عمرو بن عون الواسطي، وأحمد بن الهيثم، والحسن بن العباس الجمّال، والحسين بن علي بن حماد الأزرق، وغيرهم كثير» (¬3). توفي «الحلواني» سنة نيّف وخمسين ومائتين من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، رحمه الله رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 2/ 82، وميزان الاعتدال 1/ 164، ومعرفة القراء الكبار 1/ 222، وغاية النهاية 1/ 749. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 149. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 149.

رقم الترجمة/ 80"أبو الحسن الخاشع" ت في حدود 390 هـ

رقم الترجمة/ 80 «أبو الحسن الخاشع» ت في حدود 390 هـ (¬1) هو: علي بن اسماعيل بن الحسن بن اسحاق أبو الحسن البصري القطان، المعروف بالخاشع. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. اعتنى «أبو الحسن الخاشع» بالقراءات القرآنية منذ باكورة حياته، ورحل إلى كثير من المدن الإسلامية يأخذ من علمائها. ويتلقى عن قرائها حتى ذاع صيته واشتهر بين المسلمين ويحدثنا التاريخ أنه رحل إلى المدن التالية: مكة المكرمة، أنطاكية، عسقلان، حمص، مصر. وكان نتيجة هذه الرحلات أنه أخذ عن الكثيرين من العلماء، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: «أخذ أبو الحسن الخاشع القراءة عرضا بمكة عن أبي بكر بن عيسى بن بندار صاحب قنبل، أحد الرواة المشهورين عن ابن كثير المكي». وأخذ بأنطاكية القراءة عن الأستاذ إبراهيم بن عبد الرزاق، وأخذ بعسقلان عن أبي الحسن علي بن محمد بن عامر العامري. وأخذ «بحمص» عن قيس بن محمد الصوفي إمام جامع «حمص». وأخذ بالصعيد الأعلى بمصر عن أحمد بن عثمان بن عبد الله الأسواني عن قراءته على أحمد بن عبيد الله البصري. وأخذ «أبو الحسن الخاشع» القراءة بغير هذه المدن عن: أحمد بن محمد بن بقرة، ومحمد بن عبد العزيز بن الصباح، وأبي العباس المطوعي، وعلي بن خشنام المالكي، ومحمد بن عبيد الله الرازي، وغير هؤلاء كثير (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج 1 ص 526. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 526.

تصدر «أبو الحسن الخاشع» لتعليم القرآن، واشتهر بالإتقان وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: أبو بكر محمد بن عمر بن ذلال، وأبو علي الأهوازي، وأبو نصر أحمد بن مسرور الخباز وآخرون (¬1). احتل أبو الحسن الخاشع مكانه سامية بين العلماء لخلقه واهتمامه بالقرآن الكريم مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا يقول الحافظ «الذهبي»: أقرأ أبو الحسن الخاشع ببغداد مدة، واشتهر ذكره وطال عمره. وصنف في القراءات (¬2). ويقول الإمام «ابن الجزري» «أبو الحسن الخاشع» استاذ مشهور رحال محقق، اعتنى بالفن» اهـ (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته، إلا أن «ابن الجزري» قال: «بقي إلى حدود التسعين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء». ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 339. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 339. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 526.

رقم الترجمة/ 81"أبو الحسن الدارقطني" ت 385 هـ

رقم الترجمة/ 81 «أبو الحسن الدارقطني» ت 385 هـ (¬1) هو: علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود الإمام الحافظ، أبو الحسن الدارقطني البغدادي صاحب التصانيف وأحد الأعلام الثقات. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «الدارقطني» سنة ست وثلاثمائة من الهجرة. وما أن بدأت مواهبه حتى أخذ يرحل إلى الأقطار يأخذ عن علمائها ويتلقى عن شيوخها وقد رحل في ذلك إلى كل من مصر، والشام، وأخذ القرآن وحروف القراءات عن عدد كبير من خيرة العلماء، وفي هذا يقول الإمام «ابن الجزري»: «عرض الدارقطني القراءات على أبي بكر النقاش، وأبي الحسن أحمد بن جعفر بن المنادي، ومحمد بن الحسن الطبري، ومحمد بن عبد الله الحربي، وأبي بكر محمد بن عمران التمار، ومحمد بن أحمد بن قطن، وأبي الحسن بن بويان، وأحمد بن محمد الديباجي، وسمع كتاب السبعة من أبي بكر بن مجاهد (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 12/ 34 - 35، وأنساب السمعاني 5/ 273، والمنتظم 7/ 183، وفهرست ابن خير، 17، 118، 121، 173، 203، 204، 210، 216، 227، وإرشاد الأريب 2/ 408، والكامل لابن الأثير 9/ 115، واللباب 1/ 404، ووفيات الأعيان 3/ 297 - 299، والمختصر في أخبار البشر 2/ 130، وكتب الذهبي وخاصة تاريخ الاسلام الورقة 178 - 180 (آيا صوفيا 3008) وهي ترجمة رائعة، ومرآة الجنان 2/ 424 - 426، وطبقات السبكي 3/ 462 - 466، وطبقات الاسنوي 1/ 508، والبداية والنهاية 11/ 317، ووفيات ابن قنفذ 220، وغاية النهاية 1/ 558 - 559، ونهاية الغاية الورقة 163، وطبقات ابن قاضي سهبة 1/ 147 - 149، والنجوم الزاهرة 4/ 172، وطبقات ابن هداية الله 102، وشذرات الذهب 3/ 116، وغيرها. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 558.

وكان إماما في القراء، والنحويين، سألته عن العلل والشيوخ، وصادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها (¬1)، منها: «المختلف والمؤتلف في أسماء الرجال وغريب اللغة، وكتاب القراءات، وكتاب السنن، والمعرفة بمذاهب الفقهاء» (¬2). وقال: البرقاني أحد تلاميذه: كان الدارقطني يملي عليّ العلل من حفظه» (¬3). وقال أبو ذر الهروي: قيل للحاكم: هل رأيت مثل الدارقطني؟ فقال: هو لم ير مثل نفسه، فكيف أنا (¬4). ومما يدل على فصاحة لسان «الدارقطني» الكثير من الآراء والأخبار، أذكر منها الخبر التالي: يقول «الخطيب البغدادي»: حدثني «الازهري» أن «أبا الحسن الدارقطني» لما دخل مصر كان بها شيخ علوي من أهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له «مسلم بن عبيد الله» وكان عنده كتاب النسب عن الخضر بن داود عن الزبير بن بكار. وكان «مسلم» أحد الموصوفين بالفصاحة المطبوعة على العربية. فسأل الناس «أبا الحسن الدارقطني» أن يقرأ كتاب النسب، ورغبوا في سماعة بقراءته، فأجابهم إلى ذلك، واجتمع في المجلس من كان بمصر من أهل العلم والأدب، والفضل، فحرصوا على أن يحفظوا على أبي الحسن لحنة، أو يظفروا منه بسقطة، فلم يقدروا على ذلك، حتى جعل «مسلم» يعجب ويقول له: «وعربية أيضا» اهـ (¬5). وكان الدارقطني ملمّا بكثير من العلوم يحفظها عن ظهر قلب، وفي هذا يقول ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 351. (¬2) انظر معجم المؤلفين ص 157. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 352. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 352. (¬5) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 35.

«الخطيب البغدادي»: «حدثنا محمد بن علي الصوري قال: سمعت أبا محمد رجاء بن محمد بن عيسى المعدل يقول: سألت أبا الحسن الدارقطني: فقلت له: رأى الشيخ مثل نفسه؟ كما أخذ الدارقطني حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من خيرة العلماء. وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «أبا القاسم البغوي» وأبا بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد، وبرز بن الهيثم القاضي، وأحمد بن اسحاق البهلول. وعبد الوهاب بن أبي حية، والفضل بن أحمد الزبيدي، وأبا عمر محمد بن يوسف القاضي، وأبا سعيد العدوي، ويوسف بن يعقوب النيسابوري، وأبا حامد بن هارون الحضرمي، وأحمد بن عيسى السكين البلدي. وإسماعيل بن العباس الوراق، وإبراهيم بن حماد القاضي، وخلقا كثيرا من هذه الطبقة ومن بعدهم (¬1). تصدر «الدارقطني» إلى تعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. يقول «الإمام ابن الجزري»: «تصدر «الدارقطني» في أواخر عمره للإقراء، وألف في القراءات كتابا جليلا لم يؤلف مثله، وهو أول من وضع أبواب الأصول قبل «الفرش». ولم يعرف مقدار الكتاب إلا من وقف عليه، ولم يكمل حسن كتاب «جامع البيان» لأبي عمرو الداني ت 444 هـ إلا لكونه نسجا على منواله. وروى عن الدارقطني حروف القراءات من كتابه هذا محمد بن إبراهيم بن أحمد. ثم يقول: «ابن الجزري»: «وقد رحل «الدارقطني» إلى مصر والشام. وهو كبير فأفاد، وروى عنه خلق وأئمة كبار مثل: العلامة أبي حامد الأسفراييني، وأبي ذر المعروي، وأبي عبد الله الحاكم، وأبي بكر البرقاني، وعبد الغني الازدي، ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 34.

وتمام الرّازي، وأبي نعيم الأصبهاني، وأبي محمد الخلال، وأبي الطيب الطبري، وأبي الحسن بن المهتدي بالله (¬1). وقد منح الخالق العظيم «الدارقطني» ذاكرة قوية، وحافظة أمينة. وفي هذا يقول «الحاكم»: صار «الدارقطني» أوحد عصره في الحفظ، والفهم، والورع، فقال لي: قال الله تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ (¬2) فقلت له: لم أرد هذا، وإنما أردت أن أعلمه لأقول رأيت شيخا لم ير مثله، فقال لي: إن كان في فن واحد فقد رأيت من هو أفضل مني، وأما من اجتمع فيه ما اجتمع فيّ فلا» (¬3). ومن الأدلة أيضا على حافظة «الدارقطني» القوية الخبر التالي: قال البغدادي: «حدثنا الأزهري قال: بلغني أن «الدارقطني» حضر في حداثته مجلس «اسماعيل الصفار، فجلس ينسخ جزءا كان معه، وإسماعيل يملي، فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك وأنت تنسخ. فقال له «الدارقطني»: فهمي للاملاء خلاف فهمك. ثم قال: كم تحفظ، كم أملى الشيخ من حديث إلى الآن، فقال: لا أعرف، فقال «الدارقطني»: أملى ثمانية عشر حديثا، فعدت الأحاديث فوجدت كما قال. ثم قال «الدارقطني»: الحديث الاول منها عن فلان، عن فلان، ومتنه كذا، والحديث الثاني عن فلان، عن فلان، و، متنه كذا، ولم يزل يذاكر أسانيد الأحاديث ومتونها على ترتيبها في الاملاء حتى أتى على آخرها. فتعجب الناس منه (¬4). كان الدارقطني مع غزارة علمه قوي الملاحظة، ودقيقا في ضبطه للكلمات والأسماء، والأخبار في ذلك كثيرة. أذكر منها الخبر التالي: قال البغدادي: قال الخلال: وغاب مستملي «أبي الحسن الدارقطني» في بعض مجالسه فاستمليت ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 559. (¬2) سورة النجم الآية 32. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 35. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 36.

عليه. فروى حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تقول: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى» فقلت: اللهم انك عفو- وخففت الواو- فأنكر ذلك وقال: «عفوّ» بتشديد الواو (¬1). وقال «الأزهري»: رأيت «محمد بن أبي الفوارس» وقد سأل «أبا الحسن الدارقطني» عن علة حديث فأجابه ثم قال له: «يا أبا الفتح ليس بين الشرق والغرب من يعرف هذا غيري» (¬2). لقد كانت ثقافة «الدارقطني» متعددة، فكما كان من علماء القراءات والحديث كان من علماء الفقه، وفي هذا يقول البغدادي: وسمعت بعض من يعتني بعلوم القرآن يقول: لم يسبق «أبو الحسن» إلى طريقته التي سلكها في عقد الأبواب المتقدمة في أول القراءات، وصار القراء بعده يسلكون طريقته في تصانيفهم، ويحذون حذوه، ومنها المعرفة بمذاهب الفقهاء، فان كتاب السنن الذي صنفه يدل على أنه كان ممن اعتنى بالفقه، لأنه لا يقدر على جمع ما تضمن ذلك الكتاب إلا من تقدمت معرفته بالاختلاف في الأحكام، وبلغني أنه درس فقه الشافعي على أبي سعيد الاصطخري، وقيل بل درس الفقه على صاحب لأبي سعيد، وكتب الحديث عن أبي سعيد نفسه، ومنها أيضا المعرفة بالأدب والشعر، وقيل: إنه يحفظ دواوين جماعة من الشعراء (¬3). ثم يقول «البغدادي»: سمعت القاضي أبا الطيب طاهر بن عبد الله الطبري يقول: كان «الدارقطني» أمير المؤمنين في الحديث، وما رأيت حافظا ورد بغداد إلا مضى إليه، وسلم له يعني سلم له التقدمة في الحفظ وعلو المنزلة في العلم، ثم يقول «البغدادي»: حدثني «الصوري» قال: سمعت عبد الغني بن ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 38. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 39. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 35.

سعيد الحافظ «بمصر» يقول: أحسن الناس كلاما على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم ثلاثة: علي بن المديني، في وقته، وموسى بن هارون في وقته، وعلي بن عمر الدارقطني في وقته. قال «البرقاني»: كنت أسمع عبد الغني بن سعيد الحافظ كثيرا اذا حكى عن «أبي الحسن الدارقطني» شيئا يقول: قال أستاذي: وسمعت أستاذي، فقلت له في ذلك، فقال: وهل تعلمنا هذين الحرفين من العلم إلا من «أبي الحسن الدارقطني» (¬1). لقد احتل «الإمام الدارقطني» مكانة سامية ومنزلة رفيعة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه تقديرا لعلمه وخلقه وفضله حول هذه المعاني السامية يقول «البغدادي»: «كان الدارقطني فريد عصره وقريع دهره ونسيجا وحده وإمام وقته، انتهى إليه علم الأثر، والمعرفة بعلل الحديث. وأسماء الرجال، وأحوال الرواة مع الصدق والأمانة والفقه والعدالة وقبول الشهادة، وصحة الاعتقاد وسلامة المذهب والاضطلاع بعلوم سوى علم الحديث منها القراءات. ثم يقول «البغدادي»: وحدثني أبو الوليد سليمان بن خلف الأندلسي قال: سمعت: أبا ذر العروي: يقول: سمعت الحاكم أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ وسئل عن الدارقطني فقال: قال لي «الأزهري»: كان «الدارقطني» ذكيا اذا ذوكر شيئا من العلم أي نوع كان وجد عنده منه نصيب وافر، ولقد حدثني «محمد بن طلحة» أنه حضر مع «أبي الحسن» في دعوة عند بعض الناس ليلة. فجرى شيء من ذكر «الأكلة» فاندفع «أبو الحسن» يورد أخبار «الأكلة» وحكاياتهم ونوادرهم حتى قطع ليلته أو أكثرها بذلك» اهـ (¬2). توفي «الدارقطني» ثامن ذي القعدة لسنة خمس وثمانين وثلاثمائة وله ثمانون سنة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 36. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 35 - 36.

رقم الترجمة/ 82"الحسن بن العلاف" ت 318 هـ

رقم الترجمة/ 82 «الحسن بن العلّاف» ت 318 هـ (¬1) هو: الحسن بن علي بن بشار بن زياد المقرئ أبو بكر البغدادي، المعروف بابن العلاف الضرير الأديب الشاعر النحوي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «الحسن بن العلاف» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عمر الدوري» أحد الرواة المشهورين عن «أبي عمرو بن العلاء» قيل: إن «الحسن ابن العلاف» آخر من قرأ على «الدوري» (¬2). وقد عمّر «الحسن بن العلاف» طويلا، فقيل عاش مائة سنة قضاها في تعليم القرآن الكريم وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو الفرج الشنبوذي، وأحمد بن نصر الشذائي، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ» وغير هؤلاء كثير (¬3). كان «الحسن بن العلاف» أديبا وشاعرا، وهو صاحب المرثية المشهورة في الهرّ، والتي يقول فيها: يا هرّ قد فارقتنا ولم تعد ... وكنت عندي بمنزلة الولد قال «الخطيب البغدادي»: أخبرنا «علي بن أبي المعدل»: حدثني «أبي» قال حدثني عبد العزيز بن أبي بكر الحسن العلاف الشاعر، وكان أحد ندماء ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 7/ 379، وأنساب السمعاني في العلاف، والمنتظم 6/ 237، واللباب لابن الأثير 2/ 266 ووفيات الأعيان 2/ 107، وتاريخ الاسلام، الورقة 92 (أحمد الثالث 2917/ 9، ونكت الهميان 139 ومرآة الجنان 2/ 277، ومعرفة القراء الكبار 1/ 243، وغاية النهاية 1/ 222، وشذرات الذهب 1/ 277. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 243. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 222.

المعتضد، قال حدثني «أبي» قال: كنت ذات يوم في دار المعتضد، وقد أطلنا الجلوس بحضرته، ثم نهضنا إلى مجالسنا في حجرة كانت موسومة بالندماء، فلما أخذنا مضاجعنا، وهدأت العيون، أحسسنا بفتح الابواب، وتفتيح الأقفال بسرعة، فارتاعت الجماعة لذلك، وجلسنا في «فرشنا» فدخل إلينا خادم من خدم «المعتضد» فقال: إن أمير المؤمنين يقول لكم: أرقت الليلة بعد انصرافكم فعملت: ولما انتهينا للخيال الذي سرى ... إذا الدار قفر والمزار بعيد وقد ارتجّ على تمامه، فأجيزوه، ومن أجازه بما يوافق غرضي أجزلت جائزته، وفي الجماعة كل شاعر مجيب مذكور، وأديب فاضل مشهور، فأفحمت الجماعة، وأطالوا الفكر، فقلت مبتدرا لهم: فقلت لعيني عاودي النوم واهجمي ... لعلّ خيالا طارقا سيعود فرجع الخادم إلى «المعتضد» بهذا الجواب، ثم عاد إليّ، فقال: أمير المؤمنين يقول لك، أحسنت، وما قصّرت، وقد وقع بيتك الموقع الذي أريده، وقد أمر لك بجائزة وها هي (¬1). كما أخذ «الحسن بن العلاف» الحديث عن خيرة العلماء منهم: «حميد بن مسعدة البصري، ونصر بن عليّ الجهضمي، ومحمد بن إسماعيل الحسّاني» وآخرون (¬2). وقد روى عنه الكثيرون منهم، «عبد الله بن الحسن بن النخاس وأبو الحسن الجرّاحي القاضي، وأبو عمر بن حيويه، وأبو حفص بن شاهين». توفي «الحسن بن العلّاف» سنة ثمان عشرة وثلاثمائة على خلاف في ذلك. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 380. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 379.

رقم الترجمة/ 83"أبو الحسن الفريابي"

رقم الترجمة/ 83 «أبو الحسن الفريابيّ» (¬1) هو: محمد بن جعفر بن المستفاض أبو الحسن الفريابي البغدادي نزيل حلب. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو الحسن الفريابي» القرآن عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: اسماعيل ابن إسحاق القاضي عن «قالون» أحد الرواة المشهورين عن «نافع» المدني، ولا زالت قراءة «قالون» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن (¬2). كما أخذ «الفريابي» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، منهم: أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القلوسي، ومحمد بن أحمد بن الجنيد الرقاق، وعباس بن محمد الدوري، وإسحاق بن سيار النصيبي، والمطلب بن شعيب المصري، وموسى بن الحسن الصّقلي، والحسن بن كليب الأنصاري وآخرون (¬3). تصدر «الفريابي» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، فمن الذين أخذوا عنه القراءة: علي بن محمد بن إسحاق الحلبي، وعبد المنعم بن غلبون، وعمر الكتاني (¬4). ومن الذين أخذوا عنه حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم: محمد بن اسماعيل الوراق، ويوسف بن عمر القواس، وأبو حفص ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 2/ 141، وغاية النهاية 2/ 111. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 111. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 141. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 111.

ابن شاهين، وأبو حفص الكتاني (¬1). اشتهر «الفريابي» بالثقة وصحة الضبط، ومن الذين وثقوه «الخطيب البغدادي» لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي الحسن الفريابي». رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 141.

رقم الترجمة/ 84"أبو الحسن القزويني" ت 381 هـ

رقم الترجمة/ 84 «أبو الحسن القزويني» ت 381 هـ (¬1) هو: علي بن أحمد بن صالح بن حماد أبو الحسن القزويني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو الحسن القزويني» سنة ثلاث وثمانين ومائتين. أخذ «أبو الحسن القزويني» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول الإمام «ابن الجزري»: «أخذ القراءة عرضا عن «الحسين بن علي الازرق»، والعباس بن الفضل الرازي، ولقي «ابن مجاهد» ببغداد فناظره» (¬2). تصدر «أبو الحسن القزويني» لتعليم القرآن، وذاع صيته، وطال عمره، وتتلمذ عليه الكثيرون، يقول «ابن الجزري»: تصدر «أبو الحسن القزويني» للاقراء نحو ثلاثين سنة. وقرأ عليه أبو الفضل الخزاعي بقزوين سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. كما قرأ عليه أحمد بن محمد بن زكريا، وروى عنه القاضي أبو يعلى الخليلي (¬3). توفي «أبو الحسن القزويني» في رمضان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة بعد أن عاش ثمانية وتسعين سنة، قضاها في تعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الارشاد في معرفة علماء البلاد (اختيار السلفي) وتاريخ الاسلام للذهبي الورقة 161 (آيا صوفيا 3008). غاية النهاية 1/ 519. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 519. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 519.

رقم الترجمة/ 85"أبو الحسن الكسوري"

رقم الترجمة/ 85 «أبو الحسن الكسوري» (¬1) هو: نظيف بن عبد الله أبو الحسن الكسوري: بكسر الكاف، نزيل دمشق مولى «بني كسرة»، الحلبي، مقرئ كبير مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الحسن الكسوري» القراءة عن خيرة العلماء، منهم: أحمد بن محمد اليقطيني، وموسى بن جرير النحوي، وأبو العباس الأشناني، وعبد الصمد بن محمد العينوني، في سنة تسعين ومائتين، ولم يكمل القرآن عليه، بل سمع منه كتاب «عمرو بن الصباح». وقرأ أيضا على أبي الحارث محمد بن أحمد الرقي، قال «ابن الجزري» «وقرأ على «قنبل» في قول جماعة من المحققين. وقيل: على «اليقطيني عن قنبل» ثم قال: أي «ابن الجزري»: وقراءته على قنبل تحتمل كما قرأ على أبي عمرو بن الحارث وابن عقيل الرقيين» اهـ (¬2). تصدر «أبو الحسن الكسوري» لتعليم القرآن وحروفه، فتتلمذ عليه عدد كثير منهم: عبد الباقي بن الحسن، وعبد المنعم بن غلبون، وعلي بن محمد بن إسماعيل ابن عمير، وأبو علي الرهاوي فيما ذكره «أبو العز» عن الحسن بن القاسم عنه (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- ميزان الاعتدال 4/ 264 - 265، وغاية النهاية 2/ 341 - 342. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 342. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 342.

اشتهر «أبو الحسن الكسوري» بالقراءة وصحة الضبط والإتقان مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: «كان أبو الحسن الكسوري من كبار القراء» اهـ (¬1). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي الحسن الكسوري» رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 305.

رقم الترجمة/ 86"أبو الحسن النخاس" ت 280 هـ ونيف

رقم الترجمة/ 86 «أبو الحسن النخّاس» ت 280 هـ ونيف (¬1) هو: إسماعيل بن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن عبد الله التجيبي، أبو الحسن النخاس، شيخ قراء مصر، محقق ثقة، كبير القدر، جليل المنزلة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «أبو الحسن النخاس» القرآن على خيرة علماء عصره، منهم: «الازرق» صاحب «ورش» وهو أجل أصحابه، ولا زال المسلمون يتلقون القرآن من طريق «الازرق» عن «ورش» حتى الآن، وقد تلقيت ذلك وقرأت به والحمد لله رب العالمين. كما قرأ «أبو الحسن النخاس» على عدد كثير منهم: إبراهيم بن حمدان، وأحمد بن إسحاق بن إبراهيم الخياط، وأحمد بن عبد الله بن هلال، وأحمد بن أسامة التجيبي، وحمدان بن عون بن حكيم، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ، ومحمد بن خيرون الأندلسي، وأبو علي وصيف الحمراوي (¬2). قال «الذهبي» عن «أبي الحسن النخاس»: «تصدّر للإقراء مدّة. فقرأ عليه خلق لإتقانه وتحريره، وبصره بقراءة ورش» اهـ (¬3). توفي «أبو الحسن النخاس» سنة بضع وثمانين ومائتين، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «أبا الحسن النخاس» رحمة واسعة، وجزاه الله تعالى أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الوافي بالوفيات 9/ 146، ومعرفة القراء 1/ 231، وغاية النهاية 1/ 165، وحسن المحاضرة 1/ 487. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 165. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 231.

رقم الترجمة/ 87"حسنون بن الهيثم" ت 290 هـ

رقم الترجمة/ 87 «حسنون بن الهيثم» ت 290 هـ (¬1) هو: الحسن بن الهيثم أبو علي الدويري المعروف بحسنون. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ وضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «حسنون» القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «هبيرة التمار» صاحب «حفص» قال «الداني»: وروايته أشهر الروايات، وأصحها (¬2). وقد تصدّر «حسنون» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو بكر الديلي» شيخ «أبي العلاء الواسطي» وأبو بكر النقاش، ومحمد بن أحمد بن هارون، وعبد الجليل الزيات، وابن أبي أمية». وسمع منه الحروف «أبو بكر ابن مجاهد» (¬3). كما أخذ «حسنون» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء منهم: «محمد بن كثير الفهري»، «وداود بن رشيد» وآخرون (¬4). كما اشتهر «حسنون» بتعليم القرآن، اشتهر أيضا برواية حديث النبي صلى الله عليه وسلم فسمع منه الحديث الكثيرون منهم: «أبو بحرية البربهاري، وعبد الرحمن بن العباس المخلص». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته: في غ تاريخ الاسلام، الورقة 195 (أوقاف)، ومعرفة القراء الكبار 1/ 252، وغاية النهاية: 1/ 234. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 252. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 234. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 252.

توفي «حسنون» سنة تسعين ومائتين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام (¬1). رحم الله «حسنون» رحمة واسعة وجزاه الله عن القرآن أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 253.

رقم الترجمة/ 88"أبو الحسين الجبي" ت 381 هـ

رقم الترجمة/ 88 «أبو الحسين الجبّي» ت 381 هـ (¬1) هو: أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل أبو الحسين الجبي، هكذا نسبه «الحافظ الذهبي» وقال «الإمام ابن الجزري»: الجبني الكبائي بموحدة ثم همزة مقصورة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الحسين الجبي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: «قرأ على أحمد بن فرح سنة ثلاثمائة، وأحمد بن محمد الرازي، وابن شنبوذ، وأبي بكر الداجوني والحسين بن إبراهيم صاحب ابن جبير، والخضر بن الهيثم، ومحمد بن جرير الطبري الإمام باختياره سنة ثمان وثلاثمائة، ومحمد بن موسى الزينبي، ومحمد بن عبد الله الرازي، وعبد الله بن محمد بن هاشم الزعفراني، وعبد الله بن عمر بن كثير الهمذاني، ومحمد بن أحمد بن عمران بن رجاء، وأبي بكر محمد بن الحسن النقاش، ومحمد بن أحمد الشعيري، وهبة الله بن جعفر وأحمد ابن عبد الصمد الرازي» (¬2). تصدر «أبو الحسين الجبي» لتعليم القرآن، ومن الذين اشتهروا بالأخذ عنه، «أبو علي الأهوازي» (¬3). توفي «أبو الحسين الجبي» سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة بالأهواز بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- السمعاني في «الجبي» من الأنساب 3/ 204، والمشتبه 140، وغاية النهاية 1/ 72، 77، وتوضيح المشتبه 1/ الورقة 122. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 72. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 337.

رقم الترجمة/ 89"حسين الجعفي" ت 203 هـ

رقم الترجمة/ 89 «حسين الجعفي» ت 203 هـ (¬1) العالم الحجة، معلم الكوفة. هو: حسين بن علي بن فتح، أبو عبد الله الجعفي، الكوفي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «حسين الجعفي» القرآن وجوّده على مشاهير علماء عصره منهم: «حمزة بن حبيب الزيات» الإمام السادس من أئمة القراءات، وهو أحد الذين خلفوه في القيام بالقراءة. كما روى الحروف عن «أبي بكر بن عياش، وأبي عمرو بن العلاء» (¬2). وقد برع «حسين الجعفي» في القراءة، والحديث، وأقرأ المسلمين زمانا طويلا بعد شيخه «حمزة». ومن الذين أخذوا عنه القرآن: «أيوب بن المتوكل، وخلاد بن خالد، وأبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي، وهارون بن حاتم، وعنبسة بن النضر وآخرون (¬3). وكما أخذ «الحسين الجعفي» القرآن عن مشاهير علماء عصره، تلقى الحديث أيضا عن أئمة الحديث، منهم: «جعفر بن برقان، وفضيل بن مرزوق، وعبد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ خليفة 471، وطبقات خليفة 171، والتاريخ الكبير للبخاري 2/ 381، والمعرفة والتاريخ 1/ 195، والجرح والتعديل 3/ 55، والكاشف 1/ 232، ومعرفة القراء الكبار 1/ 164، ومرآة الجنان 2/ 8، وغاية النهاية 1/ 247، وخلاصة تذهيب الكمال 84 وأنظر تهذيب الكمال. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 247. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 164.

الرحمن بن يزيد بن جابر، وسفيان الثوري، ومجمّع بن يحيى الأنصاري» وآخرون. وقد أخذ عنه الحديث عدد كثير منهم: «الإمام أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، ويحيى بن معين، وأحمد بن عمر الوكيعي، وأحمد بن الفرات، وعباس الدوري، ومحمد بن عاصم الثقفي، وخلق كثير» (¬1). وكان «حسين الجعفي» من العلماء العاملين، الثقات. وقد أثنى عليه الكثيرون من مشاهير العلماء: فمن ذلك قول «الإمام أحمد بن حنبل»: ما رأيت أفضل من «حسين الجعفي» (¬2). وقال «قتيبة بن سعيد»: قالوا لسفيان بن عيينة: قدم «حسين الجعفي» فقال: قدم أفضل رجل يكون قط (¬3). وروى «أبو هشام الرفاعي» عن «الكسائي» قال: قال لي «الرشيد»: من أقرأ الناس؟ قلت: «حسين الجعفي» (¬4). وقال «أحمد بن عبد الله العجلي»: كان «حسين الجعفي» يقرئ القرآن، رأس فيه، ولم أر رجلا قط أفضل منه، وهو ثقة، ولم نره إلا مقعدا، ولم يطأ قط، وكان جميلا يخضب» اهـ (¬5). توفي «حسين الجعفي» سنة ثلاث ومائتين من الهجرة عن أربع وثمانين سنة قضاها في تعليم القرآن الكريم وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «حسين الجعفي» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 164. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 164. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 247. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 165. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 165.

رقم الترجمة/ 90"أبو الحسين الملطي" ت 377 هـ

رقم الترجمة/ 90 «أبو الحسين الملطيّ» ت 377 هـ (¬1) هو: محمد بن أحمد بن عبد الرحمن أبو الحسين الملطي الشافعي نزيل عسقلان، فقيه مقرئ متقن ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ أبو الحسين الملطي القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أبو بكر بن مجاهد، وأبو بكر بن الأنباري وآخرون (¬2). كما أخذ حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، يقول الحافظ «الذهبي» وحدث عن «عدي بن عبد الباقي، وخيثمة الطرابلسي وأحمد بن مسعود الوزان» (¬3). تصدر «أبو الحسين الملطي» إلى تعليم القرآن، ولسنة النبي عليه الصلاة والسّلام واشتهر بالصدق والأمانة، وأقبل عليه الطلاب، فمن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا الحسن بن ملاعب الحلبي، وروى عنه الحروف «عبيد الله بن سلمة» (¬4). ومن الذين رووا عنه الحديث: إسماعيل بن رجاء، وعمر بن أحمد الواسطي، وداود بن مصحح، وعبيد الله بن سلمة (¬5). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام الورقة 140 (آيا صوفيا 3008) وطبقات السبكي 3/ 77 - 78. وغاية النهاية 2/ 67، ونهاية الغاية، الورقة 216. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 67. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 343. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 67. (¬5) انظر القراء الكبار ج 1 ص 343.

قال «الحافظ الذهبي»: أخبرنا عبد الحافظ بن بدران «بنابلس» أخبرنا أحمد بن طاوس أخبرنا حمزة بن أحمد السلمي سنة خمسين وخمسمائة، حدثنا الفقيه «نصر بن إبراهيم، أخبرنا عمر بن أحمد الخطيب حدثنا «أبو الحسين الملطي» حدثنا أحمد بن محمد بن إدريس الإمام بحلب، حدثنا سهل بن صالح الانطاكي، حدثنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قالت «هند» يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، وإنه لا يعطيني ما يكفيني ويكفي بنيّ، فآخذ من ماله وهو لا يعلم، فهل عليّ منه شيء؟ قال: خذي من ماله ما يكفيك وبنيك بالمعروف (¬1). احتل «أبو الحسين الملطي» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الإمام الداني»: «أبو الحسن الملطي» مشهور بالثقة والاتقان، سمعت اسماعيل بن رجاء يقول: كان كثير العلم كثير التصنيف في الفقه، وكان تفقه للشافعي، وكان يقول الشعر (¬2). وقال «ابن الجزري»: أبو الحسين الملطي الشافعي نزيل عسقلان فقيه مقرئ متقن ثقة، وله قصيدة عارض بها «أبا مزاحم الخاقاني» وهي في وصف القراء، ثم يقول: «ابن الجزري» أنشد فيها الشيخ أبو المعالي المقرئ شفاها، عن ست الدار الوجيهية عن إبراهيم ابن وثيق عن ابن زرقون عن الخولاني عن أبي عمرو الداني قال: أنشدني إياها «عبيد الله» من لفظه وأنشدنيها «بمصر» أبو محمد اسماعيل بن رجاء «من حفظه» قال: «أنشدنا» «أبو الحسين الملطي» وأولها: أقول لأهل اللب والفضل والحجر ... مقال مريد للثواب وللأجر، وأسأل ربي عفوه وعطاءه ... وطرد دعواي العجب عني والكبر، ¬

_ (¬1) القراء الكبار ج 1 ص 343. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 343.

وأدعوه خوفا راغبا بتذلل ... ليغفر لي ما كان من سيّئ الأمر، وأسأله عونا كما هو أهله ... أعوذ به من آفة القول والفخر (¬1) توفي «أبو الحسين الملطي» بعسقلان سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 67.

رقم الترجمة/ 91"أبو الحسين بن المنادي" ت 336 هـ

رقم الترجمة/ 91 «أبو الحسين بن المنادي» ت 336 هـ (¬1) هو: أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله أبو الحسين البغدادي المعروف بابن المنادي الإمام المشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «ابن المنادي» لثمان عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول سنة ست وخمسين ومائتين من الهجرة. تلقى «ابن المنادي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «الحسن بن العباس، وعبيد الله بن محمد بن أبي محمد اليزيدي، ومحمد بن سعيد بن يحيى الضبي، والفضل بن مخلد وآخرون». كما أخذ «ابن المنادي» حروف القراءات عن جده: محمد بن عبيد الله، ومحمد بن الفرج الغساني (¬2). وقد اشتهر «ابن المنادي» بالثقة والتحقيق والإتقان، وتصدر لتعليم القرآن والقراءات وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. قرأ على «ابن المنادي» عدد كثير، منهم: أحمد بن نصر الشذائي، وعبد الواحد بن أبي هاشم: وأبو الحسن بن بلال، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- فهرست ابن النديم 38، وتاريخ بغداد 4/ 69 - 70، والمنتظم 6/ 357، وتاريخ الاسلام الورقة 191، وتذكرة الحفاظ 3/ 849 - 850، والعبر 2/ 242، ومرآة الجنان 2/ 325، والبداية والنهاية 11/ 219، وغاية النهاية 1/ 44، والنجوم الزاهرة 3/ 295، وبغية الوعاة 1/ 300، وطبقات الحفاظ للسيوطي 351 - 352، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 33 - 34، وشذرات الذهب 2 ص 343. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 44. انظر القراء الكبار ج 1 ص 284.

وأحمد بن صالح بن عمر البغدادي، وعبد الله بن أحمد بن يعقوب، وأحمد بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن إبراهيم العمري، وروى القراءة عنه «أبو الحسين الجبني شيخ الأهوازي (¬1). وأخذ «ابن المنادي» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: جده، محمد بن عبيد الله، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وزكريا بن يحيى المروزي، ومحمد بن عبد المالك الدقيق، وأبو داود السجستاني، وعيسى ابن الوراق، وأبو يوسف القلوسي وغير هؤلاء كثير. وقد روى عن «ابن المنادي» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عدد لا بأس به، منهم: «أبو عمر بن حيوة» وآخر من حدث عنه «محمد بن فارس الغوري» (¬2). وكان «ابن المنادي» من الثقات، وقد أثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي ت 463 هـ: «كان «ابن المنادي» ثقة أمينا، ثبتا، صدوقا، ورعا، حجة فيما يرويه، محصلا لما يمليه، صنف كتبا كثيرة، وجمع علوما جمة، وما سمع الناس من مصنفاته إلا أقلها» اهـ (¬3). وقال عنه الإمام الداني ت 444 هـ: ««ابن المنادي» مقرئ جليل، غاية فن الإتقان، فصيح، عالم بالآثار، نهاية في علم العربية، ثقة مأمون، صاحب سنة» اهـ (¬4). قال عنه «ابن الجزري» 833 هـ: «كان «ابن المنادي» إماما مشهورا، حافظا ثقة، متقنا، محققا، ضابطا» اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) طبقات القراء ج 1 ص 44. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 69. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 69. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 285. (¬5) انظر طبقات القراء ج 1 ص 44.

وقد اتصف «ابن المنادي» بكثير من الصفات النبيلة التي تتفق وتعاليم الإسلام، من هذه الصفات أنه كان شديد العناية بصدق الرواية، ولا يقبل الكذب أيا كان نوعه ومن جرب عليه الكذب ولو مرة واحدة فانه لا يقبله في حلقة درسه، لأن المحدث يجب أن يتحلى بالصدق في جميع الأحوال. حول هذا المعنى يروي لنا الخطيب البغدادي هذه الحادثة فيقول: قال لي «أبو الحسن بن الصلت»: كنا نمضي مع «ابن قاح الوراق» إلى «ابن المنادي» لنسمع منه فاذا وقفنا ببابه خرجت إلينا جارية له وقالت: كم أنتم؟ فنخبرها بعددنا، ويؤذن لنا في الدخول ويحدثنا، فحضر معنا مرة إنسان علوي وغلام له فلما استأذنا قالت الجارية: كم أنتم؟ فقلنا: نحن ثلاثة عشر، وما كنا حسبنا العلوي ولا غلامه في العدد، فدخلنا عليه، فلما رآنا خمسة عشر نفسا قال لنا: انصرفوا اليوم فلست أحدثكم، فانصرفنا وظننا أنه عرض له شغل، ثم عدنا إليه مجلسا ثانيا، فصرفنا ولم يحدثنا، فسألناه بعد ذلك عن السبب الذي أوجب ترك التحدث لنا، فقال: كنتم تذكرون عددكم في كل مرة للجارية فتصدقون، ثم كذبتم في المرة الأخرى. ومن كذب في هذا المقدار لم يؤمن أن يكذب فيما هو أكبر منه، قال: فاعتذرنا إليه وقلنا: نتحفظ فيما بعد، فحدثنا» 1 هـ (¬1). وهكذا يجب على كل مسلم وبخاصة العلماء التحلي بالصدق، الذي هو من أسمى الصفات الحميدة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يلقب قبل بعثته عليه الصلاة والسلام بالصادق الأمين. وتعاليم الهادي البشير صلى الله عليه وسلم كلها تحث على الصدق وتحذر من الكذب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 4 ص 69 - 70.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا» اهـ (¬1). ومن التزم بالصدق ونفّذ تعاليم الإسلام فإنه ليفوز يوم القيامة بجنة عرضها السموات والارض، يشير إلى ذلك قوله تعالى: قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ، لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (¬2). توفي «أبو الحسين بن المنادي» يوم الثلاثاء لإحدى عشرة ليلة بقين من المحرم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة، ودفن في مقبرة «الخيزران». رحم الله «ابن المنادي» رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) متفق عليه، انظر رياض الصالحين ص 38. (¬2) سورة المائدة الآية 119.

رقم الترجمة/ 92"حفص بن سليمان" ت 180 هـ

رقم الترجمة/ 92 «حفص بن سليمان» ت 180 هـ (¬1) الإمام الحجة، الثقة الثبت، صاحب الرواية المشهورة في الآفاق، ويقرأ بها الآن معظم المسلمين في شتى أنحاء العالم. وهو حفص بن سليمان بن المغيرة أبو عمرو بن أبي داود الأسدي الكوفي، ولد حفص سنة تسعين من الهجرة. وقد أخذ حفص القراءة عرضا وتلقينا على «عاصم ابن أبي النّجود» الإمام الخامس من الأئمة العشرة. قال «الداني»: وقد أخذ «حفص» قراءة عاصم تلاوة. ونزل «بغداد» فأقرأ بها ثم رحل إلى مكة وجاور بها، فأقرأ الناس بقراءة «عاصم» ولا زال المسلمون حتى الآن يتلقون قراءة «حفص» بالرضا والقبول، ولا أكون مبالغا إذا قلت إن قراءة «حفص» من أشهر الروايات في شتى بقاع الدنيا. ومما تجدر الإشارة إليه أن قراءة «حفص» صحيحة ومتصلة السند بالهادي البشير عليه الصلاة والسلام، لأنها ترتفع إلى الإمام «عليّ بن أبي طالب» رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد كان «حفص» رحمه الله مدرسة وحده، فقد تلقى عليه القراءة عدد كثير منهم: عمرو بن الصباح، وأخوه عبيد بن الصباح، وأبو شعيب القواس، وحمزة ابن القاسم، وحسين بن محمد المروذي، وخلف الحدّاد، وغير هؤلاء كثير. وقد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- التاريخ الكبير 2/ 363، والجرح والتعديل 3/ 173، والكاشف 1/ 240، وميزان الاعتدال 1/ 558، ومرآة الجنان 1/ 378، ومعرفة القراء الكبار 1/ 140، وغاية النهاية 1/ 254، وتقريب التهذيب 1/ 186، وتهذيب التهذيب 2/ 400، وشذرات الذهب 1/ 293، وانظر «تهذيب الكمال».

روى «حفص» عن عدد كثير، منهم: علقمة بن مرثد، وثابت البناني، وأبو إسحاق السبيعي، ومحارب بن دثار، وإسماعيل السدّي، وليث بن أبي سليم، وآخرون. كما روى الحديث عن «حفص» عدد كثير منهم: بكر بن بكّار، وآدم بن أبي إياس، وأحمد بن عبدة، وهشام بن عمّار، وعلي بن حجر، وعمرو الناقد، وآخرون. وقد اشتهر «حفص» رحمه الله تعالى بضبط الحروف مما جعل الناس يتهافتون على الأخذ بقراءته. توفي «حفص» سنة ثمانين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم، رحم الله «حفصا» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 93"حمدان بن عون" ت 340 هـ

رقم الترجمة/ 93 «حمدان بن عون» ت 340 هـ (¬1) هو: حمدان بن عون بن حكيم بن سعيد أبو جعفر الخولاني المصري، أحد الحذاق المدققين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تعلق «حمدان بن عون» بقراءة القرآن وتجويده. فقد حكى «عمرو بن محمد ابن عراك» حيث قال: سمعت «حمدان بن عون» يقول: فرأت على «ابن هلال» ثلاثمائة ختمة، ثم أتى بي إلى اسماعيل النحاس، فقال: هذا تلميذي، وقد قرأ عليّ وجوّد فخذ عليه، فأخذ عليّ، وقرأ عليّ ختمتين، يعني: جود فيهما وحقق (¬2). وهكذا كان العلماء الاوائل لا يستنكف الواحد منهم أن يأخذ عن تلميذه، ويتلقى عنه العلم والقرآن. كما تلقّى «حمدان بن عون» القرآن على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أحمد بن هلال، واسماعيل بن عبد الله النحاس، والقاسم بن محمد بن عامر» وآخرون (¬3). تصدر «حمدان بن عون» لتعليم القرآن، فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «عمر بن محمد بن عراك». توفي «حمدان بن عون» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم حول سنة أربعين وثلاثمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية 1/ 260، وحسن المحاضرة 1/ 488. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 299. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 260.

رقم الترجمة/ 94"أبو حمدون الذهلي" ت في حدود سنة 240 هـ

رقم الترجمة/ 94 «أبو حمدون الذّهلي» ت في حدود سنة 240 هـ (¬1) هو: الطيب بن إسماعيل بن أبي تراب، أبو حمدون الذهلي البغدادي، النقاش للخواتم. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «أبو حمدون» القراءة عن مشاهير علماء عصره، منهم: «اليزيدي، وإسحاق المسيّبي صاحب نافع، ويعقوب الحضرمي، الإمام الثامن من أئمة القراءات، وعبد الله بن صالح، وإسحاق الازرق، ويحيى بن آدم، وغير هؤلاء كثير». كما روى «أبو حمدون» الحروف عن: «سليمان بن داود الهاشمي، وحجاج ابن منهال الأعور، وحسين الجعفي، وسليمان بن عيسى»، يقول «ابن الجزري» قال: «أبو حمدون»: سمعت الكسائي وقد قرأ علينا ختمتين، ما من حرف إلا سألناه عنه» اهـ (¬2). كما أخذ «أبو حمدون» الحديث عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمة هؤلاء «سفيان بن عيينة» (¬3) يقول «الذهبي»: جلس «أبو حمدون» للاقراء، وقصده الطلبة لدينه وورعه، وإتقانه، وحذقه بالأداء، وقد أخذ عنه الكثيرون منهم: ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد: 9/ 360، وغاية النهاية 1/ 343، وتاريخ الاسلام الورقة 42 (أحمد الثالث 2917/ 7). (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 343. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 211.

«الحسن بن الحسين الصواف، والفضل بن مخلد الرقاق، والحسين بن شريك، وآخرون» (¬1). وكما أقبل طلاب العلم على «أبي حمدون» لتلقي القرآن الكريم، أقبلوا عليه أيضا لسماع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد حدث عنه الكثيرون منهم: إسحاق بن سنين الختّلي، وسليمان بن يحيى الضبي، والقاسم بن أحمد المعشري، وأبو العباس بن مسروق، وغيرهم (¬2). وكان «أبو حمدون» من الزهاد القانعين، وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: «وقد كان «أبو حمدون» على قدم عظيم من التقلل، والقناعة، والعبادة، بلغنا أنه كان يلتقط المنبوذ- أي ما يلقيه الناس استغناء عنه- ويتقوّت به» (¬3). وذكر الخطيب البغدادي في «تاريخه»: أن «أبا حمدون» كانت له صحيفة فيها أسماء ثلاث مائة نفس من أصحابه، يدعو لهم كل ليلة، فنام عنهم ليلة فقيل له في النوم: «كم تسرج مصابيحك»؟ قال: فقعد ودعا لهم» اهـ (¬4). توفي «أبو حمدون» في حدود سنة أربعين ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «أبا حمدون» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 211. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 211. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 212. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 212.

رقم الترجمة/ 95"حمزة بن حبيب الزيات" ت 156 هـ

رقم الترجمة/ 95 «حمزة بن حبيب الزيّات» ت 156 هـ (¬1) شيخ القراء، الإمام القدوة، الثقة الحجة، عالم القراءات والفرائض، والحديث، العابد الخاشع، مقرئ الكوفة. هو أبو عمارة، مولى آل عكرمة بن ربعي التيمي، أحد القراء السبعة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من علماء القراءات. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «سهل بن محمد التميمي»: قال لنا «سليم» سمعت «حمزة» يقول: «ولدت سنة ثمانين، وأحكمت القراءة ولي خمس عشرة سنة» اهـ. وقال «الذهبي»: ولد «حمزة» سنة ثمانين، وأدرك الصحابة بالسنّ، فلعله رأى بعضهم، وقرأ «القرآن» عرضا على «الأعمش»، وحمران بن أعين، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبي إسحاق، وقرأ أيضا على «طلحة بن مصرف، وجعفر الصادق، وتصدر للاقراء، وقرأ عليه عدد كثير» اهـ (¬2). وقال «سليم» ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 6/ 385، والتاريخ الكبير 3/ 52، والمعارف 529، والمعرفة والتاريخ 2/ 256، و 3/ 180، والجرح والتعديل 3/ 209، ومشاهير علماء الأمصار 168، والمقتبس 268، ووفيات الأعيان 2/ 216، وتهذيب الكمال الورقة 335، وتاريخ الاسلام 6/ 174، وسير أعلام النبلاء 7/ 90، ومعرفة القراء الكبار 1/ 111، وتذهيب التهذيب 1 الورقة 176، والعبر 1/ 226، والكاشف 1/ 254، وميزان الاعتدال 1/ 605، ومرآة الجنان 1/ 332، ووفيات ابن قنفذ 132، وغاية النهاية 1/ 261، وتقريب التهذيب 1/ 199، وتهذيب التهذيب 3/ 27، وخلاصة تذهيب الكمال 93، وشذرات الذهب 1/ 240، وروضات الجنات ج 3 ص 253. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 112.

عن «حمزة»: قرأت القرآن أربع مرات على «ابن أبي ليلى» (¬1). وأقول: قرأ «حمزة» على كل من «أبي حمزة حمران بن أعين ت 129 هـ وأبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي ت 132 هـ. وقرأ «أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي» شيخ «حمزة» على «عاصم بن ضمرة، والحارث الهمذاني» على «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه. وقرأ «علي بن أبي طالب» على رسول الله صلى الله عليه وسلم. من هذا يتبيّن أن قراءة «حمزة» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا زال المسلمون يتلقونها، ويقرءون بها حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. ومن يقرأ تاريخ «حمزة» يجده كان مدرسة وحده في تعليم القرآن، ولذا فقد أخذ القراءة عنه عدد كثير منهم: خلف بن هشام البزّار ت 229 هـ وخلاد بن خالد الصيرفي ت 220 هـ وسفيان الثوري ت 161 هـ وعلي بن حمزة الكسائي ت 189 هـ 1 هـ. قال «الذهبي» وقد حدث «حمزة» عن «طلحة بن مصرف، وحبيب بن أبي ثابت، وعمرو بن مرّة، وعديّ بن ثابت» وآخرين. كما حدث عنه «الثوري»، وشريك، وأبو الأحوص، وشعيب بن حرب، ويحيى بن آدم، وقبيصة بن عقبة» وأمم سواهم (¬2). وقال «محمد بن الحسن النقاش»: كان «حمزة» يجلب الزيت من العراق إلى «حلوان» ويجلب من «حلوان»: الجوز، والجبن، إلى الكوفة (¬3). وقال «الذهبي»: كان «حمزة» إماما، حجة، قيّما بكتاب اليه تعالى، حافظا للحديث، بصيرا بالفرائض، والعربية، عابدا، خاشعا، قانتا لله تعالى (¬4). ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 117. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 122. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 122. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 122.

وقال «شعيب بن حرب»: أمّ «حمزة» الناس سنة مائة، ودرس «سفيان الثوري القرآن على «حمزة» (¬1). وقال «حمزة» عن نفسه: نظرت في المصحف حتى خشيت أن يذهب بصري، ثم قال: وكان مصحفه على هجاء مصحف «عبد الله بن الزبير». ولقد كان «حمزة» رحمه الله تعالى حجة في قراءة القرآن، فعن «شعيب بن حرب» قال: سمعت «حمزة» يقول: «ما قرأت حرفا إلا بأثر» (¬2). وقال «إبراهيم الازرق»: كان «حمزة» يقرأ في الصلاة كما يقرأ لا يدع شيئا من قراءته، فذكر المد والهمز والادغام. وقال «يحيى بن معين»: كان «حمزة» رحمه الله ثقة (¬3). وروى «علي بن الحسين» أن «حمزة» قال: إن لهذا التحقيق منتهى ينتهي إليه، ثم يكون قبيحا، مثل «الجعودة» لها منتهى تنتهي إليه، فإذا زادت صارت «قططا». وقال «عبد الله بن موسى»: ما رأيت أحدا أقرأ من «حمزة». كما قال «سفيان الثوري»: غلب «حمزة» الناس على القرآن والفرائض. وقال «أبو عمر الدوري»: حدثنا «أبو المنذر يحيى بن عقيل» قال: كان «الأعمش» إذا رأى «حمزة» قد أقبل قال: هذا حبر القرآن. وقال «أبو حنيفة» «لحمزة»: شيئان غلبتنا عليهما، لسنا ننازعك فيهما، القرآن، والفرائض (¬4). ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 117. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 117. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 116. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 113.

ومن يقرأ تاريخ «حمزة» يحكم بأنه كان زاهدا، وكثير العبادة، وهناك أكثر من دليل على ذلك. قال «عبيد الله بن موسى»: كان «حمزة» يقرئ القرآن حتى يتفرق الناس، ثم ينهض فيصلي أربع ركعات، ثم يصلي ما بين الظهر والعصر، وما بين المغرب والعشاء، وحدثني بعض جيرانه أنه لا ينام الليل، وأنهم يسمعون قراءته يرتل القرآن» اهـ (¬1). وقال «إسحاق بن الجراح» قال «خلف بن تميم»: مات «أبي» وعليه «دين» فأتيت «حمزة» ليكلم صاحب الدين، فقال: ويحك إنه يقرأ عليّ، وأنا أكره أن أشرب من بيت من يقرأ عليّ الماء» اهـ (¬2). وذكر «جرير بن عبد الحميد» قال: مرّ بي «حمزة» فطلب ماء فأتيته به، فلم يشرب لكوني أحضر القراءة عنده» اهـ (¬3). وقال «حسين الجعفي»: «ربما عطش «حمزة» فلا يستقي كراهية أن يصادف من يقرأ عليه» اهـ (¬4). توفي «حمزة» بمدينة «حلوان» بمصر سنة ست وخمسين ومائة، بعد حياة كلها عمل وجهاد في تعليم القرآن، رحم الله «حمزة» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 115. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 116. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 116. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 116.

رقم الترجمة/ 96"خلاد بن خالد" ت 220 هـ

رقم الترجمة/ 96 «خلّاد بن خالد» ت 220 هـ (¬1) هو: خلاد بن خالد أبو عيسى، وقيل: أبو عبد الله الشيباني مولاهم الصيرفي الكوفي، صاحب «سليم». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «خلاد بن خالد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الذهبي»: خلاد بن خالد الكوفي إمام في القراءة، ثقة، عارف، محقق، أستاذ، أخذ القراءة عرضا عن «سليم» وهو من أضبط أصحابه وأجلهم، وروى القراءة عن «حسين ابن علي الجعفي عن «أبي كر» نفسه، عن «عاصم» وعن «أبي جعفر» محمد ابن الحسن الرؤاسي» اهـ (¬2). أقرأ «خلاد بن خالد» الناس مدّة من الزمان، وقد أخذ عنه عدد كثير منهم: «أحمد بن يزيد الحلواني، وإبراهيم بن علي القصّار، وحمدون بن منصور، وسليمان بن عبد الرحمن الطلحي، وعلي بن حسين الطبري، وعنبسة بن النضر الأحمري» وآخرون (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ البخاري الكبير 3/ 189، والصغير 2/ 341، والجرح والتعديل 3/ 368، وتاريخ الإسلام الورقة 107 (آيا صوفيا 3007) وغاية النهاية 1/ 274، ومعرفة القراء 1/ 210، وشذرات الذهب ج 2/ 47. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 274. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 274.

أخذ «خلاد بن خالد» الحديث عن خيرة العلماء، منهم: «زهير بن معاوية، والحسن بن صالح بن حيّ» وآخرون (¬1). كما حدث عنه «أبو زرعة، وأبو حاتم» وكان صدوقا (¬2). توفي «خلاد بن خالد» سنة عشرين ومائتين من الهجرة. رحم الله «خلاد ابن خالد» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 210. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 122.

رقم الترجمة/ 97"ابن خشنام المالكي" ت 377 هـ

رقم الترجمة/ 97 «ابن خشنام المالكي» ت 377 هـ (¬1) هو: علي بن محمد بن إبراهيم بن خشنام المالكي أبو الحسن البصري الدلال، شيخ مشهور ومن الصالحين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن خشنام» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أبو بكر محمد بن موسى الزينبي، ومحمد بن يعقوب بن الحجاج المعدل (¬2). اشتهر «ابن خشنام» بالصدق، والثقة، والعدل، وجودة القراءة، فأقبل عليه الطلاب، وحفاظ القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: «القاضي أحمد بن عبد الله بن عبد الكريم، وأبو الحسن طاهر بن غلبون، ومسافر بن الطيب، ومحمد ابن الحسين الكارزيني، وعلي بن أحمد الجوردكيّ، وأبو القاسم عبد العزيز بن محمد الفارسي، وأبو أحمد عبد السلام بن الحسين، والحسن بن محمد بن الفحام وغير هؤلاء» (¬3). اشتهر «ابن خشنام» بالثقة بين العلماء، مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الإمام الداني»: «كان «ابن خشنام» خيرا فاضلا وكان من المياسير فتصدق بماله، وكان الغالب عليه الزهد» اهـ (¬4). توفي «ابن خشنام» بالبصرة سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج 1 ص 562 - 563. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 336. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 562. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 562.

رقم الترجمة/ 98"الخضر بن الهيثم" ت 310 هـ

رقم الترجمة/ 98 «الخضر بن الهيثم» ت 310 هـ (¬1) هو: الخضر بن الهيثم بن جابر بن الحسين الطوسي أبو القاسم مقرئ متصدر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «الخضر» القرآن عن مشاهير العلماء منهم: «الحسن بن مالك الأشناني، وحفص بن عدي، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وأبو شعيب السوسي، وعمر ابن شبّة، وهبيرة بن محمد التمار، وأبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي، والليث بن مقاتل المرّي، وعبيد الله بن محمد بن جعفر الأزدي، ومحمد بن يعقوب السمرقندي، ونصر بن داود» وآخرون (¬2). وقد تصدر «الخضر» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه عدد كثير منهم: «أحمد بن محمد بن عبيد الله العجلي، وأحمد بن عبد الله الجبّي» شيخا الأهوازي، وآخرون (¬3). قال «ابن الجزري» توفي الخضر بن الهيثم فيما أحسب قريب سنة عشر وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحم الله الخضر بن الهيثم رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام (301 - 310) (الورقة 53، أحمد الثالث 2917/ 9) ومعرفة القراء الكبار: 253، وغاية النهاية ج 1/ 270. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 270. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 253.

رقم الترجمة/ 99"خلف بن هشام البزار" ت 229 هـ

رقم الترجمة/ 99 «خلف بن هشام البزّار» ت 229 هـ (¬1) أحد أئمة القراءات بالكوفة، الثقة الكبير، الزاهد، العابد، العالم، الورع. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة، من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. كان «خلف البزار» من المبكرين في حفظ «القرآن». فقد حفظه وهو ابن عشر سنين، كما انقطع لطلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة (¬2). وكان «خلف البزار» من الثقات، فقد وثقه «ابن معين، والنسائي» كما كان رحمه الله تعالى من المحبين للعلم، مهما كلفه ذلك. يقول «الذهبي»: قال «حمدان بن هانئ»: سمعت «خلف بن هشام» يقول: أشكل عليّ باب في النحو فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته (¬3). كما كان رحمه الله تعالى من الذين يتمثلون قول الله تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ (¬4) فكان يعتز بنفسه، ويكرمها من أجل القرآن. والدليل على ذلك ما يلي: يقول «أحمد بن إبراهيم» ورّاقة: سمعت «خلفا» يقول: قدمت «الكوفة» إلى «سليم» فقال: ما أقدمك؟ قلت: أقرأ على «أبي بكر ابن عياش» فدعا ابنه وكتب معه ورقة إلى «أبي بكر» لم أدر ما كتب فيها، فأتيناه فقرأ الورقة وصعّد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 7/ 87، وتاريخ البخاري الكبير 3/ 196، والصغير 2/ 358، والجرح والتعديل 3/ 372 والمعارف 531، والفهرست 31، وتاريخ بغداد 8/ 322، واللباب 1/ 146، ووفيات الأعيان 1/ 241، والعبر 1/ 404، ودول الاسلام 1/ 100، ومعرفة القراء الكبار 1/ 208، والكاشف 1/ 282، ومرآة الجنان 1/ 98، وغاية النهاية، 1/ 272، وتهذيب التهذيب 3/ 156، والنجوم الزاهرة 2/ 256، وطبقات المفسرين 1/ 163، وخلاصة تذهيب الكمال 106، وشذرات الذهب 2/ 67. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 273. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 219. (¬4) سورة الإسراء الآية 70.

فيّ النظر ثم قال: أنت «خلف» قلت: نعم، قال: أنت الذي لم تخلف ببغداد أقرأ منك؟ فسكتّ، فقال لي: اقعد، هات اقرأ، قلت: عليك؟ قال: نعم، قلت: لا والله لا أقرأ على من يستصغر رجلا من حملة القرآن، ثم خرجت، فوجّه إلى «سليم» فسأله أن يردّني فأبيت» اهـ (¬1). ولقد تتلمذ «خلف البزار» على مشاهير علماء عصره، وأخذ عنهم القرآن، وحروف القراءات، منهم: 1 - سليم بن عيسى، عن «حمزة الكوفي» الإمام السادس من الأئمة العشرة المشهورين. 2 - يعقوب بن خليفة الأعمش عن أبي بكر شعبة بن عياش. 3 - أبو زيد: سعيد بن أوس الأنصاري ت 215 هـ. وقرأ كل من «أبي بكر بن عياش، وأبي زيد الأنصاري» على عاصم الكوفي ت 127 هـ وسند «عاصم» متصل برسول الله صلى الله عليه وسلّم. من هذا يتبين أن قراءة «خلف البزّار» صحيحة، ومتصلة السند برسول الله عليه الصلاة والسلام، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها، والحمد لله رب العالمين. كما تتلمذ على «خلف البزّار» عدد كثير منهم: 1 - إسحاق بن إبراهيم بن عثمان الورّاق ت 286 هـ. 2 - أبو الحسن إدريس بن عبد الكريم البغدادي ت 293 هـ. توفي «خلف البزار» في جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين ومائتين، ببغداد بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وقراءاته. رحم الله «خلف البزّار» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 273.

رقم الترجمة/ 100"ابن خليع" ت 356 هـ

رقم الترجمة/ 100 «ابن خليع» ت 356 هـ (¬1) هو: علي بن محمد بن جعفر بن أحمد بن خليع أبو الحسن البجلي البغدادي، الخياط، القلانسي مقرئ ضابط ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن خليع» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أبو بكر يوسف ابن يعقوب الأصم، وزرعان بن أحمد، وأحمد بن حرب المعدل، وعلي بن عثمان الجوهري، ومسلم بن عبيد الله، وغير هؤلاء (¬2). تصدر «ابن خليع» لتعليم القرآن، وذاع صيته واشتهر بين الناس بالإتقان وصحة القراءة فأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون. وفي مقدمتهم: «أبو القاسم بكر بن شاذان، وأبو بكر أحمد بن الحسين بن مهران، ومحمد بن عبد الله الحربي، وأبو الحسن الحمامي، وأبو الفرج النهرواني، وأبو الحسن بن العلاف. وأبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن خشنام، وأبو الفرج عبيد الله بن عمر المصاحفي، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي» (¬3). كان «ابن خليع» من الثقات المشهورين بصحة القراءة مما استوجب الثناء عليه، حول هذا المعنى يقول «ابن الجزري»: «كان «ابن خليع» مقرئا ضابطا ثقة» (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام وفيات 356، وغاية النهاية ج 1 ص 566. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 566. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 313. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 566.

توفي «ابن خليع» يوم الخميس بعد العصر لاثنتي عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة ست وخمسين وثلاثمائة من الهجرة وهو في عشر الثمانين بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحمه الله «ابن خليع» رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 101"ابن خيرون" ت 306 هـ

رقم الترجمة/ 101 «ابن خيرون» ت 306 هـ (¬1) هو: محمد بن عمر بن خيرون، أبو عبد الله المعافري الأندلسي، شيخ القراء بالقيروان. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «ابن خيرون» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر بن سيف، وإسماعيل النحاس، ومحمد بن سعيد الأنماطي، وعبيد الله بن محمد» وآخرون. رحل «ابن خيرون» إلى «القيروان» واستوطنها، واشتغل بتعليم القرآن وبخاصة قراءة «نافع» المدني الإمام الاول بالنسبة لأئمة القراءات. وفي هذا يقول «ابن الجزري: «قدم» ابن خيرون» القيروان بقراءة نافع، وكان الغالب على تلك البلاد قراءة «حمزة» ولم يكن يقرأ لنافع إلا خواص الناس، فلما قدم «ابن خيرون» القيروان اجتمع عليه الناس ورحل إليه القراء من الآفاق. وألف كتاب «الابتداء والتمام» وكتاب «الألفات واللامات» (¬2). وكان «ابن خيرون» من المعلمين الحذاق، الذين يحرصون على صحة القراءة مهما كلفهم ذلك من جهد وشدة. حول هذه المعاني يقول «الإمام الداني»: «وكان ابن خيرون يأخذ أخذا ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- بغية الملتمس 113، والتكملة لابن الأبار 1/ 360، وتاريخ الاسلام الورقة 29، وغاية النهاية ج 2 ص 217. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 217.

شديدا على مذهب المشيخة من أصحاب ورش، وسلك أصحابه في ذلك طريقة، وكذلك من أخذ عنهم إلى اليوم، وكان ثقة مأمونا. وإماما في قراءة نافع من رواية ورش عنه»، اهـ (¬1). وقد روى القراءة عن «ابن خيرون» عدد كثير منهم: ابناه محمد وعلي، وأبو جعفر أحمد بن أبي بكر وأبو بكر الهوّاري المعلم، وعبد الحكيم بن إبراهيم، وغيرهم (¬2). وقد احتل «ابن خيرون» مكانة سامية بين العلماء وعامة المسلمين مما استوجب الثناء عليه، حول هذه المعاني يقول «الذهبي»: «كان «ابن خيرون» رجلا صالحا فاضلا كريم الأخلاق، إماما في القراءة شديد الأخذ، ولم يكن يقرأ أهل إفريقية بحرف نافع إلا خواص الناس حتى قدم «ابن خيرون» فاجتمع عليه الناس» اهـ (¬3). توفي «ابن خيرون» بمدينة «سوسة» يوم الاثنين في نصف شعبان سنة ست وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم ورواياته. رحم الله «ابن خيرون» رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 217. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 283. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 283.

رقم الترجمة/ 102"داود المصري" ت 223 هـ

رقم الترجمة/ 102 «داود المصريّ» ت 223 هـ (¬1) هو: داود بن أبي طيبة هارون بن يزيد أبو سليمان، المصري، النحوي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «داود المصري» القرآن على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: قارئ الديار المصرية، «ورش» أحد رواة «الإمام نافع» الإمام الأول بالنسبة للقراء المشهورين، ولا زالت قراءة «ورش» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول. حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. وبعد أن تحقق «داود المصري» من قراءته على «ورش» عرض «القرآن» على «عليّ بن كيسه» صاحب سليم (¬2). وقد تتلمذ على «داود المصري» عدد كثير منهم: «ابنه: عبد الرحمن، وحبيب بن إسحاق القرشي، وأحمد بن أبي حمّاد، وعبد الرحمن بن أحمد القيرواني، والحسن بن زياد، وعبيد بن محمد البزّار» وغيرهم كثير (¬3). وكان «داود المصري» من الزهاد الصالحين المتمسكين بكتاب الله. ولما توفي رآه بعض الصالحين في النوم فقال له: إلى ما صرت؟ قال رحمني الله بتعليم القرآن (¬4). توفي «داود المصري» في شوال سنة ثلاث وعشرين ومائتين. رحم الله «داود المصري» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام، الورقة (أيا صوفيا 2007 بخطه) ومعرفة القراء الكبار: 1/ 182، وغاية النهاية 1/ 279، وحسن المحاضرة 1/ 486. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 182. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 279. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 183.

رقم الترجمة/ 103"أبو دحية المصري"

رقم الترجمة/ 103 «أبو دحية المصريّ» (¬1) هو: معلّى بن دحية بن قيس أبو دحية المصري راو مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو دحية» القرآن عن خيرة علماء عصره. فقد قرأ القرآن وجوده على «الإمام نافع» المدني، وهو الإمام الاول بالنسبة إلى أئمة القراءات المشهورين (¬2). وقد أخذ القرآن على «أبي دحية» عدد كثير منهم: «يونس بن عبد الأعلى، وأبو مسعود المدني، وعبد الصمد بن عبد الرحمن، وعبد القوي بن كمّونة. كما روى الحروف عن «أبي دحية» هشام بن عمّار، أحد رواة «الإمام ابن عامر الدمشقي» المشهورين. كما أخذ الحروف عن «أبي دحية» «أبو يعقوب الازرق» وهو من أئمة القراءات المشهورين (¬3). قال «يونس بن عبد الأعلى»: أقرأني «ابن دحية مثل ما أقرأني «ورش» من أوله إلى آخره اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في معرفة القراء 1/ 160، وغاية النهاية 2/ 304، وحسن المحاضرة 1/ 485. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 160. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 304. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 304.

وروى «الداني» عن «أبي دحية» أنه قال: سافرت بكتاب «الليث بن سعد» إلى «نافع» لأقرأ عليه فوجدته يقرئ الناس بجميع القراءات، فقلت له: يا «أبا رويم» ما هذا؟ فقال لي: سبحان الله أحرم ثواب القرآن، أنا أقرأ الناس بجميع القراءات، حتى إذا كان من يطلب حرفي أقرأته به اهـ (¬1). توفي «أبو دحية» إلى رحمة الله، ولم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته. رحم الله «أبا دحية» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 160.

رقم الترجمة/ 104"أبو الدرداء" رضي الله عنه ت 32 هـ

رقم الترجمة/ 104 «أبو الدرداء» رضي الله عنه ت 32 هـ (¬1) هو: أبو الدرداء عويمر بن زيد الأنصاري، الخزرجي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الأولى من حفاظ «القرآن» قال «سعيد بن عبد العزيز»: أسلم «أبو الدرداء» يوم «بدر» ثم شهد «أحدا» وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلّم يومئذ أن يردّ من على الجبل، فردهم وحده. وكان قد تأخر إسلامه قليلا اهـ (¬2). وقال «أبو الدرداء» عن نفسه: أعدّ لي ماء في المغتسل فاغتسل، ولبس حلته، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فنظر إليه «ابن رواحة» مقبلا، فقال: يا رسول الله هذا «أبو الدرداء» وما أراه إلا جاء في طلبنا؟ فقال صلى الله عليه وسلّم: إنما جاء ليسلم، إن ربّي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم اهـ (¬3). وقد جمع «أبو الدرداء» القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. قال «أبو الدرداء»: كنت تاجرا قبل المبعث، فلما جاء الاسلام جمعت التجارة والعبادة، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 3/ 391، 393، ومسند أحمد 5/ 94، 6/ 440، 445 وطبقات خليفة 213، 777، وتاريخ البخاري الكبير 7/ 76 - 77، والمعرفة والتاريخ 1/ 177، 444، 3/ 27، 169، ومشاهير علماء الأمصار 50، وحلية الاولياء 1/ 208، والاستيعاب 3/ 15 - 18، 4/ 59، وتاريخ ابن عساكر 13 الورقة 360، وأسد الغابة 6/ 7، وتاريخ الاسلام 2/ 107، وتذكرة الحفاظ 1/ 24 - 25، وسير أعلام النبلاء 2/ 330 - 353، والعبر 1/ 33، ومرآة الجنان 1/ 88، وغاية النهاية: 1/ 606، والاصابة 3/ 45، 4/ 59، وتهذيب التهذيب 8/ 175، والنجوم الزاهرة 1/ 89، وحسن المحاضرة 1/ 244، وطبقات الحفاظ للسيوطي 7، وكنز العمال 13/ 550، وشذرات الذهب 1/ 39. (¬2) ذكره ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 338. (¬3) ذكره ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 340.

فلم يجتمعا، فتركت التجارة ولزمت العبادة اهـ (¬1). وكان «أبو الدرداء» رضي الله عنه مدرسة وحده، فقد روي أن الذين كانوا في حلقة إقرائه، أزيد من ألف رجل، ولكل عشرة منهم ملقن، وكان «أبو الدرداء» يطوف عليهم قائما، فإذا أحكم الرجل منهم، تحوّل إلى «أبي الدرداء» يعرض عليه. وقد روى عن «أبي الدرداء» عدد كثير أذكر منهم: أنس بن مالك، وابن عباس، وأبا أمامة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وغيرهم من خيرة الصحابة. ومن التابعين: علقمة بن قيس، وقبيصة بن ذؤيب، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن يسار، وأبو عبد الرحمن السلمي، وخالد بن معدان، وعبد الله بن عامر اليحصبي أحد القراء السبعة المشهورين، ولا زال المسلمون يتلقون قراءته حتى الآن. وعن «محمد بن كعب» قال: لما كان زمن «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه، كتب إليه «يزيد بن أبي سفيان» إن أهل الشام قد كثروا، واحتاجوا إلى من يعلمهم القرآن ويفقههم، فأعنّي برجال يعلمونهم، فدعا «عمر» كلا من: معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، وأبي بن كعب، وأبي أيوب الأنصاري». وقال لهم: إن إخوانكم قد استعانوني من يعلمهم القرآن، ويفقههم في الدين، فأعينوني يرحمكم الله بثلاثة منكم. فخرج «عبادة بن الصامت» إلى «حمص» وخرج «أبو الدرداء» إلى «دمشق» وخرج «معاذ بن جبل» إلى «فلسطين» ولم يزل «أبو الدرداء» بدمشق حتى توفاه الله تعالى (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 337. (¬2) أخرجه ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 344.

قال: «أنس» رضي الله عنه: مات النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يجمع القرآن غير أربعة: «أبو الدرداء، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وأبو زيد» اهـ (¬1). قال «أبو عمرو الداني» ت 444 هـ: عرض على «أبي الدرداء» القرآن: خليد ابن سعيد، وراشد بن سعد، وخالد بن معدان، وابن عامر اهـ (¬2). وقال «مسلم بن مشكم» قال لي «أبو الدرداء»: اعدد من في مجلسنا، قال: فجاءوا ألفا وستّ مائة ونيفا، فكانوا يقرءون، ويتسابقون عشرة عشرة، فإذا صلى الصبح انفتل وقرأ جزءا، فيحدّقون به يسمعون ألفاظه، وكان «ابن عامر» مقدّما فيهم (¬3). وكان «لأبي الدرداء» بين الصحابة، والتابعين مكانة علمية خاصة يتجلى ذلك في الأقوال الآتية: قال «أبو ذرّ» لأبي «الدرداء»: ما أظلت خضراء أعلم منك يا أبا الدرداء اهـ (¬4). وقال «مسروق»: وجدت علم الصحابة انتهى إلى ستة: «عمر- وعليّ- وأبيّ- وزيد- وأبي الدرداء- وابن مسعود» اهـ (¬5) وقال «الليث» عن رجل آخر: رأيت «أبا الدرداء» دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومعه من الأتباع مثل السلطان، فمن سائل عن فريضة، ومن سائل عن حساب، وسائل عن حديث، وسائل عن معضلة، وسائل عن شعر اهـ (¬6). وكان «أبو الدرداء» مع كثرة أعماله، وانشغاله بتعليم القرآن لا يفتر عن ذكر الله تعالى، يدل على ذلك ما يلي: روى «عمر بن واقد» أنه قيل «لأبي الدرداء» وكان لا يفتر من الذكر: كم تسبح في كل يوم؟ قال: مائة ألف، إلا ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري، وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 339. (¬2) ذكره ابن عساكر، وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 336. (¬3) ورجاله ثقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 346. (¬4) ذكره ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 343. (¬5) ذكره ابن عساكر وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 343. (¬6) انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 347.

أن تخطئ الأصابع (¬1). وقد أثر عن «أبي الدرداء» أقوال كلها وعظ، وحكمة، وإرشاد، أذكر منها ما يلي: قال «معاوية بن قرّة»: قال «أبو الدرداء» ثلاثة أحبهن ويكرههن الناس: الفقر، والمرض، والموت، أحب الفقر تواضعا لربّي، والموت اشتياقا لربّي، والمرض تكفيرا لخطيئتي اهـ (¬2). وقال «لقمان بن عامر»: إن «أبا الدرداء» قال: أهل الأموال يأكلون ونأكل، ويشربون ونشرب، ويلبسون ونلبس، ويركبون، ونركب، ولهم فضول أموال ينظرون إليها، وننظر إليها معهم، وحسابهم عليها ونحن منها برآء اهـ (¬3). وعن «عبد الله بن مرّة» أن «أبا الدرداء» قال: اعبد الله كأنك تراه، وعدّ نفسك في الموتى، وإياك ودعوة المظلوم، واعلم أن قليلا يغنيك خير من كثير يلهيك، وأن البرّ لا يبلى، وأن الإثم لا ينسى اهـ (¬4). قال «الذهبي»: توفي «أبو الدرداء» سنة اثنتين وثلاثين، وما خلّف بالشام كلها بعده، رضي الله عنه اهـ (¬5). رحم الله «أبا الدرداء» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 348. (¬2) أخرجه ابن سعد وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 349. (¬3) أخرجه ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 350. (¬4) أخرجه ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 350. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 21.

رقم الترجمة/ 105"ابن ذؤابة القزاز" ت قبل 340 هـ

رقم الترجمة/ 105 «ابن ذؤابة القزاز» ت قبل 340 هـ (¬1) هو: علي بن سعيد بن الحسن بن ذؤابة أبو الحسن البغدادي القزاز. مقرئ مشهور بالضبط والاتقان. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «ابن ذؤابة» القراءة على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: اسحاق الخزاعي، وأحمد بن فرح، وأحمد بن سهل، وأحمد بن الأشعث، وأبو بكر بن مجاهد، ومحمد بن عبد الله، وغيرهم كثير. تصدر «ابن ذؤابة» لتعليم القرآن. فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: صالح بن ادريس، وعلي بن عمر الدارقطني الحافظ، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وأحمد بن محمد الباهلي وآخرون (¬2). اشتهر «ابن ذؤابة» بالثقة والأمانة، وجودة الإتقان، وفي هذا يقول الإمام «الداني»: «ابن ذؤابة مشهور بالضبط والإتقان، ثقة مأمون» اهـ (¬3). وقال «الذهبي»: «كان من جلة أهل الأداء، مشهورا ضابطا محققا» اهـ (¬4). توفي «ابن ذؤابة» قبل الاربعين وثلاثمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية 1/ 543 - 544. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 543. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 300. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 300.

رقم الترجمة/ 106"ابن ذكوان" ت 242 هـ

رقم الترجمة/ 106 «ابن ذكوان» ت 242 هـ (¬1) هو: عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، القرشيّ الفهري الدمشقي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «ابن ذكوان» سنة ثلاث وسبعين ومائة من الهجرة. وقد تلقى «ابن ذكوان» القراءة عن مشاهير علماء عصره، في مقدمتهم: «أيوب بن تميم» وهو الذي خلفه في القيام بالقراءة بدمشق (¬2). قال «أبو عمرو الداني»: قرأ «ابن ذكوان» على «الكسائي» حين قدم الشام، وقد اختلف المؤرخون في رحلة «الكسائي» إلى الشام، فقال «ابن الجزري»: ولقد وقفت على ما يدلّ أن «الكسائي» دخل الشام، وأقرأ بجامع دمشق اهـ (¬3). وقال «النقاش»: قال ابن ذكوان: أقمت على الكسائي سبعة أشهر، وقرأت عليه القرآن غير مرّة (¬4). كما أخذ «ابن ذكوان» الحديث عن مشاهير علماء عصره، منهم: «عراك بن خالد، وسويد بن عبد العزيز، والوليد بن مسلم، ووكيع بن الجراح» وآخرون (¬5). و «ابن ذكوان» هو أحد الرواة المشهورين عن «ابن عامر ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 5/ 5، وتاريخ الإسلام، الورقة 162 (أحمد الثالث 2917/ 7) والكاشف 2/ 71، ووفيات ابن قنفذ 177، وتهذيب التهذيب 5/ 140، وخلاصة تذهيب الكمال 190، وشذرات الذهب 2/ 100 ومعرفة القراء الكبار 1/ 198، وانظر «تهذيب الكمال» للمزي. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 198. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 405. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 405. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 199.

الدمشقي». وقراءة «ابن ذكوان» صحيحة ومشهورة، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. ولقد اشتهر «ابن ذكوان» بالقراءة، والاقراء، وقد تتلمذ عليه الكثيرون، منهم: ابنه أحمد، وأحمد بن أنس، وأحمد بن يوسف التغلبي، وأحمد بن نصر بن شاكر بن أبي رجاء، وأبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وعبد الله بن مخلد الرازي، وآخرون (¬1). وكما كان «ابن ذكوان» استاذا في القراءات، فقد كان أيضا من أئمة الحديث، وقد روى عنه عدد كثير منهم: «أبو داود، وابن ماجة في سننهما، وولده أبو عبيدة أحمد بن عبد الله، وإسماعيل بن قيراط، وعبد الله بن محمد بن مسلم المقدسي، وغير هؤلاء كثير (¬2). كما كان «لابن ذكوان» مصنفات مفيدة في علوم القرآن منها: «كتاب أقسام القرآن وجوابها، وما يجب على قارئ القرآن عند حركة لسانه (¬3)، لقد كان «لابن ذكوان» المنزلة الرفيعة، والمكانة السامية بين علماء عصره، مما استوجب ثناء الكثيرين عليه: قال «أبو زرعة الدمشقي»: «لم يكن بالعراق، ولا بالحجاز، ولا بالشام، ولا بخراسان في زمان «ابن ذكوان» أقرأ منه» (¬4). وقال «الوليد بن عتبة» الدمشقي: «ما بالعراق أقرأ من ابن ذكوان» اهـ (¬5). وقال «أبو حاتم»: كان «ابن ذكوان» صدوقا اهـ (¬6). توفي «ابن ذكوان» سنة اثنتين وأربعين ومائتين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «ابن ذكوان» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 404. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 199. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 405. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 199. (¬5) انظر طبقات القراء ج 1 ص 405. (¬6) انظر القراء الكبار ج 1 ص 199.

رقم الترجمة/ 107"أبو ربيعة" ت 294 هـ

رقم الترجمة/ 107 «أبو ربيعة» ت 294 هـ (¬1) هو: محمد بن إسحاق بن وهب بن أعين بن سنان أبو ربيعة الربعي المكي، المؤدب، صاحب المصنفات المفيدة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو ربيعة» القراءة عرضا عن «البزّي، وقنبل» الراويين المشهورين عن «ابن كثير» الإمام الثاني بالنسبة للقراء العشرة ولا زالت قراءة كل من «البزّي، وقنبل» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن. وقد تلقيتها، وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. قال الإمام «الداني» ت 444 هـ عن «أبي ربيعة»: وضبط عن البزّي، وسمعوه منه، وهو من كبار أصحابهما، وقدمائهم، ومن أهل الضبط والاتقان، والثقة، والعدالة، وأقرأ الناس في حياتهما» اهـ (¬2). وقال «ابن الجزري»: وطريق «أبي ربيعة» عن «البزّي» هي التي في الشاطبية، والتيسير من طريق النقاش عنه اهـ (¬3). وقد تصدى «أبو ربيعة» للاقراء بمكة المكرمة بعد وفاة شيخيه: «قنبل، والبزّي»، فأخذ عنه القراءة عدد كثير منهم: محمد بن الصبّاح، ومحمد بن عيسى بندار، وعبد الله بن أحمد البلخي، وإبراهيم بن عبد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: تاريخ الاسلام (الطبقة الثلاثون) ومعرفة القراء: 1/ 228، وغاية النهاية 2/ 99، والعقد الثمين للفاسي 1/ 411. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 99. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 99.

الرزاق، وأبو بكر النقاش، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن موسى الهاشمي، وعبد الصمد بن بنان، ومحمد بن أحمد الداجوني، وغيرهم كثير (¬1). توفي «أبو ربيعة» في رمضان سنة أربع وتسعين ومائتين من الهجرة. رحم الله «أبا ربيعة» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 228.

رقم الترجمة/ 108"رفيع بن مهران""أبو العالية الرياحي البصري" ت 90 هـ

رقم الترجمة/ 108 «رفيع بن مهران» «أبو العالية الرّياحي البصري» ت 90 هـ (¬1) الإمام- المقرئ- الحافظ- المفسر- الورع- صاحب المنزلة العالية. أدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلّم، وهو شاب، وأسلم في خلافة «أبي بكر» رضي الله عنه. أخذ «القرآن» عرضا على: أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، وابن عباس، رضي الله عنهم. وصحّ أنه عرض «القرآن» على «عمر» فقد روى «الدارقطني» أن أبا العالية قال: قرأت «القرآن» على «عمر بن الخطاب» أربع مرات اهـ (¬2). حفظ «أبو العالية» «القرآن» وتصدر للإقراء والتعليم، وبعد صيته، وأصبح من مشاهير القراء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 7/ 112، والزهد لأحمد 302، وطبقات خليفة 202، والتاريخ الكبير 3/ 326، والمعارف 454، والمعرفة والتاريخ 1/ 237، و 2/ 35، و 3/ 23، والجرح والتعديل 3/ 510، والثقات لابن حبان 4/ 239، ومشاهير علماء الأمصار 95، وأخبار أصبهان 1/ 314، وحلية الأولياء 2/ 217، وطبقات الفقهاء للشيرازي 88، وتاريخ ابن عساكر 6/ الورقة 131/ أ، واللباب 1/ 483، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 1/ 251، وتهذيب الكمال، الورقة 417، و 1625، وتاريخ الاسلام 3/ 319، و 4/ 79، وتذكرة الحفاظ 1/ 61، تذهيب التهذيب 1/ الورقة 226/ ب و 4/ الورقة 219/ ب، وسير أعلام النبلاء 4/ 207، والعبر 1/ 108، والكاشف 1/ 312، وميزان الاعتدال 2/ 54، و 4/ 543، ووفيات ابن قنفذ/ 99، وغاية النهاية 1/ 284، والاصابة 1/ 528، وتقريب التهذيب 1/ 252، وتهذيب التهذيب 3/ 284، ولسان الميزان 6/ 548، وطبقات الحفاظ للسيوطي 22، وخلاصة تذهيب الكمال 119، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 172، وشذرات الذهب 1/ 102، ومعرفة القراء الكبار: 1/ 60. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 285.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى على «أبي العالية» «القرآن» عدد كثير، منهم: شعيب بن الحبحاب، والحسن بن الربيع، والأعمش، وأبو عمرو بن العلاء، اللغوي والقارئ المشهور، الذي لا زالت قراءته يقرأ بها المسلمون حتى الآن (¬1). قال «أبو بكر بن أبي داود»: ليس أحد بعد الصحابة أعلم بالقرآن من «أبي العالية» وبعده «سعيد ابن جبير» وبعده «السدّي» وبعده «الثوري» اهـ (¬2). وقال «مغيرة»: كان «أبو العالية» إماما في «القرآن» والتفسير، والعلم، والعمل، وكان أشبه أهل البصرة علما «بإبراهيم النخعي» اهـ (¬3). وقال «قتادة»: صح أن «أبا العالية» قال: «قرأت القرآن بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم بعشر سنين» (¬4). وروى «حماد بن زيد» عن «شعيب بن الحبحاب» قال: قال «أبو العالية» اشترتني «امرأة» فأرادت أن تعتقني، فقال بنو عمها: تعتقينه فيذهب إلى الكوفة فينقطع، فأتت بي مكانا في المسجد فقالت: «أنت سائبة» تريد لا ولاء لأحد عليك، قال: «فأوصى أبو العالية بماله كله» اهـ (¬5). وروى «الربيع بن أنس» عن «أبي العالية» قال: أرحل إلى الرجل مسيرة أيام، فأول ما أتفقده من أمره، صلاته، فإن وجدته يقيمها، ويتمها، أقمت وسمعت منه، وإن وجدته، يضيعها رجعت ولم أسمع منه. وقلت: «هو لغير ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 285. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 285. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 61. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 208. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 212.

الصلاة أضيع» (¬1). فهذا الخبر إن دلّ على شيء، فإنما يدلّ على مدى حرصه على أن يكون سنده في العلم، قويّا صحيحا. قال «أبو نعيم»: حدثنا «عبد الله بن محمد» عن «أبي العالية» أنه كان إذا أراد أن يختم «القرآن» من آخر النهار أخره إلى أن يمسي، وإذا أراد أن يختمه من آخر الليل أخره إلى أن يصبح (¬2). وكما كان «أبو العالية» عالما بالقرآن صحيح السند، فقد كان أيضا عالما بالسنة وصحيح السند، فقال تلقى الحديث وسمعه من «عمر- وعليّ- وأبيّ- وأبي ذرّ- وابن مسعود- وعائشة- وأبي موسى- وأبي أيوب- وابن عباس- وزيد بن ثابت» رضي الله عن الجميع (¬3). وكان «أبو العالية» يختم «القرآن» كل جمعة، يدلّ على ذلك الخبر التالي: قال «أبو خليدة» خالد بن دينار: سمعت «أبا العالية» يقول: كنّا عبيدا مملوكين، منا من يؤدي الضرائب، ومنا من يخدم أهله، فكنا نختم كل ليلة، فشق علينا، حتى شكا بعضنا إلى بعض، فلقينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فعلمونا أن نختم كل جمعة، «فصلينا ونمنا ولم يشق علينا» اهـ (¬4). ولقد كان «لأبي العالية» المكانة السامية عند «ابن عباس» رضي الله عنهما يدلّ على ذلك الخبر التالي: فعن «أبي العالية» قال: كان «ابن عباس» يرفعني على «السرير» وقريش أسفل من السرير، فتغامزت بي قريش، فقال «ابن عباس»: هكذا العلم يزيد الشريف شرفا، ويجلس المملوك على الأسرّة» (¬5). وكان «أبو العالية» من الذين يخشون الله تعالى حق خشيته، ويخافون عقابه وعذابه، وهناك أكثر من دليل على ذلك، ولكنني أكتفي بذكر ما يلي: فقد قال ¬

_ (¬1) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 220. (¬2) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 220. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 207. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 209. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 208.

صاحب الحلية: حدثنا «أبو حامد بن جبلة» عن «أبي العالية» قال: «لما كان قتال «عليّ و «معاوية» كنت رجلا شابّا، فتهيأت ولبست سلاحي ثم أتيت القوم فإذا صفان لا يرى طرفاهما، إذا كبّر هؤلاء كبّر هؤلاء وإذا هلّل هؤلاء، هلل هؤلاء، فراجعت نفسي فقلت: أي الفريقين أنزّله كافرا؟ ومن أكرهني على هذا، فتلوت هذه الآية: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها (¬1) أمسيت حتى رجعت وتركتهم» اهـ (¬2). ولقد كان «أبو العالية» من الحكماء، ومن مأثور قوله ما يلي: قال «أبو نعيم» في الحلية: حدثنا «سليمان بن أحمد» عن «أبي العالية» قال: «تعلموا الإسلام فإذا علمتموه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الاسلام، ولا تحرفوا الصراط يمينا أو شمالا، وعليكم بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلّم وأصحابه، وإياكم وهذه الأهواء المتفرقة فإنها تورث بينكم العداوة والبغضاء» (¬3). وقال «أبو نعيم»: حدثنا إبراهيم بن عبد الله، عن الربيع بن بدر عن سيّار أبي المنهال قال: رأيت «أبا العالية» يتوضأ فقلت: «إن الله يحبّ التوابين ويحبّ المتطهرين» فقال: ليس المتطهرين من الماء، ولكن المتطهّرين من الذنوب اهـ (¬4). توفي «أبو العالية» في شوال سنة تسعين من الهجرة. بعد حياة حافلة بالعبادة، وتعليم القرآن والسنة المطهرة. رحم الله «أبا العالية» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 93. (¬2) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 219. (¬3) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 218. (¬4) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 222.

رقم الترجمة/ 109"روح بن عبد المؤمن" ت 235 هـ

رقم الترجمة/ 109 «روح بن عبد المؤمن» ت 235 هـ (¬1) هو: روح بن عبد المؤمن أبو الحسن الهذلي مولاهم البصري النحوي، كذا نسبه جماعة الحفاظ والمحدثين. وقال «الأهوازي»: هو روح بن عبد المؤمن بن قرّة بن خالد. وقال «الداني»: هو روح بن عبد المؤمن بن عبدة بن مسلم، مقرئ جليل ثقة ضابط مشهور اهـ (¬2). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «روح» القرآن على خيرة العلماء، فقد عرض القرآن على «يعقوب الحضرمي» الإمام الثامن بالنسبة للقراء المشهورين، وروح من خيرة أصحاب «يعقوب الحضرمي» وأحد رواته المشهورين، ولا زالت رواية «روح» يتلقاها المسلمون حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما روى «روح» الحروف عن «أحمد بن موسى، ومعاذ بن معاذ، وابنه عبيد الله بن معاذ»، كلهم عن «أبي عمرو» وغيرهم كثير (¬3). وقد روى ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ البخاري الكبير 3/ 310، والجرح والتعديل 3/ 499، وتاريخ الاسلام، الورقة 35 (أحمد الثالث 2917/ 7) والكاشف 1/ 313، ومعرفة القراء 1/ 214، وغاية النهاية: 1/ 285، وتهذيب التهذيب 3/ 296، وخلاصة تذهيب الكمال 118، وانظر «تهذيب الكمال». (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 285. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 285.

«روح» الحديث عن «أبي عوانة، وحماد بن يزيد، وجعفر بن سليمان الضبعي» (¬1). كما روى عن «روح» الحديث «الإمام البخاري»، في صحيحه، وروى عنه أيضا: «عبد الله بن أحمد، وأبو خليفة، وإبراهيم بن محمد بن نائلة الأصبهاني، وأبو يعلى الموصلي» (¬2). وكان «روح» من قراء القرآن المتقين، ومن رواة الحديث الثقات، وقد شهد له بذلك أكثر من واحد، وفي مقدمتهم: «ابن حبان» (¬3). توفي «روح» سنة أربع أو خمس وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحم الله «روح» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 214. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 214. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 214.

رقم الترجمة/ 110"روح بن قرة"

رقم الترجمة/ 110 «روح بن قرّة» (¬1) هو: روح بن قرّة البصري، وهو غير «روح بن عبد المؤمن» صاحب «يعقوب الحضرمي». ذكر «روح بن قرّة» «الذهبي» ضمن علماء الطبقة السادسة من الحفاظ. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «روح» القراءة عن خيرة العلماء منهم: «يعقوب الحضرمي» الإمام التاسع بالنسبة لأئمة القراءات، كما قرأ على «سلام بن أبي المنذر» وغيرهما (¬2). وقد أخذ «القرآن» على «ابن قرّة» عدد من العلماء منهم: «أبو عبد الله الزبير بن أحمد الزبيري» فقيه البصرة، «وأبو الفتح» النحوي وغيرهما (¬3). توفي «ابن قرّة» إلى رحمة الله، ولم يذكر أحد تاريخ وفاته. رحم الله «ابن قرّة» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في معرفة القراء: 1/ 215، وغاية النهاية: 1/ 285. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 215. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 285.

رقم الترجمة/ 111"رويس" ت 238 هـ

رقم الترجمة/ 111 «رويس» ت 238 هـ (¬1) هو: محمد بن المتوكل أبو عبد الله اللؤلؤي البصري، المعروف برويس، مقرئ حاذق مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى رويس القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «يعقوب الحضرمي» وهو من خيرة أصحابه، وأحد الرواة المشهورين عنه، ولا زالت قراءة «رويس» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. قال «الزهري»: سألت «أبا حاتم» عن «رويس» هل قرأ على «يعقوب الحضرمي»؟ قال: نعم قرأ معنا وختم عليه ختمات، وكان ينزل في «بني مازن» وعلى روايته أعوّل اهـ (¬2). وقد تتلمذ على «رويس» عدد كثير منهم: «محمد بن هارون التمّار» والإمام «أبو عبد الله الزبير بن أحمد الزبيري الشافعي» (¬3). وكان «لرويس» المكانة السامية، والشهرة المعرفة بالضبط وحسن الاستقامة، وفي هذا المعنى يقول «الأستاذ أبو عبد الله القصّاع»: كان ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 8/ 105، وتاريخ الاسلام، الورقة 72 (أحمد الثالث 2917/ 7) والوافي بالوفيات 4/ 384، ومعرفة القراء الكبار 1/ 216، وغاية النهاية 2/ 234، وتهذيب التهذيب 9/ 424، وخلاصة تذهيب الكمال 357. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 234. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 216.

«رويس» قارئا مشهورا جليلا. توفي «رويس» بالبصرة سنة ثمان وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 112"رويم بن يزيد" ت 211 هـ

رقم الترجمة/ 112 «رويم بن يزيد» ت 211 هـ (¬1) هو: رويم بن يزيد، أبو الحسن البصري، ثقة، كبير القدر، كان يقرئ بمسجده بمكان يقال له «نهر القلائين» ببغداد. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «رويم» القرآن عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «سليم» صاحب «حمزة» كما أخذ عن «عمرو بن ميمون» عن «حمزة» (¬2). وقد تلقى القرآن على «رويم» عدد كثير منهم: «محمد بن شاذان الجوهري، وإسماعيل بن الحارث، وغيرهما كثير (¬3). وقد حدث «رويم» عن عدد كبير من خيرة العلماء، منهم: «الليث بن سعد، وسلّام بن المنذر، وإسماعيل بن يحيى التيمي، وهارون بن أبي عيسى الشامي» وآخرون (¬4). كما روى عن «رويم» الحديث عدد من العلماء منهم: «أبو عبد الله محمد ابن سعد» كاتب الواقدي، وأحمد بن يوسف التغلبي، وجعفر بن محمد بن شاكر ابن الصائغ (¬5). توفي «رويم» سنة إحدى عشرة ومائتين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «رويم بن يزيد» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 3/ 523، وتاريخ بغداد 8/ 429، وتاريخ الاسلام، الورقة 109، (أيا صوفيا 3007) ومعرفة القراء: 1/ 215، وغاية النهاية: ج 1 ص 286. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 286. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 286. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 8 ص 429. (¬5) انظر تاريخ بغداد ج 8 ص 429.

رقم الترجمة/ 113"أبو الزعراء بن عبدوس" ت 280 هـ

رقم الترجمة/ 113 «أبو الزّعراء بن عبدوس» ت 280 هـ (¬1) هو: عبد الرحمن بن عبدوس بفتح العين، أبو الزعراء البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الزعراء» القراءة عن خيرة علماء عصره. وفي هذا المعنى يقول «ابن الجزري»: أخذ «ابن عبدوس» القراءة عرضا عن «أبي عمر الدوري» بعدة روايات، وأكثر عنه اهـ (¬2). وقال «أبو عمرو الداني»: «أبو الزعراء» من أكبر أصحاب «أبي عمر الدوري» وأجلّهم، وأضبطهم، وأوثقهم اهـ (¬3). «وأبو عمر الدوري» أحد رواة «أبي عمرو بن العلاء» البصري الإمام الثالث بالنسبة لأئمة القراءة. ولا زالت قراءة «أبي عمر الدوري» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. وقد تصدر «أبو الزعراء» للاقراء مدة طويلة فقرأ عليه الكثيرون منهم «مجاهد» وهو أجلّ أصحابه. قال «ابن مجاهد»: قرأت «لنافع» على «أبي الزعراء» نحوا من عشرين ختمة، وقرأت عليه «لأبي عمرو، وللكسائي وحمزة» (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- معرفة القراء الكبار: 1/ 238، وغاية النهاية: 1/ 373. ونهاية الغاية الورقة 91. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 373. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 374. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 238.

كما أخذ القراءة عن «أبي الزعراء»: «عليّ بن الحسين الرقيّ، وعمر بن عجلان، وإبراهيم بن موسى الدينوري، وعلي بن النضر، ومحمد بن يعقوب المعدل، ومحمد بن المعلّى الشوينزي» وغير هؤلاء كثير (¬1). توفي «أبو الزعراء» سنة بضع وثمانين ومائتين من الهجرة. رحم الله «أبا الزعراء» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 238.

رقم الترجمة/ 114"زيد بن ثابت" رضي الله عنه ت 45 هـ

رقم الترجمة/ 114 «زيد بن ثابت» رضي الله عنه ت 45 هـ (¬1) هو: «زيد بن ثابت» الخزرجي، الأنصاري، شيخ المقرئين، وإمام الفرضيين. ذكره «أبو عبيد القاسم بن سلام» ت 224 هـ ضمن الصحابة الذين أتموا حفظ «القرآن الكريم». وعده «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الاولى من حفاظ القرآن. يقول «زيد بن ثابت» عن نفسه: «أتى بي النبي صلى الله عليه وسلّم مقدمه المدينة فقالوا: يا رسول الله هذا غلام من «بني النجار» وقد قرأ مما أنزل عليك سبع عشرة سورة، فقرأت على رسول الله عليه الصلاة والسلام، فأعجبه ذلك، وقال: «يا زيد تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمنهم على كتابي». قال: فتعلمته فما مضى لي نصف شهر حتى حذقته، وكنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا كتب إليهم اهـ (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 2/ 358، ومسند أحمد 5/ 181، وتاريخ خليفة 207، وطبقات خليفة 203، وتاريخ البخاري الكبير 3/ 380، والمعرفة والتاريخ 1/ 300، 483، ومشاهير علماء الأمصار 10، والاستيعاب 1/ 551، وتاريخ ابن عساكر 6، الورقة 278، وصفة الصفوة 1/ 294، وأسد الغابة 2/ 278، وتاريخ الاسلام 2/ 225، وتذكرة الحفاظ 1/ 30، وغاية النهاية 1/ 29، والاصابة 1/ 561، وتهذيب التهذيب 3/ 399، والنجوم الزاهرة 1/ 130، وطبقات الحفاظ للسيوطي 8، وكنز العمال 3/ 393، وخلاصة تهذيب الكمال 127، وشذرات الذهب 1/ 54. (¬2) رواه غير واحد من طريق «عبد الرحمن بن أبي الزناد» بسند حسن. انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 428.

وعن «زيد بن ثابت» رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا نزل عليه الوحي بعث إلي فكتبته اهـ (¬1). وعن «زيد» أنه قال: «أجازني رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوم الخندق وكساني قبطيّة» (¬2). وهي ثوب من ثياب «مصر» رقيقة بيضاء. وكان «زيد بن ثابت» من حملة الحجة، وكان «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه يستخلفه إذا حج على «المدينة المنورة» وهو الذي تولّى قسمة الغنائم يوم «اليرموك». وكان «زيد بن ثابت» رضي الله عنه شديد الذكاء، فيه عدل وفطنة وهناك أكثر من شاهد على ذلك، ولكني أكتفي بذكر ما يلي: أولا: فعن «داود بن أبي هند» عن «أبي نضرة» عن «أبي سعد» قال: «لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلّم قام خطباء الأنصار فتكلموا وقالوا: رجل منّا، ورجل منكم، فقام «زيد بن ثابت» فقال: إن رسول الله صلى عليه وسلّم كان من المهاجرين، ونحن أنصاره، وإنما يكون الإمام من المهاجرين، ونحن أنصاره. فقال «أبو بكر» رضي الله عنه: «جزاكم الله خيرا يا معشر الأنصار، وثبت قائلكم، لو قلتم غير هذا ما صالحناكم» اهـ (¬3). قرأ على «زيد بن ثابت» عدد كثير منهم: أبو هريرة- وابن عباس- وابن عمر- وأبو سعيد الخدري- وأنس بن مالك- وسهل بن سعد- وأبو أمامة بن سهل- ومروان بن الحكم- وسعيد بن المسيّب- وأبان بن عثمان. قال «أنس بن مالك»: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أربعة كلهم من الأنصار: «أبيّ، ومعاذ، وزيد بن ثابت، وأبو زيد» اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 429. (¬2) انظر تهذيب ابن عساكر 5/ 449 والسير ج 2 ص 432. (¬3) انظر تهذيب ابن عساكر 5/ 449 وسير أعلام النبلاء ج 2 ص 433. (¬4) اخرجه البخاري، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 431.

وعن «أنس بن مالك» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أفرض أمتي زيد بن ثابت» اهـ (¬1). وروى الشعبي عن «مسروق» قال: «كان أصحاب الفتوى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم: عمر- وعليّ- وابن مسعود- وزيد- وأبيّ- وأبو موسى» اهـ (¬2). وقال «جعفر بن برقان»: سمعت «الزهري» يقول: «لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس» (¬3). وروى «سعيد بن عامر» عن حميد بن الأسود، قال: قال «مالك»: «كان إمام الناس عندنا بعد «عمر» «زيد بن ثابت». وكان إمام الناس عندنا بعد «زيد» «ابن عمر» اهـ (¬4). وقال «عبيد بن السباق» حدثني «زيد» أن «أبا بكر» قال له: «إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك، قد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فتتبع «القرآن» فاجمعه، فقلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قال: هو والله خير، فلم يزل «أبو بكر» يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر «أبي بكر وعمر» فكنت أتتبع «القرآن» أجمعه من: الرقاع- والأكتاف والعسب- وصدور الرجال» اهـ (¬5). قال «أبو هريرة» رضي الله عنه: لما مات «زيد بن ثابت»: مات حبر ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 431. (¬2) إسناده صحيح، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 431. (¬3) روي من طريق محمد بن عيسى، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 433. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 436. (¬5) أخرجه البخاري وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 431.

الأمة، ولعل الله أن يجعل في «ابن عباس» منه خلفا اهـ (¬1). وقال «عمّار بن أبي عمّار» لما مات «زيد بن ثابت» جلسنا إلى «ابن عباس» في ظلّ، فقال: هكذا ذهاب العلماء، دفن اليوم علم كثير اهـ (¬2). قال «الواقدي» توفي «زيد بن ثابت» سنة خمس وأربعين من الهجرة، عن ست وخمسين سنة اهـ (¬3). رحم الله «زيد بن ثابت» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) أخرجه ابن سعد والطبراني، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 439. (¬2) أخرجه ابن سعد والحاكم، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 439. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 441.

رقم الترجمة/ 115"سالم مولى أبي حذيفة" رضي الله عنه ت

رقم الترجمة/ 115 «سالم مولى أبي حذيفة» رضي الله عنه ت (¬1) الصحابي الكبير أحد السابقين إلى الاسلام. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقال: وردت الرواية عنه في حروف «القرآن». ولقد كان «لسالم مولى أبي حذيفة» الأثر الواضح في تعليم القرآن وتجويده ونقل قراءاته ورواياته، ومما يدل على علوّ منزلته ومكانته عند النبي صلى الله عليه وسلّم قوله عليه الصلاة والسلام: «خذوا القرآن من أربعة عبد الله بن مسعود- وأبيّ بن كعب- ومعاذ بن جبل- وسالم مولى أبي حذيفة (¬2). يؤم المهاجرين لأنه كان أقرأهم: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: «كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الذين قدموا من مكة حين قدم. المدينة، لأنه كان أقرأهم» اهـ (¬3). كما كان رضي الله عنه من أحسن الناس صوتا بقراءة القرآن. فعن «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: «استبطأني رسول الله صلى الله عليه وسلّم ذات ليلة فقال: ما حبسك؟ قلت: إن في المسجد لأحسن من سمعت ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 3/ 1/ 60، التاريخ الكبير 4/ 107، التاريخ الصغير 1/ 38، 40، المعارف 273، مشاهير علماء الأمصار: 101، الاستبصار 294، حلية الاولياء 1/ 176، الاستيعاب 4/ 101، أسد الغابة 2/ 307، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 206، سير أعلام النبلاء: 1/ 167، غاية النهاية: 1/ 301. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 301. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 168.

صوتا بالقرآن، فأخذ رداءه، وخرج يسمعه، فإذا هو «سالم مولى أبي حذيفة» فقال: الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك (¬1). كما كان رضي الله عنه من الشجعان: فعن «محمد بن ثابت بن قيس» قال: لما انكشف المسلمون يوم اليمامة قال «سالم مولى أبي حذيفة»: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فحفر لنفسه حفرة فقام فيها، ومعه راية المهاجرين، ثم قاتل حتى قتل اهـ (¬2). رحم الله «سالم مولى أبي حذيفة» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 168. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 169.

رقم الترجمة/ 116"ابن أبي سريج" ت 230 هـ

رقم الترجمة/ 116 «ابن أبي سريج» ت 230 هـ (¬1) هو: أحمد بن الصباح بن أبي سريج، ويقال: أحمد بن عمر بن الصبّاح، أبو جعفر، ويقال: أبو بكر، النهشلي، الرازي، ثم البغدادي، القطان، ثقة، ضابط كبير، وهو شيخ «الإمام البخاري» وأحد أصحاب الشافعي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «ابن سريج» القرآن عن خيرة العلماء. يقول «ابن الجزري»: قرأ «ابن أبي سريج» على «الكسائي» وله عنه نسخة، وأخذ أيضا عن «عبيد الله بن موسى، وعبد الوهاب بن عطاء» صاحب «أبي عمرو بن العلاء» (¬2). وقد تتلمذ على «ابن أبي سريج» عدد كثير منهم: «الحسين بن علي بن حمّاد الازرق، والفضل بن شاذان، وابنه العباس بن الفضل» في قول الأهوازي، والهذلي. ويقول «ابن الجزري»: الصحيح أن «العباس» إنما روى الحروف سماعا، أو قراءة من غير أن يعرض عليه القرآن (¬3). توفي «ابن أبي سريج» سنة ثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 2/ 56، وتاريخ بغداد 4/ 205، والجمع لابن القيسراني 1/ 10، وتهذيب الكمال 1/ 355، وطبقات السبكي 2/ 25. وإكمال مغلطاي 1/ الورقة 16، ومعرفة القراء 1/ 219، وغاية النهاية 1/ 63، وتهذيب التهذيب 1/ 44، وخلاصة تذهيب الكمال: 7. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 63. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 63.

رقم الترجمة/ 117"السري بن مكرم"

رقم الترجمة/ 117 «السّري بن مكرم» (¬1) هو: السّري بن مكرم البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «السري» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو أيوب الخياط» فقد روى القراءة عنه عرضا (¬2). وقد تصدر «السري» لتعليم القرآن، فأخذ عنه القراءة عدد كثير منهم: «محمد بن أحمد بن شنبوذ، وأحمد بن يوسف الأهوازي، وعلي بن أحمد السامري» وآخرون (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «السري». رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- معرفة القراء: 1/ 256، وغاية النهاية: 1/ 302. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 302. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 302.

رقم الترجمة/ 118"ابن سعدان" 231 هـ

رقم الترجمة/ 118 «ابن سعدان» 231 هـ (¬1) هو: محمد بن سعدان أبو جعفر الضرير، الكوفي النحوي صاحب المصنفات في النحو والقراءات. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «ابن سعدان» القراءة عن خيرة العلماء: فقد أخذ القراءة عرضا عن سليم عن حمزة، وعن يحيى بن المبارك اليزيدي، وعن إسحاق بن محمد المسيبي، وروى الحروف سماعا عن عبيد بن عقيل عن شبل، وعن «محمد بن المنذر» عن «يحيى بن آدم»، وعن «يحيى بن منصور» عن «أبي بكر» (¬2). وقد تتلمذ على «ابن سعدان» عدد كثير: فروى القراءة عنه عرضا وسماعا: «أحمد بن محمد بن واصل» وهو أجلّ أصحابه، وأثبتهم فيه وجعفر بن محمد الآدمي، وعبد الله بن محمد بن هاشم الزعفراني، ومحمد بن جعفر بن الهيثم وغير هؤلاء كثير (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات النحويين للزبيدي 98، والفهرست 75، وتاريخ بغداد 5/ 324، ونزهة الألباء 123، وإرشاد الأريب 7/ 12، وإنباه الرواة 3/ 140، وإشارة التعيين، الورقة 48، وتاريخ الاسلام، الورقة 67 (أحمد الثالث 2917/ 7) وتلخيص ابن مكتوم 211، ونكت الهميان 252، والوافي بالوفيات 3/ 92، والبلغة 223، ومعرفة القراء: 1/ 217، وغاية النهاية: 2/ 143، وبغية الوعاة ج 1/ 111. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 143. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 143.

وقد روى «ابن سعدان» الحديث عن عدد من العلماء منهم: «أبو معاوية، وابن إدريس الاودي» وغيرهما (¬1). كما روى عنه الحديث جماعة منهم: «عبد الله بن أحمد بن حنبل» وكان «ابن سعدان» من «الثقات» فقد وثقه «الخطيب»، وغيره. وكما كان «ابن سعدان» من علماء القراءات، فقد كان أيضا من علماء النحو، وله مصنفات مفيدة في العلمين منها: «كتاب القراءات، وكتاب مختصر في النحو، وكتاب في الحدود» (¬2). توفي «ابن سعدان» سنة إحدى وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 217. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 217.

رقم الترجمة/ 119"سعد بن أبي وقاص" رضي الله عنه ت 55 هـ

رقم الترجمة/ 119 «سعد بن أبي وقّاص» رضي الله عنه ت 55 هـ (¬1) علم من حفاظ «القرآن الكريم» وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد السابقين إلى الإسلام، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد من شهد «بدرا» والحديبية. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات. وقال: وردت عن «سعد بن أبي وقاص» الرواية في حروف القرآن. وكان «سعد» قصيرا- أشنّ الأصابع- ذا هامة- آدم- جعد الشعر. أسلم «سعد» رضي الله عنه وهو ابن سبع عشرة، ولنستمع إليه وهو يقول: ما أسلم أحد في اليوم الذي أسلمت، ولقد مكثت سبع ليال وإني لثلث الإسلام (¬2). ولقد كان «لسعد» المكانة المرموقة في العلم والمعرفة، مما جعل الكثيرين يأخذون عنه: فقد حدث عنه عدد كثير أذكر منهم: ابن عمر- وعائشة- وابن عباس- والسائب بن يزيد- وقيس بن أبي حازم- ومجاهد- وشريح- وأبا عبد الرحمن السلمي- وعروة بن الزبير- وهناك عدد كثير. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- مسند أحمد 1/ 168 - 187، فتوح البلدان: 315، طبقات ابن سعد: 3/ 1/ 97. طبقات خليفة: 15، 126، تاريخ خليفة: 223، التاريخ الكبير: 4/ 43، التاريخ الصغير: 1/ 99، مشاهير علماء الأمصار: ت 10، حلية الأولياء: 1/ 92، الاستيعاب: 4/ 170، تاريخ بغداد: 1/ 144، تاريخ ابن عساكر 7/ 66/ 2، أسد الغابة: 2/ 366، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 213، تهذيب الكمال 476، تاريخ الاسلام 2/ 281، العبر 1/ 60، نكت الهميان 155، العقد الثمين 4/ 537، غاية النهاية 1/ 304، تهذيب التهذيب 3/ 483، الاصابة 4/ 160، النجوم الزاهرة 1/ 147، تاريخ الخلفاء 250، خلاصة تهذيب الكمال 135، كنز العمال: 13/ 213، شذرات الذهب 1/ 61. (¬2) أخرجه البخاري، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 97.

وكان «سعد» أول من رمى بسهمه في الإسلام، ولنستمع إليه وهو يقول: «ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلّم أبويه لأحد قبلي، ولقد رأيته يقول: «يا سعد ارم فداك أبي وأمي» وإني لأول المسلمين رمى المشركين بسهمه، ولقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم سابع سبعة ما لنا طعام إلا ورق السّمر (¬1). كما كان «سعد» من الشجعان وكان سهمه لا يخطئ إلا نادرا، يدل على ذلك قوله عن يوم أحد: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يناولني النبل ويقول: «ارم فداك أبي وأمي» حتى إنه ليناولني السهم ما له من نصل فأرمي به اهـ (¬2). وقال «الزهري»: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلّم سريّة فيها: «سعد ابن أبي وقاص» إلى جانب من الحجاز يدعى «رابغ» وهو من جانب «الجحفة» فانكفأ المشركون على المسلمين فحماهم «سعد» يومئذ بسهامه، فكان هذا أول قتال في الاسلام، فقال سعد: ألا هل أتى رسول الله أني ... حميت صحابي بصدور نبلي فما يعتدّ رام في عدوّ ... بسهم يا رسول الله قبلي (¬3) ولقد أحبه الرسول صلى الله عليه وسلّم وكان يفاخر به، يدلّ على ذلك ما يلي: فعن «جابر» رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذ أقبل «سعد» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «هذا خالي فليريني امرؤ خاله» (¬4) ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد، والبخاري، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 98. (¬2) أخرجه أحمد، والبخاري، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 99. (¬3) أخرجه ابن سعد وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 101. (¬4) أخرجه الترمذي، وابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 110.

وعن «يحيى القطان» قال «سعد»: اشتكيت بمكة، فدخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني، فمسح وجهي وصدري وقال: «اللهم اشف سعدا» فما زلت يخيّل إليّ أني أجد برد يده صلى الله عليه وسلّم على كبدي حتى الساعة» اهـ (¬1). وكان «سعد» رضي الله عنه حينما أسلم صادقا في إسلامه لم تؤثر فيه العواطف، يوضح ذلك ما يلي: فعن «مسلمة بن علقمة» أن «سعدا» رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية فيّ: وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما (¬2). قال: كنت برّا بأمي، فلما أسلمت، قالت: يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت؟ لتدعنّ دينك هذا، أو لا آكل، ولا أشرب حتى أموت، فتعيّر بي، فيقال: يا قاتل أمه. قلت: لا تفعلي يا أمه إني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يوما وليلة لا تأكل ولا تشرب وأصبحت وقد جهدت، فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين والله لو كان لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا، ما تركت ديني، إن شئت فكلي أو لا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت اهـ (¬3). كما كان رضي الله عنه من المتواضعين الذين لا يحبون الظهور: فعن «عامر ابن سعد» قال: كان أبي في غنم له، فجاء ابنه «عمر» فلما رآه قال: أعوذ بالله من شرّ هذا الراكب، فلما انتهى إليه قال: يا أبت أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك، والناس يتنازعون في الملك بالمدينة، فضرب صدر «عمر» وقال: اسكت فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «إن الله عز وجلّ يحب العبد التقيّ الغنيّ الخفيّ» اهـ (¬4) ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 110. (¬2) سورة العنكبوت الآية 8. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 109. (¬4) أخرجه مسلم وأحمد.

ولصدق «سعد» في إسلامه، وقوة إيمانه بشرّ النبي صلى الله عليه وسلّم بأنه من أهل الجنة يدلّ على ذلك الخبران التاليان: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: «يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة» فطلع «سعد بن أبي وقاص» اهـ (¬1). وعن «عبد الله بن عمرو» رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة» فدخل «سعد بن أبي وقاص» اهـ (¬2). ولمكانة «سعد» عند النبي صلى الله عليه وسلّم دعا له بأن يكون مستجاب الدعاء، يوضح ذلك الحديث التالي: فعن «ابن عباس» رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال «يوم أحد»: «اللهم استجب لسعد ثلاث مرّات» 1 هـ (¬3). ومنذ دعاء الرسول صلى الله عليه وسلّم «لسعد» باستجابة الدعاء، كان لا يدعو بشيء إلا استجاب الله له، وهناك أكثر من دليل على ذلك، ولكني أكتفي بالدليل التالي: فعن «مصعب بن سعد» أن رجلا نال من «عليّ» رضي الله عنه، فنهاه «سعد» فلم ينته، فدعا عليه، فما برح حتى جاء بعير نادّ فخبطه حتى مات اهـ. توفي «سعد» سنة خمس وخمسين من الهجرة، وهو ابن اثنتين وثمانين وكان «سعد» آخر المهاجرين وفاة. رضي الله عن «سعد بن أبي وقاص» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 108. (¬2) ذكره صاحب الكنز وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 108. (¬3) ذكره صاحب الكنز وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 111.

رقم الترجمة/ 120"سعيد بن جبير" ت 95 هـ

رقم الترجمة/ 120 «سعيد بن جبير» ت 95 هـ (¬1) أحد مشاهير علماء التابعين، الإمام الكبير، الحافظ، المقرئ، المفسر، العالم، العابد. قرأ القرآن على «ابن عباس» رضي الله عنه. وكان «سعيد بن جبير» مدرسة وحده في تعليم القرآن، فقد قرأ عليه عدد كبير، في مقدمتهم: «أبو عمرو بن العلاء البصري، إمام البصرة» في القراءات، واللغة، والنحو، ولا زالت قراءة «أبي عمرو بن العلاء» من القراءات المتواترة يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن. كما أخذ «سعيد بن جبير» الحديث عن عدد من الصحابة، والتابعين، منهم: «ابن عباس، وعائشة، وأبو موسى الأشعري، والضحاك بن قيس، وأبو سعيد الخدري وآخرون. وكما كان «سعيد بن جبير» إماما في القراءات، كذلك كان حجة في حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، وقد حدث عنه عدد كثير منهم: أبو صالح ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 6/ 256، الزهد لأحمد 370، طبقات خليفة ت 2534؛ تاريخ البخاري 3/ 461، المعارف 445، المعرفة والتاريخ 1/ 712، أخبار القضاة 2/ 411، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الثاني: 9، الحلية 4/ 272، أخبار أصبهان 1/ 324، طبقات الفقهاء للشيرازي 82، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول 216، وفيات الأعيان 2/ 371، تهذيب الكمال 480، تاريخ الاسلام 4/ 2، تذكرة الحفاظ 1/ 71، العبر 1/ 112، تذهيب التهذيب 2/ 13 ب، البداية والنهاية 9/ 96، 98، العقد الثمين 4/ 549، غاية النهاية ت 1340، تهذيب التهذيب 4/ 11، النجوم الزاهرة 1/ 228، طبقات الحفاظ للسيوطي 31، خلاصة تذهيب التهذيب 136، طبقات المفسرين 1/ 181، شذرات الذهب 1/ 108، سير أعلام النبلاء 4/ 321، معرفة القراء الكبار: 1/ 68.

السمّان، وآدم بن سليمان، وأيوب السختياني، وثابت بن عجلان، وسليمان الطويل، وسليمان الأعمش، وطلحة بن مصرّف، وآخرون (¬1). وقد ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ومن يقرأ سيرة «سعيد بن جبير» يجده كان رحمه الله تعالى من المتعلقين بقراءة القرآن، يوضح ذلك الأخبار التالية: قال «القاسم بن أبي أيوب»: سمعت «سعيدا» يردد هذه الآية في الصلاة بضعا وعشرين مرة: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ (¬2). وقال «هلال بن يساف»: دخل «سعيد بن جبير» الكعبة» فقرأ «القرآن» في ركعة اهـ (¬3). وقال «وقاء بن إياس»: كان «سعيد بن جبير» يختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء، وكانوا يؤخرون العشاء (¬4). وعن «عبد الملك بن أبي سليمان»: كان «سعيد بن جبير» يختم القرآن في كل ليلتين (¬5). كما كان «سعيد بن جبير» رحمه الله تعالى من الذين يخشون الله حقّ خشيته، ويبكون خوفا من عذابه حتى عدّ من الزهاد: فعن «القاسم الأعرج» قال: كان «سعيد بن جبير» يبكي من الليل حتى عمش اهـ (¬6). وروى «الثوري» عن «حماد» قال «سعيد»: قرأت القرآن في ركعتين في الكعبة اهـ (¬7). ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 322. (¬2) ذكره «أبو نعيم» في الحلية، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 324. والآية: سورة البقرة: 281. (¬3) ذكره أحمد في الزهد، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 324. (¬4) ذكره ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 324. (¬5) ذكره ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 325. (¬6) ذكره «أبو نعيم» في الحلية، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 333. (¬7) أخرجه ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 333.

وقال «سعيد بن جبير»: لو فارق ذكر الموت قلبي لخشيت أن يفسد عليّ قلبي اهـ (¬1). وروى «قيس بن الربيع» عن «الصعب بن عثمان» قال: قال «سعيد بن جبير» ما مضت عليّ ليلتان منذ قتل «الحسين بن علي» رضي الله عنهما إلا أقرأ فيهما القرآن، إلا مريضا أو مسافرا اهـ (¬2). وقال «أبو نعيم»: حدثنا إبراهيم بن عبد الله عن «سعيد ابن عبيد» قال: «كان سعيد بن جبير إذا أتى على هذه الآية: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ. إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ (¬3) رجّع فيها ورددها مرتين أو ثلاثا» (¬4). كما كان «سعيد بن جبير» رحمه الله تعالى ينطق بالحكمة ويعلّمها الناس وهناك الكثير من ذلك: قال «ضرار بن مرّة»: قال «سعيد بن جبير»: «التوكل على الله جماع الإيمان وكان يدعو ويقول: اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك، وحسن الظن بك» اهـ (¬5). وقال «عطاء بن دينار»: قال «سعيد بن جبير»: إن الخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيتك بينك وبين معصيتك، فتلك الخشية، والذكر: طاعة الله، فمن أطاع الله فقد ذكره، ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة القرآن اهـ (¬6). وقال «هلال بن حبيب»: قلت: «لسعيد بن جبير»: ما علامة هلاك الناس؟ قال: إذا ذهب علماؤهم اهـ (¬7). ¬

_ (¬1) ذكره أحمد في الزهد، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 334. (¬2) ذكره ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 336. (¬3) سورة غافر الآية 70، 71. (¬4) ذكره أبو نعيم، انظر حلية الاولياء ج 4 ص 272. (¬5) ذكره أبو نعيم، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 325. (¬6) ذكره أبو نعيم، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 326. (¬7) ذكره أبو نعيم، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 326.

وكان «سعيد بن جبير» يعمل جهد طاقته لنشر العلم بين الناس: فعن «حبيب بن أبي ثابت» قال: قال لي «سعيد بن جبير»: لأن أنشر العلم أحبّ إليّ من أن أذهب إلى قبري اهـ (¬1). ونظرا لشدّة إخلاص «سعيد بن جبير» وعمله المستمرّ في تعليم القرآن وشرح معانيه للمسلمين، استحق ثناء المسلمين عليه، يبين ذلك النصوص التالية: فعن «جعفر بن أبي المغيرة» قال: كان «ابن عباس» رضي الله عنهما إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه يقول: أليس فيكم ابن أم الدهماء؟ يعني سعيد بن جبير (¬2). وروى «ابن مهدي» عن «سفيان» قال: لقد مات «سعيد بن جبير» وما على ظهر الأرض أحد إلا وهو محتاج إلى علمه اهـ (¬3). وروى «عبد السلام بن حرب» عن «خصيف» قال: كان أعلمهم بالقرآن «مجاهد» وأعلمهم بالحج «عطاء» وأعلمهم بالحلال والحرام «طاوس» وأعلمهم بالطلاق «سعيد بن المسيب» وأعلمهم لهذه العلوم «سعيد بن جبير» اهـ (¬4). استشهد «سعيد بن جبير» سنة خمس وتسعين من الهجرة، عن سبع وخمسين سنة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وشرحه، وتعليم سنة الرسول صلى الله عليه وسلّم. رحم الله «سعيد بن جبير» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) ذكره ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 326. (¬2) ذكره ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 325. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 325. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 341.

رقم الترجمة/ 121"سقلاب بن شيبة" ت 191 هـ

رقم الترجمة/ 121 «سقلاب بن شيبة» ت 191 هـ (¬1) هو: سقلاب بن شيبة، أبو سعيد المصري، الإمام المشهور. ذكره «الذهبي» ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «سقلاب» القرآن على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم «الامام نافع بن أبي نعيم» قارئ المدينة المنورة، والقارئ الاول بالنسبة لائمة القراءات (¬2). وقد روى «القرآن» عن «سقلاب» عدد كثير منهم: «يوسف بن عمرو الازرق، ويونس بن عبد الأعلى» (¬3). توفي «سقلاب» سنة إحدى وتسعين ومائة من الهجرة. رحم الله «سقلاب» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام، الورقة 215 (آيا صوفيا 3006) والمشتبه 353، وغاية النهاية 1/ 308، ومعرفة القراء: 1/ 160. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 160. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 160.

رقم الترجمة/ 122"سلام المزني" ت 171 هـ

رقم الترجمة/ 122 «سلّام المزني» ت 171 هـ (¬1) الإمام، الحجة، القارئ، الثقة، الفصيح، النحوي. هو: سلام ابن سليمان أبو المنذر المزني مولاهم البصري. قارئ الكوفة المعروف بالخراساني، شيخ يعقوب الحضرمي الإمام الثامن من أئمة القراءات. ومما تجدر الإشارة إليه أن «سلّاما» هذا غير «سلّام الطويل» المدائني، المعروف بالخراساني، ويكني أبا سليمان، ولا يميز بينهما إلا الحذاق لأنهما في طبقة واحدة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «سلام المزني» القراءة على مشاهير علماء عصره منهم: عاصم بن أبي النّجود، وأبو عمرو بن العلاء، وعاصم الجحدري، والحسن بن أبي الحسن، ويونس بن عبيدة، وابن جريج، وابن أبي فديك، وابن أبي مليكة، وسفيان بن عيينة، وآخرون. وقد اشتهر سلّام المزني بالقراءة والاقراء بالكوفة. وتتلمذ عليه عدد كثير منهم: يعقوب الحضرمي، وهارون بن موسى الأخفش، وإبراهيم بن الحسن العلاف، وأيوب بن المتوكل، وآخرون. كما حدث عنه كثيرون، منهم: عبيد الله بن محمد، ومحمد بن سلام ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- التاريخ الكبير 4/ 134، والجرح والتعديل 4/ 259، والكاشف 1/ 413، وميزان الاعتدال 2/ 177، ومعرفة القراء الكبار 1/ 132، وغاية النهاية 1/ 309، وتقريب التهذيب 1/ 342، وتهذيب التهذيب 4/ 284، وانظر «تهذيب الكمال».

الجمحي، وعبد الواحد بن غياث، وزيد بن الحباب، وآخرون. ولقد بلغ «سلام المزني» بين قومه المكانة السامية والمنزلة الرفيعة مما استحق الثناء عليه. يقول «يعقوب بن إسحاق»: لم يكن في وقت «سلام أبي المنذر» أعلم منه وكان فصيحا نحويّا. وقال «زكريا بن يحيى الساجي»: «سلام أبو المنذر» صدوق، كان صاحب سنة. توفي سنة إحدى وسبعين ومائة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحم الله سلام المزني رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 123"سليمان الأعمش" ت 148 هـ

رقم الترجمة/ 123 «سليمان الأعمش» ت 148 هـ (¬1) شيخ القراء والمحدثين، الحافظ، الثقة، العالم بالفرائض: هو سليمان بن مهران، الأسدي، الكوفي. ولد «سليمان الأعمش» بقرية «أمة» من أعمال «طبرستان» سنة إحدى وستين هـ. وقدم به والداه إلى الكوفة طفلا. قال «أحمد بن عبد الله العجلي»: الأعمش ثقة ثبت. كان محدث الكوفة في زمانه، وكان يقرئ القرآن وهو رأس فيه، وكان فصيحا، وكان لا يلحن حرفا، وكان عالما بالفرائض. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «الذهبي»: ورد أن «الأعمش» قرأ القرآن على «زيد بن وهب، وزر بن حبيش، وإبراهيم النخعي»، وأنه عرض القرآن على «أبي العالية الرياحي، وعلى مجاهد، وعاصم بن بهدلة، وأبي حصين» (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 6/ 342، تاريخ خليفة 232، 424، طبقات خليفة 164، التاريخ الصغير 2/ 91، الجرح والتعديل 4/ 146، مشاهير علماء الأمصار 111، حلية الأولياء 5/ 46، تاريخ بغداد 9/ 3، الكامل في التاريخ 5/ 589، وفيات الأعيان 2/ 400، تهذيب الكمال 548، تهذيب التهذيب 20/ 5/ 2، تاريخ الاسلام 6/ 75، سير أعلام النبلاء 6/ 226، ومعرفة القراء الكبار 1/ 94، والعبر 1/ 209، والكاشف 1/ 401، وميزان الاعتدال 2/ 224، ومرآة الجنان 1/ 305، ووفيات ابن قنفذ 127، وغاية النهاية 1/ 315، وتقريب التهذيب 1/ 331، ولسان الميزان 6/ 569، والنجوم الزاهرة 2/ 10، وطبقات الحفاظ للسيوطي 67، وخلاصة تهذيب الكمال 155، وشذرات الذهب 1/ 220، وروضات الجنات 4/ 75. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 234.

قال «الأعمش»: قرأت القرآن على «يحيى بن وثاب»، وقرأ يحيى على «علقمة» وقرأ هو على «عبد الله بن مسعود» وقرأ «عبد الله بن مسعود» على رسول الله صلى الله عليه وسلّم (¬1). وقد روى «الأعمش» عن كثيرين من خيرة علماء عصره منهم: «زيد ابن وهب، وأبو عمرو الشيباني، وإبراهيم النخعي، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وغيرهم كثير (¬2). كما روى عن «الأعمش» عدد كثير، لأن الناس كانوا يأتون اليه من كل فجّ للأخذ عنه. فمن هؤلاء: «الحكيم بن عيينة، وطلحة بن مصرّف، وحبيب ابن أبي ثابت، وصفوان بن سليم، وسهيل بن أبي صالح، وأبان بن تغلب» وآخرون (¬3). وكان «الأعمش» رحمه الله تعالى من الزهاد، وهناك أكثر من دليل على ذلك ولكنني أكتفي بذكر ما يلي: قال «ابن عيينة»: رأيت «الأعمش» لبس فروا مقلوبا، تسيل خيوطه على رجليه، ثم قال: أرأيتم لولا أني تعلمت العلم، من كان يأتيني لو كنت بقّالا؟ (¬4). وكان «الأعمش» رحمه الله تعالى من الثقات. فعن «ابن معين» قال: الأعمش ثقة، وقال «النسائي»: الأعمش ثقة ثبت (¬5). وقال «عبد الله بن محمد»: حدثنا «زياد بن أيوب» قال: سمعت «هشيما» يقول: «ما رأيت بالكوفة أحدا أقرأ لكتاب الله ولا أجود من «الأعمش» (¬6). ¬

_ (¬1) انظر حلية الأولياء ج 5 ص 46. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 227. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 227. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 228. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 247. (¬6) انظر حلية الأولياء ج 5 ص 50.

وقال «إبراهيم بن عرعرة»: سمعت «يحيى بن القطان» إذا ذكر الأعمش يقول: كان من النسّاك، وكان محافظا على الصلاة في الجماعة، وعلى الصف الاول (¬1). قال: «منصور بن الأسود»: سألت «الأعمش» عن قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (¬2). قال: سمعتهم يقولون: إذا فسد الناس أمّر عليهم شرارهم اهـ (¬3). وقال «قبيصة» حدثنا «سفيان الثوري» عن «الأعمش» في معنى قوله تعالى: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ (¬4) قال: معنى ذلك: مثل زاد الراعي اهـ (¬5). وقال «وكيع» كان «الأعمش» قريبا من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الاولى، واختلفت إليه قريبا من ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة اهـ (¬6). ونظرا لأن حياة «الأعمش» كانت مليئة بتعليم القرآن، وسنّة سيد الأنام كما كان من العباد الذين لم تغرهم الدنيا بزخارفها، فقد استحق ثناء الناس عليه، وهذه بعض الأدلة على ذلك: قال «يحيى القطان»: كان «الأعمش» علّامة الإسلام (¬7). وقال «سفيان بن عاصم»: سمعت «القاسم أبا عبد الرحمن» يقول: «ما أحد أعلم بحديث «ابن مسعود» من «الأعمش» اهـ (¬8). ¬

_ (¬1) انظر حلية الأولياء ج 5 ص 50. (¬2) سورة الأنعام الآية 129. (¬3) انظر حلية الأولياء ج 5 ص 50. (¬4) سورة الحديد الآية 20. (¬5) انظر حلية الأولياء ج 5 ص 51. (¬6) انظر حلية الأولياء ج 5 ص 49. (¬7) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 228. (¬8) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 233.

وقال «ابن عيينة»: سبق «الأعمش» الناس بأربع: كان أقرأهم للقرآن، وأحفظهم للحديث، وأعلمهم بالفرائض، وذكر خصلة أخرى اهـ (¬1). وقد ذكر «الذهبي» وغيره أن «الأعمش» رأى «أنس بن مالك» رضي الله عنه وروى عنه الحديث، وقد اقتبست من مروياته ما يلي: قال «الفضل بن موسى»: حدثنا «الأعمش» عن «أنس بن مالك» قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلّم في سفر، فمرّ على شجرة يابسة فضربها بعصا كانت في يده، فتناثر الورق، فقال: «إنّ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، يساقطن الذنوب كما تساقط هذه الشجرة ورقها» اهـ (¬2). وقال «أبو نعيم»: حدثنا «الأعمش» عن «أبي صالح» عن «أبي هريرة» قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «ليس المسكين الذي تردّه التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس، ولم يفطن بمكانه فيعطى» اهـ (¬3). وقال «يحيى بن معين»: حدثنا «حفص بن غياث» عن «الأعمش» عن «أبي صالح» عن «أبي هريرة» رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى عليه وسلّم: «من أقال مسلما عثرته، أقاله الله يوم القيامة» اهـ (¬4). توفي «الأعمش» بالكوفة سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة سيّد الأنام، رحم الله «الأعمش» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 246. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 240. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 242. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 243.

رقم الترجمة/ 124"سليمان بن خلاد" ت 261 هـ

رقم الترجمة/ 124 «سليمان بن خلّاد» ت 261 هـ (¬1) هو: سليمان بن خلاد، أبو خلاد النحوي السامري المؤدب. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «سليمان بن خلاد» القرآن على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أبو محمد اليزيدي، وإسماعيل بن جعفر» (¬2). وقد تتلمذ على «سليمان» وأخذ عنه القراءة عدد كثير منهم: «القاسم بن محمد بن بشار، ومحمد بن أحمد بن قطن، وعلي بن أحمد بن مروان، وبكر بن أحمد السراويلي، وأحمد بن حمدان الفرائضي، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ» وآخرون (¬3). وقد أخذ «سليمان بن خلاد» الحديث عن خيرة العلماء منهم: «يزيد بن هارون، ووهب بن جرير» وغيرهما. كما حدث عن «سليمان بن خلاد» عدد لا بأس به منهم: «أبو بكر بن داود، ومحمد بن مخلد، وعبد الرحمن بن أبي حاتم». توفي «سليمان بن خلاد» سنة إحدى وستين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 4/ 110، وتاريخ بغداد 9/ 53، ومعرفة القراء الكبار 1/ 194، وغاية النهاية 1/ 313. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 313. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 313.

رقم الترجمة/ 125"سليمان بن داود" ت 253 هـ

رقم الترجمة/ 125 «سليمان بن داود» ت 253 هـ (¬1) هو: سليمان بن داود بن حمّاد بن سعد، أبو الربيع المصري. ولد «سليمان» سنة ثمان وسبعين ومائة من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «سليمان بن داود» القرآن على مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «ورش» إمام القراءة في مصر، وهو أحد رواة «الإمام نافع» قارئ المدينة المنورة (¬2). وقد تلقى «القرآن» على «سليمان بن داود» عدد كثير، وفي مقدمتهم: «محمد بن عبد الرحيم» الأصبهاني، وقد عرض عليه كما يقول «ابن الجزري»: إحدى وثلاثين ختمة (¬3). وقد روى «سليمان بن داود» الحديث عن خيرة علماء عصره منهم: «ابن وهب، وأشهب، وعبد الملك الماجشون»، وآخرون (¬4) كما حدث عنه عدد كثير، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 4/ 114، وتاريخ الاسلام، الورقة 242 (أحمد الثالث 2917/ 7) والكاشف 1/ 391، والديباج المذهب 1/ 375، ومعرفة القراء الكبار 1/ 183، وغاية النهاية 1/ 313، وتهذيب التهذيب 4/ 186، وتقريب التهذيب 1/ 323، وحسن المحاضرة 1/ 292، 486، 247، وشجرة النور: 1/ 67. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 313. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 313. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 183.

منهم: «أبو داود، والنسائي» في السّنن، وعمر بن محمد بن بجير، ومحمد بن زبّان المصري، وآخرون (¬1). ولقد كان «سليمان بن داود» من خيرة العلماء، مما استحقّ الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول «أبو سعيد بن يونس»: كان «سليمان» فقيها على مذهب الإمام مالك، وكان رجلا زاهدا اهـ (¬2). وقال «أبو داود السجستاني»: «قلّ من رأيت في فضله» اهـ (¬3). توفي «سليمان بن داود» أول ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين ومائتين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «سليمان بن داود» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 183. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 184. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 184.

رقم الترجمة/ 126"سليمان الضبي" ت 291 هـ

رقم الترجمة/ 126 «سليمان الضبّي» ت 291 هـ (¬1) هو: سليمان بن يحيى بن أيوب بن الوليد بن أبان، أبو أيوب التميمي البغدادي المعروف بالضبّي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «سليمان الضبّي» سنة مائتين وعمّر زمنا طويلا. بلغ إحدى وتسعين سنة قضى نحو ستين سنة منها في تعليم القرآن الكريم وحديث النبي عليه الصلاة والسلام. أخذ «سليمان الضبي» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عمر الدوري» أحد الرواة المشهورين عن «أبي عمرو بن العلاء» البصري، ولا زالت قراءة «أبي عمرو» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ عن «رجاء بن عيسى، وترك الحذاء» وآخرين (¬2). وقد تصدر «سليمان الضبّي» لتعليم القرآن فأخذ عنه عدد كثير منهم: «أحمد بن عبد الله ابن الخشف، وأحمد بن محمد الأدميّ، وعبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، ومحمد بن القاسم الأنباري، وأبو بكر النقاش، ومحمد بن الحسن بن يونس، وعبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن الواثق بالله» وآخرون (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 9/ 60، وتاريخ الاسلام، الورقة 276 (أوقاف) ومعرفة القراء 1/ 256، وغاية النهاية 1/ 317. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 256. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 317.

لقد احتلّ «سليمان الضبّي» المكانة السامية بين العلماء. مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: أخبرنا «عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي»، أخبرنا «علي بن عمر الحافظ» قال: سليمان بن يحيى الضبّي كان شيخا صالحا يقرئ في مدينة «أبي جعفر» في الجامع بحرف «حمزة» اهـ (¬1). وقد أخذ «سليمان الضبّي» حديث النبي صلى الله عليه وسلّم عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «خلف بن هشام البزّار، وإسحاق بن إسماعيل الطالقاني، ومحمد بن حميد الرازي، وأبو حمدون الطيب، والفضل بن سهل الأعرج» وغيرهم كثير (¬2). وكما كان «سليمان الضبّي» معلما لكتاب الله تعالى، كان أيضا معلما وراويا لحديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم، وقد تتلمذ عليه عدد كثير وفي مقدمتهم: «أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، وأبو الحسين بن المنادي، وعبد الباقي بن قانع» وآخرون (¬3). توفي «سليمان الضبّي» سنة إحدى وتسعين ومائتين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «سليمان الضبّي» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 9 ص 60. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 9 ص 60. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 9 ص 60.

رقم الترجمة/ 127"سليم بن عيسى" ت 188 هـ

رقم الترجمة/ 127 «سليم بن عيسى» ت 188 هـ (¬1) هو سليم بن عيسى بن سليم بن عامر بن غالب، صاحب «حمزة الزيات» الإمام السابع من أئمة القراءة وأخص تلامذته، وأحذقهم بالقراءة، وأقومهم بالحروف. وهو الذي خلف «حمزة الزيات» في الإقراء بالكوفة. ولد «سليم بن عيسى» سنة ثلاثين ومائة من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد سمع «سليم» الحديث من شيخيه «حمزة، وسفيان الثوري» وقد تلقى القرآن على «سليم» عدد كثير منهم: «خلف بن هشام البزّار، وخلاد بن خالد الصيرفي، وأبو عمر الدوري، ومحمد بن يزيد، والطيب بن إسماعيل». كما كان رفقاؤه في القراءة على «حمزة» يقرءون عليه لشدّة إتقانه. قال «يحيى بن سليمان الجعفي»: حدثنا «يحيى بن المبارك» قال: كنا نقرأ على «حمزة» ونحن شباب، فإذا جاء «سليم» قال لنا «حمزة» تحفظوا وتثبتوا، قد جاء «سليم». وقال «الدوري»: حدثنا «الكسائي» قال: كنت أقرأ على «حمزة» فجاء «سليم» فتلكأت، فقال لي «حمزة» تهاب سليما ولا تهابني؟ فقلت: يا أستاذ أنت إن أخطأت قوّمتني، وهذا إن أخطأت عيّرني. وقال «خلف»: ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ البخاري الكبير 2/ 2/ 127، وتاريخ الاسلام الورقة 79، (آيا صوفيا 3006) وميزان الاعتدال 2/ 232. ومعرفة القراء الكبار 1/ 138، وغاية النهاية 1/ 318.

قرأت على «سليم» مرارا، وسمعته يقول: قرأت القرآن على «حمزة» عشر مرات. توفي «سليم» سنة ثمان وثمانين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 128"ابن أبي السمح" ت 356 هـ

رقم الترجمة/ 128 «ابن أبي السمح» ت 356 هـ (¬1) هو: أحمد بن أسامة بن أحمد بن عبد الرحمن بن أبي السمح التجيبي المصري. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «ابن أبي السمح» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: والده عن يونس، واسماعيل بن عبد الله النحاس، أخذ عنه رواية ورش. تصدر «ابن أبي السمح» لتعليم القرآن، فأخذ عنه عدد كثير منهم: محمد بن النعمان، وخلف بن إبراهيم بن خاقان، وعبد الرحمن بن يونس (¬2). اختلف المؤرخون في تاريخ وفاة «ابن أبي السمح» فذكر «الداني» أنه توفى سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة. وقد بلغ مائة وعشرين. وذكر «الذهبي» عن أبي القاسم بن الطحان أنه روى عنه. وذكره في تاريخه فقال: توفي في شهر رجب سنة ست وخمسين وثلاثمائة، ثم قال: وكان هذا أصح. رحم الله أبا السمح رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام، وفيات 356، وغاية النهاية 1/ 38، وحسن المحاضرة 1/ 488. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 38.

رقم الترجمة/ 129"سويد بن نمير" ت 194 هـ

رقم الترجمة/ 129 «سويد بن نمير» ت 194 هـ (¬1) هو: سويد بن عبد العزيز بن نمير أبو محمد السّلمي مولاهم الواسطي، ولد «سويد» سنة ثمان ومائة من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «سويد» القرآن على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «يحيى بن الحارث، والحسن بن عمران، صاحب ابن عطية بن قيس» (¬2). وقرأ القرآن على «سويد» عدد كثير منهم: «الربيع بن تغلب، وأبو مسهر الغساني، وهشام بن عمّار» أحد رواة «ابن عامر» المشهورين (¬3). كما أخذ «سويد» الحديث عن خيرة علماء عصره منهم: «أيوب السختياني، وأبو الزبير المكي، وثابت بن عجلان، وعاصم الأحول» وطائفة من التابعين (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات ابن سعد 7/ 470، وتاريخ يحيى برواية الدوري 2/ 243، وطبقات خليفة 36، وتاريخ البخاري الكبير 4/ 148، والمعرفة والتاريخ 1/ 183، وتاريخ الاسلام الورقة 218 (آيا صوفيا 3006) والكاشف 1/ 411، وميزان الاعتدال 2/ 251، ومعرفة القراء الكبار 1/ 150، وتهذيب التهذيب 4/ 276، وشذرات الذهب 1/ 340، وانظر «تهذيب الكمال». (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 321. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 321. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 151.

وقد أخذ عن «سويد» الحديث عدد كثير منهم: «داود بن رشيد، وعلي بن حجر، ومحمد بن هاشم البعلبكي» وخلق كثير (¬1). توفي «سويد» سنة أربع وتسعين ومائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله سويدا رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 151.

رقم الترجمة/ 130"أبو سهل البغدادي" ت 345 هـ

رقم الترجمة/ 130 «أبو سهل البغدادي» ت 345 هـ (¬1) هو: صالح بن ادريس بن صالح بن شعيب أبو سهل البغدادي الوراق، نزيل دمشق استاذ ماهر ضابط متقن. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو سهل» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: ابن مجاهد، وعلي ابن سعيد بن الحسن، وعبد الرحمن بن اسحاق الكوفي، ومحمد بن الأخرم، وعلي ابن الحسين بن السفر، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ. كما أخذ حروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: أحمد بن محمد ابن علي الديباجي، ومحمد بن جعفر العلاف، ومحمد بن أحمد بن قطن، ومحمد ابن القاسم الأنباري وآخرون (¬2). وأخذ «أبو سهل البغدادي» حديث النبي صلى الله عليه وسلّم عن خيرة العلماء، فقد حدث بدمشق عن يحيى بن محمد بن صاعد (¬3). تصدر «أبو سهل البغدادي» لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر في الآفاق، وذاع صيته بين الأنام، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان. فمن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون. وعلي بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام الورقة 227، وغاية النهاية 1/ 332، ونهاية الغاية الورقة 76، تاريخ بغداد 9/ 331، وترجمة ابن عساكر في تاريخ دمشق. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 332. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 9 ص 231.

محمد بن بشر الأنطاكي، وعلي بن داود الداراني، والمظفر بن أحمد الدمشقي وغير هؤلاء (¬1). ومن الذين رووا عنه حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم «عبيد الله بن فطيس، وثمام بن محمد بن عبد الله الرازي، وعبد الرحمن بن عمر بن نصر» وغيرهم (¬2). واشتهر «أبو سهل البغدادي» بالثقة والإتقان وصحة الضبط، وقد أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا يقول الحافظ «الذهبي»: «كان «أبو سهل البغدادي» شابا صالحا ناسكا، منقطع القرين من سادة المقرئين» اهـ (¬3). توفي «أبو سهل البغدادي» في ريعان شبابه عن نيف وأربعين سنة، وذلك في جمادى الاولى سنة خمس وأربعين، وثلاثمائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «أبا سهل البغدادي» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 332. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 9 ص 231. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 303.

رقم الترجمة/ 131"شبل بن عباد" ت 150 ونيف من الهجرة

رقم الترجمة/ 131 «شبل بن عبّاد» ت 150 ونيف من الهجرة (¬1) شيخ قراء مكة بعد «ابن كثير» هو «شبل بن عباد» أبو داود، المكي، الضابط، الثقة. وهو أجل أصحاب «ابن كثير». ولد «شبل» سنة سبعين من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد أخذ «شبل» القراءات عن مشاهير علماء عصره، منهم: «ابن محيصن» و «عبد الله بن كثير» شيخ قراء مكة المكرمة، وهو الإمام الثاني بالنسبة للأئمة العشرة. كما أخذ القراءات عن «شبل» عدد كثير، منهم: «إسماعيل القسط، وابنه داود بن شبل، وعكرمة بن سليمان، وعبد الله بن زياد، وحسن بن محمد، ووهب بن واضح» (¬2). كما روى عن «شبل» القراءة من غير عرض: «عبيد الله بن عقيل، وعلي ابن نصر، ومحمد بن صالح، وأبو حذيفة موسى بن مسعود، ويحيى بن سعيد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- التاريخ الكبير 4/ 257، والمعرفة والتاريخ 1/ 435، والكاشف 2/ 4، وتذهيب التهذيب 2/ 69، ومعرفة القراء الكبار 1/ 129، وغاية النهاية 1/ 323، وتقريب التهذيب 1/ 346، وتهذيب التهذيب 4/ 305، وشذرات الذهب 1/ 223، وانظر «تهذيب الكمال». (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 323.

المازني» (¬1). وقد حدث «شبل» عن: «أبي الطّفيل، وعمرو بن دينار، وابن أبي نجيح» وجماعة. كما حدث عنه عدد كثير منهم: «سفيان بن عيينة، وأبو نعيم، وروح بن عبادة، ويحيى بن أبي بكير، وأبو حذيفة موسى بن مسعود النّهدي، وعبيد بن عقيل» (¬2). قال «يحيى بن معين»: «شبل بن عباد» من الثقات. توفي «شبل» سنة نيّف وخمسين ومائة من الهجرة (¬3). رحم الله «شبل بن عباد» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 324. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 129. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 130.

رقم الترجمة/ 132"شجاع بن أبي نصر" ت 190 هـ

رقم الترجمة/ 132 «شجاع بن أبي نصر» ت 190 هـ (¬1) هو: شجاع بن أبي نصر، أبو نعيم البلخي، ثم البغدادي. ولد «شجاع» سنة عشرين ومائة ببلخ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «شجاع» القرآن على مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم العالم الجليل: «أبو عمرو بن العلاء» البصري، الإمام الثالث من أئمة القراءات المشهورين. كما سمع «شجاع» من «عيسى بن عمر، وصالح المرّي» (¬2). كما أخذ «شجاع» الحديث عن خيرة العلماء منهم: «الأعمش» وغيره (¬3). وقد تتلمذ على «شجاع» عدد كثير أخذوا عنه القرآن وحروفه، في مقدمة هؤلاء: الإمام الحجة اللغوي الفقيه المحدث: «أبو عبيد القاسم بن سلام» صاحب التصانيف، كما أخذ عن «شجاع» القرآن: «محمد بن غالب، وأبو نصر القاسم بن علي، وأبو عمر الدوري» أحد رواة «أبي عمرو» (¬4)، والحسن ابن عرفة، وسريج بن يونس، وهارون الحمّال. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام، الورقة 80 - 81 (آيا صوفيا 3006) ومعرفة القراء الكبار 1/ 162، وغاية النهاية 1/ 324، وتهذيب التهذيب 4/ 313، وتقريب التهذيب 1/ 347، وانظر «تهذيب الكمال». (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 324. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 162. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 324.

