مسند الشافعي - ترتيب السندي

الشافعي

الجزء الأول. كلمة الناشر: نحمدك اللهم خالق الخلق، ومالك الملك لا إله إلا أنت لا شريك لك، ونصلي ونسلم على رسولك وأمين وحيك المصطفى سيدنا ومولانا محمد بن عبد اللًّه بن عبد المطلب وعلى آله وأصحابه والتابعين وتابع التابعين الذين خدموا هذا الدين الحنيف بقلوب صادقة عامرة بالإيمان القوي فقاموا بالواجب عليهم خير قيام لا يبتغون من وراء ذلك دنيا يصيبونها بل كان رائدوهم رضوان اللًّه ورحمته وغفرانه. أما بعد: فمن المحقق الذي لا جدال فيه أن أشرف الكلام وأعظمه كلام اللًّه سبحانه وتعالى وأصدق الحديث وأكمله أحاديث رسول اللًّه صلى اللًّه عليه وسلم. وقد عنى علماء المسلمين في العصور الغابرة بتدوين أحاديث رسول اللًّه صلى اللًّه عليه وسلم وضبطها، وشرحها، والبحث عن رجالها وترتيبها ومن أفاضل العلماء الذين خدموا الحديث وعنوا به أمام المحدّثين في عصره وشيخ مشايخ علماء زمانه الشيخ محمد عابد السندي المتوفي سنة 1257 هـ فإنه عنى بترتيب مسند الامام الشافعي وتهذيبه أنفع ترتيب، وأمتع تهذيب فرتبه على أبواب الفقه ترتيباً علمياً يسر به سبيل الاستفادة منه وحفظ وقت المراجعين والباحثين. ولما كان هذا الكتاب لا يزال مخطوطاً لم تتداوله الأيدي والناس في حاجة ماسة الى الانتفاع به أرشدنا اليه وشجعنا على القيام بنشره شيخنا العالم العلامة بقية السلف الصالح اللأستاذ الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري وكيل المشيخة الإسلامية في الخلافة العثمانية سابقاً ونزيل القاهرة الآن أمد اللُّه في عمره، فاعتماداً على إرشاد فضيلته وتوجيهه لنا تجاسرنا بالإقدام على نشره متوخين بذلك خدمة الدين والعلم وتيسير البحث على العلماء والطلاب وغيرهم من المقلدين لمذهب الامام الشافعي ليتبينوا دليل مذهب أمامهم ولينتفع به كافة رجال العلم والبحث ثم لكي نتمكن من إبراز طبعتنا هذه في حلة قشْيبة خاليه من الأغلاط بقدر المستطاع راجعنا الأصول التي بيدنا على عدة نسخ منها نسختان خطيتان محفوظتان في دار الكتب الملكية المصرية بالقاهرة تحت رقم 1832 و 2352 حديث، وغيرهما من النسخ التي عثرنا عليها. ومضاعفة للفائدة، ومبالغة للنفع رأينا أن نقدمه للقراء مضبوط الكلمات مشروحها فرغبنا الى حضرة الأستاذ الكبير واللغوي الأديب صاحب الفضيلة الشيخ حامد مصطفى

المدرس بكلية اللغة العربية بالجامعة الأزهرية أن يساهم معنا في هذا العمل الجليل فلم يسعه حفظه الّله مع ضيق وقته وكثرة عمله إلا أن يجيب هذه الرغبة خدمة لأحاديث رسول اللًّه صلى اللًّه عليه وسلم وأحياء لذكرى الامام الشافعي الذي يحتل من قلبه وحبه أسمى مكان فجزاه اللًّه عن العلم وخدامه خير الجزاء. هذا واننا نتقدم للقراء الكرام بهذه الدرة اليتيمة، والتحفة الثمينة الفريدة بعد بذل جهد غير قليل في ابرازها بهذه الصورة راجين من اللًّه سبحانه وتعالى أن يوفقنا في هذه الدنيا الى خير العمل وأن يجعلنا في الآخرة من المقبولين الحائزين لعفوه ورضاه انه سميع مجيب.

بسمِ اللًّه الرحمن الرحّيم (مقدمة الشيخ زاهد الكوثري) مسند الامام أبي عبد اللًّه الشافعي رضي اللًّه عنه وكلمة عن جمعه وترتيبه. الحمد للًّه رب العالمين، وصلى اللًّه على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين. أما بعد: فإن مسند الامام المعظم، والمجتهد المقدم، أبي عبد اللًّه محمد بن ادريس الشافعي رضي اللًّه عنه، من أرفع المسانيد شأناً، وأعظمها نفعاً، لمن يريد أن يطلع على وجوه التدليل، على مذهب هذا الامام الجليل؛ لأنه حوى معظم ما أستند إليه هذا الامام، من أحاديث الأحكام، في الحلال والحرام. وقد قال الحافظ أبو المحاسن محمد بن علي الحسيني الدمشقي الشافعي رحمه اللًّه في (التذكرة في رجال المسانيد العشرة) وهي في مكتبة الكبريلي بالآستانة: (ذكرت فيها رجال الأئمة الأربعة المقتدى بهم؛ لأن عمدتهم في الاستدلال لهم لمذاهبهم في الغالب على ما رووه في مسانيدهم بأسانيدهم) ثم ذكر الموطأ لمالك ثم قال: (وكذلك مسند الشافعي؛ فأنه موضوع لأدلته على ما صح عنده من مروياته) ثم ذكر مسند أبي حنيفة، ومسند أحمد رضي اللَّه عنهم. وكلام الحسيني هذا يدل على أنه كان يعرف أن لهم أدلة أخرى سوى ما في تلك المسانيد على ما يظهر من قوله (في الغالب) وان تجاهل ابن حجر هذا القيد فأخذ يرد في (تعجيل المنفعة) على الحافظ الحسيني بما لا يرد عليه، مع ظهور أن الحسيني ليس ممن يجهل جامع مسند الشافعي، ولا مدون مسند أبي حنيفة، ولا أن للأئمة أحاديث سوى ما في تلك الكتب، وتلك أمور قل بين طلبة العلم من يجهلها فضلا عن مثل الحسيني حفظا واطلاعاً لكن ابن حجر يلذه تعقب من قبله على أي وجه كان! ! .

ومسند الشافعي هذا يحتوي على أحاديث سمعها أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم المتوفي سنة 346 هـ من الربيع بن سليمان المرادي المؤذن المتوفي سنة 270 هـ في ضمن كتب الأم وغيرها التي سمعها مباشرة من الامام الشافعي رضي اللَّه عنه غير أحاديث معروفة سمعها بواسطة البويطي، ومدون تلك الأحاديث بأسانيدها في ذلك السفر المعروف بمسند الامام الشافعي هو: أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر النيسابوري المتوفي سنة 360 هـ صاحب الأصم، وكان جمعه لتلك الأحاديث في ذلك السفر لشيخه بطلبه، وقيل إن جمعه كان لنفسه لا لشيخه، ويقال إن الجامع هم الأصم نفسه والله أعلم. وعلى كل تقدير أحاديث ذلك المسند من مسموعات ابن مطر من الأصم ضمن سماعه لكتب الأم منه كما سمعها هو من الربيع، وهو سمعها من الشافعي رضي اللَّه عن الجميع ويكني بعض أهل العلم ابن مطر أبا جعفر واللَّه أعلم. فمسند الشافعي سواء كان جمعه تحت اشراف الأصم أومن غير اشرافه عليه، غير مرتب على الشيوخ ولا على الأبواب، ولذا قال ابن حجر في تعجيل المنفعة: (ولم يرتب الذي جمع حديث الشافعي أحاديثه لا على المسانيد ولا على الأبواب، وهو قصور شديد؛ فانه اكتفى بالتقاطها من كتب الأم وغيرها كيف ما أتفق، ولذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع اهـ) . ولذا ترى في المسند سرد أحاديثه تحت عناوين إما غير دالة على أبواب الفقه اكتفاء بمجرد ذكر مصادرها من الكتب نحو (من كتاب اختلاف مالك والشافعي و (من كتاب الرسالة) و (من كتاب ابطال الاستحسان) ، و (من كتاب اختلاف أحكام القرآن) و (من كتاب سير الواقدي) ، و (من كتاب جماع العلم) ، و (من كتاب اختلاف علي وعبد اللَّه) وتلك عناوين لا تدل على نوع معاني الأحاديث المدونة تحتها، واما دالة على أبواب من الفقه لكن لا دقة في توزيع الأحاديث عليها ولا في جمعها في أبوابها. وكان هذا المسند الجليل ينقصه هكذا حسن التبويب فيحول ذلك دون استثمار فوائده بأيسر نظرة، وقد شرحه ابن الأثير في عدة مجلدات، وكذا الرافعي ثم قام الأمير المحدث؟ نجر الجاولي المتوفي سنة 745 هـ يجمع ما في الشرحين في صعيد واحد، ومضوا جميعا على اهمال ترتيب أحاديث الكتاب بحيث يعم النفع به.

والواقع أن أهل العلم قصروا في خدمة هذا المسند الجليل المحتوى لجل أحاديث الامام الشافعي الى أن قيض اللَّه لخدمته المحدث المسندى القائم بخدمة السنة واقراء الكتب الستة في المدينة المنورة في القرن السابق الشيخ محمد عابد السندي المتوفي سنة 1257 هـ، فانه عنى بترتيب مسند الامام الشافعي وتهذيبه أنفع ترتيب، وأمتع تهذيب كما فعل مثل ذلك في مسند الامام أبي حنيفة فكان أجر ملء هذا الفراغ مذخورا له، ليضاعف اللَّه سبحانه حسناته، ويرفع درجاته. وللسندي هذا: (طوالع الأنوار في شرح الدر المختار) في ستة عشر مجلداً ضخما بين كتب الرافعي في مكتبة الأزهروله تبويب مسند أبي حنيفة على أبواب الفقه وشرحه في أربع مجلدات باسم (المواهب اللطيفة في شرح مسند أبي حنيفة) بمحمودية المدينة المنورة وبالهند والمتن المبوب طبع مرات وله (حصر الشارد من أسانيد محمد عابد) من أنفع وأوسع الأثبات المؤلفة في القرن الهجري السابق نسخته سقيمة منه محفوظة بدار الكتب المصرية وكم ختم الكتب الستة سردا، ورواية، وشرحا، ودراية في المدينة المنورة، وبسط القول في ترجمته في (ثبت الاثبات) لمولانا المحدث البارع السيد محمد عبد الحي الكتاني حفظه اللَّه. ولمحمد عابد السندي أيضا (ترتيب مسند الامام الشافعي) رضي اللَّه عنه على أبواب الفقه مع شرحه الى نصفه، وله غير ذلك، ويقول في (حصر الشارد) عند ذكر مسند الشافعي: (التقطه بعض النيسابوريين - وهو أبو جعفر محمد بن جعفر بن مطر من الأبواب، ويقال بل جرد أحاديث كتب الأم أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر لأبي العباس الأصم، وقيل بل جردها الأصم لنفسه، ولم يرتب الذي جمع أحاديثه على المسانيد ولا على الأبواب، بل اكتفى كيف ما أتفق، فلذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع، وقد وفقني اللَّه فرتبته على الأبواب الفقهية، وحذفت منه ما كان مكرارا لفظا ومعنى، ووقع إتمامه سنة 1230 اهـ ثم شرحت نصفا منه وأسأل اللَّه الاتمام اه) . والشارح عاش بعد ذلك سبعا وعشرين سنة، ولا أدري ماذا حال دون اتمامه للشرح؟ أم تم ولم يبلغنا خبره؟ وقد قال السندي في مقدمة ترتيب مسند الشافعي بعد ذكره ترتيبه لمسند أبي حنيفة، وكون مسند الشافعي غير مرتب على الأبواب الفقهية: (ولذلك كان يشكل البحث فيه على الطالب خصوصا عند ايراده الحديث في غير مظانه أو تكراره

للحديث في مواضع متفرقة من كتابه فاستخرت اللَّه تعالى في جمعه وترتيبه، وتهذيبه، وتبويبه فانشرح صدري لذلك، وشرعت مستعينا باللَّه تعالى في ذلك انه مفيض كل خير وجود اه) . وقد أتم الترتيب والتهذيب كما ترى على أكمل نظام، وأحسن انسجام، فله عند اللَّه على ذلك المثوبة الوافية، والدرجات العالية، ان شاء اللَّه تعالى، وترتيبه للمسند بذكر كتاب الإيمان والإسلام أولا ثم كتاب العلم، ثم كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، ثم كتاب الطهارة في عشرة أبواب، وهكذا. وإني أروي ترتيب مسند الشافعي اجازة عن الشيخ أحمد طاهر العلائي عن المسند محمد علي بن ظاهر الوتري، عن المحدث عبد الغني الدهلوي المشروح الأسانيد في اليانع الجني عن المحدث البارع مبوب مسند الشافعي محمد عابد السندي رحمه اللَّه. وأما مسند الشافعي نفسه فأرويه اجازة عن أبي طلحة صدر الدين القاضي، عن محمد بن سليمان الجوخدار، عن سعيد الحلبي، عن اسماعيل المواهبي، عن عبد القادر بن خليل كدك زاده، عن محمد بن همات الدمشقي، عن عبد اللَّه بن سالم، عن الشمس محمد البابلي، عن أحمد بن خليل السبكي، عن النجم الغيطي، عن زكريا الأنصاري، عن عبد الرحيم بن الفرات، عن محمد بن ابراهيم الخزرجي، عن الفخر ابن البخاري أبي الحسن علي بن أحمد السعدي، عن أبي المكارم أحمد بن محمد اللباني الاصبهاني، عن عبد الغفار ابن محمد الشيروري بكسر الشين وضم الراء عن القاضي أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري بكسر الحاء عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن الربيع المرادي، عن الامام الشافعي رضي اللَّه عنهم أجمعين. (ح) ويرويه زكريا الأنصاري، عن ابن حجر ابن أبي المجد، عن الحجار، عن أبي السعادات الحمامي، عن أبي زرعة المقدسي، عن مكي ابن منصور، عن أبي بكر الحيري. وقد ساق عبد القادر بن خليل أسانيده فيه في (المطرب المعرب الجامع لأهل المشرق والمغرب) بطرق ستة من شيوخه كما هو عادته في مروياته فيه الا أنه وهم في تحويل السند في أحد الطرق الى الطهاوي، لأن ما بطريق الطهاوي هو كتاب سنن الشافعي الذي جمعه الطهاوي نفسه من مسموعاته من خاله المزني عن الشافعي رضي اللَّه عنهم ومسند الشافعي الذي يرويه الأصم غير ذلك، وأروى مسند الشافعي أيضا مكاتبة عن المرحوم محدث اليمن الأكبر الحسين بن علي العمري المعمر، عن الحفاظ إسماعيل

ابن محسن عن الشوكاني بسنده في اتحاف الأكابر إلا أنه ساق سنده بطريق ابن حجر، عن الصلاح بن أبي عمر كما فعل الكوراني، لكن ابن حجر ليس له اجازة خاصة من الصلاح ابن أبي عمر: لأنه توفي بالشام سنة 780 هـ وابن حجر ابن سبع بمصر وإن شملته اجازة الصلاح لأهل عصره، لكن ابن حجر لا يعول على مثل هذه الاجازة العامة كما ذكرته في صدر التحرير الوجيز، وانما ذلك تصرف بعض أصحاب الأثبات بعده، والعمدة في رواية ابن حجر لمسند الشافعي روايته عن ابن أبي المجد كما سبق. وكنت أحض الأستاذ البحاثة السيد محمد عزة العطار الحسيني على طبع هذا الكتاب النافهع للغاية منذ سنين متطاولة لما أعرفه منه في الغيرة الصادقة في طبع الكتب النافعة، لكن شائت الأقدار أن يؤخر تلبيته لهذه الدعوة الى اليوم الذي لا تمكنني ظروفي فيه من الخدمة للكتاب بأكثر من هذه الكلمة والمنتظر من فضيلة السيد يوسف علي الزواوي الحسني من علماء الأزهر ومن السيد عزة العطار بذل غاية الجهد في التصحيح والمقابلة وضبط الكنى والألقاب وغريب الألفاظ في الأحاديث بالرجوع الى مظانها مع الاعتناء بجودة الورق والطبع ليضاعف اللَّه الأجر والمثوبة له وينتفع به الفقهاء من كل مذهب وما ذلك على اللَّه بعزيز. محمد زاهد الكوثري

مقدمة الإمام السندي بِسْمِ اللَّه الرَحمن الرّ حِيمْ سبحانك اللهم يا من تقدست (تنزهت) ذاتك وصفاتك عن الأشباه والنظائر، ومنحتنا من صنوف النعم وفنون المنن (المنة بالكسرهي إسم النعمة والإحسان من الامتنان بمعنى الأنعام) مالا تؤمله الخواطر وأوجبت الحمد على كافة خلقك لما شملتهم من أياديك (الأيادي جمع يد بمعنى النعمة فهو جمع الجمع) في البواطن والظواهر، مع علمك منهم بما استولت عليه السرائر فلم تجازهم على سيئآت الضمائر، بل أجزلت (أجزلت المواهب جعلتها جزلة أي كثيرة واسعة) لهم المواهب وأنلتهم الرغائب (الرغائب جمع رغيبة وهي العطاء الكثير) تفضلاً منك وكرما فلك الحمد كما حمدت به نفسك، وأضعاف أضعاف ما تستوجبه من جميع خلقك كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، في كل لمحة (اللمحة: النظرة) ونفس عدد ما وسعه علمك والصلاة والسلام على سيد من اخترته من عبادك، وأفخر (يظهر لي أن أفخر هنا مصحفة عن افخم من فخم ككرم: ضخم وعظم قدره فالفخم العظيم القدر واما أفخر فلم يسمع لها فعل حتى تؤخذ منه. نعم الفاخر الجيد من كل شئ ولكن لا فعلله) من قام في ترغيب أوامرك، وترهيب زواجرك، وجاهد في سبيلك أعدائك، حتى أعلى كلمتك، وأظهر توحيدك، ونفى كل شريك لك، وعبدك حق عبادتك، فكان ذلك منك لخلقك، من جزيل تفضلاتك، وعظيم موهباتك، لا زالت صلواتك وتسليماتك تحيط به من جميع جهاته، وتنيله مقام الوسيلة التي بها وعدته،

وكان ذلك من أجل طلباته، وعلى آله الذين بفضله سادوا الخلق وقادوا، وصحابته الأخيار الأتقياء الأبرار ما دام رضوانك مستمراً بهم ورحماتك تعمهم آمين. وبعد فيقول: أفقر عباد اللَّه الى رحمته، وأحوجهم الي مغفرته محمد عابد ابن محمد بن علي القاضي محمد مراد الواعظ الأنصاري الأيوبي نسباً السندي مولداً لما فرغت من ترتيب مسند الامام الأقدم، والهمام الأعظم أبي حنيفة النعمان بن ثابت وكان مسند الامام الشافعي الذي رواه القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، عن أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم، عن الربيع بن سليمان، عن مقتدى الأمة امام الأئمة أبي عبد اللَّه محمد بن ادريس الشافعي رحمه اللَّه وبوأه دار كرامته غير مرتب على الأبواب الفقهية ولذلك كان يشكل البحث فيه على الطالب خصوصاً عند ايراده للحديث في غير مظانه أو تكراره للحديث في مواضع متفرقة من كتابه استخرت (طلب منه أن يختار له أصلح الامرين يقال استخر اللَّه يخره لك) اللَّه تعالى في جمعه وترتيبه وتهذيبه وتبويبه. فانشرح صدري لذلك وشرعت مستعيناً باللَّه تعالى فيما هنالك انه مفيض كل خيروجود. واليه يفتقر كل موجود، جعله اللَّه تعالى من خالص الأعمال، ينتفع به الخاص والعام في كل الاحوال آمين.

باب الإيمان والإسلام

باب الإيمان والإسلام

1 - (أخبرنا) : مالك، عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه انه سمع طلحة بن عبيد اللَّه يقول: - جاء أعرابي من نجد ثائر (الكلام على حذف مضاف والتقدير ثائر شعر الرأس أي قائمة منتشرة) الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول حتى إذا دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَوْمِ والَّليْلَةِ» . قال هل عليّ غيرها؟ قال: «لاَ. الاَّ أَنْ تَطَوَّعَ (تطوع أصله تتطوع حذف إحدى تائيه للخفة) .» وذكر له النبي صلى اللَّه عليه اللَّه وسلم صيام شهر رمضان فقال: هل عليّ غيره؟ قال: «لاَ. الاَّ أَنْ تَطَوَّعَ.» فأدبر الرجل وهو يقول واللَّه لا أزيد على هذا ولا أنقص منه شيئاً. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «أفلح ان صدق» .

2- (أخبرنا) : مالك بن أنس، عن عمه أبي سهيل بن مالك، عن أبيه انه سمع طلحة بن عبيد اللَّه يقول: - جاء رجل الى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الإسلام. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَوْمِ والَّليْلَةِ» . قال هل عليّ غيرها؟ قال: «لاَ. الاَّ أَنْ تَطَوَّعَ.»

3 - (أخبرنا) : ابن عيينة، عن سهيل بن أبي الصالح، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن تميم الداري قال: -فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: " الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، لِلَّهِ ولِكِتَابِهِ، ولِنَبِيِّهِ، ولأَِّئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وعاَمَّتِهِمْ -[13]- (النصيحة ارادة الخيرة للمنصوح له وأصل النصح في اللغة الخلوص والنصيحة للَّه صحة الاعتقاد بوحدانيته والاخلاص في عبادته والنصيحة لكتابه التصديق به والعمل بما فيه والنصيحة لنبيه التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لامره ونهيه والنصيحة للائمة اطاعتهم في الحق. والنصيحة لعامة المسلمين ارشادهم الى مصالحهم) .

4 - (أخبرنا) : ابن عيينة، عن زياد بن علاقة قال: سمعت جرير بن عبد اللَّه يقول: - بايعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم على النصح لكل مسلم.

5 - (أخبرنا) : عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة: - أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "لاَ أَزَالُ أُقاَتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ اِلَه الاَّ اللَّه. فإذا قالوها عَصَمُوا (منعوا وحموا - ومعنى قوله إلا بحقها أي إلا أن يعتدوا على أموال غيرهم او دمائهم فيقتص منهم ثم قال وحسابهم على اللَّه أي هو المجازي لهم على ما أضمروا في قلوبهم مخلفا لنطقهم) . مِنِّي دِمَائَهُمْ وأَمْوَالهُمْ الاَّ بِحَقِّهَا وحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ".

6- (أخبرنا) : عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة: - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "لاَ أَزَالُ أُقاَتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَه إلاَّ اللَّه. فإذا قالوها عَصَمُوا مِنِّي دِمَائَهُمْ وأَمْوَالهُمْ الاَّ بِحَقِّهَا وحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ".

7- (أخبرنا) : عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: - أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "لاَ أَزَالُ أُقاَتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ اِلَه الاَّ اللَّه. فإذا قالوها عَصَمُوا مِنِّي دِمَائَهُمْ.

8- (أخبرنا) : مالك عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد اللَّه بن عدي ابن الخِيار: - أن رجلا سارَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فلم ندر ما سارَّه به حتى جهر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فإذا هو يستأمره (يستأذنه) في قتل رجل من -[14]- المنافقين فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «أَلَيْسَ يَشْهَدْ أَنْ لاَ الهَ الاَّ اللِّه؟» قال: بلى. ولا شهادة له (سس يريد المستأذن في القتل أن شهادتهم وصلاتهم كعدمها لأنه ينافق بهما ولا يصدق في فعلهما ولكن الرسول صلوات اللَّه عليه قال: انني منى عن قتلهم لأنه ليس لنا الا الظاهر من أعمالهم اما القلوب فاللَّه ادرى بها وهو المجازي بما فيها فهو كقوله صلى اللَّه عليه وسلم «امرت ان أحكم بالظاهر واللَّه يتولى السرائر» ) قال: «أَلَيسَ يُصَلِي؟» قال: بلى. ولا صلاة له. فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «أُولئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ» .

9- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن أسامة بن زيد قال: - شهدت من نِفَاقِ عبد اللَّه بن أُبي ثلاثة مجالس.

10- (أخبرنا) : سفيان، عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب قال لأبي بكر: -أليس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال أمرت أن قاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا اللَّه فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على اللَّه؟ قال أبو بكر: هذا من حقها لو منعوني عقالا (العقال الحبل الذي يعقل به البعير الذي يؤخذ في الصدقة لأن على صاحبها التسليم وإنما يتم به وقيل أراد ما يساوي عقالا من الصدقة وقيل أراد بالعقال صدقة العام يقال أخذ المصدق عقال هذا العام أي صدقته قال أبو عبيد: وهو أشبه بالمع؟؟ ى. وقال الخطابي: إنما يضرب المثل في مثل هذا بالأقل لا بالأكثر وليس بسائر في لسانهم أن العقال صدقة عام. اقول وهذا الذي أميل اليه هذا وفي أكثر الروايات عناقا او جديا مكان عقالا) مما كانوا يعطونه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لقاتلتهم عليه.

11- (أخبرنا) : الثقة، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن أبي هريرة: أن عمر قال لأبي بكر هذا القول أو معناه.

12- (أخبرنا) : الثقة، عن ابن شاهب، عن عبيد اللَّه، عن أبي هريرة: -أن عمر قال لأبي بكر فيمن منع الصدقة: أليس قد قال رسول اللَّه صلى اللَّه -[15]- عليه وسلم لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا اللَّه فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على اللَّه؟ قال أبو بكر: هذا من حقها يعني مَنْعَهم الصدقة.

13- (أخبرنا) : مالك، عن صالح بن كيسان، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عتبة ابن مسعود، عن زيد بن خالد الجهني قال: - صلى بنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناسَ فقال (هَلْ تَدرُنَ مَاذَا قَال رَبكم؟ " قالوا: اللَّه ورسوله أعلم: "قال: " أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنْ وَكَافِرٌ فَأمَّأ مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بي وَكَافِرٌ بالكواكب. وأمَّأ مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا (النوء سقوط نجم في المغرب وطلوع آخر في المشرق ويحدث ذلك كل ثلاث عشرة ليلة مرة وبذا يكون عدد أنواء السنة ثمانية وعشرين وبانقضائها يعود الأمر إلى النجم الأول مع استئناف السنة المقبلة. وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط نجم وطلع آخر قالوا لا بد أن يكون عند ذلك مطر فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى ذلك النجم فيقولون مطرنا بنوء الثريا أو الدبران أو السماك. وإنما غلظ النبي صلى اللَّه عليه وسلم فيها لأن العرب كانت تزعم ان ذلك المطر الذي جاء بسقوط نجم هو فعل ذلك النجم وتنسب المطر اليها ولا يجعلونه سقيا من اللَّه) مُؤْمِنٌ أَوْ نَوْءِ كَذَا فَذَلِكَ كَافِر بي مُؤْمِنٌ بالكواكب.

14- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي إدريس، عن عبادة بن الصامت قال: -كنا عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في مجلس فقال: «بَايعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيئاً» وَقَرَأَ علينا الآيةَ (وهي قول اللَّه تعالى"يأيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن باللَّه ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن اللَّه ان اللَّه غفور رحيم. (الممتحنة آية 12) هذا والمبايعة: المعاهدة. وقال: فَمَنْ وَفَى -[16]- مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ومَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيئاً فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ومَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيئاً فَسَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَهُوَ إلَى اللَّه انْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وانْ شَاءَ عَذَبَّهُ.

كتاب العلم

كتاب العلم

15- (أخبرنا) : سفيان، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: " تَجِدُونَ النَّاسَ مَعَادِنَ فَخِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيِّةِ خِيَارُهُمْ إِذَا فَقُهُوا (فقه بالكسر يفقه فقها إذا علم وفهم وفقه بالضم يفقه: صار فقيها عالما قال ابن الأثير وقد جعله العرف خاصا بعلم الشريعة اه والضبط الثاني هو المراد إذ المقصود بهذه الكلمة الحث على التفقه في الدين والتوسع في فهمه) ".

16- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، عن أبيه: - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " نَضَّرَ (يروى بالتخفيف والتشديد نضره ونضره: نعمه من النضارة وهي حسن الوجه وبريقه والمراد حسن خلقه وقدره) اللَّه عَبْداً سَمِعَ مَقَالَتِي فَحَفِظَهَا وَرَعَاهَا فَأدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا فَرُبّ َحامِلِ فِقْهٍ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبّ َحامِلِ فِقْهٍ أدَّاهُ إلى مَنْ هُو أَفْقَهُ مِنْهُ. ثَلاثٌ لاَ يُغِلُّ (غل يغل بالكسر إلا إذا كان ذا غش وضغن وحقد وأغل يغل: خان أي لا يكون معها في قلبه غش ونفاق ولكن يكون معها الاخلاص ويكون معنى عليهن معهن وعلى الثاني يكون المعنى لا يخون عليهن قلب مسلم أي معهن بل يتنزه عن الخيانة وام غل يغل بالضم فأنه خاص بخيانة المغنم فلا يناسب ما هنا) . عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ: إِخْلاصُ العَمَلِ لِلَّهِ والنَّصِيحَةُ لِلمُسْلِمِينْ ولُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ فَانَّ دَعَوْتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ.

17- (أخبرنا) : سفيان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ولاَ حَرَجَ (الضيق والمراد به الأثم والحرام أي حدثوا عنهم ولا بأس ولا اثم عليكم أن تحدثوا عنهم ما سمعتم وإن كان محالا مثل ما روى أن النار كانت تنزل من السماء فتأكل القربان لا أن يحدث عنهم بالكذب وقيل لا اثم عليك في الحديث عنهم إذا اديته على ما سمعته حقا كان أو باطلا لطول العهد بخلاف الحديث عن النبي فانه يكون بعد العلم بصحة روايته وعدالة رواته وقيل معناه حدثوا عنهم ولا حرج عليكم ان لم تحدثوا عنهم) وحَدِثُوا عَنِّي ولاَ تَكْذِبُوا عَلَيّ.»

18- (أخبرنا) : عمرو بن أبي سلمة التنيسي، عن عبد العزيز بن ممد، عن أسيد بن أبي أسيد، عن أمه قال: -قلت لأبي قتادة: مالك لا تحدث عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كما يحدث عنه الناس قالت: فقال أبو قتادة: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: مَنْ كَذَبَ عَلَيّ مُتَعَمِدًا فَلْيَتَبَؤَّا لِجَنْبِهِ (يتخذ) مُضْجَعاً مِنَ النّارِ" فجعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول ذلك ويمسح الارض بيده.

19- (أخبرنا) يحي بن سليم، عن عبيد اللَّه بن عمرو، عن أبي بكر بن سالم، عن سالم، عن ابن عمر: - عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إنَّ الَّذِي يَكْذِبُ عَلَيّ لَهُ بَيْتٌ في النَّارِ» .

20- (أخبرنا) : عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: مَنْ قال عَلَيّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَؤَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) .

21- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير قال: - قلت لابن عباس أن نوفاً البكالى يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى بني اسرائيل. فقال ابن عباس: كذب عدو اللَّه أخبرني: أبي بن كعب قال: خطبنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم ذكر حديث موسى والخضر بشئ يدل على ان موسى صاحب الخضر سمعت: الربيع يقول سمعت، الشافعي يقول: طَلَبُ العِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ النَّافِلَةِ (الزائدة عن الفروض) .

22- (أخبرنا) : سفيان، عن يحي بن سعيد قال: - سألت إبناً لعبد اللَّه بن عمر عن مسألةٍ فلم يقل فيها شيئاً. فقيل له إنا لنُعَظِم أن يكون مثلُك ابن امامي هُدًى ويُسْأل عن أمر ليس عندك فيه علم؟ فقال: أعظم واللَّه من ذلك عند اللَّه وعند من عرف اللَّه وعند من عقل عن اللَّه أن أقول ما ليس لي به علم أو أخبر عن غير ثقة.

23- (أخبرني) : عمي محمد بن علي، عن هشام بن عروة، عن أبيه انه قال: - إني لأسمع الحديث وأستحسنه فما يمنعني أن أذكره إلا كراهية أن يسمعه سامع فيقتدى به، أسمعه من الرجل لا أثق به قد حدثه من أثق به، وأسمعه من الرجل أثق به قد حدثه من لا أثق به. وقال سعد بن ابراهيم: لا يحدث عن النبي صلى اللله عليه وسلم إلا الثقات.

كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

24- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن محمد بن عجلان، عن أبيه عن أبي هريرة -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَمَا أَمَرْتُكُمْ به مِنْ أَمرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَمَا نَهَيْتُكم عَنْهُ فَانْتَهُوا» . س

25- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة -عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معناه.

26- (أخبرنا) : إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عنْ أبيه: - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَعْظَمُ المسْلِمِينَ في المسْلِمِينَ جُرماً (الذنب ونص الحديث في النهاية» أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسألته) مَنْ سَأَلَ عَنْ شَئٍ لَمْ يَكُنْ يَعنى مُحَرًّمًا فحرم مِنْ أجْلِ مَسْأَلَتِهِ".

27- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد، عنْ أبيه: -عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل معناه.

28- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه: -أن عنده كتابا من العقول؟ نزل به الوحي وما فَرَضَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من صدقة وعقول (جمع عقل وهو الدية يريد ان كل ما دعا اليه الرسول صلوات اللَّه عليه فبالوحي ومن هذا الوحي ما يتلى وهو القرآن ومنه مالا يتلى أي ما ليس بقرآن وهو السنة) فإنما نزل به الوحي وقيل لم يسن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم شيئا قط إلا بوحي من اللَّه فمن ما يتلى ومنه ما يكون وحياً إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فيسن به.

29- (أخبرنا) : مسلم، عن ابن جريج، قال: قال لي ابن طاوس: -عند أبي كتاب من العقول؟ نزل به الوحي وما فرض رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من العقول والصدقة فإنما نزل به الوحي.

30- (أخبرنا) : ابن عيينة بإسناد: - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: لاَ يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَىَّ شيئاً فَإِنِي لا أُحِلُّ لَهُمْ إلاَّ مَا أَحَلَّ اللَّه ولاَ أُحَرِمُ عَلَيْهِمْ إلاَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ".

31- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد اللَّه، سمع عبيد اللَّه بن أبي رافع يحدث عن أبيه أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " لاَ أُلْفِينَّ (الفاه: وجده) أحَدكُمْ عَلَى مُتَّكِئاً أَرِيكَتِهِ يَأتِيهِ الأمْرُ من أمْرِي مِمَّا أمَرْتُ به أوْ نُهِيتُ عَنْهُ فَيَقُولُ لاَ أَدْرِي مَا وَجَدْنَا في كِتَاب اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ".

32- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، حدثني سالم أبو النضر، عن عبيد اللَّه ابن أبي رافع، عن أبيه قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لاَ أُلْفِينَّ أحَدكُمْ مُتَّكِئاً عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأتِيهِ الأمْرُ من أمْرِي مِمَّا أمَرْتُ به أوْ نُهِيتُ عَنْهُ فَيَقُولُ ما نَدْرِي مَا وَجَدْنَا في كِتَاب اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ» .

33- (أخبرنا) : سفيان، وحدثنيه عن محمد بن المنكدر: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مرسلا قال الشافعي: الأريكة بفتح الهمزة السرير.

34- (أخبرنا) : أبو حنيفة (بن سماك بن الفضل روى عنه الشافعي اه وسماك في طبقة شيخ شعبة كما في التهذيب وغيره، وذكر ابن حجر في مناقب الشافعي سماكا في عداد شيوخه ولم يذكر أبو حنيفة هذا لا في التهذيب ولا في المناقب فليحرر (ز)) سماك بن الفضل، قال: حدثني اين أبي ذئب، -[21]- عن المقبري، عن أبي شريح الكعبي: - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال عام الفتح: «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيرِ النَّظَرَيْنِ وإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ القَوَدُ» . فقال أبو حنيفة: فقلت لابن أبي ذئب: أتأخذ بهذا يا أبا الحارث؟ فضرب صدري وصاح عليَّ صَياحاً كثيراً ونال مني وقال: أحدثك عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وتقول أتأخذ به! نعم. آخذ به وذاك الفرض عليَّ وعلى من سمعه إنَّ اللَّه عزوجل اختار محمداً صلى اللَّه عليه وسلم من الناس فهداهم به وعلى يديه واختار لهم على لسانه فعلى الخلق أن يتَّبعوه طائعين وداخرين (أذلة مهانين) لا مخرج لمسلم من ذلك. قال وما سكت عني حتى تمنيت أن يسكت.

كتاب الطهارة وفيه عشرة أبواب

كتاب الطهارة وفيه عشرة أبواب

الباب الأول في المياه

الباب الأول في المياه

35- (أخبرنا) الثقة، عن ابن أبي ذئب، عن الثقة عنده عمن حدثه، أو عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه العدوي، عن أبي سعيد الخدري: - أن رجلا سأل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: إن بئر بُضاعة (بضاعة بضم الباء وأجاز بعضهم كسرها والضم أكثر) تطرح فيه الكلاب والحيض. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «إنَّ المَاءَ لاَ يُنَجِّسُهُ شَئٌ» .

36- (أخبرنا) الثقة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عباد بن جعفر، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: -[22]- «إذَا كَانَ المَاءَ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ نَجِساً (نجس الشئ نجساً فهو نجس من باب تعب إذا كان قدرا غير نظيف ومن باب قتل لغة وثوب نجس بالكسر اسم فاعل وبالفتح وصف بالمصدر للمبالغة وفي اللسان النجس والنجس القذر من الناس ومن كل شئ. والخبث بفتح الباء والخاء النجس وقوله أو خبثا شك من الراوي.) أَوْ خَبَثاً» .

37- (أخبرنا) مسلم بن خالد، عن ابن جريج باسناد لا يحضرني ذكره: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا " وقال في هذا الحديث بقلال هَجَر (محركة يذكر فيصرف ويؤنث فيمنع الصرف: بلد باليمن) قال إبن جريج قد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا.

38- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن أبي الزناد، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة: - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ في المَاءِ الدَائِمْ ثُم يَغْتَسِل مِنْهُ» .

39- (أخبرنا) : مالك، عن اسحق بن عبد اللَّه، عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت قيادة ابن أبي قتادة أو أبي قتادة الشك من الربيع: -أن أبا قتادة دخل فسكبت له وضوءاً فجاءت هرة فشربت منه فرآني أنظر إليه فقال: تعجبين يا بنت أخي أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إنَّهَا لَيسَتْ بِنَجِسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَوّافِينَ عَلَيْكُمْ والطوَّافَاتِ»

40- (أخبرنا) : سعيد بن سالم، عن أبي حبيبة أو ابن حبيبة، عن داود ابن الحصين، عن جابر بن عبد اللَّه: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: " أنه سئل أنتوضأ بماء أفضلته الحمر؟ قال: «نعم. وَبِمَا أفضَلَتْهُ السِّبَاعُ كُلُّهَا»

41- (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: - إن الرجال والنساء كانوا يتوضئون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم جميعاً.

42- (أخبرنا) : مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة رجل من آل ابن الأزرق. أخبرنا المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار، أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: - سأل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: " إنَّا نَرْكَبُ البَحْرَ ونَحْمِلُ مَعَنَا القَلِيلَ مِنَ المَاءِ فَإِن تَوضانَا بِهِ عَطِشْنَا أَفَنَتَوَضَّاء بِمَاء البَحْر؟ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «هُو الطَهُورُ مَاؤُه وَالحِلُّ مَيْتَتُهُ» .

الباب الثاني في الأنجاس وتطهيرها

الباب الثاني في الأنجاسْ وتطهيرها

43- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إ ذَا شَرِبَ الكَلْبُ مِنْ إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» .

42- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "إ ذَا وَلِغَ (يلغ من باب نفع ولغا ولوغا: شرب، وولغ يليغ من بابي وعد وورث. وولغ يولغ كوجل يوجل.) الكَلْبُ مِنْ إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ".

45- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن أيوب بن أبي تميمة، عن ابن سيرين، عن -[24]- أبي هريرة: -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إ ذَا وَلِغَ الكَلْبُ مِنْ إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنُّ أَوْ أُخْرَاهُنَّ بِالتُرَابْ» .

46- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن هشام، عن فاطمة، عن أسماء قالت: -سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيضة يصيب الثوب؟ فقال: «حُتِّيهِ (حكيه والحك والحت والقشر سواء) ثُمَّ أُقْرُصِيهِ (الدلك بأطراف الأصابع حتى يذهب أثره) بالْمَاءِ ثُمَّ رشِّيهِ وَصَلِّي فِيه» .

47- (أخبرنا) : الشافعي في أول الكتاب، أخبرنا: سفيان بن عيينة، أنا: هشام بن عروة: -أنه سمع امرأته فاطمة بنت المنذر تقول: سمعت جدتي أسماء بنت أبي بكر قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيضة فذكر مثله.

48- (أخبرنا) : مالك، عن هشام بن عروة، عن فاطمة بنت المنذر، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: - سألت امرأة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه أرأيت احدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها: «إذا أصَابَ ثَوْبَ إِحْدَاكُنَّ الدَّمُ مِنَ الحيضَةِ فَلْتَقْرُصْهُ ثُمَّ لتَنضَحْهُ (رشه به) بالْماء ثُمَّ تُصَلِّي فيه» .

49- (أخبرنا) : ابراهيم بن محمد، أخبرني محمد بن عجلان، عن عبد اللَّه بن رافع، عن أمّ سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: -أن النبي صلى الله عليه وسلم سشل عن الثوب يصيبه دم الحيض فقال: «تَحُتُّهُ ثُم تَقْرُصْه بالماء ثَم تُصَلِّي فِيه» .

50- (أخبرنا) : مالك، عن محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم، عن محمد ابن ابراهيم بن الحارث التيمي، عن أم ولد لابراهيم بن عبد الرحمن بن عوفٍ، عن أمّ سلمة قالت: -إني امراة أطيل ذيلي، وأمشي في المكان القذر. فقالت أم سلمة: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» .

51- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن يحي بن سعيد: سمعت أنس بن مالك يقول: - بال إعرابي في المسجد فعجل الناس عليه فنهاهم عنه وقال: «صُبُّوا عَلَيهِ دَلْوًا مِنْ مَاءٍ» .

52- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: - دخل إعرابي المسجد فقال: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً. فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لَقَدْ تَجَّرْتَ (ضيقت ما وسعه اللَّه وخصصت به نفسك دون غيرك) واَسِعَاً» قال: فما لَبِثَ (لبث بالكسر: مكث وأقام) أن بال في ناحية المسجد فكأنهم عَجِلُوا عليه فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم أمر بذَنوب ماء أو سَجْل (الذنوب بالفتح الدلو العظيمة وقيل لا يسمى دنوبا إلا إذا كان فيها ماء والسجل بالفتح وسكون الجيم: الدلو الملأى ماء) من ماء فأهْرِيق عليه (وأراق الماء صبه وتبدل الهمزة هاء فيقال هراق الماء هراقة ويجمع بين البدل والمبدل أي بين الهمزة والهاء فيقال أهرقت الماء أهرقه إهراقا وتزاد ألفه بعد الراء في لغة فيقال اهراق الماء فإذا بنى للمجهول قيل فيه اهريق بمعنى صب) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا ولاَ تُعَسِرُوا» .

53- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم بن همام بن الحارث عن عائشة قالت: - «أَفْرُكْ (فرك المنى من باب نصر حكه بيده حتى يتفتت ويتقشر) المنىَّ من ثوب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم» .

54- (أخبرنا) : يحي بن حسان، عن حماد بن سلمة، عن حماد بن أبي سليمان، عن ابراهيم، عن علقمة والاسود، عن عائشة قالت: - كنت أفْرُك المنى من ثوب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم يُصَلِّي فِيه.

55- (أخبرنا) : سفيان عن عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما يخبره عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس: - أنه قال في المنى يصيب الثوب قال: أَمِطْه (أبعده وأزله) عنك. قال احدهما: بعودٍ أَوْ إِذْخِرَةٍ (بكسر الهمزة والخاء واحدة الأذخر بكسرهما: نبات ذكي الريح وإذا جف أبيض) فإنما هو بمنزلة المُخَاط والبُصَاق.

56- (أخبرنا) الثقة، عن جرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد قال: -أخبرني مُصْعَب بن سعد بن أبي وَقَّاص عن أبيه انه كان إذا أصاب ثوبَه المنىُّ إن كان رَطْباً مَسَحه وإن كان يابساً حَتَّه ثم صلى فيه".

الباب الثالث في الآنية والدباغة

الباب الثالث في الآنية والدباغة

57- (أخبرنا) : سفيان، عن زيد بن أسلم أنه سمع ابن وَعْلَة، سمع ابن عباس رضي اللَّه تعالى عنهما: - سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " أَيُّمَا. إِهَابٌ (الاهاب بوزن كتاب: الجلد لم يدبغ) دُبِغَ فَقَدْ طُهِرْ".

58- (أخبرنا) : مالك، عن زيد بن أسلم، عن ابن وَعْلَة، عن ابن عباس: -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا أُدُبِغَ الاهابُ فَقَدْ طُهِرْ» .

59- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس انه قال: -مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة قد أعطاها مولاة لميمونة زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «فَهلاَّ انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدِهَا» قالوا: يا رسول اللَّه انها ميتة. قال: «إِنَّما حَرُمَ أكْلُهَا» .

60- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس: -عن النبي صلى الله عليه وسلم مر بشاة لمولاة ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم مَيْتَةٍ (بفتح الميم اسم لما مات من الحيوان ولا تكسر الميم) فقال النبي صلى الله عليه وسلم مَا عَلَى أهلِ هذه لَوْ أَخَذُوا إِهَابِها فَدَبَغُوه وانتفَعُوا بِه"قالوا يا رسول اللَّه: انها ميتة. قال: «إِنَّما حَرُمَ أكْلُهَا» .

61 - (أخبرنا) : مالك، عن ابن قسيط، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عَن امه، عن عائشة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أمر أن يُسْتَمْتَع (استمتع وتمتع بالشئ انتفع به. وفهم من الحديث جواز بيع جلد الميتة وهي الحيوان الذي لم يزك والجلوس عليه واتخاذ المصنوعات الجلدية منه بعد دبغه) بجلود المَيْتةِ إذا دُبِغَتْ".

62 - (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن زيد بن عبد اللَّه بن عمر، عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، عن أم سلمة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «الَّذي يَشْرَبُ في آنية الْفِضَّة إنَّما يُجَرْجِرُ في (نار جهنم بالنصب عند الاكثرين على المفعولية ليجرجر. ومعنى يجرجر في بطنه نار جهنم أي يحدر فيها نار جهنم يقال جرجر فلان الماء إذا جرعه جرعا متواترا ذا صوت فالمعنى كأنما تجرع نار جهنم ويروى برفع النار وهو مجاز لأن نار جهنم في الحقيقة لا يجرجر في جوفه والجرجرة صوت البعير عند الضجر ولكنه جعل صوت جرع الانسان للماء في أواني الذهب والفضة كجرجرة نار جهنم في بطنه لوقوع النهي عنها واستحقاق العقاب على استعمالها) بَطْنِه نَارَ جَهَنَّم» .

الباب الرابع في آداب الخلاء

الباب الرابع في آداب الخلاء

63- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي أيوب الأنصاري: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «أنه نهى أن تُسْتَقْبَلَ الْقِبْلَة بِغائِطْ أَو بَول (ظاهر قوله أن تستقبل وأنه يجوز استدبارها ولكن الحديث الآني بعد هذا فيه النهي عن استدبارها أيضا ولهذا قال في الحديث شرقوا أو غربوا فبين أن الجائز هو الاتجاه عند قضاء الحاجة الى الشرق أو الغرب وافاد ذلك منع استقبال الجنوب والشمال) وقال شَرِّقُوا أوْ غَرِّبُوا» قال فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قِبَل القبلة فننحرف قليلاً ونستغفر اللَّه تعالى.

64 - (أخبرنا) : ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن ابن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "إِنّما أنَا لَكُمْ مِثْلَ الواَلِدُ (أي في العطف والحدب عليكم وحب الخير لكم واخلاص النصح فلا آمركم إلا بما ينفعكم ولا أنهاكم إلاعما يضركم) فإِذَا ذَهَبَ أَحَدُكُمْ إلى الغَائِطِ فَلا يَسْتَقْبِلَ القِبْلَة ولاَ يَسْتَد بِرْهَا بِغَائِطِ وَلاَ بَولٍ وَيَسْتَنْج بِثَلاثَةِ أحْجَار ونَهى عَنِ الرَّوثِ والرِّمة (الروث: رجيع ذوات الحوافر والرمة بالكسر: العظم البالى وانما نهى عنها لان العظم لا يقوم مقام الحجر في الاستنجاء لملامسته أولأنها رما كانت ميتة فتكون نجسة) وأن يسْتَنْجي الرَّجُل بِيَمِينِه".

65- (أخبرنا) : مالك، عن يحي بن سعيد، عن محمد بن يحي بن حباّن، عن عمه واسع بن حباّن، عن عبد اللَّه بن عمر أنه كان يقول: - إنّ نَاساً يقولون إذا قَعَدْتَ على حاجَتِك فَلا تَسْقْبِلْ القِبْلة ولا بيت المقدس. قال عبد اللَّه -[29]- ابن عمر لقد إرتقيت على ظهر بيت لنا فرأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على لَبِنَتَينْ (بفتح فكسر أو بكسر فسكون أو بكسرتين ما يتخذ من الطين ويبنى به.) مستقبلا بيتَ المقدس لحاجته.

66- (أخبرنا) : سفيان، أخبرني: هشام بن عروة، أخبرني: أبو وَجْزَة، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «الاسْتِنْجَاء بِثَلاثَةِ أَحْجَارٍ لَيْسَ فِيها رَجِيع» . (الرجيع: العذرة، والروث سمي رجيعا لرجوعه وتحوله عن حالته الأولى بعد أن كان طعاماً أو علفا) .

الباب الخامس في صفة الوضوء

الباب الخامس في صفة الوضوء

67 - (أخبرنا) : ابن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِه فَلا يَغْمِسْ يَدَهُ في الإناءِ حَتى يَغْسلَها ثَلاثاً فَإنَّهُ لاَ يَدْرِي أيْنَ باتَتْ يَدَهُ» .

68 - (أخبرنا) : مالك وابن عيينة، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِه فَلْيَغْسِل يَدَه قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَها في وَضوئه (بالفتح الماء الذي يتوضأ به كالفطور والسحور لما يفطر عليه ويتسحر به وأما بالضم فهو مصدر توضأ يقال توضأت وضوء.) فإنَّ أحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أين باتتْ يَدُهُ» .

69- (أخبرنا) : مالك عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِه فَلْيَغْسِل -[30]- يَدَه قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَها في وَضوئه فإنَّ أحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي أين باتتْ يَدُهُ» .

70- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِه فَلْيَغْسِل يَدَه قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَها في وَضوئه فإنَّه لاَ يَدْرِي أين باتتْ يَدُهُ» قال الأصم: إنما أخرجت حديث مالك على حدة وحديث سفيان على حدة لان الشافعي قبل ذكره عنهما جميعاً على لفظ حديث مالك.

71- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن محمد بن اسحاق، عن ابن أبي عتيق، عن عائشة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إِنَّ السِوَاكَ مَطْهَرَة لِلفَم مَرْضَاةٌ (المطهرة بالفتح والكسر والفتح أفصح اداة الطهارة وآلنها وتطلق على الاناء الذي توضأ منه والمراد هنا الأول ومرضاة مصدر كالرضوان لرضي جعله هو رضا اللَّه وان كان في الحقيقة سبب الرضا على سبيل البالغة أي أن السواك وسيلة لطهارة الفم ورضا الرب) للرَّب» .

72 - (أخبرنا) : سفيان، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «لَولاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأمَرْتُهُمْ بِتَأخِير العِشاء والسِّواك عِنْد كُلَّ صَلاَةٍ» .

73- (أخبرنا) : مالك عن عمرو بن يحي المازني، عن أبيه: -قال لعبد اللَّه ابن زيد الأنصاري هل تستطيع أن تُرِيني كيف كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يتوضأ؟ فقال لعبد اللَّه ابن زيد: نعم فدعا بوضوء فأُفْرِغَ على يديه فَغَسَلَ يديه مرتين ومضْمَض (مضمض إناءه ومصمصه إذا حركه وقيل إذا غسله والمضمضة: تحريك الماء في الفم ومضمض الماء في فمه حركه وتمضمض به اه لسان) واسْتَنْشَقَ ثَلاثاً ثُم غَسَل وجْهَه ثَلاثاً -[31]- ثُم غَسَل يَديْه مَرَّتَينِ إلى المِرْفَقَينِ (المرفق كمسجد ومبرد: موصل الذراع بالعضد) ثم مسح رأسه بيده ثلاثاً فأقبل بِهِما وأَدْبَر بدأ بِمُقَدَّم رأسه ثم ذهب بهما الى قفاه ثم ردهما إلى الموضع الذي بدأ منه ثم غسل رجليه.

74- (أخبرنا) : مالك، عن عمرو بن يحي، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن زيد: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: توضأ فغسل وجهه ثلاثاً ويديه مرتين ومَسَح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بِمُقَدَّم رأسه ثم ذهب بهما الى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه.

75- (أخبرنا) : سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن حُمْران: -أن عثمان توضأ بالمقاعد ثلاثا ثلاثا ثم قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: مَنْ تَوَضَّاَ وُضُوئي هذا خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ وَجْهِهِ ويَدَيْهِ ورِجْلَيهِ.

76- (أخبرنا) : عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن عطاء ابن يسار، عن ابن عباس قال: -توضأ رسول فأدخَلَ يَدَه في الإناء فاسْتَنْشَق ومَضْمَض مرة واحدة ثُم أَدخَلَ يَدَهُ وصبَّ عَلَى وَجْهه مرة واحدة وصب على يديه مرة واحدة ومسح رأسه واذنيه مرة واحدة.

77- (أخبرنا) براهيم بن محمد، عن علي بن يحي، عن ابن سيرين، عن المغيرة بن شعبة - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مسح ناصيته أو قال مَقَدَّم رأسَه بالماء.

78- (أخبرنا) مسلم عن ابن جريج، عن عطاء: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم توضأ فحسر (من باب ضرب كشفها ورفعها) العمامة ومسح مقدم رأسه أو قال ناصيته بالماء.

79- (أخبرنا) : يحي بن حسان، عن حماد بن زيد وابن عُلية عن أيوب، عن ابن سيرين عن عمرو أبن وهب الثقفي، عن المغيره بن شعبة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى عمامته وخُفَّيْه.

80- (أخبرنا) : يحي بن سليم، حدثني أبو هاشم اسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه قال: - كنت وافد بني المنتفِق أّوفى وفد بني المنتفق فأتيناه فلم نصادفه وصادفنا عائشة فأُتينا بقناع فيه تمر والقناع الطبق وأرت لنا بحَرِيرة (طعام يتخذ من الدقيق والدسم والماء) فَصُنعت ثُم أكلنا فلم نَلْبَث أن جاء النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «هَلْ أَكَلْتُم شيئاً؟ هل أُمِر لَكُم بشئ؟» فقلنا: نعم فلم نَلْبَث أن دَفَع الراعي غَنَمه فإذا بسخلة تيعر (أي تصيح) فقال: هيه (بالبناء على الكسر بغير تنوين اسم فعل أمر بمعنى زدني يطلب به الزيادة من الحديث المعهود بينكما فان لم يكن هناك حديث معهود بينكما نونت والمعنى زدني من حديثك وبين لي ما ولدت) يَا فُلانْ مَا وَلَدَتْ؟ " قَال بَهْمة (بفتح فسكون ولد الضأن والمعز والمراد هنا ولد الضأن) قال: «فَاذْبَحْ لناَ مَكَانَها شاةً» ثم انحرف إلي وقال: «لا تَحْسَبَنَّ (بفتح السين في الاولى وكسرها في الثانية (ز)) وَلَم يَقُلْ لا تَحْسَنَّ أنَّا مِنْ أَجْلِكَ ذَبَحْنَاهَا، لَنَا غَنَمٌ مَائة لا نُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ فَإِذَا أَوْلد الرَّاعي بَهْمة ذَبَحَ مَكَانَهَا شَاة» فقلت يا رسول اللَّه: إن لي امرأة في لسانها شئ يعني البَذَاء. فقال: طَلِّقها. -[33]- فقلت إن لي منها ولداً ولها صُحْبة؟ قال: فَمُرْها بقول فَعِظْهَا فَإن يَكُنْ فِيها خير فَسَتُقْبِل ولا تضربن ظَعِينَتك (ظعينة الرجل أمرأته وأصل الظعينة الراحله اللتي يرحل ويظعن عليها وقيل للمرأه ظعينه لأنها تظعن مع الزوج حيثما ظعن أو لأنها تحمل على الراحله إذا ظعنت) ضربك أبتك قلت يا رسول اللَّه: أخبرني عن الوضوء؟ قال: «أَسْبِغ الوُضوء وخَلَّلْ بَيْنَ الأَصَابع (تفريق أصابع اليدين والرجلين في الوضوء ليعمها الماء) وَبَالِغْ في الاسْتِنْشَاق ألا أن تكُون صَائِماً» .

81- (أخبرنا) : محمد بن اسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن عمران بن بشير بن محرز، عن سالم سَيْلان مولى النصريين قال: -خرجنا مع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة وكانت تخرج بأبي حتى يصلي بها قال: فأتى عبد الرحمن بن أبي بكر بِوضُوء فقالت عائشة: يا عبد الرحمن أسبِغ الوضوء (أتمه وقوله صلى اللَّه عليه وسلم ويل للأعقاب من النار أي عذاب لها تهديد على تركها في الوضوء بغير أن يعمها الماء بعد أن أمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم باتمام الوضوء بحيث لا يدع الماء جزءاً ما من أعضاء الوضوء دون ان يشمله وإنما حص الأعقاب بالتحذير لأنهم كانوا يتساهلون في أمرها ولأنها أحق بالعناية لكونها غير مرئية مثل غيرها.) فإني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: «وَيْلٌ للأَعْقَابِ مِنَ النّارِ يَومَ القِيَامَة» .

82- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي سلمة، عن عائشة: -أنها قالت لعبد الرحمن: أسبغ الوضوء يا عبد الرحمن فإني سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: " وَيْلٌ للأَعْقَابِ مِنَ النّارِ.

الباب السادس في نواقض الوضوء

الباب السادس في نواقض الوضوء

83 - (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عمر: -أنه كان ينام قاعداً ثم يصلي ولا يتوضأ.

84- (أخبرنا) : الثقة، عن حميد عن أنس بن مالك قال: -كان أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ينتظرون العِشا فينامون أحسبه قال قعوداً حتى تَخْفِق (الخفقان هو الأضطراب وذلك من غلبة النوم على صاحبها) رؤسهم ثم يصلون ولا يتوضؤن.

85- (أخبرنا) : الثقة، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: -أنه قال: «منْ نَامَ مُضْطجِعاً وَجبَ عَلَيهِ الوُضوء، ومَنْ نَامَ جَالساً لاوُضوء عَلَيْه» . (وذلك لأن النوم مع الاضطجاع لا يؤمن معه انفلات الريح من النائم بخلاف الجالس فإن الجلسة تحول دون ذلك)

86- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه قال: -قُبْلَة الرجلِ امرأته أو جسَّها بِيَده مِنَ الملامَسَة فَمنْ قَبَّل امرأته أو جسَّها بيده فعليه الوُضوء.

87- (أخبرنا) : مالك، عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه سمع عروة بن الزبير يقول: -دخلت على مَرْوَانَ بن الحكم فتذاكرنا ما يكون منه الوضوء فقال مروان: ومِنْ مَسِّ الذكر الوضوء فقال عروة: ما علمت ذلك فقال مروان: أخبرتني بُسْرَة بنتُ صَفوان انها سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: «إِذا مَسّ أحَدُكم ذكره فَلْيتوضأُ» .

88- (أخبرنا) : سليمان بن عمرو ومحمد بن عبد اللَّه، عن يزيد بن عبد الملك -[35]- الهاشمي، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة: -عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: «إِذا أَفْضى أحَدُكم بِيَدِه إلى ذكَره ليس بَيْنَهُ وبَيْنَهُ شئ فَلْيَتَوضأ» .

89- (أخبرنا) : عبد اللَّه بن نافع، وابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن عقبة بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «إِذا أَفْضى أحَدُكم بِيَدِه إلى ذكَره فَلْيَتَوضأ» وزاد ابن نافع فقال: عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. قال الشافعي سمعت غير واحد من الحفاظ يروونه لا يذكرون فيه جابراً

90- (أخبرنا) : القاسم بن عبد الله أظنه عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن عائشة قالت: -إذا مَسَّت المرأةُ فرجَها توضأت.

91- (أخبرنا) : الثقة، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب: - أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أمر رجلاً ضَحِك في الصلاة أن يُعِيد الوُضُوء والضلاة فلم نقبل هذا لأنه مرسل.

92- (أخبرنا) : الثقة، عن معمر، عن ابن شهاب، عن سليمان بن أرقم، عن الحسن: -عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث.

93- (أخبرنا) : عبد المجيد، عن ابن جريج، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر أنه كان يقول: -من أصَابَهُ رُعَاف (الرعاف كغلام: خروج الدم من الانف أو هو هذا الدم نفسه) أو مَنْ وَجَد رُعَافاً -[36]- أو مَذْياً، (ماء رقيق يضرب الى البياض يخرج من الرجل عند الملاعبة مذى يمذي مذيا من باب ضرب وامذى ايضا) أو قيئاً انصرف فتوضأ ثم رجع فبنى".

94- (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عمر: -أنَّهُ كَانَ إذا رَعَف (رعف رعفا من بابي قتل ونفع ورعف بالبناء للمجهول لغة: خرج الدم من أنفه) إنصرَف فَتَوضأ ثُم رَجع ولَم يَتَكلّم".

95- (أخبرنا) : مالك، عن ابي النضرمولى عمر بن عبيد الله، عن سليمان بن يسار، عن المقداد بن الأسود: -أن علي بن أبي طالب أمره أن يسأَل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن الرجل إذا دنا من أهله ماذا عليه؟ قال علي فإن عندي بنتَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأنا أستحي أن أسأله قال المقداد: فسألت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن ذلك فقال: " إذَا وَجَد أَحَدكم ذلِك فَلْيَنْضَح فَرْجُه ولْيَتوَضأ وُضوءه للصلاة.

96 - (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن رجلين أحدهما جعفر بن عمرو ابن أمية الضَّمْري، عن أبيه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أَكل كَتِفَ شَاةٍ وَلَمْ يَتَوضَّأ.

97 - (حدثنا) : سفيان، حدثنا: الزهري، أخبرنا: عباد بن تميم، عن عمه عبد الله ابن زيد قال: -شكى إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الرجل يُخَيَّلْ إليه شئ في الصلاة فقال: " لاَ يَنْفَلِتْ حتَّى يسْمَع صَوتاً أوْ يجد رِيحاً -[37]- (معناه: أنه لا ينبغي للمصلي أن يسلم زمامه لهذا الوهم وتلك الوسوسة التي تخيل إليه أن ريحا خرج منه وان صلاته باطلة فنهى الرسول عن الركون إليها وقال لا يصح للانسان بمقتضاها الخروج من الصلاة إلا إذا وجد ما يؤيدها من ريح كريهة أو صوت قد سمع لتلك الريح حين خرجها.)

الباب السابع في أحكام الغسل

الباب السابع في أحكام الغسل

98 - (أخبرنا) : غير واحد من ثقات أهل العلم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب الأنصاري، عن أبي بن كعب قال: - قلت يا رسول الله إذا جامع أحدنا فأكْسِل (أكسل المجامع إذا نزع ولم ينزل لضعف أو غيره) : «يَغْسل ما مَسَّ المرأة منه ولْيَتَوضأ ثم ليُصَلِّ» .

99- (أخبرنا) : ابراهيم بن محمد بن يحي بن زيد ابن ثابت، عن خارجة بن زيد، عن أبيه، عن أبي بن كعب أنه كان يقول: - «لَيْسَ عَلَى مَنْ لَمْ يُنْزِلْ غُسل» . ثم نزع عن ذلك أي قبل أن يموت.

100- (أخبرنا) : الثقة، عن يونس بن زيد، عن الزهري، عن سهل ابن سعد الساعدي قال بعضهم عن أبي بن كعب ووقفه بعضهم على سهل ابن سعد قال: -" كَانَ المَاءُ مِنَ المَاءِ شَئٌ فِي أَوَلِ الإِسْلام ثُم تُرِك ذلكَ بَعْدُ وأُمِروا بِالغُسْل إذا مَسَّ الخِتانُ الخِتانُ (اسم مصدر لختن وهنا موضع القطع من الفرج وفي الحديث إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل وهو كناية لطيفة عن تغيب الحشفة والمراد من التقائهما تقابل موضع قطيعهما) .

101- (أخبرنا) : مالك عن يحي بن سعيد، بن المسيَّبْ: -إن أبا موسى الأشعري أتى عائشة أمّ المؤمنين فقال: لقد شق عليّ اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في أمرٍ إني َلأَعْظَم ان أستقبِلَك به فقالت: ما هو ما كنت سائلاً عنه أمك فاسألني عنه فقال لها: الرجل يصيب أهله ثم -[38]- يُكْسِل ولا يُنْزل؟ قالت: إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجد الغسل قال أبو موسى الأشعري لا أسأل أحداً بعدك أبداً.

102- (أخبرنا) : سفيان، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب: -أن أبا موسى الأشعري سأل عائشة رضي الله عنهاعن التقاء الختانيين فقالت عائشة: قال رسول صلى الله عليه وسلم: «إذا إلتَقَى الْخِتَانان أوْ مَسَّ الخِتَانُ الخِتَانَ فَقَدْ وَجَب الغُسُلُ» .

103 - (أخبرنا) : إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا علي بن زيد، عن سعيد ابن المسيب، عن عائشة قالت: -قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: إذَا قَعَدَ بَيْنَ الشُّعَب الأربع (الشعبة بالضم من الشجرة: والغصن المتفرع منها وجلس بين شعبها الأربع يعني يديها ورجليها على التشبيه بأغصان الشجرة وهو كناية عن الجماع لأن القعود على هذه الهيئة مظنة الجماع فكنى بها عن الجماع) ثُمَّ أُلْزق الخِتَان بِالْخِتَان فَقَدْ وَجَبَ الغُسل".

104 - (أخبرنا) : الثقة، عن الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أو عن يحي بن سعيد عن القاسم، عن عائشة قالت: -إذا التقى الختانان ففقد وجب الغسل. قالت عائشة: فعلته أنا والنبي صلى الَّله عليه وسلم فاغتسلنا.

105 - (أخبرنا) : مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: -كنت أغتسل أنا والنبي صلى اللَّه عليه وسلم من إناءٍ واحدٍ.

106 - (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن عروة عن عائشة أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يغتسل من القَدَح وهو الفَرَق (الفرق بفتحتين: مكيال يسع ستة عشرة رطلا) فكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد.

107- (أخبرنا) : سفيان، عن عاصم، عن معاذة العدوية، عن عائشة قالت: -كنت أغتسل أنا والنبي صلى اللَّه عليه وسلم من إناء واحد فربما قلت له أَبق لي. أبق لي.

108 - (أخبرنا) : ابن عيينة، عن عمر بن دينار عن أبي الشعثاء، عن ابن عباس، عن ميمونة انها كانت تغتسل هي والنبي صلى اللَّه عليه وسلم من إناء واحد.

109 - (أخبرنا) : سفيان، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كانَ يَغْرف على رأسه ثلاثا وهو جُنُب.

110- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا أراد أن يغتسل من الجَنابة بدأ فغسل يديه قبل أن يُدخلهما في الإناء، ثم يَغْسل فَرْجه، ثم يتوضأ وُضُوءه للصلاة، ثم يُشْرب شعره الماء، ثم يَحْثي (حثا يحثو وحثا يحثي ثلاث حثوات أو ثلاث حثيات أو ثلاث غرفات على التشبيه يحثو التراب وهو قبضه باليد ثم رميه وهو الأصل في الحثو) على راسه ثلاث حَثْيات.

111 - (أخبرنا) : مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا أغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه، ثم توضأكما يتوضأ للصلاة، ثم يُدخل أصابعه في الماء فيُخَلّل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غُرَف بيديه، ثم يُفيض الماءَ على جلده كُلِّه.

112- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد، -[40]- عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة قالت: -سألت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقلت: يا رسول اللَّه: إني امرأة أَشُد ضَفْرَ رأسي أَفأنقضُه لِغُسْل الجنابة؟ فقال: "لا إنَّما يكفيك أن تَحْثي عليه ثلاث حَثْيات مِنَ المَاء ثم تُفيضين عليك المَاء فَتَطَهَّرين (أي فتطهرين حذفت إحدى التاءين تخفيفا) أو قال فإذا أنت قد طَهُرتْ.

113- (أخبرنا) : مالك عن هشام عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة قالت: -جاءت أم سليم زوجة أبي طلحة إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم قالت: يا رسول اللَّه إن اللَّه لا يَسْتَحيي من الحق هل على المرأة من غُسْل إذا هي احتلمت؟ قال: «نَعَمْ إذَا رَاتْ الْماء» .

114- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن زاذان قال: -سأل رجل عليا عن الغسل؟ قال: إغتسلْ كل يوم إن شئت فقال: الغسل الذي هو الغسل؟ قال: يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر.

الباب الثامن في المسح على الخفين

الباب الثامن في المسح على الخفين

115- (أخبرنا) : عبد اللَّه بن نافع، عن داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أسامة بن زيد قال: -دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وبلال فذهب لحاجته ثم خرجا قال أسامة فسألأت بلالاً ماذا صنع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ فقال بلال: ذهب لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين.

116- (أخبرنا) : مالك، عن نافع، وعبد اللَّه بن دينار، أنهما: - أخبراه أن عبد اللَّه -[41]- ابن عمر قدم الكوفة على سعد بن أبي وقاص وهوأميرها فرآه يمسح على الخفين فأنكر عليه عبد اللَّه فقال له سعد: سلْ أباك فسأله فقال له عمر: إذا أدخلت رجليك في الخفين وهما طارتان فأمسح عليهما. قال ابن عمر وإن جاء أحدنا من الغائط؟ قال: وإن جاء أحدكم من الغائط.

117 - (أخبرنا) : مالك، عن نافع أن ابن عمر بال بالسوق ثم توضأ ومسح على خفيه ثم صلى.

118- (أخبرنا) : مالك، عن نافع عن ابن عمر أنه توضأ بالسوق فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دُعِي لجنازة فدخل المسجد ليصلي عليها فمسح على خفيه ثم صلى عليها.

119- (أخبرنا) : مالك، عن نافع عن ابن عمر بال في السوق فتوضأ وغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ثم دخل المسجد فَدُعِي لجنازة فمسح على خفيه ثم صلى.

120- (أخبرنا) : مالك، عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال: -رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال وتوضأ ومسح على الخفين ثم صلى.

121- (أخبرنا) : ابن عيينة عن أبي السوداء عن ابن عبد خير عن أبيه قال: -توضأ عليٌ فمسح ظهرقدميه وقال: لولا أني رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يمسح ظهر قدميه لظننت أن باطنهما أحق.

122- (أخبرنا) : سفيان، عن عاصم بن بهدلة، عن زِرٍ، قال: -أتيت صفوان ابن عسال وقال ما جاء بك؟ قلت: ابتغاءُ العلم. قال: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما طلب. قلت: إنه حاك في نفسي المسحُ على -[42]- الخفين بعد الغائط والبول وكنتَ إمرءاً من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم فأتيتك أسألك هل سمعت من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في ذلك شيئاً؟ قال: نعم. كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سَفْرا أو مسافرين ألا ننزِع خِفَافَنا ثلاثة أيام لياليهن إلا من جَنابة لكن من غائط، وبول ونوم.

123 - (أخبرنا) : عبد الوهاب الثقفي، حدثني المهاجر أبو مخلد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه، عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: -أنه أرْخص للمسافر أن يمسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة.

124- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن حصين وزكريا، ويونس، عن الشعبي، عن عروة بن المغيرة، عن شعبة قال: -قلت يا رسول اللَّه أنمسح الخفين؟ قال: «إذا أدخَلتهما وَهُما طَاهِرَتَان» .

125-- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن عباد بن زياد وهو من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذهب لحاجته في غزوة تَبُوك ثم توضأ ومسح على الخفين وصلى.

126- (أخبرنا) : مسلم وعبد المجيد، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عباد بن زياد، عن عروة بن المغيرة: -أخبره أن المغيرة بن شعبة أخبره أنه قدغزا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم غَزَاة تبوك. قال المغيرة: فَتَبَرَّزرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قبل الحائط فحملت معه إداوة قبل الفجر فلما رجع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أخذت أُهَرِيق الماء على يديه من الأداوة وهو يغسل يديه ثلاث مرات، ثم غسل وجهه، ثم ذهب يَحْسِر جُبَّته عن ذراعيه فضاق كما جبته فأدخل يديه في الجبة -[43]- حتى أخرج ذراعيه من أسفل الجبة وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم توضأ ومسح على خفيه ثم أقبل. قال المغيرة فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن ابن عوف وصلى لهم فأدرك النبي صلى اللَّه عليه وسلم إحدى الركعتين معه وصلى مع الناس الركعة الأخيرة فلما سلم عبد الرحمن قام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأتم صلاته فأفزع ذلك المسلمين وأكثروا التسبيح فلما قضى النبي صلى اللَّه عليه وسلم صلاته أقبل عليهم ثم قال: «أحسنتم» أو قال: «أصبتم» يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها. قال ابن شهاب، وحدثني: إسماعيل ابن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن حمزة بن المغيرة بنحو حديث عباد. قال المغيرة: فأردت تأخير عبد الرحمن فقال لي النبي صلى اللَّه عليه وسلم «دعه» .

الباب التاسع في التيمم

الباب التاسع في التيمم

127- (أخبرنا) : مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت: -كنا مع النبي صلى اللَّه عليه وسلمفي بعض أسفاره فانقطع عقد لي فأقام النبي صلى اللَّه عليه وسلم على إلتماسه وليس معهم ماء فنزلت آية التيمم.

128- (أخبرنا) : الثقة، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن عمار بن ياسر قال: -كنا مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم في سفر فنزلت آية التيمم فتيممنا مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى المناكب.

129- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن عباد بن منصور، عن أبي رجاء العطاردي، عن عمران بن الحُصَين أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أمر رجلاً كان جُنياً أن يتيمم ثم يصلي فإذا وجد الماء اغتسل يعني بالماء. وذكرحديث -[44]- أبي ذر: إذَا وَجَدْتَ الْمَاء فَامِسّه جِلْدُكَ".

130- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية، عن الأعرج، عن ابن الصمة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم تيمم فمسح وجهه وذراعيه.

131- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية، عن الأعرج، عن ابن الصمة قال: -مررت بالنبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو يبول فمسح بجدار ثم يمم وجهه وذراعيه.

132- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية، عن الأعرج، عن ابن الصمة قال: -مررت بالنبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو يبول فسلمت عليه فلم يرد علي حتى قام إلى جدارٍ فحته بعصا كانت معه ثم وضع يديه على الجدار فمسح وجهه وذراعيه ثم رد عليّ السلام. قال الأصم: هذان الحديثان ليسا في كتاب الوضوء ولكن أخرجته فيه لأنه موضعه وفي هذا الموضع من كتاب الوضوء. قال الشافعي: وروى أبو الحويرث، عن الأعرج، عن ابن الصمة أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بال فتيمم فأخرجت الحديث بتمامه لهذه العلة.

133- (أخبرنا) إبراهيم بن محمد، أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن ابن عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، عن نافع عن ابن عمر: -أن رجلاً مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فرد عليه السلام فلما جاوزه ناداه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إِنَّما حَمَلَني عَلى الرَّدِ عَلَيْكَ خِشيَةُ أنْ تَذَهَبَ -[45]- فَتَقُولَ أَنِّي سَلَمْتُ عَلَى رَسُول اللَّهِ فَلَمْ يَرد عَليَّ فَإِذَا رَأَيْتَنِي علَى هذِه الحال فَلا تُسَّلِم عليَّ فَإنَّك إنْ تَفْعَل لاَ أرد عَلَيْك» ،

134 - (أخبرنا) : إبراهيم عن يحي بن سعيد، عن سليمان بن يسار: -أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بئرجمل (المدينة منورة) (ز) لحاجة ثم أقبل فسلم عليه رجل فلم يرد عليه حتى مسح يده بجدار ثم رد عليه السلام والله أعلم.

135 - (أخبرنا) : ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن نافع عن ابن عمر: -أنه تيمم بمربد النعم وصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة.

136 - (أخبرنا) : ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن ابن عمر: -أنه أقبل من الجرف حتى إذا كان بالمربد تيمم فمسح وجهه ويديه فصلى العصر ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة فلم يعد الصلاة. قال الشافعي: والجُرف قريب من المدينة.

138 - (أخبرنا) : مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، انها قالت: -قالت فاطمة بنت أبي حُبَيْش لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «إِنَّما ذَلِكَ عِرْق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قَدْرُها فاغسلي عنك الدم وصَلِّي» (عرق يعرف بالعا؟ ل يسيل من دم الاستحاضة إذا استمر الدم عقب أيام الحيض المعتادة فاتركي الصلاة في تلك الأيام وصلي فيما وراءها فإن ذلك ليس بحيض وإنما هو استحاضة ويفسره الحديث الآني بعده) .

139- (أخبرنا) : مالك، عن نافع مولى ابن عمر، عن سليمان بن يسار: -عن أم سَلَمَةَ زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم أن امرأة كانت تُهْراقُ الدمَ (تهراق الدم جاء مبنيا للمجهول والدم منصوب أي تهراق هي الدم فالدم منصوب على التمييز وإن كان معرفة وله نظائر كقولهم: وطبت النفس. ويجوز رفع الدم على تقدير تهراق دماؤها والألف واللام بدل من الاضافة والهاء اصلها همزة أي أراق يقال أراق الماء وهراقه ويقال فيه اهرقت الماء بالجمع بين البدل والمبدل منه) على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فاستفتت لها أُمُّ سلمةَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قَدْرَ ذلك من الشهر فإذا خَلَّفت فلتغتسل ولتَسْتَثفر (أي تشد فرجها بخرقه بعد أن تحتثي قطنا وتوثق طرفيها في شئ تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم وهو مأخوذ من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذيلها وعامتنا تقول الظفر بالضاد) بثوب ثم لتصلي» .

140 - (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَة قال: أخبرني: الزهري، عن عمرة، عن عائشة: -أن أم حبيب بنت جحش اُسْتحيضت سَبْعَ سنين فسألت رسول اللَّه صلى اللَّه -[47]- عليه وسلم فقال: «إنما هو عرق وليست بالحيضة وأمرها؟ أن تغتسل لكل صلاة وتَجْلِس في المِرْكَن (المركن بكسر الميم وسكون الراء الأجانة التي تغسل فيها الثياب- وقوله يعلو الدم أي يعلوا الماء الذي في الأجابة) فيعلوا الدم» .

141- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: عبد اللَّه بن محمد بن عَقِيل، عن إبراهيم بن مححمد بن طلحة، عن عمه عِمْران بن طلحة، عن أمه حَمْنَة بنت جَحْش قالت: -كنت استُحَاض (استحيضت المرأة بالبناء للمجهول: استمر بها خروج الدم بعد أيام حيضها المعتاد فهي مستحاضة والمستحاضة التي لا ينقطع دم حيضها ولا يسيل من المحيض ولكنه يسيل من عرق يقال له العا؟ ل وإذا استحيضت في غير أيام حيضها صلت وصامت ولم تقعد كما تقعد الحائض عن الصلاة) حَيْضة كبيرة شديدة فجئت إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم أَسْتَفْتيه (استفتاه: طلب منه الفتوى- وزينب هي بنت جحش أخت حمنة بمنة بنت جحش) فوجدته في بيت أختي زينب فقلت يا رسول اللَّه إن لي إليك حاجةً وإنه لحديث ما منه بُدّ (البد المفر أي مامنه مفر لتعلق العبادة وهي الصلاة والصوم به) وإني لأستحي منه فقال: ما هو يا هنتاه (بفتح الهاء والنون مفتوحة أيضا وساكنة أي يا هذه والهاء الآخرة مضمومة وساكنة أي ياهذه وقيل معنى يا هنتاه يا بلهاء كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكايد الناس وشرورهم) ؟ قالت: إني امرأة أُستحاض حيْضة كبيرة شديدة فما ترى فيها فقد مَنَعَتْني الصَّلاَة والصوم فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «فَتَلَجَّمِي» (أي اجعلي موضع خروج الدم عصابة تمنع الدم تشبيها بوضع اللجام في فم الدابة) قالت: هم أكْثَرُ مِنْ ذلك. قال «فاتخذي ثوباً» قالت هو أكثر من ذلك إنما أَثُجْ، ثَجًّا (اثجه من باب نصر أصبه صبا والرواية في النهاية أثجه ثجا أي بذكر المفعول أخذ من الماء الثجاج أي السائل ومطر ثجاج: شديد الاصباب) قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "سآمرك بأمرين أيُّهما -[48]- فعلت أجزأك عن الآخر فإن قَوِيت عليهما فأنت أعلم بذلك قال لها: إنما هي ركضة (أصل الركض الضرب بالرجل والمعنى أن الشيطان قد وجد بذلك طريقاً إلى التبليس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها ذلك عادتها وصار في التقدير كأنه ركضها برجلهو أذاها) من رَكَضات الشيطان فَتَحَيَّضي (تحيضي يقال تحيضت المرأة إذا فقدت أيام حيضها تنتظر انقطاعه أراد عدى نفسك حائضاً وافعلي ما تفعل الحائض وإنما خص الست والسبع لأنها الغالب على أيام الحيض) ستةَ أيام أو سبعة أيام في علم الله ثم اغْتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طَهُرَت واسْتَيْنت فَصَلِّي أربعاً وعشرين ليلة وأيامها أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإنه يُ؟ زِئك وكذلك افعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهُرْن ميقات حيضهن وطُهْرهن".

142 - (أخبرنا) : ابن عُلَيّة، عن الجلد بن أيُوب، عن معاوية بن قُرّةَ، عن أنس بن مالك أنه قال: - «قَرْءُ (بالفتح من الأضداد يقع على الطهر وإليه ذهب الشافعي وأهل الحجاز وعلى الحيض وإليه ذهب أبو حنيفة وأهل العراق، والمراد به هنا الحيض وقوله أو قرء حيض المرأة شك من الراوي والمعنى وقت حيض المرأة والمراد بيان مدة الحيض وإن أفلها ثلاث أو كثرها عشر) المرأة أو قَرْءُ حيض المرأة ثلاث أو أربع حتى انتهى إلى عَشْرَة» . قال الشافعي: وقال لي ابن علية: الجلد أعرابي لا يعرف الحديث.

143 - (أخبرنا) سفيان، عن منصور بن عبد الرحمن الحَجْبي، عن أمه صَفِيَّة بنت شَيْبَة، عن عائشة قالت: -جاءت امرأةٌ إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم -[49]- تَسْأله عن الغُسْل من الحَيْض فقال: "خُذِي فِرْصَة من مِسْك فتطهري بها (فرصة بكسر الفاء يروى خذي فرصة ممسكة فتطيبي بها الفرصة القطعة يريد قطعة من المسك ويشهد له الرواية الأخرى خذي فرصة من مسك فتطيبي بها والفرصة في الاصل القطعة من الصوف والقطن ونحو ذلك وقيل هي من التمسك باليد، وقيل ممسكة أي متحملة أي تحملينها معك وقال الزمخشري الممسكة الخلق التي امسكت كثرا كأنه أراد الا يستعمل الجديد من القطن والصوف لأن الخلق أصلح لذلك وأولى) فقالت كيف أتطهر بها قال: تطهري بها قالت: كيف أتطهر بها قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: سبحان اللَّه، سبحان اللَّه! ! «واسْتَتَر بثوبه تطهري بها» فاجْتَذَبْتُها وعَرَفْتُ الذي أراد فقلت لها: أي تَتَبَّعي بها آثار الدم يعني الفَرْجَ.

كتاب الصلاة وفيه ثلاثة وعشرون بابا

كتاب الصلاة وفيه ثلاثة وعشرون بابا

الباب الأول في مواقيت الصلاة

الباب الأول في مواقيت الصلاة

144- (حدثنا) : سفيان، عن الزهري قال: -أخر عُمَر بن عبد العزيز الصلاة فقال له عُرْوة: إنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «نزل جبريلُ فأَمَّني -[50]- (أمنى صل بي اماما والظاهر من الحديث أنه لما أخر عمر بن عبد العزيز الصلاة ولم يصلها في أول وقتها وقع ذلك من عروة موقع الاستغراب فحكى ما حكى مشيرا به الى أن جبريل أم بالرسول في الصلوات الخمس في أوائل أوقاتها فرد عليه عمر بن عبد العزيز قائلاً له اتق الله أي فليس الحكم كما تروى لأن الصلوات كما تؤدى في أوائل الأوقات يصح أن تؤدى بعد مضي الوقت ويؤيد فهم عمر بن عبد العزيز الحديث التالي لهذا الحديث فان جبريل ام بالنبي في أوائل الأوقات وبعد مضي جزء منها) فَصَلَّيتُ مَعَهُ ثُم نزل فأَمَّني فصليت معه، ثُم نزل فأَمَّني فصليت معه، ثُم نزل فأَمَّني فصليت معه، ثُم نزل فأَمَّني فصليت معه، حتى عَدَّ الصلواتِ الخمس» فقال عمر بن عبد العزيز: اتَّقِ اللَّه يا عروة وانظر ماذا تقول؟ فقال عروة: أخبرنيه بشير بن أبي مسعود عن أبيه عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم.

145 - (أخبرنا) : عمرو بن أبي سلمة، عن عبد العزيز بن محمد، عن عبد الرحمن ابن الحارث المخزومي، عن حكيم بن حكيم، عن نافع بن جُبَيْر، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " أمَّني جبريلُ عند باب البيت مَرَّتَين فصلى الظُهْر حين كان الفَئُ (الظل والشراك بالكسر أحد سيور النعل التي تكون على وجهها) مثل الشِّراك، ثم صلى العصر حين كان الفيء بقدر ظله، وصلى المغرب حين أفطر الصائم، ثم صلى العِشاء حين غاب الشَّفَق، ثم صلى الصبح حين حَرُم الطعامُ والشراب على الصائم ثم صلى المرة الأخرى الظهر حين كان كلُّ شئٍ قَدْرَ ظِلِّه قدر العصر بالأمس، ثم صلى العصر حين كان ظل كلُّ شئٍ مِثْلَيْه، ثم صلى الْمَغرب بقدر الوقت الأول لم يُؤَخِرْها، ثم صلى العشاء الآخِرَةَ حين ذهب ثُلُثُ الليل، ثم صلى الصُّبْحَ حين أَسْفَر ثم التفت فقال يا محمد: هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين". قال الشافعي رضي اللَّه عنه: وبهذا نأخذ وهذه المواقيت في الحَضَر.

146 - (أخبرنا) : مالك بن أنس، عن يَحْيَ بن سَعِيدٍ الانصاري، عن عُمْرة بنتِ عبد الرحمن، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه -[51]- عليه وسلم لَيُصلي الصبح فَيَنْصرفْنَ النساء مُتَلفِّعات بِمُرُوطهن (المروط جمع مرط بكسر الميم كساء المرأة يكون من صوف وربما كان من خز وغيره وكن متلفعات بمروطهن أي باكستيهن واللفاع بالكسر ثوب يغطى به الجسد كله كساء كان أو غيره وتلفع بالثوب اشتمل به والغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح والنساء بيان أو بدل من ضمير النسوة في كن والمراد من الحديث وقت صلاة الرسول الصبح) لا يُعْرَفْن من الغَلَس.

147 - (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن عُرْوة، عن عائشة قالت: -كُنَّ نِساءٌ من المؤمنات يُصلين مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهُنَّ مُتَلَفِعَات بِمُروطِهن ثم يرجعن إلى أهلهن ما يَعْرفهن أحَدٌ من الغَلَس.

148- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن عائشة قالت: -كان رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلي الصبح فتنصرف النساءُ متلفعات بمروطهن ما يُعْرَفْن من الغَلَس.

149- (أخبرنا) : مالك، عن يحي بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة مثله.

150 - (أخبرنا) : ابن عُلَيّة، عن عَوْف، عن سَيَّار بن سلامة بن المِنْهال، عن أبي بَرْزَة الأسْلَمي: -أنه سَمِعَه يصف صلاة رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: كان يصلي الصبح ثم ننصرف فما يعرف الرجل منا جليسه وكان يقرأ بالستين إلى المائة (الظاهر أنها آيات ومعنى هذا أنه كان يطيل القراءة في صلاة الصبح) .

151- (أخبرنا) : سفيان، عن ابن عجْلان، عن عاصم بن عُمر، عن قتادة، -[52]- عن محمود بن لَبِيد، عن رافع بن خُدَيْج: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: " اسْفِروا بِالصُّبْح فإِنَّه أعْظَمُ لأجُرِكُمْ أو قال لِلأَجْر (أسفروا بالصبح وفي رواية أسفروا بالفجر أسفر الصبح إذا انكشف وأضاء قالوا يحتمل أنهم حين أمروا أن يصلوها بغلس كانوا يصلونها عند الفجر الأول فقال أسفروا بها أي أخروها إلى أن يطلع الفجر الثاني وتتحققوه ويقوى ذلك انه قال لبلال نور بالفجر قدر مايبصر القوم مواقع نبلهم وقيل الأمر بالإسفار خاص بالليالي المقمرة لأن أول الصبح لا تتبين فيها فأمروا بالإسفار احتياطا) .

152 - (أخبرنا) مالك، عن أبي الزِّنَاد، عن الأعرج، عن أبي هُرَيرة رضي الله عنه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " إِذا اشْتَد اَلحرُّ فأَبْرِدوا (أبردوا بالظهر: الابراد انكسار الوهج والحر وهو من الابراد بمعنى الدخول في البرد) بالصلاة فإن شدة الحر من فَيْح جهنم (الفيح سطوع الحر وفورانه ويقال الفوح بالواو من فوح جهنم أي شدة غليانها وحرها وفاحت القدر تفيح وتفوح غلت وقد أخرجه مخرج التشبيه والتمثيل أي كأنه نار جهنم في حرها) .

153- (أخبرنا) : الثقة، ليث بن سعد، عن ابنِ شهاب، عن سعيد بن المُسَيِّب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله.

154- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المُسيب، عن أبي هُرَيْرَة رضي اللَّه عنه: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "إِذا اشْتَد الحَر فأَبْرِدوا بالصّلاة فإن شدة الحر من فَيْح جَهنم وقال: اشْتَكَتْ النَّارُ إلى ربها فقالت: رَبِّ أَكلَ بَعضي بعضاً فاذن لها بنَفَسَيْن نَفَس في الشتاء ونَفَس في الصَّيْف فأَشَدُّ مَا تجدون من الحر فمن حَرِّها وأَشد ما تجدون من البرد فمن زَمْهَريرِها".

155- (أخبرنا) : ابن أبي فُدَيْك، عن ابن أبي ذِئْب، عن ابن شِهاب، عن -[53]- أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن هِشَام، عن نَوْفَل بن مُعَاوية الدُّؤلي قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: " مَنْ فَاتَتْهُ صَلاةُ العَصْر فكأنما وُتِر أَهْلهُ ومالَه (أي نقص يقال وترته إذا نقصته شبه من فاتته صلاة العصر بمن سلب أهاله وماله ويروى أهله وماله بالنصب والرفع فمن نصب جعله مفعولا ثانيا لوتر والأول نائب الفاعل فمن رد النقص إلى الرجل نصبهما ومن رده إلى الأهل والمال رفعهما) . قال الشافعي رضي اللَّه عنه: وأيضاً أحببتُ تَقْديم العصر لان محمد بن اسماعيل أخبرنا: عن ابن أبي ذِئْب، عن ابن شِهَاب، عن أنس يعني ابْنَ مالك قال: كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يُصلي العصر والشمسُ بيضاء حَيَّة ثم يذهب الذاهب إلى العوالي (أماكن بأعلى أراضي المدينة وادناها من المدينة على أربعة أميال وأبعدها من جهة نجد ثمانية أميال) فيأتيها والشمس مرتفعة.

156- (أخبرنا) : ابن أبي فُدَيْك، عن ابن أبي ذِئْب، عن صالح مولى التَّوْأَمة، عن زيد بن خالد الجُهَني قال: -كنا نصلي مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صلاة المغرب ثم ننصرف فنأتي السوق ولو رُمِي بِنَبْل لَرُؤِى مَواقعُها (معنى هذا أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان يبكر بصلاة المغرب لضيق وقتها) .

157- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن عَمْرو بن عَلْقَمة، عن أبي نُعَيمْ، عن جابر رضي اللَّه عنه قال: -كنا نصلي المَغْرب مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم ثم نخرج نتناضل (تناضلوا: رموا للسق وناضله راماه وفلان يناضل عن فلان إذا دافع عنه وحاجج وتتكلم بعذره ودفع عنه وبنو سلمة بكسر اللام بطن من الانصار وظاهر هذا أنهم كانوا بالمدينة ولا ندري في أي جهة منها والحديث وما بعده وما قبله تدل على أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان يبكر بصلاة المغرب لأنهم كانوا بعد صلاة المغرب يترامون بالسهام ثم يسيرون حتى يصلوا إلى بيوت بني سلمة ولا يزال الضوء باقيا) حتى نَدْ خُلَ بيوت بني سَلِمَة نَنْظُر الى مواقع النَّبْل من الإسفار.

158- (أخبرنا) : ابن أبي فُدَيْك، عن ابن أبي ذِئْب، عن سَعيد بن أبي سعيد عن القعقاع ابن حَكيم قال: -" دَخَلنا على جابر بن عبد اللَّه وقال جابر: كنا نُصَلِّي مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم ثم نَنْصرف فَنأْتي بني سَلِمة فَنُبْصِر مَواقِعَ النَّبْل.

159- (أخبرنا) : سفيان ابن عُيَيْنَة، عن ابن أبي لَبِيد، عن أبي سَلَمَة بن عبد الرحمن، عن ابن عمر: -أنَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: " لا تَغْلِبَنّكم الأعراب علَى إِسم صَلاتكم هِيَ العِشا أَلا إِنَّهم يُعْتِمون بالإِبل (كان أرباب النعم في البادية يربحون الإبل ثم ينيخونها في مراحها حتى يعتموا أي يدخلوا في العتمة وهي ظلمة الليل وكان الأعراب يسمون صلاة العشاء صلاة العتمة تسمية بالوقت فنهاهم عن الاقتداء بهم واستحب لهم الاسم الذي نطقت به الشريعة. وقيل أراد لا يغرنكم فلعلهم هذا فتؤخروا صلاتكم ولكن صلوها إذا حان وقتها) .

160- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " ممَنْ أد رَك ركعةً من الصَّلاَةِ فٌََدْ أَدْرَكَ الصَّلاَة (المعنى: أن من أدرك ركعة من الصلاة في وقتها فكأنه صلاها كلها في وقتها ويوضحه الحديث الذي يليه) .

161- (أخبرنا) : الشافعي أن مالكاً أخبره، عن زَيْد بن أَسْلَم، عن عَطَاء بن يَسَار، وعن بُسْر بن سعيد، وعن الأعْرَج يُحدثونه عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «ممَنْ أد رَك ركعةً من الصبح قبل أن تطْلُع الشمسُ فقد أدْرك ركْعَةً من العَصْر قبل أن تَغْرُب الشمسُ فقد أدْرك العَصْرَ» .

162- (أخبرنا) مالك، عن ابن شِهَاب، عن ابن المسَيَّب: -أَنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نام عن الصبح فَصَلاَّها بعد ما طَلَعت الشمسُ ثم قال: " من نَسِي الصَّلاَةَ فَلِيُصَلِّها إذَا ذَكَرَهَا فإِن الله عزو جل يقول: أَقِمِ الصَلاَّة لِذكْري".

163- (أخبرنا) مالك، عن زَيْد بن أَسْلم، عن عطاء بن يَسَار، عن عبد اللَّه الصُّنَاجي: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: " إنَّ الشّمْسَ تَطْلُعُ وَمَعَها قَرْن الشيطان فإذا ارْتَفَعَتْ لإفَارَقَها فإذا اسْتوت قَارَنها فإذا زَالَت فارقها فإِذا آذنت للغُروب قَارَنها فإِذا غربت فارقها ونَهَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن الصلاة في تلك السَّاعَات (المراد ان الشيطان يقارن الشمس ويظهر معها إذا برزت في أول النهار وعند الزوال وعند الغروب فينبغي ترك الصلاة في هذه الاوقات) .

164- (أخبرنا) مالك، عن نافع، عن ابن عمر: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «لا يَتَحَرَّ أحَدُكُم فَيُصَلِّي عِنْدَ طُلوع الشمس ولا عند غروبهَا» .

165- (أخبرنا) مالك، عن محمد بن يحي، عن الأعرج، عن أبي هريرة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم نهى عن الصلاة بعدَ العَصْر حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وعن الصلاةِ بعد الصُّبْح حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

166- (أخبرنا) : مسلم وعبد المجيد، عن ابن جريج، عن عامر بن مصعب: -أن طاوساً أخبره أنه سأل ابن عباس عن الركعتين بعد العصر فنهاه عنهما. قال طاوُس: قلت ما أدعُهما (أي أتركهما وماضيه ودع وهو فعل أماته العرب فلم يستعملوا من هذه المادة ماضيا ولا مصدرا ولا اسم فاعل استغناء بما يؤخذ من ترك المرادفة لها في المعنى فلا يقال ودعته بمعنى تركته ولا ودعا بمعنى تركا ولا وادع بمعنى تارك وهذا ليس محل اتفاق لدى اللغويين إذ حكى بعضهم الماضي والمصدر وسمع اسم الفاعل في بعض الأشعار وقرأ بعضهم ما ودعك ربك بالتخفيف بمعنى ما تركك وعلى هذا فيحمل قول النحويين أن العرب أماتته على قلة الاستعمال.) فقال ابن عباس: (وَمَا كَانَ لِمُؤمِنٍ ولا مُؤمِنةٍ -[56]- إذا قَضَى اللُّه ورسُوله امْراً ان تَكُونَ لهُمُ الخِيرَةُ (الخيرة كعنبة هي الاحتيار قيل هي اسم من تخيرت الشئ مثل الطيرة من التطير والمعنى أن الأمر ليس اليك في اختيارهما وانك لست مخيرا في فعلهما أو تركهما لأنك مؤمن وليس للمؤمن إلا أن ينزل على حكم الله ورسوله وحكمهما في هاتين الركعتين الترك أما تشبث طاوس بصلاتهما فلانه رأى الرسول صلاهما وقد تبين من الحديث الآتي أن ما أداه رسول الله بعد العصر كان نافلة الظهر وأخرته الضرورة عن ادائهما في وقتهما) من امرِهم الآية) .

167- (أخبرنا) : سفيان، عن ابن أبي لبيد سمعت أبا سَلَمة بن عبد الرحمن بن عوف يقول: -قَدِم معاوية بن أبي سفيان المدينة فبَيْنا هو على المِنْبَر إذ قال: يَا كَثِيرَ بن الصّلْتِ اذْهب إلى عائشة فَسَلْها عن صلاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعد العصر قال ابو سَلَمة فذهبت معه إلى عائشة فسألها فقالت له: اذهب فسأل ام سَلَمة (أم سلمة هي السيدة هند بنت حذيفة بن المغيرة القرشية المخزومية زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم) فذهبت معه إلى أم سلمة فَسَألها فقالت أم سلمة: دخل عليَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذات يوم بعد العصر فصلى ركعتين لم أكن أراه يصليهما قالت أم سلمة فقلت يا رسول اللَّه: لقد صليتَ صلاة لم أكن أراك تصليها فقال: «انِّي كُنْتُ أُصَلّي ركعتين بعدَ الظهر وأنَّه قَدِمَ عَلَيَّ وفْدُ بني تَميم أو صَدَقة (الصدقة تطلق على ما تعطيه للمسكين تقرباً إلى اللَّه كما تطلق على الزكاة كما في قوله تعالى» إنما الصدقات للفقراء" الآية فالمراد بها فيها الزكاة وقوله أو صدقة يظهر أنه شك من الراوي أي أنه لا يجزم بما قاله الرسول بالدقة هنا قال وفد بني تميم أم قال صدقة أي عمال الزكاة بما جمعوه منها وكلاهما مما يسبغ تأخير أداء هذه النافلة لأهميتها ولعل الرسول صلى اللَّه عليه وسلم كان يأمل أن يؤدي النافلة قبل خروج وقتها فطال اشتغاله بما هو اهم حتى خرج وقتها وليست من الفرائض التي يقبح فيها التأخير عن الوقت) فَشَغَلُوني عَنْهُما فَهُمَا هَاتَانِ الرُّكعتَانِ -[57]- (والحديث واضح يدل بظاهره على جواز قضاء هذه النافلة) .

168- (أخبرنا) : سفيان، عن عبد اللَّه بن أبي لَبيد قال: -سمعت أبا سَلَمة قال: قَدِم معاوية المدينة فبَيْنا هو على المِنْبَر إذ قال: يَا كَثِيرَ بن الصّلْتِ اذْهب إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فَسَلْها عن صلاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعد العصر قال أبو سَلَمة فذهبت معه وبعث ابن عباس رضي الله عنهما عبد الله بن الحارث بن نوفل معنا فقال: اذهب واسمع ما تقوله أم المؤمنين قال: فجاءها فسألها فقالت له عائشة لا علم لي ولكن اذهب إلى أم سلمة فسلها قال: فذهبت معه إلى أم سلمة فقالت: دخل عليّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذَاتَ يوم بعد العصر فصلى عندي ركعتين لم أكن أراه يصليهما فقلت يا رسول اللَّه: لقد صليتَ صلاةً لم أكن أراك تصليها فقال: " انِّي كُنْتُ أُصَلّي ركعتين بعدَ الظهر وأنَّه قَدِمَ عَلَيَّ وفْدُ بني تَميم أو صَدَقة فَشَغَلُوني عَنْهُما فَهُمَا هَاتَانِ الرُّكعتَانِ.

169- (أخبرنا) : سفيان، عن ابن قيس، عن محمد بن ابراهيم التميمي عن جَدِّه قيس قال: -"رآني رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأنا أصلي ركعتين بعد الصبح فقال: " مَا هَاتَان الركعَتان يا قَيْسُ؟ فقلت: إني لم أكن صليت ركعتي الفجر فسكت عنه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم (وسكوته صلى اللَّه عليه وسلم اقرار بصة ما فعل قيس وهو دليل على جواز قضاء هذه السنة وعند الحنفية لا تعاد الا مع الصبح.

170- (أخبرنا) : سفيان، عن أبي الزبير المكي، عن عبد الله بن بَاباه، عن جُبَيْر بن مُطعم: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «يَابَنِي عَبد منافٍ -[58]- من ولى مِنْكُم مِنْ أمْرِ النَّاس شَيئاً فَلاَ يَمْنَعَنَّ أَحَداً طَافَ بِهَذا الْبَيْت وصَلَّى أيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ» (المعنى واضح وهو أنه صلى اللَّه عليه وسلم يدعوا إلى تمكين كل مسلم من البيت اناء الليل واطراف النهار ليؤدي نسكه من طواف وصلاة وبنو عبد مناف كانت لهم سدانة البيت فلذا وجه لهم الخطاب) .

171- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَة، عن عمرو بن دينار، قال: -رأيت أنا وعطاء بن أبي رَباح ابن عمر: طاف بعد الصبح وصلى قبل أن تَطْلُع الشمس.

172- (أخبرنا) : مسلم بن خالد وعبد المجيد، عن ابن جريج، عن عطاء: -عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أي مثل الذي قبل هذا أو مثل معناه لا يخالفه وزاد عطاء يا بني عبد المطل، أو يا بني هاشم، أو يا بني عبد مناف (هذا شك من الراوي ومعلوم أن بني عبد المطلب من بني هاشم وبنو هاشم من بني عبد مناف فبأي اسم من هذه الاسماء نادى فقد أصاب) .

الباب الثاني في الأذان

الباب الثاني في الأذان

173- (أخبرنا) : عبد الوهاب، عن يونس، عن الحسن: -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المُؤَذِّنُون اُّمَنَاء النَّاس عَلى صَلاتِهِم» (لان الناس متى سمعوا الأذان أدوا الفريضة اعتماداً عليه والغرض من الحديث إشعار المؤذنين بمسؤليتهم ليحتفلوا بها ويتحروا الأوقات حتى لا يضلوا الناس ويحملوهم على الصلاة قبل وقتها) وذكر معها غيرها.

174- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن سُهَيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة: -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأئِّمَةُ ضُمَنَاءُ والمؤَذِِّنُونَ أُّمَنَاء فأَرشَدَ اللُّه الأئمة وغَفَر لِلمُؤذِّنين» -[59]- (وإنما كان الأئمة ضامنين لان صحة صلاة المقتدين متوقفة على صحة صلاتهم فإذا لم يراعوا شروط الصلاة كاملة فقد باءوا بإثمهم وإثم المقتدين ولذا يجب على الامام إذا ذكر بعد الصلاة أنه لم يكن على طهارة أن ينبه المؤتمين به إلى هذا ليتداركوا ما فات) .

175- (أخبرنا) : سفيان، أخبرنا الأعْمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: - يبلغ به أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الإمَامُ ضَامِنٌ والمُؤَذِّنْ مُؤْ تمنٌ اللَّهُم فارْشِدِ الأئمة واغفر لِلمُؤَذِّنين» .

176- (أخبرنا) مالك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صَعْصَعة، عن أبيه: -أن أبا سعيد الخُدْري قال له: " إني أراك تُحبُّ الغَنم والبادية فإذا كُنْتَ في غَنَمِكَ أو بادِيتِكَ فأذَّنْتَ بِالصَّلاةِ فارفَعْ صَوْتَكَ فإِنَّهُ لا يَسْمَع صَوْتَك جِنٌّ ولا إنس ولا شئ إلا شَهِدَ لَكَ يَومَ القيامة (الحديث ظاهر المعنى ورفع الصوت في الأذان مطلوب لاسماع الناس واعلامهم بوقت الصلاة حتى يدعوا أعمالهم ويؤدوا صلاتهم وفي الحديث أيضاً تبشير المؤذنين بالثواب الجزيل على هذه الخدمة الدينية) . قال أبو سعيد: سمعته من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.

177- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، عن ابن جُريج قال: أخبرني عبد العزيز ابن عبد الملك بن أبي مَحْذورة: -أن عبد الله بن مُحَيريز أخبره وكان يتيماً في حِجْر أبي مَحْذورة حين جهزه الى الشام فقلت لأبي محذورة أي عم: إني خارج إلى الشأم وإني أخشى أن أُسْأَلَ عن تأذينك فأخبرني يا أبا مَحْذورة قال: نعم خرجت في نفر وكنا ببعض طريق حنين فَقَفَل (رجع) رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من حُنَين فلَقِينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في بعض الطريق فأذَّن مُؤَذِّنُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالصلاة عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فسمعنا صوت المؤَذن ونحن مُتَنكبون (أي ملقون الأقواس على مناكبنا) فَصَرخنا نَحْكيه ونستهزئ به فَسَمِع النبي -[60]- صلى اللَّه عليه وسلم فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "أيكم الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ قَد ارْتَفَع؟ فأَشار القومُ كلهم إليَّ وصدقوا فأرسل (أرسل كلهم أي اطلقهم ولم يستبق لديه غيري) كلهم وحَبَسني وقال: قُمْ فَأَذِّنْ بالصَّلاةِ فقُمت ولا شئَ أكره إليَّ من النبي صلى اللَّه عليه وسلم ولا مما أمرني به فقمت بين يدي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فألقى عليَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم التأذين هو بنفسه فقال قل: اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرُ، أشْهَدُ أن لا الهَ إلا الله أشْهَدُ أن لا الهَ إلا الله أشْهَدُ أنَّ مُحَمَداً رَسُولُ الله أشْهَدُ أنَّ مُحَمَداً رَسُولُ الله ثم قال لي ارجع ْفامْدُدْ مِنْ صَوْتِك ثُمَّ قال قل: أشْهَدُ أن لآ إلهَ إلا اللهُ أشْهَدُ أن مُحَمَداً رَسُولُ الله أشْهَدُ أن مُحَمَداً رَسُوُ اللهِ حيَّ (حي بفتح الحاء والياء المشدودة وهو اسم فعل أمر بمعنى أقبل واسم الفعل يلزم صورة واحدة ولا تتغير صورته كالفعل فتقول حي يارجل ويا رجلان ورجال على الصلاة وتقول أقبل يا رجل وأقبلا يا رجلان واقبلوا يا رجال إلخ والمعنى هلموا إلى الصلاة وأقبلوا وتعالوا مسرعين وكذلك المعنى في حي على الفلاح والفلاح هو الفوز والظفر أي هلموا إلى سبب الفوز بالجنة والاستمتاع بها وهو صلاة الجماعة وفي هذا الحديث من تأديب الرسول قومه وحسن سياسته وحكمته ما يدعو إلى الإعجاب فما زال بجميل صنعه مع هذا المستهزئ الجاهل الكاره حتى صيره محباً فاهما راغبا فيما كان يكرهه أشد الكره) على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفَلاَح حيَّ على الفَلاَح، اللهُ أكْبَرُ، اللهُ أكْبَرَ لآ إله إلاّ اللهُ. ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صُرّة فيها شئ من فضة ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمَرَّها على وجهه، ثم مر بين ثديه ثم على كبِده، ثم بلغت يده سُرّة أبي محذورة ثم قال -[61]- رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "باركَ اللُّه فيك وبارَكَ عَلَيكَ فقلت: يا رسول اللَّه: مرني بالتأذين بمكة فقال: قَدْ أمرْتُكَ به وذهب كل شئ كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من كَرَاهتِه وعاد ذلك كله محبة لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقدمت على عَتَّاب بن أُسَيْد عامل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأذّنت بالصلاة عن أمر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال ابن جُرَيج: وأخبرني بذلك من أدركت من آل أبي محذورة على نحو ما أخبرني ابن محيريز قال الشافعي: فأدركت ابراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يؤذن كما حكى ابن محيريز وسمعته يحدث عن أبيه عن ابن محيريز عن أبي محذورة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم معنى ما حكى ابن جريج.

178- (أخبرنا) مالك، عن ابن شهاب، عن عَطَاء بن يزيد، عن أبي سعيد الخُدْري: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا سَمِعْتُم النِّدَاء فَقُولوا مثل ما يقُولُ المؤذِّنُ (ومن هذا الحديث وما يليه كان من السنة متابعة المؤذن وترديد ما يقول) » .

179- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، أخبرني عُمَارة بن غازية، عن خُبَيْب ابن عبد الرحمن بن خبيب، عن حَفْص بن عاصم قال: -سمع النبي صلى اللَّه عليه وسلم رجلاً يؤذن للمغرب فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثل ما قال، قال فانتهى النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى رجل وقد قامت الصلاة فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «إنْزِلوا فَصَلُّوا المغْرِبَ بإقَامَةِ ذَلِكَ العبدِ الأسْوَدِ» .

180- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَة، عن مجمع بن يحي أخبرني: أبو أُمامة بن سهل أنه -[62]- سمع معاوية يقول: -سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: " إذَا قَالَ المؤذنُ أشْهَدُ أن لآ إلهَ إلا اللهُ قال أشْهَدُ أن لآ إلهَ إلا الله وإذا قال أشْهَدُ أنَّ مُحَمَداً رَسُولُ اللهِ قَال: وأنا أشهد ثم «سكت (لا يدل هذا الحديث على أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لم يكن يتابع المؤذن في كل الآذان فان المتبعة ليس بلازم أن تكون جهرية فلعله تابعه في سره وذلك للجمع بين هذا الحديث والأحاديث الأخرى ومنها الحديث السابق واللاحق) » .

181- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَة، عن طَلْحة بن يحي، عن عمه عيسى بن طَلْحَةَ قَال: -سمِعتُ مُعَاويةَ يحدث مثله عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم.

182- (أخبرنا) : عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُرَ يج قال أخبرني: عمرو ابن يحي المازني أن عيسى بن عمر أخبره، عن عبد الله بن علقمة بن وقَّاص قال: -إني لَعِند معاوية إذا أذّن مؤذنه فقال معاوية كما قال مؤذنه حتى إذا قال: حيَّ على الصَّلاةِ قال: لاَحَولَ ولاَقُوةَ إلاّ باللهِ ولما قال: حيَّ على الفَلاَحِ قال: لاَحَولَ ولاَقُوةَ إلاّ بالله (ولا حول ولا قوة إلا بالله قيل معناه لا حول عن المعصية ولا قوة ععلى الطاعة إل بتوفيق اللَّه وقيل الحول الحركة تقول حال الشخص إذا تحرك فالمعنى لا حركة ولا استطاعة إل بمشيئة الله وقيل الحول والحيلة والاحتيال والتحيل الحذق وجودة النظر والقدرة على دقة التصرف أي لا إجادة للعمل ولا قدرة للانسان عليه إلا بمعونة الله وقد فهم من هذا أن السنة أن يتابع السامع المؤذن فيما يقول إلا في الحيعلتين فله أن يتابعه وله أن يقول بدل ما قال المؤذن لا حول ولا قوة إلا بالله وهكذا مذهب الحنفية) ثم قال بعد ذلك ما قال المؤذن ثم قال سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول ذلك.

183- (أخبرنا) مالك، عن نافع، عن ابن عُمرَ: - أنه سمع الإقامة وهو بالبَقيع فأسرع الى المسجد.

185- (أخبرنا) مالك، عن نافع، عن ابن عمرقال: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يأمر المؤذن إذا كانت ليلةٌ باردة ذات ريح يقول: أَلا صَلوا في الرِّحَالِ (الرحال جمع رحل وهو للبعير كالسرج للفرس ويطلق أيضا على منزل الانسان ومسكنه والمعنى: صلوا في منازلكم ودوركم ولا تتكلفوا مشقة الجماعة والذهاب الى المساجد وهذا تخفيف ورحمة وفي بعض الاحاديث إذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال) ".

الباب الثالث في شروط الصلاة

الباب الثالث في شروط الصلاة

185- (أخبرنا) مالك، عن أبي الزناد، عن الاعرج، عن أبي هريرة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: لاَ يُصَلِيَنّ أحَدُكُم فيِ الثَّوبِ الواحِد لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيه مِنْهُ شئٌ (العائق: المنكب وهو مجتمع رأسي الكتف والعضد وهو نهى عن أن يؤدى الانسان الصلاة مكشوف العاتق ولا شك أن في هذا مجافاة للأدب لا تليق بمن يقف بين حاكم صغير فكيف بمن يقف أمام أحكم الحاكمين ومقتضى هذا النهي الكراهة لا بطلان الصلاة لأن العاتق ليس عورة حتى يبطل كشفه الصلاة) ".

186 - (أخبرنا) : سفيان ابن عُيَيْنَة، عن الزهري، عن أبي الزِّناد عن الأَعرج، عن أبي هريرة: -أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «لاَ يُصَلِيَنّ أحَدُكُم فيِ الثَّوبِ الواحِد لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيه مِنْهُ شئٌ» .

187- (أخبرنا) : عطاف بن خالد، والدراوردي، عن موسى بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة عن سَلَمة بن الأَكْوع قال: -قلت يا رسول اللَّه: إنا نكون في الصيد أفيصلي أحدنا في القميص الواحد. -[64]- قال: " نَعَمْ وَلَيزُرَّهُ ولَو لَمْ يجدْ إلاّ يَخُلَّهُ بِشَوكَة (زررت القميص أزره زراً من باب نصر إذا شددت أزراره عليك، ويقال: أزرر عليك قميصك، وأزررت القميص بالألف إذا جعلت له أزرارا؛ والأزرار: جمع زر بالكسر وهو ما يدخل في العروة ليجمع طرفي القميص والثوب ويمسك بهما وخللت الرداء خلا من باب قتل ضممت طرفيه بخلال بالكسر وهو العود ونحوه وخللته بالتشدد مبالغة وحكمة الأمر بزر الثوب ظاهرة وهي الخوف من ظهور العورة لأن المفروض أن ذلك في حالة فإذا لم يكن على المصلي سوى قميص واحد فإذا كان متسعاًلم يؤمن أن تظهر منه العورة فدعا الرسول إلى بالأزرار خوف أن تبطل الصلاة بكشف العورة ومعلوم أن كشف العورة يفسد الصلاة وأن لم يرها أحد) ".

188- (أخبرنا) : سفيان، عن أبي اسحاق، عن عبد الله بن شداد، عن ميمونة زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم، قالت: -كانَ رَسُولُ النبي اللَّه عليه وسلم يُصَلِّي في مِرْطٍ بَعْضُهُ عَلَيْه وَعَلَيَّ بَعْضُهُ وأنا حَائضٌ (المرط بكسر فسكون: كساء من صوف أو خز أو كتان يؤتزر به وتتلفع به المرأة اه مصباح بأضافة من اللسان وفي اللسان أيضا المرط كل ثوب غير مخيط وفي النهاية أنه النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يصلي في مروط نسائه أي أكسيتهن وانه صلى اللَّه عليه وسلم كان يغاس بالفجر فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس اهـ والذي يفهم من هذه النصوص أن المرط ثوب غير مخيط تتلفع به المرأة ويؤتزر به وان في الأماكن مادام غير مخيط ومن جنس ما يتلفع به أن يكون طرفه على شخص وطرفه الثاني على شخص آخر إذا كان طويلا والذي في الحديث من هذا النوع الطويل ولهذا أمكن أن يشملهما وكونها حائضا لا يمنع صحة الصلاة فيه مادام لم يصله دم الحيض ومعلوم أن مدار صحة الصلاة على ستر العورة وطهارة الثوب وهما متحققان في الحديث) ".

189- (أخبرنا) مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، قال: -بينما الناس بقَبَاء في صلاة الصبح إذ أتاهُمْ آتٍ، فقالَ: إن رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم قدْ أُنزلَ عَليه الّليلة قُرآنٌ، وقَدأُمِرَ أن يَسْتقبل الكعبة، فاستقبلوها وكانت وجُوهُ الناس إلى الشامِ، فاستدارُوا الى الكعبة.

190- (أخبرنا) مالك، عن يحي بن سعيد، عن سَعيد بن المسَيّب: -أنه كان يقول: صلىَّ رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم حج سِتّة عشرَ شهراً نحْوَ بيتِ المقْدِس ثم حُوِّلت القبلة قبْل بدر بشهرين.

191-- (أخبرنا) مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر قال: -بينما الناس بِقُبَاء (قباء بالضم وفتح الباء يمد ويقصر موضع جنوب مدينة الرسول بنحو ميلين يصرف ويمنع من الصرف) في صلاة الصبح إذ جاءهم آتٍ، فقال: إن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قَدْ نَزَلَ عَليه الَّليلة قُرآنٌ، وقَدْ أُمِرَ أن يَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ فاستقبلُوها وكانتْ وُجُوهُهم إلى الشّام (إلى الشام أي الى بيت المقدس الذي كان قبلتهم إذ ذاك) فاستدارُوا الى الكعبة".

192- (أخبرنا) : ابن أبي فُدَيْك، عن ابن أبي ذِئْب، عن عثمان بن عبد اللَّه ابن سُرَاقَة، عن جابربن عبد الله: -أن رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم في غَزَاة (الغزاة: عمل سنة والغزوة: المرة الواحدة من الغزو وغزوت العدو غزاوالاسم: الغزاة) بني أَنْمَارٍ كان يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ (الراحلة البعير القوي على الأسفار والأحمال والهاء فيه للمبالغة لأنه يطلق على الذكر والأنثى وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله لنجابتها وتمام خلقها وحسن منظرها ويوضح هذا الحديث «الناس كأبل مائة لا تجد فيها راحلة» والحديث في النوافل كما في الحديث الذي يليه وليس التوجه إلى المشرق قيدا بدليل قوله في الحديث الذي يليه «في كل جهة» وسيأتي تقييد هذا بالسفر وقصره عليه في حديث قريب فالصلاة على الراحلة متوجهة إلى كل جهة إنما هو خاص بصلاة النافلة في السفر فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل كما في بعض الحديث) مُتَوَجِّهَةً قِبَلَ الْمَشْرِقِ.

193- (أخبرنا) : عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُرَ يج أخبرني: أبو الزُّبَيْر: -أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: رأيت رسول الله صلى اللَّه عليه -[66]- وسلم يُصلي وهو على راحلته النوافلَ (النوافل: جمع نافلة الأصل في معنى المادة الزيادة، والنافلة هنا صلاة التطوع لأنها زائدة على الفرض، ومثلها النفل بالسكون، وقد يحرك، فالنفل والنافلة وما يفعله الانسان مما لا يجب عليه، وكما يكونان في الصلاة يكونان في غيرها فيطلقان على عطية التطوع، وتطلق النافلة على ولد الولد، ومنه قوله تعالى (ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة) لأن إبراهيم طلب ولدا، فوهب له إسحاق، ووهب له زيادة عليه يعقوب) في كل جهة.

194- (أخبرني) : محمد بن إسماعيل، عن ابن أبي ذِئْب، عن عثمان بن عبد اللَّه ابن سُرَاقَة، عن جابربن عبد الله: -أن رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم في غَزَوة بني أَنْمَارٍ كان يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُتَوَجِّهَاً قِبَلَ الْمَشْرِقِ.

195- (أخبرنا) : مسلم، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر ابن عبد اللَّه: -عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه لا أدري اسمى عن ابن الزبير بني أنمار، أو قال: صلى في السفر أم لا.

196- (أخبرنا) مالك، عن عمرو بن يحي المازني، عن أبي الحُبَاب سعيد ابن يَسَار، عن عبد الله بن عمر أنه قال: -رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلي على حمار، وهو متوجه الى خيبر. قال الشافعي رضي الله عنه: يعني النوافل.

197- (أخبرنا) : ابن أبي فُدَيْك، عن ابن أبي ذِئْب، عن الزهري عن سالم، عن أبيه (ح) : وأخبرنا مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر أنه قال: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلي على راحلتِهِ -[67]- في السَّفَر حيثما توجَّهت به (يؤخذ من هذا الحديث أن الصلاة على الدابة سائغ في صلاة النافلة لمن كان مسافرا كيفما سارت دابته وإلى أي جهة اتجهت وهذا الحديث لم يقيد الجواز بالنافلة والاحاديث السابقة لم تقيد بالسفر ولكن الاحاديث يقيد بعضها بعضا فأخذنا شروط الجواز من مجموعها) .

الباب الرابع في المساجد

الباب الرابع في المساجد

198- (أخبرنا) : سفيان ابن عُيَيْنَة، عن عمرو بن يحي المازني، عن أبيه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "الارْضُ كُلَّهَا مِسْجِدٌ إلا المقْبرَةُ والحَمَّام (وإنما نهى عن الصلاة في المقبرة وهي موضع دفن الموتى وتضم باؤها وتفتح لاختلاط ترابها بصدير الموتى ونجاساتهم فأن صلى في مكان طاهر منها صحت صلاته) . قال الشافعي رضي الله عنه: وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين أحَدُهما مُنقَطِعاً، والآخرُعن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

199- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن عبد الله بن طلحة بن كريز، عن الحسن البصري، عن عبد الله بن معقل أو مُفَضِّلٍ: -عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أدْرَكْتُمُ الصَّلاة وأنتُمْ فِي مُرَاح (المراح: بالضم الموضع الذي تروح اليه الماشية أي تأوى إليه ليلا والأعطان جمع عطن بالتحريك وهو مبرك الأبل حول الماء أو مطلقاً وهي للأبل بمثابة المرابض للغنم والنهي عن الصلاة فيها ليس من جهة أنها نجسة فانها موجودة في مرابط الغنم وقد أمر بالصلاة فيها والصلاة مع النجاسة لا تجوز وإنما أراد الأبلى تزدحم في المنهل فإذا شربت رفعت رؤوسها ولا يؤ من من نفارها فتؤذي المصلي عندها أو تلهيه عن صلاته أو تنجسه برشاش أبوالها) الغنم فَصَلوا فيها -[68]- فإنَّها سَكِينة وبرَكَة، وإذا أدْرَكْتُمُ الصَّلاةَ وأنْتُمْ فِي اعْطَانِ الإبِل فاخرجُوا منها فَصَلُّوا، فإنها جِنٌ مِن جِن خُلقت، ألاَ تَرَوْنَ أنها إذا نَفَرَتْ كيْفَ تَشْمَخُ بأنُوفَها.

200 - (أخبرنا) مالك، عن نافع، عن ابن عُمرَ: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم دخل الكعبة ومعه بِلاَل، وأُسَامة، وعثمان بن طَلْحَة قال ابن عمر رضي الله عنهما، فسألت بِلاَلا ما صنع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: جَعَلَ عموداً عن يساره، وعمودا عن يمينه، وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى قال: وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة.

201- (أخبرنا) مالك، عن نافع، عن ابن عُمر رضي الله عنهما: -دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم هو وبلال، وعثمان بن طلحة، وأحسِبَه قال: وأُسامة بن زيد، فلما خرج سألت بلالاً كَيْف صَنَعَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: جَعَل عَموداً عن يمينه، وعمودين عن يساره، وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى قال: وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة.

202- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن عثمان بن أبي سليمان: -أن مشركي قُريش حين أتَوُا المدينة في فداء اسرائهم (الأسراء بضم ففتح جمع أسير كقتيل وهو الأخيذ أي المأسور في الحرب ويجمع أيضا على أسارى بضم الهمزة وفتحا وأسرى كقتلى - ويؤخذ من الحديث أنه لا مانع من دخول غير المسلم المسجد) كانوا يبيتون في المسجد، منهم: جُبَيْر بن مُطعم، قال جبير: فكنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم.

الباب الخامس في سترة المصلي

الباب الخامس في سترة المصلي

203- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يُصَلِّي صَلاةً مِن الليل، وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجَنَازة (الجنازة: بالكسر وتفتح الميتأو بالكسر الميت وبالفتح السرير أو عكسه أو بالكسر السرير مع الميت والذي معنا هو الميت ويؤخذ من الحديث أن صلاة الانسان وأمامه شخص نائم لا بأس بها) .

204- (أخبرنا) : سفيان بن عُيَيْنَة، عن مالك بن مغول، عن عون بن أبي جُحيفةَ، عن أبيه أنه قال: -رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالأبطح (بمكة المحصب وهو في الأصل مسيل الماء فيه دقيق الحصى) فخرج بلال بالعَنزَة (العنزة بثلاث فتحات عصا أقصر من الرمح وفيها سنان مثل سنان الرمح والعكاز قريب منها) فركزها (ركزها من باب نصر ركزاً: ثبتها في الارض وتركيز العنزة يقصد منه تنبيه المارة أمام المصلى ألا يمروا بمكان سجوده حتى لا يزاحموه ولا يعطلوه عن اتمام صلاته لان ذلك اعتداء على حرمة الصلاة وايذاء للمصلي وإذا لم يلحظ المار ذلك أو جهله ومر من مكان السجود أثم ولا يؤثر ذلك فى صحة الصلاة ويؤيد ذلك الحديث التالي) ، فصلى إليها، والكلب والمرأة، والحمار يمرون بين يديه.

205- (أخبرنا) : مالك، عن الزهري، عن عبيد الله، ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: -أقْبلْتُ رَاكباً عَلَى أتَانٍ وأنا يومئذِ قَدْ أرْهقْتُ (ارهقت الاحتلام أدركته والاحتلام البلوغ) الإِحْتِلاَمَ ورسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلي بالناس، فمررت بين يدي -[70]- الصف فنزلت، فأرسلتُ حماري يَرْتعُ، ودَخلْتُ عَلَى الصَّف، فَلم يُنْكر ذلك على أحد.

الباب السادس في صفة الصلاة

الباب السادس في صفة الصلاة

206- (أخبرنا) : سعيد بن سالم، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن عقيل، عن محمد ابن الحنيفة، عن أبيه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " مِفْتَاحُ الصَّلاةِ الوُضُوءُ وتحرِيمُهَا التكْبِيرُ وتَحْليلها السَّلام.

207- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن على بن يحي بن خَلاّدٍ، عن أبيه، عن جده رِفَاعة بن مالك: -أنه سمع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: " إذا قَامَ أَحَدُكُمْ إلى الصلاةِ فليتَوضَّأَ كما أَمَر الله تعالى ثم ليكبرْ فَإن كَانَ مَعَهُ شَئْ مِنَ القُرْآنِ قَرأَ به وإن لم يكن معه شئ من القرآن فليحمد الله وليكبرْه ثم لْيَرْكعْ حتى يطمئن راكعاً ثم ليَقُمْ حتى يطمئن قائماً ثم لْيسْجُدْ حتى يطمئِنّ ساجداً ثم لْيَرفَعْ رأسه فلْيجْلسْ حتى يكمئن جالساً فمن نقص من هذه فإنما ينقص من صلاته (الحديث مسوق لبيان تعليم كيف تؤدى الصلاة ولا خفاء به والذي يستدعي الكلام فيه هو تعارضه مع الأحاديث الكثيرة التي تحتم قراءة شئ من القرآن في الصلاة ويمكن التوفيق بينه وبينها بأن هذا كان في بدء التشريع قبل أن يشيع القرآن فيهم وينتشر حفظته وذلك عذر وضرورة والضرورة تعذر بقدرها) .

208- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، قال أخبرني محمد بن عَجْلان، عن علي ابن يحي بن خلاّد عن رفاعة بن رافع قال: -جاء رجل لِيُصلي في المسجد قريباً -[71]- من رَسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم جاء فسلم (قول ثم جاء فسلم أي بعد أن صلى قريبا من رسول الله) على النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "أعِدْ صلاتَك فأنك لم تُصل (لم يبين الحديث ما فعل الرجل بصلاته حتى كانت كعدمها في نظر الرسول والمفهوم أنه أخل بشرائطها وأركانها ولا عجب فقد كان ذلك في بدء الإسلام) فقام فصلى بنحو ما صلى فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «أعِدْ صلاتَك فأنك لم تُصل» فقال: عَلمْني يا رسول الله كيف أصلي قال: إذَا توجهتَ إلى القِبلة فكَبِّرْ ثم اقْرأ بأمِّ (أم القرآن الفاتحة ويقال لها ايضا أم الكتاب- وأم كل شئ أصله وعماده في القاموس وام القرآن الفاتحة أو كل آية محكمة من آيات الشرائع والأحكام والفرائض. أقول والمراد هنا الفاتحة وانما سميت أم الكتاب وأم القرآن لأن الابتداء بها في نزول القرآن على قول وفي التلاوة وفي الصلاة وما بعدها تال لها وكذا يقال للراية أم لتقدمها واتباع الجيش لها أو لاشتمالها كما قال الزمخشري على مقاصد معاني القرآن وهي الثناء على الله بما هو أهله والتعبد بالأمر والنهي والوعد والوعيد- وأوضح من هذا أن يقال لاشتمالها على أصول الدين وفروعه والأخلاق والقصص والوعد والوعيد أما أصول الدين فمعرفة الله تعالى وصفاته وإليها الأشارة بقوله رب العالمين الرحمن الرحيم ومعرفة النبوات وإليها الأشارة بقوله تعالى أنعمت عليهم - والمعاد وإليه الأشارة بقوله تعالى مالك يوم الدين- وأما العبادات فالأشارة إليها بقوله تعالى: إياك نعبد وأما الأخلاق فاليها الأشارة بقوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم إلخ وأما القصص والوعد والوعيد، فقوله تعالى: انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين - أو سميت أم القرآن لأنها محكمة والمحكمات هن أم الكتاب كما قال تعالى (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب إلخ) القرآن وما شاء اللَّه أن تقرأ فإذا ركعتَ فاجعلْ راحتيك (الراحة: الكف) على رُكبتيك ومَكِّن ركوعَك وامْدُد ظَهْرَك فإذا رفعت فأَقِمْ صُلْبَك -[72]- (الصلب بالضم: الظهر والحديث لا يحتاج إلى بسط، والمراد منه تعليم الرجل الذي أخطأ في صلاته كيف يؤديها أداء صحيحا، وظاهر أن بيان الرسول للصلاة الكاملة الجامعة بين الفروض والسنة) وارفع رأسك حتى ترجع العظامُ إلى مَفاصلها فإذا سجدتَ فَمكِّنِ السجود فإذا رفعت فاجْلسْ على فَخْذِك اليسرى ثم افْعلْ ذلك في كل ركعة وسجدة حتى تطمئن".

209- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن سَالم، عن أبيه قال: -رأيت رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم إذَا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يُحاذيَ مَنْكِبَيْه (المنكب كمجلس مجتع الكتف والعضد والمحاذة: الموازاة وبين الحديث مواضع رفع اليدين في الصلاة، وأنها ثلاث عند الإحرام وعند الركوع وعند الرفع من الركوع، أما السجود والرفع منه ليس فليس فيهما رفع لليد، والحديثان التاليان مثل هذا الحديث في المعنى، وموضوعها كلها واحد وإنما تكررت مع ذلك لاختلاف يسير في اللفظ أو في السند. أما الحديث الذي يلي هذين الحديثين فيخالف الثلاثة في المعنى. إذ أن رفع اليدين فيه دون المنكبين) وإذا أراد أن يركعَ وبعدما يرفع. ولا يَرْفَعُ بين السجدتين.

210 - (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن سَالم، عن أبيه قال: -رأيت رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم إذَا افتتح الصلاة رفع يديه حَذْو مَنْكِبَيه وإذا أراد أن يرْكع وبعدما يرفع رأسه. ولا يَرْفَعُ بين السجدتين.

211- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه: -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاةَ رففع يديه حَذْو مَنْكِبَيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعها كذلك. وكان لا يفعل ذلك في السجود. قال أبو العباس: كتبنا حديث سفيان عن الزهري بمثله قبل هذا.

212 - (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عُمر رضي الله عنهما: -أنه كان إذا ابتدأ الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعها دُونَ ذلك.

213 - (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عُمر رضي الله عنهما: -أنه كانَ إذا -[73]- ابتدأ الصَّلاةَ رَفَعَ يَدَيهِ حَذْوَ منكبيه وإذا رَفَع رأسه من الركوع رَفَعها كَذلِكَ.

214- (أخبرنا) : سُفْبَانُ، عن عاصم بن كُلَيب قال: سمعت أبي يقول: حدثني وائل بن حُجْرٍ (وائل بن حجر بضم الحاء الحضرمي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم) قال: -رأيت رَسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذَا افتَتَحَ الصَّلاةَ يَرْفَعُ يَدَيْه حَذْوَ مَنْكِبَيْه، وإذَا رَكَع وبعد ما يرفع رأسه قال وائل: ثم أتيتُهم في الشِّتَاء، يرْفَعُون أيديهم في الرانِس (البرانس: جمع برنس، وهو كل ثوب رأسه ملتزق به وقال الجوهري هو كل قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام، والمراد هنا الأول والحديث في رفع الأيدي في الصلاة، وليس فيه جديد سوى أنهم كانوا يرفعون أيديهم في القلانس التي كانوا يلبسونها فراراً من البرد، أي كانوا يرفعون أيديهم مغطاة بالقلانس في الشتاء، وحينئذ فلا فرق في رفع الأيدي بين أن تكون مجردة، أو في البرانس) .

215- (أخبرنا) : سُفْيَان، عن يَزيدَ بن أبي زيادٍ، عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى عن البَرَاء بن عازب قال: -رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذَا افتتَح الصلاةَ رفع يديه قال سفيان: -ثُم قَدِمتُ الكُوفَةَ فَلَقِيتُ يزيد فسمعته يحدِّثُ هكذا بها وزَادَ فِيه ثُم لا يعُودُ فظننتُ أنهُمْ لَقّنُوه قال سفيان: هكذا سمعت يزيد يحدث ثم سَمعتُهُ بعد يُحدثُهُ هكذا ويزيدُ فِيه -[74]- ثُم لا يعُودُ (هذا الحديث يخالف للأحاديث السابقة فير فع الأيدي فقد فهم منه أنه لم يكن يفعله الرسول إلا عند افتتاح الصلاة بدليل قوله ثم لا يعود يعني إلى رفع اليدين وهذا مذهب الحنفية وكأنهم أخذوا بهذا الحديث وغيره مما في معناه وقد لا حظ سفيان أن يزيد كان يروي الحديث أولا بدون هذه الزيادة وهي قوله ثم لا يعود وإنما سمعها منه فظن أنه أخذها عنهم وانهم هم الذين لقنوه إياها وكأنه يتهم حفظه حينذاك بالضعف ولم يكن ينظر إليه هذه النظرة قبل ذلك بل كان يثق بحفظه وهذا هو ما فهمه الإمام الشافعي من الحديث ولهذا لم يأخذ به بل أخذ بالأحاديث السابقة في رفع الأيدي وفيها الرفع عند افتتاح الصلاة وعند الركوع والرفع منه أما أهل الكوفة فقد أخذوا في قصر رفع الأيدي على افتتاح الصلاة بأحاديث أخرى مثل حديث علقمة قال لنا ابن مسعود يوما ألا أصلي بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ولم يرفع يديه إلا مرة واحدة مع تكبيرة الافتتاح وهو في جميع الفوائد وهذا لا يخفى عليك أن الإمام أبا حنيفة كوفي ويظهرأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يلتزم حالة واحدة في رفع اليدين في الصلاة ومن هنا نشأ الخلاف بين الشافعية والحنيفة) . قال الشافعي رضي اللَّه تعالى عنه: ذهب سفيانُ إلى أن يُغَلِّط يزيدَ في هذا الحديث ويقول كأنه لُقِّنَ هذا الْحَرْفَ الأخير فَلَقَّنه ولم يكن سفيان يَرَى يزيدَ بالحفظ كذلك.

216- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، وعبد المجيد وغيرهما عن ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن عبد اللَّه بن الفضل، عن الأعرج، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه تعالى عنه قال: -أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كَانَ إِذَا اتَتَح الصَّلاةَ قَالَ وجَّهْتُ وجْهِيَ للَّذي فَطَر (فطر السموات فطر الشئ فطراً: بدأه وأنشأه فالفطر: الابتداء والاختراع وفطر اللَّه الخلق يفطرهم خلقهم وبدأهم وفي القرآن «الحمد لله فاطر السموات والأرض» قال ابن عباس ما كنت أدري ما فاطر السموات والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما أنا فطرتها أي أنا ابتدأت حفرها) السَّمواتِ والأرضَ -[75]- حَنِيفاً (مائلا إلى الإسلام ثابتا عليه والحنيف عند العرب من كان على دين إبراهيم عليه السلام وأصل الحنف الميل والأعوجاج ورجل أخنف ذو قدم مقبلة بأصابعها على القدم الأخرى أو مائلا عن الأديان الباطلة) ومَا أنَا مِنَ المشرِكينَ إنَّ صَلاتِي ونُسُكي (النسك بضم فسكون وبضمتين: العبادة والطاعة وكل ما يتقرب به إلى اللَّه وفي القاموس بتثليث النون مع سكون ثانية وبضمتين نسك ينسك نسكا للَّه وتنسك: تعبد والناسك العابد وفعله من باب نصر وكرم والمراد به هنا الصوم والحج والزكاة وغيرها من الطاعات ومحياي ومماتي حياتي وموتي أي أنهما بيده هو لا بيد غيره فهو الذي يحييني ويميتني وإنما جمع بين الصلاة التي هي من فعل العبد والحياة التي هي من فعل اللَّه لأنهما بتديره أو المراد بالحياة والموت ما يعملون بهما من الطاعات والهيبة) وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للَّه رَب العالمين لا شَريكَ لَهُ وبِذَلِكَ أُمِرت قَالَ أَكثرُهم وأنَا أوَّلُ المسلمين وشَكَكْتُ أنْ يَقُول قالَ أحَدهُم وأنا مِن المسلمين اللهُمَّ أنْتَ الملِكُ لاَ إِله إِلاَّ أنْتَ سُبْحانَكَ (التسبيح التنزيه والتقديس والتبرئة من النقائص فمعنى سبحان اللَّه تنزيه اللَّه، وهو منصوب على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف كأنه قيل أبرىء اللَّه من التسوء براءة فمعنى سبحانك تنزيه لك من كل سوء وتنزيها وتقديسا لك وقوله وبحمدك أي بحمدك ابتدئ وقيل المعنى وبحمدك سبحت) وبحَمْدِكَ أَنْتَ رَبِّي وأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسي واعترَفتُ بِذَنْبي فاغْفِر لي ذُنوبي جَميعاً لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلا أَنتَ واهْدِنِي لأَحسَنِ الأ خلاَقِ لاَ يهدِي لأحسنها إلا أنتَ واصرفْ عَنِّي سَيئها لا يصرف عني شيئها إلا أنتَ لبيكَ وسَعْديك (روى عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه كان يقول في افتتاح الصلاة لبيك وسعديك والخير في يديك والشرليس إليك قال الأزهري: وهو خبر صحيح وحاجة أهل العلم إلى تفسيره ماسة: فأما لبيك فهو مأخوذ من لب بالمكان لبا وألب به إلبابا أي أقام به كأنه يقول أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة ومجيب لك إجابة بعد إجابة إلخ. ولم يستعمل إلا بصيغة التثنية والمراد منها التكرير أي إجابة بعد إجابة وهو منصوب على المصدر كقولهم حمداً لك وشكراً وفعله مقدر لا يظهر كأنك قلت لبا بعد لب أو إلبابا بعد الباب وقال الخليل معناه اتجاهي وقصدي إليك يا رب من قولهم دار فلان تلب دارك أي تواجهها وتحاذيها وقيل معناه إخلاص لك من قولهم حسب لباب إذا كان محضا خالصا. وحكى عنه أيضا أنه مأخوذ من قولهم أم لبه أي محبة عاطفة قال فأن كان كذلك فمعناه إقبالا إليك ومحبة لك وكان حقه أن يقال لبا لك ولكنهم ثنوا فقالوا لبيك لارادتهم التوكيد أي إلبابا بعد إلباب وإقامة بعد إقامة. وقال إبن الأعرابي: اللب الطاعة وأصله من الإقامة وقولهم لبيك اللب واحد فإذا اثنيت قلت في الرفع لبان وفي النصب والجر لبينٍ وكان في الأصل لبينك أي أطعتك مرتين ثم حذفت النون للإضافة كأنه قال كلما أجبتك في شئ فأنا في الآخر مجيب لك. وسعديك أي إسعادا لك بعد إسعاد أو مساعدة لك بعد مساعدة والمراد بالإسعاد والمساعدة للَّه متابعة العبد أمر ربه. وقال ابن الأثير: أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة ولهذا ثنى وهو من المصادر المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال اهـ والمعنى أن العبد يخاطب ربه وبذكر طاعته ولزوم أمره فيقول سعديك أي مساعدة لأمرك بعد مساعدة أي ملازم للتثنية أيضا مثل لبيك لقصد التكرير ولم يقولوا سعدك، ومن العجب أنك ترى الشراح إذا فسرا سعديك فسروها بالإسعاد أو المساعدة كأهم يظنون أنهما هما الفعلان المتعديان بخلاف السعد فأنه لازم وهم لا أصل له فأن سعد كما يأتي لازما يأتي متعديا يقال سعده اللَّه وأسعده ولا أدل على ذلك من قراءة «وأما الذين سعدوا ففي الجنة» ببناء الفعل المجهول وهذا لا يكون الا يكون إلا من سعده اللَّه معنى أسعده أي أعانه ووفقه وحينئذ لك أن تفسر سعديك فتقول معناه سعدا لك وسعد أي إطاعة لأمرك بعد إطاعة) والْخَيرُ بَيَدَيكَ، والشَّرُ لَيْسَ إليكَ، والْمهْدِيُّ مَنْ -[76]- هَدَيتَ (والمهدي من هديته أنت وهو كقوله تعالى إن الهدى هدى اللَّه أما تعليم الآباء وإرشاد المدرسين ونصح الناصحين فقد رأيناها كلها تذهب مع الريح في كثير من الناس وهم الذين لم تشملهم العناية الصمدانية بالهداية الربانية وفي القرآن الكريم أيضاً «إنك لا تهدي من أحببت ولكن اللَّه يهدي من يشاء» ) أنَا بِكَ وإليْكَ (أنا بك وإليك أي حياتي بك أي بفضلك وكذلك رزقي وسلامتي ومرجعي إليك) لاَمَنْجَى مِنْكَ إلاَّ إلَيْكَ (لا منجى منك إلا إليك أي لا ينجيني منك إلا فضلك ورحمتك أي أن أحدا لا يستطيع إنقاذي من غضبك وليس لي ملجأفي العنو سوى ساحتك كقوله تعالى: «وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون» أي يحمي ولا يحمى عليه) تَبَارَكْتَ -[77]- وتَعاليْتَ (تعاليت أي تنزهت وتقدست عن كل نقص وشين وفي اللسان: وأما المتعالي فهو الذي جل عن أفك المفترين وتنزه عن وساوس المتحيرين فيه وتفسير تعالى جل ونبا عن كل ثناء فهو أعظم وأجل وأعلى مما يثنى عليه ل إله إلا اللَّه وحده لا شريك له) اسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ.

217- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، وعبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن عبد اللَّه بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد اللَّه بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "أَحَدُهُما كَانَ إِذَا إِبْتَدأَ الصَّلاة وَقَالَ الآخَرُ كَانَ إِذَا افتَتَح الصَّلاة قَال: وجَّهتُ وجْهيَ لِلَّذِي فَطَر السَّموَاتِ والأَرْضَ حَنِيفاً ومَا أنَا مِنَ المشرِكينَ، إنَّ صَلاَتي ونُسُكِي وَمَحَيَايَ ومَمَاتي لِلَّه رَبِ العَالَمينَ لا شَرِيك لَهُ وبذلك أُمِرتُ قَال أحدهما وأنا أوَّلُ المسلمين وقَال الآخَرُ وأنا من المسلمينَ (تقدم قريبا تفسير هذه الآية) . قال الشافعي رضي اللَّه عنه: ثم يقرأ القرآن بالتعوذ ثم ببسم اللَّه الرحمن الرحيم إذا أتى عليها (يعني الفاتحة) قال آمين. ويقول من خلفه إن كان إماماً يرفع صوته حتى يسمع من خلفه إن كان مما يُجْهر بالقراءة (هذه زيادة من الامام الشافعي كالشرح للحديث إذ الحديث في افتتاح الصلاة فقط فأتم الإمام تعليم القراءة فقال وبعد افتتاحها بالآية يتعوذ المصلي ثم يبسمل ثم يقرأ الفاتحة ثم يقول آمين ويقولها المصلون وراءه إن سمعوها منه في الصلاة الجهرية) .

218- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن ربيعة بن عثمان عن صالح بن أبي صالح: -أنه سمع أبا هريرة رضي اللَّه عنه يقول وهو يَؤُم النَّاسَ رافعاً صَوْتَهُ: ربّنا -[78]- إنَّا نعُوذُ بِك مِنْ الشَّيْطانِ الرَّجِيم في المكتوبة وإذا فرغ من أم القرآن (المكتوبة المفروضة وفي الحديث أن أبا هريرة كان يستعيذ باللَّه من الشيطان إذا فرغ من الفاتحة كان يقولها أولا ومحلها المعروف قبل البسملة كما في الحديث السابق وهي بعد الفاتحة من قبيل الدعاء) .

219- (أخبرنا) : سفيان، عن أيوب، عن قتادة، عن أنس قال: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان يفتتحون القراءة بالحمد للَّه رب العالمين.

220- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد قال حدثني: -صالح مولى التوأمة أن أبا هريرة رضي اللَّه تعالى عنه كان يفتتح الصلاة ببسم اللَّه الرحمن الرحيم (ظاهر ما بين الحديث وسابقه من التفاوت والاختلاف فالأول فيه أن النبي وأبو بكبر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون الصلاة بالفاتحة وفي هذا كان أبو هريرة يفتتح الصلاة بالبسملة والصلاة بدون البسملة صحيحة لأن الإتيان بها سنة هذا مذهب الحنفية فلعلهم اعتمدوا في مذهبهم على الحديث السابق)

221- (أخبرنا) : سفيان، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "كُلُّ صَلاةِ لَمْ يُقْرأ فِيها بأم الكِتَاب فَهِي خِدَاجٌ فَهِي خِدَاجٌ -[79]- (خداج أي نقصان من خدجت الناقة وكل ذات ظلف وحافر يخدج خداجا إذا ألقت ولدها لغير تمام الأيام وإن كان تام الخلق وفي الحديث كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج أي ذات خداج وهو النقصان حلوا المصدر محل الفعل اختصاراً في الكلام وهذا دأبهم كما قالوا عبد اللَّه إقبال وإدبار أي مقبل ومدبر وإنما قال في الصلاة فهي خداج لأن المعنى فهي ذات خداج على تقدير مضاف محذوف أو ليس هناك تقدير ويكون قد وضعها بالمصدر ومبالغة في نقصها كما تقول فلان عدل فتخبرعنه بالمصدر نفسه مبالغة في وصفه بالعدل كأنه هو العدل نفسه لاشئ آخر) .

222- (أخبرنا) : عبد المجيد، عن ابن جُرَيج قال أخبرني: -أُّبَيّ، عن سعيد ابن جُبَيْر (ولَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ المثَاني والقُرآنُ العَظِيمَ ( «ولقد أتيناك» أنزلنا عليك «سبعا» أي سبع آيات وهي الفاتحة، روى ذلك عن عمر وعلي وابن عباس وكثير من الصحابة وجاء ذلك أيضا مرفوعا إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من حديث أبيّ وأبي هريرة وقيل سبع سور، وهي الطول وروى ذلك أيضا عمر وابن عباس وابن مسعود وكثير من الصحابة وهي في رواية البقرة وآل عمران والنساءو المائدة والأنعام والأعراف والأنفال وبراءة سورة واحدة وفي رواية براءة دون الأنفال وهي السابعة وفي أخرى يونس وفي أخرى الكهف وقيل السبع آل حميم وقيل سبع صحف مما نزل على الأنبياء بمعنى أنه أوتي ما تضمنها وان لم يكن بلفظها وقيل المثاني كل سورة دون المئين وفوق المفصل كأن المئين جعلت مبادي والتي تليها مثاني وأصحها كلها الأول وقد أخرجه البخاري وأبو داوود والترمذي ورفعوه وقال أبو حيان لا ينبغي العدول عنه بل لا يجوز ذلك وأورد على القول بأها السبع الطول أن هذه السورة وهي الحجر مكية فلم تكن تلك السور قد أنزلت بعد فكيف يقال أتيناك فيما لم ينزل وأجيب بأن المراد إنزالها إلى سماء الدنيا وفي هذا يستوي المكي والمدني واعترض بأن هذا مخالف لظاهر قوله تعالى آتيناك وقيل أنه تنزيل للمتوقع منزلة الواقع في الإمتنان ومثله كثير والمثاني جمع مثناة أو جمع مثنى بضم أوله وتشديد نونه المفتوحة على غير قياس إذا قياسه مثنيات أو جمع مثنى بالتخفيف من الثني بمعنى التكرير والاعادة واطلاق ذلك على الفاتحة لأنها تكرر قرائتها في الصلاة في كل ركعة ولأنها تثنى بما يقرأ بعدها من القرآن ولأن كثيراً من ألفاظها مكرر كالرحمن والرحيم وإياك والصراط وعليهم هذا وجه تسمية الفاتحة مثاني وأما وجه تسمية القرآن كله مثاني في قوله تعالى «اللَّه نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني» فهو كما قال أبو عبيدة لأن الأنبياء والقصص تنبت فيه أو لاقتران آية الرحمة فيه بآية العذاب «والقرآن العظيم» بالنصب عطفا على سبعا فإن أريد بها الآيات والسور أو الأمور السبعة فهو من عطف العام على الخاص اشعارا بمنزلة الخاص الممتازة حتى كأنه غير العام واختار بعضهم تفسير القرآن العظيم بالفاتحة كالسبع المثاني؟ أخرجه البخاري عن أبي سعيد بن المعلى قال قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: الحمد للَّه رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته وهذا أكثر انطباقا على الواقع لأنه صلى اللَّه عليه وسلم لم يكن أوتي إذ ذاك القرآن كله لأن الآية مكية كما قلنا)) قال: هي أُمُّ القرآن قال اُبَيٌّ: وقرأها عَلَيَّ سعيد بن جُبير حتى ختمها ثم قال: بسم اللَّه الرحمن الرحيم الآية السابعة قال سعيد: قرأتها على ابن عباس كما قرأتها عليك ثم -[80]- قال بسم اللَّه الرحمن الرحيم الآية السابعة. قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما: فذخرها لكم فما أخرجها لأحد قبلكم (أي اختصكم بها تفضلا منه سبحانه وتكرما والضمير عائد على السبع المثاني.

223- (أخبرنا) : عبد المجيد، عن ابن خديج أخبرني: عبد اللَّه بن عثمان ابن خَيْثَم أن أبا بكر بن حَفْص بن عمرأخبره: أن أَنَسَ بن مالك قال: صلّى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم لأم القرآن ولم يقرأ بها للسورة التي بعدها حتى قضى تلك القراءة ولم يُكَبِّر حين يَهْوِى حتى قضى تلك الصلاة فلما سلم ناداه مَنْ سَمَع ذلك من المهاجرين من كل مكان يا معاوية: أسَرَقْتَ الصَّلاة أم نَسِيتَ فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم للسورة التي بعد أم القرآن وكبر حين هوى ساجداً.

224- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم، عن اسماعيل بن عبيد بن رفاعة، عن أبيه: -أن معاوية قدم المدينة فصلى لهم ولم يقرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع فناداه المهاجرون حين سلم والأنصار يا معاوية أَسَرقْتَ صَلاتَك أين بسم اللَّه الرحمن الرحيم وأين التكبير إذَا خفضت وإذا رفعت فصلَّى بهم صلاةً أخرى فقال فيها ذلك الذي عابوا عليه -[81]- (هذا الحديث والذي قبله في موضع استغراب المهاجرين ما وقع من معاوية في صلاته إذ ترك البسملة قبل السورة التي تعقب الفاتحة وترك التكبير حين ركع وحين رفع من ركوعه فقالوا له أنسيت أم اختصرت الصلاة فلما صلى بعد ذلك تدارك ما نبه إليه فأتى بالبسملة والتكبير ومذهب الحنفية الإكتفاء بالبسملة مع الفاتحة والأتيان بها معها عندهم سنة مثل التكبير مع الركوع والسجود) .

225- (أخبرنا) : يحي بن سليم، عن عبد اللَّه بن عثمان بن خيثم، عن إسماعيل ابن عبيد بن رفاعة، عن أبيه، عن معاوية: -والمهاجرين، والأنصار مثله أو مثل معناه لا يخالفه، وأحسب هذا الإسناد أحفظ من الإسناد الأول.

