مضاهاة أمثال كليلة ودمنة

محمد بن حسين اليمني

1 - قال صاحب كتاب كليلة ودمنة: يقال من صفة الناسك الوقار والاستتار بالقنوع ورفض الشهوات للتخلي من الأحزان وترك إخافة الناس لئلا يخافهم.

1 - قال صاحب كتاب كليلة ودمنة: يقال من صفة الناسك الوقار والاستتار بالقنوع ورفض الشهوات للتخلي من الأحزان وترك إخافة الناس لئلا يخافهم. " 1 " قال عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان يصف رجلا: نقيٌّ للدنيئة ذو اجتناب ... يخاف الله ذو فعل سديدِ تستر بالقنوع فكان أبهى ... من الملك المؤيد بالجنود وأقصى اللهو والشهوات عنه ... فلم يحزن على عرضٍ فقيدِ " 2 " وقال سالم بن أبي الجعد الأشجعي الحروري في ترك إخافة الناس: إذا أمن الجميعُ المرءَ أمسى ... على أمنٍ وباتَ على مِهادِ 2 - قال صاحب الكتاب: ويقال الأخلاط في الإنسان أربعة متعادية متغالبة تغذوهنَّ الحياة، والحياة إلى نفاد، كالصنم المفصلة أعضاؤه يجمعها مسمارٌ واحد، فإذا نزع المسمار تساقطت. " 3 " قال ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العُزى وكان في جاهليته نصرانياً حكيماً: ويُجمع بالسكّيِّ منها صغارُها ... وما جل منها فهي لا تتفرَّق فإن أُخِذَ السَّكّيِّ منها تبددت ... تَبَدُّدَ ظهر الماء لا يتلفقُ 3 - قال صاحب الكتاب: يقال الجامع للأهل والأقارب بغير اقتصاد كالدُّخنة تحترق ويذهب بريحها غيرها. " 4 " قال شبيب الأشجعي الحروري: وجَمعتُ من شتى حراماَ وغيره ... حلالاً لأعداء لَديَّ أقارب فكنت يَلنجوجا أصابَ بِطيبه ... رجالاً وأرداهُ حريقُ اللواهبِ 4 - قال صاحب الكتاب: الدُّنيا كالماء الملح الذي كلما ازداد منه صاحبه شرباً ازداد عطشاً. " 5 " قال عديُّ بن زيد العبادي: مُطالبُ دُنياهُ بإتعاب نَفسه ... كواردِ ماءٍ من أجاجٍ مُكدَّرِ فما ازداد شرباً منهُ إلا أثابَهُ ... به عطشاً يرويه في كلِّ مَصدرِ 5 - قال صاحب الكتاب: أو كالعظم يُصيبه الكلب يجد فيه رائحة اللحم فيطلبها فتدمي فاه فلا يزداد لها طلباً الا ازداد لفيه ادماء. " 6 " قال الحُويدرة الذُّبياني، وكان من حكماء العرب: إذا النابحُ العاوي أصاب معرَّقاً ... من اللحم أنحى يطلُبُ اللَّحمَ بالجدِّ فَيُدمي به فاه وَيَطْلُبُ جاهداً ... فيزدادُ إدماءً لفيه ولا يُجدي فلا تُجهِدنَّ في ما زواله ... وشيكٌ على قُربٍ من الدَّار أو بُعدِ 6 - قال صاحب الكتاب: أو كاللَّعقة من العسل وفي أسفلها سُمٌ ذعاف، فلذائقها حلاوة عاجلة وفي أسفلها سم ناقع. " 7 " قال أبو قابوس العبادي: واحذر حلاوتها فإنَّ وراءها سُمَّا ذُعافَا 7 - قال صاحب الكتاب: أو كدودة الإبريسم التي كلما ازدادت على نفسها لفاً ازدادت من الخروج بُعداً. " 8 " قال عديُّ بن زيد العبادي: وَلا تكُ في الإلحاح في إثر فائت ... تُحاول مِنه فائتاً ليس يُطلبُ كَصانعَةِ القزِّ التي كلما ارتدت ... بصنعتها كانت إلى اللُّبْثِ أقرَبُ 8 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل حقيق أن لا يُغفل أمر آخرته والتزود لها، فإن الموت يأتي بغتة وليس بينه وبين أحد أجل معلوم. " 9 " قال المتلمِّس واسمه جرير بن عبد المسيح الضُّبَعي: وأعلمُ علمَ حق غير ظن وتقوى الله من خير العتادِ لحفظ المال أيسر من بغاهُ وضرب في البلادِ بغيرِ زادٍ " 10 " وقال المُقَنَّعُ الكنديّ في مثله: أرى الموتَ لا يأتيك إلا فُجاءةً فلا موعدٌ مِن قبل ذلكَ يُعرفُ 9 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل يعد أبويه أصدقاء وإخوته رفقاء وأقاربه غرماء ويعد نفسه فريداً وحيداً. " 11 " قال أبن براقهَ الهمدانيّ: أعُدُ قرابتي طلاب دَيْنٍ ... كما أبواي في ودِّ الصديق ونفسي مُوحشاً فرداً وصنوي ... رفيقاً حين يؤنسُ بالرفيق 10 - قال صاحب الكتاب: يقال يعد من البهائم من لم يكن له همة إلا بطنه أو فرجه من كان. " 12 " قال الحُطَيئة وهو جرول العبسي: وإنكَ للثور الذي لا يعوقه سوى بطنه فيما يُحاول شاغل 11 - قال صاحب الكتاب: ويقال من عاش غير خامل ذا فضل على نفسه واصحابه فهو وان قلَّ عمره طويل العمر. " 13 " قال بِشر بن أبي خازم الأسدي:

12 - قال صاحب الكتاب: من كان عيشه في ضيق ووحدة وقلة خير على نفسه وعلى الناس فهو وان طال عمره قصير العمر.

لئن إضتَ ميتاً لم تُعمركَ مُدةٌ ... لأنت الذي يُحييك في الغابِرِ الذكرُ 12 - قال صاحب الكتاب: من كان عيشه في ضيق ووحدة وقلة خير على نفسه وعلى الناس فهو وان طال عمره قصير العمر. " 14 " قال جرير بن خَرقاء العجلي في المُيسر بن يَسارِ المذحجي: لئن كنت ذا مال ضنيناً مُذممَّا ... يُمدك عُمرٌ في الحياة طويلُ فأنت قصيرُ إذ أنت سبةٌ ... ومشتمةٌ في الغابرين بخيل 13 - قال صاحب الكتاب: الارتفاع من ضعة المنزلة إلى شرفها عسير. والانحطاط من شرفها إلى ضعتها يسير، ومثل ذلك مثل الحجر الثقيل الذي رفعه من الأرض إلى العانق عسير، وطرحه من العانق إلى الأرض يسير. قال أبن أساف: رُقِيُّك من دنيء الأمر تسمو ... إلى شرف تحاوله عسيرُ كمثل الانحطاط من المعالي ... إلى ضعة فمطلبُها يسير 14 - قال صاحب الكتاب: لا يواظب على باب السلطان أحد فيطرح عنه الأنفَ ويحتمل الأذى ويكظم الغيظ ويرفق بالناس الا بلغ حاجته من السلطان. " 16 " قال أبن عُرْفُطَة الضبعي: إذا أنت لم تأنف وأغضيتَ مُقلةً ... وكنت لما يؤذي الورى متجنبا وتحملُ ما يؤذي وتكظمُ صابراً بلغتَ من السلطان ما شئت مطلبا 15 - قال صاحب الكتاب: ويقال في أمور ثلاثة لا يجترئ عليها الا أهوج ولا يسلم الاقليل؛ صحبة السلطان وركوب البحر وشرب السم للتجربة. " 17 " قال عَبدُ بالثقفي: مُصاحبُ سلطان وراكب لُجة ... سواءٌ إذا حصلتَ والشاربُ السُّمَّا 16 - قال صاحب الكتاب: ويقال شبهت العلماء السلطان بالجبل الصعب الذي فيه جميع الثمار الطيبة وهو معدن السباع وجميع الهوام. فالارتقاء إليه عسير والمُقام فيه أعسر. " 18 " قال أبو مسكين مولى عبد الله بن الزُّبير له: سَموتَ إلى أمرٍ يعزُّ طلابُهُ ... كما عزت الأثمار في جبلٍ وعر مَهايعُهُ وعرٌ فما يستطيعها ... وُلوجاً على حال أبا لسةُ السفر ولو قطعُوها لم يُطيقوا معرساً ... وغالهم غُثْر السباعِ مع البَبرِ 17 - قال صاحب الكتاب: ويقال لِنْ للعدو حتى تمكن الفرصة. فإن مثل ذلك مثل الريح العاصف لا تضر الصغير من النبات وتقصم العظيم من الشجر. " 19 " قال قيس بن زهير العبسي: لِنْ للعدوِّ ودارهِ كي تُخاتلهُ ... عن فُرصةٍ منه والأشياءُ بالفُرَصِ " 20 " وقال المرار بن سعيد الأسدي: الرِّيحُ تعصف بالبقلِ الرطيب فلا ... يخشى هلاكاً وتُردي الجذع ذا العِظَمِ 18 - قال صاحب الكتاب: يقال من سكرات السلطان الرضا عمن يستوجب السخط والسخط عمن يستوجب الرضا. ولذلك قيل خاطر من لجَّجَ في البحر وأشد منه مخاطرة من صحب الملوك بغير أدب. " 21 " قال يزيد بن الطثرية: سَخِطْتَ ولم أذنب وترضى مُخالفاً ... كأني أخو ذنبٍ ففعلُكَ مُعجِبُ فلو زُرْت مَلكاً غير مخاطر ... وإن كنتُ أدنى واصلاً وأقرِّب ولو أنني لججْتُ في البحر عائماً ... على خطرٍ في لُجَّةٍ أتسربُ لكنت على ودِّيكَ فيما تسومني ... مُخاطرة في الناسِ من دينِ أعجبُ 19 - قال صاحب الكتاب: ويقال من ضَمَّ الدر والياقوت بالرصاص فليس ذلك تقصيراً بهما ولكنه جهل ممن فعله. " 22 " قال أبو مسكين: لَعَمري لما قصرتَ بي إذ هجوتني ... ولكن بجهلٍ من فِعالِكَ شائِنِ 20 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تحقرن رجلاً صغير المنزلة فان الصغير ربما عظم وبلغ، كالعَقَب من الميتة يؤخذ فيعمل منه القوس والوتر والترس فيحتاج إليه الملك في بعض حالاته من لهو أو بأس. " 23 " قال مولد بني جوين يريد به مولاه: ومُستَصْغِرٍ مِثلي بجهل تملُّكٍ ... وقلة عِلمٍ بالرجال وبالصحبِ وَرُبَّتَمَا يحتاجُ ذو المُلك صاغراً ... إلى عظم ميت في السرور وفي الحرب إلى مُديةٍ لولا النصابُ لما أتت ... هواهُ إلى جدٍّ من الأمر أو لعب 21 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل لا يدع استشارة عدو إذا كان ذا رأي في الأمر الذي يشركه في ضره أو نفعه.

22 - قال صاحب الكتاب: يقال إذا لقي اللاقي عدوه في المواطن التي يعلم أنه غير ناج منه فيها كان حقيقيا بالمقاتلة كرما وحفاظا.

" 24 " قال ابن جذل الطعان: شاور عدوك ذا الرأي الأصيل إذا ... ما خافَ خوفكَ في سرٍ وإعلانِ 22 - قال صاحب الكتاب: يقال إذا لقي اللاقي عدوه في المواطن التي يعلم أنه غير ناجٍ منه فيها كان حقيقياً بالمقاتلة كرماً وحفاظاً. " 25 " قال الأصمُّ بكير يوم ذي قار: إذا كنت تخشى من عدوك صولةً ... ولم تستطع دفعاً لها حين يُقدِمُ فقاتل حِفاظاً أو فمُتْ موتَ فارس ... فللموت في أمثال هاتيك أكرمُ 23 - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجال ثلاثة حليم وحازم وعاجز؛ فالحليم إذا نزل به الأمر من البلاء لم يدهش ولم يذهب قلبه شعاعاً ولم يعي برأيه وحيلته التي بها يرجو المخرج، والحازم الذي يتقدم في العدة للامر يتخوفه قبل نزوله به، والعاجز لا يزال في تردد وتحير والتباس حتى يهلك. " 26 " قال الربيع بن زياد الحارثي: يَزداد ذو الحلم حلماً حين يَدْهَمُهُ ... من مُعضل الأمر ما يُعيي ويجتاح والحازم الأمر يُعنى قبل مبعثه ... بفادح منه إمساءٌ وإصباحُ والعاجز الرأي لا ينفك يشغله ... طول التردد أو يلقاه مجتاحُ 24 - قال صاحب الكتاب: ويقال من هذا الذي بلغ من الدنيا جسيما فلم يبطر. " 27 " قال ابن براقة الهمداني: إذا نال من دُنياه حظاً رأيته ... أخا بطرٍ زاهٍ كثير التطاولِ 25 - قال صاحب الكتاب: ويقال من تبع الهوى فلم يعثر ومن جاور النساء فلم يفتن ومن صاحب الأشرار فسلم ومن خدم الملوك فلم يعطب. " 28 " قال عدية العُدواني: ومن تبع الأهواء لا زال عائراً ... ومن صحب الأشرار يوماً سندمِ ومن جاور النسوان طال عناؤه ... ومن خدم الجبار خاطر بالدمِ 26 - قال صاحب الكتاب: ومن صحب الملوك فدام له منهم الاحسان. " 29 " قال سوار الغَنَوي وكان من عمال الحجاج فعزله: متى دام إحسان الملوك فأرتجي ... ثبات مكاني مِنك إني لَجاهلُ 27 - قال صاحب الكتاب: ومن طلب معروف اللئام فلم يهن. " 30 " قال عَوف الضِّبِّي: أهنتُ نفسي لما أن طلبتكم ... وكنتُ ظالمها في حين أعروكا 28 - قال صاحب الكتاب: ويقال مصاحبة الأشرار تورث صاحبها سوء ظن الأخيار. " 31 " قال عون بنُ عون القُرشي: وصاحبت أشراراً فما لومك الذي ... يزِنُّكَ بالسوآء إن كُنت طاهراً 29 - قال صاحب الكتاب: ويقال العجب كل العجب من رجل تطلب رضاه قلا يرضى، وأعجب من ذلك أن ترضيه فيسخط. " 32 " قال ابن الدُّمينة الخثعمي: لئن قهقهت عجباً وقالت مُبرسمٌ ... لما كان منها لو تَكلمُ أعجب أحاول أن ترضى فتزداد سُخطةً ... فكيف إليها ما يكون التقربُ 30 - قال صاحب الكتاب: إذا كانت الموجدة عن علة كان الرضا موجوداً، وإذا كانت عن غير علة كان معدوماً. " 32 " قال ورقاء المزني: إذا كنت ذا عتبٍ ولم أكُ مُذنباً ... فكيف بما ترضى يكون التنصلُ 31 - قال صاحب الكتاب: ويقال من التمس الرخص من الإخوان عند المشاورة ومن الأطباء عند العلة ومن الفقهاء عند الشُبهة لم يخطأ الرأي وازداد علة ومرضاً. " 34 " قال سعد الغنوي: لا تُرخص لمستشير فيخطي الرأي فيما أتاك في كل أمروكذاك الطبيب إن عالج المُعتل رخصاً أنالهُ كلَّ ضُرِّ 32 - قال صاحب الكتاب: يقال ربما كان الهلاك في بعض ما يقسم من الفضل كالشجرة الطيبة الثمرة هلاكها في طيب ثمرتها، وكالطاووس الذي ربما كان ذنبه وبالاً عليه عندما يحتاج إلى الخفة فيثقله ويقعد به حتى يهلكه وهو حُسنه. " 35 " قال الحُويدْرة الذُبياني في سنان بن أبي حارثة أبي هَرِم: تناوَلَتْهُ يدُ الطُرَّاقٍ قاصدةً ... فأحسن الرفد حتى آض ذا عَدمِ 33 - قال صاحب الكتاب: ويقال الفرس الجواد القوي الوطيء الفاره يطال اقتعاده وإتعابه لفضل ما عنده فيكون في سبب هلاكه. " 36 " قال الأجدع الهمداني في المساور بن هند وإلحاحه على أسماء بن خارجة: لما رأيت أخا مال يجودُ به...... ذاكَ بالإلحاح فافتقرا

34 - قال صاحب الكتاب: ويقال ذو المروءة ربما هلاكه في مروءته لاحتماله ولكظمه مالا يكظم عليه.

34 - قال صاحب الكتاب: ويقال ذو المروءة ربما هلاكه في مروءته لاحتماله ولكظمه مالا يكظم عليه. وإن من لا مروءة له أكثر من ذوي المروءة كما ان الأشرار أكثر من الأخيار بكل مكان. فإذا عادى الأشرار خيراً كثروه وكادوا وشيكاً أن يهلكوه. " 37 " قال عوانة بن عقيل الأزدي: وقد تكون مروءات يُعاشُ بها ... وأخرياتٌ تسوق البؤس والعطبا " 38 " وقال الحُمارس بن جعونة المازني: ذوو المروءة والأخيار حيثُ ثووا ... قُلٌّ، وغيرُهُم في كثرةٍ العدد كالرملِ عزَّ فلا يُحصى له عَدَدٌ ... فالقُلُّ جمْعُهُمُ في القربٍ والبُعُدِ ينكون ما اجتعواغ حتى إذا افترقوا ... لم يعرفوا بأنيسانٍ ولا بلدِ 35 - قال صاحب الكتاب: ويقال من بذل نصيحته وشفعته لمن لا يستمع منه ومن لا يشكر له إن سمع، كان كمن يبذر زرعه في السباخ. " 39 " قال وَعلة بن عامر المُرِّيّ: إذا نصحت بإحسان تقومُ به ... مَن ليس يَشكُرُ ما أو ليتَ من حسن كنت الذي استودع المعزاء من خرقٍ ... بذراً فَلم يزك في سرٍّ ولا علنِ 36 - قال صاحب الكتاب: ويقال الماء ألين من القول بالحجر أشد من القلب. والماء إذا كثر انحداره على الحجر لم يلبث ان يؤثر فيه. " 40 " قال في مثل اثر القلب سُرادق بن علوان الذُّهلي: وقلتُ لها أدميت قلبي بلفظة ... نطقْتِ بها والقلب يجرحه اللفظُ فَقالت لَحاك الله جئت عجيبةً ... أيجرحُ قلبَ المرء في صدره الوعظُ " 41 " وقال في مثله من الماء واثره في الحجر المُرازم بن عرقوب العَدَويّ: وقلتُ له للماء ألين فاعلمن ... من القول قذفاً بالشتيمةِ والسَّبِّ كما الصخرةُ الصماءُ أقسى مَجسَّة ... وأخشنُ لمساً يا عُمَيْرُ مِنَ القَلبِ ولن يلبثَ الماءُ الطويلُ انصبابُه ... على الصَّلد أن يبدو بهِ أثرُ الصَّبِّ 37 - قال صاحب الكتاب: ويقال النجدة يدركها الزلل مع خطأ الرأي والرأي يجزئ بلا نجدة والبأس والنجدة لا يستغنيان عن الرأي. " 42 " قال ابن زياد لأخيه الربيع حين كان منه إلى قيس بن زهير ما كان: أرى الرأي يُغني دون بأس ونجدةٍ ... وما بهما عنه غنى حيث يمما وكم فارسٍ قد زَلَّ زلَّةَ عاثرٍ ... إذا هو أخطا رأيه فتحطما 38 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا خير في القول إلا مع الفعل ولا في الفقه إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع النية. " 43 " قال رشيد بن رميض العنزي: الفقهُ لا يصلُحُ إلا بالورع ... والقول بالفعل إذا المرء وزَعْ وبالنيات لا الفعل يُنتفع ... والبرُّ أولى بالفتى حيث رتع 39 - قال صاحب الكتاب: ويقال الأدب يذهب غي السكر ويزيد الأنوك سُكراً كما ان النهار يزيد كل ذي بصر بصراً ويزيد الخفاش وأمثاله عمى. " 44 " قال العرزمي الحميري: وسُكْرُ الغِنى السُّكرُ الذي هو مُهلكٌ ... لعمرُ أبيك الخير لا سُكْرُ شاربِ وعن أدبٍ يصحو أخو السكرِ بالغنى ... إذا كان ذا رأي وَرَبَّ تجاربِ كما الأنوك النشوان يزداد ضلةً ... وسُكراً بِهِ في بُعْدِهِ والتقاربِ 40 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل لا يبطر لمنزلة أصابها وإن عظم ذلك كالجبل الذي لا تزلزله الرياح وإن اشتدت وعظمت عليه. والسخيف تبطره أدنى منزلة كالنبات الغض تحركه أدنى ريح. " 45 " قال المرار بن سعيد الأسدي يمدح محمد بن منصور التميمي ويهجو حاتم بن مخلد بن يزيد بن المهلب وكان محمد والي البصرة: وَلوَ كُنتَ ذا عقلٍ رجَحْتَ ولم تكن ... لتبطر بالنعما ولو نلتَ مرغبا فَيَا غَضَّ نبت حرَّكته من الصبا ... نُفيحة ريح فالتوى مُتقلبا متى كنت عدْلَ الطودِ من آل مالك ... وهل ضرعٌ شختٌ يُعادلُ أغلبا 41 - قال صاحب الكتاب: ويقال من الخرق والحمق أن يعامل الإخوان بغير وفاء ويطلب الفوز بالرياء ومودة النساء بالغلظة ونفع الناس بمضرة الناس وبلوغ الفضل بالخفض والدعة.