وقد كان «شجاع» من الثقات، فقد وثّقه «أبو عبيد». وسئل عنه الإمام «أحمد بن حنبل» فقال: بخ بخ وأين مثله اليوم. توفي «شجاع» ببغداد سنة تسعين ومائة وله سبعون سنة. رحم الله «شجاعا» رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 133"شعبة بن عياش" ت 193 هـ

رقم الترجمة/ 133 «شعبة بن عياش» ت 193 هـ (¬1) هو: شعبة بن عياش بن سالم أبو بكر الحنّاط بالنون، الأسديّ النهشلي الكوفي الإمام العالم راوي عاصم بن أبي النجود. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «شعبة» سنة خمس وتسعين من الهجرة، وبعد أن شبّ وترعرع واكتملت مواهبه أخذ القرآن عن خيرة العلماء: فقد عرض القرآن على «عاصم» ثلاث مرات، وعلى «عطاء بن السائب، وأسلم المنقري». تصدر «شعبة» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة وأقبل عليه الطلاب فتتلمذ عليه: «أبو يوسف يعقوب بن خليفة الأعشى، وعبد الرحمن بن أبي حماد، وعروة بن محمد الأسدي، ويحيى بن محمد العليمي، وسهل بن شعيب». وروى عنه حروف القراءات سماعا من غير عرض عدد كثير منهم: «إسحاق بن عيسى، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وأحمد بن جبير، وبريد بن عبد الواحد، وحسين بن عبد الرحمن، وحسين بن علي الجعفي، وحماد بن أبي زياد، وطاهر بن أبي أحمد الزبيدي، وعبد الله بن عمرو بن أبي أمية، وعبد المؤمن ابن أبي حماد البصري، وعبد الجبار بن محمد العطاردي، وعبد الحميد بن صالح، وعبيد بن نعيم، وعلي بن حمزة الكسائي، والمعافي بن يزيد، والمعلى بن منصور الرازي، وميمون بن صالح الدارمي» وآخرون. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 325.

عمّر «شعبة» دهرا طويلا، واحتل مكانة سامية بين العلماء وقد أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: «كان «شعبة» إماما كبيرا، عالما، وعاملا، وكان يقول: أنا نصف الإسلام، وكان من أئمة السنة» (¬1). ولما حضرته الوفاة بكت أخته، فقال لها: ما يبكيك؟ انظري إلى تلك الزاوية فقد ختمت فيها ثمان عشرة ألف ختمة (¬2). توفي «شعبة» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم في جمادى الاولى سنة ثلاث وتسعين ومائة من الهجرة، وقيل: سنة أربع وتسعين. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1 ص 326. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1 ص 327.

رقم الترجمة/ 134"أبو شعيب السوسي" ت 261 هـ

رقم الترجمة/ 134 «أبو شعيب السّوسي» ت 261 هـ (¬1) هو: صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل، أبو شعيب السوسي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. يقول «ابن الجزري»: أخذ «أبو شعيب السوسي» القراءة عرضا وسماعا عن «أبي محمد اليزيدي» وهو من أجلّ أصحابه (¬2). ويقول «الذهبي»: قرأ «السوسي» على «اليزيدي» وسمع بالكوفة من «عبد الله بن نمير، وأسباط بن محمد»، وبمكة من «سفيان بن عيينة» (¬3). وقد جلس «السوسي» لتعليم القرآن حتى قارب التسعين. وقد أخذ عنه القراءة عدد كثير منهم: «ابنه أبو المعصوم، وموسى بن جرير النحوي، وأبو الحارث محمد بن أحمد الطرسوسي، وعلي بن محمد السعدي، ومحمد بن إسماعيل القرشي، وأبو الحارث محمد بن أحمد» وغيرهم كثير (¬4). يقول «الذهبي»: حدث عن «السوسي» «أبو بكر بن أبي عاصم، وأبو عروبة الحرّاني، وأبو علي محمد بن سعيد» اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 4/ 404، والمشتبه 316، والكاشف 2/ 20 ومرآة الجنان 2/ 173، ووفيات ابن قنفذ 155، والنشر في القراءات العشر 1/ 134، ومعرفة القراء الكبار 1/ 193، وغاية النهاية 1/ 332، وتهذيب التهذيب 4/ 392، وخلاصة تذهيب الكمال 170، وشذرات الذهب 2/ 143، وانظر «تهذيب الكمال» للمزي. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 333. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 193. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 333. (¬5) انظر القراء الكبار ج 1 ص 193.

وقد اشتهرت قراءة «السوسي» وعمّت الآفاق، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول، وقد تلقيتها، وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. توفي «السوسي» في أول سنة إحدى وستين ومائتين من الهجرة، وقد قارب تسعين سنة. رحم الله «السوسي» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 135"شعيب بن أيوب" ت 261 هـ

رقم الترجمة/ 135 «شعيب بن أيّوب» ت 261 هـ (¬1) هو: شعيب بن أيوب بن زريق، أبو بكر الصريفيني، والمراد: صريفين واسط لا صريفين بغداد. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «شعيب بن أيوب» القراءة على مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «يحيى بن آدم» فقد أخذ القراءة عنه عرضا وسماعا كما أثبته الإمام الداني (¬2). وقد تلقى «القرآن» على «شعيب بن أيوب» عدد كثير منهم: «محمد بن عمرو بن عون، ويوسف بن يعقوب الواسطي، وأبو بكر أحمد بن يوسف القافلاني، وأحمد بن سعيد الضرير»، وسمع منه الحروف «إسماعيل بن عرفة نفطويه» (¬3). كما أخذ «شعيب بن أيوب» الحديث عن خيرة علماء عصره، في مقدمتهم: «يحيى القطان، وحسين بن علي الجعفي» (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 4/ 342، وتاريخ بغداد 9/ 244 واللباب 2/ 240، وميزان الاعتدال 2/ 275، ومعرفة القراء الكبار: 1/ 206، والكاشف 2/ 12، وغاية النهاية 1/ 327، وتهذيب التهذيب 4/ 348، وخلاصة تذهيب الكمال 166، وانظر «تهذيب الكمال» للمزي. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 156. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 327. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 206.

وقد روى عنه الحديث عدد كثير، منهم: «أبو داود» في سننه، وعبدان الأهوازي، وأبو بكر بن أبي داود، ومحمد بن مخلد، وعبد الله بن شوذب الواسطي، وآخرون (¬1). وقد كان «شعيب بن أيوب» من الثقات، وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: كان شعيب رأسا في قراءة عاصم، وثّقه الدارقطني وغيره (¬2). توفي «شعيب بن أيوب» بواسط سنة إحدى وستين ومائتين. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 206. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 206.

رقم الترجمة/ 136"أبو شعيب القواس"

رقم الترجمة/ 136 «أبو شعيب القوّاس» (¬1) هو: صالح بن محمد أبو شعيب القواس الكوفي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو شعيب القواس» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «حفص ابن سليمان» أحد رواة «عاصم» الكوفي الإمام الخامس بالنسبة للقراء المشهورين (¬2). وقد تلقى القرآن على «أبي شعيب» عدد كثير منهم: «أحمد بن الحسن المالحاني، وأحمد بن الصفّار، وأحمد بن يزيد الحلواني، والحسن بن العباس الرازي، وعبد الله بن الهذيل، والصلت بن شنبوذ» وغيرهم كثير (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي شعيب القواس». رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: معرفة القراء الكبار: 1/ 204، وغاية النهاية: 1/ 334. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 204. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 234.

رقم الترجمة/ 137"ابن شنبوذ" ت 328 هـ

رقم الترجمة/ 137 «ابن شنبوذ» ت 328 هـ (¬1) هو: محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت البغدادي، شيخ الإقراء بالعراق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. اشتهر «ابن شنبوذ» بالرحلة إلى كثير من البلاد في طلب القراءات، ولذلك تلقى القراءات القرآنية وعرفها ودرسها صحيحها وشاذها عن عدد كبير من علماء الأمصار يعدون بالعشرات، منهم: إبراهيم الحربي، وأحمد بن بشار الأنباري، وأحمد بن نصر بن شاكر، وأحمد بن فرح، وأحمد بن أبي حماد، واسحاق الخزاعي، والحسن بن العباس الرازي، والحسن بن الحباب، والعباس بن الفضل الرازي، وقنبل أحد رواة ابن كثير، وغيرهم كثير (¬2). وقد تصدر «ابن شنبوذ» لتعليم القرآن وحفظه وتجويده، واشتهر بالعلم وأقبل الطلاب عليه من كل مكان، فتتلمذ عليه الكثيرون، وأخذوا عنه، من هؤلاء الذين تلقوا عنه القراءات: أحمد بن نصر الشذائي، وأبو الحسين أحمد بن عبد الله الجبّي، وإدريس بن علي المؤدب، وعلي بن الحسين الغضائري، والحسن بن سعيد المطوعي، وأبو بكر عبد الله بن أحمد القباب، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 1/ 280 - 281، وإرشاد الأريب 17/ 167، وكامل ابن الأثير 8/ 346، ووفيات الأعيان 4/ 299 - 301، وتاريخ الإسلام الورقة 150، وتذكرة الحفاظ 3/ 844، والعبر 2/ 213، والوافي بالوفيات 2/ 37 - 38، ومرآة الجنان 2/ 290 - 291، وغاية النهاية 2/ 52، والفلاكة 165 - 166، والنجوم الزاهرة 3/ 248، وشذرات الذهب 2/ 311. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 52.

الشنبوذي، وأبو بكر بن مقسم، ومحمد بن محمد بن أحمد الطرازي، وغير هؤلاء كثير (¬1). ولم يقتصر «ابن شنبوذ» على تلقي القراءات القرآنية، بل أخذ حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم عن عدد من العلماء، منهم: أبو مسلم الكجّيّ، وبشر بن موسى، واسحاق بن إبراهيم الدّبري، وعبد الرحمن بن جابر الحمصيّ، وغيرهم كثير (¬2). وقد روى عن «ابن شنبوذ» الحديث عدد لا بأس به، منهم: أبو بكر بن شاذان، ومحمد بن اسحاق القطيعي، وأبو حفص بن شاهين وغيرهم (¬3) وكان ابن شنبوذ من المعاصرين «لابن مجاهد»، وكانت بينهما خلافات كما هي عادة الأقران، ومع أن «ابن شنبوذ» كان من علماء القراءات ومن المشهود لهم بالتقوى إلا أنه ارتكب خطيئة كبيرة كانت السبب في تشويه سيرته وتعكير صفو حياته. وذلك أنه تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات تخالف الإجماع، فقرأ بها، فصنف «أبو بكر بن الأنباري» وغيره كتبا في الرد عليه، وأنكروا عليه ذلك الأمر الذي يخالف إجماع المسلمين، وفي هذا المعنى يقول الإمام: «أبو طاهر عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم» في أول كتاب: «البيان عن اختلاف القراءة: وقد نبغ نابغ في عصرنا هذا فزعم أن كل ما صح عنده وجه في العربية لحرف من القرآن يوافق خط المصحف فقراءته به جائزة في الصلاة وغيرها، فابتدع بفعله ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 280. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 280. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 280.

ذلك بدعة ضلّ بها عن قصد السبيل وأورط نفسه في منزلة عظمت بها جنايته على الإسلام وأهله، وحاول إلحاق كتاب الله عز وجل من الباطل ما لا يأتيه من بين يديه ولا من خلفه، إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله عز وجل بسيّئ رأيه طريقا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القراءات من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض على أهل الاسلام قبوله والأخذ به كابرا عن كابر وخالفا عن سالف (¬1). وقال «الخطيب البغدادي» ت 463 هـ: روى «ابن شنبوذ» عن خلق كثير من شيوخ الشام ومصر، وكان قد تخير لنفسه حروفا من شواذ القراءات تخالف الاجماع يقرأ بها، فصنف أبو بكر بن الأنباري وغيره كتبا في الرد عليه اهـ (¬2). وقال إسماعيل الخطبي ت 350 هـ في كتاب التاريخ: اشتهر ببغداد أمر رجل يعرف «بابن شنبوذ»، يقرئ الناس ويقرأ في المحراب بحروف يخالف فيها المصحف مما يروى عن «عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب»، وغيرهما مما كان يقرأ به قبل جمع المصحف الذي جمعه «عثمان بن عفان» رضي الله عنه، ويتتبع الشواذ فيقرأ فيها ويجادل حتى عظم أمره وفحش، وأنكره الناس، فوجه السلطان «محمد بن المقتدر بن المعتضد» أبا العباس المعروف بالراضي بالله فقبض عليه في يوم السبت لست خلون من ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة من الهجرة وحمل إلى دار الوزير «محمد بن علي بن مقلة» ت 328 هـ. وأحضر القضاة والفقهاء والقراء، وناظره- الوزير ابن مقلة- بحضرتهم، فأقام الوزير على ما ذكر عنه الحجة، واستنزله الوزير عن ذلك فأبى أن ينزل عنه، ¬

_ (¬1) انظر في رحاب القرآن للدكتور/ محمد سالم محيسن ج 2 ص 441. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 280.

حكم القراءة بالشاذ

أو يرجع عما يقرأ به من هذه الشواذ المنكرة التي تخالف رسم المصحف، وأنكر ذلك جميع من حضر المجلس من القضاة، والفقهاء والقراء وأشاروا بعقوبته، ومعاملته بما يضطره إلى الرجوع عن رأيه، فأمر الوزير- ابن مقلة- بتجريده من ثيابه وضربه بالدّرة على قفاه، فضرب نحو العشرة ضربا شديدا فلم يصبر واستغاث، وأذعن بالرجوع والتوبة، فخلى عنه، وأعيدت عليه ثيابه، واستتيب وكتب عليه كتاب بتوبته وأخذ فيه خطه بالتوبة، اهـ (¬1). وهكذا كانت حادثة «ابن شنبوذ» رادعا لكل من تريد له نفسه الخروج عن إجماع المسلمين ومحاولة القراءة بغير ما تواتر واشتهر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم. حكم القراءة بالشاذ فإن قيل: نريد بيان آراء العلماء في حكم القراءة بالشاذ. أقول: قبل الدخول في تفصيل ذلك يجدر بي أن أبين تعريف الشاذ فأقول: يقال: شذّ عنه يشذّ شذوذا بمعنى ندر عن جمهوره، وشذاذ الناس: الذين يكونون في القوم ليسوا في قبائلهم ولا منازلهم (¬2). من هذا يتبين أن مادة «شذذ» تدور حول الندرة، والتفرد، والقلة، والغرابة، والتفرق. أما عن بيان حكم القراءة بالشاذ فأقول وبالله التوفيق: من يتابع أقوال العلماء في ذلك، وأقوال الفقهاء في هذه القضية يستطيع أن يحكم بأن هناك شبه إجماع من علماء المسلمين على أنه تحرم القراءة بالشاذ في الصلاة وغيرها. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 280. (¬2) انظر لسان العرب، مادة [شذذ] ج 4 ص 2219.

وهذا نموذج من أقوال العلماء في ذلك: قال الإمام مالك بن أنس إمام دار الهجرة ت 179 هـ: «من قرأ في صلاته بقراءة ابن مسعود أو غيره من الصحابة مما يخالف المصحف لم يصلّ وراءه» اهـ (¬1). وقال أبو حاتم السجستاني ت 250 هـ: «لا تجوز القراءة بشيء من القراءات الشاذة لخروجها عن إجماع المسلمين، وعن الوجه الذي ثبت به «القرآن» وهو التواتر، وإن كان موافقا للعربية، وخط المصحف، لأنه جار من طريق الآحاد، نحو: (ملك يوم الدين)» بفتح الميم واللام ونصب الكاف، وهي قراءة «أنس» رضي الله عنه. وقال «الإمام أبو بكر الشاشي» ت 507 هـ نقلا عن الشيخ القاضي الحسين بن محمد بن أحمد أبو علي المروزي ت 462 هـ وهو من كبار فقهاء الشافعيين: «إن الصلاة بالقراءة الشاذة لا تصح» اهـ (¬2). وقال «الشيخ محيي الدين النووي»: ت 676 هـ وهو من كبار فقهاء الشافعية، «لا تجوز القراءة في الصلاة، ولا في غيرها بالقراءات الشاذة، وليست قرآنا لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وأما القراءة الشاذة فليست متواترة، فلو خالف وقرأ بالشاذ أنكر عليه سواء قرأ بها في الصلاة أو في غيرها، هذا هو الصواب الذي لا معدل عنه، ومن قال غير هذا فهو غالط أو جاهل» اهـ (¬3). وقال ابن الصلاح عثمان بن عبد الرحمن بن موسى ت 643 هـ: هو ممنوع من القراءة، بما زاد على العشرة منع تحريم، لا منع كراهة في الصلاة وخارجها» (¬4). ¬

_ (¬1) انظر المرشد الوجيز ص 182. (¬2) المرشد الوجيز ص 183. (¬3) انظر القراءات الشاذة للقاضي ص 7. (¬4) انظر القراءات الشاذة للقاضي ص 7.

وكذلك صرح «ابن الحاجب وابن السبكي» بتحريم القراءة بالشاذ، واستفتى «الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني» ت 852 هـ عن حكم القراءة بالشاذ فقال: «تحرم القراءة بالشاذ، وفي الصلاة أشد» (¬1). فإن قيل: متى شذت القراءات؟ أقول: من يتتبع تاريخ القرآن الكريم يجد أن القرآن نزل منجما على نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم خلال ثلاث وعشرين سنة مدة بعثته عليه الصلاة والسلام. وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يعارض «جبريل» عليه السلام بالقرآن كل عام في رمضان: وفي العام الذي نقل فيه النبي صلى الله عليه وسلّم إلى الرفيق الأعلى عارض «جبريل» بالقرآن مرتين. إذا فكل ما نسخ من القرآن الكريم حتى العرضة الأخيرة يعتبر شاذا. فإن قيل: من أول من تتبع القراءات الشاذة؟ أقول: قال «أبو حاتم السجستاني» ت 250 هـ: «أول من تتبع بالبصرة وحده القراءات وألفها وتتبع الشاذ منها فبحث عن إسناده «هارون بن موسى» الأعور ت 198 هـ (¬2). فإن قيل: ما حكم تعلم وتدوين القراءات الشاذة؟ أقول: من يقرأ أقوال العلماء في ذلك يمكنه أن يحكم بأنه يجوز تعلم القراءات الشاذة وتعليمها نظريا لا عمليا، حيث لا تجوز القراءة بالشاذ. كما يجوز تدوينها في الكتب، وبيان وجهها من حيث: اللغة، والإعراب، والمعنى. واستنباط الأحكام الشرعية، منها على القول بصحة الاحتجاج بها. كما يجوز الاستدلال بها على وجه من وجوه اللغة العربية، كما أن القراءات الشاذة تتضمن الكثير من اللهجات العربية القديمة. فهي سجل حافل بذلك، والله أعلم. ¬

_ (¬1) انظر القراءات الشاذة للقاضي ص 7. (¬2) انظر في رحاب القرآن للدكتور/ محمد سالم محيسن ج 1 ص 436.

رقم الترجمة/ 138"شيبة بن نصاح" ت 130 هـ

رقم الترجمة/ 138 «شيبة بن نصاح» ت 130 هـ (¬1) أحد أئمة التابعين، الإمام الثقة، شيخ القراء، ومقرئ المدينة المنورة. مولى «أم سلمة» أم المؤمنين رضي الله عنها، وأحد شيوخ «نافع بن أبي نعيم» أحد القراء السبعة المشهورين، ولا زال المسلمون يتلقون قراءة «نافع» بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. قال «الذهبي»: أدرك «شيبة» أم المؤمنين «عائشة وأم سلمة» رضي الله عنهما (¬2). ثم قال: وقرأ «شيبة» «القرآن» على «عبد الله بن عياش» وأقول: وقرأ «عبد الله بن عياش» على «أبيّ بن كعب» رضي الله عنه، وقرأ «أبيّ» على النبي صلى عليه وسلّم. ومن هذا يتبيّن أن قراءة «شيبة» صحيحة ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام. وقال «الذهبي»: قرأ القرآن على «شيبة» عدد كثير منهم: «إسماعيل ابن جعفر، وسليمان بن مسلم بن جماز» أحد رواة «أبي جعفر» المدني، الإمام الثامن، كما قرأ على «شيبة» «نافع» المدني، الإمام الاول من القراء السبعة (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ خليفة: 405، وطبقات خليفة 261، والتاريخ الكبير 4/ 241، والثقات لابن حبان 4/ 368، ومشاهير علماء الأمصار 130، والكاشف 2/ 17، وغاية النهاية 1/ 329، وتقريب التهذيب 1/ 357، وتهذيب التهذيب 4/ 377، والتحفة اللطيفة 2/ 281، وشذرات الذهب 1/ 177، ومعرفة القراء الكبار: 1/ 79. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 79. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 79.

كما حدث «شيبة بن نصاح» عن «القاسم بن محمد، وخالد بن مغيث، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وأبي بكر بن عبد الرحمن»، وغير هؤلاء كثير. قال «الدوري» أحد رواة «أبي عمرو بن العلاء»: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: قرأت على «شيبة بن نصاح مولى» أم سلمة، فكان إمام أهل المدينة في القراءة، وقال «إسماعيل بن جعفر»: أخبرني «سليمان بن مسلم» أن «شيبة» أخبره أنه أتي به إلى «أم سلمة» أم المؤمنين، رضي الله عنها وهو صغير، فمسحت رأسه ودعت له بالبركة» (¬1). وقال «قالون»: كان «نافع» أكثر اتباعا «لشيبة» منه لأبي جعفر (¬2). وقال «ابن الجزري»: لما ماتت «سكينة» بنت «الحسين بن علي» رضي الله عنهما، قدم شيبة فصلى عليها، وذلك إجلالا له وتقديرا لفضله (¬3). توفي «شيبة بن نصاح» سنة ثلاثين ومائة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «شيبة بن نصاح» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 79. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 80. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 262.

رقم الترجمة/ 139"أبو صالح البرجمي" ت 230 هـ

رقم الترجمة/ 139 «أبو صالح البرجمي» ت 230 هـ (¬1) هو: عبد الحميد بن صالح بن عجلان التميمي، أبو صالح البرجمي، الكوفي، مقرئ ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو صالح» القراءة عن خيرة العلماء في مقدمتهم: «أبو بكر بن عياش، وأبو يوسف الأعشى». يقول «أبو صالح» عن نفسه: كنت أختلف أنا «وأبو يوسف الأعشى» إلى «أبي بكر بن عياش» فنجلس بين يديه معا، فيقرأ «أبو يوسف» على «أبي بكر» وأنا مشافهة بين يدي «أبي بكر» فالفتح لنا جميعا، والرد علينا جميعا، فإذا فرغ «أبو يوسف» من قراءته، درست عليه بحضرة «أبي بكر» فإن سها «أبو يوسف» عن حرف ردّ عليّ «أبو بكر» والناس من ورائنا مجتمعون اهـ (¬2). وقد أخذ «القرآن» عن «أبي صالح» عدد كثير منهم: «إسماعيل بن أبي ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- الجرح والتعديل 6/ 14، وتاريخ الاسلام، الورقة 204 (آيا صوفيا 3007) والكاشف 2/ 151، ومعرفة القراء الكبار 1/ 202، وغاية النهاية 1/ 360، وتهذيب التهذيب 6/ 117، والتقريب 1/ 486، وخلاصة تذهيب الكمال 222، وانظر «تهذيب الكمال» للمزي. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 360.

علي الخياط، وجعفر بن عنبسة، والحسين بن جعفر بن محمد بن قتّات، كما قرأ عليه «القاسم بن أحمد الخياط» ولم يكمّل (¬1). توفي «أبو صالح البرجمي» سنة ثلاثين ومائتين من الهجرة. رحم الله «أبا صالح» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 360.

رقم الترجمة/ 140"ابن الصباح"

رقم الترجمة/ 140 «ابن الصبّاح» (¬1) هو: محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن الصباح، أبو عبد الله المكي الضرير المقرئ الجليل. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن الصباح» القراءة عن عدد من العلماء منهم: «قنبل» أحد رواة ابن كثير المكي، الإمام الثاني بالنسبة إلى أئمة القراءات وهو من أجل أصحاب قنبل. كما أخذ «ابن الصباح» القراءة عن أبي ربيعة محمد بن اسحاق، واسحاق الخزاعي، عن ابن فليح. تصدر «ابن الصباح» لتعليم القرآن الكريم، فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: علي بن محمد الحجازي، ومحمد بن زريق، وعبد الله بن الحسين، والحسين بن اسماعيل التنوخي، وآخرون (¬2). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «ابن الصباح». رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: غاية النهاية 2/ 172 - 173. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 283.

رقم الترجمة/ 141"أبو طاهر الأنطاكي" ت 380 هـ

رقم الترجمة/ 141 «أبو طاهر الأنطاكي» ت 380 هـ (¬1) هو: محمد بن الحسن بن علي أبو طاهر الأنطاكي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو طاهر الأنطاكي» القراءة عن خيرة العلماء، قال «الحافظ أبو عمرو الداني»: «أخذ القراءة عرضا وسماعا عن «إبراهيم بن عبد الرزاق» وهو من جلة أصحابه، ومن أثبت الناس فيه (¬2). تصدر «أبو طاهر الأنطاكي» لتعليم القرآن، واشتهر بالدقة والثقة، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون. قال «الإمام ابن الجزري»: روى القراءة عنه عرضا «علي بن داود» الداراني وسماعا «أبو الطيب بن غلبون، وفارس بن أحمد، وعبيد الله بن مسلمة» وعرض عليه أيضا «أبو العباس بن نفيس، وأبو علي الرهاوي» (¬3). احتل «أبو طاهر الأنطاكي» مكانة سامية بين العلماء، فأثنى عليه الكثيرون، قال عنه «الذهبي»: أبو طاهر الأنطاكي أحد أعلام القرآن نزل مصر (¬4). وقال «ابن الجزري» أبو طاهر الأنطاكي إمام كبير مقرئ شهير (¬5). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام الورقة 155 (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 2/ 118. وحسن المحاضرة 1/ 489 - 490، وشذرات الذهب 3/ 90. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 345. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 118. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 345. (¬5) انظر طبقات القراء ج 2 ص 118.

قال «الامام الداني»: خرج أبو طاهر الأنطاكي من «مصر» إلى الشام، فتوفي في منصرفه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 142"أبو طاهر البعلبكي" ت 354 هـ

رقم الترجمة/ 142 «أبو طاهر البعلبكي» ت 354 هـ (¬1) هو: محمد بن سليمان بن أحمد بن ذكوان، أبو طاهر البعلبكي المؤذن مقرئ معمر صالح عالي السند. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو طاهر البعلبكي» سنة أربع وستين ومائتين، واستقر «بصيدا» وأخذ القراءة عرضا عن هارون الأخفش، وحدث عن أحمد بن محمد بن يحيى ابن حمزة، وزكريا بن يحيى الخياط، وأحمد بن إبراهيم البشري، والحسين بن محمد ابن جمعة (¬2). وقرأ عليه «عبد الباقي بن الحسن، وجعفر بن أحمد بن الفضل» وروى عنه أبو الحسين بن جميع، وأبو عبد الله بن منده (¬3). توفي «أبو طاهر البعلبكي» سنة أربع وخمسين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام، وفيات 354، والوافي بالوفيات ج 3 ص 125، وغاية النهاية ج 2 ص 148، وشذرات الذهب 3/ 35. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 316. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 316.

رقم الترجمة/ 143"طاهر بن غلبون" ت 399 هـ

رقم الترجمة/ 143 «طاهر بن غلبون» ت 399 هـ (¬1) هو: طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك، أبو الحسن الحلبي، نزيل مصر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. نشأ «طاهر بن غلبون» في بيت العلم والمعرفة، فوالده الإمام المشهور «عبد المنعم بن عبيد الله» أحد علماء القراءات، ومؤلف كتاب «الإرشاد». وقد أخذ «طاهر» القراءة وحروف القرآن عن عدد كبير من خيرة العلماء، وفي مقدمة هؤلاء: والده «عبد المنعم، وعبد العزيز بن علي»، ثم رحل إلى «العراق» فقرأ بالبصرة على: محمد بن يوسف بن نهار الحرتكي، وعلي بن محمد الهاشمي، وعلي بن محمد بن خشنام. كما سمع حروف القراءات من «والده» ومن «إبراهيم بن محمد بن مروان، وعتيق بن ما شاء الله، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن محمد بن المفسر، وأبي الفتح بن بدهن، وسمع لسبعة «ابن مجاهد» من أبي الحسن علي ابن محمد بن اسحاق الحلبي المعدل (¬2). تصدر «طاهر بن غلبون» لتعليم القرآن وأخذ شهرة عظيمة ورثها عن والده، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ الاسلام، الورقة 250 (آيا صوفيا 3008)، وتذكرة الحفاظ 3/ 219. وطبقات الاسنوي 2/ 401، والبلغة 101، والنشر 1/ 72، وغاية النهاية 1/ 339، ونهاية الغاية الورقة 78، وحسن المحاضرة 1/ 491. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 339.

وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، فقد روى القراءة عنه عرضا وسماعا: «الإمام الكبير الحافظ أبو عمرو الداني» وإبراهيم بن ثابت الاقليسي، وأحمد بن باشاذ الجوهري، وأبو الفضل عبد الرحمن الرازي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد القزويني (¬1). احتل «طاهر بن غلبون» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، يقول تلميذه «الإمام الداني»: لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله، وصدق لهجته، كتبنا عنه كثيرا (¬2). وقال «الإمام ابن الجزري»: «طاهر بن غلبون» نزيل مصر أستاذ عارف، ثقة ضابط حجة محرر شيخ الداني، مؤلف كتاب التذكرة في القراءات الثمان (¬3). وأقول: لقد استفاد «ابن الجزري» من كتاب «التذكرة» استفادة كبيرة وهو أحد مصادره في القراءات، ولنستمع إلى ابن الجزري وهو يقول: قرأت بمضمنه القرآن كله على: أبي عبد الله محمد بن الصائغ، وأبي محمد عبد الرحمن ابن أحمد الشافعي، وإلى أثناء سورة النحل على الأستاذ أبي بكر بن أيدغدي بالديار المصرية (¬4). توفي «طاهر بن غلبون» سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحم الله «طاهر بن غلبون» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 369. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 339. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 339. (¬4) انظر النشر في القراءات العشر ج 1 ص 73.

رقم الترجمة/ 144"أبو طاهر بن أبي هاشم" ت 349 هـ

رقم الترجمة/ 144 «أبو طاهر بن أبي هاشم» ت 349 هـ (¬1) هو: عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم أبو طاهر البغدادي البزاز الإمام النحوي والأستاذ الكبير أحد الأعلام. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو طاهر» في رجب سنة ثمانين ومائتين، وبعد أن شب عوده تتلمذ على خيرة العلماء يأخذ عنهم القرآن والحديث والنحو، وغير ذلك من أنواع المعرفة. ومن يقرأ كتب التراجم والتاريخ يجد أن شيوخ «أبي طاهر» بلغوا من الكثرة عددا كثيرا، وحسبي أن أشير هنا إلى قبس منهم: فمن العلماء الذين أخذ عنهم «أبو طاهر» القرآن وحروف القراءات، «أحمد بن سهل الأشناني، وأبو عثمان سعيد بن عبد الرحيم الضرير، وأبو بكر بن مجاهد، وإبراهيم بن غرفة، وإبراهيم بن محمد بن أيوب، وأحمد بن رستم، وأحمد بن فرح، وأحمد بن علي بن الحسن، وأحمد بن محمد الشعراني، وغيرهم كثير (¬2). ومن العلماء الذين أخذ عنهم «أبو طاهر» حديث النبي صلى الله عليه وسلّم: «محمد بن جعفر القتات، وعبيد بن محمد المروزي، وأحمد بن فرح الضرير، وعبد الله بن محمد بن ياسين، ومحمد بن الحسين بن شهريار، ومحمد بن الحسين الأشناني، ومحمد بن العباس اليزيدي، ووكيع القاضي، وأبو بكر بن أبي داود، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 11/ 7 - 8، وفهرست ابن خير، 32، 33، وإنباه الرواة 2/ 215، وتلخيص ابن مكتوم 122، وتاريخ الاسلام الورقة 295، والبلغة 133. وغاية النهاية 1/ 475 - 476. ونهاية الغاية الورقة 133، والنجوم الزاهرة 3/ 325، وبغية الوعاة 2/ 121. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 475.

وصالح بن أبي مقاتل، وأبو بكر بن أبي مجاهد، وأبو مزاحم الخاقاني»، وغير هؤلاء كثير (¬1). وكما كان «أبو طاهر» من علماء القراءات والحديث كان أيضا من علماء النحو واللغة، وكان كوفي المذهب، وقرأ على «ابن درستويه» بعض كتاب «سيبويه» (¬2). وبعد أن اكتملت مواهب أبي طاهر جلس لتعليم القرآن وسنة الهادي البشير عليه الصلاة والسلام، فذاع صيته، واشتهر بين الناس، وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه، ويتتلمذون عليه، فكثر طلابه وعظمت حلقة درسه، وكان يقرئ في سكة «عبد الصمد بن علي بن عبد الرحمن بن العباس» ببغداد. ومن الذين أخذوا عن «أبي طاهر» القراءة عرضا وسماعا: أحمد بن عبد الله ابن الخضر، وأبو الفرج أحمد بن موسى، وعبد العزيز بن جعفر بن خواستي، وعبيد الله بن عمر المصاحفي، وعلي بن عمر الحمامي، وعلي بن الحسين الذهبي، وعلي بن العلاف، وجعفر بن محمد بن الفضل، وغيرهم كثير (¬3). ومن الذين أخذوا عن «أبي طاهر» حديث النبي صلى الله عليه وسلّم: إبراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل، وأبو الحسن بن الحمامي المقرئ (¬4). كان «أبو طاهر» رقيق القلب، يبكي من خشية الله تعالى، حول هذا المعنى يقول «الخطيب البغدادي»: «أخبرنا علي بن أبي علي، حدثني أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد قال: كنت أمشي يوما مع أبي طاهر ابن أبي هاشم المقرئ، وكان أستاذي فاجتزنا بمقابر «الخيزران» فوقف عليها ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 11 ص 7. (¬2) انظر إنباه الرواة ج 2 ص 215. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 476. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 11 ص 8.

ساعة ثم التفت إليّ فقال لي: يا أبا القاسم ترى لو وقف هؤلاء هذه المدة الطويلة على باب ملك الروم ما رحمهم؟ فكيف تظن بمن هو أرحم الراحمين؟ وبكى» اهـ (¬1). اشتهر أبو طاهر بالثقة وصحة الضبط وتقوى الله تعالى وإتقانه لقراءة القرآن مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول الحافظ «الذهبي»: «وقد أطنب أبو عمرو الداني» في وصفه وقال: لم يكن بعد «ابن مجاهد» مثل «أبي طاهر» في علمه وفهمه مع صدق لهجته واستقامة طريقته، قرأ عليه خلق كثير. وكان ينتحل في النحو مذهب الكوفيين وكان بارعا فيه اهـ (¬2). وقال الامام «الداني»: «سمعت عبد العزيز الفارسي» يقول: «لما توفي ابن مجاهد، رحمه الله تعالى أجمعوا على أن يقدموا شيخنا «أبا طاهر» فتصدر للإقراء في مجلسه وقصده الأكابر، فتحلقوا عنده كعقيل بن البصري وكان من جلة أصحاب «ابن مجاهد» وكأبي بكر الجلاء ونظرائهما» اهـ (¬3). وقال «الخطيب البغدادي»: «كان «أبو طاهر» من أعلم الناس بحروف القرآن ووجوه القراءات وله في ذلك تصانيف عدة» اهـ (¬4). وقال «القفطي» في تاريخ النحاة: لم ير بعد «ابن مجاهد» في القراءات مثل «أبي طاهر» (¬5). توفي «أبو طاهر» في شوال سنة تسع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «أبا طاهر» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 11 ص 8. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 312. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 312. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 11 ص 7. (¬5) انظر القراء الكبار ج 1 ص 312.

رقم الترجمة/ 145"طلحة بن عبيد الله القرشي" رضي الله عنه ت 36 هـ

رقم الترجمة/ 145 «طلحة بن عبيد الله القرشي» رضي الله عنه ت 36 هـ (¬1) علم من حفاظ «القرآن الكري» وأحد العشرة المبشرين بالجنة. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات وقال: وردت عنه الرواية في حروف «القرآن». وصفه النبي صلى الله عليه وسلّم بأنه الجواد، والفياض. كان من السابقين إلى الإسلام. كان «طلحة» رضي الله عنه: حسن الوجه- يضرب إلى الحمرة- مربوعا- إلى القصر هو أقرب- رحب الصدر- بعيد ما بين المنكبين- ضخم القدمين- كثير الشعر- ليس بالجعد القطط ولا بالسبط- إذا مشى أسرع- وإذا التفت التفت جمعا. حدث عنه بنوه: يحيى- وموسى- وعيسى- والسائب بن يزيد- ومالك ابن أوس- وأبو عثمان النهدي- وقيس بن أبي حازم- ومالك بن أبي عامر الأصبحي- والأحنف بن قيس- وأبو سلمة بن عبد الرحمن- وآخرون. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- مسند أحمد 1/ 160 - 164، الزهد لأحمد بن حنبل 145، ابن هشام 2/ 80، طبقات ابن سعد 3/ 1/ 152 - 161، طبقات خليفة: 18، 189، تاريخ خليفة 181، المحبر: 355، التاريخ الصغير 1/ 75، المعارف 228 - 234، ذيل المذيل: 11، الجرح والتعديل: 4/ 471، مشاهير علماء الأمصار: ت 8، البدء والتاريخ 5/ 82، المعجم الكبير للطبراني: 1/ 68 - 77، حلية الأولياء: 1/ 87، الاستيعاب 5/ 235، 249، تاريخ ابن عساكر 8/ 270، صفة الصفوة 1/ 130، أسد الغابة 3/ 85، اللباب: 2/ 88، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 251، تاريخ الاسلام 2/ 163، العبر 1/ 27، العقد الثمين: 6/ 68، غاية النهاية 1/ 342، تهذيب التهذيب 5/ 20، الاصابة: 5/ 232، كنز العمال 13/ 198 - 204، شذرات الذهب 1/ 42.

ولقد أحبه الرسول صلى الله عليه وسلّم وأثنى عليه ثناء عاطرا: فعن «جابر» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: من أراد أنه ينظر إلى شهيد يمشي على رجليه فلينظر إلى «طلحة بن عبيد الله» اهـ. قال «أبو نعيم» حدثنا سليمان بن أحمد فقال: لما رجع النبي صلى الله عليه وسلّم من «أحد» صعد «المنبر» فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ هذه الآية: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (¬1) فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله من هؤلاء؟ فأقبل «طلحة بن عبيد الله» وعليه ثوبان أخضران، فقال: «أيها السائل هذا منهم» اهـ (¬2). كما كان «طلحة» رضي الله عنه شجاعا لا يهاب الأعداء وهناك أكثر من شاهد على ذلك: فعن «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كان «أبو بكر» إذا ذكر يوم «أحد» قال: ذلك كله يوم طلحة، قال «أبو بكر»: كنت أول من فاء يوم «أحد» فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولأبي عبيدة بن الجراح: «عليكما صاحبكما» يريد «طلحة» فأصلحنا من شأن النبي صلى الله عليه وسلّم ثم أتينا «طلحة» في بعض تلك «الجفار» (¬3) فإذا به بضع وسبعون أو أقلّ أو أكثر، بين طعنة، وضربة، ورمية، وإذا قد قطعت إصبعه، فأصلحنا من شأنه اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) سورة الأحزاب الآية 23. (¬2) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 87. (¬3) الجفار جمع «جفرة» وهي البئر الواسعة التي لم تبن بالحجارة. (¬4) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 87.

وروى «قبيصة» عن «جابر» قال: صحبت «طلحة بن عبيد الله» فما رأيت رجلا أعطى لجزيل مال من غير مسألة منه اهـ (¬1). وحدث «الترمذي» عن «عقبة بن علقمة اليشكري» قال: سمعت «عليا» رضي الله عنه يوم «الجمل» يقول: سمعت من «في» رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «طلحة- والزبير جاراي في الجنة» اهـ (¬2). وكان «طلحة» رضي الله عنه من أثرياء الصحابة، يدل على ذلك الآثار الآتية: قال «الحميدي» حدثنا «ابن عيينة» حدثنا «عمرو بن دينار» قال: أخبرني «مولى» لطلحة، قال: كانت غلة طلحة كل يوم ألفا وافيا. انتهى (¬3). وقال «إبراهيم التيمي» عن أبيه قال: كان طلحة يغلّ بالعراق أربع مائة ألف، ويغلّ بالسراة عشرة آلاف دينار، ولقد كان يرسل إلى «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها إذا جاءت غلته كل سنة بعشرة آلاف، ولقد قضى عن صبيحة التيمي ثلاثين ألفا» اهـ (¬4). وقال «الواقدي»: حدثنا إسحاق بن يحيى- عن موسى بن طلحة أن «معاوية» سأله: كم ترك «أبو محمد» من العين؟ قال: ترك ألفي ألف درهم، ومائتي ألف درهم، ومن الذهب مائتي ألف دينار، فقال «معاوية»: عاش حميدا سخيّا شريفا اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 88. (¬2) أخرجه الترمذي، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 29. (¬3) أخرجه ابن سعد وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 33. (¬4) أخرجه ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 32. (¬5) أخرجه ابن سعد، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 33.

ولقد كان «طلحة بن عبيد الله» من الأسخياء البررة الأوفياء، والدليل على ذلك الآثار الآتية: فعن «أبي إسماعيل الترمذي» أن «طلحة» أتاه مال من «حضرموت» سبع مائة ألف، فبات ليلته يتململ، فقالت له زوجته: ما لك؟ قال: تفكرت منذ الليلة فقلت: ما ظن رجل بربّه يبيت وهذا المال في بيته؟ قالت: فأين أنت عن بعض أخلائك، فإذا أصبحت فادع بجفان، وقصاع فقسّمه فقال لها: رحمك الله إنك موفقة بنت موفق، وهي: «أم كلثوم بنت الصديق» رضي الله عنهما: فلما أصبح دعا بجفان فقسّمها بين المهاجرين والأنصار. وعن «علي بن زيد» قال: جاء أعرابي إلى «طلحة» يسأله، فتقرب إليه برحم، فقال: إن هذه لرحم ما سألني بها أحد قبلك، إنّ لي أرضا قد أعطاني بها «عثمان» ثلاث مائة ألف فاقبضها، وإن شئت بعتها من «عثمان» ودفعت إليك الثمن، فقال: الثمن، فأعطاه اهـ. وعن «سعدى» بنت عوف المريّة قالت: دخلت على «طلحة» يوما وهو خائر، فقلت: ما لك؟ لعل رابك من أهلك شيء؟ قال: لا والله، ونعم حليلة المسلم، ولكن مال عندي قد غمني، فقلت: ما يغمّك؟ عليك بقومك، قال: يا غلام ادع لي قومي فقسمه فيهم، فسألت الخازن: كم أعطى؟ قال: أربع مائة ألف. قتل «طلحة» في موقعة «الجمل» سنة ست وثلاثين من الهجرة، وهو ابن ثنتين وستين سنة. رضي الله عن «طلحة بن عبيد الله» وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 146"طلحة بن محمد" ت 380 هـ

رقم الترجمة/ 146 «طلحة بن محمد» ت 380 هـ (¬1) هو: طلحة بن محمد بن جعفر أبو القاسم، ويقال: أبو محمد البغدادي، الشاهد، غلام «ابن مجاهد» ووراقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «الذهبي» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «طلحة بن محمد» في شهر ربيع من سنة إحدى وتسعين ومائتين. أخذ «طلحة» على «ابن مجاهد» واستملى عليه ولذا يقال له: غلام ابن مجاهد، كما روى القراءة أيضا عن أبي بكر محمد بن عمران الدينوري، والحسن بن محمد الحداد (¬2). حدث «طلحة بن محمد» عن عدد من العلماء، يقول «الخطيب البغدادي»: حدث عن «عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان الثقفي، ومحمد بن العباس اليزيدي، وعبد الله بن زيدان، ومحمد بن الحسين الأشناني، وأبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن داود، وأحمد بن القاسم أخي الليث الفرائضي وأبي الصخرة الشامي، ويحيى بن مجاهد، وغير هؤلاء (¬3). تصدر «طلحة بن محمد» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 9/ 351، وتاريخ الاسلام الورقة 151 (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 1/ 342. والنجوم الزاهرة 4/ 158، وشذرات الذهب 3/ 97. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 342. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 9 ص 351.

قرءوا عليه: القاضي أبو العلاء، وأبو أحمد عبد الله بن عبدويه العطار، وأبو الفضل الخزاعي (¬1). وقد روى عن «طلحة بن محمد» الحديث الكثيرون. يقول «الخطيب البغدادي» حدثنا عنه عمر بن إبراهيم الفقيه، والازهري، وأبو محمد الخلال، وعبد العزيز بن علي الازجي، وعلي بن المحسن التنوخي، والحسن بن علي الجوهري (¬2). توفي «طلحة بن محمد» سنة ثمانين وثلاثمائة وله تسعون سنة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 342. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 9 ص 351.

رقم الترجمة/ 147"أبو الطيب الأنطاكي" ت 340 هـ

رقم الترجمة/ 147 «أبو الطيب الأنطاكي» ت 340 هـ (¬1) هو: أحمد بن يعقوب التائب، أبو الطيب الأنطاكي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. روى «أبو الطيب الأنطاكي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: بكر ابن سهل الدمياطي، وأحمد بن المعلى، وعبيد الله بن صدقة، ومحمد بن حفص الخشاب صاحب السوسي، وإسحاق بن أحمد الخزاعي وآخرون. تصدر «أبو الطيب الأنطاكي» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: علي بن أحمد بن بشر الأنطاكي، وعبيد الله بن عمر البغدادي، وعلي بن محمد وآخرون (¬2). كما أخذ «أبو الطيب الأنطاكي» حديث النبي صلى الله عليه وسلّم عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: أبو أمية الطرسوسي، وعثمان بن خرّزاد، وجماعة آخرون (¬3). وقد احتل أبو «الطيب الأنطاكي» مكانة سامية، واشتهر بمعرفته للقراءات القرآنية، وفي هذا يقول الذهبي: «قال بعض الشيوخ»: «لم يكن بعد «ابن مجاهد» أعرف من أحمد بن يعقوب التائب بحروف القراءة» (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- غاية النهاية ج 1 ص 151. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 151. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 282. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 282.

كما أثنى عليه «الداني» فقال: أبو الطيب الأنطاكي إمام في هذه الصنعة، ضابط بصير بالعربية، وله كتاب حسن في القراءات. (¬1) توفي «أبو الطيب الأنطاكي» بأنطاكية سنة أربعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم، رحم الله «أبا الطيب الأنطاكي» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 282.

رقم الترجمة/ 148"أبو الطيب الحضيني" ت 369 هـ

رقم الترجمة/ 148 «أبو الطيب الحضيني» ت 369 هـ (¬1) هو: عبد الغفار بن عبيد الله بن السري أبو الطيب الحضيني بالحاء المهملة والضاد المعجمة الكوفي ثم الواسطي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الطيب الحضيني» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أبو العباس أحمد بن سعيد الضرير، وأبو بكر بن مجاهد، والحسين بن علي، وأبو العباس محمد بن الحسن بن يونس النحوي، والعباس بن الفضل، وعبد الله بن عبد الجبار، والحسن بن داود النقار، وجعفر بن سليمان القافلاني، وعلي بن محمد بن عمار، ومحمد بن عمير القاضي، وحماد بن محمد، وابن أبي أمية، وأحمد ابن محمد الأدمي، ومحمد بن جعفر بن خليل، ومحمد بن معلى الشونيزي، وأحمد ابن الحسين (¬2). أخبر «الحافظ الذهبي» بأن «أبا الطيب الحضيني» حدث عن عدد من العلماء ذكر منهم: عمر بن أبي غيلان، ومحمد بن جرير الطبري، وأحمد بن حماد ابن سفيان (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- إكمال ابن ماكولا 3/ 38، وسؤالات الحافظ السلفي لخميس الحوزي 29، وتاريخ الاسلام الورقة 105 (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 1/ 397، ونهاية الغاية الورقة 100، وبغية الوعاة 2 ص 103. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 397. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 335.

تصدر أبو الطيب الحضيني لتعليم القرآن واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الامام ابن الجزري»: قرأ عليه «أبو عبد الله الكارزيني، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو بكر أحمد بن المبارك الواسطي، وإبراهيم بن سعد الرفاعي، وعبد الرحمن بن الهرمزان، وعلي بن محمد الخبازي، وعبيد الله بن أحمد» اهـ (¬1). اشتهر أبو الطيب الحضيني بالمكانة العلمية والثقة بين العلماء فأصبح شيخ الإقراء بواسط وصنف في القراءات، ذكره «الحافظ الذهبي» في كتابه «تاريخ الاسلام» بأنه رأى هذا الكتاب، ونظرا لأن أبا الطيب كانت له مكانة سامية جليلة فقد أثنى عليه العلماء، وفي هذا يقول الإمام «ابن الجزري»: «أبو الطيب الحضيني إمام مقرئ ضابط ثقة محقق وشيخ واسط» اهـ (¬2). وقال «القاضي أسعد»: كان أبو الطيب مقرئا معروفا متقنا نحويا أديبا (¬3). وقد وثقه «خميس الحوزي» وقال: أظنه توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة، وقال «سبط الخياط» توفي سنة تسع وستين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 397. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 397. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 398.

رقم الترجمة/ 149"عاصم بن أبي النجود" 127 هـ مولى بني أسد

رقم الترجمة/ 149 «عاصم بن أبي النّجود» 127 هـ (¬1) مولى بني أسد أحد علماء التابعين، الإمام، وشيخ قراء الكوفة بلا منازع، ومقرئ عصره الحجة الثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «أبو عبيد القاسم بن سلام»: كان من قراء أهل الكوفة «يحيى بن وثاب» وعاصم بن أبي النجود، وسليمان الأعمش، قرأ «عاصم» على كل من: «أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة السلمي ت 73 هـ، وأبي مريم زر بن حبيش الأسدي ت 82 هـ، وأبي عمرو سعد بن إلياس الشيباني ت 96 هـ وقرأ هؤلاء الثلاثة على: «عبد الله بن مسعود» ت 32 هـ. وقرأ كل من «أبي عبد الرحمن السلمي، وزر بن حبيش» على «عثمان بن عفان، وعليّ بن أبي طالب» رضي الله عنهما، وقرأ «أبو عبد الرحمن السلمي» أيضا على «أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت» رضي الله عنهما. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- طبقات خليفة: 159، التاريخ الكبير 6/ 487، التاريخ الصغير 2/ 9، الجرح والتعديل 6/ 340، تاريخ ابن عساكر 3، 26، وفيات الأعيان 3/ 9، تهذيب الكمال 634، تذهيب التهذيب 2/ 109/ 2، تاريخ الاسلام 5/ 89، ميزان الاعتدال 2/ 357، العبر 1/ 167، تهذيب التهذيب 5/ 38، خلاصة تذهيب الكمال 182، تهذيب ابن عساكر: 7/ 122، 124، غاية النهاية 1/ 346، سير أعلام النبلاء: 5/ 256. شذرات الذهب 1/ 175، معرفة القراء الكبار: 1 ص 88.

وقرأ كل من: عبد الله بن مسعود، وعثمان بن عفان، وعليّ بن أبي طالب، وأبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت» رضي الله عنهم، على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. من هذا يتبيّن أن قراءة «عاصم» متواترة، وصحيحة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلّم. ولا زال المسلمون يتلقون قراءة «عاصم» بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. قال «الذهبي»: وتصدر «عاصم» للاقراء مدّة بالكوفة فقرأ عليه عدد كثير منهم: «شعبة أبو بكر بن عياش» ت 193 هـ وحفص أبو عمرو وحفص ابن سليمان بن المغيرة ت 180 هـ وأبان بن تغلب ت 141 هـ، وحماد بن سلمة ت 167 هـ، وسليمان بن مهران الأعمش ت 147 هـ. وقال «ابن الجزري»: كان «عاصم» هو الإمام الذي انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد «أبي عبد الرحمن السلمي» ت 73 هـ. ثم قال: وقد جلس موضعه ورحل الناس إليه للقراءة، وكان قد جمع بين الفصاحة والاتقان، والتحرير، والتجويد، وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن. انتهى (¬1). وقال «أبو بكر بن عياش»: «لا أحصي ما سمعت أبا إسحاق السبيعي يقول: ما رأيت أحدا أقرأ للقرآن من عاصم» (¬2). وقال: «يحيى بن آدم»: حدثنا «الحسن بن صالح» قال: ما رأيت أحدا قط أفصح من «عاصم بن أبي النجود» (¬3). ¬

_ (¬1) انظر في رحاب القرآن د/ محمد سالم محيسن ج 1 ص 311. (¬2) أنظر النشر في القراءات العشر ج 1 ص 155. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 257.

وقال «عبد الله بن أحمد بن حنبل»: سألت «أبي» عن «عاصم بن بهدلة» فقال: رجل صالح، خيّر ثقة، قلت: أي القراءات أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، فإن لم يكن، فقراءة «عاصم» اهـ (¬1). وقال «أبو كريب»: حدثنا «أبو بكر» قال لي عاصم: مرضت سنتين، فلما قمت قرأت «القرآن» فما أخطأت حرفا اهـ (¬2). وقال «أبو بكر بن عياش» عن «شمر بن عطية». قام فينا رجلان: أحدهما أقرأ القرآن لقراءة «زيد بن ثابت» وهو «عاصم» والآخر أقرأ الناس لقراءة «عبد الله بن مسعود» وهو: الأعمش، ثم قال «ابن عياش»: وكان «عاصم» نحويا، فصيحا، إذا تكلم، مشهور الكلام، وكان هو، والأعمش، وأبو حصين الأسدي لا يبصرون. جاء رجل يوما يقود «عاصما» فوقع وقعة شديدة، فما نهره، ولا قال له شيئا اهـ (¬3). وأقول: هذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدل على حلم، وسعة صدر، «عاصم» رحمه الله تعالى. وقال «سلمة بن عاصم»: كان «عاصم بن أبي النجود» ذا أدب، ونسك، وفصاحة، وصوت حسن اهـ (¬4). وقال «أبو بكر بن عياش»: قال «عاصم»: من لم يحسن من العربية إلا وجها واحدا، لم يحسن شيئا، ثم قال: ما أقرأني أحد حرفا إلا «أبو عبد الرحمن السلمي»، وكان قد قرأ على «عليّ» رضي الله عنه، وكنت أرجع من عنده ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 257. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 258. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 258. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 259.

فأعرض على «زر بن حبيش» وكان «زر» قد قرأ على «عبد الله بن مسعود» رضي الله عنه اهـ (¬1). وقال «زياد بن أيوب» حدثنا «أبو بكر» قال: كان «عاصم» إذا صلى ينتصب كأنه «عود» وكان يقيم يوم الجمعة في المسجد إلى العصر، وكان عابدا، خيّرا، يصلي أبدا، ربما أتى حاجة، فإذا رأى مسجدا قال: حل بنا فإن حاجتنا لا تفوت، ثم يدخل فيصلي اهـ (¬2). وقال «الذهبي»: كان «عاصم» ثبتا في القراءة، صدوقا في الحديث، وقد وثقه «أبو زرعة» وجماعة، وقال «أبو حاتم»: محله الصدق اهـ (¬3). وقال «أبو بكر بن عياش»: دخلت على «عاصم» وقد احتضر، فجعل يردد هذه الآية يحققها كأنه في الصلاة: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ (¬4). توفي الإمام «عاصم» بالكوفة سنة سبع وعشرين ومائة بعد حياة حافلة بتعليم كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام. رحم الله «عاصما» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 258. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 259. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 260. (¬4) انظر النشر في القراءات العشر ج 1 ص 55. والآية من سورة الأنعام رقم 62.

رقم الترجمة/ 150"عامر السيد عثمان" ت 1408 هـ

رقم الترجمة/ 150 «عامر السيد عثمان» ت 1408 هـ (¬1) ولد «عامر السيد عثمان» ببلده «ملامس» مركز منيا القمح محافظة الشرقية بالديار المصرية، وذلك في سنة عشر من شهر مايو سنة ألف بعد التسعمائة ميلادية. حفظ «شيخي» القرآن الكريم منذ باكورة حياته ببلدة «ملامس» على خيره العلماء وهو: الشيخ عطيّة بن سلامة. كما تلقى «شيخي» القراءات القرآنية، وعلوم القرآن على خيرة علماء عصره مثل: الشيخ «عبد الرحمن سبيع» إلا أن الشيخ «عبد الرحمن سبيع» انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أن يتم شيخي «عامر السيد عثمان» القراءات القرآنية. فالتقى بعلامة عصره الشيخ «همام قطب» فأخذ عنه القراءات العشر الصغرى بمضمّن: الشاطبية، والدرّة ثم طلب شيخي المزيد من القراءات، وعلوم القرآن، فالتقى بعلامة عصره الشيخ «إبراهيم البناسي» فأخذ عنه القراءات العشر الكبرى من طريق الطيبة. ثم رحل شيخي «عامر السيد عثمان» إلى القاهرة فالتقى بالشيخ «علي سبيع» شيخ القراء، فقرأ عليه القراءات من أول القرآن الكريم إلى قوله تعالى: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها (¬2) ثم توفي الشيخ «علي سبيع» إلى رحمة الله. بعد ذلك تفرغ «عامر السيد عثمان» لتحفيظ القرآن الكريم والقراءات القرآنية، وأقبل عليه الكثيرون من الطلاب ثم ذاع صيته في جميع الأرجاء واحتل ¬

_ (¬1) هذه ترجمة شيخى الذي تلقيت عليه القراءات وقد ذكرتها هنا ضمن هذه التراجم وفاء له. (¬2) سورة هود الآية 41.

مكانة سامية نظرا لعلمه وأمانته ودقته وشدّة تفانيه في أن يكون طلابه على أحسن ما يكون عليه طلاب القرآن جودة، وإتقانا. بعد ذلك عرف «عامر السيد عثمان» لدى الخاص والعام فتم تعيينه رسميا من قبل مشيخة المقارئ المصرية قارئا بمسجد السلطان الحنفي، ثم نقل بعد ذلك إلى أن يكون شيخا إلى مقرأة الإمام الشافعي رحمه الله. بعد ذلك أصبح «لعامر السيد عثمان» المكانة المرموقة والشهرة الطيبة الكريمة، وأصبحت الأضواء كلها مسلطة عليه، وأصبح وكأنه القارئ الذي لا يتقدم عليه أحد نظرا لإلمامه وحفظه لجميع القراءات والروايات الصحيحة التي نقلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم. بعد ذلك أخذ «عامر السيد عثمان» يشغل الكثير من المناصب الهامة المتصلة بالقرآن الكريم وعلوم القرآن. فعيّن أستاذا بالأزهر لتعليم الطلاب القراءات القرآنية، وتجويده، ورسمه، وضبطه، وعدّ آية. كما وقع الاختيار عليه من قبل مشيخة الازهر ليكون عضوا بلجنة تصحيح المصاحف، ومراجعتها بالأزهر. ثم اختير ليكون عضوا ضمن اللجنة العلمية التي تختار القراء بالإذاعة المصرية. وفي نهاية المطاف عين «عامر السيد عثمان» شيخا لعموم القراء، والمقارئ، بالقاهرة. وقد تتلمذ على «عامر السيد عثمان» عدد كثير بلغ الآلاف وفي مقدمتهم: «محمد سالم محيسن» مؤلف هذا الكتاب. وقد تلقيت عليه ولله الحمد والشكر جميع القراءات التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ونقلت إلينا بطريق التواتر، وقد قرأت عليه ختمتين كاملتين

للقرآن الكريم مشافهة حرفا حرفا، وكلمة كلمة من أول القرآن الكريم إلى آخره، وذلك بالأزهر بالقاهرة: وكانت الختمة الاولى بالقراءات العشر الصغرى، بمضمّن: الشاطبية للإمام الشاطبي، والدرّة، للإمام «ابن الجزري». وكانت الختمة الثانية بالقراءات العشر الكبرى بمضمن طيّبة النشر للإمام «ابن الجزري» أيضا. ومن الذين أخذوا القراءات القرآنية على «عامر السيد عثمان» عبد المتعال منصور عرفة، ورزق خليل حبّة، ومحمد عبد المتعال الشرقي، وإبراهيم عطوة عوض، وغير ذلك كثير. واستمر «عامر السيد عثمان» يعلم القرآن الكريم والقراءات القرآنية حتى انتقاله الى رحمة ربّه الكريم. ونظرا لمكانته السامية، وشهرته العلمية في جميع أنحاء العالم الإسلامي فقد تم اختياره ليقوم بتصحيح ومراجعة المصحف الشريف بالمملكة العربية السعودية بمجمع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز المفدى حفظه الله لطباعة القرآن الكريم بالمدينة المنورة كما يقوم «عامر السيد عثمان» بالإشراف على تسجيل القرآن الكريم لحفاظ القرآن الكريم وفي مقدمتهم الدكتور/ علي الحذيفي الأستاذ بالجامعة الإسلامية، وإمام المسجد النبوي الشريف، وأحد المدرسين به. كما انتدب «عامر السيد عثمان» إلى بعض البلاد الإسلامية للإشراف على مسابقات القرآن الكريم، وليكون عضوا ضمن لجنة التحكيم، من هذه البلاد: «اندونسيا». ومع أن وقت «عامر السيد عثمان» كان مبذولا في تعليم القرآن، فقد رأيته يستمع إلى بعض طلابه، وهو يسير معهم في الطريق ينتقل من مكان إلى مكان ليكون في حلقات درسه، لأن الحلقات التي كان يعقدها يوميا متعددة، وفي أماكن متفرقة.

مع كثرة هذه المشاعل إلّا أن «عامر السيد عثمان» زود المكتبة الإسلامية ببعض مؤلفاته المفيدة منها: كتاب: كيف يتلى القرآن الكريم. وكتاب: فتح القدير شرح تنقيح التحرير. وهذا الكتاب يعتبر فريدا في نوعه حيث عالج موضوعا علميا هامّا إلا وهو بيان الصحيح من وجوه القراءات التي وقع فيها الخلاف بين طرق الروايات، وإيضاح الممنوع من هذه الوجوه وتوضيح المقيدات، وبيان ما يترتب على تحرير الطرق والروايات. توفي بالمدينة المنورة يوم الجمعة الخامس من شوال سنة 1408 هـ أسأل الله تعالى أن يغفر له وأن يسكنه فسيح جنانه إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 151"عبادة بن الصامت" رضي الله عنه ت 34 هـ

رقم الترجمة/ 151 «عبادة بن الصّامت» رضي الله عنه ت 34 هـ (¬1) الامام القدوة- أحد النقباء ليلة العقبة، ومن أعيان البدريين، صحابيّ شهد المشاهد كلها، وأتم حفظ القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. كان رضي الله عنه جميلا، طويلا، جسيما. قال «محمد بن كعب القرظي»: جمع القرآن زمن النبي صلى الله عليه وسلّم خمسة من الأنصار «معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبيّ بن كعب، وأبو الدرداء، وأبو أيوب الأنصاري» (¬2). وقد حدث عن «عبادة» عدد كثير، أذكر منهم: أبا أمامة الباهلي، وأنس ابن مالك، وأبا مسلم الخولاني، وجنادة بن أبي أمية، وأبا إدريس الخولاني، وأبا الأشعث الصنعاني، وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وغير هؤلاء كثير (¬3). وكان «عبادة بن الصامت» رضي الله عنه أحد الصحابة الذين أسهموا بقدر كبير في تعليم القرآن وتجويده بالشام. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- مسند أحمد 5/ 114، طبقات ابن سعد 3/ 546، 621، تاريخ خليفة: 168، التاريخ الكبير: 6/ 92، المعارف: 255، 327، تاريخ الفسوي: 1/ 316، الجرح والتعديل: 6/ 95، المستدرك: 3/ 454 - 357، الاستبصار: 188 - 189، الاستيعاب 2/ 807، تاريخ ابن عساكر: عبادة 8/ 427/ 2، أسد الغابة: 3/ 160، تهذيب الكمال: 655، تاريخ الاسلام 2/ 118، العبر: 1/ 35، مجمع الزوائد: 9/ 320، تهذيب التهذيب: 5/ 111، الاصابة: 5/ 322، خلاصة تذهيب الكمال: 188، كنز العمال 13/ 554، شذرات الذهب 1/ 40، 62، تهذيب ابن عساكر: 7/ 209. سير أعلام النبلاء: 2/ 5. (¬2) أخرجه ابن أبي داود في المصاحف، انظر سير الأعلام ج 2 ص 6. (¬3) انظر سير الأعلام ج 2 ص 5.

كما كان رضي الله عنه من الذين يتمثلون قول الرسول صلى الله عليه وسلّم «من رأى منك منكرا فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». فعن «إسحاق بن قبيصة بن ذؤيب» عن أبيه، أن «عبادة بن الصامت»، أنكر شيئا على «معاوية» فقال: لا أساكنك بأرض، فرحل إلى «المدينة المنورة» فقال له «عمر» رضي الله عنه وهو خليفة المسلمين حينئذ: «ما أقدمك»؟ فأخبره بفعل «معاوية» فقال له: «ارحل إلى مكانك، فقبّح الله أرضا لست فيها، وأمثالك، فلا إمرة له عليك» (¬1). ولما استشهد «عمر» رضي الله عنه، وتولى أمر المسلمين «عثمان بن عفان» رضي الله عنه، كتب «معاوية» إلى «عثمان»: أن «عبادة بن الصامت» قد أفسد عليّ «الشام» وأهله، فإما أن تكفه إليك، وإما أن أخلّي بينه وبين الشام. فكتب إليه «عثمان»: أن رحّل «عبادة» حتى ترجعه إلى داره «بالمدينة» قال: فدخل على «عثمان» فلم يفجأه إلا به وهو معه في الدار، فالتفت إليه فقال: يا عبادة ما لنا ولك؟ فقام «عبادة» بين ظهراني الناس، فقال: سمعت رسول الله عليه وسلّم يقول: «سيلقى أموركم بعدي رجال يعرّفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى، ولا تضلوا بربكم» اهـ (¬2). ولقد أحب الرسول صلى الله عليه وسلّم «عبادة» حبا كثيرا، والدليل على ذلك ما يلي: قال محمد بن سابق، حدثنا حشرج بن نباتة، عن موسى بن ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 7. (¬2) أخرجه احمد في المسند، انظر السير ج 2 ص 9.

محمد بن إبراهيم التيمي: سمع أبا قلابة يقول: حدثني الصنابحي: أن عبادة ابن الصامت حدثه قال: خلوت برسول الله صلى الله عليه وسلّم فقلت: أي أصحابك أحب إليك حتى أحبه؟ قال: اكتم عليّ حياتي: «أبو بكر- ثم عمر- ثم عليّ» ثم سكت، فقلت: ثم من يا رسول الله؟ قال: «من عسى أن يكون: الزبير- وطلحة- وسعد- وأبو عبيدة- ومعاذ- وأبو طلحة- وأبو أيوب- وأنت يا عبادة- وأبيّ بن كعب- وأبو الدرداء- وابن مسعود- وابن عوف- وابن عفان- ثم هؤلاء الرهط من الموالي: سلمان- وصهيب- وبلال- وعمّار» اهـ (¬1). توفي «عبادة بن الصامت» رضي الله عنه بعد حياة حافلة- بالعمل- والجهاد وقراءة القرآن- وتعليمه- والتمسك بتعاليم الاسلام، وذلك سنة أربع وثلاثين من الهجرة «بالرملة» وهو ابن اثنتين وسبعين سنة رضي الله عن «عبادة» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 6.

رقم الترجمة/ 152"أبو العباس الرازي" ت بعد 310 هـ

رقم الترجمة/ 152 «أبو العباس الرازي» ت بعد 310 هـ (¬1) هو: أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن يزيد أبو العباس الرازي مقرئ أستاذ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو العباس الرازي» القرآن عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: الفضل ابن شاذان، ومحمد بن سمعويه الموصلي صاحب أبي الفتح عامر بن عمرو آخرون. سكن «أبو العباس الرازي» الأهواز، وأقرأ بها زمنا طويلا. وقد أقبل حفاظ القرآن على «أبي العباس الرازي» يتلقون عنه. فمن الذين أخذوا عنه القراءة: أحمد بن نصر الشذائي، وأحمد بن محمد بن عبيد الله العجلي، وأحمد بن محمد الشنبوذي وآخرون (¬2). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي العباس الرازي» إلا أن العجلي قال قرأت على «أبي العباس» بالأهواز سنة عشر وثلاثمائة، يفهم من هذا أنه توفي بعد ذلك التاريخ. رحم الله أبا العباس الرازي رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: غاية النهاية 1/ 118. (¬2) انظر: القراء الكبار 1/ 303.

رقم الترجمة/ 153"أبو العباس الرازي" ت في حدود 290 هـ

رقم الترجمة/ 153 «أبو العبّاس الرّازي» ت في حدود 290 هـ (¬1) هو: الفضل بن شاذان بن عيسى، أبو العباس الرازي الإمام الكبير. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو العباس الرازي» القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أحمد بن يزيد الحلواني، ومحمد بن إدريس الأشعري، ومحمد بن عيسى الأصبهاني، ونوح بن أنس، وأحمد بن أبي سريج، والفضل بن يحيى بن شاهين، وعمرو بن بكير، كما روى عن «أبي عمر الدوري» أحد رواة الإمام «أبي عمرو بن العلاء» ولا زالت قراءة «أبي عمر الدوري» يتلقاها المسلمون بالرضا حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين (¬2). وقد تتلمذ على «أبي العباس الرازي» الكثيرون، منهم: ابنه «أبو القاسم العباس» والحسن بن سعيد الرازي، وابن خرطبة، وصالح بن مسلم، وأحمد بن محمد بن عبد الصمد، وأحمد بن عثمان بن شبيب، وأبو الحسن بن شنبوذ، وغيرهم كثير (¬3). وقد بلغ «أبو العباس الرازي» مكانة سامية في العلم والعدالة مما استوجب ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 7/ 163، والفهرست لابن النديم 231، ومعرفة القراء: 1/ 234، وغاية النهاية 20/ 10، وطبقات المفسّرين 2/ 30. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1/ 234. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2/ 10.

الثناء عليه، يقول «الإمام أبو عمرو الداني»: «لم يكن في دهره مثله في علمه وفهمه وعدالته وحسن اطلاعه» اهـ (¬1). يقول «الذهبي» وقد روى عن «أبي العباس الرازي» أبو حاتم الرازي، مع تقدمه، وابنه عبد الرحمن بن أبي حاتم، وقال: ثقة (¬2). توفي أبو العباس الرازي في حدود التسعين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2/ 10. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1/ 234.

رقم الترجمة/ 154"العباس بن الفضل" ت 186 هـ

رقم الترجمة/ 154 «العبّاس بن الفضل» ت 186 هـ (¬1) العالم الجليل، الورع، عظيم القدر، قاضي الموصل. هو: العباس بن الفضل ابن عمرو بن عبيد بن الفضل بن حنظلة الواقفي الأنصاري البصري قاضي الموصل. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «العباس بن الفضل» سنة خمس ومائة من الهجرة. وقدم «العراق» فلقي «أبا عمرو بن العلاء البصري» فقرأ عليه القرآن، وجوّده، وبرع في معرفة القراءات. وكان «العباس» صاحب شهرة عظيمة ومن العلماء الأفذاذ، وقد ولّي القضاء بالموصل، وأقام بها قاضيا إلى أن توفي رحمه الله. وكما أخذ «العباس بن الفضل» القراءة عن «أبي عمرو» أخذها أيضا عن غيره، مثل: خارجة بن مصعب عن «نافع بن أبي نعيم» وأبي عمرو عن مطرّف ابن معقل عن ابن كثير، وآخرين. يقول «ابن الجزري»: وكان «للعباس بن الفضل» اختيار في القراءة. وكان «أبو عمرو بن العلاء» يجلّ «العباس بن الفضل» ويثني عليه، ومن ذلك قوله: «لو لم يكن في أصحابي إلا «العباس بن الفضل لكفاني» اهـ (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: التاريخ الكبير 7/ 5، والكاشف 2/ 68، وميزان الاعتدال 2/ 385، ومعرفة القراء الكبار: 1/ 161، وغاية النهاية 1/ 353، وتقريب التهذيب 1/ 398، وخلاصة تذهيب الكمال 189. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 161.

وكان «العباس» رحمه الله تعالى صاحب مكانة سامية بين علماء عصره مما استوجب ثناءهم عليه، فمن ذلك قول «سبط الخياط»: وكان «العباس بن الفضل» عظيم القدر جليل المنزلة في العلم والدين والورع، مقدما في القرآن، والحديث، من أجلاء أصحاب «أبي عمرو» اهـ (¬1). وقد روى القراءة عن «العباس بن الفضل» عدد كثير منهم: «حمزة بن القاسم، وعامر بن عمر الموصلي، وعبد الرحمن بن واقد، وعبد الرحمن البيروني، ومحمد بن عمر الرومي، وآخرون (¬2). ومما يدلّ أيضا على مكانة «العباس بن الفضل» في العلم مناظرته الإمام الكسائي في الإمالة. ومعروف لدى جميع العلماء مكانة الكسائي العلمية في القراءات، والنحو، واللغة والغريب، فهو الإمام السابع من أئمة القراءات، كما أنه إمام مدرسة الكوفة في النحو. فالإمالة لها أنواع: صغرى، وكبرى، ولها شروط، وأسباب، وموانع، ومنها القياسي، وغيره، إلى غير ذلك من الأحكام الخاصة بها، والتي هي مبينة في المصنفات المعنية بذلك. ومما يدل على أهمية باب الإمالة، أن العلماء ألفوا فيها بحوثا خاصة لنيل درجة الدكتوراة. فكون «العباس بن الفضل» يناظر «الكسائي» في هذا الباب لا يدل إلا على أن «العباس» كان من مشاهير علماء عصره. وكما اهتم «العباس بن الفضل» بالقراءات القرآنية، فقد اهتم أيضا بروايته لحديث النبي عليه الصلاة والسلام، وقد روى عنه الحديث عدد منهم: «بشر بن ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 353. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 353.

سالم الكوفي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، ومحمد بن عبد الله بن عمار، ومسعود ابن جويرية، وزكريا بن يحيى رحمويه» وآخرون (¬1). توفي «العباس بن الفضل» سنة ست وثمانين ومائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بالعلم والعمل. رحم الله «العباس بن الفضل» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 161.

رقم الترجمة/ 155"العباس بن الفضل" ت بعد سنة 310 هـ

رقم الترجمة/ 155 «العباس بن الفضل» ت بعد سنة 310 هـ (¬1) هو: العباس بن الفضل بن شاذان بن عيسى أبو القاسم الرازي، مقرئ الريّ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «العباس بن الفضل» القرآن عن خيرة العلماء. وفي هذا يقول «ابن الجزري»: روى القراءة عن أبيه الفضل. وروى الحروف عن: «أحمد أبي سريج عن الكسائي، ومحمد بن غالب صاحب شجاع، والعباس بن الوليد صاحب قتيبة، وعن: أحمد بن يزيد الحلواني» وغيرهم كثير (¬2). كما روى عن «العباس بن الفضل» القرآن جماعة منهم: «محمد بن الحسن النقاش، ومحمد بن أحمد الداجوني، وأبو بكر بن مقسم، وأبو بكر محمد بن الحسن الأنصاري وابن شنبوذ» وغير هؤلاء (¬3). توفي «العباس بن الفضل» بعد سنة عشر وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله «العباس بن الفضل» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار: 1/ 236، وتاريخ الاسلام، الورقة (أحمد الثالث 2917/ 9) وغاية النهاية 1/ 352. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 352. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 236.

رقم الترجمة/ 156"أبو العباس المطوعي" ت 371 هـ

رقم الترجمة/ 156 «أبو العباس المطوعي» ت 371 هـ (¬1) هو: الحسن بن سعيد بن جعفر بن الفضل بن شاذان أبو العباس المطوعي البصري. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو العباس المطوعي» في حدود سنة سبعين ومائتين، وما ان اشتد عوده حتى حفظ القرآن الكريم وجاب الأقطار ولقي العلماء وأخذ عنهم. قال أبو الفضل الخزاعي قلت للمطوعي: في أي سنة قرأت على ادريس الحداد؟ فقال: في السنة التي رحلت فيها إلى الري سنة اثنتين وتسعين ومائتين. والري: مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن، كثيرة الفواكه والخيرات، بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخا، وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخا (¬2). كما أن «أبا العباس المطوعي» رحل في سبيل طلب العلم إلى «أصبهان»، وفي هذا يقول «أبو نعيم الحافظ»: قدم الحسن بن سعيد «أصبهان» سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وكان رأسا في القرآن وحفظه (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام الورقة 111، (آيا صوفيا 3008) وأهل المائة فصاعدا (المورد 2/ 4/ 126)، وتذكرة الحفاظ 3/ 95، والعبر 2/ 259، وميزان الاعتدال 1/ 492، وغاية النهاية 1/ 213 - 215 ونهاية الغاية الورقة 41، والنجوم الزاهرة 4/ 141، وشذرات الذهب 3/ 75. (¬2) انظر: معجم البلدان 3/ 116. (¬3) انظر: طبقات القراء 1/ 213.

وأصبهان مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها، تتلمذ أبو العباس المطوعي على عدد كبير من خيرة العلماء وفي مقدمتهم: ادريس بن عبد الكريم، ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وأحمد بن الحسين الحريري، ومحمد بن أبي مخلد الأنصاري، ويوسف بن يعقوب الواسطي، وأحمد بن سهل الأشناني، والحسن بن حبيب الدمشقي، ومحمد بن علي الخطيب، ومحمد بن يعقوب المعدل، وأبو بكر بن شنبوذ، وأحمد بن موسى بن مجاهد، وغير هؤلاء عدد كثير (¬1). تصدر «أبو العباس» المطوعي لتعليم القرآن وحروفه، وحديث النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالضبط والاتقان وصحة الرواية وعمّر حتى جاوز المائة، وأقبل عليه حفاظ القرآن وطلاب العلم من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو الحسين علي بن محمد الخباز، وأبو بكر محمد بن عمر النهاوندي وأبو علي محمد بن عبد الرحمن بن جعفر، ومحمد بن الحسن الحارثي، والمظفر بن أحمد بن إبراهيم، وأبو زرعة أحمد بن محمد الخطيب، وعلي بن جعفر السعيدي» وغيرهم كثير (¬2). لقد كان «لأبي العباس المطوعي» الأثر الواضح في تلاميذه، كما أنه ترك لمكتبة علوم القرآن بعض المؤلفات النافعة، من هذه المؤلفات: كتاب معرفة اللامات وتفسيرها (¬3). بلغ «المطوعي» مكانة علمية سامية، مما استوجب ثناء العلماء عليه، وفي هذا يقول: «الذهبي»: «كان أبو العباس المطوعي أحد من عني بهذا الفن- أي في القراءات وعلوم القرآن- وتبحّر فيه ولقي الكبار وأكثر الرحلة في الأقطار» انتهى (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: طبقات القراء 1/ 213. (¬2) انظر: طبقات القراء 1/ 214. (¬3) انظر: طبقات القراء 1/ 213. (¬4) انظر: القراء الكبار 1/ 317.

وقال «الذهبي» أيضا: «وجمع وصنف وعمر دهرا طويلا وانتهى إليه علو الإسناد في القراءات» (¬1). وقال «الإمام ابن الجزري»: هو إمام عارف ثقة في القراءات. أثنى عليه الحافظ أبو العلاء الهمذاني، ووثقه اهـ (¬2). وقال أيضا: «انتهى إلى «أبي العباس المطوعي» علو الإسناد في القراءات» (¬3). وهكذا نجد «أبا العباس المطوعي» استفاد من حياته وأفاد الكثيرين من المسلمين حتى توفاه الله مع سنة احدى وسبعين وثلاثمائة بعد أن جاوز المائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر: القراء الكبار 1/ 318. (¬2) انظر: طبقات القراء 1/ 213. (¬3) انظر: طبقات القراء 1/ 214.

رقم الترجمة/ 157"أبو العباس المعدل" ت 320 هـ

رقم الترجمة/ 157 «أبو العباس المعدل» ت 320 هـ (¬1) هو: محمد بن يعقوب بن الحجاج بن معاوية بن الزبرقان بن صخر، أبو العباس التيمي من تيم الله بن ثعلبة البصري المعروف بالمعدل، إمام ضابط مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القراءات. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو العباس المعدل» القرآن عن عدد كبير من العلماء. وفي مقدمتهم: أبو بكر محمد بن وهب صاحب «روح» أحد رواة «يعقوب» الحضرميّ، الإمام التاسع بالنسبة لأئمة القراءات، كما قرأ على «زيد» ابن أخي يعقوب، فيما ذكره ابن سوار وغيره، وعلي أبي الزعراء بن عبدوس الدوري، ومحمد بن الجهم اللؤلؤي وأحمد بن علي الخزاز، وعمر بن محمد بن برزة وغيرهم كثير (¬2). أخذ «أبو العباس المعدل» حديث النبي صلى الله عليه وسلّم عن أبي داود السجستاني (¬3). جلس أبو العباس المعدل لتعليم القرآن ورواياته واشتهر بذلك وذاع صيته في الآفاق وأقبل عليه الطلاب. وتتلمذ عليه الكثيرون منهم: علي بن محمد بن خشنام المالكي، وأبو أحمد بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: غاية النهاية 2/ 282، ونهاية الغاية، الورقة 270. (¬2) طبقات القراء 2/ 282. (¬3) انظر: القراء الكبار 1/ 286.

عبد الله بن الحسين، ومحمد بن محمد بن فيروز، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن أشتة، وأحمد بن محمد البصري، وأبو الحسن علي بن حبشان، وأبو بكر بن مقسم العطار، وهبة الله بن جعفر، وابن الكردي، وأبو العباس الكيال وآخرون (¬1). كان «أبو العباس المعدل» من الثقات، ومن القراء المشهود لهم بالأمانة وصحة النقل، وقد أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا المعنى يقول الإمام الداني ت 444 هـ: «انفرد «أبو العباس المعدل» بالإمامة في عصره ببلده، فلم ينازعه في ذلك أحد من أقرانه مع ثقته وضبطه وحسن معرفته» اهـ (¬2). قال «ابن الجزري»: قد وهم الشيخ أبو طاهر بن سوار في كتابه «المستنير» فقال في تسميته: أحمد بن حرب المعدل، والصواب محمد بن يعقوب أبو العباس المعدل، وذلك أحمد بن حرب أبو جعفر قديم من أصحاب الدوري، توفي سنة احدى وثلاثمائة، وهذا متأخر يروي عن أصحاب الدوري اهـ (¬3). توفي «أبو العباس المعدل» بعد العشرين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر: طبقات القراء 2/ 282. (¬2) انظر: القراء الكبار ج 1 ص 286. (¬3) انظر: طبقات القراء ج 2 ص 282.

رقم الترجمة/ 158"أبو العباس الهذلي" ت 332 هـ

رقم الترجمة/ 158 «أبو العباس الهذلي» ت 332 هـ (¬1) هو: محمد بن الحسن بن يونس بن كثير أبو العباس الهذلي الكوفي النحوي مقرئ ثقة مشهور ضابط. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو العباس الهذلي» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: الحسن بن علي بن عمران الشحام صاحب قالون، وعلي بن الحسن بن عبد الرحمن التميمي صاحب محمد بن غالب صاحب الأعشى، قال عنه: ومنه تعلمت القراءة حرفا حرفا، وعبد الواحد بن أحمد، واسماعيل بن يحيى عن أبيه المسيبيّ، واسماعيل القاضي، وعبد الرحمن بن أحمد القيرواني صاحب داود بن أبي طيبة وآخرون. اشتهر «أبو العباس الهذلي» بالدقة والثقة وجودة القراءة، فتتلمذ عليه الكثيرون ورحل إليه الطلاب من كل مكان. ومن الذين أخذوا القراءة عنه: محمد بن محمد بن فيروز الكرجي، وأبو الطيب عبد الغفار بن عبيد الله الحضيني، ومحمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي، ومحمد بن جعفر بن محمد بن هارون التميمي، وعلي بن محمد عبد الله الشاهد، وأحمد بن يوسف، وغير هؤلاء كثير (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الوافي بالوفيات 2/ 436، وغاية النهاية 2/ 125 - 126، وبغية الوعاة 1/ 90. (¬2) انظر: طبقات القراء 2/ 125.

كان «أبو العباس الهذلي» من المشهود لهم بصحة الرواية والضبط، وفي هذا المعنى يقول الإمام الداني ت 444 هـ: «كان «أبو العباس الهذلي» ثقة مشهورا ضابطا جليلا» اهـ (¬1). وقال الخزاعي: «كان أبو العباس الهذلي من علماء الكوفة وعنه أخذ جماعة من المتأخرين وكان ثقة» اهـ (¬2). توفي «أبو العباس الهزلي» سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار 1/ 289. (¬2) انظر طبقات القراء 2/ 126.

رقم الترجمة/ 159"عبد الباقي بن الحسن" ت بعد 380 هـ

رقم الترجمة/ 159 «عبد الباقي بن الحسن» ت بعد 380 هـ (¬1) هو: عبد الباقي بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن السقا أبو الحسن الخراساني الأصل الدمشقي المولد، ولد بدمشق ورحل إلى الأمصار طلبا للعلم والمعرفة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أحب «عبد الباقي» القرآن والعلم منذ نعومة أظفاره ورحل في سبيل ذلك إلى الأمصار وأخذ عن الشيوخ وتلقى عن العلماء والمحدثين. «أخذ «عبد الباقي» القراءة عرضا عن إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، وإبراهيم بن الحسن، وإبراهيم بن عمر، وإبراهيم بن عبد العزيز، وإبراهيم بن عبد الله بن محمد، وأحمد بن عبد الله بن الخشف، وأحمد بن صالح، وأحمد بن عبد الرحمن، والحسين بن عبد الله، وزيد بن أبي بلال، وصالح بن أحمد، وعبد الرحمن ابن عمر البغدادي، وعبد الله بن علي، وعبيد الله بن إبراهيم، وعلي بن عبد الله بن محمد، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي، ونظيف بن عبد الله، ومحمد بن إبراهيم البلخي، ومحمد بن أحمد بن هارون، ومحمد بن زريق، ومحمد بن الحسين الديلي (¬2). كما أخذ «عبد الباقي» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام، وترجمته في وريقة طيارة عند الورقة 210 ضمن من توفي على التقريب من أهل الطبقة التاسعة والثلاثين (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 1/ 356 - 357. وحسن المحاضرة 1/ 491. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 356.

من العلماء، وحدث عنهم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وحدث «عبد الباقي» عن عبد الله بن عتاب الزفتي، وأبي علي الحصائري» وجماعة (¬1). تصدر «عبد الباقي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، يقول «الامام ابن الجزري»: أخذ القراءة «عن عبد الباقي» عرضا: فارس بن أحمد، واكثر عنه، وقال: قال لنا «عبد الباقي»: أدركت أبا اسحاق إبراهيم بن عبد الرزاق بأنطاكية وجلست معه في مجلسه وهو يقرئ سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ولم أقرأ عليه. ولما حصل الروايات ورجع إلى «دمشق» يقرئ بها حصل بينه وبين شيوخها اختلاف فتعصب له قوم وتعصب آخرون عليه حتى تطاول بعضهم إلى بعض فخرج منها إلى الديار المصرية (¬2). احتل عبد الباقي مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، يقول «الامام الداني»: كان عبد الباقي خيرا فاضلا ثقة مأمونا، إماما في القراءات عالما بالعربية بصيرا بالمعاني. قال لي «فارس بن أحمد» أحد تلاميذه عنه: إنه أدرك إبراهيم بن عبد الرزاق بأنطاكية وجلس بين يديه في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة وسمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول: كان عبد الباقي يسمع معنا ببغداد على «أبي بكر الأبهري» وكتب عنه كتبه في الشرح ثم قدم مصر فقامت له بها رئاسة عظيمة وكنا لا نظنه هناك إذ كان ببغداد (¬3). وقال الامام «ابن الجزري»: كان عبد الباقي أستاذا حاذقا ضابطا ثقة وصل إلى الأمصار (¬4). توفي عبد الباقي بالاسكندرية، وقيل بمصر بعد سنة ثمانين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار 1/ 358. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 356 - 357. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 358. (¬4) انظر طبقات القراء 1/ 356.

رقم الترجمة/ 160"أبو عبد الرحمن السلمي" رضي الله عنه ت 74 هـ

رقم الترجمة/ 160 «أبو عبد الرّحمن السّلمي» رضي الله عنه ت 74 هـ (¬1) الإمام الحجة، الزاهد، المحدث، الثقة، مقرئ الكوفة نحوا من أربعين سنة، أحد كبار التابعين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو عبد الرحمن السلمي» في حياة النبي صلى الله عليه وسلّم، وقرأ القرآن وجوّده، وبرع في حفظه، وإليه انتهت القراءة تجويدا وضبطا، بالكوفة. أخذ القراءة عرضا عن «عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب» (¬2). وروى «حسين الجعفي» عن «محمد بن أبان» عن «علقمة بن مرثد» وعرض على «عليّ بن أبي طالب» (¬3). وروى «أبو إسحاق السّبيعي» عن «أبي عبد الرحمن السلمي» قال: والدي علمني القرآن، وكان من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلّم (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 6/ 172، طبقات خليفة ت 1102، تاريخ البخاري 5/ 72، المعارف 528، المعرفة والتاريخ 2/ 589، حلية الأولياء 4/ 191، تاريخ بغداد 9/ 430، تهذيب الكمال ص 1628، تذكرة الحفاظ 1/ 55، تاريخ الاسلام 3/ 222 تذهيب التهذيب 1/ 137 آ، البداية والنهاية: 9/ 6، العقد الثمين 8/ 66، غاية النهاية ت 1755، تهذيب التهذيب 5/ 183، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 19. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 413. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 268. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 269.

قال «عبد الواحد بن أبي هاشم»: حدثنا «محمد بن عبيد الله المقرئ ... عن «عاصم بن بهدلة، وعطاء بن السائب، ومحمد بن أبي أيوب، وعبد الله بن عيسى» أنهم قرءوا على «أبي عبد الرحمن السلمي» وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على «عثمان» عامة القرآن، وكان يسأله عن «القرآن» فيقول: إنك تشغلني عن أمر الناس، فعليك ب «زيد بن ثابت» فإنه يجلس للناس، ويتفرغ لهم، ولست أخالفه في شيء من «القرآن» قال وكنت ألقى «عليا» فأسأله، فيخبرني ويقول: عليك ب «زيد» فأقبلت على «زيد» فقرأت عليه «القرآن» ثلاث عشرة مرة» اهـ (¬1). وأخذ «أبو عبد الرحمن السلمي» الحديث عن «عمر بن الخطاب، وعثمان ابن عفان» رضي الله عنهما. وكان «أبو عبد الرحمن السلمي» مدرسة وحده يعلّم القرآن، وقد أخذ عنه عدد كثير أذكر منهم: «عاصم بن أبي النجود» أحد القراء السبعة المشهورين، ولا زالت قراءة «عاصم» من أشهر القراءات ويقرأ بها حتى الآن، كما تلقى القراءة عنه: «يحيى بن وثاب، وعطاء بن السائب، وعبد الله بن عيسى، ومحمد ابن أبي أيوب، وإسماعيل بن أبي خالد» وآخرون. وعرض عليه القرآن: «الحسن- والحسين» رضي الله عنهما (¬2). كما أخذ الحديث عن «أبي عبد الرحمن السلمي» عدد كثير أذكر منهم: «أبا إسحاق، وعلقمة بن مرثد، وعطاء بن السائب» (¬3). ولقد كان «لأبي عبد الرحمن السلمي» جهوده البارزة في تعليم القرآن ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 270. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 268. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 268.

الكريم يوضح ذلك ما يلي: قال «أبو إسحاق»: كان «أبو عبد الرحمن السلمي» يقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة» اهـ (¬1). وقال «عطاء بن السائب»: كان «أبو عبد الرحمن» يقرئ وكان يبدأ بأهل السوق وقال: كنت أقرأ على «أبي عبد الرحمن وهو يمشي» اهـ (¬2). وروى «منصور» عن «تميم بن سلمة»، أن «أبا عبد الرحمن» كان إمام المسجد، وكان يحمل في اليوم المطير» اهـ (¬3). وكما كان «أبو عبد الرحمن» حجة في القرآن والقراءات، كان أيضا حجة وثقة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلّم، حديثه مخرّج في كتب السنة (¬4). قال «أبو عبد الرحمن»: «أخذنا «القرآن» عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن، فكنا نتعلم القرآن والعمل به، وسيرث «القرآن» بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم، ووضع يده على الحلق» اهـ (¬5). وكان «أبو عبد الرحمن» من الزهاد المتصلين بالله تعالى، يشير إلى ذلك ما يلي: فعن «عطاء بن السائب» قال: دخلنا على «أبي عبد الرحمن» نعوده فذهب بعضهم يرجيه، فقال: أنا أرجو ربّي، وقد صمت له ثمانين رمضان انتهى (¬6). ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 268. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 413. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 269. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 271. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 269. (¬6) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 271.

كما كان رحمه الله تعالى من الزهاد الذين لا يأخذون أجرا على تعليم القرآن، يوضح ذلك ما يلي: فعن «عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء» عن أبيه، عن «أبي عبد الرحمن» أنه جاء وفي الدار «جزر» فقالوا: بعث بها «عمرو بن حريث» لأنك علمت ابنه «القرآن» فقال: «ردّ، إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرا» اهـ (¬1). وقال «أحمد بن أبي خيثمة» عن «عطاء بن السائب» قال: كان رجل يقرأ على «أبي عبد الرحمن» فأهدى له «فرسا» فردّها، وقال: ألا كان هذا قبل القراءة اهـ (¬2). توفي «أبو عبد الرحمن السلمي» سنة أربع وسبعين من الهجرة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وتجويده، وقراءاته. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 269. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 413.

رقم الترجمة/ 161"عبد الرحمن بن هرمز الأعرج المدني" ت 117 هـ

رقم الترجمة/ 161 «عبد الرحمن بن هرمز الأعرج المدني» ت 117 هـ (¬1) مولى محمد بن ربيعة علم من علماء التابعين، شيخ القراء، والإمام الحجة الحافظ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «الذهبي»: أخذ «عبد الرحمن بن هرمز» القرآن عرضا عن «أبي هريرة وابن عباس، وعبد الله بن عياش». ثم قال: قال «إبراهيم بن سعد»: كان الأعرج يكتب المصاحف (¬2). وروى «ابن لهيعة» عن «أبي النضر» قال: كان «عبد الرحمن بن هرمز» أول من وضع العربية، وكان أعلم الناس بأنساب قريش، وقيل: إنه أخذ العربية عن «أبي الأسود الدّئلي» اهـ (¬3). وقال «الذهبي»: سمع «عبد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 5/ 283، طبقات خليفة 239، التاريخ الكبير 5/ 360، التاريخ الصغير 1/ 283، تاريخ الفسوي 2/ 737، الجرح والتعديل 5/ 297، اللباب 1/ 75 تهذيب الاسماء واللغات 1/ 305، تهذيب الكمال: 824، تذهيب التهذيب 2/ 232/ 2 تاريخ الاسلام 4/ 275، تذكرة الحفاظ 1/ 97، طبقات القراء للذهبي 1/ 63، مرآة الجنان 1/ 350، طبقات القراء 1/ 381، تهذيب التهذيب 6/ 290، النجوم الزاهرة 1/ 276، طبقات الحفاظ: 38، بغية الوعاة 2/ 91، خلاصة تذهيب الكمال: 236، شذرات الذهب: 1/ 153، سير أعلام النبلاء 5/ 69 معرفة القراء الكبار: 1/ 77 مشاهير علماء الامصار 77، وطبقات النحويين للزبيدي 26، الأنساب 44، وتاريخ ابن عساكر 23/ ورقة 463، نزهة الألباء 24. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 69. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 69.

الرحمن هرمز» أبا هريرة، وأبا سعيد الخدري وعبد الله بن مالك، وطائفة، وجوّد القرآن وأقرأه، وكان يكتب المصاحف، وسمع أيضا من «أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعمير مولى ابن عباس» وحدث عنه «الزهريّ، وأبو الزناد، وصالح ابن كيسان، ويحيى بن سعيد الأنصاري»، وتلا عليه «نافع بن أبي نعيم» (¬1). توفي «عبد الرحمن بن هرمز» بالاسكندرية سنة سبع عشرة ومائة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «عبد الرحمن بن هرمز» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 69.

رقم الترجمة/ 162"عبد الرزاق بن الحسن" بقى إلى حدود 290 هـ

رقم الترجمة/ 162 «عبد الرّزاق بن الحسن» بقى إلى حدود 290 هـ (¬1) هو: عبد الرزاق بن الحسن بن عبد الرزاق، ويقال: ابن عبد الله بن عمرو العجلي أبو القاسم، ويقال: أبو الحسين الأنطاكي الوراق، شيخ مقرئ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «عبد الرزاق» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أحمد بن جبير الأنطاكي، وقال «الداجوني»: إنه قرأ على «ابن ذكوان» أحد الرواة المشهورين عن «ابن عامر الشامي». وذكر «الهذلي» عن «عبد الرزاق» روى القراءة أيضا عن: «البزّي» أحد الرواة المشهورين عن «ابن كثير المكي». ولا زالت قراءة «البزي» يتلقاها المسلمون حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين (¬2). وقد تصدر «عبد الرزاق» لتعليم القرآن، فأخذ عنه القراءة عدد كثير منهم: «ابنه إبراهيم، وأحمد بن يعقوب التائب، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ، ومحمد بن الحسن النقاش، ومحمد بن أحمد الداجوني، ومحمد بن محمد الوزير» وآخرون (¬3). كان «عبد الرزاق» من الأئمة الأعلام، يقول «أبو العلاء الحافظ»: كان «عبد الرزاق» إمام جامع دمشق اهـ. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته: معرفة القراء الكبار: 1/ 257، وغاية النهاية: 1/ 384. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 384. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص ص 384.

لم يذكر المؤرخون تحديد زمن وفاة «عبد الرزاق» ولكن قال «أبو عبد الله الحافظ» بقي إلى حدود التسعين ومائتين. رحم الله «عبد الرزاق بن الحسن» رحمة واسعة وجزاه الله عن القرآن أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 163"عبد الله بن كثير" ت 120 هـ

رقم الترجمة/ 163 «عبد الله بن كثير» ت 120 هـ (¬1) أحد علماء التابعين، شيخ القراء، وإمام أهل مكة. مولى «عمرو بن علقمة الكناني» وقد ولد بمكة سنة ثمان وأربعين هـ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال: «أبو نعيم»: عبد الله بن كثير الداري، مولى بني عبد الدار، كان ثقة (¬2). وقال «ابن عيينة»: لم يكن بمكة أحد أقرأ من «حميد بن قيس، وعبد الله ابن كثير» اهـ (¬3). وقال جرير بن حازم: رأيت عبد الله بن كثير فصيحا بالقرآن اهـ (¬4). وقال «ابن الجزري»: كان «ابن كثير» الإمام المجتمع على قراءته «بمكة» المكرمة، لم ينازعه فيها منازع. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 5/ 484، وطبقات خليفة 282، والتاريخ الصغير 1/ 304، والتاريخ الكبير 5/ 181، والجرح والتعديل 5/ 144، ووفيات الأعيان 3/ 41، وتهذيب الكمال الورقة 726، وسير أعلام النبلاء 5/ 318، وتاريخ الاسلام 4/ 268، معرفة القراء الكبار 1/ 86، وتذهيب التهذيب 2/ الورقة 175، الكاشف 2/ 120، ووفيات ابن قنفذ 118، والعقد الثمين 5/ 236، وغاية النهاية 1/ 443، وتقريب التهذيب 1/ 442، وتهذيب التهذيب 5/ 367، وخلاصة تهذيب الكمال 210، وشذرات الذهب 1/ 157. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 325. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 325. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 5 ص 325.

وقال «مجاهد»: لم يزل «ابن كثير» الإمام المجتمع عليه في القراءة «بمكة» حتى مات. وقال «الأصمعي» ت 315 هـ: قلت: «لأبي عمرو بن العلاء»: قرأت على «ابن كثير»؟ قال: نعم، ختمت عليه القرآن بعد ما ختمت على «مجاهد» وكان «ابن كثير» أعلم بالعربية من «مجاهد» وكان فصيحا، بليغا، مفوها، أبيض اللحية، طويلا، أسمر جسيما، يخضب بالحناء، عليه السكينة والوقار. تلقى «ابن كثير» القرآن عن كل من: «أبي السائب عبد الله بن السائب المخزومي ت 68 هـ، وأبي الحجاج مجاهد بن جبر ت 104 هـ و «درباس» مولى «ابن عباس». وقرأ «عبد الله بن السائب» شيخ «ابن كثير» على: «أبي بن كعب» و «عمر بن الخطاب» رضي الله عنهما. وقرأ «مجاهد بن جبر» شيخ ابن كثير على: «عبد الله بن عباس، وعبد الله ابن السائب». وقرأ «عبد الله بن عباس» على «أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت». وقرأ كل من زيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب على رسول الله صلى الله عليه وسلّم. من هذا يتبيّن أن قراءة «ابن كثير» متواترة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلّم، ولا زال المسلمون يتلقون قراءة «ابن كثير» بالرضا والقبول حتى الآن، وأحمد الله تعالى أني تلقيتها وقرأت بها. ولقد كان «ابن كثير» مدرسة وحده، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: البزّي: أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبيّ بزّة ت 250 هـ.

وقنبل: محمد بن عبد الرحمن بن محمد المخزومي ت 291 هـ. وإسماعيل بن عبد الله القسطنطين ت 170 هـ. والخليل بن أحمد الفراهيدي ت 170 هـ. وسفيان بن عيينة ت 198 هـ. وقد حدث «ابن كثير» عن «عبد الله بن الزبير، وأبي المنهال عبد الرحمن ابن مطعم، وعكرمة، ومجاهد بن جبر» وغيرهم كثير. كما روى عنه: «ابن جريج، وإسماعيل بن أمية، وزمعة بن صالح، وعمر ابن حبيب المكي، وحماد بن سلمة» وآخرون. توفي «ابن كثير» سنة مائة وعشرين من الهجرة، عن خمس وسبعين سنة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وتجويده. رحم الله «ابن كثير» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 164"عبد الله بن عامر اليحصبي" ت 118 هـ

رقم الترجمة/ 164 «عبد الله بن عامر اليحصبي» ت 118 هـ (¬1) أحد مشاهير علماء التابعين، إمام أهل الشام في القراءة، وإليه انتهت مشيخة الإقراء بالشام. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «أبو عمرو بن العلاء»: أخذ «ابن عامر» القراءة عرضا عن «أبي الدرداء» وعن «المغيرة بن شهاب» صاحب «عثمان بن عفان» وقيل عرض «ابن عامر» «القرآن» على «عثمان» نفسه (¬2). قال «خالد بن يزيد المريّ»: سمعت «عبد الله بن عامر» يقول: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولي سنتان، وانتقلت إلى دمشق، ولي تسع سنين انتهى (¬3). وقال «يحيى بن الحارث»: إن «ابن عامر» ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 7/ 449، وطبقات خليفة 311، والتاريخ الصغير 1/ 100، والتاريخ الكبير 5/ 156، والمعرفة والتاريخ 2/ 402، 483، والجرح والتعديل 5/ 122، تهذيب الكمال الورقة 697، وتاريخ الاسلام 3/ 268، وتذكرة الحفاظ 1/ 103، وتذهيب التهذيب 2/ الورقة 156 وسير أعلام النبلاء 5/ 292، والكاشف 2/ 99، وميزان الاعتدال 2/ 449، وغاية النهاية 1/ 423، معرفة القراء الكبار: 1/ 82، وتقريب التهذيب 1/ 425، وتهذيب التهذيب 5/ 274 خلاصة تذهيب الكمال 202، وشذرات الذهب 1/ 156. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 424. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 82. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 82.

وقال «هشام بن عمّار»: حدثنا «عراك بن خالد» حدثنا «يحيى بن الحارث» قال: قرأت على «ابن عامر» وقرأ ابن عامر على «المغيرة بن شهاب» وقرأ «المغيرة» على «عثمان بن عفان» رضي الله عنه. قال «هشام»: وهذا أصحّ عندنا اهـ (¬1). وكان «ابن عامر» من مشاهير علماء عصره في القراءة والاقراء، ولا زالت قراءته يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن، وهو أحد القراء السبعة المشهورين. وقال «الذهبي»: ولي «ابن عامر» قضاء دمشق، بعد «أبي إدريس الخولاني» وحدث عن «معاوية، وفضالة بن عبيد، والنعمان بن بشير»، وغيرهم. وروى عنه «محمد بن الوليد الزبيدي، وربيعة بن يزيد، وعبد الرحمن بن يزيد، وعبد الله بن العلاء، وآخرون» اهـ (¬2). وقال: «يحيى بن الحارث»: كان «ابن عامر» قاضي الجند، وكان رئيس المسجد لا يرى فيه بدعة إلا غيّرها» اهـ. توفي «ابن عامر» سنة ثمان عشرة ومائة، وله سبع وتسعون سنة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن الكريم. رحمه الله رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 83. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 83.

رقم الترجمة/ 165"أبو عبد الله الأصبهاني" ت 253 هـ

رقم الترجمة/ 165 «أبو عبد الله الأصبهاني» ت 253 هـ (¬1) هو: محمد بن عيسى بن إبراهيم بن رزين أبو عبد الله الأصبهاني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «الأصبهاني» القرآن على مشاهير علماء عصره. يقول عنه «ابن الجزري»: هو إمام في القراءات كبير مشهور له اختيار في القراءة أول وثان، أخذ القراءة عرضا وسماعا عن «خلاد بن خالد، والحسن بن عطية، وداود بن أبي طيبة، وسليمان بن داود الهاشمي، ويونس بن عبد الأعلى»، وروى الحروف عن «عبيد الله بن موسى، وإسحاق بن سليمان» اهـ (¬2). وقد تتلمذ على «الأصبهاني» عدد كثير منهم: «الفضل بن شاذان» وهو أكبر أصحابه، وأعلمهم، «ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وجعفر بن عبد الله ابن الصباح، والحسين بن إسماعيل الضرير، وأحمد بن الخليل بن أبي فراس، وإبراهيم بن أحمد بن نوح» وغيرهم كثير (¬3). وقد كان للأصبهاني مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول «أبو نعيم الأصبهاني»: ما أعلم أحدا أعلم في وقته في فنّه منه، يعني: القراءات اهـ. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: اخبار اصبهان 2/ 179، وتاريخ الاسلام، الورقة 277، (أحمد الثالث 2917/ 7) والوافي بالوفيات 4/ 294، ومعرفة القراء الكبار 1/ 223، وغاية النهاية 2/ 223. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 223. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 223.

وقال عنه «أبو حاتم» صدوق اهـ (¬1). وكان «للأصبهاني» عدة مصنفات منها: «كتاب الجامع في القراءات، وكتاب في عدد آي القرآن، وكتاب في رسم القرآن (¬2). توفي «الأصبهاني» سنة ثلاث وخمسين ومائتين على خلاف في ذلك. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 2 ص 223. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 224.

رقم الترجمة/ 166"أبو عبد الله الحربي"

رقم الترجمة/ 166 «أبو عبد الله الحربي» (¬1) هو: محمد بن عبد الله بن جعفر أبو عبد الله، ويقال: محمد بن جعفر أبو عبد الله البغدادي الحربي، مقرئ مجود. قال «ابن الجزري»: وكلهم قال عنه «ابن جعفر»، سوى الدارقطني. فقال ابن عبد الله: والصواب أنه «محمد بن عبد الله بن جعفر»، فمن قال: «ابن جعفر» نسبه إلى جده، كذا صححه القصاع وأثبته غيره. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو عبد الله» القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن سهل الأشناني، وأحمد بن علي البزاز، ومحمد بن حبيب صاحب الأعشى» وغير هؤلاء (¬2). تصدر «أبو عبد الله الحربي» لتعليم القرآن، واشتهر بالتحقيق وتجويد الحروف، فأقبل عليه الطلاب من كل مكان. فمن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا: أبو الحسن الدارقطني، وأحمد بن نصر الشذائي، وعمر بن إبراهيم الكناني قرأ عليه عدة ختمات، وأبو الفرج الشنبوذي وغيرهم (¬3). احتل «أبو عبد الله الحربي» مكانة سامية بين العلماء نظرا لتقواه وخوفه من ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: غاية النهاية 2/ 176 - 177. (¬2) انظر طبقات القراء 2/ 177. (¬3) انظر طبقات القراء 2/ 177.

الله تعالى مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا يقول الإمام الشنبوذي: «كان «أبو عبد الله الحربي» من سراة الشيوخ ومن صلحاء الناس» اهـ (¬1). وقال «الحافظ الذهبي»: كان محققا مجودا لحرف عاصم اهـ (¬2). لم يذكر المؤرخ تاريخ وفاة «أبي عبد الله الحربي». رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء 2/ 177. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 302.

رقم الترجمة/ 167"عبد الله بن الحسين" ت 386 هـ

رقم الترجمة/ 167 «عبد الله بن الحسين» ت 386 هـ (¬1) هو: عبد الله بن الحسين بن حسنون أبو أحمد السامري البغدادي، نزيل مصر مسند القراء في زمانه. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «عبد الله بن الحسين» سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين من الهجرة. أخذ «عبد الله بن الحسين» القرآن وحروف القراءات في باكورة حياته، ومن يقرأ كتب التاريخ يمكنه أن يحكم وهو مطمئن بأن عبد الله بن الحسين قرأ على عدد كبير جدا من علماء القراءات، وفي هذا يقول الإمام الداني ت 444 هـ: أخذ عبد الله بن الحسين القراءة عرضا عن محمد بن حمدون الحذاء، وأحمد بن سهل الأشناني، وأبي بكر بن مجاهد، وأبي الحسن بن شنبوذ، وأبي بكر بن مقسم، وأبي الحسن أحمد بن الرقي كذا قال «ابن سوار»، والحسن بن صالح، ومحمد بن الصباح المكي، وسلامة بن هارون، وأحمد بن محمد بن هارون بن بقرة، وأحمد بن عبد الله الطنافسي، وأبي العباس محمد بن يعقوب المعدل، وغير هؤلاء كثير ممن ذكرهم «الداني» (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 9/ 442 - 443، وفهرست ابن خير 27 - 28، وتاريخ الاسلام الورقة 183 (أبا صوفيا 3008). وميزان الاعتدال 2/ 408 - 409، وغاية النهاية 1/ 415 - 417، ونهاية الغاية الورقة 105، والنجوم الزاهرة 4/ 175، وحسن المحاضرة 1/ 489، وشذرات الذهب 3/ 119. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 327.

كما ذكر «الإمام ابن الجزري» عددا آخر من شيوخ عبد الله بن الحسين منهم: أبو محمد الحسن بن صالح الواسطي، وأبو الحسن علي بن أحمد الوزان، ومحمد بن محمد الباهلي، وموسى بن جرير النحوي، وأحمد بن الحسين المالحاني، والحسين بن أحمد المقرئ، وغيرهم عدد كثير (¬1). وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على علو إسناد الشيخ. جلس «عبد الله بن الحسين» إلى تعليم القرآن وحروف القراءات زمنا طويلا واشتهر بالثقة والضبط وأقبل عليه حفاظ القرآن، وكثر طلابه، وحسبي أن أشير هنا إلى طرف يسير ممن أخذ عنه القرآن وحروف القراءات. قال «الإمام ابن الجزري»: قرأ عليه «أبو الفتح فارس» وهو أضبط من قرأ عليه وأبو الفضل الخزاعي، ويوسف بن رباح، وأبو الحسين التنيسي الخشاب، ومحمد بن سليمان الأبيّ، وعبد الرحمن بن الحسن، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وأبو العباس بن نفيس، ومحمد بن علي بن يوسف المؤدب، والحسين ابن إبراهيم الأنباري، وآخرون (¬2). اشتهر «عبد الله بن الحسين» بين العلماء بالثقة وصحة الرواية وقوة الصبر والاحتمال مما استوجب الثناء عليه، حول هذه المعاني السامية يقول «الإمام الداني»: «سألت «أبا حيان محمد بن يوسف الأندلسي» عن «أبي أحمد»، فأثنى عليه ووثقه» اهـ (¬3). وقال عنه «الإمام الداني»: «هو مشهور ضابط ثقة مأمون» (¬4). توفي «عبد الله بن الحسين» بمصر ليلة السبت، ودفن يوم السبت لثمان بقين من المحرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وصلى عليه أبو حفص عمر بن عراك، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء 1/ 417. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 417. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 331. (¬4) انظر القراء الكبار 1/ 329.

رقم الترجمة/ 168"عبد الله الزعفراني"

رقم الترجمة/ 168 «عبد الله الزّعفراني» (¬1) هو: عبد الله بن محمد بن هاشم أبو محمد الزعفراني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «الزعفراني» القرآن عن خيرة العلماء منهم: «خلف بن هشام، ودحيم الدمشقي، والدوري، وأبو هشام الرفاعي، وعبيد بن الصباح، وعبد الوهاب بن فليح، وسليمان بن داود الزهراني، وهارون بن حاتم التميمي، ومحمد بن سعدان، وروح بن عبد المؤمن» وآخرون (¬2). وقد تصدر «الزعفراني» للاقراء ومن الذين تتلمذوا عليه: «علي بن الحسين الغضائري» فيما روى عنه «الأهوازي» (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الله الزعفراني». رحم الله «الزعفراني» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار: 1/ 253، والغاية: 1/ 454. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 454. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 254.

رقم الترجمة/ 169"عبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي" رضي الله عنه ت 70 هـ

رقم الترجمة/ 169 «عبد الله بن السّائب بن أبي السّائب المخزومي» رضي الله عنه ت 70 هـ (¬1) صحابيّ جليل، قارئ أهل مكة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. يقول «ابن الجزري»: روى «عبد الله بن السائب» القراءة عرضا عن «أبي بن كعب، وعمر بن الخطاب» (¬2). وعرض عليه «القرآن» «مجاهد بن جبر» و «عبد الله بن كثير» أحد القراء السبعة المشهورين، وقراءة «ابن كثير» لا زال المسلمون يتلقونها بالقبول حتى الآن (¬3). وروى «ابن عيينة» عن «مجاهد بن جبر» أنه قال: كنا نفخر على الناس ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 5/ 445، وطبقات خليفة 45، 695، وتاريخ البخاري الكبير 5/ 8 وتاريخه الصغير 1/ 126، والمعرفة والتاريخ ليعقوب 1/ 247، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم 5/ 65 وجمهرة أنساب العرب 143، والاستيعاب لابن عبد البر 2/ 915، والجمع لابن القيسراني 1/ 246، وأسد الغابة 3/ 254، وتهذيب الكمال الورقة 685، وتاريخ الاسلام 3/ 29، سير أعلام النبلاء 3/ 388، معرفة القراء الكبار 1/ 47، والكاشف 2/ 89، ومجمع الزوائد 9/ 409 والعقد الثمين للفاسي 5/ 163، وغاية النهاية 1/ 419، والاصابة 2/ 314، وتقريب التهذيب 1/ 417، وتهذيب 5/ 229، وخلاصته تهذيب الكمال 168. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 420. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 3 ص 389.

بقارئنا «عبد الله بن السائب» وبفقيهنا «عبد الله بن عباس» وبمؤذننا «أبي محذورة» وبقاضينا «عبيد بن عمير» اهـ (¬1). حدث «عبد الله بن السائب» عن «أبيّ بن كعب، وعمر بن الخطاب»، رضي الله عنهما. توفي «عبد الله بن السائب» في حدود سنة سبعين من الهجرة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن برواياته وقراءاته. يقول «ابن أبي مليكة»: رأيت «عبد الله بن عباس» رضي الله عنه لما فرغ من دفن «عبد الله بن السائب» وقف على قبره فدعا له ثم انصرف اهـ (¬2). رحم الله «عبد الله بن السائب» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر غاية معرفة القراء الكبار ج 1 ص 48. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 390.

رقم الترجمة/ 170"عبد الله بن عباس" رضي الله عنه ت 68 هـ

رقم الترجمة/ 170 «عبد الله بن عبّاس» رضي الله عنه ت 68 هـ (¬1) ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ «القرآن الكريم». ولد «ابن عباس» رضي الله عنه بشعب «بني هاشم» قبل الهجرة بثلاث سنين وصحب النبي صلى الله عليه وسلّم نحوا من ثلاثين شهرا. كان «ابن عباس» رضي الله عنه: أبيض- مديد القامة- جسيما- وسيما- صبيح الوجه- مهيبا- كامل العقل- ذكيّ النفس- له وفرة يخضب بالحناء. قال عنه «عطاء» ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة إلا ذكرت وجه «ابن عباس» اهـ. وقال «عكرمة»: كان «ابن عباس» إذا مرّ في الطريق قيل: أمرّ المسك، أم مرّ «ابن عباس»؟ وذلك لطيب رائحته. هاجر «ابن عباس» مع أبويه إلى دار الهجرة سنة الفتح. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 2/ 365، وطبقات خليفة 280، 446، 721، وتاريخ البخاري الكبير 5/ 3 - 5، والمعرفة والتاريخ 1/ 241، 270، 493، ومشاهير علماء الأمصار 9 وحلية الأولياء 1/ 314، والاستيعاب 2/ 350، وتاريخ بغداد 1/ 173، وتاريخ ابن عساكر 9 الورقة 238، وأسد الغابة 3/ 290، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 274، ووفيات الأعيان 3/ 62، وتاريخ الاسلام 3/ 30، وتذكرة الحفاظ 1/ 40 وسير أعلام النبلاء 3/ 331، والعبر 1/ 76، ومرآة الجنان 1/ 143، والبداية والنهاية 8/ 295، وغاية النهاية 1/ 425، والاصابة 2/ 330، وتهذيب التهذيب 5/ 276، والنجوم الزاهرة 1/ 182، وطبقات الحفاظ للسيوطي 10، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 232، وشذرات الذهب 1/ 75.

قرأ «ابن عباس» القرآن الكريم على «أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت» وقرأ «القرآن» على «ابن عباس» عدد كثير، منهم: مجاهد- وسعيد بن جبير- والأعرج- وعكرمة بن خالد- وسليمان بن قتّة شيخ «عاصم الجحدري» وآخرون. حدث عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وعن «عمر- وعليّ- ومعاذ- وعبد الرحمن بن عوف- وأبي سفيان- وأبي ذرّ- وأبي بن كعب- وزيد بن ثابت» وآخرين. وروى عنه: ابنه عليّ- وعكرمة- ومقسم- وكريب- وأنس بن مالك- وأبو الطفيل- وأبو أمامة- وعروة بن الزبير- وسعيد بن جبير- ومجاهد بن جبر وآخرون. قال «ابن عباس» رضي الله عنه: لقد كنت أسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم اهـ. وكان النبي صلى الله عليه وسلّم يحبّ «ابن عباس» حبا جمّا، ودعا له بالفقه والتأويل، كما دعا له بالفهم والعلم: فعن «سعيد بن جبير» قال: قال «ابن عباس»: بتّ عند خالتي، فوضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم غسلا فقال: من وضع هذا؟ قالوا: «عبد الله» قال: اللهم علمه التأويل، وفقّهه في الدين (¬1). وروى «كريب» أن النبي صلى الله عليه وسلّم دعا «لابن عباس» أن يزيده الله فهما وعلما. وعن «عكرمة» عن «ابن عباس» قال: مسح النبي صلى الله عليه وسلّم رأسي، ودعا لي بالحكمة (¬2). ¬

_ (¬1) رواه أحمد وإسناده صحيح، انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 46. (¬2) رواه البخاري: انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 334.

وعن «ابن عباس» رضي الله عنهما قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وعنده «جبريل» فقال له «جبريل»: إنه كائن هذا حبر الأمة فاستوص به خيرا (¬1). وعن «سعيد بن جبير» عن «ابن عباس» قال: كان «عمر» يدخلني مع أشياخ بدر، فقال بعضهم: لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال: إنه من قد علمتم، قال: فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم، وما رأيته دعاني يومئذ إلا ليريهم مني فقال: ما تقولون في قوله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ حتى ختم السورة؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله تعالى، ونستغفره إذا جاء نصر الله وفتح علينا. وقال بعضهم: لا ندري، ولم يقل بعضهم شيئا، فقال لي: يا ابن عباس كذلك تقول؟ قلت لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أعلمه الله إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ أي فتح مكة، فذاك علامة أجلك، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توّابا فقال «عمر» ما أعلم منها إلا ما تعلم (¬2). وعن «محمد بن كعب» القرظي عن «ابن عباس» رضي الله عنهما، أن «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه جلس في رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم من المهاجرين فذكروا ليلة القدر، فتكلم منهم من سمع فيها بشيء مما سمع، فقال «عمر»: ما لك يا ابن عباس صامتا؟ تكلم ولا تمنعك الحداثة، فقال «ابن عباس»: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى وتر يحب الوتر، فجعل أيام الدنيا تدور على سبع وخلق الإنسان من سبع، وخلق أرزاقنا من سبع، وخلق ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 339. (¬2) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 317.

فوقنا سبع سماوات، وخلق تحتنا أرضين سبعا، وأعطى من المثاني سبعا، ونقع في السجود من أجسادنا على سبع، والطواف بالكعبة سبعا، وبين الصفا والمروة سبع، ورمى الجمار بسبع، فأراها في السبع الأواخر من شهر رمضان والله أعلم. فتعجب «عمر» وقال: ما وافقني فيها أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا هذا الغلام (¬1). ومناقب «ابن عباس» رضي الله عنهما كثيرة ومتعددة أذكر فيها ما يلي: قال «طاوس»: ما رأيت أحدا أشدّ تعظيما لحرمات الله من «ابن عباس» انتهى (¬2). وقال «الواقدي» أن «سعد بن أبي وقاص» رضي الله عنه قال: ما رأيت أحدا أحضر فهما، ولا ألبّ لبّا، ولا أكثر علما، ولا أوسع حلما من «ابن عباس» لقد رأيت «عمر» يدعوه للمعضلات فيقول: قد جاءت معضلة، ثم لا يجاوز قوله، وإن حوله لأهل بدر اهـ (¬3). وحدث «الواقدي» عن «عبيد الله بن عبد الله» قال: كان «ابن عباس» قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبق- وفقه فيما احتج إليه من رأيه- وحلم- ونسب- وما رأيت أحدا أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم- ولا بقضاء «أبي بكر- وعمر- وعثمان» منه- ولا أعلم بما مضى- ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه، ولقد كنا نحضر عنه فيحدثنا العشية كلها في المغازي، والعشية كلها في النسب، والعشية كلها في الشعر اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 317. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 342. (¬3) ذكره ابن سعد في الطبقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 347. (¬4) ذكر ابن سعد في الطبقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 350.

وقال «طاوس»: ما رأيت أورع من «ابن عمر» ولا أعلم من «ابن عباس» اهـ (¬1). توفي «ابن عباس» بالطائف سنة ثمان وستين هـ وصلى عليه «محمد ابن الحنفية» وقال: مات ربانيّ الأمة اهـ. رضي الله عن «ابن عباس» وجزاه عن القرآن وأهله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) ذكره ابن سعد في الطبقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 350.

رقم الترجمة/ 171"عبد الله بن عمر بن الخطاب" رضي الله عنه ت 73 هـ

رقم الترجمة/ 171 «عبد الله بن عمر بن الخطّاب» رضي الله عنه ت 73 هـ (¬1) مفتي الأمة- وشيخ الإسلام- والإمام القدوة- الفصيح العفيف- صاحب الجود والحياء- والزهد والورع. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات، وقال: وردت الرواية عنه في حروف القرآن (¬2). أسلم «عبد الله بن عمر» وهو صغير، ثم هاجر مع أبيه قبل البلوغ، واستصغر يوم «أحد» فأول غزواته «الخندق». وهو ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلّم تحت الشجرة. روى «ابن عمر» علما كثيرا نافعا عن النبي صلى الله عليه وسلّم، وعن أبيه وأبي بكر- وعثمان- وعلي- وبلال- وصهيب- وزيد بن ثابت- وابن مسعود- وعائشة- وأخته حفصة. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 1/ 373 و 4/ 142 - 188، طبقات خليفة ت 120، 1496، الزهد 189، نسب قريش 350، المحبر 24، 442، التاريخ الكبير 5/ 2 و 125، التاريخ الصغير 1/ 154، 155، المعرفة والتاريخ 1/ 249، 490، الجرح والتعديل 5/ 107، الحلية 1/ 292، 2/ 7، الاستيعاب: 950، تاريخ بغداد 1/ 171، طبقات الفقهاء: 49، تاريخ ابن عساكر مصورة المجمع. 11 - 165، أسد الغابة 3/ 227، تهذيب الأسماء واللغات 1/ 1/ 278 وفيات الأعيان 3/ 28، تاريخ الاسلام 3/ 177، العبر 1/ 83، تذهيب التهذيب 2/ 168، مرآة الجنان 1/ 154، البداية والنهاية 9/ 4، العقد الثمين 5/ 215، غاية النهاية ت 1827 الاصابة: 2/ 347، تهذيب التهذيب 5/ 328، النجوم الزاهرة 1/ 192، خلاصة تذهيب الكمال: 175، شذرات الذهب 1/ 81. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1 ص 437.

كما روى عنه عدد كثير أذكر منهم: آدم بن علي- وأسلم مولى أبيه- وأبا ذؤيب- وأنس بن سيرين- وبشر بن حرب- وبكر المزني- وبلال بن عبد الله- وثابت البناني- وحبيب بن أبي مليكة- وآخرين (¬1). وكان «ابن عمر» رضي الله عنهما: ربعة كأنه بدر- يخضب بالصفرة- إزاره إلى نصف الساق. كان النبي صلى الله عليه وسلّم يحبه حبا جما، وقد بشره بالجنة: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: كنت شاهد النبي صلى الله عليه وسلّم في حائط نخل، فاستأذن «أبو بكر» فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «ائذنوا له وبشروه بالجنة» ثم «عمر» كذلك، ثم «عثمان» فقال: «بشروه بالجنة على بلوى تصيبه» فدخل يبكي ويضحك، فقال: «عبد الله بن عمر» فأنا يا نبي الله؟ قال: «أنت مع أبيك» (¬2). وكان «ابن عمر» رضي الله عنهما من الشبان الذين نشئوا في طاعة الله يدل على ذلك الآثار الآتية: فعن «ابن مسعود» رضي الله عنه أنه قال: «إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا «عبد الله بن عمر» اهـ (¬3). وعن «جابر» رضي الله عنه أنه قال: «ما منا أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به إلا «ابن عمر» اهـ (¬4). وقالت «عائشة» أم المؤمنين رضي الله عنها: «ما رأيت أحدا ألزم للأمر الأول من «ابن عمر» اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 204. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 210. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 211. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 211. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 211.

وقال «طاوس»: ما رأيت أورع من «ابن عمر» اهـ (¬1). كما كان رضي الله عنه زاهدا في الدنيا، يوضح ذلك ما يلي: قيل ل «نافع»: ما كان يصنع «ابن عمر» في منزله؟ قال: لا تطيقونه الوضوء لكل صلاة- والمصحف فيما بينهما اهـ (¬2). وكان «ابن عمر» رضي الله عنهما يتمثل دائما قول الله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ (¬3) وهناك أكثر من دليل على ذلك: فعن «نافع» مولى «ابن عمر» قال: «كان ابن عمر إذا اشتدّ عجبه بشيء من ماله قرّبه لربّه عز وجلّ، قال «نافع»: وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فربما شمّر أحدهم فيلزم المسجد، فإذا رآه «ابن عمر» على تلك الحالة الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: يا أبا عبد الرحمن والله ما بهم إلا أن يخدعوك، فيقول «ابن عمر»: فمن خدعنا بالله عز وجلّ تخدّعنا له. قال «نافع»: فلقد رأيتنا ذات عشية وراح «ابن عمر» على نجيب له قد أخذه بمال عظيم، فلما أعجبه سيره أناخه مكانه ثم نزل عنه، فقال: يا نافع، انزعوا زمامه، ورحله، وحللوه، وأشعروه، وأدخلوه في «البدن» (¬4). وعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: لما نزلت: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ دعا «ابن عمر» جارية له فأعتقها، وقال: والله إن كنت لأحبك في الدنيا، اذهبي فأنت حرة لوجه الله عز وجل (¬5). ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 212. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 215. (¬3) سورة آل عمران الآية 92. (¬4) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 294. (¬5) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 295.

وعن «نافع» قال: كان «ابن عمر» لا يعجبه شيء من ماله إلا خرج منه لله عز وجلّ، قال: وكان ربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين ألفا، قال: وأعطاه «ابن عمر» مرتين ثلاثين ألفا، فقال: يا نافع، إني أخاف أن تفتنني دراهم «ابن عمر» اذهب فأنت حرّ (¬1). ولقد فاق «ابن عمر» أهل زمانه في الجود- والسخاء، يوضح ذلك ما يلي: فعن «نافع» مولى «ابن عمر» قال: «أتى ابن عمر ببضعة وعشرين ألفا فما قام حتى أعطاها» اهـ. وعن «نافع» أنه قال: «ما مات «ابن عمر» حتى أعتق ألف إنسان، أو زاد» اهـ. وعن «نافع» قال: «بعث معاوية إلى «ابن عمر» بمائة ألف فما حال عليه الحول وعنده منها شيء» اهـ. وعن «نافع» أنه قال: «إن كان «ابن عمر» ليفرق في المجلس ثلاثين ألفا، ثم يأتي عليه شهر ما يأكل مزعة لحم» اهـ. كما كان «لابن عمر» رضي الله عنهما المكانة العلمية والمنزلة السامية: فعن «مالك» رحمه الله أنه قال: «كان إمام الناس عندنا بعد «زيد بن ثابت» «عبد الله بن عمر» مكث ستين سنة يفتي الناس» اهـ. مات «ابن عمر» سنة ثلاث وسبعين من الهجرة، وكان عمره سبعا وثمانين سنة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 295.

رقم الترجمة/ 172"عبد الله بن عمرو بن العاص" رضي الله عنه ت 65 هـ

رقم الترجمة/ 172 «عبد الله بن عمرو بن العاص» رضي الله عنه ت 65 هـ (¬1) علم من حفاظ القرآن، صاحب الفضائل- والمقام الراسخ في العلم والعمل- العابد الزاهد- الإمام الحبر. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات، وقال: وردت الرواية عنه في حروف القرآن (¬2). أسلم «عبد الله بن عمرو» قبل أبيه، وحمل عن النبي صلى الله عليه وسلّم علما كثيرا. وكان «عبد الله بن عمرو» طويلا- سمينا- أحمر اللون- عظيم البطن. وقد روى «عبد الله عن عمرو» عن: أبي بكر- وعمر- ومعاذ- وأبيه- وسراقة بن مالك- وعبد الرحمن بن عوف- وأبي الدرداء- وعن غيرهم .. وقد حدث عنه عدد كبير أذكر منهم: ابنه محمد- ومولاه أبا قابوس- وحفيده شعيب بن محمد- ومولاه إسماعيل- وأنس بن مالك- وأبا أمامة بن سهل- وسعيد بن المسيب- وعروة- وغيرهم. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 4/ 373 و 4/ 261، 268 و 7/ 494، ونسب قريش: 411، وطبقات خليفة: ت 149، 971، 2822، المحبر: 293، التاريخ الكبير: 5/ 5، المعارف: 286، المعرفة والتاريخ 1/ 251، الجرح والتعديل 5/ 116، المستدرك 3/ 525، الحلية 1/ 283، الاستيعاب 956، تاريخ ابن عساكر: مصورة المجمع 205 - 272، أسد الغابة 3/ 349 - 351، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 1/ 281، تاريخ الإسلام 3/ 37، تذكرة الحفاظ 1/ 39 تذهيب التهذيب 2/ 169 ب، العقد الثمين 5/ 223، غاية النهاية: ت 1830، الإصابة 2/ 351، تهذيب التهذيب 5/ 337، خلاصة تذهيب الكمال 176، شذرات الذهب: 1/ 73. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1 ص 439.

وكان «عبد الله بن عمرو» قد أتم حفظ القرآن في حياة النبي صلى الله عليه وسلّم وقد عكف على قراءته- وتدبره- وترتيله: يقول «ابن جريج» عن «عبد الله بن عمرو» قال: «جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «اقرأه في شهر» قلت: يا رسول الله دعني أستمتع من قوتي وشبابي، قال: «اقرأه في عشرين» قلت: دعنى أستمتع، قال «اقرأه في سبع ليال» قلت: دعني يا رسول الله أستمتع» رواه النسائي. وحينما تقدمت به السن، ووهن منه العظم، كان يتذكر دائما نصح النبي صلى الله عليه وسلّم له فيقول: يا ليتني قبلت رخصة الرسول عليه الصلاة والسلام. وكان «عبد الله بن عمرو» صاحب عقلية حافظة، ولنستمع إليه وهو يقول: «حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ألف مثل» اهـ (¬1). وقال عنه «أبو هريرة» رضي الله عنه: «لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلّم أكثر حديثا مني إلا ما كان من «عبد الله بن عمرو» فإنه كان يكتب ولا أكتب» اهـ (¬2). وقد أحب الرسول صلى الله عليه وسلّم «عبد الله بن عمرو» حبّا جمّا، وأثنى عليه وعلى والديه، يوضح ذلك الخبر التالي: قال «طلحة بن عبيد الله» رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «نعم أهل البيت «عبد الله، وأبو عبد الله، وأم عبد الله» اهـ (¬3). وكان «عبد الله بن عمرو» رضي الله عنهما من الذين لا يتعلقون بزخارف الدنيا يوضح ذلك الخبر التالي: ¬

_ (¬1) أخرجه ابن عساكر. انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 87. (¬2) أخرجه البخاري. انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 89. (¬3) أخرجه ابن عساكر. انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 83.

وكان «عبد الله بن عمرو» رضي الله عنهما من الحكماء، وقد أثر عنه في ذلك الشيء الكثير: فعن «عياش بن عياش» عن «أبي عبد الرحمن» قال: سمعت «عبد الله بن عمرو بن العاص» يقول: إن الجنة حرام على كل فاحش أن يدخلها» (¬1). وعن «حميد بن هلال» أن «عبد الله بن عمرو» قال: «من سقى مسلما شربة ماء باعده الله من جهنم شوط فرس» اهـ. وكان يقول: «دع ما لست منه في شيء، ولا تنطق فيما لا يعنيك» (¬2). وعن «ابن هبيرة» أن «عبد الله بن عمرو» قال: «إنه في الناموس الذي أنزل الله تعالى على «موسى» عليه السلام: أن الله تعالى يبغض من خلقه ثلاثة: الذي يفرق بين المتحابين، والذي يمشي بالنمائم، والذي يلتمس البريء ليعنّته» (¬3). وعن «خالد بن يزيد» أن «عبد الله بن عمرو» قال: «مكتوب في التوراة من حفر حفرة سوء لصاحبه وقع فيها» (¬4). وكان «عبد الله بن عمرو» ورعا شديد التمسك بآداب الرسول صلى الله عليه وسلّم والأدلة على ذلك كثيرة ومتعددة: فعن «عمرو بن شعيب» عن أبيه قال: «انطلقت مع «عبد الله بن عمرو ابن العاص» إلى البيت، فلما جئنا دبر الكعبة قلت له: ألا تتعوذ؟ قال: أعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى اذا استلم الحجر قام بين الركن والباب، فوضع ¬

_ (¬1) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 288. (¬2) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 288. (¬3) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 288. (¬4) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 288.

صدره، ووجهه، وبسط ذراعيه ثم قال: «هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فعل» (¬1). ومما يدل على عدم تعلّق عبد الله بن عمرو بزخارف الدنيا، الخبر التالي: فعن «أبي عبد الرحمن الحبليّ» قال: سمعت «عبد الله بن عمرو» يقول: «لأن أكون عاشر عشرة مساكين يوم القيامة أحبّ إليّ من أن أكون عاشر عشرة أغنياء، فإن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا، يقول: يتصدق يمينا وشمالا» اهـ (¬2). وكان «عبد الله بن عمرو» كثير البكاء من خشية الله تعالى، يوضح ذلك الأثر التالي: فعن «يعلى بن عطاء» عن «أم عبد الله» أنها كانت تصنع الكحل «لعبد الله بن عمرو» وكان يكثر من البكاء: يغلق عليه بابه، ويبكي حتى رمصت عيناه اهـ. ومنذ أن دخل «عبد الله بن عمرو» الإسلام، وقلبه مضاء بنور الله وكان رضي الله عنه ذا مكانة عالية بين العابدين والزاهدين والمتواضعين والخاشعين. توفي «عبد الله بن عمرو» سنة خمس وستين من الهجرة، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة بعد حياة حافلة بالعكوف على قراءة «القرآن الكريم» رضي الله عن «عبد الله بن عمرو» وجزاه الله أفضل الجزاء، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر حلية الأولياء ج 1 ص 287. (¬2) أخرجه ابن عساكر ورواته ثقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 90.

رقم الترجمة/ 173"عبد الله بن عياش" ت 70 هـ

رقم الترجمة/ 173 «عبد الله بن عيّاش» ت 70 هـ (¬1) هو: عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة أبو الحارث المخزومي المكي ثم المدني. ولد بالحبشة، وذلك أن والده كان قديم الإسلام فهاجر إلى الحبشة، فولد له «عبد الله» بها (¬2). وعبد الله بن عياش من التابعين، وقيل: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلّم وهو صغير: وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام جاء إلى بعض بيوت آل ربيعة، إما لعيادة أو لغير ذلك، فقالت له «أسماء بنت مخرمة التميميّة» وهي أم أولاد «عياش»: يا رسول الله، ألا توصيني؟ فأوصاها بوصية، ثم أتى بصبيّ من ولد عياش ذكرت به مرضا، فجعل النبي صلى الله عليه وسلّم يرقيه ويتفل عليه، فجعل الصبي يفعل مثل ذلك فينهاه بعض أهل البيت فيكفّهم النبي عليه الصلاة والسلام عنه (¬3). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «عبد الله بن عياش» القرآن على «أبيّ بن كعب» رضي الله عنه كما سمع الحديث من «عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عباس ومن أبيه عياش» رضي الله عنهم أجمعين (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات خليفة 234، والتاريخ الكبير 5/ 149، والمعرفة والتاريخ 1/ 247، والاستيعاب 2/ 363 ومرآة الجنان 1/ 122، ومعرفة القراء الكبار 1/ 57، وغاية النهاية 1/ 439، والإصابة 2/ 356، والتحفة اللطيفة 3/ 4، وشذرات الذهب 1/ 55. (¬2) انظر الإصابة في تمييز الصحابة ج 2 ص 348. (¬3) انظر الإصابة في تمييز الصحابة ج 2 ص 348. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 57.

وقد تلقى القرآن على «عبد الله بن عياش» عدد كثير منهم: «مولاه: أبو جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة بن نصاح، وعبد الرحمن بن هرمز، ومسلم بن جندب، ويزيد بن رومان» (¬1). وكان «عبد الله بن عياش» أقرأ أهل المدينة في زمانه. وقد تلقى الحديث عن «عبد الله بن عياش» عدد كثير منهم: «ابنه الحارث، ونافع مولى «ابن عمر» وسليمان بن يسار» (¬2). توفي «عبد الله بن عياش» بعد سنة سبعين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 440. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 28.

رقم الترجمة/ 174"عبد الله بن محمد" ت 378 هـ

رقم الترجمة/ 174 «عبد الله بن محمد» ت 378 هـ (¬1) هو: عبد الله بن محمد أبو محمد القضاعي الأندلسي، المعروف بمقرون. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. اشتهر «عبد الله بن محمد» بكثرة الترحال إلى الأقطار ليأخذ عن علمائها، ويقرأ على قرائها، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «أبو محمد القضاعي الأندلسي نزيل وهران، ثم مالقة، ثم نزيل قرطبة قدمها بأمر «الحكم» أمير الأندلسي في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، فأقرأ الناس بها على باب مسجد الجامع بحرف نافع من رواية ورش، وكان ينحو في قراءته نحو قراءة البصريين (¬2). أخذ «عبد الله بن محمد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الإمام الداني»: «أخذ عبد الله بن محمد» القراءة عرضا عن أبي الفضل عبد الحكم بن إبراهيم المقرئ، صاحب أبي بكر بن سيف (¬3). تصدر «عبد الله بن محمد» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو بكر قاسم بن مسعود» (¬4). توفي «عبد الله بن محمد» بقرطبة سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: غاية النهاية 1/ 456: (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 456. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 341. (¬4) انظر طبقات القراء 1/ 456.

رقم الترجمة/ 175"عبد الله بن مسعود" رضى الله عنه ت 32 هـ

رقم الترجمة/ 175 «عبد الله بن مسعود» رضى الله عنه ت 32 هـ (¬1) ذكره «أبو عبيد القاسم بن سلام» ت 224 هـ ضمن علماء الصحابة الذين أتموا حفظ «القرآن الكريم». كما ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الأولى من حفاظ «القرآن». كان «ابن مسعود» رضي الله عنه: نحيفا، قصيرا، شديد الأدمة لطيفا، فطنا، شديد الذكاء. كان رضي الله عنه من خيرة الصحابة، ومن السابقين إلى الإسلام، يقول عن نفسه: «لقد رأيتني سادس ستة، وما على ظهر الأرض مسلم غيرنا» اهـ (¬2). شهد «بدرا» واحتزّ رأس «أبي جهل» عليه لعنة الله. وكان يتولى فراش الرسول صلى الله عليه وسلّم، ووساده، وسواكه، ونعله، وطهوره. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد ج 3/ 1/ 106، مسند أحمد ج 1/ 347، تاريخ البخاري الكبير ج 5/ 2، حلية الأولياء ج 1/ 124، الاستيعاب ج 2/ 316 تاريخ بغداد ج 1/ 147، أسد الغابة ج 3/ 384، تهذيب الأسماء واللغات ج 1/ 288 تذكرة الحفاظ ج 1/ 13، سير اعلام النبلاء ج 1/ 461، العبر ج 1/ 33 القراء الكبار ج 1/ 32، غاية النهاية ج 1/ 458، مرآة الجنان ج 1/ 87 مجمع الزوائد ج 9/ 286، حياة الحيوان للدميري ج 1/ 162، العقد الثمين ج 5/ 283، الإصابة ج الإصابة ج 2/ 368، تهذيب التهذيب ج 6/ 27، تقريب التهذيب ج 1/ 450، النجوم الزاهرة ج 1/ 89، التحفة اللطيفة ج 3/ 48 طبقات الحفاظ للسيوطي ص 5، طبقات الشعراني ج 1/ 22، كنز العمال ج 13/ 460 شذرات الذهب 1/ 38. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 462.

أتم «عبد الله بن مسعود» رضي الله عنه حفظ القرآن في حياة النبي عليه الصلاة والسلام. قال «عروة بن الزبير» رضي الله عنه: «أول من جهر بالقرآن بمكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم «عبد الله بن مسعود» اهـ (¬1). ويروى ان النبي صلى الله عليه وسلّم مرّ بابن مسعود وهو يقرأ حرفا حرفا فقال: «من سرّه أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليسمعه من «ابن مسعود» اهـ (¬2) ومما تجدر الإشارة إليه أن «ابن مسعود» رضي الله عنه كان إماما في تجويد القرآن، وترتيله، وتحقيقه، وحسن صوته، وقد كان يقرأ القرآن في غير رمضان مرة كل جمعة، وفي رمضان كان يقرؤه في ثلاث. وإلى «ابن مسعود» تنتهي قراءة «عاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف البزار، والأعمش»، وهم علماء القراءات بالكوفة. وقد تلقى القرآن على «ابن مسعود» عدد كثير أذكر منهم: 1 - علقمة بن قيس. 2 - الأسود بن يزيد النخعي. 3 - مسروق بن الأجدع. 4 - عبيدة السلماني. 5 - أبا عبد الرحمن السلمي. قال: «الشعبي»: «ما دخل الكوفة أحد من الصحابة أنفع علما، ولا أفقه صاحبا من «عبد الله بن مسعود». ¬

_ (¬1) أخرجه ابن هشام، وابن حجر، ورواته ثقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 1/ 466. (¬2) ذكره صاحب الكنز عن ابي عبيدة، انظر سير أعلام النبلاء ج 1/ 476.

قال «عبد الله بن مسعود» رضي الله عنه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «اقرأ عليّ القرآن، قلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «إني أشتهي أن أسمعه من غيري» فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (¬1) فغمزني برجله فإذا عيناه تذرفان» اهـ (¬2). وروي عن «خيثمة» قال: «كنت جالسا عند «عبد الله بن عمرو» فذكر «ابن مسعود» فقال: لا أزال أحبه بعد إذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «استقرءوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود، فبدأ به، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة» (¬3). ومن الأدلة على مدى اهتمام «ابن مسعود» بالقرآن قوله: «القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بغيرها» اهـ. وقوله في حامل القرآن: «ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا نام الناس، وبنهاره إذا أفطر الناس، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبخشوعه إذا الناس يختالون» اهـ. توفي رضي الله عنه في السنة الثانية والثلاثين من الهجرة، ودفن بالبقيع، وصلى عليه «عثمان بن عفان». رحم الله ابن مسعود رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) سورة النساء الآية 41. (¬2) أخرجه مسلم. انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 480. (¬3) أخرجه البخاري. انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 486.

رقم الترجمة/ 176"أبو عبد الله المسيبي" ت 236 هـ

رقم الترجمة/ 176 «أبو عبد الله المسيّبي» ت 236 هـ (¬1) هو: محمد بن إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله المسيبي، المدني المقرئ عالم مشهور بالضبط والثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو عبد الله المسيبي» القرآن عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «والده» رحمه الله كما أخذ عن «نافع المدني» الإمام الأول من أئمة القراءات المشهورين، وأخذ أيضا عن «أحمد وثابت ابني ميمونة بنت أبي جعفر» (¬2). كما روى «أبو عبد الله المسيبي» الحديث عن خيرة العلماء منهم: «سفيان ابن عيينة، ومحمد بن فليح، ومعن القزاز» (¬3). وقد روى القراءة عن «أبي عبد الله المسيبي» عدد كثير منهم: «محمد بن الفرج، وعبد الله بن الصقر، ومحمد بن واصل، وإسماعيل بن إسحاق القاضي، وعبد الواحد بن أحمد بن عزال، وإسماعيل بن يحيى بن عبد ربه، وأحمد بن إبراهيم الورّاق» وآخرون (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ البخاري الكبير 1/ 40، والصغير 2/ 367، والجرح والتعديل 7/ 194، واللباب 3/ 214 وتاريخ الإسلام الورقة 64 (أحمد الثالث 2917/ 7) ومعرفة القراء 1/ 216، وغاية النهاية 2/ 98، وتهذيب التهذيب 9/ 37، وخلاصة تذهيب الكمال 326، وانظر «تهذيب الكمال». (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 98. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 216. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 98.

وقد روى الحديث عن «أبي عبد الله المسيبي» عدد كثير منهم: الإمام مسلم، والإمام أبي داود في كتابيهما، وأبو زرعة الرازي، وإبراهيم الحربي، وأبو يعلى الموصليّ، وعبد الله بن الصقر السكري وغيرهم كثير (¬1). وقد احتل «أبو عبد الله المسيبي» المكانة السامية مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول «مصعب الزبيري»: لا أعلم في قريش كلها أفضل من المسيبي اهـ (¬2). وقال عنه «الذهبي»: «كان «أبو عبد الله المسيبي» من العلماء العاملين» (¬3). توفي «أبو عبد الله المسيبي» في ربيع الأول سنة ست وثلاثين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 216. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 217. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 217.

رقم الترجمة/ 177"عبد الملك النهرواني" ت 404 هـ

رقم الترجمة/ 177 «عبد الملك النهرواني» ت 404 هـ (¬1) هو: عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء، أبو الفرج النهرواني القطان. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «عبد الملك» القراءة عن خيرة العلماء، فقد أخذ القراءات عرضا عن «زيد بن علي بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار، وأبي بكر النقاش، وابن مقسم، ومحمد بن علي بن الهيثم، وأبي طاهر، بن أبي طاهر، وهبة الله بن جعفر، ومحمد ابن عبد الله بن أبي عمر، وأبي عبد الله الفارسي، وعلي بن محمد بن خليع القلاني» وآخرين (¬2). تصدر «النهرواني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: الحسن بن محمد البغدادي والحسن ابن علي العطار، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وأبو علي غلام الهراس، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعلي بن محمد الخياط، وعبد الملك بن علي بن شابور، وعبد الملك بن عبدويه (¬3). كما أخذ «النهرواني» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم عن عدد من ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 10/ 431 - 432، وتاريخ الإسلام الورقة 40 (آيا صوفيا) وغاية النهاية 1/ 467 - 468، ونهاية الغاية، الورقة 130، وشذرات الذهب 3/ 173. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 468. انظر القراء الكبار 1/ 371. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 468.

المحدثين وروى عنهم، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «أبو الفرج القطان المقرئ من أهل «النهروان» سمع أحمد بن سلمان النجاد، وجعفر الخلدي، وله مصنف في القراءات، وروى عنه أحمد بن رضوان الصيدلاني وغيره وكان ثقة (¬1). اشتهر «عبد الملك» بالثقة، واحتل مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «أبو الفرج النهرواني من حلبة شيوخ المقارئ» (¬2). وقال «الإمام ابن الجزري»: أبو الفرج النهرواني مقرئ أستاذ حاذق ثقة (¬3). قال «عبد السلام بن أحمد بن بكران المغازلي النهرواني»: مات «عبد الملك النهرواني» في يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة. رحمه الله واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد 10/ 431. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 371. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 468.

رقم الترجمة/ 178"عبد المنعم بن غلبون" ت 389 هـ

رقم الترجمة/ 178 «عبد المنعم بن غلبون» ت 389 هـ (¬1) هو: عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «ابن غلبون» ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب لسنة تسع وثلاثمائة بحلب، وانتقل إلى «مصر» فسكنها حتى توفاه الله. أخذ «ابن غلبون» القراءة وحروف القرآن على خيرة العلماء، وفي هذا يقول الإمام «ابن الجزري»: روى عبد المنعم بن غلبون القراءة عرضا وسماعا عن: إبراهيم بن عبد الرزاق، وإبراهيم بن محمد بن مروان، وأحمد بن محمد بن بلال، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وأحمد بن الحسين النحوي، وأحمد بن موسى، وجعفر بن سليمان، والحسين بن خالويه، والحسن بن حبيب الحصائري، وصالح بن ادريس، وعبد الله بن أحمد بن الصقر، وعلي بن محمد المكي، وعمر ابن بشران، ومحمد بن جعفر الفريابي وآخرون (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: النشر في القراءات العشر 1/ 78، وفهرست ابن خير 25، 27، ووفيات الأعيان 5/ 277 (في ترجمة مكي بن حموش) وتاريخ الإسلام الورقة 202 (آيا صوفيا 3008) والعبر 3/ 44، ومرآة الجنان 2/ 442. وطبقات السبكي 3/ 338، وطبقات الأسنوي 2/ 400 - 401، وغاية النهاية 1/ 470 - 471. ونهاية الغاية الورقة 131، وحسن المحاضرة 1/ 490 - 491، وشذرات الذهب 3/ 131. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 470.

تصدر «ابن غلبون» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وجودة الضبط وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، وتتلمذ عليه الكثيرون. وفي مقدمتهم: ولده أبو الحسن طاهر، فقد عرض عليه القراءات. واشتهر مثل والده وصنف كتاب «التذكرة» في القراءات. ومن الذين أخذوا القراءة عن عبد المنعم بن غلبون «أحمد بن علي الربعي، وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي، وأحمد بن علي تاج الأئمة، وأحمد بن نفيس، والحسن بن عبد الله الصقلي، وخلف بن غصن، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ، وأبو عبد الله محمد بن سفيان، وأبو الحسين محمد ابن قتيبة الصقلي، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأحمد بن أبي الربيع، وأبو عبد الله مسلم شيخ غالب بن عبد الله» (¬1). اشتهر «عبد المنعم بن غلبون» بين الناس وصنف كتاب «الإرشاد في القراءات» وقد استفاد منه الكثيرون من قراء القرآن الذين جاءوا من بعده. كما احتل مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول «الإمام أبو عمرو الداني»: كان «عبد المنعم بن غلبون» حافظا للقراءة ضابطا ذا عفاف ونسك وفضل وحسن تصنيف، وكان الوزير جعفر بن الفضل معجبا به، وكان يحضر عنده المجلس مع العلماء اهـ (¬2). وقال «أبو علي الغساني»: كان «ابن غلبون» ثقة خيارا (¬3). قال «الإمام ابن الجزري»: كان «عبد المنعم بن غلبون» نزيل مصر أستاذا ماهرا كبيرا، كاملا محررا، ضابطا، ثقة خيرا، صالحا دينا اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء 1/ 471. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 456. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 456. (¬4) انظر طبقات القراء 1/ 470.

ومن الأدلة على تقواه وصلته بالله تعالى، أنه وجد على بعض مؤلفاته بخطه هذان البيتان: صنفت ذا العلم أبغي الفوز مجتهدا ... لكي أكون مع الأبرار والسعدا في جنة في جوار الله خالقنا ... في ظل عيش مقيم دائم أبدا توفي «عبد المنعم بن غلبون» بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 179"عبد الوارث بن سعيد" ت 180 هـ

رقم الترجمة/ 179 «عبد الوارث بن سعيد» ت 180 هـ (¬1) الإمام الحافظ، الثقة، المقرئ. هو: عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان أبو عبيدة، البصري. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «عبد الوارث» سنة اثنتين ومائة من الهجرة. وقرأ «القرآن» وجوّده على «أبي عمرو بن العلاء» البصري، الإمام الثالث من أئمة القراءات. كما قرأ أيضا على «حميد بن قيس المكي». وتصدر «عبد الوارث» للاقراء، فقرأ عليه عدد كثير منهم: ابنه «عبد الصمد» وبشر بن هلال، ومحمد بن عمر القصبي، وأبو الربيع الزهراني، وأحمد ابن أبي عمر القرشي، وعمران بن موسى القزاز، وعون بن الحكم، وآخرون (¬2). وكان «عبد الوارث» ثقة حجة، موصوفا بالعبادة والدين، والفصاحة، والبلاغة، وقد أثنى عليه الكثيرون من علماء عصره، من ذلك قول «أبي عمرو الجرمي»: «ما رأيت فقيها أفصح من «عبد الوارث» إلا «حماد بن سلمة» (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ خليفة 451، وطبقاته 224، وتاريخ البخاري الكبير 6/ 118، وتاريخه الصغير 2/ 221، والمعرفة والتاريخ 1/ 171، والجرح والتعديل 6/ 75، ومشاهير علماء الأمصار 160، وتذكرة الحفاظ 1/ 257، وسير أعلام النبلاء 8/ 267، ومعرفة القراء الكبار 1/ 163، والكاشف 2/ 219، وغاية النهاية 1/ 478، وتهذيب التهذيب 6/ 441، وخلاصة تذهيب الكمال 247، وشذرات الذهب 1/ 293. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 478. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 163.

