معجم أصحاب شيخ الإسلام ابن تيمية

وليد الأموي

معجم أصحاب شيخ الإسلام ابن تيمية

مُعْجَمُ أَصْحَابِ شَيْخِ الإسْلامِ ابنِ تَيميّةَ كَتَبَهُ وليدُ بنُ حُسْنِي بنِ بَدَوِي بنِ مُحَمَّدٍ الأُمَوِيِّ غفر الله له ولوالديه ولمشايخه وللمسلمين

المقدمة

المُقَدِّمَةُ

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. أما بعد: فهذه تراجم موجزة لأصحاب الإمام الهمام وشيخ مشايخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية النميري الحراني، قامع المبتدعين وآخر المجتهدين، اقتبستها من مجامع تراجمه رحمه الله وتراجم الأعيان الذين عاصروه ونهلوا من علمه، واتبعوا طريقته، وسلكوا سلوكه، وشرطي في هذا المعجم الذي أسميته (معجم أصحاب شيخ الإسلام ابن تيمية) أن أترجم للرجل، ذاكرًا شيئًا من سماعه العلم وطلبه له وثناءه على الشيخ ابن تيمية أو حكايته عن حاله على وجه مختصر موجز، وجعلت الخيار لنفسي في ذكر مصنفاته وكتبه أو عدمه. وقد اعتمدت في ذلك على تراجم الشيخ رحمه الله المشتهرة وهي: أولًا: الانتصار في ذكر أحوال قامع المبتدعين وآخر المجتهدين أحمد بن تيمية، للعلامة الإمام محمد بن أحمد ابن عبد الهادي رحمه الله. وقد طبع هذا الكتاب واشتهر تحت اسم (العقود الدرية في مناقب ابن تيمية) . ثانيًا: الرد الوافر على من زعم أن من سمى ابن تيمية شيخ الإسلام كافر، لابن ناصر الدين محمد بن عبد الله الدمشقي. ثالثًا: الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية، للحافظ سراج الدين أبي حفص عمر بن علي البزار.

رابعًا: الكواكب الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية، للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي. خامسًا: القول الجلي في ترجمة شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية الحنبلي، لأبي الفضل صفي الدين محمد بن أحمد البخاري. سادسًا: الجامع لسيرة شيخ الإسلام ابن تيمية خلال سبعة قرون، وهو كتاب جمع تراجم ابن تيمية التي ترجمت له من عصره إلى عصرنا في سائر كتب التراجم، جمعه معاصران. وكذلك اعتمدت على كتب التراجم العامة ومنها: كتب الحافظ الذهبي: أولًا: تاريخ الإسلام. ثانيًا: تذكرة الحفاظ. ثالثًا: العبر في خبر من غبر. وكتاب البداية والنهاية لابن كثير وتفسيره، واختصاره لمقدمة ابن الصلاح. وكتاب الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب الحنبلي. والدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني، وكذلك إنباء الغمر بأبناء العمر له. والوافي بالوفيات، وأعيان العصر وأعوان النصر، كلاهما للصلاح الصفدي. والوفيات لابن رافع، وشذرات الذهب للعماد الحنبلي.

وكذلك: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، والمنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي، كلاهما لابن تغري بردي. وكذلك: طبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي، وفوات الوفيات لابن شاكر الكتبي. والبدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع للشوكاني، والأعلام للزركلي، وهو متأخر. وجلاء العينين في محاكمة الأحمدين، للآلوسي، وكذلك كتب ابن قيم الجوزية عامة، وغير ذلك. وحيثما ذكرت رسالة ابن شيخ الحزاميين الواسطي فهي المعروفة ب (التذكرة والاعتبار والانتصار للأبرار) ، وكذلك رسالة ابن مريِّ هي رسالة تلميذه أحمد بن محمد بن مري الحنبلي إلى تلاميذ الشيخ بعد وفاته، يحضهم فيها على جمع كتبه ورسائله. ثم جعلت قسمًا للمبهمين الذين صرح بعض أهل التراجم بصحبته لابن تيمية ولم أجد له ترجمة في ما وقعت عليه من التراجم. وقد اجتهدت في جمع هذا الكتاب وتحقيقه ولم ألُ جهدًا في الإحاطة بموضوعه، وأحمد الله وأشكره على ذلك، وآمل أن يقابل من قارئه حمدًا لله وتسديدًا لخطإ كاتبه وإعذارًا ونصحًا واستغفارًا، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

منثورات وملح

(مَنْثُورَاتٌ ومُلَحٌ) أنا الفقيرُ إلى ربِّ السماواتِ ... أنا المسيكينُ في مجموعِ حالاتي أنا الظلومُ لنفسي وهي ظالمتي ... والخيرُ، إن جاءنا من عندِهِ ياتي لا أستطيعُ لنفسي جلبَ منفعةٍ ... ولا عن النفسِ في دفعِ المضراتِ وليس لي دونه مولىً يدبرُني ... ولا شفيعٌ إلى ربِّ البريَّاتِ ولست أملكُ شيئًا دونه أبدا ... ولا شريكٌ أنا في بعضِ ذراني ولا ظهيرٌ له كيما أعاونَهُ ... كما يكونُ لأربابِ الوِلاياتِ والفقرُ لي وصفُ ذاتٍ لازمٍ أبدا ... كما الغنى أبداً وصفٌ له ذاتي وهذه الحالُ حالُ الخلقِ أجمعِهِم ... وكلُّهم عنده عبدٌ له آني فمن بغى مطلباً من دونِ خالِقِهِ ... فهو الجهولُ الظلومُ المشركُ العاتي والحمدُ للهِ ملءَ الكونِ أجمعِهِ ... ما كان منه، وما من بعده ياتي ثم الصلاةُ على المختارِ من مضرٍ ... خيرِ البريَّةِ من ماضٍ ومن آتى (شيخ الإسلام ابن تيمية) "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري؛ أين رحت فهي معي، لا تفارقني:أنا حبسي خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة" (شيخ الإسلام ابن تيمية)

" ما رأيت مثله ولا رأى هو مثل نفسه وما رأيت أحدًا أعلم بكتاب الله وسنة رسوله ولا أتبع لهما منه " (الحافظ جمال الدين المزي) " لم ير مثله منذ خمسمائة سنة" (الحافظ جمال الدين المزي) " ومن خالطه وعرفه قد ينسبني إلى التقصير في وصفه، ومن نابذه وخالفه ينسبني إلى التغالي فيه، وليس الأمر كذلك. مع أنني لا أعتقد فيه العصمة، كلا، فإنه مع سعة عمله وفرط شجاعته وسيلان ذهنه وتعظيمه لحرمات الدين بشر من البشر تعتريه حدة في البحث وغضب وشظف للخصم يزرع له عداوة في النفوس ونفورًا عنه وإلا والله فلو لاطف الخصوم ورفق بهم ولزم المجاملة وحسن المكالمة لكان كلمة إجماع فإن كبارهم وأئمتهم خاضعون لعلومه وفقهه معترفون بشفوفه وذكائه مقرون بندور خطئه" (الحافظ شمس الدين الذهبي) " هو أعظم من أن تصفه كلمي، وينبِّهَ على شأوه قلمي" (الحافظ شمس الين الذهبي) " والله ثم والله ثم والله لم أر تحت أديم السماء مثله علمًا وعملًا وحالًا وخلقًا واتباعًا وكرمًا وحلمًا في حق نفسه، وقيامًا في حق الله عند انتهاك حرماته" (ابن شيخ الحزاميين)

ماذا يقول الواصفون له ... وصفاته جلت عن الحصر هو حجة لله قاهرة ... هو بيننا أعجوبة الدهر هو آية للخلق ظاهرة ... أنوارها أربت على الفجر (ابن الزملكاني) سُبحان من سخَّر قَلبَ الورى ... لقوله طوعاً وقد قيَّضا قد أجمعَ النّاسُ على حُبِّه ... ولا اعتبارَ بالذي أبغضا (صلاح الدين الصفدي) " لما اجتمعت بابن تيمية رأيت رجلًا العلوم كلها بين عينيه يأخذ منها ما يريد ويدع ما يريد" (ابن دقيق العيد) " إن لم يكن ابن تيمية شيخ الإسلام فمن؟ " (شمس الدين ابن الحريري) " ما أسلمت معارفنا إلا على يد ابن تيمية" (أبو عبد الله محمد بن قوام)

" حضرت مجالس ابن تيمية، فإذا هو بيت القصيدة، وأول الخريدة، علماء زمانه فلك هو قطبه، وجسم هو قلبه، يزيد عليهم زيادة الشمس على البدر، والبحر على القطر" (أبو حفص ابن الوردي) "ما رأينا أفتى من ابن تيمية؛ سعينا في دمه، فلما قدر علينا عفا عنا" (ابن مخلوف المالكي) أنتَ رَوْحُ الوجودِ في عَصْرِكَ الآ ... ـنَ وقلبُ الورى وعينُ الزمانِ والبرايا إذا اعتبرت جميعًا ... منك أضحوْا بمنزلِ الجُثْمانِ (ابن نجيح الحنبلي) " لو لم يكن للشيخ تقي الدين إلا تلميذه الشيخ شمس الدين ابن القيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف لكان غاية في الدلالة على عظم منزلته" (ابن حجر العسقلاني) " وددت أني لأصحابي مثله لأعدائه وخصومه، وما رأيته يدعو على أحد منهم قطُّ، وكان يدعو لهم وجئت يومًا مبشرًا له بموت أكبر أعدائه وأشدهم عداوة وأذى له، فنهرني وتنكر لي واسترجع، ثم قام من فوره إلى بيت أهله، فعزاهم وقال: إني لكم مكانه، ولا يكون لكم أمر تحتاجون فيه إلى مساعدة إلا

وساعدتكم فيه، ونحو هذا من الكلام فسروا به ودعوا له وعظموا هذه الحال منه" (بعض أصحاب الشيخ) "من قال إنه كافر فهو كافر حقيق ومن نسبه إلى الزندقة فهو زنديق" (بدر الدين العيني الحنفي) " والله يا فلان ما يبغض ابن تيمية إلا جاهل أو صاحب هوى فالجاهل لا يدري ما يقول وصاحب الهوى يصده هواه عن الحق بعد معرفته به ". (ابن سوار السبكي) لما أتينا تقيَ الدينِ لاحَ لنا ... داعٍ إلى الله فردٌ ما له وَزَرُ على محياهُ من سِيمَا الأولى صَحِبُوا ... خيرَ البريةِ نورٌ دونه القَمَرُ حبرٌ تَسَرْبَل منه دَهْرَهُ حِبَرا ... بحرٌ تقاذفُ من أمواجِهِ الدُرَرُ قام ابنُ تيميةَ في نَصْرِ شرعتِنَا ... مقامَ سَيِّدِ تَيْمٍ إذ عَصَتْ مُضَرُ فأظهر الحقَ إذ آثارُهُ دَرَسَتْ ... وأخمدَ الشرَّ إذ طارتْ لَهُ الشَّرَرُ كنَّا نحدِّثُ عن حَبْرٍ يجيء فها ... أنت الإمامُ الذي قد كان يُنْتَظَرُ (أبو حيان النحوي)

من كلمات الشيخ الذهبية

(مِنْ كَلِمَاتِ الشَّيْخِ الذَّهَبِيَّةِ) (مُسْتَلَّةٌ مِن كُتُبِ تِلْمِيذِهِ ابنِ القَيِّمِ) أ- " إنَّ في الدُّنيا جَنَّةً مَنْ لَمْ يَدْخُلْهَا لَنْ يَدْخُلَ جَنَّةَ الآخِرَةِ ". (الجواب الكافي لابن القيم) . ب- " بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين" (مدارج السالكين) . ت- "الذكر للقلب مثل الماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟ ". (الوابل الصيب لابن القيم) . ث- " لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر" (الوابل الصيب) . ج- " ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري إن رحت فهي معي لا تفارقني إن حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة" (الوابل الصيب) . ح- "المحبوس من حبس قلبه عن ربه تعالى والمأسور من أسره هواه" (الوابل الصيب) . خ- " تزوجت الحقيقة الكافرة بالبدعة الفاجرة، فتولد بينهما خسران الدنيا والآخرة " (مدارج السالكين) . د- "ما ندم من استخار الخالق، وشاور المخلوقين" (الوابل الصيب) . ذ- "فضل عموم الدعاء على خصوصه كفضل السماء على الأرض" (بدائع الفوائد) .

ر- "ذكر الله الصبر الجميل، والصفح الجميل، والهجر الجميل: فالصبر الجميل: الذي لا شكوى معه. والهجر الجميل: الذي لا أذى معه. والصفح الجميل: الذي لا عتاب معه" (مدارج السالكين) . ز- " إياك نعبد تدفع الرياء، وإياك نستعين تدفع الكبرياء" (مدارج السالكين) . س- " العامة يعبدون الله، والصوفية يعبدون أنفسهم" (مدارج السالكين) . ش- " من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية" (مدارج السالكين) . ص- " الخوف المحمود: ما حجزك عن محارم الله" (مدارج السالكين) . ض- " العارف لا يرى له على أحد حقًا، ولا يشهد له على غيره فضلًا؛ ولذلك لا يعاتب، ولا يطالب، ولا يضارب" (مدارج السالكين) . ط- " ما لي شيء، ولا مني شيء، ولا فيَّ شيء، وكان كثيرًا ما يتمثل بهذا البيت: أنا المكدِّى وابن المكدِّى ... وهكذا كان أبي وجدي وكان إذا أثنى عليه في وجهه يقول: والله إني إلى الآن أجدد إسلامي كل وقت، وما أسلمت بعد إسلامًا جيدًا" (من لسان ابن القيم في المدارج) . ظ- " الزهد: ترك مالا ينفع في الآخرة، والورع: ترك ما تخاف ضرره في الآخرة" (مدارج السالكين) . ع- " إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحًا فاتهمه فإن الربَّ تعالى شكور، يعني: أنه لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين، فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول" (مدارج السالكين) .

غ- "إن كان نصبًا حبُّ صحبِ محمَّدٍ ... فليشهدِ الثقلانِ: أنِّي ناصبي". (الكافية الشافية لابن القيم) . ف- " أعظم الكرامة لزوم الاستقامة" (مدارج السالكين) . ق- " التكبر شر من الشرك؛ فإن المتكبر يتكبر عن عبادة الله تعالى، والمشرك يعبد الله وغيره" (مدارج السالكين) . ك- " قد عرض له بعض الألم فقال له الطبيب اضر ما عليك الكلام في العلم والفكر فيه والتوجه والذكر فقال الستم تزعمون ان النفس إذا قويت وفرحت اوجب فرحها لها قوة تعين بها الطبيعة على دفع العارض فإنه عدوها فإذا قويت عليه قهرته فقال له الطبيب بلى فقال إذا اشتغلت نفسي بالتوجه والذكر والكلام في العلم وظفرت بما يشكل عليها منه فرحت به وقويت فأوجب ذلك دفع العارض هذا" (مفتاح دار السعادة) . ل- " من فارق الدليل ضل السبيل ولا دليل إلا بما جاء به الرسول" (مفتاح دار السعادة) . م- " العوارض والمحن هي كالحر والبرد فإذا علم العبد أنه لا بد منهما لم يغضب لورودهما ولم يغتم لذلك ولم يحزن" (مدارج السالكين) . ن- " الولادة نوعان أحدهما هذه المعروفة والثانية ولادة القلب والروح وخروجهما من مشيمة النفس وظلمة الطبع" (مدارج السالكين) . هـ- " إن رضى الرب في العجلة إلى أوامره" (مدارج السالكين) . و " العامة تقول قيمة كل امرىء ما يحسن، والخاصة تقول قيمة كل امرىء ما يطلب" (مدارج السالكين) .

ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى

تَرْجَمَةُ شَيْخِ الإِسْلامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى مِنْ كِتَابِ الذيل على طبقات الحنابلة للإمام الحافظ بقية السلف عبد الرحمن ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى

أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبى القاسم ابن الخضر بن محمد ابن تيمية الحراني، ثم الدمشقي، الإمام الفقيه، المجتهد المحدث، الحافظ المفسر، الأصولي الزاهد، تقي الدين أبو العباس، شيخ الإسلام وعلم الأعلام، وشهرته تغنى عن الإطناب في ذكره، والإسهاب في أمره. ولد يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة إحدى ستين وستمائة بحران. وقدم به والده وبإخواته إلى دمشق عند استيلاء التتر على البلاد، سنة سبع وستين. فسمع الشيخ بها من ابن عبد الدايم، وابن أبي اليسر، وابن عبد، والمجد ابن عساكر، ويحيى بن الصيرفي الفقيه، وأحمد بن أبي الخير الحداد، والقاسم الأربلي، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر، ولمسلم بن علان، وإبراهيم بن الدرجي، وخلفه كثير. وعني بالحديث وسمع " المسند " مرات، والكتب الستة، ومعجم الطبراني الكبير، وما لا يحصى من الكتب والأجزاء. وقرأ بنفسه، وكتب بخطه جملة من الأجزاء، وأقبل على العلوم في صغره، فأخذ الفقه والأصول عن والده، وعن الشيخ شمس الدين بن أبي عمر، والشيخ زين الدين بن المنجا. وبرع في ذلك، وناظر. وقرأ في العربية أياماً على سليمان بن عبد القوى، ثم أخذ كتاب سيبويه، فتأمله ففهمه. وأقبل على تفسير القرآن الكريم، فبرز فيه، وأحكم أصول الفقه، والفرائض، والحساب والجبر والمقابلة، وغير ذلك من العلوم، ونظر في علم الكلام الفلسفة، وبرز في ذلك على أهله، ورد على رؤسائهم وأكابرهم، ومهر في هذه الفضائل، وتأهل للفتوى والتدريس، وله دون

العشرين سنة، وأفتى من قبل العشرين أيضاً، وأمده الله بكثرة الكتب وسرعة الحفظ، وقوة الإدراك والفهم، وبطء النسيان، حتى قال غير واحد: إنه لم يكن يحفظ شيئاً فينساه. ثم توفى والده إحدى وعشرين سنة. فقام بوظائفه بعده. فدرس بدار الحديث السكرية في أول سنة ثلاث وثمانين وستمائة. وحضر عنده قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكى، والشيخ تاج الدين الغزاري، وزين الدين بن المرحل، والشيخ زين الدين المنجا، وجماعة، وذكر درساً عظيماً في البسملة. وهو مشهور بين الناس، وعظمه الجماعة الحاضرون، وأثنوا عليه ثناءً كثيراً. قال الذهبي: وكان الشيخ تاج الدين الغزاري، يبالغ في تعظيمه الشيخ تقي الدين، بحيث إنه علق بخطه درسه بالسكرية ثم جلس عقب ذلك مكان والده بالجامع على منبر أيام الجمع، لتفسير القرآن العظيم، وشرع من أول القرآن. فكان يورد من حفظه في المجلس نحو كراسين أو أكثر، وبقي يفسر في سورة نوح، عدة سنين أيام الجمع. وفي سنة تسعين: ذكر على الكرسي يوم جمعة شيئاً من الصفات، فقام بعض المخالفين، وسعوا في منعه من الجلوس، فلم يمكنهم ذلك. وقال قاضي القضاة شهاب الدين الخوي: أنا على اعتقاد الشيخ تقي الدين، فعوقب في ذلك. فقال: لأن ذهنه صحيح، ومواده كثيرة، فهو لا يقول إلا الصحيح. وقال الشيخ شرف الدين المقدسي: أنا أرجو بركته ودعاءه، وهو صاحبي، وأخى. ذكر ذلك البرزالي في تاريخه.

وشرع في الجمع والتصنيف، من دون العشرين، ولم يزل في علو وازدياد من العلم والقدر إلى آخر عمره. سمع الحديث، وأكثر بنفسه من طلبه، وكتب وخرج، ونظر في الرجال والطبقات، وحصل ما لم يحصله غيره. برع في تفسير القرآن، وغاص في دقيقة معانيه بطبع سيال، وخاطر إلى مواقع الإشكال ميال، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها. وبرع في الحديث وحفظه، فقل من يحفظ ما يحفظه من الحديث، معزوا إلى أصوله وصحابته، مع شدة استحضاره له وقت إقامة الدليل، وفاق الناس في معرفة الفقه، واختلاف المذاهب، وفتاوى الصحابة والتابعين، بحيث إنه إذا أفتى لم يلتزم بمذهب، بل يقوم بما دليله عنده. وأتقن العربية أصولاً وفروعاً، وتعليلاً واختلافاً. ونظر في العقليات، وعرف أقوال المتكلمين، ورد عليهم، ونبه على خطئهم، وحذر منهم. ونصر السنة بأوضح حجج وأبهر براهين. وأوذي في ذات الله من المخالفين، وأضيف في نصر السنة المحضة، حتى أعلى الله منارة، وجمع قلوب أهل التقوى على محبته والدعاء له، وكتب أعداه، وهدي به رجالاً من أهل الملل والنحل، وجبل قلوب الملوك والأمراء على الانقياد له غالباً، وعلى طاعته، وأحي به الشام، بل والإسلام، بعد أن كاد ينثلم بتثبيت أولى الأمر لما أقبل حزب التتر والبغي في خيلائهم، فظنت بالله الظنون، وزلزل المؤمنون، واشرأب النفاق وأبدى صفحته. ومحاسنه كثيرة، وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام، لحلفت: أنى ما رأيت بعيني مثله، وأنه ما رأى مثل نفسه.

وقد قرأت بخط الشيخ العلامة شيخنا كما الدين ابن الزملكاني، ما كتبه سنة بضع وتسعين تحت اسم. " ابن تيمية " كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع: أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحداً لا يعرفه مثله. وكان الفقهاء من سائر الطوائف إذا جالسوه استفادوا منه في مذهبهم أشياء، ولا يعرف أنه ناظر أحداً فانقطع منه، ولا تكلم في علم من العلوم - سواء كان من علوم الشرع أو غيرها - إلا فاق فيه أهله، واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها. وقال الذهبي في معجمه المختصر: كان إماماً متجراً في علوم الديانة، صحيح الذهن، سريع الإدراك، سيال الفهم، كثير المحاسن، موصوفاً بفرط الشجاعة والكرم، فارغاً عن شهوات المأكل والملبس والجماع، لا لذة له في غير نشر العلم وتدوينه. والعمل بمقتضاه. قلت: وقد عرض عليه قضاء القضاة قبل التسعين ومشيخة الشيوخ، فلم يقبل شيئاً من ذلك. قرأت ذلك بخطه. قال الذهبي: ذكره أبو الفتح اليعمري الحافظ - يعنى ابن سيد الناس - في جواب سؤالات أبي العباس الدمياطي الحافظ، فقال: ألفيته ممن أدرك من العلوم حظا. وكاد يستوعب السنن والآثار حفظاً، إن تكلم في التفسير فهو حامل رأيته، وإن أفتى في الفقه فهو مدرك غايته، أو ذاكر بالحديث فهو صاحب علمه، وذو روايته، أو حاضر بالنحل والملل لم ير أوسع من نحلته،

ولا أرفع من درايته، برز في كل فن على أبناء حسنه، ولم ترعين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه. وقد كتب الذهبي في تاريخه الكبير للشيخ ترجمة مطولة، وقال فيها: وله خبرة تامة بالرجال، وجرحهم وتعديلهم. وطبقاتهم، ومعرفة بفنون الحديث، وبالعالي والنازل، والصحيح والسقيم، مع حفظة لمتونه، الذي أنفرد به، فلا يبلغ أحد في العصر رتبته، ولا يقاربه،وهو عجيب في استحضاره، واستخراج الحجج منه، وإليه المنتهى في عزوه إلى الكتب الستة، والمسند، بحيث يصدق عليه أن يقال: كل حديث لا يعرفه ابن تيمية فليس بحديث. وقال: ولما كان معتقلاً بالإسكندرية: التمس منه صاحب سبتة أن يجيز لأولاده، فكتب لهم في ذلك نحواً من ستمائة سطر، منها سبعة أحاديث بأسانيدها، والكلام على صحتها ومعانيها، وبحث وعمل ما إذا نظر فيه المحدث خضع له من صناعة الحديث. وذكر أسانيده في عدة كتب. ونبه على العوالى. عمل ذلك كله من حفظه، من غير أن يكون عنده ثبت أو من يراجعه. ولقد كان عجيباً في معرفة علم الحديث. فأما حفظه متون الصحاح وغالب متون السنن والسند: فما رأيت من يدانيه في ذلك أصلاً.قال: وأما التفسير فمسلم إليه، وله من استحضار الآيات من القرآن - وقت إقامة الدليل بها على المسألة - قوة عجيبة. وإذا رآه المقرئ تحير فيه. ولفرط إمامته في

التفسير، وعظم إطلاعه. يبين خطأ كثير من أقوال المفسرين. ويوهي أقولا عديدة. وينصر قولا واحداً، موافقاً لما دل عليه القرآن والحديث. ويكتب في اليوم والليلة من التفسير، أو من الفقه، أو من الأصلين، أو من الرد على الفلاسفة والأوائل: نحواً من أربعة كراريس أو أزيد. قلت: وقد كتب " الحموية " في قعدة واحدة. وهي أزيد من ذلك. وكتب في بعض الأحيان في اليوم ما يبيض منه مجلد. وكان رحمه الله فريد دهره في فهم القرآن، ومعرفة حقائق الإيمان. وله يد طولي في الكلام على المعارف والأحوال والتمييز بين صحيح ذلك الزملكاني بخطه على كتاب " إبطال التحليل " للشيخ ترجمة لكتاب واسم الشيخ. وترجم له ترجمة عظيمة. وأثنى عليه ثناء عظيماً. وكتب أيضاً تحت ذلك: ماذا يقولُ الواصفونَ له ... وصفاتُهُ جلَّت عن الحَصْرِ هو حجةٌ للهِ قاهرةٌ ... هو بيننا أعجوبةُ الدَّهْرِ هو آيةٌ للخلقِ ظاهرةٌ ... أنوارُها أربَتْ على الفَجْرِ وللشيخ أثير الدين أبي حيان الأندلس النحوي - لما دخل الشيخ مصر واجتمع به - ويقال: إن أبا حيان لم يقل أبياتًا خيرًا منها ولا أفحل: لما رأينا تقي الدين لاح لنا ... داع إلى الله فرداً، ماله وزر على محياه من سيما الأولى صحبوا ... خير البرية نور دونه القمر خبر تسر بل منه دهره صبرا ... بحر تقاذف من أمواجه الدرر

قام ابن تيمية في نصر شرعتنا ... مقام سيد تيم إذ عصت مضر فأظهر الدين إذ آثاره درست ... وأخمد الشرك إذ طارت له شرر يا من تحدث عن علم الكتاب أصخ ... هذا الإمام الذي قد كان ينتظر وحكى الذهبي عن الشيخ: أن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد قال له - عند اجتماعه به وسماعه لكلامه -: ما كنت أظن أن الله بقي يخلق مثلك ومما وجد في كتاب كتبه العلامة قاضي القضاة أبو الحسن السبكي إلى الحافظ أبي عبد الله الذهبي في أمر الشيخ تقي الدين المذكور أما قول سيدي في الشيخ فالمملوك يتحقق كبر قدره. وزخارة بحره وتوسعه في الشرعية والعقلية. وفرط ذكائه واجتهاده. وبلوغه في كل من ذلك المبلغ الذي يتجاوز الوصف. والمملوك يقول ذلك دائماً. وقدره في نفس أكبر من ذلك وأجل. مع ما جمعه الله له من الزهاده والورع والديانة. ونصرة الحق. والقيام فيه لا نعرض سواه. وجريه على سنن السلف. وأخذه من ذلك بالمأخذ الأوفى. وغرابة مثله في هذا الزمان بل من أزمان. وكان الحافظ أبو الحجاج المزي: يبالغ في تعظيم الشيخ والثناء عليه، حتى كان يقول: لم ير مثله منذ أربعمائة سنة. وبلغني من طريق صحيح عن ابن الزملكاني: أنه سئل عن الشيخ؟ فقال: لم ير من خمسمائة سنة، أو أربعمائة سنة. الشك من الفاقل. وغالب ظنه: أنه قال: من خمسمائة - أحفظ منه.

وكذلك كان أخوه الشيخ شرف الدين يبالغ في تعظيمه جداً وكذلك المشايخ العارفون، كالقدوة أبي عبد الله محمد بن قوام ويحكي عنه أنه كان يقول: ما أسلمت معارفنا إلا على يد ابن تيمية. والشيخ عماد الدين الواسطى كان يعظمه جداً، وتتلمذ له، مع أنه كان أسس منه. وكان يقول: قد شارف مقام الأئمة الكبار، ويناسب قيامه في بعض الأمور قيام الصديقين. وكتب رسالة إلى خواص أصحاب الشيخ يوصيهم بتعظيمه واحترامه، ويعرفهم حقوقه، ويذكر فيها: أنه طاف أعيان بلاد الإسلام، ولم ير فيها مثل الشيخ علماً وعملاً، وحالاً وخلقا واتباعا وكرما وحلما في حق نفسه، وقياما في حق الله تعالى، عند انتهاك حرماته. وأقسم على ذلك بالله ثلاث مرات. ثم قال: أصدق الناس عقداً، وأصحهم علما وعزما، وأنقذهم وأعلاهم في انتصار الحق وقيامه، وأسخاهم كفا، وأكملهم اتباعا لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -. ما رأينا في عصرنا هذا من تستجلي النبوة المحمدية وسننها من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل، بحيث يشهد القلب الصحيح. أن هذا هو الاتباع حقيقة. ولكن كان هو وجماعة من خواص أصحابه ربما أنكروا من الشيخ كلامه في بعض الأئمة الأكابر الأعيان، أو في أهل التخلي والانقطاع ونحو ذلك.

وكان الشيخ رحمه الله لا يقصد بذلك إلا الخير، والانتصار للحق إن شاء الله تعالى. وطوائف من أئمة أهل الحديث وحفاظهم وفقائهم: كانوا يحبون الشيخ ويعظمونه، ولم يكونوا يحبون له التوغل مع أهل الكلام ولا الفلاسفة، كما هو طريقة أئمة أهل الحديث المتقدمين، كالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد ونحوهم، وكذلك كثير من العلماء من الفقهاء والمحدثين والصالحين كرهوا له التفرد ببعض شذوذ المسائل التي أنكرها السلف على من شذ بها، حتى إن بعض قضاة العدل من أصحابنا منعه من الإفتاء ببعض ذلك. قال الذهبي: وغالب خطه على الفضلاء والمتزهده فبحق، وفي بعضه هو مجتهد، ومذهبه توسعة العذر للخلق، ولا يكفر أحداً إلا بعد قيام الحجة عليه. قال: ولقد نصر السنة المحضة، والطريقة السلفية، واحتج لها ببراهين ومقدمات، وأمور لم يسبق إليها، وأطلق عبارات أحجم عنها الأولون والآخرون وهابوا، وجر هو عليها حتى قام عليه خلق من علماء مصر والشام قياما لا مزيد عليه، وبدعوه وناظروه وكابروه، وهو ثابت لا يداهن ولا يحابي، بل يقول الحق المر الذي أداه إليه اجتهاده، وحده ذهنه، وسعة دائرته في السنن والأقوال، مع ما اشتهر عنه من الورع، وكمال الفكر، وسرعة الإدراك، والخوف من الله، والتعظيم لحرمات الله.

فجرى بينه وبينهم حملات حربية، ووقعات شامية ومصرية، وكم من نوبة قدرموه عن قوس واحدة، فينجيه الله. فإنه دائم الابتهال، كثير الاستغاثة، والاستعانة به قوى التوكل، ثابت الجأس، له أوراد وأذكار يدمنها بكيفية وجمعية. وله من الطرف الآخر محبون من العلماء والصلحاء، ومن الجند والأمراء ومن التجار والكبراء، وسائر العامة تحبه؛ لأنه منتصب لنفعهم ليلاً ونهاراً، بلسانه وقلمه. وأما شجاعته: فبها تضرب الأمثال، وببعضها يتشبه أكابر الأبطال. ولقد أقامه لله تعالى في نوبة قازان. والتقى أعباء الأمر بنفسه. وقام وقعد وطلع، ودخل وخرج، واجتمع بالملك - يعنى قازان - مرتين، وبقطلوا شاه، وبولاى. وكان قيجق يتعجب من إقدامه وجرائته على المغول. وله حده قوية تعتريه في البحث، حتى كأن ليث حرب. وهو أكبر من أن ينبه مثلي على نعوته. وفيه قلة مدارة، وعدم تؤدة غالبا، والله يغفر له. وله إقدام وشهامة، وقوة نفس توقعه في أمور صعبة، فيدفع الله عنه. وله نظم قليل وسط، ولم يتزوج، ولا تسرى، ولا له من المعلوم إلا شيء قليل. وأخوه يقوم بمصالحه، ولا يطلب منهم غذاء ولا عشاء في غالب الوقت. وما رأيت في العالم أكرم منه، ولا أفرغ منه عن الدينار والدرهم، لا يذكره، ولا أظنه يدور في ذهنه. وفيه مروءة، وقيام مع أصحابه، وسعى في

مصالحهم. وهو فقير لا مال له. وملبوسه كآحاد الفقهاء: فَرَّجِيَّه، ودلق، وعمامة تكون قيمة ثلاثين درهما، ومداس ضعيف الثمن. وشعره مقصوص. وهو ربع القامة، بعيد ما بين المنكبين، كأن عينيه لسانان ناطقان، ويصلي بالناس صلاة لا يكون أطول من ركوعها وسجود. وربما قام لمن يجئ من سفر أو غاب عنه، وإذا جاء فربما يقومون له، الكل عنده سواء، كأنه فارغ من هذه الرسوم، ولن ينحن لأحد قط، وإنما يسلم ويصافح ويبتسم. وقد يعظم جليسه مرة، ويهينه في المحاورة مرات. قلت: وقد سافر الشيخ مرة على البريد إلى الديار المصرية يستنفر السلطان عند مجئ التترسنة من السنين، وتلا علهم آيات الجهاد، وقال: إن تخليتم عن الشام ونصرة أهله والذب عنهم، فإن الله تعالى يقيم لهم من ينصرهم غيركم، ويستبدل بكم سواكم. وتلا قوله تعالى {وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} [محمد:38] ، وقوله تعالى {إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئًا} [التوبة:39] . وبلغ ذلك الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد - وكان هو القاضي حينئذ - فاستحسن ذلك، وأعجبه هذا الاستنباط وتعجب من مواجهة الشيخ للسلطان بمثل هذا الكلام.

الأسماء

الأَسْمَاءُ

حرف الألف (الهمزة)

حَرْفُ الأَلِفِ (الهَمْزَةِ)

إبراهيم بن أحمد الغياني

• إبراهيمُ بنُ أحمدَ الغيانيُّ ( ... -....) . هو الملقب بخادم شيخ الإسلام، كان يخدمه ويصحبه، خدمه في سجنه، وله فصل في حكاية تكسير شيخ الإسلام للحجارة التي كان يزورها الناس ويتبركون بها، وهو بأكمله في الكواكب الدراري، والجامع لسيرة ابن تيمية. **** • إبراهيمُ بنُ أحمدَ بنِ هلالِ بنِ بدرِ القاضي، برهانُ الدينِ الزرعيُّ الحنبليُّ (688 - 741) . قال الحافظ ابن حجر:" اشتغل على ابن تيمية، وابن الزملكاني، والقزويني، وتقدم في الفتيا، ودرس بالمدرسة الحنبلية لما سجن ابن تيمية، فمقتته الحنابلة لذلك". وقال:" كان أشعريًا في غالب المعتقد! ". قلت: ولم أجد ذلك لغيره، وللحافظ ابن حجر في هذا الشأن نوع تهويل!، ومن تتبع كلامه في الدرر وغيره، عرف ذلك حق المعرفة. وقال الصلاح الصفدي:" رأيته يحضر دروس العلامة ابن تيمية كثيراً، ويأخذ من فوائده ما شادَ به مجداً أثيلاً أثيراً، يجلس منصتاً لا يتكلف لبحث، ولا يتكلم، ويرى أنه يتعلقُ بأهدافه ويتعلم، إلى أن قضى نحبه وسكن تُربه، ولقي ربه، رحمه الله تعالى"انتهى

إبراهيم بن أسعد بن حمزة بن القلانسي، مجد الدين ابن مؤيد الدين أبو إسحاق التميمي

وكان له قدرة على محاكاة الخطوط، وكان يعتني بكتابة عنواين الكتب عليها، يكتبه لنفسه وللناس، وتعلم اللغة التركية فلم يجد من يجاريه فيها، وكان فصيحًا حسن العبارة في العربية. وكان ذكيًا ألمعيًا عالي الهمة جميل الشكل والمنظر. قال الصفدي:" لم يحصد الموت من زرعٍ له نظيراً، ولا اجتلى الناس من حوران مثله قمراً منيراً، أتقن الفروع، وبهر فيها من الشروع، وجوّد أصول الفقه وشغل فيها الناس، وأوضح لهم فيه ما حصل من الإلباس، وبرع في النحو وظهر، ومارس غوامضه ومهر، وقرأ الفرائض، وأتى فيها وحده بما لم يأتِ به ألف رائض، اشتغل في الحساب، وغني بذهنه الوقاد عن الاكتساب، وكتب المنسوب الفائق، وسلك فيه أحسن الطرائق"انتهى **** • إبراهيم بن أسعد بن حمزة بن القلانسي، مجد الدين ابن مؤيد الدين أبو إسحاق التميمي ( ... -765) . قال ابن حجر:" كان ديناً خيراً فاضلاً حدث عن ست الوزراء بمسند الشافعي".