42 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم ولا تعالجن تأديب من لا يتأدب فإن الحجر لا يجرب بالسيوف والعظم لا يعالج انحناؤه ولا تقويمه.

" 46 " قال الراعي الربعي وهو راعي الغنم يهجو إبراهيم بن الوليد ابن يزيد: تُعاملني بغير وَفاء وعد ... وقول بئس أفعال الصديق وتطلب بالرياء الفوز جهلاً ... لقد أوفيتَ من بلدٍ سحيق وتحوي وُدَّ غانيةٍ بعسفٍ ... ألا حاولت غير مدى الطريقِ " 47 " وقال في مثله أيضاً عُبيد الله بن قيس الرُّقيات يهجو الوليد بن عُقبة بن أبي مُعيط: أترجو أن تكونَ شريفَ قومٍ ... وتحوي المُلك والمَجدَ الرفيعا بمزمار وغانيةٍ وعودً ... وكأس لا تزالُ لها صريعا وتحرُبُ صاحباً وتمينٌ خلاً ... لقد حاولتَ من أمرٍ بديعا 42 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تلتمس تقويم ما لا يستقيم ولا تعالجنَّ تأديب من لا يتأدب فإن الحجر لا يجرب بالسيوف والعظم لا يعالج انحناؤه ولا تقويمه. " 48 " قال الأزلم الفقعسي: أراني فيه أتعبتُ نفسي ... أقوِّمُ مِنهُ ما لا يستقيمُ لقد أعيى على الماضين قبلي ... وكيف يُقوَّمُ الضَّلعُ القديمُ " 49 " وقال آخر في مثله: لا تَجهلنَّ كذي سيفٍ أراد به ... كَسرَ الصُّلودِ فآضَ السيفُ مفلولا 43 - قال صاحب الكتاب: ويقال رب متحمل أوقعه تمحله في ورطة ومن لم يتثبت في الحيل اوقعته حيلته في أشد مما يحتال له والحيلة اجزى من القوة. " 50 " قال ابن أُبير الفزاري في مثل تمحُّل الحيلة: تمحَّلتُ ما أرجوهُ نَفعاً فَنالني ... بداهيةٍ آلت بنا كُلَّ موئِلِ فكنتَ كمُحتالٍ أصابتهُ حيلةٌ ... له بالردى فارتثَّ في شرِّ منزلِ " 51 " وقال في مثله من الرأي شُرحبيل بن جبلة الكندي في عمرو بن العاص حين أشار على معاوية برفع المصاحف على الرماح عندما مرتهم الحرب: وحيلُ ذي الرَّأيِ الاصيل برأيهِ ... من الناسِ أنكى في العدوِّ وأوجَعُ 44 - قال صاحب الكتاب: ويقال عذوبة الأنهار ما لم تنته إلى البحار وصلاح أهل البيت ما لم يدخل بينهم مفسد وتقارب الإخوان ما لم يدخل بينهم السعاة. " 52 " قال كُثَيَر عزة: وَغَيَّرك الواشون لما جعَلْتهمْ ... شِعاراً بنثٍّ من مقال مُشَنَّعِ كما غير العذب الأجاج فعافهُ ... لتغييرهِ الورَّادُ في كُلِّ مشْرَعِ " 53 " وقال عامر بن عمرو الذُهلي في تفرق بكر وتغلب: وكانت علينا نعمةٌ وبقيةٌ ... ونحن بنو عمٍّ عظامُ المراتبِ فأفسدنا حتى نشتت شمْلُنا ... وأفقدنا النعماء أشأمُ صاحِبِ " 54 " وقال في مثله هُدبة بن خشرم العُذري عند قتله ابن عمه زيادة: وكنا وديدي ألفة وتقرب ... صفييْنِ لم نَحفِل مقالاً لقائلِ فغيرنا صرفٌ من الدهرِ عاثرٌ ... وساعٍ سعى ما بينَنَا بالغوائل 45 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يود رجل رجلاً ولا يبغضه إلا وجد له الآخر مثل ذلك علم أو لم يعلم. " 55 " قالت أعرابية: تَنَحَّلْتَ مِنْ ودِّنا باطِلاً ... لأنَّ فؤادي لك المُبغِضُ " 56 " وقال في مثله آخر ولكنه محدث: العَيْنُ تَعْرِفُ في عينيْ مُحدِّثِها ... إن كان من حِزبها أوْ مِنْ أعاديها 46 - قال صاحب الكتاب: ويقال السبب الذي يدرك به العاجز حاجته هو الذي يحول بين الحازم وبين طلبته. " 57 " قال زَبَّان بنُ سَيار الفزاري: بما نلت حظاً من نعيم وثروةٍ ... حرمت على حزمي وإنك واهن فصدقت بالمقدور تصديق مُوقن ... بما خط في المحفوظ إذ هو كائن 47 - قال صاحب الكتاب: يقال المودة بين الصالحين بطيء انقطاعها سريع اتصالها مثل ذلك مثل كوز الذهب البطيء الانكسار الهين الإصلاح. والمودة بين الاشرار بطيء اتصالها سريع انقطاعها مثل ذلك كوز الفخار تكسره ادنى علة ثم لا صلاح له أبداً. " 58 " قال أبو المغراء السُّلمي لسيار الليثي: أودُّك للرحمن لا ودَّ راغب ... وأحر بودٍّ في الإله يكون بأن لا يخاف الصالحون انقطاعه ... وأني وما أفضوا إليه يقين

48 - قال صاحب الكتاب: ويقال الكريم يود عن لقائه مرة واحدة ومعرفة يوم، واللئيم لا يصل أحدا إلا عن رغبة أو رهبة.

ومن كان في غير الإله إخاؤه ... تقطَّع مِنه الحبل وهو متين 48 - قال صاحب الكتاب: ويقال الكريم يود عن لقائه مرة واحدة ومعرفة يوم، واللئيم لا يصل أحداً إلا عن رغبة أو رهبة. " 59 " قال زياد بن عصام الكلبي: وداد الكريم عن لقاء وموقف ... أبرُّ وأزكى من إخاء لئيمِ وإن كان لا ينفك خدناً مُساعداً ... فما مثله لي بالوفاء زعيمُ 49 - قال صاحب الكتاب: ويقال أهل الدنيا يتعاطون فيما بينهم خلتين يتواصلون عليهما: ذات النفس وذات اليد. فالمتعاطون ذات النفس هم الأصفياء المتخالطون وأما المتعاطون ذات اليد فهم المتعاونون المتعاضدون الذين يلتمس بعضهم الانتفاع ببعض. " 60 " قال سَمُرةُ بن معقل الأشعري: تلاءم شملنا عن ذات نفس ... وصحة نية وصفاء ودِّ ولم نكُ كالذين لغير وُدٍّ ... تعاطوا ذات أيديهم بحمد يُعاضد بعضهم بعضاً رجاءً ... لنفعٍ حين يعضُدُ لا لعهد 50 - قال صاحب الكتاب: ويقال من كان إنما يصنع المعروف التماس الجزاء فإنما مثله مثل الصياد يبذل من إلقائه الحب للطير لا يريد به نفعها ولكنه يريد بذلك نفع نفسه. " 61 " وقال حرملة العوفي: إذا كنت مني تبتغي لا محالة جزاء الذي أوليتني يا مجالد فأنت وعلافُ الخروف لذبحه ... من السُّمْسُمِ المقشورِ بالإربِ واحد 51ذ - قال صاحب الكتاب: ويقال عن علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقاً ولعدو صديقه عدواً. " 62 " قال: أُواصل من وصلت من الأنام ... وأرمي بالعداوة من تُرامي وأحفظ من صديقكَ مثل حفظي ... إخاءكَ في المسير وفي المقام " 63 " وقال غيره: إذا والى صديقك من تُعادي فقد عاداك وانقطع الكلامُ 52 - قال صاحب الكتاب: ويقال الخرس خير من البيان بالكذب والعي خير من الهذر والفاقة خير من السعة من أموال الناس والحرص والشره يؤديان أصحابهما إلى البلاء. " 64 " قال رفاعة الفقعسي: لعيُّك أحجى من مقالك هاذراً ... خَناءً وزوراً فاتعظ سبَّ مُسلِمِ وللفاقة السوءَاءُ خيرٌ من الغنى ... بمال العباد عن حرام مُحرَّمِ " 65 " وقال الباهلي النصر بن المخيس النصري: أتغضي على حرص وتشره مُعلناً رويدَكَ فانظر ما إليه تؤوب 53 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا حسب مثل الخلق ولا غنى مثل القنوع وأحق ما صبر عليه ما ليس إلى غيره سبيل. " 66 " قال امرؤ القيس بن حُجر: ذريني إنما حسبي فعالي ... وحُسْنُ تجملي في كلِّ حالِ وصبري للذي لا بُدَّ مِنهُ ... إذا كاعَ الصبورُ من الرجال وإني ذو الغنى بقنوعِ نفسٍ ... تعاف الضيمَ في ذُلِّ السؤالِ 54 - قال صاحب الكتاب: ويقال يختبر ذو البأس عند اللقاء وذو الأمانة عند الأخذ والإعطاء والإخوان عند النوائب والأهل والولد عند الفاقة. " 67 " قال أعشى بني جعدة لعبادة الخفاجي: بَلَوْنَكَ والمذكور أنت فلم نجد ... لبأسك لما أن بَلَوناكَ مِصدَقا " 68 " وقال عروة العبسي يعتب على بعض بني زياد: وكنتُ أخي والدهرُ مُرخٍ سُدولهُ عليَّ فلما نابني بالمغائظ تبرأت مني واستترت بعلة ... وما هكذا أهل الوفا والحفَائِظِ " 69 " وقال حوط بن الأثعل الطائي: وكنتَ أميناً عندنا حين لم تكن ... تعاملُ بالإعطاء والأخذ يا عمرو فكشف منك الأخذ أخوَنَ خائنٍ ... وأغدر من أمسى يُقال به غَدْرُ " 70 " وقال أوس اليشكري في بنيه، ويذم بني أخيه طفيل: بلوتكم لدى عُسري ويُسري ... مبنّاً كُنتُ أو غير المُبِنِّ فكنتم حيث آمل أن تكونوا ... مُساعدة على الزمنِ المُعَنِّي ولاقى عند فاقته طُفيلاً ... بنوه بالتكذُّب والتظنِّي 55 - قال صاحب الكتاب: ويقال قلما ظفر أحد ببغي وقلما حرص على النساء فلم يفتضح وقلما أكثر الطعام فلم يتخم وقلما ابتلي بوزراء السوء فلم يهلك. " 71 " قال عمرو بن مالك الفزاري في البغي في حرب داحس: بغينا فلم نظفر وكنا عصابةً ... لنا قوةٌ من ثروةٍ ورجال

57 - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا لم يستطع الرجل نيل عظيم الا باحتمال صغير كان حقيقا باحتماله.

" 72 " وقال ركَّاض الدُّبيري في الحرص على النساء: الحُبُّ حرصٌ بالفتى جامحُ ... وهو لمن لز بِهِ فاضح " 73 " وقال النابغة في وزراء السوء في النعمان عندما فعل به كسرى ما فعل: أحاط بهِ من لا يشيرُ بصالحٍ ... فأردوهُ مُغتراً بغير سلاح " 74 " وقال عباد المُرادي في هزان الطائي وكان أكولاً: نهامتُهُ أودتْ بهٍ غير مِريةٍ ... وفي النهمِ المذموم سُمُّ ذُعافِ 56 - وقال صاحب الكتاب: ويقال إذا طلب اثنان حظاً ظفر به أفضلهما مروءة فان استويا في المروءة فأكثرهما أعواناً فان استويا في الأعوان فاسعدهما جدّاً. " 57 " قال كنانة القُرشيُّ: طلبتُ وعمرو خُطَّةً فأصابها ... لأنَّ له فضلَ المروءة والقدرِ وأن له الأعوانَ فازداد قوةً ... وجدا سعيداً لا يقصرُ عن يسرِ 57 - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا لم يستطع الرجل نيل عظيم الا باحتمال صغير كان حقيقاً باحتماله. " 76 " قال سعد بن غزوان ليزيد بن خالد القسري وكان أبوه المقتول مع خالد وكان ليزيد غلام رومي من أخس غلمانه وأقلهم عنده يقال له عارم: إذا كُنتُ لا أحظى لديكَ بزلفة ... ولا قُربة إلا بخدمة عارم فعارمُ مَولاكَ الذي أنا عبدُهُ ... مدى الدَّهرِ ما لاحت نُجُومُ النعاثِم 58 - قال صاحب الكتاب: ويقال ذو العقل يقل الكلام ويبالغ في الفعل ويعترف بالزلة ويتأتى في الأمور قبل الإقدام عليها ويستقيل هفوة غفلته بعقله كالذي يعثر بالأرض وعليها ينهض ويستمر. " 77 " قال أعرابي من ثقيف قدم على يوسف بن عمر فتجرم عليه يوسف: وأقررتُ بالذنبِ الذي قد نحلتُهُ ... وراجعت بالفعل الذي هُو أصوبُ وأقللتُ لا إني غبيٌّ ومُفحمٌ ... وبالغتُ فعلاً كُلُّ ذلك أعتبُ " 78 " وقال جُنْدُبُ بن زُهير يوم قتل قيسُ بن زُهَير المربعي: هفا هفوةً ثم استقلَّ بعقلهِ ... وذو العقل لا تخفى عَليهِ المخارجُ 59 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يبلغ البلاء من ذي الرأي مجهود عقله ولا الرجاء مبلغاً يبطره ويسكره ويعمي عليه أمره. " 79 " وقال جُوين الطائي ليزيد بن المُهلب لما ولاه سُليمان ما كان يليه الحجاج: رأيتُكَ لم تَبطر لنُعمى أفدتها ... وذو الرأي محفوفٌ بما هو زائنُ ولا بالغاً إن حل خطبٌ بمعضلٍ ... مبالغ ما يُعييكَ حين تُباين " 80 " وقال مالكُ بن فراس التميمي لعبد الرحمن بن الأشعث: وأسكرتَ بالنُّعمى فأصبحت أكمهاً ... عن الأمر تأتيه ولست بأكمهِ 60 - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس أحد أبعد من الخير من اثنين منزلتهما واحدة وصفتهما مختلفة. من لا يثق بأحد والآخر من لا يثق به أحد. " 81 " قال أعرابي: فليسَ بموثوقٍ به في ململةٍ ... ولا واثقٍ من صاحبٍ بوفاءِ 61 - قال صاحب الكتاب: ويقال الكريم لا يكون إلا شكوراً غير حقود تنسيه الخلة من الإحسان الكثير من الإساءة. " 82 " قال شيظمُ النُميْريّ يشكُر الحجاج: وجدتك توليني وتشكر مُفضلاً ... لأنك أولى بالتكرُّمِ والفضلِ وتنسى إساءاتي بخدمة ساعةٍ ... فهل لك يا ابن الصيد في الناس من مِثْلِ فلو كُنت ذا حقدٍ لطارت بمهجتي ... عُقابُ الردى في الجوِّ عن أخمصِ الرِّجل 62 - قال صاحب الكتاب: ويقال اعجل العقوبات عقوبة الغدر واليمين الكاذبة ومن إذا تضرع إليه وسئل العفو لم يفعل. " 83 " قال مزرد بن ضرار في الحارث بن ظالم حين سأل اخته ان تريه ابن النعمان وحلف لها ألا يغدر به: يمينٌ غموسٌ ثم غدرٌ بذمةٍ ... فكيف رأى فعل العزيز المُعاقب ألم يلف حيراناً يحاول مهرباً ... وأني ومن يقفوه أكبر طالبِ " 84 " وقال بعض الفزاريين في حذيفة بن بدرٍ حين سأله أن يصفح لقيس بن زُهير عن السبق فأبى ذلك عليهم فقتله قيس يوم الهباءَة: سألتُكَ أن تغفو وجئتُكَ ضارعاً ... فَلَم يُغنِ تسالي وطول التَّضرُّعِ فكيف رأيت الله كيف أداله ... بِرُغمك حتى إضتَ في شرِّ مصرَعِ

63 - قال صاحب الكتاب: ويقال الغادر مأخوذ بغدره وإن قصرت عنه عقوبة العاجل لم تقصر عنه عقوبة الآجل حتى إن العقوبة قد تدرك الأعقاب وأعقاب الأعقاب.

63 - قال صاحب الكتاب: ويقال الغادر مأخوذ بغدره وإن قصرت عنه عقوبة العاجل لم تقصر عنه عقوبة الآجل حتى إن العقوبة قد تدرك الأعقاب وأعقاب الأعقاب. " 85 " قال أبن درماء العبدي بن غطفان وكان حصن ومحصن وافياً سيابة بن سيابة متخلفاً عن ركب كان فيهم فقتلاه وأخذا منه ما كان معه فأثريا به وأورثاه عقبهما حصن بن عامر بن محصن وكان ذا ندام وإخوان فقعد به الدهر حتى ضرب به المثل: أتعجبُ مِما قد رماك به الدهر ... وأنك بعد اليُسر عادَ بِكَ العُسرُ ألم تُنبَ عن جدَّيك والغدر منهما ... بسيابة في حين خلَّفهُ السَّفرُ فنالا به حظاً وأدركت بالذي ... أصاباه من غدرٍ ألا قُبحَ الغدرُ 64 - قال صاحب الكتاب: ويقال من كان ذا عقل كان على إماتة حقده أحرص منه على تربيته. " 86 " قال الزر بن نصر الأزدي: لعمرُكَ ما الزاكي المُثمِّر حِقدهُ ... ولكن مميت الحقد أزكى وأربحُ 65 - قال صاحب الكتاب: ويقال الأقدار وإن كانت مقدورة فليست تمنع الحازم من توقي المخوف والاحتراس مما يحترس منه. ولكنه يجتمع تصديقاً بالمقدور وأخذاً من قبل ذلك بالحزم. " 87 " قال نهشل بن خويلد العبدي: ولم أجعل المقدور للعجزِ علَّةً ... ولا أنني كذبت جبر المقادير ولكن بحذر حازمٍ كنتُ حارساً ... خليل الذي يخشى اغتيال المغادر فلا تُعط للمقدور بالكف ضلَّةً ... وكن حذراً فالحذرُ فوزُ المُحاذِرِ 66 - قال صاحب الكتاب: ويقال الفاقة بلاء والسقم بلاء والغربة بلاء ورأس البلاء الهرم. " 88 " قال بعض المعمرين: لا تعذُلاني فمثلي اليوم لم يُلمِ ... بُليتُ مُغترباً بالسُّقمِ والعَدَمِ هذا البلاءُ وأبلى منه نائبةٌ ... رَمَت صفاتي على الأيام بالهرمِ 67 - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس أحد أعلم بما في نفس المُوجع الحران ممن ذاق مثل ما به. " 89 " قال المُؤمِّل بن أميل المُحاربي: وصفْتُ الذي بي للطبيب من الهوى ... فما كان من جهلٍ بما قُلتُ يفهمُ وما وصف الأوجاع قبلي مُتيمٌ ... فيعرف ذاك الوصف إلا مُتيمُ كما أن هذا موجعُ القلبِ مُغرمٌ ... كذلك هذا مُوجعُ القلبِ مُغْرَمُ 68 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا خير فيمن لا يستطيع كتمان ما في نفسه وإماتته حتى لا يذكر منه شيئاً بل لا يكون له في نفسه موقع. " 90 " قال حاتم الطائي: سأطوي حديثَ النفسِ حتى أُميتَهُ ... وأستُره لو أستطيعُ عن القلبِ 69 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل لا يخيف أحداً ما استطاع ولا يقيم على خوف وهو يجد مذهبا. " 91 " قال أعشى بني قيس بن ثعلبة: تُقيمُ على خوفٍ وإنك قادرٌ ... على هربٍ منهُ لأنك جاهلُ وتأمن يوماً فالوريدُ وغيرهُ ... يخافان منك الغدر فيما تُحاولُ ألا ثكلتك الأمُّ بل هي إذ ثوت ... تراك سليماً يا ابن عفان ثاكلُ 70 - قال صاحب الكتاب: ويقال خلال من لزمهن بلغنه ما يريد وقربن له البعيد وآنسنه في الوحشة وعرفنه في الغربة وليَّنَّ له المعيشة وأكثرن له الإخوان: كف الأذى وحسن السيرة وسعة الخلق وحسن الأدب والاقتصاد في العمل ومجانبة الريب. " 92 " قال مرداد بن عائل الإيادي أحد المعمرين: إذا أنت عاشرت الملا يا ابن سلهب ... معاشرة الأبرار لم تَعْدَمِ الفضْلا ونِلت الذي حاولت من كلِّ خطَّةٍ ... ولين معاشٍ لا تخافُ لهُ هُزلا وقرِّبت عن بعدٍ وأونست مُوحشاً ... وزادك في الأخيار تغنى به نُبلا وذاك تُقى الرحمن فالبس ثيابها ... وكُن لذوي الحاجات في حاجهم سهلا وكُفَّ الأذى عن ذي الجوار وغيره ... وقصدك في الأعمالِ واجتنبِ البُخلا ولا تصحبنْ ذا ريبةٍ في محجةٍ وجانب أخا الفحشاء واستصحب العدلا 71 - قال صاحب الكتاب: ويقال شر الأمور التي لا تتفق وشر الأزواج التي لا تواني وشر الولد العاصي وشر الإخوان الخاذل وشر الملوك الذي يخافه البريء وشر البلاد بلد لا أمن فيه.