وقد حدث «عبد الوارث» عن عدد من العلماء منهم: «أيوب السختياني، وأيوب بن موسى، وشعيب بن الحبحاب، والجعد أبي عثمان، وداود بن أبي هند، وعبد العزيز بن صهيب، وعبد الله بن أبي نجيح»، وآخرون (¬1). وكما كان «عبد الوارث» أستاذا في القرآن الكريم، كان أيضا من علماء الحديث النبوي الشريف، وقد حدث عنه عدد كثير منهم: ولده «عبد الصمد، وأبو معمر عبد الله بن عمرو المقعد، وهو رواية كتبه، وقتيبة بن سعيد، وبشر بن هلال، وعلي بن المديني، وعبيد الله بن عمر القواريري، وخلق سواهم (¬2). وكان «عبد الوارث» من خيرة علماء عصره، يقول عنه «الذهبي»: وكان «عبد الوارث» علما مجودا، من فصحاء أهل زمانه، ومن أهل الدين والورع اهـ (¬3). وقال «معاوية بن صالح»: قلت «لأبي معين»: من أثبت شيوخ البصريين: قال: «عبد الوارث» وسمّى جماعة اهـ (¬4). وقال «أبو زرعة»: «عبد الوارث» ثقة. وقال «النسائي»: ثقة، ثبت. وقال «ابن سعد»: ثقة، حجة. توفي «عبد الوارث» سنة ثمانين ومائة من الهجرة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وسنة سيد الأنام، رحم الله «عبد الوارث بن سعيد» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 163. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 8 ص 301. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 8 ص 301. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 8 ص 302.

رقم الترجمة/ 180"عبيد بن الصباح" ت 219 هـ

رقم الترجمة/ 180 «عبيد بن الصبّاح» ت 219 هـ (¬1) هو: عبيد بن الصباح بن صبيح أبو محمد النهشلي الكوفي، ثم البغدادي، مقرئ ضابط صالح. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد اختلف المؤرخون في كل من: «عبيد بن الصباح وعمرو بن الصباح» هل هما أخوان أو لا؟ فقال «أبو علي الأهوازي»: ليسا بأخوين. وقال «أبو عمرو الداني» هما أخوان اهـ (¬2). تلقى «عبيد بن الصباح» القرآن على مشاهير علماء عصره، وفي هذا المعنى يقول «أبو عمرو الداني»: أخذ «عبيد بن الصباح» القراءة عرضا عن «حفص» وهو من أجل أصحابه وأضبطهم (¬3). وأقول: قراءة «حفص» هي التي يقرأ بها المسلمون الآن في معظم أنحاء العالم. وقد روى القراءة عرضا عن «عبيد بن الصباح»: «أحمد بن سهل الأشناني» وقال «ابن شنبوذ»: لم يرو عنه غير الأشناني اهـ (¬4). وقال «ابن الجزري»: روى القراءة عن «عبيد بن الصباح» عرضا «أحمد بن سهل الأشناني، وعبد الصمد بن محمد العينوني، والحسن بن المبارك ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الإسلام، الورقة 56 (أحمد الثالث 2917/ 7) وغاية النهاية 1/ 495. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 495. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 204. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 204.

الأنماطي، فيما ذكره «الأهوازي» عن شيخه «الغضائري» عن «أبي هاشم الزعفراني» عنه اهـ (¬1). توفي «عبيد بن الصباح» سنة تسع عشرة ومائتين. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 495.

رقم الترجمة/ 181"أبو عبيد القاسم بن سلام" ت 224 هـ

رقم الترجمة/ 181 «أبو عبيد القاسم بن سلّام» ت 224 هـ (¬1) هو: القاسم بن سلام، أبو عبيد الخراساني، الأنصاري مولاهم البغدادي، الإمام الكبير، الحافظ، العلامة، أحد الأعلام المجتهدين، وصاحب التصانيف في القراءات، والحديث، والفقه، واللغة، والشعر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. وذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو عبيد» سنة سبع وخمسين ومائة، وكان والده مملوكا روميّا لرجل من «هراة». وقد أخذ «أبو عبيد» القراءة عن مشاهير علماء عصره منهم: «علي بن حمزة الكسائي» الإمام السابع من أئمة القراءات، وشجاع بن أبي نصر، وسليمان بن حماد، وإسماعيل بن جعفر، وحجاج بن محمد، ويحيى بن آدم، وهشام بن عمّار» وآخرون (¬2). كما أخذ اللغة من مشاهير علماء اللغة مثل «أبي عبيدة، وأبي زيد الأنصاري» وغيرهما (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 7/ 93، والتاريخ الكبير 7/ 172، والمعارف 549، وتاريخ بغداد 12/ 403 وطبقات الفقهاء للشيرازي 92 وطبقات الحنابلة 1/ 259، ونزهة الألباء 109، وصفة الصفوة 4/ 130، وإرشاد الاريب 6/ 162، وإنباه الرواة 3/ 12، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 257 ووفيات الأعيان 4/ 60، وتذكرة الحفاظ 2/ 417، وسير أعلام النبلاء 10/ 490، والعبر 1/ 392، والكاشف 2/ 390، ومعرفة القراء الكبار 1/ 170، وميزان الاعتدال 3/ 371، ومرآة الجنان 2/ 83، وطبقات الشافعية للسبكي 2/ 153، وغاية النهاية 2/ 17، وتهذيب التهذيب 8/ 315، وبغية الوعاة 2/ 253. وشذرات الذهب 2/ 54. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 17. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 491.

كما أخذ الحديث عن خيرة العلماء منهم: «إسماعيل بن جعفر، وشريك بن عبد الله، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، ويحيى القطان، وإسحاق الأزرق» وخلق كثير (¬1). وكان «أبو عبيد» علما بارزا من علماء القراءات، وقد أخذ القراءة عنه الكثيرون منهم: «أحمد بن إبراهيم ورّاق خلف، وأحمد بن يوسف التغلبي، وعلي ابن عبد العزيز البغوي»، وآخرون (¬2). كما حدث عن «أبي عبيد» الكثيرون، منهم: «نصر بن داود، وأبو بكر الصاغاني، وأحمد بن يوسف التغلبي»، وغيرهم كثير (¬3). وقد صنف «أبو عبيد» في شتى العلوم، مثل القراءات، واللغة، والحديث، والفقه والشعر، وغير ذلك. يقول «ابن درستويه»: ولأبي عبيد كتب لم يروها قد رأيتها في ميراث بعض الطاهرية تباع كثيرة في أصناف الفقه كله، وبلغنا أنه إذا كان إذا ألّف كتابا أهداه إلى «ابن طاهر» فيحمل إليه مالا خطيرا، والغريب المصنف من أجلّ كتبه في اللغة، قال: ومنها كتابه في الأمثال أحسن تأليفه، وغريب الحديث ذكره بأسانيده، فرغب فيه أهل الحديث، وكذلك كتابه «معاني القرآن» وله كتب في الفقه فإنه عمد إلى مذهب «مالك، والشافعي» فتقلد أكثر ذلك، وأتى بشواهده، وحسّنه باللغة، والنحو، وله في القراءات كتاب جيّد، ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله، وكتابه في «الأموال» من أحسن ما صنف في الفقه، وأجوده اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 491. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 2 ص 18. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 492. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 494.

وقال «أحمد بن يوسف»: لما عمل «أبو عبيد» كتاب «غريب الحديث» عرضه على «عبد الله بن طاهر» فاستحسنه وقال: إن عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يحوج إلى طلب المعاش، فأجرى له عشرة آلاف درهم في الشهر اهـ (¬1). يقول «أبو عبيد» رحمه الله: مكثت في تصنيف كتاب «غريب الحديث» أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائدة من أفواه الرجال، فأضعها في الكتاب، فأبيت ساهرا فرحا مني بتلك الفائدة، وأحدكم يجيئني فيقيم عندي أربعة أشهر أو خمسة فيقول: قد أقمت الكثير اهـ (¬2). ولقد كان «أبو عبيد» من الذين يحترمون أنفسهم، ويكرمونها لتكريم الله لها، وهناك أكثر من شاهد على ذلك: قال «عبد الله بن محمد بن سيّار»: سمعت «ابن عرعرة» من «أبي عبيد» وطمع أن يأتيه في منزله، فلم يفعل «أبو عبيد» حتى كان هو يأتيه اهـ (¬3). ولقد كان «أبو عبيد» مع علمه ينطق بالحكمة، فمن ذلك: قول «علي بن عبد العزيز»: سمعت «أبا عبيد» يقول: «المتبع للسنة كالقابض على الجمر، وهو اليوم عندي أفضل من ضرب السيف في سبيل الله» اهـ (¬4). ونظرا لمكانة «أبي عبيد» العلمية والسلوكية، والدينية فقد استحق ثناء العلماء عليه: قال «الداني»: «أبو عبيد» إمام أهل دهره في جميع العلوم صاحب سنة، ثقة مأمون. اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 495. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 496. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 496. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 496. (¬5) انظر طبقات القراء ج 2 ص 18.

وقال «عبد الله بن طاهر»: «علماء الإسلام أربعة: عبد الله بن عبّاس في زمانه، والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن في زمانه، والقاسم بن سلّام في زمانه» اهـ (¬1). وقال «إبراهيم الحربي»: ما مثلت أبا عبيد إلا بجبل نفخ فيه الروح (¬2). وعن «محمد بن أبي بشر» قال: أتيت «أحمد بن حنبل» في مسألة فقال لي: ائت «أبا عبيد» فإن له بيانا لا نسمعه من غيره، قال: فأتيته فشفاني جوابه اهـ (¬3). وقال «عباس الدوري»: سمعت «أحمد بن حنبل» يقول: «أبو عبيد ممن يزداد عندنا كل يوم خيرا» اهـ (¬4). وقال «الحسن بن سفيان»: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: «أبو عبيد» أوسعنا علما، وأكثرنا أدبا، وأجمعنا جمعا، إنا نحتاج إليه، ولا يحتاج إلينا اهـ (¬5). وقال «أبو داود»: «أبو عبيد» ثقة مأمون اهـ (¬6). توفي «أبو عبيد» سنة أربع وعشرين ومائتين بعد حياة حافلة في تعليم القرآن، واللغة، وحديث النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «أبا عبيد» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 501. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 18. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 18. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 504. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 500. (¬6) انظر سير أعلام النبلاء ج 10 ص 504.

رقم الترجمة/ 182"عبيد الله العبسي" ت 213 هـ

رقم الترجمة/ 182 «عبيد الله العبسيّ» ت 213 هـ (¬1) هو: عبيد الله بن موسى بن باذام، أبو محمد العبسي مولاهم الكوفي، الإمام الحجة، الحافظ، الثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «عبيد الله العبسي» بعد العشرين ومائة. وقد تلقى القرآن، وجوّده على مشاهير علماء عصره: فقد أخذ القراءة عرضا عن: «عيسى بن عمر، وشيبان بن عبد الرحمن الهمذاني، وعلي بن صالح بن حسن». وروى الحروف سماعا من غير عرض عن «حمزة الزيات» وقيل عرض عليه أيضا، وكان يقرئ بها. وسمع حروفا من القرآن من «الكسائي، ومن شيبان بن عاصم» (¬2). وقد حدث «عبيد الله العبسيّ» عن: هشام بن عروة، والأعمش، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 6/ 279، وتاريخ خليفة 474، وطبقات خليفة 171، والتاريخ الصغير 2/ 326 والتاريخ الكبير 5/ 401، والمعرفة والتاريخ 1/ 198 والجرح والتعديل 5/ 334. وتذكرة الحفاظ 1/ 353 والعبر 1/ 364، والكاشف 2/ 234، وميزان الاعتدال 3/ 16، ومرآة الجنان 2/ 75، ومعرفة القراء الكبار 1/ 168، ومرآة الجنان 2/ 75، وغاية النهاية 1/ 493. وتقريب التهذيب 1/ 539، والنجوم الزاهرة 2/ 207، وطبقات الحفاظ للسيوطي 151، وخلاصة تذهيب الكمال 215، وشذرات الذهب 2/ 29، وانظر تهذيب الكمال. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 495.

وإسماعيل بن أبي خالد، وزكريا بن أبي زائدة، وابن جريج، والأوزاعي، وشيبان، وخلق سواهم (¬1). وقد جلس «عبيد الله العبسي» للاقراء بالكوفة، وتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: «إبراهيم بن سليمان، وأيوب بن علي، ومحمد بن عبد الرحمن، وأحمد بن جبير، وأبو حمدون الطيب، ومحمد بن علي بن عفان، وهارون بن حاتم» وغير هؤلاء كثير (¬2). كما حدث عن «عبيد الله العبسي» أحمد بن حنبل قليلا، وأحمد بن أبي غرزة الغفاري، ويحيى بن معين، وعبد بن حميد، وأبو نمير، وعباس الدوري، وخلق كثير (¬3). وكان «عبيد الله العبسي» من الثقات، فقد وثقه «ابن معين» وغيره وقال «القاضي»: «عبيد الله العبسي» مشهور بالرواية، ثقة في النقل، معروف بالقراءة من رواة القرآن، والحديث، والفقه، والفرائض، علم في العلم، والدراية وكان مع فضله ومعرفته ذا زهد، وورع، من العلماء العاملين بعلمه اهـ (¬4). وقال «الذهبي»: حديث «عبيد الله العبسي» في الكتب الستة بواسطة، وعند البخاري بلا واسطة، وكان صاحب عبادة، وتهجد، وزهد، صحب «حمزة الزيات» اهـ (¬5). توفي «عبيد الله العبسي» سنة ثلاث عشرة ومائتين، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «عبيد الله العبسي» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 169. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 494. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 169. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 494. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 169.

رقم الترجمة/ 183"عبيد الله القيسي" ت 360 هـ

رقم الترجمة/ 183 «عبيد الله القيسي» ت 360 هـ (¬1) هو: عبيد الله بن عمر بن أحمد بن جعفر أبو القاسم القيسي البغدادي الشافعي نزيل الأندلس. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «عبيد الله القيسي» ببغداد سنة خمس وسبعين ومائتين من الهجرة. رحل عبيد الله القيسي إلى بعض البلاد الإسلامية ليأخذ عن علمائها، ويتلقى القرآن والفقه على قرائها وفقهائها، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: «قدم «عبيد الله» مصر، فقرأ على أبي الفتح بن بدهن، وقدم «الأندلس» فدخل «قرطبة» في المحرم سنة سبع وأربعين وثلاثمائة (¬2). أخذ «عبيد الله» الفقه على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أبو سعيد الاصطخري، والقاضي المحاملي، كما أخذ «عبيد الله» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء، يقول: الإمام ابن الجزري: وعرض القراءات على «ابن مجاهد» وأحمد بن يعقوب التائب، وإبراهيم بن داود الرقي، واسحاق بن أبي عمران الإمام اهـ (¬3). واشتهر «عبيد الله القيسي» بالعلم في الفقه وأصوله والقراءات. وصنف في ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الكامل لابن الأثير 8/ 612، وتاريخ الإسلام، وفيات 360، (آيا صوفيا 3008) وميزان الاعتدال 3/ 14، وغاية النهاية 1/ 489 - 490. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 490. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 489.

ذلك الكتب المفيدة. كما كان له مكانة مرموقة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا يقول «الفرضي»: «كان عبيد الله عالما بالأصول والفروع وإماما في القراءات، صنف فيها وفي الفقه» (¬1). وقال «الإمام الداني»: كان عبيد الله إماما في الفقه على مذهب الإمام الشافعي وغيره، كثير التصنيف في أصول الأحكام وغير ذلك اهـ (¬2). وقال «الإمام ابن الجزري»: «عبيد الله القيسي» إمام مقرئ علامة (¬3). توفي «عبيد الله» بقرطبة لأربع بقين من ذي الحجة لسنة ستين وثلاثمائة من الهجرة، وله خمس وستون سنة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء 1/ 490. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 490. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 490.

رقم الترجمة/ 184"عبيد الله بن مهران" ت 406 هـ

رقم الترجمة/ 184 «عبيد الله بن مهران» ت 406 هـ (¬1) هو: عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن مهران بن أبي مسلم أبو أحمد الفرضي البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «عبيد الله» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أبو الحسن بن بديان، وهو آخر من بقي من أصحابه ممن روى عنه رواية «قالون» وغيرها (¬2). كما أخذ حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء. يقول الخطيب البغدادي: سمع عبيد الله بن مهران القاضي المحاملي، ويوسف بن يعقوب ابن اسحاق بن البهلول ومن بعدهما، وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري (¬3). تصدر «عبيد الله» لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالصدق والأمانة وصحة القراءة، وأقبل عليه الطلاب. يقول الإمام «ابن الجزري»: أخذ عن «عبيد الله بن مهران» القراءة عرضا «الحسن بن محمد البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي والحسن بن علي العطار، ومحمد بن علي الخياط، وأبو علي غلام الهراس، وعلي بن الحسين بن زكريا الطرثيثي، وأبو ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 10/ 380 - 382، وتاريخ الإسلام، الورقة 62 (آيا صوفيا 3009) وتذكرة الحفاظ 3/ 1064، والعبر 3/ 94، وطبقات السبكي الكبرى 5/ 233 - 234، وغاية النهاية 1/ 491 - 492. ونهاية الغاية، الورقة 138، وشذرات الذهب 3/ 181. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 364. (¬3) انظر تاريخ بغداد 10/ 380.

الحسن علي بن محمد الخياط، وعبد الرحمن بن أحمد الرازي». وروى القراءة عنه سماعا: عبد الله بن محمد شيخ الداني، وأعلى ما وقعت رواية قالون من طريقه (¬1). وصف «عبد الله بن مهران» بعدة صفات حميدة، منها: شدة إخلاصه، وحبه لتعليم القرآن، دون أن يأخذ على ذلك أجرا من أحد. احتل «عبيد الله بن مهران» مكانة سامية واشتهر بالصدق والخوف من الله تعالى، والاقبال على طاعة الله تعالى، مما استوجب ثناء العلماء عليه، وفي هذا يقول الخطيب البغدادي: كان «عبيد الله بن مهران» ثقة، صادقا، ديّنا، ورعا، ثم يقول: سمعت «العتيقي» ذكره فقال: ثقة مأمون ما رأينا مثله في معناه، وسمعت الازهري ذكره فقال: كان إماما من الأئمة (¬2). وقال «الإمام ابن الجزري»: أبو أحمد الفرضي إمام كبير ثقة ورع (¬3). مما هو ثابت أن الجزاء من جنس العمل، وصدق الله حيث قال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (¬4). ويفوح من سيرة «عبيد الله بن مهران» رائحة طيبة عطرة هي رائحة تمسكه بتعاليم الإسلام، اذا فمن كان كذلك فان الله سبحانه وتعالى سيتفضل عليه بحسن الخاتمة. حول هذا المعنى يقول «أبو الحسن محمد بن أحمد» رأيت في منامي «أبا أحمد الفرضي» بهيئة جميلة أجمل مما كنت أراه في دار الدنيا: فقلت له: يا أبا ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء 1/ 491. (¬2) انظر تاريخ بغداد 10/ 380. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 491. (¬4) سورة النحل الآية 32.

أحمد، كيف رأيت الأمر؟. فقال لي: الفوز، والأمن للذين قالوا: ربنا الله ثم استقاموا (¬1). حقا، لعلها رؤيا صادقة، وصدق الله حيث قال في كتابه العزيز: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ، وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ. نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (¬2). لأنه كان يدخر ذلك العمل عند الله تعالى، ومما يدل على ذلك الحادثة التالية: يقول الخطيب البغدادي: كتب «أبو حامد مع رجل من خراسان كتابا إلى «عبيد الله بن مهران» يشفع له أن يأخذ عليه القرآن، فظن «عبيد الله» أنها مسألة قد استفتي فيها، فلما قرأ الكتاب غضب ورماه من يده وقال: أنا لا أقرأ القرآن بشفاعة. ثم يقول البغدادي: حدثني أبو القاسم منصور بن عمر الفقيه الكرخي قال: لم أر في الشيوخ من يعلم العلم لله خالصا لا يشوبه بشيء من الدنيا غير «أبي أحمد الفرضي» فإنه كان يكره أدنى سبب حتى المديح لأجل العلم. قال: وكان قد اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم، وقرآن، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وغير ذلك من الأسباب التي يداخل بمثلها السلطان، وتنال بها الدنيا، وكان مع ذلك ورع الخلق. وكان يبتدئ كل يوم بتدريس القرآن، ويحضر عنده الشيخ الكبير ذو الهيئة، فيقدم عليه الحدث لأجل سبقه، واذا فرغ من إقراء القرآن تولى قراءة الحديث علينا بنفسه فلا يزال كذلك حتى تستنفد قوته، ويبلغ النهاية من جهده في ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد 10/ 381. (¬2) سورة فصلت الآيات 30 - 32.

القراءة، ثم يضع الكتاب من يده فحينئذ يقطع المجلس وينصرف، وكنت أجالسه فأطيل القعود معه، وهو على حالة واحد لا يتحرك، ولا يعبث بشيء من أعضائه ولا يغير شيئا من هيئته حتى أفارقه، وبلغني أنه كان يجلس مع أهله على هذا الوصف ولم أر في الشيوخ مثله (¬1) ومن صفاته أيضا شدة إمعان النظر، والتفكر في مخلوقات الله تعالى، يقول «الخطيب البغدادي»: «حدثني عيسى بن أحمد الهمذاني» قال: سمعت علي ابن عبد الواحد بن المهدي يقول: «اختلفت إلى «أبي أحمد الفرضي» ثلاث عشرة سنة لم أره ضحك فيها (¬2). فعن علي بن أبي طالب رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ القرآن واستظهره (¬3) فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله به الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم وجبت لهم النار» (¬4). وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: رب إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه، ويقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، فيشفعان (¬5). توفي «عبيد الله بن مهران» في شوال سنة ست وأربع مائة وله اثنتان وثمانون سنة رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد 10/ 381. (¬2) انظر تاريخ بغداد 10/ 380. (¬3) أي حفظه عن ظهر قلب. انظر التاج 4/ 6. (¬4) رواه الترمذي. (¬5) رواه احمد والطبراني في الكبير.

رقم الترجمة/ 185"أبو عثمان الضرير" ت بعد سنة 310 هـ

رقم الترجمة/ 185 «أبو عثمان الضّرير» ت بعد سنة 310 هـ (¬1) هو: سعيد بن عبد الرحيم بن سعيد أبو عثمان الضرير البغدادي مؤدب الأيتام. أخذ «أبو عمر الدوري» أحد رواة «أبي عمرو البصري» الإمام الثالث بالنسبة لأئمة القراءات، وكان «أبو عثمان الضرير» من كبار أصحاب «أبي عمر الدوري». وقد اشتهر «أبو عثمان الضرير» بالقراءة، والاقراء، فأخذ عنه القرآن الكثيرون منهم: «أبو الفتح أحمد بن عبد العزيز بن بدهن، وأحمد بن عبد الرحمن ابن الفضل، والحسن بن سعيد المطوعي، وعليّ بن الحسين الغضائري، وأبو بكر أحمد بن نصر الشذائي، وإبراهيم بن أحمد الخطاب، وعبد الله بن نافع» وغيرهم كثير (¬2). لقد كان «لأبي عثمان الضرير» مكانة سامية بين العلماء وقد أثنى عليه الكثيرون يقول «ابن الجزري»: «أبو عثمان الضرير» مقرئ حاذق ضابط مؤدب الأيتام (¬3). توفي «أبو عثمان الضرير» بعد سنة عشر وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «أبا عثمان الضرير» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار: 1/ 242، وغاية النهاية: 1/ 306. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 306. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 306.

رقم الترجمة/ 186"عثمان بن عفان" رضي الله عنه ت 35 هـ

رقم الترجمة/ 186 «عثمان بن عفّان» رضي الله عنه ت 35 هـ (¬1) ذكره «أبو عبيد القاسم بن سلام» ت 224 هـ في كتابه «القراءات» ضمن الصحابة الذين رويت عنهم قراءات صحيحة. كما عده «الذهبي» ت 748 هـ في كتابه «معرفة القراء الكبار» ضمن علماء الطبقة الأولى لحفاظ «القرآن الكريم». وقد أطلق المسلمون اسمه على رسم المصحف المعتدّ به لدى علماء المسلمين، وذلك تقديرا لجهوده العظيمة في خدمة «القرآن». وهو أحد السابقين إلى الإسلام، وصاحب الهجرتين: الهجرة إلى الحبشة، والهجرة إلى المدينة المنورة، وكاتب الوحي، وحافظ القرآن، ومعلمه، وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد المبشرين بالجنة، ومجهّز جيش العسرة، وصاحب بئر رومة، وهو الذي كانت تستحي منه الملائكة، وكان رضي الله عنه من الصادقين، والقائمين، والصائمين، والمتصدقين، الواصلين الارحام. قرأ عليه القرآن «المغيرة بن أبي شهاب المخزومي» شيخ «ابن عامر» أحد القراء السبعة المشهورين. وحدث عنه بنوه، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، وأنس بن مالك رضي الله عنهم أجمعين. وكان رضي الله عنه معتدل الطول، حسن الوجه، كبير اللحية، أسمر اللون، بعيد ما بين المنكبين. قال «السائب»: رأيته فما رأيت شيخا أجمل منه. وعثمان بن عفان رضي ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الكامل لابن الأثير: حوادث سنة 35، وحلية الأولياء: 1/ 55، وصفة الصفوة: 1/ 112، والرياض النضرة 2/ 377، وتاريخ الطبري 5/ 145، وتاريخ اليعقوبي: 2/ 139، ومعرفة القراء 1/ 24 وغاية النهاية: 1/ 507 وتذكرة الحفاظ: 1/ 8.

الله عنه هو الآمر بجمع القرآن في المرّة الثانية والأخيرة، وهو المشرف على كتابته في عهد خلافته بمعرفة كل من: زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، رضي الله عنهم أجمعين. وكان ذلك سنة خمس وعشرين من الهجرة حيث اجتمع أهل الشام وأهل العراق في غزوة «أرمينية وأذربيجان». وكان ضمن هذه الغزوة «حذيفة بن اليمان» ت 36 هـ، فرأى اختلافا كثيرا بين المسلمين في وجوه القراءات، وسمع ما كانت تنطق به ألسنتهم من كلمات التجريح، والتأثيم، فاستعظم ذلك «حذيفة» ففزع إلى «عثمان» رضي الله عنه، وأخبره بما رأى، وقال له: أدرك الناس قبل أن يختلفوا في كتابهم الذي هو أصل الشريعة، ودعامة الدين، كما اختلف اليهود والنصارى اهـ. فأدرك «عثمان» رضي الله عنه بثاقب نظره، وحصافة رأيه أن هذه الفتنة إن لم تعالج بالحكمة والحزم، ستجرّ لا محالة إلى أسوأ العواقب، ففكر في علاجها قبل أن يستفحل خطرها، ويتفاقم شرها. فجمع أعلام الصحابة، وذوي الرأي منهم، فأجمعوا رأيهم على أن تنسخ الصحف الأولى التي جمعها «زيد بن ثابت» رضي الله عنه في عهد الخليفة الأول «أبي بكر الصديق» رضي الله عنه في مصاحف متعددة، ثم يرسل إلى كل مصر مصحف منها، يكون مرجعا للناس عند الاختلاف، وموئلا عند التنازع، على أن يحرق كل ما عدا هذه المصاحف، وبذلك يستأصل دابر الخلاف، وتجتمع الكلمة، وتوحد الصفوف. ومناقب «عثمان» رضي الله عنه كثيرة ومتعددة، أذكر منها ما يلي: فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من يحفر بئر رومة فله الجنة، فحفرها «عثمان» ومن جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزها «عثمان» اهـ (¬1). ¬

_ (¬1) رواه البخار، وأحمد والترمذي.

وقال «عبد الرحمن بن سمرة» رضي الله عنه: جاء «عثمان» رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في كمه حين جهز جيش العسرة، فنثرها النبي صلى الله عليه وسلم في حجره، وأخذ يقلبها ويقلبها ويقول: ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم مرتين اهـ (¬1). قتل رضي الله عنه شهيدا في داره مظلوما، ثامن عشر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين هـ وله اثنتان وثمانون سنة. رحم الله «عثمان بن عفان» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي.

رقم الترجمة/ 187"ابن أبي عجرم"

رقم الترجمة/ 187 «ابن أبي عجرم» (¬1) هو: الحسين بن إبراهيم بن عامر المعروف بابن أبي عجرم، أبو عيسى الأنطاكي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن أبي عجرم» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن جبير» وهو من أشهر أصحابه، وأضبطهم. كما تتلمذ عليه الكثيرون منهم: «الحسن بن أحمد بن عتاب، والحسن بن سعيد المطوعي، وعبد الله بن اليسع» وغيرهم كثير (¬2). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «ابن أبي عجرم» رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: معرفة القراء 1/ 266، وغاية النهاية 1/ 237. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 237.

رقم الترجمة/ 188"أبو عدي بن الإمام" ت 380 هـ

رقم الترجمة/ 188 «أبو عدي بن الإمام» ت 380 هـ (¬1) هو: عبد العزيز بن علي بن أحمد بن محمد بن اسحاق بن الفرج أبو عدي المصري، يعرف بابن الإمام. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو عدي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول الإمام «ابن الجزري»: «أبو عدي» أخذ القراءة عرضا وسماعا عن «أحمد بن هلال، وأبي بكر بن سيف»، وروى حروف القرآن عن «إبراهيم بن حمدان بن عبد الصمد عن علي عن أبي عبيد القاسم بن سلام» وعن «النحاس» عن الأزرق (¬2). وقد اعتبر العلماء «أبا عدي بن الإمام من أعلى علماء القراءات إسنادا في زمانه، وفي هذا يقول الحافظ «الذهبي»: «أبو عدي أعلى من قرأت القرآن من طريقه» (¬3). كما أخذ «أبو عدي» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، يقول «الذهبي»: وقد روى الحديث عن علي بن قديد، ومحمد بن زبان وجماعة (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الإسلام، الورقة 160، (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 1/ 394 - 395، وحسن المحاضرة 1/ 490، وشذرات الذهب 3/ 101. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 394. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 347. (¬4) انظر القراء الكبار 1/ 347.

تصدر «أبو عدي» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، واشتهر بالثقة وعلو الإسناد، وصحة القراءة، وحسن الضبط، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: أحمد بن علي بن هاشم، واسماعيل بن عمرو بن راشد، وخلف بن إبراهيم، وطاهر ابن غلبون، وأبو الفضل الخزاعي، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأبو عمر الطلمنكي، وعبد الجبار الطرسوسي، وأبو محمد عبد الله بن محمد الظهراوي، وآخرون. وقال «ابن الجزري»: وآخر من قرأ عليه أحمد بن نفيس شيخ ابن الفحام، فلأجل ذلك كانت رواية «ورش» من هذا الطريق في «التجريد» أعلى ما يوجد عن ورش (¬1). قال «الحافظ الذهبي»: حدث عن «أبي عدي» يحيى بن الطحان وغيره (¬2). احتل «أبو عدي» مكانة سامية ومنزلة عالية، وكان حجة وقد أثنى عليه الكثيرون، يقول «ابن الجزري»: «أبو عدي» مقرئ محدث، متصدر، ضابط شيخ الإقراء ومسندهم بمصر، وكان شيخا ورعا صدوقا (¬3). وقد اختلف العلماء في تاريخ وفاة «أبي عدي» فقال أبو اسحاق الحبال: توفي في عاشر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. وقال «أبو عمرو الداني»: توفي سنة ثمانين وثلاثمائة. وقال «أسد اليزدي»: «توفي في شهر شعبان سنة تسع وسبعين وثلاثمائة». رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء 1/ 394. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 347. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 394.

رقم الترجمة/ 189"عراك بن خالد" ت قبل سنة 200 هـ

رقم الترجمة/ 189 «عراك بن خالد» ت قبل سنة 200 هـ (¬1) هو: عراك بن خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح، أبو الضحاك الدمشقي، شيخ أهل دمشق في عصره. وقد تلقى «عراك» القرآن عن مشاهير علماء عصره منهم: «والده خالد بن يزيد، ويحيى بن الذماري، وإبراهيم بن أبي عبلة» (¬2) كما أخذ القراءة عن «عراك» عدد كثير منهم: «الربيع بن تغلب، وهشام بن عمار» ولا زالت قراءة «هشام» يتلقاها المسلمون حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين (¬3). كما تلقى الحديث عن «عراك» عدد لا بأس به، منهم: «ابن ذكوان، ومحمد بن وهبة بن عطيّة، وموسى بن عامر المريّ» (¬4). توفي «عراك بن خالد» قبل سنة مائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: المعرفة والتاريخ 3/ 159، وتاريخ الإسلام، الورقة 242 (آيا صوفيا 3006 بخط المؤلف) وميزان الاعتدال 3/ 63، ومعرفة القراء الكبار 1/ 150، وغاية النهاية 1/ 511، وتهذيب التهذيب 7/ 171، وانظر «تهذيب الكمال» للمزي. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 511. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 150. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 150.

رقم الترجمة/ 190"ابن عطية" ت 383 هـ

رقم الترجمة/ 190 «ابن عطية» ت 383 هـ (¬1) هو: عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب أبو محمد الدمشقي مقرئ إمام ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن عطية» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: أخذ «ابن عطية» القراءة عرضا وسماعا عن «جعفر بن حمدان بن سليمان، والحسن بن حبيب، ومحمد بن النصر بن الأخرم (¬2). كما أخذ الحديث عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم «ابن جوصا» (¬3). تصدر «ابن عطية» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة الضبط، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: علي بن داود الدارني، وعبيد الله بن سلمة، وطرفة الخرستاني، وعبد الله بن سوار العنسي، والحسين بن علي الرهاوي (¬4). منح الله تعالى «ابن عطية» ذاكرة قوية وحافظة أمينة فحفظ الكثير من الشعر ليستعين بذلك على فهم القرآن الكريم، وفي هذا يقول «عبد العزيز ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الإسلام الورقة 168 (آيا صوفيا 3008) وتذكرة الحفاظ 3. ا 1017 وغاية النهاية 1/ 433، ونهاية الغاية، الورقة 116، والنجوم الزاهرة 4/ 165، وطبقات المفسرين للسيوطي 15، وللداودي 1/ 239 - 240. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 433. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 349. (¬4) انظر طبقات القراء 1/ 433.

الكتاني»: كان «ابن عطية» يحفظ فيما يقال خمسين ألف بيت للاستشهاد على معاني القرآن (¬1). احتل «ابن عطية» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الإمام الداني»: «كان «ابن عطية» ثقة ضابطا خيرا فاضلا» (¬2). وقال «ابن الجزري»: «كان «ابن عطية» مقرئا مفسرا إماما ثقة (¬3). وقال «الذهبي»: كان إمام مسجد باب الجابية (¬4). توفي «ابن عطية» في شوال سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار 1/ 350. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 433. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 433. (¬4) انظر القراء الكبار 1/ 350.

رقم الترجمة/ 191"ابن العلاف" ت 396 هـ

رقم الترجمة/ 191 «ابن العلاف» ت 396 هـ (¬1) هو: علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن علي أبو الحسن بن العلاف البغدادي، ولد سنة عشر وثلاثمائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن العلاف» القراءة عن خيرة العلماء. وفي هذا يقول «ابن الجزري»: قرأ «ابن العلاف» على أبي بكر النقاش، وأبي طاهر بن أبي هاشم، وبكار، وأبي علي الحسن بن داود النقار، وزيد بن أبي بلال، ومحمد بن عبد الله المؤدب، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن علي بن الهيثم وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله، ومحمد بن أحمد السلمي فيما ذكره الهذلي (¬2). كما أخذ «ابن العلاف» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع ابن العلاف علي بن محمد المقرئ ومن بعده، وحدثنا عنه ابنه محمد، وعبد العزيز الأرجي وكان ثقة (¬3). تصدر «ابن العلاف» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون. يقول ابن الجزري»: قرأ عليه الحسن بن محمد البغدادي، صاحب كتاب «الروضة». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- تاريخ بغداد 12/ 95، وتاريخ الإسلام (في وريقة طيارة بين الورقتين 236 و 237 آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 1/ 577، ونهاية الغاية الورقة 170. (¬2) طبقات القراء 1/ 577. (¬3) تاريخ بغداد 12/ 95.

وأبو الفتح بن شيطا، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الله بن محمد الزارع، وعثمان بن علي الدلال، وأبو علي الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، وأحمد بن رضوان الصيدلاني، وأحمد بن محمد بن أحمد المداوي، وأحمد بن محمد بن يوسف ابن مرمة الأصبهاني، وعلي بن محمد بن فارس الخياط (¬1). احتل «ابن العلاف» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان «ابن العلاف» من كبار أئمة الأداء (¬2). وقال «الإمام ابن الجزري»: «كان ابن العلاف استاذا مشهورا ثقة ضابطا (¬3). توفي «ابن العلاف» سنة ست وتسعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) طبقات القراء 1/ 577. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 362. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 123.

رقم الترجمة/ 192"علقمة بن قيس" رضي الله عنه ت 61 هـ

رقم الترجمة/ 192 «علقمة بن قيس» رضي الله عنه ت 61 هـ (¬1) علم من حفاظ القرآن، فقيه الكوفة، وعالمها، ومقرئها، الإمام الحافظ، المجوّد- المجتهد. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ في الطبقات ضمن علماء القراءات. ولد «علقمة» في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ «القرآن» عرضا عن «ابن مسعود» وسمع من «علي، وعمر، وأبي الدرداء، وعائشة» رضي الله عنهم أجمعين. وعرض عليه القرآن، إبراهيم بن يزيد النخعي، وأبو إسحاق السبيعي، وعبيد ابن نضلة، ويحيى بن وثاب، وآخرون. وجوّد القرآن على «ابن مسعود» وكان أشبه الناس «بابن مسعود» سمتا، وهديا، وعلما، وكان من أحسن الناس صوتا بالقرآن. يدلّ على ذلك قوله: كنت رجلا قد أعطاني الله حسن صوت بالقرآن وكان «ابن مسعود» يستقرئني ويقول لي: اقرأ فداك أبي وأمي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 6/ 86، طبقات خليفة ت 1054، تاريخ البخاري 7/ 41، المعارف 431، المعرفة والتاريخ 2/ 552، الحلية 2/ 98، تاريخ بغداد 12/ 296، طبقات الشيرازي 79، تاريخ ابن عساكر 11/ 404 ب، تهذيب الأسماء واللغات القسم الأول من الجزء الأول 342، تهذيب الكمال ص 957، تاريخ الإسلام 3/ 50 تذكرة الحفاظ 1/ 45، العبر 1/ 66، مرآة الجنان 1/ 137، البداية والنهاية 8/ 217، غاية النهاية ت 2135، الإصابة ت 6454، تهذيب التهذيب 7/ 276، النجوم الزاهرة 1/ 157، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 12، خلاصة تهذيب الكمال 271، شذرات الذهب 1/ 70.

«إن أحسن الأصوات يزيّن القرآن» وكان إذا سمعه «ابن مسعود» يقول: «لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لسرّ بك» اهـ (¬1). وقال «ابن مسعود» رضي الله عنه: ما أقرأ شيئا، وما أعلم شيئا، إلا و «علقمة» يعلمه اهـ (¬2). وقال «علقمة»: قرأت القرآن في ليلة عند البيت اهـ (¬3). وحدث «علقمة» عن «عمر- وعثمان- وعليّ- وسلمان- وأبي الدرداء- وخالد ابن الوليد- وحذيفة- وخباب- وعائشة- وسعد- وعمّار- وآخرين. وحدث عنه: أبو وائل- والشعبي- وعبيد بن نضلة- وإبراهيم النخعي- ومحمد بن سيرين- وأبو إسحاق السبيعي- وأبو قيس عبد الرحمن بن ثروان- وعبد الرحمن بن عوسجة- وآخرون. رحل «علقمة» في طلب العلم، ونزل «الكوفة» ولازم «ابن مسعود» حتى رأس في العلم، وبعد صيته. يقول «علقمة»: ما حفظت وأنا شابّ فكأني انظر إليه في قرطاس اهـ (¬4). وروى «منصور» عن «إبراهيم» قال: كان أصحاب «عبد الله بن مسعود» الذين يقرءون الناس «القرآن» ويعلمونهم السنة، ويصدر الناس عن رأيهم ستة: علقمة- والأسود- ومسروق- وعبيدة- وأبو ميسرة عمرو بن شرحبيل- والحارث بن قيس اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1 ص 516. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1 ص 516. (¬3) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1 ص 516. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 58. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 57.

وقال «إبراهيم»: كان «علقمة» يقرأ القرآن في «خمس» اهـ (¬1). ومناقب «علقمة» كثيرة ومتعددة أذكر منها ما يلي: عن «علقمة بن قيس» قال: «كنت رجلا قد أعطاني الله حسن الصوت بالقرآن، وكان «عبد الله بن مسعود» يرسل إليّ فأقرأ عليه القرآن، قال فكنت إذا فرغت من قراءتي قال زدنا من هذا» اهـ (¬2). وكان «علقمة» رحمه الله من المتواضعين الزاهدين في الدنيا، ومما يدل على تواضعه الخبر التالي: فعن «المسيب بن رافع» قال: «كانوا يدخلون على «علقمة» وهو يقرع غنمه، ويحلب، ويعلف (¬3). ومما يدل على زهده وخوفه من الله تعالى ما يلي: فعن «مالك بن الحارث» عن «عبد الرحمن بن يزيد» قال: قيل «لعلقمة» ألا تدخل المسجد فيجتمع إليك وتسأل، فنجلس معك، فإنه يسأل من هو دونك؟ قال: «إني أكره أن يوطأ عقبي فيقال: هذا علقمة» (¬4). وعن «علي بن مدرك» قال: «علقمة»: إن أنا مت، فلقني «لا إله إلا الله» فإذا خرجتم بجنازتي من الدار فأغلقوا الباب حتى يخرج آخر الرجال، وعلى أول النساء، فإنه لا أرب لي فيهن اهـ (¬5). وروى «أبو نعيم» في الحلية أنه مر بحلقة فيها «علقمة، والأسود، ومسروق» وأصحابهم، فوقف عليهم فقال: بأبي وأمّي العلماء، بروح الله ائتلفتم، ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 57. (¬2) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 99. (¬3) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 99. (¬4) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 100. (¬5) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 101.

وكتاب الله تلوتم، ومسجد الله عمّرتم، ورحمة الله انتظرتم، أحبكم الله وأحبّ من أحبكم» اهـ (¬1). قال «أحمد بن حنبل»: علقمة ثقة، من أهل الخير اهـ (¬2). وقال «ابن المديني»: لم يكن أحد من الصحابة له أصحاب حفظوا عنه، وقالوا بقوله في الفقه إلا ثلاثة: زيد بن ثابت- وابن مسعود- وابن عباس، وأعلم الناس بابن مسعود: علقمة- والأسود- وعبيدة- والحارث (¬3). وروى «الهيثم بن عديّ» عن «مجالد» عن «الشعبي» قال: كان الفقهاء بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكوفة في أصحاب «عبد الله ابن مسعود»: علقمة- وعبيدة- وشريح- ومسروق اهـ (¬4). وقال «مرة الهمداني»: كان «علقمة» من الربانيين، وكان عقيما لا يولد له اهـ (¬5). وقال «إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: إن كان أهل بيت خلقوا للجنة، منهم أهل هذا البيت: علقمة، والأسود اهـ. وقال: «أبو قيس الأودي»: رأيت «إبراهيم النخعي» آخذا بالركاب «لعلقمة» اهـ (¬6). وكان «علقمة» رحمه الله زاهدا في الدنيا، وصاحب ورع ودين. توفي «علقمة» سنة إحدى وستين من الهجرة، وقد عاش تسعين سنة. رحم الله «علقمة» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر حلية الأولياء ج 2 ص 98. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 55. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 55. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 57. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 56. (¬6) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 60.

رقم الترجمة/ 193"أبو علي البغدادي"

رقم الترجمة/ 193 «أبو علي البغدادي» (¬1) هو: أحمد بن علي البغدادي السمسار. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. حفظ «أبو علي البغدادي» القرآن وجوّده على «محمد بن يحيى» الكسائي الصغير وهو أنبل أصحابه، كما روى عن «محمد بن الجهم الشّمّري. ثم تصدر للإقراء وتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «بكار بن أحمد، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وزيد بن أبي بلال، وأحمد بن عبد الرحمن الولي وغير هؤلاء (¬2). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي علي البغدادي» رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) غاية النهاية 1/ 90. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 272.

رقم الترجمة/ 194"أبو علي البغدادي" ت 340 هـ

رقم الترجمة/ 194 «أبو علي البغدادي» ت 340 هـ (¬1) هو: أحمد بن عبيد الله بن حمدان بن صالح أبو علي البغدادي مقرئ ضابط. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو علي البغدادي» القرآن على مشاهير العلماء، فقد حفظ القرآن كله على «ادريس بن عبد الكريم»، كما قرأ على «الحسن بن الحباب» عن «البزي» أحد الرواة المشهورين عن «ابن كثير المكي» ولا زالت قراءة البزي يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن. تصدر «أبو علي البغدادي» لتعليم القرآن، واشتهر بين الناس بالضبط، وجودة القراءة، فأقبل عليه الطلاب. ومن الذين أخذوا عنه القراءة «عبد الباقي بن الحسن» وغيره (¬2). توفي «أبو علي البغدادي» في حدود الأربعين وثلاثمائة بعد حياة حافلة لتعليم القرآن الكريم. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: النهاية 1/ 78 - 79. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 303.

رقم الترجمة/ 195"علي بن الحسين الرقي"

رقم الترجمة/ 195 «عليّ بن الحسين الرّقي» (¬1) هو: علي بن الحسين بن الرقي أبو الحسين الوزّان البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الحسين الرقي» القرآن عن خيرة العلماء منهم: «أبو شعيب السوسي» أحد رواة «أبي عمرو بن العلاء البصري». ولا زالت قراءة «السوسي» يتلقاها المسلمون حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ «أبو الحسين الرقي» القراءة أيضا عن «قنبل» أحد رواة «ابن كثير» المكي، ولا زالت قراءة «قنبل» مشهورة حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ القراءة أيضا عن «عبد الرحمن بن عبدوس، وأحمد بن علي الخزّار، وإسحاق الخزاعي، وجعفر بن محمد الوزّان، وأحمد بن صدقة، وعبد الله بن سليمان» وآخرين (¬2). وقد تصدر «أبو الحسين الرقي» للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: «عبد الله بن الحسين السّامري» وآخرون (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي الحسين الرقي». رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: معرفة القراء 1/ 246، وغاية النهاية 1/ 534. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 534. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 246.

رقم الترجمة/ 196 أبو علي الحصائري ت 338 هـ

رقم الترجمة/ 196 أبو علي الحصائري ت 338 هـ (¬1) هو: الحسن بن حبيب بن عبد الملك، أبو علي الحصائري الدمشقي الشافعي شيخ فقيه مقرئ ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو علي الحصائري» سنة اثنتين وأربعين ومائتين، أخذ «أبو علي الحصائري» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: هارون بن موسى الأخفش، وسمع منه كتابه الذي ألفه في قراءة «ابن عامر» بالعلل، قال الإمام الداني ت 444 هـ: «ولا نعلم أحدا من الشاميين يروي هذا الكتاب إلا عن أبي علي الحصائري، كما روى حروف القراءات عن أحمد المعلى عن هشام وعن محمد بن الجهم عن الوليد صاحب يعقوب. تصدر «أبو علي الحصائري» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: صالح بن ادريس، وعبد الله بن عطية، وعبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون، وأبو العباس المطوعي، وغير هؤلاء (¬2). أخذ «أبو علي الحصائري» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، فقد حدث عن «الربيع بن سليمان، ومحمد بن عبد الله الحكم، وأبي ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام الورقة 196، والعبر 2/ 247، والمشتبه 238؛ وطبقات السبكي 3/ 255 - 256، وغاية النهاية 1/ 209 - 210، والنجوم الزاهرة 3/ 300 وشذرات الذهب 2/ 346، وله ترجمة جيدة في تاريخ دمشق لابن عساكر. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 210، والقراء الكبار 1/ 287.

أمية الطرسوسي، ولم يقتصر «أبو علي الحصائري» على تعليم القرآن الكريم، بل كان يروي حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم. ومن الذين أخذوا عنه الحديث: ابن المقرئ، وابن جميع الغساني، وتمام الرازي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو حفص بن شاهين، وعبد الواحد بن عمر ابن أبي نصر، وعبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر التميمي وآخرون (¬1). وكما كان «أبو علي الحصائري» من القراء ومن المحدثين، فقد كان من فقهاء الشافعية أيضا حيث كان يروي كتاب «الأم» في الفقه للامام الشافعي رحمه الله، ويشتغل به، وفي هذا يقول «الذهبي»: «كان «أبو علي الحصائري» يروي كتاب «الأم» للشافعي، ويعرفه، ويشتغل في المذهب» اهـ (¬2). اشتهر «أبو علي الحصائري» بالعلم، والتقوى، وحسن الخلق، والتمسك بالكتاب والسنة، وحول هذه المعاني يقول عبد العزيز الكتاني: كان أبو علي الحصائري حافظا لمذهب الشافعي وثقة نبيلا (¬3). قال «ابن عساكر»: كان إمام مسجد باب الجابية اهـ (¬4). والجابية: الحوض الذي يجبي فيه الماء للإبل، فهو على هذا منقول وجعل علما على قرية من أعمال دمشق من ناحية الجولان (¬5). توفي «أبو علي الحصائري» في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار 1/ 289. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 289. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 290. (¬4) انظر القراء الكبار 1/ 290. (¬5) انظر معجم البلدان 2/ 91.

رقم الترجمة/ 197"علي بن حمزة الكسائي" ت 189 هـ

رقم الترجمة/ 197 «عليّ بن حمزة الكسائيّ» ت 189 هـ (¬1) الإمام الحجة، شيخ قراء الكوفة، وإمام المسلمين في القراءات والعربية، فريد عصره في لغة العرب، وأعلم أقرانه بالغريب. هو أبو الحسن مولى بني أسد، وكان من أولاد الفرس من سواد العراق، إليه انتهت رئاسة القراءة بالكوفة بعد وفاة شيخه «حمزة». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من علماء القراءات. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القرآن. قال «ابن الجزري»: كان الكسائي إمام الناس في القراءة في زمانه، وأعلمهم بالقراءات اهـ (¬2). وقال «ابن معين»: ما رأيت بعيني هاتين أصدق لهجة من الكسائي، وقال «الذهبي»: ولد «الكسائي» في حدود سنة عشرين ومائة، وسمع من ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: التاريخ الصغير 2/ 247، والتاريخ الكبير 6/ 268، والجرح والتعديل 6/ 182، ومراتب النحويين 120، وطبقات النحويين 127، ونور القبس 283، والفهرست لابن النديم 29، وتاريخ بغداد 11/ 403، والمقتبس 283، والأنساب 482، ونزهة الألباء 58، واللباب 3/ 40، وإرشاد الاريب 13/ 167، ووفيات الأعيان 3/ 295، ودول الاسلام 1/ 120، والعبر 1/ 302، وسير أعلام النبلاء 9/ 131، معرفة القراء الكبار 1/ 120، ومرآة الجنان 1/ 421، البداية والنهاية 11/ 201، ووفيات ابن قنفذ 147، والبلغة في أئمة اللغة 156 وغاية النهاية 1/ 535، وتهذيب التهذيب 7/ 313، والنجوم الزاهرة 2/ 230، وبغية الوعاة 2/ 162، والمزهر 2/ 407، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 399، وشذرات الذهب 1/ 321 وروضات الجنات 6/ 471. (¬2) انظر النشر في القراءات العشر ج 1 ص 172.

«جعفر الصادق، والأعمش، وزائدة، وسليمان بن الارقم»، وقرأ «القرآن» وجوّده على «حمزة الزيات، وعيسى بن عمر الهمداني» اهـ (¬1). وروى «أبو عمرو الداني» وغيره أن «الكسائي» قرأ على: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، واختار لنفسه قراءة، ورحل إلى «البصرة» فأخذ العربية عن «الخليل بن أحمد» (¬2). وقال «الذهبي»: وأخذ «الكسائي» الحروف أيضا- أي حروف القراءات- عن «أبي بكر بن عياش» وغيره، وخرج إلى البوادي، فغاب مدّة طويلة، وكتب الكثير من اللغات، والغريب، عن الأعراب «بنجد» وتهامة، ثم قدم وقد أنفد خمس عشرة «قنّينة» حبر، وقرأ عليه «أبو عمر الدوري، وأبو الحارث، ونصير بن يوسف الرازي، وقتيبة بن مهران الأصبهاني، وأبو عبيد القاسم بن سلام» وخلق سواهم اهـ (¬3). وأقول: لقد تلقى «الكسائي» القراءات على خلق كثير منهم: «حمزة بن حبيب الزيات» وهو الإمام السادس، وسند حمزة صحيح ومتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم. كما قرأ «الكسائي» على «محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى» أحد شيوخ «حمزة الكوفي» وعلى «عيسى الهمداني». وقرأ «عيسى الهمداني» على «عاصم بن بهدلة أبي النّجود» وهو الإمام الخامس، وعاصم سنده صحيح ومتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم. ومن هذا يتبين أن قراءة «الكسائي» صحيحة ومتواترة ومتصلة السند حتى رسول الله صلى ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 120. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 120. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 121.

الله عليه وسلم، ولا زال المسلمون يتلقون قراءة «الكسائي» بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما تتلمذ على الكسائي عدد كثير، لأنه كان مدرسة وحده منهم: أبو الحارث: الليث بن خالد البغدادي، وحفص الدوري، وقتيبة بن مهران الأصبهاني، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وأبو عبيد القاسم بن سلام ت 224 هـ وغيرهم كثير. قال «خلف بن هشام» كنت أحضر بين يدي الكسائي، وهو يقرأ على الناس، وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم اهـ. وقال «أبو عبيد القاسم بن سلام» كان «الكسائي» يتخيّر القراءات، فأخذ من قراءة «حمزة» ببعض وترك بعضا، وكان من أهل القراءات، وهي كانت علمه وصناعته، ولم نجالس أحدا كان أضبط ولا أقوم بها منه اهـ ولقد كان «الكسائي» رحمه الله تعالى ثقة، وأمينا في نقله قراءات القرآن، وتاريخه الناصع خير شاهد على ذلك. قال «أبو العباس بن مسروق»: حدثنا «سلمة بن عاصم» قال: قال «الكسائي»: صليت «بهارون الرشيد» فأعجبتني قراءتي، فغلطت في آية ما أخطأ فيها صبيّ قط، أردت أن أقول: «لعلهم يرجعون» فقلت: «لعلهم يرجعين» فو الله ما اجترأ «هارون الرشيد» أن يقول أخطأت، ولكنه والله لما سلم قال: أيّ لغة هذه؟ قلت: يا أمير المؤمنين قد يعثر الجواد، قال: أما هذه فنعم اهـ فهذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على شجاعة «الكسائي» وأمانته، وقال «الفراء»، إنما تعلم «الكسائي» النحو على كبر، لأنه جاء إلى قوم، وقد أعيا، فقال: قد عييت، فقالوا له: تجالسنا وأنت تلحن؟ قال: كيف لحنت؟ قالوا له: إن كنت أردت من التعب فقل: «أعييت» وإن كنت أردت انقطاع الحيلة والتحيّر في الأمر، فقل «عييت» فأنف من ذلك وقام من فوره فسأل

عمن يعلّم النحو، فدلّ على «معاذ الهرّاء» فلزمه، ثم خرج إلى البصرة، فلقي «الخليل بن أحمد» ثم خرج إلى بادية الحجاز اهـ (¬1). ولقد بلغ «الكسائي» مكانة سامية في العلم، مما استحق ثناء العلماء عليه: قال «أبو بكر بن الأنباري»: اجتمعت في الكسائي أمور: كان أعلم الناس بالنحو، وواحدهم في الغريب، وكان أوحد الناس في القرآن فكانوا يكثرون عليه حتى لا يضبط الأخذ عليه، فيجمعهم، ويجلس على كرسي، ويتلو القرآن من أوله إلى آخره وهم يسمعون ويضبطون عنه حتى المقاطع، والمبادئ اهـ (¬2). وقال «الإمام الشافعي»: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على «الكسائي» اهـ (¬3). وقال «الذهبي»: كان في «الكسائي» حشمة، لما نال من الرئاسة بإقراء «محمد الأمين ولد الرشيد» وتأديبه، وتأديبه أيضا للرشيد، فنال ما لم ينله أحد من الجاه، والمال، والإكرام، وحصل له رئاسة العلم والدنيا اهـ (¬4). ولقد خلّف الكسائي للمكتبة الاسلامية، والعربية، الكثير من المصنفات، منها كتاب معاني القرآن، وكتاب القراءات، وكتاب العدد، وكتاب النوادر، وكتاب في النحو، وكتاب الهجاء، وكتاب مقطوع القرآن وموصوله، وكتاب المصادر، وكتاب الحروف وكتاب الهاءات، وغير ذلك كثير. توفي الكسائي ببلدة يقال لها «رنبويه» بالريّ سنة تسع وثمانين ومائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وعلومه. رحم الله «الكسائي» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 125. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 122. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 122. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 123.

رقم الترجمة/ 198"علي بن داود" ت 402 هـ

رقم الترجمة/ 198 «علي بن داود» ت 402 هـ (¬1) هو: علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني القطان، إمام جامع دمشق ومقرئه. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «علي بن داود» القرآن عن خيرة العلماء، فقد قرأ القرآن بالروايات على طائفة من العلماء، منهم أبو الحسن بن الأخرم، وأحمد بن عثمان السباك، وصالح بن ادريس، ومحمد بن القاسم بن المحرز، ومحمد بن جعفر الخزاعي (¬2). تصدر «علي بن داود» لتعليم القرآن واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، وفي هذا يقول الإمام «ابن الجزري»: قرأ عليه الأهوازي، وتاج الأئمة أحمد بن علي، وأحمد بن محمد الأصبهاني، ورشاد بن نظيف، وعلي بن الحسن الربعي، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي، وأبو عبد الله الكارزيني (¬3). اشتهر «علي بن داود» بعفة النفس والقناعة كما عرف عنه أنه لا يأخذ أجرا على تعليم القرآن، وإنما يعتبر ذلك حسبة لله تعالى، حول هذا المعنى يقول عبد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: ترجمة ابن عساكر في تاريخ دمشق، وفي تقبيحه كذب المفتري 214 - 217. وانظر تاريخ الاسلام الورقة 20 (أبا صوفيا)، وتذكرة الحفاظ 3/ 1062، وغاية النهاية 1/ 541 - 542. ونهاية الغاية الورقة 155، وشذرات الذهب 3/ 164. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 366. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 542.

المنعم بن النحويّ: «خرج القاضي أبو محمد العلوي وجماعة من الشيوخ إلى «داريا» ليأخذوا الشيخ كي يكون إماما للجامع الأموي. فلبس أهل «داريا» السلاح ليقاتلوا دونه، فقال القاضي: يا أهل «داريا» ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام، فقالوا: قد رضينا، فأخذوه، وسكن في المنارة الشرقية، وكان يقرى شرقي الرواق الاوسط ولا يأخذ على الامامة رزقا، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برا، ويقتات من أرض له «بداريا» ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه ثم يعجنه ويخبزه» (¬1). ألا يعتبر أن «علي بن داود» ضرب أروع الأمثال في القناعة وعفة النفس؟ بهذه الأخلاق الفاضلة احتل «علي بن داود» مكانة سامية في جميع الاوساط مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول تلميذه «رشاد بن نظيف»: «لم ألق مثله حذقا وإتقانا في رواية «ابن عامر» الدمشقي، وهو الإمام الرابع بالنسبة إلى أئمة القراءات» (¬2). وقال «الكتاني»: كان علي بن داود ثقة، انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين، ومضى على سداد (¬3). وقال «الإمام الداني»: كان ثقة ضابطا متقشفا (¬4). وقال «الإمام ابن الجزري»: «كان «علي بن داود» إماما مقرئا ضابطا متقنا محررا زاهدا ثقة» اهـ (¬5). توفي «علي بن داود» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة، وهو في التسعين رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار 1/ 366. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 542. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 366. (¬4) انظر طبقات القراء 1/ 542. (¬5) انظر طبقات القراء 1/ 542.

رقم الترجمة/ 199"أبو علي الصواف" ت 310 هـ

رقم الترجمة/ 199 «أبو علي الصوّاف» ت 310 هـ (¬1) هو: الحسن بن الحسين بن علي بن عبد الله بن جعفر أبو علي الصوّاف البغدادي، شيخ متصدر ماهر عارف بالفن. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو علي الصواف» القرآن عن مشاهير العلماء، منهم: «أبو حمدون الطيب بن إسماعيل، ومحمد بن غالب» صاحب الشجاع كما روى حروف القراءات عن «القاسم بن يزيد الوزّان» وعن «أبي عمر الدوري» أحد رواة «أبي عمرو بن العلاء» (¬2). وقد اشتهر «أبو علي الصواف» بتعليم القرآن، فتتلمذ عليه عدد كثير منهم: «بكار بن أحمد، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو العباس الحسن بن سعيد، ومحمد بن أحمد بن حامد، وأحمد بن عبد الرحمن بن عبيد، وعليّ بن محمد الحذّاء، ومحمد بن عليّ بن الجلندا، وأبو بكر النقاش، وإبراهيم بن محمد الأحوال» وغيرهم كثير (¬3). كما أخذ «أبو عليّ الصواف» حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 297، وتاريخ الاسلام، الورقة 43 (أحمد الثالث 2917/ 9) ومعرفة القراء الكبار 1/ 241، وتذكرة الحفاظ 2/ 759، وغاية النهاية 1/ 210. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 210. انظر القراء الكبار ج 1 ص 241. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 210.

الكثيرين من العلماء، منهم: «موسى بن عبد الرحمن المسروقي، وأبو سعيد الأشجّ، ورباح بن الجراح الموصلي، وأحمد بن منصور» وآخرون (¬1). وكما اشتهر «أبو علي الصواف» بتعليم القرآن، اشتهر أيضا برواية أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، وقد روى عنه الحديث الكثيرون منهم: «بكار بن أحمد، وأبو طاهر بن أبي هاشم، وأبو القاسم بن النخاس، وأحمد بن جعفر بن محمد الخلال، وعبد العزيز بن جعفر الحنبلي، ومحمد بن المظفر، وأبو الفضل الزهري، ومحمد بن عبيد الله بن الشخّير» وغيرهم كثير (¬2). وكان «لأبي علي الصواف» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: كان «أبو علي الصواف» ثقة، فاضلا، نبيلا، وكان يسكن الجانب الشرقي (¬3). يقول «الخطيب البغدادي»: أخبرني أحمد بن عبد الواحد الوكيل، أخبرنا «علي بن عمر بن محمد الحربي» قال: وجدت في كتاب أخي بخطه: «مات «أبو علي الصواف» المقرئ ليومين خلوا من شهر رمضان سنة عشر وثلاثمائة، ودفن في مقابر «الخيزران» اهـ (¬4). رحم الله «أبا علي الصواف» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 297. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 297. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 297. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 7 ص 298.

رقم الترجمة/ 200"الإمام علي بن أبي طالب" رضي الله عنه ت 40 هـ

رقم الترجمة/ 200 «الإمام عليّ بن أبي طالب» رضي الله عنه ت 40 هـ (¬1) والحديث عن «عليّ بن أبي طالب» كرّم الله وجهه يكسوه الجلال، والإجلال، ويحيطه التقدير والتعظيم، والإكبار. إنه ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام. وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أحد السابقين إلى الإسلام، بل أول من دخل الاسلام من الصبيان. أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضوان الله عليهم أجمعين. أتم حفظ القرآن الكريم بعد أن نقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى. وقد روى عنه، وقرأ عليه القرآن كل من: 1 - أبي عبد الرحمن السلمي ت 73 هـ. 2 - أبي الأسود الدؤلي ت 69 هـ. 3 - عبد الرحمن بن أبي ليلى ت 83 هـ. قال: «أبو عبد الرحمن السلمي»: «ما رأيت أحدا كان أقرأ من عليّ». والإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه باب مدينة العلم والعلوم، كان من أعدل الناس، ومن أقدرهم على حلّ المعضلات، حتى ضرب به المثل فقالوا: ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الاصابة الترجمة 5690، الكامل لابن الأثير، في حوادث سنة 40، وتاريخ الطبري 6/ 83 والبدء والتاريخ 5/ 73، وصفة الصفوة 1/ 118، وتاريخ اليعقوبي 2/ 154، ومقاتل الطالبين 14، وحلية الأولياء 1/ 61، وتاريخ الخميس 2/ 276، والمرزباني 279 وتذكرة الحفاظ 1/ 10، وغاية النهاية 546 ومعرفة القراء 1/ 25، حياة الصحابة 1/ 47.

«قضية ولا أبا حسن لها». وكان أعظم الناس حلما، وكان بحق من أعلم الناس بعد النبي عليه الصلاة والسلام. الأمر الذي أثبته النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: «أنا دار الحكمة وعليّ بابها» اهـ (¬1). وعن «سهل بن سعد» رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: «لأعطينّ هذه الراية رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فبات الناس يدوكون ليلتهم أيّهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلّهم يرجو أن يعطاها، فقال: «أين عليّ بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال: «فأرسلوا إليه». فأتي به فبصق في عينيه ودعا له، فبرأ كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال عليّ: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم» اهـ (¬2). وعن «سعد بن أبي وقاص» رضي الله عنه قال: خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم «عليّ بن أبي طالب» في غزوة «تبوك» فقال: يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة «هارون» من «موسى» غير أنه لا نبي بعدي» اهـ (¬3). وعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين ¬

_ (¬1) رواه الترمذي، والطبراني وصححه. (¬2) رواه الشيخان انظر التاج ج 3 ص 331. (¬3) رواه الترمذي انظر التاج ج 3 ص 332.

أصحابه، فجاء «علي» تدمع عيناه فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت أخي في الدنيا والآخرة اهـ (¬1). وعن «بريدة» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم، قيل: يا رسول الله سمّهم لنا، قال: «عليّ» منهم: قالها ثلاثا، وأبو ذرّ والمقداد بن الأسود، وسلمان، أمرني بحبهم، وأخبرني أنه يحبهم» اهـ (¬2). أجمع المسلمون على أن «عليّ بن أبي طالب» قتل شهيدا وما على وجه الأرض بدريّ أفضل منه، قتله «ابن ملجم» صبيحة سابع عشرة من رمضان سنة أربعين من الهجرة بالكوفة. رحم الله الإمام «علي بن أبي طالب» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي انظر التاج ج 3 ص 335. (¬2) رواه الترمذي انظر التاج ج 3 ص 335.

رقم الترجمة/ 201"أبو علي النقار" ت قبل 350 هـ

رقم الترجمة/ 201 «أبو علي النّقّار» ت قبل 350 هـ (¬1) هو: الحسن بن داود بن الحسن بن عون بن منذر بن صبيح، وصبيح مولى معاوية بن أبي سفيان أعتقه بخط يده. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو علي النقار» القراءة على خيرة العلماء، يقول «ابن الجزري»: «قرأ «أبو علي النقار» لحمزة على محمد بن لاحق، وجعفر بن محمد بن يوسف، وكان قيما بقراءة «عاصم» ثقة مأمونا» اهـ (¬2). تصدر «أبو علي النقار» لتعليم القرآن، وأقرأ الناس دهرا طويلا، واشتهر بالثقة وصحة الضبط والإتقان، فأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «زيد بن أبي بلال، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأحمد بن نصر الشذائي، وأحمد بن يوسف الكوفي، ومحمد بن جعفر التميمي، ومحمد بن أحمد بن أبي دارة، وعلي بن محمد بن يوسف العلاف، ومحمد بن صبغون الملطي، وأبو بكر بن مهران» وآخرون (¬3). قال «الإمام الداني»: توفي «أبو علي النقار» قبل سنة خمسين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم، رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: إرشاد الاريب 3/ 69، وغاية النهاية 1/ 212، وبغية الوعاة 1/ 503، وروضات الجنات 3/ 67. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 304. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 212.

رقم الترجمة/ 202"عمر بن عراك" ت 388 هـ

رقم الترجمة/ 202 «عمر بن عراك» ت 388 هـ (¬1) هو: عمر بن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري الإمام أستاذ في قراءة ورش. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. «أخذ «ابن عراك» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: حمدان بن عون، وعبد المجيد بن مسكين، وقسيم بن مطير، وأبو غانم المظفر بن أحمد، ومحمد ابن جعفر العلاف. وسمع الحروف من: «أحمد بن محمد بن زكريا الصرفي، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، والحسن بن أبي الحسن العسكري». تصدر «ابن عراك» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة الضبط، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ويتلقون القراءات وحروف القرآن. ومن الذين قرءوا عنه: تاج الأئمة أحمد بن علي بن هاشم، وفارس بن أحمد، وعتبة بن عبد الملك والحسين بن إبراهيم الأنباري. وكان يقول: أنا كنت السبب في تأليف «أبي جعفر النحاس» كتاب اللامات (¬2). توفي «ابن عراك» «بمصر» سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام، الورقة 197 (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 1/ 597، ونهاية الغاية الورقة 176. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 597.

رقم الترجمة/ 203"عمر الكاغدي" ت 305 هـ

رقم الترجمة/ 203 «عمر الكاغدي» ت 305 هـ (¬1) هو: عمر بن محمد بن نصر بن الحكم أبو حفص الكاغدي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «الكاغدي» القرآن على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو عمر الدوري» أحد رواة «أبي عمرو بن العلاء البصري». ولا زالت قراءة «أبي عمر الدوري» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. وقد تصدر «الكاغدي» للاقراء فأخذ عنه القراءة عدد كبير منهم: «أحمد ابن نصر الشذائي، وهبة الله بن جعفر، ورحمة بن محمد، وأحمد بن محمد بن الهودار» وآخرون (¬2). كما أخذ «الكاغذي» الحديث عن خيرة العلماء، منهم: «عمرو بن علي، وخلاد بن أسلم، ومحمود بن خدّاش، وأحمد بن بديل، ومحمد بن إسماعيل بن سمرة، ومحمد بن عمرو بن حنان» وآخرون (¬3). وقد روى الحديث عن «الكاغدي» عدد كثير منهم: «الحسن بن أحمد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في تاريخ بغداد 11/ 220، وتاريخ الإسلام، الورقة 23 (أحمد الثالث 2917/ 9) ومعرفة القراء الكبار 1/ 239، وغاية النهاية 1/ 598. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 598. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 11 ص 220. انظر القراء الكبار ج 1 ص 239.

السبيعي، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي، وأبو حفص بن الزيات»، وآخرون (¬1). وكان «الكاغدي» من الثقات، كما شغل منصب القضاء ببغداد. توفي «الكاغدي» سنة خمس وثلاثمائة على خلاف في ذلك. رحم الله «الكاغذي» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 11 ص 220. انظر القراء الكبار ج 1 ص 239.

رقم الترجمة/ 204"عمر الكتاني" ت 390 هـ

رقم الترجمة/ 204 «عمر الكتاني» ت 390 هـ (¬1) هو: عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «الكتاني» سنة ثلاثمائة من الهجرة، وأخذ القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: سمع الكتاني حروف القرآن من: إبراهيم بن عرفة نفطويه، وقرأ على الأشناني ولم يختم عليه، وعرض القرآن على «علي بن سعيد القزاز، وبكار وعمر بن جناد، ومحمد بن الحسن بن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، ومحمد بن علي الرقي، وزيد بن أبي بلال، وأحمد بن محمد بن هارون الوراق»، وروى القراءة عن عبيد الله بن بكير، وسمع كتاب السبعة من «ابن مجاهد» اهـ (¬2). وأخذ «الكتاني» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي». «سمع «الكتاني» أبا القاسم البغوي، وأحمد بن اسحاق بن البهلول التنوخي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبا سعيد العدوي، وأبا حامد محمد بن هارون الحضرمي، والفضل بن منصور الزبيدي، وإبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، وأبا بكر النيسابوري، وأبا بكر بن مجاهد» وغيرهم. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 11/ 269، وتاريخ الإسلام، الورقة 207 (أيا صوفيا 3008) والعبر 3/ 46. وغاية النهاية 1/ 587 - 588. وشذرات الذهب 3/ 134. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 587.

كما حدثنا عنه الأزهري، وعبد العزيز الأزجي، والتنوخي، وأبو الفضل بن الكوفي. ثم يقول «الخطيب البغدادي»: وكان ثقة ينزل ناحية نهر الدجاج، وذكره محمد بن أبي الفوارس، فقال: «كان لا بأس به» (¬1). تصدر «الكتاني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: عيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن اسحاق المقري، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد بن الفتح، والحسن بن الفحام، وسمع منه كتاب السبعة عبد الله بن هزار مرد الصيرفيني، وأحمد ابن محمد بن يوسف، وعلي بن القاسم بن إبراهيم شيخ أبي علي الحداد. وقرأ عليه الحسن بن علي العطار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعبيد الله بن أحمد بن علي الكوفي، وكان «الكتاني» يقرئ بمسجده ببغداد (¬2). توفي «الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة وله تسعون سنة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد 11/ 269. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 587.

رقم الترجمة/ 205"عمران بن ملحان التميمي البصري" ت 105 هـ"أبو رجاء العطاردي"

رقم الترجمة/ 205 «عمران بن ملحان التميمي البصري» ت 105 هـ (¬1) «أبو رجاء العطاردي» عالم من علماء القرآن والقراءات، أحد كبار التابعين، وشيخ الإسلام الإمام القدوة، مقرئ البصرة ومعلمها. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو رجاء العطاردي» قبل الهجرة بإحدى عشرة سنة. أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لكنه لم يره (¬2). يقول «محرز بن عون» في سبب إسلامه: حدثنا «يوسف بن عطية» عن أبيه: دخلت على «أبي رجاء» فقال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لنا صنم مدوّر، فحملناه على «قتب» (¬3) وتحولنا ففقدنا «الحجر» انسلّ فوقع في رمل فرجعنا في طلبه فإذا هو في رمل قد غاب فيه، فاستخرجته، فكان ذلك أول ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 7/ 138، وتاريخ يحيى بن معين- برواية الدوري 2/ 704، وتاريخ خليفة 336، وطبقات خليفة 196، والتاريخ الكبير 6/ 410، والمعارف 427، والمعرفة والتاريخ 2/ 151، و 3/ 72، والجرح والتعديل 6/ 303، مشاهير علماء الأمصار 87، وحلية الأولياء وتاريخ الإسلام 4/ 217، وتذكرة الحفاظ 1/ 66، وسير أعلام النبلاء 4/ 253 والعبر 1/ 129، ووفيات ابن قنفذ 114، وغاية النهاية 1/ 604، والإصابة 4/ 74 وتهذيب التهذيب 8/ 140، والنجوم الزاهرة 1/ 243، وطبقات الحفاظ للسيوطي 25 وخلاصة تذهيب الكمال 296، وشذرات الذهب 1/ 130، ومعرفة القراء الكبار 1/ 58. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 604. (¬3) القتب: الرحل الصغير على قدر سنام البعير.

إسلامي، فقلت: إن إلها لم يمتنع من تراب يغيب فيه لإله سوء، فرجعت إلى المدينة، وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم (¬1). يقول «ابن الحزري»: عرض «أبو رجاء» «القرآن» على «ابن عباس» رضي الله عنه، وتلقنه من «أبي موسى الأشعري» رضي الله عنه (¬2). وقال «أبو رجاء العطاردي»: كان «أبو موسى» يعلمنا القرآن خمس آيات خمس آيات اهـ (¬3). وقد تلقى القراءة عن «أبي رجاء» عدد كثير منهم: «أبو الأشهب العطاردي» وكان «أبو رجاء» يختم القرآن في كل عشر ليال (¬4). وحدث «أبو رجاء» عن «عمر، وعليّ، وعبد الله بن عباس، وعمران بن حصين، وأبي موسى الأشعري» وحدث عنه: «ابن عون، وعوف الأعرابي، وسعيد بن أبي عروبة، وسلم بن زرير، وصخر بن جويرية» وخلق كثير (¬5) توفي «أبو رجاء» سنة خمس ومائة، وله أكثر من مائة وعشرين سنة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن. رحم الله «أبا رجاء العطاردي» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 256. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 604. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 604. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 257. (¬5) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 254.

رقم الترجمة/ 206"أبو عمرو بن العلاء البصري" ت 154 هـ

رقم الترجمة/ 206 «أبو عمرو بن العلاء البصري» ت 154 هـ (¬1) عالم من أشهر علماء القراءات، واللغة، والنحو، شيخ القراء، ومقرئ أهل البصرة، وزعيم المدرسة البصرية النحوية، من أعلم الناس بالقرآن والعربية، الحجة الثقة. هو زبان بن العلاء بن العريان المازني التميمي البصري. قال «أبو عمرو الداني»: ولد «أبو عمرو بن العلاء» بمكة المكرمة سنة ثمان وستين ونشأ بالبصرة، ومات بالكوفة، وإليه انتهت الإمامة في القراءة بالبصرة اهـ (¬2). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «الذهبي»: أخذ «أبو عمرو بن العلاء» القراءة عن: أهل الحجاز، وأهل البصرة، فعرض بمكة على: «مجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعطاء بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: التاريخ الكبير 9/ 55، والمعارف 531، والمعرفة والتاريخ 2/ 125، ومراتب النحويين 13 ومشاهير علماء الأمصار 153، وأخبار النحويين البصريين 22، وطبقات النحويين 35، 40 و 159، والمقتبس 25، والفهرست لابن النديم 28، ونزهة الألباء 30، والأنساب 555 والكامل لابن الأثير 5/ 38، واللباب 3/ 217، وإنباه الرواة 4/ 125، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 262، ووفيات الأعيان 3/ 466، والمختصر في أخبار البشر 2/ 6، وتهذيب الكمال الورقة 1629، وتهذيب التهذيب 12/ 178، وتذهيب التهذيب 4/ 225، وسير أعلام النبلاء 6/ 407، معرفة القراء الكبار 1/ 100، والعبر 1/ 223، وتلخيص ابن مكتوم 289 وفوات الوفيات 1/ 331، ومرآة الجنان 1/ 325، والبداية والنهاية 10/ 113، ووفيات ابن قنفذ 131، والبلغة في أئمة اللغة 81، وغاية النهاية 1/ 288، وتقريب التهذيب 2/ 454، والنجوم الزاهرة 2/ 22، وبغية الوعاة 2/ 231، والمزهر 2/ 399، وشذرات الذهب 1/ 231، وروضات الجنات 3/ 388، والذريعة 1/ 318. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 101.

يسار، وعكرمة بن خالد، وابن كثير»، وعرض بالمدينة على «أبي جعفر يزيد بن القعقاع، ويزيد بن رومان، وشيبة بن نصاح» اهـ (¬1). وروى «اليزيدي» عن «أبي عمرو» قال: سمع «سعيد بن جبير» قراءتي فقال: الزم قراءتك هذه اهـ (¬2). وأقول: مما تقدم تبين أن «أبا عمرو بن العلاء» قرأ على خلق كثير: بمكة المكرمة، والمدينة المنورة، والكوفة، والبصرة، ويعتبر «أبو عمرو» أكثر القراء شيوخا، أذكر منهم: أبا جعفر يزيد بن القعقاع ت 128 هـ. ويزيد بن رومان ت 120 هـ. وشيبة بن نصاح ت 130 هـ. ونافع بن أبي نعيم ت 169 هـ. وعبد الله بن كثير ت 120 هـ. ومجاهد بن جبر ت 104 هـ. وأبا العالية رفيع بن مهران. وقرأ «أبو العالية» شيخ أبي عمرو على: عمر بن الخطاب ت 23 هـ. وأبيّ بن كعب ت 30 هـ. وزيد بن ثابت ت 45 هـ. وعبد الله بن عباس ت 68 هـ. وقرأ كل من «زيد بن ثابت، وأبيّ بن كعب» على رسول الله صلى الله ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 101. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 101.

عليه وسلم. من هذا يتبين أن قراءة «أبي عمرو بن العلاء» صحيحة، ومتواترة، ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام. ولا زال المسلمون حتى الآن يتلقون قراءة «أبي عمرو بن العلاء» بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. قال «الذهبي»: قرأ على «أبي عمرو بن العلاء» خلق كثير منهم: «يحيى بن المبارك اليزيدي، وعبد الوارث التنوري، وشجاع البلخي، وعبد الله ابن المبارك». ثم قال: وأخذ عنه القراءة، والحديث، والأدب: «أبو عبيدة معمر بن المثنى، والأصمعي، ويعلى بن عبيد، والعباس بن الفضل، ومعاذ بن مسلم النحوي، وهارون بن موسى، وعبيد بن عقيل» وآخرون (¬1). وقال «الذهبي»: حدث «أبو عمرو بن العلاء» عن: «أنس بن مالك، وعطاء بن أبي رباح، وأبي صالح السمّان» (¬2). وقال «ابن مجاهد»: حدثني «جعفر بن محمد» عن «سفيان بن عيينة» قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله قد اختلفت عليّ القراءات فبقراءة من تأمرني أن أقرأ؟ فقال: اقرأ بقراءة «أبي عمرو بن العلاء» (¬3). وقال «وهب بن جرير»: قال لي «شعبة»: تمسك بقراءة «أبي عمرو» فإنها ستصير للناس إسنادا اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 101. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 101. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 102. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 102.

وقد احتل «أبو عمرو بن العلاء» المكانة السامية بين جميع العلماء منذ عصره حتى الآن، ولذلك استوجب الثناء عليه: فعن «أبي عبيدة معمر بن المثنى» قال: كان «أبو عمرو» أعلم الناس بالقرآن، والعربية، وأيام العرب، والشعر، وأيام الناس اهـ (¬1). وقال «وكيع»: قدم «أبو عمرو بن العلاء» الكوفة، فاجتمعوا إليه كما اجتمعوا على هشام بن عروة اهـ (¬2). وقال «ابن معين»: «أبو عمرو» ثقة. وقال «أبو عبيدة» كانت دفاتر «أبي عمرو» ملء بيت إلى السقف، ثم تنسك فأحرقها، وكان من أشراف العرب ووجوههم اهـ (¬3). وقال «الأصمعي»: قال لي «أبو عمرو»: لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري في صدرك لفعلت، لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر «الأعمش» على حملها اهـ (¬4). وقال «الأصمعي»: سمعت «أبا عمرو» يقول: ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني، ثم قال «الأصمعي»: أنا لم أر بعد «أبي عمرو» أعلم منه اهـ (¬5). وروى «الأخفش» قال: مرّ «الحسن» بأبي عمرو، وحلقته متوافرة، والناس عكوف، فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو عمرو، فقال: لا إله إلا الله كادت العلماء أن تكون «أربابا» كل عزّ لم يؤكد بالعلم فإلى ذلّ يؤول اهـ (¬6). ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 103. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 102. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 104. (¬4) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 290. (¬5) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 290. (¬6) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 291.

وقال «الأصمعي»: قال لي «أبو عمرو»: كن على حذر من الكريم إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن الأحمق إذا مازحته ومن الفاجر إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك، أو تسأل من لا يجيبك، أو تحدث من لا ينصت لك اهـ (¬1). توفي «أبو عمرو» بالكوفة سنة أربع وخمسين من الهجرة، بعد حياة كلها عمل في تعليم القرآن، ولغة العرب. رحم الله «أبا عمرو بن العلاء» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 6 ص 409.

رقم الترجمة/ 207"عمرو بن الصباح" ت 221 هـ

رقم الترجمة/ 207 «عمرو بن الصّباح» ت 221 هـ (¬1) هو: عمرو بن الصباح بن صبيح، أبو حفص البغدادي، الضرير الضابط الحاذق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «عمرو بن الصباح» القرآن على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «حفص ابن سليمان» أحد رواة الإمام عاصم المشهورين. فقد أخذ عنه القرآن عرضا وسماعا. وقد روى أيضا عن «أبي يوسف الأعشى، عن أبي بكر» (¬2). وقد قرأ على «عمرو بن الصباح» عدد كثير منهم: «إبراهيم بن عبد الله السمسار، والحسن بن المبارك، وزرعان بن أحمد، وعبد الصمد بن محمد العينوني، وعلي بن سعيد البزّار، وعلي بن محصن، وأحمد بن موسى الصفّار، وأحمد بن جبير، ومحمد بن يزيد بن هارون» وآخرون (¬3). توفي «عمرو بن الصباح» سنة إحدى وعشرين ومائتين من الهجرة. رحم الله «عمرو بن الصباح» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 12/ 205، وتاريخ الإسلام، الورقة 201 (أبا صوفيا 3007)، ومعرفة القراء الكبار 1/ 203، وغاية النهاية 1/ 601. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 203. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 601.

رقم الترجمة/ 208"أبو عمر الدوري" ت 246 هـ

رقم الترجمة/ 208 «أبو عمر الدّوري» ت 246 هـ (¬1) هو: حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان بن عدي بن صهبان، أبو عمر الدوري، البغدادي الضرير، نزيل سامراء. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ونسبته إلى «الدور» موضع ببغداد، محلة بالجانب الشرقي. قال «الأهوازي»: رحل «الدوري» في طلب القراءات، وقرأ بسائر الحروف السبعة، وسمع من ذلك شيئا كثيرا (¬2). وقال «ابن الجزري»: «أبو عمر الدوري» إمام القراءة، وشيخ الناس في زمانه، ثقة، ثبت كبير، ضابط، أول من جمع القراءات (¬3). وقد أخذ «أبو عمر الدوري» القراءات عن مشاهير علماء عصره: فقد قرأ على «إسماعيل بن جعفر عن نافع، وعلى أخيه يعقوب بن جعفر عن بن جمّاز عن «أبي جعفر» وعن «سليم» عن «حمزة» ومحمد بن سعدان عن حمزة، وعلى الكسائي وغيرهم كثير (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 3/ 183، وتاريخ بغداد 8/ 203، إرشاد الأريب 4/ 118 والعبر 1/ 446 والكاشف 1/ 242، وميزان الاعتدال 1/ 566، ومعرفة القراء الكبار 1/ 191، ونكت الهميان 146، ووفيات ابن قنفذ 179، وغاية النهاية 1/ 255، وتهذيب التهذيب 2/ 408، والنجوم الزاهرة 2/ 323، وطبقات المفسرين للداودي 1/ 162، وخلاصة تذهيب الكمال 87 وشذرات الذهب 2/ 111، وانظر «تهذيب الكمال» للمزي. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 255. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 255. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 255.

وكما أخذ «أبو عمر الدوري» القراءات على مشاهير العلماء، فقد أخذ أيضا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء: وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: وروى «أبو عمر الدوري» عن «إسماعيل المؤدب، وإبراهيم بن سليمان، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عيينة، وأبي معاوية الضرير، ويزيد ابن هارون، كما روى عن «أحمد بن حنبل» وهو من أقرانه» اهـ (¬1). وقد كان «أبو عمر الدوري» مدرسة وحده، ولنستمع إلى «الذهبي» وهو يقول: لقد طال عمر «أبي عمر الدوري» وقصد من الآفاق، وازدحم عليه الحذاق لعلو سنده وسعة علمه اهـ (¬2). كما تتلمذ على «أبي عمر الدوري» عدد كثير. فقد روى القراءة عنه «أحمد بن حرب» شيخ المطوعي، وأحمد بن فرح بالحاء المهملة، وأبو جعفر المفسّر المشهور، وأحمد بن محمد بن حمّاد، وأحمد بن يزيد الحلواني، وغيرهم كثير (¬3). ويقول الذهبي: «وحدّث عن أبي عمر الدوري، ابن ماجة في سننه، وأبو زرعة الرازي، وحاجب أركين، ومحمد بن حامد، وخلق كثير» (¬4). ويقول «أبو داود»: رأيت «أحمد بن حنبل» يكتب عن «أبي عمر الدوري» اهـ (¬5). توفي «أبو عمر الدوري» سنة ستّ وأربعين ومائتين من الهجرة، بعد حياة كلها عمل من أجل تعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «أبا عمر الدوري» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. وقراءة «أبي عمر الدوري» لا زالت متواترة يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 191. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 191. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 255. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 192. (¬5) انظر القراء الكبار ج 1 ص 192.

رقم الترجمة/ 209"عيسى بن وردان" ت في حدود 160 هـ

رقم الترجمة/ 209 «عيسى بن وردان» ت في حدود 160 هـ (¬1) هو: عيسى بن وردان، أبو الحارث المدني الحذاء. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى: «عيسى بن وردان» القرآن عن خيرة علماء عصره وفي مقدمتهم: «أبو جعفر يزيد بن القعقاع» وهو من خيرة أصحابه المشهورين، وأحد رواته المعروفين ولا زالت قراءة «ابن وردان» يتلقاها المسلمون حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما عرض «ابن وردان» القرآن على «شيبة بن نصاح، ونافع بن أبي نعيم» وهو من قدماء أصحابه (¬2). قال «ابن مجاهد»: حدثنا «عبد الله بن محمد الحربي» حدثنا «أبو إبراهيم» حدثنا «زيد بن بشر» الحضرمي، حدثنا «ابن وهب» أخبرني «ابن زيد بن أسلم» قال: كان «أبي» يقول «لعيسى بن وردان»: اقرأ على إخوتك (¬3). وكان «ابن وردان» من الثقات، وصاحب سمعة طيبة، وفي هذا المعنى ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في معرفة القراء الكبار 1/ 111 وغاية النهاية 1/ 616. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 616. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 616.

يقول «ابن الجزري»: «ابن وردان» إمام مقرئ حاذق، وراو محقق ضابط (¬1). توفي «ابن وردان» كما قال «ابن الجزري» في حدود الستين ومائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 616.

رقم الترجمة/ 210"عيسى بن عمر الثقفي" ت 156 هـ

رقم الترجمة/ 210 «عيسى بن عمر الثقفي» ت 156 هـ (¬1) شيخ قراء الكوفة بعد حمزة بن حبيب الزيات، الثبت الثقة. هو: عيسى بن عمر الهمذاني، الكوفي مولى بني أسد. وهو غير «عيسى بن عمر الثقفي البصري النحوي». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «عيسى بن عمر» على مشاهير علماء عصره، منهم: «عاصم بن أبي النجود» إمام قراء الكوفة، وهو الإمام الخامس بالنسبة للأئمة العشرة، الذين لا زالت قراءاتهم يقرأ بها حتى الآن. كما قرأ على «طلحة بن مصرف، والأعمش». وقرأ عليه عدد كثير، منهم: «الكسائي» شيخ قراء الكوفة، وهو الإمام السابع، وعبيد بن موسى، وعبد الرحمن بن أبي حماد (¬2). وروى الأحاديث عن «عطاء بن أبي رباح، وحمّاد، وعمرو بن مرة»، وغير هؤلاء كثير (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: التاريخ الكبير 6/ 397، والجرح والتعديل 6/ 282، وتاريخ الاسلام 6/ 264 تهذيب الكمال الورقة 1083، وتذهيب التهذيب 3/ الورقة 130، وسير اعلام النبلاء 7/ 199 ومعرفة القراء الكبار 1/ 119، والكاشف 2/ 369، وغاية النهاية 1/ 612، وتقريب التهذيب 2/ 100، وتهذيب التهذيب 8/ 222، وخلاصة تذهيب الكمال 303. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 119. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 119.

كما روى عنه «ابن المبارك، وأبو نعيم، وخلاد بن يحيى، ووكيع» (¬1). وروى «عبد الرحمن بن أبي حماد» عن «سفيان الثوري» حيث قال: أدركت الكوفة وما بها أحد أقرأ من «عيسى الهمداني» (¬2). وقال ابن معين: «عيسى بن عمر الكوفي، ثقة وصاحب حروف» (¬3). وقال «أحمد بن عبد الله العجلي»: «عيسى الهمداني» ثقة ورجل صالح ورأس في القرآن (¬4). توفي «عيسى بن عمر» سنة ست وخمسين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ورواياته، وتجويده. رحم الله «عيسى بن عمر» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 119. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 119. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 119. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 119.

رقم الترجمة/ 211"ابن غالب الأنماطي" ت 254 هـ

رقم الترجمة/ 211 «ابن غالب الأنماطي» ت 254 هـ (¬1) هو: محمد بن غالب، أبو جعفر، الأنماطي، البغدادي، المقرئ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «ابن غالب» القراءة عن خيرة العلماء. فقد أخذ القراءة عرضا عن «شجاع» عن «أبي عمرو بن العلاء» وهو أضبط أصحابه يقول «ابن الجزري»: قرأ «ابن غالب» على «شجاع» عشر ختمات: ثلاثا بالادغام، وسبعا بالاظهار. وروى «ابن غالب» القراءة أيضا عن «الأصمعي» عن «أبي عمرو» (¬2). وقد تتلمذ على «ابن غالب» عدد كثير، وفي هذا المعنى يقول «الخطيب البغدادي»: «كان بمدينة السلام ممن يقرئ بقراءة «أبي عمرو» جماعة، منهم: «أبو جعفر محمد بن غالب»، صاحب «شجاع بن أبي نصر» وقرأ عليه بها جماعة منهم «الحسن بن حباب بن مخلد الدقاق» و «نصر بن القاسم الفارضي، ومحمد بن هارون الأنصاري» وخلق كثير» (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 3/ 143، وتاريخ الاسلام، الورقة 277 (أحمد الثالث 2917/ 7) ومعرفة القراء 1/ 218، وغاية النهاية 2/ 226. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 226. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 143.

وكان «ابن غالب» من الزهاد الصالحين، وفي هذا المعنى يقول «ابن المبارك»: كان «ابن غالب رجلا صالحا اهـ (¬1). ويقول «الخطيب البغدادي»: بلغني عن «أبي بكر بن محمد بن الحسن ابن زياد النقاش» قال: كان «محمد بن غالب» رجلا صالحا ورعا ينادي فيكسب في اليوم القيراط أو الأكثر، قال: فبلغني أن بعض أصحابه جاءه في يوم «وحل وطين» فقال له: «متى أشكرها بين الرجلين اللتين تعبتا إليّ في مثل هذا اليوم لتكسباني الثواب؟ ثم قام بنفسه فاستقى له الماء وغسل رجليه» (¬2). توفي «ابن غالب» يوم الأربعاء بعد العصر سنة أربع وخمسين ومائتين ببغداد. رحم الله «ابن غالب» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 143. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 143.

رقم الترجمة/ 212"ابن غالب الصيرفي"

رقم الترجمة/ 212 «ابن غالب الصّيرفيّ» هو: محمد بن غالب، أبو جعفر الصيرفي، الكوفي، مقرئ متصدر للاقراء. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «الصيرفي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو يوسف الأعشى» عن «أبي بكر بن عياش» (¬1). وقد تلقى على «الصيرفي» القراءة «علي بن الحسن التميمي» (¬2). قال «الداني»: وكان شيخنا «أبو الفتح» يضنّ برواية «محمد بن غالب الصيرفي» ولا يمكن أحدا منها لغرابتها، وصحة طريقها، وسألته أن يقرئنيها فأخذها عليه وقرأت عليه بها القرآن كله، وما أعلم أحدا ممن قرأ عليه من أصحابه قرأ بها عليه، ولا مكنه منها اهـ (¬3). توفي «الصيرفي» إلى رحمة الله، ولم يذكر أحد تاريخ وفاته. رحم الله «الصيرفي» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 218. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 218. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 227.

رقم الترجمة/ 213"غزوان بن القاسم" ت 386 هـ

رقم الترجمة/ 213 «غزوان بن القاسم» ت 386 هـ (¬1) هو: غزوان بن القاسم بن علي بن غزوان، أبو عمرو المازني، نزيل، مصر، مقرئ حاذق محرر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «غزوان» سنة اثنتين وتسعين ومائتين من الهجرة. أخذ «غزوان» القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «ابن مجاهد، وأبو الحسن بن شنبوذ، ومحمد بن سلمة العثماني، وأحمد بن محمد ابن محمد بن بسام» (¬2). تصدر «غزوان» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين أخذوا عنه: اسماعيل بن عمرو الحداد، وأبو بكر محمد ابن الحسن الطحان (¬3). احتل «غزوان» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام أبو عمرو الداني» ت 444 هـ: كان غزوان ماهرا ضابطا شديد الأخذ واسع الرواية حافظا للحروف اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام الورقة 185، (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 2/ 3 وحسن المحاضرة 1/ 489. (¬2) انظر طبقات القراء 2/ 3. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 332. (¬4) انظر القراء الكبار 1/ 332.

توفي «غزوان» بمصر بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وذلك سنة ست وثمانين وثلاثمائة من الهجرة وعهد أن يصلي عليه الشيخ أبو أحمد السامرائي، رحم الله «غزوان» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 214"غلام السباك" ت 345 هـ

رقم الترجمة/ 214 «غلام السّبّاك» ت 345 هـ (¬1) هو: أحمد بن عثمان بن الفضل بن بكر الربعي البغدادي المعروف بغلام السّباك. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «غلام السباك» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «الحسن بن الحباب، والحسن بن الحسين الصواف» (¬2). رحل «غلام السباك» من بغداد إلى «دمشق» ثم تصدر لتعليم القرآن الكريم، فأقبل عليه طلاب العلم وتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: «تمام الرازي، وعلي بن داود الداراني، وعبد القاهر الجوهري، وعبد الرحمن بن أبي نصر» وغير هؤلاء (¬3). ذكر المؤرخون أن «غلام السباك» كان مستجاب الدعوة، ودليل ذلك أنه أصيب بمرض تسبب عنه ثقل سمعه، فشق عليه ذلك، فسأل الله تعالى أن يرد عليه سمعه فاستجاب الله تعالى له دعاءه ورد عليه سمعه (¬4). توفي «غلام السباك» سنة خمس وأربعين وثلاثمائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «غلام السباك» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 4/ 299، وتاريخ الاسلام الورقة 225، وغاية النهاية 1/ 81، والنجوم الزاهرة 3/ 316، وشذرات الذهب 2/ 369. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 311. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 81. (¬4) انظر تاريخ بغداد 4/ 299.

رقم الترجمة/ 215"أبو الفتح بن بدهن" ت 359 هـ

رقم الترجمة/ 215 «أبو الفتح بن بدهن» ت 359 هـ (¬1) هو: أحمد بن عبد العزيز بن موسى بن عيسى أبو الفتح الخوارزمي الأصل ثم البغدادي نزيل مصر، يعرف «بابن بدهن» قارئ مشهور عارف، اجتمع له حسن الأداء وحسن الصوت. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. «أخذ «أبو الفتح بن بدهن» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: أحمد ابن سهل الأشناني، وسعيد بن عبد الرحيم الضرير، ومحمد بن موسى الزينبي، وأبو الحسن بن الأخرم، وابن مجاهد، وهو أحذق أصحابه، كما روى حروف القراءات عن «العباس بن أحمد» صاحب البزي أحد الرواة المشهورين عن «ابن كثير» المكي» (¬2). تصدر «أبو الفتح بن بدهن» لتعليم القرآن، واشتهر بالصدق وصحة القراءة، وأقبل عليه طلاب العلم، فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: عبيد الله بن عمر القيسي، ومحمد بن الحسن بن النعمان، وعبد المنعم بن غلبون الأنطاكي، والخضر ابن أحمد» وغير هؤلاء (¬3). احتل «أبو الفتح بن بدهن» مكانة سامية ومرموقة، مما استوجب الثناء ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 4/ 257، وتاريخ الاسلام وفيات 359 (آيا صوفيا 3008)، وغاية النهاية 1/ 68 - 69، ونهاية الغاية، الورقة 17. وحسن المحاضرة 1/ 489. (¬2) انظر طبقات القراء 1/ 68. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 69.

عليه، وفي ذلك يقول «الحافظ الذهبي» «كان «أبو الفتح بن بدهن» من أطيب الناس صوتا بالقرآن، وأفصحهم أداء، وحذق، ومهر، وطال عمره واشتهر، وحدث عن «إبراهيم بن عبد الله المخزومي» اهـ (¬1). توفي «أبو الفتح بن بدهن» ببيت المقدس سنة تسع وخمسين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار 1/ 69.

رقم الترجمة/ 216"أبو الفتح الموصلي" ت 250 هـ

رقم الترجمة/ 216 «أبو الفتح الموصلي» ت 250 هـ (¬1) هو: عامر بن عمر بن صالح أبو الفتح الموصلي، مقرئ حاذق، قاضي «الموصل» وصاحب «اليزيدي، والعباس بن الفضل الأنصاري» ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو الفتح الموصلي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا المعنى يقول «ابن الجزري» أخذ «أبو الفتح الموصلي» القراءة عن «اليزيدي» وله عنه نسخة، وعن «العباس بن الفضل الأنصاري» قال «أحمد بن سمعويه»: قرأ «أبو الفتح الموصلي» على «اليزيدي» ختمتين باختيار «أبي عمرو بن العلاء» وقد أخذ القراءة عن «أبي الفتح الموصلي» عدد كثير منهم: «أحمد بن سمعويه، وأبو الحسن محمد بن السرّاج، وأبو العباس أحمد بن مسعود السراج، وعيسى بن رصاص، وموسى بن حاتم بن جمهور، ومحمد بن الحسين الموصلي» وآخرون توفي «أبو الفتح الموصلي» سنة خمسين ومائتين من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: تاريخ الاسلام، الورقة 161 (أحمد الثالث 2917/ 7) ومعرفة القراء الكبار 1/ 220، وغاية النهاية 1/ 350.

رقم الترجمة/ 217"أبو الفرج الشنبوذي" ت 388 هـ

رقم الترجمة/ 217 «أبو الفرج الشنبوذي» ت 388 هـ (¬1) هو: محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون أبو الفرج الشنبوذي البغدادي غلام ابن شنبوذ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو الفرج الشنبوذي» سنة ثلاثمائة من الهجرة، شغف «أبو الفرج الشنبوذي» في الترحال إلى طلب العلم، فجاب الأقطار، وسمع من العلماء، وأخذ حروف القرآن. حول هذا المعنى يقول «الإمام ابن الجزري»: «رحل أبو الفرج الشنبوذي» ولقي الشيوخ وأكثر وتبحّر في التفسير اهـ (¬2). أخذ «أبو الفرج الشنبوذي» حروف القرآن عن عدد كبير من خيرة العلماء، وذكر المؤرخون من شيوخه الكثير وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: «أخذ القراءة عرضا عن: أبي بكر بن مجاهد، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر بن أحمد بن حماد، وأبي الحسن بن الأخرم، وإبراهيم بن محمد الماوردي، ومحمد بن جعفر الحربي، وأحمد بن محمد بن اسماعيل الأدمي، ومحمد بن هارون التمار، وأبي ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 1/ 271 - 272، والمنتظم 7/ 204، وارشاد الأريب 2/ 304، واللباب 2/ 30، وتاريخ الاسلام الورقة 198، (آيا صوفيا 3008)، وتذكرة الحفاظ 3/ 1020، والعبر 3/ 40، وميزان الاعتدال 3/ 461 - 462. والوافي بالوفيات 2/ 39، وغاية النهاية 2/ 50 ونهاية الغاية الورقة 206، والنجوم الزاهرة 4/ 199، وطبقات المفسرين للسيوطي 37، وللداودي 2/ 54 - 57، وشذرات الذهب 3/ 129. (¬2) انظر طبقات القراء 2/ 50.

الحسن بن شنبوذ، وإليه نسب لكثرة ملازمته له، ومحمد بن موسى الزينبي وموسى ابن عبد الله الخاقاني» وغيرهم كثير (¬1). منح الله سبحانه وتعالى «أبا الفرج الشنبوذي» ذاكرة قوية حافظة، فحفظ الكثير، وتعلم الكثير، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «سمعت «أبا الفضل عبيد الله بن أحمد بن علي الصيرفيّ» يذكر «أبا الفرج الشنبوذي» فعظم أمره ووصف علمه بالقراءات، وحفظه للتفسير، وقال: سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقراءات» اهـ (¬2). من هذا يتبين بما لا يدع مجالا للشك بأن «أبا الفرج الشنبوذي» كان واسع العلم كثير المعرفة، وقد شهد بذلك العلماء، قال «عبد العزيز بن علي المالكي»: دخل «أبو الفرج» غلام «ابن شنبوذ» على «عضد الدولة» زائرا فقال له: يا أبا الفرج، إن الله يقول: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ (¬3) ونرى العسل يأكله المحرور فيتأذى به، والله الصادق في قوله؟ قال: أصلح الله الملك، إن الله لم يقل فيه الشفاء للناس بالألف واللام الذين يدخلان لاستيفاء الجنس، وإنما ذكره منكرا فمعناه فيه شفاء لبعض الناس دون بعض (¬4). وأقول: لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك بعد تجارب متعددة قام بها العلماء المختصون بأن عسل النحل قاتل للجراثيم قاهر لها، ولم ينتبه الكثيرون إلى ذلك إلا خلال القرن الحالي حيث بدأت الأخبار ترد من أنحاء العالم وهي تفيد بأن عسل النحل فيه كثير من أعاجيب الطب الوقائي، والعلاجي. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء 2/ 50. (¬2) انظر تاريخ بغداد 1/ 271. (¬3) سورة النحل الآية 69. (¬4) انظر القراء الكبار 1/ 333.

يقول أحد الأطباء: إن عسل النحل يعتبر سلاح الطبيب في كثير من الأمراض، فهو ضد التسمم الناشئ من أمراض الجسم، مثل التسمم البولي الناتج من أمراض الكبد، والمعد، والأمعاء، وهو مفيد في الالتهاب الرئوي، والسحائي وفي حالات الذبحة الصدرية وفي الارتشاحات الناشئة من التهاب الكلي الحاد. كما أن عسل النحل مفيد للجروح والحروق وهو مطهر ومضاد للفساد والعفونة فسبحان القائل: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ. تصدر أبو الفرج الشنبوذي لتعليم القرآن وحروفه واشتهر بالصدق وجودة الحفظ والثقة وأقبل عليه حفاظ القرآن، يقول الامام «ابن الجزري»: قرأ عليه «أبو علي الأهوازي، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي، والهيثم بن أحمد الصباغ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن الحسين الكارزيني، وعبد الله بن محمد بن مكي السواق، وعلي بن القاسم الخياط، وأبو علي الرهاوي، وعبد الملك ابن عبدويه، ومنصور بن أحمد العراقي، وعثمان بن علي الدلال، وعلي بن محمد الجوزداني»، وغير هؤلاء كثير (¬1). لقد كان لأبي الفرج الشنبوذي الأثر الواضح والمؤثر في كثير من الجوانب العلمية وهي متعددة من ذلك أنه ترك بعض المصنفات العلمية المتصلة بالقراءات القرآنية، مثال ذلك كتاب في القراءات وكتاب فيما خالف فيه ابن كثير المكي أبا عمرو البصري وغير ذلك (¬2). ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء 2/ 50. (¬2) انظر تاريخ بغداد 1/ 271، وطبقات المفسرين 2/ 61.

احتل «أبو الفرج الشنبوذي» مكانة سامية ومرموقة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول الحافظ «الذهبي»: «وأكثر «أبو الفرج» الترحال في طلب القراءات وتبحّر فيها واشتهر اسمه وطال عمره» اهـ (¬1). وقال الامام «أبو عمرو الداني»: «أبو الفرج الشنبوذي» عالم مشهور نبيل حافظ ماهر حاذق كان يتجول في البلدان اهـ (¬2). وقال «عبد الرحمن بن عبد الله»: كنت أجلس إلى الشنبوذي أسمع منه التفسير وكان من أعلم الناس به، سمعت «فارس بن أحمد» يقول: قدم علينا «الشنبوذي» «حمص» فقال لنا: كيف يقف الكسائي علي قوله تعالى: تَراءَا الْجَمْعانِ (¬3) فقلنا الفائدة من الشيخ أعزه الله. قال: يقف (تراءى) وأمالها اهـ (¬4). وقال «الإمام ابن الجزري»: أبو الفرج الشنبوذي أستاذ من أئمة القراءات، رحل ولقي الشيوخ وأكثر وتبحّر في التفسير واشتهر اسمه وطال عمره مع علم بعلل القراءات اهـ (¬5). توفي «أبو الفرج» سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار 1/ 333. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 333. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 334. (¬4) سورة الشعراء آية 61. (¬5) انظر طبقات القراء 2/ 50/ 51.

رقم الترجمة/ 218"الفضل بن مخلد"

رقم الترجمة/ 218 «الفضل بن مخلد» (¬1) هو: الفضل بن مخلد بن عبد الله بن زريق أبو العباس البغدادي، يعرف بفضلان الدقاق الأعرج. أخذ «الفضل بن مخلد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو حمدون الطيب» وهو من أجل أصحابه، و «محمد بن غالب» وأبو أيوب الخياط، وعبيد بن عبد الله الضرير وغيرهم كثير (¬2). تصدّر «ابن مخلد» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو الحسن ابن المنادي، وأبو الحسن بن شنبوذ، ومدين بن شعيب، ومحمد بن إسحاق البخاري» كما روى القراءة عنه «أبو بكر بن مجاهد» وغير هؤلاء كثير (¬3). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وكما أخذ «ابن مخلد» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو حمدون المقرئ، وداود ابن صغير البخاري» وغيرهما (¬4). وتصدر «ابن مخلد» أيضا لرواية حديث الهادي البشير عليه الصلاة والسلام ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 12/ 371، وغاية النهاية 2/ 11. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 261. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 11. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 271.

فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو الحسين بن المنادي، وجعفر الخلدي» وغيرهما (¬1). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «ابن مخلد» رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 12 ص 271.

رقم الترجمة/ 219"أبو الفضل النيسابوري" ت 339 هـ

رقم الترجمة/ 219 «أبو الفضل النيسابوري» ت 339 هـ (¬1) هو: جعفر بن حمدان بن سليمان أبو الفضل بن أبي داود النيسابوري المؤدّب نزيل دمشق، ضابط مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو الفضل النيسابوري» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: هارون الأخفش، وكان من حذاق أصحابه. تصدر «أبو الفضل النيسابوري» لتعليم القرآن، فتتلمذ عليه عدد كثير منهم: عبد الله بن عطية، وأبو بكر محمد بن أحمد الجبني، ومحمد بن الحسين الديبچلي، ومحمد بن عبيد بن الخليل، وروى عنه الحديث «أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني» اهـ (¬2). توفي «أبو الفضل النيسابوري» سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام الورقة 199، وغاية النهاية 1/ 191. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 191.

رقم الترجمة/ 220"ابن فليح" توفي في حدود 250 هـ

رقم الترجمة/ 220 «ابن فليح» توفي في حدود 250 هـ (¬1) هو: عبد الوهاب بن فليح بن رياح أبو إسحاق المكي، إمام أهل مكة في القراءة في زمانه. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة من حفاظ القرآن. وقد تلقى «ابن فليح» القراءة عن مشاهير علماء عصره: فقد أخذ القراءة عرضا وسماعا عن «داود بن شبل، ومحمد بن سبعون، ومحمد بن بزيع، وعبد الملك بن شعوة، وشعيب بن أبي مرّة، ومحمد بن عبد الله الخالدي، وعدد كثير من شيوخ أهل مكة يبلغون ثمانين نفسا» (¬2). وقد جلس «ابن فليح» للاقراء، فقرأ عليه عدد كثيرون، منهم: «إسحاق ابن أحمد الخزاعي، والحسين بن محمد الحدّاد. ومحمد بن عمران الدينوري، وعبد الوهاب بن محمد بن هاشم (¬3). كما روى عنه الحديث، «محمد بن أحمد الشطوي، ومحمد بن هارون الازدي، ويحيى بن محمد بن صاعد» وآخرون (¬4). وكان «ابن فليح» من العلماء العاملين الذي يتمتعون بالسيرة الحسنة يقول عنه ابن أبي حاتم: أبي روى عن «ابن فليح» وقال: هو صدوق (¬5). توفي «ابن فليح» في حدود الخمسين ومائتين. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 6/ 73، والعقد الثمين 5/ 536، ومعرفة القراء الكبار 1/ 180. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 480. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 481. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 180. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 180.

رقم الترجمة/ 221"القاسم بن أحمد الخياط" ت 291 هـ

رقم الترجمة/ 221 «القاسم بن أحمد الخياط» ت 291 هـ (¬1) هو: القاسم بن أحمد بن يوسف بن يزيد أبو محمد التميمي الخياط الكوفي، إمام في قراءة عاصم، حاذق ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «القاسم أبو محمد الخياط» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «محمد بن حبيب الشموني». وقد تصدر «القاسم» للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «ابنه عبد الله، وسعيد بن عبد الله الإسكافي، وعلي بن الحسن، ومحمد بن الخليل بن أبي أمية، ومحمد بن عبد الله الكسائي، وجعفر بن عنبسة النحوي، والفضل بن مرثد، ومحمد ابن شنبوذ، ومحمد بن الحسن النقاش» وآخرون (¬2). قال «محمد بن عبد الله الكسائي»: كنت أقرأ برواية «عاصم» رواية «عبد الجبار بن محمد العطار» فلما سمعت إجماع الناس على تفضيل «القاسم الخياط» ورأيت ذوي الأسنان وأهل المعرفة يقرءون عليه لازمته حتى قرأت عليه، وأتقنت قراءته اهـ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 12/ 438 وغاية النهاية 2/ 16. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 16. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 17.

وقال «الحسن بن داود النقّار» قرأت على «القاسم» أربعين ختمة، وسمعت إجماع الناس على تفضيله اهـ (¬1). قال «الخطيب البغدادي»: توفي «القاسم الخياط» غداة الجمعة لعشر بقين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وتسعين ومائتين. رحم الله «القاسم الخياط» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 17.

رقم الترجمة/ 222"أبو القاسم النخاس" ت 368 هـ

رقم الترجمة/ 222 «أبو القاسم النخاس» ت 368 هـ (¬1) هو: عبد الله بن الحسن بن سليمان أبو القاسم البغدادي المعروف بالنخاس بالمعجمة مقرئ ثقة مشهور ماهر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد أبو «القاسم النخاس» سنة تسعين ومائتين. أخذ «أبو القاسم النخاس» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: «محمد ابن هارون التمار» صاحب «رويس» (¬2). تصدر «أبو القاسم النخاس» لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. واشتهر بالثقة والأمانة والضبط وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن. وتتلمذ عليه الكثيرون. ومن الذين أخذوا عنه القرآن: محمد بن الحسن الكارزيني، وأبو الحسن الحمامي، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الحداد، وأبو الحسن العلاف، وأبو الفضل الخزاعي، وعلي بن محمد الخباز وآخرون (¬3). وأخذ «أبو القاسم النخاس» حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم عن عدد من ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 9/ 438، وتاريخ الاسلام وفيات 368 ورقة 86 - 87، (آيا صوفيا 3008)، وغاية النهاية 1/ 414. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 324. (¬3) انظر طبقات القراء 1/ 414.

العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «سمع «أبو القاسم النخاس»: أحمد بن عبد الجبار الصوفي، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وموسى بن سهل الجونيّ، وأحمد بن عمر بن زنجويه، والحسن بن محمد بن عنبر، وأبا القاسم البغوي، وأبا بكر بن أبي داود، ومحمد بن اسماعيل البصلاني (¬1)، وأبا سعيد العدوي، وأبا بكر بن العلاف الشاعر، ومحمد بن الحسين بن حميد بن الربعي (¬2). وقد روى حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم عنه عدد كثير. وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: روى عنه أبو بكر بن مجاهد المقرئ وحدثنا عنه الحسن بن الحمامي، وأبو بكر البرقاني، وأحمد بن محمد الكاتب، وعمر بن إبراهيم الفقيه (¬3). اشتهر «أبو القاسم النخاس» بالثقة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال: «كان «أبو القاسم عبد الله بن النخاس» من أهل القرآن والفضل والخير والستر والعقل الحسن والمذهب الجميل والثقة ثم قال: ما رأيت من الشيوخ مثله» (¬4). وقال عنه الإمام «ابن الجزري»: «أبو القاسم النخاس» مقرئ مشهور ثقة ماهر متصدر» اهـ (¬5). توفي «أبو القاسم النخاس» يوم السبت لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة ثمان وستين وثلاثمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) نسبته الى قرية تسمى بصل من قرى الشام. انظر معجم البلدان 1/ 442. (¬2) انظر تاريخ بغداد 9/ 438. (¬3) انظر تاريخ بغداد 9/ 438. (¬4) انظر تاريخ بغداد 9/ 438. (¬5) انظر طبقات القراء 1/ 414.

رقم الترجمة/ 223"القاسم المطرز" ت 305 هـ

رقم الترجمة/ 223 «القاسم المطرّز» ت 305 هـ (¬1) هو: القاسم بن زكريا بن عيسى أبو بكر البغدادي المطرز. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ المطرف القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء منهم: «أبو عمر الدوري، وأبو حمدون، والقاسم بن يزيد الوزّان»، وآخرون. وقد اشتهر «المطرز» بالاقراء، والضبط، فتلقى عليه الكثيرون القرآن الكريم، منهم، «أبو بكر بن مجاهد، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وأحمد بن عبد الرحمن بن الفضل، وعليّ بن الحسين الغضائري شيخ الأهوازي» وغيرهم كثير (¬2). وقد بلغ «المطرز» مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه. وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: كان «المطرز» ثقة، حجة، إماما، مصنفا، أثنى عليه «الدارقطني» وغيره اهـ (¬3). وقد سمع «المطرز» حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من خيرة العلماء ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 12/ 441، والمنتظم 6/ 146، وتاريخ الاسلام، الورقة 24 (أحمد الثالث 2917/ 9) وتذكرة الحفاظ 2/ 717، والعبر 2/ 130، ومعرفة القراء 1/ 240، وغاية النهاية 2/ 17، وتهذيب التهذيب 8/ 314، وتقريب التهذيب 2/ 116، وطبقات الحفاظ للسيوطي 308، وخلاصة تذهيب الكمال 312، وشذرات الذهب 2/ 246. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 239. وطبقات القراء ج 2 ص 170. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 240.

منهم: «عمران بن موسى القزاز، وسويد بن سعيد، ومحمد بن عبد الأعلى، وبشر بن خالد، ومحمد بن الصباح الجرجرائي، وإسحاق بن موسى، وهارون بن حاتم الكوفي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وأبو كريب محمد بن العلاء» وآخرون (¬1). وكما اشتهر «المطرز» بتعليم القرآن، اشتهر أيضا برواية حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وقد أخذ عنه الحديث عدد كثير منهم: «أبو الحسين بن المنادي، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي، ومحمد بن خلف بن جيان الخلّال، ومحمد ابن المظفر، وأبو حفص بن الزيّات» وغير هؤلاء كثير (¬2). توفي «المطرز» يوم السبت ودفن يوم الأحد لسبع عشرة خلون من «صفر» سنة خمس وثلاثمائة ودفن في مقابر «باب الكوفة». رحم الله «المطرز» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 441. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 13 ص 441.

رقم الترجمة/ 224"قالون" ت 220 هـ

رقم الترجمة/ 224 «قالون» ت 220 هـ (¬1) الإمام، الحجة، صاحب الكرامة الكبرى، معلم القرآن ومجوّده، الثبت الثقة. هو عيسى بن مينا بن وردان، مولى بني زهرة الملقب بقالون، وقالون بلغة الرومية جيّد، وكان «قالون» ربيب الإمام نافع قارئ المدينة والإمام الأول بالنسبة للقراء، وقد اهتم «نافع» بقالون اهتماما عظيما، وهو سماه «قالون» لجودة قراءته. وقد تلقى «قالون» القراءة على شيخه «نافع». يقول «ابن الجزري»: قرأت على أحمد بن محمد الشيرازي عن علي بن أحمد، أن «قالون» قال: كان نافع إذا قرأت عليه يعقد لي ثلاثين- أي يجعلني أقرأ في اليوم ثلاثين آية، ثم يقول لي قالون يعني جيّدا جيّدا بالروميّة (¬2). قال «عبد الله بن عليّ»: إنما كان يكلمه بذلك لأن «قالون» أصله من «الروم» كان جد جدّه «عبد الله» من سبي الروم من أيام «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه. فقدم به من أسره وباعه فاشتراه بعض الأنصار، فهو مولى «محمد بن محمد بن فيروز» (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 3/ 290، وإرشاد الاريب 6/ 103، وميزان الاعتدال 3/ 327، ومعرفة القراء الكبار 1/ 155، ومرآة الجنان 2/ 80، ووفيات ابن قنفذ 166، وغاية النهاية 1/ 615، والنجوم الزاهرة 2/ 235، وشذرات الذهب. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 615. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 615.

ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد ولد «قالون» سنة عشرين ومائة من الهجرة. وقرأ على «نافع» سنة خمسين. يقول «قالون»: قرأت على «نافع» قراءته غير مرّة، وكتبتها في كتابي (¬1). وقال «النقاش»: قيل لقالون: كم قرأت على «نافع» قال ما لا أحصيه كثرة إلا أني جالسته بعد الفراغ عشرين سنة (¬2). يقول «ابن الجزري»: أخذ «قالون» القراءة عرضا عن «نافع» وعرض أيضا على «عيسى بن وردان». ومما تجدر الإشارة إليه أن قراءة قالون اشتهرت في الأمصار، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. ونظرا لشهرة قراءة «قالون» بين المسلمين فقد طبعت المصاحف بروايته تيسيرا على القراء. ولا زال المصحف المطبوع برواية «قالون» يوزع على أبناء المسلمين وبخاصة في «ليبيا» حتى الآن. ومن أصول قراءة «قالون» أنه يقرأ بصلة ميم الجمع إذا وقعت قبل متحرك، كما يقرأ الهمزتين من كلمة نحو قوله تعالى: سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ (¬3) بتسهيل ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 615. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 615. (¬3) سورة البقرة آية 6.

الهمزة الثانية بينها وبين حركتها مع إدخال ألف بين الهمزتين، وأصول قراءة «قالون» مدونة في المصنفات المعنية بذلك، بل هناك مصنفات خاصة برواية «قالون». ولقد كان «قالون» مدرسة وحده في تعليم القرآن الكريم فقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: ولداه: إبراهيم وأحمد، وإبراهيم بن الحسين الكسائي، وإبراهيم ابن محمد المدني، وأحمد بن صالح المصري، وأحمد بن يزيد الحلواني، وإسماعيل ابن إسحاق القاضي، والحسن بن علي الشحّام، والحسين بن عبد الله المعلم، وآخرون. ومن عجيب ما يحكى أن «قالون» كان أصمّ بحيث لا يسمع شيئا قط من الحديث العام، ولكنه مع ذلك كان إذا استمع لقارئ القرآن فإنه بفضل من الله تعالى يدرك الخطأ الذي يقع فيه القارئ فيسارع إلى تصحيح الخطإ له، والدليل على ذلك الخبر التالي: يقول «ابن الجزري»: قرأت على «أحمد بن محمد بن الحسين» عن «علي بن أحمد بن عبد الواحد» عن «أبي اليمن» قال: حدثني أبو محمد البغدادي قال: كان «قالون» أصمّ لا يسمع البوق، وكان إذا قرأ عليه قارئ فإنه يسمعه اهـ (¬1). وقال «ابن أبي حاتم»: كان «قالون» أصمّ يقرئ القرآن ويفهم خطأهم ولحنهم بالشفة» اهـ (¬2). ويقول «علي بن الحسن»: كان «قالون» شديد الصمم، فلو رفعت صوتك لا إلى غاية لا يسمع، فكان ينظر إلى شفتي القارئ فيردّ عليه اللحن والخطأ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 616. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1 ص 616. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 156.

ومما لا شك فيه أن نعم الله على عباده المؤمنين، وبخاصة المشتغلين بتعليم القرآن لا يحصيها عدّ. ومما جاء فضل أهل القرآن الحديثان التاليان: فعن «أبي ذرّ» رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: عليك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله، قلت: يا رسول الله زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الارض، وذخر لك في السماء اهـ (¬1). وعن «جابر» رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «القرآن شافع مشفع، وما حل (¬2) مصدّق، من جعله إمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار» (¬3). ومع أن «قالون» من المشتغلين بالقرآن الكريم، إلا أنه مع ذلك كان له اهتمام أيضا بالحديث النبوي الشريف، فقد أخذ الحديث عن «إسماعيل القاضي، وموسى بن إسحاق الأنصاري، وأبي زرعة الرازي»، وغير هؤلاء كثير. توفي «قالون» سنة عشرين ومائتين وله نيّف وثمانون سنة. رحمه الله «قالون» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) رواه ابن حبان في صحيحه انظر الترغيب ج 2 ص 582. (¬2) ماحل أي ساع، يقال محل به الى السلطان: سعى به. (¬3) رواه ابن حبان في صحيحه، انظر الترغيب ج 2 ص 583.

رقم الترجمة/ 225"قتيبة بن مهران" ت بعد سنة 200 هـ

رقم الترجمة/ 225 «قتيبة بن مهران» ت بعد سنة 200 هـ (¬1) هو: قتيبة بن مهران أبو عبد الرحمن الأصبهاني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «قتيبة» القرآن على مشاهير علماء عصره، وفي هذا المعنى يقول «ابن الجزري»: أخذ «قتيبة» القراءة عرضا وسماعا عن «الكسائي، وسليمان بن مسلم بن جماز، وإسماعيل بن جعفر» اهـ (¬2). وقال «قتيبة» عن نفسه: قرأت القرآن من أوله إلى آخره على الكسائي، وقرأ «الكسائي» القرآن من أوله إلى آخره عليّ اهـ. وقال أيضا: «صحبت «الكسائي» إحدى وخمسين سنة وشاركته في عامة أصحابه» اهـ. وفي رواية: قال: «قرأت على أبي الحسن الكسائي نيّفا وعشرين ختمة، وصاحبته نيّفا وعشرين سنة». وقال أيضا: «قرأت على الكسائي اختياره، وقرأ الكسائي عليّ قراءة أهل المدينة» اهـ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 7/ 140، وطبقات الزبيدي 95، وأخبار اصبهان 2/ 164، وإنباء الرواة 3/ 37، وإشارة التعيين، الورقة 41، والبلغة 191، ومعرفة القراء الكبار 1/ 212، وغاية النهاية 2/ 26، وبنية الوعاة 2/ 264. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 26. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 26.

وقد جلس «قتيبة» للاقراء فتلقى عليه عدد كثير منهم: «أبو معشر يونس بن حبيب، وأحمد بن محمد بن حوثرة، والعباس بن الوليد، والعباس بن الفضل، وبشر بن إبراهيم، وزهير بن أحمد الزهراني، وخلف بن هشام» وغيرهم كثير (¬1). كما أخذ «قتيبة» الحديث عن مشاهير علماء عصره منهم: «شعبة، والليث ابن سعد، وأبو معشر السندي» وجماعة. كما أخذ عن «قتيبة» جماعة منهم: يونس بن حبيب، وعقيل ابن يحيى، وإسماعيل بن يزيد القطان الأصبهاني (¬2). قال «الحافظ أبو العلاء الهمذاني» في مفردة قراءة «الكسائي» بعد إسناده رواة «قتيبة» عنه: «هذه رواية جليلة، وإسناد صحيح، وهي من أجلّ الروايات عن «الكسائي» وأعلاها، وأحقّها بالتقديم، وأولاها» اهـ (¬3). وقد اشتهر «قتيبة» بالضبط والاتقان، وإليه انتهت رئاسة الاقراء بأصبهان وقد أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا المعنى يقول «ابن الجزري»: كان «قتيبة» إماما جليلا نبيلا متقنا، أثنى عليه «يونس بن حبيب» وقال: كان من خيار الناس، وكان مقرئ «أصبهان» في وقته اهـ (¬4). توفى «قتيبة» بعد المائتين بقليل، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 26. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 212. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 27. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 26.

رقم الترجمة/ 226"قنبل" ت 291 هـ

رقم الترجمة/ 226 «قنبل» ت 291 هـ (¬1) هو: محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن سعيد بن جرجة، أبو عمرو المخزومي مولاهم المكي الملقب بقنبل شيخ القراء بالحجاز. وقد اختلف في سبب تلقيبه «قنبلا». فقيل: لأنه من بيت بمكة يقال لهم القنابلة. وقيل: لاستعماله دواء يقال له: قنبيل معروف لدى الصيادلة، فلما أكثر منه عرف به، وحذفت الياء تخفيفا. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «قنبل» سنة خمس وتسعين ومائة هجرية. وأخذ القراءة عرضا عن خيرة علماء عصره في مقدمتهم: «أحمد بن محمد بن عون النبّال» وهو الذي خلفه في القيام بالقراءة بمكة المكرمة، وإليه انتهت رئاسة الاقراء بالحجاز. كما أخذ «قنبل» القراءة أيضا عن «البزّي» و «قنبل، والبزّي» هما الراويان المشهوران في قراءة «ابن كثير» المكي الإمام الثاني بالنسبة لأئمة القراءات. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: إرشاد الاريب 6/ 206، وتذكرة الحفاظ 1/ 659، ومعرفة القراء 1/ 230، والمشتبه 536 وتاريخ الاسلام (الطبقة الثلاثون)، والوافي بالوفيات 3/ 226، والعقد الثمين 2/ 109 ووفيات ابن قنفذ 190، وغاية النهاية 2/ 165.

ولا زالت قراءة كل من «قنبل، والبزّي» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. وقد اشتهر «قنبل» بالضبط، والتقوى، والصلاح، فرحل الناس إليه من الأقطار لأخذ القراءة عنه، فقرأ عليه الكثيرون منهم: «أبو ربيعة محمد بن إسحاق» وهو أجلّ أصحابه، ومحمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن الصباح، وإسحاق بن أحمد الخزاعي، وأحمد بن موسى بن مجاهد، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ، ومحمد بن موسى الزينبي، وإبراهيم بن عبد الرزاق الأنطاكي»، وغير هؤلاء كثير (¬1). قال «أبو عبد الله القصّاع»: كان «قنبل» على الشرطة بمكة المكرمة، لأنه كان لا يليها إلا رجل من أهل الفضل والخير، والصلاح، ليكون لما يأتيه من الحدود، والأحكام، على الصواب، فولوها «لقنبل» لعلمه، وفضله عندهم (¬2). وقد طعن «قنبل» في السنّ وتوفي سنة إحدى وتسعين ومائتين من الهجرة عن ستّ وتسعين سنة. رحم الله «قنبلا» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 165. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 230.

رقم الترجمة/ 227"الليث بن خالد" ت 240 هـ

رقم الترجمة/ 227 «الليث بن خالد» ت 240 هـ (¬1) هو: الليث بن خالد، أبو الحارث البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «الليث بن خالد» القرآن عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «الكسائي» وهو من جلة أصحابه. كما روى الحروف عن «حمزة بن القاسم الأحول» وعن «اليزيدي» (¬2). وقد تتلمذ على «الليث» الكثيرون منهم: «سلمة بن عاصم» صاحب الفراء، ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير، والفضل بن شاذان، ويعقوب بن أحمد التركماني» (¬3). توفي «الليث» سنة أربعين ومائتين من الهجرة. رحم الله «الليث» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 13/ 16، وتاريخ الاسلام، الورقة 64 (أحمد الثالث 2917/ 7) ومعرفة القراء الكبار 1/ 211، وشذرات الذهب 2/ 95. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 211. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 34.

رقم الترجمة/ 228"مجاهد بن جبر" ت 102 هـ

رقم الترجمة/ 228 «مجاهد بن جبر» ت 102 هـ (¬1) شيخ القراء، وصاحب التأويل والتفسير وإمام عصره. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من علماء القراءات. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «مجاهد بن جبر» القرآن، والتفسير عن «ابن عباس» رضي الله عنه. قال «الأنصاري» حدثنا «الفضل بن ميمون» قال: سمعت «مجاهدا» يقول: عرضت القرآن على «ابن عباس» ثلاثين مرة اهـ (¬2). وروى «ابن إسحاق» عن «مجاهد» قال: عرضت «القرآن» ثلاث عرضات على ابن عباس أقفه عند كل آية، أسأله فيم نزلت، وكيف نزلت (¬3). وقال «محمد بن عبد الله بن عبد الحكيم»: حدثنا «الشافعي» عن «شبل ابن عبّاد» قال: قرأت على «ابن كثير» وأخبره «ابن كثير» أنه قرأ على ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 5/ 466، طبقات خليفة ت 2535، تاريخ البخاري 7/ 411، المعارف 444، المعرفة والتاريخ 1/ 711، الجرح والتعديل القسم الاول من المجلد الرابع 319، الحلية 3/ 279، طبقات الفقهاء للشيرازي 69، تاريخ ابن عساكر 16/ 125 ب، تهذيب الاسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 83، تهذيب الكمال 1306، تاريخ الاسلام 4/ 190. تذكرة الحفاظ 1/ 86، العبر 1/ 125، تذهيب التهذيب 4/ 22 آ، البداية والنهاية 9/ 224، العقد الثمين 7/ 132، غاية النهاية ت 2659، الاصابة ت 8363، تهذيب التهذيب 10/ 42، طبقات الحفاظ ص 35 خلاصة تذهيب التهذيب 369 شذرات الذهب 1/ 125، سير اعلام النبلاء 4/ 449. (¬2) ذكره ابن سعد، وابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 450. (¬3) ذكره ابن عساكر، وأبو نعيم، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 450.

«مجاهد» وقرأ «مجاهد» على «ابن عباس» اهـ (¬1). قال «الذهبي»: وأخذ «مجاهد» الفقه عن «أبي هريرة، وعائشة، وسعد ابن أبي وقاص، وعبد الله بن عمرو، وابن عمر، ورافع بن خديج، وجابر بن عبد الله، وأبي سعيد الخدري، وأسيد بن ظهير وغيرهم» اهـ (¬2). وقرأ على «مجاهد بن جبر» الكثيرون منهم: «ابن كثير الداري، وأبو عمرو ابن العلاء البصري، إمام البصرة في القراءات، واللغة، والنحو، ولا زالت قراءة «أبي عمرو» يقرأ بها المسلمون حتى الآن وهي من القراءات السبع المتواترة. وروى الحديث عن «مجاهد بن جبر» عدد كثير منهم: «عكرمة، وطاوس، وعطاء، وعمرو بن دينار، والحكيم بن عيينة، وابن أبي نجيح، وسليمان الأعمش، وأيوب السختياني، وقتادة بن دعامة، وحميد الأعرج»، وآخرون. وكما اشتهر «مجاهد بن جبر» بتعليم القرآن، ذاع صيته بتفسير القرآن أيضا، مما جعل العلماء يوصون بأخذ التفسير عنه: فعن «سفيان الثوري» قال: «خذوا التفسير من أربعة: مجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والضحاك» (¬3). وقال «قتادة»: أعلم من بقي بالتفسير مجاهد» اهـ (¬4). ونظرا لاشتهار «مجاهد» بالتفسير، أقتبس من أقواله ما يلي: قال «أبو نعيم»: حدثنا «إبراهيم بن عبد الله» عن «مجاهد» في قوله تعالى وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا قال: أخلص له إخلاصا اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) ذكره ابن عساكر، وأبو نعيم، انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 450. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 450. (¬3) ذكره ابن عساكر انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 451. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 451. (¬5) انظر الحلية لابن نعيم ج 3 ص 280. والآية من سورة المزمل: 8.

* وقال «جرير» عن «منصور»: قال «مجاهد» في قوله تعالى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ قال: ذلك الذي يذكر الله عز وجلّ عند المعاصي، فيبتعد عند ارتكابها خوفا من الله تعالى (¬1). * وقال «ابن أبي نجيح» قال «مجاهد» في قوله تعالى: لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ قال: عن كل شيء من لذة الحياة (¬2). * وقال «عبد الله بن المبارك» حدثنا «أبو جعفر» عن «ليث» عن «مجاهد» في قوله: وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ قال: القنوت: الركوع، والخشوع وغض البصر، وخفض الجناح من رهبة الله تعالى، قال: وكان العلماء إذا قام أحدهم إلى الصلاة هاب الرحمن عز وجل أن يشذ نظره، أو يلتفت، أو يعبث بشيء ما في الصلاة (¬3). * وقال «الأعمش»: سمعت «مجاهدا» يقول: القلب بمنزلة الكف، فإذا أذنب الرجل ذنبا انقبض «اصبع» حتى تنقبض أصابعه كلها إصبعا إصبعا، قال: ثم يطبع عليه، فكانوا يرون أن ذلك «الران» قال الله تعالى: كَلَّا بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (¬4). * وروى «سفيان الثوري» عن «منصور» عن «مجاهد» في قوله تعالى: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ قال: «الذنوب تحيط بالقلوب كلما عمل ذنبا ارتفعت حتى تغشى القلب، وحتى يكون هكذا ثم قبض يده، ثم قال هو الران» (¬5). ¬

_ (¬1) انظر حلية الاولياء ج 3 ص 281. والآية من سورة الرحمن: 24. (¬2) انظر حلية الاولياء ج 3 ص 281. والآية من سورة التكاثر: 8. (¬3) انظر حلية الاولياء ج 3 ص 282. والآية من سورة البقرة 238. (¬4) انظر حلية الاولياء ج 3 ص 282. والآية من سورة المطففين 14. (¬5) انظر حلية الاولياء ج 3 ص 282. والآية من سورة البقرة: 81.

* وروى «أبو نعيم» عن «مجاهد» في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ [لقمان: 6] قال: الغناء (¬1). * وروى «أبو نعيم» عن «أبي بكر محمد بن الحسين الآجري» عن «فضيل بن عياض» عن «ليث» عن «مجاهد» في قوله تعالى: يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ [البقرة 269] قال: العلم والفقه (¬2). وكما أثر عن «مجاهد بن جبر» العلم بالكتاب والسنة، أثر عنه الكثير من الحكم البليغة ذات المعاني الكثيرة: فعن «أبي نعيم» قال: حدثنا «أبو أحمد محمد بن أحمد الغطريفي» عن «مجاهد» قال: سأل «موسى» عليه السلام ربّه عز وجلّ: أيّ عبادك أغنى؟ قال: الذي يقنع بما يؤتى، قال: فأيّ عبادك أحكم؟ قال: الذي يحكم للناس بما يحكم لنفسه، قال: فأيّ عبادك أعلم؟ قال: أخشاهم اهـ (¬3). وقال «الحسن بن عبد الله»: سمعت «مجاهدا» يقول: إذا خرج الرجل حضره الشيطان، فإذا قال: بسم الله، قيل: هديت، فإذا قال: توكلت على الله، قيل: كفيت، وإذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قيل: حفظت، فيقال: كيف يكون بمن هدى، وكفى، وحفظ اهـ (¬4). ونظرا لجهاد «مجاهد» المستمر، ودعوته إلى الله تعالى، فقد استحق ثناء الناس عليه: قال «سلمة بن كهيل»: ما رأيت أحدا يريد بهذا العلم وجه الله إلا هؤلاء الثلاثة: عطاء، ومجاهد، وطاوس اهـ. توفي «مجاهد بن جبر» وهو ساجد سنة ثنتين ومائة من الهجرة عن ثلاث وثمانين سنة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وتفسيره. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله عن القرآن وأهله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 286. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 293. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 292. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 3 ص 295.

رقم الترجمة/ 229"محمد بن إسماعيل"

رقم الترجمة/ 229 «محمّد بن إسماعيل» (¬1) هو: محمد بن إسماعيل أبو بكر القرشي، مقرئ حاذق ضابط. ذكره «الذهبي» 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «محمد بن إسماعيل» القراءة عن خيرة العلماء منهم: «أبو شعيب السوسي» أحد الرواة المشهورين عن «أبي عمرو بن العلاء» البصري الإمام الثالث بالنسبة لأئمة القراء العشرة المشهورين (¬2). وقد تصدر «محمد بن إسماعيل» للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «محمد بن علي بن الجلندى» وآخرون (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن إسماعيل». رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: معرفة القراء الكبار 1/ 247 وغاية النهاية 2/ 102. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 247. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 102.

رقم الترجمة/ 230"محمد الأشناني" 347 هـ

رقم الترجمة/ 230 «محمد الأشناني» 347 هـ (¬1) هو: محمد بن أحمد بن الحسن بن عمر أبو بكر، ويقال أبو عبد الله الثقفي الأصبهاني الأشناني المعروف بالكسائي شيخ مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى محمد الأشناني القراءة وسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم على خيرة العلماء. ومن الذين أخذ عنهم القراءة: محمد بن عبد الله بن شاكر، وجعفر بن عبد الله ابن الصباح، وعمر بن محمد بن برزة، ونوح بن منصور، واسحاق الخزاعي في قول الهذلي، وغير هؤلاء (¬2). ومن الذين حدث عنهم: عبد العزيز بن معاوية القرشي، وعبد الله بن محمد النعمان، وأبو بكر بن عاصم، وجماعة (¬3). تصدر «محمد الأشناني» لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وقد أقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: محمد بن عبد الله بن أشتة، ومحمد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام الورقة 238، وغاية النهاية 2/ 61، والنجوم الزاهرة 3/ 321، وشذرات الذهب 2/ 375. (¬2) انظر طبقات القراء 2/ 61. (¬3) انظر القراء الكبار 1/ 293.

ابن جعفر بن محمود الأشناني، ومحمد بن عبد الرحمن بن الفضل الجوهري، وأبو جعفر المغازلي، والمظفر بن أحمد، ومحمد بن أحمد السّلمي وغير هؤلاء (¬1). ومن الذين رووا عنه حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم: أبو بكر بن المقرئ، وأبو بكر بن أبي علي الذكواني، ومحمد بن علي بن مصعب شيخ أبي علي الحداد (¬2). توفي «محمد الأشناني» بأصبهان سنة سبع وأربعين وثلاثمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء 2/ 61. (¬2) انظر القراء الكبار 1/ 294.

رقم الترجمة/ 231"محمد الأنماطي"

رقم الترجمة/ 231 «محمّد الأنماطي» (¬1) هو: محمد بن سعيد أبو عبد الله المصري الأنماطي. مقرئ متصدر جليل القدر ضابط. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «محمد الأنماطي» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «عبد الصمد ابن عبد الرحمن» صاحب «ورش» وعن «يوسف بن عمرو الازرق» وهو من كبار أصحابهما، ومن جلة المصريين (¬2). تصدّر «محمد الأنماطي» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «عبد المجيد بن مسكين، ومحمد بن خيرون المغربي» (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد الأنماطي» رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: معرفة القراء 1/ 261، وغاية النهاية 2/ 146، وحسن المحاضرة 1/ 487. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 261. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 146.

رقم الترجمة/ 232"محمد بن البراء" ت 291 هـ

رقم الترجمة/ 232 «محمّد بن البراء» ت 291 هـ (¬1) هو: محمد بن أحمد بن البراء بن المبارك أبو الحسن البغدادي القاضي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن البراء» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «خلف بن هشام البزّار»، فقد ختم عليه القرآن تسع ختمات (¬2). ولا زالت قراءة «خلف البزّار» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. وقد تصدر «ابن البراء» لتعليم القرآن الكريم، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أحمد بن محمد بن علي الديباجي، وعليّ بن سعيد القزّاز، وعثمان بن أحمد الدقاق، وابن زياد النقاش» وآخرون (¬3). كما أخذ «محمد بن البراء» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «محمد بن البراء» «المعافي بن سليمان، وخلف بن هشام البزّار، ومحمد بن حسان السمتي، وعلي ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: أخبار أصبهان 2/ 227، وتاريخ بغداد 1/ 281، وفهرست ابن خير 284، والمنتظم 6/ 47 والمحمدون من الشعراء 34، وتاريخ الاسلام، الورقة 302 (أوقاف)، ومعرفة القراء 1/ 263، وغاية النهاية 2/ 56، وشذرات الذهب 2/ 208. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 56. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 264.

ابن المديني، ومحمد بن الصباح، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، والفضل بن غانم، وعبد المنعم بن إدريس» وأمثالهم (¬1). كما تصدر «ابن البراء» لرواية حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم. يقول «الخطيب البغدادي»: روى عن «ابن البراء» «الحسين بن إسماعيل المحاملي، ومحمد بن أحمد الدقاق، وأبو جعفر بن برية الهاشمي، وعبد الباقي بن قانع» وآخرون (¬2). ومن الأحاديث التي رواها «ابن البراء» الحديث التالي: قال «أبو الحسن الدارقطني»: أخبرنا «أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن موسى بن هارون بن الصلت الأهوازي» قال: حدثنا «القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي» إملاء، قال: حدثنا محمد بن أحمد البراء، قال: نبّأنا المعافي بن سليمان» قال: نبّأنا «موسى بن أعين» عن «ليث بن حبيب بن أبي ثابت» عن «سعيد بن جبير» عن «أبي هريرة» رضي الله عنه قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بركعتي الفجر» (¬3). وكان «ابن البراء» من الثقات، فقد وثقه «الخطيب البغدادي». توفي «ابن البراء» في شوال سنة إحدى وتسعين ومائتين من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «ابن البراء» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 281. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 281. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 281.

رقم الترجمة/ 233"محمد أبو الحارث الرقي"

رقم الترجمة/ 233 «محمّد أبو الحارث الرّقي» (¬1) هو: محمد بن أحمد أبو الحارث بن الرّقي، نزيل طرسوس، مقرئ متصدر مشهور جليل. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الحارث» الرقي، القرآن عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو شعيب السوسي» وهو من خيرة أصحابه، وأوثقهم (¬2). كما تلقى عليه القرآن عدد كبير منهم: «نظيف بن عبد الله، وأبو بكر النقاش» وآخرون (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي الحارث الرقي». رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار 1/ 247، وغاية النهاية 2/ 94. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 94. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 94.

رقم الترجمة/ 234"محمد بن حمدون الحذاء" ت 310 هـ

رقم الترجمة/ 234 «محمّد بن حمدون الحذّاء» ت 310 هـ (¬1) هو: محمد بن حمدون أبو الحسن الواسطي الحذّاء. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «محمد الحذّاء» القرآن عن مشاهير العلماء. فقد عرض القرآن على «أبي عون، وقنبل» أحد الرواة المشهورين عن «ابن كثير» المكي، ولا زالت قراءة «قنبل» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما سمع «محمد الحذّاء» حروف القرآن من «شعيب بن أيوب الصريفيني» (¬2). وقد تصدّر «محمد الحذّاء» للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو أحمد الساوي، وعلي بن سعيد ذؤابة، وعبيد الله بن مخلد، وروى عنه القراءة «أبو بكر بن مجاهد» وآخرون (¬3). كان «محمد بن حمدون» من الثقات، وفي هذا يقول: «أبو طاهر بن أبي هاشم»: كان «محمد الحذّاء» من أهل الثقة والاتقان» اهـ (¬4). توفي «محمد الحذّاء» سنة عشر وثلاثمائة على خلاف في ذلك. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: معرفة القراء الكبار 1/ 250، وغاية النهاية 2/ 135، ونهاية الغاية، الورقة، 235. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 250. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 135. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 250.

رقم الترجمة/ 235"محمد بن رفاعة" ت 248 هـ

رقم الترجمة/ 235 «محمّد بن رفاعة» ت 248 هـ (¬1) هو: محمد بن يزيد بن رفاعة، أبو هشام الرفاعي، الكوفي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «محمد بن رفاعة» القرآن عن مشاهير علماء عصره. يقول «ابن الجزري» في هذا المعنى: «أخذ القراءة عرضا عن «سليم» وسمع من «أبي يوسف الأعشى، وحسين بن عليّ الجعفي، ويحيى بن آدم، وسمع قراءة «الأعشى» وضبط حروفا عن «أبي بكر بن عياش» وروى أيضا عن «الكسائي» وله كتاب «الجامع في القراءات» اهـ (¬2). وقد تتلمذ على «محمد بن رفاعة» عدد كثير منهم: «موسى بن إسحاق القاضي، وعلي بن الحسن القطيعي، وأحمد بن سعيد المروزي، والقاسم بن داود، وعليّ بن أحمد بن قربة، وعبد الله بن هاشم الزعفراني» وآخرون (¬3). وقد أخذ «محمد بن رفاعة» الحديث عن مشاهير علماء عصره منهم: «أبو ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 8/ 129، وتاريخ بغداد 3/ 375، وأنساب السمعاني 6/ 147، واللباب 2/ 32، والعبر 1/ 453، والكاشف 3/ 109، وميزان الاعتدال 4/ 68. والوافي بالوفيات 4/ 216، ومعرفة القراء 2/ 280، وغاية النهاية 2/ 280، وتهذيب التهذيب 9/ 526، ولسان الميزان 7/ 488، وخلاصة تذهيب الكمال 364، وشذرات الذهب 2/ 119، وانظر «تهذيب الكمال» للمزي. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 280. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 225.

بكر بن عياش، وحفص بن غياث، والمطّلب بن زياد، وابن فضيل» وآخرون (¬1). وقد روى عن «محمد بن رفاعة» الحديث عدد من العلماء منهم: «مسلم» في صحيحه، والترمذي، وابن ماجة في كتابيهما، وابن خزيمة في صحيحه، وأحمد ابن أبي خيثمة» وآخرون (¬2). وقد احتلّ «محمد بن رفاعة» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول «أحمد بن عبد الله العجليّ»: «محمد بن رفاعة» لا بأس به، صاحب قرآن وولي قضاء المدائن» (¬3). توفي سنة ثمان وأربعين ومائتين، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 225. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 281. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 225.

رقم الترجمة/ 236"محمد سالم محيسن" أمد الله في عمره

رقم الترجمة/ 236 «محمد سالم محيسن» (¬1) أمدّ الله في عمره ولد المؤلف الدكتور: محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن ببلدة «الروضة» مركز فاقوس شرقية في جمهورية مصر العربية في 11 فبراير سنة 1929 م من أسرة متدينة مستورة الحال. * حفظ «القرآن الكريم» ثمّ جوّده منذ باكورة حياته. * التحق بالأزهر الشريف لطلب العلم وحصل على الشهادات العلمية الآتية: (1) الشهادة العالية في القراءات من الازهر سنة 1948 م. (2) شهادة التخصص في القراءات وعلوم القرآن من الازهر سنة 1953 م. (3) الشهادة العالية «الليسانس» في العلوم الإسلامية والعربية من جامعة الازهر سنة 1967 م. (4) الماجستير في الآداب العربية بتقدير «ممتاز» من كلية الآداب جامعة القاهرة سنة 1973 م. (5) الدكتوراة في الآداب العربية بمرتبة الشرف الاولى من كلية الآداب جامعة القاهرة سنة 1976 م. ¬

_ (¬1) هذه الترجمة كتبها المؤلف بخط يده. وقد ترجم لنفسه أسوة بغيره من العلماء.

نشاطه العلمي والعملي

نشاطه العلمي والعملي * بعد حصوله على شهادة التخصص في القراءات وعلوم القرآن عيّن مدرسا بقسم تخصص القراءات بالأزهر لتدريس القراءات وعلوم القرآن. * عيّن عضوا بلجنة تصحيح المصاحف ومراجعتها بالأزهر سنة 1956 م. * انتدب للتدريس بمعهد غزّة الديني من عام 1960 الى 1964 م. اختير عضوا ضمن اللجنة العلمية التي تشرف على تسجيل القرآن الكريم بالإذاعة المصرية سنة 1965 م. * انتدب للتدريس بالمعهد الديني «بواد مدني» بالسودان من عام 1954 إلى 1956 م. انتدب للتدريس بجامعة «أم درمان» الإسلامية بالسودان من عام 1970 الى 1973 م. * انتدب للتدريس بجامعة الخرطوم من عام 1973 الى 1976 م. * انتدب للتدريس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة من عام 1976 م إلى الآن. * قام بالإشراف ومناقشة الكثير من البحوث العلمية. شارك في الكثير من المؤتمرات العلمية. * له أحاديث دينية بإذاعة السودان تزيد على المائة حديث. * له أحاديث دينية أسبوعية، وندوات علمية أسبوعية بإذاعة المملكة العربية السعودية من عام 1977 م إلى الآن.

شيوخه

* بلغ انتاجه العلمي أكثر من ثلاثين كتابا في جوانب متعددة: مثل: تجويد القرآن- وضبط القرآن- وإعجاز القرآن- وعلوم القرآن- والقراءات الثلاث- والقراءات السبع- والقراءات العشر- والقراءات الشاذة- وتوجيه القراءات- وغريب القرآن- والآداب الإسلامية- والسنة النبوية- والفقه الإسلامي. * يرجو من الله تعالى أن يوفقه دائما إلى خدمة العلم والقرآن. * يرجو من الله تعالى أن يحسن خاتمته ويتوفاه على الايمان وأن يغفر له ولوالديه إنه سميع مجيب. شيوخه حفظ المؤلف القرآن، وجوّده، وتلقى علوم القرآن، والقراءات والعلوم الشرعية، والعربية، عن خيرة علماء عصره، وبيانهم فيما يلي: حفظ القرآن الكريم على الشيخ: محمد السيد عزب. جوّد القرآن الكريم على كل من الشيخ: محمد محمود، والشيخ محمود بكر. أخذ القراءات علميا عن كل من الشيخ عبد الفتاح القاضي والشيخ محمود دعبيس. أخذ القراءات عمليا وتطبيقيا عن الشيخ عامر السيد عثمان. أخذ رسم القرآن، وضبطه عن الشيخ أحمد أبو زيت حار. أخذ عدّ آي القرآن عن الشيخ محمود دعبيس. أخذ توجيه القراءات عن الشيخ محمود دعبيس. أخذ الفقه الإسلامي عن كل من الشيخ أحمد عبد الرحيم، والشيخ محمود عبد الدائم. أخذ أصول الفقه عن الشيخ يس سويلم.

كتب للمؤلف

أخذ التوحيد عن الشيخ عبد العزيز عبيد. أخذ المنطق عن الشيخ صالح محمد شرف. أخذ التفسير عن كل من الشيخ خميس محمد هيبة، والشيخ كامل محمد حسن. أخذ الحديث وعلومه عن الشيخ محمود عبد الغفار. أخذ دراسة الكتب الإسلامية عن الشيخ محمد الغزالي. أخذ النحو والصرف عن كل من الشيخ خميس محمد هيبة، والشيخ محمود حبلص. أخذ علوم البلاغة عن كل من الشيخ محمود دعبيس، والشيخ محمد بحيرى. أخذ فقه اللغة عن الدكتور حسن ظاظا. أخذ أصول اللغة عن الدكتور حسن السيد عون. أخذ مناهج البحث العلمي عن الدكتور عبد المجيد عابدين أشرف عليه في رسالة الماجستير الدكتور أحمد مكي الأنصاري أشرف عليه في رسالة الدكتوراة الدكتور عبد المجيد عابد أكرمه الله تعالى ووفقه. وصنف الكتب الآتية: كتب للمؤلف 1 - المستنير في تخريج القراءات من حيث اللغة- والاعراب- والتفسير، 3 اجزاء. 2 - المهذّب في القراءات العشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر 2 جزءان. 3 - الارشادات الجليّة في القراءات السبع من طريق الشاطبية. 4 - التذكرة في القراءات الثلاث وتوجيهها من طريق الدرة 2 جزءان. 5 - الإفصاح عما زاد به الدرة على الشاطبية. 6 - المغني في توجيه القراءات العشر المتواترة 3 أجزاء.