إبراهيم بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي

وقال ابن ناصر الدين:" ملازم لتلاوة القرآن كثير البر والإحسان، قال أبو الحسن علي بن محمد بن سليمان اليونيني فيما وجدته بخطه في مشيخته، قال: شيخنا مجد الدين يعني ابن القلانسي المذكور -رحمه الله تعالى- سمعت شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية -رضي الله عنه تعالى يقول: من لي بمثلِ سيرِكَ المُدَلَّلِ ... نمشي رويدًا وتجي في الأَوَّلِ "انتهى **** • إبراهيم بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي (684 - 730) . لازم الشيخ تقي الدين، وكان لا يفارقه، وانتفع بصحبته جدًا، وكانت له اليد الطولى في مناصحة الكبراء والرؤساء وغيرهم. **** • إبراهيم بن داود الآمدي بن عبد الله الآمدي الدمشقي، أبو إسحاق، برهان الدين، نزيل القاهرة ( ... -797) .

إبراهيم بن محمد القواس بن يونس بن منصور الدمشقي، أبو إسحاق القواس

أسلم على يد الشيخ ابن تيمية، وكان يناظر في مسائله، وامتحن بحبه، ونسخ بخطه غالب تصانيفه، وكان يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر بتؤدة وسكينة ورياضة. قال ابن تغرى بردى:" الشيخ برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم الآمدي الدمشقي الفقيه الحنبلي أحد أصحاب ابن تيمية". **** • إبراهيم بن محمد القواس بن يونس بن منصور الدمشقي، أبو إسحاق القواس (677- 761) . قال الحسني: كان صحب ابن هود [بدر الدين الحسن بن علي] ، وخدمه ثم هجره، ولازم ابن تيمية، نقله ابن حجر. وحدث عن ابن البخاري وغيره، وكان من أعيان عصره، ومن الزهاد العباد رحمه الله. ****

إبراهيم بن منير الصباح البعلبكي

• إبراهيم بن منير الصباح البعلبكي (....-725) . قال ابن كثير في نهايته:" كان مشهورًا بالصلاح مقيمًا بالمأذنة الشرقية، توفي ليلة الأربعاء مستهل المحرم، ودفن بالباب الصغير، وكانت جنازته حافلة حمله الناس على رؤوس الأصابع، وكان ملازمًا لمجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية "انتهى **** • أبو بكر بن شرف بن محسن بن معن بن عمار، تقي الدين الصالحي الحنبلي (653-728) . سَمِع من ابن عبد الدائم وابن أبي اليسر وعبد الوهاب بن الناصح، وجمال الدين بن الصيرفي، والنجم عبد الرحمن بن الشيرازي، والشيخ شمس الدين الحنبلي، وابن البخاري وغيرهم. قال الصفدي:" أخبرني الشيخ شمس الدين محمد بن قيّم الجوزيّة رحمه الله تعالى، قال: هو رفيق الشيخ تقي الدين بن تيميّة في الاشتغال، وله تصانيف". ****

أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مسعود بن عمر الواسطي الحزامي، عماد الدين أو رضي الدين، أبو العباس، ابن شيخ الحزاميين

• أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مسعود بن عمر الواسطي الحزامي، عماد الدين أو رضي الدين، أبو العباس، ابن شيخ الحزاميين (657- 711) . كان أبوه شيخ الطائفة الأحمدية، ونشأ بين أتباع تلك الطائفة، ولكنه رزق حب الحق والنفور عن البدع، وألهم طلب العلم في صغره، فاجتمع بالفقهاء بواسط كالشيخ عز الدين الفاروتي وغيره. وقرأ شيئاً من الفقه على مذهب الشافعي، ثم دخل بغداد، وصحب بها طوائف من الفقهاء، وحج واجتمع بمكة بجماعة منهم. وأقام بالقاهرة مدة ببعض خوانقها، وخالط طوائف الفقهاء، ولم يسكن قلبه إلى شيء من الطوائف المحدثة. واجتمع بالإِسكندرية بالطائفة الشاذلية، فوجد عندهم ما يطلبه من لوائح المعرفة، والمحبة والسلوك، فأخذ ذلك عنهم، وانتفع بهم، واقتفى طريقتهم وهديهم. وقد دمشق، ورأي شيخ الإسلام ابن تيمية، وصحبه فدله على مطالعة السيرة النبوية، فأقبل عليها بنهم شديد فلخص تهذيب ابن هشام لسيرة ابن إسحاق في كتاب مفرد، ثم أقبل على مطالعة كتب الحديث والسنن والآثار، وحبب إليه ذلك جدًا، واعتنى بأمر السنة أصولًا وفروعًا، ثم تفرغ للرد على المبتدعة فهتك أستار الاتحادية، وكشف عوراتهم، وألف تآليف كثيرة في الطريقة النبوية في السلوك انتفع بها كثير من متعبدة أهل الحديث والأثر، وكانت له

عناية بالفقه فاختصر كتاب الكافي في مؤلف مفرد أسماه البلغة، وشرع في شرح منازل السائرين للهروي الذي شرح ابن القيم في (مدارج السالكين) ، ولكن الواسطي لم يتمه. وكان صاحب حال وسلوك حسن ومكاشفة. أثنى عليه الشيخ ابن تيمية وقال:" هو جنيد وقته". وكان يجله ويعظمه. وقال البرزالي:" رجل صالح عارف، صاحب نسك وعبادة، وانقطاع وعزوف عن الدنيا. وله كلام متين في التصوف الصحيح. وهو داعية إلى طريق الله تعالى، وقلمة أبسط من عبارته. واختصر السيرة النبوية. وكان يتقوت من النسخ، ولا يكتب إلا مقدار ما يدفع به الضرورة. وكان محباً لأهل الحديث، معظماً لهم. وأوقاته محفوظة"، هكذا ذكره ابن رجب في ذيل الطبقات عن معجم البرزالي. وقال الذهبي:" كان سيداً عارفاً كبير الشأن، منقطعاً إلى الله تعالى. وكان ينسخ بالأجرة ويتقوت، ولا يكاد يقبل من أحد شيئاً إلا في النادر. صنف أجزاء عديدة في السلوك والسير إلى الله تعالى، وفي الرد على الإتحادية والمبتدعة. وكان داعية إلى السنة، ومذهبه السلف الصالح في الصفات، يُمِزها كما جاءت، وقد انتفع به جماعة صحبوه، ولا أعلم خلف بدمشق محْي طريقته مثله".

ومات في أثناء غيبة شيخ الإسلام عن دمشق حيث إنه غاب عنها سبع سنين وسبع جمع كما ذكر ابن عبد الهادي، قال:" وقد توفي في أثناء غيبة الشيخ عن دمشق غير واحد من كبار أصحابه وساداتهم منهم: الشيخ الإمام القدوة الزاهد العارف عماد الدين أبو العباس أحمد بن ابراهيم بن عبد الرحمن الواسطي المعروف بابن شيخ الحزاميين توفي يوم السبت السادس والعشرين من شهر ربيع الآخر من سنة إحدى عشرة وسبعمائة. وكان رجلًا صالحًا ورعًا كبير الشأن منقطعًا إلى الله متوفرًا على العبادة والسلوك وكان قد كتب رسالة وبعثها إلى جماعة من أصحاب الشيخ وأوصاهم فيها بملازمة الشيخ والحث على اتباع طريقته وأثنى فيها على الشيخ ثناء عظيمًا". ومما قال في تلك الرسالة النفيسة:" وقد عرفتم ما أحدث الناس من الأحداث في الفقهاء والفقراء والصوفية والعوام، فأنتم اليوم في مقابلة الجهمية من الفقهاء نصرتم الله ورسوله في حفظ ما أضاعوه من دين الله، تصلحون ما أفسدوه من تعطيل صفات الله، وأنتم أيضًا في مقابلة من لم ينفذ في علمه من الفقهاء إلى رسول الله وجمد على مجرد تقليد الأئمة، فإنكم قد نصرتم الله ورسوله في تنفيذ العلم إلى أصوله من الكتاب والسنة، واتحاد أقوال الأئمة تأسيًا بهم لا تقليدًا لهم. وأنتم أيضًا في مقابلة ما أحدثته أنواع الفقراء من الأحمدية والحريرية من إظهار شعار المكاء، والتصدية، ومؤاخاة النساء والصبيان، والإعراض عن دين

الله إلى خرافات مكذوبة عن مشايخهم، واستنادهم إلى شيوخهم، وتقليدهم في صائب حركاتهم وخطائها، وإعراضهم عن دين الله الذي أنزله من السماء. فأنتم بحمد الله تجاهدون هذا الصنف أيضًا كما تجاهدون من سبق حفظتم من دين الله ما أضاعوه، وعرفتم ما جهلوه، تقومون من الدين ما عوجوه، وتصلحون منه ما أفسدوه. وأنتم أيضًا في مقابلة رسمية الصوفية والفقهاء وما أحدثوه من الرسوم الوضعية والآصار الابتداعية من التصنع باللباس والإطراق والسجادة لنيل الرزق من المعلوم ولبس البقيار والأكمام الواسعة في حضرة الدرس وتنميق الكلام والعدو بين يدي المدرس راكعين حفظًا للمناصب واستجلابًا للرزق والإدرار، فخلط هؤلاء في عبادة الله غيره وتألهوا سواه، ففسدت قلوبهم من حيث لا يشعرون، يجتمعون لغير الله بل للمعلوم، ويلبسون للمعلوم. وكذلك في أغلب حركاتهم يراعون ولاة المعلوم فضيعوا كثيرًا من دين الله وأماتوه، وحفظتم أنتم ما ضيعوه، وقومتم ما عوجوه. وكذلك أنتم في مقابلة ما أحدثته الزنادقة من الفقراء والصوفية من قولهم بالحلول والاتحاد، وتأله المخلوقات كاليونسية والعربية والصدرية والسبعينية والتلمسانية، فكل هؤلاء بدلوا دين الله تعالى وقلبوه وأعرضوا عن شريعة رسول الله؛ فاليونسية يتألهون شيخهم، ويجعلونه مظهرًا للحق ويستهينون بالعبادات ويظهرون بالفرعنة والصولة والسفاهة والمحالات؛ لما وقر في بواطنهم من الخيالات الفاسدة وقبلتهم الشيخ يونس ورسول الله. والقرآن المجيد عنهم بمعزل يؤمنون به بألسنتهم ويكفرون به بأفعالهم.

وكذلك الاتحادية يجعلون الوجود مظهرًا للحق باعتبار أن لا متحرك في السكون سواه، ولا ناطق في الأشخاص غيره، وفيهم من لا يفرق بين الظاهر والمظهر، فيجعل الأمر كموج البحر، فلا يفرق بين عين الموجة وبين عين البحر؛ حتى إن أحدهم يتوهم أنه الله، فينطق على لسانه، ثم يفعل ما أراد من الفواحش والمعاصي؛ لأنه يعتقد ارتفاع الثنوية فمن العابد ومن المعبود صار الكل واحدًا، اجتمعنا بهذا الصنف في الربط والزوايا. فأنتم بحمد الله قائمون في وجه هؤلاء أيضًا تنصرون الله ورسوله، وتذبون عن دينه، وتعملون على إصلاح ما أفسدوا وعلى تقويم ما عوجوا، فإن هؤلاء محوا رسم الدين وقلعوا أثره، فلا يقال: أفسدوا ولا عوجوا، بل بالغوا في هدم الدين، ومحوا أثره ولا قربة أفضل عند الله من القيام بجهاد هؤلاء بمهما أمكن وتبيين مذاهبهم للخاص والعام، وكذلك جهاد كل من ألحد في دين الله وزاغ عن حدوده وشريعته كائنا في ذلك ما كان من فتنة وقول كما قيل: إذا رضي الحبيبُ فلا أبالي ... أقامَ الحيُّ أم جَدَّ الرَّحِيلُ وبالله المستعان. وكذلك أنتم بحمد الله قائمون بجهاد الأمراء والأجناد تصلحون ما أفسدوا من المظالم والإجحافات وسوء السيرة الناشئة عن الجهل بدين الله بما أمكن، وذلك لبعد العهد عن رسول الله لأن اليوم له سبعمائة سنة، فأنتم بحمد الله تجددون ما دثر من ذلك ودثر.

وكذلك أنتم بحمد الله قائمون في وجوه العامة مما أحدثوا من تعظيم الميلادة والقلندس وخميس البيض والشعانين وتقبيل القبور والأحجار والتوسل عندها. ومعلوم أن ذلك كله من شعائر النصارى والجاهلية، وإنما بعث رسول الله ليوحد الله ويعبد وحده، ولا يُألَهَ معه شيءٌ من مخلوقاته، بعثه الله تعالى ناسخًا لجميع الشرائع والأديان والأعياد، فأنتم بحمد الله قائمون بإصلاح ما أفسد الناس من ذلك. وقائمون في وجوه من ينصر هذه البدع من مارقي الفقهاء أهل الكيد والضرار لأولياء الله أهل المقاصد الفاسدة والقلوب التي هي عن نصر الحق حائدة. وإنما أعرض هذا الضعيف عن ذكر قيامكم في وجوه التتر والنصارى واليهود والرافضة والمعتزلة والقدرية وأصناف أهل البدع والضلالات. لأن الناس متفقون على ذمهم يزعمون أنهم قائمون برد بدعتهم ولا يقومون بتوفية حق الرد عليهم كما تقومون، بل يعلمون ويجبنون عن اللقاء، فلا يجاهدون وتأخذهم في الله اللائمة لحفظ مناصبهم وإبقاء على أعراضهم. سافرنا البلاد فلم نر من يقوم بدين الله في وجوه مثل هؤلاء حق القيام سواكم، فأنتم القائمون في وجوه هؤلاء -إن شاء الله- بقيامكم بنصرة شيخكم وشيخنا أيده الله حق القيام بخلاف من ادعى من الناس أنهم يقومون بذلك. فصبرًا يا إخواني على ما أقامك الله فيه من نصرة دينه وتقويم اعوجاجه وخذلان أعدائه، واستعينوا بالله ولا تأخذكم فيه لومة لائم، وإنما هي أيام قلائل

والدين منصور قد تولى الله إقامته ونصره ونصرة من قام به من أوليائه إن شاء الله ظاهرًا وباطنًا. وابذلوا فيما أقمتم فيه ما أمكنكم من الأنفس والأموال والأفعال والأقوال عسى أن تلحقوا بذلك بسلفكم أصحاب رسول الله فلقد عرفتم ما لقوا في ذات الله كما قال خبيب حين صلب على الجذع: وذلك في ذاتِ الإلهِ وإن يشأ ... يباركْ على أوصالِ شِلوٍ مُمَزَّعِ وقد عرفتم ما لقي رسول الله من الضر والفاقة في شعب بني هاشم، وما لقي السابقون الأولون من التعذيب والهجرة إلى الحبشة، وما لقي المهاجرون والأنصار في أحد وفي بئر معونة وفي قتال أهل الردة وفي جهاد الشأم والعراق، وغير ذلك. وانظروا كيف بذلوا نفوسهم وأموالهم لله حبًا له وشوقًا إليه، فكذلك أنتم رحمكم الله كل منكم على قدر إمكانه واستطاعته بفعله وبقوله وبخطه وبقلبه وبدعائه، كل ذلك جهاد أرجو أن لا يخيب من عامل الله بشيء من ذلك؛ إذ لا عيش إلا في ذلك ولو لم يكن فيه إلا هممكم مزاحمة لأهل الزيغ مشوشة لهم تبغضونهم في الله وتطلبون استقامتهم في دين الله وذلك من الجهاد الباطن إن شاء الله تعالى. ثم اعرفوا إخواني حق ما أنعم الله عليكم من قيامكم بذلك، واعرفوا طريقكم إلى ذلك، واشكروا الله تعالى عليها، وهو أن أقام لكم ولنا في هذا

العصر مثل سيدنا الشيخ الذي فتح الله به أقفال القلوب، وكشف به عن البصائر عمى الشبهات وحيرة الضلالات حيث تاه العقل بين هذه الفرق، ولم يهتد إلى حقيقة دين الرسول. ومن العجب أن كلا منهم يدعي أنه على دين الرسول حتى كشف الله لنا ولكم بواسطة هذا الرجل عن حقيقة دينه الذي أنزله من السماء وارتضاه لعباده. واعلموا أن في آفاق الدنيا أقوامًا يعيشون أعمارهم بين هذه الفرق يعتقدون أن تلك البدع حقيقة الإسلام فلا يعرفون الإسلام إلا هكذا. فاشكروا الله الذي أقام لكم في رأس السبعمائة من الهجرة من بين لكم أعلام دينكم وهداكم الله به وإيانا إلى نهج شريعته، وبين لكم بهذا النور المحمدي ضلالات العباد وانحرافاتهم، فصرتم تعرفون الزائغ من المستقيم والصحيح من السقيم، وأرجو أن تكونوا أنتم الطائفة المنصورة الذين لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم، وهم بالشام إن شاء الله تعالى. ثم إذا علمتم ذلك فاعرفوا حق هذا الرجل الذي هو بين أظهركم وقدره، ولا يعرف حقه وقدره إلا من عرف دين الرسول وحقه وقدره فمن وقع دين الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- من قلبه بموقع يستحقه، عرف حق ما قام به هذا الرجل بين أظهر عباد الله يقوِّم معوجهم ويصلح فسادهم ويلم شعثهم جهد إمكانه في الزمان المظلم الذي انحرف فيه الدين وجهلت السنن، وعهدت البدع، وصار المعروف منكرًا والمنكر معروفًا، والقابض على

دينه كالقابض على الجمر، فإن أجر من قام بإظهار هذا النور في هذه الظلمات لا يوصف وخطره لا يعرف هذا إذا عرفتموه أنتم من حيثية الأمر الشرعي الظاهر فهنا قوم عرفوه من حيثية أخرى من الأمر الباطن ومن يقوده إلى معرفة أسماء الله تعالى وصفاته وعظمة ذاته واتصال قلبه بأشعة أنوارها والاحتظاء من خصائصها وأعلى أذواقها ونفوذه من الظاهر إلى الباطن ومن الشهادة إلى الغيب ومن الغيب إلى الشهادة ومن عالم الخلق إلى عالم الأمر وغير ذلك مما لا يمكن شرحه في كتاب. فشيخكم أيدكم الله تعالى عارف بذلك عارف بأحكام الله الشرعية، عارف بأحكامه القدرية، عارف بأحكام أسمائه وصفاته الذاتية، ومثل هذا العارف قد يبصر ببصيرته تنزل الأمر بين طبقات السماء والأرض كما قال تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنزلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق:12] . فالناس يحسون بما يجري في عالم الشهادة، وهؤلاء بصائرهم شاخصة إلى الغيب، ينتظرون ما تجري به الأقدار، يشعرون بها أحيانًا عند تنزلها، فلا تهونوا أمر مثل هؤلاء في انبساطهم مع الخلق، واشتغال أوقاتهم بهم، فإنهم كما حكى عن الجنيد رحمه الله أنه قيل: له كم تنادى على الله تعالى بين الخلق؟ فقال: أنا أنادي على الخلق بين يدي الله. فالله الله في حفظ الأدب معه، والانفعال لأوامره، وحفظ حرماته في الغيب والشهادة، وحب من أحبه، ومجانبة من أبغضه وتنقصه، ورد غيبته والانتصار له في الحق.

واعلموا رحمكم الله أن هنا من سافر إلى الأقاليم، وعرف الناس وأذواقهم، وأشرف على غالب أحوالهم، فوالله ثم والله ثم والله لم ير تحت أديم السماء مثل شيخكم علمًا وعملًا وحالًا وخلفًا واتباعًا وكرمًا وحلمًا في حق نفسه، وقيامًا في حق الله عند انتهاك حرماته، أصدق الناس عقدًا وأصحهم علمًا وعزمًا وأنفذهم وأعلاهم في انتصار الحق وقيامه همة وأسخاهم كفًا وأكملهم اتباعاً لنبيه محمد...."انتهى، وهي بكامها في ترجمة ابن عبد الهادي لشيخ الإسلام ابن تيمية. وقال ابن عبد الهادي في مختصر طبقات علماء الحديث:" قال الشيخ عماد الدين الواسطي - وكان من الصالحين العارفين- وقد ذكره: هو شيخنا السيد الإمام، الأمة الهمام، محيي السنة، وقامع البدعة، ناصر الحديث مفتى الفرق، الفاتق عن الحقائق وموصلها بالأصول الشرعية إلى الطالب الذائق، الجامع بين الظاهر والباطن، فهو يقضي بالحق ظاهرًا وقلبه بالعلى قاطن، أنوذج الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، الشيخ الإمام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية أعاد الله بركته، ورفع إلى مدارج العلى درجته. ثم قال في أثناء كلامه: والله ثم والله ثم والله لم أر تحت أديم السماء مثله علمًا وعملًا وحالًا وخلقًا واتباعًا وكرمًا وحلمًا في حق نفسه، وقيامًا في حق الله عند انتهاك حرماته. ثم أطال في الثناء عليه"انتهى وقال:" قد شارف مقام الأئمة الكبار، ويناسب قيامه في بعض الأمور قيام الصديقين". وكان يعظمه جدًا ويتتلمذ له مع أنه أسن منه رحمه الله وعفا عنه. ****

أحمد بن حسن بن عبد الله بن عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، أبو العباس وأبو محمد، قاضي القضاة، شرف الدين أبي الفضل بن الخطيب شرف الدين أبي الفضل بن شيخ الإسلام أبي عمر المقدسي الصالحي الدمشقي الحنبلي، المعروف بابن قاضي الجبل

• أحمد بن حسن بن عبد الله بن عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، أبو العباس وأبو محمد، قاضي القضاة، شرف الدين أبي الفضل بن الخطيب شرف الدين أبي الفضل بن شيخ الإسلام أبي عمر المقدسي الصالحي الدمشقي الحنبلي، المعروف بابن قاضي الجبل (693-771) . سمع أحمد بن عبد المؤمن الصوري خاتمة تلامذة الموفق بن قدامة، وإسماعيل بن الفراء، ومحمد بن علي الواسطي، وجماعة أخر، وأجاز له أبو الفضل بن عساكر، وكان بارعًا في العلم عالي الكعب بعيد الصيت قديم الذكر ذا ذهن سيال وذكاء وحفظ، صاحب نظم، أفتى في شبيبته بإشارة الشيخ ابن تيمية وإجازته، وعليه تخرج في الفقه وغيره، ولي القضاء سنة 67، وازدحم الفضلاء والعامة عليه، وكان صاحب نوادر وخط حسن، ذكره الذهبي في المعجم المختص وله ترجمة في الدرر الكامنة، والمنهل الصافي. ومن تصانيفه: كتاب الفائق، والقصد المفيد في حكم التوكيد، والكلام على قوله تعالى (أأنت قلت للناس اتخذوني) ، ومسألة رفع اليدين، والرد على الكيا الهراسي، وتنقيح الاحداث في رفع التيمم للأحداث، وشرح المنتقى، وقطر

الغمام في شرح أحاديث الأحكام، ومسألة المناقلة، ومجامع أخرى في فنون شتى لا تضبط. وولي قضاء الحنابلة في دمشق عوضًا عن جلال الدين يوسف بن محمد بن عبد الله المرداوي في يوم الثلاثاء ثامن شهر رمضان سنة سبع وستين، وحمدت سيرته، ودام في المنصب إلى أن توفي ثالث عشر رجب سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وولي بعده علاء الدين علي بن محمد بن علي المقدسي. وذكر ابن تغرى بردى في النجوم الزاهرة من شعره في ابن تيمية: نبيي أحمدٌ وكذا إمامي ... وشيخي أحمدٌ كالبحر طامي واسمي أحمدٌ وبذاك أرجو ... شفاعةَ سيدِ الرُّسلِ الكِرامِ وكذلك ذكره في المنهل الصافي. قلت: ورجاؤه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد الاسم رجاء باطل لا ينفع، ولعله يعتمد في ذلك على ما ورد (ولا أصل له) بأن من وافق اسمُه اسمَ النبي صلى الله عليه وسلم حقت عليه الشفاعة، والله أعلم. وقال ابن رجب:" كان له باع طويل في التفسير، لا يمكن وصفه، كان له في الأصول والفروع القدم العالي، وفي شرف الدين والدنيا المحل السامي، وله معرفة بالعلوم الأدبية والفنون القديمة الأولية، وكيف لا؟ وهو تلميذ ابن تيمية"انتهى

أحمد بن رجب عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود البغدادي المقرئ والد العلامة الحافظ زين الدين بن رجب، شهاب الدين أبو العباس

وقال:" قال لي مرة: كم تقول إني أحفظ بيت شعر؟ فقلت: عشرة آلاف. فقال: بل ضعفها، وشرع يعدد قصائد للعرب، وكان إذا سرد الحديث يتعجب الإِنسان، وكان آية في حفظ سرد مذاهب العلماء"انتهى ومن شعره: ولقد جَهِدتُ بأن أُصَاحِبَ أشقرا ... فخُذِلْتُ في جهدي لهذا المطلبِ تنبو الطباعُ عن اللئيمِ كما نَبَتْ ... عن كلِّ سُمٍّ في الأنامِ مُجَرَّبِ فاحذر شناطاً في الرجال وأشقرا ... مع كوسجٍ، أو أعرجٍ، أو أَحَدَبِ أو غائرَ الصدغين، خارجَ جَبْهَةٍ ... أو أَزْرَقاً بدراج، غيرَ مُحَبَّبِ هذا مقالي خبرةٌ بحقيقةٍ ... حقت، وإن خالفتَ ذاك فجَرِّبِ **** • أحمد بن رجب عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود البغدادي المقرئ والد العلامة الحافظ زين الدين بن رجب، شهاب الدين أبو العباس (706- ... ) . قال ابن ناصر الدين:" قرأ القرآن بالروايات وأخذ عن جماعة من الشيوخ كثيرا من المرويات وخرج لنفسه مشيخة مفيدة بتراجم ملخصة فريدة وذكر ابن تيمية بشيخ الاسلام واثنى عليه وكان يحبه ويميل بالمودة إليه". **** • أحمد بن عبد الغالب الماكسيني بن محمد بن عبد القاهر بن ثابت الماكسيني الدمشقي (710 - 795) .

أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن إسماعيل بن وهب بن محبوب، تاج الدين أبو العباس المعري الحميري البعلي الدمشقي الشافعي

ذكر ابن حجر أنه سمع ابن تيمية، وكان عارفًا بأيام الناس. **** • أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن إسماعيل بن وهب بن محبوب، تاج الدين أبو العباس المعري الحميري البعلي الدمشقي الشافعي (701- ... ) . قال ابن ناصر الدين:" أسند الكثير، وسمع منه جم غفير، منهم: أبو الفضل عبد الرحيم بن العراقي، وعلي بن أبي بكر الهيثمي، وعلي بن البناء، ومحمد بن سند، وغير واحد من العلماء. لقي الشيخ تقي الدين، وسمع منه، وروى غير مرة، عنه من ذلك ما قال: أنشدنا شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية -رحمه الله تعالى- فذكر بيتين". **** • أحمد بن محمد بن مري البعلي الحنبلي (....-بعد728) . كان منحرفًا عن ابن تيمية، ثم اجتمع به وأحبه، وتتلمذ عليه، وأخذ من علمه وسلك طريقته.

وكان شديدًا على الصوفية حتى عرف بذلك، وتكلم في مسألتي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وزيارة القبور على طريقة الشيخ تقي الدين وهي طريقة السلف، وامتحن في ذلك وطلبه الأخنائي، فأحضره وسجنه وقامت عليه العامة لحطه على الصوفية وعقد له مجلس بين يدي السطان سنة 725، فأثنى عليه بدر الدين بن جنكلي وبدر الدين بن جماعة، وعارضهم الأمير أيدمر الحظيري، فحط عليه وعلى شيخه وتفاوض هو وجنكلي حتى كادت تكون فتنة، ففوض السلطان الأمر لأرغون النائب فأغلظ القول للفخر ياظر الجيش، وذكر أنه يسعى للصوفية بغير علمٍ، وأنهم تعصبوا عليه بالباطل، فآل الأمر إلى تمكين المالكي منه، فضربه بحضرته ضرباً مبرحاً حتى أدماه ثم شهره على حمار أركبه مقلوباً، ثم نودي عليه هذا جزاء من يتكلم في حق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكادت العامة تقتله ثم أعيد إلى السجن، ثم شفع فيه فآل أمره إلى أن سفر من القاهرة إلى الخليل فرحل بأهله وأقام به وتردد إلى دمشق. وهذا حال العامة والغوغاء مع دعاة الحق في كل زمان ولله سنة كونية في خلقه أن ينصر أولياءه ويعلي كلمته فيبين الحق وترتفع الدرجات وتمحص الصدور، والله المستعان. وله رسالة مهذبة رائقة بعثها إلى تلامذة شيخ الإسلام، قال فيها:"ومن أراد عظيم الأجر التام، ونصيحة الأنام، ونشر علم هذا الإمام، الذي اختطفه من بيننا محتوم الحمام، ويخشى دروس كثير من علومه المتفرقة الفائقة، مع تكرار مرور الليالي والأيام، فالطريق في حقه هو الاجتهاد العظيم على كتابة مؤلفاته الصغار والكبار على جليتها من غير تصرف فيها ولا اختصار، ولو وجد فيها

أحمد بن مظفر بن أبي محمد بن مظفر بن بدر بن الحسن بن مفرج ابن بكار بن النابلسي، شهاب الدين أبو العباس

كثير من التكرار، ومقابلتها تكثير النسخ بها وإشاعتها، وجمع النظائر والأشباه في مكان واحد، واغتنام حياة من بقي من أكابر الإخوان، فكأننا جميعًا بكمال الفوت وقد حان، ويكفينا ما عندنا مع ما فرطنا من عظيم الأسف"انتهى وقال:" ... وإن مما أحث هممكم الصالحة عليه: تحصيل كراريس الرد على الفلاسفة، لأنه ليس في الوجود بهذا المؤلف نسخة كاملة غير النسخة التي بخطي وكانت في الخرستان الشمالي من مدرسة شيخنا، وأخبرني الشيخ شرف الدين رحمه الله أنه أودع المجموع في مكان حريز، وقد شح علي بإنفاذ هذه الكراريس وقت الذهاب إلى الشام، ولا قوة إلا بالله"انتهى وفي الجملة هي رسالة ماتعة يوصيهم فيها بتتبع مخطوطات كتب الشيخ وكتابتها في نسخ وإشاعتها ومقابلتها ويحضهم في أخذ ذلك عن كاتب الشيخ أبي عبد الله ابن رشيق، وأن يراجعوا في ذلك الشيخ جمال الدين المزي، لعلمه بمقاصد الشيخ وسعة إطلاعه وخبرته، وكذلك مراجعة الشيخين الجليلين: ابن قيم الجوزية، والقاضي شرف الدين لتبحرهما في دراية المباحث العقلية والأصولية في كتب الشيخ. **** • أحمد بن مظفر بن أبي محمد بن مظفر بن بدر بن الحسن بن مفرج ابن بكار بن النابلسي، شهاب الدين أبو العباس (675-758) .

أحمد بن موسى الزرعي

قال الذهبي:" سمع من زينب بنت مكي، وابن بلبان، وتقي الدين بن الواسطي، وابن القواس، والتاج عبد الخالق، وخلق كثير. وأكب على الطلب زمانًا، وترافقنا مدة، وكتب وخرج، وفي خلقه زعارة، وفي طباعه نفور عن المحدثين وغيرهم". نقل ابن ناصر الدين من خطه أنه سمع كتاب مجابي الدعوة لابن أبي الدنيا علي الشيخ زين الدين الفارقي بقراءة الشيخ ابن تيمية. نقل من خطه:" بقراءة سيدنا وشيخنا الشيخ السيد الإمام العالم العلامة الحافظ القدوة الزاهد الورع جمال العلماء قدوة المسلمين بركة الأنام شيخ الاسلام إمام العصر تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الحنبلي -فسح الله في مدته وأعاد من بركته- ثم ذكر السامعين، ثم قال: وآخرون على نسخة وقف الخلويني بدار الحديث النورية، ونسخة ملك نجم الدين بن هلال، منهم: كاتب هذا السماع أحمد بن مظفر بن أبي محمد بن مظفر النابلسي -عفا الله عنه-، وصح ذلك وثبت في يوم السبت شهر رجب ثلاث وتسعين وستمائة بالمدرسة العذراوية بدمشق والحمد لله وحده". **** • أحمد بن موسى الزرعي (701 - 762) .

أحمد بن يحيى بن فضل الله بن مجلي بن دعجان بن خلف بن نصر بن منصور بن عبيد الله بن يحيى بن محمد بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي بكر ابن عبيد الله بن أبي سلمة بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر العدوي العمري

كان من كبار أصحاب الشيخ، وتفقه به وتخرج، وكان جريئًا مقدامًا على ملوك التتر، ورفع كثيرًا من المظالم وانتفع الناس به وتردد على القاهرة مرارًا، وقصده الغوغاء للتبرك حتى ذاه صيته فكان نواب الشام يترددون عليه. قال ابن تغرى بردى:" كان له كرامات وقدم، وكان يقيم بزرع من أعمال دمشق، وكان يتقوت من عمل العبي بيده من الصوف، فكان إذا باع العباءة أخذ ثمنها، فإن زادت عن قيمتها يترك الزيادة ويأخذ ما بقي، وكان له مريدون وشهرة كبيرة عند الناس، وكان لا يقبل من أحد شيئاً". وقدم مع الشيخ ابن تيمية لما جاء إلى القاهرة، وكلم في شأنه الأمير بيبرس الجاشنكير في أمره، وأمعن، ثم اجتمع بالسلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة، وكلمه في رفع مظلمة لأهل زرع. ولما خرج من عنده قال فيه السلطان:" ما رأيت أهيب من هذا الرجل". **** • أحمد بن يحيى بن فضل الله بن مجلي بن دعجان بن خلف بن نصر بن منصور بن عبيد الله بن يحيى بن محمد بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي بكر ابن عبيد الله بن أبي سلمة بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر العدوي العمري (700-749) . هكذا أملى نسبه شهاب الدين بن محيي الدين، نقله الحافظ ابن حجر.

إسحاق بن أبي بكر بن ألمى الدسبي بن أطس التركي، ثم المصري، نجم الدين أبو الفضل

وهو أشهر من أن يعرف، كتب مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، وفواصل السمر في فضائل آل عمر، والتعريف بالمصطلح الشريف، والدعوة المستجابة، وكتاب صبابة المشتاق مجلد في مدائح النبي صلى الله عليه وسلم، وسفرة السفر، وكتاب دمعة الباكي ويقظة الساهر، وكتاب نفحة الروض، وله تصانيف كثيرة وباع طويل في الأدب والبلاغة والإنشاء والكتابة. قرأ على الشيخ ابن تيمية كتاب الأحكام الصغرى. قال ابن رافع:" سمع بدمشق من الحجار، ومحمد بن يعقوب الجرائدي، ومحمد بن أبي بكر بن عثمان بن شرف، وست القضاة بنت يحيى بن أحمد بن الشيرازي بالقاهرة ومن والده، وأبي زكريا يحيى ابن يوسف بن المصري، وأحمد بن محمد بن عمر الحلبي وغيرهم، وأجاز له جماعة، وحدث بالقاهرة ودمشق". وأخذ عن ابن الزمالكاني وابن الصائغ وعلاء الدين الوادعي وشهاب الدين أبي الثناء محمود. **** • إسحاق بن أبي بكر بن ألمى الدسبي بن أطس التركي، ثم المصري، نجم الدين أبو الفضل (570-بعد 720) . ترجم له الحافظ ابن رجب في ذيل طبقاته.