72 - قال صاحب الكتاب: ويقال ربما اتعظ الجاهل واعتبر بما يصيبه من المكروه من مثله فيرتدع أن يصيب أحدا بمثل ذلك.

" 93 " قال الشماخ بن ضرار الذبياني في الأمور التي لا تتفق: ألا إنما الدَّاءُ العياءُ مَرامُنا ... أموراً تُواني غيرنا وهو أخرق وتزداد شراً أنْ نروم صغيرها ... فكيفَ عظيمُ الأمر منها يُفقُ " 94 " وقال آخر في الولد العاصي: وجدتُك شرَّ أولادي وأعصى ... وأبعدهم من الحَسَنِ الجميلِ " 95 " وقال آخر في المرأة التي لا تواتي: عجوزاً لا تواتيني إباءً ... وأنى بالخلاص من العجوز وأصل المُهر جاريةٌ وعبدٌ ... وألفٌ من سوائمنا الجُزُوزِ وما أصبحتُ أملك صوفَ شاةٍ ... فيا شراً يطولُ به ركوزي " 96 " وقال ابن شكل في عمرو بن هند في مثل الملك الذي يخافه البريء: يخافُك ذو البراءة حين يُمسي ويُضحي مِنك ذا وجلٍ شديدِ " 97 " وقال في مثل الأخ الخاذل سلامة بن جَندل التميمي: وشرُّ الأخلاءِ الخذولُ وخيرهم ... نَصيرك في الدهياء حين تنوبُ " 98 " وقال في البلاد التي لا امن فيها: رأيتُك ذا شرٍّ وفي الشرِّ مُنقعاً إذا كُنت في أرضٍ بها الشرُّ شاملُ 72 - قال صاحب الكتاب: ويقال ربما اتعظ الجاهل واعتبر بما يصيبه من المكروه من مثله فيرتدع أن يصيب أحداً بمثل ذلك. " 99 " قال العرزمي: يدفعُ الشرَّ بشرٍّ مِثلهِ ... وأخو الجهل بجهلٍ يعتبر 73 - قال صاحب الكتاب: ويقال اصبر من غيرك على ما مثل ما صبر عليه غيرك منك، فانه يقال كما تدين تدان. " 100 " قال أعشى همدان: صَبرتُ عليك لما اقتستُ أمري ... بحسنِ الصبر حين جهلتَ أمري " 101 " وقال الأعور الشنِّي: لقد قيل في الأمثال إصبر لحرها ... بما دِنْتَ، فاعلَمْ، حيْثُ كُنت تُدانُ 74 - قال صاحب الكتاب: ويقال من عمل بغير العدل والحق، انتُقم منه وأُديل عليه. " 102 " قال ضمرةُ بن ضمرة بن قَطن بن نهشل في النعمان بن المنذر عندما فعل به كسرى ما فعل: تَعدَّى ولم يعمل من الحقِّ بالذي به أمر الحُكامُ جهلاً وأفسدا فدالت عليه بانتقام وخزيةٍ ... دوائل أيامٍ فَغُودِرَ مقصدا وأصبح مرجوماً وبالأمسِ قبْلَهُ ... يُشيرُ إليه الناظرون مُحسدا 75 - قال صاحب الكتاب: ويقال صحبة الأخيار تورث الخير وصجبة الاشرار تورث الشر ومثل ذلك مثل الريح التي إذا مرت بالنتن حملت نتناً ولإذا مرت بالطيب حملت طيباً. " 103 " قال برد بن أسيد لما ولى سليمان بن عبد الملك يزيد بن المهلب العراق فأحسن السيرة العامة: لئن أورثَ الخيرات من هو أهلها ... لقد أورث الأشرار صاحبهم شرَّا " 104 " وقال في مثل الريح وما تحمل من الرائحة رجل من بني عبد القيس وأتى قَطَرياً برسالة المهلب فتجهمه وأراد قتله: فهبني الريح أدت ما أقلت ... أنتنا كان أو طيباً ذكيا 76 - قال صاحب الكتاب: ويقال أشياء لا ثبات لها ولا بقاء: خلة الأشرار وظل الغمام ومودة النساء والثناء الكاذب والتخلق. " 105 " قال غيلان بن سلمة الثقفي في التخلُّق: عَليك بالقَصد فيما أنت قائلُهُ إن التَّخلُّقَ يأتي دونه الخُلُقُ " 106 " وقال آخر في مواصلة الأشرار: مُواصلة الأشرار تعفو كما عفا ظلالُ غَمامٍ حركتهُ حَنُوبُ " 107 " وقال اسعد بن راشد في مودَّة النساء: متى دامَ وُدُّ الغانيات لصاحبٍ ... فتطمعَ في الذَّلفاءِ أن تحفظَ العهدا " 108 " وقال في آخر في الثناء الكاذب: متى يبقى المين جهلاً ... بظنك أن يكون له البقاء 77 - قال صاحب الكتاب: ويقال تذكر الأحزان كالجرح المندمل تصيبه الضربة فيجتمع على صاحبه ألمان: ألم الضربة وألم انتقاض الجرح. " 109 " قال أبو كبير وقيل إنه لهشام أخي ذي الرمة: فلم تُنسي أوفى المُصيباتُ بعدهِ ... ولكن نكءَ القرحِ بالقرحِ أوجعُ " 110 " وقال حذافة الجنابي من كلب وكان غازياً بخراسان مع قتيبة ابن مسلم وقدم عليه من أهله رجل بالشام وقد أصيب قبل ذلك بابنه فنعى إلى حذافة كباراً من أهله: وذكَّرني أحزان ما قد سلوته ... مُصاب قريبٍ ذي هوىً وحميمِ فَهَاضَ فُؤاداً قد تَماثلَ كلمهُ ... بفجعينِ من مُستحدثٍ وقديمِ

78 - قال صاحب الكتاب: ويقال من تكلف من الأعمال ما ليس من عمله أوشك أن يضيع عمله.

فأضعفَ أحزاني وأسبل غيرتي ... وآب حميداً وهو غيرُ ذميمِ 78 - قال صاحب الكتاب: ويقال من تكلَّف من الأعمال ما ليس من عمله أوشك أن يضيع عمله. " 111 " قال الأخطل في عرادة رواية جرير: تكلَّفَ حَوْكَ الشَّعر إذ كان حافظاً ... فضيع ما يروي ولم يحكم الشعرا 79 - قال صاحب الكتاب: ويقال الحر الكريم تنسيه الخلة الواحدة من الإحسان ألف خلة من الإساءة. " 112 " قال بشر بن أبي خازم لأوس بن حارثة: صَفَحت ليومٍ واحدٍ فيكَ قُمتُهُ ... عن الدَّهر منِّي كان ديناً تجرما فكنتَ وأهلاً للجميل ولم تزل ... من الحاقد المُقتصِّ أوفى وأكرما 80 - قال صاحب الكتاب: ويقال اللئيم يكفر ألف حسنة بسيئة واحدة تؤتى إليه. " 113 " قال حماد عجرد في بشار بن برد لما هجا عقبة بن سلم: كفرت كثيراً لليسير مُنعتَهُ ... ومثلُكَ لؤماً للصنائعِ كافرُ 81 - قال صاحب الكتاب: ويقال صاحب الدنيا يطلب ثلاثة أمور لن يدركها إلا بأربعة أشياء. أما الثلاثة فالسعة في المعيشة والمنزلة في التاس والزاد للآخرة. وأما الأربعة فاكتساب المال من أحسن وجوهه وحسن القيام على ما اكتسب منه التثمير له ثم انفاقه في ما يصلح المعيشة ويرضي ذوي الحق ويعود في الآخرة في نفعه. لأن من لم يكتسب لم يكن له مال ومن كان ذا مال واكتساب فلم يحسن القيام على ما اكتسب أوشك أن يفني وإن هو أنفق وقتّر لم تمنعه قلة الانفاق من سرعة النفاد، كالكحل الذي لا يؤخذ منه إلا مثل الغبار، ثم هو مع ذلك سريع النفاد. وإن هو أكتسب وثمر وأصلح وأمسك عن الانفاق كان ممن يعد فقيراً. " 114 " قال امية بن أبي الصلت في مثل الثلاثة الاشياء التي يطلب بها الأربعة من الأمور: خصال إذا لم يحوها المرء لم ينل ... منالا من الدنيا ينال به حمدا يكون له عز وجاه وثروة ... وحسن فعال حيث أحضر أو أبدى وتقوى فإن الفوز يدرك بالتقي ... ويورث في الدارين صاحبه مجدا " 115 " وقال أمية أيضاً في مثل الأربعة من الأمور التي بها تدرك الأشياء الثلاثة: إذا اكتسبت المال الفتى من وجوهه ... وأحسن تدبيراً له حين يجمع وميّز في انفاقه بين مصلح ... معيشته فيما يضر وينفع وأرضى بها أهل الحقوق زلم يضع ... به الذخر زاداً للتي هي أنفع فذاك الفتى لا جامع الوفر ذاخرا ... لأولاد سوء حيث حلّوا وأوضعوا " 116 " وقال سابق البربري في الانفاق والامساك: إذا كنت ذا مال بأحسن مكسب ... ولم تحكم التدبير في حين تنفق فيوشك أن يفنى وترجع كاسبا ... لأمثاله والمسرف المتخرق. وإن كنت قترت الذي قد جمعته ... وأصلحت في انفاقه حين تطرق عددت فقيراً واكتسبت مذمة ... ونالك بالشتم القريب المصدق فكن جامعاً للخير تحظ وللذي ... هو الكنز لا كنز التي هي توبق " 117 " وما أحسن ما قال المتلمس الضبعي وهو يقارب بعض المعنى وزاد فيه بتسميته التبذير فساداً: وأعلم علم حق غير ظن ... وتقوى الله من خير العتاد لحفظ المال أيسر من بغاه ... وضرب في البلاد بغير زاد وإصلاح القليل يزيد فيه ... ولا يبقى الكثير مع الفساد

82 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل لايرحم من يخاف والحازم ربما أبعد الرجل الذي ثم أدناه لما يعلم عنده من الغناء والإجزاء فعل المتكاره على الدواء البشع الكريه رجاء منفعته.

ولولا ما قدمنا من شرطنا أن لا نضاهي أمثال هذا الكتاب إلا بالشعر تنزيها لكتاب الله عز وجل، لكان ذكر ما أدبنا الله تعالى ذكره به في كتابه، أجمع معنى وأخصر لفظاً وأوجز قولاً وأحضر فائدة وهو قوله تعالى: " " والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " " " الفرقان 67 ". وقوله تعالى: " " ولاتجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا " " " الاسراء 29 ". وكان ذكر أمثال هذا مما يجري في فصول الكتاب مما ينتفع به كثير من الناس. ولكنا صنا كتاب الله العزيز عن ذلك. وقد ذكرنا كثيراً من هذا الباب مما يجري مجرى المثل ويستعان به في الرسائل والكتب والمخاطبات والخطب وغير ذلك في كتابنا المسمى " " التنبيه على بلاغات القرآن " ". واكتفينا بذلك عن ذكره في هذا المكان ونعود إلى ذكر قول صاحب الكتاب: 82 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل لايرحم من يخاف والحازم ربما أبعد الرجل الذي ثم أدناه لما يعلم عنده من الغناء والإجزاء فعل المتكاره على الدواء البشع الكريه رجاء منفعته. وربما أحب الرجل الرجل وعزّ عليه ثم يقصيه وينحيه ويهلكه مخافة ضرره؛ فعل الذي تلدغه الحية في بعض أطرافه فيقطع ذلك الطرف مخافة انسراب السم في جسده. " 118 " قال أبن هبيرة الفزاري لعوف بن علقمة الفزاري وكان في صحبته فرأى منه جفوة فأحدث احداثاً مما أراد بها غيظ عمر بن هبيرة فأتى به فأمر بتكبيله فجعل يذكره بالرحم. أخفت السبيل ثم تطلب رأفتي ... متى خلتني يا ثكل أمك معزبا وعرضك البغضاء بعد محية ... فأقتصيت عن عمد وكنت المقربا فدونك ذق حرّ الذي قد جنيته ... فإنك ذو بعد وإن كنت أقربا فإني لك المجتاح كفاً بمثلها ... مخافة ذاك السوء أن يتشعبا " 119 " وقال غيره في هذا المعنى أيضاً: ألمْ تَرِ أنَّ المرء تدوى يمينهُ ... فيقطعُها عمداً ليسلمَ سائرهُ فماذا تراه صانعاً بعد كفهِ ... بما ليس منهُ حين تُبلى سرائره 83 - قال صاحب الكتاب: يقال لا ينبغي للعاقل أن يغفل عن علم ما في نفس أهله وولده وإخوانه وأصدقائه في كل لحظة وحركة وكلمة وفي القيام والقعود وفي كل حالة، فإن هذه كلها شواهد لا يخفى معها ما تجنّ له القلوب. " 120 " قال زهير بن أبي سلمى: فلا تُكير على ذي الضغنِ عتباً ... ولا ذكر التجرُّمِ للذنوبِ ولا تسأله عما سوف يبدو ... ولا عن غيبهِ لك في المغيب متى تكُ في عدو أو صديق ... تخبرك العُيون عن القُلوبِ " 121 " ومثل هذا البيت البيت المشهور: والعين تعرف في عينيْ مُحدثها ... إن كان من حزبها أو من أعاديها 84 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يمنعنّ ذا العقل عداوة عدوه من مقاربته وإيناسه إذا طمع منه في دفع مخوف أو في جر مرغوب. " 122 " قال عبيد الله بن الحر في يعمر بن خالد الحارثي: وآنستُهُ والغمرُ في لحظاته ... مُبينٌ وما عندي لهُ مِنه أكثر لأجترَّ نفعاً أو أُحاول مدفعاً ... لخوفٍ مُلمٍّ منه بالغمرِ يظهرُ فأدركت ما دبرتُ منه ولم يكن ... ليختلني في مثلها الدَّهرَ يعمرُ 85 - قال صاحب الكتاب: ويقال كثير من المودة ربما تحولت بغضاء وكثير من البغضاء ربما تحول مودة عن حوادث العلل والامور، وذو الرأي يحدث لما يحدث من ذلك رأياً. فمنه ترك الطمع في ما عند العدو واليأس مما عند الصديق. " 123 " قال أمية بن أبي الصلت الثقفي " أفرطت في الحُب حتَّى عاد مبغضة ... وربما عاد حُباً بُغضك الرجُلا والجزل يحدث للأشياء مُحدثها ... من ذلك الدهرُ إن ريثاً وإن عجلا تركا لمطمع ما عند العدوِّ إلى ... يأس بما عند ذي ود وإن بذلا 86 - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس كل من أسأت إليه ينبغي ان تتخوف غشه وعدوانه وتيأس من نصيحته ومودته، ولكن ينبغي ان تنزل الناس في ذلك منازلهم على اختلاف طبقاتهم فإن منهم من إذا ظفرت بقطيعته فالرأي ان تغتنم ذلك وتمتنع من معاودته ومنهم من لا ينبغي تركه على حال من الأحوال.

87 - قال صاحب الكتاب: ويقال خصال العاقل حقيق بالنظر فيهن والاحتيال لهن.

" 124 " قال في مثله ابنُ غُدانة وكان زائراً لعُقبة بن سلم الهنائي وهو عامل على البحرين فاستخف ببعض شأنه وحجبه كالمعاتب ثن أذن له بعد ذلك وأدناه على أنه كالمستوحش مما فعل به: أسأتَ إليَّ جُهدَكَ يا ابن سلم ... فلم اقطعك للود القديم ولا يؤيسك مني أن رمتني ... إساءاتٌ لفعلك بالعظيم ونزلني وغيري لاختلاف ... من الحالات منزلة العليم بحيث أكون إن وصلا فوصلٌ ... وإن قطعا فغير فتى مُليم وما مثلي ولستُ إذا كغيري ... حقيقٌ للقطيعة بالرجوم فلا تقطع على حال صفياً ... عجلت عليه بالفعل الذميم وغيري أوله قطعاً مُبتا ... من اللؤماء بالبطشِ الأليمِ ولا ترجع إليه فإن جهلاً ... تذمُ به مُعاودة اللئيم 87 - قال صاحب الكتاب: ويقال خصال العاقل حقيق بالنظر فيهن والاحتيال لهن. منهن: النظر فيما مضى من الضر الذي أصابه سالفاً لئلا يعود إليه، والتماس ما مضى من النافع فيحتال لمعاودته والنظر فيما هو مقيم فيه من المنافع والمضار والاستكثار مما ينفع ويحسن موقعه والهرب مما يضر والنظر في مايتوقع منه ضرراً أو نفعاً واستقبال ذلك بحسن التأتي. " 125 " قال ابن أصرم: تعقب ما قد فات منك مع الذي ... أصابكَ بالضراء في سالف العُمر وإياك أن ترجع إليه وطالباً منافع ما قد كُنت تعرفُ في الدهرِ فعاودهُ حيث اسطعت ذاك ولا تضع ... تعاهد ما خيمت فيه من الأمر من النفع والضراء تخشى نزولها ... بكل حِذارٍ فالسلامة في الحذر وكن هارباً مما تخوف ضُره ... وذا نظر في النفع تبكرُ أو تسري تأن لكُل بالعزيمة واَستعن ... بصبرٍ فإن الفوز يبلغ بالصبرِ 81 - قال صاحب الكتاب: ويقال الزم ذا العقل واسترسل إليه وإياك وفراقه ولا عليك أن تصحب العاقل وإن كان غير محمود الكرم. ولكن احترس من سيئ أخلاقه وانتفع بعقله. ولا تدع المواصلة للكريم فإن لم تحمد عقله فإنك تنتفع بكرمه وتنفعه بعقلك. وفر الفرار كله من الأحمق اللئيم. " 126 " قال العرزمي: آخي الفتى ذا العقل والكرم الذي ... تُزاد به في حيث تذكره نبلا وإن كان ذا عقل ذميم خلائق ... فجانبه للأخلاق لا رأيه الجزلا " 127 " وقال في مثل العديم العقل علي بن الخليل: إذا كنت ذا عقلٍ وآخيت سيداً كريماً عيّياً ليس يُحمَ عقلُهُ فدار الفتى عند التفاوض بالتي ... تُزينهُ ما قال أو جَدَّ فِعلهُ ونل منهُ نفعاً حين يُوليك نفعهُ ... وحُطهُ بتسديدٍ إذا عنَّ جهلُهُ وجانب أخا النوك اللئيم مُفارقاً ... فكل يُصافيه من الناس مِثله 89 - قال صاحب الكتاب: ويقال افضل البر الرحمة وأفضل المودة الاسترسال وأفضل العقل ما يكون مما لا يكون وأفضل السرور طيب النفس وأفضل القنوع حسن الانصراف عما لا سبيل إليه. " 128 " قال أمية بن أبي الصلن: وأفضل برٍّ انت راجٍ ثوابه ... مبرة ذي قربى برأفة آيب وخير سُرورٍ طيب نفسٍ وإن ثَوت ... قليلة وفرٍ في نُفوسٍ جنائبِ كفى فضل عقل المرء معرفةُ الذي ... يكونُ وما لا يستتبُّ لراغبِ وفضلُ قنوعِ المرءِ حُسنُ انصرافه ... عنِ الشيء لا سُبلٌ إليه لطالبِ 90 - قال صاحب الكتاب: لا ينبغي للملتمس العاقل ان يلتمس من الدنيا فوق الكفاف الذي يدفع به الأذى والحاجة عن نفسه وذلك يسير انما هو المطعم والمشرب إذا أعين بسعة بلد وسخاء نفس. " 129 " قال أرطاة بن سهية المُري: أطلُب كفافاً فما في الأرض من أحدٍ ... نال الكفاف على تقوى وإرشاد من ملبس وشرابٍ بعد مطعمه ... في حيثُ خيم في غور وإنجاد إلا حوى الفوز في الدنياوآجلها ... إذا أُعين بنفسٍ شُحُّها رادي لا تتعبن فإن الرزق عن قدر ... يأتيك طالبُهُ عن غيرِ ميعاد " 130 " ويتعلق هذا المعنى بقول امرئ القيس بن حجر:

91 - قال صاحب الكتاب: ويقال لو ان رجلا وهبت له الدنيا وما فيها لم ينتفع إلا بالذي يدفع الحاجة عن نفسه.