7 - القراءات وأثرها في علوم العربية 2 جزءان. 8 - تهذيب اتحاف فضلاء البشر في القراءات الاربع عشرة. 9 - الرسالة البهية في قراءة أبي عمر الدوري. 10 - المجتبي في تخريج قراءة أبي عمر الدوري. 11 - الرائد في تجويد القرآن. 12 - إرشاد الطالبين إلى ضبط الكتاب المبين. 13 - التوضيحات الجليّة شرح المنظومة السخاوية. 14 - الهادي إلى تفسير كلمات القرآن. 15 - نظام الأسرة في الاسلام. 16 - الوقف والوصل في العربية. 17 - أبو عبيد القاسم بن سلام، حياته وآثاره اللغوية. 18 - أبو بكر محمد بن القاسم الانباري، حياته وآثاره. 19 - المقتبس من اللهجات العربيّة والقرآنية. 20 - البرهان في إعجاز القرآن. 21 - مرشد المزيد إلى علم التجويد. 22 - تاريخ القرآن. 23 - في رحاب القرآن. 24 - في رحاب الاسلام. 25 - العبادات في ضوء الكتاب والسنة. 26 - الحج والعمرة في ضوء الكتاب والسنة. 27 - المحرمات في ضوء الكتاب والسنة. 28 - الفضائل في ضوء الكتاب والسنة. 29 - الكشف عن أسرار ترتيب القرآن. 30 - التعليق على كتاب النشر في القراءات العشر.

31 - تصريف الافعال والأسماء في ضوء أساليب القرآن. 32 - أنت تسأل والإسلام يجيب. 33 - في رحاب السّنة المطهّرة. 34 - الاسلام يؤمن حقوق الإنسان. 35 - الأسرة في ضوء تعاليم الإسلام. 36 - حديث الروح في ضوء الكتاب والسنة. 37 - المبسوط في القراءات الشاذة. 38 - منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله. 39 - في رحاب القراءات. 40 - معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ. 41 - تحقيق شرح طيبة النشر لابن الناظم. 42 - طبقات المفسرين ومناهجهم. 43 - الهادي شرح طيبة النشر في القراءات العشر. 44 - السراج المنير في الثقافة الإسلامية.

رقم الترجمة/ 237"محمد بن سرح" ت 273 هـ

رقم الترجمة/ 237 «محمد بن سرح» ت 273 هـ (¬1) هو: محمد بن سنان بن سرح بالحاء المهملة إبراهيم أبو جعفر التنوخي الشيزري الضرير القاضي بشيزر (¬2). تلقى «ابن سرح» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «عيسى بن سليمان الشيزري» صاحب الكسائي، كما أخذ القراءة عرضا وسماعا من «أحمد ابن جبير الأنطاكي، وميمون بن حفص» وغيرهم (¬3). وقد تصدر «ابن سرح» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو الحسن بن شنبوذ، وإبراهيم بن عبد الرزاق، ومحمد بن عبد الله الرازي، وأحمد بن الحسن الرازي، وأبو العباس أحمد بن العباس الضرير، وعبد الصمد بن سعيد الحمصي، ومحمد بن أحمد بن محمد الهروي» وغيرهم كثير (¬4). كما أخذ «محمد بن سرح» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء منهم: «عبد الوهاب بن نجدة، وهشام بن عمّار، وأبو نعيم الحلبي» وطائفة غير هؤلاء (¬5). وكما تصدر «ابن سرح» لتعليم القرآن تصدر أيضا لتعليم حديث النبي عليه ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام، الورقة 309 (أوقاف)، ومعرفة القراء 1/ 260، وغاية النهاية 2/ 150. (¬2) شيزر: بتقديم الزاي على الراء، قلعة بالشام قرب المعرة بينها وبين «حماة» يوم، في وسطها نهر الاردن- انظر معجم البلدان ج 3 ص 383. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 260. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 150. (¬5) انظر طبقات القراء ج 2 ص 151.

الصلاة والسلام. وقد تتلمذ عليه الكثيرون. منهم: «ولده إسماعيل، وأبو جعفر الطحاوي، وأبو علي بن هارون، وأبو القاسم الطبراني، وأحمد بن إبراهيم بن جامع السكري، وأحمد بن الحسن بن عتبة الرازي» وغير هؤلاء (¬1). توفي «محمد بن سرح» سنة ثلاث وسبعين ومائتين. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 260.

رقم الترجمة/ 238"محمد بن سعيد البزار"

رقم الترجمة/ 238 «محمّد بن سعيد البزار» (¬1) هو: محمد بن سعيد بن عمران بن موسى أبو جعفر البزّار الكوفي الضرير مقرئ بارع. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «محمد البزّار» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «خلف بن هشام البزّار، وخلاد بن خالد» الصيرفي (¬2)، وهما الراويان المشهوران عن «حمزة الزيات» ولا زالت قراءة «خلف، وخلاد» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. تصدر «محمد البزّار» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «أحمد بن سهلان، ومحمد بن إبراهيم السوّاق، وإسحاق بن أحمد النحوي» وغيرهم (¬3). كان «محمد بن البزّار» من خيرة العلماء وبخاصة في قراءة القرآن. وفي هذا يقول «الذهبي»: برع «محمد البزار» في القراءة، وله اختيار معروف وهو قديم الوفاة» اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: معرفة القراء 1/ 262، وغاية النهاية 2/ 144 (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 262. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 262. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 145.

وقال «الشذائي»: قال «محمد بن إبراهيم السوّاق»: كان «محمد البزّار» قد اختار من رواية «خلف، وخلاد» رواية يقرئ بها اهـ (¬1). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «البزّار» رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 145.

رقم الترجمة/ 239"محمد بن شاذان" ت 286 هـ

رقم الترجمة/ 239 «محمّد بن شاذان» ت 286 هـ (¬1) هو: محمد بن شاذان أبو بكر الجوهري البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «ابن شاذان» القراءة عن خيرة علماء عصره: فقد أخذها عرضا عن «خلاد» صاحب «سليم» وهو من جلة أصحابه، وعن «رويم بن يزيد» صاحب القناد عن «حمزة» وروى الحروف عن «عبد الله بن صالح العجلي» وعن «خالد بن يزيد» الطبيب عن «حمزة» فيما ذكره «الهذلي» (¬2). وقد عمّر «ابن شاذان» حتى وصل ثلاثا وتسعين سنة، وكان مع ذلك من العلماء المشهور لهم بالثقة وصحة الضبط. قال عنه «ابن الجزري»: «ابن شاذان» حاذق ثقة محدث معروف ومشهور اهـ (¬3). وقد ذكره «الدارقطني» فقال: ثقة صدوق (¬4). وقال «الخطيب البغدادي»: قرأت على «الحسن بن أبي بكر» عن «أحمد بن كامل القاضي» قال: كان «محمد بن شاذان» الجوهري ثقة في الحديث مأمونا اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 5/ 353، ومعرفة القراء 1/ 255، وغاية النهاية 2/ 152. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 255. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 152. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 353. (¬5) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 353.

وقد تصدر «ابن شاذان» للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو الحسن ابن شنبوذ، وأبو بكر النقاش» وغيرهما (¬1). كما أخذ «ابن شاذان» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «هوذة بن خليفة، وزكريا بن عدي، ومعلّى بن منصور، وعمرو ابن حكام» (¬2). وقد روي عن «ابن شاذان» الحديث عدد كبير منهم: «الحسين بن إسماعيل المحاملي، وأحمد بن سلمان النجاد، وعبد الصمد بن علي الطستي، وأحمد ابن كامل القاضي، وعبد الباقي بن قانع» وغيرهم كثير (¬3). توفي «ابن شاذان» ليلة السبت لأربع خلت من جمادى الاولى سنة ست وثمانين ومائتين بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «ابن شاذان» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 152. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 153. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 153.

رقم الترجمة/ 240"أبو محمد العينوني" ت 294 هـ

رقم الترجمة/ 240 «أبو محمد العينوني» ت 294 هـ (¬1) هو: عبد الصمد بن محمد بن أبي عمران، أبو محمد الهمداني المقدسي العينوني، مقرئ متصدر مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو محمد العينوني» القرآن عن خيرة العلماء، فقد أخذ القراءة عرضا وسماعا عن «عمرو بن الصباح» عن «حفص بن سليمان بن المغيرة» (¬2). وتصدر «أبو محمد العينوني» لتعليم القرآن الكريم، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «إبراهيم بن عبد الرزاق، وصالح بن أحمد بن عبد الرحمن، ومحمد بن الحسن النقاش» وآخرون (¬3). توفي «أبو محمد العينوني» سنة أربع وتسعين ومائتين من الهجرة بقرية «عينون» من بيت المقدس. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: معجم البلدان 3/ 765، واللباب 2/ 370، وغاية النهاية 1/ 391، ومعرفة القراء 1/ 263. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 263. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 391.

رقم الترجمة/ 241"محمد بن المعلى" ت 325 هـ

رقم الترجمة/ 241 «محمّد بن المعلّى» ت 325 هـ (¬1) هو: محمد بن المعلّى بن الحسن بن طالب بن عبد الله، أبو عبد الله البغدادي، المعروف بالشونيزي. قال عنه «ابن الجزري»: محمد بن المعلّى مقرئ محقق معروف (¬2). وقال «الخطيب البغدادي»: حدثنا «محمد بن علي بن الفتح»، حدثنا «أحمد بن إبراهيم بن شاذان» حدثنا «أبو عبد الله محمد بن المعلّى بن الحسن ابن طالب الشونيزي الشيخ الثقة» (¬3). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن المعلى» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عون محمد ابن عمرو بن عون، ومحمد بن غالب صاحب شجاع، وعبد الرحمن بن عبدوس» وغير هؤلاء (¬4). تصدر «ابن المعلّى» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أحمد ابن نصر الشذائي، وأبو الطيب عبد الغفار بن عبد الله السرّي الحضيني الواسطي» وغيرهما (¬5). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 3/ 309، واللباب 2/ 215، ومعرفة القراء 1/ 260، وغاية النهاية 2/ 264. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 264. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 310. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 260. (¬5) انظر طبقات القراء ج 2 ص 264.

كما أخذ «ابن المعلّى» حديث النبي صلى الله عليه وسلم من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «محمد بن عبد الله المخرمي، والقاسم بن بشر بن معروف، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي» وكما تصدر «ابن المعلى» لتعليم القرآن تصدّر أيضا لرواية حديث الرسول عليه الصلاة والسلام، فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو حفص بن الزيات، وعلي بن محمد بن لؤلؤ، وأبو بكر بن شاذان، وعبد الله بن عثمان الصفّار» (¬1). قال «الخطيب البغدادي»: أنبأنا «السمسار» حدثني «الصفّار» حدثنا «ابن قانع» قال: مات «أبو عبد الله بن الشونيزي» في شعبان سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. رحم الله «محمد بن المعلّى» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 309.

رقم الترجمة/ 242"محمد بن موسى الصوري" ت 307 هـ

رقم الترجمة/ 242 «محمد بن موسى الصّوري» ت 307 هـ (¬1) هو: محمد بن موسى بن عبد الرحمن بن أبي عمّار، وقيل: ابن أبي عمارة. قال «ابن الجزري»: والاول هو الصحيح، أبو العباس الصوري الدمشقي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «الصوري» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «ابن ذكوان» أحد الرواة المشهورين عن «ابن عامر» الشامي والإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراءات. ولا زالت رواية «ابن ذكوان» من طريق «الصوري» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ «الصوري» القراءة عرضا عن «عبد الرزاق بن حسن الإمام» (¬2). وقد تصدّر «الصوري» للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: «محمد ابن أحمد الداجوني، والحسن بن سعيد المطوعي» ولا زالت قراءة كل من «الداجوني، والمطوّعي» يتلقاها المسلمون حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين (¬3). توفي «الصوري» سنة سبع وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحم الله «الصوري» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام، الورقة 34 (أحمد الثالث 2917/ 9) ومعرفة القراء 1/ 254 وغاية النهاية 2/ 268. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 254. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 268.

رقم الترجمة/ 243"محمد بن النجار" ت 402 هـ

رقم الترجمة/ 243 «محمد بن النجار» ت 402 هـ (¬1) هو: محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن بن هارون أبو الحسن التميمي الكوفي النحوي المعروف بابن النجار. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد ابن النجار» أول سنة ثلاث وثلاثمائة من الهجرة. أخذ «ابن النجار» القراءة عن خيرة العلماء. يقول «ابن الجزري»: أخذ القراءة عرضا عن محمد بن الحسن بن يونس، والحسن بن داود النقاد وعن أبيه جعفر بن محمد (¬2). كما أخذ «حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء. يقول «الخطيب البغدادي»: قدم محمد بن النجار بغداد وحدث بها عن «محمد بن الحسين الأشناني، وعبيد الله بن ثابت الحريري، واسحاق بن محمد ابن مروان، ومحمد بن القاسم بن زكريا المحاربي، وأبي بكر بن دريد، ونفطويه، وأبي ورق الهزاني، ومحمد بن يحيى الصولي» (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 2/ 158 - 159، وإرشاد الاريب 18/ 103 - 104، (ط الرفاعي) وإنباه الرواة 3/ 83 - 84. وتاريخ الاسلام الورقة 22 (آيا صوفيا 3009)، وتذكرة الحفاظ 3/ 1062. وتلخيص ابن مكتوم الورقة 196. والوافي بالوفيات 2/ 305، والبداية النهاية 11/ 347، وغاية النهاية 2/ 11. وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 31 - 32. وبغية الوعاة 1/ 69 - 70، وشذرات الذهب 3/ 164. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 111. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 158.

تصدر «محمد بن النجار» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسّلام. واشتهر بالثقة وصحة السند، وعمر طويلا، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، يقول «الامام ابن الجزري»: «روى القراءة عن «ابن النجار» الحسن بن محمد البغدادي، وأبو علي غلام الهراس، وأبو علي العطار» (¬1). وقال «الخطيب البغدادي»: حدثنا عن «محمد بن النجار» محمد بن علي ابن مخلد الوراق، وأحمد بن علي بن التوزي، وأبو القاسم الأهوازي، وأحمد بن عبد الواحد الوكيل وغيرهم. ثم يقول «البغدادي»: وذكر لي الحسن بن علي بن عبد الله المقرئ، وأبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل أنهما سمعا منه ببغداد في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة (¬2). اشتهر «ابن النجار» بين العلماء بالدقة والثقة مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول أبو علي البغدادي: كان «ابن النجار» من جلة أهل العربية، ومن أهل الحديث متقنا فاضلا (¬3). وقال «ابن الجزري»: «ابن النجار» مقرئ، نحوي، معمّر، مسند ثقة (¬4). قال «الخطيب البغدادي»: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي، وأبو منصور محمد ابن أحمد بن عبد العزيز العكبري قال: توفي أبو الحسن محمد بن جعفر بن النجار المقرئ بالكوفة في جمادى الاولى سنة اثنتين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 111. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 159. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 111. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 111.

رقم الترجمة/ 244"محمد بن النفاخ" ت 314 هـ

رقم الترجمة/ 244 «محمّد بن النفّاخ» ت 314 هـ (¬1) هو: محمد بن محمد بن عبد الله بن بدر النفّاخ أبو الحسن الباهلي البغدادي السامري نزيل مصر. كان «ابن النفاخ» من «سرّ من رأى» ثم سافر إلى الشام، ثم رحل إلى «مصر» فاستوطنها حتى توفي بها. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «ابن النفّاخ» حروف القرآن عن خيرة العلماء. وفي هذا يقول «ابن الجزري»: روى «ابن النفاخ» حروف القرآن عن «أبي عمر الدوري» ب «سرّ من رأى» سنة أربع وأربعين ومائتين، ويقال إنه عرض عليه (¬2). وقد اشتهر «ابن النفاخ» بين العلماء، وكان صاحب تقوى وصلاح مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الداني»: كان «ابن النفاخ» ثقة مشهورا (¬3). وقال «ابن يونس»: كان ثقة ثبتا صاحب حديث متقللا من الدنيا (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 3/ 214، وتاريخ الاسلام، الورقة 77 (أحمد الثالث 2917/ 9) والوافي بالوفيات 1/ 99، وغاية النهاية 2/ 242، ومعرفة القراء الكبار 1/ 244، والنجوم الزاهرة 3/ 26 وحسن المحاضرة 1/ 487، وشذرات الذهب 2/ 269. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 242. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 242. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 245.

وقد اشتهر «ابن النفاخ» بالقراءة، والاقراء، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: «الحسن بن سعيد المطوعي، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب، وأحمد بن محمد بن هارون الأسواني، ومحمد بن أحمد بن جابر التنيسي، وأحمد بن محمد ابن إسماعيل المصري، وعبد الله بن الحسين السامري، وغيرهم كثير (¬1). كما أخذ «ابن النفّاخ» الحديث عن خيرة العلماء منهم: «إسحاق بن أبي إسرائيل، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن خالد الدمشقي» وطبقتهم (¬2). وكما اشتهر «ابن النفاخ» بقراءة القرآن، اشتهر أيضا برواية حديث النبي عليه الصلاة والسلام، وقد روى عنه الحديث الكثيرون منهم: «حمزة الكناني، ومحمد بن إسحاق الصفّار، وأبو بكر بن المقرئ، وعبد الله بن إبراهيم الأبنودي، وأحمد بن محمد المهندس، وعبيد الله بن محمد بن خلف البزّار، وأبو سعيد بن يونس» وآخرون (¬3). توفي «ابن النفّاخ» بمصر يوم الثلاثاء لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة أربع عشرة وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله «ابن النفّاخ» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 242. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 2 ص 314. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 245.

رقم الترجمة/ 245"محمد بن واصل" ت 273 هـ

رقم الترجمة/ 245 «محمّد بن واصل» ت 273 هـ (¬1) هو: محمد بن أحمد بن واصل أبو العباس البغدادي مقرئ جليل. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «محمد بن واصل» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «والده عن اليزيدي» وعرضا عن «محمد بن سعدان المقرئ»، قال «الداني»: وهو أجل أصحابه، كما أخذ القراءة عرضا عن «محمد بن إسحاق المسيبي» وعن غير هؤلاء (¬2). تصدر «محمد بن واصل» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: «أحمد بن بويان، ومحمد بن أحمد الرامي، والحسن بن السرّي، وعلي بن الحسن ابن سهل، وابن مجاهد، وابن شنبوذ، وموسى بن عبيد الله الخاقاني، وعبد الله بن محمد الطوسي الكاتب، والحسين بن إبراهيم الصائغ، وعلي بن مستور» وغيرهم كثير (¬3). وقد أخذ «محمد بن واصل» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء منهم: «محمد بن صالح الخياط، ومحمد بن سعدان النحوي، وخلف بن هشام البزّار، وأحمد بن حنبل، وسلمة بن عاصم» وغيرهم (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 1/ 367، وتاريخ الاسلام، الورقة 125 (أوقاف)، وغاية النهاية 2/ 91 ومعرفة القراء 1/ 262. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 262. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 91. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 262. انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 367.

وكما تصدر «محمد بن واصل» لتعليم القرآن، تصدر أيضا لتعليم سنة النبي عليه الصلاة والسلام، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو بكر بن مجاهد، وأبو مزاحم الخاقاني، وأبو الحسن بن شنبوذ»، وغيرهم (¬1). قال «الخطيب البغدادي»: أخبرنا «علي بن محمد السمسار» قال: أنبأنا «عبد الله بن عثمان الصفّار» قال: أنبأنا «ابن قانع»: أن «محمد بن أحمد ابن واصل المقرئ»، مات في جمادى الآخرة سنة ثلاث وسبعين ومائتين من الهجرة. رحم الله «محمد بن واصل» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 367.

رقم الترجمة/ 246"محمد بن وهب" ت 280 هـ

رقم الترجمة/ 246 «محمّد بن وهب» ت 280 هـ (¬1) هو: محمد بن وهب بن يحيى بن العلاء بن عبد الحكم بن عبيد بن هلال ابن تميم أبو بكر الثقفي البصري القزّاز. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «محمد بن وهب» القرآن عن خيرة العلماء: فقد سمع حروف القراءات من «يعقوب الحضرمي» الإمام الثامن من أئمة القراءات المشهورين. ولا زالت قراءة «يعقوب» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ «محمد بن وهب» حروف القراءات أيضا من «محمد بن موسى اللؤلؤي» ثم قرأ على «روح» الراوي المشهور عن «يعقوب الحضرمي» ولازم «روحا» وصار أجلّ أصحابه، وأخصهم به، وأعرفهم بقراءته، وأحذقهم (¬2). تصدر «ابن وهب» لتعليم القرآن فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: «محمد ابن يعقوب المعدّل» وهو من أضبط أصحابه، ومحمد بن جامع الحلواني، ومحمد ابن المؤمّل الصيرفي، وأحمد الزبيري، وأبو الحسن الرازي، وحمزة بن علي» وغيرهم كثير (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 3/ 332، ومعرفة القراء الكبار 1/ 257، وغاية النهاية 2/ 276. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 276 والقراء الكبار ج 1 ص 257. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 276 والقراء الكبار ج 1 ص 257.

كما أخذ «محمد بن وهب» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، فقد حدث عن «أبي الوليد الطيالسي، والربيع بن يحيى الأشناني، وهدبة بن خالد القيسي، وعبيد الله بن معاذ العنبري، وإبراهيم بن الحسن العلّاف، ونصر بن علي الجهضمي» وآخرين (¬1). وكما تصدر «محمد بن وهب» لتعليم القرآن تصدر أيضا لتعليم حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم، وقد روى عنه الكثيرون منهم: «محمد بن مخلد الدوري، وإسماعيل بن محمد الصفّار، وأبو سعيد بن الأعرابي ساكن مكة» وآخرون (¬2). يقول «الخطيب البغدادي»: قرأت في كتاب «محمد بن مخلد» سنة سبع وثمانين ومائتين فيها مات «العقيلي محمد بن وهب». رحم الله «محمد بن وهب» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 332. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 332.

رقم الترجمة/ 247"محمد الهرواني" ت 402 هـ

رقم الترجمة/ 247 «محمد الهرواني» ت 402 هـ (¬1) هو: محمد بن عبد الله الحسين بن عبد الله بن يحيى بن خالد أبو عبد الله الجعفي الكوفي القاضي المعروف بالهرواني، ولد سنة خمس وثلاثمائة من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «الهرواني» القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: محمد بن الحسن بن يونس النحوي، وحماد بن أحمد الكوفي (¬2). كما أخذ «الهرواني» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء. يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «الهرواني» علي بن محمد بن هارون الحميري، ومحمد بن القاسم بن زكريا المحاربي ونحوهما، وقدم بغداد وحدث بها، وكان ثقة فاضلا جليلا، يقرئ القرآن، ويفتي في الفقه على مذهب «أبي حنيفة» وكان من عاصره من الكوفيين يقول: «لم يكن بالكوفة من هو أفقه منه» (¬3). ومن الأحاديث التي رواها الهرواني وذكرها الخطيب البغدادي ما يلي: قال ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 5/ 472 - 473، وتاريخ الاسلام الورقة 22 - 23 (أبا صوفيا 3009)، وتذكرة الحفاظ 3/ 1062، والوافي بالوفيات 3/ 320، والجواهر المضيئة 2/ 65، وغاية النهاية 2/ 177 - 178، ونهاية الغاية الورقة 243، وشذرات الذهب 3/ 165. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 177 والقراء الكبار ج 1 ص 368. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 472.

البغدادي: حدثني عبيد الله بن أبي الفتح حدثنا محمد بن عبد الله الهرواني الكوفي ببغداد، حدثنا علي بن محمد بن هارون الحميري، حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا عبد الله بن ادريس بن الفرات القزاز عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما ذهب نبي خلفه نبيّ، وإنه ليس كائن بعدي نبيّ. قالوا: يا رسول الله فما يكون؟ قال: يكون خلفاء ويكثرون. قالوا: يا رسول الله فما نصنع؟ قال: أوفوا بيعة الاول فالاول، أدوا الذي عليكم ويسألهم الله الذي عليهم (¬1). تصدر محمد «الهرواني» لتعليم القرآن واشتهر بالثقة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي البغدادي، وأبو علي غلام الهراس، ومحمد بن علي بن الحسن العلوي، وأبو علي الشرمقاني، وأبو علي العطار، وأبو الفضل الخزاعي (¬2). احتل «محمد الهرواني» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه، قال «العتيقي»: ما رأيت بالكوفة مثله (¬3). وقال «أبو علي المالكي»: كان من جملة أصحاب الحديث فقيها على مذهب العراقيين جليل القدر (¬4). وقال «أبو العز» عن أبي علي الواسطي: كان «محمد الهرواني» جليلا في زمانه، يرحل إليه في طلب القرآن والحديث من كل بلد (¬5). ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 472. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 177 والقراء الكبار ج 1 ص 368. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 177. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 177. (¬5) انظر طبقات القراء ج 2 ص 177.

وقال «ابن الجزري»: أبو عبد الله الجعفي الكوفي نحوي مقرئ ثقة يعرف بالهرواني بفتح الهاء والراء، وهو الذي كان يأخذ بإعادة الاخلاص ثلاث مرات عند الختم، انفرد بذلك في رواية «الأعشى». ذكر ذلك عنه «أبو الفخر حامد ابن حسنويه القزويني» والظاهر ذلك اختيار منه (¬1). قال «أحمد بن علي بن التوزي»: توفي القاضي أبو عبد الله بن الهرواني بالكوفة في ليلة الخميس الثاني عشر من رجب سنة اثنتين وأربعمائة، وقد نيف على التسعين سنة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 177.

رقم الترجمة/ 248"محمد بن يحيى الكسائي الصغير" ت 288 هـ

رقم الترجمة/ 248 «محمد بن يحيى الكسائي الصغير» ت 288 هـ (¬1) هو: محمد بن يحيى أبو عبد الله البغدادي الملقب بالكسائي الصغير. ولد «محمد بن يحيى» سنة تسع وثمانين ومائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «محمد بن يحيى» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو الحارث الليث بن خالد» وهو أجلّ أصحابه، وهاشم البربري (¬2). تصدر «محمد بن يحيى» للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «محمد بن الحسن البطّى، وزياد بن زياد القفطي، وأبو بكر بن مجاهد، وأبو مزاحم الخاقاني، وأحمد بن يحيى ثعلب، وأبو الحسن بن شنبوذ، وأحمد بن علي السمسار، وأحمد بن سهلان، ومحمد بن كامل بن خلف القاضي وكيع، والعباس ابن الفضل، وأحمد بن دبيس»، وآخرون (¬3). وكان «محمد بن يحيى» من خيرة العلماء في القراءات، والنحو، وقد أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: «محمد بن يحيى» مقرئ محقق جليل شيخ متصدر ثقة (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 3/ 421، وإنباه الرواة 3/ 229، وتلخيص ابن مكتوم 236، وغاية النهاية 2/ 279 ونهاية الغاية، الورقة 269. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 256. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 279. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 279.

وقد أخذ «محمد بن يحيى» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء فسمع «خلف بن هشام البزّار، وعليّ بن المغيرة الأثرم، وأبا مسحل، صاحب الكسائي، وأبا الحارث الليث بن خالد» (¬1) كما أخذ عنه الحديث عدد كبير منهم: «أبو بكر بن مجاهد، وأبو علي أحمد ابن الحسن المعروف بدبيس» وغيرهما (¬2). توفي «محمد بن يحيى» سنة ثمان وثمانين ومائتين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «محمد بن يحيى» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر إنباه الرواة ج 3 ص 229. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 421.

رقم الترجمة/ 249"محمد بن يوسف" ت 370 هـ

رقم الترجمة/ 249 «محمد بن يوسف» ت 370 هـ (¬1) هو: محمد بن يوسف بن نهار أبو الحسن الحرتكي بكسر الحاء وسكون الراء وبالمثناة من فوق، البصري، إمام جامع البصرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «محمد بن يوسف» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: «أبو بكر ابن مجاهد، وأبو الحسن بن شنبوذ، وأحمد بن بويان، ومحمد بن أحمد الرامي» (¬2). تصدر «محمد بن يوسف» لتعليم القرآن ولسنة النبي عليه الصلاة والسّلام، واشتهر بالثقة وصحة الاتقان، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرفنا: «طاهر بن غلبون، وعيسى بن سعيد القرطبي، وأحمد بن عبد الله بن اسحاق، وعثمان بن مالك، وعبد الله بن أحمد الدّلال» (¬3). كما أخذ محمد بن يوسف حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم عن بعض العلماء، فقد سمع «أبا بكر بن داود، وعبد الله بن محمد أبا القاسم البغوي» (¬4). وقد حدث عن «محمد بن يوسف» عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «محمد ابن الحسين بن جرير الدشتي» لقيه بالأهواز (¬5). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: غاية النهاية ج 2 ص 288. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 288. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 288. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 346. (¬5) انظر القراء الكبار ج 1 ص 346.

اشتهر «محمد بن يوسف» بالتحقيق، والضبط، وكثرة العلم، مما استوجب ثناء العلماء عليه، وفي هذا يقول أحد تلاميذه طاهر بن غلبون: «قرأت عليه بالبصرة، وكان قيما بالقراءة، قد أدرك الأكابر من الشيوخ» (¬1). وقال «الامام ابن الجزري»: «محمد بن يوسف» إمام جامع البصرة، شيخ محقق، معروف بالضبط والإتقان (¬2). ذكر «الإمام الداني»: إن «محمد بن يوسف» توفي بالبصرة بعد سنة سبعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 288. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 288.

رقم الترجمة/ 250"ابن محيصن" ت 123 هـ

رقم الترجمة/ 250 «ابن محيصن» ت 123 هـ (¬1) هو: محمد بن عبد الرحمن بن محيصن المكي. قارئ أهل مكة، الثقة عالم القراءات والعربية. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «ابن محيصن» القرآن على: «سعيد بن جبير، ومجاهد، ودرباس، مولى ابن عباس». وقرأ عليه عدد كثير منهم: «شبل بن عباد، وأبو عمرو بن العلاء» البصري، وهو الإمام الثالث، من أئمة القراءات العشرة. كما قرأ عليه «عيسى بن عمر» القارئ. كما روى الحديث عن «أبيه، وصفية بنت شيبة، وعطاء، ومحمد بن قيس ابن مخرمة» (¬2). قال «ابن مجاهد»: وكان ممن تجرد للقراءة في عصر «ابن كثير» محمد بن عبد الرحمن بن محيصن (¬3). ويقول «ابن الجزري»: وقراءة «ابن محيصن» في كتاب: المبهج، والروضة. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تهذيب الكمال 14/ الورقة 9، والوافي بالوفيات 3/ 223، وغاية النهاية 2/ 167 وتهذيب التهذيب 7/ 474، وتقريب التهذيب 2/ 59، وشذرات الذهب 1/ 162. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 99. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 167.

وقال «ميمون بن عبد الملك» سمعت «أبا حاتم» يقول: ابن محيصن من قريش، وكان نحويا، قرأ القرآن على «ابن مجاهد» (¬1). وقال «أبو عبيد القاسم بن سلام»: «وكان من قراء مكة عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس، ومحمد بن محيصن، وكان ابن محيصن أعلمهم بالعربية، وأقواهم عليها» (¬2). توفي «ابن محيصن» سنة ثلاث وعشرين ومائة بمكة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، ورواياته. رحم الله «ابن محيصن» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 167. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 167.

رقم الترجمة/ 251"ابن أبي مرة النقاش" ت 352 هـ

رقم الترجمة/ 251 «ابن أبي مرة النقاش» ت 352 هـ (¬1) هو: محمد بن عبد الله بن محمد بن مرة ويقال: ابن أبي مرة، أبو الحسن الطوسي ثم النقاش يعرف بابن أبي عمر النقاش، مقرئ جليل متصدر صالح. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن أبي مرة» القرآن وحروف القراءات عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول: «الإمام ابن الجزري»: «أخذ «ابن أبي مرة» القراءة عرضا عن أبي على الصواف، وأبي بكر بن مجاهد وإبراهيم بن زياد القنطري، وروى اختيار خلف البزار عرضا عن اسحاق بن إبراهيم المروزي، وعلي بن محمد بن الحسين بن نازك، ومحمد بن إبراهيم، وإبراهيم بن اسحاق، وأبي بكر بن المؤدب، وروى رواية «اسماعيل» عن «نافع» (¬2). كما أخذ «ابن أبي مرة» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «سمع «ابن أبي مرة» أبا علي الحسن بن الحسين الصواف، وأبا جعفر بن بدينا، حدثنا عنه علي بن المظفر- المعروف بالأصبهاني- وكان- أي ابن أبي مرة- ثقة صالحا دينا فاضلا، أخبرنا علي بن المظفر أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد بن مرة المقرئ النقاش- املاء- حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا بشر بن المفضل عن الجراح ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 5/ 454 - 455، وتاريخ الاسلام وفيات سنة 352 (آيا صوفيا 3008) وغاية النهاية 2/ 186. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 186. والقراء الكبار ج 1 ص 323.

قال: حدثني فرقد السنجي قال: قال لي إبراهيم: يا فرقد هل تدري ما سوء الحساب؟ قلت لا، قال: أن يحاسب العبد بذنبه كله، لا يغفر له منه شيء» (¬1). تصدر «ابن أبي مرة» لتعليم القرآن وذاع صيته واشتهر بالأمانة والصدق، وأقبل عليه طلاب العلم وحفاظ القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الامام ابن الجزري»: «روى القراءة عنه عرضا ابنه الحسن وأحمد بن عبد الله السوسنجردي، وأبو الفرج النهرواني، وأبو الحسن الحمامي، وبكر بن شاذان، وعلي بن محمد بن يوسف بن العلاف وأبو بكر بن مهران» اهـ (¬2). توفي «ابن أبي مرة» عشية يوم الاربعاء، ودفن يوم الخميس لاربع بقين من شهر ربيع الاول سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 5 ص 454. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 186. والقراء الكبار ج 1 ص 323.

رقم الترجمة/ 252"ابن مرشد"

رقم الترجمة/ 252 «ابن مرشد» (¬1) هو: محمد بن أحمد بن مرشد بن الزّرز، أبو بكر الدمشقي المقرئ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن مرشد» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: «هارون الأخفش» فقد قرأ عليه بدمشق قبل سنة تسعين ومائتين من الهجرة (¬2). تصدر «ابن مرشد» لتعليم القرآن الكريم فأقبل عليه حفاظ القرآن. وفي مقدمتهم: «عبد الباقي بن السقاء» فقد قرأ عليه ثلاث ختمات (¬3). اشتهر «ابن مرشد» بالتقوى والصلاح، وكثرة الصيام، وفي هذا يقول تلميذه: «عبد الباقي بن السقاء»: «كان «ابن مرشد، من خيار المسلمين صابرا على صيام الدهر، ولزوم الجماعة» اهـ (¬4). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «ابن مرشد» رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: غاية النهاية ج 2 ص 88. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 88. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 305. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 88.

رقم الترجمة/ 253"أبو مزاحم الخاقاني" ت 325

رقم الترجمة/ 253 «أبو مزاحم الخاقاني» ت 325 (¬1) هو: موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان البغدادي، ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. حفظ «أبو مزاحم» القرآن الكريم وجوده على «الحسن بن عبد الوهاب» ثم تلقى القراءات القرآنية على مشاهير علماء عصره. فقد أخذ القراءة عرضا عن: محمد بن الفرج، عن الدوري عن الكسائي، وإدريس بن عبد الكريم ومحمد بن يحيى الكسائي، وعبد الوهاب بن محمد بن عيسى الخزاز. وسمع حروف القراءات من: أحمد بن يوسف بن التغلبي، عن ابن ذكوان أحد رواة ابن عامر الدمشقي الإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراءات، كما سمع الحروف أيضا من: محمد بن أحمد بن واصل عن أبيه، وغير هؤلاء كثير (¬2). وقد برع «أبو مزاحم» في قراءة القرآن حتى أصبح إماما في قراءة «الكسائي» ضابطا لها، مضطلعا بها، يقول عنه «ابن الجزري»: أبو مزاحم الخاقاني أول من صنف في التجويد فيما أعلم، وقصيدته الرائية مشهورة، وشرحها الحافظ «أبو عمرو الداني»، وقد أخبرني بها أبو حفص عمر بن الحسن المراغي (¬3). ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 13/ 59، وفهرست ابن خير ص 72، وتاريخ الاسلام الورقة/ 138، وتذكرة الحفاظ 3/ 822، وغاية النهاية 2/ 320، والنجوم الزاهرة 3/ 261، ونهاية الغاية، الورقة/ 282 وشذرات الذهب 2/ 307. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 320. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 321.

تصدر «أبو مزاحم الخاقاني» لتعليم القرآن وتجويده، فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: أحمد بن نصر، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم، وأحمد بن الحسن بن شاذان، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، وزيد بن علي، وغير هؤلاء كثير (¬1). وكما أخذ «أبو مزاحم» حروف القرآن، أخذ أيضا سنة النبي عليه الصلاة والسلام، فسمع الحديث من: أبي مزاحم عباس بن محمد الدوري، ومحمد بن اسماعيل الترمذي، وعبيد الله بن أبي سعد الوراق، واسحاق بن يعقوب العطار، والحارث بن أبي سلمة، وعبيد الله بن أحمد بن حنبل، وغيرهم كثير. كما تصدر «أبو مزاحم» لرواية حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم، فروى عنه الحديث عدد كثير، منهم: محمد بن الحسين الآجري، وأبو طاهر بن أبي هاشم المقرئ، وأبو حفص بن شاهين، ويوسف بن عمر القواس، وغيرهم كثير (¬2). وقد كان «أبو مزاحم» من العاملين بتعاليم الكتاب والسنة، البعيدين عن زخارف الدنيا المقبلين على الله تعالى، وحول هذه المعاني يقول ابن الجزري: «وكان أبوه وجده وزيرين لبني العباس، وكذا أخوه «أبو علي محمد بن عبيد الله». وترك «أبو مزاحم» الدنيا وأعمل نفسه في رواية الحديث، وأقرأ الناس، وتمسك بالسنة. وكان بصيرا بالعربية شاعرا مجودا (¬3). كما كان «أبو مزاحم» من الثقات المشهود لهم بصحة الرواية، قال الخطيب البغدادي: «وكان «أبو مزاحم» ثقة ديّنا من أهل السنة» (¬4). توفي أبو مزاحم الخاقاني في ذي الحجة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 321. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 23 ص 59. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 321. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 13 ص 59.

رقم الترجمة/ 254"أبو مسلم الكاتب" 399 هـ

رقم الترجمة/ 254 «أبو مسلم الكاتب» 399 هـ (¬1) هو: محمد بن أحمد بن علي بن حسين أبو مسلم كاتب الوزير «أبي الفضل» البغدادي نزيل مصر، ولد سنة خمس وثلاثمائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو مسلم الكاتب» القراءة عن خيرة العلماء، يقول الإمام «ابن الجزري»: «روى القراءة عن أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن أحمد بن قطن، وعلي بن أحمد بن بزيع، وسمع من «ابن دريد» ونفطويه وابن الأنباري، وأبي القاسم البغوي، وابن أبي داود، ودخل المغرب فسمع من أبي القاسم زياد بن مؤنس (¬2). كما أخذ «أبو مسلم الكاتب» حديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم عن خيرة العلماء، يقول الخطيب البغدادي: «نزل «أبو مسلم الكاتب» مصر وحدث بها عن أبي القاسم البغوي، وعبد الله بن أبي داود، ويحيى بن محمد بن صاعد، وبدر بن الهيثم، وسعيد ابن أخي زبير الحافظ، وأبي بكر بن دريد، وأبي بكر بن مجاهد، وإبراهيم بن غرفة النحوي» (¬3). ثم يقول «الخطيب البغدادي»: حدثنا عنه أحمد بن محمد العتيقي، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 1/ 323، وتاريخ الاسلام الورقة 249 (آيا صوفيا 3008) وميزان الاعتدال 3/ 461، والوافي بالوفيات 2/ 52. وغاية النهاية 2/ 73 - 74. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 73. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 323.

والقاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المصري. ثم يقول: وحدثني «الصوري» قال حدثني أبو الحسين العطار وكيل أبي مسلم الكاتب وكان من أهل العلم والمعرفة بالحديث كتب وجمع. ولم يكن بمصر بعد عبد الغني بن سعيد أفهم منه، قال: ما رأيت في أصول «أبي مسلم» عن «البغوي» شيئا صحيحا غير جزء واحد. كان سماعه فيه صحيحا وما عدا ذلك مفسودا (¬1). تصدر «أبو مسلم الكاتب» لتعليم القرآن. وأقبل عليه الطلاب وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: روى القراءة عن أبي مسلم الكاتب الحافظ أبو عمرو الداني، وقال: كتبنا عنه كثيرا، ورشاد بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأحمد بن بابشاذ، وأحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة» (¬2). احتل «أبو مسلم الكاتب» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه. يقول «ابن الجزري» «أبو مسلم الكاتب نزيل مصر معمر مسند عالي السند» (¬3). توفي أبو مسلم الكاتب في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 1 ص 323. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 73. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 73.

رقم الترجمة/ 255"المظفر أبو غانم" ت 333 هـ

رقم الترجمة/ 255 «المظفر أبو غانم» ت 333 هـ (¬1) هو: المظفر بن أحمد بن حمدان، أبو غانم المصري مقرئ جليل نحوي ضابط. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو المظفر أبو غانم» القراءة عن عدد من العلماء، منهم: أحمد بن هلال، وهو أجل أصحابه وأضبطهم للقراءة، وسمع حروف القراءات من «موسى بن أحمد» عن «ابن مجاهد». (¬2) تصدر «المظفر» لتعليم القرآن، فتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: أبو بكر محمد ابن علي الأذفوي، وعمر بن عراك، ومحمد بن خراسان الصقلي، وغير هؤلاء كثير (¬3). كان «المظفر» من خيرة العلماء، ومن المؤلفين الأجلاء. قال «ابن الجزري»: «أبو غانم المصري مقرئ جليل نحوى ضابط، ألف كتابا في اختلاف السبعة» اهـ (¬4). توفي «المظفر أبو غانم» يوم الأحد لاربع بقين من ربيع الاول سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام الورقة 183. وغاية النهاية 2/ 301. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 301. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 286. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 301.

رقم الترجمة/ 256"معاذ بن جبل" رضي الله عنه ت 17 هـ

رقم الترجمة/ 256 «معاذ بن جبل» رضي الله عنه ت 17 هـ (¬1) أحد الصحابة الذين جمعوا «القرآن» حفظا على عهد النبي صلى الله عليه وسلّم. كما وردت عنه الرواية في حروف القرآن. ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «أنس بن مالك» رضي الله عنه: جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أربعة كلهم من الأنصار: «أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد أحد عمومتي». وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: قال رسول الله عليه وسلّم: «خذوا القرآن من أربعة: من «ابن مسعود، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبي حذيفة» اهـ (¬2). وقال «مجاهد» لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلّم «مكة» استخلف عليها «عتّاب بن أسيد» يصلي بهم، وخلّف معاذا يقرئهم، ويفقههم (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: مسند أحمد 5/ 227 - 248، طبقات ابن سعد 3/ 2/ 120، طبقات خليفة 103، 303، تاريخ خليفة 97، 138 - 155، التاريخ الكبير 7/ 359، مشاهير علماء الأنصار 321، حلية الأولياء 1/ 228 - 244، الاستيعاب 10/ 104، ابن عساكر 16/ 304/ 2، أسد الغابة 5/ 194، تهذيب الاسماء واللغات 2/ 98، تاريخ الاسلام 2/ 319 العبر 1/ 22، تذكرة الحفاظ 1/ 19، غاية النهاية 2/ 301، تهذيب التهذيب 10/ 186 الاصابة 9/ 219، طبقات الحفاظ للسيوطي 6، كنز العمال 13/ 583، شذرات الذهب 1/ 29 سير اعلام النبلاء 1/ 443. (¬2) أخرجه البخاري، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 445. (¬3) أخرجه الترمذي، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 447.

قال «عطاء»: أسلم «معاذ بن جبل» وله ثمان عشرة سنة اهـ. وكان رضي الله عنه: أبيض، جعد الشعر، طويلا، جميلا، عظيم العينين. قال «جابر بن عبد الله»: كان «معاذ» من أحسن الناس وجها، وأحسنهم خلقا، وأسمحهم كفّا اهـ. وقال «أيوب بن سيّار»: قال «أبو بحرية»: «دخلت مسجد «حمص» فإذا بفتى حوله الناس: جعد- قطط- إذا تكلم كأنما يخرج من فيه نور- ولؤلؤ، فقلت: من هذا؟ قالوا: معاذ بن جبل اهـ (¬1). وقد روى عن «معاذ» عدد كبير أذكر منهم: ابن عمر- وابن عباس- وجابر- وأنس- وأبا أمامة- وأبا مسلم الخولاني- وابن أبي ليلى- ومسروق- وآخرين. ولقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلّم، والدليل على ذلك قول «معاذ»: لقيني النبي صلى الله عليه وسلّم فقال: «يا معاذ إني لأحبّك في الله» قلت: وأنا والله يا رسول الله أحبّك في الله، قال: «أفلا أعلمك كلمات تقولهن دبر كل صلاة: ربّ أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» اهـ (¬2). ولسموّ منزلة «معاذ» عند النبي عليه الصلاة والسلام كان يثني عليه ثناء عاطرا، والدليل على ذلك الأثر التالي: فعن «ابن غنم» قال: سمعت «أبا عبيدة» - «وعبادة بن الصامت» يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «معاذ بن جبل أعلم الأولين والآخرين بعد النبيين والمرسلين، وإن الله يباهي به الملائكة» (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو نعيم في الحلية، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 455. (¬2) أخرجه أبو داود، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 450. (¬3) أخرجه الحاكم في صحيحه وصححه، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 460.

وكان «معاذ بن جبل» رضي الله عنه ينطق بالحكمة، وقد أثر عنه في ذلك الكثير من الأخبار أذكر منها ما يلي: 1 - قال: «أبو نعيم» حدثنا «أبي» عن «معاذ بن جبل» رضي الله عنه قال: «تعلّموا العلم فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة، وبذله لأهله قربة، لأنه معالم الحلال والحرام ومنار أهل الجنة، والأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء، والضرّاء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله به أقواما، ويجعلهم في الخير قادة وأئمة، تقتبس آثارهم، ويقتدي بفعالهم، وينتهي إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلّتهم بأجنحتها تمسحهم، يستغفر لهم كل رطب ويابس حتى الحيتان في الحجر وهوامّه، وسباع الطير وأنعامه، لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصباح الأبصار من الظلم، يبلغ بالعلم منازل الأخيار، والدرجة العليا في الدنيا والآخرة، به توصل الارحام، ويعرف الحلال من الحرام، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء» اهـ. (¬1) 2 - وروى «سليمان بن أحمد» أن «معاذ بن جبل» رضي الله عنه كان إذا تهجّد من الليل قال: «اللهم قد نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت حيّ قيوم، اللهم طلبي الجنة بطيء، وهربي من النار ضعيف، اللهم اجعل لي عندك هدى ترده إلى يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد» اهـ (¬2). ومناقب «معاذ» رضي الله عنه كثيرة أذكر منها ما يلي: فعن «أنس» رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «أرحم أمتي بأمتي «أبو بكر» وأشدّها في دين الله «عمر» وأصدقها حياء «عثمان» ¬

_ (¬1) انظر حلية الاولياء ج 1 ص 239. (¬2) انظر حلية الاولياء ج 1 ص 233.

وأعلمهم بالحلال والحرام «معاذ» وأفرضهم «زيد» ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة «أبو عبيدة» اهـ (¬1). وعن «أبي هريرة» رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «نعم الرجل «أبو بكر» نعم الرجل «عمر» نعم الرجل «معاذ بن جبل» (¬2). وعن «محمد بن عبد الله الثقفي» أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «يجيء «معاذ» يوم القيامة أمام العلماء بين يدي العلماء» وعن «عبيد بن صخر» أن النبي صلى الله عليه وسلم حين ودعه «معاذ» قال: «حفظك الله من بين يديك ومن خلفك، ودرأ عنك شرّ الانس والجنّ» اهـ (¬3). ولقد كان «معاذ» رضي الله عنه يخشى الله حق خشيته، من أدلة ذلك ما يلي: فعن «ابن عمر» رضي الله عنهما قال: «مرّ «عمر» بمعاذ وهو يبكي فقال: ما يبكيك؟ قال: حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أدنى الرياء شرك، وأحب العبيد إلى الله الاتقياء الأخفياء، الذين غابوا لم يفتقدوا، وإذا شهدوا لم يعرفوا، أولئك مصابيح العلم، وأئمة الهدى» اهـ (¬4). توفي «معاذ» سنة سبع عشرة من الهجرة وله ثلاث وثلاثون سنة. رحم الله «معاذ بن جبل» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) أخرجه احمد. (¬2) أخرجه الترمذي. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 448. (¬4) أخرجه الحاكم، انظر سير أعلام النبلاء ج 1 ص 459.

رقم الترجمة/ 257"معروف بن مشكان" ت 165 هـ

رقم الترجمة/ 257 «معروف بن مشكان» ت 165 هـ (¬1) هو: أبو الوليد معروف بن مشكان- بضمّ الميم- ويجوز كسرها. ولد سنة مائة من الهجرة، وهو من أبناء الفرس، الذين بعث بهم «كسرى» في السفن لطرد الحبشة من اليمن (¬2). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «معروف» القرآن على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «عبد الله ابن كثير» قارئ مكة المكرمة، وهو الإمام الثاني من القراء العشرة المشهورين، وقد خلّف «معروف» ابن كثير من القراءة بمكة المكرمة (¬3). وقد تلقى على «معروف» القرآن عدد كثير منهم: «إسماعيل بن عبد الله القسط، ووهب بن واضح»، كما سمع منه الحروف: «مطرف النّهدي، وحماد ابن زيد، وعبيد بن عقيل» وآخرون (¬4). وقد أخذ «معروف» الحديث عن عدد من العلماء منهم: «عطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبر». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تهذيب الكمال 18/ الورقة 120 (من نسخة ابن المهندس)، وتذهيب التهذيب 4/ الورقة 56 والكاشف 3/ 162، ومعرفة القراء الكبار 1/ 130، وغاية النهاية 2/ 303، وتقريب التهذيب 2/ 264، وتهذيب التهذيب ج 10 ص 232. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 303. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 305. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 305.

كما حدث عنه «ابن المبارك، ومروان بن معاوية، ومحمد بن حنظلة المخزومي، وآخرون (¬1). توفي «معروف بن مشكان» سنة خمس وستين ومائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 130.

رقم الترجمة/ 258"المغيرة بن أبي شهاب" ت 91 هـ

رقم الترجمة/ 258 «المغيرة بن أبي شهاب» ت 91 هـ (¬1) هو: المغيرة بن أبي شهاب، عبد الله بن عمرو بن المغيرة بن ربيعة بن عمرو ابن مخزوم أبو هاشم المخزومي الشامي، مقرئ دمشق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قرأ «المغيرة» القرآن الكريم على «عثمان بن عفان» رضي الله عنه، وقد ذكره الإمام «أبو عبيد القاسم بن سلام» في كتابه «القراءات». وقد أنكر «ابن جرير الطبري» أن «المغيرة» قرأ على «عثمان» حيث قال: وزعم بعضهم أن «ابن عامر» قرأ على «المغيرة» عن «عثمان» وهذا غير معروف لأننا لا نعلم أحدا ادّعى أنه قرأ على «عثمان» اهـ (¬2). وقد ردّ انكار «الطبري» هذا الكثيرون من العلماء، فقال «السخاوي»: «وهذا قول ظاهر السقوط فقوله: «لا نعلم أحدا قرأ على «عثمان» فغير صحيح فإن «أبا عبد الرحمن السلمي» قرأ عليه، وروي أنه علمه القرآن. ثم يقول «السخاوي»: وقرأ أيضا على «عثمان» أبو الأسود الدؤلي، وروى الأعمش، عن «يحيى بن وثاب» عن «زرّ بن حبيش» عن «عثمان» ثم لا يمنع أن يكون «عثمان» أقرأ «المغيرة» وحده، لرغبة «المغيرة» في ذلك، أو أراد «عثمان» أن يخصّه. اهـ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في معرفة القراء الكبار 1/ 48، وغاية النهاية ج 2 ص 305. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 48. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 305.

وقد أخذ القراءة عن «المغيرة بن أبي شهاب» خيرة العلماء في مقدمتهم: «عبد الله بن عامر» الدمشقي، الإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراء المشهورين ولا زالت قراءة «عبد الله بن عامر» يتلقاها المسلمون حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين (¬1). توفي «المغيرة بن أبي شهاب» سنة إحدى وتسعين من الهجرة، وله تسعون سنة. رحم الله «المغيرة» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 306.

رقم الترجمة/ 259"المفضل الضبي" ت 168 هـ

رقم الترجمة/ 259 «المفضّل الضّبّي» ت 168 هـ (¬1) هو: المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر، الكوفي، الثقة. شيخ قراء الكوفة، وإمام النحو، واللغة. ذكره «الذهبي» ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ضمن علماء القراءات. تلقى «المفضل الضبي» القراءة على مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «عاصم بن أبي النجود» شيخ قراء الكوفة، وهو الإمام الخامس بالنسبة لأئمة القراءات. وقد أخذ القراءة عرضا عن «المفضل الضبي» عدد كثير منهم: «علي بن حمزة الكسائي» الإمام السابع بالنسبة للقراء، و «جبلة بن مالك، وسعيد بن أوس» (¬2). كما روى «المفضل الضبي» عن «أبي رجاء العطاردي» و «أبي إسحاق، وسماك بن حرب». وروى عنه «الحسن المدائني»، وقيل: إن «ابن الأعرابي» أدركه وحمل عنه (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: مراتب النحويين 71، وتاريخ بغداد 13/ 121، وإرشاد الاريب 7/ 171، وإنباه الرواة 3/ 304، وميزان الاعتدال 4/ 170، ومعرفة القراء الكبار 1/ 131، وغاية النهاية 2/ 307، ولسان الميزان 6/ 81، والنجوم الزاهرة ج 2 ص 69. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 131. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 307.

قال «أبو بكر الخطيب»: كان «المفضل الضبي» علّامة، إخباريّا، ثقة قال «أبو عمرو الحافظ»: قرأت في أخبار «بني العباس» أن الرشيد قال له: يا أبا محمد كم اسما في قوله عز وجلّ: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ (¬1) فقال: ثلاثة أسماء: وقال «أبو زيد الأنصاري»: سمعت «المفضل» يقول: كنت آتي «عاصما» أقرأ عليه، وإذا لم آته آتاني في بيتي (¬2). ولما بلغ «ابن المبارك» موت «المفضل» أنشد قائلا: نعى لي رجال والمفضّل منهم ... فكيف تقرّ العين بعد المفضّل توفي «المفضل» سنة ثمان وستين ومائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ولغة القرآن. رحم الله «المفضل الضبي» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) سورة البقرة آية 137. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 307.

رقم الترجمة/ 260"أبو موسى الأشعري" رضي الله عنه ت 44 هـ

رقم الترجمة/ 260 «أبو موسى الأشعري» رضي الله عنه ت 44 هـ (¬1) هو: «أبو موسى الأشعري» عبد الله بن قيس، اليماني، التميمي، أحد مشاهير القراء. عده «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الاولى من حفاظ القرآن. قال «حسين المعلم»: سمعت «ابن بريدة» يقول: كان «الأشعري» قصيرا، أثط: أي خفيف شعر اللحية، خفيف الجسم اهـ (¬2). وقال أنس بن مالك، رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «يقدم عليكم غدا قوم هم أرقّ قلوبا للاسلام منكم، فقدم الأشعريون، فلما دنوا جعلوا يرتجزون: غدا نلقى الأحبه ... محمدا وحزبه فلما قدموا تصافحوا، فكانوا أول من أحدث المصافحة» (¬3). قال «أبو أحمد الحاكم»: أسلم «أبو موسى الأشعري» بمكة، وهاجر إلى الحبشة، ثم قدم مع أهل السفينتين بعد فتح خيبر بثلاث، فقسم لهم النبي صلى الله عليه وسلّم اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 2/ 344 - 345، 4/ 105، 6/ 16، وتاريخ البخاري الكبير 5/ 22 - 23، ومشاهير علماء الامصار: 37، وحلية الأولياء: 1/ 256 والاستيعاب 2/ 371، وتاريخ ابن عساكر 422 - 543، وصفة الصفوة 1/ 225 وأسد الغابة 3/ 367، والعبر 1/ 52، وغاية النهاية 1/ 442، والاصابة: 2/ 359، وتهذيب التهذيب 5/ 249، وكنز العمال 13/ 606 وشذرات الذهب 1/ 53 وسير أعلام النبلاء 2/ 380 - 402، ومسند أحمد 4/ 91 ومرآة الجنان 1/ 120، وتاريخ الاسلام 2/ 255، وتذكرة الحفاظ 1/ 23. (¬2) أخرجه ابن سعد، وابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 383. (¬3) أخرجه أجمد بسند صحيح، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 384. (¬4) ذكره ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 381.

وعن «عياض» الأشعري، قال: لما نزل قوله تعالى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ (¬1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «هم قومك يا أبا موسى وأومأ إليه» (¬2). وعن «أبي البختري» قال: أتينا «عليا» رضي الله عنه فسألناه عن أصحاب «محمد» صلى الله عليه وسلّم، قال: عن أيّهم تسألوني؟ قلنا: عن «ابن مسعود» قال: علم القرآن والسنة، ثم انتهى، وكفى به علما، قلنا: «أبو موسى الأشعري»؟ قال: صبغ في العلم صبغة، قلنا: «حذيفة»؟ قال: أعلم أصحاب «محمد» صلى الله عليه وسلّم بالمنافقين، قالوا: «سلمان»؟ قال: أدرك العلم الاول، والعلم الآخر، بحر لا يدرك قعره، قالوا: «أبو ذر»؟ قال: «وعى علما عجز عنه» اهـ (¬3). وقال «الشعبي» يؤخذ العلم عن ستة: عمر- وعبد الله بن مسعود- وزيد ابن ثابت، يشبه علمهم بعضه بعضا وكان «علي، وأبيّ بن كعب، وأبو موسى» يشبه علمهم بعضه بعضا، يقتبس بعضهم من بعض اهـ (¬4). وقال «ابن شوذب»: كان «أبو موسى» إذا صلى الصبح، استقبل الصفوف رجلا رجلا يقرئهم اهـ (¬5). قرأ على «أبي موسى الأشعري»: أبو رجاء العطاردي، وحطان الرقاشيّ وحدث عنه: بريدة بن الحصيب، وأبو أمامة الباهلي، وأبو سعيد الخدري، وأنس ابن مالك، وطارق بن شهاب، وسعيد بن المسيب، والأسود بن يزيد، وغيرهم. ¬

_ (¬1) سورة المائدة آية 54. (¬2) أخرجه أحمد بسند صحيح، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 384. (¬3) أخرجه الفسوى في تاريخه، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 388. (¬4) أخرجه ابن عساكر .. ، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 389. (¬5) أخرجه ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 389.

وقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلّم ودعا له بالمغفرة والجنة: فعن «أبي موسى الأشعري» أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلا كريما» اهـ (¬1). وعن «ابن بريدة» عن أبيه قال: «خرجت ليلة من المسجد فإذا النبي صلى الله عليه وسلّم عند باب المسجد قائم، وإذا رجل يصلي، فقال لي: «يا بريدة أتراه يرائي»؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «بل هو مؤمن منيب، لقد أعطى مزمارا من مزامير آل داود» فأتيته، فإذا هو «أبو موسى» فأخبرته (¬2). وعن «أنس» رضي الله عنه: أن «أبا موسى» قرأ ليلة فقمن أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم يستمعن لقراءته، فلما أصبح، أخبر بذلك، فقال: لو علمت لحبّرت تحبيرا، ولشوقت تشويقا اهـ (¬3). وقال «العجلي»: بعثه «عمر» أميرا على البصرة، فأقرأهم وفقههم ... ولم يكن في الصحابة أحد أحسن صوتا منه اهـ (¬4). ولقد كان «لأبي موسى الأشعري» المكانة المرموقة، والمنزلة الرفيعة لدى الصحابة والتابعين، يتجلى ذلك من خلال النصوص التالية: روى «أسامة بن زيد» عن صفوان بن سليم قال: لم يكن يفتي في المسجد زمن رسول الله صلى الله عليه وسلّم غير هؤلاء: عمر، وعليّ ومعاذ، وأبي موسى اهـ (¬5). وقال «مسروق»: كان القضاء في الصحابة إلى ستة: عمر، وعلي، وابن ¬

_ (¬1) أخرجه الشيخان، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 381. (¬2) أخرجه مسلم، وغيره، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 386. (¬3) أخرجه ابن سعد وغيره وسنده صحيح، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 388. (¬4) رواه ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 383. (¬5) رواه ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 389.

مسعود، وأبيّ، وزيد، وأبي موسى اهـ (¬1). وقال «الأسود بن يزيد» لم أر بالكوفة أعلم من: علي وأبي موسى اهـ (¬2). وقال «أبو عثمان النهدي»: ما سمعت مزمارا، ولا طنبورا، ولا صنجا، أحسن من صوت «أبي موسى الأشعري» إن كان ليصلي بنا فنودّ أنه قرأ البقرة، من حسن صوته اهـ (¬3). استعمله النبي صلى الله عليه وسلّم على: «زبيد، وعدن» (¬4). ثم ولّي إمرة الكوفة، والبصرة «لعمر» رضي الله عنه. توفي «أبو موسى الأشعري» في ذي الحجة سنة أربع وأربعين هـ رحم الله «أبا موسى» وجزاه أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) أخرجه أبو زرعة، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 388. (¬2) أخرجه الفسوى في تاريخه، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 388. (¬3) أخرجه ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 392. (¬4) رواه الشيخان، انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 39.

رقم الترجمة/ 261"موسى بن جرير" ت 316 هـ

رقم الترجمة/ 261 «موسى بن جرير» ت 316 هـ (¬1) هو: موسى بن جرير أبو عمران الرّقي الضرير. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «موسى بن جرير» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو شعيب السوسي» أحد الرواة المشهورين عن «أبي عمرو» البصري، وهو أجل أصحابه، وقد خلفه في القراءة والإقراء بعد وفاته، ولا زالت قراءة «السوسي» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها، والحمد لله رب العالمين. وقد روى القراءة عن «موسى بن جرير» عدد كثير منهم: «أحمد بن الحسين الكتاني، والحسين بن محمد بن حبش، وعبد الله بن الحسين السامري، وعبد الله بن اليسع الأنطاكي، ومحمد بن أحمد الداجوني، والحسن بن سعيد المطوعي» وآخرون (¬2). وقد أثنى عليه الكثيرون، قال «الذهبي»: كان «موسى بن جرير» بصيرا بالادغام ماهرا في العربية، وافر الحرمة، كثير الأصحاب (¬3). توفي «موسى بن جرير» سنة ست عشرة وثلاثمائة على خلاف. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام، في وفيات 310، الورقة 47 (أحمد الثالث 2917/ 9) ومعرفة القراء: 1/ 245. وغاية النهاية 2/ 317، ونهاية الغاية، الورقة 281، والنجوم الزاهرة 3/ 206، وبغية الوعاة 2/ 306، وشذرات الذهب 2/ 261. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 317. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 245.

رقم الترجمة/ 262"ابن مهران" ت 381 هـ

رقم الترجمة/ 262 «ابن مهران» ت 381 هـ (¬1) هو: أحمد بن الحسين بن مهران، الأستاذ أبو بكر الأصبهاني ثم النيسابوري. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تنقل «ابن مهران» في الأقطار ليأخذ عن علمائها وقرائها. وأخذ عن الكثيرين. وكان عالي السند، يقول «ابن الجزري»: قرأ بدمشق على «ابن الأخرم، وببغداد على «أبي الحسين بن بويان، وحماد بن أحمد، وأبي بكر النقاش، وأبي عيسى بكار، وعلي بن محمد بن خليع، وهبة الله بن جعفر، والحسن بن داود النقار، ومحمد بن الحسن بن مقسم، وأبي علي محمد بن أحمد بن الصفار»، وغيرهم كثير (¬2). وقال «الحاكم»: قرأت ببخاري على «ابن مهران» كتاب «الشامل» في القراءات وهو من مؤلفاته. كما أخذ «ابن مهران» الحديث عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الذهبي»: سمع «ابن مهران» من إمام الأئمة ابن خزيمة، وأبي العباس السراج، وأحمد بن محمد بن الحسين وجماعته (¬3). تصدر «ابن مهران» لتعليم القرآن وحروفه، وحديث الهادي البشير صلى الله عليه وسلّم، واشتهر بين الناس بالأمانة، والثقة وحسن القراءة، وأقبل عليه ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي:- أنساب السمعاني، الورقة 545، وإرشاد الأريب 3/ 12. وتاريخ الاسلام، الورقة 158 (آيا صوفيا 3008)، وتذكرة الحفاظ 3، والعبر 3/ 16، ومرآة الجنان 2/ 410، وطبقات الإسنوي 2/ 399 - 400، وغاية النهاية، الورقة 13، والنجوم الزاهرة 4/ 160، وشذرات الذهب 3/ 98. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 49. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 348.

طلاب العلم وحفاظ القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «مهدي بن طرارة شيخ الهذلي، وعلي بن محمد البستي شيخ الواحدي، ومنصور بن أحمد العراقي، وطاهر بن علي الصيرفي شيخ شيخ البغوي، وأحمد بن محمد بن أحمد الحداد، وعلي بن عبد الله الفارسي، وأبو بكر محمد بن أحمد الكرابيسي». وروى عنه حروف القراءات سماعا «أحمد بن إبراهيم المقرئ من كتابه «الغاية» وعبيد الله بن محمد الطوسي، وعبد الله بن الحسين النيسابوري، والحاكم أبو عبد الله الحافظ من كتابه «الشامل» وآخرون» (¬1). كما روى عنه الحديث عدد كبير، وفي مقدمتهم: «أبو عبد الله الحاكم»، وقال: كان إمام عصره في القراءات. وكان أعبد من رأينا من القراء، وكان مجاب الدعوة، انتقبت عليه خمسة أجزاء (¬2). ترك «ابن مهران» للمكتبة الاسلامية الكثير من كتب القراءات. وكلها من تصنيفه، منها: كتاب الغاية في القراءات العشر، ومذهب حمزة في الهمز في الوقف، وكتاب طبقات القراء، وكتاب المرات، وكتاب الاستعاذة بحججها، وكتاب الشامل (¬3). احتل «ابن مهران» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، يقول: «ابن الجزري»: ابن مهران ضابط محقق ثقة صالح، مجاب الدعوة، وقد وقع لي بحمد الله رواية كتابه عاليا (¬4). توفي «ابن مهران» في شوال سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، وله ست وثمانون سنة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 50. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 348. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1 ص 49. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1 ص 49.

رقم الترجمة/ 263"نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي" ت 169 هـ

رقم الترجمة/ 263 «نافع بن عبد الرّحمن بن أبي نعيم الليثي» ت 169 هـ (¬1) الإمام الكبير، حبر القرآن، وشيخ قراء المدينة المنورة، الحجة الثقة، وإمام عصره بلا منازع. مولى جعونة بن شعوب الليثي، حليف «حمزة بن عبد المطلب». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «الإمام» نافع سنة سبعين من الهجرة، وأصله من أصبهان. قال «الذهبي»: وقد اشتهرت تلاوة «نافع» على خمسة: «عبد الرحمن ابن هرمز الأعرج، صاحب أبي هريرة، وأبي جعفر يزيد بن القعقاع أحد العشرة القراء، وشيبة بن نصاح، ومسلم بن جندب الهذلي، ويزيد بن رومان». وروى «إسحاق المسيبي» عن «نافع» قال: أدركت عدة من التابعين فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته، وما شذ فيه واحد تركته، حتى ألفت هذه القراءة اهـ (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: التاريخ الكبير 8/ 87، والمعارف 582، ومشاهير علماء الأمصار 141، والكامل لابن عدي الورقة 810، ووفيات الأعيان 5/ 368، وتهذيب الكمال الورقة 1403، وتذهيب التهذيب 4/ الورقة 90، وسير أعلام النبلاء 7/ 336، معرفة القراء الكبار 1/ 107، والعبر 1/ 7 وميزان الاعتدال 4/ 240 ومرآة الجنان 1/ 368، ووفيات ابن قنفذ 137، وغاية النهاية 2/ 330، وتقريب التهذيب 2/ 295، وتهذيب التهذيب 10/ 407، وخلاصة تذهيب الكمال 399، وشذرات الذهب ج 1 ص 270. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 7 ص 337.

وقال «أبو قرّة» موسى بن طارق: سمعت «نافعا» يقول: قرأت على سبعين من التابعين اهـ (¬1). وقال «أبو عبيد القاسم بن سلام» ت 224 هـ: وإلى «نافع» صارت قراءة أهل المدينة، وبها تمسكوا إلى اليوم اهـ. وقال «مجاهد بن جبر»: كان الإمام «نافع» الذي قام بالقراءة بعد التابعين بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وكان عالما بوجوه القراءات متبعا لآثار الأئمة. وقال «أبو بكر المقورسي»: وأقرأ الإمام «نافع» الناس دهرا طويلا نيّفا عن سبعين سنة، وانتهت إليه رئاسة القراءة بالمدينة المنورة، وصار الناس إليها (¬2). وقال «الإمام مالك»: نافع إمام الناس في القراءة، وقراءته سنة. وقال «الأصمعي» عن فلان: أدركت المدينة سنة مائة، ونافع رئيس في القراءة. وقال «عبيد بن ميمون التبّان» قال لي «هارون بن المسيب»: قراءة من تقرئ؟ قلت: قراءة «نافع، قال: فعلى من قرأ «نافع»؟ قلت: على «الأعرج». وقال «الأعرج» قرأت على «أبي هريرة» رضي الله عنه (¬3). وقال «الذهبي»: روي أن «نافعا» كان صاحب دعابة، طيب الأخلاق، وثقه «يحيى بن معين». وقال «أبو حاتم»: صدوق، وقال «ابن عدي»: لنافع عن «الأعرج» نسخة مائة حديث، حدثنا بها «جعفر بن ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 330. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 331. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 110.

أحمد»، وله نسخة أخرى أكثر من مائة حديث، عن أبي الزناد، عن «الأعرج» رواها «ابن أبي فديك» عنه، ولم أر له شيئا منكرا» اهـ (¬1). وأقول: ذكرت المصادر أن «الإمام نافعا» قرأ على سبعين من التابعين أذكر منهم: أبا جعفر يزيد بن القعقاع ت 128 هـ. وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ت 117 هـ وشيبة بن نصاح القاضي ت 130 هـ ويزيد بن رومان ت 120 هـ ومسلم بن جندب الهذلي ت 130 هـ وقد تلقى هؤلاء الخمسة القراءات عن ثلاثة من أصحابه وهم: «أبو هريرة، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عياش» رضي الله عنهم. وقد قرأ هؤلاء الثلاثة على «أبيّ بن كعب» رضي الله عنه، وقرأ «أبيّ بن كعب» على رسول الله صلى الله عليه وسلم. من هذا يتبيّن أن قراءة «الإمام نافع» صحيحة ومتواترة، ومتصلة السند بالنبي صلى الله عليه وسلم. ولا زال المسلمون في كل مكان يتلقون قراءة «نافع» بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. وقد تتلمذ على «الامام نافع» خلق كثير لا يحصون: من المدينة المنورة، ومن مصر، ومن البصرة، ومن الشام وغير ذلك من بلاد المسلمين، أذكر منهم: الإمام مالك بن أنس، إمام دار الهجرة ت 179 هـ وأبا عمرو بن العلاء البصري ت 154 هـ ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 110.

وإسماعيل بن جعفر بن وردان ت 160 هـ وسليمان بن جماز ت 170 هـ وعيسى بن مينا، قالون ت 220 هـ وأبا سعيد عثمان المصري، ورش ت 197 هـ وقال «الذهبي».: روى «نافع» الحديث عن الأعرج، وعامر بن عبد الله ابن الزبير، وأبي الزناد. وقد روى عنه: «الليث بن سعد، وخارجة بن مصعب، وابن وهب، وأشهب، وخالد بن مخلد» وغيرهم. وقال «أحمد بن هلال المصري» قال لي الشيباني، قال لي رجل ممن قرأ على «نافع»: يا «أبا عبد الله» أتطيب كلما قعدت تقرئ؟ قال: ما مسست طيبا، ولكني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ في «فيّ» فمن ذلك أشم من «فيّ» هذه الرائحة» اهـ (¬1). وروى «الذهبي» قال: لما حضرت «نافعا» الوفاة، قال له ابناؤه: أوصنا، قال: «اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين». وقال «قالون»: كان «نافع» من أطهر الناس خلقا، ومن أحسن الناس قراءة وكان زاهدا، جوادا، صلى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة» (¬2). توفي «الإمام نافع» بالمدينة المنورة سنة مائة وتسع وستين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن برواياته وتجويده. رحم الله الإمام نافعا رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 92. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 333.

رقم الترجمة/ 264"أبو نشيط" ت 258 هـ

رقم الترجمة/ 264 «أبو نشيط» ت 258 هـ (¬1) هو: محمد بن هارون أبو جعفر الرّبعي الحربي البغدادي المروزي المعروف بأبي نشيط. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو نشيط» القرآن على مشاهير علماء عصره وفي مقدمتهم «قالون» أحد رواة الإمام نافع قارئ المدينة والإمام الاول بالنسبة لأئمة القراءة. وكان «أبو نشيط» من أجل أصحاب «قالون» ولا زال المسلمون يتلقون رواية «قالون» من طريق «أبي نشيط» حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. وقد تلقى القرآن على «أبي نشيط» عدد كثير منهم: «أبو حسان أحمد ابن محمد بن الأشعث العنزيّ» وغيره (¬2). وكان «أبو نشيط» يرحل في سبيل تلقي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: «كان «أبو نشيط» من حفاظ الحديث ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 8/ 117، وتاريخ بغداد 3/ 352، وتاريخ الاسلام، الورقة 252 (أحمد الثالث 2917/ 7) ومعرفة القراء الكبار 1/ 222، وغاية النهاية 2/ 272، وتهذيب التهذيب 9/ 493، وخلاصة تذهيب الكمال 362، وانظر «تهذيب الكمال». (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 272.

والرحّالين فيه، سمع «الفريابي» وأبا المغيرة الحمصي، ويحيى بن أبي بكير، وطبقتهم اهـ (¬1). كما روى الحديث عن «أبي نشيط» عدد كبير منهم: «ابن ماجة في تفسيره، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم، وابن صاعد، والمحاملي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل»، وآخرون (¬2). توفي «أبو نشيط» سنة ثمان وخمسين ومائتين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «أبا نشيط» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 223. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 283.

رقم الترجمة/ 265"نصر بن عاصم" ت قبل سنة 100 هـ

رقم الترجمة/ 265 «نصر بن عاصم» ت قبل سنة 100 هـ (¬1) هو: نصر بن عاصم الليثي، ويقال: الدؤلي البصري النحوي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «نصر بن عاصم» القرآن عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم «أبو الأسود الدؤلي» العالم المشهور. وقد روى القراءة عن «نصر بن عاصم» عدد كثير منهم: «أبو عمرو بن العلاء» البصري، و «عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي» كما روى عنه الحروف «عون العقيلي، ومالك بن دينار» (¬2). وكان «نصر بن عاصم» من العلماء المرموقين الموثوق بهم، فقد وثقه «الإمام النسائي» وغيره. قال «ابن الجزري» يقال: إن «نصر بن عاصم» أول من نقط المصاحف، وخمّسها، وعشّرها. اهـ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ خليفة 303، وطبقات خليفة 204، 206، وتاريخ البخاري الكبير 8/ 101، والمعرفة والتاريخ 1/ 345، 3/ 275، وأخبار النحويين البصريين 20 - 21، وطبقات النحويين للزبيدي 27، ونزهة الألباء 17 - 18، وإرشاد الاريب 7/ 210، وإنباء الرواة 3/ 343، وتذكرة الحفاظ 1/ 106، ومعرفة القراء الكبار 1/ 71، والكاشف 3/ 200 وغاية النهاية 2/ 336، وتهذيب التهذيب 10/ 427، وانظر «تهذيب الكمال». (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 336. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 336.

كما قال «خالد بن الحذّاء»: هو أول من وضع العربيّة اهـ (¬1). قال «الداني»: توفي «نصر بن عاصم» قديما قبل سنة مائة من الهجرة رحم الله «نصر بن عاصم» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 111.

رقم الترجمة/ 266"نصير بن يوسف" ت في حدود سنة 240 هـ

رقم الترجمة/ 266 «نصير بن يوسف» ت في حدود سنة 240 هـ (¬1) هو: نصير بن يوسف بن أبي نصر أبو المنذر، الرازي ثم البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «نصير بن يوسف» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم «الكسائي» وكان من جلّة أصحابه (¬2). وقد تتلمذ على «نصير» عدد كثير منهم: «محمد بن عيسى الأصبهاني، وداود ابن سليمان، وعبد الله بن محمد بن الحسين، وعليّ بن أبي نصر النحوي، والحسين ابن شعيب، وأحمد بن محمد بن رستم» شيخ «عبد الواحد بن عمر» وهو آخر من بقي من أصحابه (¬3). كما أخذ «نصير» الحديث عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم «إسحاق ابن سليمان الرازي» وغيره (¬4). وكان ل «نصير بن يوسف» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب ثناء الكثيرين عليه، وفي هذا المعنى يقول «أبو عبد الله الحافظ» كان «نصير» من ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 8/ 492، وإنباه الرواة 3/ 347، وتلخيص ابن مكتوم 264، وغاية النهاية 2/ 340، وبغية الوعاة 2/ 316، ومعرفة القراء الكبار 1/ 213، وشذرات الذهب ج 2 ص 95. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 213. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 340. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 214.

الأئمة الحذاق، لا سيما في رسم المصحف، وله فيه تصنيف اهـ (¬1). وقال الأستاذ «أبو محمد سبط الخياط» كان «نصير» ضابطا عالما بمعنى القراءات، ونحوها، ولغتها اهـ (¬2). وقال «القفطي» كان «نصير» علّامة نحويّا، صدوق اللهجة، كثير الأدب حافظا، جالس «الكسائي» وأخذ عنه النحو، وقرأ عليه القرآن، وله مؤلفات حسان، سمعها منه «أبو الهيثم الرازي» رواها عنه «بهراة» وقد رأى الأصمعي أبا زيد الانصاري وسمع منهما (¬3). توفي «نصير» في حدود الاربعين ومائتين. رحمه الله رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 341. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 341. (¬3) انظر إنباه الرواة ج 3 ص 347.

رقم الترجمة/ 267"هارون التغلبي" ت 292 هـ

رقم الترجمة/ 267 «هارون التّغلبي» ت 292 هـ (¬1) هو: هارون بن موسى بن شريك أبو عبد الله التغلبي الدمشقي المعروف بالأخفش. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «هارون التغلبي» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: أخذ القراءة عرضا وسماعا عن «ابن ذكوان» أحد الرواة المشهورين عن «ابن عامر» الشامي، ولا زالت قراءة «ابن ذكوان» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين كما أخذ حروف القراءات عن «هشام بن عمار» أحد الرواة المشهورين عن «ابن عامر» كما قرأ باختيار «أبي عبيد القاسم بن سلام» على «أبي محمد البيساني» عنه (¬2). وقال «الذهبي»: إن «هارون التغلبي» رأى «أبا عبيد القاسم بن سلام» بدمشق، وسأله مسألة في اللغة (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات النحويين للزبيدي 263، وإرشاد الاريب 7/ 235، وتاريخ الاسلام، الورقة 321 (أوقاف)، وتذكرة الحفاظ 2/ 659، معرفة القراء 1/ 247 ومرآة الجنان، 2/ 220 والبلغة 277، وغاية النهاية 2/ 347، ونهاية الغاية، الورقة 291، وبغية الوعاة 2/ 320، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 347، وشذرات الذهب ج 2 ص 209. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 347. انظر القراء الكبار ج 1 ص 248. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 248.

بلغ «هارون التغلبي» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا المعنى يقول «أبو علي الأصفهاني»: كان «هارون التغلبي» من أهل الفضل، صنف كتبا كثيرة في القراءات والعربية، وإليه رجعت الإمامة في قراءة «ابن ذكوان». وقال «ابن الجزري»: «قد رأيت من مؤلفاته» اهـ (¬1). وقال عنه «ابن الجزري»: «كان هارون التغلبي مقرئا متصدرا ثقة نحويا شيخ القراء بدمشق يعرف بأخفش باب الجابية» (¬2). عاش «هارون التغلبي» زمنا طويلا حتى وصل اثنتين وتسعين سنة قضاها في نشر العلم وتعليم القرآن، لذلك فقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: «إبراهيم بن عبد الرزاق، وإسماعيل بن عبد الله الفارسي، وجعفر بن حمدان بن أبي داود، والحسن بن حبيب، والحسن بن عبد الملك، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ، ومحمد ابن الأخرم، ومحمد بن الحسن النقاش، ومحمد بن موسى الصوري، والحسين بن محمد البيروني» وغيرهم كثير (¬3). كما أخذ «هارون التغلبي» الحديث عن خيرة العلماء منهم: أبو مشهر، وسلام بن سليمان المدائني» (¬4). وقد أخذ الحديث عن «هارون التغلبي» عدد كثير منهم: «أبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن الناصح المفسر» وجماعة (¬5). توفي «هارون التغلبي» في صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين. رحم الله «هارون التغلبي» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 347. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 347. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 347. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 248. (¬5) انظر القراء الكبار ج 1 ص 248.

رقم الترجمة/ 268"هارون المزوق" ت 305 هـ

رقم الترجمة/ 268 «هارون المزوّق» ت 305 هـ (¬1) هو: هارون بن علي بن الحكم، أبو موسى، البغدادي المزوّق النقاش المعروف بحيون. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد أخذ «هارون المزوق» القرآن عن خيرة العلماء منهم: «أحمد بن يزيد الحلواني، وأبو عمر الدوري» ولا زالت قراءة كل من «الحلواني، والدوري» يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها، والحمد لله رب العالمين (¬2). وقد اشتهر «هارون المزوّق» بالقراءة، والاقراء. فروى القراءة عنه عدد كثير منهم: «أحمد بن صالح بن عطية، وجعفر بن أحمد الخصّاف، ومختار بن عبد الله الحلبي» وآخرون (¬3). وقد احتل «المزوّق» مكانة سامية لدى العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الذهبي»: كان «المزوّق» نبيلا ثقة (¬4). وقال «الداني»: كان «المزوّق» من كبار أصحاب «الحلواني» (¬5). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 14/ 30، وتاريخ الاسلام، الورقة 25 (أحمد الثالث 2917/ 9) وتذكرة الحفاظ 2/ 707، ومعرفة القراء: 1/ 240، وغاية النهاية 2/ 346. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 240. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 346. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 241. (¬5) انظر طبقات القراء ج 2 ص 346.

كما سمع «المزوّق» حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم من خيرة العلماء منهم: «يعقوب بن ماهان، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، والحسين بن علي الصدّائي، وزياد بن أيوب الطوسي» وآخرون. وكما اشتهر «المزوّق» بتعليم القرآن، اشتهر أيضا برواية حديث النبي عليه الصلاة والسلام. وقد روى عنه الحديث عدد كثير منهم: «أبو الحسين بن المنادي، ومحمد بن حميد المخزومي، وعثمان المجاشي، وعمر بن أحمد بن يوسف الوكيل» وآخرون (¬1). توفي «هارون المزوّق» ليلة الثلاثاء، ودفن يوم الاربعاء لاثنتين وعشرين ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثمائة. رحم الله «هارون المزوّق» رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 14 ص 30.

رقم الترجمة/ 269"هبة الله بن جعفر"

رقم الترجمة/ 269 «هبة الله بن جعفر» (¬1) هو: هبة الله بن جعفر بن محمد بن الهيثم أبو القاسم البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «هبة الله» القراءة عن عدد كبير من مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «والده جعفر، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن علي، ومحمد بن محمد بن أحمد اللهبي، واسحاق بن أحمد الخزاعي، وعمر بن نصر، وهارون بن موسى بن الأخفش، وأبو ربيعة محمد بن اسحاق، وأحمد بن فرح، وأبو بكر الأصبهاني، وأحمد بن قعنب، وأحمد بن يحيى الوكيل صاحب روح، وعلي بن أحمد المجلاب، ومحمد بن يعقوب المعدل»، وغيرهم (¬2). كما أخذ «هبة الله» حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، منهم: «موسى بن هارون الحافظ، وأحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار. وأحمد ابن الصلت»، وغيرهم (¬3). تصدر «هبة الله» للإقراء دهرا، واشتهر بالصدق وجودة القراءة وذاع صيته بين الناس، فأقبل عليه طلاب العلم، وتتلمذ عليه عدد كثير. فمن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: أبو الحسن الحمامي، وعلي بن محمد بن يوسف بن العلاف، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 14/ 69: وغاية النهاية ج 2 ص 350 - 351. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 350. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 14 ص 69.

وعبد الملك بن بكران الحلواني، ومحمد بن أحمد بن الفتح الحنبلي، وأبو بكر بن مهران، وأحمد بن عبد الله الجبي، وعبيد الله بن أحمد الصيدلاني، وأحمد بن محمد الشامي، وعلي بن محمد بن عبد الله، وغير هؤلاء (¬1). كما أخذ حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن «هبة الله» عدد كثير منهم: أبو الحسن بن «رزقويه». احتل «هبة الله» بين العلماء مكانة سامية مرموقة مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا المعني يقول «الحافظ الذهبي»: «هبة الله بن جعفر» أحد من عني بالقراءات وتبحّر فيها (¬2). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «هبة الله». إلا أن «ابن الجزري» قال: بقي «هبة الله» فيما أحسب إلى حدود الخمسين وثلاثمائة. رحم الله «هبة الله» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 350. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 314.

رقم الترجمة/ 270"هبيرة التمار"

رقم الترجمة/ 270 «هبيرة التّمّار» (¬1) هو: هبيرة بن محمد التمّار، أبو عمر، الأبرش البغدادي، المشهور بالاقراء، والمعرفة، ودقة الضبط. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «هبيرة» القرآن على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «حفص بن سليمان» أحد الرواة المشهورين عن «عاصم بن أبي النجود» وعاصم هو الإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراءات المشهورين (¬2). وقد أخذ القراءة عن «هبيرة» عدد كثير منهم: حسنون بن الهيثم، وأحمد ابن علي بن الفضل الخزاز، والخضر بن الهيثم الطوسي، عرضا وسماعا (¬3). قال «أبو إسحاق الطبري» قال: «حسنون»: لم يخالف «هبيرة» «عمرو بن الصباح»، إلا في خمسة أحرف وهي: «يوم الزينة» من قوله تعالى: قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ (¬4). قرأه «هبيرة» «يوم» بالنصب، وقرأه «عمرو بن الصباح» بالرفع. الحرف الثاني: «وقرن» من قوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في معرفة القراء: 1/ 205، وغاية النهاية ج 2 ص 353. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 353. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 205. (¬4) سورة طه الآية 59. (¬5) سورة الأحزاب الآية 33.

قرأه «هبيرة» «وقرن» بكسر القاف، وقرأه «عمرو بن الصباح» بفتح القاف. الحرف الثالث: «بنصب» من قوله تعالى: وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (¬1) قرأه «هبيرة» «بنصب» بفتح النون، وسكون الصاد، وقرأه «عمرو بن الصباح» «بنصب» بضم النون، والصاد. الحرف الرابع: فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (¬2). قرأه «هبيرة» بنصب القاف فيهما، وقرأه «عمرو بن الصباح» برفع الاول ونصب الثاني. الحرف الخامس: لفظ «يحسب» حيثما وقع في القرآن الكريم. قرأه «هبيرة» بكسر السين، وقرأه «عمرو بن الصباح» بفتح السين (¬3). توفي «هبيرة» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، ولم يذكر أحد من المؤرخين تاريخ وفاته، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) سورة ص الآية 41. (¬2) سورة ص الآية 84. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 353.

رقم الترجمة/ 271"أبو الهيثم الكوفي"

رقم الترجمة/ 271 «أبو الهيثم الكوفيّ» (¬1) هو: محمد بن الهيثم أبو عبد الله الكوفي قاضي عكبرا، ضابط مشهور حاذق في قراءة «حمزة». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو الهيثم» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا المعنى يقول «ابن الجزري»: أخذ «أبو الهيثم» القراءة عرضا عن «خلاد بن خالد» وهو أجل أصحابه، وعرض على «عبد الرحمن بن أبي حمّاد، وحسين الجعفي، وجعفر الخشكني» كلهم عن حمزة اهـ (¬2). وقد تلقى «القرآن» على «أبي الهيثم» عدد كبير منهم: «القاسم بن نصر المازني، وعبد الله بن ثابت» وغيرهما (¬3). رحل «أبو الهيثم» في سبيل سماع حديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى كثير من الأقطار الاسلامية، وفي هذا يقول: «الخطيب البغدادي»: ورحل «أبو الهيثم» في الحديث إلى الكوفة، والبصرة، والشام، ومصر فسمع من «أبي غسّان مالك بن إسماعيل، وأبي نعيم الفضل بن دكين» الكوفيين و «عبد الله بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في تاريخ الاسلام، الورقة 196 (أحمد الثالث 2917/ 7) ومعرفة القراء الكبار: 1/ 221، وغاية النهاية: 2/ 274. وتاريخ بغداد 3/ 362، وانظر «تهذيب الكمال». (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 274. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 221.

رجاء» البصري، ومحمد بن كثير المصّيصي، ويحيى بن بكير» المصريين، ويوسف بن عديّ، ويحيى بن سليمان الجعفي، وغيرهم (¬1). وقد روى عن «أبي الهيثم» حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عدد كثير منهم: «موسى بن هارون الحافظ، ومحمد بن عبد الله الحضرمي، والقاضي المحاملي، ويحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن مخلد الدوري، وإسماعيل بن محمد الصفّار، ومحمد بن عمرو الرزاز، وأبو عمرو بن السمّاك» وغيرهم كثير (¬2). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي الهيثم الكوفي» رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 362. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 362.

رقم الترجمة/ 272"أبو هريرة" رضي الله عنه ت 59 هـ

رقم الترجمة/ 272 «أبو هريرة» رضي الله عنه ت 59 هـ (¬1) هو: «أبو هريرة» عبد الرحمن بن صخر الدوسي. روى عن «عبد الله بن رافع» أنه قال «لأبي هريرة» لم كنّوك أبا هريرة؟ قال: أما تفرق مني؟ قلت: بلى، إني لأهابك، قال: كنت أرعى غنما لأهلي، فكانت لي «هريرة» ألعب بها، فكنوني بها اهـ (¬2). وكان «أبو هريرة» رضي الله عنه: إماما، حافظا، مفتيا، فقيها، صالحا، حسن الأخلاق، متواضعا، محببا إلى جميع المسلمين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ «القرآن». أسلم «أبو هريرة» سنة سبع من الهجرة عام خيبر، وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع سنين. وقرأ «أبو هريرة» «القرآن» على «أبيّ بن كعب» رضي الله عنهما. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 2/ 362، ومسند أحمد 2/ 228، 5/ 114، وطبقات خليفة 114، وتاريخ البخاري الكبير 6/ 132، والمعرفة والتاريخ 1/ 486، 3/ 160، ومشاهير علماء الأنصار 15، والاستيعاب 4/ 1768، وحلية الاولياء 1/ 376 وتاريخ ابن عساكر 19/ 105، وأسد الغابة 6/ 318، وتاريخ الاسلام 2/ 333، وسير أعلام النبلاء 2/ 578 - 632، وتهذيب التهذيب 12/ 262، والاصابة 4/ 63 والنجوم الزاهرة 1/ 151، وحسن المحاضرة 1/ 250، وطبقات الحفاظ للسيوطي 9 وشذرات الذهب ج 1 ص 63. (¬2) أخرجه الترمذي بإسناد حسن، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 587.

وكان «أبو هريرة» رجلا آدم، بعيد ما بين المنكبين، أفرق الثنيتين ذا ضفيرتين. عن «أبي هريرة» رضي الله عنه قال: «إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوع، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع.، ولقد قعدت على طريقهم، فمرّ بي «أبو بكر» فسألته عن آية في كتاب الله، ما أسأله إلا ليستتبعني، فمرّ ولم يفعل، فمرّ «عمر» فكذلك، حتى مرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرف ما في وجهي من الجوع، فقال: «أبو هريرة»؟ قلت: لبيك يا رسول الله، فدخلت معه البيت، فوجدنا «لبنا» في قدح، فقال: «من أين لكم هذا»؟ قيل: أرسل به إليك فلان، فقال: «يا أبا هريرة، انطلق إلى أهل الصفة، فادعهم» وكان أهل الصفة أضياف الاسلام، لا أهل، ولا مال، إذا أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة أرسل بها إليهم، ولم يصب منها شيئا، وإذا جاءته هدية أصاب منها، وأشركهم فيها، فساءني إرساله إياي، فقلت: كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها، وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ ولم يكن من طاعة لله وطاعة رسوله بدّ، فأتيتهم فأقبلوا مجيبين، فلما جلسوا، قال: «خذ يا أبا هريرة فأعطهم، فجعلت أعطي الرجل، فيشرب حتى يروى، حتى أتيت على جميعهم، وناولته رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رأسه إليّ متبسما وقال: «بقيت أنا وأنت» قلت: صدقت يا رسول الله، قال: فاشرب فشربت، فقال: «اشرب» فشربت، فما زال يقول: اشرب، فأشرب، حتى قلت: والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغا، فأخذ فشرب من الفضلة اهـ (¬1). قال «البخاري»: روي عن «أبي هريرة» ثمان مائة حديث أو أكثر. وقال «أبو سعيد الخدري»: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبو هريرة وعاء من العلم» اهـ (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 591. (¬2) أخرجه الحاكم، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 596.

كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له فقال: «اللهم حبّب عبدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين، وحبّبهم إليهما اهـ (¬1). وروى «أبو هريرة» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: «ألا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك؟ قلت: أسألك أن تعلمني مما علمك الله، فنزع نمرة كانت على ظهري فبسطها بيني وبينه حتى كأني أنظر إلى النمل يدبّ عليها فحدثني، حتى إذا استوعبت حديثه قال: اجمعها فصرّها إليك» فأصبحت لا أسقط حرفا مما حدثني اهـ (¬2). وكما اشتهر «أبو هريرة» بكثرة حفظه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. اشتهر أيضا بذاكرة قوية لا تنسى، يدل على ذلك ما يلي: روى «أبو الزعيزعة» كاتب «مروان» انّ «مروان» أرسل إلى «أبي هريرة» فجعل يسأله، وأجلسني خلف السرير وأنا أكتب حتى إذا كان رأس الحول دعا به فأقعده من وراء حجاب، فجعل يسأله عن ذلك الكتاب، فما زاد ولا نقص، ولا قدّم ولا أخّر، قلت: هكذا فليكن الحفظ اهـ (¬3). وقال «الشافعي»: أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره اهـ (¬4). ولقد كان «لأبي هريرة» المنزلة السامية الرفيعة لدى الصحابة والتابعين وشهد له الجميع بالعلم، يدلّ على ذلك النصوص التالية: قال «أبو صالح»: كان «أبو هريرة» من أحفظ الصحابة اهـ (¬5). ¬

_ (¬1) أخرجه غير واحد ورجاله ثقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 593. (¬2) أخرجه أبو نعيم ورجاله ثقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 594. (¬3) صححه الحاكم، وأقره الذهبي، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 598. (¬4) رواه ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 599. (¬5) رواه ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 597.

وقال «أبو رافع»: إن «أبا هريرة» لقي «كعبا» فجعل يحدثه ويسأله، فقال «كعب»: ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من «أبي هريرة» (¬1). وقال «ابن عمر» لأبي هريرة: يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلمنا بحديثه اهـ (¬2). وقال «زياد بن مينا»: كان «ابن عباس- وابن عمر- وأبو هريرة- وأبو سعيد- وجابر مع غيرهم من الصحابة يفتون بالمدينة، ويحدثون من لدن توفي «عثمان» رضي الله عنهم إلى أن توفوا، وإلى هؤلاء الخمسة صارت الفتوى (¬3). قال «الذهبي» توفي «أبو هريرة» سنة تسع وخمسين، ولعله الصحيح لأنه صلى على «أم سلمة» وماتت في شوال سنة تسع وخمسين اهـ. رحم الله أبا هريرة، رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) رواه ابن عساكر، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 600. (¬2) أخرجه الترمذي ورجاله ثقات، انظر سير أعلام النبلاء ج 2 ص 503. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 44.

رقم الترجمة/ 273"هشام بن عمار" ت 245 هـ

رقم الترجمة/ 273 «هشام بن عمّار» ت 245 هـ (¬1) هو: هشام بن عمّار بن نصر بن ميسرة أبو الوليد السلمي، إمام أهل دمشق ومقرئهم، ومحدثهم، ومفتيهم. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «هشام بن عمّار» سنة ثلاث وخمسين ومائة من الهجرة. وقد أخذ «هشام» القراءة عن مشاهير علماء عصره منهم: «أيوب بن تميم، وعراك بن خالد، وسويد بن عبد العزيز». وروى الحروف عن «عتبة بن حمّاد»، وغير هؤلاء كثير (¬2). وقد أخذ «هشام» حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، يقول: «الذهبي»: «وسمع من مالك، ومسلم الزنجي، وعبد الرحمن بن أبي الرّجال، وإسماعيل بن عياش، وسفيان بن عينية، وسليمان بن موسى الزّهري، وغيرهم كثير» (¬3). قال «محمد بن الفيض الغساني»: «سمعت «هشاما» يقول: باع ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 7/ 174، وتاريخ البخاري الكبير 8/ 199، والصغير 2/ 382، والجرح والتعديل 9/ 66، وسير أعلام النبلاء 11/ 420، ومعرفة القراء الكبار 1/ 195، وتذكرة الحفاظ 2/ 451، ودول الاسلام 1/ 107، والعبر 1/ 445، والكاشف 2/ 223، وميزان الاعتدال 4/ 302، والبداية والنهاية 10/ 345، وغاية النهاية 2/ 354، وتهذيب التهذيب 11/ 51 وانظر «تهذيب الكمال» للمزي. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 354. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 420.

«أبي» بيتا بعشرين دينارا وجهزني للحج، فلما صرت إلى «المدينة المنورة» أتيت مجلس «مالك» ومعي مسائل، فأتيته وهو جالس في هيئة الملوك وغلمان قيام، والناس يسألونه، وهو يجيبهم، فقلت: ما تقول في كذا؟ فقال: حصلنا على الصبيان يا غلام احمله، فحملني كما يحمل الصبيّ، وأنا يومئذ مدرك، فضربني بدرّة مثل درّة المعلمين سبع عشرة درّة، فوقفت أبكي، فقال: ما يبكيك أوجعتك هذه؟ قلت: إن «أبي» باع منزله، ووجّه بي أتشرف بك وبالسماع منك فضربتني، فقال: اكتب، فحدثني سبعة عشر حديثا، وأجابني عن المسائل» (¬1). ويقول «الذهبي»: لقد كان هشام بن عمّار من أوعية العلم، وكان ابتداء طلبه للعلم وهو حدث قبل السبعين ومائة، وفيها قرأ «القرآن» على أيوب بن تميم، وعلى الوليد بن مسلم وجماعة (¬2). وقد كان «هشام بن عمّار» من الذين أوقفوا حياتهم لتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. يقول «ابن الجزري»: قد روى القراءة عن «هشام»، أبو عبيد القاسم ابن سلام قبل وفاته بنحو أربعين سنة، وأحمد بن يزيد الحلواني، وأحمد بن أنس، وإسحاق بن أبي حسّان، وأحمد بن المعلّى، وإبراهيم بن عباد، وإسحاق بن داود، وغيرهم كثير (¬3). لقد كان «هشام بن عمّار» من رجال الحديث الثقات، فقد وثقه يحيى ابن معين، وابن الجنيد، وأحمد العجلي، والنسائي. وقال «الدارقطني»: صدوق كبير المحلّ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1 ص 196. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 422. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 354. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 424.

وقد حدث عن «هشام بن عمّار» عدد كثير، وفي هذا المعنى يقول «الذهبي»: حدث عن «هشام» من كبار شيوخه: «الوليد بن مسلم، ومحمد بن شعيب». وحدث عنه من أصحاب الكتب: «البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة»، وروى الترمذي عن رجل عنه، ثم يقول «الذهبي»: وحدث عنه بشر كثير، أذكر منهم: ولده «أحمد» وأبا زرعة الدمشقي، والرازي، وأبا حاتم، ويعقوب الفسوي، وإسحاق بن إبراهيم، وغيرهم كثير (¬1). قال «أبو القاسم بن الفرات»: أخبرنا «أبو علي أحمد بن محمد الأصبهاني» المقرئ. قال: لما توفي «أيوب بن تميم» يعني: مقرئ دمشق، رجعت الإمامة حينئذ إلى رجلين أحدهما مشتهر بالقراءة والضبط، وهو «ابن ذكوان» فائتم به الناس، والآخر مشتهر بالنقل، والفصاحة، والرواية، والعلم، والدراية، وهو «هشام ابن عمّار» وكان خطيبا بدمشق، رزق كبر السنّ، وصحة العقل والرأي فارتحل إليه في نقل القراءة، والحديث اهـ (¬2). ولقد كان «هشام بن عمّار» خطيبا بارعا، وفي هذا المعنى يقول «عبدان الأهوازي» قال «هشام بن عمّار»: ما أعدت خطبة منذ عشرين سنة (¬3). وهذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على فصاحة «هشام بن عمّار» وكثرة علمه، وشدّة ذكائه. وكان «هشام بن عمّار» مع فصاحته وبلاغته، وعلوّ منزلته في العلم، ينطق بالحكمة ويعلمها الناس، وفي هذا المعنى يقول «محمد بن خريم الخريمي»: ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 422. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 425. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 196.

سمعت «هشام بن عمّار» يقول في خطبته: «قولوا الحقّ، ينزلكم الحقّ منازل أهل الحقّ، يوم لا يقضي إلا بالحقّ» اهـ (¬1) ولقد احتلّ «هشام بن عمّار» بين العلماء مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، حول هذه المعاني السامية يقول «يحيى بن معين»: هشام بن عمار كيّس (¬2). وقال «هشام بن مرثد»: سمعت «ابن معين» يقول: «هشام بن عمّار أحبّ إليّ من «ابن أبي مالك» اهـ (¬3). كما كان «هشام بن عمّار» من المقرّبين إلى الله تعالى، ومن مستجابي الدعوة، وفي هذا المعني يقول «أبو عبيد الله الحميدي»: «أخبرني بعض أهل الحديث «أن هشام ابن عمّار» قال: سألت الله سبع حوائج فقضى لي منها ستّا، والواحدة ما أدري ما صنع فيها: سألته أن يغفر لي ولوالديّ، فما أدري ما صنع في هذه، وسألته أن يرزقني الحج ففعل، وسألته أن يعمّرني مائة سنة، ففعل، وسألته أن يجعلني مصدّقا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل، وسألته أن يجعل الناس يغدون إليّ في طلب العلم ففعل، وسألته أن أخطب على منبر دمشق ففعل، وسألته أن يرزقني ألف دينار حلالا ففعل» اهـ (¬4). توفي «هشام بن عمّار» في آخر المحرّم سنة خمس وأربعين ومائتين بعد حياة حافلة بخدمة الكتاب والسنة. رحمه الله رحمة واسعة أمين. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 429. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 424. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 11 ص 425. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 197.

رقم الترجمة/ 274"ابن هلال" ت 310 هـ

رقم الترجمة/ 274 «ابن هلال» ت 310 هـ (¬1) هو: أحمد بن عبد الله بن محمد بن هلال، أبو جعفر الازدي المصري، استاذ كبير محقق ضابط. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره ابن الجزري ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن هلال» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: والده، واسماعيل ابن عبد الله النحّاس، وسمع حروف القراءات من «بكر بن سهل الدمياطي». تصدر «ابن هلال» لتعليم القرآن فأخذ عنه الكثيرون، منهم: حمدان بن عون، وسعيد بن جابر، والحسن بن عبد الله، وعبد العزيز بن الفرح، وأحمد بن محمد بن الهيثم الشعراني، ومحمد بن أحمد بن أبي الإصبع، وعتيق بن ما شاء الله، والمظفر بن أحمد بن حمدان، وآخرون (¬2). توفي «ابن هلال» في ذي القعدة سنة عشر وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «ابن هلال» رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام، الورقة 42، وغاية النهاية 1/ 74 - 75، ونهاية الغاية الورقة 17 وحسن المحاضرة ج 1 ص 488. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 74.

رقم الترجمة/ 275"ورش" ت 197 هـ

رقم الترجمة/ 275 «ورش» ت 197 هـ (¬1) هو: عثمان بن سعيد بن عدي المصري المقرئ المشهور بورش، والورش: شيء يصنع من اللبن، ونافع شيخه في القراءة هو الذي لقّبه بورش لشدة بياضه. وقيل: إن نافعا لقبه «بالورشان» وهو طائر معروف، فكان يقول له، اقرأ يا ورشان، ثم خفف وقيل ورش، وكان لا يكرهه ويقول أستاذي نافع سماني به. ولد ورش سنة عشر ومائة من الهجرة. وكان «ورش» رحمه الله تعالى أشقر، سمينا، مربوعا، وإليه انتهت رئاسة الاقراء بالديار المصرية في زمانه. ذكره «الذهبي» 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من علماء القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد قرأ ورش القرآن وجوّده عدة مرات على شيخه «نافع» القارئ المدني، والإمام الاول بالنسبة لأئمة القراءات. ولقراءة ورش المصري، على «نافع» المدني قصة لطيفة يرويها المؤرخون، وهذا موجزها. قال «الداني»: أخبرنا «علي بن الحسن، وعلي بن إبراهيم» عن «محمد ابن سلمة العثماني» قال: قلت لأبي: أكان بينك وبين ورش مودّة؟ قال: نعم، حدثني «ورش» قال: خرجت من مصر لأقرأ على «نافع» ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 3/ 153، وإرشاد الاريب 5/ 33، ووفيات ابن قنفذ 154، ومعرفة القراء الكبار 1/ 152، وغاية النهاية 1/ 502، والتحفة اللطيفة 3/ 383، وحسن المحاضرة 1/ 485، وشذرات الذهب 1/ 349، وتاج العروس ج 4 ص 364.

فلما وصلت إلى المدينة المنورة صرت إلى مسجد «نافع» فإذا هو لا تطاق القراءة عليه من كثرتهم، وإنما يقرئ ثلاثين، فجلست خلف الحلقة، وقلت لإنسان من أكبر الناس عند «نافع»؟ فقال لي: كبير الجعفريين، فقلت: كيف به، قال: أنا أجيء معك إلى منزله، وجئنا إلى منزله فخرج شيخ، فقلت: أنا من «مصر» جئت لأقرأ على «نافع» فلم أصل إليه وأنا أريد أن تكون الوسيلة إليه، فقال: نعم وكرامة، وأخذ طيلسانه ومضى معنا إلى «نافع» وكان لنافع كنيتان: «أبو رويم، وأبو عبد الله» فبأيّهما نودي أجاب، فقال له الجعفري: هذا وسيلتي إليك جاء من «مصر» ليس معه تجارة، وإنما جاء للقراءة خاصّة، فقال: أي «نافع»: ترى ما ألقى من أبناء المهاجرين والأنصار، فقال صديقه الجعفري: تحتال له، فقال لي «نافع» أيمكنك أن تبيت في المسجد؟ قلت: نعم، فبتّ في المسجد، فلما أن كان الفجر جاء «نافع» فقال: ما فعل الغريب؟ فقلت: ها أنا رحمك الله، قال: أنت أولى بالقراءة. قال أي «ورش»: وكنت مع ذلك حسن الصوت مدّادا به، فاستفتحت فملأ صوتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأت ثلاثين آية، فأشار بيده أن اسكت، فسكتّ، فقام إليه شابّ من الحلقة فقال: يا معلّم أعزّك الله نحن معك وهذا رجل غريب، وإنما رحل للقراءة عليك وقد جعلت له عشرا، واقتصرت على عشرين، أي تنازلت له عن عشر آيات من المقدار المخصّص لي وسأكتفي بقراءة عشرين آية فقط. ولعلّ السبب في ذلك هو حسن قراءة «ورش» وجمال صوته. يقول «ورش» قرأت عشر آيات فقام فتى آخر فقال كقول صاحبه، فقرأت عشر آيات، وقعدت حتى لم يبق أحد ممن له قراءة. فقال «نافع»: «اقرأ فأقرأني خمسين آية، فما زلت أقرأ عليه خمسين في خمسين حتى قرأت عليه ختمتان قبل أن أخرج من المدينة المنورة» اهـ (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1 ص 154 - 155.

ومما تجدر الإشارة إليه أن قراءة «ورش» اشتهرت بين المسلمين، واستفاضت، ولا زال المسلمون في كل مكان يتلقونها بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. ونظرا لشهرة قراءة ورش بين المسلمين فهناك مصاحف قرآنية تطبع طباعة خاصة متضمنة أصول قراءة ورش. ومن أصول قراءة ورش أنه يقرأ بالمدّ الطويل في كل من المدّ المنفصل والمتصل، ويقرأ أيضا بمدّ حرفي اللين إذا وقع بعدها همز، كما يقرأ بنقل حركة الهمز إلى الساكن الصحيح الذي قبله، إلى غير ذلك من الأحكام، وكلها مبيّنة ومدوّنة في الكتب المختصة بذلك. وبعد أن رجع ورش من المدينة المنورة إلى موطنه «مصر» جلس يقرئ الناس حتى وافته منيته. قال «إسماعيل النحاس»: قال لي «أبو يعقوب الأزرق»: إن «ورشا» لما تعمّق في النحو وأحكمه، اتخذ لنفسه مقرئا يسمّى مقرئ ورش (¬1). ومما لا شك فيه أن «ورشا» رحمه الله تعالى كان مدرسة وحده، وقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم: أحمد بن صالح الحافظ، وداود بن أبي طيبة، وأبو يعقوب الأزرق، وعبد الصمد بن عبد الرحمن بن القاسم، ويونس بن عبد الأعلى، وسليمان بن داود، وآخرون. وكما اشتهر ورش بقراءة القرآن، اشتهر أيضا بالثقة والأمانة، وكان حجة في القراءة. توفي «ورش» بمصر سنة سبع وتسعين ومائة من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم وتجويده. رحم الله «ورشا» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. والله أعلم. ¬

_ (¬1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1 ص 153.

رقم الترجمة/ 276"الوليد بن عتبة" ت 240 هـ

رقم الترجمة/ 276 «الوليد بن عتبة» ت 240 هـ (¬1) هو: الوليد بن عتبة بن بنان أبو العباس الأشجعي الدمشقي. ذكره «الذهبي ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة ضمن حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «الوليد بن عتبة» سنة ست وسبعين ومائة من الهجرة. وأخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره: فقد عرض القرآن على «أيوب بن تميم» كما روى القراءة عن «الوليد بن مسلم وضمرة بن ربيعة» (¬2). وقد تلقى عنه القرآن عدد كثير منهم: «أحمد بن نصر بن شاكر» «ونعيم بن كثير، وعبد الله بن محمد بن هاشم الزعفراني». كما روى عنه الحروف «أحمد ابن يزيد الحلواني» و «الفضل بن الأنطاكي» وكما كان «الوليد بن عتبة» معلم للقرآن الكريم، فقد كان أيضا من رواة حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حدّث عنه عدد كثير منهم: «أبو داود» في سننه، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني، وجعفر الفريابي، وعمر بن سعد، وآخرون (¬3). وقد اشتهر «الوليد بن عتبة» بالضبط والاتقان وصحة القراءة، وفي هذا ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ البخاري الكبير 1/ 150، والمعرفة والتاريخ 1/ 200، 2/ 8، 3/ 200، والجرح والتعديل 9/ 12، وتاريخ الإسلام الورقة/ 83. وميزان الاعتدال 4/ 341، وغاية النهاية في طبقات القراء 2/ 360، وتهذيب التهذيب 11/ 141، وخلاصة تذهيب الكمال/ 416، ومعرفة القراء الكبار ج 1 ص 201. (¬2) انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 2 ص 360. (¬3) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1 ص 201.

المعنى يقول «أبو زرعة الدمشقي»: كان القراء بدمشق الذين يحكمون القراءة الشامية العثمانية، ويضبطونها: هشام، وابن ذكوان، والوليد بن عتبة» (¬1). وقال عنه الإمام البخاري: «الوليد بن عتبة» معروف الحديث (¬2). توفي «الوليد بن عتبة» سنة أربعين ومائتين من الهجرة. بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحمه الله «الوليد بن عتبة» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 360. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 201.

رقم الترجمة/ 277"وهب بن واضح" ت 190 هـ

رقم الترجمة/ 277 «وهب بن واضح» ت 190 هـ (¬1) هو: وهب بن واضح أبو الإخريط، ويقال أبو القاسم المكي. قال عنه «الذهبي»: انتهت إليه رئاسة الإقراء بمكة (¬2). ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد تلقى «وهب بن واضح» القرآن على مشاهير علماء عصره منهم: «شبل ابن عبّاد، ومعروف بن مشكان، وإسماعيل بن عبد الله القسط» وآخرون (¬3). قال أبو عمرو الداني: أخذ «وهب بن واضح» القراءة عرضا عن «إسماعيل بن عبد الله القسط» ثم عرض على «شبل ومعروف». وقد روى عن «وهب بن واضح» القرآن عدد كثير منهم: «أحمد بن محمد القوّاس، وأحمد ابن محمد البزّي.، أحد الرواة المشهورين عن ابن كثير (¬4)، ولا زال المسلمون يتلقون قراءة «البزّي» حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. توفي «وهب بن واضح» سنة تسعين ومائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم، رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام، الورقة 15 (آيا صوفيا 3006 بخطه) ومعرفة القراء الكبار 1/ 146، وغاية النهاية 2/ 361. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 146. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 361. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1 ص 146.

رقم الترجمة/ 278"يحيى بن آدم" ت 203 هـ

رقم الترجمة/ 278 «يحيى بن آدم» ت 203 هـ (¬1) هو: يحيى بن آدم بن سليمان بن خالد أبو زكريا الصّلحي مولى آل أبي معيط الكوفي، صاحب أبي بكر بن عياش. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. روى «يحيى بن آدم» القراءة عن «أبي بكر بن عياش» سماعا، وقال: سألت «أبا بكر بن عياش» عن هذه الحروف فحدثني بها كلها، وقرأتها عليه حرفا حرفا، وقيدتها على ما حدثني بها اهـ (¬2). وقال «ابن الجزري»: وروى «يحيى بن آدم» القراءة أيضا عن «الكسائي» وهو الإمام السابع من أئمة القراءات. وقال «أبو عمرو الداني» وغيره، روى «يحيى بن آدم» حروف عاصم سماعا من غير تلاوة عن «أبي بكر بن عياش اهـ (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 6/ 281، وتاريخ خليفة 471، وطبقات خليفة 172، والتاريخ الكبير 8/ 261 والمعرفة والتاريخ 1/ 183، و 2/ 21، و 3/ 134، والجرح والتعديل 9/ 128، والفهرست 227 وتذكرة الحفاظ 1/ 359، ومعرفة القراء الكبار 1/ 166، والعبر 1/ 343، والكاشف 3/ 248، ومرآة الجنان 2/ 10، وغاية النهاية 2/ 362، وتقريب التهذيب 2/ 341، وتهذيب التهذيب 11/ 175، وطبقات الحفاظ للسيوطي 152، وطبقات المفسرين للداودي 2/ 360، وخلاصة تذهيب الكمال 361، وشذرات الذهب 2/ 8. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 363. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 167.

وقال «أبو طاهر بن أبي هاشم»: حدثنا «علي بن أحمد العجلي» وغيره، قالوا: حدثنا «أبو هشام» قال: حدثنا «يحيى بن آدم» قال: سألت «أبا بكر بن عياش» عن حروف «عاصم» التي في هذه الكراسة أربعين سنة، قال: فحدثني بها كلها، وقرأها عليّ حرفا حرفا، فنقطتها، وقيدتها، وكتبت معانيها على معنى ما حدثني بها سواء، ثم قال: أقرأنيها «عاصم» كما حدثتك حرفا حرفا اهـ (¬1). ولقد كان «يحيى بن آدم» مدرسة وحده، فقد أخذ عنه القراءات عدد كثير منهم: «الإمام أحمد بن حنبل، وأحمد بن عمر الوكيعي، وشعيب بن أيوب الصريفيني، وأبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وخلف بن هشام البزّار، الإمام العاشر من أئمة القراءات» (¬2). كما تلقى «يحيى بن آدم» القراءات عن مشاهير العلماء، أخذ أيضا الحديث عن أفضل العلماء، منهم: «عيسى بن طهمان، ويونس بن أبي إسحاق، وفضيل ابن مرزوق، ومفضل بن مهلهل، وسفيان الثوري، ومسعر بن كدام، وآخرون» (¬3). وكما كان «يحيى بن آدم» معلما لكتاب الله تعالى، كان أيضا من رواة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد روى عنه عدد كثير، وفي مقدمتهم: الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى ابن معين، وأبو كريب، وعبد بن حميد، وهارون الحمّال، والحسن ابن علي ابن عفان، وخلق كثير (¬4). يقول «الذهبي»: أثبت الروايات عن «أبي بكر بن عياش» رواية ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 364. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 363. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 167. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 167.

«يحيى ابن آدم» وما ذكر صاحب التيسير، غيرها اهـ (¬1). وقد كان «يحيى بن آدم» من العلماء الثقات، فقد وثقه «ابن معين، والنسائي» وسئل عنه «أبو داود» فقال: ذاك واحد الناس اهـ (¬2). كما كان «يحيى بن آدم» رحمه الله من خيرة علماء عصره، ولذلك ذكره الكثيرون من العلماء بالفضل وأثنوا عليه: يقول «علي بن المديني»: رحم الله «يحيى بن آدم» لقد كان عنده علم كثير اهـ (¬3). وقال «ابن الجزري»: سئل «الإمام أحمد بن حنبل» عن «يحيى بن آدم» فقال: «ما رأيت أحدا أعلم، ولا أجمع للعلم منه، وكان عاقلا حليما، وكان من أروى الناس عن «أبي بكر بن عياش» اهـ (¬4). ويقول «الذهبي»: قال «أبو أسامة»: ما رأيت «يحيى بن آدم» إلا ذكرت «الشعبي» يعني أنه كان جامعا للعلم، ثم يقول «أبو أسامة»: كان «عمر ابن الخطاب» رضي الله عنه في زمانه رأس الناس، وكان بعده «ابن عباس» رضي الله عنهما، ثم كان بعده «الشعبيّ» في زمانه، وكان بعد «الشعبي» «الثوري» في زمانه، وكان بعد الثوري «يحيى بن آدم» (¬5). توفي «يحيى بن آدم» بفم الصلح، وهي قرية من قرى «واسط» وذلك في شهر ربيع الاول سنة ثلاث ومائتين، وهو في عشر السبعين، وذلك بعد العمل المتواصل من أجل تعليم كتاب الله تعالى، وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. رحم الله «يحيى بن آدم» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 168. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 167. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 167. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 364. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 167.

رقم الترجمة/ 279"يحيى الذماري" ت 145 هـ.

رقم الترجمة/ 279 «يحيى الذّماريّ» ت 145 هـ (¬1). شيخ القراءات بدمشق، وإمام الجامع الأموي، الثقة، الثبت. هو: يحيى بن الحارث بن عمرو بن يحيى الذماري. وذمار قرية من اليمن على بعد مرحلتين من «صنعاء». وقرية «ذمار» ينسب إليها نفر من أهل العلم، منهم: «أبو هشام عبد الملك بن عبد الرحمن» سمع «الثوري» وغيره. ومنهم: «مروان أبو عبد الملك» القارئ، قرأ القرآن على: «زيد بن واقد، ويحيى بن الحارث» وحدث عنهما، وولّى قضاء دمشق (¬2). وقد أخذ «يحيى الذماري» القراءة عرضا عن «عبد الله بن عامر» الدمشقي، وهو الإمام الرابع بالنسبة للقراء أو الأئمة العشرة. وقد خلف «يحيى الذماري» «ابن عامر» بعد وفاته. كما قرأ «يحيى الذماري» على «نافع بن أبي نعيم» المدني، ونافع هو الإمام الأول بالنسبة للأئمة العشرة. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 7/ 463، وتاريخ خليفة 423، وطبقات خليفة 314، والتاريخ الكبير 8/ 267، والمعرفة والتاريخ 2/ 461، والجرح والتعديل 9/ 135 ومشاهير علماء الأمصار 119، وتهذيب الكمال 20/ الورقة 39، والكاشف 3/ 252، وغاية النهاية 2/ 367 وتقريب التهذيب 2/ 344، وتهذيب التهذيب 11/ 193، وشذرات الذهب 1/ 217، ومعرفة القراء الكبار 1/ 105. (¬2) انظر معجم البلدان لياقوت الحموي ج 3 ص 7.

وقد ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الرابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد روى «يحيى الذّماري» عن مشاهير علماء عصره، منهم: «سعيد بن المسيب، وسالم بن عبد الله، وأبو الأشعث الصنعاني». وقد أخذ القراءة عن «يحيى الذماري» عدد كثير، منهم: «سعيد بن عبد العزيز، وثور بن يزيد، وهشام بن الغازي، ويحيى بن حمزة ومحمد بن شعيب بن سابور، وهبة بن الوليد وصدقة بن عبد الله، وغير هؤلاء كثير. كما حدث عنه «الاوزاعي، وصدقة بن خالد». وكان «ليحيى الذماري» اختيار في القراءة خالف فيه شيخه «ابن عامر». وقال «الذهبي»: سئل «يحيى الذماري» عن آي القرآن فأشار بيده ستة آلاف، ومائتان، وعشرون آية. وأقول: هذا هو عدد آي القرآن عند علماء الشام. وهو ما يرويه «يحيى الذماري» وينسب هذا العدد إلى «عثمان بن عفان» رضي الله عنه. أما بقية علماء عدد آي القرآن فبيانها كما يلي: فأهل الكوفة يعدون آي القرآن ستة آلاف ومائتين، وسبع عشرة آية، وهذا العدد هو ما يرويه «نافع المدني» عن شيخيه: «شيبة بن نصاح، وأبي جعفر يزيد بن القعقاع». وأهل البصرة يعدون آي القرآن ستة آلاف ومائتين وأربع عشرة آية، وهذا العدد هو ما يرويه «ورش» عن «نافع» عن شيخيه.

وأهل مكة يعدّون آي القرآن ستة آلاف ومائتين، وعشرة آية، وهذا العدد هو ما يرويه «مجاهد بن جبر» عن «ابن عباس» عن «أبي بن كعب» رضي الله عنهما. وفي هذا المعنى يقول الإمام الشاطبي في منظومته: «ناظمة الزهر»: ولما رأى الحفاظ أسلافهم عنوا ... بها دوّنوها عن أولي الفضل والبرّ فعن نافع عن شيبة ويزيد أو ... المدني إذ كل كوف به يقري وحمزة مع سفيان قد أسنداه عن ... عن عليّ عن أشياخ ثقات ذوي خبر والآخر إسماعيل يرويه عنهما ... بنقل ابن جماز سليمان ذي النشر وعدّ عطاء بن اليسار كعاصم ... هو الجحدري في كل ما عدّ للبصري ويحيى الذماري للشامي وغيره ... ردوا لعدد المكّي أبيّ بلا نكر بأن رسول الله عدّ عليهم ... له الآي توسيعا على الخلف في اليسر وقد سئل «أبو حاتم» عن «يحيى الذماري» فقال: ثقة، وكان عالما بالقراءة في دهره بدمشق اهـ. وقال «يحيى بن معين»: «يحيى الذماري» ثقة.

وقال «أبو أيوب» كان «يحيى الذماري» يقف خلف الأئمة يردّ عليهم إذا أخطئوا. توفي «يحيى الذماري» سنة خمس وأربعين ومائة، وله تسعون سنة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، ورواياته. رحم الله «يحيى الذماري» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 280"يحيى العليمي" 243 هـ

رقم الترجمة/ 280 «يحيى العليمي» 243 هـ (¬1) هو: يحيى بن محمد بن قيس، العليمي، الأنصاري الكوفي. ولد «العليمي» سنة خمسين ومائة من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «العليمي» القراءة عن مشاهير علماء عصره، في مقدمتهم: «حمّاد ابن أبي زياد» عن «عاصم» كما أخذ القراءة عرضا عن «أبي بكر بن عياش» عن «عاصم» أيضا، ولا زالت قراءة «أبي بكر» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. يقول «ابن الجزري»: والصحيح أن «العليمي» قرأ على كل من «أبي بكر بن عياش، وحمّاد بن أبي زياد» سنة سبعين ومائة من الهجرة، وهو ابن عشرين سنة، ثم يقول: وقال «الأستاذ أبو إسحاق» الطبري في كتابه «الاستبصار»: قرأت على «ابن خليع» القلانسي، قال: قرأت على «يوسف ابن يعقوب» الواسطي، وقال: قرأت على «العليمي» وقال: قرأت على «حماد ابن أبي زياد» سنة سبعين ومائة اهـ (¬2). وقد قرأ على «العليمي» «يوسف بن يعقوب الأصم» وكانت قراءته على ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ الاسلام، الورقة 209 (أحمد الثالث 2917، 7) وغاية النهاية 2/ 378، ومعرفة القراء الكبار ج 1 ص 202. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 378.

«العليمي» سنة أربعين ومائتين، وللعليمي تسعون سنة (¬1). توفي «العليمي» سنة ثلاث وأربعين ومائتين عن ثلاث وتسعين سنة. رحمه الله «العليمي» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1 ص 378.

رقم الترجمة/ 281"يحيى بن وثاب" ت 103 هـ

رقم الترجمة/ 281 «يحيى بن وثاب» ت 103 هـ (¬1) أحد كبار التابعين، شيخ القراء، وأحد الأئمة الأعلام. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «أبو نعيم» اسم أبيه «وثاب»: «يزدويه بن ماهويه» سباه «مجاشع بن مسعود» السّلمي من «قاشان» إذ افتتحها. وكان «وثاب» من أبناء أشرافها، ثم وقع في سهم «ابن عباس» رضي الله عنهما. فسماه «وثّابا» وتزوج فولد له «يحيى» ثم استأذن «ابن عباس» في الرجوع إلى «قاشان» فأذن له، فدخل هو وابنه «يحيى» الكوفة، فقال «يحيى»: يا أبت إني آثرت العلم على المال، فأذن له في المقام، فأقبل على «القرآن» وتلا على أصحاب «عليّ بن أبي طالب، وابن مسعود» حتى صار أقرأ أهل زمانه، فأورث وثاب عقبه، فحازوا رئاسة الدارين، لأن «يحيى» فاق نظراءه في القرآن، والآثار. وفاق خالد بن وثاب وولداه، أزهر، ومخلد في رئاسة الدنيا والولايات ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 6/ 299، طبقات خليفة ت 1116، تاريخ البخاري 8/ 308، المعارف 529، الجرح والتعديل القسم الثاني في المجلد الرابع 193، ذكر أخبار أصبهان 2/ 356 تهذيب الأسماء واللغات القسم الاول من الجزء الثاني 159، تهذيب الكمال ص 1527، تاريخ الاسلام 4/ 209، العبر 1/ 126، تذهيب التهذيب 4/ 168/ آ. غاية النهاية ت 3871، سير أعلام النبلاء 4/ 379، معرفة القراء 1/ 62، تهذيب التهذيب 11/ 294، النجوم الزاهرة 1/ 252، خلاصة تذهيب التهذيب 429، شذرات الذهب 1/ 125.

واتصلت رئاسة عقبه إلى أيامنا بأصبهان، ولهم الصيت والذكر والثروة والثناية (¬1). وقال «أبو عمرو الداني»: أخذ «يحيى بن وثاب» القراءة عرضا عن «علقمة بن قيس» ومسروق، والأسود، والشيباني، والسلمي» اهـ. وقال «الذهبي»: الثبت أنه قرأ القرآن كله على «عبيد بن نضلة، صاحب علقمة» اهـ (¬2). وروى «أبو بكر بن عياش» عن «عاصم» قال: تعلم «يحيى بن وثاب» من «عبيد بن أبي نضلة» آية آية، وكان والله قارئا (¬3). وقال «يحيى بن آدم»: سمعت «الحسن بن صالح» يقول: قرأ «يحيى ابن وثاب» على «علقمة بن قيس» وقرأ «علقمة» على «ابن مسعود» رضي الله عنه. فأيّ قراءة أفضل من هذه (¬4). وقال «ابن خاقان»: وكان من قراء أهل الكوفة «يحيى بن وثاب، وعاصم، والأعمش، وكان هؤلاء من بني أسد موالي، وكان أقدم الثلاثة وأعلاهم «يحيى بن وثاب» اهـ (¬5). وقال «الذهبي»: حدث «يحيى بن وثاب» عن «ابن عباس، وابن عمر»، وروى مرسلا عن «عائشة، وأبي هريرة، وابن مسعود»، وروى أيضا ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 379. (¬2) ذكره ابن سعد انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 380. (¬3) انظر غاية النهاية ي طبقات القراء ج 2 ص 380. (¬4) ذكره ابن سعد انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 381. (¬5) انظر غاية النهاية ج 2 ص 380.

عن «ابن الزبير، ومسروق، وعلقمة، والأسود بن يزيد، وعبيدة السّلمي وأبي عمرو الشيباني» اهـ (¬1). قال «الذهبي»: وقرأ على «يحيى بن وثاب» «الأعمش، وطلحة بن مصرف، وأبو حصين، وحمدان بن أعين، وغيرهم» وحدث عنه «عاصم، وأبو العميس عتبة المسعودي، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو إسحاق الشيباني، وقتادة، والأعمش وغيرهم» اهـ (¬2). وروى «يحيى بن عيسى الرملي» عن «الأعمش» قال: كان «يحيى بن وثاب» من أحسن الناس صوتا بالقراءة، ربما اشتهيت أن أقبّل رأسه من حسن قراءته، وكان إذا قرأ لا تسمع في المسجد حركة، كأن ليس في المسجد أحد (¬3). توفي «يحيى بن وثاب» سنة ثلاث ومائة من الهجرة، بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام. رحم الله «يحيى بن وثاب» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 380. (¬2) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 380. (¬3) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 381.

رقم الترجمة/ 282"يحيى اليزيدي" ت 202 هـ

رقم الترجمة/ 282 «يحيى اليزيديّ» ت 202 هـ (¬1) هو: يحيى بن المبارك بن المغيرة أبو محمد العدوي البصري المعروف باليزيدي لصحبته يزيد بن منصور الحميري خال «المهدي» وكان يؤدب ولده. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. وقد أخذ «اليزيدي» القراءة عرضا عن «أبي عمرو بن العلاء» الإمام الثالث من أئمة القراءات، وقد خلف «اليزيدي» «أبا عمرو» البصري في القراءة بالبصرة. كما أخذ «اليزيدي» القراءة أيضا عن «حمزة ابن حبيب الزيات» الإمام السابع من أئمة القراءات. يقول «الذهبي»: وقد اتصل «اليزيدي» بالرشيد، وأدّب «المأمون» وكان ثقة، علامة، فصيحا، مفوّها، بارعا في اللغة والأدب، أخذ اللغة عن «الخليل ابن أحمد الفراهيدي» وغيره، حتى قيل: إنه أملى عشرة آلاف ورقة عن «أبي عمرو» خاصة اهـ (¬2). وقد أنجب «اليزيدي» عدة أولاد كلهم علماء فضلاء، وهم: محمد، وعبد الله، وإبراهيم، وإسحاق، وإسماعيل، وكلهم تلقوا عنه العلم، والقرآن الكريم. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: المعارف 544، ومراتب النحويين 98، والأغاني 20/ 216، وأخبار النحويين البصريين 40، وطبقات النحويين 61، ومعجم الشعراء 487، والمقتبس 80، والفهرست 50، وتاريخ بغداد 14/ 146، وفهرست ابن خير 67، ونزهة الألباء 81، وإرشاد الأريب 2/ 30، واللباب 3/ 308، ووفيات الأعيان 6/ 183، ومرآة الجنان 2/ 3، والبلغة 284، ومعرفة القراء الكبار 1/ 151 وغاية النهاية 2/ 375، والنجوم الزاهرة 2/ 173، وبغية الوعاة 2/ 340، والمزهر 2/ 405، وشذرات الذهب 2/ 4، وخزانة الأدب للبغدادي 4/ 426. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 152.

ويقول «ابن الجزري»: ولليزيدي اختيار في القراءة خالف فيه «أبا عمرو ابن العلاء» في حروف يسيرة، قرأت به من كتاب «المنهج، والمستنير» وغيرهما وهي عشرة أشياء (¬1). يقول يحيى اليزيدي عن نفسه: كان أبي يعني «المبارك» صديقا «لأبي عمرو بن العلاء» فخرج أبي إلى مكة، فذهب «أبو عمرو» يشيّعه، وكنت مع «أبي» فأوصى «أبي» «أبا عمرو» بي، ثم مضى، فلم يرني «أبو عمرو» حتى قدم «أبي» فذهب «أبو عمرو» يستقبله، ووافقني عند «أبي» فقال: يا أبا عمرو كيف رضاك عن «يحيى»؟ فقال: ما رأيته منذ فارقتك إلى هذا الوقت، فحلف أبي أن لا أدخل البيت حتى أقرأ على «أبي عمرو» القرآن كله قائما، فلم أجلس حتى ختمت «القرآن» على «أبي عمرو» (¬2). وقد تلقى «القرآن» على «اليزيدي» عدد كثير منهم: «أبو عمر الدوري، وأبو شعيب السوسي» وقراءة «الدوري، والسوسي» لا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما أخذ القراءة عن «اليزيدي»: أبو حمدون الطيب بن إسماعيل، وعامر ابن عمر الموصلي، ومحمد بن سعدان، وأحمد بن جبير، ومحمد بن شجاع، وأبو أيوب سليمان بن الحكم الخياط، وآخرون. وقد ألف «اليزيدي» عدّة مصنفات منها: كتاب نوادر اللغة، وكتاب المقصور وكتاب الشّكل، وكتاب في النحو. توفي «اليزيدي» سنة اثنتين ومائتين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم، ولغة العرب. رحم الله اليزيدي رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 376. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 376.

رقم الترجمة/ 283"يحيى بن يعمر البصري" ت قبل سنة 90 هـ

رقم الترجمة/ 283 «يحيى بن يعمر البصري» ت قبل سنة 90 هـ (¬1) أحد أئمة التابعين، الإمام الكبير، قاضي مرو، وشيخ القراء والنحاة، وأحد أوعية العلم. أخذ القراءة عرضا عن «ابن عمر، وابن عباس» رضي الله عنهما. و «أبي الأسود الدؤلي» (¬2). وقرأ عليه عدد كبير منهم: «عبد الله بن أبي إسحاق، وأبو عمرو بن العلاء» البصري أحد القراء السبعة المشهورين، ولا زالت قراءة «أبي عمرو» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. قال «البخاري» في تاريخه: حدثنا «حميد بن الوليد» عن «هارون بن موسى» قال: أول من نقط المصاحف «يحيى بن يعمر» اهـ (¬3). قال «الذهبي»: حدث «يحيى بن يعمر» عن «أبي ذر الغفاري، وعمّار ابن ياسر» مرسلا، وعن «عائشة، وأبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر» وعن غيرهم (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: طبقات ابن سعد 7/ 368، طبقات خليفة ت 1649، تاريخ البخاري 8/ 311، الجرح والتعديل القسم الثاني من المجلد الرابع 196، معجم المرزباني 485 وفيد يحيى بن نعيم، طبقات النحويين واللغويين 27، فهرست ابن النديم 47، معجم الأدباء 20/ 42، نزهة الألباء 8، وفيات الأعيان 6/ 173، تهذيب الكمال ص 1529، تاريخ الاسلام 4/ 68، سير اعلام النبلاء 4/ 441، تذكرة الحفاظ 1/ 71، تذهيب التهذيب 4/ 171 آ، البداية والنهاية 9/ 73، غاية النهاية ت 3781، تهذيب التهذيب 11/ 305، النجوم الزاهرة 1/ 217، بغية الوعاة 2/ 345، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 30، خلاصة تذهيب التهذيب 429، شذرات الذهب ج 1 ص 175. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 381. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 381. (¬4) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 442.

وحدث عن «يحيى بن يعمر» الكثيرون، منهم: «قتادة، وعطاء الخراساني، وسليمان التيمي، ويحيى بن عقيل»، وغيرهم (¬1). توفي «يحيى بن يعمر» قبل التسعين من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحم الله «يحيى بن يعمر» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر سير أعلام النبلاء ج 4 ص 442.

رقم الترجمة/ 284"يزيد بن رومان المدني" ت 120 هـ

رقم الترجمة/ 284 «يزيد بن رومان المدني» ت 120 هـ (¬1) شيخ قراء المدينة المنورة، والإمام الكبير، المحدث، الثقة. مولى آل «الزبير بن العوام». قرأ «يزيد بن رومان» على «عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة». وقرأ «عبد الله بن عياش» على «أبيّ بن كعب» وقرأ «أبيّ بن كعب» على النبي صلّى الله عليه وسلّم. من هذا يتبين أن قراءة «يزيد بن رومان» صحيحة ومتصلة السند بالنبي عليه الصلاة والسلام. وروى القراءة عن «يزيد بن رومان» عدد كثير في مقدمتهم: «نافع بن أبي نعيم» أحد القراءة السبعة المشهورين، وإمام المدينة في الاقراء وشيخها. «وأبو عمرو بن العلاء» إمام البصرة وشيخها، ولا زالت قراءة كل من «نافع، وأبي عمرو» يتلقاها المسلمون بالرضا والقبول، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ خليفة 395، وطبقات خليفة 261، والتاريخ الكبير 8/ 331، والجرح والتعديل 9/ 260، ومشاهير علماء الأمصار 135، ووفيات الأعيان 6/ 277، والكاشف 3/ 277، ومرآة الجنان 1/ 273، وغاية النهاية 2/ 381، وتقريب التهذيب 2/ 364، وتهذيب التهذيب 11/ 325 وخلاصة تهذيب الكمال 431، وشذرات الذهب ج 1 ص 178.

قال «الذهبي»: قرأ «يزيد بن رومان» على «عبد الله بن عياش» وسمع من «عروة بن الزبير» وهو ثقة، ثبت، حديثه في الكتب الستة، وهو أحد شيوخ «نافع» في القراءة، وثقه ابن معين وغيره. وكان فقيها قارئا محدثا» اهـ (¬1). وقد حدث عنه «أبو حازم الأعرج، ومحمد بن إسحاق، وجرير بن حازم، ومالك بن أنس، وجماعة» اهـ (¬2). وقد اختلف المؤرخون في تاريخ وفاة «يزيد بن رومان» فقيل توفي سنة عشرين ومائة، وقيل سنة تسع وعشرين، وقيل سنة ثلاثين ومائة، بعد حياة حافلة في تجويد القرآن وتعليمه، ورواية سنة الهادي البشير صلّى الله عليه وسلّم. رحم الله «يزيد بن رومان» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 76. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 76.

رقم الترجمة/ 285"يعقوب الحضرمي" ت 205 هـ

رقم الترجمة/ 285 «يعقوب الحضرمي» ت 205 هـ (¬1) هو: «أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد الحضرمي». الامام الكبير، عالم القراءات، والنحو، والفقه، والحديث، الحجة، الثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. قال «ابن الجزري»: وكان «يعقوب الحضرمي» إماما كبيرا، ثقة، عالما، صالحا، دينا، انتهت إليه رئاسة القراءة بعد «أبي عمرو بن العلاء البصري» وكان إمام جامع «البصرة» سنين (¬2). وقال «طاهر بن غلبون»: كان «يعقوب الحضرمي» إمام أهل البصرة بالجامع، لا يقرأ إلا بقراءته اهـ (¬3). ولقد تتلمذ «يعقوب الحضرمي» على مشاهير علماء عصره وأخذ عنهم القراءات القرآنية، ولنستمع إليه وهو يقول عن نفسه: «قرأت على «سلام» ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يلي: طبقات ابن سعد 7/ 304، تاريخ خليفة 472، وطبقات خليفة 227، والتاريخ الصغير 2/ 304، التاريخ الكبير 8/ 399، المعرفة والتاريخ 1/ 235، و 2/ 11 و 3/ 362 وطبقات النحويين 54، المقتبس 178، إرشاد الاريب 2/ 52، إنباه الرواة 4/ 45 وفيات الأعيان 6/ 390، المختصر في أخبار البشر 2/ 27، العبر 1/ 348، الكاشف 3/ 290 مرآة الجنان 2/ 30، غاية النهاية 2/ 386، تقريب التهذيب 2/ 375، تهذيب التهذيب 11/ 382 النجوم الزاهرة 2/ 179، بغية الوعاة 2/ 348، شذرات الذهب 2/ 14، تهذيب الكمال للمزي. (¬2) انظر النشر في القراءات العشر ج 1 ص 178. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 158.

في سنة ونصف، وقرأت على «شهاب بن شرنفة المجاشعيّ» في خمسة أيام، وقرأت على «شهاب بن مسلمة بن محارب المحاربي» في تسعة أيام، وقرأ «مسلمة» على «أبي الأسود الدؤلي» على «الإمام علي بن أبي طالب» رضي الله عنه اهـ (¬1). وأقول: لقد تتبعت شيوخ «يعقوب الحضرمي» فوجدته قرأ على كل من: 1 - أبي المنذر سلام بن سليمان المزني ت 171 هـ 2 - شهاب بن شرنفة المجاشعيّ ت 162 هـ 3 - أبي يحيى مهدي بن ميمون ت 171 هـ 4 - أبي الأشهب جعفر بن حبان ت 165 هـ. وقرأ «أبو المنذر سلام بن سليمان المزني» على كل من: 1 - «عاصم» الكوفي، وهو الإمام الخامس. 2 - «وأبي عمرو بن العلاء» وهو الإمام الثاني. وقرأ «شهاب بن شرنفة» شيخ يعقوب على كل من: 1 - أبي عبد الله هارون بن موسى العتكي الأعور ت 198 هـ 2 - المعلى بن عيسى وقرأ «أبو يحيى مهدي بن ميمون» شيخ يعقوب على كل من: 1 - شعيب بن الحبحاب البصري ت 130 هـ 2 - أبي العالية الرياحي. وقرأ «أبو الأشهب» شيخ يعقوب على: ¬

_ (¬1) انظر في رحاب القرآن للدكتور محمد سالم محيسن ج 1 ص 323.

«أبي رجاء عمران بن ملحان العطاردي» ت 105 هـ. وقرأ «أبو رجاء العطاردي» على «أبي موسى الأشعري» وقرأ «أبو موسى الأشعري» على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم (¬1). من هذا يتبين أن قراءة «يعقوب الحضرمي» صحيحة، ومتواترة، ومتصلة السند بالنبي صلّى الله عليه وسلّم. ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن. وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. كما تتلمذ على «يعقوب الحضرمي» عدد كثير، لأنه كان مدرسة وحده، منهم: «زيد ابن أخيه أحمد، وكعب بن إبراهيم، وعمر السراج، وحميد بن الوزير، والمنهال بن شاذان، ورويس: عبد الله محمد بن المتوكل، وروح: أبو الحسن بن عبد المؤمن». ولقد بلغ «يعقوب الحضرمي» المكانة السامية، والمنزلة الرفيعة، في تعليم القرآن، ورواياته، وقراءاته، مما استوجب ثناء العلماء عليه: يقول «أبو القاسم الهذلي»: لم ير في زمن «يعقوب» مثله، كان عالما بالعربية ووجوهها، والقرآن واختلافه، فاضلا، تقيّا، نقيّا، ورعا، زاهدا، بلغ من زهده أنه سرق رداؤه عن كتفه في الصلاة، ولم يشعر، وردّ إليه ولم يشعر، لشغله بالصلاة اهـ (¬2). هو: أعلم من رأيت بالحروف، والاختلاف في القرآن، وعلله، ومذاهب النحو، وأروى الناس لحروف القرآن، ولحديث الفقهاء (¬3). ¬

_ (¬1) انظر في رحاب القرآن للدكتور محمد سالم محيسن ج 1 ص 323. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 158. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 387.

وقال «ابن أبي حاتم» سئل «أحمد بن حنبل» عن «يعقوب الحضرمي» فقال: صدوق، وسئل عنه: «أبي» فقال: صدوق اهـ (¬1). وقال «أبو الحسن بن المنادي» في أول كتابه «الايجاز والاقتصار في القراءات الثمان»: كان يعقوب الحضرمي أقرأ أهل زمانه وكان لا يلحن في كلامه، وكان السجستاني من أحد غلمانه اهـ (¬2). وقال «السعيدي»: كان «يعقوب الحضرمي» من أعلم أهل زمانه بالقرآن، والنحو، وغيره، وأبوه، وجدّه. وقال «الأهوازي»: أنشدني فيه «أبو عبد الله محمد بن أحمد»: أبوه من القراء كان وجدّه ... ويعقوب في القراء كالكوكب الدري تفرّده محض الصواب ووجهه ... فمن مثله في وقته وإلى الحشر وقال «مروان بن عبد الملك»: سمعت «أبا حاتم» يقول: «يعقوب بن إسحاق» من أهل بيت العلم بالقرآن، والعربية، وكلام العرب، والرواية الكثيرة، والحروف، والفقه، وكان أقرأ القراء، وكان أعلم من أدركنا، ورأينا بالحروف، والاختلاف في القرآن، وتعليله، ومذاهب أهل النحو، وأروى الناس لحروف القرآن، وحديث الفقهاء اهـ (¬3). وقال «ابن الجزري»: ومن أعجب العجب، بل من أكبر الخطإ جعل قراءة ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 387. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 387. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 389.

«يعقوب» من الشواذ، الذي لا تجوز القراءة به، ولا الصلاة، وهذا شيء لا نعرفه قبل إلّا في هذا الزمان ممن لا يقول على قوله، ولا يلتفت إلى اختياره، فليعلم أنه لا فرق بين قراءة «يعقوب» وقراءة غيره من السبعة عند أئمة الدين المحققين، وهذا هو الحق الذي لا محيد عنه اهـ (¬1). توفي «يعقوب الحضرمي» في ذي الحجة سنة 205 هـ خمس ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وقراءاته. رحم الله «يعقوب الحضرمي» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 388.

رقم الترجمة/ 286"أبو يعقوب الأزرق" ت في حدود 240 هـ

رقم الترجمة/ 286 «أبو يعقوب الأزرق» ت في حدود 240 هـ (¬1) هو: يوسف بن عمرو بن يسار أبو يعقوب الازرق المدني ثم المصري. الإمام الحجة الضابط المحقق الثقة: ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «يعقوب الازرق» القراءة على مشاهير علماء عصره: فقد أخذ القراءة عرضا وسماعا عن «ورش» وهو الذي خلفه في القراءة والاقراء بمصر. كما عرض القرآن على «سقلاب»، وغيره (¬2). قال «أبو الفضل الخزاعي»: «أدركت أهل مصر، والمغرب على رواية «أبي يعقوب الازرق» عن «ورش» لا يعرفون غيرها (¬3). وقال «الذهبي»: «لزم «الازرق» «ورشا» مدة طويلة، وأتقن عنه الأداء وجلس للإقراء، وانفرد عن «ورش» بتغليظ اللامات، وترقيق الراءات (¬4). وأقول: الترقيق من الرقة، وهو ضد السمن، فهو عبارة عن انحاف ذات الحرف ونحوله. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: معرفة القراء الكبار 1/ 181، وغاية النهاية 2/ 402، وحسن المحاضرة ج 1 ص 486. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 402. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 181. (¬4) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 181.

والتفخيم من الفخامة وهي العظمة، والكثرة، فهو عبارة عن ربوّ الحرف وتسمينه فهو والتغليظ واحد، إلا أن المستعمل في الراء ضدّ الترقيق التفخيم. والمستعمل في اللام التغليظ ضدّ الترقيق. يقول «ابن الجزري» في ترقيق الراءات وتفخيمها: القراءات في مذاهب القراء عند أئمة المصريين والمغاربة، وهم الذين روينا رواية «ورش» من طريق «الازرق» من طرقهم على أربعة أقسام: قسم اتفقوا على تفخيمه، وقسم اتفقوا على ترقيقه، وقسم اختلفوا فيه عن كل القراء وقسم اختلفوا فيه عن بعض القراء. وتفصيل الكلام عن هذه الأقسام الاربعة يرجع إليه في الكتب المعنية بذلك مثل كتاب «النشر في القراءات العشر» لابن الجزري (¬1). ويقول «ابن الجزري» بالنسبة لتغليظ اللام: «قد اختص المصريون بمذهب عن «ورش» في اللام لم يشاركهم فيها سواهم، ورووا من طريق الأزرق، وغيره عن «ورش» تغليظ اللام إذا جاورها حرف تفخيم، واتفق الجمهور منهم على تغليظ اللام إذا تقدمها: «صاد، أو طاء، أو ظاء» بشروط ثلاثة وهي أن تكون اللام مفتوحة، وأن يكون أحد هذه الثلاثة مفتوحا، أو ساكنا، واختلفوا في غير ذلك» اهـ (¬2). وأقول: قراءة «الازرق» عن «ورش» مشهورة، ومتواترة، ولا زال المسلمون يتلقونها بالرضا والقبول حتى الآن، وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين. قال «أبو بكر بن سيف»: سمعت «أبا يعقوب الازرق» يقول: «إن ¬

_ (¬1) انظر النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 2 ص 246. (¬2) انظر النشر في القراءات العشر بتحقيقنا ج 2 ص 271.

ورشا لما تعمق في النحو، اتخذ لنفسه مقرأ يسمّى مقرأ ورش، فلما جئت لأقرأ عليه قلت له: يا أبا سعيد إني أحب أن تقرئني مقرأ «نافع» خالصا، وتدعني مما استحسنت لنفسك، قال: فقلدته مقرأ «نافع» وكنت نازلا مع «ورش» في الدار، فقرأت عليه عشرين ختمة، بين حدر وتحقيق، فأما التحقيق فكنت أقرأ عليه في الدار التي كنا نسكنها في مسجد «عبد الله». وأما الحدر، فكنت أقرأ عليه إذا رابطت معه بالاسكندرية اهـ (¬1). وقد كان «الازرق» رحمه الله تعالى مدرسة وحده، وقد تلقى عليه القرآن عدد كثير منهم: «إسماعيل بن عبد الله النحاس، ومحمد بن سعيد الأنماطي، وأبو بكر عبد الله بن مالك، وموّاس بن سهل» وآخرون (¬2). توفي «الازرق» في حدود الاربعين ومائتين من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم «القرآن الكريم». رحم الله «الازرق» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 181. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 402.

رقم الترجمة/ 287"يوسف الأصم" ت 313 هـ

رقم الترجمة/ 287 «يوسف الأصم» ت 313 هـ (¬1) هو: يوسف بن يعقوب بن الحسين بن يعقوب بن خالد بن مهران، أبو بكر الواسطي، المعروف بالأصم. ولد «يوسف الأصم» سنة ثمان عشرة ومائتين في شعبان. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «يوسف الأصم» القراءة عن مشاهير علماء عصره منهم: «يحيى بن محمد العليمي، وابن أبي أيوب الصيرفيني، وأبو ربيعة عن «قنبل» فيما ذكره «الهذلي» وآخرون (¬2). كان «ليوسف الأصم» المكانة السامية بين العلماء. وفي هذا يقول «ابن الجزري»: كان «يوسف الأصم» إماما جليلا ثقة مقرئا، كبير القدر وكان إمام جامع واسط وأعلى الناس إسنادا في قراءة «عاصم» اهـ (¬3). وقال «ابن خليع»: كان شيخنا «يوسف الأصم» حسن الأخذ قرأت عليه، وله نيّف وتسعون سنة اهـ (¬4). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 14/ 319، وتاريخ الاسلام، الورقة 74، (أحمد الثالث 2917/ 9) وغاية النهاية ج 2 ص 404. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1 ص 250. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 404. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2 ص 405.

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبري: «سمعت أبا بكر النقاش، يقول: ما رأيت عيناي مثل يوسف الأصم وذكر له مناقب كثيرة». وقد تصدر «يوسف الأصم» للاقراء فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو بكر النقاش، وعلي بن جعفر بن خليع، وعثمان بن سمعان، وأبو بكر بن يحيى العطّار، والحسن بن سعيد المطوعي، وإبراهيم بن عبد الرحمن البغدادي، ويوسف ابن محمد بن أحمد الضرير، وعبد العزيز بن عصام» وآخرون (¬1). وقد روى «يوسف الأصم» الحديث عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي» قدم «يوسف الأصم» بغداد وحدث بها عن «محمد بن خالد بن عبد الله المرني» وروى عنه «أبو عمرو بن السمّاك» وقال: حدثنا ببغداد سنة ثلاث وتسعين ومائتين اهـ (¬2). وقال «أبو بكر النقاش»: كان «يوسف بن يعقوب» أصمّ إلا عن كتاب الله تعالى ومقعدا إلا عن فرائض الله، قال «الطبري»: لو لم يحك هذه الحكاية «النقاش» لما تحدثت بها اهـ (¬3). توفي «يوسف الأصم» في ذي القعدة سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 405. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 14 ص 319. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 405.