سمع من الأبرقوهي، والقرافي، وابن حفص ابن القواس، وإسماعيل بن الفراء، وسنقر الزيني. وكان شاعرًا أديبًا فقيهًا. قال ابن رجب:" له قصيدة حسنة طويلة في مدح الشيخ تقي الدين ابن تيمية، منها: يعنفني في بغيتي رتبة العلى ... جهولٌ أراه راكباً غيرَ مركبي له همةٌ دون الحضيضِ مَحِلُّها ... ولي همةٌ تسمو على كلِّ كوكبِ فلو كان ذا جهلٍ بسيطٍ عذرتُهُ ... ولكنَّه يُدْلِي بجهلٍ مُرَكَّبِ يقول: علامَ اخترت مَذْهَبَ أحمدٍ؟ ... فقلتُ له: إذ كان أحمدَ مذهبِ وهل في ابنِ شيبانٍ مقالةُ قائلٍ ... وهل فيه من طعنٍ لصاحبِ مَضْرَبِ؟ أليس الذي قد طار في الأرضِ ذكرُهُ ... وطبَّقَهَا ما بين شرقٍ ومَغْرِبِ؟ ثم ذكر محنته - إلى أن قال: وأصحابُهُ أهلُ الهدى لا يضرُّهُم ... على دينهم طعنُ امرئٍ جاهلٍ غبي هم الظاهرون القائمون بدينهم ... إلى الحشرِ، لم يغلبْهُمَا ذو تَغَلُّبِ لنا منهم في كلِّ عصرٍ أئمةٌ ... هداةٌ إلى العُليا، مصابيحُ مَرْقَبِ وقد علمَ الرحمنُ أن زماننا ... تشعَّبَ فيه الرأيُ أيُ تَشعُّبِ فجاء بحبرٍ عالمٍ من سَراتهم ... كسبعِ متينَ بعد هجرةِ يثربِ يقيم قناةَ الدينِ بعد اعوجاجِهَا ... وينقذُها من قبضةِ المتعصبِ فذاك فتى تيميةَ خيُر سيِّدٍ ... نجيبُ أتانا من سلامةِ مَنْجَبِ عليمٌ بأدواءِ النفوسِ، يسوسُهَا ... بحكمتِهِ، فعلَ الطبيبِ المُجَرِّبِ

بعيدٌ عن الفحشاءِ والبغي والأذى ... قريبٌ إلى أهلِ التقى، ذو تَحَبُّبِ يرى نصْرةَ الإِسلامِ أكرمَ مَغْنَمٍ ... وإظهارَ دينِ اللهِ أربحَ مَكْسَبِ وكم قد غدا بالفعلِ والقولِ مبطلاً ... ضلالةَ كذَّابِ، ورأىِ مكذبِ ولم يلقَ من أعداه غيرَ منافقٍ ... وآخرَ عن نهجِ السبيلِ مُنَكَّبِ وهي طويلة، ومنها: وليس له في الزهدِ والعِلْمِ مُشْبِهٌ ... سوى الحسنِ البصريِّ وابنِ المُسَيَِّبِ ومدح في آخرها شرف الدين عبد الله أخا الشيخ"انتهى وقال ابن ناصر الدين:" وجدت بخطه (جمال الدين السرمري) في بعض تعاليقه على غاشيته فيه ستة منامات رؤيت لشيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رضي الله تعالى عنه، ووجدت في الأصل بخط الشيخ جمال الدين المذكور ما صورته الحمد لله حق حمده. قال الفقير يوسف بن محمد بن مسعود بن محمد السرمري: وجدت بخط المحدث الفاضل العالم نجم الدين إسحاق ابن أبي بكر بن ألمي التركي، قال: أخبرنا فقير يعرف بعبد الله، وذهب عني اسم والده، ورأيت جماعة من أصحابنا يثنون على دينه، ويذكرونه بالصلاح والخير، قال: رأيت بدمشق في النوم ليلة الجمعة في رجب سنة خمس وسبعمائة، وكأنني خرجت من بيتي لبعض حاجة، وكأن قائلًا يقول لي: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، فأتيت إليه فرأيته جالسًا على دكان خباز، فسلمت عليه وذهبت لأتكلم فلم أطق الكلام، فقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا عبد الله قل ما عندك. فقلت: يا رسول الله ما تنظر ما الناس فيه من الاختلاف وكثرة الاهواء والفتن؟

إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي، عماد الدين

قال: فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال لي: يا عبد الله الحق مع أحمد ابن تيمية، وهو سالك على طريقي وعلى قدمي، وما جئت إلا لأفصل بينهم، ثم إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غضب وتكلم بكلام لم أفهمه إلا أنني فهمت في آخره، وهو يقول أيقدرون أن ينكروا معراجي؟ فوالذي نفسي بيده لقد أسري بي من سماء إلى سماء ومن سماء إلى سماء ورأيت ربي، ووضع -صلى الله عليه وسلم- أصبعه اليمنى تحت عينه اليمنى أو كما قال". **** • إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي، عماد الدين (700 - 774) . المؤرخ المفسر الفقيه الأصولي النحوي المحدث البارع الذي انتفع الناس بكتبه إلى يومنا، وهو أشهر من أن يعرف حسبه كتابه (تفسير القرآن العظيم) في مجلدات أربعة ضخام، وكتابه (البداية والنهاية) في ما يزيد على عشرة مجلدات كبار، وله أشياء أخرى في أسفار مطولة، وفتاوى طارت في البلدان، ولم يقع لنا منها شيء. وله طبقات الشافعية، والأحكام الصغري والكبرى لم يتمها، وشرع في شرح لصحيح البخاري لم يتمه، لازم المزي وصاهره، وقرأ عليه تهذيب

الكمال، وكان فقيهًا ذا مشاركة في الحديث وعلومه، واختصر مقدمة ابن الصلاح في اختصار نافع له فيه فوائد جمة، شرح مختصره الشيخ أحمد شاكر في كتابه (الباعث الحثيث شرح اختصار علو مالحديث) ثم اشتهر كتاب ابن كثير بذلك الاسم وقد نبه الشيخ شاكر على ذلك. قرأ على ابن تيمية وأحبه جدًا وتقلد مسائله وكان يفتي بها وامتحن بسببه. وينقل عنه في تفسيره بواسطة المزي أحيانًا أو الذهبي وبلا واسطة أحيانًا وكذا في تاريخه واختصاره لمقدمة ابن الصلاح. وكذلك سمع من الذهبي، وأجاز له من مصر أبو موسى القرافي، والحسيني، وأبو الفتح الدبوسي، ويوسف الختني، وغير واحد. وقال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في (معجمه المختص) : الإمام الفقيه المحدث البارع عماد الدين درس الفقه وأفتى وتفهم العربية والأصول، ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ ومعرفة". وقال ابن تغردى بردى:"تاريخه في غاية الجودة". قلت: وهو شاهد على تبجيله الشديد للشيخ ابن تيمية، حتى إنه يقدمه على الحافظ المزي على قلة قراءته عليه بالنسبة للمزي صهره!

وقال ابن العماد الحنبلي:"كان كثيرالاستحضار قليل النسيان جيد الفهم يشارك في العربية وينظم نظمًا وسطًا، قال فيه ابن حبيب: سمع وجمع وصنف وأطرب الأسماع بالفتوى وشنف وحدث وأفاد وطارت فتاوويه إلى البلاد واشتهر بالضبط والتحرير". ومن شعره: تمر بنا الأيامُ تَتْرَى وإنَّما ... نُسَاقُ إلى الآجالِ والعينُ تَنْظُرُ فلا عائدٌ ذاك الشبابُ الذي مضى ... ولا زائدٌ هذا المشيبُ المُكَدَّرُ قال ابن تغرى بردى: توفي يوم الخميس سادس عشرين شعبان سنة أربع وسبعين وسبعمائة بدمشق، عن أربع وسبعين سنة، قال الحافظ: وكان قد أضر في آخر حياته. ورثاه بعض طلبته: لفقدك طلاَّبُ العُلُومِ تأَسَّفُوا ... وجادوا بدمْعٍ لا يبيدُ غَزِيرِ ولو مَزَجُوا ماءَ المدامعِ بالدِّما ... لكان قليلاً فيكَ يا ابنَ كَثِيرِ ****

حرف الباء

حَرْفُ البَاءِ

براق أمير آخور بدمشق

• براقٌ أميرُ آخور بدمشق ( ... -757) . قال الحافظ ابن كثير:" كان مشكور السيرة، كثير الصلاة والصدقة، محبًّا للخير وأهله، من أكبر أصحاب الشيخ تقي الدين بن تيمية -رحمه الله تعالى-". قال الحافظ في الدرر:" أقام فيها [الإمارة] قريب الثلاثين سنة، وكان حازماً ضابطاً، كثير الحب في ابن تيمية وأصحابه، وكان يحفظ كثيراً من الأحاديث، وولي إمرة عشرة بآخرة". وقال الصفدي:" كان جيّداً خيّراً يتغالى في محبّة الشيخ تقي الدين ابن تيميّة وأصحابه"انتهى ****

حرف الحاء

حَرْفُ الحَاءُ

حمزة بن موسى بن أحمد بن الحسين الحنبلي، عز الدين، أبو يعلى بن قطب الدين ابن أبي البركات ابن شيخ السلامية

• حمزةُ بنُ موسى بنِ أحمدَ بنِ الحسينِ الحنبليِّ، عزُ الدينِ، أبو يعلى بنُ قُطْبِ الدينِ ابنِ أبي البركات ابن شيخِ السَّلاميةِ (712- 769) . أحد أعيان الحنابلة المبرِّزين في زمنه، درس وتفقه وبرع، وله شرح على المنتقى للمجد ابن تيمية لم يتمه، وله على كتاب ابن حزم قطعة مفيدة، قاله الحافظ. وله عناية بنصوص أحمد، وفتاوى الشيخ ابن تيمية، قال الحافظ: وكان يوالي فيها ويعادي! قلت: وليس ذلك لشيء إلا لأنها مستندة إلى الكتاب والسنة وفقه السلف الصالحين في الأصول والفروع. وقال ابن ناصر الدين:" وجدت بخطه في عدة مواضع قال شيخ الاسلام ابن تيمية، ومنها على حاشية مسألة الجد هل هو مسقط للاخوة أم لا؟ وترجيح قول الصديق -رضي الله عنه-، قال تصنيف شيخ الاسلام علم الزهاد قطب فلك الأنام أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني -قدس الله روحه-". ****

حرف الخاء

حَرْفُ الخَاءِ

خالد المجاور

• خالدُ المُجَاوِرُ ( ... -741) . قال الذهبيُّ في العِبَرِ:" صَحِبَ الشيخ تقي الدين ابن تيمية. وله حال، وكشف، وكلمة نافذة- رحمه الله-"انتهى قال ابن ناصر الدين:" كانت له أحوال صالحة، وكلمات موقظة ناصحة، وكشف عن بعض أمور، وكلمته نافذة في المأمور يأمر بالمعروف فيطاع، وينهى عن المنكر فيقابل بالاستماع، وكان أحد أصحاب الشيخ تقي الدين ابن تيمية الإمام، ويعظمه كغيره من الأعلام ويترجمه بشيخ الإسلام". **** • خليلُ بنُ أيبكَ بنِ عبدِ اللهِ، أبو الصفاءِ صلاحُ الدينِ الصَفَدِيِّ (697-764) . قال ابن حجر:" تعانى صناعة الرسم، فمهر فيها، ثم حبب إليه الأدب، فولع به، وكتب الخط الجيد، وذكر عن نفسه أن أباه لم يمكنه من الاشتغال حتى استوفى عشرين سنة، فطلب بنفسه، وقال الشعر الحسن، ثم أكثر جداً من النظم والنثر والترسل والتواقيع. وأخذ عن الشهاب محمود وابن سيد الناس وابن نباتة وأبي حيان ونحوهم، وسمع بمصر من يونس الدبوسي ومن معه وبدمشق من المزي وجماعة، وطاف مع الطلبة وكتب الطباق، ثم أخذ في التأليف، فجمع تاريخه الكبير الذي سماه (الوافي بالوفيات) في نحو ثلاثين مجلدة على حروف المعجم، وأفرد منه أهل

عصره في كتاب سماه (أعوان النصر في أعيان العصر) في ست مجلدات، وله شرح لامية العجم كثير الفوائد وألحان السواجع بين المبادي والمراجع مجلدان. ومن تصانيفه اللطاف: التنبيه على التشبيه، وجر الذيل في وصف الخيل، وتوشيح الترشيح، وكشف الحال في وصف الخال، وجنان الجناس، وغير ذلك"انتهى قال الذهبي:" الإمام العالم البليغ الكامل طلب العلم، وشارك في الفضائل، وساد في الرسائل، وقرأ الحديث، وجمع وصنف، له تواليف وكتب وبلاغة"انتهى صحب الشيخ ابن تيمية، ولازمه واستفاد منه، وأكثر عنه جدًا في كتابه (الوافي) وغيره، وقال فيه:" أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني ابن تيمية، الشيخ الإمام، العالم العلامة، المفسر الفقيه، المجتهد الحافظ، المحدث شيخ الإسلام، نادرة العصر ذو التصانيف والذكاء والحافظة المفرطة، تقي الدين أبو العباس". وحكى عنه في إعراضه عن ملاذ النفس كالطعام والشراب فقال:" حُكِيَ لي عنه أن والدته طبخت يوماً قرعية ولم تذقها أولاً، فكانت مرّة فلما ذاقتها تركتها على حالها، فطلع إليها، وقال: هل عندك ما آكل؟ قالت: لا إلا أنني طبخت قرعاً كان مرّاً، فقال: أين هو؟ فأرته المكان الذي فيه تلك القرعية، فأحضرها، وقعد أكلها إلى أن شبع، وما أنكر شيئاً منها، أو كما قيل"انتهى

وقال:" كنت أحضر دروسه، ويقع لي في أثناء كلامه فوائد لم أسمعها من غيره، ولا وقفت عليها في كتاب، رحمه الله تعالى. وعلى الجملة فما رأيت ولا أرى مثله في اطّلاعه وحافظته، ولقد صدَّق ما سمعنا به عن الحفَّاظِ الأُوَلِ، وكانت هممه علية إلى الغاية؛ لأنه كان كثيراً ما ينشد: تموتُ النفوسُ بأوصابِهِا ... ولم تشكُ عوَّدُاها ما بِهَا وما أنصفَتْ مهجةٌ تشتكِي ... هواها إلى غيرِ أحبابِهِا وينشد أيضاً: من لم يُقَدْ ويُدَسَّ في خيشومِهِ ... رهجُ الخميسِ فلن يقودَ خمَِيسَا "انتهى وقال في أعيان العصر:" قلت أنا أيضاً أرثيه: إنّ ابنَ تيميّةَ لمّا قضى ... ضاق بأهلِ العِلمِ رَحبُ الفضا فأيُّ بدرِ قد محاه الرَّدى ... وأيُّ بحرٍ في الثَّرى غُيِّضا وأيّ شرِّ فتحت عينُهُ ... وأيُّ خيرٍ طرفُه غُمِّضا يا وَحشَةَ السُّنَّةِ من بَعدِه ... فرَبعُها المعمورُ قد قُوِّضا كم مَجلسٍ كان هشيماً من ال ... علم فلمّا جاءه رُوّضا وكلُّ حَفلٍ أفقُهُ مُظَّلِمٌ ... تَراه إن وافى إليه أضا ومُشكِلٌ لمّا دَجى ليلُه ... أعادَه يومَ هُدِي أبيضا

تراه إن بَرْهَنَ أقوالَهُ ... فقلَّ أن تُدحَرَ أو تُدحَضا وربحُه في مَددٍ طافحٍ ... وخصمُه في وقتِه انقضا يودُّ لو أبلعَهُ ريقه ... وهو بالحقِّ قد أجْرِضا أغصَّه حتى غدا مُطرقاً ... مِن ندمٍ كفّيه قد عضّضا ما كان إلا أسداً حادِرا ... أضحى له غابُ النُّهى مَربَضا وهو يرى العِلمَ في بُردِه ... وخَصمُه قد ضمّ جَمرَ الغضا سُبحان من سخَّر قَلبَ الورى ... لقوله طوعاً وقد قيَّضا قد أجمعَ النّاسُ على حُبِّه ... ولا اعتبارَ بالذي أبغضا كان سليمَ الصَّدرِ قد سلّم ال ... أمرَ لباريه وقد فوّضا كم حثّ للخير وكم ذي كرى ... أيقظ من نومٍ وكم حرّضا وأمرض الإلحادَ لمّا جلى ال ... حقّ وقلبُ الزِّيغِ قد أرمضا وغادر الباطلَ في ظُلمَةٍ ... لمّا رأى بارقَةٌ أومضا وهو عن الدنيا زوى نفسَه ... والله بالجنَّةِ قد عوّضا فماله في منصبٍ رغبَةٌ ... وعزمُه في ذاك ما استنهضا كان إذا الدّنيا له عرضت ... بزُخرفِ من نفسها أعرضا ولو رأى ذلك ما فاته ... مناصبُ من بَعضهنَّ القضا وبعد هذا حكُمه نافذذٌ ... في كلِّ ما قد شاءه وارتضى بنفسه جاهدَ جهراً وكم ... سَلَّ حّساماً في الوغى وانتضى ويوم غازان غدا عندما ... شدّدَ في القولِ ومت خفَّضا شقَّ سواد المُغلِ زاهي الطُلا ... كالماء لما مَزقَ العَرمَضا جاذل بل جالد مُستمسِكا ... بالحق حتى إنّه أجهَضا

ولم يكن فيه سوى أنه ... خالف أشياءَ كمن قد مضى متبعاً فيه الدّليل الذي ... بدا ولله فيه القضا وبعد ذا راحَ إلى ربه ... ما ادّان مِن لهوٍ ولا استقرضا ثناؤه ما انقضَّ منه البنا ... وذِكرُه بين الورى ما انقضى فجادَت الرَّحمةُ أرضاً ثوى ... فيها وسقَّتْها غُيوثُ الرِضى وعلى الجملة، فكان الشيخ تقي الدين بن تيمية أحد الثلاثة الذين عاصرتهم، ولم يكن في الزمان مثلهم، بل ولا قبلهم من مئة سنة، وهم الشيخ تقيُّ الدين بن تيمية، والشيخ تقيُّ الدين بنُ دقيق العيد، وشيخنا العلاّمة تقيُّ السبكي. وقلت في ذلك: ثلاثةٌ ليسَ لهم رابعٌ ... فلا تكنْ من ذاكَ في شكِّ وكُّلهم مُنتسبٌ للتُّقى ... يقصًرُ عنهم وصفُ من يحكي فإن تَشَا قلت: ابنُ تَيْمِيَّةٍ ... وابنُ دَقِيقٍ العيدِ والسُبْكِي "انتهى قلت: السبكي ليس بشيء بل هو أشعري محترق فلعله غرهم بعلمه في الفروع والأصول المختلطة بالكلام المذموم والشقشقات الاعتزالية ونحو ذلك. ونقل الصفدي في الوافي بالوفيات عن الشيخ شعرًا على لسان الفقراء: واللهِ ما فَقْرُنا اختيارٌ ... وإنما فقرُنا اضطرارُ جماعةٌ كلُّنا كُسالى ... وأكلُنا ما له عِيارُ تسمعُ منَّا إذا اجتمعنا ... حقيقةً كلُّها فِشَارُ

خليل بن كليكلدي بن عبد الله العلائي الدمشقي الشافعي، صلاح الدين أبو سعيد

وهكذا نقلها ابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات. **** • خليلُ بنُ كليكلدي بنِ عبدِ اللهِ العلائيُّ الدمشقيُّ الشافعيُّ، صلاحُ الدينِ أبو سعيدٍ (694-761) . قال ابن حجر في درره:" سمع صحيح مسلم على شرف الدين الفزاري، وسمع البخاري على ابن مشرف سنة أربع، وذلك بإفادة جده لأمه برهان الدين إبراهيم بن عبد الكريم الذهبي، واشتغل في الفقه والعربية، وطلب الحديث بنفسه من سنة إحدى عشرة، فجد وقرأ وسمع فأكثر عن التقي سليمان والدشتي وأبي بكر بن أحمد بن عبد الدائم وعيسى المطعم وإسماعيل ابن مكتوم والقاسم بن عساكر وقريبه أبي إسمعيل بن عساكر وإبراهيم بن عبد الرحمن الشيرازي وقريبه أبي نصر بن الشيرازي وعبد الأحد بن تيمية وست الوزراء والطبقة فمن بعدهم. وبالقدس من زينب بنت شكر، وبمكة من الرضي الطبري، وبمصر من جماعة من أصحاب النجيب، وبلغ عدد شيوخه بالسماع سبعمائة، وجمع فهرست مسموعاته في كتاب سماه (الفوائد المجموعة في الفرائد المسموعة) ، وصنف التصانيف في الفقه والأصول والحديث كالقواعد التي جودها، وتحفة الرائض بعلوم آيات الفرائض، والأربعين في أعمال المتقين، وشرح حديث ذي اليدين في مجلد، والوشي المعلم فيمن روي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكتبه كثيرة جداً سائرة مشهورة نافعة متقنة محررة، وكان بزي الجند، ثم لبس زي الفقهاء، وحفظ التنبيه، ومختصر ابن الحاجب،

ومقدمته في النحو والتصريف، وكتاب الأربعين الأرموي، والإلمام ورحل صحبة ابن الزملكاني إلى القدس، ولازمه، وتخرج به وعلق عنه كثيراً، ولازم البرهان الفزاري وخرج له مشيخة ". وقال بعد ذلك:" كان ممتعاً في كل باب فتح، ويحفظ تراجم أهل العصر ومن قبلهم، وكان له ذوق في الأدب ونظم حسن مع الكرم، وطلاقة الوجه، وكان يكتب في الإجازات أجازهم المسؤول فيه بشرطة خليل بن كيكلدي العلائي بكاتبه، ووصفه بالحفظ شيخه الذهبي في مشيخته، وقال في المختص: يستحضر الرجال والعلل وتقدم في هذا الشأن مع صحة الذهن وسرعة الفهم. وقال الحسيني: كان إماماً في الفقه والنحو والأصول مفتناً في علوم الحديث وفنونه علامة فيه حتى صار بقية الحفاظ عارفاً بالرجال علامة في المتون والأسانيد بقية الحفاظ ومصنفاته تنبي عن إمامته في كل فن ولم يخلف بعده مثله، وقال شيخنا في الوفيات درس وأفتى وجمع بين العلم والدين والكرم والمروءة ولم يخلف بعده مثله. وقال الأسنوي في الطبقات: كان حافظ زمانه إماماً في الفقه والأصول وغيرهما ذكياً نظاراً فصيحاً كريماً ذا سطوة وحشمة انقطع في القدس للتدريس والإفتاء والتصنيف وأطنب في وصفه، وذكر أن السبكي سأل من تخلف بعدك، فقال: العلائي". ونقل ابن ناصر الدين ثناءه على الشيخ ابن تيمية فقال:" روى الشيخ صلاح الدين العلائي المذكور في الشيخ تقي الدين فقال أخبرنا شيخنا وسيدنا شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن عبد السلام ابن

تيمية، وأخوه لأمه الامام بدر الدين أبو القاسم محمد بن قاسم الحراني، ونسيبهما عز الدين أبو محمد عبد العزيز بن عبد اللطيف بن عبد العزيز ابن تيمية، والعلامة كمال الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر الشريشي ذكر غيرهم ثم قال: قالوا كلهم خلا الشريشي أخبرنا أبو العباس أحمد ابن عبد الدائم بن نعمة المقدسي وذكر أحاديث انتقاها الحافظ صلاح الدين العلائي المذكور من جزء ابن عرفة". ****

حرف السين

حَرْفُ السِّينِ

سعد الله بن عبد الواحد بن سعد الله بن عبد القاهر بن عبد الأحد بن عمر الحراني، شرف الدين المعروف بابن نجيح الحنبلي، أبو محمد

• سعدُ اللهِ بنُ عبدِ الواحدِ بنِ سعدِ اللهِ بنِ عبدِ القاهرِ بنِ عبدِ الأحدِ بنِ عمرَ الحرانيُّ، شرفُ الدينِ المعروف بابن نَجِيحٍ الحنبليُّ، أبو محمد ( ... -....) . لم أجد له ترجمة. وهو القائل في مدح ابن تيمية: سناك تقيَّ الدينِ أبهى وأنورُ ... وأشرقُ من شمسِ النَّهارِ وأشهرُ ومجدُك أسمى أن يقاسَ بمثلِهِ ... وأعظمُ مما في النفوسِ وأكبرُ وعرفُ سناك المَنْدَليُّ له شذا ... ألذُّ من المسكِ الذَّكيِّ وأعطرُ وعلمُكَ أقسامَ العلومِ بأسرِهَا ... أدلتُهُ تُوهِي الخصومَ وتَبْهِرُ وصبرُكَ في ذاتِ الإلهِ على الأذى ... أنالَكَ ما ترجو وما تَتَخْيَّرُ وأمرُكَ بالمعروفِ طَهَّرَ وَقْتَنَا ... فلم يَبْدُ في أيامِكَ الغُرِّ مُنْكَرُ فيا ليتَ علمي والمناقبُ جَمَّةٌ ... لأي سجاياك الجَمِيلَةِ نَشْكُرُ وماذا عسى يُثْنِي عليك مُبَالِغٌ ... بمدحٍ، وهل يُدْلَى إلى البحرِ جوهرُ فدم واثقًا باللهِ مُعْتَصِمًا بهِ ... وعاضدُكَ الشرعُ الشريفُ المُطَهَّرُ سليمًا من الآفاتِ في ظلِّ نِعْمَةٍ ... من اللهِ صافٍ وِرْدُهَا لا يُكَدَّرُ هكذا نقلها الحسن ابن حبيب في (تذكرة النبيه) . ونقل ابن عبد الهادي وغيره عنه في رثاء الشيخ: أيُّها الماجدُ الذي فاقَ فَخْرا ... وسما رِفْعَةً على الأقرانِ يا إمامًا أقامَهُ الله ُ للعالمـ ... ـينَ هاديًا باللطفِ والإحسانِ يا غريبَ المثالِ يا مُوضِحَ الإشـ ... كالِ بالبيناتِ والبرهانِ يا تقيَّ الدُّنى مع الدينِ يا مَنْ ... خُصَّ بالفضلِ واكتمالِ المعاني

لا تحلَّ العوادَ إن أكثروا الترـ ... ـداد أو أقدموا بلا استئذانِ أنتَ رَوْحُ الوجودِ في عَصْرِكَ الآ ... ـنَ وقلبُ الورى وعينُ الزمانِ والبرايا إذا اعتبرت جميعًا ... منك أضحوْا بمنزلِ الجُثْمانِ وإذا الداءُ خامرَ الرَوْحَ والقَلْـ ... ـبِ تَعَدَّى الداءُ إلى الأبدانِ فجديرٌ بسائرِ الصَحْبِ إن هُم ... أطنبوا في السؤالِ للرَّحْمَنِ أن يديمَ ظلِكَّ الظليلَ عليهم ... سالمًا من طوارقِ الحَدَثانِ قلت [الأموي] : حذفت من منها أبياتًا في التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه. قال: وله رحمه الله: يا من له فطنةٌ فاقت ذوي الفِطَنِ ... يا ذا المناقبِ والأفضالِ والمِنَنِ يا من أواليهِ في سرى وفي علني ... لا تلحني في انخذالي عن بني الزَّمَنِ ولا اغترابي عن الأهلينَ والوَطَنِ يا من لدينِ هواهُ بتُّ مُعْتَقِدا ... ومن بذيلِ هواه ظَلْتُ مُعْتَضِدَا كن لي عذيرًا فلا نلتَ العداتِ غدا ... ولا تلمني إذا أصبحت منفردا عن الوجودِ بلا خلٍ ولا سَكَنِ كم جهدُ مثلي أن يُخْفِى تَمَلْمُلَهُ ... عن الوشاةِ وأن يُخْفِى تَحْمُّلَهُ إن نَمَّ دمعي بأسراري يَحِقُّ له ... فبي من الوَجْدِ ما إن لو تَحْمَّلَهُ رضوى لذابَ جوىً أو بَذْيُلٌ لفَنِي لكنَّ قَلْبِي وإن ضَاقَتْ مَسَارِحُهُ ... لِمَا حوتهُ من البَلْوَى جَوَارِحُهُ به غريمُ غرامٍ لا يُبَارِحُهُ ... ولَّي مِنَ الفِكْرِ نَدْمَانٌ أُطَارِحُهُ ما بي فأفهمُ ما أشكو ويفهمُنِي

شُغِلْتُ فيه به عمن سواه فما ... ألِوي على صرفِ دهرٍ جارَ أو رَحِمَا ولا أبالِ أذاعَ السِّرُّ أم كَتَمَا ... وكيف أصبحَ بالأغيارِ مُلْتَئِمَا وبعضُ ما بي عن آبايَ يَشْغَلُنِي هذا ولو أُضْرِمَتْ في القلبِ نارُ غَضَا ... ما ازددتُ إلا ابتهاجا بالهوى ورِضَا لكنَّ جوهرَ صبري مذ غدا عَرَضَا ... أنشدتُ قولَ الفتى الجيليِّ ممتعضا به ومن مثلِ قولِ السيدِ الحَسَنِ مخاطبًا لجهولٍ باتَ يؤلمُهُ ... عذلًا ويلحاه فيما ليس يعلمُهُ عني ملامَكَ إني لست أفهمُهُ ... ورُبَّ وَقْتِ وجودي فيه أسأمُهُ دعْ الأجانبَ بلْ رَوْحِي تُزَاحِمُنِي وله فيه أيضًا -رحمه الله ورضي عنه-: يا عالماً جلَّ عن ضدٍ يُضَاهِيهِ ... وفاقَ أقرانَهُ فيما يعانِيهِ يا ذا الفضائلِ يا زينَ الأماثلِ يا ... مُرْدِى المُمُاثِلِ يا مُوهِى مُنَاويِهِ إيضاحُ فضلِكَ لا يحتاجُ تكملةٍ ... لكن مفصَّلُهُ عن ذاك مُجْزِيهِ يا من إذا رمت أن أُحْصِي مَنَاقِبَهُ ... نظمًا ونثرًا وأنْشِيهِ وأرويهِ حُصِرتُ لولا سجاياه تُهَذِّبُني ... لما ظَفِرْتُ بمعنىً من معانيهِ محررُ المجدِ في مدحيكَ لخُصَ لي ... هدايةً أرشدت إرشادَ تنبيهِ يا عمدةَ المقتدي حقًا ومَقنَعَةً ... فيا يرومُ وكافيهِ ومغنيهِ ويا نهايةَ طلابِ الرعايةِ من ... وسيطِ علمٍ وخُبْرٍ أنت حاويهِ يا غنيةَ المبتغين الرشدَ مانِحَهُم ... فتوحَ غيبٍ أتى من عندَ باريهِ أبديتَ تعجيزَ أهلِ النظمِ فاعترفوا ... بالعجزِ عن كُنْهِ ما أصبحت تُبْدِيهِ للهِ كَمْ مَيْتِ عِلْمٍ أَنْتَ تَنْشُرُهُ ... منِ بعدِ ما كادتِ الأيامُ تَطْوِيهِ

وكمْ حُصُونِ ضَلالٍ أنتَ هَادِمُهَا ... قهرًا وكمْ قولِ غاوٍ أنتَ مُوهِيهِ بيَّنتَ إفسادَ ما قد حللوه لهم ... تبيينَ تحريمِ لا تبيينَ تنزيهِ من الدباثةِ حيث الجُعْلَ يَبْذُلُهُ ... المسكينُ من كفِّهِ كيما يكافِيهِ وقُمْتَ بالحقِّ في ذا العصرِ مجتهدًا ... في نصرِهِ مبطلًا دعوى أعاديهِ يا حجةَ اللهِ في هذا الزمانِ على الـ ... ـوجودِ ما بين قاصيهِ ودانيهِ يا من يراه إلهُ العرشِ داعيةً ... إلى الهدَى بلطيفِ من تَأَتِّيهِ يا كاشفَ المُشْكِلاتِ المُعْضِلاتِ لَنَا ... بأبلجٍ مستنيرٍ من فتاويهِ يا من أبى مقولي إلا مدائحَهُ ... ولو مدحت سواه كنت أعنيهِ ومن حداني إلى أني أخاطِبُهُ ... بالمدحِ حتَّى كأنِّي لا أناجِيهِ إلا مخافةَ ذي مِحَلٍ وذي حَسَدٍ ... يلحى فيعربَ عما فيهِ من فِيهِ! وإنْ تَعَرَّضَ ذو ضُغْنٍ تلوتُ له ... (فذلكنَّ الذي لمتنَّنِي فيه) قلت (الأموي) : البيت الأخير ضمن فيه بعض آية من القرآن من سورة يوسف عليه السلام وهي قوله تعالى {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ} [يوسف:32] . وليس في ذلك شيء من حرمة أعلمه، أما ما يعرف بالاقتباس وهو: تضمين الشعر أو النثر بعض القرآن لا على أنه منه بألا يقال فيه قال الله تعالى ونحوه. ففي ذلك خلاف معروف، واشتهر عن المالكية تحريمه، وفي ذلك تفصيل ينظر له الفصل المخصوص في كتاب الإتقان للجلال السيوطي، فالغنية ثمت. وله أيضًا يذكر ذل الخصوم -رحمه الله-:

لئن نافقوهُ وهوَ في السِّجْنِ وابتغَوا ... رضاهُ وأبدوا رِقَّةً وتَوَدُّدَا فلا غروَ: إنْ ذلَّ الخصومُ لبأسِهِ ... ولا عَجَبٌ إنْ هابَ سطوَتَهُ العِدَا فمِنْ شِيمَةِ العَضْبِ المُهَنَّدِ أَنَّه ... يُخَافُ ويُرْجَى مُغْمَدًا ومُجَرَّدا وله أيضًا فيه يمدحه -رحمه الله-: أيا من مناقبُهُ فَاخِرَه ... ويا من مواهِبُهُ غَامِرَه ويا من سَحَائِبُ إِفْضَالِهِ ... بآمالِ أمالِهِا مَاطِرَه ويا من له همةٌ لم تَزَلْ ... بَنَجْحِ مقاصدِهِ ظَافِرَه ويا من عزائِمُهُ لا تَنِي ... إلى درجاتِ العلا سائِرَه ويا ليثَ حَرْبٍ إذا ما سطا ... تَذِلُّ له الأسُدُ الكَاسِرَه ويا طورَ حلمٍ إذا ما جنى ... عليه امرؤٌ ينثتي عَاذِرَه وإن نالَ منه بسوءِ المقالِ ... وقبحِ الفعالِ غدا غَافِرَه ويا بحرَ علمٍ تكادُ البحا ... رُ تفيضُ بأمواجِهِ الزَّاخِرَه ويا من أدلتُهُ بالنصو ... صِ لأخصامه بدت قَاهِرَه ويا من براهينُ أقوالِهِ ... كشمسِ الضُّحى إذ بدت سافِرَه ويا من عوارفُ عِرفانِهِ ... تفوقُ على الأنجمِ الزاهره ويا من صوارمُ آرائِهِ ... لأعناقِ أعدائِهِ باتِرَه ويا قدوةً يقتدي العارفونَ ... بنور هدايتِهِ الوافِرَه ويا من قصده بهدى الطالب ... ين يؤيد باطنُهُ ظاهِرَه ويا داعيَ الخلقِ في عصرِهِ ... إلى الحقِّ بالحججِ الباهِرَه ويا من مكارمُ أخلاقِهِ ... زكت بعناصرِهِ الطاهِرَه

ويا من بدائعُ أوصافِهِ ... تعينُ على مَدْحِهِ شَاعِرَه وماذا عسى يبلغُ المادحو ... ن من القولِ بالفِطَنِ القَاصِرَه ومجدُك قد أعيا الواصفـ ... ـين وصيَّر آذانهم حائِرَه ولكنَّ ذلكَ جَهْدُ الُمقِلِّ ... فكن بالقبولِ له جابِرَه أيا من دعائي ويا من ولائي ... وفائحَ أثنيتي العاطِرَه لعلياءِ حضرتِهِ دائمًا ... تردد واردةٍ صادِرَه لعمرك إن كان حظي غدا ... من الله في داره الآخره كما هو عندك في هذهِ ... فتلك إذا كرةٌ خَاسِرَه وله غير ذلك الكثير، وإنما اكتفيت بما مضى اختصارًا، وكل في ترجمة ابن عبد الهادي. ****

حرف العين

حَرْفُ العَيْنِ

عبادة بن عبد الغني بن منصور بن منصور بن سلامة الحنبلي الحراني

• عبادةُ بنُ عبدِ الغني بنِ منصورِ بنِ منصورِ بنِ سلامةَ الحنبليُّ الحرَّانيُّ (671- 793) . لازم ابن تيمية، وكان يعقد الأنكحة، وفيه تواضع ومروءة، حسن الأخلاق متودد، متصون، سمح. وقال الذهبي:" كان ديناً متهجداً متواضعاً حسن الأخلاق متودداً متصوناً سمحاً ونعم الرجل كان ويا ليته كان لا شهد ولا عقد". وقال الحافظ:" وكان قد حصل له أذى من القاضي السبكي تقي الدين الشافعي، ومنعه من فسخ النكاح بعمل المحلوف عليه؛ فإنه كان يفتى به ولا يعد الفسخ طلاقاً، وكان يحصل من ذلك جملة، فتألم لذلك وكمد، وكان القاضي تقي الدين أراد أن يعيده فعاجله الموت". **** • عبدُ السَّيِّدِ بنُ المُهَذَّبِ إسحاقَ بنِ يحيي الطبيبُ الكَحَّالُ الحكيمُ الفاضلُ البارعُ، بهاءُ الدينِ ( ... -715) . تشرف بالإسلام على يدي الشيخ ابن تيمية لما بيَّنَ له بطلان دين اليهودية، وما بدلوه من دينهم وحرفوه من كتبهم. قال ابن كثير:" أسلم على بصيرة وأسلم على يديه خلق كثير من قومه وغيرهم، وكان مباركًا على نفسه وعليهم، وكان قبل ذلك ديَّانَ اليهود، فهداه

عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور المقدسي الصالحي، محب الدين أبو محمد

الله تعالى، وتوفي يوم الأحد سادس جمادي الآخرة، ودفن من يومه بسفح قاسيون". **** • عبدُ اللهِ بنُ أحمدَ بنِ عبد الله بنِ أحمدَ بن أبي بكر محمدِ بنِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ إسماعيلَ بنِ منصورٍ المقدسيُّ الصالحيُّ، مُحِبُّ الدينِ أبو محمدٍ (682-737) . سمع بإفادة أبيه من ابن البخاري، وزينب ابنة مكي، وخلق. وطلب هو لنفسه فأكثر ومشيخته نحو ألف شيخ، وأفاد كثيرًا، واستفاد وخرج لنفسه ولغيره من ذوي الاسناد، وحدث كثيرًا وسمع منه جم غفير. قال ابن حجر:" لا تحصى عدة شيوخه، وقرأ العالي والنازل. قال الذهبي: انتقيت له جزءاً وسمع مني، وكان خيراً متصونًا مليح الشكل طيب الصوت بالقراءة سريع السرد نافعاً في المواعيد له زبون ومحبون، وقرأ مالاً يعبر عنه كثرة، وانتقى لبعض شيوخه ونسخ عدة أجزاء". وقال ابن ناصر الدين:" كان الشيخ تقي الدين ابن تيمية يحبه ويحب قراءته، وجدت بخطه في مواضع ترجمة الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام منها: في إثبات سماع أولاده من ذلك ما صورته وحضر ولدي محمد جبره الله في السنة الثالثة بقراءتي يوم ختم الصحيح على المشايخ السبعة سيدنا وشيخنا الامام العلامة الحافظ القدوة الحجة العمدة الزاهد الورع بقية الأئمة الاعلام وشيخ مشايخ الاسلام مفتي فرق المسلمين حجة المذاهب فريد العصر وأوحد

الدهر علم الهدى ناصر السنن قامع البدع تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله ابن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية، وذكر بقية السماع، وأنه كان يوم الاثنين الثالث من ذي الحجة سنة أربع عشرة وسبعمائة بالمدرسة الحنبلية داخل دمشق، ووجدت أيضًا بخط الشيخ محب الدين المذكور ما نصه وسمع ابناي محمد وأحمد -وفقهما الله تعالى- بقراءتي على المشايخ الاثنين والعشرين شيخنا وسيدنا الامام العلامة الحافظ القدوة العمدة الحجة شيخ الاسلام مجتهد العصر لسان الشريعة حجة المذاهب إمام الطوائف تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن الشيخ العلامة مجد الدين عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني، وذكر بقية الشيوخ ... ووجدت أيضًا بخط الشيخ محب الدين المذكور على منتقى من جزء أيوب السختياني انتقاء الضياء سمع جميع هذا الجزء من لفظ شيخ مشايخ الإسلام فريد العصر والأوان مفتي الفرق بركة المسلمين تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية -رضي الله تعالى عنه- بسماعه من ابن عبد الدائم الشيخ الحافظ علم الدين القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي وعبد الله بن أحمد بن المحب المقدسي وذا خطه، وذلك في يوم الثلاثاء رابع عشر صفر سنة تسع وتسعين وستمائة بدار الحديث السكرية بالقصاعين بدمشق". ****