ألا إلا تكن إبلٌ فمعزى ... كأنَّ قرون جلتها عيُّ فتملأُ بيتنا أقطاً وسمنا ... وحسبُك من غنىً شبعٌ وريُّ " 131 " فهذا في باب القناعة، وقول الحطيئة: دَعِ المكارمَ لا ترحل لبُغيتها ... واقعد فإنك انتَ الطاعمُ الكاسي يجري في باب صغر الهمة وليس من قول امرئ القيس لأن ذلك لم تقعد به همته عن الطلب. 91 - قال صاحب الكتاب: ويقال لو ان رجلاً وهبت له الدنيا وما فيها لم ينتفع إلا بالذي يدفع الحاجة عن نفسه. فأما ما سوى ذلك ففي مواضع لا ينالها. " 132 " قال خشرم العاملي: وهَبكَ ملكتَ الشرقَ والغربَ قادراً ... ألم يكُ ما يُجدي عليك قليلُ فهذاك ما تُحيِي به المُهجة التي ... بأيسره تغنى وذاك يزولُ مضى قدرٌ بالرزقِ قبلكَ سالفٌ ... فليس مع الأقدار فيه حويلُ 92 - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجل ذو المروءة قد يكرم على غيرغنى كالأسد الذي يُهاب وإن كان رابضاً. والغني الذي لا مروءة لهُ يُهان وإن كثر ماله كالكلب الذي يهون على الناس وإن طُوق وخُلخل. " 133 " قال مطيع بن اياس:؟ ان المروءة لبسٌ لا يُشانُ به في غابر لابسٌ أو سالفٍ خالي وذو المروءة أبهى حين تلحظهُ ... وإن تراءى على عُسرٍ وإقلالِ من تائهٍ عطلٍ منها وإن ملكت ... كفاه ملكاً وإن أمسى أخا مالٍ كالقرد هان فأمسى وهو مهزأةٌ ... يختال في المشيِ في طوقٍ وخلخالِ 93 - قال صاحب الكتاب: ويقال المال زيادة في القوة والرأي وليس الإخوان والأهل والأعوان إلا مع المال. ولا تظهر المروءة إلا بالمال لأن من لا مال له إذا أراد ان يتناول أمراً قعد به العدم عما أراد، فيبقى مقصراً عنه كالماء الذي يبقى في بطون الأودية من المطر لا يكون له موادّ من نهر ولا بحر فتنشفه الأرض. " 134 " قال أبو نُخَيلة السَّعديّ: أرى المال عوناً مُبلغاً كُل غايةٍ ... وملبس عِز حيثُ خيمَ صاحبُهْ يزيد القوي البطش في الناس قوة ... وذا البأس بأساً حين تُبلى ضرائبُه وما الأهل والإخوان إلا مع الغني ... وما الرأي والتدبير إلا مذاهبُه وبالمال ما تبدو المروءة للفتى ... وتظهر حتى تستبين مناقبُه وإن أخا العُدم المُطالب حاجةً ... يزلُّ به الإقدار عما يُطالبه 94 - قال صاحب الكتاب: ويقال من لا مال له لا إخوان له ومن لا إخوان له لا أهل له ومن لا أهل له لا ولد ومن لا ولد له لا ذكر له ومن لا ذكر له لا عقل له ومن لا عقل له لا دنيا له ولا آخرة له، لأن الرجل إذا أصابه الضُرُّ قطعه إخوانه وشنأه أهله ورفضه ذوو رحمه وفقد عقله وخمل ذكره واضطرته المعيشة والتماس الرزق إلى التغرير بنفسه ودينه، فتهلك نفسه ويخسر آخرته ودنياه. فهل شيء أخس من الحاجة. " 135 " قال عرام بن مُنقذ السكوني وكان أصيب بسبب ابن الأشعث: مَنْ عَدِمَ الوفر في حياته ... عدم الأهل وإخوانه مع الولد وافتقد العقلَ من تفكره ... ولم يكن في الأمور من أحد يخسرُ داريه عند فاقته ... في حين يختلُّ خلة الأبد فكل بلوى يُبلى بها أحدٌ ... من اغتراب في الضيق والنكدِ والأسرِِ والقتلِ والجلاءِ وسوْ ... مِ الخسف في قُربه وفي البُعُدِ أحسنُ بالمرءِ حين يُبلى من ال ... فاقةِ بعد الإثراء والعَدَدِ 95 - قال صاحب الكتاب: ويقال الشجرة النابتة في السباخ المأكولة الثمر والورق أحسن حالاً من الفقير المحتاج. " 136 " قال العتابي: لشجرٌ في سبخٍ نابتٌ ... يُجنى بأنياب وأضراسِ أحسنُ حالاً من أخي فاقةٍ ... يُحاول النَّيل من الناس 96 - قال صاحب الكتاب: ويقال الفقر داعية لصاحبه إلى مقت الناس وهو مسلبة للعقل والمروءة ومضلة للرأي ومذهبة للعلم والأدب ومجمعة للبلايا ومعدن للتهم. " 137 " قال عَرزمُ الغفاري: الفُقرُ جُهدٌ ومشناةُ ومذهبةٌ ... للعقل والأدب المحمود والفهم

97 - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا افتقر الرجل اتهمه من كان له مؤتمنا وأساء به الظن من كان يحسنه فيه فان أذنب غيره اتهم وكان لسوء الظن موضعا.

إن الفقير ظنينٌ كان فما ... ينفكُّ يرمى وإن لم يجنِ بالتُّهمِ 97 - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا افتقر الرجل اتهمه من كان له مؤتمناً وأساء به الظن من كان يحسنه فيه فان أذنب غيره اتهم وكان لسوء الظن موضعاً. " 138 " قال عرزم الغِفاري أيضاً: وكنتُ مُصدقاً في كلِّ أمرٍ ... أميناً ما غضبتُ وما رضيتُ أزكى حين أذكر في فريقٍ ... وأحمدُ إن بَعُدتُ وان دنوتُ وذاك ليالي الإثراء متِّي ... على أني الضنينُ بما حويتُ فلما اجتاح مالي ريبُ دهري ذُممت بحيثُ في بلدٍ ثويتُ فصرت لسوء ظنَّةِ من رماني ... ومُتهمي الظنين بما رُميتُ 98 - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس في الغني من خلة تحمد إلا وهي في الفقير تذم. فإن كان الفقير شجاعاً قيل أهوج، وأن كان جواداً قيل متلاف، وان كان حليماً قيل ضعيف، وان كان صموتاً قيل عيي، وان كان لسناً قيل مهذار. " 139 " قال ابن رعلاء الغساني: يُشانُ القليلُ الوفر في الناسِ بالذي يُزان به ذو المال وهو ذميمُ فيُمدَحُ من قول وفعلٍ بكلِّ ما ... يُذمُّ به ذو الفقر وهو كريمُ 99 - قال صاحب الكتاب: ويقال الفاقة تعدل الموت بل الموت خير من الفاقة التي تضطر صاحبها إلى المسألة ولا سيما أن تضطره إلى مسألى اللئام. " 140 " قال ابن رعلاء الغساني ايضاً: ليس من مات فاستراح بميت ... انما الميتُ ميتُ الأحياءِ إنما الميتُ من يعيش شقياً ... كاسفاً بالهُ قليل الرَّجاءِ من أناسٍ يمصصونَ شهاداً ... وأناسٍ حُلوقهُم في الماءِ 100 - قال صاحب الكتاب: ويقال لإدخال الكريم يده في فم التنين فيستخرج منه سماً قانلاً يقتات به أحب عليه من مسألة اللئيم الأنوك. " 141 " قال المساور بن هند بن قيس بن زُهير العبسي: لأكلي من فريسة ليث غابٍ ... مُساوره عليها في مُقامِ أحَبُّ عليَّ خطباً حين أبلى ... وأهون من مُطالبة اللئام 101 - قال صاحب الكتاب: ويقال من ابتلي بفرقه الإخوان والأحبة والغربة وابتلي بفاقة تضطره إلى المسألة فالحياة له موت وفي الموت له راحة. " 142 " قال معبد بن حُمران التميمي ومات بكابُل هارباً من الحجاج وكان من كبار أصحاب ابن الأشعث: وفارقتُ أحباباً وإخوان لذةٍ ... وشطتْ بي الدارُ التي كنتُ أنزلُ أخا فاقةٍ تضطرُّ أن أسأل الورى ... فأين مُقامي أو إلى أين أرحلُ فعيشي موتٌ والمماتُ فراحةٌ ... لمثلي في الترحالِ أو حيثُ ينزلُ 102 - قال صاحب الكتاب: ويقال العداوة الباطنة الظاهرة الصداقة أشد ضرراً من العداوة الظاهرة. " 143 " قال عياض بن غنم التغلبي في عبد الملك بن مروان ينذره عداوة زُفر بن الحارث الكلابي: يُكاشرُ بالصداقة وهو أعدى ... من الشيطان للرجُلِ التقيِّ وذاك أضرُّ من مُبدٍ بغيظ ... عداوته من المخفي الوليِّ وما أنت المعلمُ بل عليمٌ ... فدونك حزم ذي الرأي الأبي 103 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل يفي لمن صالح بما جعل له ولا يثق لنفسه بمثل ذلك من عدوه الذي لا تؤمن غائلته في بعد ولا قرب ويحترس منه كيف كان وما استطاع. " 144 " قال جرير: كُن ذا وفاءٍ لمرءٍ قد شددت له ... حبلاً بعقد ومن عاهدت من أحد ولا تثق بالعدى في مثلها أبداً ... في حيث خيمت في قربٍ وفي بُعُدِ 104 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل إذا رجا نفع العدو اظهر له الصداقة، وإذا خاف ضرره أظهر له العداوة. " 145 " قال ذو الرمة: ذو العقل يُظهرُ وداً للعدو على ... نفع يُرجيه فعل الحازم الخَدعِ وإن تخوف ضُراً منه نابذه ... من العداوة بالمستفظع البشعِ 105 - قال صاحب الكتاب: ويقال ربما قطع الصديق صديقه الذي كان يصله فلا يخاف غائلته لأن أصل أمره لم يكن مبتدئاً عن عداوة. " 146 " قال الأخطل: عتبت عليه فنابذته ... على غير حقدٍ له كامن فلم يخش غائلتي غائباً ... ولم أخشهُ ظنة الآمن

106 - قال صاحب الكتاب: ويقال من كان أصل أمره عداوة ثم أحدث صداقة لحاجة حملته على ذلك، كان صاحبه جديرا بالاحتراس منه لأنه إذا بلغ حاجته عاد إلى أصل أمره كالماء الذي يسخن بالنار فإذا أبعد عنها عاد إلى البرودة.

لأن تبايُننا لم يكن ... عداوة وغرٍ لنا باطن 106 - قال صاحب الكتاب: ويقال من كان أصل أمره عداوة ثم أحدث صداقة لحاجة حملته على ذلك، كان صاحبه جديراً بالاحتراس منه لأنه إذا بلغ حاجته عاد إلى أصل أمره كالماء الذي يسخن بالنار فإذا أبعد عنها عاد إلى البرودة. " 147 " قال الشماخ: فأظهر وداً والعداوةُ سرُّهُ ... لحاجته كانت إليَّ فأسرفا فكنت له بالاحتراس وغيره ... لدُن ظهرت منه المودةُ مضعفا لعلمي به أنه سوف يرجعُ بالتي ... تكون علينا منه بالعود أخوفا 107 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تأمن عدواً رجع إليك بنفسه ووده، وإن أوليته من البر واللطف والإكرام ما ظننت انك قد سللت به سخيمته ولو خلطته بنفسك. فأن الماء لو أسخن فاطيل إسخانه لم يمنعه ذلك من اطفاء النار. " 148 " قال أبو الأعور السُّلمي في خالد بن المُعمَّر الرَّبعي وكان من أشد من كان مع علي الهابا على أهل الشام لمعاوية، لما ورد خالد بن المعمر في وفد بكر بن وائل: أتدنيه وكان عدوَّ سوءٍ ... لما أصبحت فيه بالمُصيبِ إذا أوليتهُ بِراً ولطفاً ... وإكراماً على وغرٍ عجيب ظننت وذاك عجزٌ ترتديه ... حياتك في شهودك والمغيب بهذا إن سللت سخيم صدرٍ ... لقد أخطأت تدبير اللبيب فإن الماء يُطفئ وهو آنٍ ... شديدُ الحرِّ ساميةَ اللَّهيبِ 108 - قال صاحب الكتاب: ويقال العدو الضعيف أقرب إلى السلامة من العدو القوي إذا احترس منه ولم يغتر به من القوي إذا اغتر بالعدو الضعيف واسترسل إليه. " 149 " قال في مثله زبان الفزاري في بيهس بن غُراب الفزازي حين اغتر به قاتل أخويه وهو غلام فاستعبده فلم يزل بيهس يلطف وذاك مغترٌ به حتى قتله وأهله: لما اغتررت به أن قلت ذا ضعفٍ ... رماك بالكيد والدهياء من كثبِ فأدرك الوتر مُسْتَغنٍ بوحدتهِ ... عن النَّصيرِ ولم يسأم من الطلبِ مثلُ الضعيفِ إذا أذكى محارسهُ ... خوف القويِّ فلم يظفرهُ بالحربِ 109 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل يصانع عدوه إذا اضطر إليه ويظهر له وداً ويعجل الانصراف عنه إذا وجد إلى ذلك سبيلاً. " 150 " قال في مثله عمران بن حطان لما نزل بزفر بن الحارث وهو هارب من عبد الملك بن مروان فلم يزل عنده ينتمي إلى غير قومه متحيراً فلما وضحت سبيله رحل عنه: لاطفته بودادٍ أضطررتُ له ... نضعفاً وهو ذو غلٍّ وأحقادِ ثم انصرفتُ وشيكاً عنه إذ وضَحتَ ... سُبلي ولم أتلبث لُبثةَ الزادِ 110 - قال صاحب الكتاب: ويقال للأحقاد في القلوب مواقع موجعة ناكية والألسن لا تصدق على القلوب. والقلب على القلب أعدل شهادة من اللسان. - 151 " قالت اعرابية تكذب منتحلاً ودها: نبَّى لِسانُكَ عن ودِّ الضمير بما ... لم يزكُ عندي وإن أطنبت في الحلف القلبُ يعرفُ ما في قلبِ صاحبهِ ... بشاهدٍ منهُ زاكٍ غير ذي قَرفِ والقلبُ عدلٌ على قلبِ المُحبِّ له ... لا البثُّ بالزور عن سوءِ امرئ صَلِفِ 111 - قال صاحب الكتاب: ويقال الأحقاد مخوفة حيث كانت وأشدها وأخوفها ما كان في أنفس الملوك لأن الملوك يدينون بالانتقام ويرون الطلب بالوتر مكرمة وفخراً. " 152 " قال في مثله سعدُ بن بشر بن عمرو بن مرثد في طرفة حين وشى به عبد عمرو بن بشر بن مرثد إلى عمرو بن هند أنه هجاه. فكان من حيلة عمرو بن هند في قتله ما كان. وكان بشر بن عمرو بن مرثد زوج أخت طرفة وكان طرفة قد هجاه أيضاً: لا تأمننَّ أخا حقدٍ وإن سَلفَت به الليالي في جد ولا لعبِ فأخوف الحقد حقدُ الملك نعلمَهُ ... في حيثُ أصبح من بُعدٍ ومن قربِ أرى الملوك وفي الأنباء موعظةٌ ... تدين لله بالإعزاز والطلبِ بالوتر تعتده فخراً ومكرمةً ... وذلك النسب المشهور للعربِ

112 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا ينبغي للعاقل أن يغتر بسكون الحقد، فانما الحقد في القلب مثل الجمر المكتن ما لم يجد حطبا.

112 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا ينبغي للعاقل أن يغتر بسكون الحقد، فانما الحقد في القلب مثل الجمر المكتن ما لم يجد حطبا. والحقد لا يزال يتطلع إلى العلل كما تبتغي النار الحطب فإذا وجدته استعرت استعارا. وكذلك الحقد إذا وجد فرصته اشتعل ولم يطفئه كلام ولا رفق ولا لين. " 153 " قال حَجْلُ بن نضلة في النُّعمان بن المنذر واغتراره بزيد ابن عدي بن زيد ومكايدته إياه حتى حرّض عليه كسرى ففعل به ما فعل: اغترَّ أن قال قد باخت شرارتهُ ... والحقدُ يكتنُّ مثل النارِ في الحجرِ حتى يوافي بها جزلاً فيُضرِمُهُ ... بالاشتعال اضطراماً ظاهر الشَّرَرِ والحقد يكتنُّ ما لم يلق فرصتَهُ ... على طلُّعهِ من خفيةِ الفكر فحين يعترض اللا،،، يطالبُها ... من حيثُ يمكنُ في عُسرٍ وفي يُسُرِ جد اشتعالاً فلا رفقٌ ولا ملقٌ ... يُطفي تَضَرُّمهُ ما جدَّ في الأثرِ 113 - قال صاحب الكتاب: ويقال أكيس الأقوام من لم يلتمس الأمر بالقتال ما وجد إلى غيره سبيلا. فإن النفقة في الحرب من الأنفس، وسائرُ الاشياء النفقة فيها من الأموال لا من سواها. " 154 " قال جويس السدوسي: لا تجعل الحرب ما تبدا به أحداً إذا وجدت سبيلاً غيرها أبداً فالحربُ سوقٌ، نُفوسُ الناس سلعتُها ... تُشرى وتُنفق لا مالاً إذا وردا وسائر النفقات المالُ تبذُلُهُ ... فيما تُحاول وزناً كان أو عددا 114 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تتهاون بالضعيف من أمر العداوة فان الحشيش الضعيف يجمع فيقتل منه حبل وثيق لو شد به فيل مغتلم أوثقه. " 155 " قال في مثله شمخ بن عوف الفزاري لحُذيفة بن بدر في تدريه على قيس بن زُهير بن جذيمة في مطالبته منه السبق وهو في مجاورته: لا تَستهن بضعيفِ الأمر تحقرُه ... من العداوةِ في حال من الحالِ فكم ضعيفٍ تأتى مثلهُ نفراً ... فاستنزلوا صاغراً ذا قوةٍ عالِ 115 - قال صاحب الكتاب: ويقال لو ان امرءا توسد النار وافترش الافاعي والتحف العقارب كان أحق أن يهنئه النوم عليها من قرب صاحب ملازم ذي عداوة يريد به نفسه. " 156 " قال هُدبة بن خشرم العُذري: مقاربة الليث الهصور وغيره ... من الأفعوان الصِّلِّ حين يُساوره أحق وأحرى أن تبيت لديهما ... على الأمن في ليلٍ تُخاف غوائرُه من الصاحب الفرد القريب مُعادياً ... إذا كان في جيران بيت تُجاوره وبغيتُهُ إتلافُ روحك جاهداً ... بكلِّ سبيلٍ مُرصدٍ لك عابرُه 116 - قال صاحب الكتاب: ويقال الضرس المأكول لا يزال صاحبه منه في ألم حتى يقلعه. " 157 " قال معمر بن عمارة الأسلمي: إذا كنت ذا ثوبٍ تُشان بلبسه ... فعُريانُ منهُ أنت في الناسِ أعذرُ 117 - قال صاحب الكتاب: ويقال الطعام إذا غثت منه النفس وجاشت فالراحة منه قذفه. " 158 " قال عربة بن غلباء الغساني: أخٌ نالني منهُ بغيظِ تجرُّمٍ ... لديَّ أثيرٌ حيثُ حلَّ حبيب أرحت بإبعاديه نفسي من الأذى ... بقذفيه مجرى الريح وهي هبوبُ 118 - قال صاحب الكتاب: ويقال العدو المخوف دواؤه فقده. " 159 " قال ابن غزية الضبي: دواؤك إذ قرُبت وأنت صلٌّ ... بعادُكَ أن أراك وأن تراني 119 - قال صاحب الكتاب: ويقال ليس للعدو الحنق الذي لا يطاق ولا تمكن الفرصة فيه إلا الهرب منه. " 160 " قال نصر بن ورقاء الحرشي: إذا كنت مظلوماً ومالك ناصرٌ فجدك في الإيغال في الأرض هاربا 120 - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا لم تقو على العدو فالفدية امثل. " 161 " قال أسعد في الذلفاء: أخافُ بإن أحاربها فأردى فترضى حين أضرَعُ مُستكينا 121 - قال صاحب الكتاب: ويقال الاصطبار على الغربة والضنك في المعيشة خير من الخضوع للعدو الخسيس. " 162 " قال ابن عويمر بن الذيال النخعي: لجوبٌ في البلاد بغير زادٍ ... وضنكٌ في المعيشةِ لا يزول أخفُّ عليَّ من ذُلي لوغدٍ ... خسيس حين أضرعُ يستطيل

122 - قال صاحب الكتاب: ويقال قارب عدوك بعض المقاربة تنل حاجتك إليه.