226- (أخبرنا) : مسلم وعبد المجيد، عن ابن جُريج، عن نافع، عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما: -أنه كَان لا يَدَعُ بسم اللَّه الرحمن الرحيم لأم القرآنِ وللسورة التي بعدها (هذا وما قبله دليل من أخذ بالتسمية في الفاتحة وما معها من السوروأما الحنفية فدليلهم على صحة الصلاة بدون التسمية مطلقا أي مع الفاتحة وغيرها ما روى عن أنس قال صليت مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يقرأ باسم اللَّه الرحمن الرحيم وقد رواه الستة وفي رواية فكانوا يستفتحون بالحمد للَّه رب العالمين لا يذكرون باسم اللَّه الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها والحديث في جمع الفوائد.) .

227- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا قَالَ أَحَدُكُمْ آمِينَ، وقالت الملائكة في السماء آمين، فَوَافَقَتْ إحْداهُمَا الأخْرى، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ من ذَنْبِه» .

228- (أخبرنا) : مالك، اخبرني: سمى، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا قَالَ الإِمامُ غَيْرِ المغْضُوبِ عَلَيْهِمْ -[82]- ولا الضَّالِّينَ، فَقُولوا آمين فإِنَّه مَنْ وَافَقَ قَوْلَهُ قَولُ الملائكة غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ» .

229- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة: -أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا أمَّنَ الإِمامُ فأَمِّنُوا فإِنَّه مَنْ وَافَقَ تأمينهُ تأمِينُ الملائكة غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّم مِنْ ذَنْبِهِ» . قال ابن شهاب وكان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقول «آمين» .

230- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، عن ابن جُريج، عن عطاء، قال: -كُنت أسمع الأئمة من ابن الزبير ومن معه يقولون آمين، ومن خلفهم يقولون آمين، حتى إن للمسجد للجة (اللجة بالفتح الصوت، تقول سمعت لجة الناس بالفتح أي أصواتهم وضجهم، واللجة إختلاط الأصوات مثل اللجلجة وفي حديث عكرمة سمعت لهم لجة بآمين يعني أصوات المصلين واللجة: الجلبة وقدتكون في الإبل، ولج القوم وألجوا إختلطت أصواتهم والحديث وما قبله في ندب الإمام والمؤتم إلى قول أمين أما حديث أبي هريرة ففيه طلبها من المؤتم فقط وبه أخذ الحنيفة غيرهم والتأمين عند الجميع سنة فلا تختل صلاة بتركه) .

231- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، عن ابن جُريج، عن عطاء، قال: -كُنت أسمع الأئمة وذكرابن الزبير ومن بعده يقولون آمين، ويقولون من خلفه آمين، حتى إن للمسجد للجة.

232- (أخبرنا) : عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب بن أبي تميمة -[83]- السختياني، عن نبفع مولى ابن عمر رضي اللَّه عنه قال: -كان ابن عمر يقرأ في السفر أحسبه قال في العَتَمَةِ (العتمة محركة الظلام وأعتم دخل فيها وكان الأعراب يسمون صلاة العشاء صلاة العتمة تسمية بالوقت فنهاهم الرسول عن الإقتداء بهم وذلك بقوله «لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء» واستحب لهم التمسك بالإسم الناطق به لسان الشريعة وفي المصباح العتمة من الليل بعد غيبوبة الشفق إلى آخر الثلث الأول وعتمة الليل ظلام أوله عند سقوط نور الشفق وقوله أحسبه قال في العتمة وظاهر الحديث أنه ترك البسملة مع الفاتحة) سورة «إذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ» فقرأ بأم القرآن فلما أتى عليها قال: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، بسم اللَّه الرحمن الرحيم، بسم اللَّه الرحمن الرحيم، فقلت «إذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ» فقال: إذا زلزلت.

233- (أخبرنا) : مالك، عن أبي عبيدٍ مولى سليمان بن عبد الملك، أن عبادة ابن نسى أخبره: -أنه سمع قيس بن الحارث يقول أخبرني أبو عبد اللَّه الصُّنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق، فصلى وراء أبي بكر الصديق المغرب فقرأ أبو بكر في الركعتين الأولَيَيْنِ بأُّمّ القرآن، وسورة من قصار المفصل (والمفصل بوزن معظم من القرآن من الحجرات إلى آخر القرآن في الأصح، أو من الجاثية أو القتال أو قاف عن النووي أو الصفات أو الصف أو تبارك عن ابن أبي الصيف، أو إنا فتحنا عن الدزماري، أو سبح باسم ربك عن الفركاح أو الضحى عن الخطابي وسمي مفصلا لكثرة الفصول بين سوره أو لقلة المنسوخ فيه اهـ قاموس) ، ثم قام في الركعة الثالثة، فدنوتمنه حتى أن ثيابي لتكاد أن تمُسَّ ثيابهُ فسمعتُهُ قرأ بأم القرآن، وهذه الآية: «ربّنَا لاَ تُزِغْ قلوبنَا (زاغ يزيغ زيغا وزيغانا وزيوغا مال وربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا أي لا تملنا عن الهدى والقصد ولا تضلنا وقيل لا تتعبدنا بما يكون سببا لزيغ قلوبنا وفي حديث الدعاء اللهم لا تزغ قلوبي أي لا تمله عن الإيمان يقال زاغ عن الطريق إذا عدل عنه) بَعْدَ -[84]- إذْ هَدَيْتَنَا وهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إنَّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ» .

234- (أخبرنا) : مالك عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر: -أنه كان إذا صلى وحدهُ يقرأ في الأربع جميعاً في كل ركعة بأم القرآن، وسورة من القرآن. قال: وكان يقرأ أحياناً بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة.

235- (أخبرنا) : مالك، عن هشام بن عُرْوة، عن أبيه: -أن أبا بكر الصديق صلى الصُّبْحَ، فقرأ فيها بسورة البقرة في الركعتين كليهما.

236- (أخبرنا) : مالك، عن هشام، عن أبيه: -أنه سمع عبد اللَّه بن عامر ابن ربيعة يقول: صلينا وراء عمر بن الخطاب الصبح، فقرأ فيها بسورة يوسف وسورة الحج، فقرأ قراءة بطيئة فقلت: واللَّه لقد كان إذاً يقوم حين يطلع الفجر، قال: أجَلْ (ومعنى ذلك أنه كان يبكر بالصلاة حتى يفرغ من قراءة السورتين قراءة متمهلا فيها قبل طلوع الشمس) .

237- (أخبرنا) : مالك، عن يحي بن سعيد، وربيعة بن أبي عبد الرحمن أن الفُرَاقِصَةَ (الفراقصة بضم أوله وفتح ثانيه وكسر ثالثه الأسد الشديد الغليظ كالفرقص وبه سمى) بن عمير الحنفي قال: ما أخذتُ سورة يوسف إلا من قراءة عثمان ابن عفان إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها.

238- (أخبرنا) : مالك عن نافع: -أن ابن عمر كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشر الأول من المفصل (تقدم قريبا بيان سور المفصل والخلاف فيها) في كل ركعة بسورة.

239- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن زياد بن علاقة، عن عمه، قال: -سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقرأ في الصبح «والنَّخْل بَاسِقَاتٍ» (باسقات: طويلات) . قال الشافعي: يعني بقاف.

240- (أخبرنا) : سفيان عن مسعر بن كدام، عن الوليد بن سريع، عن عمرو بن حُريث، قال: سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقرأ في الصبح «واللَّيْل إذَا عَسْعَسَ» (عسعس الليل أقبل ظلامه أو أدبر) . قال الشافعي رضي اللَّه عنه: يعني يقرأ في الصبح: «إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» (كورت الشمس قال أبو عبيدة: كورت مثل تكوير العمامة تلف فتمحى. وقيل ذهب ضوؤها وقيل كورت: رمى بها وقيل دهورت، يقال: دهورت الحائط إذا طرحته حتى يسقط: وقيل كورت: يعني غورت وقيل كورت: اضمحلت وذهبت وقيل كورت: مثل تكوير العمامة تلف فتمحى) .

241- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، وعبد المجيد، عن ابن جُريج، قال: -أخبرني محمد بن عباد بن جعفر، أخبرني أبو سلمة بن سفيان، وابن عمر، والدراوردي، عن عبد اللَّه بن السائب قال: صلى بنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الصبح بمكة، فاسْتَفْتَحَ بسورة المؤمنين، حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون، أو ذكرعيسى (أو ذكر عيس: شك من الراوي وفي السورة ذكرهما معا) أخَذَت النَّبِي صلى اللَّه عليه وسلم سُعْلَةٌ (السعلة بضم أوله وسكون ثانيه حركة تدفع بها الطبيعة أذى عن الرئة والأعضاء التي تتصل بها يقال: سعل يسعل سعالا وسعلة بضمهما) فَحَذَفَ فركع وعبد اللّضه بن السائب حاضر ذلك.

224- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شهاب، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، عن أمّ الفضل بنتَ الحارث: -سمعته يقرأ: (والمُرْسَلاتِ عُرْفاً) فقالت يا بُنيَّ لقد ذكَّرْتني بقرائتك هذه السورة، إنها لآخرما سمعتُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقرأ بها في المغرب (المرسلات: الرياح أو الخيل أو الملائكة وفي اللسان قال بعض المفسرين في" قوله تعالى والمرسلات عرفا إنها أرسلت بالعرف والإحسان وقيل يعني الملائكة ارسلوا للمعروف والإحسان والمراد من الحديث وما قبله وما بعده بيان القدر الذي كان يقرأ به رسول صلوات اللَّه عليه في صلاته مع الفاتحة) .

243- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن محمد بن جُبَيْر بن مُطعم، عن أبيه، أنه قال: -سمعت رَسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسَلم قرَأ «بالطُّورِ» في المغرب.

244- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين: قال: -كان رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسَلم يكبر كلما خَفَضَ ورَفَعَ، فما زَالتْ تِلكَ صَلاتُه حتى لقي اللَّه عزَّوجَلَّ (ظاهر الحديث أن رَسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسَلم كان يكبر مع الركوع والسجود ومع الرفع منهما فالحديث مسوق لبيان أماكن التكبير في الصلاة) .

245- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة: -أن أبا هريرة رضي اللَّه عنه كان يُصلِّي بهم، فكان يُكَبِّر كُلَّما خفَضَ ورَفَع، فَإِذا إنصرَف قال: واللَّه أنِّي لأشبهكم بصلاة رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسَلم -[87]- (المراد أن صلاته أشبه بصلاة الرسول لأنه هو أشبه بالصلاة لأنه لا معنى لتشبيهه هو بصلاة الرسول فقوله إني لأشبهكم إن صلاتي لأشبه بصلاة رسول الله من صلواتكم والمعنى إني لأشبهكم بصلاة رسول الله) .

246- (أخبرنا) : الأصم، أخبرنا: الربيع، أخبرنا: البويطي، أخبرنا: الشافعي، أخبرنا: إبراهيم بن محمد. أخبرني صفوان بن سليم، عن عطاء ابن يسار، عن أبي هريرة قال: -كان رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسَلم إذا رَكع قال: "اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ (الركوع: الخضوع وخفض المصلي رأسه بعد القومة التي فيها القراءة حتى يطمئن ظهره. قال لبيد: أدب كأني كلما قمت راكع. فالراكع في كلامه بمعنى المنحني - فمعنى ذلك ركوعي لك خضوعي أو لك خضوعي أو لك صلاتي يعني لا لغيرك، ولك أسلمت: يعني انقدت لأن الإسلام الإنقياد، وبك آمنت: يعني صدقت لأن الإيمان التصديق. قال الأزهري: اتفق أهل العلم من اللغويين وغيرهم أن الإيمان معناه التصديق. قال اللَّه تعالى «قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا» الآية قال وهذا موضع يحتاج أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسَلم قال: "إذَا رَكعَ أحَدُكُمْ، فَقَال سُبحانَ ربي العَظِيم ثَلاَثَ مرّاتٍ فقد تّم رُكُوعُهُ وذلكَ أدْناهُ، وإذا سَجَدَ فقال: سُبحانَ رَبِّيَ الأعْلَى ثَلاَث مَرّاتٍ فقد تَمَّ سُجُودُهُ، وذلكَ أدْناهُ".

251-أخبرنا) : الربيع أنا البويطي: أنا الشافعي: أنا ابن عيينة أبو محمد، عن سليمان بن سحَيم، عن إبراهيم بن عبد اللَّه بن معبد، عن أبيه عن إبن عباس رضي اللَّه عنهما: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "ألاَ إنِّي نُهِيتُ أن أقرَأرَاكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيهِ الربّ، وأما السجُود فاجتهدوا فيه، قال أحدهما من الدعاء، وقال الآخر، فاجتهدوا فإنه قمن أن يستجاب لكم (قمن أي جدير وحقيق أن يستجاب لكم فيه وقد علمنا هذا الحديث وندبنا إلى الدعاء في السجود لأنه أجدر الأوقات بإجابة الدعاءكيف لا وهو منتهى الخضوع والتذلل وفي الحديث أقرب ما يكون العبد من ربه إذاكان ساجدا وسيأتي قريبا نعم إن الركوع خضوع أيضا ولكن الخضوع فيه أظهر وفهم من الحديث أيضا النهي عن القراءة في الركوع والسجود لأن محلها القيام وهما للتعظيم والدعاء) .

252- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن سليمان بن سحيم، عن إبراهيم بن عبد اللَّه ابن معبد، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسَلم قال إنِّي نُهِيتُ أن أقرَأرَاكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيهِ الربّ، وأما السجُود فاجتهدوا فيه من الدعاء فقمنٌ أنْ يُسْتجاب لكم.

253- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، وعبد المجيد، عن ابن جريج، عن موسى ابن عقبة، عن عبد اللَّه بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله ابن أبي رافع، عن علي رضي اللَّه عنه: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ إذَا رَفَع رأسَهُ من الركُوع في الصَّلاة المكتوبة، قال: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحمدُ مِلْءَ السموات ومِلْءَ الأرضِ ومِلْءَ ما شئتَ من شئ بَعْد -[91]- (الملء بالكسر إسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ يقال أعطني ملئه وملئيه وثلاثة إملائه وقوله» ملء السموات والأرض"هذا تمثيل لأن الكلام لا يسع الأماكن والمراد به كثرة العدد يقول لو قدر أن تكون كلمات الحمد أجساما لبلغت من كثرتها أن تملأ السموات والأرض ويجوز أن يكون المراد به تفخيم شأن كلمة الحمد ويجوز أن يراد به أجرها وثوابها هذا والمكتوبة المفروضة) .

254- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن محمد بن عجلان، عن علي بن يحي، عَن رفاعَة بن رافع: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال لرجل: «إذا ركعتَ فاجعل رَاحَتَيْك على رُكبتيك ومَكِّنْ رُكوعَكَ، فإذا رَفَعْتَ فأقِمْ صُلبَكَ وارفَع رأسَكَ حتى ترجع العظام إلى مفاصلها» .

255- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن عبد اللَّه بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: -أُمِرَ النبي صلى اللَّه عليه وسلم أن يسْجُد منه على سَبْعةٍ: يديه وركبتيه، وأطراف أصابعهِ وجَبْهَتَه، ونُهِيَ أن يكفِتَ منهُ الشعر والثياب (الذي في النهاية نهينا أن نكفت الثياب في الصلاة أي نضمها ونجمعها من الإنتشار يريد جمع الثوب باليدين عند الركوع والسجود لأن ذلك يشغله عن التفرغ لذكر اللَّه في الصلاة. وزاد ابن طاوس، فوضع يده على جبهته، ثم أمَرَّها على أنْفه حتى بلغ طَرَفَ أنفه، وكان أبي يَعُد هذا واحداً (أي أن الجبهة تمتد حتى تشمل الأنف فيسجد المصلي على جبهته وأنفه لا على جبهته وحدها) .

256- (أخبرنا) : سفيان، حدثني: عمرو بن دينار: -سَمعَ طاوساً يُحدّث عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أُمِرَ أن يسجد منه على سَبْع، ونُهي عن أن يكُفّ شَعْره وثيابه (نهى عن أن يكف شعره وثيابه أي نهى عن أن يمنعهما من الاسترسال والوقوع على الأرض حالة السجود ويحتمل أن يكون الكف بمعنى الجمع أي نهى عن أن يضم ثيابه ويجمعها حالة السجود والكف بمعنى المنع أو بمعنى الجمع ومعنى الحديث واحد في الحالتين والنهي عن ذلك لما فيه من الإشتغال بالملابس والحرص عليها في الوقت الذي ينبغي أن يتفرغ فيه العبد لمناجاة ربه) .

257- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن ابن طاوس، عن أبيه عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: -أُمِرَ النبي صلى اللَّه عليه وسلم أن يسْجُد على سَبْع فذكر فيها كفيه وزكبتيه.

258- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، أخبرني: يزيد بن الهاد، أخبرنا: محمد ابن إبراهيم بن الحارث التميمي، عن عامر بن سعد، عن العباس بن عبد المطلب رضي اللَّه عنه: -أنه سمع النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقول: إذَا سَجَدَ العبْدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرابٍ (الآراب: الأعضاء جمع إرب بكسر فسكون وهو العضو وقد بين الأعضاء السبعة فقال وجهه وكفاه إلخ) وجْهُهُ وكفَّاهُ وركبتَاه وقدماهُ.

259- (أخبرنا) : سفيان، عن داود بن قيس، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن أقرم الخزاعي، عن أبيه قال: -رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالقاع من نَمِرَة (نمرة بفتح فسكون هي في الأصل أنثى النمر وتطلق على موضع بعرفات وقيل هو خارج عنها قريب منها والقاع أرض سهلة انفرجت عنها الجبال والآكام جمعه قيعة وقيعان والإبط بكسر فسكون أو بكسرتين كما في القاموس وأنكر الفيومي في المصباح الضبط الثاني هو ماتحت الجناح أو باطن المنكب. يذكر ويؤنث فيقال هو الإبط وهي الإبط وإنما يظهر بياض ابطه صلى اللَّه عليه وسلم لتفريجه ذراعيه حين السجود ولا تظهر الإبط إلا إذا كان الثوب الذي عليها منفتقا مع انفراجها ودلنا هذا الحديث على شيئين أحدهما تفريجه صلى اللَّه عليه وسلم ذراعيه عن إبطيه في السجود ثانيها إن انكشف الإبط في الصلاة لا تضرها لأنه ليس من العورة التي يجب سترها وتبطل الصلاة بانكشافها) أو النّمِرة (شك ربيع) ساجداً فرأيت بياض إِبْطيه.

260- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن داود بن قيس، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن أقرم الخزاعي، عن أبيه قال: -رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالقاع من نَمِرَة ساجداً فرأيت بياض إِبْطيه.

261- (أخبرنا) : سفيان. حدثنا: عبد اللَّه بن أخي يزيد بن الأصم، عن عمه عن ميمونة أنها قالت: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا سجد لو أرَادَتْ -[93]- بهْمةٌ (البهمة بفتح فسكون ولد الضأن ذكراً أو أنثى وجمعها بهم وجمع البهم بهام أما أولاد المعز فيقال لها سخال جمع سخلة) تمر من تحته لمرت فما يجافي.

262- (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما: -أنه كان إذا سجديضع كفيه على الذي يَضَعُ عليه وجهَهُ، قال: ولقد رأيته في يوم شديد البرد يُخْرِجُ يديه من تحت بُرْنُسٍ له (الظاهرأن البرنس لباس فضفاض سيتر اليدين لسعة أكمامه وطولهما فكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يخرج يديه منه في البرد ليلصقهما بالأرض ويعتمد عليهما في السجود) .

263- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثنا: صفوان بن سُلَيم، عن عطاء ابن يسار، عن أبي هريرة قال: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «الَّلهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، ولَكَ أسلَمتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وأَنْتَ رَبِّي، سَجَدَ وجْهي للّذي خَلَقَهُ وشَقّ سَمْعَهُ وبَصَرَهُ، تباركَ (شق سسمعه وبصره الشق الصدع المراد منحه إياهما وهما لا شك من أفضل النعم التي تستحق الحمد وتبارك اللَّه تنزه وتقدس) اللُّه أحسن الخالقينَ» .

264- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن ابن أبي نُجَيْح، عن مُجَاهد قال: -أقرب ما يكونُ العَبْدُ مِنَ اللَّه تعالى إذَا كَانَ سَاجِداً، ألم تر إلى قوله: «إفْعَلْ واقْترِبْ» (لعل عدوله عن اسجد إلى افعل للفرار من سجود التلاوة الذي لم يكن مستعدا له إذ ذاك هو أو السامعون وإنما كان العبد أقرب إلى اللَّه في حالة السجود منه في جميع الحالات لأنه منتهى الخضوع والتذلل وتقديم الجار والمجرور يفيد القصر) يعني اسْجُد واقترب.

265- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن خالد الحَذَّاءِ، عن عبيد اللَّه بن الحارث، عن الحارث الهمْداني، عن علي كرم اللَّه وجهه: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقول بين السسجدتين: اللهمّ اغْفِرْ لِي وارْحمْنِي واهْدِنِي واجْبُرْنِي -[94]- (جبره أنعشه وأغناه بعد فقر) .

266- (أخبرنا) : عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب، عن أبي قِلاَبة (أبو قلابة ككتابة: تابعي) قال: -جاءنا مالكُ بن الحويْرث فصلى في مسجدنا قال: واللَّه إني لأصلي، وما أُرِيدُ الصَّلاةَ، ولكن أريد أن أُرِيَكم كيف رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يُصلي فذكرأنه يقوم من الركعة الأولى، وإذا أراد أن يَنهضَ قلت كيف؟ قال: مثل صَلاتي هذه. (ينهض يقوم ولم يدع أبو قلابة مالك بن الحوريث يتم كلامه بل قطعه عليه وقال كيف يعني كان ينهض فقال مثل صلاتي هذه وقد بين نهوض الرسول بنهوضه هو لا بالكلام)

267- (أخبرنا) : عبد الوهاب، عن خالد الحذّاءِ، عن أبي قلابة بمثله، غير أنه قال: -وكان مالك إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة في الركعة الأولى، فاستوى قاعداً واعتمد على الأرض.

268- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم لما رفع رأسه من الركعة الثانية من الصبح قال: "اللهم أَنْج الوليدَ بنَ الوليدَ، وسَلمة بن هشام، وعَيَّاشَ بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة، الَّهم اشدُدْ وطْأتك عَلَى مُضرَ واجعلها عليهم سِنينَ كسنِّي يوسف -[95]- (الوطء الضغط وقوله واجعلها عليهم سنين كسني يوسف دعاء عليهم بالجدب والفقر وذلك بسبب ظلمهم واعتدائهم وهو يدل على جواز الدعا في الصلاة عقب القيام من الركوع على الظلمة والمعتدين على المسلمين والدعاء للمظلومين من المؤمنين فإن الحديث تضمن الدعاء بالنجاة للمستضعفين والدعاء على مضر هذا وقد جاء الحديث باعراب سنين بالحروف الحاقا لها بجمع المذكر السالم وهو أحد الوجهين في إعرابها والآخر إعرابها بالحركات مثل حين تقول اجعلها عليهم سنينا كسسنين يوسف ويوسف مثلث السين) .

269- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قَنَتَ في الصبح، فقال: «اللَّهُم أَنْج الوليدَ بنَ الوليدَ، وسَلمة بن هِشَام، وعَيَّاشَ بن أبي ربيعةَ» .

270- (أخبرنا) : بعض أهل العلم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: -لما انتهي إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم قَتَل أهل بئر مَعُونة (بفتح الميم وضم العين المهملة في أرض بني سليم فيما بين مكة والمدينة) أقام خمس عشر ليلة كلَّما رَفَع رأسَه من الركعة الأخيرة، من الصبح قال: «سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدهُ رَبنّا ولَكَ الحَمدُ اللَّهُمّ افعل ثُمّ ذَكَر دعَاءً طَويلاً ثم كبَّر فسجد» .

271- (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عمر: -كان لا يَقنُتْ في شئ مِنَ الصّلَواتِ (المشهور في اللغة أن القنوت الدعاء ويرد بمعان متعددة كالطاعة والخشوع والعبادة والقيام والسكوت فيصرف إلى ما يناسبه منها بحسب القرائن والمقامات والمراد منه هنا الدعاء) .

272- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن محمد بن عمرو، بن حلحلة أنه سمع عباس بن سَهْل يُخْبِرُ عن أبي حُميدٍ السَّاعِدِي قال: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا جلس في السجدتين ثنى رجله اليُسرى فجلس عليها ونَصَب قَدَمه اليمنى فإذا جلس في الأربع أمَاط رجليه عن وركه وأفضى بمَقْعَدته على الأرض ونصب وركه اليُمنَى -[96]- (نصب قدمه اليمنى رفعها وأنث الصفة لتأنيث الموصوف وهو القدم والقاعدة الغالبة في تأنيث أعضاء الجسم وتذكيرها ان ما كان مزدوجا منها كالعين واليد والرجل مؤنث وما كان مفردا كاللسان فهو مذكر ولذا أنث الورك لازدواجه وهو بوزن كتف أي بفتح فكسر وفيه وجه آخر وهو كسر أوله وإسكان ثانيه وهي لغة عامة المصريين والمقعدة العجيزة وأماط رجليه نحاهما ومنه ما ورد في الحديث وإماطة الأذى عن الطريق صدقة وفهم من الحديث أن جلسة التشهد الأول غير جلسة التشهد الأخير والأولى يكون المصلي متحفزا فيها للقيام مسرعا بخلاف الثانية وهو مذهب الشافعية) .

273- (أخبرنا) : مالك، عن مسلم بن أبي مَريَمَ، عن علي بن عبد الرحمن المُعَافري قال: -رآني ابن عُمر وأنا أعْبَثُ بالحَصَى فلما انصرف نهاني وقال: اصْنَع كما كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصنع؟ قال: كان إذَا جَلسَ في الصَّلاةِ وَضَعَ كفَّهُ اليمنى على فَخْذِه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بإِصْبَعه (جاء الحديث بتأنيث الكف والفخذ والإصبع وهو يتمشى مع القاعدة التي ذكرناها في تأنيث أعضاء الجسم والفخذ بفتح أوله وكسر ثانيه أو سكون ثانيه أوكسر أوله وسكون ثانيه ثلاث لغات كما في القاموس أما الإصبع فمثلثة الهمزة والباء وتلك تسع لغات وفيها أيضا لغة عاشرة وهي أصبوع بوزن عصفور والمشهور منها كسر الهمزة وفتح الباء وبعضهم أجاز فيها التذكير ولكنه صرح بأن الأجود التأنيث) التي تلي الإبهام ووضع كفُّه اليسرى على فخذه اليسرى.

274- (أخبرنا) : إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي عُبيدة ابن عبد اللَّه بن مسعودقال: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في الركعتين كأنه على الرَّضْفِ (الرضف بفتح أوله وسكون ثانيه جمع رضفة وهي الحديدة المحماة في النار أو في الشمس ويؤخذ من الحديث أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يخفف التشهد الذي يلي الركعتين ويسرع بالقيام وهذا مستحب عند المالكية) قُلتُ حتى يقوم قال: ذَلك يريد.

275- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن ابن عبدٍ القَارِيِّ: -أنه سمع عمر بن الخطاب يقول على المنبر وهو يعلم الناس -[97]- التشهد يقول: قُولُوا: التّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الزّاكِياتُ لِلَّهِ الطّيبَاتُ الصّلوَاتُ لِلَّهِ السّلامُ عَلَيْكَ أَيها النَّبِي وَرَحْمَةُ الِلَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَلامُ عَلينَا وعلى عِبَادِ الله الصَّالِحِين أشهَدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وأشهد أنّ مُحَمَّداً عبدُه ورَسُوله.

276- (أخبرنا) : يحي عن حَسّان، عن الليث بن سعد، عن أبي الزُبَيْر المكي عن سَعيد بن جُبَيْر وطاوس عن ابن عباس قال: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يُعَلمُنا التشهدكما يعلمنا السورة من القرآن فكان يَقُولُ: " التّحِيَّات المباركاتُ الصّلوَاتُ الطّيبَاتُ لِلَّهِ سّلامٌ عَلَيْكَ أَيها النَّبِي وَرَحْمَةُ الِلَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلامٌ عَلينَا وعلى عِبَادِ الله الصَّالِحِين أشهَدُ أن لا إله إلا اللَّهُ وأشهد أنّ مُحَمَّداً رَسُول اللَّه.

277- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رَوّادٍ، عن ابن جريج سمعت ابن عباس لا يختلفان في التشهد.

278- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، أخبرنا: صفوان بن سليم، عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: -أنه قال يا رسول اللَّه: كيف نصلي عليك يعني في الصلاة فقال: «تَقُولُونَ اللَّهُمّ صَل عَلَى مُحَمدٍ وآل محمد كَما صَليتَ عَلَى إبراهيم وَبَاركْ عَلَى محمد كَما بَارَكْتَ عَلَى إبراهيمَ وآل إبراهيم ثم تسلمون علي» .

279- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: سعد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجْرَة: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه كان يقول في الصلاة: «اللَّهُمّ صَل عَلَى مُحَمدٍ وعلى آل محمدٍ كَما صَلَّيتَ عَلَى إبراهيم وآل إبراهيم وَبَاركْ عَلَى محمد وآلِ محمدٍ كما بَارَكْتَ عَلَى إبراهيم وآل إبراهيمَ إنكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» .

280- (أخبرنا) : سفيان، عن مسعر، عن ابن القبطية، عن جابر بن سَمُرَة قال: -كنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فإذا سَلَّم قال أحدنا عن يمينه وعن شماله السلام عليكم السلام عليكم وأشار بيده عن يمينه وعن شماله فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم «مَابَالَكُمْ تُومِئُون بأيديكم كأنها أذناب خَيلٍ شُمُسٍ (شمس بضمتين جمع شموس بوزن صبور وهي الدابة النفور التي لا تقف ولا تسير بإرادة صاحبها بل تشاكسه وتركله إذا هم بركوبها أوسوقها) اوَلاَ يكفي أحدكم أوإنما يكفي أحَدَكُم أن يَضَع يدَهُ عَلَى فَخِذه ثم يسلم عن يمينه وعن شماله السلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته» .

281- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، أخبرني إسماعيل بن محمدبن سعد بن أبي وقاص، عن عامر بن سعد، عن أبيه: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه كانَ يُسلم فِي الصّلاةِ إذا فَرَغَ منهاعن يمينه وعن يَسَارِه.

282- (أخبرنا) : غير واحد من أهل العلم، عن إسماعيل، عن عامر بن سعد، عن أبيه، عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم بمثله.

283- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني أبو علي أنه سمع عباس بن سهل ابن سعد يُخْبر عن أبيه: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كانَ يُسلم إذا فَرَغَ من صلاته عن يمينه وعن يَسَارِه.

284- (أخبرنا) : إبراهيم يعني ابن محمد عن إسحاق بن عبد اللَّه عن عبد الوهاب بن بَخْت، عن وائلة بن الأَسْقَع، -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كانَ يُسلم عن يمينه وعن يَسَارِه حتى يُرى خداه.

285- (أخبرنا) : مُسْلم بن خالد وعبد المجيد، عن ابن جُرَيْج، عن عَمْرو بن يحي المازني، عن محمد بن يحي بن حِبَّان، عن عمه واسع، بن حبان عن ابن عمر: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنهُ كَانَ يُسلم عن يمينه وعن يَسَارِه.

286- (أخبرنا) : الدراوردي، عن عَمْرو بن يحي المازني، عن محمد بن يحي، عن عمه واسع بن حِبَّان قال: -مَرَّةً عن ابن عمر ومَرَّةً عن عبد اللَّه بن زيد أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ يُسلم عن يمينه وعن يَسَارِه.

287- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن عمرو، عن أبي مَعْبَد، عن ابن عباس قال: -كنت أعرف انْقضاء صلاة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالتكبير قال: عمرو بن دينار ثم ذكرتُه لأبي مَعْبَد بعد فقال: لم أحدثك هو قال عمر وحدثنيه قال: وكان أصدق موالي ابن عباس رضي اللَّه عنهما. قال الشافعي رضي اللَّه عنه: كأنه نسيه بعد ما حدثه إياه.

288- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: موسى بن عقبة، عن أبي الزبير أنه سمع عبد اللَّه بن الزبير يقول: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذَا سَلّمَ مِنْ صَلاته يَقُول بِصَوتِه الأعلى «لاَ إله إلاَّ اللَّهُ وحْدَهُ لاَ شَريكَ لَهُ لَهُ الملْكُ ولَهُ الحمدُ وهُوَ عَلَى كُلِ شئ قَدِيرْ لاَ إله إلاَّ اللَّهُ وَلاَ حَولَ وَلاَ قُوَّةَ إلاَّ باللَّهِ وَلاَ نَعْبُدُ إلاَّ إيَّاهُ لَهُ الفَضْلُ ولَهُ الثَّنَاء الحَسَنُ لاَ إله إلاَّ اللَّهُ مُخلصين لَهُ الدينَ ولو كره الكافرونَ» .

289- (أخبرنا) : إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، أخبرتني: هِنْدُ ابنة الحارث بن عبد اللَّه بن أبي ربيعة عن أم سلمة زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم قالت: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذَا سَلّمَ مِنْ صَلاته قَامَ النِّساءُ حين -[100]- يقضي تَسليمَه ومكث النبي صلى اللَّه عليه وسلم في مكانه يسيراً قال ابن شهاب فنرى مُكثه ذلك واللَّه أعلم لكي يَنْفُذَ النساء قبل أن يُدركهن مَن انصرف مِن القوم.

290- (أخبرنا) : سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي الأَوْبر الحارثي سمعت أبا هريرة رضي اللَّه عنه يقول: -كَانَ رسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلم يَنْحَرفُ مِنَ الصَّلاَةِ عن يمينه وعن شماله.

291- (أخبرنا) : سُفْيان، عن سليمان بن مَهْرَانَ، عن عُمَارَة، عن الأسود، عن عبد اللَّه قال: -لاَ يَجْعلنَّ أحَدُكُمْ للشَّيْطَان مِنْ صَلاتِه جُزءًا يَرى أن حتماً عليه أن لاَ يَنفتِل إلاَّ عنْ يَمِينِه فلقد رَأيتُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أكثر ما ينصرف عن يَسَاره (فهم من الحديث السابق على هذا أن الرسول صلوات اللَّه عليه كان لا يلتزم حالة واحدة في الانصراف من الصلاة فمرة يسير عن يمينه وأخرى عن يساره ولكن جماعة آثروا الآنصراف من اليمين والتزموه فنهوا عن ذلك بهذا الحديث وعرفوا أن ذلك لا أصل له وأن رسول اللَّه كان أكثر انصرافه عن يساره وينفتل بمعنى ينصرف) .

292- (أخبرنا) : مالك، عن يحي بن سعيد، عن النعمان بن مرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " مَا تَقُولونَ في الشَّارِبِ والزَّاني والسَّارِق وذلك قيل أن يُنْزل اللَّه الحُدود قالوا اللَّه ورسوله أعلم فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "هُنَّ فَواحِش وفِيهنَّ عُقُوبةً وأسْرَقُ السّرِقةِ الذي يَسْرِقُ صَلاَتَهُ (أراد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن ينهاهم عن اختطاف الصلاة والإسراع بها إسراعاً يفوت معه الإطمئنان في أركانها فسألهم عما ينبغي أن يعامل به السارق والزاني وشارب الخمر فلم يعرفوا لأن الحدود لم تكن قد شرعت بعد فقال لهم الرسول إنها فواحش أي كبائر ومعاص فظيعة وأن الله قد شرع عقوبات لفاعلها وأن شر أنواع السرقة وأفظعها سرقة الصلاة يعني اختطافها والإسراع غي أدائها.) ثم ساق الحديث.

الباب السابع في الجماعة وأحكام الإمامة

الباب السابع في الجماعة وأحكام الإمامة

293- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: " صَلاَةُ الجَماعة أفْضَلُ مِن صَلاَةِ أحدكم وحدَه بخمس وعشرين جزءاً (بخمس وعشرين جزءا أي درجة كما سيأتي في الحديث الذي يلي هذا والأحاديث يفسربعضها بعضا وكذلك الروايات) .

294- (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " صَلاَةُ الجَماعة تفْضَلُ عَلَى صَلاَةِ الفَرْدِ بِسَبْعٍ وعشرين درجةً (الغرض من هذا الحديث وسابقه الحث على صلاة الجماعة وهي سنة مشهورة ولها حكمتها الواضحة وهي اجتماع المسلمين وتعارفهم وتآلفهم) .

295- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " وَالَّذِي نَفْسي بِيَده لَقد هَمَمْتُ أن آمُرَ بحَطَب فيُحْتطب (إحتطب الحطب جمعه كحطبه) ثُمَّ آمُرَ بالصَّلاةِ فَيُؤَذَّنَ بِها ثُمَّ آمُرَ رجلاً فيؤم النَّاسَ ثُمَّ أخَالِفَ إلى رجَال فأُحَرِّق عليهم بُيُوتَهُم وَالَّذِي نَفْسي بِيَده لَويعْلَمُ أحَدهم أنَّه يَجدُ عَظماً سَمِيناً أو مَرْمَاتين (المرماة بالكسر والفتح ظلف الشاة أو ما بين الظلفين والمراد به التحقير) خشنتين لشهد العشا -[102]- (في الحديث تهديد للمتخلفين عن الجماعة بالإحراق وفيه توبيخ وتقريع شديدان ومثل هذا لا يكون على ترك سنة ولهذا استدل به من قال إن الجماعة فرض عين وهو مذهب عطاء والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وداود وقال الجمهور ليست فرض عين واختلفوا هي سنة أم فرض كفاية واجابوا عن الحديث بأنه في المنافقين ويؤيده سياق الحديث إذ لا يظن بالصحابة أن يؤثروا العظم السمين على حضور الجماعة مع الرسول ولو كانت فرض عين لماترك الإحراق وهو لم يفعله بل هم به ومعنى أخالف إلى رجال أذهب إليهم ثم أنه جاء في رواية أن هذه الصلاة التي هم بإحراقهم للتخلف عنها هي العشاء وفي رواية انها الجمعة وفي رواية أنها الصلاة مطلقا- والمختار أن الجماعة فرض كفاية وقيل سنة) .

296- (أخبرنا) : مالك، عن عبد الرحمن بن حرملة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " بَيْنَنا وَبَيْن المنافقين شُهُدُ العِشاء والصُّبح لا يَسْتطيعونهما (وإنما خص العشاء والصبح بذلك لغلبة النوم والكسل فيهما) أو نحو هذا.

297- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن سالم عن أبيه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " لاَ تَمْنَعوا إِمَاءَ اللَّه (الإماء جمع أمة وهي هنا المرأة أي لا تمنعوا النساء من دخول المساجد للصلاة) مَسَاجِدَ اللَّه.

298- (أخبرنا) : بعض أهل العلم، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة عن أبي هريرة: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " لاَ تَمْنَعوا إِمَاءَ اللَّه مَسَاجِدَ اللَّه فإِذَا خَرَجْنَ فَلِيَخْرجْنَ للصلاة.

299- (أخبرنا) : مالك، عن زَيْد بن أسْلم، عن رجل من بني الدُّئل يقال له بُشر بن مِحْجَن عن أبيه محجن: -أنه كان بمجلس رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأذن بالصلاة، فقام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فصلى ومحجن في مَجْلسه فقالله رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "مَا مَنَعَك أنْ تُصَلِي مَعَ النَّاسِ ألست برجل مسلم؟ قال: بَلَى يا رسول اللَّه، ولكن كنت صليت في أهلي فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: إذا جئت فصلّ مع الناس وإن كنتَ قد صليت (وتكون الإعادة نافلة يثاب عليها وذلك أولى من مخالفته المصلين وجلوسه وهم في الصلاة مما يشعر بالخلاف والفرقة) .

300- (أخبرنا) : مالك، عن نافع أن ابن عمر رضي اللَّه عنهما كان يقول: -من -[103]- صلَّى المغرب والصبح ثُم أدْرَكَهُمُا مع الإمام فَلاَ يُعِدْ لهما (والنهى عن إعادة هاتين الصلاتين لأنه لو أعاد المغرب لكان نافلة ولا يتنفل بثلاث ولو أعاد الصبح لكان متنفلا بعد الفجر ولا نافلة بعده سوى ركعتيه) .

301- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد اللَّه: -أن مُعاذ أمَّ قوْمَهُ في العَتَمةِ (العتمة: الظلام والمراد به هناصلاة العشاء) فافتتح بسُورة البقرة فتنحَّى رجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ فَصَلَّى فَذُكِر ذلك للنبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم لِمُعَاذٍ"أفَتَّانٌ أنْتَ أفَتَّانٌ أنْتَ (الفتان بالفتح: الشيطان لأنه يفتن الناس عن دينهم وهو من أبنية المبالغة ومن هذا الحديث تؤخذ مطالبة الأئمة بتخفيف القراءة وعدم إطالة الصلاة فوق طاقة الضعفاء من الشيوخ والمرضى وذوي الحاجات وهوفي معنى الحديث المشهور من ام بالناس فليخفف إلخ) إقرأ سورة كذا وسورة كذا".

302- (أخبرنا) : سفيان، حدثنا: أبو الزبير، عن جابر: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله وقال حديث آخر قال سفيان: قد ذكرت ذلك لعمرو فقال: هو نحو هذا.

303- (أخبرنا) : سفيان بن عُيَيْنة أنه سمع عمرو بن دينار يقول: -سمعت جابرابن عبد اللَّه يقول: كان مُعَاذ بن جبل يُصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء أو العَتْمَة ثم يرجع فيصليها يقومه في بني سَلَمَة قال: فأخر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العِشَاءَ ذاتَ ليلة قال: فصلى معاذ معه ثم رجع فأم قومه فقرأ بسورة البقرة فَتَنَحَّى رَجُلٌ من خلفه فصلى وحده فقالوا له: أنافَقْتَ؟ فقال: لا، ولكن آتى رسول صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال: يا رسول اللَّه إنك -[104]- أخرت العِشاء وأن مُعاذاً صلى معك ثُم رَجَعَ فأمَنَّا فافتتح بسورة البقرة فلما رأيت ذلك تأخرت فصليت وإنما نحن أصحاب نَواضِحَ (النواضح جمع ناضحة وهي الساقية يريد أننا مشغولون وليس لدينا متسع من الوقت لمثل هذه الصلاة التي تقرأ فيها البقرة بطولها وهذا الحديث رواية آخرى للحديث السابق وقد أرشد الرسول معاذ إلى ماينبغي من التخفيف) نعمل بأيدينا فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على مُعاذ فقال: «أفَتَّانٌ أنْتَ يا مُعاذُ أفَتَّانٌ أنْتَ إقرأ سورة كذا وسورة كذا» .

304- (أخبرنا) : سفيان، حدثنا: أبو الزبير، عن جابر مثله وزاد فيه: -أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إقْرَأْ بِسبِّح اسم رَبِكَ الأعْلَى، والليل إذا يَغْشَى، والسَّماء والطَّارق ونحو هذا» قال سفيان: فقلت لعمرو أن أبا الزبير يقول: قال له إقْرَأْ بِسبِّح اسم رَبِكَ الأعْلَى، والليل إذا يَغْشَى، والسَّماء والطَّارق قال عمرو: وهوهذا أو نحوه.

305- (أخبرنا) : عبد المجيد عن ابن جُريج، عن عمرو بن دينار، عن جابر قال: -كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العِشاء ثم ينطلق إلى قومه فيصليها هي له تطوع وهي لهم مكتوبة العشاء (يؤخذ من هذا الحديث أنه يجوز إقتداء المفترض بالمتنفل وبه أخذ الشافعي دون أبي حنيفة ومالك) .

306- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن ابن عَجْلان، عن عبيد اللَّه بن مقسم، عن جابر بن عبد اللَّه الأنصاري: -أنَّ معاذ بن جَبَل كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي لهم العشاء وهي له نافلة.

307- (أخبرنا) : مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: «إذَا كان أحدُكم يُصَلِّي للنّاَسِ فليُخَفِّفْ فإن فيهم السَّقيمَ والضعيفَ وإذَا كان يُصَلِّي لِنَفْسِه فليُطِلْ ما شاء»

308- (أخبرنا) : إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع: -أن عِتْبَان بن مالك: كان يَؤُم قَوْمَهُ وهو أعْمَى.

309- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع: -أن عِتْبَان ابن مالك كان يؤم قومَهُ وهو أعمى وأنه قال لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنَّها تكون الظلمة والمطَرُ، والسَّيلُ، وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول اللَّه في بيتي مكاناً أتخذه مصلَّى فجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: «أين تحب أن تُصَلِّي؟ فأشَارَ إلى مكان مِنَ البي فصَلَّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (يظهر من سؤال الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عتبا ن عن المكان الذي يجب أن يصلي فيه عتبان إنما دعا الرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليرشده إلى القبلة) » .

310- (أخبرنا) : مالك، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن أنس ابن مالك: -أنَّ جَدَّتَه مُلَيْكة دعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لِطعَامٍ صَنَعتْهُ له فَأكَلَ مِنْهُ ثُم قال: "قُومُوا فَلأُصل لكُم قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبث فَنَضَحْتُه بِمَاءٍ فقام عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصَفَفْتُ أنا واليتيمُ خَلْفه والعجوزُ من ورآئنا -[106]- (النضح: الرش وتكرر معناه فيما يأتي وسنذكر مايتعلق به من الأحكام والشرح في حديث أنس عن جدته مليكة الآتي قريبا) .

311- (أخبرنا) : مالك، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن أنس قال: -صلّيتُ أنَا ويتيمٌ لنا خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم في بيتنا وأم سليم خلفنا.

312- (أخبرنا) : مالك، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة، عن أنس ابن مالك: -أنَّ جَدَّتَه مُلَيْكة دعت النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعَامٍ صَنَعتْهُ له فَأكَلَ مِنْهُ ثُم قال: «قُومي فَأُصِّلي لَكُمْ» قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسْوَدّ من طول ما لُبِس (لبس بالبناء للمفعول أي فرش أي أسود من كثرة افتراشه فجعل افتراشه بمثابة لبسه فعبر به عنه وإنما نضحه ليلين فأنه كان من جريد النخل كما صرح به في رواية أخرى وليذهب عنه الغبار ونحوه وقال القاضي عياض إنما نضح للشك في نجاسته وعنده أن النضح كافي في إزالة النجاسة المشكوك فيها من غير غسل وهو خلاف مذهب الجمهور ومنهم الشافعية ولذا اختير التأويل الأول وهو أن النضح كان ليلين الحصير الذي كان مصنوعا من الجريد ولأذهاب الغبار عنه ويؤخذ من الحديث جواز الصلاة على الحصير وكل ما تنبته الأرض وإن الأفضل في نافلة النهار أن تكون ركعتبن كنافلة الليل وفيه صحة صلاة الصبي المميز وفيه أيضا أن المرأة تقف خلف الرجال وإنها إذا لم يكن معها إمرأة أخرى تقف وحدها متأخرة) فَنَضَحْتُه بِمَاءٍ فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وصَفَفْتُ أنا واليتيمُ خَلْفه والعجوزُ من ورآئنا فصلى لناركعتين ثم إنصرف.

313- (أخبرنا) : سُفيْان، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي طلحة أنه سمع عمه أَنَس ابن مالك يقول: - صليتُ أنا ويتيم لنا خَلْف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأم سليم خلفنا.

314- (أخبرنا) : عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُرَيْج: -أخبرني عبد اللَّه ابن عبيد اللَّه بن أبي مُلَيْكة أنهم كانوا يأتُونَ عائشة أم المؤنين بأعلى الوادي -[107]- هو عبيد بن عمير والمِسْوَرُ بن مَخْرَمَة وناس كثير فَيُؤُمُّهُم أبُو عَمرٍ ومَوْلَى عائشة رضي اللَّه عنها وأبو عَمرٍ وغلامها يومئذ لم يُعْتَق قال وكان إمام بني محمد ابن أبي بكر وعُرْوة (هذا الحديث يفيد جواز إمامة العبد) .

315- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنة، عن عمار الدُّهْني (عمار بن معاوية الدهني بضم المهملة الكوفي ويؤخذ من هذا الحديث جواز أن تكون المرأة إمامة للنساء وإنها إذا فعلت تقوم وسطهن) عن إمرأةٍ من قومه يقال لها حُجَيرة عن أم سلمة أنها أمَّتْهُنَّ فقامت وسْطاً.

316- (أخبرنا) : سفيان، عن حُصَين أظنه عن هلال بن يَسَاف (يساف بفتح التحتية والسين المهملة المخففة وبعدها ألف ثم بعدها فاء الأشجعي رضي اللَّه عنه) قال: - أخذ بيدي زياد بن أبي الجعد فوقف بي على شيخ بالرَّقَّة من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقال له وابصة بن معبد فقال: أخبرني هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجُلاً يُصَلي خَلْفَ الصَّف وحدَهُ فأَمره أن يُعيدَ الصلاةَ (أمره صلى الله عليه وسلم إياه بإعادة الصلاة ليس لبطلانها وإنما لمخالفة الأولى ليحافظوا على ملء الصفوف وليشعرهم صلى الله عليه وسلم بأهمية ذلك هذا رأى الجمهور وبعض الأئمة أخذ بظاهر الحديث وقال ببطلان صلاة هذا المنفرد ويؤيده حديث لا صلاة لمنفرد خلف الصف والجمهور أوله بلا صلاة كاملة لأنها خلاف الأولى وأخذ الجمهور بحديث آخر في البخاري وأبي داوود) .

317- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: عبد المجيد بن سُهَيْل بن عبد الرحمن ابن عَوْف، عن صالح ابن إبراهيم قال: - رأيتُ أنَس بن مالك صلي الجمعة -[108]- في بُيُوتِ حُمَيْد بن عبد الرحمن بن عوف (أحد العشرة المبشرين بالجنة توفي سنة 95 هـ بالمدينة المنورة وقيل سنة 105 ورجحه الحافظ بن حجر في التقريب) فصلى بصلاة الإمام في المسجد وبين بيوت حُميد والمسجد والطريق (ويؤخذ من هذا الحديث أن الصلاة خارج المسجد في بيت آخريفصله عن المسجد الطريق جائزة إذا تمكن المأموم من متابعة الإمام وركوعه وسجوده وقيامه وقعوده وكذلك الحديث الآتي الذي يسوغ الصلاة على ظهر المسجد فإنه مشروط بمعرفة حركات الإمام ليمكنه متابعته) .

318- (أخبرنا) : ابن أبي يحي، عن صالح مولى التوأمة قال: -رَأيتُ أبا هريرة رضي اللَّه عنه يُصَلِّي فَوقَ ظَهْرِ المسجِد وَحدَهُ بصَلاَةِ الإمَامِ.

319- (أخبرنا) : عبد الوهاب الثقفي، عن أيوبَ، عن أبي قِلابة قال: -أخبرنا أبو سليمان مالك بن الحُوَيْرِث رضي الله عنه قال: قال لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «صَلوا كَمَا رَأيْتُمُوني أُصَلِّي فَإذَا حَضَرَت الصَّلاةُ فليُؤَّذِنْ لكم أحَدُكُم وليَؤمكم أكبركُم» .

320- (أخبرنا) إبراهيم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن مسعود، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود قال: -مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لاَ يَؤُمَّهُم إلا صَاحِبُ البَيْتِ (أقول هذا وما بعده يفيدان أن صاحب البيت أولى بإمامة المصلين في بيته وهذا ظاهر إذا كان مثلهم في القراءة أما إن كان صاحب البيت أميا ضعيف الحفظ وضيفه أقرأ منه فلا لقوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم ولما فهم من الحديث الآتي هذا الذي صوب فيه عمر رأى المسور بن مخرمة) .

321- (أخبرنا) : عبد المجيد، عن ابن جريج أخبرنا: نافع قال: -أقيمت الصلاة في مسجد بطائفة من المدينة ولإبن عمر قريبا من ذلك المسجد أرضٌ يَعْملها -[109]- وإمام ذلك المسجد مولى له ومسكن ذلك المولى وأصحابه ثمة قال: فلما سمعهم عبد اللَّه جاء ليشهد معهم الصلاة، فقال له المولى صاحب المسجد تقدم فَصَلِّ فقال له عبد اللَّه أنت أحق أن تصلي في مسجدك مني فصلى المولى.

322- (أخبرنا) : عبد المجيد، عن ابن جريج أخبرني عَطاء قال: سمعت ابن عُمير يقول: اجتمعتْ جماعة فيما حول مكة قال حسبت أنه قال في أعْلى الوادي هَهُنَا وفي الحج قال فخانت الصلاة فتقدم رجل من آل أبي السائب أعجمي اللسان قال فأخره المِسْوَر بن مَخْرَمة وقدم غيره فبلغ عمر بن الخطاب فلم يُعَرِّفه بشئ حتى جاء المدينة، فلما جاء المدينة عرفه بذلك فقال المِسْوَر بن مخرمة: أَنْظرني يا أمير المؤمنين إن الرجل كان أعجمي اللسان وكان في الحج، فخشيت أن يسمع بعض من شهد الحج قراءته فيأخذ بعجميته فقال: هنالك ذهبت بها قال نعم فقال قد أصَبْتَ.

323- (أخبرنا) : مسلم بن خالد، عن ابن جُريج، عن نافع: -أن ابن عمر إعتزل بمنى في قتال ابن الزبير والحجاج فصلى مع الحجاج.

324- (أخبرنا) : حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد: -أن الحسَنَ والحُسَيْن كنا يُصَليان خَلْفَ مَرْوانَ فقال: أما كانا يُصَلِّيان إذَا رَجَعَا إلى منازلهما؟ فقال: لاَ واللَّه مَا كانا يزيدان عَن صَلاَة الأئمة.

325- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شِهاب، عن أبي عُبيد مولى ابن أزهَرَ قال: -شهدت العِيدَ مَع عَليَّ وعُثمانُ محصورٌ.

326- (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عمر: -أنَّه أذَّنَ فِي ليلةٍ ذَاتِ بَرْدٍ وريحٍ فقال: ألاصَلُّوا في الرِّحال ثم قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه -[110]- وسلم كان يأمُرُ المؤذنَ إذَا كانَتْ ليلةٌ باردةٌ ذاتُ مطر يقول ألاَ صَلُّوا فِي الرِّحَال (الرحال جمع رحل المراد به هنا المنزل أي صلوا في منازلكم حجرا كانت أو خشبا أو مدرا أوشعرا أو صوفا أو غيرها وفي رواية ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير إذا قلت أشهد أن لا إله إلا اللَّه أشهد أن محمدا رسول اللَّه فلا تقل حي على الصلاة قل صلوا في بيوتكم قال فكان الناس استنكروا ذلك فقال: أتعجبون من ذا من هوخير مني إلخ وهودليل على تخفيف أمر الجماعة في المطر ونحوه من الأعذار وهل يقول صلوا في رحالكم في الأذان أو بعده اختلفت الأحاديث والأمران جائزان نص عليهما الشافعي في الأم في الآذان لكن كونه بعد الآذان أحسن ليظل الآذان على وضعه ونظامه ومن الشافعية من قال لا يقوله إلا بعد فراغ من الآذان وهو ضعيف مخالف لصريح حديث ابن عباس) .

327- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن أيوب عن نافع، عن ابن عمر: -أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يأمُرُ مُنَاديَهُ في الليلةِ المطِيرةِ (مطيرة بفتح الميم بمعنى ماظره ومكان مطير بمعنى ممطور أي أصابه مطر أي أن فعيل من المطر صالح لأن يكون اسم فاعل واسم مفعول بحسب القرائن) والليلةِ البَارِدِةِ ذَاتِ رِيحٍ ألا صلوا في الرحال.

328- (أخبرنا) : مالك: عن هشام يعني ابن عروة عن أبيه، عن عبد اللَّه بن الأرقم: -أنه كان يَؤُم أصحَابَه يوماً فذهب لحاجة ثم رجع فقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إذَا وجَدَ أَحَدُكُم الغَائِطَ فَليبدَأْ بِه قَبْل الصَّلاَةِ (وذلك لأنه إذا ظل يدافعه يشغله عن إعطاء الصلاة حقها من العبادة وقد يحمله على الإسراع بأدائها والإخلال بأركانها ولذا تكره الصلاة في مثل هذه الحالة لأنه ينبغي ألا يشغل المصلي وقت صلاته بغير ربه ومناجاته والخشوع له) .

329- (أخبرنا) : الثقة، عن هشام يعني ابن عروة، عن أبيه، عن عبد اللَّه -[111]- ابن الأَرْقَم: -أنه خرج إلأى مكة فصحبه قومٌ فكان يؤُمهم، فأقام الصلاة وقدم رجلا وقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إذا أقيمت الصلاةُ وَوَجَد أحدكم الغائط فليبدأ بالغائط.

330-- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شِهاب، عن أنس بن مالك: -أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رَكِبَ فَرَساً فَصُرِعَ عنه فَجُحِش (جحش بالبناء للمجهول أي خدش جلده والسحج وصرع عنه أي سقط عن ظهره) شِقَّهُ الأيمن فصلى صلاةً من الصلوات وهو قاعد فصلينا معه قعودا، فلما انصرف قال: «إنما جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤتَمَّ بهِ فإذَا صَلَّى قائماً فَصَلُّوا قِيَاماً، فإذَا رَكَعَ فارْكَعُوا، وإذَا رَفَعَ فارْفَعُوا، وإذَا قَالَ سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ فقولوا رَبنَّا ولَكَ الحمدُ، وإذَا صَلَّى جَالِساً فَصَلُّوا جُلُوساً أجْمَعِين» (وفي رواية أجمعون وعليها فهو توكيد للضمير في قوله فصلوا والآخرى التي معنا في النصب على الحال وظاهره أن المأموم يتابع إمامه في القعود وإن لم يكن معذورا وبه قالت طائفة ومنهم أحمد بن حنبل والأوزاعي، وقال أبو حنيفة والشافعي وجمهور السلف لا يجوز للقادر على القيام أن يصلي خلف القاعد إلا قائما، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرض وفاته بعد هذا قاعدا وأبو بكر والناس خلفه قياما وقال مالك في رواية لا تجوز صلاة القادر على القيام خلف القاعد لا قائما ولا قاعدا، كذا نقل النووي، والخلاصة أن اقتداء القائم بالقاعد قد نسخ بما استدل به الجمهور) .

331- (أخبرنا) : يحي بن حَسّان، عن حَمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها يعني بمثله.

332- (أخبرنا) : مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: "صلّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بيتي وهو شاكٍ فصلى -[112]- جالسا وصلى خلفهُ قِيامَاً فأشار إليهمْ أن إجْلِسُوا، فلما انصرف قال: "إنما جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمّ بِهِ، فإذَا رَكَعَ فاركَعُوا، وإذا رفَعَ فارْفَعُوا، وإذَا صَلَّى جالساً فَصَلُّوا جلُوساً أجمعين (قلنا إن في هذا روايتان الرفع على التوكيد للضمير في فصلوا والنصب عل الحالية منه هذا والأحاديث الواردة من بعد هذا فيها أن أبا بكر والناي كانوا قياما فنسخ الآخر الأول كما قدمنا) .

333- (أخبرنا) : عبد الوهاب الثقفي، عن يحي بن سعيد، عن أبي الزبير، عن جابر: -أنَّهم خَرَجُوا يُشَيعُونَه وهو مريض، فصلى جالساً وصَلُّوْا خلفَهُ جُلُوساً".

334- (أخبرنا) : الثقة، عن يحي بن حسان، أخبرنا: ابن سلمة، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها: -أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان وَجِعَاً (الوجع بفتح فكسر المريض المتألم وفعله كعلم في الأفصح ومعنى الحديث أن أبا بكر كان مقتديا بالرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والناس مقتدون بأبي بكر وفي الحديث صحة اقتداء القائم بالقاعد) فأمر أبا بكر أن يصلي بالناي فَوَجَد النبي صلى الله عليه وسلم خِفَّةَّ فقعد إلى جنب أبي بكر فَأَمّ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو قَاعِدٌ وأمّ أبو بكر الناس وهو قائم.

335- (أخبرنا) : عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن يحي بن سعيد، عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن عُبيد بن عُمير: -عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل معناه لا يخالفه.

336- (أخبرنا) : مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه: -أنَّ رسول اللَّه -[113]- صلى الله عليه وسلم خَرَجَ في مَرَضِه فَأتى أبا بكر وهو قائم يُصَلِّي بالنَّاسِ، فاستأخر أبو بكر فأشَار إليه رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أنْ كَما أنْتَ، فجلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى جنب أبي بكر فكان أبو بكر يصلي بِصَلاةِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاَةِ أبي بكر.

337- (أخبرنا) : الثقة، عن يحي بن حَسَّانَ، عن حَمَّادَ بن سَلَمة، عن هِشَام ابن عُرْوَة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها: -بمثل معناه لا يخالفه وأوضح منه وقال: صَلَّى أبوبكر إلى جنبه قائما.

338- (أخبرنا) : الثقةُ، وفي سائر الأصول عن يحي بن سعيد، عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن عُبيد بن عُمير قال: - أخبرني الثقة كان يعني عائشة، ثم ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى جانبه بمثل حديث هشام بن عروة عن أبيه.

339- (أخبرنا) : يحي بن حسان، عن حَمّاد بن سَلَمَة، عن هِشَام بن عُرْوَة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه عنها: -أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمَرَ أبا بكر أن يُصلي بالنَّاس (وهذا وغيره صريح في إنابة النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر في الصلاة وهي الإمامة الصغرى والإختيار لها اختيار للكبرى، وهذا ما فهمه عمر رضي اللَّه عنه ولذا قال ردا على من كانوا يريدونها لغير أبي بكر: رضيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لديننا فكيف لا نرضاه لدنيانا فاقتنعوا واتفقوا على تولية أبي بكررضي اللَّه عنه وفهم منه أنه إذا عرض للإمام عذر استخلف الأفضل للصلاة) فوجد النبي صلى الله عليه وسلم خِفَّةً فَجَاءَ فَقَعَدَ إلى جنب أبي بكر، فَأمَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أبا بكر وهو قاعد وأمَّ أبو بكر النَّاس وهو قائم.

340- (أخبرنا) : عبد الوهاب الثقفي سمعت يحي بن سعيد يقول حدثني: ابن أبي مُلَيْكَة، عن عُبيد بن عُمير الليثي حدثه: -أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمَرَ أبا بكر أن يُصلي للنَّاس الصبح وأن أبا بكر كبَّر فوجد النبي صلى الله عليه وسلم بعض الخفَّةِ فقام يَفْرِجُ (فرج يفرج من باب ضرب فرجا بين الشيئين فتح وباب مفروج مفتح وفرج فاه فتحه للموت والمعنى قام يوسع بين الصفوف) الصُّفُوف قال وكان أبو بكر لا يلتفت إذا صلى فلما سمع أبو بكر الحِسَّ من ورائهِ عَرَفَ أنَّه لا يتقدم إلى ذلك المقعد إلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فخنس (خنس من باب ضرب ونصر رجع وتأخر) وراءه إلى الصف فرده صلى الله عليه وسلم مكانه فجلس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى جنبه وأبو بكر قائم حتى إذا فرع؟ أبو بكر قال: أي رسول اللَّه أرَاكَ أصبحت سالماً وهذايوم ابنةِ خارِجَة، فرجع أبو بكر إلى أهله، فمكث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مكانه وجلس إلى جنب الحجر يُحَذِّرُ الفتن وقال: "إنِّي واللَّه لاَ يُمْسِكُ النَّاسُ علّي بشئ (أمسك بالشئ: تعلق به أي لا يتعلقون على بهفوة من الهفوات إلا التزامي جادة الدين وهو من تأكيد المدح بما يشبه الذم) إلا أني لا أُحِلُّ إلا ما أَحَلَّ اللَّه في كتابه، ولا أُحَرِّمُ إلاَّ ما حَرَّمَ اللَّه عزوجل في كتابه، يافَاطِمَةٌ بنتَ رسول اللَّه، يا صفيةُ عمةَ رسول اللَّه اعمَلاَ لما عِندَ اللَّه، لا أُغني عنكما من اللَّه شيئاً (وقد أبان الرسول صلوات الله عليه بهذا النصح أن الدين لللَّه وأنه لاوسيلة إليه سوى العمل الصالح كائنا من كان العبد وإن القرب من الأنبياء والصالحين لا يقرب العبد من ربه إلا إذا اقترن بالعمل الصالح والخلق الكريم فليعمل المسلمون ولا يتعلقوا بالأحلام والأماني ولا يعتمدوا على الأنساب ولاعلى ماضي الجدود والأباء) .

341- (أخبرنا) : مالك، عن إسماعيل بن أبي حكيم، عن عَطَاء بن يَسَار: -[115]- -أنَّ رسول اللَّه صلى الَّله عليه وسلم كبَّر في صَلاَةٍ مِنَ الصلوات، ثم أشار بيده أنِ امْكُثُوا، ثم رجع وعلى جِلْده أَثَرُ الماء.

342- (أخبرنا) : الثقة، عن أُسَامةَ بن زيدٍ، عن عبد اللَّه بن يزيد، عن محمد ابن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -عن النبي صلى الَّله عليه وسلم بمثل معناه.

343- (أخبرنا) : مالك، عن هشام، عن أبيه، عن زُبَيْد بن الصَّلْتِ أنه قال: -خَرَجْتُ مع عمر بنَ الخطاب، إلى الجُرُفِ (الجرف بضم فسكون: موضع قرب مكة وآخر قرب المدينة) فَنَظَرَ، فإذا هو قد احتلم، وصلى ولم يغتسل، فقال واللَّه ما أُراني إلا قد احتلمت وما شعرت وصليتُ وما اغتسلت قال فاغتسل وغَسَلَ ما رآى في ثَوْبه ونَضَحَ ما لم يَرَ وأذَّن وأَقَامَ ثم صلى بعد ارتفاع الضحى متمكناً (ويؤخذ من الحديث ان من صلى جنبا ناسيا ثم تذكر فعليه أن يتطهر من جنابته ثم يعيد صلاته التي تبين بطلانها) .

344- (أخبرنا) : سفيان، عن أبي حازم: -أن نفراً تماروا في المنبر، قَال: فَسألوا سَهْلَ بن سعد من أي شئ مِنْبَرُ النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: مابقي أحدمن الناس أعلم به مني من أثل الغابة عَمِلَهُ فلاَنٌ مولى فُلاَنة، ولقد رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حين صَعِدَ عليه استقبل القبلة فكَبّر ثم قرأ ثم ركع ثم نزل القَهْقَرَي (وإنما رجع القهقري لئلا يستدبر القبلة) ثم سجد ثم صَعِدَ فقرأ ثم رَكَع ثم نزل القهقري ثم سجد -[116]- (هذا الحديث في مسلم وفيه: ولقد رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر ثم رفع فنزل القهقري حتى سجد في أصل المنبر ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته ثم أقبل على الناس فقال: يأيها الناس إني لما صنعت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي اهـ قال العلماء وكان المنبر ثلاث درجات كما في رواية مسلم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم بخطزتين إلى أصل المنبر ثم سجد في جنبه وفي الحديث جواز الفعل اليسير في الصلاة فان الخطوتين لا تبطل بهما الصلاة ولكن تركه أولى إلا لحاجة فإن كان لحاجة فلا كراهية فيه ويفهم منه أن الفعل الكثير إذا تفرق لا يبطل الصلاة لأن النزول عن المنبر والصعود عليه تكرر وجملته كثيرة ولكن أفراده المتفرقة كل واحد منها قليل وفيه جواز صلاة الإمام على موضع أعلى من موضع المأمومين ولكنه مكروه إذا كان لغير حاجة فإن كان لحاجة كتعليم الصلاة فلا كراهة بل يستحب) .

الباب الثامن فيما يمنع فعله في الصلاة وما يباح فيها

الباب الثامن فيما يمنع فعله في الصلاة وما يباح فيها

345- (أخبرنا) : مالك بن أنس، عن عامر بن عبد اللَّه بن الزُبَيْر، عن عمروابن سُلَيم الزُّرَقي، عن ابن قَتَادة الأنصاري: -أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي وهو حَامِلٌ أُمامَةَ بنت أبي العاص (أبي العاص بن الربيع زوج زينب بنت الرسول وفي هذا الحديث دليل على صحة صلاة من حمل آدميا أو حيوانا أو غيرهما بشرط أن يكون طاهرا وإن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة حتى تثبت نجاستها وإن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وأن الأفعال إذا تعددت وتفرقت لا تبطل الصلاة وفيه جواز ملاطفة الصبيان وسائر الضعفاء وهو دليل مذهب الشافعي على صحة صلاة من حمل الصبي والصبية وغيرهما من الحيوان الطاهر في صلاة الفرض والنفل للأمام والمأموم والمنفرد وحمله المالكية على النافلة دون الفريضة وادعى بعض المالكية أنه منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي وبعضهم أنه كان لضرورة وكلها ذعاوي مردودة لا دليل عليها والحديث صحيح صريح في جوازذلك لأن الآدمي طاهر وما في جوفه من النجاسة معفو عنه وثياب الأطفال وأجسادهم على الطهارة والأفعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت وحمل أمامة لا يشغل القلب وان شغله اغتفر ذلك لما وراءه من الفوائد التي بيناها) ، وهي ابنةُ بنتِ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإذا سجَدَ وضَعَها، وإذا قَامَ رفَعَها.

346- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، عن عامر -[117]- ابن عبد اللَّه بن الزبير، عن عمرو بن سُليم الزُّرقي، عن أبي قَتَادة الأنصاري: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بالنَّاسِ وهُو حَامِلٌ أُمامَةَ بنت زينب فإذا سجَدَ وضَعَها، وإذا قَامَ رفَعَها.

347- (أخبرنا) : مالك، عن عامر بن عبد اللَّه، عن عمرو بن سُلَيم الزرقيّ، عن أبي قتادة: -أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بالنَّاسِ وهُو حامل أُمامة بنت أبي العاص. قال الشافعي رضي اللَّه عنه: وثوب أمامة ثوب صبي.

348- (أخبرنا) : سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «التَّسْبيحُ للرِّجَال والتَّصْفِيقُ للنِّسَاء» .

349- (أخبرنا) : مالك، عن أبي حازم بن دينار، عن سهل بن سعد الساعدي: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذَهَبَ إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم وحانت صلاة العصر فَأتى المؤذِنُ أبا بكر فتقدم أبو بكر وجاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأكثر الناس التصفيق وكان أبو بكر لا يلتفت في صَلاَته فلَمَّا أكثر النَّاسُ التصفيق التفت فرَأَي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأشار إليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أَنْ كَما أنتَ فرفع أبو بكر يديه فحمد اللَّه على ما أمَرَهُ به رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم استأخَرَ وتقَدّم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فلما قَضَى صَلاَتَهُ قال: "مَالي رَأَيتُكُمْ أكثَرتم التصفيقَ مَنْ نَابَه شئ في صَلاَته فَلْيُسَبِّحْ فَإِنَهُ إذا سَبَّح الْتُفِتَ إليه فإنَّما -[118]- التصفيق للنساء (التسبيح قول سبحان اللَّه، والتصفيق ضرب بطن كف اليمنى على ظهر اليسرى وهما مشروعان للحاجة في الصلاة كتنبيه الإمام إذا سها ولفته إلى شئ ونحو ذلك مما يعرض للمصلي وبه قال الجمهور وقال أبو حنيفة إذا سبح جوابا بطلت صلاته وان قصد به الإعلام لم تبطل وإنما كان التصفيق للنساء لأنه أسلم إذ ربما افتتن السامعون بأصواتهن) .

350- (أخبرنا) : مالك، عن أبي حازم بن دينار، عن سَهْل بن سَعْد الساعدي: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذَهَبَ إلى بني عمرو بن عوف ليُصلح بينهم وحانت الصلاةُ فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي للنَّاس فأقِيم؟ فقال: نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والنَّاس في الصلاة فتخلَّص حتَّى وقف في الصف فصَفّق النَّاسُ قال: وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فأشَار إليه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أَنْ امكُث مكَانَكَ فرفع أبو بكر يديه فحمد اللَّه على ما أمَرَه به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر وتقدم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فصَلَّى بالنَّاسِ فلما انصرف قَالَ يَا أبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَثْبُتَ إذْ أَمَرْتُكَ فقال أبو بكر: يا رسول اللَّه: ما كان لأبن أبي قُحَافَةَ أن يصلي بين يدي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم (وهكذا فليكن الأدب وليكن لنا قدوة وفيه أن الأولى بالإمامة الأفضل) ثم قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: مَالِي رَأَيتُكُمْ أكثَرتم التصفيقَ فمَنْ نَابَه شئ في صَلاَته فَلْيُسَبِّحْ فَإِذا سَبَّح الْتُفِتَ إليه وإنَّما التصفيق للنساء. قال أبو العباس يعني الأصم: أخرجت هذا الحديث في هذا الموضع -[119]- وهو معاد إلاَّ أنه مختلف الألفاظ وفيه زيادة ونقصان.

351- (أخبرنا) : سُفيان، عن عاصم بن ابي النُجُودِ، عن وائل، عن عبد اللَّه ابن مسعود قال: كنَّا نُسلِّم على النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو في الصلاة قبل أن نأتي أرض الحبشة فيرد علينا وهو في الصلاة فلما رجعنا من أرض الحبشة أتيته لأسلم عليه فوجدته يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي فأخذني مَاقَرُبَ وما بَعُدَ (أخذني ما قرب وما بعد يقال هذا للرجل إذا أقلقه الشئ وأزعجه كما يقال له أيضا أخذه ما قدم وما حدث أي استولى عليه الهم والتفكير في سبب امتناع النبي من رد السلام عليه) فجلست حتى إذا قضى صلاته أتيته فقال: "إنَّ اللَّه عَزَّوجَلَّ ثَنَاؤهُ يُحدث من أمْرِهِ مَا يَشَاءُ فإنَّ ممَّا أحدَثَ اللَّه أنْ لاَ تَكَلَّمُوا (ألا تكلموا أصله تكلموا حذفت إحدى تائيه تخفيفا) في الصَلاَّةِ (وفي الحديث تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان قد أبيح منه سواء كان لمصلحة الصلاة أوغيرها فإن احتاج إلى تنبيه سبح إن كان رجلا وصفقت إن كانت امرأة هذا مذهب الشافعية والمالكية والحنفية وجمهور السلف والخلف وهذا في كلام العامد أما الناسي فلا تبطل صلاته بالكلام القليل عند الشافعية وبه قال مالك وأحمد والجمهور وقال الحنفية تبطل به الصلاة فإن كثر كلام الناسي بطلتفي أصح الوجهين عند الشافعية وأما كلام الجاهل القريب العهد بالإسلام فلا يبطل الصلاة القليل منه فهو كالناسي) .

352- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن عبد اللَّه بن عمر قال: -دخل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مسجد بني عمرو بن عَوْف فكان يصلي فدخل عليه رجال من الأنصار يسلمون عليه فسألت صُهَيبا كيف كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَرُدُّ عليهم؟ قال: كان يشير إليهم. 353- (أخبرنا) : ابن عيينة، أخبرنا: الأعمش، عن إبراهيم، عن هَمَّام -[120]- ابن الحارث قال: -صلّى بنا حُذَيفة على دُكَّان (الدّكان: الدكة المبنية للجلوس عليها) مرتفع فجاء فسجد عليه فجبذه (جبذه بمعنى جذبه والمراد النهي عنه نهي التنزيه إذ قدمنا قريبا أن صلاة الإمام في أي مكان أعلى من مكان المأمومين مكروهة إلا إذا كانت لحاجة كتعليم المصلين) أبو مسعود البدري فتابعه حُذَيفة فلما قضى الصلاة قال أبو مسعود: أليس قد نُهِي عن هذا؟ فقال حُذَيفة: ألم ترني قَدْ تَابَعْتُك.

الباب التاسع في سجود السهو

الباب التاسع في سُجود السّهْو

354- (أخبرنا) : مالك، عن يحي بن سعيد، عن الأعرج، عن ابن بُحَيْنة: -أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قام من اثنتين من الظهرلم يجلس فيها فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك.

355- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب عن الأعرج، عن عبد اللَّه بن بُحَيْنَة (بحينة اسمه عبد اللَّه واسم أبيه مالك واسم أمه بحينة وهو أزدي وفي مسلم عن عبد اللَّه بن مالك ابن بحينة وعلى هذه يلزم تنوين مالك وكتابة ألف ابن السابق على بحينة لأن بحينة ليست أبا لمالك بل زوجه) قال: -صلى لنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ركعتين ثم قام فلم يجلسفقام الناس معه فلما قضي الصلاة ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم بعد ذلك -[121]- (فيه دليل على ان التشهد الأول والجلوس ليسا بركنين في الصلاة ولا فرضين إذ لو كانا كذلك لما جبرهما السجود كالركوع والسجود وغيرهما وبهذا قال مالك وأبوحنيفة والشافعي وقال أحمد هما واجبان وإذا سها جبرهما السجود على مقتضى الحديث وفيه دليل أيضا على جواز النسيان عليه صلى اللَّه عليه وسلم في أحكام الشرع وهو مذهب جمهور العلماء وهو ظاهر القرآن والحديث واتفقوا على أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يقر عليه بل يعلمه اللَّه تعالى به وقال الأكثرون شرطه تنبيهه صلى اللَّه عليه وسلم له على الفور بدون تأخير وجوزت طائفة تأخيره مدة حياته واختاره إمام الحرمين ومنعت طائفة السهو عليه في العبادات والأقوال التبليغية وإليه مال الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني والصحيح الأول لأن السهو لا يناقض النبوة وإذا لم يقر عليه لا تحصل منه مفسدة) .

356- (أخبرنا) : مالك، عن أيوب السختياني، عن محمدبن سيرين، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم انصرف من اثنتين فقال: ذو اليدين: أقصُرت الصلاة أم نسيت يا رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «أصَدَق ذو اليَدَيْنِ؟ فقال الناس نعم فقام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فصلى اثنتين أُخْرَيَيْنِ ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع» .

357- (أخبرنا) : مالك، عن داود بن حُصَين، عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد قال: سمعت أبا هريرة رضي اللَّه عنه يقول: -صلى لنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صلاة العصر فسلم في ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقُصِرت (قصرت بالبناء للمجهول أو بفتح القاف وضم الصاد والأول أشهر واضح وفي هذا الحديث فوائد منها: جواز النسيان في الأفعال والعبادات على الأنبياء وأنهم لا يقرون عليه ومنها: إثبات سجود السهو ومنها: أن كلام الناس للصلاة الذي يظن أنه نسي فيها لا يبطلها وبه قال الجمهور من السلف والخلف ومنهم ابن عباس وعبد اللَّه بن الزبير وأخوه عروة وعطاء والحسن والشعبي وقتادة والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وخالفهم أبو حنيفة وأصحابه والثوري فقالوا تبطل الصلاة بالكلام ناسيا أو جاهلا لحديث ابن مسعود وزيد بن أرقم وزعموا أن حديث ذي اليدين منسوخ بحديث ابن مسعود وزيد بن أرقم وفيه دليل على أن العمل الكثير والهفوات إذا كانت في الصلاة سهوا لا تبطلها كما يبطلها الكلام سهوا فإنه يثبت في مسلم أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مشى إلى الجذع وفي رواية دخل الحجرة ثم خرج ورجع الناس وبنى على صلاته) الصلاة أم نسيت يا رسول اللَّه؟ فأقبل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «أَصَدَقَ ذو اليدين؟ فقالوا نعم فأتم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد وهو جالس بعد التسليم» .

357- (أخبرنا) : عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قِلابة، عن أبي المُهلَّب، عن عمران بن حُصَين قال: سلم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام الخِرباقُ رجل طويل بسيط اليدين (الخرباق بالخاء المعجمة المكسورة والباء المنقوطة بواحدة من أسفل، وبسيط اليدين: طويلهما وهو الخرباق بن عمر ولقب ذو اليدين لطول يديه) فنادى يا رسول اللَّه أقصُرت الصلاة؟ فخرج مُغْضَباً يَجُر رِداءه فسأل فأخبر فصلى تلك الركعة التي كَانَ تَرَكَ ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم.

الباب العاشر في سجود التلاوة

الباب العاشر في سجود التلاوة

359- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن زيد بن أسْلَم، عن عَطَاء بن يَسَار: -أن رجلا قرأ عند النبي صلى اللَّه عليه وسلم السجدة فسجد النبي صلى اللَّه عليه وسلم (بعد سماع قوله تعالى «وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون» وفيه إثبات سجود التلاوة وهو عند الشافعية والجمهور سنة للقارئ والمستمع له وأما السامع الذي هو غير مصنع للقارئ فلا يتأكد في حقه تأكد المصغي وإن كان مستحبا سواء كان القارئ متطهرا أو محدثا أو صبيا أو كافرا على الصحيح في مذهب الشافعية وقال الحنفية ان سجود التلاوة واجب أي في منزلة بين الفرض والسنة ولعل دليلهم حديث عقبة بن عامر قلت لرسول اللَّه يا رسول اللَّه في سورة الحج سجدتان قال نعم ومن لم يسجدهما فلا يقرأهما رواه مسلم وغيره فظاهره أن سجودهما مترتب وجوبا على قرائتهما ويدل للجمهور أن عمر بن الخطاب قرأ على المنبر يوم الجمعة بسورة النحل فلما جاءت السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كانت الجمعة القابلة قرأ بها فلماجاءت السجدة قال: يأيها الناس إنما نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه ولم يسجد عمر رواه البخاري) ثم قرأ آخر عنده فلم يسجد النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال: قرأ فلان عندك السجدة فسجدت، وقرأت عندك السجدة فلم تسجد؟ فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: كنتَ إماماً فلو سجدْت لسجدتُ".

360- (أخبرنا) : مالك، عن نافع: -أن عمر رضي اللَّه عنهما سجد في سورة الحج سجدتين (الأولى ألم تر أن اللَّه يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر إلخ «والثانية» يأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا إلخ") .

361- (أخبرنا) : إبراهيم بن سعد بن إبراهيم عن الزهري، عن عبد اللَّه بن ثَعْلَبَة بن صُعَير (ثعبلة بن صعير أو ابن أبي صعير بمهملات مصغرا ويقال ثعبلة ابن عبد اللَّه بن صعير العذري) : -أن عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه صلى بهم بالجابية (الجابية: قرية بدمشق) فقرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين.

362- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شِهَاب، عن الأعرج: -أنّ عُمَر بن الخطاب قرأ «والنجم إذا هوى» فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى.

363- (أخبرنا) : ابن أبي فُدَيْك، عن ابن أبي ذِئْب، عن الحارث بن ثوبان، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قرأ بالنجم فسجد وسجد معه الناس إلا رجلين قال أراد الشهرة (أي أراد أن يتحدث بمخالفتهما الناس في السجود ليعرفا ويظهرا على حد المثل العامي الذي يقول «خالف تعرف» ) .

364- (أخبرنا) : ابن أبي فُدَيْك، عن ابن أبي ذِئْب، عن يزيدبن عبد اللَّه ابن قُسَيْطٍ، عن عَطَاء بن يَسَار، عن زيد بن ثابت: -أنه قرأ عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالنجم فلم يَسْجُد فيها -[124]- (رواه الخمسة والدارقطني وزاد فلم يسجد منا أحد تبعا للنبي صلى اللَّه عليه وسلم وبه احتج مالك على أنه لا سجود في المفصل وان سجدة النجم وإذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك منسوخات بهذا الحديث أو بحديث ابن عباس أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم لم يسجد في شئ من المفصل منذ تحول إلى المدينة قال النووي وهو مذهب ضعيف فقد جاء في حديث أبي هريرة المذكور في مسلم سجدنا مع رسول اللَّه في «إذا السماء انشقت» واقرا باسم ربك" وإسلام أبي هريرة كان سنة سبع من الهجرة بالإجماع فكان السجود في المفصل بعد الهجرة وأما حديث ابن عباس فضعيف الإسناد لا يصح الإحتجاج به) .

365- (أخبرنا) : مالك، عن عبد اللَّه بن يزيد مولى الأسد بن سُفيان، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: -أن أبا هريرة قرأ لهم «إذا السماء انشقت» فسجد فيهافلما انصرف أخبرهم أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سجد فيها.

366- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنة، عن عَبْدَة، عن زِرَّ بن حُبَيْش (زر بكسر الزاي وحبيش بضم الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة الأسدي الكوفي مخضرم توفي سنة 82 هـ) عن ابن مسعود: -أنه كان لا يسجد في ص ويقول: «إنما هي تَوبَةُ بَني» .

367- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن أيوب عن عِكْرِمة، عن ابن عباس: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه سجدها يعني في ص.

الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة

الباب الحادي عشر في صلاة الجمعة

368- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد بن أبي يحي، حدثني صَفوان بن سُليمْ، عن نافع بن جُبَيْر بن مُطعم وعَطَاء بن يَسَار: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: "شَاهِدٌ يَومُ الجمعَة ومشهودٌ يومُ عَرَفَةَ -[125]- (في لسان العرب قال الفراء الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة لأن الناس يشهدونه ويحضرورنه ويجتمعون فيه اهـ وقد علل اسم المشهود ولم يعلل اسم الشاهد والظاهر أنه سمي بذلك لأنه يشهد اجتماع المسلمين أو يشهد لمن صلى الجمعة والجمع بينهما لإظهار شرف يوم الجمعة وإن له من المكانة والمنزلة ما يجعله يقرن بيوم عرفة ففي كليهما يجتمع المسلمون وإن كان اجتماع عرفة أقوى وأشمل) .

369- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: شَرِيك بنُ عبد الله بن أبي نَمرِ، عن عَطَاء بن يسار: -عن عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله.

370- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: عبد الرحمن بن حَرْ مَلَة، عن ابن المُسَيِّب: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله.

371- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنة، عن عبد اللَّه بن طاوس، عن أبيه، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "نَحْنُ الآخِرونَ ونَحْنُ السّاَبِقون (معناه الآخرون في الزمان السابقون بالفضل ودخول الجنة فتدخل هذه الأمة الجنة قبل سائر الأمم) بَيْدَ (بيد قال الكسائي: بيد بمعنى غير وقيل بمعنى على أنهم وقد جاء في بعض الروايات بايد أنهم قال إبن الأثير: ولم أره في اللغة بهذا المعنى وقال بعضهم إنها بأيد أي بقوة ومعناه نحن السابقون إلى الجنة يوم القيامة بقوة أعطاناها اللَّه وفضلنا بها) أنَّهم أوتُوا الكِتَاب مِن قبلِنَا وَأُتِينَاهُ مِن بعدِهم فهذا اليَومُ الذي اختلفوا فيه فهدانا اللَّه له (قال القاضي عياض الظاهر أنه فرض عليهم تعظيم الجمعة بغير تعيين ووكله إلى إجتهادهم لإقامة شريعتهم فيه فاختلف اجتهادهم في تعيينه ولم يهدهم اللَّه له وفرضه على هذه الأمة مبينا ولم يكله إلى اجتهادهم ففازوا بتفضيله وقد ورد أن موسى عليه السلام أمرهم بالجمعة وأعلمهم بفضلها فقالوا له السبت أفضل فقيل له دعهم قيل لو كان معينا لم يقل اختلفوا فيه بل كان يقول خالفوا فيه ويمكن أن يكون أمروا به صريحا فاختلفوا هل يلزم تعيينه أولهم ابدا له وابدلوه وغلطوا في ابداله) فالناسُ لنَا تَبَعٌ اليَهُودُ غَدَاً (اليهود غدا أي عيد اليهود غدا لأن الزمن لا يخبر به عن الجنة والمراد فعيد اليهود السبت وعيد النصارى الأحد) والنَّصَارى بعدَ غَدٍ".

372- (أخبرنا) : سُفيان، عن أبي الزِّناد، عن الأعْرج عن أبي هريرة: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله إلا أنه قال: بَايْدَ أنّهم -[126]- (سبق الكلام عليها في بيد أنهم في هذا الحديث) .

373- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني محمدبن علقمةَ، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «نَحْنُ الآخِرونَ السّاَبِقون يَوْمَ القيَامَةِ بَايْد أنهم أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُتِينَاهُ مِن بَعْدِهم هذا يَومهُمُ الَّذِي فُرِضَ عليهم يعني الجمعة فاختَلفُوا فيه فَهدانَا اللَّه لَهُ فالنَّاسُ لنا فيه تبع السبت والأحدُ» .

374- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني موسى بن عُبَبْدة حدثني: أبو الأزهر معاويةُ بن اسحاق بن طَلحَةَ، عن عُبَيد اللَّه بن عُمَير: -أنه سمع أنَس ابن مالك يقول: أتى جبريلُ بمرْآةٍ بيضاءَ فيها وكْتَهٌ (الوكتة بفتح فسكون: الأثر في الشئ كالنقطة من غير لونه ومنه قيل للبسر إذا وقعت فيه نقطة من الأرطاب قد وكت) إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: مَاهذِهِ؟ فقَال هذه الجمعَةُ فُضِّلْتَ بها أنتَ وأمتَّك فالنَّاس لكم فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعوا اللَّه بخير إلا اسْتُجيب له وهو عندنا يوم المَزِيد. قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم يا جبيرل ما يوم المزيد؟ قال إن ربك إتخذ في الفِرْدَوس (الفردوس البستان الذي فيه الكرم والأشجار) وادياً أفْيَحَ فيه (أفيح: واسع يقال واد أفيح وروضة فيحاء أي واسعة) كُثُب (الكثب بضمتين جمع كثيب وهو التل) مِسْك فإذا كان يوم الجمعة أنزل اللَّه ما شاء من ملائكته وحوله منابرُ من نور عليها مقاعدُ للنبيين وحف تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللةٍ بالياقوت والزَّبَرْجَد عليها الشهداءُ والصديقون -[127]- (الشهداء جمع شهيد وهو من قتل في الجهاد في سبيل اللَّه والصديق صيغة مبالغة أي كثير الصدق أو الذي يصدق قوله فعله) فجلسوا من ورائهم على تلك الكُثُب فيقول اللَّه لهم أناربكم وقد صدقتكم وعدى فاسألوني أُعْطِكم فيقولون ربنا نسألك رضوانك في قول قد رضيتُ عنكم ولكم عليّ ما تمنيتم ولَدَيَّ مَزيدٌ فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهُّم من الخير وهو اليومُ الذي استوى (استوى: بمعنى استولى قال الشاعر: قد استوى بسر على العراق * من غير سيف ودم مهراق والحديث وما بعده في فضل يوم الجمعة ولا غرو فهم عيد للمسلمين يجتمعون فيه ويوجههم الإمام إلى الصالح العام) فيه ربكم على العرش وفيه خَلَقَ آدمَ وفيه تقوم الساعة (إبراهيم بن محمد وشيخه متكلم فيهما: للحافظ ابن عساكر جزء سماه «القول في جملة الأسانيد الواردة في حديث يوم المزيد» بين فيه وجوه الوهى فيها وقال: إن لهذا الحديث عن أنس عدة طرق في جميعها مقال) .

375- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثنا: أبو عِمْران إبراهيم بن الجَعْد، عن أَنَسٍ: - شبيهاً به وزاد عليه: ولكم فيه خير مَنْ دعا بخير هو له قُسِم أعطيته وإن لم يكن له قُسِم دُخِر له ما هو خير له منه وزاد فيه أيضاً أشياء (هذا كالذي قبله والذي بعده في أن في هذا اليوم ساعة مباركة يستجاب فيها الدعاء وقد أخفيت علينا لنديم العبادة والذكر وسؤال اللَّه في هذا اليوم) .

376-أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني عبد اللَّه بن محمد بن عَقِيل، عن عمروبن شُرَحْبِيل بن سعد، عن أبيه، عن جده: -أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال يا رسول اللَّه: أخبرنا عن الجمعة ماذا فيها من الخير؟ فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «فِيه (أعاد الضمير مذكرا ملاحظة لليوم كأنه قال في يوم الجمعة خمس خلال إلخ) خمسُ خِلاَل فِيهِ خَلَقَ اللَّهُ آدم، وفيه أهْبَطَ اللَّه آدم إلى الأرض، وفِيهِ تَوفَّى اللَّهُ آدَمَ وفِيه سَاعة لا يسأل -[128]- العبدُ شيئاً إلا آتاه اللَّه إياه ما لم يسأل مأثماً (المأثم الأمر الذي يأثم به أو هو الإثم نفسه وهو الذنب والمراد أن كل دعاء مباح مستجاب فيها أما الأدعية التي يأثم بها الإنسان كأن يدعوا على غيره بالشر أو تؤدي إلى قطع الرحم فلا يستجاب) أو قطيعة رَحِم، وفِيه تقُومُ الساعةُ فما من مَلَكٍ مُقرَّبٍ ولا سَمَاءٍ ولاَ أرضٍ ولا جَبَلٍ إلاَّ وهو يشفق من يوم الجمعة» .

377- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزناد، عن الأَعْرَج، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذكر يومَ الجمعة فقال: فِيهِ ساعةٌ لاَ يُوَافِقُها إنسانٌ مسلِمٌ وهُوَ قَائِم يُصَلي (لم تقيد الأحاديث السابقة ساعة إجابة الدعاء بالقيام في الصلاة وهذا قيدها بذلك وفي الحديث الآتي أن المنتظر للصلاة في حكم المصلي فكان ليس بقيد) يسأل اللَّه شيئاً إلا أعطاه إيّاه وأشَارَ النبي صلى اللَّه عليه وسلم بيده يقللها (وأشار بيده يقللها أي يصورها بصورة الشئ الصغير القليل يفهمهم أنها ضيقة سريعة الإنقضاء) .

378- (أخبرنا) : مالك، عن يَزيدَ بن عبد الهادّ، عن محمد بن إبراهيم ابن أبي الحارث، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ فِيه الشَّمْس يَوْمُ الجمعَةِ فِيه خُلِقَ آدَمُ وفِيه أُهْبِط وفيه تِيبَ عَليْه وفِيه مَاتَ، وفِيه تقُومُ الساعةُ ومَا مِنْ دَابَّةٍ إلاَّ وهِيَ مَصِيخَة (أصاخ إليه: أصغي وشفقا من الساعة أي خوفا والغرض من هذا الحديث وما قبله بيان فضل هذا اليوم على غيره من الأيام وأن اللَّه شرفه بخلق آدام فيه والمتاب عليه وإنزاله إلى الأرض إلخ وإلا فليس بمعقول أن يعد إخراج آدام وقيام الساعة فيه فضيلة وإنما هو بيان لما وقع فيه من الأمور العظام وما سيقع ليتأهب العبد فيه بالأعمال الصالحة لنيل رحمة اللَّه ودفع نقمته كما قال القاضي عياض) يومَ الجمعة من حين تُصْبح حتَّى تطلَعَ الشمس شَفَقاً من الساعة إلا الجنَّ والإنس وفيه سَاعةٌ لاَ يُصَادِفُهَا عَبدٌ مُسلم يسأل اللَّه شيئاً إلا أعطاهُ إياه" قال أبو هريرة قال عبد اللَّه بن سَلاَمَ هي آخر -[129]- ساعة من يوم الجمعة فقلت له كيف تكون آخر ساعة وقد قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي وتلك ساعة لا يُصَلَّى فيها فقال ابن سَلاَم: أَلم يقل النبي صلى اللَّه عليه وسلم: مَنْ جَلَس مجلساً ينتظرُ الصَّلاة فهو في صلاةٍ حتى يصلي"قال: قلت بلى قال: فهو ذاك.

379 - (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثنا: عبد الرحمن بن حَرْمَلَةَ، عن سعيد ابن المسيب: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: سَيدُ الأيَّامِ يَوْمُ الجمعَةِ (ليس غريبا أن يكون هذا اليوم سيد الأيام لما ذكرنا من اجتماع المسلمين في المساجد واستماعهم للخطباء وتوجيههم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة وليس لباقي أيام الأسبوع مثل هذه المزية) .

380 - (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد بن أبي يحي أخبرني: أبي، أنَّ ابن المسيب وهو سعيد قال: أحبُّ الأيام إلى أن أموت فيه ضُحًى يَوْمَ الجمعة (لعله خص الضحى ليتمكن أهله من دفنه في يوم وفاته لإغنه إذا مات آخر اليوم لم يمكنهم ذلك والسنة التعجيل بالدفن) .

381- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: صَفوان بن سُلَيْم، عن إبراهيم ابن عبد اللَّه بن سعيد، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: مَنْ تَرَكَ الجُمْعة مِن غير ضَرورةٍ (هذا تحذير من التخلف عن صلاة الجمعة وتقبيح لتركها بغير عذر وذلك لأهمية فرضيتها الظاهرة في الإجتماع مع إخوانه والإنتفاع بنصائح الإمام وتوجيهاته وقوله وفي بعض الحديث ثلاثا معناه أنه ورد في بعض الروايات من ترك الجمعة ثلاثا كالحديث الآتي) . كُتِبَ مُنَافِقاً في كتاب لا يُمْحَى ولا يُبَدَّل"وفي بعض الحديث ثلاثاً.

382- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: محمدبن عمرو، عن عُبيدة بن سُفْيان، -[130]- الحَضْرَمي عن أبي الجَعْد الضَّمْري: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: لا يَتركُ أحَدٌ الجمعةَ ثَلاثاً تَهاوناً بها إلا طَبَعَ اللَّه عَلىَ قلبِهِ (طبع الله على قلبه أي ختم عليه وغشاه وقوله تهاونا هنا تفسير لقوله من غير ضرورة في الحديث السابق) .

383- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن صالح بن كيسان، عن عُبيدة بن سُفْيان، الحَضْرَمي قال: -سمعت عمرو بن أُمَيَّة يقول: لاَ يَتْرُكُ رجلٌ مسلم الجمعة ثلاثا تهاونا بها إلا كتب من الغافلين (الغافلين يعني عن ذكر الله وعما أوجبه عليهم «ومن يغفل عن ذكر الرحمن نقيضله شيطانا فهو له قرين» .

384- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: جعفر بن محمد، عن أبيه قال: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يخطب يوم الجمعة وكانت لهم سوق يقال لها البطْحَاء كانت بنو سُلَيْم يجلُبُون إليها الخيل والإبل والغنم والسَّمْن فَقَدموا فخرج إليهم الناس وتركوا رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم وكان لهم لهوإذا تزوج أحدهم من الأنصار ضربوا بالكَبَرِ (الكبر بفتحتين الطبل وقيل الطبل له وجه واحد (لسان)) فعيرهم اللَّه بذلك فقال: (وإذَا رَأَوْا تجارةً أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً) .

385- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: سلمة بن عبد الله الخطمي، عن محمد بن كعب: -أنه سمع رجلاً من بني وائل يقول: قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «تجبُ الجُمُعَةُ على كل مسْلمٍ إلاَّ امراةً أو صبياً أو مملوكاً» .

386- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: عبد العزيز بن عُمر بن عبد العزيز، -[131]- عن أبيه، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتْبَة قال: «كُّل قَرْية فيها أربعون رجلا فعليهم الجمعة» .

387 - (أخبرنا) : سُفْيان، عن الزُّهري، عن سَعيد بن المسيَّب، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: -قال رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم: «إذَا كَانَ يومُ الجمعة كانَ عَلَى كل باب من أبواب المسجد ملائكةٌ يكتبونَ النَّاس عَلَى منَازلهم الأَولَ فالأَولَ (يكتبون الناس على منازلهم إلخ أي يقيدون للحاضرين للصلاة منازلهم التي استحقوها بالتكبير) فإذا خرج الإمامُ طُويت الصحف واستمعوا الخُطبة والمُهَجِّر (التهجير هنا وفي قوله صلى اللَّه عليه وسلم لو يعلمون مافي التهجير لاستبقوا إليه بمعنى التكبير إلى الصلوات وهو المضي في أول أوقاتها وأصله السير في الهاجرة وهي رمز وقت الزوال إلى العصر اهـ قاموس وفي النهاية التهجير التكبير إلى كل شئ والمبادرة إليه يقال هجر يهجر تهجيرا فهو مهجر وهي لغة حجارية أراد المبادرة إلى أول وقت الصلاة والمهجر بالتشديد المبكر) إلى الصلاةِ كالمُهدِي بَدَنةً ثم الذي يليه كالمهدي بقرة ثم الذي يليه كالمهدي كبشاً حتَّى ذَكَر الدَّجَاجَة والبَيْضَة» .

388- (أخبرنا) : سُفيْان بن عُيَيْنة، عن ابن شِهَاب، عن سَعيد بن المسيَّب، عن أبي هريرة: -أن رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم قال: "إذَا كَانَ يومُ الجمعة جَلَسَ على أبواب المساجد وذكر الحديث.

389- (أخبرنا) : مالك، عن سُمَىّ، عن أبي صالح السَّمان، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "منِ اغتسَلَ يومَ الجمعَةِ غُسْلَ الجنابة (غسل الجنابة أي غسلا كغسل الجنابة) ثم رَاحَ فكأنما قرب بَدَنَةً (البدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة وهي بالإبل أشبه وسميت بدنة لعظمها وسمتها اهـ نهاية وفي المصباح البدنة ناقة أو بقرة تنحر بمكة سميت بذلك لأنهم كانوا يسممونها اهـ أقول: والمراد بها هنا الجمل أو النافة لأن البقرة واردة في المنزلة التالية لهذه المنزلة وراح أي ذهب إلى المسجد) ومن رَاحَ في السَّاعةِ الثانية فكأنما -[132]- قرب بقرة، ومن رَاحَ في السَّاعةِ الثالثة فكأنماقرب كبشاً أقرن (الأقرن: كبير القرنين والأنثى قرناء والحديث وما قبله في فضل التكبير بالذهاب إلى صلاة الجمعة وبيان أن ثواب الذهاب إليها على قدر التكبير من أجلها) ومن رَاحَ في السَّاعةِ الرابعة فكأنما قرَّب دَجَاجةً ومن رَاحَ في السَّاعةِ الخامسة فكأنماقرب بَيْضَة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر".

390- (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عُمْر: -أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى حُلَّةً سِيَرَاءَ (الحلة بضم أوله واحدة الحلل وهي البرود التي ترد من اليمن والسيراء بكسر السين وفتح الياء صفة للحلة وهي نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور وقال بعض المتأخرين إنما هو حلة سيراء بالإضافة واحتج بأن سيبويه قال لم يأت فعلاء صفة بل اسما وشرح السيراء بالحرير الصافي ومعناه حلة حرير) عند باب المسجد فقال يا رسول اللَّه: لوِ اشتَريْتَ (لو حرف شرط وجوابها محذوف أو حرف تمن لا الخلاق بالفتح: النصيب من الخير) هذهِ فلبستَها يومَ الجمعةِ وللوفودِ إذَا قَدِموا عَليْكَ فقال رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم: «إنما يَلْبَسُ هذِهِ منْ لاَ خَلاقَ لَهُ في الآخِرَةِ» ثم جاء رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم منها حُلَلٌ فأعطى عُمَرَ منها حُلةً فقال عُمر يارسول اللَّه: كَسَوْتَنيها وقد قلتَ في حُلة عُطَارِد ما قُلتَ؟ فقال رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم: «لم أكْسُكَها لِتَلبَسها» فكساها عمر لأخ له مشرك بمكة -[133]- (والحديث ظاهر في حرمة لبس الحرير الصافي لقوله صلى اللَّه عليه وسلم إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة ولقوله لم أكسكها لتلبسها أي لأن لبسها محرم) .

391- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن ابن السَّبَّاق (السباق بتشديد المهملة والباء وبعدها قاف وهو حماد بن سلمة رضي الله عنه) : -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال في جُمعة من الجُمع: "يا مَعْشَرَ المسلمينَ إنَّ هذَا اليَوم جَعله اللَّه عيدا للمسلمين فاغتسلوا ومَنْ كَانَ عندهُ طِيبٌ فَلاَ يَضُرّه أن يمُّسّ منه وعليكم بالسِّوكِ (قوله فاغتسلوا وفليغتسل في الحديث الذي بعده وغسل الجمعة واجب على كل محتلم وأنرسول اللَّه كان يأمر بالغسل ظاهرها وجوب الغسل للجمعة وقد حكى الوجوب عن طائفة من العلماء وهو مذهب أهل الظاهر وحكى عن الحسن البصري ومالك وذهب الجمهور من السلف والخلف إلى أنه سنة مستحبة لا واجب وهو المعروف من مذهب مالك ودليلهم قول النبي من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فالغسل أفضل وقوله أيضا: لو إغتسلتم يوم الجمعة لأن تقديره لكان أفضل والأحاديث الواردة بما ظاهره الأمر محمولة على؟؟ جمعا بين الأحاديث وقوله واجب على كل محتلم أي متأكد في حقه كما تقول لصاحبك حقك واجب علي أي متأكد لا إنه محتم معاقب عليه هذا ومس الطيب والسواك سنة أيضا في هذا اليوم الذي يكثر فيه الزحام وتتأكد فيه النظافة والتجمل والبعد عما يتأذى منه من الروائح الكريهة وظاهرة العبارة الخاصة بالطيب يفيد الحل لا الندب ولكنه مأخوذ من أحاديث أخرى وقوله: عليكم بالسواك الأمر فيه للندب أيضا لا للوجوب لقوله صلى اللَّه عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك» ) .

392- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «مَنْ جَاءَ منكُم الجمعة فليغتَسِل» .

393- (أخبرنا) : مالك وسفيان، عن صفوان بن سُلَيم، عن أبيه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «مَنْ جَاءَ منكُم الجمعة فليغتَسِل» .

394- (أخبرنا) : مالك وسفيان، عن صفوان بن سُلَيم، عن عَطَاء بن يسار، -[134]- عن أبي سعيد الخدري: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "غسلُ يوم الجمعةِ واجبٌ عَلَى كُل محتلم (قال النووي الذي وقع في جميع الأصول غسل الجمعة على كل محتلم وليس فيه ذكر واجب والمحتلم: البالغ وقوله من جاء منكم الجمعة فليغتسل أعم من هذا لأن هذا خاص بالمحتلم وهو البالغ وذاك يشمل البالغ والصبي المميز قال النووي: فيقال في الجمع بين الأحاديث أن الغسل مستحب لكل مريد الجمعة ومتأكد في حق الذكور أكثر من النساء وفي حق البالغين أكثر من الصبيان قال: ومذهبنا المشهور أنه يستحب لكل مريد لها وقيل للذكور خاصة وقيل لمن تلزمه الجمعة دون الصبيان والعبيد والمسافرين وقيل لكل أحد كغسل العيد والصحيح الأول) .

395- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر (سالم بن عبد الله بن عمر العدوي المدني الفقيه قال ابن إسحاق أصح الأسانيد الزهري عن سالم عن أبيه مات سنة 106 على الأصح) قال: -دخل رجل من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم المسجد يوم الجمعة وعُمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه يخطب فقال عمر: أيةُ سَاعةٍ هذه؟ (قاله توبيخا له وإنكارا لتأخره إلى هذا الوقت وفيه تفقد الإمام رعيته وأمرهم بمصالح دينهم والإنكار على مخالف السنة وإن كان كبير القدر في مجمع من الناس وفيه جواز الكلام في الخطبة) فقَال يا أمير المؤمنين: انقلبتُ من السُّوقِ فسمعت النداء فما زدت على أن توضأت (فيه الإعتذار إلى ولاة الأمور وفيه إباحة العمل يوم الجمعة قبل النداء وفيه إشارة إلى أن الغسل مستحب لأن عمر لم يأمره بالرجوع للغسل) فقال عمر: الوضوءَ (والوضوء أيضا بالنصب أي وتوضأت الوضوء فقط قاله الأزهري وغيره) أيضاً وقدعلمت أنَّ رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم كان يأمر بالغُسْل.

396- (أخبرنا) : الثقة، عن معَمَر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه: -مثل معنى حديث مالك وسمى الداخل يوم الجمعة بغير غُسل عثمان بن عفان.

397- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن يحي بن سعيد، عن عَمْرة، عن عائشة قالت: -كَان النَّاس عُمال أنفسهم وكانوا يَرُحُون بهيآتهم فقيل لهم لو اغتسلتم (لو اغتسلتم هذا اللفظ يقتضي أن الغسل مستحب لا واجب لأن تقديره لو اغتسلتم لكان أفضل وأكمل وقولها كان الناس عمال أنفسهم أي لم يكن لهم خدم ورواية مسلم عن عائشة كان الناس أهل عمل ولم يكن لهم كفاة (جمع كاف وهو الخادم) فكانوا يكونون لهم لو؟؟ أي رائحة كريهة فقيل لهم لو اغتسلتم وفي مسلم رواية أخرى عنها فيها كان الناس ينتابون الجمعة من العوالي فيأتون في العباء ويصيبهم الغبار فتخرج منهم الريح فأتى رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم إنسان منهم وهو عندي فقال رسول الله لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا فقوله وكانوا يروحون بهياتهم أي يذهبون إلى المساجد بملابس عملهم وعرقهم وغبارهم فيكون لهم ريح مؤذية لمن يجاورهم فندبهم الرسول للغسل حتى لا يتأذى بهم أحد ويؤخذ من الحديث أنه يندب لمن يذهب إلى المسجد أو لمجالسة الناس أن ينظف جسمه وثوبه وأن يتجنب الروائح الكريهة) .

398- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن جابر ابن عتيك، عن جده جابر ب نعتيك صاحب النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: - «إذَا خَرجْتَ إلى الجمعة فامْشِ عَلَى هِينَتك (على هينتك أي على رسلك أي متمهلا غير مسرع لأن سرعة المشي في هذه الحالة قد تشعر بالرياء المنهي عنه وفضلا عن ذلك فإنها تذهب ببهاء المؤمن ووقاره) » .

399- (أخبرنا) : سفيان، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه قال: - «ما سمعت عمر يقرؤها (يقرؤها يريد قوله تعالى» إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله «فكان يقرأ فامضوا مكان فاسعوا وهذا كان في بدء الإسلام ثم جمع المسلمون على حرف واحد وهو ماكتبه عثمان وبعث به إلى الأمصار وذلك أنهم أرخص لهمفي بدء نزول القرآن في قرائته على سبعة أحرف تخفيفا عليهم ورأفة بحالهم لأن فيهم المرأة والعجوز ولم يكن حفظ القرآن قد كثر وشاعولكن ذلك أدى إلى اختلافهم في القراءة فتلاحوا وتشاتموا وخيف أن يزداد الشر بينهم فجمعه عثمان رضي الله عنه على حرف واحد اتفق عليه المسلمون فلم يسمح لأحد أن يقرأ بعد ذلك بغيره) قط إلا قَال فامضوا إلى ذكر اللَّهِ» .

400- (أخبرنا) : الثقة، عن الزُّهري، عن السائب بن يزيد: - «أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما كان خلافةُ عثمان وكثر الناسُ أمر عثمان بأذانٍ ثان فأُذّن به فثبت الأمر على ذلك وكان عَطَاء ينكر أن يكون أحدثه عثمان ويقول أحدثه معاوية واللَّه أعلم» .

401- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: خالد بن ربَاح، عن المطلب ابن حَنْطَب (الذي في خلاصة تهذيب الكلام المطلب بن عبد اللَّه بن حنطب وفي القاموس المطلب بن حنطب كما هنا صحابي قال والحنطبة الشجاعة) . أنَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يُصلي الجمعة إذا فاء الفَئْ بمقدار ذراع أو نحوه (الفيء: الظل الذي يكون بعد الزوال وسمي فيئا لأن الفيء في الأصل الرجوع وفاء إلى أمر اللَّه: رجع فيسمى الظل الذي بعد الزوال فيئا لرجوعه من جانب الغرب إلى جانب الشرق أي أن الرسول الله صلى اللَّه عليه وسلم كان يصلي الجمعة بعد زوال الشمس بذراع وهذا ظاهر في أنها إلا تصح بعد زوال الشمس وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعي وخالفهم الإمام أحمد فجوز صلاتها قبل الزوال) .

402- (أخبرنا) : سُفيْان بن عُيَيْنة، عن عَمْرو بن دينار، عنيوسفبن ماهَك قال: -قَدِمَ مُعَاذ على أهل مكة وهم يُصلون الجمعة والفَئُ في الحِجر فقال: -[137]- لا تصلوا حتى تفيء الكعبة من وجهها (الحجر بالكسر ما حواه الحطيم المدار بالكعبة من جانب الشمال ومعنى هذا أن الفيء الأول يكون قبل الزوال والثاني وهو الذي يكون للكعبة من وجهها بعد الزوال وقد بان من الحديث السابق على هذا أنها لا تصح إلا بعد الزوال عند جمهور العلماء) .

403- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة: -أن رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبكَ أَنْصِتْ والإِمَام يخطب فقدْ لغوت (لغوت قلت اللغو وهو الكلام الملغى الساقط المردود وقيل معناه قلت غير الصواب وقيل تكلمت بما لا ينبغي ففي الحديث النهي عن جميع أنواع الكلام حال الخطبة لأنه نهي عن أن يقول للمتحدث أنصت وهو أمر بمعروف فغير ذلك من الكلام أولى بالمنع وطريقه إلى منع من يتكلم من الكلام أن يشير إليه بالسكوت إن فهم بالإشارة وإلا فبالعبارة الموجزة إلى أبعد حدود الإيجاز والإنصات للخطبة واجب عند الشافعي ومالك وأبي حنيفة وعامة العلماء وحكى عن النخعي والشعبي وبعض السلف أنه لا يجب إلا إذا تلى فيها القرآن وهل يلزمه الإنصات وإن لم يسمع صوت الإمام قال الجمهور يلزمه وقال النخعي وأحمد والشافعي في قول لا يلزمه وهل الكلام حرام أو مكروه كراهة تنزيه في هذه الحالة هما قولان للشافعي كما ذكر النووي في شرح مسلم وقوله والإمام يخطب جملة حالية وهي قيد في الحكم الذي بيناه أي أن الكلام إنما يحرم وقت الخطبة الذي يجب فيه الإنصات وهو مذهب الشافعية والمالكية ومذهب الجمهور وقالت الحنفية يجب الإنصات بخروج الإمام للخطبة) » .

404- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: -أن رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبكَ أَنْصِتْ والإِمَام يخطبُ يوم الجمعة فقد لغوت» .

405- (أخبرنا) : سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة: -[138]- -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم بمثل معناه إلا أنه قال «لَغَيْتَ» قال ابن عيينة: "لغيت (إلا أنه قال فقد لغيت قال ابن عيينة هي لغة أبي هريرة وفي مسلم قال أبو الزناد وهي لغة أبو هريرة وإنما هو لغوت أقول لو كانت لغيت لغة صحيحة مثل لغوت لذكر مصدرها في المعاجم كما ذكر مصدر غيرها وهو اللغو ولكننا لم نر لها مصدرا على كثرة بحثنا فيها واستقصاؤنا فلو صحت لقالوا لغا يلغوا لغوا ولغا يلغي لغيا ولكن أحدا لم يذكر هذا المصدر الأخير بل اقتصروا في مصدر المادة على اللغو واللغا مقصورا قال في القاموس واللغو واللغا: السقط ومالا يعتدبه من كلام وغيره ولغي في قوله كسعى ودعا ورضى لغاً ولاغية وملغاة: أخطأ وفي اللسان اللغو واللغا: السقط ومالا يعتدبه من كلام وغيره ولا يحصل منه على فائدة ولا تقع ولغا في القول يلغي ويلغي لغوا ولغى يلغي لغاً وملغاة أخطأ وقال باطلا اهـ أقول وياء لغى مقلوبة على واو كياء رضى فالمادة واوية على كل حال فلا يقال عند إسناد الفعل إلى ضمير المتكلم لغيت بل لغوت فبان بهذا أن الصواب إنما هو لغوت كما قال أبو الزناد اهـ) . لغة أبو هريرة.

406- (أخبرنا) : مالك، عن أبي النّضْر مولى عُمر بن عُبيد اللَّه، عن مالك ابن أبي عامر: - أنَّ عثمان بن عفان كان يقول في خطبته وقلما يدع ذلك إذا خطب (هذه جملة إعتراضية بين القول ومقوله الغرض منها بيان ما كان عليه عثمان من الإهتمام بحث الحاضرين لصلاة الجمعة على الاستماع للخطبة) إذا قام (قام الإمام أن يخطب فيه حال محذوفة والتقدير مريدا أن يخطب) الإمام أن يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنْصِتوا فإِن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للسامع المنصت فإذا قامت الصلاة فاعدلوا (عدلت الشئ فاعتدل سويته فاستوى واعتدل الشعر اتزن واستقام وعدله كعدله وإذا مال شئ قلت عدلته أي أقمته فاعتدل أي استقام والمراد اجعلوها معتدلة ومستوية لا ميل بها ولا اعوجاج وكان لحرصه على اعتدال الصفوف قد وكل بها رجالا فلا يحرم بالجمعة حتى يخبره هؤلاء باعتدالها) الصفوف وحاذُوا بالمناكب (حاذى الشئ: وازاه والمناكب جمع منكب كمجلس وهو مجتمع رأسي الكتف والعضد أي اجعلوا بعضكم محاذيا لبعض بالمناكب حتى يكون منكب كل واحد موازيا لمنكب جاره لا خارجا عنه ولا داخلا وبذا تتحقق تسوية الصفوف المنشودة) فإن إعتدال الصفوف من تمام -[139]- الصلاة ثم لا يُكَبّر عثمان حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه بأن قد استوت فيكبر.

407- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن هشام، عن الحسن: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذا عَطَسَ الرّجُلُ والإمَام يَخطبُ يَومَ الجمعة فَشَمتْهُ (التشميت بالشين والسين والأولى اعلى الدعاء بالخير والبركة للعاطس يقال شمت فلانا وشمت على فلان والمراد أن هذا مستثنى من وجوب الاستماع والإنصات فلا حرج فيه والإمام يخطب وذلك لأنهاحالة نادرة ضيقة الوقت لا تشغل عن الاستماع وفيها مجاملة للعاطس محبوبة) » .

408- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن إسحاق بن عبد اللَّه بن أبي فَرْوة، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة (النهي استثنى منه يوم الجمعة فالصلاة فيه في هذا الوقت غير منهي عنها ولا مكروهة وبه قال طاوس ومكحول والشافعي وغيرهم وخص المالكية النهي بالنافلة دون الفريضة وأما الحنفية فعمموا ولم يستثنوا) .

409- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، عن ثعلبة بن أبي مالك: -أنه أخبره انهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب يوم الجمعة يصلون حتى يخرج عمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه فإذا خرج وجلس على المنبر وأذن المؤذن جَلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر سكتوا فلم يتكلم أحد.

410- (أخبرنا) : ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب قال: -حدثني: ثعلبة بن أبي مالك أن قُعود الإمَام يَقطعُ السُّبْحَةَ (السبحة بالضم: صلاة النافلة، يقال قضيت سبحتي، أي نافلتي) وأن كلامَه -[140]- يقطعُ الكلام وأنهم كانوا يتحدثون يوم الجمعة وعُمَرُ جالسٌ على المنبر، فإذا سكتَ المؤذن قام عُمَرُ فلم يتكلم أحد حتى يقضي الخطبتين كلتيهما، فإذا قامت الصلاة ونزَل عمر تكلموا.

411- (أخبرنا) : سُفْيان، بن عيينة، عن عَمْرو بن دينار، عن جابر بن عبد اللَّه قال: -دخل رجل يوم الجمعة المسجد والنبي صلى اللَّه عليه وسلم يخطبُ فقال له: أصَلَّيْتَ؟ قالَ: لاَ قَالَ: فَصَلِّ ركعتين (بين جابر في الحديث الآتي هذا الرجل الذي أمره النبي بتحية المسجد فقال وهو سليك الغطفاني وفي مسلم مثل ذلك بزيادة وتجوز فيهما أي في الركعتين وهذه الأحاديث صريحة في استحباب صلاة ركعتين تحية للمسجد ولو في أثناء خطبة الجمعة وأنه يستحب أن يتجوز فيهما أي يتخفف ليسمع بعدهما الخطبة ويكره الجلوس قبل أن يصليهما وبهذا أخذ الشافعي وأحمد وفقهاء المحدثين وقال مالك والليث وأبو حنيفة والثوري وجمهور السلف من الصحابة والتابعين لا يصليهمافي هذه الحالة وهو مروي عن عمر وعثمان وعلي وحجتهم الحديث السابق إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب إلخ وتأولوه هذه الأحاديث بأن هذا الرجل كان عريانا فأمره النبي بالقيام ليراه الناس فيتصدقوا عليه ومن هذه الأحاديث يؤخذ جواز الكلام في الخطبة لحاجة أو تعليم وإن تحية المسجد ركعتان وانها لا تفوت بالجلوس بالنسبة لمن جهل حكمها إذ في بعض روايات مسلم فقعد سليك قبل أن يصلي فقال له النبي أركعت إلخ ويستنبط منها أيضا أن تحية المسجد لا تترك في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها عند الشافعية لأنها ذات سبب ويلحق بها ذوات الأسباب لقضاء الفائتة ونحوها إذ لو سقطت في حال لكان هذا الحال أولى بسقوطها فيه لأنه صلى اللَّه عليه وسلم قد أمر باستماع الخطبة، فإذا ترك لها ذلك دل على تأكدها وإنها لا تترك بحال خلافا للحنفية فمكروه عندهم أن تصلي في هذه الأوقات) .

412- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن أبي الزُّبيْر، عن جابر بن عبد اللَّه: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله وزاد في حديث جابر وهو سُلَيْكٌ الغَطَفَاني.

413- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن عَجْلان، عن عَيَاض بن عبد اللَّه بن سَعْدابن أبي سَرْح قال: -رأيتُ أبا سَعيدٍ الخدريَّ جاء ومَرْوانُ يخطب فقام فصلى ركعتين فجاء إليه الأحراس (الأحراس: جمع حرس وهم خدم السلطان المرتبون لحفظه وحراسته والحراس آخذون بالوجه الآخر في المسألة وهوترك كل عمل ووجوب الإنصات للخطيب) ليجلسوه فأبَى أن يَجْلس حتى صَلَّى ركعتين، فلما قضينا الصلاة أتيناه فقُلنا يا أبا سعيد كاد هؤلاء أن يفْعلوا بك فقال: ما كنت لأدعها لشئ بعد شئ رأيتُهُ من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم رأيت النبي صلى اللَّه عليه وسلم وجاء رجل وهو يخطب فدخل المسجد بهيئة بَذَّة (بذة بالذال المعجمة أي رثة والمراد ترك الزينة ولبس الملابس القديمة) فقال: " أصَلَّيْتَ؟ قالَ: لاَ قَالَ: فَصَلِّ ركعتين قال ثم حثَّ النَّاس على الصَّدقة فألقوا ثياباً فأعطي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم منها الرجل ثَوْبين فلما كانت الجمعة الآخرى جاء رجل والنبي صلى اللَّه عليه وسلم يخطبُ فقال له النبي صلى اللَّه عليه وسلم: " أصَلَّيْتَ؟ قالَ: لاَ قَالَ: فَصَلِّ ركعتين قال ثم حثَّ النَّاس على الصَّدقة فَطَرَح يعني ذلك الرجل أحَدَ ثَوْبيه فصاح رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وقال: خُذْهُ خُذْهُ ثم قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: أنظُرُوا إلى هذَا جاء تِلك الجمعة بِهيئة بَذَّة، فأمرتُ الناس بالصدقة فَطَرَحوا ثياباً، فأعطيته منها ثوبين، فلما جاءت الجمعة أمرتُ الناس بالصدقة، فجاء فألقى أحَدَ ثَوْبيه -[142]- (الغرض من لفت الرسول أنظارهم إلى عمل هذا الرجل حملهم على أن يقتدوا به ويسرعوا إلى التصدق فإنه بالرغم من فقره وطلب النبي من الحاضرين أن يتصدقوا عليه بادر بالتصدق بأحد الثوبين اللذين تصدق بهما عليه ولا شك أنها اريحية وعاطفة دينية تستحق الإعجاب والثناء) ".

414- (أخبرنا) : سُفْيان، عن عَمْرو بن دينار قال: -كان ابن عمر يقول للرجل إذا نَعَسَ يومَ الجمعة والإِمامُ يخطبُ أن يَتَحَوَّلَ مِنْهُ (يقول في هذا الحديث مضمنة معنى يأمر ونعس بفتح العين ومضارعه كذلك بمعنى نام والحكمة في أمر النائم بالتحول هو طرد النوم وبعث اليقظة وهذه الحركة عند حد الإنتقال من المكان جديرة بأن تحمله على التيقظ والإنتباه) ".

415- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: سُهَيْل بن أبي صالح، عن أبي هُريرة رضي اللَّه عنه: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذا قَامَ أحَدُكُممِنْ مَجلسه يَومَ الجُمْعَة ثم رَجَعَ إليه فهو أحقُّ به (وإنما كان أحق به لأنه سبق غيره إليه فلا ينبغي أن يزاحم عليه بعد ذلك فإذا قام لتجديد وضوئه مثلا فلا ينبغي لغيره أن يجلس مكانه لأن المباح لمن سبق وينبغي لمن ترك مكانه أن يشغله بشئ من ملابسه إشارة إلى أنه مشغول حتى لا ينازع ممن وجده فارغا فشغله ويحدثان ما يخل بأدب المسجد ويؤلم المصلين) » .

416- (أخبرنا) : عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُريج قال أخبرني: -أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللَّه يقول: كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا خَطَبَ استند إِلى جِذْع نَخلةٍ من سَوَارِي (السواري: هي الأسطوانات أي الأعمدة التي يقام عليها السقف ومفردها: سارية) المسجد، فلما صُنِعَ لَهُ المِنْبَرُ، فاستوى عليه (استوى عليه: جلس عليه) اضطربت تلك السَّارِية كحنين الناقة (اضطربت تحركت وماجت وقوله كحنين الناقة أي وحنت حنينا كحنين الناقة والحنين شدة البكاء والطرب وقيل هو صوت الطرب سواء كان ذلك عن حزن أو فرح والحنين الشوق وتوقان النفس والمعنيان متقاربان وحنين الناقة على معنين حنينها صوتها إذا اشتاقت إلى ولدها وحنينها نزاعها إلى ولدها من غير صوت والأكثر أن الحنين بالصوت هذا هو الأصل والحنين في الحديث بصوت لقوله حتى سمعها أهل المسجد وهو فيه الطرب عن حزن لأن السارية حزنت على ابتعاد الرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عنها فادرك ذلك فاعتنقها فسكتت في النهاية فحن الجذع إليه أي نزع واشتاق وأصل الحنين ترجيع الناقة صوتها في أثر ولدها وقد عد العلماء هذا من معجزاته صلى اللَّه عليه وسلم وكم له من معجزات) حتى -[143]- سمعها أهل المسجد، حتى نَزَل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فاعْتنقها فَسَكنَتْ.

417- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، أخبرني: عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، عن الطُّفَيْلُ بن أُبيّ بن كَعْب عن أبيه قال: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يُصَلي إلى جِذْع (الجذع بالكسر ساق نخلة) وكان المسجد عَرِيشا (العريش بفتح فكسر خيمة من خشب وثمام عيدان تنصب ويظلل عليها والعرب تسمي المظال التي تتخذ من جريد النخل ويطرح فوقها الثمام عرشا الواحد منها عريش وكانوا يأتون النخيل فيبنون فيه من سعفه مثل الكوخ فيقيمون فيه مدة حملة الرطب إلى أن يصرم) وكان يخطبُ إلى ذلك الجِذْع فقال رجل من أصحابه يا رسول اللَّه: هل لك أن نَجْعَل لك مِنْبَراً تخطب عليه يومَ الجمعة وتُسْمِع الناس خُطبتك؟ قال: نعم فَصَنَع له ثلاث درجات (في نسخة العماد) هي اللآتي على المِنْبَرَ فلما وضع المنبر ووُضع مَوْضِعَه الذي وَضَعه فيه رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بَدَا (بدا له في الأمر بدوا وبداء: نشأ له فيه رأى هكذا في القاموس وعبارة المصباح بدا له في الأمر ظهر له ما لم يظهر أولا وفي اللسان بدا لي بداء أي تغير رأيي عما كان عليه) للنبي صلى اللَّه عليه وسلم أن يقومَ على ذلك المنبر فيخطبَ عليه فَمَرَّ إليه فلما جاوز (جاوزه: تخطاه) ذلك الجِذْعَ الذي كان يخطبُ إليه خار (خاريخور خوارا: صاح) حتى تَصَدع (تصدع انشق) وانشق فنزل النبي صلى اللَّه عليه وسلم لَمَّا سَمِع صوت الجِذْع فَمَسَحه بيده ثم -[144]- رَجَعَ إلى المنبر فلما هُدِم المسجد أخذ ذلك الجذع أُبيُّ بن كعب وكان عنده في بيته حتى بلي وأكلته الأرضَةُ وعَادَ رُفاتاً (الرفات بضم ففتح الحطام، وهو مادق وكسر يقال: رفت الشئ فارفت أي كسرته فتكسر فالرفت الدق والكسر والرفات المدقوق المكسور) .

418- (أخبرنا) : إبراهيم بن حمد، أخبرنا: صفوان بن محمد، عن أبيه، عن جابربن عبد اللَّه قال: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يخطب يوم الجمعة خطبتين قائماً يفصل بينهما بجلوس (زاد مسلم فمن نبا أنه كان يخطب جالسا فقد كذب فقد واللَّه صليت معه أكثر من ألفي صلاة وهذا دليل لمذهب الشافعي والأكثرين على أن خطبة الجمعة لا تصح للقادر إلا من قيام في الخطبتين وإن الجمعة لا تصح إلا بخطبتين وأنه لابد من الجلوس بينهما وعن الحسن البصري وأهل الظاهر ومالك في رواية انها تصح بدون خطبة وأبو حنيفة يجوز الخطبة من قعود ولا رأى القيام فيها واجبا وقال مالك وهو واجب لو تركه أساء وصحت الجمعة وأما الجلوس بين الخطبتين عند مالك وأبي حنيفة والجمهور فسنة لا واجب ولا شرط وقال الشافعي هوفرض وشط لصحة الخطبة دليله أنه ثبت عن رسول اللَّه مع قوله صلوا كما رأيتموني أصلي) .

419 - (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: عُبَيْدُ اللَّه بن عُمر، عن نافع، عن ابن عمر: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله.

420- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن صالح مولى التَّوْأَمة (التوأمة: مؤنث التوأم وهو من جمعه الرحم بأخيه في وقت واحد أي يكونا معا في حمل واحد) ، عن أبي هُريرة رضي اللَّه عنه: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأبي بكر، وعُمر، وعُثْمان رضي اللَّه عنهم أنهم كانوا يخطبون يومَ الجُمْعَة خُطبتين على المنبر قِياماً يَفْصِلون -[145]- بينهما بجُلوس حتى جلس معاويةُ في الخطبة الأولى فَخَطب جالساً (قوله فخطب جالسا يصلح دليلا للحنفية الذين جوزوا أداء الخطبة من قعود وللشافعية على وجوب أدائها من قيام أدلة كثيرة غير سلف منها ماروى مسلم عن كعب بن عجرة قال دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدا فقال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعدا وقال الله تعالى: (وإذا رأوا تجارة أولهوا انفضوا إليها وتركوك قائما) فقد أخبر اللَّه أن النبي كان يخطب قائما وقد قال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) وقال: (فاتبعوه) وقال: (وما آتاكم الرسول فخذوه) وخطب في الثانية قائما.

421- (أخبرنا) : عَبْدُ المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جُرَيْج قال: -قلتُ لعطَاءٍ أكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقوم على عَصاً إذا خطب؟ قال: نعم يَعْتمد عليها اعتماداً.

422- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: اللَّيْثُ، عن عَطَاء: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا خطب يَعْتمد على عَنَزَته (العنزة بفتحات العصا وأخذ العصى أو المخاصر في الخطب عادة قديمة في العرب وكانوا يشيرون بها أثناء خطبهم أما الرسول فبين الحديث أنه كان يعتمد عليها فقط وخطباؤنا السياسيون الآن يشيرون بأيديهم مستعينين بحركاتها على جذب أنظار المستمعين والتأثير فيهم ولا يزال خطباء المساجد آخذين بهذه السنة معتمدين في خطبهم على عصى على هيئة سيوف) اعتماداً.

423- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد قال حدثني: عبد اللَّه بن أبي بكربن حزم، عن خُبَيْب بن عبد الرحمن بن إساف، عن أم هِشام بنت حارثَةَ بن النّعْمان: -أنها سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم يَقْرأ بِقاف وهو يخطب على المِنْبَر يومَ الجمعة وأَنها لم تحْفظها إلا من النبي صلى اللَّه عليه وسلم يوم الجمعة وهو على المنبر لكثرة ما كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يَقْرأ بها يوم الجمعة على المنبر -[146]- (وسبب اختيارها اشتمالها على ذكر البعث والموت والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة وفيه استحباب قراءة هذه السورة أو بعضها في الخطبة) .

424- (أخبرنا) : إبراهيمُ بْنُ محمد قال حدثني: محمدُ بنُ أبي بكر بن حَزْم، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرَارَة، عن أم هِشَام بنتِ حارثةَ ابنِ النعمان: - مثله قال إبراهيم: ولا أَعْلَمُني إلا سمِعتُ أبا بكر بن حَزْم يقرأ بها يوم الجمعة على المنبر قال إبراهيم سمعتُ محمد بن أبي بكر يقْرَأُ بها وهو يَوْمَئِذٍ قاضٍ عَلَى المدينة على المنبر.

425- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد قال حدثني: محمد بن عمرو بن حَلْحَلَة عن أبي نعيم وهب بن كيسان، عن حسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه: - أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقرأ في خطبته يوم الجمعة "إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (كورت جمع ضوؤها ولف كماتلف العمامة وقيل معنى كورت غورت وقيل كورت: اضمحلت وذهبت ويستفاد منه أنقراءة القرآن في خطبة الجمعة مشروعة باتفاق واختلفوا في وجوبها وهو الصحيح عند الشافعية وأقلها آية) حتى بلغ «عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ» ، ثم يقطع السورة.

426- (أخبرنا) : مالك، عن هِشَام بن عُرْوةَ، عن أبيه، عن عُمر رضي اللَّه عنه: -قرأ بذلك على المِنْبَر.

427- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد قال حدثني: إسحاقُ بن عبد اللَّه، عن أَبَان ابن صالح، عن كُرَيْب مولى ابن عباس، عن ابن عبّاس: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه -[147]- عليه وسلم خطب يوماً، فقال: "إنَّ الحمدَ للَّهِ نَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَسْتَهْدِيه ونستنصُرُه (السين والتاء في نستعينه وما عطف عليه من الأفعال: للطلب) ونَعُوذُ باللَّه من شُرُورِ أنْفُسِنَا ومِنْ سيئآتِ أعمالنا مَنْ يَهدِهِ اللَّهُ فلا مُضِلَّ لَهُ، ومَنْ يُضِلّ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أن لا إله اللَّه، وأشْهَدُ أَنَّ مُحمداًعبدُهُ ورسُولُه، مَنْ يُطِعِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ (رشد من باب نصر وفرح رشدا ورشدا أو رشاداً: اهتدى) ومَنْ يَعْصِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ غَوَى (غوى يغوي من باب ضرب وعلم ومصدر الأول ألغى والثاني الغواية بمعنى ضل وخاب وانهمك في الجهل هكذا في اللسان والقاموس والمصباح فقول النووي فيه والصواب الفتح أي فتح الواو غير صواب) حَتَّى يفِئَ إلى أمْرِ اللَّهِ.

428- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد قال حدثني: عبد العزيز بن رُفَيع (رفيع بضم أوله وفتح الفاء الأسدي وثق عبد العزيز هذا أحمد وابن معين وتوفي سنة ثلاثين ومائة) عن تَمِيم بن طَرَفَةَ، عن عَدِيّ بن حاتم قال: -خطب رجُلٌ عند النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ، ومَنْ يَعْصِهما فَقَدْ غَوَى فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "اسْكُتْ فَبِئْسَ الخَطِيبُ أنْتَ (قال بعضهم أنكر عليه الرسول لتشريكه في الضمير المقتضى للتسوية وأمره بالعطف تعظما للَّه تعالى بتقديم اسمه لكن يرد على هذا أن مثل هذا الضمير تكرر في الأحاديث الصحيحة كقوله صلى اللَّه عليه وسلم: «أن يكون اللَّه ورسوله أحبإليه مما سواهما» فالجواب الصحيح أن الخطب يقتضي مقامها البسط والأطناب ليفهم عن الخطيب ما يقول بخلاف المقامات الأخرى كالتعليم الذي يتطلب الحفظ ويناسبه الإيجاز ولذا ثبت أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا تكلم كلمة أعادها ثلاثاً ليفهم القوم فالذي دعا لتقبيحه هو هذا الإيجاز في مقام الوعظ والبيان) ثم قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ رَشِدَ -[148]- مَنْ يَعْصِ اللَّهَ ورسُولَهُ فَقَدْ غَوَى ولاَ تَقُلْ ومَنْ يَعْصِهماَ".

429- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، أخبرني: عمرو: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم خطب يوماً فقال في خطبته: «ألا إنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكلُ مِنْها البَرُّ (المطيع لله الصالح الزاهد والفاجر المنبعث في المعاصي والمحارم) والفاجِرُ، ألا وإنَّ الآخِرَةَ أجَلٌ صَادِقٌ يَقْضِي فِيهَا مَلِكٌ قادِر، ألاَ وإنَّ الخَيرَ كلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ (الحذافير جمع حِذفار بالكسر، أو حُذفور بالضم، وهي ال؟؟، أو الأعالي، والمراد أن الخير بأسره في الجنة والشر بأسره في النار وهو توكيد بعد توكيد لأنه قال أولا الخير كله ثم قال بحذافيره) في الجنة، ألاَ وإنَّ الشَّرَّ كلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ في النار ألاَ فاعْمَلُوا وأنتُم مِنَ اللَّهِ عَلَى حَذَرٍ، واعلموا أنكم مَعْرُوضُونَ عَلَى أعْمَالِكُمْ (معروضون على أعمالكم هو من باب القلب كما يقولون عرضت الحوض على الناقة والمعروض في الحقيقة هو الناقة والمراد أن أعمالكم تعرض عليكم أولا قلب والمعنى إنكم مطلعون على أعمالكم التي أسلفتموها لتعلموا أنكم أخذتم بما قد تم ولم تظلموا والمراد من الحديث تهوين أمر الدنيا وتحقيرها لأن الأخيار والأشرار يستمتعون بها بخلاف الآخرة فلا يستمع بها إلا الأخيار وإن كل إنسان مجزى بما قدم من خير وشر) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ» .

430- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد، حدثني: عبد اللَّه بن أبي لَبِيدٍ، عن سعيد المَقْبُرِيّ، عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قرأ في ركعَتي الجُمعةِ سُورَةَ الجمعَةِ والمُنَافِقين -[149]- (أي أنه كان يقرأ في الركعة الأولى سورة الجمعة وفي الأخرى المنافقين وقد ورد التصريح بهذا في مسلم في أكثر من حديث وفي الحديث استحباب قراءتهما بكمالهما في الركعتين وهو مذهب الشافعية والحكمة في قراءة الجمعة اشتمالها على وجوب الجمعة وأحكامها والحث على التوكل والذكر وأما سورة المنافقين فلتوبيخ الحاضرين منهم وتنبيههم على التوبة لأنهم كانوا يجتمعون بكثرة في الجمعة) .

431- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد وغيرهُ، عن جَعْفَر بن محمد، عن أبيه، عن عُبيد اللَّه بن أبي رافع، عن أبي هُريرة رضي اللَّه عنه: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قرأ في إثْرِ (في أثرها بفتحتين أو بكسر فسكون أي بعدها والمراد أنه قرأها في الركعة الثانية لا في ركعة واحدة كما قلناه في الحديث السابق) سُورَةَ الجمعَةِ إذا جاءك المُنَافِقون.

432- (أخبرنا) : عبد العزيز بن محمد، عن جَعْفَر بن محمد، عن أبيه، عن عُبيد اللَّه بن أبي رافع، عن أبي هُريرة رضي اللَّه عنه: -أنه قرأ في الجمعة سُورَةَ الجمعَةِ وإذَا جَاءَكَ المُنَافِقونَ قَالَ عُبيد اللَّه: فَقُلْتُ لَهُ قد قرأت بسورتين كَان عليُّ بن أبي طالب رضي اللَّه عنه يَقْرَأ بهما في الجمعَةِ، فقال إنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يقرأ بهما".

433- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: مِسْعر بن كُدَام، عَنْ مَعْبَد ابن خالد، عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يَقْرَأ في الجُمَعةِ سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةَ (كان يقرأ في الجمعة أي في ركعتيها ففي الأولى يقرأ سبح وفي الأخرى الغاشية ولا تناقض بين هذا الحديث وسابقه فإن هذا الاختلاف مبني على اختلاف الأحوال فتارة يقرأ في الجمعة السورتين السابقتين وتارة أخرى يقرأ بهاتين السورتين أي أن قرائته في الجمعة كانت دائرة بين هذه السور لا تعدوها ومن هنا كان المستحب الإتيان بهاتين أو سابقتيهما وفي سورة الغاشية منذكر القيامة وأهوالها واختلاف حال الناس فيها ما يدعو إلى إيثارها في هذا المقام) .

434- (أخبرنا) : مالك، عن ضَمْرَة بنِ سعيد المازني، عن عُبَيْدُ اللَّه -[150]- ابن عبد اللَّه بن عُتْبَةَ: -أنَّ الضَّحَّاكَ بن قيس سَأَلَ النُّعْمان بن بشِير عما كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقرأبه في صلاة الجمعة على إثْرِسُورة الجمعة فقال: كان يقرأ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةَ".

435- (أخبرنا) : سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، عن الأسْودَ بن قَيْس، عن أبيه قال: - أبْصَرَعُمَرُ بن الخطَّاب رجُلاً على هَيْئَةِ السَّفَر، فسمعه يقول: لولا أن اليوم يَوْمُ جمعة لخرجتُ. فقال عمر: أخْرُجْ فَإنَّ الجمعة لا تحبُس عن سفرٍ (أقول لقد بين مر رضي اللَّه عنه أنه لا ينبغي أن يقعد الناس عن أسفارهم يوم الجمعة ولا يكلف اللَّه عباده أن يؤخروا أعمالهم لسبب إكبارها والإحتفاء بها بل يدعوهم إلى مزاولة أعمالهم في يوم الجمعة كغيره من الأيام وإن إجلال هذا اليوم لا يستلزم القعود عن السفر فيه لأن الحفاوة التي طلبها الشارع لهذا اليوم لا تعدوا الإغتسال والتطيب والحرص على صلاة الجمعة واستماع الخطبة وذلك ميسور للمقيم والمسافر سفراً ما) .

436- (أخبرنا) : سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، عن ابن أبي نُجَيح، عن إسمَاعيل ابن عبد الرحمن بن ابي ذُؤَيب، قال: - دُعِي عبد اللَّه بنُ عُمَر لسَعِيد بنِ زيدٍ وهو يموتُ وابنُ عُمَر يَسْتجمر (استجمر الإنسان: قلع النجاسة بالجمرات أو الجمار وهي الحجارة أي الاستنجاء واستجمر واستنجى بمعنى واحد واستجمر أيضا بالمجمر إذا تبخر بالعود وهذا هو المراد هنا لأن المعنى أنه استدعي له وهو يتطيب للجمعة التي يندب لها التطيب أي دعى له وهو يتأهب لصلاة الجمعة فتركها وذهب إليه ويفهم من هذا أن التخلف عن الجمعة لمثل هذا العذر أمر مستساغ لأنها ضرورة جازبة يغتفر لها التخلف عن الجمعة إذ قد تكون الحاجة ماسة إلى لقائه ليقر له بدين عليه أو بوصية بأبنائه أو يوصي أمامه بشئ من ماله ونحو ذلك فإذا ذهب إلى الصلاة فات هذا ونحوه باشتداد الحالة وتعذر النطق أو بالموت) للجمعة فأتَاهُ وتَرَكَ الجمعة، وأُخْبرْتُ عن عُبَيد اللَّه بن عمر بن نافع عن ابن عُمرَ مثله أو مثل معناه.

437- (أخبرنا) : ابنُ أبي يحي، عن عبد العزيز بن عُمَر بن عبد العزيز، عن الحسن بن مسلم بن يَنَّاق (يناق بياء منقوطة باثنتين من أسفل ونون وقاف بعد الف بوزن شداد صحابي جد الحسن بن مسلم ووثق الحسن هذا ابن معين اهـ) قال: -وافق يومُ الجمعة يومَ التَّرْوية في زمان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فوَقَفَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بِفِنَاءِ الكعبة، فأمَرَ النَّاسَ أَنْ يَرُوحُوا إلى مِنًى ورَاحَ فَصَلَّى بِمِنًى الظهر (يوم التروية هو الثامن من ذي الحجة ومنى بكسر ففتح بالتنوين وعدمه على بعد فرسخ من مكة تعمر في موسم الحج وتخلو بقية السنة هذا وكان أبو الحسن الكرخي يجوز الجمعة بها لأنها ومكة كمصر واحد ويؤيده قوله تعالى: «ثم محلها إلى البيت العتيق» وقوله تعالى «هديا بالغ الكعبة» وأنما يقع النحر بمنى ورأى أبو بكر الجصاص أنها إنما تصح بها باعتبارها مصراً مستقلاً لبعد ما بينها وبين مكة والآيتان السابقتان تشهدان لمذهب الكرخي ويؤخذ منه أن العدول من صلاة الجمعة إلى صلاة الظهر جائز للمسافر ولو كان سفراً قصيرا) .

الباب الثاني عشر في صلاة العيدين

الباب الثاني عشر في صلاة العيدين

438- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: عبد اللَّه بن عَطَاء بن إبراهيم مولى صَفِيَّةَ بِنْتِ عبد المُطَّلب، عن عُرْوةَ بن الزُّبَيرِ عن عائشة: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: «الفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، والأَضْحَى يَوْمَ تضَحُّون» .

439- (اخبرنا) : إبراهيم بن محمد بن أبي يَحي الأسْلَمي، أخبرني يزيد بن أبي عُبيد مولى سَلَمَة بن الأكْوَع، عن سَلَمَة بن الأكوع: -أنه كان يَغْتَسِلُ -[152]- يوم العيد (هذا الأثر بإضافة ما بعده إليه يفيد سنية الإغتسال للعيدين وللجمعة وللوقوف بعرفة وللإحرام وحكمة هذه السنة واضحة وهي أن في هذه المواطن يجتمع المسلمون ويتزاحمون فينبغي أن يحتفلوا بها وأن يستعدوا لها بالنظافة ولبس الجديد والتطيب) .

440- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد أخبرني: جعفربن محمد، عن أبيه أن عليًّا رضي اللَّه عنه: -كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ العيدَيْنِ، ويومَ الجمعَةِ، ويومَ عَرَفَةَ، وإذَا أَرَادَ أن يُحْرِمَ.

441- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد أخبرني: جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ يَلْبِسُ بُرْد حِبَرَة (برد حبرة بوزن عنبة وهو ما كان مخططاً موشى من برود اليمن ومنه يستفاد أنه ينبغي أن يلبس الناس للعيد فاخر ثيابهم وأغلاها) في كل عِيدٍ.

442- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد أخبرني: أبو الحويرث: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حَزْم، وهو بنجران: "أنْ عَجِّلِ الأضاحِي، وأخِّرِ الفِطْرَ، وذَكِّرِ النَّاسَ (عجل الأضاحي أي ذبحها وذكر الناس أي عظهم وعلمهم وأخر الفطر إلى ما بعد الصلاة) .

443- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد أخبرني: صَفْوان بن سُلَيم: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ يَطْعَمُ قَبْلَ أن يخرج إلى الجبَّان (الجبان والجبانة بالتشديد: الصحراء والمقبرة أيضاً لأنها تكون في الصحراء تسمية للشئ باسم موضعه ويؤخذ منه أن التكبير بالفطر يوم عيد الفطر سنة والمراد بالأمر هنا ما كان على جهة الندب كما يؤخذ منه ومما بعده أن صلاة العيد في الجبانة مستحبة جماعة إذا ضاق المسجد) يوم الفطر، ويأمر به.

444- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: محمد بن عَجْلان، عن نافع، عن ابن عُمَر: -أنه كان إذا غدا إلى المُصَلِّي يوم العيد كبر فرفع صوته بالتكبير (يؤخذ منه استحباب التكبير للعيد ورفع الصوت به، وعند الشافعية يستحب التكبير ليلتي العيد العيدين وحالة الخروج إلى الصلاة وقال القاضي عياض من كبار المالكية التكبير في العيدين في أربعة مواطن في السعي إلى الصلاة إلى حين يخرج الإمام والتكبير في الصلاة وفي الخطبة وبعد الصلاة أما الأول فاختلفوا فيه فاستحبه جماعة من السلف كانوا يكبرون إذا خرجوا حتى يبلغوا المصلى يرفعون أصواتهم وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي غير أنه زاد استحبابه ليلة العيدين وقال أبو حنيفة يكبر في الخروج للأضحى دون الفطر وخالفه أصحابه فقالوا بقول الجمهور وأما التكبير بتكبير الإمام في الخطبة فمالك يراه وغيره يأباه وأما التكبير في أول صلاة العيد فقال الشافعي هو سع في الأولى غير تكبيرة الإحرام وخمس في الثانية غير تكبيرة القيام وقال مالك وأحمد وأبو ثور كذلك لكن سبع في الأولى إحداهن تكبيرة الإحرام وقال الثوري وأبو حنيفة خمس في الأولى وأربع في الثانية بتكبيرة الإحرام والقيام وأما التكبير بعد الصلاة في عيد الأضحى فاختلف في ابتدائه وانتهائه على أقوال كثيرة واختار مالك والشافعي ابتداءه من ظهر يوم النحر وانتهاءه صبح آخر أيام التشريق وعند الشافعي قول إلى العصر من أيام التشريق وقول أنه من صبح عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق وهو الراجح عند جماعة منهم وعليه العمل في الأمصار) .

445- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد أخبرني: عُبَيْدُ اللَّه بن عُمر، عن نافع، عن ابن عُمر: -أنه كان يغدو إلى المُصَلَّى يومَ الفِطْرِ إذا طَلَعَتِ الشمس فيكَبر حتى يأتي المُصَلَّى يومَ العيد، ثُم يكبر بالمُصَلَّى حتى إذا جلس الإمامُ ترك التكبير.

446- (أخبرنا) : مالك، عن نافع: -أنَّ ابن عُمرَ لم يكن يُصَلي يوم الفِطْرِ قبل الصلاة ولا بعدها -[154]- (وهذا دليل على أن صلاة العيد ليس لها سنة قبلية ولا بعدية واستدل به مالك على كراهة الصلاة قبل العيد وبعدها وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين والشافعي وجماعة من السلف لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها وقال الأوزاعي وأبو حنيفة لا تكره بعدها وتكره قبلها ولا حجة في الحديث لمن كرهها لأن تركه صلى اللَّه عليه وسلم قبلها وبعدها لا يلزم منه كراهتها ولا يثبت المنع إلا بدليل) .

447- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: عمرو بن أبي عمرو عن ابن عمر: -أنه غدا مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم يَوْمَ العيد إلى المصلى، ثم رجع إلى بيته لم يصل قبل العيد ولا بعده.

448- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: سَعْدُ بن إسحاقَ، عن كَعْبِ ابن عُجْرَة، عن عبد الملك بن كَعْب: -أن كَعْبِ ابن عُجْرَة لم يصل قبل العيد ولا بعده.

449- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: عبد اللَّه بن محمد بن عَقيل، عن محمد بن الحَنَفِية، عن أبيه قال: -كنا في عهد النبي صلى اللَّه عليه وسلم يوم الفِطْرِ والأضْحَى لا نُصَلي في المسجد حتى نأتي المُصَلَّى، وإذا رجعنا مررنا بالمسجد فصلينا فيه (يفهم من هذا الحديث أن من قال بكراهة الصلاة بعد العيد يخص ذلك بأدائها في المصلى ويبيحه في المسجد وقد يكون فيه دليل للحنفية لعدم كراهتهم الصلاة بعد العيد) .

450- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد أخبرني: عَدِيّ بن ثابت، عن سَعِيدبت جُبَيْر، عن ابن عباس قال: -صلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم يَومَ العِيدَين بالمُصَلَّى لم يُصَل قبلها ولا بعدها شيئاً، ثم انفتل (انفتل: انصرف) إلى النساء فَخَطَبَهُّنَّ قائماً، -[155]- وأمر بالصدقة، قال: فجعل النساء يتصدقن بالقُرط وأشباهه (إنما يتوجه الرسول بعد الخطبة إليهن ووعظهن لأنهن لم يسمعن خطبته لأنهن في آخر الصفوف ويفهم منه استحباب وعظ النساء وتذكيرهن الآخرة وحثهن على الصدقة وهذا إذا لم يترتب على ذلك مفسدة وخوف على الواعظ أو الموعوظ وفيه جواز تصدق المرأة من مالها بغير إذن زوجها بالغة الصدقة ما بلغت) .

451- (أخبرنا) : سُفْيَان بن عُيَيْنَةَ، عن أيُّوبَ السِّختياني قال: -سمعت عَطَاء ابن أبي رَبَاح يقول: سمعت ابن عباس يقول: أشهد على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه صلى قبل الخُطْبَة يومَ العيد، ثم خطب فرأي أنه لم يُسْمع النِّساء، فأتاهن، فذكرهن ووعظهن، وأمرهن بالصَّدَقَةَ ومعه بلال قَائِلٌ بثوبه هكذا، فجعلت المرأة تلقى الخُرْصَ والشئ (في هذا الحديث قائل بثوبه قال إ بن الأثير العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام فتقول قال بيده أي أخذ وقال برجله أي مشى قال الشاعر وقالت له العينان سمعاً وطاعة، أي أومأت وقال بثوبه أي رفعه وكل ذلك على المجاز اهـ وعلى هذا فمعنى قائل بثوبه رافع به وفي رواية أخرى باسط ثوبه وهي مفسرة لروايتنا والخرص بضم فسكون وبكسر فسكون أيضاً الحلقة الصغيرة من الحلي وهو من حلي الأذن وفيه ما في سابقه من جواز تصدق المرأة بما شاءت من مالها بغير إذن زوجها وهو مذهب الجمهور وقيد مالك ذلك بما يخرج من ثلث مالها ومنع ما زاد بغير إذنه وقد غاب عنا دليل مالك على مذهبه هذا وفيه دليل على خروج النساء لصلاة العيدين وقصر الشافعية هذا على غير ذوات الهيئات والمستحسنات وأجابوا بأن المفسدة في ذلك الزمان كانت مأمونة بخلاف الآن ولهذا صح عن عائشة قولها لو رأى رسول اللَّه ما أحدث النساء لمنعهن المساجد إلخ قال القاضي عياض واختلف السلف في خروجهن للعيدين فرأى جماعة ذلك حقا عليهن منهم أبو بكر وعلي وابن عمر وغيرهم ومنهم من منعهن ذلك منهم عروة والقاسم ومالك وأبو يوسف وأجازه أبو حنيفة مرة ومنعه مرة) .