عبد الله بن خضر بن عبد الرحمن الرومي الحريري المعروف بالمتيم

• عبدُ اللهِ بنِ خضرِ بنِ عبدِ الرحمنِ الروميُّ الحريريُّ المعروفُ بالمُتَيَّمِ ( ... -731) . ذكره ابن عبد الهادي في ترجمة الشيخ، وقال:" هذه القصيدة نظم الشيخ عبد الله بن خضر بن عبد الرحمن الرومي الأصل الدمشقي الحريري المعروف بالمتيم يرثي الشيخ تقي الدين ابن تيمية وهو أحد أصحابه رضي الله عنه وأرضاه: لقد عذبوا قلبي بنارِ المحبةِ ... وذابَ فؤادي من فِراقِ الأحبةِ وزادَ غرامي في اشتياقي إلى الحمى ... وهيَّجَ بلبالي حنيني ولوعتي فيا عظمَ أحزاني ووجدي عليهمو ... ويا طولَ أشواقي إليهم ووحشتي فلم أنسَ أيامًا تقضت بقربِهم ... ومن عيشتي لما تولوا تولت ملأت النواحي من نواحي وكيفَ لا ... أنوحُ على قومٍ همو خيرُ جيرتي ومن عجبي أنِّي أحنُّ إليهم ... وقد سكنوا قلبي وروحي ومهجتي ذكرتُ فلم أنسى زمانَ وصالِهم ... أأنسى ليالٍ بالعُذَيبِ تَقْضَتِ منازلُ أحبابي مواطنُ سادتي ... مطالعُ أقماري شروقُ أهلتي معاهدُ أفراحي ديارُ سعادتي ... مواسمُ أرباحي أويقاتُ لذتي مضت وانقضت عني كأنَّ لم أكن بها ... وما ذاك إلا من ترادفِ غفلةِ أعللُ روحي بالغويرِ وبانةٍ ... وما شوقُها إلا لسكانِ رامةِ إذا لم يلح لي بارقٌ من حماهمو ... فيا خيبة المسعى ويا طولَ شقوتي وإن لم أقض العمرَ بين خيامِهم ... فلا عشت في الدنيا ولا نلتُ منيتي وإن لم أشاهدْ حسنَهم في مشاهدي ... فقد فاتني سؤلي ومتُّ بحسرتي وإن لم أجد نورَ الهدى من خبائِهم ... يضيءُ به قلبي فيا عظمَ حيرتي

لغير رضاهم ما تمنت مطامعي ... ولا لسواهم ما حلالي تلفتي يقولون لي: لم لا سلوت هواهمو ... فقلت دعوني ما بليتم بمحنتي ولا ذقتمو ما ذاق قلبي من الجوى ... ولا مسكم ضُرِّي وناري وحرقتي فهل لي جنانٌ أن يهم بغيرهم ... وهل لي لسانٌ أن يفوه بسلوتي وحاشاي أن أسلو هواهم وحبَّهم ... يذكرُني حفظَ العهودِ القديمةِ فهم سرُّ أسراري ونورُ مناظري ... وروحي وريحاني وأنسى وبهجتي وهم عينُ أعياني وقلبي وقالبي ... وهم منتهى قصدي ومشهد رؤيتي وهم في معاينهم حياتي حقيقةً ... وهم في مغانيهم أهيلُ مودتي وهم في تجليهم شموسُ إذا بدوا ... وهم في تجنيهم رياضي ونزهتي وهم أينما كانوا نهايةَ مقصدي ... وهم أينما حلوا مرادي وبغيتي وهم نورُ أنواري وسرُّ حقائقي ... وهم أنسُ تأنيسي ومأمنُ خيفتي ترى يشتفي قلبي برؤيتهم على ... رياضِ الهنا يوماً وتبردُ غلتي وتحيا بهم روحي حياةً هنيئةً ... مسرمدةَ التنعيمِ في روضِ جنَّةِ إذا سمحوا لي نظرةً من جمالِهم ... فقد نلت من رضوانهم كلَّ وصلةِ عليهم سلامُ اللهِ ما هبت الصَّبا ... وما ناحت الأطيارُ شوقًا وحنَّتِ وقد آن أن أبدي خفايا صبابتي ... وأظهرَ للعذالِ أصلَ رزيتي وأبكي على من كان يجمعُ شملَنا ... على طاعةِ الرحمنِ في كلِّ لمحةِ وأندبُ أحزاني بما قد أصابني ... وأنثرُ اشجاني بنظمِ قصيدتي فقدت إمامًا كان أوحدَ عصرِهِ ... وقد فجعت فيه جميعُ البريةِ فقدت إمامًا لم يزل متوكلا ... على الله لا يصغي إلى غير سنَّةِ فقدت إمامًا كان بالعلم عاملا ... وكان حقيقًا قامعًا كلَّ بدعةِ

أتى بكتابِ اللهِ والسنَّةِ التي ... علت وارتقت حقًا على كلِّ ملةِ أتى بأحاديثِ الرسولِ وشرحِهَا ... وعمن رواها بالمتونِ الصحيحةِ أتى بعلومِ العالمينَ جميعِهَا ... بزهدٍ وتأييدٍ ودينٍ وقوةِ أتى بأصولِ الدينِ والفقهِ مجملا ... وفصَّلها تفصيلَ من غيرِ شبهةِ أتانا بأحوالِ الرسولِ حقيقةً ... وسيرتِهِ تسمو على كلِّ سيرةِ أتانا بأحوالِ الصحابةِ كلِّهم ... والتابعينَ الملةِ المستقيمةِ أتانا بأوصافِ الأئمةِ كلِّها ... وصنَّف كتبًا في صفاتِ الأئمةِ أتانا بوصفِ الصالحين وحالِهم ... وما هم عليه من جميلِ العقيدةِ وعلَّمنا شرعَ الرسولِ ودينَهُ ... بأفصحِ ألفاظٍ وأصدقَ لهجةِ وأعلمنا أن النجاةَ من الهوى ... تمسكُنَا بالسُّنَّةِ النبويةِ وحذرنا من كل زيغٍ وبدعةٍ ... وعن كلِّ طاغٍ خارجٍ عن محجَّةِ وناظرَ أربابَ العقائدِ كلَّهم ... وبيَّن من قد ضلَّ من كلِّ فرقةِ وردَّ على أهلِ الضلالِ جميعِهم ... بأوضحِ برهانٍ وأبلغِ حجةِ وبيَّن تكذيبَ اليهودِ وخبثَهم ... وما بدَّلوا في الملةِ الموسويةِ وأخبرهم عن سرِّ أسبابِ كفرِهم ... فتعسًا لهم من أمةٍ غضبيَّةِ وأظهر أيضًا للنصارى ضلالَهم ... وما أحدثوا في الملةِ العيسويةِ وباحثَهم حتى تبينَ أنهم ... سكارى حيارى بالطباعِ الخبيثةِ وردَّ على كتبِ الفلاسفةِ الأولى ... بمنقولِ أحكامٍ ومعقولِ حكمةِ وقرر إثباتَ النبواتِ عندهم ... وجال عليهم كرةً بعدَ كرةِ وردَّ على جهمٍ وجعدِ بنِ درهمٍ ... وبشرِ المريس عمدةِ الجهميّةِ زنادقةٌ كم أهلكوا من عوالمٍ ... بسوءِ اعتقاداتِ النفوسِ السقيمةِ

وجادلَ أهلَ الاعتزالِ جميعَهم ... وسلَّ عليهم سيفَه بالأدلةِ يقولون: قولُ اللهِ من بعضِ خلقِهِ ... لقد كبكبوا في قعرِ نارِ حميّةِ وباحثَ أشياخَ الروافضِ وانثنى ... يقاتلُهم بالدِّرةِ العُمَرِيَّةِ لأنهمو عادوا خواصَ محمدٍ ... وسبّوا فهم في الأصلِ شرُّ الخليقةِ بغوا وافتروا جهلًا فهم أنجسُ الورى ... وأكذبُ خلقِ اللهِ من كلِّ فرقةِ وهم خصماءُ الله تبًّا لدينِهم ... وبعدًا لهم من عصبةٍ ثنويةٍ فكم أحدثوا في ديننا من ضلالةٍ ... فلا مرحبًا بالفرقةِ القَدَرِيَّةِ وردَّ على قومٍ تربت نفوسُهُم ... على النفيِ والتعطيلِ من غيرِ حجةِ وردَّ على قومٍ وشتَّت شملَهم ... وهم أهلُ تشبيهٍ أتوا بكبيرةِ وردَّ على أهلِ التناسخِ عندما ... تجروا وخاضوا في أمورٍ عظيمةِ ومزَّقهم في كلِّ وادٍ لأنَّهم ... يقولون لا شيءٌ سوى البرزخيةِ وقد أنكروا أمرَ المعادِ بقولِهم ... نفوسٌ نأت عنا وفي الغيرِ حلَّتِ وجاهدَ أهلَ الاتحادِ وردَّهم ... إلى أشرفِ المسرى وأهدى طريقةِ وأنقذَهم من ظلمةِ الجهلِ والعَمَى ... بنورٍ وبرهانٍ ودينِ النصيحةِ وردَّ على أهلِ الحُلولِ فإنَّهم ... يرون تجلي الحقِّ في كلِّ صورةِ وقد زعموا أن التجلي مظاهرٌ ... ولا سيما في صورةٍ أمرديةِ فمن أجل هذا يرقصون ديانةً ... وفي رقصِهم جاءوا بكلِّ قبيحةِ يرون شهود المردِ والرقصَ قربةً ... فيا ويلَهم من خزي يومَ الفضيحةِ وردَّ على أتباعِ إبليسَ عندما ... رآهم وقد مالوا إلى الجبريةِ وكم قد طوى في علمِهِ من طوائفٍ ... حروريةٍ منهم على حَشَويَّةِ مطايا بنياتِ الطريقِ سرت بهم ... إلى أن أناخوا في عراصِ القطيعةِ

وفي بحر آراء العقائدِ أغرقوا ... رمتهم خيالاتُ العقولِ السخيفةِ وكم قد أراهم كلَّهم سبلَ الهدى ... وكم قد نهاهم مرةً بعدَ مرةِ فمن كان قطبَ الكونِ في حالِ عصرِهِ ... سواه ومن قد فاز بالبدليةِ شجاعٌ همامٌ بارعٌ في صفاتِهِ ... يرومُ مرامًا في المراقي العليةِ تزهَّدَ في كلِّ الوجودِ وغيرِهِ ... يدورُ على الدنيا بنفسٍ دنيةِ يجود على المسكينِ في حالٍ عسرِهِ ... بأطمارِهِ في حبِّ باري البريّةِ ويلقى لمن يلقاه بالبشرِ والرضا ... بأوصافِهِ الحسنى ونفسٍ زكيةِ ويدعو لمن قد نال من ثلم عرضِهِ ... ولم ينتقم ممن أتى بالأذيةِ يسارعُ في الخيراتِ سرًّا وجهرةً ... ويلهو عن اللذاتِ في كلِّ طرفةِ يجاهدُ في اللهِ الكريمِ بجهدِهِ ... بصدقٍ وإخلاصٍ وعزمٍ ونيةِ ويأمرُ بالمعروفِ حبًّا لربِّهِ ... وينهى عن الفحشاءِ نهيًا بهمةِ تقيٌّ نقيٌّ طاهرُ الذيلِ مذ نشا ... كريمُ السجايا ذو صفاتٍ حميدةِ أليس الذي قد شاع في الكون ذكرُهُ ... وعمَّ البرايا بالفتاوى العظيمةِ فمن كان تاجَ العارفين لوقتنا ... وشيخَ الهدى قل لي بغير حميةِ هو الحبرُ والقطبُ الذي شاع ذكره ... وفاح شذاه كالعبيرِ المفتَّتِ إذا ما ذكرنا حالَهُ وصفاتِهِ ... كأنَّا حللنا في نعيمٍ وروضةِ تهنأ أبا العباس بالقربِ والرِّضا ... لقد نلت ما ترجو بكل مسرةِ ألا يا تقيَّ الدينِ يا فردَ عصرِهِ ... بروقك قد لاحت كشمسٍ مضيئةِ وبانت لكلِّ الناسِ أوصافُك التي ... برزت بها مثلَ العيونِ الغزيرةِ ظهرت بأنواعِ العلومِ وجنسِها ... وسارت بها الركبان في كلِّ بلدةِ فأظهرتَ ما قد كان للناسِ خافيا ... بكلِّ معانٍ والفنونِ الغريبةِ

وأوضحت إشكالًا وبينت مبهما ... وأبديت أسرارًا بنفسٍ عليمةِ وكم غصت في بحرِ المعارفِ غوصةً ... ولججت فاستخرجت كلَّ يتيمةِ ظهرت بإحسانٍ وحسنِ سماحةٍ ... ودينٍ وتوحيدٍ وكلِّ فضيلةِ خرجت من السجنِ الذي كان ضيقا ... إلى دارِ فوزٍ في رياضٍ فسيحةِ وقد نلت من مولاك ما كنت راجيا ... وأشهدك المعنى بعينٍ قريرةِ حملت على النعشِ الذي كان تحته ... مئين ألوفًا في بكاءٍ وضجةِ وصلى عليك الحاضرون جميعهم ... بحسن اعتقاد فيك يا شيخ قدوة وأما النساءُ المؤمنات فإنهن ... خرجن حيارى فوجةً بعد فوجةِ ومعهن أبكارٌ تحجبن بالتقى ... ينحن بأكبادٍ عليك حزينةِ صبرت على الأحكامِ طوعًا وطاعةً ... وذقت من الآلامِ طعمَ البليّةِ وكنت حمولًا للنوائب كلِّها ... صبورًا على الأقدارِ في دارِ غربةِ وأوسعت صدرًا للمقاديرِ عندما ... شهدت جمالَ الحبِّ في كلِّ خلوةِ ولاحت لك الأنوارُ بالمشهد الذي ... تطوفُ به الأنوارُ في روضِ جنّةِ وعاينت موجودًا تعالت صفاتُه ... وشاهدت محبوبًا بعينِ البصيرةِ فلا أوحش الرحمنُ منك ولا خلت ... ربوعُك من تلك العلومِ الجليلةِ ولا أقفرت منك الطلولُ ولا نأت ... ديارُك من تلك الصفاتِ الجميلةِ ولا سكنت يومَ الوداعِ دموعُنا ... ولااكتحلت فيك الجفونُ بغمضةِ ولا احتجبت أسماعنا عنك ساعةً ... ولا أيست منك العيونُ بنضرةِ لقد كنت روحًا للقلوبِ وراحةً ... وقوتًا وأنسًا للنفوسِ النفيسةِ تمسكت بالدين الحنيفيِّ والهدى ... وبالعروةِ الوثقى وأصلِ الشريعةِ ظهرت إلى الدنيا بأحسنِ مظهرٍ ... ورحت إلى الأخرى بأكملِ روحةِ

وودعتنا توديعَ من غيرِ راجعٍ ... وفارقتنا والدارُ غيرُ بعيدةِ شربت بكأسِ العارفين مدامةً ... حقيقُتها من سرِّ عينِ الحقيقةِ وجدتَ بكأسِ الفضلِ منك تكرما ... على تابعين السنةِ الأحمديةِ فسبحانَ من أعطاك من فضلِ جودِهِ ... لقد نلتَ قربًا لا ينالُ بحيلةِ لقد عشت محبوبًا ومتَّ مكرما ... عليك من الرحمنِ أزكى تحيني وما برحت تعلوك أنوارُ أنسِهِ ... وما زلت في عزٍّ وقربٍ ورفعةِ ومأواك جناتُ النعيمِ مع الذي ... تفرد من بين الورى بالوسيلةِ نبي الهدى خيرُ الورى صاحبُ اللوا ... شفيعٌ على الإطلاقِ في كلِّ أمةِ عليه صلاةُ الحقِّ ثم سلامُه ... على عددِ الأنفاسِ في كلِّ طرفةِ وبعد فللهِ المحامدُ كلُّها ... على ما أرانا من وضوحِ المحجةِ وها أنا يا ربِّي عبيدٌ متيّمٌ ... عساك ترى حالي وتغفرُ زلتي تمت وعدتها مائة وسبعة وعشرون بيتا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. وله -أيضًا- رحمه الله يرثي شيخ الإسلام ابن تيمية مرة أخرى: لله عيشًا تقضّى بالثنياتِ ... مع جيرةٍ لذّ لي فيهم صباباتي ما كان أهنا زماني في ربوعهمو ... والسعدُ يسعى بما فيها إراداتي والكأسُ تجلى بأنواعِ السرورِ وفي ... قربَ الأحبةِ تبدو لي سعاداتي إذا تجلوا على قلبي بحسبهم ... كأنَّني في نعيمٍ وسطَ روضاتي قد كنت في قربِهم والوصلُ مقترني ... لم يخطرِ الصدُّ والهجرانُ في ذاتي

واليومَ أصبحت أبكي بعدَ بُعْدِهِمُ ... لما تناءوا نأت عني مسراتي وغاب مذ غاب عن عيني جمالهمو ... راحي وروحي وريحاني وراحاتي ولا صفا بعدهم عيشي بمنهلةٍ ... ومذ تولوا تولى طيبُ لذاتي يا سادةً ملكوا قلبي بلطفهم ... ما ضرَّهم لو أعادوا لي أويقاتي همو مرادي وهم سمعي وهم بصري ... وهم نعيمي وروضاتي وجناتي وهم حياتي وهم أنسي وهم شرفي ... وذكرهم لم يزل في القلبِ جلواتي لهفي على زمنٍ ولي وما ظفرت ... روحي بما ترتجى يومَ الأثيلاتِ لما سروا وفؤادي في هوادجهم ... ناديت من حرقي يا عظمَ لوعاتي ما كنت أعلمُ قربي في محبتهم ... حتى رمتني إلى الأبعادِ راياتي فاندب على ما مضى من عيشنا وصفا ... وابكِ على ما قد جرى يا قلبي العاتي واذكر مصارعَ قومٍ كيفَ قد شربوا ... بعد الزلالِ بكاساتِ المنياتِ فأصبحوا في الثرى تبلى وجوههم ... تحتَ الترابِ فيا عظمَ المصيباتِ أأنت من بعدهم تسري كسيرهم ... إمّا بدارِ هوانٍ أو بجناتِ أقولُ ما قاله العبدُ المنيبُ وقد ... أودى به السجنُ في بِرٍّ وطاعاتِ أنا الذليلُ أنا المسكينُ ذو شجنٍ ... أنا الفقيرُ إلى ربِّ السمواتِ أنا الكسيرُ أنا المحتاجُ يا أملي ... جد لي بفضلِك واعفُ عن خطياتي أنا الغريبُ فلا أهلٌ ولا وطنٌ ... أنا الوحيدُ فكن لي في ملماتي أنا العبيدُ الذي ما زلت مفتقرا ... إليك يا سيدي في كلِّ حالاتي ما لي سواك وما لي عنك منصرفٌ ... ذكراك في القلبِ قرآني وآياتي أنت القديرُ على جبري بوصلك لي ... أنت العليمُ بأسراري الخفياتِ أدعوك يا سيدي يا مشتكى حزني ... يا جابري يا مغيثي في مهماتي

فانظر إلى عبرتي وارحم صبا جسدي ... يا راحمَ الخيرِ يا باري البرياتِ ما زال مفتقرًا في بابَ سيِّدِهِ ... ما زال مبتليًا بالإمتحاناتِ يهدي لسنّتِهِ يفتي بشرعتِهِ ... يرعى لحرمتِهِ في كلِّ ساعاتِ قطبُ الزمانِ وتاجُ النّاسِ كلهمو ... روحُ المعاني حوى كلَّ العباداتِ حبرُ الوجودِ فريدٌ في معارفِهِ ... أفنى بسيفِ الهدى أهلِ الضلالاتِ حوى من المصطفى علمًا ومعرفةً ... وجاءه منه إمدادُ النّوالاتِ ما جاء سائلٌ إلا ويمنحُهُ ... إمّا بجودٍ وإمّا بالمداراةِ ماذا أقولُ وقولي فيه منحصرٌ ... في وصفِ أخلاقِهِ كلَّت عباراتي في علمه ما علمنا من يناسبُهُ ... إلا أئمتَنَا أهلَ العناياتِ في زهدِهِ ما سمعنا من يشاكلُهُ ... إلا رجالٌ مضوا أهلُ الكراماتِ في جودِهِ ما وجدنا من يماثلُهُ ... غيرَ البرامكِ كانوا في سعاداتِ يجودٍ وهو فقيرٌ إن ذا عجبٍ ... هو الذي ما سمعنا في الحكاياتِ تلوح شمسُ المعالي في شمائلِهِ ... وفي صفا وجهِهِ نورُ الهداياتِ بحرُ المعارفِ تاهوا في بدايتِهِ ... أهلُ المعاني وأربابُ النهاياتِ قطبُ الحقائقِ حاروا في فضائلِهِ ... أهلُ التصوفِ أصحابُ الرِّياضاتِ أعجوبةُ الدهرِ فردٌ في فضائلِهِ ... علامةُ الوقتِ في الماضي وفي الآتي والهفَ قلبي على من كان يجمعُنا ... على فنونِ المعاني والإشاراتِ فارقت من كان يرويني برؤيته ... إذ تبدى بدى سرُّ العباداتِ يروي الأحاديثَ عن سكانِ كاظمةٍ ... فيَطْرَبُ الكونُ من طِيبِ الرواياتِ ويطنبُ الذكرُ في إحسانِ حسنِهِمُ ... فيرقصُ القلبُ شوقًا نحوَ ساداتِ أفضى إلى اللهِ والجناتُ مسكنُهُ ... عليه من ربِّه أزكى تحياتِ

عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن خضر بن تيمية الحراني شرف الدين

ثم الصلاةُ على خيرِ الأنامِ ومن ... قد خصَّهُ اللهُ من بين البرياتِ اختاره ليلةَ الإسرا لحضرته ... حتى تجلى له ربُّ السمواتِ فهو الشفيعُ الذي ترجى شفاعتُهُ ... عند الشدائدِ في يومَ المجازاةِ عليه مني سلامُ الله ما همعت ... سحبٌ وجادت بالزياداتِ والحمدُ لله حمدًا لا انقطاعَ له ... أرجو به من إلهي محوَ زلاتي تمت وعدتها خمسة وخمسون بيتًا. وسئل الناظم لهذه القصيدة عن عمره، فقال: نحو التسعين، ومولدي ببلاد الروم. وتوفي يوم الأربعاء سادس شعبان سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة، ودفن بباب الصغير -رحمه الله تعالى، ورضي عنه-. **** • عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الحليمِ بنِ عبدِ السَّلامِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ خَضِرِ بنِ تَيْمِيَّةَ الحرَّانيُّ شرفُ الدينِ (....-727) . وهو العالم المتفنن المتقن أخو شيخ الإسلام ابن تيمية، سمع من ابن أبي الخير، وابن أبي عمر، وابن الدرجي، سمع المسند والكتب الستة وأشياء أخرى، وكان فقيهًا فاضلًا على سبيل السلف في الأصول والفروع، استفاد من أخيه ونافح عنه وتقلد نصرته، ولم يعتن بالتصنيف.

قال ابن عبد الهادي:" كان رحمه الله شديد الخوف والشفقة على أخيه شيخ الإسلام". وكان الشيخ ابن تيمية يعظمه ويكرمه. وقال ابن حجر:"كان علماء عصره يفضلونه على أخيه ابن تيمية..". قلت: وهؤلاء الذين يحكي عنهم ابن حجر ذلك هم الأشاعرة الحاقدون على جهبذ وقته وما بعد وقته الشيخ أبي العباس، وإلا فإن شرف الدين كان يذبُّ عنه ويفضِّلُهُ على نفسه كما هو مذكور في ترجمة ابن عبد الهادي وغيره، وهذا عجيب من الحافظ أن ينقل ذلك ويسكت عليه، وهو إنما نقله عن الصفدي الذي ذكره عن بعض الفضلاء! فلا عجب لأنه يَعُدُّ من الفضلاء بل من أكابر الفضلاء التقي السبكي الذي هو وابنه من أشد الناس على ابن تيمية رحمه الله. قال ابن رجب:" سمع " المسند " و " الصحيحين " وكتب السنن. وتفقه في المذهب حتى برع وأفتى. وبرع أيضاً في الفرائض والحساب، وعلم الهيئة، وفي الأصلين والعربية. وله مشاركة قوية في الحديث. ودرس بالحنبلية مدة. وكان صاحب صدق وإخلاص، قانعاً باليسير شريف النفس، شجاعاً مقداماً، مجاهداً زاهداً، عابداً ورعاً، يخرج من بيته ليلاً، ويأوي إليه ليلاً، ولا يجلس في مكان معين، بحيث يقصد فيه، لكنه يأوي إلى المساجد المهجورة خارج البلد، فيختلي فيها للصلاة والذكر. وكان كثير العبادة والتأله، والمراقبة والخوف من الله تعالى، ذا كرامات وكشوف"انتهى

قلت: لعل ابن رجب نقل هذا عن ابن عبد الهادي فهذا بمعناه في ترجمة ابن تيمية له، وهو في هذا يشبه أخاه الشيخ تقي الدين فقد قال ابن عبد الهادي حكاية عنه:" كان رحمه الله يقول ربما طالعت على الآية الواحدة نحو مائة تفسير، ثم أسأل الله الفهم، وأقول: يا معلم آدم وإبراهيم علمني، وكنت أذهب إلى المساجد المهجورة ونحوها، وأمرغ وجهي في التراب، وأسأل الله تعالى وأقول: يا معلم إبراهيم فهمني". وقال ابن رجب:" كان له يد طولى في معرفة تراجم السلف ووفياتهم، وهْي التواريخ المتقدمة والمتأخرة". قلت: وليس له في لك كتابٌ، نقل ذلك الصفدي عن الذهبي كما في أعيان العصر له. ونقل عنه الحافظ الذهبي فوائد منها ما في تاريخ الإسلام، وكذلك الشيخ ابن القيم يذكر أنه من شيوخه ذكر له فوائد في كثير من كتبه منها طريق الهجرتين وغيره. ولعله لم يؤلف كتابًا اكتفاء بلسان أخيه وكتبه، وهذه عادة أهل العلم إذا وجدوا من يكفيهم شأن دعوة الخلق والتصنيف في العلم، ولذا كان بعضهم يحرق كتبه إذا علَّمها الناس وتناقلوها، وهكذا كانت حال جهبذ المصريين الشيخ عبد الرزاق بن عفيفي فإنه لم يؤلف كتابًا مستقلًا في فن ولم يعتن بهذا الشأن، وسئل عن ذلك فأجاب بما حاصله أن الناس قد كفوه ذلك من معاصريه ومن قبلهم من العلماء، رحمه الله ونفعنا بعلمه.

وسئل عنه الشيخ كمال الدين بن الزملكاني؟ فقال: هو بارع في فنون عديدة من الفقه، والنحو والأصول، ملازم لأنواع الخير، وتعليم العلم، حسن العبارة، قوي في دينه، جيد التفقه، مستحضر لمذهبه، مليح البحث، صحيح الذهن، قوي الفهم رحمه الله تعالى. وقال الذهبي:" كان بصيراً بكثير من علل الحديث ورجاله، فصيح العبارة، عالماً بالعربية، نقالاً للفقه، كثير المطالعة لفنون العلم، حلو المذاكرة، مع الدين والتقوى، وإيثار الانقطاع، وترك التكلف والقناعة باليسير، والنصح للمسلمين رضي الله عنه". وقال:" كان إماماً بارعاً، فقيهاً عارفاً بالمذهب وأصوله، وأصول الديانات، عارفاً بدقائق العربية، وبالفرائض والحساب والهيئة المحفوظ، له مشاركة جيدة في الحديث، ومشاهير الأئمة والحوادث، ويعرف قطعة كثيرة من السيرة. وكان متقناً للمناظرة وقواعدها. والخلاف. وكان حلو المحاضرة متواضعاً، كثير العبادة والخير، ذا حظ من صدق وإخلاص وتوجه وعرفان، وانقطاع بالكلية عن الناس، قانعاً بيسير اللباس". وقال الصفدي:" كان لسناً فصيحًا، جزل العبارة مديد الباع فسيحًا، غزير مادة العلم كثير الإغضاء والحياء والعلم، بصيراً بالقواعد، حاوياً لكثير من غرائب المسائل الأباعد، كثير الإنصاف إذا بحث، إذا سكت خصمه حضه على الكلام وحث، زائد التعفف قادراً على التقشف مع الدين المتين، والإخلاص المبين،

واسع قميص الزهد، مغتبطاً بما عنده من الجهد، منقبضاً عن الناس، منجمعاً عن مخالطة الأدناس، يتنقل في المساجد المهجوره، ويقيم فيها كثيراً لا لضروره، يختفي فيها أياما، ويهجر بها ما عساه أن يهجر دوامًا، مع ما أحكمه من الفقه والعربية، والنكت الأدبية، وبرع فيه من معرفة السيرة وكثير من التاريخ وأسماء الرجال، وما يتسع في ذلك من المجال، ورأيت كثيراً من الفضلاء يقول: هو أقرب من أخيه إلى طريق العلماء، وأقعد بمباحث الفضلاء، وكان أخوه العلامة تقي الدين يحترمه ويتأدب معه، ويحذر أن يخدعه"انتهى قلت: مقالته (يحذر أن يخدعه) عجيبة جدًا أن تخرج من رجل تتلمذ على الشيخ ابن تيمية، وعلم فضله وجهاده وما أوتيه من القوى العلمية والأحوال الإيمانية. وقال ابن المحب: بلغني أنه كان يقول:" يقول: أخي نادر الغلط، وكان أبو محمد من الناقدين حديثًا وفقهًا وعربية". وقال ابن عبد الهادي:" توفي يوم الأربعاء الرابع عشر من جمادي الأولى من سنة سبع وعشرين وسبعمائة، وصلى عليه ظهر اليوم المذكور بجامع دمشق، وحمل إلى باب القلعة، فصلى عليه مرة أخرى، وصلى عليه أخوه وخلق من داخل القلعة، وكان الصوت بالتكبير يبلغهما، وكثر البكاء في تلك الساعة وكان وقتًا مشهودًا، ثم صلي عليه مرة ثالثة ورابعة، وحمل على الرؤوس والأصابع إلى مقبرة الصوفية، فدفن بها وحضر جنازته جمع كثير وعالم عظيم، وكثر الثناء والتأسف عليه". ****

عبد الله بن موسى بن أحمد الجزري، أبو محمد نزيل دمشق

• عبدُ اللهِ بنُ موسى بنِ أحمدَ الجزريُّ، أبو محمدٍ نزيلُ دِمَشْقَ ( ... -725) . كان فاضلًا خيرًا ذا فهم وفطنة وبراعة، لازم الشيخ ابن تيمية، وحدث عن الفخر ابن البخاري، وجاور بمكة وتعبد. قال ابن كثير:" كان من الصالحين الكبار مباركًا خيرًا عليه سكينة ووقار، وكانت له مطالعة كثيرة، وله فهم جيد وعقل جيد، وكان من الملازمين لمجالس الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وكان ينقل من كلامه أشياء كثيرة ويفهمها يعجز عنها كبار الفقهاء، توفي يوم الاثنين سادس عشرين صفر، وصُلِّيَ عليه بالجامع، ودفن بباب الصغير، وكانت جنازته حافلة محمودة". وقال الصفدي:" كان شيخاً مباركاً، كثير الخير والعبادة، وله مطالعة وفهم ومعرفة، وعليه هيبة ووقار، وأقام بجامع دمشق سنين بمشهد أبي بكر مجاوراً متعبداً منقطعاً. وسمع الحديث من ابن البخاري، وحدث عنه، وكان يلازم الحضور عند الشيخ تقي الدين بن تيمية، ويسأله ويضبط عنه أشياء من العلم"انتهى ****

عبد الله بن يعقوب بن سيدهم بن أردبين الإسكندري، جمال الدين أبو محمد، المعروف بابن أراد

• عبدُ اللهِ بنِ يعقوبَ بنِ سَيِّدِهُم بنِ أردبينَ الإسكندريُّ، جمالُ الدينِ أبو محمدٍ، المعروف بابن أراد ( ... -754) . سمع من إسحاق النحاس، والتقي سليمان، وابن سعد، والدمياطيَّ، وغيرهم. وكتب الطباق، وقرأ الكثير، وحصل الأجزاء، وعمل المواعيد، وكتب الكثير من فتاوى ابن تيمية. قال الذهبيُّ في معجمه المختص بالمحدثين:" أوذي من أجل ابن تيمية، وقطع رزقه، وبالغوا في التحرير عليه، ثم انصلح حاله". وقال ابن ناصر الدين:" ترجم الشيخ تقي الدين بشيخ الإسلام فيما وجدته بخطه في غير ما موضع من كتبه بضبطه، منها: على الجواب الباهر في زيارة المقابر، قال: أجاب به شيخ الاسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية، ثم قال: علقه لنفسه عبد الله بن يعقوب الاسكندري -عفا الله عنه-". **** • عبدُ الرحمنِ بنِ عبدِ الحليمِ بنِ عبدِ السلامِ بنِ تَيْمِيَّةَ، زينُ الدينِ أبو الفَرَجِ (663- 747) . أخو شيخ الإسلام. حضر وهو ابن خمس على أحمد بن عبد الدائم، وسمع جزء ابن عرفة وثمانية أحاديث من جزء ابن أيوب، وسمع ابن أبي اليسر،

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن محمد بن نصر بن أبي القاسم البعلبكي، أبو بكر ابن الفخر الدمشقي

وابن أبي الخير، والمجد ابن عساكر في آخرين كثير، جمع له منهم البرزالي ستة وثمانين شيخًا. حبس مع أخيه في الإسكندرية، وكان ينافح عنه، ومدحه بأشياء عظيمة ويسأل عن ذلك فيجيب بأنه أقرب إليه من غيره. وكان مؤثرًا لأخيه على نفسه، يتفقده ويخدمه، ويذب عنه، وكان حسن السيرة ذا فضيلة معروفة. وكان يعاني التجارة، ويربح منها مات في ثالث ذي القعدة سنة 747. قال البزار في الأعلام:" وما رأيت أحدًا كان أشد تعظيمًا للشيخ من أخيه هذا، أعني القائم بأوده، وكان يجلس بحضرته كأن على رأسه الطير، وكان يهابه كما يهاب سلطانًا، وكنا نعجب منه في ذلك، ونقول: من العرف والعادة أن أهل الرجل لا يحتشمونه كالأجانب، بل يكون انبساطهم معه فضلًا عن الأجنبي، ونحن نراك مع الشيخ كتلميذ مبالغ في احتشامه واحترامه، فيقول: إني أرى منه أشياء لا يراها غيري أوجبت علي أن أكون معه كما ترون، وكان يسأل عن ذلك فلا يذكر منه شيئًا لما يعلم من عدم إيثار الشيخ لذلك "انتهى **** • عبدُ الرحمنِ بنِ محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ يوسفَ بنِ محمدِ بنِ نصرِ بنِ أبي القاسمِ البَعْلَبَكِّيُّ، أبو بكرٍ ابنُ الفخرِ الدمشقيُّ (685-732) .

عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن نصر بن فهد الدمشقي ثم الصالحي الحنبلي المروزي العطار، أبو محمد تقي الدين المعروف بابن قيم الضيائية

قال ابن ناصر الدين:" خرَّج للشيخ تقي الدين ابن تيمية جزءًا من مروياته العلية. وكان يترجمه بشيخ الاسلام أسوة أمثاله من الأعلام فيما وجدته بخطه وتقييده الحسن وضبطه". **** • عبدُ اللهِ بنِ محمدِ بنِ إبراهيمَ بنِ نصرِ بنِ فهدٍ الدمشقيُّ ثم الصالحيُّ الحنبليُّ المروزيُّ العطارُ، أبو محمد تقي الدين المعروف بابن قَيِّمِ الضيائيةِ (669-761) . سمع من ابن أبي عمر، وابن طرخان، وابن البخاري، وعبد الرحمن ابن الزين، وأحمد بن شيبان، وصحب ابن تيمية، واستفاد منه. وكان له حانوت يبيع فيه العطر. ذكره ابن رافع في الوفيات. وقال البرزالي:" رجلٌ جيد ملازم للصلاة بالجامع، وحدث بالكثير، وطال عمره، وأنتفع به". **** • عليٌّ المَغْرِبِيُّ (....-749) .