رقم الترجمة/ 288"يونس بن عبد الأعلى" ت 264 هـ

رقم الترجمة/ 288 «يونس بن عبد الأعلى» ت 264 هـ (¬1) هو: يونس بن عبد الأعلى بن موسى بن ميسرة، أبو موسى الصدفيّ المصريّ. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «يونس بن عبد الأعلى» في ذي الحجة سنة سبعين ومائة من الهجرة. وقد أخذ «يونس بن عبد الأعلى» القراءة على مشاهير علماء عصره، منهم: «ورش، ومعلي بن دحية» وروى القراءة عنه: «موّاس بن سهل، وأحمد بن محمد الواسطي، وأبو عبد الله محمد بن الربيع شيخ المطوعي، وأسامة بن أحمد، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، ومحمد بن جرير الطبري، وعبد الله بن الهيثم، وغيرهم كثير (¬2). كما أخذ «يونس بن عبد الأعلى» الحديث عن مشاهير العلماء، منهم: «سفيان بن عيينة، وابن وهب، والوليد بن مسلم، وأبي ضمرة، ومعن بن عيسى، والشافعي» وآخرون (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: الجرح والتعديل 9/ 243، والجمع لابن القيسراني 2/ 585، وطبقات الشيرازي 99، وتهذيب الأسماء واللغات 2/ 168، ووفيات الأعيان 7/ 249، وتذكرة الحفاظ 2/ 527، والعبر 2/ 29، والكاشف 3/ 304، وميزان الاعتدال 4/ 481، ومرآة الجنان 2/ 176، وطبقات السبكي 2/ 170، وطبقات الأسنوي 1/ 33، ومعرفة القراء الكبار 1/ 189، وغاية النهاية 2/ 406، وطبقات ابن قاضي شهبة 1/ 25، وتهذيب التهذيب 11/ 440، وحسن المحاضرة 1/ 309، 486، وطبقات الحفاظ للسيوطي 230، وشذرات الذهب 2/ 149، وخلاصة تهذيب الكمال 441، وانظر تهذيب الكمال. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 406. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 189.

قال «الذهبي»: وقد حدث عن «يونس بن عبد الأعلى»: الإمام مسلم، والنسائي، في كتابيهما، وأبو بكر بن زياد النيسابوري، وأبو عوانة الأسفراييني، وأبو طاهر أحمد بن محمد المديني، وبشر كثير من المشارقة والمغاربة، وانتهت إليه رئاسة العلم، وعلوّ الاسناد في الكتاب والسنة، وكان كبير الشهود بمصر اهـ (¬1). وقال «ابن أبي حاتم»: سمعت أبي يوثق «يونس بن عبد الأعلى» ويرفع من شأنه اهـ (¬2). توفي «يونس» في ربيع الآخر سنة أربع وستين ومائتين من الهجرة، وله أربع وتسعون سنة. رحم الله «يونس» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 189. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 190.

رقم الترجمة/ 289"أبو يوسف الأعشى" ت في حدود 200 هـ

رقم الترجمة/ 289 «أبو يوسف الأعشى» ت في حدود 200 هـ (¬1) قارئ الكوفة، الحجة، الثقة. هو: يعقوب بن محمد بن خليفة بن سعيد، أبو يوسف الأعشى التميمي الكوفي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الخامسة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو يوسف» القرآن على مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم «أبو بكر ابن عياش» وكان «أبو يوسف» أجلّ من قرأ على «ابن عياش». وكان أبو يوسف من خيرة علماء عصره، يقول عنه «أبو بكر النقاش» كان «أبو يوسف» الأعشى صاحب قرآن، وفرائض، ولست أقدم عليه أحدا في القراءة على «أبي بكر» كما لا أقدّم أحدا على «يحيى بن آدم» عن «أبي بكر» اهـ (¬2). وقد تصدر «أبو يوسف» للإقراء بالكوفة فتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو جعفر محمد بن غالب الصيرفي، وأبو جعفر محمد بن حبيب»، كما أخذ عنه الحروف «أحمد بن جبير، وخلف بن هشام، وعمرو بن الصباح، ومحمد بن إبراهيم الخوّاص» (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في غاية النهاية 2/ 390، ومعرفة القراء الكبار 1/ 159. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 159. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2 ص 390.

يقول «أبو العباس بن عقدة»: حدثنا «القاسم بن أحمد» حدثنا «أبو جعفر الشموني، عن «أبي يوسف الأعشى» قال: قال لي «أبو بكر»: يا أبا يوسف أنا أصلي خلف فلان، وهو يقرأ قراءة «حمزة بن حبيب الزيات» فقد شككني في بعض الحروف التي أقرؤها، فاعرض عليّ عرضة تكون لك، أتحفظها عنك، قال: فجلس له في أصحاب الشعير، فقرأ واجتمع الناس حوله يكتبون الحروف» اهـ (¬1). ويقول «ابن الجزري»: لم أر أحدا أرخ وفاة «أبي يوسف» وعندي أنه توفي في حدود المائتين» اهـ (¬2). رحم الله «أبا يوسف الأعشى» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1 ص 159. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 390.

رقم الترجمة/ 290"ابن يونس المطرز" ت 329 هـ

رقم الترجمة/ 290 «ابن يونس المطرّز» ت 329 هـ (¬1) هو: محمد بن يونس أبو بكر الحضرمي البغدادي المعروف بالمطرّز. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. حفظ «ابن يونس» القرآن، وروى القراءة عرضا وسماعا عن خيرة علماء عصره وفي مقدمتهم: اسماعيل بن عبد ربه، ومحمد بن عبد الرحيم، وأحمد بن محمد بن صدقة، وجعفر بن محمد بن حرب، وعباس بن محمد الجوهري، وأحمد بن سعيد بن شاهين، وادريس بن عبد الكريم. وتصدر «ابن يونس» لتعليم القرآن الكريم، واشتهر بالدقة والضبط والاتقان فتتلمذ عليه الكثيرون. وممن روى القراءة عنه: عبد الواحد بن أبي هاشم، وأحمد بن محمد بن المروذي، وآخرون (¬2). أخذ «ابن يونس» حديث الهادي البشير النذير صلّى الله عليه وسلّم عن عدد من العلماء، منهم: أحمد بن عبيد الله الفرسي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وجعفر بن محمد بن كزال. ومحمد بن عبد الله الحضرمي، وموسى بن اسحاق الأنصاري، ومحمد بن سهل بن الحسن العطار، وأحمد بن زيد بن هارون المكي، ومحمد بن أحمد بن الهيثم المصري. كما تصدر «ابن يونس» لرواية حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم، فأخذ عنه ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يأتي: تاريخ بغداد 3/ 446، وغاية النهاية ج 2 ص 289 - 290. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2 ص 290.

الكثيرون. وممن روى عنه: «أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش، وأبو طاهر بن أبي هاشم، ومنصور بن محمد الحذاء، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسين بن سمعون»، وآخرون (¬1). ومن الأحاديث التي رويت عن «ابن يونس» الحديث التالي: قال الخطيب البغدادي: «أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقرئ، أخبرنا أبو طاهر ابن أبي هاشم قال: حدثني محمد بن يونس المقرئ حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا ابن نمير، حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة قال: «يا معشر القراء: اسلكوا الطريق ولئن سلكتموه لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن أخذتم يمينا وشمالا لقد ضللتم ضلالا بعيدا» اهـ (¬2). وقد جاءت السنة المطهرة حافلة بالأحاديث التي تبين فضل قراءة القرآن الكريم منها ما يلي: فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله، والنور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يزيغ فيستتعب (¬3) ولا يعوج فيقوم، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد (¬4) أتلوه فإن الله يأجركم عن تلاوته كل حرف عشر حسنات. أما إني لا أقول: «الم» حرف، ولكن «ألف» حرف، ولام «حرف» وميم حرف (¬5). وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: اقرءوا القرآن. فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرءوا الزهراوين: البقرة ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 446. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 446. (¬3) أي لا يميل عن القصد فيطلب منه إزالة التعب. (¬4) لأن معانيه دائما متجددة. (¬5) رواه الحاكم انظر الترغيب ج 2 ص 592.

وآل عمران، فانهما يأتيان يوم القيامة كانهما «غمايتان أو كأنهما غيابتان (¬1) أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما. اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة التي تبين فضل قراءة القرآن (¬2). كان «ابن يونس» من الثقات، ومن حفاظ القرآن الاجلاء، وقد أثنى عليه الكثيرون من العلماء منهم: الإمام الداني ت 244 هـ حيث قال: «كان «ابن يونس» إماما جليلا مقرئا متصدرا مشهورا اهـ (¬3) وقال الخطيب البغدادي: «كان جليلا في القراءة ثقة» (¬4) وقال «ابن الجزري»: كان «ابن يونس» مقرئا مشهورا حاذقا اهـ (¬5). توفي «ابن يونس» سنة تسع وعشرين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله «ابن يونس» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. تمّ ولله الحمد والشكر ¬

_ (¬1) الغيابتان: تثنية غيابة وهي ما يظلل الانسان. انظر التاج ج 4 ص 16. (¬2) رواه مسلم. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1 ص 248. (¬4) انظر تاريخ بغداد ج 3 ص 446. (¬5) انظر طبقات القراء ج 2 ص 172.

الجزء الثانى

[الجزء الثانى] بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان، والصلاة والسلام على رسول الله الذي صحّ عنه في الحديث الذي رواه «عبد الله بن مسعود» رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله» فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول «الم» حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب) وبعد: فقد اهتم الصحابة رضوان الله عليهم بحفظ «القرآن الكريم» وقد أخذوه مشافهة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم. ثم جاء التابعون رحمهم الله تعالى فتلقوا «القرآن» وحروفه عن الصحابة. وجاء بعد التابعين: تابع التابعين فأخذوا عنهم «القرآن» ورواياته. وهكذا ظلّ المسلمون يأخذون «القرآن» وقراءاته جيلا بعد جيل حتى وصل إلينا عن طريق التواتر، والسند الصحيح. وسيظل كذلك بإذن الله تعالى حتى يرث الله الأرض ومن عليها. ولما ازدهرت حركة التأليف تصدّى الكثيرون من العلماء لجعل مصنفات

خاصّة ضمنوها التعريف بحفاظ «القرآن»، بما في ذلك بيان شيوخهم، وتلاميذهم. ومن العلماء الذين كانت لهم مصنفات خاصّة بطبقات القراء: «الحسن بن أحمد الهمذاني» له كتاب: «معرفة القراء وأخبارهم (¬1). «الخليفة بن الخياط» ت 240 هـ، له كتاب «طبقات القراء وأخبارهم (¬2). «أبو معشر الطبري» ت 478 هـ له كتاب «طبقات القراء» (¬3). «أبو بكر النقّاش» ت 351 هـ له كتاب «المعجم الكبير في أسماء القراء وقراءاتهم» (¬4) «ابن مهران أحمد بن الحسن» ت 381 هـ، له كتاب «طبقات القراء» (¬5). «أحمد الفضل الباطرقاني» ت 460 هـ، له كتاب «طبقات القراء» (¬6) «محمد بن سهل العطار» ت 569 هـ، له كتاب «معرفة القراء» (¬7) «الحسن بن أحمد الهمذاني» ت 569 هـ، له كتاب «الانتصار في معرفة قراء المدن والأمصار» (¬8) «ابن الملقّن عمر بن علي» ت 804 هـ، له كتاب «طبقات القراء» (¬9) ¬

_ (¬1) انظر: معرفة القراء الكبار للذهبي، ج 2، ص 489. (¬2) انظر: معجم المؤلفين لكحالة ج 4، ص 108. (¬3) انظر: غاية النهاية لابن الجزري ج 1، ص 401. (¬4) انظر: فهرست ابن النديم ص 50. (¬5) انظر: غاية النهاية لابن الجزري، ج 1، ص 49. (¬6) انظر: الأعلام للزركلي، ج 1، ص 195. (¬7) انظر: معجم المؤلفين لكحالة ج 10، ص 58. (¬8) انظر: غاية النهاية لابن الجزري، ج 1، ص 204. (¬9) أنظر: الأعلام للزركلي ج 5، ص 57.

«السخاوي محمد بن عبد الرحمن» ت 1214 هـ، له كتاب «تلخيص طبقات القراء (¬1). «محمد بن عبد السلام الفاسي» ت 1214 هـ، له كتاب «طبقات المقرئين» (¬2). ومن نعم الله عليّ التي لا تحصى أن جعلني من حفظة كتابه، ومن قراء رواياته. وقد وفقني الله تعالى ووضعت «الجزء الأول» في تراجم القراء تحت عنوان: «معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ». ويسعدني أن أضيف إلى المكتبة القرآنية «الجزء الثاني» لتراجم القراء. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. المدينة المنورة الجمعة 8 جمادى الثانية 1410 هـ الموافق 5 يناير 1990 م خادم العلم والقرآن الدكتور محمد بن محمد بن محمد بن سالم بن محيسن غفر الله له ¬

_ (¬1) انظر: الأعلام للزركلي ج 6، ص 195. (¬2) انظر: الأعلام للزركلي، ج 6، ص 206.

رقم الترجمة/ 1"إبراهيم بن أحمد" ت 870 هـ

رقم الترجمة/ 1 «إبراهيم بن أحمد» (¬1) ت 870 هـ هو: إبراهيم بن أحمد بن ناصر بن خليفة بن فرج المقدسي الدمشقي الشافعي. ولد في ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة سبع وسبعين وسبعمائة بصفد، ونشأ بها فحفظ القرآن تجويدا على «الشهاب حسن بن حسن الفرغني» إمام جامعها، وحفظ بعض «المنهاج» في فقه الشافعي. ثم انتقل من «صفد» قريبا من سنّ البلوغ مع أبيه إلى «الشام» فأخذ الفقه عن الشرق «الغربي» وغيره، ثم لازم «النور الأنباري» حتى حمل عنه الكثير من الفقه، والعربية، واللغة، وانتفع به كثيرا في علوم الأدب وغيرها. ثم رحل إلى «مصر» سنة أربع وثمانمائة تقريبا، فأخذ عن «السراج البلقيني» ولازمه مدة سنة كما أخذ عن «الكمال الدميري» بعض مصنفاته. وبعد أن قضى بمصر بضع سنوات يأخذ عن علمائها، عاد إلى بلده «باعون» وهي قرية من قرى «حوران» بالقرب من «عجلون» فأقام بها على أحسن حال، وأجمل طريقة. ثم باشر نيابة الحكم عن أبيه، والخطابة بجامع بني أمية، وتولى مشيخة الشيوخ، وكان حسن السيرة، محمود العاقبة في جميع الأعمال التي قام بها، ومما اشتهر عنه أنه كان يتمسك بالحق ولا يلتفت إلى وساطة الكبراء، وشفاعة الشفعاء. وقد ترك للمكتبة الإسلامية والعربية بعض المؤلفات منها: «مختصر الصحاح للجوهري» وهو مختصر حسن لطيف. وله ديوان خطب، ورسائل، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: الضوء اللامع ج 1، ص 26، والبدر الطالع ج 1، ص 8، ورقم الترجمة/ 4.

وديوان شعر أتى فيه نحو مائة وخمسين مقطوعا، أودع كلا منها معنى غريبا غير الآخر، ومن شعره: سل الله ربك ما عنده ... ولا تسأل الناس ما عندهم ولا تبتغ من سواه الغنا ... وكن عبده لا تكن عبدهم وله أيضا: سئمت من الدنيا وصحبة أهلها ... وأصبحت مرتاحا إلى نقلتي منها والله ما آسى عليها وإنني ... وإن رغبت في صحبتي راغب عنها وله أيضا: إذا استغنى الصديق وصا ... ر ذا وصل وذا قطع ولم يبدا احتفالا بي ... ولم يحرص على نفعي فأنأى عنه واستغني ... بجاه الصبر والقنع وأحسب أنه ما مرّ ... في الدنيا على سمعي ثم أصبح «إبراهيم بن أحمد» شيخ الأدب بالبلاد الشامية بغير مدافع، كذا وصفه كل من «السخاوي» في تاريخه، وابن حجر في معجمه. وقال «المقريزي»: إنه مهر في عدة فنون سيما الأدب فله النظم الجيّد. وكان يحكى أن «الزينبي عبد الباسط» قال له إن مراسلاتك المسجعة إلينا تبلغ أربعة مجلدات. يفهم من هذا أنه كان بارعا في الكتابة، يقول «الشوكاني»: والحاصل أنه وقع الاتفاق من جميع من ترجم له على أنه لم يكن في عصره من يدانيه في النظم والنثر (¬1). توفي «إبراهيم بن أحمد» يوم الخميس رابع عشر ربيع الأول سنة سبعين ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 10.

وثمانمائة، وصلّى عليه بالجامع المظفري، ودفن بالروضة من سفح قاسيون. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 2"إبراهيم بن ثابت" ت 432 هـ

رقم الترجمة/ 2 «إبراهيم بن ثابت» (¬1) ت 432 هـ هو: إبراهيم بن ثابت بن أخطل أبو إسحاق الأقليشي المقرئ نزيل مصر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. تلقى «إبراهيم بن ثابت» القراءات القرآنية على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون، أبو الحسن الحلبي نزيل مصر، أستاذ عارف، ثقة ضابط وحجة، محرّر، شيخ الإمام الداني، ومؤلف كتاب «التذكرة» في القراءات الثمان. رحل إلى العراق، وأخذ القراءات عن خيرة العلماء، قال عنه «الإمام الداني»: لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله وصدق لهجته كتبنا عنه كثيرا» اهـ ت بمصر 399 هـ. ومن شيوخ «إبراهيم بن ثابت» عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي، مؤلف كتاب «المجتبي الجامع» وهو أستاذ متصدر ثقة، نزل مصر، وكان شيخها ت 420 هـ. توفي «إبراهيم بن ثابت» سنة 432 هـ رحمه الله رحمة واسعة. آمين. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 392، طبقات القراء ج 1، ص 10، وحسن المحاضرة للسيوطي ج 1، ص 493.

رقم الترجمة/ 3"إبراهيم الجعبري" ت 732 هـ

رقم الترجمة/ 3 «إبراهيم الجعبري» (¬1) ت 732 هـ هو: إبراهيم بن عمر بن إبراهيم بن خليل بن أبي العباس أبو محمد الجعبري نسبة إلى قلعة «جعبر» وتقع على نهر الفرات بين بالس والرقة قرب صفين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة الثامنة عشرة من علماء القراءات. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «الجعبري» في قلعة جعبر في حدود سنة أربعين وستمائة من الهجرة. ونشأ في أسرة عريقة في العلم والدين، حيث كان والده من أعيان ووجهاء «قلعة جعبر» وقد اشتهر بمؤذن جعبر، كما ألف والده «المحرر في الفقه، والمنتقى في الأحكام» (¬2). اتجه «الجعبري» منذ نعومة أظفاره وهو في التاسعة من عمره إلى تحصيل العلم، وكان يتمتع بذاكرة قوية، وحافظة أمينة، فحفظ القرآن الكريم مبكرا، كما حفظ كتاب «التيسير» في القراءات السبع، وكتاب «التعجيز في مختصر الوجيز في الفقه على مذهب الإمام الشافعي». رحل «الجعبري» إلى بعض البلاد الإسلامية من أجل طلب العلم والسماع من الشيوخ، والاستزادة من الثقافة والمعرفة. فكانت رحلته الأولى إلى ¬

_ (¬1) انظر ترجمة الجعبري في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 2، ص 743. طبقات القراء ج 1، ص 21. الوافي بالوفيات ج 6، ص 73. وفيات الأعيان ج 1، ص 39. مرآة الجنان ج 4، ص 285. طبقات الشافعية للسبكي، ج 6، ص 12. البداية والنهاية ج 14، ص 160. الدرر الكامنة ج 1، ص 51. النجوم الزاهرة ج 9، ص 296. بغية الوعاة ج 1، ص 420. (¬2) وقد شرحه الشوكاني وعرف شرحه «بنيل الأوطار» كما أن كتابه المحرر في الفقه طبع عدة مرات.

«بغداد» بعد عام ستين وستمائة من الهجرة، فالتحق بالمدرسة النظامية، وحضر دروس المشايخ بالمدرسة المستنصرية، وحضر مجالس كبار العلماء، وتلقى القراءات السبع على «أبي الحسن علي بن عثمان البغدادي». وقرأ القراءات العشر على «الحسين بن الحسن المنتجب التكريتي» ت 688 هـ وأسند القراءات بالإجازة عن الشريف أبي البدر الداعي ت 668 هـ وأخذ الفقه عن أبي العزّ محمد بن عبد الله البصري الشافعي المدرّس بالمدرسة النظامية. وهذه الرحلة تعتبر أعظم رحلاته التي قام بها، حيث أدرك الفوائد العلمية، واتسع أفقه العلمي، وارتفع مستواه، وبرع في القراءات، فكتب فيها كتابه «نزعة البررة في قراءات الأئمة العشرة»، وكتابه «عقود الجماعة في تجويد القرآن» وعرضهما على شيخه منتجب الدين التكريتي. ثم كانت رحلته الثانية إلى «دمشق» فسمع من كبار الحفاظ منهم «الفخر ابن البخاري» ت 690 هـ والفخر بن الفخر البعلبكي ت 699 هـ. وباحث، وناظر، وأفاد الطلبة كثيرا (¬1). ثم رحل بعد ذلك إلى «مدينة الخليل» بفلسطين وكان ذلك قبل عام ثمانية وثمانين وستمائة، وأقام بها بضعة وأربعين عاما حتى توفاه الله. وقد تولى «الجعبري» في «مدينة الخليل» القضاء، والإفتاء، والخطابة، ونشر العلم بشتى الوسائل المختلفة سواء كان بالتدريس أو التأليف وقد عمر طويلا حتى أدركه الأحفاد. يفهم مما تقدم أن «الجعبري» اجتهد في طلب العلم وتحصيله وبذل في سبيل ذلك كل عمره، وزهرة شبابه، حتى وصل إلى أرقى المناصب العلمية في زمانه. ¬

_ (¬1) انظر الوافي بالوفيات ج 6، ص 73.

وقد تتلمذ «الجعبري» على عدد كبير من خيرة العلماء، في كثير من العلوم المختلفة، وفي مقدمة شيوخه في القراءات: 1 - شمس الدين أبو الحسن، علي بن عثمان بن محمود الوجوهي الحنبلي البغدادي، وهو شيخ مقرئ، ماهر محقق مجود، عني بالقراءات والأداء، قرأ عليه «الجعبري» القراءات السبع، وقرأ عليه «كتاب التجريد» لابن الفحام، وسمّع عليه كتاب «الوقف والابتداء» لابن عباد، وقرأ عليه صحيح البخاري، وعوارف المعارف (¬1). 2 - شمس الدين أبو البدر محمد بن عمر بن القاسم الشريف الرشيدي العباسي الواسطي، شيخ القراء بالعراق، وإمام بارع. قرأ القراءات العشر على «أبي بكر عبد الله بن الباقلاني» وروى عنه الجعبري بالإجازة (¬2). 3 - إبراهيم بن محمود بن سالم أبو محمد الأزجي البغدادي، المعروف بابن الخير الحنبلي، أجاز «الجعبري» بالقراءات (¬3). 4 - مجد الدين أبو أحمد عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الجيش الحنبلي البغدادي، وكان واسع الرواية، وشيخ القراء ببغداد. وقد أخذ الروايات عن «الفخر محمد بن أبي الفرج الموصلي» وسمع منه كتبا كثيرة في القراءات. كما قرأ على «عبد العزيز الناقد» وروى عنه أكثر من ثلاثين كتابا في القراءات. وقد أخذ عنه «الجعبري» القراءات الثلاث. توفي مجد الدين سنة 676 هـ. 5 - منتجب الدين أبو علي، الحسين بن الحسن بن أبي السعادات التكريتي وهو عالم حاذق بالقراءات. انتهى إليه الإقراء ببغداد. يقول «الجعبري»: ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 556. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 2، ص 649. (¬3) انظر: طبقات القراء ج 1، ص 27.

قرأت عليه من حفظي «درّة الأفكار في القراءات العشر» توفي منتجب الدين سنة 688 هـ ببغداد (¬1). 6 - جمال الدين يوسف بن جامع بن أبي البركات أبو إسحاق القفصي بضم القاف، وسكون الفاء، الحنبلي البغدادي. وهو أستاذ كبير مؤلف محقق عالم، ألف كتاب «الشافي في القراءات العشر» قال عنه «الحافظ الذهبي»: كان جمال الدين رأسا في القراءات عارفا باللغة، والنحو، جمّ الفضل. وكان لا يتقدمه أحد في زمانه في الاقراء. قال «الجعبري»: قرأت عليه «كتاب المصباح» وكتاب «التذكرة»، ووقف ابن الأنباري، توفي «جمال الدين» سنة 682 هـ (¬2). وبعد أن اكتملت مواهب «الجعبري» وأصبح من العلماء تصدر لتعليم القرآن وعلومه وقراءاته، واشتهر بالثقة والاتقان وسعة العلم، أقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه ويقرءون عليه، فتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: 1 - علي بن أبي محمد بن أبي سعد بن عبد الله أبو الحسن الواسطي المعروف بالديواني، توجه إلى الخليل فأخذ عن «الجعبري» نظم «كتاب الإرشاد» في قصيدة لامية سماها «جمع الأصول» وكان خاتمة المقرئين بواسط مع الدين والتحقيق ت 743 هـ (¬3). 2 - الحافظ الذهبي محمد بن أحمد بن عثمان أبو عبد الله شمس الدين. عني بالقراءات من صغره، قرأ على «الجعبري» كتابه «نزعة البررة في القراءات العشرة» ت 748 هـ، بدمشق (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: طبقات القراء ج 1، ص 21. (¬2) انظر: معرفة القراء الكبار، ج 2، ص 683. (¬3) انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 580. (¬4) انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 71. والمنهل الصافي ج 1، ص 133.

3 - محمد بن جابر بن محمد بن قاسم أبو عبد الله شمس الدين الوادي. يقول في ترجمة شيخه «الجعبري»: حضرت مجلس إقرائه التفسير والفقه الشافعي، ورويت عنه الحديث، والقراءات، وغيرها. ت 749 هـ، بتونس (¬1). 4 - إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن أبو إسحاق الشامي، نزيل القاهرة، قرأ على «الجعبري» القرآن الكريم من أوله إلى قوله تعالى: وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ت بمصر سنة 732 هـ (¬2). 5 - محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن جامع أبو المعالي ابن اللبان الدمشقي، رحل إلى «الخليل» وقرأ على «الجعبري» نصف حزب جمعا للسبعة، ثم أقبل على الإقراء فلم ير في زمانه أحسن استحضارا منه للقراءات. وولي مشيخة الإقراء بالديار الأشرفية، وبجامع التوبة، والجامع الأموي، وأقرأ الناس زمانا، ورحل الناس إليه من الأقطار، وبعد صيته، واشتهر اسمه، وانتفع به الخلق ت 715 هـ (¬3). 6 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم شمس الدين البغدادي، يعرف بالمطرز الكتبي، رحل إلى «الخليل» وقرأ على «الجعبري» بالقراءات العشر، ت 749 هـ (¬4). 7 - أحمد بن محمد بن يحيى بن نحلة- بحاء مهملة- المعروف بسبط السلعوس أبو العباس النابلسي ثم الدمشقي. قرأ القراءات على «الجعبري» «بالخليل» وانتفع به خلق كثيرون، توفي بدمشق سنة 732 هـ (¬5). ¬

_ (¬1) انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 2، ص 106. (¬2) انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 7. (¬3) انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 2، ص 72. (¬4) انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 2، ص 179. (¬5) انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 1، ص 133.

8 - أبو بكر عبد الله بن أيدغدعي بن عبد الله الشمس الشهير بابن الجندي شيخ القراء بمصر، قرأ القراءات العشر على الجعبري، ألف شرحا على الشاطبية تضمن إيضاح شرح «الجعبري» كما ألف كتاب «البستان في القراءات الثلاث عشرة» ت بمصر سنة 769 هـ (¬1). من هذا يتبين أن «الجعبري» كان له الأثر الواضح في تعليم القرآن والقراءات، فنال بذلك منزلة علمية بارزة مرموقة بين أقرانه ومعاصريه، فمدحوه، وأثنوا عليه. وفي هذا يقول تلميذه «العلامة الحافظ الذهبي»: شيخ بلد الخليل العلامة الجعبري صاحب الفنون، ومقرئ الشام، له التصانيف المتقنة في القراءات، والحديث، والأصول، والعربية، والتاريخ وغير ذلك. اه. وقال تلميذه «ابن جابر الوادي آشي»: «الجعبري» الشيخ الفقيه المقرئ الخطيب، قاضي بلد الخليل، حضرت مجلس إقرائه التفسير والفقه الشافعي، ورويت عنه الحديث، والقراءات، وغيرهما. اه (¬2). وقال «صلاح الدين الصفدي»: الشيخ الإمام العلامة الجعبري شيخ القراء، ألف في كثير من العلوم، واشتهر ذكره، وتصانيفه تقارب المائة، كلها جيدة، محررة، رأيته غير مرة ببلد الخليل، وسمعت كلامه، وكان حلو العبارة، ساكنا، وقورا، ذكيا، له قدرة تامة على الاختصار. اه (¬3). وقال «اليافعي»: الجعبري الشيخ الجليل الإمام العلامة المقرئ وشيخ القراء صاحب الفضائل الحميدة، والمباحث المفيدة، والتصانيف العديدة. اه (¬4). ¬

_ (¬1) انظر: طبقات القراء لابن الجزري، ج 1، ص 180. (¬2) انظر: برنامج الوادي آشى ص 51. (¬3) انظر: الوافي بالوفيات ج 6، ص 73. (¬4) انظر: مرآة الجنان، ج 4، ص 285.

وقال «تاج الدين السبكي»: كان «الجعبري» فقيها مقرئا، متقنا، له التصانيف المفيدة في القراءات، والمعرفة بالحديث. اه (¬1). وقال «جمال الدين الأسنوي»: كان «الجعبري» إماما في القراءات عارفا بالفقه والعربية. اه (¬2). وقال «الحافظ ابن كثير»: كان «الجعبري» من المشايخ المشهورين بالفضائل والرئاسة، والخير والديانة، والعفة والصيانة. اه (¬3). وقال «عبد الرحمن العليمي»: «الجعبري» الشيخ الإمام العالم العلامة القدوة المحقق المقرئ، شيخ الخليل، رحل الناس إليه ووليّ مشيخة «الخليل» (¬4). فهذا الثناء العاطر على «الجعبري» يصوّر لنا تصويرا واضحا شخصية هذا العالم المتبحر في العلوم، فضلا عن علوّ مكانته العلمية، ومؤلفاته المفيدة، فقد ترك للمكتبة الإسلامية الكثير من المصنفات في شتى علوم المعرفة: القراءات، وعلوم القرآن، وعلوم الحديث، والفقه وأصوله، والنحو والصرف، واللغة، والبلاغة، والأدب، والعروض. فمؤلفاته في القراءات بلغت ستة عشر مصنفا، وفي علوم القرآن ثلاثة وثلاثين، وفي علوم الحديث سبعة عشر، وفي الفقه أربعة عشر. توفي «الجعبري» «بالخليل» سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر: طبقات الشافعية للسبكي، ج 6، ص 82. (¬2) انظر: طبقات الشافعية للاسنوي ج 1، ص 385. (¬3) انظر: البداية والنهاية لابن كثير، ج 14، ص 160. (¬4) انظر: الأنس الجليل، ج 2، ص 153.

رقم الترجمة/ 4"إبراهيم بن حسن" ت 1223 هـ

رقم الترجمة/ 4 «إبراهيم بن حسن» (¬1) ت 1223 هـ هو: إبراهيم بن حسن بن أحمد بن محمد اليعمري. وهو من خيرة حفاظ القرآن، ومن الفقهاء العاملين، المشهورين بالزهد، والتقوى، والعمل بكتاب الله تعالى وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. ولد «إبراهيم بن حسن» سنة أربع وستين ومائة وألف، وقرأ القرآن الكريم على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «صالح الجرادي» كما أخذ علومه على عدد من العلماء، فأخذ الفقه، والفرائض على «السيد علي بن حسن الصعدي» وأخذ علم السنة على العلامة «الحسين بن عبد الله الكبسي». وانتفع بعلمه فعمل به، وعكف على العبادة، وتحلّى بالزهد، وانتهى إليه الورع، وحسن السمت، والتواضع، والاشتغال بخاصة النفس واتفق الناس على الثناء عليه، والمدح لشمائله. توفي «إبراهيم بن حسن» لعشرين خلت من شهر شوال سنة ثلاث وعشرين ومائتين وألف. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 11، ورقم الترجمة/ 5.

رقم الترجمة/ 5"إبراهيم الطبري" ت 393 هـ

رقم الترجمة/ 5 «إبراهيم الطّبري» (¬1) ت 393 هـ هو: إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي. ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «إبراهيم الطبري» القراءة عن عدد كبير من خيرة حفاظ القرآن يقول «ابن الجزري»: قرأ «إبراهيم الطبري» على أحمد بن عثمان بن بويان، وأحمد بن عبد الرحمن الولي، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر بن مقسم، ومحمد بن علي بن الهيثم، وأبي عيسى بكار، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرة بن أبي عمر الطوسي النقاش، وعبد الوهاب بن العباسي. وقرأ الحروف على أحمد بن عبد الله بن محمد المكي عن العنزي صاحب البزّي، وإبراهيم بن أحمد بن الحسن القرماسيني عن أبي بكر الأصبهاني وغيره، وأبي سليمان محمد بن عبد الله بن سلميان بن الطيب بن يوسف السعدي، الدمشقي عن أحمد بن عبد الله بن ذكوان وعثمان بن أحمد بن عبد الله الدقيقي عن صاحب خلف، وأبي بكر أحمد جعفر بن أحمد الشعيري عن صاحب أبي حمدون، وغير هؤلاء كثير (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 6، ص 19، ومعرفة القراء ج 1 ص 358. وطبقات القراء، ج 1 ص 5. والنجوم الزاهرة ج 4 ص 209. وشذرات الذهب ج 3 ص 142. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1 ص 5.

وقد رحل «أبو إسحاق الطبري» في سبيل العلم إلى كثير من الأمصار يأخذ عن علمائها، وفي هذا المعنى يقول «الخطيب البغدادي»: كان «إبراهيم الطبري» أحد الشهود ببغداد، وذكرني «أبو القاسم التنوخي» أنه شهد أيضا بالبصرة، وواسط، والأهواز، والكوفة، ومكة، والمدينة المنورة، قال: وأم بالناس في المسجد الحرام أيام الموسم وما تقدم فيه من ليس بقرشي غيره. ثم يقول «الخطيب البغدادي»: وسكن «إبراهيم الطبري» بغداد وحدث بها عن «إسماعيل بن محمد الصفار، وأبي عمرو بن السمّاك، وأحمد بن سليمان العباداني، وعلي بن إدريس الستوري» ومن في طبقتهم وبعدهم. اه. ثم يقول: وكان «أبو الحسن الدارقطني» خرج له خمسمائة جزء، وكان كريما سخيا مفضلا على أهل العلم، حسن المعاشرة، جميل الأخلاق، وداره مجمع أهل القرآن، والحديث، وكان ثقة. اه (¬1). تصدر «إبراهيم الطبري» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: الحسين بن علي العطار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني وأبو علي الأهوازي، وأبو علي البغدادي صاحب كتاب «الروضة» وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأحمد بن رضوان، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني، روى عنه الحروف (¬2). احتل «إبراهيم الطبري» مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه، يقول «الإمام ابن الجزري»: كان «الطبري» ثقة، مشهورا، أستاذا (¬3). توفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر: تاريخ بغداد ج 6، ص 19. (¬2) انظر: طبقات القراء ج 1، ص 5. (¬3) انظر: طبقات القراء ج 1، ص 5.

رقم الترجمة/ 6"إبراهيم بن عمر" ت 885 هـ

رقم الترجمة/ 6 «إبراهيم بن عمر» (¬1) ت 885 هـ هو: إبراهيم بن عمر بن حسن بن الربا: بضم الراء بعدها باء موحدة خفيفة، ابن أبي بكر البقاعي. نزيل القاهرة ثم دمشق. وهو أستاذ ثقة ضابط حجة، قارئ، محدث، مفسّر، مؤلف. ولد تقريبا سنة تسع وثمان مائة بقرية من عمل «البقاع» ثم تحوّل إلى «دمشق» ثم فارقها ودخل بيت المقدس، ثم رحل إلى «القاهرة»، وفي القاهرة اتصل بعلمائها وأخذ عنهم القراءات القرآنية، والفقه، والنحو، وغير ذلك من العلوم. فقد قرأ القراءات على «الجزري» جمعا بالعشرة، إلى سورة «البقرة». وقرأ على «التاج بن بهادر» الفقه، والنحو. وأخذ عن «الحافظ ابن حجر، وأبي الفضل المغربي» وغيرهما وبرع في جميع العلوم وفاق الأقران. ثم صنف الكثير من الكتب في شتى العلوم، وفي هذا يقول «محمد بن علي الشوكاني» ت 1250 هـ: ومن أمعن النظر في كتاب «إبراهيم بن عمر» الذي جعله في المناسبات بين الآي والسور علم أنه من أوعية العلم المفرطين في الذكاء الجامعين بين علمي المعقول، والمنقول. ¬

_ (¬1) انظر: ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 19 ورقم الترجمة/ 12.

ثم يستطرد «الشوكاني» قائلا: وكثيرا ما يشكل عليّ شيء في الكتاب العزيز فأرجع إلى مطولات التفسير، ومختصراتها، فلا أجد ما يشفي، وأرجع الى هذا الكتاب فأجد ما يفيد في الغالب (¬1). وقد رحل «إبراهيم بن عمر» إلى الحجاز فأدّى فريضة الحج، ثم عاد إلى «القاهرة» وجلس للتعليم، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ويتتلمذون عليه في شتى الفنون. ثم عاد إلى «دمشق» بعد حياة حافلة بطلب العلم، والتعليم والتصنيف فوافاه الأجل المحتوم وتوفي ليلة السبت ثامن عشر رجب سنة خمس وثمانين وثمانمائة، ودفن خارج «دمشق» من جهة قبر عاتكة. وتذكر لنا كتب التاريخ أن «إبراهيم بن عمر» رثى نفسه في حياته فقال: نعم انني عما قريب لميت ... ومن ذا الذي يبقى على الحدثان كأنك بي أنعى عليك وعندها ... ترى خيرا صمّت له الأذنان فلا حسد يبقى لديك ولا قلى ... فينطق في مدحي بأيّ معان وتنظر أوصافي فتعلم أنها ... علت عن مدان في أعزّ مكان فكم من عزيز بي بذل جماحه ... ويطمع فيه ذو شقا وهوان فيا ربّ من تفجأ بهول يودّه ... ولو كنت موجودا لديه دعاني رحم الله «إبراهيم بن عمر» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 20.

رقم الترجمة/ 7"إبراهيم بن محمد" ت 841 هـ

رقم الترجمة/ 7 «إبراهيم بن محمّد» (¬1) ت 841 هـ هو: إبراهيم بن محمّد بن خليل البرهان الطرابلسي الأصل الشاميّ المولد، الشافعي. وهو من خيرة العلماء والقراء، والمحدثين، والفقهاء، ولد في ثاني عشر رجب سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بالجلّوم: بفتح الجيم، وتشديد اللام المضمومة، توفي والده وهو صغير، فكفلته أمه وانتقلت به إلى «دمشق» فحفظ بها بعض القرآن، ثم رجعت إلى «حلب» فنشأ بها وأدخلته أمه مكتب الأيتام فأكمل به حفظ القرآن، وصلى به التراويح في رمضان. ثم قرأ تجويد القرآن على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «الحسن السائس المصري، والشهاب بن أبي الرضى». وأخذ الفقه عن جماعة من خيرة الفقهاء منهم: «ابن العجمي» وأخذ الحديث عن مشاهير علماء الحديث، أمثال: «الزين العراقي، والبلقيني، وابن الملقّن» كما أخذ اللغة عن «مجد الدين» صاحب «القاموس المحيط». رحل «إبراهيم بن محمد» إلى كثير من الأقطار من أجل العلم والأخذ عن العلماء الثقات. فرحل إلى «مصر» مرتين، والاسكندرية، ودمشق، وبيت المقدس، وغزة، والرملة، ونابلس، وحماه، وحمص، وطرابلس، وبعلبك. روي عنه أنه قال: مشايخي في الحديث نحو المائتين، ومن رويت عنه شيئا ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ورقم الترجمة/ 16 ج 1، ص 28.

من الشعر دون الحديث بضع وثلاثون، وفي العلوم غير الحديث نحو الثلاثين. وقد جمع كل أساتذته كل من «النجم بن فهد، والحافظ بن حجر». واستقرّ بحلب، ولما هاجمها «تيمور لنك» طلع بكتبه إلى القلعة، فلما دخل البلد وسلبوا الناس كان فيمن سلب حتى لم يبق معه شيء، ثم أسروه وبقي معهم، إلى أن رحلوا إلى «دمشق» فأطلق سراحه، ورجع إلى بلده. وقد اجتهد «إبراهيم بن محمد» في الحديث اجتهادا كبيرا، وسمع العالي، والنازل، وقرأ البخاري أكثر من ستين مرّة، ومسلما نحو العشرين. واشتغل بالتصنيف: فكتب تعليقا لطيفا على سنن «ابن ماجة» وشرحا مختصرا على البخاري سماه: «التلقيح لفهم قارئ الصحيح» وهو في أربعة مجلدات. و «المقتضى في ضبط ألفاظ الشفا» في مجلّد. و «نور النبراس على سيرة ابن سيّد الناس» في مجلدين. وكتاب «التيسير على ألفية العراقي» وشرحها مع زيادة أبيات غير مستغنى عنها. وكتاب «نهاية السول في رواة الستة الأصول» في مجلد ضخم، وكتاب «الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث» في مجلد. وكتاب «التبيين لأسماء المدلسين» في كراستين. قال «السخاوي»: كان «إبراهيم بن محمد» إماما، علامة، حافظا خيّرا، ديّنا، ورعا، متواضعا، وافر العقل، حسن الأخلاق، متخلقا بجميل الصفات، جميل العشرة، محبّا للحديث وأهله، كثير النصح والمحبة لأصحابه، ساكنا متعففا عن التردد إلى بني الدنيا، قانعا باليسير، طارحا للتكلف، رأسا في العبادة والزهد والورع، مديم الصيام والقيام، سهلا في التحدث، كثير الانصاف والبشر لمن يقصده للأخذ عنه خصوصا الغرباء، مواظبا على الاشتغال، والاقبال على القراءة بنفسه، حافظا لكتاب الله، كثير التلاوة له، صبورا على الإسماع، ربما أسمع اليوم كاملا من غير ملل ولا ضجر، عرض

عليه قضاء الشافعية ببلده فامتنع (¬1). لم يزل «إبراهيم بن محمد» على جلالته وعلوّ قدره حتى توفّاه الله تعالى يوم الاثنين سادس عشر شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، وهو يتلو القرآن، ولم يغب له عقل، ودفن بالجبل عند أقاربه. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر: البدر الطالع ج 1، ص 16.

رقم الترجمة/ 8"إبراهيم بن محمد" ت 923 هـ

رقم الترجمة/ 8 «إبراهيم بن محمد» (¬1) ت 923 هـ هو: إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن علي بن مسعود بن رضوان المقدسي ثم القاهري الشافعي. وهو من خيرة القراء، والفقهاء، المشهود لهم بالثقة والإتقان. ولد ليلة الثلاثاء ثامن عشر ذي القعدة سنة ست وثلاثين وثمان مائة ببيت المقدس ونشأ به. وحفظ «القرآن» وهو ابن سبع سنين، ثم جوّده «لابن كثير المكي وأبي عمرو البصري». أخذ «إبراهيم بن محمد» علومه عن خيرة العلماء: فأخذ عن «سراج الرومي» العربية، والأصول، والمنطق. وعن «يعقوب الرومي» العربية، والمعاني، والبيان في البلاغة. ثم رحل «إبراهيم بن محمد» إلى «القاهرة»، من أجل الاستزادة من العلم والتقى بالعلماء وأخذ عنهم: فقرأ على «الجلال المحلى» شرحه لجمع الجوامع في أصول الفقه. وقرأ على غيره الكثير من العلوم المتعددة. ثم رحل إلى «مكة المكرمة» سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة، وأدى فريضة الحج، والتقى بعلماء «مكة» وأخذ عنهم، ومن شيوخه بمكة المكرمة «التقي بن فهد، وأبو الفتح المراغي، والمحب الطبري» وغير هؤلاء. وبعد أن كملت مواهب «إبراهيم بن محمد» ولي قضاء الشافعية بالقاهرة ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 26، ورقم الترجمة/ 15.

في ذي الحجة سنة ست وتسعمائة. وجلس للتدريس واشتهر بين الناس بالثقة، والضبط، وأقبل عليه الطلاب واستقر في تدريس تفسير القرآن الكريم بجامع «ابن طولون» وغيره من الجوامع، والمدارس، ودرّس عدة فنون. وعرف عن «إبراهيم بن محمد» قول الشعر، ومن ذلك قوله: دموعي قد نمت بسرّ غرامي ... وباح بوجدي للوشاة سقامي فأضحى حديثي بالصبابة مسندا ... بمرسل دمعي من جفون دوامي احتل «إبراهيم بن محمد» مكانة سامية بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول العلامة الشوكاني: برع «إبراهيم بن محمد» في الفنون، وأذن له غير واحد بالإقراء والإفتاء وصنّف التصانيف منها: «شرح الحاوي» في مجلّد ضخم، و «شرح قواعد الإعراب» في نحو عشرة كراريس، و «شرح العقائد» لابن دقيق العيد، و «شرح المنهاج الفرعي». وله مختصرات كثيرة منها: «تهذيب المنطق للتفتازاني، والورقات في أصول الفقه، لإمام الحرمين، وشذور الذهب في النحو، وعقائد النسفي، واختصر الرسالة القشيرية» وله مصنفات غير هذه (¬1). ظلّ «إبراهيم بن محمد» يعلّم، ويصنف، حتى توفاه الله تعالى يوم الجمعة ثاني شهر المحرم سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة، وصلى عليه الخليفة «المتوكل على الله» العباسي عقب صلاة الجمعة. ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 26.

رقم الترجمة/ 9"أحمد بن إبراهيم" ت 708 هـ

رقم الترجمة/ 9 «أحمد بن إبراهيم» (¬1) ت 708 هـ هو: أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن عاصم بن مسلم بن كعب، أبو جعفر، الأندلسي، النحوي، القارئ، المحدث، الفقيه. وهو من خيرة العلماء الثقات المشهود لهم بالأمانة والثقة. ولد سنة سبع وعشرين وستمائة. أخذ «أحمد بن إبراهيم» علومه عن خيرة العلماء: فقد قرأ بالقراءات السبع، على «أبي الحسن الساوي». وأخذ الكثير من العلوم عن «إسحاق بن إبراهيم الطوسي» بفتح الطاء، وإبراهيم بن محمد بن الكمال» وغيرهما. وبعد أن كملت مواهبه جلس للتعليم، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه «العلامة أبو حيان الأندلسي» وعليه تخرج وصار علّامة عصره في القراءة، والحديث. صنف «أحمد بن إبراهيم» للمكتبة الإسلامية الكتب النافعة المفيدة، ومن مصنفاته: كتاب في التفسير سمّاه: «ملاك التأويل» وكتاب «تاريخ علماء الأندلس» وغيرهما. احتلّ «أحمد بن إبراهيم» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول تلميذه العلّامة «أبو حيان الأندلسي»: كان «أحمد بن إبراهيم» يحرّر اللغة، وكان أفصح عالم رأيته، وتفقه عليه خلق (¬2). وقال غيره: «إنه انفرد بالإفادة، ونشر العلم، وحفظ الحديث وتمييز ¬

_ (¬1) انظر: ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 33، ورقم الترجمة/ 20. (¬2) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 34.

صحيحه من سقيمه». وقال بعض من ترجم له: «كان ثقة قائما بالمعروف، والنهي عن المفكر، دافعا لأهل البدع، وكان معظّما عند الخاصة، والعامة» (¬1). وبعد حياة حافلة بطلب العلم وتعليمه، وتصنيف الكتب، توفي «أحمد بن إبراهيم» سنة ثمان وسبعمائة، من ثاني عشر شهر ربيع الأول. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه إليه أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 34.

رقم الترجمة/ 10"أحمد بن إسماعيل" ت 783 هـ

رقم الترجمة/ 10 «أحمد بن إسماعيل» (¬1) ت 783 هـ وأحمد بن إسماعيل بن أبي بكر بن عمر بن بريدة، بالتصغير، الشهاب الإبشيطي، القاهري الأزهري الشافعي. كان رحمه الله تعالى من خيرة القراء، والفقهاء، والمحدثين، والمؤلفين. ولد سنة اثنتين وثمان مائة بإبشيط: بكسر الهمزة ثم موحدة ساكنة بعدها شين معجمة، ثم ياء تحتية، وطاء مهملة: قرية من قرى المحلة الكبرى من الغربية إحدى مدن مصر، ونشأ ببلدته، وحفظ القرآن، وكذا العمدة، والتبريزي، وأخذ الفقه عن «ابن الصواف، وابن حميد» وتلا القرآن على الشيخ «الرمسيسي». ثم انتقل إلى القاهرة في سنة عشرين وثمان مائة، وقطن بالجامع الأزهر مدّة من الزمن لتلقي العلم عن العلماء، فأخذ الفقه عن «البرهان البيجوري» والشمس البرماوي» وغيرهما. وأخذ المنطق عن «العز بن عبد السلام» والنحو عن «الشهاب أحمد الصنهاجي» وغيره، وسمع الحديث عن جماعة منهم: الحافظ ابن حجر». وبرع في كثير من العلوم منها: الفقه، وأصوله، وعلوم العربية، والفرائض والحساب، والعروض، والمنطق، وغير ذلك. تصدّر «أحمد بن إسماعيل» للإقراء، واشتهر بين الناس بالثقة وكثرة العلم، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. وممن أخذ عنه «البكري، والجوهري» وغيرهما. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 37. ورقم الترجمة 23.

عرف «أحمد بن إسماعيل» بقول النظم، ومن نظمه في السبع المنجيات: المنجيات السبع منها الواقعة ... وقبلها ياسين تلك الجامعة والخمس الانشراح والدخان ... والملك والبروج والإنسان احتلّ «أحمد بن إسماعيل» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين الخاص والعام مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام الشوكاني»: عرف «أحمد ابن اسماعيل» بالزهد، والعبادة، ومزيد التقشف، والإيثار، والانعزال، والإقبال على الخير مع قلة ذات يده، بحيث لم يكن في بيته شيء يفرشه، لا حصير ولا غيره، بل كان ينام على «باب». ثم حج في سنة سبع وخمسين وسبعمائة، وزار المسجد النبوي الشريف، وسلم على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وانقطع بالمدينة المنورة، وعظم انتفاع أهلها به، وكان ذلك كلمة إجماع، وصار في غالب السنين يحج من المدينة المنورة، ثم جاور بمكة، في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة (¬1). ترك «أحمد بن إسماعيل» للمكتبة الإسلامية بعض التصانيف منها: «ناسخ القرآن ومنسوخه» ونظم «أبي شجاع» في الفقه الشافعي، ونظم «الناسخ والمنسوخ» للبارزي، وشرح «الرحبية» و «المنهج»، و «مختصر ابن الحاجب» و «تصريف ابن مالك» وإيساغوجي، والخزرجية، وغير ذلك. وبعد هذه الحياة المزهرة بالعلم، والتصنيف، والتعليم، توفي «أحمد بن إسماعيل» بالمدينة المنورة بعد عصر يوم الجمعة تاسع رمضان سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة. ودفن بالبقيع بالقرب من قبر الإمام مالك رحمهما الله تعالى. ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 38.

رقم الترجمة/ 11"أحمد بن إسماعيل" ت 793 هـ

رقم الترجمة/ 11 «أحمد بن إسماعيل» (¬1) ت 793 هـ هو: أحمد بن إسماعيل بن عثمان التبريزي القاهري، ثم الرومي الشافعي عالم بلاد الروم. وهو من خيرة العلماء في القراءات، والفقه، والحديث، والنحو. ولد سنة ثلاث عشرة وثمان مائة بقرية من «كوران» ثم حفظ «القرآن الكريم» وقرأ بالسبعة على «القزويني البغدادي» وقرأ عليه «الكشاف» وحاشيته «للتفتازاني». كما أخذ عن «القزويني البغدادي» الكثير من العلوم مثل: النحو، والبيان، والمعاني، والعروض، والفقه، وغير ذلك. كما أخذ عن «الجلال الحلواني» علوم العربية، وهكذا اشتغل بتحصيل العلوم حتى برع في علوم العربية، والبلاغة وغير ذلك من العلوم العقلية. ثم جال في «بغداد، وديار بكر» وبعد ذلك رحل إلى «دمشق» في حدود الثلاثين وثمان مائة فلازم «العلاء البخاري» وانتفع به. ثم قدم مع شيخه «الجلال الحلواني» بيت المقدس، وقرأ عليه في كتاب «الكشاف» للتفتازاني. ثم قدم «القاهرة» في حدود سنة خمس وثلاثين وثمان مائة، وهو فقير جدّا، فأخذ عن «ابن حجر» «البخاري» وشرح الألفية للعراقي، ولازمه. وسمع صحيح مسلم عن «ابن الزركشي» ولازم الشيخ «الشرواني» كثيرا وقرأ عليه «صحيح مسلم والشاطبية». ولازم حضور مجالس العلماء كمجلس قراءة البخاري بحضرة «السلطان» وغيره. واتصل بالكمال البازري فنوّه به ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 39. ورقم الترجمة 24.

حتى اشتهر، وناظر الأماثل. واشتهر بالطلاقة، والبراعة حتى ذاع صيته فانثالت عليه الدنيا وأتته طائعة. جلس «أحمد بن إسماعيل» للتعليم واشتهر بين الناس بالثقة وكثرة العلم وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وانتفع به الكثيرون. ثم خرج من «القاهرة» وعاد إلى «الروم» وعظم أمره عند ملك «الروم» وحسنت حاله بحيث لم يكن عند السلطان «محمد مراد» أحظى منه، وما زال يترقى في المناصب حتى استقر في قضاء العسكر، ثم انتقل من قضاء العسكر إلى منصب الفتوى، وتردد إليه الأكابر. وقد مدح «السلطان محمد مراد» بعدة قصائد، ومما جاء فيها: هو الشمس إلا أنه الليث باسلا ... هو البحر إلا أنه مالك البرّ صنّف «أحمد بن إسماعيل» بعض الكتب النافعة المفيدة منها: شرح على البخاري، وعمل تفسيرا للقرآن الكريم. ثم أنشأ «باسطنبول» جامعا ومدرسة سمّاها «دار الحديث» وانثالت عليه الدنيا، وعمّر الدور، وانتشر علمه. ولم يزل على جلالته حتى مات في أواخر سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة وصلى عليه السلطان. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 12"أحمد التستري"

رقم الترجمة/ 12 «أحمد التّستري» (¬1) هو: أحمد بن محمد بن عبيد الله بن إسماعيل أبو العباس العجلي التستري نزيل الأهواز. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ. ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «التستري» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن محمد ابن عبد الصمد الرازي، والخضر بن الهيثم الطوسي، ومحمد بن موسى الزينبي، وأحمد بن شبيب» (¬2). تصدر «التستري» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أبو علي الأهوازي» (¬3). لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «التستري» إلا أن «الحافظ الذهبي» قال: بقي إلى قريب الثمانين وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله «التستري» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: معرفة القراء ج 1 ص 338 وطبقات القراء ج 1، ص 123. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 123. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1، ص 338.

رقم الترجمة/ 13"أحمد بن حجر العسقلاني" ت 852 هـ

رقم الترجمة/ 13 «أحمد بن حجر العسقلانيّ» (¬1) ت 852 هـ هو: أحمد بن علي بن محمد بن أحمد أبو الفضل العسقلاني القاهري الشافعي، المعروف بابن حجر، وهو لقب لبعض آبائه، الحافظ الكبير الإمام الشهير المنفرد بمعرفة الحديث وعلله في الأزمنة المتأخّرة. ولد بمصر على ضفاف النيل في ثاني عشر شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، وماتت أمه قبل ذلك، فنشأ يتيما محروما من حنان الأب، وعطف الأم، فربّي في كنف أحد أوصيائه «الزكيّ الخروبيّ» ودخل الكتّاب وله خمس سنين، وحفظ القرآن وله تسع سنين، وحباه الله بفضله، فكان له ذكاء نادر، وسرعة بديهة، فيحكى أنه حفظ «سورة مريم» في يوم واحد، وكان يحفظ الصحيفة من «كتاب الحاوي» من مرتين: الأولى تصحيحا، والثانية قراءة في نفسه، ثم يعرضها حفظا في المرّة الثالثة، كما حفظ ألفية الحديث للعراقي، ومختصر ابن الحاجب في أصول الفقه. أخذ «أحمد بن حجر العسقلاني» سائر علومه عن مشاهير علماء عصره، إذ أدرك من الشيوخ جماعة كل واحد رأس في فنّه الذي اشتهر به. فالشيخ «التنوخي» في علم القراءات، و «العراقي» في الحديث، و «البلقيني» في سعة الحفظ وكثرة الاطلاع، و «ابن الملقّن» في كثرة التصانيف و «المجد» صاحب القاموس في حفظ اللغة، و «العزّ بن جماعة» في تفننه في علوم كثيرة، بحيث كان يقول: أنا أقرأ في خمسة عشر علما لا يعرف علماء عصري أسماءها. وقد منّ الله تعالى على «ابن حجر» فحجّ في أواخر سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وجاور بمكة المكرمة في السنة التي بعدها، وكان وصيّه «الزكيّ ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 87، ورقم الترجمة 51.

الخروبي» كبير تجار مصر قد جاور في تلك السنة، استصحبه معه، وسمع في تلك السنة «صحيح البخاري» على «مسند الحجار: الشيخ عفيف الدين عبد الله النشاوري» خاتمة أصحاب الإمام رضي الدين الطبري. ثم حبّب الله «لابن حجر» فن الحديث فأقبل عليه بكليته، من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة، فما بعدها، فعكف على الشيخ «الزين العراقي» وحمل عنه جملة نافعة من علم الحديث سندا، ومتنا، وعللا، واصطلاحا، وارتحل إلى بلاد الشام، والحجاز، واليمن، ومكة المكرمة، وما بين هذه النواحي، وأكثر جدّا من المسموع، فسمع العالي والنازل، واجتمع له من ذلك ما لم يجتمع لغيره. وكان «ابن حجر» رحمه الله تعالى تفقه على الشيخ «البلقيني، والبرماوي، وابن الملقّن، والعزّ بن جماعة» وعليه أخذ غالب العلوم الآلية، والأصولية مثل: «المنهاج، وجمع الجوامع، وشرح المختصر، والمطوّل». احتل «ابن حجر» مكانة سامية بين الجميع، وقد أثنى عليه الكثيرون. وفي هذا يقول «الإمام الشوكاني»: درّس «ابن حجر» بمواطن متعددة، واشتهر ذكره، وبعد صيته، وارتحل إليه العلماء، وأخذ عنه الناس طبقة بعد طبقة، وألحق الأصاغر بالأكابر، وامتدحه الكبار، وتسابق فحول الشعراء بمطارحته، إذ كان له يد طولى في الشعر. وقد أورد منه جماعة من الأدباء المصنفين أشياء حسنة جدّا، وكلهم بعلوّ درجته في ذلك، ومن شعره قوله: خليليّ ولّى العمر منا ولم نتب ... وننوي فعال الصالحات ولكنّا فحتى متى نبني البيوت مشيّدة ... وأعمارنا منا تهدّ وما تبنى

ومن شعره أيضا: ثلاث من الدنيا إذا هي أقبلت ... لشخص فلا يخشى من الضرّ والضير غنى عن بنيها والسلامة منهم ... وصحّة جسم ثم خاتمة الخير وكان رحمه الله تعالى مصمما على عدم الدخول في القضاء، ثم شاء الله تعالى أن ولاه «المؤيّد بالله» الحكم في بعض القضايا، ثم عرض عليه الاستقلال به، وألزم من أحبائه بقبوله فقبل، واستقرّ في القضاء من شهر المحرّم سنة سبع وعشرين وثمان مائة، بعد أن كان يعرض عليه قبل ذلك وهو يأبى، ثم ندم على ذلك، وتزايد ندمه على القبول، وصرّح بأنه جنى على نفسه بذلك، ولم يلبث أن صرف عنه، ثم اعيد إليه، ولا يزال كذلك إلى أن أقلع عنه في جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، ثم زهد في القضاء زهدا كبيرا من كثرة ما توالى عليه من المحن والإنكار بسببه، وصرح بأنه لم يبق في بدنه شعرة تقبل اسم القضاء. قال تلميذه «الإمام السخاوي»: «وجميع مدد قضائه إحدى وعشرون سنة، ثم انقطع للعلم فبرز فيه، وبعد صيته، ورحل الأئمة إليه، ونزح إليه التلامذة من كل قطر للتزوّد منه. فكان رئيس العلماء من كل مذهب، وبكل قطر، وانتشرت جملة من تصانيفه في حياته، وأقرأ الكثير منها، وتهادتها الملوك، وكتبها الأكابر، وسارت في كل قطر مسير الشمس، ولو لم يكن له إلا شرح البخاري لكان كافيا في علوّ قدره» اه (¬1). ولما كمّل شرح البخاري تصنيفا، وقراءة، عمل رحمه الله تعالى وليمة عظيمة بالمكان الذي بناه «المؤيد بالله» خارج القاهرة في يوم السبت ثامن شعبان سنة اثنتين وأربعين وثمان مائة. ¬

_ (¬1) انظر مقدمة الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ج 1، ص 12.

وقرأ رحمه الله تعالى المجلس الأخير هنالك، وجلس «ابن حجر» على الكرسي. قال تلميذه «السخاوي»: «وكان يوما مشهودا لم يعهد أهل العصر مثله بمحضر من العلماء، والقضاة، والرؤساء، والفضلاء، وقال الشعراء في ذلك فأكثروا، وفرّق عليهم الذهب» (¬1). وقد شهد له شيخه «العراقي» بأنه أعلم أصحابه بالحديث. وقال كلّ من «التقيّ الفاسي والبرهان الحلبي»: ما رأينا مثله وفيه يقول «التقيّ بن فهد»: هو علامة حافظ محقق، متين الديانة، حسن الأخلاق، لطيف المحاضرة، جيّد التعبير، عديم النظير، لم تر العيون مثله (¬2). وتجمع كتب التراجم على أن «ابن حجر» تصدى لنشر الحديث وقصر نفسه عليه مطالعة، وإقراء، وتصنيفا، وتفرد بذلك، وشهد له بالحفظ والاتقان القريب والبعيد، والعدوّ والصديق، حتى صار إطلاق لفظ الحافظ عليه كلمة إجماع. وزادت تصانيف «ابن حجر» على مائة وخمسين مصنفا، وفيها يقول «التقيّ بن فهد» إن أولاها في التقديم «فتح الباري شرح البخاري» في بضعة عشر مجلدا، ومقدمة في مجلّد ضخم يشتمل على جميع مقاصد الشرح سوى الأسئلة فإنها حذفت منها. و «فتح الساري لمقدمة فتح الباري» و «تهذيب التهذيب» وهو اختصار «لتهذيب الكمال» للمزّي، مع زيادات كثيرة عليه تقرب من ثلث المختصر، ثم لخصه في مجلد سمّاه: «تقريب التهذيب» وكتاب «الإصابة في تمييز ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 90. (¬2) انظر مقدمة الدرر الكامنة ج 1، ص 12.

الصحابة» و «مسند الشافعي» وأحمد والدارمي، وابن خزيمة» و «منتقى» ابن الجارود، وابن حبّان، و «المستخرج» لأبي عوانة، و «المستدرك» للحاكم، و «شرح معاني الآثار» للطحاوي، و «السنن» للدارقطني و «لسان الميزان»، و «الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة» و «الأحكام لبيان ما في القرآن» و «الاستدراك على تخريج أحاديث الإحياء»، و «تحفة أهل الحديث عن شيوخ الحديث»، و «رفع الإصر عن قضاة مصر» وغير ذلك من الكتب النافعة، والرسائل المفيدة. ولم يزل «ابن حجر» على جلالة قدره في العلم، ومداومته على أنواع الخيرات، حتى لفظ آخر أنفاسه بمنزله بعد العشاء من ليلة السبت ثامن عشر ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمان مائة. وكان من بين من حضر الصلاة عليه السلطان «الملك الظاهر جقمق» وأتباعه. رحم الله «ابن حجر» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 14"أحمد بن حسين" ت 844 هـ

رقم الترجمة/ 14 «أحمد بن حسين» (¬1) ت 844 هـ هو: أحمد بن حسين بن حسن بن علي بن أرسلان أبو العباس الرملي الشافعي، نزيل بيت المقدس. القارئ، المحدث، المفسّر، النحوي، اللغوي، الثقة، المؤلف. ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، وقيل سنة خمس وسبعين وسبعمائة، بالرملة، ونشأ بها. وحفظ القرآن وهو ابن عشر سنين، ثم اشتغل بتحصيل النحو، واللغة، والشواهد. فقرأ كتاب «الحاوي» على «القلقشندي، وابن الهائم» كما أخذ عن «القلقشندي» علم الفرائض. وبعد أن كملت مواهبه تولى التدريس بالخاصية، ودرّس بها مدّة ثم تركها، وأقبل على الله تعالى، وعلى العمل تبرعا لله تعالى. كما أخذ «أحمد بن حسين» الحديث، والفقه، والتفسير، وأصول الفقه عن عدد من العلماء، وهكذا كان كل همّه تحصيل العلم حتى صار إماما في كثير من العلوم، مع شدة حرصه على سائر أنواع الطاعات لله تعالى آخذا على أيدي الظلمة، لا يهمّه في الله لومة لائم، تاركا لقبول ما يعرض عليه من حطام الدنيا ووظائفها. ومما يدلّ على شدّة عزوفه عن الدنيا أن «الأمير حسام الدين» جدّد بالقدس مدرسة، وعرض عليه مشيختها فأبى، بل كان يمتنع من أخذ ما ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 49. ورقم الترجمة 30. وانظر الضوء اللامع ج 1، ص 282.

يرسل به «الأمير حسام الدين» وغيره إليه من المال ليفرقه على الفقراء. لقد كان كل اتجاهه إلى المحافظة على الأمر بالمعروف، والنهي عند المنكر، والإعراض عن الدنيا، وما زال في ازدياد من الخير والعلم حتى صار المشار إليه بالزهد والتقوى. احتلّ «أحمد بن حسين» مكانة مرموقة بين الناس مما جعلهم يثنون عليه، ومن هذا يقول «الإمام السخاوي»: هو في الزهد، والورع، والتقشف، وإتباع السنة، وصحة العقيدة كلمة إجماع، بحيث لا أعلم في وقته من يدانيه في ذلك، وانتشر ذكره، وبعد صيته، وشهد بخيره كل من رآه. اه (¬1). وقال عنه «ابن أبي عذيبة»: كان «أحمد بن حسين» شيخا طويلا، تعلوه صفرة، حسن المأكل والملبس، والملتقى، له دعوات مستجابات. اه (¬2). اشتغل «أحمد بن حسين» بالتصنيف، وترك للمكتبة الإسلامية، بعض المصنفات منها: كتاب في التفسير، وشرح لسنن «أبي داود» في أحد عشر مجلدا، ومختصر «ابن الحاجب» في أصول الفقه. وله منظومة في القراءات الثلاث الزائدة على القراءات السبع. وما زال على وصفه الجميل حتى توفاه الله تعالى يوم الأربعاء، رابع عشر شعبان سنة أربع وأربعين وثمان مائة. حكى «الإمام السخاوي»: أنه لما ألحد في القبر، سمعه الحفّار يقول: «رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين». رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 50. (¬2) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 50.

رقم الترجمة/ 15"أحمد بن الحسين"

رقم الترجمة/ 15 «أحمد بن الحسين» (¬1) هو: أحمد بن الحسين بن علي زبارة؛ بفتح الزاي بعدها باء موحدة وبعد الألف راء مهملة. نسبة إلى محل يقال له: زبار في بلاد حولان. وهو من علماء القراءات المشهود لهم بالثقة، ومن الفقهاء وعلماء الأصول. ولد سنة ست وستين ومائة وألف، وقرأ على مشايخ صنعاء، ومن جملة مقروءاته «القراءات السبع» تلاها على الشيخ العلّامة «هادي بن حسين» وقرأ النحو، والصرف، والمعاني، والبيان، والأصول على عدد من مشايخ صنعاء وفي مقدمتهم: العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي، وقرأ الفقه على الفقيه الشيخ أحمد بن عامر، والشيخ سعيد بن إسماعيل الرشيدي. وقرأ في الحديث على الشيخ الحسين بن يحيى الديلمي، وفي التفسير على الشيخ المغربي. وبرع في أكثر هذه المعارف، وأفتى، ودرّس، وصار من شيوخ العصر يقول «الإمام الشوكاني» عنه: ورافقني في قراءة التفسير على شيخنا المغربي، وحضر في قراءة الطلبة عليّ في شرحي للمنتقى، وطلب مني إجازته له، وقد جاء في طلبه الإجازة النظم الآتي: قاضي المسلمين جد بالإجازة ... في علوم مسموعة مجازه من كتاب وسنة وأصول ... شاملات حقيقة مجازه عن رءوس في العلم كانوا رواسي ... يعجز الطير في التعالي مجازه ثم يقول «الشيخ الشوكاني»: «وقد كنت في أيام الصغر حضرت عنده وهو يقرأ في شرح «الفاكهي» للملحة، وهو أكبر مني، فإنه كان إذ ذاك في ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 130 ورقم الترجمة 81.

نحو ثلاثين سنة، وهو حسن المحاضرة، جميل المروءة، كثير التواضع، لا يعدّ نفسه شيئا، يعتريه في بعض الحالات حدّة ثم يرجع سريعا وقد يقهرها بالحلم، وليس بمتصنع في ملبسه وجميع شئونه، وبيني وبينه مجالسة ومؤانسة، ومحبّة أكيدة من قديم الأيام، ولما كان شهر رجب سنة 1213 هـ صار قاضيا من جملة قضاة الحضرة المنصورية، وعظمه الإمام تعظيما كبيرا بعد أن أشرت عليه وعرفته بجليل مقداره» (¬1). وقد ترجم له «السيد الحافظ عبد الكريم»، فقال: هو السيد المحقق المدقق المجتهد، إمام الفروع والأصول، والحديث، والتفسير، والنحو، والصرف، واللغة، بلا منازع ولا مدافع. أخذ العلم عن أبيه العلامة «يوسف بن الحسين زبارة» وغيره، وعليه مدار أسانيد كتب أصحابنا، والبخاري، ومسلم، وسائر الأمهات، والمسانيد، وكان مواظبا على الدرس والتدريس، وتعلق بالقضاء، فلم يمنعه ذلك من نشاطه وعلوّ همّته. وقد أخذ عنه جماعة من علماء «صنعاء» كالإمام الناصر عبد الله ابن الحسن بن أحمد بن المهدي، وغيره. وجلّ علماء صنعاء عالة عليه، وله رسائل، ومسائل، وأجوبة مفيدة نافعة، وأجلّها مؤلفه الذي كمّل به «كتاب الاعتصام» للإمام المنصور بالله القاسم ابن محمد، لأن الإمام القاسم رحمه الله إنما بلغ فيه إلى آخر كتاب الصيام فأكمله من كتاب الحج، إلى كتاب السّير فجاء كتابا نفيسا، سلك فيه مسلك الإمام القاسم في نقل الحديث أولا من كتب الأئمة من أهل البيت وشيعتهم، ثم من كتب المحدثين مع بيان ما يحتاج إلى البيان، وهو أكبر دليل على شدة اطّلاعه، وقوة ساعده، وباعه، وسمّى هذه التتمة «أنوار التمام المشرقة بضوء الاعتصام». ولم يزل ملازما للتدريس بجامع «صنعاء» حتى توفاه الله تعالى ¬

_ (¬1) انظر هامش الضوء اللامع ج 1، ص 130.

سعيدا حميدا. اه (¬1). وقد أثنى عليه بعض العلماء بقوله: «السيد أحمد بن يوسف، اشتغل بعلم القراءات السبع، ومهر في الفروع، وحقق فيها تحقيقا شافيا واشتغل بالآلات، وأصول الديانات، وحقق في النحو تحقيقا بديعا وشارف على المنطق وأصول الفقه، ثم مال إلى كتب السنة فراجعها، وأخذ عن أكبر الشيوخ، ولزم حضرة الحافظ عبد الله بن محمد الأمير، رحمه الله» (¬2). ¬

_ (¬1) انظر هامش الضوء اللامع ج 1، ص 130. (¬2) انظر هامش الضوء اللامع ج 1، ص 130.

رقم الترجمة/ 16"أحمد بن رجب" ت 850 هـ

رقم الترجمة/ 16 «أحمد بن رجب» (¬1) ت 850 هـ هو: أحمد بن رجب بن طيبغا المجدي بن الشهاب القاهري، الشافعي، وهو من القراء، والفقهاء، واللغويين. ولد سنة سبع وستين وسبعمائة بالقاهرة، ونشأ بها، وحفظ القرآن على خيرة العلماء. ثم اتجه لتحصيل العلم، فأخذ عن خيرة العلماء الكثير من العلوم. فأخذ عن «التّقي بن عز الدين الحنبلي» الفرائض، والحساب، وأخذ علوم العربية عن «الشمس العجيمي». ثم جدّ في طلب العلم واجتهد، وتقدم في الفنون مع ذكاء مفرط، وصار رأسا في أنواع الحساب، والهندسة، والهيئة، والفرائض وأشير إليه بالتقدم في كثير من العلوم، وانتفع به الكثيرون، ولازموه وأخذوا عنه. ثم عيّن مدرسا بالمدرسة الجانبكية، واشتهر عنه أنه كان يقدّم الكثير من المساعدات إلى الطلبة الفقراء. واشتهر عنه أيضا التواضع، والأمانة، والسمت الحسن، مع إيراد النكتة النادرة اللطيفة. وكان رحمه الله تعالى يفضل البعد عن الناس، ويفضل المكث في بيته الذي كان بجوار الأزهر. وله شعر جيّد، ومما أثر عنه قوله: ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 56؛ ورقم الترجمة 34. والضوء اللامع ج 1، ص 300.

فقلت للقلب لما ضاق مضطربا ... وخانني الصبر والتفريط والجلد دعها سماوية تجري على قدر ... لا تعترضها بأمر منك تنفسد فخصّني بخفيّ اللطف خالقنا ... نعم الوكيل ونعم العون والمدد اشتغل «أحمد بن رجب» بالتصنيف، ومن مصنفاته: «إبراز لطائف الغوامض في إحراز صناعة الفرائض»، «إرشاد الحائر في العمل بربع الدوائر»، «المنهل العذب الزلال في معرفة حساب الهلال»، «استخراج التواريخ بعضها من بعض». إلى غير ذلك من التصانيف المفيدة. وما زال مستمرا على حاله الحسن الجميل حتى توفاه الله تعالى ليلة السبت حادي عشر ذي القعدة سنة خمسين وثمانمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 17"أحمد بن رضوان" ت 423 هـ

رقم الترجمة/ 17 «أحمد بن رضوان» (¬1) ت 423 هـ هو: أحمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس بن إسحاق بن عطية بن عبد الله بن سعد التميمي أبو الحسن الصيدلاني البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «أحمد بن رضوان» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو الحسن بن العلاف، وأبو الفرج النهرواني، وبكر بن شاذان، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الحسن الحمامي». كما أخذ «أحمد بن رضوان» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء. وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «سمع أبا طاهر المخلص، وأبا القاسم الصيدلاني، ومن بعدهما، وكان آخر القراء المذكورين بحسن الحفظ، وإتقان الروايات، وضبط الحروف، وله في ذلك تصانيف». اه. تصدّر «أحمد بن رضوان» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه وفي مقدمة هؤلاء: «عبد السيّد بن عتاب» فقد قرأ عليه القراءات بمضمن كتاب الواضح في القراءات العشر، كما حدث عنه ولده «أبو طاهر ابن أحمد بن رضوان». وكان «ابن رضوان» من خيرة علماء القراءات ضبطا وإتقانا. وقد صنف ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 4، ص 161. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 54. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 387.

من ذاك كتاب «الواضح في القراءات العشر». احتل «ابن رضوان» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «أنبأنا المسلّم بن محمد، أخبرنا الكندي، أخبرنا القزّاز، حدثنا «أبو بكر الخطيب» في تاريخه قال: كان أحمد بن رضوان، أحد القراء المذكورين بإتقان الروايات، له في ذلك تصانيف، توفي وهو شاب، وقد كان الناس يقرءون عليه حياة «الحمامي» لعلمه، حضرته ليلة في الجامع فقرأ فيها ختمتين قبل أن يطلع الفجر» اه (¬1). إنه لعمل جليل يغبط عليه، إذ كان يقرأ ختمتين كاملتين في ليلة واحدة، وقد أخبر الصادق الأمين عليه الصلاة والسلام بأن من قرأ شيئا من القرآن كان له بكل حرف عشر حسنات، من هذا يتبين مدى الأجر العظيم الذي فاز به «ابن رضوان» فهنيئا له بهذا الثواب الجزيل. كما أثنى عليه «ابن الجزري» حيث قال: «أحمد بن رضوان الأستاذ أبو الحسن الصيدلاني البغدادي حاذق متقن» اه (¬2). توفي «ابن رضوان» سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 387. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 54.

رقم الترجمة/ 18"أحمد بن سليمان الطنجي" ت 446 هـ

رقم الترجمة/ 18 «أحمد بن سليمان الطّنجي» (¬1) ت 446 هـ هو: أحمد بن سليمان بن أحمد أبو جعفر الكتّاني: بفتح الكاف، وتشديد التاء المفتوحة، وهذه النسبة إلى «الكتان» المشهور. الأندلسي الطنجي: بفتح الطاء المهملة، وسكون النون، نسبة الى «طنجة» من بلاد المغرب. رحل إلى كثير من المدن والبلاد. يعرف بابن أبي الربيع، أحد القراء بالأندلس، وحجة القراءات بها. أخذ «أحمد الطنجي» القراءة على خيرة العلماء. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. وفي مقدمة شيوخ «أحمد الطنجي» الذين أخذ عنهم القراءات: محمد بن علي بن أحمد بن محمد أبو بكر الأذفوي المصري، وأذفو: بضم الهمزة، وسكون الذال المعجمة، وفاء، مدينة حسنة بالقرب من «أسوان» من مدن «مصر». ولد «الأذفوي» سنة أربع وثلاثمائة، وتوفي سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. أخذ «أبو بكر الأذفوي» القراءة عرضا عن «المظفر بن أحمد بن حمدان» وسمع الحروف من «أحمد بن إبراهيم بن جامع، وسعيد بن السكن، والعباس ابن أحمد، ولزم «أبا جعفر النحاس» وروى عنه كتبه. وروى عنه القراءة «محمد بن الحسين بن النعمان، والحسن بن سليمان، وعبد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 397. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 58.

الجبّار بن أحمد الطرسوسي، وابنه أبو القاسم، وعتبة بن عبد الملك، وأبو الفضل الخزاعي». بلغ «أبو بكر الأذفوي» مكانة مرموقة مما استوجب ثناء العلماء عليه، يقول «الإمام الداني» ت 444 هـ: «انفرد «الأذفوي» بالإمامة في دهره في قراءة «نافع» رواية «ورش» مع سعة علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وحسن اطلاعه، وتمكنه من علم العربية، وبصره بالمعاني» (¬1). وقال «الحافظ الذهبي» ت 748 هـ: «برع أبو بكر الأذفوي في علوم القرآن، وكان سيّد أهل عصره بمصر، له كتاب التفسير في مائة وعشرين مجلدا» (¬2) سمّاه «الاستغناء في علوم القرآن» ألفه في اثنتي عشرة سنة، توفي «الأذفوي» بمصر يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة. ومن شيوخ «أحمد الطنجي»: عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر، وهو أستاذ ماهر، كبير، محرر ضابط، ثقة صالح، ديّن. ولد «عبد المنعم بن غلبون» ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب، وانتقل إلى «مصر» فسكنها. روى القراءة عرضا وسماعا عن «إبراهيم بن عبد الرزاق، وإبراهيم بن محمد ابن مروان، وأحمد بن محمد بن بلال، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وأحمد بن الحسين النحوي، وأحمد بن موسى، وجعفر بن سليمان، والحسين بن ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 198. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 199.

خالويه، والحسن بن حبيب الحصائري، وصالح بن إدريس، وعبد الله بن أحمد ابن الصقر، وعلي بن محمد المكي، وعمر بن بشران، ومحمد بن جعفر الفريابي، ومحمد بن علي العطوفي، ويحيى بن بذي، ونجم بن بدر، وصالح بن إدريس، ونصر بن يوسف، ونظيف بن عبد الله، ومحمد بن سنان، بواسطة إبراهيم بن عبد الرزاق. وأخذ القراءات عن «عبد المنعم بن غلبون» عدد كبير، وفي مقدمتهم: ولده أبو الحسن طاهر، وأحمد بن علي الرّبعي، بفتح الباء، نسبة إلى «ربيعة ابن نزار» وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي، وأحمد بن عليّ تاج الأئمة، وأحمد بن نفيس، والحسن بن عبد الله الصقلي، وخلف بن غصن، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ، وأبو عبد الله محمد بن سفيان، وأبو الحسين محمد بن قتيبة الصقلي، وأبو عبد الله مسلم شيخ غالب بن عبد الله، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأحمد بن الربيع الطنجي. صنف «طاهر بن غلبون» كتاب «الإرشاد» في القراءات السبع، وهو الآن تحت التحقيق والإخراج. احتلّ «طاهر بن غلبون» مكانة سامية مما استوجب ثناء العلماء عليه، يقول «الحافظ أبو عمرو الداني» ت 444 هـ: كان «طاهر بن غلبون» حافظا للقراءة، ذا عفاف ونسك، وفضل، وحسن تصنيف (¬1). تصدر «أحمد الطنجي» لتعليم القرآن، وأقرأ الناس «ببجانة» وهي مدينة بالأندلس من أعمال «كورة البيرة» بينها وبين «المرية» فرسخان، والمريّة بفتح الميم وكسر الراء، وتشديد الياء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 471.

وعمّر دهرا طويلا، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: موسى بن سليمان أبو عمران اللخمي، المقرئ نزيل «المريّة» وهو مقرئ مشهور له أسانيد في قراءته، فقد قرأ ايضا على «مكي بن أبي طالب حموش، وأحمد بن الربيع صاحب السامري» وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن تلاميذه: «أحمد بن عبد الرحمن القصبي، وو عبد الرحيم بن الفرس الغرناطي، ومحمد بن الحسن بن غلام الفرس»، وكان عالي الإسناد. قال «ابن بشكوال»: توفي «أحمد بن الربيع الطنجي» سنة ستة وأربعين وأربعمائة من الهجرة بالمرية. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 19"أحمد بن عبد الله" ت 822 هـ

رقم الترجمة/ 19 «أحمد بن عبد الله» (¬1) ت 822 هـ هو: أحمد بن عبد الله بن بدر بن مفرح الغزّي ثم الدمشقي الشافعي، وهو من القراء والفقهاء، والمحدثين، والمؤلفين. ولد في ربيع الأول سنة سبعين وسبعمائة بغزّة، ونشأ بها، فحفظ القرآن، ثم أخذ عن قاضيها «العلاء علي بن خلف» وسمع عليه صحيح البخاري. ثم رحل إلى «دمشق» بعد الثمانين، فاستقر بها، وأخذ بها العلم عن جماعة من أهلها. ثم رحل إلى «القدس» فأخذ عن «التقيّ القلقشندي». وبرع في الفقه، وأصوله، وشارك في غيرهما من العلوم، مع مذاكرة حسنة في الحديث، ومتعلقاته. وناب في الحكم عن «الشمس الإخنائي» وولّي إفتاء دار العدل. كما اشتغل بالتدريس في عدة أماكن، واشتهر برئاسة الفتوى بدمشق. كما تصدر للإقراء وتعليم القرآن. احتل «أحمد بن عبد الله» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام الشوكاني»: لم يبق في أواخر عمره من يقاربه، وله تصانيف منها: «شرح الحاوي الصغير» في أربعة مجلدات، و «شرح جمع الجوامع» في أصول الفقه. وشرح مختصر المهمات للأسنوي في خمسة أسفار، وحج من دمشق غير مرّة وجاور بمكة ثلاث سنين متفرقة، وكانت وفاته بها مبطونا في ظهر يوم الخميس ¬

_ (¬1) انظر ترجمته بالبدر الطالع ج 1، ص 75 ورقم الترجمة 42.

سادس شوال سنة اثنين وعشرين وثمان مائة وصلّي عليه عند «باب الكعبة» ودفن في مقبرة «المعلى» (¬1). قال «ابن حجر» (¬2) في أنبائه: وبلغني أن صديقه «النجم المرجاني» رآه في النوم فقال له: ما فعل الله بك؟ فتلا عليه قول الله تعالى يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (¬3). رحم الله «أحمد بن عبد الله» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 75. (¬2) انظر البدر الطالع ج 1، ص 75. (¬3) سورة يس الآيتان 26 و 27.

رقم الترجمة/ 20"أحمد بن عرب شاه" ت 854 هـ

رقم الترجمة/ 20 «أحمد بن عرب شاه» (¬1) ت 854 هـ هو: أحمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن أبي نصر بن عرب شاه الدمشقي الأصل، الرومي الحنفي، ويعرف بالعجمي، وبابن عرب شاه، وهو الأكثر. وهو من القراء، والفقهاء، والأدباء، والمؤلفين. ولد ليلة الجمعة منتصف ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بدمشق، ونشأ بها، فقرأ «القرآن» على «الزين عمر بن اللبّان المقري». ثم تحوّل في سنة ثلاث وثمان مائة في زمن الفتنة مع أمه وإخوته إلى «سمرقند» ثم رحل بمفرده وأقام ببلاد ما وراء النهر، وأخذ عن الشيخين الجليلين: «السيد محمد الجرجاني، وابن الجزري» وهما نزيلا «سمرقند». واشتهر ذكره وبرع في الفنون. ثم توجّه إلى «خوارزم» فأخذ بعض العلوم عن «نور الله، وأحمد بن شمس الأئمة» ثم قطع بحر الروم إلى مملكة «ابن عثمان» فأقام بها نحو عشر سنين، وفي هذه البلاد لمع نجمه، وذاع صيته، فترجم للملك غياث الدين أبي الفتح محمد بن أبي يزيد كتاب «جامع الحكايات ولامع الروايات» من الفارسيّة إلى التركيّة في نحو ستة مجلدات، وتفسير «أبي الليث السمرقندي»، وباشر عند «الملك غياث الدين»، وكتب عنده إلى ملوك الأطراف عربيا، وشاميّا وتركيّا، ومغوليّا، وعجميّا، كل ذلك مع حرصه على الاستفادة من العلماء والاستزادة من الأخذ عنهم، فقرأ كتاب «المفتاح» على «البرهان الحوفي» وأخذ عنه أيضا العربية. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 109. ورقم الترجمة 68.

ولما مات «الملك غياث الدين» رجع إلى وطنه القديم، فدخل «حلب» فأقام بها نحو ثلاث سنين، وكان دخوله إليها في جمادى الآخرة، سنة خمس وعشرين وثمانمائة، وأقام في «حانوت مسجد القصب». وانتهز هذه الفرصة فقرأ على «القاضي شهاب الدين الحنبلي» صحيح مسلم في سنة ثلاثين وثمانمائة. ولما قدم «العلاء البخاري» سنة اثنتين وثلاثين وثمان مائة مع الركب الشامي من الحجاز انقطع إليه ولازمه في الفقه، وعلوم البلاغة المعاني والبيان وغير ذلك حتى مات. ومع أن «أحمد بن عرب شاه» برع في كثير من العلوم إلا أنه كان مع ذلك يقول الشعر، ومن نظمه: قميص من القطن من حلة ... وشربة ماء قراح وقوت ينال بها المرء ما يبتغي ... وهذا كثير على من يموت ومن نظمه أيضا: فعش ما شئت في الدنيا وأدرك ... بها ما شئت من صيت وصوت فحبل العيش موصول بقطع ... وخيط العمر مقصود بموت ومنه أيضا: وما الدهر إلا سلم فيقدّر ما ... يكون صعود المرء فيه هبوطه وهيهات ما فيه نزول وإنما ... شروط الذي يرقى إليه سقوطه فمن صار أعلى كان أوفى تهشّما ... وفاء بما قامت عليه شروطه احتل «أحمد بن عرب شاه» مكانة سامية بين الناس مما جعلهم يثنون عليه ويعترفون بفضله، وفي هذا يقول «الإمام الشوكاني»: «وأشير إليه بالفضيلة،

وأجلّه الأكابر، وكان أحد الأفراد في إجادة النظم، والنثر، ومعرفة اللغات، والمجيء بالمستظرفات، وإجادة الخط، وإتقان الضبط، وعذوبة الكلام، وملاحة المحاضرة، وكثرة التودد، ومزيد التواضع، وعفة النفس، ووفور العقل، واستمر على أوصافه حتى توفاه الله تعالى» (¬1). تقدم «أحمد بن عرب شاه» في كثير من العلوم، وأنشأ النظم الفائق والنثر الرائق، وصنف نظما ونثرا، ومن تصانيفه: «مرآة الأدب» في علم المعاني، والبيان، والبديع، سلك المؤلف فيه أسلوبا بديعا، وكتاب «العقد الفريد» في التوحيد، وكتاب «فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء» وكتاب «الترجمان المترجم بمنتهى الأدب في لغة الترك والعجم والعرب» وغير ذلك من المصنفات. وبعد هذه الحياة الحافلة بالرحلات، والعمل، والتأليف، توفي «أحمد بن عرب شاه» في يوم الاثنين منتصف شهر رجب سنة أربع وخمسين وثمان مائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 111.

رقم الترجمة/ 21"أحمد بن علي" ت 845 هـ

رقم الترجمة/ 21 «أحمد بن عليّ» (¬1) ت 845 هـ هو: أحمد بن علي بن عبد القادر بن محمد بن إبراهيم، أبو الحسن بن عبد الصمد بن تميم، القاهري، قال «ابن حجر» إنه رأى بخطه ما يدلّ على أن مولده كان في سنة ست وستين وسبعمائة بالقاهرة. ونشأ بها نشأة حسنة، وحفظ القرآن، وأخذ العلم عن جماعة من خيرة العلماء، أمثال «الآمدي والبلقيني والعراقي والهيثمي» وغير ذلك، فقد وجد بخطه أن كبار شيوخه بلغت ستمائة نفس. حبب إلى «أحمد بن عليّ» الرحلة إلى بعض العواصم العربية والإسلامية من أجل التزوّد من العلم كما هي عادة خيرة العلماء، فرحل إلى مكة، وحج واعتمر، وسمع من علمائها، ثم رحل إلى الشام وسمع الكثيرين من شيوخها، ولقي الكبار، وجالس الأئمة، وتفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة ثم بعد فترة من الزمن تحول شافعيا، ودرس فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه، ثم دخل دمشق مرارا، مع ولده «الناصر» وتولى بها التدريس، ثم أعرض عن جميع ذلك. وبعد هذه الجولة الواسعة التي طوّف فيها الكثير من المدن عاد إلى القاهرة، وأقام بها، وعكف على الاشتغال بالتاريخ حتى اشتهر به، وبعد فيه صيته، وصارت له فيه جملة تصانيف مثل: «الخطط والآثار للقاهرة» وهو من أحسن الكتب وأنفعها، وفيه الكثير من العجائب والمواعظ. ومن مؤلفاته: «درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة» ذكر فيه من عاصره، وكتاب «إمتاع الأسماع بما للرسول صلّى الله عليه وسلم من الأبناء والحفدة والمتاع»، و «عقد جواهر الأسفاط في ملوك مصر والفسطاط»، و «الإلمام فيما ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 79. ورقم الترجمة 46.

أرض الحبشة من ملوك الإسلام»، و «الطرفة الغريبة في أخبار وادي حضرموت العجيبة»، و «السلوك بمعرفة دول الملوك»، و «التاريخ الكبير» وهو في ستة عشر مجلدا. وله مؤلفات كثيرة غير هذه، فقد وجد بخطه أن تصانيفه زادت على مائتي مجلد. احتل «أحمد بن عليّ» مكانة سامية وشهرة كبيرة، وقد أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الإمام ابن حجر»: إنه أحب الحديث فواظب عليه حتى كان يتّهم بمذهب «ابن حزم» اه (¬1). وقال «الشوكاني»: نظر في عدة فنون، وشارك في الفضائل، وقال النظم والنثر، وناب في الحكم، وولّي الحسبة بالقاهرة غير مرّة، والخطابة بجامع «عمرو بن العاص» والإمامة بجامع «الحاكم» وقراءة الحديث بجامع «المؤيّد» وحمدت سيرته في مباشراته كلها، وكان قد اتصل بالظاهر برقوق. اه (¬2). توفي «أحمد بن علي» بالقاهرة سادس عشر رمضان سنة خمس وأربعين وثمان مائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 79. (¬2) انظر البدر الطالع ج 1، ص 79.

رقم الترجمة/ 22"أحمد بن عمار المهدوي" ت 440 هـ

رقم الترجمة/ 22 «أحمد بن عمّار المهدوي» (¬1) ت 440 هـ هو: أحمد بن عمّار بن أبي العباس الإمام أبو العباس المهدوي، نسبة إلى «المهدية» من بلاد «إفريقية» أستاذ مشهور. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. رحل «المهدوي» إلى البلاد في سبيل تحصيل العلم، ودخل الأندلس في حدود الثلاثين والأربعمائة. أخذ «أحمد المهدوي» القراءات عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «محمد بن سفيان» أبو عبد الله القيرواني، الفقيه المالكي، تفقه على «أبي الحسن علي بن محمد بن خلف القابسي» حتى برع في الفقه، وسمع منه. ورحل إلى «مصر» فقرأ على «إسماعيل بن محمد المهري لورش، وعرض الروايات على «أبي الطيب بن غلبون». رحل إليه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة، وعاد من «مصر». وقرأ أيضا على «يعقوب بن سعيد الهوّاري، وكردم بن عبد الله»، وبرع في القراءات، واشتهر صيته، وصنف كتاب «الهادي» في القراءات، وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو بكر القصري» والحسن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1 ص 399. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 92. إنباه الرواة للقفطي ج 1، ص 126. بغية الوعاة للسيوطي ج 1، ص 351. طبقات المفسرين للسيوطي ص 19. طبقات المفسرين للداودي ج 1، ص 56. طبقات النحاة لابن قاضي شهبة ج 1، ص 227.

ابن علي الجلولي، وعبد الملك بن داود القسطلاني، وعبد الحق الجلاد، وأحمد ابن عمّار المهدوي، وأبو العالية السندوني، وعثمان بن بلال العابد، وأحمد الحجري، وعبد الله بن سمران أو سموان القروي شيخ الهذلي، وأبو الحسن العجمي، وعبد الله بن سهل، وسمع منه «حاتم بن محمد». احتلّ «محمد بن سفيان» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه. يقول «الحافظ أبو عمرو الداني»: وسمع معنا على الشيخ أبي الحسن عليّ ابن محمد بن خلف الفقيه القابسي، وكان ذا فهم، وحفظ، وستر، وعفاف، وخرج من القيروان لأداء فريضة الحج سنة عشر وأربعمائة فحج، وجاور بمكة، ثم أتى المدينة المنورة فمرض وتوفي بها سنة خمس عشرة وأربعمائة، حدثني بذلك من شهده. اه (¬1). ومن شيوخ «أحمد بن عمّار المهدوي»: «أبو الحسن أحمد بن محمد القنطري»: بفتح القاف، وسكون النون، وفتح الطاء المهملة، نسبة إلى «القنطرة» المعدّة للعبور، وهو شيخ مقرئ، قرأ على «الحسن بن محمد بن الحباب، وعمر بن إبراهيم الكتاني، وعلي بن محمد بن عبد العزيز بن نفيس». تصدر «القنطري» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «أحمد بن عمّار المهدوي» و «محمد بن شريح». توفي «القنطري» بمكة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة من الهجرة. تصدّر «أحمد بن عمار المهدوي» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون. ومن تلاميذه: «غانم بن وليد المالقي». قرأ على «أبي العباس المهدوي» وقرأ عليه «ابن أخته محمد بن سليمان النفري» بكسر النون وفتح الفاء المشددة ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2، ص 147.

نسبة إلى «النّفر» قال عنه «السمعاني» صاحب «الأنساب»: وظنّي أنه موضع بالبصرة (¬1). ومن تلاميذ «أحمد المهدوي»: محمد بن أحمد بن مطرّف أبو عبد الله الكتاني، القرطبي، يعرف بالطّرفي لكونه كان يؤم بمسجد «طرفة» بقرطبة، قرأ بالروايات على «مكي بن أبي طالب» ولازمه، وحمل عنه معظم ما عنده، وصحب «أحمد بن عمّار المهدوي» وسمع «يونس بن عبد الله» وكان عالما بالقراءات أخذ الناس عنه كثيرا، ومن الذين قرءوا عليه: «عون الله القرطبي، وأحمد بن عبد الرحمن الخزرجي». احتلّ «ابن مطرف» مكانة سامية مما استحق ثناء العلماء عليه. قال عنه «ابن بشكوال»: كان ديّنا، فاضلا، ثقة، حدثنا عنه «أبو القاسم ابن صواب» بجميع ما رواه، وغيره من شيوخنا ووصفوه بالمعرفة، والجلال، توفي سنة أربع وخمسين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أحمد المهدوي»: «موسى بن سليمان أبو عمران اللخمي» نزل «المرية» بضم الميم وكسر الراء المشددة، نسبة إلى جماعة بطون من قبائل شتّى، منهم: «مرّ بن حسين بن عمرو بن الغوث بن طيء» (¬2) وموسى بن سليمان اللخمي، مقرئ مسند، قرأ على «مكي بن أبي طالب، وأحمد بن عمار المهدوي، وأحمد بن أبي الربيع، صاحب الساوي». وقرأ عليه «أحمد بن عبد الرحمن القصبي، وعبد الرحيم بن الفرس الغرناطي». توفي في صفر سنة أربع وتسعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أحمد المهدوي»: يحيى بن إبراهيم بن زيد أبو الحسن، ¬

_ (¬1) انظر الأنساب للسمعاني، ج 5، ص 515. (¬2) انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 268.

المعروف بابن البياز، شيخ كبير بالأندلس، قرأ على «أبي عمرو الداني» وعبد الرحمن بن الخزرجي، وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب، وعبد الجبار الطرسوسي بمصر». وقرأ على «ابن البياز»: «أبو الحسن علي بن أحمد بن الباذش، ومحمد ابن الحسن بن غلام الفرس، وعلي بن عبد الله بن ثابت، وسليمان بن يحيى، وعيسى بن حزم الغافقي» وعمّر دهرا طويلا. توفي سنة ست وتسعين وأربعمائة، وله تسعون سنة. ومن تلاميذ «أحمد المهدوي»: محمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي المغامي، وهو إمام مقرئ ضابط، قرأ على: «الإمام أبي عمرو الداني، ومكي ابن أبي طالب، وأبي عمر الطلمنكي، وأحمد بن عمّار المهدوي، وسليمان بن إبراهيم». وقرأ عليه: «أبو بكر بن عياش، وعبد الوهاب بن حكيم، وعليّ بن أحمد ابن أشجّ، وعليّ بن محمد بن درّي، خطيب غرناطة». توفي بإشبيلية سنة خمس وثمانين وأربعمائة. احتل «أحمد بن عمار المهدوي» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه. وعنه يقول «الحافظ الذهبي»: كان رأسا في القراءات، والعربية (¬1). وقال عنه «القفطي»: كان عالما بالأدب، والقراءات، متقدما فيها، وألف كتبا كثيرة النفع، مثل كتاب «التعضيل في التفسير»، ومختصره «التحصيل» وله كتاب «تعليل القراءات السبع» (¬2). قال عنه «السيوطي»: توفي سنة أربعين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 399. (¬2) انظر إنباه الرواة للقفطي ج 1، ص 126.

رقم الترجمة/ 23"أحمد بن الفضل" ت 460 هـ

رقم الترجمة/ 23 «أحمد بن الفضل» (¬1) ت 460 هـ هو: أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن محمود بن جعفر أبو بكر الباطرقاني الأصبهاني وهو إمام في القراءات، ومن المحدثين الثقات. ولد «أحمد بن الفضل» سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة. أخذ «أحمد بن الفضل» القراءة عن مشاهير علماء عصره. ومن شيوخه في القراءة: «عبد العزيز بن محمد بن عبد العزيز بن محمد، أبو محمد التميمي» وهو من خيرة القراء الثقات. أخذ «عبد العزيز بن محمد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «عبد الله بن أحمد بن مسعود»، وآخرون. وبعد أن اكتملت مواهب «عبد العزيز بن محمد» تصدّر للإقراء وتعاليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن الفضل الباطرقاني» في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة. توفي «عبد العزيز بن محمود» سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. ومن شيوخ «أحمد بن الفضل» في القراءة: «أبو الفضل محمد بن جعفر بن عبد الكريم الخزاعي، الجرجاني، وهو من الثقات المشهورين، ومن المؤلفين الممتازين، فقد ألف «المنتهى في القراءات في الخمسة عشر» وهو من كتب ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 424 ورقم الترجمة 364. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 96 ورقم الترجمة 440. الوافي بالوفيات ج 7، ص 288. شذرات الذهب ج 3، ص 329.

القراءات النافعة المفيدة، ومن المراجع الأصيلة من علم القراءات، إذ اشتمل على مائتين وخمسين رواية، كما ألف رحمه الله تعالى كتاب «تهذيب الأداء في القراءات السبع» وهو أيضا من المراجع المفيدة. أخذ «أبو الفضل محمد بن جعفر» القراءة على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم «الحسن بن سعيد المطوعي». تصدّر «أبو الفضل محمد بن جعفر» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والضبط وحسن الأداء، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أحمد بن الفضل» وغيره كثير. احتلّ «أبو الفضل محمد بن جعفر» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان «أبو الفضل» أحد من جال في الآفاق، ولقي الكبار». توفي «أبو الفضل» بعد حياة حافلة بالتصنيف والتأليف سنة ثمان وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ومن شيوخ «أحمد بن الفضل» في القراءة: «محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده أبو عبد الله العبديّ الأصبهاني، الحافظ الكبير، وهو من القراء الثقات، ومن أصحاب المؤلفات. قال عنه حجة القراء الإمام ابن الجزري رحمه الله تعالى: «محمد بن إسحاق، إمام كبير، جال الأقطار، وانتهى إليه علم الحديث بالأمصار، لا نعلم أحدا رحل كرحلته، ولا كتب ككتابته، فإنه بقي في الرحلة أربعين سنة، وكتب بخطه فيها عدة أحمال، ثم عاد إلى وطنه شيخا، وقد كتب عن ألف وسبعمائة شيخ، ومعه أربعون حملا من الكتب، فتزوج بأصبهان، ورزق الأولاد» (¬1). أخذ «محمد بن إسحاق» القراءة عن عدد كبير من العلماء: فقد روى ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 98.

القراءة عن «علي بن جعفر البغدادي» بمصر، ومحمد بن محرّم الجهوري، وغيرهما كثير. تصدّر «محمد بن إسحاق» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة والاتقان، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: ابنه إسحاق، وأحمد بن الفضل، وآخرون. توفي «محمد بن إسحاق» سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ومن شيوخ «أحمد بن الفضل» في القراءة: «محمد بن إبراهيم بن أحمد البغدادي» كان رحمه الله تعالى من الثقات، ومن القراء المشهورين، أخذ القراءة عن «أبي الحسن الدارقطني» إذ سمع منه «كتاب القراءات». ثم جلس «محمد بن إبراهيم» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ويتلقون عليه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أحمد بن الفضل الباطرقاني». وكما أخذ «أحمد بن الفضل» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان مكثرا من السماع على: ابن منده، وأحمد بن يوسف الثقفي، والحسن بن كعبرة، وأبي مسلم بن شهدل. احتل «أحمد بن الفضل» مكانة عظيمة، ومنزلة عالية، وسمعة حسنة، مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول عنه تلميذه «محمد بن عبد الواحد الدقاق»: «لم أر شيخا بأصبهان جمع بين علم القرآن والقراءات، والحديث، والروايات، وكثرة الكتابة، والسماع، أفضل من «أبي بكر الباطرقاني» كان إمام الجامع الكبير، حسن الخلق والهيأة، والمنظر والقراءة، والدراية، ثقة في

الحديث» اه (¬1). ومما يدلّ على نبوغه وكثرة علمه مؤلفاته التي تركها، يقول «الإمام ابن الجزري»: وألف كتاب طبقات القراء سماه: «المدخل إلى معرفة أسانيد القراءات، ومجموع الروايات» ووددت رؤيته، وكتابا في «الشواذ» (¬2). تصدر «أحمد بن الفضل» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، والحفظ، والاتقان، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، يأخذون عنه، ويقرءون عليه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد، أبو علي الحدّاد» شيخ أصبهان، وأعلى من بقي إسنادا في القراءات. ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وكان من مشاهير القراء الثقات، وكان متحليا بالتقوى والصلاح، وكان جليل القدر. أخذ «الحسن بن أحمد» القراءة القرآنية على مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم، «أبو عبد الله أحمد بن محمد بن الحسن بن يزده الخياط». وروى حروف القراءات عن «عبد الملك بن الخير العطّار» وسمع سبعة ابن مجاهد من «أحمد بن محمد بن يوسف بن مردة». توفي في ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة، عن سبع وتسعين سنة، رحمه الله رحمة واسعة. ومن تلاميذ «أحمد بن الفضل» في القراءة: «علي بن زيد بن علي بن شهريار، أبو الوفاء الأصبهاني»، وهو من القراء الثقات، الضابطين للقراءة، وتجويد القرآن. أخذ «علي بن زيد» القراءة عن «أحمد بن الفضل الباطرقاني» ¬

_ (¬1) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 425. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 97.

ثم تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «الحسن بن أحمد الهمداني». توفي «أحمد بن الفضل الباطرقاني» سنة ستين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 24"أحمد القزويني" ت 452 هـ

رقم الترجمة/ 24 «أحمد القزويني» (¬1) ت 452 هـ هو: محمد بن أحمد بن عليّ أبو عبد الله بن أبي سعيد القزويني، بفتح القاف وسكون الزاي نسبة إلى «قزوين» إحدى المدائن المشهورة بأصبهان، نزح من «قزوين» واستقر بها، وهو من مشاهير علماء القراءات الحذاق. أخذ القراءة عن خيرة علماء عصره. ومن شيوخه الذين أخذ عنهم القراءة: «علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني» وهو إمام مقرئ، ضابط، متقن، ثقة، قال عنه تلميذه «رشاد بن نظيف»: لم ألق مثله حذقا، وإتقانا في رواية «ابن عامر الدمشقي». قال عنه «الإمام الداني»: كان ثقة ضابطا متقشفا. وقال عنه «الكتاني»: كان «علي بن داود» ثقة. انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين، ومضى على سداد. وقال عنه «الإمام ابن الجزري»: كان عليّ بن داود إمام «داريار» فلما مات إمام الجامع الأموي خرج القاضي وجماعة من الأعيان إلى «داريار» ليأخذوه ويجعلوه إمام الجامع، فلبس أهل «داريار» السلاح ليقاتلوا دونه، فقال القاضي: يا أهل «داريار» ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل «دمشق» احتاجوا إليكم في إمام، فقالوا: قد رضينا، فقدمت له بغلة ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار رقم الترجمة 354 ج 1 ص 416. غاية النهاية في طبقات القراء رقم الترجمة 2758، ج 2 ص 75. مرآة الجنان ج 3، ص 74 حسن المحاضرة ج 1، ص 493.

القاضي، فلم يركبها، وركب حماره، ودخل معهم، فسكن بالمنارة الشرقية، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط ولا يأخذ على الإمامة رزقا، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا، ويقتات من أرض له «بداريا» ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه، ويعجنه، ويخبزه. اه (¬1). وأقول: هذا الخبر إن دلّ على شيء فإنما يدل على الكثير من المعاني السامية منها: أن «عليّ بن داود» كانت له مكانة عظيمة في العلم وبخاصة القرآن الكريم، كما يدل على قناعته وعفة نفسه، وزهده في الدنيا، وتطلّعه إلى الدار الآخرة. توفي «عليّ بن داود» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة هـ. ومن شيوخ «محمد بن أحمد القزويني» في القراءة: «الحسن بن سليمان بن الخير أبو علي الانطاكي النافعي»، وهو أستاذ ماهر حافظ، سكن «مصر» وقرأ على شيوخها، وفي مقدمتهم: «أبو الفتح بن بدهن». قال عنه الإمام الدانيّ: كان «الحسن بن سليمان الأنطاكي» أحفظ أهل زمانه للقراءات، والغرائب من الروايات، والشاذ من الحروف، ومع ذلك يحفظ تفسيرا كثيرا، ويحفظ إعرابا وعللا، ينصّ ذلك نصّا بطلاقة لسان، وحسن منطق لا يلحق، وكانت له إشارات يشير بها لمن يقرأ عليه تفهم عنه في الكسر والفتح والمدّ والقصر، والوقف. وتتلمذ عليه عدد كبير منهم «محمد بن أحمد بن سعد القزويني». توفي «الحسن بن سليمان الأنطاكي» بمصر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. وكما أخذ «محمد بن أحمد القزويني» القراءة عن خيرة العلماء أخذ أيضا ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 542.

حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي مقدمة شيوخه الذين أخذ عنهم الحديث: «القاضي عليّ بن محمد الحلبي، وميمون حمزة الحسيني». تصدّر «محمد بن أحمد القزويني» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «الحسن بن خلف بن عبد الله بن بليمة، بفتح الباء، وتشديد اللام مكسورة، وهو أستاذ ماهر حاذق، نزيل الإسكندرية، ومؤلف كتاب «تلخيص العبارات بلطيف الإشارات» في القراءات. ولد ابن بليمة سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة. وعني بالقراءات فقرأ بالقيروان على «أبي بكر القصري» إمام جامع القيروان وغيره، ثم رحل فقرأ بمكة المكرمة على «أبي معشر الطبري»، وقرأ بمصر على «محمد بن أحمد القزويني» وأحمد بن نفيس برواية ورش من طريق الأزرق، ورواية «الدوري» عن اليزيدي. وقرأ عليه عدد كثير وفي مقدّمتهم: «أبو العباس أحمد بن الحطيئة». توفي «الحسن بن بليمة» بالاسكندرية ثالث عشر رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة هـ. ومن تلاميذ «محمد بن أحمد القزويني» في القراءة: «يحيى بن عليّ بن الفرج أبو الحسن المصري، يعرف بابن الخشاب، كان شيخ الإقراء بالديار المصرية، وهو أستاذ ماهر حاذق، صحيح الأخذ والضبط، أخذ القراءة على عدد من العلماء. وفي مقدمتهم: «محمد بن أحمد القزويني» ثم تصدّر للإقراء، فأخذ عنه القراءة الكثيرون، منهم: «أحمد بن محمد بن خلف الأنصاري». توفي «يحيى بن عليّ» سنة أربع وخمسمائة.

ومن تلاميذ «محمد بن أحمد القزويني» في الحديث: «عبد العزيز الكتاني» محمد بن أحمد بن إبراهيم أبو عبد الله الرازي، قدم بغداد، وحدث بها عن أبي عامر عمرو بن تميم الطبري، وروى عنه المعافى بن زكريا. وبعد حياة حافلة بطلب العلم ثم تعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام توفي «محمد بن أحمد القزويني» في ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 25"أحمد بن محمد" ت 923 هـ

رقم الترجمة/ 25 «أحمد بن محمد» (¬1) ت 923 هـ هو: أحمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني الأصل، المصري الشافعي، وهو من خيرة القراء، والعلماء المؤلفين. ولد في ثاني عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وثمان مائة بمصر، ونشأ بها فحفظ القرآن الكريم، ثم قرأ بالسبعة على الشيخ «السراج عمر بن قاسم الأنصاري». وقرأ بالقراءات الثلاث إلى قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا على الشيخ «الزين عبد الغني الهيثمي» ثم قرأ بالقراءات العشر على الشيخ «الشهاب بن أسد». وأخذ الفقه عن «الفخر المقسمي»، و «الشهاب العيّادي»، وقرأ ربع العبادات من كتاب «المنهاج» على «الشمس اليامي» وقطعة من «كتاب الحاوي» على «البرهان» وسمع مواضع في شرح الألفية على «الرضي، والسخاوي» وسمع صحيح البخاري بتمامه على «الشاوي» ثم حج غير مرّة، وجاور سنة أربع وثمانين وثمان مائة، وسمع بمكة عن جماعة من خيرة العلماء. اشتهر «أحمد بن محمد» بالتقوى والصلاح مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول: «الإمام الشوكاني»: وكان متعففا، جيد القراءة للقرآن، والحديث، والخطابة، شجيّ الصوت، مشاركا في الفضائل، متواضعا، متوددا، لطيف العشرة، سريع الحركة، اشتهر بالصلاح والتعفف على طريق أهل الفلاح» (¬2). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في البدر الطالع ج 1، ص 102 ورقم الترجمة 60. (¬2) انظر البدر الطالع للشوكاني ج 1، ص 103.

وقال «الشيخ جار الله بن فهد»: ولما اجتمعت به في الرحلة الأولى أي إلى مكة المكرمة أجازني بمؤلفاته، ومروياته» ثم يقول «الشيخ جار الله»: ومن الرحلة الثانية اعترف لي بمعرفة فنّي» (¬1). ترك «أحمد بن محمد» للمكتبة الإسلامية بعض المصنفات في علوم مختلفة، فمن ذلك: «العقود السنية في شرح المقدمة الجزرية» في التجويد، و «الكنز في وقف حمزة وهشام على الهمز» وشرح على «الشاطبية» وصل فيه إلى الإدغام الصغير. ومن مؤلفاته المشهورة: شرح البخاري المسمى «إرشاد الساري على صحيح البخاري» في أربعة مجلدات. توفي «أحمد بن محمد» بعد حياة حافلة بالعلم والتصنيف ليلة الجمعة، سابع المحرم سنة ثلاثا وعشرين وتسعمائة، وصلّي عليه بعد الجمعة بالجامع الأزهر. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 103.

رقم الترجمة/ 26"أحمد بن مسرور" ت 442 هـ

رقم الترجمة/ 26 «أحمد بن مسرور» (¬1) ت 442 هـ هو: أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب، أبو نصر الخبّاز البغدادي، وهو شيخ جليل مشهور، ومن الثقات. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أحمد بن مسرور»، القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي، وهو شيخ العراق ومسند الآفاق، ومن الثقات البارعين. ولد «علي بن أحمد» سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وتوفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في سنّ التسعين. أخذ «عليّ بن أحمد» القراءات عرضا عن «أبي بكر النقاش، وأبي عيسى بكار، وزيد بن علي، وهبة الله بن جعفر، وعبد الواحد بن عمر، وعليّ بن محمد بن جعفر القلانسي، ومحمد بن علي بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق، وعبد الله بن الحسن بن سليمان النخّاس، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ، وأبي بكر بن مقسم، وإسماعيل بن شعيب النهاوندي». تصدر «على بن أحمد» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أحمد بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 414 رقم الترجمة 352. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 137 ورقم الترجمة 651.

مسرور، وأحمد بن الحسن بن اللحياني، وأحمد بن علي الصوفي، وأحمد بن علي الهاشمي، والحسن بن البناء، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، والحسن بن محمد المالكي، والحسين بن أحمد الصفّار، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب، وعبد الواحد بن شيطا، وعبد الملك بن شابور، وعبد السيّد بن عتاب، وعليّ بن محمد بن فارس، ومحمد بن موسى الخياط، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وغير هؤلاء كثير. احتلّ «علي بن أحمد» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «كان عليّ بن أحمد» صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها» اه (¬1). ومن شيوخ «أحمد بن مسرور»: «عليّ بن إسماعيل بن الحسن بن إسحاق أبو الحسن البصري القطان، المعروف بالخاشع، وهو أستاذ، رحّال، محقق، ومن الثقات. أخذ القراءة بمكة المكرمة عن: «أبي بكر بن محمد بن عيسى بن بندار، وبأنطاكية عن «الأستاذ إبراهيم بن عبد الرزاق»، كما أخذ القراءة بعسقلان عن «أبي الحسن عليّ بن محمد بن عامر»، وبحمص عن: «قيس بن محمد» إمام جامع حمص، وبالصعيد الأعلى عن: «أحمد بن عثمان بن عبد الله الأسواني». تصدّر «علي بن إسماعيل» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أحمد ابن مسرور، وأبو بكر محمد بن عمر، وأبو علي الأهوازي». احتلّ «علي بن إسماعيل» منزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، قال «الحافظ أبو عبد الله البغدادي»: «أقرأ عليّ بن إسماعيل ببغداد مدّة، واشتهر ذكره، وطال عمره وصنف في القراءات» (¬2). ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1، ص 522. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 527.

ومن شيوخ «أحمد بن مسرور»: عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني، البغدادي، وهو شيخ مشهور من الثقات، ولد سنة ثلاثمائة، وتوفي في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة. أخذ «عمر بن إبراهيم» القراءة عن خيرة العلماء، فقد عرض القراءة على: «أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر الحربي»، عرض عليهما قراءة «عاصم» وسمع حروف القراءات من «إبراهيم بن عرفة نفطويه» وعرض القراءة على: «عليّ بن سعيد القزّاز، وبكار، وعمر بن جناد، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، ومحمد بن عليّ الرقي، وزيد بن أبي بلال، وأحمد ابن محمد بن هارون الورّاق». تصدّر «عمر بن إبراهيم» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أحمد ابن مسرور، وعيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن الحدّادي، ومحمد بن عبد الله بن مكي السوّاق، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقرئ، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد بن الفتح، والحسن بن الفحّام»، وسمع منه كتاب السبعة «أحمد بن محمد بن يوسف، وعليّ بن القاسم بن إبراهيم». ومن شيوخ «أحمد بن مسرور»: «المعافى بن زكريا بن طرارا، أبو الفرج النهرواني، الجريري، وهو إمام في القراءة، ومن الفقهاء، أخذ القراءة عرضا عن «أبي الحسن بن شنبوذ، وبكار، وأبي مزاحم الخاقاني، والخضر بن الحسين الحلواني». تصدّر «المعافى بن زكريا» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أحمد بن مسرور، وعبد الوهاب بن عليّ، ومحمد بن عمر النهاوندي، وأبو الفضل الخزاعي، وأبو على الأهوازي، والحسن بن علي، وعبد الملك بن عبدويه، وأحمد بن الفتح الفرضي، وعثمان بن قيس الدلّال، وأحمد بن يزده».

احتلّ «المعافى» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «كان «المعافى» من أعلم الناس في وقته بالفقه، والنحو، واللغة، وأصناف الأدب، ولي القضاء بباب الطاق» اه (¬1). توفي «المعافى» سنة تسعين وثلاثمائة عن خمس وثمانين سنة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ومن شيوخ «أحمد بن مسرور»: منصور بن محمد أبو الحسن القزّاز البغدادي، وهو إمام مشهور، ومن الثقات. أخذ قراءة «أبي عمرو البصري» عرضا عن «أبي بكر بن مجاهد» وهو آخر أصحابه موتا. تصدّر «منصور بن محمد» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة، «أحمد بن مسرور» والحسن بن عليّ العطّار، ولم يختم عليه، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي، والحسن بن عليّ بن غالب الحربيّ. تصدّر «أحمد بن مسرور» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، واقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن عليّ بن عبيد الله بن عمر ابن سوار الأستاذ، أبو طاهر، البغدادي»، وهو إمام كبير محقق مؤلف كتاب «المستنير» في القراءات العشر، وهو من الثقات. أخذ «أحمد بن عليّ» القراءة عن «الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وعليّ ابن طلحة بن محمد البصري، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدّب، وفرج بن عمر الواسطي، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن النهاوندي، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي، ومنصور بن محمد التميمي، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب، وعبد الله بن محمد بن مكّي، وأبي الفتح عبد الواحد ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 302.

ابن شيطا، وأحمد بن محمد إسحاق المقرئ، ومسافر بن الطيب البصري»، وغير هؤلاء. تصدّر «أحمد بن علي» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي ابن سكرة الصدفي شيخ ابن الباذش، ومحمد بن الخضر المحولي، وأبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري». وروى عنه حروف القراءات: الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي، وغير هؤلاء. توفي «أحمد بن علي» سنة ست وتسعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور» الذين أخذوا عنه القراءة: «الحسن بن أحمد بن علي بن فتحان بن منصور أبو نصر الشهرزوري»، وهو شيخ جليل، ومن الثقات. أخذ «الحسن بن أحمد» القراءة عن «أحمد بن مسرور» وقرأ عليه ولده «المبارك بن الحسن». ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور»: عبد السيّد بن عتّاب، وهو من خيرة العلماء وشيخ مسند ومن الثقات. أخذ «عبد السيّد بن عتّاب» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن مسرور، والحسن بن عليّ بن الصقر، وأحمد بن رضوان، والحسن ابن ملاعب، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وأبو الحسن الحمامي، وعلي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز، وأبو العلاء الواسطي، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي، وأبو بكر محمد بن علي بن زلال، ومحمد بن عبد الله الشمعي والحسين بن أحمد الحربيّ». تصدر «عبد السيّد بن عتّاب» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو عليّ بن سكرة الصدفي، ومحمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم

الشهرزوري». توفي «عبد السيّد» سنة سبع وثمانين وأربعمائة عن نحو تسعين سنة. ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور»: عليّ بن الفرج، أبو الحسن الدينوري، المعروف بابن الحارس، وهو شيخ جليل ومن الثقات. أخذ القراءة عن «أبي نصر أحمد بن مسرور» وقرأ عليه: «المبارك بن الحسن الشهرزوري». ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور»: «أحمد بن الحسين بن أحمد أبو بكر المقدسي» وهو من خيرة القراء، ومن الحذاق المشهورين. أخذ «أحمد بن الحسين» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد ابن مسرور، وأبو القاسم الزيدي، وأبو علي الأهوازي، وأبو عبد الله الكارزيني، وعتبة العثماني، وأبو الفتح الفرج بن عمر الواسطي». جلس «أحمد بن الحسين» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي». توفي «أحمد بن الحسين» سنة ثمان وستين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور»: «عبد الملك بن أحمد أبو نصر البزّاز، أخذ القراءة عن «أحمد بن مسرور، وابن مقسم». وقرأ عليه «عليّ بن محمد الخبازي». ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور»: «عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد ابن عليّ أبو معشر الطبري»، شيخ أهل مكة، وهو إمام حجة، محقق، مشهور ومن الثقات. اخذ «عبد الكريم» عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن»

مسرور» وأبو القاسم عليّ بن محمد، وأبو عبد الله الكارزيني، وابن نفيس، وإسماعيل بن راشد الحدّاد، والحسن بن محمد الأصفهاني» وغير هؤلاء كثير. جلس «عبد الكريم» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: الحسن بن بليمة مؤلف كتاب «تلخيص العبارات». وإبراهيم بن عبد الملك القزويني، وعبيد الله بن منصور، وعبد الله بن عمر، وإبراهيم بن المسبّح. وغير هؤلاء كثير. توفي «عبد الكريم» بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أحمد بن مسرور»: «محمد بن أحمد بن عليّ، أبو منصور البغدادي» المعروف بالخياط، مؤلف كتاب «المهذب في القراءات» وهو استاذ كبير ثقة مشهور. ولد سنة إحدى وأربعمائة، وتوفي يوم الأربعاء سادس عشر المحرم سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وله تسع وتسعون سنة. أخذ «محمد بن أحمد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن مسرور، وأبو بكر بن الأخضر». وتصدر للإقراء، ومن الذين قرءوا عليه: سبطاه: الأستاذ أبو محمد عبد الله، وأبو عبد الله الحسين» وغير هؤلاء كثير. توفي «أحمد بن مسرور» سنة اثنين وأربعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 27"أحمد بن نفيس" ت 453 هـ

رقم الترجمة/ 27 «أحمد بن نفيس» (¬1) ت 453 هـ هو: أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله بن سليمان المعروف بابن نفيس أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري، كان إماما ثقة كبيرا، انتهى إليه علوّ الإسناد وكان صحيح الرواية، رفيع الذكر. أخذ «أحمد بن نفيس» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسن بن عليّ أبو طاهر الأنطاكي»، وهو إمام كبير ثقة، شهير نزل مصر، وأخذ القراءة عرضا عن «إبراهيم بن عبد الرزاق، وهو من جلة أصحابه، وروى القراءة عنه سماعا أبو الطيب بن غلبون، كما عرض عليه القراءة «أحمد ابن نفيس» وآخرون. قال الإمام الداني: خرج «أبو طاهر الأنطاكي» من «مصر» إلى الشافعي فتوفي في منصرفه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة من الهجرة. ومن شيوخ «أحمد بن نفيس» في القراءة: عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك ابو الطيب الحلبي نزيل مصر، وهو أستاذ ماهر كبير محرّر ضابط ثقة، ولد في حلب، ورحل إلى مصر فسكنها، وألف كتاب «الإرشاد» في القراءات السبع، وروى القراءة عرضا وسماعا عن عدد من القراء وفي مقدمتهم: «إبراهيم بن عبد الرزاق» وآخرون، وأخذ عنه القراءة الكثيرون ومن مقدمتهم «أحمد بن نفيس». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار رقم الترجمة 355، ج 1، ص 416. غاية النهاية في طبقات القراء رقم الترجمة 243، ج 1، ص 56. مرآة الجنان، ج 3، ص 74. حسن المحاضرة، ج 1، ص 394. شذرات الذهب ج 3، ص 290.

قال عنه «الحافظ أبو عمرو الداني»: كان «عبد المنعم بن غلبون» حافظا للقراءة ضابطا ذا عفاف ونسك وفضل وحسن تصنيف، توفي بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. كما أخذ «أحمد بن نفيس» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «عليّ بن الحسين بن بندار الأنطاكي، وأبو القاسم الجوهري صاحب المسند». وبعد أن اكتملت مواهب «أحمد بن نفيس» تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «عبد الرحمن ابن عتيق بن خلف أبو القاسم بن أبي بكر بن ابي سعيد بن الفحام الصقلي»، الأستاذ الثقة المحقق، مؤلف كتاب «التجريد في القراءات» كان شيخ الإسكندرية، وإليه انتهت رئاسة الإقراء بها علوّا ومعرفة. قرأ الروايات على «إبراهيم بن إسماعيل المالكي» صاحب «أبي عليّ البغدادي». وأخذ العربية عن «عليّ بن ثابت» وشرح مقدّمته، وقرأ عليه بالروايات أحمد بن محمد السلفي، أبو طاهر» وآخرون. قال «سليمان بن عبد العزيز الأندلسي»: «ما رأيت أحدا أعلم بالقراءات من عبد الرحمن بن عتيق، لا بالمشرق ولا بالمغرب». توفي في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة. ومن تلاميذ «أحمد بن نفيس» في القراءة: «عبد الله بن عمر بن العرجاء وهي أمه، وهو مقرئ حاذق، رحّال، ثقة، رحل فقرأ على: «أحمد بن نفيس وأبي معشر الطبري» وآخرين. وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: ولده الشيخ ابو علي الحسن، وعبد الرحمن بن أبي رجاء.

وتوفي في حدود الخمسمائة. ومن تلاميذ «أحمد بن نفيس» المشهورين: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري القطان، شيخ أهل مكة، وهو إمام عارف محقق، استاذ ثقة صالح، ألف كتاب التلخيص في القراءات الثمان، وكتاب سوق العروس، فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب الدرر في التفسير، وكتاب الرشاد في شرح القراءات الشاذة، وكتاب عنوان المسائل، وكتاب طبقات القراء، وكتاب العدد، وكتابا في اللغة، وروى كتاب تفسير النقاش عن شيخه الزيدي، وتفسير الثعلبي عن مؤلفه. أخذ «أبو معشر الطبري» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أحمد ابن نفيس» وآخرون، وروى القراءات بالإجازة عن «أبي علي الأهوازي». وتصدّر لتعليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه: «الحسن بن بليمة» مؤلف «تلخيص العبارات في القراءات». توفي «أبو معشر الطبري» بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أحمد بن نفيس» في القراءة. «محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن يوسف أبو عبد الله الرعيني الإشبيلي»، الأستاذ المحقق، مؤلف كتاب «الكافي والتذكير» ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، ورحل سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة، فقرأ بمصر على «أحمد بن نفيس» وبمكة على «أحمد بن محمد القنطري» ثم رجع إلى أشبيلية بعلم كثير فولّي خطابة «أشبيلية». توفي «محمد بن شريح» في شوال سنة ست وسبعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أحمد بن نفيس» في القراءة: «محمد بن عتيق بن محمد بن أبي نصر أبو عبد الله بن أبي بكر التميمي القيرواني» وهو إمام علامة متقن، متكلم مناظر، ولد في حدود العشرين وأربعمائة وأخذ علم الكلام بالقيروان عن «أبي

عبد الله بن الحسين بن حاتم» صاحب أبي بكر بن الباقلاني، وسمع من «ابن عبد البرّ». ثم رحل إلى «مصر» وقرأ بها على «ابن نفيس» في سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، وسمع الحديث من «أبي عبد الله القضاعي» ثم قدم دمشق فأقرأ بها الأصول، ثم دخل «بغداد» فأقرأ علم الكلام، والقراءات بالمدرسة النظامية زمانا. قال «ابن عقيل»: ذاكرته فرأيته مملوءا علما وحفظا، قال الذهبي: توفي «محمد بن عتيق» ببغداد في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وخمسمائة وقد جاوز التسعين. وبعد حياة حافلة بتعليم العلم توفي «أحمد بن نفيس» سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 28"أحمد بن هاشم" ت 445 هـ

رقم الترجمة/ 28 «أحمد بن هاشم» (¬1) ت 445 هـ هو: أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة أبو العباس المصري، وهو شيخ كبير حافظ، وأستاذ جليل. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو العباس المصري» القراءات عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: عمر ابن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري، وهو إمام في قراءة «ورش». عرض «عمر بن عراك» القراءة على: حمدان بن عون، وعبد المجيد بن مسكين، وقسيم بن مطير، وأبي غانم المظفر بن أحمد، ومحمد بن جعفر العلاف. وسمع حروف القراءات من أحمد بن محمد بن زكريا الصوفي، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، والحسن بن أبي الحسن العسكري. قرأ على «عمر بن عراك»: «أحمد بن هاشم، وفارس بن أحمد، وعتبة بن عبد الملك، والحسين بن إبراهيم الأنباري». توفي «عمر بن عراك» بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. ومن شيوخ «أحمد بن هاشم» «عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون»، نزيل ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 45. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 89. الصلة لابن بشكوال ج 1، ص 86. العبر ج 3، ص 208. مرآة الجنان ج 3، ص 62. الوافي بالوفيات ج 7، ص 217. حسن المحاضرة ج 1، ص 493. شذرات الذهب ج 3، ص 272.

مصر وهو أستاذ ماهر كبير محرر ضابط ثقة. ولد ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب، وانتقل إلى مصر فسكنها، وروى القراءة عرضا وسماعا عن: إبراهيم بن عبد الرزاق، وإبراهيم بن محمد ابن مروان، وأحمد بن محمد بن بلال، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وأحمد بن الحسين النحوي، وأحمد بن موسى، وجعفر بن سليمان، والحسين بن خالويه. قرأ على «عبد المنعم بن غلبون» ولده أبو الحسن طاهر، وأحمد بن عليّ الرّبعي، وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي، وأحمد بن هاشم تاج الأمة، وأحمد ابن نفيس، والحسن بن عبد الله الصّقلّي، وخلف بن غصن، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن، وأبو عبد الله محمد بن سفيان. توفي «عبد المنعم بن غلبون» بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. ومن شيوخ «أحمد بن هاشم»: عليّ بن محمد بن إسحاق أبو الحسين الحلبي القاضي، وقد روى القراءة عن: عبد الله بن محمد بن زياد، وابن مجاهد. وقرأ عليه: أحمد بن هاشم. ومن شيوخ «أحمد بن هاشم»: الحسن بن سليمان بن الخير، أبو علي الأنطاكي، وهو أستاذ ماهر، حافظ، ثقة سكن مصر، وقرأ على: أبي الفتح ابن بدهن، وأبي الفتح الشنبوذي، وأبي القاسم الزعزاع، وعلي بن محمد البرزندي، بفتح الباء، وسكون الراء، وفتح الزاي، وسكون النون، نسبة إلى «برزند» وهي بلدة من ديار أذربيجان (¬1). ولما قدم «مصر» عرض على «أبي بكر الأدفوي». ¬

_ (¬1) انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 319.

قال عنه «الإمام الداني»: كان «الحسن بن سليمان الأنطاكي» احفظ أهل زمانه للقراءات، والغرائب من الروايات، والشاذّ من الحروف، ومع ذلك كان يحفظ تفسيرا كثيرا، ومعاني، وإعرابا، وعللا، ينصّ على ذلك نصّا بطلاقة لسان، وحسن منطق لا يلحق (¬1). قرأ على «الحسن الأنطاكي»: أحمد بن هاشم، ومحمد بن أحمد بن سعد القزويني، وموسى بن الحسين المعدّل، والحافظ أبو عمرو الداني. توفي بمصر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة هـ. ومن شيوخ «أحمد بن هاشم»: عبد الرحمن بن عمر بن محمد ابو محمد المعدّل النحاس، روى القراءة عن: عبد الله بن أحمد بن ذي زويه الدمشقي، وروى القراءة عنه: الحافظ أبو عمرو الداني، وأحمد بن هاشم. ومن شيوخ «أحمد بن هاشم»: الحسن بن عمر بن إبراهيم أبو محمد المالكي البزّار، روى القراءة عن: محمد بن عبد الرحمن المكي، وروى القراءة عنه «أحمد بن هاشم» ومن شيوخ «أحمد بن هاشم»: محمد بن أحمد بن عليّ بن حسين أبو مسلم الكاتب البغدادي، نزيل مصر، وهو أستاذ معمّر مسند عالي السند، ولد سنة خمس وثلاثمائة، وروى القراءات عن: «أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن أحمد ابن قطن، وعلي بن أحمد بن بزيع». وروى القراءة عنه: «أحمد بن هاشم، والحافظ أبو عمرو الداني، ورشأ بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأحمد بن بابشاذ». توفي «محمد أبو مسلم الكاتب» سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. ومن شيوخ «أحمد بن هاشم»: هبة الله بن عبد الله أبو القاسم الضرير، ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 215.

روى القراءة عرضا عن عمر العريف، وروى القراءة عنه عرضا «أحمد بن هاشم أبو العباس المصري». ومن شيوخ «أحمد بن هاشم»: محمد بن المظفر بن عليّ بن حرب أبو بكر الدينوري بكسر الدال المشدّدة، وفتح النون والواو، وهي نسبة إلى الدّينور» بلدة من بلاد الجبل عند «قرميسين» (¬1). وهو شيخ «دينور» وإمام جامعها، قرأ عليه «أحمد بن هاشم، وأبو غلام الهرّاس، وعلي بن محمد الخيّاط، والحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي، ونصر ابن عبد العزيز الفارسي» وآخرون. قال «ابن الجزري»: دخل «أحمد بن هاشم» بلاد الأندلس سنة عشرين وأربعمائة، فأخذ عنه: «أبو عمر الطلمنكي» مع كبره، وبين وفاته ووفاة «الطلمنكي» نحو تسعين سنة (¬2). احتلّ «أحمد بن هاشم» مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه. قال «أبو عمر الحذّاء»: هو أحفظ من لقيت لاختلاف القرّاء وأخبارهم (¬3). وقال «ابن الجزري»: «أحمد بن هاشم أبو العباس المصري، شيخ حافظ أستاذ. توفي «أحمد بن هاشم» في شوال سنة خمس وأربعين وأربعمائة هـ. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر الأنساب للسمعاني ج 2، ص 531. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 89. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1، ص 405.

رقم الترجمة/ 29"إسماعيل بن خلف" ت 455 هـ

رقم الترجمة/ 29 «إسماعيل بن خلف» (¬1) ت 455 هـ هو: إسماعيل بن خلف بن سعيد بن عمران أبو طاهر النحوي، الأنصاري، الأندلسي ثم المصري، مؤلف كتاب «العنوان» و «الاكتفاء» في القراءات، واختصر كتاب «الحجة» في القراءات لأبي علي الفارسي. أخذ «إسماعيل بن خلف» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي، يعرف بالطويل، مؤلف كتاب «المجتبى الجامع» في القراءات. ولد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة. وهو أستاذ ماهر ثقة، متصدر، نزل «مصر» وكان شيخها، قال عنه «الإمام الداني»: كان «عبد الجبار بن أحمد» شيخا فاضلا، ذا عفاف، ونسك، رأيته وشاهدته، وكان كثيرا ما يقصد شيخنا «فارس بن أحمد» يذاكره في مجلسه (¬2). أخذ «عبد الجبار بن أحمد» القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو أحمد السامري» عرض عليه الحروف كلها. وسمع حروف القراءات من «أبي عليّ أحمد بن عبد الوهاب» وآخرين. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: فهرست ابن خير ص 417، وفيات الأعيان ج 1، ص 233. الصلة لابن بشكوال ص 105، إرشاد الأريب ج 2، ص 273. الوافي بالوفيات ج 9، ص 116، حسن المحاضرة ج 1، ص 494. روضات الجنات ج 2، ص 55. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 423. ورقم الترجمة 362. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1 ص 164. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 358 ..

وبعد أن اكتملت مواهب «عبد الجبار بن أحمد» جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، ومن الذين أخذوا عنه القراءات: «أبو طاهر إسماعيل بن خلف» صاحب «العنوان» وروى عنه القراءات: «أبو الحسن يحيى ابن إبراهيم البياز» وهو آخر من قيل إنه روى عنه. توفي «عبد الجبار» بمصر في آخر شهر ربيع الأول سنة عشرين وأربعمائة. ثم تصدّر «إسماعيل بن خلف» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الحفاظ يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه القرآن: «ابنه جعفر بن إسماعيل» روى القراءة عن أبيه سماعا وتلاوة. ومن تلاميذ «إسماعيل بن خلف» في القراءة: «يحيى بن عليّ بن الفرج أبو الحسن المصري، يعرف بابن الخشّاب، شيخ الإقراء بالديار المصرية، وهو أستاذ ماهر، صحيح الأخذ، أخذ القراءة عن خيرة القراء وفي مقدمتهم: «أحمد ابن نفيس». ثم تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أحمد بن محمد بن خلف الأنصاري». توفي «يحيى بن علي» سنة أربع وخمسمائة. وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن، توفي «إسماعيل بن خلف» أول المحرم سنة خمس وخمسين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 30"إسماعيل بن عمرو" ت 429 هـ

رقم الترجمة/ 30 «إسماعيل بن عمرو» (¬1) ت 429 هـ هو: إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل بن راشد الحداد، أبو محمد المصري. شيخ صالح متصدر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «إسماعيل بن عمرو» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عدي عبد العزيز بن الإمام، وغزوان بن القاسم، وقسيم بن مطير» وآخرون. كما أخذ «إسماعيل بن عمرو» حديث الهادي البشير عن عدد من العلماء، فقد سمع من الحسن بن رشيد، وأحمد بن محمد بن سلمة الخياس، والعباس بن أحمد الهاشمي. تصدّر «إسماعيل بن عمرو» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالثقة والضبط والإتقان، وأقبل عليه الطلاب العلم، ومن الذي أخذوا عنه القرآن: «أبو القاسم يوسف الهذلي، وإبراهيم بن إسماعيل المالكي، والحسين ابن محمد بن مبشر» وآخرون. ومن الذين أخذوا عنه حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم وحدثوا عنه: «سعيد ابن علي الزنجاني، وأبو الحسن القاضي الخلعي» وآخرون. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1100. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 167. القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 385. حسن المحاضرة للسيوطي ج 1، ص 493.

توفي «إسماعيل بن عمرو» سنة تسع وعشرين وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 31"أبو البقاء العكبري" ت 616 هـ

رقم الترجمة/ 31 «أبو البقاء العكبري» (¬1) ت 616 هـ هو: محب الدين أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري نسبة إلى «عكبرا» بالقصر، بضم العين، وإسكان الكاف وفتح الباء والراء، بليدة على «دجلة» فوق بغداد بخمسة فراسخ، ثم البغدادي الأزجيّ نسبة إلى المحلة التي كان يسكنها في بغداد، وهي محلة بباب الأزج، وهي إحدى محلات شرقي بغداد الكبيرة، ثم الحنبلي، صاحب التصانيف. ولد «أبو البقاء العكبري» سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة. حفظ «العكبري» القرآن في صغره، ثم جدّ في طلب العلم منذ صغره وتتلمذ على خيرة علماء عصره، فقرأ بالروايات القرآنية على «عليّ بن عساكر ابن المرجب بن العوّام أبو الحسن البطائحي، شيخ العراق، وكان من الثقات، وقرأ «البطائحي» على «أبي العز القلانسي» وأبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرقي، وعمر بن إبراهيم الزيدي. وقرأ على «البطائحي» «عبد العزيز بن دلف، ومحمد بن أبي القاسم، وعليّ ابن هبة الله بن الجميزي، والوزير عون الدين بن هبيرة، وأسند عنه في كتاب الإفصاح، وصنف كتابا في القراءات. قال عنه «الحافظ الذهبي»: وكان ثقة، عارفا بالعربية، ت 572 هـ. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: سير أعلام النبلاء ج 22، ص 91. معجم المؤلفين ج 6، ص 46. معجم البلدان ج 3، ص 705. إنباه الرواة ج 2، ص 116. وفيات الأعيان ج 3، ص 100. مرآة الجنان ج 4، ص 32. البداية والنهاية ج 13، ص 85. النجوم الزاهرة ج 6، ص 246. بغية الوعاة ج 2، ص 38. شذرات الذهب ج 5، ص 67. مقدمة كتاب التبيين ص 11.

ومن شيوخ «أبي البقاء العكبري»: «إبراهيم بن دينار بن أحمد بن الحسين، أبو حكيم النهرواني، فقيه حنبلي ت 556 هـ، أخذ عنه «أبو البقاء» الفقه. ومن شيوخ «أبي البقاء»: طاهر بن محمد بن طاهر بن على المقدسي الأصل الهمذاني ت 596 هـ. أخذ عنه «أبو البقاء» الحديث حين قدم بغداد في طريقه إلى الحج. ومن شيوخ «أبي البقاء»: عبد الرحمن بن عليّ أبو الفرج بن الجوزي الحنبلي المذهب، البغدادي، القرشي، علامة عصره في التاريخ والحديث ومن المكثرين في التأليف في شتى الفنون. ولعل «ابن الجوزي» من أبرز العلماء الذي تأثر بهم «أبو البقاء» وقد وصفه «أبو البقاء» في مقدمة إعرابه بأنه أتم المسانيد. ومن شيوخ «أبي البقاء»: عبد الله بن أحمد بن أحمد أبو محمد بن الخشاب، وهو من أشهر شيوخ «أبي البقاء» في النحو واللغة، كما أنه سمع منه الحديث، فقد ورد في كتاب «إعراب الحديث» قوله ... وقد سمعت هذا كله في هذا الحديث من شيخنا «أبي محمد بن الخشاب» وقت سماعنا عليه مسند «الإمام أحمد» رحمه الله. ومن شيوخ «أبي البقاء»: عبد الله بن محمد أبو بكر النّقّور، أخذ عنه «أبو البقاء» الحديث. ومن شيوخ «أبي البقاء»: عليّ بن عبد الرحيم بن الحسن بن عبد الملك بن إبراهيم السلمي، المعروف بابن العصّار، أخذ عنه «أبو البقاء» اللغة. ومن شيوخ «أبي البقاء»: محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سليمان البطّي البغدادي، أبو الفتح، سمع منه «أبو البقاء» الحديث، وكانت وفاته سنة 564 هـ.

ومن شيوخ «أبي البقاء: «محمد بن علي بن المبارك» أبو الفضل، مؤيّد الدين بن القصّاب، أخذ عنه «أبو البقاء» اللغة، وتوفي سنة 592 هـ. ومن شيوخ «أبي البقاء» محمد بن محمد بن محمد بن الحسين أبو يعلى الصغير، عماد الدين بن القاضي أبي حازم بن أبي يعلى الكبير المتوفى سنة 560 هـ من كبار علماء الحنابلة، لازمه أبو البقاء حتى برع في المذهب والخلاف والأصول. ومن شيوخ «أبي البقاء»: يحيى بن نجاح بن مسعود بن عبد الله اليوسفي، المؤدب، الأديب الشاعر، أبو البركات، حنبليّ المذهب، روى عنه «أبو البقاء» بعض شعره، وأخذ عنه اللغة، والنحو، والأدب. ومن شيوخ «أبي البقاء» يحيى بن هبيرة بن محمد الدّهلي الشيباني الوزير، من وزراء الدولة العباسية. أخذ عنه «أبو البقاء» الحديث. تصدر «أبو البقاء» للتدريس، واشتهر بالثقة والضبط وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وكثر تلاميذه في القراءات، والنحو، واللغة وغير ذلك من العلوم. ومن تلاميذه: أحمد بن عليّ بن معقل، عز الدين، أبو العباس الأزدي المهلبي الحمصي، النحوي، ناظم الإيضاح والتكملة، ومؤلف المآخذ على شراح ديوان المتنبي ت 644 هـ. والحسن بن أبي المعالي بن مسعود بن الحسين، المعروف بابن «الباقلاني» ت 637 هـ. ومن تلاميذه: سالم بن أحمد بن سالم بن أبي الصقر، الملقب بالمنتخب، «الحاجب» توفي قبل مشيخة «أبي البقاء» سنة 611 هـ. ومن تلاميذ «أبي البقاء»: عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد، أبو حامد، عزّ الدين، شارح «نهج البلاغة» وشيخ الحديث

بالمستنصرية، ت 697 هـ. ومن تلاميذ «أبي البقاء»: ولده «عبد الرحمن بن عبد الله العكبري» ت 636 هـ. ومن تلاميذ «أبي البقاء»: عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الجزري السعدي، أبو الفرج، ناصح الدين المعروف بابن الحنبلي ت 634 هـ. قرأ على «أبي البقاء» الفصيح لثعلب من حفظه، وبعض التصريف لابن جني. ومن تلاميذ «أبي البقاء»: عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف أبو محمد عز الدين، مفسّر، ومن مشاهير فقهاء الحنابلة ت 660 هـ. ومن تلاميذ «أبي البقاء»: عبد السلام بن عبد الله بن تيمية المشهور بالمجد، مجد الدين، جد شيخ الإسلام «ابن تيمية». أخذ «المجد» عن العكبري. ت 652 هـ. ومن تلاميذ «أبي البقاء»: عبد الصمد بن أحمد بن عبد القادر بن أبي الحسين البغدادي القطيعي، المقرئ المحدث النحوي، الخطيب الواعظ الزاهد المؤرخ ت 676 هـ، قال: قرأت على «أبي البقاء العكبري» من حفظي كتاب «اللمع» لابن جني، والتصريف الملوكي، والفصيح لثعلب، وأكثر كتاب «الإيضاح» لأبي علي الفارسي، وسمعت عليه «المفضليات». ومن تلاميذ «أبي البقاء»: عليّ بن أنجب بن عبد الله بن عمّار بن عبيد الله، تاج الدين، خازن كتب المستنصرية، قرأ القراءات على «أبي البقاء» ت 674 هـ. ومن تلاميذ «أبي البقاء» القاسم بن أحمد بن الموفق، علم الدين اللورقي الأندلسي، من أشهر تلاميذ «أبي البقاء» في النحو، وأكثر مجالسته حتى صار يسمّى تلميذ «أبي البقاء» ت 661 هـ.

اشتهر «أبو البقاء» بالثقة والأمانة، وسعة العلم، وكثرة التلاميذ والتصنيف مما استوجب الثناء عليه. قال عنه «ياقوت الحموي»: «كان أبو البقاء ديّنا، ورعا، صالحا، حسن الأخلاق، قليل الكلام فيما لا يجدي نفعا، لم يخرج كلمة من رأسه فيما علمت إلا في علم، وما لا بدّ له منه في مصالح نفسه، وكان رحمه الله رقيق القلب، تفرّد في عصره بعلم العربية، والفرائض» اه. وقال عنه «الإمام عبد الصمد بن أبي الجيش»: كان «أبو البقاء» يفتي في تسعة علوم، وكان واحد زمانه في النحو، واللغة، والحساب، والفرائض، والجبر، والفقه، وإعراب القرآن، والقراءات الشاذة، وله من كل هذه العلوم تصانيف كبار، وصغار، ومتوسطات. اه. وقال «ابن الدبيثي»: كان «أبو البقاء» متفننا في العلوم، له مصنفات حسنة في إعراب القرآن، وقراءاته المشهورة، وإعراب الحديث، والنحو واللغة، سمّعت عليه ونعم الشيخ كان. اه. وقال «أبو الفرج بن الحنبلي»: كان إماما في علوم القرآن، إماما في الفقه إماما في اللغة، إماما في النحو، إماما في العروض، إماما في المسائل النظرية، له في هذه الانواع من العلوم مصنفات مشهورة، وبقي مدّة عمره منقطع النظير، متوحّدا في فنونه التي جمعها، حتى رحلت إليه الطلبة من النواحي، وانتفع به خلق كثير. اه. وقال «ابن الشعار الموصلي»: كان إماما في الفقه، فرضيا، حاسبا، قارئا شيخ وقته، في علم الأدب واللغة والإعراب، له من التصانيف شيء مفيد مشهور. اه. وقال «ابن خلكان»: «لم يكن في آخر عمره في عصره مثله، في فنونه،

وكان الغالب عليه علم النحو، وصنف فيه مصنفات مفيدة، واشتغل عليه خلق كثير، وانتفعوا به، واشتهر اسمه في البلاد وهو حيّ، وبعد صيته» اه. وقال «الفيروزآبادي»: هو أديب ذو معرفة بعلوم القرآن، والجبر، وغوامض العربية، ... وهو حافظ. اه. وقال «السيوطي»: قرأ العربية على «يحيى بن نجاح» وابن الخشاب حتى حاز قصب السبق، وصار فيها من الرؤساء المتقدمين، وقصده الناس من الأقطار» اه. خلّف «أبو البقاء» ثروة علمية طائلة من المؤلفات في مختلف صنوف العلم والمعرفة، ألّف الكتب والرسائل، وشرح المختصرات، واختصر المطولات، على حسب ما يقتضيه الدرس، وتتطلبه مصلحة الطلبة. ألف في الفقه، ومذاهب الفقهاء وخلافهم، كما ألف في النحو ومذاهب النحاة، ومذاهبهم، وألف في العروض، والفرائض، وألف في الحساب، والأدب، والشعر، والتفسير، والجدل، والحديث. وهذه الثروة العلمية الطائلة والمكتبة حافلة بأصناف العلم وفنونه التي خلفها «أبو البقاء»، منها ما سلم من عاديات الزمن ووصل إلينا، ومنها ما لعبت به يد الحدثان، وعفا عليه الزمن، وطوته العوادي، فلم يصل إلى أسماعنا إلا اسم الكتاب، سوى بعض نقول عن أمهات هذه المؤلفات المفقودة هنا وهناك، في مؤلفات الخالفين بعد «أبي البقاء» وهذه بعض مؤلفات «أبي البقاء»: أجوبة المسائل الحلبية، الاستيعاب في علم الحساب، الإشارة في النحو، إعراب ما يشكل من الحديث، إعراب شواذ القراءات، إعراب القرآن الكريم، الإفصاح في معاني أبيات الإيضاح، البلغة في الفرائض، التبيين عن مذاهب النحويين، التصريف في علم التصريف، التعليق في مسائل الخلاف، تفسير القرآن الكريم، التلخيص في الفرائض، تلخيص التنبيه لابن جني، التلخيص في النحو، التلقين في النحو، التهذيب في

النحو، تهذيب الإنسان بتقويم اللسان، الثلاثة في الفرائض، شرح أبيات كتاب سيبويه، شرح بعض قصائد رؤبة، شرح الإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي، شرح التلقين، شرح الحماسة، وإعرابها، شرح خطب ابن نباتة، شرح ديوان المتنبي، شرح الفصيح لثعلب، شرح الكتاب لسيبويه، شرح لامية العرب، شرح لامية العجم، شرح اللمع لابن جني، شرح المفصل في النحو لأبي القاسم الزمخشري، شرح المقامات الحريرية، شرح الهداية في الفقه الحنبلي، عدد آي القرآن، العروض والقوافي، الكلام على دليل التلازم ودليل التضاد، اللباب في علل البناء والإعراب، ولغة الفقه، ومتشابه القرآن، ومختصر أصول ابن السرّاج، ومذاهب الفقهاء، والمرام في نهاية الأحكام، وهو كتاب في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، والمشوق المعلم في ترتيب إصلاح المنطق على حروف المعجم، والمنتخب من كتاب المحتسب لابن جني، والناهض في علم الفرائض. وغير ذلك كثير. توفي «أبو البقاء العكبري» بعد هذه الحياة الحافلة بالعلم والتصنيف سنة ستة عشرة وستمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 32"أبو بكر الباهلي"

رقم الترجمة/ 32 «أبو بكر الباهلي» (¬1) هو: محمد بن أحمد بن علي أبو بكر الباهلي البصري النجار الصناديقي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو بكر الباهلي» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «القاسم بن زكريا المطرّز، وأبو بكر الداجوني، وأبو بكر النقاش، وعمر بن محمد الكاغذي، وأبو سلمة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي». تصدّر «أبو بكر الباهلي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي الأهوازي» ونسبه وكنّاه، وقال إنه قرأ عليه في مسجده بالبصرة في «بني لقيط» سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي بكر الباهلي» وقال الحافظ الذهبي: كان حيا في سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. رحم الله «أبا بكر الباهلي» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته فيما يلي: معرفة القراء ج 1، ص 340. وطبقات القراء ج 2، ص 76 ..

رقم الترجمة/ 33"أبو بكر الخياط" ت 467 هـ

رقم الترجمة/ 33 «أبو بكر الخيّاط» (¬1) ت 467 هـ هو: محمد بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر أبو بكر البغدادي المعروف بابن الخياط. وهو من خيرة القراء الثقات، ومن الأئمة المجوّدين المسندين. ولد سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، وحفظ القرآن، وأخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد كبير من خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: «محمد بن شاذان، أبو بكر الجوهري، البغدادي» وهو مقرئ حاذق، محدّث ثقة مشهور، أخذ القراءة عن مشاهير العلماء منهم: «عبد الله بن صالح العجلي». وحدّث عن «هوذة بن خليفة» و «زكريا بن عدي». جلس «ابن شاذان» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو الحسن بن شنبوذ، وأبو بكر النقّاش»، وروى عنه «أبو بكر النجاد، وقاسم بن أصبغ». توفي «ابن شاذان» سنة ست وثمانين ومائتين، وقد نيف على التسعين رحمه الله رحمة واسعة. ومن شيوخ «أبي بكر الخياط» في القراءة: «محمد بن المظفر بن علي بن حرب أبو بكر الدينوري، وهو من خيرة القراء المشهورين، شيخ الدينور، وإمام جامعها، قدم إليها بعيد الأربعين وأقرأ بها. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 426. ورقم الترجمة 365. غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 208 ورقم الترجمة 3279. الوافي بالوفيات ج 4، ص 136. شذرات الذهب ج 3، ص 329.