122 - قال صاحب الكتاب: ويقال قارب عدوك بعض المقاربة تنل حاجتك إليه. ولا تقاربه كل المقاربة فتهون عليه ويجترئ عليك فان مثله مثل العلم المنصوب في الشمس إذا أملته قليلاً زاد ظله، فان جاوزت الحد في الإمالة انتقص. " 163 " قال في مثله مرداد المازني: ونابذني بالجهل من غير إحنةٍ عدوٌّ حسودٌ ناطقٌ بالمعائِبِ فقاربتهُ لا أن في ذاك حاجةٍ ... إليه فيستعلي لبعضِ التقارُبِ وألبستُهُ ثوباً من الخزي ظاهراً ... وألزمتهُ السوآء من كُلِّ عائِبِ ولو أنني قاربتُه القربَ كُلَّهُ ... لهُنتُ عليه في جميع المذاهبِ 123 - قال صاحب الكتاب: ويقال الحازم لا يأمن عدوه على حال: فإنه إن كان بعيداً لم يأمن مغاورته، وان كان قريباً لم يأمن مناجزته، وان كان مطرداً لم يأمن كرَّته، وان كان وحيداً لم يأمن مكره. " 164 " قال عنترة العبسي يوم الجون الكندي وامر بطلبهم وهم مجتازون: لا تأمننَّ عدواً كيف كان على قُرب من الدارِ أو بُعدٍ على حال أكان مُنهزماً أو كان مُطرداً ... أو مفرداً كان أو ذا جحفلٍ عال أو ناسكاً كان في طمرين بينهما ... شخصٌ ضئيلٌ أخو عُسرٍ وإقلال في أي حالاته لا تأمنن لهُ ... ما كان مكراً بإدبار وإقبال البس لهُ حذراً واشهر ملابسهُ ... تستغنِ عن ناصرٍ في حربه والِ 124 - قال صاحب الكتاب: ويقال لكل حريق مطفئ فللنار الماء وللسم الترياق وللعشق الالتقاء وللحزن الصبر ونار الحقد لا يطفئها شيء. " 165 " قال ركاض الدُّبيري: سأطفي حرارات الفؤاد من الهوى بغير التقاء حين تسنو لواهبهُ كما ضرم النيران ادمان مشعل ... طفته بغير الماء قدماً ثواقبه وأصبر للأحزان منك زنارها ... فإطفاؤها بالصبرِ ما جدَّ غالبه فكيفَ بحقدٍ منك في القلبِ راسخِ ... ولا شيءَ يُطفيه فقد عزَّ جانبه 125 - قال صاحب الكتاب: ويقال من أقلعت عنه الحمى استراح قلبه، ومن وضع عنه الحمل الثقيل اراح متنه ومن أمن عدوه أمن ليله وثلج صدره. " 166 " قال ركاض الدبيري أيضاً: وفدحني حِملٌ ثقيلٌ حملتُهُ ... من الحُبِّ لا تقوى عليه النوازلُ وأسهر ليلي إنه عاد شائناً ... عدُوُّ أخلائي الذين أُنازلُ فلما سلوتُ الحُبَّ ألقيت ثقلهُ ... وثقلُ الهوى لا كان للمرء شاغلُ فبتُّ مُراح الظَّهرِ هادٍ في الهوى ... رمتني العدى فاستدبرتني العواذلُ 126 - قال صاحب الكتاب: ويقال العاقل وان كان واثقاً بقوته ورأيه لا يحمله ذلك على ان يجني على نفسه عداوة وبغضة، ولا يغتر بعداوة ضعيف اتكالاً على ما عنده من القوة والرأي كما أن الطبيب وان كان عنده الترياق وادوية السموم لا يحمله ما عنده من ذلك على شرب السم اتكالاً عليها. " 167 " قال حصين بن زُهير للربيع بن زياد حين فعل باخيه قيس ما فعل من اخذ أدراعه: إذا كُنتَ ذا رأيٍ وعقل وقوةٍ ... على ثقةٍ الا تُنازع في خَطب فلا تجتن البغضاء من متقربٍ ... إليك وتستعِ العداوة بالعتب وإياك لا تستضعفن مُقلاً ... لوهن الذي يبدي وبأسك في الحربِ فإن البصير الطبَّ لا يركب الذي ... يُحاذرُ في الإمحال من صاحبٍ مُربي فيشرب سُماً باتكالٍ على الذي ... لديه من الترياق أو محكمِ الطبِّ ولا يلتبس يوماً عليك فإنه ... هو العقلُ في بُعدٍ يُحاذر أو قربِ 127 - قال صاحب الكتاب: ويقال إنما يستخرج ما عند الرجال ولاتهم وما عند الجنود قادتهم وما في الدين والتأويل علماؤه. " 168 " قال الحجاج لما أمر بقتل مُحرز بن لقيط متمثلاً: خبرتك لما كنت انت رعيةً ... فلم يخف عني منك جدٌ ولا هزْلُ كما اختبر المكنونَ قائد عُصبةٍ ... فلم يعي عنهُ من دفائنهم دَخلُ فأصبحت ذا علمٍ بك اليوم باطنٍ ... كما علم التأويل ذو العلم لا أغلو

128 - قال صاحب الكتاب: ويقال كثرة العمال إذا لم يكونوا مجزين مضرة بالعمل فان العمل ليس رجاؤه بالكثير منهم ولكن بالقليل من صالحيهم، كالرجل الذي يحمل حجرا ثقيلا فيجهد نفسه ولا يصيب به ثمنا، وآخر يحمل الياقوت فلا يثقله ولا يجهد نفسه ويصيب به أكثر من امله.

سأبلُغُ فيكَ الحقَّ بالعدل حاكماً ... بما حده في مثل أمثالك العدلُ 128 - قال صاحب الكتاب: ويقال كثرة العمال إذا لم يكونوا مجزين مضرة بالعمل فان العمل ليس رجاؤه بالكثير منهم ولكن بالقليل من صالحيهم، كالرجل الذي يحمل حجراً ثقيلاً فيجهد نفسه ولا يصيب به ثمناً، وآخر يحمل الياقوت فلا يثقله ولا يجهد نفسه ويصيب به أكثر من امله. " 169 " قال لبيد بن ربيعة: إذا كثر الإخوانُ في العمل الذي ... تحاولهُ في كلِّ عيبٍ ومشهد ولم تك للإجزاء فيه مُبالغاً ... فذاك مع الإضرار أفسدُ مُفسدِ ولكن قليلُ الصالحين بنُصحهم ... تُتِمُّ لك الأعمال في كُلِّ محفَدِ " 170 " وقال عبد الحجر بن أمية بن أبي الصلت: إذا حمل الصخر امرؤٌ كان حملهُ ثقيلاً غيرَ ما طائلِ الرِّفدِ فإن حَمَلَ التبر العزيز فإنه كثيرٌ خفيفٌ مُبلغٌ أسعد الجدِّ 129 - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجل يحذره السلطان إذا كان قد أطيلت جفوته أو كان شرها حريصاً أو كان أجرم جرماً مع نظراء له فعفي عنهم دونه، أو عُوقبوا جميعاً فبلغ منه ما لم يبلغ منهم، أو كان قد أبلى بلاء حسناً مع نظراء له ففُضلوا عليه في المنزلة والجاه، أو كان غير موثوق به في الدين، أو كان يخاف في شيء مما ينفعه عند السلطان ضرراً، أو كان لعدو السلطان مُواداً. فكل هؤلاء ليس للسلطان حقيقاً بالاسترسال إليهم والثقة بهم والائتمان لهم. " 171 " قال المُسيب بن علس أعشى بني قيس بن ثعلبة: لا تأمننَّ امراءاً أورثت مُهجته ... حقداً عليك فان الحُرَّ ينتقِمُ أطلت جفوته والمرء ذو شره ... مُستشعر الحرص حتى ناله العَدَمُ وآخراً كان في قومٍ ذوي جُرمٍ ... عاقبتهُ دونهم جوراً بما اجترموا أو كان أبلى وأقوامٌ عرفت لهُم ... من دونه فضلُ ما أبلوا وما غنموا أو كان يخشاك ضُراً في منافعهِ ... أو نقصِهِ من جزيلٍ حين يُقتسمُ أو كان ليس بذي دينٍ وكان إلى ... أعدائكَ الخرزِ ما تُصغي وتعتصمُ لا تأتمنهم ولا تجعلهُمُ ثقةً ... فيما ألمَّ وإن بروا وإن خدموا 130 - قال صاحب الكتاب: ويقال يؤتى الملك من ست خصال: من الحرمان والفتنة والهوى والفظاظة والزمان والخُرق. فأما الحرمان فمن الأعوان والنصحاء والساسة ومن أهل الرأي والنجدة والأمانة. واما الفتنة فبحرب الناس ووقوع الحرب بينهم. واما الهوى فالإغرام بالنساء واللهو والصيد وما أشبه ذلك. وأما الفظاظة فالإفراط في الشدة حتى يستعمل اللسان بالشتم واليد بالبطش في غير موضعه. وأما الزمان فيما يصيب الناس من نقص السنين والموتان. وأم الخرق فإعمال الشدة في موضع اللين وإمال اللين في موضع الشدة. " 172 " قال الأبرص، وهو أبو عبيد بن الأبرص، يعدد الخصال وغيرها في حجر بن عمرو أبي امرئ القيس بن حجر ويحرض بني أسد على قتله: علام نُطيع المُترف الملك الذي ... تردى خلالاً كُلُّهنَّ مُشينُ فأكبرها الحرمان والفتنة التي ... بها نال منا القهر وهو غير غبين فلا وزراء يعرفون نصيحةً ... ولا خل صدقٍ يعتريه أمينُ ولا أهل رأيٍ لا ولا أهل نجدةٍ ... فيعرف منهم صاحبٌ وخدينُ يسومُ بعزٍّ من أطاع بغلظةٍ ... ويُدني الذي يعصيه فهو قرينُ ويشتدُّ في وقتٍ به اللين واجبٌ ... وحين يكون الشدُّ فهو يلين وأُغرم بالنسوان فاْحتقب التي ... هي العار والشنعاءُ حيثُ يكونُ وبالسُّكرِ واللهو الذي هو سُبةٌ ... عليه وخزيٌ حيثُ حلَّ يشينُ رُمينا به قحطاً وموتاً فقد أنت ... علينا سنونٌ بعدهُنَّ سنونُ نُسامُ بخسفٍ لا يُناوى وليدهُ ... ومأتاة آفاتٍ لهنَّ فُنونُ فكيف نرى الإبقاء لا كان مُترفا ... عليه وقتلُ الظالمين يهون بني أسد شدوا المآزر وارحضوا ... بمقتله عار الحياة وصونوا

131 - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا عرف الملك من الرعية والصحابة رجلا قد ساواه في الرأي والهيبة والمنزلة والمال والتبع فليصرعه فانه إن لم يفعل به ذلك كان هو المصروع.

بتعجيله الأحسابَ فالمرءُ نُهزَةٌ ... لمفترضٍ دون الجميع رهينُ 131 - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا عرف الملك من الرعية والصحابة رجلاً قد ساواه في الرأي والهيبة والمنزلة والمال والتبع فليصرعه فانه إن لم يفعل به ذلك كان هو المصروع. " 173 " قال أبو داود الايادي واسمه جارية بن الحجاج لجذيمة الأبرش يحضه على قتل نديمه العبادي أحد الاثنين اللذين يضرب بهما المثل: بَررت ولم يستأهل البر ساعةً ... دناءةُ نفسٍ في خمول من الذكر وقدمته دون الأنام مُرفهاً ... تُرشحهُ في سرِّ أمرك والجهر فأصبح ذا رأي وعلم وهيبة ... ومنزلةٍ في الناس سامية القدر وحتى تراءته العُيون جلالةٍ ... وساواك في الأتباع والنَّهي والأمرِ وقال بفعل لا يُردُّ مقالهُ ... وسطوة ذي بأسٍ تُزيَّنُ بالوفرِ فلم يبقَ إلا أن يعضك عضةً ... فتصبح مسلوب التملك في سترِ فان لم تُغيِّرْ ما به فاحذر التي ... تخافُ فإن الموتَ يُدفَعُ بالحذرِ 132 - قال صاحب الكتاب: ويقال خير الاخوان أقلهم مصانعة في النصيحة. " 174 " قال بعض المتقدمين: وخيرُ الأخلاءِ الصحيحُ إخاؤهُ ... ومن لم يُصانِع في نصيحةِ صاحبِ 133 - قال وخير النساء الموافقَة. " 175 " قال كعب بن زهير: وخيرُ نساء الدهر ما وافق الفتى وكان لها فهمٌ وعقلٌ يزينُها 134 - قال: وخير الاعمال احلاها عاقبة وخير البر صلة الرحم وخير الثناء ما كان على أفواه الاخيار. " 176 " قال عمر بن عبد العزيز لطُريح بن إسماعيل الثقفي: أنشدني أبياتاً يكون فيها نصح ومعتبر فأنشده: وأفضل أعمال الفتى الزادُ للتي ... تدوم وتحلو لي عليها العواقب وافضل برٍّ بِرُّكَ الرحمَ التي ... عليها تُجازى آجلاً بالرغائِبِ وحُسْنُ ثنا الأبرار في كُلِّ محفلٍ ... يدوم له ما جدَّ في السيرِ راكبُ 135 - قال صاحب الكتاب: يقال أشرف السلطنة ما لم يخالطها بطر. " 177 " قال عبيد الله بن قيس الرقيات في محمد بن مروان بن الحكم: وزيَّنَ سُلطانَ الأمير مُحمَّدٍ ... خصالٌ هي المجدُ الذي ليس يُنكرُ حياءٌ ودينٌ والتواضعُ للتي ... يُؤملُ فيها الفوزَ في يومِ يُحشَرُ فلا بطرٌ في ملكه وتجبُّرٌ ... ولا كبرياءٌ مِنهُ تُخشى وتحدذر " 178 " وقال عبيد الله أيضاً فيه: مُلكُه مُلكُ قُوةٍ ليس فيه ... جبروتٌ يُرى ولا كبرياءُ 136 - قال صاحب الكتاب: ويقال أغنى الأغنياء من لم يكن للحرص أسيراً. " 179 " قال عُبيد الله بن عمر في أخيه عبد الله: غنيتَ فما أصبحت للحرص غانياً ... بحسنٍ قنوعٍ والقنوعُ هو اليُسْرُ 137 - قال صاحب الكتاب: ويقال خير الأصدقاء من ترك المزاح. " 180 " قال أبو كدام جدّ مِسعر بن كدام وروي لمِسعر في ابنهِ كِدَام: إني محضتك يا كِدامُ نصيحةً ... فاسمع مَقال أبٍ عليك شفيق أما المزاحُ مع المرءِ فدعهما ... خُلقانِ لا أرضاهما لصديقِ إني بلوتها فلم أحمدْهُمَا ... لِمجاورٍ جارٍ ولا لرفيقِ 138 - قال صاحب الكتاب: ويقال خير الاخلاق ما كان اعونها على الورع. " 181 " قال عبيد الله بن قيس الرقيات في مصعب بن الزبير: له خُلقٌ يُنزِّههُ كريمٌ عن الفحشاء والفعل المعيب وفيه سماحةٌ ووقار هديٍ ... مع العلم المُزين للاديبِ واحيي من مُخدرةٍ حياءٍ ... وأشجعُ من أسامةَ في الحروب 139 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا تعلن عقوبة من لم يعلن ذنبه فإن لكل ذنب عقوبة، فالذنب السر عقوبة السر ولذنب الاعلان عقوبة الاعلان. " 182 " قال الفرزدق: أسرَّ فعاقبتهُ خفيةً ... وملُك في الحكمِ لا يجهلُ وأعلن ذنباً فعاقبتهُ ... علانية فعل من يعْدِلُ

140 - قال صاحب الكتاب: ويقال السلطان إذا كان صالحا ووراءه وزراء سوء منعت الخاصة خيره والعامة عدله.

140 - قال صاحب الكتاب: ويقال السلطان إذا كان صالحاً ووراءه وزراء سوء منعت الخاصة خيره والعامة عدله. مثل الماء الصافي العذب فيه التماسيح فلا يستطيع أحد دخوله والاستسقاء منه وان كان محتاجاً. " 183 " قال الفرزدق أيضاً: لئن كُنت مَلكاً ذا صلاحٍ مُطهراً ... لمن وزراء السوء أنت معيبُ أليس الذي تختصه غير آيب ... بخيرٍ ولا راجٍ جداك غريبُ ولا العدلُ نرجوه الأنام فما لنا ... إلى غير باري الخلق فيك مُجيبُ " 184 " وقال جرير لابن عمر بن عبد العزيز: لئن كنت ممنوعاً نوالك إنه ... ليحرمنيه ظالمٌ وحسودُ كما حرم الروادُ مرتع روضةٍ ... حمت سُبلها من أن تُرام أسودُ 141 - قال صاحب الكتاب: ويقال يصيب الملك الظفر بالحزم والحزم باجالة الرأي والرأي بتحصين الأسرار. " 185 " قال أمية بن أبي الصلت: بالحزمِ تظفرُ قبل البأس والجلد ... والحزم بالرأي تجنيهِ مدى الأبدِ والرأي تحصينُ أسرار ترومُ بها ... إدراك حاجك في قربٍ وفي بُعدِ " 186 " أخذ هذا المتنبي فقال: الرأي قبلَ شجاعة الشُّجعان ... هي أولٌ وهو المحلُّ الثاني فإذا هُما اجتمعا لنفسٍ حُرَّةٍ ... بلغت من العلياءِ كُلَّ مكانِ 142 - قال صاحب الكتاب: يُطلع على أسرار الملوك من قبل أربعة وجوه: من قبل النساء أو من قبل صاحب الرأي أو من قبل الحشم أو من الرسل المستعلمين الخبر. " 187 " قال القطامي: فحصِّنِ السِّرَّ عن قومٍ ذوي ثقةٍ من النساءِ وعن ذي الرأي والحشمِ 143 - قال صاحب الكتاب: ويقال من حصن سره كان له من تحصينه أمران: إما ظفر بما يريد وإما السلامة من عيبه وضرره، ان أخطأه ما كان يؤمل من الظفر. " 188 " قال عبيد بن الأبرص الأسدي: أحصن سري فالسلامةُ سترهُ ... من العيب إن أخطأتُ ما كنتُ أطلبُ فإن أنا لم أخطئ وكنتمُظفراً ... فسترُ الذي قد كان مِني أصوبُ 144 - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا كان الملك محصناً للأسرار متخيراً للوزراء مهيباً عند العامة بعيداً من أن يعلم ما في نفسه أحد، لا يضيع عنده حسن بلاء ولا يسلم منه ذو جرم وكان مقدراً لما يفيد وما ينفق كان خليقاً بأن لا يسلب صالح ما أوتي. " 189 " قال عدي بن زيد في المروداخ بن بخت نصر وضربه مثلاً للنُّعمان بن المنذر في حبسه: ألا في الوَّلِ الماضي اعتبارٌ ... لذي عقلٍ أخي فهم بصير تخيَّر للوزارة من رعاه ... بإشفاقٍ ونُصحٍ في الأمورِ وحصَّن سره فعلا مهيباً ... يُجازي القُلَّ بالجمِّ الكثيرِ من الإحسان والإكرام فعلاً ... يُزانُ به إلى يومِ النُّشور وأنفق ما أفاد بحسن هدي ... وتقديرٍ بلا سرفٍ مبير وأجمل في الرعية منه رأياً ... كفاه علم أخبار الخبير يُلاحظ من دنا بثبات ذهن ... فيعلم بالضمير هوى الضميرِ وواتاهُ الزمانُ تدبيرٌ وحَزمٌ ... من الموت المنغِّص للسُّرورِ وما يبقى على الأيام باقٍ ... سوى ذي العزةِ الرَّبِّ القديرِ 145 - قال صاحب الكتاب: ويقال من السر ما يدخل فيه الرهط، ومنه ما يدخل فيه الرجىن، ومنه ما يدخل فيه الواحد، ومنه ما لا ينبغي أن يطلع عليه أحد. " 190 " قال الراعي النميري: وللسر حالاتٌ فمنهُ جماعةٌ ... ومنه نحيان وأحزمها الفرد وأفضل منها صون سِرك كاتماً ... إلى الفرص اللاتي يُنال بها الجَدُّ 146 - قال صاحب الكتاب: ويقال يعتبر المرسل برأي رسوله ونفاذه. فمن كان شأنه اللين والمواتاة أنجح في الرسالة. والرسول يُلين القلب إذا رفق ويخشن الصدر إذا خرق لأنه مبلغ غير ملوم. " 191 " قال سوادة الحروري في رسول المهلب بن ابي صفرة: ولما اختبرنا ظالماً برسولهِ ... وجدناهُ ذا رأي سخيفٍ مُظلا شبيه أبيه في أسمه وفعاله ... ومستأجراً يُعطى إذا الشَّهرُ أكملا

147 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يطمعن ذو الكبر في الثناء الحسن ولا ذو الخب في كثرة الصديق ولا السيئ الادب في الشرف ولا الشحيح في البر ولا الحريص في قلة الذنوب ولا الملك المختال المتهاون في ثبات ملكه.