علي بن أحمد بن هوس الهلالي المحافري

قال ابن كثير في حوادث سنة 749:" في يوم السبت ثالث رجب صُلِّيَ على الشيخ على المغربي أحد أصحاب الشيخ تقي الدين بن تيمية بالجامع الأفرمي بسفح قاسيون، ودفن بالسفح -رحمه الله-. وكانت له عبادة وزهادة وتقشف وورع ولم يتول في هذه الدنيا وظيفة بالكلية، ولم يكن له مال بل كان يأتي بشيء من الفتوح يستنفقه قليلًا قليلًا، وكان يعاني التصوف وترك زوجة وثلاثة أولاد -رحمه الله-"انتهى **** • عليُّ بنُ أحمدَ بنِ هُوسٍ الهلاليُّ المحافريُّ ( ... _727) . قال ابن كثير:" كان رجلًا صالحًا مشهورًا، ويعرف بالمحارفي؛ لأنه كان يحرف الأزقة ويصلح الرصفان لله تعالى، وكان يكثر التهليل والذكر جهرة، وكان عليه هيبة ووقار، ويتكلم كلامًا فيه تخويف، وتحذير من النار وعواقب الردى، وكان ملازمًا لمجالس ابن تيمية". **** • عليُّ الغَزيُّ، نزيلُ الصالحيةِ ( ... _749) . قال ابن حجر:" قرأت بخط السبكي كان رجلًا مباركًا، فيه ذوقٌ وتأملٌ في كلام أرباب الطريق، مات في ثالث رجب سنة تسع وأربعين وسبعمائة، قال: وكان ينسبُ لابنِ تيميةَ". ****

على بن المظفر بن إبراهيم بن عمر بن زيد بن هبة الله الكندي الإسكندراني ثم الدمشقي

• علىُّ بنُ المُظَفَّرِ بنِ إبراهيمَ بنِ عمرَ بنِ زيدِ بنِ هبةِ اللهِ الكِنْدِيُّ الإسكندرانيُّ ثم الدمشقيُّ (640-716) . قال ابن حجر:" سمع من ابن أبي طالب ابن السروري، ومن عبد الله بن الخشوعي، وعبد العزيز الكفر طابي، والصدر البكري، وعثمان بن خطيب القرافة، وإبراهيم بن خليل، قرأ عليه بنفسه المعجم الصغير للطبراني وابن عبد الدائم، ومن بعدهم". قال البرزالي:" جمعت شيوخه بالسماع من سنة أربعين فما بعدها فبلغوا المائتين، واشتغل في الآداب، فمهر في العربية، وقال الشعر فأجاد، وكتب الدرج بالحصون مدة، ثم دخل ديوان الإنشاء في آخر عمره بعد سعيٍ شديدٍ". قال ابن رافع:" قال ابن رافع سمع منه الحافظ المزي، وغيره، وكان قد سمع الكثير، وقرأ بنفسه وحصل الأصول، ومهر في الأدب، وكتب الخط المنسوب. سألت الكمال الزملكاني عنه، فقال: اشتغل في شبيبته كثيرًا بأنواع من العلوم، وقرأ بالسبع، وقرأ الحديث وسمعه، وحصل طرفًا من اللغة، وكان له شعر في غاية الجودة فيه المعاني المستكثرة الحسان التي لم يسبق إلى مثلها". وهو صاحب التذكرة الكندية في خمسين مجلدًا. وقال ابن ناصر الدين:" كان كثير الملازمة للشيخ تقي الدين، ومن خواص أصحابه المشهورين كثير التعظيم له والاحترام وترجمه بشيخ الاسلام". ****

عمر بن أبي بكر بن معالي بن إبراهيم بن زيد الحمصي، زين الدين المهيني البسطي التاجر الدمشقي

• عمرُ بنُ أبي بكرِ بنِ معالي بنِ إبراهيمَ بنِ زيدٍ الحِمْصِيُّ، زينُ الدينِ المُهَيْنِيُّ البسطيُّ التاجرُ الدمشقيُّ (664- 724) . قال ابن كثير:" صحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية، فانتفع بصحبته وحدث، وكان كثير التلاوة والبر والصلاة، وحضور مجالس الذكر مات في أواخر شعبان سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة". وسمع من ابن البخاري مشيخته وعنه سمع البرزالي. **** • عمرُ بنُ الحسنِ بنِ عمَر بنِ حبيبِ بنِ عمرَ، زينُ الدينِ أبو القاسمِ (663-726) . قال ابنه الحسن بن عمر في ترجمة الشيخ ابن تيمية من كتابه (درة الأسلاك في دولة الأتراك) :" هو من مشايخ والدي في الحديث، تغمده الله برحمته"انتهى قال ابن ناصر الدين:" سمع من ابن البخاري، ومحمد بن الكمال عبد الرحيم، والتقي إبراهيم الواسطي، وأحمد بن شيبان، وزينب ابنة مكي، وخلق يزيدون على خمسمائة إنسان منهم: الشيخ تقي الدين ابن تيمية، سمع منه جزء ابن عرفة في سنة عشر وسبعمائة، وخرج له الحافظ أبو عبد الله الذهبي معجمًا

عمر بن سعد الله بن عبد الله بن نجيح الحراني، زين الدين الحنبلي

عن شيوخه، توفي ببلد مراغة سنة ست وعشرين وسبعمائة عن ثلاث وستين سنة". **** • عمرُ بنُ سعدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ نجيحٍ الحرانيُّ، زينُ الدينِ الحنبليُّ (685- 749) . حضر على أبي الحسن بن البخاري. وسمع من يوسف الغسولي، وتفقه وتخرج على الشيخ ابن تيمية حتى برع وفاق الأقران وصار من المشايخ الكبار، ذكره الواسطي في رسالته إلى تلامذة الشيخ. وكان يفتى بمسائل الشيخ، وامتحن بذلك. قال ابن رجب: أخبرني عز الدين ابن الشيخ السلامية عنه، أنه قال له: لم أقض قضية إلا وأعددت لها جاوبًا بين يدي الله. وقال:"كان حسن الأخلاق دينًا متواضعًا بشوشَ الوجهِ فقيهًا فرضيًا متثبتًا". وقال الذهبيُّ في المعجم المختص:" عالمٌ ذكيٌ خيرٌ وفقيرٌ متواضعٌ بصيٌر بالفقه والعربية مات في أول شهر رجب سنة تسع وأربعين وسبعمائة مطعوناً".

عمر بن عبد الرحمن بن الحسين بن يحيى بن عبد المحسن اللخمي القبابي المصري الحنبلي

وقال في المختصر:" عالم ذكي، خير وقور، متواضع، بصير بالفقه والعربية. سمع الكثير، وولى مشيخة الضيائية، فألقى دروساً محررة. وتخرج بابن تيمية وغيره". **** • عمرُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ الحسينِ بنِ يحيى بنِ عبدِ المحسنِ اللُخَمِيُّ القبابيُّ المصريُّ الحنبليُّ (بعد 700-755) . اشتغل بالفقه، ولازم شيخ الإسلام ابن تيمية حتى برع، وتمهر به وسلك طريق الزهد والعفاف، وأقام بالقدس، وولي مشيخة المالكية، ومات بها. قال ابن حجر: أثنى عليه ابن رجب. قلت: لم أجده في ذيل الطبقات في ترجمة منفردة، وإنما أثنى عليه الشيخ ابن رجب في ترجمة والده عبد الرحمن بن حسين بن يحيى بن عمر بن النجمي المصري القبابي، وهو متوفى سنة أربع وثلاثين وسبعمائة بحماة، وهو من أقران ابن تيمية كما قال ابن رجب- قال هنالك:" وتوفى ولده: - سراج الدين عمر بالقدس. وكان جامعاً بين العلم والعمل، واشتغل، وانتفع بابن تيمية، ولم أرَ على طريقه في الصلاح مثله رحمه الله تعالى"انتهى قال ابن ناصر الدين:" لازم الشيخ تقي الدين ابن تيمية، واشتغل عليه، وانتفع بما حصله مما لديه، فبرز على أقرانه وفضل، وكان جامعًا بين العلم

عمر بن علي بن موسى بن خليل البغدادي الأزجي البزار، سراج الدين أبو حفص

والعمل ذكره ابن رجب في طبقاته، وذكر فضله، وقال: لم أر على طريقه في الصلاح مثله". **** • عمرُ بنُ عليِّ بنِ موسى بنِ خليلٍ البغداديُّ الأزجيُّ البزَّارُ، سراجُ الدينِ أبو حفصٍ (688- 749) . عني بالحديث فسمع على أربابه، ورحل إلى دمشق، وجالس ابن تيمية، وأخذ عنه، وسمع قراءته، وله في ترجمته كتاب حسن جدًا على اختصاره أسماه (الأعلام العلية) . قال فيه:" وأما ذكر دروسه فقد كنت في حال إقامتي بدمشق لا أفوتها، وكان لا يهييء شيئًا من العلم ليلقيه ويورده، بل يجلس بعد أن يصلي ركعتين، فيحمد الله، ويثني عليه ويصلي على رسوله -صلى الله عليه وسلم- على صفة مستحسنة مستعذبة، لم أسمعها من غيره، ثم يشرع فيفتح الله عليه إيراد علوم وغوامض ولطائف ودقائق وفنون ونقول واستدلالات بآيات وأحاديث وأقوال العلماء، ونصر بعضها وتبين صحته أو تزييف بعضها، وإيضاح حجته واستشهاد بأشعار العرب، وربما ذكر اسم ناظمها وهو مع ذلك يجري كما يجري السيل، ويفيض كما يفيض البحر، ويصير منذ يتكلم إلى أن يفرغ كالغائب عن الحاضرين مغمضًا عينيه، وذلك كله مع عدم فكر فيه أو روية من غير تعجرف ولا توقف ولا لحن بل فيض إلهي حتى يبهر كل سامع وناظر فلا

يزال كذلك إلى أن يصمت، وكنت أراه حينئذ كأنه قد صار بحضرة من يشغله عن غيره، ويقع عليه إذ ذاك من المهابة ما يرعد القلوب ويحير الأبصار والعقول، وكان لا يذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قط إلا ويصلي ويسلم عليه، ولا والله ما رأيت أحدًا أشد تعظيمًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أحرص على أتباعه، ونصر ما جاء به منه حتى إذا كان ورد شيئًا من حديثه في مسألة، ويرى أنه لم ينسخه شيء غيره من حديثه يعمل بهأ ويقضي ويفتي بمقتضاه أولا يلتفت إلى قول غيره من المخلوقين كائنًا من كان. وقال -رضي الله عنه- كل قائل إنما يحتج لقوله لا به إلا الله ورسوله"انتهى وحكى عنه أنه سأله عن إكثاره في التأليف في الأصول، وأنه لو ألف مصنفًا في الفقه جامعًا تكون عمدة الفتوى عليه، فأجابه:" الفروع أمرها قريب، ومن قلد المسلم فيها أحد العلماء المقلدين، جاز له العمل بقوله ما لم يتيقن خطأه. وأما الأصول فإني رأيت أهل البدع والضلالات والأهواء كالمتفلسفة والباطنية والملاحدة والقائلين بوحدة الوجود والدهرية والقدرية والنصيرية والجهمية والحلولية والمعطلة والمجسمة والمشبهة والراوندية والكلابية والسليمية وغيرهم من أهل البدع قد تجاذبوا فيها بأزمة الضلال، وبان لي أنَّ كثيرًا منهم إنما قصد إبطال الشريعة المقدسة المحمدية الظاهرة العلية على كل دين، وأنَّ جمهورهم أوقع الناس في التشكيك في أصول دينهم؛ ولهذا قل إن سمعت أو رأيت معرضًا عن الكتاب والسنة مقبلاً على مقالاتهم إلا وقد تزندق، أو صار على غير يقين في دينه واعتقاده.

فلما رأيت الأمر على ذلك بان لي أنه يجب على كل من يقدر على دفع شبههم وأباطيلهم وقطع حجتهم وأضاليلهم أن يبذل جهده ليكشف رذائلهم ويزيف دلائلهم ذبًّا عن الملة الحنيفية والسنة الصحيحة الجلية. ولا والله ما رأيت فيهم أحدًا ممن صنف في هذا الشأن وادَّعى علوم المقام إلا وقد ساعد بمضمون كلامه في هدم قواعد دين الاسلام. وسبب ذلك إعراضه عن الحق الواضح المبين وعن ما جاءت به الرسل الكرام عن رب العالمين، واتباعه طرق الفلسفة في الاصطلاحات التي سموها بزعمهم حكميات وعقليات، وإنما هي جهالات وضلالات وكونه التزمها معرضا عن غيرها أصلًا ورأسًا فغلبت عليه حتى غطت على عقله السليم، فتخبط حتى خبط فيها عشوًا، ولم يفرق بين الحق والباطل، وإلا فالله أعظم لطفًا بعباده أن لا يجعل لهم عقلًا يقبل الحق، ويثبته ويبطل الباطل وينفيه. لكن عدم التوفيق وغلبة الهوى أوقع من أوقع في الضلال، وقد جعل الله تعالى العقل السليم من الشوائب ميزانًا يزن به العبد الواردات، فيفرق به بين ما هو من قبيل الحق، وما هو من قبيل الباطل، ولم يبعث الله الرسل إلا إلى ذوي العقل، ولم يقع التكليف إلا مع وجوده، فكيف يقال إنه مخالف لبعض ما جاءت به الرسل الكرام عن الله تعالى؟! هذا باطل قطعًا يشهد له كل عقل سليم لكن {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:40] ... فهذا ونحوه هو الذي أوجب أني صرفت جل همي إلى الأصول وأن أوردت مقالاتهم وأجبت عنها بما أنعم الله تعالى به من الأجوبة النقلية والعقلية"انتهى

عمر بن عبد الله بن عبد الأحد بن عبد الله بن سلامة بن خليفة بن شقير الحراني الحنبلي تقي الدين ابن شقير

قلت: وهو على ذلك قد تكلم في الفقه، وأكثر وله مجموع للفتاوى في قدر خمسة وثلاين مجلدًا، وله الفتاوى الكبرى قدر خمسة مجلدات، وشرح العمدة، وشرح المحرر لم يتمه، وله قواعد مفردة في كتبه الكبار، ومسائل منثورة مخطوطة لم تطبع، واختياراته جمعت في كتب مفردة ككتاب البعلي ورسالة ابن عبد الهادي، وكتب ابن مفلح كالفروع ونحوها، والله أعلم. وقال ابن رجب:" وكان (أي البزار) حسن القراءة للقرآن والحديث، ذا عبادة وتهجد، وصنف كثيراً في الحديث وعلومه، وفي الفقه والرقائق. وقدم في آخر عمره إلى بغداد، فأقام بها يسيراً، ثم توجه إلى الحج سنة تسع وأربعين، وحججت أنا تلك السنة أيضاً مع والدي، ... ثم توفى رحمه الله قبل وصوله إلي مكة، بمنزلة حاجر، صبيحة يوم الثلاثاء حادي عشرين ذي القعدة سنة تسع وأربعين وسبعمائة، ويقال: إنه كان نوى الإحرام، وذلك قبل الوصول إلى الميقات. ودفن بتلك المنزلة، ومعه نحو من خمسين نفساً بالطاعون. رحمهم الله تعالى". **** • عمرُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الأحدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سلامةَ بنِ خليفةَ بنِ شقيرٍ الحرانيُّ الحنبليُّ تقي الدين ابنُ شقيرٍ (666-744) .

عمر بن عمران بن صدقة البلالي نسبة إلى بلال بن الوليد بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي زين الدين البدوي

ذكره ابن شيخ الجزاميين في الرسالة. سمع من القاسم الإربلي، والفخر علي، وابن شيبان، وغيرهم. قال الذهبي:" سمع واشتغل وحصل". وقال البرزالي:" رجل جيد فقيه فاضل سمع الكثير وحصل كتبا جيدة". وقال الصفدي:" سمع الكثير بنفسه، ودار على المشايخ، وسمع من القاسم الإربلي، والفخر علي، وابن شيبان، وزينب، وخلق. ونسخ بعض الأجزاء، وروى الصحيحين. قال شيخنا الذهبي: وسمعت منه: توفي رحمه الله تعالى ... سنة أربع وأربعين وسبع مئة. قلت: كان شيخاً فاضلاً ديناً صيناً مشهوراً"انتهى وقال ابن القيم -رحمه الله-:" حدثني تقي الدين بن شقير، قال: خرج شيخ الإسلام ابن تيمية يومًا فخرجت خلفه، فلما انتهى إلى الصحراء، وانفرد عن الناس بحيث لا يراه أحد سمعته يتمثل بقول الشاعر: وأخرجُ من بين البيوتِ لعلني ... أحدثُ عنك القلبَ بالسِّرِّ خاليا "انتهى من روضة المحبين. **** • عمرُ بنُ عمرانَ بنِ صدقةَ البلاليُّ نسبة إلى بلال بن الوليد بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي زينُ الدينِ البدويُّ (685-754) .

عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس المعري، زين الدين ابن الوردي

سجن مع شيخ الإسلام في قلعة دمشق، وأقام بعده خمس سنين، ثم أطلق، وحكى أن الشيخ أنشده وهما في الاعتقال: لا تفكرن وثق بالله إن له ... ألطافَ دقت عن الأذهانِ والفِطَنِ يأتيك من لطفه ما ليس تعرفُهُ ... حتى تظنَّ الذي قد كان لم يَكُنِ ومن كراماته: أنه اتهم بمكاتبة المصريين بأخبار التتر فعلم بذلك ملكهم، فألقاه إلى الكلاب، ومعه آخر فأكلت الكلاب رفيقه ولم تؤذه. وكان شديدًا على الرفضة والمبتدعة، له ترجمة في الدرر الكامنة. **** • عمرُ بنُ مُظَفَّرِ بنِ عمرَ بنِ محمدِ بنِ أبي الفوارسِ المعريُّ، زينُ الدينِ ابنُ الوَرْدِيِّ (689-749) . العلامةُ النحويُّ الفقيهُ الشاعرُ الناثرُ أبو حفصٍ ابنُ الوردِيِّ الشافعيُّ المعريُّ البكريُّ [نسبة إلى أبي بكر الصديق] ، تفننَ في علومٍ كثيرةٍ وأجادَ في المنثور والمنظوم. قال مرعي الحنبليُّ في الشهادة الزكية:" قال في رحلته لما ذكر علماء دمشق: وتركت التعصب والحمية، وحضرت مجالس ابن تيمية، فإذا هو بيت القصيدة، وأول الخريدة، علماء زمانه فلك هو قطبه، وجسم هو قلبه، يزيد عليهم زيادة الشمس على البدر، والبحر على القطر، بحثت بين يديه يومًا فأصبت المعنى فكنَّاني وقبل بين عيني اليمنى، فقلت:

إنَّ ابنَ تَيْمِيَّةٍ ... في كلِّ العلومِ واحدُ أحييتَ دينَ أحمدٍ ... وشرعَهَ يا أحمدُ "انتهى قال ابن تغرى بردى:" شعره أسحر من عيون الغيد، وأبهى من الوجنات ذات التوريد. قام بفن التورية فجاءت معه قاعدة، وخطها في الطروس وهي فوق النجوم صاعدة، يطرب اللبيب لسماعها ولا طرب الصوفي للشبابه، ويعجب الأديب لانطباعها ولا عجب الغواني بما التحف شبابه، ويرغب الأريب لارتجاعها ولا رغبة الروض الذي صوح في صوب السحابة. ويدأب النجيب في اقتطاعها ولا دأب المحب في التمسك بأذيال محبوبه السحابة"انتهى وقال الكتبي في وفاته:" نظمه جيد إلى الغاية، وفضله بلغ النهاية". ولأجل ذلك كثرت منظوماته، فنظم الحاوي الصغير وسماه (البهجة) في خمسة آلاف بيت، قال ابن حجر:" وأقسم بالله العظيم لم ينظم أحد بعده الفقه إلا قصّر دونه". وله من المنظومات والكتب والأجزاء والمنثورات الكثير، قال ابن شاكر الكتبي:" ومن مصنفاته " البهجة الوردية في نظم الحاوي " فوائد فقيه منظومة. " شرح ألفية ابن مالك ". " ضوء الدرة على ألفية ابن معطي ". قصيدة " اللباب في علم الإعراب " وشرحها. اختصار " ملحة الإعراب " نظماً. " مذكرة الغريب " نظماً وشرحها. " المسائل المذهبة في المسائل الملقبة". " أبكار

الأفكار". " تتمة تاريخ صاحب حماة ". و " أرجوزة في تعبير المنامات ". أرجوزة في خواص الأحجار " و " منطق الطير " نظماً"انتهى ولاميته مشتهرة جدًا بين طلبة العلم، وهي القصيدة التي مطلعها: اعتزلْ ذِكرَ الأغاني والغَزَلْ ... وقُلِ الفَصْلَ وجانبْ مَنْ هَزَلْ ودَعِ الذِّكرَ لأيامِ الصِّبا ... فلأيامِ الصِّبا نَجمٌ أفَلْ ويقول فيها خاتمًا: أنا مثلُ الماءِ سهلٌ سائغٌ ... ومتى أُسخِنَ آذى وقَتَلْ أنا كالخيزور صعبٌ كسُّرهُ ... وهو لدنٌ كيفَ ما شئتَ انفتَلْ غيرَ أنّي في زمانٍ مَنْ يكنْ ... فيه ذا مالٍ هو المولَى الأجلّ واجبٌ عند الورى إكرامُهُ ... وقليلُ المالِ فيهمْ يُستقلْ كلُّ أهلِ العصرِ غمرٌ وأنا ... منهمُ، فاترك تفاصيلَ الجُمَل وصلاةُ اللهِ ربي كُلّما ... طَلَعَ الشمسُ نهاراً وأفلْ للذي حازَ العُلى من هاشمٍ ... أحمدَ المختارِ من سادَ الأوَلْ وعلى آلٍ وصحبٍ سادةٍ ... ليسَ فيهمْ عاجزٌ إلا بَطَلْ وفيها قوله يذكر فيه نسبه: لا تقلْ أصلي وفَصلي أبداً إنما ... أصلُ الفَتى ما قد حَصَلْ قدْ يسودُ المرءُ من دونِ أبٍ ... وبِحسنِ السَّبْكِ قدْ يُنقَى الدَّغّلْ إنما الوردُ منَ الشَّوكِ وما ... يَنبُتُ النَّرجسُ إلا من بَصَلْ غيرَ أني أحمدُ اللهَ على ... نسبي إذ بأبي بكرِ اتَّصلْ قيمةُ الإنسانِ ما يُحسنُهُ ... أكثرَ الإنسانُ منهُ أوْ أقَلْ وقال ابن العماد الحنبلي:" ناب في الحكم بحلب عن الشيخ شمس الدين بن النقيب، ثم عزل نفسه، وحلف لا يلي القضاء لمنام رآه، وكان ملازمًا للأشغال والاشتغال بالتصنيف شاع ذكره، واشتهر بالفضل اسمه، لازم الشيخ

تقي الدين وغيره، وكان دينًا خيرًا حسن الأخلاق متواضعًا بشوش الوجه متثبتًا قال: لم أقض قضية إلا أعددت لها الجواب بين يدي الله، ذكره الذهبي في المختصر فقال: عالم ذكي خيّر، متواضع بصير بالفقه والعربية، سمع الكثير وتخرج بابن تيمية وغيره."انتهى وقال ابن السبكي:" له فوائد فقهية منظومة، وأرجوزه في تعبير المنامات، واختصار ملحة الإعراب وغير ذلك، وشعره أحلى من السكر (المكرر) وأغلى قيمة من الجوهر". ومن بديع نظمه لاميته المتداولة المشهورة، وله مراثي رثى بها شيخ الإسلام ابن تيمية منها قوله: عتا في عرضِهِ قومٌ سلاطُ ... لهم من نثرِ جوهرِهِ التقاطُ تقيُّ الدين أحمدُ خيرُ حبرٍ ... خروقُ المعضلاتِ به تُخَاطُ تُوُفِيَ وهو مسجونٌ فريدٌ ... وليس له إلى الدنيا انبساطُ ولو حضروه حين قضى لألفَوْا ... ملائكةَ النَّعِيمِ به أحاطوا قضى نحبًا وليس له قرينٌ ... ولا لنظيرِهِ لُفَّ القِمَاطُ فتىً في علمِهِ أضحى فريدا ... وحَلُّ المشكلاتِ به يُنَاطُ وكان إلى التُّقى يدعو البرايا ... وينهى فرقةً فسقوا ولاطوا وكان يخافُ إبليسٌ سطاه ... بوعظٍ للقلوبِ هو السياطُ فيا لله ما قد ضمَّ لحدٌ ... ويا لله ما غطَّى البلاطُ همو حسدوه لما لم ينالوا ... مناقبَهَ فقد فسقوا وشاطوا وكانوا عن طرائقِهِ كُسالى ... ولكن في أذاه لهم نشاطُ وحبسُ الدُّرِ في الأصدافِ فخرٌ ... وعند الشيخ بالسجن اغتباطُ بآل الهاشميِّ له اقتداءٌ ... فقد ذاقوا المنونَ ولم يواطوا

بنو تيميةٍ كانوا فبانوا ... نجومَ العلمِ أدركها انهباطُ ولكن يا ندامةَ حابسيهِ ... فشكُّ الشِّركِ كان به يُمَاطُ ويا فرحَ اليهودِ بما فعلتم ... فإنَّ الضدَّ يعجبُهُ الخباطُ ألم يك فيكمو رجلٌ رشيدٌ ... يرى سجنَ الإمامِ فيُسْتَشَاطُ إمامٌ لا وِلايةَ كان يرجو ... ولا وقفٌ عليه ولا رباطٌ ولا جاراكمو في كسبِ مالٍ ... ولم يُعْهَدْ له بكمُ اختلاطُ ففيم سجنتموه وغظتموه ... أما لجزا أذيته اشتراطُ وسجنُ الشيخِ لا يرضاه مثلي ... ففيه لقدرِ مثلِكُمُ انحطاطُ أما واللهِ لولا كتمُ سرِّي ... وخوفُ الشرِّ لانحلَّ الرِّباطُ وكنتُ أقولُ ما عندي ولكن ... بأهلِ العلمِ ما حَسُنَ اشتطاطُ فما أحدٌ إلى الإنصافِ يدعو ... وكلٌّ في هواه له انخراطُ سيظهرُ قصدُكُم يا حابسيهِ ... ونيتُكُم إذا نُصِبَ الصِّراطُ فها هو ماتَ عنكم واسترحتم ... فعاطوا ما أردتم أن تَعَاطُوا وحلُّوا واعْقِدوا من غيرِ ردٍّ ... عليكم وانطوى ذاك البِسَاطُ هكذا نقلها ابن عبد الهادي، وهي بنحوها في أعيان العصر للصفدي، وفي غيره. ****

حرف الفاء

حَرْفُ الفَاءُ

فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد، أم زينب

• فاطمةُ بِنْتُ عباسِ بنِ أبي الفتحِ بنِ محمدٍ، أمُّ زينبٍ ( ... -714) . قال ابن كثير في (نهايته) :" الشيخة الصالحة العابدة الناسكة أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية بظاهر القاهرة، وشهدها خلق كثير، وكانت من العالمات الفاضلات، تأمر بالمعروف، وتنهي عن المنكر، وتقوم على الأحمدية في مواخاتهم النساء والمردان، وتنكر أحوالهم، وأصول أهل البدع وغيرهم، وتفعل من ذلك مالا تقدر عليه الرجال. وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية فاستفادت منه ذلك وغيره، وقد سمعت الشيخ تقي الدين يثنى عليها، ويصفها بالفضيلة والعلم، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرًا من المغنى أو أكثره، وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها وحسن سؤالاتها وسرعة فهمها، وهي التي خَتَّمَتْ نساءً كثيرًا القرآن منهن: أم زوجتي عائشة بنت صديق زوجة الشيخ جمال الدين المزي، وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي أمة الرحيم زينب رحمهن الله وأكرمهن برحمته وجنته آمين"انتهى ****

حرف القاف

حَرْفُ القَافِ

القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي

• القاسمُ بنُ محمدِ بنِ يوسفَ البِرْزَالِيُّ (665-739) . حفظ القرآن في صغره، ثم حفظ التنبيه، وسمع صحيح مسلم من الإربلي، ثم سمع سنة ثلاث وسبعين من أبيه ومن عز الدين بن الصائغ. وحبب إليه الحديث فالتمس الشيوخ فسمع من ابن أبي عمر، وابن أبي الخير، وابن علان، والمقداد وابن الدرجي، وابن شيبان والفخر. ثم ارتحل إلى حلب سنة خمس وثانين، فسمع من العز الحراني وأكثر عنه، وخرج لنفسه ولشيوخه شيئًا كثيرًا. قال الذهبي:" وورث من أبيه جملة وحصَّل كتبًا جيدة وأجزاء في أربع خزائن، وبلغ ثبته بضعة وعشرين مجلدًا، وأثبت فيه من كان سمع معه، وله مجاميع مفيدة كثيرة، وتعليق وعمل في فن الرواية قل من بلغ إليه وبلغ عدد مشايخه بالسماع أزيد من ألفين وبالإجازة أكثر من ألف رتب ذلك كله، وترجمهم في مسودات متقنة، وكان رأسًا في صدق اللهجة والأمانة صاحب سنة واتباع ولزوم للفرائض، خيرًا متواضعًا حسن البشر عديم الشر فصيح القراءة قوي الدربة عالمًا بالأسماء والألفاظ، سريع السرد مع عدم اللحن والدمج قرأ ما لا يوصف كثرة، وروى من ذلك جملة وافرة، وكان حليمًا صبورًا متوددًا لا يتكثر بفضائله، ولا ينتقص بفاضل، بل يوفيه فوق حقه ويلاطف الناس وله ود في القلوب وحب في الصدور. احتسب عدة أولاد درجوا منهم محمد تلا بالسبع وحفظ كتبًا وعاش ثماني عشرة سنة، ومنهم فاطمة عاشت نيفًا وعشرين سنة، وكتبت صحيح البخاري وأحكام المجد وأشياء. وله إجازات عالية عام مولده من ابن عبد الدائم، وإسماعيل بن عزون، والنجيب، وابن علان، وحدث في أيام شيخه ابن البخاري.

وكان حلو المحاضرة قوي المذاكرة عارفا بالرجال والكبار لا سيما أهل زمانه وشيوخهم يتقن ما يقوله، ولم يخلف في معناه مثله ولا عمل أحد في الطلب عمله. ثم قال:" وكان هو الذي حبب إلي طلب الحديث، فإنه رأى خطي، فقال: خطك يشبه خط المحدثين، فأثر قوله في وسمعت وتخرجت به في أشياء". وقال ابن السبكي:" وعاصرت أربعة لا خامس لهم: هؤلاء الثلاثة والبرزالي، فإني لم أر البرزالي وكان البرزالي يفوقهم في معرفة الأجزاء ورواتها الأحياء، وكانت الثلاثة تعظم المزي وتذعن له ويقرءون عليه ويعترفون بتقديمه وبالجملة". وقال الذهبي: إن رُمْتَ تفتيشَ الخزائنِ كلِّها ... وظهورَ أجزاءٍ حوت وعوالي ونعوتَ أشياخِ الوجودِ وما رووا ... طالعْ أوِ اسمعْ مُعْجَمَ البِرْزَالِي قال ابن عبد الهادي:" قال الشيخ علم الدين البرزالي في معجم شيوخه: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني، الشيخ تقي الدين أبو العباس الإمام المجمع على فضله ونبله ودينه، قرأ الفقه وبرع فيه والعربية والأصول، ومهر في علمي التفسير والحديث، وكان إمامًا لا يلحق غباره في كل شيء، وبلغ رتبة الاجتهاد، واجتمعت فيه شروط المجتهدين، وكان إذا ذكر التفسير بهت الناس من كثرة محفوظه وحسن إيراده وإعطائه كل قول ما يستحقه من الترجيح والتضعيف والإبطال وخوضه في كل علم، كان الحاضرون يقضون منه العجب هذا مع انقطاعه إلى الزهد والعبادة والاشتغال بالله تعالى والتجرد من أسباب الدنيا ودعاء الخلق إلى الله تعالى، وكان يجلس في

صبيحة كل جمعة على الناس يفسر القرآن العظيم، فانتفع بمجلسه وبركة دعائه وطهارة أنفاسه وصدق نيته وصفاء ظاهره وباطنه وموافقة قوله لعمله، وأناب إلى الله خلق كثير وجرى على طريقة واحدة من اختيار الفقر والتقلل من الدنيا رحمه الله تعالى ورد ما يفتح به عليه". قلت: وهو الذى حكى قصة حل الشيخ للغز الشيخ الرشيد الفارقي، وتمام الخبر في كتاب ابن عبد الهادي ولولا الإطالة لوضعناه هنا. وذكر ابن النقيب القرماني أنه أي البرزالي قرأ كتاب الجمعة لأبي بكر أحمد بن علي المروذي على الشيخ ابن تيمية رحمه الله، نقله ابن ناصر الدين في الرد الوافر. قال الحافظ الذهبي:" ولي قراءة دار الحديث سنة عشرين وسبعمائة وقراءة الظاهرية، وحضر المدارس وتفقه مدة بالشيخ تاج الدين عبد الرحمن وصحبه، وأكثر عنه وسافر معه وجود القرآن على الرضى بن دبوقا، وتفرد ببعض مروياته، وتخرج به الطلبة وما أظن الزمان يسمح بوجود مثله، فعند ذلك نحتسب مصابنا بمثله، ولقد حزن الجماعة خصوصًا رفيقه أبو الحجاج شيخنا!، وبكى عليه غير مرة، وكان كل منهمًا يعظم الآخر ويعرف له فضله، وكان رحمه الله وعفا عنه قد أقبل على الخير في آخر عمره، وضعف وحصل له فتق وختم له بخير ولله الحمد، وانتقل إلى رضوان الله تعالى بخليص في بكرة يوم الأحد الرابع من ذي الحجة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة عن أربع وسبعين سنة ونصف". وقال أحمد بن يحيي فضل الله يرثيه: قد كانَ في قاسمٍ من غيرِه عِوَضٌ ... فاليوم لا قاسمٌ فينا ولا قَسَمُ من لو أتى مكةً مالت أباطِحُها ... به سرورًا وجادت أُفْقُها الدِيَمُ أقسمت منذ زمانٍ ما رأى أحدٌ ... لقاسم شبهًا في الأرضِ لو قسموا هذا الذي يشكرُ المختار هجرته ... والبيتُ يعرفُهُ والحلُّ والحرمُ

قرأ سنقر بن عبد الله المنصوري، شمس الدين نائب الملك الناصر على دمشق

ما كان ينكرُهُ رمي الحطيم به ... لو أخر العمرَ حتى جاء يستلمُ له إليه وفاداتٌ تقرُّ بها ... جبالُ مكَّةَ والبطحاءُ والأكمُ محدثُ الشامِ صدقًا بل مؤرِخُهُ ... جرى بهذا وذا فيما مضى القلمُ يا طالبَ العلمِ في الفنين مجتهدًا ... في ذا وهذا يُنادى المفردُ العلمُ ومنها: وحَقَّق النقدَ حتى بان بَهْرَجُهُ ... وصحَّح النقلَ حتى ما به سَقَمُ وعرَّف الناسَ كيف الطرقُ أجمعها ... إلى النبيِّ فما حاروا ولا وهموا وعلَّم الخلقَ في التاريخِ ما جهلوا ... وبعضُ ما جهلوا أضعافُ ما علموا يريك تاريخَهُ مهما أردت به ... كأنَّ تاريخه الآفاقُ والأممُ رحمه الله وعفا عنا وعنه وأدخلنا وإياه دار كرامته ومستقر أوليائه، آمين. **** • قَرَأ سُنْقُرُ بنُ عبدِ اللهِ المنصوري، شمسُ الدينِ نائبُ الملكِ الناصرِ عَلَى دمشق ( ... -728) . قال ابن ناصر الدين:" قال الحافظ أبو محمد القاسم ابن البرزالي فيما وجدته بخطه من كتاب الأمير شمس الدين قرأ سنقر المنصوري: إلى الشيخ تقي الدين ضاعف الله بركات الجناب العالي السيدي الإمامي العالمي العاملي العلامي الشيخ القدوي الزاهدي العابدي الخاشعي العارفي الحافظي التقوي شيخ الاسلام قطب الأنام سيد العلماء أوحد الصلحاء حجة الأئمة قدوة الأمة مفتي المسلمين،

قرمشي بن أقطون

شيخ المذاهب إمام الفرق ناصر السنة، آخر المجتهدين مذكر الملوك والسلاطين، ورفع درجته في عليين وأناله منازل الأبرار والمتقين، ونفع ببركته ودعواته الإسلام والمسلمين، المملوك يخدم بسلام أرق من النسيم ويبث شوقًا عنده منه المقعد المقيم، ويتأسف على مشاهدة ذلك المحيا الوسيم ومفاكهته التي هي من الفوز العظيم، وينهى أنه لم يزل في سائر أوقاته متطلعًا إلى أخباره مترقبًا ما يرد من سوانحه وأوطاره راجيًا من الله تعالى أن لا يخليه من دعواته وأن يمده بيمنه وبركاته ويمتعه والإسلام كافة بطول بقائه وحياته وغير ذلك، فإن المملوك كلما بلغه بلاغة الجناب العالي وزواجره ونواهيه في طاعة الله وأوامره وقيامه في مصالح الاسلام واجتهاده وجهاده في الله حق جهاده رفع يده بالأدعية المباركة بطول بقائه، وأن يمده بمعونته وألطافه في صباحه ومسائه، فإنه ضاعف الله بركاته قد أحيا سنن هذه الملة، وكان ممن وصف في قوله تعالى الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله، وهذا بعض الكتاب المشار إليه فيما تقدم والله سبحانه وتعالى أعلم". **** • قرمشي بن أقطون (....-747) . هو الأمير سيف الدين ابن الأمير علاء الدين الحاجب بمصر والشام. قال الصفدي:" كان في صباه قد تنسك، وبحبال الآخرة تمسك، وامتنع من دخول الحمام، وأعرض عن لذات هذه الدنيا ورفض ما فيها من الحطام، وأخذ في مطالعة الأحاديث النبويه، والاقتفاء بسيرة السلف المرضيه، وتتلمذ للشيخ

العلامة تقي الدين بن تيمية، وكانت ترد عليه بالنهي عن التمسك بالأمور الدنيويه"اهـ وقال:" كان قد نشأ بصفد على خير وديانة وتعبد، ولم نعلم له صبوة، وكان يحب الفقراء والصلحاء، ويميل إلى الشيخ تقي الدين بن تيمية وأصحابه، واختص بالأمير سيف الدين أرقطاي نائب صفد، وكان يسمر عنده ويلازمه ليلاً ونهاراً"انتهى ****

حرف الميم

حَرْفُ الِميمِ

محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن يعقوب بن إلياس الأنصاري، شمس الدين أبو عبد الله الخزرجي ابن إمام الصخرة البياني المقدسي الدمشقي

• محمَّدُ بنُ إبراهيمَ بنِ محمَّدِ بنِ أبي بكرِ بنِ إبراهيمَ بنِ يعقوبَ بنِ إلياسَ الأنصاريُّ، شمسُ الدينِ أبو عبدِ اللهِ الخزرجيُّ ابنُ إمامِ الصخرةِ البيانيُّ المقدسيُّ الدمشقيُّ (686-766) . سمع من الفخر ابن البخاري، وابن المجاور، وزينب بنت مكي، وأبي الفضل ابن عساكر، وأجاز له من بغداد ابن وريدة، والطبال، وغيرهم. وخرج له ابن رافع مشيخة، وذيل عليها الحافظ العراقي. ونقل صاحب الرد الوافر عنه قوله:" أخبرنا شيخ الاسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني -رحمة الله عليه- بجميع كتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان مناولة فذكره قرأه عليه بهذا الاسناد الامام العلامة ذو الفنون أبو المظفر يوسف بن محمد السرمري رحمة الله عليه". **** • محمدُ بنُ أحمدَ بنِ أبي نصرٍ الدباهيُّ البغداديُّ الحنبليُّ (....-711) . كان من كبار التجار ومن أهل الديانة قوَّلًا بالحق نهَّاءً عن المنكر أمَّارًا بالمعروف ذا ديانة وإنابة، وأحوال نبوية وتصوف على طريقة أهل الحديث، جاور بمكة، وصحب الشيخ ابن تيمية واستفاد منه. ****

محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله

• محمدُ بنُ أحمدَ بنِ عثمانَ بنِ قايماز التركمانيُّ الذهبيُّ، شمس الدين أبو عبد الله (673-748) . قال ابن السبكي:" أجاز له أبو زكريا بن الصيرفيُّ، وابن أبي الخير، والقطب ابن أبي عصرون، والقاسم بن الإربلي. وطلب الحديث وله ثماني عشرة سنة، فسمع بدمشق من عمر بن القواس، وأحمد بن هبة الله بن عساكر، ويوسف بن أحمد الغسولي وغيرهم. وببعلبك من عبد الخالق بن علوان، وزينب بنت عمر بن كندي، وغيرهما. وبمصر من الأبرقوهي، وعيسى بن عبد المنعم بن شهاب، وشيخ الإسلام ابن دقيق العيد، والحافظين: أبي محمد الدمياطي وأبي العباس بن الظاهري، وغيرهم. ولما دخل إلى شيخ الإسلام ابن دقيق العيد، وكان المذكور شديد التحري في الإسماع، قال له: من أين جئت؟ قال: من الشام. قال: بم تعرف؟ قال: بالذهبي. قال: من أبو طاهر الذهبي؟ فقال له: المخلص. فقال: أحسنت. فقال: من أبو محمد الهلالي؟ قال: سفيان بن عينة. قال: أحسنت، اقرأ. ومكنه من القراءة عليه حينئذ إذ رآه عارفًا بالأسماء. وسمع بالإسكندرية من أبي الحسن علي بن أحمد الغرافي، وأبي الحسن يحيى بن أحمد بن الصواف، وغيرهما. وبمكة من التوزري وغيره. وبحلب من سنقر الزيني وغيره. وبنابلس من العماد بن بدران. وفي شيوخه كثرة فلا نطيل بتعدادهم.