أخذ «ابن المظفر» القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «الحسين بن محمد بن حبش الدينوري». تصدّر «ابن المظفر» لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان. ومن الذين قرءوا عليه: «أبو بكر الخياط، والحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي». ومن شيوخ «أبي بكر الخياط»: «عبيد الله بن محمد بن أحمد، أبو أحمد الفرضي»، وهو من خير القراء، ومن المحدثين، المشهورين بالثقة، والأمانة وجودة الضبط، أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «كان «أبو أحمد» ثقة، ورعا، ديّنا، حدثنا منصور بن عمر الفقيه، قال: «اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم، وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع ذلك أورع الخلق، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم أر مثله» اه (¬1). أخذ «أبو أحمد الفرضي» القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم «أبو الحسن بن بويان». تصدر «أبو أحمد الفرضي» لتعليم القرآن، وذاع صيته، وأقبل عليه طلاب العلم، يأخذون عنه، وينهلون من علمه، وقد أخذ عنه القراءة عرضا «الحسن ابن محمد البغدادي». وروى القراءة عنه سماعا «عبد الله بن محمد» شيخ الداني. كما سمع «أبو أحمد الفرضي» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم من «القاضي المحاملي» و «يوسف ابن البهلول» وحضر مجلس «أبي بكر بن الأنباري» العلامة المشهور باللغة، والقراءات، وعلوم القرآن. توفي «أبو أحمد الفرضي» سنة ست وأربعمائة، وله اثنتان وثمانون سنة. رحمه الله رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.

ومن شيوخ «أبي بكر الخياط» في القراءة: «أبو الحسن السوسنجردي» وهو من مشاهير القراء، الثقات، ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. وأخذ القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وعبد الواحد ابن أبي هاشم» وغيرهما. تصدّر «أبو الحسن السوسنجردي» لتعليم القرآن، واشتهر بجودة القراءة، وحسن الأداء، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وقراء القراءات، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو بكر الخياط، ونصر بن عبد العزيز الفارسي» وغيرهما. توفي «السوسنجردي» يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة، عن نيف وثمانين. ومن شيوخ «أبي بكر الخياط» في القراءة: «عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص أبو الحسن الحمامي، وهو من مشاهير القراء، وشيخ قراء العراق، ومسند الآفاق، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. أخذ «أبو الحسن الحمامي» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم «أبو بكر النقاش، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي» وغيرهما. اشتهر «أبو الحسن الحمامي» بالثقة، والضبط، وحسن الأداء، مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: كان «أبو الحسن الحمّامي» صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها (¬1). وبعد أن اكتملت مواهب «أبي الحسن الحمامي» تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه المشتغلون بالقرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن الحسن بن اللحياني» وآخرون. ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 522.

توفي «الحمامي» في شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي بكر الخياط» في القراءة: «عبيد الله بن عمر بن محمد بن عيسى، أبو الفرج المصاحفي البغدادي، وهو من خيرة العلماء الأجلاء، ومن الثقات المشهورين، أخذ «عبيد الله» القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، والحسن بن داود النقّار». ثم تصدّر «عبيد الله بن عمر» لتعليم القرآن، واشتهر بضبط القراءة، وتجويد القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ويتتلمذون عليه، وفي مقدمة من قرا عليه: «عليّ بن فارس الخياط، وأبو بكر الخياط». توفي «عبيد الله» سنة إحدى وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ومن شيوخ «أبي بكر الخياط» في القراءة: «أحمد بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن الحسين بن الهيثم بن طهما، أبو الحسن المقرئ، المعروف بابن البادي». وهو من خيرة القراء العاملين، ومن الثقات المشهورين، أخذ «أحمد بن عليّ» القراءة على خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن محمد بن هارون الهبيري». ثم جلس «أحمد بن عليّ» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الحفاظ يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو بكر الخياط». توفي «أحمد بن علي» في ذي الحجة سنة عشرين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي بكر الخياط» في القراءة: «عليّ بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن، أبو الحسن الحذّاء، وهو شيخ مقرئ ضابط، ثقة مشهور. أخذ «علي بن محمد» القراءة على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «إبراهيم بن الحسين بن عبد الله الشطّيّ». ثم تصدّر «علي بن محمد» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه «أبو بكر الخياط». توفي «علي بن محمد» في المحرّم سنة خمس عشرة وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة

إنه سميع مجيب. أخذ «أبو بكر الخياط» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة علماء الحديث، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: وسمع «أبو بكر الخياط» من «أبي الصلت المجبر، وأبي عمر بن مهدي الفارسي» ومن في طبقتهما (¬1). اشتهر «أبو بكر الخياط» بالثقة، وكثرة العلم، مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وكان كبير القدر، عديم النظير، بصيرا بالقراءات، صالحا، عابدا ورعا، بكاء، قانتا، خشن العيش، فقيرا، متعففا، ثقة، فقيها، على مذهب الإمام أحمد» (¬2). تصدّر «أبو بكر الخياط» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته في الآفاق، وتزاحم عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ويقرءون عليه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بن أحمد ابن محمد أبو عبد الله البارع البغدادي الدبّاس. وهو من مشاهير القراء، ومن المؤلفين الأجلاء، ولد سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. احتل «أبو عبد الله البارع» منزلة رفيعة، ومكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: هو مقرئ صالح، وأديب مفلق، صاحب رواية كتاب «الشمس النيّرة في التسعة الشهيرة» ألّفه له «أبو محمد سبط الخياط» (¬3). أخذ «أبو عبد الله البارع» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم «أبو ¬

_ (¬1) انظر: معرفة القراء ج 1، ص 426. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 427. (¬3) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 251.

بكر الخياط، وأبو القاسم يوسف بن الغوري» وغيرهما. جلس «أبو عبد الله البارع» لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو جعفر عبد الله بن أحمد الواسطي، وعليّ بن المرجّب البطائحي». توفي «أبو عبد الله البارع» سنة أربع وعشرين وخمسمائة. ومن تلاميذ «أبي بكر الخياط» الذين أخذوا عنه القراءة: محمد بن علي بن منصور بن عبد الملك بن إبراهيم بن الفراء، أبو منصور البغدادي، وهو من شيوخ القراءات المتصدرين، ومن العلماء العاملين الذين أوقفوا حياتهم على خدمة القرآن الكريم. أخذ «محمد بن علي بن منصور» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو بكر الخياط». تصدّر «محمد بن علي بن منصور» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ». ومن تلاميذ «أبي بكر الخياط» الذين أخذوا عنه القراءة: «محمد بن الحسين بن علي بن إبراهيم بن عبد الكريم أبو بكر الشيباني البغدادي، المزرقي بفتح الميم وهو من خيرة العلماء العارفين بالفرائض، ومن علماء القراءات، ولد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. احتلّ «محمد بن الحسين» منزلة رفيعة بين العلماء، وكانت له سيرة عطرة بين الجميع مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان من ثقات العلماء. أخذ «محمد بن الحسين» القراءات القرآنية عن «أبي بكر الخياط» كما سمع حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم من عدد من علماء الحديث وفي مقدمتهم: «أبو

سلمة، وابن المأمون». تصدّر «محمد بن الحسين» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو يوسف المديني، وأبو الفرج ابن الجوزي» توفي «محمد بن الحسين» سنة سبع وعشرين وخمسمائة. ومن تلاميذ «أبي بكر الخياط» الذين أخذوا عنه القراءة: هبة الله بن جعفر بن محمد بن الهيثم أبو القاسم البغدادي، وهو من القراء الثقات المشهورين، ومن الحذاق الضابطين، كما كانت له سمعة حسنة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «هو أحد من عني بالقراءات، وتبحّر فيها، وتصدر للإقراء» (¬1). أخذ «هبة الله بن جعفر» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أبو جعفر، وأبو بكر الخياط». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء، وتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو الحسن الحمامي، والإمام أبو بكر بن مهران» وعليه اعتماده في كتبه. لم يحدّد المؤرخون تاريخ وفاة «هبة الله بن جعفر». إلا أن «ابن الجزري» قال: وبقي فيما أحسب إلى حدود الخمسين وثلاثمائة رحمه الله رحمة واسعة. ومن تلاميذ «أبي بكر الخياط» الذين أخذوا عنه القراءة: «محمد بن عليّ أبو ياسر الحمامي، البغدادي». وهو من خيرة القراء الثقات، ومن المؤلفين المشهورين، صاحب كتاب «الإيجاز في القراءات العشر». ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 351.

أخذ «أبو ياسر الحمّامي» القراءات القرآنية عن خيرة العلماء، فقد قرأ روايات القراءات على «أبي علي غلام الهرّاس، وأبي بكر الخياط». جلس «أبو ياسر الحمّامي» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو نصر أحمد ابن محمد بن بغراج». كما سمع «أبو ياسر الحمامي» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم من العلماء المحدثين، وفي مقدمتهم: «أبو جعفر بن المسلمة». توفي «أبو ياسر الحمامي» في المحرم سنة تسع وثمانين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أبي بكر الخياط» الذين أخذوا عنه القراءة: يحيى بن الخطاب ابن عبيد الله بن منصور بن البزاز، النهري البغدادي، وهو من شيوخ القراءات المشهورين، ومن الحذاق المتصدرين. أخذ «يحيى بن الخطاب» القراءة وحروف القراءات عن عدد من خيرة القراء وفي مقدمتهم: «أبو بكر الخياط». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «الحسن بن أحمد بن الحسن». ومن الذين أخذوا القراءة عن «أبي بكر الخياط»: «المبارك بن الحسن بن أحمد بن عليّ بن فتحان، أبو الكرم الشهرزوري» وهو من خيرة علماء القراءات المعروفين بالثقة، وصحة القراءة، وجودة الضبط، ومن المؤلفين المشهورين. ألّف كتاب «المصباح الزاهر في العشر البواهر» وهو من أحسن ما ألف في علم القراءات. تلقاه العلماء بالرضا والقبول، وتدارسوه جيلا بعد جيل. ولا زال علماء القراءات يرجعون إلى مخطوطه حتى الآن. أخذ «أبو الكرم الشهرزوري» حروف القراءات عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم «أبو بكر الخياط».

تصدّر «أبو الكرم الشهرزوري» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بين الخاص والعام، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «محمد بن محمد بن هارون بن الكمال الحلبي». وبعد حياة حافلة بطلب العلم، والتدريس، والتصنيف، توفي «أبو بكر الخياط» سنة سبع وستين واربعمائة هـ. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 34"أبو بكر السلمي" ت 407 هـ

رقم الترجمة/ 34 «أبو بكر السّلمي» (¬1) ت 407 هـ هو: محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد الله بن حبيب أبو بكر السلمي الجبني، الأطروش، شيخ القراء بدمشق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «أبو بكر السلمي» سنة سبع وعشرين وثلاثمائة. وكان والده من علماء القرآن، كما كان يؤم بمسجد تلّ الجبن بدمشق ولهذا قيل له الجبني. ترعرع «أبو بكر» في بيت العلم، وتفتحت عيناه على سماع القرآن يتلى في البيت الذي نشأ فيه، فحفظ القرآن، وأخذ القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: والده، وعلي بن الحسين بن السفر، وابن الأخرم، وجعفر بن أبي داود، وأحمد بن عثمان السبّاك، والحسين بن محمد بن علي بن عتاب، ومحمد بن أحمد بن عتاب. وبعد أن اكتملت مواهب «أبي بكر السلمي» تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: علي بن الحسن الربعي، ومحمد بن الحسن الشيرازي، وأحمد بن محمد بن بزدة الأصبهاني، ورشاء بن نظيف، والكارزيني، وأبو علي الأهوازي، وآخرون. بلغ «أبو بكر السلمي» مكانة سامية بين الناس مما استوجب الثناء عليه، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 373. طبقات القراء ج 2، ص 84. طبقات المفسرين للداودي ج 2، ص 74.

في هذا المعنى يقول تلميذه «أبو علي الأهوازي»: «ما خلت دمشق قط من إمام كبير في قراءة الشاميين، يسافر إليه فيها، وما رأيت بها مثل «أبي بكر السلمي» من ولد «أبي عبد الرحمن السلمي» إماما في القراءة، ضابطا للروايات، قيما بوجوه القراءات، يعرف صدرا من التفسير ومعاني القراءات، قرأ على سبعة من أصحاب «الأخفش» له منزلة في الفضل، والعلم، والأمانة، والورع، والدين، والتقشف، والفقر، والصيانة» اه. توفي «أبو بكر السلمي» على الأصحّ سنة سبع وأربعمائة من الهجرة ودفن خارج الباب الصغير من دمشق وقد جاوز الثمانين. رحم الله «أبا بكر السلمي» وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 35"بكر بن شاذان" ت 405 هـ

رقم الترجمة/ 35 «بكر بن شاذان» (¬1) ت 405 هـ هو: بكر بن شاذان بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الحربي. ولد سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «بكر بن شاذان» القرآن عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وأبو بكر محمد بن علي بن الهيثم بن علوان، ومحمد بن عبد الله بن مرّة النقاش، وأحمد بن بشر الشارب، وبكار بن أحمد بن بكار» (¬2). كما أخذ «بكر بن شاذان» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وحدث عنهم، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «بكر بن شاذان» جعفر الخالدي، وعبد الباقي بن قانع، وأبا بكر الشافعي وغيرهم، ثم يقول: حدثنا عنه «الازهري، وأبو محمد الخلال، وعبد العزيز بن عليّ الأزجي» ثم يقول: وكان عبدا صالحا ثقة أمينا» اه (¬3). تصدر «بكر بن شاذان» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 7، ص 96. ومرآة الجناة ج 3، ص 13. ومعرفة القراء ج 1، ص 371. وغاية النهاية ج 1، ص 178 والنجوم الزاهرة ج 4، ص 237. وشذرات الذهب ج 3، ص 174. (¬2) انظر: طبقات القراء ج 1، ص 178. انظر القراء الكبار ج 1، ص 371. (¬3) انظر: تاريخ بغداد ج 7، ص 97.

ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن محمد المالكي، والحسن بن علي العطار، والحسن بن القاسم غلام الهراس، وأبو الحسن الخياط، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي» (¬1) اشتهر «بكر بن شاذان» بالأخلاق الفاضلة، والصفح والحلم، والعفو عن عثرات الإخوان، عملا بقول الله تعالى: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ، وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (¬2). ويقول الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه «عبادة بن الصامت» رضي الله عنه حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «الا أدلكم على ما يرفع الله به الدرجات؛ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: تحلم على من جهل عليك، وتعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك» (¬3) والدليل على تخلق «بكر بن شاذان» بهذه الأخلاق الفاضلة ما رواه «الخطيب البغدادي» حيث قال: حدثني الحسن بن غالب المقرئ أن بكر بن شاذان وأبا الفضل التميمي، جرى بينهما كلام فبدرت من «أبي الفضل» كلمة ثقلت على «بكر» وانصرف، ثم ندم «التميمي» فقصد «أبا بكر بن يوسف» وقال له: قد كلمت «بكر بن شاذان» بشيء جفا عليه، وندمت على ذلك، وأريد أن تجمع بيني وبينه فقال له «ابن يوسف» سوف نخرج لصلاة العصر، فخرج «بكر» وجاء إلى ابن يوسف، والتميمي عنده، فقال له التميمي: أسألك بالله أن تجعلني في حلّ، فقال «بكر»: سبحان الله، والله ما فارقتك حتى أحللتك، وانصرف، فقال «التميمي»: قال لي والدي: «يا عبد ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1، ص 178. (¬2) سورة آل عمران الآيتان 133 و 134. (¬3) رواه البزار والطبراني انظر الترغيب ج 3، ص 511.

الواحد احذر من أن تخاصم من إذا نمت كان منتبها» اه (¬1). وقال «ابن الجزري»: بكر بن شاذان الواعظ شيخ ماهر ثقة مشهور صالح زاهد» (¬2) توفي «بكر بن شاذان» يوم السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 7، ص 97. (¬2) انظر: طبقات القراء ج 1، ص 178.

رقم الترجمة/ 36"أبو بكر الطرازي" ت 385 هـ

رقم الترجمة/ 36 «أبو بكر الطّرازي» (¬1) ت 385 هـ هو: محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان أبو بكر الطرازي البغدادي، نزيل نيسابور مقرئ محقق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «الطرازي» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أبو بكر ابن مجاهد، وأحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي قتادة، وابن شنبوذ، وجعفر بن محمد السرنديبي، وأبو بكر الزيتوني، وعلي بن سعيد بن ذؤابة» (¬2) كما أخذ «أبو بكر الطرازي» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سكن «أبو بكر الطرازي» نيسابور، وحدث بها عن «أبي القاسم البغوي وأبي بكر بن أبي داود، وأبي سعيد العدوي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبي بكر بن دريد، وأحمد بن موسى بن مجاهد، وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري». ثم يقول «البغدادي»: وكان فيما بلغني يظهر التقشف، وحسن المذهب، إلا أنه روى مناكير وأباطيل، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: حدثنا عنه ابنه عليّ، وأبو عبيد محمد بن أبي نصر النيسابوري وغيرهما، حدثنا أبو الحسن عليّ بن أبي بكر الطرازي، بنيسابور، حدثنا أبي وأنبأنا أبو عبيد محمد ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المصادر الآتية: معرفة القراء الكبار: ج 1 ص 278، وغاية النهاية ج 2، ص 237 وتاريخ بغداد ج 3، ص 225 وميزان الاعتدال ج 4، ص 28. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 237.

ابن أبي نصر ببغداد، أنبأنا أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي، حدثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا، حدثنا خراش بن عبد الله الطحّان، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم «النظر إلى الوجه الحسن يجلو البصر، والنظر إلى الوجه القبيح يورث الكلح» اه. يقول «البغدادي»: وهذا الحديث لم يروه «أبو سعيد العدوي عن خراش عن «أنس» وإنما رواه بإسناد آخر (¬1). ثم يقول «البغدادي» وكان «أبو بكر الطرازي» يحدث كثيرا من حفظه ومن ذلك الحديث التالي: قال: «وحدثنا خراش بن عبد الله، حدثنا «أنس ابن مالك» قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «ما حسّن الله خلق امرئ ولا خلقه فأطعمه النار» اه. ثم يقول «البغدادي»: وجميع نسخة «أبي سعيد العدوي» التي رواها عن خراش أربعة عشر حديثا، وليس فيها شيء من هذه الأحاديث» اه (¬2) تصدر «أبو بكر الطرازي» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمتهم: «نصر بن أبي نصر الحدّاد، ومنصور بن أحمد العراقي» وآخرون (¬3). احتلّ «أبو بكر الطرازي» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «الطرازي» نزيل نيسابور، مقرئ، ضابط، صالح، عالي السند» (¬4) ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 3، ص 225. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 3، ص 226. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1، ص 352. وطبقات القراء ج 2، ص 237. (¬4) انظر القراء الكبار ج 1، ص 352.

وقال «الإمام ابن الجزري»: كان «أبو بكر الطرازي» مقرئا محققا (¬1) توفي «أبو بكر الطرازي» سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2 ص 237.

رقم الترجمة/ 37"أبو جعفر الأزدي" ت 427 هـ

رقم الترجمة/ 37 «أبو جعفر الأزديّ» (¬1) ت 427 هـ هو: أحمد بن علي أبو جعفر الأزدي القيرواني المقرئ الشافعي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. رحل «أبو جعفر الأزدي» إلى «مصر» وقرأ بها على ابي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون أبي الطيب الحلبي نزيل مصر، وهو أستاذ ماهر كبير محرّر، ضابط، ثقة، خيّر، صالح، ديّن. ولد بحلب سنة تسع وثلاثمائة، وانتقل إلى مصر فسكنها. وألف كتاب «الإرشاد» في السبع، قال عنه «أبو عمرو الحافظ»: كان «ابن غلبون حافظا للقراءة، ضابطا ذا عفاف، ونسك وفضل، حسن التصنيف» اه. ت بمصر عام 389 للهجرة. أقرأ «أبو جعفر الأزدي» الناس مدّة بالقيروان، وتوفي سنة سبع وعشرين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 384. طبقات القراء ج 1، ص 91.

رقم الترجمة/ 38"جلال الدين السيوطي" ت 911 هـ

رقم الترجمة/ 38 «جلال الدين السّيوطي» (¬1) ت 911 هـ هو: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن الهمام الجلال الأسيوطي الأصل الشافعي. وهو من خيرة العلماء الأفاضل المجتهدين، ومن المصنفين المكثرين، ولد في أول ليلة مستهلّ رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ونشأ يتيما فحفظ القرآن، والعمدة، والمنهاج الفرعي، وألفية النحوي. أخذ السيوطي العلم عن خيرة علماء عصره، وأخذ من كل فنّ، وسافر إلى «الفيوم» ودمياط، والمحلة الكبرى، وغير ذلك، وأجاز له أكابر علماء عصره من سائر الأمصار، وبرز في جميع الفنون، وفاق الأقران، واشتهر ذكره، وبعد صيته، وصنف التصانيف المفيدة النافعة فقد استفاد بمصنفاته من عاصره، ومن جاء بعده إلى عصرنا الحاضر، وعملت حوله الرسائل العلمية في الماجستير والدكتوراة. وجلال الدين السيوطي كتب لنفسه ترجمة في مؤلفه: «حسن المحاضرة» في تاريخ مصر والقاهرة، أثناء حديثه عن الكلام على من كان بمصر من الأئمة المجتهدين فقال: (¬2) «وإنما ذكرت ترجمتي في هذا الكتاب اقتداء بالمحدثين قبلي، فقل أن ألّف أحد منهم تاريخا إلا ذكر ترجمته فيه، وممن وقع له ذلك «الإمام عبد الغافر الفارسي» في تاريخ نيسابور، «وياقوت الحموي» في معجم الأدباء، ولسان الدين امير الخطيب في تاريخ غرناطة، والحافظ تقي الدين الفاسيّ في تاريخ ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة للسيوطي ج 1، ص 335 رقم الترجمة 77. الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوي ج 4 ص 35 رقم الترجمة 203. البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ج 1، ص 328 ورقم الترجمة 228. مقدمة بغية الوعاة للسيوطي ج 1، ص 9 فما بعدها. (¬2) انظر حسن المحاضرة ج 1، ص 335 فما بعدها، ورقم الترجمة 77.

مكة، والحافظ أبو الفضل بن حجر في قضاة مصر، وأبو شامة في «الروضتين»، وهو أروعهم وأزهرهم- فأقول: أي السيوطي- أما جدي الأعلى همّام الدين، فكان من أهل الحقيقة ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرئاسة، منهم من ولّي الحكم ببلده، ومنهم من ولّي الحسبة بها، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون، ومنهم من كان متموّلا، ولا أعلم منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا والدي. وأما نسبتنا بالخضيري فلا أعلم ما تكون هذه النسبة إلا الخضيرية، محلة ببغداد، وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه الله يذكره أن جدّه الأعلى كان أعجميا، أو من الشرق، فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة. وكان مولدي مستهلّ رجب بعد المغرب ليلة الأحد سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وحملت في حياة ابي إلى الشيخ «محمد المجذوب» رجل كان من الأولياء، بجوار المشهد النفيسي، ونشأت يتيما فحفظت القرآن ولي دون ثمان سنين، ثم حفظت «العمدة» ومنهاج الفقه، والأصول وألفية ابن مالك، وشرعت في الاشتغال بالعلم من مستهلّ سنة أربع وستين وثمانمائة. فأخذت الفقه، والنحو عن جماعة من الشيوخ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضيّ زمانه الشيخ «شهاب الدين الشارمساحيّ» الذي كان يقول: إنه بلغ السدّ العالية، وجاوز المائة بكثير، قرأت عليه من شرحه على المجموع. وأجزت بتدريس العربية من مستهل سنة ست وستين، وقد ألفت في هذه السنة فكان أول شيء ألفته شرح الاستعاذة والبسملة، وأوقفت عليه شيخنا «علم الدين البلقيني» فكتب عليه تقريظا، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولده فقرأت عليه من أوّل التدريب لوالده إلى «الوكالة» وسمعت عليه من أول «الحاوي الصغير» إلى «العدد»، ومن أول «المنهاج» إلى «الزكاة»، ومن أول «التنبيه» إلى قريب من «الزكاة»، وقطعة من «الروضة»، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي، ومن إحياء الموات إلى

«الوصايا» أو نحوها، وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين، وثمانمائة، وحضر تصديري. فلما توفي سنة ثمان وسبعين لزمت شيخ الإسلام «شرف الدين المناوي» وسمعت دروسا من شرح البهجة ومن حاشيته عليها، ومن تفسير البيضاوي. ولزمت في الحديث، والعربية شيخنا الإمام العلامة «تقي الدين الشبلي» الحنفي، فواظبته اربع سنين، وكتب لي تقريظا على شرح ألفية ابن مالك، وعلى جمع الجوامع في العربية تأليفي، وشهد لي غير مرّة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه ... ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات، رحمه الله تعالى. ولزمت شيخنا العلامة أستاذ الوجود «محيي الدين الكافيجي» اربع عشرة سنة، فأخذت عنه الفنون من التفسير، والأصول، والعربية والمعاني، وغير ذلك، وكتب لي إجازة عظيمة. وحضرت عند الشيخ «سيف الدين الحنفي» دروسا عديدة في «الكشّاف والتوضيح» وحاشيته عليه، وتلخيص المفتاح، والعضد. وشرعت في التصنيف في سنة ست وستين وثمانمائة، وبلغت مؤلفاتي إلى الآن ثلاثمائة كتاب، سوى ما غسلته، ورجعت عنه. وسافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام، والحجاز، واليمن، والهند، والمغرب، والتكرور. وأفتيت من مستهلّ سنة إحدى وسبعين، وعقدت إملاء الحديث من مستهلّ سنة اثنتين وسبعين. ورزقت التبحّر في سبعة علوم: التفسير، والحديث، والفقه، والنحو، والمعاني، والبيان، والبديع على طريقة العرب البلغاء لا على طريقة العجم وأهل الفلسفة. ودون هذه السبعة في المعرفة أصول الفقه، والجدل، والتصريف. ودونها

الإنشاء، والترسّل والفرائض. ودونها القراءات، ولم آخذها عن شيخ. وأما علم الحساب فهو أعسر شيء عليّ، وأبعده عن ذهني، وإذا نظرت إلى مسألة تتعلق به فكأنما أحاول جبلا أحمله. وقد كملت عندي الآن آلات الاجتهاد بحمد الله تعالى، أقول ذلك تحدثا بنعمة الله عليّ لا فخرا. وأما مشايخي في الرواية سماعا وإجازة فكثير، وعدّتهم نحو مائة وخمسين» اه. وأما كتبه فقد أحصى السيوطي منها نحو من ثلاثمائة في التفسير وتعلقاته والقراءات، والحديث وتعلقاته، والفقه وتعلقاته، وفن العربية وتعلقاته، وفن الأصول، والبيان، وفن التاريخ والأدب، والأجزاء المفردة، ما بين كبير في مجلد أو مجلدات، وصغير في كراريس، وقد ذكر تلميذه «الداودي المالكي» أنها أنافت على خمسمائة مؤلف. وقال «ابن إياس» في تاريخه [حوادث سنة 911 هـ] إنها بلغت ستمائة مؤلف. وظل السيوطي طوال حياته شغوفا بالدرس، مشتغلا بالعلم، يتلقاه عن شيوخه أو يبذله لتلاميذه، أو يذيعه فتيا، أو يحرره في الكتب والأسفار. وكان رحمه الله تعالى في حياته الخاصة على أحسن ما يكون عليه العلماء، ورجال الفضل، عفيفا، كريما، غنيّ النفس، متباعدا عن ذوي الجاه والسلطان، قانعا برزقه، وكان الأمراء والوزراء يأتون لزيارته ويعرضون عليه عطاياهم فيردها، وظل كذلك حتى توفاه الله تعالى في يوم الخميس تاسع شهر جمادى الأولى سنة أحد عشر وتسعمائة هـ. رحم الله السيوطي رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 39"أبو الحسن السعيدي" ت 400 هـ

رقم الترجمة/ 39 «أبو الحسن السعيدي» (¬1) ت 400 هـ هو: عليّ بن جعفر بن سعيد أبو الحسن السعيدي الرازي الحذّاء نزيل شيراز، استاذ معروف، مقرئ ماهر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الحسن السعيدي» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وأحمد بن نصر الشذائي، والحسن بن سعيد المطوعي، وأحمد بن العباس بن الإمام، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم المكي» وآخرون. جلس أبو الحسن السعيدي لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والإتقان، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن علي النوشجاني، وعلي ابن الحسن النسوي، ونصر بن عبد العزيز، الشيرازي» وآخرون. يقول «ابن الجزري»: له مصنف في القراءات الثمان، وجزء في التجويد رويناه. لم يحدد المؤرخون تاريخ وفاته، إلا أن «الحافظ الذهبي» قال: توفي في حدود الأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 370. طبقات القراء ج 1، ص 529.

رقم الترجمة/ 40"أبو الحسن الحمامي" ت 417 هـ

رقم الترجمة/ 40 «أبو الحسن الحمّامي» (¬1) ت 417 هـ هو: علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمّامي، شيخ العراق ومسند الآفاق، ثقة بارع مصدر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «الحمّامي» سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة من الهجرة. أخذ «الحمامي» القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وأبو عيسى بكار، وزيد بن علي، وهبة الله بن جعفر، وعبد الواحد بن عمر، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي، ومحمد بن علي بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله، وأحمد بن محمد بن هارون الوراق، وعبد الله ابن الحسن بن سليمان النخاس، وأحمد بن عبد الرحمن الولي، وأبو بكر بن مقسم، وإسماعيل بن شعيب النهاوندي» وآخرون. كما أخذ «الحمامي» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «أبو الحسن الحمّامي» أبا عمرو بن السمّاك، وأحمد بن سلمان النجاد، وجعفر الخلدي، ومحمد بن الحسن بن زياد النقاش، وأحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي، وأبا سهل بن زياد، ومحمد بن جعفر الادمي، وعلي بن الزبير الكوفي، وعبد الباقي بن قانع، وأحمد بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 11، ص 329. الكامل لابن الأثير ج 9، ص 356. تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1073. العبر في خبر من غير ج 3، ص 125. طبقات القراء ج 1، ص 521. القراء الكبار ج 1، ص 376. النجوم الزاهرة ج 4، ص 265. شذرات الذهب ج 3، ص 208.

كامل، ومحمد بن محمد بن مالك الاسكافي، وأبا بكر الشافعي، ومحمد بن علي ابن دحيم الكوفي، وإبراهيم بن أحمد القرميسيني، ومحمد بن العباس بن الفضل الموصلي، وخلقا غيرهم من هذه الطبقة» اه. اشتهر «أبو الحسن الحمامي» بالثقة وجودة القراءة وعلو الإسناد، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «أحمد بن الحسن بن اللحياني، وأحمد بن مسرور، وأحمد بن علي، وأحمد ابن علي الهاشمي، والحسن بن البنّاء، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، والحسن بن محمد المالكي، والحسين بن أحمد الصفار، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب، ورزق الله التميمي، وعبد الله بن شيطا، وعبد الملك بن شابور، وعبد السيد بن عتاب، وعلي بن محمد بن فارس، ومحمد بن موسى الخياط، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وعبد الله بن شبيب، ويحيى بن أحمد القصري، ويوسف بن أحمد بن صالح الغوري، وأبو علي غلام الهراس». كما روى عنه «أبو بكر الخطيب، وأبو بكر البيهقي، وأبو الحسن عليّ بن العلّاف». احتل «أبو الحسن الحمامي» مكانة سامية، ومنزلة مرموقة، مما استوجب الثناء عليه، في هذا المعنى يقول الخطيب البغدادي: كتبنا عن «أبي الحسن الحمامي» وكان صدوقا ديّنا، فاضلا، حسن الاعتقاد، وتفرد بأسانيد القراءات، وعلوّها في وقته، وكان يسكن بالجانب الشرقي ناحية «سوق السلاح» في درب الغابات. ثم يقول: حدثني «نصر بن إبراهيم» الفقيه، ببيت المقدس قال: سمعت سليم بن أيوب الرازي يقول: سمعت «أبا الفتح بن أبي الفوارس» يقول: «لو رحل رجل من خراسان ليسمع كلمة من «أبي الحمامي» أو من «أبي أحمد الفرضيّ» لم تكن رحلته ضائعة عندنا» اه.

توفي «الحمامي» سنة سبع عشرة وأربعمائة من الهجرة عن تسعين سنة، ودفن في مقبرة «باب الحرب» رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 41"الحسن أبو علي البغدادي" ت 438 هـ

رقم الترجمة/ 41 «الحسن أبو علي البغدادي» (¬1) ت 438 هـ هو: الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي الأستاذ أبو علي البغدادي. مؤلف كتاب الروضة في القراءات الإحدى عشرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو علي البغدادي» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور أبو الحسن السوسنجردي ثم البغدادي، وهو قارئ ضابط ثقة مشهور، كبير. ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، قرأ على «زيد بن أبي بلال، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وعليّ بن جعفر بن محمد بن خليع، ومحمد بن عبد الله بن أبي مرة الطوسي، وبكار بن أحمد، وتتلمذ عليه الكثيرون ت 402 هـ. ومن شيوخ أبي علي البغداديّ: «جعفر بن محمد بن أسد بن الفضل الضرير النصيبي يعرف بابن الحمامي، وهو قارئ حاذق ضابط شيخ نصيبين والجزيرة، قرأ على «الدوري» وهو من جلة أصحابه، وقرأ عليه القرآن عدد كبير ت 307 هـ. ومن شيوخ أبي علي البغدادي: «عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 396. طبقات القراء ج 1، ص 230. النجوم الزاهرة ج 5، ص 42. حسن المحاضرة ج 1، ص 493. شذرات الذهب ج 3، ص 261. فهرست ابن خير ص 26.

العلاء أبو الفرج النهرواني القطان» وهو مقرئ أستاذ، حاذق ثقة، أخذ القراءات عرضا عن «يزيد بن علي بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار، وأبي بكر النقاش، وابن مقسم، ومحمد بن علي بن الهيثم، وأبي طاهر بن أبي هاشم، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن عبد الله بن أبي عمرو، وأبي عبد الله الفارسي، وعلي ابن محمد بن خليع القلانسي»، وتتلمذ عليه الكثيرون، وعمّر دهرا، واشتهر ذكره ت 404 هـ. ومن شيوخ «أبي علي البغدادي»: محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله ابن يحيى بن خالد أبو عبد الله الجعفي الكوفي القاضي الفقيه الحنوي، نحوي، مقرئ، ثقة، يعرف بالهرواني- بفتح الهاء والراء- أخذ القراءة عرضا عن «محمد بن الحسن بن يونس النحوي، وحمّاد بن أحمد الكوفي. قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان محمد بن عبد الله بن الحسين ثقة حدث ببغداد. قال: وكان من عاصره بالكوفة يقول: لم يكن بالكوفة من زمن «ابن مسعود» وإلى وقته أحد أفقه منه. اه. وقال «العتيقي»: ما رأيت بالكوفة مثله. اه. وقال أبو علي المالكي: «كان من جلة أصحاب الحديث، فقيها على مذهب العراقيين، جليل القدر» اه. وقال «أبو العزّ» عن «أبي علي الواسطي»: كان «الجعفي جليلا في زمانه، يرحل إليه في طلب القرآن والحديث من كل بلد. اه. وقد تتلمذ على «محمد بن عبد الله بن الحسين» الكثيرون ت 402 هـ. ومن شيوخ «أبي علي البغدادي»: محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن بن هارون، أبو الحسن التميمي الكوفي، يعرف بابن النجار، مقرئ نحوي معمّر، مسند ثقة، ولد أوّل سنة ثلاث وثلاثمائة. وأخذ القراءة عرضا عن «محمد بن

الحسن بن يونس، والحسن بن داود النقار» قال عنه «أبو علي البغدادي»: كان محمد بن جعفر من جلة أهل العربية، ومن أهل الحديث متقنا، فاضلا، وقال «أبو عبد الله الحافظ»: عمّر دهرا طويلا وانتهى إليه علوّ الإسناد. اه. وقد روى القراءة عنه عرضا: «الحسن بن محمد البغدادي، وأبو علي غلام الهرّاس، وأبو علي العطار». وحدث عنه «أبو القاسم عبيد الله الأزهر». توفي «محمد جعفر» سنة 402 هـ. من شيوخ «أبي علي البغدادي»: محمد بن المظفر بن علي بن حرب أبو بكر الدينوري، بكسر الدال المهملة، وسكون الياء، وفتح النون والراء، وهي نسبة إلى «الدّينور» وهي بلدة من بلاد الجبل. كان بها جماعة من العلماء المحدثين، والمشايخ المشاهير. وهو شيخ «الدينور» وإمام جامعها المشهور، قدم إليها وأقرأ بها بعيد الأربعمائة، وكان مقرئا حاذقا، قرأ على: الحسن بن محمد بن حبش الدينوري وتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو علي غلام الهرّاس، وعلي بن محمد الخياط، والحسن بن محمد بن إبراهيم البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي» وآخرون. ثم تصدر الحسن أبو علي البغدادي» لتعليم القرآن الكريم، واشتهر بالثقة وصحة الضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة: يوسف بن علي بن جبارة بن محمد ابو القاسم الهذلي الأستاذ الكبير والعالم الشهير. ولد في حدود التسعين وثلاثمائة، وطاف البلاد في طلب القراءات، قال في كتابه «الكامل»: فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب فرغانة، يمينا وشمالا، وجبلا وبحرا، ولو علمت أحدا تقدّم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته، وألفت هذا الكتاب فجعلته جامعا للطرق المتلوة،

والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز، والهادي. توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة من الهجرة. ومن تلاميذ «أبي علي البغدادي» محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح أبو عبد الله الرعيني: بضم الراء وفتح العين المهملة، وبعدها ياء منقوطة باثنتين، نسبة إلى «ذي رعين» من اليمن. الأستاذ المحقق مؤلف كتاب «الكافي، والتذكير» ت 476 هـ. ومن تلاميذ «أبي علي البغدادي»: إبراهيم بن إسماعيل بن غالب أبو إسحاق المصري، المعروف بابن الخياط، وهو شيخ مقرئ مشهور عدل، روى كتاب «الروضة» سماعا وتلاوة عن مؤلفه «أبي علي الحسن بن محمد البغدادي». ومن تلاميذ «أبي علي البغدادي»: عبد المجيد بن عبد القوي أبو محمد المليحي، بفتح الميم، وهي قرية من قرى «هراة». وهو شيخ مقرئ، اخذ القراءات عن «أبي علي البغدادي». ومن تلاميذ «أبي علي البغدادي»: علي بن محمد بن حميد أبو الحسن بن الصّواف المصريّ الواعظ، المعروف بالمعدّل. وهكذا نجد «أبا علي البغدادي» أفنى حياته في تعليم القرآن حتى وافته المنية في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. رحم الله أبا عليّ البغدادي رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 42"ابن الحطاب" ت. 416 هـ

رقم الترجمة/ 42 «ابن الحطّاب» (¬1) ت. 416 هـ هو: أحمد بن طريف أبو بكر القرطبي المعروف بابن الحطاب بالحاء المهملة مقرئ حاذق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. رحل «ابن الحطاب» إلى مصر فقرأ على عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن الأنطاكي، وعبد المنعم بن غلبون، وعبد الله الحسين السامري، وعمر بن عراك». توفي «ابن الحطاب» بجزيرة ميورقة سنة ست عشرة وأربعمائة في ربيع الأول، وله خمس وسبعون سنة. رحم الله «ابن الحطاب» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 381. طبقات القراء ج 1، ص 64. بغية الملتمس ص 180. تاريخ الاسلام الورقة 170 [ايا صوفيا 3009].

رقم الترجمة/ 43"أبو حيان الأندلسي" ت 745 هـ

رقم الترجمة/ 43 «أبو حيّان الأندلسيّ» (¬1) ت 745 هـ هو: محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان، أثير الدين الغرناطي الأندلسي. ذكره «ابن الجزري» ضمن علماء القراءات. ولد «أبو حيان» في أواخر شوال سنة أربع وخمسين وستمائة من الهجرة. وكان مولده ب «مطخشارش» وهي مدينة من حضرة غرناطة، وقد رحل «أبو حيان» في سبيل طلب العلم إلى الكثير من البلاد الإسلامية، مثل تونس، والقاهرة، والاسكندرية، ودمياط، والمحلة الكبرى، والجيزة، ودشنا، وقنا، وقوص، وبلبيس. ثم بعد ذلك استقر في مصر، يتلقى عن شيوخها، ويأخذ عن علمائها ويقرأ على قرائها، فمصر كانت محط أنظار طلاب العلم يقصدونها من كل مكان. وكان أبو حيان رحمه الله تعالى مليح الوجه، مشربا بحمرة، كبير اللحية، منور الشيبة، مسترسل الشعر فيها، عبارته فصيحة، كثير الضحك والانبساط، بعيدا عن الانقباض، جيّد الكلام، حسن اللقاء، جميل المؤانسة، فصيح الكلام، طلق اللسان، وكان مهيبا، جهوريا في الحديث، مليح الحديث لا يملّ ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: الوافي بالوفيات ج 5، ص 267. الدرر الكامنة ج 5 ص 74. طبقات القراء ج 2، ص 285. بغية الوعاة ج 2، ص 190. النجوم الزاهرة ج 10، ص 112. نفح الطيب ج 2، ص 535. درة الحجال ج 2، ص 122. طبقات الشافعية الكبرى ج 4، ص 2. شذرات الذهب ج 6، ص 145. طبقات النحاة لابن قاضي شهية ص 290. دائرة المعارف الإسلامية ج 1، ص 332. نكت الهميان ص 280.

وإن طال، وكان طيب النفس، كثير الخشوع، والتلاوة والعبادة. قال «الصفدي» أحد تلاميذه: «لم أر في اشياخي أكثر اشتغالا منه، لأني لم أره إلا يسمع او يشتغل، أو يكتب، ولم أره على غير ذلك، وله إقبال على الطلبة الأذكياء، وعنده تعظيم لهم، وهو ثبت فيما ينقله، محرر لما يقوله، عارف باللغة، ضابط لألفاظها». وكان «أبو حيان» رقيق النفس، يبكي إذا سمع القرآن الكريم. اجتهد «أبو حيان» في طلب العلم وتحصيله، وبذل في سبيل ذلك وقته وعمره، وزهرة شبابه، وقد تلقى العلم على عدد كبير من خيرة علماء عصره، وحصّل الإجازات العلمية من عدد منهم. وها هو يقول في هذا المضمون: «وجملة ما سمعت من الشيوخ نحو أربعمائة شخص وخمسين. وأما الذين أجازوني فعالم كثير جدّا من أهل «غرناطة، ومالقة، وسبتة، وديار افريقية، وديار مصر، والحجاز، والعراق والشام، فمن العلماء الذين أخذ عنهم «أبو حيان» التفسير: «ابن الزبير» أحمد بن إبراهيم، أبو جعفر الأندلسي الحافظ، كان علامة عصره في الحديث، والقراءة ت 708 هـ. و «ابن أبي الأحوص»، الحسين بن عبد العزيز بن محمد القرشي الأندلسي، قاضي «مالقة» وشيخ الإقراء بها ت 680 هـ. وعلي بن أحمد بن عبد الواحد، أبو الحسن المقدسي ت 690 هـ. ومحمد بن سليمان بن الحسن بن الحسين، أبو عبد الله البلخي، المعروف بابن النقيب ت 698 هـ. ومحمد بن يحيى بن عبد الرحمن بن ربيع، أبو الحسين، ت 741 هـ. كما أخذ «أبو حيان» القراءات القرآنية عن عدد من العلماء منهم: أحمد ابن سعد بن علي بن محمد الأنصاري، أبو جعفر من غرناطة، كان كثير

الإتقان في تجويد القرآن ت 712 هـ. وابن الطبّاع: أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن عيسى ابو جعفر الرعيني، الأندلسي شيخ القراء بغرناطة. وقد ولي القضاء مكرها، فحكم مرة واحدة ثم عزل نفسه ت 680 هـ. وابن أبي الأحوص: قال «أبو حيان» رحلت إليه قصدا من غرناطة إلى «مالقة» لأجل الإتقان والتجويد، وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخر سورة «الحجر» جمعا بالسبعة، والادغام الكبير «لأبي عمرو» بمضمن «التيسير، والتبصرة، والكافي، والاقناع» وقرأت عليه حروف القراءات من كتب شتى، كما قرأت عليه كتابه: الترشيد في التجويد. والمليجي: إسماعيل بن هبة الله بن علي، فخر الدين أبو طاهر المصري، المقرئ، مسند القراء في زمانه ت 605 هـ. وإبراهيم الأهوازي، وخليل بن عثمان المراغي، قرأ عليه «أبو حيان» كتاب «الإرشاد» لأبي العز القلانسي». وعبد الحق بن علي بن عبد الله الأنصاري، قرأ عليه «أبو حيان» القراءات السبع نحو عشرين ختمة إفرادا، وجمعا، ولازمه نحو سبعة أعوام. وعبد الله بن محمد بن هارون بن عبد العزيز بن إسماعيل الطائي الأندلسي، القرطبي، أبو محمد ت 702 هـ. وعبد النصير بن علي بن يحيى بن إسماعيل بن مخلوف أبو محمد المريوطي، أحد شيوخ الإقراء بالإسكندرية. وقال «أبو حيان»: وقرأت القرآن بالقراءات الثمان، بثغر الإسكندرية على الشيخ الصالح: «رشيد الدين أبي محمد: عبد النصير بن علي بن يحيى الهمداني،

عرف بابن المريوطي. وعلي بن ظهير بن شهاب، نور الدين أبو الحسن المصري، المعروف بابن الكفتي إمام مقرئ، روى عنه «أبو حيان» ت 689 هـ. ومحمد بن صالح بن أحمد بن محمد أبو عبد الله الكتاني الشاطبي المعروف بابن دحيمة، أعلى الناس إسنادا بالشاطبية. ومحمد بن علي بن يوسف، رضي الدين، أبو عبد الله الأنصاري الشاطبي، إمام مقرئ، كان عالي الإسناد، روى عنه القراءة «أبو حيان». ويعقوب بن بدران بن منصور أبو يوسف الدمشقي ثم المصري المعروف بالجرائدي، إمام مقرئ، كان شيخ وقته بالديار المصرية، قرأ عليه «أبو حيان» كتاب «الإرشاد لأبي العز ت 688 هـ. ويوسف بن إبراهيم بن أحمد بن عتاب، أبو يعقوب الشاطبي، استوطن تونس، قرأ عليه «أبو حيان» ت 692 هـ. كما أخذ «أبو حيان» النحو وعلوم اللغة عن عدد من خيرة العلماء منهم: أحمد بن عبد النور بن أحمد بن راشد، أبو جعفر، المالقي النحوي. وأحمد ابن يوسف بن علي أبو جعفر الفهري، روى عنه «أبو حيان» كتاب سيبويه ت 691 هـ. ورضيّ الدين، أبو بكر بن عمر بن علي بن سالم، الإمام النحوي، كان من كبار أئمة العربية بالقاهرة مع العلم بالفقه والحديث ت 695 هـ. وابن النحاس: محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي نصر الحلبي شيخ العربية بمصر في وقته، سمع منه «أبو حيان» كتاب سيبويه، والإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي، والمفصّل للزمخشري ت 698 هـ.

كما أخذ «أبو حيان» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: ابن أبي الأحوص، روى عنه «أبو حيان» الحديث بسنده. وابن الزبير، تلقى عليه «أبو حيان» سند الترمذي بين قراءة وسماع، بغرناطة. وابن الطباع، قرأ عليه «أبو حيان» الموطأ للإمام مالك بن أنس. وعبد الرحمن الربعي قرأ عليه «أبو حيان» سنن أبي داود بغرناطة. وعبد الرحيم بن يوسف بن يحيى بن الخطيب أبو الفضل، قرأ عليه «أبو حيان» سنن أبي داود بالقاهرة. وابن عساكر: عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن عبد الله. وعبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف أبو محمد الدمياطي، أخذ عنه «أبو حيان» الحديث، وأجازه ت 705 هـ. وعبد الوهاب بن حسن بن الفرات، صفيّ الدين، قرأ عليه «أبو حيان» بعض أجزاء في الحديث بالإسكندرية. وأبو العز: عبد العزيز بن عبد المنعم بن علي بن نصر بن الصقيل. قال «أبو حيان» قرأت البخاري على جماعة أقدمهم إسنادا فيه «أبو العز» قرأته عليه، الا بعض كتاب التفسير، من قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ (¬1) إلى قوله تعالى: وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ (¬2) فسمعته بقراءة غيري. ¬

_ (¬1) سورة البقرة الآية 222. (¬2) سورة النور الآية 10.

ومحمد بن إبراهيم بن حازم المازني أبو عبد الله المصري ت 692 هـ. ومحمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسن قطب الدين القسطلاني أبو بكر القيسي الشاطبي، وكان شيخا عالما زاهدا كريم النفس، وكان عالما بالحديث ورجاله ت 686 هـ. ومحمد بن أحمد بن محمد بن المؤيّد نجيب الدين الهمداني، روى عنه «أبو حيان» الحديث. ومحمد بن إسماعيل بن عبد الله، زين العابدين أبو بكر الأنماطي. قرأ عليه «أبو حيان» جزءا في الحديث. ومحمد بن علي بن وهب بن مطيع، تقي الدين أبو الفتح بن دقيق العيد القشيري. كان إماما محدثا فقيها، أصوليا أديبا نحويا، مجتهدا ت 702 هـ روى عنه «أبو حيان» بعض الأحاديث. كما أخذ «أبو حيان» الفقه وأصوله عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: ابن الزبير، قرأ عليه «أبو حيان» المستصفى للغزالي، والإشارة للباجي، وشيئا من أصول الدين والمنطق. وعبد الكريم بن عليّ بن عمر الأنصاري، علم الدين العراقي ت 704 هـ قال «أبو حيان»: وبحثت ايضا في هذا الفن على الشيخ علم الدين عبد الكريم الأنصاري في مختصره الذي اختصره من كتاب «المحصول» كما قرأ عليه كتاب «المحرر» للرافعي وكتاب «المنهاج» للنووي. وعلي بن محمد بن خطاب الباجي، علاء الدين الشافعي، كان من علماء أصول الفقه، وكان قويّ المناظرة ت 714 هـ. ذكره «أبو حيان» أنه بحث على الشيخ الباجي في مختصره الذي اختصره من كتاب «المحصول».

وفضل بن محمد بن علي بن إبراهيم، أبو الحسن المعافري الخطيب. قال «أبو حيان»: وقد بحثت في فن أصول الفقه في كتاب «الإشارة» لأبي الوليد الباجي، على الشيخ الأصولي الأديب، أبي الحسن فضل بن إبراهيم المعافري الإمام بجامع غرناطة. ومحمد بن سلطان بدر الدين البغدادي، قرأ عليه «أبو حيان» من كتاب «الإرشاد» للعميدي في الخلاف. ومحمد بن محمود بن محمد بن عباد السلماني، شمس الدين أبو عبد الله الأصبهاني انتهت إليه الرئاسة في أصول الفقه وله معرفة جيدة بالنحو والأدب ت 688 هـ. قال «أبو حيان»: وقد بحثت في فن أصول الفقه على الشيخ شمس الدين الأصبهاني صاحب شرح المحصول. بحثت عليه في كتاب القواعد من تأليفه. كما أخذ «أبو حيان» الأدب عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: أحمد بن عبد الملك بن عبد المنعم بن جامع العزازي، اشتغل بالأدب ومهر وفاق أقرانه، سمع منه الفضلاء، وكتب عنه الكبراء سمع منه «أبو حيان» من نظمه. وله في الموشحات يد طولى، ت بالقاهرة سنة 710 هـ. وأحمد بن نصر الله بن باتكين القاهري، كان أديبا فاضلا، كتب عنه الفضلاء ت 710 هـ. وبهاء الدين بن النحاس، سمع منه أبو حيان الحماسة، وديوان المتنبي، والمعري، وقال: لم ألق أحدا أكثر سماعا لكتب الأدب من الشيخ بهاء الدين. وسليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن ياسين العابدي، أبو الربيع التلمساني المعروف بالعفيف التلمساني، شاعر مشارك في النحو والأدب، والفقه، والأصول ت 690 هـ.

وعمر بن محمد بن أبي علي سراج الدين أبو حفص الوراق المصري، شاعر، وأديب مشهور، له ديوان شعر كبير. وكان حسن التنحيل، جيد المقاصد، صحيح المعاني، عذب التركيب ت 695 هـ. ومالك بن عبد الرحمن بن علي أبو الحكم بن المرحّل المالقي النحوي، أديب زمانه بالمغرب، وإمام وقته، نعت بشاعر المغرب، كان رقيقا، سريع البديهة ت 699 هـ. ومحمد بن أبي بكر بن يحيى بن عبد الله، أبو عبد الله الهذلي التطيلي. ومحمد بن سعيد بن محمد بن حماد بن محسن، الصنهاجي البوصيري، شرف الدين شاعر حسن وهو صاحب البردة الشهيرة، والقصيدة الهمزية التي أولها: كيف ترقى رقيك الأنبياء. ت 696 هـ. ومحمد بن عبد المنعم بن محمد بن يوسف أبو عبد الله الأنصاري المصري، كان مقدما على شعراء عصره، مع مشاركة في كثير من العلوم ت 685 هـ. ومحمد بن عمر بن جبير المالقي، ومحمد بن محمد بن عيسى بن ذي النون الأنصاري، جمال الدين أبو عبد الله المالقي ت 680 هـ. ويحيى بن عبد العظيم بن يحيى، جمال الدين أبو الحسن الأنصاري المصري، شاعر ظريف، وكان جزارا بالفسطاط ت 679 هـ. ومن شيوخ «أبي حيان» أيضا: أحمد بن علي بن خالص، أبو العباس الأنصاري الإشبيلي. وإسحاق بن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الملك البغدادي. وأبو بكر بن عباس بن يحيى بن غريب البغدادي القواس. والحسين ابن أبي المنصور بن ظافر الخزرجي، صفيّ الدين. وعبد العزيز بن عبد الرحمن ابن عبد العليّ السكري. وعبد العزيز بن عبد القادر بن إسماعيل الصالحي الكتابي. وعبد الله بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن فارس التميمي. وعليّ بن صالح ابن

أبي علي بن يحيى بن إسماعيل الحسيني البهنسي. تصدر «أبو حيان» للتعليم بعد أن اخذ شهرة عظيمة، وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان يأخذون عنه شتى العلوم: القراءات، والتفسير، والحديث، والفقه، وعلوم اللغة، فمن الذين أخذوا عن «ابن حيان» القراءات والتفسير: 1 - إبراهيم بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المؤمن التنوخي الدمشقي نزيل القاهرة، أخذ عن «أبي حيان» القراءات العشر. 2 - إبراهيم بن أحمد بن عيسى، بدر الدين بن الخشاب القاضي المصري، قرأ على «أبي حيان» القراءات السبع. ت 774 هـ. 3 - إبراهيم بن عبد الله بن علي بن يحيى بن خلف المقرئ. شيخ الإقراء بالديار المصرية، ومن الذين لازموا درس أبي حيان ت 749 هـ. 4 - أحمد الحنبلي شيخ آمد، رحل إلى مصر، وقرأ للسبعة على «أبي حيان». قال «ابن الجزري»: لم يزل يبلغنا خبره إلى بعد 770 هـ. 5 - أحمد بن عبد العزيز بن يوسف الحراني، شهاب الدين بن المرحّل. قرأ على «أبي حيان» توفي بحلب سنة 788 هـ. 6 - ابن مكتوم: أحمد بن عبد القادر بن أحمد، تاج الدين أبو محمد الحنفي لازم «أبا حيان» دهرا طويلا، وقرأ عليه القرآن. 7 - أحمد بن علي بن أحمد أبو جعفر الحميري الغرناطي، قرأ على «أبي حيان» بالقاهرة، ثم رجع إلى غرناطة، وعيّن لمشيخة الإقراء بغرناطة ت 756 هـ. 8 - أحمد بن محمد بن محمد بن علي الأصبحي الأندلسي، شهاب الدين أبو العباس، لزم «أبا حيان» وحمل عنه كثيرا من العلوم. وقرأ عليه القراءات

الثمان، وأخذ عنه كتاب التسهيل ت 776 هـ. 9 - أحمد بن يحيى بن نحلة المعروف بسبط السلعوس أبو العباس، النابلسي ثم الدمشقي، قرأ على «أبي حيان» قراءة «عاصم» ت 732 هـ. 10 - السمين: أحمد بن يوسف بن عبد الدائم شهاب الدين الحلبي المعروف بالسمين، قرأ على «أبي حيان» وسمع منه كثيرا ت 756 هـ. 11 - أبو بكر بن أيدغدي بن عبد الله الشمس، الشهير بابن الجندي، شيخ الإقراء بمصر، قرأ على «أبي حيان» بالقراءات الثمان ت 769 هـ. 12 - حيان بن محمد بن يوسف بن علي بن أبي حيان، قرأ على والده وقد أجازه والده «أبو حيان» إجازة عامة. 13 - الصفدي: صلاح الدين: خليل بن أيبك بن عبد الله، ولد في «صفد» بفلسطين سنة 696 هـ واشتهر بالأدب والتاريخ والفقه، وولي وكالة بيت المال بدمشق ت 764 هـ. وكان «الصفدي» يجلّ أبا حيان كثيرا، وكذلك كان «أبو حيان» يقدّره وقد تلقى «الصفدي» على «أبي حيان» الكثير من العلوم. 14 - صالح بن محمد المقيري، قرأ على «أبي حيان». 15 - عبد الله بن محمد بن عبد الله بن خليل بن إبراهيم، العسقلاني. يعرف عند المحدثين بابن خليل. قرأ على أبي حيّان القراءات السبع، وأخذ عنه العربية. ت 777 هـ. 16 - محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن جامع الدمشقي، شمس الدين ابن اللبان المقرئ، قرأ على «أبي حيان» القراءات الثمان بمضمن قصيدتيه اللاميتين في السبع، وقراءة يعقوب. ولّي مشيخة الإقراء بالديار الأشرفية،

وبجامع التوبة، وبالجامع الأموي ت 776 هـ. 17 - ابن مرزوق: محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر أبو عبد الله التلمساني. سمع بمصر من «أبي حيان» وقرأ عليه، وروى عنه مؤلفات «ابن أبي الأحوص» وحدثه بسنن أبي داود، والنسائي، والموطأ، وقد مهر في العربية والأصول، والأدب ت 781 هـ. 18 - محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن علي أبو الفتح السبكي، قرأ على «أبي حيان» القراءات السبع، ولازمه في العربية سبعة عشر عاما، ت 744 هـ. 19 - محمد بن علي بن الحسن، الحسيني الدمشقي، أبو المحاسن، كان ضرير البصر وقد أجازه «أبو حيان» مروياته بخطه ت 765 هـ. 20 - محمد بن علي بن محمد بن عبد الكافي بن ضرغام، أبو عبد الله البكري الحنفي، المعروف بابن سكّر، نزيل «مكة المكرمة». قرأ على «أبي حيان» القراءات الثمان. 21 - محمد بن محمد بن علي، شمس الدين أبو عبد الله الغماري المصري المالكي النحوي، أخذ العربية والقراءات عن «أبي حيان» ت 749 هـ. كما تتلمذ على «أبي حيان» في علوم اللغة العربية عدد كبير وفي مقدمتهم: 1 - السفاقسي، إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن أبي القاسم، برهان الدين أبو إسحاق القيسي المالكي ت 742 هـ. 2 - بهاء الدين السبكي، أحمد بن علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام، أبو حامد السبكي. ولي التدريس وبعض وظائف أخرى، كما ولي خطابة الجامع الطولوني، ثم تدريس التفسير فيه بعد الأسنوي. وكان بهاء الدين يجلّ شيخه «أبا حيان» وقد نقل عنه كثيرا في كتابه «عروس الأفراح» ت بمكة

المكرمة سنة 773 هـ. 3 - أحمد بن لؤلؤ الرومي، شهاب الدين بن النقيب، أخذ العربية من «أبي حيان» ومهر في الفنون، وعمل تصحيح المهذب، ونكت المنهاج، وكان وقورا، ساكنا، خاشعا قانعا. كما كان عالما بالفقه والقراءات، والتفسير، والأصول، والنحو ت 769 هـ. 4 - أحمد بن محمد بن عبد المعطي، أبو العباس، مهر في العربية، وأخذ عن «أبي حيان»، وانتفع به أهل مكة، وكان ثقة ثبتا ت 788 هـ. 5 - أحمد بن محمد الفيومي ثم الحموي، صاحب كتاب «المصباح المنير» أخذ العربية عن «أبي حيان» وقد مهر وتميّز في العربية ت 770 هـ. 6 - أحمد بن يحيى بن فضل الله بن دعجان القرشي، درس على «أبي حيان» الأدب، ت 749 هـ. 7 - المرادي: الحسن بن قاسم بن عبد الله بن علي المرادي النحوي، اللغوي، الفقيه، كان إماما في العربية، والقراءات، أخذ العربية عن عدد من العلماء منهم «أبو حيان» من مؤلفاته: «شرح المفصل» لابن يعيش، وشرح ألفية ابن مالك، والجني الداني في حروف المعاني، وشرح التسهيل، وقد اهتم فيه بنقل آراء «أبي حيان» دون تعصب له، وكان يختم الخلاف في المسألة في أكثر الأحيان، برأي «أبي حيان» ت 749 هـ. 8 - الإسنوي: عبد الرحيم بن الحسن بن علي، جمال الدين أبو محمد، نزيل القاهرة وأخذ العلم عن «أبي حيان» صغيرا. وقد برع في العربية، وانتهت إليه رئاسة الشافعية، وازدحم عليه طلبة العلم وكثر تلاميذه، وانتفعوا به ت 772 هـ. من مؤلفاته: طبقات الشافعية، وشرح المنهاج في الفقه وغير ذلك.

9 - عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن صخر الكناني، الشافعي درس النحو على «أبي حيان» وروى عنه كثيرا ت 767 هـ. 10 - ابن عقيل، عبد الله بن عبد الرحيم بن عبد الله بن محمد القرشي الهاشمي العقيلي الهمداني الأصل، المصري، قاضي القضاة. لازم «أبا حيان» وكان من أجلّ تلاميذه، قال فيه «أبو حيان»: «ما تحت أديم السماء أنحى من ابن عقيل». من مؤلفاته شرحه على ألفية ابن مالك في النحو، وهو الشرح المشهور المتداول بين الطلاب والدارسين، المعروف بشرح «ابن عقيل» ت 769 هـ. 11 - عبد الله بن محمد بن عسكر بن مظفر بن نجم بن هلال، شرف الدين أبو محمد القيراطي، قرأ العربية على «أبي حيان» ت 739 هـ. 12 - ابن هشام: عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري، جمال الدين الحنبلي، ولد سنة 780 هـ. قرأ على «أبي حيان» ديوان زهير بن أبي سلمى، وكان «ابن هشام» شديد المخالفة لاستاذه «أبي حيان» وحفلت مصنفاته بالردّ على «أبي حيان» مثل «مغني اللبيب» و «شرح اللمعة البدرية» ت ابن هشام سنة 761 هـ. 13 - تاج الدين السبكي، عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي، أبو نصر ابن تقيّ الدين السبكي، ولد سنة 727 هـ. وأخذ النحو عن «أبي حيان» وقد أثنى على أستاذه كثيرا في كتابه «طبقات الشافعية الكبرى». ومما قال عنه: «ما رأيت بعد أبي حيان انحى منه»، ت 771 هـ. 14 - علي بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن مهدي، الفوّيّ نور الدين، سمع من «أبي حيان» وكان ماهرا في العربية، ت 782 - أو 786 هـ.

15 - علي بن بلبان، الفارسي، الأمير علاء الدين الحنفي. قرأ النحو على «أبي حيان» وأتقنه ت 739 هـ. 16 - تقي الدين السبكي، علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام، أبو الحسن، الفقيه الشافعي، المفسر الحافظ، الأصولي، النحوي، اللغوي. ولد سنة 683 هـ. قرأ على «أبي حيان» النحو، وولي قضاء الشام بعد «جلال الدين» القزويني وولي مشيخة دار الحديث الأشرفية، وكان محققا، بارعا، صنف نحو مائة وخمسين كتابا مطولا ومختصرات بمصر سنة 756 هـ. 17 - عمر بن رسلان بن نصير بن صالح، شيخ الإسلام، سراج الدين، أبو حفص البلقيني الكناني، مجتهد عصره، أخذ النحو عن «أبي حيان» وبرع في الفقه، والحديث، والأصول، انتهت إليه رئاسة المذهب والإفتاء، ت 805 هـ. 18 - محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن قدامة المقدسي، الحنبلي، شمس الدين، ولد سنة 705 هـ. وله مناقشات لأبي حيان فيما اعترض به على «ابن مالك» في الألفية. ت 744 هـ. 19 - محمد بن أرغون، ناصر الدين، ابن نائب السلطنة في مصر، ولي نيابة السلطنة في حلب، قرأ على «أبي حيان» العربية. ت بحلب سنة 727 هـ. 20 - محمد عبد الرحمن بن علي الزمردي، شمس الدين ابن الصائغ الحنفي النحوي، أخذ عن «أبي حيان» وغيره، وبرع في اللغة، والنحو، والفقه، ت 776 هـ.

21 محمد بن علي بن عبد الواحد بن يحيى أبو أمامة المصري أخذ العربية عن «أبي حيان» ت 763 هـ. 22 - ناظر الجيش: محمد بن يوسف بن أحمد بن عبد الدائم الحلبي، ولد سنة 697 هـ. ثم قدم القاهرة ولازم «أبا حيان» وجلال الدين القزويني، كان له في الحساب اليد الطولى ثم ولي نظارة الجيش ت 778 هـ. من مؤلفاته: شرح التسهيل امتدح في مقدمته «أبا حيان» وله في ثنايا الكتاب ردود على «أبي حيان» في اعتراضاته على ابن مالك. وهناك عدد من الذين تتلمذوا على «أبي حيان» إلا أن المصادر لم تحدّد نوع المادة العلمية التي أخذوها عن «أبي حيان». وفي مقدمة هؤلاء: 1 - أحمد بن سعد بن محمد، أبو العباس العسكري، أخذ عن أبي حيان، وكان شيخ العربية بدمشق في زمانه، من مؤلفاته شرح التسهيل ت 750 هـ. 2 - أحمد بن عبد الرحيم البعلبكي ثم الدمشقي، شهاب الدين المعروف بابن النقيب أخذ عن «أبي حيان» بمصر ت 764 هـ. 3 - أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني الغرناطي، أبو جعفر الأندلسي التقى بأبي حيان في القاهرة وأخذ عنه ت 779 هـ. 4 - إسماعيل بن محمد بن محمد بن علي بن عبد الله بن هانئ اللخمي الغرناطي المالكي، ولد بغرناطة، ثم قدم القاهرة وتلقى عن «أبي حيان» ت 771 هـ. 5 - الأمير أرغون بن عبد الله الناصري، نائب السلطنة أصله من مماليك الملك الناصر محمد بن قلاوون، سمع صحيح البخاري بقراءة «أبي حيان» ت 731 هـ.

6 - الأدفوي: جعفر بن تغلب بن جعفر بن علي كمال الدين، أبو الفضل الشافعي، أخذ الأدب عن «أبي حيان» ت 748 هـ. 7 - السبكي: الحسين بن علي بن عبد الكافي، جمال الدين أبو الطيب، أخذ العلوم عن «الشمس الأصبهاني، وأبي حيان» ت 755 هـ. 8 - خالد بن عيسى بن إبراهيم بن أبي خالد، رحل إلى المشرق وحج ثم رحل إلى القاهرة والتقى بأبي حيان، وقرأ عليه بعض مؤلفاته ثم أجازه «أبو حيان» ت قبل 780 هـ. 9 - سعيد بن محمد بن سعيد الملياني المغربي، المالكي النحوي، رحل من المغرب إلى القاهرة سنة 720 هـ. والتقى «بأبي حيان» وأخذ عنه ت 770 هـ. 10 - عبد الرحمن بن عمر بن حماد بن عبد الله بن ثابت البغدادي الحريري، سمع من «أبي حيان» بمصر ت 739 هـ. 11 - عبد الرحمن بن محمود بن وطاس القوصيّ، مجد الدين، أخذ عن «أبي حيان» وغيره ت 724 هـ. 12 - عبد المهيمن بن محمد بن عبد المهيمن الحضرمي، أجازه «أبو حيان» ت 749 هـ. 13 - علي بن عيسى بن مسعود بن منصور الزواوي، ثم المصري، سمع من «أبي حيان» ت 769 هـ. 14 - علي بن محمد بن عبد العزيز بن فتوح بن إبراهيم تاج الدين التغلبي الشافعي الموصلي المعروف بابن الدريهم. قرأ على «أبي حيان» بعض تصانيفه ت 762 هـ. 15 - محمد بن إبراهيم بن يوسف بن حامد، تاج الدين المراكشي الفقيه

الشافعي، تفقه على «أبي حيان» ت 652 هـ. لقد ترك «أبو حيان» رحمه الله تعالى للمكتبة الإسلامية والعربية الكثير من المؤلفات النافعة المفيدة، وقد بلغت هذه المصنفات ستة وأربعين كتابا في علوم مختلفة: منها ما هو في القراءات، ومنها ما هو في التفسير، ومنها ما هو في اللغة، والنحو إلى غير ذلك من العلوم. وهذه إشارة إلى بعض مصنفات «أبي حيان» ليتبيّن من خلال ذلك المكانة السامية التي وصل إليها «أبو حيان»: 1 - تفسير البحر المحيط، وهو في ثمانية مجلدات، وقد طبع عدة مرات. 2 - تحفة الأريب بما في القرآن من غريب. وقد طبع عدة مرات. 3 - النهر الماد من البحر وهو مختصر تفسيره الكبير «البحر المحيط» وقد طبع بهامش البحر، اختصر فيه «أبو حيان» تفسيره البحر المحيط إلى نحو الربع والذي حمله على هذا الاختصار، صعوبة مباحث البحر، وطوله. 4 - كتاب الأثير في قراءة «ابن كثير» وهو من الكتب المفقودة. 5 - كتاب تقريب النائي في قراءة «الكسائي» وهو مفقود. 6 - كتاب الحلل الحالية في أسانيد القراءات العالية وهو مفقود. 7 - كتاب رشح النفع في القراءات السبع وهو مفقود. 8 - كتاب الروض الباسم في قراءة عاصم وهو مفقود. 9 - كتاب عقد اللآلي في القراءات السبع العوالي وهي منظومة من القراءات السبع قيل إنها أخصر من الشاطبية وهي بغير رموز ولكنها لم تزل مفقودة.

10 - كتاب غاية المطلوب في قراءة يعقوب وهو مفقود. 11 - كتاب المزن الهامر في قراءة «ابن عامر» وهو مفقود. 12 - كتاب ارتشاف الضرب من لسان العرب، وقد حققه الدكتور مصطفى النحاس لنيل درجة الدكتوراة من كلية اللغة العربية، جامعة الأزهر وقد طبع بالقاهرة. 13 - الارتضاء في الفرق بين الضاد والظاء، وقد طبع ببغداد. 14 - التجريد لأحكام سيبويه وهو مفقود. 15 - التدريب في تمثيل التقريب، وهو لا زال مخطوطا. 16 - التذكرة في العربية، وهو كتاب كبير، ويقع في أربعة مجلدات وقد طبع جزء منه حديثا، وهو الجزء الثاني. 17 - التنزيل والتكميل في شرح التسهيل، وهو أضخم كتب «أبي حيان» النحوية، إذ يقع في عشرة مجلدات كبيرة. وقد طبعت منه قطعة صغيرة سنة 1328 هـ. بمطبعة السعادة بمصر في جزءين صغيرين، ويقوم الآن عدد من طلاب الدراسات العليا بجامعة الأزهر لتحقيق الكتاب كاملا. ولهذا الكتاب قيمة كبيرة لأن «أبا حيان» أودعه آراءه اللغوية والنحوية، والصرفية، وآراء المتقدمين. 18 - تقريب المقرب، وهو اختصار لكتاب «المقرّب» في النحو لأبي الحسن علي بن مؤمن الاشبيلي، المعروف بابن عصفور ت 669 هـ. وقد طبع الكتاب حديثا. 19 - التنحيل الملخّص من شرح التسهيل وهو مفقود.

20 - الشذا في أحكام كذا وهو مفقود. 21 - الشذرة الذهبية في علم العربية وهو مفقود. 22 - شرح كتاب سيبويه وهو مفقود. 23 - شرح تحفة المودود لابن مالك في النحو وهو مفقود. 24 - غاية الإحسان في علم اللسان. وهو عبارة عن قواعد لأصول النحو بطريقة سهلة ومبسطة وفقا لمذهب البصريين النحويين، وهذا الكتاب لم يزل مخطوطا في دار الكتب بالقاهرة ضمن مجموع بخط المؤلف تحت رقم 24 ش، وعليها عبارة تفيد أن المؤلف انتهى من تأليف هذا الكتاب يوم الأحد 11 رمضان 689 هـ كما توجد في معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بالقاهرة نسخة مصورة منها تقع في 23 ورقة بحجم 13* 17 سم. 25 - النكت الحسان في شرح غاية الإحسان. وهو شرح لكتابه «غاية الإحسان في علم اللسان» وقد طبع هذا الكتاب بتحقيق الدكتور عبد الحسين الفتلي ببغداد. وهو مفقود. 26 - القول الفصل في أحكام الفصل. 27 - اللمحة البدرية في علم العربية. وقد شرحه جماعة منهم «ابن هشام» بكتاب سمّاه: شرح اللمحة البدرية في علم اللغة العربية، وقد طبع هذا الشرح بتحقيق الدكتور هادي نهر ببغداد 1977 م. 28 - المبدع في التصريف، وهو اختصار لكتاب «الممتع» في التصريف «لابن عصفور» وقد طبع الكتابان.

29 - معاني الحروف، وتوجد منه نسخة في بايزيد عمومى رقم 6471 وقد كتب سنة 726 هـ. 30 - منهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك وهو شرح «لألفية» ابن مالك» في النحو والصرف. وقد طبع الكتاب سنة 1947 م في نيوهاتن بالولايات المتحدة الأمريكية بتحقيق سدني جليزر. 31 - الموفور من شرح «ابن عصفور» ولا يزال هذا الكتاب مخطوطا وتوجد منه نسختان: الأولى: في دار الكتب بالقاهرة تحت رقم 24 ش، وهو بخط «أبي حيان» ضمن مجموع، وتوجد مصورة هذه النسخة في معهد إحياء المخطوطات وتقع في 63 ورقة، وهي ناقصة من الآخر. والثانية، في نوشهر تحت رقم 229/ 4 كتبت سنة 746 هـ. 32 - نهاية الإغراب في علمي التصريف والإعراب، وهو رجز وقد نقل عنه السيوطي أبياتا في كتابه «الأشباه والنظائر». ونهاية الإغراب لم يزل مفقودا. 33 - الهداية في النحو، ويوجد من الكتاب ثلاث نسخ خطية: الأولى: في دار الكتب المصرية تحت رقم 1726، وتقع في 37 ورقة. والثانية: في دار الكتب المصرية تحت رقم 721 مجامع وتقع في 65 ورقة. والثالثة: في الخزانة التيمورية بدار الكتب رقم 428 وتقع في 98 صفحة. 34 - الإعلام بأركان الإسلام في الفقه وهو مفقود. 35 - الأنوار الأجلى في اختصار المحلى. وهو اختصار لكتاب «المحلى» في «الفقه» لأبي محمد علي بن حزم الظاهري ت 456 هـ. وهو من الكتب المفقودة. 36 - مسلك الرشد في تجريد مسائل نهاية «ابن رشد». وهو اختصار

لكتاب «بداية المجتهد ونهاية المقتصد» في الفقه لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد» ت 595 هـ وهو مفقود. 37 - الوهاج في اختصار المنهاج. ومن مؤلفات «أبي حيان» في الأدب والشعر المصنفات الآتية: 1 - الأبيات الوافية في علم القافية منظومة جليلة وهي مفقودة. 2 - خلاصة التبيان في علمي البديع والبيان وهي منظومة مفقودة. 3 - ديوان أبي حيان، وهو ديوان شعر «أبي حيان»، وقد حققه الدكتور أحمد مطلوب، وزوجته الدكتورة «خديجة الحديثي» وتمت طباعته. 4 - قصيدة دالية في تفضيل النحو، ومطلعها: هو العلم لا كالعلم شيء تراوده ... لقد فاز باغيه وأنجح قاصده وقد مدح بها «الخليل بن أحمد، وسيبويه» ثم بعض شيوخه قال الدكتور عفيف عبد الرحمن: حصلت على نسخة منها في «الخزانة العامة» بالرباط، وتقع في مائة وستين ورقة، ورقمها 329. 5 - قصيدة سينية: تقارب المائة بيت، وهي مفقودة. 6 - قصيدة في مدح الإمام الشافعي: عدد ابياتها تسعة وستون بيتا، ومنها نسخة مصورة في مكتبة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة. 7 - المورد العذب في معارضة قصيدة كعب. وهي قصيدة امتدح بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم معارضا لقصيدة «كعب بن زهير» المشهورة، وأولها: لا تعذلاه فما ذو الحب معذول ... العقل مختبل والقلب متبول

8 - نقد الشعر: وقد ذكر الأستاذ عباس العزاوي أن لأبي حيان كتابا باسم «نقد الشعر» تعرض فيه لنقد شعر «ابن سيناء الملك» وهو هبة الله بن جعفر بن المعتمد سناء الملك السعدي المصري، أبو القاسم، أديب شاعر وناثر، له ديوان «الطراز» كله موشحات ت بمصر سنة 608 هـ. 9 - نوافث السحر في دمائث الشعر، وهو من كتبه المفقودة. كما صنف «أبو حيان» في التراجم، والتاريخ، فمن ذلك ما يأتي: 1 - البيان في شيوخ «أبي حيان» وهو من كتبه المفقودة. 2 - تحفة الندس في نحاة الأندلس وهو من كتبه المفقودة. 3 - مجاني الهصر في تواريخ أهل العصر وهو من كتبه المفقودة. وقد نقل عنه «ابن حجر» في كتابه «الدرر الكامنة» في عدة مواضع. 4 - مشيخة ابن أبي منصور وهو من كتبه المفقودة. 5 - النضار في المسلاة عن «نضار» وهو من كتبه المفقودة. ونضار هذه ابنة أبي حيان، وقد توفيت سنة 730 هـ.، وقد نقل عنه السيوطي في تراجمه كثيرا. 6 - نفحة المسك في سيرة الترك، وهو من كتبه المفقودة وقد ذكر أحد الباحثين أن «أبا حيان» ألف هذا الكتاب في أيام المغول عند ما طغت موجاتهم. كما صنف «أبو حيان» في اللغات فمن ذلك ما يأتي: 1 - الإدراك للسان الأتراك. وقد طبع هذا الكتاب في استانبول سنة

1309 هـ. وتوجد من هذا الكتاب نسخة في معهد إحياء المخطوطات كتبت سنة 801 هـ. وهي مصورة عن جامعة استانبول وتقع في 98 ورقة، وحجم كل ورقة 15* 20 سم. 2 - المخبور في لسان البشمور. وبشمور قرية من مدينة الدقهلة قرب دمياط من مدن مصر وهو من مصنفاته المفقودة. 3 - منطق الخرس في لسان الفرس وهو من كتبه المفقودة. 4 - نور الغبش في لسان الحبش وهو من كتبه المفقودة. مما تقدم يتبين بجلاء ووضوح مكانة «أبي حيان» العلمية والاجتماعية حيث كان وحيد عصره في القراءات، والتفسير، والفقه، والنحو، والأدب، والحديث، والتصنيف. كل هذه الأمور جعلت العلماء يتنافسون في الثناء عليه. يقول تلميذه «الصفدي»: أبو حيان إمام الدنيا في النحو والتصريف، وله اليد الطولى في التفسير، والحديث، والشروط، والفروع، وتراجم الناس وتواريخهم، وحوادثهم، وقد قيد أسماؤهم على ما يتلفظون به من إمالة وتفخيم، كل ذلك قد جوّده، وحرّره، وقيده. ثم يقول: وقد اشتهر اسمه وطار صيته، وأخذ عنه أكابر الناس، وله التصانيف التي سارت، وطارت، وانتشرت، وانتثرت، وقرئت ودربت ونسخت» اه. وقال «تاج الدين السبكي»: وأخذ عن «أبي حيان» غالب مشيختنا وأقراننا، منهم الشيخ الإمام الوالد، وناهيك بما «لأبي حيان» من منقبة وكان يعظمه كثيرا، وتصانيفه مشحونة بالنقل عنه» اه.

وقال عنه «السبكي»: «أبو حيان شيخ النحاة، البحر الذي لم يعرف الجزر بل المدّ، يقصد من كل فجر. طلعت شمسه من مغربها، اتفق أهل العصر على تقديمه، وإمامته، ونشأت أولادهم على حفظ مختصراته، وآباؤهم على النظر في مبسوطاته، وضربت الأمثال باسمه مع صدق اللهجة، وكثرة الاتقان والتحري» اه. وقال الحافظ الذهبي: «أبو حيان مع براعته الكاملة في العربية له يد الطولى في الفقه، والآثار، والقراءات، وله مصنفات في القراءات والفقه، والآثار، وهو مفخرة أهل مصر في وقتنا في العلم، تخرج به عدة أئمة» اه. وقد امتدحه «مجيز الدين عمر بن الملطي» بقصيدة أولها: يا شيخ أهل الأدب الباهر ... من ناظم يلفى ومن ناصر ومدحه «نجم الدين يحيى الإسكندري» بقصيدة أولها: ضيف ألم بنا من أبرع الناس ... لا ناقض عهد أيامي ولا ناسي عار من الكبر والأدناس ذو شرف ... لكنه من سرابيل العلا كاس ومدحه بهاء الدين محمد شهاب بقصيدة أولها: إن الأثير أبا حيان أحيانا ... بنشره طيّ علم مات أحيانا وقد احتلّ «أبو حيان» الكثير من المناصب العلمية الكثيرة منها: أنه عيّن مدرسا للنحو في جامع الحاكم سنة 704 هـ. وفي سنة 710 هـ. عين مدرسا للتفسير في قبة السلطان الملك المنصور في عهد السلطان القاهر الملك الناصر. كما تولى منصب الإقراء بجامع الأقمر، ودرّس التفسير بالجامع الطولوني، ثم أضيف إليه مشيخة الحديث بالقبة المنصورية، فباشر هذه الوظائف كلها حتى مات.

توفي «أبو حيان» بعد حياة حافلة في تعليم القرآن، وتفسيره، وتعليم اللغة العربية وآدابها، وغير ذلك من العلوم، وذلك سنة خمس وأربعين وسبعمائة من الهجرة. رحم الله «أبا حيان» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 44"ابن خواستى" ت 412 هـ.

رقم الترجمة/ 44 «ابن خواستى» (¬1) ت 412 هـ. هو: عبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستى- بضم الخاء المعجمة وسكون العين المهملة وفتح التاء- أبو القاسم الفارسي ثم البغدادي يعرف بابن أبي غسان، مقرئ نحوي شيخ صدوق. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ. ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ. ضمن علماء القراءات. ولد «ابن خواستى» سنة عشرين وثلاثمائة، وورد عنه قوله: أذكر يوم مات «ابن مجاهد». أخذ «ابن خواستى» القراءة القرآنية على عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «عبد الواحد بن أبي هاشم، وأبو بكر النقاش»، وسمع منهما كثيرا من القراءات. كما أخذ «ابن خواستى» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وسمع من أبي بكر بن داسة، وإسماعيل الصفار، وأبي بكر النجاد، وأبي عمر الزاهد». ثم يقول: «ورحل سنة ثمان وثلاثين بنفسه، وسمع بالبصرة سنن «أبي داود» وتفرد بعلوّه، ودخل الأندلس للتجارة في سنة خمسين وثلاثمائة فسكنها». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 375. تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1055. طبقات القراء ج 1، ص 392. القراء الكبار ج 1، ص 374. بغية الوعاة ج 2، ص 98. شذرات الذهب ج 3، ص 198.

كما أخذ «ابن خواستى» العربية عن «أبي سعيد السيرافي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة الضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: الإمام أبو عمرو الداني، وفي هذا المعنى يقول عن شيخه: كان «ابن خواستى» خيرا، فاضلا، صدوقا، ضابطا، قرأت عليه القرآن بثلاث روايات. اه. كما روى عنه أيضا «أبو الوليد بن الفرضي»، لقيه بمدينة «التراب». توفي «ابن خواستى» بأبدة سنة اثنتي عشرة وأربعمائة من الهجرة وهو ابن اثنتين وتسعين سنة على خلاف في ذلك. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 45"رشأ بن نظيف" ت 444 هـ

رقم الترجمة/ 45 «رشأ بن نظيف» (¬1) ت 444 هـ هو: رشأ بن نظيف بن ما شاء الله أبو الحسن الدمشقي، وهو أستاذ في قراءة «ابن عامر» الدمشقي، وكان من الثقات. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. رحل «رشأ» في طلب القراءات، والحديث، إلى مصر، والعراق، وأخذ عن شيوخهما. ومن شيوخه في القراءات: عليّ بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني، وهو إمام مقرئ ضابط متقن، محرر زاهد، ثقة، قرأ على: «صالح بن إدريس، وأحمد بن عثمان بن السباك، وأبي الحسن بن الأخرم، ومحمد بن القاسم بن محرز، ومحمد بن جعفر الخزاعي. وقرأ عليه: الأهوازيّ، وتاج الأئمة، أحمد بن عليّ، وأحمد بن محمد الأصبهاني، ورشأ بن نظيف، وعليّ بن الحسن الرّبعي، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي، وأبو عبد الله الكارزيني، قال عنه «رشأ بن نظيف»: لم ألق مثل «علي ابن داود» حذقا، وإتقانا، في رواية «ابن عامر»: وقال عنه «الإمام الداني» كان ثقة، ضابطا، متقشفا» (¬2). وقال عنه «الإمام ابن الجزري»: كان يقرئ شرقيّ الرواق الأوسط، ولا ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 401. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 284. تهذيب تاريخ دمشق ج 5، ص 324. شذرات الذهب ج 3، ص 271. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 542.

يقبل ممن يقرأ عليه برّا، كما كان لا يأخذ على الإمامة رزقا، وكان يقتات من أرض له «بداريا» ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى «الطاحون» ويطحنه، ويعجنه، ويخبزه» (¬1). وقال عنه «الكتاني»: كان ثقة، انتهت إليه الرئاسة في قراءة «الشاميين». توفي في جمادى الأولى سنة اثنين وأربعمائة وهو في عمر التسعين. ومن شيوخ «رشأ بن نظيف»: محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال، أبو بكر السلمي الجبني، شيخ القراء بدمشق، أخذ القراءة عرضا عن أبيه، وعليّ بن الحسين، وابن الأخرم، وجعفر بن أبي داود، وأحمد بن عثمان السباك، والحسين بن محمد بن عليّ بن عتّاب، ومحمد بن أحمد بن عتاب». وأخذ عنه القراءة عرضا: «عليّ بن الحسن الربعي، ومحمد بن الحسن الشيرازي، وأحمد بن محمد بن يزده الأصبهاني، ورشأ بن نظيف، والكارزيني، وأبو علي الأهوازي». قال عنه تلميذه «أبو علي الأهوازي»: ما رأيت بدمشق مثل «أبي بكر السلمي» إماما في القراءة، ضابطا للرواية، قيّما بوجوه القراءات، يعرف صدرا من التفسير، ومعاني القراءات، قرأ على سبعة من أصحاب «الأخفش» له منزلة في الفضل، والعلم، والأمانة، والورع، والدين، والتقشف، والصيانة» (¬2) توفي سنة سبع وأربعمائة بدمشق، وقد جاوز الثمانين. وأخذ «رشأ بن نظيف» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «عبد الوهاب الكلابي، وأبو مسلم محمد بن أحمد الكاتب، وأبو الفتح بن سيبخت، والحسن بن إسماعيل الضرّاب، وأبو عمر بن مهدي الفارسي». ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 542. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 85.

تصدر «رشأ بن نظيف» لتعليم القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «سبيع بن المسلم بن عليّ بن هارون أبو الوحش المعروف بابن قيراط، شيخ دمشق، وكان ضريرا، من الثقات. ولد «سبيع» سنة تسع عشرة وأربعمائة من الهجرة، وقرأ على أبي عليّ الحسن بن عليّ الأهوازي، ورشأ بن نظيف، وتصدر لتعليم القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة، إسماعيل بن عليّ بن بركات الغساني شيخ عبد الوهاب بن برغش. وروى القراءات عنه، الخضر بن شبل الحارثي، وعلي بن الحسن الكلابي. وكان يقرئ الناس تلقينا ورواية من الفجر إلى قريب الظهر بالجامع الأموي. ثم أقعد وكان يحمل إلى الجامع، يقول «ابن الجزري»: وأظنه هو الذي أشهر قراءة «أبي عمرو بن العلاء البصري» تلقينا بدمشق، بعد ما كانوا يتلقون «لابن عامر الدمشقي». توفي «سبيع بن مسلم» في شعبان سنة ثمان وخمسمائة من الهجرة. وكما تصدر «رشأ بن نظيف» لتعليم القرآن، تصدر أيضا لرواية حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم. يقول «الحافظ الذهبي»: روى عنه- أي عند رشأ بن نظيف- عبد العزيز الكتاني، وعلي بن الحسين بن صصرى، وسهل بن بشر الأسفراييني، وأبو القاسم عليّ بن إبراهيم النسيب، وأبو الوحش سبيع بن قيراط، وآخرون (¬1). اشتهر «رشأ بن نظيف» بالثقة، وصحة القراءة مما استوجب ثناء العلماء عليه وفي هذا يقول «ابن الجزري»: كان «رشأ بن نظيف» محدثا، مقرئا، قرأ بمصر، والشام، والعراق. اه (¬2). ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 402. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 284.

وقال عنه تلميذه «عبد العزيز الكتّاني»: كان «رشأ» ثقة مأمونا، انتهت إليه الرئاسة من قراءة «ابن عامر» (¬1). توفي «رشأ بن نظيف» بعد حياة حافلة في تعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام في المحرم سنة أربع وأربعين وأربعمائة من الهجرة. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 402.

رقم الترجمة/ 46"زكريا بن محمد الأنصاري" ت 926 هـ

رقم الترجمة/ 46 «زكريّا بن محمّد الأنصاري» (¬1) ت 926 هـ هو: زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا الأنصاري القاهري الأزهري الشافعي، القاضي، الملقب بشيخ الإسلام، وهو من خيرة العلماء العاملين، ومن القراء، والمفسرين، والمحدثين، والفقهاء، والأصوليين، والمؤلفين. ولد في سنة ست وعشرين وثمانمائة ببلدة «سنيكة» محافظة الشرقية إحدى محافظات «مصر». ونشأ ببلدته وحفظ القرآن عند الشيخين: «محمد بن ربيع» و «البرهان» كما حفظ عليهما «عمدة الأحكام» و «مختصر التبريزي» في الفقه، وبعد ذلك رحل إلى القاهرة في سنة إحدى وأربعين وثمانمائة، فقطن الأزهر وحفظ «المنهاج» وألفية بن مالك، والشاطبية، ونحو النصف من ألفية الحديث، وغير ذلك من المتون. أخذ «زكريا الأنصاري» الكثير من العلوم العربية، والشرعية، عن خيرة علماء عصره، منهم «ابن حجر، والبلقيني، والقاياتي». وحضر دروس الشرف المناوي، وغيره وقرأ بالسبع على كل من «النور البلبيسي» إمام الأزهر، والزين رضوان، والشهاب القلقيلي السكندري، وقرأ بالقراءات الثلاث الزائدة على الشاطبية بما تضمنته مصنفات «ابن الجزري»، «النشر والطيبة» على الشيخ الزين طاهر المالكي. وقرأ بالقراءات العشر إلى ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع المجلد الثاني رقم 234 - ورقم الترجمة 192. البدر الطالع بمحاسن بعد القرن السابع ج 1 ص 252. ورقم الترجمة 175.

«المفلحون» فقط على «الزين بن عياش» وأخذ رسم القرن عن «الزين رضوان». وقد بلغ الشيخ زكريا الأنصاري درجة عظيمة في العلم ومكانة مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «شمس الدين السخاوي»: «ولم ينفك عن الاشتغال على طريقة جميلة من التواضع، وحسن العشرة، والأدب، والعفة، والانجماع عند بني الدنيا، مع التقلل، وشرف النفس، ومزيد العقل، وسعة الباطن، والاحتمال، والمداراة، إلى أن أذن له غير واحد من شيوخه في الإفتاء والاقراء، وتصدّى للتدريس في حياة غير واحد من شيوخه، وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد طبقة، مع إعلام متفننيهم بحقيقة شأنه، وقصد بالفتاوى، وزاحم كثيرا من شيوخه فيها، وله تهجّد وصبر، واحتمال، وترك للقيل والقال، وتواضع وعدم تنازل، بل عمله في التودد يزيد عن الحدّ، ورويّته أحسن من بديهته، وكتابته أمتن من عبارته، وعدم مسارعته إلى الفتاوى مما يعدّ من حسناته، وبيننا أنسة زائدة، ومحبة من الجانبين تامة، ولا زالت المسرّات واصلة إلى من قبله بالدعاء والثناء، وإن كان ذلك دأبه مع عموم الناس، فحظي منه أوفر، ولفظي فيه كذلك أغزر، وزاد في الترقي وحسن الطلاقة والتلقي مع كثرة حاسديه، والمعترضين لجانبه وواديه، وهو لا يلقاهم إلا بالبشر، إلى ان استقرّ به «الأشرف قايتباي» في مشيخة الدرس المجاور للشافعي، والنظر عليه، ولذا كثر تودد الناس إليه» (¬1). وأثنى عليه «الإمام الشوكاني» فقال: وقرأ في جميع الفنون، وأذن له شيوخه بالإفتاء والتدريس، وتصدر، وأفتى، وأقرأ وصنف، وله شروح ومختصرات في كل فن من الفنون، انتفع الناس بها، وتنافسوا فيها، ودرّس في أمكنة متعددة، وزاد في الترقي، وحسن الطلاقة والتلقي، وارتفعت درجته عند السلطان «قايتباي». ¬

_ (¬1) انظر الضوء اللامع للسخاوي المجلد الثاني ص 236.

وكان السلطان يلهج بتوليته القضاء مع علمه بعدم قبوله له في سلطنة «خشقوم» ثم ولاه «قايتباي» القضاء، وصمم عليه فأذعن بعد مجيء أكابر الدولة إليه فباشره بعفة ونزاهة، ثم عزل سنة ستة وتسعمائة ثم عرض عليه بعد ذلك فأعرض عنه لكفّ بصره، وانجمع في محله، واشتهرت مصنفاته، وكثرت تلامذته، وألحق الأحفاد بالأجداد، وعمّر حتى جاوز المائة أو قاربها» (¬1). ولشيخ الإسلام زكريا الأنصاري الكثير من المصنفات في شتى الفنون، منها: شرح آداب البحث، وسمّاه فتح الوهاب بشرح الآداب، و «غاية الوصول في شرح الفصول» وشرح «شذور الذهب في النحو»، وشرح مقدمة التجويد لابن الجزري، ومختصر قرة العين في الفتح والإمالة وبين اللفظين لابن القاصح، وشرح «إيساغوجي» في المنطق، وغير ذلك من الكتب النافعة المفيدة. وبعد هذه الحياة الحافلة بالتدريس، والفتوى، والتصنيف، توفي شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في يوم الجمعة رابع ذي الحجة سنة ست وعشرين وتسعمائة، رحمه الله رحمة واسعة. وقد حزن الناس عليه كثيرا لمزيد محاسنه، ورثاه الكثيرون من تلامذته فمن ذلك قول بعضهم: قضى زكريا نحبه فتفجرت ... عليه عيون النيل يوم حمامه سقى الله قبرا ضمّه غوث صيّب ... عليه مدى الأيام صبح غمامه ¬

_ (¬1) انظر البدر اللامع للشوكاني ج 1، ص 252.

رقم الترجمة/ 47"سعيد بن محمد" ت 867 هـ

رقم الترجمة/ 47 «سعيد بن محمد» ت 867 هـ هو: سعيد بن محمد بن عبد الله بن أبي بكر المقدسي الحنفي، نزيل القاهرة المعروف بابن الديري: نسبة إلى مكان يقال له الدير، أو إلى دير في بيت المقدس. ولد في يوم الثلاثاء تاسع عشر رجب سنة ثمان وستين وثمانمائة، وحفظ القرآن في صغره على خيرة حفاظ القرآن، كما حفظ مختصر «ابن الحاجب» وكان سريع الحفظ، مفرط الذكاء، ثم أكب على تلقي العلم، فتفقه على والده رحمه الله. وبرع في الفقه حتى صار المرجع إليه فيه، كما أخذ عدة فنون على كل من «ابن النقيب» و «الشمس بن الخطيب» وغيرهما. وتولى قضاء الحنفية، وصار معظما عند الملوك والوزراء، والأمراء. ومن الأدلّة على علوّ منزلته أنه عرض القضاء على «ابن الهمام» فامتنع وقال: لا يقدر على ذلك مع وجود «سعيد بن محمد». ثم تصدّر للتعليم، واشتهر بالثقة، والأمانة، وأقبل عليه الطلاب وكثرت تلامذته، وانتفع به الناس، وأخذ عنه أهل كل مذهب. ثم قصد بالفتاوى من سائر الآفاق، وبعد صيته، وأحبّه الجميع وأصبح يشار إليه بالبنان، وله نظم ومنه قصيدة مطلعها: ما بال سرّك بالهوى قد لاحا ... وخفيّ أمرك صار منك بواحا ترك «سعيد بن محمد» للمكتبة الاسلامية بعض المصنفات منها: «شرح عقائد النسفي» و «الكواكب النيّرات في وصول ثواب الطاعات إلى الأموات» و «السهام المارقة في كبير الزنادقة» و «رسالة في نوم الملائكة هل هو كائن ام

لا، وهل منع الشعر مخصوص بنبينا محمد صلّى الله عليه وسلم أم هو عام لكل الأنبياء». ولم يزل «سعيد بن محمد» يعمل ويجتهد حتى توفاه الله تعالى، في تاسع ربيع الآخر سنة سبع وستين وثمان مائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 48"صالح بن عمر العسقلاني" ت 868 هـ

رقم الترجمة/ 48 «صالح بن عمر العسقلاني» (¬1) ت 868 هـ هو: صالح بن عمر بن رسلان بن نصير بن صالح علم الدين العسقلاني، البلقيني الأصل، القاهري، الشافعي. وهو من القراء، والفقهاء، والمحدثين، والمؤلفين. ولد في ليلة الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بالقاهرة، ونشأ بها في كنف والده فحفظ القرآن، وصلى به للناس التراويح بمدرسة والده في سنة تسع وتسعين وسبعمائة. كما حفظ كتاب العمدة، ومنهاج الأصول، والألفية في النحو. أخذ «صالح بن عمر» كثيرا من العلوم على مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم والده رحمه الله، والزين العراقي، والمجد البرماوي، والبيجوري، والحافظ ابن حجر، وغير هؤلاء. تنقل «صالح بن عمر» في كثير من المناصب من الوعظ إلى التدريس إلى الافتاء حتى قال بعض أهل الأدب مثنيا عليه: وعظ الأنام إمامنا الحبر الذي ... سكب العلوم كبحر فضل طافح فشفى القلوب بعلمه وبوعظه ... والوعظ لا يشفي سوى من صالح احتلّ «صالح بن عمر» مكانة سامية بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام السخاوي»: وكان مصونا متقلّلا من الدنيا غاية في الذكاء، وسرعة الحفظ، فلازم الاشتغال بالفقه وأصوله والعربية، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: الضوء اللامع لأهل القرن التاسع رقم الترجمة 1199، ج 3، ص 312. البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع، رقم الترجمة 201، ج 1، ص 286.

والحديث، وغيرها من العلوم. وحج في سنة أربع عشرة وثمانمائة ولقي الحافظ الجمال بن ظهيرة، وغيره، ودخل «دمياط» فما دونها، ولم يزل ملازما لأخيه حتى تقدم، وأذن له في الافتاء، والتدريس، وخطب بالمشهد الحسيني بالقاهرة، وقرأ البخاري عند الأمير، وألبسه يوم الختم «خلعة». وكان إماما فقيها، عالما، قويّ الحافظة، سريع الإدراك، طلق العبارة، فصيحا، يتحاشى عدم الإعراب في مخاطبته بحيث لا يضبط عليه في ذلك شاذة ولا فاذّة، وكان بسّاما، بشوشا، طلق المحيا، فاشيا للسلام، مهابا، له جلالة، فكها، ذاكرا لكثير من المتون، والفوائد الحديثية، والمبهمات التي حصلها مستحضرا لجملة من الرقائق، والمواعظ والأشعار، حتى كان بعض الفضلاء يقول: إن الحضور بين يديه من المفرحات، شهما، مقداما، لا يهاب ملكا، ولا أميرا، سليم الصدر، لا يتوقف عن قبول من اعتذر إليه، معرضا عن تتبع زلات من يناوئه، غير مشتغل بتنقيصه، بل ربما يمنع من يشتغل في مجلسه بذلك» (¬1). وبعد هذه الحياة الحافلة بالعلم والتصنيف، توفي «صالح بن عمر» سنة ثمان وستين وثمانمائة، رحمه الله رحمة واسعة آمين. ¬

_ (¬1) انظر الضوء اللامع ج 3، ص 312.

رقم الترجمة/ 49"ابن الصقر" ت 429 هـ

رقم الترجمة/ 49 «ابن الصّقر» (¬1) ت 429 هـ هو: الحسن بن علي بن الصقر أبو محمد البغدادي المقرئ الكاتب. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن الصقر» القراءة عن خيرة علماء عصره، وقد قرأ «لأبي عمرو ابن العلاء» البصري على زيد بن علي بن أحمد بن محمد بن عمران بن أبي بلال أبو القاسم العجلي الكوفي، شيخ العراق، وهو إمام حاذق ثقة. أخذ القراءة على مشاهير علماء عصره، وتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: «ابن الصقر» توفي زيد بن علي ببغداد 358 هـ. وكان «ابن الصقر» آخر من قرأ على «زيد بن أبي بلال». تصدّر «ابن الصقر» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة والضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه الكثيرون يأخذون عنه، ويقرءون عليه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: أحمد بن الحسن بن خيرون، أبو الفضل البغدادي، استاذ مقرئ ثقة، أخذ القراءات عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: الحسن بن أحمد بن شاذان، والقاضي الحسين الصيمري، كما أخذ القراءات عن «ابن خيرون» إبراهيم بن محمد الهيثمي، وابن أخيه محمد بن عبد الملك، وآخرون. ومن تلاميذ «ابن الصقر» ثابت بن بندار أبو المعالي البقّال ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 394. طبقات القراء ج 1، ص 224. تاريخ بغداد ج 7، ص 390. النجوم الزاهرة ج 5، ص 28. تذكرة الحفاظ، ج 3، ص 1100.

الدينوري، ثم البغدادي، شيخ متقن صالح. أخذ «ابن الصقر» القراءة عن: عبد الوهاب بن علي اللخمي، وعليّ بن طلحة البصري، وعبد الله بن محمد بن مكي، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الظاهري. وأخذ القراءات عن «ابن الصقر» سبط الخياط، وهبة الله بن الطيري، وأحمد بن شنيف. ت 498 هـ. ومن تلاميذ «ابن الصقر»: عبد السيّد بن عتاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطاب- بالحاء المهملة- أبو القاسم البغدادي، الضرير، وهو مقرئ كبير مسند ثقة، أخذ «ابن عتّاب» القراءة عن «ابن الصقر» وأحمد بن رضوان، والحسن بن ملاعب، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وأبي الحسن الحمامي، وأبي العلاء الواسطي، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي، وأبي بكر محمد بن علي بن زلال، ومحمد بن عبد الله الشمعي، والحسين بن أحمد الحربي، وآخرون. وأخذ القراءة عن «ابن عتاب» أبو علي بن سكرة الصدفي، ومحمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم بن الشهرزوري. ت 487 هـ. ومن تلاميذ «ابن الصقر» محمد بن عبد الله بن يحيى أبو البركات البغدادي الكرجي الشّيرجي الوكيل الخباز الشافعي، وهو إمام مقرئ ثقة، ولد سنة ستين وثلاثمائة، قرأ بالروايات على الحسن بن الصقر، وأبي العلاء الواسطي، ومحمد بن بكير النجار، وعلي بن طلحة، وسمع عبد الملك بن بشران، وتفقه على القاضي أبي الطيب. وقرأ على «أبي البركات» أبو الكرم الشهرزوري، وأبو طاهر السلفي ختمة، وسمع منه وحدّث عنه هو وابن ناصر، وعبد الله بن النقور، قال عنه «ابن ناصر»: كان «أبو البركات» رجلا صالحا. وقال عنه «الحافظ الذهبي»: كان «أبو البركات أسند من بقي من القراء بالعراق». ت في ربيع

الأول سنة تسع وتسعين وأربعمائة من الهجرة. ومن تلاميذ «ابن الصقر» عليّ بن عبد الرحمن بن هارون بن عيسى بن داود بن الجرار أبو الخطاب الوزير البغدادي الشافعي، وهو إمام مقرئ كامل حسن الكتابة، مجوّد. ولد سنة تسع أو عشر وأربعمائة، وقرأ على «محمد بن عمر بن بكير النجار» وعلى «ابن الصقر» وقرأ عليه: «أبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري، وسعد الله بن الدجاجي»، ونظم في القراءات كتابا، وانتهت إليه رئاسة القراءة، قال عنه «الحافظ أبو طاهر السلفي»: «أبو الخطاب بن الجراح» إمام اللغة، ونظمه في أعلى درجة، وخطه من أحسن الخطوط، وكان يصلي بأمير المؤمنين المستظهر بالله التراويح، توفي في ذي الحجة سنة سبع وتسعين وأربعمائة. احتل «ابن الصقر» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان «ابن الصقر» رئيسا وافر الحرمة، عالي الرواية، أدرك السماع من مثل «إسماعيل الصفار» والكبار، ولكن لم يوجد له شيء. اه. توفي «ابن الصقر» في جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وأربعمائة هـ وله اربع وتسعون سنة. رحم الله «ابن الصقر» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 50"أبو طاهر الحلبي" ت 426 هـ

رقم الترجمة/ 50 «أبو طاهر الحلبيّ» (¬1) ت 426 هـ هو: محمد بن ياسين أبو طاهر البغدادي البزّار المعروف بالحلبي. إمام محقق أحد أعلام القرآن، وله مصنف في القراءات. أخذ «أبو طاهر الحلبي» القراءة القرآنية عن عدد من العلماء، فقد أخذ الروايات عرضا عن: أبي الفرج الشنبوذي، ومحمد بن العلاف، وأبي حفص الكتاني. بعد أن اكتملت مواهب «أبي طاهر الحلبي» تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءات عرضا: «عبد السيّد بن عتاب، وعليّ بن الحسين الطريثيثي». احتلّ «أبو طاهر الحلبي» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. في هذا المعنى يقول «الحافظ أبو عبد الله»: «أبو طاهر الحلبي» أحد الأعلام له مصنف في القراءات. توفي في ربيع الأول ببغداد سنة ست وعشرين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: تاريخ الاسلام الورقة 255 [اياصوفيا 3009]. القراء الكبار ج 1، ص 381، طبقات القراء ج 2، ص 276.

رقم الترجمة/ 51"طاهر بن غلبون" ت 399 هـ

رقم الترجمة/ 51 «طاهر بن غلبون» (¬1) ت 399 هـ هو: طاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك أبو الحسن الحلبي نزيل مصر. ذكره «الذهبي» 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. نشأ «طاهر بن غلبون» في بيت العلم والمعرفة، فوالده الإمام المشهور «عبد المنعم بن عبيد الله» أحد علماء القراءات، ومؤلف كتاب «الإرشاد» وقد أخذ «طاهر» القراءة وحروف القرآن، عن عدد كبير من خيرة العلماء، وفي مقدمة هؤلاء «والده عبد المنعم» و «عبد العزيز بن علي» ثم رحل إلى «العراق» فقرأ بالبصرة على: محمد بن يوسف بن نهار الحرتكي، وعلي بن محمد الهاشمي، وعلي بن محمد بن خشنام، كما سمع حروف القراءات من «والده» ومن «إبراهيم بن محمد بن مروان، وعتيق بن ما شاء الله، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن محمد بن المفسّر، وأبي الفتح بن بدهن، وسمع سبعة «ابن مجاهد» من «أبي الحسن علي بن محمد بن إسحاق الحلبي المعدل» (¬2). تصدر «طاهر بن غلبون» لتعليم القرآن، وأخذ شهرة عظيمة ورثها عن والده، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، فقد روى القراءات عنه عرضا وسماعا «الإمام الكبير الحافظ أبو عمرو الداني، وإبراهيم بن ثابت الإقليسي وأحمد بن بابشاذ الجوهري، وأبو الفضل عبد الرحمن الرازي، وأبو عبد الله ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تذكرة الحفاظ ج 3، ص 219. وطبقات الإسنوي ج 2، ص 401. والبلغة ص 101 والنشر ج 1، ص 72. ومعرفة القراء ج 1، ص 369 وطبقات القراء ج 1، ص 339. وحسن المحاضرة ج 1، ص 491. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 339.

محمد بن أحمد القزويني» (¬1). احتل «طاهر بن غلبون» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، يقول تلميذه «الإمام الداني»: لم ير في وقته مثله في فهمه وعلمه مع فضله، وصدق لهجته، كتبنا عنه كثيرا (¬2). وقال «الإمام ابن الجزري»: «طاهر بن غلبون نزيل مصر أستاذ عارف ثقة ضابط حجة محرر شيخ الداني، مؤلف كتاب «التذكرة» في القراءات الثمان» (¬3). وأقول: لقد استفاد «ابن الجزري» من كتاب «التذكرة» استفادة كبيرة، وهو أحد مصادره في القراءات، ولنستمع إلى «ابن الجزري» وهو يقول: «قرأ بمضمنه القرآن كله على «أبي عبد الله محمد بن الصائغ وأبي محمد عبد الرحمن بن أحمد الشافعي، وإلى أثناء سورة «النحل» على الأستاذ «أبي بكر ابن أيدغدي بالديار المصرية» (¬4). توفي «طاهر بن غلبون» سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 369. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 339. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1، ص 339. (¬4) انظر النشر في القراءات العشر ج 1، ص 73.

رقم الترجمة/ 52"عبد الباقي بن الحسن" ت 393 هـ

رقم الترجمة/ 52 «عبد الباقي بن الحسن» (¬1) ت 393 هـ هو عبد الباقي بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن السقا أبو الحسن الخراساني الأصل الدمشقيّ المولد. ولد بدمشق ورحل إلى الأمصار طلبا للعلم والمعرفة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أحب عبد الباقي القرآن والعلم منذ نعومة أظفاره، ورحل في سبيل ذلك إلى الأمصار، وأخذ عن الشيوخ وتلقى عن العلماء والمحدثين، يقول «ابن الجزري»: أخذ «عبد الباقي» القراءة عرضا عن: «إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، وإبراهيم بن الحسن، وإبراهيم بن عمر، وإبراهيم بن عبد العزيز، وإبراهيم بن عبد الله بن محمد، وأحمد بن عبد الله بن الخشف، وأحمد بن صالح، وأحمد بن عبد الرحمن، والحسين بن عبد الله، وزيد بن أبي بلال، وصالح بن أحمد، وعبد الرحمن بن عمر البغدادي، وعبد الله بن علي، وعبيد الله بن إبراهيم، وعلي بن عبد الله بن محمد، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي، ونظيف بن عبد الله. ومحمد بن إبراهيم البلخي، ومحمد بن أحمد بن هارون، ومحمد بن زريق، ومحمد بن الحسين الديبلي» (¬2). كما أخذ «عبد الباقي» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء ج 1، ص 357، وطبقات القراء، ج 1، ص 356. وحسن المحاضرة ج 1، ص 491. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 356.

وحدث عنهم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: وحدث «عبد الباقي» عن «عبد الله بن عتاب الزّفتي، وأبي علي الحصائري، وجماعة (¬1). تصدر «عبد الباقي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، يقول «الإمام ابن الجزري»: «أخذ القراءة عن «عبد الباقي» عرضا: «فارس بن أحمد، وأكثر عنه وقال: قال لنا «عبد الباقي»: أدركت أبا إسحاق إبراهيم بن عبد الرزاق بأنطاكية، وجلست معه في مجلسه، وهو يقرئ سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة، ولم أقرأ عليه، ولما حصّل الروايات ورجع إلى دمشق يقرئ بها، حصل بينه وبين شيوخها اختلاف فتعصب له قوم، وتعصب آخرون عليه، حتى تطاول بعضهم إلى بعض فخرج منها إلى «الديار المصرية» (¬2). احتلّ «عبد الباقي مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. يقول «الإمام الداني»: كان «عبد الباقي» خيّرا، فاضلا، ثقة، مأمونا، إماما في القراءات، عالما بالعربية، بصيرا بالمعاني، قال لي «فارس بن أحمد» أحد تلاميذه عنه: إنه أدرك إبراهيم بن عبد الرزاق بأنطاكية، وجلس بين يديه في سنة اربع وثلاثين وثلاثمائة، وسمعت عبد الرحمن بن عبد الله يقول: كان «عبد الباقي» يسمع معنا ببغداد على أبي بكر الأبهري، وكتب عنه كتبه في الشرح، ثم قدم «مصر» فقامت له بها رئاسة عظيمة، وكنا لا نظنه هناك، إذ كان ببغداد. اه (¬3). وقال «الإمام ابن الجزري»: كان عبد الباقي أستاذا حاذقا، ضابطا، ثقة، رحل إلى الأمصار» (¬4). ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 358. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 356 - 357. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1، ص 358. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1، ص 356.

توفي «عبد الباقي» بالاسكندرية، وقيل بمصر، بعد سنة ثمانين وثلاثمائة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن الكريم. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 53"عبد الباقي بن فارس" ت 450 هـ

رقم الترجمة/ 53 «عبد الباقي بن فارس» (¬1) ت 450 هـ هو: عبد الباقي بن فارس بن أحمد أبو الحسن الحمصي، ثم المصري وهو مقرئ مشهور مجوّد، أخذ القراءة عن خيرة العلماء. وقد روى القراءات عرضا عن والده فارس بن أحمد، أبو الفتح الحمصي الضرير نزيل مصر، وهو أستاذ كبير ضابط ومن الثقات، ولد بحمص سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، ثم رحل، وأخذ القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «عمر بن محمد الحضرمي» و «عبد الله بن محمد الرازي» وآخرون. ثم جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الحفاظ، وفي مقدمتهم: ولده «عبد الباقي» والحافظ أبو عمرو الداني، وقال عنه: «لم ألق مثله في حفظه وضبطه، كان حافظا، ضابطا، حسن التأدية فهما بعلم صناعته، واتساع روايته مع ظهور فضله وصدق لهجته، توفي بمصر سنة إحدى وأربعمائة (¬2). ومن شيوخ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: «قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي المصري، من ساكني مدينة «بلبيس» وهو مقرئ ضابط، مشهور، قال عنه «الإمام الداني»: كان «قسيم بن أحمد» ضابطا لرواية ورش يقصد فيها، وتؤخذ عنه وكان خيّرا فاضلا، سمعت «فارس بن أحمد» يثني عليه، وكان يقرئ بموضعه إذ كنت بمصر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 424 ورقم الترجمة 363. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 357 ورقم الترجمة 1529. حسن المحاضرة ج 1، ص 492. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 6. (¬3) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 27.

أخذ «قسيم بن أحمد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم جدّه لأمه «عبد الله بن عبد الرحمن» ويقال: محمد بن عبد الرحمن الظهراوي، صاحب «أبي بكر بن سيف». جلس «قسيم بن أحمد» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «عبد الباقي ابن فارس» وأحمد بن محمد الصقلي»، وآخرون. توفي «قسيم بن أحمد» سنة ثمان أو تسع وتسعين وثلاثمائة. ومن شيوخ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: «عمر بن محمد بن عراك، أبو حفص الحضرمي المصري». وهو من الأئمة المشهورين، ومن الثقات المعروفين في قراءة «ورش» وكان إمام جامع مصر. أخذ «عمر بن عراك» القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدّمتهم: «أبو غانم المظفر بن أحمد» وسمع حروف القراءات من «أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي» وآخرين. جلس «عمر بن عراك» لتعليم القرآن، وذاع صيته، واشتهر بالثقة، وحسن القراءة، وأقبل عليه عدد كبير من حفاظ القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «عبد الباقي بن فارس، وتاج الأئمة، أحمد بن عليّ بن هاشم» وآخرون. توفي «عمر بن عراك» بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. ومن شيوخ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: عبد الله بن الحسين بن حنون أبو أحمد السامري البغدادي، نزيل مصر، المقرئ اللغوي، مسند القراء في زمانه، قال عنه «الإمام الداني»: هو مشهور ضابط ثقة مأمون (¬1). ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 415.

وقال عنه «الحافظ الذهبي»: سألت: «أبا حيان محمد بن يوسف الأندلسي» عن «أبي أحمد السامري» فأثنى عليه ووثقه (¬1). ولد «عبد الله بن الحسين» سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين، وأخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدّمتهم: «أبو بكر بن مجاهد، وأبو الحسن بن شنبوذ». وبعد أن اكتملت مواهب «عبد الله بن الحسين» جلس لتعليم القراءة وحروف القراءات، واشتهر بالثقة والضبط، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو الفتح فارس بن أحمد» وهو أضبط من قرأ عليه، وعبد الباقي بن فارس، وغيرهما كثير. توفي «عبد الله بن الحسين» بمصر سنة ست وثمانين وثلاثمائة. وبعد أن أصبح «عبد الباقي بن فارس» مؤهلا لتعليم القرآن، وحروف القراءات تصدر لذلك، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدّمة من أخذ عنه القراءة: «عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي: بضم الميم، وسكون الراء، نسبة إلى «مرسيّة» وهي بلدة من بلاد المغرب» (¬2). قال «أبو علي بن سكّرة»: هو إمام وقته في فنّه، لقيته بالمرّيّة (¬3) لازم «أبا عمرو الداني» ثمانية عشر عاما، ورحل فلقي جماعة، قال: وجرت بينه وبين شيخه «الداني» عند قدومه منافسة ومقاطعة، وكان «أبو محمد» شديدا على أهل البدع، قوّالا بالحق مهيبا جرت له في ذلك أخبار كثيرة، وامتحن، ولفظته البلاد، وغرّب، وغمزه كثير من الناس، ودخل «سبتة» وأقرأ بها ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 417. (¬2) انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 257. (¬3) المرية: بفتح الميم: مدينة عظيمة على ساحل بحر الأندلس في شرقها انظر الأنساب للسمعاني، ج 5، ص 268.

مدّة، ثم خرج إلى «طنجة» ثم رجع إلى الأندلس فمات برندة (¬1). أخذ «عبد الله بن سهل» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عمرو الداني، وعبد الباقي بن فارس» وقرأ القراءات على «أبي عمر الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب القيسي». ثم جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والحفظ، والأمانة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع». توفي «عبد الله بن سهل» «برندة» سنة ثمانين وأربعمائة. ومن تلاميذ «عبد الباقي بن فارس» في القراءة: «محمد بن عبد الله بن مسبّح بن عبد الرحمن أبو عبد الله الفضّي المصري، وهو من أئمة القراءة المشهورين بالثقة وكثرة الروايات. أخذ القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم: «عبد الباقي بن فارس» وروى كتاب «الروضة» للمالكي سماعا عن «أبي الحسن علي بن حميد الواعظ، وإبراهيم بن إسماعيل بن غالب الخياط» وقرأ على «أبي معشر الطبري» بكتابه «سوق العروس». ثم جلس «محمد بن المسبّح» لتعليم القراءات، واشتهر بالثقة والأمانة، وكثرة الروايات، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «الشريف أبو الفتوح ناصر بن الحسن، وزيد بن شافع اللخمي» وآخرون. قال «ابن الجزري»: لا أدري متى توفي «محمد بن المسبّح» إلا أنه لم يصل إلى العشرين وخمسمائة. وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وحروف القراءات توفي «عبد الباقي بن فارس» في حدود الخمسين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 422.

رقم الترجمة/ 54"عبد الرحمن الخزرجي" ت 446 هـ

رقم الترجمة/ 54 «عبد الرّحمن الخزرجي» (¬1) ت 446 هـ هو: عبد الرحمن بن الحسن بن سعيد أبو القاسم الخزرجي القرطبي، من أهل الأندلس وهو أستاذ محقق حجة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. رحل سنة ثمانين وثلاثمائة إلى المشرق في سبيل العلم والأخذ عن الشيوخ فحج أربع مرات، وأخذ عن كبار العلماء، وألف «كتاب المقاصد». وفي مقدمة شيوخه الذين أخذ عنهم: كما قال «أبو علي الغسّاني»: عبد الله ابن الحسين بن حسنون أبو أحمد السامري البغدادي، نزيل مصر، المقرئ اللغوي مسند القراء في زمانه. ولد سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين، وتوفي بمصر ليلة السبت لثمان بقين من المحرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة، وصلى عليه «أبو حفص عمر بن عراك». قال «الإمام الداني»: أخذ «أبو أحمد السامري» القراءة عرضا عن «محمد ابن حمدون الحذاء، وأحمد بن سهل الأشناني، وأبي بكر بن مجاهد، وأبي الحسن بن شنبوذ، وأبي بكر بن مقسم، والحسن بن صالح، ومحمد بن الصباح المكي، وسلامة بن هارون»، وغيرهم كثير. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 410. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 367. الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 334. تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1124.

تصدّر «أبو أحمد السامري» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «أبو الفتح فارس بن أحمد، وهو أضبط من قرأ عليه، وأبو الفضل الخزاعي، ويوسف بن رباح، وأبو الحسين التّنيسي الخشاب، وعبد الرحمن بن الحسن، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وأبو العباس بن نفيس»، وغير هؤلاء كثير. قال «الحافظ الذهبي»: قرأ «عبد الرحمن الخزرجي» بالأندلس على: «عليّ ابن محمد بن إسماعيل بن محمد بن بشر أبو الحسن الأنطاكي التميمي نزيل الأندلس وشيخها، وهو إمام حاذق مسند ثقة ضابط. ولد بانطاكية سنة تسع وتسعين ومائتين، وتوفي يوم الجمعة ليومين بقيا من شهر ربيع الأول، سنة سبع وسبعين وثلاثمائة بقرطبة. أخذ «أبو الحسن الأنطاكي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «إبراهيم بن عبد الرزاق، وأحمد بن محمد بن خشيش، ومحمد بن جعفر بن بيان البغدادي، ومحمد بن النضر بن الأخرم، وأحمد بن صالح البغدادي». تصدّر «أبو الحسن الأنطاكي» لتعليم القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة، «أبو الفرج الهيثم بن أحمد الصباغ، وإبراهيم بن مبشّر، وعتبة بن عبد الملك، ومحمد بن عمر الغازي، وأبو المطرز القنازعي، ومحمد بن يوسف النجار، وعبيد الله بن سلمة بن حزم» وغيرهم كثير. ومن شيوخ «عبد الرحمن الخزرجي»: «محمد بن علي بن أحمد بن محمد أبو بكر الأذفوي المصري». ولد «أبو بكر الأذفوي» سنة أربع وثلاثمائة، وتوفي بمصر يوم الخميس لسبع خلون من ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. أخذ «أبو بكر الأذفوي» القراءة عن خيرة العلماء، فقد أخذ القراءة عرضا عن المظفر بن أحمد بن حمدان، وسمع حروف القراءات من أحمد بن

إبراهيم بن جامع، وسعيد بن السكن، والعباس بن أحمد، ولزم «أبا جعفر النحّاس». تصدر «أبو بكر الأذفوي» لتعليم القرآن. ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «محمد بن الحسين بن النعمان، والحسن بن سليمان وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وابنه أبو القاسم أحمد بن أبي بكر الأذفوي، وعتبة بن عبد الملك، وأبو الفضل الخزاعي». احتلّ «أبو بكر الأذفوي» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه. وفي هذا يقول «الإمام الداني»: انفرد «أبو بكر الأذفوي» بالإمامة في دهره في قراءة «نافع» رواية «ورش» مع سعة علمه، وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وحسن اطلاعه، وتمكنه من علم العربية، وبصره بالمعاني. وقال «الحافظ الذهبي»: برع «أبو بكر الأذفوي» في علوم القرآن، وكان سيّد أهل عصره بمصره، له كتاب التفسير في مائة وعشرين مجلّدا، موجود بالقاهرة. اه (¬1). قال «ابن الجزري»: سمّاه الاستغناء في علوم القرآن، ألّفه في اثنتي عشرة سنة. اه (¬2). وكما أخذ «عبد الرحمن الخزرجي» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة المحدثين، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «قال «عبد الرحمن الخزرجي» عن نفسه: ومن شيوخي في الحديث: «أبو بكر المهندس، وأبو مسلم الكاتب، والحسن بن إسماعيل الضرّاب وأبو ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 199. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 199.

محمد بن أبي زيد» اه (¬1). احتل «عبد الرحمن الخزرجي» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، مما استوجب ثناء العلماء عليه، وفي هذا يقول «أبو عمر أحمد بن مهدي»: كان «عبد الرحمن الخزرجي» من أهل العلم بالقراءات، حافظا للخلاف، مجوّدا للأداء، بصيرا بالنحو، مع الخير، والحال الحسن. اه (¬2). تصدّر «عبد الرحمن الخزرجي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وأقرأ الناس دهرا في مسجد بقرطبة، وفي الجامع، وقرأ عليه «يحيى بن إبراهيم بن أبي زيد، أبو الحسن اللواتي المرسي المعروف بابن البيّاز، صاحب كتاب «النبذ النامية» شيخ الأندلس، وهو إمام كبير. قرأ على «عبد الرحمن الخزرجي» وأبي عمرو الداني، وأبي عمر أحمد بن محمد الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب، وعبد الجبار الطرسوسي بمصر، وقيل: لم يقرأ عليه القرآن، وإنما سمع الحروف». تصدّر «ابن البياز» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: «أبو الحسن عليّ بن أحمد بن الباذش، ومحمد بن الحسن بن غلام الفرس، وعليّ بن عبد الله بن ثابت، وسليمان بن يحيى، وعيسى بن حزم الغافقي، وسمع كتاب «التلقين»، من مؤلفه «القاضي عبد الوهاب». توفي «ابن البياز» في ثالث المحرّم سنة ست وتسعين وأربعمائة وله تسعون سنة. وقال «ابن الجزري»: قرأ على «عبد الرحمن الخزرجي»: «خلف بن ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 410. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 410.

إبراهيم» و «أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الحق، أبو جعفر الخزرجي». وقرأ «أحمد بن عبد الرحمن» على «مكي بن أبي طالب» احزابا من القرآن، ثم قرأ السبع على «عبد الرحمن بن الحسن الخزرجي» وعلى «أبي عبد الله بن الطرفي». تصدر «أحمد بن عبد الرحمن» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن سمرة» و «عبد الرحمن بن عليّ الخزرجي». توفي «أحمد بن عبد الرحمن» سنة إحدى عشرة وخمسمائة عن تسعين سنة. ومن تلاميذ «عبد الرحمن الخزرجي»: «عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي»، مقرئ الأندلس، وهو أستاذ ماهر محقق، ثقة، مصدّر. أخذ «عبد الله بن سهل» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو عمر الطلمنكي، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأبو عمرو الداني، وعبد الجبار الطرسوسي بمصر، وخلف بن غصن الطائيّ، وعبد الباقي بن فارس، وعبد الرحمن بن الحسن، ومحمد بن سليمان، ومحمد بن سفيان صاحب كتاب «الهادي». يقول «الإمام ابن الجزري» بعد أن ذكر أساتذة «عبد الله بن سهل» قال: «وهؤلاء شيوخ ما نعلم أحدا جميع بينهم سواه» (¬1). تصدّر «عبد الله بن سهل» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع». احتلّ «عبد الله بن سهل» منزلة رفيعة، ومكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «أبو علي بن سكرة»: «عبد الله بن سهل» إمام ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 422.

وقته في فنّه، لقيته بالمريّة، ولازم «أبا عمرو الداني» ثمانية عشر عاما، ورحل فلقي جماعة، ثم يقول: وكان «أبو محمد شديدا على أهل البدع قوّالا بالحق مهيبا، جرت له في ذلك أخبار كثيرة» اه (¬1). توفي «عبد الله بن سهل» سنة ثمانين وأربعمائة هـ. ومن تلاميذ «عبد الرحمن الخزرجي»: «الحسين بن عبيد الله بن سعيد أبو علي الحضرمي»، وهو شيخ مقرئ، قرأ على «عبد الرحمن الخزرجي» وقرأ عليه: «علي بن أحمد بن خلف بن الباذش». قال «عبد الرحمن الخزرجي»: ومن شيوخي في «القرآن»: «عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر، وهو: أستاذ كبير ماهر، محرر، ضابط ثقة، صالح». ولد ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب، وانتقل إلى مصر فسكنها. أخذ «أبو الطيب بن غلبون» القراءة عن خيرة العلماء، فقد روى القراءة عرضا وسماعا عن: «إبراهيم بن عبد الرزاق، وإبراهيم بن محمد بن مروان، وأحمد بن بلال، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وأحمد بن الحسين النحوي، وأحمد بن موسى، وجعفر بن سليمان، والحسين بن خالويه، والحسن ابن حبيب الحصائري، وصالح بن إدريس، وعبد الله بن أحمد بن الصقري، وعلى بن محمد المكي، وعمر بن بشران، ومحمد بن جعفر الفريابي، ومحمد بن علي العطوفي، ونجم بن بدر، وصالح بن إدريس، وعبد الله بن أحمد بن الصقر، وعلي بن محمد المكي، ونصر بن يوسف». تصدّر «أبو الطيب بن غلبون» لتعليم القرآن، واشتهر بين الناس بالثقة، ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 422.

وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة: ولده «أبو الحسن طاهر» وأحمد بن علي الرّبعي، وأبو جعفر أحمد بن عليّ الأزدي، وأحمد بن عليّ تاج الأئمة، وأحمد بن نفيس، والحسن بن عبد الله الصقلي، وخلف بن غصن، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ، وعبد الرحمن الخزرجي، وأبو عبد الله محمد بن سفيان، وأبو الحسين محمد بن قتيبة الصقلي، ومكي بن أبي طالب. احتل «أبو الطيب بن غلبون» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، واشتهر بالثقة مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام أبو عمرو الداني»: كان «أبو الطيب بن غلبون» حافظا للقراءات ضابطا، ذا عفاف، ونسك وفضل، وحسن تصنيف (¬1). توفي «أبو الطيب بن غلبون» بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن توفي عبد الرحمن الخزرجي سنة ست وأربعين وأربعمائة للهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 471.

رقم الترجمة/ 55"عبد السلام بن الحسين" ت 405 هـ

رقم الترجمة/ 55 «عبد السّلام بن الحسين» (¬1) ت 405 هـ هو: عبد السلام بن الحسين بن محمد بن طيفور أبو أحمد البصري ثم البغدادي شيخ عارف ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. ولد «عبد السلام» سنة تسع وعشرين وثلاثمائة بالبصرة. قرأ القرآن على عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «الحسين بن إبراهيم الصائغ، وعلي بن محمد خشنام، وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي، وعلي بن أبي رجاء، وأبو العباس الكيّال» وآخرون. كما أخذ «ابن طيفور» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وحدّث به، في هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «سكن ابن طيفور بغداد وحدث بها عن محمد إسحاق بن عبّاد التمّار، وجماعة من البصريين» اه. تصدر «ابن طيفور» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة السند، وجودة القراءة، وطيب النفس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه القرآن الكريم، وسنة الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، والحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، وأبو الحسن الخياط، وعبد الواحد بن شيطا، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي، وعبد الملك بن سابور» وآخرون. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 11، ص 57. نزهة الألباء ص 347. الكامل في التاريخ ج 9، ص 252. إنباه الرواة ج 2، ص 175. طبقات القراء ج 1، ص 385. النجوم الزاهرة ج 4، ص 238. بغية الوعاة ج 2، ص 95. القراء الكبار ج 1، ص 377.

احتل «ابن طيفور» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة، وسمعة حسنة، مما استوجب ثناء العلماء عليه، حول هذه المعاني يقول «الخطيب البغدادي»: «حدثني عنه «عبد العزيز الأزجي» وغيره، وكان صدوقا، عالما، أديبا، قارئا للقرآن، عارفا بالقراءات، وكان يتولى ببغداد النظر في دار الكتب، وإليه حفظها والإشراف عليها». ثم يقول «البغدادي»: سمعت «أبا القاسم عبيد الله بن علي الرقي الأديب يقول: «كان عبد السلام البصري» من أحسن الناس تلاوة للقرآن، وإنشادا للشعر، وكان سمحا سخيا، وربما جاء السائل وليس معه شيء يعطيه فيدفع إليه بعض كتبه التي لها قيمة كثيرة، وخطر كبير. اه. وقال «الخطيب البغدادي»: حدثني علي بن الحسن التنوخي أن «عبد السلام البصري» توفي من يوم الثلاثاء التاسع عشر من المحرم سنة خمس وأربعمائة. وقال غيره: ودفن في مقبرة الشونيزي عند قبر «أبي علي الفارسي» رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 56"عبد الله بن سهل" ت 480 هـ

رقم الترجمة/ 56 «عبد الله بن سهل» (¬1) ت 480 هـ هو: عبد الله بن سهل بن يوسف أبو محمد الأنصاري الأندلسي المرسي: بضم الميم، وسكون الراء، وهي نسبة إلى «مرسية»، وهي بلدة من بلاد المغرب، وقد نسب إليها جماعة من العلماء (¬2). وهو من خيرة القراء المشهورين، المشهود لهم بالثقة والأمانة، قال عنه «ابن الجزري»: «عبد الله بن سهل مقرئ الأندلس، استاذ، ماهر، محقق، مصدّر، ثقة» (¬3). وقال «أبو الأصبغ بن سهل»: «أشكلت عليّ مسائل من علم القرآن، لم أجد من يشفيني فيها حتى لقيت «أبا محمد بن سهل» (¬4). أخذ «عبد الله بن سهل» القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم: «أحمد ابن محمد بن عبد الله، أبو عمر الطلمنكي»، الأندلسي، نزيل قرطبة. وهو من القراء المشهود لهم بالثقة وصحة الإسناد. ولد سنة أربعين وثلاثمائة، ورحل إلى المشرق فقرأ على الكثيرين، وفي مقدمتهم: «عمر بن عراك، وعبد المنعم بن غلبون». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 436 - ورقم الترجمة 372. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 421 - ورقم الترجمة 1782. ميزان الاعتدال ج 2، ص 437. شذرات الذهب ج 3، ص 364. (¬2) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 257. (¬3) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 421. (¬4) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 437.

وبعد أن اكتملت مواهبه، تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «عبد الله بن سهل». توفي «أبو عمر الطلمنكي» في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة. ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «مكي بن أبي طالب بن حموش أبو محمد القيسي»، القيرواني، الأندلسي، وهو من مشاهير القراء المحققين، ومن الثقات المجوّدين، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان، ورحل إلى كثير من المدن من أجل العلم وللأخذ عن الشيوخ، ومن المدن التي رحل إليها: «مكة المكرمة، مصر، وبيت المقدس». ألّف: «مكي بن أبي طالب» الكثير من الكتب بلغت أكثر من ثمانين كتابا، قال رحمه الله تعالى: «ألفت كتابي «الموجز في القراءات» بقرطبة، سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب «التبصرة» بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الإعراب» في الشام ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة (¬1). احتلّ «مكيّ بن أبي طالب» منزلة رفيعة بين الناس مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول صاحبه «أحمد بن مهدي المقري»: «كان مكي بن أبي طالب من أهل التبحّر في علوم القرآن، والعربية، حسن الفهم والخلق، جيّد الدين والعقل، كثير التأليف في علوم القرآن، محسنا، مجوّدا، عالما بمعاني القراءات» (¬2). أخذ «مكي بن أبي طالب» القراءات عن مشاهير علماء عصره، وفي ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 310. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 503.

مقدمتهم: «أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون» فقد أخذ عنه القراءات بمصر. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «عبد الله بن سهل». توفي «مكي بن أبي طالب» في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد أبو عمرو الداني الأمويّ مولاهم القرطبي، المعروف في زمانه بابن الصيرفي»، ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة. وهو من أشهر العلماء في علوم القرآن الكريم، وأعلاهم إسنادا. قال رحمه الله تعالى: «وابتدأت بطلب العلم في سنة ستّ وثمانين وثلاثمائة، ورحلت إلى المشرق في سنة سبع وتسعين، ودخلت مصر في شوّال فمكثت بها سنة، وحججت، ودخلت الأندلس في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وخرجت إلى «الثغر» سنة ثلاث وأربعمائة، فسكنت «سرقسطة» سبعة أعوام ثم رجعت إلى «قرطبة» قال: وقدمت «دانية» سنة سبع عشر وأربعمائة». فاستوطنها حتى توفاه الله تعالى. احتلّ «أبو عمرو الداني» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين الجميع، ولا زالت ذكراه عطرة حتى الآن، ومصنفاته انتفع بها آلاف طلاب العلم، والعلماء، ولو كتبت مؤلفات عن «أبي عمرو الداني» فلن توفيه حقه، في هذا المقام يقول «ابن بشكوال»: كان «أبو عمرو الداني» أحد الأئمة في علم القرآن، ورواياته، وتفسيره،

ومعانيه، وطرقه، وإعرابه، وجمع في ذلك تواليف حسانا يطول تعدادها، وله معرفة بالحديث، وطرقه، وأسماء رجاله، ونقلته، وكان حسن الخط، جيّد الضبط من أهل الحفظ، والذكاء، والتفنن، ديّنا، فاضلا، ورعا، سنيّا (¬1). وقال «المغامي»: كان «أبو عمرو الداني» مجاب الدعوة، مالكيّ المذهب، قرأت بخط شيخنا «الحافظ عبد الله بن محمد بن خليل» رحمه الله، قال بعض الشيوخ، لم يكن في عصره، ولا بعد عصره أحد يضاهيه في حفظه، وتحقيقه، وكان يقول: «ما رأيت شيئا إلا كتبته، ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته فنسيته. وكان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار، وكلام السلف فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها» اه (¬2). وقال «الإمام ابن الجزري»: سمع «أبو عمرو الداني» الحديث من جماعة، وبرّز فيه، وفي أسماء رجاله، وفي القراءات علما وعملا، وفي الفقه، والتفسير، وسائر أنواع العلوم. ثم يقول «ابن الجزري»: ومن نظر كتبه علم مقدار الرجل، وما وهبه الله تعالى فيه، فسبحان الفتّاح العليم» (¬3). ترك «أبو عمرو الداني» الكثير من المصنفات النافعة المفيدة، من هذه المصنفات كتابه «جامع البيان» فيما رواه في القراءات السبع، وكتاب «التيسير» في القراءات السبع، وهو مشهور لدى علماء القراءات، وأقول: قد قرأت بمضمّن هذا الكتاب، والحمد لله رب العالمين، وأقرأت به تلاميذي. ومن مصنفاته «كتاب المقنع في رسم المصاحف، وكتاب المحكم في نقط المصاحف»، وأقول: هذان الكتابان يعتبران من المراجع الأصيلة في رسم ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 504. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 504. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 504.

المصاحف ونقطها، يرجع إليها كل من له معرفة ودراية برسم المصحف وضبطه. وهناك الكثير من المؤلفات يطول ذكرها. أخذ «أبو عمرو الداني» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «خلف بن إبراهيم بن خاقان، وأبو الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وتزاحم الناس على الأخذ عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «عبد الله بن سهل». توفي «أبو عمرو الداني» بدانية يوم الاثنين منتصف شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة. ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: عبد الجبّار بن أحمد بن عمر ابن الحسن، أبو القاسم الطرسوسي؛ بفتح الطاء والراء المهملتين، نسبة إلى «طرسوس» وهي من بلاد «الثغر» بالشام، يقول «السمعاني»: وكان يضرب بعيدها المثل، إذ كان أهلها يتزينون ويخرجون بالأسلحة الكثيرة المليحة، والخيل الحسان، ليصل الخبر إلى الكفار فلا يرغبون في قتالهم، وقد كان هذا قبل أيامنا، والساعة صار هذا البلد في ايدي الفرنج (¬1). وكان استيلاؤهم عليها سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، وهو تاريخ «محنة طرسوس». ولد «عبد الجبار بن أحمد» سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة، وكان من مشاهير القراء المشهود لهم بالثقة، والأمانة، وجودة القراءة، وصحة الإسناد يقول عنه «أبو عمرو الداني»: ¬

_ (¬1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 4، ص 60.

«كان شيخا فاضلا، ضابطا، ذا عفاف، ونسك، رأيته وشاهدته، وكان كثيرا ما يقصد شيخنا «فارس بن أحمد» يذاكره في مجلسه» اه (¬1). أخذ «عبد الجبار بن أحمد» القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو أحمد السامري» عرض عليه حروف القراءات كلها بمصر، بعد أن رحل إليها، كما أخذ القراءات أيضا عن «أبي بكر الأذفوي». وبعد أن اكتملت مواهبه، صنف كتاب «المجتبى الجامع في القراءات» وأصبح شيخا لقراء مصر، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ويتلقون عليه القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «عبد الله بن سهل» وأبو الطاهر إسماعيل بن خلف» صاحب «كتاب العنوان» في القراءات. توفي «عبد الجبار بن أحمد» بمصر في آخر شهر ربيع الأول أو أول ربيع الآخر سنة عشرين وأربعمائة. ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «خلف بن غصن أبو سعيد الطائي، القرطبي». وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة، والضبط والعدل. أخذ القراءة عن مشاهير القراء وفي مقدمتهم: «أبو الطيب عبد المنعم بن غلبون، وعمر بن عراك» وغيرهما كثير. ثم تصدّر «خلف بن غصن» لتعليم القرآن، وقراءاته، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «عبد الله بن سهل». توفي «خلف بن غصن» في المحرم سنة سبع عشرة وأربعمائة. ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «عبد الباقي بن فارس بن أحمد، أبو الحسن الحمصي، ثم المصري». وهو مقرئ ثقة، متصدر، مجوّد، صحيح السند، عمّر دهرا، أخذ «عبد الباقي بن فارس» القراءة وحروف ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 358.

القرآن عن عدد من القرّاء، وفي مقدّمتهم «والده» رحمهما الله تعالى، إذ نشأ في بيت عامر بقراءة القرآن، وتعليم القراءات. وقرأ «لورش» على «عمر بن عراك، وقسيم الظهراوي». وبعد أن وجد نفسه أهلا للتدريس جلس لذلك، واشتهر بين الناس بالثقة، وحسن الأداء، ومن الذين قرءوا عليه: «عبد الله بن سهل، وأبو القاسم ابن الفحام». توفي «عبد الباقي بن فارس» في حدود الخمسين وأربعمائة. ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «عبد الرحمن الحسن بن سعيد، أبو القاسم الخزرجي، القرطبي»، من أهل الأندلس، رحل إلى المشرق سنة ثمانين وثلاثمائة، فحج أربع مرّات، وأخذ العلم والقراءات عن الكبار، وألف كتاب «المقاصد». كان «عبد الرحمن بن الحسن» من مشاهير القراء، ومن الثقات المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدّمتهم: «أبو أحمد السامري، وأبو الطيب بن غلبون». وقرأ بالأندلس على «أبي الحسن الأنطاكي». ثم تصدر «عبد الرحمن بن الحسن» لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، فأقبلوا يأخذون عنه، فقرأ عليه «خلف بن إبراهيم» خطيب قرطبة، وعبد الله ابن سهل» وغيرهما كثير. توفي «عبد الرحمن بن الحسن» سنة ست وأربعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة. ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «محمد بن سليمان بن محمود أبو

سالم أو أبو عبد الله الأبيّ الأندلسي»، دخل الأندلس في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. وهو من خيرة القراء، المشهود لهم بالثقة، والأمانة، وصحة الإسناد، قال عنه «الإمام الذهبي»: وكان ذكيّا، حافظا. أخذ «محمد بن سليمان» القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو أحمد عبد الله بن الحسين السامري». وبعد أن أصبح أهلا للتدريس، وتعليم كتاب الله تعالى، جلس لذلك، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «عبد الله بن سهل». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن سليمان». ومن شيوخ «عبد الله بن سهل» في القراءة: «محمد بن سفيان أبو عبد الله القيرواني المالكي»، وهو من مشاهير القراء، ومن العلماء المؤلفين، وهو صاحب كتاب «الهادي» في القراءات، وهو من المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد، رحل إلى «مصر» من أجل الأخذ عن شيوخها، فقرأ على «إسماعيل ابن محمد المهري» برواية «ورش» عن نافع. وعرض الروايات على «أبي الطيب ابن غلبون» رحل إليه قبل سنة ثمانين وثلاثمائة، ثم عاد من «مصر». احتلّ «محمد بن سفيان» مكانة سامية، مما جعل العلماء يثنون عليه، يقول «الحافظ الذهبي»: سمع معنا «محمد بن سفيان» على الشيخ «أبي الحسن عليّ ابن محمد بن خلف الفقيه، القابسي». وكان ذا فهم، وحفظ، وستر، وعفاف، خرج من «القيروان» لأداء فريضة الحج سنة ثلاث عشرة وأربعمائة، فحج، وجاور بمكة، ثم أتى المدينة

المنورة، فمرض وتوفي بها (¬1). تصدّر «محمد بن سفيان» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين قرءوا عليه: «عبد الله بن سهل». توفي «محمد بن سفيان» بالمدينة المنورة سنة خمس عشرة وأربعمائة. وبعد أن اكتملت مواهب «عبد الله بن سهل» والأخذ عن مشاهير القراء، تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وأقبل الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «عبد العزيز بن عبد الملك بن شفيع، أبو الحسن الأندلسي، وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة، وحسن الأداء. ولد قبل الثلاثين وأربعمائة. وكانت له مكانة سامية بين العلماء، وفي هذا يقول «ابن بشكوال»: كان شيخا صالحا، مجوّدا، حسن الصوت بالقرآن (¬2). أخذ «عبد العزيز بن عبد الملك» القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدّمتهم «عبد الله بن سهل». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو عبد الله محمد بن الحسن بن غلام الفرس». وبعد حياة حافلة بالعلم، توفي «عبد الله بن سهل» سنة ثمانين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 147. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 394.

رقم الترجمة/ 57"عبد الله بن شبيب" ت 451 هـ

رقم الترجمة/ 57 «عبد الله بن شبيب» (¬1) ت 451 هـ هو: عبد الله بن شبيب بن عبد الله بن محمد بن تميم أبو المظفر الأصبهاني، وهو مقرئ، متصدر، صالح، ضابط، سئل عنه إسماعيل بن الفضل الحافظ، فقال: إمام زاهد عابد عالم بالقراءات، كثير السماع (¬2). وقال عنه «الحافظ الذهبي»: كان بليغ الخطابة، مليح الوعظ، كبير القدر (¬3). أخذ «عبد الله بن شبيب» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل، ركن الإسلام، أبو الفضل الخزاعي الجرجاني»، وهو إمام حاذق ثقة، مشهور صاحب المؤلفات، صنف كتاب «المنتهى في القراءات الخمس عشرة» وهو يشتمل على مائتين وخمسين رواية، كما ألّف «كتاب تهذيب الأداء» في القراءات السبع، وكتاب «الواضح». أخذ «محمد بن جعفر» القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن محمد بن الشارب» وآخرون. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن وحروف القراءات، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من روى عنه القراءة «أبو العلاء الواسطي». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: العبر في خبر من غبر ج 3، ص 226. مرآة الجنان ج 3، ص 73. شذرات الذهب ج 3، ص 288. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 423، ورقم الترجمة 361. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 422 - ورقم الترجمة 1785. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 422. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 423.

توفي «أبو الفضل الخزاعي» سنة ثمان وأربعمائة. ومن شيوخ «عبد الله بن شبيب» في القراءة: «محمد بن عبد الرحمن بن جعفر، أبو بكر، ويقال: أبو علي المعروف بالمصري»، وهو إمام متصدر مقرئ استاذ زاهد. أخذ القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «محمد ابن جعفر بن محمود الأشناني، وأبو العباس المطوعي». ثم جلس «محمد بن عبد الرحمن» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو المظفر عبد الله بن شبيب» وقال عنه: لم تر عيناي مثله في حضر، ولا في سفر» (¬1). ومن شيوخ «عبد الله بن شبيب» في القراءة: «عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي»، شيخ العراق، ومسند الآفاق، وهو ثقة، بارع، متصدر. قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان «أبو الحسن الحمامي» صدوقا، دينا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوها (¬2). ولد «أبو الحسن الحمامي» سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «زيد بن عليّ، وهبة الله بن جعفر». ثم تصدر «أبو الحسن الحمامي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن مسرور، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني». توفي «أبو الحسن الحمامي» يوم الأحد الرابع من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة بين الظهر والعصر، ودفن بمقبرة «الإمام أحمد بن حنبل». ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 161. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 521.

ومن شيوخ «عبد الله بن شبيب» في القراءة: «الفضل بن محمد بن عبد الله، أبو القاسم العطّار البغدادي»، وهو إمام ثقة، ضابط، قارئ، مشهور، أخذ القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «أبو القاسم زيد بن أبي بلال». ثم تصدر لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو المظفر عبد الله بن شبيب بن عبد الله الأصبهاني». كما أخذ «عبد الله بن شبيب» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وحدّث عن جدّه: «أبي بكر محمد بن يحيى، والحافظ أبي عبد الله بن منده» (¬1). وبعد أن اكتملت مواهب «عبد الله بن شبيب» جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «يوسف بن علي بن جبارة بن محمد ابو القاسم الهذلي»، وهو أستاذ كبير، ثقة، ضابط اشتهر بكثرة الترحال للأخذ عن الشيوخ، فطاف البلاد في طلب القراءات، وجملة من أخذ عنهم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب فرغانة. وكان «أبو القاسم الهذلي» من المؤلفين، فقد ألف كتاب «الكامل، والوجيز، والهادي» واستفاد المسلمون من مصنفاته. أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات القرآنية عن عدد كبير من مشاهير القراء، اذكر منهم: «أحمد بن عليّ بن هاشم، واحمد بن نفيس». وبعد أن اكتملت مواهب «أبي القاسم الهذلي» تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بين الناس بالثقة، والحفظ، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وكما كثرت شيوخه كثر ايضا طلابه وفي مقدمتهم: «أبو بكر بن محمد بن زكريا الأصبهاني، وقرأ عليه بمضمّن كتابه «الكامل» وسمعه منه ¬

_ (¬1) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 423.

«أبو العز القلانسي» وغيره. وبعد حياة حافلة بالرحلات في طلب العلم، والتنقل في المدن والبلاد، والتصنيف، والتعليم توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة. ومن تلاميذ «عبد الله بن شبيب» في القراءة: «إسماعيل بن الفضل بن أحمد أبو الفضل السرّاج، المعروف بالإخشيد»، وهو إمام ثقة، حافظ، ومن القراء المشهورين، روى حروف القراءات عن «أبي الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وعبد الله بن شبيب»، وغيرهما. ثم تصدر لتعليم القرآن وأقبل عليه الكثيرون، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني». وبعد حياة حافلة بطلب القراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وتعليم القرآن وحروف القراءات، توفي «عبد الله بن شبيب» في صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله افضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 58"عبد المنعم بن غلبون" ت 389 هـ

رقم الترجمة/ 58 «عبد المنعم بن غلبون» (¬1) ت 389 هـ هو: عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون بن المبارك، أبو الطيب الحلبي نزيل مصر، ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «ابن غلبون» ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب سنة تسع وثلاثمائة بحلب، وانتقل إلى «مصر» فسكنها حتى توفاه الله تعالى. أخذ «ابن غلبون» القراءة وحروف القرآن على خيرة العلماء. وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: «روى عبد المنعم بن غلبون القراءة عرضا وسماعا عن: إبراهيم بن عبد الرزاق، وإبراهيم بن محمد بن مروان، وأحمد بن محمد بن بلال، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وأحمد بن الحسين النحوي، وأحمد بن موسى، وجعفر بن سليمان، والحسين بن خالويه، والحسن بن حبيب الحصائري، وصالح بن إدريس، وعبد الله بن أحمد بن الصقر، وعلي بن محمد المكي، وعمر بن بشران، ومحمد بن جعفر الفريابي» وآخرين (¬2). تصدر «عبد المنعم بن غلبون» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء ج 1، ص 355، وطبقات القراء ج 1، ص 470. والنشر في القراءات العشر ج 1، ص 78. وفهرست ابن خير 25، 27. ووفيات الأعيان ج 5، ص 277. والعبر ج 3، ص 44. ومرآة الجنان ج 2، ص 442. وطبقات السبكي ج 3، ص 338. وطبقات الإسنوي ج 2، ص 400. وحسن المحاضرة ج 1، ص 490. وشذرات الذهب ج 3، ص 131. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 470.

وجودة الضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: «ولده أبو الحسن طاهر»، فقد عرض عليه القراءات، واشتهر مثل والده وصنف كتاب «التذكرة» في القراءات. ومن الذين أخذوا القراءة عن «عبد المنعم بن غلبون»: أحمد بن عليّ الربعي، وأبو جعفر أحمد بن علي الأزدي، وأحمد بن علي تاج الأئمة، وأحمد ابن نفيس، والحسن بن عبد الله الصقلي، وخلف بن غصن، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الأستاذ، وأبو عبد الله محمد بن سفيان، وأبو الحسين محمد بن قتيبة الصقلي، ومكي بن أبي طالب القيسي، وأحمد بن أبي الربيع، وأبو عبد الله مسلم شيخ غالب بن عبد الله (¬1). اشتهر «عبد المنعم بن غلبون» بين الناس، وصنف كتاب «الإرشاد في القراءات، وقد استفاد منه الكثيرون من قراء القرآن الذين جاءوا من بعده. كما احتل مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه. وفي هذا يقول «الإمام أبو عمرو الداني»: كان «عبد المنعم بن غلبون» حافظا للقراءة، ضابطا، ذا عفاف ونسك وفضل، وحسن تصنيف، وكان الوزير جعفر بن الفضل معجبا به، وكان يحضر عنده المجلس مع العلماء. اه (¬2). وقال «أبو علي الغساني»: «كان ابن غلبون ثقة خيارا» (¬3). وقال «الإمام ابن الجزري»: كان «عبد المنعم بن غلبون» نزيل مصر أستاذا ماهرا كبيرا، كاملا، محررا، ضابطا، ثقة، خيّرا، صالحا، ديّنا. اه (¬4). ومن الأدلة على تقواه، وصلته بالله تعالى، أنه وجد على بعض مؤلفاته ¬

_ (¬1) انظر: طبقات القراء ج 1، ص 471. (¬2) انظر: القراء الكبار ج 1، ص 456. (¬3) انظر: القراء الكبار ج 1، ص 456. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1، ص 470.