فلو كان ذا رأيٍ وحسن تثبتٍ ... رسولك يا مظلوم أنجح مُرسلا لأن رسول المرء لُطفاً برفقهِ ... يُليَّنُ قلب الملك إما تذلَّلا وإن كان ذا خُرقٍ ونوك فخُرقهُ ... يُخشِّنُ منه الصدرَ أنْ يتفضَّلا وكُلُّ رسولٍ لا محالةَ مُبلغٌ ... ولو نالهُ سهمُ الردى ما تحمَّلا 147 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يطمعن ذو الكبر في الثناء الحسن ولا ذو الخب في كثرة الصديق ولا السيئ الادب في الشرف ولا الشحيح في البر ولا الحريص في قلة الذنوب ولا الملك المختال المتهاون في ثبات ملكه. " 192 " قال أعشى باهلة: تردى بثصوب الكبر نوكاً وضلة ... ويطمع في حسن الثناء حميد أخو الخبِّ يرجو أن أكون وديدهُ ... وهل لأخي خبٍّ يكونُ وديدُ ولم يكُ بالمختارِ للأدبِ الذي ... هو الشرفُ المذكور حين يبيدُ نفى الحرص عنهُ واستقل وإنه ... من الحوب عاري المنكبين رشيدُ وأي ضنينٍ يستحقُّ مبرةً ... وأيُّ ضنين حيث كان يسود وإنك للمختال أبدى تهاوناً ... فأخلق مُلكاً كان وهو جديدُ 148 - قال صاحب الكتاب: ويقال إذا لم يكن في مملكة الملك قرة أعين رعيته فمثله كمثل زنمة العنز التي يصيبها السخلة فلا تجد فيها شيئاً من الخير. " " 193 " قال عبد الرحمن بن حسان بن ثابت: إذا كُنت ذا ملكٍ ولم تُسد طائلاً ... إلينا وكُنا من رعيتكَ اللُّبَّا نؤملُ يوماً بعد يومٍ ونرتجي ... لفائت أمرٍ مِنك اعجزنا قُربا فنحنُ رضيعُ العنزِ مَصَّ زنامةً ... وأنَّى لهُ خيرٌ وقد أخطأ الشخبا 149 - قال صاحب الكتاب: ويقال امور الملك كبيرة ومن يحتاج إليه فيها من العمال والأعوان مثل ذلك. ومن يجتمع فيه منهم النصيحة وأصالة الرأي والعفاف قليل والسبيل في ذلك معرفته بهم ثم يتفقد أعمالهم وأمورهم حتى لا يخفى عليه إحسان محسن ولا إساءة مسيء. ثم عليه بعد ذلك أن لا يترك محسناً ولا مسيئاً بغير جزاء. ولا يقر عاجزاً على عجزه، فإنه إن صنع ذلك تهاون المحسن واجترأ المسيء وتأنى العاجز ففسد الأمر وضاع العمل. " 194 " قال سليمان بن هشام بن عبد الملك في الوليد بن يزيد بن عبد الملك حين استُخلف: حويتَ من المُلك الكثير وأهله ... وتحتاج في أشغاله من يُعاون فأبب بِنا إن كنت تعلم أننا ... ذوو النُّصح والآراء فيما نُداين ونحن قليلٌ والعفافُ شِعارنا ... فذلك حظٌ عند مثلك زائن تفقد بنا الأعمال تبد جليةً ... إساءاتُنا في خفيةٍ والمحاسنُ فجاز أخا الإحسان منا بفعله ... وذا الشين عاقب بالذي هو شائن وذا العجز لا تُقرر على العجز إنهُ ضياعٌ إذا أقرته وتهاونُ فيزداد ذو العجز الركيك تأنياً ... ويفسد مِنهُ الأمرُ حين يُلاينُ على أننا لا نستطيع بحيلةٍ ... ولا قدرةٍ رفع الذي هو كائن 150 - قال صاحب الكتاب: ويقال تنقُّل الناس من بعض المنازل إلى بعض وتركهم ما ألزموه وجرت لهم المعايش فيه والتماس الطبقة السفلى مراتب الطبقة العليا، مضرة للملوك وانتشار من الأمور وفساد من الأدب ومنازعة من اللئيم للكريم والأشياء تجري من ذلك على مثال حتى تنتهي إلى الخطر الجسيم. " 195 " قال ابن مناذر في غياث بن حرملة الهنائي وكان على الشرطة بالبصرة وكان قبل ذلك شصاً إلى أن قلّد الشرطة: تنقلتَ من حال لحالٍ مُنابذاً ... لكل الذي ألزمته غير لازمِ تُحاول علياء المراتب ضلةً ... وكيف سموُّ الراسخِ المُتقادمِ وقد جرت الأقدار أنك لم تزل ... ولا زلت في ضيقٍ من العيش دائم وهذا وما حاولت منه مضرةٌ ... على ملك المصرين في كل شائم فإن هو لم يحمسكَ أصبح نادماً ... وأنى ارتجاع الفوتِ يوماً لنادمِ وأمسى ومنه الأمر مُنتشرُ القوى ... ونازع أهلُ اللُّؤم أهل المكارم

151 - قال صاحب الكتاب: ويقال خصال ثلاثة يزداد بها ما بين الاخوان لطفا واسترسالا: منها الزيارة في الرحال والمؤاكلة والنظر إلى الحشم والأهل.

لدى بابه واستفسد الأدب الذي ... ينال به من نال فوز الغنائمِ وإن كانت الأشياءُ تجري فتنتهي ... إلى خطر عالٍ جسيم المداهمِ 151 - قال صاحب الكتاب: ويقال خصال ثلاثة يزداد بها ما بين الاخوان لطفاً واسترسالاً: منها الزيارة في الرحال والمؤاكلة والنظر إلى الحشم والأهل. " 196 " قال مطيع بن إياس وكان صفي يحيى بن زياد الحارثي وكان أحد أهل الأدب والعلم في زمانه: أزور أخي في رحلهِ ويزورني ... مُلاطفةً وحُسن وِصالِ ونطرح فيما بيننا حشمة الألى ... تعاطوا وداداً لا يتم بحالِ فيأكلُ من أكلي ويشربُ مشربي ... ويسعى بسعيي ناصراً ويوالي فروحي له رُوحٌ ومهجةُ نفسهِ ... كمهجة نفسي في جميع خلالي 152 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يكثر الرجل على إخوانه حمل المؤونات فيبرمهم ويؤذيهم. فإن عجل البقرة إذا أكثر مصها فأفرط فيه ضربته برجلها حتى تنفيه عنها وتطرده. " 197 " قال أبو طالب بن عبد المطلب: إنَّكَ إنْ كَلَّفْتَنِي ما لَمْ أطقْ ... سَاءَكَ مَا سَرَّكَ مِني مِنْ خُلُقْ 153 - قال صاحب الكتاب: يقال الصديق صديقان: صديق طباع وصديق اضطرار وكلاهما يلتمس المنافع ويحترس من المضار. فأما المطبوع منهما فموثوق به على كل حالاته وأما المضطر اليه منهما فله حالات يُسترسل إليه فيها وحالات يتقى فيها. فلا يزال يرتهن منه بعض حاجاته ببعض ما يبقى من الحاجة إليه. " 198 " قال مسكين الدارمي: تعلَّم بأنَّ الاصدقاء ثلاثةٌ ... وما كُلُّ من آخيتهُ بِصديقِ واصفاهم وداً أخو الطبع منهم ... وأثبتهم في وحدةٍ وفريق فذلك موثوقٌ به في أموره ... وفي كُلِّ ما حال أعزُّ وثيق وأكذبهم وداً أخو الكأس إنه ... صديق صبوح دائم وغبوقِ وبينهما المُضطرُّ يلتمس التي ... جميعهم فيها بِكُلِّ طريقِ فذاك تُدانيه فَتدنيه مَرَّةً ... وتجفوه أخرى منك فعل رفيق تُكافيه في الحالات ما كان يرتجى ... وتحذرُ منه القرب عند مضيق وكلهم في طبعهِ يحذَرُ التي ... تضرُّ ويرجو النَّفع كلَّ شروقِ 154 - قال صاحب الكتاب: ويقال من اتخذ صديقاً وأضاع رَبَّ صداقته حرم مسرة الإخاء ويئس من منفعة الإخوان. " 199 " قال مسكين الدارمي أيضاً: أخذتَ صديقاً طارفاً وأضعتني تليداً وهل يزكو الطريفُ ويثمرُ فمن ذا الذي بعدي يرجيكَ نافعاً ... ولم يُبد بأساً منك في حيثُ تصدرُ 155 - قال صاحب الكتاب: ويقال نعم العون على تسلية الهموم وتسكين النفس عند البلاء لقاء الأخ أخاه وإفضاء كل منهما بسرّه إلى صاحبه. " 200 " قال ابن ميادة: أُعينُ أخي في كُلِّ أمرٍ يُريدُهُ ... إذا ما التقينا في الذي هُو ذاكرُه وأفشي إليه السِّرَّ فيما ينوبني ... فتسكن نفسي حين فيه أُناظره فيا لك عوناً ما يكون التقاؤنا ... على الهمِّ تُسليه الطويلِ يُخامره 156 - قال صاحب الكتاب: ويقال من لم يركب الأهوال لم ينل الرغائب ومن ترك الأمر الذي لعله أن يبلغه حاجته مخافة ما لعله يوقاه فليس ينال جسيماً. " 201 " قال عروة العبسي: إذا المرءُ لم يقدم على الهول لم ينل ... رغائب دُنياه وإن كان حازماً ومن ترك الأمر الذي علَّه به ... إذا جد فيه مبلغ الحاج سالماً مخافة أمرٍ علَّهُ أن يكيده ... فليس بذي أوبٍ مدى الدَّهرِ غانما 157 - قال صاحب الكتاب: ويقال أعمال ثلاثة لا يستطيعها أحد الا بمعونة من ارتفاع همة وعظم حظر: صحبة الملوك وتجارة البحر ومناجزة العدو. " 202 " قال سلمة بن الوليد الكلبي في قسطنطين الرومي مولى معاوية لعنه الله وهو الذي كان معاوية بعثه فأذَّنَ في قسطنطينية وكان يلي غزواً في البحر: بهمتهِ ومبعده وعظم ... من الخطر السَّنِيِّ بلا تماري تناولَ خِدمةَ الملكِ ابن حربٍ ... فقام بها وحزمٍ غيرِ عارِ

158 - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجل العاقل لا يرى إلا في مكانين ولا يليق به غيرهما: إما مع الملوك مكرما وإما مع النساك في مساجدهم متبتلا.

وأغناه قتال بني أبيه ... مناجزة لدى لُجَجِ البِحارِ 158 - قال صاحب الكتاب: ويقال الرجل العاقل لا يُرى إلا في مكانين ولا يليق به غيرهما: إما مع الملوك مكرماً وإما مع النساك في مساجدهم متبتلاً. كالفيل الذي بهاؤه في موضعين إما في بريته وحشياً وإمل للملوك مركباً. " 203 " قال ابن الرقيات لعلي بن عامر بن مُعمر القُرشي: أُعيذُكَ أن أراك جليسَ من لا ... يكون من التُّقى فيه سقامُ وإن لم تُؤتَ ذاك فكن سميراً ... لقيلٍ أو تُجالِسكَ الكِرامُ 159 - قال صاحب الكتاب: ويقال المال وسائر متاع الدنيا سريع إقباله إذا أقبل سريع ذهابه إذا ذهب مثل الكرة التي هي سريع ارتفاعها سريع وقوعها. " 204 " قال الراعي: إذا أقبلَ المالُ السَّوام وغيرُهُ ... فتَثميرُهُ من لحظةِ العين أسرعُ وإن هُو ولى مُدبراً ففناؤهُ ... وشيكاً من التثمير أرجى وأنجعُ 160 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا يزال المرء مستمراً ما لم يعثر فإذا عثر مرة في جادة لج به العثار ولو مشى في جدد. " 205 " قال حماد عجرد: عثرَ وكنْنتَ المرءَ يحسُنُ هديهُ ... فأنتَ مَلومٌ حيثُ كُنتَ مُغضَّضُ فأنت ولو أعملت ليلك قائماً ... على عثرةٍ لا تستمرُّ فتنهضُ 161 - قال صاحب الكتاب: ويقال من غالب الملك المصنوع له الحازم الأريب الذي لا تبطره السراء ولا تدهشه الضراء فحينه يحدوه إلى ذلك. " 206 " قال ليلى الاخيلية لعبد الرحمن بن الأشعث في محاربته الحجاج: حداكَ الحينُ أن غالبتَ مَلْكاً ... أريباً ذا مُخاتلةٍ وحظمِ ومصنوعاً له فيما أتاهُ ... إلى الأملاكِ من وِترٍ وغمِّ فدونكها فذقْ كأساً فقُولاً ... على طعمين ممقورٍ وسمِّ 162 - قال صاحب الكتاب: ويقال معاداة الملوك كالسيّل بالليل لا تدري من أين يأتيك ولا كيف تتقيه. " 207 " قال بعض التغلبيين في جساس بن مرة: ستعلم من عاديتَ إذ أنتَ جاهلٌ ... وأيُّ فريقينا أعزُّ وأقدمُ ألسنا كبحرٍ فاضَ ليلاً كملِ مَا ... ليالي قابوس يجورُ ويظلمُ فلم يُدرَ من أي النواحي رَمَتْ بنا ... إليه النَّواحي وهو خزيانُ مُفْحَمُ وإن لم ينلكُم مِثلُها غِبَّ مصدرٍ ... فنحنُ إذاً منكم أعقُّ وأظلمُ 163 - قال صاحب الكتاب: ويقال ويل لمن ابتلي بصحبة الملوك الذين لا يكرم عليهم صاحبهم إلا أن يطمعوا منه في غنى أو يحتاجوا إليه، فعند ذلك يقربونه ويكرمونه. فإذا قضوا منه حاجتهم فلا ود ولا إخاء، لا البلاء مجزيٌّ ولا الذنب معفو عنه له. " 208 " قال في مثله عمران بن حِطان لعنه الله في عبد بن ذُهْل الدَّارمي وكان مع الحجاج لعنه الله: تُصاحِبُ من لا يستقلُّ برأيهِ ... وإن كنت ذا بأسٍ ورأي مُجربِ ومن هو لاهٍ عنك حتى تسومهُ ... بخسفٍ صغيرٍ مثلهُ في المُركَّبِ فيطمع أو يحتاج منك إلى الذي ... يذُبُّ ويُغني عنهُ في كُلِّ مذهبِ ففي مثل هذا لنْ تزال مُكرَّماً ... بأحسن نَشرٍ عنده وتقرُّبِ وعند تقاضي حاجةٍ فمُباينٌ ... يراك بعينِ الشانئ المُتَعَتِّبِ فإن تُبلِ لا يُجزي بخيرٍ وإن تَكُنْ ... صحيحاً فمنسوبٌ إلى غيرِ أحربِ فأمسك عليك الصاحب الصدقَ والذي ... يواسيكَ فيما نابَ غير مُؤنِّبِ 164 - قال صاحب الكتاب: ويقال اغلط الناس أكثرهم مستجيراً وسائلاً منجحاً. " 209 " قال جرير بن الخطفي في خارجة بن عيينة بن حصن الفزاري: ولِمْ لا تكونُ الفردَ والسَّيِّدَ الذي ... إليه تناهى الجودُ والبأسُ والفخْرُ وسائلُكَ المُعْتَرُّ أنجَحَ سائلٍ ... وجارُكَ في أمْنٍ يُجيرُ بِهِ الدَّهْرُ 165 - قال صاحب الكتاب: ويقال لا غنياً من لم يشارك في ماله ولا يعد عيشاً ما عيش في بغضة وسوء ثناء. " 210 " قال جرير بن الخطفي أيضاً:

إذا كُنت ذا مالٍ ضنيناً ببذله ... فأنت فقيرٌ حيثُ زلتَ من الأرضِ وإن كُنت في عيشٍ فليسَ بعيشةٍ ... إذا كنت مشؤوم الخلائق والعرضِ خاتمة النسخة ف تمت الأمثال المستخرجة من كتاب كليلة ودمنة وما ضاهاها من أشعار العرب بحمد الله وكرمه وعونه فله الحمد والشكر أبداً وصلى الله على محمد وآله وسلم، أواخر يوم السبت من أواخر شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وستين وثماني مائة سنة وكاتبه إبراهيم بن علي بن يحيى بن محمد بن عيسى بن أسعد المالكي ثم المرادي ثم المذججي غفر الله لوالديه ولأقاربه ولمشايخه في الدين ولجميع المسلمين والمسلمات آمين آمين. ؟ خاتمة النسخة ب قال أبو عبد الله محمد بن الحسين بن عمر اليمني: هذا آخر ما استخرجته من الأشعار المضاهية لأمثال كليلة ودمنة. وكان ذلك في مناف الاربعين وثلاثمائة وحملته إلى المعز في سنة ثمانٍ وخمسين وثلاثمائة إلى المنصورية. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً وحسبنا الله ونعم الوكيل. جدول بالقطع المختارة كما وردت في كليلة ودمنة والأدب الصغير وعيون الأخبار وجاويدان خرد. ووجدت الناسك قد فكر فعلته السكينة وشكر فتواضع وقنع فاستغنى ورضي فلم يهتم وخلع الدنيا فنجا من الشرور ورفض الشهوات فصار طاهراً وانفرد فكفي الأحزان وطرح الحسد فظهرت منه المحبة وسنحت نفسه عن كل شيء فإن استكمل العقل وأبصر العاقبة فأمن من الندامة ولم يخف الناس فأمن منهم " ك35 ". وأعلمي أن هذا الجسد ذو آفات وأنه مملوء أخلاطا فاسدة قذرة تجمعها أربعة أشياء متعادية متغالبة تعمدهن الحياة وهي إلى نفاذ. كالصم المفصل أعضاؤه إذا ركبت جمعها مسمار واحد وأمسك بعضها على بعض. فإذا أخذ المسمار تساقطت الأوصال " ك27 ". يا نفس لا يحملنك ما تريدين من صلة أهلك وأقاربك والتماس رضاهم على جمع ما تهلكين به فإذا أنت كالدخنة الطيبة التي تحترق ويذهب بعرفها آخرون " ك27 - 28 ". وأنه كالماء الملح الذي لا يزداد الظمآن منه شربا إلا أزداد به عطشاً " ك36 ". أو كالعظم المتعرق الذي يصيبه الكلب فيجد فيه ريح لحم فلا يزال يلوكه وكلما أزداد له نهشاً زاد كدوحاً حتى يدمي فاه " ك36 ". وكالكوزة من العسل في أسفلها سم والذائق لها مصيب منها حلاوة عاجلة وفي أسفلها موت زعاف " ك36 ". وكدودة الأبريسم التي لا تزداد على نفسها لفاً إلا ازدادت تشبكاً ومن الجروح بعداً " ك36 ". وهي حقيق إلا يغفل عن أمر آخرته والتزود لها، فإن الموت لا يأتي إلا بغتة وليس بينه بين أحد وقت معلوم " ك142 ". وكان يقال: إن العاقل إنما يعد أبويه من الأصدقاء ويعد الأخوة من الرفقاء والأزواج إلفا والبنين ذكراً والبنات خصيمات والأقارب غرماء ويعد نفسه فرداً وحيداً " ك239 ". وقيل: ليعد من البقر والغنم من لم تكن همته إلا بطنه وفرجه " ك47 ". فمن عاش ما عاش غير خامل المنزلة ذا فضل على نفسه وأصحابه فهو وإن قل عمره طويل العمر " ك47 ". ومن كان عيشه في وحدة وضيق وقلة خير على نفسه وأصحابه فهو وإن طال عمره قصير العمر " ك47 ". والارتفاع من ضعة المنزلة التي شرفها شديد المؤنة والانحطاط منها إلى الضعة هين يسير. وإنما مثل ذلك كالحجر الثقيل الذي رفعه من الأرض إلى العاتق شاق وطرحه من العاتق إلى الأرض يسير " ك48 ". وقد قيل: لا يواظب أحد على باب السلطان ويطرح الأنفة ويحمل الأذى ويظهر البشر ويكظم الغيظ ويرفق في أمره إلا خلص إلى حاجته " ع19:1 " وقد قالت العلماء: أمور ثلاثة لا يجترئ عليها إلا الأهوج ولا يسلم منها إلا القليل: صحبة السلطان وائتمان النساء على الأسرار وشرب السم للتجربة " ك50 ". وإنما شبه العلماء السلطان بالجبل الوعر الذي فيه الثمار الطيبة، وهو معدن السباع المخوفة. فالارتقاء إليه شديد والمقام فيه أشد وأهول " ك50 ". فإن لم يكن هذا فعسى أن يكون من سكرات السلطان؛ فإن منها أن يسخط على من لم يستوجب السخط ويرضى عمن لم يستحق ذلك من غير أمر معلوم. وكذلك قيل: قد غررّ من لجج في البحر وأشد منه مخاطرة صاحب السلطان فأنه خليق وأن هو لزمهم بالوفاء والاستقامة والمودة والنصيحة أن يعثر فلا ينتعش " ك77 ". ومن ضبب اللؤلؤ والياقوت بالرصاص فليس ذلك بتصغير للياقوت ولكنه جهل ممن فعل ذلك " ك52 ".