وسمع منه الجمع الكثير، وما زال يخدم هذا الفن إلى أن رسخت فيه قدمه، وتعب الليل والنهار، وما تعب لسانه وقلمه، وضربت باسمه الأمثال وسار اسمه مسير الشمس إلا أنه لا يتقلص إذا نزل المطر ولا يدبر إذا أقبل الليال"انتهى ودخل دمشق، وصحب الشيخ ابن تيمية، وكان شديد التعظيم له والذبِّ عنه، وأخذ عنه وله سؤالات يوردها في كتبه للشيخ وسماعات منه منثورة في تاريخ الإسلام وغيره. وقال فيه:" نشأ يعني الشيخ تقي الدين -رحمه الله- في تصون تام وعفاف وتأله وتعبد واقتصاد في الملبس والمأكل، وكان يحضر المدارس والمحافل في صغره ويناظر ويفحم الكبار ويأتي بما يتحير منه أعيان البلد في العلم، فأفتى وله تسع عشرة سنة بل أقل، وشرع في الجمع والتأليف من ذلك الوقت، وأكب على الاشتغال، ومات والده وكان من كبار الحنابلة وأئمتهم، فدرس بعده بوظائفه وله إحدى وعشرون سنة، واشتهر أمره وبعد صيته في العالم، وأخذ في تفسير الكتاب العزيز في الجمع على كرسي من حفظه، فكان يورد المجلس ولا يتعلثم وكذا كان الدرس بتؤدة وصوت جهوري فصيح"انتهى وقال:" ثم أقبل على الفقه ودقائقه وقواعده وحججه والإجماع والاختلاف حتى كان يقضى منه العجب، إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف ثم يستدل ويرجح ويجتهد وحق له ذلك؛ فإن شروط الإجتهاد كانت قد اجتمعت فيه فإنني ما رأيت أحدًا أسرع انتزاعًا للآيات الدالة على المسألة التي يوردها منه، ولا أشد استحضارًا لمتون الأحاديث وعزوها إلى الصحيح أو إلى المسند أو إلى السنن منه كأن الكتاب والسنن نصب عينيه وعلى طرف لسانه بعبارة رشقة وعين مفتوحة وإفحام للمخالف، وكان آية من آيات الله تعالى في التفسير والتوسع فيه لعله يبقى في تفسير الآية المجلس والمجلسين.

وأما أصول الديانة ومعرفتها ومعرفة أحوال الخوارج والروافض والمعتزلة وأنواع المبتدعة فكان لا يشق فيه غباره ولا يلحق شأوه، هذا مع ما كان عليه من الكرم الذي لم أشاهد مثله قط والشجاعة المفرطة التي يضرب بها المثل والفراغ عن ملاذ النفس من اللباس الجميل والمأكل الطيب والراحة الدنيوية ولقد سارت بتصانيفه الركبان في فنون من العلم وألوان لعل تواليفه وفتاويه في الأصول والفروع والزهد واليقين والتوكل والإخلاص وغير ذلك، تبلغ ثلاث مئة مجلد لا بل أكثر وكان قوَّالًا بالحق نهَّاءً عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم ذا سطوة وإقدام وعدم مداراة الأغيار، ومن خالطه وعرفه قد ينسبني إلى التقصير في وصفه، ومن نابذه وخالفه ينسبني إلى التغالي فيه، وليس الأمر كذلك. مع أنني لا أعتقد فيه العصمة، كلا!! فإنه مع سعة عمله وفرط شجاعته وسيلان ذهنه وتعظيمه لحرمات الدين بشر من البشر تعتريه حدة في البحث وغضب وشظف للخصم يزرع له عداوة في النفوس ونفورًا عنه، وإلا والله فلو لاطف الخصوم، ورفق بهم ولزم المجاملة وحسن المكالمة، لكان كلمة إجماع؛ فإن كبارهم وأئمتهم خاضعون لعلومه وفقهه معترفون بشفوفه وذكائه مقرون بندور خطئه لست أعني بعض العلماء الذين شعارهم وهجيراهم الاستخفاف به والازدراء بفضله والمقت له حتى استجهلوه وكفروه ونالوا منه من غير أن ينظروا في تصانيفه، ولا فهموا كلامه، ولا لهم حظ تام من التوسع في المعارف والعالم منهم قد ينصفه ويرد عليه بعلم. وطريق العقل السكوت عما شجر بين الأقران -رحم الله الجميع -، وأنا أقل من أن ينبه على قدره كلمي، أو أن يوضح نبأه قلمي، فأصحابه وأعداؤه خاضعون لعلمه مقرون بسرعة فهمه، وأنه بحر لا ساحل له، وكنز لا نظير له وأن جوده حاتمي وشجاعته خالدية، ولكن قد ينقمون عليه أخلاقًا وأفعالًا

منصفهم فيها مأجور ومقتصدهم فيها معذور وظالمهم فيها مأزور، وغاليهم مغرور، وإلى الله ترجع الأمور. وكل أحد يؤخذ من قوله، ويترك،والكمال للرسل والحجة في الإجماع، فرحم الله امرءًا تكلم في العلماء بعلم أو صمت بحلم، وأمعن في مضايق أقاويلهم بتؤدة، وفهم ثم استغفر لهم، ووسع نطاق المعذرة، وإلا فهو لا يدري ولا يدري أنه لا يدري. وإن أنت عذرت كبار الأئمة في معضلاتهم، ولا تعذر ابن تيمية في مفرداته، فقد أقررت على نفسك بالهوى وعدم الإنصاف وإن قلت لا أعذره؛ لأنه كافر عدو الله تعالى ورسوله، قال لك خلق من أهل العلم والدين: ما علمناه والله إلا مؤمنًا محافظًا على الصلاة والوضوء وصوم رمضان معظمًا للشريعة ظاهرًا وباطنًا لا يؤتى من سوء فهم بل له الذكاء المفرط ولا من قلة علم فإنه بحر زخار بصير بالكتاب والسنة عديم النظير في ذلك ولا هو بمتلاعب بالدين فلو كان كذلك لكان أسرع شيء إلى مداهنة خصومه وموافقتهم ومنافقتهم ولا هو يتفرد بمسائل بالتشهي ولا يفتي بما اتفق بل مسائله المفردة يحتج لها بالقرآن وبالحديث أو بالقياس ويبرهنها ويناظر عليها وينقل فيها الخلاف ويطيل البحث أسوة من تقدمه من الأئمة. فإن كان قد أخطأ فيها فله أجر المجتهد من العلماء، وإن كان قد أصاب فله أجران. وإنما الذم والمقت لأحد رجلين رجل أفتى في مسألة بالهوى، ولم يبد حجة، ورجل تكلم في مسألة بلا خميرة من علم ولا توسع في نقل فنعوذ بالله من الهوى والجهل. ولا ريب أنه لا اعتبار بذم أعداء العالم فإن الهوى والغضب يحملهم على عدم الإنصاف والقيام عليه ولا اعتبار بمدح خواصه والغلاة فيه فإن الحب يحملهم

على تغطية هناته بل قد يعدوها له محاسن وإنما العبرة بأهل الورع والتقوى من الطرفين الذين يتكلمون بالقسط ويقومون لله ولو على أنفسهم وآبائهم. فهذا الرجل لا أرجو على ما قلته فيه دنيا ولا مالًا ولا جاهًا بوجه أصلاً مع خبرتي التامة به ولكن لا يسعني في ديني ولا عقلي أن أكتم محاسنه وأدفن فضائله وأبرز ذنوبًا له مغفورة في سعة كرم الله تعالى وصفحة مغمورة في بحر علمه وجوده فالله يغفر له ويرضى عنه ويرحمنا إذا صرنا إلى ما صار إليه مع أني مخالف له في مسائل أصلية وفرعية قد أبديت آنفا أن خطأه فيها مغفور بل قد يثيبه الله تعالى فيها على حسن قصده وبذل وسعه والله الموعد. مع أني قد أوذيت لكلامي فيه من أصحابه وأضداده فحسبي الله بين المنكبين جهوري الصوت فصيحًا سريع القراءة تعتريه حدة ثم يقهرها بحلم وصفح وإليه كان المنتهى في فرط الشجاعة والسماحة وقوة الذكاء، ولم أر مثله في ابتهاله واستغاثته بالله تعالى وكثرة توجهه، وقد تعبت بين الفريقين، فأنا عند محبه مقصر وعند عدوه مسرف مكثر، كلا والله"انتهى من رسالة له في ترجمته أخرجها بعض العصريين. وقال في المعجم له:" عنى بالحديث ونسخ الأجزاء، ودار على الشيوخ، وخرج وانتقى، وبرع في الرجال وعلل الحديث وفقهه وفى علوم الإسلام وعلم الكلام وغير ذلك. وكان من بحور العلم ومن الأذكياء المعدودين والزهاد الافراد والشجعان الكبار والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف، وسارت بتصانيفه الركبان لعلها ثلاث مائة مجلد"انتهى وقال ابن السبكي:" واعلم أن هذه الرفقة -أعني المزي والذهبي والبرزالي وكثيرًا ما أتباعهم- أضر بهم أبو العباس ابن تيمية إضرارًا بيِّنًا، وحملهم على

عظائم الأمور أمرًا ليس هينًا، وجرهم إلى ما كان التباعد عنه أولى بهم وأوقفهم في دكادك من نار المرجو من الله أن يتجاوزها لهم ولأصحابهم"انتهى وقال:" والذى أفتى به أنه لا يجوز الاعتماد على كلام شيخنا الذهبى فى ذمِّ أشعرى، ولا شكر حنبلى. والله المستعان"انتهى وقال:" ولقد وقفت فى تاريخ الذهبى -رحمه الله- على ترجمة الشيخ الموفق بن قدامة الحنبلى، والشيخ فخر الدين بن عساكر، وقد أطال تلك وقصر هذه وأتى بما لا يشك لبيب أنه لم يحمله على ذلك إلا أن هذا أشعرى وذاك حنبلى، وسيقفون بين يدى رب العالمين"انتهى وقال في رثاءه: يا موتُ خذ من أردتَ أو فَدَعِ ... مَحَوْتَ رَسْمَ العُلُومِ والوَرَعِ أخذتَ شيخَ الإسلامِ وانفصمت ... عُرَى التُّقَى واشتفى أولو البِدَعِ غيَّبت بحرًا مفسرًا جبلا ... حبرًا تقيًّا مجانبَ الشِبَعِ فإنْ يُحَدِّثْ فمسلمٌ ثقةٌ ... وإن يناظر فصاحبُ اللُّمَعِ وإن يخض نَحَو سييوبهِ يَفُهْ ... بكلِّ معنىً في الفنِّ مخترعِ وصار عاليَ الإسنادِ حافظةً ... كشعبةٍ أو سعيدٍ الضَبُعِي والفقهُ فيه فكانَ مجتهدا ... وذا جهادٍ عارٍ من الجَزَعِ وجودُهُ الحاتميُّ مشتهرٌ ... وزهدُه القادريُّ في الطَبَعِ أسكنَهُ اللهُ في الجنانِ ولا ... زال علينا في أجملِ الخِلَعِ وكتب الحافظ الذهبي وترجمته أشهر من أن تعرف فحسبك هذا، وفي الله غنية، وله الحمد والمنة. ****

محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي الجماعيلي، شمس الدين أبو عبد الله، أحد الأذكياء

• محمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ الهادِي بنِ عبدِ الحميدِ بنِ عبدِ الهادِي بنِ يوسفَ بنِ محمدِ بنِ قدامةَ المقدسيُّ الحنبليُّ الجمَّاعِيلِيُّ، شمسُ الدينِ أبو عبد الله، أحدُ الأذكياءِ (705 أو 704 أو 706- 744) . أحد أذكياء الدنيا، الفقيه البارع والمحدث الفاضل، والنحوى الكامل، الذي يعجز اللفظ عن التعبير عن براعته، وتجف الأقلام بالألقاب دون إدراك غايته. صاحب الكتب النافعة والمجامع الجامعة قال ابن رجب: فمن تصانيفه: (تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق) لابن الجوزي مجلدان، (الأحكام الكبرى) المرتبة على أحكام الحافظ الضياء، كمل منها سبع مجلدات (الرد على أبي بكر الخطيب الحافظ في مسألة الجهر بالبسملة) مجلد، (المحرر في الأحكام) مجلد، (فصل النزاع بين الخصوم في الكلام على أحاديث: أفطر الحاجم والمحجوم) مجلد لطيف، (الكلام على أحاديث مس الذكر) جزء كبير، (الكلام على أحاديث: البحر هو الطهور ماؤه) جزء كبير، (الكلام على أحاديث القلتين) جزء، (الكلام على حديث معاذ في الحكم بالرأي) جزء كبير، (الكلام على حديث:

أصحابي كالنجوم) جزء، (الكلام على حديث أبي سفيان: ثلاث أعطينهن يا رسول الله والرد على ابن حزم في قوله: إنه موضوع) . كتاب (العمدة) في الحفاظ، كمل منه مجلدان، (تعليقة في الثقات) كمل منه مجلدان، (الكلام على أحاديث: مختصر ابن الحاجب) مختصر ومطول، (الكلام على أحاديث كثيرة فيها ضعف من المستدرك للحاكم) ، (أحاديث الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-) ، (جزء منتقى من مختصر المختصر لابن خزيمة، ومناقشته على أحاديث أخرجها فيه، فيها مقال) مجلد، (الكلام على أحاديث الزيارة) جزء، (مصنف في الزيارة) مجلد، (الكلام على أحاديث محلل السباق) جزء، جزء في (مسافة القصر) ، (جزء في قوله تعالى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى) [التوبة:108] ، (جزء في أحاديث: الجمع بين الصلاتين في الحضر) ، (الإعلام في ذكر مشايخ الأئمة الأعلام) ، (أصحاب الكتب الستة) عدة أجزاء، (الكلام على حديث: الطواف بالبيت صلاة) ، (جزء كبير في مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-) ، (تعليقة على سنن البيهقي الكبرى) كمل منها مجلدان، (جزء كبير في المعجزات والكرامات) ، (جزء في تحريم الربا) ، (جزء في تملك الأب من مال ولده ما شاء) ، (جزء في العقيقة) ، (جزء في الأكل من الثمار التي لا حائط عليها) ، (الرد على ألْكيا الهِرَّاسي) جزء كبير، (في ترجمة الشيخ تقي الدين ابن تيمية) مجلد، (منتقى من تهذيب الكمال للمزي) كمل منه خمسة أجزاء، (إقامة البرهان على عدم وجوب صوم يوم الثلاثين من شعبان) جزء، (جزء في فضائل الحسن البصري -رضي الله عنه-) ، (جزء في حجب الأم بالإخوة، وأنها تحجب بدون ثلاثة) ، (جزء في الصبر) ، (جزء في فضائل الشام) ، (صلاة التراويح) جزء كبير، (الكلام على أحاديث: لبس الخفين

للحرم) جزء كبير، (جزء في صفة الجنة) ، (جزء في المراسيل) ، (جزء في مسألة الجد والأخوة) ، (منتخب من مسند الإِمام أحمد) مجلدان، (منتخب من سنن البيهقي) مجلد، (منتخب من سنن أبي داود) مجلد لطيف، (تعليقه على التسهيل في النحو) كمل منها مجلدان، (جزء في الكلام على حديث: أَفرَضَكم زيد) ، (أحاديث: حياة الأنبياء في قبورهم) جزء، (تعليقة على العلل لابن أبي حاتم) كمل منها مجلدان. (تعليقة على الأحكام لأبي البركات ابن تيمية) لم تكمل، (منتقى من علل الدارقطني) ، مجلد، (جزء في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) ، (شرح لألفية ابن مالك) جزء، (ما أخذ على تصانيف أبي عبد الله الذهبي الحافظ) شيخه عدة أجزاء، (حواشي على كتاب الإلمام) ، (جزء في الرد على أبي حيان النحوي فيما رده على ابن مالك وأخطأ فيه) ، (جزء في اجتماع الضميرين) ، (جزء في تحقيق الهمز والإِبدال في القراءات) ، وله (رد على ابن طاهر، وابن دحية) وغيرهما، وتعاليق كثيرة في الفقه وأصوله، والحديث، ومنتخبات كثيرة في أنواع العلم"انتهى وقال الذهبي في تذكرته:" وسمعت من الإمام الأوحد الحافظ ذى الفنون شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادى، ولد سنة خمس أو ست وسبع مائة، وسمع من القاضى وابن عبد الدائم والمطعم، واعتنى بالرجال والعلل وبرع وجمع وتصدى للافادة والاشتغال في القراءات والحديث والفقه والأصول والنحو، وله توسع في العلوم وذهن سيال، توفى في شهر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وسبع مائة، رحمة الله عليهم أجمعين". قلت: وهو آخر من ترجم لهم في تذكرة الحفاظ.

وقال ابن رجب:" وعنى بالحديث وفنونه، ومعرفة الرجال والعلل. وبرع في ذلك. وتفقه في المذهب وأفتى. وقرأ الأصلين والعربية، وبرع فيها. ولازم الشيخ تقي الدين ابن تيمية مدة. وقرأ عليه قطعة من الأربعين في أصول الدين للرازي. قرأ الفقه على الشيخ مجد الدين الحراني، ولازم أبا الحجاج المزي الحافظ، حتى برع عليه في الرجال، وأخذ عن الذهبي وغيره". وقال:" واعتنى بالرجال والعلل، وبرع وجمع، وتصدى للإفادة والاشتغال في القراءة والحديث، والفقه والأصلين، والنحو. وله توسع في العلوم وذهن سيال". وتتلمذ عليه جمع من الفضلاء في حياة ابن تيمية، شأنه شأن ابن القيم رحمه الله. قال في ترجمته ابن تيمية:" كنت جلست يومًا إلى قاضي القضاة صدر الدين قاضي الحنفية، فقال لي -وهو يضحك-:" تحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية؟ فقلت: نعم. فقال والله تحب شيئًا مليحًا". ****

محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقي، شمس الدين أبو عبد الله ابن قيم الجوزية الحنبلي

• محمَّدُ بنُ أبي بكرِ بنِ أيوبَ بنِ سعدِ بنِ حُريزٍ الزَّرعِيُّ الدمشقيُّ، شمس الدين أبو عبد الله ابن قيِّم الجوزية الحنبليُّ (691-751) . هو الإمام المتضلع الجهبذ، والجبل الراسخ، والأصولي الفقيه النحوي البياني المبرز، أكبر تلامذة الشيخ -رحمه الله-، وأجل أصحابه بلا مدافعة اللهم إلا المزي فيُتَوقَّفُ عِنْدَئِذٍ. سمع من الشهاب النابلسي العابر، والقاضي تقي الدين سليمان، وفاطمة بنت جوهر، وعيسى المطعم، وأبي بكر بن عبد الدايم، وجماعة. وتفقه في المذهب وغيره، وأفتى وصنف وبرع، وحصل الكتب والمجامع، وحاز العلوم وتقدم، لازم الشيخ تقي الدين ابن تيمية من سنة اثنتي عشرة، وأخذ عنه واكتسب سمته وشرح مذهبه وتقلد مسائله، ودافع عنه، ورتب أقواله، وأكثر النقل عنه في كتبه. قال ابن رجب:" كان عارفاً بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول الدين، وإليه فيهما المنتهى. والحديث ومعانيه وفقهه، ودقائق الاستنباط منه، لا يلحق في ذلك، وبالفقه وأصوله وبالعربية، وله فيها اليد الطولى، وتعلم الكلام والنحو وغير ذلك، وكان عالماً بعلم السلوك، وكلام أهل التصوف، وإشاراتهم، ودقائقهم. له في كل فن من هذه الفنون اليد الطولى".

وقال الذهبي:" عنى بالحديث ومتونه، وبعض رجاله. وكان يشتغل في الفقه، ويجيد تقريره وتدريسه، وفي الأصلين. وقد حبس مدة، لإِنكاره شد الرحال إلى قبر الخيل، وتصدى للأشغال، وإقراء العلم ونشره". وقال ابن رجب تلميذه:" كان رحمه الله ذا عبادة وتهجد، وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر، وشفف بالمحبة، والإِنابة والاستغفار، والافتقار إلى الله، والإنكسار له، والإطراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهد مثله في ذلك، ولا رأيت أوسع منه علماً، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو المعصوم، ولكن لم أرَ في معناه مثله. وقد امتحن وأوفي مرات، وحبس مع الشيخ تقي الدين في المرة الأخيرة بالقلعة، منفرداً عنه، ولم يفرج عنه إلا بعد موت الشيخ. وكان في مدة حبسه مشتغلاً بتلاوة القراَن بالتدبر والتفكر، ففتح عليه من ذلك خير كثير، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة، وتسلط بسبب ذلك على الكلام في علوم أهل المعارف، والدخول في غوامضهم، وتصانيفه ممتلئة بذلك، وحج مرات كثيرة، وجاور بمكة. وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة، وكثرة الطواف أمراً يتعجب منه. ولازمت مجالسه قبل موته أزيد من سنة، وسمعت عليه (قصيدته النونية الطويلة) في السنة، وأشياء من تصانيفه، وغيرها. وأخذ عنه العلم خلق كثير من حياة شيخه وإلى أن مات، وانتفعوا به، وكان الفضلاء يعظمونه، ويتتلمذون له، كابن عبد الهادي وغيره".

وقال ابن كثير:" سمع الحديث، واشتغل بالعلم، وبرع في علوم متعددة لا سيما علم التفسير والحديث والأصلين ولما عاد الشيخ تقي الدين ابن تيمية من الديار المصرية في سنة ثنتي عشرة وسبعمائة لازمه إلى أن مات الشيخ، فأخذ عنه علمًا جمًّا مع ما سلف له من الاشتغال، فصار فريدًا في بابه في فنون كثيرة مع كثرة الطلب ليلًا ونهارًا وكثرة الابتهال، وكان حسن القراءة والخلق، كثير التودد لا يحسد أحدًا ولايؤذيه ولا يستعيبه، ولا يحقد على أحد، وكنت من أصحب الناس له، وأحب الناس إليه، ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه، وكانت له طريقة في الصلاة يطيلها جدًّا، ويمد ركوعها وسجودها، ويلومه كثير من أصحابه في بعض الأحيان، فلا يرجع ولا ينزع عن ذلك-رحمه الله-". وقال ابن حجر:" كان جرئ الجنان واسع العلم عارفًا بالخلاف ومذاهب السلف، وغلب عليه حب ابن تيمية حتى كان لا يخرج عن شيء من أقواله بل ينتصر له في جميع ذلك، وهو الذي هذب كتبه، ونشر علمه، وكان له حظ عند الأمراء المصريين". قلت: بل كان يخالفه أحيانًا، ولكنّها قليلة، وهي بإسهاب في ما سطره المعاصرون في درياتهم حياة الإمام ابن القيم، كدراسة بكر بن عبد الله أبي زيد-رحمه الله-.

وقال في تقريظ الرد الوافر:" لو لم يكن للشيخ تقي الدين إلا تلميذه الشيخ شمس الدين ابن القيم الجوزية صاحب التصانيف النافعة السائرة التي انتفع بها الموافق والمخالف لكان غاية في الدلالة على عظم منزلته"انتهى وقال أبو بكر بن المحب: قلت لشيخنا الحافظ المزي: ابن القيم في درجة ابن خزيمة؟ فقال: هو في هذا الزمان كابن خزيمة في زمانه. وقال القاضي برهان الدين الزرعي عنه: ما تحت أديم السماء أوسع علماً منه. وله في الشيخ ابن تيمية ما لا يحصى من المدائح النثرية والنظمية، ومنها قوله في قصيدته النونية: وإذا أردتَ ترى مصارعَ منْ خَلَا ... مِن أُمَّةِ التعطيلِ والكُفْرَانِ وتراهمُ أسرى حقيرٌ شأنُهُم ... أيديهُمُ غُلَّتْ إلى الأَذْقَانِ وتراهُمُ تَحْتَ الرِّماحِ دَرِيئةً ... ما فيهم من فارسٍ طَعَّانِ وتراهُمُ تحتَ السِّيوفِ تنوشهم ... من عن شمائِلِهم وعن أيمانِ وتراهم انسلخوا من الوحيينِ والعـ ... ـقلِ الصحيحِ ومقتضى القرآنِ وتراهُمُ واللهِ ضِحْكَةَ ساخرٍ ... ولطالما سَخِروا من الإيمانِ قد أوحشت منهم ربوعٌ زادهـ ... ـها الجبَّارُ إيحاشًا مدى الأزمانِ وخلت ديارُهُمُ وشُتِّتَ شملُهُم ... ما فيهمُ رجلانِ مجتمعانِ قد عطَّل الرحمنُ أفئدةً لهم ... من كلِّ معرفةٍ ومن إيمانِ إذ عطَّلوا الرحمنَ من أوصافِهِ ... والعرشُ أخلوْهُ من الرحمنِ بل عطلوه عن الكلامِ وعن صفا ... تِ كمالِهِ بالجهلِ والبهتانِ

فاقرأ تصانيفَ الامامِ حقيقةً ... شيخِ الوجودِ العالمِ الرَّبَّانِي أعني أبا العباسِ أحمدَ ذلـ ... ـك البحرُ المحيطُ بسائرِ الخِلْجَانِ واقرأ كتابَ العقلِ والنقلِ الذي ... ما في الوجودِ له نظيرٌ ثانِ وكذاك منهاجٌ له في ردِّهِ ... قولَ الروافضِ شيعةِ الشيطانِ وكذاك أهلُ الاعتزالِ فإنه ... أرداهُمُ في حُفْرَةِ الجبَّانِ وكذلك التأسيسُ أصبحَ نقضُهُ ... أعجوبةً للعالمِ الرَّبَّانِي وكذاك أجوبةٌ له مصريةٌ ... في ستِّ أسفارٍ كُتِبْنَ سمانِ وكذا جوابٌ للنصارى فيه ما ... يشفي الصدورَ وإنَّه سِفْرَانِ وكذاك شرحُ عقيدةٍ للأصبها ... ني شارحِ المحصولِ شرحَ بيانِ فيها النبواتُ التي إثباتُهَا ... في غايةِ التقريرِ والتِبْيَانِ واللهِ ما لأولي الكلامِ نظيرُهُ ... أبدًا وكُتْبُهُمُ بكلِّ مَكَانِ وكذا حدوثُ العالمِ العلـ ... ـويِّ والسُّفليِّ فيه في أتمِّ بيانِ وكذا قواعدُ الاستقامةِ إنَّها ... سفرانِ فيما بيننا ضخمانِ وقرأتُ أكثرَهَا عليه فزادني ... واللهِ في علمٍ وفي إيمانِ هذا ولو حدثتُ نفسي أنَّه ... قبلي يموتُ لكانَ هذا الشانِ وكذاك توحيدُ الفلاسفةِ الألى ... توحيدُهُم هو غايةُ الكُفْرَانِ سفرٌ لطيفٌ فيه نقضُ أصولِهِم ... بحقيقةِ المعقولِ والبرهانِ وكذاك تسعينيةٌ فيها له ... ردٌّ على من قال بالنفسانِي تسعونَ وجهًا بينت بطلانَهُ ... أعني كلامَ النفسِ ذا الوحدانِ وكذا قواعدُهُ الكبارُ وإنها ... أوفى من المائتينِ في الحُسْبانِ لم يتسعْ نظمي لها فأسوقَها ... فأشرتُ بعضَ إشارةٍ لبيانِ

وكذا رسائِلُهُ إلى البلدانِ والأ ... طرافِ والأصحابِ والإخوانِ هي في الورى مبثوثةٌ معلومةٌ ... تبتاعُ بالغالي من الأثمانِ وكذا فتاواه فأخبرني الذي ... أضحى عليها دائمَ الطَوَفَانِ بلغ الذي ألفاهُ منها عدةً الأ ... يامِ من شَهْرٍ بلا نُقْصَانِ سفرٌ يقابلُ كلَّ يومٍ والذي ... قد فاتني منها بلا حُسْبَانِ هذا وليس يقصِّرُ التفسيرُ عن ... عشرٍ كِبارٍ ليس ذا نقصانِ وكذا المفاريدُ التي في كل مسـ ... ـألةٍ فسفرٌ واضحُ التبيانِ ما بين عشرٍ أو تزيدُ بضعفِهَا ... هي كالنجومِ لسالكٍ حَيْرَانِ وله المقاماتُ الشهيرةُ في الورى ... قد قامها للهِ غيرَ جبانِ نصر الإلهَ ودينَهُ وكتابَهُ ... ورسولَهُ بالسيفِ والبرهانِ أبدى فضائِحَهم وبيّن جهلَهُم ... وأرى تناقضَهُم بكلِّ زَمَانِ وأصارهم واللهِ تحت نعالِ أهـ ... ـلِ الحقِّ بعدَ ملابسِ التيجانِ وأصارهم تحتَ الحضيضِ وطالما ... كانوا هم الأعلامُ للبُلْدَانِ ومن العجائبِ أنَّه بسلاحِهِم ... أرداهُمُ تحتَ الحضيضِ الدَّانِي كانت نواصينا بأيديهم فما ... منَّا لهم إلا أسيرٌ عَانِ فغدت نواصيهم بأيدينا فما ... يلقوننا إلا بحبلِ أمانِ وغدت ملوكهم ماليكًا لأنصـ ... ـارِ الرسولِ بمنةِ الرحمنِ وأتت جنودُهُمُ التي صالوا بها ... منقادةً لعساكرِ الإيمانِ يدري بهذا من له خبرٌ بما ... قد قاله في ربِّهِ الفئتانِ والفَدْمُ يوحشُنا وليسَ هناكُمُ ... فحضورُهُ ومغيبُهُ سِيَّانِ ومن ذلك قوله -أيضًا-:

يا قومُ واللهِ العظيمِ نصيحةٌ ... من مشفقٍ وأخٍ لكُمْ مِعْوانِ جرَّبتُ هذا كلَّه ووقعْتُ في ... تلك الشِّباكِ وكن ذا طيرانِ حتى أتاحَ لي الإلهُ بفضلِهِ ... من ليس تجزيه يدي ولساني حبرٌ أتى من أرضِ حرانٍ فيا ... أهلًا بمن قد جاءَ من حرَّانِ فالله يجزيه الذي هو أهلُهُ ... من جَنَّةِ المأوى مع الرِّضْوانِ أخذت يداه يدي وسار فلم يَرُم ... حتى أراني مطلعَ الإيمانِ ورأيتُ أعلامَ المدينةِ حَوْلَهَا ... نُزُلُ الهدى وعساكرُ القرآنِ ورأيت آثارًا عظيمًا شأنُهَا ... محجوبةً عن زُمْرَةِ العُمْيانِ ووردت رأسَ الماءِ أبيضَ صافيًا ... حصباؤه كلآلئِ التيجانِ ورأيت أكوازًا هناك كثيرةً ... مثلَ النجومِ لواردِ ظَمْآنِ ورأيتُ حوضَ الكوثرِ الصافي الذي ... لا زال يشخُبُ فيه ميزابانِ ميزابُ سنَّتِهِ وقولِ إلهِهِ ... وهما مدى الأيامِ لا ينيانِ والناسُ لا يردونه إلا من الآ ... لافِ أفرادًا ذوي إيمانِ وله من التصانيف ما لا يوصف وأكثره ما ذكره ابن رجب فقال:" فمن تصانيفه: كتاب " تهذيب سنن أبي داود " وإيضاح مشكلاته، والكلام على ما فيه من الأحاديث المعلولة مجلد، كتاب " سفر الهجرتين وباب السعادتين " مجلد ضخم، كتاب " مراحل السائرين بين منازل " إياكَ نَعْبُدُ وإياكَ نَسْتَعِين " مجلدان، وهو شرح " منازل السائرين " لشيخ الإِسلام الأنصاري، كتاب جليل القمر، كتاب " عقد محكم الأحباء، بين الكلم الطيب والعمل الصالح المرفوع إلى رب السماء " مجلد ضخم، كتاب " شرح أسماء الكتاب العزيز " مجلد،

كتاب " زاد المسافرين إلى منازل السعداء في هدى خاتم الأنبياء " مجلد، كتاب " زاد المعاد في هدى خير العباد " أربع مجلدات، وهو كتاب عظيم جداً، كتاب " جلاء الأفهام في ذكر الصلاة والسلام على خير الأنام " وبيان أحاديثها وعللها مجلد، كتاب " بيان الدليل على استغناء المسابقة عن التحليل " مجلد، كتاب " نقد المنقول والمحك المميز بين المردود والمقبول " مجلد، كتاب " إعلام الموقعين عن رب العالمين " ثلاث مجلدات، كتاب " بدائع الفوائد " مجلدان " الشافية الكافية في إلانتصار للفرقة الناجية " وهي " القصيدة النونية في السنة " مجلدان، كتاب " الصواعق المنزلة على الجهمية والمعطلة لما في مجلدات، كتاب " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح " وهو كتاب " صفة الجنة " مجلد، كتاب " نزهة المشتاقين وروضة المحبين " مجلد، كتاب " الداء والدواء " مجلد، كتاب " تحفة الودود في أحكام المولود " مجلد لطيف، كتاب " مفتاح دار السعادة " مجلد ضخم، كتاب " اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو الفرقة الجهمية " مجلد، كتاب " مصائد الشيطان " مجلد، كتاب " الفرق الحكمية " مجلد " رفع اليدين في الصلاة " مجلد. كتاب " نكاح المحرم " مجلد " تفضيل مكة على المدينة " مجلد " فضل العلماء " مجلد " عدة الصابرين " مجلد كتاب " الكبائر " مجلد " حكم تارك الصلاة " مجلد، كتاب " نور المؤمن وحياته " مجلد، كتاب " حكم إغمام هلال رمضان "، " التحرير فيما يحل، ويحرم من لباس الحرير "، " جوابات عابدي الصلبان، وأن ما هم عليه دين الشيطان "، " بطلان الكيمياء من أربعين وجهاً " مجلد " الفرق بين الخلة والمحبة، ومناظرة الخليل لقومه " مجلد " الكلم الطيب والعمل الصالح " مجلد لطيف " الفتح القدسي "، " التحفة المكية " كتاب " أمثال القرآن " "شرح الأسماء الحسنى"، " أيمان القرآن "، " المسائل