بخطه هذان البيتان: صنّفت ذا العلم أبغي الفوز مجتهدا ... لكي أكون مع الأبرار والسعدا في جنّة في جوار الله خالقنا ... في ظلّ عيش مقيم دائم أبدا توفي «عبد المنعم بن غلبون» بمصر في جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وثلاثمائة رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 59"عبد الملك النهرواني" ت 404 هـ

رقم الترجمة/ 59 «عبد الملك النّهرواني» (¬1) ت 404 هـ هو: عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطّان ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «عبد الملك» القراءة عن خيرة علماء عصره، فقد أخذ القراءات عرضا عن: «زيد بن علي بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار، وأبي بكر النقاش وابن مقسم، ومحمد بن علي بن الهيثم، وأبي طاهر بن أبي هاشم، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن عبد الله بن أبي عمر، وأبي عبد الله الفارسي، وعلي بن محمد ابن خليع القلاني» وآخرين (¬2). تصدر «النهرواني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحة القراءة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «الحسن بن محمد البغدادي، والحسن بن علي العطار، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وأبو علي غلام الهراس، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعلي بن محمد الخياط، وعبد الملك بن عليّ بن شابور، وعبد الملك بن عبدويه» (¬3). كما أخذ «النهرواني» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من المحدثين، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 10، ص 431. ومعرفة القراء: ج 1، ص 371. وطبقات القراء ج 1، ص 467. وشذرات الذهب ج 3، ص 173. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 468. انظر القراء الكبار ج 1، ص 371. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1، ص 468.

وروى عنهم، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «أبو الفرج القطان المقرئ من أهل النهروان، سمع أحمد بن سلمان النجاد، وجعفر الخلدي، وله مصنف في القراءات، وروى عنه «أحمد بن رضوان» الصيدلاني، وغيره، وكان ثقة» (¬1). اشتهر «عبد الملك» بالثقة، واحتل مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «أبو الفرج النهرواني من جلّة شيوخ المقارئ» (¬2). وقال الإمام ابن الجزري»: أبو الفرج النهرواني مقرئ استاذ حاذق ثقة» (¬3). قال «عبد السلام بن أحمد بن بكران المغازلي النهرواني»: مات «عبد الملك النهرواني» في يوم الأربعاء التاسع عشر من شهر رمضان سنة أربع وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 431. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1، ص 371. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1، ص 468.

رقم الترجمة/ 60"عبيد الله بن مهران" ت 406 هـ

رقم الترجمة/ 60 «عبيد الله بن مهران» (¬1) ت 406 هـ هو: عبيد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن مهران بن أبي مسلم أبو أحمد الفرضي البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «عبيد الله» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو الحسن بن بويان، وهو آخر من بقي من أصحابه ممن روى عنه رواية «قالون» وغيرها (¬2). كما أخذ حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «عبيد الله بن مهران» القاضي المحاملي، ويوسف بن يعقوب ابن إسحاق بن البهلول، ومن بعدهما، وحضر مجلس أبي بكر بن الأنباري» (¬3). تصدّر «عبيد الله» إلى تعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالصدق والأمانة وصحة القراءة، وأقبل عليه الطلاب. يقول «الإمام ابن الجزري»: أخذ عن «عبيد الله بن مهران» القراءة ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 10، ص 380. وتذكرة الحفاظ ج 3، ص 1064. والعبر ج 3، ص 94. وطبقات السبكي الكبرى ج 5، ص 233. ومعرفة القراء ج 1، ص 364. وطبقات القراء ج 1، ص 491. وشذرات الذهب ج 3، ص 181. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1، ص 364. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 380.

عرضا «الحسن بن محمد البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، والحسن بن علي العطّار، ومحمد بن علي الخياط، وأبو علي غلام الهراس، وعلي بن الحسين ابن زكريا الطريثيثي، وأبو الحسن علي بن محمد الخياط، وعبد الرحمن بن أحمد الرازي، وروى القراءة عنه سماعا: عبد الله بن محمد شيخ الداني، وأعلى ما وقعت رواية قالون من طريقة» (¬1). وصف «عبيد الله بن مهران» بعدة صفات حميدة منها: شدّة إخلاصه، وحبه لتعليم القرآن دون أن يأخذ على ذلك أجرا من أحد، لأنه كان يدخر ذلك العمل عند الله تعالى. ومما يدل على ذلك الحادثة التالية: يقول «الخطيب البغدادي»: كتب «أبو حامد» مع رجل من «خراسان» كتابا إلى «عبيد الله بن مهران» يشفع له أن يأخذ عليه القرآن، فظن «عبيد الله» أنها مسألة قد استفتي فيها، فلما قرأ الكتاب غضب ورماه من يده، وقال: أنا لا أقرئ القرآن بشفاعة. ثم يقول «البغدادي»: حدثني «أبو القاسم منصور بن عمر الفقيه الكوفي قال: لم أر في الشيوخ من يعلم العلم لله خالصا لا يشوبه بشيء من الدنيا غير «أبي أحمد الفرضي» بأنه كان يكره أدنى سبب حتى المديح لأجل العلم قال: وكان قد اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم، وقرآن، وإسناد وحالة متسعة في الدنيا، وغير ذلك من الأسباب التي يداخل بمثلها السلطان، وتناول بها الدنيا، وكان مع ذلك أروع الخلق، وكان يبتدئ كل يوم بتدريس القرآن، ويحضر عنده الشيخ الكبير ذو الهيئة، فيقدم عليه الحدث لأجل سبقه، وإذا فرغ من إقراء القرآن تولى قراءة الحديث علينا بنفسه، فلا يزال كذلك حتى تستنفد قوته، ويبلغ النهاية من جهده في القراءة ثم يضع الكتاب من يده، فحينئذ يقطع المجلس وينصرف، وكنت أجالسه فأطيل القعود معه، وهو على ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1، ص 491.

حالة واحدة لا يتحرك، ولا يعبث بشيء من أعضائه، ولا يغير شيئا من هيئته حتى أفارقه، وبلغني أنه كان يجلس مع أهله على هذا الوصف، ولم أر في الشيوخ مثله (¬1). ومن صفاته ايضا: شدة إمعان النظر، والتفكر في مخلوقات الله تعالى يقول «الخطيب البغدادي» حدثني «عيسى بن أحمد الهمداني» قال: سمعت «عليّ ابن عبد الواحد بن مهدي» يقول: اختلفت إلى «أبي أحمد الفرضي» ثلاث عشرة سنة، لم أره ضحك فيها» (¬2). احتلّ «عبيد الله بن مهران» مكانة سامية واشتهر بالصدق والخوف من الله تعالى، والاقبال على طاعة الله تعالى، مما استوجب ثناء العلماء عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: كان «عبيد الله بن مهران» ثقة، صادقا، دينا، ورعا، ثم يقول: سمعت «العتيقي» ذكره فقال: ثقة مأمون، ما رأينا مثله في معناه، وسمعت «الأزهري» ذكره فقال: كان إماما من الأئمة (¬3). وقال الإمام «ابن الجزري»: «أبو أحمد الفرضي إمام كبير ثقة ورع» (¬4). مما هو ثابت أن الجزاء من جنس العمل، وصدق الله حيث قال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (¬5). ويفوح من سيرة «عبيد الله بن مهران» رائحة طيبة عطرة هي رائحة تمسكه بتعاليم الإسلام، إذا فمن كان كذلك فإن الله سبحانه وتعالى سيتفضل ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 381. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 380. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 380. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1، ص 491. (¬5) سورة النحل الآية 32.

عليه بحسن الخاتمة. حول هذا المعنى يقول «أبو الحسن محمد بن أحمد»: رأيت في منامي «أبا أحمد الفرضي» بهيئة جميلة أجمل مما كنت أراه في دار الدنيا فقلت له: يا أبا أحمد كيف رأيت الأمر؟ فقال لي: الفوز، والأمن، للذين قالوا: رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا (¬1). حقا: لعلها رؤيا صادقة، وصدق الله حيث قال في كتابه العزيز: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ، وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ* نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (¬2). وقراء القرآن العاملون به لهم الأجر العظيم، والثواب الجزيل عند الله تعالى، يوضح ذلك الحديثان التاليان: فعن «علي بن أبي طالب» رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «من قرأ «القرآن» واستظهره (¬3) فأحل حلاله وحرم حرامه، أدخله الله به الجنة، وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم وجبت له النار» اه (¬4). وعن «عبد الله بن عمرو بن العاص» رضي الله عنهما أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: الصيام والقرآن يشفعان للعبد، يقول الصيام: ربّ إني منعته الطعام والشراب بالنهار فشفعني فيه. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 10، ص 381. (¬2) سورة فصلت الآيات 30 - 32. (¬3) أي حفظه عن ظهر قلب. (¬4) رواه الترمذي انظر التاج ج 4، ص 6.

ويقول «القرآن» رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان» (¬1). توفي «عبيد الله بن مهران» في شوال سنة ست وأربعمائة، وله اثنتان وثمانون سنة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) رواه أحمد، والطبراني في الكبير انظر الترغيب ج 2، ص 589.

رقم الترجمة/ 61"عتبة بن عبد الملك" ت 445 هـ

رقم الترجمة/ 61 «عتبة بن عبد الملك» (¬1) ت 445 هـ هو: عتبة بن عبد الملك بن عاصم أبو الوليد الأندلسي العثماني، نزيل بغداد. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفّاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. رحل «عتبة بن عبد الملك» إلى البلاد والأقطار من أجل تلقي القراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. فمن شيوخه في القراءات: عبد الله بن الحسين أبو أحمد السامري البغدادي، نزيل مصر، المقرئ اللغوي، مسند القراءات في زمانه، ولد سنة خمس أو ست وتسعين ومائتين. قال «الإمام الداني»: أخذ القراءة عرضا عن: «محمد بن حمدون الحذّاء، وأحمد بن سهل الأشناني، وأبي بكر بن مجاهد، وأبي الحسن بن شنبوذ، وأبي بكر بن مقسم، وأبي الحسن أحمد بن الرقي، والحسن بن صالح، ومحمد بن الصباح المكي، وسلامة بن هارون، وأحمد بن محمد بن هارون بن بقرة، وأحمد بن عبد الله الطنافسي، وأبي العباس محمد بن يعقوب المعدّل، وأحمد بن يوسف القافلاني، وأحمد بن محمد الأدمي، ومحمد بن أحمد بن عبدان، ومحمد ابن هارون التمّار، ويوسف بن يعقوب الواسطي» وغيرهم كثير. ومن الذين قرءوا على «أبي أحمد السامري»: أبو الفتح فارس، وأبو الفضل الخزاعي، ويوسف بن رباح، وعبد الستار اللاذقي، وأبو الحسين ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 450. معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 409. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 499.

التنيسي الخشاب، وعبد الجبار بن أحمد الطرسوسي، وأبو العباس بن نفيس، ومحمد بن عليّ بن يوسف المؤدب، وغير هؤلاء كثير. توفي «أبو أحمد السامري» في المحرم سنة ست وثمانين وثلاثمائة. ومن شيوخ «عتبة بن عبد الملك»: عمر بن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري، وهو إمام وأستاذ في قراءة «ورش» عرض القراءة على: «حمدان بن عون، وعبد المجيد بن مسكين، وقسيم بن مطير، وأبي غانم المظفر بن أحمد، ومحمد بن جعفر العلاف». وسمع حروف القراءات من: «أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي، وأحمد ابن إبراهيم بن جامع، والحسن بن أبي الحسن العسكري». قرأ عليه: «تاج الأئمة أحمد بن علي بن هاشم، وفارس بن أحمد، وعتبة ابن عبد الملك، والحسين بن إبراهيم الأنباري». توفي «عمر بن عراك» بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. ومن شيوخه: «عليّ بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن بشر أبو الحسن الأنطاكي التميمي»، نزيل الأندلس وشيخها، وهو إمام ثقة ضابط حاذق مسند. ولد بانطاكية سنة تسع وتسعين ومائتين، ولزم «إبراهيم بن عبد الرزاق» نحوا من ثلاثين سنة، وخرج من «انطاكية» مع والدته للحج في شوال سنة ثمان وثلاثين، وانصرف إلى «دمشق» فوصل إليه موت شيخه: «ابن عبد الرزاق» فنزل «مصر» وأقرأ بها، ثم عاد إلى الأندلس، ودخل قرطبة في شعبان سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. أخذ «أبو الحسن الأنطاكي» القراءة عرضا عن: «إبراهيم بن عبد الرزاق، وأحمد بن محمد بن خشيش، ومحمد بن جعفر بن بيان البغدادي، ومحمد بن النضر بن الأخرم، وأحمد بن صالح البغدادي» وغيرهم كثير.

تصدر «أبو الحسن الانطاكي» لتعليم القرآن، واشتهر بين الناس بالأمانة والثقة، وصحة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو الفرج الهيثم بن أحمد الصباغ، وإبراهيم بن مبشر، وعتبة بن عبد الملك، ومحمد بن عمر الغازي، وأبو المطرز القنازعي، ومحمد بن يوسف النجّار، وعبيد الله بن سلمة بن حزم»، وغير هؤلاء كثير. احتل «أبو الحسن الأنطاكي مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه، قال عنه «الإمام الداني»: «أبو الحسن الأنطاكي مشهور بالفضل، والعلم والضبط، وصدق اللهجة» اه (¬1). وقال «أبو الوليد بن الفرضي»: أدخل «أبو الحسن الأنطاكي» إلى الأندلس علما جمّا، وكان بصيرا بالعربية، والحساب، وله حفظ في الفقه، قرأ الناس عليه، وسمعت أنا منه، وكان رأسا في القراءات لا يتقدمه أحد في معرفتها في وقته. اه (¬2). توفي «أبو الحسن الأنطاكي» يوم الجمعة ليومين بقيا من شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وثلاثمائة بقرطبة. تصدر «عتبة بن عبد الملك» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، ومن الذين أخذوا القراءة عنه: «أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر ابن سوار البغدادي». قرأ «ابن سوار» على «الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن علي بن عبد الله العطّار، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وعلي بن طلحة بن محمد البصري» وغيرهم كثير. وأخذ القراءة عن «ابن سوار» عدد كبير منهم: «أبو علي بن سكرة الصوفي، ومحمد بن الخضر المحولي، وأبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري» وغيرهم كثير. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 565. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 565.

توفي «ابن سوار» سنة ست وتسعين وأربعمائة. قال «الحافظ الذهبي»: حدث عن «عتبة بن عبد الملك» أبو بكر الخطيب، وأبو الفضل بن خيرون، وأحمد بن زكريا الطريثيثي، وأبو الحسين المبارك بن الطيور (¬1). احتلّ «عتبة بن عبد الملك» مكانة سامية ومنزلة رفيعة مما جعل العلماء يثنون عليه، قال عنه «الحافظ الذهبي»: «كان موصوفا بالدين والصلاح، ومعرفة القراءات، عالي الإسناد، عديم النظير» (¬2). توفي «عتبة بن عبد الملك» في رجب سنة خمس وأربعين وأربعمائة من الهجرة، وقد ناهز التسعين، أو جاوزها. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 410. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 410.

رقم الترجمة/ 62"ابن عتاب" ت 487 هـ

رقم الترجمة/ 62 «ابن عتّاب» (¬1) ت 487 هـ هو: عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطّاب بالمهملة، أبو القاسم البغدادي الضرير. وهو من خيرة علماء القراءات، المشهود لهم بالثقة، والضبط وصحة الإسناد، والأمانة، وجودة القراءة، وحسن الأداء. أخذ القراءة عرضا على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «الحسن بن عليّ بن الصقر، أبو محمد البغدادي الكاتب»، وهو من القراء المشهورين بعلوّ الإسناد، قرأ «لأبي عمرو بن العلاء» على «زيد بن عليّ بن أبي بلال» وهو آخر من روى عنه. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحّة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتّاب، وثابت بن بندار» وغيرهما. توفي «ابن الصقر» سنة تسع وعشرين وأربعمائة عن أربع وتسعين سنة. ومن شيوخ «ابن عتاب» في القراءة: «احمد بن رضوان بن محمد بن جالينوس، أبو الحسن الصيدلاني، البغدادي»، وهو من مشاهير القراء المتقنين، ومؤلف كتاب «الواضح في القراءات العشر»، أخذ «أحمد بن رضوان» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم «أبو الحسن بن العلاف، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 440 - ورقم الترجمة 377. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 387 - ورقم الترجمة 1652. ميزان الاعتدال ج 2، ص 619.

وأبو الفرج النهرواني» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه وأصبح أهلا لتعليم القرآن تصدّر لذلك، واشتهر بالثقة، وصحّة الأداء، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «ابن عتّاب». توفي «أحمد بن رضوان» سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة. ومن شيوخ «ابن عتّاب» في القراءة: «الحسن بن ملاعب بن محمد بن الحسن، أبو محمد الحلبيّ، ثم البغدادي الضرير». وهو شيخ ضابط، ثقة، صحيح الإسناد. أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدّمتهم: «عمر بن محمد بن سيف» بالبصرة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وبعد ذلك تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بين الناس بتجويد القرآن، ودقة الإتقان، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذونه عنه، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتّاب، وعليّ بن محمد بن فارس الخياط». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي محمد الحلبيّ». سوى أن «ابن الجزري» قال: «أقرأ ببغداد في سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وتوفي بعد ذلك». ومن شيوخ «ابن عتّاب» في القراءة: الحسن بن أبي الفضل أبو علي الشرمقاني: بفتح الشين المشددة وسكون الراء، نسبة إلى «شرمقان» وهي بلدة بنواحي نيسابور (¬1). وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالأمانة، والثقة، قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان من العالمين بالقراءات، ووجوهها (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 3، ص 421. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 227.

أخذ القراءة عن عدد كبير من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن الحمّامي، وعمر بن إبراهيم الكتاني» وغيرهما. ثم تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتّاب» مع تقدّمه عليه في السنّ. توفي «الحسن بن أبي الفضل» سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. ومن شيوخ «ابن عتاب» في القراءة: «عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص ابن عبد الله، أبو الحسن الحمّامي، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. وهو شيخ العراق، ومسند الآفاق، ثقة، بارع، متصدّر، أثنى عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «كان عليّ بن أحمد صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن، وعلوها» (¬1). أخذ القراءات القرآنية عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وعلي بن جعفر القلانسي» وغيرهما. ثم تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «ابن عتّاب». توفي «علي بن أحمد» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في سنّ التسعين، رحمه الله رحمة واسعة. ومن شيوخ «ابن عتّاب» في القراءة: «عليّ بن أحمد بن محمد بن داود بن موسى بن بيان، وأبو الحسن الرزاز، البغدادي، يعرف بأبي الطيب». وهو مقرئ متصدر، ضابط لرواية «خلف» عن «حمزة». ولد سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة، وأخذ القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدّمتهم: «محمد بن الحسن أبو بكر بن مقسم». ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 522.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتاب». توفي «أبو الحسن الرزاز» في شهر ربيع الآخر سنة تسع عشرة وأربعمائة. ومن شيوخ «ابن عتّاب» في القراءة: «محمد بن عليّ بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي»، نزيل بغداد، أصله من «فم الصلح» ونشأ «بواسط». ولد سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وهو من خيرة القراء المشهورين، قال عنه «الحافظ الذهبي»: «محمد بن علي» تبحّر في القراءات، وصنّف، وجمع، وتفنّن، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق، وولي قضاء الحريم، وحدّث عن «أبي محمد بن السقّا، وعلي بن عبد الرحمن البكائي» (¬1). أخذ القراءة وحروف القراءات عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر أحمد بن محمد الشارب، وأحمد بن محمد بن هارون الرازي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه «ابن عتّاب» توفي «محمد بن علي» سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. وبعد أن اكتملت مواهب «ابن عتّاب» تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وتزاحم عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون، أبو منصور البغدادي»، الأستاذ، البارع، مؤلف كتاب «المفتاح في القراءات العشر». أثنى عليه الكثيرون، يقول عنه «ابن الجزري»: «وكان خيّرا، إماما في ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 200.

القراءات، مليح النّسخ، ملازم القراء» (¬1). أخذ القراءة عن عدد من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «ابن عتّاب». ثم تصدّر لتعليم القراءات، وأقبل عليه الكثيرون، فقرأ عليه بمضمّن كتابه «المفتاح»: أبو اليمن الكندي، ويحيى بن الحسين الأواني» وغيرهما. كما أخذ حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، يقول «ابن الجزري»: سمع «محمد بن عبد الملك بن خيرون» من «أبي بكر الخطيب»، وأجازه «أبو محمد الجوهري» وهو آخر من حدّث عنه. وروى عنه «الحافظ ابن عساكر، وابن الجوزي، والمديني، والسمعاني». توفي في رجب سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، عن بضع وثمانين سنة. وبعد حياة حافلة بطلب العلم، وحروف القرآن، ثم التصنيف وتدريس القراءات، توفي «ابن عتّاب» سنة سبع وثمانين وأربعمائة، عن سنّ قارب التسعين سنة، رحمه الله رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 192.

رقم الترجمة/ 63"عثمان بن محمد" ت 893 هـ

رقم الترجمة/ 63 «عثمان بن محمّد» (¬1) ت 893 هـ هو: عثمان بن محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن أبي حفص عمر المتوكل الهنتاني بفتح الهاء ثم نون بعدها مثناة، قبيلة من البربر- الحفصي نسبة لجدّه الأعلى «أبي حفص» الذي كان من برابرة المصامدة. ولد تقريبا بعد العشرين وثمانمائة بتونس، وبها نشأ في كنف أبيه وجدّه، فحفظ القرآن، وشيئا من العلم، ويقال إن جدّه «أبا فارس» كان يتوهم فيه النجابة، وأنه صرح مرّة بمصير الأمر إليه فكان كذلك. فإنه لما مات تسلطن حفيده الآخر شقيق هذا، «أبو عبد الله محمد» ولقب المنتصر، وكان متمرضا، فلم يتهن بالملك بل لم تطل أيامه حتى مات. وتمهدت «لعثمان بن محمد» الأمور، فقد ولي ملك تونس وهو ابن ثمان عشرة سنة، في سنة تسع وثلاثين وثمانمائة، ودام في الملك أربعا وخمسين سنة، ودانت له البلاد والرعية، وضخم ملكه، واجتمع له من الأموال وغيرها ما يفوق الوصف، وأنشأ الأبنية الهائلة، والخزانة الشرقية بجامع الزيتونة، وجعل بها كتبا نفيسة للطلبة، وبعد صيته، وطارت شهرته، وهادنه ملوك تلك الأقطار، وكذا ملوك الفرنج، وخطب له بالجزائر، وتلمسان، وجرى له مع صاحب «تلمسان» «محمد بن أبي ثابت» أمور، وزاره أكثر من مرة، وتملك «تلمسان» وصالح عليها. احتلّ «عثمان بن محمّد» مكانة سامية بين الجميع، مما جعل الكثير يثنون ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن التاسع ج 1، رقم الترجمة 200. الضوء اللامع لأهل القرن التاسع ج 5، ص 138 - رقم الترجمة 479.

عليه، ولم يزل بحالته حتى توفاه الله تعالى، في صبيحة يوم السبت تاسع وعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وثمانمائة.

رقم الترجمة/ 64"ابن العلاف" ت 396 هـ

رقم الترجمة/ 64 «ابن العلّاف» (¬1) ت 396 هـ هو: علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن علي أبو الحسن بن العلاف البغدادي، ولد سنة عشر وثلاثمائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن العلّاف» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: قرأ «ابن العلّاف» على «أبي بكر النقاش، وأبي طاهر بن أبي هاشم، وبكار، وأبي علي الحسن بن داود النقّار، وزيد بن أبي بلال، ومحمد ابن عبد الله المؤدب، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن علي بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله، ومحمد بن أحمد السلمي فيما ذكره الهذلي» (¬2). كما أخذ «ابن العلّاف» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «ابن العلّاف» عليّ بن محمد المقرئ ومن بعده، وحدثنا عنه «ابنه محمد وعبد العزيز الأزجي، وكان ثقة (¬3). تصدر «ابن العلّاف» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون، يقول «ابن الجزري»: قرأ عليه الحسن بن محمد البغدادي، صاحب كتاب «الروضة» وأبو الفتح بن شيطا، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الله بن محمد الزارع، وعثمان ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع التالي: تاريخ بغداد ج 1، ص 95. ومعرفة القراء، ج 1، ص 362. وطبقات القراء، ج 1 ص 577. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 577. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 12، ص 95.

ابن علي الدلال، وأبو علي الشرمقاني، والحسن بن علي العطار، وأحمد بن رضوان الصيدلاني، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدادي، وأحمد بن محمد بن يوسف بن مردة الأصبهاني، وعلي بن محمد بن فارس الخياط» (¬1). احتل «ابن العلّاف» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان «ابن العلّاف» من كبار أئمة الأداء (¬2). وقال «الإمام ابن الجزري»: كان «ابن العلّاف» استاذا، مشهورا، ثقة، ضابطا (¬3). توفي «ابن العلّاف» سنة ست وتسعين وثلاثمائة من الهجرة بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1، ص 577. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1، ص 362. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1، ص 577.

رقم الترجمة/ 65"أبو العلاء الواسطي" ت 431 هـ

رقم الترجمة/ 65 «أبو العلاء الواسطي» (¬1) ت 431 هـ هو: محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي، القاضي نزيل بغداد إمام محقق وأستاذ متقن أصله من فم الصلح ونشأ بواسط. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «أبو العلاء الواسطي» عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وبعد أن نضج عوده حفظ القرآن بواسط، ثم رحل، «أبو العلاء الواسطي» إلى عدد من البلاد ليأخذ عن شيوخها، ويتلقى عن قرائها ومحدثيها، فرحل إلى كل من: بغداد، والكوفة، والدينور، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «أبو العلاء الواسطي، أصله من فم الصلح، ونشأ بواسط، وحفظ بها القرآن، وقرأ على شيوخها في وقته، وكتب بها أيضا الحديث عن «أبي محمد السقّا» وغيره، ثم قدم بغداد» فسمع من «ابن مالك القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، وأبي القاسم الأبندوني، ومخلد بن جعفر الباقرحي»، وطبقتهم، ورحل إلى الكوفة فسمع من أبي الحسن بن أبي السريّ، وغيره من أصحاب مطين، ورحل إلى «الدينور» فكتب عن «أبي علي بن حبش» وقرأ عليه القرآن بقراءات جماعة، ثم رجع إلى «بغداد» فاستوطنها، وقبلت شهادته عند الحكام، وردّ إليه القضاء بالحريم من شرقي بغداد، وبالكوفة، وبغيرها من ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1 ص 391. طبقات القراء ج 2، ص 199. تاريخ بغداد ج 3، ص 95. ميزان الاعتدال ج 3، ص 654. الوافي بالوفيات ج 4، ص 122. مرآة الجنان ج 3، ص 54. النجوم الزاهرة ج 5، ص 31. شذرات الذهب ج 3، ص 249.

سقي الفرات، وكان قد جمع الكثير من الحديث، وخرّج أبوابا، وتراجم، وشيوخا، كتبت عنه منتخبا، وكان من أهل العلم بالقراءات، ورأيت لأبي العلاء أصولا عتقا سماعه فيها صحيح، وسمعته يذكر أن عنده تاريخ شباب العصفري، فسألته إخراج أصله لأقرأه عليه بذلك» اه (¬1). أخذ «أبو العلاء الواسطي» عن عدد كبير من خيرة العلماء. فمن الذين قرأ عليهم القرآن وحروفه: أحمد بن محمد بن بشر المعروف بابن الشارب، أبو بكر الخراساني نزيل بغداد، شيخ جليل ثقة ثبت، ت 370 هـ. وعقيل بن علي البغدادي، يعرف بابن البصري توفي في حدود السبعين وثلاثمائة. وإبراهيم بن أحمد بن جعفر بن موسى الحرفي، البغدادي أبو القاسم المقرئ توفي في ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. وأبو علي بن حبش، وأحمد بن محمد بان هارون الرازي، وأحمد بن محمد بن سيما، وأحمد بن محمد ابن أبي دارة، وأحمد بن علي البصري، والحسن بن محمد بن الفحام، وحمزة ابن هارون، وطلحة بن محمد بن جعفر، وعبد الله بن الحسن بن النخاس، وأحمد بن جعفر بن محمد الخلال، وعبد الله بن اليسع، وعبيد الله بن البواب، وعلي بن محمد الشاهد، وعليّ بن عبد الرحمن، وعبد الله بن أحمد بن يعقوب، ومحمد بن أحمد الشنبوذي، ومحمد بن أحمد البصري، ومحمد بن أحمد بن سعيد الرام، ويوسف بن محمد بن سفيان، ويوسف بن محمد الضرير، وهو أول شيوخه قرأ عليه بواسط سنة خمس وستين وثلاثمائة. تصدّر «أبو العلاء الواسطي» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام فمن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: أبو القاسم الهذلي فقد قرأ عليه بالروايات، وأبو علي غلام الهراس، وعبد السيّد بن عتاب، وأبو البركات محمد بن عبد الله الوكيل، وأبو الفضل بن خيرون، وأحمد بن علي بن ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 3، ص 95.

هاشم المصري، والحسن بن عليّ العطار، وأبو المعالي ثابت بن بندار، وغيرهم. ومن الذين حدثوا عنه «أبو بكر الخطيب البغدادي»، صاحب المصنفات وتاريخ بغداد، وآخرون. اشتهر «أبو العلاء الواسطي» بالثقة، وصحة القراءة، والإسناد، مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: تبحّر في القراءات وصنّف، وجمع، وتفنن، وولي قضاء الحريم الظاهري، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق، وحدث عن «القطيعي» وغيره. اه (¬1). وقال الإمام «ابن الجزري»: «أبو العلاء الواسطي، نزيل بغداد إمام محقق، وأستاذ متقن، وهو صاحب السكت عن «رويس» انفرد به عنه (¬2). توفي «أبو العلاء الواسطي» في ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ودفن بداره ببغداد. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 391. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 200.

رقم الترجمة/ 66"أبو علي الأصبهاني" ت 393 هـ

رقم الترجمة/ 66 «أبو عليّ الأصبهاني» (¬1) ت 393 هـ هو: أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن سعيد أبو علي الأصبهاني، أستاذ، وكان شيخ القراء بدمشق في وقته. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو عليّ الأصبهاني» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وزيد بن علي الكوفي، وأحمد بن صالح، وأبو الفتح المظفر بن أحمد، ومحمد بن أحمد بن عبد الوهاب»، وآخرون. كما أخذ «أبو عليّ الأصبهاني» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو إسحاق إبراهيم بن علي، وأبو القاسم الطبراني، وأبو أحمد بن عدي» وآخرون. تصدر «أبو عليّ الأصبهاني» لتعليم القرآن، وتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أبو علي الحسين بن علي الرهاوي، وإبراهيم بن أحمد الشامي، ومحمد بن عبد الله بن الحسن الشيرازي» وآخرون. توفي «أبو عليّ الأصبهاني» سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة من الهجرة. رحم الله «أبا عليّ الأصبهاني» وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 374. طبقات القراء ج 1، ص 101.

رقم الترجمة/ 67"أبو علي الأهوازي" ت 446 هـ

رقم الترجمة/ 67 «أبو عليّ الأهوازيّ» (¬1) ت 446 هـ هو: الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز، الأستاذ، أبو علي الأهوازي، صاحب المؤلفات، وشيخ القراء في عصره، وأعلى القرّاء إسنادا في عصره، الإمام الكبير المحدث. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «أبو علي الأهوازي» سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز- وهي بلدة من بلاد خوزستان- وقرأ بها وبتلك البلاد على شيوخ عصره، ثم قدم «دمشق» سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة فاستوطنها، وأكثر من الشيوخ والروايات، وعني من صغره بالأداء، والقراءات. قال «الحافظ الذهبي»: ذكر أنه قرأ «لأبي عمرو بن العلاء البصري» وهو الإمام الثالث من أئمة القراء، على «علي بن الحسين بن عثمان بن سعيد أبي الحسين الغضائري، البغدادي»، وقد قرأ «عليّ الغضائري» على «عبد الله بن هاشم الزعفراني، وأحمد بن فرح، وسعيد بن عبد الرحيم الضرير، وأبي الحسن ابن شنبوذ، ومحمد بن إبراهيم الأهناسي، والقاسم بن زكريا، ومحمد بن المعلّى الشونيزي، بضم الشين المعجمة وكسر النون، وسكون الياء، وهي نسبة إلى ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: فهرست ابن خير ص 37. إرشاد الأريب ج 3، ص 152. تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1124. ميزان الاعتدال ج 1، ص 512. مرآة الجنان ج 3، ص 63. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 402. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 220. لسان الميزان ج 2، ص 237. النجوم الزاهرة ج 5، ص 56. شذرات الذهب ج 3، ص 374. تهذيب تاريخ دمشق ج 4، ص 197. التحفة اللطيفة ج 1 ص 477.

مكان مخصوص ببغداد، به المقبرة المشهورة، وأحمد بن سهل الأشناني، والحسن بن الحسين الصوّاف، وأبي بكر بن مجاهد». ومن تلاميذ «علي الغضائري»: أبو عليّ الأهوازي، قال: قرأت عليه بالأهواز سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة. وقرأ «أبو علي الأهوازي» «لعاصم بن أبي النجود» على: «علي بن الحسين الغضائري» سالف الذكر. وقرأ «أبو علي الأهوازي»: «لابن كثير المكي» على «محمد بن محمد بن فيروز بن زاذان أبي عبد الله الكرجي بفتح الكاف، والراء، وكسر الجيم- نسبة إلى «الكرج» وهي بلدة من بلاد الجبل، بين أصبهان وهمذان (¬1). ومحمد بن فيروز قرأ على «أحمد بن عبد الله بن عيسى الهاشمي، ومحمد بن الحسن بن يونس الكوفي، وأبي العباس محمد بن يعقوب بن الزبرقان، وأبي بكر محمد بن هارون التمار، والحسن بن الحباب، وعبد الله بن مخلد بن شعيب، وعبد الله بن محمد بن العباس المدني، وعبد الله بن عثمان العبقسيّ». وقرأ عليه «أبو علي الأهوازي» بالبطائح، سنة ست وثمانين وثلاثمائة وقرأ «أبو علي الأهوازي» «لنافع المدني» وهو الإمام الأول بالنسبة إلى أئمة القراءات، على: «أبي بكر محمد بن عبيد الله بن القاسم الخرقي، بكسر الخاء المعجمة، وفتح الراء، وهي نسبة إلى بيع [الثياب والخرق] (¬2). وقرأ «أبو علي الأهوازي» «لقالون» أحد رواة «الإمام نافع» بالأهواز سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة على: أحمد بن محمد بن عبيد الله بن إسماعيل أبي العباس العجلي التستري، والعجلي بكسر العين المهملة، وسكون الجيم، نسبة إلى ¬

_ (¬1) انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 46. (¬2) انظر الأنساب للسمعاني ج 2، ص 349.

«بني عجل بن لجيم بن صعب بن بكر بن وائل (¬1). وقرأ «أحمد العجلي» على «أحمد بن محمد بن عبد الصمد الرازي، والخضر ابن الهيثم الطوسي، ومحمد بن موسى الزينبي، وأحمد بن شبيب، وقرأ على «أحمد العجلي»: أبو علي الأهوازي. وقرأ «أبو علي الأهوازي» ببغداد على: «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبي حفص الكتّاني، البغدادي»، وهو مقرئ، محدّث، ثقة، ولد سنة ثلاثمائة، وقرأ على: أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر الحربي، عرض عليهما قراءة «عاصم» وسمع حروف القراءات من: إبراهيم بن عرفة نفطويه، وقرأ على «الأشناني» ولم يختم عليه، وعرض على: «عليّ بن سعيد القزّاز، وبكار، وعمر بن جناد، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، وزيد ابن أبي بلال، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق»، وروى القراءة عن «عبيد الله ابن بكير» وسمع «كتاب السبعة» من ابن مجاهد. وقرأ على «عمر الكتاني»: عيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الحدّادي، ومحمد بن عبد الله بن مكي السوّاق، وأحمد بن محمد ابن إسحاق المقرئ، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد بن الفتح، والحسن بن الفحّام، وسمع منه «كتاب السبعة»، عبد الله بن هزار مرد الصريفيني، وأحمد ابن محمد بن يوسف، وعليّ بن القاسم بن إبراهيم، وقرأ عليه: «الحسن بن العطار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني وعبيد الله بن أحمد بن عليّ الكوفي». يقول «ابن الجزري»: طالت أيام «الكتاني» فكان من آخر من قرأ على «ابن مجاهد» توفي «الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة. وقرأ «أبو علي الأهوازي» ببغداد على «أبي الفرج محمد بن أحمد بن ¬

_ (¬1) انظر الأنساب للسمعاني ج 4، ص 160.

إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون، الشنبوذي الشطوي البغدادي»، وهو أستاذ من أئمة علماء القراءات، رحل إلى البلاد، وأكثر من الأخذ على الشيوخ، وتبحّر في التفسير. ولد «أبو الفرج الشنبوذي» سنة ثلاثمائة. وأخذ القراءة عرضا عن «ابن مجاهد، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر أحمد بن حمّاد، وأبي الحسن بن الأخرم، وإبراهيم بن محمد الماوردي، ومحمد بن جعفر الحربي، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي، ومحمد بن هارون التمار، وأبي الحسن بن شنبوذ، وإليه نسب لكثرة ملازمته له، ومحمد بن موسى الزينبي، وموسى بن عبيد الله الخاقاني، والحسن بن عليّ بن بشّار، وأحمد بن عبد الله، وأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم، ومحمد بن أحمد بن هارون الرازي، وأبي بكر محمد بن الحسن الأنصاري. أخذ القراءة عن «أبي الفرج الشنبوذي»: «أبو علي الأهوازي، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي، والهيثم بن أحمد الصباغ، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، ومحمد بن الحسين الكارزيني، وعبد الله بن محمد بن مكّي السوّاق، وعليّ بن القاسم الخياط، وأبو علي الرهاوي، وعبد الملك بن عبدويه، ومنصور ابن أحمد العراقي، وعثمان بن علي الدلّال، وعليّ بن محمد الجوزداني، وأحمد ابن محمد بن محمد بن سيّار، وأحمد بن عبد الله بن الفضل السلميّ». احتلّ «أبو الفرج الشنبوذي» مكانة سامية بين العلماء فقد اشتهر اسمه وطال عمره مع علمه بالتفسير وعلل القراءات. قال «أبو بكر الخطيب»: سمعت عبيد الله بن أحمد يذكر «الشنبوذي» فعظّم أمره، وقال: سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن. وقال عنه «الإمام الداني»: هو مشهور نبيل حافظ، ماهر حاذق،

كان يتجول في البلدان (¬1). توفي «أبو الفرج الشنبوذي» في صفر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. وقرأ «أبو علي الأهوازي» «بدمشق» على: محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال بن عبد العزيز بن عبد الكريم بن عبد الله بن حبيب، أبي بكر السلمي الجبني الأطروش شيخ القراء بدمشق. ولد «محمد السلمي» سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءة عرضا عن أبيه، وعليّ بن الحسين، وابن الأخرم، وجعفر بن أبي داود، وأحمد بن عثمان السبّاك، والحسين بن محمد بن عليّ بن عتاب، ومحمد بن أحمد بن عتاب. وأخذ القراءة عن «محمد السلمي»: علي بن الحسن الربعي، وأبو علي الأهوازي، ومحمد بن الحسن الشيرازي، وأحمد بن محمد بن يزده الأصبهاني، ورشأ بن نظيف، والكارزيني. قال «أبو علي الأهوازي» عن شيخه «أبي بكر السلمي»: «ما رأيت بدمشق مثل «أبي بكر السلمي» من ولد أبي عبد الرحمن السلمي، إماما في القراءة، ضابطا للرواية، قيّما بوجوه القراءات، يعرف صدرا من التفسير، ومعاني القراءات، قرأ على سبعة من أصحاب «الأخفش» له منزلة في الفضل، والعلم، والأمانة، والورع، والدين، والتقشف، والفقر والصيانة» (¬2) توفي في ربيع الآخر سنة سبع وأربعمائة، وقد جاوز الثمانين. ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي»: محمد بن أحمد بن عليّ أبو بكر الباهلي البصري، النجار، قرأ على: «القاسم بن زكريا المطرز، وأبي بكر الداجوني، وأبي بكر النقاش، وعمر بن محمد الكاغذي، وأبي سلمة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، ومحمد بن الربيع بن سليمان الجيزي. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 51. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 76.

وقرأ عليه: «أبو علي الأهوازي» في مسجده بالبصرة في بني لقيط سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي»: «إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي»، وهو من الثقات، ومن مشاهير القراء، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، قرأ على: «أحمد بن عثمان بن بويان، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر بن مقسم، ومحمد بن عليّ بن الهيثم، وبكار، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري، وعبد الواحد بن عمر ابن أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرّة بن أبي عمر الطوسي، وعبد الوهاب بن العباس». وقرأ حروف القراءات على: «أحمد بن عبد الله بن محمد المكي عن العنزيّ صاحب البزّي، وإبراهيم بن أحمد بن الحسن القرميسيني، وهي نسبة إلى بلدة بجبال العراق، على ثلاثين فرسخا من همذان (¬1). وقرأ عليه: «أبو علي الأهوازي، والحسين بن عليّ العطار، والحسن بن أبي الفضل، الشرمقاني، وأبو علي البغدادي، وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأحمد ابن رضوان، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني» توفي سنة ست وسبعين وستمائة عن ثمانين سنة. ومن شيوخ «أبي عليّ الأهوازي»: «أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل أبو الحسين الجبني»، قرأ على: أحمد بن فرح سنة ثلاثمائة، وأحمد بن محمد الرازي، وابن شنبوذ، وأبي بكر الداجوني، والحسين بن إبراهيم، والخضر ابن الهيثم، ومحمد بن جرير الطبري، ومحمد بن موسى الزينبي، ومحمد بن عمر ابن كثير الهمذاني، ومحمد بن أحمد بن عمران بن رجاء، وأبي بكر محمد بن الحسن النقاش، ومحمد بن أحمد الشعيري، وهبة الله بن جعفر، وأحمد بن عبد الصمد الرازي، وأحمد بن محمد بن عثمان القطان». وأخذ عنه القراءات: «أبو ¬

_ (¬1) انظر الأنساب للسمعاني ج 4، ص 479.

علي الأهوازي». توفي «أحمد بن عبد الله الجبني» سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة. ومن شيوخ «أبي عليّ الأهوازي»: أحمد بن محمد بن سويد أبو بكر الباهلي المؤدب، روى القراءة عرضا عن: عليّ بن سعيد بن ذؤابة، وروى القراءة عنه «أبو علي الأهوازي». ومن شيوخ «أبي عليّ الأهوازي»: «أحمد بن محمد بن إدريس الخطيب»، قرأ على: أبي بكر النقاش، وأبي بكر طاهر بن أبي هاشم. ومن شيوخ «أبي عليّ الأهوازي»: أحمد بن محمد بن عبدون بن عمرويه أبو القاسم الصيدلاني القاضي الشافعي، أخذ القراءة عن «النقاش، وهبة الله بن جعفر، وأحمد بن كامل بن خلف، وأخذ عنه القراءة عرضا «أبو علي الأهوازي». توفي «أحمد بن عبدون» سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة. ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي»: عبد الله بن نافع بن هارون أبو القاسم العنبري. روى القراءة عرضا عن «أحمد بن فرح المفسر، وأحمد بن علي بن وهب، وأبي عثمان سعيد بن عبد الرحيم المؤدب، ومحمد بن عمر بن أيوب القلوسي، وابن مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني. ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي»: «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي»، ولد سنة ثلاثمائة وعرض على: أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر الحربي، عرض عليهما قراءة «عاصم» وسمع الحروف من إبراهيم بن عرفة نفطويه، وعرض على «عليّ بن سعيد القزاز، وبكار، وعمر ابن جناد، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، ومحمد بن علي الرقي، وزيد بن أبي بلال، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق»، وروى

القراءة عن عبيد الله بن بكير، وسمع كتاب السبعة من «ابن مجاهد». وقرأ عليه: عيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد، ومحمد بن عبد الله بن مكي السوّاق، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقرئ، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد بن الفتح، والحسن بن الفحام، وسمع منه كتاب السبعة: «عبد الله بن هزار مرد الصريفيني، وأحمد بن محمد ابن يوسف، وعلي بن القاسم بن إبراهيم»، وقرأ عليه: «الحسن بن عليّ العطّار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعبيد الله بن أحمد بن عليّ الكوفي». قال «ابن الجزري»: طالت أيام «الكتاني» فكان آخر من قرأ على «ابن مجاهد» وتوفي في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة. ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي»: «محمد بن عبد الله بن القاسم بن إبراهيم أبو بكر الخرقي»، قرأ على: أبي بكر بن سيف، وأحمد بن عبد الله بن ذكوان، وأحمد بن محمد الرازي، وإبراهيم بن أحمد الحجبي. قال «ابن الجزري»: وقرأ عليه «أبو علي الأهوازي»: ولا يعرف إلا من جهته. ومن شيوخ «أبي علي الأهوازي»: «المعافي بن زكريا بن طرارا، أبو الفرج النهرواني الجريري»، نسبة إلى «ابن جرير الطبري» لأنه كان على مذهبه، وهو إمام ثقة، مقرئ فقيه. اخذ القراءة عرضا عنه: «عبد الوهاب بن عليّ، ومحمد بن عمر النهاوندي، وأحمد بن مسرور، وأبو علي الأهوازي، والحسن بن علي، وأبو الفضل الخزاعي، وعبد الملك بن عبدويه، وأحمد بن الفتح الفرضي، وعثمان بن قيس الدلّال، وأحمد بن يزده».

قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان «أبو الفرج النهرواني» من أعلم الناس في وقته بالفقه، والنحو، واللغة، وأصناف الأدب، وكان على مذهب «ابن جرير الطبري» ولي القضاء بباب الطاق (¬1). توفي «أبو الفرج النهرواني» سنة تسعين وثلاثمائة. قال «الحافظ الذهبي» كان «أبو علي الأهوازي» يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة، وذلك في حياة بعض شيوخه، وتتلمذ عليه الكثيرون منهم: «أحمد بن عمر بن أبي الأشعث أبو بكر السمرقندي»، وهو إمام ثقة بارع، قرأ بدمشق على «أبي علي الأهوازي». وروى القراءة عنه: «أبو الكرم الشهرزوري» وكان عارفا بكتابة المصاحف على الرسم. ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: «علي بن أحمد بن عليّ أبو الحسن الأبهري الضرير»، وهو مقرئ متصدر، قرأ بدمشق على «أبي علي الأهوازي» وأقرأ بالديار المصرية حتى مات، ومن الذين قرءوا عليه: الشريف أبو الفتح ناصر الخطيب بمضمن «كتاب الوجيز». ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: سبيع بن المسلم بن عليّ بن هارون، أبو الوحش المعروف بابن قيراط، وهو شيخ ثقة، وكان ضريرا، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة. قرأ على «أبي علي الأهوازي، ورشأ بن نظيف». وقرأ عليه: إسماعيل بن عليّ بن بركات الغساني، وروى القراءات عنه: الخضر بن شبل الحارثي، وعليّ بن الحسن الكلابي، وكان يقرئ الناس تلقينا، وتوفي في شعبان سنة ثمان وخمسمائة. ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: الحسن بن القاسم بن عليّ، أبو علي ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 302.

الواسطي، المعروف بغلام الهراس، ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وتجوّل في الآفاق لطلب العلم. فقرأ «بواسط» على: «عبيد الله بن إبراهيم، وعبد الله بن أبي عبد الله الحسين العلوي، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي». وقرأ ببغداد على: «عبد الملك النهرواني، وأبي أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي، ومحمد بن المظفر الدينوري، والقاضي أبي العلاء، وعلي بن محمد بن عبيد الله الحذّاء، وعلي بن محمد بن موسى الصابوني، وبكر بن شاذان، والحسن بن محمد الساوي، وعلي بن أحمد الحمامي، والحسن ابن ملاعب». وقرأ بالكوفة على: «القاضي محمد بن عبد الله الجعفي، وأبي الحسن محمد بن جعفر النحوي». وقرأ بدمشق على: أبي علي الأهوازي، وأبي علي الرهاوي. وقرأ بالجامدة على: محمد بن نزار التكريتي، وعمه محمد بن القاسم. وقرأ بمصر على: أبي العباس بن نفيس، والفضل بن عبد الرزاق، والحسين بن إبراهيم الأنباري. وقرأ بالبصرة على: الحسن بن عليّ بن بشّار، وعلي بن محمد بن علّان. وقرأ بحران على: «أبي القاسم الزيدي، وقرأ بمكة المكرمة على: أبي عبد الله ابن الحسين الكارزيني، وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد العجلي، ومحمد بن عمر بن إبراهيم الذهبي بالبصرة. وقرأ على: أبي القاسم عليّ بن الحسين بن عبد الله القاضي، وأحمد بن عبد الكريم الشونيزي، ومحمد بن العباس الصريفيني، وعبيد الله بن عمر المصاحفي. وأقام بمصر بعد أن ذهب بصره، فرحل الناس إليه من كل جهة. قرأ عليه: «أبو العزّ محمد بن الحسين بن بندار القلانسي بجميع ما قرأ به، وأبو المجد محمد بن جهور قاضي واسط، وعليّ بن عليّ بن شيران، والمبارك

ابن الحسين الغسّال، وأحمد بن سعيد». توفي «أبو علي غلام الهراس» سنة ثمان وستين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: «عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن عبد القدوس، أبو القاسم القرطبي»، وهو أستاذ مقرئ ثقة، متقن، رحل إلى الأقطار، في سبيل طلب العلم، فرحل إلى دمشق وقرأ على «أبي علي الأهوازي». وقرأ على «أبي القاسم الزيدي» بحران، وعلى «أحمد بن نفيس» بمصر، وعلى «الكارزيني» بمكة المكرمة. قرأ عليه «أبو القاسم خلف بن النحاس، وعليّ بن أحمد بن كرز، وأبو الحسن يحيى بن البياز». توفي «أبو القاسم القرطبي» سنة إحدى وستين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: «عتيق بن محمد أبو بكر الردائي»، وهو شيخ الإقراء بقلعة «حمّاد» من أرض المغرب، رحل ودخل دمشق فقرأ على الأهوازي بها، وقرأ بمصر على ابن نفيس، وعمّر دهرا طويلا. قرأ عليه: محمد بن محمد بن معاذ وأبو بكر الاشبيلي. ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن منده أبو عبد الله الجاجاني الدستي الأصبهاني. روى القراءات عنه: أبو بكر محمد بن عليّ بن محمد الأصبهاني، شيخ الحافظ أبي العلاء الهمذاني. ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: محمد بن أحمد بن الهيثم أبو بكر الروذباري البلخي، وهو إمام مقرئ محرر أستاذ، قرأ بالروايات الكثيرة على

«أبي علي الأهوازي» ومنصور بن محمد الهروي، وأحمد بن محمد بن إبراهيم المروزي. قال «الحافظ الذهبي»: «استوطن مدينة «غزنة» في أول حدّ الهند، وأقرأ بها القراءات، وكان بصيرا بالعلل عالي الرواية» (¬1). وقال «ابن عساكر»: أنبأنا عبد السلام بن عبد الرحيم الهروي المقرئ بمنزله، أنبأنا أبو بكر الروذباري بغزنة سنة تسع وثمانين وأربعمائة وكان عالما بالقراءات» (¬2). وقال «الإمام ابن الجزري»: هو مؤلف كتاب «جامع القراءات» لم يؤلف مثله، رأيته بمدينة «هراة» قد جمع فيه القراءات العشر، وغيرها وأتى فيه بفوائد كثيرة بالأسانيد المختلفة، ألفه باسم السلطان ابن المظفر إبراهيم بن مسعود ابن السلطان محمد بن سبكتكين، صاحب غزنة، وغيرها من الهند، وفرغ منه في يوم الأحد السابع عشر من المحرم سنة تسع وستين وأربعمائة. اه (¬3). ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: محمد بن عبد الرحمن أبو بكر النهاوندي، يعرف بمردوس، وهو شيخ جليل عالي القدر، حاذق، مقرئ، رحل إلى دمشق، وقرأ بها على «أبي علي الأهوازي» وعاد إلى «نهاوند» بضم النون، وفتح الهاء والواو، وسكون النون، وهي بلدة من بلاد الجبل قديمة كان بها وقعة للمسلمين زمن «عمر رضي الله عنه (¬4). فأقرأ بها، ثم قدم بغداد، فقرأ عليه بها، الأستاذ أبو طاهر بن سوار. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 91. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 91. (¬3) انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 541. (¬4) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 398 - 401.

ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: أبو نصر أحمد بن عليّ الزينبي، وأبو بكر محمد بن المفرّج البطليوسي، وأبو محمد الحسن بن علي بن عمّار الأوسي. ومن تلاميذ «أبي علي الأهوازي»: يوسف بن علي بن جبارة أبو القاسم الهذلي اليشكري، وهو إمام وأستاذ كبير، وصاحب المصنفات، رحل إلى كثير من البلاد والمدن في سبيل العلم. ولد في حدود التسعين وثلاثمائة، وتوفي سنة خمس وستين وأربعمائة. قال «الإمام ابن الجزري»: وطاف البلاد في طلب القراءات، فلا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ، قال أي الهذلي في كتابه «الكامل»: فجملة من لقيت في هذا العلم- أي علم القراءات- ثلاثمائة وخمسة وستين شيخا، من آخر المغرب، إلى باب فرغانة يمينا وشمالا، وجبلا، وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته، ثم قال: وألفت هذا الكتاب- الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوة والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي: كالوجيز والهادي». قال «ابن الجزري»: وكانت رحلته في سنة خمس وعشرين وأربعمائة وبعدها، وجملة شيوخه الذين ذكرهم في كتابه «الكامل» مائة واثنان وعشرون شيخا (¬1) وفي مقدمتهم: «إبراهيم بن أحمد، وإبراهيم بن الخطيب، وأحمد بن رجاء، وأحمد بن الصقر، وأحمد بن محمد بن علّان، وأحمد بن عليّ بن هاشم، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وأحمد بن نفيس، وأبو زرعة أحمد بن محمد الخطيب النوشجاني، وأحمد بن محمد بن أحمد أبو الفتح الفرضي، وأحمد بن عبد الله بن أحمد أبو نعيم الأصبهاني، وأحمد الشكّاك، وإسماعيل بن الجنيد، وإسماعيل بن عليّان، وإسماعيل بن عمرو الحدّاد، وإسماعيل الشرمقاني، وجامع بن الخضر، وحسّان ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 398 - 401.

ابن مكيّة، والقاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي»، وغير هؤلاء كثير. تصدّر «أبو القاسم الهذلي» لتعليم القرآن، واشتهر صيته، وعرف بالضبط وجودة القراءة، وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه، فقد روى عنه: إسماعيل بن الإخشيد، وسمع منه «كتاب الكامل»، وكذلك عبد الواحد بن محمد السكري، وأبو بكر بن محمد بن زكريا الأصبهاني، وقرأ عليه بمضمن «الكامل» وسمعه منه «أبو العزّ القلانسي، وعليّ بن عساكر». قال «الإمام ابن الجزري»: وقرأ بالكامل إمام زمانه حفظا ونقلا «أبو العلاء الهمذاني»، على «أبي العز القلانسي». ولا زال يقرئ به إلى آخر وقت، وآخر من رواه تلاوة فيما نعلم «ابن مؤمن الواسطي». ثم يقول «ابن الجزري»: وقرأته أنا على الشيخين: «إبراهيم ابن أحمد الاسكندراني، ومحمد بن النحاس» بإجازة الأول، وسماع الثاني لبعضه بسندهما. اه (¬1). توفي الهذلي سنة خمس وستين وأربعمائة. اه. أخذ «أبو علي الأهوازي» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة علماء عصره وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان «أبو علي الأهوازي» عالي الرواية في الحديث، روى عن: نصر بن أحمد المرجّى، صاحب أبي يعلى الموصلي، والمعافى بن زكريا الجريري، وعبد الوهاب الكلابي، وهبة الله بن موسى الموصلي، وأبي مسلم الكاتب»، وخلق سواهم. اه (¬2). وكما تصدّر «أبو علي الأهوازي» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، تصدر أيضا لرواية حديث النبي صلّى الله عليه وسلم، وقد أخذ عنه عدد كثير، وحدثوا عنه، وفي هذا يقول «الذهبي»: ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 401. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 404.

حدث عنه «أبو بكر الخطيب، وأبو سعد السمّان، وعبد الرحيم البخاري، وعبد العزيز الكتاني، والفقيه نصر المقدسي، وأبو طاهر الحنّائي، وأبو القاسم النسيب»، وروى عنه بالإجازة: «أبو سعد أحمد بن الطيوري» اه (¬1). ترك «أبو علي الأهوازي»: عدة كتب في القراءات وغيرها، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: صنف «أبو علي الأهوازي» عدة كتب من القراءات، مثل: كتاب «الموجز، والوجيز، والإيجاز» ثم يقول: وله مصنّف في الصفات (¬2). يقول محقق كتاب «معرفة القراء الكبار» للذهبي: يقوم السيّد دريد حسن أحمد الصالح بتحقيق كتاب «الوجيز» بجامعة بغداد (¬3). احتلّ «أبو علي الأهوازي» مكانة سامية بين العلماء، ونال شهرة عظيمة في الصدق والأمانة، وصحّة الرواية، مما استوجب الثناء عليه: يقول «الإمام ابن الجزري»: «الحسن بن علي بن إبراهيم الأستاذ أبو علي الأهوازي، صاحب المؤلفات، شيخ القراء في عصره، وأعلى من بقي في الدنيا إسنادا، إمام كبير محدث» (¬4). وقال «الحافظ الذهبي»: لقد تلقى الناس رواياته بالقبول، وكان يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة (¬5). توفي «أبو علي الأهوازي»: في رابع ذي الحجة سنة ستّ وأربعين وأربعمائة من الهجرة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 404. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 403 - 404. (¬3) انظر هامش معرفة القراء الكبار ج 1، ص 403. (¬4) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 220. (¬5) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 405.

رقم الترجمة/ 68"علي بن داود" ت 402 هـ

رقم الترجمة/ 68 «عليّ بن داود» (¬1) ت 402 هـ هو: علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني القطان، إمام جامع دمشق ومقرئه. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «علي بن داود» القرآن عن خيرة العلماء، فقد قرأ القرآن بالروايات على طائفة من العلماء منهم: أبو الحسن بن الأخرم، وأحمد بن عثمان السبّاك، وصالح بن إدريس، ومحمد بن القاسم بن محرز، ومحمد بن جعفر الخزاعي (¬2). تصدر «علي بن داود» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه. وفي هذا يقول «ابن الجزري»: قرأ عليه «الأهوازي، وتاج الأئمة أحمد بن عليّ، وأحمد بن محمد الأصبهاني، ورشأ بن نظيف، وعلي بن الحسن الربعي، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي، وأبو عبد الله الكارزيني» (¬3). اشتهر «علي بن داود» بعفة النفس والقناعة، كما عرف عنه أنه لا يأخذ أجرا على تعليم القرآن، وإنما يعتبر ذلك حسبة لله تعالى. حول هذه المعاني، يقول «عبد المنعم بن النحوي»: خرج القاضي أبو محمد العلوي وجماعة من ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تبيين كذب المفتري 214 - 217، وتذكرة الحفاظ ج 3، ص 1062، ومعرفة القراء ج 1، ص 366. وطبقات القراء ج 1، ص 541. وشذرات الذهب ج 3، ص 164. (¬2) انظر القراء الكبار ج 1، ص 366. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1، ص 542.

الشيوخ إلى «داريا» ليأخذوا الشيخ كي يكون إماما للجامع الأموي، فلبس أهل «داريا» السلاح ليقاتلوا دونه، فقال القاضي: يا أهل «داريا» ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام، فقالوا: قد رضينا. فأخذوه، وسكن بالمنارة الشرقية، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط، ولا يأخذ على الإمامة رزقا، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا، ويقتات من أرض له «بداريا» ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه ثم يعجنه ويخبزه. اه (¬1). ألا يعتبر أن «علي بن داود» ضرب أروع الأمثال في القناعة وعفة النفس بهذه الأخلاق الفاضلة؟ احتلّ «علي بن داود» مكانة سامية في جميع الأوساط مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول تلميذه «رشأ بن نظيف»: لم ألف مثله حذقا، وإتقانا في رواية «ابن عامر» الدمشقي، وهو الإمام الرابع بالنسبة الى أئمة القراءات (¬2). وقال «الكتاني»: كان «علي بن داود» ثقة انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين، ومضى على سداد (¬3). وقال «الإمام الداني»: كان ثقة ضابطا متقشفا (¬4). وقال «الإمام ابن الجزري»: كان «علي بن داود» إماما مقرئا ضابطا متقنا محررا، زاهدا، ثقة. اه (¬5). توفي «علي بن داود» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة وهو في سنّ التسعين، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 366. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 542. (¬3) انظر القراء الكبار ج 1، ص 366. (¬4) انظر طبقات القراء ج 1، ص 542. (¬5) انظر طبقات القراء ج 1، ص 542.

رقم الترجمة/ 69"أبو علي الشرمقاني" ت 451 هـ

رقم الترجمة/ 69 «أبو عليّ الشّرمقاني» (¬1) ت 451 هـ هو: الحسن بن أبي الفضل الشيخ أبو علي الشرمقاني، بفتح الشين المعجمة، وسكون الراء، وفتح الميم والقاف وهي نسبة الى «شرمقان» وهي بلدة قريبة من «أسفراين» بنواحي نيسابور، يقال لها «جرمغان» (¬2) ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو علي الشرمقاني» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «علي ابن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي شيخ العراق، وهو إمام مسند، وثقة بارع. ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وتوفي يوم الأحد الرابع من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في سن التسعين. أخذ «أبو الحسن الحمامي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وأبو عيسى بكار، وهبة الله بن جعفر، وزيد بن عليّ، وعبد الواحد بن عمر، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي، ومحمد بن عليّ بن الهيثم» وغير هؤلاء كثير. تصدر «أبو الحسن الحمامي» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وأقبل عليه الطلاب ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن الحسن بن اللحياني، وأحمد بن ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 7، ص 402. معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 412. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 227. (¬2) انظر الأنساب للسمعاني ج 3، ص 421.

مسرور، وأحمد بن عليّ، وأحمد بن علي الهاشمي، والحسن بن البنّا، والحسن ابن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن عليّ العطار، والحسن بن محمد المالكي، والحسين بن محمد الصفار، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب، ورزق الله التميمي، وعبد الواحد بن شيطا، وعبد الملك بن شابور، وعبد السيد بن عتّاب، وعلي بن محمد بن فارس، ومحمد بن موسى الخياط، ونصر بن عبد العزيز الفارسي» وغيرهم كثير. احتل «أبو الحسن الحمامي» منزلة رفيعة مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: كان «أبو الحسن الحمامي» صدوقا ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها. اه (¬1). ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني»: «علي بن محمد بن يوسف بن يعقوب ابن عليّ أبو الحسن بن العلّاف البغدادي»، وهو استاذ مشهور بالثقة، والضبط، ولد «ابن العلّاف» سنة عشر وثلاثمائة، وتوفي سنة ست وتسعين وثلاثمائة. أخذ «ابن العلّاف» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو طاهر ابن أبي هاشم، وأبو عليّ الحسن بن داود النقار، وزيد بن أبي بلال، ومحمد ابن عبد الله المؤدب، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن عليّ بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله، ومحمد بن أحمد السلمي». تصدّر «ابن العلّاف» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «الحسن بن محمد البغدادي، وأبو علي الشرمقاني، وأبو الفتح بن شيطا، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الله بن محمد الزارع، وعثمان ابن علي الدلال، والحسن بن علي العطار، وأحمد بن رضوان الصيدلاني، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدّاد، وأحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني، وعلي ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 522.

ابن محمد بن فارس الخياط». ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني»: «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتّاني البغدادي»، وهو ثقة مقرئ محدّث. أخذ «أبو حفص الكتاني» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو بكر بن مجاهد، ومحمد بن جعفر الحربي» عرض عليهما قراءة «عاصم» وسمع حروف القراءات من: «إبراهيم بن عرفة نفطويه» وعرض «القراءات» على: «عليّ بن سعيد القزّاز، وبكار، وعمر بن جناد، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، ومحمد بن عليّ الرّقّي، وزيد بن أبي بلال، وأحمد ابن محمد بن هارون الورّاق». تصدر «أبو حفص الكتاني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحّة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي الشرمقاني، وعيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد الحدّادي، ومحمد بن عبد الله مكّي السوّاق، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقرئ، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد بن الفتح، والحسن بن الفحام، والحسن بن عليّ العطار، وعبيد الله بن أحمد بن علي الكوفي» وغيرهم كثير. ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني»: «طالب بن عثمان بن محمد بن سليمان، أبو أحمد الأزدي النحوي»، روى القراءة عرضا عن «أحمد بن عثمان بن بويان، وروى القراءة عنه عرضا «أبو عليّ الشرمقاني، والحسن بن عبد الله العطّار». ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني»: «عبيد الله بن أحمد بن عليّ بن يحيى أبو القاسم البغدادي، المعروف بابن الصيدلاني». أخذ «ابن الصيدلاني» القراءة عن خيرة العلماء، فقد سمع القراءة من:

«يحيى بن محمد بن صاعد، وقرأ على: «هبة الله بن جعفر، وأبي طاهر بن أبي هاشم». تصدر «ابن الصيدلاني» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو علي الشرمقاني، وأبو الفرج النهرواني، وأبو الحسن بن العلّاف، والحسن بن عليّ العطّار». ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني»: «إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري المالكي البغدادي»، وهو من الثقات المشهورين. ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وتوفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة أخذ «إبراهيم الطبري» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: أحمد بن عثمان بن بويان، وأحمد بن عبد الرحمن، وأبو بكر النقاش، وأبو بكر بن مقسم، ومحمد ابن عليّ بن الهيثم، ومحمد بن الحسن بن الفرج الأنصاري، وعبد الواحد بن عمر بن أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرّة. وقرأ حروف القراءات على: «أحمد بن عبد الله بن محمد المكي». تصدر «إبراهيم الطبري» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي الشرمقاني، والحسين بن عليّ العطار، وأبو علي البغدادي صاحب كتاب «الروضة»، وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأحمد بن رضوان، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني» وغير هؤلاء. ومن شيوخ «أبي عليّ الشرمقاني»: محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن المرزبان بن شاذان أبو بكر الأصبهاني، وهو مقرئ من الثقات المشهورين، عالي الإسناد. قرأ على: «أبي بكر عبد الله بن محمد القباب، وعبد الرحيم بن محمد، ومحمد ابن علّان، وأبي بكر أحمد بن شاذة، ومحمد بن إبراهيم بن شاذة، ومحمد بن

القاسم بن حسنويه، وأبي بكر محمد بن علي بن أحمد، ومحمد بن أحمد بن محمد الهروي، وأبي عمر محمد بن أحمد بن عمر الخرقي، ومحمد بن جعفر بن محمد الصابوني، والعباس بن أحمد بن المظفر السراج، وأبي بكر بن حسنويه» وغير هؤلاء. تصدر «محمد بن عبد الله» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي الشرمقاني» وعبد السيّد بن عتّاب، وعبد العزيز بن الحسين، وأبو الحسن الخيّاط، وأبو القاسم الهذلي. توفي «محمد بن عبد الله» سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. تصدر «أبو علي الشرمقاني» لتعليم القرآن، واشتهر بالصدق والثقة، وصحّة القراءة، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أحمد بن عليّ بن عبيد الله بن عمر بن سوار»، وهو من الثقات المشهورين، صنّف كتاب «المستنير في القراءات العشر». أخذ «أحمد بن عليّ» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمة شيوخه: «أبو علي الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وعليّ بن طلحة بن محمد البصري، وأبو تغلب عبد الوهاب بن عليّ ابن الحسن المؤدب، وفرج بن عمر الواسطي، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن النهاوندي، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي، ومنصور بن محمد بن عبد الله التميمي، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب، وعبد الله بن محمد بن مكي، وأبو الفتح عبد الواحد بن شيطا، وأحمد بن محمد بن إسحاق المقري» وغيرهم كثير. تصدّر «أحمد بن عليّ» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي ابن سكرة الصدفي، ومحمد بن الخضر المحولي، وأبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري»، وروى عنه حروف القراءات: «الحافظ أبو طاهر

السلفي» وغير هؤلاء. توفي «أحمد بن علي» سنة ست وتسعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أبي عليّ الشرمقاني»: «عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطاب، أبو القاسم البغدادي، وهو من القراء الثقات، أخذ القراءة عن: «أبي عليّ الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن الصقر، وأحمد بن رضوان، والحسن بن ملاعب، وأبي الحسن الحمامي، وأبي العلاء الواسطي، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي، وأبي بكر محمد بن عليّ، ومحمد بن عبد الله الشمعي، والحسين بن أحمد الحربي» وغير هؤلاء. تصدّر «عبد السيّد بن عتّاب» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو بكر بن سكرة، ومحمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم بن الشهرزوري» وغير هؤلاء. توفي «عبد السيّد بن عتّاب» في نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وأربعمائة عن نحو تسعين سنة. أخذ «أبو علي الشرمقاني» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «أبو علي الشرمقاني، المؤدب، نزل بغداد، وكان أحد حفاظ القرآن، ومن العالمين باختلاف القراءات، ووجوهها، وحدث عن: «أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري، وأبي القاسم بن الصيدلاني، ومحمد بن بكران بن الرازي. كتبت عنه، وكان صدوقا» (¬1). احتلّ «أبو علي الشرمقاني» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء، مما جعلهم يثنون عليه. يقول «الإمام ابن الجزري»: «أبو علي الشرمقاني: أستاذ ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 7، ص 402.

مشهور ثقة حاذق» اه (¬1). توفي «أبو علي الشرمقاني» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، سنة إحدى وخمسين وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 227.

رقم الترجمة/ 70"علي بن طلحة" ت 434 هـ

رقم الترجمة/ 70 «عليّ بن طلحة» (¬1) ت 434 هـ هو: عليّ بن طلحة بن محمد أبو الحسن البصري، ثم البغدادي، مقرئ مشهور، ثقة، ولد في صفر من سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «عليّ بن طلحة» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: عبد العزيز ابن عصام أبو الفرج، وهو من خيرة علماء القراءات. أخذ القراءة عن «يوسف بن يعقوب الواسطي»، وقرأ عليه «عليّ بن طلحة» في سنة ثلاثمائة ونيّف. ومن شيوخ «عليّ بن طلحة»: إبراهيم بن أحمد بن جعفر بن موسى بن عبد الله بن سلام الخرقي البغدادي، أبو القاسم. روى القراءة عرضا وسماعا عن عليّ بن سليم الخضيب، وعن جعفر بن محمد، وأحمد بن محمد الجواربي، والحسن بن جعفر، وإسحاق بن إبراهيم، وأحمد بن سهل الأشناني، والحسن بن الحسين الصوّاف، ويوسف بن يعقوب، وابن مجاهد» وقد أخذ القراءة عن «إبراهيم الخرقي»: الحسين بن شاكر، ومحمد بن عمر بن بكير، وأبو الحسين عليّ بن محمد الخبازي، وعلي بن طلحة البصري، والكارزيني، والقاضي أبو العلاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 400. تاريخ بغداد ج 11، ص 442. تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1107. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 246.

وسمح منه حروف القراءات: عليّ بن محمد بن قشيش، والحسن بن عليّ الجوهري، وأبو الفضل الخزاعي». توفي «إبراهيم الخرقي» في ذي الحجة سنة أربع وسبعين وثلاثمائة من الهجرة. ومن شيوخ «عليّ بن طلحة»: محمد بن محمد بن محمين، أبو عبد الله البصري المعروف بالمكتحل، روى القراءة عرضا عن «محمد بن عبد العزيز بن الصباح»، وروى القراءة عنه عرضا «عليّ بن طلحة البصري». وأخذ «عليّ بن طلحة» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: عليّ بن طلحة إمام مسجد ابن رغبان، سمع ابن مالك القطيعي، والحسين بن عليّ النيسابوري، وإبراهيم بن أحمد بن جعفر، وعبد العزيز بن جعفر الخرقي، وأبا حفص بن الزيّات، ومحمد بن المظفر، وأبا بكر الأبهري، وأبا الحسين بن سمعون الواعظ. ثم يقول «الخطيب البغدادي»: كتبنا عنه ولم يكن به بأس (¬1). تصدر «عليّ بن طلحة» لتعليم القرآن، واشتهر صيته، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «أحمد بن علي بن عبيد الله عمر بن سوار أبو طاهر الأستاذ البغدادي»، مؤلف كتاب «المستنير» في القراءات العشر، وهو إمام كبير محقق ثقة، قرأ «ابن سوار» على الحسن ابن الفضل الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطار، وعليّ بن محمد فارس الخياط، وعليّ بن طلحة بن محمد البصري، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدب، وفرج بن عمر الواسطي، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن النهاوندي، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي، ومنصور بن محمد ابن عبد الله التميمي، وآخرين. وأخذ القراءة عن «ابن سوار» عدد كبير منهم: «أبو عليّ بن سكّرة ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 11، ص 442 - 443.

الصدفي، ومحمد بن الخضر المحولي، وأبو محمد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري»، وروى عنه حروف القراءات: «الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي». توفي «ابن سوار» سنة ست وتسعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «عليّ بن طلحة»: «أحمد بن الحسن بن خيرون، أبو الفضل البغدادي»، وهو أستاذ مقرئ ثقة، أخذ القراءة عرضا عن «عليّ بن طلحة» وروى الحروف عن الحسن بن أحمد بن شاذان، والقاضي الحسين الصيمريّ، وروى القراءات عنه عرضا ابن أخيه محمد بن عبد الملك. ومن تلاميذ «عليّ بن طلحة»: «ثابت بن بندار أبو المعالي البقّال الدينوري، ثم البغدادي»، وهو شيخ صالح ثقة، قرأ على: الحسن بن الصقر، وعبد الوهاب بن عليّ اللخمي، وعليّ بن طلحة البصري، وعبد الله بن محمد ابن مكي، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الظاهري. وقرأ على «ثابت بن بندار»: سبط الخياط، وهبة الله بن أحمد بن عمر أبو القاسم الحريري البغدادي، وأحمد بن شنيف. توفي «ثابت بن بندار» سنة ثمان وتسعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «عليّ بن طلحة»: عبد السيّد بن عتّاب بن محمد بن جعفر بن عبد الله الحطاب- بالحاء المهملة- أبو القاسم البغدادي الضرير»، وهو مقرئ ثقة ضابط مشهور. قرأ على: الحسن بن علي بن الصقر، وأحمد بن رضوان، والحسن بن ملاعب، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وأبي الحسن الحمامي، وعلي بن أحمد بن محمد بن داود الرزاز، وأبي العلاء الواسطي، وأبي طاهر محمد بن ياسين الحلبي، وأبي بكر محمد بن عليّ بن زلال، ومحمد بن عبد الله الشمعي، والحسين بن أحمد الحربي. وقرأ عليه: أبو علي بن سكرة الصدفي، ومحمد بن

عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم بن الشهرزوري. توفي «عبد السيّد بن عتاب» سنة سبع وثمانين وأربعمائة عن نحو تسعين سنة. ومن تلاميذ «عليّ بن طلحة»: محمد بن عبد الله بن يحيى أبو البركات البغدادي، الكرجي الخباز الشافعي، وهو إمام ثقة ضابط، ولد سنة ستين وثلاثمائة، وقرأ بالروايات على: أبي العلاء الواسطي، والحسين بن الصقر، ومحمد بن بكير النجار، وعليّ بن طلحة. وسمع: عبد الملك بن بشران، وعليّ ابن أيّوب، وتفقه على القاضي أبي الطيب. وقرأ عليه: أبو الكرم الشهرزوري، وأبو طاهر السلفي، وآخرون. توفي «عليّ بن طلحة» في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وأربعمائة عن ثلاث وثمانين سنة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 71"علي بن عبد الله" ت 912 هـ

رقم الترجمة/ 71 «عليّ بن عبد الله» (¬1) ت 912 هـ هو: علي بن عبد الله بن أحمد بن علي بن عيسى الحسيني الملقب نور الدين السمهودي، القاهري، الشافعي، نزيل الحرمين الشريفين، ويعرف بالشريف السمهودي. ولد في صفر سنة أربع وأربعين وثمانمائة بسمهود ونشأ بها فحفظ القرآن، والمنهاج في الفقه، ولازم والده حتى قرأ عليه بحثا مع شرحه للمحلى وشرح البهجة لكن النصف الثاني منه سماعا، وجمع الجوامع في أصول الفقه، وغالب ألفية ابن مالك، وقدم القاهرة مع والده، وبمفرده غير مرة. أولها سنة ثمان وخمسين، ولازم اولا «الشمس الجوهري» في الفقه وأصوله، والعربية. وأكثر من ملازمة «الشيخ المناوي» وأخذ عنه الكثير من العلوم. وقرأ على «النجم بن قاضي عجلون» بعض تصحيحه للمنهاج. وقرأ على «الشمس الشرواني» شرح عقائد النسفي، للتفتازاني، وغير ذلك من العلوم. ثم استوطن القاهرة إلى أن خرج إلى أداء فريضة الحج سنة سبعين وثمانمائة في البحر، إلا أنه لم يتمكن من الحج في ذلك العام، فجاور بمكة سنة إحدى وسبعين إلى أن أدى فريضة الحج. ثم توجّه إلى المدينة المنورة فقطنها، ولازم وهو فيها «الشهاب الأبشيطي» ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: البدر الطالع ج 1، ص 420 - رقم الترجمة 226. الضوء اللامع ج 5، ص 425 - رقم الترجمة 838.

وحضر دروسه في «المنهاج» وغيره. وأذن له في التدريس. وأكثر «علي بن عبد الله» من السماع بالمدينة المنورة على شيوخها، وأخذ عنهم العلم الكثير. ثم جلس للتدريس وانتفع به الكثيرون من الطلبة في الحرمين الشريفين، وعمل للمدينة المنورة تاريخا، وصنف حاشية على إيضاح النووي في المناسك. ثم توجه فزار بيت المقدس، وعاد إلى القاهرة، ثم رجع إلى المدينة المنورة، فاستوطنها، وصار شيخها غير منازع. احتلّ «علي بن عبد الله» مكانة سامية ومنزلة رفيعة، مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «شمس الدين السخاوي»: «هو إنسان فاضل متفنن، متميز في الفقه، والأصلين، مديم للعمل، والجمع والتأليف، متوجه للعبادة، وللمباحثة، والمناظرة قويّ الجلادة على ذلك، طلق العبارة، وهو فريد في مجموعه، ولأهل المدينة به جمال». ظلّ «عليّ بن عبد الله» في عمل متصل بين التصنيف، والتدريس، والتنقل من مكان إلى مكان حتى توفاه الله تعالى قريبا من سنة اثنتي عشرة وتسعمائة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 50"أبو علي العطار" ت 447 هـ

رقم الترجمة/ 50 «أبو عليّ العطّار» (¬1) ت 447 هـ هو: الحسن بن علي بن عبد الله أبو علي العطار البغدادي المؤدّب، وهو شيخ جليل ماهر ومن الثقات. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو علي العطّار» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني»، وهو من خيرة القراء الحذاق، ومن الثقات. أخذ «عبد الملك» القراءة عن عدد من العلماء، منهم: «زيد بن علي بن أبي بلال، وأبو عيسى بكّار، وأبو بكر النقاش، وابن مقسم، ومحمد بن علي ابن الهيثم، وأبو طاهر بن أبي هاشم، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن عبد الله ابن أبي عمر، وأبو عبد الله الفارسي، وعليّ بن محمد القلانسي». تصدر «عبد الملك» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي العطار، والحسن بن محمد البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي، وأبو علي غلام الهراس، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعلي بن محمد الخياط، وعبد الملك بن علي بن شابور، وعبد الملك بن عبدويه». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 7، ص 392. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 413. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 224.

توفي «عبد الملك» في رمضان سنة أربع وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي عليّ العطّار»: عليّ بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله، أبو الحسن الحمامي، وهو من شيوخ العراق الثقات البارعين. ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وتوفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في سن التسعين. أخذ «عليّ بن أحمد» القراءات عن: «أبي بكر النقاش، وأبي عيسى بكّار وزيد بن عليّ، وهبة الله بن جعفر، وعبد الواحد بن عمر، وعلي بن محمد بن جعفر القلانسي، ومحمد بن علي بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله». تصدّر «علي بن أحمد» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو عليّ العطار، وأحمد بن الحسن بن اللحياني، وأحمد بن مسرور، والحسن بن البنّا، وأحمد بن علي الهاشمي، والحسن بن أبي الفضل، والحسن بن علي العطار، والحسن بن محمد المالكي، والحسين بن أحمد الصفّار، والحسين بن الحسن بن أحمد بن غريب، ورزق الله التميمي، وعبد الواحد بن شيطا» وغير هؤلاء. احتلّ «علي بن أحمد» منزلة رفيعة، ومكانة سامية، مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: «كان «علي بن أحمد» صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن» (¬1) توفي في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في سنّ التسعين، ومن شيوخ «أبي عليّ العطّار»: بكر بن شاذان ابن عبد الله، أبو القاسم البغدادي الحربي، وهو شيخ ماهر مشهور، ومن الثقات. أخذ «بكر بن شاذان» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وأبو بكر محمد بن عليّ بن الهيثم، ومحمد بن عبد الله بن مرّة النقاش، ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 7، ص 392.

وأحمد بن بشر الشارب، وبكار بن أحمد بن بكار». تصدّر «بكر بن شاذان» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي العطّار، وأبو علي الحسن بن أبي الفضل، والحسن بن محمد المالكي، والحسن بن القاسم غلام الهرّاس، وأبو الحسن الخياط، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي» وغير هؤلاء. توفي «بكر بن شاذان» يوم السبت التاسع من شوّال، سنة خمس وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي عليّ العطّار» «الحسن بن محمد بن يحيى بن داود، أبو محمد الفحّام المقرئ، الفقيه، البغدادي، السامري، وهو شيخ بارع ومن الثقات. أخذ «الحسن بن محمد» القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، ومحمد بن أحمد بن الخليل، وجعفر بن عبد الله السامري، وسلامة ابن الحسن الموصلي، وزيد بن أبي بلال، وعليّ بن إبراهيم بن خشنام المالكي، وعمر بن أحمد الحبّال، وعبد الله بن محمد الوكيل، وأبو الطيب الدلّاء، وجعفر ابن محمد بن غيال، ويوسف بن علّان» وغير هؤلاء. تصدّر «الحسن بن محمد» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي العطّار، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو علي غلام الهراس، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وأبو علي البغدادي، وعبد الملك بن شابور». توفي «الحسن بن محمد» سنة ثمان وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي عليّ العطّار»: «إبراهيم بن أحمد أبو إسحاق الطبري»، ولد سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، وتوفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة. أخذ «إبراهيم بن أحمد» القراءة عن عدد من القرّاء وفي مقدمتهم: «أحمد ابن عثمان بن بويان، ومحمد بن الفرج الأنصاري، وعبد الواحد بن عمر بن

أبي هاشم، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن مرّة»، وقرأ حروف القراءات على: «أحمد بن عبد الله بن محمد المكي». تصدّر «إبراهيم بن أحمد» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو علي العطّار، وأبو نصر أحمد بن مسرور، وأبو عبد الله محمد بن يوسف الأفشيني» وغير هؤلاء كثير. وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن وحروف القراءات، توفي «أبو عليّ العطّار» سنة سبع وأربعين وأربعمائة للهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء، إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 73"أبو علي غلام الهراس" ت 468 هـ

رقم الترجمة/ 73 «أبو عليّ غلام الهرّاس» (¬1) ت 468 هـ هو: الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي المعروف بغلام الهراس، وهو من القراء الثقات، وشيخ قراء العراق، ومن العلماء الذين رحلوا في الآفاق، من أجل العلم، وللأخذ على العلماء، فيحدثنا التاريخ أنه رحل إلى الأقطار الآتية؛ من أجل الأخذ عن الشيوخ، فقد رحل إلى كل من: واسط، ودمشق، والبصرة، ومصر، وحران- بأرض الشام- والكوفة، ومكة المكرمة، والجامدة، وهي مدينة كبيرة من أعمال واسط بينها وبين البصرة. من هذا يتبين بجلاء ووضوح مدى اهتمام العلماء الأوائل بالقراءات القرآنية، إذ القراءات لا تؤخذ إلا بالتلقي والمشافهة عن الشيوخ صحاح السند حتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم. أما الآن، فمع كثرة الجامعات في سائر الأقطار الإسلامية إلا أن طلاب قراءات القرآن لا زال عددهم قليلا جدّا. وأحمد الله سبحانه وتعالى الذي جعلني من الشغوفين بتحصيل هذا العلم الجليل، وتعليمه للكثيرين. ولد «أبو علي غلام الهراس» سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. ثم بعد أن حفظ القرآن شدّ الرحال لتلقي القراءات: فكانت رحلته الأولى ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 427. ورقم الترجمة 366. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 266. العبر في خبر من غبر، ج 3، ص 266. ميزان الاعتدال ج 1، ص 518. مرآة الجنان ج 3، ص 99. لسان الميزان ج 2، ص 245. شذرات الذهب ج 3، ص 329. تهذيب ابن عساكر ج 4، ص 242.

إلى «واسط» وهي مدينة عظيمة متوسطة بين «البصرة، والكوفة» فأخذ عن شيوخها، ومن الذين أخذ عنهم بها القراءة: «عبيد الله بن إبراهيم بن محمد أبو القاسم البغدادي». وهو من خيرة القراء الثقات، ومن علماء القراءات، إذ روى قراءة «أبي عمرو» البصري عرضا عن «أبي بكر بن مجاهد، عن أبي الزعراء، عن الدوري، أحد رواة أبي عمرو البصري». جلس «عبيد الله» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا بواسط: «أبو علي غلام الهراس» وكان ذلك سنة ثمانين وثلاثمائة. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» بواسط: «إبراهيم بن سعيد أبو اسحاق» الضرير الواسطي الرفاعي، وهو من علماء القراءات، ومن علماء النحو الثقات. أخذ «إبراهيم بن سعيد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «عبد الغفار بن عبيد الله الحضيني». تصدّر «إبراهيم بن سعيد» لتعليم القرآن وحروف القراءات، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، ومن الذين أخذوا عنه: «أبو علي غلام الهرّاس» وكان ذلك سنة أربع وتسعين وثلاثمائة. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطان»، وهو من القراء الثقات المشهورين، ومن الحذّاق المؤلفين، ومن المعمرين، اشتهر ذكره في الآفاق، وعمّ نفعه الكثيرين. أخذ «عبد الملك بن بكران» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن علي بن أبي بلال».

ثم بعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو علي غلام الهرّاس». توفي «عبد الملك بن بكران» في رمضان سنة أربع وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» ببغداد: «عبيد الله بن محمد بن أحمد ابن مهران بن أبي مسلم أبو أحمد الفرضي البغدادي». وهو إمام كبير ثقة، ورع، قال عنه «الخطيب البغدادي»: «كان «أبو أحمد» ثقة، ورعا، دينا، حدثنا منصور بن عمر الفقيه، قال: «لم أر في الشيوخ مثله اجتمعت فيه أدوات الرئاسة، من علم وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع ذلك أورع الخلق، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم أر مثله» (¬1). أخذ «عبيد الله بن محمد الفرضي» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن بن بويان». ثم تصدّر «أبو أحمد الفرضي» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس». توفي «أبو أحمد الفرضي» بعد حياة حافلة بطلب العلم ونشره، في شوال سنة ست وأربعمائة، وله اثنتان وثمانون سنة. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «أحمد بن عبد الله بن الخضر ابن مسرور، أبو الحسن البغدادي السّوسنجردي»، ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. وهو من مشاهير العلماء الثقات، ومن القراء الضابطين، أخذ «أحمد بن عبد الله» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «محمد بن عبد الله بن أبي مرّة الطوسي». ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بجودة القراءة وصحّة الإسناد، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو علي غلام الهرّاس». توفي «أحمد بن عبد الله» يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة، عن نيف وثمانين سنة. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «محمد بن المظفر بن علي بن حرب أبو بكر الدينوري». وهو من القراء المشهود لهم بالثقة والعدالة، وصحة الضبط، وجودة القراءة وحسن الاتقان. أخذ «محمد بن المظفر» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «الحسين بن محمد بن حبش الدينوري». وبعد أن اكتملت مواهب «محمد بن المظفر» جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ينهلون من علمه ويأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو علي غلام الهرّاس». ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» من بغداد: «محمد بن علي بن أحمد ابن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي»، نزيل بغداد، ولد عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة. أصله من «فم الصلح» ونشأ بواسط، ثم استقرّ ببغداد، وهو من خيرة القراء المشهورين المحققين، ومن العلماء المتقنين. قال عنه «الحافظ الذهبي»: تبحر في القراءات، وصنّف، وجمع، وتفنّن، وولي قضاء الحريم الظاهري، وانتهت إليه رئاسة الاقراء بالعراق. اه (¬1). أخذ «محمد بن علي» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 200.

«أحمد بن هارون الرازي، وأبو بكر أحمد بن محمد بن الشارب». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أبو علي غلام الهرّاس». توفي «محمد بن علي» ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة. ومن شيوخ «أبي علي» ببغداد: «علي بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن أبو الحسن الحذّاء البغدادي». وهو شيخ عدل، ضابط، ثقة، مشهور. أخذ القراءة، وحروف القرآن عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «إبراهيم بن الحسين بن عبد الله الشطّي». وبعد أن اكتملت مواهب «علي بن محمد» تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وعرفه الخاصّ والعام بجودة القراءة، وصحّة الأحكام، وأقبل عليه الطلاب وحفاظ القرآن من كل مكان، يأخذون عليه، ويقرءون عليه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أبو علي غلام الهرّاس» و «أبو بكر محمد بن علي الخياط». توفّي «علي بن محمد» يوم الأربعاء لأربع خلون من المحرّم سنة خمس عشرة وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» ببغداد: «الحسن بن محمد بن يحيى بن داود، أبو محمد الفحّام، المقرئ، البغدادي، وهو من حذّاق القراءات، ومن الأئمة البارزين المعروفين، أخذ «الحسن بن محمد» القراءة عن خيرة علماء

عصره، وفي مقدمتهم: «جعفر بن عبد الله السامري، وسلامة بن الحسن الموصلي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحة الضبط، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علمه، ويقرءون عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي غلام الهرّاس»، والحسن بن عليّ العطّار». توفي «الحسن بن محمد» سنة ثمان وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «علي بن أحمد بن محمد بن داود بن موسى بن بيان أبو الحسن الرزّاز البغدادي»، وهو من مشاهير القراء الضابطين، ومن الثقات البارعين. ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة. أخذ «أبو الحسن الرزاز» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: «زيد ابن عليّ، وهبة الله بن جعفر». احتلّ «أبو الحسن الرزاز» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: كان «أبو الحسن الرزّاز» صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد، بأسانيد القرآن، وعلوّها (¬1). وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وعلوّ الإسناد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي غلام الهرّاس، وأحمد بن مسرور». توفي «أبو الحسن الرزاز» يوم الأحد الرابع من شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 522.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» ببغداد: «الحسن بن ملاعب بن محمد ابن الحسن، أبو محمد الحلبي ثم البغدادي الضرير». وهو من القراء الثقات، ومن الضابطين المجوّدين. أخذ «الحسن بن ملاعب» القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم: «عمر بن محمد بن سيف». جلس «الحسن بن ملاعب» لتعليم القرآن، وحروف القراءات واشتهر بالثقة والضبط، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي غلام الهرّاس، وعلي بن محمد بن فارس الخياط». رحل «أبو علي غلام الهراس» إلى «الكوفة» وأخذ عن شيوخها ومن الذين قرأ عليهم بالكوفة: «محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى، أبو عبد الله الجعفي، الكوفي، القاضي، الفقيه الحنفي، النحوي»، وهو من خيرة العلماء الثقات، أثنى عليه الكثيرون. قال «الخطيب البغدادي»: كان ثقة، حدّث ببغداد، قال: وكان من عاصره بالكوفة، يقول: لم يكن بالكوفة من زمن «ابن مسعود» رضي الله عنه، والى وقته أحد أفقه منه (¬1). وقال «أبو علي المالكي»: كان «محمد بن عبد الله» من جلة أصحاب الحديث، فقيها على مذهب العراقيين جليل القدر. وقال «أبو العز» عن «أبي علي الواسطي»: كان «الجعفي» جليلا في زمانه يرحل إليه في طلب القرآن، والحديث من كل بلد (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 177. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 177 - 178.

أخذ «محمد بن عبد الله الجعفي» القراءة عن خيرة العلماء. وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسن بن يونس النحوي». وبعد أن اكتملت مواهبه، وأصبح من المؤهلين جلس لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحّة السند، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس» وغيره. توفي «محمد بن عبد الله الجعفي» سنة اثنتين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» بالكوفة: «محمد بن جعفر بن محمد ابن الحسن بن هارون أبو الحسن التميمي الكوفي». وهو من مشاهير القراء، ومن المحدثين، ومن علماء العربية. اثنى عليه الكثيرون، قال «أبو علي البغدادي»: كان «أبو الحسن التميمي» من جلة أهل العربية، ومن أهل الحديث، متقنا، فاضلا. وقال «الحافظ الذهبي»: عمّر دهرا طويلا، وانتهى إليه علوّ الإسناد (¬1). أخذ «محمد بن جعفر» القراءة، وحروف القرآن، عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسن بن يونس». وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسن بن يونس». كما أخذ حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، والقراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس». ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 111.

ومن الذين أخذوا عنه الحديث: «أبو القاسم عبيد الله الأزهري». توفي «محمد بن جعفر» بعد حياة حافلة بطلب العلم، وتعليم القرآن، والقراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة بالكوفة. كما أن «أبا عليّ غلام الهرّاس» رحل إلى «دمشق» وأخذ العلم عن شيوخها. ومن شيوخه بدمشق في القراءة: «الحسين بن عليّ بن عبيد الله بن محمد أبو علي الرهاوي السّلمي». وهو من خيرة العلماء، وشيخ القراء بدمشق مع «الأهوازي». أخذ «أبو علي الرهاوي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «الحسن ابن سعيد البزّار» وغيره كثيرون. ثم تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس». توفي «أبو علي الرهاوي» بدمشق سنة أربع عشرة وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» بدمشق: «الحسن بن علي بن إبراهيم ابن يزداد بن هرمز، أبو علي الأهوازي» وهو شيخ قراء دمشق في عصره، وأعلى القراء إسنادا، وهو من مشاهير القراء ومن المحدثين الثقات، ومن المؤلفين الكبار، قال عنه «الحافظ الذهبي»: «لقد تلقى الناس رواياته بالقبول، وكان يقرئ بدمشق من بعد سنة أربعمائة، وذلك في حياة بعض شيوخه» (¬1). ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 221.

ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز من بلاد خوزستان، وقرأ بها، وبتلك البلاد على شيوخ عصره، ثم قدم «دمشق» سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة فاستوطنها وأكثر من الشيوخ والروايات. أخذ «أبو علي الأهوازي» القراءة عن خيرة العلماء عصره وفي مقدمتهم: «إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري» ببغداد. وأبو القاسم عبد الله بن نافع بن هارون العنبري» بالبصرة، وغيرهما كثير. كما أخذ رحمه الله تعالى حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن مشاهير علماء الحديث. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام وذاع صيته في الآفاق، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان ينهلون من علمه ويأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة أبو علي غلام الهرّاس. توفي «أبو علي الأهوازي» رابع ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة بدمشق، رحمه الله رحمة واسعة. ومن البلاد التي رحل إليها «أبو علي غلام الهرّاس» من أجل العلم «الجامدة» بكسر الميم، وهي قرية كبيرة جامعة من أعمال «واسط» تقع بين البصرة وواسط (¬1). ومن شيوخه الذين أخذ عنهم القراءة بالجامدة: «محمد بن نزار بن القاسم ابن يحيى بن عبد الله أبو بكر التكريتي» بكسر التاء، وسكون الكاف، وهذه نسبة إلى «تكريت» وهي بلدة كبيرة فيها قلعة حصينة على «دجلة» على بعد ثلاثين فرسخا من بغداد (¬2). ومحمد بن نزار من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين، أخذ ¬

_ (¬1) انظر معجم البلدان لياقوت الحمري ج 2، ص 95. (¬2) انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 473.

القراءة على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر محمد بن الحسن النقاش، وهبة الله بن جعفر» وغيرهما. وبعد أن اكتملت مواهب «محمد بن نزار» تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس، والحسن بن القاسم الواسطي». كما رحل «أبو علي غلام الهرّاس» إلى «مصر» للأخذ عن قرّائها، ومن الذين أخذ عنهم القراءة بمصر: «الفضل بن عبد الرزاق، أبو محمد الأندلسي»، وهو من خيرة العلماء ومن الثقات، قرأ القرآن على «أبي أحمد السامري». ثم تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بحسن الأداء وصحّة القراءة، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أبو علي غلام الهرّاس، والحسن ابن القاسم الواسطي». ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» بمصر: «أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن نفيس، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري». وهو من القراء الثقات، انتهى إليه علوّ الإسناد، وعمّر حتى قارب المائة. أخذ «ابن نفيس» القراءة على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أبو أحمد عبد الله السامري، وعبد المنعم بن غلبون» وغيرهما. وبعد أن اكتملت مواهب «ابن نفيس» جلس لتعليم القرآن، وحروف القراءات واشتهر بالثقة، وتجويد القرآن، وتزاحم عليه الحفاظ من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي غلام الهرّاس، ويوسف بن جبارة الهذلي». توفي «ابن نفيس» في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة.

رحمه الله رحمة واسعة. كما رحل «أبو علي غلام الهرّاس» إلى «البصرة» للأخذ عن قرّائها، ومن الذين أخذوا عنهم القراءة: «علي بن محمد بن علّان بن الحسن، أبو الحسين البصري»، المقرئ، وهو من مشاهير علماء القراءات، ومن الثقات، أخذ القراءة عن «عبد الله بن عبدان». ثم تصدّر للقراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا «أبو علي غلام الهرّاس». كما رحل «أبو علي غلام الهرّاس» إلى «مكة المكرمة» للأخذ عن قرّائها، ومن الذين قرأ عليهم: «محمد بن الحسين بن محمد أبو عبد الله الكارزيني» بفتح الكاف، والراء، وكسر الزاي، وهي نسبة إلى «كارزين» وهي من بلاد فارس، بنواحيها مما يلي البحر (¬1). وهو إمام مقرئ مشهور، انفرد بعلو الإسناد في وقته. أخذ حروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «الحسن بن سعيد المطوعي» يقول «ابن الجزري»: وهو آخر من قرأ عليه. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن والقراءات، واشتهر بالثقة، وصحة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو علي غلام الهرّاس». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته، إلا أن «الحافظ الذهبي» قال: «أبو عبد الله الكارزيني» مسند القرّاء في زمانه، تنقّل في البلاد، وجاور بمكة، وعاش تسعين سنة، أو دونها، لا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيا في سنة أربعين وأربعمائة، سألت الإمام «أبا حيان» عنه فكتب إليّ، إمام مشهور لا يسأل عن مثله (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 12. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 133.

ومن شيوخ «أبي عليّ غلام الهراس» «بمكة المكرمة»: «محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن يعقوب أبو عبد الله»، ويقال: أبو علي العجلي، وهو صاحب تلك القصيدة الرائية أولها: لك الحمد يا ذا المنّ والجود والبرّ ... كما أنت أهل للمحامد والشكر وهو من خيرة القراء المشهورين، ومن الثقات المعروفين. أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن نصر الشذائي، وأبو الأشعث محمد بن حبيب الجارودي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وأقبل الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو علي غلام الهرّاس». ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» بمكة المكرمة: «محمد بن عمر بن إبراهيم أبو الحسن» المقرئ المحدث، الفقيه البصري، المعروف بالذهبي، أحد مشاهير القراء، أخذ القراءة عرضا عن «الحسن بن محمد بن عبد الرحمن الرصافي». ثم تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بصحة القراءة، وجودة الأداء، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي غلام الهرّاس». ومن شيوخ «أبي عليّ غلام الهرّاس» بمكة المكرمة: «علي بن الحسين بن عبد الله أبو القاسم القاضي البصري»، وهو من مشاهير القراء المعروفين بالثقة والأمانة، أخذ القراءة عرضا عن كل من: «محمد بن الحسن النقاش، وأبي بكر بن مقسم» ثم تصدر لتعليم القرآن، وعرف بالثقة، وحسن الأداء، وتزاحم عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا: «أبو علي غلام الهرّاس» فقد روى عنه القراءة عرضا.

ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» في «مكة المكرمة»: «أحمد بن عبد الكريم بن عبد الله أبو الحسين الشينيزي، وهو من القراء المشهورين المتصدّرين، أخذ القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم، «علي بن محمد بن إبراهيم بن خشنام». ثم تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يقرءون عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو علي غلام الهرّاس». ومن شيوخ «أبي علي غلام الهراس» في «مكة المكرمة»: «عبيد الله بن عمر بن محمد بن عيسى أبو الفرج المصاحفي»، وهو من مشاهير القراء الضابطين، أخذ القراءة عرضا عن: «ابن بويان، وزيد بن أبي بلال» وغيرهما. وبعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، وأقبل الطلاب عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي غلام الهرّاس». توفي «عبيد الله بن عمر» سنة إحدى وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي علي غلام الهرّاس» في القراءة: «محمد بن العباس أبو الفوارس الصّريفيني»، بفتح الصاد المهملة، وكسر الراء، وهذه نسبة إلى «صريفين» وهي قرية عظيمة. أخذ «محمد بن العباس» قراءة «عاصم الجحدري» عن «عمر بن إبراهيم الكتاني، وعاش طويلا، ورحل إليه «أبو العزّ القلانسي» فقرأ عليه وبهذا ينتهي الحديث عن شيوخ «أبي علي غلام الهراس». وحينئذ يتبيّن بجلاء ووضوح مدى اهتمام القراء بالرواية، وصحة السند والأخذ عن الثقات.

وبعد أن اكتملت مواهب «أبي علي غلام الهرّاس» تصدّر لتعليم القرآن، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: وأقام بمصر فرحل الناس إليه من كل ناحية، يأخذون عنه، ويقرءون عليه، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن الحسين بن بندار، أبو العزّ الواسطي القلانسي»، شيخ العراق، ومقرئ القراء بواسط، صاحب التصانيف. ولد سنة خمس وثلاثين وأربعمائة بواسط، وقرأ بما قرأ به «أبو علي غلام الهرّاس» من الروايات عليه، ورحل إلى «أبي القاسم الهذلي» فقرأ عليه بكتاب «الكامل» في القراءات ثم دخل بغداد فقرأ بها لعاصم على: «محمد بن العباس الأواني». ثم تصدّر للإقراء بواسط، ورحل إليه من الأقطار الطلاب، يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو الفتح بن زريق الحدّاد». احتلّ «محمد بن الحسين» مكانة سامية مما جعل العلماء يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: كان بصيرا بالقراءات وعللها، وغوامضها، عارفا بطرقها، عالي الإسناد، وحصلت له سعادة بشيخه «أبي علي» وذلك أنه طاف البلاد، وحصّل الروايات، وجاء إلى «واسط» فقرأ عليه «أبو العزّ القلانسي» بما قرأ به على شيوخه، وألف «كتاب الإرشاد» في القراءات العشر، وهو مختصر كان عند «العراقيين» كالتيسير عندنا، وكتاب «الكفاية» وهو أكبر من «كتاب الإرشاد» (¬1). ومن تلاميذ «أبي علي غلام الهرّاس» في القراءة: «علي بن عليّ بن جعفر ابن شيران: بكسر الشين المعجمة، أبو القاسم الواسطي الضرير». وهو من القراء المشهود لهم بالثقة، وصحّة الإسناد، وجودة القراءة. ولد سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، ونشأ في بيت من البيوت العامرة بنور ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 128.

القرآن، فقد كان والده رحمه الله تعالى من علماء القراءات، وقد استفاد «عليّ ابن عليّ» من هذه النشأة فقرأ القراءات على والده ببلدة «قيجطة». كما أخذ القرآن والقراءات أيضا على غير والده من مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو علي غلام الهرّاس». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وحسن الأداء، وصحّة السند، وأقبل عليه الطلاب. ومن الذين قرءوا عليه: «أبو الفتح نصر الله بن الكيّال، وأبو بكر عبد الله ابن الباقلاني» وغيرهما كثير. احتلّ «عليّ بن عليّ» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة مما جعل العلماء يثنون عليه، يقول «الحافظ الذهبي»: حدّث «عليّ بن شيران» ببغداد بعد الخمسمائة، وبقي إلى بعد العشرين وخمسمائة. وقال «ابن الجزري»: توفي سنة أربع وعشرين وخمسمائة. رحمه الله رحمة واسعة. ومن تلاميذ «أبي علي غلام الهرّاس» في القراءة: «المبارك بن الحسين بن أحمد، أبو الخير، البغدادي»، الغسّال الشافعي وهو من مشاهير القرّاء، ومن المحدثين الثقات. وكان رحمه الله تعالى من الأدباء، والحذّاق. احتل «المبارك بن الحسين» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: عني «المبارك بن الحسين» بالقراءات عناية كليّة، وتقدّم فيها، وطال عمره، وعلا سنده،

وقصده الطلبة لحذقه، وبصره بالفنّ (¬1). أخذ «المبارك بن الحسين» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أبو علي غلام الهرّاس، وأبو بكر محمد بن الخياط»، وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس وأقبل عليه الطلاب، ينهلون من علمه، ويأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «المبارك بن أحمد بن الناعورة». توفي «المبارك بن الحسين» سنة عشر وخمسمائة، رحمه الله رحمة واسعة. وهكذا أدّى «أبو علي غلام الهرّاس» رسالته، وقضى حياته متجوّلا في المدن، والقرى، من أجل الوقوف على قراءات القرآن، وأخذ عن الشيوخ الكبار، وعلا سنده، وبعد صيته، ثم توج حياته، وختمها بأفضل ما يكون، إذ جلس لتعليم كتاب الله تعالى، فكان ممن قال فيهم الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه». وظل رحمه الله تعالى على ذلك حتى وافاه الأجل المحتوم يوم الجمعة سابع جمادى الأولى سنة ثمان وستين وأربعمائة على الصحيح. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 40.

رقم الترجمة/ 74"أبو عمرو الداني" ت 444 هـ

رقم الترجمة/ 74 «أبو عمرو الدّاني» (¬1) ت 444 هـ هو: الإمام العلامة الحافظ شيخ الشيوخ، عثمان بن سعيد بن عثمان بن عمر أبو عمرو الأموي مولاهم القرطبي الداني بن الصيرفي. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة الحادية عشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. نشأ «أبو عمرو الدّاني» تحت رعاية والده رحمه الله تعالى في بلد العلم والمعرفة والدين «قرطبة» حاضرة الأندلس، وأعظم مدنها في ذلك الوقت، ومستقرّ خلافة الأمويين. ولد الإمام الداني بقرطبة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة من الهجرة. وقد نسب الإمام «أبو عمرو الدّاني» إلى «دانية» وهي مدينة عظيمة بالأندلس على ساحل البحر الرومي، لكونه سكنها آخر حياته وتوفي بها سنة 444 هـ. وقد نشأ الإمام الداني وترعرع في «قرطبة» التي كانت مركزا للعلم والمعرفة حيث كانت عامرة بالعلماء الأجلاء في شتى أنواع العلوم والمعرفة ما بين مقرئ وقارئ، ومحدث، ومفسّر، وأديب، وواعظ، وخطيب. وسط هذا الجوّ الذي يشعّ منه العلم ابتدأ الإمام الداني طلب العلم سنة ست ¬

_ (¬1) انظر ترجمة الداني في المراجع الآتية: تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1120. معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 461. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 503. معجم البلدان لياقوت ج 2، ص 540. نفح الطيب ج 1، ص 429.

وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن أربع عشرة سنة بعد أن حفظ القرآن الكريم وجوّده. وقد انكبّ «الداني» على قراءة الكتب وملازمة الشيوخ، وقد تتلمذ «الداني» على خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم «والده» الذي أخذ عنه القراءات القرآنية. ومن شيوخه الذين أخذ عنهم: 1 - خلف بن إبراهيم بن محمد بن جعفر بن حمدان بن خاقان أبو القاسم الخاقاني الاستاذ الضابط في قراءة «ورش». قرأ عليه «الداني» وعليه اعتمد في قراءة «ورش» وقال عنه: كان شيخي الخاقاني ضابطا لقراءة «ورش»، متقنا لها مجوّدا، مشهورا بالفضل والنسك، واسع الرواية، صادق اللهجة. 2 - وطاهر بن عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون «أبو الحسن» الحلبي نزيل مصر، وهو أستاذ عارف، ثقة، ضابط، وحجة محرّر، مؤلف كتاب «التذكرة في القراءات الثمان». قال عنه الداني: لم ير في وقته مثله في فهمه، وعلمه، وفضله وصدق لهجته. 3 - وعبد العزيز بن جعفر بن محمد بن إسحاق بن محمد بن خواستي، بضم الخاء المعجمة، وسكون السين المهملة، الفارسي، مقرئ نحوي شيخ، صدوق، فاضل، ضابط قرأ عليه «الداني» القراءات، وقال عنه: كان شيخي «عبد العزيز» خيّرا، فاضلا ضابطا، صدوقا. 4 - وفارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي الضرير، نزيل مصر قال عنه الداني: لم ألق مثله في حفظه وضبطه، حسن الأداء، واسع الرواية، متنسكا، فاضلا، صادق اللهجة. 5 - ومحمد بن عبد الله أبو الفرج النجاد، روى عنه الداني حروف

القراءات وكان من القراء الثقات. وقد رحل الإمام الداني في سبيل طلب العلم إلى كثير من الأقطار فبعد أن حفظ القرآن، وتلقى القراءات على شيوخ بلده، وكان عمره حينئذ ستا وعشرين سنة قرر الرحلة إلى المشرق حيث ينابيع العلم الأصيلة التي كانت تجذب أنظار الأندلسيين نحو المشرق، وذلك للاستكثار من الروايات، ووجوه القراءات، فارتحل من «الأندلس» واتجه نحو «القيروان» في «تونس» ومكث بها أربعة أشهر، ولقي جماعة من العلماء، وكتب عنهم، منهم «أبو الحسن القابسي». ثم توجه نحو «مصر» ودخلها في اليوم الثاني من عيد الفطر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة من الهجرة، ومكث بها حتى نهاية العام الثاني. وقد تلقى في «مصر» القراءات، والحديث، والفقه عن أئمة من المصريين والبغداديين، والشاميين منهم: «فارس بن أحمد، وطاهر بن غلبون». ثم توجه إلى مكة المكرمة سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة. وحج بيت الله الحرام، وقرأ القرآن، والحديث على «أبي العباس أحمد بن البخاري» وغيره. ثم عاد إلى «مصر» ومكث بها شهرا، ثم ارتحل إلى المغرب ومكث بالقيروان أشهرا، ثم عاد إلى الأندلس. تصدر الإمام الداني لتعليم القرآن الكريم، وعلومه، واشتهر بالثقة والضبط، وصحة الرواية، وسعة العلم، فأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان، وتتلمذ عليه الجم الغفير منهم: 1 - خلف بن إبراهيم أبو القاسم الطليطلي. 2 - وخلف بن محمد بن خلف أبو القاسم الأنصاري. 3 - ومحمد بن أحمد بن رزق بن الفصيح التجيبي الأندلسي.

4 - ومحمد بن عيسى بن فرج أبو عبد الله التجيبي الطليطلي. قال عنه الذهبي: كان أحد الحذّاق بالقراءات. وقال عنه «ابن بشكوال»: كان عالما بوجوه القراءات، ضابطا لها، متقنا لمعانيها، إماما دينا، أخبرنا عنه غير واحد من شيوخنا ووصفوه بالتجويد، والمعرفة. 5 - ومحمد بن يحيى بن مزاحم أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي، الطليطلي مؤلف كتاب «المنهاج في القراءات». قال عنه «الذهبي»: كان غاية في العربية، وله رحلة إلى مصر لقي فيها «القضاعي» وطبقته. وقد صنف «الإمام الداني» الكثير من كتب القراءات، وعلوم القرآن بلغت مائة وعشرين مصنفا في القراءات والرسم والتجويد، وقد أقبل العلماء على تحقيق مصنفات الداني وإظهارها إلى حيّز الوجود، فمن الكتب التي تمت طباعتها حتى الآن: 1 - التيسير في القراءات السبع. 2 - المقنع في رسم المصاحف. 3 - الفرق بين الضاد والظاء. 4 - المحكم في نقط المصاحف. 5 - المكتفي في الوقف والابتداء. توفي الداني «بدانية» سنة أربع وأربعين وأربعمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 75"عمر بن رسلان" ت 805 هـ

رقم الترجمة/ 75 «عمر بن رسلان» (¬1) ت 805 هـ هو: عمر بن رسلان بن نصير بن صلح بن شهاب، أبو حفص الكناني، البلقيني، ثم القاهري، الشافعي، وهو من خيرة العلماء العاملين، ومن القراء، والفقهاء، والمحدثين، واللغويين، والأصوليين، والمجتهدين. ولد في ليلة الجمعة ثاني عشر شعبان سنة أربع وعشرين وسبعمائة، ببلقينة، من الغربية إحدى مدن مصر، وحفظ بها القرآن، وصلى به وهو ابن سبع سنين، وحفظ الشاطبية، والمحرّر، والكافية الشافية في النحو، والمختصر الأصلي، وأقدمه أبوه القاهرة وهو ابن اثنتي عشرة سنة، فعرض محافيظه على جماعة من العلماء مثل: «التقيّ السبكي، والجلال القزويني» وبهرهم بذكائه وكثرة محفوظاته وسرعة فهمه، ثم رجع به والده إلى بلدته. ثم عاد به والده إلى القاهرة في سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة، وقد ناهز الاحتلام فاستوطن القاهرة، وحضر الدروس على خيرة العلماء: ومن شيوخه في الفقه: «التقيّ السبكي». وفي العربية، والصرف، والأدب، الأستاذ «أبو حيان»، ولازم «البهاء ابن عقيل»، وانتفع به كثيرا، وتزوج ابنته. وسمع الحديث على مشاهير علماء الحديث وفي مقدمتهم: «ابن القمّاح، وابن غالي» وغيرهما. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: الضوء اللامع ج 2، ص 85، ورقم الترجمة 286. البدر الطالع ج 1، ص 506 ورقم الترجمة 254.

وأجاز له الحافظان: «المزّي، والذهبي» وابن نباتة، وآخرون وحج مع والده سنة أربعين وسبعمائة، ثم بمفرده بعدها، وزار بيت المقدس. وأذن له الأئمة بالافتاء، والتدريس، وعظمه أجلاء شيوخه، مثل «أبي حيان، والأصبهاني». وناب في الحكم عن صهره: «ابن عقيل» واستقرّ بعده في التدريس بجامع «عمرو بن العاص» بالقاهرة. وكان يدرس التفسير بجامع «ابن طولون». وولي إفتاء دار العدل رفيقا للبهاء السبكي، ثم قضاء الشام في سنة تسع وستين، عوضا عن «التاج السبكي» فباشره دون السنة. ودخل «حلب» في سنة ثلاث وتسعين صحبة «الظاهر برقوق» واشتغل بها، وعيّن لقضاء مصر غير مرة، وشاع ذكره في الممالك قديما وحديثا، وعظمه الأكابر فمن دونهم. احتلّ «عمرو بن رسلان» بعلمه مكانة سامية بين الجميع مما جعل العلماء يثنون عليه، ومما كتبه عنه «أبو حيان» قوله: «صار عمر بن رسلان إماما ينتفع به في الفنّ العربي مع ما منحه الله من علمه بالشريعة المحمدية بحيث نال في الفقه وأصوله الرتبة العليا، وتأهل للتدريس، والقضاء، والفتيا» (¬1). وقال «البرهان الحلبي»: «رأيته رجلا فريد دهره، لم تر عيناي أحفظ منه للفقه، وأحاديث الأحكام، وقد حضرت دروسه مرارا وهو يقرئ في مختصر مسلم للقرطبي، ويقرئه عليه شخص مالكي، ويحضر عنده فقهاء المذاهب الأربعة، فيتكلم على الحديث الواحد من بكرة إلى قريب الظهر، وربما أذّن ¬

_ (¬1) انظر الضوء اللامع ج 5، ص 86.

الظهر ولم يفرغ من الحديث» (¬1). ويعقب العلامة الشوكاني على هذا الخبر بقوله: «وهذا تبحر عظيم، وتوسع باهر فإن استغراق هذا الوقت الطويل في الكلام على حديث واحد يتحصل منه كراريس، وقد كان وقع الاتفاق على أنه أحفظ أهل عصره، وأوسعهم معارف، وأكثرهم علوما، ومع هذا فكان يتعانى نظم الشعر فيأتي بما يستحي منه، بل قد لا يقيم وزنه، والكمال لله وحده» اه (¬2). وقال «الشمس محمد بن عبد الرحمن العثماني» قاضي صفد في طبقاته: «عمر بن رسلان، شيخ الوقت، وإمامه، وحجته، انتهت إليه مشيخة الفقه في وقته، وعلمه كالبحر الزاخر، ولسانه أفحم الأوائل والأواخر» اه (¬3). وقال «الإمام الشوكاني»: أثنى عليه أكابر شيوخه، قال «ابن حجّي» كان احفظ الناس لمذهب الشافعي، واشتهر بذلك وشيوخه موجودون، قدم علينا دمشق قاضيا وهو كهل فبهر الناس بحفظه، وحسن عبارته، وجودة معرفته، وخضع له الشيوخ في ذلك الوقت، واعترفوا بفضله، ثم بعد ذلك رجع إلى القاهرة، وتصدر للفتيا، فكان معول الناس عليه في ذلك، وكثرت طلبته فنفعوا، وأفتوا، ودرّسوا، وصاروا شيوخ بلادهم، وهو حيّ، وله نظم وسط، وتصانيف كثيرة لم تتمّ. يبتدئ كتابا، فيصنف منه قطعة ثم يتركه، وقلمه لا يشبه لسانه» اه (¬4). وقال «شمس الدين السخاوي»: وقال شيخنا في مشيخة البرهان: إنه استمرّ مقبلا على الاشتغال متفرغا للتدريس والفتوى إلى أن عمّر وتفرّد، ولم ¬

_ (¬1) انظر البدر الطالع ج 1، ص 507. (¬2) انظر البدر الطالع ج 1، ص 507. (¬3) انظر الضوء اللامع ج 5، ص 56. (¬4) انظر البدر الطالع ج 1، ص 506.

يبق من يزاحمه، وكان كل من اجتمع به يخضع له لكثرة استحضاره، حتى يكاد يقطع بأنه يحفظ الفقه سردا من أول الأبواب إلى آخرها، لا يخفى عليه منه كبير أمر، وكان مع ذلك لا يحبّ أن يدرّس إلا بعد المطالعة. ثم يستطرد قائلا: واشتهر اسمه في الآفاق، وبعد صيته، إلى أن صار يضرب به المثل في العلم، ولا تركن النفس إلا إلى فتواه، وكان موفقا في الفتوى، يجلس لها من بعد صلاة العصر إلى الغروب، ويكتب عليها من رأس القلم غالبا، ولا يأنف إذا أشكل عليه شيء من مراجعة الكتب، ولا من تأخير الفتوى عنده إلى أن يحقق أمرها، وكان فيه من قوّة الحافظة وشدّة الذكاء ما لم يشاهد فيه مثله، وكان وقورا حليما، مهيبا سريع البادرة، سريع الرجوع، ذا همة عالية في مساعدة أصحابه، وأتباعه، وقد أفتى ودرس وهو شاب، وناظر الأكابر، وظهرت فضائله، وبهرت فوائده، وطار في الآفاق صيته، وانتهت إليه الرئاسة في الفقه، والمشاركة في غيره حتى كان لا يجتمع به أحد من العلماء إلا ويعترف بفضله، ووفور علمه، وحدّة ذهنه، وكان معظما عند الأكابر، عظيم السمعة عند العوام، إذا ذكر خضعت له الرقاب، حتى كان «الاسنوي» مع جلالة قدره يتوقّى الإفتاء مهابة له، وكانت آلة الاجتهاد فيه كاملة، وكان عظيم المروءة، جميل المودّة، كثير الاحتمال، مهيبا مع كثرة المباسطة لأصحابه، والشفقة عليهم، والتنويه بذكرهم» (¬1). وقال «الصلاح الأقفهسي»: كان «عمر بن رسلان» أحفظ الناس لمذهب الشافعي، لا سيما لنصوصه، مع معرفة تامة بالتفسير، والحديث والأصول، والعربية، مع الذهن السليم، والذكاء الذي على كبر السنّ لا يتغيّر، يفزع إليه في حلّ المشكلات فيحلّها، ويقصد لكشف المعضلات فيكشفها ولا يملّها، ولولا أن نوع الإنسان مجبول على النسيان لكان معدوما فيه، فلم يكن في عصره في الحفظ وقلة النسيان من يماثله بل ولا يدانيه، ولي قضاء دمشق، ¬

_ (¬1) انظر الضوء اللامع ج 5، ص 87 - 88.

وهي إذ ذاك غاصة بالفضلاء، فأقروا له بالتقدم في العلوم، ولم ينازعه واحد منهم في منطوق ولا مفهوم (¬1). وقال «التقي الفاسي»: كان «عمر بن رسلان» واسع المعرفة بالفقه والحديث، وغيرهما، موصوفا بالاجتهاد. وممن ترجمه «ابن خطيب الناصرية، وابن قاضي شهبة، والمقريزي». وحكى العلاء البخاري، فيما سمعه منه «العز السنباطي» قال: قدم علينا من أخذ عن «البلقيني» فسألناه عنه فقال: هو في الفقه وكذا في الحديث بحر، وفي التفسير أيضا على طريقة «البغوي» وسألناه عنه في العقليات فقال: يقرئ تفسير «البيضاوي» للمبتدئ، والمتوسط، ولا يخرج عن عهدته للمنتهي (¬2). وحكى «البساطي» عن شيخه «قنبر» أنه قال: ما جلست بمصر للإقراء حتى درت على حلق مشايخها كلهم، حتى «الخولاني» فلم أر فيهم مثل «البلقيني» في الحفظ. وقال «شمس الدين السخاوي»: وفي كلام «الوليّ العراقي» في أواخر شرحه لجمع الجوامع ما يشير لأن «عمر بن رسلان» مجتهد، أو كونه هو والتقيّ السبكي طبقة واحدة، وكان في صفاء الخاطر، وسلامة الصدر بمكان بحيث يحكى عنه ما يفوق الوصف، وقيامه في إزالة المنكر شهير، وردعه لمن يخوض فيما لا يليق مستفيض، وكان يقول: ما أحد يقرئ الفرائض إلا وهو تلميذي، أو تلميذ تلميذي وقد أخذ الناس عنه طبقة بعد طبقة، بل وأخذت عنه طبقة ثالثة. ولم يزل «عمر بن رسلان» متفردا في جميع العلوم حفظا، وسردا لها حتى ¬

_ (¬1) انظر الضوء اللامع ج 5، ص 88. (¬2) انظر الضوء اللامع ج 5، ص 88.

توفاه الله تعالى قبل عصر يوم الجمعة حادي عشر ذي القعدة سنة خمس وثمانمائة بالقاهرة، وصلى عليه ولده «الجلال» صبيحة الغد بجامع الحاكم، ودفن بمدرسته التي أنشأها بالقرب من منزله في حارة «بهاء الدين» عند ولده «البدر محمد» ورثاه جماعة، وأبدع مرثية فيه وهي تزيد على مائة بيت للشيخ «السخاوي» وأولها: يا عين جودي لفقد البحر بالمطر ... واذري الدموع ولا تبقي ولا تذري رحم الله «عمر بن رسلان» رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 76"أبو عمر الطلمنكي" ت 429 هـ

رقم الترجمة/ 76 «أبو عمر الطلمنكي» (¬1) ت 429 هـ هو: أحمد بن محمد بن عبد الله المعافري المالكي الطلمنكي من طلمنكة، بفتح الطاء واللام والميم وسكون النون، وفتح الكاف من ثغر الأندلس الشرقي، نزيل قرطبة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «الطلمنكي» سنة أربعين وثلاثمائة، ورحل إلى المشرق، فقرأ على: «عليّ بن محمد الأنطاكي، وعمر بن عراك، وعبد المنعم بن غلبون، ومحمد بن علي الأدفوي، ومحمد بن الحسين بن النعمان». ثم رجع إلى الأندلس بعلم كثير وكان أول من أدخل القراءات إليها، حيث جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات، وتتلمذ عليه الكثيرون، منهم: «عبد الله بن سهل، ومحمد بن عيسى المغامي، ويحيى بن إبراهيم». وروى عنه بالإجازة محمد بن أحمد بن عبد الله الخولاني، وهو آخر من روى عنه. صنف «الطلمنكي» الكثير من الكتب منها: الدليل إلى معرفة الجليل مائة جزء، وكتاب تفسير القرآن، نحو مائة جزء أيضا، وكتاب الوصول إلى معرفة ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: جذوة المقتبس للحميدي ص 114 وفهرست ابن خير ص 259 - 288. الصلة لابن بشكوال ج 1، ص 44. بغية الملتمس للضبي ص 162. تذكرة الحفاظ للذهبي ج 3، ص 1098. الديباج المذهب لابن فرحون ج 1، ص 178. طبقات المفسرين للداودي ج 1، ص 79. القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 385. طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 120. النجوم الزاهرة ج 5، 28.

الأصول، وكتاب البيان في إعراب القرآن، وغير ذلك كثير. وقد أثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا يقول «الذهبي»: كان رأسا في علوم القرآن: قراءاته، وإعرابه، وأحكامه، رأسا في معرفة الحديث وطرقه، حافظا للسنن، ذا عناية بالأثر والسنة، إماما بأصول الديانات ذا هدى وسمت ونسك وصمت» اه. وقال «أبو القاسم بن بشكوال»: كان سيفا مجرّدا على أهل الأهواء والبدع، قامعا لهم، غيورا على الشريعة، شديدا في ذات الله. ثم قصد بلده في آخر عمره، فتوفي بها في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 77"عمر بن عراك" ت 388 هـ

رقم الترجمة/ 77 «عمر بن عراك» (¬1) ت 388 هـ هو: عمر بن محمد بن عراك بن محمد أبو حفص الحضرمي المصري الإمام أستاذ في قراءة ورش. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن عراك» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «حمدان بن عون، وعبد المجيد بن مسكين، وقسيم بن مطير، وأبو غانم المظفر بن أحمد، ومحمد بن جعفر العلاف». وسمع الحروف من «أحمد بن محمد بن زكريا الصدفي، وأحمد بن إبراهيم بن جامع، والحسن بن أبي الحسن العسكري». تصدر «ابن عراك» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة الضبط، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ويتلقون القراءة وحروف القرآن. ومن الذين قرءوا عنه: «تاج الأئمة أحمد بن علي بن هاشم، وفارس بن أحمد، وعتبة بن عبد الملك، والحسين بن إبراهيم الأنباري». وكان يقول: أنا كنت السبب في تأليف «أبي جعفر النحاس» كتاب «اللامات» (¬2) توفي ابن عراك بمصر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمة فيما يلي: معرفة القراء ج 1، ص 354. وطبقات القراء: ج 1 ص 597. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 597.

رقم الترجمة/ 78"عمر الكتاني" ت 390 هـ

رقم الترجمة/ 78 «عمر الكتّانيّ» (¬1) ت 390 هـ هو: عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي. ذكره «الذهبي» ت 848 هـ ضمن علماء الطبقة التاسعة عن حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «الكتاني» سنة ثلاثمائة من الهجرة. وأخذ القراءة وحروف القرآن عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: سمع «الكتاني» حروف القرآن من إبراهيم بن عرفة نفطويه، وقرأ على الأشناني، ولم يختم عليه، وعرض القرآن على «علي بن سعيد القزاز، وبكار، وعمر بن جناد، ومحمد بن الحسن النقاش، وأحمد بن عثمان بن بويان، ومحمد بن علي الرقي، وزيد بن أبي بلال، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق». وروى القراءة عن «عبيد الله ابن بكير»، وسمع كتاب السبعة من «ابن مجاهد» اه (¬2). وأخذ «الكتاني» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «الكتاني» أبا القاسم البغوي، وأحمد بن إسحاق بن البهلول التنوخي، ويحيى بن محمد بن صاعد، وأبا سعيد العدوي، وأبا حامد محمد بن هارون الحضرمي، والفضل بن منصور الزبيدي، وإبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمي، وأبا بكر النيسابوري، وأبا بكر بن مجاهد، وغيرهم. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء: ج 1، ص 356. وطبقات القراء، ج 1، ص 470. وتاريخ بغداد ج 11، ص 269. والعبر ج 3، ص 46. وشذرات الذهب ج 3، ص 134. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 587.

كما حدثنا عنه «الأزهري، وعبد العزيز الأزجي، والتنوخي، وأبو الفضل ابن الكوفي. ثم يقول «الخطيب البغدادي»: وكان ثقة ينزل ناحية نهر الدجاج، وذكره «محمد بن أبي الفوارس» فقال: «كان لا بأس به» (¬1). تصدر «الكتاني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وصحة القراءة، وتتلمذ عليه الكثيرون، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: عيسى بن سعيد الأندلسي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن إسحاق المقري، ومحمد بن جعفر الخزاعي، وأحمد ابن الفتح، والحسن بن الفحّام. وسمع منه كتاب السبعة عبد الله بن هزار مرد الصريفيني، وأحمد بن محمد بن يوسف، وعلي بن القاسم بن إبراهيم شيخ أبي عليّ الحدّاد، وقرأ عليه الحسن بن عليّ العطّار، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وعبيد الله بن أحمد بن علي الكوفي، وكان الكتاني يقرئ بمسجده ببغداد (¬2). توفي «الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة، وله تسعون سنة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 11، ص 269. (¬2) انظر طبقات القراء ج 1، ص 587.

رقم الترجمة/ 79"فارس بن أحمد" ت 401 هـ

رقم الترجمة/ 79 «فارس بن أحمد» (¬1) ت 401 هـ هو: فارس بن أحمد بن موسى بن عمران أبو الفتح الحمصي الضرير، نزيل مصر، الأستاذ الكبير، مؤلف كتاب المنشآت في القراءات الثمان، وأحد الحذّاق بفن القراءات. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «فارس بن أحمد» بحمص سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة ثم رحل إلى القاهرة واستوطنها إلى أن توفاه الله. أخذ «فارس بن أحمد» القراءة القرآنية عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «عبد الباقي بن الحسن، وعبد الله بن الحسين، وعليّ بن عبد الله الجلّاء، ومحمد بن الحسن، وأبو طاهر الأنطاكي، ومحمد بن صبغون الملطي، وعبد الله بن محمد الرازي، ومحمد بن علي، وأبو الفرج الشنبوذي، وأبو عدي عبد العزيز بن علي». وروى حروف القراءات عن: «أحمد بن محمد بن جابر، وجعفر بن أحمد البزّاز، وجعفر بن محمد بن الفضل». وبعد أن اكتملت مواهب «فارس بن أحمد» جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات واشتهر بالثقة وصحة القراءة، والإتقان، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 379. طبقات القراء ج 2، ص 5. حسن المحاضرة ج 1، ص 492. نهاية الغاية الورقة 187. تاريخ الإسلام الورقة 12 [آيا صوفيا 3009].

يأخذون عنه، ويتعلمون منه، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمة من قرأ عليه: ولده عبد الباقي، والحافظ أبو عمرو الداني الإمام المشهور. احتلّ «فارس بن أحمد» مكانة سامية ومنزلة رفيعة، مما استوجب الثناء عليه. في هذا المعنى يقول تلميذه «أبو عمرو الداني»: لم ألق مثله في حفظه، وضبطه، كان حافظا، ضابطا، حسن التأدية، فهما بعلم صناعته، واتساع روايته مع ظهور نسكه وفضله، وصدق لهجته». توفي «فارس بن أحمد» بمصر سنة إحدى وأربعمائة من الهجرة، وله ثمان وستون سنة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 80"أبو الفتح بن شيطا" ت 450 هـ

رقم الترجمة/ 80 «أبو الفتح بن شيطا» (¬1) ت 450 هـ هو: عبد الواحد بن الحسن بن أحمد بن عثمان بن شيطا: بكسر الشين، أبو الفتح البغدادي، وهو أستاذ كبير ومن الثقات، ومؤلف كتاب: «التذكار في القراءات العشر». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «ابن شيطا» سنة سبعين وثلاثمائة. أخذ «ابن شيطا» القراءات عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «عليّ بن محمد بن يوسف بن يعقوب بن عليّ أبو الحسن بن العلاف البغدادي»، وهو أستاذ مشهور ثقة، ضابط، ولد سنة عشر وثلاثمائة، وتوفي سنة ست وتسعين وثلاثمائة. أخذ «ابن العلّاف» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وأبو طاهر بن أبي هاشم، وأبو علي الحسن النقّار، وزيد بن أبي بلال، ومحمد بن عبد الله المؤدّب، وهبة الله بن جعفر، ومحمد بن عليّ بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد بن الواثق بالله، ومحمد بن أحمد السلمي». جلس «ابن العلاف» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو الفتح ابن شيطا، والحسن بن محمد البغدادي، وأحمد بن محمد القنطري، وعبد الله بن محمد الذارع، وعثمان بن علي الدّلّال، وأبو علي الشرمقاني، والحسن بن عليّ العطار، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 11، ص 16. ورقم الترجمة 5683. إنباه الرواة ج 2، ص 213 ورقم الترجمة 353. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 415. ورقم الترجمة 353. طبقات القراء ج 1، ص 473. ورقم الترجمة 1978. نزهة الألباء ص 259. شذرات الذهب ج 3، ص 285.

وأحمد بن رضوان الصيدلاني، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدّادي، وأحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني، وعليّ بن محمد بن فارس الخياط». ومن شيوخ «ابن شيطا»: «علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحمامي»، شيخ العراق، وهو من الأئمة الثقات، ومن القراء المسندين، ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وتوفي سنة سبع عشرة وأربعمائة. وهو في سن التسعين. أخذ «أبو الحسن الحمامي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وأبو عيسى بكّار، وزيد بن عليّ، وهبة الله بن جعفر، وعبد الواحد بن عمر، وعليّ بن محمد بن جعفر القلانسي، ومحمد بن علي بن الهيثم، وعبد العزيز بن محمد الواثق بالله، وأحمد بن محمد بن هارون الورّاق، وعبد الله ابن الحسن بن سليمان النخّاس، وأحمد بن عبد الرحمن الوليّ، وأبو بكر بن مقسم، وإسماعيل بن شعيب النهاوندي». جلس «أبو الحسن الحمامي» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو الفتح بن شيطا» وأحمد بن الحسن بن اللحياني، وأحمد بن مسرور، وأحمد بن علي الهاشمي، والحسن بن البنّاء، والحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن ابن عليّ العطّار، والحسن بن محمد المالكي، والحسين بن أحمد الصفّار» وغير هؤلاء. ومن شيوخ «أبي الفتح بن شيطا»: أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور، أبو الحسن السوسنجردي»، وهي نسبة إلى قرية بنواحي بغداد يقال لها: «سوسنجرد». وهو من القراء المشهورين، ومن الثقات، ولد سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، وتوفي سنة اثنتين وأربعمائة عن ثمانين سنة ونيف. أخذ «السوسنجردي» القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: زيد بن أبي بلال، وعبد الواحد بن أبي هاشم، وعلي بن محمد بن جعفر بن خليع،

ومحمد بن خليع، ومحمد بن عبد الله بن أبي مرّة الطوسي، وبكار بن أحمد. تصدر «أحمد السوسنجردي» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو الفتح بن شيطا» وأبو علي غلام الهراس، وأبو بكر محمد بن عليّ الخياط، وأبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المالكي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي، والحسن بن علي العطار، وعبد الملك بن شابور. ومن شيوخ «أبي الفتح بن شيطا»: عبد السلام بن الحسين بن محمد بن طيفور أبو أحمد البصري ثم البغدادي، وهو شيخ عارف ثقة، قرأ على: الحسين بن إبراهيم الصائغ، وعليّ بن محمد بن خشنام، وعلي بن محمد بن صالح الهاشمي، وعلي بن أبي رجاء، وأبي العباس الكيّال. تصدّر «ابن طيفور» لتعليم القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو الفتح ابن شيطا، وأبو علي الشرمقاني، والحسن بن عليّ العطّار، والحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، وأبو الحسن الخياط، ونصر بن عبد العزيز الشيرازي، وعبد الملك بن شابور». وأخذ «أبو الفتح بن شيطا» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «أبو الفتح بن شيطا»: أبا بكر بن إسماعيل الورّاق، وأبا محمد بن معروف القاضي، وعيسى بن عليّ بن عيسى، وإسماعيل بن سعد بن سويد، ومحمد بن عمرو بن بهتة، كتبنا عنه، وكان ثقة عالما بوجوه القراءات، بصيرا بالعربية، حافظا لمذاهب القراء، وسألته عن مولده فقال: ولدت يوم الاثنين السادس عشر من رجب سنة سبعين وثلاثمائة. اه (¬1). وقال عنه «الإمام ابن الجزري»: «ابن شيطا، أبو الفتح البغدادي، ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 11، ص 17.

الأستاذ الكبير الكامل ثقة رضيّ» (¬1). تصدر «أبو الفتح بن شيطا» لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه الاستاذ أبو طاهر بن سوار، وأبو الفضل محمد بن محمد بن الصباغ، وروى عنه حروف القراءات من كتابه «التذكار»: «الحسن بن محمد الباقرجي». توفي «أبو الفتح بن شيطا» سنة خمسين وأربعمائة هـ. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 473.

رقم الترجمة/ 81"ابن الفحام السامري" ت 408 هـ

رقم الترجمة/ 81 «ابن الفحّام السّامري» (¬1) ت 408 هـ هو: الحسن بن محمد بن يحيى بن داود أبو محمد الفحام المقرئ الفقيه البغدادي السامري شيخ مصدر بارع. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن الفحام» القراءة القرآنية على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وابن مقسم، ومحمد بن أحمد بن الخليل، وبكار بن أحمد، وجعفر بن عبد الله السامري، وسلامة بن الحسن الموصلي، وزيد بن أبي بلال وعليّ بن إبراهيم بن خشنام المالكي، وعمر بن أحمد الحبّال، وعبد الله بن محمد الوكيل، وأبو الطيب الدلاء، وجعفر بن محمد بن غيالي، ويوسف بن علان». كما أخذ «ابن الفحام» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: أحمد بن علي بن يحيى بن حسان السامري، وإسماعيل بن محمد الصفار، ومحمد بن عمرو الرزاز، ومحمد بن الفرحان الدوري. تصدّر «ابن الفحام» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالثقة وطال عمره، وأقبل عليه الطلاب، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: «نصر بن عبد العزيز الفارسي، وأبو علي غلام الهراس، والحسن ابن علي العطار، وعلي بن محمد بن فارس الخياط، وأبو علي البغدادي، وعبد الملك بن شابور» وآخرون. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 7، ص 424. القراء الكبار ج 1، ص 332. طبقات القراء ج 1، ص 232.

قال «الخطيب البغدادي»: كان «ابن الفحام» ثقة على مذهب الإمام الشافعي وقد حدثني عنه: «أبو سعد السمان الرازي، ومحمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري»، وغيرهما. قال «ابن الجزري»: «ليس هو بصاحب الآيات المنزلة في أهل البيت كما قيل». توفي «ابن الفحام» ببغداد سنة ثمان وأربعمائة من الهجرة. رحم الله «ابن الفحام» رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 82"ابن الفحام" ت 516 هـ

رقم الترجمة/ 82 «ابن الفحّام» (¬1) ت 516 هـ هو: عبد الرحمن بن عتيق بن خلف أبو القاسم الفحام الصقلي. ولد «ابن الفحام» سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة من الهجرة. وقيل: سنة خمس وعشرين وأربعمائة. وبعد أن حفظ «ابن الفحّام» القرآن الكريم رحل من جزيرة صقلية مسقط رأسه إلى «مصر» في سبيل طلب العلم والقراءات. وقد أخذ القراءات عن عدد من خيرة العلماء منهم: 1 - أحمد بن سعيد بن أحمد بن نفيس المصري المقرئ. وكان «ابن نفيس» إماما ثقة، صحيح الرواية، انتهى إليه علوّ الإسناد وعمّر حتى قارب المائة، وكان حجة في القراءات. 2 - وعبد الباقي بن فارس بن أحمد أبو الحسن الحمصي ثم المصري. 3 - نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح الفارسي الشيرازي مقرئ الديار المصرية ومن علماء القراءات المحققين، وله كتاب «الجامع في القراءات العشر». قال «أبو القاسم بن الفحّام»: قال لنا أبو الحسن نصر الفارسي إنه قرأ ¬

_ (¬1) انظر ترجمة ابن الفحام في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 472. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 374. إنباه الرواة ج 2، ص 164. العبر في خبر من غبر ج 2، ص 407. النجوم الزاهرة ج 5، ص 225. معجم المؤلفين ج 5، ص 153. مرآة الجنان ج 3، ص 213. عيون التواريخ ج 12، ص 140. شذرات الذهب ج 4، ص 49. حسن المحاضرة ج 1، 495.

بالطرق والروايات، والمذاهب المذكورة في كتاب «الروضة» لأبي علي المالكي البغدادي، على شيوخ «أبي عليّ» المذكورين في «الروضة» كلهم القرآن كله وأن «أبا علي» كان كلما قرأ جزءا من القرآن قرأت مثله. وكلما ختم ختمة ختمت مثلها حتى انتهيت إلى ما انتهى إليه من ذلك. 4 - وإبراهيم بن سليمان بن غالب أبو إسحاق المصري المعروف بابن الخياط المالكي، وهو شيخ مقرئ مشهور وعدل. روى كتاب «الروضة» سماعا وتلاوة عن مؤلفه «أبي علي الحسن بن محمد البغدادي» وقرأ على إسماعيل بن عمرو بن راشد. كما أخذ «ابن الفحّام» «النحو» عن خيرة علماء اللغة، وفي مقدمتهم «أبو الحسن طاهر بن أحمد بن بابشاذ بن داود بن سليمان بن إبراهيم النحوي الجوهري المصري». وطاهر هذا من العلماء المشهورين بالمصنفات النافعة المفيدة ومن تصانيفه «المقدمة في النحو» وشرحها، وشرح الجمل للزجاج وكان يتولى تحرير الكتب الصادرة من ديوان الإنشاء بالديار المصرية إلى الأطراف ليصلح ما لعلّه يجد بها من لحن خفيّ. وابن الفحام هو الذي طلب من «ابن بابشاذ» أن يشرح له مقدمته في النحو فأملى عليه شرحها. تصدر «ابن الفحّام» لتعليم القرآن وحروفه، واشتهر بالثقة وجودة القراءة وصحة الضبط والاتقان، وأقبل عليه طلاب العلم، وحفاظ القرآن يأخذون عنه فتتلمذ عليه الكثيرون. ومن تلاميذه: 1 - أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الحافظ، أبو طاهر السّلفي وله علوّ في إسناد الحديث والقراءات مع الثقة والعلم.

2 - وأحمد بن عبد الله بن أحمد بن هشام بن الحطية، أبو العباس اللخمي الفارسي ثم المصري وهو إمام صالح عارف بالقراءات وصحة الضبط. عيّن لقضاء «مصر» سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة. 3 - ومحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الطفيل، أبو الحسن العبدي الإشبيلي. وقد عني بالقراءات، واشتهر بالصدق والاتقان ونظم أرجوزة في القراءات. 4 - ويحيى بن سعدون بن تمام ضياء الدين أبو بكر الأزدي القرطبي إمام عارف، علامة. ولد بقرطبة سنة ست وثمانين وأربعمائة من الهجرة، وقرأ بها القراءات، ثم رحل إلى الإسكندرية فقرأ على «ابن الفحّام» ونزل بالموصل. قال عنه «الذهبي» كان «ابن سعدون» ثقة محققا، واسع العلم ذا دين ونسك وورع ووقار. 5 - وعبد الرحمن بن خلف الله بن محمد بن عطية أبو القاسم القرشيّ، الإسكندري، المالكي، المؤدب. وكان ثقة، وشيخا صالحا، أقرأ الناس مدة على صدق واستقامة. لقد احتلّ «ابن الفحّام» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «أبو الربيع سليمان بن عبد العزيز المقرئ الأندلسي»: ما رأيت أعلم بالقراءات، ووجوهها من «ابن الفحّام» وإنه ليحفظ القراءات كما نحفظ نحن القرآن. اه (¬1). ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 374.

وقال «الذهبي»: كان «ابن الفحّام» من الثقات، وثّقه «أبو طاهر أحمد ابن محمد السلفي، وعليّ بن المفضل. اه (¬1). وقال «القفطي»: كان «ابن الفحّام» حافظا للقراءات، صدوقا، متقنا، عالما. اه (¬2). وقال «السيوطي»: انتهت إلى «ابن الفحّام» رئاسة الإقراء بالاسكندرية علوّا ومعرفة. اه (¬3). وقال «جمال الدين»: قصد الناس «ابن الفحّام» من شتى النواحي لعلوّ إسناده، وإتقانه. اه (¬4). وبالجملة، فقد كان «ابن الفحّام» إماما محققا، ثقة، متقنا، وقد وهب حياته لخدمة القراءات القرآنية تعلّما وتعليما، وصنف كتابه المشهور في القراءات «التجريد لبغية المريد». توفي «ابن الفحّام» في ذي القعدة سنة ست عشرة وخمسمائة من الهجرة وقد جاوز التسعين. رحم الله «ابن الفحّام» رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 472. (¬2) إنباه الرواة للقفطي ج 2، ص 164. (¬3) انظر حسن المحاضرة ج 1، ص 495. (¬4) انظر النجوم الزاهرة ج 5، ص 225.

رقم الترجمة/ 83"أبو الفرج النجاد" ت 429 هـ

رقم الترجمة/ 83 «أبو الفرج النجاد» (¬1) ت 429 هـ هو: محمد بن يوسف بن محمد أبو الفرج الأموي الأندلسي القرطبي، يعرف بالنجاد، وهو خال الإمام الحافظ «أبي عمرو بن العلاء». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «أبو الفرج النجاد»، ببلدة «يسير» بعد سنة خمسين وثلاثمائة من الهجرة. أخذ «أبو الفرج النجاد» القراءة عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول الحجة «أبو عمرو الداني»: أخذ «أبو الفرج النجاد» القراءة عرضا عن: أبي أحمد السامري، وأبي الحسن عليّ بن بشر الأنطاكي وغيرهما من أهل الضبط والإتقان، والمعرفة بما يقرأ ويقرئ، وكان معه نصيب وافر من علم العربية، وعلم الفرائض والحساب. اه. تصدر «أبو الفرج النجاد» لتعليم القرآن الكريم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: أقرأ الناس بقرطبة في مسجده من بعد سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، ثم نزح في الفتنة وسكن «الثغر» وأقرأ الناس به دهرا ثم ردّ إلى قرطبة وبها توفي في صدر ذي القعدة سنة تسع وعشرين وأربعمائة. اه. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار: ج 1، ص 388 ورقم الترجمة 325. وغاية النهاية: ج 2، ص 287.

رقم الترجمة/ 84"أبو الفضل الخزاعي" ت 408 هـ

رقم الترجمة/ 84 «أبو الفضل الخزاعي» (¬1) ت 408 هـ هو: محمد بن جعفر بن عبد الكريم بن بديل أبو الفضل الخزاعي الجرجاني، مؤلف كتاب «المنتهى في الخمسة عشر»، يشتمل على مائتين وخمسين رواية، وكتاب «تهذيب الأداء في السبع». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن، كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو الفضل الخزاعي» القراءة القرآنية عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «الحسن بن سعيد المطوعي، وأبو علي بن حبش، وأحمد بن محمد ابن الشارب، وأبو أحمد الساوي، ومحمد بن الحسن الأدمي، وأبو القاسم منصور بن محمد الوراق، وعقيل بن علي البصري، وأبو جعفر عمر بن إبراهيم ابن أحمد الكتاني، والحسن بن الحسين الصواف، وعلي بن أحمد بن عبد الله بن حميد، وعمر بن علي الطبري، ومحمد بن أحمد بن علّان، وإبراهيم بن أحمد المروزي، وعمر بن البغدادي، ومحمد بن غريب، وجعفر بن علي بن موسى الضرير، ومحمد بن خليل الأخفش، ومحمد بن عبيد بن الخليل، وأحمد بن محمد ابن عيسى، وأحمد بن محمد بن الفتح، وعبد الله بن يعقوب، ومحمد بن عيسى المؤدب، وأحمد بن القاسم بن يوسف، وإبراهيم بن أحمد اللبناني، وأحمد بن عبد الرحمن الأنطاكي، ومحمد بن عبد الجبار، ويوسف بن محمد الضرير، وحمد ابن عبد الواسع، وعثمان بن أحمد بن سمعان، ومحمد بن يحيى الملاح، وإبراهيم ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 380. طبقات القراء ج 2، ص 109. الوافي بالوفيات ج 2، ص 305. مرآة الجنان ج 3، ص 22. شذرات الذهب ج 3، ص 187. نهاية الغاية الورقة 228. تاريخ الإسلام الورقة 82 [أياصوفيا 3009].

ابن أحمد الطبري، ومحمد بن الحسين الجعفي، وطلحة بن محمد بن جعفر، وأحمد بن جعفر الخلال، والحسن بن بشر الأزدي، وعلي بن القاسم، وأحمد ابن نصر الشذائي، وأبو الطيب الحضيني، وأبو القاسم النخاس، وأبو الحسن ابن خشنام، وعلي بن محمد الهاشمي». مما تقدم يتبين بجلاء ووضوح علوّ إسناد «أبي الفضل الخزاعي»، ويظهر بجلاء أيضا كثرة أساتذته الذين أخذ عنهم القراءات. وبعد أن اكتملت مواهب «أبي الفضل الخزاعي» تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، والتصنيف، واشتهر بالثقة، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو العلاء الواسطي، وأحمد بن الفضل الباطرقاني، وعبد الله بن شبيب الأصبهاني، وأبو بكر أحمد ابن محمد بن إبراهيم المروزي» وآخرون. توفي «أبو الفضل الخزاعي» سنة ثمان وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 85"أبو الفضل الرازي" ت 454 هـ

رقم الترجمة/ 85 «أبو الفضل الرّازي» (¬1) ت 454 هـ هو: عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار أبو الفضل الرازي، الإمام المقرئ شيخ الإسلام، في عصره، مؤلف كتاب «جامع الوقوف» وغيره، الرحّالة، وكان يقول: أول سفري في الطلب كنت ابن ثلاث عشرة سنة، وكان طوافه في البلاد من أجل العلم إحدى وسبعين سنة. ورد أن مولده «بمكة المكرمة» سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة وما زال ينتقل في البلدان حتى توفاه الله تعالى. ذكره «أبو سعيد السمعاني» فقال: كان مقرئا، فاضلا، كثير التصانيف حسن السيرة، زاهدا متعبدا، خشن العيش، قانعا باليسير، يقرئ أكثر أوقاته، ويروي الحديث وكان يسافر وحده ويدخل البراري. وقال «عبد الغافر الفارسي» في تاريخه: «كان «أبو الفضل الرّازي» ثقة جوّالا، إماما في القراءات، أوحد في طريقته، وكان الشيوخ يعظمونه، وكان لا ينزل الخوانق بل يأوي إلى مسجد خراب، فإذا عرف مكانه تركه، وإذا فتح عليه بشيء آثر به. وقال «يحيى بن منده» في تاريخه: قرأ على «أبي الفضل الرازي» جماعة، وخرج من أصبهان إلى كرمان، وحدث بها، وبها مات، وهو ثقة، ورع متديّن، عارف بالقراءات والروايات، عالم بالأدب والنحو، أكبر من أن يدلّ ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار رقم الترجمة 356 ج 1، ص 417. غاية النهاية في طبقات القراء ورقم الترجمة 1549 ج 1، ص 361. العبر في خبر من غبر ج 3، ص 232. النجوم الزاهرة ج 5، ص 71. بغية الوعاة ج 2، ص 75. شذرات الذهب ج 3، ص 293.

عليه مثلي، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون في العلم مهيب، منظور، فصيح، حسن الطريقة، كبير الوزن (¬1). وقال «الحافظ الذهبي»: قرأت على «إسحاق بن أبي بكر الأسدي»، أخبرنا، يوسف بن خليل، أخبرنا خليل بن أبي رجاء، أخبرنا محمد بن عبد الواحد الدقّاق، قال: «ورد علينا الإمام أبو الفضل عبد الواحد بن أحمد الرازي، وكان من الأئمة الثقات، ذكره يملأ الفم، ويذرف العين، وكان رجلا مهيبا، مديد القامة، وليّا من أولياء الله تعالى، صاحب كرامات، طوّف الدنيا مستفيدا ومفيدا» (¬2). أخذ «أبو الفضل الرّازي» القراءات عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبو الحسن الحماميّ»، شيخ العراق، ومسند الآفاق، ثقة بارع، قال عنه «الخطيب البغدادي»: «كان صدوقا ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها» (¬3). ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءات عرضا عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش» وغيره، وتصدّر لتعليم القرآن ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن الحسن اللحياني» وغيره. توفي «أبو الحسن الحمامي» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو في التسعين من عمره. ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «عبد الملك بن بكران بن ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 418. (¬2) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 419. (¬3) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 522.

عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني» وهو مقرئ استاذ حاذق ثقة، ألّف في القراءة كتبا، وعمّر دهرا، واشتهر ذكره. أخذ القراءات عرضا عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن علي ابن أبي بلال، وأبي بكر النقاش». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «الحسن بن محمد البغدادي، ونصر بن عبد العزيز الفارسي». توفي «أبو الفرج النهرواني» في رمضان سنة أربع وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «بكر بن شاذان بن عبد الله أبو القاسم البغدادي الحربي»، الواعظ، وهو شيخ ماهر ثقة، مشهور بالتقوى والصلاح. أخذ «بكر بن شاذان» القراءة على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وأبو بكر محمد بن عليّ بن الهيثم بن علوان» ثم جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو عليّ الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، وأبو الفضل بن عبد الرحمن الرازي». توفي «بكر بن شاذان» يوم السبت التاسع من شوال سنة خمس وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي»: «عبيد الله بن محمد بن أحمد بن مهران أبو أحمد الفرضي البغدادي»، وهو إمام كبير ثقة، ورع. قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان «أبو أحمد» ثقة، ورعا، دينا، حدثنا «منصور بن عمر» الفقيه، قال: لم أر في الشيوخ مثل «أبي أحمد» اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع

ذلك أورع الخلق، وكان يقرأ علينا الحديث بنفسه، لم أر مثله (¬1). وقال عنه «عيسى بن أحمد الهمذاني»: كان أبو أحمد الفرضي إذا جاء إلى الشيخ «أبي حامد الأسفراييني» قام «أبو حامد» من مجلسه ومشى إلى باب مسجده حافيا متلقيا (¬2). توفي «أبو أحمد الفرضي» في شوال سنة ست وأربعمائة وله اثنتان وثمانون سنة. ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي»: «علي بن داود بن عبد الله أبو الحسن الداراني» وهو إمام ضابط متقن محرّر مقرئ ثقة زاهد، انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين، أخذ القراءة عن عدد من العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن بن الأخرم» وهو آخر أصحابه. ثم جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالضبط، وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، ومن الذين اخذوا عنه القراءة: «عليّ بن الحسن الرّبعي، وأحمد ابن محمد القنطري». ومن شيوخ «أبي الفضل الرازي»: «أحمد بن علي أبو نصر السمناني»، وهو مقرئ مشهور ثقة متصدر «بالريّ». روى القراءة عرضا عن «أحمد بن عباس ابن الإمام» وروى القراءة عنه عدد كبير وفي مقدمتهم: «أبو الفضل الرّازي». وكما أخذ «أبو الفضل الرّازي» القراءة عن خيرة العلماء ومشاهيرهم، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم: «أبو مسلم الكاتب، وعبد الوهاب الكلابي». ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.

وبعد أن اكتملت شخصية «أبي الفضل الرازي» وبرزت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة والضبط، وأقبل عليه طلاب العلم من كل مكان يأخذون عنه، وكثر تلاميذه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «يوسف بن عليّ بن جبارة أبو القاسم الهذلي اليشكري»، الأستاذ الكبير والعلم الشهير الرحّال الجوّال. ولد في حدود التسعين وثلاثمائة، وطاف البلاد في طلب القراءات قال «الإمام ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولقي من لقي من الشيوخ، قال في كتابه «الكامل»: فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب فرغانة يمينا وشمالا، وجبلا، وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته، قال: وألفت هذا الكتاب- أي الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوة، والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز، والهادي (¬1). قال «الأمير ابن ماكولا»: كان «أبو القاسم الهذلي» يدرّس علم النحو، ويفهم الكلام ... وكان قد قرره الوزير «نظام الدين» في مدرسته بنيسابور، فقعد سنين وأفاد، وكان مقدّما في النحو والصرف، وعلل القراءات، وكان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويأخذ عنه الأصول، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو، والقراءات، ويستفيد منه، وكان حضوره سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، وقد ذكر شيوخه الذين أخذ عنهم القراءات في كتابه «الكامل» وعدتهم مائة واثنان وعشرون شيخا، منهم: «إبراهيم بن أحمد، وإبراهيم بن الخطيب». وبعد أن اكتملت مواهب «أبي القاسم الهذلي» تصدّر لتعليم القرآن وكما ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 398.

كثر عدد شيوخه كثر أيضا عدد طلابه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو العز القلانسي، وعليّ بن عساكر». توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة. ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «الحسن بن أحمد بن الحسن أبو علي الحدّاد»، شيخ أصبهان وكان عالي الإسناد، ولد سنة تسع عشرة وأربعمائة، وكان ثقة، صالحا، جليل القدرة، روى حروف القراءات عن «عبد الملك بن الخير العطّار» وسمع سبعة «ابن مجاهد» من «أحمد بن محمد ابن يوسف». توفي «الحسن بن أحمد» في ذي الحجة سنة خمس عشرة وخمسمائة عن سبع وتسعين سنة. ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «إسماعيل بن الفضل بن أحمد أبو الفضل، وأبو الفتح السرّاج المعروف بالإخشيد، الإمام الحافظ، الثقة، الضابط. روى حروف القراءات عن «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي، وعبد الله بن شبيب الأصبهاني». وروى عنه القراءة «الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني». ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن إبراهيم بن محمد ابن جعفر أبو عبد الله البيضاوي»، وهو مقرئ ثقة، ضابط متصدّر، أخذ القراءة عرضا عن الإمام «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي»، وقرأ عليه «أبو سعيد الحسن بن محمد اليزدي» بالبيضاء من عمل شيراز. ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن إبراهيم بن محمد ابن سعدويه المزكي الأصبهاني»، شيخ القراءات وهو من الثقات المجوّدين

والحفاظ المشهورين، روى القراءات عن «أبي الفضل عبد الرحمن الرازي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ويقرءون عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءات: «أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني». ومن تلاميذ «أبي الفضل الرازي» في القراءة: «محمد بن سالبة بن عليّ بن حمويه أبو عبد الله الشيرازي»، وهو إمام مقرئ متصدّر ثقة، صالح، أخذ القراءة عن: «الإمام أبي الفضل الرازي» وقرأ عليه «الحسن بن محمد اليزدي». وكما تصدّر «أبو الفضل الرّازي» لتعليم القرآن، تصدّر أيضا لتعليم سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ومن تلاميذه في الحديث: «الحسين بن عبد الملك الخلّال، وأبو سهل بن سعدويه». وبعد حياة حافلة بتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام توفي «أبو الفضل الرازي» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 86"أبو الفوارس"

رقم الترجمة/ 86 «أبو الفوارس» (¬1) هو: محمد بن العباس، أبو الفوارس الأواني، الصريفيني، وهو شيخ ثقة، ضابط عدل. أخذ القراءة عن «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي» ت سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة. وجلس «أبو الفوارس» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد الحسين بن بندار، أبو العز الواسطي القلانسي، شيخ العراق، ومقرئ القراء بواسط، صاحب التصانيف، ألّف كتاب «الإرشاد» في القراءات العشر، وكتاب «الكفاية» وهو أكبر من كتاب «الإرشاد». قال «السّلفي»: سألت «خميسا الحوزي» عن «أبي العزّ» فقال: هو أوحد الأئمة الأعيان في علوم القرآن، برع في القراءات، وسمع من جماعة، وهو جيّد النقل، ذو فهم فيما يقوله. اه. ولد «أبو العزّ القلانسي» سنة خمس وثلاثين وأربعمائة بواسط، ورحل إلى «أبي القاسم الهذلي» فقرأ عليه بكتاب «الكامل»، ودخل بغداد فقرأ بها «لعاصم» على «محمد بن العباس الأواني»، وسمع من «أبي جعفر بن المسلمة». ثم تصدّر للإقراء بواسط، ورحل إليه من الأقطار، ومن الذين قرءوا عليه «أبو الفتح بن زريق الحدّاد». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 420، ورقم الترجمة 357. طبقات القراء ج 2، ص 158 ورقم الترجمة 3090.

قال «ابن الجوزي»: مات «أبو العز القلانسي» في شوال سنة إحدى وعشرين وخمسمائة بواسط. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 87"أبو القاسم الحسيني" ت 433 هـ

رقم الترجمة/ 87 «أبو القاسم الحسيني» (¬1) ت 433 هـ هو: علي بن محمد بن عليّ بن عليّ بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو القاسم الحسيني الحراني الحنبلي، شيخ معمّر مقرئ صالح ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. تلقى «أبو القاسم الحسيني» القراءات على خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون أبو بكر النقاش» نزيل بغداد، الإمام العلم، مؤلف كتاب «شفاء الصدور» وقد عني بالقراءات من صغره، وطاف الأمصار، وتجوّل في البلدان، وكتب الحديث وقيّد السنن، وصنف المصنفات في القراءات، والتفسير، وغير ذلك، وطلت أيامه فانفرد بالإمامة في صناعته مع ظهور نسكه وورعه، وصدق لهجته، وبراعة فهمه، وحسن اطلاعه، واتساع معرفته، قال عنه «الخطيب البغدادي»: «كان عالما بالحروف، حافظا للتفسير، سافر الكثير شرقا وغربا، وكتب بمصر والشام والجزيرة والجبال وخراسان وما وراء النهر» اه. وقال عنه «الإمام الداني»: النقاش جائز القول، مقبول الشهادة، سمعت «عبد العزيز بن جعفر» يقول: كان النقاش يقصد في قراءة «ابن كثير، وابن عامر» لعلوّ إسناده فيهما، وكان له بيت مليء كتبا، وكان «أبو الحسن الداراني» يستملي له، وينتقي للناس من حديثه. اه، ت 351 هـ. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1 ص 393. طبقات القراء ج 1، ص 572. شذرات الذهب ج 3، ص 351.

تصدّر «أبو القاسم الحسيني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والحفظ، وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: «يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل بن سوادة، أبو القاسم الهذلي اليشكري» الأستاذ الكبير الرحال، والعلم الشهير الجوّال، طاف البلاد في طلب القراءات، يقول «الإمام ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ، قال الهذلي في كتابه «الكامل»: فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا من آخر المغرب إلى باب «فرغانة» يمينا وشمالا وجبلا وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته، ثم قال: وألفت هذا الكتاب- أي الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوة، والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي كالوجيز والهادي». وكان قد قرره الوزير نظام الدين في مدرسته بنيسابور فقعد سنين وأفاد، وكان مقدما في النحو والصرف، وعلل القراءات، وكان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويأخذ منه الأصول، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو والقراءات، ويستفيد منه. ت 465 هـ. ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني»: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري القطان الشافعي، شيخ أهل مكة، إمام عارف محقق أستاذ ثقة، صالح، ألف كتاب «التلخيص في القراءات الثمان»، وكتاب «سوق العروس» فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب «الدرر» في التفسير، وكتاب «الرشاد» في شرح القراءات الشاذة، وكتاب «عنوان المسائل» وكتاب «طبقات القراء» وكتاب «العدد» ت 478 هـ. ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني»: أحمد بن الفتح بن عبد الجبار، أبو العباس الموصلي، نزيل نهر الملك ت 484 هـ.

ومن تلاميذ «أبي القاسم الحسيني»: الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي، المعروف بغلام الهراس، شيخ العراق، والجوّال في الأوقاف، ثم أقام بمصر، فرحل الناس إليه من كل ناحية، قال «هبة الله بن المبارك السقطي»: كنت أحد من رحل إلى «أبي عليّ» فألفيت شيخا عالما صدوقا متيقظا نبيلا، وقورا. اه. وقد جمع ما في الكفاية، والإرشاد من تلاوة القلانسي عليه. احتلّ «أبو القاسم الحسيني» مكانة عظيمة بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: كان «أبو القاسم» صالحا كبير القدر. وقال «الإمام أبو عمرو الداني»: هو آخر من قرأ على النقاش، وكان ضابطا ثقة، مشهورا، أقرأ بحران دهرا طويلا. اه. توفي «أبو القاسم الحسيني» في العشرين من شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة من الهجرة، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 88"قاسم بن قطلوبغا" ت 879 هـ

رقم الترجمة/ 88 «قاسم بن قطلوبغا» (¬1) ت 879 هـ هو: قاسم بن قطلوبغا زين الدين أبو العدل السودوني، نسبة لمن أعتق أباه «سودون الشيخوني» نائب السلطنة الجمال الحنفي، ويعرف بقاسم الحنفي. وهو من حفاظ القرآن، ومن العلماء العاملين، والمؤلفين. ولد في المحرم سنة اثنتين وثمانمائة بالقاهرة، ومات أبوه وهو صغير فنشأ يتيما، وحفظ القرآن، وكتبا أخرى، عرض بعضها على «العزّ بن جماعة» وتكسب بالخياطة وقتا وبرع فيها، ثم أقبل على الاشتغال بالعلم على مشاهير العلماء: فسمع تجويد القرآن على «الزراتيتي» وبعض التفسير على «العلاء البخاري» وأخذ علوم الحديث عن «التاج أحمد الفرغاني» قاضي بغداد، والفقه عن عدد من العلماء منهم «السراج قاري» و «العز بن جماعة» وأصول الفقه عن «الشريف السبكي» وأصول الدين عن «البساطي» والعربية عن «المجد» والصرف عن «البساطي». وقرأ غالب الفنون، واشتدت عنايته بملازمة «ابن الهمّام» بحيث سمع عليه غالب ما كان يقرأ في هذه الفنون وغيرها، وذلك من سنة خمس وعشرين وثمانمائة حتى توفاه الله تعالى، وكان معظم انتفاعه به. وارتحل «قاسم بن قطلوبغا» إلى بعض المدن للأخذ عن علمائها: فارتحل إلى «الشام» مع شيخه «التاج النعماني» ودخل «الاسكندرية» وقرأ بها على «الكمال بن خير» وغيره. وحج غير مرّة، وزار بيت المقدس، وقال: إنه شملته الإجازة من أهل ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: الضوء اللامع ج 6، ص 184 ورقم الترجمة 635. البدر الطالع ج 2، ص 45 ورقم الترجمة 369.

الشام، والاسكندرية. احتل «قاسم بن قطلوبغا» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «شمس الدين السخاوي»: «ونظر في كتب الأدب ودواوين الشعر فحفظ منها شيئا كثيرا، وعرف بقوة الحافظة والذكاء، وأشير إليه بالعلم، وأذن له غير واحد بالافتاء والتدريس، ووصفه «ابن الديري» بالشيخ العالم الذكيّ، وشيخنا بالإمام العلامة المحدث، الفقيه الحافظ». ثم يمضي «السخاوي» في الثناء عليه فيقول: «وتصدى للتدريس والإفتاء، قديما، وأخذ عنه الفضلاء في فنون كثيرة، واسمع من لفظه جامع مسانيد أبي حنيفة، المشار إليه بمجلس «الناصر بن الظاهر جقمق» بروايته له عن «التاج النعماني». وقال «السخاوي»: وترجمه الزين رضوان في بعض مجاميعه بقوله: «هو من حذّاق الحنفية، كتب الفوائد واستفادوا وأفاد» (¬1). وقال «الإمام الشوكاني»: وحفظ القرآن، وكتبا عرض بعضها على «العز ابن جماعة» ثم أقبل على الاشتغال على جماعة من علماء عصره، كالعلاء البخاري، وابن الهمّام، وقرأ في غالب الفنون، وتصدر للتدريس، والإفتاء، وأخذ عنه الفضلاء في فنون كثيرة، وصار المشار إليه، في الحنفية، ولم يخلّف بعده مثله، وله مؤلفات منها: «شرح منظومة ابن الجزري» في مجلدين، وحاشية شرح الألفية للعراقي وشرح النخبة لابن حجر، وخرّج أحاديث عوارف المعارف للسهروردي وكذلك خرّج أحاديث البزدوي في أصول الفقه، وخرج أحاديث تفسير أبي الليث، والأربعين في اصول الدين، وجواهر القرآن، وبداية الهداية وإتحاف ¬

_ (¬1) انظر الضوء اللامع ج 6، ص 185.

الأحياء بما فات من تخريج أحاديث الإحياء، ومنية الألمعي بما فات الزيلعي، وبغية الرائد في تخريج أحاديث شرح العقائد، ونزهة الرائض في أدلة الفرائض، ورتب مسند أبي حنيفة لابن المقري، والأمالي على مسند أبي حنيفة في مجلدين، والموطأ برواية «محمد بن الحسن»، ومسند «عقبة بن عامر» الصحابي، وعوالي كل من أبي الليث والطحاوي، وأسئلة الحاكم للدارقطني، وسنن الدارقطني على الستة، والثقات ممن لم يقع في الكتب الستة في أربعة مجلدات، وتقويم اللسان في الضعفاء في مجلدين، وحاشية على كل من المشتبه والتقريب لابن حجر، والأجوبة على اعتراض ابن أبي شيبة على «أبي حنيفة» في الحديث، وكتاب ترجم فيه لمن صنف من الحنفية، وسمّاه «تاج التراجم» ومعجم شيوخه. وشرح كتبا من كتب فقه الحنفية كالقدوري، ومختصر المنار، ودرر البحار في المذاهب الأربعة، وأجوبة على اعتراضات «العز بن جماعة» على أصول الحنفية، ومختصر تلخيص المفتاح، وله مصنفات غير هذه، وقد برع في عدة فنون». وقال «شمس الدين السخاوي»: هو إمام علّامة قويّ المشاركة في فنون، ذاكر لكثير من الأدب، ومتعلقاته، واسع الباع في استحضار مذهبه وكثير من زواياه، وخباياه، متقدم في هذا الفنّ طلق اللسان، قادر على المناظرة، وإفحام الخصم، وحافظته أحسن من تحقيقه، وكلامه أفصح من قلمه، مع كونه غاية في التواضع، وطرح التكلف، وصفاء الخاطر، وحسن المحاضرة لا سيّما في الأشياء التي يحفظها، وعدم اليبس والصلابة، والرغبة في المذاكرة للعلم، وإثارة الفائدة والاقتباس ممن دونه مما لعله لم يكن أتقنه، وقد انفرد عن علماء مذهبه الذين أدركناهم بالتقدم في هذا الفن، وقصد بالفتاوى في النوازل والمهمات، فغلبوا باعتنائه بهم مقاصدهم غالبا، واشتهر بذلك، ولم يجد مع انتشار ذكره وظيفة تناسبه، ثم استقر في تدريس الحديث، بقبّة «البيبرسيّة» عقب «ابن

حسان» ثم رغب عنه بعد ذلك لسبط شيخنا، وقرره «جانبك الجدّاوي» في مشيخة مدرسته التي أنشأها بباب القرافة، ثم صرفه وقرّر فيها غيره، ولكنه كان قبل ذلك ربما تفقده الأعيان، والأمراء ونحوهم فيسارع إلى إنفاق ما يأخذه منهم ثم يعود إلى حالته مع كثرة عياله. ولما استقر رفيقه «السيف الحنفي» في مشيخة المؤيديّة، عرض عليه السكنى بقاعتها لعلمه بضيق منزله، أو تكلفه الصعود إليه لكونه بالدور الأعلى من ربع «الخوندار» فما وافق. ولما استقر «الشمس الأمشاطي» في قضاء الحنفية رتب له في كل شهر ثمانمائة درهم لمزيد اختصاصه به، وتقدم صحبته معه. وعظم انتفاع «الشرف المناوي» به، وكذا «البدر بن الصواف» في كثير من مقاصدهما. ثم يقول «شمس الدين السخاوي»: وقد صحبته قديما، وسمعت منه مع ولدي «المسلسل» بسماعه له على «الواسطي» وكتبت عنه من نظمه وفوائده أشياء، بل قرأت عليه شرح ألفية العراقي. ثم يقول «السخاوي»: وقد ذكره «المقريزي» في عقوده، فقال: وبرع في فنون من فقه، وعربية، وحديث وغير ذلك، وكتب مصنفات عديدة (¬1). ظلّ «قاسم بن قطلوبغا» في عمل مستمر وحياة حافلة بالعلم تدريسا وتصنيفا، حتى توفاه الله تعالى في ليلة الخميس رابع ربيع الآخر سنة تسع وسبعين وثمانمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر الضوء اللامع ج 6، ص 187 فما بعدها.

رقم الترجمة/ 89"أبو القاسم الظهراوي" ت 398 هـ

رقم الترجمة/ 89 «أبو القاسم الظّهراوي» (¬1) ت 398 هـ هو: قسيم بن أحمد بن مطير أبو القاسم الظهراوي المصري، من ساكني مدينة «أبي البيس» التي يقال لها اليوم «بلبيس» بمحافظة الشرقية بمصر. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو القاسم الظّهراوي» القراءة القرآنية على خيرة العلماء وفي مقدمتهم: جدّه لأمه «عبد الله بن عبد الرحمن» ويقال هو: محمد بن عبد الرحمن الظهراوي، صاحب «أبي بكر بن سيف». تصدّر «أبو القاسم الظّهراوي» لتعليم القرآن الكريم، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: «عبد الباقي بن فارس، وأحمد بن محمد الصقلي، وعمر بن عراك، وإسماعيل بن عمر بن راشد» وآخرون. احتلّ «أبو القاسم الظّهراوي» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء وحفاظ القرآن مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا المعنى يقول حجة القراءات «الإمام أبو عمرو الداني» رحمه الله: «كان أبو القاسم الظّهراوي» ضابطا لرواية ورش، يقصد فيها، وتؤخذ عنه، وكان خيرا فاضلا، سمعت «فارس بن أحمد» يثني عليه، وكان يقرئ ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 27. معرفة القراء الكبار للذهبي ج 1، ص 384. حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة للسيوطي ج 1، ص 492.

بموضعه إذ كنت بمصر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة» اه (¬1). توفي «أبو القاسم الظّهراوي» سنة ثمان أو تسع وتسعين وثلاثمائة من الهجرة، رحمه الله رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 384 وطبقات القراء ج 2، ص 27.

رقم الترجمة/ 90"أبو القاسم الطرسوسي" ت 420 هـ

رقم الترجمة/ 90 «أبو القاسم الطرسوسي» (¬1) ت 420 هـ هو: عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن أبو القاسم الطرسوسي، شيخ الإقراء بمصر في زمانه، ومؤلف كتاب «المجتبى» في القراءات. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو القاسم الطرسوسي» القراءة عن عدد من العلماء وفي مقدمتهم: «أبو أحمد السامري» وعرض عليه حروف القراءات كلها، كما أخذ عن «أبي بكر الأذفوي، وأبي عدي عبد العزيز بن علي، وأبي القاسم عبيد الله بن محمد المصري». وسمع حروف القراءات من «أبي عليّ أحمد بن عبد الوهاب، وأبي الحسن علي بن محمد المعدّل صاحب ابن مجاهد، وأبي محمد الحسن بن رشيق». وبعد أن اكتملت مواهب «أبي القاسم الطرسوسي» تصدر لتعليم القرآن والتصنيف، واشتهر بالثقة، ودقة الضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن. ومن الذين قرءوا عليه القراءات: أبو طاهر إسماعيل بن خلف مؤلف كتاب «العنوان» وإبراهيم بن ثابت بن أخطل الذي تصدر بعده للإقراء، وعبد الله بن سهل الأندلسي، وأحمد بن يحيى التجيبي الأندلسي، وعبد الرحمن ابن علي القروي. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 382. طبقات القراء ج 1، ص 357. مرآة الجنان ج 3، ص 35. حسن المحاضرة ج 1، ص 492. شذرات الذهب ج 3، ص 315. فهرست ابن خير ص 25. تاريخ الإسلام الورقة 201 [أياصوفيا 3009].

وروى عنه القراءات: «أبو الحسين يحيى بن إبراهيم»، وهو آخر من قيل: إنه روى عنه. اشتهر «أبو القاسم الطرسوسي» بالثقة، والأمانة في العلم مما استوجب الثناء عليه. في هذا المعنى يقول الإمام الداني»: «أبو القاسم كان شيخا فاضلا، ضابطا ذا عفاف ونسك، رأيته وشاهدته وكان كثيرا ما يقصد شيخنا: «فارس بن أحمد» يذاكره في مجلسه، ولد سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة». توفي «أبو القاسم» بمصر في آخر شهر ربيع الأول، أو أول شهر ربيع الآخر، سنة عشرين واربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 91"أبو القاسم الهذلي" ت 465 هـ

رقم الترجمة/ 91 «أبو القاسم الهذلي» (¬1) ت 465 هـ هو: يوسف بن عليّ بن جبارة بن محمد بن عقيل أبو القاسم الهذلي اليشكري، الأستاذ الكبير، العالم الشهير. ولد في حدود التسعين وثلاثمائة تقريبا، وطاف البلاد في طلب القراءات، يقول «ابن الجزري»: لا أعلم أحدا في هذه الأمة رحل في القراءات رحلته، ولا لقي من لقي من الشيوخ، قال في كتابه «الكامل»: «فجملة من لقيت في هذا العلم ثلاثمائة وخمسة وستون شيخا، من آخر المغرب إلى باب «فرغانة» يمينا، وشمالا، وجبلا، وبحرا، ولو علمت أحدا تقدم عليّ في هذه الطبقة في جميع بلاد الإسلام لقصدته» (¬2). يفهم مما تقدّم أن «أبا القاسم الهذلي» طوّف بكثير من المدن من أجل تلقّي القراءات القرآنية عن الشيوخ، والأخذ عنهم، وقد تتبعت البلاد التي رحل إليها فوجدته رحل إلى البلاد الآتية: بغداد، عسقلان، واسط، الكوفة، البصرة، دمياط، مصر، الاسكندرية، دمشق، حلب، صيدا، بيروت، حلب، الرملة، همذان، سمرقند، القيروان، جرجان، حرّان، بخارى، طرابلس الغرب، أصبهان، كرمان، الأهواز، شيراز. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 429 ورقم الترجمة 367. غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 397 - ورقم الترجمة 3929. الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 680. مرآة الجنان ج 3، ص 93. بغية الوعاة ج 2، ص 359 - ورقم الترجمة 2187. شذرات الذهب ج 3، ص 324. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 398.

من هذا يتبيّن بجلاء ووضوح مدى الجهد العظيم الذي بذله «أبو القاسم الهذلي» من أجل معرفة قراءات القرآن، وهكذا تكون الهمم العالية في طلب العلم، وبخاصة ما يتصل بالقرآن الكريم. لقد احتل «أبو القاسم الهذلي» شهرة عظيمة، ومكانة سامية بين الخاص والعام، مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وقد ذكره تلاميذه الذين أخذوا عنه القراءات، وكلهم أثنى عليه. يقول «الحافظ الذهبي»: «وذكره «عبد الغفار» ونعته بأنه ضرير- فكأنه عمي في آخر عمره- وقد كان أرسله «نظام الملك» الوزير ليجلس في مدرسته بنيسابور- هي المدرسة النظامية- فقعد سنين، وأفاد، وكان مقدما في النحو، والصرف، عارفا بالعلل، كان يحضر مجلس «أبي القاسم القشيري» ويقرأ عليه الأصول في الفقه، وكان «القشيري» يراجعه في مسائل النحو، ويستفيد منه، وكان حضوره في سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، إلى أن توفي» (¬1). وكما أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات عن مشاهير القراء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وحدث عن «أبي نعيم الحافظ» وجماعة» اه (¬2). لم يقتصر «أبو القاسم الهذلي» على تلقّي القراءات، والحديث، ثم تعليمهما، بل أفاد من ذلك فائدة كبيرة، وصنف الكتب المفيدة، وفي هذا المقام يقول عن نفسه: «وألفت هذا الكتاب- يعني الكامل- فجعلته جامعا للطرق المتلوّة، ¬

_ (¬1) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 432. (¬2) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 432.

والقراءات المعروفة، ونسخت به مصنفاتي ك: «الوجيز، والهادي» وغيرهما» (¬1). أخذ «أبو القاسم الهذلي» القراءات عن عدد كبير من القراء، ولو أردت الكتابة عن هؤلاء الشيوخ لاستغرق ذلك وقتا طويلا. ولكن حسبي أن أتحدث بشيء من التفصيل عن بعض هؤلاء الشيوخ الأجلاء، فأقول، وبالله التوفيق: من شيوخ «أبي القاسم الهزلي» في القراءات: أحمد بن الفضل بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو بكر الباطرقاني (¬2) الأصبهاني. وهو من مشاهير القراء، ومن الثقات المحدّثين، ومن خيرة العلماء المؤلفين، ألف «كتاب طبقات القراء» وسمّاه: المدخل إلى معرفة أسانيد القراءات ومجموع الروايات، كما صنّف كتابا في شواذ القراءات. ولد «أبو بكر الباطرقاني» سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة. أخذ «أبو بكر الباطرقاني» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي» وسمع حروف القراءات من «أبي عبد الله محمد بن يحيى بن منده». تصدّر «أبو بكر الباطرقاني» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، واشتهر بالثقة، وجودة الحفظ، وصحّة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» وروى عنه حروف القراءات: «أبو بكر أحمد بن عليّ الأصبهاني». ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 432. (¬2) وهذه نسبة إلى «باطرقان» وهي إحدى قرى أصبهان: انظر «الأنساب للسمعاني ج 1، ص 259.

توفي «أبو بكر الباطرقاني» في شهر صفر سنة ستين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن الصقر أبو الفتح البغدادي» وهو من خيرة علماء القراءات ومن المشهورين بالثقة، وحسن الأداء. أخذ القراءة عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «زيد بن علي» ثم تصدّر لتعليم القرآن واشتهر في الآفاق، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي»، و «أحمد بن محمد النوشجاني أبو زرعة، الخطيب»، كان رحمه الله تعالى من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهود لهم، أخذ القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدمتهم «أبو الحسن عليّ بن جعفر السعيدي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو القاسم الهذلي». ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسن بن علّان الواسطي». وهو من مشاهير القراء المتصدّرين، ومن العلماء الثقات المعروفين، إذ نشأ في بيت من بيوت القرآن الكريم. أخذ «أحمد بن محمد» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «والده» عليهما رحمة الله تعالى. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وحسن التجويد والأداء. ومن الذين أخذوا عنه القراءة «أبو القاسم الهذلي» بواسط.

ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة، أبو العباس المصري» وهو من الحفاظ المشهورين، ومن القراء المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «عبد المنعم بن غلبون، وعمر بن عراك» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بين الخاص والعام، وازدحم الطلاب على الأخذ عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي». توفي «أحمد بن عليّ» سنة خمس وأربعين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن سعيد بن أحمد بن سليمان المعروف بابن نفيس، أبو العباس» الطرابلسي الأصل ثم المصري. وهو إمام ثقة، كبير، انتهى إليه علوّ الإسناد في القراءة أخذ «أحمد بن سعيد» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدّمتهم: «أبو أحمد عبد الله السامري، وأبو طاهر الأنطاكي» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي». وقد عمّر «أحمد بن سعيد» حتى قارب المائة، ثم توفي في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل: سنة خمس وأربعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق أبو نعيم الأصبهاني» وهو من خيرة القراء، ومن الحفّاظ المصنفين.

أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، فقد روى القراءة سماعا عن «سليمان ابن أحمد الطبراني». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي» فقد روى القراءات عنه سماعا. توفي «أحمد بن عبد الله» سنة ثلاثين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن عليّ أبو عبد الله الشاموخي». وهو من شيوخ القراءات المشهورين، ومن الثقات المعروفين. أخذ «الحسن ابن علي» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن نصر بن منصور أبو بكر الشذائي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر للإقراء، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي» لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاته. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسين بن مسلمة الرّقيّ الكاتب» (¬1). وهو من خيرة القراء المعروفين، أخذ القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «منصور بن ودعان». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، ومن الذين أخذوا عنه ¬

_ (¬1) الرقي: نسبة إلى الرّقّة» وهي بلدة على طرف الفرات مشهورة. انظر الأنساب للسمعاني ج 3، ص 84.

القراءة «أبو القاسم الهذلي» بالرّقّة. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن أحمد بن الفتح أبو بكر الفرضي». وهو من مشاهير القراء المعروفين بالثقة وصحة الإسناد. أخذ القراءة من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسين الجعفي، ومحمد بن علي بن الهيثم». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة: «أحمد بن محمد الفرضي». إلا أن «ابن الجزري» قال: إنه بقي إلى بعد الثلاثين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده الخياط، أبو عبد الله الملنجي الأصبهاني (¬2). وهو من مشاهير القراء، ومن المعمّرين. أخذ القراءة عن خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج محمد بن الحسن بن علّان، وأبو محمد بن عبد الجبّار بن فروخ المعلّم» وغيرهما. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي». ¬

_ (¬2) الملنجي: بكسر الميم وفتح اللام، وسكون النون، وهذه نسبة إلى قرية بأصبهان يقال لها: «ملنجة» انظر الأنساب للسمعاني، ج 5، ص 381.

لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أحمد بن محمد بن يزده». ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن مسرور بن عبد الوهاب أبو نصر الخباز» البغدادي. وهو شيخ جليل مشهور، وقارئ ثقة عالي الإسناد. أخذ القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «منصور بن محمد بن منصور» صاحب «ابن مجاهد». وبعد أن اكتملت مواهبه صنّف كتاب «المفيد في القراءات» ثم جلس لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عليه قراءة القرآن: «أبو القاسم الهذلي». توفي «أحمد بن مسرور» في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار بن إبراهيم، أبو الفضل الرازي»، شيخ الإسلام، الثقة، الورع، الإمام، المقرئ، مؤلف كتاب «جامع الوقوف» وغيره، الطوّاف في البلاد من أجل تحصيل العلم، والآخذ عن العلماء، وقد ورد عنه قوله: «أول سفري في الطلب- أي طلب العلم- كنت ابن ثلاث عشرة سنة»، ويعقّب «ابن الجزري» على هذا الخبر بقوله: «فكان طوافه في البلاد إحدى وسبعين سنة» (¬1). ولد رحمه الله تعالى سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، واحتل مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «أبو سعيد بن السمعاني»: «كان «أبو الفضل الرازي» مقرئا، فاضلا، كثير التصنيف، ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 363.

حسن السيرة متعبدا، حسن العيش، منفردا، قانعا باليسير، يقرئ أكثر أوقاته، ويروي الحديث، وكان يسافر وحده، ويدخل البراري» اه (¬1). وقال «عبد الغفار الفارسي»: كان «أبو الفضل الرازي» ثقة، جوّالا، إماما في القراءات، أوحد في طريقته، وكان لا ينزل الخوانق بل يأوي إلى مسجد خراب، فإذا عرف مكانه تركه، وإذا فتح عليه بشيء آثر به، وهو ثقة، ورع، عارف بالقراءات، والروايات، عالم بالأدب، والنحو، أكبر من أن يدلّ عليه مثلي، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون من العلم، وله شعر رائق في الزهد. اه (¬2). وقال «أبو عبد الله الجلال»: خرج «أبو الفضل الرازي» من «أصبهان» متوجّها إلى «كرمان» فخرج الناس يشيعونه، فصرفهم، وقصد طريقه وحده، وقال: إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى لمطايانا بذكراك حاديا أخذ «أبو الفضل الرازي» القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «علي بن داود الداراني، وأبو الحسن الحمّامي» وغيرهما كثير. ثم تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي». توفي «أبو الفضل الرازي» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة، رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الرحمن بن الهرمزان الواسطي» وهو من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين، أخذ القراءة ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362.

عن عدد من خيرة القراء، فقد روى القراءة عرضا عن «عبد الغفار بن عبد الله الحضيني». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بجودة القراءة وحسن الأداء، وأقبل عليه يأخذون عنه. ومن الذين أخذوا عنه القراءة عرضا «أبو القاسم الهذلي» وقال: «قرأت عليه بواسط». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الرحمن بن الهرمزان». ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل ابن راشد الحدّاد، أبو محمد المصري» وهو شيخ صالح كبير، ومن الثقات المشهود لهم بالعلم، والإتقان، أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم: «أبو عديّ بن عبد العزيز بن الإمام، وقسيم بن مطير». وبعد أن اكتملت مواهبه، جلس لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وعرف بصحة الإسناد، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي، وإبراهيم بن إسماعيل المالكي» وغيرهما كثير. توفي «إسماعيل بن عمر» سنة تسع وعشرين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي، أبو علي البغدادي» أحد القراء المشهورين، ومن الثقات المؤلفين النافعين. ومن مؤلفاته كتاب «الروضة في القراءات الإحدى عشرة». أخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد من علماء القراءات أذكر منهم: «أحمد بن عبد الله السوسنجردي، وأبا الحسن بن الحمّامي» وغيرهما كثير. ثم رحل «الحسن بن محمد» إلى مصر، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم

القرآن، وحروف القراءات، وعرف بين الناس واشتهر، وأصبح من المتصدرين، ومن شيوخ القراءات بمصر، وأقبل عليه طلاب القراءات يأخذون عنه وينهلون من علمه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي، ومحمد بن شريح» وغيرهما كثير. توفي «الحسن بن محمد» في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «الحسن بن عليّ بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز، أبو علي الأهوازي» شيخ القراءة في عصره بلا منازع، وصاحب المؤلفات، فقد ألّف كتاب «الإقناع» في القراءات، وغيره. وهو أستاذ كبير، ومن القراء والمحدثين. ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز، وقرأ بها وبتلك البلاد على شيوخ عصره، ثم قدم «دمشق» سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، فاستوطنها، وأكثر من الشيوخ، والروايات، وذاع صيته بين الناس مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ أبو طاهر السلفي»: سمعت «أبا البركات الخضر بن الحسن الحازمي» بدمشق يقول: سمعت الشريف النسيب «علي بن إبراهيم العلوي» يقول: «أبو علي الأهوازي» ثقة ثقة. اه (¬1). وقال «أبو عبد الله الحافظ الذهبي»: «لقد تلقى الناس رواياته بالقبول، وكان يقرئ بدمشق، من بعد سنة أربعمائة، وذلك في حياة بعض شيوخه» (¬2). أخذ «أبو علي الأهوازي» القراءة عن عدد كبير من خيرة علماء القراءة منهم: «إبراهيم بن أحمد بن محمد بن أحمد الطبري» ببغداد، وسمع حروف القراءات من «عبد الوهاب الكلابي». ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 220. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 220.

وبعد أن اكتملت مواهبه، ووثق من نفسه تصدّر لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وازدحم على بابه الطلاب ينهلون من علمه، ويأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي». توفي «أبو علي الأهوازي» بدمشق سنة أربعين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن النعمان بن عبد السلام» يعرف بابن اللبان الأصبهاني. وهو من خيرة علماء القراءات، المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد، قدم بغداد، من أجل الأخذ عن شيوخها: اخذ القرآن، وحروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم المديني، وعبد الله بن محمد العطار الأصبهاني». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروفه، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الله بن اللبان». ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الله بن شبيب بن عبد الله ابن محمد بن تميم أبو المظفر الضبّي الأصبهاني». أحد مشاهير القرّاء بأصبهان، ومن خيرة العلماء. سئل عنه «إسماعيل بن الفضل الحافظ» فقال: «هو إمام، زاهد، عابد، عالم بالقراءات، كثير السماع» (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 422.

أخذ «أبو المظفر» القراءة، وحروف القرآن، عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي». ثم تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، وأخذ عنه الكثيرون من الطلاب: وفي مقدمتهم «أبو القاسم الهذلي، وإسماعيل بن الفضل السرّاج». توفي في صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. ومن شيوخ: «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الملك بن علي بن شابور بن نصر بن الحسين أبو نصر، البغدادي الخرقي»، أحد مشاهير القراء المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد. أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو الحسن الحمامي، وعبيد الله بن مهران» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي، وموسى بن الحسين المعدّل». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الملك بن علي». ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الواحد بن عبد القادر المقدسي» ثم الدمياطي. أحد قراء القرآن، أخذ القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو عيسى محمد بن عيسى الهاشمي، وأبو الحسن محمد بن النضر». ثم تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أبو القاسم الهذلي» بدمياط. لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الواحد بن عبد القادر».

ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عثمان بن علي بن قيس الأصبهاني الدلّال» وهو من مشاهير علماء القراءات الثقات المعروفين. أخذ القراءة عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج محمد بن إبراهيم الشنبوذي، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن يوسف العلاف» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، والإتقان، وحسن الأداء، وصحّة السند، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي» فقد روى القراءة عنه عرضا. لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عثمان بن علي». ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «عبد الساتر بن الذّرب» اللاذقي، أحد شيوخ القراءات الثقات المعروفين. أخذ «عبد الساتر» القراءة عن عدد من خيرة القراء وفي مقدمتهم: «أبو أحمد السامري». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي» باللاذقية. لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الساتر بن الذّرب». ومن شيوخ: «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أبو الحسين الخشاب التّنّيسي» نسبة إلى «تنيس» بكسر التاء، وكسر النون المشددة، وهي بلدة من بلاد «ديار مصر» في وسط البحر، والماء بها محيط، نسب إليها عدد من العلماء (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 1، ص 487.

أخذ «أبو الحسين الخشاب» عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أبو أحمد السامري» فقد روى عنه القراءة عرضا. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أبي الحسين الخشاب». ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «أحمد بن محمد بن الحسين بن يزده أبو عبد الله الملنجيّ: بكسر الميم، وفتح اللام، وسكون النون، وهي نسبة إلى قرية بأصبهان، يقال لها: «ملنجة» وقد نسب إليها عدد من العلماء (¬1). أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم: «أبو الفرج محمد بن الحسن بن علّان» الواسطي. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو القاسم الهذلي». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «أحمد بن محمد الملنجي» سوى أن «ابن الجزري» قال: «وعمّر حتى أدركه الحداد، فكان آخر من قرأ عليه» (¬2). ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن عبد الله بن الحسن ابن موسى أبو عبد الله الشيرازي»، نزيل مصر. وهو من خيرة علماء القراءات، ومن الثقات المشهورين. أخذ القراءة، وحروف القراءات، عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر محمد بن الحسن الطحّان، وأبو علي الأهوازي». ¬

_ (¬1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 381. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 111.

وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القراءات، والقرآن الكريم، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علومه، ومن الذين قرءوا عليه بمصر: «أبو القاسم الهذلي». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن عبد الله». ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام، أبو عبد الله الكارزيني: بفتح الكاف، والراء، وكسر الزاي، وهي نسبة إلى «كارزين» وهي من بلاد فارس، مما يلي البحر، وقد نسب إليها عدد من العلماء (¬1). وهو إمام مقرئ جليل، انفرد بعلوّ الإسناد في وقته، وأثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «هو مسند القراء في زمانه، تنقّل في البلاد، وجاور بمكة المكرمة، وعاش تسعين سنة أو دونها، لا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيّا في سنة أربعين وأربعمائة، سألت «الإمام أبا حيان» عنه، فكتب إليّ إمام مشهور لا يسأل عن مثله» (¬2). أخذ «محمد بن الحسين الكارزيني» القراءة عن عدد من علماء القراءات، وفي مقدمتهم: «الحسن بن سعيد المطوعي»، وهو آخر من قرأ عليه. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وتزاحم عليه الطلاب يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي، وأبو عليّ غلام الهرّاس» وغيرهما كثير. ¬

_ (¬1) انظر الأنساب للسمعاني ج 5، ص 12. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 133.

ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن الحسين بن محمد أبو طاهر الحنائيّ الدمشقيّ». وهو من خيرة القراء، ومن الثقات المشهورين، ومن الأئمة المعترف بمنزلتهم في هذا العلم الجليل. أخذ «محمد بن الحسين» القراءة على عدد من العلماء الثقات، وفي مقدمتهم: «أبو علي الأهوازي، ومحمد بن أحمد بن خلف الفحّام». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بين الخاص والعام وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من قرأ عليه: «أبو القاسم الهذلي» فقد قرأ عليه بدمشق. لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن الحسين». ومن شيوخ «أبي القاسم الهذلي» في القراءة: «محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هلال، أبو بكر السلمي الجبني» شيخ القراء بدمشق، ولد سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، في بيت علم، إذ كان والده يؤم بمسجد «تل الجبن» بدمشق، ولهذا قيل له: «الجبني». أخذ «محمد بن أحمد» القراءة عن خيرة العلماء الأجلاء، وفي مقدمتهم: «والده» رحمهما الله تعالى، وجعفر بن أبي داود، وغيرهما. احتل «محمد بن أحمد» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول عنه شيخه «أبو علي الأهوازي»: «وما خلت دمشق قطّ، من إمام كبير في قراءة الشاميين، يسافر إليه فيها، وما رأيت بها مثل «أبي بكر السّلمي» من ولد «أبي عبد الرحمن السلمي» إماما في القراءة، ضابطا للرواية، قيّما بوجوه القراءات يعرف صدرا من التفسير، ومعاني القراءات، قرأ على سبعة من أصحاب «الأخفش» له منزلة في الفضل، والعلم، والأمانة، والورع،

والدّين، والتقشف، والفقر، والصيانة» اه (¬1). وبعد أن اكتملت مواهب «محمد بن أحمد» تصدّر لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم الهذلي». وبعد حياة حافلة بطلب العلم، والطواف في البلاد، ثم نشر العلم، توفي «أبو القاسم الهذلي» سنة خمس وستين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 85.

رقم الترجمة/ 92"ابن الكوفي" ت 451 هـ

رقم الترجمة/ 92 «ابن الكوفيّ» (¬1) ت 451 هـ هو: عبيد الله بن أحمد بن علي أبو الفضل ابن الكوفي الصدفي البغدادي، وهو مقرئ، عارف، مصدّر، ثقة. ولد في سنة سبعين وثلاثمائة. أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتّاني، البغدادي»، وهو مقرئ، محدث، ثقة، ولد سنة ثلاثمائة، وقرأ القرآن على مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر بن مجاهد». قال «الإمام الداني»: قال «الكتاني»: «سألت من «ابن مجاهد» أن ينقلني عن قراءة «عاصم» إلى غيرها، فأبى عليّ، فقرأت قراءة «ابن كثير» على «بكّار» عن «ابن مجاهد» عن «قنبل» ثم يقول «الداني»: وطالت أيام «الكتاني» فكان من آخر من قرأ على «ابن مجاهد» اه (¬2). توفي «أبو حفص الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة. وبعد أن اكتملت مواهب «ابن الكوفيّ» تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر صيته، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار، أبو طاهر، البغدادي الحنفي وهو إمام ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 10، ص 388، ورقم الترجمة 5567. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 420، ورقم الترجمة 358. غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 485 ورقم الترجمة 2015. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 587.

كبير في القراءات، ومن المقرئين الثقات، مؤلف كتاب: «المستنير في القراءات العشر». أخذ «ابن سوار» القراءة عن عدد كبير من القراء، وفي مقدمتهم: «الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني». ثم جلس «ابن سوار» لتعليم القرآن وحروف القراءات، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي بن سكّرة الصدفي» شيخ «ابن الباذش». وروى عنه حروف القراءات: «الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي. توفي «ابن سوار» سنة ست وتسعين وأربعمائة. احتل «ابن الكوفي» مكانة سامية بين العلماء، مما جعلهم يثنون عليه وفي هذا يقول «الحافظ الخطيب البغدادي»: «كان ابن الكوفي من حفاظ القرآن، ومن العارفين باختلاف القراءات، ومنزله بدرب الدنانير من نواحي نهر طابق» اه (¬1). توفي «ابن الكوفيّ» سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر: تاريخ بغداد ج 10، ص 388.

رقم الترجمة/ 93"المالقي" ت 705 هـ

رقم الترجمة/ 93 «المالقيّ» (¬1) ت 705 هـ هو: عبد الواحد بن محمد بن أبي السداد أبو محمد الباهلي (¬2) الأندلسي المالقي، نسبة إلى «مالقة» بفتح اللام والقاف المخففة وهي ثغر هام يقع على شاطئ البحر الأبيض المتوسط في الجنوب الشرقي للأندلس، على مقربة من الجزيرة الخضراء، وجبل طارق (¬3). بعد أن حفظ «المالقي» القرآن الكريم تلقى العلم والقراءات على مشاهير علماء عصره وفي مقدمتهم: 1 - القاسم بن أحمد بن حسن أبو القاسم الحجري، روى القراءات عنه «المالقي» من كتاب «التيسير». 2 - عبد الرحمن بن عبد الله بن سليمان أبو عمر الأنصاري. حدث عنه بكتاب «التبصرة» سماعا «المالقي». 3 - إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل أبو الوليد الأزدي الغرناطي الشهير بالعطار، روى عنه «المالقي» كتاب «التبصرة» وغيره بالإجازة. 4 - ومحمد بن عياش بن محمد بن أحمد أبو عبد الله القرطبي. روى عنه «المالقي» كتاب «التبصرة» قراءة. ¬

_ (¬1) انظر ترجمة المالقي في المراجع الآتية: طبقات القراء ج 1، ص 477. بغية الوعاة ج 2، ص 121. معجم المؤلفين ج 5، ص 213. طبقات المفسرين للداودي ج 1، ص 359. الإحاطة في أخبار غرناطة ج 3، ص 553. (¬2) الباهلي نسبة إلى باهلة وهي قبيلة عظيمة. (¬3) انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي ج 5، ص 43.

5 - يوسف بن إبراهيم بن أبي ريحانة أبو الحجاج الأنصاري المالكي روى عنه «المالكي» كتاب «التيسير» قراءة. 6 - الحسين بن عبد العزيز بن محمد بن أبي الأحوص أبو علي الأندلسي الفهري المعروف بابن الناظر. قرأ الروايات على «أبي محمد بن الكوّاب، وأبي الحسن بن الدبّاج، وقرأ «التيسير» و «الشاطبية» على «أبي بكر بن محمد بن وضاح اللخمي، وأبي عامر يزيد بن وهب الفهري» بإجازتهما من «ابن هذيل»، وروى كتاب «التبصرة» عن «موسى بن عبد الرحمن بن يحيى بن العربي». وتصدر للإقراء بمالقة، وألف كتاب «الترشيد» في التجويد. قال «أبو حيان»: رحلت إليه من غرناطة لأجل الاتقان والتجويد، وقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره. وحدث عنه بالتيسير سماعا، والتبصرة قراءة «المالقي». 7 - أحمد بن إبراهيم بن الزبير بن محمد بن إبراهيم أبو جعفر الثقفي، الحافظ المؤرخ، انتهت إليه الرئاسة في العربية ورواية الحديث، والتفسير والأصول. قرأ على: «أبي الوليد إسماعيل بن يحيى بن أبي الوليد العطار»، وسمع التيسير من محمد بن عبد الرحمن بن جوبر عن «أبي جمرة»، عن أبيه عن «الداني» بالإجازة، وهو مسند في غاية العلو، وقرأ عليه عدد كثير منهم «المالقي» والوزير أبو القاسم محمد بن محمد بن سهل الأسدي الغرناطي، ومحمد ابن علي بن أحمد بن مثبت، وأبو حيان النحوي، وأحمد بن موسى بن جرادة. 8 - محمد بن محمد بن أحمد أبو بكر الأنصاري البلنسي.

وهو مقرئ كبير مشهور، قرأ على والده بالقراءات الثمان، وقرأ أيضا على «أبي جعفر الحصار، ومحمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي». وقرأ برواية «يعقوب الحضرمي» على «ابن نوح الخافقي». وأجازه «ابن أبي جمرة محمد بن أحمد بن عبد الملك»، وقد أقرأ بسبتة ثم بتونس. وقرأ عليه القراءات «أبو إسحاق الغافقي» مقرئ سبتة. وأبو العباس البطرني شيخ تونس، وحدث عنه بالتيسير سماعا: «عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن أبي زكنون التونسي، وقاسم بن عبد الله بن محمد الأنصاري»، وحدث عنه بالتيسير. 9 - محمد بن أحمد بن عبيد الله بن العاص أبو بكر التجيبي الإشبيلي، وهو أستاذ متصدر، أخذ القراءات السبع عن «أبي بكر عتيق، وأبي الحسين بن عظيمة»، وقرأ بكتاب «الكافي» على: أبي العباس بن مقدام وأبي الحكم بن نجاح عن «أبي الحسن شريح». وقرأ عليه «أبو جعفر بن الزبير الحافظ»، وأثنى عليه. وروى عنه كتاب «الكافي» سماعا «المالقي». وبعد أن بدت مواهب «المالقي» تصدر لتعليم القرآن وقراءاته، واشتهر بالثقة، والضبط، وأقبل عليه حفاظ القرآن من كل مكان، فتتلمذ عليه الكثيرون، وفي مقدمتهم: 1 - محمد بن عبيد الله بن محمد أبو بكر بن منظور القيسي. من أعلام القضاة، وأصله من «أشبيلية» من بيت علم وفضل نشأ «بمالقة» ثم كان قاضيها وخطيبها، وله عدة مؤلفات منها: نفحات النسوك، وعيون التبر المسبوك في أشعار الخلفاء، والوزراء، والملوك، وغير ذلك.

2 - ومحمد بن يحيى بن بكر أبو عبد الله قاضي الجماعة بغرناطة إمام مقرئ قرأ عليه «أبو القاسم محمد بن محمد بن الخشاب، وأبو عبد الله محمد بن علي الحفار والمالقي وهو من مشاهير العلماء. 3 - محمد بن أحمد بن علي بن حسن بن علي أبو بكر المقرئ، المشارك في فنون كثيرة، تولى القضاء ببلده، وخلف والده في الخطابة، والإمامة، وأقرأ ببلده، فانتفع به خلق كثير. لقد بلغ «المالقي» مكانة سامية من العلم، والمعرفة والشهرة، وقد خاض بحر العلوم من قراءات، وتفسير، وحديث، وفقه، وألف في القراءات كتاب شرح التيسير في القراءات السبع، وانتهت إليه رئاسة الإقراء، كل هذه الأمور أوجبت الثناء عليه. قال «الخطيب البغدادي»: كان «المالقي» أستاذا متقنا، إماما في القراءات وعلوم القرآن، حائزا قصب السبق أداء ومعرفة ورواية، وتحقيقا، ماهرا في صناعة النحو، فقيها، أصوليا، حسن التعليم، فسيح التحليق، منقطع القرين في الدين والصلاح، وسكون النفس، ولين الجانب، والتواضع، وحسن الخلق، ووسامة الصورة، كثير الخشوع والخضوع، أقرأ عمره، وخطب بالمسجد الأعظم من مالقة (¬1). وقال «ابن الجزري»: المالقي أستاذ كبير (¬2). توفي «المالقي» خامس ذي القعدة سنة خمس وسبعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر: الإحاطة في أخبار غرناطة ج 3، ص 454. (¬2) انظر: طبقات القراء لابن الجزري ج 1، ص 477.

رقم الترجمة/ 94"محمد بن الحسين الكارزيني"

رقم الترجمة/ 94 «محمّد بن الحسين الكارزيني» (¬1) هو: محمد بن الحسين بن محمد بن آذر بهرام أبو عبد الله الكارزيني: بفتح الكاف والراء، وكسر الزاي بعدها ياء منقوطة باثنتين من تحتها وفي آخرها نون، نسبة إلى «كارزين» وهي من بلاد فارس، نسب إليها الكثيرون من العلماء. والكارزيني إمام مقرئ جليل، وقد انفرد بعلوّ الإسناد في وقته. قال عنه الحافظ الذهبي: الكارزيني مسند القراء في زمانه، تنقل في البلاد، وجاور بمكة المكرمة وعاش تسعين سنة أو دونها. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن وذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. تلقى «الكارزيني» القراءات القرآنية عن عدد كبير من خيرة العلماء في كثير من المدن والأمصار وفي مقدمتهم: «الحسن بن سعيد بن جعفر بن الفضل بن شاذان أبو العباس المطوعي البصري العمري»، مؤلف كتاب «معرفة اللامات وتفسيرها»، وهو إمام عارف ثقة في القراءات، وقد عمّر دهرا فانتهى إليه علوّ الإسناد في القراءات. أخذ «الحسن المطوعي» القراءات عن عدد من خيرة العلماء منهم: إدريس ابن عبد الكريم، ومحمد بن عبد الرحيم الأصبهاني، وأحمد بن الحسين الحريري، ومحمد بن سهل الأشناني، والحسن بن حبيب الدمشقي، ومحمد بن علي ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1 ص 397. طبقات القراء ج 2، ص 132. الوافي بالوفيات ج 3، ص 10. شذرات الذهب ج 3، ص 265.

الخطيب، وعبيد الله بن الربيع الملطي- بفتح الميم واللام، نسبة الى «الملطية» وهي من ثغور الروم مما يلي أذربيجان- ومحمد بن يعقوب المعدّل، وأبو بكر ابن شنبوذ، وأحمد بن موسى بن مجاهد، ومحمد بن القاسم بن يزيد الاسكندري، ومحمد بن موسى، وغيرهم كثير. وقد أخذ القراءات عن «الحسن بن سعيد المطوعي» عدد كبير وفي مقدمتهم: «محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو الحسن عليّ بن محمد الخبازي، وأبو بكر محمد بن عمر النهاوندي- نسبة إلى نهاوند، بضم النون وفتح الهاء والواو، وهي بلدة من بلاد الجبل، كانت بها وقعة للمسلمين زمن «عمر بن الخطاب» رضي الله عنه- وأبو علي محمد ابن عبد الرحمن بن جعفر، ومحمد بن الحسن الحارثي، والمظفر بن أحمد بن إبراهيم، وأبو زرعة أحمد بن محمد الخطيب، وعلي بن جعفر السعيدي، وعبد الواحد بن إبراهيم، ومحمد بن عبد الله بن الحسن الشيرازي، وإبراهيم بن إسماعيل بن سعيد، وأحمد بن محمد بن صاف، وأحمد بن محمد بن محمد القسري، ومحمد بن علي بن أحمد» وغيرهم كثير. ومن شيوخ «الكارزيني»: أحمد بن نصر بن منصور بن عبد المجيد بن عبد المنعم أبو بكر الشذائي البصري وهو إمام مشهور، أخذ القراءات عن عدد من العلماء منهم: «عمر بن محمد بن نصر الكاغدي، والحسن بن بشار بن العلاف، وابن مجاهد، وابن الأخرم، ومحمد بن جعفر الحربي، وابن شنبوذ، ونفطويه، ومحمد بن أحمد الداجوني الكبير، وأبو مزاحم موسى الخاقاني، وعبد الله بن الهيثم البلخي، وأحمد بن سهلان، وإسحاق بن أحمد النحوي، ومحمد بن إبراهيم السوّاق، والحسن بن وصيف، ومحمد بن موسى الزينبي» وغير هؤلاء كثير. وقد تتلمذ على «أبي بكر الشذائي» عدد كبير منهم: «أبو الفضل الخزاعي، وأحمد بن عثمان بن جعفر المؤدب، وأبو عمرو بن سعيد البصري،

ومحمد بن الحسين الكارزيني، والحسن بن علي الشاموخي، ومحمد بن القاسم التكريتي، وعلي بن محمد البرزندي، وعلي بن جعفر السعيدي، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأحمد بن محمد بن أحمد الحدادي، وعلي بن محمد الخبازي» وغير هؤلاء كثير. ومن شيوخ «الكارزيني»: عبد الله بن الحسن بن سليمان أبو القاسم البغدادي المعروف بالنخاس بالخاء المعجمة، وهو مقرئ مشهور ثقة ماهر متصدّر، أخذ القراءة عرضا عن: محمد بن هارون التمار صاحب رويس، وروى القراءة عنه عرضا: محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو الحسن الحمامي، وأبو العلاء محمد بن علي الواسطي، وأبو نصر أحمد بن محمد بن أحمد الخبازي» وآخرون. ومن شيوخ «الكارزيني»: عثمان بن أحمد بن سمعان أبو عمرو الرزاز البغدادي، وهو مقرئ متصدر، أخذ القراءة عرضا عن «أبي بكر يوسف بن يعقوب الواسطي، وأحمد بن سهل الأشناني، وموسى بن عبيد الله». وقد تتلمذ عليه الكثيرون، منهم «عبد الباقي بن الحسن، وأبو عبد الله محمد بن الحسين الكارزيني، ومحمد بن جعفر الخزاعي». ومن شيوخ «الكارزيني»: محمد بن حبيب بن عبد الوهاب أبو الأشعث الجارودي البصري، وهو مقرئ معروف، روى القراءة عرضا عن «أحمد بن مسعود السرّاج»، وروى القراءة عنه عرضا «أبو عبد الله الكارزيني، ومحمد بن أحمد المالكي، وأبو الفضل الخزاعي». ومن شيوخ «الكارزيني»: محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن علّان أبو عبد الله، وهو أستاذ كبير مقرئ محقق، روى القراءة عرضا عن «عبد الله بن عبدان، وأحمد بن سعيد الضرير، ومحمد بن حامد بن وهب العطار». وروى القراءة عنه عرضا: ابنه أحمد، ومحمد بن عبد الله بن المرزبان، وأبو

الفضل الخزاعي، ومحمد بن الحسين الكارزيني. ومن شيوخ «الكارزيني»: فارس بن موسى أبو شجاع البصري، الفرائضي وهو مقرئ متصدر، قرأ على «إبراهيم بن زياد القنطري، صاحب محمد بن يحيى، وقرأ عليه «الكارزيني، ومحمد بن جعفر الخزاعي». ومن شيوخ «الكارزيني» الذين أخذ عنهم القراءات: «محمد بن أحمد بن إبراهيم بن يوسف بن العباس بن ميمون أبو الفرج الشنبوذي، الشطوي البغدادي»، وهو أستاذ من أئمة علماء القراءات. ولد سنة ثلاثمائة، وبعد أن تمّ نضجه رحل إلى الأمصار، وأخذ عن الشيوخ وأكثر وتبحّر، واشتهر اسمه، وطال عمره، مع علمه بالتفسير وعلل القراءات. قال «أبو بكر الخطيب»: سمعت عبيد الله بن أحمد يذكر الشنبوذي فعظم أمره وقال: سمعته يقول: أحفظ خمسين ألف بيت من الشعر شواهد للقرآن». وقال «الإمام الداني»: الشنبوذي مشهور نبيل حافظ، ماهر حاذق كان يتجول في البلدان». أخذ «أبو الفرج الشنبوذي» القراءة عرضا عن: «ابن مجاهد، وأبي بكر النقاش، وأبي بكر أحمد المنقى، وأبي الحسن بن الأخرم، وإبراهيم بن محمد الماوردي، ومحمد بن جعفر الحربي، ومحمد بن هارون التمار، وأبي الحسن بن شنبوذ، وإليه نسب لكثرة ملازمته له، ومحمد بن موسى الزينبي، وموسى بن عبيد الله الخاقاني، والحسن بن علي بن بشّار، وأبي بكر محمد بن الحسن بن مقسم، ومحمد بن أحمد بن هارون الرازي، وأبي بكر محمد بن الحسن الأنصاري»، وغير هؤلاء.

وقد أخذ القراءة عن «أبي الفرج الشنبوذي» عدد كبير منهم: «محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو علي الأهوازي، وأبو طاهر محمد بن ياسين الحلبي، والهيثم بن أحمد الصباغ، وأبو العلاء محمد بن عليّ الواسطي، وعبد الله بن محمد ابن مكي السواق، وعلي بن القاسم الخياط، وأبو علي الرهاوي، وعبد الملك ابن عبدويه، ومنصور بن أحمد العراقي، وأحمد بن محمد بن سيار» وآخرون. ومن شيوخ «الكارزيني»: أحمد بن محمد بن بشر بن علي بن محمد بن جعفر المعروف بابن الشارب، أبو بكر الخراساني، نزيل بغداد، وهو شيخ جليل ثقة ثبت. أخذ القراءات عن: محمد بن موسى الزينبي، وأبي بكر محمد ابن يونس، وابن مجاهد، وأبي مزاحم الخاقاني، وآخرين. وقد أخذ القراءات عن «ابن الشارب»: بكر بن شاذان، والكارزيني، وعلي بن أحمد بن عمر الحمّامي، والقاضي أبو العلاء الواسطي، وعلي بن محمد ابن الحسن الخبازي، وأبو بكر أحمد بن غالب، ومحمد بن إبراهيم بن البقار، وآخرون. ومن شيوخ «الكارزيني»: عبد الغفار بن عبيد الله بن السرّي أبو الطيب الحضيني: بالحاء المهملة، والضاد المعجمة الكوفي، ثم الواسطي، وهو شيخ مقرئ، ثقة، وشيخ واسط. أخذ «الحضيني» القراءة عن: «أبي العباس أحمد بن سعيد الضرير، وأبي بكر بن مجاهد، والحسين بن عليّ، وأبي العباس محمد بن الحسن بن يونس النحوي، والعباس بن الفضل، وعبد الله بن عبد الجبار، والحسن بن داود النقّار، وجعفر بن سليمان القافلاني، وعليّ بن محمد بن عمّار الزريري، ومحمد ابن عمير القاضي»، وغير هؤلاء. وقد أخذ القراءة عن «الحضيني» عدد كبير منهم: «محمد بن الحسين الكارزيني، وأبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي، وأبو بكر أحمد بن المبارك

الواسطي، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي، وعبد الرحمن بن الهرمزان، وعليّ بن محمد الخبازي، وعبيد الله بن أحمد» وغير هؤلاء. تصدّر «محمد بن الحسين الكارزيني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة وأقبل عليه حفاظ القرآن يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «الحسن بن القاسم بن علي الأستاذ أبو علي الواسطي، المعروف بغلام الهرّاس»، شيخ العراق، والجوّال في الآفاق، ولد سنة أربع وسبعين وثلاثمائة، وقرأ «بواسط» على: عبيد الله بن إبراهيم، وعبد الله بن أبي عبد الله الحسين صاحب النقاش، وإبراهيم بن سعيد الرفاعي. وقرأ ببغداد على: «عبد الملك النهرواني، وأبي أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأحمد بن عبد الله السوسنجردي، ومحمد بن المظفر الدينوري، والقاضي أبي العلاء، وعليّ بن محمد بن عبيد الله الحذّاء، وعلي بن محمد بن موسى الصابوني، وبكر بن شاذان، والحسن بن محمد السامري، وعلي بن أحمد الحمّامي، والحسن ابن ملاعب». وقرأ بالكوفة على: القاضي محمد بن عبد الله الجعفي، وأبي الحسن محمد بن جعفر النحوي ابن النجّاد. وقرأ بدمشق على: «أبي علي الأهوازي، وأبي علي الرهاوي». وقرأ بمصر على: «أبي العباس بن نفيس، والفضل بن عبد الرزاق، والحسين بن إبراهيم الأنباري». وقرأ بالبصرة على: «الحسن بن علي بن بشّار صاحب النقاش، وعلي بن محمد بن علّان». وقرأ بالجامدة بكسر الميم، وهي قرية كبيرة من أعمال واسط، بين واسط والبصرة منها جماعة من العلماء.

قرأ على: «محمد بن نزار التكريتي، وعمّه محمد بن القاسم». وبحران على «أبي القاسم الزيدي». وبمكة المكرمة على: «أبي عبد الله بن الحسين الكارزيني، وأبي عبد الله محمد ابن أحمد بن محمد العجلي، ومحمد بن عمر بن إبراهيم الذهبي». ومن تلاميذ «الكارزيني»: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي أبو معشر الطبري، القطان الشافعي، وهو شيخ أهل مكة عارف محقق أستاذ ثقة صالح. له عدة مصنفات منها: كتاب التلخيص في القراءات الثمان، وكتاب سوق العروس ضمّنه ألفا وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب الدرر في التفسير، وكتاب الرشاد شرح القراءات الشاذة، وكتاب عنوان المسائل، وكتاب طبقات القراء، وكتاب العدد، وكتاب في اللغة. أخذ «أبو معشر الطبري» القراءة عن عدد من العلماء منهم: «الكارزيني وأبو القاسم علي بن محمد بن علي الزيدي، وإسماعيل بن راشد الحدّاد، والحسن ابن محمد الأصفهاني». توفي أبو معشر الطبري بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 95"محمد بن سفيان" ت 415 هـ

رقم الترجمة/ 95 «محمّد بن سفيان» (¬1) ت 415 هـ هو: محمد بن سفيان أبو عبد الله القيرواني الفقيه المالكي. تفقه على «أبي الحسن علي بن خلف القابسي» حتى برع في الفقه، وسمع منه، ثم رحل إلى مصر، ألف كتاب «الهادي». ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، في مقدمة علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. قرأ «محمّد بن سفيان» بمصر القراءات القرآنية على عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: إسماعيل بن محمد المهري لورش، وعرض الروايات على «أبي الطيب ابن غلبون» وقرأ أيضا على «يعقوب بن سعيد الهواري، وكردم بن عبد الله». قال «الحافظ أبو عمرو الداني»: سمع معنا على الشيخ أبي الحسن عليّ بن محمد بن خلف الفقيه القابسي، وكان ذا فهم، وحفظ، وستر، وعفاف، وخرج من القيروان لأداء فريضة الحج سنة ثلاث عشرة وأربعمائة فحج وجاور بمكة، ثم أتى المدينة المنورة فمرض، وتوفي بها أول ليلة من صفر ودفن بالبقيع. أخذ القراءة عن «محمّد بن سفيان» عدد من طلاب العلم وفي مقدمتهم: «أبو بكر القصري، والحسن بن علي الجلولي، وعبد الملك بن داود القسطلاني، وعبد الحق الجلاد، وأبو العباس المهدوي، وأبو العالية البندوني، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 380. طبقات القراء ج 2، ص 147. الوافي بالوفيات ج 3، ص 114. الديباج المذهب ج 2، ص 235. شذرات الذهب ج 3، ص 203. نهاية الغاية الورقة 238. تاريخ الاسلام الورقة 167 [آيا صوفيا 3009].

وعثمان بن بلال العابد، وأحمد بن الحجري شيوخ ابن بليمة، وعبد الله بن سمران القروي شيخ الهذلي، وأبو الحسن العجمي، وعبد الله بن سهل» وآخرون. توفي «محمّد بن سفيان» بالمدينة المنورة أول ليلة من صفر بعد رجوعه من الحج سنة خمس عشرة وأربعمائة، ودفن بالبقيع. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 96"محمد بن شريح" ت 476 هـ

رقم الترجمة/ 96 «محمّد بن شريح» (¬1) ت 476 هـ هو: محمد بن شريح بن أحمد بن محمد بن شريح بن يوسف، أبو عبد الله الرعيني الإشبيلي، نسبة إلى بلدة من بلاد الأندلس يقال لها «إشبيلية» وقد نسب إليها الكثيرون من العلماء (¬2). وابن شريح من خيرة علماء الأندلس المعروفين، والمشهود لهم بالثقة والأمانة، ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. وابن شريح منذ نعومة أظفاره رحل إلى بعض المدن للأخذ عن علمائها، ويخبرنا التاريخ أنه رحل إلى كل من «مصر، وبغداد، ومكة». احتل «ابن شريح» مكانة سامية بين العلماء مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «أبو عبد الله الإشبيلي المقرئ، الأستاذ، مصنف كتاب «الكافي» وكتاب «التذكير» وكان من جلة قراء «الأندلس» (¬3). أخذ «محمّد بن شريح» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن سعيد بن أحمد بن عبد الله المعروف بابن نفيس، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 434 ورقم الترجمة 370. غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 153، ورقم الترجمة 3062. الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 553. مرآة الجنان ج 3، ص 120. شذرات الذهب ج 3، ص 354. (¬2) انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 161. (¬3) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 434.

وهو من القراء المشهورين، ومن الثقات المعروفين، انتهى إليه علوّ الإسناد، وقد عمّر حتى قارب المائة. أخذ القراءة عن عدد من القراء، وفي مقدمتهم: «أبو عدي عبد العزيز ابن عليّ صاحب أبي بكر بن يوسف». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بعلوّ الإسناد، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن شريح، وعبد الوهاب ابن محمد القرطبي» وغيرهما كثير. توفي «أحمد بن سعيد» في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل: سنة خمس وأربعين وأربعمائة. ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «أحمد بن محمد أبو الحسن القنطري» نزيل مكة المكرمة. وهو من شيوخ القراء المعروفين، أخذ القراءة عن عدد من القراء وفي مقدمتهم: «الحسن بن محمد بن الحباب، وعمر بن إبراهيم الكتّاني». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «محمد بن شريح، وأحمد بن عمّار المهدوي» وغيرهما كثير. توفي «أحمد القنطري» بمكة المكرمة سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «أحمد بن عليّ بن هاشم» الملقب بتاج الأئمة، أبو العباس المصري، وهو من مشاهير القراء بمصر، ومن الثقات المعروفين.

أخذ «تاج الأئمة» القراءة عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «عمر ابن عراك، وأبو عدي عبد العزيز بن الإمام». كما سمع حروف القراءات من «منير بن أحمد» عن أحمد بن إبراهيم بن جامع، ومن «الحسن بن عمر ابن إبراهيم البزار». ثم رحل إلى «بغداد» وقرأ على «أبي الحسن بن الحمامي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالثقة، وصحّة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «محمّد بن شريح». ويحدثنا التاريخ أنه دخل بلاد الأندلس سنة عشرين وأربعمائة، فقرأ عليه بها عدد كبير منهم: «أبو عمر الطلمنكي» مع كبر سنّة. توفي «أحمد بن عليّ بن هاشم» سنة خمس وأربعين وأربعمائة. ومن شيوخ «محمّد بن شريح» في القراءة: «الحسن بن محمد بن إبراهيم المالكي» أبو علي البغدادي، وهو من مشاهير القراء، المشهود لهم بالثقة، وصحة الإسناد، ومن المؤلفين المعروفين، فهو صاحب كتاب «الروضة في القراءات الإحدى عشرة». ويحدثنا التاريخ أن «أبا علي البغدادي» رحل إلى «مصر» واشتهر بها حتى أصبح شيخا لقرّائها. أخذ «أبو علي البغدادي» القراءة، وحروف القراءات عن مشاهير العلماء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن عبد الله السوسنجردي». وبعد ان اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «محمد بن شريح، وإبراهيم بن إسماعيل».

توفي «أبو علي البغدادي» في رمضان سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. ومن شيوخ «محمّد بن شريح»: «مكي بن أبي طالب» يقول «الذهبي»: أجاز له- أي إلى «محمّد بن شريح» - «مكي بن أبي طالب» وأخذ عنه، ومكي بن أبي طالب من خيرة العلماء الأندلسيين، وهو إمام محقّق عارف، ولد سنة خمس وخمسين وثلاثمائة بالقيروان. احتل «مكي بن أبي طالب» مكانة سامية بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول صاحبه «أحمد بن مهدي» المقرئ: كان «مكي بن أبي طالب» من أهل التبحّر في علوم القرآن، والعربية، حسن الفهم، والخلق، جيّد الدين والعقل، كثير التأليف في علوم القرآن، محسنا، مجوّدا، عالما بمعاني القراءات، أخبرني أنه سافر إلى «مصر» وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وتردّد إلى المؤدبين، وأكمل القرآن، ورجع إلى «القيروان»، ثم رحل فقرأ القراءات على «ابن غلبون» سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وقرأ بالقيروان أيضا بعد ذلك، ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وحجّ، ثم حج سنة سبع وثمانين وجاور ثلاثة أعوام، ودخل الأندلس سنة ثلاث وتسعين، وجلس للإقراء بجامع قرطبة، وعظم اسمه، وجلّ قدره (¬1). ويقول «ابن بشكوال»: قلّده «أبو الحزم جهور» خطابة مسجد قرطبة بعد وفاة «يونس بن عبد الله القاضي» وكان قبل ذلك ينوب عنه، وله ثلاثون تأليفا، وكان خيّرا، متديّنا، مشهورا بالصلاح (¬2). ومن مؤلفاته: «التبصرة في القراءات السبع، والكشف عن علل القراءات، ومشكل إعراب القرآن، والموجز في القراءات، والرعاية في التجويد. ويقول «ابن الجزري»: وتواليفه تنوف عن ثمانين تأليفا. ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 309. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 309.

ويقول رحمه الله تعالى: «ألفت كتابي الموجز في القراءات بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب التبصرة بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب «مشكل الغريب» بمكة المكرمة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الإعراب» في الشام، ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة» (¬1). توفي «مكي بن أبي طالب» في المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. وبعد أن اكتملت مواهب «محمّد بن شريح» تولى خطابة مسجد «اشبيلية» وتصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وفي مقدمة من قرأ عليه: «ابنه الخطيب أبو الحسن، شريح» وعيسى بن حزم بن عبد الله بن اليسع، أبو الأصبغ الغافقي، الأندلسي نزيل المريّة بفتح الميم وتشديد الرّاء، وهي مدينة عظيمة على ساحل بحر الأندلس. من شرقيها، نسب إليها بعض العلماء. لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عيسى بن حزم». وبعد هذه الحياة التي عاشها «محمّد بن شريح» توفي سنة ست وسبعين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 310.

رقم الترجمة/ 97"محمد بن عبد الله" ت 431 هـ

رقم الترجمة/ 97 «محمّد بن عبد الله» (¬1) ت 431 هـ هو: محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن المرزبان بن شاذان أبو بكر الأصبهاني الأعرج يعرف بأبي شيخ، نزيل بغداد، مقرئ صالح عالي الإسناد ثقة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «محمّد بن عبد الله» في سنة أربع وأربعين وثلاثمائة هـ، أخذ «محمد بن عبد الله» القراءة القرآنية عن خيرة علماء عصره، وفي مقدمتهم: «عبد الله بن محمد بن فورك أبو بكر القباب الأصبهاني»، إمام وقته، مقرئ، مفسر، مشهور، قال عنه «الحافظ أبو العلاء»: «أبو بكر القباب من جلة قراء أصبهان، ومن العلماء بتفسير القرآن، كثير الحديث، ثقة نبيل» ت 307 هـ. ومحمد بن القاسم بن حسنويه بن عبد الله الأصبهاني المقرئ، ومحمد بن أحمد ابن عمر بن يوسف أبو عمر الأصبهاني الخرقي الضرير المقرئ، حاذق مشهور، بأصبهان، ثقة، وقد عمّر دهرا طويلا، ومحمد بن جعفر بن محمد أبو جعفر التميمي الصابوني الأصبهاني، مقرئ، مشهور ضابط شيخ أصبهان. وعبد الرحيم بن محمد الحسناباذي، ومحمد بن علان، وأبو بكر محمد بن علي بن أحمد، ومحمد بن أحمد بن محمد الهروي، والعباس بن أحمد بن المظفر السراج، وأبو بكر بن حسنويه. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: طبقات القراء ج 2، ص 175. القراء الكبار ج 1، ص 390. إنباه الرواة ج 3، ص 155. تلخيص ابن مكتوم ص 214.

تصدّر «محمّد بن عبد الله» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة والضبط وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه ويقرءون عليه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: «عبد السيد بن عتاب، وعبد العزيز بن الحسين، وأبو علي الشرمقاني، وأبو الحسن الخياط، وأبو القاسم الهذلي» وآخرون. اشتهر «محمّد بن عبد الله» بالثقة والضبط وغير ذلك من الصفات الحميدة مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول الإمام «ابن الجزري»: «محمّد بن عبد الله نزيل بغداد، مقرئ صالح، عالي الإسناد، ثقة» اه. وقال «القفطي»: «محمّد بن عبد الله الأديب الأصبهاني حافظ النحو واللغة، وروى الحديث، واستفاد الناس منه، وأخذوا عنه مدة طويلة» اه. توفي «محمّد بن عبد الله» في ليلة الاثنين الثاني من جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 98"محمد بن عبد الله" ت 452 هـ

رقم الترجمة/ 98 «محمّد بن عبد الله» (¬1) ت 452 هـ هو: محمّد بن عبد الله، ويقال: محمّد بن عبيد الله أبو الحسين المؤدب البغدادي، الضرير، وهو من القراء الثقات. أخذ القراءة عن «عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير أبو حفص الكتاني البغدادي»، وهو من القراء، والمحدثين الثقات. ولد سنة ثلاثمائة، وأخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر ابن مجاهد» وسمع حروف القراءات من «إبراهيم بن عرفة نفطويه» وآخرين. ثم تصدر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو نصر أحمد بن محمّد بن أحمد الحدّاد» وآخرون. توفي «أبو حفص الكتاني» في رجب سنة تسعين وثلاثمائة عن تسعين سنة. وأخذ «محمّد بن عبد الله» سنة الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء، فقد سمع «أبا الحسن الدارقطني، وأبا حفص بن شاهين، وأبا طاهر المخلص». توفي «محمّد بن عبد الله» يوم السبت سادس المحرم سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 5، ص 476 ورقم الترجمة 3030. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 421 ورقم الترجمة 359. وغاية النهاية في طبقات القراء ج 2 ص 191 ورقم الترجمة 3205.

رقم الترجمة/ 99"محمد بن علي الشوكاني" ت 1250 هـ

رقم الترجمة/ 99 «محمّد بن عليّ الشّوكاني» (¬1) ت 1250 هـ هو: محمّد بن علي بن محمّد بن عبد الله الشوكاني ثم الصنعاني. وهو من حفاظ القرآن، ومن خيرة العلماء المجتهدين المؤلفين: وهو مفسّر، محدث، فقيه، أصوليّ، مؤرخ، أديب، نحوي، منطقي، متكلم، حكيم. كتب «الشوكاني» لنفسه ترجمة في كتابه «البدر الطالع» أسوة بغيره من المحدثين، والعلماء، وهذا ملخص لما كتبه: ولد يوم الاثنين الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف، بهجرة شوكان من بلاد خولان، ونشأ بصنعاء، فقرأ «القرآن» على جماعة من المعلمين، ثم ختمه على الفقيه «حسن بن عبد الله» وجوّده على جماعة من مشايخ القرآن بصنعاء، ثم حفظ الكثير من الكتب، منها: كتاب «الأزهار» للإمام المهدي، ومختصر الفرائض للعصيفري، والملحة للحريري، والكافية الشافية لابن الحاجب، والتهذيب للتفتازاني، والتلخيص للقزويني، ومنظومة الجزري، وآداب البحث للعضد، ومع ذلك كان كثير الاشتغال بمطالعة كتب التواريخ، ومجاميع الأدب، ثم شرع في طلب العلم، وأخذ علومه عن عدد كبير من العلماء: فقرأ على والده رحمه الله تعالى في شرح الأزهار، وشرح الناظري لمختصر العصيفري، وقرأ الفقه على «أحمد بن محمّد بن الحرازي» وبه انتفع، وعليه تخرج، وطالت ملازمته له نحو ثلاث عشرة سنة. وفي أيام قراءته في الفروع شرع في قراءة النحو؛ فقرأ عدة كتب في ذلك منها: «الملحة وشرحها» على العلّامة «إسماعيل بن الحسن بن أحمد»، وقرأ ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في: البدر الطالع للشوكاني ج 2، ص 214 ورقم الترجمة 482. معجم المؤلفين ج 11، ص 53.

شرح «الرضي» على الكافية على «القاسم بن يحيى الخولاني»، وقرأ شرح «إيساغوجي» للقاضي زكريا على «عبد الله بن اسماعيل النّهمي». وقرأ الشرح المطول للسعد التفتازاني، وقرأ شرح جمع الجوامع للمحلّى على «عبد القادر بن أحمد»، وقرأ شرح الجزرية، على «هادي بن حسين»، وقرأ «البحر الزخار» وحاشيته، وتخريجه، وضوء النهار على شرح الأزهار على «عبد القادر بن أحمد». وقرأ الكشاف وحاشيته، على «الحسن بن إسماعيل المغربي». وسمع صحيح مسلم، وسنن الترمذي، وبعض الموطإ، وبعض شفاء القاضي عياض، على «عبد القادر بن أحمد». وسمع جميع سنن «أبي داود» وتخريجها للمنذري، على «الحسن بن إسماعيل المغربي». وكذلك سمع شرح بلوغ المرام، على «الحسن بن إسماعيل» وهناك كتب أخرى ذكرها الشوكاني، أعرضت عن ذكرها، وبعد ذلك يقول «الشوكاني»: هذا ما أمكن سرده من مسموعات صاحب الترجمة ومقروءاته، وله غير ذلك من المسموعات والمقروءات. ثم يقول الشوكاني عن نفسه: «وكانت قراءتي لما تقدم ذكره في «صنعاء» ولم أرحل لأعذار منها: عدم الإذن من الأبوين، وقد درس جميع ما تقدم ذكره، وأخذه عنه الطلبة، وتكرر أخذهم عنه في كل يوم من تلك الكتب، وكثيرا ما كان يقرأ على مشايخه، فإذا فرغ من كتاب قراءة أخذه عنه تلامذته، بل ربما اجتمعوا على الأخذ عنه قبل أن يفرغ من قراءة الكتاب على شيخه، وكان يبلغ دروسه في اليوم والليلة إلى نحو ثلاثة عشر درسا، منها ما يأخذه من مشايخه، ومنها ما يأخذه عنه تلامذته، واستمرّ على ذلك مدّة حتى لم يبق عند أحد من شيوخه ما لم يكن من جملة ما قد قرأه. ثم يقول الشوكاني عن نفسه: ثم إن صاحب الترجمة جلس لإفادة الطلبة فقط، فكانوا يأخذون عنه في كل يوم زيادة على عشرة دروس، في فنون

متعددة، واجتمع منها في بعض الأوقات: التفسير، والحديث، والأصول، والنحو، والصرف، والبيان، والمعاني والمنطق، والفقه، والجدل، والعروض. ثم يقول الشوكاني: وكان في أيام قراءته على الشيوخ، وإقرائه لتلامذته يفتي أهل مدينة صنعاء، بل ومن وفد إليها، بل ترد عليه الفتاوى من الديار التهامية، وشيوخه إذ ذاك أحياء، وكادت الفتيا تدور عليه من أعوام الناس وخواصهم، واستمرّ يفتي من نحو العشرين من عمره فما بعد ذلك، وكان لا يأخذ على الفتيا شيئا تنزها. ويقول الشوكاني عن نفسه: وربما قال الشعر إذا دعت لذلك حاجة كجواب ما يكتبه إليه بعض الشعراء من سؤال، أو مطارحة أدبيّة، أو نحو ذلك، ومن ذلك قوله: أنا راض بما قضى ... واقف تحت حكمه سائل أن أفوز بالخير ... من حسن ختمه ويقول الشوكاني عن نفسه: وابتلى بالقضاء في مدينة صنعاء بعد موت من كان متوليا للقضاء، وكان دخوله في القضاء وهو ما بين الثلاثين والاربعين. ترك الشوكاني للمكتبة الإسلامية والعربية الكثير من المصنفات في علوم متفرقة منها المطولات، ومنها المختصرات، وقد ذكرها الشوكاني أثناء ترجمته لنفسه، من هذه المصنفات: «نيل الأوطار وشرح المنتقى من الأخبار» أرشده إلى تصنيفه جماعة من شيوخه، وعرض عليهم بعضا منه. وكتاب «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة». وكتاب «المختصر البديع في الخلق الوسيع» ذكر فيه خلق السماوات والأرض، والملائكة، والجن، والإنس، وسرد غالب ما ورد من الآيات والأحاديث وتكلم عليها.

وكتاب «المختصر الكافي من الجواب الشوافي». ورسالة في أحكام الاستجمار، ورسالة في أحكام النفاس، ورسالة في الكلام على وجوب الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلم في الصلاة، والقول الصادق في إمامة الفاسق، ورسالة في «أسباب سجود السهو» وكتاب «البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع» وكتاب «فتح القدير الجامع بين فنّي الرواية والدراية من علم التفسير» في خمسة مجلدات. ورسالة في وجوب الصوم على من لم يفطر إذا وقع الإشعار في دخول رمضان في النهار. ورسالة في كون الخلع طلاقا، أو فسخا. ورسالة في حكم الطلاق ثلاثا، ورسالة في الطلاق البدعي، ورسالة في نفقة المطلقة، ورسالة في بيع الشيء قبل قبضه، وشفاء العلل في حكم زيادة الثمن لأجل الأجل. والقول المحرر في حكم لبس المعصفر، وسائر أنواع الأحمر. والبحث المسفر عن تحريم كل مسكر ومفتّر، وإتحاف المهرة بالكلام على حديث لا عدوى ولا طيرة، ورسائل في أحكام لبس الحرير، ورسالة في حكم المخابرة، وزهر النّسرين الفائح بفضائل العمرين. ورسالة في لحوق ثواب القراءة، المهداة من الأحياء إلى الأموات، والقول المقبول في ردّ خبر المجهول من غير صحابة الرسول، وفتح القدير في الفرق بين المعذرة والتعذير، وتنبيه الأعلام على تفسير المشتبهات بين الحلال والحرام، والدرّ النضيد في إخلاص التوحيد، والقول الجليّ في لبس النساء الحليّ، والقول المفيد في حكم التقليد، والفتح الرباني في فتاوى الشوكاني. ثم يقول الشوكاني بعد سرده لهذه المصنفات: هذا ما أمكن خطوره بالباب حال تحرير هذه الترجمة، ولعل ما لم يذكر أكثر مما ذكر، وقد كان جميع ما

تقدم من القراءة على شيوخه في تلك الفنون، وقراءة تلامذته لها عليه مع غيرها، وتصنيف بعض ما تقدم تحريره، قبل ان يبلغ صاحب الترجمة أربعين سنة، بل درس في شرحه للمنتقى قبل ذلك، وترك التقليد، واجتهد رأيه اجتهادا مطلقا غير مقيّد، وهو قبل الثلاثين، وكان منجمعا عن بني الدنيا لم يقف بباب أمير، بل كان مشتغلا في جميع أوقاته بالعلم درسا وتدريسا وإفتاء وتصنيفا. وهكذا كان الشوكاني، حتى توفاه الله تعالى سنة خمسين ومائتين وألف من الهجرة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 100"محمد النجار" ت 402 هـ

رقم الترجمة/ 100 «محمّد النّجّار» (¬1) ت 402 هـ هو: محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسن بن هارون أبو الحسن التميمي الكوفي النحوي المعروف بابن النجار. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «ابن النجار» أول سنة ثلاث وثلاثمائة من الهجرة. أخذ «ابن النجار» القراءة عن خيرة العلماء، يقول «ابن الجزري»: أخذ القراءة عرضا عن «محمّد بن الحسن بن يونس، والحسن بن داود النقار، وعن أبيه جعفر بن محمّد (¬2). كما أخذ حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء. يقول «الخطيب البغدادي»: قدم «محمّد بن النجار» بغداد، وحدث بها عن «محمّد بن الحسين الأشناني، وعبيد الله بن ثابت الحريري، وإسحاق بن محمّد بن مروان، ومحمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي، وأبي بكر بن دريد، ونفطويه، وأبي روق الهزّاني، ومحمّد بن يحيى الصولي» (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 2، ص 158. وإرشاد الأريب ج 18 ص 103. وإنباه الرواة ج 3، ص 83. وتذكرة الحفاظ ج 3، ص 1062. والوافي بالوفيات ج 2، ص 305. والبداية والنهاية ج 11، ص 347. ومعرفة القراء ج 1، ص 367. وطبقات القراء ج 2، ص 11. وطبقات النحاة لابن قاضي شهبة ج 1، ص 31. وبغية الوعاة ج 1، ص 69. وشذرات الذهب ج 3، ص 164. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 111. (¬3) انظر طبقات القراء ج 1، ص 367.

تصدر «محمّد بن النجار» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام واشتهر بالثقة، وصحة السند، وعمّر طويلا، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، يقول «الإمام ابن الجزري»: روى القراءة عن «ابن النجار» «الحسن ابن محمّد البغدادي، وأبو علي غلام الهراس، وأبو علي العطار» (¬1). وقال «الخطيب البغدادي»: حدثنا عن «محمّد بن النجار» «محمّد بن عليّ ابن مخلد الوارق، وأحمد بن علي بن التوزي، وأبو القاسم الأهوازي، وأحمد ابن عبد الواحد الوكيل»، وغيرهم، ثم يقول «البغدادي»: وذكر لي «الحسن ابن علي بن عبد الله المقرئ، وأبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل» أنهما سمعا منه ببغداد في سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة (¬2). اشتهر «ابن النجار» بين العلماء بالدقة والثقة، مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «أبو علي البغدادي»: كان «ابن النجار» من جلة أهل العربية ومن أهل الحديث، مثقفا، فاضلا (¬3). وقال «ابن الجزري»: «ابن النجار مقرئ نحوي معمّر مسند ثقة» (¬4) وقال «الخطيب البغدادي»: أخبرنا أحمد بن محمّد العتيقي، وأبو منصور محمّد بن أحمد بن عبد العزيز العكبري» قالا: توفي أبو الحسن محمّد بن جعفر بن النجار المقرئ، بالكوفة في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2، ص 111. (¬2) انظر تاريخ بغداد ج 2، ص 159. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2، ص 111. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2، ص 111.

رقم الترجمة/ 101"محمد بن هانئ" ت بعد 390 هـ

رقم الترجمة/ 101 «محمّد بن هانئ» (¬1) ت بعد 390 هـ هو: محمّد بن إبراهيم بن هانئ بن عيشون أبو عبد الله القيسي الأندلسي الألبيري. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «محمّد بن هانئ» القراءة القرآنية عن خيرة العلماء، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: رحل وأخذ القراءات عرضا عن محمّد بن عبد الله بن أشتة، وسمع منه كتاب «المحبر» (¬2). تصدر «محمّد بن هانئ» لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن، يأخذون عنه، وفي هذا يقول «الإمام الداني»: حدّث وكتب، وقرأ عليه غير واحد من أصحابنا». وقال «ابن الجزري»: وممن قرأ عليه «مروان بن عبد الملك». توفي «محمّد بن هانئ» بعد التسعين وثلاثمائة، رحمه الله رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 388. طبقات القراء ج 2، ص 47. التكملة لكتاب الصلة ص 374 والذيل والتكملة ج 6، ص 106. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 47.

رقم الترجمة/ 102"محمد الهرواني" ت 402 هـ

رقم الترجمة/ 102 «محمّد الهرواني» (¬1) ت 402 هـ هو محمّد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن يحيى بن خالد أبو عبد الله الجعفي الكوفي القاضي المعروف بالهرواني. ولد سنة خمس وثلاثمائة من الهجرة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «الهرواني» القراءة عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «محمّد بن الحسن بن يونس النحوي، وحماد بن أحمد الكوفي» (¬2). كما أخذ «الهرواني» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من العلماء. يقول «الخطيب البغدادي»: سمع «الهرواني» عليّ بن محمّد بن هارون الحميري، ومحمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي، ونحوهما. وقدم بغداد وحدث بها، وكان ثقة فاضلا جليلا، يقرئ القرآن، ويفتي في الفقه على مذهب «أبي حنيفة» وكان من عاصره من الكوفة يقول: لم يكن بالكوفة من هو أفقه منه (¬3). ومن الأحاديث التي رواها «الهرواني» وذكرها «الخطيب البغدادي» ما يلي: ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 5، ص 473. وتذكره الحفاظ ج 3، ص 1062. والوافي بالوفيات ج 3، ص 320. والجواهر المضيئة ج 2، ص 65. ومعرفة القراء ج 1، ص 368. وطبقات القراء ج 2، ص 177. وشذرات الذهب ج 3، ص 165. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177. والقراء الكبار ج 1، ص 368. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 5، ص 472.

قال «البغدادي»: حدثني عبيد الله بن أبي الفتح، حدثنا محمّد بن عبد الله الهرواني الكوفي ببغداد، حدثنا علي بن محمّد بن هارون الحميري، حدثنا أبو كريب محمّد بن العلاء، حدثنا عبد الله بن إدريس بن الفرات القزاز عن أبيه عن «أبي حازم» عن «أبي هريرة» رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء، كلما ذهب نبي خلفه نبي، وإنه ليس كائن بعدي نبي». قالوا: يا رسول الله فما يكون؟ قال: «يكون خلفاء ويكثرون». قالوا: «يا رسول الله فما نصنع؟ قال: «أوفوا بيعة الأول فالأول، أدّوا الذي عليكم، ويسألهم الله الذي عليهم» اه (¬1). تصدر «محمّد الهرواني» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «أبو علي البغدادي، وأبو علي غلام الهراس، ومحمّد بن علي بن الحسن العلوي، وأبو علي الشرمقاني، وأبو علي العطّار، وأبو الفضل الخزاعي» (¬2). احتل «محمّد الهرواني» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه. قال العتيقي»: ما رأيت بالكوفة مثله» (¬3). وقال «أبو علي المالكي»: كان من جلة أصحاب الحديث، فقيها على مذهب العراقيين جليل القدر» (¬4). ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 5، ص 472. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177. والقراء الكبار ج 1، ص 368. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177. (¬4) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177.

وقال «أبو العزّ عن أبي علي الواسطي»: كان «محمّد الهرواني» جليلا في زمانه، يرجل إليه في طلب القرآن والحديث من كل بلد (¬1). وقال «ابن الجزري»: أبو عبد الله الجعفي الكوفي نحوي، مقرئ، ثقة يعرف بالهرواني بفتح الهاء والراء، وهو الذي كان يأخذ بإعادة الإخلاص ثلاث مرات عند الختم، انفرد بذلك في رواية «الأعشى» ذكر ذلك عنه «أبو الفخر حامد بن حسنويه القزويني، والظاهر ذلك اختيار منه (¬2). قال «أحمد بن علي بن التوزي»: توفي القاضي أبو عبد الله بن الهرواني بالكوفة في ليلة الخميس الثاني عشر من رجب سنة اثنتين وأربعمائة، وقد نيف على التسعين سنة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 177.

رقم الترجمة/ 103"مسافر بن الطيب" ت 443 هـ

رقم الترجمة/ 103 «مسافر بن الطيّب» (¬1) ت 443 هـ هو: مسافر بن الطيب بن عبّاد أبو القاسم البصري، ثم البغدادي. ولد «مسافر» سنة أربع وأربعين وثلاثمائة. أخذ «مسافر» القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «علي بن محمّد بن إبراهيم بن خشنام المالكي أبو الحسن البصري الدلّال»، وهو شيخ مشهور، زاهد، صالح، ثقة، عدل. عرض القراءة على: «أبي العباس محمّد بن يعقوب المعدّل، وأبي بكر محمّد ابن موسى الزينبي». وأخذ عن «ابن خشنام» القراءة: «أحمد عبد الكريم بن عبد الله القاضي، ومسافر بن الطيب، ومحمّد بن الحسين الكارزيني، وعليّ بن أحمد الجوردكي، وطاهر بن غلبون، وأبو القاسم عبد العزيز بن محمّد الفارسي، وأبو أحمد عبد السلام بن الحسين البصري، والحسن بن محمّد بن الفحام، ومحمّد بن نزار التكريتي». توفي «ابن خشنام» بالبصرة سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. تصدّر «مسافر بن الطيّب» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أحمد بن الحسن ابن خيرون أبو الفضل البغدادي»، وهو أستاذ مقرئ ثقة، وأخذ القراءة ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 13، ص 231. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 341. طبقات القراء ج 2، ص 293 - 294.

عرضا عن: عليّ بن طلحة البصري، وروى الحروف عن «الحسن بن أحمد بن شاذان، والقاضي الحسين الصيمري». وروى القراءات عنه عرضا: ابن أخيه «محمّد بن عبد الملك» وروى عنه حروف القراءات: «إبراهيم بن محمّد الهيتي». ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: عبد السيّد بن عتاب بن محمّد بن جعفر ابن عبد الله الحطاب»، بالحاء المهملة أبو القاسم البغدادي، الضرير، قرأ على: «الحسن بن عليّ بن الصقر، وأحمد بن رضوان، والحسن بن ملاعب، والحسن ابن أبي الفضل الشرمقاني، وأبي الحسن الحمّامي، وعلي بن أحمد بن محمّد بن داود الرزاز، وأبي العلاء الواسطي، وأبي طاهر محمّد بن ياسين الحلبي، وأبي بكر محمّد بن عليّ بن زلال، ومحمّد بن عبد الله الشمعي، والحسين بن أحمد الحربي». وقرأ على «عبد السيّد بن عتاب»: أبو علي بن سكرة الصدفي، ومحمّد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو الكرم بن الشهرزوري. توفي «عبد السيّد» سنة سبع وثمانين وأربعمائة. ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: علي بن عبد الرحمن بن هارون بن عيسى بن الجراح أبو الخطاب الوزير البغدادي الشافعي، وهو إمام مقرئ ضابط مجوّد القراءة، ولد سنة تسع أو عشر وأربعمائة، وأخذ القراءة عن «علي ابن عمر بن بكير النجار، وعلي بن الصقر الدينوري». وقرأ عليه: «أبو محمّد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري، وسعد الله ابن الدجاجي». ونظم في القراءات كتابا، وانتهت إليه رئاسة القراءة.

وكان يصلي بالمستظهر بالله التراويح، توفي سنة سبع وتسعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمّد أبو معشر الطبري، القطان الشافعي، شيخ أهل مكة، وهو إمام عارف محقق، وأستاذ ثقة صالح. قرأ على: «أبي القاسم عليّ بن محمّد بن علي الزيدي بحرّان، وأبي عبد الله الكارزيني، وابن نفيس، وإسماعيل بن راشد الحدّاد، والحسين بن محمّد الأصفهاني، وأبي الفضل عبد الرحمن بن الحسن الرازي، وعليّ بن الحسين الطريثيثي». وقرأ عليه: «الحسن بن بليمة، وإبراهيم بن عبد الملك القزويني، وعبد الله ابن منصور بن أحمد البغدادي، وعبد الله بن عمر بن العرجاء، وإبراهيم بن المسبّح ومحمّد بن إبراهيم بن نعم الخلف، ومنصور بن الحسين، ومحمّد بن إبراهيم الأزجاهي، وعبد الله بن أبي الوفاء القيسي، وسليمان بن عبد الله الأنصاري، ويحيى بن الخلوف الحميري». وألف كتاب «التلخيص» في القراءات الثمان، وكتاب «سوق العروس» فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب الدرر في التفسير، وكتاب الرشاد في شرح القراءات الشاذّة، وكتاب «عنوان المسائل» وكتاب طبقات القراء، وكتاب العدد، وكتابا في اللغة. توفي «أبو معشر الطبري» بمكة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: أحمد بن عبد القادر بن يوسف أبو الحسين المقرئ، وقد قرأ عليه «أبو الكرم الشهرزوري». ومن تلاميذ «مسافر بن الطيّب»: أحمد بن علي بن عبيد الله بن عمر بن سوار، أبو طاهر البغدادي الحنفي، وهو أستاذ كبير ثقة محقق، قرأ على: «الحسن بن أبي الفضل الشرمقاني، والحسن بن عليّ بن عبد الله العطّار، وعلي

ابن محمّد بن فارس الخياط، وعليّ بن طلحة بن محمّد البصري، وأبي تغلب عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدب، وفرج بن عمر الواسطي، وأبي بكر محمّد ابن عبد الرحمن النهاوندي، وعتبة بن عبد الملك العثماني الأندلسي، ومنصور ابن محمّد بن عبد الله التميمي، وأحمد بن مسرور بن عبد الوهاب، وعبد الله ابن محمّد بن مكي، وأبي الفتح عبد الواحد بن شيطا، وأحمد بن محمّد بن إسحاق المقري، ومسافر بن الطيب البصري» وروى قراءة الإمام محمّد بن إدريس الشافعي عن «أبي الفرج الحسين بن عليّ الطناجيري»، ورواية «المسيبي» عن: «محمّد بن عبد الواحد بن رزمة» ورواية «الثعلبي» عن «ابن ذكوان»: عن «عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي، ورواية «العجليّ» عن حمزة» عن «الحسن بن محمّد الخلال»، ورواية «الدوري عن الكسائي» عن عليّ بن محمّد ابن قشيش، ورواية «أبي الحارث» عن «عبيد الله بن أحمد بن عليّ الكوفي». قرأ عليه: «أبو عليّ بن سكرة الصدفي، ومحمّد بن الخضر، وأبو محمّد سبط الخياط، وأبو الكرم الشهرزوري». وروى عنه حروف القراءات: «الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو بكر أحمد بن المقرّب الكرخي». توفي «ابن سوار» سنة تسع وتسعين وأربعمائة. توفي «مسافر بن الطيّب» في شوال سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء.

رقم الترجمة/ 104"أبو مسلم الكاتب" ت 399 هـ -

رقم الترجمة/ 104 «أبو مسلم الكاتب» (¬1) ت 399 هـ- هو: محمد بن أحمد بن علي بن حسين أبو مسلم كاتب الوزير «أبي الفضل» البغدادي نزيل مصر، ولد سنة خمس وثلاثمائة. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو مسلم الكاتب» القراءة عن خيرة العلماء، يقول «الإمام ابن الجزري»: روى القراءة عن «أبي بكر بن مجاهد، ومحمد بن أحمد بن قطن، وعلي بن أحمد بن بزيع» وسمع من «ابن دريد، ونفطويه، وابن الأنباري» وأبي القاسم البغوي، وابن أبي داود». ودخل المغرب فسمع من «أبي القاسم زياد بن مؤنس» (¬2). كما أخذ «أبو مسلم الكاتب» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن خيرة العلماء، يقول «الخطيب البغدادي»: نزل «أبو مسلم الكاتب» مصر وحدث بها عن «أبي القاسم البغوي، وعبد الله بن أبي داود، ويحيى بن محمد بن صاعد، وبدر ابن الهيثم، وسعيد بن محمد ابن أخي زبير الحافظ، وأبي بكر بن دريد، وأبي بكر بن مجاهد، وإبراهيم بن عرفة النحوي» (¬3). ثم يقول «الخطيب البغدادي»: حدثنا عنه «أحمد بن محمد العتيقي، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تاريخ بغداد ج 1، ص 323. وميزان الاعتدال ج 3، ص 461. والوافي بالوفيات ج 2، ص 52. ومعرفة القراء ج 1، ص 359. وطبقات القراء ج 2، ص 73. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 73. (¬3) انظر تاريخ بغداد ج 1، ص 323.

والقاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة القضاعي المصري». ثم يقول: وحدثني «الصوري» قال: حدثني «أبو الحسن العطار وكيل «أبي مسلم الكاتب» وكان من أهل العلم، والمعرفة بالحديث، كتب وجمع ولم يكن بمصر بعد «عبد الغني بن سعيد» أفهم منه، قال: «ما رأيت في أصول «أبي مسلم» عن «البغوي» شيئا صحيحا غير جزء واحد، كان سماعه فيه صحيحا، وما عدا ذلك مفسودا» (¬1). تصدر «أبو مسلم الكاتب» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، وتتلمذ عليه الكثيرون، وفي هذا يقول «الإمام ابن الجزري»: روى القراءة عن أبي مسلم الكاتب: الحافظ أبو عمرو الداني، وقال: كتبنا عنه كثيرا، ورشأ بن نظيف، وأبو علي الأهوازي، وأحمد بن بابشاذ، وأحمد بن علي بن هاشم تاج الأئمة. اهـ (¬2) احتل «أبو مسلم الكاتب» مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه. يقول «ابن الجزري»: أبو مسلم الكاتب نزيل مصر معمّر مسند عالي السند» (¬3). توفي «أبو مسلم الكاتب» في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر تاريخ بغداد ج 1، ص 323. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 73. (¬3) انظر طبقات القراء ج 2، ص 73.

رقم الترجمة/ 105"أبو معشر الطبري" ت 478 هـ

رقم الترجمة/ 105 «أبو معشر الطّبري» (¬1) ت 478 هـ هو: عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد بن علي، أبو معشر الطبري القطان، وهو من خيرة القرّاء، ومن الثقات المشهورين، وصاحب المؤلفات النافعة المفيدة. فقد ألف كتاب «التلخيص في القراءات الثمان» وكتاب «سوق العروس» فيه ألف وخمسمائة رواية وطريق، وكتاب «الدّرر في التفسير» وكتاب «الرشاد في شرح القراءات الشاذة، وكتاب «عنوان المسائل»، وكتاب «طبقات القراء، وكتاب «العدد»، وكتابا في اللغة. احتلّ «أبو معشر الطبري» مكانة سامية، ومنزلة رفيعة بين العلماء مما جعلهم يثنون عليه، وفي هذا يقول «ابن الجزري»: «هو شيخ أهل مكة، وإمام عارف، محقق، استاذ كامل، ثقة» (¬2). أخذ «أبو معشر الطبري» القراءة، وحروف القرآن عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «علي بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو القاسم الحسيني». وهو من خيرة القراء المشهورين بالثقة، والصلاح، ومن المعمّرين. احتلّ «عليّ بن محمد» مكانة سامية ومنزلة رفيعة، وسيرة حسنة، مما جعل الكثيرين يثنون عليه، وفي هذا يقول «الإمام الداني»: «أبو القاسم الحسيني، آخر من قرأ على «النقاش» وكان ضابطا، ثقة، ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 435. ورقم الترجمة 371. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 1، ص 401 ورقم الترجمة 1708. ميزان الاعتدال ج 2، ص 644. مرآة الجنان ج 3، ص 123. طبقات المفسرين للداودي ج 1، ص 338 ورقم الترجمة 298. شذرات الذهب ج 3، ص 358. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 401.

مشهورا، أقرأ بحرّان دهرا طويلا» اه (¬1). أخذ «أبو القاسم الحسيني» القراءة، وحروف القرآن عن عدد من العلماء فقد قرأ بالروايات على «أبي بكر النقاش» وسمع منه تفسيره. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن والقراءات، واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو معشر الطبري». توفي «أبو القاسم الحسيني» في شوال سنة ثلاث وثلاثين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «محمد بن الحسين بن محمد بن آذربهرام، أبو عبد الله الكارزيني الفارسي»، وهو من مشاهير القراء الثقات الضابطين، انفرد بعلوّ الإسناد في زمانه، قال عنه «الإمام الذهبي»: «محمد بن الحسين، مسند القراء في زمانه، تنقّل في البلاد، وجاور بمكة المكرمة، وعاش تسعين سنة أو دونها، لا أعلم متى توفي، إلا أنه كان حيا في سنة أربعين وأربعمائة» (¬2). أخذ «محمد بن الحسين» القراءة عن مشاهير علماء عصره، وفي مقدمتهم: «الحسن بن سعيد المطوعي» وهو آخر من قرأ عليه. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، ومن الذين قرءوا عليه «أبو معشر الطبري». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن الحسين». ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: أحمد بن سعيد بن أحمد بن ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 573. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 133.

عبد الله، المعروف بابن نفيس، أبو العباس الطرابلسي الأصل ثم المصري. وهو من القراء المشهود لهم بالثقة، والأمانة، وصحّة الإسناد، ومن المعمّرين، انتهى إليه علوّ الإسناد في زمانه. أخذ القراءة عن مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «أبو أحمد عبد الله السامري، وأبو طاهر الأنطاكي» وغيرهما. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو معشر الطبري». توفي «أحمد بن سعيد» في رجب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة. وقيل: سنة خمس وأربعين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «إسماعيل بن عمرو بن إسماعيل بن راشد الحدّاد، أبو محمد المصري»، وهو من القراء الكبار المشهود لهم بالثقة وصحة الإسناد. أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «قسيم بن مطير». ثم تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بين الناس بصحة الإسناد، وأقبل الطلاب عليه يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو معشر الطبري». توفي «إسماعيل بن عمرو» سنة تسع وعشرين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار». ولد سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وهو من مشاهير علماء القراءات، ومن الثقات المؤلفين، صاحب كتاب «جامع الوقوف».

أثنى عليه الكثيرون من العلماء، وفي هذا يقول «أبو سعيد بن السمعاني»: «كان مقرئا، فاضلا، كثير التصانيف، حسن السيرة، متعبّدا، حسن العيش قانعا باليسير، يقرئ أكثر أوقاته، ويروي الحديث» اه (¬1). وقال «عبد الغافر الفارسي»: كان ثقة جوّالا، إماما في القراءات، أوحد في طريقته، وهو ثقة، ورع، عارف بالقراءات، والروايات، عالم بالأدب، والنحو، أكبر من أن يدلّ عليه مثلي، وهو أشهر من الشمس، وأضوأ من القمر، ذو فنون من العلم» اه (¬2). رحل «عبد الرحمن بن أحمد» إلى كثير من المدن، والبلاد من أجل تلقي العلم، والأخذ عن الشيوخ، وكانت رحلته الأولى وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ومكث في طوافه بالبلاد إحدى وسبعين سنة، رحمه الله تعالى. أخذ «عبد الرحمن بن أحمد» القراءة عن عدد كبير من علماء القراءات، منهم: «علي بن داود الدارانيّ، وأبو الحسن الحمامي» وغيرهما كثير. وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب ينهلون من علمه، ويأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو معشر الطبري». توفي «عبد الرحمن بن أحمد» في جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأربعمائة عن أربع وثمانين سنة. ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «علي بن الحسين بن زكريا، أبو الحسن الطريثيثي»، وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة والاتقان. ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 362.

أخذ القراءة عن عدد من خيرة القراء، وفي مقدمتهم: «أبو أحمد عبيد الله ابن مهران، وأبو علي الأهوازي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه «أبو معشر الطبري». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «علي بن الحسين». ومن شيوخ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «الحسن بن علي بن إبراهيم ابن يزداد، أبو علي الأهوازي» ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة بالأهواز. وهو من مشاهير القراء، ومن الثقات المعروفين بصحة الإسناد. أخذ القراءات عن عدد كبير من علماء القراءات، وفي مقدمتهم: «إبراهيم ابن أحمد بن محمد الطبري البغدادي». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بالصحة، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من قرأ عليه «أبو معشر الطبري». توفي «الحسن بن علي» في ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة بدمشق. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. كما أخذ «أبو معشر الطبري» القراءة عن مشاهير القراء، أخذ كذلك سنة الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم عن عدد من خيرة المحدثين، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: «وسمع الحديث من «أبي عبد الله بن نظيف، وأبي النعمان تراب بن عمر، وعبد الله بن يوسف، وأبي الطيب الطبري» اه (¬1). ¬

_ (¬1) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 436.

وبعد أن اكتملت مواهب «أبي معشر الطبري» تصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذاع صيته بين الناس، واشتهر بالثقة وصحة الإسناد، وأقبل عليه الطلاب من كل فجّ عميق يأخذون عنه ويتلقون عليه، ومن تلاميذه في القراءة: «الحسن بن خلف بن عبد الله بن بلّيمة- بفتح الباء، وتشديد اللام المكسورة- القيرواني»، ونزيل الإسكندرية، ومؤلف كتاب «تلخيص العبارات بلطيف الإشارات». ولد سنة سبع أو ثمان وعشرين وأربعمائة، وعني بالقراءات فرحل في طلبها إلى بعض المدن الإسلامية، ومن ذلك أنه رحل إلى «مكة المكرمة» وقرأ على بعض شيوخها، وفي مقدمتهم: «أبو معشر الطبري». وبعد أن حصّل العلم وقراءات القرآن تصدّر لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب. ومن الذين قرءوا عليه: «أبو العباس أحمد بن الحطيئة». توفي «الحسن بن خلف» بالإسكندرية ثالث رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة رحمه الله رحمة واسعة. ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «إبراهيم بن عبد الملك بن محمد أبو إسحاق القزويني»، ينعت بالضياء، وهو من خيرة القراء المتصدرين، ومن المشهورين بالثقة، وصحة الإسناد، وكان شيخ قزوين. أخذ القراءات على عدد من خيرة العلماء، فقد قرأ بالروايات على «أبي معشر الطبري». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، واشتهر بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يقرءون عليه.

ومن تلاميذه: «أحمد بن إسماعيل القزويني» توفي «إبراهيم بن عبد الملك» بقزوين في حدود الأربعين وخمسمائة، رحمه الله رحمة واسعة. ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «عبد الله بن منصور بن أحمد بن الخطاب بن سعيد، أبو غالب البغدادي»، وهو شيخ ضابط، ثقة، صالح، متقن، مجوّد. أخذ القرآن، والقراءات عن عدد من مشاهير القرّاء، فقد أخذ القراءات تلاوة عن «أبي معشر الطبري»، وأحمد بن عليّ بن عبد الله». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، والقراءات، وذاع صيته بين الناس، وعرف بالثقة وحسن الأداء، وصحة الإسناد. وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، فقد قرأ عليه بالروايات: «الحسن بن أحمد الهمذاني». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «عبد الله بن منصور». ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «عبد الله بن عمر بن العرجاء، وهي أمّه، أبو محمد القيرواني». وهو مقرئ حاذق، ثقة، رحّال، فقد رحل إلى «مكة المكرمة» وأقام مجاورا زمانا يؤم الناس. أخذ «عبد الله بن عمر» القراءة، وحروف القراءات عن عدد من مشاهير القراء، وفي مقدمتهم: «أحمد بن نفيس، وأبو معشر الطبري، وعبد الباقي ابن الحسن». وبعد أن اكتملت مواهبه، وأصبح أهلا للتعليم، تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بين الناس بالضبط، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه.

ومن الذين قرءوا عليه: «ولده الشيخ أبو علي الحسن، وعبد الله بن خلف البيّاسي» وغيرهما كثير. توفي «عبد الله بن العرجاء» في حدود الخمسمائة، رحمه الله رحمة واسعة. ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «محمد إبراهيم بن نعم الخلف، أبو عبيد الله الأندلسي». وهو من القراء المشهود لهم بالثقة، والتقوى، والصلاح، أخذ القرآن، وحروف القراءات عن عدد من خيرة العلماء، ورحل في سبيل العلم، والأخذ عن الشيوخ، ويحدثنا التاريخ أنه رحل إلى «مكة المكرمة» وقرأ بالروايات على «أبي معشر الطبري». توفي «محمد بن إبراهيم» سنة سبع وخمسمائة، رحمه الله رحمة واسعة. ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: محمد بن إبراهيم أبو عبد الله الأزجاهي: بفتح الهمزة، وسكون الزاي، نسبة إلى «أزجاه» وهي إحدى قرى «خابران» من «خراسان» وقد نسب إليها عدد من العلماء (¬1). الأبيوردي: بفتح الهمزة، وكسر الباء، وفتح الواو، وسكون الراء وهي نسبة إلى «أبيورد» وهي بلدة من بلاد «خراسان» (¬2). وهو من خيرة القراء، المشهود لهم بالثقة، وصحة السند. أخذ القراءة، وحروف القراءات عن عدد من العلماء، فقد أخذ القراءات عن «أبي معشر الطبري» بمكة المكرمة. وبعد أن اكتملت مواهبه، وأصبح أهلا للتدريس تصدر لتعليم القرآن وحروف القرآن، ومن الذين قرءوا عليه: «الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد ¬

_ (¬1) انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 119. (¬2) انظر الأنساب للسمعاني ج 1، ص 79.

الهمذاني» ببغداد. لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «محمد بن إبراهيم» رحمه الله رحمة واسعة. ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «عبد الله بن أبي الوفاء، أبو محمد القيسيّ، الصقليّ» وهو من القراء المتصدرين المشهود لهم بالثقة، والأمانة. أخذ القراءة وحروف القرآن عن عدد من القراء، فقد أخذ القراءات عن «أبي معشر الطبري». وبعد أن اصبح أهلا لتعليم القرآن وحروفه، جلس لذلك، واشتهر بالثقة وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «الشريف الخطيب أبو الفتوح». ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «سليمان بن عبد الله بن سليمان الأنصاري». وهو من القراء الثقات، المعروفين بصحة الإسناد، أخذ القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو معشر الطبري». وبعد أن اكتملت مواهبه تصدر لتعليم القرآن، ومن الذين قرءوا عليه حسبما ذكره «ابن عيسى»: «عبد الله بن محمد بن خلف الداني». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «سليمان بن عبد الله». ومن تلاميذ «أبي معشر الطبري» في القراءة: «إبراهيم بن المسبح الفضي، ومنصور بن الحسين». وكما تصدّر «أبو معشر الطبري» لتعليم القرآن، وحروف القراءات، تصدّر أيضا لتعليم سنة الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم وأخذ عنه الكثيرون، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي: «وحدث عنه «أبو بكر محمد بن عبد الباقي، وإبراهيم

ابن أحمد الصيمري» وغيرهما (¬1). وبعد حياة حافلة بطلب العلم، وتعليم كتاب الله تعالى، وسنة نبيّه عليه الصلاة والسلام، توفي «أبو معشر الطبري» بمكة المكرمة سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 436.

رقم الترجمة/ 106"مكي بن أبي طالب" ت 437 هـ

رقم الترجمة/ 106 «مكّي بن أبي طالب» (¬1) ت 437 هـ هو: مكي بن أبي طالب حموش بن محمد بن مختار أبو محمد القيسي، القيرواني ثم الأندلسي القرطبي. إمام علامة محقق عارف أستاذ القراء والمجوّدين. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «مكّي بن أبي طالب» بالقيروان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة من الهجرة. حفظ «مكّي بن أبي طالب» القرآن منذ نعومة أظفاره، ثم بعد ذلك رحل إلى البلاد الإسلامية في سبيل طلب العلم، ففي سنّ مبكرة لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره شدّ الرحال إلى مصر، فكان يقيم سنتين وثلاثا ثم يعود إلى القيروان، وكان يرحل إلى بلاد الحجاز ليؤدي فريضة الحج، وكان يلقى الشيوخ، ويأخذ عنهم، ويستدرك، ويستكمل، ولا يقصّر، واستمرت رحلاته في سبيل العلم مدّة خمس وعشرين سنة، قضاها متردّدا بين القيروان، ومصر، والحجاز، والشام. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 394. طبقات القراء ج 2، ص 309. نزهة الألباء ص 254. إنباه الرواة ج 3، ص 313. الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 631. وفيات الأعيان ج 5، ص 274. مرآة الجنان ج 3، ص 57. الديباج المذهب ج 2، ص 342. النجوم الزاهرة ج 5، ص 46. بغية الوعاة ج 2، ص 298. شذرات الذهب ج 3، ص 260. طبقات المفسرين للداودي ج 2، ص 331.

قال صاحبه أبو عمر أحمد بن مهدي المقرئ: «كان مكي بن أبي طالب من أهل التبحر في علوم القرآن والعربية، حسن الفهم والخلق، جيّد الدين والعقل، كثير التأليف، في علوم القرآن، محسنا مجوّدا، عالما بمعاني القراءات، أخبرني أنه سافر إلى «مصر» وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وتردد إلى المؤدبين بالحساب، وأكمل القرآن، ورجع إلى القيروان، ثم رحل فقرأ القراءات على «طاهر بن غلبون» سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وقرأ بالقيروان أيضا بعد ذلك، ثم رحل سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة وحج، ثم حج سنة سبع وثمانين، وجاور ثلاثة أعوام، ودخل الأندلس سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وجلس للإقراء بجامع قرطبة، وعظم اسمه، وجلّ قدره» اه (¬1). تلقى «مكّي بن أبي طالب» العلوم المختلفة على خيرة العلماء بالقيروان، ومصر، ومكة المكرمة. فمن شيوخه الذين أخذ عنهم «بالقيروان» الحافظ أبو الحسن القابسي وهو من جلة شيوخه، وكان موضع الإجلال، أخذ عنه «مكي» القراءة والحديث ومن شيوخه «بالقيروان» «أبو محمد بن أبي زيد». انتهت إليه رئاسة المذهب المالكي بالمغرب، وذكر «القاضي عياض» أنه حاز رئاسة الدين والدنيا، وكان يسمى مالكا الأصغر، وقد تفقه عليه «مكي ابن أبي طالب» ت 389 هـ. ومن شيوخه «بمصر» «محمد بن علي أبو بكر الأدفوي». ذكر «الذهبي» أنه برع في علوم القرآن، وكان سيّد أهل عصره، وقد لزم «أبا جعفر النحاس» وروى عنه كتبه، وأخذ القراءة عرضا عن «المظفر ابن أحمد بن سمعان». وذكر «الإمام الداني» أنه تفرد بالإمامة في قراءة «نافع» راوية «ورش» ت 388 هـ. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 395. وطبقات القراء ج 2، ص 309.

ومن شيوخ «مكّي بن أبي طالب» بمصر «أبو الطيب طاهر بن غلبون» الذي يرجع إليه ضبط «مكي» للقراءة. ومن شيوخه أيضا «أبو عديّ بن الإمام» أخذ عنه «مكي» رواية ورش. وكان لمجاورة «مكي» بمكة أثر واضح في تلمذته على بعض الشيوخ ولقائه إياهم، ومن أبرزهم: «أحمد بن إبراهيم أبو الحسن العبقسيّ» مسند أهل الحجاز في وقته. تصدر «مكّي بن أبي طالب» لتعليم القرآن وعلومه، واشتهر بالثقة والضبط، وحسن الأداء، والأمانة، وذاع صيته، وأقبل عليه طلاب العلم، يأخذون عنه، ومن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية: يحيى بن إبراهيم بن البياز، وموسى بن سليمان اللخمي، وأبو بكر محمد بن المفرّج، ومحمد بن أحمد ابن مطرف الكناني، وعبد الله بن سهل، ومحمد بن محمد بن أصبغ، ومحمد بن عيسى بن فرج المغامي، ومحمد بن محمد بن بشير، وحازم بن محمد، وأحمد بن محمد الكلاعي، وهو قرطبي، وكان مقرئا فاضلا، عالما بالقراءات، ضابطا لها، له عدة مؤلفات» ت 432 هـ، وصلى عليه شيخه «مكي». ومن تلاميذ «مكي» ابنه «أبو طالب محمد» وقد روى عن أبيه أكثر ما عنده، وكان «أبو طالب» وافر الحظ من الأدب، حسن الخطّ، جيّد التقييد، وكثير من مصنفات أبيه إنما كان تصنيفها عن طريقه، ولي أحكام الشرطة وأمانة الجامع بقرطبة. ت 474 هـ. ترك «مكي» للمكتبة القرآنية والعربية عدة مصنفات مفيدة بلغت أكثر من ثمانين مصنفا، قال رحمه الله: «ألفت كتابي» «الموجز في القراءات» بقرطبة سنة أربع وتسعين وثلاثمائة، وألفت كتاب «التبصرة» بالقيروان سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الغريب» بمكة سنة تسع وثمانين وثلاثمائة، وألفت «مشكل الإعراب» ببيت المقدس سنة إحدى وتسعين

وثلاثمائة، وألفت باقي تواليفي بقرطبة سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. احتلّ «مكي» مكانة سامية بين العلماء مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «ابن بشكوال»: «قلّده أبو الحزم جهور خطابة قرطبة، بعد وفاة «يونس بن عبد الله القاضي» وكان قبل ذلك ينوب عنه، وله ثمانون تأليفا، وكان خيّرا، متدينا، مشهورا بالصلاح، وإجابة الدعوة» اه (¬1). وقال «الإمام ابن الجزري»: ومن تأليف «مكي» التبصرة في القراءات والكشف عليها وتفسيره الجليل، ومشكل إعراب القرآن، والرعاية في التجويد، والموجز في القراءات، وتواليفه تنوف عن ثمانين تأليفا. اه (¬2). توفي «مكي» في ثاني المحرم سنة سبع وثلاثين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 395. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 310.

رقم الترجمة/ 107"موسى بن عيسى" ت 430 هـ

رقم الترجمة/ 107 «موسى بن عيسى» (¬1) ت 430 هـ هو: موسى بن عيسى بن أبي حاج أبو عمران الفاسي ثم القيرواني. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. ولد «موسى بن عيسى» سنة ثمان وستين وثلاثمائة. وما أن شبّ عوده حتى اتجه إلى حفظ القرآن وطلب العلم، وقد تنقل في كثير من البلاد ليأخذ عن شيوخها، ويتلقى عن علمائها، ويتفقه على فقهائها، فرحل في سبيل ذلك إلى كل من مكة المكرمة، ومصر، وبغداد. وقد اكتسب «موسى بن عيسى» خلال رحلاته الكثير من العلم والمعرفة، وفي هذا يقول «الإمام الداني»: أخذ «موسى بن عيسى» القراءة عرضا عن «أبي الحسن علي بن عمر الحمامي»، وسمع جماعة، كتب معنا بالقيروان، وبمصر، وبمكة، وتوجه إلى بغداد، وأنا بمكة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وأقام أشهرا، وقرأ بها القرآن، وسمع الحروف، وكتب عن جماعة من محدثيها حديثا منثورا، وشاهد مجلس القاضي الإمام أبي بكر محمد بن الطيب، ثم انصرف إلى «القيروان». وأقرأ الناس بها مدّة، ثم ترك الإقراء، ودارس الفقه، وأسمع الحديث إلى أن توفي. اه (¬2). أخذ «موسى بن عيسى» القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «أبو ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: طبقات القراء ج 2، ص 321. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 389. جذوة المقتبس ص 338. الصلة لابن بشكوال ج 2، ص 611. النجوم الزاهرة ج 5، ص 30. شذرات الذهب ج 3، ص 347. تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1097. الديباج المذهب ج 2، ص 337. (¬2) انظر طبقات القراء ج 2، ص 321.

الحسن الحمامي» وغيره. كما تفقه على مشاهير العلماء أمثال: أبي محمد الأصيلي، وأخذ أصول الفقه عن «أبي بكر بن الباقلاني». كما أخذ حديث الهادي البشير، صلّى الله عليه وسلم، عن عدد من العلماء منهم: عبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، وغيرهما، كما سمع من «أبي الفتح بن أبي الفوارس». تصدر «موسى بن عيسى» للتعليم وأقبل عليه طلاب العلم يأخذون عنه القراءات والفقه، والحديث، واشتهر بالثقة والضبط، والعدالة، وذاع صيته مما استوجب الثناء عليه، وفي هذا يقول «حاتم بن محمد»: كان أبو عمران الفاسي من أعلم الناس، وأحفظهم، جمع حفظ الفقه والحديث والرجال، وكان يقرأ القراءات ويجوّدها مع معرفة بالجرح والتعديل، أخذ عنه الناس من أقطار المغرب ولم ألف أحدا أوسع منه علما، ولا أكثر رواية. اه (¬1). وقال «الحافظ الذهبي»: موسى بن عيسى الفاسي المقرئ الفقيه المالكي الأصولي شيخ القيروان، تفقه على «أبي الحسن» وهو أجلّ أصحابه، ودخل الأندلس فتفقه على «أبي محمد الأصيلي» وسمع من عبد الوارث بن سفيان، وسعيد بن نصر، والكبار، ثم حج مرات، وقرأ القراءات ببغداد على «أبي الحسن الحمامي» وغيره، وسمع من «أبي الفتح بن أبي الفوارس» وأخذ الأصول عن «أبي بكر بن الباقلاني» وانتهت إليه رئاسة العلم بالقيروان. اه. توفي «موسى بن عيسى» في ثلاثة عشر رمضان سنة ثلاثين وأربعمائة من الهجرة رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر القراء الكبار ج 1، ص 389.

رقم الترجمة/ 108"نصر بن عبد العزيز" ت 461 هـ

رقم الترجمة/ 108 «نصر بن عبد العزيز» (¬1) ت 461 هـ هو: نصر بن عبد العزيز بن أحمد بن نوح أبو الحسين الفارسي الشيرازي. وهو من الثقات العدول، والمحققين المسندين. قال أبو القاسم بن الفحام: قال لنا «أبو الحسين نصر الفارسي» إنه قرأ بالطرق والروايات، والمذاهب المذكورة في «كتاب الروضة» لأبي علي المالكي البغدادي، على شيوخ «أبي عليّ» المذكورين في «الروضة» كلهم القرآن كله، وإن «أبا علي» كان كلما قرأ جزءا من القرآن قرأت مثله، وكلما ختم ختمة ختمت مثلها حتى انتهيت إلى ما انتهى إليه. اه (¬2). ويعقب «ابن الجزري» على هذا الخبر بقوله: قلت فتعلو لنا القراءات من طريقه عن طريق صاحب الروضة بواحد، وانتقل إلى «مصر» أي نصر بن عبد العزيز- فكان مقرئ الديار المصرية ومسندها، وألف بها كتاب «الجامع في العشر». أخذ «نصر بن عبد العزيز» حروف القراءات عن عدد من العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وأحمد بن نصر الشذائي» وغيرهما. ثم جلس «علي بن جعفر» لتعليم القرآن، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1158. مرآة الجنان ج 3، ص 85. النجوم الزاهرة ج 5، ص 84. حسن المحاضرة ج 1، ص 494. شذرات الذهب ج 3، ص 309. طبقات القراء ج 2، ص 336 ورقم الترجمة 3729. معرفة القراء الكبار ج 1، ص 422، ورقم الترجمة 360. (¬2) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 336.

قال «ابن الجزري»: لا أدري متى مات «أبو الحسين السعيدي» إلا أنه بقي إلى حدود العشرين وأربعمائة. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: علي بن أحمد بن عمر بن حفص أبو الحسين الحمامي، شيخ العراق، ومسند الآفاق، وهو من الثقات البارعين، قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرد بأسانيد القرآن وعلوّها (¬1). أخذ «علي بن أحمد» القراءات عرضا عن مشاهير العلماء. وفي مقدمتهم: «أبو عيسى بكار، وعبد الواحد بن عمرو». ثم جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان، وفي مقدمة من قرأ عليه «نصر بن عبد العزيز، وأحمد بن مسرور». توفي «علي بن أحمد» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة، وهو في تسعين سنة. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «عبيد الله بن محمد أبو أحمد الفرضي البغدادي». وهو إمام ثقة من القراء والمحدثين، قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان أبو أحمد ثقة ورعا، ديّنا، حدثنا «منصور بن عمر» الفقيه قال: لم أر في الشيوخ من يعلم الله مثل أبي أحمد الفرضي، اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من علم وقراءة، وإسناد، وحالة متسعة في الدنيا، وكان مع ذلك أورع الخلق، كان يقرأ علينا الحديث بنفسه لم ير مثله (¬2). أخذ «عبيد الله» القراءة عرضا وسماعا عن «أبي الحسن بن بويان» وهو آخر من لقي من أصحابه ممن روى عنه رواية «قالون» كما أخذ القراءة ¬

_ (¬1) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491. (¬2) انظر غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 491.

عرضا عن عدد كبير وفي مقدمتهم: «الحسن بن محمد البغدادي» وآخرون. جلس «عبيد الله بن محمد» لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «نصر بن عبد العزيز، وعبد الله بن محمد شيخ الداني» وآخرون. توفي «عبيد الله بن محمد» في شوال سنة ست وأربعمائة، وله اثنتان وثمانون سنة. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «عبد الملك بن بكران بن عبد الله بن العلاء أبو الفرج النهرواني القطان» من مشاهير العلماء، ومن الثقات المؤلفين، والحذاق المسندين أخذ القراءة عن مشاهير العلماء وفي مقدمتهم: «زيد بن عليّ بن أبي بلال، وأبي عيسى بكار»، وآخرون. ثم جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة وجودة القراءة، وأقبل عليه حفاظ القرآن، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز، والحسن بن الفضل الشرمقاني» وآخرون. توفي «عبد الملك بن بكران» في رمضان سنة أربع وأربعمائة. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «منصور بن محمد بن منصور أبو الحسن القزاز البغدادي»، وهو من مشاهير القراء، ومن الثقات المجوّدين. أخذ قراءة «أبي عمرو بن العلاء البصري» عرضا عن «أبي بكر بن مجاهد» وهو آخر أصحابه موتا. ثم تصدر لتعليم القرآن واشتهر بحسن القراءة وتجويدها، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من قرأ عليه: «نصر بن عبد العزيز، وأحمد بن مسرور

الخباز» وآخرون. قال «ابن الجزري»: بقي «منصور بن محمد» إلى حدود العشر وأربعمائة أو قبل ذلك، فإن «الشيرازي» قرأ عليه بعد الأربعمائة. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «محمد بن المظفر بن علي ابن حرب أبو بكر الدينوري» شيخ الدّينور، وإمام جامعها، قدم إليها وأقرأ بها بعيد الأربعمائة، وكان مقرئا حاذقا. أخذ القراءة عن عدد من القراء وفي مقدمتهم: «الحسين بن محمد بن حبش الدينوري». ثم جلس لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز» و «أبو علي غلام الهراس» وآخرون. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «محمد بن علي بن أحمد بن يعقوب أبو العلاء الواسطي القاضي»، نزيل بغداد وهو إمام محقق، وأستاذ متقن، وأصله من «فم الصلح» ونشأ «بواسط» ولد عاشر صفر سنة تسع وأربعين وثلاثمائة ورحل إلى «الدينور» فقرأ على «أبي علي بن حبش، وأبي بكر أحمد بن محمد الشارب» وغيرهما. وبعد أن اكتملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز». وقرأ عليه بالروايات «أبو القاسم الهذلي، وأبو علي غلام الهراس» قال عنه «الحافظ أبو عبد الله»: تبحّر في القراءات، وصنّف، وجمع، وتفنّن، وولي قضاء الحريم الظاهري، وانتهت إليه رئاسة الإقراء بالعراق، وحدّث عن «القطيعي، وأبي

محمد بن السقّا» وجماعة (¬1). وقال عنه «ابن الجزري»: «هو صاحب السكت عن «رويس» انفرد به عنه، وقد حدث عنه «أبو بكر الخطيب» (¬2). توفى «محمد بن علي أبو العلاء الواسطي» ثالث عشرين جمادى الآخرة سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، ودفن بداره من بغداد. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «الحسن بن محمد بن يحيى ابن داود أبو محمد الفحّام»، المقرئ، الفقيه، البغدادي، السامري، وهو شيخ بارع مصدّر، ومن الثقات المشهورين، أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «أبو بكر النقاش، وجعفر بن عبد الله السامري». ثم جلس لتعليم القرآن، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وفي مقدمتهم: «نصر بن عبد العزيز، وأبو علي غلام الهراس» وغيرهما. توفي «الحسن بن محمد» سنة ثمان وأربعمائة. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «عبيد الله بن أحمد بن علي ابن يحيى أبو القاسم البغدادي المعروف بابن الصيدلاني. ذكره «أبو عمرو الداني» فقال: هو مقرئ متصدر، بغدادي. يكنى أبا القاسم سمع من «يحيى بن محمد بن صاعد» وعمّر، وطالت أيامه (1). وقال عنه «ابن الجزري»: هو من حذّاق المقرئين، الضابطين المشهورين، ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 200. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 200.

قرأ على «هبة الله بن جعفر، وأبي طاهر بن أبي هاشم». وقرأ عليه «أبو الفرج النهرواني، وأبو الحسن بن العلاف»، وغيرهما. توفي ببغداد سنة أربعمائة. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «أحمد بن عبد الله بن الخضر بن مسرور، أبو الحسن السوسنجردي ثم البغدادي»، وهو من القراء المشهورين بالضبط وجودة القراءة. ولد في جمادى الآخرة سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. وأخذ القراءة عن خيرة العلماء وفي مقدمتهم: «زيد بن أبي بلال، وعبد الواحد بن أبي هاشم» وغيرهما. جلس «أحمد بن عبد الله» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «نصر بن عبد العزيز، وأبو علي غلام الهراس، وأبو علي الحسن بن علي بن إبراهيم المالكي». توفي «أحمد بن عبد الله» يوم الأربعاء لثلاث خلون من رجب سنة اثنتين وأربعمائة عن نيّف وثمانين سنة. ومن شيوخ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «علي بن محمد بن إسماعيل ابن الحسين أبو الحسن البغدادي»، وهو من القراء المشهورين بالثقة وجودة القراءة. أخذ القراءة عن خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «نظيف بن عبد الله أبو الحسن الحلبي» نزيل «دمشق» سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة. وبعد أن كملت مواهبه جلس لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «نصر بن عبد العزيز، وعلي

ابن محمد بن فارس الخياط» وغيرهما. وقال الذهبي: بقي «علي بن محمد» إلى حدود سنة أربعمائة. وكما أخذ «نصر بن عبد العزيز» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي مقدمة من أخذ عنهم الحديث «أبو الحسن ابن بشران، وابن رزقويه». جلس «نصر بن عبد العزيز» لتعليم القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب. ومن الذين أخذوا عنه القراءة: «عبد الرحمن بن عتيق أبو القاسم بن أبي سعيد بن الفحام»، وهو أستاذ ثقة، ضابط، محقق، مؤلف كتاب «التجريد» وشيخ الاسكندرية وانتهت إليه رئاسة الإقراء بها علوّا ومعرفة. قرأ الروايات على «إبراهيم بن إسماعيل المالكي» صاحب أبي علي البغدادي، وأخذ العربية عن «علي بن ثابت» وشرح مقدمته. قال «سليمان بن عبد العزيز الأندلسي»: «ما رأيت أحدا أعلم بالقراءات من «أبي القاسم بن الفحام» لا بالمشرق ولا بالمغرب» (¬1). جلس «عبد الرحمن بن عتيق» لتعليم القرآن، وذاع صيته في البلاد، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «نصر بن عبد العزيز». وقرأ عليه بالروايات «أبو العباس أحمد بن الحطيّة، وأبو طاهر أحمد بن محمد السلفي»، وغيرهما. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء ج 1، ص 374.

توفي «أبو القاسم بن الفحام» سنة ست عشرة وخمسمائة. ومن تلاميذ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «خلف بن إبراهيم بن سعيد أبو القاسم بن النخّاس القرطبي المعروف بالحصّار»، ولد سنة سبع وعشرين وأربعمائة، وهو من خيرة القراء المشهورين بالثقة والضبط وحسن القراءة، وقد رحل إلى كثير من المدن من أجل تحصيل القرآن. فقد قرأ بمكة المكرمة على «أبي معشر عبد الكريم الطبري»، وبمصر على «نصر بن عبد العزيز»، وبقرطبة على «أبي المطرف عبد الرحمن بن خلف، ومعاوية بن محمد العقيلي»، ثم رجع إلى قرطبة وولّي خطابتها، وجلس لتعليم القرآن وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة: «يحيى أبو عبد المنعم بن الخلوف الغرناطي، ويحيى بن سعدون القرطبي». توفي «خلف بن إبراهيم» في صفر سنة إحدى عشرة وخمسمائة. ومن تلاميذ «نصر بن عبد العزيز» في القراءة: «مرشد بن يحيى المديني» وهو من خيرة القراء المشهود لهم بالثقة والأمانة وحسن الأداء. أخذ «مرشد» القراءة عن «نصر بن عبد العزيز» وروى حروف القراءات العشر سماعا من كتاب «الجامع» عن مؤلفه «نصر بن عبد العزيز» أيضا. جلس مرشد لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وقد روى عنه حروف القراءات العشرة بمضمّن كتاب «الجامع» «أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي». لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة «مرشد». رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. وكما أخذ «نصر بن عبد العزيز» القراءة عن خيرة العلماء، أخذ أيضا حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي هذا يقول «الحافظ الذهبي»: وحدّث «نصر بن عبد العزيز» عن «ابي رزقويه» وحدّث عنه «أحمد بن يحيى بن الجارود

المصري، ومحمد بن أحمد بن الحطّاب الرازي» وغيرهما (¬1). وبعد حياة حافلة بطلب العلم، وتعليم القرآن وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، توفي «نصر بن عبد العزيز» سنة إحدى وستين وأربع مائة. رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. ¬

_ (¬1) انظر معرفة القراء الكبار ج 1، ص 422.

رقم الترجمة/ 109"أبو نصر العراقي"

رقم الترجمة/ 109 «أبو نصر العراقي» (¬1) هو: أبو نصر منصور بن أحمد بن إبراهيم، العراقي. أستاذ كبير ومحقق شهير وشيخ خراسان. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة العاشرة من حفاظ القرآن. كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «أبو نصر العراقي» القراءة عن خيرة العلماء وفي هذا يقول «ابن الجزري»: أخذ «العراقي» القراءة عرضا عن: «أبي بكر بن مهران، وأبي الفرج الشنبوذي، وإبراهيم بن أحمد المروزي، والحسن بن عبد الله بن محمد صاحب ابن مجاهد، وعبد الله بن يوسف، وأحمد بن محمد السعيدي، ومحمد بن أحمد بن أبي دارة، ومحمد بن محمد بن الحسن بن عثمان الطرازي، وأحمد بن محمد بن الحسن بن مقسم» وآخرين. تصدر «أبو نصر العراقي» لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب وتتلمذ عليه الكثيرون وفي مقدمتهم: عبد الله الفراء، وابنه عبد الحميد بن منصور العراقي، وآخرون. ترك «أبو نصر العراقي» مصنفات في القراءات منها: كتاب الإشارة، والموجز في القراءات وغير ذلك. والعراقي هذا هو الذي حكى عنه «أبو القاسم الهذلي» في كتابه «الكامل» إن الاختلاف في مدّ المتصل كالاختلاف في المفصل، وقد أخذ ذلك «أبو ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 383. وطبقات القراء ج 2، ص 311.

شامة» بالتسليم فحكى فيه الخلاف، وقلّده غيره، وفي تحقيق ذلك يقول الإمام ابن الجزري: لقد وقفت على كلام «العراقي» في المدّ فلم أجده حكى سوى اختلاف المراتب، ولم يحك القصر البتة (¬1). توفي «أبو نصر العراقي» بعد حياة حافلة بتعليم القرآن، إلا أن المؤرخين ما ذكروا تاريخ وفاته. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب. ¬

_ (¬1) انظر طبقات القراء لابن الجزري ج 2، ص 312.

رقم الترجمة/ 110"أبو نصر الكركانحي" ت 481 هـ

رقم الترجمة/ 110 «أبو نصر الكركانحي» (¬1) ت 481 هـ هو: «محمد بن أحمد بن علي بن حامد أبو نصر الكركانجي: بضم الكاف، وسكون الراء، وهي نسبة إلى «كركانج» وهي اسم بلدة في «خوارزم» يقال لها: «الكركانجيّة» نسب إليها بعض العلماء (¬2). ولد سنة تسعين وثلاثمائة تقريبا. وهو من خيرة القراء، واشتهر بالثقة، والأمانة، وحسن الأداء. قال عنه «أبو سعيد السمعاني»: «له مصنفات كثيرة، ككتاب «المعول» وكتاب «التذكرة» طوّف الكثير من العراق، والحجاز، والشام، والجزيرة، وكان زاهدا، ورعا، عابدا» (¬3). وقد رحل إلى كثير من المدن من أجل العلم، والأخذ عن الشيوخ، ويحدثنا التاريخ أنه رحل إلى كل من: بغداد، نيسابور، الموصل، حرّان، دمشق، مصر. أخذ «أبو نصر الكركانجي» القراءة عن مشاهير علماء الأمصار التي رحل إليها: ففي بغداد أخذ القراءة عن «علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن عبد الله أبي الحسن الحمامي». ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 439 ورقم الترجمة 375. غاية النهاية في طبقات القراء، ج 2، ص 72 ورقم الترجمة 2754. تذكرة الحفاظ ج 3، ص 1196. الوافي بالوفيات ج 2، ص 88. النجوم الزاهرة ج 5، ص 133. شذرات الذهب ج 3، ص 372. (¬2) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 55. (¬3) انظر: معرفة القراء الكبار ج 1، ص 439.

وهو شيخ العراق، ومسند الآفاق، ومن الثقات المتصدرين. ولد سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، وأخذ القراءات عرضا عن «أبي بكر النقاش، وهبة الله بن جعفر»، وغيرهما. قال عنه «الخطيب البغدادي»: كان صدوقا، ديّنا، فاضلا، تفرّد بأسانيد القرآن وعلوّها (¬1). وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، وذاع صيته بين الناس، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو نصر الكركانجي» وغيره. توفي «عليّ بن أحمد» في شعبان سنة سبع عشرة وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة «بنيسابور»: «محمد بن علي ابن محمد بن حسن أبو عبد الله الخبّازي». ولد سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، واشتهر بالثقة، والصلاح، وصحّة الإسناد، وهو شيخ «نيسابور» ومسندها. أخذ القراءة عن عدد من خيرة العلماء، وفي مقدمتهم: «والده» رحمهما الله تعالى، إذ كان والده من مشاهير القراء، وبعد أن اكتملت مواهبه تصدّر لتعليم القرآن، وأقبل عليه الطلاب من كل مكان يأخذون عنه، ويقرءون عليه. قال «محمد بن عليّ الزنجي»: تخرج على يده ألوف بنيسابور، وكان ذا حرمة وافرة لعبادته، وزهده، وتهجّده، وكان يقال: مجاب الدعوة (¬2). ¬

_ (¬1) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 1، ص 522. (¬2) انظر: غاية النهاية في طبقات القراء ج 2، ص 207.

ومن الذين قرءوا عليه «أبو نصر الكركانجي» وغيره كثير. توفي «محمد بن عليّ» سنة تسع وأربعين وأربعمائة. ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة بحرّان- وحرّان بلدة من الجزيرة كان منها جماعة من الفضلاء، والعلماء في كل فنّ، وهي من ديار «مصر» على القول الصحيح (¬1) - «أبو القاسم علي بن محمد الزيدي». ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة بدمشق: «الحسين بن عليّ ابن عبيد الله بن محمد، أبو علي الرهاوي، السلمي». وهو من مشاهير القراء، المعروفين بالثقة، وصحّة الإسناد، وشيخ قرّاء «دمشق». اعتنى بالقراءات أتم عناية، وأكثر من الشيوخ، إذ أخذ حروف القراءات عن عدد كبير من علماء القراءات، منهم: «الحسن بن سعيد البزّاز، صاحب ابن شنبوذ». وبعد أن اكتملت مواهبه صنّف في القراءات كتابا حافلا، وتصدر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر بين الناس، وأقبل عليه الطلاب، يأخذون عنه، وينهلون من علمه، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو نصر الكركانجي، وأبو علي غلام الهرّاس». توفي «الحسين بن علي» بدمشق في شهر رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة، رحمه الله رحمة واسعة. ومن شيوخ «أبي نصر الكركانجي» في القراءة بمصر: «إسماعيل بن عمرو ابن إسماعيل بن راشد الحدّاد، أبو محمد المصري». وهو من خيرة القراء، المشهود لهم بالثقة، والتقوى، والصلاح، وشيخ كبير متصدّر، أخذ القراءة، وحروف القراءات عن عدد من القراء المشهورين منهم: «أبو عديّ عبد العزيز بن الإمام، وقسيم بن مطير» وغيرهما. ¬

_ (¬1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 2، ص 195.

ثم تصدر لتعليم القرآن، والقراءات، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وحسن الأداء، وأقبل عليه الطلاب، ومن الذين قرءوا عليه: «أبو القاسم يوسف الهذلي، وأبو نصر الكركانجي». توفي «إسماعيل بن عمرو» سنة تسع وعشرين وأربعمائة. وبعد أن اكتملت مواهب «أبي نصر الكركانجي» وأخذ العلم عن الشيوخ الذين سبق ذكرهم، وعن غيرهم، تصدّر لتعليم القرآن، وحروف القراءات، واشتهر ذكره بين الناس، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن تلاميذه «الحسين بن مسعود بن محمد، أبو محمد البغوي المفسّر»، كان إماما في التفسير، إماما في الحديث، إماما في الفقه، جليلا، ورعا، زاهدا، تفقه على «القاضي الحسين» وهو أخصّ تلامذته، وسمع الحديث منه، ومن «أبي عمر عبد الواحد» وغيرهما. والإمام البغوي من خيرة العلماء، وله عدة مصنفات انتفع بها المسلمون منها تفسيره المعروف «معالم التنزيل» وشرح السنة، والجمع بين الصحيحين، والتهذيب في الفقه، وله عدة فتاوى شيخه «القاضي الحسين» التي علّق عليها، وقد بارك الله تعالى في مصنفاته، وانتفع المسلمون بها، ويقال إنه كان لا يلقي الدّرس إلا على طهارة، وكان قانعا بعيش الدنيا، فقيرا، يرضى باليسير، وكانت إقامته رحمه الله تعالى «بمروالرّوذ» وهي بلدة حسنة مبنية على وادي «مرو» فتحها «الأحنف بن قيس» وقد نسب إليها جماعة من العلماء (¬1). توفي «أبو محمد الحسين البغوي» في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة «بمرو الروذ» وقد جاوز الثمانين، ودفن عند «شيخه القاضي الحسين» رحمهما الله تعالى رحمة واسعة. ¬

_ (¬1) انظر: الأنساب للسمعاني ج 5، ص 262.

وبعد أن عاش «أبو نصر الكركانجي» حياة حافلة بالعمل والجدّ، والنشاط، وكثرة الترحال إلى المدن، والبلاد، من أجل أخذ العلم عن العلماء، وبعد انقطاعه لتعليم القرآن، وحروف القراءات، توفي سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وقيل سنة أربع وثمانين وأربعمائة. رحمه الله رحمة واسعة، إنه سميع مجيب.

رقم الترجمة/ 111"الهيثم بن الصباغ" ت 403 هـ

رقم الترجمة/ 111 «الهيثم بن الصبّاغ» (¬1) ت 403 هـ هو: الهيثم بن أحمد بن محمد بن سلمة أبو الفرج القرشي الشافعي المقرئ المعروف بابن الصباغ، إمام مسجد اللؤلؤ بدمشق، قيم بقراءة «ابن عامر» محقق لها. ذكره «الذهبي» ت 748 هـ، ضمن علماء الطبقة التاسعة من حفاظ القرآن كما ذكره «ابن الجزري» ت 833 هـ، ضمن علماء القراءات. أخذ «ابن الصباغ» القراءة عن عدد من العلماء، وفي هذا يقول الحجة «ابن الجزري»: أخذ «ابن الصباغ» القراءات عرضا عن «أبي الفرج الشنبوذي، وأبي الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الأنطاكي» اه. كما أخذ «ابن الصباغ» حديث الهادي البشير صلّى الله عليه وسلم، وفي هذا يقول «الخطيب البغدادي»: حدث «ابن الصباغ» عن عليّ بن أبي العقب، وأبي عبد الله بن مروان، ومحمد بن محمد بن آدم الفزاري». ثم يقول «البغدادي»: وعنه أي حدّث عنه «علي الربعي، وعلي بن محمد ابن شجاع، وأبو علي الأهوازي، وغيرهم». تصدر «الهيثم» لتعليم القرآن، واشتهر بالثقة، وجودة القراءة، وأقبل عليه الطلاب يأخذون، وفي مقدمة من أخذ عنه القراءة «أبو علي الأهوازي» وآخرون. ¬

_ (¬1) انظر ترجمته في المراجع الآتية: القراء الكبار ج 1، ص 378. طبقات القراء، ج 2، ص 357. تاريخ الاسلام الورقة 36، [آيا صوفيا 3009].

قال «ابن الجزري»: كان يقرئ بالجامع الأموي، وصنف كتابا في قراءة حمزة. توفي «الهيثم» بدمشق في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعمائة من الهجرة. رحمه الله تعالى رحمة واسعة، وجزاه الله أفضل الجزاء. تمّ ولله الحمد والشكر.

§1/1