452- (أخربنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: أبو بكر عُمَر بن عبد العزيز -[156]- عن سالم بن عبد اللَّه عن ابن عمر: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأبا بكر، وعمر كانوا يُصَلون في العيد قبل الخطبة (فيه دليل على أن خطبة العيد بعد الصلاة وهو المتفق عليه وهو فعل النبي والخلفاء الراشدين من عبده إلا ما روى أن عثمان في شطر خلافته الأخير قدم الخطبة لأنه رأى من الناس من تفوته الصلاة وقيل إن أول من قدمها معاوية وقيل مروان بالمدينة وقيل زياد بالبصرة في خلافة معاوية) .

453- (أخربنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: عمر بن نافع، عن أبيه عن ابن عمر: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأبي بكر، وعمر وعثمان مثله.

454- (أخربنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: داود بن الْحُصَيْن، عن عبد اللَّه ابن يزيد الْخَطْمِي: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأبا بكر، وعمر وعثمان مثله كانوا يبدءون بالصلاة قبل الخطبة حتى قدم معاوية، فقدم معاوية ألخطبة.

455- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: محمد بن عَجْلان، عن عِياض ابن عبد اللَّه بن سَعْد بن أبي سَرْح أن أبا سعيد الخُدْري قال: -أرسل إلي مَرْوان وإلى رجل قد سَماَّه، فمشى بنا حتى أتى المُصَلَّى، فذهب ليصعَدَ، فجبذتُه (فجبذته بمعنى جذبته ومعنى الحديث أن أبا سعيد رأى مروان يريد البدء بالخطبة وتقديمها على الصلاة كما فعل معاوية فحاول منعه من ذلك فلم يطاوعه قائلا اترك ما تعلم فقال أبو سعيد لا تفعلون إلا شرا منه كرر ذلك ثلاثا وفي مسلم لا تأتون بخير مما 'لم لأن الذي يعلم هو طريق النبي ولا يكون غيره خيرا منه وفي رواية البخاري أنه صلى معه وكلمه في ذلك بعد الصلاة وهذا دليل على صحة الصلاة بعد الخطبة ولولا ذلك ما صلاها معه واتفق أصحاب الشافعي على أنه لو قدم الخطبة على الصلاة صحت ولكنه يكون تاركا السنة مفوتا للفضيلة بخلاف خطبة الجمعة فإنه يشترط لصحة الصلاة تقدمها لأن خطبة الجمعة واجبة وخطبة العيد مندوبة وفيه دليل كغيره من الأحاديث السابقة لمن قال باستحباب صلاة العيد في المصلى وأن ذلك أفضل من أدائها في المسجد وعند الشافعية وجهان أحدهما موافقة الجمهور وتفضيل الصحراء والآخر تفضيل أدائها في المسجد وهو الأصح عندهم إلا أن ضاق المسجد فقالوا وإنما خرج النبي إلى المصلى لضيق المسجد) إليَّ فقال: يا أبا سعيد اتْرُك الذي تعلم، فَهَتَفَتُ ثلاث مرات، وقلت: واللَّه لا تأتون إلا شرا منه.

456- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: زيد بن أسْلَمَ، عن عِيَاض ابن عبد اللَّه بن سَعْد بن أبي سَرْح، عن أبي سَعيد الخُدْري قال: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يُصلي يوم الفِطر والأضْحَى قبل الخُطبة.

457- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: جَعْفَر بن محمد: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأبا بكر، وعمر كبَّروا في العيدين والاستسقاء سَبْعًا أو خَمْسًا (قوله أو خمسا إما أن تكون أو بمعنى الواو ويؤيد ذلك الأحاديث التي تليه أوتكون الألف زائدة من النساخ وبهذين الحديثين أخذ الشافعي في عدد التكبير كما سبق) وصَلُّوا قبل الْخُطبة وجَهَرُوا بالقراءة.

458- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: جَعْفَر عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه: -أنه كبَّر في العيدين والاستسقاءِ سبعًا وخمسًا وجَهَرَ بالقراءة.

459- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: إسحاق بن عبد اللَّه، عن عُثمان ابن عُرْوة عن أبيه: -أن أبا أيُّوب وزَيْدَ بن ثابت أمرا مَرْوان أن يُكَبِّر في صلاة العيدين سبعًا وخمسًا.

460- (أخبرنا) : مالك، عن نافع مولى ابن عمر قال: -شهدت الأضحى -[158]- والفِطْرَ مع أبي هريرة رضي اللَّه عنه يُكَيْر في الركعة الأولى سَبْعَ تكبيرات قبل القراءة وفي الآخرة خَمْس تكبيرات قبل القراءة.

461- (أخبرنا) : مالك، عن ضَمْرَةَ بن سَعيدٍ المازني، عن عُبيد اللَّه بن عبد اللَّه ابن عُتْبَةَ: - أن عُمَر بن الخطاب سأل أبا واقدٍ الليثي ماذا كان يَقْرأ به النبي صلى اللَّه عليه وسلم في الأضحى والفطر، فقال: كان يَقْرأ بقافْ والقُرْآنِ المجيد، واقتربتِ الساعةُ وانْشَقَّ القَمَرْ (ومن هذا الحديث يؤخذ أن القراءة بهاتين السورتين في العيدين سنة، وإنما آثرهما النبي صلى اللَّه عليه وسلم على غيرهما من السور لما اشتملتا عليه من أخبار البعث والقرون الماضية وإهلاك المكذبين فإن قيل: كيف سأل عمر أبا واقد عن أمر كهذا فعله مرارا قلنا أنه ليس بعيدا أن يطرأ عليه النسيان لكثرة مشاغله وأعماله فأراد أن يستثبت أو أراد أعلام الناس هذا الحكم بهذا الأسلوب الجميل) .

462- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد أخبرني: هشامُ بنُ حَسَّان، عن ابن سِيرِينَ: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يخطُبُ على راحلته (الراحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال الذكر والأنثى فيه سواء والهاء فيه للمبالغة وهي التي يختارها الرجل لركوبه وارتحالها على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر حتى ليتميز بين الإبل بذلك وإنما خطب على راحلته في المصلي ليسمع المصلين بارتفاعه على ظهر الراحلة) بعد ما ينْصرف من الصلاة يوم الفطر والنَّحْر.

463- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: عبد الرَّحْمن بن محمد بن عبد اللَّه عن إبراهيم بن عبد اللَّه، عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتبة قال: -السُّنَّةُ أن يَخْطُبَ الإمامُ في العيدين خطبتين يَفْصِلُ بينهما بجلوس.

464- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد، حدثني: إبراهيمُ بن عُتْبَةَ، عن عُمَر ابنِ عبد العزيز قال: -إجتمع عِيدانِ على عَهد النبي صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «مَنْ أحَبَّ أنْ يَجْلِسَ مِنْ أهْلِ العَالِيةِ (في اللسان والعوالي أماكن بأعلى أرض المدينة على أربعة أميال وأبعدها من جهة نجد ثمانية وأراد بالعيدين هنا الجمعة والعيد فخيرهم بين أن يبقوا إلى صلاة الجمعة أو يعودوا إلى بلدهم وكأنه رأى ألا يشق عليهم بحبسهم عن العودة إلى بلادهم البعيدة في مثل هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة بعد أن صلوا العيد ولذا قال فليجلس في غير حرج أي في غيرمشقة) فليجلس في غير حَرَج» .

465- (أخبرنا) : مالك بن أنَس، عن ابن شِهَاب، عن أبي عُبَيد مَوْلى ابن أزهَرَ قال: -شَهِدْتُ العيد مع عُثمانَ بنِ عَفَّانَ، فجاء فصلى، ثم انصَرَفَ، فخطب فقال: إنه قد اجتمع لكم في يومكم هذا عِيدَانِ، فمن أحب أن يرجِعَ فَلْيَرْجِعْ فقد أذِنْتُ لَهُ.

466- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، أخبرنا خالدُ بن رَبَاح، عن المُطَّلِبِ ابن عبد اللَّه بن حَنْطَب: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يغدو يوم العيد إلى المُصَلَّى من الطريق الأعظم، فإذا رجَعَ رجَعَ من الطريق الأخرى على دار عَمَّار بن يَاسِر (والحكمة في أن يعود من طريق أخر أن يشهد له الطريقان فيتضاعف ثوابه هذا الذي ذكروا ولعل الحكمة في تعدد الطريق الرغبة في أن يقابل أكبر عدد من إخوانه المسلمين ويبادلهم تحية العيد) .

467- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، حدثني: مُعَاذ بنُ عبد الرحمن التَّيْمي، عن أبيه، عن جَدّه: -أنه رأى النبي صلى اللَّه عليه وسلم رجع من المصلى في يوم -[160]- عيد وسَلَكَ عَلَى التَّمَّارين من أسفل السوق حتى إذا كان عند مَسْجد الأعْرَج الذي عنده موضع البِرْكة التي بالسوق قامَ واستقبل فَجَّ (الفج بفتح فتشديد: الطريق الواسع كما في النهاية وفي القاموس: الطريق الواسع بين جبلين وفي غير الطريق في الجبل أو مطلقا وجمعه فجاج وفج أسلم الذي معنا مكان خاص لم أجد من عرف به وقوله فدعا ثابتة في بعض النسخ دون بعض) أسلَم، فدَعا ثم إنصرف.

الباب الثالث عشر في الأضاحي

الباب الثالث عشر في الأضاحي

(الأضاحي: بتشديد الياء وتخفيفها: جمع أضحية بضم الهمزة أوكسرها وسكون الضاد وتشديد الياء ويقال أيضا الضحايا جمع ضحية والأضحى جمع أضحاة وهي ما يذبح في العيد الأكبر تقربا إلى اللَّه) .

468- (أخبرنا) : سُفْيان، أنبأنا: عبد الرحمن بنُ حَميد، عن سَعيد بن المسيَّب، عن أم سَلَمَةَ قالت: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "إذَا دَخَلَ العَشْرُ، فأرَادَ أحَدُكُمْ أنْ يُضَحِّي فَلاَ يَمسَّنَّ مِنْ شَعْرِه ولا مِنْ بَشَرِه شيئاً (وفي رواية فلا يأخذن شعرا ولا يقلمن ظفرا وظاهر الحديث حرمة أخذ شئ من الشعر والأظافر على من يريد التضحية في عشر ذي الحجة إلى أن يضحي فحينئذ يحل له ذلك أما قبل التضحية فذلك محرم عليه وبه أخذ سعيد بن المسيب وربيعة وأحمد وإسحاق وداود وبعض أصحاب الشافعي وقال الشافعي وأصحابه الآخرون هو مكروه كراهة تنزيهية وليس بحرام وقال أبو حنيفة لا يكره وعن مالك روايات إحداها لا يحرم وثانيتها يكره وثالثتها يحرم في التطوع دون الواجب ودليل من حرم هذا الحديث واحتج الشافعي والأخرون بحديث عائشة قالت كنت أفتل قلائد هدى رسول اللَّه ثم يقلده ويبعث به ولا يحرم عليه شئ أحله اللَّه حتى ينحر هديه رواه البخاري ومسلم قال الشافعي البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية فدل على أنه لا يحرم ذلك وحمل أحاديث النهي على كراهة التنزيه ويشمل النهي إزالة الظفر بتقليم أو كسر أو غيره وإزالة الشعر بحلق وتقصير ونتف وإحراق وأخذ بنورة ويستوي في ذلك شعر الإبط والشارب والعانة والرأس وغير ذلك والحكمة في هذا النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار وقيل إرادة التشبه بالمحرم ورد هذا بأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم) .

469- (أخبرنا) : إسماعيلُ بن إبراهيم بن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، -[161]- عن أنس: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَينِ أمْلَحَينِ (الكبش الذكر من الضأن إذا دخل سنته الثانية والأملح خالص البياض وقيل المشوب بياضه بسواد أو بحمرة والأفرن الذي له قرنان والحديث ظاهر في استحباب ذبح الأقرن ذي اللون المبين سابقاً وليس بممنوع ذبح غير الأقرن وهو الأجم وإن كان خلاف الأولى وأما مكسور القرن فلا شئ في ذبحه عند الحنفية والشافعية والجمهور وكره مالك إذا كان داميا وظاهر من الحديث جواز أن يضحي الإنسان بأكثر من ضحية واحدة لأنه زيادة خير ونفع للفقراء) .

470- (أخبرنا) : ابن عُيينة، عن الزُّهري، عن أبي عبيد مولى ابن أزْهَرَ قال: -شَهِدْتُ العيد مع علي بن أبي طالب، فسمعته يقول: لا يأكلن أحَدُكُمْ لَحمَ نُسُكٍ بعد ثلاث.

471- (أخبرنا) : الثقة، عن معمر، عن الزُّهري، عن أبي عبيد عن علي أنه قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: " لا يأكلَنَّ أحَدُكُمْ لَحمَ نُسُكه (النسك بضمتين جمع نسيكة وهي الذبيحة وقوله بعد ثلاث أي ليال أو أيام كما في الروايات في مسلم وهذا الحديث وسابقه يفيدان بظاهرهما حرمة الأكل من الضحية بعد ثلاث وبذلك أخذ ابن عمر فكان لا يأكل منها بعد ثلاث ووافقه قوم على ذلك وقالوا يحرم إمساك لحوم الأضاحي والأكل منها بعد ثلاث وحكم التحريم باق عندهم ورأى جماهير العلماء إباحة الأكل منها وإمساكها بعد الثلاث لأن النهي منسوخ بالحديث الآتي وهو من نسخ السنة بالسنة وقيل أن الحل ليس مصدره النسخ بل إن الحرمة كانت لعلة فلما زالت زال الحكم لحديث عائشة وبعضهم يرى أن النهي كان للكراهة لا للتحريم والكراهة باقية إلى اليوم والصحيح نسخ النهي مطلقا وأنه لم يبق تحريم ولا كراهة فيباح الآن الإدخار فوق ثلاث والأكل إلى الوقت الذي يريد) بعد ثلاث.

472- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزُّبير، عن جابر بن عبد اللَّه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «نهى عن أكل لُحوم الضَّحايا بعد ثلاث ثم قال لهم بعْدُ كلوا وتَزَوَّدُوا وادَّخِروا» .

473- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، عن عبد اللَّه بن واقد ابن عبد اللَّه أنه قال: - «نهى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن أكل لُحُوم الضحايا بعد ثلاث» قال عبد الله بن أبي بكر فذكرت ذلك لعَمْرَةَ فقالت: صدقتَ سمعتُ عائشة تقول: دَفَّ ناسٌ من أهل البادية حَضرت الأضْحَى في زمان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «ادَّخروا لِثلاَثٍ، وتَصَدَّقوا بما بقِي» قالت: فلما كان بعد ذلك قيل يا رسول اللَّه: لقد كان الناسُ ينتفعون من ضحاياهم، يُجْمِلُونَ فيها الوَدَك، ويَتَّخذون منها الأسْقية فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وما ذاك أو كما قال قالوا يا رسول اللَّه: نهيت عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "إنما نهيتكم من أجل الدَّآفَّة التي دفَّت حَضْرت الأضحى، فكلوا وادَّخِروا وتَصَدَّقُوا -[163]- (هذا تصريح بزوال النهي عن إدخارها فوق ثلاث أيام وفيه الأمر بالصدقة منها وألمر بالأكل فأما الصدقة منها فواجبة عند الشافعية بما يطلق عليه اسم الصدقة ويستحب أن يكون بمعظمها وأدنى الكمال عندهم أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث وهناك قول بالتصدق بالنصف وأكل النصف وهذا في قدر أدنى الكمال في الاستحباب فأما الأجزاء فيجزئه الصدقة بما يقع عليه الإسم وأما الأكل فيستحب ولا يجب عند الشافعية والعلماء كلفة إلا ما حكى عن بعض السلف أنه واجب الأكل منها أخذ بظاهر هذا الحديث في الأمر بالأكل مع قوله تعالى فكلوا منها وحمل الجمهور هذا الأمر على الندب أو الإباحة هذا ومعنى دف بفتح فتشديد: حضر ومعنى يجملون الودك فالودك الدهن وجمله أو إجماله إذابته أي يذيبون دهنها ليأتدموا بها ويجملون بفتح الياء من جمل مع كسر الميم وضعها أو بضم الياء وكسر الميم من أجمل وكلاهما بمعنى أداب والدافة: بتشديد الفاء قوم يسيرون جميعا سيراً خفيفا ودافة الأعراب من يرد منهم الأمصار) ".

474- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنة، عن إبراهيم بنِ ميْسرَةَ قال: -سمعتُ أنَسَ ابنَ مالك يقول: إنَّا لَنَذْبَحُ مَا يشَاءُ اللَّهُ مِنْ ضحايانا، ثم نَتزوَّدُ ببقيتها إلى البَصْرَة.

الباب الرابع عشر في صلاة الكسوف

الباب الرابع عشر في صلاة الكسوف

475- (أخبرنا) : مالك، عن زيد بن أسْلَم، عن عَطَاء بن يَسَار، عن ابن عباس قال: -خُسِفَت (خسف القمر بالبناء للفاعل وللمفعول قال ابن الأثير وقد ورد الخسوف في الحديث كثيرا للشمس والمعروف لها في اللغة الكسوف لا الخسوف فأما إطلاقه في مثل هذا الحديث فتغليب للقمر على الشمس لتذكيره وتأنيث الشمس) الشمس، فصلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فحكى ابنُ عباس أن صلاته كانت ركعتين في كل ركعة ركعتان ثم خطبهم فقال: «إنَّ الشمْسَ والقمرَ آيتانِ مِنْ آياتِ اللَّهِ عَزَّوجَلَّ لا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فإذا رَأيتُمْ ذلك فافْزَعوا إلى ذكر اللَّه» .

476- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: عبدُ اللَّه بن أبي بَكْربن محمد ابن عَمْرو بن حَزْم، عن الحسن عن ابن عباس: -أنَّ القمر كَسَف وابنُ -[164]- عباس بالبصرة فخرج ابن عباس فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتان ثم ركب فَخَطَبَنا فقال: إنما صليتُ كما رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يصلي وقال: إنما الشمسُ والقمرُ آياتان من آيات اللَّه لا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فإذا رَأيتُمْ شيئاً منها كاسفاً فليكُن فَزَعُكم إلى ذكر اللَّه عزوجل (فيه وفيما قبله وبعده بيان صلاة الكسوف والخسوف وإنها ركعتان في كل ركعة ركعتان على خلاف المعهود في الصلوات الأخرى وفي آخر الباب أنها ركعتان فيكل ركعة ثلاث ركعات وذكر مسلم رواية عن عائشة وعن ابن عباس وعن جابر ركعتين في كل ركعة ثلاث ركعات قال الحافظ والروايات الأول أصح ورواتها أحفظ وأضبط وقال جماعة أن منشأ اختلاف هذه الروايات اختلاف حل الكسوف وتأخر انجلائه طويلاً أو قصيراً وأجمع العلماء على أنها سنة ويسن أداؤها جماعة عند الجمهور ومالك والشافعي وأحمد وقال العراقيون فرادى والذي عليه الجمهور في صفتها أنها ركعتان في كل ركعة ركعتان وسجدتان في كل ركعة سواء طال الكسوف أم قصر بذلك قال الجمهور ومنهم مالك والليث وأحمد وقيل الحنفية ركعتان في كل ركعة ركوع واحد وسجودان كالمعتاد عملا بأحاديث أخر وإنما نبههم الرسول إلى أن الخسوف والكسوف آيتان من آيات اللَّه لأنهم كما سيأتي زعموا أن الشمس لما كسفت يوم موت إبراهيم ابنه صلى اللَّه عليه وسلم إنها كسفت لموته فأراهم خطأهم في ذلك وقال إنهما لا يخسفان لموت أحد كائنا من كان وإنما هما آيتان يخوف اللَّه بهما عباده فينبغي الرجوع إليه سبحانه والضراعة إليه أن يكشف اللَّه ما حل بهما في مثل هذه الأوقات وقوله خطبنا تشعرنا بأن الخطبة سنة في هذه الصلاة) «. وقد أورد الأصم هذا الحديث بهذا اللفظ في موضع آخر إلا أن هناك» فإذا رأيتم منها شيئا خاسفاً فليكن فزعكم إلى اللَّه عزوجل".

477- (أخبرنا) : مالك، عن زيد بن أسْلَم، عن عَطَاء بن يَسَار، عن عبد اللَّه بن عباس قال: -خسفت الشمس، فصلي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه -[165]- وسلم والناس معه، فقام قياماً طويلا، قال نحواً من سورة البقرة، ثم ركع ركوعاً طويلا، ثم رفع، فقام قياماً طويلا، وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلا، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد ثم قام قياماً طويلا وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلا وهو دون الأول، ثم رفع فقام قياماً طويلاً وهو دون القيام الأول، ثم ركع ركوعاً طويلاً، وهو دون الركوع الأول، ثم سجد ثم إنصرف، وقد تجلت الشمس، فقال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه، لا يُخْسَفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتُم ذلك فاذكروا اللَّه قالوا يا رسول اللَّه: رأيناك تناولت في مقامك شيئاً ثم رأيناك كأنك تَكَعْكَعْتَ (تكعكعت بمعنى تأخرت وفي رواية: كففت كما في مسلم وقوله تناولت منها عنقودا معناه أردت أن أتناوله وحاولت ذلك بدليل ما رواه مسلم إذ قال لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفة من الجنة وفي رواية آخرى في مسلم تناولت منه قطفا ف؟ صرت يدي عنه) قال: إني رأيت أو أُريت الجنة فتناولت منها عُنقوداً ولو أخذتهُ لأكلتُم منه ما بقيت الدنيا ورأيت أو أُريت النار فلم أرى كاليوم منظراً ورأيت أكثر أهلها النساء قالوا لم يا رسول اللَّه؟ قال: لِكُفرهن قيل أيَكْفُرُون باللَّه قال: يكْفُرْن العشير (العشير المعاشر كالزوج وغيره هكذا قال النووي وفي اللسان والعشير المعاشر والقريب والصديق وعشير المرأة زوجها لأنه يعاشرها وتعاشره كالصديق والمصادق والحديث ظاهر في جحود النساء إحسان أزواجهن إليهن عند أول هفوة أو إساءة وهذا لضعف أعصابهن وسرعة تأثرهن) ويكْفرن الإحْسَان، لو أحْسنتَ إلى إحدَاهُنَّ الدهر، ثم رأت منك شيئاً، قالت: ما رأيت منك خيرا قط".

478- (أخبرنا) : الثقة، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْري، عن كَثير بنِ عبَّاس ابن عبد المطلب: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صلّى في كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتان.

479- (أخبرنا) : مالك، عن يحي بن سعيد، عَمْرَة، عن عائشة قالت: -خسَفَت الشمس، فصلى النبُّي صلى اللَّه عليه وسلم ركعتين في كل ركعة ركعتان.

480- (أخبرنا) : مالك، عن يَحْيّ بن سعيد، عَمْرَة، عن عائشة قالت: -عن النبُّي صلى اللَّه عليه وسلم أن الشمس كُسِفَت، فصلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، فَوَصَفَتْ صلاته ركعتين في كل ركعة ركعتان.

481- (أخبرنا) : مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله.

482- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: أبو سُهَيْل نافع، عن أبي قِلاَبة عن أبي موسى الأشعري: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله.

483- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن إسماعيلَ بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم عن ابن مسعود الأنصاري قال: -انكسفت الشمسُ يومَ مات إبراهيم بن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال الناس: انكسفت الشمس لموت إبراهيم فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم: «إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتان من آياتِ اللَّه تعالى لا ينكسفانِ لموْتِ أحدٍ ولا لحياتهِ فإذا رَأيتم ذلِكَ فافْزَعوا إلى ذكر اللَّه تعالى وإلى الصّلاة» .

484- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد حدثني: عبدُ اللَّه بن أبي بكر عن عمرو أوعن صفوان أن عبد اللَّه بن صفوان قال: -رَأيْتُ ابن عباس صَلَّى على ظَهرِ زَمْزَمَ لخسوف الشمس والقمر ركعتين في كل ركعة ركعتان (قوله صلى لخسوف الشمس والقمر أي لهذا مرة ولذلك أخرى إذ أن وقتهما مختلف فالخسوف بالليل والكسوف بالنهار هذا وقد ورد الخسوف في الحديث كثيراً للشمس والمعروف لها في اللغة الكسوف فأما إطلاقه في مثل هذا الحديث فتغليبا للقمر على الشمس لتذكيره وتأنيثها وللمعاوضة أيضا فإنه قد جاء في رواية أخرى أن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد وإما إطلاق الخسوف على الشمس منفردة في الحديث الآتي عقب هذا فلاشتراك الخسوف والكسوف في معنى ذهاب نورهما وظلامهما والحاصل أنه ذكر في الحديث ذكر الكسوف والخسوف للشمس والقمر فرواه جماعة فيهما في الشمس بالكاف ورواه جماعة فيهما بالخاء ورواه جماعة في الشمس بالكاف وفي القمر بالخاء والكثير في اللغة وهو اختيار الفراء أن الكسوف للشمس والخسوف للقمر والفعل من كل منهما مبني للمعلوم وللمجهول تقول كسفت الشمس وكسفها اللَّه فانكسفت وكذلك خسف القمر وخسفه اللَّه فانخسف وكلمة ظهر في قوله على ظهر زمزم زائدة كما في قوله خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى اشباعا للكلام وتمكينا والمراد واللَّه أعلم صلى قريبا منها كما يقال قعدنا على النهر أي بجواره وعلى البئر أي بجوارها وكما جاء في الحديث التالي صلى بنا على ضفة زمزم والصفة بالفتح والكسر الجانب وبين الحديثين اختلاف في عدد الركعات ففي الأول في كل ركعة ركعتان وفي الثاني في كل ركعة ثلاث ركعات ولعل منشأ هذا الاختلاف تكرر صلاته فصلاها مرتين ركع في احداهما ركعتين في كل ركعة وركع في الأخرى ثلاث ركعات في كل ركعة) .

485- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن سُليمان الأحْول يقول: -سمعت طاوساً يقول: خسفت الشمسُ فصلى بنا ابن عباس في ضْفَّة زمزم ستَّ ركعاتٍ ثم أربعَ سَجدات.

الباب الخامس عشر في صلاة الاستسقاء

الباب الخامس عشر في صلاة الاستسقاء

486- (أخبرنا) : مالك، عن عبد اللَّه بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه سمع عباد بن تميم يقول: -سمعتُ عبد اللَّه بن زيد المازني يقول: خَرَج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى المُصَلّى فاسْتسقى فحولَ رداءهُ حِينَ استقبلَ القبلة (في بعض الروايات حولرداءه وجعل عطافه الإيمن على عاتقه الأيسر وعطافه الأيسر على عاتقه الأيمن والعطاف بوزن كتاب الرداء وقد فسرت هذه الزيادة ما أبهم في روايتنا من تحويل الرداء وفي الحديث استحباب خروج للاستسقاء إلى الصحراء لأنه أبلغ في التواضع ولأنها أوسع للناس لأنه يحضر الناس بكثرة فلا يسعهم الجامع وفيه استحباب تحويل الرداء في اثنائها للاستسقاء والتحويل للتفاؤل بتغير الحال من جدب إلى خصب وهو دليل للشافعي ومالك وأحمد على استحباب التحويل وخالف فيه أبو حنيفة) .

487- (أخبرنا) : سفيان، حدثنا: عبد اللَّه بن أبي بكر سمعت عباد بن تميم يخبر عن عمه عبد اللَّه بن زيد المازني يقول: -خرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى المصلى يستسقي فاستقبل القبلة وحول رداءه وصلى ركعتين.

488- (أخبرنا) : عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عُمَارَة بن غَزِيَّةَ عن عَبَّاد بن تميم قال: -استسقى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وعليه خميصة (الخميصة بالفتح ثوب من خز أو صوف له أعلام) له سوداء فأرَادَ أن يأخذَ بأسفلها فَيَجْعَلَها أعلاهُ فلما ثَقُلَتْ عليهِ قلبهاعلى عاتِقه.

489- (أخبرنا) : من لا أتَّهمُ، عن صالح مولى التَّوْأمَة عن ابن عباس: -أن -[169]- رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم استسقي بالمصلَّى فصلى ركعتين (فيه دليل للجماهير على سنية الصلاة للاستسقاء وخالف في ذلك أبو حنيفة وتعلق بأحاديث الاستسقاء التي لا صلاة فيها وقال الجمهور: إن الأحاديث التيليس فيها ذكر للصلاة بعضها محمول على نسيان الراوي وبعضها كان في الخطبة للجمعة وأعقبه صلاة الجمعة فاكتفى بها) .

490- (أخبرنا) : مالك، عن شريك بن عبد اللَّه بن أبي نَمِرٍ عن أنس بن مالك قال: -جاء رجلٌ إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه هَلَكَت المواشِي وتقطَّعَت السُبُل فادْعُ اللَّه فدعا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَمُطِرنا من جُمعةٍ إلى جمعة قال: فجاء رجل إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال يا رسول اللَّه: تهدمت البيوتُ وتقطَّعَت السُّبل وهَلكت المواشي فقام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «اللَّهُمَّ عَلَى رُؤسُ الجبال والآكَام (الآكام جمع أكم وهو جمع أكمة وهي الرابية أي الأرض المرتفعة والوادي المفرج بين الجبال أو التلال وانجابت انكشفت وزالت وقوله انجياب الثوب أي عن الجسم فيعرى وكذلك عريت السماء بعد زوال السحب) وبُطون الأودية ومَنَابت الشجرِ» فانجابتْ عن المدينة انجيابَ الثوب.

491- (أخبرنا) : منْ لا أتهم (قال الربيع من سليمان يريد به إبراهيم بن أبي يحي وثقة الإمام الشافعي والثوري ويحي بن آدم وطعن فيه غيرهم توفي سنة 184) عن سليمان بن عبد اللَّه بن عُوَيْمِر الأسْلَمي عن عُروة بن الزُّبَير عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: -أصابَ الناسَ سَنَةٌ شديدةٌ (السنة الجدب يقال أخذتهم السنة إذا أجدبوا ويخيل إلى أن اليهودي قال ما قال سخرية برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كأنه يقول لماذا لا يكشف عنكم الضر ما دام رسولا لكم من عند اللَّه وقد نقض اللَّه سخريته وأيد رسوله فاستجاب دعاءه وبعث إليهم المطر الذي استمر جمعة وإنما استنصر صلى اللَّه عليه وسلم بالجدب على أهل نجد لعنادهم وتمردهم ولاريب أن الناس كثير والرجوع إلى اللَّه إذا نزل بهم البلاء وأجدبت عليهم البلاد أما ماداموا مغمورين بنعمة فهم في غفلة عنه بلذاتهم وشهواتهم إلا من عصم اللَّه وقليل ما هم ومصداق هذا قوله تعالى «وإذا مس الإنسان ضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً الآية» ) . على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فمرَّ بهم يهودي فقال: -[170]- أما واللَّه لو شاء صاحبكم لَمُطِرْتم ما شئتم ولكنه لا يحب ذلك فأُخبر النبي صلى اللَّه عليه وسلم بقول اليهودي فقال: "أوقد قال ذلك؟ قالوا: نعم قال إني لأسْتَنْصرُ بالسَّنَة على أهل نَجْد وإني لأَرى السَّحاب خارجة من العَنان (العنان بالفتح هو عنان السماء أي جانبها والسماء في قوله أقلعت السماء هي المطر وأقلع أي سار وتركهم والمعنى أن المطر استمر ينزل عليهم جمعة وهي معجزة للرسول صلوات اللَّه عليه) فأكرهها موعدكم يوم كذا أستسق لكم" قال: فلما كان ذلك اليومُ غدا الناس فما تَفَرقوا حتى أُمْطِروا وما شاءوا فما أقلعت السماءُ جُمعة.

492- (أخبرنا) : من لا أتَّهِمُ عن سُهَيلَ بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «ليسَ السَّنَةُ بألا تُمطروا ولكن السنة بأن تمطروا ثم تمطروا ولا تُنْبِتُ الأرض شيئاً (أي أن الجدب والقحط الشديدن أن تمطر الأرض مطراً كثيراً ولكنها لا تنبت أما احتباس المطر فأهون من ذاك بكثير لأن العبيد إذا توسلوا إلى اللَّه أنقذهم بسوق المطر إليهم أما الطامة الكبرى فهي أن تسقط الأمطار ولا تنبت الأرض يذكرهم بنعم اللَّه ويخوفهم غضبه ونقمته فإنه إن شاء أجدبت الأرض فلا ينجع فيها المطر فماتوا جوعا كأنه يقول فاذكروا أن أرزاقكم بيد اللَّه وأن إنبات الأرض بمشيئته فاعرفوا له فضله وخافوا عذابه وغضبه) » .

493- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثنا: سليمان عن المِنْهال بن عَمْرو بن -[171]- قيس بن سَكَن عن عبد اللَّه بن مسعود قال: -إن اللَّه يُرْسل الرياح فَتَحْمِل الماءَ من السماء ثم تَمر في السَّحاب حتى يَدُرَّ كما تَدِرُّ اللِّقْحَةُ ثم تُمْطَرْ (اللقحة بالكسر والفتح: الناقة القريبة العهد بالولادة ودر اللقحة نزول اللبن منها) .

494- (أخبرنا) : من لا أتَّهِمُ عن عبد اللَّه بن أبي بكر عن أبيه: -أنَّ الناسَ مُطِرُوا ذاتَ لَيْلة فلما أَصْبح النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم غدا عليهم قال: "ما عَلَى وجهالأرض بُقْعَةٌ إلاَّ وَقَدْ مُطِرَت هذه اللَّيلةَ (غدا عليهم من باب قعد: ذهب غدوة وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ثم كثر حتى استعمل في الذهاب والإنطلاق أي وقت كان والبقعة من الأرض: القطعة منها وباؤها مضمومة في الأكثر وتجمع على بقع مثل غرفة وغرف وتفتح فتجمع على بقاع مثل كلبة وكلاب ومطرت بالبناء للمجهول: أصابها المطر والمعنى أنه صلى اللَّه عليه وسلم أخبرهم بشمول المطر تلك الليلة جميع الأماكن وذلك بوحي اللَّه وإطلاعه وإلا فمن أين له أن يخبر بما لا يطلع عليه إذ الظاهر أن المراد منالأرضما قابل السماء لا جهة معينة منها كمكة مثلا) ".

495- (أخبرنا) : من لا أَتَّهِمُ حدثني: عَمْرو بن عمرو (حدثني عمرو بن عمرو هكذا في المطبوعة بهامش الأم بمصر وفي المخطوطة بدار الكتب عمرو بن عمرة ولم أعثر على هذا الحديث في كتاب آخر) عن المُطَّلب بن حَنْطَب: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: "مَا مِنْ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أو نَهارٍ إلاَّ والسماءُ تُمْطِر فيها يُصَرفه اللَّه حيثُ يشاء -[172]- (من ليل أو نهار هكذا في المخطوطة وفي المطبوعة بمصر على هامش كتاب الأم من ليل ولا نهار وقوله يصرفه اللَّه حيث يشاء: أي يوجهه إلى ما يريد من الأمكنة لأن حيث ظرف مكان تقول: اجلس حيث جلس اقرانك: أي اجلس في المكان الذي يجلس فيه نظراؤك وهو معنى قوله تعالى «فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء» ومعنى الحديث الإخبار بأن السماء لا ينقطع سقوط المطر منها ساعة من ليل ولا نهار واللَّه يوجهه إلى ما يشاء من البقاع والبلاد وليس في هذا غرابة فالناظر في نظام المطر يرى أقطارا تمطر صيفاً وثانية شتاء وثالثة دائما هذا وأماكن الأرض ليست كلها معروفة لنا ومازال الباحثون يكشفون منها الجديد عاما بعد فعاماً وقد خلق اللَّه الخلق وكفل لهم الرزق وأهم أسبابه المطر الذي ينبت الزرع الذي يعيش عليه الحيوان والإنسان فسبحانه من إله خبير ومدبر حكيم) .

496- (أخبرنا) : من لا أَتَّهِمُ حدثني: سليمانُ بنُ عَبد اللَّه بن عُوَيْمر الأسْلَمي عن عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْر قال: "إذَا رَأَى أحَدُكم البرقَ أو الوَدْقَ (الودق بفتح فسكون المطر كله شديده وهينه وودق يدق ودقا قطر قال: فلا مزنة دقت ودقها * ولا أرض أبقل إبقالها ويقال: أودقت أيضا وإنما نهى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن الإشارة إلى البرق والمطر لأن ذلك يشعر بالخفة والرعونة ويجافي الوقار والرزانة بخلاف نعتهما) فلا يُشِرْ إليه ولْيصفُ ولْيَنْعَت".

الباب السادس عشر في الدعاء

الباب السادس عشر في الدعاء

497- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: صَفْوان بن سُلَيم: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "إذا كان يَوْمُ الْجُمُعة وليلةُ الجمعة فَأَكْثِرُوا الصلاةَ عَلَيَّ (هذا الحديث وما بعده في طلب الرسول منا أن نصلي عليه: أي ندعوا له وقد قصر هذا الطلب في الحديث الآتي على يوم الجمعة وفي حثنا عليه وعلى ليلته لأن في يوم الجمعة ساعة يستجاب فيها الدعاء فلعلهم يصادفونها) ".

498- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد أخبرني: عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن مَعْمَر: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «أكْثِرُوا الصلاةَ عَلَيَّ يومَ الجُمُعة» .

499- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد حدثني: خالدُ بن رَبَاح عن المُطَّلب بن حَنْطَب: -أنَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يقول عند المطر: «اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ لاَ سُقْيَا عَذاب ولاَبلاءٍ ولا هدمٍ ولا غَرَقٍ اللَّهم على الظِّرَاب ومَنَابت الشجَر اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا ولاَ عَلَيْنَا» .

500- (أخبرنا) : من لا أتَّهِمُ أخبرني: خالدُ بنُ رباح عن المطلب بن حنطب: -أنَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا بَرَقَت السماءُ أو رَعَدَت عُرِفَ ذلِكَ في وجهه فإذا أَمْطَرَت سُرِّى عنه (سرى عنه بالبناء للمجهول مع التشديد: تجلى همه وانكشف مثل انسرى عنه كذا في اللسان وفي النهاية لإبن الأثير سرى عنه: أي كشف عنه الخوف وقد تكررذكر هذه اللفظة في الحديث وخاصة في ذكر نزول الوحي عليه: وكلها بمعنى الكشف والإزالة اهـ والمعنى: أن الرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يعتريه الخوف والهم إذا برقت السماء أو رعدت مخافة أن يكون ذلك مقدمة لخطر يحيق بالمسلمين فكثيراً ما يصحب هذه الحالة عواصف جائحة وصواعق مهلكة فإذا أمطرت السماء إطمأن وذهب ما به من الخوف وهذا يرينا أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان شديد الخوف على أمته قوي الرأفة بهم كما قال تعالى: "حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) . قال الأَصَمُّ سَمعتُ الربيع بن سليمان يقول: كان الشافعيُ رضي اللَّه عنه إذا قال: أخْبِرني من لا أَتَّهِمُّ يريد به إبراهيمَ بن أبي يحي وإذا قال: أخبرني الثقةُ يريد به يحي بن حَسَّان -[174]- (إبراهيم بن أبي يحي هو: إبراهيم بن محمد بن أبي يحي ومنهم من قال فيه إبراهيم بن محمد بن عطاء الأسلمي وقد ينسب إلى جده روى عنه الشافعي ووثقه والثوري ويحي بن آدم قال أحمد: كان قدريا معتزليا جهميا ترك الناس حديثه وقال القطاني وابن معين كذاب وقال ابن عقدة: ليس منكر الحديث ووافقه على ذلك ابن عدي مات سنة 184 وأما يحي بن حسان: فهو يحي بن حسان ابن حيان بتحتانية أبو زكريا البكري التنيسي المصري روى عنه الشافعي وأحمد إبن صالح وثقة أحمد والعجلي والنسائي والشافعي وتوفي سنة 208 وهو غير يحي بن حسان البكري الفلسطيني) .

501- (أخبرنا) : من لا أَتّهِم قال: قال المِقْدامُ بنُ شُرَيْح عن أبيه عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: - كان النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم إذَا أَبْصَرْنا شيئاً في السماء، تعني السحاب، تَرَك عمَلَه واسْتَقْبَلَ القِبْلةَ (في المطبوعة بمصر على هامش الأم واستقبله: أي استقبل الشئ الذي في السماء) قال: "اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بكَ من شَرِّ مَا فِيه، فَإِنْ كَشَفَهُ اللَّه حَمِدَ اللَّه وإن مَطَرَتْ قال: اللهم سُقْيا نَافعة -[175]- (اللهم سقيا بضم السين: أي اسقنا سقيا نافعة، والسقيا اسم من سقى اللَّه العباد وأسقاهم أي أنه كان يخاف ويتوجه إلى القبلة إذا رأى السحاب، داعيا مستعيذا باللَّه من شره، فإن ذهب حمد اللَّه وإن أمطرت سأل اللَّه أن يجعله نافعا لا ضارا، وفي نسخة: سقيا نافعا، والسقي مصدر سقى، سقى اللَّه عباده الغيث وأسقاهم والاسم السقيا بالضم، وسقيا الرحمة المطر الذي يحي الأرض بعد موتها، وسقيا العذاب: ما يريد اللَّه به تعذيب خلقه والانتقام منهم لعصيانهم ولذا قال: ولا بلاء أي إمتحان، ولا هدم ولا غرق، فإنه سبحانه إن شاء جعل المطر رحمة ونعمة فأرسله بقدر حاجة الزرع، وإن شاء جعله عذابا وإهلاكا فيزيده عن حاجتهم ويرسله قويا عاصفا مفرقا مدمرا، ولذا قال تعالى: «يريكم البرق خوفا وطمعا» والظراب: بكسر الظاء:؟؟ الصغار وقيل: الربى؟؟ الصغيرة واحدها: ظرب ككتف، هذا ولم يطلب الرسول صلى اللَّه عليه وسلم رفع المطر من أصله بل سأل ربه رفع ضرره وتجنبه البيوت والطرق حتى لا يتضرر به ساكن ولا سائر وسأل بقاءه في موضع الحاجة وهي بطون الأودية، وفهم من الحديث: أنه إذا خيف ضرره دعا الناس ربهم أن يكفيهم شره وأن يصرفه بعيدا عنهم إلى حيث ينفع ولا يضر وأنهم لا يخرجون إلى صحراء في بلوغ هذا الغرض بل يكتفون بالدعاء في أماكنهم) ".

502- (أخبرنا) : من لا أتَّهِمُ أخبرنا: العَلاَءُ بنُ راشدٍ عن عِكْرِمَةَ عن ابن عباس قال: ما هَبت ريحٌ قطُّ إلا جَثا (جثا على ركبتيه: جلس عليهما دون الأليتين في جلوسه كالمستوفز يقال جثا يجثو ويجثي كعلا ورمى أي أنه واوى يائى ولذا يكتب بالألف والياء واسم الفاعل جاث ويجمع على جثى بضم الجيم وكسرها وقوله إجعلها بالتأنيث لأن الريح مؤنثة يشهد لذلك الآيتان في الحديث وبعضهم يرى أن الغالب فيها التأنيث وقد تذكر على معنى الهواء وريح صرصر: شديدة البرد وقيل شديدة الصوت والريح العقيم التي لا تحمل مطرا ولا تلفح شجرا وهي ريح عذاب وإهلاك ووصف الريح بالعقم مجاز وأصله وصف للمرأة التي لا تلد ويقابل العقم من الرياح اللاقح وهي التي تلفح الشجار وجمعها لواقح) النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم على رُكْبَتَيهِ وقال: «اللَّهُمَّ اجعَلْها رَحمةً ولا تجعلْها عذابا اللَّهُمَّ اجعلها رياحا ولا تَجْعَلْها رِيحاً» قال ابن عباس: في كتاب اللَّه (فأَرْسَلْنا عليهم رِيحاً صَرْصَراً) (وأَرْسَلْنا عليهم الرِّيحَ العَقِيم) وقال: (وأَرْسَلْنا الرياحَ لَوَقِحَ) (وأَرْسَلْنا الرياحَ مُبَشِّرَاتٍ) .

503- (أخبرنا) : مَنْ لا أتهم قال أخبرني: صَفْوانُ بنُ سُلَيم قال: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: لاَ تَسُبُّوا الريحَ وعوذوا باللَّه من شَرّها (لا تسبوا الريح أي لا تشتموها وعوذوا بالله أي إلجئوا إليه في طلب الوقاية من أذاها وشرها وإنما نهينا عن سبها لما في ذلك من إساة الأدب لأنها من اللَّه وهو مصرفها فشتمها إعتراض على تصرفه سبحانه واللائق إنما هو الاستعاذة باللَّه من ضررها كما كان يفعل الرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم) ".

504- (أخبرنا) : الثِّقةُ عن الزُّهْري عن ثابتِ بن قَيْس عن أبي هُرَيرَةَ قال: -أخذ تِ الناسَ رِيحٌ بِطَرِيق مكَّةَ وعُمَر رضي اللَّه عنه حاج فاشْتدَّت -[176]- فقال عُمَر لمن حَوْلَه ما بَلَغكم في الريح؟ فلم يَرْجِعوا إليه شيئاً (فلم يرجعوا إليه شيئا: أي لم يجيبوه بشئ عما سأل) فَبَلَغَني الذي سأل عنه عُمَرُ من أمر الريح فاسْتَحْثَثْتُ (استحثثت راحلتي: حثثتها وحرضتها على السرعة فالسين والتاء في الفعل زائدتان) راحلتي حتى أدركتُ عُمَرَ رضي اللَّه عنه وكنت في مؤخرَّ الناس فقلتُ يا أميرَ المؤمنين: أُخْبِرْتُ أنك سألت عن الريح وإني سمعتُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: "الرِّيحُ مِنْ رَوْحِ اللَّه (روح لله بالفتح: رحمته وكونها تأتي بالعذاب لا ينافي كونها من رحمة الله بعباده لأن اللَّه يؤدب بها العصاة ولا شك أن تأديبهم رحمة بالمهتدين) تأتي بالرحمة وبالعذاب فلا تَسُّبُّوها واسْأَلوا اللَّه من خَيْرها وعوذوا باللَّه من شَرِها (عوذوا باللَّه من شرها: وفي نسخة: واستعيذوا باللَّه من شرها والمعنى واحد) .

505- (أخبرنا) : مَنْ لا أتهم أخبرنا عبدُ اللَّه بنُ عبيد عن محمد بن عَمْرو: -أن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: " نُصْرْتُ بالصَّبَا وكَانَتْ عَذاباً (نصرت بالصبا بوزن العصا: ريح تهب من مطلع الشمس فهي ريح شرقية ويقابلها الدبور وهي تهب من المغرب وقوله كانت عذابا على من قبلي يريد: وكانت الدبور عذابا إلخ يشير إلى انتصاره على قريش في غزوة الخندق التي سلط اللَّه فيها الصبا عليهم فهدمت خيامهم وكفأت قدورهم فلم يسعهم إلا الإنصراف وأما الدبور: فقد هلكت عادا كما قال تعالى: «وأم عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية» الآيات وهذا إعتراف منه بفضل اللَّه عليه) عَلَى مَنْ كان قَبْلي".

الباب السابع عشر في صلاة الخوف

الباب السابع عشر في صلاة الخوف

506- (أخبرنا) : الثِّقة أنبأني ابن عُلَيَّةَ أوغيره عن يونس عن الحسن عن جابر: -أن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم كان يُصلي بالناس صلاة الظهر في الخَوْف -[177]- بِبَطْن نَخْل (بطن نخل موضع) فصلَّى بطائفة ركعتين ثم سَلَّم ثم جَاء طائفةٌ أُخْرى فَصَلَّى بهم ركعتين ثم سَلَّم".

507- (أخبرنا) : مالك عن يَزيدَ بنِ رُومانَ عن صالحِ بْنِ خَوَّاتٍ: -عن مَنْ صَلَّى مَعَ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم يومَ ذاتِ الرِّقاع (ذات الرقاع غزوة معروفة كانت سنة خمس من الهجرة بأرض غطفان وسميت بذلك لجبل هناك فيه بقع حمرة وبياض وسواد أو سميت بذلك لأنهم لفوا على أرجلهم الخرق لما نق؟ ت من الحفاء ولم تكن شرعية صلاة الخوف في هذه الغزوة بل في غيرها وجاه العدو بالواو وتجاهه بالتاء أي مقابله وإزاءه وهما مثلثان كما في القاموس المحيط والتاء في تجاه بدل من الواو مثلها في تقاة وتخمة) صلاةَ الْخَوْف أنَّ طائفةً صَلَّتْ مَعَهُ وطائفةٌ وُجَاهَ الْعُدُوِّ فَصَلَّى بالذين معه رَكْعَةً ثم ثَبَتَ قائماً حتى أتموا لأنفسهم ثم إنْصَرَفُوا وِجَاهَ العَدُوّ وجاءت الطائفةُ الأُخْرى فَصَلَّى بهم الرَّكْعةَ التي بَقِيَتْ عَليه ثم ثَبَتَ جالساً وأتَمُّوا لأنفسهم ثم سَلَّمَ بهم قال وأخبرنا: مَنْ سَمِعَ عبد الله بن عمر بن حَفْص يَذْكُرُ عَنْ أخيه عُبَيْدِ اللَّه عن القَاسم بنِ محمد عن صَالحِ بنِ خَوَّاتٍ بْنِ جُبَيْر عن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم بمعناه لا يُخالفُهُ -[178]- (وبهذا أخذ مالك والشافعي وأبو ثور وغيرهم وفي رواية عن ابن عمر أيضا رواها مسلم أن النبيَّ صلَّى بإحدى الطائفتين ركعة والأخرى مواجهة للعدو ثم انصرفوا فقاموا مقام أصحابهم وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ثم سلم فقضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة اهـ ثم قيل أن الطائفتين قضوا ركعتهم الباقية معا وقيل متفرقين وهو الصحيح وبهذا الحديث أخذ الأوزاعي وأشهب وفي حديث جابر أنه النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم صلى بكل طائفة ركعتين وسلم فكانت الثانية مفترضين بمتنفل وبهذا قال الشافعي وادعى الطحاوي أنه منسوخ لكن لا دليل على نسخه وروى ابن مسعود وأبو هريرة أنه صلى اللَّه عليه وسلم صلى بطائفة ركعة وانصرفوا ولم يسلموا ووقفوا بإزاء العدو وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة ثم سلم فقضى هؤلاء ركعتهم ثم سلموا وذهبوا فقاموا مقام أولئك ورجع أولئك فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم وبهذا أخذ أبو حنيفة وقد روى أبو داود وغيره وجوها أخرى تبلغ ستة عشر وجها قال الخطا؟ ي: صلاة الخوف أنواع صلاها النبيَّ في أيام مختلفة وأشكال متباينة يتحرى في كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة فهي على اختلاف صورها متفقة المعنى ومذهب العلماء كافة أنها مشروعة إلى اليوم كما كانت وقال أبو يوسف والمزني ليست مشروعة بعد النبي لقوله تعالى: «وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة» واحتج الجمهور بأن الصحابة لم يزالوا على فعلها بعد النبي وليس المراد بالآية تخصيصه وقد ثبت قوله صلوا كما رأيتموني أصلي) .

508- (أخبرنا) : مالكُ بنُ أنَس عن نافع (نافع الذي يروي عنه مالك هو نافع بن أبي نافع مولاهم أبو عبد الله المدني أحد الأعلام وهو يروي عن مولاه ابن عمر وأبي هريرة وعائشة وأبي لبابة قال البخاري أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمرو توفي نافع سنة 120 أما نافع بن عبد اللَّه فحجازي ويروي عن فروة بن قيس لا عن ابن عمر فما جاء في بعض النسخ نافع ابن عبد اللَّه غير صحيح وأصلها ما أثبتناه هنا وهو أن «عبد اللَّه» فصحف أن إلى ابن واللَّه أعلم) أن عبد اللَّه بن عُمَرَ كان إذا سُئِلَ عن صلاة الْخَوْفِ قال: يتقدم الإمامُ وطائفةٌ ثم قص الحديث ثم قال ابنُ عُمَرَ في الحديث فإن كان خوفٌ أشَدُّ من ذلك صَلَّوْا رِجالاً ورُكْبَانا مُسْتَقْبِلِي القبلة أو غيرَ مُسْتَقْبِلِيها (فإن كان خوف أشدمن ذك كان هنا تامة بمعنى وجد وأشتد جاز لهم أن يصلوا قياما على أرجلهم أو راكبين على خيولهم مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها لأنها حالة ضرورة فيقبل اللَّه فيها من عباده الصلاة متساهلا فيما اشترط فيها في الأحوال العادية وهم معذورون لإشتداد الخوف وأخذ الحيطة من مفاجأة العدو وفتكه بهم هذا والرجال جمع راجل وهو الماشي والركبان جمع راكب وهو في الأصل راكب الإبل خاصة ثم توسع فيه فأطلق على راكب كل دابة ويجمع أيضا على ركاب وركوب بضم الراء) قال مالك قال نافع: لا أَرَى عَبْدَ اللَّه بن عمر ذكرَ ذلك إلا عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم.

509- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ: -أَراه عن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فذكر صَلاَةَ الْخَوف فقال: إنْ كَانَ خَوْفٌ أشَدٌ مِنْ ذلك صَلَّوْا رِجَالاً ورُكْبَاناً مُسْتَقْبِلِي القبلة وغَيْرَ مُسْتَقْبليها".

510- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ في صلاة الخوف بشئ خالفتمونا فيه ومالكٌ يقول: -لا أذكره إلا عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وابنُ أبي ذئب يَرْويه عن الزُّهْرِي عن سالم عن ابن عُمَرَ عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم لاَ يُشَكُ فيه.

511- (أخبرنا) : رجل عن ابنُ أبي ذئب، عن الزُّهْرِي، عن سالم، عن أبيه: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مِثْلَ مَعنا لم يُشَكُّ أنه عن أبيه وأنه مَرْفُوع عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم.

الباب الثامن عشر في صلاة المسافر

الباب الثامن عشر في صَلاة المسافِرْ

512- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد، عن ابن حَرْمَلَةَ، عن ابن المسَيَّبِ قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "خِيَارُكم الَّذِين إذا سَافَرُوا قَصَرُوا الصلاَةَ وأَفْطَرُوا أو قال لم يَصُومُوا -[180]- (قوله أو قال لم يصوموا شك من الراوي وظاهر الحديث يفيد أن القصر أفضل وهو الصحيح عند الشافعية وعندهم وجهان آخران أحدهما: أنهما سواء والثاني أن الإتمام أفضل وأما الحنفية فيرون القصر واجبا ويحتجون بهذا الحديث وبحديث عائشة القائل فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأق؟ رت في السفر وزيدت في الحضر واحتج الشافعي وموافقوه بأن الصحابة كانوا يسافرون مع الرسول فمنهم من يقصر ومنهم من يتم بدون أن يعيب بعضهم بعضا وبأن عائشة وعثمان كانا يتمان كما سيأتي وهو ظاهر قوله تعالى: «فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة» لأنه يقتضي رفع الجناح والإباحة وأما حديث عائشة الذي احتج به الحنفية فمعناه فرضت ركعتين يعني لمن أراد الإقتصار عليهما) ".

513- (أخبرنا) : عبدُ الوَهَّاب بنُ عبدِ المجِيد، عن أيُّوبَ بن أبي تَمِيمَةَ، عن محمدِ بنِ سِيرِينَ، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: -سافر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فيما بَيْنَ مكة والمدينةِ آمناً لا يخافُ إلا اللَّه عزَّوجلَّ فَصَلَّى ركعتين (هذا يفيد أن قصر الصلاة في السفر ليس مشروطا بالخوف فيقصر المسافر صلاته سواء أكان آمنا أم خائفا وهو خلاف المتبادر من قوله تعالى: «وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا» وهو أن القصر في السفر مقيد بالخوف ولذا كان هذا مثار تساؤل بين الصحابة فقد سأل يعلى بن أمية عمر بن الخطاب في الحديث الآتي قائلا ذكر اللَّه القصر في الخوف فأنى القصر في غير الخوف أي فكيف يكون القصر في غير الخوف أو من أين يجئ القصر بغير خوف أي فما دليله فقال عمر: عجبت مماعجبت منه فسألت الرسول فقال هي صدقة تصدق اللَّه بها عليكم إلخ فأفاد أنه كان مشاركا له في فهمه أن القصر مشروط بالخوف وأنى تأتي في كلامهم بمعنى كيف كما في قوله تعالى «أنى يحي هذه اللَّه بعد موتها» وبمعنى من أين كما في قوله تعالى «قال يا مريم أنى لك هذا» أي من أين وهي في الحديث صالحة لهما ومعنى كونها صدقة أن اللَّه منحكموهما تفضلا منه بلا مقابل فلا ترفضوها) . قال الأصَمُّ: أظنه سَقَطَ من كتابي ابنُ عباس.

514- (أخبرنا) : عبدُ الوَهَّاب، عن أيُّوبَ السِّخْتياني، عن محمدِ بنِ سِيرِينَ عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: -سَافَرَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بَيْنَ مكة والمدينةِ آمناً لا يخافُ إلا اللَّه عزَّوجلَّ فَصَلَّى ركعتين.

515- (أخبرنا) : مُسلُمُ بنُ خالدٍعن ابن جُرَيج عن ابن عَمَّار عن -[181]- عبد اللَّه بن باباه عن يَعْلى بن أُمَيَّة قال: -قلت لِعُمرَ بنِ الخطابِ ذَكَرَ اللَّه عَزَّوجَلَّ القَصْرَ في الخوف فأَنَّى القَصْرُ في غير الخوف؟ فقال عُمَرُ بنُ الخطاب: عجِبْتُ مما عَجِبْتَ منه فسألت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «صَدَقَةٌ تَصَدّقَ اللَّهُ بهَا عليكم فاقْبَلوا صَدَقَتَهُ» .

516- (أخبرنا) : مُسلم بْنُ خالد وعبدُ الْمجِيد بْنُ عبدِ العزيز بنِ أبي رَوّاد عن ابن جُرَيج أخبرني: -عبد الرحمن بنُ عبدِ اللَّه بنِ أبي عَمَّار وعن عبد اللَّه ابن باباه (باباه بموحدة فألف فموحدة أخرى مفتوحة فألف فهاء ويقال أيضا: أبن بابيه بموحدة فألف فموحدة أخرى مفتوحة فمثناة من تحت وهذان الوجهان في الخلاصة وشرح النووي على مسلم وزاد النووي بأبي بكسر الباء الثانية وثقة النسائي) عن يَعْلى بن أُمَيَّةَ قال: قلتُ لعمرَ بن الخطاب: إنما قال اللَّه عزّوجلّ: «أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصّلاَةِ إنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كفروا» فقد أَمِنَ النّاسُ فقال عُمَرُ رضي اللَّه عنه: عجِبْتُ مما عَجِبْتَ منه فسألت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «صَدَقَةٌ تَصَدّقَ اللَّهُ بهَا عليكم فاقْبَلوا صَدَقَتَهُ» .

517- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن الزُّهْري، عن عُرْوَةَ، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: -أوَّلَ ما فُرِضَتْ الصلاةُ ركعتين ركعتين (أول بالنصب على الظرفية متعلق بفرضت المحذوفة وما مصدرية مؤولة مع فرضت المذكورة بمصدر والتقدير: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين أول فرضها وعلى هذا يكون ركعتين ركعتين حالا من الصلاة أي فرضت مثناة الركعات ورواية مسلم أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين ففيه فرضت محذوفة أيضا والتقدير: أن الصلاة أول فرضها فرضت مثناة الركعات) فَزيدت في صلاة الحَضَرِ -[182]- وأُقِرّت صلاةُ السفر فقلتُ: ما شأنُ عائشة كانت تُتِم الصلاةَ قال: إنها تَأَوَّلَتْ ما تَأَوّل عُثمانُ رضي اللَّه عنه (أي إذا كانت عائشة روت أن الصلاة شرعت مثناة وأقرت في السفر على ما شرعت فلماذا خالفت روايتها وأتمت؟ والسائل هو الزهري والمسؤل هو عروة كما في رواية مسلم قال الزهري قلت لعروة ما بال عائشة تتم في السفر؟ قال إنها تأولت كما تأول عثمان اهـ واختلف العلماء في تأويلهما والصحيح الذي عليه المحققون أنهما رأيا القصر جائزاً والإتمام جائزاً فأخذا بأحد الجائزين وهو الإتمام وقيل لأن عثمان إمام المؤمنين وعائشة أمهم فكأنهما في منازلهما وأبطله المحققون بأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان أولى بذلك منهما وكذلك أبو بكروعمر ويرجح الوجه الأول في تأويلهما الحديث التالي وهو قول عائشة كل ذلك قد فعل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قصر الصلاة في السفر وأتم وهو ظاهر في أن المسافر مخير بين القصر والإتمام وهو أحد الوجوه التي أخذ بها الشافعية وإن كان القصر عندهم أرجح كما تقدم وأخذ الحنفية بأحاديث أخرى توجب القصر وقد تقدم بعضها ولا فرق في جواز القصرعند الحنفية بين أن يكون السفر لطاعة أو لمعصية وخالفهم في ذلك الشافعية فمنعوه في سفر المعصية) .

518- (اخبرنا) : إبراهيم بن محمد عن طَلْحَةَ بن عَمْرو عن عَطَاء بن أبي رَبَاح عن عَائشةَ قالت: -كُلَّ ذلك قد فَعَلَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَصَرَ الصلاَةَ في السفرِ وأتَمّ (ولهذا أتمت عائشة وعثمان أخذا بهذا الحديث فلما رأت الرسول صلى اللَّه عليه وسلم يتم في سفره حيناً ويقصرحيناً أدركت أن الأمرين جائزان وإنها وغيرها بالخيار بين القصر والإتمام ما دام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قد فعلهما وهو حجة على الحنفية الذين قالوا بوجوب القصر على المسافر) .

519- (أخبرنا) : سُفيانُ عن إبراهيمَ بن مَيْسَرَةَ عن أنَسِ بنِ مالك قال: -[183]- -صَلَّيْتُ مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الظُّهْرَ بالمدينة أرْبعاً وصليتُ معه العصْرَ بذي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ (ذو الحليفة: موضع على ستة أميال من المدينة وقيل سبعة وقيل أربعة وأصله ماء لبني جثم ثم سمي به هذا الموضع وهو ميقات أهل المدينة واختلافهم في تقدير المسافة بين المدينة وذي الحليفة ودليل اختلافهم في تقدير الميل) .

520- (أخبرنا) : سُفيانُ يعني: ابنَ عُيَيْنَةَ عن ابن المُنْكَدِرِ: -أنه سمع أَنَسَ بنَ مالك رضي اللَّه عنه يَقُولُ مِثلَ ذلك إلا أنه قال بِذِي الحُلَيْفَةِ (لم يظهر لي وجه الاستثناء لأن الرواية السابقة عن أنس فيها التصريح بذي الحليفة لكنه ورد هكذا في المخطوطة والمطبوعة) .

521- (أخبرنا) : سُفيانُ عن أيُّوب عن أبي قِلاَبَةَ (أبي قلابة بوزن كتابة تابعي وبهذا الحديث استدل الظاهرية على جواز قصر الصلاة في السفر القصير فضلا عن الطويل خلافا للجمهور الذين اشترطوا أن يكون سفراً طويلاً فقيده الحنفية بثلاثة أيام والشافعية بيومين أو يوم وليلة معتمدين في ذلك على الأثار ولا دلالة للظاهرية في الحديث لأن المراد أنه صلاها في سفره إلى مكة ركعتين لا أنها كانت غاية سفره) عن أنَس بن مالك بمثل ذلك.

522- (أخبرنا) : الثِّقَةُ عن مَعْمَرٍ عن الزُّهْري عن سالمٍ عن أبيه: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صلى بِمنىً ركعتين وأبو بَكْر وَعُمَرُ (منى كألى مصروفة وممنوعة من الصرف من ذكر على قصد الموضع صرف ومن أنث على قصد البقعة منع والمختار تذكيره وتنوينه وهو على ثلاثة أميال من مكة وقوله أبو بكر وعمر أي صليا بها ركعتين أي قصرا بها الصلاة مثل الرسول) .

523- (أخبرنا) : مالكٌ عن زَيْدِ بن أسْلَمَ عن أبيه: -عن ابن عُمَرَ مثلهُ.

524- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بن دينار، عن عَطَاءٍ، عن ابن عباس -[184]- رضي اللَّه عنهما أنه قال: - تُقْصَرُ الصلاةُ إلى عَسْفانَ (عسفان كعثمان على مرحلتين من مكة اهـ قاموس وفي المصباح موضع بين مكة والمدينة ويذكر ويؤنث بينه وبين مكة ثلاث مراحل والطائف بلد معروف على مرحلتين من مكة من جهة المشرق وجده بضم الجيم وتشديد الدال مفتوحة: بلدة على ساحل البحر الأحمر بينها وبين مكة مرحلتان والمرحلة المسافة التي يقطعها المسافر في نحو يوم) وإلى الطائف وإلى جُدّةَ وهذا كله من مكةَ على أربعة بُرُدٍ (البرد بضمتين جمع بريد وهو أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل ستة آلاف ذراع أو أربعة آلاف أو ثلاثة آلاف وخمسمائة أو ثلاثة آلاف أو ألفان أو ألف كلها أقوال في الميل وقد عنى المرحوم أحمد بك الحسيني بتحرير القول في مسافة القصر وتقدير مسافته بآلات المساحة الحالية فألف في ذلك رسالة قيمة سماها دليل المسافر وجاء فيها قوله: "وحاصل المعتمد أن مسافة القصر عندنا (الشافعية) وعند الحنابلة والمشهور عند المالكية أربعة برد وهي ستة عشر فرسخا وتبلغ مساحتها تسعة وثمانين كيلومترا وأربعين مترا وعند السادة الحنفية على المعتمد من اعتبار أقصر أيام السنة في بلد معتدل على تقدير ابن عابدين تكون المسافة واحدا وثمانين كيلو مترا وهي دون خمسة عشر فرسخا بثلاثة آلاف متر والكيلومتر ألف متر) ونحوٍ من ذلك.

525- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَمْرو بن دينار، عن عَطَاء بن أبي رَبَاح قال: - قلتُ لإبن عباس رضي اللَّه عنهما: أَأقْصُرُ للصلاةَ إلى عَرَفَةَ؟ -[185]- (عرفة وعرفات اسم لموضع الوقوف اهـ تهذيب اللغات وفي المصباح وعرفات موضع وقوف الحجيج ويقال بينها وبين مكة تسعة أميال ويعرب إعراب مسلمات وتنوينه يشبه تنوين المقابلة وليس تنوين صرف لوجود المانع من الصرف وهو العلمية والتأنيث ولذا لا يدخلها الألف واللام وبعضهم يقول عرفة هي الجبل وعرفات جمع عرفة لأنه يقال وقفت بعرفة كما يقال وقفت بعرفات وقال صاحب القاموس إنها على إثني عشر ميلا من مكة ومنشأ اختلافهم في عدد الأميال اختلاف مقدار الأميال لديهم وإنما نهاه عن القصر إلى عرفة دون الطائف لقرب عرفة من مكة وبعد الطائف أي أن المسافة بين مكة وعرفة ليست مسافة قصر بخلاف ما بين مكة والطائف فإنه مسافة قصر وهذا مما يصلح حجة على الظاهرية ودليلا للجمهور في اشتراطهم في القصر في السفر البعيد) قال: لا ولكن إلى الطائف وإنْ قَدِمْتَ على أهْل أو ماشية (إنما أمره بالإتمام لإنقضاء سفره وصيرورته مقيما بالعودة إلى أهله والماشية: اسم يقع على الإبل والبقر والغنم وأكثر ما يستعمل في الغنم وجمعها المواشي وأهل الرجل عشيرته وذوو قرباه أي إذا عدت إلى بلدك الذي فيه أهلك أو ماشيتك يعني إذا لم يكن لك أهل فأتم ولم يذكر الحالة الثالثة وهي ما إذا لم يكن له أهل ولا ماشية لندرتها فإن الغالب أن يكون له أهل أو ماشية ويندر ألا يكون له أهل ولا ماشية) فأتمّ قال: وهذا قولُ ابنِ عُمَرَ وبه نأخُذ.

526- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن عَمْرو بن دينار، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: -أنه سُئل أتُقْصَرُ الصلاةُ إلى عَرَفَةَ؟ قال: لا ولكن إلى عَسْفَانَ وإلى جُدّة وإلأى الطائف.

527- (أخبرنا) : مالكُ بنُ أنس رضي اللَّه عنه: عن نافع: -أنه كان يُسَافرُ مع ابن عُمَرَ البريدَ فلا يَقْصُرُ الصلاةَ (البريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل ستة آلاف ذراع أو أقل لماسبق والذراع أربع وعشرون اصبعا والإصبع ست شعيرات بطن الواحدة إلى ظهر الآخرى والشعيرة ست شعرات من شعر البغال وقد عرفناك مقدارها بمقياس المساحة المتعارف الآن وإنما لم يكن يقصر الصلاة في سفر البريد لأنه دون مسافة القصر وهو دليل آخر للجمهور ومناهض لمذهب الظاهرية) .

528- (أخبرنا) : مالكُ بنُ أنس، عن نافع، عن سالم بن عبد اللَّه: -أن عَبْدَ اللَّه ابن عُمَرَ رَكِبَ إلى ذَاتِ النُّصْب (ذات النصب بضم النون سكون الصاد موضع قرب المدينة كذا في القاموس وفي معجم البلدان موضع بينه وبين المدينة أربعة أميال وذكر الحديث الذي معنا ونقل صاحب التاج مافي معجم البلدان والفرق كبيربين ما في الحديث وهو أربعة برد وبين ماذكر في معجم البلدان وهوأربعة أميال والأول غير مسوغ للقصر عند الجمهور والثاني مسوغ فإن كان الواقع موافقا لما في كتب اللغة كان الحديث حجة ظاهرية) والمدينةِ أرْبَعةُ بُرُدٍ.

529- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه: -أنه ركِب إلى رِيمٍ (رئم يهمز ويسهل واد لمزينة قرب المدينة وقيل بطن ريم على أربعة برد من المدينة وقيل ثلاثة) فَقَصَرَ الصلاة في مسيره ذلك قال مالكٌ: وذلك نحْوٌ من أربعة بُرُدٍ.

530- (أخبرنا) : ابن أبي يحي، عن حُسين بنِ عَبد اللَّه بن عبيدِ اللَّه بن عباس، عن كُرَيْبٍ، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما أنه قال: -ألاَ أُخبركم عن صلاةِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في السفرِ؟ كان إذا زالتِ الشمسُ وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر في الزوال فإذا سافر قبلَ أن تزول الشمسُ أخّرَ الظُّهْرَ حتى يَجْمَعَ بينهما وبينَ العصر في وقْتِ العصْرِ (ومعنى الحديث أنه كان إذا سافر قبل زوال الشمس جمع بين الظهر والعصر جمع تقديم وإذا سافر بعد الزوال جمع بينهما جمع تأخير ثم قال وأحسبه قال في المغرب والعشاء مثل ذلك أي أنه ظان وليس بمتيقن والجمع فيهما على التفصيل السابق في الظهر والعصر ويؤيد هذا ما رواه مسلم عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا عجل به السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق اهـ وهذا الحديث في جواز الجمع بين الصلاتين في السفر وحاصله أنه يجوز عند الشافعة والأكثيرن الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في وقت أيهما شاء في السفر الطويل ومقداره مرحلتان أو ثمانية وأربعون ميلا هاشمية ونسبته لبني هاشم الذين أحدثوه في خلافتهم العباسية دون السفر القصير في أرجح الأقوال عندهم ويجوز الجمع للمطر في وقت الأولى دون الثانية على الأصح لعدم الوثوق باستمراره إلى الثانية وقال بهذا جمهور العلماء في الظهرو العصر وفي المغرب والعشاء وخصه مالك بالمغرب والعشاء وأما المرض فلا يجوز الجمع في المشهور من مذهب الشافعي والأكثرين وجوزه أحمد وجماعة من أصحاب الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجوز الجمع بين الصلاتين بهذه الثلاثة أعني السفر والمرض والمطر ولا بغيرها وإنما جوزوا الجمع بين الظهر والعصر بعرفات بين المغرب والعشاء بمزدلفة للنسك والأحاديث التي هنا والتي في الصحيحين حجة عليه وهم يؤولونها بأن المراد تأخير صلاة الظهر إلى آخر وقتها وصلاة العصر في أول وقتها لكن يناقض هذا ما في مسلم أن الرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا جدبه السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق فإنه صريح في الجمع في وقت إحدى الصلاتين) قال وأحْسِبهُ قال في المغرب والعشَاء مِثْلَ ذلك.

531- (أخبرني) : سُفيانُ عن الزُّهْري عن سالمٍ عن أبيه قال: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم إذا عَجِلَ السَّيْرُ (إنما ضبطت السير بالرفع على الفاعلية لعجل لأن الرواية الآتية عجل به المسير وفي مسلم عن ابن عمر كان رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم إذا عجل به السير جمع بين المغرب والعشاء) جَمَعَ بين المغر والعشاء.

532- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابن عمرقال: -كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا عَجِلَ به المسيرُ يَجْمَعُ بين المغرب والعِشَاء.

533- (أخبرنا) : مالكٌ عن أبي الزُّبير عن أبي الطُّفَيل عن مُعَاذ بن جَبَل: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يَجْمعُ بين الظُّهْرِ والعصْرَ والمغرب والعشاء في سَفَره إلى تَبُوك (تبوك بفتح فضم في طرف الشام بينها وبين المدينة أربع عشرة مرحلة ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث وقد تصرف بتأويل الموضع وورد هذا الحديث في مسلم بزيادة قال سعيد بن جبير فقلت لإبن عباس ما حمله على ذلك؟ قال أراد ألا يحرج أمته وأفاد هذا الحديث صحة الجمع بين الأوقات الأربعة في السفر للتخفيف عن المسافر) .

534- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة أن معاذ بن جبل أخبره: -أنهم خَرَجُوا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عامَ تبُوكَ -[188]- فكان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَجْمعُ بين الظُّهْرِ والعصْر والمغرب والعشاء قال: فأخَّرَ الصلاةَ يوماً ثم خرج فصلى الظُّهْرِ والعصْرَ ثم دخل ثم خرج فصلى المغربَ والعشاءَ جميعاً.

535- (أخبرنا) : سُفيانُ بن عُيَينةَ، عن ابن نُجَيْحٍ، عن إسماعيل ابن عبد الرحمن بن أبي ذُؤيبٍ الأسدي قال: -خرجنا مع عمر رضي اللَّه عنه إلى الحِمَى فَغَرَبَتِ الشمسُ فَهِبْنا أن نقول له: انْزلْ فَصَلّ فلما ذَهَب بياضُ الأُفُقِ وفَحْمَةُ العشاء (فحمة العشاء بالفاء المنقوطة بواحدة وهي شدة السواد والظلام في أول الليل وقوله: نزل فصلى ثلاثا يريد المغرب وهو دليل على عدم قصر الثلاثية وهو مذهب الشافعية هذا والحمى بكسر ففتح موضع) نَزَل فَصَلَّى ثلاثاً ثم سَلم ثمَّ صلى ركعتين ثم سلم ثم الْتَفَتَ إلينا فقال: هكذارأيتُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَعَلَ.

536- (أخبرنا) : مالك، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جُبَيْرٍ، عن ابن عباس أنه قال: -صلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الظُّهْرَ والعصْرَ والمغربَ والعشاءَ جميعاً من غير خَوْفٍ ولا سَفَر. قال مالكٌ: أرى ذلك في المطر -[189]- (والحديث وارد بمسلم بزيادة قال عبد اللَّه بن شقيق فحاك في صدري أي وقع في نفسي من ذلك شئ فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته وللعلماء في تأويلات ومذاهب فمنهم: من تأوله على أنه جمع بعذر المطر وهو الذي أشار إليه في حديثنا بقوله قال مالك أرى ذلك في المطر ويضعفه ما في بعض الروايات وهو قوله من غير خوف ولا مطر ومنهم من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها وصلاة الثانية في أول وقتها ويضعفه أو يبطله مخالفته لظاهر الحديث ورد ابن عباس على من اعترض على تأخيره المغرب بقوله لا أم لك أتعلمني بالسنة كما في مسلم ومنهم: من حمله على العذر بالمرض وهو أحمد وبعض الشافعية وهو المختار في التأويل لظاهر الحديث ولفعل ابن عباس وموافقة أبي هريرة إياه ولأن المشقة فيه أشد منها في المطر وأخذ جماعة بظاهره ولم يتأولوه لمن لا يتخذه عادة وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن بعض الشافعية ويؤيده قول ابن عباس أرادأن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض وغيره) .

537- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابن عُمَر: -أنه كان يُصلي وراءَ الإمام بِمنىً أربعاً فإذا صَلَّى لنفسه صلى ركعتين وبهذا الإسناد عن ابن عُمَر أنه لم يكُن يُصلي مع الفرِيضة في السفرِ شيئاً قبلها ولا بَعْدَها إلا من جَوْفِ الليل (ابن عمر كان مسافرا ولكنه صلى وراء الإمام صلاة المقيم لموافقة الإمام وكان إذا صلى انفرد صلى صلاة المسافر وأما ترك النوافل في السفر فالمراد به النوافل المسنونة مع الصلوات أما التطوع بغيرها فى مانع منه) .

الباب التاسع عشر في التهجد (التهجد السهر والنوم فهو من الأضداد في اللغة وتهجد القوم استيقظوا للصلاة أو غيرها وفي القرآن «ومن الليل فتهجد به نافلة لك» والمتهجد: القائم من النوم إلى الصلاة وكأنه قيل له متهجد لإ لقائه الحنث عن نفسه) .

الباب التاسع عشر في التهجد (التهجد السهر والنوم فهو من الأضداد في اللغة وتهجد القوم استيقظوا للصلاة أو غيرها وفي القرآن «ومن الليل فتهجد به نافلة لك» والمتهجد: القائم من النوم إلى الصلاة وكأنه قيل له متهجد لإ لقائه الحنث عن نفسه) .

538- (أخبرنا) : مالكٌ، عن مَخْرمَةَ بنِ سُليمان، عن كُرَيْبٍ مولى ابن عباس، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: -أنه أخبرهم أنه بات عند مَيْمونَةَ زوجِ النبي صلى اللَّه عليه وسلم أُمِّ المؤنين وهي خالتُهُ قال فاضطجعتُ في عَرْض الوسادة واضطجع النبي صلى اللَّه عليه وسلم وأهْلُهُ في طولها فنام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حتى إذا انتصَفَ الليلُ أو قَبْلَه بقليل أو بعده بقليل استيقظ -[190]- رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فجلس يَمْسَحُ وجْهَهُ بيده ثم قرأ العَشر الآيات الخواتِمَ من سُورة آل عمران ثم قام إلى شَنٍّ مُعلَّقٍ فتوضأ فأحْسَن وُضُوءَه ثم قام يُصلي فقال ابن عباس: فقُمْتُ فصنعْتُ مِثْلَ ما صَنعَ ثم قمْتُ إلى جَنْبه فوضَعَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يده اليمنى على رأسي وأخذ بأذني اليمنى يَفْتِلَها فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوترَ ثم اضْطَجعَ حتى جاءَ المؤذنُ فقام فصلى ركعتين خفيفتين ثم خَرجَ فصلى الصبح -[191]- (اضطجع وضع جنبه بالأرض وعرض الوسادة بفتح العين ما قابل طولها وأهله صلى اللَّه عليه وسلم: زوجه وهي هنا ميمونة والوسادة بالكسر المخدة وهي ما يضع الإنسان عليه خده عند إرادة النوم وقولهأو قبله بقليل أو بعده بقليل شك من ابن عباس وقوله فجعل يمسح وجهه بيده في رواية مسلم: فجعل يمسح النوم عن وجهه أي أثر النوم وقوله العشر الآيات عرف المضاف والمضاف إليه وهو مذهب الكوفيين والبصريون يعرفون في مثل هذا المضاف إليه فقط فيقولون عشر الآيات وهي من أول قوله تعالى «إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب» إلى آخر السورة وقوله ثم قام إلى شن معلق الشن القربة الخلق وفي رواية مسلم شن معلقة بالتأنيث فالتذكير على إرادة الوعاء والتأنيث على إرادة القربة وقوله يفتلها: أي لينبهه من نعاسه لقوله في رواية أخرى فجعل إذا غفيت يأخذ بشحمة أذني وقوله: فصلى ركعتين إلخ مجموع ما صلاه على ما هنا إحدى عشرة ركعة وفي رواية مسلم لهذا الحديث ثلاث عشرة ركعة ولذا قال بعض الشافعية: أكثر الوتر ثلاث عشرة وقال أكثرهم: أكثره إحدى عشرة وتأولوا حديث ابن عباس بأن فيه ركعتين هما سنة العشاء قال النووي وهو تأويل ضعيف وعلى كل فقوله: ثم أوتر أي صلى ركعة واحدة ويؤخذ من هذا الحديث أمور الأول: أنه يجوز أن ينام الرجل مع امرأته بحضرة بعض محارمها وإن كان مميزاً إذا لم يكن هناك وقاع والثاني: أنه يجوز للمحدث القراءة وإنما تحرم على الحائض والجنب الثالث: استحباب قراءة هذه الآيات عند القيام من النوم الرابع: أن الأفضل في الوتر أن يسلم من كل ركعتين وأن يوتر بركعة واحدة يفصلها عما قبلها وهو مذهب الشافعية والجمهور وقال أبو حنيفة: يوتر بركعة موصولة بركعتين على هيئة المغرب الخامس: أن نوم الرسول صلى اللَّه عليه وسلم لا ينقض وضوءه لقوله ثم اضطجع حتى جاء المؤذن فصلى ركعتين خفيفتين لأنه إن نامت عيناه لا ينام قلبه وهي من خصوصياته صلى اللَّه عليه وسلم وفي إحدى روايات مسلم: فخرج فصلى الصبح ولم يتوضأ وهو صريح في عدم توضئه) .

539- (اخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن عُرْوة، عن عائشة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يُصلي بالليل إحْدَى عَشَرَةَ ركعةً يُوتِر منها بواحدة.

الباب العشرون في الوتر (الوتر بالكسر والفتح الفرد وروى أصحاب السنن بسند حسن عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر» انتهى وأهل القرآن أمته وأوتروا: صلوا الوتر وقوله فإن الله وتر أي واحد في ذاته وصفاته وأفعاله يحب الوتر أي الفرد وقال صلى الله عليه وسلم: "الوتر حق على كل مسلم فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة وهما يدلان على وجوب الوتر بظاهرهما وهو مذهب الحنفية فإن قيل: ألا تعارض هذه الأحاديث الداعية إلى الوتر حديث «صلاة الليل مثنى مثنى» قلت: لا تعارض لأن التوفيق ممكن بينهما فإن في إمكان المسلم أن يصلي في ليله ما شاء من النوافل ثنتين ثنتين ثم إذا أراد أن ينصرف لنومه صلى واحدة وبذا يكون موترا وعاملا بالأحاديث كلها ولذا روى الأربعة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» أي أختموا صلاة الليل بالوتر وعن ابن عمر أيضا: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت رواه الخمسة) .

الباب العشرون في الوتر (الوتر بالكسر والفتح الفرد وروى أصحاب السنن بسند حسن عن علي عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «يا أهل القرآن أوتروا فإن اللَّه وتر يحب الوتر» انتهى وأهل القرآن أمته وأوتروا: صلوا الوتر وقوله فإن اللَّه وتر أي واحد في ذاته وصفاته وأفعاله يحب الوتر أي الفرد وقال صلى اللَّه عليه وسلم: "الوتر حق على كل مسلم فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة وهما يدلان على وجوب الوتر بظاهرهما وهو مذهب الحنفية فإن قيل: ألا تعارض هذه الأحاديث الداعية إلى الوتر حديث «صلاة الليل مثنى مثنى» قلت: لا تعارض لأن التوفيق ممكن بينهما فإن في إمكان المسلم أن يصلي في ليله ما شاء من النوافل ثنتين ثنتين ثم إذا أراد أن ينصرف لنومه صلى واحدة وبذا يكون موترا وعاملا بالأحاديث كلها ولذا روى الأربعة عن ابن عمر عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: «اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا» أي أختموا صلاة الليل بالوتر وعن ابن عمر أيضا: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت رواه الخمسة) .

540- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، وعبد اللَّه بن دينارٍ، عن ابن عُمَرَ: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "صَلاةُ الليل مَثْنَى مَثْنَى فإذا خشِي أحدكم -[192]- الصبح صلى ركعة واحدةً تُوتِرله ما قد صَلَّى.

541- (أخبرنا) : مالك، عن نافع وعَبْدُ اللَّه بن دينار، عن ابن عُمَرَ: -أنَّ رجلاً سَأل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن صلاةِ اللَّيْل فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: " صَلاةُ الليل مَثْنَى مَثْنَى (قوله: مثنى مثنى أي ركعتان ركعتان بتشهد وتسليم فهي ثنائية لا رباعية ومثنى معدول عن اثنين اثنين وروى هذا الحديث مسلم لكن بزيادة أن رجلا سأل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن صلاة الليل إلخ كنص الرواية الأخرى التالية لهذا الحديث في كتابنا وهو كذلك في البخاري وروى أبو داود والترمذي بإسناد صحيح صلاة الليل والنهار مثنى مثنى والحديث محمول على بيان الأفضل وهو التسليم عقب كل ركعتين يستوي في ذلك نوافل الليل والنهار فلو جمع ركعات بتسليمة واحدة أو تطوع بركعة واحدة جاز عند الشافعية وقوله: فإذا خشي أحدكم الصبح إلخ وفي مسلم: أوتروا قبل أن تصبحوا وفيه أيضا: أوتروا قبل الصبح وكلها تدل على أن السنة جعل الوتر في آخر صلاة الليل وعلى أن وقته ينتهي بطلوع الفجر وهو المشهور عند الشافعية وهو رأي جمهور العلماء وقيل: يمتد بعد الفجر حتى يصلي الفرض وروى الخمسة: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا أردت أن تنصرف فاركع ركعة توتر لك ما صليت اهـ فلم يقيد بخشية الصبح وقوله توتر له ما قد صلى تجعله وترا بكسر الواو وفتحها وهو ما قابل الشفع من الأعداد أي تجعل ما صلاه فردا وذلك أن العدد إما شفع أو وتر والأول العدد الزوجي وهو ما يقبل القسمة بغير كسر على اثنين والفرد ما قيس كذلك) فإذا خَشِي أحدُكُم الصُّبحَ صلى ركعةً واحدةً تُوتِرله ما قد صَلَّى.

542- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن عَبْدُ اللَّه بن دينار، عن ابن عُمَرَ مِثْلَهُ.

543- (أخبرنا) : سُفيانُ عن الزَّهري، عن سالم، عن أبيه قال: -سمعتُ -[193]- النبي صلى اللَّه عليه وسلم فإذا خَشِي أحدُكُم الصُّبحَ أَوْتَر بواحدة".

544- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن عَمْرو بن دينارٍ، عن طاوُس، عن ابن عُمَرَ: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مثله.

545- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شِهاَب: -أن سَعْدَ بن أبي وَقَّاص كان يُوتر بركعة (هذا الحديث وما بعده يفيد صحة الإتيان بركعة واحدة وروى مسلم عن ابن عمر عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم الوتر ركعة من آخر الليل وهو دليل على استحباب تأخيره إلى آخر الليل ويدل على أن أقل الوتر ركعة أما أكثره: فقد تقدم أنه إحدى عشرة ركعة وهو رأى الجمهور وعند الحنفية ثلاث ركعات لا أكثر بتسليمة واحدة وقال المالكية ركعة واحدة ووصلها بالشفع مكروه) .

546- (أخبرنا) : عبد المجيد، عن ابن جريج، عن يزِيدِ بن خصيفة، عن السائب بن يزيدَ: -أن رجلاً سأل عبد الرحمن التيمِيَّ عَنْ صلاة طَلْحَة فقال عبدُ الرحمن: إن شئت أخبرتُك عن صلاة عُثمانَ قال قُلْتُ لأَغْلِبَنَّ الليلةَ على المَقام (المقام بفتح الميم مقام إبراهيم وهو الحجر الذي قام عليه عند بناء البيت أي لأزاحمن عليه واستأثر بالصلاة فيه فإذا برجل يزاحمني متقنعاً أي لابسا القناع والأصل فيه للنساء وهو ما تغطي به المرأة رأسها ومحاسن وجهها فنظر إليه فإذا هو عثمان فتأخر تاركا له المقام إحتراما وإجلالاً له فلما كانت هو أدى الفجر أي الساعات التي تسبق الفجر ويغلب عليها الهدوء والسكون لاستغراق الناس وقتها في النوم والحديث دليل على صحة الإتيان بركعة كما قلنا والفاء في قوله فأوتر بركعة زائدة) فقمتُ فإذا بِرَجُلٍ يُزاحمني مُتَقَنِّعاً فنظرت فإذا عُثمانُ رضي اللَّه عنه -[194]- قال فتأخرتُ عنه فصلى فإذا هو سَجَد سُجودَ القرآن حتى إذا قلتُ هذه هَوَادي الفَجْر فأوْتَرَ بركعة لم يُصَلّ غيْرَها.

547- (أخبرنا) : عبدُ الْمَجيد، عن ابن جُرَيْج أخبرني: عُتْبَةُ بن محمد ابن الحارث: -أن كُرَيباً مولى ابن عباس أخبره أنه رَأَى مُعاويةَ صلى العِشَاءَ ثم أوْتر برَكْعةٍ واحدة ولم يَزِدْ عليها فأَخْبَرْتُ ابن عباس فقال: أصابَ أي بُنَيَّ إنه لم يَكن أحدٌ منا أعْلَمَ من مُعاويةَ هي واحدة أو خمسٌ أو سبعٌ إلى أَكْثَرَ من ذلك الوِتْرُ ما شاء (قوله الوتر ما شاء أي صلاته واحد أي ركعة واحدة أو خمس أو سبع إلى أكثر من ذلك أي إلى إحدى عشرة أو ثلاث عشرة على الأكثر كما جاء في الأحاديث وجمهور العلماء ومنهم الشافعية والحنابلة على أن أكثره إحدى عشرة ركعة وأقله ركعة كما سبق ومن صلى أكثر من ركعة فالأفضل أن يسلم عقب كل ركعتين ولو وصل الجميع وتشهد لها تشهدا واحداً وسلم صح وإن كان خلاف الأفضل وقال المالكية: الوتر ركعة واحدة ووصلها بالشفع مكروه عندهم وقال الحنفية: الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة على هيئة صلاة المغرب وكان علي وعمر وابن مسعود يوترون بثلاث متصلة وروى أبو داود والنسائي: الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل وفي رواية: فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخمس ومن شاء أوتر بثلاث ومن شاء أوتر بواحدة وهذه الروايات في تأييد وتوضيح للحديث التالي) .

548- (أخبرنا) : عبد الْمَجيد، عن ابن جُرَيْج، عن هِشام بن عُرْوةَ، عن أبيه، عن عائشة: -أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يُوتِرُ بخمس رَكعَات لا يجْلِسُ ولا يُسَلِّم إلا في الأخيرة مِنْهن.

549- (أخبرنا) : سُفْيانُ أخبرنا: أبو يَعقوبَ عن مسروقٍ عن عائشةَ قالت: -من كُلِّ اللَّيْل أوْتَرَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فانتهى وتره إلى السحر (السحر بفتحتين: قبيل الصبح وبضمتين لغة والمعنى: أن رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أوتر في جميع أوقات الليل من العشاء إلى الفجر فصلى مرة عقب العشاء وأخرى بعد ذلك وثالثة في وسط الليل وبعد ذلك إلى قبيل الصبح يعني: أنه لم يكن يلتزم وقتاً معينا يؤديه فيه فأي وقت أدى فيه قبل وأجزأ مصليه فوقته موسع إلا أنه ينبغي لمن لا يثق بالاستيقاظ أن يبكر به قبل النوم ولمن يثق بالإنتباه أن يؤخره إلى آخر الليل فقد روى مسلم عن جابر قال: قال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم «من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة» اهـ أي تشهدها ملائكة الرحمة وهو واضح للدلالة على أن تأخير الوتر إلى آخر الليل أفضل لمن يثق باليقظة وأمامن لا يثق بها فالأفضل له تقديمها مخافة أن يغلبه النوم والأحاديث المطلقة محمولة على هذا التفصيل الصحيح الصريح) .

550- (أخبرنا) : ابن عُلَيَّة، عن أبي هَارونَ الغَنَويِّ، عن حِطّانَ بن بعد اللَّه قال: - قال عليٌ رضي اللَّه عنه: الوِتْرُ ثلاثةُ أنواعٍ فمن شاء أن يُوتِرَ أوَّل اللَّيْل أوترَ ثم استيقظ فإن شاء أن يَشْفَعها بركعة وَيُصَلّي ركعتين ركعتين حتى يُصْبِحَ ثم يوتر فَعَل وإن شاء صلى ركعتين ركعتين حتى يُصْبِحَ وإن شاء أوتر آخِرَ الليل.

551- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع قال: -كنتُ مع ابن عُمَرَ بمكَّةَ والسماءُ مُتَغَيِّمةٌ فَخَشِي ابن عُمَر الصُّبْحَ فأَوْتر بواحدةٍ ثم تَكَشَّف الغَيْمُ فرأى -[196]- عَلَيْه لَيلا فَشَفَع بواحدة (وذلك لأنه أراد أن يعمل بالحديث المتقدم: صلاة الليل مثنى مثنى وقد كان بالسماء غيم وخاف أن يدركه الصبح فأوتر بواحدة ثم انكشف الغيم وتبين له أن هناك بقية من الليل فالحق بركعته ركعة أخرى لزوال المحذور وهو طلوع الفجر وقد كان متنفلا والأولى في التنفل: أن يؤدي ركعتين ركعتين كما سلف) .

552- (أخبرنا) : مالك، عن نافع: -أن ابن عمر كان يُسَلّشم بين الرَّكْعة والركعتين من الوِتْر حتى يَأْمُرَ ببعض حاجته (قوله بين الركعة والركعتين يخيل إلى أن الأصل الصحيح بين الركعتين والركعة والمعنى على هذا أن ابن عمر كان إذا دعاه الأمر سلم على رأس الركعتين ثم أوتر بثالثة وهذا جائز عند الشافعية ويكون الحديث دليلا لهم وحجة على الحنفية الذين يوجبون أن يؤدى ركعات الوتر الثلاثة مجتمعة وإن كان الأصل كما هنا فيقال: أنه قدم الركعة لأنها عماد الوتر والمراد بين الركعتين والركعة كما قلنا) .

الباب الحادي والعشرون في قضاء الفوائت

الباب الحادي والعشرون في قضاء الفوائت

553- (أخبرنا) : ابن أبي فُدَيْك، عن ابن أبي ذِئْب، عن المَقْبَرِي، عن عبدِ الرحمنِ ابنِ أبي سَعيد الْخُدري، عن أبي سَعيد قالَ: -حُبِسْنَا يَوْمَ الخَنْدَقِ عن الصلاة حتى كان بَعْدَ المغربِ بِهَوِيّ (الهوى بفتح فكسر: الحين الطويل من الزمان وقيل أنه مختص بالليل ولذا قال بعضهم: هو الساعة الممتدة من الليل وقوله حبسنا عنالصلاة أي منعنا منها لإشتغالنا بحرب الأعداء ولم تكن صلاة الخوف قد شرعت بعد) من الليل حتى كُفينَا وذلكَ قولُ اللَّه عزوجل: (وكَفَى اللَّهُ المؤمنين القِتال وكان اللَّهُ قوياً عزيزاً) فَدَعَا رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بِلاَلاً فأمَرَهُ فأقامَ الظُّهْر فصلاها فأحْسَنَ صَلاَتَهَا كما كان -[197]- يُصَلّيها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك ثم أقام المغْرِبَ فَصَلاَّها كذلك ثم أقام العِشاء فَصَلاَّها أيضاً قال: وذلك قَبْلَ أن يَنْزِلَ في صلاة الخَوْفِ فَرِجَالاً أو رُكْباناً (يؤخذ من هذا الحديث أمور: الأول وجوب قضاء الفائتة ويجب أن تقضى على الفور إذا تركها بغير عذروهذا هو الأصح ويقل لا يجب على الفور وأما إن تركها بعذر فيستحب قضاؤها فوراً ويجوز التأخير على الصحيح وشذ بعض الظاهرية فقال بعدم قضاء الفائتة إذا تركت بغير عذر لأن هذا الذنب أكبر من أن يتدارك بقضاء ما فات والثاني: أن الفوائت تقضى مرتبة فإنه صلى اللَّه عليه وسلم قضى الظهر فالعصر فالمغرب فالعشاء وهذا مستحب عند الشافعي حتى لو صلاها غير مرتبة صح وكان تاركا للأفضل والثالث أن كل فائتة يسبقها الإقامة دون الأذان بقوله أمر بلال فأقام الظهر ثم أقام العصر إلخ وليس في الحديث ذكر للأذان وفي هذه المسألة خلاف عند الشافعية والأصح عندهم أن يؤذن للفائتة كما ثبت في حديث أبي قتادة من أذان بلال في الفائتة من حديث مسلم ومذهب الحنفية ترك الأذان في الفائتة لأنه للإعلام بوقت الصلاة ليحضر الناس لأدائها وقد فات وقتها وهو رأي للشافعية والرابع: أن الفوائت تؤدي بجماعة مثل الحواضر سواء بسواء وأن ذلك مستحب وهو مذهب الشافعية وقوله وذلك قبل أن ينزل في صلاة الخوف فرجالا أو ركبانا لدفع ما قد يرد على البال في هذا المقام فيقال كيف ترك الرسول صلى اللَّه عليه وسلم الصلاة في ذلك اليوم وقد شرع اللَّه صلاة الخوف التي يمكن للمحاربين أداؤها من غير تعرضهم لفتك أعدائهم فأجاب بأن صلاة الخوف لم تكن قد شرعت إذ ذاك فأما بعد نزول القرآن فيها فلم يعد النبي ولا أصحابه يؤخرون الصلوات عن أوقاتها) .

554- (أخبرنا) سُفيانُ، عن عَمْرٍو يعني ابن دينار، عن نافعٍ بن جُبير، عن رجل من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: -كان النبي صلى اللَّه عليه وسلم في سَفَرٍ -[198]- (السفر الذي عناه أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان راجعاً من غزوة خيبر فسار ليلة حتى أدركه الكرى فعرس كما في مسلم برواية أبي هريرة) فَعَرَّسَ (قوله فعرس بالتشديد التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة وقوله يكلؤنا أي يحرسنا ويحفظنا كلأه يكلؤه من باب نفع كلاءة وكلاء بالكسر فيهما وكلئا بالفتح: حفظه وحرسه) فقالَ: ألاَ رجلٌ صالحٌ يكلؤنا اللَّيْلَةَ فلا يَرْقُدُ عن الصلاة فقال بلالٌ: أنا يا رسولَ اللَّه قال: فاسْتَنَدَ بلالٌ إلى رَاحِلَتِهِ (الراحلة هي البعير القوي على الأسفار والأحمال الذكر والأنثى فيه سواء وهاؤه للمبالغة واستند إلى الشئ اعتمدعليه بظهر هو المعنى أن بلالا ركن ظهره إلى جمله قيل الفجر فغلبه النوم «فلم يفزعوا إلا بحر الشمس» أي فلم يهبوا وينتبهوا من نومهم إلا بحر الشمس أي بعد أن أحسوا بحرارتها على وجوههم يقال فزع بالكسر من نومه أي هب وانتبه وكأنه من الفزع بمعنى الخوف لأن الذي ينبه لا يخلوا من فزع ما وهنا يقال كيف غلب النوم الرسول وهو الذي لا ينام قلبه وإن نامت عيناه والجواب أن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كخروج الريح مثلا فقد عللوا عدم انتقاض وضوئه بالنوم بأن قلبه لا ينام أي يشعر بهذه الحسية أما طلوع الفجر فلا يدرك بالقلب بل بالعين وهي نائمة وإن كان القلب يقظان) واسْتَقْبَلَ الفجرَ فلم يَفْزَعُوا إلاَّ بِحَرِّ الشَّمْسِ في وُجُوههم فقال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: يا بلالُ أين ما قلت؟ (أين ما قلت هذا الاستفهام في إحدى النسخ الخطية دون غيرها) فقال بلالٌ يا رسولَ اللَّه: أخَذَ بِنَفْسِي الذي بِنَفْسِك (فقال بلال أخذ بنفسي إلخ أي غلبني على نفسي ما غلبك وهو النوم يعتذر من عدم إيقاظهم كما وعد) قال: فتوضأ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثمَّ صلى رَكْعتى الفَجْر ثم قالَ: اقتادوا شيئاً قالَ: ثمَّ صَلَّى الْفَجْرَ -[199]- (اقتادوا أي اقتادوا رواحلكم شيئا أي قليلا فهو نائب عن المفعول المطلق وفي مسلم قال اقتادوا فاقتادوا رواحلهم شيئا وهذا دليل على أن قضاء الفائتة بعذر لا يلزم أن يكون على الفور وإنما أمرهم باقتيادهم لما ذكره في مسلم من أن هذا منزل حضرهم فيه الشيطان وفي الحديث دليل على قضاء سنة الصبح فإنه صلاها أولا ثم انتقل قليلا ثم صلى الفجر وبهذا أخذ الحنفية فقالوا بقضاء سنة الفجر دون غيرها والصحيح عند الشافعية قضاء السنن الراتبة كلها لقوله صلى اللَّه عليه وسلم من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها والأحاديث أُخر كثيرة في الصحيح كقضائه سنة الظهر بعد العصر حين شغله عنها الوقد وغير ذلك) .

الباب الثاني والعشرون في صلاة المريض

الباب الثاني والعشرون في صلاة المريض

555- (أخبرنا) : الثقةُ، عن يونِسَ، عن الحسن عن أُمِّه قالت: -رأيتُ أُمّ سَلَمَةَ زوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم تَسْجُدُ على وِسَادَةِ أدَمٍ من رَمَدٍ بِهَا (الوسادة بالكسر المخدة والأدم: الجلد ومنه يؤخذ جواز السجود على الفراش الوثير لعذر قهري) .

الباب الثالث والعشرون في صلاة الجنائز وأحكامها

الباب الثالث والعشرون في صلاة الجنائز وأحكامها

556- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ جابرِ بنِ عَتيك: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم جاء يَعُودُ عَبْدَ اللَّه بنَ ثابت فَوَجَدَهُ قد غُلِبَ (غلب بالبناء للمجهول أي غلبه المرض فصاح به أي ناداه باسمه فلم يجبه لعجزه عن الرد) فصاح به فلم يُجِبْهُ فاسْتَرْجَعَ (فاسترجع أي قال إنا للله وإنا إليه راجعون) رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وقال: "غُلِبْنَا عَليك يا أبا الربيع -[200]- (غلبنا عليك بالبناء للمجهول أي غلبنا عليك المرض فرفع النسوة أصواتهن بالبكاء يأسا وجزعا فقال رسول اللَّه دعهن فإذا وجب أي مات فلا تبكين باكية أي فلا ترفعن صوتها بالبكاء لأن هذا هو المحرم أما البكاء بغير رفع صوت فليس بمحظور لأنه صلى اللَّه عليه وسلم بكى على إبنه إبراهيم وعلى سعد بن عبادة وابن بنته وغيرهم كما في الصحاح فالبكاء جائز قبل الموت وبعده خلافا لمن أخذ بظاهر هذا الحديث فأجازه قبل الموت ومنعه بعده وهو ضعيف لأنه لما فاضت عيناه برؤية ابن إحدى بناته في لحظاته الأخيرة وقال له سعد ابن عبادة ما هذا يا رسول اللَّه قال هذه رحمة جعلها اللَّه في قلوب عباده وإنما يرحم اللَّه من عباده الرحماء فأعلمه أن مجرد البكاء ودفع العين لا شئ فيهما من حرمة أو كراهة بل هما رحمة وفضيلة وإنما حرم الندب واللطم والبكاء المقرون بهما ويؤيد هذا قوله صلى اللَّه عليه وسلم: إن اللَّه يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه) فصاحَ النسوةُ وَبَكَيْنَ فَجعلَ ابْنُ عَتيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ فقال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: دَعْهُنّض فإذا وَجَب فَلاَ تَبْكِيَنَّ باكِيَةٌ قال: ما الوجُوبُ يارسول اللَّ؟ قال: إذَا مَاتَ.

557- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ سَعْدِ بنِ إبراهيمَ، عن ابن شِهَاب: -أنَّ قَبِيصَةَ بن ذُؤيبِ كان يُحَدِّثُ أَنِّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أغْمض أبا سَلَمَةَ (المراد أغمض عينيه لأن عيني المتوفي يكونان بعد مفارقة روحه جسمه شاخصتين أي مفتوحتين مرتفعتي الجفنين بشكل رهيب فعلمنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن نغمضهما إخفاء لهذا المنظر البغيض وفهم من الحديث أن العمل بهذا من السنة) .

558- (أخبرنا) : عَبْدُ المَجيد بنُ عبد العزيز، عن ابن جُرَيْجْ أخبرني ابن أبي مُلَيْكَةَ قال: - تُوفيتْ ابنةٌ لعثمانَ بنِ عفان بمكةَ فجِئنا نَشْهَدُها وحَضَرَها ابنُ عَباسٍ وابنُ عُمَر فقال: إني لجالس بَيْنَهما جَلَستُ إلى أحدِهِما ثم جاء الآخر فجلس إليّ فقال ابن عُمَر لعَمْرو بن عُثْمان: ألا تَنْتَهي عن البُكَاء فإن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: إن المَيّتَ لَيُعَذَّبُ ببكاء أَهْلِه عَلَيه فقال ابنُ عباسٍ: قد كان عُمَرُ يَقُولُ بَعْضَ ذلك ثم حَدَّثَ ابن عَبَّاس قال: صَدَرْتُ مع عُمَرَ بنِ الخطّاب من مكّةَ حتى إذا كُنّا بالبَيْداءِ إذا بِرَكْبٍ تَحْتَ ظِلِّ شجرة قال فاذْهَبْ فانْظُر مَنْ هؤلاءِ الركبُ؟ فذهبتُ فإذا صُهَيبٌ قال ادْعُه فَرَجَعْتُ إلى صُهَيب فقلتُ ارْتَحِلْ فالْحَقْ بأميرِ المؤنين فلما أُصيب -[201]- عُمَرُ سَمِعْتُ صُهَيْباً: يَبكي ويقول وا أخيَاه واصاحباه فقال عُمَرُ يا صُهَيبُ: أتبكي عَلَيَّ وَقَدْ قال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إن المَيّتَ لَيُعَذَّبُ ببُكاء أَهْلِه عَلَيْه؟ قال فَلَمَّا مات عُمَرُ ذكرتُ ذلك لعائشةَ فقالت يَرْحَم اللَّهُ عُمَر لا واللَّه ما حَدَّثَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه (قوله: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه وفي رواية: ببكاء الحي وفي رواية ببعض بكاء أهله وفي رواية يعذب في قبره بما نيح عليه وهي كلها من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله ونسبتها السيدة عائشة للنسيان وأنكرت أن يكون النبي صلى اللَّه عليه وسلم قالها محتجة بقوله تعالى: «ولا تزر وازرة وزر أخرى» وقال الجمهور إنها مؤولة بمن أوصى أن يبكبي ويناح عليه بعد موته فهذا يعذب ببكاء أهله لأنه بمشيئته وطلبه فإن بكى أهله عليه وناحوا بغير أن يطلب منهم ذلك فلا ذنب له وإنما الذنب ذنبهم فلا يعذب لقوله تعالى: «ولا تزر وازرة وزر أخرى» قالوا وإنما أطلق الحديث لأنه كان من عادتهم في الجاهلية: أن يوصوا بالبكاء فجاء الحديث مطلقا على المتعارف لديهم ألا ترى في قول طرفة: إذا مت فانعيني بما أنا أهله * وشقي على الجيب يا إبنة معبد وقول الآخر: نى ابنتاي أن يعيش أبوهما * وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر؟؟ فقوما فقولا بالذي تعلمانه * ولا تخمشا وجهاً ولا تحلقا شعراً إلى الحول ثم اسم ارم عليكما * ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر وقالت طائفة: هو محمول على من أوصى بالبكاء والنوح أو لم يوصي بتركهما فمن لم ينه عن البكاء مفرط في الواجب فيؤخذ بتفريطه وأما من نهى عن ذلك فقد خرج من التبعة ولا ذنب له فيما فعل غيره ومعنى هذا القول: أنه يجب على الإنسان أن يوصي أهله بترك النياحة عليه وقالت جماعة: معناه أن الميت يعذب بما يعدده النائحات ويذكرنه للميت من مفاخرهم التي نهى عنها الإسلام كالسب والقتل والتخريب ونحو ذلك مما كانوا يعدونه شجاعة ومن خير ما قيل في تأويله: أن المراد بالميت من أشرف على الموت فإنه في ساعاته الأخيرة يتألم أشد الألم من رؤية أهله باكين عليه فهذا معنى تعذيبه وسمي ميتا وإن كان لا يزال حيا باعتبار ما يؤول إليه حاله وقالت عائشة: إنه في الكافر والمراد أنه يعذب بذنبه في وقت بكاء أهله عليه وعلى كل: فالمراد بالبكاء هنا: البكاء بصوت ونياحة لا مجرد دمع العين كما قلنا سابقا) ولكن رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال إن اللَّه يَزِيدُ الكافِرَ -[202]- عَذَاباً ببُكاء أَهْله عَلَيْه فقالتْ عائشةُ حَسْبُكم القُرآنُ (لا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وقال ابن عَبَّاسٍ عند ذلك: (واللَّهُ أَضْحَكَ وأَبْكَى) وقال ابن أبي مُلَيْكَةَ فَواللَّه ما قال ابن عُمَرَ من شئ (يؤخذ من حلفها هذا أنه يجوز للانسان أن يحلف على ما لم يقطع به اكتفاء بغلبة الظن بالقرائن وهذا مذهب الشافعية ولا يقال: إنها حلفت على علم لسماعها ذلك من الرسولُ صلى اللَّه عليه وسلم في آخر حياته لأنه لو سمعته لقالت: سمعته من رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في آخر حياته مع أنها لم تحتج إلا بالآية: «ولا تزر وازرة وزر أخرى» .

559- (أخبرنا) : مالكُ بْنُ أَنَس، عن عَبْد اللَّه بن أبي بكر، عن أبيه، عن عَمْرَة أنها سَمِعَتْ عائشةَ وذُكِر لها أَنَّ عَبْد اللَّه بنَ عُمَر يقول: -إنَّ الميِّتَ ليعَذَبُ ببكَاء الحيِّ فقالت عائشةُرضي اللَّه عنها: أمَا إنَّه لم يَكْذِبْ ولكنَّهُ أخطَاء أو نَسِي إنما مَرّ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على يَهوُدِيَّةٍ وهي يَبْكي عليها أهْلُها فقال: «إنَّهُم ليبْكُونَ عَلَيْها وإنَّها لتُعَذَّبُ في قَبْرِهَا -[203]- (أي أن الميت المحكى في حقه التعذيب غير المسلم وهي امرأة يهودية فهي تعذب بكفرها في حال بكاء أهلها عليها وفي قولها أنه لم يكذب ولكنه أخطأ أدب رائع ينبغي لنا أن نأنس يه فلا نفاجئ إخواننا بتكذيب رواياتهم وأحاديثهم بغلظة وخشونة بل بتأدب وتلطف فلا يشق على نفوسهم ولا يغير قلوبهم ويحملهم على التعصب والتحمس لما يقولون وإن كانوا غير محقين) » .

560- (أخبرنا) : مالكٌ، عن أيُّوبَ السِّخْتيانيّ، عن ابن سِيرِينَ، عن أمّ عَطِيةَ: -أن رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال لَهُن في غَسْل ابْنَته: "اغسِلْنها ثَلاثاً أوْ خَمساً أو أكْثَر من ذلك إنْ رَأيتُنَّ ذلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ واجْعَلْنَ في الأخيرَةَ كَافُوراً أوْ شَيئاً مِنْ كَافُور (قال لهن في غسل ابنته المراد بها زينب وغسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه كلها فروض كفاية إن قم بها البعض سقطت عن الباقين وإلا أتموا جميعا وكون الغسل ثلاثا أو خمسا أو أكثر مندوب إليه لأنه زيادة عن الفرض ويندب أن يكون الغسل وترا كما يؤخذ من الحديث لقوله صلى اللَّه عليه وسلم: "إن اللَّه وتر يحب الوتر) أي فرد في ذاته وصفاته وأفعاله فيحب ما كان على شاكلته في الأفراد والسدر بكسر فسكون: شجر النبق والمراد ورقه المطحون وليس مستعينا لهذا بل المراد كل ما عرف بإزالة الوسخ كالصابون في عصرنا قالوا: وندب إلى استعمال الكافور في الغسلة الأخيرة لأنه يمنع الهوام ويصلب الجسم) ".

561- (أخبرنا) : الثِّقةُ من أصحابناعن هِشَامِ بنِ حَسَّانَ، عن حَفْصَةَ بنتِ سِيرِينَ، عن أم عَطِيَّةَ الأنصارية قالت: -ضَفَّرْنَا شَعْرَ بنتِ رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نَاصِيتهَا وقَرْنَيْهَا ثَلاثَ قُرون فألْقَيْنَاها خَلْفَها (النصية في الأصل منبت الشعر في مقدم الرأس والمراد بها هنا الشعر النابت في مقدم الرأس والقرن بفتح فسكون: الخصلة من الشعر وفي رواية فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وفي اللسان (قرن) ومشطناها ثلاثة قرون فبعض الروايات ذكر القرن فقال: ثلاثة وبعضها انث فقال ثلاث قرون والتذكير على اعتبار الجزء من الشعر والتأنيث على اعتبار الخصلة واللَّه أعلم وبهذا علمنا ما يصنع بشعر النساء في الغسل) .

562- (أخبرنا) : بعضُ أصحابنا عن ابن جُريْج عن أبي جعفرٍ: -أن رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم غُسِل ثَلاثاً -[204]- (قد مر أن الغسل واجب وتكراره وترامندوب إليه) .

563- (أخبرنا) : مالكٌ، عن جَعْفرِبن محمد، عن أبيه: -أن رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم غُسِّل في قميص (روى عن عائشة أنهم لما أرادوا غسله حاروا في الأمر فقالوا: نجرده من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه فألقى عليهم النوم فسمعوا متكلما من لا يعرفونه يقول: غسلوه وعليه ثيابه فقاموا فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم وهذا إجلال خاص به صلى اللَّه عليه وسلم) .

564- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابن عُمَرَ: -أنَّ عُمَر بن الخطاب رضي اللَّه عنه غُسِّل وَكُفِّنَ وصُلِّيَ عَليهِ.

565- (أخبرنا) : بعضُ أصحابنا عن اللَّيْث بن سَعْد، عن ابن شِهَاب، عن عبد الرحمن بن كَعْب بن مالك، عن جابر بن عبدِ اللَّه: -أن رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لَمْ يُصَّلِ عَلَى قَتْلى أحد ولم يُغَسّلهم (وفهم منه أن الشهداء وهم الذين قتلوا في محاربة أعداء الإسلام لا يغسلون ولا يصلى عليهم وهذا مذهب جمهور الفقهاء وخالفهم أبو حنيفة فقال: يصلى عليهم وإن لم يغسلوا لأنه ورد أنه صلى اللَّه عليه وسلم صلى على قتلى أحد وحمله الجمهور على الدعاء لهم فعدم غسلهم متفق عليه وعدم الصلاة عند الجمهور لعدم الغسل والطهارة وأبو حنيفة يقول: يكفي تحقق الطهارة في المصلين) .

566- (أخبرنا) : بعض أصحابنا عن الزهري، عن أسامة بن زيد، عن أنَسَ: -أَن رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لم يُصل على قَتْلى أُحُد ولم يُغَسِّلْهم.

567- (أخبرنا) : سُفْيان، عن الزُّهْري، وَثَبَّتَه مَعْمَر، عن ابن أبي صعير: - أن -[205]- النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم أشرَفَ على قَتْلى أُحُدٍ (أي أشهد أنهم بذلوا أرواحهم في سبيل اللَّه) فقال: شَهِدْتُ على هؤلاءَ فَزَمِّلُوهُم (زملوهم: في النهاية لإبن الأثير في حديث قتلى أحد زملوهم بثيابهم ودمائهم أي لفوهم فيها يقال: تزمل بثوبه إذا التف فيه وروايتنا زملوهم بدمائهم وكلومهم وهي جمع كلم بالفتح وهو الجرح أي أنهم لا يغسلون بل يدفنون بدمائهم وجروحهم فإن كان هناك نجاسة أخرى أزيلت فإن قيل لماذا يدفنون بهذ هـ الحالة وغيرهم يغسل قلنا: لأن المراد من الغسل التطهير والنظافة لينقلوا إلى الدار الآخرة في طهر ونظافة وحالة حسنة والشهداء بما بذلوا في سبيل اللَّه من أرواح كريمة ودماء عزيزة قد استحقوا عند اللَّه أعلى الدرجات وتلقوا من الملائكة بأسمى التحيات فما أغناهم عما احتاج إليه غيرهم ممن ماتوا على فراشهم وبين أبنائهم وأهلهم) بِدِمَائِهِمْ وكُلوُمهم".

568- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنةَ عن عَمْرو بنِ دينار قال: -سمِعتُ سَعيدَ بن جُبير يقولُ: سمِعتُ ابنَ عباس رضي اللَّه عنهما يقولُ: كُنَّا مع النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم فَخَرَّ رَجُلٌ عن بعيرِهِ فَوُقِصَ فمات فقال النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم: «إِغْسِلُوهُ بماءٍ وسِدْرٍ وكفِّنُوهُ في ثَوبَيْه تخمروا رأسه» قال سُفيانُ: وزاد إبراهيمُ بن أبي حرة عن سعيد ابن جُبير عن ابن عباس أن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: "وخَمِّرُوا وَجْهَهُ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ ولاَ تُمِسوهُ طيباً فإنه يُبْعثُ يوم القيامة مُلَبِّياً -[206]- (روى هذا الحديث الخمسة بلفظ أن رجلا وقصه بعيره ونحن مع النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم وهو محرم فقال النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم: «اغسلوه بماء وسدر إلخ» ففهم من هذه الرواية أنه كان محرما وقوله: وقص في روايتنا بالبناء للمجهول أي كسرت عنقه لأن الدابة رمت به من فوقها وهذا معنى قوله: فخر عن بعيره أي سقط ثم قال: وكفنوه في ثوبيه وفي رواية: في ثوبين فدل على أن الإيثار مندوب إليه لا لازم ثم قال: وخمروا وجهه أي غطوه ولا تخمروا رأسه أي لا تغطوها لأنه يبعث يوم القيامة وهذا مذهب الشافعية لبقاء الإحرام وقال المالكية والحنفية: إن الإحرام انقطع بالموت فصار كغيره) .

569- (أخبرنا) : سَعيدُ بُن سالم، عن ابن جُرَيْج، عن ابن شهاب: -أن عُثمان بن عَفَّان صَنَعَ مِثْلَ ذلك.

570- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن عبد اللَّه بن أبي بَكْر، عن الزُّهْري عن عُرْوَة بنَ الزُّبيرِ، عن عائشة قالت: -لو اسْتَقْيَلْنَا من أمْرِنا ما اسْتَدْبَرْنا ما غَسَّلَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلاَّ نِسَاؤهُ (رواه أبو داود وابن حبان والحاكم بلفظ: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه) أي لو ظهر لي أولا ما ظهر لي آخرا ماغسله إلا نساؤه لتذكرها بعد فوات الوقت قول النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم لها: «لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك» رواه أحمد وابن ماجة وروى الشافعي أن عليا غسل فاطمة ولأن أسماء غسلت زوجها أبابكر وهذا مذهب الجمهور في جواز غسل أحد الزوجين الآخر وخالفت الحنفية فقالوا: لا يجوز للرجل أن يغسل زوجته لانقطاع العلاقة بينهما وبطلان النكاح بالموت) .

571- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد، عن عُمَارَة، عن أم محمد بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، عن جَدَّتها أسماءَ بنت عُمَيْسٍ: -أن فاطمةَ بنتَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أوصت أن تُغَسِّلْهَا إذا ماتت هي وعَليّ فَغَسَّلتها هي وعليّ رضي اللَّه عنه -[207]- (وعلي كان زوج فاطمة ففهممنه أنه يجوزللرجل أن يغسل زوجته كما مضى في الحديث السابق وهو حجة على الحنفية لما تعين له) .

572- (أخبرنا) : عُمَرو بن الهيثم، عن شُعْبَة، عن ابن اسحاق، عن ناجِيةَ ابنِ كَعْب، عن عليّ رضي اللَّه عنه قال: -قلتُ يا رسول اللَّه بأبي أنْتَ وأمي إنَّ أبي قَدْ مَاتَ قَال: إذْهَبْ فَوارِهِ قُلْتُ إنَّهُ مَاتَ مُشْرِكاً قَالَ إذْهَبْ فَوارِهِ فَوَاريتُهُ ثم أتيته قال: إذْهَبْ فاغْتسل (بأبي أنت وأمي مبتدا وخبر والتقدير أنت مفدى بأبي وأمي أي هما فداؤك وهي كلمة إعزاز وإجلال وقوله اذهب فواره أي أخفه أي أدفنه فقال علي: إنه مات مشركا فكرر رسول اللَّه ما أمره به وقال: اذهب فواره كأن سيدنا عليا كان يريد أن يتثبت من الحكم في هذه الحالة ويدل على ذلك قوله للرسول: إنه مات مشركا كأنه يخشى أن يكون عليه إثمفي دفنه لموته على الشرك الذي يفصم العلائق ويفرق بين الأقارب ويمنع التوارث بين الإبن وأبيه ولكن سماحة الإسلام ومكارم الأخلاق التي يحض عليها تأبى أن ينسى الولد أباه بعد موته ولا يهتم بتشييعه ودفنه فلله هذا الدين ولله هذا الخلق الكريم وظاهر الحديث يدل على أن الواجب على المسلم بإزاء أبيه إذا توفى أو ابنه أن يباشر دفنه ولا يلزمه أكثر من ذلك فلا غسل ولا تكفين ولا صلاة لأن هذه خاصة بمن مات مسلما وأمره إياه بالإغتسال الظاهر أنه للندب وكأنه رمز إلى طلب الطهارة من تشييع جثة آثر صاحبها الشرك على الإسلام فكأنه كان في نجاسة ينبغي التطهر منها) .

573- (أخبرنا) : يحي بنُ سُليم، عن عبد اللَّه بن عُثمان بن خَيثَم، عن سعيدِ ابن جبير عن ابن عباس: -أن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «مِنْ خَيْرِ ثيابكُم البَيَاضُ فَلْيَلْبَسْهَا أحْياؤكم وكَفِّنُوا فِيهَا موتاكم (قوله فليلبسها أحياؤكم الضمير عائد على الثياب أي فليلبس الثياب البيض أحياؤكم وكفنوا فيها موتاكم وعلم من هذا أن السنة تكفين الميت في الثياب البيض وهذا متفق عليه وسيأتي أن الرسول صلوات اللَّه عليه كفن في ثياب بيض وأن من السنة أيضا لبس البياض للأحياء روى ابن ماجة» أحسن ما زرتم اللَّه به في قبوركم ومساجدكم البياض".

574- (أخبرنا) : مالكٌ، عن هِشَّام، عن أبيه، عن عائشةَ: -أنّ رسول اللَّه -[208]- صلى اللَّه عليه وسلم كُفِّنَ في ثلاثة أَثْوَاب بِيض سُحُوليةٍ لَيْس فيها قميصٌ ولا عمامةٌ (سوحلية بضم السين وفتحها فالفتح نسبة إلى السحول بالفتح وهو القصار لأنه يسحلها أي يغسلها أو إلى السحول وهي قرية باليمن وأما الضم فنسبة إلى سحول جمع سحل وهو الثوب الأبيض النقي وخصهم بعضهم بما صنع من القطن وعلى هذا تكون النسبة شاذة لأنه نسب إلى الجمع لا إلى الفرد وعلم منه أن السنة لا تزيد لفائف الكفن عن ثلاث لأنه اسراف لا منفعة فيه لحي ولا لميت ولا داعي للقميص ولا للعمامة وعلى ذلك الجمهور وقال المالكية والحنفية يستحب القميص مع اللفائف الثلاثة وفهم من الحديث أن الزيادة على ذلك اسراف وتبديد للأموال لا يقرهما عقل ولا دين فمن مجافاة الدين ما نراه من عامة الشعب أغنيائهم وفقرائهم من التوسع في الكفن ومضاعفة أثوابه والمغالاة في نوعها كأن تكون خريرا من أغلى ما يلبسه الموسرون أحياء فهذا مما يكرهه اللَّه ورسوله ولا ترضاه شريعتنا الحكيمة ولا يحمل عليه إلا التفاخر والمباهاة وإن هذا السفه ليتضاعف إن كان في ورثة المتوفي صغار فهم ولا شك أولى بهذه الأموال التي تبذر في غير وجهها والتي لا تلبث أن تأكلها الأرض أو يتخطفها لصوص المقابر عقب الدفن) .

575- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهَاب، عن ابن المُسَيّب، عن أبي هُريرة قال: -نَعَى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم للناس النجاشي اليومَ الذي مات فيه وخَرَج بهم إلى المُصَلَّى وصَفّ بهم وكَبَّر أرْبع تكبيرات (قوله في اليوم الذي مات فيه يشعرنا بأن اللَّه هو الذي أخبر رسوله بهذه الوفاة إذ لا يتصور أن يصل الخبر من الحبشة إلى المدينة في يوم الوفاة والنجاشي هو ملك الحبشة وكان قد أسلم ومن هذا الحديث أخذت الصلاة على الغائب وهو مذهب الجمهور وفيهم الشافعي وأحمد ومعها الحنفية والمالكية وفهم منه أيضا أن تكبيرات صلاة الجنازة أربع وهو مذهب الجمهور) .

576- (أخبرنا) : مالك، عن ابن شهاب، أن أبَا أُمَامَة بن سَهْل بن حَنِيف -[209]- أخبره أن مِسْكينةً مَرِضت فأُخبِر النبىُّ صلى اللَّه عليه وسلم بِمَرضها قال: -وكان رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَعود المَرْضَى ويَسألُ عَنْهم -فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «إذا ماتَتْ فآذِنُونى بها» فَخُرِجَ بجَنازتها ليلاً وكرهوا أن يُوقظوا رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فلما أصْبَح رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أُخبِر بالذى كان من شأنها فقال: «ألَم آمُرْكم أن تؤذونني بها؟» . فقالوا يا رسولَ اللَّه كَرِهْنا أن نوقظكَ لَيْلاً فخرجَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حتى صَفَّ بالناس على قَبْرها وكَبّر أربعَ تكبيرات (ان فى هذا الحديث لدليلا على سمونفس رسولنا وكرم أخلاقه وإن فيه لدرسا لنا ينبغي أن ننتفع به فنولي المساكين عطفنا ورعايتنا فنعود مرضاهم ونشيع جنائزهم ونعزي أهلهم ونواسيهم في وفياتهم كما كان الرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يفعل فها أنت ترى كيف أوصاهم أن يخبروه بوفاة هذه المسكينة فلما فاتهم ذلك عاتبهم عليه ثم أبى إلا أن يصلي عليها بعد دفنها لما فاته أن يصلي عليها معهم فما بالنا الآن نرى جنائز ذوي السلطة والنفوذ تضيق بها الشوارع على سعتها وأسلاك البرق وأعمدة الصحف تفيض بأنبائها ومواساة أهلها ويرى جنائز الفقراء لا يحتفل بها ولا يؤبه لأهلها فاللهم عفوا وغفرا) .

577- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهَابٍ، عن أبي أُمامَةَ: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صلَّى عَلَى قَبْرِ مِسْكِينةٍ تُوِفِيَتْ من الليل (فهم من هذا الحديث وسابقه أنه لا مانع من الدفن ليلا إذا دعت إليه الحال) .

578- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن عبد اللَّه بنُ محمد بن عَقِيل، عن جابِرِ بن عبد اللَّه: -أن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم كَبَّرَ عَلَى الميّتِ أربعاً وقَرَأَ بِأُمِّ الكتاب بعد التكبيرة الأولى -[210]- (هذا الحديث وما والاه كلها في قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ولابن ماجة أمرنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب ولذا قال الشافعي وأحمد أنها ركن في صلاة الجنازة بعد التكبيرة الأولى وتكره عند الحنفية إلا إذا قرأت بنية الدعاء فإن قيل كيف تكون ركنا عند الشافعية مع قول ابن عباس الآتي لتعلموا أنهاسنة وغير ذلك مما يصرح بسنيتها قلنا سنة أي طريقة فلا ينافي انها ركن كما يقول المسلم لغيره من سنتنا الصلاة أي من طريقتنا وشرعتنا) .

579- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ سَعْدٍ، عن أبيه، عن طَلْحَةَ بنِ عبد اللَّه ابن عَوْف قال: -صليتُ خَلْفَ ابنِ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما عَلَى جَنَازَةٍ فقرأ بفاتحة الكتابِ فلما سَلَّمَ سألتُهُ عن ذلك فقال: سُنَّةٌ وَحَقٌ (حق أي ليس بباطل أو واجب والثاني هو المناسب لمذهب الشافعية أي أنهم فهموه على هذا الوجه) .

580- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن محمد بن عَجْلاَنَ، عن سَعِيد بن أبي سعيد قال: -سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاس يَجْهَرُ بفاتحة الكتاب على الجنازة وَيَقُولُ: إنما فعلتُ لِتَعْلمُوا أنها سُنَّةٌ (فيه الجهر في صلاة الجنازة بفاتحة الكتاب وبه أخذ بعضهم وخصه بالليل والجمهور على أن السنة هي الأسرا بها للحديث الآتي ففيه ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا وفي نفسه ويدل على صحة هذا قول ابن عباس إنمافعلت أي جهرت لتعلموا أنها سنة أي لأعرفكم أن قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة سنة لا ممنوعة أي أنني أعرف أنه لا ينبغي الجهر بها ولكني جهرت لأعلمكم أنها امر مسنون لامكروه) .

581- (أخبرنا) : مُطَرّف بن مَازِنٍ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْري أخبرني: - أبو أُمَامَةَ بنُ سَهْلٍ أنهُ أخبره رجلٌ من أصحاب النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم أن السُّنَّةَ في الصلاة على الجَنَازة أن يُكَبِّرَ الإمامُ ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعدَ التكبيرَةِ الأولى يقرَأ سِرًّا في نفسهِ ثم يُصلي على النبيَّ -[211]- صلى اللَّه عليه وسلم ويُخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يَقْرَأُ في شئ منهن ثم يُسَلِّمُ سِرًّا في نفسه.

582- (أخبرنا) : مُطَرّف بن مَازِنٍ، عن مَعْمَرٍ، عن الزُّهْري قال حدّثني: -محمد الفِهْرِي عن الضَّحَّاك بن قيس أنه قالَ مثلَ ما قول أبي أُمَامَةَ.

583- (أخبرنا) : بعضُ أصحابنا عن لَيْثِ بن سعد عن الزُّهْري عن أبي أُمَامَةَ قَالَ: -السُّنَّةَ أن يُقْرَأ على الجَنازة بفاتحة الكتاب.

584- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد، عن اسحاقَ بنِ عبد اللَّه، عن موسى ابن وَرْدَان، عن عبد اللَّه بن عَمْرٍو بن العاص: -أنه كان يَقْرأُ بِأُمّ القرآن (عبرعن الفاتحة في بعض هذه الأحاديث بفاتحة الكتاب وفي بعضها الآخر بأم الكتاب وهما اسمان لها وكثرة الأسماء تدل على عظم المسمى والأمر كذلك هنا فإنها لشرفها سميت أم الكتاب وفي لسان العرب وأم كل شئ أصله وعماده وأم الكتاب فاتحته لأنه يبتدأ بها في كل صلاة وقال الزجاج أم الكتاب أصل الكتاب اهـ وإنما كانت أصلا لتضمنها الأسس التي بني عليها الدين الإسلامي من الإعتراف لله بالربوبية وطلب الهداية منه وتخصيصه بالعبادة وشكره على نعمه ونحو ذلك) بعد التكبيرة الأولى على الجنازة.

585- (أخبرنا) : محمدُ بنُ عُمَرُ يعني الواقِدَيَّ، عن عبد اللَّه بن عُمر ابن حَفْص عن نافع عن ابن عُمَرَ: -أنه كان يَرْفَعُ يديه كلما كَبَّرَ على الجنازة -[212]- (جاء هذا الحديث فيما لم يجئ في اخوانه السابقة وهو رفع اليدين عند التكبير وهو صريح في ان هذا الرفع كان مع كل تكبير لا في الأولى فقط وعليه الشافعية روى الترمذي والدارقطني: كبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على جنازة فرفع يديه في أول تكبيرة ووضع اليمنى على اليسرى فأفاد أن الرفع مع التكبيرة الأولى فقط وبه أخذ المالكية) .

586- (أخبرنا) : مالكٌ عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ: -أنه كان يُسَلِّم في الصلاة على الجَنَازَةِ (أفاد الحديث أن الخروج من صلاة الجنازة يكون بالسلام كغيرها من الصلوات) .

587- (أخبرنا) : الثِّقَةُ من أصحابنا، عن اسحاقَ بنِ يحي بنِ طَلْحَةَ، عن عمه عيسى بن طَلْحَةَ قال: -رأيتُ عُثمانَ بنَ عفان يحملبين عمودي سرير أُمه فلم يُفَارقهُ حتى وَضَعَهُ (العمودان اللذان عناهما هما عمود أمامي وآخر خلفي وهما رجلا النعش أي أنه شارك الحاملين للنعش فحمل معهم جنازة والدته وتوسط بين أحد المتقدمين وأحد المتأخرين وساعدهم في حملها إلى قبرها وهذا أدب ينبغي الإقتداء به فإن حمل نعش المسلم وإن لم يكنقريبا مندوب إليه ومثاب عليه فكيف بوالدته التي حملته جنينا وحنت عليه وليدا وأولته عطفها وحنانها وأخلصت في حبه ورعايته وأرقت لأرقه ومرضت لمرضه لا شك أن هذا الذي فعله عثمان بعض ما يجب للوالدة على ولدها وإنه لمظهر من مظاهر الوفاء وآية من آيات الحب والإيمان) .

588- (أخبرنا) : بعضُ أصحابنا عن ابن جُرَيْج عن يُوسُفَ بنِ مَاهَك: -أنه رَأى ابن عُمَرَ في جِنَازةِ رافع قائماً بين قائمتي السرير.

589- (أخبرنا) : بعضُ أصحابنا عن عبد اللَّه بن ثَابت عن أبيه قال: -رأيت أبا هريرة يحمل بين عمودي سرير سَعْد بن أبي وَقَّاص.

590- (أخبرنا) : بعضُ أصحابنا عن شُرَحْبِيلِ بن أبي عَوْن عن أبيه قال: -رأيتُ ابن الزُّبير يحمل بين عمودي سرير المسْوَر بن مَخْرَمَةَ -[213]- (هذا الحديث وما قبله يعلمنا ما كان عليه الصحابة من التعاطف والتراحم لا سيما في أوقات المحن ونزول المصائب فأنت ترى كبارهم يتقدمون لمشاركة الحاملين للنعش يزاحمون ويتنافسون في ذلك البر الذي يجلب الثواب ورضا اللَّه والعباد ويفعل فعل السحر في بنفوس أهل المتوفي فينسيهم الأحقاد القديمة ويغرس في قلوبهم بذور المحب والوداد) .

591- (أخبرنا) : مسلمُ بن خالد وغَيْرُهُ، عن ابن جُرَيْج، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه: -أن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم وأبا بكروعُمَرَ وعُثمانَ كانوا يَمْشون أمام الجَنَازَة (هذا الحديث والحديثان بعده يفيدان أن السنة أن يتقدم المشيعون الجنازة في الذهاب بها إلى المقبرة وقد أخذ بذلك جمهور السلف والخلف وأحمد والشافعي وقالوا: إن المشيعين شفعاء الميت فينبغي أن يتقدموه ورأى الحنفية أن يسيروا خلفها ليتعظوا بالنظر إليها في سيرهم ولحديث"أمرنا النبي بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا باتباع الجنائز وعيادة المريض "إلخ فاتباع الجنائز معناه السير خلفها) .

592- (أخبرنا) : مالكٌ، عن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ، عن ربيعةَ بنِ عبد اللَّه ابن الهَدير: -أنه أخبره أنه رأى عُمَرَ بن الخطاب يقدمُ الناسَ أمام جَنازَةِ زَيْنَبَ بنتِ جَحْش.

593- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن عَمْروبن دينارٍ، عن عُبَيْدٍ مولى السَّائب قال: -رأيتُ ابن عُمَرَ وعُبَيد بن عُمَيْر يمشيان أمام الجَنَازَةِ فَتَقَدَّما فَجَلَسَا يَتحَدّثان فلما جازت (أصله حازت بهما وهو تصحيف صوابه جازت بهما أي مرت بهما وإنما قاما لما بلغهما من أمر النبي بالقيام لها حتى تمر أو توضع كما في الحديث التالي لهذا) بهما قاما.

594- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أبيه، عن عامر ابن ربيعة قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذَا رَأَيْتُمُ الْجِنَازَةَ -[214]- فَقُوموا لَهَا حتى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ -[215]- (الجنازة بالفتح والكسر السرير فيه الميت وقيل بالكسر السرير وبالفتح الميت وقيل بالعكس والمراد هنا الأول أي السرير فيه الميت لأن المعتاد في دفنالموتى أن يحملوا إلى القبر في النعش وقد يحمل الميت على الأيدي في حالات اضطرارية نادرة كمافي الحروب ويطلب في هذه الحالة ماطلب في سابقتها من القيام بل هي أولى لأنه إذا قمنا للميت مستورا في نعشه فأولى أن نقوم له بارزاً غير مستور واللَّه أعلم وقوله حتى تخلفكم أو توضع لأنه لا يخلوا إما أن يذهب معها فلا يجلس حتى توضع عند القبر أولا يذهب معها فيجلس عقب مرورها وقد ورد هذا المعنى بروايات كثيرة في مسلم منها: «إذا رأى أحدكم الجنازة فليقم حين يراها حتى تخلفه» ومنها «إذا اتبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع» وروى أنه صلى اللَّه عليه وسلم وأصحابه قاموا لجنازة فقالوا: يا رسول اللَّه إنها يهودية فقال: «إن الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا» وفي رواية قيل أنه يهودي فقال: «أليست نفسا» وفي رواية علي رضي اللَّه عنه: قام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثم قعد وفي رواية: رأينا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قام فقمنا وقعد فقعدنا فاختلفت أنظار الأئمة إلى هذه الروايات فمنهم من فهم من قيام النبي للجنازة أولا ثم قعوده بعد ذلك أن هذا نسخ وعدول عما فعله أولا وفهم آخرون أنه ليس نسخا وإنماهو لإباحة الأمرين ففهموا منه التخيير وأن الإنسان إذا مرت به جنازة كان له أن يقوم وأن يقعد وبالفهم الأول أخذ مالك وأبو حنيفة والشافعي فقالوا: نسخ القيام بحديث علي فلا يقوم الجالس إذا مرت به الجنازة وبالفهم الثاني أخذ أحمد وابن حبيب وابن الماجشون والمالكيان فقالا: هو بالخيار إن شاء قام للجنازة وإن شاء قعد وقال المتولي من أئمة الشافعية: أن القيام للجنازة مستحب وقال النووي وهو المختار فيكون الأمر بالقيام للندب والقعود بياناً للجوازقال: ولا يصح دعوى النسخ في مثل هذا لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث وهو هنا غير متعذر وقوله في الحديث: «حتى توضع» يفيد أن الماشي في الجنازة له أن يجلس متى وضعت الجثة على الأرض أما قبل وضعها فلا جلوس وليس في الحديث ما يقتضي من المشيعين أكثر من ذلك لكن فهم بعض الصحابة أن المراد من وضع الجثة المفهوم من قوله «حتى توضع» وضعها في القبر فقبل الدفن لا ينبغي الجلوس وإن كانت قد وضعت عن الأعناق وروى ذلك عن عثمان وعلي وابن عمر وغيرهم واللَّه أعلم) .

595- (أخبرنا) : مالكٌ، عن يَحي بنِ سعيد، عن واقِد بن عمرو بن سعد ابن مُعاذ، عن نافع بن جُبير، عن مَسْعود بن الحَكَم عن علي رضي اللَّه عنه: -أن رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يقُومُ في الجنازة ثم جَلَسَ وزاد في آخر ثم جلس بعد (أغنانا الكلام على الحديث السابق عن شرح هذا الحديث وما يليه لأن موضوعها كلها واحد) .

596- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد، عن محمد بن عَمْرو بن علقمة بهذا الإسناد أو شبيهه بهذا وقال: -قام رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأمر بالقيام ثم جَلَسَ وأمر بالجلوس.

597- (أخبرنا) : مُسلمُ بن خالد، وغَيْرُهُ عن إبن جُرَيْج، عن عِمْرَان إبن موسى: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سُلَّ من قِبَلِ رَأْسِهِ (السل انتزاع الشئ وإخراجه في رفق وإخراج الشعر من العجين ونحوه والمراد أنهم حين دفنوا الرسول عليه السلام تناولوه من نعشه في رفق من قبل رأسه وقد صار ذلك سنة فيدخل الميت القبر برأسه لا برجليه) .

598- (أخبرنا) : الثِقَةُ عن عَمْرٍ بن عَطَاءٍ، عن عِكْرِمَةَ، عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: -سُلَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من قبل رأسه.

599- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: -أن النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم رَشَّ عَلَى قَبْرِ ابنه إبراهيمَ وَوَضَع عليه حَصْبَاءَ -[216]- (الرش تفريق الماء والحصباء: الحصى ومعلوم أن إبراهيم مات طفلاً لا وزر عليه وإنما يفعل ذلك الرسول تعليما لنا: أما الحكمة في رش الماء ووضع الحصى فلا نعرفها فما علينا إلا القبول والإمتثال لأن في الشرع أموراً تعبدية لا ندرك أسرارها وقدعثرت على هذا الحديث في «جمع لأن الفوائد من جامع ومجمع الزوائد» وليس فيه وضع الحصى وفيه أيضا أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قام على قبر عثمان بن مظعون وأمر فرش الماء عليه) .

600- (أخبرنا) : القاسمُ بنُ عبد اللَّه بن عُمَرَ، عن جَعْفَر بن محمد، عن أبيه عن جَدّه قال: -لما تُوُفِّيَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وجاءت التعزيةُ سمعوا قائلا (ظنى أن الذي قال هذه التعزية البليغة المؤثرة هو بعض الصحابة ولكنه كان مغمورا فلم يشتهر اسمه وهذا في نظري أولى من أن يقال أنه هاتف يسمعون صوته ولا يرون شخصه) يقول: إنَّ في اللَّه عَزَاءً من كل مُصِيبَة وخلفاً من كل هالك ودَرَكاً من كل ما فات فباللَّه فثقوا وإيّاهُ فارجُوا فإن المُصَابَ مَنْ حُرِمَ الثواب.

601- (أخبرنا) : إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: -أن النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم حثا على الميت ثلاثَ حَثَيَاتٍ بيديه جميعاً (حثا التراب يحثيه حثيا وحثاه يحثوه حثوا: رماه وعلى ذلك يصح أن نقول ثلاث حثيات وثلاث حثوات وأن نكتب حثا بالألف وبالياء ونحن لا ندرك السر في هذا العمل ولا تدركه عقولنا ولكنا نصدقه ونتقبله ما دام الحديث صحيحا ولا مطعن في رجاله وروايته صحيحة وكم في العبادات من أمور لا تدركها العقول وقد عثرت على هذا الحديث في «جمع الفوائد الجامع للأصول ومنبع الزوائد» ولفظه عن أبي هريرة أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم صلى على جنازة ثم أتى قبر الميت فحثاعليه من قبل رأسه ثلاثا للقزويني) .

602- (أخبرنا) : سُفْيانُ بن عُيَيْنَةَ، عن جَعْفَر بن محمد، عن أبيه، عنعبد اللَّه بن جعفر قال: -لما جاء نَعِيُّ جعفر قال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «اجْعَلُوا لآِلِ جَعْفَرَ طَعَاماً فَإِنَّهُ قَدْجَاءَهُمْ أمر يَشْغَلُهمْ أوما يشغلهم -[217]-» شك سُفْيانُ بن عُيَيْنَةَ (النعي بفتح فكسر فتشديد خبر الموت ويطلق على الناعي أيضا وجعفر استشهد في غزوة مؤتة فقال النبي صلى اللَّه عليه وسلم «اجعلوا لآل جعفر طعاما» أي لأنهم أصيبوا بما يشغلهم عن صنعه لأنفسهم وهو نزول هذه الكارثة بهم وهي تشغل الأهل عن الطعام وغيره والأمر هنا للندب وهو موجه للأقارب والجيران وقد صار سنة في المسلمين إلى اليوم يحرص على العمل به كثير من الأسر الريفية فيلقون عن كاهل أهل المتوفي واجب القرى للمعزين ويكفونهم مؤونة ذلك ويأخذون بأيدي الأقربين إلى المتوفي ويشركونهم في موائدهم ويحتالون على إطعامهم الذي عزفت عنه نفوسهم لعظم المصاب ونعمت السنة وحبذا الخصلة فما أحمدها من خصلة تستميل القلوب النافرة وتستهوي الأفئدة الشاردة وتنسي الحزازات وتزرع المودة ويشتد بها التآلف ويقوى التآزر ويصبح المسلمون كما أراد اللَّه لهم كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا وهي فضلا عن ذلك من إمارات الكرم وعلائم السماحة فهي خير من جميع جهاتها) .

603- (أخبرنا) : مالكٌ، عن رَبيعةَ بن أبي عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخُدْرِي: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «وَنَهَيْتُكُمْ عن زيارة القُبُورِ فَزُورُوهَا ولا تَقولوا اهُجْراً -[218]- (وفي رواية» فزوروا القبور فإنها تذكر الموت «وقد جمع الحديث الناسخ والمنسوخ وهو صريح في أن نهي الرجال عن زيارة القبور قد نسخ وأنهم صاروا بعد هذا القول مأمورين بزيارتها وهذا الأمر للندب عند الجمهور وللوجوب عند ابن حزم الآخذ بطبع أهل الظاهر المؤيد لرأيهم وهو يؤدي بزيارتها ولو مرة واحدة في العمر والمقصود الأول من زيارة البقور الإتعاظ بما أصاب غيره ممن يعرف وممن لا يعرف وأنهم كانوا أكثر منه قوة ومالا ورجالا فلم يصنهم ذلك من سطوة الموت ولم يمنعهم من غائلته فتقلع النفس عن غيها وتنزجر عن ضلالها ويهون على ذي المال أن يتصدق ببعضه ويقبل على عبادة ربه ومن فوائدها التصدق على أبويه وأهله وقراءة القرآن والدعاء لموتاه وأما النساء فإن كن شابات أو جميلات فلا يخرجن لزيارتها لأن خروجهن يدعوا إلى الفتنة ويخشى من ورائه مفاسد كبيرة فإن كن شيخات فانيات أو كبيرات لا أرب للرجال فيهن فلا مانع من خروجهن وزيارتهن وإذا خرجن محتشمات غير متبرجات ولا متزينات ولا متطيبات لا يبغين إلا زيارة آبائهن وإخوتهن وكن قادرات على كظم حزنهن وعلى عدم النياحة ورفع الصوت بالبكاء جاز خروجهن مع أزواجهن أو محارمهن فبهذه الشروط تؤمن الفتنة والفساد وإلا فلا أمان ولا إطمئنان ومن ير ما يفعل بالمقابر في القاهرة والإسكندرية في الأعياد والمواسم من تبرج وتزين وتناول المآكل والمشارب والسهر الطويل والإختلاط الشنيع أو مايرتكب هناك من مآثم وما ينتهك من محارم لا يسعه إلا أن يتمثل بقول الرسول صلى اللَّه عليه وسلم» لعن اللَّه زائرات القبور «وإذا كان النساء آثمات بهذه الزيارة فإن أزواجهن وأولياءهن من آباء وإخوة وأعمام شركاؤهن في هذا الإثم إذ أرسلوا لهن الحبل على الغارب ومدوا لهن في أسباب الغواية والمآثم ولا حول ولا قوة إلا باللَّه وأما قوله صلى اللَّه عليه وسلم» ولا تقولوا هجراً" فمراده به النهي عما جرت به عادة الجاهلين وهو الدعاء بدعوى الجاهلية كأن تقول الواحدة: يا جملي يا سبعي يا مرهب الرجال يا ميتم الأطفال وما شاكل ذلك مما نهى اللَّه عنه ورسوله والهجر بالضم: الفحش وأهجر في منطقة أفحش أو أكثر الكلام فيما لا ينبغي أو خلط في كلامه وهذى فيكون الهذيان والافحاش منهيا عنه في المقابر التي لم تشرع زيارتها إلا للإتعاظ المنافي لهذا الخلط وذاك الهذيان) ".

كتاب الزكاة وفيه خمسة أبواب

كتاب الزكاة وفيه خمسة أبواب

الباب الأول في الأمر بها والتهديد على تركها وعلى من تجب وفيم تجب

الباب الأول في الأمر بها والتهديد على تركها وعلى من تجب وفيم تجب

604- (أخبرنا) : الثقةُ، أو ثقةُ غيرُهُ أو هُماعن زَكَرِيا بن إسحاقَ، عن يَحي بن عبد اللَّه بن صَيفي عن أبي مَعبَدٍ، عن ابن عباسٍ رضي اللَّه عنهما: -[219]- -أنَّ رَسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالَ لِمُعَاذٍ حينَ بعثه (معاذ بضم أوله وفته عينه: هو معاذ بن جبل وقد كان بعثه رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى اليمن أميراً كما في البخاري وفي الاستيعاب بعثه إلى اليمن واليا على الجند يعلم الناس القرآن وشرائع الإسلام ويقضي بينهم وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن وقال له حين وجهه إلى اليمن: "بم تقضي؟ قال: بما في كتاب اللَّه قال: فإن لم تجد؟ قال: بما في سنة رسول اللَّه قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: الحمد للَّه الذي وفق رسول اللَّه لما يحب رسول اللَّه"وفي مسلم عن ابن عباس أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن ثم ساق الحديث أطول مما هنا) : "فَإِنْ أَجَابُوكَ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ (الصدقة الزكاة وظاهر الحديث أن الزكاة لا تنقل من بلد إلى بلد إلا إذا زادت عن حاجة الفقراء بها ولكن للإمام أن ينقلها إلى حيث يشاء وهذا مذهب الشافعي وقال مالك: لا يجوز نقلها إلى مسافة القصر إلا إذا كانوا أشد حاجة من أهل البلد وقال الحنابلة: لا يجوز نقلها إلى مسافة القصر ولكنها تجزئ وعند الحنفية يجوز نقلها مطلقاً لكنه مكروه إلا لقوم هم أحوج إليها وإلا لذوي قرابته فلا كراهة حينئذ وهذا هو الدواء الناجع والبلسم الشافي من تلك الأمراض التي باتت تهدد كيان المجتمع بقلب نظامه وهدم كيانه ولا نجاة من هذه المبادئ الهدامة التي ملأت العالم قلقا واضطراباو باتت تهدده بأكبر الأخطار إلا بالزكاة وأخذها من الأغنياء وإعطائها للفقراء وهكذا تأبى الأيام إلا أن تظهر بعد نظر هذه الشريعة الإسلامية السمحة وتبرهن على أنها أوفى الأديان بحاجات البشر وأشدها ملاءمة للنفوس والطباع) ".

605- (أخبرنا) : الثِّقَةُ وهو يَحي بنُ حَسَّانٍ، عن اللَّيْثِ بن سَعْدٍ، عن سَعِيد بن أبي سعيد عن شَريك بن عبد اللَّه بن أبي نَمِرٍ عن أنَسِ بنِ مالك: -أنَّ رَجُلاً قال يا رسولَ اللَّه: نَشَدْتُكَ باللَّه اللَّهُ أَمَرَكَ أنْ تَأْخُذَ الصَّدَقَةَ مِنْ -[220]- أغْنِيَائِنَا وتَرُدَّهَا عَلَى فُقَرَائنا؟ قال: "اللَّهُمَّ نَعَمْ (نشدتك بالله ونشدتك الله: استخلفتك به أو سألتك به وقوله: «ألله أمرك» بحذف همزة الاستفهام والأصل أألله أمرك أن تأخذ إلخ) ".

606- (أخبرنا) : سُفْيانُ بن عُيَيْنَةَ، عن ابن عَجْلاَنَ، عن سَعيد بن يَسَارٍ، عن أبي هريرة قال: -سَمِعْتُ أبا القاسِمْ صلى اللَّه عليه وسلم يقول: "والَّذِي نفسِي بيَدِهِ مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَصَدّقُ بصَدَقةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ (الطيب: الحلال) ولا يَقْبَلُ اللَّهُ إلاَّ طَيِّبا ولاَ يَصْعُدُ إلى السماء إلاَّ طَيِّبٌ إلاَّ كأنَما يَضَعُهَا في يَدِ الرَّحمنِ فيرَبِّيها لَهُ كما يُرَبِّي أحَدُكُمْ فِلْوَهُ (فلو: كصنو وعدو وسمو: المهر أو الجحش فطما أو بلغا السنة وقوله «كأنما يضعها في يد الرحمن» المراد قبولها لأن الرحمن لا يد له وإنما خوطبوا بالمعتاد المفهوم لهم وعظمها حتى تصيرمثل الجبل إما أن يكون على ظاهره وإن اللَّه يعظم ذاتها ويبارك فيها ويزيدها من فضله حتى تثقل في الميزان أو ليس على ظاهره والمراد به عظم ثوابها ومضاعفة أجرها وهو كقوله تعالى «مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل اللَّه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل» الآية وقوله (من ذا الذي يقرض اللَّه قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) وهوحث على الزكاة وترغيب في إخراجها) حَتى إنَّ اللُّقْمَةَ لَتَأْتي يَوْمَ القيامةِ وإنَّها لَمِثْلُ الجَبلِ العظيم ثم قرأ: (إنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأخُذُ الصَّدَقاتِ) .

607- (أخبرنا) : محمدُ بنُ عُثمانَ بنِ صَفْوَانَ الجُمَحِيِّ، عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ عن أبيه، عن عائشة: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلمَ قالَ: «لاَ يُخَالِطُ الصَّدَقَةُ مالاً إلاَّ أهْلَكتْهُ -[221]- (المراد والله أعلم أن من خلط حق الله في المال بماله وأضافه إلى نفسه ولم يخرجه لأهله المستحقين له من الفقراء والمساكين أهلك ماله وبدده أي أن اللَّه لا يبارك في الأموال إذا طمع أهلهافي زكاتها وخلوطها بها وضنوا بها على المستحقين بل يكون ذلك سببا في نموها ومضاعفتها كما فهم من الحديث السابق) » .