والوالي حقيق إلا يحتقر مروءة وجدها عند أحد وإن كان صغير المنزلة. فأن الصغير ربما عظم كالعصب الذي يؤخذ من الميتة فإذا عملت من القوس أكرم فيقبض عليه الملك ويحتاج إليه في لهوه وبأسه " ك53 ". فإن ذا العقل لا يدع مشاورة عدوه إذا كان ذا رأي في الأمر الذي يبشرك فيه " ك64 ". إذا لقي المرء عدوه في المواطن التي يعلم أنه هالك فيها حقيق أن يقاتل كرماً وحفاظاً " ك65 ". فأنه كان يقال: الرجال ثلاثة حازمان وعاجز. فأحد الحازمين من إذا نزل به البلاء لم يدهش ولم يذهب قلبه شعاعاً ولم يعي برأيه وحيلته أو مكيدته التي بها يرجو المخرج والنجاة. وأحزم من هذا المتقدّم ذو العدة الذي يعرف الأمر مبتدأ قبل وقوعه فيعظمه إعظامه، ويحتال له حيلته كأنه قد لزمه فيحسم الداء قبل أن يبتلى به ويدفع الأمر قبل وقوعه. وأما العاجز فهو لا يزال في التردد وتمني الأماني حتى يهلك نفسه " ك69 ". وقرأت في كتاب للهند: الناس حازمان وعاجز فأحد الحازمين الذي إذا نزل به البلاء لم ينظر به وتلقاه بحيلته ورأيه حتى يخرج منه. وأحزم منه العارف بالأمر إذا قيل فيدفعه قبل وقوعه. والعاجز في تردد وتثن حائر بائر لا يأتمر رشداً ولا يطبع مرشداً " ع280:1 ". ومن بلغ في الدنيا جسيماً فلم يبصر " ك74 ". أو أتبع الهوى فلم يعثر أو جاور النساء فلم يفتتن أو طلب إلى اللئام فلم يهن ويحرم أو واصل الأشرار فسلم أو صاحب السلطان فدام له منه الإحسان " ك74 - 75 " أو صاحب السلطان فدام له منه الإحسان " ك74 - 75 ". أو طلب إلى اللئام فلم يهن ويحرم " ك74 ". فإن تهمة الأشرار ربما أورث أهلها تهمة الأخبار " ك75 ". وأعجبت منه أن أكون أطلب رضاه وموافقته فلا يرضى واعجب من ذلك أن ألتمس محبته واجتنب مخالفته فيغضب ويسخط " ك76 ". وأن كانت موجدته عن غير سبب انقطع الرجاء. لأن العلة إذا كانت المعتبة في ورودها كان الرضا في إصدارها " ك76 ". وعرفت أنه من التمس الرخصة من الإخوان عند المشاورة والأطباء عند المرض والفقهاء عند الشبهة فقد أخطأ الرأي وزاد في المرض واحتمل الوزر " ك77 ". وفي كتاب للهند: من التمس من الإخوان الرخصة عند المشورة ومن الأطباء عند المرض ومن الفقهاء عند الشبهة أخطأ الرأي وازداد مرضاً وحمل الوزر " ع30:1 ". وإن لم يكن هذا فلعل بعض ما أعطيته من الفضل جعل فيه هلاكي. فأن الشجرة الحسنة ربما كان فسادها في طيب ثمرتها إذا تنوولت أغصانها وجذبت حتى تكسر وتفسد. والطاووس ربما صادر ذنبه الذي هو حسنه وجماله وبالاً عليه فاحتال إلى الخفة والنجاة ممن يطلبه فيشغله عن ذلك ذنبه " ك77 ". والفرس الجواد القوي ربما أهلكه ذلك فأجهد وأتعب واستعمل لما عنده من الفضل حتى يهلك " ك77 ". والرجل ذا الفضل ربما كان فضله ذلك سبب هلاكه لكثرة من يحسده ويبغي عليه من أهل السوء. وأهل الشر أكثر من أهل الخير بكل مكان فإذا عادوه وكثروا عليه أوشكوا أن يهلكوه " ك77 ". ومن بذل نصيحته واجتهاده لمن لا يشكر له فهو كمن بذر بذرة في السباخ " ك79 ". ألا ترى أن الماء ألين من القول وأن الحجر أشد من القلب وليس يلبث الماء إذا طال تحدره على الحجر الصلد أن يؤثر فيه " ك83 ". وقرأت في كتاب للهند: فإن الماء ألين من القول والحجر أصلب من القلب وإذا أنحدر عليه وطال ذلك أثر فيه " ع22:2 ". فكذلك النجدة تلحقها السخافة عن خطأ الرأي فأنها إذا فقد أحدهما صاحبه لم يكن للآخر عمل عند اللقاء وللرأي عليها الفضل لأن أموراً كثيرة يجزي فيها الرأي ولا تبلغ هي شيئاً إلا به " ك88 ". ولا خير في الكلام إلا مع الفعل ولا في الفقه إلا مع الورع ولا في الصدقة إلا مع النية " ك89 ". وأعلم أن الأدب يدفع عن اللبيب السكر ويزيد الأحمق سكراً كالنهار فأنه ينير لكل ذي بصر من الطير وغيره ولا تستطيع الخفافيش الاستقلال فيه " ك89 ". وفي كتاب كليلة ودمنة: الأدب يذهب عن العقل السكر ويزيد الأحمق سكراً كما أن النهار يزيد كل ذي بصر بصراً ويزيد الخفافيش سوء بصر " ع281:1، 41:2 ". وذو الرأي لاتبطره منزلة اصابها كالجبل الذي لا يتزلزل وأن اشتدت الريح. وذو السخف ينزقه أدنى أمر كالحشيش الذي يميله الشيء اليسير " ك89 - 90 ". وفي كتاب كليلة ودمنة: ذو العقل لا تبطره المنزلة والعز كالجيل لا يتزعزع وأن اشتدت عليه الريح والسخيف يبطره أدنى منزلة كالحشيش بحركة أضعف ريح " ع281:1 ".

ومن الحمق التماس الإخوان بغير الوفاء والأجر بالرياء ومودة النساء بالغلظة ونفع المرء نفسه بضر الناس والفضل والعلم بالدعة والخفض " ك90 ". وقرأت في كتاب للهند: من الحمق التماس الرجل الإخوان بغير وفاء والأجر بالرياء ومودة النساء بالغلظة ونفع نفسه بضر غيره والعلم والفضل بالدعة والخفض " ع40:2 ". لا تلتمس تقويم ما لا يعتدل وتبصير من لا يفهم فأن الحجر الذي يقدر على قطعه لا تجرب به السيوف والعود الذي لا ينحني لا يعالج حنيه " ك91 ". أنه رب امرئ قد أوقعه تمحله في ورطة ... أنه من لك يتثبت أوقعه ما يحتال به فيما عسى ألا يخلص منه " ك92، 93 ". لا يوقعنك بلاد تخلصت منه آخر لعلك لا تخلص منه " د27 ". وإنما صلاح أهل البيت ما لم يدخل فيه مفسد، وبقاء إخاء الإخوان ما لم يحتل له مثلك " ك93، 94 ". فأنه يقال إن امرءاً لا يود أحداً ولا يبغضه إلا وجد له في نفسه مثل ذلك " ك100 ". والسبب الذي يدرك به العاجز حاجته هو الذي يحول بين الحازم وحاجته " ك128 ". السبب الذي يدرك به العاجز حاجته هو الذي يحول بين الحازم وبين طلبته " د33 " والمودة بين الصالحين سريع اتصالها بطيء انقاطعها ومثل ذلك مثل كوز الذهب الذي هو بطيء الانكسار سريع الإعادة والصلاح إن أصابه ثلم أو وهن. والمودة بين الأشرار سريع انقطاعها بطيء اتصالها كالاناء من الفخار مكسره أدنى شيء ثم لا وصل له أبداً " ك131 ". والمودة بين الأخيار سريع اتصالها بطيء انقطاعها. ومثل ذلك مثل كوب الذهب الذي هو بطيء الانكسار هين الإصلاح. والمودة بين الأشرار سريع انقاطعها بطيء اتصالها كاكوز من الفخار يكسره أدنى عبث لا وصل له أبداً " د33 ". والكريم يود الكريم عن لقية واحدة ومعرفة يوم فقط واللئيم لا يصل أحداً إلا عن رغبة أو رهبة " د34 ". إن الإخوان أهل الدنيا يتعاطون بينهم أمرين ويتواصلون عليهما: ذات النفس وذات اليد. فأما المتعاطون ذات النفس فهم المتعاونون المتصافون يستمتع بعضهم ببعض. وأما المتعاطون ذات اليد فهم المتعاونون المستمتعون الذين يلتمس بعضهم الانتفاع ببعض " ك131 ". وإن أهل الدنيا يتعاطون فيما بينهم أمرين ويتواصلون عليها: ذات النفس وذات اليد. فأما المتبادلون ذات اليد فهم المتعاونون المستمتعون الذن يلتمس بعضهم الانتفاع ببعض متاجرة ومكايلة " د34 ". ومن كان إنما يصنع المعروف ابتغاء الأجر والاكتساب لبعض شئون الدنيا فإنما مثله فيما يعطي ويبذل مثل الصياد والقائه الحب للطير لا يريد بذلك منفعتهن بل يريد بذلك نفع نفسه " ك131 - 132 ". وقرأت في كتاب للهند: من صنع المعروف لعاجل الجزاء فهو كملقي الحب ليصيد به الطير لا لينفعه " ع176:3 ". إن من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقاً ولعدو صديقه عدواً " ك132 ". وقرأت في كتاب للهند: من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقاً ولعدو صديقه عدواً " ع6:3 ". الخرس خير من اللسن المطعم بالكذب والعنين خير من العاهر والفاقة الفقر خير من النعمة والسعة من أموال الناس والاجتهاد في الكفاف خير من الإسراف والتبذير فيما لا يحل " ك138 ". ولا حسب كحسن الخلق ولا غنى كالقناعة وأحق ما صبر عليه ما ليس إلى تغييره سبيل " ك139 ". ولا حسب كحسن الخلق ولا غنى كالرضا وأحق ما صبر عليه ما لا سبيل إلى تغييره " د35 ". وفي كتاب كليلة: لا فقر ولا بلاء كالحرص والشره ولا غنى كالرضا والقناعة ولا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق " ع192:3 ". إنما يختبر ذو البأس عند اللقاء وذو الأمانة عند الأخذ والإعطاء والأهل والولد عند الفاقة والإخوان عند النوائب " ك145 ". قلما ظفر أحد يبغي وقل من حرص على النساء فلم يفتضح وقل من أكثر من الطعام فلم يسقم وقل من ابتلى بوزراء السوء إلا وقع في المهالك " ك170 ". وقرأت في كتاب للهند: لا ظفر مع بغي ولا صحة مع نهم ولا اجتناب محرم مع حرص ولا ثبات ملك مع متهاون وجهالة وزراء " ع111:1 ". إذا طلب اثنان أمراً ظفر به أفضلهما مروءة فإن استويا في المروءة فافضلهما أعواناً فإن استويا في ذلك فأسعدهما جداً " ك172 ". إذا لم يستطع الرجل عظيماً إلا باحتمال صغير كان حقيقاً إلا يلتفت إلى الصغير " ك177 ".

وذو العقل يق الكلام ويبالغ في العمل ويعترف بالزلة ويثبت بالأمور قبل الإقدام عليها ويقبل عثرة عمله بعقله كالرجل الذي يعثر على الأرض وعليها ينهض ويستقيم " ك183 ". وفي كتاب دليلة ... العاقل يقل الكلام ويبالغ في العمل ويعترف بزلة عقله ويستقبلها كالرجل يعثر بالأرض وبها ينتعش " ع281:1 ". ولا يبلغ البلاء من ذي الرأي مجهود عقله فيهلكه ولا الرخاء ينبغي له أن يبلغ منه مبلغاً يبطره ويسكره ويعمي عليه أمره " ك231 ". فأنه ليس أحد ابعد من الخير من اثنين منزلتهما واحدة وصفتهما مختلفة: أحدهما من لا يثق بأحد، والآخر من لا يثق به أحد " ك231 ". وإن الكريم لا يكون إلا شكوراً غير حقود، تنسيه الخلة الواحدة من الإحسان الخلال الكثيرة من الإساءة " ك232 - 233 ". وأعجل العقوبة عقوبة الغدر واليمين الكاذبة ومن إذا تضرع إليه وسئل العفو لم يعف ولم يصفح " ك233 ". وكان يقال: أعجل الذنوب عقوبة الغدر واليمين الفاجرة وردّ التائب وهو يسأل العفو خائباً " ع100:3 ". إن الغادر لا يجاز له بعذره وإن اخطأه عاجل العقوبة لم يخطئه آجلها حتى تدرك الأعقاب وأعقاب الأعقاب " ك 238 - 239 ". فمن كان له عقل كان على إماتة الحقد أحرص منه على تربيته " ك 240 ". ... إنما كان ذلك قدراً مقدوراً وكنا له عللاً فلا تؤاخذنا بما أتاك به القدر ... إن أمر القدر لكما ذكرت ولكن ليس ذلك حقيقاً أن يمنع الحازم من توقي المخوف والاحتراس من المحترس منه. ولكنه يجمع تصديقاً بالقدر وأخذاً بالقوة والحزم " ك241 ". وفي كتاب للهند: اليقين بالقدر لا يمنع الحازم توقي المهالك وليس على أحد النظر في القدر المغيب ولكن عليه العمل بالحزم ونحن نجمع تصديقاً بالقدر وأخذاً بالحزم " ع143:2 ". وكان يقال: الفاقة بلاء والحزن بلاء وقرب العدو بلاء وفراق الأحبة بلاء والسقم بلاء والهرم بلاء ورأس البلايا الموت " ك241 - 242 ". وليس أحد أعلم بما في نفس الموجع ممن ذاق مثل ما به " ك242 ". أنه لا خير فيمن لا يستطيع الإعراض عما في نفسه ويميته ويتناساه حتى لا يذكر منه شيئاً ولا يكون له في نفسه موقع " ك242 ". والعاقل لا يخيف أحداً ما استطاع ولا يقيم على الخوف وهو يجد مذهباً " ك 243 ". فأن خلالاً خمساً من تزودهن بلغنه في كل وجه وطريق وقرين له البعيد وآنس له الغربة وأكسبنه المعيشة والإخوان: كف الأذى وحسن الأدب ومجانية الريبة وكرم الخلق والنيل في العمل " ك243 ". وقرأت في كتاب للهند: من تزود خمساً بلغنه وآنسنه: كيف الأذى وحسن الخلق ومجانبة الريب والنبل في العمل وحسن الأدب " ع24:3 ". وشر المال ما لا ينفق منه وشر الازواج التي لا تواتي البعل وشر الولد العاصي وشر الاخوان الخاذل لاخوانه وشر الملوك الذي يخافه البريء وشر البلاد بلاد ليس فيها أمن ولا خصب " ك243 ". وقرأت في كتاب للهند: شر المال ما لا ينفق منه وشر الاخوان الخاذل وشر السلطان من خافه البرسء وشر البلاد ما ليس فيه خصب ولا أمن " ع3:1 ". وربما اتعظ الجاهل واعتبر بما يصيبه من المكروه من غيره فارتدع عن ان يبتلى أحداً بمثل ذلك من الظلم والعدوان " ك275 - 276 ". فاصبري من غيرك على نحو ما صبر عليه غيرك منك فإنه قد قيل: كما تدين تدان " ك276 ". وانه من عمل بغير الحق والعدل انتقم منه وأديل عليه. فان صحبة الاخيار تورث الخير وصحبة الأشرار تورث الشر كالريح إذا مرّت على النتن حملت نتناً وإذا مرت بالطيب حملت طيباً. وقد قالت العلماء في أشياء ليس لها ثبات ولا بقاء: ظل الغمام وصحبة الاشرار وعشق النساء والثناء الكاذب والمال الكثير. وفيه " كتاب للهند ": ستة أشياء لا ثبات لها: ظل الغمام وخلة الاشرار وعشق النساء والمال الكثير والسلطان الجائر والثناء الكاذب. وقيل في أشياء ليس لها ثبات ولا بقاء: ظل الغمام وخلة الاشرار وعشق النساء والنبأ الكاذب والمال الكثير. وهذا الحزن الذي أنا فيه وتذكري اخواني كالجرح المندمل تصيبه الضربة فيجتمع على صاحبها ألمان: ألم الضربة وألم انتقاض الجرح. انه من تكلف من القول والعمل ما ليس من شكله اصابه ما اصاب القرد ... وان الكريم لا يكون إلا شكوراً غير حقود تنسيه الخلة الواحدة من الاحسان الخلال الكثيرة من الاساءة.

ان صاحب الدنيا يطلب ثلاثة أمور لا يدركها الا باربعة أشياء: اما الثلاثة التي يطلب فالسعة في المعيشة والمنزلة في الناس والزاد إلى الآخرة. وأما الأربعة التي يحتاج إليها في دركها: فاكتساب المال من معروف وجوهه وحسن القيام عليه والتثمير له بعد اكتسابه وانفاقه فيما يصلح المعيشة ويرضى الأهل والاخوان ويعود عليه في الآخرة ثم التوقي لجميع هذه الآفات بجهده فمن أضاع هذه الخلال الأربع لم يدرك ما أراد لأنه إن لم يكتسب لم يكن له مال يعيش به وإن هو كان ذا مال واكتساب ثنم لم يحكم تقديره أوشك أن ينفذ فإذا هو ليس له شيء. وان هو وضعه ولم يثمره لم تمنعه قلة الانفاق من سرعة النفاد كالكحل الذي لا يأخذ منه الا مثل الغبار ثم هو سريع الفناء. ثم ان كانت نفقته في غير مواضع الحقوق اكتسب المذمة وصار إلى عواقب الندامة. وان هو اكتسب وأصلح ثم أمسك عن انفاقه في وجوهه كان كمن يعد فقيراً. لا تفعلن ذلك أيها الملك ولا ترحم من تخافه فان الملك الحازم ربما ابغض الرجل واقصاه ثم تكاره عليه فقربه وولاه لما يعرف من غنائه وفضله فعل فعل المتكاره على الدواء البشع رجاء منفعته ومغبته. وربما احب الرجل وأدناه ثم أهلكه واستأصله مخافة ضره كالذي تلدغ الحية أصبعه فيقطعها مخافة أن ينتشر السم في جسده كله فيقتله. قرأت في كتاب للهند: السلطان الحازم ربما أحب الرجل فأقصاه واطرحه مخافة ضره فعل الذي تلسع الحية اصبعه فيقطعها لئلا ينتشر سمها في جسده. وربما ابغض الرجل فأكره نفسه على توليته وتقريبه الغناء يجده عنده كتكاره المرء على الدواء البشع لنفعه. وقد كان يقال: لا يغفل العاقل عن التماس علما ما في نفس أهله وولده واخوانه وصديقه عند كل امر وفي كل لحظة وكلمة وعند القيام والقعود وعلى كل حال فأن ذلك شاهد على ما في القلوب " ك179 - 180 ". فلا يمنعن ذا العقل عداوة كانت في نفسه لعدوه من مقاربته والتماس ما عنده إذا طمع منه في دفع مخوف. وكثير من المودة يتحول بغضاً وكثير من البغض يتحول محبة ومودة عن حوادث العلل والامور. وذو الرأي والعقل يهيئ لكل ما حدث من ذلك رأياً من الطمع فيما يحدث من ذلك قبل العدو واليأس مما عند الصديق " ك229 ". فانه ليس كل من اسيء إليه ينبغي أن يتخوف غشه وعداوته، ويؤيس من نصيحته ومودته. لكن ينبغي ان ينزل الناس في ذلك على اختلاف ما بينهم. فان منهم من إذا ظفر بقطيعته كان الرأي ان يغتنم ذلك منه ويمتنع من معاودته ومنهم من لا ينبغي تركه وقطعه على كل حال " ك255 ". فان خلالاً ثلاثاً المرء حقيق بالتفكر فيها والاحتيال لها: ما يمضي من الضر والنفع بأن يحترش من الضر الذي اصابه لئلا يعود إليه ويرفق في المحبوب طلب مراجعته. وما هو مقيم فيه من ذلك فيستوثق مما يوافقه ويهرب مما يخالفه وما هو منتظر له فيطلب المرجو ويلتجئ من المحذور بالاستعداد لما يرجو أو يخاف " ك62 ". وكان يقال: الزم ذا العقل والكرم واسترسل إليه واياك وفراقه ولا عليك ان تصحب من لا جود له إذا كان محمود الرأي واحترس من سيئ اخلاقه وانتفع بما عنده ولا تدع مواصلة السخي وان كان لا نبل له واستمتع بسخائه وانفعه بلبك واهرب من اللئيم الأحمق " ك94 ". وقرأت في كتاب للهند: ثق بذي العقل والكرم واطمئن إليه وواصل العاقل غير ذي الكرم واحترس من سيئ أخلاقه وانتفع بعقله وواصل الكريم غير ذي العقل وانتفع بكرمه وانفعه بعقلك واهرب من اللئيم الأحمق " ع80:3 " وكان يقال: افضل البر الرحمة ورأس المودة الاسترسال وانفع العقل المعرفة بما يكون وبما لا يكون وطيب النفس وحسن الانصراف عما لا سبيل إليه " ك139 - 140 ". وسمعت العلماء قالوا:.... وافضل البر الرحمة ورأس المودة الاسترسال ورأس العقل المعرفة بما يكون وما لا يكون وطيب النفس حسن الانصراف عما لاسبيل إليه " د35 ". وقرأت في كتاب الهند: رأس المودة الاسترسال " ع5:3 ". وقد جربت وعرفت انه لا ينبغي لأحد أن يلتمس من الدنيا طلباً فوق الكفاف الذي يدفع به الحاجة والأذى عن نفسه وذلك يسير إذا أعين بسعة يد وسخاء نفس " ك140 ". ولو ان رجلاً وهبت له الدنيا بما فيها لم ينتفع من ذلك إلا بالقليل الذي يكف به الاذى عن نفسه فاما ما سواه ففي مواضعه لا يناله " ك140 ".