الطرابلسية " ثلاث مجلدات " الصراط المستقيم في أحكام أهل الجحيم " مجلدان، كتاب " الطاعون " مجلد لطيف"انتهى وقال ابن رجب:" وكان قد رأى قبل موته بمدة الشيخ تقي الدين -رحمه الله- في النوم، وسأله عن منزلته؟ فأشار إلى علوها فوق بعض الأكابر. ثم قال له: وأنت كدت تلحق بنا، ولكن أنت الآن في طبقة ابن خزيمة -رحمه الله-"انتهى قلت: ونحو هذا سبق من كلام الحافظ المزي. وله من المنظوم الشيء الكثير منه قصيدته النونية وهي أكبر مجمع منظوم لعقيدة السلف فيما أعلم أبياتها تتقرب من ستة آلاف، وله كذلك القصيدة الميمية وفيها حكم نافعة ومواعظ جامعة ومن عذب أبياتها قوله: وللَّهِ أبصارٌ ترى الله جهرةً ... فلا الضيمُ يغشاها، ولا هي تسأمُ فيا نظرةً أهدت إلي الوجهِ نضرةً ... أمِن بعدِها يسلو المحبُّ المتيَّمُ وللَّهِ كم من خِيرة إن تبسمت ... أضاء لها نورُ من الفجرِ أعظمُ فيا لذةَ الأبصارِ إذ هي أقبلت ... ويا لذةَ الأسماعِ حينَ تكلمُ ويا خجلةَ الغصنِ الرطيبِ إذا انثنت ... ويا خجلةَ البحرينِ حينَ تبسمُ فإن كنت ذا قلبٍ عليلٍ بحبِّهَا ... فلم يبقَ إلا وصلُها لك مَرْهَمُ فحيَّ على جناتِ عدنٍ، فإنها ... منازلُكَ الأولى، وفيها المخيَّمُ ولكننا سبي العدوِ، فهل تُرى ... نعودُ إلى أوطانِنِا ونُسَلَّمُ؟ وقد زعموا أن الغريبَ إذا نأى ... وشطَّت به أوطانُهُ فهو مُغرمُ

وأي اغترابٍ فوق غربتِنا التي ... لها أضحت الأعداءُ فينا تحَكَّمُ؟ وحيَّ على السوقِ الذي فيه يلتقي ... المحبوبُ، ذاك السوقُ للقومِ مَعْلمُ فما شئت خذ منه بلا ثمنٍ له ... فقد أسلف التجارُ فيه وأسلموا وحيَّ على يومَ المزيدِ الذي به ... زيارة َربِّ العرشِ، فاليوم مَوْسِمُ وحيَّ على وادٍ هنالك أفيحٌ ... وتربتُهُ من أذفَرِ المسكِ أعظمُ منابرُ من نورٍ هناك وفضةٌ ... ومن خالصِ العقيانِ لا تتفصَّمُ وكُثبانِ مسكٍ قد جعلن مقاعداً ... لمن دون أصحابِ المنابرِ يعلمُ فبيناهم في عيشِهم وسرورِهم ... وأرزاقُهم تجري عليهم وتُقْسَمُ إذا هم بنورٍ ساطعٍ أشرقت له ... بأقطارِها الجناتُ لا يُتَوهَّمُ تجلى لهم ربُّ السمواتِ جهرةً ... فيضحكُ فوقَ العرشِ ثم يكلمُ سلامٌ عليكم، يسمعون جميعهم ... بآذانهم تسليمَهَ إذْ يُسَلّمُ يقول: سلوني ما اشتهيتم، فكلُّ ما ... تريدون عندي، إنني أنا أرحمُ فقالوا جميعاً: نحن نسألك الرضا ... فأنت الذي تولى الجميلَ وترحمُ فيعطيهم هذا ويشهدُ جمعَهُم ... عليه، تعالى الله، فاللهُ أكرمُ فيا بائعاً هذا ببخسٍ مُعَجَّلٍ ... كأنك لا تدري، بلى، سوف تعلمُ فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ ... وإن كنت تدري، فالمصيبةُ أعظمُ ونقل ابن حجر في درره عنه في ذم نفسه: بنيُّ أبي بكرٍ كثيرٌ ذنوبُهُ ... فليس على من نال من عرضِهِ إثمُ بنيُّ أبي بكرٍ غدا متصدرا ... يعلم علمًا وهو ليس له علمُ بنيُّ أبي بكرٍ جهولٌ بنفسِهِ ... جهولٌ بأمرِ اللهِ أنَّى له العلمُ

محمد بن أبي بكر بن معالي بن زيد الأنصاري الهيثمي ثم الدمشقي الحنبلي

بنيُّ أبي بكرٍ يرومُ ترقيا ... إلى جنةِ المأوى وليسَ له عزمُ بنيُّ أبي بكرٍ لقد خاب سعيه ... إذا لم يكن في الصالحاتِ له سهمُ بنيُّ أبي بكرٍ كما قال ربُّه ... هلوعٌ كنودٌ وصفُهُ الجهلُ والظلمُ بنيُّ أبي بكرٍ وآمالُه غدت ... بفتواهم هذي الخليقةُ تأثمُ وليس له في العلمِ باعٌ ولا التقى ... ولا الزهدِ والدنيا لديهم هي الهمُّ بنيُّ أبي بكرٍ غدا متمنيًا ... وصال المعالي والذنوبُ له همُّ قلت: واستبعد أن يكون هذا له، لأنه ليس من طريقته ولا عادته ذم نفسه بهذا النحو. والله أعلم. وقال ابن حجر:" ومات في ثالث عشر شهر رجب سنة 751، وكانت جنازته حافلةً جدًّا، ورئيت له منامات حسنة". **** • محمدُ بنُ أبي بكرِ بنِ معالي بنِ زيدٍ الأنصاريُّ الهيثميُّ ثم الدمشقيُّ الحنبليُّ ( ... -755) . قال ابن رافع:"كان حسن الشكل بشوش الوجه كثير التودد". قال ابن رجب:" صحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية، ومات في المحرم سنة خمس وخمسين وسبعمائة". ****

محمد بن التدمري

• محمد بن التدمري. قال ابن كثير:" الشيخ شمس الدين محمد بن التدمري المعروف بالنيرباني، وهو من كبار الصالحين ذوي العبادة والزهادة، وهو من أصحاب شيخ الاسلام ابن تيمية"انتهى **** • محمدُ بنُ أحمدَ بنِ تمامٍ الصالحيُّ الحنبليُّ ( ... -741) . كان شيخًا صالحًا قدوة ناسكًا، وهو الذي تولى الصلاة على شيخ الإسلام لما مات في القلعة. وهو أخو الشيخ أبي محمد عبد الله بن تمام. توفى بالصالحية الناس إلى جنازته في الجامع المظفري، وازدحمت الطرقاتوكانت جنازة حافلة. قال ابن كثير:" كان الجمع كثيرًا جدًا لم يشهد الناس جنازة بعد جنازة الشيخ تقي الدين بن تيمية مثلها لكثرة من حضرها من الناس رجالًا ونساء وفيهم القضاة والأعيان والأمراء وجمهور الناس يقاربون عشرين ألفًا". ****

محمد بن المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي، الدمشقي، شرف الدين أبو عبد الله

• محمَّدُ بنُ المنجَّا بنِ عثمانَ بنِ أسعدِ بنِ المنجَّا التنوخيُّ، الدمشقيُّ، شرفُ الدينِ أبو عبدِ اللهِ (675-724) . سمع من مسلم بن علان، وابن أبي عمر، وجماعة، سمع المسند والكتب الكبار ودرس بالمسمارية، وتفقه وأفتى وكان ملازمًا للشيخ ابن تيمية ومن جلة أصحابه وخواصهم، ذكره الواسطي في الرسالة. وقال الذهبي:" كان فقيهاً إماماً، حسن الفهم صالحاً متواضعاً، كيس الجملة". قال ابن ناصر الدين:" كان ذا صيانة وتقوى وديانة من خواص أصحاب الشيخ تقي الدين ابن تيمية وملازميه حضرًا وسفرًا". **** • محمدُ بنُ حمدِ بنِ عبدِ المنعمِ بنِ حمدِ بنِ منيعِ بنِ أبي الفتحِ الحرانيُّ التاجرُ المعروفُ بابن البيِّعِ (681- 772) . سمع جزء البانياسي بقراءة الشيخ تقي الدين ابن تيمية على عمته ست الدار بنت مجد الدين ابن تيمية. ****

محمد بن رافع بن هجرس بن محمد بن شافع بن محمد بن نعمة بن فتيان بن منير بن سعد الصميدي السلامي ثم المصري ثم الدمشقي الشافعي

• محمَّدُ بنُ رافعِ بنِ هجرسِ بنِ محمدِ بنِ شافعِ بنِ محمَّدِ بنِ نعمةَ بنِ فتيانَ بنِ منيرِ بنِ سعدٍ الصميديُّ السَّلاميُّ ثم المصريُّ ثم الدمشقيُّ الشافعيُّ (704-774) . سمع من الحسن سبط زيادة وابن القيم وجماعة، وارتحل به والده سنة أربع عشرة، فأسمع من القاضي سليمان بن حمزة، وابن عبد الدائم، وسمع تهذيب الكمال من الحافظ أبي الحجاج المزي. وذهب إلى حماة فسمع من أبي حيان قصيدة، ثم رحل إلى دمشق سنة تسع وثلاثين، فاستوطنها وحصل له وظائف. وكان تقي الدين السبكي يفضله على ابن كثير في معرفة مصطلح الحديث، نقله الحافظ عن شيخه العراقي. وخرج لنفسه معجمًا حافلًا، وصنع كتابًا سماه الوفيات ذيل به على تاريخ البرزالي. قال ابن حجر:" ورأيت من حرصه على الطلب أن نسخ تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب لابن كثير". وقال ابن ناصر الدين في رده:" ووجدت بخطه طبقة السماع في بيت بني المحب صورتها، وسمع صاحبه الولد السعيد أبو الفتح أحمد وأخوه محمد على الشيخ الإمام العالم الأوحد الحبر الكبير شيخ العلماء بركة الأنام كنز المستفيدين القدوة

محمد بن سعد الله بن عبد الأحد بن سعد الله بن عبد القاهر بن عبد الأحد بن عمر بن نجيح الحراني، ثم الدمشقي، الفقيه الإمام، شرف الدين أبو عبد الله بن سعد الدين

العمدة الحافظ تقي الدين أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله ابن أبي القاسم ابن تيمية الحراني جزءًا فيه أربعون حديثًا من مروياته خرجها له الامام أمين الدين محمد بن إبراهيم بن محمد الواني عن كبار مشايخه الذين سمع منهم، وذكر بقية السماع وأنه كان بدار الحديث السكرية بالقصاعين من دمشق وأحال على القراءة والتاريخ المذكورين قبل هذه الطبقة، فالسماع بقراءة والد أبي الفتح أحمد واخيه ولدي الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد بن المحب عبد الله المقدسي والتاريخ في يوم الجمعة بعد الصلاة رابع عشر جمادى الآخرة سنة أربع وعشرين وسبعمائة، ثم كتب ابن رافع آخر الطبقة المشار إليها ما صورته وأجاز كاتبه محمد بن رافع ابن أبي محمد وسمع معهما انتهى". **** • محمَّدُ بنُ سعدِ اللهِ بنِ عبدِ الأحدِ بنِ سعدِ اللهِ بنِ عبدِ القاهِر بنِ عبدِ الأحدِ بنِ عمرَ بنِ نجيحِ الحرانيُّ، ثم الدمشقيُّ، الفقيهُ الإمامُ، شرفُ الدينِ أبو عبدِ اللهِ بنِ سعدِ الدينِ ( ... -723) . قال ابن رجب:" سمع من الفخر بن البخاري وغيره. وطلب الحديث. وقرأ بنفسه. وتفقه وأفتى. وصحب الشيخ تقي الدين ابن تيمية، ولازمه. وكان صحيح الذهن، جيد المشاركة في العلوم، من خيار الناس وعقلائهم وعلمائهم.

محمد بن شاكر بن أحمد بن عبد الرحمن الكتبي، صلاح الدين

توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة بواديَ بني سالم في رجوعه من الحج، وحمل إلى المدينة النبوية على أعناق الرجال. ودفن بالبقيع. وكان كهلاً رحمه الله تعالى"انتهى وقال ابن كثير:" وقد كان شرف الدين بن نجيح هذا قد صحب شيخنا العلام تقي الدين بن تيمية، وكان معه في مواطن كبار صعبة لا يستطيع الإقدام عليها إلا الأبطال الخلص الخواص، وسجن معه وكان من أكبر خدامه وخواص أصحابه ينال فيه الاذى وأوذى بسببه مرات وكلما له في ازدياد محبة فيه وصبرًا على أذى أعدائه، وقد كان هذا الرجل في نفسه وعند الناس جيدًا مشكور السيرة جيد العقل والفهم عظيم الديانة والزهد، ولهذا كانت عاقبته هذه الموتة عقيب الحج وصلى عليه بروضة مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، ودفن بالبقيع بقيع الفرقد بالمدينة النبوية، فختم له بصالح عمله، وقد كان كثير من السلف يتمنى أن يموت عقيب عمل صالح يعمله، وكانت له جنازة حافلة -رحمه الله تعالى- والله سبحانه أعلم"انتهى **** • محمَّدُ بنُ شاكرِ بنِ أحمدَ بنِ عبدِ الرحمنِ الكَتْبِيُّ، صلاحُ الدينِ ( ... _764) .

محمد بن طغريل بن عبد الله الخوارزمي، ناصر الدين أبو المعالي ابن الصيرفي

الأديبُ المؤرخُ الكتبيُّ الشهيرُ صاحبُ (فَوَاتُ الوفياتِ) و (عيونُ التواريخِ) ، نشأ في دمشق فقيرًا ممحلًا حتى اتجر في الكتب فحصل أموالًا طائلة. صحب الشيخ ابن تيمية وأؤذي في الله بسببه، وادعيت عليه أمور شنيعة، فضرب بالدرة وأشهر في بلده. قال في ترجمة الشيخ:" الشيخ تقي الدين بن تيمية أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني الشيخ الإمام العلامة الفقيه المفسر الحافظ المحدث، شيخ الإسلام نادرة العصر، ذو التصانيف والذكاء، تقي الدين أبو العباس ابن العالم المفتي شهاب الدين، ابن الإمام شيخ الإسلام مجد الدين أبي البركات ... ". ثم ساق ترجمته الشهير بنحو سياق الصفدي في الوافي. **** • محمَّدُ بنُ طغريلِ بنِ عبدِ اللهِ الخوارزميُّ، ناصرُ الدينِ أبو المعالي ابنُ الصيرفيِّ (693-737) . سمع من أبي بكر ابن عبد الدائم، وعيسى المطعم، والحجار، وجماعة. وقال ابن ناصر الدين:" وجدت بخطه تقييد سماع لجزء أبي مسعود أحمد بن الفرات الرازي على أربعة وأربعين شيخًا ذكره، منهم: الشيخ تقي الدين فقال -فيما وجدته بخطه-: وسيدنا الشيخ الإمام العلامة الصدر الكبير الكامل القدوة الحافظ الزاهد العابد الورع شيخ الاسلام مفتي الفرق حجة المذهب مقتدى الطوائف لسان

محمد بن عبد الأحد بن يوسف الآمدي، المعروف بابن الرزيز الحنبلي شمس الدين

الشريعة مجتهد العصر وحيد الدهر إمام الأئمة تقي الدين أبي العباس أحمد بن الشيخ الامام العلامة المفتي شهاب الدين أبي المحاسن عبد الحليم ابن الشيخ الامام العلامة شيخ الاسلام مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني -أعاد الله علينا من بركته-، وشيخنا الإمام العالم الزاهد الورع المحدث العمدة الحجة الحافظ الكبير محدث العصر جمال الدين أبي الحجاج يوسف ابن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي. وذكر بقية المشايخ وأسانيدهم والقارئ وبعض السامعين، ثم قال: وصح ذلك وثبت في يوم الجمعة بعد الصلاة الثاني عشر من شهر رمضان المبارك سنة سبع عشرة وسبعمائة بمشهد عثمان بجامع دمشق وسمع معه جماعة منهم مثبتة ضابط أسماء السامعين خادم الحديث النبوي محمد بن طغريل بن عبد الله المعروف بابن الصيرفي -عفا الله عنه ولطف به وسامحه- وعدة السامعين الذين كمل لهم سماع الجزء ثلاثمائة وخمسة عشر وعدة الذين سمعوا له يفرق تسعة وعشرين نفسًا"انتهى **** • محمَّدُ بنُ عبدِ الأحدِ بنِ يوسفَ الآمديُّ، المعروف بابن الرزيزِ الحنبليُّ شمسُ الدينِ (660-743) . ذكره ابن شيخ الحزاميين في الرسالة.

محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحيم المارديني الصفار، بدر الدين ابن عز الدين

قال الذهبي:" كان من عقلاء الرجال، وكان حسن الخطابة والقراءة في المحراب"انتهى وقال ابن حجر:" خطيب الجامع الكريمي كان فاضلًا عابدًا"انتهى **** • محمُّدُ بنُ عبدِ العزيزِ بنِ عبدِ الرَّحيمِ الماردينيُّ الصفارُ، بدرُ الدينِ ابنُ عزِّ الدينِ. قال ابن حجر:" كان من خواص ابن تيمية". قال ابن ناصر الدين:" كان والده عز الدين من خواص أصحاب الشيخ تقي الدين، وكتب ابنه بدر الدين المذكور مصنف الشيخ في الرد على الرافضي في ست مجلدات هي عندي بخطه، يترجم الشيخ في أوائل كل جزء بترجمة بليغة، من ذلك: قوله في حاشية الجزء الأول -فيما وجدته بخطه-: تأليف شيخ الإسلام والمسلمين القائم ببيان الحق ونصر الدين الداعي إلى الله ورسوله المجاهد في سبيله الذي أضحك الله به من الدين ما كان عابسًا وأحيا من السنة ما كان دارسًا والنور الذي أطلعه الله في ليل الشبهات، فكشف به غياهب الظلمات، وفتح به من القلوب مقفلها، وأزاح به عن النفوس عللها، فقمع به زيغ الزائغين وشك الشاكين وانتحال المبطلين، وصدقت به بشارة رسول رب العالمين بقوله-صلى الله عليه وسلمـ:" إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة

سنة من يجدد لها دينها"، وبقوله -صلى الله عليه وسلم-:" يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين". وهو الشيخ الإمام العلامة الزاهد العابد الخاشع الناسك الحافظ المتبع تقي الدين أبو العباس أحمد ابن الشيخ الإمام العلامة شيخ الاسلام أبي المحاسن عبد الحليم ابن شيخ الاسلام مفتي الفرق علامة الدنيا مجد الدين عبد السلام ابن الشيخ الإمام العلامة الكبير شيخ الاسلام فخر الدين عبد الله ابن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني -قدس الله روحه ونور ضريحه-، ثم كتب ابن عز الدين المذكور مقابل الترجمة نقلت هذه الترجمة من خط محمد ابن قيم الجوزية انتهى ونسب إليه ابن ناصر الدين قصيدة في رثاء الشيخ مطلعها: خطبٌ دنا فبكى له الاسلامُ ... وبكتْ لعظمِ بكائِهِ الأيامُ ومنها: بحرُ العلومِ وكَنْزُ كلِّ فصيلةٍ ... في الدهرِ فردٌ في الزمان إمامُ والسنةُ البيضاءُ أحيا ميتَهَا ... فغدت عليها حُرْمَةٌ وزِمَامُ وأمات من بدعِ الضلالِ عوائدا ... لا يستطيعُ لدفعِهَا الصَمْصَامُ فلئن تأخر في القرونِ لثامنٍ ... فلقد تقدمَ في العلومِ أمامُ ثم قال:" وناظم هذه القصيدة يقال له بدر الدين ابن عز الدين المغيثي رحمه الله تعالى، وأراه محمد بن عبد العزيز بن كمال الدين عبد الرحيم المارديني الصفار". والظاهر أنها ليست له، قال ابن عبد الهادي في ترجمته:" قصيدة من القصائد التي رثي بها شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية، وهي لرجل جندي بالديار المصرية يقال له: بدر الدين محمد بن عز الدين أندمن المغيثي رجل فاضل

محمد بن عبد الله بن أحمد ابن المحب عبد الله بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن أسماعيل بن منصور بن عبد الرحمن السعدي المقدسي الصالحي الحنبلي، شمس الدين أبو بكر المشهور بالصامت

له محفوظات متنوعة، وفيه ديانة وصلابة في دينه أرسلها، وذكر أنه عرضها على الإمام أبي حيان". ثم ذكر القصيدة بكمالها. **** • محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أحمدَ ابنِ المحبِّ عبدِ اللهِ بنِ أحمدَ بنِ محمَّدِ بنِ إبراهيمَ بنِ أحمدَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ أسماعيلَ بنِ منصورِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ السعديُّ المقدسيُّ الصالحيُّ الحنبليُّ، شمسُ الدينِ أبو بكرٍ المشهورُ بالصامتِ (712 أو 713-788أو789) . لقب بذلك لكثرة سكوته عن فضول الكلام، وكان يكره أن يلقب به بين العامة. قال ابن حجر:" أحضره أبوه على التقي سليمان، ومحمد بن يوسف بن المهتار، وست الوزراء، وغيرهم. وأسمعه الكثير من عيسى المطعم، وأبي بكر بن عبد الدائم، وأبي الفتح ابن النشور، والقاسم بن عساكر، وأبي نصر ابن الشيرازي، وأبي بكر بن مشرف، ويحيى بن سعد، وإسحاق الآمدي، وابن الزراد، وابن مزيز، وآخرون. وأجاز له الرضى الطبري، وزينب بنت شكر، والرشيد بن المعلم، وحسن الكردي، والشريف الموسوي، والدشتي، وابن درادة، ومحمد بن عبد المحسن الدواليبي، وغيرهم.

وكان مكثرًا شيوخًا وسماعًا، وطلب بنفسه فقرأ الكثير فأجاد وخرج وأفاد، وكان عالمًا متفننًا متقشفًا منقطع القرين وحدث دهرًا". وهو الذي رتب مسند الإمام أحمد، وصنع تذكرة حسنة في الضعفاء. قال ابن ناصر الدين:" ولقد وجدت بخطه في مواضع كثيرة وأماكن متباينة بخطه مسطوره ترجمة الشيخ تقي الدين بشيخ الاسلام، وهو أجل شيوخه من الأئمة الأعلام، ومدحه بقصائد من النظام، وجدت بخطه طبقة سماع على عوالي مسند الحارث بن أبي أسامة أولها: وسمعتها على شيخنا الامام الرباني شيخ الإسلام إمام الأئمة الأعلام بحر العلوم والمعارف أبي العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية -أثابه الله الجنة- بسماعه من أحمد ابن أبي الخير بسنده ومن والده وأحمد بن عبد الرحمن ابن العنيقة الحراني وأحمد بن محمد الطاهر ابن المحدث بسماعهم من يوسف بن خليل بقراءة والدي أبي محمد عبد الله بن أحمد بن المحب ابن محمد، وهذا خطه. وذكر بقية السامعين وأن السماع كان يوم الاثنين سادس عشر جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وسبعمائة بقرية المزة، وقال: وأجاز لهم مروياته ومؤلفاته، قال شيخنا ابن المحب المشار إليه في كتابه تكملة المختارة التي ألفها ضياء الدين المقدسي فيما وجدته بخطه: أخبرنا شيخ الاسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية وحافظ عصره أبو الحجاج المزي، قالا: أخبرنا أحمد ابن أبي الخير، أنبأنا خليل ابن أبي الرجا زاد أبو العباس، فقال: وأخبرنا والدي أبو المحاسن وأحمد بن العنيقة وأحمد ابن الظاهري وأخبرنا إبراهيم بن صالح بن هاشم، قالوا: أخبرنا يوسف ابن خليل، قال: أخبرنا خليل الداراني، فذكر حديثًا، وقال شيخنا أيضًا فيما ذكره من أوهام يسيرة وقعت للشيخ تقي الدين، قال فيما وجدته بخطه وحسب شيخنا مع اتساعه في كل

محمد بن عبد الله بن سبط ابن رشيق المغربي المالكي، أبو عبد الله

العلوم إلى الغاية والنهاية سمعا وعقلا نقلا وبحثا ان يكون نادر الغلط كما كان أخوه أبو محمد ابن تيمية فيما بلغني عنه يقول: أخي نادر الغلط، وكان أبو محمد من الناقدين حديثًا وفقهًا وعربية انتهى". **** • محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سبطِ ابن رُشيقٍ المغربيُّ المالكيُّ، أبو عبدِ اللهِ ( ... -749) . كاتب مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية، وأعرف الناس بخط الشيخ حتى من الشيخ نفسه، قال ابن كثير:" كاتب مصنفات شيخنا العلامة ابن تيمية، كان أبصر بخط الشيخ منه إذا عزب شيء منه على الشيخ استخرجه أبو عبد الله هذا، وكان سريع الكتابة لا بأس به دينًا عابدًا كثير التلاوة حسن الصلاة له عيال"انتهى وقال الذهبي في المشتبه:"صاحبنا الفقيه". وقال ابن عبد الهادي:" كان من أخص أصحاب شيخنا وأكثرهم كتابة لكلامه وحرصًا على جمعه كتب الشيخ رحمه الله"انتهى وقد بين غير واحد من أهل البحث أن الرسالة المنسوبة إلى ابن القيم رحمه الله في مصنفات الشيخ ابن تيمية هي لابن رشيق حقيقة، وهو قول متوجه.

محمد بن محمد بن عبد الكريم بن رضوان بن عبد العزيز الموصلي البعلي

وقال ابن مري في رسالته إلى تلامذة الشيخ التي تقدم الكلام عنها:"..فاحتفظوا بالشيخ أبي عبد الله، وبما عنده من الذخائر والنفائس، وأقيموه لهذا المهم الجليل بأكثر ما تقدرون عليه ولو تألمتم أحيانًا من مطالبته، لأنه قد بقي في فنه فريدًا، ولا يقوم في مقامه غيره من سائر الجماعة على الإطلاق، وكل أحوال الوجود لا بد فيها من العوارض والأنكاد، فاحتسبوا مساعدته عند الله تعالى، وانهضوا بمجموع كلفته، فإن الشدائذ تزول، والخيرات تغتنم، فاكتبوا ما عنده، وليكتب ما عندكم، وأنا أستودع الله دينه وما عنده، وأوصيه بالصبر أيضًا وبمعاملة الله تعالي بما هو فيه، وإن قصر الإخوان في حقه، وليطلب نصيبه من الله تعالى متكلًا عليه في رزقه المضمون، ومجملًا في الطلب لأن ما قسم الله لا بد أن يكون ... [حتى قال] ..والشيخ أبو عبد الله سلمه الله بلا تردد هو واسطة نظام هذا الأمر العظيم، فساعدوه وأزيلوا ضرورته، وأجمعوا همته، واغتمنوا بقية حياته"انتهى قلت: ويظهر أنه كان فقيرًا معدمًا، لأن ابن كثير أخبر أنه كان ذا يعال ومات وعليه دين، فالله المستعان. **** • محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ عبدِ الكريمِ بنِ رضوانِ بنِ عبدِ العزيزِ الموصليُّ البعليُّ (699-774) .

قرأ على الشجاع عبد الرحمن خادم اليونيني، وسمع من القطب اليونيني، وابن أبي الفتح، والعفيف إسحاق، والمزي، وابن جهبل، في آخرين. وتفقه بحماة على الشرف البارزي، والبدر التبريزي قاضي بعلبك. قال ابن حجر:" قال الشعر، وصنف التصانيف، ونظم مطالع الأنوار لابن قرقول، ونظم المنهاج في الفقه، وكان يجيد الخطب، وكتب الخط المنسوب، وتصدر بالجامع الأموي الخطابة. قال الصفدي -قاضي صفد- في طبقاته: رافقته من طرابلس إلى دمشق، وكان استوطن دمشق وحصل فيها وظائف ثم عوند فيها، فأعرض عنها، وأتجر في الكتب فربح فيها". وقال ابن ناصر الدين:" قال الامام أبو العباس بن حجي: أنشدنا الشيخ الإمام العالم البارع الحافظ الأديب الأوحد بقية السلف شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الكريم الطرابلسيُّ ابن الموصليِّ الشافعيُّ من لفظِهِ لنفسِهِ: إن كان إثباتُ الصفاتِ جميعِهَا ... من غيرِ كيفٍ موجبًا لومي وأصيرُ تيميًّا بذلك عندكم ... فالمسلمونَ جميعُهُم تَيْمِي وقال أيضًا: كتب ابن المطهر الرافضي إلى الشيخ تقي الدين ابن تيمية -رحمة الله عليه-: لو كنتَ تعلمُ كلَّ ما علمَ الورى ... طرًّا لصرتَ صديقَ كلِّ العالمِ لكنْ جَهِلَتَ فقلت: إنَّ جميعَ من ... يهوى خلافَ هواك ليسَ بعالمِ

محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيد الناس بن أبي الوليد ابن منذر بن عبد الجبار بن سليمان، أبو الفتح فتح

قال: فأجابه شيخنا شمس الدين الموصليُّ وسمعته من لفظه في يوم الخميس خامس عشر ذي القعدة سنة سبعين وسبعمائة بقاعة دار الحديث الأشرفية، قال: يا من يموهُ في السؤالِ مسفسطا ... إنَّ الذي ألزمت ليس بلازمِ هذا رسولُ اللهِ يعلمُ كلَّ ما ... علموا وقد عاداه جلُّ العالمِ "انتهى. **** • محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أحمدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ محمَّدِ بنِ يحيى بنِ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ أبي القاسمِ بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ العزيزِ بنِ سيِّدِ الناسِ بنِ أبي الوليدِ ابنِ منذرِ بنِ عبدِ الجبارِ بنِ سليمانَ، أبو الفتح فتحُ الدينِ اليَعْمُرِيُّ الشافعيُّ (671-734) . ولد في ذي القعدة، وكان من بيت ذي رياسة ومنعه كان ابن عمه قائدًا حاجبصا بإشبيلية، ولما دخل أبوه الديار المصرية أتى بأمهات من الكتب معه مصنف ابي أبي شيبة، ومسنده، ومصنف عبد الرزاق، والمحلى، والاستذكار وغيرها من المجامع.

وأحضره أبوه في الرابعة على شمس الدين المقدسي، وسمع على القطب القسطلاني والعز الحراني وابن الأنماطي وغازي وابن الخيمي وشامية بنت البكري. وطلب بنفسه، وكتب بخطه، وأكثر عن أصحاب الكندي وابن طبرزذ، ورحل إلى دمشق فاتفق وصوله عند موت الفخر ابن البخاري، فتألم لذلك وأكثر عن الصوري وابن عساكر وابن المجاور وحداه الشيخ المزي إلى السماع والأخذ عن الشيخ ابن تيمية، فلقيه وأخذ عنه، وقال فيه:" فألفيته ممن أدرك من العلوم حظًا، وكاد يستوعب السنن والآثار حفظًا، إن تكلم في التفسير فهو حامل رايته أو أفتى في الفقه فهو مدرك غايته أو ذاكر بالحديث، فهو صاحب علمه وذو روايته أو حاضر بالنحل والملل لم ير أوسع من نحلته في ذلك ولا أرفع من درايته برز في كل فن على أبناء جنسه، ولم تر عين من رآه مثله، ولا رأت عينه مثل نفسه كان يتكلم في التفسير فيحضر مجلسه الجم الغفير ويردون من بحر علمه العذب النمير، ويرتعون من ربيع فضله في روضة وغدير إلى أن دبَّ إليه من أهل بلده داء الحسد وألب أهل النظر منهم على ما ينتقد عليه في حنبليته من أمور المعتقد فحفظوا عنه في ذلك كلامًا أو سعوه بسببه ملامًا وفوفوا لتبديعه سهامًا وزعموا أنه خالف طريقهم وفرق فريقهم فنازعهم ونازعوه وقاطع بعضهم وقاطعوه ثم نازع طائفة أخرى ينتسبون من الفقر إلى طريقة، ويزعمون أنهم على أدق باطن منها وأجلى حقيقة، فكشف تلك الطرائق وذكر لها على ما زعم بوائق، فآضت إلى الطائفة الأولى من منازعيه واستعانت بذوي الضغن عليه من مقاطعيه فوصلوا بالأمراء أمره وأعمل كل منهم في كفره فكره فكتبوا محاضر وألبوا الرويبضة للسعي بها بين الأكابر

وسعوا في نقله إلى حضرة المملكة بالديار المصرية، فنقل وأودع السجن ساعة حضوره واعتقل وعقدوا لإراقة دمه مجالس وحشدوا لذلك قومًا من عمار الزوايا وسكان المدارس من محامل في المنازعة مخاتل بالمخادعة ومن مجاهر بالتكفير مبارز بالمقاطعة يسومونه ريب المنون، وربك يعلم ما تكنُّ صدورهم وما يعلنون وليس المجاهر بكفره بأسوأ حالًا من المخاتل وقد دبت إليه عقارب مكره فرد الله كيد كل في نحره، فنجاه على يد من اصطفاه والله غالب على أمره ثم لم يخل بعد ذلك من فتنة بعد فتنة، ولم ينتقل طول عمره من محنة إلا إلى محنة إلى أن فوض أمره لبعض القضاة، فقلد ما تقلد من اعتقاله ولم يزل بمحبسه ذلك إلى حين ذهابه إلى رحمة الله تعالى وانتقاله، وإلى الله ترجع الأمور وهو المطلع على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وكان يومه مشهودًا ضاقت بجنازته الطريق وانتابها المسلمون من كل فج عميق يتبركون بمشهده يوم يقوم الأشهاد ويتمسكون بشرجعه حتى كسروا تلك الأعواد وذلك في ليلة العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة بقلعة دمشق المحروسة، وكان مولده بحران في عاشر شهر ربيع الأول من سنة إحدى وستين وستماية رحمه الله وإيانا"انتهى أخذ عنه شيئًا من جزء ابن عرفة. وقال الذهبي:" كاد يدرك الفخر ففاته بليلتين ولعل مشيخته يقاربون الألف ونسخ بخطه وانتقى ولازم الشهادة مدة وكان طيب الأخلاق بساماً صاحب دعابة ولعب صدوقاً في الحديث حجة فيما ينقله له بصر نافذ في الفن وخبرة بالرجال ومعرفة بالاختلاف ويد طولى في علم اللسان ومحاسنه جمة، قال: ولو أكب على العلم كما ينبغي لشدت إليه الرحال ولكنه كان يتلهى

عن ذلك بمباشرة الكتبة وكان النظم عليه بلا كلفة وكان بساماً كيساً معاشراً لا يحمل همًّا"انتهى وقال البرزالي:" كان أحد الأعيان معرفة وإتقاناً وحفظاً للحديث وتفهماً في علله وأسانيده عالماً بصحيحه وسقيمه مستحضراً للسيرة له حظ من العربية حسن التصنيف صحيح العقيدة سريع القراءة جميل الهيئة كثير التواضع طيب المجالسة خفيف الروح ظريفاً كيساً له الشعر الرائق والنثر الفائق وكان محباً لطلبة الحديث ولم يخلف في مجموعه مثله"انتهى وقال ابن حجر:" حفظ التنبيه ولعل مشيخته يقاربون الألف ولازم ابن دقيق العيد وتخرج عليه في أصول الفقه وأعاد عنده وكان يحبه ويؤثره ويسمع كلامه ويثني عليه وأخذ العربية عن بهاء الدين ابن النحاس وكتب الخط المغربي والمصري فأتقنهما قال الكمال الادفوي حفظ التنبيه في الفقه وصنف في السيرة كتابه المسمى عيون الأثر وهو كتاب جيد في بابه وشرع لشرح الترمذي ولو اقتصر فيه على فن الحديث من الكلام على الأسانيد لكمل لكنه قصد أن يتبع شيخه ابن دقيق العيد فوقف دون ما يريد"انتهى وله من الكتب النافعة ما بهر واشتهر: نور العيون وبشرى اللبيب بذكرى الحبيب، وهو مختصر في السيرة أثنى عليه ابن حجر، وله قصائد نبوية شرحها في مجلد، ومنثورات من القصائد المطولة، وغير ذلك. ****

محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر ابن الصايغ، فخر الدين

• محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنُ محمَّدِ بنِ عبدِ القادرِ ابنِ الصايغِ، فخرُ الدينِ ( ... -748) . قال ابن رافع في الوفيات:" وفي يوم الأحد سابع عشر المحرم منها توفي الشيخ الصالح الأصيل فخر الدين محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر الأنصاري ابن الصائغ بالتربة العادلية بسفح قاسيون، وصُلِّيَ عليه من يومه، ودفن بتربتهم عند مغارة الجوع. سمع من عم والده قاضي القضاة عز الدين محمد، وأجاز له المقداد القيسي، وإبراهيم ابن الدرجي، والشمس بن أبي عمر، وابن شيبان، وابن البخاري، وغيرهم". وذكره ابن شيخ الحزاميين في الرسالة بقوله:" السيد الأخ العالم التقي، الصالح الخير الدين، العالم الثقة الأمين الراجح، ذي السمت الحسن والدين المتين، في اتباع السنن، فخر الدين محمد". ونقل ابن كثير أنه تقلد قضاء العساكر سنة سبعمائة وأربعين واثنين عوضًا عن القاضي الحنفي، قال في النهاية:" وفي يوم السبت السادس والعشرين منه قلد قضاء العساكر المنصورة الشيخ فخر الدين بن الصائغ عوضًا عن القاضي الحنفي الذي كان مع النائب المنفصل، وذلك أنهم نقموا عليه إفتاءه الطنبغا بقتال الفخري، وفرح بولايته أصحاب الشيخ تقي الدين بن تيمية -رحمه الله- وذلك لأنه من أخص من صحبه قديمًا، وأخذ عنه فوائد كثيرة وعلومًا"انتهى ****

محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر، ابن الصائغ، نور الدين أخو محمد السابق

• محمَّدُ بنُ محمَّدِ بنِ محمَّدِ بنِ عبدِ القادرِ، ابنُ الصائغِ، نورُ الدينِ أخو محمَّدٍ السابقِ (696-749) . سمع من أحمد بن عساكر مشيخته في أربعة أجزاء، ومن محمد بن القواس، وولي قضاء العسكر بدمشق، ثم ولي قضاء حلب، فأحبه أهلها لحسن سيرته، ومات في الطاعون بها في شوال. لقي ابن تيمية وسمع منه وقام معه وذكره ابن شيخ الحزاميين في رسالته، فقال:" والسيد الأخ العالم الفاضل، السالك الناسك، ذي اللب الراجح والعمل الصالح، والسكينة الوافرة والفضيلة الغامرة، نور الدين محمد بن محمد بن محمد ابن الصايغ". **** • محمَّدُ بنِ مفلحِ بنِ محمَّدِ بنِ مفرجِ الرامينيُّ،المقدسيُّ، الصالحيُّ، شمسُ الدينِ أبو عبدِ اللهِ الحنبليُّ (712_763) . ولد ببيت المقدس وبه نشأ، سمع من عيسى المطعم، وتفقه وبلغ الغاية في الفقه، وصاهر الشيخ جمال الدين المرداوي وناب عنه في الحكم واشتهر بصحبته حتى قال ابن حجي:" كان ابن مفلح عين تلامذته".