608- (أخبرنا) : سُفْيانَ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعْرَجِ، عن أبي هُرَيرَةَ قالَ: -قالَ رَسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: " مَثَلُ المنْفِقِ وَالبَخيلِ كمثَلِ رَجُلينِ عَليهما جُبَّتان أو جُنَّتان (الجنة بضم فتشديد الدرع والتراقي: جمع ترقوة بفتح فسكون فضم وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق من الجانبين وسبغت الدرع طالت من فوق إلى أسفل من باب قعد وكرم ودرع سابغة: تامة طويلة ووفرت: كملت وتجن بضم أوله: تستر والبنان: الأصابع أو أطرافها وتقفو أثره: تمحوه وقلصت: انزوت وانكمشت والمراد من الحديث تمثيل حال المزكي والبخيل فالمزكي يبارك اللَّه له في ماله ويضاعفه له والبخيل تنزع البركة من ماله فلا يزيد ولا ينمو بل يتقلص ويتناقص فمثل حال الأول بلابس جبة سابغة موفورة والآخر بلابس جبة ضيقة متقلصة يحاول أن يوسعها فلا تتسع أو المراد منه أن الجواد قد تعودت يده الإنفاق فلا عائق يعوقها عنه بخلاف البخيل فإن يده مغلولة لا يستطيع أن يحركها بالعطاء وذلك مثل الأول بلابس ثوب متسع سابغ فإذا أراد أن يحرك يده أمكنه ذلك بسهولة ومثل الثاني بلابس ثوب ضيق فلا يستطيع معه أن يحرك يده والأول أصح وأظهر) من لَدُنْ قدميها إلى تراقِيْهما فإذا أراد المنْفق أن يُنْفِق سَبَغَتْ عَليهِ الدِّرْعُ أوْ وَفَرَتْ حتى تُجِنَّ بَنانَه وتَعْفُوَ أثره وإذا أراد البَخيلُ أن يُنْفِق قَلَصَتْ وَلَزِمَتْ كلُّ حَلقةٍ مَوْضِعَها حتى تَأْخُذ بعُنقهِ أوْ تَرْقُوَتهِ فهو يُوسِّعها فلا تَتَّسع".

609- (أخبرنا) : سُفْيانُ عن ابن جُرَيج عن الحَسن بنِ مُسْلم عن طاوُسٍ عن أبي هُرَيرة: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مِثْلُه إلاَّ أنهُ قالَ:: فهو يُوسِعُها ولا تَتَّسع".

610- (أخبرنا) : سُفْيانُ بن عُيَيْنَةَ سَمِعْتُ جَامِعَ بنَ أبي رَاشِدٍ وَعَبْدَ الملِكِ بنِ أَعْيَن: -سَمِعَا أبا وائلٍ يُخْبرُ عَنْ عَبْدِ اللَّه بنِ مَسْعود يَقُولُ: سَمِعْتُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: "مَامِنْ رَجُل لا يُؤَدَّي زكَاة مالِهِ يومَ القيامةِ شُجَاعاً أقرع يَفِرُّ منهُ وَهُوَ يَتْبَعُهُ حَتى يُطوِّقهُ فِي عُنقه ثُمَّ قرأ علينا رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلمَّ: (سَيُطوَّقُون مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القيامَةِ (الشجاع بالضم والكسر: الحية العظيمة التي تثب على الفارس والراجل وتقوم على ذنبها وربما بلغت رأس الفارس وتكون في الصحاري والأقرع: الذي تمعط رأسه وابيض من السم وإنما يسقط شعر رأسه من الكبر ويطوقه: يصير له كالطوق أي يلتف حول عنقه) .

611- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ اللَّه بن دِينارٍ، عن أبي صالح السَّمانِ، عن أبي هُريرة أنه كان يقُولُ: -مَنْ كان له مالٌ لم يُؤَدِّ زكاته مُثِّلَ لهُ يَوْمَ القيامة شُجَاعاً أقرَعَ له زبيبتان يَطلبْهُ حتى يُمْكِنَهُ يقولُ: أنا كَنْزُك -[223]- (القرع بفتحتين: قرع الرأس وهو أن يصلع فلا يبقى على رأسه شعر وقيل: هو ذهاب الشعر من داء وقرعت النعامة: سقط ريش رأسها من الكبر والحية الأقرع إنما يسقط شعر رأسه لجمعه السم فيه كما زعموا والشجاع الأقرع الذي لا شعر على رأسه لكثرة سمه وطول عمره وقيل: سمي أقرع لأنه يقرى السم ويجمعه في رأسه حتى تتمعط (تتطاير) منه فروة رأسه والزبيتان: النكتتان السوداوان فوق عينيه وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه ويقال: إن الزبيبتين هما الزبدتان يكونان في شدقي الإنسان إذا غضب وأكثر الكلام حتى يزيد قال ابن الأثير: الزبيبة نكتة سوداء فوق عبن الحية وقيل: هما نقطتان تكتنفان فاها وقيل: هما زبدتان في شدقيها يقال: أنشد فلان حتى تزبب شدقاه وقوله «يطلبه حتى يمكنه أي يسعى وراءه حتى يدركه فيقول له أنا كنزك» أي أناعملك وجمعك أو أنا مالك الذي جمعته لأن الكنز يصلح أن يكون مصدر كنز المال أي جمعه وأن يكون المال المكنوز وقد تهدد اللَّه كانزي الأموال ومكدسيها بغير إخراج حق الفقراء منها بأقسى ضروب التهديد قال تعالى: (ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اللَّه من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير) وقال تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم*يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنت تكنزون) وذلك لأن مرض الشح لا يقتصر أذاه على صاحبه بل يتعداه إلى المجتمع فيصيبه في الصميم ويرميه بأخبث الأمراض وأفتك العلل فهذا القلق الذي استحوذ على العالم الآن وسرى سمه إلى مختلف نواحي العالم حتى باتت كل أمة منه في خطر شديد وأمست مؤرقة بصد تياره ومقاومة سريانه هذا الداء الذي يسمونه «الشيوعية» لم ينشأ إلا من الشح وضن الأغنياء بمساعدة الفقراء وإعطائهم حقوقهم التي فرضها الله في أموالهم وأنت ترى حكومتنا الآن تسن التشريعات المختلفة بقصد ترقية مستوى المعيشة ففرضت ضرائب مختلفة لتحسين حال الفقير وترفيه عيشه وآخرها الضريبة التصاعدية وسيحمل عبئها الأغنياء وهناك تفكير جدي في تحديد الملكية ولو أن الأغنياء أدوا حقوق الفقراء وشملوهم بعطفهم لضوعفت أموالهم وأرضوا ربهم وإخوانهم وأعفوا من تلك الضرائب والتشريعات المنوية المقيدة للحرية ولله في خلقه شؤون وهو العليم بما كان وبما سيكون) .

612- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن ابن عَجْلاَنَ، عن نافعٍ أن ابن عُمَرَ كان يقولُ: -كلُّ مال يُؤدَّى زكاتُه فليْسَ بكنْزٍ وإن كان مدفوناً وكلُّ مالٍ لا يُؤدَّى زكاتُه فهو كنْزٌ وإن لم يكن مدفوناً -[224]- (قوله فهم كنز: أي فهو الكنز الذي تهدد اللَّه فاعليه بقوله (والذين يكنزون الذهب والفضة) الآية وما أخرج زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا أي ليس مما يكرهه اللَّه ويتهدد عليه والمعنى أن جمع المال ليس في ذاته مكروها ولا مهددا فاعله بل المكروه والمهدد فاعله هو الجمع الذي لا يصحبه إخراج للزكاة فليس المدار في الكنز على الإخفاء حتى يسمى من جمع أمولا وأخفاها كانزا وإنما الذي يطلق عليه هذا اللقب البغيض الذي لا يخرج الزكاة أخفى ماله أو أظهره ولذا روى أبي داود عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحا من ذهب فقلت يا رسول الله أكنز هو؟ فقال: «ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز» ومثله الحديث التالي بعده) .

613- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ اللَّه بن دِينارٍ: -سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّه بن عُمَرَ وهو يُسْأَلُ عن الكنْز فقال: هو المالُ الذي لا يُؤدَّى منهُ الزكاة.

614- (أخبرنا) : عَبدُ المجيدِ، عن ابن جُرَيج، عن يُوسف بن ماهَكَ: -أن رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلمَّ قال: "ابتغُوا في مَال اليتيم أو في مَال اليتامى لا تُذْهِبها أو لا تَسْتأْصِلها الزكاة (بغي الشئ وتبغاه وابتغاه: طلبه والمفعول لمحذوف أي ابتغوا النفع أو الكسب إن تبتغوا النفع له لا تذهب الزكاة ماله وهذه إحدى حسنات الشريعة الإسلامية وكيف لا وفيها النظر لمصلحة اليتيم والعمل على تنمية ماله حتى لا يضار بإخراج الزكاة والفعل تذهبها مجزوم أو منصوب بكي مقدرة) ".

615- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن عَمْرٍوبن دينارٍ، أن عُمَرَ بن الخطاب قال: -ابْتغُوا في أموال اليتامى لا تستهلكها الزكاة.

616- (أخبرنا) : مالك، عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسم، عن أبيه قال: -كانت عائشة زوجُ النبي صلى اللَّه عليه وسلم تليني أنَا وأخوَين لي يَتيمين في حجرها فكانت تُخْرجُ مِن أموالنا الزكاة -[225]- (القاسم هو محمد بن أبي بكر وكان هو وأخواه يتامى في ولية عمتهم عائشة فكانت تخرج الزكاة من أموالهم وكانت تتاجر بها ويفهم من الحديث وما بعده إخراج الزكاة من أموال اليتامى وهو مذهب مالك وأحمد والشافعي وخالفهم الحنفية فلم يوجبوها في أموالهم) .

617- (أخبرنا) : سُفْيان، عن أيُّوبَ بنِ موسى ويَحي بنِ سَعيدٍ وعبدِ الكريم بن أبي المخارق كلهم يخبره عن القاسم بن محمد قال: -كانتْ عائشةُ رضي اللَّه عنها تُزكِّي أمْوَالنا وإنه لَيُتَّجَرُ بها في البَحْرَيْنِ.

618- (أخبرنا) : سُفْيان، عن أيوبَ، عن نافع، عن ابنِ عُمَر: -أنه كان يزكي مَال اليتيم (ذكرنا الخلاف قريبا في وجوب الزكاة في مال اليتيم ونفيد هنا أن جمهور الصحابة والفقهاء على أخذالزكاة من ماله لهذه الأحاديث الكثيرة الصريحة وهذا هو المعقول لأن الزكاة حق الفقراء في مال الأغنياء ولا فرق في ذلكبين أن يكون المال مملوكا لليتيم أو لغيره ولكن لما كان اليتيم ضعيفا وعاجزا عن استثمار أمواله أوصى الرسول وليه أن يستغله ويستثمره حتى لا تأتي الزكاة عليه بتوالي السنين فراعت الشريعة حق الفقراء وحق اليتيم معا وحافظت على منفعة الطرفين وهو عين الحكمة والصواب وبهذا الرأي أخذ مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وخالفهم الحنفية وسفيان الثوري وابن المبارك بحجة أنه صغير لم يبلغ سن التكليف وقد رجحنا مذهب الجمهور لتعلق التكليف بالغنى لا بالبلوغ وعلى هذا فحكم المجنون حكم الصبي تجب الزكاة في ماله عند الجمهور لاعند الحنفية هذا والمراد باليتيم هنا الصغير وذلك لأن اليتم في الناس فقد الصبي أو الصبية أباهما قبل البلوغ فإذا بلغا زال عنهما اسم اليتم وإن كان يصح إطلاقه عليهما مجازا باعتبار ما كان ولذا كانوا يسمون النبي وهو كبير يتيم أبي طالب لأنه هو الذي رباه بعد موت أبيه وعلى هذا فاليتيم هنا بمعنى الصغير لأنه إذا أدرك خرج من حد اليتم ووجبت الزكاة في ماله باتفاق وإن كان فاقد الأب وحكم المجنون حكم الصغير والخلاف فيه كالخلاف في الصغير سواء بسواء فالحنفية لا يوجبون الزكاة في ماله لجنونه وغيرهم يوجبها لأن إيجابها مسبب بامتلاك النصاب لا بالعقل ولا بالبلوغ هذا والذي فقد والديه من الناس يقال له لطيم والذي فقد والدته فقط يسمى عجيبا بوزن غنى وأما من غير الناس فاليتيم الذي فقد أمه) .

619- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابنِ عُمَرقال: -لا يجبُ في مالٍ زكاةٌ -[226]- حَتى يَحُولُ عَليهِ الْحَوْلُ (المراد بالحول هنا العام الهجري وقد أفهم من الحديث أن حولان الحول شرط لإيجاب الزكاة في المال نقداً كان أوماشية وظاهر الحديث أن يحول الحول على النصاب كاملا فإن نقص أثناء السنة لا تجب الزكاة وهو مذهب الجمهور وقال الحنفية تجب الزكاة وأن نقص النصاب في أثناء العام) .

620- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، عن السائب بن يَزيدَ أنَّ عُثْمانَ ابنَ عفَّانٍ رضي اللَّه عنه كانَ يقُولُ: -هذا شَهْرُ زَكاتِكُمْ فمن كان عليه دَيْنٌ فَليُؤدِّ دَيْنَهُ حَتَّى تَخْلُصَ أموالُكُمْ فَتُؤَدُّون منها الزكاةَ (يعني أنه بعد مرور العام على المال يجب إخراج زكاته فإن كان على صاحبه دين أخرجه والباقي هو الذي تجب فيه الزكاة فإن بلغ نصابا بعد إخراج الدين أو زاد وجبت زكاته وإلا فلا لأن شرط وجوب الزكاة بلوغ المال حد النصاب ثم مرور العام عليه بعد أن يكون صاحبه غير مدين، فأما المدين فلا تجب عليه زكاة إلا فيما زاد عن دينه إن بلغ النصاب والرفع في «تؤدون» على الاستئناف) .

621- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عُمَرَ بنِ حَسَّانَ، عن عائشةَ ابْنَةِ قُدَامَةَ، عن أبيها قال: -كُنْتُ إذا جِئْتُ عُثْمانَ بنِ عَفَّانٍ أقْبِضُ منهُ عَطَائي سألني هل عندكَ من مالٍ وجَبَتْ فيهِ الزكاةُ؟ فإنْ قُلْتُ نَعَمْ أخذ من عَطَائي زكاةَ ذلك المالِ وإن قلت لا دَفَعَ إليَّ عَطَائي (هذا هو الحزم والجد في الأمر فانهم رضي الله عنهم لم يكونوا يتوانون في أخذ الزكاة وفيه أنه كان يأخذ بقول المزكي فيسأله ألديك مال فإن إعترف إقتطع الزكاة الواجبة عليه من عطائه وإلا سلمه عطاءه ومثل هذا لا سبيل إلى معرفته في وقتهم إلا بسؤال المزكي وإجابته لأن أموالهم لم تكن تودع إلا في بيوتهم وكان الوازع الديني إذ ذاك قويا كافيا في هذا الأمر في الغالب) .

622- (أخبرنا) : مالكُ بنُ أنَسٍ، وسُفْيانُ بن عُيَيْنَةَ كلاهما عن عبدِ اللَّه ابن دِينار، عن سليمانَ بن يَسَارٍ، وعن عِراكِ بنِ مالكٍ عن أبي هريرةَ: -[227]- -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " لَيْسَ عَلَى المسْلِمِ فِي عَبْدِهِ ولا فِي فرسِه صَدَقَةٌ (المفهوم من الحديث أنه لا زكاة في الخيل ولا في العبيد وهذا إذا كانت متخذة للإقتناء فإن كانت متخذة للتجارة وجبت فيها الزكاة ولم يشذ عن إعفائها من الزكاة إلا أبو حنيفة وشيخه حماد ونفر فهؤلاء أوجبوا الزكاة في الخيل إذا كانت إناثا أو ذكورا وإناثا في كل فرس ديناروإن شاء قومها وأخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم وهم محجوجون بهذا الحديث) .

623- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن أيُّوبَ بنِ مُوسى، عن مَكْحُولٍ، عن سليمانَ بن يَسَارٍ، عن عِراكِ بنِ مالكٍ، عن أبي هريرةَ: - عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مِثْلَهُ.

624- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن يَزِيدَ بن يَزِيد بن جَابِرٍ وعن عِراكِ بنِ مالكٍ عن أبي هريرةَ: -مِثْلَهُ مَوْقُوفاً على أبي هُرَيرَةَ.

625- (أخبرنا) : مالك، عن عبد اللَّه بن دينار قال: -سَأَلْتُ سَعِيد بنَ المُسَيَّبِ عن صَدَقَةِ البرَاذِينِ قال: وهل في الخيل صَدَقَةٌ (البراذين: جمع برذون بكسر فسكون ففتح وهو الفرس غير العربي وتقدم أن الخيل كلها لا زكاة فيها عند الجمهور ولذا قال سعيد بن المسيب لسائله وهل في الخيل صدقة وهو استفهام استنكاري بمعنى النفي ولعل مما يصلح أن يكون حجة للحنفية في وجوب الزكاة فيها أنه لا فرق بين حيوان وآخر إذ كلها أموال فلماذا تجب في الغنم والبقر دون الخيل؟) .

626- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ القاسم عن أبيه، عن عائشة: -أنها كانتْ تَلِي بنات أخيها لأنهن كنَّ يتامى فِي حِجْرِهَا لَهُنَّ اَلْحليُ فَلاَ -[228]- تُخْرِجُ منهُ الزكاةَ (الحلى بفتح فسكون ما تتزين به المرأة من مصوغ المعادن وجمعه حلى كدلى وفيه وفيما بعده أن الحلى لا زكاة فيه وهذا مذهب جمهور الفقاء ومنهم الشافعية وقد خالفهم الحنفية فقالوا بوجوب الزكاة في الحلى اعتمادا على أحاديث عن الرسول منها أن المرأة أتت النبي وفي يدها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها أتعطين زكاة هذا قالت لا قال أيسرك أن يسورك اللَّه بهما يوم القيامة سوارين من نار إلخ قال الحنفية أن الموجب لزكاة الحلى الأحاديث والذي خالف الآثار وهي لا تعارض الأحاديث وقال جمهور الفقهاء أن الأحاديث الموجبة كانت قبل حل الذهب للنساء والخلاف في الحلى المباح أما حلى الرجال والأواني ففيها الزكاة باتفاق) .

627- (أخبرنا) : عَبْدُ اللَّه بنُ مُؤَمِّل، عن ابن أبي مُلَيْكَةَ: -أنَّ عَائشةَ رَضيَ اللَّهُ عنها كانتْ تُحَلِّي بَنَاتِ أخِيها الذَّهَبَ وَكَانتْ لاَ تُخْرِجُ زَكَاتَهُ.

628- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابنِ عُمَرَ: - أنه كان يُحَلي بَنَاتِهِ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ ثُمَّ لاَ يُخرِجُ مِنْهُ الزَّكاةَ.

629- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن عَمْرٍوبن دينارٍ: - سَمِعْتُ رَجُلاً يَسْألُ جَابِرَ ابنَ عَبْدِ اللَّهِ عن الحُلِيّ أفيهِ الزَّكاةُ؟ فقال جابرٌ: لا فقال: فإنْ كانَ يَبْلُغُ أَلْفَ دِينَارٍ؟ فقال جابرٌ: كثيرٌ -[229]- (قول جابر كثير يشعر بأن ما زاد عن المعتاد من الحلي تكون فيه الزكاة ولكن جمهور الفقهاء الذين رأوا أن لا زكاة في الحلي لم يفرقوا بين قليله وكثيره ولذا بحثت فوجدت هذا الحديث في كتاب ال؟ اج عن عمرو بن دينار قال سمعت رجلا يسأل جابر بن عبد اللَّه عن الحلي أفيه زكاة؟ قال لا قال وإن كان يبلغ ألف دينار قال وإن كثر رواه الشافعي والبهيقي وهذه الرواية هي الملائمة لمذهب الجمهور ومنه الشافعية والرواية الأولى هي الصحيحة وإن لم يقل بظاهر دلالتها أحد) .

630- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرٍوبن دينارٍ، عن أُذَيْنَةَ أَنَّ ابنَ عَبَّاسِ قال: -لَيْسَ فِي العَنْبَرِ زَكاةٌ إنَّمَا هُوَ شَئٌ دَسَرَهُ البَحْرُ (دسره البحر أي دفعه وألقاه إلى الشط فليس هو بمعدن حتى تجب فيه الزكاة وقال أبو يوسف فيه وفي المسك الخمس وسبقه إلى ذلك الحسن وعمر بن عبد العزيز وإسحاق واحتج الشافعي عليهم بهذا الحديث وإن قلت فما أصل العنبر وكيف يقذف به البحر قلت هذا أمر غير بين ولذا قال بعضهم أنه روث دابة بحرية وقال غيره أنه نبات بحري أو ثمر نبات بحري يأكله السمك فيموت فإذا شق بطنه عثر عليه فيه هذه ظنون القدماء وعند أطباء العصر الخبر اليقين) .

631- (أخبرنا) : سُفْيانُ عن ابنِ طاَوس عن ابنِ عباسٍ: -أنهُ سُئِلَ عن العَنْبَرِ فقال: إنْ كان فيهِ شَئٌ فَفِيهِ الْخُمُسُ.

632- (أخبرنا) : الثِّقَةُ، عن عُبَيْدٍ اللَّه بن عُمَرَ، عن نَافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ أنَّهُ قَالَ: -لَيْسَ في العَرْضِ زَكاةٌ إلاَّ أنْ يُرَادَ بِهِ التِّجَارَةُ (العرض بفتح فسكون خلاف النقد من المال قال الجوهري العرض المتاع وكل شئ فهو عرض سوى الدراهم والدنانير فإنهما عين والمراد أن كل مال يشتري ويدخر من العروض سواء أكان مأكولا أم ملبوسا لا زكاة فيه إلا إذا اتخذوه للتجارة) .

633- (أخبرنا) : سُفيانُ أنبأنا: يَحي بنُ سَعِيدٍ عن عَبْدِ اللَّهِ بن أبي سَلَمَةَ عن أبي عَمْرو بن حِمَاسٍ: -أنَّ أباهُ قال: مَرَرْتُ بِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وعَلَى عُنِقي أَدَمَةٌ (أدمة بحركات قطعة من الجلد) أَحْمِلُها فقال عُمَرُ: ألا تُؤدّي زَكاتَكَ يا حِمَاسُ فقلتُ يا أمير المؤنينَ: مالي غَيْرَهُ هذه التي على ظَهْرِي وآهِبَة في القَرَظِ (آهبة بفتح الهمزة الممدودة فكسر جمع أهاب ككتاب الجلد لم يدبغ والقرظ بفتحتين ثمر السنط يدبغ به الجلد والحديث في عروض التجارة) فقال: ذاكَ مالٌ فَضَعْ قال: فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَحَسِبَها -[230]- فَوُجِدَتْ قدْ وجَبَ فيها الزَّكاةُ فَأَخَذَ منها الزَّكاةَ.

634- (أخبرنا) : سُفْيانُ بن عُيَيْنَةَ أخبرنا: ابْنُ عَجْلاَنَ، عن أبي الزِّناد عن أبي عَمْرو بنِ حِماسٍ، عن أبيه: -مِثْلُهُ.

635- (أخبرنا) : أنسُ بنُ عِيَاضٍ، عن الحارثِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمن بن أبي ذِبابٍ عن أبيه، عن سَعْدِ بنِ أبي ذِبابٍ (وقع في هذا السند تصحيفان أتعباني في تصحيحهما إذ كان الأصل عبد الرحمن بن أبي ذباب فبحثت بعد أن شككت في كتب أسماء الرواة فلم أجد هذا ولا ذاك وإنما وجدت في الإصابة يعد بن أبي ذئاب الدوسي قال ابن حجر روى أحمد وابن أبي شيبة من طريق ميسرة بن عبد اللَّه عن أبيه عن سعد بن أبي ذئاب وساق الحديث ملخصا وأما عبد الرحمن فهو ابن أبي الزناد القرشي مولاهم أبو محمد المدني عن أبيه كما في الخلاصة وبعد كتابة هذا وجدت في الاستيعاب سعد بن أبي ذباب دوسي حجازي) قال: قَدِمْتُ عَلَى رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَأسْلَمْتُ ثمَّ قُلْتُ يا رسولَ اللَّه: اجْعَلْ لقومي ما أسلموا عليه من أمْوَالهم فَفَعَلَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم واسْتَعْمَلَنِي عَليهم (استعمله عليهم: جعله والياً عليهم) ثمَّ استعملني أبوبكر رضي اللَّه عنهُ قال: وكان سَعْدٌ مِنْ أهْل السّرَاةِ (السراة جبل بناحية الطائف قال ابن السكيت الطود الجبل المشرف على عرفة ينقاد إلى صنعاء يقال له السراة فأوله سراة ثقيف ثم سارة فهم وعدوان ثم الأزد ثم الحرة آخر ذلك: ولم أفهم كيف يطلب من الرسول أن يجعل لقومه ما أسلموا عليه من أموالهم فإن الرسول لم يكن يفعل سوى هذا مع من أسلم من قومه وغيرهم والحديث ظاهر في أخذ الزكاة من العسل بقدر العشر وقد أخذ بهذا الحديث الحنفية وأحمد وإسحاق وخالفهم الجمهور وقالوا: لا زكاة في العسل لأنه ليس من الأصناف التي يجب فيها الزكاة والأحاديث الواردة بزكاته فيها مقال) قالَ: فَكَلَّمْتُ قَوْمي في العَسَلِ فَقُلْتُ لَهُمْ: زَكُّوهُ فَإنهُ -[231]- لاَ خَيْرَ في ثَمَرَةٍ لاَ تُزَكَّى فقالوا: كم؟ قال: فَقُلْتُ العُشْرُ فَأخَذْتُ منهم العُشْرُ فَأَتَيْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب فَأخبرتُهُ بما كان فَقَبَضَهُ عُمَرٌ فباعَهُ ثمَّ جَعَلَ ثَمَنَهُ في صَدَقَاتِ المسلمينَ.

الباب الثاني فيما يجب أخذه من رب المال من الزكاة وما لا ينبغي أن يؤخذ.

الباب الثاني فيما يجب أخذه من رب المال من الزكاة وما لا ينبغي أن يؤخذ.

636- (أخبرنا) : مالكٌ، عن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ أبي صَعْصَعَةَ المازِنِيَّ، عن أبيه، عن أبي سَعِيدٍ الخُدْري: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالَ: «لَيْسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ من التَّمْرِ صَدَقَةٌ (الوسق بالفتح والكسر مكيلة قدرها ستون صاعا والصاع خمسة أرطال وثلث وقدر هذا النصاب بالرطل المصري 1428 رطلا وبالكيل المصري أربعة أرادب وكيلتان ويفهم من الحديث أن الخضروات لا زكاة فيها لأنها ليست مكيلة) » .

637- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَمْرو بن يَحْي، عن أبيه قال: -سَمِعْتُ أبا سَعِيدٍ الخُدْري يقُولُ: قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لَيْسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ (هذا الحديث والحديثان بعده كالحديث السابق في أقل نصاب في المكيلات خمسة أوسق غير أن هذا الحديث وما بعده أطلق فيهما الكلام فلم يقيد بثمر ولا غيره كالحديث الأول فشمل الحكم كل الحبوب) » .

638- (أخبرنا) : سُفْيانُ بن عُيَيْنَةَ قال: سَمِعْتُ عَمْرو بن يَحْي المازِنِيَّ عن أبيه عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِي: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قالَ: -[232]- «لَيْسَ فِيما دُونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ صَدَقَةٌ» .

639- (أخبرنا) : سُفيانُ حدثنا: عَمْرو بنُ يَحْيَ المازِنِيُّ بهذا الحديث.

640- (أخبرنا) : مالكٌ، عن محمد بن عبدِ اللَّهِ بنِ عبد الرَّحْمن بن أبي صَعْصَعَةَ، عن أبيه، عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِي: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "لَيْسَ فيما دُونَ خَمْسَ أوَاقٍ من الوَرَقِ صَدَقَةٌ (الأوقية بضم الهمزة وتشديد الياء تجمع على أواقي بتشديد الياء وتخفيفها وحذفها والإجماع على أن الأوقية الشرعية أربعون درهما وهي أوقية الحجاز والدرهم ستة دوانيق والورق بفتح فكسر أو سكون: الفضة وظاهر الحديث أنه لا زكاة في الفضة في أقل من هذا القدر وهو مائتا درهم أما الذهب فأقل ما يجب فيه الزكاة منه عشرون مثقالا وقد ورد في ذلك أحاديث ضعاف ولكن الإجماع منعقد على هذا) .

641- (أخبرنا) : مالكٌ، عن محمد بن عبدِ اللَّهِ بنِ عبد الرَّحْمن بن أبي صَعْصَعَةَ، عن أبيه، عن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِي: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «لَيْسَ فيما دُونَ خَمْسَ ذَوْدٍ (الذود بفتح فسكون من ثلاثة إلى عشرة عند الجمهور وقال أبو عبيد ما بين ثلاث إلى تسع وهو مختص بالإناث قالوا وقوله خمس ذود كقوله خمسة أبعره وخمسة جمال وخمس نوق قال أبو حاتم السجستاني تركوا القياس في الجمع فقالوا خمس ذود لخمس من الإبل وثلاث ذود لثلاث من الإبل والرواية المشهورة إضافة خمسة إلى ذود ويروى بتنوين خمس وإعراب ذود بدلا منها وأفاد الحديث أن أقل نصاب في الإبل خمس فلا زكاة في أقل منها) صَدَقَةٌ» .

642- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بن يَحْيَ المازِنِيَّ، عن أبيه قال سَمِعْتُ أبا سَعِيدٍ الخُدْرِي يَقُولُ: -إنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «لَيْسَ فيما دُونَ خَمْسَ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» .

643- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَمْرو بن يَحْيَ المازِنِيَّ، عن أبيه، إلى آخره: -مثل حديث سُفْيان.

644- (أخبرنا) : أنَسُ بْنُ عِيَاض، عن موسى بنِ عُقْبَةَ، عن نافع عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَر: -أنَّ هذا كتابُ الصَّدَقَاتِ فِيهِ في كل أربع وعشرينَ من اْلإِبِل فَما دُونهَا الغَنَمُ (الغنم مبتدأ مؤخر لقوله في كل أربع وعشرين من الإبل فما دونها أي أن الإبل إذا كانت أربعا وعشرين فأقل تكون زكاتها من الغنم وقد بين الحديث مقدار هذه الزكاة فقال في كل خمس شاة فإن زادت على أربع وعشرين فإن بلغت خمسا وثلاثين ففيها بنت مخاض وهي ما دخلت في السنة الثانية وبنت اللبون ما أتى عليها سنتان ودخلت في الثالثة فصارت أمها لبونا أي ذات لبن والحقة بالكسر ما دخلت في السنة الرابعة وسميت بذلك لأنها استحقت الركوب والتحميل وطروقة الفحل بفتح الطاء هي التي بلغت أن يضربها الفحل والجذعة من الإبل مادخلت في السنة الخامسة) في كل خَمْسٍ شَاةٌ وفيما فَوْقَ ذلك إلى خمسٍ وثلاثين فِيهِ بِنْتُ مَخَاض فَإنْ لم تكن بِنْتُ مَخَاضٍ فابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وفِيما فوقَ ذلك إلى خَمْسٍ وَأَربعينَ بنْتُ لَبُونٍ وفِيما فوقَ ذلك إلى سِتِّين حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الفَحْل وفِيما فوقَ ذلك إلى خَمْسٍ وَسَبْعينَ جَذَعَةٌ وفِيما فوقَ ذلك إلى تسعينَ ابْنَتا لَبُونٍ وفِيما فوقَ ذلك إلى عشرينَ ومائةٍ حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الفَحْل فما زاد على ذلك: ففي كل أربعين ابْنَةُ لَبُونٍ وفي كل خمسينَ حِقَّةٌ وفي سائمةِ الغنم إذا كانت أربعينَ إلى أنْ تَبْلُغَ عِشرينَ ومائةً شاتانِ وفِيما فوقَ ذلك إلى ثلاثِمَائةٍ ثلاثُ شِياهٍ فما زاد على ذلك -[234]- ففي كل مائةٍ شاةٌ ولا يُخْرَجُ في الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ (الهرم بفتحتين: أقصى الكبر فالهرمة بالكسر: التي بلغت أقصى الكبر وتعرف ذلك بسقوط أسنانها) ولا ذَاتُ عُوَارٍ (والعوار بالفتح وقد يضم: العيب وأنواع العيوب كثيرة يعرفها التجار وأصحاب الغنم والتيس: ذكر المعز إذا أتى عليه الحول وأما قبل الحول فجدي) ولا تَيْسٌ إلا ماشاء المُصَدِّقُ (إلا ما شاء المصدق بتشديد الصاد والدال أي دافع الصدقة فإن قبل أن يعطى التيس فلا ضرر لأنه حقه وقدتساهل فيه ومثل التيس الكبش فلا يؤخذ إلا برضا صاحبه لأنهما أي التيس والكبش أقوم وأغلى من سواهما والمراد أن يؤخذ الوسط لا ما دونه ولا ما فوقه فلا يظلم دافع الزكاة ولا الفقراء) ولا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ ولا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ (قوله ولا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة خشية مفعول لأجله متنازع بين الأمرين أي أن الجمع بين المتفرقات والتفريق بين المجتمعات خشية الزكاة وهروبا منها منهي عنه وصورة الأول أن يكون عند الرجل أربعون شاة وعند ابنه مثله فالواجب على كل منهما شاة فإذا جمعاها صار عليهما معاً شاة واحدة وصورة الثاني أن يكون للشريكين سعون شاة ففيها شاة فإذا فرقاها لا تجب فيها زكاة لأن لكل منها خمسة وثلاثين شاة وذكر ابن الأثير في النهاية أن أحمد ذهب إلى أن معناه لو كان لرجل بالكوفة أربعون شاة وبالبصرة أربعون كان عليه شاتان لقوله لا يجمع بين مفترق ولو كان له ببغداد عشرون وبالكوفة عشرون لا شئ عليه ولو كانت له إبل في بلدان شتى إن جمعت وجبت فيها الزكاة وإن لم يجمع لم تجب في كل بلد لا يجب عليه فيها شئ) وما كان من خليطين فإنهما يَتَرَاجَعَان بينهما بالسَّويَّةِ (يريدأن الشريكين يتحاسبان ويدفع كل منهما في الزكاة بقدر ما يملك) وفي الرِّقَةِ رُبْعُ العَشْرِ إذا بَلَغَتْ رِقَةُ أحدِهِمْ (الرقة بكسر ففتح الدراهم والهاء عوض عن الواو وفي الحديث عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة يريد الفضة والدراهم المضروبة منها قال شمر: الرقة العين يقال هي من الفضة خاصة وقال ابن سيدة: الرقة الفضة والمال وقيل الذهب والفضة) خَمْسَ أوَاقٍ -[235]- هذه نسخة كتاب عُمَرَ بنِ الخَطابِ رضيَ اللَّه عنه التي كان يَأخُذُ عليها. قال الشافعيُّ رضي اللَّه عنه: وبهذا كله نَأخُذُ.

645- (أخبرنا) : الثِقَةُ من أهل العلم، عن سُفيانَ بنِ حُسَيْنٍ، عن الزُّهْري، عن سالِم بنِ عَبْدِ اللَّه بن عُمَر، عن أبيه: -عن النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم لا أدري أدْخل ابن عُمَر بينه وبين النبي صلى اللَّه عليه وسلم عُمَرَ في حديث سُفيانَ بنِ حُسَيْنٍ أم لا في صَدَقَةِ الإِبِل مثلَ هذا المعنى لا يُخالفُهُ ولا أعْلَمُهُ بل لا أشُكُّ إن شاء اللَّه تعالى إلا حدّثني بجميع الحديث في صدقة الغنم والخلطاء والرِّقَةِ هكذا إلا أني لا أحْفَظُ إلا الإِبِل في حديثِهِ.

646- (أخبرنا) : القاسمُ بنُ عَبْدِ اللَّه، عن المُثَنَّى بن أنَسٍ أو ابن فلان ابن أنس عن أنس قال: - هذه الصَّدَقَةُ ثم تركت الغنم وغيرها وكرهها الناس (في الكلام نقص واضطراب ظاهران وهو في المطبوع والمخطوط والحديث كما في الكتب الأخرى عن أنس أن أبا بكر كتب له فريضة الصدقة التي فرضها رسول اللَّه إلخ وهو أخذ العوض عن الواجب في زكاة الإبل بمعنى أن من وجب عليه ولم يتيسر له فأما أن يدفع ما هو أعلى منه ويأخذ الفرق أو ما هو أنزل منه ويدفع الفرق وبنت المخاض وبنت اللبون إلخ قد بينت فيما سبق تقريبا) . بسم اللَّه الرَّحْمن الرحيم: هذه فَريضَةُ الصَّدَقَة التي فرضها رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم على المسلمين التي أمَرَ اللَّهُ بها فمن سُئِلَهَا عَلَى وَجْهها -[236]- من المؤمنين فَلْيُعْطِها ومن سُئل فوقَها فلا يُعْطِهِ (يعني أنه لا يجب على المزكي أن يسلم أكثر مما يجب عليه) في أربع وعشرين من الإبل فما دُونها الغنمُ في كل خمسٍ شاةٌ فإذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنتُ مَخَاضٍ أُنثى فإن لم يكن فيها بنتُ مَخاضٍ فابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ فإذا بلغتْ سِتاًّ وأربعين إلى ستين ففيها حِقَّة طَرُقَةُ الجَمل فإذا بَلَغَتْ إحدى وستينَ إلى خَمْسٍ وسبعين ففيها جَذَعَةٌ فإذا بلغتْ سِتاًّ وسبعين إلى تسعين ففيها ابْنَتا لَبُونٍ فإذا بَلَغَتْ إحدى وتسعين إلى عشرين ومائةٍ ففيها حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الجَمَل فإذا زادتْ على عشرين ومائةٍ ففي كلّ أربعين بنتُ لَبُونٍ وفي كل خمسين حقَّةٌ وإن بين أسنان الإبل في فريضة الصَّدَقَة (لم يذكر في الحدث اسم أن ويظهر أنه سقط من النسخ المخطوطة والمطبوعة ولعل أصل الكلام وأن بين أسنان الإبل في فريضة الصدقة «عوضا» وبذلك يستقيم الكلام ويفهم المعنى) فمن بَلغتْ عندهُ الإبل صَدَقَة اَلْجَذْعَةِ وليست عنده جَذَعةٌ وعندهُ حِقَّة فإنها تُقْبَلُ منه الْحِقَّةُ ويَجْعَلُ معها شاتين إن اسْتَيْسَرتا عليه أو عشرين درهما فإذا بَلَغَتْ الْحِقَّةَ وليستْ عنده حِقَّةَ وعنده جَذَعة فإنها تُقْبَلُ منه الْجَذعةُ ويُعْطِيهِ المُصدِّقْ عشرين درهما أو شاتين.

647- (أخبرنا) : عَددٌ ثقاتٌ كُلُّهُمْ، عن حَماد بن سَلَمَةَ، عن ثُمامةَ ابنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أنسٍ بنِ مالكٍ: -عن النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم -[237]- بمثل معني هذا لا يخالفه إلا أني أحْفَظُ فيه ويُعْطي شاتين أو عشرين دِرْهَما لا أحْفَظُ إن اسْتَيْسَرتا عليه قال: وأحْسَبُ من حديثِ حَمَّادِ عن أنس أنه قال: رَفَعَ إلى أبو بكر رضي اللَّه عنه كِتابَ الصَّدَقَةِ عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وذَكَرَ هذا المعنى كما وصفتُ.

648- (أخبرنا) : مالكٌ، عن حميدِ بنِ قَيْسٍ، عن طَاووسٍ اليمانِيِّ: -أنَّ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ أخذ من ثلاثين بَقَرَةً تَبِيعاً (التبيع بوزن أمير: ولد البقرة في السنة الأولى والأنثى تبيعة والمسنة بضم الميم من البقر والشاة ما أثنيا أي دخلا في السنة الثالثة وليس معنى أسنانها كبرها في السن كالرجل المسن بل معناه طلوع سنها في السنة الثالثة وفهم من الأثر أن أقل نصاب في زكاة البقر ثلاثون ومثل البقر الجاموس وإنما تجب الزكاة فيها بشرط أن تكون سائمة أي راعية في كلأ مباح وإلا تكون عاملة في حرث أو سقي أو حمل فإن كانت تعلف أو معدة للعمل في فلح الأرض فلا زكاة فيها وهذا مذهب الجمهور سلفا وخلفا لورود أحاديث بذلك في غير كتابنا ونقل بعض الشراح أن مالكا لا يشترط هذين الشرطين واللَّه أعلم) ومن أرْبعين بَقَرَةً مُسِنة وأتى بما دُونَ ذلك فأبى أن يأخُذَ منه شيئاً حتى ألقاهُ فأسْأَلَهُ فَتُوُفِّي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَبْلَ أن يَقْدَمَ مُعَاذٌ.

649- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بنِ دِينارٍ، عن طَاوسٍ: -أنَّ مُعاذَ بنَ جَبَلٍ أُوتِيَ بِوَقَصٍ البَقَر (الوقص بفتح الواو والقاف: ما بين الفريضتين من الإبل والغنم وأحد الأوقاص وفي حديث معاذ بن جبل أنه أتى بوقص في الصدقة وهو باليمن فقال لم يأمرني رسول اللَّه فيه بشئ قال أبو عبيد الوقص عندنا ما بين الفريضتين وهو ما زاد على خمس من الإبل إلى تسع ومازاد على عشر إلى أربع عشرة وكذا ما فوق ذلك وقال الجوهري الوقص نحو أن تبلغ الإبل خمسا ففيها شاة ولا شئ في الزيادة حتى تبلغ عشرا فما بين الخمس إلى العشر وقص وكذلك الشنق وبعض العلماء يجعل الوقص في البقر خاصة والشنق في الإبل خاصة وهما جميعا ما بين الفريضتين) فقال: لم يأْمُرُني النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم بشئٍ. -[238]- قال الشافعيُّ رضي اللَّه عنه: والوَقَصُ ما لم يبلغ الفَريضةَ.

650- (أخبرنا) : مالكُ بن أنسٍ، عن زيْدِ بنِ أسْلَمَ، عن أبيه، أنه قال لعُمَرَ بنِ الخَطابِ: -إنَّ في هذا الظهر ناقةً عَمْياءَ فقال: أمِنْ نَعَم الجِزيةِ أمِنْ نَعَم الصَّدَقَةِ! فقال: أسْلمُ من نَعَم الجِزْيةِ قال: إنَّ عَلَيها مِيسَمَ الجِزْية (قوله إن في هذا الظهر ناقة عمياء الظهر الإبل اتي يحمل عليها وتركب يقال عند فلان ظهرأي إبل والنعم: بالتحريك وقد تسكن عينه الإبل والشاة أو خاص بالإبل وهولكل مال راع أو للإبل والبقر والغنم وقوله أن عليها ميسم الجزية أي أثر وسمها وهو علامة خاصة يتميز بها إبل الجزية من إبل الزكاة وهذه العبارة من كلام أسلم كالتي قبلها لا من كلام عمر ويفهم من الحديث أن العمياء تؤخذ في الجزية أما عدم أخذها في الصدقة فمفهوم من أحاديث أخر) .

651- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ أنْبَأَنَا: بِشْرُ بنُ عاصم، عن أبيه: -أنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ أبا سُفيانَ بنَ عَبْدِ اللَّه على الطائف ومخَاليفِها (مخاليفها جمع لمخلاف كمفتاح وهو الكورة أو الصقع) فخرج مُصَدِّقًا (المصدق بفتح الصاد وتشديد الدال: جامع الصدقة وبتشديد الإثنين دافع الصدقة) فاعْتَدَّ عليهم بالغَذِيَّ (اعتد: حسب والغذى كغنى: السخلة وهي الصغير من أولاد الغنم وجمعها غذاء كفصيل وفصال والخلاصة أنهم تظلموا من عدها عليهم في نصاب الزكاة وعدم قبولها في المطلوب مهنهم وقالوا إن حسبتها فاقبلها فلم يقبل وقال نعدها ولوكانت محمولة على يد الراعي ولم نقبلها فقد روى أنه شكا إليه أهل الماشية تصديق الغذاء وقالوا إن كنت معتداً علينا بالغذاء فخذ منه صدقته فقال أنا نعتد بالغذاء حتى السخلة يروح بها الراعي على يده) ولم يَأْخُذْ منهم الغذاء فقالوا له: إن -[239]- كنت مُعْتداً علينا بالغذيّ فخُذْ مِنَّا فأمسَكَ حتى لَقي عُمَرُ فقال له اعْلَمْ أنهُمْ يزعُمُون أنك تَظْلِمَهُمْ أتَعْتَدَّ عليهم بالغذيّ ولا تَأْخُذُهُ منهم فقال له عُمَرُ رضي اللَّه عنه فاعْتَدَّ عليهم بالغَذِيَّ حتى بالسَّخلةِ يرُوحُ بها الرَّاعي على يده وقُلْ لهم: لا آخُذُ منكم الرُّبَّى ولا الماخضَ ولا ذاتِ الدّرّ ولا الشَّاةَ الأكولةَ ولا فَحْل الغنم وخُذِ العَنَاق والجَذَعَة والثَّنية فذلك عَدْلٌ بَيْن غَذِيّ المال وخِياره (الربى كحبلى: الشاة القريبة العهد بالولادة وقيل التي تكون في البيت لأجل اللبن والماخض التي قاربت الولادة وذات الدر الوالدة والأكولة السمينة والعناق بفتحتين الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول والجذعة بفتحات ولد الشاة في السنة الثانية والثنية من ذوات الظلف والحافر وهي التي ألقت ثنيتها وذلك لا يكون إلا في السنة الثالثة وقوله فذلك عدل بين غذي المال وخياره أي بين صغاره وكباره والمراد بالحديث أخذ الوسط لا الصغير ولا الضعيف ولا الجيد الممتاز) .

652- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد، عن إسماعيلَ بنِ أُمَيَّةَ، عن عَمْرو بن أبي سُفيان، عن رجل سَمَّاهُ ابنُ سعر إن (شاء اللَّه) (هكذا في النسخ مخطوطها ومطبوعها والحديث في معنى سابقه وهو الأخذ الوسط لا الخيار) عن سعر أخي بني عدي قال: - جاءَني رجُلانِ فقالا: إنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلَّم بعثنا نُصَدِّقُ أموالَ الناس قال: فَأخْرَجْتُ لهما شاةً ماخِضاً أفضل ما وجدتُ فردَّاها عَلَيَّ وقالا: إنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نهانا أن نأْخذ الشاة الحُبْلَى قال: فأَعطيتُهما شاةً من وسط الغنم فأخذاها.

653- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن داودَ بن أبي هِنْدٍ، عن الشعبيّ، عن جرير ابن عبد اللَّه قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "إذا أَتَاكُمُ المُصَدِّق فلا يُفارقنَّكم إلا عن رضا (المراد مساهلة جامع الزكاة والتسامح معه حتى يكون راضياً بما يأخذ وهكذا نرى الرسول يأمردافعي الزكاة بمياسرة العامل ويأمر العامل بمياسرة دافعي الزكاة) .

654- (أخبرنا) : مالكٌ، عن يَحْي بن سعيد، عن مُحمد بنِ يَحْي بنِ حِبَّان، عن القاسم بن محمد، عن عائشةَ زوْجِ النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنها قالت: -مُرَّ على عُمَرَ بن الخَطاب بغنَمٍ من الصّدقة فرأى فيها شاة حافلة ذات ضَرْعٍ (حافلة وفي نسخة حافلا وكلاهما صحيح ومعناهما كثيرة اللبن والضرع لذوات الظلف والخف كالثدي للمرأة وضرع الشاة والناقة بفتح فسكون: مدر لبنها) فقال عُمَرُ: ما هذه الشاة؟ فقالوا: شاةٌ من الصدقة فقال عُمَرُ: ما أعطى هذه أهلُها وهم طائعون لا تَفْتِنوا الناس (لا تفتنوا الناس أي لا تميلوهم عن دينهم وتصرفوهم عنه بتشديد كم في الزكاة وأخذكم خيار أموالهم يقال فتن الرجل أزاله عما كان عليه قال تعالى وإن كادوا ليفتنوك عن الذي أوحينا إليك أي يميلونك ويزيلونك) لا تأْخذوا حَزَرَاتِ المسلمين (والحزرات جمع حزرة بفتح فسكون خيار مال الرجل) نَكِّبُوا عن الطَّعَام (ونكبوا عن الطعام أي ميلوا واعدلوا عنه والمراد بالطعام الشاة الأكولة ذات اللبن ونحوهما أي أعرضوا عنها ولا تأخذوها في الزكاة ودعوها لأهلها والمراد منع جامعي الزكوات من أخذ خيار أموال الناس والإكتفاء بالوسط شفقة ورحمة بهم) .

655- (أخبرنا) : مالكُ، عن يَحْي بن سَعيد، عن محمد بن يَحْي بنِ حِبَّان أنه قال: -أخبرني رَجُلان من أشْجَعَ أن محمد بن مَسْلَمَة الأنصاري كانَ يأْتيهم -[241]- مُصَدِّقًا فيقولُ لربّ المال: أَخْرِجْ إليَّ صَدَقَة مالك فلا يَقُودُ إليه شاةً فيها وَفَاءٌ من حقه إلاّ قَبِلَها.

656- (أخبرنا) : أنَسُ بنُ عِياضٍ، عن موسى بنِ عُقْبَةَ، عن نافع: -أن عبدَ اللَّهِ بن عُمَرَ كَانَ يقول: صَدَقَةُ الثِّمَارِ (الثمار مثل البلح والعنب والزروع جمع زرع يريد به ذوات الحب من قمح وذرة وغيرها ولذا فسرها بالنخل والكرم أي العنب والشعير والسلت بضم فسكون وهو ضرب من الشعير ليس له قشر ويوجد بالحجاز وقيل هو ضرب من الشعير رقيق القشر صغير الحب وقيل هو حب بين الحنطة والشعير ولا قشر له كقشر الشعير فهو كالحنطة في ملامسته وكالشعير في طبعه) والزُّرُوع ما كَانَ نَخْلاً أوْ كَرْماً أوْ زَرْعاً أوْ شعيراً أوْ سُلْتاً فما كانَ منهُ بَعْلاً (البعل كقلب ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها والعثرى بفتحتين من النخيل الذي يشرب بعروقه من ماء المطر يجتمع في حفيرة وقيل هو ما يسقى سيحا والأول أشهر) أوْ يُسْقَى بِنَهْرٍ أوْ يُسْقَى بالعَيْنِ أوْ عَثَرِيًّا بالمطرِ ففيه العُشْرُ من كل عَشَرَة واحد وما كان منهُ يُسْقَى بالنَّضْحِ (النضح مصدر نضح البعير الماء حمله من نهر أو بئر لسقي الزرع والحديث في بيان مقدار زكاة الزرع وأنه يختلف باختلاف سقيها فإن سقيت بغير مجهود الزارع وتعبه وتعب ماشيته ففي الخارج منها العشر وإلا ففيها نصف العشر وقوله أو زرعا تعميم بعد تخصيص) فَفِيهِ نِصْفُ العُشْرُ في عشرين واحدٌ.

657- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سالِمٍ، عن أبيه: -أن عُمَرَ بن الخَطاب كَانَ يَأْخُذُ من النَّبَطِ (النبط بفتحتين: جيل ينزلون سواد العراق ويقال لهم النبيط والأنباط وهم مشهورون بفلح الأرض والمهارة في عمارتها كفلاحي مصر لاتفاق تربة أرضيهما في الخصب والنماء والقطنية بكسر القاف وتشديد الياء أو تخفيفها وضم القاف لغة: واحدة القطاني وهي الحبوب التي تدخر كالحمص والعدس والترمس والأرز والجلبان والباقلى وقال شمر: القطنية ما سوى الحنطة والشعير والزبيب والتمر وقال غيره هي اسم جامع للحبوب التي تطبخ وقال الأزهري هي مثل العدس والفول واللوبيا والحمص وما شاكلها مما يقتات سماها الشافعي كلها قطنية فيماروى عنه الربيع وكلمة الزبيب كانت في الأصل الزيت وهو تصحيف بين لأن الزيت لا زكاة فيه وليس مما تخرج الأرض والمدار في إيجاب زكاة الزرع عند الشافعية على الإفتيات والإدخار) من الحنطة والزبيب نِصْفَ العُشْر يُرِيدُ بذلك أنْ يُكْثِرَ الحمْل إلى المدينة ويأخذ من القِطْنِيَّةِ العُشْر.

658- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن السَّائبِ بنِ يَزِيدَ قالَ: -كنتُ غلاماً مع عبد اللَّه بن عُتْبَةَ على سوق المدينة في زمان عُمَرَ بن الخطاب فكان يَأْخُذُ من النَّبَطِ العُشْر.

659- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سُلَيْمَانَ بنَ يَسَارٍ: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَهُود (خرص النخل والكرم يخرصها خرصا من باب قتل وضرب حزر وقدر ما عليها من الرطب تمرا ومن العنب زبيبا فهومن الخرص بمعنى الظن) .

660- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالَ لِيَهُودِ خَيْبَرَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ: «أُقِرُّكُمْ عَلَى ما أَقَرَّكُمْ اللَّهُ على أنَّ التَّمْرَ بَيْنَنَا وبَيْنَكُمْ» قال: فَكَانَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ عليهم ثم يَقُولُ: إنْ شِئْتُمْ فلكم وإن شئتم فَلِي فكانوا يَأْخُذُونها -[243]- (لما غلب اليهود على أمرهم في خيبر صالحهم الرسول على نصف أموالهم فهذا هو الداعي لخرص نخلهم لأنهم لا زكاة عليهم فكان يبعث عبد اللَّه بن رواحة لتقديره البلح وغيره فكان يقدره زبيبا وتمرا ويخيرهم بين أن يأخذوه على هذا الأساس أو يأخذه هو كما قدر فكانوا يرتضون تقديره ويدفعون له ما للمسلمين فيه وفي لسان العرب في خرص وكان النبي صلى اللَّه عليه وسلم يبعث الخراص على نخيل خيبر عند إدراك ثمرها فيحزرونه رطبا كذا وتمرا كذا ثم يأخذهم بهذا الكيل من التمر الذي يجب له وللمساكين) .

661- (أخبرنا) : عبد اللَّه بن نافع، عن محمدِ بن صالح التَّمَّار، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ، عن عَتَّابِ بنِ أُسيْدٍ: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالَ في زَكَاةِ الكَرْمِ يُخْرَصُ كما يُخْرَصُ النَّخْلُ ثمَّ تُؤَدَّى زكَاتُهُ زَبِيباً كما تُؤَدَّى زَكَاةُ النَّخْلِ تَمْراً بعد تجفيفه (والحكمة الداعية إلى خرص الكرم والنخل معرفة القدر الذي وجبت فيه الزكاة وحفظ حق الفقراء والتوسعة على الزارعين بتمكينهم من الأكل منه بعد الخرص وفهم من أحاديث الخرص أن العدل الواحد كاف فيه كما فعل الرسول وإنما أمر الرسول بالخرص في النخل والكرم دون غيرهما لأن ثمارهما ظاهرة يمكن تقديرها بخلاف الحبوب فإنها مستترة بأكمامها) وبإسنادِهِ أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ من يَخْرُصُ على الناس كُرُومَهُم وَثِمَارَهُم.

662- (أخبرنا) : مالكُ بنُ أنَسٍ، عن يَحْيَ بن سَعِيد، عن رُزَيْقٍ (رزيق بن حكيم قال في القاموس وكزبير بن حكيم في الخلاصة رزيق بن حكيم مصغرا وقيل أوله زاي) ابن حُكَيْم: -أنَّ عمَرَ بْنَ عَبْدَ العَزِيزِ كتَبَ إليهِ: أنِ انظُرْ مَنْ مَرَّ بِكَ مِن المسلمين فَخُذْ مما ظَهَرَ من أموالهم من التِّجَارَاتِ من كلِّ أربعينَ دِيناراً دِيناراً فما نَقَصَ فَبِحِسَابِه حتى يَبْلُغَ عشرينَ دِيناراً فإن نَقَصَتْ ثلثَ دِينارٍ فَدَعْهَا ولا تَأخُذْ منها شَيْئاً -[244]- (الحديث في زكاة التجارة وإنها مثل زكاة المال في الواجب والنصاب فلا تجب في أقل من عشرين دينارا ولو بثلث دينار لما في الحديث ونصابها نصاب زكاة المال أعني إثنين ونصفا في المائة أو ربع العشر كما يعبر الفقهاء وقوله خذ مما ظهر من أموالهم يفيد الإكتفاء بالظاهر ولا داعي للتجسس اعتمادا على دينهم وأمانتهم) .

الباب الثالث فيمن تحل له الزكاة وما جاء في العامل

الباب الثالث فيمن تحل له الزكاة وما جاء في العامل

663- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن هِشَامٍ يعني ابنَ عُرْوَةَ، عن أبيه، عن عُبَيْدَ اللَّه بْنِ عَدِيّ بن الخِيارِ: -أنَّ رَجُلَيْنِ أخْبَرَاهُ أنَّهُما أَتَيَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَسَأَلاَهُ مِنَ الصَّدَقَة فَصَعَّدَ فيهما وصَوَّبَ (التصويب ضد التصعيد أي أنه نظر فيهما من أسفل إلى أعلى ومن أعلى إلى أسفل وإنما أطال النظر إليهما ليتبين حالهما ويتعرف استحقاقهما وكأنه صلى اللَّه عليه وسلم لم يتيقن فقرهما واشتبه عليه أمرهما فقال لهما إن شئتما أعطيتكما وحذف جواب إن وتقديره كما ذكرنا ثم نبههما إلى أن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مكسب أي فإن كنتما كذلك حرم عليكما أخذها ولا علم لي بغناكما ولا بمكسبكما فأدع ذلك لكما) فقال: «إنْ شِئْتُما ولاحَظَّ فيهَا لِغَنِيٍّ ولالذي قُوَّةٍ مُكْتَسِب (في الأصل مكسب والصواب مكتسب وسقطت التاء من النساخ لأن مدار حرمة الاستجداء على الغني والقدرة والإكتساب وقد عثرنا عليه بعد التصحيح في بعض الكتب كما صوبنا) » .

664- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن هَارُونَ بنِ رِيَابٍ، عن كِنَانَة بن نُعَيْم، عن قَبِيصَةَ بنِ المُخَارقِ الهِلالِي قال: -تَحَمَّلْتُ (الحمالة بالفتح: الدية والغرامة التي يحملها قوم عن قوم وقد تطرح منها الهاء وذلك كأن يقع حرب بين فريقين فيدخل بينهم رجل فيتحمل ديات القتلى ليصلح ذات بينهم) حَمَالَةً فَأَتَيْتُ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم فسألتُهُ فقال: «تُؤَدِّهَا» (تؤدها هكذا هو في النسخ المخطوطة بحذف لام الفعل ولم أعثر عليه في المطبوعة لأن الأحاديث غير مرتبة بها حسب أبواب الفقه وفرقت بها أي تفريق ولعل الصواب إثبات الياء إذ لا مقتضى لحذفها وإن كانت الرواية بالحذف كان المقتضى له لام أمر مقدرة ويكون التقدير فلتؤدها وأنا أستبعد ذلك لأن لام الأمر لا تعمل محذوفة إلا في الضرورة كقول الشاعر: *محمد تفد نفسك كل نفس*) وذكر الحديث.

665- (أخبرنا) : مالكٌ، عن رَبيعَة بن أبي عبد الرحمن، عن القاسمِ بنِ محمد، عن عائشةَ رضي اللَّه عنها: -أنَّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم دَخَلَ بَيتَ عائشةَ فقَرَّبَتْ إليه خُبْزاً وأُدْمَ البيتِ فقال: ألَمْ أرَ بُرْمَةَ لَحْمٍ؟ فقالت: ذلك شَئٌ تُصَدِّق به على بَرِيرَةَ (الحديث في مسلم عن قتادة أنه سمع أنس بن مالك قال: أهديت بريرة إلى النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم لحما تصدق به عليها فقال: هو لها صدقة ولنا هدية وفيه إباحة الهدية للنبيّ صلى اللَّه عليه وسلم وإن كان مهديها إليه قد ملكها بالصدقة لأنه متى قبض المتصدق عليه الصدقة زال عنها وصف الصدقة وفيه أيضا عدم حل الصدقة على النبي وأهل بيته لأنها أوساخ الناس فقوله ولنا هدية أي لأنها أهدته كمافي رواية مسلم هذه) فقال: هو لها صَدَقَةٌ ولنا هَدِيَّةٌ.

666- (أخبرنا) : عَمَّيْ مُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ بنِ شَافِع أخبرني: -عَبْدُ اللَّهُ بنُ حُسَيْنِ بنِ حَسَنٍ عن غير واحد من أهْلِ بَيْتِهِ وأحْسَبُهُ قالَ: زَيدَ بنَ عَلِيٍّ أنَّ فاطمةَ بِنْتَ رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم تَصَدَّقَتْ بِمَالِها على بني هَاشِمٍ وبَنِي المُطَّلِبِ وَأنَّ عَلِياً تَصَدَّقَ عَلَيْهِمْ وأدْخَلَ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ -[246]- (ظاهر هذا الحديث جواز الصدقة على بني هاشم وبني المطلب وهو خلاف مافهم من الحديث السابق ولمارواه مسلم والنسائي أن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ويمكن التوفيق بينهما بأن المتصدق هنا قريب لآل البيت ومنهم والأول على ما إذا كان المتصدق غريبا وقد قال جماعة: إن الزكاة لا تحل لهم إلا إذا كانت من قريب أي فتحل من بعضهم لبعض فقط ويجوز أن يقبلها بنوهاشم إذا حرموا حقهم في سهم ذوي القربى كما ذكربعض الشراح) .

667- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن طاوسٍ، عن أبيه قال: - اسْتَعْمَلَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ على الصَّدَقَةِ فقال: "اتَّقِ اللَّهَ يا أبا الوَلِيدِ لا تَأْتِي يومَ القيامَةِ (لا تأتي يوم القيامة الرواية هكذا بالرفع على أنه خبر في معنى النهي ويجوز عربية فيه الجزم على أنه جواب شرط محذوف تقديره إن تتق اللَّه لا تأت ببعير تحمله إلخ) بِبَعير تَحْمِلُهُ على رَقَبَتِكَ لَهُ رُغَاءٌ أو بَقَرَةٌ لها خُوَارٌ أو شاةٌ تَيْعِرُ لها نُوَاحٌ فقالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ وإنَّ ذَلك لكذا؟ فقالَ رسوُل اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "إيْ والَّذِي نَفْسي بِيَدِهْ إلاّ مَنْ رَحِمَ اللَّهُ قال: والذي بَعَثَكَ بالحق لاَ أعْمَلُ على شئ أبَداً".

668- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن الزُّهْري، عن عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْر، عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ (أبو حميد الساعدي أسمه عبد الرحمن أو المنذر بن عمروبن سعيد كما في الخلاصة ولم يضبطوا حميدا بفتح الحاء ولا بضمها وكلاهما مما سمت به العرب) قال: -اسْتَعْمَلَ النّبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم رَجُلاً مِنَ اْلأسْد (استعمل إلخ أي اتخذه عاملاعلى الصدقة وهي الزكاة أي جامعا لها ممن وجبت عليهم والأسد بوزن فهد هي الأزد وهي قبيلة يمنية) يُقالُ له ابن اللُّتْبِيَّةِ (اللتبية نسبة إلى لتب بضم فسكون: حي من أحياء العرب) على الصَّدَقَة فلما قَدِمَ قال هذا لَكُمُ وهذا أُهْدِيَ لي فقام النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم على المِنْبَرِ فقال: "مَابَال العَامل نَبْعَثُه على بعض أَعْمَالِنَا فيقُولُ هذا لكُمْ وهذا لِي فَهَلاَّ جَلسَ في -[247]- بيتِ أبيهِ وبيتِ أُمِّهِ فَيَنْظُرَ أَيُهْدَى إليه أمْ لا (هذا تقريع يتوجع منه كل ذي شعور ويستحقه مثل هذا العامل الذي أراد أن يخدع نفسه ويخدع الناس ويفتيهم بحل ما أخذمن المزكين بدعوى أنه هدية وما أحوج أمثال هذا العامل في عصرنا ممن بيدهم السلطة إلى الاستماع إلى هذا الحديث والأخذ بنصحه الشريف وقد أبان هذا الحديث أن عمال الحكومة ومستخدمي الدولة وذوي النفوس فيها لا يحل لهم تقبل الهدايا فإنها في الحق رشوة في ثوب هدية وإنما حرمت الهدايا للعمال حفظا لحقوق الدولة وحرصاً على أموال الأمة وصوناً لحقوق الأفراد من عبث هؤلاء الحكام ومنحهم حق فلان لفلان وإكرم المهدي على حساب خصمه ولولا طمع المهديين في الظفر بحق خصومهم أو بحق من حقوق الدولة ما بذلوا تلك الهدايا ولهذا حرمت الرشا والهدايا على أصحاب الحكم والنفوذ إلا ممن إعتاد أن يهديهم من قبل أن تصير الولاية إليهم) والَّذِي نَفْسي بِيَدِهْ لا يَأْخُذُ أَحَدٌ منها شيْئاً إلا جَاءَ بِه يَوْمَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ على رَقَبتِهِ إنْ كانَ بَعيراً لَهُ رُغَاءٌ (إن كان بعيرا له رغاء أي إن كان المأخوذ بعيرا جاء له رغاء ففي الكلام حذف اسم كان وجواب الشرط وجملة له رغاء حال والرغاء كغراب: صوت البعير والخوار كغراب أيضا صوت البقر وتيعر بكسر العين: تصيح يقال يعرت العنز تيعر يعارا: صاحت) أو بَقَرَةً لها خُوَارٌ أو شاةً تَيْعِرَ ثمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأيْنَا بَيَاضَ عُفْرَةِ إبْطَيْهِ (العفرة كلقمة: بياض ليس بالناصع ولكن كلون عفر الأرض وهو وجهها وفي آخر هذا الحديث من تهديد آكل أموال الزكاة ما فيه) ثم قال: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَغْتُ؟ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَغْتُ".

669- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن هِشَامٍ ابِنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، عن أبي حميد السَّاعِدِيّ قال: -بَصُرَ عَيْنِي وَسَمِع أُذُني رَسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم واسْأَلوا زَيْدَ بن ثَابِتٍ يعني مثله.

الباب الرابع في الركاز والمعادن (الركاز ككتاب عند الحجازيين كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض وعند أهل العراق المعادن واللغة تحتملهما لأن كلا منهما مركوز وثابت في الأرض وإنما وجب فيه الخمس لبيت المال لكثرة نفعه وسهولة أخذه وعلى ذلك فمن وجد معدنا في أرضه كالتبر والفضة والفحم والحديد ففيه عند الحنفية الخمس لبيت المال والباقي لصاحب الأرض وعند الحجازيين ليست بركاز وزكاتها كزكاة المال أي فيها ربع العشر إذا بلغت مائتي درهم أو عشرين مثقالا وروى الأزهري عن الشافعي أنه قال: الذي لا أشك فيه أن الركاز دفين الجاهلية) .

الباب الرابع في الركاز والمعادن (الركاز ككتاب عند الحجازيين كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض وعند أهل العراق المعادن واللغة تحتملهما لأن كلاً منهما مركوز وثابت في الأرض وإنما وجب فيه الخمس لبيت المال لكثرة نفعه وسهولة أخذه وعلى ذلك فمن وجد معدنا في أرضه كالتبر والفضة والفحم والحديد ففيه عند الحنفية الخمس لبيت المال والباقي لصاحب الأرض وعند الحجازيين ليست بركاز وزكاتها كزكاة المال أي فيها ربع العشر إذا بلغت مائتي درهم أو عشرين مثقالا وروى الأزهري عن الشافعي أنه قال: الذي لا أشك فيه أن الركاز دفين الجاهلية) .

670- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن ابنِ المُسَيِّب، وأبي سَلَمَةَ: -أنَّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: «فِي الرِّكازِ الْخُمْسُ» .

671- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْري، عن سَعِيدِ بنِ المُسَيَّبِ وأبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن، عن أبي هُرَيْرَةَ: -أنَّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: «وفِي الرِّكازِ الْخُمْسُ» .

672- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأَعْرَجِ، عن أبي هُرَيْرَةَ: -أنَّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: «فِي الرِّكازِ الْخُمْسُ» .

673- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن داودِ بن سَابُورَ ويَعْقُوبَ بنِ عَطَاء، عن عَمْرو بنِ شُعَيْبٍ، عن أبيه عن جَدِّه: -أن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قال في كَنْزٍ وَجَدَهُ رَجُلٌ في خَرِبَة جَاهِلِيَّة: "إنْ وَجَدَتَهُ في قَرْيَةٍ مَسْكُونَةٍ -[249]- أو في سَبِيلِ ميتاء (السبيل: الطريق يذكر ويؤنث والتأنيث فيها أغلب وميتاء بالكسر: عامر ومسلوك يأتيه الناس كثيراً) فَعَرِّفْهُ (وقوله فعرفه أي سنة فإن جاء صاحبه أخذه وإلا فهو لواجده شأن اللقطة ويلاحظ أن الجواب في الحديث أعم من السؤال لأنه يشمله وغيره وذلك لإفادة الحكم في الحالتين المسئول عنها ومقابلتها وعطف الركاز على الضمير في قوله فيه من باب ذكر العام بعد الخاص كأنه قال ففي هذا الخاص المسؤل عنه وفي جميع الأحوال الموصوفة بهذه الصفة الخمس وتلك الأموال هي الركاز) وإنْ وَجَدَتَهُ في خَرِبَة جَاهِلِيَّة أوفي قَرْيَةٍ غير مَسْكُونَةٍ فَفِيهِ وفِي الرِّكازِ الخُمْسُ".

674- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ قال أخبرنا: إسماعيلُ بنُ خَالِدٍ، عن الشَّعْبي قال: -جاءَ رَجُلٌ إلى عليّ رضي اللَّه عنه فقال: إنّي وَجَدَتُ ألْفاً وَخَمْسَمِائةِ درهمٍ في خَرِبَةٍ بالسَّوَادِ (السواد بفتحتين أرض بالعراق) فقال عليّ رضي اللَّه عنه: أَمَا لأُقْضِيَنَّ فيها قضاء بَيِّناً (بينا أي واضحا ظاهرا) إن كنْتَ وَجَدَتَها في قَرْيَةٍ تُؤَدِّي خَرَاجَها (الخراج: ما على أهل القرية من مال يؤدونه إلى بيت المال) قَرْيَةٌ أُخْرَى فَهِيَ لأَهْلِ تلك القَرْيةِ وإن وَجَدَتَها في قَرْيَةٍ لا تُؤَدِّي خَرَاجَها قَرْيَةٌ أُخْرَى فلَكَ أَرْبَعَة أخْماسه ولَنَا الخُمْس ثم الخمس لك -[250]- (أي أنه ركاز يأخذ واجده أربعة أخماسه ولبيت المال الخمس وقوله بعد ذلك ثم الخمس لك غريب في بابه لأن مؤداه أن المال كله له وهو مخالف لحكم الركاز ويجاب بأن إعطاءه الخمس الذي لبيت المال على طريق المنح من سيدنا على لأنه إمام المسلمين وله أن يتصرف ويعطي من يشاء من بيت المال ما يشاء واللَّه أعلم) .

الباب الخامس في صدقة الفطر

الباب الخامس في صدقة الفطر

765- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عُمَر: -أنَّ رَسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَرَضَ زَكاةَ الفِطْرِ (رواه مسلم أيضا وفرض: ألزم وأوجب هكذا فسره الجمهور وزكاة الفطر عندهم فرض لشمول قوله تعالى وآتوا الزكاة إياها ولقوله صلى اللَّه عليه وسلم في هذا الحديث وغيره فرض وقال بعض أصحاب مالك وأصحاب الشافعي وداود في آخر أمره أنها سنة ومعنى فرض عندهم قدر على سبيل الندبوقال أبو حنيفة هي واجبة لا فرض ولا سنة) على الناس (قوله على الناس شمل أهل القرى والأمصار والبوادي والشعاب وكل مسلم حيث كان وبه قال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأحمد وعن عطاء والزهري وربيعة والليث أنها لا تجب إلا على أهل الأمصار والقرى دون البوادي) صَاعاً مِنْ تَمْرٍ أو صَاعاً من شَعِير (الصاع: مكيال يسع أربعة أمداد وذلك خمسة أرطال وثلث بالبغدادي وقال أبو حنيفة: ثمانية أرطال وحكى أن مالكاً تكلم مع أبي يوسف في هذا الموضوع بالمدينة فقال أبو يوسف: الصاع ثمانية أرطال فقال مالك: صاع رسول الله خمسة أرطال وثلث ثم أحضر مالك جماعة معهم عدة أصواع فأخبروا عن آبائهم أنهم كانوا يخرجون بها زكاة الفطر فعايروها كلها فوجدوها خمسة أرطال وثلثا فرجع أبو يوسف عن قوله إلى ما أخبر به أهل المدينة وسبب الزيادة أن الحجاج لما ولى العراق كبر الصاع فجعله ثمانية أرطال للتسعير قال الخطابي وغيره: وصاع أهل الحرمين إنما هو خمسة أرطال وثلث قال الأزهري: وأهل الكوفة يقولون الصاع ثمانية أرطال والمد عندهم ربعه وصاعهم هو القفيز الحجاجي ولا يعرفه أهل المدينة) على كل حُرٍّ وعبْدٍ (على كل حر وعبد أخذ داود بظاهره فأوجبها على العبد نفسه وأوجب على السيد تمكينه من كسبها كما يمكنه من صلاة الفرض ومذهب الجمهور وجوبها على سيده عنه) ذكر وأنثى (ذكروأنثى حجة للكوفيين في وجوبها على الزوجة نفسها وإخراجها من مالها وعند مالك والشافعي يدفعها الزوج عن زوجته) من المسلمين

(من المسلمين زيادة انفرد بها مالك بن أنس واعتمدها الشافعي وزيادة الثقة مقبولة عند الأكثر وعليه العمل وقوله حروعبد وذكر وأنثى بواو العطف وعند غيره بأو والمعنى واحد فيهما وعند الشافعي لا تجب إلا على المسلمين عملا بهذه الزيادة وبه قال مالك وأحمد وأبو ثور فإذا كان له ولد كافر أو زوجة كافرة فلا يجب عليه أن يخرج عنهما وقال أبو حنيفة: يخرج عن العبد غير المسلم والقاعدة عند الشافعية أن كل من وجبت نفقته على شخص وجب عليه إخراج الزكاة عنه وهو مذهب أحمد ومالك وعند الحنفية تجب على كل شخص تلزمك نفقته ولك الولاية عليه فلا يجب على الولد أن يزكي عن والده وإن وجب أن ينفق عليه وكذلك الزوجة) .

676- (أخبرنا) : إبراهيمُ بن محمد، عن جَغْفَرِ بن محمد، عن أبيه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَرَضَ زَكاةَ الفِطْرِ على الْحُرِّ والعَبْدِ والذَّكَر والأُنثى مِمَّنْ تَمُونُون (قوله ممن تمونون أي تنفقون عليه ويؤيد مذهب الشافعي ومن وافقه من الأئمة في من تجب زكاتهم على الإنسان) .

677- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابن عُمر: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَرَضَ زَكاةَ الفِطْرِ من رَمَضَانَ (من رمضان إشارة إلى وقت وجوبها وفيه خلاف العلماء وهذا الخلاف مبني على المراد من الفطر هل هو الفطر المعتاد في جميع الشهر فيكون الوجوب بالغروب أو الفطر الطارئ بعد ذلك فيكون بطلوع الفجر وعند الشافعي ومالك روايتان بالقولين والصحيح من قول الشافعي أنها تجب بغروب الشمس ودخول أول جزء من ليلة عيد الفطر كما حكى النووي) عَلَى الناسِ صاعاً من تَمْرِ أو صاعاً من شَعير.

678- (أخبرنا) : مالكٌ، عن زَيْد بن أَسْلَمَ، عن عِيَاضِ بن عبد اللَّه بن سَعْد ابن أبي سَرْح أنه سَمِع أبا سَعِيد الخُدْري يَقول: -كنا نُخْرِجُ زَكاةَ الفِطْرِ صَاعاً من طَعام أو صاعاً من شَعير أو صاعاً من تَمْرٍ أو صاعاً من زَبيب -[252]- (قوله صاعاً من كذا أو صاعاً من كذا دليل على أن الواجب فيها عن كل نفس صاع ففي غير الحنطة والزبيب يجب صاع بالإجماع وفي الحنطة والزبيب يجب صاع عند الشافعي ومالك والجمهور وقال أبو حنيفة وأحمد نصف صاع لحديث معاوية الآتي وحجة الجمهور صاعا من طعام والطعام في كلام العرب البر خاصة كما قال الخليل: وأهل الحجاز إذا ذكروا الطعام أرادوا به البر خاص والبر بالضم هو القمح) .

679- (أخبرنا) : مالكٌ، عن زَيْد بن أَسْلَمَ، عن عِيَاضِ بن عبد اللَّه بن سَعْد ابن أبي سَرْح أنه سَمِع أبا سَعِيد الخُدْري يَقول: -كنا نُخْرِجُ زَكاةَ الفِطْرِ صَاعاً من طَعام أو صاعاً من شَعير أو صاعاً من تَمْرٍ أو صاعاً من زَبيب أوصاعاً من أَقِطْ (الأقط مثلثة ويحرك ككتف ورجل وإبل: شئ يتخذ من المخيض الغنمي كما في القاموس وفي النهاية هولبن مجفف يابس مستحجر يطبخ به وفي اللسان يتخذ من لبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى يمصل وقال ابن الأعرابي: هو من ألبان الإبل خاصة والحاصل أنهم أجمعوا على جواز إخراجها من القمح والزبيب والتمر والشعير وأما الأقط فأجازه مالك والجمهور ومنعه الحسن وأختلف فيه قول الشافعي وقاس مالك على الخمسة كل ما يتخذ منه الخبز فيدخل فيه الذرة وعنده قول آخر بالإقتصار على المنصوص وانفرد أبو حنيفة بجواز إخراج القيمة والأصح إخراجها من غالب قوت بلده أو قوت نفسه) .

680- (أخبرنا) : أنَسُ بنُ عِيَاضٍ، عن داودَ بن قَيْسٍ أنه سَمِع عيَاضِ بن عبد اللَّه بن سَعْد يقول: -أن أبا سعيد الخدري قال: كنا نُخْرِجُ في زمان النبي صلى اللَّه عليه وسلم صَاعاً من طَعام أو صاعاً من زَبيب أوصاعاً من أَقِطْ أو صاعاً من تَمْرٍ أو صاعاً من شَعير فلم نَزَلْ نُخْرِجُه كذلك حتى قَدِمَ معاويةُ حاجًّا أو مُعْتَمِراً فخَطَبَ الناسَ فكان فيما كلَّمَ الناسَ به أن قال: إني أرى -[253]- مُدَّيْنِ (المد بالضم ربع صاع وهو رطل وثلث بالعراقي عند الشافعي وأهل الحجاز ورطلان عند أبي حنيفة وأهل العراق) من سَمْراء الشامِ (وسمراء الشام يريد بها الحنطة وأضيفت إلى الشام لأن أكثر ما كان يرد القمح إلى المدينة من الشام) تَعْدِلُ صاعاً من تَمْرٍ فأخَذَ الناسُ بذلك. قال الأصَمُّ: وإنما أخْرَجْتُ هذه الأخبارَ كُلَّها وإن كانت مُعَادَةَ الأسانيد لأنها بلفظ آخر وفيها زيادة ونقصان.

681- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ: -أن عَبْدَ اللَّه بن عُمَر كان لا يُخْرِجُ في زَكاةَ الفِطْرِ إلا التَّمْر مرةً واحدةً فإنه أخرجَ شعيراً (أفاد هذا جواز إخراجها من الصنفين وغيرهما كما أخذ من الحديث السابقة والعبرة بغالب قوته هو على الخلاف في ذلك ويجوز إخراج قيمتها عند الحنفية) .

682- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ: -أن عَبْدَ اللَّه بن عُمَر كان يَبْعَثُ بزَكاةَ الفِطْرِ إلى الذي تُجِمَعُ عنده قَبْلَ الفِطْرِ بيومين أو ثلاثة (أفاد الحديث جواز إخراجها قبل العيد بيومين أو ثلاثة ومثله الحديث الذي يليه وبجواز القديم أخذ الشافعي لكنه أجاز إخراجها من أول رمضان وقال أحمد ومالك يجوز تعجيلها يوما أو يومين فقط وقد وردت الأحاديث بالحث على إخراجها قبل صلاة العيد ولذا رأى الجمهور استحباب ذلك وتؤدي طول يوم العيد وتأخيرها عنه حرام لأن المقصود إغناء الفقراء هم ذل السؤال في هذا اليوم فهي كالصلاة يحرم تأخيرها عنوقتها ووقتها من غروب شمس ليلة العيد أو من طلوع فجرها على الخلاف في ذلك ويمتد إلى الغروب) .

683- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عُرْوةَ بن أذَيْنَةَ: -أن ابن عُمَر كان يَبْعَثُ زَكاةَ الفِطْرِ إلى الذي تُجِمَعُ عنده قَبْلَ الفِطْرِ بيومين أو ثلاثة.

684-أنَسُ بنُ عياض، عن أُسامةَ بنِ زَيْد اللَّيْثي: -أنَّه سَألَ سَالمَ ابْنَ عَبْد اللَّهِ عن الزكاةِ فقال: أعْطِها أنْتَ فقلتُ: ألَمْ يكن ابنُ عُمَرَ يقول: ادْفَعْها إلى السُّلطان؟ قال: بلى ولكني لا أرَى أن تَدْفَعَها إلى السُّلطان -[255]- (كان الحسن البصري ومكحول وابن جبير والنخعي يقولون: إذا وضع رب المال زكاته مواضعها جاز له ذلك ولم يفرقوا بين الأموال الباطنة والظاهرة في ذلك وقال أحمد: يفرق بينهما والظاهرة كالمواشي والحبوب الباطنة كالذهب والفضة وأموال التجارة وزكاة الفطر جزء من الزكاة العامة ولكنها من الأموال الباطنة فيجوز له أن يفرقها بنفسه وأن يدفعها إلى الإمام أو النائب عنه وأما الظاهرة فلا يفرقها بنفسه) .

كتاب الصوم وفيه خمسة أبواب

كتاب الصوم وفيه خمسة أبواب

الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده

الباب الأول فيما يفسد الصوم وما لا يفسده

685- (أخبرنا) : عَبْدُ الوهَّاب، عن خالدٍ الحَذَّاء، عن أبي قِلاَبَةَ، عن أبي الأشْعَثِ، عن شَدَّادِ بن أوْسٍ قال: -كنا مع رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم زمانَ الفتح فرأى رَجلاً يحتجمُ لثمانَ عَشْرَةَ خلت من رمضان فقال: وهو آخذٌ بيدي: "أفطَرَ الحاجِمُ وَالمحجومُ (حجمه يحجمه من بابي ضرب ونصر حجما: مصه فهو حاجم وذاك محجوم والحجم: المص والحجام المصاص والمحجم والمحجمة بكسرهما ما يحجم به ومعنى أفطر الحاجم والمحجوم: تعرضا للإفطار أما المحجوم فلضعفه بخروج دمه فربما أعجزه ذلك عن الصوم وأما الحاجم فلأنه لا يأمن أن يصل إلى حلقه شئ من الدم فيبلعه وقيل هذا على سبيل الدعاء عليهما أي بطل أجرهما فكأنهما صارا مفطرين وهذان المعنيان يفيدان كراهة الحجامة في الصيام للحاجم والمحجوم وبهذا صرف لفظ الحديث عن ظاهره وبه أخذ الجمهور ومنهم الحنفية والمالكية والشافعية فلا يفطر الحاجم ولا المحجوم عندهم وإنما يكره لهما ذلك لضعف المحجوم وتعرض الحاجم للفطر وبعضهم أخذ بظاهره ولم يؤوله فقال إنهما يقضيان صومهما ومنهم أحمد وإسحاق وبعض الصحابة والتابعين وعمدة الجمهور في هذا على حديث ابن عباس الذي يلي هذا وهو أن مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم احتجم محرما صائما وحديث ابن عمر بعده وحديث أنس بالبخاري) .

686- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن يَزِيدَ بنِ أبي زيادٍ، عن مَقْسِم، عن ابن عباس: -أنَّ مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم احْتَجَمَ مُحْرِماً صائماً.

687- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابن عُمَرَ: -أنه كان يَحْتَجِمُ وَهُو صائمٌ ثم تَرك ذلك (لأنه رآه يضعفه عن الصوم وهو مؤيد لرأي الجمهور لحديث ابن عباس السابق) . قال الشافعي رضي اللَّه عنه: ومن تَقَيَّأَ وهو صائمٌ وجَبَ عليهِ القضاءُ ومن ذَرَعَهُ القئُ فلا قَضَاءَ عليه (تقيأ أي تكلف القيء وجب عليه قضاء يومه ومن ذرعه القيء أي سبقه وغلبه فلا قضاء عليه لأن ذلك لم يكن باختياره وعلى هذا جمهور الفقهاء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة غير أن الحنفية شرطوا في الإفطار أن تكون المادة الخارجة ملء الفم وشذ ابن مسعود وعكرمة وربيعة فقالوا: لا يفسد الصوم بالقيء مطلقا ما لم يرجع منه شئ باختياره ولعلهم استدلوا بما رواه البخاري موقوفا «الفطر مما دخل وليس مما خرج» ) وبهذا الإسناد قال: أخبرنا: مالكٌ عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ.

688- (أخبرنا) : مالكٌ، عن هِشَام بن عُرْوَةَ، عن أبيه عن عائشة: أنها قالت: -إن كان رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم لَيُقَبِّلَ أزْوَاجَه وهُو صائمٌ ثمَّ تَضْحَكُ (سيأتي قريبا أن ابن عباس سئل عن القبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب ويفهم من هذا أن المدار على ضبط النفس والقدرة على كبحها فهذا ميسور للشيخ دون الشاب الذي تغلب عليه شهوته لحدتها فيوشك أن يخسر صيامه إذا ما قبل وأما مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فكان أملك الناس لأربه وأقدرهم على ضبط نفسه لهذا ثبت أنه كان يقبل زوجاته وهو صائم) .

689- (أخبرنا) : مالكُ بنُ أنَسٍ عن زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ عن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ: -أنَّ رَجُلاً قَبَّلَ امرأتَهُ وهُو صائِمٌ فَوَجَدَ (وجد هنا بمعنى حزن وفيها لغات فتح عينها والكسر والضم كما في التاج) من ذلك وَجْداً شَدِيداً -[257]- فأرْسَلَ امْرَأتَهُ تَسْألُ عن ذلكَ فَدَخَلَتْ على أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ المؤمنينَ فَأَخْبَرَتْها فقالتْ أُمِّ سَلَمَةَ إنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يُقَبِّلَ وهُو صائمٌ فَرَجَعَتِ المرأةُ إلى زَوْجِها فَأَخْبَرَتْه فَزَادَه ذلك شَرًّا وقال: لَسْنَا مِثْلَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يُحِلُّ اللَّهُ تعالى لرسوله ما شاء فَرَجَعَتِ المرأةُ إلى أُمِّ سَلَمَةَ فَوَجَدَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم عِنْدَهَا فقالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: "ما بالُ هذِهِ المرأةِ؟ فَأَخْبَرَتْه أُمِّ سَلَمَةَ فقال: ألاَ أُخبرتها (ألا بالتخفيف أو التشديد للتحضيض) أنِّي أفْعَلُ ذلكَ قَالتْ أُمِّ سَلَمَةَ قَدْ أُخْبَرْتُها فَذَهَبَتْ إلى زَوْجِها فَأَخْبَرَتْه فَزَادَه ذلك شَرًّا وقال: لَسْنَا مِثْلَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يُحِلُّ اللَّهُ تعالى لرسوله ما شاء فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم وقَالَ: واللَّهِ إنِّي لأَتْقاكُمْ للَّلهِ وأعْلمُكمْ بِحُدُودِه".

690- (أخبرنا) : مالكُ بنُ أنَسٍ، عن زَيْدِ بنِ أَسْلَمَ، عن عَطَاءِ بنِ يَسَارٍ: -أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ رَضيَ اللَّهُ عنهما سُئِلَ عن القُبْلَةِ للصائِم فَأرْخَصَ فيها للشيخ وكرهها للشَّاب -[258]- (الرخصة التسهيل في الأمر والتيسير يقال رخص لنا الشارع في ذكا ترخيصاً وأرخص لنا فيه إرخاصاً إذا يسره وسهله وحكمة التفرقة في التقبيل بين الشيخ والشاب واضحة وفي نهاية ابن الأثير أنه كان يقبل ويباشر وهو صائم أراد بالمباشرة الملامسة وأصله من لمس الرجل بشرة المرأة وقد جاز ذلك لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لأنه كما قالت عائشة كان أملككم لأربه وأما غيره فهيهات أن يملك من أمر نفسه ما يملك الرسول لذلك قالوا بالكراهة أن أمن الوقوع في المحرم فإن علمه أو ظنه أو شك فيه حرمت المباشرة وبه قال مالك والشافعي وأحمد وقال الحنفية أن أمن المحرم وهو الجماع أو الإنزال فلا كراهة في المباشرة وإلا كرهت وأخذ الجمهور بالأحوط) .

691- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الرحمنِ بنِ مَعْمَرٍ الأَنْصَارِيِّ، عن أبي يُونسَ مولى عائشة أُمِّ المؤمنينَ، عن عائشةَ: -أنَّ رَجُلاً قالَ لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وهُو واقفٌ على البابِ وأناَ أسْمَعُ يا رَسُولَ اللَّهِ: إنِّي أُصْبِحُ جُنُباً وأنَا أُرِيدُ الصّومَ فاغتسلُ وأصومُ ذلكَ اليوم فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: «وأنا أُصْبِحُ جُنُباً وأنَا أُرِيدُ الصّومَ فاغتسلُ وأصومُ ذلكَ اليومَ (فهم من الحديث وما بعده أن الجنابة لا تضر الصوم ولا تنافيه سواء أكانت من جماع أم من احتلام فإذا جامع الصائم ليلا وظل على جنابته نهارا فلا يفسد صومه وكذلك إذا احتلم وهو صائم أما إذا أنزل بالاستمناء أو بتعمد النظر فإنه يفطر وهو مذهب الجمهور سلفا وخلفاً وفهم منه أن التطهر من الجنابة مطلوب وإن كانت لا تنافي الصوم) » .

692- (أخبرنا) :) : مالكٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ الرحمنِ بنِ مَعْمَرٍ الأَنْصَارِيِّ عن أبي يُونسَ مولى عائشة أُمِّ المؤمنينَ، عن عائشةَ: -أنَّ رَجُلاً قالَ للنبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلم وهي تَسْمَعُ إنِّي أُصْبِحُ جُنُباً وأنَا أُرِيدُ الصيامَ فقالَ النبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلم وأنا أُصْبِحُ جُنُباً وأنَا أُرِيدُ الصيامَ فأغْتَسِلُ ثم أصومُ ذلكَ اليومَ فقال الرجلُ: إنكَ لَسْتَ مِثْلَنا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لكَ ما تقدم من ذنبكَ وما تَأَخَّرَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم وقَالَ: واللَّهِ إنِّي لأَرْجُوا أن أكونَ أخْشَاكُمْ لِلَّلهِ وأعْلَمكُمْ بما أَتَّقِي".

693- (أخبرنا) : سُفيانُ أخبرنا: سُمى مولى أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث عن عائشةَ أنها قالت: -كان النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم يُدْرِكه الصُّبْحُ وهُو جُنُبٌ فَيَغْتَسِلُ ويَصُومُ يَومَهُ.

694- (أخبرنا) : مالكٌ، عن سُمى مولى أبي بكر أنه سَمِعَ أبا بكر بنَ عَبْدِ الرحمنِ يقُولُ: -كُنْتُ أنا وأبي عند مَرْوَانَ بنِ الحَكَمِ وهُو أميرُ المدينةِ فَذَكَرَ له أنَّ أبا هُرَيرَةَ رضي اللَّهُ عنهُ يقُولُ: منْ أصْبَحَ جُنُباً أفطَرَ ذلكَ اليومَ فقالَ مَرْوَانَ أقسمْتُ عَليكَ يا عَبْد الرحمنِ لَتَذْهَبَنَّ إلى أُمِّي المؤنينَ عائشةَ وأُمِّ سَلَمَةَ فَلَتَسْأَلَنَّهُما عن ذلك فقال أبو بكر: فذهب عبدُ الرحمن: وذهبتُ معهُ حتى دخلنا على عائشةَ رضي اللَّه عنها فَسَلَّمَ عليها عَبْدُ الرحمن فقال: يا أُمَّ المؤمنينَ إنَّا كُنّا عند مَرْوَانَ فَذُكِرَ له أنَّ أبا هُرَيرَةَ قال: منْ أصْبَحَ جُنُباً أفطَرَ ذلكَ اليومَ فقالَتْ عائشةُ: لَيْسَ كما قال أبو هُرَيرَةَ يا عبد الرحمن: أتَرْغَبُ عَما كان رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَفْعَلُهُ؟ قال عبدُ الرحمن: لا واللَّهِ يا عائشةُ فقالت عائشةُ فَأَشْهَدُ على رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم إنْ كان لَيُصْبح جُنُباً من جِماع غَيْرَ احْتلامٍ ثُمَّ يَصُومُ ذلكَ اليومَ قال: ثمَّ خَرَجْنا حتى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي اللَّهُ عنها فسألها عن ذلك فقالتْ أُمِّ سَلَمَةَ مثلَ ما قالتْ عائشةُ فخَرَجْنا حتى جِئْنَا مَرْوانَ فقال ما قالتا؟ فأخبَرهُ فقال مَرْوَانُ أقسمْتُ عَليكَ يا أبا أحمد لَتَرْكبَنَّ دابَّتِي فَلَتَأْتِيَنَّ أبا هُرَيرَةَ فَلَتُخْبِرَنَّهُ بذلك -[260]- فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمن ورَكِبْتُ مَعَهُ حتى أتَيْنَا أبا هُرَيرَةَ فَتَحَدَّثَ معهُ عَبْدُ الرَّحْمن ساعةً ثمَّ ذكَرَ لهُ ذلك فقال أبو هُرَيرَةَ: لا عِلْمَ لي بذلكَ إنما أخْبَرَنيه مُخْبر (المخبر الذي أخبره بقوله من أدركه الفجر جنبا فلا يصم وفي رواية أفطر هو الفضل ابن عباس قال أبو هريرة: سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم وفي رواية أخرى أسامة بن زيد ويحمل على أنه سمعه منهما وفي مسلم فقال أبو هريرة: أهما (عائشة وأم سلمة) قالتاه لك؟ يخاطب عبد الرحمن قال نعم قال: هما أعلم قال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك وقد أجمع علماء الأمصار على صحة صوم الجنب سواء أكان من احتلام أم من جماع وإنما رجع أبو هريرة عما رواه لأنه رأى أن حديث عائشة وأم سلمة أولى بالإعتماد لأنهما أعلم بمثل هذا من غيرهما ولأنه موافق لقوله تعالى (فالآن باشروهن) الآية فقد أجازت الجماع إلى طلوع الفجر وهذا يستلزم أن يصبح جنبا ويصح صومه وأما الحديث الذي رواه مخالفاً لذلك فيمكن حمله على من أدركه الفجر مجامعا فاستمر في جماعه فإنه يفطر أو نقول إنه إرشاد إلى الأفضل وإنما تركه الرسول أحيانا للبيان والتعليم كما ترك الطواف ماشيا وطاف راكبا في بعض الأحيان مع أنه خلاف الأفضل لكن البيان يجعله أفضل وقد قيل أن حديث أبي هريرة كان في أول الإسلام حين كان الجماع محرما في الليل بعد النوم كالطعام والشراب ثم نسخ ذلك ولم يعلمه أبو هريرة فكان يفتي به حتى بلغه الناسخ فرجع إليه) .

695- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن حُمَيْدٍ بنِ عَبْدِ الرَّحمنِ، عن أبي هُرَيرَةَ: -أنَّ رَجُلاً أفطَرَ فِي شَهرِ رَمضانَ (أفطر في رمضان أي عامداً بجماع كما فسره الإمام الشافعي عقب هذا الحديث) فأمَرَهُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِعِتْقِ رَقَبَةٍ (أمره الرسول بعتق رقبة أي بتحريرها من الرق وذلك بأن يعتقها إن كانت مملوكة أو بعد أن يشتريها ومن هذا وأمثاله تتجلى رغبة الدين الإسلامي قوية في مناهضة الرق والعمل على تحرير الأرقاء فقد شرع في كفارات كثيرة وحث عليه القرآن بقوله (العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة) هذا وربما قيل لماذا عبر بالعتق والمقام يقتضي الإعتاق الذي هو فعل المفطر أما العتق فأثر الأعتاق وهو قائم بالمعتق أي المحرر والجواب أنه يقال أعتق العبد عتقا فأقاموا مصدر الثلاثي مقام مصدر الرباعي كما قالوا أعطى عطاء ولم أر منهم من صرح بمصدر الرباعي وهو الإعتاق والعتق بالكسر والفتح والعتاق والعتاقة بفتحهما مصدر عتق العبد من باب ضرب أي صار حرا وقيل العتق بالفتح مصدر وبالكسر إسم) أو صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أو إطْعَامِ -[261]- سِتِّينَ مِسْكِيناً فقالَ: إني لا أجِدُ فَأُتِيَ النبيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال: خُذْ هذا فَتَصَدَّقْ به فقال يا رسولَ اللَّهِ: ما أحَدٌ أحْوَجَ مِنِّي فَضَحِكَ النبيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم حتى بدَتْ ثناياهُ ثم قال: «كُلْهُ» (العرق بفتحتين القفة والثنايا الأضراس الأربع التي في مقدم الفم ثنتان فوق ثنتان تحت وفي هذا الحديث إجمال في قوله فأمره رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا فقال إلى لا أجد لآن عدم الوجود إنما يصلح في العتق والإطعام دون الصيام وقد جاءت رواية مسلم أوضح وأتم فإنه قال هل تجد ما تعتق رقبة قال لا قال فهل تستطيع أن صوم شهرين متتابعين قال لا قال فهل تجد ما تطعم ستين مسكينا قال لا إلخ ومذهب الشافعي والعلماء كافة وجوب الكفارة على من جامع عامدا في نهار رمضان وهي عتق رقبة فإن عجز فإطعام ستين مسكينا كل مسكين مد من طعام فإن عجز فهناك قولان للشافعي أحدهما لا شئ عليه وإن قدر بعد ذلك وحجته أن الرسول لم يقل له أن الكفارة باقية في ذمته بل أذن له في إطعام عياله والآخر وهو الصحيح عند الشافعية أن الكفارة باقية في ذمته حتى يمكنه أداؤها كغيرها من الديون وليس في الحديث ما ينافي ذلك بل فيه ما يدل عليه وهو أنه أمره بعد إعطائه التمر بإخراجه في الكفارة فلو كانت تسقط بالعجز ما أمره بإخراجها وإنما أذن له في أكله لشدة فاقته وإنقاذ أولاده ووجوبها على التراخي) ". قال الشافعي رضي اللَّه عنه وكان فطره بِجِمَاع.

696- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ، عن سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ قال: -أتَى أعْرَابِيٌّ إلى النبيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم وهو يَنْتِفُ شَعْرَهُ ويضرب نحره -[262]- ويقولُ: هَلَكَ الأبْعَدُ (الأبعد المتباعد عن الخير والعصمة والأبعد: الخائن) فقال النبيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم: «وما ذاك؟» قال: جامَعْتُ أهْلي في رمَضَانَ وَأنا صاَئِمٌ فقال رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: "هل تَسْتَطيعُ أنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً؟ قال: لا قال فهل تَسْتَطيعُ أنْ تُهْدِيَ بَدَنَةً؟ (البدنة تطلق على الجمل والناقة والبقرة وهي بالإبل أشبه وسميت بدنة لعظمها وسمنها ولم يرد إهداء البدنة في مسلم وحكى عن الحسن أن الصائم مخير بين عتق رقبة ونحر بدنة أخذا بهذا الحديث قال ابن الأثير في شافي العي ولا قائل بذلك) قال: لا قالَ: «فاجْلِسْ» قال: فَأُتِيَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم بِعَرَقِ تَمْرٍ فقال: «خُذْ هذا فَتَصَدَّقْ به» قال: ما أحَدٌ أحْوَجَ مِنِّي قال: «فَكُلْهُ وصُمْ يوماً مَكَانَ مَا أصبْتَ» قال عَطَاءٌ: فسألتُ سَعِيداً؟ كم في ذلك العَرَق قال: ما بين خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعاً إلى عشرين.

الباب الثاني فيما جاء في صوم التطوع

الباب الثاني فيما جاء في صوم التطوع

697- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، أنه سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بن أبي يزيد يقول سمعتُ ابنَ عَباس يقولُ: -ما عَلِمْتُ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم صامَ يَوْماً يَتَحَرَّى صِيَامَه (التحري القصد والإجتهاد في الطلب أي أنه صلى اللَّه عليه وسلم كان أكثر قصداً لصوم هذا اليوم وأقل ما يفيده ذلك استحباب صومه وسيأتي لهذا الكلام مزيد بيان) على الأيام إلا هذا اليومَ يعني: يَوْمَ عَاشُورَاءَ.

698- (أخبرنا) : ابنُ أبي فُدَيْكٍ عن ابن أبي ذِئْبٍ عن الزُّهْري عن -[263]- عُرْوَة عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: -كانَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَصُومُ عاشوراء (قال ابن الأثير: عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم وقيل: هو التاسع وفي القاموس والعاشوراء والعشوراء يقصران والعاشور: عاشر المحرم أو تاسعه وفي اللسان: وعاشوراء وعشوراء ممدودان: اليوم العاشر من المحرم وقيل التاسع وهو مذهب ابن عباس: فعاشوراء عنده تاسع المحرم وبه أخذ بعض العلماء والمشهور من أقاويل العلماء سلفهم وخلفهم أن عاشوراء عاشر المحرم وتاسوعاء تاسعه لأنه صلى اللَّه عليه وسلم صام عاشوراء فقيل له أن اليهود والنصارى تعظمه فقال: فإذا كان العام المقبل صمنا التاسع فإنه يدل على أنه كان يصوم ما صامه وقيل أراد ترك العاشر وصوم التاسع وحده لمخالفة أهل الكتاب وفيه نظر لقوله عليه الصلاة والسلام «صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود صومواقبله يوما وبعده يوما» ومعناه صوموا معه يوما قبله أو بعده حتى تخرجوا عن التشبه باليهود في إفراد العاشر واختلف هل كان صومه واجبا ونسخ بصوم رمضان أو لم يكن واجبا قط واتفقوا على أن صومه سنة اهـ فيومي في مصباحه أقول والقول بأن عاشوراء هو عاشر المحرم هو الموافق للإشتقاق ويؤيده عدة أحاديث في مسلم وغيره وعليه الجمهور والأئمة الأربعة وإن كان يرى أحمد والشافعي صوم التاسع مع العاشر لأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم نوى صومهما معا إن عاش ألا ترى إلى قوله: لئن سلمت إلى قابل لأصومن التاسع أي مع العاشر وفي رواية لئن بقيت إلخ) ويَأمُرُ بِصِيَامِهِ.

699- (أخبرنا) : مالكٌ عن هِشَامِ بن عُرْوَة عن أبيه عن عائشة رضي اللَّه عنها أنها قالت: -كان يومُ عاشوراءَ يوماً تَصُومُهُ قُرَيْشٌ في الجاهليةِ وكان النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم يَصُومُهُ في الجاهليةِ فلما قَدِمَ النبي صلى اللَّه عليه وسلم المَدِينَةَ صَامَهُ وأمَرَ بِصِيَامِهِ (ظاهر الحديث أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان يتابع قومه في صوم هذا اليوم قبل النبوة فلما هاجر إلى المدينة أمرهم بصومه فلما فرض اللَّه صيام رمضان صار هو الفرض فخيرهم الرسول صلى اللَّه عليه وسلم بين صوم يوم عاشوراء وفطره بعد ذلك ثم حثهم بعد ذلك على صومه فصار صومه سنة بتلك الأحاديث الواردة في غير كتابنا ففهمنا أن صوم هذا اليوم كان فرضا ثم خيروا فيه فترة ثم ندبوا إلى صيامه) فلما فُرِضَ رَمَضَانُ كانَ هُوَ الفَرِيضة -[264]- وتَرَكَ يَوْمَ عاشوراءَ فَمَن شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهْ (لو كان الأمر مقصورا على هذا الحديث لما كان صوم هذا اليوم سنة باتفاق ولكن وردت أحاديث تحث على صومه كقوله «صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود» وقوله «لئن سلمت إلى قابل لأصومن التاسع وفي رواية تاسوعاء» ) .

700- (أخبرنا) : يَحْيَ بنُ حَسّانَ، عن اللّيْثِ يَعني ابنَ سَعْدٍ، عن نافع عن ابن عُمَرَ قال: -ذُكِرَ عِنْدَ رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَوْمُ عاشُورَاءَ فقال النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم "كانَ يَوْماً تَصُومُهُ أهْلُ الجاهِلِيَّةِ فَمَنْ أحَبَّ منكم أنْ يَصُومَهُ فَليَصُمْهُ ومن كرِهَهُ فَلْيَدَعْهُ.

701- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن الزُّهْري، عن حُمَيْدِ بنِ عبد الرَّحمن قالَ: -سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بنَ أبي سفيان يَوْمَ عاشُورَاءَ وهو عَلَى المِنْبَرِ مِنْبَرِ رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وقد أخرج من كُمِّهِ قُصَّةً من (في المصباح القصة بالضم: الطرة وهي هنا الطائفة من الشعر التي تستعيرها المرأة لتزيد بها شعرها وتتحلى بها وهذه المرأة تسمى الواصلة وقد نهى الرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن هذا العمل فقال لعن اللَّه الواصلة والمستوصلة وقد أخذت الغيرة الدينية معاوية حين شاهد النساء يعمدن إلى هذه الخلة وخشي أن يفتن الشبان ويصرفن الرجال بها عن الجد إلى الهذيان فحذرهم عواقبها وذكرهم بما أصاب بني إسرائيل من نتائجها فليت شعري ما هو قائل لو بعث الآن ورأى ما صارت إليه نساؤنا من تبرج واضح وتهتك فاضح حتى النساء بل بعض الفتيات شبه عاريات يمشين متكسرات ويجلسن مدخنات بل يشربن الخمور ويراقصن غير البعول) شَعْر يَقُولُ: أيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ أهْلَ المدِينةِ لَقَدْ سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عليهِ وسلم يَنْهَى عن مثل هذه ويقولُ: «إنما هَلَكَ بَنُو إسرائيلَ حِينَ اتَّخَذَتها -[265]- نساؤُهُمْ» ثم قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عليهِ وسلم في مثل هذا اليوم يَقُولُ: «إنِّي صائمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ» .

702- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن حُمَيْدِ بنِ عبد الرَّحمن: - أنه سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بنَ أبي سفيان عامَ حَجَّ وهو عَلَى المِنْبَرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عليهِ وسلم يَقُولُ: «هذا اليوم هذا يومُ عاشوراءَ لم يَكْتُبِ اللَّهُ عليكم صِيامَه وأنا صائمٌ فَمَنْ شَاءَ منكم فَلْيَصُمْ ومن شاءَ فَلْيُفْطِرْ» .

703- (أخبرنا) : مالكٌ، عن يَحْيَ بنِ سَعِيدٍ، عن أبي سَلمَة أنه سَمِعَ عائشةَ تقُولُ: -إنْ كانَ لَيَكُونُ عَلَيَّ الصَّومُ من رمضانَ فَمَا أَسْتطيع أن أصُومَه حتى يأتِيَ شَعْبَانُ (ويفهم من الحديث أن قضاء الصوم لا يجب على الفور إذا فات الإنسان لعذر وهو مذهب أحمد والشافعي ومالك وأبي حنيفة وجماهير السلف والخلف لكن قالوا لا يجوز تأخيره عن شعبان الذي يليه وخالفهم داود فقال: يجب المبادرة بقضائه وهو محجوج بهذا الحديث لكنهم متفقون على أن يكون صادق العزم على قضائه وإلا حنث بالتأخير وهذا كله في القادر على القضاء أما العاجز فعذره في التأخير مقبول) .

704- (أخبرنا) : الدَّارَاوَرْدِي، عن يَزِيدَ بنِ الهاد، عن عَبْدِ اللَّه بن أبي سَلَمَةَ، عن عمْرِوبنِ سُلَيْم الرَّقى، عن أُمِّهِ قالت: -بَيْنَمَا نَحُنُ بِمِنًى وإذا عليّ بن أبي طالب عَلَى جَمل يَقُولُ: إنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عليهِ وسلم قال: «إنَّ هَذِهِ أيَّامُ (يريد بهذه الأيام أيام التشريق وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر سميت بذلك لتشريق الناس لحوم الأضاحي فيها أي تقديرها بنشرها في الشمسوفي مسلم قال رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عليهِ وسلم» أيام التشريق أيام أكل وشرب وفي رواية أيام منى"وفيه دليل على أنه لا يصح صومها بحال وهو أظهر القولين في مذهب الشافعي وبه قال أبو حنيفة) فلا يَصُومَنَّ أحَدٌ فاتَّبَعَ النَّاسَ وهُو -[266]- عَلَى جَمَلٍ يَصْرُخُ فيهم بذلك.

705- (أخبرنا) : مُسْلِمُ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن ابنِ شِهابٍ: - الحديث الذي رويته عن حَفْصَةَ وعائشةَ أنَّهما أصْبَحَتَا صائمتينِ فأُهْدِيَ لهما شئٌ فَأَفْطَرَتَا فَذَكَرتا ذلكَ للنبي صلى اللَّهُ عليهِ وسلم فقال: «صُومَا يَوْماً مكانه» (أي لا بأس عليكما في الإفطار ولكن صوما يوما آخر بدله عن طريق الندب لا الإيجاب فان للبدل حكم الأصل وقد كان مندوبا فكذلك ما قام مقامه وأفاد الحديث أن للصائم متطوعا الفطر وإن كان يندب إعادة هذا اليوم وعلى هذا جمهور العلماء من السلف والخلف ومنهم الشافعي وأحمد وقال بعضهم يجب القضاء لأن من شرع في نفل فأفسده وجب عليه قضاؤه لوجوبه بالشروع فيه ولقوله تعالى (ولا تبطلوا أعمالكم) قال الجمهور: الإبطال المنهي عنه ما كان سببه الرياء) قال ابنُ جَرَيْج: فقلتُ له أسَمِعْتَهُ من عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ؟ فقال: لا إنما أخبرنيه رجُلٌ ببابِ عَبْدِ الملك بنِ مَرْوانَ أو رجُلٌ من جُلَساءِ عَبْدِ الملك بنِ مَرْوانَ.

706- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن طَلْحَةَ بن يَحْيَ بن طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ، عن عَمَّتِه عائشةَ بنتِ طَلْحَةَ، عن عائشة أُمِّ المؤمنين رضي اللَّه عنها قالت: -دخل عَلَيَّ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم فقلتُ: إنَّا خَبَّأْنا لك حَيْساً (الحيس تمر ينزع نواه ويدق مع أقط ويعجنان بالسمن ثم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد وربما جعل معه سويق والحديث وما بعده كالذي قبلهما في جواز إفطار الصائم تطوعا) فقال: «أمَا إنّي كنتُ أُرِيدُ الصَّومَ ولكن قَرِّبيه» .

707- (أخبرنا) : مُسْلِمُ وعَبْد المجِيد، عن ابن جُرَيْج، عن عَمْرِ بنِ دينارٍ قال: -كان ابنُ عباس لا يَرَى بالإفطار في صيام التطَوُّع بَأْساً.

708- (أخبرنا) : مُسْلِمُ بن خالدٍ، وعَبْد المجيد بنُ عبد العزيز بن أبي رُواد، عن ابن جُريْج، عن عَطَاءٍ بن أبي رَبَاحٍ: -أنَّ ابنَ عباسٍ كان لا يَرى بَأْساً أنْ يُفْطِرَ الإنسانُ في صِيامِ التَّطَوُّع ويضْرِبُ لذلك مَثَلاً رجُلٌ طاف سَبعاً (قوله ولم يوفه بعد قوله طاف سبعا يحملنا على أن نفهم أن المراد أنه أراد أن يطوف سبعا لا أنه طاف بالفعل وإلا لما صح قوله بعد ذلك ولم يوفه) ولم يُوَفِّهِ فلَهُ ما احْتَسَبَ (الإحتساب طلب الأجر والاسم الحسبة بالكسر وهو الأجر وفي الحديث «من صام رمضان إيمانا واحتسابا» أيطلبا لوجه اللَّه وثوابه فقوله «له ما احتسب» أي له ما طلب من الأجر والثواب) أو صَلَّى ركعةً ولم يُصَلّ أُخْرَى فَلَهُ أجْرُ ما احْتَسَب.

الباب الثالث فيما جاء في صوم المسافر

الباب الثالث فيما جاء في صوم المسافر

709- (أخبرنا) : مالكٌ، عن هِشَامِ بن عُرْوةَ، عن أبيه، عن عائشةَ: -أنَّ حَمْزَةَ بنَ عَمْرو الأسْلمي قال يا رسولَ اللَّهِ: أصُومُ في السَّفَرِ؟ وكان كثيرَ الصِّيَام فقال رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلَّم: "إنْ شِئْتَ فَصُمْ وإنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ -[268]- (الأحاديث الواردة في هذا الباب: أعني باب صيام المسافر في رمضان مختلفة المفهوم والدلالة فبعضها يفيد بظاهره عدم صحة الصوم وأكثرها يفيد صحة الصوم ومن هذه الكثيرة ما يرجح جانب الفطر ومنا مايرجح جانب الصيام ومنها ما يفيد استواء الأمرين ولهذا تعددت المذاهب في المسألة بتعدد هذه الجهات فذهب بعض الظاهرية إلى فساد صوم المسافر أخذا بظاهر قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا أو على سفر) الآية ولقوله صلى اللَّهُ عليه وسلَّم: «ليس من البر الصيام في السفر) ولقوله في حديث آخر (أولئك العصاة) وعلى هذا فيجب على من صام في سفره القضاء وذهب مذهب جمهور العلماء إلى جواز الصوم وصحته وإجزائه وهؤلاء اختلفوا فرأى الأكثرون منهم تفضيل الصوم على الفطر عند استطاعته بلا مشقة وعدم التضرر به ومن هؤلاء مالك وأبو حنيفة والشافعي فإن تضرر فالفطر أفضل واحتجوا بصوم الرسول وعبد اللَّه بن رواحة وغيره ولأنه تحصل به براءة الذمة في الحال ورأى أقلهم تفضيل الفطر ومن هؤلاء أحمد وإسحاق والأوزاعي وسعيد بن المسيب واحتجوا بما احتج به أهل الظاهر وبقوله صلى اللَّهُ عليه وسلَّم» هي رخصة من اللَّه فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه"فظاهره ترجيح الفطر وأجاب الأكثرون بأن هذا فيمن يخاف ضررا أو يجد مشقة واعتمدوا حديث أنس الآتي بعد هذا وغيره الذي صرح فيه بأن بعضهم كان يصوم وبعضهم كان يفطر فى يعيب فريق فريقا وذهبت طائفة ثالثة إلى أن الأمرين سيان أعني الفطر والصيام لتعادل الأحاديث ورجح النووي مذهب الأكثرين واللَّه أعلم) .

710- (أخبرنا) : مالكٌ، عن حُمَيْدٍ الطويل، عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: -سَافَرْنَا مع رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم في رمضانَ فلم يَعِبِ الصائمُ عَلَى المُفْطرِ ولا المُفْطِرُ عَلَى الصائم.

711- (أخبرنا) : الثِقةُ، عن حُمَيْدٍ، عن أنَسٍ قال: -سَافَرْنَا مع رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم فَمِنَّا الصائمُ ومنا المُفْطِرُ فلم يَعِبِ الصائمُ عَلَى المُفْطر.

712- (أخبرنا) : عبدُ العزيز بن محمد، عن جَعْفَر بن محمد، عن أبيه عن جابرٍ: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خَرَجَ إلى مكة عَامَ الفتح (يريد بالفتح فتح مكة وذلك في السنة الثامنة من الهجرة) في -[269]- رَمضَانَ فَصام حتى بَلَغَ كُرَاعَ الغَمِيمْ (في معجم البلدان: كراع الغميم «بضم الكاف وفتح الغين» موضع بالحجاز بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان كعثمان بثمانية أميال وهذا الكراع جبل أسود في طرف الحرة يمتد إليه) فصام الناسُ معه فقِيلَ له يا رسولَ اللَّه: إنَّ الناسَ قَدْ شَقَّ عليهم الصيامُ فَدَعا بِقَدَح من ماء بعدَ العصرِ فَشَرِبَ وَالناسُ يَنْظُرُونَ فَأَفطَرَ بعضُ الناسِ وصامَ بعضٌ فَبَلَغَهُ أنَّ نَاساً صامُوا فقال: «أؤلئكَ العُصَاةُ» (هذا الحديث يقوي مذهب الأكثرين القائل بترجيح الصيام في السفر إلا إذا كان هناك مشقة أو تضرر فيترجح الفطر فإن الرسول صلى اللَّهُ عليه وسلم حين علم أن الناس قد شق عليهم الذيام شرب أمامهم وأفطر ليفطروا مثله وقال لمن لم يتابعه في فطره «أولئك العصاة» وإنما سماهم عصاة لعدم فطرهم مع تضررهم بالصوم ولأنهم كانوا ذاهبين إلى فتح مكة ومجاهدة الأعداء وهذا يضعفهم ويعرضهم للهزيمة ولذا قال الرسول صلى اللَّهُ عليه وسلم في الحديث الذي يلي هذا: «تقووا لعدوكم» ولا يلزم من نعته إياهم بالعصاة فساد صومهم وغاية ما؟؟ أنه خلاف الأفضل والأولى) .

713- (أخبرنا) : الشافعي في حديث الثقة عن الدَّارَاوَرْدي، عن جَعْفَر ابن محمد، عن أبيه، عن جابرٍ قال: -خَرَجَ رسول اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم عامَ الفتح في رَمضَانَ إلى مكَّةَ فَصامَ وأمرَ الناسَ أن يُفْطِرُوا وقال: «تَقَوَّوْا لعَدُوِّكُمْ» فقِيلَ: إنَّ الناسَ أبَوْا أنْ يُفْطِرُوا حينَ صُمْتَ فَدَعا بقَدَح فَشَرِبَ ثم ساق الحديث.

714- (أخبرنا) : عبدُ العزيز بنُ مُحمد الدَّرَاوَرْدِي، عن جَعْفَر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الَّله: -أنَّ النبى صلى اللَّهُ عليه وسلم صامَ فى سَفَرٍ -[270]- إلى مكة عامَ الفتح فى شَهْرِ رمضانَ وأمَرَ الناسَ أنْ يُفْطِرُوا فَقِيل له: إنَّ الناسَ صاموا حِينَ صُمْتَ فَدَعا بإناءٍ ففيه ماءٌ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدهِ وأمَرَ مَنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أنْ يُحْبَسُوا فلما حُبِسُوا ولَحِقَ مَنْ وَرَاءَهُ (إنما أمر بحبس من كان منهم بين يديه لينتظر من وراءهم ليشرب أمامهم جميعا ليقتدوا به ويفطروا لأنه رأى شدة المشقة وخاف عليهم وهم ذاهبون الى لقاء عدوهم أن يضعفوا فيمنوا بالهزيمه) رَفَعَ الإ ناء إلى فِيهِ فَشَرِبَ وفى حديثهما أو حديث غيرهما وذلك بَعْدَ العَصْرِ.

715- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن جَعْفَر بن محمد، عن أبيه، عن جابرٍ ابنِ عَبْدِ اللَّهِ قال: -خَرَجَ النبيُّ اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم من المدينة حتى كان بكُرَاع الغَمِيم وهو صائمٌ ثم رفع إناءً فَوَضَعَهُ علي يَدِهِ وهُوَ عَلَى الرَّحْلِ فَحَبَسَ مَنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وأدرَكَهُ مَنْ وَرَاءَهُ ثم شرِب والناسُ يَنْظُرُون.

716- (أخبرنا) : مالكٌ، عن سمى مَوْلى أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن بعضِ أصحابِ رسول اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم: -أنَّ النبيّ صلى اللَّهُ عليه وسلم أمَرَ الناسَ في سَفَره عامَ الفتح بالفطر وقال: " تَقَوَّوْا لعَدُوِّكُمْ وصَامَ النبيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم قال أبو بكر يعني ابنَ عَبْدِ الرحمن قال الذي حدثني لقد رأيت النبيَّ صلى اللَّهُ عليه وسلم بالعَرْج (العرج بوزن فهد: بطريق المدينة ويفهم منه جواز الاستبراد في رمضان من الحر أو العطش بالاستحمام) يَصُبُّ فوق رأْسِهِ الماءِ من العَطَشِ أو من الحَرِّ فَقِيل يا رسولَ اللَّه: إنَّ طائفةً من الناس صامُوا حين صُمْتَ فلما كان رسول اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم -[271]- بالكديد (الكديد كأمير ماء بين الحرمين شرفهما اللَّه تعالى اهـ قاموس وقال النووي: الكديد بفتح الكاف وكسر الدال المهملة عين جارية بينها وبين المدينة سبع مراحل أو نحوها وبينها وبين مكة قريب من مرحلتين وهي أقرب إلى المدينة من عسفان قال القاضي عياض: الكديد عين جارية على اثنين وأربعين ميلا من مكة وعسفان: قرية جامعة على ستة وثلاثين ميلا من مكة) دعا بقَدَح (قدح كقلم آنية الشرب كالكوب أو الكوز وأما بكسر القاف وسكون الدال فهو السهم قبل أن يراش ويركب فيه نصله) فَشَرِبَ فَأفْطَرَ الناسُ.

717- (أخبرنا) : مالكٌ، عن الزُّهْري، عن عُبَيدِ اللَّه بنِ عبد اللَّهِ بنِ عباسٍ: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّهُ عليه وسلم خَرج في عام الفتح فى رمضانَ فَصام حتى بَلَغَ الكَدِيد ثم أفطر فأفطر الناسُ معهُ وكانوا يأخُذُون بالأحْدَثِ فالأحْدَث من أمْرِ رسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم (محل هذا إذا علموا نسخ الأول أو رجحان الثاني مع جواز الأمرين فليس بلازم أن يأخذوا بالأحدث إذا كان الأول أرجح منه وقد يفعل الرسول الفعل لبيان الجواز وإن كان غيره أفضل منه كطوافه صلى اللَّه عليه وسلم راكبا على بعيره مع أن الأفضل الطواف ماشيا وإنما فعل ذلك لتبيين الأحكام وإن مثل هذا كاف وإن كان غيره أولى) .

718- (أخبرنا) : عبدُ العزيز بنُ محمد، عن عُمَارَةَ بنِ غزيَّةَ، عن محمد ابن عبد الرحمن، عن عَبْد اللَّه بن سَعْد بن مُعاذٍ قال: قال جابرُبنُ عَبْدِ اللَّهِ: -كُنَّا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم زَمَانَ غَزْوَةِ تَبُوكَ ورسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم يسيرُ بعدَ أنْ أضْحَى إذَا هُو بجماعةٍ في ظلِّ شجرةٍ فقال: «ما هذه الجماعةُ» قالوا: رجُلٌ صائمٌ أجْهَدَهُ الصومُ أو كلمةً نحوها فقال رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "لَيْس من البرِّ الصومُ في السفر -[272]- (البر بالكسر يفسر تارة بالإحسان وأخرى بالطاعة والعبادة وهذا محمول على ما إذا شق عليهم الصوم وتضرروا به وسياق الحديث وقصته تقتضي هذا التأويل فإن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كان يسير بعد أن أضحى أي دخل في الضحى وصار إليها والضحى بالضم من طلوع الشمس إلى أن يرتفع النهار وتيبض الشمس جدا وقيل حين: تطلع الشمس فيصفو ضوؤها ويليه الضحاء بفتحتين إذا إرتفع النهار واشتد وقع الشمس قريبا من نصف النهار فرأى جماعة مجتمعين في ظل شجرة فسأل عن سبب اجتماعهم فقيل: رجل أجهده الصوم أي أتعبه وأنصبه فقال: ليس من البر الصوم في السفر «أي إذا كان بهذه المثابة ويؤدي إلى مثل هذه الغاية) » .

719- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن الزُّهْري، عن صَفْوانِ بنِ عَبْدِ اللَّه، عن أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عن كَعْب بنِ عاصم الأشعري: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «لَيْس من البرِّ الصيامُ في السَّفَرِ» .

الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم

الباب الرابع في أحكام متفرقة في الصوم

720- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن دِينارٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " الشَّهْرُ تسعةٌ وعشرونَ فلا تَصُومُوا حتى تَرَوُا الهِلاَلَ ولا تُفْطِرُوا حتى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ -[273]- (تضمن هذا الحديث أمرين ثانيهما مبني على الأول وذلك الأول هو عدد أيام الشهر العربي وقد صرح بأنها تسعة وعشرون وفي مسلم روايات كثيرة عن ابن عمر في أنها تسعة وعشرون لا داعي لإيرادها وفيه ما يفيد أنها متراوحة بين تسعة وعشرين وثلاثين وهي هذه سمع عمر بن سعيد ابن عمر يحدث عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام ثلاثين فأفاد أنها دائرة بين هذين العددين لا تنقص عن تسعة وعشرين ولا تزيد عن ثلاثين وعلى ذلك فمعنى قوله: الشهر تسعة وعشرون أي قد يكون كذلك فإذا رئي هلال رمضان بعد إنقضاءتسع وعشرين من شعبان ثبت رمضان ووجب على المسلمين الصيام وإن لم يرى هلال رمضان أكمل المسلمون عدة شعبان ثلاثين وصاموا عقب ذلك وهذا معنى قوله صلى اللَّه عليه وسلم فلا تصوموا حتى تروا الهلال أي هلال رمضان ولا تفطروا حتى تروه أي حتى تروا هلال شوال فإن غم بالبناء للمجهول ونائب الفاعل الهلال أي إذا غطيته فأكملوا عدة الشهر ثلاثين فإن كنتم في شعبان ولم تروا هلال رمضان بعد التاسع والعشرين فأكملوا عدة شعبان ثلاثين وإن كنتم في رمضان ولم تروا هلال شوال بعد التاسع والعشرين فأكملوا عدة رمضان ثلاثين) ".

721- (أخبرنا) : عبدُ العزيز بنُ محمد الدَّرَاوَرْدِي، عن محمد بن عبد اللَّه بن عَمْرو بن عُثْمانَ، عن أُمه فَاطِمَةَ بنت حُسَيْنٍ: -أنَّ رَجُلاً شَهِدَ عنْدَ عَلِي رضي اللَّه عنه على رؤيةَ هِلال رمضانَ فصامَ وأحْسَبُه قال وأَمَرَ الناسَ أن يَصُوموا وقال أصومُ يَوْماً من شَعْبَانَ أَحَبُّ إليَّ من أَنْ أفْطِرَ يَوْماً من رَمَضانَ -[274]- (قول علي عليه السلام «أصوم يوما من شعبان أحب إلى إلخ» ظاهر في أنه لم يعد هذا من رمضان ولم يأخذ بشهادة الفرد في رؤية الهلال وإنما صامه للإحتياط مخافة أن يكون من رمضان فيقع ناقصا فقال عليه السلام «لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان» وذلك لأن الكلام في صوم يوم الشك فهو يفضل أن يصومه فإن ظهر أنه من رمضان فقد أداه كاملا وإن ظهر أنه من شعبان وقع نفلا ومن هنا نفهم مذهبه في صوم يوم الشك وقد أوجبه أحمد وجماعة بشرط أن يكون هناك غيم والجمهور ومنهم مالك والشافعي على حرمة صومه إلا أن يوافق عادة له لئلا يزاد في رمضان ما ليس منه كما فعل أهل الكتاب وليستقبل رمضان بجد ونشاط وقيل محل ذلك إذا نواه من رمضان فإن نواه من شعبان فلا حرمة وفي الفتح أنه لا يجوز صومه عن رمضان فقط عند مالك وأبي حنيفة وللحديث الذي رواه مسلم عن صلة قال: كنا عند عمار بن ياسر فأتى بشاة مصلية فقال: كلوا فتنحى بعض القوم فقال إني صائم فقال عمار: من صام اليوم الذي يشك فيه الناس فقد عصى أبا القاسم والعصيان لا يكون إلا بفعل المحرم فيكون صوم يوم الشك محرما وحجة أحمد ومن وافقه صوم علي وأمره الناس أن يصوموه وقوله صلى اللَّه عليه وسلم «فاقدروا له أي ضيقوا له وقدروه تحت السحاب» وسترى أن الجمهور فسره بغير هذا) . وقال الشافعي بعدُ لا يَجُوزَ على رمضانَ إلا شاهدان.

722- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ سَعْد بن إبراهيمَ بنِ عبد الرَّحمنِ بنِ عَوْفٍ، عن ابن شِهابٍ، عن سالم، عن أبيه: - أنَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إذا رأيتُم الهِلاَلَ فَصُوموا وإذا رأيتُموه فأَفْطِروا فإن غُمَّ عليكم فأقْدِرُوا له (قدرت الشيء قدرا من بابي ضرب وقتل وقدرته تقديرا بمعنى وقوله صلى اللَّه عليه وسلم» فأقدروا له أي قدروا له عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوما «وفى رواية فإن غم عليكم فأكملوا العده» وفسره ابن سريج بقوله: أي قدروا له منازل القمر فإنها تدلكم وتبين لكم أن الشهر تسع وعشرون أو ثلاثون وهذا خاص بمن يعرف هذا العلم والرواية الأخرى: فأكملوا العدة للعامه التي لا تحسن تقدير المنازل قال والأول أصح قال المازرى: حمل جمهور الفقهاء قوله صلى اللَّه عليه وسلم «فأقدروا له» على أن المراد إكمال العدة ثلاثين كما فسره في حديث آخرقالوا ولا يجوز أن يكون المراد حساب المنجمين لأنه لا يعرفه إلا القليل والشرع إنما يعرف بما يعرفه الجماهير.) "فكان عبدُ الَّله يَصُومُ قَبْلَ الهِلاَلِ بيومٍ قِيل لإبراهيمَ بن سعد يَتَقَدَّمَهُ قال نَعَمْ (ظاهره استغراب صوم يوم الشك ووقوعه منهم موقع العجب وقد مر الخلاف بينهم في صومه وسيأتي أن تقدمه بيوم أو يومين جائز إن وافق عادته فلعله كان عادة له) .

723- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن عَمْرو بن دينارٍ، عن مُحَمَّد بن خَيبر، عن ابن عَباس قال: -عَجِبْتُ مِمَّنْ يَتَقَدَّمُ الشَّهْرَ وقد قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لا تَصُومُوا حتى تَرَوْهُ ولا تُفْطِرُوا حتى تَرَوْهُ» .

724- (أخبرنا) : عبدُ العزيز بنُ محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمَةَ، عن -[275]- أبي هُريرة: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: لا تَقَدَّموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافقَ ذلك يوما كان يَصُومُه أحدُكم (الحديث صريح في النهي عن استقبال رمضان بصوم يوم أو يومين ليستقبل رمضان بنشاط ولئلا يزاد في رمضان ما ليس منه ومحل الحرمة ما إذا لم يصادف صومه عادة له كصوم الإثنين أوالخميس بنية التطوع وكذلك لا حرمة إذا وصله بما قبله ففي هذه الأحوال يتقي المعنى المخوف فلا يحرم الصوم ويشمل هذا النهي يوم الشك لأنه تقدم للصوم بيوم وقد عرفنا الخلاف في صومه) صُومُوا لرؤيته وأفْطِرُوا لرؤيته فإن غُمَّ عليكم فَعُدُّوا ثلاثين.

725- (أخبرنا) : عَمْرو بنُ أبي سَلَمَةَ، عن الأوْزَاعِيِّ حدثنا يَحْيَ بنُ أبي كَثِير حدثني: أبو سَلَمَةَ، عن أبي هُريرة قال: -قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لا تَقَدَّموا بين يَدَيْ رمضانَ بيوم ولا بيَوْمين إلا رَجُلاً كان يَصُومُ صوما فَلْيَصُمْهُ» .

726- (أخبرنا) : سفيانُ، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أبيه: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فكُلوا واشْرَبوا حتى يُنَادِيَ ابنُ أمِّ مكْتوم» وكان رجلاً أعمى لا يُنَادِي حتى يُقَالَ له: أَصْبَحْتَ أصبحت -[276]- (فهم من الحديث أنهم رضي اللَّه عنهم كانوا يؤذنون للصبح أذانين يتقدمون الوقت بأحدهما للتنبيه والإيقاظ ويكون بعد نصف الليل والآخر يكون بعد طلوع الفجر ويكون للصلاة والصيام ففهمنا أن هذا التأذين المتقدم مستحب لتلك الغاية وفهمنا من جواز الأكل والشرب والجماع حتى مطلع الفجر وفهم منه جواز أذان الأعمى وإن كان مكروها إلا إذا كان معه بصير يمنعه أن يخطئ فلا كراهة كابن مكتوم مع بلال وفهم منه أيضا جواز أن يكون للمسجد الواحد مؤذنان أو أكثر إن دعت الحاجة إلى ذلك) ".

727- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن هشام، عن سالم: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إنَّ بِلالا ينَادِي بِلَيْلٍ (إنما كان بلال يؤذن بليل ليعلمهم أن الفجر ليس ببعيد فيتأهب معهم للصبح من شاء إن احتاج إلى طهارة وليتهجد من شاء التهجد ويوتر من أخر الوتر إلى الوقت المستحب أو يحضر سحوره إن كان لم يحضره ونحو ذلك) فكُلوا واشْرَبوا حتى يُنَادِيَ ابنُ أمِّ مكْتوم» وكان رجلاً أعمى لا يُنَادِي حتى يُقَالَ له: أَصْبَحْتَ أصبحت.

728- (أخبرنا) : عَبْدُ المجِيدِ، عن ابنِ جُرَيْج، عن عَطاء، عن أبي الدَّرْدَاء: -أنه كان يَأْتي أهْلَه حين يَنْتَصِفُ النهارُ أو قَبْلَهُ فيقولُ هل من غَدَاءٍ فيجدُه أو لا يجدُه فيقولُ لأصومَنَّ هذا اليومَ فيصومُه وإن كان مُفْطِراً وبَلَغَ ذلك الحسين وهو مُفْطِرٌ حتى الضحى أو بعده ولعلَّه وَجَدَ غَدَاءً أو لَمْ يَجِدهُ -[277]- (الحديث في صوم التطوع وأنه يمتد وقت نيته حتى منتصف النهار وقوله «فيصومه وإن كان مفطرا» معناه وإن لم يكن قد نوى صيامه قبل ذلك أي أن النية في صوم التطوع يجوز تأخيرها وإحداثها في النهار إلى ما قبل زوال الشمس وقد ورد في مسلم ما يؤيد هذا الحديث ويفيد زيادة عليه جواز الإفطار للصائم متطوعا وهو ما روى عن عائشة قالت: دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "هل عندكم شئ؟ فقلنا لا قال: إني صائم"ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله: أهدى لنا حيس فقال «أرينه فلقد أصبحت صائما» فأكل. وبه أخذ الشافعي في جواز قطع الصوم النافلة والأكل نهارا وبه قال أحمد وإسحاق لكنهم متفقون جميعا على أن إتمام الصوم مستحب وقال أبو حنيفة ومالك لا يصح قطعه ويجب قضاؤه على من أفطر بغير عذر وأجمعوا على أن لا قضاء على من أفطره بعذر وقد سبق بيان وجه الحنفية لكن الأحاديث الكثيرة في كتب السنة شاهدة للشافعية مثل «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر» رواه أحمد وأصحاب السنن) .

729- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن زَيْدِ بن أسْلَم، عن أخيه خالِد بن أسْلَم: -أنَّ عُمَرَ بن الخَطَّاب أفْطَر في رمضانَ في يوم ذِي غَيْم ورَأى أنه قَدْ أمْسى وغَابَتِ الشمسُ فجاءَهُ رجلٌ فقال يا أمير المؤمنين: قد طَلَعَت الشمسُ فقال عُمَرُ بنُ الخَطَّاب: الخَطْبُ يَسِيرٌ (الخطب الأمر الذي يقع فيه المخاطبة ويسير هين وذلك لأنه لا يلزمه أكثر من أن يصوم يوما مكانه وذلك هين عليه يسير وإنما يلزم أكثر منه لأنه مخطئ لا متعمد فإنه ظن أن الشمس قد غربت وتبين أنها كانت محتجبة بالغيم) ".

730- (أخبرنا) : مالكٌ، عن أبي حازِم بنِ دينارٍ، عن سَهْلِ بنِ سَعْد الساعِدِيّ: -أنَّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال: «لا تَزَالُ أمَّتي بخير ما عَجَّلُوا الفِطْرَ (ما في الحديث مصدرية ظرفية أي لا يزالون بخير مدة تعجيلهم الفطر وهو حث من الرسول صلى اللَّه عليه وسلم للأمة على تعجيل الفطر بعد تحقق غروب الشمس وقد روى ى تزال أمتي بخير ما عجلت الفطر وأخرت السحور وهذا من باب الرأفة بالصائمين وتسهيل مشقة الصيام عليهم وتخفيفها بقدر الإمكان فإن التأخير بالسحور ومباكرة الإفطار مما يهون الصيام) » .

731- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، عن حُمَيد بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ عَوْف: -أنَّ عُمَرَ وعُثْمانَ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كانا يُصَلِّيَانِ المَغْرِبِ حِينَ يَنْظُرَانِ إلى الليل الأسْوَدِ ثم يُفْطِرَان بَعْدَ الصلاةِ وذلكَ في رمضانَ -[278]- (لم أعثر على هذا الأثر في غير هذا المسند ومعناه أن عمر وعثمان كانا يقدمان صلاة المغرب على الإفطار في رمضان ولا يناقض صنعهما هذا مامر من تفضيل التعجيل بالفطر فإن الإفطار عقب صلاة المغرب يعتبر تعجيلا للفطر فإن قلت: إن أداء الصلاة مع الجوع والظمأ وتطلع النفس واشتغالها بتناول الطعام مكروه غير محبوب ولذا قال الحنفية تكره الصلاة عند حضور الطعام وتطلع النفس إليه لأن ذلك يصرف الإنسان عن إعطاء الصلاة حقها كاملا من ذكر اللَّه قلنا: إن مثل هذا إن جازفي حقنا فهو بعيد على عمر وعثمان صاحبي الدين القوي والإيمان الصادق والنفس القاهرة الغالبة فمن كان على شاكلتهما وآنس من نفسه مثل قوتهما فليستن بسنتهما ومن لا فلا) .

732- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع أخبرنا: ابنُ عُمَر: -سُئِلَ عن المرأةِ الحامِلِ إذا خافتْ عَلَى وَلَدِهَا قال: تُفْطِرُ وتُطْعِمُ مَكانَ كلِّ يوم مِسْكِيناً مُداًّ مِنْ حِنْطَةٍ (وكذلك إذا خافت على نفسها فإن اللَّه رأفة بها بضعفها ورحمة بها وبحملها أجاز لها الإفطارمع الفدية وهي إطعام مسكين كل يوم ومثلها المرضع لحاجتها إلى إدرار اللبن لولدها ولا يتم ذلك مع الصوم ثم هو يجهدها ويضعفها أضعافا شديدا لا ترضاه الشريعة التي يقول كتابها «ما جعل عليكم في الدين من حرج» ويقول أيضا «يريد اللَّه بكم اليسر ولا يريد بكم العسر» ولكن بقي أن نعرف أعليهما القضاء أم لا والجواب أن ظاهر الحديث أنه لا قضاء عليهما لأنه لم يوجب عليهما سوى الفدية وهي إطعام مسكين كل يوم ولقول ابن عباس لأم ولد له حبلى أنت بمنزلة الذي لا يطيق فعليك الفداء ولا قضاء رواه البزار وصححه الدارقطني وقال الشافعية والحنابلة: عليهما القضاء والفدية إذا خافتا على الولد لأنه فطر انتفع به شخصان وإن خافتا على أنفسهما فقط فعليهما القضاء فقط وقال الحنفية: عليهما القضاء دون الفدية وقال مالك: على الحامل القضاء وعلى المرضع القضاء والفدية ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف الأحاديث الواردة في الموضوع فمنها ما صرح بالفداء دون القضاء كالذي أثر عن ابن عباس ومنها ما هو مطلق لا يفهم منه أكثر من الترخيص لهما بالفطر كقوله صلى اللَّه عليه وسلم في حديث رواه أصحاب السنن «في التاج» وضع عن المسافر نصف الصلاة والصوم ورخص للحبلى والمرضع فاختلفت الآراء باختلاف الأحاديث وفهمها والأخذ بها) .

733- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن شَبِيب، عن ابن عُرْوَةَ، عن حِبّانَ بن الحارث قال: -أتيتُ عليا رَضيَ اللَّهُ عنه وهو يُعسْكِرُ بِدَيْرِ ابن مُوسى فَوَجَدْتُه -[279]- يَطْعَمُ فقال ادْنُ فَكُلْ فقلتُ إني أُرِيدُ الصَّوْمَ قال: وأنا أُرِيدُهُ فَدَنَوْتُ فَأَكَلْتُ فلمَّا فَرَغَ قال: يا ابنَ النَّبَّاح أَقِمِ الصَّلاةَ (الظاهر أن هذا الأكل هو أكل السحور فإنهما بعد أن أكلا دعا مؤذنه ابن النباح (كشداد) فقال له: أقم الصلاة وذلك بقرينة قول المدعو للطعام: إني أريد الصوم والصلاة التي دعا ابن النباح لإقامتها هي صلاة الصبح وإذا دل الحديث على شئ فعلى تأخير السحور وهو أمر مطلوب مدعوا إليه مثل تعجيل الفطر) .

734- (أخبرنا) : الربيعُ سَمِعْتُ الشافعيَّ رَضِيَ اللَّهُ عنه يقول: -سُئِلَ أبو حَنِيفة رضي اللَّه عنه عن الصائم يَأكُلُ وَيَشْرَبُ ويَطَأُ إلى طلوع الفَجْرِ وكان عِنْدَهُ رَجُلٌ نَبِيل فقال: أَرَأَيْتَ إن أُطْلِعَ الفَجْرُ نَصْفَ اللَّيْلِ فقال الْزَمِ الصَّمْتَ يا أَعْرَجُ (للإمام الشافعي الحق في أن يطلب منه الصمت بعد هذا السؤال الدال على الحمق) .

الباب الخامس في الإعتكاف

الباب الخامس في الإعتكاف

735- (أخبرنا) : سُفْانُ، عن أيُّوبَ السِّخْتِيَاني، عن نافع، عن ابن عُمَرَ: -أنَّ عُمَ رضي اللَّه عنه نذر أن يَعْتَكِفَ في الجاهلية فسأل النبي صلى اللَّه عليه وسلم فأمره أن يعتكف في الإسلام -[280]- (الإعتكاف في اللغة: الحبس والمكث واللزوم وفي الفقه: المكث في المسجد بصفة خاصة وقد أجمع المسلمون على استحبابه وتأكده في العشر الأواخر من رمضان ولا يشترط فيه الصوم عند الشافعية ويشترط عند الحنفية والمالكية ويفهم من الحديث أن نذور الجاهلية يجب الوفاء بها بعد الإسلام إن كانت لجهة خيرية) .

كتاب الحج وفيه اثنا عشر بابا

كتاب الحج وفيه اثنا عشر باباً

(الحج في اللغة: القصد يقال حج يحج من باب نصر فهو حاج وجمعه حجاج وحجيج وهي حاجة وجمعها حواج والمصدر بفتح الحاء وكسرها وقال بعضهم المفتوح المصدر والمكسور الإسم وبهما قرئ قوله تعالى وللله على الناس حج البيت والفتح الأصل والمرة منه حجة بكسر الحاء على خلاف القياس لأنه لم يسمع من العرب حججت حجة بالفتح وإنما يقولون حججت حجة (بكسر الحاء) ثم قصر استعمال الحج في الشرع على قصد الكعبة للحج أوالعمرة وفريضة الحج إحدى دعائم الإسلام وأسسه العظام التي شيد عليها بناؤه وتحقق بها كيانه وحث عليها القرآن وعنى بأدائها سيد الأكوان لمالها من جليل النفع وعظيم الأثر في تقوية المسلمين ومقاومة ما يعتريهم من ضعف أو يحل بهم من خزي وذل وإلى ذلك يشيرقوله تعالى: «ليشهدوا منافع لهم» الآية ذلك أنه بمثابة مؤتمر سنوي يجمع أشتات المسلمين من مختلف الأقطار فيتعارفون ويتناصحون ويتداولون الفكر في علاج ما عسى أن يكون طرأ عليهم من ضعف ويتعاونون على مقاومة أدوائهم الدينية والخلقية والسياسية فيظلون متآزرين متماسكين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ويدفع بعضهم عن بعض ويأخذ القوي بيد الضعيف والعالم بيد الجاهل فيظلون أقوياء وتظل لهم العزة التي جعلها الله لهم بقوله: فأله العزة ولرسوله وللمؤمنون" وهذا فضلا عن إنقاذ أهل تلك البلاد الماحلة من مخالب الفقر وترفيه عيشهم وإمساك رمقهم. هذا والحج فرض عين على كل مسلم قادر ولا يجب الحج إلا مرة واحدة في العمر وهل يجب على الفور أو التراخي قال الشافعي وأبو يوسف وجماعة على التراخي إلى أن يصير إلى حال يظن فيها فواته مع التأخير وقال مالك وأبو حنيفة يجب على الفور واللَّه أعلم) .

الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه

الباب الأول فيما جاء في فرض الحج وشروطه

736- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن ابن أبي لَبِيد، عن محمد بن كَعْب القُرَظيّ أوغيره قال: -: "حَجَّ آد مُ عليه السَّلاَمُ فلقيتْه الملائكةُ فقالوا بُرَّ نُسْكُكَ -[281]- آدمُ لَقَدْ حَجَجْنَا قَبْلَكَ بِألْفَيْ عامٍ (بر بفتح الباء وضمها أي ببنائه للمعلوم والمجهول يقال بر حجك يبر برورا وبر الحج يبر برا الأول من باب علم والثاني من باب ضرب وهما بالبناء للفاعل مع اللزوم فيهما ويقال بر اللَّه حجه وأبره براً وإبرارا فتعديه ثلاثيا ورباعيا وتبنيه للمجهول فتقول برحجك وأبر والنسك ككقفل وعنق: العبادة والطاعة وكل ما يتقرب به إلى اللَّه كالصوم والصلاة وغيرهما والمراد به هنا الحج والجملة دعائية أي جعله اللَّه حجا مبرورا لا يخالطه شئ من الآثام أو هو إخبار منهم بقبول اللَّه تعالى إياه منه والمراد أن الحج فريضة قديمة تعبد اللَّه بها الإمم من قديم الأزل وتقرب بها الملائكة فضلا عن الأنس لله وما كان هذا شأنه فهو جدير بالعناية به والمحافظة على أدائه) ".

737- (أخبرنا) : الشافعي قال: قال سَعِيدُ بنُ سالمٍ: واحْتَجَّ بأن سُفْيانَ الثَّوْرِيَّ أخبره عن مُعَاويةَ بنِ إسحاق عن أبي صالح الحَنَفي: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «الحَجُّ جِهَادٌ والعُمْرَةُ تَطَوُّع (الحج جهاد أي كالجهاد في اللزوم والوجوب فقد ورد» لكن أفضل الجهاد حج مبرور «ويؤيده قوله بعد ذلك والعمرة تطوع أي أن الحج فريضة لأن كالجهاد الذي لا يجد الإنسان مفراًمن القيام به بخلاف العمرة فإنها ليست لازمة هذا اللزوم ولذا قيل أنها سنة ويفهم من قوله أنه جهاد أن للحاج ثواب المجاهد في سبيل اللَّه لأن فيه إجهاد البدن وإنفاق المالك وكلاهما شاق على الإنسان والغرض من الحديث الحث على أداء الحج فإنه إن كان بمثابة الجهاد في الثواب واللزوم كان حريا بأن يحرص عليه ويعنى بأدائه) » .

738- (أخبرنا) : القَدَّاحُ عن الثَّوْريَّ عن زَيْدِ بنِ جُبَيْرٍ قال: -إنِّي لَعِنْدَ عَبْدَ اللَّهِ بنِ عُمَرَ وسُئِلَ عن هذه فقال: هذِهِ حِجَّةُ الإِسْلام فَلْيَلْتَمِسْ أنْ يَقْضِيَ نَذْرَهُ يعني لمن كان عليهِ الْحَجُّ ونَذَرَ حَجًّا -[282]- (خلاصة الحديث أن رجلا نذر حجا قبل أن يؤدي فريضة الحج ثم حج فهذه الحجة تقع عن الفرض لا عن النذر أي أن النذر وإن كان واجب الأداء إلا أن الفريضة مقدمة عليه فالحجة الأولى تقع عن الفرض ويبقى عليه حجة النذر) ".

739- (أخبرنا) : مُسْلِمُ وسَعِيد، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاءٍ: -أنَّ رَجُلاً سَألَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما فقال: أُوَاجِرُ نَفْسي مِنْ هؤلاءِ القومِ فَأنْسُكُ مَعَهُمُ المناسِكَ هل يُجْزِي عَنِّي؟ فقال ابنُ عباسٍ: نعم" أُؤلئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَاب (أفاد الحديث أن الحج يسقط عن الحاج ولو كان في صحبة قوم حجاج يخدمهم بأجر أي أن الكسب الذي يصادفه الحاج في سفره لا يمنع من قبول حجه وعلى هذا فلو أتجر الحاج في حجه لم يضره ذلك وإن كان الأفضل التفرغ له ويشهد لذلك قوله تعالى: «ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم» فقد فسرت بمواسم الحج وفي مسلم أكثر من حديث في عدم منافاة التجارة والكسب للحج) ".

740- (أخبرنا) : مُسْلِمُ وسَعِيد، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاءٍ، عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما: -أنَّ رَجُلاً سَأله فقال: أُوَاجِرُ نَفْسي مِنْ هؤلاءِ القومِ فَأنْسُكُ مَعَهُمُ المناسِكَ ألِيَ أجْرٌ؟ فقال: ابنُ عباسٍ: نَعَمْ إلخ.

741- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن إبراهيمَ بنِ عَقْبَةَ، عن كُرَيْبٍ موْلى ابنِ عَباسٍ رضي اللَّه عنهما، عن ابنِ عباس: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم قَفَلَ فلما كاَنَ بالرَّوْحَاءِ لَقِيَ رَكْباً فسَلّم عليهم فقال: "مَنِ القَوْمُ؟ فقالوا مُسْلِمُونَ فمَنِ القَوْمُ؟ قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم: فَرَفَعْتُ إليهِ امرأةٌ صَبِيًّا لها من مِحَفَّةٍ فقالتْ يا رسول اللَّه: ألِهذَا حَجٌّ؟ فقال: نَعَمْ ولكِ أجْرٌ -[283]- (قفل: رجع والركب: القوم المسافرون على الإبل واحده راكب كصحب وصاحب والروحاء بفتح فسكون موضع بين الحرمين على ثلاثين ميلا من المدينة والمحفة بكسر الميم: مركب للنساء كالهودج إلا أنها لا تصنع على هيئة قبة وظاهر من الحديث أنهم لم يعرفوا الرسول صلى اللَّه عليه وسلم ولم يعرفهم ومنشأ ذلك أن اللقاء كان بالليل فلم يعرفوه صلى اللَّه عليه وسلم أوكان بالنهار ولكن لم يسبق لهم رؤيته صلى اللَّه عليه وسلم والحديث حجة للشافعي ومالك وأحمد على أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام اتفاقا بل يجب عليه أن يحج بعد البلوغ ويقع حجه في الصغر نفلا وقال أبو حنيفة: لا يصح حجة وإنما فعلوه تمرينا له ليعتاده فيفعله بعد البلوغ وإنما كان لها أجر لأن الدال على الخير كفاعله فهي تثاب كما يثاب الصبي وقد بان من الحديث أنه لا خلاف في جواز الحج بالصبيان وخلاف أبي حنيفة إنما هو في صحة حجهم لا في جاوز خرجهم مع أهلهم وما منعه إلا طائفة مبتدعة لا يلتفت إليها) ".

742- (أخبرنا) : مالكٌ، عن إبراهيمَ بنِ عَقْبَةَ، عن كُرَيْبٍ موْلى ابنِ عَباسٍ عن ابنِ عباس رضي اللَّه عنهما: - أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم مَرّ بامْرَأةٍ وهي في مِحَفّتها فقيل لهل: هذا رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم فَأَخَذَتْ بِعَضُدِ صَبِيٍّ كانَ معها فقالتْ:: ألِهذَا حَجٌّ؟ فقال: نَعَمْ ولكِ أجْرٌ".

743- (أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عن مَالك بنِ مِغْوَل، عن أبي السَّفَرقال: -قال ابنُ عباس رضي اللَّه عنهما: أيُّهَا الناسُ أَسْمِعُونِي مَا تَقُولُونَ وافْهَمُوا ما أقُولُ لكم: أيُّمَا مَمْلُوكٍ حَجَّ بِهِ أهْلُهُ فماتَ قبلَ أنْ يُعْتَقَ فقد قَضَى حَجَّهُ وإنْ عَتَقَ قبل أنْ يموتَ فَلْيَحُجَّ أيُّمَا غُلامٍ حَجَّ بِهِ أهْلُهُ فماتَ قبلَ أنْ يُدْرِكَ فقد قَضَى حِجَّتَهُ وإنْ بَلَغَ فَلْيَحُجَّ -[284]- (هذا الحديث يؤيد ما قررناه وهو أن حج الصبي لا يجزئ عن الفريضة لأنه نافلة فإن مات قبل البلوغ فلا شئ عليه وإن مات بعد البلوغ ولم يكن قد حج فقد مات مقصرا وفي ذمته الحج والذي جاء في الحديث من الزيادة أن العبد كالصبي في هذا الحكم فإن حج في رقه أولم يحج ومات قبل عتقه فلاشيء عليه وإن أعتق ولم يحج ذهب إلى ربه وفي عنقه هذه الفريضة والحديث في حث الصبي والعبد على أداء فريضة الحج بعد البلوغ والعتق وعدم صحة الإعتماد على الحج السابق على البلوغ والعتق لأن النافلة لا تجزئ عن الفرض) .