فان الرجل ذا المروءة قد يكرم على غير مال كالاسد الذي يهاب وان كان رابضاً. والغني الذي لا مروءة له يهان وان كثر ماله كالكلب الذي يهان وان طوق وخلخل " ك141 ". والرجل ذو المروءة قد يكرم على غير مال كالأسد يهاب وان كان عقيراً والرجل الذي لا مروءة له يهان وان كثر ماله كالكلب الذي يهون على الناس وان طوق وخلخل " د35 - 36 ". ما ارى التبع والاخوان والاهل الا مع المال ولا تظهر المروءة والرأي والمودة إلا به فاني وجدت من لا مال له إذا اراد ان يتناول امراً قعد به عنه العدم كالماء الذي يبقى في بطون الاودية عن مطر الصيف فلا هو إلى بحر ولا إلى نهر فيبقى في مكانه لأنه لا مادة له " ك137 ". ما التبع والاعوان والصديق والحشم إلا للمال ولا يظهر المروءة الا المال ولا الرأي ولا القوة إلا بالمال " د34 ". ووجدت من لا اخوان له فلا أهل له ومن لا ولد له فلا ذكر له ومن لا عقل له فلا دنيا له ولا آخرة ومن لا مال له فلا عقل له لأن الرجل إذا اصابه الضر والحاجة رفضه اخوانه وقطع ذوو قرابته وده وهان عليهم واضطرته المعيشة وما يعالج منها لنفسه وعياله إلى التماس الرزق فيما يغرر فيه بنفسه ودينه وهلاك آخرته فإذا هو قد خسر الدنيا والآخرة " ك137 ". ومن لا اخوان له فلا أهل له ومن لا اولاد له فلا ذكر له ومن لا عقل له فلا دنيا ولا آخرة ومن لا مال له فلا شي له " د34 ". فان الشجرة النابتة في السباخ المأكولة من كل جانب أمثل حالاً من الفقير الذي يحتاج إلى ما في ايدي الناس " ك137 ". فالفقر رأس كل بلاء وداعية المقت إلى صاحبه وهو مسلبة للعقل والمروءة ومذهبة للعلم والادب ومعدن للتهمة ومجمعة للبلايا " ك137 ". والفقر داعية إلى صاحبه مقت الناس وهو مسلبة للعقل والمروءة ومذهبة للعلم والادب ومعدن التهمة ومجمعة للبلايا " د34 ". ووجدت الرجل إذا افتقر اتهمه من كان له مؤتمناً واساء به الظن من كان يظن به حسناً فإن اذنب غيره كان للتهمة موضعاً " ك138 ". فإذا افتقر الرجل اتهمه من كان له مؤتمناً وأساء به الظن من كان يظن به حسناً فان اذنب غيره اظنوه وكان للتهمة وسوء الظن موضعاً " د34 ". وليس من خلة هي للغني مدح الا وهي للفقير ذم. فان كان جواداً سمي مفسداً وان كان حليماً سمي ضعيفاً وان كان وقوراً سمي بليداً وان كان لسناً سمي مهذاراً وان كان صموتاً سمي عيياً " ك138 ". وليس خلة هي للغني مدح الا وهي للفقير عيب. فان كان شجاعاً سمي اهوج وان كان جواداً سمي مفسداً وان كان حليماً سمي ضعيفاً وان كان وقوراً سمي بليداً وان كان لسناً سمي مهذاراً وان كان صموتاً سمي عيياً " د34 - 35 ". وقرأت في كتاب للهند: ليس من خلة يمدح به الغني الا ذم بها الفقير فان كان شجاعاً قيل اهوج وان كان وقوراً قيل بليد وان كان لسناً قيل مهذار وان كان زميتاً قيل عيي " ع1: 239 " فالموت اهون من الفاقة التي تضطر صاحبها إلى المسألة.... ولا سيما مسألة الاشحاء الادنياء اللؤماء " ك138 ". فان الكريم لو كلف ان يدخل يده في فم التنين فيستخرج منه سُمّاً فيبتلعه كان اخف عليه من الطلب إلى اللئيم " ك138 ". وقد قيل من ابتلي بمرض في جسده لا يفارقه او بفراق الاحبة والاخوان أو بالغربة حيث لا يعرف مبيتاً ولا مقيلاً ولا يرجو إياباً أو بفاقة تضطره إلى المسألة فالحياة له موت والموت له راحة " ك138 ". وكان يقال: من ابتلي بمرض في جسده لا يفارقه أو بفراق الاحبة والاخوان أو بالغربة حيث لا يعرف مبيتاً ولا مقيلاً ولا يرجو اياباً أو بفاقة تضطره إلى المسألة فالحياة له موت والموت له راحة " د35 ". انه رب عداوة باطنة ظاهرها صداقة وهي أشد ضراً من العداوة الظاهرة " ك234 ". والعاقل يفي لمن صالح بما جعل له ويثق بذلك من نفسه ولا يثق ولا يثق لها بمثل ذلك من احد ولا يؤثر على البعد من عدوه ما استطاع شيئاً " ك235 ". فان العاقل إذا رجا نفع عدو اظهر له الصداقة وإذا خاف ضر الصديق اظهر له العداوة " ك234 ". وربما قطع المرء عن صديقه بعض ما كان يصله بفضله فلم يخف شره لأن اصل امره لم يكن عداوة " ك234 - 235 ". فاما من كان اصل امره عداوة وتحدث صداقة لحاجة حملته على ذلك فأنه إذا ذهب الأمر الذي احدث ذلك صار إلى اصل امره كالماء الذي يسخن بالنار فإذا رفع عنها عاد بارداً " ك235 ".

وقرأت في كتاب للهند: العدو إذا احث صداقة لعلة الجأته اليها فمع ذهاب العلة رجوع العداوة كالماء يسخن فإذا رفع عاد بارداً. وليس من عداوة الجوهر صلح الا ريثما يعود إلى العداوة وليس صلح العدو بموثوق به ولا مركون إليه فان الماء ان هو سخن بالنار واطيل اسخانه لم يمنعه ذلك من اطفاء النار إذا صب عليها. ليس بين عداوة الجوهرية صلح الا ريثما ينتكث كالماء ان اطيل اسخانه فانه لا يمتنع من اطفاء النار إذا صب عليها. فاني قد علمت ان الضعيف هو اقرب إلى ان يسلم من العدو القوي إذا هو احترس منه ولم يغترر به من القوي إذا اغتر بالضعيف واسترسل إليه. والعاقل يصانع عدوه إذا اضطر إليه فيظهر له وده ويريه من نفسه الاسترسال إليه إذا لم يجد من ذلك بداً ويعجل الانصراف عنه إذا وجد إلى ذلك سبيلا. ان للاحقاد في القلوب لمواقع موجعة خفية فالالسن لا تصدق على القلوب والقلب اعدل على القلب شهادة من اللسان. ان الاحقاد مخوفة حيث كانت واشدها ما كان في انفس الملوك فان الملوك يدينون بالانتقام ويرون الطلب بالوتر مكرمة وفخراً. ولا ينبغي للعاقل ان يغتر بسكون الحقود فانما مثل الحقد في القلب ما لم يجد متحركاً مثل الجمر الكنون ما لم يجد حطباً. فلا يزال الحقد يتطلع إلى اعلل كما تبتغي النار الحطب فإذا وجد علة استعر استعار النار فلا يطفئه ماء ولا كلام ولا لين ولا رفق.. واكيس الاقوام من لم يكن يلتمس الامر بالقتال ما وجد إلى غير القتال سبيلاً فان النفقة في القتال من الانفس وغير ذلك انما النفقة فيه من الاموال.. وقرأت في كتاب للهند: ... ويكره " الحازم " القتال ما وجد بداً لان النفقة فيه من الانفس والنفقة في غيره من المال. ولا تغترن بسلطانك عليهم فيدعوك ذلك إلى استصغارهم والتهاون بأمرهم فان الحشيش الضعيف إذا جمع فتل منه الحبل القوي الذي يوثق به الفيل المغتلم الشديد. وقد قيل: لو ان امرأ توسد النار وافترش الحيات كان احق بأن يهنئه النوم عليها منه إذا احس من صاحبه الذي يغدو عليه ويروح بعداوة يريد بها نفسه. ان صاحب الضرس المأكول لا يزال في اذى منه حتى يفارقه. والطعام الذي غثيت منه النفس راحتها في قذفه. والعدو المخوف دواؤه في فقده أو قهره. فانهم كانوا يقولون: ليس للعدو الحنق الذي لا يطاق الا الهرب منه والتباعد عنه. ... وما الرأي الا ان نذكي العيون والطلائع بيننا وبين العدو وننظر هل يقبلن صلحاً أو فدية أو خراجاً نؤديه اليهن. بل ترك اوطاننا والاصطبار على الغربة وشدة المعيشة احب إلينا من وضع احسابنا والخضوع لعدونا الذي نحن خير منه واشرف. وقد يقال: قارب عدوك بعض المقاربة تنل منه حاجتك ولا تقاربه كل المقاربة فيجترئ عليك بها ويضعف ويذل لها جندك. ومثل ذلك مثل الخشبة القائمة في الشمس فإن املتها قليلاً زاد ظلها وان جاوزت الحد في امالتها ذهب الظل. وكان يقال: قارب عدوك بعض المقاربة تنل حاجتك ولا تقاربه كل المقاربة فيجترئ عليك عدوك وتذل نفسك ويرغب عنك ناصرك. ومثل ذلك مثل العود المنصوب في الشمس ان املته قليلاً زاد ظله وان جاوزت الحد في امالته نقص الظل. قرأت في كتاب للهند: بعض المقاربة حزم وكل المقاربة عجز كالخشبة المنصوبة في الشمس تمال فيزيد ظلها ويفرط في الامالة فينقص الظل. قارب عدوك بعض المقاربة تنل حاجتك منه ولا تقاربه كل المقاربة فيجترئ عليك مع ما تذل به نفسك ويرعب ناصرك. والمثل في ذلك مثل العود المنصوب في الشمس ان أملته قليلاً زاد ظله وان جاوزت الحد في امالته نقص الظل. فان العاقل لا يأمن عدوه على كل حال ان كان بعيداً لم يأمن من معاودته وان كان متكشفاً لم يأمن استطراده وان كان قريباً لم يأمن مواثبته وان كان وحيداً لم يأمن مكره. الحازم لا يأمن عدوه على كل حال ان كان بعيداً لم يأمن من معاودته وان كان قريباً لم يأمن مواثبته وان رآه متكشفاً لم يأمن استطراده كمينه وان رآه وحيداً لم يأمن مكره. الحازم يحذر عدوه على كل حال. يحذر المواثبة ان قرب والغارة ان بعد والكمين ان انكشف والاستطراد ان ولى والمكر ان رآه وحيداً.

الحازم لا يأمن عدوه على كل حال: ان كان بعيداً لم يأمن من معرته بالكيد وان كان قريباً لم يأمن مواثبته وان كان منكشفاً لم يأمن استطراده وان كان وحيداً لم يأمن مكره. ولكل حريق مطفئ: للنار الماء وللسم الدواء وللعشق الوصال وللحزن الصبر زنار الحقد لا تخبو. وكان يقال: من اقلعت عنه الحمى استراح بدنه وقلبه ومن وضع الحمل الثقيل استراح منكبه ومن أمن عدوه ثلج صدره. فان العاقل وان كان واثقاً بقوته وقوله وفضله رشدة بطشه لا يحمله ذلك على ان يجني على نفسه عداوة اتكالاً على ما عنده من ذلك كما ان الرجل وان كان عنده الترياق والأدوية لا ينبغي له ان يشرب السم اتكالاً على ما عنده من ذلك. وانما يستخرج ما عند الرجال ولاتهم وما عند الجنود قادتهم وما في الدين علماؤه. وكثرة الأعوان إذا لم يكونوا نصحاء مجربين مضرة على العمل فان العمل ليس بذلك رجاؤه بل بصالح الاعوان وذوي الفضل كالرجل الذي يحمل الحجر الثقيل فيثقله ولا يجد له ثمناً والرجل الذي يحمل الياقوت فلا يثقل عليه وهو قادر على بيعه بالكثير من المال. فان الرجل الذي بحضرة السلطان إذا كان قد اطيلت جفوته عن غير جرم كان منه او كان مبغياً عليه أو كان معروفاً بالحرص والشره أو كان قد اصابه ضر أو ضيق فلم ينعش أو كان قد اجرم جرماً فهو يخاف العقوبة او كان شريراً لا يحب الخير أو كان قد وقف على خيانته أو كان قد حيل بينه وبين ما كان في يده من سلطان أو كان قد وقف على خيانته أو كان قد حيل بينه وبين ما كان في يده من سلطان أو كان يلي عملاً نعزل عنه أو فرق عليه أو انتقص منه أو اشرك بينه وبين غيره فيه أو كان اذنب في نظرائه فعفي عنهم وعوتب وعوقب أو عوقبوا جميعاً فبلغ منه ما لم يبلغ من احد منهم مثله أو كان قد أبلى بلاء نظرائه ففضلوا عليه في المنزلة والجاه أو كان غير موثوق به في الهوى والدين أو كان يرجو في شيء مما يضر الولاة نفعاً أو يخاف في شيء مما ينفعهم ضراً أو كان لعدو السلطان مواداً. كل هؤلاء ليس السلطان حقيقاً بالاسترسال إليهم والطمأنينة إلى ما قبلهم والائتمان لهم. ان السلطان انما يؤتى من قبل ست: الحرمان والفتنة والهوى والفظاظة والزمان والخرق. فأما الحرمان فيأتي بفقد الاعوان والساسة من أهل الرأي والنجدة والامانة أو يُبعد بض من هو كذلك. واما الفتنة فهي تخرب الناس ووقوع التحارب بينهم. واما الهوى فهو الاغرام بالنساء أو الحديث والشرب والصيد وما اشبه ذلك. واما الفظاظة فالافراط في الشدة حتى يبتلى اللسان بالشتم واليد بالبطش والضرب وأما الزمان فهو ما يصيب الناس من القحط والموت ونقص الثمرات واشباه ذلك. واما الخرق فاعمال الشدة في موضع اللين والرفق في مكان الغلظة. فانه كان يقال: إذا عرف الملك من الرجل انه قد ساواه في الرأي والمنزلة والهيبة والمال والتبع فليصرعه فانه ان لم يفعل كان هو المصروع. وخير الاعوان اقلهم مصانعة. وخير النساء الموافقة لبعلها. وافضل الاعمال احلاها عاقبة واحسن الثناء ما كان على افواه الأحرار. واشرف السلطان ما لم يخالطه بطر. وأيسر الاغنياء من لم يكن للحرص اسيراً. وامثل الاخلاق أونها على الورع. مع ان الملوك حزمة لا يعلنون بالعقوبة إلا لمن ظهر ذنبه وما كان من ذلك مكتوماً ستروها منه. ان السلطان إذا كان صالحاً ووزراؤه غير صالحين قل خيره على الناس وامتنع منهم فلم يجتر عليه احد ولم يدن منه كالماء الصافي الطيب الذي فيه التماسيح فلا يستطيع الرجل دخوله وان كان سابحاً واليه محتاجاً. كان يقال: انما يصيب الملوك الظفر بالحزم والحزم باصالة الرأي والرأي بتحصين الاسرار. الظفر بالحزم والحزم باصالة الرأي والرأي بتكرار النظر وبتحصين الاسرار. وانما يطلع على السر من قبل خمسة: من قبل صاحب الرأي ومن قبل مشاوره ومن قبل الرسل والبرد ومن قبل المستمعين الكلام ومن قبل الناظرين في أثر الرأي ومواقع العمل بالتشبيه والتظني. من حصن سره فانه من تحصينه اياه في أحد امرين: اما ظفر بما يريد واما سلامة من عيبه وضره ان اخطأه ذلك. وفي تحصين السر الظفر بالحاجة والسلامة من الخلل.

وإذا كان الملك محصناً لاسراره متخيراً للوزراء مهيباً في انفس العامة بعيداً من ان يعلم ما في نفسه لا يضيع عنده حسن بلاء ولا يسلم منه ذو جرم مقدراً لما يفيد ولما ينفق كان خليقاً الا يسلب صالح ما اعطي. فمن السر ما يدخل فيه الرهط ومنه ما يدخل فيه الرجلان ومنه ما يستعان فيه بالقوم. وللأسرار منازل: منها ما يدخل الرهط فيه ومنها ما يستعان فيه بقوم ومنها ما يستغنى فيه بواحد. وأعلم أن الرسول به وبرأيه وأدبه يعتبر عقل المرسل وكثير من شأنه وعليك باللين والمواتاة فإن الرسول هو يلين القلب إذا رفق ويخشن الصدر إذا خرق (ك154) . لا يطمعن ذو الكبر والصلف في الثناء الحسن ولا يطمعن الخب في كثرة الصديق ولا الشيء الأدب في الشرف ولا الشحيح في البر ولا الحريص في قلة الذنوب ولا الملك المتهاون الضعيف الوزراء في بقاء ملكه. لا يطمعن ذو الكبر في حسن الثناء ولا الخب في كثرة الصديق ولا الشيء الأدب في الشرف ولا الشحيح في المحمدة ولا الحريص في الإخوان ولا المعجب بثبات الملك. ولا ثناء مع كبر ولا صداقة مع خب ولا شرف مع سوء أدب ولا بر مع شح ... ولا رياسة مع غرارة وعجب. فإن الملك إذا لم يكن في مملكته قرة عيون رعيته فمثله ذات الضرع الضخم إذا وضعت ولدها لم يكن فيه ما يكفيه. وأعمال الملك كثيرة ومن يحتاج إليه من العمال والأعوان كثير ومن يجمع منهم الذي ذكرت من النصيحة وأصالة الرأي والعفاف قليل. وإنما السبب في الوجه الذي به يستقيم العمل أن يكون الملك عالماً بمودة من يريد الاستعانة به، وما عند كل رجل منهم من الرأي والغناء وما فيه من العيوب. فإذا استقر ذلك عنده من علمه أو علم غيره وعلم ما يستقيم به وجه لكل عمل من قد عرف أن عنده من الأمانة والنجدة والرأي ما يستقل بذلك العمل، وإن الذي فيه من العيب لا يضر بذلك العمل. ويتحفظ من أن يوجه أحداً في وجه لا يحتاج فيه إلى مروءة إن كانت عنده ولا تؤمن عيوبه وعاقبة ما يكره منه. ثم على الملك بعد ذلك تعاهد عماله والتفقد لأمورهم حتى لا يخفى عليه إحسان محسن ولا إساءة مسيء ثم عليهم بعد ذلك ألا يتركوا محسناً بغير جزاء ولا يقروا مسيئاً ولا عاجزاً على العجز والإساءة. فإنهم إن ضيعوا ذلك وتهاونوا به تهاون المحسن واجترأ المسيء ففسد الأمر وضاع العمل. لأن تنقل الناس من بعض المنازل إلى بعض فيه صعوبة ومشقة شديدة ثم أن الأشياء في ذلك تجري على منازل حتى تنتهي إلى الخطر الجسيم من مضادة الملك في ملكه. إن أموراً ثلاثة تزداد بها لطافة ما بين الإخوان واسترسال بعضهم إلى بعض: منها المؤاكلة ومنها الزيارة في الرحل ومنها معرفة الأهل والحشم. وقرأت في كتاب للهند: ثلاثة أشياء تزيد في الأنس والثقة: الزيارة في الرحل والمؤاكلة ومعرفة الأهل والحشم. وقد كان يقال: لا يكثرن الرجل على إخوانه حمل المؤنات حتى يؤذيهم ويبرمهم. فإن عجل البقرة إذا أكثر مصه إياها وإفراطه أوشكت أن تضربه وتنفيه. الأصدقاء صديقان: طائع ومضطر وكلاهما يلتمس المنافع ويحترس من المضار. فأما الطائع منهما فيُسترسل إليه ويوثق به على كل حال. وأما المضطر فإن له حالات يُسترسل فيها وحالات يتقى فيها فلا يزال العاقل يرتهن منه بعض حاجته ببعض ما يتقي وما يخاف. فإنه من اتخذ صديقاً ثم أضاع ود اخائه حرم ثمرة إخائه وأيس من منفعة الإخوان. وإن من المعونة على تسلية الهم وسكون النفس عند نزول البلاء لقاء الأخ أخاه وإفضاء كل واحد منهما إلى صاحبه ببثه. فإن من المعونة على تسلية الهموم وسكون النفس لقاء الأخ أخاه إذا أفضى كل واحد إلى صاحبه ببثه. من لم يركب الأهوال لم ينل الرغائب. ومن ترك الأمر الذي لعله أن يبلغ منه حاجته مخافة لما لعله يتوقاه ويشفق منه فليس ببالغ جسيماً. وقد قيل في أمور لا يستطيعها أحد إلا بمعونة من ارتفاع همة وعظيم خطر منها عمل السلطان وتجارة البحر ومناجزة العدو. وفي كتاب للهند: ثلاثة أشياء لا تنال إلا بارتفاع همة وعظيم خطر: عمل السلطان وتجارة البحر ومناجزة العدو. لا ينبغي للرجل ذي المروءة أن يرى إلا في مكانين ولا يليق به غيرهما أما مع الملوك مكرماً وأما مع النساك متبتلاً. كالفيل الذي إنما بهاؤه وجماله في مكانين: أما في البرية وحشياً وأما مركباً للملوك.

وفيه أيضاً: لا ينبغي أن يكون الفاضل من الرجال إلا مع الملوك مكرماً أو مع النساك متبتلاً كالفيل لا يحسن أن يرى إلا في موضعين: في البرية وحشياً أو للملوك مركباً. فإن المال وسائر متاع الدنيا سريع إقباله إذا أقبل وشيك إدباره إذا أدبر كالكرة فإن ارتفاعها وإقبالها وإدبارها ووقوعها سريع. 160 - لا يزال المرء مستقلاً ما لم يعثر فإذا هو عثر لج به العثار ولو مشى في جدد. لقد صدق القائل الذي يقول: لا يزال الرجل مستمراً حتى يعثر. فإذا عثر مرة واحدة في أرض الخبار لج به العثار وإن مشى في جدد. وقد كان يقال: من غالب الملك الحازم الأريب المصنوع له الذي لا تبطره السراء ولا يدهشه الخوف فإن حينه يجدر به. وويل لمن ابتلي بصحبتهم (الملوك) فإنهم لا حميم لهم ولا حريم ولا يحبون أحداً ولا يكرم عليهم إلا أن يطمعوا عنده في غناء فيقربوه عند ذلك ويكرموه. فإذا قضوا منه حاجتهم فلا ودّ ولا حفاظ. ولا الإحسان يجزون به ولا الذنب يعفون عنه.

§1/1