ودرس وصنف وناظر وبز وذاع صيته وانتشر علمه، وأثنى عليه أهل زمانه واعترفوا له بسعة الاطلاع على مذهب أحمد وعلو الكعب في درايته بلا منازعة حتى إن ابن القيم على جلالته كان يسأله في مسائل أحمد وفروع المذهب. صحب الشيخ ابن تيمية واستفاد منه ونشر اختياراته وأكثر من ذكرها في كتبه، وأثنى عليه الشيخ فقال:" ما أنت ابن مفلح، بل أنت مفلح". وقال الذهبي في معجمه:" شاب عالم، له عمل ونظر في رجال السنن. ناظر وسمع وكتب وتقدم ولم ير في زمانه في المذاهب الأربعة من له محفوظات أكثر منه فمن محفوظاته: المنتقى في الأحكام ". وقال:" أفتى، ودرس، وناظر، وصنف، وأفاد، وناب في الحكم عن حموه قاضي القضاة جمال الدين المرداوي، فشكرت سيرته وأحكامه. وكان ذا حظٍ من زهد، وتعفف، وصيانة، وورع ثخين، ودين متين"انتهى وقال ابن القيم:" ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد ابن مفلح". وقال أبو البقاء السبكي:" ما رأت عيناي أحداً أفقه منه وكان ذا حفظ من زهد وتعفف وورع ودين ومتين". وقال ابن العماد الحنبلي:" هو الشيخ الإمام العالم العلامة وحيد دهره وفريد عصره شيخ الإسلام وأحد الأئمة الأعلام تفقه وبرع ودرس وأفتى وناظر

محمد بن يحيي أو أسعد محمد بن سعد بن عبد الله بن سعد بن مفلح ابن هبة الله بن نمير الأنصاري المقدسي الأصل ثم الدمشقي الصالحي الشهير بابن سعد

وحدث وأفاد وناب في الحكم عن قاضي القضاة المرداوي وتزوج ابنته وكان آية وغاية في نقل مذهب الإمام أحمد". وقال ابن كثير:" كان بارعًا فاضلًا متفننًا في علوم كثيرة، ولا سيما علم الفروع كان غاية في نقل مذهب الامام أحمد وجمع مصنفات كثيرة منها كتاب المقنع نحوًا من ثلاثين مجلدًا كما أخبرني بذلك عنه قاضي القضاة جمال الدين، وعلق على محفوظة أحكام الشيخ مجد الدين بن تيمية مجلدين، وله غير ذلك من الفوائد والتعليقات -رحمه الله- توفي عن نحو خمسين سنة، وصلى عليه بعد الظهر من يوم الخميس ثاني الشهر بالجامع المظفري، ودفن بمقبره الشيخ الموفق، وكانت له جناز حافلة حضرها القضاة كلهم وخلق من الأعيان -رحمه الله وأكرم مثواه-". **** • محمَّدُ بنِ يحيي أو أسعدَ محمَّدِ بنِ سعدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سعدِ بنِ مفلحِ ابنِ هبةِ اللهِ بنِ نُمَيرٍ الأنصاريُّ المقدسيُّ الأصلِ ثم الدمشقيُّ الصالحيُّ الشهيرُ بابنِ سعدٍ (703- ... ) . سمع الكثير بواسطة أبيه وطلب بنفسه فأكثر ذكره الذهبي في معجمه المختص بالمحدثين فقال:" المحدث الفاضل المفيد شمس الدين ... ". سمع من ابن عبد الدائم، ومن والده، وجماعة.

محمود بن أحمد بن مسعود الشهير بابن السراج القونوي الحنفي

ذكره ابن ناصر الدين في من سمع جزء ابن عرفة على الشيخ ابن تيمية بقراءة علم الدين البرزالي. **** • محمودُ بنُ أحمدَ بنِ مسعودٍ الشهيرُ بابنِ السِّراجِ القونويُّ الحنفيُّ (قبل 700-770أو771) . قال ابن حجر:" كان فاضلاً في الأصول والفقه وقوراً ساكناً يرتل عبارته، وله مؤلفات ودرس بالخاتونية والريحانية وغيرهما، ثم ولي قضاء الحنفية بدمشق مرتين، واختصر شرح الهداية وشرح المغنى والعمدة ومسند أبي حنيفة". وقال ابن رافع:" شغل بالعلم مدة بالجامع، وقال ابن حبيب: كان رأساً في مذهبه ومات عن ست وسبعين سنة". قال ابن ناصر الدين:" له دروس تشهد بتقدمه وفهمه ومؤلفات تفصح عن تحقيقه وعلمه، توفي سنة سبعين وسبعمائة بدمشق عن ست وسبعين سنة، كتب بخطه خطبة من خطب الشيخ تقي الدين، ثم كتب ابن السراج بعد فراغه: منها هذه الخطبة خطب بها شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس ابن تيمية حين خرج من حبس الإسكندرية بالمدرسة الكاملية في القاهرة في جمع كثير من العلماء والأمراء وغيرهم انتهى ما كتبه ". ****

محمود بن علي بن عبد الولي بن خولان البعلي، بهاء الدين أبو الثناء

• محمودُ بنُ عليِّ بنِ عبدِ الوليِّ بنِ خولانَ البعليُّ، بهاءُ الدينِ أبو الثناءِ (700-744) . سمع الحديث من جماعة، منهم الحافظ الذهبي سمع عليه عدة أجزاء، وتفقه على مجد الدين الحراني، ولازم الشيخ ابن تيمية وبرع في الفرائض والوصايا والجبروالمقابلة. وقال ابن رجب:" كان قيماً بنقل المذهب، واستحضار أكثر المسائل، فقيهاً مفتياَ، خيراً ديناً. وله معرفة بالنحو. وخطه حسن. وكتب كثيراً. وكان متواضعاً متودداً، ملازماً للأشغال، محصاً على إفادة الطلبة، باراً بهم، محسناً إليهم. تقه به جماعة، وانتفعوا به، وبرع منهم..... وحدثني بعض أصحابه: أنه رآه في النوم بعد وفاته فقال له: أين أنت؟ قال: لي أيام هبطت إلى الفردوس. قال: فقلت له: فأين كنت قبلها؟ قال: لْي الضيافة". **** • مغلطاي بنُ قليجِ بنِ عبدِ اللهِ البكجريُّ الحنفيُّ الحكريُّ (689-762) . سمع من التاج أحمد بن علي ابن دقيق العيد أخي الشيخ تقي الدين، والحسين بن عمر الكردي، والختني، والواني، وأحمد بن شجاع الهاشمي، ومحمد بن عيسى الطباخ، وغيرهم.

قال ابن حجر:" أكثر جداً من القراءة بنفسه والسماع وكتب الطباق وكان قد لازم الجلال القزويني فلما مات ابن سيد الناس تكلم له مع السلطان فولاه تدريس الحديث بالظاهرية"انتهى ولقي شيخ الإسلام ابن تيمية بالقاهرة وصحبه واستفاد منه، قال في كتابه الإيصال لكتاب ابن سليم وابن نقطة والإكمال:" شيخنا الإمام بغير مراء تقي الدين أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية، الذي طبق ذكره جميع الأقطار، وشاع علمه في جميع الأمصار، ولذلك استغنينا عن التعريف بحاله. رأيته بالقاهرة، وأجازني مشافهة بها، وجئته لأودعه وسألته الوصية والدعء فقال لي: يا غلام، روينا في كتاب الترمذي بإسناد ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عباس: (يا غلام، إني أعلمك كلمات: أحفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فسل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك. رفعت الأقلام، وجفت الصحف) . هكذا ذكره من غير إسناد، ولم أرو عنه حديثًا علق إسناده غير هذا"انتهى وقال ابن حجر:" كان يحفظ الفصيح لثعلب وكفاية المتحفظ ومن تصانيفه شرح البخاري وذيل المؤتلف والمختلف والزهر الباسم في السيرة النبوية

ودرس أيضاً بجامع القلعة مدة وكان ساكناً جامد الحركة كثير المطالعة والكتابة والدأب وعنده كتب كثيرة جداً قاله الصفدي"انتهى وقال الصفدي:" كان ساكناً جامد الحركة يلازم المطالعة والكتاب والدأب، وعنده كُتب كثيرة وأصول صحيحة"انتهى وقال:" كان كثير السكون، والميل الى الموادعة والركون، جمع مجاميع حسنة، وألّف تواليف أتعب فيها أنامله، وكدّ أجفانه الوسنة!! "انتهى ****

حرف الياء

حَرْفُ اليَاءِ

يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن علي بن عبد الملك ابن علي بن أبي الزهر الكلبي القضاعي الدمشقي

• يوسفُ بنُ الزَّكيِ عبدِ الرحمنِ بنِ يوسفَ بنِ عليِّ بنِ عبدِ الملكِ ابنِ عليِّ بنِ أبي الزُّهرِ الكلبيُّ القضاعيُّ الدمشقيُّ (654-742) . قال الذهبي في معجمه:" ولد بظاهر حلب سنة أربع وخمسين وست مائة ونشأ بالمزة وحفظ القرآن وتفقه قليلا ثم أقبل على هذا الشأن، سمع من أول شئ كتاب الحلية كله على ابن ابى الخير سنة خمس وسبعين ثم اكثر عنه، وسمع المسند والكتب الستة ومعجم الطبراني والاجزاء الطبرزذية والكندية، وسمع صحيح مسلم من الأربلي ورحل سنة ثلاث وثمانين، فسمع من العز الحرانى وأبى بكر ابن الانماطى وغازي وهذه الطبقة وسمع بالحرمين وحلب وحماة وبعلبك وغير ذلك. ونسخ بخطه المليح المتقن كثيرا لنفسه ولغيره ونظر في اللغة ومهر فيها وفى التصريف وقرأ العربية، وأما معرفة الرجال فهو حامل لوائها والقائم بأعبائها لم تر العيون مثله"انتهى وقال ابن السبكي:" سمعت شيخنا الذهبي يقول ما رأيت أحفظ منه وأنه بلغني عنه أنه قال ما رأيت أحفظ من أربعة ابن دقيق العيد والدمياطي وابن تيمية والمزي"انتهى وقال ابن كثير في اختصاره لمقدمة ابن الصلاح:" كان شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي، تغمده الله برحمته، يكتب في مجلس السماع، وينعس في بعض

الأحيان، ويرد على القارئ رداً جيداً بيناً واضحاً، بحيث يتعجب القارئ من نفسه، أنه يغلط فيما في يده وهو مستيقظ، والشيخ ناعس وهو أنبه منه! ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء"انتهى قلت: ونقل ذلك عنه غير واحد كذلك. وقال الذهبي في رسالة له ترجم فيها لابن تيمية والبرزالي والمزي:" وسمع الكتب الأمهات المسند والكتب الستة والمعجم الكبير والسيرة والموطأ من طرق والزهد والمستخرج على مسلم والحلية والسنن للبيهقي ودلائل النبوة وتاريخ الخطيب والنسب للزبير وأشياء يطول ذكرها ومن الأجزاء ألوفًا ومشيخته نحو الألف. سمع أبا العباس ابن سلامة وابن أبي عمر وابن علان والمقداد والعز الحراني وابن الدرجي والنواوي والزواوي والكمال عبد الرحيم وابن البن والقاسم الإربلي وابن الصابوني والرشيد العامري ومحمد بن القواس والفخر ابن البخاري وزينب وابن شيبان ومحمد بن محمد بن مناقب وإسماعيل بن العسقلاني والمجد ابن الخليل والعماد ابن الشيرازي والمحيي ابن عصرون وأبا بكر بن الأنماطي والصفي خليلا وغازيا الحلاوي والقطب بن القسطلاني وطبقتهم والدمياطي والفاروثي واليونيني وابن بلبان والشريشي وابن دقيق العيد وابن الظاهري والتقي الأسعردي وطبقتهم وتنزل إلى طبقة سعد الدين الحارثي وابن نفيس وابن تيمية ولم يتهيأ له السماع من ابن عبد الدائم ولا الكرماني ولا ابن أبي اليسر ونحوهم ولا أجازوا له مع إمكان أن يكون له إجازة المرسي والمنذري وخطيب مردا واليلداني وتلك الحلبة.

حفظ القرآن وتفقه للشافعي مدة وعني باللغة فبرع فيها وأتقن النحو والصرف وله عمل في المعقول وباع مديد في المنقول ومعرفة بشيء من الأصول وكتابته حلوة منسوبة وفيه حياء وحلم وسكينة واحتمال كثير وقناعة وإطراح للتكلف وترك للتجمل والتودد وانجماع عن الناس وصبر على من يغتابه أو يؤذيه وقلة كلام إلا أن يسأل فيفيد ويجيب ويجيد وكان معتدل القامة أبيض بلحية سوداء أبطأ عنه الشيب ومتع بحواسه وذهنه وكان قنوعا بالقوت غير متأنق في مأكل ولا ثوب ولا نعل ولا مركب بل يصعد إلى الصالحية وغيرها ماشيا بهمة وجلادة وهو في عشر التسعين. وكان طويل الروح ريض الأخلاق جدا لا يرد بعنف ولا يتكثر بفضائله ولا يكاد يغتاب أحدا وإذا كتب في النادر كتابا إلى أحد لا ينمقه ولا يزوقه وكان يستحم بالماء البارد في الشيخوخة وأما معرفة الرجال فإليه فيه المنتهى لم أعاين مثله ولا هو رأى في ذلك مثل نفسه وقال لي لم أر أحفظ من الدمياطي وكان ملحوظا بالتقدم في ذلك من وقت ارتحاله إلى مصر ولما أملى علي شيخنا ابن دقيق العيد لم يسألني عن أحد إلا عن المزي فقال كيف هو صنف كتاب تهذيب الكمال في أربعة عشر مجلدا أربى فيه على الكبار وألف أطراف الكتب الستة في ستة أسفار وخرج لجماعة وما علمته خرج لنفسه لا عوالي ولا موافقات ولا معجما وكنت كل وقت ألومه في ذلك فيسكت وقد حدث بتهذيبه الذي اختصرته أنا ثلاث مرات وحدث بالصحيحين مرات وبالمسند وبمعجم الطبراني ودلائل النبوة وبكتب جمة وحدث بسائر أجزائه العالية بل وبكثير من النازلة ولو كان لي رأي للزمته أضعاف ما جالسته سمعت بقراءته شيئا وافرا وأخذت عنه هذا الشأن بحسبي لا بحسبه ولن يخلفه الزمان أبدا في

معرفته مع أن عند غيره في معرفة الرجال والأمراء والخلفاء والنسب ما ليس عنده فإنه إنما يعتني بالرواة الذين يجيئون في سماعاته ويجيد الكلام في طبقاتهم وقوتهم ولينهم وهذا الشأن بحر لا ساحل له وإنما المحثون بين مستكثر منه ومستقل وكان شيخنا لا يكاد يعرف قدره الطالب إلا بكثرة مجالسته أو ينظر في تهذيبه لقلة كلامه وكان مع حسن خطه ذا إتقان قل أن يوجد له غلطة أو توجد عليه لحنة بل ذلك معدوم وكان ذا ديانة وتصون وطهارة من الصغر وسلامة باطن وعدم دهاء وانزواء عن العقل العرفي المعيشي وكان يحكم ترقيق الأجزاء وترميمها وينقل عليها كثيرا إلى الغاية ويفيد الطلبة ويحسن بذلك إلى سائر أوقاف الخزائن بسعة نفس وسماحة خاطر لا يخلف في ذلك وكان فيه سذاجة توقعه مع من يربطه على أمر فيأكله ومستأكله حتى لا يزال في إفلاس وذلك لكرمه وسلامته وكان مأمون الصحبة حسن المذاكرة والبشر خير الطوية محبا للآثار معظما لطريقة السلف جيد المعتقد وربما بحث بالعقل الملائم للنقل فيصيب ويحسن غالبا بحسب ما يمكن وربما غلط وكان الكف بمثله أولى عن الجدل فإن المخالف ينتقد عليه ذلك ويلزمه بالتناقض بحسب نظره فمذهب السلف في غاية الصلف والسكوت أسلم والله أعلم"انتهى قلت: عقب ابن السبكي على عبارة الذهبي التي نقلها في معجمه عن المزي وهي قوله (ويخوض في مضايق المعقول) ،فقال:" ولا أحسب شيخنا المزي يدري المعقولات فضلا عن الخوض في مضايقها فسامح الله شيخنا الذهبي"انتهى

قلت: أما انه يخوض في المعقول فيخطأ فهذا لا عيب عليه فيه إنما العيب أن يخطأ في الحق ويعاب المرء بجهله للحق لا بجهله للباطل ولذا قال الشيخ ابن تيمية:" قول القائل: (إن الصحابة - رضي الله عنهم - ماتوا وما عرفوا ذلك) فيه تفصيل وذلك أن هذا الكلام فيه حق وباطل فأما الباطل فهو مثل إثبات الجوهر الفرد وطفرة النظََّام وامتناع بقاء العرض زمانين ونحو ذلك فهذا قد لا يخطر ببال الأنبياء والأولياء من الصحابة وغيرهم وإن خطر ببال أحدهم تبين له أنه كذب فإن القول الباطل الكذب هو من باب ما لا ينقض الوضوء ليس له ضابط وإنما المطلوب معرفة الحق والعمل به وإذا وقع الباطل عرف أنه باطل ودفع"انتهى وهكذا كانت حال الحافظ المزي والله أعلم. وكان المزي من أصحاب الشيخ القدامى طلب معه العلم وسمع معه الحديث ويتأثر بطريقته السلفية وكان سائرًا عليه مناصرًا له في كل الأحيان ذابًا عنه مادحًا له حتى إنه قال:" ما رأيت مثله ولا رأى هو مثل نفسه وما رأيت أحدا أعلم بكتاب الله وسنة رسوله ولا أتبع لهما منه"، نقله ابن عبد الهادي. وقال أبو الفتح ابن سيد الناس في سياق ترجمة المزي:" ولقد كان بين المزي وابن تيمية صحبة أكيدة، ومرافقة في السماع، ومباحثة واجتماع، وود وصفاء.

يوسف بن ماجد بن أبي المجد بن عبد الخالق المرداوي المقدسي الحنبلي الفقيه المفتي، جمال الدين أبو العباس

والشيخ هو الذي سعى للمزي في توليته دار الحديث، ولي في تولية التربة الصالحية، وجرت في ذلك أمور ونكد من أضداد الشيخ، وسئلنا عن العقيدة، فكتب لهم المزي بجمل، وأعفيت أنا من الكتابة، ومردنا الكل إلى الله تعالى ولا قوة إلا بالله"انتهى ومما خطه بيده كتباه العظيمان: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، والأطراف. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. **** • يوسفُ بنُ ماجدِ بنِ أبي المجدِ بنِ عبدِ الخالقِ المرداويُّ المقدسيُّ الحنبليُّ الفقيهُ المفتي، جمالُ الدينِ أبو العبَّاسِ ( ... -783) . قال ابن حجر:" من أصحاب ابن تيمية، شرح المحرر سمع من الحجَّار وغيره". ****

المبهمون

المُبْهَمُونَ

ابن المهاجري

• ابن المهاجري: كتب له الشيخ وصية نبه عليها ابن عبد الهادي في ترجمته. • أحمد بن رافع: أخو العلامة محمد بن رافع صاحب الوفيات الذي ترجمنا له، ذكره أخوه في إجازته التي نقلها ابن ناصر الدين، ولكنى لم أعثر له على ترجمة. • أحمد بن محمد البغدادي المعروف بابن الإبرادي. ذكره الصفدي وغيره. • الطويسي: في رسالة ابن مري. • التجيبي: كتب له شيخ الإسلام ابن تيمية وصية، نبه عليها ابن عبد الهادي في ترجمته. • تاج الدين محمد ابن الدوري: ذكره البزار في الأعلام العلية. • تقي الدين ابن سنقر. ذكره النويري في نهاية الأرب، ولم أقف له على ترجمة.

زين الدين بن زين الدين بن منجى

• زين الدين بن زين الدين بن منجى: ذكره النويري ولم أقع له على ترجمة. • زين الدين علي الواسطي. نقل عنه البزار في الأعلام فقال:" حدثني الشيخ الصالح العارف زين الدين علي الواسطي ما معناه أنه أقام بحضرة الشيخ مدة طويلة قال فكان قوتنا في غالبها أنه كان في بكرة النهار يأتيني، ومعه قرص قدره نصف رطل خبزًا بالعراقي، فيكسره بيده لقمًا، ونأكل منه أنا وهو جميعًا، ثم يرفع يده قبلي ولا يرفع باقي القرص من بين يدي حتى أشبع بحيث أني لا أحتاج إلى الطعام إلى الليل، وكنت أرى ذلك من بركة الشيخ، ثم يبقى إلى بعد العشاء الآخرة حتى يفرغ من جميع عوائده التي يفيد الناس بها في كل يوم من أصناف القرب، فيؤتيى بعشائنا، فيأكل هو معي لقيمات، ثم يؤثرني بالباقي، وكنت أسأله أن يزيد على أكله، فلا يفعل حتى إني كنت في نفسي أتوجع له من قلة أكله، وكان هذا دأبنا في غالب مدة إقامتي عنده. وما رأيت نفسي أغني منها في تلك المدة ولا رأيتني أفقرهما مني فيها. • شرف الدين بن عبد الله بن شرف الدين بن حسن بن الحافظ أبي موسى ( ... -731) ، في رسالة ابن مري.

عبد الله بن أحمد بن سعيد المقرئ

• عبد الله بن أحمد بن سعيد المقرئ. ذكره البزار في الأعلام العلية، قال:" حدثني الشيخ العالم الفاضل المقرئ أبو محمد عبد الله ابن الشيخ الصالح المقرئ أحمد بن سعيد، قال: كنت يومًا جالسًا بحضرة شيخ الاسلام ابن تيمية -رضي الله عنه- فجاء إنسان، فسلم عليه فرآه الشيخ محتاجًا إلى ما يعتم به، فنزع الشيخ عمامته من غير أن يسأله الرجل ذلك، فقطعها نصفين واعتم بنصفها، ودفع النصف الآخر إلى ذلك الرجل، ولم يحتشم للحاضرين عنده. قلت: وربما توهم بعض من يحتاج إلى التفهيم أن هذا الفعل من الشيخ فيه إضاعة المال، أو نوع من التبذل الذي يشين المروءة، وليس الأمر كذلك؛ فإنه لم يكن عنده حينئذ معلوم غير ثيابه، ورأى أن قطع غير العمامة من بقية لباسه مما يفسده، ولا يحصل به المقصود، ولم يكن عليه ولا عنده حينئذ ثوب صحيح لا يحتاج إليه حتى يدفعه إليه، فسارع إلى قطع ما يستغنى ببعضه عن كله فيما وضع له وهو العمامة، فنفع أخاه المسلم، وسد حاجته حينئذ ببعضها، واستغنى هو بباقيها، وهذا هو أكمل التصرف الصالح والرشد التام"انتهى

رسالة الشيخ عبد الله بن حامد إلى أحد طلبة الشيخ

رسالةُ الشيخِ عبدِ اللهِ بنِ حامدٍ إلى أحدِ طلبةِ الشيخِ يسألُهُ عن كُتُبِ الشَّيخِ وكانَ قد عزمَ على السَّفَرِ إلى دمشق سنةَ ثمانٍ وعشرين لملاقةِ الشَّيْخِ فوافاهُ خبُر وفاتِهِ رَحِمَهُ اللهُ وغَفَرَ لَهُ

بسم الله الرحمن الرحيم من أصغر العباد عبد الله بن حامد إلى الشيخ الإمام العالم العامل، قدوة الأفاضل والأماثل، مجمل المجالس والمحافل، المحامي عن دين الله، والذاب عن سنة رسول الله، والمعتصم بحبل الله، الشيخ المبجل المكرم أبي عبد الله، أسبغ الله عليه نعمه، وأيد بإصابة الصواب لسانه وقلمه، وجمع له بين السعادتين، ورفع درجته في الدارين بمنه ورحمته: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته (أما بعد) فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ثم وافاني كتابك، وأنا إليك بالأشواق ولم أزل مسائلًا ومستخبرًا الصادر والوارد عن الأنباء، طاب مسموعها وسرَّ ما يسرُّ منها، وما تأخر كتابي عنك هذه المدة مللًا ولا خللًا بالمودة ولا تهاونًا بحقوق الإخاء حاشى لله أن يشوب الأخوة في الله جفاء، ولا أزال أتعلل بعد وفاة الشيخ الإمام إمام الدنيا -رضي الله عنه- بالاسترواح إلى أخبار تلامذته وإخوانه وأقاربه وعشيرته والخصيصين به لما في نفسي من المحبة الضرورية التي لا يدفعها شيء على الخصوص لما اطلعت على مباحثه واستدلالاته التي تزلزل أركان المبطلين، ولا يثبت في ميادينها سفسطة المتفلسفين، ولا يقف في حلباتها أقدام المبتدعين من المتكلمين. وكنت قبل وقوفي على مباحث إمام الدنيا -رحمه الله- قد طالعت مصنفات المتقدمين، ووقفت على مقالات المتأخرين من أهل الفلسفة ونظار أهل الإسلام، فرأيت منها الزخارف والأباطيل والشكوكات التي يأنف المسلم الضعيف في الإسلام أن يخطرها بباله فضلًا عن القوي في الدين، فكان يتعب

قلبي، ويحزنني ما يصير إليه الأعاظم من المقالات السخيفة والآراء الضعيفة التي لا يعتقد جوازها آحاد العامة. وكنت أفتش على السنة المحضة في مصنفات المتكلمين من أصحاب الإمام أحمد -رحمه الله- على الخصوص لاشتهارهم بالتمسك بمنصوصات إمامهم في أصول العقائد، فلا أجد عندهم ما يكفي، وكنت أراهم يتناقضون إذ يؤصلون أصولًا؟ يلز فيها ضد ما يعتقدونه، ويعتقدون خلاف مقتضى أدلتهم، فإذا جمعت بين أقاويل المعتزلة والأشعرية وحنابلة بغداد وكرامية خراسان أرى أن إجماع هؤلاء المتكلمين في المسألة الواحدة على ما يخالف الدليل العقلي والنقلي، فيسؤني ذلك، وأظل أحزن حزنًا لا يعلم كنهه إلا الله حتى قاسيت من مكابدة هذه الأمور شيئًا عظيمًا لا أستطيع شرح أيسره. وكنت ألتجىء إلى الله سبحانه وتعالى، وأتضرع إليه وأهرب إلى ظواهر النصوص، وألقى المعقولات المتباينة والتأويلات المصنوعة لنبوِّ الفطرة عن قبولها، ثم قد تشبثت فطرتي بالحق الصريح في أمهات المسائل غير متجاسرة على التصريح بالمجاهرة قولًا وتصميمًا للعقد عليه حيث لا أراه مأثورًا عن الأئمة وقدماء السلف إلى أن قدر الله سبحانه وقوع مصنف الشيخ الامام إمام الدنيا رحمه الله في يدي قبيل واقعته الأخيرة بقليل، فوجدت ما بهرني من موافقة فطرتي لما فيه وعزوا الحق إلى أئمة السنة وسلف الأمة مع مطابقة المعقول والمنقول، فبهت لذلك سرورًا بالحق وفرحاً بوجود الضالة التي ليس لفقدها عوض، فصارت محبة هذا الرجل -رحمه الله- محبة ضرورية يقصر عن شرح أقلها العبارة ولو أطنبت.

ولما عزمت على المهاجرة الى لقيه، وصلني خبر اعتقاله، وأصابني لذلك المقيم المقعد. ولما حججت سنة ثمان وعشرين وسبعمائة صممت العزم على السفر إلى دمشق لأتوصل إلى ملاقاته ببذل مهما أمكن من النفس والمال للتفريج عنه، فوافاني خبر وفاته -رحمه الله تعالى- مع الرجوع إلى العراق قبيل وصول الكوفة، فوجدت عليه ما لا يجده الأخ على شقيقه واستغفر الله بل ولا الوالد الثاكل على ولده، وما دخل على قلبي من الحزن لموت أحد من الولد والأقارب والأخوان كما وجدته عليه -رحمه الله تعالى-، ولا تخيلته قط في نفسي ولا تمثلته في قلبي إلا ويتجدد لي حزن قديمه كأنه محدثه، ووالله ما كتبتها إلا وأدمعي تتساقط عند ذكره أسفاً على فراقه وعدم ملاقاته، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وما شرحت هذه النبذة من محبة الشيخ -رحمة الله تعالى عليه- إلا ليتحقق بعدي عن الملك الموهوم. لكن لما سبق الوعد الكريم منكم بانفاذ فهرست مصنفات الشيخ -رضي الله عنه-، وتأخر ذلك عني اعتقدت أن الإضراب عن ذلك نوع تقية أو لعذر لا يسعني السؤال عنه، فسكت عن الطلب خشية أن يلحق أحدًا ضرر والعياذ بالله بسببي لما كان قد اشتهر من تلك الأحوال، فإن أنعمتم بشيء من مصنفات الشيخ -رحمه الله تعالى- كانت لكم الحسنة عند الله تعالى علينا بذلك. فما أشبه كلام هذا الرجل بالتبر الخالص المصفى، وقد يقع في كلام غيره من الغش والشبه المدلس بالتبر ما لا يخفى على طالب الحق لحرص وعدم هوى.

ولا أزال أتعجب من المنتسبين إلى حب الانصاف في البحث المزرين على أهل التقليد المعقولات التي يزعمون أن مستندهم الأعظم الصريح منها كيف يباينون ما أوضحه من الحق، وكشف عن قناعه، وقد كان الواجب على الطلبة شد الرحال إليه من الآفاق ليرو العجب. وما أشبه حال المباينين له من المنتسبين إلى العلم الطالبين للحق الصريح الذي أعياهم وجدانه بحال قوم ذبحهم العطش والظمأ في بعض المفازات فحين أشرفوا على التلف لمع لهم شط كالفرات أو دجلة أو كالنيل فعند معاينتهم لذلك اعتقدوه سرابًا لا شرابًا، فتولوا عنه مدبرين، فتقطعت أعناقهم عطشًا وظمأ، فالحكم لله العلي الكبير، وما أرسلنا الكتب المقابلة من إحدى الطرفين، ففيه تعسف وتمهدون العذر في الإطناب، فهذا الذي ذكرته من حالي مع الشيخ كالقطر من بحر وإن أنعمتم بالسلام على أصحاب الشيخ وأقاربه كبيرهم وصغيرهم كان ذلك مضافًا إلى سابق إنعامكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأنتم في أمان الله ورعايته والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما) انتهى

الفهرست

الفِهْرِسْتُ

- مُقَدِّمَةٌ - مَنْثُورَاتٌ ومُلَحٌ - تَرْجَمَةُ - الأَسْمَاءُ - حَرْفُ الأَلِفِ (الهَمْزَةِ) - إبراهيم بن أحمد الغياني. - إبراهيم بن أحمد بن هلال بن بدر القاضي. - إبراهيم بن أسعد بن حمزة بن القلانسي. - إبراهيم بن خليفة بن محمد بن خلف المنبجي. - إبراهيم بن داود الآمدي بن عبد الله الآمدي الدمشقي. - إبراهيم بن محمد القواس بن يونس بن منصور الدمشقي. - إبراهيم بن منير الصباح البعلبكي. - أبو بكر بن شرف بن محسن بن معن بن عمار، تقي الدين الصالحي. - أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن مسعود بن عمر الواسطي. - أحمد بن حسن بن عبد الله بن عمر بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة. - أحمد بن رجب عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود البغدادي. - أحمد بن عبد الغالب الماكسيني. - أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن إسماعيل بن وهب بن محبوب الحميري البعلي.

- أحمد بن محمد بن مري البعلي الحنبلي. - أحمد بن مظفر بن أبي محمد بن مظفر بن بدر بن الحسن بن مفرج ابن بكار بن النابلسي. - أحمد بن موسى الزرعي. - أحمد بن يحيى بن فضل الله بن مجلي بن دعجان بن خلف بن نصر بن منصور بن عبيد الله بن يحيى بن محمد بن أبي بكر بن عبيد الله بن أبي بكر ابن عبيد الله بن أبي سلمة بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر العدوي العمري. - إسحاق بن أبي بكر بن الدسبي بن أطس التركي. - إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير القيسي البصروي. - حرف الباء. - براق أمير آخور بدمشق. - حرف الحاء. - حمزة بن موسى بن أحمد بن الحسين الحنبلي. - حرف الخاء. - خالد المجاور. - خليل بن أيبك بن عبد الله أبو الصفاء صلاح الدين الصفدي. - حرف السين. - سعد الله بن عبد الواحد بن سعد الله بن عبد القاهر بن عبد الأحد بن عمر الحراني. حرف العين.

- عبادة بن عبد الغني بن منصور بن منصور بن سلامة الحنبلي الحراني. - عبد السيد بن المهذب إسحاق بن يحيي الطبيب. - عبد الله بن أحمد عبد الله بن أحمد بن أبي بكر محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور المقدسي الصالحي. - عبدُ اللهِ بنِ خضرِ بنِ عبدِ الرحمنِ الروميُّ الحريريُّ المعروفُ بالمُتَيَّمِ. - عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن خضر بن تيمية الحراني. - عبد الله بن موسى بن أحمد الجزري. - عبد الله بن يعقوب بن سيدهم بن أردبين الإسكندري. - عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية. - عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن نصر بن فهد الدمشقي. - علي المغربي. - علي بن أحمد بن هوس الهلالي المحافري. - علي الغزي نزيل الصالحية. - على بن المظفر بن إبراهيم بن عمر بن زيد بن هبة الله الكندي الإسكندراني ثم الدمشقي. - عمر بن أبي بكر بن معالي بن إبراهيم بن زيد الحمصي. - عمر بن الحسن بن حبيب. - عمر بن سعد بن عبد الله بن نجيح الحراني. - عمر بن عبد الرحمن بن الحسين بن يحيى بن عبد المحسن اللخمي القبابي. - عمر بن علي بن موسى بن خليل البغدادي الأزجي البزار.

- عمر بن عبد الله بن عبد الأحد بن عبد الله بن سلامة بن خليفة بن شقير الحراني الحنبلي تقي الدين ابن شقير. - عمر بن عمران بن صدقة البلالي. - عمر بن مظفر بن عمر بن محمد بن أبي الفوارس ابن الوردي. - حرف الفاء. - فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد. - حرف القاف. - القاسم بن محمد بن يوسف البرزالي. - قرأ سنقر بن عبد الله المنصوري. - قرمشي بن أقطون. - حرف الميم. - محمد بن إبراهيم بن محمد بن أبي بكر بن إبراهيم بن يعقوب بن إلياس الأنصاري. - محمد بن أحمد بن أبي نصر الدباهي البغدادي الحنبلي - محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز التركماني الذهبي. - محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة المقدسي. - محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي. - محمد بن أبي بكر بن معالي بن زيد الأنصاري. - محمد بن التدمري. - محمد بن أحمد بن تمام الصالحي الحنبلي.

- محمد بن المنجا بن عثمان بن أسعد بن المنجا التنوخي. - محمد بن حمد بن عبد المنعم بن حمد بن منيع بن أبي الفتح الحراني. - محمد بن رافع بن هجرس بن محمد بن شافع بن محمد بن نعمة بن فتيان بن منير بن سعد الصميدي السلامي ثم المصري ثم الدمشقي الشافعي. - محمد بن سعد الله بن بن عبد الأحد بن سعد الله بن عبد القاهر بن عبد الأحد بن عمر بن نجيح الحراني. - محمد بن شاكر بن أحمد بن عبد الرحمن الكتبي. - محمد بن طغريل بن عبد الله الخوارزمي، ناصر الدين أبو المعالي ابن الصيرفي. - محمد بن عبد الأحد بن يوسف الآمدي. - محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحيم المارديني. - محمد بن عبد الله بن أحمد ابن المحب عبد الله بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن أسماعيل بن منصور بن عبد الرحمن السعدي المقدسي الصالحي الحنبلي. - محمد بن عبد الله بن سبط ابن رُشيق المغربي المالكي. - محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن محمد بن محمد بن أبي القاسم بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن سيد الناس. - محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر ابن الصايغ، فخر الدين. - محمد بن محمد بن محمد بن عبد القادر، ابن الصائغ، نور الدين. - محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج الراميني المقدسي.

- محمد بن يحيي أو أسعد محمد بن سعد بن عبد الله بن سعد بن مفلح ابن هبة الله بن نمير الأنصاري المقدسي الأصل ثم الدمشقي الصالحي. - محمود بن أحمد بن مسعود الشهير بابن السِّراج القونوي الحنفي. - محمود بن علي بن عبد الولي بن خولان البعلي. - مغلطاي بن قليج بن عبد الله البكجري. - حرف الياء. - يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف بن علي بن عبد الملك ابن علي بن أبي الزهر الكلبي القضاعي. - يوسف بن ماجد بن أبي المجد بن عبد الخالق المرداوي. - المبهمون. - رسالة الشيخ عبد الله بن حامد إلى بعض تلاميذ الشيخ. - الفهرست. تم بحمد الله (الثالث عشر من شهر ذي القعدة سنة 1430)

§1/1