744- (أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عن إبراهيمَ بنِ يَزِيدَ، عن مُحمد بنِ عَبَّادٍ ابنِ جَعْفَرٍ قال: -قَعَدْنَا إلى عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ فَسَمِعْتُهُ يقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم فقال: ما الحاجُّ؟ فقال: "الشَّعِث التَّفِلُ (ككتف المغبر الشعر المتلبد لعدم تعهده بالنظافة والدهن والشعث أيضا الوسخ الجلد من عدم النظافة والتفل: ككتف أيضا الذي ترك استعمال الطيب فأنتن ريحه والمراد أن ينسى المرء نفسه ويهملها مدة من النظافة ويهينها فترة يذكر فيها ربه ويقهر قيها نفسه تقربا إلى ربه) فقامَ آخرُ فقال يا رسولَ اللَّهِ: أيُّ الحجّ أفضل؟ فقال: العَجّ والثَّجُّ (العج بالفتح رفع الصوت بالتلبية والثج: سيلان دماء الهدى والأضاحي يقال ثجه يثجه ثجا وروى أفضل الحج: العج والثج) فقامَ آخرُ فقال يا رسولَ اللَّهِ: ما السَّبيلُ؟ فقال: "زَادٌ ورَاحِلَةٌ (الزاد ما يتزوده المسافر لأكله والراحلة: الدابة التي يركبها أي أن الحج لا يجب إلا على من قدر على نفقة السفر بنوعيها وإنما سأل السائل عن السبيل في قوله تعالى «وللله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا» فسأل سائل عن معنى السبيل ففسره الرسول صلى الله عليه وسلم بالزاد والراحلة أي نفقة الأكل والركوب) ".

745- (أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عن سُفْيانَ الثَّوْرِيَّ، عن طارقِ ابنِ عَبْدِ الرَّحمنِ عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي أوْفَى صاحِبِ النبيَّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم أنه قال: -سَألْتُ عن الرجُلِ لم يَحُجَّ أَيَسْتَقْرِضْ للحَجّ؟ قال: «لا -[285]- (أي لا يلزمه الإقتراض لأداء الحج وإنما يجب عليه إذا كانت النفقة في يده ولا يلزمه الشارع الاستدانة للحج وكثير من جهالنا يقترضون بالربا ويحجون وهذا خطأ مبين لا يقره عقل ولا دين لأن الفروض شرعت زواجر عن ارتكاب المحرمات فكيف تكون سببا في ارتكابها) » .

746- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاءٍ وطاوسٍ أنهما قالا: -الحِجَّةُ الواجبةُ من رَأسِ المال (الحجة بكسر الحاء الواجبة أي المفروضة من رأس المال: أي تؤدى من رأس المال إذا تحققت شروط لزوم الحج من الصحة وأمن الطريق ووجود المحرم للمرأة فإذا لم تكن نفقات الحج مدخرة لدى الإنسان وجب عليه أن يحج من رأس ماله بأن يبيع من عقاره أو تجارته ما يفي بنفقات حجه ولا يحل له أن يؤخر الحج بحجة أن نفقات الحج ليست مجتمعة لديه ومعنى هذا: أنه إن مات قبل أداء الحج وفي رأسماله متسع لحجه مات آثما مقصرا وقيد الحجة بالواجبة لأن حجة النافلة وهي الزائدة عن الفرض لا يجب أداؤها من رأس ماله مثل حجة الفرض بل إن شاء أداها من رأس ماله وإن شاء أداها من غلة ماله وإن شاء لم يؤدها) .

747- (أخبرنا) : مالكٌ، عن سَعِيدِ بن أبي سعيدٍ المَقْبُرِي، عن أبي هُرَيرةَ: -عن رسولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم أنه قال: "لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمِنُ باللَّهِ واليومِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ إلاَّ مَعَ ذِي مُحْرَمٍ -[286]- (قيد السفر في هذه الرواية بمسيرة يوم وليلة وفي الحديث الذي يليه أطلقه زفي مسلم روايات أخرى قيد فيها بيومين أو بيوم أو بليلة أو بثلاثة وغير ذلك وكأنه صلى اللَّهُ عليهِ وسلم سئل مرة عن هذا ومرة عن ذاك وثالثة عن الثالث ورابعة عن الرابع وهكذا فقال لا وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه إسم سفر بل المراد أن كل ما يسمى سفرا تمنع المرأة عنه بغيرزوج أو محرم سواء كان يوما أو أكثر أو أقل لرواية ابن عباس المطلقة التي تقول لا يحل لامرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم وفي رواية: ذو حرمة وهذا معقول لأن الفساد المخشي متحقق في كل سفر والحج واجب على المرأة وجوبه على الرجل غير أنه لا جيب عليها إلا إذا كان لها زوج أو محرم يؤمن معه الفساد وعند الشافعي: لا يتعين هذان بل الواجب هو ما يتحقق به الأمن عليها كأن تحج مع نسوة ثقات فلا يلزمها الحج مع امرأة واحدة ثقة لكن يجوز لها الحج معها وهذا في حجة الفرض أما حجة التطوع وسفر الزيارة والتجارة ونحو ذلك من الأسفار غير الواجبة فقيل يجوز لها الخروج مع نسوة ثقات كحجة الإسلام وقال الجمهور لا يجوز إلا مع زوج أو محرم وهذا هو الصحيح للأحاديث الصحيحة وهذا كله في الشابة وأما الكبيرة غير المشتهاة فقال الباجي تسافر كيف شاءت بلا زوج ولا محرم وسوى غيره بين الشابة والكبيرة لأن المرأة مطموع فيها وإن كانت كبيرة خصوصا في الأسفار التي يجتمع فيها من السقاط والأوغاد من لا يترفع عن التطلع للكبيرة لغلبة الشهوة وبعدهم عن نسائهم وقد قيل لكل ساقطة لاقطة ولا فرق بين محرم ومحرم بل كلهم سواء في جواز السفر سواء كانت المحرمية من جهة النسب أم من جهة القرابة أم الرضاع وكره مالك سفر المرأة مع ابن زوجها لفساد الناس بعد العصر الأول ولأن كثيرا من الناس لا ينفرون من زوجات آبائهم نفورهم من أخواتهم وعماتهم) ".

748- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن عَمْرِ بْنِ دِينارٍ، عن أبي مَعْبَدٍ، عن ابن عَبَّاسٍ رضي اللَّه عنهما قال: -سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم يَقُولُ: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بامرأةٍ ولا يَحِلُّ لامرأةٍ أنْ تُسَافِرَ إلاَّ ومَعَها ذُو مَحْرَمٍ» فقامَ رجُلٌ فقالَ يا رسُولَ اللَّهِ: إنِّي اكْتَتَبْتُ في غَزْوَةِ كذا وكذا وَإنَّ امرأتي انْطَلَقَتْ حَاجَّةً فقال: انطَلِقْ فاحْجُجْ بامرأتِكَ (أي كتب إسمي في الغزاة والمحاربين يعتذر بخروجه مع المقاتلين فأعفاه الرسول الحكيم من الجهاد وقال له انطلق فحج بامرأتك إبقاء على عرضها وصيانة على عفافها وهذاعين الحكمة ولاصواب فإن المرأة ضعيفة الأعصاب سريعة الإنقياد والرجال كالذئاب في الختل والخداع فما أسرع ما تقع المرأة في حبائلهم وتنقاد لحيلهم ودهائهم وأن الذين يطالبون بحرية المرأة في سفرها واختلاطها لمغرورون أو مفرطون والمرأة مهما تعلمت ضعيفة بازاء الرجل فلا يصونها إلا بعدها أو مرافقة المحارم لها في أسفارها) ". ومكلف الأيام ضد طباعها * متطلب في الماء جذوة نار

الباب الثاني في مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية

الباب الثاني في مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية

749- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْج قالَ: -قُلْتُ لِنَافِعٍ أسَمِعْتَ عَبْدِ اللَّهِ بنَ عُمَرَ يُسَمّي أشْهُرَ الحَجَّ؟ قال: نَعَمْ كَانَ يُسَمّي شَوَّالٌ -[287]- وذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ (ذو الحجة بالرفع على الحكاية وفي المطبوعة بالنصب والمراد عشر ذي الحجة) قُلْتُ لِنَافِعٍ فإنْ أهَلَّ (الإهلال رفع الصوت بالتلبية يقال أهل المحرم بالحج يهل إهلالا إذا لبى ورفع صوته والمراد بذلك الإحرام وقد صرح بجواب السؤال في الحديث الذي يلي هذا وهو عدم الجواز لأن وقت الحج لم يحن بعد كالذي يصلي قبل أن يؤذن للوقت) إنْسَانٌ بِالحَجّ قَبْلَهُنَّ؟ قال: لم أسْمَعْ في ذلك مِنْهُ شيئاً.

750- (أخبرنا) : مُسلم، وسَعيدُ بن سالم، عن القداح، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزُّبَيْرِ: -أنه سَمِعَ جابرَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ يَسْألُعن الرَّجُلِ: أيُهِلَّ بِالحَجّ قَبْلَ أشْهُرِ الحَجّ فقال: «لا» .

751- (أخبرنا) : مُسْلِمُ، عن ابن جُرَيْج، عن عَطَاءٍ: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم لما وَقَّتَ المواقيتَ قال: «يَسْتَمْتِععُ المرءُ بأهْله وثيابه حتى يأتي كذا وكذا للمواقيت (المراد أن الحاج يظل في حل من الجماع ولبس ثيابه حتى يحرم بالحج من ميقاته المعين) » .

752- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو، عن أبي الشعثاء: -أنه رأى ابنَ عَباس رضي اللَّه عنهما يَرُدُّ مَنْ جاوز الميقات غَيْرَ مُحْرِمٍ -[288]- (الميقات الوقت ثم اتسع فيه فأطلق على المكان فقيل للموضع ميقات ومنه مواقيت الحج لمواضع الإحرام والإحرام من المواقيت الآتية واجب ولو تركها وأحرم بعد مجاوزتها أثم ولزمه دم وصح حجه وذلك عند مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وقال عطاء والنخعي لا شئ عليه وقال سعيد بن جبير لا يصح حجه وفائدة توقيت هذه المواقيت أن من أراد حجا أوعمرة حرم عليه مجاوزتها بغير إحرام ولزمه دم فإن عاد إلى الميقات بل التلبس بنسك سقط عنه الدم عند الشافعية وأما من لا يريد حجا ولا عمرة فلا يلزمه الإحرام لدخول مكة على الصحيح من مذهب الشافعية وأما من مر بالميقات غير مريد دخول الحرم بل لحاجة دونه ثم بدا له أن يحرم فإنه يحرم من الموضع الذي بدا له فيه الإحرام فإن جاوزه بلا إحرام ثم أحرم أثم ولزمه دم وإن أحرم من الموضع الذي بدا له فيه الإحرام فلا يكلف الرجوع إلى الميقات عند الجمهور والشافعية وقال أحمد وإسحاق يلزمه الرجوع إلى الميقات كما ذكر النووي) .

753- (أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْري، عن سالم بنِ عَبْدِ اللَّه عن أبيه: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم قال: «يَهِلُّ أهْلُ المدينة من ذي الحُلَيْفَةِ ويَهِلُّ أهْلُ الشامِ من ذي الجُحْفَةِ ويَهِلُّ أهْلُ نَجْدٍ من قَرْن» قال ابنُ عُمَرَ: ويَزْعُمُونَ أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم قال: "ويَهِلُّ أهْلُ اليَمَن من يَلَمْلَم -[289]- (ذو الحليفة بضم الحاء وفتح اللام والفاء هي أبعد المواقيت من مكة على بعد عشر مراحل منها وعلى بعد ستة أميال من المدينة وفي المصباح: ماء من مياه بني جهشم سمي به الموضع وفي معجم البلدان: قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة ومنها ميقات أهل المدينة وهي من مياه جشم والجحفة بضم فسكون قرية كبيرة على طريق المدينة على أربع مراحل من مكة وهي ميقات أهل مصر والشام إن لم يمروا على المدينة وإلا فميقاتهم ذو الحليفة وكان إسمها مهيعة بفتح الميم وإسكان الهاء وهي الآن خراب وقرن بفتح القاف وإسكان الراء جبل مطل بعرفات ويقال له قرن المنازل وهو ميقات أهل اليمن والطائف وقال: ألم تسأل الربع أن ينطقا * بقرن المنازل قد أخلقا قال القاضي عياض قرن المنازل هوقرن الثعالب بسكون الراء ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة وهو قرن أيضا غير مضاف وأصله الجبل الصغير المستطيل المنقطع عن الجبل الكبير وقيل هو قرية بينها وبين مكة أحد وخمسون ميلا إلخ كما في معجم البلدان ولا تناقض بين ما ذكر من أنه ميقات أهل اليمن مع أن ميقات أهل اليمن يلملم فسيأتي في حديث آخر قريبا أنه صلى اللَّهُ عليهِ وسلم وقت لأهل نجد قرنا ولمن سلك نجداً من أهل اليمن وغيرهم قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم أي أنه لليمنيين ميقاتين باختلاف الطريق الذي يسلكونه فإن سلكوا طريق نجد فميقاتهم ميقات أهل نجد وإلا فميقاتهم يلملم ويلملم بفتح الياء واللامين وسكون الميم ويقال فيها ألملم غير مصروف موضع على ليلتين من مكة وقيل هو جبل من الطائف على ليلتين أو ثلاث وقيل هو واد هناك وفيه مسجد معاذ بن جبل اهـ معجم أما ذات عرق بكسر العين فهي ميقات أهل العراق وهي على بعد مرحلتين من مكة اهـ مصباح والخلاصة أن ميقات أهل المدينة ومن جاورهم ذو الحليفة وميقات أهل الشام ومصر والمغرب الجحفة وميقات أهل نجد والهند وفارس قرن المنازل وميقات اليمن والسودان والحبشة يلملم وهذه المواقيت لهم ولمن جاورهم ومن جاء من طريقهم ومن كان دون هذه المواقيت فإحرامه من مسكنه حتى أهل مكة) ".

754- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينارٍ، عن ابنِ عُمَرأنه قال: -أُمِرَ أهْلُ المدينة أن يُهلوا من ذي الحليفة ويُهِل أهْلُ الشام من ذي الجُحْفَةَ وأهْلُ نَجْدِ من قَرْن قال ابنِ عُمَر: أما هؤلاء الثلاثةُ فَسَمِعْتُهُنَّ من رَسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأُخْبِرْتُ أنَّ رَسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: ": «ويَهِلُّ أهْلُ اليَمَن من يَلَمْلَم» .

755- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابن جُرَيْحٍ عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرقال: -قام رجُلٌ من أهل المدينة بالمدينة في المسجد فقالَ يا رسول اللَّهِ: من أينَ تأمُرُنَا أنْ نُهِلَّ؟ قال: «يَهِلُّ أهْلُ المدينة من ذي الحُلَيْفَةِ ويَهِلُّ أهْلُ الشامِ من ذي الجُحْفَةِ ويَهِلُّ أهْلُ نَجْدٍ من قَرْن» قال لي نافعٌ ويَزْعُمُونَ أنَّ النبيَّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم قال: «ويَهِلُّ أهْلُ اليَمَن من يَلَمْلَم -[290]- (يزعمون هنا بمعنى يوقنون) » .

756- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ وسَعِيدٌ، عن ابن جُرَيْج قال: أخْبَرَني أبو الزُّبَيْر: -أنه سَمِعَ جابرَ بنَ عبد اللَّهِ يَسْألُ عن المُهَلّ (المهل بضم الميم وفتح الهاء إسم مكان من أهل أي مكان الإهلال) فقال سَمِعْتُهُ ثم انتَهَى (ثم انتهى أي سكت ولم يزد على قوله سمعته ثم فسر مراده بقوله سمعته فقال أراه يريد إلخ وأهل المغرب بالرفع على الإبتداء وخبره محذوف تقديره كذلك أي ميقاتهم الجحفة أيضا) : أراهُ يُريدُ النبيَّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم يَقُولُ: «يَهِلُّ أهْلُ المدينة من ذي الحُلَيْفَةِ والطريقُ الآخَرُ من الجُحْفَةِ وأهْلُ المَغْرِب ويَهِلُّ أهْلُ العِراق من ذات عِرْق ويَهِلُّ أهْلُ نَجْدٍ من قَرْن ويَهِلُّ أهْلُ اليَمَن من يَلَمْلَم» .

757- (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ سالم أخبرني ابنُ جُرَيْجٍ أخبرني عَطَاءٌ: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم وَقَّتَ لأهل المدينة ذَا الحُلَيْفَةِ ولأهِل المغْرِبِ الجُحْفَةَ (الذي في الروايات السابقة وغيرها أن الجحفة ميقات أهل الشام والذي هنا أنها ميقات أهل المغرب ويمكن التوفيق بين هذه الروايات بأنها ميقات أهل الشام وأهل المغرب إذا مروا بها) ولأهْلِ المَشْرِق ذَاتَ عِرْق ولأهْلِ نجْدٍ قَرْنٌ (روى قرن هكذا بدون ألف والظاهر نصبه بالألف لأنه مفعول به لوقت كما سيأتي قريبا في رواية ابن عباس وورد في مسلم مرفوعا وفي بعض نسخه منصوبا قال النووي: وهو الأجود لأنه موضع وإسم لجبل فوجب صرفه وإنما حذفوا الألف في الرواية الأولى ونونوا كما يقال: سمعت أنس بالتنوين بغير ألف ويحتمل على بعد أن يكون منصوباً بغير تنوين لمنعه من الصرف لكونه علما على البقعة اهـ بتصرف يسير والخلاصة أن أظهر الروايات مع التنوين النصب وأضعفها النصب بدون تنوين للعلمية والتأنيث وأوسطها الرفع مع التنوين على أنه مبتدأ مؤخرلأهل نجد) ومن سَلَك نَجْداً مِنْ أهْلِ اليمنِ وغَيْرِهِمْ قَرْنَ المنازل (تقدم أن قرناً هي قرن المنازل ففهم أنها ميقات أهل نجد ومن سلك نجدا من أهل اليمن وغيرهم) ولأهْل اليَمَنِ يَلَمْلَمَ.

758- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ وسَعِيدٌ، عن ابن جُرَيْج فَرَاجَعْتُ عَطَاءً فَقُلتُ: -إنَّ النبيَّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم زَعَمُوا لم يُوَقِّتْ ذَاتَ عِرْق ولم يَكُنْ أهْلُ المَشْرِقِ حِينئذٍ قال كذلك سَمِعْنَا أنَّهُ وَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ أو العَقِيقَ (ذات عرق على بعد مرحلتين من مكة والعقيق في الأصل الوادي الذي شقه السيل من العق وهو الشق وهو إسم لعدة أودية شقها السيل والمراد هنا القريب من ذات عرق قبلها بمرحلة أومرحلتين كما في اللسان والمراد بأهل المشرق أهل العراق وفارس وكل النواحي الواقعة شرقي بلاد العرب وسلكوا طريق العقيق وقوله بعدذلك ولم يكن يومئذ عراق يريد أنه لم يكن فتح لأن فتحه كان في عهد عمر وترى من هذا أن عطاء يعزو توقيت ذات عرق أو العقيق للنبي صلى الَّله عليه وسلم ويصر على أنه هو الذي وقت هذا المكان أو ذاك كأنه شاك في أي المكانين وقت الرسول وإن كان غير شاك في أنه هو الموقت دون غيره ولكن أبا الشعثاء نسب هذا التوقيت في الأثر التالي إلى الناس لا إلى النبي إذ يقول فاتخذ الناس بحيال قرن أي بإزائه ذات عرق وكذلك ينفي طاوس هذا التوقيت عن النبي صلى الَّله عليه وسلم وينسبه للناس ونرى الإمام الشافعي مرتاحاً لهذا الرأي مرجحا له بقوله في الحديث الذي بعد حديث أبي الشعثاء «ولا أحسبه إلا كما قال طاوس» وإنما رجح هذا لأن العراق لم يكن قد فتح في ذلك الوقت ويمكن أن يناقش هذا بأنه لا يبعد أن يكون إخباراً من الرسول بفتح هذه البلاد ويكون ذلك من معجزاته صلى اللَّه عليه وسلم كإخباره بالمغيبات الأخرى وقد اتفق على أنه هو الذي وقت الجحفة لأهل الشام قبل أن تفتح لورود الأحاديث الصحيحة بذلك والذين نسبوا التوقيت للناس قالوا أن عمر هو الذي وقت كما صرح بذلك في حديث البخاري وهو أرجح الرأيين عند الشافعية وبه صرح الإمام في كتابه الأم ويشهد له بذلك أثرطاوس الآتي قريبا لماذكرنا هذا وقد قال الشافعي لو أهلوا من العقيق كان أفضل وهوأبعد من ذات عرق بقليل لأثر فيه أو لأن ذات عرق كانت أولا في موضعه ثم قربت إلى مكة واللَّه أعلم) .

759- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن عَمْرِ بْنِ دِينارٍ، عن أبي الشَّعْثَاء أنه قال: - لم يُوَقِّتْ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم لأهْلِ المشْرِق شَيْئاً فاتَّخَذَ الناسُ بحيال قَرْن ذَاتَ عِرْق.

760- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن ابن طاوس، عن أبيه قال: - لم يُوَقِّتْ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم ذَاتَ عِرْق ولم يَكُنْ حِينئذٍ أهْلُ مَشْرِقٍ فَوَقَّتَ الناسُ ذَاتَ عِرْق. قال الشافعيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: ولا أحْسَبُهُ إلا كما قالَ طاوسٌ واللَّهُ أعلم.

761- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن طاوس، عن أبيه قال: -وقّتَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم لأهْلِ المدينة ذَا الحُلَيْفَةِ ولأهْل الشام الجُحْفَة ولأهْل نَجْدٍ قَرْنٌ ولأهْل اليَمَن ألَمْلَم ثمَّ قال رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم: "هذه المواقيتُ لأهْلها ولكل آتٍ أتى عَليها منْ غَيْرِ أهْلها مِمَّنْ أرَادَ الحجَّ أو العُمْرَةَ ومَنْ كَانَ أهْلهُ من دُونِ ذلك الميقاتِ فَلْيُهِلَّ مِنْ حَيثُ يُنْشِئُ حتى يأتي ذلكَ على أهْل مكةَ -[293]- (قوله ولمنأتى عليهن من غير أهلهن معناه أن الشامي إذا مر بميقات أهل المدينة في ذهابه لزمه أن يحرم من ميقات المدينة ولا يجوزله تأخيره إلى ميقات الشام الذي هو الجحفة وكذا الباقي من المواقيت وقوله ممن أراد الحج والعمرة فيه دلالة للمذهب الصحيح فيمن مر بالميقات لا يريد حجا ولا عمرة أنه لا يلزمه الإحرام لدخول مكة وهو دليل أيضا لمن قال بوجوب الحج على التراخي لا على الفور وقوله من كان أهله من دون ذلك الميقات فليهل من حيث ينشئ أي من حيث يبدأ كما في الرواية الآتية فمن كان مسكنه بين مكة والمدينة فميقاته مسكنه ولا يلزمه الذهاب إلى الميقات ولا يجوز له مفارقة مسكنه بغير إحرام وهو مذهب جميع العلماء ماعدا مجاهداً فإنه قال ميقاته مكة نفسها وقوله حتى يأتي ذلك على أهل مكة أي يشملهم فمن كان من أهل مكة أو واردا إليها فميقاته مكة نفسها ولا يجوز له تركها والإحرام خارجها من الحرم أو الحل هذا هو الصحيح عند الشافعية وأجاز بعضهم الإحرام من الحرم لأن حكمه حكم مكة وهو مخير في أن يحرم من أي مكان بمكة بشرط ألا يخرج عن سورها والأفضل أن يحرم من داره وقيل من المسجد الحرام تحت الميزاب) .

762- (أخبرنا) : الثقةُ، عن معمرٍ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، عن ابن عباس: -عن النبيّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم في المواقيت مِثلَ معنى حَديث سُفْيان في المواقيت.

763- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم بن مَعْنٍ، عن ليثٍ عن طاوس، عن ابن عباس أنه قال: -وقّتَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم لأهْلِ المدينة ذَا الحُلَيْفَةِ ولأهْل الشّام الجُحْفَة ولأهْل اليمن الملمَ ولأهْل نَجْدٍ قَرْناً ومن كان دون ذلك فمن حَيْثُ يَبْدَأ به.

764- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، أنه سَمع عَمْرو بن دِينارٍ يقول: -سَمِعْتُ عَمْرو ابن أوْسٍ يَقُولُ: أخبرني: عَبْدُ الرَّحمن بنُ أبي بكر أنَّ النبيّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم أمَرَهُ أنْ يُرْدِفَ عائشةَ فَيُعْمِرْهَا من التَّنْعيم (التنعيم موضع على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة أقرب أطراف الحال إلى البيت ويعمرها أي يجعلها تأتي بالعمرة أي تخرج إلى هذا المكان وتحرم بالعمرة منه وفهم منه أن ميقات أهل مكة للعمرة هو أدنى الحل وأنه ليس لهم أن يحرموا بها من أي مكان كما قلنا في الحج) .

765- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن إسْمَاعِيلَ بنِ أُمَيّةَ، عن مُزَاحِم ابنِ عَبْدِ العزيز بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ خالدٍ، عن مُحَرّشٍ الكعْبي: -أنَّ رسول اللَّه -[294]- صلى اللَّهُ عليهِ وسلم خَرَجَ من الجِعْرَانَةِ لَيلاً فاعْتَمَرَ وأصْبحَ بها كَبَائتٍ (الجعرانة بكسر فسكون ففتح وقد تكسر العين وتشدد الراء وقال الشافعي التشديد خطأ موضع بين مكة والطائف قيل وكان ذلك في غزوة حنين في ذي القعدة ومعنى هذا أن العمرة جائزة في كل أوقات السنة) .

766- (أخبرنا) : مُسْلِمُ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْجٍ هذا الحديثَ بهذا الإسْنادِ قالَ ابن جُرَيج هُو مُحَرّشٍ. قال الشافعيّ رَضيَ اللَّهُ عنهُ: وأصَابَ ابنُ جُرَيْجٍ لأنَّ وُلْدَهُ عندنا بَنُو مُحَرّشٍ.

767- (أخبرنا) : أنسُ بنُ عِيَاضٍ، عن مُوسى بن عُقْبَةَ، عن نافعٍ، عن ابن عُمَرَ: -أنّهُ أهَلَّ منْ بَيْتِ المقدِس (ورد هذا الحديث في الموطأ بلفظ ايليا مكان بيت المقدس والمعروف من الأحاديث السابقة أن مهل الشام الجحفة وأيليا قبلها قال الشافعي اجتمع رأي عمر وعلي على أن أتم العمرة أن يحرم الرجل من دويرة أهله لأن ذلك أزيد في الإحرام قال الربيع سألت الشافعي عن الإهلال من وراء الميقات: فقال حسن فقلت ما الحجة فيه؟ قال أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمرأنه أهل من أيليا فالمحظور هو تجاوز المواقيت بغير إحرام أما سبقها به فهو جائز) .

768- (أخبرنا) : مُسْلِمُ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابر ابن عَبْد اللَّه: -أنه ذكر حِجَّةَ النبيِّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم وأَمَرَهُ إياهم بالإهْلال (الأصل في الإهلال رفع الصوت يقال أهل الرجل واستهل إذا رفع صوته وأهل المعتمر إذا رفع صوته بالتلبية وأهل المحرم بالحج يهل إهلالا إذا لبى ورفع صوته وأهل المحرم بالإحرام إذا أوجب على نفسه الحرم تقول أهل بحجة أو بعمرة أي أحرم بها وإنما قيل للإحرام إهلال لرفع المحرم صوته بالتلبية والإهلال وكل رافع صوته فهو مهل وقوله إذا توجهتم إلى منى فأهلوا معناه ارفعوا صوتكم بالتلبية وليس المراد أحرموا لأن الإحرما سابق على التوجه إلى منى) وأنَّهُ صَلَّى اللَّه عليه وسلم قال: إذَا تَوجَّهتم إلى مِنًى فأَهِلُّوا".

الباب الثالث في فضل مكة

الباب الثالث في فضل مكة

769- (أخبرنا) : مُحَمَّدُ بنُ إسمَاعيلَ بن أبي فُدَيْكٍ، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن سَعِيد المَقْبُرِي، عن أبي شُريح الكعبي: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم قال: "إن اللَّه حَرَّمَ مكةَ ولم يُحَرِّمْها الناسُ فلا يَحِلُّ لمن كان يُؤْمِنُ باللَّه والْيَوْمِ الآخر أن يَسْفِكَ بها دَماً ولا يَعْضِدَ بها شجرة فإن أرتخص أَحَدُ فَقَالَ: أحِلّت لرسولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم فإنَّ اللَّه أحَلّها لي ولم يُحلها للناس وإنما أحِلَّتْ لِي ساعةً من النَّهَار ثم هي حَرَامٌ كَحُرْمَتِها بالأَمْس ثم أَنتم يا خُرَاعَةُ قد قَتَلْتُمْ هذا القَتِيلَ من هُذَيْلٍ وأنا واللَّهِ عَاقِلُهُ فَمَنْ قَتَلَ بَعْدَهُ قَتِيلاً فأهْله بَيْنَ خِيرَتَيْنِ إن أحَبُّوا قَتَلُوا وإن أحبوا أخَذُوا الْعَقْل -[296]- (في الحديث كلمات لغوية نبدأ بشرحها وهي قوله: أن يسفك بها دما أي يريقه والسفك: الإراقة والإجراء لكل مائع يقال سفك الدم والدمع والماء يسفكه سفكا وكأنه بالدم أخص ولا يعضد بها شجرة هكذا بالإفراد وكذا في مسلم وفي المطبوعة شجراً بالجمع ويعضد كيضرب يقطع يقال عضد الشجرة يعضدها عضدا إذا قطعها وارتخص يريد ترخص ولم أجدها بهذا المعنى في معاجم اللغة والموجود ارتخص السلعة اشتراها رخيصة أوعدها رخيصة وكلاهما غير مناسب للمقام ولذا وردت في مسلم بلفظ ترخص يقال ترخص في الأمر أخذ فيه بالرخصة وهو المناسب هنا وعاقله: واديه أي دافع ديته يقال عقل القتيل يعقله عقلا وداه وعقل عنه أدى جنايته إذا لزمته فأداها عنه والعقل في كلام العرب الدية سميت عقلا لأن الدية كانت عند العرب في الجاهلية إبلا لأنها كانت أموالهم فسميت الدية عقلا لأن القاتل كان يكلف أن يسوق الدية إلى فناء ورثة المقتول فيعقلها بالعقل ويسلمها إلى أوليائه وأصل العقل مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا وهو حبل يثنى به يد البعير إلى ركبته فتشد به وكان أصل الدية الإبل ثم قومت بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها ثم كثر حتى قيل عقلت المقتول إذا أعطيت ديته دراهم أو دنانير فأهله بين خيرتين مثنى خيره بكسر فسكون أو خيره بكسر ففتح كعنبه وهذه أعرف وهي إسم من قولك إختاره اللَّه وقال الليث الخيرة مخففة مصدر اختار مثل ارتاب ريبة وهما بمعنى المختار وقوله لمن كان يؤمن باللَّه واليوم الآخر يشعر بأن من لم يراع حرمتها وقاتل فيها فليس مؤمنا باللَّه واليوم الآخر وهذا تهديد شديد لمن ينتهك حرمتها بالقتال فإن لجأ إليها البغاة حوصروا حتى يسلموا وهذا مذهب الحنفية وقال الجمهور يحاربون بها لدفع عدوانهم) ".

الباب الرابع فيما يلزم المحرم عند تلبسه بالإحرام

الباب الرابع فيما يلزم المحرم عند تلبسه بالإحرام

770- (أخبرنا) : الدَّرَاوَرْدِىُّ وحاتم بن اسماعيل، عن جَعْفَرْبن محمد، عن أبيه، حدثنا: جابر: - وهويُحدث عن حِجَّة النبى صلى اللَّهُ عليهِ وسلم قال: فلما كنا بذى الحليفه وَلَدَتْ أسماءُ بنت عُمَيْسٍ فأمَرَها بالغُسْل والإِحرام (وظاهر الحديث أن النفاس لا يمنع المرأة من أداء حجها ومثله الحيض لأنهما عذران قهريان فيغتفران لهن لأنه شئ كتبه اللَّه على بنات آدم ولا مخلص منه لهن ولهما أن يأتيا كل مناسك الحج ما عدا الطواف بالبيت فلا يحل لهن حتى يطهرن) .

771- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَطَاءِ بن السائِب، عن إبراهيمَ عن الأسود، عن عائشةَ قالت: -رَاَيْتُ وبِيصَ الطيب في مفَارق رسولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم بَعْدَ ثَلاَث (وبص يبص وبيصا: برق فوبيص الطيب: بريقه ولمعانه والمفارق جمع مفرق بكسر الراء وفتحها مع فتح الميم فيهما وسط الرأس وهو أيضا الفرق كما تسميه العامة وإنما جاء بصيغة الجمع مع أنه واحد لتنزيل كل جزء منه منزلة مفرق وبعض روايات مسلم جاء بالإفراد وبعضها جاء بالجمع وفي الحديث دلالة على استحباب الطيب عند إرادة الإحرام وأنه لا بأس باستدامته بعد الإحرام وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام وهو مذهب الشافعية وأبو حنيفة وأبي يوسف وأحمد وداود والثوري وغيرهم وقال آخرون بمنعه ومنهم الزهري ومالك ومحمد بن الحسن وتأول هؤلاء حديث عائشة على أنه تطيب ثم اغتسل بعده فذهب الطيب قبل الإحرام وقولها ثم أصبح ينضح طيبا أي قبل غسله ولا داعي لهذا التكلف والراجح مذهب الجمهور) .

772- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سالم، عن ابن جُرَيج، عن عُمَرَ بن عَبْدِ اللَّهِ بن -[297]- عُرْوَةَ: - أنَّهُ سَمِعَ القاسم وعُرْوَةَ يَخبران عن عائشة أنها قالت: طيبتُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم بيدي في حِجةِ الوَدَاع للحل والإحْرام (الجمهور على أن الطيب مستحب للإحرام لقولها طيبته لحرمه وهو ظاهر في أن الطيب للإحرام وقولها للحل المراد به طواف الإفاضة ففيه دلالة لاستباحة الطيب بعد رمي جمرة العقبة والحلق وكرهه مالك قبل طواف الإفاضة وقولها لحله في الحديث الآتي دليل على أنه حصل له تحلل) .

773- (أخبرنا) : سُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عُرْوَةَ: -سَمِعْتُ أبي يَقُول سَمِعْتُ عائشة تقول: طَيَّبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم لحُرْمه ولحله فقلت لها: بأيِّ طِيبٍ؟ فقالت: بأطْيَبِ الطِيبِ فقال عُثمانُ ما رَوَى هِشَامٌ هذا الحديث إلا عَنِّي.

774- (أخبرنا) : سُفيانُ الزُّهْري، عن عُرْوَةَ، عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: -طَيَّبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم بِيَدَيَّ هَاتَين لحُرْمه حِينَ أَحْرَمَ ولحلِّهِ قَبْلَ أن يطوف بالبيت.

775- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحمن بنِ القاسم، عَنْ أبيه، عَنْ عَائشةَ رضي اللَّه عنها وبَسَطَتْ يديْها تقُولُ: -أنا طَيَّبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم بِيَدَيَّ هَاتَين لإحْرامِه حِينَ أَحْرَمَ ولحلِّهِ قَبْلَ أن يطوف.

776- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبد الرحمن بنِ القاسم عن أبيه، عن عائشةَ قالت: -كنتُ أطيبُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم لإحرامه قَبْلَ أن يُحْرِمَ ولحلِّهِ قَبْلَ أن يطوف بالبيت.

777- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عمرو بن دينار قال: -قال عمرُ بن الخطاب -[298]- رضي اللَّه عنه إذَا رَمْيتُمُ الْجَمْرَةَ فَقَدْ حَلَّ لَكُمْ ما حَرُمَ إلا النسَّاءَ والطيبَ (في الأحاديث التي تلي هذا الأثر مخالفة واضحة له إذ فيها أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أحق بالإتباع وعائشة أدرى بمثل هذا) .

778- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سالم بن عبد اللَّه قال: -قالت عائشةُ رضي اللَّه عنها أنا طَيَّبْتُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم وقال في كتاب الإملاء لحله ولإحرامه (لحله ولإحرامه إي لإرادة حله وإحرماه وفي اللسان في حديث عائشة كنت أطيبه صلى الله عليه وسلم لحله وحرمه أي عند إحرامه قال الأزهري المعنى أنها كانت تطيبه إذا اغتسل وأراد الإحرام والإهلال بما يكون به محرما من حج أو عمرة وكانت تطيبه إذا حل من إحرامه الحرم بضم الحاء وسكون الراء: الإحرام بالحج وبالكسر الرجل المحرم تقول أنت حل وأنت حرم والإحرام مصدر أحرم الرجل يحرم إحراماً إذا أهل بالحج أو بالعمرة وباشر اسبابهما وشروطهما من خلع المخيط وتجنب ما منعه الشارع منه كالنكاح والطيب والصيد وغير ذلك وقد وضح الحديث التالي هذا الحديث وزاده بيانا فقد قالت عائش فيه أنا طيبت رسول اللَّه لإحرامه قبل أن يحرمولحله قبل بعد أن رمى جمرة العقبة وقبل أن يزور البيت وفيه دلالة على استحباب الطيب عند إرادة الإحرام وجواز استدامته بعد الإحرام وبه أخذ جماهير المحدثين والفقهاء وخلائق منالصحابة والتابعين ومنهم أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد وداود وغيرهم ومنعه الزهري ومالك ومحمد بن الحسن كما قلنا وتأولوا حديث عائشة بأنه تطيب ثم اغتسل فذهب الطيب قبل الإحرام ويؤيد ذلك قول عائشة في رواية أخرى رواها مسلم طيبت رسول اللَّه عند إحرامه ثم طاف على نسائه ثم أصبح محرما فظاهره أنه تطيب لمباشرة نسائه وزال طيبه بالغسل لأن المعروف أنه صلى الله عليه وسلم كان يتكهر من كل واحدة قبل الأخرى ولا يبقي الطيب مع ذلك وقولها ثم أصبح ينضح طيبا أي قبل اغتساله وقولها كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارقه المراد به أثره لا جرمه وهذا كله تعسف وتكلف الصواب رأي الجمهور كما قلنا وهو استحباب الطيب للإحرام لقولها طيبته لحرمه وهذا ظاهر في أن الطيب لإحرام للنساء ويعضده قولها كأني أنظر إلى وبيص الطيب إلخ) قال سالم وسنةُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أحَق أن تُتَّبَعَ.

779- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عَنْ عَمْرو بنِ دِينارٍ، عن سَالم بنِ عَبْدِ اللَّهِ ورُبماَ قالَ، عن أبيه ورُبما لم يقُلْهُ قال: -قال عُمَرُ إذَا رَمَيْتُمُ الجَمْرَةَ وذَبَحْتمْ وحَلَقْتمْ فَقَدْ حَلّ لكُمْ كلُّ شَئٍ حَرُمَ عليكم إلاَّ النِّسَاءَ والطيبَ (قوله إلا النساء والطيب ظاهر في أن الطيب كالنساء لا يحلان برمي الجمرة والحلق وإنما يحلان بالطواف وقد أنكرت عائشة مساواة الطيب للنكاح قائلة إنني طيبت رسول اللَّه لحله بعد رمي جمرة العقبة وقبل أن يزور البيت أي قبل طواف الإفاضة فدل كلامها على استباحة الطيب بعد رمي جمرة العقبة والحلق وقبل الطواف وهو مذهب الشافعي والعلماء كافة إلا مالكا فإنه كرهه قبل طواف الإفاضة وهو محجوج بهذا الحديث وبالحديث الآتي الذي زادت عائشة فيه الأمر توكيدا بقولها طيبت رسول الله بيدي لحله قبل أن يطوف بالبيت وقد أخذ الجمهور بحديث عائشة وما نرى مالكا أخذ بحديث عمر فإن ظاهر كلام عمر يقتضي الحرمة لا الكراهة فإنه قال إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شئ حرم إلا النساء وطاليب أي فهذان باقيان على حرمتهما فلا بد له من دليل آخر) . قال سَلمٌ وقالت عائشةُ؟ أنا طَيَّبتُ رسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لإحرامِهِ قبل أنْ يُحْرِمَ وَلِحِلّهِ بَعْدَ أنْ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةَ وقبل أنْ يَزُورَ البَيْتَ قال سالمٌ: وسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أحَقُّ أنْ تُتَّبَعَ.

780- (أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بنِ دِينارٍ، عن سَالم بنِ عَبْدِ اللَّهِ: -أنَّ عُمَرَ بْنَ الخطابِ نَهَى عَن الطِّيبِ قبلَ زِيارَةِ البَيْتِ وبعد رَمْيَ الجَمْرَةِ قال سَالمٌ: فقالت عائشةُ طَيَّبتُ رسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بيَدَيَ لإحرامِهِ قبل أنْ يُحْرِمَ وَلِحِلّهِ قبل أنْ يطُوفَ بالبَيْتِ وسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أحَقُّ.

781- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن مُحمدِ بنِ عَجْلانَ: -أنَّهُ سَمِعَ عائشةَ بِنْتِ سَعْدٍ تَقُولُ: طَيَّبتُ أبي عند إحْرامه بالمسْكِ والذّرِيرَةِ (عائشة هذه بنت سعد بن أبي وقاص الزهرية والذريرة بفتح الذال المعجمة وكسر الراء المهملة فتات من قصب الطيب الذي يجلب من الهند وقيل هي نوع من الطيب مجموع من أخلاط وقوله عند إحرامه أي عند إرادة إحرامه لا عند الإحرام نفسه لما سبق وهو دليل آخر للجمهور على استحباب الطيب عند إرادة الإحرام) .

782- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن حُسَينِ بنِ زَيْدٍ، عن أبيه قال: -رَأيتُ ابنَ عَبَّاسٍ مُحْرِماً وإنَّ على رَأْسِهِ كمثْلِ الرُّبِ من الغَالِيَةِ (الرب بالضم ما يطبخ من التمر وهو الدبس أيضا والغالية بالغين المعجمة نوع من الطيب مركب من مسك وعنبر وعود ودهن أي أنه باق واضح بكثرة في رأسه والمعنى أنه تطيب به قبل الإحرام وهو دليل آخر للجمهور يضاف إلى ما سبق) .

783- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّ رَجُلاً سَألَ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ مِن الثِّيابِ؟ فقالَ رسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "لاَ يَلْبَسُ المَحْرِمُ القَميصَ ولاَ السَّرَاوِيلاَتِ ولاَ العَمائِمَ ولا البَرَانِسَ ولا الخِفَافَ (سئل صلى اللَّه عليه وسلم عما يلبس المحرم فأجاب بمالا يلبسه وذلك لأن ما لا يلبس محصور وما يلبس غير محصور فكان حكيما في إجابته ونبه بالقميص (وفي مسلم القمص) والسراويل على جميع ما في معناهما مما هو مخيط مفصل على قدر البدن أو عضو منه كالتبان والقفاز والصدار وغيرها ونبه بالعمائم والبرانس على كل ساتر للرأس مخيطا كان أو غيره حتى العصابة فإنها حرام فإن اضطر إليها لشجة أو صداع جاز له ولزمته الفدية ونبه بالخفاف على كل ساتر للرجل من جورب ومداس وغيرهاهذا كله في الرجال أما المرأة فيباح لها ستر جميع بدنها بكل ساتر من محيط وغيره إلا ستر وجهها فإنه حرام بكل ساتر وفي ستر يديها بالقفازين خلاف والأصح التحريم عند الشافعية والحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم ووجوب لبسه الإزار والرداء إبعاده عن الترفه واتصافه بصفات الذليل المنكسر الناسي لذاته المقبل على طاعاته وتذكر الكفن وحالة الموت والبعث وبذلك يكون أقرب إلى تذكر اللَّه وأقوى في مراقبته وصيانة عبادته وقوله إلا أحد لا يجد نعلين فليلبس الخفين وليقطعهما إلخ النعل ما لا يستر الرجل بل يقيها حرارة الأرض وبردها وما بها من شوك أو زجاج ونحوه وفي هذا الحديث والحديثين بعد وليقطعهما أسفل الكعبين وفيما يليهما لا توجد هذه العبارة بل اقتصر على لبس الخفين ولم يذكر قطعهما إلى أسفل الكعبين وكان ذلك سببا في اختلاف العلماء فقال أحمد يجوز لبس الخفين بحالهما ولا يجب قطعهما لحديث ابن عباس وحديث سالم عن أبيه الآتي بعد حديث ابن عباس وزعم أصحاب أحمد أن حديث ابن عمر المصرح بقطعهما منسوخ وقالوا أن قطعهما تبديد للأموال وهو منهي عنه وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجمهور العلماء لا يجوز لبسهما إلا بعد قطعهما أسفل من الكعبين لحديث ابن عمر وأما حديث ابن عباس فيجب حمله على حديث ابن عمر لأن المطلق يحمل على المقيد والزيادة مقبولة من الثقة وليس هذا بإضاعة للمال لأن الشرع قد ورد بها فيجب الإذعان له فإن لبس الخفين لعدم النعلين فلا فدية عليه لأنه لو كان عليه فدية لبينها النبي وقال أبو حنيفة وأصحابه عليه الفدية كما إذا إحتاج إلى حلق رأسه فحلقه وإن لبس ما نهي عنه عامدا لزمته الفدية بالإجماع فإن كان ناسيا فلا فدية عليه عند الشافعي وأحمد وأوجبها أبو حنيفة ومالك) إلاَّ أحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الخُفَّينِ ولْيَقْطَعْهُماَ أسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ.

784- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ اللَّه بنِ دِينارٍ، عن عَبْدِ اللَّه بن عُمَرَ: -رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: نهى أنْ يَلْبَسَ المُحْرِمُ ثَوْباً مَصْبُوغاً بزَعْفَرَان أو وَرْسٍ قال فَمَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنْ فَلْيَلْبِس الخُفَّيْنِ ولْيَقْطَعْهُماَ أسْفَلَ الكَعْبَيْنِ.

785- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْري، عن سالم، عن أبيه: -أنَّ رَجُلاً أَتَى النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم فسأله مَا يَلْبَسُ من الثياب؟ فقال: «إنَّه لا يَلْبَسُ القَميصَ ولا العِمامةَ ولا البُرْنُسَ ولا السَّرَاويلَ ولا الخُفَيْنِ -[302]- إلا لَمنْ لاَ يَجِدْ نَعْلَيْنْ فَلْيَلْبِس الخُفَّيْنِ ولْيَقْطَعْهُماَ حتى يكونا أسْفَلَ من الكَعْبَيْنِ» .

786- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ أنّه سَمِعَ عَمْرو بنَ دينارٍ يَقولُ: -سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ وهو يَقولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم يَخْطُبُ وهو يَقولُ: «إذا لَمْ يَجِدْ المُحْرِمُ نَعْلَيْنْ لبِسَ الخُفَّيْنِ وإذا لَمْ يَجِدْ إزاراً لَبِسَ السراويل (عدم الوجود يتحقق بألا يجد الصنف المطلوب أو بألا يد ثمنه فهو بالنسبة له حينئذ كغير الموجود والسراويل مفرد لا جمع في أصح الأقوال وهو المعروف بيننا الآن بمصر في اللباس وهو ما يستر النصف الأسفل من الجسم وهو صريح في جواز السراويل للمحرم إذا لم يجد إزارا وعليه الشافعية والجمهور ومنعه مالك لأنه لم يذكر في حديث ابن عمر بل اقتصر على عدم وجود النعلين والصواب إباحته لحديث ابن عباس لأنه متمم لحديث ابن عمر وما دامت المسألة مسألة ضرورة فلا فرق بين تعذر النعلين وتعذر الإزار) » .

787- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْري، عن سالم (سالم هذا هو سالم ابن عبد الله بن عمر العدوي المدني الفقيه فأبوه هو عبد الله بن عمر قال ابن إسحاق أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه مات سنة 106 على الأصح وظاهر من الحديث أن ابن عمر كان يسوي في قطع الخفين إلى أسفل الكعبين بين الرجال والنساء وكان ابنه يفتي برأيه إلى أن نبهته صفيه إلى فتوى عائشة بجواز لبس الخفين للنساء فعدل عن رأي أبيه إلى رأيها وهذا الحديث يؤيده ما قدمناه ممن أن للمرأة أن تستر بدنها بكل ثوب مخيطا أو غيره ماعدا وجهها ويديها فقدروي عن ابن عمر أنه سمع النبي نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حلياً أو سراويل أو قميصا أو خفا رواه أحمد وأصحاب السنن فالواجب على الرجل في الإحرام كشف رأسه ووجهه ونزع اللباس المعتاد وعليه أن يلبس إزارا ورداء ونعلين بخلاف المرأة المحرمة فإن لها أن تلبس كل شئ ويجب عليها كشف وجهها وكفيها) عن أبيه: -أنّه كان يُفْتي النِساءَ إذا أَحْرَمْنَ أَنْ يَقْطَعْنَ الخُفَّيْنِ حتى أَخْبَرَتْهُ صَفِيَّةُ عن عائشةَ أنها كانت تُفْتِي النِّسَاءَ أَلاَّ يَقْطَعْنَ فَانتَهَى.

788-سَعيدُ بنُ سالم، عن ابن جُرَيج، عن عَطَاءٍ، عن ابن عَبَّاسٍ قال: -تَدْلِي عَلَيهَا من جَلاَبِيبِهَا ولاَ تَضْرِبُ بِه قُلتُ ما تضربُ به: فأشار لي كما تجلب المرأةُ ثم أشار إلى ما على خَدِّها من الجلْباب فَقال لا تُغَطِيه فَتَضْرَبُ به على وَجْهها فَذَلكَ الذي لا يبقى عليها ولكن تَسْدُله على وجهها كما هو مسدولاً ولا تَقْلِبُه ولا تَضْرَبُ به ولا تَعْطِفُه (في هذا الحديث اضطراب في التعبير وتخالف في النسخ اضطرني إلى الرجوع إلى؟؟ فأصلحت بمراجعته بعض ما فيه من اضطراب وبقي قوله كما هو مسدولا هكذا بنصب مسدولا ولا أدري ما وجهه والظاهر الرفع وخلاصة ماذكره ابن الأثير في شرحه أن تدلي عليها من جلابيبها أي ترسله على وجهها أي تتجلبب المرأة ببعض مالها من الجلابيب أي لا تكون مسدلة من الثياب ما دون الجلباب وأن المعنى ترخي بعض جلبابها وفضله على وجهها تتقنع به وتلويه على وجهها وهذاهو تفسير قوله ولا تضرب به يعني أنها تتقنع به وتلويه على وجهها من أحد جانبيه إلى الجانب الآخر فإن ذلك يكون ستراً لوجهها الذي وجب عليها كشفه في الإحرام فأما إرساله على وجهها إرسالاً من غير أن تضرب به عليها فلا ولذا قال الفقهاء المرأة إذا أرسلت ثوبا بحذاء وجهها متجافيا عنه فلا بأس عليها ومعنى لا تضرب به لا تلصق جلبابها ببشرة وجهها كأن الجلباب قد ضرب الوجه بمباشرته له اهـ) .

789- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابنِ عُمَر: -أنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ لبيك لا شريكَ لكَ لبيكَ إن الحمدَ والنِّعمةَ لكَ والمُلْكَ لا شَريكَ لكَ قال نافعٌ وكان عَبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ يزيدُ فيها: لَبَّيكَ لبيكَ وسعديكَ والخيرُ في يَديكَ والرَّغْباءُ إليكَ والعَمَلُ -[304]- (لبيك التلبية مصدرلبى بمعنى أجاب يقال دعاه أي طلبه فأجابه ومعنى لبيك إجابة بعد إجابة ومعنى ذلك المبالغة في الطاعة والإنقياد فتثنيته للتوكيد لا تثنيته حقيقية وقال يونس هو إسم مفرد لامثنى وألفه انقلبت ياء مع المظهر قيل وهو مأخوذمن قولهم لب الرجل وألب بالمكان إذا أقام فيه ومعناه أنا مقيم على طاعتك وإجابتك وقيل معناه إخلاصي لك من قولهم حسب لباب إذا كان خالصا محضا ومنه لب الطعام ولبابه وهو منصوب على المصدر بعامل لا يظهر كأنك قلت ألب إلبابا وسعديك أي ساعدت طاعتك مساعدة بعد مساعدة وإسعادا بعد إسعاد ولهذا ثنى وهو من المصادر المنصوبة بفعل لا يظهر أيضا والرغباء بالفتح مع المد وبالضم مع القصر كالنعماء والنعمى وهما من الرغبة وهي الطلب أي الطلب إليك يوجه لا إلى غيرك لأنك أنت السيد الصمد الذي يقصدفي الحاجات دون غيره والعمل بالرفع خبره محذوف أي والعمل لك دون غيرك أي يقصد به وجهك لا سواك اهـ حامد مصطفى) .

790- (أخبرنا) : بعضُ أهلِ العلم، عن جَعْفَرْ بنِ مُحمدٍ، عن أبيه، عن جابرِ بنِ عَبدِ اللَّه: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم أهَلَّ بالتَّوحيد لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ لا شريكَ لكَ لبَّيكَ إنَّ الحمدَ والنِّعمةَ لكَ والمُلْكَ لا شَريكَ لكَ.

791-قال الشافعي رضي اللَّهُ عنهُ: وذَكَرَ عبدُ العزيز بنُ عبد اللَّه الماجَشُون، عن عبد اللَّه بنِ الفَضْل، عن الأعرَج، عن أبي هُريرةَ قالَ: -كان من تَلْبيةِ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: «لَبَّيكَ إله الخلقِ لَبَّيكَ» .

792- (أخبرنا) : سعيد، عن ابنِ جُرَيجُ قال أخبرني: حميدٌ الأعْرَجُ، عن مُجَاهِد أنَّه قال: -كان النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم يُظْهِرُ من التَّلْبِيَةِ لَبَّيكَ اللَّهُمَّ لَبَّيكَ لا شريكَ لكَ لبيك إن الحمد لك والنعمةَ لك والملك لك لا شريك لك قال حتى إذا كان ذاتَ يوم والناسُ يُصْرَفون عنه كأنَّه أَعجبه ما هو فيه فزاد فيها لبيك -[305]- إنَّ العَيْشَ عَيْشَ الآخِرةِ قالَ ابنُ جُرَيجُ: وحَسِبْتُ أنَّ ذلكَ يَوْمَ عَرَفةَ (قوله يظهر من التلبية يشير إلى أنه كانت له أدعية أخرى سرية لا نعلمها أما الذي كان يظهره هو فهو هذا وقوله حت إذا كان ذات يوم بنصب ذات على الظرفية وكان بمعنى وجد والمعنى حتى إذا وجد النبي ذات يوم والناس يصرفون عنه بالبناء للمجهول أي خوفا عليه من شدة الزحام فزاد في التلبية قوله إن العيش عيش الآخرة وذلك لأنه أعجبه ازدحام المسلمين عليه فاستغفر ربه من هذا الخاطر الذي يخشى أن يغر صاحبه فيظن بنفسه فوق ما تستحق فقال إنها مظاهر فانية سريعة الزوال وإن كانت جميلة لأنها سحابة صيف عن قليل تقشع بخلاف عيش الآخرة فإنه باق لا فناء له ويوم عرفة منصوب على الظرفية لفعل محذوف) .

793- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن القاسم بنِ مَعْنٍ، عن محمد بنِ عَجْلاَنَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي سَلَمَةَ أَنَّهُ قال: -سَمِعَ سَعْدُ بْنُ أبي وَقَّاصٍ بَعْضَ بَني أخيه وَهُوَ يُلَبِّي ياذا المعارِج فقال سَعْدٌ المعارِجَ! ! إنَّهُ تَعَالَى لَذُو المَعَارِج (المعارج: المصاعد والدرج أحدها معرج يريد معارج الملائكة إلى السماء وقيل المعارج الفواضل العالية والعروج الصعود من عرج يعرج عروجا إذا صعد وهو دليل للحنفية على أنه يجزي في التلبية ما في معناها من التسبيح والتهليل وسائر الأذكار هذا والإجماع على أن التلبية مطلوبة ثم اختلفوا فقال الشافعي هي سنة فيصح الحج بدونها ولا دم عليه وإن فاتته الفضيلة وقال مالك ليست بواجبة لكن لو تركها لزمه دم وصح حجه وقال أبو حنيفة لا ينعقد الحج إلا بإنضمام التلبية أو سوق الهدى إلى نيته ويستحب رفع الصوت بالتلبية بحيث لا يشق عليه وذلك للرجل دون المرأة خوف الفتنة ويستحب الإكثار منها عند تغير الأحوال كإقبال الليل والنهار والصعود والهبوط والقيام والقعود والركوب والنزول وإدبار الصلوات وفي المساجد ولا تزال مستحبة للحجاج حتى يشرعوا في رمي جمرة العقبة يوم النحر أو حتى يفرغوا من رميها أو حتى صلاة صبح يوم عرفة أو حتى يشرعوا في الوقوف بعرفة بعد الزوال والأول مذهب الجمهور ومنهم الشافعية والحنفية والثاني مذهب أحمد والثالث مذهب الحسن البصري والرابع مذهب مالك والمعارج الثانية محكية بالجر أو منصوبة بفعل محذوف والتقدير أتقول المعارج وإنكار سعد دليل على أن التلبية إنما تكون بالمأثور بدون زيادة وهو ما ذهب إليه الشافعي) وما هَكَذَا كُنَّا نُلَبيِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلّم.

794- (أخبرنا) : مالكِ، عن عبدِ اللَّهِ بن أبي بكر بن محَمد بن عَمْرو بن حَزْمٍ، عن عَبْدِ المَلِكِ بنِ أبي بكر بنِ عبدِ الرحمن بنِ الحارثِ بنِ هِشَام، عن خَلاَّدِ ابن السَّائِبِ الأنصاريِّ، عن أبيه: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم قال: "أتاني جِبريلُ عليهِ السّلامُ فأمَرَني أَنْ آمُرَ أَصْحابي أو مَنْ مَعِي أَن يَرْفَعُوا أَصْواتَهم بالتَّلْبِيَةِ أو بالإهلالِ (أهل الرجل وأستهل: رفع صوته وأهل المحرم بالحج يهل إهلالا لي ورفع صوته وكذلك المعتمر وأهل بحجة أو بعمرة: أحرم بهاوإنما قيل للإحرام إهلال لرفع المحرم صوته بالتلبية والإهلال التلبية وأصل الإهلال رفع الصوت وكل رافع صوته فهو مهل اهـ والخلاصة أن الإهلال يأتي لمعان وهي رفع الصوت بالتلبية والتلبية نفسها والإحرام مصدر أحرم الرجل يحرم إحراما إذا أهل بالحج أو بالعمرة وباشر أسبابهما وشروطهما من خلع المخيط واجتناب ما حظره الشرع من الطيب والنكاح والصيد وغيرها فترى من هذا أن قوله أو بالإهلال لم تأت بجديد لأن معناه معنى ما قبله والذي يظهر لي أن أوهنا وفي قوله قيل ذلك أو من معي للشك أي أن الراوي شك في لفظ الرسول فلم يجزم أهو أصحابي أو من معي وكذلك لم يدرأقال يرفعوا أصواتهم بالتلبية أو بالإهلال واللَّه أعلم هذا وقوله يريد أحدهما لم يرد إلا في مسندنا وفي الموطأ ولم يرد في مصابيح السنة ولا في التاج ولفظه فيه أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال أو بالتلبية وهي رواية أصحاب السنن وصححه الترمذي والذي يؤخذ من الحديث هو استحباب رفع الصوت بالتلبية بحيث لا يشق عليه وهذا خاص بالرجال أما النساء فلا يرفعن مخافة الإفتنان بأصواتهن) "يُريدُ أحَدَهُمَا.

795- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن مُحمد بن أبي حُمَيد، عن محمد بن المُنْكَدِرِ: -أنَّ النبيّ صلى اللَّهُ عليه وسلم كان يُكْثِرُ من التلبيةِ (هذا الحديث والذي يليه يرميان إلى غرض واحد وهو الإكثار من التلبية ويفيدان أنها مستحبة لا سيما عند تغاير الأحوال كالصعود والنزول وإقبال الليل والنهار كما سبق) .

796- (أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عن نافع، عن عَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ: -أنهُ كاَنَ يُلَبي راكباً ونازِلاً ومُضْطَجِعاً.

797- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد، عن صالح بن مُحَمد بن زَائِدةَ عن عُمَارَةِ ابن خُزَيْمةَ بن ثابتٍ، عن أبيه: -عن النبيّ صلى اللَّهُ عليه وسلم أنَّه كان إذَا فَرِغَ من تلبيتِهِ سَأَلَ الَّلهَ رِضْوانَه الجَنَّةَ واسْتَعفاه بِرَحَمَته مِنَ النّار (يفيد استحباب سؤال الله رضوانه وجنته واستعفاءه من النار - وتقدم أنه إذا رأى شيئا يعجبه قال لبيك إن العيش عيش الآخره فعلمتنا هذه الأحاديث الثلاثة استحباب رفع الصوت بالتلبيه والإكثار منها وختمها بطلب رضوان الله واعفاءنا من النار بفضله ورحمته) .

798- (أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم القَدَّاحُ، عن سَعِيد، عن قَتَادَه، عن أبى حَسَّانَ الأَعْرَجِ، عن ابن عباسٍ: - أنَّ النبيَّ صلى اللَّهُ عليه وسلم أَشْعَرَ في الشِّقِّ الأَيْمَنِ (إشعار البدنه هوأن يشق أحد جنبي سنامها حتى يسيل دمها ويجعل ذلك علامة يعرف بها أنها هدي فإن ضل رده واجده وإن اختلط بغيره تميز والشق الجانب وفي الحديث استحباب الإشعار وبه قال جماهير العلماء من السلف والخلف وخالفهم أبو حنيفة فقال هو بدعة ومثلة ومذهبه مخالف للأحاديث الصحيحة ومذهب الجماهير الإشعار في صفحة السنام اليمنى وقال مالك في اليسرى وهو محجوج بهذا الحديث وغيره واتفقوا على أن الإشعار للإبل وأما الغنم فلا تشعر لضعفها عن احتمال الجرح ولأنه لا يظهر لما عليها من الصوف فيكتفي بتقليدها) .

799- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابن جُرَيج، عن نَافع، عن ابن عُمَر: -أنه كان لا يُبالي في أَيِّ الشِّقِّينِ أَشْعَرَ في الأَيْسَرِ أَوْ في الأَيْمَنِ -[308]- (لم أعثر على هذا الحديث في كتاب آخر وحديث ابن عباس السابق هو الدائر في كتب السنة ما عدا الموطأ فإن فيه أنه صلى الله عليه وسلم أشعرها في الشق الأيسر ولذا كانت الجماهير على استحباب الإشعار في جانب السنام الأيمن وخالفهم مالك فقال بالإشعار في الجانب الأيسر ومن الغريب أنه روى ما أخذ به عن ابن عمر والمروي هنا عن ابن عمر التسوية بين الأمرين وإذا كان الغرض تعريف الهدي استوى الأمران هذا هو الفقه ولكن الجمهور أخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم التي قد لا نفهم سرها ولم أعرف أحدا من الأئمة أخذ برأي ابن عمر وقد ردوا على أبي حنيفة في ذهابه إلى أن الإشعار مثله يقولهم أنه ليس كذلك بل هو كالوسم والفصد والحجامة والختان) .

الباب الخامس فيما يباح للمحرم وما يحرم وما يترتب على ارتكابه من المحرمات من الجنايات

الباب الخامس فيما يباح للمحرم وما يحرم وما يترتب على ارتكابه من المحرمات من الجنايات

800- (أخبرنا) : مالك، عن زَيْدِ بنِ أسْلَمَ، عن إبراهيمَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حُنَيْنٍ عن أبيه: -أنَّ ابن عَبَّاسٍ والمِسْوَر بن مَخْرَمَةَ إخْتَلَفَا بالأبْوَاء (الأبواء بوزن أفعال مفتوح الهمزة: منزل بين مكة والمدينة قريب من الجحفة من جهة الشمال دون مرحلة) فقال ابن عباس يَغْسِلُ المحرم رأسه وقال المِسْوَرْ: لا يغسل المحرم رأسه فأرسلني ابنُ عباس إلى أبي أيوبَ الأنصاري فَوَجَدْتُه يَغْتَسِلُ بَيْنَ القَرْنَيْن (القرنان بالفتح منارتان تبنيان على رأس البئر توضع عليهما الخشبة التي يدورعليها المحور فإن كانا من خشب فهما دعامتان اهـ لسان وقال النووي القرنان بالفتح مثنى قرن وهما الخشبتان القائمتان على رأس البئر وشبههما من البناء تمد بينهما خشبة يجر عليهما الحبل المستقى به وتعلق عليها البكرة وطأطأ الثوب خفضه والمراد جذبه إلى أسفل فظهر رأسه بعد أن كان مستترا به وأخذ من الحديث جواز اغتسال المحرم وغسل رأسه وإمرار اليد على شعره بحيث لا ينتف منه شيئا وأخذ منه أيضا الرجوع إلى النص عند الاختلاف وترك الإجتهاد عند النص وقبول خبر الواحد وجواز السلام على المتطهر وإذعان الصحابة للحق وخضوعهم له ولذا قال المسور في بعض الروايات لابن عباس لا أماريك بعدها والغسل من الجنابة متفق على وجوبه وأما الغسل للتبرد فمذهب الجمهور والشافعية جوازه بلا كراهة وحرمه مالك وأبو حنيفة وأوجبا فيه الفدية والذي في مسلم والمصابيح فوضع أبو أيوب يده بالإفراد. حامد مصطفى المدرس بكلية اللغة العربية) وهو يَسْتَتِرُ بِثَوْب قال: فَسَلّمْتُ فقال مَنْ هذا؟ فقلتُ: أَنا عبدُ اللَّهِ أَرْسَلَنِي إِليْكَ ابنُ عباسٍ أسأَلُك كَيْفَ كَان رسولُ اللَّه صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم يَغْسِلُ رأسَهُ وهو مُحْرِمٌ؟ قال: فَوَضَع أبو أيوب يَدَيْه على الثوب فَطَاْطَأَه حتى بَدَا لي رأسُه -[309]- ثم قال لإِنسانٍ يَصُبُّ عليه اصْبُبْ فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ثم حَرّكَ رَأْسَهُ بيَدَيْه فأقبلَ بهما وأَدْبَرَ ثم قال: هَكَذَا رأَيْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ.

801- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَبْدِ الكَريم الجَزَرِيّ، عن عِكْرِمَةَ، عن ابن عباس قال: -ربما قالَ لي عُمَرُ بنُ الخطَّابِ تَعَالَ أُماقسْكَ فِي الماءِ أيُّنَا أَطْوَلُ نَفَساً ونَحْنُ مُحْرِمُونَ (أماقسك وكانت في الأصل أباقيك وهو تصحيف إذ ليس في اللغة باقاه وفيها ماقسه يماقسه غاطه في الماء وهما يتماقسان في البحر أي يتغاوصان فيه والمعنى تعال أساميك وأسابقك في المكث تحت سطح الماء لنرى أينا أصبر وأطول نفسا من صاحبه وهو دليل جواز الغسل للمحرم والمكث في الماء طويلا وجواز المسابقة في الغطس ونحن محرمون من كلام ابن عباس وهي جملة حالية) .

802- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالِمٍ، عن ابنِ جُرَيْج: - أنَّ صَفْوَانَ بنَ يَعْلَى أخْبَرَهُ عَنْ أبيه يَعْلى بنِ أُمَيَّةَ أنَّهُ قال: بينما عُمَرُ بنُ الخطاب يَغْتَسِلُ إلي بَعِيرٍ وأنا أسْتَتِرُ عليه بثَوْبٍ إذْ قالَ له عُمَرُ بنُ الخطابِ ياَ يَعْلَى: اصْبُبْ عَلَى رأْسِي فقلتُ أمِيرُ المؤمنينَ أعْلَمُ فقال عُمَرُ: واللَّهِ ما يزيدُ الماءُ الشَّعْرَ إلاَّ شَعْثَاً فَسَمّى اللَّه تعالى وصَبَّ عَلَى رَأسِهِ (يغتسل إلى بعير أي مستنداً إلى بعير ليستتر به وقوله وأنا أستر عليه بثوب أي من الجهة الأخرى والشعث بفتحتين مصدر شعث كتعب الشعر تغبر وتلبد لقلة تعهده بالدهن والشعث أيضا: الوسخ ورجل شعث ككتف وسخ الجسد وشعث الرأس: أغبر وأورد ابن الأثير الحديث وفسر قوله لا يزيده الماء إلا شعثاً بقوله أي ألا تفرقا فلا يكون متلبداً وقوله فقلت أمير المؤمنين أعلم يشعر بأنه كان يظنأن هذا الفعل غير سائغ) .

803- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ عن عُمْرٍو عن أبو جَعْفَرٍ قالَ: -أبْصَرَ عُمَرَ ابنُ الخطَّابِ عَلَى عَبْدِ اللَّه بنِ جَعفرٍ ثَوْبينِ مُضَرَّجَيْنِ وهو مُحْرِمٌ فقالَ: ما هذهِ الثِيابُ؟ فقال عَلِيُّ بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: ما إخَالُ أحداً -[310]- يُعلمنا السُّنَّةُ فَسَكَتَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ (مضرجين المضرج المصبوغ بالحمرة أو الصفرة مطلقا أو بالحمرة على أن يكون دون المشبع وفوق المورد وكانت في الأصل مفرحين وهي تصحيف أنكر عمر على عبد الله بن جعفر لبس الثوب المصبوغ في الإحرام فرد على هذا الإنكار بإنكار أشد منه ولكنه عف مؤدب إذ لم يوجه الخطاب إلى عمر فيقول ما إخالك تعلمنا السنة بل قال ما إخال بكسر الهمزة بمعنى أظن أحدا يعلمنا السنة أي لأننا أهلها وأبناء مصدرها وأهل بيته فنحن أدرى من سوانا بما يحل ومايحرم وتقبل عمر كلام علي بالسكوت والإذعان لأنه كان رجاعا إلى الحق وفهم من الحديث جواز لبس الثوب المصبوغ في الإحرام وإخال بكسر الهمزة ويجوز فتحها والكسر أفصح والفتح أقيس) .

804- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالِمٍ، عن ابنِ جُرَيْج، عن أبي الزُّبير، عن جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنهُ: -أنَّهُ سَمِعَهُ يقُولُ: "لاَ تَلْبَسُ المرأةُ ثيابَ الطِّيبِ وتَلْبَسُ الثيابَ المَعَصْفَرَةَ لا أرَى العُصْفُرَ طِيباً (المعصفرة المصبوغة بالعصفر بضم العين والفاء وهو نبت معروف والصبغة التي يكسبها الثياب هي الصفرة وفهم من الحديث أنه لاحرج فى أن تلبس المرأة ثوبا مصبوغا بالصفرة ولا فرق بين لون ولون فيحللها أن تلبس الثياب الملونة والمحظور عليها هو الطيب وليس المعصفر طيبا كما قال جابرقوله لا تلبس المرأة يجوز أن تكون لا نافية فيكون إخبارا فيه معنى النهي ويجوزأن تكون ناهية وحركت السين بالكسر لإلتقاء الساكنين والحكمة في تحريم الطيب على المحرم منافاته للتضرع والتذلل والتشعث المطلوبة من الحاج وقد تقدم أن الحاج هو الشعث التفل ثم أنه مثير للشهوة ومن دواعي الترف والترفه التي يهجرها الحجاج في هذا الوقت وبهذا الحديث أخذ مالك والشافعي فقالا لا يحرم لبس المعصفر على المحرم وحرمه أبو حنيفة وجعله طيباً وأوجب فيه الفدية قال النووي ويكره للمحرم لبس الثوب المصبوغ بغير طيب ولا يحرم واللَّه أعلم وأن لبس ما نهي عنه وتطيب لزمته الفدية إن كان عامدا فإن كان ناسيا فلا فدية عند الشافعي وأحمد وتجب عند مالك وأبي حنيفة) .

805- (أخبرنا) : سعيدٌ، عن ابنِ جُرَيْج أخبرنا: الحَسَنُ بنُ مُسْلم، عنْ صَفيةَ بنْتِ شَيْبَةَ أنها قالت: -كُنتُ عندَ عائشةَ رضي الَّلهُ تعالى عنها إذ -[311]- جاءتها امرَأةٌ من نساء بني عَبْدِ الدَّارِ يُقَالُ لها تَمْلِكُ قالت لها: يا أُمَّ المؤمنينَ إنَّ ابنتي فُلاَنَةَ حَلَفَتْ لاَ تَلْبَسُ حُلِيِّها في الموْسِم فقالت عائشةُ قُولي لها: إنَّ أُمَّ المؤمنينَ تُقْسِمُ عَلَيكِ إلاَّ لَبِسْتِ حُلِيِّكِ كُلَّهُ (تملك كتضرب صحابية والموسم أيام الحج وقد أفهمنا الحديث إباحة لبس الحلي للنساء كما أن لها لبس الثياب المصبوغة مخيطة أو غير مخيطة حريرا كانت أو قطنا ولها لبس الخف والمحظور عليها الطيب والنقاب والقفاز وما مس الزعفران والورس من الثياب وقد ورد هذا الحديث صريحا عن ابن عمر في المصابيح وغيره) .

806- (أخبرنا) : سعيدٌ، عن جُرَيْج، عن هِشَام بن حُجَيْرٍ، عن طاوُسٍ قال: -رأيْتُ ابنُ عُمَرَ يَسْعَى بالبيتِ وقد حَزَمَ على بَطنِهِ بثَوْبٍ (حزم متعد بنفسه يقال: حزم فرسه شده بالحزام وهنا جاء متعديا بعلى لأنه ضمنه معنى لف وهي متعدية بعلى والذي أعرفه أن التضمين سماعي وفي الحديث الآتي بعد هذا بين أن عمر لم يكن قد عقد هذا الثوب وإنما شبك طرفيه بإزاره ومن هذا الحديث وما يليه وهو الذي نهى فيه ابن عمر عن عقد الثوب يفهم أن المحرم لا يعقد الثوب بل يشبكه فقط وأنه منهي عن عقده) .

807- (أخبرنا) : سَعيدٌ بنُ سالم عن إسماعيلَ بنِ أُمَيَّةَ: - أنَّ نافعاً أخبرَهُ أنَّ ابنَ عُمَرَ لم يكُنْ عَقَد عليه الثَّوْبَ إنما غَرَز طرفيهِ على إزارِه.

808- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن مَسْلم بنِ جُنْدُبٍ قال: -جاء رجُلٌ يَسْأَلُ ابنَ عُمَروأنا معه فقال: أخالِفُ بين طَرَفيْ ثَوْبي من وَرائي ثمّ أعْقِدِهُ وأنا مُحْرِمٌ؟ فقال عَبْدُ اللَّه بنُ عُمَرَ: لا تَعْقِدْ شيئاً.

809- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن ابن جُريج: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم رأى رجُلاً مُحْتَزِماً بحَبْلٍ أبْرَقَ فقال: " انْزِعِ الْحَبْلَ مَرَّتين -[312]- (حبل أبرق فيه لونان من سواد وبياض فقال له النبي: انزع الحبل مرتين أي كرر له هذا الأمر وأفهمنا هذا عدم جواز ربط الإزار بالحبل ولم تظهر لي الحكمة في هذا النهي ورأيت بعد كتابة هذا في؟؟ أن الشيرازي لا يرى بأسا في شد الإزار بالحبل) .

810- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن ابن جُريج، عن أيُّوب بن موسى، عن نافعٍ، عن ابن عُمَر: -أنَّهُ كان إذَا رَمِدَ وهو مُحْرِمٌ أقْطَر في عَيْنَيْهِ الصَّبْر إقْطَاراً وأنَّه قال: يكتَحِلُ المُحْرِمُ بأيِّ كُحْلٍ إذَا رَمِد ما لم يكْتَحِلْ بطيب ومن غير رمَدٍ ابنُ عُمَرَ القائلُ (رمد كتعب أصابه الرمد وهو مرض العين وأقطر في عينه أسال فيهما والصبر بكسر الباء ويجوز إسكانها وهذا يفيد أنه غير محظور على المحرم معالجة عينيه بالأقطار والإكتحال والمحظور أن يدخل في الكحل أو القطرة الطيب وكذلك يحظر عليه الإكتحال للزينة وهو مكروه عند الشافعي ومنعه أحمد وإسحاق وفي مذهب مالك قولان: أحدهما بالمنع والآخر بالكراهة وأما العلاج عند الحاجة بالكحل أو سواه مما ليس بطيب فجائز أو سواه مما ليس بطيب فجائز باتفاق العلماء ولافدية عليه فإن احتاج ما فيه طيب جاز وعليه فدية) .

811- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سالم، عن ابن جُرَيحٍ، عن ابن الزُّبير، عن جابرٍ: -أنَّهُ سُئِل: أَيَشُمُّ المُحْرِمُ الرَّيحَانَ والدُّهَنَ والطيب؟ فقال: لا (مر قريبا الحكمة في منع المحرم من الطيب فلاداعي للإعادة) .

812- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن عَمْرو بن دينار، عن عَطَاء بن أبي رَبَاح، عن صَفْوَان بنِ يَعْلَى بن أُمَيَّةَ، عن أبيه قال: -كُنَّاعِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالجِعْرَانَةِ فأتاه رجلٌ وعلي مُقّطعةٌ يعني جُبّةً وهو مُتَضَمِّحٌ بالخَلُوق فقال: يا رسولَ الَّلهِ إني أَحْرَمْتُ بالعُمْرَةِ وهذه عَلَيَّ فَقَال رسولُ الَّله صلى الله عليه وسلم: "فما كُنْتَ تَصْنَعُ في حَجِكَ؟ قال: كُنْتُ أَنْزِعُ هذه المُقّطَّعَةِ وأغْسِلُ هذا الخَلوقَ فقال رسولُ اللهِ صلى الَّله عليه وسلَّم: -[313]- (ما كُنْتَ تَصْنَعُ في حَجِكَ تَصْنَعُ في عُمْرَتِكَ (الجعرانة بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء ويجوز كسر العين وتشديد الراء كما سبق والمقطعة كل ما فصل وخيط من قميص وغيره وغيرها ما لا يقطع كالأزر والأردية وتفسيرها هنا بالجبة لا ينافي ما ذكرنا لأنها مخيط وإنما فسرها بذلك لورودها ببعض الروايت ومتضمخ متلطخ والخلوق كصبور طيب مركب يتخذ من الزعفوان وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة وأفاد الحديث أن العمرة والحج سواء فيما يباح للمحرم ومايحظر عليه وأن المخيط والطيب محظوران على المحرم بحج أو بعمرة وقد كان السائل جاهلا أن ما يحظر على الحاج يحظر على المعتمر ولذا سأل) ".

813- (أخبرنا) : مُسْلمُ، عن ابن جُرَيح، عن عَطَاء، عن صَفْوَان بنِ يَعْلَى بن أُمَيَّةَ، عن أبيه: - أنَّ أَعْرابياً أَتى النبيَّ صلى الَّلهُ عليهِ وسلم وعَلَيْهِ إمَّا قال: قَمِيصٌ وإما قال: جُبَّةٌ وبه أَثَرُصُفْرَةٍ فقال: أَحْرَمْتُ وهَذَا عَلَيَّ فقال: (انْزِعْ إمَّا قَميصَكَ وإمَّا قال جُبَّتَكَ واغْسِلْ هذه الصُفْرَةَ عَنْكَ وافْعَلْ في عُمْرَتكَ ما تَفْعَلُهُ في حَجِّكَ (هذا الحديث هو الحديث السابق باختلاف في اللفظ وقوله عليه إما قميص وإما جبة شك من الراوي والصفرة صفرة الطيب الذي عبرعنه في الرواية السابقة بالخلوق وقال أي الراوي) ".

814- (أخبرنا) : إبراهيم بنُ يَحْيَ، عن عَبْدِ الَّلهِ بن أبي بكر: -أنَّ أصْحَابَ رسولَ الَّلهِ صلى الله عليه وسلّم قَدِمُوا في عُمْرَةِ القضاء مُتَقَلِّدينَ السُّيوفَ وهُمْ مُحْرِمُونَ -[314]- (قدموا في عمرة القضة هكذا في النسخ المخطوطة وهو تصحيف صوابه القضية كما في الموطأ لأنها تسمى عمرة القضاء وعمرة القضية وهذا الحديث معارض بقوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لأحدكم أن يحمل بمكة السلاح رواه مسلم ويوفق بينهما بأن النهي محله ما إذا لم تكن هناك حاجة للسلاح والاجاز دخولها بالسلاح وهو مذهب الجماهير وقد كانت بهم حاجة لحمل السلاح في عمرة القضاء وفي فتح مكة) .

815- (أخبرنا) : إسْمَاعيلُ الذي يُعْرَفُ بابن علية قال: خَبَّرني عَبْدُ العزيز بن صُهَيْبِ، عن أنَس بن مالك: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ (تزعفر الرجل: تطيب بالزعفران وهو صبغ وطيب يقال زعفر الثوب: صبغه بالزعفران) ".

816- (أخبرنا) : ابنُ أبي يحي، عن أيُّوبَ بنِ أبي تَمِيمةَ، عن عِكْرِمَةَ عن ابن عباس: -أنَّه دَخَل حَمَّاماً وهو بالجُحْفَةِ وهُو مُحْرِمٌ وقال: "ما يَعْبَأْ اللَّه بأوْسَاخِنَا شَيْئاً (في نسخة الشرح بأوساخنا بصيغة الجمع وما يعبأ اللَّه بأوساخنا شيئا أي ما يبالي يقال ما عبأ فلان بفلان أي ما أبالي به وشيئاً نائب عن المفعول المطلق أي ما يعبأ اللَّه بأوساخنا عبئا والمعنى أن اللَّه لا يبالي بأوساخنا وإذا انتفت مبالاة اللَّه بأكثرنا وساخة فلا داعي لإلتزام هذه الوساخة ولا تضر إزالتها وقد تقدم اختلاف ابن عباس والمسور بن مخرمة في هل يغسل المحرم رأسه وأن بن عباس أرسل عبد الله بن حنين إلى أبي أيوب الأنصاري فسأله كيف كان رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم فوجده يغتسل بين القرنين وأراه كيف كان الرسول يغسل رأسه فقال المسور لابن عباس لا أماريك بعدها والغسل إن كان عن جنابة فهو واجب على المحرم وإن كان للتبرد أجيز عند الجمهور والشافعية بلا كراهة ويجوزعند الشافعية استخدام السدر وغيره من مزيلات الوساخة ومنعه أبو حنيففة ومالك وقالا: هو حرام موجب للفدية وحديثنا هذا شاهد للشافعية وكأن الحنفية والمالكية اعتمدا على حديث ما الحاج قال صلى اللَّه عليه وسلم هو الشعث التفل) ".

817- (أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن أيُّوبَ بنِ مُوسى، عن نافعٍ، عن ابن عُمَرَ: -أنّه نَظَرَ في المِرْآةِ وهو مُحْرِمٌ (أفاد الحديث أن نظر المحرم في المرآة لا مانع منه وأنه لا ينافي الإحرام وأنه ليس من الترفه المحظور على المحرم وقد ورد هذا الحديث في الموطأ بزيادة لشكو كان بعينيه والشكو المرض ومقتضى هذه الزيادة منع النظر في المرآة إلا لحاجة) ".

818- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ المُنْكَدِرِ، عن رَبِيعَةَ بن عَبْدِ الَّلهِ بن -[315]- الهُدَيْرِ: -أنّهُ رَأى عُمَرَ بنَ الخطَّابِ يَقَرِّدُ بَعِيراً له في طِينٍ بالسُّقْيَا وهو مُحْرِمٌ (قردت البعير بالتثقيل: نزعت قرادة والقراد كالغراب ما يتعلق بالعير ونحوه كالقمل للإنسان وقوله في طين أي يضع القراد في الطين ليقتله حتى لا يتعلق بالبعير مرة أخرى ومعناه أن هذا سائغ للمحرم ولا مانع منه ولكن في الموطأ أن عبد الله بن عمر كان يكره أن ينزع المحرم حلمة أو قرادة عن بعيره قال مالك: وذلك أحب ما سمعته إلي في ذلك والسقيا بالضم موضع بين المدينة ووادي الصفراء) .

819- (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابِ الثَقَفِيُّ، عن يَحي بن سعِيدٍ الأنصاري، عن عَبْدِ الَّلهِ بن عباسٍ، عن رَبيعَةَ قال: -صَحِبْتُ عُمَرَ بنَ الخطَّابِ رضي اللَّهُ عنهُ في الحَجِّ ما رأيتُهُ مُضْطَرِباً فُسْطاطاً حتى رجع (ربيعة هذا الظاهرأنه ربيعة السابق هو ابن عبد الله بن الهدير ومضطربا فسطاطا أي ناصبا ومقيما سرادقا أي خيمة أو سائلا أن يضرب له فسطاط يقال اضطرب خاتما إذا سأل أن يضرب له وفي الحديث يضطرب بناء في المسجد أي ينصبه ويقيمه على أوتاد مضروبة في الأرض والمعنى أنه لم يتخذ في حجه سرادقا يستظل به وينعم بل آثر احتمال الحر والبرد طمعا في زيادة الثواب إذ الاستظلال ليس ممنوعا خصوصا في الحر) .

820- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن نَبِيهِ بنِ وَهْب أحَدِ بَنِي عَبْدِ الدَّار، عن أَبَانَ بنِ عُثْمان: -أنَ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: "لا يَنْكِحُ المحرِمُ ولا يُنْكَحُ ولا يَخْطُبُ -[316]- (لا ينكح المحرم ولا ينكح إلخ الأولى كيضرب والثانية كيكرم والأولى بمعنى يتزوج والثانية بمعنى يزوج غيره ويجوز أن تكون الأفعال الثلاثة مرفوعة على النفي ويجوز أن تكون مجزومة على النهي ومقتضى النهي التحريم وبطلان النكاح وعليه الشافعية والمالكية والحنابلة ويرى الحنفية أن العقد صحيح لحديث ابن عباس قال تزوج النبي صلى اللَّه عليه وسلم ميمونة وهو محرم وأما الخطبة فمنهي عنها للتنزيه فإذا خطب كره له ذلك لكنهم وهموا ابن عباس وثبت من الأحاديث الكثيرة أنه تزوجها وهو حلال) .

821- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع مولى ابن عمر، عن نَبِيهِ بنِ وَهْب أحَدِ بَنِي عَبْدِ الدَّار: -أنَّ عُمر بن عَبْدِ الَّلهِ أراد أنْ يُزَوِّج طَلْحَةَ بن عُمر بنت شيبة بن جُبَيْرٍ فأرسل إلى أبان بن عثمان ليحضر في ذلك وهما مُحْرِمانِ فَأَنْكر ذلك عليه أبانُ وقال: " سَمِعْتُ عُثمان بن عفانَ يَقولُ: قال رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لا يَنْكِحُ المحرِمُ ولا يُنْكَحُ ولا يَخْطُبُ» .

822- (أخبرنا) : بنُ عُيَيْنَةَ، عن أيُّوبَ بنِ مُوسى، عن نَبِيهِ بنِ وَهْب، عن أَبَانَ بنِ عُثْمان بن عفانَ، عن عُثْمانَ: -عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم مِثْلَ مَعْناه.

823- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابنِ عُمَرَ قال: -لا يَنْكِحُ المحرِمُ ولا يُنْكَحُ ولا يَخْطُبُ على نَفْسِه ولا على غَيْرِه (هذا الحديث وسابقه في تحريم نكاح المحرم نفسه وغيره كراهة أن يخطب لنفسه أو غيره والنهي عن أن يخطب لغيره هو ما زاده هذا الحديث عن سابقه ولاحقه) ".

824- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن أيُّوبَ هُو ابنُ مُوسى، عن نَبِيهِ بنِ وَهْبٍ، عن أَبَانَ بنِ عُثْمانَ، عن عُثْمانَ رَضيَ اللَّه عنه: -أن رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «المُحْرِمُ لا يَنْكِحُ ولا يَخْطُبُ» .

825- (أخبرنا) : مالكٌ، عن داود بنِ الحُصَيْنِ، عن أبي غَطَفانَ بن طَرِيفٍ المُرِّي: -أنَّهُ أخْبره أنّ أباه طَرِيفاً تَزَوَجَّ امْرأةً وهُو مُحْرِمٌ فَرَدَّ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ نِكَاحَه -[317]- (رده عمر أي أبطله وهو حجة للجمهور القائلين بببطلان نكاح المحرم ودليل لهم على الحنفية) .

826- (أخبرنا) : مالكٌ، عن رَبيعَةَ، عَن سُلَيمانَ بنِ يَسَارٍ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بَعَثَ أبا رافع مَوْلاهُ ورَجُلاً من الأنْصَارِ فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحارثِ وهُوَ بالمدينة قَبْلَ أنْ يَخْرُجَ إلى مَكَّةَ (وهذا معناه أنه صلى اللَّه عليه وسلم تزوجها وهوحلال قبل أن يحرم) .

827- (أخبرنا) : مالكٌ، عن رَبيعَةَ بنِ أبي عَبْدِ الرَّحمنِ، عن سُلَيمانَ بنِ يَسَارٍ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بَعَثَ أبا رافع مَوْلاهُ ورَجُلَيْنِ من الأنْصَارِ فَزَوَّجَاهُ مَيْمُونَةَ والنَّبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم بالمدينة (هذا الحديث كسابقه لا يزيد عليه إلا أن المبعوث مع رافع كان رجلين لا رجلا واحدا كما في سابقه) .

828- (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ مَسْلَمَةَ، عن إسْماعيلَ بنِ أُمَيْةَ، عن سَعيد بنِ المُسَيَّبِ قال: -وَهِمَ فُلاَنَ ما نَكَحَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مَيْمُونَةَ إلا وهَو حَلاَلٌ -[318]- (لم يصرح سعيد بن المسيب بإسم الواهم في هذا الحديث بل قال: فلان وكذلك لم يصرح به في الحديث الذي يلي هذا بل قال وهم الذي روى أن رسول اللَّه نكح ميمونة وهو محرم وإنما فعل ذلك إجلالا لابن عباس وتأدبا معه إذ هو من أكبر فقهاء الأمة وعلمائها وأجل الصحابة وهو ابن عم رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نعم إن الحق فوق كل إنسان ولكن ينبغي إقراره في أدب ورفق وحياء ولطف وابن عباس وإن كان على ما وصفنا من العظمة وأجل فإن هذا لا يمنع أن يتسرب إليه الوهم والزلل فإن العصمة للَّه أو لرسوله جل من لا يسهو أو ينسى وقد صرح بإسم ابن عباس في روايات أخرى ففي التاج الجامع للأصول عن ابن عباس قال تزوج النبي ميمونة وهو محرم رواه الخمسة وقال سعيد بن المسيب وهم «كعلم» ابن عباس في ذلك لإنفراده به عن رواة الحديث الذين منهم أبو رافع وميمونة نفسها فقد قالت رضي الله عنها: تزوجني النبي صلى اللَّه عليه وسلم ونحن حلالان بسرف كتف) .

829- (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ مَسْلَمَةَ، عن إسْماعيلَ بنِ أُمَيْةَ، عن سَعيد بنِ المُسَيَّبِ قال: -أوَهَمَ الذي رَوَى أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَةَ وهُوَ مَحْرِمٌ مَا نَكَحَها إلا وهَو حَلاَلٌ (أوهم: في الحديث السابق وهم وفي اللسان وهمت بالكسر غلطت وأوهمت أسقطت وعن ابن الأعرابي وشمر وهم وأوهم بمعنى وفي المصباح وهمت بالكسر غلطت ويتعدى بالهمزة والتضعيف أي فيقال أوهمته أي أوقعته في الوهم وهو الغلط وعلى ذلك يكون أوهم التي في الحديث إما بمعنى غلط فهي ووهم سواء في المعنى كما في اللسان وفي المصباح أيضا لأنه قال وقد يستعمل المهموز لازما أو تكون بمعنى غلط غيره وأوقعه في الوهم والخلاصة أن هذا الفعل إما لازم أومتعد ومفعوله محذوف تقديره أوهم الناس والمعنى غلط الذي روى إلخ أو أوقع الناس في الغلط) .

830- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن عَمْرو، عن مُحمدِ بنِ يَزِيدَ بنِ الأصَمّ وهُوَ ابنُ أُخْتِ مَيْمُونَةَ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَةَ وهُوَ حَلاَلٌ.

831- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن عَمْرو بنِ دينارٍ، عن ابنِ شِهابٍ أخبرني: يَزِيدَ بنِ الأصَمّ: -أنَّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَةَ وهُوَ حَلاَلٌ قال عَمْروٌ فقلتُ لإبن شِهابٍ: أتَجْعَلُ يَزِيدَ بنِ الأصَمِّ إلى ابنِ عَبّاسٍ (أتجعل يزيد بن الأصم إلى ابن عباس أي اتقرنه به وتجعلهما في منزلة واحدة من الصدق والثقة ولو كان الأمر مقصورا على ابن الأصم في هذه المسألة لكان لهذا الإعتراض محله وفائدته ولكن الرواة متضافرون والأحاديث متكاثرة على أنه صلى اللَّه عليه وسلم وتزوجها وهو حلال) .

832- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع: -أنّ ابنَ عُمَرَ كان يكرهُ لُبْس المِنطَقَةِ للمُحْرِم -[319]- (المنطقة كمكنسة: ما شد به الوسط وقال الفيومي هي إسم لما يسميه الناس الحياصة ومعناه أن الإحتزام في الإحرام مكروه عند ابن عمروتقدم من الأحاديث ما يؤيد هذا) .

833-سُفْيانُ، عن عمرو بنِ دينارٍ، عن عَطَاءٍ وطاوسٍ أحدهما أو كليهما، عن ابن عباسٍ: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم احْتَجَمَ وهُو مُحْرِمٌ (الحجم في اللغة المص يقال حجم الصبي ثدي أمه إذا مصه ويقال للحاجم حجام لإمتصاصه فم المحجمة كمكنسة وتحذف هاؤها وهما أداة الحجامة ككتابة وهي صنعة الحجام وحجمه من باب قتل شرطه فالحجم يطلق بمعنيين المص والشرط واحتجم: طلب الحجامة وأخذ الدم بالمص أو الشرط وظاهر الحديث أن الإحتجام مباح للمحرم ولا شئ عليه فيهوفي الحديث الآتي قيد إباحته بالإضطرار إليه كأن يكون به مرض يتوقف شفاؤه عليه فإن كان لغير ضرورة ورافقها قطع شعرفهي حرام وإن لم يصاحبها قطع شعر بأن كانت في موضع لا شعر فيه فجائزة عند الشافعية والجمهور ولا فدية فيها وكرهها مالك وابن عمر وعن الحسن البصري فيها فدية) .

834- (أخبرنا) : مالك، عن نافع، عن ابن عمر: -أنه كان يقول لا يَحتجِمُ المُحْرِمُ إلا أنْ يُضْطَرَّ إليه مِمَّا لا بَدَ لَهُ مِنْهُ قال مالكٌ: مِثْلَ ذلك.

835- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابن عُمر: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: خَمْسٌ من الدَّواب لَيْسَ على المُسلم المُحْرِم في قَتْلِهنَ جُنَاحٌ الْعَقْرَبُ والغُرابُ والْحِدَأةُ والفَأرَةُ والكَلْبُ العَقورُ -[320]- (وعن عائشة عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحديا (مصابيح) وقد غاير هذا سابقه في ذكر الحية مكان العقرب وزيادة كلمة فواسق وزيادة وصف الغراب بأنه أبقع وزيادة في الحل والحرم والدابة إسم لمأدب من الحيوان مميزا أو غيرمميز وغلب هذا الإسم على ما يركب وتقع على الذكر والأنثى فيقال قرب ذلك الدابة واختصاصه بالمركوب عرف طارئ وليس مرادا في الحديث بل المراد لامعنى وهو العام والجناح بالضم الأثم وهو الذنب أي ليس في قتلهن ذنب بينهما فقال: الغراب وقيده في الرواية الأخرى بالأبقع وهو ما فيه سواد وبياض أو في صدره دون باقي جسمه بياض وهو أخبث ما يكون من الغربان وذلك لأنه يختطف الطيور من أعشاشها ويشارك الحدأة في إجرامها أما غراب الزرع فليس مؤذيا ولا يتعدى ضرره الزرع الذي يقتات منه كالحمام والقطا والعصافير وهذه لا يحل صيدها في الإحرام والعقور من العقر وهو الجرح صيغة مبالغة أي كثير الإعتداء على الحيوان وجرحه والأصل أن المحرم محظورعليه الصيد وقتل الحيوان لقوله تعالى وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما" ولما خشي الرسول أن يظن الناس شمول ذلك كل حيوان نبههم إلى أن هناك من الحيوان ما لا حرج في قتله في الإحرام وعد هذه الخمسة وليست هي كل ما يباح قتله بل تشمل الإباحة غيرها من كل ما يشاكلها في الإيذاء ويوافقها في الأضرار بالناس فالعلة في الإباحة هي الإذياء والأصناف التي عدها الرسول ليست إلا أمثلة لأنواع الحيوان المؤذي فنبه بالغراب والحدأة على كل ما له مخلب قوي جارح ونبه بالعقرب أوالحية على كل حشرة سامة ونبه بالكلب العقور على كل ما له ناب قوي كالأسد والفهد والنمر والذئب وما أشبهها قال سفيان بن عيينة الكلب العقور كل سبع يعقر وسميت هذه الخمسة فواسق مجازا لأن الفاسق في الأصل الخارج عن الطاعة وهذه لإيذائها سميت كذلك ولهذا أبيح قتلها في الحل والحرم بل طلب) .

836- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن عَمْرو بنِ دينارٍ، عن ابن أبي عُمَارَةَ قال: -رَأيتُ ابن عمر يَرْمي غُرابا بالبَيْداء وهو مُحْرِم -[321]- (الغراب هنا مطلق فيحمل على الأبقع لما ذكرنا في الحديث السابق وقد عرفنا أن علة الإباحة هي الإيذاء والحكم يدور مع العلة وجودا وعدما فالذي يحل رميه في الحرم المؤذي دون غيره وهذا الذي تبادر إلى ذهني من فهم الحديث في علة هذا الحكم هو مذهب مالك وعند الشافعية علة هذا الحكم ككون الحيوان غير مأكول فكل حيوان غيرمأكول يجوز قتله في الحل والحرم لأنه فضلا عن كونه غير نافع ضار لأنه يزاحم الإنسان في رزقه أو يهدد حياته وقد يعجب القارئ من هذا ويسأل أتكتفي الشريعة بإزاء هذه الفواسق بإباحة القتل ولا توجب ذلك على أهلها اتقاء خطر محقق وشر مستطير إذا تركت هذه الفواسق تتكاثر وتنمو والجواب أن الشريعة لم تغفل هذا ولم تقف في حكمها بإذائه عند حد الإباحة بل ندبت إلى قتل بعضها وأوجبت قتل باقيها وذلك لتفاوت أضرارها قوة وضعفاً فأما الحيات فإنها بلا شك أقل خطرا من الحيوان المفترس كالنمر والذئب والسبع لذا اختلف الحكم فكان الندب بإزاء الحيات والغربان والوجوب بإزاء الحيوان المفترس وإنما يجب قتله على القادر على ذلك إذا لم يعرض حياته للخطر ومن البين أن الناس إذا تواكلوا في هذا الأمر وأحال بعضهم على بعض تعرض الجميع للخطر ولهذا كان متبادرا إلى ذهني أن قتلها ومنع أذاها واجب كفائي إذا قام به البعض سقط عن الباقين وإلا أثم الجميع والذي يجعلني مطمئنا لهذا الحكم قبل أن أعثر على نصه أن المحارب يجب على المسلم قتله متى ظفر به لعداوته وتوقع شره ولذا قال تعالى «اقتلوهم حيث ثقفتموهم» والحيوان المفترس عدو الإنسانية جمعاء فهو أولى بهذا الحكم من المحاربين ووجه التفرقة بين الحيات وغيرها أنها ليست محققة الإيذاء فمنها ما لا سم فيها ومنها ما يخاف من الإنسان ويولي الأدبار ومنها الحية الرقطاء والأفعى التي تهاجم الإنسان ولهذا النوع حكم الحيوان المفرس ووجوب القتل وقد عثرت بعد طول البحث على ندب قتل الحيات في شرح النووي على مسلم ووجوب قتل الحيوان المفترس في حياة الحيوان نقلا عن الرافعي وإن كان قد ذكر عنه قولا آخر بالاستحباب وللَّه الحمد على توفيقه اهـ حامد) .

837- (أخبرنا) : مُسْلمُ وسَعيدُ بنُ سالم، عن ابن جُرَيج وأخبرني: مالكٌ، عن أبي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بنِ عُبَيْدِ اللَّه التَّيْمِيّ، عن نافِعٍ مَوْلى أبي قَتَادَةَ، عن أبي قتادة الأنصاريِّ: -أَنَّه كان مع النّبيّ صلى الَّلهُ عليه وسلم حتى إذا كان بِبَعض طُرُقِ مَكّة تَخَلَّفَ مَعَ أصحابٍ له مُحْرِمِينَ وهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ فَرَأَى حِمَاراً وَحْشِياً فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ وسَألَ أنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا فَسَألهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا فَأَخَذَ رُمْحَهُ فَشَدَّ عَلَى الحِمارِ فَقَتَلَهُ فَأكَلَ منهُ بعضُ أصحابِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم وأبى بعضُهُم فلما أَدْرَكُوا النّبيّ صلى الَّلهُ عليه وسلم سَألُوهُ عن ذلكَ فقال: "إنما هِيَ طُعْمَةٌ أطْعَمَكُمُوها اللَّهُ (استوى على فرسه: أي علاه وركبه تقول استويت فوق الدابة وعلى ظهر البيت أي علوته واستوى على ظهر دابته أي استقر وشد على الحمار: حمل يقال شد على العدو من باب نصر وضرب شدا وشدودا حمل وأبى بعضهم: امتنع وطعمة كغرفة وجمعها كجمعها المأكلة يقال جعل السلطان ناحية كذا طعمة لفلان أي مأكلة له أي هي رزق وطعام رزقكم اللَّه إياه فلا جناح عليكم في أكله وفهم من الحديث أولا حل أكل الحمر الوحشية أما الأهلية فلا يحل أكلها وظاهر الحديث حل أكله للمحرم متى صاده حلال سواء أصاده لنفسه أم للمحرم وحديث الصعب بن جثامة الآتي يفيد تحريم أكله مطلقاً على المحرم لقوله صلى الَّلهُ عليه وسلم إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم ويؤيده الآية: «وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما» والصيد هو المصيد وحديث جابر ففصل فقال: هو الحلال ما لم تصيدوه أويصد لكم فقيد السابق واللاحق وقيد حديث قتادة المبيح بألا يكون مصيدا لهم وقيد حديث صعب المانع بأن المنع مقيد بأنه مصيد لهم: والخلاصة أن العلماء اتفقوا على أنه يحرم على المحرم صيد البر لقوله تعالى "أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما وأما لحم الصيد فاتفقوا أيضا على منع أكله أن أعان على صيده وإن لم يعن على صيده ولكن صيد له سواء أكان ذلك بإذنه أو بغير إذنه فالجمهور على منع أكله أيضا وبذلك أخذ الشافعي ومالك وأحمد وداود وخالفهم أبو حنيفة فأباح أكله وشذت طائفة فقالت لا يحل له لحم الصيد أصلا وإن صاده غيره ولم يعن عليه حكى عن علي وابن عمر وابن عباس لقوله تعالى: وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما «فقد فهموا من الصيد المصيد ولظاهر حديث صعب ابن جثامة فإن النبي رده وعلل الرد؟؟ محرم ولم يقل لأنك صدته لنا واحتج الجمهور بحديث أبي قتادة وبحديث جابر الآتي بعد حديث أبي قتادة وفي حديث جابر تفصيل يقيد ما بعده وما قبله فيحمل حديث أبي قتادة على أنه لم يقصدهم باصطياده وحديث الصعب على أنه قصدهم باصطياده ويحمل الصيد في الآية على المصدر لا على المصيد وعلى لحم ما صيد للمحرم) تعالى» .

838- (أخبرنا) : مالكٌ، عن زَيْدِ بنِ أسْلَمَ، عن عَطَاءِ بن يَسَارٍ، عن أبي قَتَادَةَ: -في الحِمارِ الوحْشِي مثل حديث أبي النَّضْرِ.

839- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد، عن عَمْرو بن أبي عمرو، عن المطَّلبِ ابن حَنْطَب، عن جابِرِ بنِ عبدِ اللَّه: -أنَّ النّبيّ صلى الَّلهُ عليه وسلم قال: "لحمُ -[323]- الصَّيْدِ لكم في الإحرام حَلاَلٌ ما لم تَصيدُوه أو يُصَادَ لكم (أو يصاد لكم هكذا روى بإهمال الحازم كما في قول الشاعر: ألم يأتيك والأنباء تنمى*وفي كتاب التاج أو يصد بالجزم عطفا على ما قبله وهو الراجح إعرابا) ".

840- (أخبرنا) : مَنْ سَمِعَ سُليمانَ بْنَ بِلالٍ يُحَدِّثُ، عن عَمْرو بن أبي عمرو: -بهذا الإسْنادِ عن النّبيّ صلى الَّلهُ عليه وسلم هكذا.

841- (أخبرنا) : عَبْدُ العزيزِ بْنُ مُحَمد الدَّرَاوَرْدِي، عن عَمْرو بن أبي عمرو، عن رجُلٍ من بني سَلَمَةَ مع ابن أبي يحي، عن جابر: -عن النّبيّ صلى الَّلهُ عليه وسلم هكذا. قال الشافعيُّ: وابنُ أبي يَحْي أحْفَظُ من الدَّرَاوَرْدِي وسُليمَانُ مَعَ ابن أبي يَحْي.

842- (أخبرنا) : مالكٌ، عن الزُّهْريّ، عن عُبَيْدِ اللَّه، عن ابنِ عَبَّاسٍ، عن الصَّعْبِ بنِ جَثَّامةَ: -أنَّهُ أهْدَى لِرسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم حِمَاراً وَحْشِياً وهو بالأبواء أو بِوَدَّان فردَّه عليْه رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فلما رَأى رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم ما في وجهي قال: إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلا أنا حُرُمٌ -[324]- (الصعب بن جثامة بفتح الجيم وتشديد الثاء والأبواء بفتح الهمزة وإسكان الباء: منزل بين مكة والمدينة قريب من الجحفة وودان على وزن فعلان بفتح الفاء: قرية من الفرع بوزن عمر بقرب الأبواء من جهة مكة قال النووي: وهما أي الأبواء وودان قريتان من أعمال الفرع بين مكة والمدينة وقوله لما رأى رسول الله ما في وجهي وفي رواية مصابيح السنة فلما رأى ما في وجهي من التغير لرفض هديته قال إنا لم نرده بفتح الدال المشددة المجزومة كما رواه المحدثون وهو غلط من الرواة صوابه ضم الدال كما تقضي بذلك قواعد اللغة العربية وقوله أنا حرم بفتح الهمزة لأنه على تقدير لام الجر أي لأنا حرم بضمتين جمع حرام أي محرمون والناظر في هذا الحديث يرى في كلام الرسول أدباً رفيعاً وشعورا كريماً فإن الرسول تدارك بمروءته ما أحدثه رد الهدية من تألم المهدي فخخف عنه وقع هذا الرد بهذا الإعتذار الجميل الذي مرده إلى الشرع وكأنه يقول إنما رددنا هديتك لإحرامنا المانع من قبولها ولولا ذلك لقبلناها وإن لنا في هذا الأدب لقدوة حسنة فإذا رددنا هدية وجب أن نجمل في الرد وأن نتلطف في الإعتذار) ".

843- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبدِ الله بن عامر ابنِ ربيعَةَ قال: -رأيتُ عُثْمانَ بنَ عفانَ بالعَرْج في يوم صَائفٍ وهو مُحْرِمٌ وقد غَطَّى وَجْهَهُ بِقَطِيفَة أُرْجُوانٍ ثُمَّ أُتِيَ بلحم صَيْدٍ فقال لأصحابه: كلوا قالوا: لا حتى تَأْكُلَ أنْتَ قال: إني لسْتُ كَهَيئتكم إنما صِيد من أجْلي -[325]- (العرج بوزن فلس موضع بطريق المدينة كما في المصباح وفي القاموس منزل بطريق مكة وفي النهاية قرية جامعة على أيام من المدينة وفي معجم البلدان مثل ذلك وزاد على ابن الأثير وصاحب القاموس أنه ينسب إليها العرجى الشاعر عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان والصائف من الأيام: الحار ويقال صيف صائف على التوكيد كقولهم ليل لائل والقطيفة: كساء له خمل والأرجوان بضم الهمزة والجيم: الأحمر وقيل صبغ أحمر شديد الحمرة وحكى السيرافي أحمر أرجوان على المبالغة كقولهم أحمر قاني وقال أبو عبيدة الأرجوان الشديد الحمرة ويصح أن يكون أرجوان صفة لف؟؟ وأن يكون مضافا إليه وهذا هو الأكثر في كلامهم ويوصف به المذكر والمؤنث يقال ثوب أرجوان وقطيفة أرجوان كما معنا وقوله لست كهيئتكم أي لست كمثلكم ولا حالي كحالكم ولا حكمي كحكمكم والهيئة الحالة والصفة التي عليها الإنسان وفي الحديث أمران الأول أنه إنما امتنع من الأكل لأنه صيد لأجله فأيد هذا رأي الجمهور وهو أنه لا يباح الأكل من الصيد إن صاده أو صيد له والآخر جواز تغطية المحرم وجهه ولعل فعل ذلك دفعا لأذى الحر) .

844- (أخبرنا) : ابنُ عيينة عن ابن أبي نُجَيْحٍ قال: -سمعتُ ميمون بن مَهْرانَ قال: كنت عند ابن عباس وسأله رجلٌ فقال أخذت قملة فألقيتُها ثم طلبتُها فلم أجدْها فقال ابن عباس تلك ضالَّةٌ لا تُبْتَغَى.

845- (أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن أبي نُجَيْحٍ قال: -سمعتُ ميمون ابن مهران قال: جَلَسْتُ إلى ابنِ عباسٍ فجلس إليه رجلٌ لم أرَ رَجُلاً أطْوَلَ شَعْراً منه فقال: أحْرَمْتُ وَعَلَيَّ هذا الشَّعْرُ فقال ابنُ عباسٍ: اشْتَمِلْ عَلَى ما دُونَ الأُذَنيْن منه قال: قَبَّلْتُ امرأة لَيْسَتْ امرأتي قال زنَى فوكَ قال: رأيت قملةً فَطَرَحْتُهَا قال: الضالَّةُ لا تُبْتَغَى (اشتمل على مادون الأذنين أي تلقف على الشعر من تحت الأذنين واربطه بمنديل ونحوه منعا لإنتشاره وفي؟؟ اشتمل إلخ أي استبق منه ما تحت الأذنين فتأمل وقوله تلك الضالة لا تبتغي أي لا تطلب ولا تسترد وأفاد هذا أنه لا شئ عليه في رميها) .

846- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ وسَعيدٌ، عن ابن جُرَيج، عن بُكَيْرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن القاسم، عن ابن عباس: -أنَّ رَجُلاً سَأله عن مُحْرِمٍ أصاب جَرَادةً فقال: يتصدَّقُ بِقُبْضَةٍ من طعام وقال ابنُ عباسٍ: ولَيأخُذَنَّ بِقُبْضَةٍ جَرَادَاتٍ ولكن على ذلك رأيي -[326]- (القبضة بالضم المقبوض كالغرفة بمعنى المغروف وقوله ولكن على ذلك رأيي يريد أن يقول إن الجرادة دون القبضة من الطعام بدليل قوله وليأخذن بقبضة جرادات ولكن أرى أن يكون ذلك جزاءها وإن كان أكثر منها وأوفى ومقتضى هذا الحديث وما يليه من إيجاب الجزاء على صائد الجراد وهو محرم إنه من صيد البر لأنه لو كان من صيد البحر ما وجب فيه جزاء لقوله تعالى «أحل لكم صيد البحر وطعامه» الآية واختلف أصحاب الشافعي في ذلك والصحيح أنه برى لما ذكرنا وبه قال عمر وعثمان وابن عمر وابن عباس وهو قول أهل العلم كافة إلا أبا سعيد الخدري فإنه قال لا جزاء فيه لأنه من صيد البحر لحديث أبي المهزم أصبنا رجلا من جراد فكان الرجل يضربه بسوطه وهو محرم فذكر ذلك للنبي فقال «إنما هو من صيد البحر» واتفقوا على ضعفه لضعف راويه أبي المهزم وحجة الجمهور الأحاديث التي هنا والتي أوجبت الجزاء وهي كثيرة) .

847- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيج قال: -أخبرني بُكَيْرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ قال: سَمعتُ القاسم يقولُ: كُنْتُ جالساً عِنْدَ ابن عباسٍ فَسَأله رجُلٌ عن جَرَادةً وهو مُحْرِمٌ فقال ابنُ عباسٍ: فيها قُبْضَةٌ من طعام لْيأخُذَنَّ بِقُبْضَةٍ من طعام جَرَادَاتٍ ولكنْ ولو. قال الشافعىُّ: قوله: لْيأخُذَنَّ بِقُبْضَةٍ جَرَادَاتٍ إنَّمَا فيها القِيمَةُ: وقوله: ولو يقُولُ تَحْتَاطُ فَتُخْرِجُ أكْثَرَ مِمَّاعَلَيْكَ بعْدَ ما أعْلَمتكَ أنَّه أكثرُ مِمَّا عَلَيْكَ (هذا الحديث هو السابق بعينه لا يخالفه إلا بتغيير لفظى يسير والسند هو السند غير أن المخبر للشافعى هنا سعيد وحده وفيما سبق مسلم وسعيد عن ابن جريج عن بكيربضم الباء تصغير بكرفقال إبن عباس فيها قبضة بضم القاف: ما قبضت عليه من شئ، يقال أعطاه قبضة من سويق أوتمر أو كفا منه وربما جاء بالفتح وفى بعض الاحاديث فأخذت قبضة من التراب بمعنى المقبوض، كالغرفة بمعنى المغروف، وهى بالضم الاسم، وبالفتح المره. وقال الليث: القبض جمع الكف على الشئ، والقبضة: ما أخذت بجمع كفك كله، فإذاكان بأصابعك فهى القبضة بالصاد المهملة، وآخر الحديث كلمة لو ثم فسر الإمام الشافعى ما يريد بقوله: ولتأخذن بقبضة جردات بأن الواجب فى الجراد القيمه، وقيمة القبضة تساوى جرادات لا جرادة واحدة، ولكن هكذا أرى أن تدفع ولو كان ذلك أكثر مما يجب عليك احتياطا فى إخراج الجزاء) .

848- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيج عن يُوسُفَ بنِ مَاهَك: -أنَّ عبدَ اللَّهِ ابنَ عَمَّارٍ أخبرهُ أنَّه أَقْبلَ مع مُعاذِ بنِ جَبَلٍ وكَعْبِ الأحْبَارِ (كعب الأحبار: هو كعب ابن الحميري من مسلمة أهل الكتاب ويصطلي: يستدفئ والرجل من الجراد بالكسر: الطائفة منه وخص بعضهم به القطعة العظيمة من الجراد وجمعه أرجال وقوله قال عمر ومن ذلك أي من الذي أخذ الجرادتين ثم رماهما حين ذكر إحرامه ثم حدس أنه هو الفاعل فقال لعلك بذلك أي لعلك القائم بذلك فصدق كعب استظهاره فقال عم رإن حمير تحب الجراد أي أنك أنت الفاعل لأنك حميري وحمير معروفة بحب الجراد ثم سأله عما قدر في نفسه من الجزاء ووافقه عليه لأنه كاف ويزيد وظاهر الحديث أن الجراد من صيد البر ولذا يحرم صيده على المحرم كغيره من الطيور والحيوان وأن في صيده الفدية وإن لم يأكله وبخ تفرد وتكرر وتسكن وتنون وإذا تكررت نونتا أو سكنتا أو نونت الأولى وسكنت الثانية وهي تقال عند الإعجاب بالشئ والرضا به وعند التعظيم والمدح) في -[327]- أُناَسٍ مُحْرِمِينَ منْ بَيْتِ المقْدِسِ بَعُمْرةٍ حتى إذا كنَّا بِبعْضِ الطَّرِيقِ وكعْبٌ عَلَى نَارٍ يَصْطَلي مَرَّتْ به رِجْلٌ من جَرَادٍ فأخَذَ جَرَادَتَيْن يَحْمِلْهُما ونَسي إحرامهُ ثم ذكر إحرامه فألقَاهُمَا فلما قَدِمْنَا المدِينَةَ دَخَلَ القومُ على عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهُ ودخلتْ مَعَهُمْ فَقَصَّ كَعْبٌ قِصَّةَ الجَرَادَتَيْن عَلَى عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهُ قال عُمَرَ: ما جَعَلْتَ في نَفْسِكَ قال: دِرْهَمَيْنِ قال بخ دِرْهَمَانِ خَيْرٌ من مِائةِ جَرَادةٍ اجعل ما جَعَلْتَ في نَفْسِكَ.

849- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيج قال: - سمعتُ عَطاءً يقولُ سُئل ابنُ عباسٍ عن صيدِ الجرَادِ في الحَرَمِ فقال: لا ونَهَى عنهُ قال إنما قُلْتُ له: أو رجُلٌ من القوم فَإنَّ قَومَكَ يَأْخُذُونَهُ وَهُمْ في المسجد فقال: لا يَعْلَمون -[328]- (هذا الحديث يؤيد ما قبله في أن الجراد من صيد البر المنهي عن التعرض له وعن أكله في الإحرام ولما راجع عطاء بن عباس في هذا الحكم بقوله له: إن قومك يصيدونه وهم محتبون في المسجد أجاب بأنهم لا يعلمون الحكم ولو علموه لكفوا عن صيده ويؤيد هذا ما رواه ابن الأثير في النهاية عن ابن عباس أنه دخل مكة رجل من جراد فجعل غلمان مكة يأخذون منه فقال: أما إنهم لو علموا لم يأخذوه) .

850- (أخبرنا) : مُسْلمُ، عن ابن جُرَيج، عن عَطاءٍ، عن ابنِ عباسٍ: -مِثْلَهُ إلا أنه قال محتبون. قال الشافعىُّ رضي اللَّهُ عنهُ: ومُسْلِمٌ: أصوَبُهُما ورواهُ الحفَّاظُ عن ابن جُرَيج (وهم) مُنْحَنُون (وهو أفصح) (الرواية الأولى محتبون من الإحتباء وهو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليهما وقد يكون الإحتباء باليدين عوض الثوب والحبوة بالكسر والضم: إسم من الإحتباء وهو ضم الساقين إلى الظهر بثوب أو حبل أو باليدين ليكون المستند إلى شئ والرواية الثانية: منحنون من الإنحناء وهو الإنعطاف تقول حنيت العود أحنيه حنياً وحنوته أحنوه حنوا: ثنيته ويقال للرجل إذا انحنى من الكبر حناه الدهر فهو محني ومحنو والفرق بين الروايتين في المعنى واضح وهو أنهم على رواية الإحتباء كانوا يصيدون الجراد جالسين في المسجد وعلى رواية: منحنون كانوا يصيدونه قياماً يسعون وراءه وإنما ينحنون لقربه من الأرض في طيرانه وجاء في النسخة التي نقلناها عنا زيادة وهو أفصح في آخر الحديث ولم أفهم لها معنى لأن الكلمتين فصيحتان وليست إحداهما أفصح من الأخرى وقد بحثت فلم أجد هذه الزيادة في نسخة؟؟ ولا في النسخة المطبوعة واللَّه أعلم) .

851- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن سَعيد بن بَشِيرٍ، عن قَتَادَةَ، عن عُبيد اللَّه بن الحُصَيْنِ، عن أبي موسى الأشعريّ: -أنَّه قال في بَيْضَةِ النَّعامَةِ: يُصِبها المُحرِمُ صَوْمُ يَوْمٍ أوْ إطعام مِسْكِينٍ -[329]- (ظاهر الحديث أن هذا مذهب الشافعي ولكني رأيت الدميري وهو شافعي يحكي عن الشافعية غير هذا قال: واختلفوا في بيض النعام إذا أتلفه المحرم أو في الحرم فقال الشعبي والنخعي والزهري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي تجب فيه القيمة وقال أبو عبيدة وأبو موسى الأشعري: يجب فيه صيام يوم أو إطعام مسكين وقال مالك يجب فيه عشر ثمن البدنة كما في جنين الحرة غرة من عبد أو أمة قيمة عشر دية الأم ودليلنا أنه جزء من الصيد لا مثل له من النعم فوجبت قيمته كسائر المتلفات اهـ فتأمل) .

852- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن سَعيدِ بنِ بشيرٍ، عن قَتَادَةَ، عن أبي عُبَيْدَةَ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ: -مِثْلَه.

853- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيج، عن عَطاءٍ: -أنَّهُ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: في الضَّبُعِ كَبْشٌ (ظاهر أنه يحل أكل الضبع وقد حكى الدميري في حياة الحيوان أقوال الأئمة في ذلك قال وحكمها حل الأكل قال الشافعي: نهى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن أكل ذي ناب من السباع فما قويت أنيابه فعذابها على الحيوان طالبا غير مطلوب يكون عداؤه بأنيابه علة تحريم أكله، والضبع لا يغتذى بالعدوى، وقد يعيش بغير أنيابه وبحلها قال الإمام أحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الحديث، وقال: مالك يكره أهلها والمكروه عنده: ما أثم آكله ولا يقطع بتحريمه وقال أبو حنيفة الضبع حرام وهو قول سعيد بن المسيب والثوري محتجين بأنه حيوان ذو ناب وقد نهى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عن أكل ذي ناب من السباع واحتج الشافعي بما روى عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع وبه قال ابن عباس وعطاء والأحاديث التي معنا هنا في الضبع كلها مؤيدة لمذهب الشافعي قال الشافعي: وما زال لحم الضبع يباع بين الصفا والمروة من غير نكير وأما ما ذكروه من حديث النهي عن أكل كل ذي ناب من السباع فمحمول على ما إذا كان يتقوى بنابه بدليل أن الأرنب حلال مع أن له ناباً ولكنه ضعيف لا يعدو به اهـ أقول: وهذا لا يتفق مع المعروف من طبائع الضبع وقرمها الشديد للحم وذبحها للإنسان وهو نائم ونبشها للمقابر وعيثها في الغنم أشد من عيث الذئب كما ذكر الدميري نفسه والكبش هو فحل الغنم في أي سن كان وقيل إذا أثنى وقيل إذا أربع ومعنى أثنى ألقى ثنيته وإنما يكون ذلك في الثالثة من عمره وأربع ألقى رباعيته وذلك إنما يكون في سنته الرابعة) .

854- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيج، عن عَطاءٍ، عن عِكرِمَةَ مَوْلَى -[330]- ابن عباس يَقُولُ: -أُنْزَلَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ضَبُعاً صَيْداً وقضى فيها كَبْشاً (أنزل رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ضبعاً صيدا أي جعل رسول اللَّه إلخ أي جعل الضبع صيداً وقال ابن الأثير في؟؟ : قوله أنزل رسول اللَّه ضبعاً صيداً أي حكم وفرض فيما حكم به وافترضه أن الضبع صيد وأن فيه كبشاً والذي ذهب إليه الشافعي أن من قتل ضبعاً وهو محرم أو كان في الحرم فإن عليه أن يذبح كبشاً وروى ذلك عن عثمان وعلي وعبد الرحمن وابن عباس وزيد بن ثابت وابن الزبير وقال الشافعي وأحمد الضبع تؤكل وقال أبو حنيفة لا يجوز أكلها اهـ وقوله وقضى فيها كبشاً أي حكم فيها بكبش وحتم ذلك ففي اللسان ثم قضى أجلا معناه ثم حتم ذاك والقضاء الحتم والأمر وقضى أي حكم (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) أي أمر وحتم) .

855- (أخبرنا) : مُسلمُ بنُ خالدٍ عن ابن جُرَيج، عن عبدِ اللَّهِ بنِ عُبيدٍ ابنِ عُمَيْرٍ، عن ابن أبي عَمَّارٍ قال: -سَألتُ جابرَ بنَ عبدِ الله عن الضَّبُع أَصَيْدٌ هي؟ فقال: نعمْ فقلتُ أتُؤكَلُ؟ فقال: نعمْ فقلتُ: سَمِعْتُهُ من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ قال: نعم.

856- (أخبرنا) : مالكُ وسُفيانُ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ: -أنَّ عُمَرَ بن الخطاب قَضَى في الأرنب بَعنَاق وأنَّ عُمَرَ قَضَى في اليَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ (العناق كسحاب الأنثى من أولاد المعز قبل أن تستكمل السنة واليربوع بفتح فسكون دويبة نحو الفأرة لكن ذنبه وأذناه أطول منها ورجلاه أطول من يديه عكس الزرافة والجفرة بفتح فسكون الأنثى من أولاد المعز إذا بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها وأخذت في الرعي والذكر جفر) .

857- (أخبرنا) : مالكٌ، أنَّ أبا الزُّبَيْرِ حدَّثه عن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ: -أنَّ عُمَرَ -[331]- بن الخطاب قَضَى في الضَّبْعِ بكبْشِ وفي الغَزَالِ بِعَنْزٍ وفي الأرنب بِعَنَاقٍ وفي اليَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ (العنز بفتح فسكون: الأنثى من المعز إذا أتى عليها حول قال الجوهري: والعنز الأنثى من الظباء والأوعل وهي الماعزة أما العناق والجفرة فتقدم الكلام عليهما في الحديث السابق) .

858- (أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عبدِ الكريم الجزَرِيّ، عن عُبَيْدَةَ بنِ عبدِ اللَّهِ، عن ابنِ مَسْعُودٍ، عن أبيه: -أنَّهُ قَضَى في اليَرْبُوعِ بِجَفْرٍ أو جَفْرَةٍ.

859- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن مُطْرّف بنِ طَرِيفٍ، عن أبي السَّفر: -أنَّ عُثمان بن عفَّانَ رضي اللَّهُ عنهُ قَضَى في أُمِّ حُبيْن بِحُلاّن من الغنم -[332]- (أم حبين بضم الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة: دوبية مثل ابن عرس وابن آوى وربما دخلتها آل من الحبن وهو كبر البطن وهو على خلقة الحرباء ما عدا الصدر وقيل هي أنثى الحرابي وهي على قدر الكف تشبه الضب غالباً وقال ابن قتيبة أم حبين تستقبل الشمس وتدور معها كيف دارت وهذه صفة الحرباء وفي الحديث أنه صلى اللَّه عليه وسلم رأى بلالا قد خرج بطنه فقال أم حبين تشبيها له بها وهذا من مزحه صلى اللَّه عليه وسلم والحلالان والحلام بوزن تفاح: الجدي يشق بطن أمه ويخرج والحلالان الجدي الصغير لا يصلح للنسك ولا للذبح وقال الأصمعي صغار الغنم وقال اللحياني الحمل الصغير يعني الخروف وقال الأصمعي: ولد المعزى حلام وحلان وقال الأعرابي الحلام والحلان واحد وهو ما يولد من الغنم صغيراً وهو الذي يخطون على أذنه خطا فيقولون ذكيناه فإن مات أكلوه قال أبوسعيد ذكر أن أهل الجاهلية إذا ولدوا شاة عمدوا إلى السخلة فشرطوا أذنها وقالوا وهم يشرطون حلان حلان أي حلال بهذا الشرط أن تؤكل لإغن ماتت كان ذكاتها عندهم ذلك الشرط وقال أبو عبيدة: إن أهل الجاهلية كان أحدهم إذا ولد له جدي حز في أذنه حزا وقال اللهم إن عاش فقني وإن مات فذكي فإن عاش فهو الذي أراد وإن مات قال قد ذكيته بالحز فاستجاز أكله بذلك والحديث دليل على حل أكل أم حبين عند الشافعية لأنها تفدى ولا يفدى عندهم إلا المأكول البري وحكى الماوردي فيها وجهين وقال إن الحل مقتضي قول الشافعي ومقتضى ماقاله ابن الأثير في المرصع أنها حرام) .

860-ابنُ عُيَيْنةَ أخبرنا: مُخَارِقٌ عن طارِق بن شِهاب قال: -خرجنا حُجّاجاً فأَوْطَأ رجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ ارْبَدٌ ضَبَّاً فَفَرَزَ ظَهرهُ فَقَدِمْنَا عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ فَسَأله ارْبَد فقال عُمَرُ: احْكُمْ يا أرْبَدُ فيهِ فقال: أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي يا أمِيرَ المؤمنينَ وأعْلمُ فقال: عمر بن الخطاب: إنّمَا أمَرْتُكَ أنْ تَحْكُمَ فيه ولم آمُرْكَ تُزَكِّينِي فقال أرْبَدُ: أرَى فيه جَدْياً قد جَمَعَ الماءَ والشَّجَر فقال عُمَرُ: فذلك فيه (أوطأ رجل منا ضبا أي حمل عليه فرسه فوطئه والأصل الوطء وهو الدوس يقال: وطئه برجله أي داسه وأوطأه فرسه أي جعل فرسه يطؤه فوطئ يتعدى إلى واحد وأوطأ يتعدى إلى اثنين فكأن التقدير أوطأ رجل منا فرسه ضبا فحذف أحد المفعولين ففرز بفاء فزاي ظهره أي شقه وبابه نصر والذي في النهاية ونقله صاحب اللسان وفي حديث طارق بن شهاب: خرجنا حجاجاً فأوطأ رجل راحلته ظبيا ففرز ظهره أي شقه وفسخه هذا والضب والحرباء والوزغ كلها متناسبة في الخلق وقيل هو دوبية في شكل فرخ التمساح الصغير وذنبه كذنبه وهو يتلون تلون الحرباء والحديث يدل على إباحة أكله وفي مسلم أن النبي قال فيه لست بآكله ولا محرمه وفي روايات لا آكله ولا أحرمه وفي رواية قال كلوا فإنه حلال ولكنه ليس من طعامي وفي رواية فرفع يده منه فقيل أحرام هو يا رسول اللَّه قال لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه وأجمع المسلمون على أنه حلال غير مكروه إلا ما حكى عن أبي حنيفة من كراهته وقوله جمع الماء والشجر أي فصل عن أمه وصار يأكل من نبات الأرض ويشرب وتزكيني مرفوع لضعف العامل محذوفا) .

861- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالم، عن عُمَر بْنَ سَعيد بن أبي حُسَيْنٍ، عن -[333]- عبد اللَّه بن كثير الدَّاريّ، عن طَلَحَةَ بنِ أبي حَفْصَةَ، عن نافِعِ بنِ الحارِثِ قال: -قَدِمَ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضي اللَّهُ عنهُ مكَّةَ فدخلَ دارَ النَّدْوَة في يوم الجمعَةِ وأراد أن يَسْتَقْرِبَ منها الرَّوَاحَ إلى المسْجِد، فألقَى رِداءَهُ على واقِفٍ في البيتِ فوقع عليه طيرٌ من ذلك الحمامِ فأطارهُ فانتهزَتهُ حَيَّةٌ فَقَتَلَتْهُ فلما صَلّى الجمعةَ دخلتُ عليهِ أنَا وعُثمانُ رضي اللَّهُ عنهُ فقال: احْكُمَا عَلَيَّ في شئٍ صَنَعْتُهُ اليَوْمَ، إنِّي دَخَلْتُ هذه الدَّارَ وأردْتُ أن أسْتَقْرِبَ منها الرَّوَاحَ إلى المسْجِد، فألقَيتُ رِدائي على الواقِفِ فوقع عليه طيرٌ من هذا الحمامِ فخشيت أن يلطخه بسَلْحهِ فأطرتهُ عنهُ فوقعَ عَلَى ظَهْرِ هذا الواقف الآخر فانتهزَتهُ حَيَّةٌ فَقَتَلَتْهُ، فَوَجدْتُ في نفسِي أني أطرتهُ من مَنْزلٍ كانَ فيه آمِناً إلى مَوْقِعَةٍ كانَ فيها حَتْفُهُ فقلْتُ لعثمانَ: كيفَ تَرَى في عَنْزٍ ثَنِيَّةٍ عَفْرَاء تحكم بهاعلى أمير المؤمنين؟ فقال: إني أرَى ذلِكَ، فَأمَرَ بها عُمَرُ رضي اللَّهُ عنهُ -[334]- (قوله على واقف في البيت لعله يريد جداراً أوسارية أو جذعا وقوله فانتهزته حية أي اغتنمته وبادرته وتناولته من قرب والسلح للطائر كالغائط للإنسان وقيل هو خاص بما رق منه وحتفه: هلاكه وليس له فعل كما ذكر الأزهري والجوهري ونقل ابن القوطية أنه يقال حتفه اللَّه حتفا من باب ضرب: أماته ونقل العدل مقبول والعنز كسهم الأنثى من المعز بفتح الميم والعين المهملة وتسكينها نوع من الغنم خلاف الضأن وهي ذوات الشعور والأذناب القصار والثنية كقضية التي ألقت ثنيتها في السنة الثالثة وعفراء من العفرة كغرفة وهي بياض ليس بالخالص وعفر عفراً من باب تعب إذا كان كذلك وقيل: إذا أشبه لونه لون العفر كقلم وهو التراب فالذكر أعفر والأنثى عفراء اهـ مصباح وفي اللسان العفرة: غبرة في حمرة وماعزة عفراء: خالصة البياض وأرض عفراء: بيضاء والأعفر أبيض وليس بالشديد البياض فإن قيل كيف حكم عليه بالفدية وهو لم يصد ولاقتل والجواب أنه السبب في القتل بإطارته خوف رزقه فلولا إطارته إياه ما تمكنت منه الحية وقتلته وفهم من الحديث: أن للقتل بسبب حكم القتل العمد في إيجاب الفدية غير أن معروف أن فدية الحمامة شاة كما في الحديث الآتي والعنز أقل من الشاة ثمنا في المعتاد فتأمل) .

862- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيج، عن عَطاءٍ: -أنَّ عُثمانَ بنَ عُبَيْدِ اللَّه ابن حميد قَتَلَ ابْنٌ له حَمَامَةً، فجاء ابن عَبَّاسٍ، فقال: ذلك له فقال ابنُ عَبَّاسٍ: تَذْبَحُ شَاةً فَتَصَدَّقُ بها قال ابن جُرَيج: قلتُ لعطاءٍ: أمِنْ حَمَامْ مَكَّةَ؟ قال: نَعَمْ (قوله تذبح شاة فتصدق بها أي تتصدق حذفت إحدى تائيه تخفيفا وقوله: أمن حمام مكة يريد أن هذه الحمامة قتلت في الحرم فقال له نعم إذ المفهوم أنه لا فرق بين حمام مكة وغيره في هذا الحكم مادام الإعتداء عليه في الحرم) .

863- (أخبرنا) : سُفيانُ عن عمْروبنِ دِينارٍ، عن عَطاءٍ: -أنَّ غُلاماً مِنْ قرَيْشٍ قَتَلَ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ مَكَّة، فأمَرَ ابنُ عَبَّاسٍ أنْ يُفْدَى عَنْهُ بِشَاةٍ.

864- (أخبرنا) : الثقةُ عن حَمَّاد بن سَلَمَةَ عن زيادٍ مولى بني مَخْزُومٍ، وكان ثقةً: -أنَّ قوماً حُرُماً أَصَابُوا صيداً فقال لهم ابنُ عُمَرَ: عليكم جَزَاءٌ، فقالوا: عَلَى كُلِّ واحِدٍ منا جَزَاءٌ أو علينا كُلِّنَا جَزَاءٌ واحدٌ؟ فقال ابنُ عُمَرَ: إنه لَمُفْرَّدٌ بكُم بلْ عَلَيْكم كُلِّكم جَزَاءٌ واحِدٌ -[335]- (قوله إن قوما حرما بضمتين جمع حرام بالفتح وهو المحرم أصابوا صيداً: أي قتلوه وقوله إنه لمغرربكم: أي أنكم مغرورون جاهلون بما يجب عليكم من الجزاء وظاهر الحديث أن الجماعة إذا اشتركت في قتل صيد فعليهم جميعا جزاء واحد وبه أخذ الشافعي وبه قال عمر وابنه عبد اللَّه وعبد الرحمن بن عوف والزهري وعطا وحماد وأحمد وأبو ثور وقال مالك وأبو حنيفة يجب على كل واحد جزاءكامل وظاهر الآية (فجزاء مثل ما قتل من النعم) ويؤيد الشافعي ومن معه لأن غير الشافعي أوجب جزاءين أو أكثر وهو ما لم تقل به الآية) .

865- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيج: - قلْتُ لِعَطاءٍ قَوْل اللَّه تعالى: «ولاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً» قُلْتُ له: فَمَنْ قَتَلَهُ خَطَأً أَيُغْرَّمُ؟ قال: نَعَمْ تُعَظَّمُ بذلك حُرُماتُ اللَّهِ تعالى، ومَضَتْ به السُّنَنُ (الذي ذهب إليه الشافعي أن جزاء الصيد واجب على المتعمد والمخطئ والناسي وبه قال عامة الفقهاء إلا ما حكي عن داود أنه قال: إن كان عمداً وجب الجزاء وإن كان خطأ لم يجب وهو إحدى الروايتين عن أحمد كما ذكرابن الأثير) .

866- (أخبرنا) : مُسْلمٌ وسَعيدٌ، عن ابن جُرَيج، عن عَمْرو بن دينارٍ قال: -رأيْتُ النَّاسَ يُغَرَّمُون في الخَطَأِ.

867- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيجٍ قال: - كان مُجاهدٌ يَقولُ: مَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً غَيْرَ نَاسٍ لِحُرْمَةٍ أو أَرَادَ غَيْرَهُ فأخْطَأَ به فذلك العَمْدُ الْمُكَفَّرُ عَلَيْه النَّعَم.

868- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيجٍ قال: - قلْتُ لِعَطاءٍ: (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ) قال: مِنْ أجْلِ أنَّهُ أصابه فِي حَرَم يُريدُ البيْتَ، أي كفارة ذلك عند البيت -[336]- (أول الآية يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا إلخ) حرم بضمتين جمع حرام بمعنى محرم وقوله فجزاء بالرفع أي فعليه جزاء ومثل بالرفع أيضاً صفته أي فعليه جزاء يماثل ما قتل من النعم ونصبهما بعضهم على تقدير فليجز جزاء أو فعليه أن يجزي جزاء يماثل ما قتل من النعم والتعمد أن يقتله ذاكراً لإحرامه عالما أن قتله حرام فإن قتله ناسيا لإحرامه أو رمى صيداً وهو يظن أنه ليس بصيد فإذا هو بصيد أوقصد يرميه غير صيد فعدل السهم عن رميته فأصاب صيداً فهو مخطئ فإن قلت فمحظورات الإحرام يستوي فيها العمد والخطأ فما بال التعمد مشروطا في الآية قلت لأن مورد الآية فيمن تعمد فقد روى أنه عن لهم في عمرة الحديبية حماروحش فحمل عليه أبو اليسر فطعنه برمحه فقتله فنزلت وعن الزهري نزل الكتاب بالعمد ووردت السنة بالخطأ وعن سعيد بن جبير لا أرى في الخطأ شيئاً آخذا باشتراط العمد في الآية وعن الحسن روايتان والمماثلة في الآية باعتبار الخلقة والهيئة عند مالك والشافعي والقيمة عند أبي حنيفة وقال يقوم الصيد حيث صيد فإن بلغت القيمة ثمن هدي خيربين أن يهدى ما قيمته قيمته وبين أن يشترى بها طعاما ليعطى كل مسكين نصف صاع من برا وصاعا من غيره وبين أن يصوم عن طعام كل مسكين يوما وإن لم تبلغ خير بين الإطعام والصوم وعند محمد والشافعي مثله نظيره من النعم فإن لم يوجد له نظير من النعم عدل إلى قول أبي حنيفة فإن قلت فما يصنع من يفسر المثل بالقيمة بقوله من النعم وهوتفسير للمثل وبقوله هديا بالغ الكعبة قلت قد خير من أوجب القيمة بين أن يشتري بها هديا أو طعاما أو يصوم كما خير اللَّه تعالى في الآية فكان قوله من النعم بيانا للهدي المشترى بالقيمة في أحد وجوه التخيير لأن من قوم الصيد واشترى بالقيمة هديا فأهداه فقد جزى بمثل ما قتل من النعم ومعنى بلوغ الكعبة ذبحه بالحرم والتصدق به هناك وقال أبو حنيفة يذبح بالحرم ويتصدق به حيث شاء اهـ من الكشاف والبيضاوي) .

869- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن عمْروبنِ دِينارٍ: -في قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: «ففِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أوْ نُسُكٍ» لَهُ أَيَّتُهُنَّ شاءَ قال ابن جُرَيج إلآ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: «إنما جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ ورسُولَهُ» فليس بمُخَيَّرٍ فيها. قال الشافعي رضي اللَّه عنه: كما قال ابن جُرَيجٍ وغَيْرُه: «إنما جَزَاءُ -[337]- الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ ورسُولَهُ» في المحاربة في هذهِ المسألةِ أقوالٌ (قوله كل شئ في القرآن أو إلخ الكلام على التقديم والتأخير أي كل أو في القرآن أوله كيف شئت أي إنك مخير فيه أو المعنى: كل شئ في القرآن فيه فأنت مخير فيه إلا قوله تعالى «إنما جزاء الذي يحاربون اللَّه ورسوله» أي يحاربون أولياءهما وهم المسلمون جعل محاربتهم للمسلمين محاربة للَّه ورسوله تعظيماً لها «ويسعون في الأرض فساداً» أي مفسدين أو لأجل الفساد «أن يقتلوا» أي قصاصا من غير صلب إن أفردوا القتل «أو يصلبوا» أي يصلبوا مع القتل إن قتلوا وأخذوا المال وقال أبو حنيفة ومحمد: يصلب حيا ويطعن حتى يموت «أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف» أي الأيدي اليمنى والأرجل اليسرى إن أخذوا المال ولم يقتلوا «أو ينفوا من الأرض» إذا لم يزيدوا على الإخافة وعن جماعة منهم الحسن والنخعي: إن الإمام مخير بين هذه العقوبات في كل قاطع طريق من غير تفصيل والنفي: الحبس عند أبي حنيفة وعند الشافعي: النفي من بلد إلى بلد لا يزال يطلب وهوهارب فزعا وقيل: ينفى من بلده وأو في الآية على هذا للتفصيل وقيل: إنه للتخيير والإمام مخير بين هذه العقوبات في كل قاطع طريق) .

870- (أخبرنا) : عبدُ الرحمن بنُ الحسن بن القاسم الأزْرَقي عن أبيه: -أنَّ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رضي اللَّهُ عنهُ رَكِبَ رَاحِلَةً لَهُ وهُو مُحْرِمٌ فتدلَّتْ فَجَعَلَتْ تُقدِّمُ يَداً وتُؤَخِّرُ أُخْرَى قال الربيعُ أظُنُّهُ، قال عُمَرُ: كَأنَّ راكبُها غصْنٌ بِمَرْوَحَةٍ إذا تَدَلَّتْ به، أوْ شاربٌ ثَمِلٌ ثم قال: اللَّهُ أكْبَرُ اللَّهُ أكْبَرُ -[338]- (الراحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال الذكر والأنثى فيه سواء وهاؤه للمبالغة وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن النظر فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت وتدلت: هبطت من مرتفع إلى مطمئن والمروحة بالفتح: الموضع الذي تخترقه الريح والببيت قيل: أنه قديم وقيل لعمربن الخطاب وقيل تمثل به وليس له وفي النهاية: ركب ابن عمر ناقة فارهة فمشت به مشيا جيداً فقال البيت يقول: كأن راكب هذه الناقة لسرعتها غصن بموضع تهب فيه الريح لا يزال يتمايل يمينا وشمالا فشبه راكبها بغصن هذه حاله أو شارب يتمايل من شدة سكره) .

الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى الله) .

الباب السادس فيما يلزم الحاج بعد دخول مكة إلى فراغه من مناسكه (المناسك: جمع منسك بفتح السين وكسرها وهو المتعبد ويطلق على المصدر والزمان والمكان ثم سميت أمور الحج كلها مناسك والمنسك: المذبح والنسيكة الذبيحة والنسك الطاعة والقيادة وكل ما تقرب به إلى اللَّه) .

871- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافِعٍ، عن ابن عُمَرَ: -أنَّهُ كانَ يَغْتَسِلُ لِدخُولِ مكَّةَ.

872- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالم، عن ابن جُرَيج، عن عَطاءٍ قال: -لما دَخَلَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم مكَّةَ لم يَلْوِ ولم يُعَرِّجْ (لويت عليه: عطفت ولوى عليهم يلوي إذا عطف عليهم وتحبس ولوى عليهم إذا عطف وعرج وألوى بالألف عطف على مستغيث) .

873- (أخبرنا) : ابن عُيَيْنَةَ، عن يَحْيَ بن سَعيدٍ، عن مُحمد بنِ سَعيدٍ، عن أبيه سَعيدِ بنِ المُسَيَّبِ: -أنَّهُ كانَ حِينَ يَنْظُرُ إلى البيت، يقول: اللَّهُمَّ أَنتَ السَّلامُ، ومنك السَّلامُ، فَحَيِّنَا ربَّنَا بالسَّلامُ -[339]- (السلام في الأصل السلامة يقال: سلم يسلم وسلامة ثم سمى به اللَّه تعالى فقيل السلام المؤمن المهيمن إلخ وسمى به لسلامته من النقص والعيب والفناء أو لسلامته مما يلحق غيره من آفات الغير والفناء وبقائه بعد فناء خلقه وقيل تسميته تعالى: السلام على تأويل أنه ذو السلام الذي يملك السلام أي يخلص من المكروه ومنك السلام أي الأمان فحينا ربنا بالسلام أي حينا بصيغة: السلام عليكم لأن السلام إسم من التسليم فهو دعا للإنسان بأن يسلم من الآفات في دينه ونفسه أو لأن السلام معناه: السلامة أو الأمان فإذا قال: السلام عليكم فمعناه: السلامة لكم أو الأمان) .

874- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالم، عن ابن جُرَيج: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كانَ إذا رأى البَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وقال: "اللَّهُمَّ زِدْ هذا البَيْتَ تَشْرِيفاً، وَتَكْرِيماً، وَتَعْظِيماً، وَمَهابَةً، وزِدْ من شَرَفِهِ وكَرَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ واعْتَمَرَهُ تَشْرِيفاً، وَتَكْرِيماً، وَتَعْظِيماً، وبِرًّا (حجه قصده واعتمره: زاره والاعتمار: الزيارة والقصد وقوله: زد من شرفه وكرمه ممن حجه أي زد من تشريفه وتكريمه ممن قصده أي اجعل قاصديه يزدادون تكريما له وتعظيما ودلنا قوله: كان إذا رأى البيت رفع يديه على أن هذا أحد المواضع التي ترفع فيها الأيدي عند الدعاء احتفالا واهتماما وقد عد الحديث التالي مواضع رفع الأيدي في الدعاء) .

875- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالم، عن ابن جُرَيج قال: -حُدِّثْتُ عن مَقسِم مَوْلَى عبدِ اللَّهِ بن الحارثِ عن ابن عَبَّاسٍ عن النّبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: " تُرْفَعُ الأيْدِي في الصَّلاَةِ، وإذَا رَأَى البَيْتَ، وعَلَى الصَّفَا والمَرْوَةِ، وعَشِيَّةَ عَرَفَةَ، والجَمْع، وعِنْدَ الْجَمْرَتَينِ، وعَلَى المَيِّتِ (وعشية عرفة آخر النهار وقوله عند الجمرتين أما الثالثة: فلا يرفع عندها ولا يدعوا قال النووي: واعلم أن رمي جمار أيام التشريق يشترط فيه الترتيب وهو أن يبدأ بالجمرة الأولى التي تلي مسجد الحيف ثم الوسطى ثم جمرة العقبة ويستحب أن يقف عقب رمي الأولى عندها مستقبل القبلة زمانا يدعوا ويذكر اللَّه ويقف كذلك عند الثانية ولا يقف عند الثالثة ويستحب رفع اليدين في هذا الدعاء عندنا وبه قال جمهور العلماء واختلف قول مالك في ذلك ويستحب هذا في كل يوم من الأيام الثلاثة ثبت ذلك في معنى صحيح البخاري) .

876- (أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ عن منْصور، عن أبي وَائل، عن مَسْرُوقٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن مسعود: -أنَّهُ رَآهُ بَدَأ، فاسْتَلَم الحَجَرَ، ثُمَّ أخَذَ -[340]- عَن يَمِينِهِ فَرَمَلَ ثلاثةَ أطْوافْ ومشى أربعة، ثم إنه أتى المَقامَ فَصَلَّى خَلْفَهُ رَكْعَتَيْنِ (أنه أي ابن مسعود رآه أي رأى النّبي صلى اللَّه عليه وسلم بدأ فاستلم: أي لمس الحجر الأسود ثم أخذعن يمينه فرمل أي هرول ثلاثة أطواف ومشى أربعة أو أربعا باختلاف النسخ وكلاهما جائز عربية والرمل بالتحريك: الهرولة رمل من باب طلب رملا ورملانا إذا أسرع في مشيته وهز منكبيه وهو في ذلك لا يثب وعرفه بعضهم بأنه دون العدو وفوق المشي ثم أتى المقام بالفتح أي مكان قيام إبراهيم عليه السلام وأخذ من هذا الحديث سنية الخبب أو الرمل في الأطواف الثلاثة الأول من السبع وإنما يسن ذلك في طواف العمرة وفي طواف واحد في الحج ويتصور ذلك في طواف القدوم وطواف الإفاضة ولا أخل بالرمل لا يأتي به في الأربعة الأخيرة لأن السنة فيها المشي المعتاد وإذا تعذر الرمل عليه بالزحام كفاه الإتيان بهيئته وإذا لم يتيسر له إلا بالإبتعاد عن الكعبة جاز له ذلك وهو غير مشروع للنساء باتفاق كما لم يشرع لهن شدة السعي بين الصفا والمروة ولو تركه فقد ترك السنة وخالف ابن عباس الصحابة والتابعين فلم يقل بأنه سنة ولا شئ عليه عند الشافعية واختلف المالكية فوافق بعضهم الشافعية وقال بعضهم: عليه في تركه دم وصلاة هاتين الركعتين سنة في المشهور في مذهب الشافعية وقيل واجب) .

877- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن ابْن أبي نَجيح، عن مُجَاهِدٍ، عن ابن عَبَّاسٍ قال: -يُلَبِّي المُعْتَمِرُ حِينَ يَفْتَتِحُ الطَّوَافَ مَشْياً، أو غَيْرَ مَشْيٍ (أي أن من مواطن التلبية افتتاح الطواف سواء أكان الطائف راكبا أم ماشيا فمشيا مصدر بمعنى ماش أي حال أو منصوب على نزع الخافض أي يفتتح الطواف بمشي أو بغيره: أي بركوب وأفاد الأثر جواز الطواف بالبيت للمعتمر والحاج راكبا وقد اتفقوا على جواز الركوب في السعي بين الصفا والمروة وإن كانوا قد أجمعوا على أن المشي أفضل إلا لعذر وإنما ركب النبي في السعي لبيان أنه مشروع أو فتعذر عليه المشي بالزحام والفقه أن يقال هنا ما قيل هناك اهـ) .

878- (أخبرنا) : مُسلمٌ وسَعيدٌ، عن ابن جُرَيج، عن عَطاء، عن -[341]- ابن عباس أنَّهُ قال: -يُلَبِّي المُعْتَمِرُ حِينَ يَفْتَتِحُ الطَّوَافَ، مُسْتَلِماً، أوْ غَيْرَ مُسْتَلِمٍ.

879- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن ابْن أبي نَجيح، عن مُجَاهِدٍ، عن ابن عَبَّاسٍ: - في المُعْتَمِرُ يُلَبِّي حِينَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ (استلام الركن المسح باليد عليه والمراد بالركن: الحجر الأسود وقد رأى القاضي أبو الطيب من الشافعية أن المستحب استلام الحجر الأسود والركن الذي هو فيه: أي أنه يستلم الإثني واقتصر جمهور الشافعية على استلام الحجر الأسود) .

880- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ عن منْصور، عن أبي وَائل، عن مَسْرُوقٍ، عن عبدِ اللَّهِ: -أنَّهُ لَبَّى على الصَّفَا في عُمْرَةٍ بَعْدَ مَا طَافَ بِالبَيْتِ.

881- (أخبرنا) : مُسْلِمُ بنُ خالد، عن ابن جُرَيج، عن مُحمد بن عَبَّاد ابن جَعْفَرٍ، قال: -رأيتُ ابنَ عَبَّاس أتى الرُّكنَ الأسْودَ مُسَبِّداً فَقَبَّلَهُ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ، ثمَّ قَبَّلَهُ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ، ثمَّ قَبَّلَهُ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ -[342]- (قال أبو عبيد: والتسبيد ههنا ترك التدهن والغسل وبعضهم يقول: التسميد بالميم ومعناهما واحد وإنما قال ههنا لأن للتسبيد معنيين آخريين وهي الحلق واستئصال الشعر والتسريح يقال: سبد الرجل شعره إذا سرحه وبله ولكنهما غير مرادين هنا وأفاد الحديث استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف والسجود عليه بوضع جبهته فوقه فالسنة استلامه فتقبيله فوضع الجبهة عليه وهو مذهب الجمهور وفيهم الشافعي وأحمد وقال مالك: السجود عليه بدعة واعترف القاضي عياض بشذوذ مالك في ذلك عن العلماء وأما الركن اليماني: فيستلمه ولا يقبله بل يقبل اليد بعد استلامه وهو مذهب الشافعية وقال أبو حنيفة: لا يستلمه وقال مالك وأحمد يستلمه ولا يقبل اليد بعده وقولة عمر في تقبيله مشهورة وهي: لقد علمت أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قبلك ما قبلتك أي أننا نعلم أنك لا نفع منك ولاضرر ولكنا نقبلك إطاعة للرسول وتعبداً لله وأراد بذلك تنبيه المسلمين حتى لا يتوهموا فيه النفع) .

882- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن أبي جَعفرٍ قال: -رأيتُ ابنَ عَبَّاس جاءَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ مُسَبِّداً رَأْسَهُ فَقَبَّلَ الرُّكنَ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ، ثمَّ قَبَّلَهُ، ثمَّ سَجَدَ عليهِ، ثلاث مرّاتٍ (قوله قبل الركن: يريد به الركن الأسود وليس المراد نفس الركن الأسود بل ما فيه وهو الحجر الأسود ويوم التروية هو ثامن ذي الحجة) .

883- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن ابن أبي مُلَيْكَةَ: -أنَّ عُمَرُ بنُ الخطَّابِ اسْتلمَ الرُّكْنَ لِيَسْعَى، ثم قال: لِمَنْ نُبْدي الآنَ منا كِبَنَا ومن نُرَائي وقدْ أظْهَرَ اللَّهُ الإسْلامَ، واللَّهِ على ذلك لأَسْعَيَنَّ كَمَا سَعَى (استلم الركن أي استلم الحجر الأسود من ذكر المحل وإرادة الحال كماهو رأي الجمهور وقوله ليسعى: أي ليطوف بالبيت وسماه سعيا لمشاركته السعي في الإسراع ثم قال: لمن نبدي مناكبنا أي نظهرها ومن نرائي من المشركين وقد ذهبوا بصولة الإسلام وإعزاز اللَّه ونصره إياه ثم قال: واللَّه لأسعين كماسعى الرسول كأنه اعترض وقال: مالداعي إلى هذا الآن وقدذهبت الحاجة إليه بتقوي الإسلام وذهاب ضعفه وهم إنما كانوا يفعلونه ليروا أعدائهم قوتهم ثم عاد وقال: ولكنها السنة نحافظ عليها) .

884- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن عُبيدِ اللَّهِ بن عُمرَ، عن نافع، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّهُ كان يرمُلُ من الحَجَر إلى الحَجَرِ، ثمّ يقولُ: هكذا فَعَلَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم -[343]- (فيه أن الرمل يبدأ كل طوف منه الحجر الأسود وينتهي إليه وأما حديث ابن عباس المذكور في مسلم وفيه قال: وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين فمنسوخ بما معنا لأن حديث ابن عباس كان في عمرة القضاء سنة سبع وكانفي المسلمين ضعف في أبدانهم وإنما رملوا إظهارا للقوة واحتاجوا إلى ذلك ما بين الركنين اليمانيين لأن المشركين كانوا جلوسا في الحجر وكانوا لا يرونهم بين هذين الركنين ويرونهم فيما سوى ذلك فلما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع سنة عشر رمل من الحجر إلى الحجر فنسخ هذا ما تقدمه) .

885- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاء: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم رَمَلَ من سَبْعَةٍ ثلاثةَ أطْوَافٍ خَبَباً، لَيْسَ بَيْنَهُنَّ مَشْيٌ (الخبب والرمل واحد وقد تقدم شرح الرمل قريبا) .

886- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ قال: -قلتُ لعَطَاءٍ هَلْ رَأيْتَ أَحَداً من أصحابِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إذا اسْتَلَمُوا قَبَّلُوا أَيْدِيَهُمْ، فقال: نَعَمْ رَأَيْتُ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وابنَ عُمَرَ، وأبا سَعيدٍ الخُدْرِيّ، وأَبا هُرَيْرَةَ، رضي اللَّهُ عنهُم: إذا اسْتَلَمُوا قَبَّلُوا (يستفاد منه استحباب تقبيل اليد بعد استلام الحجر الأسود إذا عجز عن تقبيله وأما القادر على تقبيله: فيستحب أن يقبله وهذا مذهب الجمهور وفيهم الشافعية وقال القاسم بن محمد التابعي المشهور لا يستحب التقبيل وبه قال مالك في أحد قوليه) أَيْدِيَهُمْ، قُلْتُ: وابنُ عَبّاسٍ؟ قال: نَعَمْ، وحَسِبْتُ كَثيراً قُلْتُ: هَلْ تَدَعْ أنْتَ إذا اسْتَلَمْتَ أنْ تُقَبِّلَ يَدَكَ؟ قالَ: فَلَم اسْتَلَمتُهُ إذاً؟ .

887- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن موسى بنِ عُبَيْدَةَ، عن محمد بِنْ كعْبٍ: -أنَّ رَجُلاً من أصحَابِ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم كَانَ يَمْسَحُ الأرْكانَ كلَّها، ويقولُ: لاَ يَنْبَغِي لِبَيْتِ اللَّهِ تعالى أن يكونَ شئٌ منهُ مَهْجُوراً. وكان ابنُ عَبَّاسٍ يقولُ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ -[344]- (ومعنى احتجاج ابن عباس بالآية وجوب الإقتصار في مسح الأركان على ما كان يمسحه الرسول إذ نحن مأمورون بالإقتداء به بقوله: ولقدكان لكم في رسول الله أسوة حسنة وقد روى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم «لم يكن يستلم من أركان البيت إلا الركنين اليمانيين، وفي رواية» لم يكن يستلم من أركان البيت إلا الركن الأسود والذي يليه «وفي رواية ثالثة» لا يستلم إلا الحجر والركن اليماني" وكلها متفقة والركنان اليمانيان تغليبا كما قيل: للأب والأم أبوان والآخران يقال لهما الشاميان والحجر الأسود يستلم ويقبل والركن اليماني يستلم ولا يقبل والركنان الشاميان لا يستلمان ولا يقبلان وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين اليمانيين واتفق الجماهير على عدم مسح الركنين الآخرين واستحبه بعض السلف وممن قال باستلامهما الحسن والحسين وابن الزبير وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك قال القاضي أبو الطيب أجمع أئمة الأمصار على أنهما لا يستلمان والقرض الخلاف الذي وقع في ذلك لبعض الصحابة والتابعين وأجمعوا على عدم استلامهما وهل يستلم الركن الذي فيه الحجر الأسود مع استلام الحجر أو يقتصر على استلام الحجر قال جمهور الشافعية بالأول وقال القاضي أبو الطيب: يستحب أن يستلم الإثنين واستلامه هو المسح عليه باليد) .

888- (أخبرنا) : سَعيدٌ، أخبرني مُوسى بنُ عُبَيْدَةَ الرّبَذِي، عن مُحمدِ ابنِ كَعْبٍ: -أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كانَ يَمْسَحُ عَلَى الرُّكن اليَمَانِيِّ والحَجَرِ. وكان ابنُ الزُّبَيْر يَمْسَحُ الأرْكانَ كلَّها، ويقولُ: لاَ يَنْبَغِي لِبَيْتِ اللَّهِ تعالى أن يكونَ شئٌ منهُ مَهْجُوراً. وكان ابنُ عَبَّاسٍ يقولُ: لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ.

889- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاء، عن ابنِ عَبّاسٍ، قال: -إذَا وَجَدْتَ على الركن زِحَاماً فانْصَرِفْ ولا تَقِفْ -[345]- (عرفنا أن السنة استلام الحجر الأسود وتقبيله إن أمكنه وتقبيل يده إن تعذر تقبيله من الزحام وعرفنا ما في تقبيل اليد إذ ذاك من خلاف ولما كان كثير من الناس يتزاحمون على استلامه وتقبيله بين ابن عباس أن هذا التزاحم ليس بمطلوب بل مرغوب عنه لأنه يؤدي إلى إيذاء بعض الحجاج فقال ابن عباس: إذا كان هناك إزدحام فلا داعي للزحمة ولا الإنتظار وتسقط سنة الاستلام والتقبيل لهذه الضرورة) .

890-سَعيدُ بنُ سالم، عن عُمَرَ بنِ سَعيدِ بنِ أبي حُسَيْنٍ، عن مَنْبُوذِ بنِ أبي سُليمَانَ: -عن أمِّهِ أنَّهَا كانَتْ عِنْدَ عائشةَ زَوْجِ النبيّ صلى الله عليه وسلم، فَدَخَلَتْ عليها مَوْلاَةٌ لها، فقامت لها، يا أُمَّ المؤمنينَ: طُفْتُ بالبيتِ سَبْعاً، واسْتَلَمْتُ الرُّكنَ مرَّتَينِ أوْ ثلاثاً، فقالت لها عائشةُ: لا آجُرَكِ اللَّهُ، لا آجُرَكِ اللَّهُ، تُدَافِعِينَ الرجالَ، ألاَ كَبَّرْتِ اللَّهِ ومَرَرْتِ (قد فهمنا من الحديث السابق أنه إذا اشتد الزحام على الحجر الأسود فلا داعي لإنتظار الرجال ولتزاحمهم وقد بين هذا الحديث أن النساء أولى بهذا الحكم وأنهن لا ينبغي لهن أن تزاحمن الرجال لما في ذلك من الإخلال بالأدب ولذا أنكرت عائشة على مولاتها مدافعتها الرجال واستلام الركن ودعت بأن يحرمها اللَّه الأجر وقالت لها: ألا كبرت ومررت أي: هذا الذي كان ينبغي لك) .

891- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ قال: أخبرني أبو الزُّبَيْرِ المكيُّ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ الأنصاريّ، أنَّهُ سَمِعَهُ يقولُ: -طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم في حِجَّةِ الوَدَاع على رَاحِلَتِهِ بالبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةَ لِيَرَاهُ الناسُ وليُشْرِفَ لهم إنَّ النَّاسَ غَشُوهُ (ليشرف لهم أي ليعلوا ويرتفع وغشوه: بفتح الغين وضم الشين أي إزدحموا عليه وكثروا وفي هذا الحديث جواز طواف الحاج بالبيت وبين الصفا والمروة راكبا وقوله ليراه الناس إلخ بيان لعلة الركوب وقيل إنما ركب: لبيان الجواز وقيل: لأنه كان مريضا) .

892- (أخبرنا) : سَعيدٌ بن سالم القدَّاح، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن ابن شهاب، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عبدِ اللَّه، عن ابن عباسٍ رضي اللَّهُ عنهما: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -[346]- صلى اللَّهُ عليه وسلّم طَافَ بالبَيْتِ على رَاحِلَتِهِ واسْتَلَمَ الركن بِمَحْجَنِهِ (المحجن كمقود عصا معوجة الرأس مثل الصولجان وهذا الحديث كسابقه في جواز الطواف مع الركوب وفيه زيادة استلام الحجر الأسود بمحجنه إن تعذر عليه استلامه بيده والسنة أن يقبل طرف المحجن في هذه الحالة كما يؤخذ من حديث طاوس الآتي والأمران: أعني الاستلام بالعصا وتقبيل طرفها مستحبان واستدل به أحمد والمالكية على طهارة بول ما يؤكل لحمه وروثه قالوا لأنه لو كان نجسا ما طاف به في المسجد وقال الشافعية والحنفية: بنجاسته لأن بوله وروثه حين الطواف ليس مقطوعا به وإذا حصل يطهر كما أن أذنه صلى الله عليه وسلم بدخول الأطفال المساجد وجائز أن يبولوا لا يدل على طهارة بولهم) .

893- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سالم، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن شُعْبَةَ، مَوْلَى ابنِ عَبَّاسٍ، عن ابنَ عَبَّاسٍ: -عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بمثله.

894- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن طاَوسٍ، عن أبيه: -أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ أصحابَهُ أنْ يُهَجِّرُوا بالإفاَضَةِ وأفَاضَ في نِسَائهِ لَيْلاً على رَاحِلَتِهِ يسْتَلَمَ الركن بِمَحْجَنِهِ، وأحْسَبُهُ قال: ويُقَبِّلُ طَرَفَ المَحْجَنِ (التهجير التكبير في الشيء لغة حجازية وتطلق أيضا على السير في الهاجرة وهي اشتداد الحر نصف النهار والإفاضة: الزحف والدفع في السير بكثرة كانتقال الحجاج من عرفات إلى منى ومن منى إلى مكة ومنه طواف الإفاضة) .

895- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ قال: أخبرني عطَاءٌ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم طَافَ بالبَيْتِ وبالصَّفَا وبالمَرْوَةِ راكباً. فقُلتُ: وَلِمَ؟ قال: لا أدْرِي قال: ثمّ نزلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ (تقدم معرفة جواب هذا السؤال والذي جاء به هذا الحديث من زيادة هوسنية صلاة الركعتين بعد الطواف) .

896- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن الأحْوَصِ بنِ حَكيم، قال: -رأيْتُ أنَسَ -[347]- ابْنَ مالكٍ يَطوفُ بين الصَّفَا والمَرْوَةِ عَلَى حِمَارِهِ.

897- (أخبرنا) : مالكٌ، وعَبْدُ العزيز، عن جَعْفَرِ بنِ مُحمدٍ، عن أبيه، عن جابرٍ، وأخبرنا أنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عن نافعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم كان إذا طَافَ بالبَيْتِ في الحجّ والعمرَةِ، أوَّلَ مَا يُقْدمُ يَسْعَى ثلاثَةَ أطْوافٍ بالبَيْتِ، ومَشَى أربَعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ (يسجد سجدتين أي يصلي ركعتين كما ورد بهذا اللفظ في حديث عطاء السابق قريبا وإطلاق السجدة على الركعة سائغ لغة من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل) ثمّ يطوفُ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَة.

898- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم القداح، عن ابنِ جُرَيجٍ، عن يَحْيَ ابنِ عُبَيْدِ، مَوْلَى السائِبِ، عن أبيهِ، عن عبدِ اللَّهِ بْنِ السائبِ: -أنَّهُ سَمِعَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: فيما بَينَ رُكنِ بَني جُمَحَ والركنِ الأسْوَدِ"رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِناَ عَذَابَ النَّارِ -[348]- (ركن بني جمح كعمر: هو الركن اليماني وبنو جمح من قريش والمراد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعوا في طوافه بهذا الدعاء فينبغي أن نقتدي به وقد كانت هذه الدعوة أحب الدعوات إلى الرسول وكان يرددها أكثر من سواها كما روى البخاري ومسلم والحسنة في الدنيا هي العافية والكفاف قاله قتادة: أو المرأة الصالحة قاله علي: أو العلم والعبادة قاله الحسن: أو المال الصالح قاله السدي: أو الأولاد الأبرار أو ثناء الخلق قاله ابن عمر أو الصحة والكفاية والنصرة على الأعداء والفهم في كتاب الله أو صحبة الصالحين قاله جعفر: والظاهر أن الحسنة وإن كانت نكرة في الإثبات وهي لا تعم إلا أنها مطلقة فتنصرف إلى الكامل والحسنة الكاملة في الدنيا ما يشمل جميع حسناتها والحسنة في الآخرة قيل: هي الجنة وقيل السلامة من هول الموقف وسوء الحساب وقيل الحور العين وهو مروى عن علي وقيل لذة الرؤية والظاهر الإطلاق وإرادة الكامل وهو الرحمة والإحسان «وقنا عذاب النار» أي إحفظنا منه بالعفو والغفران واجعلنا ممن يدخل الجنة بغيرعذاب وقال الحسن: احفظنا من الشهوات والذنوب المؤدية إلى عذاب الناروقال علي: عذاب النار امرأة السوء اهـ ألوسى بتصرف) ".

899- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن حَنْظَلَةَ، عن طَاووسٍ: -أنَّهُ سَمِعَهُ يقولُ: سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ يقولُ: أَقِلُّوا الكلامَ فِي الطَّوافِ، فَإِنَّمَا أَنْتُمْ في صَلاَةٍ (فإنما أنتم في صلاة: أي في عبادة كالصلاة إذ لو كانوا في صلاة حقيقية لنهاهم عن كثير الكلام وقليله لأن أقل قدر منه يفسدها وقد أفاد هذا النهي إباحة القليل من الكلام أثناء الطواف وهو ما به تؤدى الحاجات الضرورة وأفهم ذ لك كراهة كثرة الكلام في الطواف لأنه عبادة فينبغي التوجه فيه إلى اللَّه والإشتغال بمناجاته ودعائه ولإنصراف عن كلام الناس) .

900- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاءٍ قال: -طُفْتُ خَلْفَ عُمَرَ، وابنِ عَبَّاسٍ، فَمَا سَمِعْتُ واحداً منهما مُتَكَلِماً حتى فرغ من طَوَافِهِ (هذا الحديث يؤيد سابقه في كراهة الإشتغال بالكلام أثناء الطواف وسنية الإشتغال حينذاك بالمناجاة والعبادة) .

901- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابْنِ شِهابٍ، عن سالم بنِ عبدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أنَّ عبدَ اللَّه بن أبي بكرٍ، أخْبَرَ عبدَ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن عائشةَ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم قال: "ألَمْ تَرَى أنَّ قَوْمَكَ حِينَ بَنَوْا الكَعْبَةَ اقْتَصَرُوا عنْ قواعِدِ إبْرَاهِيمَ عليه السلامُ قالتْ: فقُلْتُ -[349]- يا رسول اللَّه: أفلا تَرَدُّها علي قواعِدِ إبْرَاهِيمَ قال: لولا حِدْثَانُ قَوْمِكَ بالكُفْرِ لرَدَدْتُها على ما كانت عليه"، فقال ابْنِ عُمَرَ لَئِنْ كانَتْ عائشةُ رضي اللَّه عنها سَمِعتْ هذا من رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم ما أُرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم تَرَكَ اسْتلام الرُّكنينِ اللَّذَيْنِ يليانِ الحِجْرَ إلاَّ أنَّ البَيْتَ لم يَتِمَّ على قواعِدِ إبْرَاهِيمَ عليه السلامُ (اقتصروا عن قواعد إبراهيم وفي رواية أخرى فإن قريشا اقتصرتها وفي غيرها استقصروا وفي رواية قصرت منهم النفقة وكلها بمعنى واحد وهو أنهم قصروا عن تمام بنائها واقتصروا على هذا القدر لقصور نفقتهم عن باقيها وقوله حدثان قومك: هو بكسر الحاء وإسكان الدال أي قرب عهدهم بالكفر وقوله إلا أن البيت لم يتم على قواعد إبراهيم وفي رواية مسلم لم يتم إلخ معناه: إلا أن البيت إلخ والمعنى أن الرسول لم يستلم هذين الركنين لأن البيت فيهما مبناه على قواعد إبراهيم بل نقص عنه بدليل الحديث الآتي وقوله: الحجر من البيت وسنبين فيه القدر الذي نقص منه نقلا عن العلماء وقول ابن عمر: لئن كانت عائشة إلخ ليس هذا تشككا منه في صدقها وحفظها وإنما هو كقوله تعالى: «وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين» وقوله: «قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت» إلخ وكثيراً ما يجئ الكلام في صورة التشكك والمراد به اليقين ويؤخذ من الحديث أنه إذا عارضت المصلحة مفسدة أعظم تركت تلك المصلحة لأنه صلى اللَّهُ عليه وسلّم أخبرأن هدم الكعبة وبنائها على قواعد إبراهيم مصلحة لكن تعارضه مفسدة أكبر منه وهي فتنة من أسلم حديثا من قريش) .

902- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، حدثنا: هشامٌ، عن طاوسٍ فيما أحْسب أنَّهُ قال، عن ابن عَبَّاسٍ أنَّهُ قال: -الحِجْرُ مِنَ البَيْتِ وقال اللَّهُ عزَّ وجَلَّ «ولْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقْ» وقدْ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم من وراء الحِجْرُ -[350]- (قال النووي: قال أصحابنا: ست أذرع من الحجر مما يلي البيت محسوبة من البيت بلا خلاف وفي الزائد خلاف فإن طاف في الحجر وبينه وبين البيت أكثر من ست أذرع فقيل يجوز لظاهر الحديث ورجحه جماعات من أصحابنا وقيل: لا يجوز طوافه في شئ من الحجر ولا على جداره بل يجب أن يطوف خارج الحجر وهذا هو الصحيح وقطع به جماهير أصحابنا العراقيين وبه قال جميع علماء المسلمين سوى أبو حنيفة فإنه قال: إن طاف في الحجر وبقي في مكة أعاد وإن رجع من مكة بلا إعادة أراق دما أجزأه طوافه واحتج الجمهور بأنه صلى الله عليه وسلم طاف من وراء الحجر وأجمع المسلمون عليه من زمنه إلى الآن وإنما قال: الحجر من البيت لأن أكثره منه وللأكثر حكم الكل والعتيق القديم لأنه أول بيت وضع للناس أو لأنه أعتق من الغرق في طوفان نوح أو من الجبابرة) ".

903- (أخبرنا) : سُفْيانُ، أخبرنا: عُبَيْد اللَّه بْنُ أبي يَزيدَ: أخبرني: أبيقال: -أَرْسَلَ عُمَرُ رضي اللَّه عنهُ إلى شيخٍ من بني زُهْرَةَ، فَجِئْتُ مَعَهُ إلى عُمَرَ وهُوَ الحِجْرِ، فَسَأَلَهُ عَنْ وِلادٍ من وِلاَدِ الجاهلية، فقال الشيخُ: أما النُّطْفَةُ فمِنْ فلانٍ وأما الوَلَدُ: فَعَلَى فِرَاشِ فلانٍ، فقال عُمَرُ رضي اللَّه عنهُ: صَدَقْتَ: ولكنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم قَضَى بالولد للفراش فلما وَلّى الشَّيْخُ، دَعَاهُ عُمَرُ رضي اللَّه عنهُ فقال: أخْبِرْني عن بِنَاءِ البَيْتِ، فقال: إنَّ قُرَيْشاً كَانَتْ تَقُوتُ لبِناءِ البَيْتِ، فَعَجَزُوا، فَتَرَكُوا بعضه في الحِجْرِ، فقال عُمَرُ: صَدَقْتَ (جئ بهذا الحديث لما في آخره مما يتعلق ببناء البيت وبيان السبب في نقص بنائه عن قواعد إبراهيم وهو عجز قريش عن القيام بتموين البنائين والعمال وقوله: سأله عن ولاد إلخ الولاد مصدر بمعنى الولادة) .

904- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالم، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاءٍ: -أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم سَعَى في عُمْرَةِ الأربع بالبَيْتِ، والصَّفَا والمَرْوَةٍ، إلاَّ -[351]- أَنَّهُمْ رَدُّوهُ في الأولى من الحُدَيْبِيَةِ (العمر بضم ففتح جمع عمرة والحديث يفيد لزوم السعي والطواف بالبيت وبين الصفا والمروة وذهب جماهير العلماء إلى أنه ركن من أركان الحج لا يصح إلا به ولا يجبر بدم وممن قال بهذا مالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة: هو واجب ويصح الحج مع تركه ويجبر بالدم ودليل الجمهور سعي النبيّ صلى الله عليه وسلم وقوله: خذوا عني مناسككم والواجب سعي واحد فلا يكرر السعي في حج ولا عمرة بل يكره تكراره لأنه بدعة) .

905- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن عَطَاءٍ قال: -سَعَى أبو بكر رضي الَّله عنهُ عَامَ حَجّ في حَجّه إذ بَعَثَهُ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم، ثُمَّ عُمَرَ وعُثمانُ رضي الَّله عنهُم والخلفاءُ هَلُمَّ جَرَّ يَسْعَوْنَ كذلك (الحديث مؤيد لما سبقه في لزوم السعي بدليل إطباق الخلفاء على الإتيان به وجرا: مفعول مطلق لفعل محذوف: أي جر جراً) .

906- (أخبرنا) : سَعيدٌ، عن ابنِ جُرَيج، عن عبد اللَّهِ بنِ عُمَرَ، عن نافع، عن ابن عُمَرَ: -أنَّهُ قالَ: ليسَ على النِّسَاءِ سَعْيٌ بالبيتِ، ولا بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ.

907- (أخبرنا) : عبدُ اللَّه بن المُؤمل العائذيّ، عن عُمَرَ بن عبد الرحمن بن مُحَيْصِنٍ، عن عَطَاء بن أبي ربَاح، عن صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قالت: -أخبرَتْني بِنْتُ أبي تَجْرَاة، إحدَى نِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ قالت: دَخَلْتُ معَ نِسْوَةٍ من قُريْشٍ دَارَ أبي حُسَيْن نَنْظُرُ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم وهُو يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوةِ، وإنّ مِئْزَرَه لَيَدُورُ مِنْ شِدَّةِ السَّعْي، -[352]- حتى لأَقُولُ: إِنِّي لأَرَى رُكْبَتَيْهِ، وسَمِعْتُهُ يَقُولُ: إسْمَعُوا، فإِنَّ اللَّه عَزَّوجلَّ كتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْيَ" قَرَأ الربيعُ: حتى إِنِّي لأَقُولُ (السعي من خصائص الرجال لأنه يستلزم كشف بعض العورة التي أمرنا بسترها وقد تقدم بيان اختصاصه بالرجال وقوله: وإن مئزره ليدور دليل على قوة الرسول وشدة هرولته في سعيه صلى اللَّهُ عليه وسلّم هذا ولم أعثر في كتب الأسماء على بنت أبي تجراة وأخشى أن يكون فيه تصحيف) .

909- (أخبرنا) : مالكٌ، عن محمدٍ بن أبي بكر الثقفيِّ: -أنَّهُ سَألَ أنَسَ بن مالكٍ وهما غادِيَانِ من مِنىً إلى عَرَفَة كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُون في هذا اليوم مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم؟ قال: كان يُهِلُّ منا فلا يُنْكِرُ عَلَيْهِ، وَيُكَبِّرُ المُكَبِّرُ مِنَّا فلا يُنْكِرُ عَلَيْهِ (غاديان: ذاهبان من غدا يغدو غدواً: ذهب غدوة وهي مابين صلاة الصبح وطلوع الشمس ثم كثر حتى استعمل في الذهاب والإنطلاق أي وقت كان ويهل المهل: يرفع صوته بالتلبية ويكبر المكبر: يقول اللَّه أكبر أي كان فريق منهم يلبي وآخر يكبر فأفاد جواز الأمرين التلبية والتكبير لأن أحداً لم ينكر على أحد ما أتى منهما قال النووي: فيه دليل على استحبابهما) .

910- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن عمرو بن دينارٍ قال: -مَنْ رَأى ابْنَ عَبَّاسٍ يأتِي عَرَفَةَ بِسَحَرٍ (السحر بفتحتين آخر الليل قبيل الصبح والمراد به التبكير بالذهاب إلى عرفة) .

911- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد وغَيْرُهُ، عن جَعْفر بن محمد، عن أبيه، عن جابِرٍ في حِجَّةِ الإِسْلامِ قال: -فَرَاحَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلّمَ إلى المَوْقِفِ -[353]- بِعَرَفَةَ، فَخَطَبَ النَّاسَ الخُطبَةَ الأُولَى، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ، ثُمَّ أخَذَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلّم في الخطبة الثانيةِ، فَفَرَغَ من الخِطْبَةِ وبِلالٌ مِن الأذانِ، ثم أقامَ بِلاَلٌ، فَصُلِّي الظُهْرُ ثم أَقَامَ بِلاَلٌ، فَصُلِّي العَصْرُ (الحديث في الجمع بين الظهر والعصر بعرفة بأذان واحد وإقامتين إقامة للظهر وأخرى للعصر) .

912- (أخبرنا) : محمدٌ بنُ إسماعيلَ بهذا، وعبدُ اللَّه بن نَافِعٍ، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن ابن شِهابٍ، عن سالم، عن أبيه: -قال أبو العباس بذلك. قال الشافعي رَضي اللَّهُ عنهُ: والَّذي قُلتُ بِعَرَفَةَ من أذَانٍ وإقاَمَتَينِ شئٌ (هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة ولا معنى له لأن الإخبار عن الأمر بأنه شئ بدون وصف الشيء بالحسن أو القبيح أو القدم أو الحدوث مثلا كلا إخبار ويظهر أن كلمة شئ مصحفة عن سني من السناء وهو الرفعة واللَّه أعلم) .

913- (أخبرنا) : ابْنُ أبي يَحْيَ، عن جَعْفَر بْن محمدٍ، عن أبيهِ، عن جابِرِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ: -عن النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلّم يَعْنِي به.

914- (أخبرنا) : أَنَسُ بْنِ عِيَاضٍ، عن مُوسى بنِ عُقْبَةَ، عن نافِعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، أنَّهُ قال: -مَنْ أدْرَكَ لَيْلَةَ النَّحْرِ من الحَاجِّ مَوْقِفاً بِجِبَالِ عَرَفَةَ قَبْلَ أنْ يَطْلُعَ الفجْرُ، فَقَدْ أدْرَكَ الحجَّ، ومَنْ لَمْ يُدْرِكْ عَرَفَةَ فَيَقِفْ بها قَبْلَ الفجْرِ فاتهُ الحجُّ، فَلْيَأتِ البَيْتَ، فَلْيَطُفْ بهِ سبعاً، ويَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوةِ سبعاً، ثمَّ لْيَحْلِقْ ولْيَقْصِّرْ إنْ شاءَ، وإنْ كان معه هَدْيُهُ، فَلْيَنْحَرْهُ قَبْلَ أنْ يَحْلِقَ، فإذَا فَرغَ مِنْ طَوافِهِ وسَعْيِهِ فلْيَحْلِقْ أو يُقْصِّرْ، ثمَّ لْيَرْجِع إلى أهْلِهِ إنْ شاء، فإنْ أدْرَكَهُ الحجَّ مِنْ قَابِلَ، فَلْيَحِجَّ إِن -[354]- اسْتَطاعَ، ولْيُهدِ هَدْياً، فإنْ لَمْ يجد هَدْياً فَلْيَصُمْ عنه ثلاثَةَ أيَّامٍ في الْحَجِّ وسَبْعَةً إذَا رَجعَ إلى أهْلِهِ.

915- (أخبرنا) : سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عمرو بن عبدِ اللَّه بْنِ صَفوانَ، عن خَالٍ له إنْ شاءَ اللَّهُ يُقالُ له: يَزيدُ بنُ شَيْبَانَ قال: -كُنَّا في مَوْقِفٍ لناَ بِعَرَفَةَ يُبَاعِدِهُ عمرو بن دينارٍ مِنْ مَوْقِفِ الإِمَامِ جدا، فأتاناَ ابْنُ بزيغ الأَنْصَارِيُّ، فقال لنا: إنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم إليكُمْ، إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم يأمُرُكُمْ أنْ تَقِفُوا عَلَى مَشَاعِرِكُم هذه، فإنَّكُمْ على إِرْثٍ مِنْ إِرْثِ أبيكُمْ إبْرَاهِيمَ عليه السلام -[355]- (ابن يزيغ هو في النسخ التي نقلنا منها بالغين المعجمة والذي عثرت عليه في القاموس تمام بن بزيع وصبح بن بزيع كأمير، وهما بالعين المهملة، وقال بجوار منهما محدث؟؟ والأول بالزاي والآخر بالذال واللَّه أعلم أيهما المراد، وقوله في موقف يباعده عمرو بن دينار من موقف الإمام، أي يذكر أنه بعيد من موقف الإمام جدا، وسيق هذا الحديث لبيان أن كل موضع من عرفة موقف، والخطاب لقريش لأنهم كانوا يقفون بالمزدلفة ولا يخرجون إلى عرفات ويقولون نحن سكان بيته ولا نخرج من حرمه، فلما حج النبي ظنوا أنه يوافقهم ويقف بمزدلفة فجاوزها إلى عرفة وحضهم بقوله «إنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم» على الوقف بعرفة. والمشاعر: جمع مشعر وهو المعلم والمتعبد من متعبدا نه [متعبداته؟؟] ، والمشاعر المعالم التي ندب اللَّه إليها وأمر بالقيام عليها، ومنه المشعر الحرام لأنه معلم للعبادة وموضع، ويقولونه بفتح الميم وكسرها ولا يكادون أن يقولونه بغير الألف واللام، ومنه {فاذكروا اللَّه عند المشعر الحرام} وهو مزدلفة وهي جمع تسمى بها جميعا، والمشعر والشعار بمعنى واحد، وشعار الحج مناسكه وعلاماته وآثاره وأعماله، جمع شعيرة، وكل ما جعل علم لطاعة اللَّه كالوقوف والطواف والسعي والرمح والذبح ورفع الصوت بالتلبية، والإرث مصدر ورث واسم للمال الموروث، والمناسب هنا أي أنكم على عبادة موروثة عن أبيكم إبراهيم يقول إن هذه عبارة قديمة موروثة عن أبيكم إبراهيم فلا تتهاونوا فيها ولا تحجموا عنها) .

916- (أخبرنا) : مُسلمُ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيج، عن مُحمدِ بنِ قَيْسٍ ابْنِ مَخْرَمَةَ، قال: -خَطبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم فقال: " إنَّ أهْلَ الجاهلية كَانُوا يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أنْ تَغِيبَ الشَّمسُ، ومن المُزْدَلِفَةِ بَعْدَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمٍسُ حِينَ تكون الشَّمْسُ كأنَّها عَمَائِمُ الرجال في وجُوهِهِمْ، وإنَّا لا نَدْفَعُ من عَرَفَة حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، نَدْفَعُ من المُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ هَدْيُناَ مُخالِفٌ لِهَدْيِ أهْلِ الأوْثَانِ والشِّرْكِ (سرفع من عرفة: ابتدأ السير ودفع نفسه منها ونحاها أو دفع ناقته وحملها على السير وقوله حين تكون الشمس كأنها عمائم الرجال جمع عمامة أي حين تكون الشمس كالعمامة في الاستدارة وذلك قبيل الغروب أو كالعمائم أي حين تدنوا من للغروب وتكون كالعمائم للجبال أي فوقها كالعمائم فوق الرءوس وقوله هدينا مخالف لهدي الأوثان أي سيرتنا وطريقتنا مخالفان لسيرتهم وطريقتهم) .

917- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال الشافعي رضي اللَّه عنه: وأخبرني مُسلمٌ، عن ابن جُرَيج، عن مُحمدِ بنِ قَيْسٍ بْن مَخْرَمَةَ زاد أحَدُهُمَا على الآخرَ، واجتَمَعَا في المعنى: -أنَّ النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلّم قال: "كان أهْلُ الجاهلية يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أنْ تَغِيبَ الشَّمسُ، ومن المُزْدَلِفَةِ بَعْدَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ، ويَقُولُونَ: أشْرِقْ ثَبِيرُ كيْما نُغيرُ، فَأَخَّرَ اللَّهُ هذهِ وَقَدَّمَ هذهِ، يعني قَدَّمَ المُزْدَلِفَةِ قَبْلَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ، وأَخَّرَ عَرَفَةَ إلى أنْ تَغِيبَ الشَّمسُ -[356]- (أشرق ثبير إلخ ثبيرككريم: جبل بين مكة ومنى ويرى من منى وهو على يمين الداخل منها إلى مكة وأشرق أشرقت عليه الشمس فأضاء وأشرقت الأرض: أنارت وأشرق القوم: دخلوا في وقت الشروق كأصبحوا وأظهروا والمعنى أدخل أيها الجبل في الشروق وهو ضوء الشمس كيما نغير أي ندفع للنحر والإغارة الدفع وكانوا يقولون ذلك في الجاهلية وكانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس فخالفهم الرسول ويقال كيما ندفع في السير من قولك أغارة إغارة الثعلب أي أسرع ودفع في عدوه) .

918-مُسلمُ بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيج، عن ابن الزُّبَيْرِ، عن جابِرِ: -مثله.

919- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: -كان أهْلُ الجاهلية يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ أنْ تَغِيبَ الشَّمسُ، ومن المُزْدَلِفَةِ بَعْدَ أنْ تَطْلُعَ الشَّمسُ، وتقُولُ: أشْرِقْ ثَبِيرُ كيْما نُغيرُ، فَأَخَّرَ اللَّهُ تعالى هذهِ وَقَدَّمَ هذهِ.

920- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن محمد بنِ المُنْكَدِرِ، عن سَعيد بن عَبْدِ الرحمن ابنِ يَرْبُوعٍ، عن أبي الحُوَيْرِثِ قال: -رَأيْتُ أبا بكرٍ الصديق وَقِفاً على قُزَحَ، وهُو يقولُ: أيُّها الناسُ أصْبِحُوا، ثمَّ دَفَعَ فَرَأيْتُ فَخِذَهُ مما يَخْرِشُ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنَهِ -[357]- (قزح كعمر: جبل بالمزدلفة وقال ابن الأثير: هو القرن الذي يقف عنده الإمام بالمزدلفة ولا ينصرف للعلمية والعدل كعمر وقوله أيها الناس أصبحوا أي انتبهوا وأبصروا رشدكم وما يصلحكم ثم دفع أي أسرع فرأيت فخذه مما يخرش بعيره بمحجنه أي يضربه به ثم يجذبه إليه يريد تحريكه للإسراع وهو شبيه بالخدش والنخس والمحجن: العصا المعقفة الرأس وفي الحديث الآتي يأيها الناس أسفروا ويفسر ذلك حديث أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر أي صلوا صلاة الفجر بعد ما يتبين الفجر ويظهر ظهوراً لا إرتياب فيه وكلمن نظر إليه عرف أنه الفجر الصادق وعلى هذا يكون معنى قوله أصبحوا وأسفروا أي بالصبح قال ابن الأثير يحتمل أنه حين أمرهم بتغليس صلاة الفجر في أول وقتها كانوا يصلونها عند الفجر الأول حرصا ورغبة فقال أسفروا بها أي أخروها إلى أن يطلع الفجر الثاني وتحققوه ويقوى ذلك أنه قال لبلال نوربالفجر قدرمايبصر القوم مواقع نبلهم وقيل الأمر بالإسفار خاص بالليالي المقمرة لأن أول الصبح لا يتبين فيها فأخروا بالإسفار احتياطا) .

921- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن محمد بنِ المُنْكَدِرِ، عن سَعيد بن عَبْدِ الرحمن بنِ يَرْبُوعٍ، عن جُوَيْبِر بْنِ الحُوَيْرِثِ قال: -رَأيْتُ أبا بكرٍ واَقِفاً على قُزَحَ، وهُو يقولُ: يا أيُّها الناسُ أسْفِرُوا، ثمَّ دَفَعَ فَكَأَنِّي أَنْظُر إلى فَخِذَهُ مما يَخْرِشُ بَعِيرَهُ بِمِحْجَنَهِ.

922- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن سالم، عن أبيه: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلّم صَلَّى المغرِبَ والعِشَاءَ بالمُزْدَلِفَةَ جَمْعاً (أي جمع تأخير والسنة في هذا الموضع تأخير المغرب إلى العشاء والجمع بينهما ولو صلاهما في طريقه أو صلى كل واحدة في وقتها وفاتته الفضيلة وقال بعض المالكية إن صلى المغرب في وقتها لزمه إعادتها وهو ضعيف كما قال النووي) .

923- (أخبرنا) : سُفْيانُ أنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أبي يَزِيدَ، يقُولُ: سمعت ابنَ عَباسٍ رضي اللَّه عنهما يَقُولُ: -كُنْتُ فِيمَنْ قَدَّمَ رسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من ضَعَفَةِ أهْلِهِ من المُزْدَلِفَةِ إلى منىً (في بعض الأحاديث أن سودة استأذنت رسول الله أن تفيض من جمع بليل فأذن لها فدل هذا على جواز الدفع من مزدلفة قبل الفجر والصحيح المبيت بالمزدلفة ليلة النحر واجب عند الشافعي أن تركه لزمه دم وقيل هو سنة من تركه فاتته الفضيلة ولا دم عليه وهو قول للشافعي وقالت طائفة لا يصح حجه) .

924- (أخبرنا) : الشافعيُّ، عن داودَ بنِ عبد الرحمنِ العَطَّار، وعبد العزيز ابْنِ مُحمدٍ الدَّرَاوَرْدِي، عن هِشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، قال: -دارَ -[358]- رسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم إلى أمِّ سَلَمَةَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأمَرَها أنْ تعَجِّلَ الإفَاضَةَ من جَمْعٍ حتى تَأتِي مَكَّةَ فَتُصَلِّي بها الصُّبْحَ، وكانَ يَوْمَهَا، فأَحَبَّ أنْ تُوَافيه (دار رسول الله إلى أم سلمة أي رجع إليها فأمرها أن تعجل الإفاضة أي السير من الجمع أي المزدلفة سميت جمعا لإجتماع الناس بها أو لأن آدم اجتمع فيها بحواء حين هبطا من الجنة (وكان يومها) أي كان اليوم يومها فأحب أن توافيه) .

925- (أخبرنا) : مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنَ المَشْرِقِييِّنَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه: عن زَيْنَبَ بِنْتِ أمِّ سَلَمَةَ: -عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

926- (أخبرنا) : مُسلمُ بنُ خالد، ٍو سَعيدُ بن سَالم، عن عَطَاءٍ، عن عَبْدِ اللَّه بْنِ عَبَّاسٍ، أخْبَرَني الفضْلُ بنُ عباس: -أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أَرْدَفَهُ مِنْ جَمْعٍ إلى منىً، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي، حتى رَمَى الْجَمْرَةَ (هو دليل على استدامة التلبية حتى يفرغ من رمي جمرة العقبة وبه قال أحمد وإسحاق وبعض السلف ورواية مسلم لم يزل يلبي حتى بلغ الجمرة وهي تدل على استدامة التلبية حتى الشروع في رمي جمرة العقبة غداة يوم النحر وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة وسفيان الثوري وأردفه أركبه وراءه وجمع هي المزدلفة كما مر) .

927- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن مُحمدِ بنِ أبي حَرْمَلَةَ، عن كُرَيْبٍ مَولَى ابنِ عباسٍ، عن الفَضْل: -عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.

928- (أخبرنا) : الثِّقَةُ، أنْبَأَنَا: ابنُ أبي نُجَيحٍ، أو سُفيانُ، أوْ هُما، عن هِشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه: -أنَّ ابْن عُمَرَ كان يُحَرِّكُ ف مُحَسِّرٍ، ويَقُولُ شِعراً: -[359]- إلَيْكَ تَعْدو قَلِقاً وضِّينُهَا * مُخَالِفاً دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا (محسر بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة: موضع بمنى وقيل واد بين عرفات ومنى والوضين للهودج بمنزلة البطان للقتب والتصدير للرحل والحزام للسرج وقيل هو بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل على البعير ووضين قلق: سريع الحركة فهو وصف بالخفة وقلة الثبات كالحزام إذا كان رخوا وفي اللسان أنشد أبو عبيدة: إليك تعدو قلقا وضينها * معترضا في بطنها جنينها مخالفا دين النصارى دينها أراد دينه لأن الناقة لا دين لها قال ابن بري وهذه الأبيات يروى أن ابن عمر أنشدها لما اندفع من جمع ووردت في حديثه أراد أنها قد هزلت ودقت للسير عليها قال ابن الأثير أخرجه البروي والزمخشري عن ابن عمر وأخرجه الطبراني في المعجم عن سالم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفات وهو يقول: إليك تعدو قلقا وضينها اهـ وتعدو: تقارب الهرولة ومشيها والعدو دون الجري) .

929- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه قال: - دَفَعَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من المُزْدَلِفَةَ، فَلَمْ تَرْفَعْ نَاقَتُهُ يَدَهَا وَضِعَةً، أي مُسْرِعَة حتى رَمى الْجَمْرَةَ (دفع رسول الله من المزدلفة: ابتدأ السير ودفع نفسه منها ونحاها أو دفع ناقته وحملها على السير «ولم ترفع ناقته يدها إلى منى أي وقفت» واضعة" مقيمة ترعى الحمض أو راعية الحمض تفيد كونه حول الماء أي أنها ظلت واقفة ترعى الحمض حتى رمى رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الجمرة والجمرة اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأها من سائر القبائل ومن هذا قيل لمواضع الجمار التي ترمى بمنى جمرات لأن كل مجمع حصى فيها جمرة وهي ثلاث جمرات اهـ لسان قال الفيومي: وكل شئ جمعته فقد جمرته ومنه الجمرة وهي مجتمع الحصى بمنى فكل كوتة من الحصى بمنى جمرة وجمرات من ثلاث بين كل جمرتين نحو غلوة سهم) .

930- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالمٍ القَدَّاحُ، عن أيْمَنَ بْنِ نَابِلٍ، أخبرني: قُدَامَةُ بنُ عَبدِ اللَّهِ بنِ عَمَّار الكِلابي، قال: -رأيت النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم يَرْمِي الْجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ على نَاقَةٍ صَهْبَاءَ، لَيْسَ ضَرْبٌ، ولا طَرْدٌ، ولَيْسَ -[360]- قِيلُ إليْكَ إليْكَ (قال سيبويه وقالوا إليك إذا قلت تنح وفي حديث الحج وليس ثم طرد ولا إليك إليك قال ابن الأثير هو كما تقول الطريق الطريق ويفعل بين يدي الأمراء ومعناه تنح وابعد وتكريره للتأكيد اهـ لسان وخبر ليس محذوف تقديره وليس هنالك ضرب ولا طرد ولا قيل إليك إليك أي لم يكن يعمل لرسول الله في ذلك الوقت ما يعمل للعظماء أو للملوك إذا حضروا من ضرب الناس وطردهم وتنحيتهم وشتمهم كما نسمع عنه الآن منعا للزحام وإبعاد الناس عنهم أي لم يكن يصاحب حضور رسول الله في هذا الوقف شئ من تلك المظاهر التي اعتدنا أن نراها من الشرطة حين حضور العظماء وكبار الحكام المحافل والمجتمعات لأن رسول الله لا يرضى أن يؤذي أحدا بسببه ولا أن يظهر بمظهر العظمة والسيطرة وأخذ النماس بالشدة والعنف والصهباء حمراء يعلوها سواد وقيل الحمراء وقيل الشقراء وهي التي تخلط بياضها حمرة وقيل البيضاء وقد أخذته الشافعية في استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر من ركوب لمن وصل منى راكبا وأما من وصلها ماشيا فيرمها ماشيا وهذا في يوم النحر وأما يوما التشريق الأولان فالسنة أن يرمي فيهما ماشيا وفي اليوم الثالث يرمي راكبا وينفرد في هذا كله مذهب الشافعي ومالك وقال أحمد يستحب أن يرمي يوم النحر ماشيا وكان ابن عمربن الزبير وسالم يرمون مشاة في هذا وأيمن الذي في سند هذا الحديث بفتح الهمزة والميم وهو في الأصل لمن يعمل بيمناه أو للميمون أي المبارك ثم استعمل علما وهو ابن نابل بنون فباء موحدة فلام وكان في الأصل نائل كما أن قدامة بن عبد الله بن عمار كان في الأصل ابن عمير في نسخة وعمران في أخرى فصححنا هذا وذاك من الخلاصة وأسماء رواة البخاري) .

931- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ جُرَيْج، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ: -أنَّهُ رَأَى النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم رَمَى الْجِمَارَ بِمِثْلِ حَصَى الْخُذْفِ -[361]- (الخذف بالخاء المعجمة مصدر خذفه يخذفه بمعنى رماه بصغار الحصاء فالخذف رميك بحصاة أو نواة تأخذها بين سبابتيك وقال الأزهري هو الرمي بالحصى الصغار بأطراف الأصابع اهـ وفيه دليل على استحباب كون الحصى في هذا القدر وهو كقدر حبة الباقلا ولو رمى بأكبر أو أصغر جاز مع الكراهة وفي النهاية لأبن الأثير في حديث رمي الجمار عليكم بمثل حصى الخذف أي صغارا والحديث الثاني في معنى هذا الحديث ولا جديد بينه أي أنهما في الحث على الرمي بالحصا الصغار فيفيدان هما وما في معناهما من الأحاديث استحباب ذلك ومنه الجمرة وهي مجتمع الحصى بمنى) .

932- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن حُميد بن قَيس، عن مُحمدِ بن إبراهيمَ بن الحارِث التَّيْمِيِّ، عن رَجُلٍ من قومه بني تَيْمٍ، يُقَالُ لهُ مُعَاذُ، أو ابن مُعاذ: -أنَّ النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم كان يُنْزِلُ الناسَ بمنىً مَنَازِلَهُمْ، وهو يقُولُ: «أَرْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ» .

933- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، عن ابن عُمرَ،: -أنَّهُ كانَ يقُولُ: مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْيِ بَعِيرٌ أوْ بَقَرَةٌ.

934- (أخبرنا) : مالكٌ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابرٍ قالَ: -نَحَرْناَ مَعَ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم عامَ الحُدَيْبِيَةِ البَدَنَةَ عن سَبْعَةٍ، وَالبقَرَةَ عن سَبْعَةٍ (وفي الحديث دلالة على جواز الإشتراك في الهدي وبه أخذ الشافعي وأحمد وجمهور العلماء وقال داود يجوز الإشتراك في هدي التطوع دون الواجب وقال مالك لا يجوز مطلقا وقال أبو حنيفة يجوز إن كانوا كلهم متقربين والبدنة ناقة أو بقرة أو بعير ذكر) .

935- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافع، أن ابن عُمرَ: -كان إذَا حَلَقَ فِي حَجٍّ أو عُمْرَةٍ أخَذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وشاَرِبِهِ (ظاهر هذا أن التقصير يشمل تقصير اللحية والشارب لا الرأس فقط) .

936- (أخبرنا) : يَحْيَ بنُ سُلَيم، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ، عن نافع، عن ابن عُمَرَ: -أنَّ النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم رَخَّصَ لأَهْلِ السِّقَايَةِ مِنْ أهْلِ بَيْتهِ، أمْ يَبِيتُوا بمكة لَياَلِيَ مِنىً -[362]- (يؤخذ منه أن المبيت بمنى أيام التشريق مأمور به واختلفوا أواجب هو أم سنة وللشافعي فيه قولان أصحهما الوجوب وبه قال مالك وأحمد والثاني سنة وبه قال أبو حنيفة فمن أوجبه أوجب الدم في تركه ومن قال بسنيته لم يوجب ذلك وهل يبيت معظم الليل أو يكفي ساعة هما قولان للشافعي وفهم منه أيضا جواز ترك هذا المبيت لأهل السقاية وأن يذهبوا إلى مكة ليستقوا بالليل الماء من زمزم ويجعلوه في الحياض مسبلا للشاربين وهو جائز لكل من يتولى السقاية وكذا لو حدثت سقاية أخرى كان لأهلها هذا الحق) .

937- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ جُرَيْج، عن عَطَاءٍ: - مِثْلَهُ وزادَ عَطاءٌ من أجْلِ سِقَايَتِهِمْ.

938- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن أبي حُسَيْن، عن أبي عَلِيِّ الأزْدِيّ قال: -سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ يَقُولُ لِلْحَالِقِ: يَاغُلاَمُ ابْلُغِ العَظْم، وإنْ قَصَّرَ أخَذَ مِنْ جَانِبِهِ الأيْمَنِ قَبلَ جانبهِ الأيْسَر (أبلغ العظم يريد المبالغة في الحلق واستقصاء أخذ الشعر قال الشافعي: والعظم هوا لذي عند منقطع الصدغين وإذا قصر بدأ بالجانب الأيمن إلخ يدل على أن السنة البدء بالجانب الأيمن ويؤيده الحديث الذي يليه ويشير الحديث إلى جواز الأمرين الحلق والتقصير لكن في الحديث الصحيح يرحم اللَّه المحلقين مرة أو مرتين ثم قال والمقصرين فدل على تفضيل الحلق وهذا مجمع عليه من العلماء واجمعوا على أن الأفضل حلق جميع الرأس أو تقصيره جميعه واختلفوا في أقل ما يجزي فيهما فعند الشافعي ثلاث شعرات وعند أبي حنيفة ربع الرأس وعند مالك وأحمد أكثر الرأس والمشروع في حق النساء التقصير ويكره لهن الحلق) .

939- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن عمْروبنِ دِينارٍ، قال: -أخْبَرَنِي حَجَّامٌ أنَّهُ قَصَّرَ لإبن عباسٍ فقال: ابْدَأْ بِالشِّقِّ الأيْمَنِ.

940- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن سُلَيمانَ الأَحْولِ، وهو سُلَيمانُ بن أبي مُسلم خالُ ابن أبي نُجيْحٍ، وكان ثِقَةً، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ قال: -كانَ الناسُ يَنْصَرِفُونَ لكُلّ وَجْهٍ، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: -[363]- "لاَ يَصْدُرَنَّ أحَدٌ من الحج حتى يكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالبَيْت (كان الناس ينصرفون لكل وجه أي يذهبون لأوجه مختلفة قاصدين إلى بلادهم من قبل أن يطوفوا طواف الوداع فنهاهم الرسول عن الذهاب إلى بلادهم قبل الطواف بالبيت بقوله لا يصدرن أحد أي لا يرجعن أحد إلخ) .

941- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهُ قال: - «لاَ يَصْدُرَنَّ أحَدٌ من الحاجِّ، حتى يكونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالبَيْت، فإنَّ آخِرَ النُّسْك الطَّوَافُ بِالبَيْتِ (لا يصدرن أحد أي لا يرجعن إلى بلده (من الحاج) أي الحجاج فالحاج إسم جنس وقد يكون إسما للجمع كالجامل والباقر كما قال صاحب التاج» حتى يكون آخر عهده بالبيت «أي يطوف» فإن آخر النسك"بضمتي النون والسين أو بضم فسكون: الطاعة والعبادة وكل ما تقرب به إلى الله تعالى وما أمرت به الشريعة وفي الحديث وما يليه دلالة لمن قال بوجوب طواف الوداع وأنه إذا تركه لزمه دم وهو الصحيح من مذهب الشافعية وبه قال أبو حنيفة وأحمد وقال مالك وداود هو سنة لا شئ في تركه) .

942- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، أن عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهُ قال: - "لاَ يَصْدُرَنَّ أحَدٌ من الحاجِّ، حتى يطُوفَ بِالبَيْت، فإنَّ آخِرَ النُّسْك الطَّوَافُ بِالبَيْتِ قال مالكٌ: وذلكَ فيما نرَى، واللَّهُ أَعْلَمُ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّوَجَلَّ: (ثُمَّ مَحِلُّهَا إلَى البَيْت العَتِيقِ) ، مَحَلَّ الشَّعائِرِ، وانْقِضَاؤهَا إلى البَيْت العَتِيق -[364]- (المعنى المتبادر من قوله تعالى «ذلك ومن يعظم شعائر اللَّه فإنها من تقوى القلوب لكم قيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق» إن المراد من الشعائر البدن والمهداة لأنها تشعر أي تعلم بالوخز بالسكين وإسالة الدم ومنافعها الركوب والنسل واللبن والصوف ينتفعون بها في هذه الأمور إلى أن تنحر وتعظيمها بتخير الجيد منها الحسن السمين الغالي الثمن فإن تعظيمها من أفعال ذي تقوى القلوب ثم هي وقت نحرها منتهية إلى البيت أي ما يليه من الحرم وقد رجح هذا الوجه البيضاوي وغيره قال وهو أوفق لظاهرما بعده وقيل المراد من الشعائر مواضع الحج لكم في تلك المواضع منافع بالأجر بأداء ما يلزم أداؤه فيها إلى أجل مسمى وهو القضاء أيام الحج ثم محلها أي محل الناس من إحرامهم إلى البيت العتيق أي منته إليه بأن يطوفوا به طواف الزيارة يوم النحر وروى نحو ذلك عن مالك الموطأ اهـ من البيضاوي والألوسي) .

943- (أخبرنا) : مُسْلمٌ، عن سُلَيمانَ الأَحْولِ، عن طاووسٍ، عن ابن عباسٍ قال: -أُمِرَ الناسُ أنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبيت، إلا أنَّه رُخِّصَ لِلْمَرْأَةِ الحائِضِ (هذا دليل لوجوب طواف الوداع على غير الحائض وسقوطه عنها وأنه لا يلزمها دم إذا بتركه وهو مذهب الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة وحكى عن عمر وزيد بن ثابت أنها مأمورة بالمقام لطواف الوداع وهذا الرأي محجوج بالحديث والذي يليه) .

944- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن ابنِ طاووسٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قال: - أُمِرَ الناسُ أنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بالبيت، إلا ... إلى آخِرِه.

945- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عمْروبنِ دِينارٍ، وإبراهيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عن طاووسٍ قال: -جَلَسْتُ إلى ابنِ عُمَرَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لا يَنْصَرِفْ أحَدُكُمْ حتى يَكونَ آخِرُ عَهْدِهِ بالبيت، فَقُلْتُ: مَالَهُ أَمَا سَمِعَ أصحابه؟ ثم جَلَسْتُ إليه مِنَ العاَمِ المُقْبِلِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: زَعَمُوا أنَّهُ رُخِّصَ للمرْأةِ الحائض -[365]- (رخص للمرأة الحائض أي في ترك طواف الوداع لأن حيضها عاقها عن أدائه بصيرورتها غير أهل لهذه العبادة وفي إبقائها وتأخيرها إلى أن تطهر ثم تؤديه مشقة عليها فأعفيت منه هذا هو مذهب العلماء كافة) .

946- (أخبرنا) : سَعيدُ بن سَالم، عن ابنِ جُرَيْج، عن الحَسَنْ بن مُسْلم، عن طاووسٍ قال: -كُنْتُ مع ابن عباس إذْ قالَ لهُ زَيْدٌ بنُ ثابِتٍ: أَتُفْتِي أنْ تَصْدُرَ الحائضُ قَبل أنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالبَيْتِ؟ قال: نَعَمْ، قال زَيْدٌ: فلاَ يُفْتى بذلك، فقال ابن عباسٍ: إمَّا لاَ، فاسْأَلْ فُلاَنَةَ الأنْصَارِيَّةَ هَلْ أمَرَهَا رسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم؟ قال: فَرَجَعَ زَيْدٌ بنُ ثابِتٍ يَضْحَكُ، فقال: مَأرَاكَ إلاَّ صَدَقْتَ (ظاهر من الحديث أن زيد بن ثابت كان مخالفا في إعفاء المرأة الحائض من طواف الوداع ولكنه بعد مناقشة بن عباس وسؤاله الأنصارية عاد معترفا بصدق ابن عباس وظاهر هذا عدوله عن رأيه الأول فذكر العلماء خلافه في هذه المسألة مبني على رأيه الأول قبل أن يصنفه ابن عباس واللَّه أعلم) .

947- (أخبرنا) : مالكٌ، عن أبي الرَّجَّالِ، عن أُمِّهِ عَمْرَةَ: -أنَّهاَ أخْبَرَتْهُ أنَّ عائشةَ رَضي اللَّهُ عنها، كانتْ إذَا حَجَّتْ مَعَهاَ نِسَاءٌ تَخَافُ أنْ يَحِضْنَ، قَدَّمَتَهُنَّ يَوْمَ النَّحْرِ، فَأَفَضْنَ، فإِنْ حِضْنَ بَعْدَ ذلِكَ لَم تَنْتَظِرْ لَهُنَّ أنْ يَطْهُرْنَ فَتَنْفِرُ بِهِنّ وهُنَّ حُيَّضٌ (الإفاضة والنفر والدفع كلها بمعنى واحد وهذا احتياط من السيدة عائشة لتمكين النسوة من إحراز ثواب طواف الوداع والحيلولة بين النسوة وحرمانهن منه وقد أرادت به أن يسرعن بالطواف فيسبقن به الحيض حتى لا يحرمن ثوابه ولا يدخل عليهن الغم بحرمانهن منه) .

948- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن أيُّوبَ، عن القاسم بنِ مُحمدٍ: -أنَّ عائشة كانت تأمُرُ النِسَاءَ أنْ يُعَجِّلْنَ الإِفَاضَةَ مَخَافَةَ الْحَيْضِ -[366]- (الإفاضة سرعة الركض والإفاضة من عرفات: الدفع منها وأفاض الناس من منى إلى مكة يوم النحر: رجعوا إليها ومنه طواف الإفاضة أي طواف الرجوع من منى إلى مكة وأصل الإفاضة الصب فاستعيرت للدفع في السير يقال فاض الماء كثر وتدفق وأفاض الماء على نفسه صبه فالأصل أفاض نفسه أو راحلته ولم يذكروا المفعول حتى أشبه الفعل اللازم فقوله يعجلن الإفاضة أي الإندفاع من منى إلى مكة ليطفن طواف الإفاضة قبل أن يعوقهن طروء الحيض عن أدائه هذا وأجمع العلماء على أن طواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يصح بدونه واتفقوا على أنه يستحب أن يكون يوم النحر بعد الرمي والنحر والحلق فإن آخره عن يوم النحر وإن أتى به أيام التشريق أجزأه ولادم عليه اتفاقا وكذلك إن أخره إلى بعد أيام التشريق عند الشافعية وقال مالك وأبو حنيفة إذا أخره طويلا لزمه معه دم أما طواف الوداع فتقدم أنه واجب عند أبي حنيفة وأحمد وفي الصحيح من مذهب الشافعية وإن تركه لزمه دم وسنة عند مالك وداود ولاشئ في تركه فوضح الفرق بين الطوافين وتقدم الكلام في أنه رخص للحائض في ترك طواف الوداع وأنها لا تكلف الإنتظار إلى أن تطهر ثم تأتي به وذلك بخلاف طواف الإفاضة فإنه ركن لا بد من أدائه فإذا طرأ الحيض على المرأة اضطرت إلى إنتظار الطهر وأدائه وهذا هو السر في أمر عائشة النساء أن يعجلن بالإفاضة وفي مسلم قالت صفية ما أراني إلا حابستكم قال لها وماكنت طفت يوم النحر قالت بلى قال لا بأس انفري وذلك أن صفية حاضت قبل طواف الوداع فلما أراد النبي الرجوع إلى المدينة قالت ما أظنني إلا حابستكم لإنتظار طهري وطوافي للوداع وظننت أن طواف الوداع لا يسقط عن الحائض فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما كنت طفت طواف الإفاضة يوم النحر؟ قالت بلى قال يكفيك ذلك لأنه هو الركن الذي لا بد من أدائه وأما طواف الوداع فلا يجب على الحائض) .

949- (أخبرنا) : مالكٌ، عن هِشَامٍ، عن أبيهِ، عن عائشةَ: -أنَّ رسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ذَكَرَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، فَقِيلَ إنَّها قَدْ حاَضَتْ، فقال رسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: "أحَابِسَتُنَا؟ قيل: إنَّها قَدْ أفَاضَتْ، قالَ فَلاَ إذاً " قال مالكٌ، قال هشامٌ، قال عُرْوَةَ، قالت عائشةُ: نَحْنُ نَذْكُرُ ذلكَ، فَلِمَ يُقَدِّمُ الناسُ نِسَاءَهُمْ إنْ كان لاَ يَنْفَعَهُمْ، ولو كانَ ذلك -[367]- الذي يَقُولُ لأَصْبَح بِمِنىً أكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ لآلاَفِ امْرَأَةٍ حَائِضٍ (أحابستنا أي أمانعتنا من السفر إنتظاراً لطهرها وطوافها فقيل له إنها أفاضت أي طافت طواف الإفاضة قبل أن تحيض فقال فلا إذا أي أنها ليست بحابستنا ما دامت قد أفاضت ومن هذا يتبين أنهم يطلقون الإفاضة على طواف الإفاضة لأنها سببه وفي رواية مسلم أفاضت وطافت وقول عائشة نحن على ذكر من قصة صفية في هذا الأمر ثم أرادت أن تقرر هذا الحكيم وهو التعجيل بالإفاضة مخافة الحيض فقالت إنه لولا ذلك ما عجل الناس إفاضة نسائهم وأيدت ذلك بقولها لولا هذا التعجيل لأصبح بمنى كثير من الحائضات المحبوسات عن السفر) .

950- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَبْد الرحمنِ بنِ القاسمِ، عن أبيه، عن عائشةَ رَضيَ اللَّهُ عنها أَنَّهاَ قالَتْ: -حَاضَتْ صَفِيَّةَ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ، فَذَكَرَتْ حَيْضَتَهاَ لِلنَّبيِّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم، فقال: «أحَابِسَتُنَا هِيَ» ؟ فَقُلْتُ: يا رسولَ اللَّهِ: إنَّها قَدْ حَاضَتْ بَعْدَ مَا أَفَاضَتْ، قالَ: «فَلاَ إذاً» (يظهر من هذا الحديث وغيره أنهم يريدون ممن الإفاضة طواف الإفاضة فإنه لما بلغ النبي حيض صفية قال: أحابستنا هي أي أمانعتنا من السفر إنتظارا لطهرها وطوافها ثم قيل له أنها قد أفاضت قال فلا إذاً أي فليست بحابستنا ما دامت قد أفاضت وظاهر أن الدفع إلى مكة قبل الطواف لا يؤدي إلى هذه النتيجة وإنما الذي يؤدي إليها الطواف وقد بان من هذا الحديث وما بعده وما قبله أن طواف الإفاضة لا يسقط عن الحائض بل تقيم حتى تطهر فإن ذهبت إلى بلدهاقبله بقيت محرمة بخلاف طواف الوداع) .

951- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ الرحمن بن القاسمِ نَحْوَهُ.

952- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزَّهْريِّ، عَن عُرْوَةَ، عن عائشةَ: -أنَّ صَفِيَّةَ حَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ، فَذَكَرَتْ عائشةُ حَيْضَتَهاَ لِلنَّبيِّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم، فقال: «أحَابِسَتُنَاَ» ؟ فَقُلْتُ: إنَّها قَدْ أَفَاضَتْ، ثم حَاضَتْ بَعْدَ ذلِكَ، فقالَ: «فَلْتَنْفِرْ إذاً» .

953- (أخبرنا) : سُفْيانُ ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَبْدِ الرحمنِ بنِ أبي حُمَيْدٍ قال: -سألَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العزيز جُلَسَاءَهُ: ماذا سمعتم في مُقامِ الْمُهاجِر بمكة؟ فقال السائبُ ابْنُ يزيدَ: حدثني العَلاءُ بنُ الحضرَمِي أنَّ رسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: " يَمْكُثُ الْمُهاجِر بَعْدَ قَضَاءِ نُسْكِهِ ثلاثاً (يعني أن من هاجر من مكة قبل فتحها إلى رسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بالمدينة يحرم عليهأن يعود إلى مكة مستوطنا وأن يقيم بها وإذا وصلهابحج أو عمرة أو غيرها حرم عليه أن يقيم بها بعد فراغه مما جاء لأجله أكثر من ثلاثة أيام قال القاضي عياض: وفي هذا الحديث حجة لمن منع المهاجر قبل الفتح من المقام بمكة بعد الفتح قال وهو قول الجمهور وأجاز لهم جماعة بعد الفتح مع الإتفاق على وجوب الهجرة عليهم قبل الفتح ووجوب سكنى المدينة لنصرة النبي صلى اللَّه عليه وسلم ومواساتهم له بأنفسهم وأما غير المهاجر ومن آمن بعد ذلك فيجوز له سكنى أي بلد أراد سواء مكة وغيرها بالإتفاق وقوله: بعد قضاء نسكه أي بعد رجوعه من منى ففي إحدى روايات مسلم «ثلاث ليال يمكثهن المهاجر بمكة بعد الصدر» ) .

الباب السابع في الإفراد والقران والتمتع

الباب السابع في الإفراد والقران والتمتع

(الإفراد مصدرأفرد الحج عن العمرة أي فعل كل منهما على حدة والقران ككتاب مصدر قرن بين الحج والعمرة من باب نصر وفي لغة من باب ضرب إذا جمع بينهما وقيل القران إسم والمصدر: القرن والقران أن يجمع بين الحج والعمرة بنية واحدة وتلبية واحدة وطواف واحد وسعي واحد فيقول: لبيك بحجة وعمرة والتمتع بالشئ الإنتفاع به والإسم متعة كفرقة والتمتع بالحج: أن يحرم في أشهر الحج بعمرة فإذاوصل إلى البيت وأراد أن يحل ويستعمل ما حرم عليه فسبيله أن يطوف ويسعى ويحل ويقيم حلالا إلى يوم الحج ثم يحرم من مكة بالحج إحراما جديداً ويقف بعرفة ثم يطوف ويسعى ويحل من الحج فيكون قد تمتع بالعمرة في أيام الحج أي انتفع. والخلاصة: أن الإفراد الإحرام بالحج في أشهر الحج ثم الحج من عامه بعد الفراغ من إحرام العمرة والقران: أن يحرم بهما جميعا ولو أحرم بالعمرة ثم أحرم بالحج قبل طوافها صح وصار قارنا ولو أحرم بالحج ثم بالعمرة فقولان للشافعي أصحهما لا يصح إحرامه بالعمرة والثاني يصح ويصير قارناً بشرط أن يكون ذلك قبل الوقوف بعرفات وقيل: قبل طواف القدوم. واختلف العلماء في هذه الثلاثة أيها أفضل؟ فقال الشافعي ومالك: أفضلها الإفراد ثم التمتع ثم القران وقال أحمد: أفضلها التمتع وقال أبو حنيفة أفضلها القران وهذان الرأيان الأخيران قولان للشافعي والصحيح الأول) .

954- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن يَحْيَ بنِ سَعيدٍ، عن عَمْرَةَ، عن عائشة قالت: -خَرَجْناَ مع النبي صلى الله عليه وسلم لخمس بَقِينَ مِنْ ذِي القَعْدَةِ لاَ نَرَى إلا الحجَّ، فلما كُنَّا بِسَرِف أوْ قريب منها أمَرَ النبيُّ صلى الَّلهُ عليه وسلم مَنْ لم يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أنْ يَجْعَلَها عُمْرَةً، فلما كان بمنىً أُتِيتُ بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ ماَ هذا؟ قال: ذبَحَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عَنْ نِسَائِهِ قالَ يَحْيَ: -[369]- فَحَدَّثْتُ به القاسمَ بنَ مُحمدٍ قال: جاءَتْكَ واللَّه بالحديثِ على وَجْهِه (سرف بوزن كتف موضع بين مكة والمدينة أقرب إلى مكة على ستة أميال منها وقيل سبعة وقيل تسعة وقيل عشرة وذبح رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن نسائه محمول على أنه استأذنهن في ذلك لأن تضحية الإنسان عن غيره لا تجوز إلا بإذنه وقوله: أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلخ وفي رواية أخرى"أحلوا من إحرامكم فطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة وقصروا وأقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا الذي قدمتم به متعة قالوا كيف نجعلها متعة وقدسمينا الحج؟ قال: «افعلوا ما آمركم به» فهذا ظاهر في أنه أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة) .

955- (أخبرنا) : مالكٌ، عن يَحْيَ، عن عَمْرَةَ، والقاسمِ: -بمِثْل حديثِ سُفْيانَ لا يُخالفُ معناه.

956- (أخبرنا) : مُسْلمُ بْنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيْج، عَنْ مَنْصورِ بن عبد الرَّحمنِ عن صَفِيَّةَ بِنْتِ شيْبَةَ، عن أسماءَ بِنْتِ أبي بَكر رَضيَ اللَّهُ عنهمْ قالت: -خَرَجْناَ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال النبيُّ صلى الَّلهُ عليه وسلم: مَنْ كانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقِمْ عَلَى إِحْرَامِهِ، ومَنْ لم يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُحَلِلْ". ولم يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ فَحَلْلتُ، وكان مع الزُّبَيْر هَدْيٌ فَلَمْ يُحَلِلْ.

957- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ محمد، عن سَعيدِ بنِ عَبْدِ الرحمنِ بنِ رُقَيِّش، أَنَّ جابرَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ قال: -ما سَمَّى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في تلبيته حَجًّا قَطُّ ولا عُمْرَةً.

958- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابن جُرَيْج، عن جَعْفَرِ بن محمد، عن أبيه عن جابِرٍ، وهُو يُحَدِّثُ عن حِجَّةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: -خَرَجْناَ مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذَا كُنَّا بالبيداءِ، فَنَظَرْتُ مَدَّ بَصَرِي مِنْ بَيْنِ رَاكِبٍ وراجلٍ بَيْنَ يَدَيْه، عن يمينه وعن شماله، ومِنْ وَرائِه، كُلُّهُمْ يُريدُ أَنْ يَأْتَمَّ به، يلتمس أن يقولَ كما يقولُ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّم: لا يَنْوِي إلاَّ الْحَجَّ، لاَ يَعْرِف غَيْره، ولا يَعْرِفُ العُمْرَةَ، فَلَمَّا طُفْناَ فَكُنَّا عِنْدَ الْمَرْوَةِ، قال: «أَيُّهَا الناسُ، ومَنْ لم يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيُحَلِلْ ويَجْعَلْهاَ عُمْرَةً، ولو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ ما أَهْدَيْتُ فَحَلَّ مَنْ لم يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ -[371]- (روى هذا مسلم بعدة روايات منها» أهللنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالحج فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فما ندري أشئ بلغه من السماء أم شئ من قبل الناس فقال: «أيها الناس أحلوا فلولا الهدي الذي معي فعلت كمافعلتم» فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا مايفعل الحلال حتى إذا كان يوم التروية وجعلنا مكة بظهر أهللنا بالحج وفي رواية أخرى له: " أحلوا من إحرامك حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم بها متعة قالوا: كيف نجعلها متعة وقد سمينا الحج؟ قال: افعلوا ما آمركم به فإني لولا أني سقت الهدى لفعلت مثل الذي أمرتكم" وفي هذا الحديث فسخ الحج وتحويله إلى عمرة ثم استئنافه يوم التروية وقد اختلف العلماء في هذا النسخ هل هو خاص بالصحابة تلك السنة بخصوصها أم باق لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة فقال أحمد وجماعة من أهل الظاهر: ليس خاصا بل هو باق إلى يوم القيامة فيجوزلكل من أحرم بحج وليس معه هدي أن يقلب إحرامه عمرة ويتحلل بأعمالها وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجماهير العلماء من السلف والخلف هو مختص بهم في تلك السنة ولا يجوز بعدها وإنما أمروا به تلك السنة ليخالفوا ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج ومما يستدل به لمذهب الجمهور حديث أبي ذر الذي رواه مسلم كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد خاصة يعني فسخ الحج إلى العمرة وروى النسائي عن الحارث بن بلال عن أبيه قال: قلت يا رسول اللَّه فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: بل لنا خاصة وقوله صلى الله عليه وسلم: «لو استقبلت من أمري إلخ» يشعرنا بأنه كان يود أن يشاركهم في التحلل والاعتمار ثم الحج ولكن منعه من ذلك سوق الهدي وكان إلهامه أمرهم بالتحلل من الحج وتحويله إلى عمرة جاء ووقع بعد سوقه الهدي وهذه العبارة دليل على أنه صلى الله عليه وسلم مع كونه أحب خلق اللَّه إلى اللَّه وأعظمهم منزلة لديه لا يعلم الغيب) .

959- (أخبرنا) : عَبْدُ العزيزِ الدَّرَاوَرْدِيُّ، جَعْفَرِ بن مُحمدٍ، عن أبيه، عن جابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ قال: -أقَامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّم بالمدينةِ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النّاسِ بِالحج في المدينة فَخَرَجُوا، فانْطلقَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّم وانْطَلَقْناَ مَعَهُ لا نَعْرِفُ إلاَّ الحَجَّ -[372]- وله خَرَجْنا ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّم بَيْنَ أَظْهُرِنَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ القُرْآنُ وهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، وإنَّا نَفْعَلُ ما أمَرَ بِهِ، فَقَدِمْناَ مَكَّةَ، فَلَمَّا طَافَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّم بالْبَيْتِ وبِالصَّفَا والمَرْوَةِ، قالَ: " مَنْ لم يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَجْعَلْهاَ عُمْرَةً، فلو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ لَماَ سُقْتُ الْهَدْيَ، ولَجَعَلْتُهاَ عُمْرَةٌ.

960- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن ابْنِ طاووسٍ، وإبراهِيمَ بنِ مَيْسَرَةَ (وروى هذا الحديث نفسه عن سفيان عن ابن طاووس وإبراهيم بن ميسرة وهشام بن حمير) أنَّهُمَا سَمِعاَ طاوساً يَقُولُ: -خَرَجَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم لا يُسَمِّي حَجًّا ولا عُمْرَة يَنْتَظِرُ القَضَاءَ قال: فَنَزَلَ عَلَيْهِ القَضَاءُ وهُوَ يَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، وأَمَرَ أصْحابَه أنَّ مَنْ كان مِنْهُمْ أَهَلَّ بالحجّ، ولم يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، أنْ يَجْعَلْهاَ عُمْرَةً، فَقَالَ: " لو اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ لَماَ سُقْتُ الْهَدْيَ، ولكِنْ لَبَّدْتُ رَأْسِي وسُقْتُ هَدْيي، ولَيْسَ لِي مَحِل دون محل إلا على هَدْي، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مالكٍ: فَقَالَ يا رسولَ اللَّه: اقْضِ لنا قَضَاءَ قَومٍ كأَنَّماَ وُلِدُوا الْيَوْمَ أَعُمْرَتُناَ هذِهِ لِعامِناهذاَ، أمْ لِلأَبَدِ؟ فَقَالَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم: بَلْ لِلأَبَدِ دَخَلَتِ العُمْرَةُ فِي الحَجِّ إلى يَوْمِ القِيامَةِ قال: فَدَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أبي طالبٍ من اليَمَنِ، فَسَألَهُ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم: يعْنِي بِما أهْلَلْتَ؟ فَقَالَ أحدهما عن طاووس قلت: لَبَّيْكَ إهْلاَلاً كاهْلاَلِ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم وقال الآخَرُ: -[373]- لَبَّيْكَ حِجَّةً كَحِجَّةِ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم (معنى قوله دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة جواز الاعتمار في أشهر الحج والحاصل من مجموع طرق الأحاديث أن العمرة في أشهر الحج جائزة إلى يوم القيامة والمقصود بذلك إبطال ما كانت الجاهلية تزعمه من امتناع العمرة في أشهر الحج وقيل معناه جواز القران وتقدير الكلام دخلت أعمال العمرة في أعمال الحج إلى يوم القيامة وقال بعض أهل الظاهر معناه جواز فسخ الحج إلى العمرة وهذا أضعفها) .

961- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ بنُ خالدٍ وغَيْرُهُ، عن ابن جُرَيْجٍ، قال: -أخبرني عَطاءٌ أنَّهُ سَمِعَ جابرَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ، قال: قَدِمَ عَلِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ من سِعايَتِهِ فَقَالَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم: " بِما أهْلَلْتَ يا عَلِيُّ؟ قال: بما أهَلَّ بهُّ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: فَأَهْدِ وامْكُثْ حَرَاماً كما أنْتَ"، قال: وأهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْياً (السعاية بكسر السين: في الصدقات وقيل إنما بعث علي أميراً لاعاملا على الصدقات إذ لا يجوز استعمال بني هاشم على الصدقات فقد سأله الفضل بن العباس وعبد المطلب بن ربيعة أن يستعملهما على الصدقة فقال: إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد ولم يستعملهما قال القاضي عياض: يحتمل أن عليا ولى الصدقات وغيرها احتسابا أو أعطى عمالته عليها من غير الصدقة والسعاية وإن كان أكثر استعمالها في الولاية على الصدقة تستعمل في مطلق الولاية وقوله وأهدى له علي هديا: يعني هديا اشتراه لا أنه من السعاية على الصدقة وفي الحديث دلالة لمذهب الشافعي على أنه يصح الإحرام معلقا بأن ينوي إحراما كإحرام زيد فيصير كزيد فإن كان زيد محرما بحج كان هذا مثله محرما بالحج وإن كان محرما بعمرة فبعمرة وإن كان بهما فبهما وإن كان زيد أحرم إحراما مطلقا صار هذا محرما إحراما مطلقا فيصرفه إلى ما شاء من حج أو عمرة ولا يلزمه موافقة زيد في الصرف) .

962- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن محمد بنِ عَبْدِ اللَّهِ بن الحارث، -[374]- ابنِ نَوْفَلٍ: -أنَّه سَمِعَ سَعْدَ بنَ أبي وقَّاصً، والضَّحَّاك بن قَيْس، أنَّهُ عَام حَجَّ مُعَاويةُ بنُ أبي سُفيانَ وهُمَا يَتَذاكرانِ التَّمَتُّعَ بالعُمْرَةِ إلى الْحَج، فقال: الضَّحَّاكُ: لا يَصْنَعُ ذلكَ إلاَّ مَنْ جَهِلَ أمْرَ اللَّهِ تعالى، فَقال سَعْدٌ: بِئسَ مَا قُلْتَ يا ابْنَ أخي فقال: الضَّحَّاكُ: فإنَّ عُمَرَ بنَ الخطاب رضي اللَّهُ عنه قَدْ نَهَى عن ذلك، فَقال سَعْدٌ: قد صَنَعَهَا رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، وصَنَعَناهَا مَعَهُ (قال المازري: اختلف في المتعة التي نهى عنها عمر في الحج فقيل هي فسخ الحج إلى العمرة وقيل: هي العمرة في أشهر الحج ثم الحج من عامه وعلى هذا إنما نهى عنها ترغيبا في الإفراد الذي هوأفضل لا إنه يعتقد بطلانها أو تحريمها واستظهر القاضي عياض: أن المتعة التي اختلفوا فيها إنما هي فسخ الحج إلى العمرة ولهذا كان عمر يضرب الناس عليها ولا يضربهم على مجرد التمتع في أشهر الحج وإنما ضربهم على ما اعتقده هو وسائر الصحابة أن فسخ الحج إلى العمرة كان مخصوصا بتلك السنة. قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء في أن التمتع في قوله تعالى (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج ومن التمتع أيضا القران لأنه تمتع بسقوط سفره للنسك الآخر من بلده ومن التمتع أيضا: فسخ الحج إلى العمرة قال النووي والمختار أن عمر وعثمان وغيرهما إنما نهوا عن المتعة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه وهو نهي أو أولوية للترغيب في الإفراد لكونه أفضل ولقد انعقد الإجماع بعد هذا على جواز الإفراد والتمتع والقران من غير كراهة وإنما اختلفوا في الأفضل منها) .

963- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن عُرْوةَ بن الزُّبَيْرِ، عن عائشةَ، قالت: -خَرَجْنا مَعَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم عامَ حِجَّةِ الوَدَاعِ فَمِنَّا -[375]- مَنْ أهَلَّ بِحِجَّةٍ، ومِنَّا مَنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ، ومِنَّا مَنْ أهَلَّ بالحجّ والْعُمْرَةِ، وكُنْتُ فِيمَنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ (هذا ظاهر في جواز الثلاثة الإفراد والقران والتمتع) .

964- (أخبرنا) : مالكٌ، عن صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عن ابن عُمَرَ أنَّهُ قال: -لأَنْ أعْتَمِرُ قَبْلَ الحَجّ وأُهْدِي أحَبُّ إلِيَّ مِنْ أنْ أَعْتَمِرَ بَعْدَ الحَجّ في ذِي الْحِجَّة.

965- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن هِشَام بْنِ حُجَيْرٍ، عن طاووسٍ، عن ابنِ عباسٍ: -أنَّهُ قِيلَ لهُ: كَيْفَ تَأْمُر بالْعُمْرَةِ قَبْلَ الحَجّ، واللَّهُ تعالى يَقُولُ: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِللَّهِ) ، فقالَ: كَيْفَ تَقْرَءونَ: إنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الوَصِيَّةِ، أوِ الوصيةَ قَبْلَ الدَّيْنَ، قال: فَبِأَيِّهِمَا تَبْدَءونَ؟ قالوا: بالدَّيْنَ، قال: فَهُوَ ذلك. قال الشافعيّ رَضي اللَّهُ عنه: يَعنِي أنَّ التَّقْدِيمَ جَائِزٌ.

966- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ، عن حَفْصَةَ، أنَّهَا قالت: -يا رسول اللَّهِ: ما شأنُ الناسِ حَلُّوا بِعُمْرَةٍ ولَمْ تُحْلِلْ أنْتَ عَنْ عُمْرَتِك؟ فقال: «إنِّي لَبَّدْتُ رأسِي، وقَلَّدْتُ هَدْيي، فلا أحِلَّ حَتَّى أَنْحَرَ -[376]- (وحلوا بعمرة أي خرجوا من حجهم بها» ولم تحلل أنت من عمرتك"كان الظاهرأن تقول: ولم تحلل أنت بعمرتك وإنما قالت عمرتك لأن المعنى ولم تحلل أنت حلا ناشئا عن عمرتك وهو بمعنى أحل بعمرته فقال «إني لبدت رأسي» تلبيد الرأس أن يجعل في الشعر شيئا من صمغ عند الإحرام لئلا يتشعث ويقمل ابقاء على الشعر وإنما يلبد شعره من يطول مكثه في الإحرام فهو دليل على إرادة طول المكث والعلة فيعدم الحل هو تقليد الهدي لا تلبيد الشعر فمن ساق الهدي فلا يحل له حتى ينحر هديه) .

967- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ الرَّحْمن بنِ القَاسِمِ، عن أبيه، عن عائشةَ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أفْرَدَ الْحَجَّ (أفرد الحج عن العمرة: فعل كل واحد منهما على حدة وفي معناه الحديثان اللذان يليانه وهي تشهد لتفضيل الإفراد) .

968- (أخبرنا) : مالكٌ، عن الزُّهْري، عن عُرْوَةَ، عن عائشةَ قالتْ: -أَهَلَّ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بِالْحَجَّ.

969- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن عُرْوَةَ، عن عائشةَ قالتْ: -وأَفْرَدَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الْحَجَّ.

970- (أخبرنا) : ابْنُ عُلَيَّةَ، عن أبي حَمْزَةَ مَيْمُونٍ، عن إبراهيمَ، عن الأَسْوَدِ، عن عَبْدِ اللَّه: -يَعْنِي: أنَّهُ أمَرَ بِإِفْرَادِ الحَجّ قال قُلْتُ: كاَنَ أحب أنْ يَكُونَ لكل واحدٍ منهُما شَعْثٌ وشَعرٌ، وهُمْ يَزْعُمُونَ أنَّ القِرَانَ أفْضَلُ، وبِهِ يُفْتنونَ مَنِ اسْتَفْتَاهُمْ، وعَبْدُ اللَّهِ كانَ يَكْرَهُ القِرانَ -[377]- (شعث الرجل شعثا فهو شعث من باب تعب: تغير وتلبد لقلة تعهده بالدهن والشعث أيضا: الوسخ ورجل شعث ككتف وسخ الجلد وشعث الرأس أيضا وهو أشعث أغبر: أي من غير استحداد ولا تنظيف والحديث في تفضيل ابن عمر الإفراد وقد أجمع العلماء على جواز الأنواع الثلاثة وهي الإفراد والتمتع والقران والأفراد: أن يحرم بالحج في أشهر الحج ويفرغ منه ثم يعتمر والتمتع: أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج ويفرغ منه ثم يحج من عامه والقران أن يحرم بهما جميعا واختلف العلماء أيها أفضل فقال الشافعي ومالك وكثيرون أفضلها الأفراد ثم التمتع ثم القران وقال أحمد وآخرون أفضلها التمتع وقال أبو حنيفة وآخرون: أفضلها القران واختلفوا في حجة النبي هل كان مفرداً أم متمتعاً أم قارنا؟ والصحيح أنه كان صلى اللَّه عليه وسلم أولا مفردا ثم أحرم بالعمرة بعد ذلك فصار قارنا واحتج الشافعي في ترجيح الإفراد بأنه صح من رواية جابر وابن عمر وابن عباس وعائشة ومرتبتهم في حجة الوداع على غيرهم معروفة ثم إن الخلفاء الراشدين ما عدا عليا أفردوا الحج وواظبوا على إفراده ولو لم يكن الإفراد أفضل ما واظبوا عليه وهم الأئمة الأعلام وقادة الإسلام واختلف فعل علي لبيان الجواز وقد أجمعت الأمة على جواز الإفراد من غير كراهة وكره عمر وعثمان وغيرهما التمتع وبعضهم التمتع والقران فكان الإفراد أفضل فالنبي صلى اللَّه عليه وسلم أباح للناس فعل الأنواع الثلاثة وأخبر كل واحد بما أمره به وأباحه له ونسبه إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم ولكنه أخذ في إحرامه بالأفضل فأحرم مفردا للحج وبه تظاهرت الروايات وأما الروايات بأنه كان متمتعاً فمعناها أمر به وأما الراويات بأنه كان قارنا فإخبار عن حالته الثانية لا عن ابتداء إحرامه بل إخبار عن حاله حين أمر أصحابه بالتحلل من حجهم وتحويله إلى عمرة مخالفة للجاهلية إلا من كان معه منهم هدي وكان هو ومن معه الهدي من أصحابه في آخر إحرامهم قارنين لأنهم أدخلوا العمرة على الحج ويحتمل أن بعضهم سمعه يقول لبيك بحجة فحكى عنه أنه أفرد وخفى عليه قوله وعمرة فلم يحك إلا ما سمع وسمع غيره الزيادة وهي لبيك بحج وعمرة فهذه الروايات المختلفة يمكن الجمع بينها اهـ ملخصا عن النووي) .

971- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ: -أنَّ ابن عُمَرَ حَجَّ فِي الفِتْنَةِ، فَأَهَلَّ، ثم نَظَرَ، فقال: ما أمْرُهما إلا واحدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الحجّ مَعَ الْعُمْرَةِ -[378]- (روى مسلم هذا الحديث بزيادة وإيضاح قال عن نافع أن عبد اللَّه بن عمر خرج في الفتنة معتمرا وقال: إن صددت عن البيت صنعنا كما صنعنا مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فخرج فأهل بعمرة وسار حتى ظهر على البيداء والتفت إلى أصحابه فقال: ما أمرهما إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت الحج مع العمرة إلخ ففيه جواز القران وإدخال الحج على العمرة قبل الطواف وهو مذهب الشافعية وجماهير العلماء وفيه أيضا جواز التحلل بالإحصار وقوله «ما أمرهما» يعني العمرة والحج «إلاواحد» يعني في جواز التحلل بالإحصار ويؤخذ منه صحة القياس والعمل به لأن الصحابة كانوا يقيسون فلذا قاس ابن عمر الحج على العمرة لأن النبي صلى اللَّه عليه وسلم إنما تحلل من الإحصار عام الحديبية من إحرامه بالعمرة وحدها) .

972- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ سَعْدٍ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن عُرْوةَ، عن عائشةَ: -فِي المُتَمَتِّعِ إذَا لَمْ يَجِدْ هَدْياً، ولَمْ يَصُمْ قَبْلَ عَرَفَةَ، فَلْيَصُمْ أيَّامَ منًى.

973- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ سَعْدٍ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سالم، عن أبيه: -مِثْلَ ذلك.

974- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن عيسى بنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرو بنِ العَاصِ قال: - وقَفَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم في حِجَّةِ الوَدَاعِ بِمِنىً للناسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقال يارسول اللَّه: لم أشْعُرْ، فَحَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ، فقال: «اذبح ولا حرج» فجاءهُ آخر، فَقال يارسول اللَّه: لم أشْعُرْ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ أنْ أَرْمِيَ، فقال: «ارمِ ولاَ حَرَج» إلا قال: "افْعَلْ ولاَ حَرَج -[379]- (أفعال يوم النحر رمي جمرة العقبة ثم الذبح ثم الحلق ثم طواف الإفاضة وترتيبها هكذا سنة قتقديم بعضها على بعض جائز وان كان مخالفا للسنة ولا فدية فيه لهذا الحديث وهو مذهب الشافعية والحنفية والمالكية وعن سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي وقتادة أن من قدم بعضها على بعض لزمه دم والحديث حجة عليهم لأنه ظاهر قوله صلى اللَّه عليه وسلم لا حرج أنه لا شئ في التقديم والتأخير مطلقا واتفقوا على أنه لا فرق في هذا الحكم بين الساهي والعامد في عدم لزوم الفدية وإن كانا يختلفان في الإثم عند من يمنع التقديم ومعنى قوله ولا حرج أي أجزأك ما فعلت ولا حرج عليك في التقديم والتأخير) .

الباب الثامن فيما جاء في العمرة

الباب الثامن فيما جاء في العمرة

975- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن أبي حُسَيْنٍ، عن بعض وَلَد أنسِ ابْنِ مالكٍ قال: -كُنَّا مع أنسِ ابْنِ مالكٍ بِمكَّةَ، فَكَانَ إذَا صَمَّمَ رأَيتُه خَرَج فَاعْتَمَرَ (صمم على الشيء عقد العزم عليه غير متردد ويريد بذلك التصميم على الحج فيبدأ بالعمرة ثم يدخل عليها الحج واللَّه أعلم) .

976- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن أبي نُجَيْحٍ، عن مُجاَهِدٍ، أنَّ عَلِّيَ ابْنَ أبي طالبٍ رضي اللَّهُ عنهُ قال: -فِي كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ (المأثورعن الرسول أنه اعتمر أربع عمر وهذا لا ينافي الزيادة ولا يمنع منها والذي أثر عنه صلى اللَّهُ عليهِ وسلم من هذه العمر الأربع كان في ذي القعدة من سنين مختلفة وإنما خص هذا الشهر باعتماره لمخالفة الجاهلية في ذلك فإنهم كانوا يرون العمرة في هذا الشهر من أفجر الفجور فكرر العمرة فيه هدما لهذه العقيدة وقضاء على عادتهم في الجاهلية) .

977- (أخبرنا) : سُفْيانُ أنَّهُ سَمِعَ عَمْرو بْنَ دِينارٍ يَقُولُ أخْبرني: -ابْنُ أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ قال: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمنِ بنَ أبي بكرٍ يَقُولُ: أَمَرَني رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم أنْ أُعْمِرَ عائشةَ، فأَعْمَرْتُهاَ من التَّنْعِيم قَالَ هُوَ وغَيْره فِي الْحَدِيثِ لَيْلَةَ الْحَصْبةِ -[380]- (تقدم هذا الحديث وليلة الحصبة هي ليلة رمي الجمار والحصبة بفتح فسكون الحجارة والحصا والحصبة بفتح الحاء والصاد واحدة الحصباء بفتح فسكون كقصبة وقصباء والحصباء هي الحصا) .

978- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن يَحْيَ بنِ سَعيدِ بنِ المُسَيِّب: -أن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها اعْتَمَرَتْ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، ومَرَّةً مِنْ الجُحْفَةِ.

979- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عن القاسمِ بن ممحمد: -أنَّ عائشة زَوْجِ النبيِّ صلى اللَّهُ عليهِ وسلم اعْتَمَرَتْ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ قالَ: صَدَقْتَ، فَقُلْتُ: فَهَلْ عَابَ ذلكَ عَلَيها أحَدٌ؟ فقال: سُبْحانَ اللَّهِ أُمُّ المؤمنينَ فَاسْتَحْيَيْتُ (يؤخذ من هذا الحديث وما بعده حتى الباب التاسع أنه لا مانع من تكرار العمرة في العام الواحد وأدائها مرتين أو أكثر وكيف لا وقد فعلته عائشة وابن عمر وهل العمرة إلا من باب العبادة يتقرب بها العبد إلى ربه فأي عيب في تكرارها ولو في عام واحد ولذا أجيب عن قوله فهل عاب ذلك عليها أحد بقوله: سبحان اللَّه أم المؤمنين أي هي أم المؤمنين الخبيرة بأصول الدين وبما يحسن فيه وما يقبح فلا تفعل إلا ما حسن هذا ما يفهم من هذه الأحاديث وقد رأيت الإمام مالك غير موافق على هذا الحكم أعني تكرار العمرة في سنة واحدة قال في الموطأ قال مالك: العمرة سنة ولا نعلم أحدا من المسلمين أرخص في تركها قال مالك ولا أرى لأحد أن يعتمر في السنة مرار اهـ) .

980- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ، عن القاسمِ بن محمد: -أنَّ عائشة اعْتَمَرَتْ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ أوْ قالَ: مِرَارَاً، قال قُلْتُ: أعَابَ ذلكَ عَلَيها أحَدٌ؟ قال: فقال: القاسِم أُمُّ المؤمنينَ فَاسْتَحْيَيْتُ.

981- (أخبرنا) : أنَسُ بنُ عِياَضٍ، عن مُوسى بنِ عُقْبَةَ، عن ناَفعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّهُ اعْتَمَرَ فِي سَنَةٍ مَرَّتَيْنِ أوْ قالَ: مِرَارَاً.

982- (أخبرنا) : أنَسٌ، عن مُوسى بنِ عُقْبَةَ، عن ناَفعٍ قال: -اعْتَمَرَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ أعْواماً في عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عُمْرَتَيْنِ في كلِّ عامٍ.

الباب التاسع في أحكام المحصر ومن فاته الحج

الباب التاسع في أحكام المحصر ومن فاته الحج

(المحصر إسم مفعول من أحصره المرض أو السلطان إذا منعه عن مقصده وحصره إذا حسبه فهو محصور اهـ نهاية وفي المصباح: حصره العدو حصرا من باب قتل أحاطوا به ومنعوه من المضي لأمره قال ابن السكيت وثعلب حصره العدو في منزله: حبسه وأحصره المرض بالألف: منعه من السفر. وقال الفراء هذا هو كلام العرب وعليه أهل اللغة وقال ابن القوطية وأبو عمرو الشيباني حصره العدو والمرض وأحصره كلاهما بمعنى حبسه اهـ ويعجبني هذا الصنيع لأن التفرقة بينهما لا يكاد يفهم لها وجه والخلاصة أن الإحصار والحصر المنع والحبس وفي النهاية المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت وسيأتي قريبا وقوله ومن فاته الحج أي بمرض ونحوه) .

983- (أخبرنا) : سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه، عن ابْنِ عباسٍ، وعن عَمْرو بْنِ دِينارٍ، عن ابن عباسٍ أنَّهُ قال: -لاَ حَصْرَ إلاَّ حَصْرُ العَدوّ، وزاد أحَدُهُما: ذَهَبَ الْحَصْرُ الآنَ -[382]- (أي أن الحصر المسوغ للإنصراف عن أعمال الحج وعن إتمامه إنما هو حصر العدو لا حصر المرض ولذا ورد في الموطأ قال مالك فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو كما أحصر النبي صلى الَّله عليه وسلم وأصحابه فأما من أحصر بغيرعدو فإنه لا يحل دون البيت وفيه أيضا قبل ذلك يحي عن مالك قال من حبس بعدو فحال بينه وبين البيت فإنه يحل من كل شئ وينحر هديه ويحلق رأسه حيث حبس وليس عليه قضاء وحدثني عن مالك أنه بلغه أن رسول اللَّه صلى الَّله عليه وسلم حل هو وأصحابه بالحديبية فنحروا الهدي وحلقوا رؤوسهم وحلوا من كل شئ قبل أن يطوفوا بالبيت وقبل أن يصل إليه الهدي ثم لم يعلم أن رسول اللَّه صلى الَّله عليه وسلم أمر أحدا من أصحابه ولا ممن كانوا معه أن يقضوا شيئا ولا بعود الشيء اهـ والخلاصة أن من أحصر بعدو تحلل من الحج من غير طواف ومن أحصر بمرض فلا يتحلل حتى يطوف فهذا معنى قوله لا حصر إلا حصر العدو أي لا حصريسوغ ترك الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة إلا حصر العدو فأما الحصر بالمرض فلا بد فيه من الطواف والسعي كما في حديث سالم عن أبيه الآتي قريبا وأما قوله ذهب الحصر الآن فمعناه: أن الإسلام قد قوي وذهب أعداؤه وذهبت دولهم فلا يتصور حصر العدو بعد ذلك) .

984- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه: -أنَّ النَّبيَّ صلى الَّله عليه وسلم أمَرَ ضُبَاعَةَ، فقال: "أَمَا تَرِيدينَ الحَجَّ؟ فقالتْ: إنِّي شَاكِيةٌ، فقال: حُجِّي واشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي (روى مسلم هذا الحديث بهذا السند بزيادة يسيرة وعبارته عن عائشة قالت: دخل رسول اللَّه صلى الَّله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير فقال لها: أردت الحج؟ قالت: واللَّه ما أجدني إلا وجعة فقال لها حجي واشترطي وقولي: اللهم محلي حيث حبستني وكانت تحت المقداد اهـ وفيه دلالة على أن للحاج والمعتمر أن يشترط في إحرامه أن يتحلل إذا مرض وهو قول عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وأحمد وأبي ثور وهو الصحيح من مذهب الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك لا يصح الإشتراط وحملوا ما ورد على أنه خاص بضباعة والحديث صحيح وهو في البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وباقي كتب السنة المعتمدة فلا يقبل تضعيفه من عياض أو غيره وهو يدل على أن المرض لا يبيح التحلل إذا لم يكن هناك إشتراط التحلل وقت الإحرام) .

985- (أخبرنا) : سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عن هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عن أبيه قال: -قالتْ لي عائشةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: هَلْ تَثْتَثْنِي إذَا حَجَجْتَ؟ قال: فقُلْتُ لها مَاذَا أقُولُ؟ فقالتْ قُلْ اللَّهُمَّ الحَجَّ أرَدْتُ، ولهُ عَمَدْتُ، فَإنْ يَسَّرْتَهُ فَهُو الحَجُّ، وإنْ حَبَسَني حَابِسٌ فَهِيَ عُمْرَةٌ -[383]- (هذا الحديث يؤيد الحديث السابق في جواز إشتراط التحلل في الإحرام) .

986- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّهُ خَرَجَ إلى مَكَّةَ زَماَنَ الْفِتْنَةِ مُعْتَمِراً، فَقَالَ: إذَا صُدِدْتُ عنِ البَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم. قال الشافعيُّ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَحْلَلْناَ كمَا أَحْلَلْناَ مَعَ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ (تقدم هذا الحديث قريبا بشرحه) .

987- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سَالِم بْنِ عَبْدِ اللَّه، عن أبيه قال: -مَنْ حُبِسَ دُونَ البَيْتِ لِمَرَضٍ، فَإنَّهُ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بالبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ (في الموطأ عن عبد الله بن عمر أنه قال: المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة فإذا اضطر إلى لبس شئ من الثياب التي لا بد له منها أو الدواء صنع ذلك وافتدى وعن عائشة أنها كانت تقول المحرم لا يحله إلا البيت وعن رجل من أهل البصرة قال: خرجت إلى مكة حتى إذا كنت ببعض الطريق كسرت فخذي فأرسلت إلى مكة وبها ابن عباس وابن عمر والناس فلم يرخص لي أحد أن أحل فأقمت على ذلك الماء سبعة أشهر حتى أحللت بعمرة اهـ أقول وقد بان أن الحصر نوعان حصر بالعدو وحصر بغيره وأن الذي يسوغ ترك البيت والسعي منهما هو الأول وأما الثاني فلا بد للحاج فيه من أن يتحلل بعمرة واللَّه أعلم) .

988- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سَالِم، عن أبيه قال: -المحُصِرُ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ بالبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ.

989- (أخبرنا) : مالكٌ، عن يَحْيَ بْنِ سَعِيدٍ، عن سُلَيْمانَ بْن يَسَارٍ: -أنَّ ابنَ عُمَرَ، ومَرْوَانَ، وابْنَ الزُّبَيْرِ أَفْتُوا ابْنَ حُزَابَةَ المَخْزُومِيِّ، وإنَّهُ -[384]- صُرِعَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ وهُوَ مُحْرِمٌ أنْ يَتَدَاوَى بِماَ لاَ بُدَّ مِنْهُ وَيَفْتَدِي وإذَا صَحَّ اعْتَمَرَ، فَإنْ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ، فَكَانَ عَلَيْهِ أنْ يَحِجَّ عَاماً قَابِلاً وَيُهْدِي.

990- (أخبرنا) : مالكٌ، عن يَحْيَ بْنِ سَعِيدٍ، قال: -أخبرني سُلَيْمانُ بْن يَسَارٍ، أنَّ أباَ أَيُوبَ خَرَجَ حَاجاَّ، حَتَّى إذَا كانَ بِالبَادِيَةِ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ أَضَلَّ رَوَاحِلَهُ، وأنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ يَوْمَ النَّحْرِ، فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ فَقَالَ لَهُ: اصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ المُعْتَمِرُ ثُمَّ قَدْ حَلَلْتَ، فَإذَا أدْرَكْتَ الحَجَّ حُجَّ وأَهْدِ ماَ اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ (الرواحل جمع راحلة وهي المركب من الإبل ذكراً كان أو أنثى وبعضهم يخصها بالناقة التي تصلح أن ترحل اهـ مصباح وفي النهاية: الراحلة من الإبل: البعير القوي على الأسفار والأحمال والذكر والأنثى فيه سواء والهاء للمبالغة وفي الحديث تجدون الناس كإبل مائة ليس فيها راحلة وقد شرحنا ذلك مرارا لأن نكره الإحالة في اللغويات ونرى تكرارها أنفع وأجدى وخلاصة الحديث أن غياب رواحله يبيح له التحلل لحاجته إلى البحث عنها وانصرافه بذلك عن أعمال الحج فأرشده عمر إلى أن يفعل فعل المعتمر أي يتحلل من حجه بالطواف والسعي وقال عليك بعد ذلك أن تحج وأن تهدي لقطعك أعمال الحج وانصرافك عنه قبل إتمامه) .

991- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن سُلَيْمانَ بْن يَسَارٍ: -أنَّ هَبَّارَ بْنَ الأسْوَدِ جَاءَ وعُمَرُ يَنْحَرُ بُكْرَةَ -[385]- (البكرة بضم فسكون بمعنى الغدوة وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس يعني أنه كان يبكر بالنحر ويفعله في هذا الوقت) .

الباب العاشر في الحج عن الغير (هذا العنوان من وضع مرتب المسند وهو المرحوم الشيخ عابد السندي وغير متوغلة في الإبهام فلا تدخل عليها أداة التعريف لأن دخولها لا يفيد شيئا ولا ينقل غير عن إبهامها اهـ حامد مصطفى) .

الباب العاشر في الحج عن الغير (هذا العنوان من وضع مرتب المسند وهو المرحوم الشيخ عابد السندي وغير متوغلة في الإبهام فلا تدخل عليها أداة التعريف لأن دخولها لا يفيد شيئا ولا ينقل غير عن إبهامها اهـ حامد مصطفى) .

992- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ قال سَمِعْتُ الزَّهْري يُحَدِّثُ، عن سُلَيْمانَ ابْنِ يَسَارٍ، عن ابنِ عباسٍ: -أنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ سَأَلَتْ النَّبيَّ صلى اللَّهُ عليه وسلم، فقالتْ: إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ في الحَجّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أبي شَيخاً كَبيراً لاَ يَسْتَطِيعُ أنْ يَسْتَمْسِكَ علىَ رَاحِلَتِهِ، فَهَلْ تَرَى أنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ فقَالَ النبيُّ صلى اللَّهُ عليه وسلم: «نَعَمْ» . قال سُفْيَانُ: هكذا حَفِظْتُهُ مِنَ الزُّهْريِّ (هذا الحديث في مسلم وهو وما بعده إلى آخر الباب في أداء الحج عمن لم يحج لعجز بشيخوخة أو زمانة وذلك لأن الحج عبادة تعبد للَّله بها عبادة كالصلاة والصيام فكل إنسان مكلف مطالب أن يؤديها عن نفسه وكان مقتضى ذلك ألا يؤديها أحد عن غيره كالصلاة والصيام وبهذا قال بعضهم ولكن لما كانت عبادة مالية بدنية وكان إنفاق المال فيها أحد ركنيها كان هناك فرق بينها وبين الصلاة والصيام ووجوبها ليس على الفور عند بعض الأئمة فلهذين ولغيرهما قبلت فيها النيابة ولم تقبل في الصلاة والصيام واللَّه أعلم. وجملة ما يؤخذ من الحديث جواز النيابة في الحج عن العاجز الميؤوس منه بهرم أو زمانة أو موت وأن تكون المرأة نائبة عن الرجل في الحج وعدم سقوط فريضة الحج عمن عجزعن أدائه بنفسه وقدر على أدائه بغيره كولده وهو مذهب الشافعية وجواز حج المرأة بلا محرم إذا أمنت على نفسها وتقدمت آراء الفقهاء في هذه المسألة وفيه فضلا عن هذا كله الإشارة إلى بر الوالدين والقيام بخدمتهما وأداء ما وجب عليها من دين وحج وغيرهما وليس في قولها أن فريضة الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً ما يفيد أن الحج لو وجب على الإنسان قويا ثم تأخر في الأداء لا يؤدي عنه بدليل حديث طاووس الآلي أن امرأة أتت النبي صلى اللَّه عليه وسلم وقالت: أن أمي ماتت وعليها حج فقال حجي عن أمك فكما تجوز النيابة في الحج للعجز تجوز للموت وإن قضى الميت سنين قادراً على أداء هذه الفريضة وقد أشرنا إلى أن النيابة في الحج مسألة خلافية والجمهور ومنهم الشافعية والحنفية على جواز النيابة في الحج لموت أوعجز وقال مالك ولليث لا نيابة في الحج إلا عمن مات ولم يحج حجة الإسلام وحكى عن النخعي وبعض السلف أنها غير جائزة لا عن ميت ولا عن حي عاجز وهذا مروي عن مالك أيضاً ومذهب الشافعي أن ذلك واجب في تركته وعنده يجوز للعاجز الإنابة في حج التطوع على أصح القولين) وأخبرني عَمْرُو بنُ -[386]- دِينارٍ، عن الزُّهْري، عن سُلَيْمانَ ابْنِ يَسَارٍ: - عن النبيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَهُ وزَادَ فِيهِ فَقَالَتْ يا رَسُولَ اللَّهِ: فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذلِكَ؟ قال: " نَعَمْ، كَما لَوْ كَان عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِهِ يَنْفَعُهُ (فقضيته هكذا روى بإثبات الياء وهي لغة بعض العرب وهذه الرواية مرسلة لسقوط ابن عباس منها) .

993- (أخبرنا) : مالكٌ، عن الزَّهْري، عن سُلَيْمانَ ابْنِ يَسَارٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عباسٍ قال: -كَانَ الفَضْلُ بْنُ العَبَّاسِ رَدِيفَ النبيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم، فَجَاءَتْهُ امْرَأةٌ مِنْ خَثْعَمٍ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الفَضْلُ يَنْظُرُ إليْهاَ وهِيَ تَنْظُرُ إليه فَجَعَلَ النبيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الفَضْلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ، فَقَالتْ يا رسول اللَّه: إنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ في الحَجّ عَلَى عِبَادِهِ، أَدْرَكَتْ أبي شَيخاً كَبيراً لاَ يَسْتَطِيعُ أنْ يَثْبُتَ علىَ الرَاحِلةِ، أفأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» وذلِكَ فِي حِجَّةِ الوَداَعِ -[387]- (يؤخذ من هذا الحديث جواز الإرداف على الدابة إذا كانت مطيقة وسماع صوت المرأة الأجنبية لحاجة كالاستفتاء والبيع والشراء وغيرها وتحريم النظر إلى الأجنبية وإزالة المنكر باليد لمن قدر على ذلك هذا وخثعم كجعفر أبو قبيلة من معد هكذا في القاموس المحيط وفي اللسان خثعم "إسم قبيلة وهو خثعم بن أنمار من اليمن ويقال هم من معد صاروا باليمن اهـ وقوله حجة الوداع بكسر الحاء وفتحها خطأ لأن المرة والهيئة من هذه المادة تكسر كما نبهنا سابقاً) .

994- (أخبرنا) : مُسْلمُ بْنُ خالدٍ الزِّنْجِيُّ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: قال ابنِ شِهَابٍ حدثني: سُلَيْمانَ ابْنِ يَسَارٍ، عن ابنِ عباسٍ، عن الفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: -أنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ قالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: إنَّ أبي قَدْ أدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الحَجِّ، وهُو شَيْخٌ كَبِيرٌ، لاَ يَسْتَطيعُ أنْ يَسْتَوِي عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، قال: «فَحُجِّي عَنْهُ» .

995- (أخبرنا) : عَمْرُو بْنُ أبي سَلَمَةَ، عن عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مُحمَّدٍ، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الحَارِثِ المَخْزُوميِّ، عن زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الحُسَيْنِ، عن أبيه، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أبي رَافِعٍ، عن عَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: "وكُلُّ مِنىً مَنْحَرٌ، ثُمَّ جَاءَتْهُ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمٍ قالَتْ: إنَّ أبي شَيْخٌ قَدْ أَفْنَدَ وأدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ فِي الحَجّ، ولاَ يَسْتَطِيعُ أدَائِهَا، فَهَلْ يُجْزي أنْ أُؤد بها عَنْهُ؟ قال: " نَعَمْ -[388]- (ورد هذا الحديث في الأصل مصحفاً ومحرفا فكلمة قال كانت ساقطة منه وكلمة أفند كانت فيه أنفد وزيد فيه كلمة على فحذفناها منه لأنه لامعنى لها ولا وجود لها في النسخة المطبوعة فاستقام الحديث بعد تلا في هذه الأخطاء وفهم معناه واضحا والحمد للله هذا والمنحر بفتح الحاء مكان النحر أي كل مكان في منى صالح لأن تذبح فيه الهدايا وأفند: خرف وأخطأ للكبر) ".

996- (أخبرنا) : سَعيدُ بْنُ سالمٍ، عن حَنْظَلَة: سَمِعْتُ طاَووساً يَقُولُ: -أَتَتْ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم امْرأَةٌ، فَقَالتْ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وعَلَيْها حَجٌّ فَقَالَ: «حُجِّي عَنْ أُمِّكِ» .

997- (أخبرنا) : الشافعيّ، وذكر أنَّهُ مالكٌ، أَوْ غَيْرُهُ، عن أيُّوبَ، عن ابْنِ سِيرينَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: -أنَّ رَجُلاً أَتَى النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم، فقالَ يا رسولَ اللَّهِ: إنَّ أُمِّي عجُوزٌ كَبِيرَةٌ، لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرْكَبَ عَلىَ البَعِيرِ وَإنْ رَبَطْتُها خِفْتُ أنْ تَمُوتَ، أفأَحُجُّ عَنْها؟ فقَالَ: رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم «نَعَمْ» .

998- (أخبرنا) : مالكٌ وغَيْرُهُ، عن أيُّوبَ، عن ابْنِ سِيرينَ: -أنَّ رَجُلاً جَعَلَ عَلَى نَففْسِهِ ألاَّ يَبْلُغَ أحَدٌ مِنْ وَلَدِه الَّذِي قالَ الشَّيْخُ، وقَدْ كَبِرَ الشَّيْخُ، فَجَاءَ ابْنُهُ إلى رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ الخَبَرَ، فَقال: إنَّ أبي قَدْ كَبِرَ، ولاَ يَسْتَطِيعُ أنْ يَحُجَّ، أفأَحُجُّ عَنْها؟ فقَالَ: رَسُولِ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم «نَعَمْ» .

999- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ جُرَيْج، عن عَطَاءٍ: -سَمِعَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم رَجُلاً يقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ فُلانٍ، فَقال النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم: "إن كُنْتَ حَجَجْتَ فَلَبِّ عَنْهُ، وإلاَّ فَالحَجَّ عَنْ نَفْسِكَ، ثُمَّ احْجُجْ عَنْهُ -[389]- (ما أحسن أدب الرسول وأحكمه فإن من قلة العقل والذوق أن تؤدي واجب غيرك وأنت مهمل هذا الواجب فأحرى بمن يؤدي واجب غيره أن يؤدي واجب نفسه أولا فليس لأحد أن يحج عن غيره إذا كان لم يحج عن نفسه ويضرني في هذا قول الشاعر: كتاركة بيضها بالعراء * وملحفة بيض أخرى بجناحها ويؤيده الحديثان الآتيان وفيهما زيادة أن المحجوج له قريب الحاج وقد أفاد أنه لا فرق في هذا الحكم بين القريب والغريب فالواجب أن تؤدي أولا عن نفسك ثم تؤدي عمن شئت بعد ذلك من القرباء والغرباء اهـ) .

1000- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن أيُّوبَ، عَنْ أبي قِلابَةَ، قال: - سَمِعَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَجُلاً يقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ، فقال ابْنُ عَبَّاسٍ: ويْحَكَ، ومَا شُبْرُمَةَ؟ قال: فَذكَرَ قَرَابَةً لَهُ، فقال: أحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ قال: لا، قالَ: فَاجْعَلْ هذِهِ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ احْجُجْ شُبْرُمَةَ.

1001- (أخبرنا) : عَبْدُ الوهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عن أيُّوبَ بْنِ أبي تَمِيمَةَ، وخالدٍ الحَذَّاءَ، عَنْ أبي قِلابَةَ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: -أنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يقُولُ: لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ، فقال: ويْلَكَ ومَا شُبْرُمَةَ؟ فقال أحَدُهُما قال أخي، وقال الآخَرُ: فَذكَرَ قَرَابَةً، فقال: أحَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ؟ فقال: لاَ، قالَ: فَاجْعَلْ هذِهِ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ احْجُجْ شُبْرُمَةَ.

الباب الحادي عشر في مسائل متفرقة من كتاب الحج

الباب الحادي عشر في مسائل متفرقة من كتاب الحج

1002- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن عَبْدِ الرحْمن بنِ القاسمِ، عن أبيه، عَنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أنها قالتْ: -خَرَجْناَ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لا نَرَى إلاَّ الحَجَّ حَتَّى إذَا كُنَّا بِسَرِفَ، أوْ قَريباً منها حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الَّلهُ عليه وسلم وأناَ أبْكِي، فَقَال: "مَالَكِ أنَفِسْتِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فقال: إنَّ هذا أمْرٌ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ فاقْضِي ما يقْضي -[390]- الحَاجَّ، غَيْرَ ألاَّ تَطُوفِي بِالبَيْتِ"قالتْ: وضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم عَنْ نِسائِهِ البقَرَ (قولها لا نرى إلا الحج أي لا نعتقد أننا نحرم إلا بالحج لأنا كنا نظن امتناع العمرة في أشهر الحج «حتى إذا كنا بسرف» سرف بوزن كتف موضع بين مكة والمدينة بقرب مكة على أميال منها ستة أو سبعة أو تسعة أو أثني عشر هكذا ذكر النووي وابن منظور وإنك لتعجب لسعة الفرق بين هذه الأقوال ولكن يزول عجبك إذا عرفت أنها مقاسات تقريبية على قدر زمانهم وعلمهم ومعروف أنهم كانوا على حالة من البداوة ليس فيها شئ من أدوات المساحة المعروفة الآن هذا وسرف لك صرفه إن قدرته إسم مكان ومنعه إن قدرت البقعة وقوله «أنفست» بفتح النون وضمها لغتان مشهورتان والأولى أفصح والفاء فيهما مكسورة والمعنى أحضت؟ وأما النفاس بمعنى الولادة فيقال منه نفست بضم النون لا غير هكذا ذكر النووي في شرح مسلم والذي في اللسان يخالفه فإنه قال ونفست المرأة (بضم النون) ونفست بكسر الفاء نفاسا ونفاسة وهي نفساء: ولدت ثم قال يقال نفست ونفست فأما الحيض فلا يقال فيه إلا نفست بفتح النون يقال نفست المرأة تنفس بالفتح إذا حاضت ومثله في المصباح) . وقوله «هذا شئ كتبه اللَّه على بنات آدم» تسلية لها وتخفيف لألمها أي أمر عام تشترك فيه جميع نساء كالبول والغائط فلا تبتئسي ولا تحزني «فاقض ما يقضي الحاج» أي اصنعي ما يصنع الحجاج «غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي وفي رواية حتى تطهري» أي افعلي ما شئت من أعمال الحج عدا الطواف بالبيت هذا ظاهر في أن الحائض والنفساء والمحدث والجنب تصح منهم أفعال الحج وأقواله ما عدا الطواف وركعتيه فلا مانع من وقوفهم بعرفات مثلا وقولها «وضحى رسول اللَّه بالبقر» محمول على أنه صلى اللَّهُ عليه وسلم استأذنهن في ذلك إذ التضحية عن الإنسان لا تجوز إلا بإذنه) .

1003- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ الرحْمن بنِ القاسمِ، عن أبيه، عَنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: -أنها قَدِمَتُ مَكَّة وأنا حَائِضٌ ولَمْ أطُفْ بِالبَيْتِ ولا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذلكَ إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: افْعلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجَّ، غَيْرَ ألاَّ تَطُوفِي بِالبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي".

1004- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عَبْدِ الرحْمن بنِ القاسمِ، عن أبيه، عَنْ عائشةَ: -وذَكَرَتْ إحْرَامَهاَ مَعَ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم، وأنَّهاَ حَاضَتْ، فَأَمَرَها أنْ تَقْضِي ما يقْضي الحَاجُّ، غَيْرَ ألاَّ تَطُوفَ بِالبَيْتِ، ولا تُصَلِّي حَتَّى تَطْهُرَ.

1005- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ جُرَيْج، عن عَطَاءٍ: -أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لعائشةَ: "طَوَافُكِ بِالبَيْتِ وبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ يَكْفِيكِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ (أي أن الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة لا يتكرران لمن نوى الحج والعمرة بل يكفيه أداؤها مرة واحدة عن الحج والعمرة) .

1006- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن أبي نُجيْحٍ، عن عَطَاءٍ عن عائشة: -عن النبيّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ورُبَّمَا قَالَ سُفْيانُ، عَنْ عَطَاءٍ عن عائشةَ، أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال لِعَائِشَةَ مِثْلَهُ.

1007- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ، قال: - خَرَجْتُ مَعَ جَدَّةٍ لي عَلَيْها مَشى إلى بَيْتِ اللَّهِ الحَرَامِ حَتَّى إذَا كَانتْ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ فَسَأَلَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فقال: مُرْها فَلْتَرْكَبْ، ثُم لتمشِي مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ قال مالكٌ: وعَلَيْها هَدْيٌ -[393]- (كان الأولى بهذا الحديث أن يذكر في باب النذر فإنه منه في الصميم وعلاقته بالحج واهية فقد ذكره هنا لأوهى الأسباب كما يقولون ويؤيد هذا وروده في الموطأ ومسلم في باب النذر ولفظه في الأول عن عروة بن أذينة الليثي أنه قال خرجت مع جدة لي عليها مشى إلى بيت اللَّه حتى إذا كنا ببعض الطريق عجزت فأرسلت مولى لها يسأل عبد الله بن عمر فخرجت معه فسأل عبد اللَّه بن عمر فقال عبد الله بن عمر مرها فلتركب ثم لتمشي من حيث عجزت قال يحي وسمعت مالكا يقول وارى عليها مع ذلك الهدى فظاهر عبارة الموطأ والمسند أن على من نذر أن يمشي إلى بيت اللَّه الوفاء بنذره والذهاب إلى البيت الحرام ماشيا فإن عجز عن المشي ركب وعليه متى قدر أن يعود فيمشي المسافة التي ركبها لقوله ثم لتمشي من حيث عجزت أي تعيد المسافة التي ركبتها ماشية وعليه مع ذلك هدي لقول مالك وأرى عليها مع ذلك الهدي وإنما وجب الوفاء بهذا النذر لأنه عبادة لأن المسألة فيمن نذر أن يحج ماشيا وأما إعادة مشي المسافة التي ركبها للوفاء بما نذر لأنه نذر أن يقطع المسافة ماشيا فإذا طرأ عليه العجز أتحنا له الركوب للضرورة فإذا زالت الضرورة عاد الواجب فشغل ذمته فيتخلص منه بالمشي الذي التزمه وإنما وجب الهدي جبرا لإخلاله بما إلتزم ولو قيل إنه اضطر إلى الركوب اضطراراً وقد جبر النقص الذي طرأ على وفائه بإعادته قطع المسافة ماشيا فلا وجه للوجوب لكان وجيها ولذا قال النووي في شرح مسلم: وهذا الذي ذكرناه من وجوب الدم هو راجح القولين للشافعي وبه قال جماعة والقول الثاني لا دم عليه بل يستحب الدم وفي حديث عقبة بن عامر نذرت أختي أن تمشي إلى بيت اللَّه حافية فأمرتني أن أستفتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاستفتيته فقال لتمشي ولتركب ومعناه تمشي وقد قدرتها على المشي وتركب إذا عجزت عن المشي أو لحقتها مشقة ظاهرة وأما الحفاء الذي التزمته فليس بواجب عليها بل لها لبس النعلين وقد ورد حديث أخن عقبة هذا في سنن أب داود قال إن أختي نذرت أن تحج ماشية وأنها لا تطيق ذلك فقال رسول اللَّه إن اللَّه غني عن مشي أختك فلتركب ولتهد بدنة فترى الفرق واضحا بين ما أوجبته عبارة مسندنا وعبارة الموطأ من الجمع بين وجوب الإهداء وإعادة المشي بعد القدرة وعبارة حديث مسلم الخالية من الأمرين وعبارة أبي داود الموجبة للإهداء ولهذا اختلفت المذاهب فيما يجب في هذه الحالة ففي الموطأ حدثني مالك عن يحي بن سعيد أنه قال كان على مشي فأصابتني خاصرة «وجع في خاصرتي وقيل وجع في الكليتين» فركبت حتى أتيت مكة فسألت عطاء ابن أبي رباح وغيره فقالوا عليك هدي فلما قدمت المدينة سألت علماءها فأمروني أن أمشي مرة أخرى من حيث عجزت فمشيت قال يحي وسمعت مالكا يقول الأمر عندنا فيمن يقول على مشى إلى بيت اللَّه أنه إذا عجز ركب ثم عاد فمشى من حيث عجز فإن كان لا يستطيع المشي فليمش ما قدر عليه ثم ليركب وعليه هدي بدنة أو بقرة أو شاة إن لم يجد إلا هي والواجب في تعذر المشي إلى بيت اللَّه في العمرة أن يمشي حتى يسعى بين الصفا والمروة فإذا سعى فقد فرغ من نذره وفي الحج أن يمشي حتى يفرغ من المناسك كلها قال مالك ولا يكون مشي إلا في حج أو عمرة أي لا يكون نذر المشي واجب الوفاء إلا في الحج والعمرة) .

الباب الثاني عشر في فضل المدينة وما جاء فيها

الباب الثاني عشر في فضل المدينة وما جاء فيها

1008- (أخبرنا) : مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، حَدَّثني: إسْحاقُ بن عَبْدِ اللَّه، عَنْ الأسْودِ عن ابن مَسْعود: -أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: المدينةُ بَيْن عَيْنِي السماء عينٍ بالشام وعينٍ باليمن وَهِيَ أقل الأرْضِ مَطراً".

1009- (أخبرنا) : مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، أخبرني: يَزيدُ أو نَوْفَلُ بنُ عَبْدِ اللَّه الهاشمي: -أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: أُسْكِنْتُ أقل الأرْضِ مَطراً وهِيَ بَيْن عَيْنِي السماء عينٍ بالشام وعينٍ باليمن (العين السحاب ففي اللسان العين من السحاب ما أقبل عن القبلة أي قبلة العراق والعين مطر أيام لا ينقطع وقيل هو المطر يدوم خمسة أيام أو ستة أيام أو أكثر لا يقلع اهـ والمراد أنها بين سحابي هذين المكانين أو مطريهما أي أنها ابتعدت بوضعها ومكانها من مساقط المطر فلم تتصل بالشام ولا باليمن اللذين يكثر فيهما المطر لذا قل مطرها وهذا الحكم ليس خاصا بالمدينة بل يشمل سائر بلاد الحجاز واللَّه أعلم حامد مصطفى) .

1010- (أخبرنا) : مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، أخبرني: سُهَيلُ بنُ أبي صالح، عَنْ أبيه عَنْ أبي هُرَيْرَةَ: -أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: يُوشِكُ أنْ تمطر المدينة مطراً لا يُكِنُّ أهلها البُيُوتُ ولا يُكِنُّهم إلا مظالُّ الشَّعَرِ (لا يكنهم إلا مظال الشعر جمع مظلة لأن بيوت المدر يذيبها المطر الغزير ويهدمها وقد فسرته الرواية الأخرى بدوامه أربعين ليلة وأقل من هذا كاف في هدم بيوت المدر كما نشاهد في قرانا المصرية وهو أخبار منه صلى الله عليه وسلم بما يسقع وهو ضرب من الإعجاز لأنه كان يقع كما أخبر به) .

1011- (أخبرنا) : مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، أخبرني: صَفْوانُ بنُ سُلَيْم: -أنَّ النبي -[394]- صلى الله عليه وسلم قال: يُصِيبُ أهلُ المدِينةِ مَطَرٌ لا يُكِنُّ أهلها بَيْتٌ مِنْ مَدَرٍ (المدر قطع الطين اليابس وقيل الطين العلك الذي لا رمل فيه واحدته مدرة) .

1012- (أخبرنا) : مَنْ لاَ أَتَّهِمُ، حَدَّثني: يُونُسُ بنُ جُبَيْر، عن أبي أُممَامَةَ ابْن سَهل بن حُنَيْفٍ عن يُوسُفَ بن عَبْدِ اللَّه بن سلاَّم عن أبيه قال: -تُوشِكُ المدِينةُ يُصِيبُها مَطَرٌ أرْبَعين لَيلَةً لا يُكِنُّ أهلها بَيْتٌ مِنْ مَدَرِ. بعون اللَّه تعالى وتوفيقه وبركة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم تم قسم العبادات وهو يحتوي على ألف واثني عشر حديثا ويليه قسم المعاملات.

ترتيب مسند الإمام المعظم والمجتهد المقدم أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه المتوفي سنة 204 هـ

ترتيب مسند الإمام المعظم والمجتهد المقدم أبي عبد اللَّه محمد بن إدريس الشافعي رضي اللَّه عنه المتوفي سنة 204 هـ

الجزء الثاني

مقدمة الجزء الثاني

مقدمة الجزء الثاني

بسم اللَّه الرحمن الرحيم الحمد لله منزل الآيات وبارئ البريات ومدبر الكائنات نحمده أبلغ الحمد وأكمله، وأزكاه وأشمله، ونشهد أن لا إله إلا اللَّه، وحده لا شريك له، اللطيف الخبير، الرءوف الرحيم، ونشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء وعلى آله وصحبه وسلم. (أما بعد) بعون اللَّه وتوفيقه تم طبع قسم العبادات من ترتيب مسند الإمام الكبير محمد بن إدريس الشافعي رضي اللَّه عنه رواية القاضي أبي بكر أحمد بن الحسن الحيرى، عن أبي العباس أحمد بن يعقوب الأصم عن الربيع بن سليمان المرادي، عن الإمام الكبير أبي عبد اللَّه محمد بن إدريس الشافعي رضي اللَّه عنه ترتيب المحدث الحافظ الكبير قارئ الكتب الستة سرداً، ورواية، وشرحاً، ودراية في المدينة المنورة المرحوم الشيخ محمد عابد السندي المتوفي سنة 1257 هـ هجرية فقد قام رحمة اللَّه تعالى عليه بترتيب على الأبواب الفقهية أبدع ترتيب مع تهذيبه أحسن تهذيب بعد أن قام بترتيب مسند الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وشرحه في أربع مجلدات باسم «المواهب اللطيفة في شرح مسند أبي حنيفة» . وقد استعنا على طبعه بإرشاد وتوجيهات عالم هذا العصر بلا منازع المحدث الكبير بقية السلف الصالح صاحب الفضيلة الشيخ محمد زاهد بن الحسن الكوثري وكيل المشيخة الإسلامية في الخلافة العثمانية سابقا وكتب هوامش قسم العبادات فضيلة الشيخ حامد مصطفى المدرس بكلية اللغة العربية بالأزهر

هذا وقد اشتمل قسم العبادات على باب الإيمان: ثم كتاب العلم، وكتاب الإعتصام بالكتاب والسنة؛ وكتاب الطهارة وفيه أبواب؛ وكتاب الصلاة وفيه أبواب؛ وكتاب الزكاة وفيه أبواب؛ وكتاب الصوم وفيه أبواب؛ وكتاب الحج وفيه أبواب؛ وبانتهاء هذه الأبواب تم قسم العبادات الذي بلغ عدد الأحاديث الواردة فيه ألف واثني عشر حديثا. وقد ابتدأنا متوكلين على اللَّه سبحانه وتعالى وبركة رسوله الكريم، وإرشاد وتوجيهات مولانا الكوثري ومعاونة صاحب الفضيلة الشيخ محمد عيسى منون من علماء الأزهر الشريف ومدرسيه بطبع قسم العبادات من ترتيب هذا المسند العظيم وهو قسم المعاملات الذي يبتدئ من كتاب النكاح بعد أن وضعنا فهرساً مختصراً لقسم العبادات وأجلنا الفهرس الكبير لآخر الكتاب. واللَّه سبحانه وتعالى نسأل أن يرحمنا ويغفر لنا خطايانا ويوفقنا لما فيه رضاه إنه سميع مجيب,

كتاب النكاح (النكاح مصدر نكح الرجل المرأة ينكحها من باب ضرب ومنع: إذا تزوجها أو واقعها قال الجوهري: النكاح الوطء وقد يكون العقد وقال الأزهري: أصل النكاح في كلام العرب الوطء وقيل للتزوج نكاح لأنه سبب الوطء يقال نكح المطر الأرض ونكح النعاس عينه أصابها وقال أبو القاسم الزجاجي: النكاح في كلام العرب الوطء والعقد جميعا وقال ابن فارس يطلق على الوطء وعلى العقد دون الوطء قال النووي: النكاح في اللغة الضم وأما حقيقته عند الفقهاء ففيها ثلاثة أوجه لأصحابنا «الشافعية» أصحها أنها حقيقة في العقد مجاز في الوطء والثاني: أنها حقيقة في الوطء مجاز في العقد وبه قال أبو حنيفة والثالث حقيقة فيهما بالاشتراك اهـ قال الفيومي: المصباح والنكاح مأخوذ من نكحه الداء إذا خامره وغلبه أو من تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض أو من نكح المطر الأرض إذا اختلط بثراها وعلى هذا فيكون النكاح مجازا في العقد والوطء جميعا لأنه مأخوذ من غيره فلا يستقيم القول بأنه حقيقة لا فيهما ولا في أحدهما ويؤيده أنه لا يفهم العقد إلا بقرينه نحو نكح في بني فلان ولا يفهم الوطء إلا بقرينه نحو نكح زوجته وذلك من علامات المجاز وإن قيل إنه غير مأخوذ من شئ ترجح الإشتراك لأنه لا يفهم واحد من تسمية إلا بقرينة اهـ وخلاصة البحث أنه حقيقة فيهما أو مجاز فيهما أو حقيقة في العقد مجاز في الوطء أو بالعكس) وفيه ستة أبواب

كتاب النكاح (النكاح مصدر نكح الرجل المرأة ينكحها من باب ضرب ومنع: إذا تزوجها أو واقعها قال الجوهري: النكاح الوطء وقد يكون العقد وقال الأزهري: أصل النكاح في كلام العرب الوطء وقيل للتزوج نكاح لأنه سبب الوطء يقال نكح المطر الأرض ونكح النعاس عينه أصابها وقال أبو القاسم الزجاجي: النكاح في كلام العرب الوطء والعقد جميعا وقال ابن فارس يطلق على الوطء وعلى العقد دون الوطء قال النووي: النكاح في اللغة الضم وأما حقيقته عند الفقهاء ففيها ثلاثة أوجه لأصحابنا «الشافعية» أصحها أنها حقيقة في العقد مجاز في الوطء والثاني: أنها حقيقة في الوطء مجاز في العقد وبه قال أبو حنيفة والثالث حقيقة فيهما بالاشتراك اهـ قال الفيومي: المصباح والنكاح مأخوذ من نكحه الداء إذا خامره وغلبه أو من تناكحت الأشجار إذا انضم بعضها إلى بعض أو من نكح المطر الأرض إذا اختلط بثراها وعلى هذا فيكون النكاح مجازاً في العقد والوطء جميعا لأنه مأخوذ من غيره فلا يستقيم القول بأنه حقيقة لا فيهما ولا في أحدهما ويؤيده أنه لا يفهم العقد إلا بقرينه نحو نكح في بني فلان ولا يفهم الوطء إلا بقرينه نحو نكح زوجته وذلك من علامات المجاز وإن قيل إنه غير مأخوذ من شئ ترجح الإشتراك لأنه لا يفهم واحد من تسمية إلا بقرينة اهـ وخلاصة البحث أنه حقيقة فيهما أو مجاز فيهما أو حقيقة في العقد مجاز في الوطء أو بالعكس) وفيه ستة أبواب

الباب الأول في أحكام الصداق

الباب الأول في أحكام الصداق

1- (أخبرنا) : عَبْدُ العَزيزِ بْن مُحَمَّدٍ، عن يَزِيدَ بْنِ عَبدِ اللَّه بن الهاد عن مُحمد بْنِ إبراهيمَ، عن أبي سَلَمَة قال: -سألتُ عائشةَ كَمْ كان صِداقُ النَّبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم قالتْ: كان صَدَاقُه لأَزْوَاجِهِ اثْنَتَي عَشَرِةَ أُوقِيَّة نَشًّا قالت: أَتَدْرِي ما النَّشُّ؟ قُلْتُ: لا قالتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ -[6]- (الصداق المهر وفيه خمس لغات أكثرها فتح الصاد والثانية كسرها وجمعهما بضمتين والثالثة لغة الحجاز صدقة بفتح فضم وتجمع صدقات على لفظها قال تعالى «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة» والرابعة لغة تميم صدقة كغرفة وجمعها كجمعها والخامسة صدقة كقرية وقرى وأصدقتها بالألف: أعطيتها صداقها أو تزوجتها على صداق والنش بفتح فتشديد نصف أوقية أعني عشرين درهما لأن الأوقية الحجازية ربعون درهما وقيل: النش النصف من كل شئ فنش الدرهم نصفه ونش الرغيف نصفه هكذا فيكون جميع مهره خمسمائة درهم والذي في نهاية ابن الأثير أنه لم يصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية) .

2- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن حُمَيْدٍ الطويل، عن أَنَسٍ: -أنَّ عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوف تَزَوَّجَ على وَزْنِ نَوَاةٍ.

3- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن حُمَيْدٍ الطويل، عن أَنَس بن مالك: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لَمَّا قَدِمَ الْمَدينَةَ أَسْهَمَ الناسُ المنازلَ فَطَارَ سَهْمُ عَبْدَ الرَّحْمنِ ابْنَ عَوفِ على سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ فقال له سعدٌ: تَعالَ حتى أقاسِمكَ مَالِي وأَنْزِلَ لَكَ عن أَيِّ امْرَأَتَيَّ شِئْتَ وَأَكْفِيَكَ الْعَمَلَ فقال له عَبْدُ الرَّحْمنِ: بارَكَ اللَّهُ لكَ في أهْلِكَ ومَالِكَ دُلُّوني على السُّوقِ فَخَرَجَ إِليْهِ فأصَابَ شَيْئاً فَخَطَبَ امْرأَةً فَتَزَوَّجَهَا فَقَال له رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم: " عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا ياعَبْدَ الرَّحْمنِ؟ قال: على نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فقال: أَوْلمْ وَلَوْ بِشَاةٍ

(أسهم الناس المنازل هكذا في الأصل والذي في كتب اللغة: أن أسهم لازم لا معتد يقال: أسهمت له أعطيته سهما وأسهم بينهم: أقرع ويقال أيضا: استهموا أو تساهموا أي اقترعوا وهما على هذا المعنى لا زمان أيضا وجاء في الأساس للزمخشري وتساهموا الشئ تقاسموه وعبارته واستهموا وتساهموا أي اقترعوا وتساهموا الشئ تقاسموه اهـ فنرى أنه فرق بين استهم وتساهم فجعل الأولى لازمة والثانية لازمة ومتعدية وهي تفرقة عجيبة ولكن اللغة كثيرة العجائب لأنها سماعية والذي تظاهر لي في تصحيح العبارة أن أصلها أسهم الناس أي أهل المدينة للمهاجرين في المنازل أي جعلوا لهم سهما في منازلهم أي اقتسموها معهم وأفسحوا لهم في الإقامة بها فحذفت للمهاجرين اختصاراً ونصبت المنازل على نزع الخافض واللَّه أعلم) ".

4- (أخبرنا) : مالكٌ، حَدَّثني: حُمَيْدٍ الطويل، عن أَنَسِ بن مالك: -أنَّ عَبْدَ الرَّحْمنِ بْنَ عَوف جَاءَ إلَى النَّبيِّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم وبه أَثَرُ صُفْرَةٍ فَسَأَلَهُ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم: "كَمْ سُقْتَ إليها؟ قال: وزن نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ فقال له رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ (ربما فهم من قوله «وبه أثر صفرة» أنه يجوز التطيب للرجال والصحيح أنه تعلق به أثر من الزعفران وغيره من طيب العروس ولم يقصده فقد ثبت في الصحيح نهي الرجال عن الخلوق (الطيب) لكونه شعار النساء والرجال منهيون عن التشبه بالنساء وقيل إن التطيب مرخص فيه للرجل أيام عرسه ويحتمل أنه كان في ثيابه دون بدنه ومذهب مالك جواز لبس الثياب المزعفرة وقال أبو حنيفة والشافعي لا يجوز ذلك للرجل) ".

5- (أخبرنا) : مالكٌ، عن أبي حازِمٍ، عن سَهْلِ بْنِ سَعْد السَّاعِدِيِّ: -أنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقالتْ يَارَسُولَ اللَّهِ: إنِّي قَدْ وَهَبْتُ نَفْسِي لَكَ فقامتْ قياماً طويلاً فقام رَجُلٌ فقالَ يا رسولَ اللَّه: زَوِّجنِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فقال رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شئٍ تُصْدِقُهاَ إيَّاهُ؟ فقال: ما عِنْدِي إلاَّ إزَاري هَذَا فقال رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم: إنْ أَعْطَيْتَهَا إيَّاهُ جَلَسْتَ لاَ إزَارَ لَك فالْتَمَسَ شيئاً فقال: لم أجِدْ شيئاً قال: فالْتَمَسَ ولَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيدٍ فالْتَمَسَ فلم يجِدْ شيئاً فقال له رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم: هَلْ مَعَكَ -[8]- مِنَ القُرآنِ شَئٌ؟ قال: نَعَمْ سُورَةُ كذا وسُورَةُ كذا لِسُورٍ سَمَّاهَا فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلم: زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ".

6- (أخبرنا) : مالكٌ، عن أبي حازِمٍ، عن سَهْلِ بْنِ سَعْد السَّاعِدِيِّ: -أنَّ رَجُلاً خَطَبَ إلى النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم امْرَأَةً قَائِمَةً فقال النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم في صداقها: «الْتَمَسَ ولَوْ خَاتَماً مِنْ حَدِيد» .

7- (أخبرنا) : عَبْدُ المَجِيدِ، عن ابْنِ جُرَيْجَ: -أخْبَرَنِي أبو الزُّبَيْر أنَّهُ سَمِعَ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: إنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم نَهَى عن الشِّغَارِ (الشغار مصدر شاغر الرجل الرجل إذا زوجه ابنته مثلا على أن يزوجه الآخر ابنته قال في القاموس: شغر الكلب كمنع رفع إحدى رجليه بال أو لم يبل والرجل المرأة شغوراً رفع رجلها للنكاح والشغار بالكسر أن تزوج الرجل امرأة على أن يزوجك أخرى بغير مهر صداق كل واحدة بصنع الأخرى أو يخص بها القرائب وكان هذا الضرب من النكاح معروفا في الجاهلية واتفق على أنه منهي عنه واختلفوا في اقتضاء هذا النهي بطلانه فقيل: يقتضي البطلان وهو مذهب الشافعي وحكى عن أحمد وقال مالك يفسخ قبل الدخول وبعده وفي رواية قبله لا بعده وقيل لا يقتضي البطلان فيصح النكاح ويكون لكل واحدة منهما مهر المثل وهو مذهب أبي حنيفة وحكى عن الليث وبه قال ابن جرير وهو رواية عن أحمد) .

8- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ ابْنِ نُجَيْحٍ، عنْ مُجاهِدِ: -أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «لاَ شِغَارَ في الإسْلام» .

9- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: -أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم نَهَى عن الشِّغَارِ والشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ ولَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ.

10- (أخبرنا) : مَالِك بْنُ أَنَسٍ، عن نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَوحدثنا: مُسْلِمُ ابْنُ خالدٍ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عن أبي الزُّبَيْر عَنْ جابِرٍ كلاهما: -عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم أنَّه نَهَى عن الشِّغَارِ وزاد مالِكٌ في حديثهِ: والشِّغَارُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ.

11- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عن ليس بْنِ أبي سُلَيْم، عَن طَاووسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: -أنَّهُ قال في الرَّجُل يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَخْلُوا بِهَا ولاَ يَمَسُّهاَ ثُمَّ يُطَلِّقُهاَ لَيْسَ لَهَا إلاَّ نِصْفُ الصِّدَاقِ لأَن اللَّهُ تعالى يَقُولُ: «وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فنِصْفُ مافَرَضْتُمْ (أخذ الشافعية بظاهر الآية فلم يوجبوا في هذه الحالة للزوجة على زوجها أكثر من نصف المهر ولم يلحقوا الخلوة الصحيحة بالمس في هذا الحكم وخالفهم في ذلك الحنفية فألحقوها به وجعلوا الخلوة الصحيحة في حكم الدخول والآية معضدة للشافعية) » .

12- (أخبرنا) : مُسْلِمُ ابْنُ خالدٍ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عن لَيْثِ بْنِ أبي سُلَيم، عن طاوس، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: - لَيْسَ لَهَا إلاَّ نِصْفُ المَهْرِ ولا عِدَّةَ عَلَيْهَا يَعْني لمن قالَ اللَّهُ تعالى: «وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً» وقوله تعالى: «وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَماَ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّنَهاَ» .

13- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أنَّهُ قال: -لِكُلِّ مُطَلَقَةٍ مُتْعَةٌ إلا الَّتي فُرِضَ لَها الصَّدَاقَ ولَمْ يَمَسَّهاَ فَحَسْبُهاَ نِصْفُ المَهْرِ وذَكَرَ في مَوضِع آخَرَ إلا الَّتي تُطَلِّقُ وقَدْ فُرِضَ لها الصَّدَاقُ ولم تُمَسُّ فَحَسْبُهاَ ما فُرِضَ لَها.

14- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ أنَّهُ كان يقول: -لِكُلِّ مُطَلَقَةٍ مُتْعَةٌ إلا الَّتي تُطَلِّقُ وقَدْ فُرِضَ لها الصَّدَاقُ ولم تُمَسُّ فَحَسْبُهاَ ما فُرِضَ لَها.

15- (أخبرنا) : ابْنُ أبي فُدَيكٍ وسَعيدُ بْنُ سَالمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْن جَعْفَرِ ابْنِ المسور عن واصِلِ بن أبي سَعيد، عن مُحَمَّدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنُ مُطْعِم، عن أبيه: -أنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأةً ولم يَدْخُلْ بها حتى طَلَّقَهاَ فأرسل إليهاَ بالصَّدَاقَ تَامًّا فقيلَ له في ذَلِكَ فقال: أنا أوْلى بِالْفَضْلِ (قال المفسرون في قوله تعالى «وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح» أي يعطي المهر كله تفضلا وإحسانا.

16- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعِ: -أَنَّ ابْنَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وأُمَّها بِنْتُ زيْد ابْنَ الخَطَّابِ كانَتْ تَحْتَ ابْنٍ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَمَاتَ ولَمْ يَدْخُلْ بِهاَ ولَمْ يُسَمَّ لَهاَ صَداقاً فابْتَغَتْ أُمَّها صَداقها فقال بْنِ عُمَرَ: لَيْسَ لَهَا صَدَاقٌ وَلَوْ كاَنَ لَهَا صَدَاقٌ لَمْ نَمْنَعْكُمُوهُ ولَمْ نَظْلِمْهاَ فَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَ ذَلِكَ فَجَعَلوا بَيْنَهُمْ زَيْدَ بْنَ ثابِتٍ فَقَضَى أنْ لاَ صَدَاقَ لَها ولها المِيرَاثُ (مثل هذا بنصه في الموطأ وفي المصابيح ما يخالفه عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها شيئا ولم يدخل بها حتى مات فقال ابن مسعود: لها مثل صداق مثلها وعليها العدة ولها الميراث إلخ) .

17- (أخبرنا) : سُفْيانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن عَطَاءِ بنِ السَائِبِ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عن عليّ: -في الرَّجُل يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ ثم يَموتُ ولم يَدْخُلْ بها ولمْ يَفْرِضْ لها صَدَاقاً أَنَّ لها الْمِيرَاثَ وَعَلَيْهاَ العِدَّةُ ولاَ صَدَاقَ لَها.

الباب الثاني فيما جاء في الولي:

الباب الثاني فيما جاء في الولي:

18- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ وعَبْدُ المَجِيدِ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيْمانَ بْن مُوسَى عن ابْنِ شِهابٍ، عَنْ عُرْوةَ، عن عائشةَ: -عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: " أيُّما امْرأةٍ نَكَحَتْ بغير إذْنِ وَلِيِّها فَنِكاحُها باطِلٌ ثلاثاً (ثلاثا أي قال: فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، كما ورد في رواية أخرى وأفاد الحديث بطلان نكاح المرأة إذا زوجت نفسها وإن الولي في النكاح شرط لصحته وهو مذهب الشافعية والمالكية وقال أبو حنيفة: لا يشترط في الثيب ولا في البكر البالغة بل له أن تزوج نفسها بإذن وليها ولا يجوز بغير إذنه وقال داود يشترط الولي في تزيج البكر دون الثيب) .

19- (أخبرنا) : سَعيدُ بْنُ سَالمٍ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيْمانَ بْن مُوسَى عن ابْنِ شِهابٍ، عَنْ عُرْوةَ، عن عائشةَ: -عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: " أيُّما امْرأةٍ نَكَحَتْ بغير إذْنِ وَلِيِّها فَنِكاحُها باطِلٌ ثلاثاً فإن أصابَها فعليه المَهْرُ بِماَ اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهاَ فإن اشْتَجَرُوا فالسُّلْطانُ وَلِيَّ منْ لاَ وَلِيَّ لَه (اشتجروا تنازعوا واختلفوا بأن أرادت التزوج من كفء وامتنع الولي من تزويجها به فإنه إذا على ذلك زوجها القاضي الذي هو نائب السلطان في هذا الأمر) .

20- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ وعَبْدُ المَجِيدِ، عن ابْنِ جُرَيجٍ قال: - عَمْرُو بْنُ دِينارٍ نَكَحَتْ امْرأةٌ من بَني بَكر بن كِنانَةَ يُقالُ لها آمِنة بنت أبي ثُمامَةُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُضَرِّس فكتب عَلْقَمَة بن عَلْقَمَة الْعِتْوَارِيُّ إلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزيزِ إذْ هُوَ وَالي الْمَدِينَةِ: إنِّي وَلِيُّها وإنَّها نَكَحَتْ بغير أَمْرِي فَرَدَّهُ عُمَرُ وقدْ أصابَها قال: فَأَيُّ امْرأةٍ نَكَحَتْ بغير إذْنِ وَلِيِّها فلا نِكاح لها لأنَّ -[12]- النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: " فَنِكاحُها باطِلٌ وإن أصابَها فلها صَدَاقُ مِثْلِها بما أصابَ مِنْها بما قَضَى لها النَّيُّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم (فرده عمر وقد أصابها أي رد النكاح بعد أن دخل بها زوجها وإيجاب صداق المثل في هذه الحالة يخالف ما هو معروف عند الحنفية من إيجاب المسمى) .

21- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرُو بْنُ دِينارٍ، عن عَبْد الرحمنِ ابْن مَعْبَدٍ: -أنَّ عُمَرُ رَدَّ نِكَاحَ امْرأةٍ نَكَحَتْ بغير إذْنِ وَلِيِّ.

22- (أخبرنا) : مُسْلِمُ ابْنُ خالدٍ وسَعيدٌ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عُثمانَ بْنِ خَيْثَم، عن سَعيدِ بْنُ جُبَيْرِ ومُجاهِدٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ قال: - لا نِكاحَ إلاَّ بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ وولِيٍّ مُرْشِدِ وأَحْسَبُ مُسْلِماً قال قد سِمِعْتُهُ مِنْ ابْنِ خَيْثَم.

23- (أخبرنا) : مالكٌ، عن أبي الزُّبَيْرِ قال: -أُتِيَ عُمر بن الخَطَّاب بِنِكاحٍ لَمْ يَشْهدْ عَلَيْه إلا رَجُلٌ وامْرَأَةٌ فقال: هَذا نِكاحُ السِّرِّ ولا أُجِيزُهُ ولوْ كُنْتُ تقدَّمْتُ فيه لَرَجَمْتُ.

24- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ الفضْلِ، عن نافعِ بن جُبَيْرِ، عن عبد اللَّه بن عباسٍ: -أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «الأيِّم أَحَقُّ بِنَفْسِهاَ مِنْ وَلِيِّها والبكرُ تسْتأذَنُ في نفسها وإذنها صُماتها» .

25- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ الرحمن بن القاسمِ، عن أبيه، عبدِ الرحمن ومجمع ابني يزيد بن حَارِثَةَ، عن خنْسَاءَ ابنَةِ خُزامٍ: -أنَّ أباها زوَّجَها وهي بِنْتٌ فكَرِهَتْ ذلك فَأَتَتْ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فَرَدَّ نِكاحَهاَ.

26- (أخبرنا) : مُسْلِمُ ابْنُ خالدٍ، عن ابْنِ جُرَيجٍ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قدْ أمَرَ نُعَيْماً أن يُوامرَ أم ابنتِه فيها.

27- (أخبرنا) : الثِّقَةُ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عن عبدِ الرحمن بن القاسمِ، عن أبيه، قال: -كانت عائشةُ يُخطَبُ إليْها المرْأةُ مِنْ أهْلها فتشهدُ فإذا بَقِيت عُقْدَة النكاحِ قالتْ لبعضِ أهْلها زوِّجْ فإن المرأة لا تَلِي عُقدَة النكاح (الحديث مؤيد لمذهب المالكية والشافعية في عدم صحة النكاح بدون ولي وأن المرأة لا تلي عقدة النكاح) .

28- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن هِشَامٍ، عن ابن سِيرين، عن أبي هُرَيرةَ قال: -لا تُنْكِحُ المَرْأةُ المَرْأةَ فإن البَغيَّ إنما تُنْكِحُ نفسها.

29- (أخبرنا) : إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ المعروفُ بابنِ عُلَيّة، عن ابن أبي عروبة، عن قَتَادَة عن الْحَسنِ، عن عُقْبَةَ بن عامر: -أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: «إذا أنْكَحَ الوَلِيَّانْ فالأولُ أحَقُّ» .

30- (أخبرنا) : إسماعيلُ بنُ عُلَيّة، عن ابن أبي عروبة، عن قَتَادَة عن الْحَسنِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أصحابِ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: "إذا أنْكَحَ الوَلِيَّانْ فالأَوَّلُ أحَقُّ وإذا بَاعَ المُجِيزَان فالأَوَّلُ أحَقُّ.

الباب الثالث في الترغيب في التزوج وما جاء في الخطب وما يحرم نكاحه وغير ذلك

الباب الثالث في الترغيب في التزوج وما جاءَ في الْخَطبِ وما يَحْرُم نكاحه وغَيْرَ ذَلِكَ

31- (أخبرنا) : سُفْيان، عن عَمْرُو بْنُ دِينارٍ: -أنَّ ابْنَ عُمر أراد ألاّ يَنْكَحَ فقالتْ له حَفْصَةَ تَزَوَّج فإن وُلِدَ لكَ وَلدٌ فعاشَ مِنْ بَعْدِكَ دَعَا لَكَ (هذا مصداق الحديث الآخر إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث وفيها وولد صالح يدعوا له وهذه إحدى منافع الولد وله منافع أخرى كثيرة معروفة) .

32- (أخبرنا) : سُفْيان، عن إسماعيلُ بن أبي خالدٍ، عن قيْسِ بن أبي حازمٍ قال: -"سَمِعْتُ ابْن مَسْعُودٍ يقولُ: كَنَّا نَغْزُو مَع رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه -[14]- عليه وسلَّم ولَيْس معَنا نِساءٌ فأَرَدْنا أنْ نَخْتَصي فَنَهانا عن ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم ثم رَخَّص لنا أنْ نَنْكِحَ المرأةَ إلى أجَلٍ بالشَّئِ.

33- (أخبرنا) : سُفْيانُ، أنبأنا: الزُّهْري، أنبأنا: الربيعُ بنُ سَبْرَةَ، عن أبيه قال: -نهانا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم عنْ نِكاحِ المُتْعَةِ.

34- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عنِ الزُّهْري، عن الرَّبيعُ بنُ سَبْرَةَ، عن أبيه قال: -أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم نَهَى عنْ نِكاحِ المُتْعَةِ.

35- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عنِ الزُّهْري، عنِ الحَسن وعبدَ اللَّهِ حَدَّثني محمَّدُ بنُ عَلِيّ وكان الحسنُ أرْضَاهُما عن أبِيهما: -أنّ عليًّا رضِيَ اللَّهُ عنهُ قال لابن عُبادة رضِيَ اللَّهُ عنهُ إن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم نَهَى عنْ نِكاحِ المُتْعَةِ وعن لُحُوم الْحُمْرِ الأَهْليَّة (وإنما حرمت لحومها لحاجة الآهلين إليها في قضاء حاجاتهم بخلاف الوحشية فإنهم لا ينتفعون بها) .

36- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُرْوة: -أنَّ جَزْلَةَ بنْتَ حكيم دَخلَت عَلَى عُمَر بن الخطاب فقالتْ: إن ربِيعة بن أُمية اسْتَمْتَعَ بامْرأة مُوَلَّدَة فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَخَرج عُمَرُ يَجُرُّ رِداءَه فَزِعاً فقال: هذهِ المتعة ولوْ كُنْتُ تقدَّمْتُ فيهِ لَرَجَمْتُه -[15]- (خرج فزعا أي خائفاً من هول ما سمع وهو الحمل من الزنا ثم قال لو كنت تقدمت فيه أي سبقت غيري في الفتيا لشددت العقوبة ورجمت المحصن ولكني سبقت فيه وأفتى غيري بعدم إقامة الحد فيه لوجود شبهة النكاح أي أنه كان يراه زنا لا أقل وإن كان الحد قد منعت إقامته فيه لتلك الشبهة وهو ظاهر في اشمئزازهم منه واستقباحهم إياه) .

37- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن هَارُونَ، عن رباب، عن عبدِ اللَّه بن عُبَيْد ابن عُمَيْرٍ قال: -أتى رَجُلٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقال: إنَّ لي امْرَأَةً لا تَرُدُّ يَد لامِسٍ قال النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: "تُطَلِّقُها؟ قال إني أُحِبُّها قال: فَأَمْسِكْهاَ إذًا".

38- (أخبرنا) : سُفْيانُ حَدَّثني: عُبَيْد اللَّهِ بن أبي يَزيدَ، عن أبيهِ: -أن رَجُلاً تَزَوَّج امْرأَة ولَها ابْنةٌ مِنْ غَيْره ولَهُ ابنٌ غَيْرِها فَفَجر الْغُلام بِالْجَارِيةِ فَظَهر بها حَبْلٌ فلما قَدِم عُمَر بن الخطَّاب مَكَّةَ فَرُفِعَ ذلك إليْهِ فَسَأَلَهُمَا فاعْتَرَفاَ فَجَلَدهُما عُمَرُ الحَدَّ وَحَرِصَ أنْ يَجْمَعَ بَيْنهُما فأَبَى الْغُلاَمُ (فجر الغلام بالجارية فجوراً فسق وزنا بها وجلده الحد أي ضربه وأصاب جلده وقوله حرص أن يجمع بينهما إشارة إلى رغبته في عقد النكاح بينهما سترا للأعراض) .

39- (أخبرنا) : مُسْلِمُ وسَعيدٌ، عن ابْنِ جُرَيجٍ قال: -أخْبرني عِكْرِمَةُ بن خالدٍ قال: جَمَعَتِ الطريقُ رُفْقَةً فيهِمْ امْرأةٌ ثَيِّبٌ فوَلَّتْ مِنْهُم رَجُلاً أمْرها فزَوَّجها رَجُلاً فجلَد عُمَرُ بن الخطَّابِ النَّكِحَ والمُنْكَحَ وردَّ نكَاحها.

40- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن يَحْيَ بن سعيدٍ عن ابن المُسيِّب: -في قوله تعالى: (الزَّاني لا يَنْكِحُ إلا زانيةً الآية..) قال: هِي منسُوخةٌ نَسَختْها: «وأنْكِحُوا الأَيَامَى منكُمْ» فهِي منْ أيامَى المُسْلِمينَ.

41- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن عبد اللَّهِ بن أبي يَزيدَ، عن بَعْضِ أهْلِ العلْم: -أنَّه قال في هذه الآيةِ: فهُو حكمٌ بيْنَهما.

42- (أخبرنا) : مُسْلِمُ بْنُ خالدٍ، عن ابْنِ جُرَيجٍ عن مُجاهدٍ: -أنَّ هذهِ الآيةَ نزَلتْ في بَغَايا الجاهليّةِ كانَتْ عَلَى منَازِلِهِم راياتٌ (البغي الزانية وجمعها بغايا وكن ينصبن على بيوتهن رايات أي أعلاما ليعرفن بها ويهتدي إليهن من يبغيهن فإذا حملت إحداهن ووضعت جمع لها من زنى بها ودعوا بالقافة فألحقوا والدها بمن يرون) .

43- (أخبرنا) : الثِّقَةُ أحسَبَهُ إسماعِيلَ بن إبراهيمَ بن مَعْمِر، عن الزُّهْريّ عن سالمٍ، عن أبيه: -أنَّ غَيْلان بن سَلَمَةَ الثَّقَفِيَّ أسْلم وعنْدَهُ عَشْرَةُ نِسْوَةٍ فقالَ لهُ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «أمْسِكْ أربَعاً وفَارِقْ سائِرَهُنَّ» .

44- (أخبرنا) : بعضُ أصحابنا، عن أبي الزِّنادِ، عن عبد المَجيدِ بن سُهَيْل ابن عبد الرحمن بن عَوْفٍ، عن عوفٍ بن الحارث، عن نَوْفل بن مُعاويةَ الرَّمْليّ قال: -أسلمْتُ وتحتي خمسُ نِسْوة فسأَلتُ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقال: فَارِق واحدة وأمْسِكْ أربَعاً"فمدْتُ إلى أقْدمِهِنَّ عنْدِي عاقِر منذُ سِتِّينَ سنةً فَفَارَقْتُها (العاقر من النساء التي لا تحمل) .

45- (أخبرنا) : ابن أبي يَحْيَ، عن إسحاقَ بن عبد اللَّهِ، عن أبي وهبٍ الحنشاني، عن أبي خَراشٍ، عن الدَّيْلمي قال: أسلمْتُ وتحتي أُخْتانِ فسأَلتُ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقال: فَأمرني أنْ أمْسِكْ أيَّتَهُما شِئْتَ وأُفَارِقَ الأخْرَى.

46- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، عن قَبِيصَةَ بن ذُؤَيبٍ: -أنَّ رجُلاً سألَ عُثمان بن عفَّانَ عن الأُخْتَيْن من ملِك اليمين هل يُجْمَعُ بيْنَهُما؟ فقال عُثمانُ: أَحَلَّتْهُما آيةٌ وحَرَّمتهُما آيةٌ وأَمَّا أنا فلا أُحِبُّ أن أَصْنَعُ هذا قال فَخَرَجَ -[17]- مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَ رَجُلاً من أصحابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فَقال: لَوْ كان لِي مِنَ الأمْرِ شَئٌ ثُمَّ وَجَدْتُ أحداً فعلَ ذلكَ لجعَلْتَهُ نكالاً (النكال العقوبة والآية التي حرمتهما قوله تعالى: «وأن تجمعوا بين الأختين» إذ هي بإطلاقها تشمل الحرائر والعبيد وإن كان لا مانع من الجمع بينهما في ملك اليمين والجمهور على هذا الرأي وعن علي روايتان إحداهما: بالمنع والأخرى قال فيها لا آمر ولا نهي ولا أحلل ولا أحرم ولا أفعله أنا ولا أهل بيتي وعن عمرما أحب أن أجيز الجمع والتي احتلهما أظنها قوله تعالى: «والمحصنات من النساء إلا ماملكت أيمانكم» فقد أطلقت فشملت الأختين واللَّه أعلم وقوله أراه بضم الهمزة بمعنى أظنه) قال مالكٌ قال ابنِ شِهابٍ أُرَاهُ عَلِيَّ بن أبي طالِبٍ رضي اللَّه عنهُ قال مالك وبَلَغَنِي عن الزُّبَيْر بن العوَّام مثلُ ذلك.

47- (أخبرنا) : مالكٌ: عن ابن شِهابٍ، عن عُبيدِ اللَّه بن عُتْبَةَ، عن أبيه: - أنَّ عُمَرَ بن الخطابِ سُئِلَ عن المَرْأةِ وابنَتِها من مِلْك الْيَمِينِ هَلْ تُوطَأَ بعْدَ الأُخْرَى فقال عُمَرَ: ما أُحِبُّ أنْ يُجِيزَهُما جمِيعاً قال عُبَيْدُ اللَّهِ: قال أبي: فَوَدِدْتُ أنَّ عُمَرَ كان أشَدَّ في ذلك مِمّا هُوَ.

48- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ وعَبْدُ المَجِيدِ، عن ابْنِ جُرَيجٍ: -سَمِعْتُ ابن أبي مُلَيْكَةَ يُخبرُ عن مُعاذِ بن عبدِ اللَّهِ بن عُبَيْدِ اللَّهِ بن مَعْمَرِ جاءَ عائشة فقال لها: إنَّ لي سُرِّيَةً أصَبْتُها وإنَّها قدْ بلَغتْ لها ابنةٌ جاريةٌ لِيَ فَأَسْتَسِرُّ ابنتها؟ فقالت: لا قال: فإنِّي واللَّهِ لا أَدَعُها إلاَّ أنْ تقُولِي لِيَ حَرَّمَها اللَّهُ تعالى فقالتْ: لا يَفْعلُه أحَدٌ من أهْلي ولا أحدٌ أطَاعَني.

49- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن الزُّهْريِّ عن أبي سَلَمَةَ: -أنَّ عَبْدَ الرحمن بن عَوْفٍ اشْتَرَى من عاصِمِ بن عَدِيٍّ جاريةً فأُخبرَ أنَّ لها زَوْجاً فَرَدَّها.

50- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأعرَجِ، عن أبي هُرَيْرَة: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: "لا يَجْمَعُ الرَّجُلُ بَيْنَ المِرْأةِ وعَمَّتها ولا بَيْنَ المِرْأةِ وخالتِها.

51- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ: -أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم قال: «لا يَخْطُبْ أحدُكُمْ على خِطْبَةِ أَخِيهِ» .

52- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأعرَجِ، عن أبي هُرَيْرَة: -عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم مثلَه. وقد زاد بعضُ المُحَدِّثينَ «حَتى يَأْذَنَ أوْ يَتْرُكَ (ترك الشئ انصرف عنه ومثله أترك بتشديد التاء) » .

53- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن الزُّهْريِّ قال: أخبرني: ابن المسَيّبِ عن أبي هُرَيْرَة قال: -قال النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم: «لا يَخْطُبْ أحدُكُمْ على خِطْبَةِ أَخِيهِ» .

54- (أخبرنا) : مُحمد بن إسماعيلَ، عن ابن أبي ذِئْبٍ، عن مُسْلمٍ الخيَّاطِ، عن ابنِ عُمرَ: -أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم نَهى أَن يَخْطُبْ الرَّجُلُ على خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى ينكِحَ أو يَتْرُكَ.

55- (أخبرنا) : مالكٌ، عن أبي الزِّنَادِ ومحمد بن يَحْيَ بن حِبَّان، عن الأعرَجِ، عن أبي هُرَيْرَة: -أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم قال: «لا يَخْطُبْ أحدُكُمْ على خِطْبَةِ أَخِيهِ» .

56- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ اللَّهِ بن يزيدَ مولَى الأَسْودِ بن سُفيانَ، عن أبي سَلَمَةَ بن عبد الرَّحَمْنِ، عن فاطمَةَ بنتِ قيسٍ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه -[19]- عليه وسلَّم قال لها: فإذَا حَلَلْتِ فآذِينَينِي قَالتْ: فلما حَلَتُ أخْبرتُهُ أنَّ مُعاويةَ وأبا جهْمٍ خَطباَني فقال: أمّا مُعاويةُ فَصُعْلوكٌ لا مالَ لَهُ، وأمّا أبو جهْمٍ فَلا يَضَعُ عصاهُ عن عَاتِقِهِ انكْحِنَّ أُسَامةَ بن زيدٍ" فَنَكَحَتْهُ فَجَعَلَ اللَّهُ فيهِ خَيْراً فاغْتَبطَ بِهِ (الصعلوك كعصفور: الفقير وقوله: لا يضع عصاه عن عاتقه: كناية عن كثرة أسفاره ولذا يقولون في ضده ألفى عصاه إذا أقام ومنه البيت المشهور: فألقت عصاها واستقربها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر وقيل ألقى عصاه: أثبت أوتاده في الأرض ثم خيم وقيل معنى لا يضع عصاه عن عاتقه: يؤدب أهله بالضرب ويقال رفع عصاه إذا سار وألقى عصاه إذا نزل وأقام واغتبط به: سر) .

57- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ: -أنَّ صَفوَانَ ابن أُمَيّةَ هربَ من الإسْلامِ ثم جاءَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم وشَهِدَ حُنَيْنَ والطَّائفَ مُشركاً وامرأته مِثلُهُ واسْتَقَرَّ على النِّكَاحِ، قال ابنُ شِهابٍ: وكان بينَ إسلام صَفوَان وامْرَأَتِهِ نحْو من شهرٍ.

58- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ الرَّحْمنِ بن القاسِمِ، عن أبيه: -أنَّهُ كان يقولُ، من قول اللَّه عزوجل: «وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضتمْ به مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ» أنْ يقولَ الرجلُ للمرأةِ وهيَ في عِدَّتها من وفاةِ زوجها: إنَّكِ عَلَيَّ لَكَرِيمَة وإنِّي فِيْكِ لَرَاغِبٌ وإنَّ اللَّهَ لِسَائِقٌ إليكِ خيراً ورزقاً ونحوَ هذا من القَول.

الباب الرابع فيما جاء في الرضاع:

الباب الرابع فيما جاء في الرضاع:

59- (أخبرنا) : مالكُ، عن عبدِ اللَّهِ بن دِينارٍ عَنْ سليْمَانَ بن يسَارٍ، عن -[20]- عُرْوَةَ بن الزُّبَيْرِ، عن عائشةَ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: " يَحْرُمُ من الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِلاَدَةِ (الولادة أي النسب وقد صرح بها في الروايات الأخرى فكما تحرم البنات والأخوات والأمهات وغيرهن من النسب يحرمن من الرضاع) .

60- (أخبرنا) : أنسُ بْنُ عِياضٍ، عن هِشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، عن زَيْنبَ بِنْتِ أبي سلمةَ، عن أُمّ حَبِيبَةَ بنتِ أبي سفيانَ قالت: -قلتُ يا رسولَ اللَّه: هلْ لكَ في أُخْتي ابنةِ أبي سُفْيانَ؟ فقالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم " فَاعِلٌ ماذَا؟ قالَتْ: تَنْكِحُها قالَ: أُخْتُكِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ قالَ: أَو تُحبِّينَ ذلك؟ قالت: نعم لستُ لك بِمُخْلِيَةٍ وأحبُّ مَن شَركَني في الخَيْر أُختي قال: إنها لا تَحِلُّ لي قالتْ فقلتُ: واللَّهِ أُخْبِرْتُ أنكَ تَخْطُبُ بنتَ أبي سَلمة قال بنت أُم سَلمة؟ قالتْ نعمْ قال: فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتي في حجْرِي ما حلَّتْ لي إنها لابْنَةُ أخي من الرَّضَاعَةِ أرْضَعَتْنِي وأباها ثُوَيْبَةُ فلا تُعْرِضَنَّ عليَّ بَنَاتِكِنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكِنَّ (لست لك بمخيلة بضم الميم وإسكان الخاء المعجمة أي لست أخلي لك بغير ضرة وأحب من شركي بكسر الراء أي شاركني فيك وفي صحبتك والإنتفاع منك بخير الدنيا والآخرة والربيبة بنت الزوجة يريد أنه اجتمع على تحريمها سببان كونها ربيبته وكونها بنت أخيه من الرضاع وقوله في حجري يدل بظاهره على أن الربيبة إنما تحرم إذا كانت في الحجر وبهذا أخذ داود الظاهري وقال بحلها إذ لم تكن في حجره وخالفه في ذلك سائر العلماء إذ قالوا بحرمتها مطلقا لخروج القيد مخرج الغالب فلا مفهوم له كقوله تعالى «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق» إذ القتل محرم مطلقا لكنه قيد بالإملاق لكونه هو الغالب وإنما عرضت عليه زواج أختها لأنها لم تكن تعلم حينئذ حرمة الجمع بين الأختين) .

61- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ قال: سمعتُ ابنَ جُدْعاَنَ قال: سمعتُ ابن المُسَيَّبِ -[21]- يُحَدِّثُ عن عليِّ بن أبي طالبٍ أنه قال: -يا رسولَ اللَّه: هلْ لك في بنْتِ عمِّك بنْتِ حَمزةَ فإنَّها أجملُ فَتَاةٍ في قريش؟ فقالَ: «أما عَلَمْتَ أنَّ حَمْزَةَ أخي من الرَّضَاعةِ وأنَّ اللَّهَ حَرَّمَ من الرَّضَاعَة مَا حَرَّمَ مِنَ النَّسَبِ» .

62- (أخبرنا) : الدَّرَاوَرْدِيُّ، عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عن أبيهِ، عن عائشةَ: -عن النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم ابنة حَمْزَةَ في حديث سُفْيانَ.

63- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عن أبيهِ، عن الْحَجَّاجِ ابن الحجَّاجِ أَظُنُّهُ عن أبي هرَيْرَةَ قال: -"لا يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ إلاَّ مَا فَتَقَ الأَمْعَاءَ.

64- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عن أبيهِ، عن عبدِ اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ: -أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم قال: «لا تُحَرِّمُ المَصّةُ ولا الْمَصّتَانِ وَلا الرَّضْعَةُ ولاَ الرَّضْعَتَانِ» .

65- (أخبرنا) : أنسُ بْنُ عِياضٍ، عن هِشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيه، عن عبدِ اللَّهِ بن الزُّبَيْرِ: -أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم قال: " لا تُحَرِّمُ المَصّةُ ولا الْمَصّتَانِ.

66- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ اللَّه بن أبي بَكْرِ بن محمد بن عَمْرو بن حزْمٍ عن عُمْرَة بنْتِ عَبْد الرحْمنِ، عن عائشة أُمِّ المُؤمِنينَ أنَّها قالتْ: -كان فيما أنزلَ اللَّهُ في القرآنِ عَشْرُ رَضَعاتٍ مَعْلُوماتٍ يُحَرِّمْن ثُمَّ نُسِخْنَ بِخمسٍ مَعْلُوماتٍ فَتُوفِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم وهُنَّ فِيماَ يُقْرَأُ مِنَ القُرآنِ.

67- (أخبرنا) : سفْيانُ، عن يَحْيَ بن سَعيدٍ، عن عائشة أنَّها كانَتْ تقولُ: -نَزَلَ القرآنُ بِعَشْرِ رَضعاتٍ مَعْلُوماتٍ يُحَرِّمْن ثُمَّ صُيِّرْنَ إلى خمسٍ يُحَرِّمْن فكان لا يَدْخُلُ عَلَى عائشة إلاَّ مَنِ اسْتَكْمَلَ خمسَ رَضعاتٍ.

68- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ أنَّ سَالمَ بن عبدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ: -أنَّ عائشة زَوْجَ النَّبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلم أرْسَلَتْ به وهُوَ يرْضَع أُخْتها أُمَّ كُلْثُومٍ فَأَرْضَعَتْهُ ثلاثَ رضعاتٍ ثمَّ مرِضَتْ فَلَمْ تُرْضِعْهُ غيرَ ثلاثِ رَضْعاتٍ فَلَمْ أكُنْ أدْخُلُ على عائشة من أَجْلِ أُمَّ كُلْثُومٍ لَم تُكْمِّل لي عَشْرَ رَضَعاتٍ (قوله فلم أكن أدخل على عائشة لعدم إكمالها عشر رضعات يفيد: أن الثلاث لا يحرمن وهو مذهب الشافعي وهو مما يرويه عن داود وقوله لم تكمل لي عشر رضعات يفيد بظاهره أن القدر المحرم هو العشر لا مادوانها وقد عرفنا أن هذا النسخ بالحديثين السابقين) .

69- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ عن صَفِيَّةَ بِنتِ أبي عُبَيْد: -أنَّها أخْبرتْهُ أنّ حَفْصَة أُمِّ المُؤمِنينَ أرسلتْ بعاصمِ بنِ عبدِ اللَّه بن سعْدٍ إلى أُخْتِها فاطِمَة بنْتِ عَمْرو تُرْضِعُهُ عَشْرَ رضعاتٍ لِيَدْخُلَ علَيْها وهُو صغيرٌ يرْضَعُ فَفَعَلَت فكان يَدْخل عليها (يقال في التقييد بعشر رضعات ما قيل في سابقه والأحاديث اللاحقة والسابقة تؤيد مذهب الشافعي) .

70- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْر: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم أمرَ سَهْلَةَ بنتَ سُهَيْلٍ أن تُرْضِعَ سَالماً خَمْسَ رضَعاتٍ فَتَحْرُمَ بهِنَّ.

71- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْر: -أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم أمرَ امْرأة أبي حُذَيْفَةَ أن تُرْضِعَ سَالماً خَمْسَ رضَعاتٍ يَحْرُمُ بلَبَنِهَا ففَعَلَتْ وكانتْ تَراهُ ابْناً.

72- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عن رَضاعَةِ الكَبيرِ فقال:

-أخبرني: عُرْوَةَ بن الزُّبَيْر أن أبا حُذَيْفَةَ بن عُتْبَةَ بن ربيعَة وكان من أصحَابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قد شَهِدَ بدْراً وكان قد تَبَنَّى سالماً الذي يُقالُ له سالم مَوْلَى أبي حُذَيْفَةَ كما تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم زَيْدَ بنَ حارِثَةَ وأَنْكَحَ أبو حُذَيْفَةَ سالماً وهُوَ يَرَى أنَّهُ ابنهُ فَأنْكَحَهُ بِنْتَ أخيه فاطِمَةَ بِنت الْوَلِيدِ بنِ عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ وهي يؤمئذٍ منَ المهَاجِرَاتِ الأُوَلَ وهي يومئذٍ من أفْضَل أيَامَى قُرَيْشٍ فلمَّا أنزلَ اللَّهُ فِي زَيْدِ بنَ حارِثَةَ ما أنزلَ فقال (أدْعُوهُم لآبائهم هُوَ أقْسَطُ عندَ اللَّهِ لئن لم تَعْلمُوا آباؤهُم فإخْوَانُكُمْ في الدين ومواليكمْ) رُدّ كُلُّ واحِدٍ من أولئك مَنْ تَبَنَّى إلى أبِيْهِ فإن لم يعْلَمْ أبَاهُ رَدُّهُ إلى الوالِي فجاءت سَهْلَةَ بنتَ سُهَيْلٍ وهي امرأةُ أبي حُذَيْفَةَ وهيَ من بني عامر بنِ لُؤَيٍّ إلى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقالتْ يا رسول اللَّه: كُنَّا نَرَى سَالماً ولداً وكانَ يَدْخُلَ عَلَيّ وأنَا فضل وليس لنا إلا بيتٌ واحدٌ فماذا ترى في شَأْنِهِ؟ فقال النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فيما بلغنا: «أرْضِعيهِ خَمْسَ رضَعاتٍ فيُحْرَمُ بلَبَنِهَا» ففَعَلَتْ ذلك وكانتْ تَراهُ ابْناً من الرَّضَاعةِ فَأَخَذَتْ بِذَلِك ائشةُ فِيْمَنْ كانت تُحِبُّ أن يدخلَ عَلَيْهَا من الرِّجال فكانت تأْمُر أُخْتَها أُمَّ كُلْثُومٍ وبناتِ أختها يُرْضِعْنَ لَهَا مَنْ أحَبَّت أن يدخلَ عَلَيْهَا من الرِّجال والنِّسَاءِ وأَبى سائُرا أزْوَاجِ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن يدخلَ عَلَيْهن بتلك الرَّضَاعَة أحدٌ من النَّاسِ وقُلْنَ ما نَرى الَّذي أمر بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم سَهْلَةَ بنتَ سُهَيْلٍ إلا كان رُخْصَةٍ في سالم وحْدهُ منْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم لا يَدْخُل علَيْنا بهذه الرَّضَاعةِ

أَحدٌ فَعَلَى هذا من الْخبر كان أزْوَاجُ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم في رَضَاعَةِ الكبيرِ.

73- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، عن عَمْرو بنِ الشَّرِيدِ: -أنَّ ابن عباسٍ سُئِلَ عن رجُلٍ كانت لهُ امرأتانِ فأرضعت إحداهما غلاماً وأرضعت الأخرى جاريةً فقيلَ له هلْ يتزوجُ الغُلاَمُ بِالجَارِيةِ؟ فقال: لاَ اللِّقَاحُ (اللقاح واحد أراد أن ماء الفحل الذي حملت منه المرأتان واحد واللبن الذي أرضعت كل واحدة منها كان أصله ماء الفحل (وهو الزوج)) واحدٌ.

74- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ اللَّه بن أبي بَكْرِعن عَمْرَة بنْتِ عَبْد الرحْمنِ: -أن عائشة زوجَ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم أخبرتها أَن النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان عنْدها وأنهَا سمعت صوتَ رجل يستأذنُ في بَيتِكِ؟ فقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم "أراهُ فُلانٌ لعَمِّ حفصةَ من الرضاع فقُلتُ يا رسول اللَّه: لو كانَ فلاناً حيًّا لعمِّها من الرضاعةَ فدخَلَ عَليّ؟ فقالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: نعم إنَّ الرضاعةَ تُحَرمُ ما يُحَرَّم مِنَ الوْلادةِ (عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من الولادة) رواه الجماعة ولفظ ابن ماجة من النسب) ".

75- (أخبرنا) : سُفْيانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريِّ، عن عُرْوَةَ، عن عائشةَ قالتْ: -جَاءَ عَمِّي أفْلَحُ وذكَرَ الحديث. قالَ الربيعُ: قال: الشافعيُّ: ما أحدٌ أشَدُ خِلاَفاً لأهلِ المدينةِ من مالكٍ.

76- (أخبرنا) : عَبدُ العزيزِ، عن محمدٍ بنِ عَمرو بنِ عَلْقَمَةَ، عن زَيْدٍ بن عبد اللَّهِ ابنِ قُسَيطٍ، عن سعيد بن المَسيَّبِ، وأبي سلمة، وعن سليمان بن يسارٍ، وعن عطاء بن يسارٍ: -أنَّ الرضَاعَة من قِبَلِ الرجال لا تُحرمُ شيئاً.

77- (أخبرنا) : عَبدُ العزيزِ، عن محمدٍ بنِ عَمرو، عن أبي عُبَيْدةَ ابنِ عبدِ اللَّهِ بنِ زَمعَةَ: -أن أُمَّهُ زيْنبُ بنتُ أبي سَلَمَةَ أرْضَعَتْهاَ أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ إمرأةُ الزُّبَيْرُ بنِ العَوَّامِ فقالت زيْنبُ بنتُ أبي سَلَمَةَ: وكان الزُّبَيْرُ يدخلُ عَلَيّ وأنا أمْتَشِطُ فيأخُذُ بِقَرْنٍ من قرُونِ رأسِي فيقولُ: أقْبِلِي عَلَيَّ فَحَدِّثِيني أراهُ أنهُ أبي ومَا وُلِدَ فَهُمْ إخوتي ثمَّ أنَّ عبدَ اللَّهِ بن الزُّبير قبل الحرة أرسل إليَّ فخطبَ إليَّ أُمَّ كُلْثُومٍ ابنتي عَلَى حَمْزَةَ ابنِ الزُّبَيْرِ وكان حَمْزَةَ لِلكَلْبِيَّةِ فقالت زينبُ لرسولهِ: وهل تُحِلُّ لَهُ؟ إنَّمَا هيَ ابنةُ أُختهِ فأرسل إليَّ عبدَ اللَّهِ بن الزُّبير إنما أردتُ بهذا المنعَ لمَا قبلَكَ ليسَ لك بأخٍ أناَ وما ولدتْ أسماء فهمْ إخوتُكَ وما كان من ولدِ الزُّبَيْر من غير أسماءَ فليسوا لك باخوةٍ فأرسلي فَسَلي عن هذا فأرسلتُ وسألتُ وأصحابُ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم متوافرون وأمهاتُ المؤمنين فقالوا لهاَ: إنَّ الرضاعةَ من قِبَلِ الرجال لا تُحرمُ شيئاً فأنكحتها إيَّاهُ فلم تزلْ عندهُ حتى هلكَ.

الباب الخامس فيما يتعلق بعشرة النساء والقسم بينهن

الباب الخامس فيما يتعلق بعشرة النساء والقسم بينهن

78- (أخبرنا) : عمِّي مُحمدُ بنُ عليٍّ بنُ شافعٍ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ ابن عبدِ اللَّهِ، عن عائشةَ زوجِ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنَّها قالتْ: -كان -[26]- رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم إذا أرادَ سفراً أقْرَعَ بَيْنَ نسائِه فَأَيَّتُهًنَّ خَرجَ سَهْمُهاَ (قرعتها) خرج بها.

79- (أخبرنا) : مالكٌ، عن حُمَيْدٍ، عن أنَسٍ أنهُ قال: «لِلبكرِ سبعٌ وللثَيِّبِ ثلاثٌ» .

80- (أخبرنا) : ابنُ أبِي الرّوّادِ، عن ابن جُرَيجٍ، عن أبي بكرٍ ابن عبد الرَّحمن، عن أُم سلَمة: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم خطَبَها فسَاقَ نِكَاحَها وَبَناَ بِهَا (بنا بها أي دخل بها) وقولهُ لها: «إن شِئْت سَبَّعْتُ عِنْدكِ وسَبَّعْتُ عِنْدهُنَّ» .

81- (أخبرنا) : مالكٌ، عن عبدِ اللَّه بن أبي بَكْرِ بن محمدٍ بن عَمْرو بن حزْمٍ عن عبدِ الملكِ بن أبي بكر عن عَبْد الرحْمنِ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم حين تزوّج أُمَّ سلَمة وأصبحتْ عندهُ قال لهاَ: " لَيْسَ بكِ عَلَى أهلكِ هَوَانٌ إن شِئْت سَبَّعْتُ (سبع إذا قام عندها سبع ليال وثلث إذا قام عندها ثلاث ليال ومنه سبع الإناء إذا غسله سبع مرات) عِنْدكِ وسَبَّعْتُ عِنْدهُنَّ وإن شِئْتِ ثلَّثتُ عندكِ ودُرْتُ؟ قالتْ ثَلِّث.

82- (أخبرنا) : عبدُ المَجيدِ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن حبيبٍ بنِ أبي ثَابِتٍ أنَّ عبد المجيدِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ أبي عمرو والْقَاسِمِ بنِ محمدٍ بن عبدِ الرّحمن ابن الحارثِ بن هِشَامٍ أخْبرَاهُ أنَّهُمَا سمِعَا أبا بكرٍ بن عبدِ الرَّحمنِ بن الحارثِ

ابنِ هِشامٍ يُحدّثُ عن أُمِّ سَلمةَ: -أنَّها أَخبرته أنَّها لمَّا قَدِمتْ المدينةَ مُهاجرَةً أخبرتهُمْ أنَّها ابنةُ أَبِي اُمَيَّةَ بن المُغِيرَةِ فَكَذَّبُوهَا وقالوا: ما أَكذبَ الغرَائبَ حتى أنشأَ إنسانٌ منهم الحجّ فقالوا: اتَكْتُبِين إلى أَهْلكِ فكتبتُ معهُم فرجعُوا إلى المدينةِ قالتْ: فصدّقوني وازْدَدْتُ عليهم كرامة فلمَّا حَلَلْتُ جاءَني رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فخطبني فقلتُ له: ما مثلي نكح أمًّا أنَا فلاَ ولدَ لِي وأنا غيورٌ وذاتُ عيالٍ قال: «أنا أكبرُ منكِ وأما الغيرةُ فيُذهبُها اللَّهُ وأمَّا العيال فإلَى اللَّهِ وإلى رسولِهِ» فتزوجها رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فجعلَ يأتيها ويقولُ: " أينَ زُنابُ؟ حتى جاءَ عَمَّارُ بنُ ياسرٍ فاخْتَلَجَها وقال: هذهِ تمْنَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم وكانت تُرْضعُها فجاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقال «أين زُناب؟» فقالت قُرَيبةُ بنتُ أَبي أُميةَ ووافقها عندها: أخذها عَمَّارُ بنُ ياسرٍ فقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم إني آتيكم الليلة قالت: فقمتُ فوضعت ثغالي (الثغال جمع ثغل والثغل الدقيق والسويق ونحوهما وسمي ثغلا لأنه من الأقوات التي يكون لها ثغل بخلاف المائعات) وأخرجتُ حباتٍ من شعيرٍ كانت في جَرِّ وأخرجتُ شحماً فعصدْتُهُ أو صعدْتُه قالت فبات رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأصبحَ فقال حين أصبح: "إنّ لَكِ عَلَى أهْلِكِ كرامةً فإنْ شِئْت سَبَّعْتُ لكِ وإنْ أسْبِع أسْبعْ لِنِسائي.

83- (أخبرنا) : مُسْلِمُ ابْنُ خالدٍ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عن عَطَاءٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قُبِضَ عن تسع نسوَةٍ وكان يَقْسِمُ لثمانٍ -[28]- (وترك سودة بنت زمعة لأنه لما أدركها الكبر وهبت قسمها لعائشة وقالت لا تطلقني حتى أحشر في زمرة نسائك) .

84- (أخبرنا) : مُسْلِمُ ابْنُ خالدٍ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عن عَطَاءٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: - مُسْلِمُ ابْنُ خالدٍ، عن ابْنِ جُرَيجٍ، عن عَطَاءٍ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ: -أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم تُوفِّي عن تسع نسوَةٍ وكان يَقْسِمُ بيْنَهُنَّ لثمانٍ.

85- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن هشامٍ، عن أبيهِ: -أنَّ سوْدَةَ وهبتْ يزمها لعائشةَ.

86- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريِّ عن ابن الْمُسيبِ: -أنَّ بنْت محمدٍ ابن مسْلَمَةَ كانت عند رافعٍ بن خدِيج فَكَرِه منها أمراً إمَّا كبراً أو غيره فأراد طلاقها فقالت: لا تُطَلِّقْني وأَمْسِكني واقسِمْ لي ما بدا لَكَ: فأَنْزَلَ اللَّه عزَّوجَلَّ في ذلك «وَإنْ امرأةٌ خَافَت من بعْلها نُشُوزاً أو إعراضاً الآية» قال فَمَضَت بِذَلِكَ السُّنَّةُ.

87- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريِّ عن ابن الْمُسيبِ: -أنَّ بنْت محمدٍ ابن مسْلَمَةَ كانت عند رافعٍ بن خدِيج فَكَرِه منها أمراً إمَّا كبراً أو غيره فأراد طلاقها فقالت: لا تُطَلِّقْني وأَمْسِكني واقسِمْ لي ما بدا لَكَ: فأَنْزَلَ اللَّه عزَّوجَلَّ في ذلك"وَإنْ امرأةٌ خَافَت من بعْلها نُشُوزاً أوالآية) .

88- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريِّ عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد اللَّه بن عُمر، عن إياس بن عبد اللَّه بن أبي ذباب قال: -قال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: " لا تَضْرِبُوا إما اللَّه قال: فأتاه عمر بن الخطَّابِ فقال يا رسول اللَّه: ذئرَ (ذئر النساء بمعنى نشزن واجترأن على أزواجهن وهي بفتح الذال وكسر الهمزة وفتح الراى) النِّساءُ عَلَى أزوَاجهنَّ فأذن في ضربهنّ فأطاف بآل محمدٍ نساءٌ كثيرٌ كُلُّهُنّ يشْكُون أزوَاجهُنّ فقال النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «لقد أطاف بآل محمدٍ سبعونَ امرأة كُلُّهُنَّ يشتكين أزوَاجهُنّ ولا تجدون أولئِكَ خِيارَهُمْ» .

89- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن هشامٍ، عن أبيهِ عن عائشة قالت: -تزوَّجَني رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأنا ابنةُ سبع سنينَ وبَنا بي (البناء الدخول بالزوجة والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيقال: بنى الرجل على أهله والبنات: التماثيل التي تلعب بها الصبايا يتقمعن: يتغيبن ويدخلن في بيت من وراء ستر) وأنا ابنةُ تِسْعٍ وكنتُ ألعبُ بالبنات وكنَّ جَوَاريّ يَأتِينني فَإذَا رأَيْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم يَتَقَمَّعْنَ منهُ وكانَ يُسرُّ بهِنَّ إليَّ".

90- (أخبرنا) : عمِّي مُحمدُ بنُ عليٍّ بنُ شافعٍ قال: أخبرني: عبدُ اللَّهِ بنُ عليّ ابن السائِبِ، عن عُمْرو بن أُحَيْحَةَ بن الحَلاَّجِ، أو عن عمرو بن فلان بن أحيحة ابن الحلاج قال الشافعيُّ أنا شَكَكْتُ عن خُزَيمة بنِ ثابتٍ: - أنَّ رجُلا سأَلَ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن إتْيانِ النِّسَاء في أَدْبَارِهِنَّ أوْ عن إتيان الرَّجُل امْرَأَتَهُ في دبُرِهَا فقال النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: حَلاَلٌ فلمَّا وَلَّى الرَّجُل دَعَاهُ أوْ أمرَ بهِ فَدُعِيَ فقَالَ: كَيْفَ قُلْتَ في أيِّ الْخَرْقَيْنِ أَوْ فِي أيِّ الخَرَزَتَيْنِ أو في أيِّ الخَصْفَتَيْنِ أم مِنْ دُبِرِها في قُبلها فَنَعَمْ أمْ مِنْ دُبِرِها في دُبِرِها فلاَ فإنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحيي منَ الحقّ لاَ تأتُوا النِّسَاءَ في أدْبارِهِنَّ "قُلْتُ للشَّافِعِي فماتقول قال: عَمّي ثِقَةٌ، وعبد اللَّه بن عليّ ثِقَةٌ. وقال أخبَرَني: محمد، عن الأنصاري المحدِّثِ بها أنَّهُ أثنَى عَلَيْه خيْراً، وخُزَيْمَةَ مِمن لا يَشُكُّ عالِمٌ في ثِقَتِهِ فلسْتُ أُرَخِّصَ فيه بل أنْهَى عنْهُ.

الباب السادس فيما جاء في النسب:

الباب السادس فيما جاء في النسب:

91- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن ابن شِهابٍ، عن ابنِ المُسَيَّبِ، أوْ أَبي سَلَمَةَ -[30]- عن أبي هريرة (الشَّكُ من سُفيانَ) : -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قالَ: الْولَدُ لِلْفِراشِ والْمَعاهِرِ الْحَجَر (المعاهر: الزاني وقد عهر يعهر وعهورا إذا أتى المرأة ليلا بالفجور بها ثم غلب على الزنا والمعنى لاحظ للزاني في الولد وإنما هو الصاحب الفراش ورأى الصاحب أم الولد وهو زوجها أو مولاها) .

92- (أخبرنا) : سُفْيانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريِّ، عن عُرْوَةَ، عن عائشةَ: -أنّ عبد اللَّه ابن زَمَعَةَ وسَعْداً اختَصَمَا إلى النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم في ابن زَمَعَةَ فقال سَعْدٌ يا رسول اللَّهِ: أَوْصَانِي أخي إذا قَدِمتُ مَكَّةَ أن أنْظُرْ إلى ابن آمة زَمَعَةَ فأقْبِضَهُ إليك فإنه ابْنِي فقال عبد بن زَمَعَةَ أخي وابن أَمة أبي وُلِدَ على فِراشِ أبي فَرَأَى شَبَهاً بَيّناً بِعُتْبَةَ فقال: «هو لكَ يا عبد بن زَمْعة الولدُ للفِراشِ واحْتَجِبي منْهُ يا سوْدَةَ» .

93- (أخبرنا) : سُفْيانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن عبيد اللَّه بن أبي يَزيدَ، عن أبيهِ قال: -أرْسَل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شيخ من بَني زُهْرَة كان يَسْكن دَارَنا فذَهبْتُ معَهُ إلى عُمَر فَسَأَلَهُ عَن وِلاَدٍ مِن وِلادِ الجاهليةِ فقالَ: أمَّا الفِرَاش فَلِفُلانٍ وأمَّا النُّطْفةُ فَلِفُلانٍ قال عُمَرُ: صدَقتْ ولكِن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قَضَى بِالفِرَاش.

94- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، عن سالم بن عبدِ اللَّهِ، عن أبيه أنّ عمر بن الخطاب قال: ما بَالُ رجالٍ يَطَئُون وَلائِدَهُمْ (الولائد جمع وليدة وهي الجارية التي تلد يعتزلون يتركون ألم بها وطئها) ثُمّ يَعْتزلُون -[31]- لا تَأْتِيَنّ ولِيدةٌ يعْترفُ سيِّدها أنَّهُ قد ألَمَّ بها إلاَّ ألْحَقتُ به وَلدَها فاعْزلوا بعدُ أوْ اتْرُكوا.

95- (أخبرنا) : مالكٌ، عن صَفِيَّةَ بنْتِ أَبي عبيدٍ، عن عُمر: -في إرسالِ الوَلائِدِ يُوطَئْن بمثل مَعْنَى حدِيثِ ابن شهابٍ، عن سالمٍ.

96- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابن شِهابٍ، عن ابن المُسَيَّبِ، عن أبي هُرَيْرَةَ: -أنَّ رَجُلاً من أهْلِ البَادِيَةِ أتَى النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقال: "إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاماً أَسْوَدَ فقالَ له النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: "هَلْ لَكَ من إِبِلٍ؟ قال: نَعَم قال: ما ألْوَانُهَا؟ قال: حُمْرٌ قال: هَلْ فيهَا مِنْ أَوْرَقَ (أورق: الأورق: الأسمر والورقة السمرة يقال جمل أورق وناقة ورقاء أي أسمر وسمراء عرق نزعة أي أصل بمعنى جاء على أصل من أصوله) قال: نَعَمْ قال: أنَّى ترَى ذلك؟ قال: عِرْقٌ نزعَةَ فقالَ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: لَعَلَّ هذا نزعَهُ عِرْقٌ".

97- (أخبرنا) : سُفْيانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن شِهابٍ، عن ابن المُسَيَّبِ، عن أبي هُرَيْرَةَ: -أنَّ أَعْرابِياً منْ بَني فزَارَةَ أتَى النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقال: "إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاماً أَسْوَدَ! فقالَ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: "هَلْ لَكَ من إِبِلٍ؟ قال: نَعَم قال: فما ألْوَانُهَا؟ قال: حُمْرٌ قال: هَلْ فيهَا مِنْ أَوْرَق قال: نَعَمْ إنَّ فيها لَوُرْقاً قال: فَأنَّى أتاهاَ ذلك؟ قال: لَعَلَّهُ نزعَهُ عِرْقٌ فقالَ النبيَّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: وهذا لَعَلَّه نزعَهُ عِرْقٌ".

98- (أخبرنا) : ابن عُلّية، عن حُمَيدٍ، عن أنسٍ: -أنَّه شكَّ في ابْنٍ له فدعَا لهُ الْقافةَ (القافة هم الذين يتبعون الآثار يعرفون شبه الرجل بأبيه وأخيه) .

99- (أخبرنا) : أنسٌ، عن عِياضٍ، عن هِشامٍ، عن أبيه، عن يَحْيَ ابن عبدِ الرَّحْمن بن حاطِبٍ: -أنَّ رَجُليْنِ تداعَيا ولداً فدعَا عُمَر القافةَ فقالوا قَدْ اشتَرَكا فِيهِ فقال لهُ: إلى أيِّهِما شِئْتَ.

100- (أخبرنا) : مالكٌ، عن يَحْيَ بن سعِيدٍ، عن سُليْمانَ بن يَسَارٍ، عن عُمر: -بمثْل معناهُ.

101- (أخبرنا) : مُطَرّفٌ بن مازِنٍ، عن مَعْمر، عن الزُّهْري، عن عُرْوة ابن الزُّبير، عن عمر بن الخطَّابِ: -بمثْل معناهُ.

كتاب الطلاق (هو لفظ جاهلي جاء الشرع بتقريره كانوا يستعملونه في حل العصمة لكن لا يحصرونه في الثلاث قال عروة بن الزبير: كان الناس يطلقونه من غير حصرولا عدد وكان الرجل يطلق امرأته فإذا قاربت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها كذلك ثم راجعها يقصد مضارتها فنزلت الآية (الطلاق مرتان) والطلاق: لغة حل القيد وشرعا: حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه قال النووي هو تصرف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب (أي من عيب ونحوه) فيقطع النكاح) وفيه تسعة أبواب

كتاب الطلاق (هو لفظ جاهلي جاء الشرع بتقريره كانوا يستعملونه في حل العصمة لكن لا يحصرونه في الثلاث قال عروة بن الزبير: كان الناس يطلقونه من غير حصرولا عدد وكان الرجل يطلق امرأته فإذا قاربت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها كذلك ثم راجعها يقصد مضارتها فنزلت الآية (الطلاق مرتان) والطلاق: لغة حل القيد وشرعا: حل عقد النكاح بلفظ الطلاق ونحوه قال النووي هو تصرف مملوك للزوج يحدثه بلا سبب (أي من عيب ونحوه) فيقطع النكاح) وفيه تسعة أبواب

الباب الأول فيما جاء في أحكام الطلاق

الباب الأول فيما جاء في أحكام الطلاق

102- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عُمر: -أنَّهُ طَلَّق امْرأتَهُ وهِي حائِضٌ في زمانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال عُمر: فسَألتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن ذلكَ فقال: «مرْهُ فليراجعْها ثُمّ لْيُمْسِكها حَتى -[33]- تَطهُر ثُمّ تَحيضُ ثُمّ تَطهُرَ فإن شاءَ أمْسَكَها وإن شاءِ طَلَّقها قبْل أنْ يَمَسّ فَتِلكَ العِدّةُ الَّتي أمَر اللَّهُ أنْ تُطَلقَ لها النِّسَاءُ (ومنه يؤخذ كراهة الطلاق في الحيض وسموه بالطلاق البدعي لأن العدة تطول على المرأة إذا ما طلقت فيه) » .

103- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عُمر: -أنَّهُ طَلَّق امْرأتَهُ وهِي حائِضٌ في عهدِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فسَألَ عُمر رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن ذلكَ فقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: " مرْهُ فليراجعْها فَرَدَّها عَلى ولم ير بها شيئاً فقال: إذا طَهُرتْ فَلْيُطلِّقُ أو يُمْسِكُ".

104- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عُمر: -أنَّهُ طَلَّق امْرأتَهُ وهِي حائِضٌ في عهدِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فسَألَ عُمر رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن ذلكَ فقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «مرْهُ فليراجعْها ثُمّ لْيُمْسِكها حَتى تَطهُر ثُمّ تَحيضُ ثُمّ تَطهُرَ ثُمّ إن شاءِ طَلَّق قبْل أنْ يَمَسّ فَتِلكَ العِدّةُ الَّتي أمَر اللَّهُ عزَّوجلّ أنْ يُطَلقَ لها النِّسَاءُ» .

105- (أخبرنا) : عبدُ المجيدِ بنُ عبدِ العزيزِ، عن ابن جُرَيْجٍ أخبرني: أبو الزُّبير: -أنَّهُ سَمِعَ عبدَ اللَّهِ بنَ أيْمُن يسأل عبدَ اللَّه بنَ عَمْرو وأبو الزُّبَيْرِ يسمع كيف ترى في رجلٍ طَلَّقَ امرأتهُ حائضاً؟ فقال: طَلَّقَ عبدُ اللَّه بنَ عُمَرَ امرأتهُ وهي حائضٌ على عهدِ النبيِّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فسَألَ عُمرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم عن ذلكَ فقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: " مرْهُ فليراجعْها فَرَدَّها عَلىَّ ولم ير بها شيئاً فقال: إذا طَهُرتْ فَلْيُطلِّقُ امرأتهُ أو يُمْسِكُ".

106- (أخبرنا) : مسلمٌ وسعيدٌ بن سالمٍ، عن ابن جُرَيْجٍ قال أخبرني: -[34]- أبو الزُّبير: -أنَّهُ سَمِعَ عبدَ الرحمن بنَ أيْمُن مولى عَزَّةَ يسأل عبدَ اللَّهِ بنَ عَمْرو وأبو الزُّبَيْرِ يسمع فقال: كيفَ ترى في رجلٍ طَلَّقَ امرأتهُ حائضاً؟ فقال: ابْنُ عُمَرَ: طَلَّقَ عبدُ اللَّه بنَ عُمَرَ امرأتهُ حائضاً فقال النبيُّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «مرْهُ فليراجعْها فإذا طَهُرتْ فَلْيُطلِّقُ أو يُمْسِكُ» قال: ابْنُ عُمَرَ وقال اللَّهُ عزّوجلّ: (يأيُّها الَّذينَ آمَنُوا إذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) من قبلِ عِدَّتهِنَّ أو لقبل عِدَّتهِنَّ الشافعي رضي اللَّه عنه شَكَّ.

107- (أخبرنا) : مسلمٌ وسعيدٌ بن سالمٍ، عن ابن جُرَيْجٍ عن مُجاهِدٍ: -أنَّهُ كان يقرَؤُها كذلك.

108- (أخبرنا) : مسلمٌ وسعيدٌ بن سالمٍ، عن ابن جُرَيْجٍ: -أنَّهم أَرسلوا إلى نافعٍ يسألونَهُ: هل حُسِبَتْ تطليقةُ ابنِ عُمَر على عهدِ النبيِّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم؟ قال: نعم.

109- (أخبرنا) : مالكٌ، عن هشامِ بن عُرْوَةَ، عن أبيه قال: -كان الرَّجلُ إذا طَلَّقَ امرأتَهُ ثم راجعها قبل أن تَنْقَضِيَ عِدَّتُها كان ذلك له وإن طلَّقها ألفَ مرةٍ فَعمدَ رجلٌ إلى امرأة له فطلَّقها ثم أمْهَلهَا حتى إذا شارَفَتِ انْقِضَاءَ عِدَّتِها ارتَجَعَها ثم طلَّقها قال: واللَّه لا آوِيكِ إليَّ ولا تَحِلِّينَ أبداً فأنزل اللَّهُ عزَّوجلَّ: (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَانٍ) فاستقبلَ الناسُ الطلاقَ جديداً من كان منهم طَلَّق طَلَّق ومن لم يطلق.

110- (أخبرنا) : سُفيانُ: عن الزُّهْري، عن عُرْوَةَ، عن عائِشة: -أنَّهُ سَمِعَها تقول: جاءت امرأةُ رِفَاعَةَ تعني القُرَظِيَّ إلى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فَقَالتْ: إني كُنتُ عند رِفاعةَ فطلَّقنِي فبَتَّ طلاقي فتزوجتُ بعده عبد الرَّحمن -[35]- ابن الزُّبَيْرِ وإنما معه مثلُ هدبةِ الثوب فتبسمَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم: وقال: «أَتُرِيدين أَن ترجعي إلى رِفاعةَ؟ لا حتَّى تذوقي عُسيلتَهُ ويذوقَ عُسيلتَكِ» قال: وأبو بكر عند النبيِّ صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم، وخالدٌ بنُ سعيدٍ ابنِ العاص بالباب ينتظر أن يؤذَنَ له فنادى يا أبا بكر: إلا تسمع ما تجهر يه هذه عند رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم (يؤخذ من الحديث أن المرأة إذا طلقها زوجها ثلاثا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ويدخل بها) .

111- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن المِسْوَرِ بنِ رِفاعَةَ القُرَظِيَّ عن الزُّبَيْرِ ابنِ عبد الرَّحمن بنِ الزُّبَيْر أن رِفاعَةَ طلَّقَ امرأتَهُ تَمِيمَةَ بنتَ وهبٍ في عهدِ رسول اللَّه صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم ثلاثاً فنكحها عبدُ الرَّحمن بنِ الزُّبَيْر فاعترض عنها فلم يستطعْ أن يَمَسَّها ففارقها فأراد أن ينكحَها وهُو زوجُها الأولُ الذي كان طلَّقَها فذكر للنبي صَلَّى اللَّه عليه وسلَّم فنهاه أن يتزوجَها وقال: «لا تَحِلِ لَك حتَّى تَذُوقَ العُسَيْلةَ» .

112- (أخبرنا) : مالكٌ بنُ أنسٍ، عن ابن شِهابٍ، عن محمدِ بنِ عبدِ الرَّحمن بن ثوْبَانَ، عن محمد بن إِياسٍ بنِ البكيرِ قال: -طلّق رجل امرأتَهُ ثلاثاً قبل أن يدخل بها ثم بدا له أن ينكِحَها فجاء يستفْتي فسأل أبا هُرَيْرَةَ، وعبدَ اللَّهِ بنَ عباسٍ رضي اللَّه عنهم فقالا: لا نرى أن تَنكحها حتى تتزوجَ زوجاً غيرَكَ فقال: إنما كان طلاقي إياه واحدةً فقال ابنُ عباسٍ: إنك أرسلت عن يَدِك ما كان لك من فَضْلٍ (منه يؤخذ أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد يقع ثلاثا ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ولو كان قبل الدخول) وقد أوردَهُ في محلٍ آخرَ -[36]- بمثلِ هذا اللفظِ إلاَّ أنه قال: فجاء يستفتي فذهبت معه أسألُ له فسأل أبا هُرَيْرَةَ، وعبدَ اللَّهِ بنَ عباسٍ عن ذلك فقالا له: لا نرى أن تَنكحها حتى تنَكِحَ زوجاً غيرَكَ قال: إنما كان إلخ وزاد في آخرِه. قال الشافعي رحمه اللَّه ما عاب ابنُ عباسٍ ولا أبو هُرَيْرَةَ عليه أن يُطَلِّقَ ثلاثاً.

113-مالكٌ، عن يحي بنِ سعيدٍ، عن بكيرٍ أخبره عن ابن أبي عَيَّاشٍ أنه كان جالساً مع عبدِ اللَّه بنِ الزُّبَيْرِ، وعاصم بن عُمَر قال: -فجاءهما محمدُ بنُ إياسٍ بنُ البكيرِ فقال: إن رجُلاً من أهل البادِيةِ طلّق رجل امرأتَهُ ثلاثاً قبل أن يدخل بها فماذا تريان؟ فقالَ بنُ الزُّبَيْرِ إن هذا الأمرَ مالنا فيه قولٌ اذهبْ إلى ابنِ عباسٍ وأبي هُرَيْرَةَ فإني تركْتُهُما عند عائشةَ فَسَلْهُماَ ثم ائْتِناَ فأخْبِرْناَ فذهب فسألهما فقال ابنُ عباسٍ لأبي هُرَيْرَةَ: أفْتِه يا أباهُرَيْرَةَ: فقد جاءَتْكَ معضلةٌ فقال أبو هُرَيْرَةَ الواحدةُ تَبُتُّهاَ (ومنه يؤخذ أن الطلقة الواحدة قبل الدخول بينونة صغرى لا ترجع له إلا بعقد ومهر جديدين والثلاث بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره) ، والثلاثُ تُحَرمِّمُهاَ حتى تنكحَ زوجاً غيرهُ وقال ابنُ عباسٍ مثلَ ذلك. قال الشافعي: ولم يعيبا عليه الثلاثَ ولا عائشةُ.

114- (أخبرنا) : مالكٌ، عن يحي بن سعيدٍ، عن بكير، عن النعمانِ ابنِ أبي عَيَّاشٍ الأنصاري، عن عطاءِ بن يسارٍ، قال: -جاء رجلٌ يستفتي عبدَ اللَّه بنَ عُمَرٍ عن رجلٍ طلّق امرأتَهُ ثلاثاً قبل أن يَمسَّها قال عطاءٌ فقلت: إنما طلاقُ البِكْرِ واحدةٌ فقال عبدُ اللَّه بنَ عُمَرٍ وإنما أنت قاصٍ -[37]- الواحدةُ تَبُتُّهاَ والثلاثُ تُحَرمِّمُهاَ حتى تنكحَ زوجاً غيرهُ. قال الشافعي رضي اللَّه عنه: ولم يقل له عبدُ اللَّهِ بئسما صنعتَ حين طلّقها ثلاثاً.

115- (أخبرنا) : مالكٌ، عن يحي بنِ سعيدٍ، عن بكيرِ بن الأَشَجِّ، عن نعمانَ بنِ أبي عَيَّاشٍ الزُّرْقِي، عن عطاء بنِ يسارٍ قال: -جاء رجلٌ يسألُ عبدَ الله بن عَمْرٍو بن العاصِ عن رجلٍ طلَّقَ امرأتَهُ ثلاثاً قَبل أن يَمَسَّها قال عطاء بنُ يسارٍ فقلت: إنما طلاقُ البكرِ واحدةٌ قال عبدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو: إنما أنت قاصٍ الواحدةُ تَبُتُّها فلا تحرمها إلى زوج آخر والثلاثُ تُحَرِّمُها حتى تنكح زوجاً غيرهُ.

116- (أخبرنا) : مسلمٌ وعبد المجيد، عن ابن جُرَيجٍ، عن ابنِ طاوُسٍ، عن أبيه: -أن أبا الصَّهْبَاء قال لابن عباسٍ: إنما كانت الثلاثُ على عَهْدِ رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم تُجْعَلُ واحدةً وأبي بكرٍ وثلاثٍ من أمارةِ عُمَرَ فقال ابنُ عباسٍ: نعم.

117- (أخبرنا) : مُحمدٌ بنُ عليّ بن شَافِعٍ، عن عبد اللَّهِ بن عليّ بن السَّائِبِ، عن نافعٍ بنِ عُجَير (في المطبوع عجلان) بن عبدِ يَزيدَ: -أنَّ رُكانَةَ بن عَبْدِ يزيدَ طلَّقَ امرأتَهُ ثم أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم إِني طلّقْتُ امرأتي البَتَّةَ (البتة القاطعة وهي تحتمل ثلاثاً ويؤخذ بقوله في النية بالنسبة للعدد) وَوَ اللَّهِ ما أردتُ إلا واحدةً؟ فقال رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: "واللَّهِ ما أردتُ إلا واحدةً؟ فقال رُكانَةُ: واللَّهِ ما أردتُ إلا واحدةً فردها إليه".

118- (أخبرنا) : عَمِّي مُحمدٌ بنُ عليّ بن شَافِعٍ، عن عبد اللَّهِ بن عليّ بن السَّائِبِ، عن نافعٍ بنِ عُجَيربن عبدِ يَزيدَ: -أنَّ رُكانَةَ بن عَبْدِ يزيدَ طلَّقَ امرأتَهُ سُهَيْمَةَ المُزَنِيَّةَ البَتَّةَ ثم أتى رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فقال يا رسولَ اللَّهِ: إِني طلّقْتُ امرأتي سُهَيْمَةَ البَتَّةَ وواللَّهِ ما أردتُ إلا واحدةً فَرَدَّهَا إليه رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فَطَلَّقَها الثَّانيةَ في زَمَانِ عُمَرَ والثَّالِثَةَ في زمانِ عثمان رضي اللَّه عنهما.

119- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ محمد بن عبّاد بن جَعْفَر يقول: -أخبرني المطَّلبِ بنُ حَنْطَبَ أنَّهُ طلَّقَ امرأتَهُ البَتَّةَ ثم أتى عُمَرَ بن الخطابِ فذكَرَ لَهُ ذلكَ فقال: مَا حَمَلَك على ذلك؟ قال قُلتُ: قد فَعَلْتُ قال: فَقرَأَ (ولو أنهم فَعَلُوا ماَ يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خيراً لَهُمْ وأشَدَّ تَثْبِيتاً) مَا حَمَلَك على ذلك؟ قال قُلتُ: قد فَعَلْتُ قال: أمْسِكْ عليكَ امرأتَكَ فإِن الواحدةَ تَبُتُّ.

120- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن عَمْرو بن دِينارٍ، عن عبدِ اللَّه بن أبي سَلَمة، عن سُليمانَ بنَ يَسَارٍ، أنَّ عُمَرَ بن الخطابِ قال: -للتُّؤَمَةِ مِثْلَ قوله للمطَّلبِ.

121- (أخبرنا) : مالكٌ، حدثَني: نافعٌ أن عَبْدَ اللَّه بن عُمَر كان يقول: -من أذِنَ لِعَبْدِهِ أن يَنْكِحَ فالطلاقُ بِيدِ العبْد ليس بيد غيرهِ من طلاقِهِ شئٌ.

122- (أخبرنا) : مالكٌ، قال حَدَّثَنِي: عبدُ ربِّه بنُ سعيدٍ، عن محمد بن إبراهيمَ بن الحارثِ التَّيْمِيِّ: -أنَّ نُفَيْعاً مُكاتباً لأُمِّ سَلَمةَ زوج النبيِّ صلى اللَّه -[39]- عليه وسلم استَفْتَى زَيدَ بن ثابتٍ فقال: إنِّي طلقت امرأةً لي حُرَّةً تطليقتين فقال زَيدُ: حَرُمَتْ عليكَ (يؤخذ من هذا الحديث أن العبد ليس له إلا تطليقتان فتحرم عليه بعد الثانية ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره) .

123- (أخبرنا) : مالكٌ، حدثني: أبو الزِّنَاد، عن سلَيمانَ بن يسارٍ: -أن نُفَيْعاً مُكاتباً لأُمِّ سَلَمةَ زوج النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم لَهُ عَبْد (وفي المطبوع أو عبداً لها) كانت تحته امرأةٌ حرةٌ فطَلَّقَهَا اثنتين ثم أراد أَنْ يُرَاجِعُهاَ فَأَمَره أزواج النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم أن يأتِيَ عثمانَ بنَ عَفانٍ يسألهُ عن ذلك فذهب نُفَيعٌ إليه فلقيَهُ عند الدَّرجِ آخذاً بِيد زيدِ بن ثابتٍ الأنصاري فسألهما فابتدَرَاهُ جميعاً فَقَالا: حرُمتْ عليك حرُمتْ عَلَيكَ.

124- (أخبرنا) : مالكٌ، حدثني: ابنُ شهابٍ، عن ابن المسيِّبِ: -أن نُفَيْعاً مُكاتباً لأُمِّ سَلَمةَ زوج النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم طلَّقَ امرأتَهُ حُرَّةً تطليقتين فاستَفْتى عثمانَ بنَ عَفانٍ فقال له عُثمانُ: حرُمتْ عَلَيكَ.

125- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريِّ، عن حُمَيدِ بن عبد الرحمن بن عوفٍ وعُبيدِ اللَّه بنِ عبدِ اللَّهِ عُتْبَةَ، وسليمانَ بن يَسَارٍ: أنهم سَمِعُوا أبا هُرَيرَةَ يَقول: - سألتُ عُمَرَ بن الخطَّابِ عن رجلٍ من أهل اليمنِ طلَّقَ امرأتَهُ حُرَّةً تَطليقةً أو تطليقتين ثم انْقَضَتْ عِدَّتُهاَ وتَزَوَّجَها (في لمطبوع: فتزوجها) رجلٌ غيره ثم طلَّقَها أو ماتَ عنها ثُمَّ تزوجها زوْجُها الأولُ قال: هي عنده على ما بَقِيَ.

126- (أخبرنا) : يَحْيَ بنُ حَسَّان، عن عُبَيْدِ اللَّه بنِ عُمَر، وعن عبد الكريمِ ابن مالكٍ الْجَزْرِيِّ، عن سعيدِ بن جُبَيْرٍ، عن علي بن أبي طالبٍ: -في الرجلِ يُطلَّقَ امرأتَهُ ثم يُشهِد على رَجْعَتِهَا ولم تَعْلَمْ بِذلِكَ قال: هِيَ امرأةُ الأولِ دَخل بها الآخَرُ أو لم يَدْخَلْ (يؤخذ من هذا الحديث أن صحة الرجعة لا تتوقف على علم المرأة بذلك ولو تزوجت جاهلة بالرجعة وعلمت بعد ذلك فالنكاح الثاني باطل وهي ما زالت زوجة للأول) .

127- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُرْوَةَ: -أن مولاةً لبني عَدِيٍّ يقال لها زَبْراء أخبَرْتُه أنها كانتْ تَحْتَ عبدٍ وهي أمةٌ يومئذٍ فَعَتقَتْ قالت: فأرسَلَتْ إليَّ حفصَةُ فدعَتْنِي فقالت: إني مُخْبِرتُكِ خَبَراً ولا أُحبُّ أن تصنَعِي شيئاً أن أمْرَك بِيَدِكِ مَا لَمْ يَمُسُّكِ زوجُكِ قالت: ففارَقَتْهُ ثلاثاً (الحديث يدل على ثبوت الخيار للمعتقة بعد عتقها في زوجها إذا كان عبداً وهو إجماع إذا لم يمسها) . قال الشافعي رضي اللَّه عنه: ولم تقل لها حَفْصَةُ لا يجوز أن تُطَلِّقِي ثلاثاً.

128- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُرْوَةَ: -أن مولاةً لبني عَدِيٍّ بن كعب يُقالُ لها زَبْراء أخبَرْتُه أنَّها كانتْ تَحْتَ عبدٍ وهي أمةٌ يومئذٍ فَعَتقَتْ قالت: فأرسَلَتْ إليَّ حفصَةُ زوج النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم فدَعتْنِي إلى آخره إلاَّ أنَّهُ لم يذكر قولَ الشافعي في آخر الحديثِ.

129- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّهُ كَانَ يَقُولُ في شأن الأَمَةِ تكون تحتَ العبدِ فَتعْتَقُ لها الخيارُ ما لم يَمَسَّها فَإن مَسَّها فلا خيارَ لَها.

130- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن ربيعةَ، عن القَاسِمِ بن محمدٍ، عن عَائشةَ زوج النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم أنَّها قالتْ: -كانَتْ فيَّ بَرِيرَة ثلاثُ سنين فكانت إحدَى السنين أنها أُعْتِقَتْ فَخُيِّرَتْ في زَوْجِها.

131- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن أيوبَ بنِ أبِي تَميمةَ، عن عِكرمةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ أنه ذُكِرَ عنده زوجُ بَرِيرَة قال: -كان ذلك معيب عبد بني فلان كأني أنظر إليه يَتْبَعُهَا (مما ذكر في قصة بريرة أن زوجها كان يتبعها في سكك المدينة يتحدر دمعه لفرط محبته: قالوا فيؤخذ أن الحب يذهب الحياء وأنه يعذر من كان كذلك إذا كان بغير اختيار منه) في الطَّريق وهو يَبْكِي.

132- (أخبرنا) : القاسِمُ بن عبدُ اللَّهِ بنُ عُمرَ بن حفصٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن دِينارٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن عُمرَ: -أنَّ زّوْجَ بريرة كان عَبْداً.

133- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّهُ قال في الخَلِية والبَرِيَّةِ ثلاثاً ثَلاثاً وبه أن ابن عُمَرَ كان يقول: إذا ملك الرجُل امرأتَهُ فالقضاء ما قضت إلا أن يُنَاكِرَهَا الرجل فيقول لم أرْد إلا تطليقةً واحدةً فيحلف على ذلِك ويكونُ أمْلكَ له مَا كَانَتْ في عِدَّتِهَا.

134- (أخبرنا) : مَلكٌ، عن سَعيدِ بن سليمانَ بن زيدِ بنِ ثابتٍ بن خارِجَةَ ابنِ زيدٍ أنه أخْبَرَهُ: -أنه كان جالساً عند زيد بن ثابت فأتاه محمدُ ابنُ أبي عتيقٍ وعيناه تَدْمَعَانِ فقال له زيد بنُ ثابتٍ: ما شأنُكَ؟ فقال: مَلَّكْتُ امرأتِي أمْرَهَا ففارقَتْني فقال له زيد: ما حَمَلَكَ على ذلك؟ فقال له: القَدَرُ فقال له زيد: ارتَجِعْهَا إن شِئْتَ فإنما هي واحدةٌ وأنت أمْلَكُ لها.

135- (أخبرنا) : مسلم، عن ابن جُرَيْجٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عباسٍ وأبي الزبيرِ أنهما قالا: -لا يَلْحَقُ المُخْتَلِعَةُ الطلاقُ في العِدَّةِ لأنه طَلَّق مالا يَمْلكُ.

136- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ عن خالدٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن عَطَاءٍ، عن ابنِ عباسٍ وأبنِ الزُّبَيرِ أنَّهما قال: - في المُخْتَلِعَةُ (المختلعة: هي المرأة التي يطلقها زوجها على عوض تبذله وفائدته إبطال الرجعة إلا بعقد جديد وفيه عند الشافعي خلاف هل هو فسخ أو طلاق والأشهر بائن) يُطلقُها زوجها قالا: لا يلزمُها طلاقٌ لأنه طلَّقَ مالا لم يَمْلكُ.

137- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ وعبدُ المجيدِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن مُجاهدٍ قال: -قال رجل لابن عباسٍ طَلَّقْتُ امرأتِي ماية قَالَ: تَأْخُذ ثلاثاً وتَدَعُ سَبْعاً وتسعين.

الباب الثاني في الإيلاء

الباب الثاني في الإيلاء

(الإيلاء: من آلى يولي أيلاء بمعنى الحلف قال الشاعر: وأكدب ما يكون أبو المثنى * إذا آلى يمينا بالطلاق وشرعا أن يحلف الرجل الذي يصح ويمكن وطؤه إلا يقرب زوجته أبداً أو مدة تزيد على أربعة أشهر والأصل في ذلك قوله تعالى: «الذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر الآية» وكان طلاقا لا رجعة فيه في الجاهلية فغير الشارع حكمه) :

138- (أخبرنا) : سُفْيَانُ ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرٍو بنِ دِينارٍ، عن أبي يَحْيَ، عن ابنِ عباسٍ أنه قال: -المولى الَّذي يَحْلِفُ لا يقربُ امرأتَهُ أبداً.

139- (أخبرنا) : سُفْيَانُ ابنُ عُيَيْنَةَ، عن يحي بنِ سعيدٍ، عن سليمانَ بن يَسَارٍ قال: -أدركتُ بِضعَة عشرَ من أصحابِ النبي صلى اللَّه عليه وسلم كلهم يوقفُونَ المُولِي. -[43]- قال الشافعيُّ رضي اللَّهُ عنه: فأقلُ بِضعَة عشرَ أن يكونوا ثلاثةَ عشَر وهو يقولُ من الأنصارِ.

140- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن أبي إسحاقَ الشيبانِي، عن الشَّعبي، عن عمرو بن سَلَمَةَ قال: -شهدتُ علياً رضي اللَّهُ عنه: أوقف المُولِي (أوقف المولي: أي أحضر القاضي المولى وأوقفه أمامه وخيره بين الفيء أوالطلاق) .

141- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن ليْثٍ، عن مُجاهدٍ، عن مرْوانَ بنِ الحكمِ: -أنَّ علياً رضي اللَّهُ تعالى عنه أوقفَ المُولِي.

142- (أخبرنا) : سفيانُ، عن مسعودٍ، عن حبيبِ بنِ أبي ثابتٍ، عن طاووسٍ: -أن عثمانَ رضي اللَّهُ تعالى كان يُوِقفُ المُولِي.

143- (أخبرنا) : سفيانُ، عن ابن أبي الزّنَادِ، عن القاسمِ بنِ محمدٍ قال: -كانت عائشة إذا ذُكِرَ لها أنَّ الرجلَ يحلف أنْ لا يأتيَ امرأتَهُ فيدعُها خمسةَ أشهرٍ لا ترى ذلك شيئاً حتى يوقف وتقول: كيف قال اللَّه: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) .

144- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّهُ قال إذا آلى الرجل من امرأتهِ لم يقعْ عليه طلاقٌ وإن مضت أربعةُ أشهرٍ حتى يوقفَ فإما أن يطلقَ وأما إن يَفِئَ.

145- (أخبرنا) : مالكٌ، عن جعفرِ بنِ محمدٍ، عن أبيه: -أن علياً كان يُوِقفُ المُولِي. قال الأصمُ سمعت الربيعَ يقول: سمعت أسدَ بنَ موسى يُحَدِّثُ قال: استفتيتُ أبا حنيفةَ مرتين.

الباب الثالث في اللعان (اللعان: لغة المباعدة: وشرعا كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العاريه) :

الباب الثالث في اللعان (اللعان: لغة المباعدة: وشرعا كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العاريه) :

146- (أخبرنا) : مَالكٌ، حَدَّثَنِي: ابنُ شِهابٍ أنَّ سَهْلَ بنَ سَعْدَ السَّاعِدي أخبره: -أنَّ عُوِيمراً العَجْلاَنِيَّ جَاءَ إلى عاصمٍ بن عديٍ الأنصاري فقال له: أَرَأَيْتَ يَا عَاصِمُ لو أنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امرأتِهِ رَجلاً أيقتله أمْ كيف يفعل؟ سَلْ لي يا عاصِمُ رسُول اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم عن ذلك فسأل عاصمٌ رسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم عن ذلك فَكَرِهَ رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم المسَائلَ وعَابَها حتى كَبُرَ على عاصمٍ ما سمعَ من رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فلما رَجَعَ عَاصِمٌ إلى أهلهِ جاءهُ عُوَيمرٌ فقال يا عاصمُ: مَاذَا قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم؟ فَقَالَ عاصِمُ لِعُويمر: لم تأتِنِي بخير قد كَرِهَ رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم المسألة التي سألته عنها فقال عُويمر: واللَّه لا أنتهِ حتى أسأله عنها فأقبل عويمرٌ حتَّى أتَى رسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم وَسَطَ النَّاسِ فَقَال يا رسول اللَّهِ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امرأتِهِ رَجلاً أيقتُلُهُ فتقتلونه أمْ كيفَ يفعل؟ فقال النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم: «قد أنْزَل اللَّهُ فِيكَ وفي صَاحِبَتِكَ فاذهب فأتِ بها» فقال سَهْلُ بنُ سَعْدٍ فَتَلاَعَنَا وأَنا مع الناسِ عند رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فلما فرغا من تَلاَعُنِهِما قال عويمرٌ كذبتُ عليها يا رسولَ اللَّه إن أمسكتُها فطلَّقَها ثلاثاً قبل أن يأمرَهُ رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم قال ابنُ شهابٍ: فكانت تلك سنَّةُ المتلاعنين.

147- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ سعدٍ، ابنِ شِهابٍ عن سَهْل بنِ سَعْدٍ أخبره قال: -جاء عُوِيمراً العَجْلاَنِيَّ إلى عاصمٍ بن عديٍّ فقالَ يَا عَاصِمُ بنُ عدي: سَلْ لي رسُول اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم عن حكم رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امرأتِهِ رَجلاً فيقتُلُهُ أيُقْتَلُ بِهِ أمْ كيف يصنع؟ فسأل عاصمٌ رسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم عن ذلك فَعَابَ رسُولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم المسَائلَ فلقيهُ عويمرٌ فقالَ ما صَنَعْتَ؟ فقال عاصمٌ: صنعتُ أنَّكَ لم تأتِينِي بخير سألتُ رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فَعَابَ المسَائلَ قال عُويمرٌ: واللَّه لآتِبَنَّ رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فلأسأَلَنَّهُ فأتاهُ فوجَدَهُ قد أُنْزِلَ عليه فيهما فدعاهما فلاعن بينهما فقال عويمرٌ لئن انطلقتُ بها لقد كذبتُ عليها ففارقَهَا قبل أن يأمُرَهُ رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم ثُمَّ قالَ رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: "انظروها فإن جاءتْ بِهِ أسْحَمَ (الأسحم الأسود ومنه امرأة سحماء أي سوداء) أدْعَجَ (الدعج: السواد في العين وقيل الدعج شدة سواد العين مع شدة بياضها) عَظِيمَ الإِليَتَيْنِ فلا أُراهُ إلاَّ صَدَقَ وإنْ جاَءَتْ به أحِيمر كأنه وحَرَةٌ (دويبة تلصق في الأرض وهذه كناية عن قصره) فلا أراه إلا كاذباً"فجاءت به على النَّعْتِ المكْرُوهِ قال ابنُ شهابٍ: فصارتْ سُنَّةُ المتلاعنين.

148- (أخبرنا) : عبدُ اللَّهِ بنُ نافعٍ، عن محمدٍ ابن أبي ذِئْبٍ، عن ابنَ شِهَابٍ عن سهل بن سعدٍ: -أن عويمراً جاء إلى عاصمٍ فقال: أَرَأَيْتَ لو أنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امرأتِهِ رَجلاً فقتلهُ أتقتلونَهُ؟ سَلْ لي يا عاصِمُ رسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم عن ذلك فسأل عاصمٌ رسُولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فَكَرِهَ النبيُّ صلى اللَّه -[46]- عليه وسلم المسَائلَ وعَابَها فرجع عاصمٌ إلى عويمر فأخبره أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كَرِهَ المسائِلَ وعابَهَا فقال عويمرٌ: واللَّه لآتِبَنَّ رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فجاءَ وقد نزَلَ القرآنُ خلافَ عاصم فسأل رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «قد أنْزَلَ اللَّهُ فيكما القرآنَ» فتقدما فتلاعَنَا ثم قال: كذبْتُ عليها إن أمسكتُها ففارقَهَا ومَا أمُرَهُ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم فمضت سُنَّةُ المتلاعنين وقالَ رسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: «انظروها فإن جاءتْ بِهِ أحِيمر قصيراً كأنًّهُ وحَرَةٌ فلا أحسبه إلا كذَبَ عليها وإن جاءتْ بِهِ أسْحَمَ أعْيَنَ ذَا إِليَتَيْنِ فلا أُحسبهُ إلاَّ صَدَقَ عليها» فجاءت به على النَّعْتِ المكْرُوهِ.

149- (أخبرنا) : سعيدٌ بن سالمٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن ابن شِهابٍ عن سهل بن سعدٍ أخي بني ساعدة: -أن رجلاً جاء النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم فقالَ يا رسولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ لو أنَّ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امرأتِهِ رَجلاً أيقتُلُهُ فتقتلونَهُ أم كيفَ يَصْنَعُ؟ فأنْزَلَ اللَّهُ عزَّوَجَلَّ في شأنهما ما ذُكِرَ في القرآن من أمر المتلاعنينَ قال:: فقالَ لهُ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم: «قد قُضي فيك وفي امْرَأَتِكَ» قال سهْلٌ: فتلاعنا وأنا شاهدٌ ثم فارقها عندَ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فكانت سُنةٌ بعدهما أن يُفَرَّقَ بين المُتَلاعِنيْنِ وكانت حاملاً فأنْكَرَهَا فكان ابْنُها يدعى إلى أُمِّهِ.

150- (أخبرنا) : سفيانُ، عن ابنِ شِهابٍ، عن سهل بن سعدٍ قال: - شهدتُ المتَلاعنين عند النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابنُ خمسَ عشْرَةَ سنةً ثم ساق الحديثَ فلم يُتْقِنْهُ إتقانَ هؤلاء.

151- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ سعدٍ، ابنِ شِهابٍ عن سَهْل بنِ سَعْدٍ: -وَذَكَرَ حديثَ المتلاعنين فقال النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم: (انظروها فإن جاءتْ بِهِ أسْحَمَ أدْعَجَ العَيْنَينِ عَظِيمَ الإِليَتَيْنِ فلا أُراهُ إلاَّ قد صَدَقَ وإنْ جاَءَتْ به أحمر كأنه وحَرَةٌ فلا أراه إلا كاذباً فجاءت به على النَّعْتِ المكْرُوهِ.

152- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ سعدٍ، يحَدِّثُ، عن أبيهِ، عن سعيدِ بنِ المسيبِ وعُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عبدِ اللَّهِ بن عُتْبَةَ: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: "إنْ جاءتْ به أشْقَرَ سَبْطاً (سبطاً: السبط الممتد الأعضاء التام الخلق والسبط من الشعر المبسط المسترسل) شعره فهو لزوْجِهَا وإن جاءتْ أدْعج جَعْداً (جعداً: الجعد في صفات الرجل يكون مدحاوذماً فالمدح أن يكون معناه شديداً والأسر والخلق أو يكون جعد الشعر وهو ضد البسط وأما الذم فهو القصير المتردد الخلق وقد يطلق على البخيل أيضا فيقال رجل جعد اليدين ويجمع على الجعاد) فهو للذي يتهمُهُ فجاءتْ بِهِ أدَيْعج. قال الشافعي: سمعت إبراهيمَ بنَ سعدٍ يحدثُ عن أبيهِ، عن سعيدٍ بن المسيبِ وعُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عبدِ اللَّهِ بن عُتْبَةَ أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قال: «إنْ جاءتْ به أشْقَرَ سَبْطاً شعره فهو لزوْجِهَا وإن جاءتْ أدْعج جَعْداً فهو للذي يتَّهِمُهُ» فجاءتْ بِهِ أدَيْعج.

153- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أن رجُلاً لاَعَنَ امرأته في زمانِ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم وانتفى من وَلَدِها فَفَرَّقَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بينهما والْحَق الولدَ بالمرأَةِ.

154- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَرَّقَ بين المتلاعِنَيْنِ والْحَق الولدَ بالمرأَةِ فكان يُدعَى إليْهَا.

155- (أخبرنا) : سفيانُ، عن أيوبٍ، عن سعيدٍ بنِ جُبيرِ قال: -سمعتُ ابنَ عُمرَ يقولُ فَرَّقَ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بَيْنَ أخوي بني العَجلانِ وقال: هكذا بإصبَعَيْهِ المسبحةِ والوسطى فَفَرَقَهُما الوسطى والتي تليها يعني المسبحةَ وقال: «اللَّه يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُما كاذبٌ فهل مِنْكُما تائِبٌ» .

156- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عاصمِ بن كُلَيْبٍ، عن أبيه، عنِ ابنِ عباسٍ: -أن النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم لاَعَنَ ببين المتلاعِنَيْنِ أمَرَ رَجُلاً أن يَضَعَ يَدَهُ على فِيهِ عندَ الخامِسَةِ وقال: إنها موجبة (موجبة: أي مثبتة اللعان والتفريق) .

157- (أخبرنا) : سَعيدُ بنُ سالمٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، أنَّ يَحْيَ بنَ سعيدٍ حَدَّثَهُ عن القَاسِمِ ابنِ محمدٍ، عن ابنِ عباسٍ: -أن رجُلاً جَاءَ إلى النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فقال يا رسولَ اللَّه: مَالِيَ عَهْدٌ بأهْلي منذ عَفَارِ النَّخْل قالَ وعَفَارُهَا أنَّها إذَا كَانت تُؤَبَّر تُعْفرُ أربعينَ يوماً لاَ تُسقَى بَعدَ الإبَار قال الرجُلُ: فوجدت مع امرأتي رَجُلاً وكانَ (وفي نسخة: قال: وكان ذلك الرجل) مُصفَراً أحْمس (خمس الساقين: دقيقها) السَّاقَيْنِ سَبْطَ (السيط من السنيط المسترسل وضده الجعد القطط الملتوي) الشعر والَّذي رُمَيت به جذلاً إلى السَّوادِ جَعْداً قِططاً تبتيهاً فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: اللَّهُمَّ بَيِّنْ " ثُم لاَعَنَ بَيْنَهُما فَجاءَتْ بِرَجُلٍ يُشْبِهُ الذي رُميتْ بِهِ.

158- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن أبي الزِّنَادِ، عن القَاسِمِ ابنِ محمدٍ، قال: -شَهِدْتُ ابن عباسٍ يُحدثُ بحديث المتلاعنين فقال له ابنُ شَدَّاء: أَهِيَ التي قال -[49]- النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم: «لو كُنْتُ راجماً أحداً بغير بَيِّنَةٍ رجمتها» ؟ فقال ابن عَبَّاس: لا تلك امرأةٌ كَانَتْ قَدْ أعْلَنَتْ.

159- (أخبرنا) : عبدُ العزيزِ بنُ محمدٍ، عن يَزِيدَ بنِ الهادِ، عن عبدِ اللَّه ابنِ يونس أنه سَمِعَ المقبُريّ يُحدِّثُ القُرَظِيَّ قال المَقْبُرِيُّ حدثني أبو هريرةَ: -أنه سَمِع النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم يَقُولُ لما نَزلتْ آيةُ الملاعَنَةِ: " أيُّما امرَأةٍ أدخلَتْ عَلَى قومٍ مَنْ ليس منهم فليستْ مِنَ اللَّهِ في شئٍ ولَمْ يُدْخِلْهَا اللَّه جَنّتَهُ وأيُّما رَجُلٍ جَحَدَ ولَدَهُ وهوَ يَنطُرُ إليه احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ وفَضَحَهُ على رؤسِ الخلائِقِ في الأولِين والآخرِين. وقال: وسَمِعْتُ سُفيانَ بنَ عُيَيْنَةَ يقول:

160- (أخبرنا) : عمرو بنُ دينارٍ، عن سعيدٍ بنِ جُبيرِ عن ابنِ عُمرَ: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قال للمتلاعنين: "حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ أحَدُكَما كَاذِبٌ لاَ سَبِيلَ لكَ عليها قَالَ يَا رَسُولَ اللَّه مَالي: قَالَ: لاَ مَالَ لَكَ إن كُنْتَ صَدقتَ عَلَيْها فهو بما استَحَلَّتْ مِنْ فَرْجِهَا وإن كُنْتَ كَذَبْتَ عَلَيْهَا فذلِك أبْعَدُ لَكَ منْهَا أَوْ مِنْهُ (منه أي المال وهو دفعه لها من مهر) .

161- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ: -وَجَاءَ رَسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم العجْلاَنِيُّ وهو أُحَيْمر سَبطُ نِضْوُ (نضوالخلق هزيل الخلق) الْخَلقِ فقال يا رسولَ اللَّهِ: رَأيتُ شَرِيكَ بن السمحاءَ (وفي نسخة السحماء) يعني ابن عَمّهِ وهو رَجُلٌ عظيم الإليتين أدْعجُ العَينينِ خادل الخلق يُصيبُ فلانةً يعني امرأتَهُ وهي حُبْلى وما قَرِبْتُها منذُ كذا فدعى رَسولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم شرِيكاً فَجَحَدَ ودعا المرأَةَ فجحَدَتْ

فلاَعَنَ بَيْنَها وبَيْنَ زَوجِهَا وهي حُبْلَى ثم قالَ: تُبْصِرُهاَ فَإنْ جَاءت بِهِ أدعَجَ عَظيم الإليتَينِ فلا أُرَاهُ إلاَّ قد صدقَ عليها! وإن جاءتْ به أُحَيمَرَ كأنه وحَرَه فلا أرَاهُ إلا قد كذب فجاءت به أدعَجَ عَظيم الإليتَينِ فقالَ رَسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فيما بلغنا: «إنَّ أمْرَه لَبَيّنٌ لولا ما قضى اللَّهُ» يعني أَنه لِمَنْ زنا لولا ما قضى اللَّه من أن لا يُحكم على أحدٍ إلا بإقرارٍ واعترافٍ على نَفْسِهِ لا يَحِلُ بدلالةِ غيرِ واحد منهما أو أن كانت بينةٌ فقال: «لولا ما قَضَي اللَّه لكان لي فيها قضاءٌ غيره» ولم يَعْرِضْ لشريكٍ ولا للمرأة واللَّه تعالى أعلم وأنْفَذَ الحكم وهو يَعْلَمُ أن أحدَهُما كاذبٌ ثم علم بعدُ أَن الزوجَ هو الصادقُ.

الباب الرابع في الخلع (لغة: مشتقة من خلع الثوب لأن كلا من الزوجين لباس الآخرقال تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) فكأنه بمفارقة الآخرنزع لباسه وشرعا: لفظ دال على فرقة بين الزوجين راجع لجهة الزوج) :

الباب الرابع في الخلع (لغة: مشتقة من خلع الثوب لأن كلا من الزوجين لباس الآخرقال تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) فكأنه بمفارقة الآخرنزع لباسه وشرعاً: لفظ دال على فرقة بين الزوجين راجع لجهة الزوج) :

162- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن يحي بنِ سعيدٍ، عن عَمْرَةَ، عن حَبيبَةَ بنتِ سَهْلٍ: -أَنها أَتَتْ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم في الغَلَسِ (الغسل ظلمة آخر الليل إذا اختلط بضوء النهار) وهي تشكو شَيْئاً (وفي المطبوع تشكو أشياء ببدنها) بِيَدِهَا وهي تقُولُ: لا أنا ولا ثابتُ بنُ قيسٍ فقالتْ: قال رَسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «يَا ثَابتُ خُذْ مِنْها فأخَذَ مِنْها وجَلَسَتْ» .

163- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن يحي بنِ سعيدٍ، (وفي نسخة سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري) عن عمرة: -أنَّ حَبيبة بنتَ سهلٍ أخْبرَتْهَا أنها كانتْ عند ثابتِ بنِ قيسٍ بن شَماسِ وأن رَسولُ اللَّه -[51]- صلى اللَّه عليه وسلم خرج إلى صلاةِ الصبحِ فوجَدَ حَبيبة بنتَ سهلٍ عند بابِهِ في الغلَسَ فقال رَسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم من هذه؟ فقالت: أنا حَبيبة بنتَ سهلٍ يا رسولَ اللَّهِ فقال: ماشَأْنُكِ؟ فقالتْ: لا أنا ولا ثابتٌ لِزوجِهَا فلما جاء ثابتُ بنُ قيسٍ قال له رَسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم هذه حَبيبة بنتَ سهلٍ قد ذكرتْ ماشاءَ اللَّه أن تذْكُرَ فقالتْ حَبيبةُ يا رسولَ اللَّهِ ما أعطاني عندي (وفي المطبوع ما أعطاني عندي) فقالَ رَسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: خُذْ مِنْها فأخَذَ مِنْها وجَلَسَتْ في بيتِ أهْلِهَا.

164- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ،: -عن مولاةٍ لصفيةَ بنتِ أَبي عُبَيْدٍ أنها اخْتَلَعَتْ من زَوجِهَا بكلِّ شَئٍ لها فلم يُنْكِر ذلك عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ.

165- (أخبرنا) : مالكٌ، عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيهِ، عن حَمْرَانَ مولى الأسلَمين: -عن أمّ بَكْرَةَ الأسْلَمِيَّةِ أنها اخْتَلَعَتْ من زَوجِهَا عبدِ اللَّهِ بن أُسَيْدٍ ثم أتَيَا عثمانَ في ذلكَ فقال: هي تطليقةٌ إلا أن تكون سَمَّيْتَ شَيْئاً فهوما سَمَّيْت.

الباب الخامس في العدة (العدة: إسم لمدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها أو للتعبد أو لتفجعها على زوجها: وشرعت صيانة للأنساب وتحصينا لها من الإختلاط رعاية لحق الزوجين والولد) :

الباب الخامس في العدة (العدة: إسم لمدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها أو للتعبد أو لتفجعها على زوجها: وشرعت صيانة للأنساب وتحصيناً لها من الإختلاط رعاية لحق الزوجين والولد) :

166- (أخبرنا) : سُفيانَ، عن الزُّهْريِّ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عبدِ اللَّهِ (وفي نسخة عبد اللَّه بن عتبة) عن أبِيهِ: -أن سُبَيْعَةَ بِنْتَ الحارِثِ وَضَعَتْ بَعْدَ وفاةِ زوجِها بليالٍ فمر بها أبو السَّنابلِ ابن بَعْكَكٍ فقال: قد تَصَنَّعْتِ للأزواج أنها أربعة أشهر -[52]- وعشرٌ فذكرتْ ذلك سُبَيْعَةَ لرَسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «كَذَبَ أبو السنابلِ أو ليس كماقال أبو السَّنَابِلِ قد حَلَلْتِ فَتَزَوَّجِي» .

167- (أخبرنا) : ماَلِكٌ، عن عبدِ ربِّهِ بنِ سعيدٍ بنِ قيْسٍ، عن أبي سَلَمةَ ابن عبد الرحمن قال: -سُئل ابن عباس وأبو هريرة عن المتوفي عنها زَوْجُها وهي حاملٌ فقال ابن عباسٍ: آخر الأجلين وقال أبو هريرة: إذا وَلَدَتْ فقد حَلَّتْ فَدَخَلَ أبو سلمة على أمِّ سلمةَ زوجِ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فَسَأَلَها عن ذلك فقالت: وَلَدَتْ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةِ بعد وفاةِ زَوْجِهاَ بنصْفِ شَهْرٍ فَخَطَبَها رجلنِ أحَدُهُما شابٌ والآخر كَهْلٌ فخطبت إلى الشابِ فقال الكَهْلُ: لم تَحْلُلْ وكان أهلُها غيباً ورَجَا إذا جاء أهْلُهَا أن يُؤْثِرُوه بها فجاءتْ رَسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال: «قد حَلَلْتِ فانْكَحِي منْ شِئْتِ» .

168- (أخبرنا) : ماَلِكٌ، عن عن يحي بنِ سعيدٍ، عن سُليمانَ بنَ يَسَارٍ: -أنَّ ابْنَ عباسٍ وأباَ سلمةَ اختلَفَا في المرأةِ تَنْفسُ بعد وفاةِ زَوْجِها بليالٍ فقال ابنُ عباسٍ: آخر الأجلين وقال أبو سلمة: إذا نَفُسَتْ فقد حَلَّلْت فجاء أبو هريرة فقال: أنا مع ابن أخي يعني أبَا سَلَمَةَ فَبَعَثُوا كُرَيْباً مَولَى ابنِ عباسٍ إلى أُمِّ سلمة يَسْأَلُهَا عن ذلك فجاءَهُمْ فأخْبَرَهُم أنَّهَا قَالَتْ: وَلَدَتْ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةِ بعد وفاةِ زَوْجِهاَ بليالٍ فذكرَتْ ذلكَ لِرَسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فقال لها: «قد حَلَلْتِ فانْكَحِي» .

169- (أخبرنا) : مالكٌ، عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيهِ، عن المِسْورِ ابن مَخْرَمَةَ: -أنَّ سُبَيْعَةَ الأسْلَمِيَّةِ نُفِسَتْ (ويقال: نفست بفتح النون وكسر الفاء وسكون التاء) بعد وفاةِ زَوْجِهاَ بليالٍ فَجاءَتْ -[53]- رَسولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فاستأْذَنَتْهُ في أن تَنْكِحَ فأذِنَ لَهَا.

170- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّهُ سُئلَ عن المرأةِ يُتَوَفَّى عنها زَوْجُها وهي حاملٌ فقال ابنُ عُمَرَ: إذا وضَعَتْ حَمْلَهَا فقَدْ حَلَّتْ، فأخبَرَهُ رجلٌ من الأنصارِأَنَّ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي اللَّه عنه قال: لَوْ وَلَدَتْ وزَوْجُها على سَرِيرِهِ لم يُدْفَنْ لَحَلَّتْ.

171- (أخبرنا) : عبدُ المجيدِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن أبي الزُّبيْرِ، عن جَابرٍ: -أنه قال: ليسَ للمُتَوفَّى عنها زَوْجُها نفقةٌ حَسْبُها الميراثُ.

172- (أخبرنا) : مالكٌ، عن، عن أبيهِ: -أنه قاَلَ في امرأة البادية يُتوفَى عنها زوجها أنها تنتوي حيث ينتوي أهلها.

173- (أخبرنا) : عبدُ المجيدِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن هشامِ، عن أبيهِ، وعُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عبدِ اللَّهِ بن عُتْبَةَ: -مِثْلَهُ أو مِثلَ معناه لا يُخالفه.

174- (أخبرنا) : عبدُ المجيدِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سَالِم ابن عبد اللَّه: -عن عبد اللَّه أنه كان يقول: " لا يَصلُحُ للمرأةِ أَن تَبِيتَ لَيْلَةً واحِدةً إذَا كَانَتْ في عدّةِ وفاةٍ أو طَلاَقٍ إلاَّ في بيتهاَ (في بيتها: قال تعالى: لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) ".

175- (أخبرنا) : مُالِكٌ، عَنْ سَعِيدٍ بنِ إسحاقَ بنِ كَعْبٍ بن عُجْرَةَ: -عن عمتِهِ زينبَ بنتِ كعبٍ أَنَّ الغُرَيْعة بنتَ مالكِ بنِ سِنِانٍ أخبرتها: أَنها جاءت إلى النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خُدَرة فَإنَّ زَوْجَهَا خَرَجَ في طَلَبِ أَعْبُدٍ لَهُ أَبقُوا حتَّى إذا كاَنَ بطُرُقِ القدُومِ لحقهم -[54]- فقتلوه فسألْتُ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أَنْ أرجع إلى أهلي فإن زوْجي لم يتركني في مسكن يملكه قالت: فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «نعم» فانصرفتُ حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي فدُعيتُ لَهُ فقال: "كَيْفَ قُلْتِ:؟ " فرددت القصة (وفي نسخة فرددت عليه ذكرت له من شأن زوجي) التي ذكرت له من شأن زوجي فقال: «امكث؟؟ في بيتك حَتَّى يبلغَ الكتابُ أَجلَهُ» قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً (عدة المتوفي عنها زوجها) فلما كان عُثمانُ أرْسَلَ إِليَّ فَسألني عَنْ ذَلِكَ فأخْبَرْتَهُ فاتَّبَعَهُ وقَضَى بِهِ.

176- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن عبدِ اللَّه بنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأسْوَدَ بن سفيانُ، عن أبي سلمَةَ ابن عبد الرحمن: -عن فاطِمَةَ بِنتِ قيس: أن أبا عمروبن حفصٍ طلقها البتَّة وهو غائِبٌ بالشام فبعث إليها وكيلَه بشعيرٍ فسخطته (سخطته: كرهته اجمع العلماء على أن للمرضعة السكنى والنفقة وكذا للبائن الحامل واختلف العلماء في البائن غير الحامل على ثلاثة أقوال أحدها: وجوب السكنى والنفقة والثاني: عدم وجوبها والثالث: وجوب السكنى دون النفقة والكل أوله لا داعي لذكرها والحديث دليل للرأي الثاني) فقال: واللَّه مالك علينا من شئ فجاءتْ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فذكرتْ ذلك له فقال: «لَيْسَ لَكِ عليه نفقةٌ» وأمرها أَنْ تَعْتدَّ في بيت أمّ شرِيك ثم قال: "تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي فاعتدّي عند ابنِ أمّ مكتومٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ أعمى تضعين ثيابك.

177- (أخبرنا) : عبدُ العزيز، عن محمدِ بنِ عمرو، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ أنَّ -[55]- عائشة كانت تقول: -اتق اللَّهَ يا فاطمةُ فقد عَلِمْتِ في أي شئ كان ذلك.

178- (أخبرنا) : ماَلِكٌ، عن يحي بنِ سعيدٍ، عن القاسمِ وسُليمانَ بنَ يَسَارٍ: -أنه سمعهما يذكران أن يحيَ بن سعيدٍ بنِ العاصِ طلَّقَ ابنةَ عبدِ الرحمن ابنِ الحكم البتَّة فانتقَلَها عبدُ الرحمن بن الحكم فأرسلت عائشةُ إلى مروان ابنِ الحكم وهو أمير المدينة فقالت: اتق اللَّه يا مروان واردد المرأة إلى بيت زوجها فقال مروانُ في حديثِ سليمانَ: أن عبدَ الرحمن غلبني وقال مروانُ في حديث القاسمِ: أَوَما بَلَغَكِ شأنُ فاطمةَ بنت قيسٍ؟ فقالتْ عائشة: لا عليكَ أن لا تذكرَ شأن فاطمةَ فقال: إنْ كانَ إنما بكِ الشرُّ فحسبُكِ ما بين هذينِ من الشرِّ.

179- (أخبرنا) : إبراهيمُ بنُ أبِي يحيَ، عنْ عَمْرو بنِ ميمونِ بنِ مَهرانَ عن أبيه قال: -قَدِمْتُ المدِينة فسَألتُ عَنْ أعلَمِ أهلها فدُفِعتُ إلى سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ فسأَلتُهُ عن المبتوتةِ فقالَ: تَعْتدُّ في بيتِ زوجِها فقلتُ: فأيْنَ حديثُ فاطمةَ بنتِ قيسٍ؟ فقالَ: هاهٍ ووصفَ أنه تَغَيَّظَ وقالَ: فتنتْ فاطمةُ الناسَ وكانت للِسانِهَا ذرابةٌ (الذرب محرك فساد المعدة والذرية المرأة الفاسدة وقيل السليطة اللسان وهو المراد هنا) فاستطالتْ على أحمَائِهَا فأمَرَهَا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أن تعتدَّ في بيتِ ابنِ أمّ مكتومِ.

180- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّ ابنةَ سعيدِ بنِ زيدٍ كانتْ عندَ عبدِ اللَّهِ فطلَّقها البتَّة فخرجت فأنكَرَ ذلك عليها ابنُ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما.

181- (أخبرنا) : عبدُ المجيدِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: -أخبرني أبو الزُّبَيْرِ، عن جَابِرِ بنِ عبدِ اللَّهِ أنه سَمِعَهُ يقولُ: نفقةُ المطلَّقةِ ما لمْ تَحْرُمْ فإذا حَرُمَتْ فمتاعٌ بالمعروفِ.

182- (أخبرنا) : عبدُ المجيدِ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قال: قال عطاءُ: -ليست المبتوتَةُ الحُبْلَى منهُ في شئٍ إلاَّ أنَّهُ يُنْفِقُ عَليها من أجلِ الحبَلِ فإذَا كَانت غيرَ حُبْلَى فلا نفقةَ لها (قال بهذا البعض من العلماء وقيل بوجوب السكنى والنفقة) .

183- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنه طلَّقَ امرأَتَهُ وهي في مسكنِ حفصة وكانتْ طَرِيقَهُ إلى المسجدِ فكان يسلُكُ الطَّرِيقَ الآخرَ من أَدبارِ البُيُوتِ كراهِيةَ أن يستأذنَ (يستأذن: يطلب منها التستر حتى يمر) عليها حتى راجعها.

184- (أخبرنا) : سُفيانَ، عن الزُّهْريِّ، عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ أن عليَّ بن أبي طالب قال: -إذا طلَّقَ الرجلُ امرأتَهُ فهو أحقُ برَجْعَتِهاَ حتى تغتسلَ من الحَيْضَةِ الثالثة في الواحدةِ وفي الإثنتين (هذا على القول بأن القرء هي الحيضة لا الطهر وهو مذهب الإمام أبي حنيفة) .

185- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن ابنِ المُسَيَّبِ، وسُليمانَ ابنِ يَسَارٍ: -أنَّ طُلَيْحَةَ كانَتْ تحتَ رُشَيْدٍ الثقفيَّ فطلَّقَها البتَّةَ فَنُكِحَتْ وفي عِدَّتِهَا فضَرَبَهَا عُمَرُ بنُ الخطابِ وضربَ زَوْجَهَا بالمخفقةِ ضَرْبَاتٍ وفرَّق بينهما ثم قال عُمَرُ بنُ الخطابِ رضي اللَّهُ عنهُ: أَيُّما امرأةٍ نُكِحَتْ في -[57]- عِدَّتِهَا فإنْ كانَ زوجُهَا الذي تزَوَّجَهَا لم يدْخلْ بها فُرَّقَ بينهُمَا ثم اعتدَّتْ بقيةَ عِدَّتِهَا مِنْ زوجِهَا الأولِ ثم كان الآخرُ خاطباً مِنَ الخُطَّابِ! وإنْ كانَ قد دخل بها فرَّقَ الحاكمُ بينهما ثم اعتدَّتْ بقيةَ عِدَّتِهَا مِنْ الأولِ ثم اعتدَّتْ مِنْ الآخرِ ثم لم يَجُزْ للثاني أنْ يَنْكِحَها أبداً قال سعيدٌ: ولها مهرُها بما استحلَّ منها.

186- (أخبرنا) : يحيَ بنُ حسانَ، عن جَرِيرٍ، عن عطاءٍ بنِ السائبِ، عن زازانَ بنِ أبي عُمَرَ عن عليّ رضي اللَّهُ عنهُ: -أنَّهُ قضى في الَّتي تُزَوَّجُ في عِدَّتِهَا أن يُفُرَّقَ بينهُمَا ولها الصَّدَاقُ بما استحلَّ من فرجِها وتُكَمِّلُ ما أفسدتْ مِن عِدَّةِ الأولِ فتعتدُّ مِنْ الآخرِ.

187- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ مَوْلَى آلِ طلحَةَ، عن سُليمانَ ابنِ يَسَارٍ، عن عبدِ اللَّهِ بن عُتْبَةَ عن عُمَرُ بنُ الخطابِ أنَّهُ قال: - ينْكِحُ العبدُ امرأتينِ ويُطَلِّقُ تَطْلِيقَتَيْنِ، وتَعْتَدُّ الأَمَّةُ حَيْضَتَيْنِ فإنْ لم تكنْ تحيضُ فشهرينِ أوْ شهراً ونصفاً قال سفيانُ: وكان ثقَةً (ومنه يؤخذ أن عدة الأمة على النصف من عدة الحرة) .

188- (أخبرنا) : سفيانُ، عن عَمْرو بنِ دِينارٍ، عن عمرو بنِ أَوْسٍ الثقفيِّ: -عن رجلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أنَّهُ سَمِعَ عُمَرُ بنُ الخطابِ يقول: لو اسْتَطَعْتُ لجعلْتُهَا حَيْضَةً ونِصْفاً فقال رَجلٌ: فاجعلها شهراً ونصْفاً فَسَكَتَ عُمَرُ رضي اللَّهُ عنهُ.

189- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن عَبْد اللَّه بنِ عُمَرَ: -أَنَّهُ قال في أُمِّ الولَدِ يُتَوَفَّى عنها سيدُها قالَ: تعتدُّ بحيضةٍ.

190- (أخبرنا) : ماَلِكٌ، عن يحي بنِ سعيدٍ ويزيدَ بنِ عبدِ اللَّهِ بن قُسَيْطٍ، عن ابنِ المُسَيَّبِ أنَّهُ قالَ: قال عُمَرُ بنُ الخطابِ: أَيُّما امرأةٍ طُلِّقَتْ فحاضَتْ حَيْضَةً أوْ حَيْضَتَيْنِ ثم رَفَعَتْهَا حيضته فإنها تنتظر تسعةَ أشهرٍ فإن بَان بها حما فذلكَ وإلاَّ اعتدت بعد التسعة ثلاثة أشهر ثم حلَّت.

191- (أخبرنا) : سعيدٌ بن سالمٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن عبدِ اللَّه بنِ أبي بكر أخبره: -أنَّ رجلاً من الأنصار يقال له حَبَّانِ بن منقذ طلق امرأته وهو صحيحٌ وهي ترضع ابنتَهُ فمكثت سبعة عشَرَ شهراً لا تحيض يمنعها الرضاع أن تحيض ثم مرِض حِبّان بعد أن طلقها بسبعة أشهر أو ثمانية فقلت له: إنَّ امرأتك تريد أن ترث فقال حَبَّانِ لأهله احملوني إِلى عثمانَ فحملوه إليه فذكر له شأنَ امرأتِه وعنده عليُّ بْنِ أبي طالب وزيدُ بن ثابت فقال لهما عثمانُ ما ترَيَان؟ فقالا: نرى أَنَّها ترثُه إن مات ويرثُهَا إن ماتت فإِنها ليست من القواعد اللاتي قد يئسنَ من المحيضِ وليست من الأبكار اللاتي لم يَبْلغن المحيضَ ثم هي على عِدة حيضهاَ ما كانَ من قليلٍ أَو كثير فرجع حَبَّانُ إلى أهله فأخذ ابنَته فلما فَقدت الرضَاع حاضتْ حيضةً، ثم حاضت أُخرى ثم توفي حَبَّانُ قبل أن تحيض الثالثةَ فاعتدَّتْ عدة المتوفَّى عنها زوجها وورثته قال الأصم: في كتابي حبان بن منقذ بالباء.

192- (أخبرنا) : ماَلِكٌ، عن يحي بنِ سعيدٍ، عن محمدِ بن يحي بن حَبَّانَ: -أنَّهُ -[59]- كان عند جده حَبَّان هاشمية وأنصارية فطلق الأنصارية وهي ترضعُ فمرت بها سنة ثُمَّ هلك ولم تحض فقالت: أنا أرِثُه لأني لم أَحض فاختصموا إلى عثمانَ ابنِ عفانَ فقضى للأنصاريةِ بالميراثِ فلامتْ الهاشميةُ عثمانَ فقال: هذا عمل ابنِ عمك هو أشار علينا بهذا يعني علي بن أبي طالبٍ رضي اللَّه عنه (يؤخذ من هذا الحديث أن المرأة لا تعتد بالأشهر إلا إذا كانت بكراً أو يائساً ولا تعتد بالأشهر وهي من ذوات الحيض) .

193- (أخبرنا) : سُفيانَ، عن الزُّهْريِّ، عن عَمْرَةَ عن عائشةَ قالت: -طعنت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثةِ فقد بَرِئَتْ منه.

194- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ وزيدِ بن أسلم، عن سُليمانَ ابنِ يَسَارٍ،: -أنَّ الأحوص هلك بالشَّام حين دخلت امرأتُه في الدم من الحيضةِ الثالثة وقد كان طلَّقَها فكتبت مُعاوية إلى زيد بن ثابت يسأل عن ذلك؟ فكتب إليه زيد: إنها إذا دخلت في الدم من الحيضة الثالثةِ فقد بَرِئَتْ منه وبرءَ منها ولا ترثُه ولا يرثُهَا.

195- (أخبرنا) : سُفيانَ، عن الزُّهْريِّ، حدثني: سُليمانَ ابنِ يَسَارٍ عن زيد بن ثابت قال: -إذا طعنت المطلقة في الدم من الحيضة الثالثةِ فقد بَرِئَتْ منه (هذا على القول بأن القرء هو الحيضة فتنتهي العدة بأول الحيضة الثالثة أما على القول بأن القرء هو الطهر فلا تنتهي العدة إلا بإنتهاء الطهر الثالث) .

196- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ قَالَ: -إذَا طلق الرجل امرأته فدخلت في الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرئَ منها لا ترثه ولا يرثها.

197- (أخبرنا) : مالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُرْوَةَ عن عائشة: -أنَّها انتقلت حفصةُ بنتُ عبد الرحمن حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة. قال ابنُ شهابٍ: فذكرت ذلِكَ لعَمْرَةَ بنتِ عبدِ الرحمنِ فقالت: صدق عُروةَ وقد جادلها في ذلك ناس وقالوا: إنَّ اللَّه يقول ثلاثة قروء فقالت عائشة: صدقتم وهل تدرون ما الإقراء؟ الإقراء الأطهارُ (هذا مذهب الأمام الشافعي رضي الله عنه أما مذهب أبي حنيفة رضي اللَّه عنه فالقرء الحيضة) .

198- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ قَالَ: سَمِعْتُ أبا بكر بنَ عبدِ الرحمن يقول: -ما أدركت أحداً من فقهائنا إلا وهويقول هذا يُريدُ الذي قالته عائشة رضي اللَّه عنها.

199- (أخبرنا) : ابن أبي زَوّاد ومُسلمُ بنُ خالدٍ، عن ابنِ جُرَيْجٍ، قالَ: -أخبرني: ابنُ أبي مُلَيْكَةَ أنه سأل ابنَ الزُّبَيْرِ عن الرجل يُطلق المرأة فيبتُّهَا ثم يموتُ وهي في عِدتها؟ فقال عبد اللَّه بنُ الزُّبَيْرِ: طلق عبدُ الرحمن ابنُ عوفٍ تماضر بنت الأصبغ الكلبية فبتها ثم مات وهي في عدتها فورَّثَها عثمانُ قال ابنُ الزُّبَيْرِ: فأَما أنا فلا أرى أن تَرِثَ المبتوتَةُ.

200- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن ابنِ شِهَاب، عن طلحة بن عبد الرحمن بنَ عوف قال: -وكان أعلمهم بذلك عن أبي سلمة بن عبدِ الرحمن بن عوف أن عبد الرحمن بن عوفٍ طلَّق امرأته البتُّة وهو مريض فورَثَهَا عثمانُ منه بعد انقضاءِ عدتِها.

الباب السادس في الإحداد (أحدت المرأة امتنعت عن الزينة والخضاب بعد وفاة زوجها فهي (محد) وكذا حدت تحد بضم الحاء وكسرها حداد بالكسر فهي حاد) :

الباب السادس في الإحداد (أحدت المرأة امتنعت عن الزينة والخضاب بعد وفاة زوجها فهي (محد) وكذا حدت تحد بضم الحاء وكسرها حدادً بالكسر فهي حاد) :

201- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عنْ صَفِيَّةَ بنتِ أبي عُبيدٍ، عن عائشةَ أَوْ حفصةَ: -أَنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قال: «لاَ يَحِلُّ لإِمْرَأَةٍ تؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى ميتٍ فَوْقَ ثلاثِ لَيالٍ إلاَّ عَلَى زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشراً (وهي مدة العدة للمتوفي عنها زوجها) » .

202- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي بكرٍ بنِ محمدٍ بنِ عمرو ابنِ حَزمٍ، عنْ حُمَيدِ بن ناَفِعٍ، عنْ زينبَ بنتِ أبي سلمة: -أنها أخبرتْهُ هذَهِ الأحاديثَ الثلاثَ قَالَ: قَالَتْ زَيْنَبُ: دخلتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زوجِ النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم حينَ توفِّيَ أبُو سُفْيَانَ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفرةُ خَلُوقٌ (الخلوق طيب معروف يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة وقد ورد تارة بإباحته وتارة بالنهي عنه والنهي أكثر وأثبت) أو غيرهُ فدهَنَتْ منهُ جاريةً ثمَّ مسحتْ بعارضَيْها ثُمَّ قالتْ: واللَّهِ مَالِي بالطيبِ منْ حاجةٍ غيرَ أَنِّي سَمِعْتُ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: "لاَ يَحِلُّ لإِمْرَأَةٍ تؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى ميتٍ فَوْقَ ثلاثِ لَيالٍ إلاَّ عَلَى زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشراً.

203- (أخبرنا) : وقالتْ زينبُ: -دخلتُ على زينَبَ بنتِ جَحشٍ حينَ تُوفِّيَ أخوهَا عبدُ اللَّهِ فَدَعَتْ بِطِيبٍ فَمَسَحَتْ منهُ ثمَّ قالتْ: مَالِي بالطيبِ منْ حاجةٍ -[62]- غيرَ أَنِّي سَمِعْتُ رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول عَلَى المِنْبَرِ: "لاَ يَحِلُّ لإِمْرَأَةٍ تؤمنُ باللَّهِ واليومِ الآخرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى ميتٍ فَوْقَ ثلاثِ لَيالٍ إلاَّ عَلَى زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشراً.

204- (أخبرنا) : قالتْ زينبُ: -وسمعتُ أُمِّي أُمّ سلمةَ تقولُ: جاءَتْ امرأةٌ إلى النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم فَقَالَتْ يا رسولَ اللَّهِ: إنَّ ابنتِي تُوفِي عنها زَوْجُها وَقَدْ اشتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنُكَحِّلُها؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ: "لاَ مَرَّتَيْنِ أَو ثلاثاً كُلُّ ذلكَ يقولُ لاَ ثُمَّ قالَ: إنَّما هِيَ أَرْبَعَةُ أشْهُرٍ وعَشْراً وقَد كانتْ إحداكُنَّ في الجاهليةِ تَرمي بالبعرةِ على رأسِ الحولِ؟ فقالتْ زينبُ: كانتْ المرأة إذَا تُوفِّيَ عنهاَ زوجُها دَخلتْ حفْشاً ولبسَت شَرَّ ثيابِهَا ولَمْ تَمَسَّ طيباً ولا شيئاً حتَّى تمرَّ بهَا سنةٌ، ثم تؤتَى بدآبةٍ حمارٍ أو شَاةٍ أو طيرٍ فتقبضُ بِهِ وقالتْ: فقلّمَا تقبضُ بشئ إلا مات ثمَّ تخرجُ فَتُعطى بعرةً فترمِي بهَا ثُمَّ تُراجعُ بعدهُ ماشاءَتْ من طيبٍ أو غيره. قالَ الشافعيُّ رضي اللَّهُ عنهُ: الحفشُ البيتُ الصغيرُ الذليلُ منَ الشعرِ والبناءِ وغيرهِ، والقبضُ: أن تأخُذ من الدابةِ موضعاً بأطرافِ أصَابِعِهَا، والقبضُ أنْ تأخذَ بالكَفِّ كلِّهَا.

الباب السابع في الحضانة (الحضن مادون الإبط إلى الكشح يقال: حض الطائر بيضه من باب نصر ودخل إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحه وحضنت المرأة ولدها حضانة وحاضنة الصبي التي تقوم عليه في تربيته) :

الباب السابع في الحضانة (الحضن مادون الإبط إلى الكشح يقال: حض الطائر بيضه من باب نصر ودخل إذا ضمه إلى نفسه تحت جناحه وحضنت المرأة ولدها حضانة وحاضنة الصبي التي تقوم عليه في تربيته) :

205- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عنْ زِيَادِ بن سَعْدٍ قالَ أبو محمد أظنُّهُ هلالُ -[63]- ابنُ ميمونةَ، عنْ أبي هريرةَ: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ خَيَّرَ غلاماً ما بينَ أبيهِ وأُمِّهِ.

206- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عنْ يونسِ بنِ عبدِ اللَّهِ الجرَميِّ، عن عُمَارَةَ الجرَميِّ قالَ: -خَيَّرَنِي عليٌ رضيَ اللَّهُ عنهُ بينَ أُمِّي وعمِّي ثمَّ قالَ لأخٍ لي أصغرَ منِّي وهذا أيضاً لو قدْ بلغَ مبلغَ هذا لخيَّرتُهُ. قالَ الشافعيُّ رضي اللَّهُ عنهُ: قالَ إبراهيمُ، عن يونسٍ، عن عمارةَ الجرميِّ مثلهُ وقال في هذا الحديث كنتُ ابنَ سبعٍ أو ثمانِ سنينَ.

الباب الثامن في المفقود (المفقود: هو الزوج الذي غاب وانقطع خبره) :

الباب الثامن في المفقود (المفقود: هو الزوج الذي غاب وانقطع خبره) :

207- (أخبرنا) : يحيَ بنُ حَسَّانٍ، عن أبي عَوَانَةَ، عنْ منصُور بنِ المعتمر عن المنهالِ بنِ عمرو، عنْ عبادةَ بنِ عبدِ اللَّهِ الأَسَدْيِّ، عنْ عليٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: -أنَّهُ قال في امرأةِ المفقودِ: أنَّهَا لا تَتَزَوَّجُ.

208- (أخبرنا) : يحيَ بنُ حَسَّانٍ، عن حُسيم (وفي نسخة هيثم بن بشير) بنِ بشيرِ، عن يَسَارِ المكنى بأبي الحكمِ، عنْ عليٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: - في امرأةِ المفقودِ إِذَا قَدِمَ وَقَدْ تَزَوَّجَتْ امرأتُهُ إنْ شاءَ طَلَّقَ، وإنْ شاءَ أمْسَكَ ولا تَتَخَيَّرَ.

الباب التاسع في النفقات (نفق من باب دخل قال تعالى: «إذا لأمسكتم خشية الإنفاق» :

الباب التاسع في النفقات (نفق من باب دخل قال تعالى: «إذا لأمسكتم خشية الإنفاق» :

209- (أخبرنا) (في المطبوع حدثنا) : سفيانُ بنُ عيينةَ، عنْ محمدٍ بنِ عَجْلاَنَ، عنْ سَعِيد -[64]- ابن أبي سعيدٍ، عن أبي هُريرةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ قالَ: -جاء رجلٌ إلَى النبيِّ صلى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فقالَ يا رسولَ اللَّهِ: عندي ديناَرٌ قالَ: «أنْفِقْهُ عَلَى نَفْسِكَ» قالَ عندي آخرُ: قالَ «أنْفِقْهُ عَلَى وَلَدِكَ» قالَ عندي آخرُ: قالَ «أنْفِقْهُ عَلَى أهْلِكَ» قالَ عندي آخرُ: قالَ «أنْفِقْهُ عَلَى خَادِمِكَ» قالَ عندي آخرُ: قالَ «أنْتَ أعْلمُ بِهِ» قال سعيدٌ ثُمَّ يقولُ أبو هُرَيْرَةُ إذا حدثَّ بهذا الحديث: يقولُ وَلَدُك أنفقْ عَليَّ إلَى مَنْ تكلنِي تقول زوجتُكَ أنفق عَلَيَّ أوْ طلقنِي يقولُ خادمُكَ أنفقْ عليَّ أو بِعْنِي (يؤخذ من هذا الحديث أن نفقة الولد مقدمة على نفقة الزوجة خلافا للشافعي رضي الله عنه فنفقة الزوجة مقدمة عنده) .

210- (أخبرنا) : سفيانُ بنُ عيينةَ، عنْ هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ، عنْ أبيهِ، عن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنها: -أنّ هنداً بنتَ عُتْبَةَ أتَتْ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أبَا سُفيانُ رجلٌ شَحِيحٌ وليسَ لِي منهُ إلاَّ ما يُدخلُ عَلَيَّ: فقالَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: «خُذِي مَا يكفيكِ وولدكِ بالمعروفِ» .

211- (أخبرنا) : أنَسُ بنِ عِيَاضٍ، عنْ هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عنْ أبيهِ عن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنها: -أنّها حدثته أنّ هند أُمَّ مُعاويةَ جَاءَتْ النَّبَيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ: إنَّ أبَا سُفيانُ رجلٌ شَحِيحٌ وأنهُ لا يُعطيني ما يكفيني وولدي إلاَّ ما أخذتُ منهُ سِرّاً وهُوَ لا يعلمُ فَهَلْ عَلَيّ في ذلك شئٌ: فقالَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: «خُذِي مَا يكفيكِ وولدكِ بالمعروفِ» .

212- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن أَبِي الزّنادِ قالَ: -سألتُ سعيدَ بنَ المسيبِ عن الرَّجلِ الذي لا يجدُ ما يُنْفِقُ عَلَى امرأتِهِ؟ قالَ: يُفَرَّقُ بينَهما قالَ أَبو الزّنادِ: قلتُ سُنَّةٌ فقالَ سعيد سُنَّةٌ. قالَ الشافعيُّ رضي اللَّهُ عنهُ: والَّذِي يشبهُ قولَ سعيدَ بنَ المسيبِ سُنَّةٌ أن يكون سُنةَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ.

213- (أخبرنا) : مسلم بنُ خالدٍ، عنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عُمَر، عنْ ناَفِعٍ، عَنْ ابنِ عُمرَ: -أَنَّ عُمَرُ بنُ الخطابِ رضي اللَّهُ عنهُ: كتَب إلَى أُمراءِ الأجنادِ في رجاَلٍ غابُوا عنْ نِسَائِهِمْ فأَمرهُمْ أَن يأخذُوهُم بأن ينفقوا أَوْ يُطلِّقُوا فإِنْ طَلَّقُوا بَعثُوا بنفقةِ ما حبسُوا.

كتاب العتق وفيه ثلاثة أبواب

كتاب العتق وفيهِ ثلاثةُ أبواب

الباب الأول فيما جاء في العتق (العتق: بمعنى الإعتاق وهو لغة مأخوذ من قولهم عتق الفرس إذا سبق غيره وعتق الفرخ إذا طار واستقل فكأن العبد إذا فك من الرق تخلص واستقل وشرعا إزالة ملك عن آدمي لا إلى مالك تقربا إلى الله تعالى والأصل في مشروعيته قوله تعالى: (فك رقبة) وفي الصحيحين «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج» وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار» والملوك: العبد) وحق المملوك:

الباب الأول فيما جاء في العتق (العتق: بمعنى الإعتاق وهو لغة مأخوذ من قولهم عتق الفرس إذا سبق غيره وعتق الفرخ إذا طار واستقل فكأن العبد إذا فك من الرق تخلص واستقل وشرعا إزالة ملك عن آدمي لا إلى مالك تقرباً إلى اللَّه تعالى والأصل في مشروعيته قوله تعالى: (فك رقبة) وفي الصحيحين «من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللَّه بكل عضو منها عضواً من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج» وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار» والملوك: العبد) وحق المملوك:

214- (أخبرنا) : سُفيانُ، عن أَبِي الزِّنادِ، عنْ الأَعرج، عنْ أَبي هريرة رضي اللَّهُ عنهُ: -أَن رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: " إذَا أكفى أحدُكُم -[66]- خادِمَهُ طَعَامَهُ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ فليَدْعُهُ فليجلسهُ فإِنْ أَبَى فلْيُروَغْ (يروغ: يطعمه لقمة مشربة من دسم الطعام) له لقمةً فيناولهُ إياهَا أو يعطيهُ إيَّاهَا أو كلمةً هذاَ معناهاَ.

215- (أخبرنا) : سفيانُ بنُ عيينةَ، عنْ محمدٍ بنِ العَجْلاَنِيِّ، عنْ بُكَيرِ ابنِ عبدِ اللَّهِ بن الأَشَجِّ، عنْ عَجْلاَنَ بنِ محمدٍ، عنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عنهُ: -أَن رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «للممْلُوكِ طَعَامُهُ وكسوتُهُ بالمعروفِ ولا يكلَّفُ (في نسخة فلا يكلف) منَ العملِ مالا يطيق (في المطبوع إلا ما يطيق) » .

216- (أخبرنا) : ابنُ عيينةَ، عنْ إبراهيمَ بنِ أبي خداشٍ، عنْ عثتبةَ بنِ أبي لهبٍ أنَّهُ سَمِعَ ابنَ عباسٍ رضي اللَّهُ عنهُما يقُول في المملوكين: -أطعموهُمْ مِمَّا تأكلونَ وألبسوهم ممَّا تلبسونَ.

217- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنهُما: -أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قالَ: " منْ أعتَقَ شرِكاً لهُ في عبدٍ فكان لهُ مالٌ يبلغُ ثَمنَ العبدِ قُوِّمَ قيمةَ العِدلِ (العدل بالكسر والفتح: المثل) فأعطَى شركَاءَهُ حصَصَهُم وعتَقَ عليهِ العبدُ وإلاَّ فقدْ عتَقَ منهُ ما عتق".

218- (أخبرنا) : سفيانُ، عنْ عَمرو بنِ دِينارٍ، عنْ سالمِ بنِ عبدِ اللَّهِ، عنْ أبيهِ: -أَن رسولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: " أيُّمَا عبدٍ كانَ بينَ اثنينِ فَأعتَق أحَدُهُمَا نصيبَهُ فإنْ كانَ مُوسِراً فإنَّهُ يُقَومُ عليهِ بأعلَى القيمةِ أو قيمةِ عدلٍ ليستْ بِوَكسٍ ولا شَطَطٍ (الشطط بفتحتين: مجاوزة القدر في كل شئ قوله صلى الله عليه وسلم: «بوكس ولاشطط» أي لا نقصان ولا زيادة) ثُمَّ يغرَمُ لهذَا حصتهُ".

219- (أخبرنا) : عبدُ المجيدِ، عنْ ابنِ جريجٍ قالَ أخبرني: قيسُ بنُ سعدٍ أنَّهُ سمعَ مكحولاً يقولُ: سمعت ابنَ المسيب يقولُ: -أعتقتْ امرأةٌ أو رجلٌ سِتَةَ أعبدٍ لَها ولمْ يكنْ لهَا مالٌ غيرَهُ فأَتَى النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم في ذلِكَ فأقرعَ بينَهُمْ وأعتَقَ ثُلُثَهُمْ. قالَ الشافعيُّ رضي اللَّهُ عنهُ: كانَ ذلكَ في مرضِ المعتقِ الَّذِي ماتَ فيهِ.

220- (أخبرنا) : عبدُ الوهابِ، عنْ أيوبَ، عنْ أبِي قِلابةَ، عنْ أبي المهلَّبِ عنْ عِمرَانَ بنِ الحُصَينِ: -أنَّ رجلاً منَ الأنصارِ أوْصَى عندَ موتِهِ فَأَعتَقَ سِتَّةَ مماليكٍ وليسَ لَهُ مالٌ غيرُهُمْ أو قالَ: أعتقَ عندَ موتِهِ ستة مماليكٍ وليسَ لَهُ شَئٌ غيرُهُمْ فبلغَ ذلِكَ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم: " فقالَ فيهِ (وفي نسخة: فقال في ذلك) قولاً شديداً ثم دعاهُم فجزأهُمْ ثلاثةَ أجْزَاءٍ فأَقْرَعَ بينَهُمْ فأَعْتَقَ اثنَيْنِ وأرَقَّ أربعةُ".

الباب الثاني في التدبير (التدبير لغة النظر في عواقب الأمور وشرعا: تعليق عتق بالموت الذي هو دبر الحياة فهو تعليق عتق بصفة لا وصية ولهذا لا يفتقر إلى إعتاق بعد الموت ولفظه مأخوذ من الدبر لأن الموت دبر الحياة وكان معروفا في الجاهلية فأقره الشرع) :

الباب الثاني في التدبير (التدبير لغة النظر في عواقب الأمور وشرعاً: تعليق عتق بالموت الذي هو دبر الحياة فهو تعليق عتق بصفة لا وصية ولهذا لا يفتقر إلى إعتاق بعد الموت ولفظه مأخوذ من الدبر لأن الموت دبر الحياة وكان معروفاً في الجاهلية فأقره الشرع) :

221- (أخبرنا) : مَالكٌ عنْ أبي الرِّجَالِ محمدِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ، عنْ أُمِّهِ،: -أنَّ عائشةَ رضي اللَّهُ عنها دَبَّرَتْ جاريةً لَهَا فسحرتْها فاعترفَتْ بالسِّحْرِ فأمرَتْ بِهَا عائشةُ رضي اللَّهُ عنها أنْ تُبَاعَ مِنَ الأَعْرَابِ مِمَّنْ يُسِيءُ مِلْكتها فبيعتْ.

222- (أخبرنا) : مسلمُ بنُ خالدٍ، وعبدُ المجيدِ، عنْ ابنِ جريجٍ أخبرني: أبُو الزُّبيرِ أنَّهُ سَمِعَ جابرَ بنَ عبدِ اللَّهِ يقولُ: -إنَّ أبا مذكورٍ رجلاً من بني عذرةَ كانَ لَهُ غُلامٌ قبطيٌّ فاعتقَهُ عنْ دُبُرٍ (عن دبر منه: أي بعد موته) منهُ وأنَّ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم سمعَ بذلكَ العبدِ فباعَ العبدَ وقالَ: "إذَا كانَ أحَدُكُمْ فقيراً فليبدأُ بنفسِهِ فإنْ كانَ لَهُ فضلٌ فليبدأْ معَ نَفْسِهِ بِمن يعول (عال: من باب قال وعال عياله: قاتهم وأنفق عليهم) ثمَّ إنْ وَجَدَ بعدَ ذلِكَ فَضْلاً فليتصَّدقْ على غيْرِهِمْ «وزاد مسلم بنُ خالدٍ في الحديث» شيئاً".

223- (أخبرنا) : يحي بنُ حسانٍ، عنْ حمادِ بنِ زيدٍ، عنْ عَمرو بن دِينارٍ، عنْ جابرٍ رضي اللَّهُ عنهُ: -أنَّ رجلاً أَعتقَ غلاماً لَهُ عنْ دُبُرٍ لَمْ يكنْ لهُ مالٌ غيرهُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: «مَنْ يشتريهِ مِني؟ فاشتراهُ نعيمُ ابن عبدِ اللَّهِ بثمانمائةِ درهمٍ فأَعطاهُ الثمنَ» .

224 (أخبرنا) : يحي بنُ حسانٍ، عنْ حمادِ بنِ سلمة، عنْ عَمرو بن دِينارٍ، عنْ جابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ رضي اللَّهُ عنهُ: -عنْ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم نحوَهُ.

225- (أخبرنا) : يحي بنُ حسانٍ، عنْ اللَّيْثِ وحمادِ بنِ سلمة، عنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عنْ جابرِ رضي اللَّهُ عنهُ قالَ: -أَعتَقَ رجلٌ من بني عذرةَ عبداً عنْ دُبُرٍ فبلغ ذلكَ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم فقالَ: "أَلَكَ مالٌ غيرُهُ؟ فقالَ: لا فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم: " مَنْ يشتريهِ مِنِّي؟ فاشتراهُ نُعيمُ بنُ عبدِ اللَّهِ العدوِيِّ بثمانمائةِ درهمٍ فجاءَ بِهَا النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم فَدَفَعَهَا إليهِ ثمَّ قالَ: إِبْدأْ بنفسِكَ فتصدقْ عليهاَ فإِنْ فَضُلَ عنْ نفسِكَ شَئٌ فَلأَهْلك -[69]- فإِنْ فَضُلَ شَئ فلذوِي قرابِتكَ فإِنْ فَضُلَ عن ذوِي قرابتكَ شئٌ فَهكذا وهكذاَ" يريدُ عنْ يمينِكَ وشمالِكَ.

226- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرٍو بنِ دِينارٍ، وعن أبي الزُّبَيْرِ، سمعا جابرَ ابنَ عبدِ اللَّهِ يقولُ: -دبَّرَ رَجُلٌ منَّا غلاماً ليسَ لهُ مالٌ غيرُهُ فقالَ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم: " مَنْ يشتريهِ مِني؟ فاشتراهُ نعيمُ النحام قالَ عمرو: سمعتُ جابراً يقولُ عبداً قبطياً ماتَ عامَ أَولِ في أَمارةِ ابنِ الزُّبَيْرِ وزادَ أبو الزُّبَيْر: يقالُ لهُ يعقوبٌ". قالَ الشافعيُّ رضي اللَّهُ عنهُ: هكذَا سمعتُهُ منهُ عامةَ دهرِي ثمَّ وجدتُ في كتابِي دَبر رَجلٌ مِنَّا غُلاماً له فماتَ فإِمَّا أن يكونَ خطأً من كتابِي أو خطأ منْ سفيانَ! فإنْ كانَ مِنْ سُفيانَ فابنُ جريحٍ احفظ لحديث أبي الزّبيرِ مِنْ سُفْيَانَ ومَعَ ابن جريحٍ حديث الليث وغيره وأبو الزبير يحدُّ الحديثَ تحديداً يخبرُ فيه حياةَ الذي دبَّرَهُ، وحمادُ بنُ زيدٍ مع حمادِ بنِ سلمةَ وغيرهِ احفظُ الحديث لحديثِ عمرٍ ومنْ سفيانَ وحدَهُ وقدْ يستدل عَلَى حفظِ الحديثِ منْ خطئِهِ بأقل مما وجدت في حديثِ ابن جريحٍ والليثِ عن أبي الزبيرِ في حديثِ حمادٍ عن عمرو، وغير حمادٍ يرويهِ عن عمرو كما رَواهُ وحمادُ بنُ يزيدٍ! وقدْ أخبرني غيرُ واحدٍ ممن لقي سفيانَ بنَ عيينةَ قديماً أنَّهُ لمْ يكن يدخل في حديثهِ ماتَ وعجبَ بعضُهُم حينَ أخبرتهُ أنِّي وجدتُ في كتابِي ماتَ قالَ: ولعلَّ هذَا خطأ عنه أو زلة منه حفظتُها عنهُ.

الباب الثالث في المكاتب (الكتابة بكسر الكاف على الأشهر: لغة الضم والجمع وشرعا: عقد عتق بلفظها؟ عوض منجم بنجمين فأكثر: أي موقت بوقتين ولفظها إسلامي لا يعرف في الجاهلية والأصل فيها آية: (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) وخبر المكاتب عبد ما بقي عليه درهم رواه أبو داود وغيره الولاء: بفتح الواو والمد لغة: القرابة مأخوذة من الموالاة وهي المعاونة والمقارنة وشرعا: عصوبة سببها زوال عن الرقيق بالحرية وهي متراخية عن عصوبة النسب) والولاء:

الباب الثالث في المكاتب (الكتابة بكسر الكاف على الأشهر: لغة الضم والجمع وشرعاً: عقد عتق بلفظها؟ عوض منجم بنجمين فأكثر: أي موقت بوقتين ولفظها إسلامي لا يعرف في الجاهلية والأصل فيها آية: (والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً) وخبر المكاتب عبد ما بقي عليه درهم رواه أبو داود وغيره الولاء: بفتح الواو والمد لغة: القرابة مأخوذة من الموالاة وهي المعاونة والمقارنة وشرعاً: عصوبة سببها زوال عن الرقيق بالحرية وهي متراخية عن عصوبة النسب) والولاء:

227- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عنِ ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجَاهدٍ، أَنَّ زَيدَ بنَ ثَابِتٍ: -قالَ في المكاتب هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.

228- (أخبرنا) : عَبْدُ اللَّهِ بنُ الحارِثِ، عن ابن جُرَيجٍ، عن إسمَاعِيلَ بن أُميَّة: -أنَّ نافِعاً أخبَرَ (في المطبوع أخبره) : أنَّ عبد اللَّه بنَ عُمَرَ رضي اللَّه تعالى عنهما كاتَبَ غلاماً له على ثَلاثِينَ ألفاً ثُم جَاءهُ فَقَالَ: إنِّي قَدْ عَجزْتُ فَقَالَ: إذَا أمْحُ كِتَابَكَ (في المطبوع إذا أمحوا كتابك) فَقَالَ: قَدْ عَجزْتُ فامحُهَا أنتَ فَقالَ نَفِعٌ: فأشرتُ إِلَيْهِ فأمحها وهو يَطْمَعُ أنْ يعتقه فَمَحَاهَا العبدُ ولهُ ابنَانِ أو ابنٌ قَالَ ابنُ عُمَر: اعتزِلْ جَارِيَتي قَالَ: " فاعتق ابن عمر ابنه بعده.

229- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، عن عائشة: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قَالَ: «إِنمَّا الوَلاَءُ لِمَنْ أعْتَقَ» .

230- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، عن عائشة أنَّها قَالَتْ: جاءتني بَرِيرَة فَقَالتْ: إِني كاتبت أهلي عَلَى تِسعَ أوراقٍ فِي كُلِّ عَام أوقية فأعينيني: فقالت لها عائشة: إنْ أحَبَّ أهلُكِ أنْ أعُدَّهَا

لَهُمْ عَددْتُّها ويكُونُ ولاَؤُكِ لي فَعَلْتُ فَذَهَبَتْ بَرِيرَة إلى أهْلِهَا فَقَالَتْ لَهُمْ ذلكَ فَأبُوا عَلَيها فجاءت مِنْ عِنْدِ أهْلِها ورسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم جالِسٌ فَقَالَتْ: إِنِّي عَرَضْتُ ذلِكَ عليهم فَأبُوا إلاَّ أنْ يَكُونَ الولاَءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ ذلِكَ رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَسَأَلَها فأخبرَتْهُ عَائِشَةُ رضي اللَّه عنها فَقَالَ لَهَا رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: «خُذيها واشْتَرِطِي لَهم الوَلاَءُ فَإِنّما الوَلاَءُ لِمَنْ اعتقَ» فَفَعَلَتْ عائِشة رضي اللَّه عنها ثم قامَ رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم في النّاسِ فحَمدَ اللَّه أثنى عليه ثمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعُد فَما بَالُ رِجال يَشْترِطُونَ شُروطاً ليست في كتاب اللَّه تعالى مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّه تعالى فَهُوَ بَاطِلٌ وإنْ كانَ مائة شرط قَضَاءُ اللَّهِ أحَق وَشَرْطُه أوثَقُ وإنما الوَلاَء لِمَنْ أعْتَقَ» .

231- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن يَحْي بن سعيد، عن عَمَرَةَ، عن عائشة رضي اللَّه تعالى عنها: -مثله.

232- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن هِشَامٍ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، عن عائشة رضي اللَّه عنها أنَّها قَالَتْ: جاءتني بَرِيرَة فَقَالتْ: إِني كاتبت أهلي عَلَى تِسعَ أواقٍ فِي كُلِّ عَام أوقية فأعينيني: فقالت لها عائشة رضي اللَّه عنها: إنْ أحَبَّ أهلُكِ أنْ أعُدَّهَا لَهُمْ ويكُونُ ولاَؤُكِ لي فَعَلْت! فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إلى أهْلِهَا ورسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم جالِسٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ ذلِكَ عليهم فَأبُوا إلاَّ أنْ يَكُونَ الولاَءُ لَهُمْ. فَسَمِعَ ذلِكَ رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَسَأَلَها فأخبرَتْهُ عَائِشَةُ رضي اللَّه عنها فَقَالَ رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: -[72]- «خُذيها واشْتَرِطِي لَهم الوَلاَءُ فَإِنّما الوَلاَءُ لِمَنْ اعتقَ» فَفَعَلَتْ عائِشة ثُمَّ قامَ رسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم في النّاسِ فحَمدَ اللَّه ثمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ إلى آخره.

233- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن يَحْي بن سعيد، عن واقد، عن عَمْرَةَ، بنحوه لم تقل عن عائشة رضي اللَّه عنها وذلك مُرْسَلٌ.

234- (أخبرنا) : مَالِكٌ، حدثني: يَحْيَ بن سَعيد (في نسخة عن يحي بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن) عن واقد، عن عَمْرَةَ بنتِ عبد الرَّحْمنِ: - أنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ رضي اللَّه عنها: فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي اللَّه عنها إنْ أحَبَّ أهْلُكِ أنْ أصبَّ لهُمْ ثمنك صبة واحدةً وأَعْتَقْتُكِ فَعَلْت! فَذَكَرَتْ ذلِكَ بَرِيرَةُ لأهْلِهَا فَقالوا: لا إلاَّ أنْ يَكُونَ ولاَءُكِ لَنَا قَالَ: مَالِكٌ، قالَ يَحْيَ فَزَعَمتْ عَمرَةُ أن عائشة ذَكَرَتْ ذلِكَ لِرسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَقَال: «لاَ يمنَعُك ذلِكَ فاشتريها فأعتقيهَا فَإِنّما الوَلاَءُ لِمَنْ أعتقَ» .

235- (أخبرنا) : مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -عن عَائِشَةَ رضي اللَّه عنها أنَّها أرادَت أنْ تَشْتَري جارية تعتقها فَقَال أهلُهَا نبيعُكِها عَلَى أنَّ ولاَءَهَا لَنا فَذَكَرَتْ ذلِكَ لِرسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَقَال: «لاَ يمنَعُك ذلِكَ إِنّما الوَلاَءُ لِمَنْ أعتقَ» .

236- (أخبرنا) : مَالكٌ وابنُ عُيَيْنَةَ، عن عبد اللَّه بن دِينَار، عن ابن عُمرَ: -أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم نَهى عَنْ بَيْعِ الوَلاَءِ وعَنْ هِبَتِهِ.

237- (أخبرنا) : مُحَمَّدُ بنُ الحسن، عن يعقوب بن إبراهيمَ، عن عبد اللَّه -[73]- ابنِ دِينار، عن ابن عمر: -أنَّ النبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّم قالَ: «الْوَلاَءُ لَحْمَة كلُحْمَةِ النَّسَبِ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبْ» .

238- (أخبرنا) : سُفيانُ، عنِ ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجَاهدٍ، أَنَّ علياً رضي الله عنه قال: -الوَلاَءُ بمنزلة الْحِلْفِ أُقِرَّهُ حَيث جَعَله اللَّه.

239- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم نَهى عَنْ بَيْعِ الوَلاَءِ وعَنْ هِبَتِهِ.

240- (أخبرنا) : مَالك بن أنس وسُفْيَانُ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عن ابنِ عُمَرَ رضي اللَّه عنه: -أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم نَهى عَنْ بَيْعِ الوَلاَءِ وعَنْ هِبَتِهِ.

كتاب الأيمان والنذور وفيه بابان

كتاب الأيمان والنذور وفيه بابان

الباب الأول فيما يتعلق باليمين (الأيمان: بفتح الهمزة جمع يمين وأصلها في اللغة اليد اليمنى وأطلقت على الحلف لأنهم كانوا إذا تحالفوا يأخذ كل واحد منهم بيد صاحبه وشرعا: تحقيق أمر غير ثابت ماضياكان أو مستقبلا نفيا أو إثباتا ممكنا كحلفه ليدخلن الدار أو ممتنعا كحلفه ليقتلن الميت) :

الباب الأول فيما يتعلق باليمين (الأيمان: بفتح الهمزة جمع يمين وأصلها في اللغة اليد اليمنى وأطلقت على الحلف لأنهم كانوا إذا تحالفوا يأخذ كل واحد منهم بيد صاحبه وشرعاً: تحقيق أمر غير ثابت ماضياًكان أو مستقبلاً نفياً أو إثباتاً ممكنا كحلفه ليدخلن الدار أو ممتنعاً كحلفه ليقتلن الميت) :

241- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن هَاشِمِ بنِ هَاشِم بنِ عُتْبَةَ بنِ أبي وقَّاصٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ نسطاسٍ، عن جابِرِ بنِ عبد اللَّه رضي اللَّه عنه: -أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هذَا بِيَمِنِ آثِمَةٍ تَبوأ مَقعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .

242- (أخبرنا) : مَالِكُ ابنُ أَنَسٍ، عَنْ دَاود بن الحُصَيْنِ أنه سَمِعَ أبَا غَطَفَانَ المُرّيَّ قَالَ: -اختَصَمَ زَيدُ بنُ ثَابِتٍ وابنُ مُطيِع إلَى مَرْوَانَ بنِ الحَكم في دَارٍ فَقَضى باليمين على زَيدُ بنُ ثَابِتٍ عَلَى المِنْبَرِ فَقَالَ زَيد: أحْلِفُ لهُ مكانِي فَقَالَ مَرْوَانُ: لاَ واللَّهِ إلاَّ عِنْدَ مقَاطِع الحقُوقِ فَجعلَ زَيد يَحلِفُ أنَّ حَقَّهُ لَحَق ويَأبَى أن يحلف عَلَى المِنْبَرَ فَجَعَل مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْ ذلِك قَالَ مَالكٌ: كَرْه زَيدٌ صَبْر اليمين.

243- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن عروة بن أُذَيْنَةَ، عن عُمَرَ أنَّه قالَ: -مَنْ حلف عَلَى يمينٍ فَوَكَّدَهَا فَعَلَيْهِ عتقُ رقبةٍ.

244- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عَنْ أبيهِ، عن عائشة أنَّها قَالَتْ: -لَغْوُ اليمينِ قَوْلُ الإِنْسَانِ: لاَ وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ.

245- (أخبرنا) : سُفْيَانُ أخبرنا: عَمْرُو، عن ابنُ جُرَيْجٍ، عن عَطَاءٍ قَالَ عَطَاء: -ذَهَبْتُ أنا وعُبَيدُ اللَّه بنُ عُمَيرَ إلى عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنْهَا وهي مُعْتَكِفَة في ثَبِير (ثبير: ككريم: جبل بين مكة ومنى وهو على يمين الداخل منها إلى مكة) فَسألناها عن قولِ اللَّهِ تعالى: (لاَ يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ (المائدة: مدنية 89)) فَقَالَتْ: هُوَ لاَ وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ.

الباب الثاني في النذور (النذور: جمع نذر هو: بذال معجمة ساكنة وقيل بفتحها لغة: الوعد بخير أوشر وشرعا: الوعد بخير خاصة) :

الباب الثاني في النذور (النذور: جمع نذر هو: بذال معجمة ساكنة وقيل بفتحها لغة: الوعد بخير أوشر وشرعاً: الوعد بخير خاصة) :

246- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن طَلحَةَ بن عَبْدِ الملِكِ الأَيْلِيّ، عنِ القاسمِ، -[75]- عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: -أنَّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «مَنْ نذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فليطعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أن يَعْصِي اللَّهَ فَلاَ يَعْصِيه» .

247- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عمرو، عن طاووس: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم مَرَّ بأبِي إسْرائِيل وهُوَ قَائِمٌ في الشَّمسِ فَقَالَ: "مَالهُ؟ فَقَالُوا: نذَر أنْ لاَ يستظِلَّ وَلاَ يَقْعُدَ، ولاَ يُكَلِّمَ أحداً ويَصُومَ فأمَرَهُ النبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم أنْ يستظِلَّ وَأنْ يَقْعُدَ، وأنْ يُكَلِّمَ النَّاسِ ويُتمَّ صومَهُ ولم يَأمره بِكَفَّارة".

248- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن أيوبَ السَّخْتيَاني، عن أبي قِلاَبَةَ، عَنْ أبي المهَلَّبِ، عن عُمَرَانَ بن الحُصَيْنِ: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «لاَ نذَرَ في مَعْصِيَةٍ ولاَ فِيماَ لاَ يملك ابن آدم» .

249- (أخبرنا) : سُفْيَانُ وعبدُ الوهاب، عن أيوبَ، عن أبي قِلاَبَةَ، عَنْ أبي المهَلَّبِ، عن عُمَرَانَ بن الحُصَيْنِ: -أنَّ قَوماً أَغَارُوا فَأَصَابُوا امرَأَةً مِنَ الأنصارِ ونَاقةً للنبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم فَكانَتِ المرأَةُ والنَّاقَةُ عِنْدَهُمْ ثُمَّ انفَلَتَت المرأةُ فرَكِبَتِ النَّاقَةَ فَأتَتِ المدينَةَ فَعُرِفَتْ نَاقَةُ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم فَقَالتْ: إِنِّي نذَرْتُ لَئِنْ أنجاني اللَّهُ عليها لأنحرنَّها فَمنعُوهَا أنْ تَنْحَرَهَا حَتَّى يذكروا ذلِكَ للنبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «بِئْسَما جزيتيهَا أن نجاك اللَّهُ عليها أن تنحريها لاَ نذَرَ في في مَعْصِيَةِ اللَّهِ ولاَ فِيماَ لاَ يملك ابن آدم» وقاَلاَ مَعَاً أو أحدهما في الحديث: وأَخَذَ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم ناقته.

250- (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابِ الثقفِيُّ، عن أيوبَ، عن أبي قِلاَبَةَ، عَنْ أبي

المهَلَّبِ، عن عُمَرَانَ بن الحُصَيْنِ قال: -سُبِيت امرأة مِنَ الأنصارِ وَكَانت النَّاقَة قد أصِيبَتْ قبلَها قال الشَّافِعيُّ رضي اللَّه عنه كأنَّه يعني ناقة النبيِّ صلى اللَّه عليه وسلم لأن آخِرَ الحديث يدل على ذَلِكَ قال عُمَرَانَ بن الحُصَيْنِ: فكانت تكون فيهم فكانوا يَجِيئُونَ بالنِّعمِ إِليهم فانفَلتَتْ ذَاتَ ليلةٍ ممن الوَثاقِ فأتت الإبلَ فَجَعَلَتْ كُلَّمَا أتَتْ بَعِيراً مِنْهَا فمستهُ رَغَا (الرغاء صوت الإبل يقال: رغا يرغو رغاء) فتتركه حَتَّى أتَتْ تِلْكَ النّاَقةَ فَمَستها فَلَمْ تَرْغُ وهي ناقة هدرة (الهدير: ترديد صوت البعير في حنجرته) فَقَعَدتْ في عجزِهَا ثُمَّ صَاحَتْ بِهَا فانطَلَقَتْ فَطُلِبَتْ مِنْ لَيلَتِها فَلَمْ يُقْدَرْ عَلَيْها فَجَعَلَتْ للَّهِ عَلَيْها إنْ شَاءَ أن نجاهَا عليها لتنحرَنَّهَا فَلَمَا قَدِمَتْ عَرِفُوا النَّاقَة فقالوا: نَاقَةَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: فقالت: إنَّهَا قد جَعَلَتْ للَّهِ عَلَيْها أن نجاهَا عليها لتنحرَنَّهَا فَقَالوا: واللَّهِ لا تنحريها حتى يُؤذَنَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَاتُوهُ فأخْبَرُوهُ أنَّ فُلاَنَةَ قَدْ جَاءت على نَاقَتِكَ وأنَّهَا قد جَعَلَتْ للَّهِ عَلَيْها أن نجاهَا عليها لتنحرَنَّهَا فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: «سبحانَ اللَّهِ بِئْسَمَا جزتها أن أنجاهَا اللَّه عليها لتنحرَنَّهَا لاَ وَفَاءَ لنذر في معصِيَةِ اللَّه تعالى ولاَ فِيمَا لاَ يملِكُ العبدُ أو قال ابنُ آدَم» .

251- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ وعَبْدُ الوَهَّابِ بنُ عبد المجيد، عن أيوبَ بن أبي تَمِيمَةَ السَّخْتيَاني، عن أبي قِلاَبَةَ، عَنْ أبي المهَلَّبِ، عن عُمَرَانَ بن الحُصَيْنِ: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «لاَ نذَرَ في مَعْصِيَةٍ ولاَ فِيماَ لاَ يملك ابن آدم» . وكان الثَّقَفِيّ ساق الحديث ثم ذكره.

كتاب الحدود (الحدود جمع حد وهو لغة المنع وشرعا عقوبة مقدرة وجبت زجرا عن ارتكاب ما يوجبه) وفيه أربعة أبواب

كتاب الحدود (الحدود جمع حد وهو لغة المنع وشرعاً عقوبة مقدرة وجبت زجراً عن ارتكاب ما يوجبه) وفيه أربعة أبواب

الباب الأول في الزنا (الزنا بالقصر لغة حجازية وبالمد لغة تميمة اتفق أهل الملل على تحريمه لأنه من أفحش الكبائر ولم يحل في ملة قط ولهذا كان حده أشد الحدود لأنه جناية على الأعراض والأنساب) :

الباب الأول في الزنا (الزنا بالقصر لغة حجازية وبالمد لغة تميمة اتفق أهل الملل على تحريمه لأنه من أفحش الكبائر ولم يحل في ملة قط ولهذا كان حده أشد الحدود لأنه جناية على الأعراض والأنساب) :

252- (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابِ، عن يونس، عَنِ الْحَسَنِ، عن عُبَادَةَ يعني ابنَ الصَّامِتِ: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً البِكرُ بِالبِكْر جَلْدُ مائة وتَغْرِيبُ عَامٍ وَالثَّيبُ بالثَّيب جَلْدُ مائةٍ والرجمُ» وَقَدْ حَدَّثَنِي الثِّقَةُ: أنَّ الحَسَنَ كانَ يَدْخُلُ بَيْنَهُ وبينَ عبَادةَ حِطَّانَ الرَّقَاشي وَلاَ أدْري أدخَلَهُ عَبْدُ الوَهَّابِ بينَهما فَتُرِكَ مِنْ كِتَابِي حين حُوّلت وهو في الأصل أوْلاَ، والأصل يومَ كَتَبْتُ هذَا الكِتَتابَ غَائِبٌ عَنِّي.

253- (أخبرنا) : مُسلم بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيجٍ، عن هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ: -أَنَّ يَحي بنَ حَاطب حَدَّثَهُ قَالَ: تُوفي حَاطِبٌ فَأعتَقَ مَنْ صَلَّى مِنْ رَقِيقِهِ وَصَامَ، وكان لَهُ أَمةٌ نُوِبيَّةٌ قَدْ حبلت وصَامَت وهِيَ أعجميَّةٌ لَمْ تفقهُ فلم يَرُعْهُ إلاَّ بحبلها وَكَانَتْ ثَيِّباً فذهب إلى عُمَر فحدَّثَهُ فَقَالَ عمرُ: لأَنْتَ -[78]- الرَّجُلُ لاَ تأتِي بِخَيْرٍ فأفزَعَهُ ذلِكَ فَأرسل إليْهَا عُمَرُ فقال: أَحَبِلْتِ؟ فقالت: نعم من مَرْعُوسٍ بِدِرْهَمَيْنِ فَإذَا هِيَ تَسْتَهل بِذَلِكَ لا تكتُمهُ قال: وصَادَفَ عليّ، وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف فقال: أشيروا عليَّ قال: فكان عثمان جالساً فاضطجع فقال عليّ وعبد الرحمن بن عوف قَدْ وَقَعَ عليها الحدّ فقال: أشر عليّ يا عثمان فقال: قد أشارعليك أخواك فقَالَ: أشِرْ عَلَيَّ أَنْتَ فقال: أراهَا تَستهِلُ بِه كأَنها لا تعلمه وليس الحد إلاَّ على مَنْ عَلِمَهُ فقال صَدَقْتَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما الحد إلاَّ على مَنْ عَلِمَهُ فَجَلَدَهَا عُمَرُ مَايَة وغرَّبَهَا عَاماً.

254- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن الزُّهْريّ، عن عُبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتْبَةَ، عن أبي هريرَةَ، وعَنْ زَيْدِ بنِ خالدٍ الجُهَنِّي رضي اللَّه عنهم: -أنَّهما أخبراه أَنَّ رَجُلَيْنِ اختَصما إلى رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَقَالَ أحَدُهُمَا يا رسول اللَّه: اقْضِ بيننا بكتابِ اللَّه وقال الآخر وهو أفقههما أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّه: اقْضِ بيننا بكتابِ اللَّهِ وأْذَنْ لِي في أَنْ أَتَكَلَّم فقال: تكلم فَقَالَ: إنَّ ابني كَانَ عَسيْفاً (العسف قال الأزهري: ركوب الأمر بغير روية وفي النهاية: إن ابني كان عسيفاعلى هذا أي أخيراً) على هذَا فَزنى بامرأتِه فَأخبِرْتُ أَنَّ على ابني الرَّجْمَ فافتَدَيْتُ مِنْهُ بمائة شَاةٍ وَجَارِيَةٍ ثُمَّ إنِّي سَأَلتُ أهْلَ العلم فَأَخْبَرونِي أنَّ عَلَى ابني جَلد مائة وتغريب عام، وإنَّما الرَّجْمُ عَلَى امرأتِه فَقَالَ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكتَابِ اللَّهِ أمّا غَنَمُكَ

وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌ عَلَيكَ (وفي نسخة فرد إليك) وَجَلَدَ ابنه مائة وغرَّبَهُ عَاماً وأَمر أُنَيساً الأَسلمِيَّ أنْ يأْتِي امرأة الآخر فَإِنْ اعتَرَفَتْ فارجمها» فاعتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا.

255- (أخبرنا) : مَالكٌ، وابنُ عُيَيْنَةَ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عن عُبيد اللَّه ابنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن أبي هريرَةَ، وزَيْدِ بنِ خالدٍ وزاد سفيانُ: -وسُئلَ أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ أنَّ ابنَهُ زَنى بامرأة رجلٍ فقال رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكتَابِ اللَّهِ فَجَلَدَ ابنه مِائَة وغرَّبَهُ عَاماً وأَمر أُنَيساً أنْ يَغدُوا عَلَى امرأةِ الآخر فَإِنْ اعتَرَفَتْ فارجمها" فاعتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا.

256- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن أيوبَ بنِ موسى، عن سَعيد بنِ أبي سَعِيد، عن أبي هريرَةَ: -أنَّ النبيّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قال: " إذَا زَنَتْ أمَةُ أحَدِكم فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فليَجْلِدْهَا الحدَّ ولا يُثَّرَّبْ عَلَيها، ثُمَّ إنْ عَادَتْ فَزَنَتْ فتبين فليَجْلِدْهَا الحدَّ ولا يُثَّرَّبْ (التثريب: التعبير والاستقصاء في اللوم يقال: ثرب عليه تثريباً أي قبح عليه) عَلَيها، ثُمَّ إنْ عَادَتْ فَزَنَتْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فليَجْلِدْهَا الحدَّ ولا يُثَّرَّبْ عَلَيها، ثُمَّ إنْ عَادَتْ فَزَنَتْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا فليبعها ولو بضَفِير مِنْ شَعْرٍ «يعني الحبْلَ» .

257- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن عَمرو بنِ دينار، عن الحَسَنِ بن محمد بن علي: -أنَّ فَاطِمَةَ بنت رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم حَدَّتْ جَارِيَةً لهَا زَنَتْ.

258- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن يَحْيَ بنِ سَعِيد، وأبي الزّنَادِ كلاهما عن -[80]- أبي أُمامَةَ بنِ سهل بنِ حَنيفٍ: -أنَّ رَجلاً قال أحدهما: أحْبَنُ وقال الآخَرُ: مُقْعداً وكانَ عند (وفي بعض النسخ وكان جوار سعد) جوار سَعدٍ فَأصَاب امرأةً حبل فَرَمتْهُ به فَسُئِلَ فاعتَرفَ فَأمر النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم به قال أحَدُهما فَجُلِدَ بإثكالَ النَّخْلِ وقال الآخَرُ بإثكول النخل (الإثكال والإثكول: وهو الشمراخ الذي عليه البسر ومنه طويلة الاقناء) .

259- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن يَحْيَ بنِ سَعِيد، عن سَعِيد بن المسَيّبِ: -أنَّ رَجُلاً بالشَّامِ وَجَدَ مَعَ امرأتِه رجُلاً فقتلَهُ أو قتَلها فكتب مُعَاويَةٌ إلى أبي مُوسَى الأَشْعَرِيّ أن يَسأَلَ لَهُ عَنْ ذلِكَ عليَّا رضي اللَّه عنه فَسَأَلَهُ فَقَال عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: إنَّ هذَا الشَّئَ مَاهُوَ بِأَرْضِ العِرَاقِ عَزَمْتُ عَلَيْكَ لتخبرَنِي فأخبرهُ فقال عليَّ رضي اللَّه عنه: أنَا أبو الحَسَنِ إنْ لَمْ يَأتِ بأربعةِ شُهَدَاءَ فليُعطَّ برُمَّتِه (فليعط برمته: الرمة بالضم قطعة حبل يشد بها الأسير أو القاتل إذا قيد إلى القصاص والمعنى أن يسلم إليهم بالحبل الذي شد به تمكيناً لهم منه لئلا يهرب) .

260- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن يَحْيَ بنِ سَعِيد، عن ابنِ المسَيّبِ: -أَنَّ عَليٌ ابن أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امرأتِه رجُلاً فقتلَهُ أو قتَلها فقال: إنْ لَمْ يَأتِ بأربعةِ شُهَدَاءَ فليُعطَّ برُمَّتِه.

261- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن سُهَيل بن أبي صالح، عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: -أَنَّ سَعداً قَالَ: يا رسول اللَّه: أرَأيتَ إن وجَدْتُ مع -[81]- امرأتي رجُلاً أءَمْهلُهُ حَتى آتي بأربعَةِ شهدَاءَ؟ فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: «نَعَمْ» .

262- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن سُهَيل، عن أبيه، عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: -أَنَّ سَعداً إلى آخره.

263- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن يَحْيَ بنِ سَعِيد، عن سُلَيمَانَ بن يَسَارٍ، عن أبي واقِدٍ الليْثِي: -أنَّ عمرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ أَتَاهُ رَجُلٌ وَهُوَ بالشَّامِ فَذَكَرَ لَهُ وَجَدَ مَعَ امرأتِه رجُلاً فَبَعث عُمرَ بنَ الخَطَّابِ أباواقِدٍ الليْثِي إلى امرأتِهِ يسألها عن ذلِك فأتاها وعندهَا نِسْوةٌ حَوْلَهَا فَذَكَرَ لَها الَّذِي قَالَ زَوجُها لِعُمرَ بنَ الخَطَّابِ، وأخبرها أنَّه لا تُؤْخَذُ بقولِه، وجَعَلَ يُلقنها أشْبَاهَ ذلِكَ لتنزع فأبَتْ أن تنزعَ وثبتت على الإعتِرَافِ فأَمَرَ بِهَا عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ فَرُجِمَتْ.

264 (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُما: -أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم رَجَم يَهُودِييَّنِ زنَيَا.

265- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ، عنِ ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُما قَالَ: -سَمِعْتُ عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ يقولُ: الرَّجْمُ في كِتَابِ اللَّهِ حَقٌ عَلَى مَنْ زَنَا إذَا أَحْصَنَ مِن الرِّجَالِ والنِّسَاءِ إذا قَامَتْ عليهِ البيِّنَةُ أو كَانَ الْحَبَلُ أوْ الإعترافُ.

266- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن يَحْيَ بنِ سَعِيد، أنَّه سَمِعَ سَعِيد ابنِ المسَيّبِ يقولُ: قَالَ عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: إياكُم أن تَهْلكُوا عن آيةِ -[82]- الرَّجْم وأن يقول قَاتِلٌ لاَ نَجِدْ حَدّ الرجم في كتاب اللَّه لقد رَجَمَ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم وَرَجَمْناَ فَوالَّذِي نَفْسِي بِيدِه لَولاَ أنْ يقُولَ النَّاسُ زادَ عُمَرُ في كتاب اللَّه لكتبتها الشّيْخُ والشّيخَةُ إذا زَنَيا فارجمُوهُمَا البتَّةَ فإنَّا قَدْ قرأناها (هكذا في الأصول المخطوطة) .

الباب الثاني في حد السرقة

الباب الثاني في حد السرقة

(السرقة لغة: أخذ المال خفية وشرعا: أخذ المال خفية ظلما قال أبو العلاء المعري يعيب الحكم بقطع يد السارق: - يد بخمس مئين عسجد وُدِيَت * مابالها قطعت في ربع دينار فأجابه القاضي عبد الوهاب المالكي بقوله: وقاية النفس أغلاها، وأرخصها * وقاية المال؛ فافهم حكمة الباري) :

267- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عَنْ أبيهِ، عن يَحيَ ابن عبد الرَّحمن بن حَاطب: -أنَّ أرِقَاءَ لِحَاطب سَرقُوا ناقَةً لِرَجُل مِنْ مُزَيْنَةَ فانْتَحَرُوهَا فَرُفِعَ ذلِكَ إِلى عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ فأَمَرَ كَثِيرَ ابنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أيدِيَهُمْ ثُمَّ قَالَ عُمرُ: أن أراك تجيعهم واللَّه لأغرمنك غرماً يشق عليك ثم قال لِلْمُزَنّي: كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ؟ قَالَ: أربَعُمائة دِرهم قَالَ عُمرُ: أعْطِه ثمانمائة درهم.

268- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عنِ السَّائِب بن يَزيدَ: -أنَّ عبدَ اللَّهِ بن عَمرو الْحَضْرَميّ جَاءَ بِغلامٍ إلى عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ فقال لَهُ: اقطع يَدَ غلامي هذَا فَإِنَّهُ سَرَقَ؟ فقَالَ لَهُ عُمرُ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: -[83]- مَا سَرَق؟ فَقَالَ: سَرَقَ مِرْآةً لإمرأتي ثمنُها سِتون دِرْهماً فَقَالَ عُمرُ: أرْسلهُ فَإِنَّه لَيْسَ عليهِ قَطْعٌ خادِمُكم سَرَقَ مَتَاعُكم.

269- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن عروة بن أُذَيْنَةَ، عن ابنِ عُمَرَ: -أنَّ عبداً له سَرَقَ وهُو آبِقٌ فَأبَى سَعيد بنُ العَاصِ يقطعهُ فَأَمَرَ بِهِ ابنُ عُمرَ فَقُطعَتْ يَدُهُ.

27- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عنِ ابنِ شِهابٍ، عن عَمْرَةَ، عن عائشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قَالَ: «الْقَطْعُ في رُبْع دِينَارٍ فَصَاعِداً» .

271- (أخبرنا) : غَيرُ واحد، عن جَعْفَرِ بن محمد، عن أبِيهِ، عن عليّ قال: -الْقَطْعُ في رُبْع دِينَارٍ فَصَاعِداً.

272- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُما: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قطَعَ سَارِقاً في مَجِنّ (وهو الترس) قيمتُهُ ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ.

273- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن عبد اللَّه بن أبي بكر بنِ حَزْمٍ، عن أبيهِ، عن عَمْرَةَ بنتِ عبدِ الرَّحمنِ: -أنَّ سَارِقاً سَرَقَ أترُجَّةً (الأترج والتربج: ثمر شجر من جنس الليمون) في عهد عُثْمان فأمر بها عثمانُ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ فَقُوّمَتْ ثَلاثَة دَرَاهِمَ من صرف اثنَي عَشَر درهماً بدينار فقُطِعَ قَالَ مَالكٌ وهي الأترُجَّةُ التي يأكلُها النَّاسُ.

274- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن حُمَيْدٍ الطَّويل: -أنَّهُ سَمِعَ قتادة يَسْأل أنسَ بنَ مالك عن القطع فَقالَ أنس: حضرتُ أبا بكْرٍ الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عنهُ فَقَطَعَ سَارِقاً في شئ ما يَسُرُّنِي إنه لي بثَلاثةِ دراهمَ.

275- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن يَحْيَ بنِ سَعِيدٍ، عن محمدِ بن يَحيَ بنِ حَبَّانَ، -[84]- عن عمه واسع بن حبان: -أنَّ رافِعَ بن خديجٍ أخبرَهُ أنَّهُ سَمِعَ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم يَقُولُ: لأَقَطْعَ في ثَمَرٍ ولاَ كَثَرٍ (الكثر بفتحتين جمار التحل وقيل طلعها) ".

276- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن يَحْيَ بنِ حَبَّانَ، عن عمه واسع بن حبَّان عن رافِعَ بن خديجٍ: -عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم بمثله.

277- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن ابن أبي الحسَين، عن عَمرو بن شُعَيْب،: -عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم أنَّه قَال: " لأقطعَ في ثَمَرٍ معلق فإِذَا آوَاهُ الْجرِين (الجرين: بفتح الجيم وكسر الراء هو الموضع الذي يجفف فيه الثمار) فَفيه القَطْعُ".

278- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن ابنِ شِهابٍ، عن صَفْوَانَ بن عبدِ اللَّهِ: -أن صَفْوَانَ بنَ أُمَيّةَ قِيلَ لهُ: من لم يُهَاجر هَلَكَ فَقَدِمَ صَفْوَانُ المدينَةَ فَنَامَ في المسجد فَتَوَسَّدَ ردَاءهُ فَجَاءَ سَارِقٌ فَأخَذَ ردَاءهُ من تحتِ رَأسه فأخَذَ صَفْوَانُ السَّارِقَ فَجَاءَ بِه إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَأمَرَ بِه رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَقُطع فَقَالَ صَفْوَانُ: إنّي لم أَرد هذَا هُوَ عليه صدقةٌ فقال صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: «فَهَلاَّ قَبْلَ أن تأتيني به» .

279- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمرو، عن طاووس،: -عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم مِثْلَ حَدِيثِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ.

280- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، عن عَمْرَةَ بنتِ عبدِ الرَّحمنِ أنَّهَا قَالَتْ: -خَرَجَتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنها إلى مَكَّةَ وَمَعَهَا مَوْلاَتَانِ -[85]- لهاَ وغُلاَم لعبدِ اللَّهِ (وفي نسخة: وغلام لابن عبد اللَّه) بن أبي بَكْرٍ الصِّدّيق رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْه فَبَعَثَتْ مَعَ الْمَوْلاتَين بِبُرْدِ (وفي نسخة: ببرد مراجل البرد من الثياب ويجمع على برود وإبراد والبردة كساء أسود مربع فيه صفرة تلبسه الأعراب قال الأزهري المراجل: ضرب من برود اليمن) من مُرَاجلٍ قَدْ خِيطَ عليه خِرْقَة خَضْراءُ قالت: فأخذَ الغُلامُ البُرْدَ فَفَتَقَ عَنْهُ فاستخْرَجَهُ وجَعَلَ مَكَانَهُ لبِداً أو فَرْوَةً وخَاطَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَدِمَتْ المَوْلاَتَانِ المدِينَةَ دَفَعَتاَ ذلِكَ إِلَى أهْلِهِ فَلما فَتَقُوا عَنْهُ وَجَدُوا فِيهِ اللِّبدَ وَلم يَجِدُوا فِيهِ البُرْدَ فَكَلَّمُوا المَوْلاَتَينِ فَكَلَّمتَا عَائِشَة زَوْجَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم فَقَطَعَتْ يَدَهُ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عنها: الْقَطْعُ في رُبْع دِينَارٍ فَصَاعِداً".

281- (أخبرنا) : مَالكٌ، عَن عَبْدِ الرَّحْمنِ بن القَاسِمِ، عَن أبِيهِ: -أَنَّ رَجُلا مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ كَانَ أَقْطَعَ اليدِ وَالرّجل قَدِمَ عَلَى أبي بَكْرٍ الصِّدّيق فَشَكَى إليه أنَّ عَامِلَ اليَمنِ قَدْ ظَلَمَهُ وَكَانَ يُصَلّي مِن اللَّيلِ فَيقُولُ أَبو بَكْرٍ: وَأبيك مَا لَيْلُكَ بلَيْلِ سَارِقٍ، ثُمَّ فَقَدُوا حُلياً لأسمَاءَ بنت عُميس امرأة أبي بكر فجَعل الرَّجُلُ يَطُوفُ مَعَهُمْ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بمَنْ بَيَّتَ أهل هذا البَيْتِ الصالح فَوجَدُوا الحُلِيَّ عندَ صَائِغ وأن الأقْطَع جَاءه به فاعترفَ الأقطعُ أو شهِدَ عليهِ فأمَرَ به أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عنهُ فَقَطَعَتْ يَدَهُ اليُسْرَى وقَالَ أبو بكر: واللَّهِ لدُعاَؤُهُ عَلَى نَفْسِهِ أشَدُّ عندِي مِنْ سَرِقتِهِ.

الباب الثالث فيما جاء في قطاع الطريق (قطع الطريق: هو البروز لأخذ مال أو لقتل أو لإرعاب مكابرة واعتمادا على القوة والردة: لغة الرجوع عن الشئ إلى غيره وشرعا: قطع من يصح طلاقه استمرار الإسلام ويحصل قطعه بأمر ونية كفر أو فعل مكفر أو قول كفر سواء أقاله استهزاء أم عنادا أم اعتقادا من دعاء لابن مسعود رضي الله عنه: إني أسألك إيمانا لا يرتد ونعيما لا ينفذ وقرة عين لا تنقطع ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم في أعلى جنان الخلد) وحكم من ارتد أو سحر وأحكام أخر.

الباب الثالث فيما جاء في قطاع الطريق (قطع الطريق: هو البروز لأخذ مال أو لقتل أو لإرعاب مكابرة واعتماداً على القوة والردة: لغة الرجوع عن الشئ إلى غيره وشرعا: قطع من يصح طلاقه استمرار الإسلام ويحصل قطعه بأمر ونية كفر أو فعل مكفر أو قول كفر سواء أقاله استهزاء أم عناداً أم اعتقاداً من دعاء لابن مسعود رضي الله عنه: إني أسألك إيمانًا لا يرتد ونعيما لا ينفذ وقرة عين لا تنقطع ومرافقة نبيك صلى الله عليه وسلم في أعلى جنان الخلد) وحكم من ارتد أو سحر وأحكام أخر.

282- (أخبرنا) : إبْراهِيمُ، عن صاَلح مَوْلَى التَّوْأَمَةِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما: -في قطَّاع الطَّرِيقِ إذَا قَتَلوا وأخذُوا المَالَ قتلُوا وَصُلّبُوا، وإذَا قَتَلُوا ولَم يأخذوا الْمَالَ قتلُوا وَلم يُصُلَّبُوا، وإذَا أخذُوا المَالَ ولم يَقْتلُوا قُطعَتْ أيدِيهم وأرْجُلهم مِنْ خِلاَف وإذَا أخافُوا السَّبِيلَ ولَمْ يَأْخُذُوا مَالاً نُفوا مِنَ الأرْضِ.

283- (أخبرنا) : إبْراهِيمُ بنُ أبي يَحْيَ، عن جَعْفَرٍ، عَن أبيهِ، عن عليّ ابنُ الحُسَيْنِ قالَ: - لاَ واللَّهِ مَا سَمَلَ (سمل العين: فقؤها بحديدة محماة) رسولُ اللَّه صلى الَّله عليه وسلم عَيْناً وَلاَ زَادَ أهلَ اللِّقَاح عَلَى قطع أيديهم وأرجُلهم.

284- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن زَيدِ بنِ أسْلَم: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى الَّله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فاضْرِبُوا عُنُقَهُ» .

285- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَن أيُّوبَ بنِ أبي تَمِيمَةَ، عَن عِكْرَمَةَ قَال: -لَمَّا بَلَغَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما أَنَّ علياً رَضِيَ اللَّهُ عنهُ حَرقَ المُرْتَدِّين -[87]- أو الزَّنَادِقَةِ قَالَ: لَوْ كُنتُ أَنَا لم أُحَرّقهُمْ وَلَقَتَلْتُهُمْ لِقَوْلِ رسولِ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ: «مَنْ بدَّلَ دِينَهُ فاقتلُوهُ» وَلَمْ أُحَرِّقَهُمْ لِقَوْلِ رسولِ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ: «لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعذَابِ اللَّهِ» .

286- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن عبدِ الرَّحْمنِ بنِ مُحَمدٍ بنِ عبدِ اللَّهِ بن عبدِ القَارِيّ، عَن أبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: -قَدِمَ عَلَى عُمرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أبو موسَى فسَألَهُ عن النَّاسِ فَأَخبَرَهُ ثُمَّ قَال لَهُ: هَلْ كانَ فِيكُمْ مِن مُغَرَّبة خَبرٍ (أي هل من خبر جديد جاء من بلد بعيد) ؟ فقال: نعم رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إسلامِهِ قَالَ: فَما فَعلتُم بِه؟ قَال: قَرَّبنَاهُ (في المطبوع: قدمناه) فَضَرَبنَا عُنقَهُ فقالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: فَهَلاَّ حَبستموهُ ثلاَثاً وأطعمتُمُوهُ (في المطبوع: وأطعمتموه كل يوم رغيفاً) رغيفاً واستتبتموه لعَلّهُ يَتُوبَ ويراجعَ أمرَ اللَّه اللَّهم إني لمأحضُره ولم آمرولم أرض إذ بَلَغَني.

287- (أخبرنا) : إبْراهِيمُ بنُ محمد، عن عبدِ العزيزِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عمر، عن محمدِ بنِ أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمرة بنتِ عبد الرَّحمنِ عن عَائشة رَضِيَ اللَّهُ عنها: -أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: " تَجَافوا لِذَوِي الهَيْئآتِ عن عَثَراتِهم (العثرة: الذلة) ". قال الشَّافعيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: سَمِعْتُ مِنْ أهل العِلمِ مَن يَعْرِفُ هذَا الحَدِيثَ ويَقول: يُتَجَافَى للرَجُل ذي الهَيئَةِ عن عَثرته مَا لَمْ يَكُنْ حداً.

288- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن أبِي الرِّجَال، عن أمّه عمرَةَ بنتِ عبد الرَّحْمنِ: -أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم: " لَعَنَ المُخْتَفِيّ (المختفي: النباش لأنه يستخرج الأكفان قال تعالى: «إن الساعة آتية أكاد أخفيها» أي أزيل عنها خفاءها أي غطاءها) والمُخْتَفِيَة". قالَ محمدُ بنُ إدريسَ الشَّافِعِيَّ: وقد رَوَيْتُ أحَاديثَ مُرْسَلَةً عن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم في العُقُوباتِ وتَوقيتها تركناها لإنقِطَاعِهَا.

289- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بن عُرْوَةَ، عَنْ أبيهِ، عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عنها: - أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ يَا عائِشَةَ: " مَا عَلِمْت أَنَّ اللَّه تعالى أفتانِي في أَمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ وقَدْ كَانَ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ يَمكثُ كذا وكذا يُخَيَّلُ إليْهِ أنَّهُ يَأْتِي النِّسَاءَ وَلاَ يَأْتيهنَّ أتانِي رَجُلاَنِ فجِلسَ أحَدُهُما عندَ رِجلَيَّ والآخر عِنْدَ رَأْسِي فَقَالَ الّذِي عِنْدَ رِجلَيَّ لِلَّذِي رَأْسِي مابال الرَّجُل؟ قَالَ: مطبُوبٌ قَالَ وَمَنْ طَبّهُ؟ قَالَ لَبِيدُ بنُ الأعصمَ قَالَ وفِيمَ؟ قال: في جوف ظلمة (في المطبوع في جف طلعة) ذكرَ في مُشطِ ومُشَاطة (مشط ومشاطة: هي الشعر الذي سقط من الرأس واللحية عند التسريح بالمشط) تحتَ راعوفة أو راعوثة (راعوفة البئر: هي صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت تكون ناتئة هناك فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقى عليها ويروى بالثاء المثلثة) شك الربيع في بئر ذَرْوَانْ (بئر ذروان بفتح الذال وسكون الراء وهي بئر لبني زريق بالمدينة) قال فَجَاءَهَا رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ فَقَالَ: هذهِ الَّتي أُرِيتُها كَأَنَّ رُؤُسَ نَخلِها رُؤُسُ الشَّيَاطين وكَأَنَّ مَاؤها

نُقَاعَةُ الحِنَّاء فَأَمَر بِهَا رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ فَأُخرِجَ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنها فقلت يَا رَسُول اللَّه: فهلاَّ؟ قَالَ سُفْيَانُ تعني تَنَشَّرْتَ (النشرة بالضم ضرب من الرقية والعلاج ونشره بقل أعوذ برب الناس أي رقاه قال الحسن: النشرة من السحر وقد نشرت عنه تنشيراً) قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَ: أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ شَفَانِي وَأكْرَهُ أَنْ أثير عَلَى النَّاسِ مِنْهُ شَراً" قَالَتْ: ولَبِيدُ بنُ الأعصمَ رَجُلٌ مِنْ بَني زُرَيق حَلِيف اليهود.

290- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن عَمرو بنِ دِينَارٍ،: -أنَّه سمعَ بَجَالَةَ يقُولُ: كتب عمر رَضِيَ اللَّهُ عنه: أن اقتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرةٍ قَالَ: فَقَتَلْنَا ثلاثَ سَوَاحِرَ قَالَ: وأُخبرْنَا: أنَّ حفصةَ زَوْجَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قَتَلت جاريةً لَهَا سحرتها.

الباب الرابع في حد الشرب (يعني الشراب المسكر من خمر وغيره والشراب المسكر من كبائر المحرمات والأصل في تحريمه قوله تعالى: إنما الخمر والميسر الآية وانعقد الإجماع على تحريم الخمر وحرمت الخمر في السنة الثانية من الهجرة بعد غزوة أحد) :

الباب الرابع في حد الشرب (يعني الشراب المسكر من خمر وغيره والشراب المسكر من كبائر المحرمات والأصل في تحريمه قوله تعالى: إنما الخمر والميسر الآية وانعقد الإجماع على تحريم الخمر وحرمت الخمر في السنة الثانية من الهجرة بعد غزوة أحد) :

291- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْري، عن قبيصَةَ بنِ ذُؤَيْب: -أن النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قَالَ: مَنْ شَرِبَ الْخَمر فاجلِدُوه، ثُمَّ إنْ شَرِبَ فاجلِدُوه، ثُمَّ إنْ شَرِبَ فاجلِدُوه، ثُمَّ إنْ شَرِبَ فاجلِدُوه، ثُمَّ إنْ شَرِبَ فاقتُلُوهُ". لا يدري الزُّهْريَّ بَعْدَ الثَّالثة أوالرابعة فأتى بِرَجُل قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ، ثمَّ أُتِيَ بِهِ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ، ثمَّ أُتِيَ بِهِ قَدْ شَرِبَ فَجَلَدَهُ، وَوَضَعَ الْقَتْل فَصَارت رُخْصَةً. قال الشَّافعيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: قَالَ سُفْيَانُ، قَالَ الزُّهْري، لمنصُورِ ابن المعتَمِرَ ومُخَلد كُونَا وَافِدِي العراق بمثل هذا الحديث.

292- (أخبرنا) : مَعْمَر، عن الزُّهْري، عن عَبْدِ الرَّحمنِ بن أَزْهُر قَال: -رأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم عامَ خَيْبَر يَسْأَلُ عَنْ رَحْلَ خالد بنَ الوَليد فَجَرَيْتُ بينَ يَدَيه أسألُ عن رحل خالد بن الوليد حَتَّى أتاهُ جَرِيجا وأُتي النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم بِشارِبٍ فقال: «إضْربُوهُ فَضَرَبُوهُ بالأيدي والنعالِ وأطْرافِ الثِّيَاب وحَثَوا عليه مِنَ التراب ثُمَّ قَالَ النبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم بَكِّتُوهُ فَبَكّتوه (التبكيت كالتقريع والتعنيف) ثُمَّ أرسَلَهُ» قَالَ: فَلَمَّا كَانَ أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عنهُ سَأَلَ مَنْ حَضَرَ ذلكَ المضروبَ فَقَوَّمَهُ أربعين فَضَرَبَ أبو بكر رَضِيَ اللَّهُ عنهُ عنه في الخمر أربعين حَياتَهُ، ثُمَّ عُمَررَضِيَ اللَّهُ عنهُ حَتى تتابع النَّاس في شُرب الخمر فاستشار فصربه ثمانين.

293- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن ثَورِ بن زَيدٍ الدِّيلي: -أنَّ عُمَر بن الخَطَّاب استشار في الْخَمْرِ يَشْرَبُها الرَّجُلُ فَقَالَ عَليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ نرى فيها أن يُجْلَدَ ثمانين فإنه إذَا شرب سَكَر وإذا سكر هَذَى وإذا هَذَى افتَرَى أوْ كما قَالَ: فَجَلد عُمَررَضِيَ اللَّهُ عنهُ ثَمانين في الخمر.

294- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمرو بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَر محمد بنِ عليّ،: -أنَّ عَليَّ بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ جَلَدَ الوَلِيدَ بسَوْطٍ لَهُ طَرَفَانِ.

295- (أخبرنا) : إبْراهِيمُ بنُ أبي يَحْيَ، عن جَعْفَرٍ بن محمد عن أبيه: -أنَّ عَليَّ -[91]- بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قال: لاَ أوتي بأحدٍ شرب خمراً ولاَ نَبِيذاً مُسكِراً إلا جلدته الحد.

296- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن السَّائِب بن يَزيدَ أنه أخبرَهُ: -أنَّ عُمَر بن الخَطَّاب رَضِيَ اللَّهُ عنهُ خَرَجَ عليهم فَقَالَ: إنِّي وَجَدْتُ مِنْ فُلانٍ ريح شَرابٍ فَزَعَم أنه شَرِبَ الطّلا وأَنَا سائِلٌ عمّا شَرِبَ فَإِنْ كَانَ مُسكراً جَلَدْتُهُ فَجَلَدَهُ عُمَرَ الحَدَّ تَامًّا.

297- (أخبرنا) : سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْري، عن السَّائِب بن يَزيدَ: -أنَّ عُمَر بن الخَطَّاب رَضِيَ اللَّهُ عنهُ خَرَجَ فَصَلَّى عَلَى جَنَازةٍ فَسَمِعَهُ السَّائِب يَقُول: إنِّي وَجَدْتُ مِنْ عُبيدِ اللَّه وأصْحابه ريح الشَّرابٍ وأَنَا سائِلٌ عمّا شَرِبوا فَإِنْ كَانَ مُسكراً حَدَدتهم قالَ قَالَ سُفْيَانُ، فَأَخبرَنِي مَعْمرٌ، عَنْ الزُّهْري، عن السَّائِب بن يَزيدَ أنه حَضَره يَحُدَّهم.

298- (أخبرنا) : مُسلم بنُ خالدٍ، عن ابن جُرَيجٍ، قَالَ: -قُلتُ لعَطَاءٍ أتجلدُ في ريحِ الشَّرَابِ؟ فَقَالَ عَطاء: إنَّ الريحَ ليكونُ من الشراب الذي ليس فيه بأسٌ فإذَا اجتَمعُوا جميعاً على شَراب واحدٍ فَسَكِر أحدهم جُلدوا جميعاً الحدَّ تاماً. قال الشَّافعيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: وقولُ عطاء مِثْلُ قولِ عمر بنِ الخَطَّابِ لاَ يُخاَلِفُهُ.

299- (أخبرنا) : سُفْيَانُ عَنْ عَمرو بنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَر: -أَنَّ عمر بنِ الخَطَّابِ قَال: إنْ يُجْلَدْ قُدَامَة الْيَوم فَلَنْ نترك أحد بَعْدَهُ وكان قُدَامة بَدْرياً.

كتاب الأشربة (الأشربة المسكرة من كبائر المحرمات والأصل في تحريمها قوله تعالى: «إنما الخمر والميسر الآية» وانعقد الإجماع على تحريم الخمر وكان المسلمون يشربونها في صدر الإسلام واختلف الفقهاء في أن ذلك استصحابا بأنهم بحكم الجاهلية أو بشرع في إباحتها على وجهين رجح الماوردي الأول والنووي الثاني وكان تحريمها في السنة الثانية من الهجرة بعد أحد وحكى القشيري في تفسيره عن القفال الشاشي إباحة الشرب إلى ما لا ينتهي إلى السكر المزيل للعقل قال النووي في شرح مسلم وهو باطل لا أصل له) .

كتاب الأشربة (الأشربة المسكرة من كبائر المحرمات والأصل في تحريمها قوله تعالى: «إنما الخمر والميسر الآية» وانعقد الإجماع على تحريم الخمر وكان المسلمون يشربونها في صدر الإسلام واختلف الفقهاء في أن ذلك استصحابا بأنهم بحكم الجاهلية أو بشرع في إباحتها على وجهين رجح الماوردي الأول والنووي الثاني وكان تحريمها في السنة الثانية من الهجرة بعد أحد وحكى القشيري في تفسيره عن القفال الشاشي إباحة الشرب إلى ما لا ينتهي إلى السكر المزيل للعقل قال النووي في شرح مسلم وهو باطل لا أصل له) .

300- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعٍ، عنِ ابنِ عمر رَضِيَ اللَّهُ عنهُما: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الخمر في الدُّنيا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ منها حُرمها في الآخِرَةِ» .

301- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْري، عن أبي سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمنِ عن عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها قال قالت: -قال رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ: «كل شَراب أسْكر فهو حَرامْ» .

302- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه: -أَنَّ أَبَا وَهب الْجَيْشَاني سَأَلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ عن البَتْعِ فَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامْ» .

303- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، قَالَ: -سَمِعْتُ أَبَا الْجُوَيرية الْجَرْمِيّ (هو عقبة بن سيار) يقُولُ:؟؟ لأَوّلُ العَرَب سَأَل ابنَ عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عنها وهو مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إلى الكَعْبَةِ فَسَأَلْتَهُ عنِ البَاذِقِ (الباذق بفتح الذال الخمر تعريب باذه وهو إسم الخمر بالفارسية) فَقَالَ: سَبَقَ مُحَمَّدٌ البَاذَقَ وَمَا أسْكَرَ فَهُوَ حَرَامْ.

304- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعٍ، عنِ ابنِ عمر أنَّه قال: -كل مسكر خمر وكل مسكر حرام".

305- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن زَيدِ بن أَسْلَم، عن عَطاء بن يَسَار: -أَنّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ سُئلَ عنِ الغُبَيْراءُ (الغبيراء ضرب من الشراب يتخذه الحبش من الذرة قال ثعلب: هو خمر يعمل من الغبيراء هذا التمر المعروف أي مثل الخمر التي يتعارفها جميع الناس لا فضل بينهما في التحريم) فقال «لاَخَيْرَ فيهَا» ونهَى عنهَا. قال مَالكٌ، رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قَالَ زَيدِ بن أَسْلَم: هي السُّكُرْكَةَ (السكركة بضم السين والكاف وسكون الراء نوع من الخمر يتخذ من الذرة قال الجوهري: هي خمر الحبش وهي لفظة حبشية عربت) .

306- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن داود بنِ الحُصَيْن، عن واقِدِ بنِ عَمرو بنِ سعد ابنِ مُعاذ، وعَن سَلَمة بنِ عوفٍ ابن سَلاَمَة أخَبَرَاهُ: عن مَحْمُود بنِ لَبِيدٍ الأَنصاري: -أنَّ عُمَر بن الخَطَّاب رَضِيَ اللَّهُ عنهُ حيِنَ قَدِمَ الشّأمَ فَشَكَى إليه أَهْلُ الشّأم وَبَاءَ الأَرْضِ وَثِقلَها وَقَالُوا: لاَ يُصْلحنَا إلاَّ هذَا الشَّرَابُ فَقَالَ عُمَرُ: اشرَبُوا العَسَلَ فَقَالُوا: لاَ يُصْلحنَا العَسَلَ فَقَالَ رجُلٌ مِنْ أَهْلِ الأرض هَلْ لَكَ أَنْ نَجْعَلَ لكَ مِنْ هذَا الشَّرَابُ شيئاً لاَ يُسْكِرُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَطَبَخُوهُ حَتَّى ذَهَبَ منه الثُلثَانِ وبَقَى الثُلثُ فَأتَوا به عُمَرَ فَأَدْخَلَ عُمَرُ فِيه إصبعهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ فتمطط (أي يتمدد أراد أنه كان ثخينا) فَقَالَ: هذَا الطِّلاء (الطلاء بالكسر والمد الشراب المطبوخ من عصير العنب وهو الرب وأصله القطران الخاثر الذي تطلى به الإبل) هذا مثل طِلاءِ الإبل فأمرهُمْ أنْ يَشْرَبُوهُ فَقَالَ لَهُ عُبادَةُ بن الصَّامِتِ: أَحْلَلْتَهَا لهم واللَّهِ. فقالَ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: كَلاَّ وَاللَّهِ اللَّهُمَّ إِنِّي لا أُحِلُّ لهُمْ شَيْئاً حَرَّمته عليهم وَلاَ أُحَرِّمُ عليهم شيئاً أحْلَلْتَهُ لهُمْ.

307- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن إسحَاق بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ طَلْحَةَ، عن أنس ابنِ مَالكٌ قَال: -كُنْتُ أسْقِي أَبَا عُبَيْدةَ بنِ الجرَّاح وأبَا طَلحةَ الأنصاري وأبي بن كعب شراباً فضيخ (الفضيخ: هو شراب يتخذ من البسر المفضوخ أي المشدوخ) أو تَمْر فجاءهُمْ آتٍ فَقَال: إنَّ الخمر قد حرِّمَتْ فقالَ أبو طلحَةَ يا أنَس: قمْ إلَى هذِهِ الْجِرَار فاكسرها قال أَنَس: فقمْتُ إلى مهراس لنا فَضَرَبْتُهَا بأسفله حتى تكسَّرَتْ.

308- (أخبرنا) : سُفْيَانُ عَنْ أبي إسحَاق، عن ابن أبي أوفَى قَال: -نَهَى رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ عن نبيذَ الأَخضَر والأبيضِ والأحْمَر.

309- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، سَمِعْتُ: الزُّهْري يَقُول سمعت أنساً يَقُولُ: -نَهَى رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ الدُّبَّاء (الدباء: القرع واحدها دباءة كانوا ينتبذون فيها فتسرع الشدة في الشراب) والمُزَفَّت (المزفت من الأوعية: هو الإناء الذي طلي بالزفت) أنْ يُنَبَذَ فيه.

310- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْري، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرَةَ: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: «لاَ تُنَبِّذُوا في الدُّبَّاءِ والمُزَفَّت» قال: ثم يقول أبو هريرَةَ: واجتنِبُوا الحنَاتِم والنَّقير (النقير: هو أصل النخلة ينقر وسطه ثم ينبذ فيه التمر ويلقى عليه الماء ليصير نبيذاً مسكراً) .

311- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمانَ الأحْول، عن مُجَاهِدٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو بن العاصِ قال: -لمَّا نَهَى رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ عنِ -[95]- الأوعيةِ قِيلَ لَهُ: لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يجدُ سقَاءٌ (السقاء: ظرف الماء من الجلد) فَأذِنَ لَهُمْ في الجَرِّ غيرِ المُزَفَّتِ.

312- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن نَافِعٍ، عنِ ابنِ عمر: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ خطب الناس في بعضِ مغازيه قالَ: عبدُ اللَّه بنُ عُمر فأقبلتْ نحوَه فانْصرفَ قَبْلَ أن أبلغه فسألتُ مَاذَا مَاذَا؟ قالُوا: نَهَى أنْ يُنَبَّذَ في الدُّبَّاءِ والمُزَفَّتِ.

313- (أخبرنا) : مَالكٌ، عنِ العلاءِ بنِ عبد الرَّحْمنِ، عن أبيهِ، عن أبي هُرَيْرَةَ: -أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ نَهَى أنْ يُنَبَّذَ في الدُّبَّاءِ والمُزَفَّتِ.

314- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ محمد بن إسحَاقَ عن مَعْبَدِ بن كَعْب،: -عن أُمِّهِ وَكَانت قدْ صَلّتْ القبلتَينِ أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ نَهَى عن الخليطين وقال: «أنبذوا كل واحِد مِنْهُما عَلَى حدته» .

315- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ أبي الزبيرِ، عن جابر: -أنّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم كَانَ يُنَبَذُ لهُ في سِقاء فَإِن لَمْ يَكُنْ فَتَوْر (التور: إناء يشرب فيه) من حجارة.

316- (أخبرنا) : مَالكٌ، عن زَيْد بن أسلَم، عن عطَاء بن يَسَارٍ: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ نَهَى أنْ يُنَبَّذَ التَّمْرُ والبُسْر جميعاً والتَّمْرُ والزَّهْرُ جميعاً.

317- (أخبرنا) : الأصم قالَ: -سمِعْتُ الربيعَ يقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعي رَضِيَ اللَّهُ عنهُ يقول وَهُوَ يحتج في ذِكْرِ المسكر فكان كلاماً قَدْ تَقَدَّمَ لا أحفظه فقال: أرأيت إن شَرِبَ عشرة وَلمْ يَسْكَر؟ فَإِنْ قَالَ حَلال قيل: -[96]- أفَرَأيت إنْ خَرَجَ فأَصابَتْهُ الريح فسكر؟ فإنْ قالَ حراماً قيل لَهُ: أفَرَأيت شيئاً قط شربه وصار إلى جوفه حلالاً ثم صيرته الريح حراماً؟ قال: الشافعي رضي اللَّه عنه: ما أسكَرَ كَثِيرهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامْ.

2* كتاب الديات (الديات: جمع دية يقال: وديت القتيل أديه (ديه) أعطيت ديته وفى الشرع اسم للمال الواجب بجناية على الحر في نفس أو فيما دونها والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى: «ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله» والأحاديث الصحيحة طافحة بذلك: والإجماع منعقد على وجوبها في الجملة وجاء في كتب السري أن أول من سنها عبد المطلب) .

2* كتاب الديات (الديات: جمع دية يقال: وديت القتيل أديه (ديه) أعطيت ديته وفى الشرع اسم للمال الواجب بجناية على الحر في نفس أو فيما دونها والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع قال الله تعالى: «ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله» والأحاديث الصحيحة طافحة بذلك: والإجماع منعقد على وجوبها في الجملة وجاء في كتب السري أن أول من سنها عبد المطلب) .

318- (أخبرنا) : الثّقةُ وهو يَحْيَ بن حَسَّان، عن حَمّادٍ، عن يَحْيَ بن سعيد، عن أبي أُمامةَ بن سهل، عن عثمانَ بن عَفَّان رضي الله عنه: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: لاَ يَحِلُّ دَمُ امرئٍ مُسْلم إلا بإحْدى ثُلاثَ كُفْرٍ بعد إيمَانٍ، أو زِناً بعد إحصانٍ، أوْ قتل نفسٍ بغير نَفْسٍ".

319- (أخبرنا) : الثّقةُ، عن حَمّادٍ، عن يَحْيَ بن سعيد، عن أبي أُمامةَ بن سهل بن حنيف عن عثمانَ رضي الله عنه: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: لاَ يَحِلُّ قتل امرئٍ مُسْلم إلاَّ بإحْدى ثُلاثَ إلى آخره.

320- (أخبرنا) : يَحْيَ بن حَسَّان، عن اللَّيث، عن ابن شهابٍ، عن عَطَاء بن يزيد اللَّيثيِّ، عن عُبَيْدِ اللَّه بن عَديّ بن الخيار،: -عن المِقْدَادِ أنَّه أخْبَرَهُ أنَّه قالَ يَارَسولَ اللَّهِ: أرأيْتَ أن لَقِيتُ رَجُلاً مِن الكُفَّارِ -[97]- فَقَاتَلَنِي فَضَرب إحدى يَدَيّ بالسَّيفِ فَقَطعها، ثُمَّ لاذَ مِنِّي بشجرةٍ فقَال: أسلَمتُ للَّلهِ أفأقتلُهُ يا رسولَ اللَّه: بعد أن قَالَهاَ؟ قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ: «لا تَقْتُلُهُ» فقُلْتُ يا رسولَ اللَّه: إنَّه قطعَ يَدِي ثُمَّ قال ذلِك بَعْدَ أنْ قطَعَها أفأَقْتُلهُ؟ فقَالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ: «لا تَقْتُلُهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمنزلتِكَ قبلَ أنْ تَقْتُلُهُ وإنَّكَ بمنزلتِهِ قبلَ أَنْ يقُولَ كلمتَهُ التي قالَ» .

321- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن أيوبَ، عن أبي قِلاَبَةَ، عن ثابِت ابنِ الضَّحاكَ: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: مَنْ قَتَلَ نفسهُ بشئٍ في الدنيا عُذِّبَ به يومَ القيَامة".

322- (أخبرنا) : إبْراهِيمُ بنُ محمد، عن جَعْفَرِ بنِ مُحَمد عن أبيهِ، عن جده (في نسخة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال) قالَ: -وُجد في قائم سيفِ رسولِ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ كِتَابَةٌ أَنَّ أَعْدَى النّاس عَلَى اللَّه سبحانهُ وتعالى القَاتِلُ غيرَ قَاتِلِهِ، والضارِبُ غيرَ ضَارِبَةَ ومَنْ تولَّى غيرَ مواليِهِ فَقَدْ كَفَرَ بماَ أنْزَلَ اللَّه سبحانهُ وتعالى عَلَى مُحَمدٍ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّم.

323- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن محمد بن إسحَاقَ قال: قُلْتُ لأبي جَعْفَرِ مُحَمد بن عليّ ما كَانَ في الصحيفَةِ التي في قرَابِ رسولِ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ؟ فقَالَ: كَانَ فيهَا لعَنَ اللَّهُ القَاتِلَ غيرَ قاتِلهِ، والضارِب غيرَ ضَارِبهِ ومَنْ تولَّى غيرَ وَليّ فَقَدْ كَفَرَ بماَ أنْزَلَ اللَّه سبحانهُ وتعالى عَلَى مُحَمدٍ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّم.

324- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ ابن أبي لَيْلَى، عن الحكم أو عن عيسَى ابن أبي لَيْلَى، عن أبي لَيْلَى، قالَ: -قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ: " مَن اغْتَبَطَ مُؤمناً بقتل فهوَ قُود (القود: القصاص وقتل القاتل بدل القتيل) يَده إلا أن يرضَى وليُّ المقتُول فمن حَالَ دونَه فَعَليه لعنةُ اللَّه وغضبُهُ ولا يقبلُ منه صرفٌ ولا عدلٌ.

325- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عبد الملك بن سعِيدٍ بن أبجُر، عن إيادٍ ابن لقيط، عن أبي رِمْثَةَ قَال: -دخلْتُ على رسولِ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ فَرَأى أبي الَّذِي بِظَهْر رسولِ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: دَعنِي أُعَالِجُ هذَا الَّذِي بِظَهْرِكَ فَإِنِّي طبيبٌ؟ قالَ: أنت رَفِيقٌ (في النهاية أنت رفيق واللَّه طبيب: أي أنت ترفق بالمريض وتتلطفه واللَّه يبرئه ويعافيه) وقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ: " مَن هذا الذي معكَ؟ فقالَ له: ابني قَال اشهد به قَال: أما أنَّهُ لا يجْنِي عليْكَ ولا تَجني عليْهِ.

326- (أخبرنا) : معاذُ بنُ موسَى، عن بُكيرِ بن معْرُوف، عن مُقَاتِل ابن حَبَّانَ قالَ مُقاتِلٌ: -أخذْتُ هذا التَّفْسِيرَ عن نَفَرٍ حُفَّظٍ منهم مُعَاذ، ومُجَاهِدٌ والحسَنُ، والضَّحَاكُ بنُ مُزَاحِمٍ في قوله تعالى: (فمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أخيهِ شَئٌ فاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ الآية (البقرة 178) قالَ: كَانَ كُتِبَ عَلَى أهل التَّوراةِ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بغيرِ نفْسٍ حق أن يُقَادَ بِهَا ولا يُعفَى عنْهُ ولا تُقبلُ، ومنه الدِّيةُ، وفرِضَ عَلَى أهلِ الإنْجِيل أنه يُعفَى عنْهُ ولا يقتل، ورُخّصَ لأمَّةِ محمدٍ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ إن شاء قتل وإنْ شاءَ أخذَ الدِّيَة وإن شاء عَفَى فذلك قوله تعالى: (ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ ورَحمَة البقرة 178) يَقُول الدِّيَة تخفيف من اللَّهِ تَعَالَى -[99]- إذ جَعَل الدِّية، ولا يُقْتَلُ ثُمَّ قالَ: (فَمَنِ اعتَدَى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (البقرة 178) يَقُولُ مَنْ قَتَلَ بَعْدَ أَخْذِهِ الدِّيَةَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ثُمَّ قَالَ في قوْله: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ (البقرة 179) يقُول لكم في القصاصِ حياةٌ ينتهي بها بعضكُم عن بعض مَخَافَةَ أن يقتَلَ.

327- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، أخبرنا: عَمرُو بنُ دينار قَالَ: -سَمِعْتُ مُجاهداً يقولُ: سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ يقولُ: كاَنَ في بني إسرَائيلَ القِصَاصُ ولَمْ يكُنْ فيهم الدِّيَةَ فقال اللَّه تعالى لهذه الأمة: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ القِصَاصُ في القَتْلَى الحُرُّ بالحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ والأُنْثَى بالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أخِيهِ شَئٌ فاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وأداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ ورَحمَةٌ) مما كتب على من كان قبلكم (فَمَنِ اعتَدَى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (البقرة 178) .

328- (أخبرنا) : محمدُ بنُ إسْمَاعِيلَ بن أبي فدَيْك، عن ابن أبي ذِئْبِ، عن سَعِيد بن أبي سعيدٍ المقبُريّ، عن أبي شُرَيح الكَعْبي: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأهله بَيْنَ خيرتين إنْ أَحَبُّوا فَلَهُم العقل (العقل: الدية وأصله أن القاتل كان إذا قتل قتيلاً جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء أولياء المقتول أي شدها في عقلها ليسلمها إليهم ويقبضوها منه) وإنْ أحبوا فلهُم القود".

329- (أخبرنا) : الثّقةُ، عن مَعْمَر، عَن يَحْيَ بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن أبي هريرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: -عنْ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم مِثْله أو مِثْل مَعْنَاهُ.

330- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمرُو بنُ دينارٍ، عن طاوسٍ: -عنْ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم أنَّه قال: مَنْ قُتِل من عمِيَّة (العميا بالكسر والتشديد والمعنى أن يوجد بينهم قتيل يعمى أمره ولا يتبين قتله فحكمه حكم قتيل الخطأ تجب فيه الدية) في رِمّيَّا تكون بَيْنَهُمْ بِحِجَارَة أوْ جُلِدَ بالسَّوط أوْ ضُرِبَ بالعَصَا فَهُوَ خَطَأٌ عَقْلُه عقلُ الخطأ، وَمَنْ قُتِلَ عمداً فَهُوَ قُودٌ يَدِهِ فَمَنْ حَالَ دونَهُ فَعَليْهِ لَعْنَةُ اللَّه وغَضَبُهُ ولا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ ولا عَدْلٌ.

331- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ أَظُنُّهُ عن عَطَاء عن صفوانَ بن يَعلَى ابن أمَيَّةَ قَال: -غَزَوَتُ مَعَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم غَزوةً قال: وكَانَ يَعلَى يَقُولُ: وَكَانَتْ تِلْكَ الغَزْوَةَ أوثقَ عملي في نفْسي قالَ عَطَاءُ قالَ صفوَانُ قالَ يَعلَى: كَانَ لِي أَجيرٌ فَقَاتَلَ إنساناً فَعَضَّ أَحَدُهُماَ يَدَ الآخَر فَانْتَزَعَ يَعْني المعْضُوضَ يَدَهُ مِن فَيْ العاَضّ فَذَهَبَتْ إِحدَى ثَنِيَّتِهِ (وفي مخطوط آخر: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأهدر ثنيته) قالَ عَطَاء: وحَسِبْتُ أنَّه قال قالَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم"أيَدَعُ يَدَهُ في فِيكَ تَقْضِمُهَا كَأَنَّهَا في فِيّ فحلٍ يَقْضمهَا قالَ عطاء وقدْ أخبرني صفوانُ أيهما عَضَّ فَنَسِيتَهُ.

332- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ جُرَيْجٍ: -أن ابنِ أبي مُلَيْكَةَ أخبرَهُ أنَّ أباهُ أخبرَهُ أنَّ إنساناً جَاءَ إلى أبي بكر الصدِّيق رَضِيَ اللَّهُ عنهُ وعَضَّه إنسان فانْتَزَعَ يَدَهُ مِنه فَذَهَبَتْ ثَنِيَّتِهِ فَقَالَ أبو بكرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: تَعَدَّتْ ثَنِيَّتِهُ.

333- (أخبرنا) : مَالِكُ ابنُ أَنَسٍ، عَنْ عن يَحْيَ بنِ سَعِيدٍ، عن سَعِيد ابنِ المسَيّبِ: -[101]- -أنَّ عُمَرَ قَتَلَ نَفَراً خَمْسَة أوْ سَبْعَةَ بِرَجُلٍ قتلُوه غيْلَة وقَالَ عُمَرُ: لوْ تَمالأ عليه أَهْل صَنْعاء لَقَتَلتُهُمْ عليه جميعاً.

334- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن أيُوب، عن أبي قِلاَبَةَ، عن أبي المهّلب، عن عُمْرَانَ ابن الحُصَيْنِ: -أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم قَادَ (القود: القصاص وقتل بدل القتيل) رجُلاً برجُلَيْن.

335- (أخبرنا) :) : إبْراهِيمُ بنُ محمد، عن جَعْفَرِ بنِ مُحَمد عن أبيهِ: -أنَّ عليَّا رضي اللَّه عنهُ قالَ في ابن مُلْجِمٍ بِعْدَ مَا ضَرَبَهُ: أطعموه واسْقُوه وأحْسِنُوا أسَارِه فَإِنْ عِشْتُ فأنَا وَلِيّ دَمِي أعْفو إنْ شِئْتُ وإنْ شِئْتُ استقدمت وإنْ مت فقتلتُمُوهُ فَلاَ تُمَثِّلُوا.

336- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريّ، عن طَلحَةَ بن عَبْدِ اللَّه بن عَوف، عن سَعِيد بن زَيْدٍ بن عَمرو بن نفيل (هو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة) : -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مالهُ فهو شَهِيد".

337- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن أبي الزّنَادِ، عن الأعرجِ، عن أبي هريرَةَ، رضي اللَّه عنه: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: لَوْ أَنَّ امْراءٍ اطَّلَع عَلَيْكُمْ بِغَيْر إذْن فَحَذَفْتُهُ بحَصَاةٍ فَفَقَأتَ عَينَهُ ما كاَنَ علَيْكَ جُنَاح".

338- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، أخبرنا: الزُّهْرِيُّ قالَ: -سَمِعْتُ سَهْلَ بن سَعْدٍ يقُولُ: اطَّلَعَ رَجُلٍ مِنْ حُجْرٍ في حُجَرَةِ النبيِّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ وَمَعَ النبيِّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ مِدرّاً يَحُكُّ بِهَا رَأسَهُ فَقَال النبيُّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ: لَوْ أَعلَمُ أنَّكَ تَنْظرُ لَطَعَنْتُ بِه في عَينِكَ إنَّما جُعِل الاستئذَانُ مِنْ أَجْلِ البَصَر".

339- (أخبرنا) : الثَّقَفي، عن حُميد: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ كَانَ في بَيْتِهِ رَجُلاً اطَّلَعَ عليه فَأهْوَى له بمشقص (المشقص نصال السهم إذا كان طويلا غير عريض فإذا كان عريضاً فهو المعبلة) كان في يده كأنه لَوْ لَمْ يتأخر لَمْ يُبَالِ أَنْ يَطْعَنهُ.

340- (أخبرنا) : مَرْوانُ، عن إسمَاعِيلَ بنِ أَبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حَازِمٍ قَالَ: -لَجَأَ قَوْمٌ إِلَى خَثْعَمَ فَلَمَّا غَشِيَتُهمْ المسلمُونَ استعْصموا بالسجود فقتلوا بَعضَهُم فبلغَ النبيَّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ فَقَالَ: " اعقِلُوهم نِصْفَ العقْلِ لِصَلاتِهم ثُمَّ قَالَ عندَ ذلِكَ: ألاَ إنّي بَرِئ مِنْ كُلِّ مُسلِمٍ مَع مُشْرِكٍ" قَالُوا يا رَسُولَ اللَّهِ: لِمَ؟ قَال: ألا تَرَيَا نَارَهُما.

341- (أخبرنا) : مُطَرّف بنُ مَازنٍ، عن مَعمَرٍ، عن الزُّهْرِيّ، عن عُرْوَةَ قال: -كَانَ أبو حُذَيفةَ ابن اليَمانِ شَيْخاً كَبِيراً فَرُفِعَ في الآطَّامَ (الهودج ستره الثياب) مَعَ النِّسَاءِ يَوْمَ أحُدٍ فَخَرج يَتَعَرَّضُ للشَّهَادَةِ فَجاء مِنْ نَاحِيَةِ المشركينَ فابتَدَرَهُ المسلِمُون فتَرشَّقُوهُ بأسيَافِهم وحُذَيفة يَنظُر وَيَقُول أبي أبي ولاَ يَسْمَعُونَهُ من شغل الحرب فقتَلُوه فَقَالَ حُذَيفة: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وهُوَ أَرْحمَ الرَّاحِمِينَ فَقضَى النبيَّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ فِيهِ بِدِيَّةٍ.

342- (أخبرنا) : يَحْيَ بنُ حَسَّانَ أنبأنا: اللَّيْثُ بنُ سَعْد، عن ابنِ شِهَابٍ عن ابن المسيّب عن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: -أَنَّ النبيَّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَضَى في جَننينَ امرأة مِنْ بني لحيَانَ سَقَطَ مَيّتاً بِغُرّة عضبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ثُمَّ قَالَ:

إن المرأة التي قضى عَلَيْهَا بالغُرّةِ تُوفيتْ فقَضَى رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ بِأَنَّ مِيرَاثَها لإبنها وزوجهَا والعقْلَ عَلَى عَصَبتها (وفي مخطوط آخر قال الشافعي رضي الله عنه: فإن قال قائل ما الخبر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالجنين على العاقلة قيل له: أخبرنا: الثقة قال الربيع وهو يحي ابن حسان عن الليث بن سعد عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه) 343- (أخبرنا) : مَالَكُ بن أَنَس، عن ابنِ شِهَابٍ، عن ابنِ المسَيّب: -أنَّ النبيَّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَضَى في الجَننينَ يُقْتَلُ في بَطْنِ أمّهِ بغرَّة (الغرة من العبيد: الذي يكون ثمنه نصف عشر الدية) عَبْدٍ أوْ ولِيدَةٍ فَقَالَ الَّذِي قضِي عليه كيف أغَرَمُ في مَنْ لا شَرِبَ ولاَ أَكَلَ وَلاَ نَطَقَ وَلاَ استَهَلّ ومِثلُ ذلِكَ بَطَلْ؟! فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ: «إنَّمَا هذَا مِنْ إخوَانِ الكُهَّان» .

344- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن عَمرو، عن طَاوسٍ أنَّ عُمَر بن الخَطَّاب رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قال: -أُذَكّرُ اللَّه امرءاً سَمِعَ من النبيَّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ في الجَننينَ شَيْئاً فقَامَ حَمَلُ بن مَالك بن النَّابِغةِ فقَال: كُنْتُ بَيْنَ جَارِيَتَينِ لي فضَرَبَتْ إحداهُمَا الأخْرَى بِمسطَح (المسطح بالكسر عود من أعواد الخباء) فألقتْ جنيناً مَيّتاً فقضَى فيه رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ بغُرَّة فَقَال عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: إن كدنا لنقضِيَ في مِثل هذَا برَأينَا.

345- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن عَمرو بن دِينَارٍ، وابنِ طَاوسٍ، عن طَاوسٍ أنَّ عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قال: -أُذَكّرُ اللَّه امرءاً سَمِعَ من النبيَّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ -[104]- في الجَننينَ شَيْئاً فقَامَ حَمَلُ بن مَالك بن النَّابِغةِ فقَال: كُنْتُ بَيْنَ جَارِيَتَينِ لي يعني ضرَّتين فضَرَبَتْ إحداهُمَا الأخْرَى بِمسطَح فألقتْ جنيناً مَيّتاً فقضَى فيه رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ بغُرَّة فَقَال عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: لَوْ لَمْ نسمَعْ هذَا لقضَيْنَا فِيه بِغيْرِ هذا. قَالَ الرَّبِيع، قال الشَّافعيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: فَإِنْ قَالَ قائِلٌ ما الْخَبَرْ بأنَّ النبيَّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّم قضَى بالجنِينِ عَلَى العاقِلة؟ قِيلَ: أخبَرَنا: الثِقَةُ قَالَ الرَّبِيع وهو يَحْيَ بنُ حَسَّانَ عن اللَّيْثُ بنُ سَعْد، عن ابنِ شِهَابٍ عن ابن المسيّب عن أبي هُرَيْرَة.

346- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن مُطَرّف، عن الشَّعْبِيّ، عن أبي جُحَيْفَةَ قالَ: - سألتُ علياً رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: هَلْ كاَنَ عِنْدَكُمْ من النبي صلى الله عليه وسلم شَئٌ سوَى القُرآنِ؟ قالَ: والَّذِي فَلَقَ الحبَّة، وَبَرَأ النَّسَمَةَ إلا أن يؤتِيَ اللَّهُ عَبْداً فهما في القُرْآنِ وَمَا في الصَّحيفةِ؟ قُلتُ ومَا في الصَّحيفَة قال: العقْلُ وفَكَاكُ الأَسير ولاَ يَقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ.

347- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن مُطَرّف، عن الشَّعْبِيّ، عن أبي جُحَيْفَةَ قالَ: - سألتُ علياً رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: هَلْ كاَنَ عِنْدَكُمْ من رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَئٌ سوَى القُرآنِ؟ فقالَ: لا والَّذِي فَلَقَ الحبَّة، وَبَرَأ النَّسَمَةَ إلا أن يعْطي اللَّهُ عَبْداً فهما في القُرْآنِ وَمَا في الصَّحيفةِ؟ قُلتُ ومَا في الصَّحيفَة قال: العقْلُ وفَكَاكُ الأَسير ولاَ يَقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وفي مَوْضِعٍ آخَر ولاَ يَقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ.

348- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ أبي الْحُسَين، عن عطَاءٍ وطَاوسٍ أحْسبه قَالَ ومُجَاهِدٍ والْحَسن: -أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ يوم الفَتْح: «لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» .

349- (أخبرنا) : مُسْلِمٌ، عن ابنِ أبي الْحُسَين، عن عطَاءٍ وطَاوسٍ ومُجَاهِدٍ والْحَسن: -أَنَّ النبيَّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ في خُطبَته عاَمَ الفَتْح: «لاَ يُقْتَلُ مُسْلمٌ بِكَافِرٍ» قَالَ: هذَا مُرْسَلٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.

350- (أخبرنا) : مُحَمَّدُ بنُ الْحَسَن أنْبَأَنَا: إبرَاهِيمُ بنُ مُحَمّد، عن مُحمد ابن المُنْكَدِرِ، عن عبد الرَّحْمنِ بنِ البيْلماني (هو مولى عمر رضي الله عنه) : -أنَّ رَجُلاً مِنَ المسْلِمين قَتَل رَجُلاً مِنْ أهْلِ الذِّمة فَرُفِعَ ذلِكَ إلى رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ فقَال: «أنا أحَقُّ مَن أوفَى بِذِمَّتِهِ ثُمَّ أمَرَ بِه فَقُتِلَ» .

351- (أخبرنا) : مُحَمَّدُ بنُ الْحَسَن أنْبَأَنَا: قيسُ بنُ الرَّبيعِ الأَسَدِيَّ، عن أبَانَ بن تَغلبَ، عنِ الحَسَنِ بن مَيْمُون، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ مولى بني هاَشِم، عن أبي الْجَنُوب الأسديّ قال: -أُتِيّ عَليُّ بنُ أبي طالبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ بِرَجُلٍ مِن المسْلِمِينَ قتَل رَجُلاً مِنْ أهل الذِّمةِ قَالَ: فقَامتْ عليهِ البَيِّنَة فأمرَ بقتْلِه فَجَاءَ أخوهُ فقَال: إنِّي قدْ عفوتُ عنه قالَ فلعَلَّهم هَدَّدُوكَ، أوْ فَرَّقُوكَ (الفرق بالتحيرك: الخوف والفزع) أوْ فَزَّعُوكَ (الفزع الخوف في الأصل ويوضع موضع الإغاثة والنصر لأن من شأنه الإغاثة والدفع عن الحريم وهنا جاء بمعنى الخوف) ؟ قالَ: لا ولكِنْ قَتْلُهُ لاَ يَرُدّ عَلَيّ أخي -[106]- وعوَّضُوني فرضيتُ قالَ: أنْتَ أعلَمُ، منْ كَانَ لَهُ ذِمَّتُنا فَدَمُهُ كدمِنَا وديتُهُ كدِيَتِنَا.

352- (أخبرنا) : مُحَمَّدُ بنُ الْحَسَن أنْبَأَنَا: محمدُ بن يزيد أنْبَأَنَا: سُفْيَانُ ابن الْحُسَين، عن الزُّهْرِيّ: -أن شاسٍ الجذَاميّ قتل رجُلاً من أنْبَاطِ (النبط جيل معروف كانوا ينزلون بالبطائح بين العراقيين) الشأمِ فَرُفِعَ إلى عثمانَ بن عَفَّان رضي الله عنه فأمرَ بقتْلِه فَكَلَّمه الزُّبَيْرُ ونَاسٌ من أصْحابِ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَال: فجعل ديتَهُ ألف دِيناَرٍ.

353- (أخبرنا) : مُحَمَّدُ بنُ الْحَسَن أنْبَأَنَا: محمدُ بن يزيد أنْبَأَنَا: سُفْيَانُ ابن الْحُسَين، عن الزُّهْرِيّ، عن سَعِيد بن المسَيّبِ قالَ: -دِيةُ كُلّ مُعَاهِدٍ في عهدِه ألف دِيناَرٍ.

354- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن صَدَقَةَ بنِ يَسَارٍ قالَ: -أرسَلْناَ إلَى سَعِيد بن المسَيّبِ نَسْألُهُ عن دِية المُعاَهَدِ فقَالَ: قضى فيه عثمانَ بن عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأربعةِ الآفٍ قال فقُلْناَ: فمن قبله؟ قال: فَحَصَبنا. قال الشَّافعيُّ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: همُ الَّذِين سألوه أخيراً.

355- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن صَدَقَةَ بنِ يَسَارٍ قالَ: -أرسَلْناَ إلَى سَعِيد بن المسَيّبِ نَسْألُهُ عن دِية اليَهُودِيّ والنّصْرَانِيّ فقَالَ سَعيد: قَضَى فِيه عثمانَ بن عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: بِأربعةِ الآفٍ.

356- (أخبرنا) : فُضيلُ بنُ عِيَاضٍ، عن مَنصُور، عن ثَابت، عن سَعِيد -[107]- بن المسَيّبِ: -أَنَّ عُمَر بن الخَطَّاب رَضِيَ اللَّهُ عنهُ قَضى في اليَهُودِيّ والنّصْرَانِيّ أربعة الآف أربعة الآف وفي المجوسيّ بثمانِيَ مائة.

357- (أخبرنا) : مَالَكُ بن أَنَس، عن ابنِ شِهَابٍ، عن ابنِ المسَيّب وأبي سَلَمة، عن أبي هريرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه: -أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: " العَجْماءُ (العجماء: البهيمة سميت به لأنها لا تتكلم وكل مالا يقدر على الكلام فهو أعجم ومستعجم) جُرْحُها جُبَار".

358- (أخبرنا) : مَالَكُ بن أَنَس، عن ابنِ شِهَابٍ، عن حرام بن سَعِيد ابن محيصة: -أن نَاقَةً لِلْبَرَّاء بن عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطاً لِقَوم فَأَفسدتْ فقضى رسول اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ عَلَى أهْلِ الأَمْوَال حِفْظُها بِالنَّهار وما أَفسدتْ المَوَاشِي باللَّيلِ فَهُو ضَامنٌ عَلَى أهْلِها.

359- (أخبرنا) : أيّوب بن سُويد، أَخْبَرَناَ: الأَوْزَاعِيّ، عن الزُّهْرِيّ حرام ابن محيصة عن الْبَرَّاء بن عَازِبٍ: -أن نَاقَةً لِلْبَرَّاء بن عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِط رَجُل مِن الأَنْصار فَأَفسدتْ فيه فقضى رسولُ اللَّهِ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ عَلَى أهْلِ الحوائط حِفْظُها بِالنَّهار وعَلَى أهْلِ المَوَاشِي وما أَفسدتْ مَاشِيتهم باللَّيلِ.

360- (أخبرنا) : سُفْيَان، عن الزُّهْرِيّ عن ابنِ المسَيّب: -أَنَّ عُمَر بن الخَطَّاب رَضِيَ اللَّهُ عنهُ كَانَ يَقُولُ: الدية لِلْعَاقِلَ وَلاَ تَرِث المرْأة مِن دِيَة زَوْجِها شيْئاً حَتَّ أَخْبَره الضَّحَاك بن سُفْيَان أَنَّ النبيَّ صلَّى الَّلهُ عليهِ وسلَّمَ كَتَبَ إلَى الضَّحَاك بن سُفْيَان أَنْ ورث امرأة أشيعة الضبابي من ديته قاَلَ ابن شِهَابٍ وكان أشيعة قُتِلَ خَطَأً.

361- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عليّ بنِ زَيْدِ، عن ابن جُدْعَانَ، عن القاسِم ابنِ رَبِيعَةَ، عن ابنِ عُمَرَ: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ: " ألاَ أَنَّ ففي قَتِيلَ العمدِ الخطأَ بالسَّوْطِ والعَصَا مائةً مِنَ الإبِلِ مغلَّظَةً مِنْهَا أرْبَعونَ خلفةً في بطونها أولاَدُهَا.

362- (أخبرنا) : الثقفيُّ، عن خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عنِ القَاسِم بنِ رَبِيعةَ، عن عُقْبَة بنِ أوس، عن رَجُل من أصْحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم مِثلُه.

363- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن بن أبي بَكْرٍ، عن أبِيهِ: -أنَّ في الكتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم لِعَمْرو بنِ حَزْم في النَّفْسِ مائة مِنَ الإِبِلِ.

364- (أخبرنا) : مُسْلمُ بنُ خالِدً، عن ابنِ جُرَيْجٍ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ: -في الدّيَاتِ في كِتَابِ النبِيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لِعَمْرو بنِ حَزْم وفي النَّفْسِ مائةٌ مِنَ الإِبِلِ قالَ ابنُ جُرَيْجٍ: فَقُلتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ أَفِي شك أنتُم مِنْ أنَّهُ كتابُ النبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ؟ قَالَ: لاَ.

365- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن ابن طَاوسٍ، عن أبِيهِ يَعني بِذَلِك.

366- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن يَحْيَ بن سعِيد، عن عَمْرو بنِ سعيد: -أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي مدلج (وفي نسخة مدبج) يُقَالُ لَهُ قَتَادَة حَذَفَ ابنَهُ بسَيْفٍ فَأَصَابَ ساقَهُ فَنَزَى (يقال نزف دمه ونزف أي إذا جرى ولم ينقطع) مِنْ جِرْحِه فَماتَ فعد سُرَاقَة بنِ مالك جَشْعَمَ عَلَى عُمَرَ بن الخَطَّاب فَذكَرَ لَهُ -[109]- ذلِكَ فَقَالَ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: أعددني على قُدَيْد (موضع بين مكة والمدينة) عشرين ومائة بَعِير حِينَ أقْدِمُ عَلَيْكَ فلما قدم عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عنْهُ أخذَ مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ ثلاثين حُقَّة وثلاثين جَزْعة وأَرْبَعينَ حَلفة ثُمَّ قَالَ أخو المقتول؟ قَالَ ها أنا ذا قَالَ خُذهَا فَإِنَّ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: قَالَ: «لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَئْ» .

367- (أخبرنا) : مُسلِمُ، بن خاَلِد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّه بن عُمَر، عَنْ أيّوب بن مُوسى، عَنِ ابن شِهَابٍ وعن مكحُول وعَطَاء قَالوا: -أدْرَكْنَا النَّاس عَلَى أنّ دِيَةَ المُسلِم الحُرّ عَلَى عَهْدِ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مِائةٌ مِنْ الإِبل فَقَوَّمَ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ تِلْكَ الدية عَلَى أهل القُرَى ألفَ دينار أو اثنا عَشَرَ ألفَ دِرْهَم ودية الحُرة المُسْلِمَة إذَا كاَنَتْ مِنْ أهْلِ القُرى خَمْسَمائة دِينَار أَوْ ستة آلافِ دِرْهَم فَإِن كَانَ الَّذِي أصَابَهاَ مِن الأَعراب ففديتُهَا خمسون مِنْ الإِبِل وَدِية الأَعْرَابيَّة إِذَا أَصَابَهَا الأَعرابي خمسونَ من الإبل لا يُكلَّفُ الأعرَابيّ الذَّهب ولا الوَرِقَ (الورق بكسر الراء الفضة وقد تسكن حكى القتيبي عن الأصمعي أنه إنما اتخذ أنفا من ورق بفتح الراء أراد الرق الذي يكتب فيه لأن الفضة لا تنتن قال: وكنت أحسب أن قول الأصمعي أن الفضة لا تنتن صحيحا قال بعض أهل الخبرة إن الذهب لا يبليه الثرى يصدئه الندى ولا تنقصه الأرض ولا تأكله النار فأما الفضة فإنها تبلى وتصدأ ويعلوها السواد وتنتن) .

368- (أخبرنا) : مُسلِمُ، بن خاَلِد، عَنْ ابن جُرَيْجٍ، عَن عَمرو بن شُعَيْب قَالَ: -كَانَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقوم الإبِل عَلى أهْل القُرَى أربعمائة دِينَار -[110]- أَوْ عَدلها مِنْ الوَرِق ويقسمها عَلى أثمان الإبل فإِذَا غلت رَفع قيمتها وإذا هانت نقص من ثمنها على أهل القرى الثمن ما كان.

369- (أخبرنا) : مَالِكُ بنُ أنَس، عن عَبْدِ اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ، عن أبِيهِ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: -أنَّ فِي الكتابِ الَّذِي كَتَبَهُ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم لِعَمْرو بن حَزْمِ وفِي الأنف إِذا أدعى جدعاً مِنَ الإبِلْ وفِي المامُومة ثلاث لِلنَفْسِ وفي الجائفة مِثْلُهَا وَفِي اليَدِ خَمْسُونَ وفِي الرجل خمسون وفِي كل إصبعِ مِمَّا هُنَالَكَ عَشْرِ مِنَ الإبِلِ وفِي السن خَمْسٌ وفِي الموضحّه خَمْس.

370- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن عَبْدِ اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ بن محمد بن ِعَمْرو بن حَزْمِ عَن أبيه: -أَنَّ فِي الكتابِ الَّذِي كَتَبَهُ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم لِعَمْرو بن حَزْمِ: وفِي كلّ أصبِعِ مِمَّا هُنَالَكَ عَشْرٌ مِنَ الإبِلْ.

371- (أخبرنا) : إسْمَاعِيلُ بن عُلَيَّةَ بِإِسْنَادِهِ عَن أبي مُوسى قَالَ: -قال رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: «في الأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ» .

372- (أخبرنا) : مَالِكُ بنُ أنَس، عن عَبْدِ اللَّهِ بن أبي بَكْرٍ، عن أبِيهِ: -أنَّ فِي الكتابِ الَّذِي كَتَبَهُ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم لِعَمْرو بن حَزْمِ وفِي الموضحة خَمْسٌ.

373- (أخبرنا) : سُفْيَانُ وعبد الوَهَّابِ الثقفيُّ، عن يَحْيَ بن سعِيد، عن سَعِيد بن المسَيَّب: -أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ قَضَى في الإِبْهام بخمسَةَ عشَر، وفي التي تَلِيها بعشَرة، وفي الوُسْطَى بعَشَرة، وفي التي تلي الخنصَر بسبع (وفي مخطوط آخر بتسع) وفي الخنصر بستّ.

374- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن زَيد بن أَسْلَمَ عن مُسْلم بنِ جُندُب، عن أسلَم مَوْلَى عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ تعالى عنْهُ: -أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ قضى في الضّرْس بِجمَلٍ، وفي التُّرْقُوقَة (هي العظم بين ثغرة النحر والعاتق ولا تضم التاء) بجملٍ، وفي الضّلع (هو واحد الضلوع) بجملٍ.

375- (أخبرنا) : الثقَةُ، عن عبد اللَّهِ بنِ الحارِث إنْ لَمْ أكُنْ سَمِعتُهُ مِنْ عبدِ اللَّهِ، عن مَالك بن أنس، عن يَزِيد بنِ قَسَيْطٍ، عن سعيد بن المسَيّب: -أَنَّ عُمَرَ وعُثمان رضيَ اللَّهُ عنْهُما قَضَيا في المِلطاة (الملطى بالقصر والملطاة القشرة الرقيقة بين عظم الرأس ولحمة الشجة أن توضح) بِنصْفِ دِيَة الموضِحةِ.

376- (أخبرنا) : مُسلِمُ، عَنْ ابن جُرَيْجٍ، عَن الثَّوريَّ، عن مالكٍ، عن عن يَزِيد عبدِ اللَّهِ بنِ قَسَيْطٍ، عن ابن المسَيّب عُمَرَ وعُثمان رضيَ اللَّهُ عنْهُما بمثله أو مثل معناه. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: وأخبرني من سَمِعَ ابن نافِع يَذْكُر عن مالك بِهذَا الإسْناد مثله قَالَ الشَّافِعِيُّ: وقَرأنا عَلَى مالك، إنا لا نعلم أحدا من الأئمة في القَدِيم ولاَ في الحديث قَضى فِيما دونَ الموضِحةِ (الموضحة: وهي التي تبدي وضح العظم أي بياضه وما كان منها في الرأس والوجه) بشيء.

377- (أخبرنا) : محمَد بنُ الحَسن، أنبَأَناَ: مالكٌ أخبَرَنَا: دَاودُ بن الحُصَين أنَّ أبا غَطفان ابن طريفٍ المُرِّي أخبرهُ: -أنَّ مروان بن الحكم أرسلَهُ إلَى ابنِ عَبَّاسٍ يسأله ما في الضّرسِ (الضرس: السن وهو مذكر ما دام له هذا الإسم لأن كلها إناث إلا الأضراس والأنياب) فَقال ابن عَبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنْهُما فِيهِ -[112]- خَمْسٌ مِنَ الإبل فَرَدَّنِي مروان إلَى ابن عَبَّاسٍ فَقَالَ: افتَجْعَلَ مقدَّمُ الفم مثل الأضْراس؟ فَقَالَ: ابنُ عَبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنْهُما: لو أنكَ لا تعتَبرُ ذلِكَ إلاَّ بالأصابع عقلَها سَوَاءٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: فَهَذَا مِمَّا يَدُلك عَلَى أنَّ الشَّفَتَيْنِ عَقلُهما سَواء وَقَدْ جاء فِي الشَّفَتَيْنِ سِوى هذا آثارٌ.

377- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريّ، عن سعيد بن المسَيّب أَنَّهُ قَالَ: -عَقْلُ العَبدِ فِي ثُمنِهِ.

378- (أخبرنا) : يَحْيَ بن حَسَّانٍ، عَنِ اللَّيْثَ بن سَعد، عن الزُّهْريّ، عن سعيد بن المسَيّب أَنَّهُ قَالَ: -عَقْلُ العَبدِ فِي ثُمنِهِ كَجِرَاحُ الحُرّ في دِيتِه وقَالَ ابنُ شِهَابٍ وَكاَن رِجالٌ سِوَاه يَقُولُونَ يُقَوّمُ سِلْعة.

كتاب القسامة (القسامة بفتح القاف إسم للأيمان التي تقسم على أولياء الدم مأخوذة من القسم وهو اليمين وأول من قضى بها الوليد بن المغيرة في الجاهلية وأقرها الشارع في الإسلام) .

كتاب القسامة (القسامة بفتح القاف إسم للأيمان التي تقسم على أولياء الدم مأخوذة من القسم وهو اليمين وأول من قضى بها الوليد بن المغيرة في الجاهلية وأقرها الشارع في الإسلام) .

379- (أخبرنا) : مَالِكُ بنُ أنَس، عن ابنِ أبي لَيْلى بنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الرحمن عَنْ سَهْل بنِ أبي خَثْعَمَةَ: -أَنَّهُ أخْبرَه وَرِجالاً مِنْ كُبراء قَوْمِهِ أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن سَهْل بنِ أبي خَثْعَمَةَ ومُحيَّصَةَ خَرَجَا إلَى خَيْبَر مِن جَهْد أصَابَهُمَا فَتَفَرَّقَا فِي حَوائِجهَا فَأَتَي مُحَيَّصَةَ فأَخْبر أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن سَهْل قَدْ قتلَ وَطُرِحَ في فتير أو عيْنُ فَأَتَي يهودَ فَقَال أنْتُمُ وَاللَّه قَتَلْتُمُوهُ قَالُوا: وَاللَّه مَا قَتَلْنَاه فأَقْبَل حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَومِه فَذَكَرَ لَهُمْ فأقْبَل هُوُ وَأخوهُ حُوَيَّصَة وَهُو أكْبرُ منْه وَعَبْدُ الرَّحْمن بنُ سَهْلٍ أخو المَقْتُول فَذَهَبَ مُحَيَّصَة يَتَكَلَّمَ وَهُو الَّذِي

كَانَ بِخَيْبَر فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم لِمُخَيّصَةَ كَبّره كَبّرَ يُرِيدُ السّنَّ فَتَكَلَّمَ حُوَيَّصَةَ ثم تَكَلَّمَ مُحَيَّصَة فقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحبَكم وإِمَّا أَنْ يؤذنُوا بِحَرْبٍ فَكَتَبَ إِلَيْهِم رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَكَتَبُوا إنَّا وَاللَّه مَا قَتَلْنَاهُ فقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم لحُوَيَّصَةَ ومُحَيَّصَة وَعَبْدِ الرَّحْمنِ تَحْلفون وتَسْتَحِقونَ دَمَ صَاحِبِكُم قَالُوا: لاَ قَالَ: فَتَحلِفُ لَكُمْ يَهُودُ؟ قَالُوا: لاَ لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ فَوَادَهُ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم مِنْ عِنْدِهِ فَبَعث إليهم بِمَائَةَ نَاقَةٍ حَتَّى إذَا أُدخِلَت عليهم الدَّار فَقَالَ سَهْلٌ: لَقَدْ رَكَضَني منها نَاقَةٌ حَمْرَاءَ.

380- (أخبرنا) : عَبْدُ الوهَّابِ بنُ عَبْدِ المَجيدِ الثّقفيُّ، عن يَحْيَ بن سعِيد، عن بشِيرِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْل بنِ أبي خَثْعَمَةَ: -أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن سَهْل ومُحيَّصَةَ ابنَ مَسعُود بنِ جُعَيْدٍ خَرَجَا إلَى خَيْبَر فَتَفَرَّقَا لِحاجتِهِما فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بن سَهْلٍ فانْطَلَقَ هو وَعَبْدُ الرَّحْمن أخو المَقْتُول وحُوَيَّصَةَ بنُ مَسْعُودٍ إِلَى رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ قَتْلَ عَبْدَ اللَّهِ بن سَهْل فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم تَحْلفون خَمسِين يميناً وَتَسْتَحِقونَ دَمَ قَاتِلكم أَوْ صَاحِبِكُم قَالُوا يَارسولَ اللَّهِ: لَمْ نَشْهَدْ ولَمْ نَحْضَرْ فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَتُبْرِئكم يَهُودُ بخَمسِين يميناً فَقَالُوا يَا رسُولَ اللَّه كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمانَ قَوْمٍ كفَّارٍ فَزَعَم أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم عَقَلَهُ مِن عِنده فَقَالَ بشِيرِ بنِ يَسَارٍ قَالَ سَهْل: لَقَدْ رَكَضَتني فَرِيضَةٌ مِنْ تِلكَ الفَرَائِضْ في مِرْبِدٍ لَهَا.

381- (أخبرنا) : مَالِكُ بنُ أنَس، عن ابنِ أبي لَيْلى بنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الرَّحمنِ بنِ سهل: -أَنَّ سَهْل بنِ أبي خَثْعَمَةَ (في النسخ المخطوطة خثمة والذي في خلاصة تهذيب الكمال وصحيح مسلم حثمة) أخْبرَه وَرِجالاً مِنْ كُبراء قَوْمِهِ أنَّ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ لحُوَيَّصَةَ ومُحيَّصَةَ وعَبْدِ الرَّحمنِ: " تَحْلفون وتَسْتَحِقونَ دَمَ صَاحِبِكُم قَالُوا: لاَ قَالَ: فَتَحلِفُ يَهُودُ.

382- (أخبرنا) : سُفْيَانُ ابنُ عُيَيْنَةَ، والثقفيُّ، عن يَحْيَ بن سعِيد، عن بشِيرِ بنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْل بنِ أبي خَثْمَةَ: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم بَدَأَ بالأَنْصَاريين فَلمّا لَمْ يَحلِفُوا رَدَّ الأَيمانَ عَلَى يَهُودَ.

383- (أخبرنا) : مَالِكُ بنُ أنَس، عنِ ابنِ شِهَابٍ، عنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ: -أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي سَعدِ بنِ لَيْث أجْرَى فَرَساً فَوَطِئَ عَلَى أصْبَع رجل مِنْ جُهَينَةَ فنزىَ فِيهَا فمَاتَ فَقَالَ عُمَرُ لِللَّذِي ادّعى عليهم: تَحْلفون خَمسِين يميناً مَامَاتَ مِنْهَا فأبَوا وَتَحَرَّجُوا مِنَ الأَيمانِ فَقَالَ لِلآخرِين احلفوا أنتُم فَأبَوا.

كتاب الجهاد (كان الأمر بالجهاد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة فرض كفاية وأما بعده فللكفار حالان أحدهما: أن يكونوا ببلادهم فالجهاد فرض كفاية على المسلمين في كل سنة فإذا فعله من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين الثاني: أن يدخل الكفار بلدة من بلاد المسلمين أو ينزلوا قريبا منها فالجهاد حينئذ فرض عين عليهم فيلزم أهل ذلك البلد الدفع للكفار بما يمكن منهم) .

كتاب الجهاد (كان الأمر بالجهاد في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة فرض كفاية وأما بعده فللكفار حالان أحدهما: أن يكونوا ببلادهم فالجهاد فرض كفاية على المسلمين في كل سنة فإذا فعله من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين الثاني: أن يدخل الكفار بلدة من بلاد المسلمين أو ينزلوا قريبا منها فالجهاد حينئذ فرض عين عليهم فيلزم أهل ذلك البلد الدفع للكفار بما يمكن منهم) .

384- (أخبرنا) : الثّقةُ، عَنْ مُحَمد بن أبانَ، عن عَلقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، عن سُلَيمان ابنِ بُرَيْدَةَ، عن أبيه: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم كَانَ إذَا بَعَثَ -[115]- جَيْشاً أمَّرَ عَلَيْهِمْ أمِيراً وَقَالَ: «فَإِذَا لَقِيتَ عَدُواًّ مِنَ المشرِكين فَادعُهُم إلَى ثَلاثَ خِلاَلٍ أو ثَلاثَ» خصَالٍ" شَكَّ علقَمَةُ ادْعُهُمْ إلى الإِسْلاَم فَإِنْ أَجَابُوكَ فا وَكُفَّ عنهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التحوُّل مِنْ دَلرِهِمْ إلى دَارِ المُهَاجِرِينَ وَأَخْبرهُمْ إن هُمْ فَعَلُوا أنَّ لهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وإنَّ عَلَيْهم مَاعَلَيْهم فَإنْ هُمْ اخْتَارُوا المُقَامَ في دَارِهم فهم (في مخطوط آخر: في دارهم فأخبرهم أنهم كأعراب) كَأَعراب المُسلمِينَ يَجري عَلَيهم حُكم اللَّه كما يَجْرِي عَلَى المُسلمِينَ وَلَيْسَ لَهُمْ في الفيءِ شئ إلا أنْ يُجَاهِدُوا مع المُسْلِمينَ فَإِنْ لَمْ يُجِيبُوكَ فادعُهُمْ إلَى أنْ يَعْطُوا الجزيَةَ (في مخطوط آخر: الجزية عن يد وهم صاغرون) فَإِنْ فَعَلُوا فاقْبَلْ مِنْهُمْ (في نسخة: فاقبل منهم ودعهم) وَإِنْ أَبَوْا فَاستَعِنْ بِاللَّه وقَاتِلهُمْ.

385- (أخبرنا) : الثّقةُ، يَحْيَ بن حَسَّانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ أَبانَ، عن عَلقَمَةَ بنِ مَرْثَدٍ، عن سُلَيمان ابنِ بُرَيْدَةَ، عن أبِيهِ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم كَانَ إذَا بَعَثَ جَيْشاً أمَّرَ عَلَيْهِمْ أمِيراً وَذَكَرَ الحديث.

386- (أخبرنا) : سُفْيَانُ ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمرو بنِ دِينَارٍ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: -لَمَّا نَزَلَتْ هذِهِ الآيَةُ (إنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ (الأنفال 65)) فَكَتَبَ عَلَيْهِمْ أن لاَ يَفِرُّوا العِشْرُونَ مِنَ المائتَين فأنزلَ عَزَّوَجلَّ: (الْئنَ خَفَّفَ عنْكُمْ وَعَلِمَ أنَّ فيكُمْ ضَعفاً فإنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِأَتَينِ (الأنفال 66)) فخَفَّفَ عنْهُمْ أنْ لا يَفِرّ مِأةٌ مِنَ مَائَتَيْنِ.

387- (أخبرنا) : سفْيَانُ، عَن ابنِ أبي نَجيح، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: -مَنْ فَرَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ فَلَمْ يَفِرَّ مِنْ اثنينِ فَقَدْ فَرَّ.

388- (اخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ يَزيدَ بنِ أبي زياد، عن عَبْدُ الرَّحْمن ابنِ أبي لَيْلى عَن ابنِ عُمَرَ قَالَ: -بَعَثَنَا رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم في سَرِيّةٍ فلقُوا العَدُوّ فَحاصَ النَّاسُ حَيْصَةً فأتينَا المدينة فَفَتحنا بَابَهَا وَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّه: نَحْنُ الفَارُّونَ (في مخطوط آخر: نحن الفرارون) قَالَ: بلْ أنتُم الكارّون (في مخطوط آخر: أنتم الكرارون) وأَنَا فئتُكُم".

389- (أخبرنا) : سفْيَانُ، عَن عَبْدَ المَلك بنِ نَوفَل، عَن مسَاحِق، عَن ابنِ عِصَام، عن أبِيهِ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّم كَانَ إذَا بَعَثَ سَرِيَّةَ قَالَ: «إنْ رَأيتُمْ مَسْجِداً أوْ سَمِعْتُمْ مُؤَذِّناً فَلاَ تَقْتُلُوا أحَداً» .

390- (أخبرنا) : عبد الوَهَّابِ الثقفيُّ، عن حُمَيد، عن أنَس قَالَ: -سَارَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم إلَى خيْبَر فانْتَهَى إليْهَا لَيْلاً وكَانَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم إذَا طَرَقَ قَوْماً لَمْ يَغِرْ عَلَيْهِمْ حَتى يُصْبحُ فَإنْ سَمِعَ أذاناً أمْسَكَ وإنْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلّون أغاَر عَلَيْهِمْ حين يُصْبحُ فَلَمَّا أصْبَحَ رَكبَ ورَكِبَ المسْلمُونَ وَخَرَجَ أهلُ القَرْيَةِ ومَعَهُمْ مَكَالمُهم ومَسَاحِيهم فَلَمَّا رَأوْا رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: «اللَّهُ أكْبَرُ ضربَت خيْبَر إنّا إِذَا نزَلْنَا بِسَاحةِ قَوْم فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِين» قَالَ أنَس وَأنَّى لَرَدِيفُ أبي طَلْحَةَ وأنّ قَدَمي لَتَمَسُّ قَدَمَ رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم.

391- (أخبرنا) : عَمْرو بنُ حُبَيب، عَنْ عَبْدِ اللَّه بنِ عَوْن: -أَنَّ نَافِعاً كَتَبَ إليْهِ يُخبرهُ أن ابن عُمَرَ أخبَره أَنَّ النبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ أغَارَ عَلَى بَني المُصطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ (غارون: أي غافلون) في نعمهم بالمُرَيْسَع فقَتَلَ المُقَاتِلَةَ وسَبَى الذرّيةَ.

392- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن يَحْيَ بن سعِيد، عَنْ عُمَرَ بنِ كَثِير بنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أبِي قَتَادَةَ الأَنْصَاري قَال: -خَرَجْنَا مَعَ رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم عَامَ حُنَيْنٍ فَلَمَّا التَقَيْناَ كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ فَرَأيْتُ رَجُلاً مِنَ المُشْرِكِينَ قَدْ عَلاَ رَجُلاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ فَاسْتَدَرْتُ لَهُ حَتَّى أَتَيْتَه مِنْ وَرَائِه فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً فَأَقْبَلَ عَليَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدتُ مِنْهاَ رِيحَ المَوْتِ ثُمَّ أَدْرَكَهُ المَوْتُ فَأَرْسَلَنِي فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ لَهُ (وفي صحيح مسلم: فلحقت عمر بن الخطاب فقال: ما الناس؟ فقلت أمر الله) مَابَالُ النَّاس؟ فَقَالَ اَمْرُ اللَّهِ ثُمَّ إنَّ النَّاسَ رَجَعُوا فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» فَقُمْتُ فقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ فَقَالَهَا الثَّانِيَةَ فَقُمْتُ فقُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ فَقَالَهَا الثَّالِثَة فَقُمْتُ في الثَّالِثَة فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: مَالَكَ يَا أبَا قَتَادَةَ؟ فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّة فقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: صدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وسَلَبُ ذلِكَ القَتِيلِ عِنْدِي فأرْضِه عَنِّي فقَالَ أبُو بَكْرٍ: لاَهَا اللَّهُ (قال النووي في شرح مسلم: هكذا في جميع روايات المحدثين في الصحيحين وغيرهما «لاها الله إذا» بالألف وأنكر الخطابي هذا وأهل العربية وقالوا: هو تغيير من الرواة وصوابه «لاها الله ذا» بغير ألف في أوله وقالوا: وها بمعنى الواو التي يقسم بها فكأنه قال: لاوالله ذا وفي هذا الحديث دليل على أن هذه اللفظة تكون يميناً قال أصحابنا إن نوى بها اليمين كانت يميناً وإلا فلا لأنها ليست متعارفة في الأيمان والله أعلم) إذاً لاَ يَعْمِدُ إلَى أسَدٍ مِنْ أُسْد اللَّهِ يقَاتِلُ

عنِ اللَّه (عن الله: أي يقاتل في سبيل نصرة دين الله وشريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولتكون كلمة الله هي العليا) فيُعْطِيكَ سلبَهُ فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: صَدَقَ فأعطِهِ إيَّاهُ قَالَ أبُو قَتَادَةَ: فأعْطَانِيه فبِعْتُ الدِّرْع فابْتَعْتُ به مُرْفاً في بَنِي سَلَمَةَ فإِنَّهُ لأَوَّلَ مَالٍ تأثلْتُهُ في الإسلام قال: مَالِك المخْرفْ (المخرف بفتح الميم والراء قال القاضي عياض: رويناه بفتح الميم وكسر الراء كالمسجد والمسكن بكسر الكاف والمراد بالمخرف البستان وقيل السكة من النخل تكون صفين يخرف من أيها شاء أي يجتني) النَّخْلُ.

393- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن الزُّهْريِّ، عنِ ابنِ كَعْبٍ بنِ مالِك، عَنْ عَمِّه: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم نَهَى الَّذِينَ بَعَثَ إلى ابنِ أبي الحُقَيْقِ عن قَتْلِ النِّسَاء والوُلْدَان.

394- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن الزُّهْريِّ، عنِ ابنِ كَعْبٍ بنِ مالِك، عَنْ عَمِّه: -أَنَّ النبيَّ صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم لَّما بَعَثَ إلى ابنِ أبي الحُقَيْقِ نَهى عن قَتْلِ النِّسَاء والوُلْدَان.

395- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن الزُّهْريِّ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ، عنِ الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِي: -أَنَّ النبيَّ صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم سُئِلَ عن أهلِ الدَّارِ منَ المشْرِكين يُبَيَّتُونَ فيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وأبْناَئِهِمْ؟ -[119]- فقالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: «هُمْ مِنْهُمْ» ورُبَّماَ قَالَ سُفْيَانُ في الحديثِ هُمْ من آبائِهِمْ.

396- (أخبرنا) : سُفْيَانُ ابنُ عُيَيْنَةَ، عن الزُّهْريِّ، عن عُبَيْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُتْبَةَ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ، قالَ: -أخبرَنِي الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ أَنهَّ سَمِعَ النبيَّ صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم سُئِلَ عن أهلِ الدَّارِ منَ المشْرِكين يُبَيَّتُونَ (يبيتون: أي يغار عليهم بالليل بحيث لا يعرف الرجل من المرأة والصبي) فيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وذَرَاريِّهِمْ (الذراري: بتشديد الياء والمراد بالذراري هنا النساء والصبيان) فقالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: «هُمْ مِنْهُمْ» زاد عَمْرو بنِ دينار، عنِ الزُّهْريِّ،: «هُمْ مِنْ آبائِهِمْ» .

397- (أخبرنا) : أبو ضَمْرَةَ، عن مُوسَى بن عُقْبَةَ، عن ناَفِعٍ، عن ابنِ عُمَر: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم حَرَّقَ أموال بنِي النَّضِير.

398- (أخبرنا) : إبْراهيمُ بنُ سعْدٍ، عن ابنِ شِهَابٍ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم حَرَّقَ أموال بنِي النَّضِير فقَالَ قَائِلٌ (في صحيح مسلم: هو حسان بن ثابت الأنصاري) : وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ (السراة بفتح: السين أشراف القوم ورؤساؤهم) بَنِي لُؤَيّ * حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ (المستطير: المنتشر) .

399- (أخبرنا) : أنَسُ بنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُوسَى بنِ عقبةَ، عن ناَفِعٍ، عن ابنِ عُمَر: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قطعَ نَخْلَ بنِي النَّضِير وحَرَّقَ وهي الْبُوَيْرَةِ.

400- (اخبرنا) : بَعْضُ أصْحَابِناَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ جَعْفَر الزُّهْرِيِّ قَالَ: -سمِعتُ ابنِ شِهَابِ يُحدِّثُ عنْ عُرْوةَ، عنْ أُسَامة بن زَيْدٍ قَالَ: أمَرنِي رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم أنْ أُغِيرَ صَبَاحاً عَلَى أهْلِ أبْنَاءَ فأحَرِّقَ.

401- (أخبرنا) : الثقفيُّ، عن حُمَيد، عن مُوسَى بن أنَس، عَنْ أنَسِ ابنِ مَالِك: -أنَّ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رضيَ اللَّهُ تعالى عنْهُ سَألَهُ إذَا حَاصَرْتُم المدينة كَيْفَ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: نبْعثُ الرَّجُل إلَى المدِينة ونَصْنَعُ لَهُ هَنأ منْ جُلُود. قالَ أرأيتَ إن رُميَ بحجَر قُلتُ: إذاً يُقتلُ قالَ: فَلا تَفْعلوا فَوالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ ما يَسُرَّنِي أنْ تَفْتَحُوا مدينةَ فيها أربعةُ آلاف مقاتِلٍ بتضيع رجل مُسْلم.

402- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن يزِيدَ ابْنِ خصيفة، عن السَّائب بن يزيدَ: -أنَّ النبيَّ صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم ظاهر يَومَ أُحُدٍ بَيْنَ درْعين (أي جمع ولبس أحدهما فوق الأخرى) .

403- (أخبرنا) : الثقفيُّ، عن حُمَيد، عَنْ أنَسِ ابنِ مَالِك قالَ: -لَّما حاصَرْنا تُسْتَر فنَزَلَ الهُرْمَزَانُ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ تعالى عنْهُ فَقَدِمْتُ بِهِ عَلَى عُمَرَ فلمَّا انتَهَينَا إليْهِ قالَ لَهُ عُمَرُ: تَكَلَّم قَال: كَلاَمَ حَيّ أوْ كَلاَمَ مَيّتٍ. قال: تَكَلَّم لاَ بأْس قَال: إناّ وإِيَّاكُمْ معَاشِرَ العرب ما خَلاَ اللَّه بينَناَ وَبَيْنَكُمْ كُنَّا نَتَعَبَّدُكُمْ وَنُغْصِبُكُمْ (الغصب: أخذ مال الغير ظلماً وعدوانا) فَلمَّا كَانَ اللَّهُ مَعَكُمْ لَمْ يكُنْ لنا بكُمْ يدَانِ فقال عُمَرَ: ماَتَقُولُ؟ فقُلْتُ يَا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ تَرَكْتُ بَعْدِي عَدُواً كثِيراً وشَوْكَةً شَديدَةً فَإنْ قَتَلْتَهُ يئِسَ القَوْمُ من الحياةِ فيكون أشد لِشَوْكتهم فقال عُمَرُ: قاتِلُ البَراء بنِ مالك، ومجْزأة بن ثُور

فلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَقْتُلَهُ قُلْتُ: لَيْسَ إلَى قَتْلِهِ سَبيلٌ قَدْ قُلْتَ لَهُ تَكَلَّم لاَ بأْس فقال عُمَرُ: ارتَشيتَ (الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة والراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل والمرتشي الآخذ) فأصَبتَ منهُ فقُلتُ: واللَّهِ ما ارتَشيتُ ولا أصَبت منهُ قَالَ: لتَأتينيّ عَلَى مَاشهدت به بغيركَ أوْ لاَ بُدَّان بعقُوبتِكَ قالَ فَخَرجتُ فلقيت الزُّبيرَ بنَ العَوَّام فَشَهِدَ مَعِي فَأَمسَكَ عُمَرُ وأَسلَم وفَرَضَ لَهُ.

404- (أخبرنا) : الثّقفيّ، عَن أيُّوبَ، عَن أبي قِلابَةَ، عن أبي المهَلَّب، عن عُمْرانَ ابْنِ الحُصَيْن رضيَ اللَّهُ عنْهُ قَالَ: أَسَرَ أصْحَابُ رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم رَجُلاً مِنْ بَنِي عَقِيل فَأوْثَقُوهُ وَطَرحُوه فِي الحرة فَمرَّ به رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم ونَحْنُ مَعَهُ أوْ قَالَ أَتى عَلَيْهِ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم وَهُوَ عَلَى حِمَار وتَحتَهُ قَطِيفَة فَناَداه: يَا محمدُ يا مُحَمَّدُ فَأَتَاهُ النبيُّ صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَقَالَ مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: فَبِمَ أُخَذَتْ وَفِيمَ أُخِذَتْ سَابقَهُ الحاجّ فَقَالَ: أُخِذَتْ بِحَرِيرَةَ حلفَائِكُم ثَقِيفٍ وكاَنَتْ ثقِيفُ أَسَرَتْ رَجُلَين مِنْ أصْحاَبِ النَّبِيّ صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَتَرَكَهُ وَمَضَى فَناَدَاهُ يَا مُحَمدُ يامُحَمَّدُ فَرَحِمَهُ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَرَجَع إليْه فَقَالَ مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إنِّي مُسْلِمٌ فَقَالَ: لَوْ قُلْتهَا وَأنْتَ تملِكُ أَمْرَكَ أفْلَحتَ كُلَّ الفَلاَح قَالَ فَتَرَكَهُ وَمَضَى فَناَدَاهُ يَا مُحَمدُ يامُحَمَّدُ فَرَجعَ إليْهِ فَقَالَ: إنِّي جَائِعٌ فَأطعمني وأحسِبُه قَالَ فَإِنِّي عَطشَانٌ فأسقنِي قالَ: هذِهِ حاَجَتُكَ

فَفَداهُ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم بِالرَّجُليْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْهُما ثَقِيفٌ وأخَذَ ناقَتَهُ تِلْكَ.

405- (أخبرنا) : حَاتِمُ بنُ إسماَعِيلَ، عَنْ جَعْفَرِ يَعنِي ابن مُحَمَّد، عن أبيهِ، عن يزِيدَ بنِ هُرْمُزَ: -أنَّ نَجْدَةَ كَتَبَ إلَى ابْنُ عَبَّاس يسألهُ عَنْ خِلالٍ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّ نَاسَا يَقُولُونَ أن ابْنُ عَبَّاس يُكاَتِبُ الْحَرُورِيَّةَ وَلَوْلاَ أَنِّي أخَافُ أَنْ أكتُمَ عِلماً لَمْ أكْتُبْ إليْهِ نَجْدَةُ (هو نجدة الحروري رئيس النجدية والحرورية خرج من جبال عمان فقتل الأطفال وسبى النساء وأهرق الدماء واستحلال فروج والأموال وكان يكفر السلف والخلف ويتولى ويتبرأ وكان رديا مردياً يأخذ بالقرآن ولا يقول بالسنة أصلا) أمَّا بَعْدُ: فَأَخْبِرنِي هلْ كاَنَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يَضْرِبُ لَهُنَّ بسَهْمٍ، وهَل كَانَ يقتل الصِّبيانَ؟ ومَتَى يَنْقضِي يُتمُ اليتيمَ، وهن الخُمْسِ لِمنْ هُوَ؟ فَكَتَبَ إليْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنْهُما: إنك كَتَبْتَ إليَّ تَسْأَلُنِي هَلْ كاَنَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يَغْزُو بِالنِّساءِ؟ وَقَدْ كاَنَ يَغْزُو بِهِنَّ فَيُدَاوِينَ المرضى ويُحْذَيْن (يحذين بضم الياء وإسكان الحاء المهملة وفتح الذال المعجمة أي يعطين تلك العطية وتسمى الرضخ وفي هذا أن المرأة تستحق الرضخ ولا تستحق السهم) مِن الغَنِيمة وأمَّا السَّهمُ فَلَمْ يَضْرِبُ لَهُنَّ بسهْمٍ، وأنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم لَمْ يَقْتُل الوِلدان فَلا تقتلهم إلاَّ أنْ تَكُونَ تعْلم مِنْهُم مَا عَلِمَ الخَضِرُ مِن الصّبيّ الَّذي قَتل فَتُميّزُ بَيْنَ المُؤمِنُ والكَافِرُ فَتَقْتُل الكافر وتَدَعُ المؤمن، وكَتَبْتَ مَتَى يَنْقضِي يُتمُ اليتيمَ؟ وَلَعَمْري أنَّ

الرَّجُلَ لتَشِيبُ لحيتُهُ وأنَّه لَضَعيفُ الأخْذِ َضَعيفُ الإِعْطاءِ فَإِذَا أخذَ لِنَفْسِهِ مِنْ صاَلح ما يَأخذُ فَقَدْ ذَهَبَ عنه اليُتم (قال النووي في شرح مسلم: معنى هذا متى ينقضي حكم اليتيم ويستقبل بالتصرف في ماله وأما نفس اليتم فينقضي بالبلوغ وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتم بعد الحلم) وكَتَبْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الخمس وإنَّا كُنَّا نَقُولُ هُوَ لَنَا فأبَى ذلِكَ عَلَيْناَ قومُناَ فصَبَرناَ عليه.

406- (أخبرنا) : عَبْدُ العزيزِ بن مَحمَّد، عن جَعْفَر بنِ محَمَّد، عن أبيهِ، عن يزيدَ بنِ هُرْمُز: -أنَّ نَجْدَة كتَب إلَى ابنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنْهُما هَلْ كاَنَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يَغْزُو بِالنِّساءِ وهلْ كاَنَ يَضْرِبُ لَهُنَّ بسهْمٍ، فَقَالَ: قَدْ كاَنَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يَغْزُو بِالنِّساءِ فَيُدَاوِينَ الجرْحَى وَلَمْ يكُنْ يَضْرِبُ لَهُنَّ بسهْمٍ ولكن يُحْذَيْن مِن الغَنِيمة.

407- (أخبرنا) : الشَّافِعِيُّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ قَالَ: وَسَمِعْتُ ابن عُيَيْنَةَ يُحَدِّثُ عنِ الزُّهْرِيِّ: - أَنَّه سَمِعَ مَالِكَ بن أوْس بنِ الحَدَثانِ يَقُول سَمِعْتُ عُمَرَ بن الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ والعَبَّاسَ وعليّ بن أبي طالب رضيَ اللَّهُ عنْهُما يَخْتَصِمان إليْه في أمْوالِ النبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: كاَنَتْ أمْوالَ بَنِي النَّضِيرِ ممَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِمَّا لَمْ يُوجِفْ (في النهاية: لم يوجفوا عليه بخيل ولا ركاب الإيجاف: سرعة السير وقد أوجف دابته يوجفها إيجافا إذا حثها) عَليْه المُسْلِمُونَ بخَيْلٍ وَلاَ رِكاَبٍ فَكاَنَتْ لِرَسُولِ اللَّه صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ خالصاً دونَ المُسْلمين فَكاَنَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يُنْفِقُ مِنْهاَ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ فَما فَضَل جَعَلَه في السِّلاَحِ والْكُرَاعِ عدَّةً

في سَبيلِ اللَّه ثُمَّ تُوفيَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَولِّيَهاَ أَبُو بَكْر الصدّيقُ رضيَ اللَّهُ عنْهُ بمثْلِ ما وليها بِه رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم ثُمّ وليتُهاَ بمثْلِ ما وليها رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم وأَبُو بَكْر الصدّيقُ رضيَ اللَّهُ عنْهُ ثُمَّ سَألْتُماني أنْ أوليكُماهاَ فَوَليتُكُماها عَلَى أنْ لاَ تَعْملاَ فيها إلا بمثْلِ ما وليها رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم وأَبُو بَكْر الصدّيقُ رضيَ اللَّهُ عنْهُ ثُمَّ وليتُماها فَجِئتُمانِي تَخْتَصِمانِ أتُرِيدانِ أنْ أدْفَعَ إلى كلّ واحدٍ مِنْكُما نِصفاً؟ أتُرِيدانِ مِني قَضَاءً غَيْرَ ما قَضَيْتُ بِه بَيْنَكُما أولاً؟ فَلاَ وَالَّذِي بِإِذنِهِ تَقُوم السمَواتُ والأرضُ لاَ أَقضي بَيْنَكُما قضَاءً غَيْرَ ذلِكَ فَإنْ عجزَتُما عَنْها فادفعاها إليّ أكفيكُماَهاَ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: قَالَ لِي سُفْيَانُ لَمْ أسْمَعْ مِنَ الزُّهْرِيِّ ولَكِنْ أخْبَرنِيهِ عَمرو بنِ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قُلتُ كما قَصَصْت؟ قَالَ نَعَمْ.

408- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن نافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَرضيَ اللَّهُ عنْهُ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةَ فِيها عَبْدُ اللَّهِ بنِ عُمَرَ قِبَل نَجْدٍ فَغَنَمُوا إبلاً كثيرَةً فَكاَنَتْ سهمانُهم اثني عَشَر بَعِيراً أوْ أَحَدَ عَشَرَ بَعِيراً ثمّ نُفِّلوا (أي زادهم على سهما نهم ويكون من خمس الخمس) بَعِيراً بَعِيراً.

409- (أخبرنا) : الثِّقَةُ مِنْ أصْحَابِناَ، عن إسْحاَق الأزْرَقِ الواسطيّ عن عُبيد اللَّه بنِ عُمَر (وفي مخطوط آخر: عبيد الله بن عبد الله بن عمر) عن نافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَرضيَ اللَّهُ عنْهُ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ضَرَبَ لِفَرسِ بِسَهْمين وللفَارِسِ بسهم.

410- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن هِشَامٍ بْنِ عُرْوةَ، عَن يَحْيَ بنِ عَبَّادِ ابنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ الزُّبَير: -أَنَّ الزُّبيرَ بنَ العَوَّامِ كاَنَ يَضْرِبُ في المغنمِ بأَربعة أَسْهُم سهْمٌ لَهُ وسهْمَينِ لِفَرَسِهِ وسهْمٍ في ذوي القُربَى. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: يعني واللَّه أعلم سهْمُ ذوي القُربَى سهْمُ صَفِّية أمّه وقَدْ شَكَّ سُفْيَانُ أَحفَظه عن هشَام، عَن يَحْيَ سَماعاَ ولَمْ يشك سُفْيَان أنَّه حديث هشام عن يَحْيَ هُوَ وَلاَ غيرُهُ مِمَّنْ حَفِظَ عن هِشَام.

411- (أخبرنا) : مُطَرّفُ بنُ مازِنٍ، عن معمَر بنِ راشدٍ، عن ابنِ شِهَابٍ قَالَ: أخْبَرَنِي: محَمَّد بنُ جُبَيْر بنِ مُطْعم، عَنْ أبيهِ قَالَ: -لَّما قَسَم رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم سَهمَ (السهم في الأصل واحد السهام التي يضرب بهافي الميسر وهي القداح ثم سمي به ما يفوز به الفالج بسهمه ثم كثرحتى سمى كل نصيب سهماً ويجمع السهم على أسهم وسهام وسهمان) ذِي القُرْبَى بَيْنَ بَنِي هاشم وبَني المطّلب أتيتُهُ أَناَ وَعُثمانُ بنُ عَفَّان رضيَ اللَّهُ عنْهُ فَقُلناَ يَا رَسُولَ اللَّه: هَؤلاَءِ إخوانُناَ مِنْ بني هاشم لاَ نَنْكُرُ فضلَهُم لمكانك الَّذِي وَضَعَكَ اللَّه بِهِ مِنْهُم أرأيت إخوانناَ من بني المطّلب أعطيتَهُمْ وتَركْتَناَ أو منَعْتَناَ فَإنَّما قَرَابَتُناَ وَقَرَابتُهم وَاحِدَة فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: " إنمَّا بنُو هاشم وبَنُو المطّلب شَئٌ واحِدٌ هكَذَا وَشبَّكَ بَيْنَ أصابِعِهِ.

412- (أخبرنا) : احسبه داود بنُ عبدُ الرَّحْمنِ العطَّار، عن ابنِ المبَارَك، عن يُونسَ، عنِ الزُّهْرِيِّ، عن جُبَيْر بنِ مُطْعم،: -عن النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مِثْلُ معْناه.

413- (أخبرنا) : الثِقَةُ، عن محَمَّد بنِ إسحاَقَ، عن ابنِ شِهَابٍ، عن سعِيد ابنِ المسَيّب، عن جُبَيْر بنِ مُطْعم: -عن النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مِثْلُ معْناه. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: فَذَكَرتُ ذلِكَ لمُطَرّفُ بنُ مازِنٍ أنَّ يونَسَ وابنَ إسحَاقَ رَويا حَدِيثَ ابنَ شِهابٍ عَنِ ابْنِ المسَيّب قَالَ: حَدَّثَنا مَعمر كما وَصَفْتُ فَلَعَلَّ ابنِ شِهاَبٍ رَواهُ عَنْهُماَ معاً.

414- (أخبرنا) : عَمّي محَمَّد بنُ علي بن شافع، عن عليّ بنِ الحُسَين،: -عَنْ رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم مِثْلَهُ وزَادَ: «لَعَنَ اللَّه مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ بني هاشم وبَني المطَّلب» .

415- (أخبرنا) : الثِقَةُ، عن ابنِ شِهاَبٍ عَنِ ابْنِ المسَيّب عن جُبَيْر بنِ مُطْعم قال: -لَّما قَسَم رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم سَهمَ ذِي القُرْبَى بَيْنَ بَنِي هاشم وبَني المطّلب ولَمْ يُعْطِ مِنْهُ أحداً مِنْ بَني عَبْدِ شمْسٍ ولاَ بَني نَوفَل شيْئاً.

416- (أخبرنا) : إبْراهيمُ بنُ محَمَّد، عن مَطرِ الوَرَّاق وَرجل لم يُسَمِّه كلاهما عنِ الحكم بنِ عُتَيْبَةَ عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ أبي لَيْلَى قَالَ: -لَقِيتُ علياًّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ عند أحْجَارِ الزَّيتِ فقُلْتُ لهُ: بأبي أنت وأُمِّي ما فَعَل أبُو بَكْر وعُمرُ رضيَ اللَّهُ عنْهُما في حَقِّكم أهلَ البَيْتِ من الخمس؟ فَقَالَ عليّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: أمَّا أبُو بَكْر فَلَمْ يكُنْ في زَماَنِهِ أخماَسٌ وَما كاَنَ فَقَدْ أوْفَاهُ، وأما عُمرُ فَلَمْ يَزَلْ يُعْطِيناَ حَتى جَاءهُ مالُ السُّوسِ والأهْوازِ أو قال الأهواز أوْ قالَ فارِس أنا أشك يَعْني الشَّافِعِيُّ فَقَالَ في حَدِيثِ مطرٍ أو حَدِيث الآخر

فَقَالَ في المسْلِمِينَ خلّة فَإِنْ أحْبَبْتُم تركتُم حَقّكُم فَجَعَلْناَهُ في خُلّة المسْلِمِينَ حَتى يَأْتِيناَ مالٌ فأوفيكم حَقّكُم منْه فَقَالَ العَبَّاس: لا تطعمهُ في حَقنا فقُلتُ له يا أَبَا الفضل: أَلَسْناَ أحَق مَنْ أجَابَ أمير المؤمنين ورَفَعَ خُلّة المسلمين فتوفيَ عُمَرُ قَبْلَ أنْ يأتيهُ مال فَيَقْضِيَناه وَقَالَ الحَكَمُ في حَدِيث مَطرٍ والآخر: أنَّ عُمَرَ قَالَ: لَكُمْ حَقٌ وَلاَ يبلغَ علمي إذَا كثر أنْ يكُون لكم كله فإِنْ شئتم أعطيتكم منه بقدر ما أرَى لكم فأبَينا عليه إلاَّكلّه فأبى أنْ يُعْطِينا كُلَّهُ.

417- (أخبرنا) : سُفْيَانُ ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمرو بنِ دِينَارٍ، عنِ الزُّهْرِيِّ، عن مَالِكُ بن أوْسٍ أنَّ عُمَرَ بن الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ قال: -ما أحدٌ إلاَّ وَلَهُ في هذا المال حقّ أعطِيهُ أوْ مُنْعَهُ إلاَّ ما مَلَكَت أيمانكُمْ.

418- (أخبرنا) : إبْراهيمُ بنُ محَمَّد، عن مُحَمَّد بنِ المُنْكَدِر، عن مَالِكُ بن أوْسٍ عن عُمَرُ رضيَ اللَّهُ عنْهُ نحوه قَالَ: -لَئِنْ عِشْتُ ليأتين الرَّاعِي بسر وحمير حقه.

419- (أخبرنا) : الثِقَةُ، عن ابْن أبي خالدٍ، عن قَيْس، عن جَرِير قَالَ: -كانَتْ بَجِيلَةُ ربعَ النَّاسِ فقسم لها رُبْعَ السوادِ فاستغلوا ثَلاَثاً أَوْ أرْبَعَ سنينَ أنا شَكَكْتُ ثمَّ قَدِمْتُ عَلَى عُمَرَ بن الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ ومَعي فُلاَنَةُ بِنتُ فُلاَنٍ إمْرأةٌ مِنْهُمْ قَدْ سَمَّهَا لا يَحضُرُني ذِكْرُ اسمها فَقَالَ عُمَرُ بن الخَطَّاب: لَوْلاَ أني قاسم مسئول لتْرَكْتُكُم على ما قُسِم لَكم ولكني أرَى أن تَرُدَّوا على النَّاسِ.

420- (أخبرنا) : سُفْيَانُ ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمرو بنِ دِينَارٍ، عنِ أبي جَعْفَر مُحَمدْ بن عليّ: -أنَّ عُمَرَ بن الخَطَّاب لمَّا دَوَّنَ الدّواوين قالَ: بمَنْ تَرُون أنْ أبْدَأَ؟ فَقِيلَ لَهُ: إبْدَأ بالأقْرب بك قَالَ: بلى أبْدَأ بالأقْرب فالأقرب بِرسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم.

421- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عُبَيْد اللَّه بنِ عُمَر، عن نافِعٍ مَوْلَى ابنِ عُمَر قالَ: -عُرِضْتُ عَلَى النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عَامَ أُحُدٍ (في صحيح مسلم أنه في عام أحد أي «في غزوة أحد» جرح وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه فكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسل الدم وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يسكب عليها بالمجن: أي يصب عليها بالترس"إلى آخره) وأناَ ابْنُ أربَع عَشرَةَ سَنةَ فردَّني ثمَّ عُرِضْتُ عَلَيه عَامَ الخَنْدَقِ (في هذه الغزوة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل مع أصحابه التراب ويقول: واللَّه لولا أنت ما أهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا * إن الأولى قد أبوا علينا وقال صلى الله عليه وسلم: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة * فأكرم الأنصار والمهاجرين) وأناَ ابْنُ خَمْسَ عَشرَةَ سَنةَ فأجازَنِي قالَ نَافِعٌ: فَحَدَّثْتُ بِهذَا الحديثِ عُمَر بنَ عَبْدِ العزِيزِ فَقَالَ: هذَا فَرْقٌ بَيْنَ المُقَاتِلةَ والدَّرّيةَ وكَتَبَ أن يُفْرَضَ لإبن خَمْسَ عَشرَةَ سَنةَ في المُقَاتِلةَ ومَنْ لَمْ يَبْلُغَهاَ في الدَّرّيةَ.

422- (أخبرنا) : ابْنُ أبي فُدَيْك، عن بْنِ أبي ذِئْبٍ، عن ناَفِعٍ، عن أبي هُرَيرَةَ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ: «لاَسَبَقَ إلاَّ في نَصْلٍ أوْ حَافِرٍ أو خُفّ» .

423- (أخبرنا) : ابْنُ أبي فُدَيْك، عن بْنِ أبي ذِئْبٍ، عن عَبَّادِ بنِ أبي صاَلحٍ، عن أبيه، عن أبي هُرَيرَةَ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: «لاَسَبَقَ إلاَّ في حَافِرٍ أو خُفّ» .

424- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن نافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَرضيَ اللَّهُ عنْهماُ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ أُضْمِرَتْ (يقال أضمرت وضمرت وهو أن يقلل علفها مدة وتدخل بيتاً كنيناً وتجلل فيه لتعرق ويجف عرقها فيجف لحمها وتقوى على الجري) .

باب ما جاء في الجزية (الجزية لغة: إسم لخراج مجعول على أهل الذمة وشرعا: مال يلتزمه الكافر على وجه مخصوص) .

باب ما جاء في الجزية (الجزية لغة: إسم لخراج مجعول على أهل الذمة وشرعا: مال يلتزمه الكافر على وجه مخصوص) .

425- (أخبرنا) : إبْراهيمُ بنُ محَمَّد قَالَ أخبَرَنِي: إسْماَعِيلُ بنُ أبي حَكيم، عن عُمَر بنَ عَبْدِ العزِيزِ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كَتَبَ إلى أهْلِ الْيَمنِ: " أنَّ عَلَى كُلّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ دِيناَراً كُلّ سَنَة أوْ قِيمَتَهُ من المعافِرِيّ (من المعافري: هي برود باليمن منسوبة إلى معافر وهي قبيلة باليمن) " يعني أهْلَ الذمة مِنْهم.

426- (أخبرنا) : مُطَرّفُ بنُ مازِنٍ وهِشَامُ بن يوسُفَ بإِسنَادٍ لا أحفَظُهُ غَيرَ أنَّهُ حَسَن: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فَرَضَ عَلَى أهْلِ الذِّمَّة مِن أهْلِ الْيَمنِ دِيناَراً كُلّ سَنَةٍ فَقُلْتُ لمُطَرّفُ بنُ مازِنٍ: فَإنَّهُ يُقَالُ وعَلَى -[130]- النَّسَاءِ أيْضاً فقالَ: أليس أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أخَذَ من النَّسَاءِ ثابِتاً عِنْدَناَ.

427- (أخبرنا) : إبْراهيمُ بنُ محَمَّد، عن أبِي الحُوَيْرِث: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ضَرَبَ عَلَى نَصرانيِّ بمكّةَ يُقَالُ لَهُ مَوهَب دِينَاراً في كُلِّ سَنَةٍ والنَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ضَرَبَ عَلَى نَصارى أيلَةَ ثَلاَثمائِة ديِنَار كُلَّ سَنةٍ وأنْ يُضِيفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ منَ المسلمينَ ثَلاثاً وَلاَ يَغشوا مُسْلماً.

428- (أخبرنا) : إبْراهيمُ أنبأنا: إسحاقُ بنَ عَبْدِ اللَّه: -أنَّهُم كاَنُوا يَوْمَئذٍ ثَلاَثمائِة فَضَرَبَ علَيْهم النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يومئذ ثَلاَثمائِة ديِنَار كُلَّ سَنةٍ.

429- (أخبرنا) : إبْراهيمُ بنُ محَمَّد، عن عَبْدِ اللَّه بنِ دِيناَر، عن سَعِيد الجارِيّ أوْ عَبْدِ اللَّه بنِ سَعِيد مَوْلَى عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ أَنَّ عُمَرَ قال: -ما نَصَارَى العَرَب بأهْلِ كِتاَبٍ وما تَحِلُّ لَناَ ذَبَا ئِحهم وَمَا أنَا بِتَارِكهم حتَى يُسْلِمُوا أوْ أضْربَ أعنَاقَهُم.

430- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ جَعْفَرِ يَعنِي ابن مُحَمَّد، عن أبيهِ،: -أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ ذَكَرَ المجوسَ فَقَالَ: مَا أَدرِي كَيْفَ أَصْنَعُ في أمْرِهم؟ فَقَالَ: لَهُ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنِ عَوْفٍ أشهَدُ لَسَمِعْتُ رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يَقُولُ: «سُنّوا بهم سُنَّةَ أهْل الكِتاَبِ» .

431- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن عَمرو بنِ دِينَارٍ: أَنَّهُ سَمِعَ بَجَالَةَ يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ -[131]- عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ أخذَ الجزيَةَ منَ المجوسِ حَتَّى شهِدَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنِ عَوْفٍ أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم أَخَذَهاَ منْ مَجُوسِ هَجَر.

432- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن أبي سَعِيد بن المَرْزُباَن، عن نَصر بن عاَصمٍ قَالَ: -قَالَ فَرْوَةَ بن نَوفَل الأَسْجَعِيّ عَلَى ما تُؤخذَ الجزْيَةُ منَ المجوسِ وليْسُوا بأهْلِ كتاَبٍ فقَامَ إليْهِ المُسْتَوْرِدُ فأخَذَ بلبّتِه وَقَالَ: يا عَدُوَّ اللَّه تَطْعَنُ عَلَى أبي بكر وعُمرَ وَعَلَى أميرِ المُؤمِنين يُعنى عَليًّا رضيَ اللَّهُ تعالى عنْهُم وقَدْ أخذُوا منْهُم الجزيَةَ فَذَهَبَ بِهِ إلى القَصْرِ فخرج عليْهِمْ عليّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ فقَالَ: اتّئدا فجلسا في ظلّ القصْرِ فَقَالَ عليٌ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: أنَا أَعلَمُُ النَّاسِ بالمجوسِ كاَنَ لهُمْ علمٌ يعلَمُونهُ وكتاب يدرِسونَهُ وأنّ ملكهُم سَكِر فَوَقَعَ على ابنَتِهِ أوْ أخْتِه فاطّلع عَلَيْهِ بعضُ أهل مملَكتِهِ فلمَّا صَحاَ جاؤُا يقِيمُونَ عَلَيْهِ الحدَّ فامتنعَ منهُمْ فدَعاَ آلَ مملَكَتِهِ فقَالَ: تعلَمُونَ دينناً خيراً مِنْ دين آدَمَ فَقَدْ كاَنْ آدَمُ يُنكِحُ بَنِيهِ مِنْ بَنَاتِهِ فَأنا عَلَى دِينِ آدَمَ ما يرغبُ بكُم عن دِينِهِ فبَايَعُوه وخَالفُوا الدينَ وقاتَلُوا الذين خالَفُوهم حَتى قتلوهم فأصْبَحوا وقد أسرى عَلَى كتاَبهم فرُفِعَ من بَيْن أظهرهم وذَهَب الْعلمُ الَّذِي في صُدُورهم وَهُمْ أهلُ كتاب وقَدْ أخذَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم وأبو بكر وعُمرَ رضيَ اللَّهُ تعالى عنْهُما منهُمْ الجزْيَةَ.

باب ما جاء في الحما (الحما: حماه يحميه حماية دفع عنه وهذا شئ حمى أي محظور لا يقرب وأحميت المكان جعلته حمى يقل كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضا في حيه استوى كلبه فحمى مدى عواء الكلب لا يشرك فيه غيره وهويشارك القوم في سائر ما يرعون فيه فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأضاف الحمى إلى الله ورسوله إلا ما يحمى للخيل التي ترصد للجهاد والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة وغيرها والقطع: يقال استقطعه أيجعل له قطاعا يتملكه ويستبد به وينفرد والإقطاع يكون تمليكا وغيرتمليك) والقطايع:

باب ما جاء في الحما (الحما: حماه يحميه حماية دفع عنه وهذا شئ حمى أي محظور لا يقرب وأحميت المكان جعلته حمى يقل كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضاً في حيه استوى كلبه فحمى مدى عواء الكلب لا يشرك فيه غيره وهويشارك القوم في سائر ما يرعون فيه فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأضاف الحمى إلى اللَّه ورسوله إلا ما يحمى للخيل التي ترصد للجهاد والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة وغيرها والقطع: يقال استقطعه أيجعل له قطاعا يتملكه ويستبد به وينفرد والإقطاع يكون تمليكا وغيرتمليك) والقطايع:

433- (أخبرنا) : سُفْيَانُ ابنُ عُيَيْنَةَ، عنِ الزُّهْرِيِّ، عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -[132]- عنِ ابنِ عَبَّاسٍ، عنِ الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قالَ: «لاَحِمَى إلاَّ للَّهِ ولِرَسُولِهِ» .

434- (أخبرنا) : عَبْدُ العزيزِ بن مَحمَّد، عن زَيد بن أَسْلَمَ، عن أبِيهِ: -أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب استعْمَلَ موْلاً لَهُ يُقَالُ لَهُ هُنَىّ على الحِمى فقَالَ لَهُ يَا هُنَىّ: ضمّ جَناحَكَ للنَّاسِ واتَّقِ دَعْوَةَ المظلوم فإنَّ دَعْوَةَ المظلوم مجَابَة وأدْخِلْ ربَّ الصُّرَيمةُ (الصريمة تصغير الصرمة وهي القطيع من الإبل والغنم قيل هي من العشرين إلى الثلاثين والأربعين وقوله أدخل رب الصريمة يعني في الحمى والمرعى يريد صاحب الإبل القليلة والغنم القليلة) وربَّ الغُنَيمة وإيَّاكَ ونَعَمَ ابنِ عَفَّانِ ونعمَ ابنِ عَوْفٍ فإنَّهما إنْ تهْلِكُ ماشيتُهُما يرْجَعَانِ إلى نَخْلٍ وزَرْعٍ وإن رَبَّ الغُنَيمة والصُّرَيمةُ يأتِي بعيالهِ فَيَقُولُ يا أَمِيرَ المُؤمِنِينَ: أفَتارِكَهُم أنَا لاَ أبَا لكَ فالْمَاء والكلاَء أهوَنُ عليَّ مِنَ الدنَانِير والدَّرَاهم وأيْمُ اللَّه لعلَى ذلِكَ أنهم ليرونَ أنّي ظلمتُهم أنَّهاَ لبِلادهم علَيْها في الجاهِليّةِ وأسلموا عليها في الإسلام وَلَولاَ المَالُ الَّذِي أحْمل عليْهِ في سبيلِ اللَّه ما حَمَيْتُ على المسلمين مِنْ بلادِهم شِبْراً.

435- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمرو بنِ دِينَارٍ، عن يَحْيَ بنِ جعدَ قالَ: -لَمَّا قَدِمَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم المدينة أقطَعَ النَّاسَ الدَّورَ فَقَالَ حَيّ مِن بَني زُهْرَة يقَالُ لهُمْ بَنُو عَبْدِ زُهْرَةَ: نَكِّبَ (أي نحا عنا: يقال نكب عن الطريق إذا عدل عنه ونكب غيره) عنَّا ابنُ أُمِّ عَبْدٍ فقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: " فَلِمَ ابْتَعَثَنِي اللَّهُ إذاً إنَّ اللَّه لا يُقَدِّسُ أمَّةً لا يُؤخذُ للضَّعِيفِ فيهم حَقَّهُ.

436- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن هِشام، عن أبِيهِ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم أقْطعَ الزُّبير أرْضاً وأنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ أقْطعَ العَقِيقَ (العقيق: هو واد من أودية المدينة مسيل للماء) أجمع وقَالَ: أينَ المُسْتَقْطِعُونَ؟ والعَقِيقُ قَرِبيٌ من المدينةِ.

باب ما جاء في أحياء الموات (الموات: الأرض التي لم تزرع ولم تعمر ولا جري عليها ملك أحد وأحياؤها مباشرة عمارتها وتأثير شئ فيها) :

باب ما جاء في أحياء الموات (الموات: الأرض التي لم تزرع ولم تعمر ولا جري عليها ملك أحد وأحياؤها مباشرة عمارتها وتأثير شئ فيها) :

437- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن هِشَامٍ، عن أبِيهِ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: " مَنْ أحْيَا مَوَاتاً فَهُوَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرقٍ (وليس لعرق ظالم حق: هو أن يجئ الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرساًغصباً ليستوجب به الأرض) " ظالمٍ حقٌ.

438- (أخبرنا) : سفْيانُ، عن ابنِ طاَوسٍ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ: «مَنْ أحْيَا مَوَاتاً من الأرضِ فهُو لَهُ وعَادِيُ الأرضِ لللَّهِ ورَسُولِهِ ثُمَّ هِيَ لكُمْ مِنّي» .

439- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن هِشَامٍ، عن أبِيهِ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: " مَنْ أحْيَا أرضاً مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ ولَيْسَ لِعِرقِ ظالمٍ حقٌ.

440- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، سالم، عن أبِيهِ: -أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ قَالَ: مَنْ أحْيَا أرضاً مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ.

441- (أخبرنا) : عَبْدُ الرَّحْمن بنُ الحسنِ بنِ القَاسم الأَزْرَقيُّ، عن أبِيهِ، عن علقمةَ بنِ نَضْلَةَ: -أنَّ أبَا سُفْيَانُ بن حرب قَامَ بفَناَءِ دَارِهِ فضَرَبَ برجله وقَالَ: سَنامُ الأرضِ أنّ لهاَ سنَاماً زعَم ابنُ فُرْقَدٍ الأَسلَمِيَّ أنِّي لا أعرِفُ حَقِّي منْ حَقِّهِ لِي بَياضُ المروَةِ ولهُ سوادها وَلِي ماَ بَيْنَ كذا إلى كذا. فَبَلَغَ ذلِكَ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ تعالى عنْهُ فَقَالَ: لَيسَ لأَحَدٍ إلاَّ ما أحَاطَتْ عليهِ جُدْرَانَهُ إن أحياء المواتِ ما يكُونُ زَرعاً أوْ حَفْراً أو يُحَاطُ بالجُدْراتِ وهو مثل إبطاله التحجير بغَيْرِ ما يُعَمّرُ (في المطبوع ما يعمر به) مثلُ ما يحجِّرُ.

باب ما جاء في المظالم (الظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه) :

باب ما جاء في المظالم (الظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه) :

442- (أَخبرنا) : الشَّافِعِيُّ أَنَّ مَالكاً أخْبَرَهُ عنِ عَمْرو بنِ يَحْيَ المازني، عن أبِيهِ: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ: «لاَضَرَرَ وَلاَ إضْرَارَ» .

باب ما جاء في الشراب (الشرب بالكسر الخط من الماء) :

باب ما جاء في الشراب (الشرب بالكسر الخط من الماء) :

443- (أَخبرنا) : مَالِكٌ، عنِ عَمْرو بنِ يَحْيَ المازني، عن أبِيهِ: -أنَّ الضَّحّاكَ ابنَ خَليفَةَ سَاقَ خَلِيجاً لهُ من العُرَيضِ فأَرَادَ أنْ يَمُرّ بِهِ في أرضٍ -[135]- لِمُحمَّدٍ بنِ مَسْلَمَةَ فأبَى مُحمَّد بنِ مَسْلَمَةَ فأمَرَهُ أنْ يُخَلِّيَ سبِيلَهُ قَال مُحمَّدُ بنِ مَسْلَمَةَ لاَ فَقَالَ عُمَرُ: لم تَمْنَعُ أَخَاكَ ما ينفَعُهُ وَهُو لكَ نافِعٌ تَشْرَبُ به أولاً وآخِراً وَلاَ يَضُرُّكَ فقَال مُحمَّدُ بنِ مَسْلَمَةَ لاَ فَقَالَ عُمَرُ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: واللَّهِ لَيُمرنّ بِه وَلَوْ عَلَى بَطنِكَ.

كتاب المزارعة (المزارعة: تسليم من الأرض لرجل ليزرعها ببعض ما تخرج منها والبذر من المالك) :

كتاب المزارعة (المزارعة: تسليم من الأرض لرجل ليزرعها ببعض ما تخرج منها والبذر من المالك) :

444- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عن ابن المسَيّب: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ للْيَهُودِ حِينَ افْتَتَحَ خيْبَر: «أقُرّكُمْ عَلَى مَا أقرّكُم اللَّه عَلَى أَنَّ الثَمَرَ بَيْننا وبَيْنَكُمْ» فَكانَ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يَبْعَثُ عَبْد اللَّه بنِ رَواحَة فيخرص بَيْنَهُ وبيْنَهُمْ ثمَّ يقُولُ: إنْ شِئْتُمْ فلكُمْ وَإنْ شِئْتُمْ فَلِي.

445- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عن سعيد بن المسَيّب: -أنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ للْيَهُودِ خيْبَر حِينَ افْتَتَحَ خيْبَر: «أقُرّكُمْ عَلَى مَا أقرّكُم اللَّه عَلَى أَنَّ الثَمَرَ بَيْننا وبَيْنَكُمْ» قال: فَكانَ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يَبْعَثُ عَبْد اللَّه بنِ رَواحَة فيخرص عليْهمْ ثُمَّ يقُولُ: إنْ شِئْتُمْ فلكُمْ وَإنْ شِئْتُمْ فَلِي فكاَنُوا يأخذونَهُ (تقدم هذا الحديث والذي يليه في كتاب الزكاة تحت رقم 660 و 659) .

446- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عنْ سُلَيْمَانَ بنِ يَسَارٍ: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم كانَ يَبْعَثُ عَبْد اللَّه بنِ رَواحَة فيخرص بينه وبين اليهود.

447- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن عَمْرو، عَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: -كُنَّا نخامر فَلا نَرَى بِذَلِكَ بأساً حتى زَعَمَ رافِع أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ نهى عنها فتركناها من أجل ذلك.

448- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَن رَبِيعَةَ بن عَبْدُ الرَّحْمنِ، عَن حَنْظَلَةَ بنِ قَيْسٍ: - أنَّهُ سَألَ رافِع بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاء الأَرْضِ فَقَالَ: نَهَى رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم عَنْ كِرَاء الأَرْضِ فَقَالَ: أَبِالَّذَهَب والوَرِقِ؟ فَقَالَ أَمَّا بِالَّذَهَب والوَرِقِ فَلاَ بأسَ بِه.

449- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عن سعيد بن المسَيّب: -أنَّه سُئِلَ عَنْ كِرَاء (وفي مخطوط آخر: عن استكراء) الأَرْضِ بِالَّذَهَب والوَرِقِ فَقَالَ لاَ بأسَ بِه.

450- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنِ هِشامِ بنِ عُرْوَةَ عن أبيه شَبِيهاً به.

451- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، سالم، بِمثْلِه.

452- (أخبرنا) : ابنُ أبي يَحْيَ، عن عَمرو بنِ دِينَارٍ، عنِ ابنِ عُمَرَ: -أَنَّه كاَنَ يَشْتَرِطُ عَلَى الَّذِي يُكِرِيهِ أَرْضَهُ أنْ لاَ يَعْيرَهاَ وذلِكَ قَبْلَ أنْ يدَعَ عَبْد اللَّهِ الْكِرَى.

كتاب اللقطة (بضم اللام وفتح القاف وإسكانها: لغة الشيء الملتقط وشرعا ما وجد من حق محترم غير محروز لا يعرف الواحد مستحقه) :

كتاب اللقطة (بضم اللام وفتح القاف وإسكانها: لغة الشيء الملتقط وشرعا ما وجد من حق محترم غير محروز لا يعرف الواحد مستحقه) :

453- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَن رَبِيعَةَ بنِ أبي عَبْدُ الرَّحْمنِ، عَن يزيد مَوْلَى المُنْبَعثِ، عَن زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيّ أَنَّهُ قالَ: -جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَسَألهُ عَنِ اللقطَةِ؟ فقَالَ: " اعْرِف عِفَاصَهاَ (العفاص بكسر العين وبالفاء والصاد المهملة وهو الوعاء التي تكون فيه النفقة جلداً كان أو غيره وقوله صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم أعرف عفاصها معناه: تعرف لتعلم صدق واصفها من كذبه ولئلا يختلط بماله ويشتبه) وَوَكائهاَ (الوكاء: هو الخيط الذي يشد به الوعاء) ثُمَّ عَرّفْهاَ سَنَةً فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهاَ وَإلاَّ فَشَأنَكَ بِهاَ".

454- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ أيّوب بن مُوسى، عَن مُعَاوِيَةَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ ابنِ بَدْرٍ: -أَنَّ أَبَاهُ أخْبَرَهُ أنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلاً بِطَرِيق الشَّأم فَوَجَدَ صُرَّةً فيها ثمانُونَ دِيناَراً فَذَكَرَ ذلِك لعُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: عَرّفَها عَلَى أبوابِ المسَاجِدِ واذْكُرهاَ لِمَن يَقدمُ من الشَّأم سَنَةً فَإنْ مَضَتْ السَّنَةُ فَشَأنَكَ بِهاَ.

455- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ: -أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ لُقَطَةً فَجاَءَ إلى عبدِ اللَّهِ ابنِ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عنْهُما فَقَالَ: إنِّي وَجَدْتُ لقطَةً فَمَاذَا تَرَى؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: عَرّفَها قَالَ قَدْ فَعَلْتُ قَالَ: زدْ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ قَالَ: زدْ قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ قَالَ قَال: لاَ آمُرُك أن تأكُلَها وَلَوْ شِئْتَ لَمْ تَأْخُذهاَ.

باب ما جاء في اللقيط (اللقيط: يقال ملقوطا ومنبوذا ودعيا) :

باب ما جاء في اللقيط (اللقيط: يقال ملقوطا ومنبوذاً ودعيا) :

456- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عن سُفْيَانُ بنِ جُمَيلَة رَجُلٌ مِنْ بَني سليم: -أنَّهُ وَجَدَ مَنْبُوذاً (المنبوذ: اللقيط وسمي اللقيط منبوذاً لأن أمه رمته على الطريق) في زَمَانِ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ فَجَاءَ بِه إلى عُمَرَ بنَ الخَطَّاب فَقَالَ: ماَ حَمَلَكَ على أَخْذ هذِهِ النّسمة (النسمة: بمعنى النفس والروح) ؟ قَال: وجَدْتُها ضَائعة فأخذتها فَقَال له عُريفة يا أمير المؤمنين: إنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ فَقَالَ: أَكذلك؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ عُمَرَرضيَ اللَّهُ عنْهُ: إِذْهَبْ فَهُو حُرٌ وَلَكَ وَلاَءَهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَته.

كتاب الوقف (الوقف هو التحبيس والتسبيل بمعنى واحد وهو لغة الحبس يقال: وقفت كذا أي حبسته ولا يقال أوقفته إلا في لغة تميمية وشرعا: حبس مال يمكن الإنتفاع به مع بقاء عينه) .

كتاب الوقف (الوقف هو التحبيس والتسبيل بمعنى واحد وهو لغة الحبس يقال: وقفت كذا أي حبسته ولا يقال أوقفته إلا في لغة تميمية وشرعاً: حبس مال يمكن الإنتفاع به مع بقاء عينه) .

457- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن عُبيد اللَّه بنِ عُمَر، عن نافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ: -أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ مَلَكَ مَائةَ سَهْم مِنْ خيْبَر إشْتَراهاَ فأَتَي رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَقَالَ يَا رسُولُ اللَّهِ: إنِّي أَصَبْتُ مَالاً لَمْ أُصِبْ مِثْلَهُ قطُّ وَقَدْ أَرَدْتُ أنْ أتَقَرَّبَ بِه إلى اللَّه عَزَّوَجَلَّ فَقالَ: "حَبّس الأَصْلَ وَسَبَّلَ الثَّمَرَةَ.

458- (أخبرنا) : ابنُ حَبِيبٍ القاضي وَهُو عَمْرو بنُ حَبيب، عن ابنِ عَوْفٍ، -[139]- عن نافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَرضيَ اللَّهُ عنْهُ: -قَالَ يَا رسُولُ اللَّهِ: إنِّي أَصَبْتُ مِنْ خيْبَرمَالاً لَمْ أُصِبْ مالاً قطُّ أعْجَبَ إليّ وأعْظَمَ عنْدِي مِنهُ فَقال رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: "إنْ شِئْتَ حَبّستَ أَصْلَهُ وَسَبَّلَتَ ثَّمَره فَتَصَدَّقَ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ بِه ثمَّ حَكَى صدقته بهِ.

459- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عُبيد اللَّه بنِ عُمَر، عن نافِعٍ، عن عَبْدِ اللَّه ابنِ عُمَرَ رضيَ اللَّهُ عنْهُم قَالَ: -جَاءَ عُمَرُ إلى النبيِّ صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَقَالَ يَا رسُولُ اللَّهِ: إنِّي أَصَبْتُ مَالاً لَمْ أُصِبْ مِثْلَهُ قطُّ وَقَدْ أَرَدْتُ أنْ أتَقَرَّبَ بِه إلى اللَّه تعالى فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: «حَبّس أَصْلَهُ وَسَبَّلَ ثَّمَره» .

كتاب البيوع (قال الأزهري: تقول العرب بعت بمعنى بعت ما كنت ملكته وقال ابن قتيبة: يقال نعت الشيء بمعنى بعته وبمعنى اشتريته وشريت الشيء بمعنى اشتريته وبمعنى بعته والإبتياع الإشتراء وتبايعا وبايعته ويقال: استبعته أي سألته البيع وأبعت الشيء أي عرضته للبيع وبيع الشيء بكسر الباء وضمها) وفيه أربعة أبواب

كتاب البيوع (قال الأزهري: تقول العرب بعت بمعنى بعت ما كنت ملكته وقال ابن قتيبة: يقال نعت الشيء بمعنى بعته وبمعنى اشتريته وشريت الشيء بمعنى اشتريته وبمعنى بعته والإبتياع الإشتراء وتبايعا وبايعته ويقال: استبعته أي سألته البيع وأبعت الشيء أي عرضته للبيع وبيع الشيء بكسر الباء وضمها) وفيه أربعة أبواب

الباب الأول فيما نهى عنه من البيوع وأحكام آخر:

الباب الأول فيما نهى عنه من البيوع وأحكام آخر:

460- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنِ ابن شِهَابٍ، عَنْ أبِي بَكْر بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ابن الحارِث بنِ هِشَام، عَنْ أَبِي مَسْعُود الأَنْصَارِيّ رضيَ اللَّهُ عنْهُ: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم نَهَى عَنْ ثَمنِ الكَلْبِ وَمَهْرِ البَغيّ (يقال مهرت المرأة وأمهرتها إذا جعلت لها مهراً وإذا سقت إليها مهرها وهو الصداق) وحُلوانِ الكاَهِن". -[140]- قَالَ مَالِكٌ: وإنَّما كرِهَ بَيعُ الكلاب الضَّوارِي وغَير الضَّواري لِنَهْيِ النبيِّ صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم عَنْ ثَمنِ الكَلْبِ.

461- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: أَمَرَ بِقَتْلِ الكِلاب.

462- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ: " مَنِ اقْتَنَى كَلْباً إلاَّ كَلْبَ مَاشِيَةٍ أوْ ضَارِياً نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كلّ يَوْمٍ قِيرَاطانِ.

463- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ: -أنَّ السَّائِبَ بن يزيد أخبَرَه أنَّهُ سَمِعَ سُفْيَانُ بن أبي زُهير وهُوَ رَجُلٌ مِنْ أزْد شنؤة مِنْ أصْحابِ رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يَقُولُ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم يقُولُ: «مَنِ اقْتَنَى كَلْباً نَقَصَ عَمَلُهُ كلّ يَوْمٍ قِيرَاطانِ» قَالُوا: أأنْتَ سَمِعْتَ هذَا مِنْ رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم؟ قاَلَ: أَيْ وَرَب هذَا المسْجِد.

464- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن زَيد بن أَسْلَمَ عن ابْنِ وَعَلَةَ المِصْرِيّ (هو عبد الرحمن بن وعلة السبئي بفتح المهملة والموحدة المصري المعروف بابن أسيقع بضم أوله وإسكان المهملة وفتح الميم) أنَّه سَأل ابن عَبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنْهُما عَمَّا يُعْصَرُ منَ العِنَبِ فَقَالَ ابن عَبَّاسٍ: أهْدَى رَجُلٌ لِرسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم رَاوِيَةَ (الراوية: المزادة) خَمْرٍ فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: "أوَ مَا عَلِمْتَ أنَّ اللَّه حَرّمَهاَ؟ فقَالَ: لاَ فَسَارَّ -[141]- إنْساناً إلَى جَنبِه فَقَالَ: بِمَ سَارَرْتَهُ؟ فَقَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهاَ فَقَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: إِنَّ الَّذِي حَرَّم شربتها حَرَّم بَيعَهاَ فَفَتَحَ المزادَتَين (المزادة: الظرف الذي يحمل فيه الماء كالراوية والقربة والسطيحة والجمع المزاود والميم زائدة) حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِماَ.

465- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن عَمرو بنِ دِينَارٍ، عن طَاوسٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضيَ اللَّهُ عنْهُما قَالَ: -بَلَغَ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رضيَ اللَّهُ عنْهُ أنَّ رَجُلاً باع خَمْراً فقَال: قَاتَلَ اللَّهُ فُلاناً باع الخمر أَما عَلِمَ أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ: قَاتَلَ اللَّهُ يَهُوداً حُرّمَتْ عَلَيْهم الشَّحُومَ (الشحم المحرم عليهم هو شحم الكلى والكرش والأمعاء وأما شحم الظهور والألية فلا) فَحَملُوهاَ وَبَاعُوها".

466- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ: -أَنَّ رِجَالاً مِنْ أهْلِ العِرَاقِ قَالُوا لَهُ: إنَّا نَبْتَاع مِن ثَمرِ النَّخْل والعِنَب فَنَعصُرُهُ خمراً فنبيعها فَقَالَ عَبْدُ اللَّه: إنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ وَمَلائكته وَمَنْ سَمِعَ مِنَ الجنّ والإنْسِ أنّي لا آمُرُكُمْ بِبَيْعِهاَ وَلاَ تَبْتَاعُوهاَ ولاَ تعْصِرُوهاَ ولاَ تَسقُوهاَ فَإنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيطان.

467- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَن الأَعْرَج، عَن أبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنْه: -أَنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: " لاَ تَصَرُّوا (لا تصروا بضم التاء وفتح الصاد يقال: صرى يصري تصرية وصرها يصرها تصرية فهي مصراة: ومعناه: لا تجمعوا اللبن في ضرعها عند إرادة بيعها حتى يعظم ضرعها فيظن المشتري أن كثرة لبنها عادة لها مستمرة) الإبلَ -[142]- والغَنَمَ فَإنْ ابتاعَها بَعْدَ ذلِكَ فَهُو بخير النَّظَرَين بَعْدَ أنْ يَحْلُبَها إِنْ رَضِيَهاَ أَمْسَكَهاَ وإنْ سَخِطَهَا رَدَّها وصَاعاً مِنْ تَمرٍ".

468- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ أبِي الزِّنَادِ، عَن الأَعْرَج، عَن أبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنْه قَالَ: -قَالَ رسولُ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم: «لاَ تَصَرُّوا الإبلَ والغَنَمَ فَمنِ ابتاعَها بَعْدَ ذلِكَ فَهُو بخير النَّظَرَين بَعْدَ أنْ يَحْلُبَها فإِنْ رَضِيَهاَ أَمْسَكَهاَ وإنْ سَخِطَهَا رَدَّها وصَاعاً مِنْ تَمرٍ» .

469- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، عن ابْنِ سيرينَ، عَن أبِي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّهُ عنْه: -عن النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مِثْلَهُ إلاَّ أنَّه قَالَ: رَدَّها وصَاعاً مِنْ تَمرٍ لا سَمْرَاء (السمراء الحنطة ومعنى نفيها أي لا يلزم بعطية الحنطة لأنها أغلى من التمر بالحجاز) ".

470- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عن ابْنِ عُمَرَ: -أَنَّ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم قَالَ: «مَن ابْتَاعَ طَعاماً فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» .

471- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بنِ دِيناَر، عن ابْنِ عُمَرَ: -أَنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قَالَ: «مَن ابْتَاعَ طَعاماً فَلاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَقبِضَهُ» .

472- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ عَمرو بنِ دِينَارٍ، عنْ طَاوسٍ، عنِ ابنِ عَبَّاسٍ قَالَ: -أمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ رسولَ اللَّه صلى اللَّهُ عَلَيْه وسلم فَهُوَ الطَّعَامُ أنْ يُبَاعَ حَتَّى يَسْتَوْفى وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ بِرَأيِه ولاَ أحسِبُ كل شئ مِثْلَهُ.

473- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمرو بنِ دِينَارٍ، ... إلَى آخره إلاَّ أنَّ فيه حَتَّى يُقْبَضَ إلى آخره".

474- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَ بنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ: -سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَبَّاسٍ وَرجلٌ يَسْألُهُ عَنْ رَجُلٍ سَلّفَ في سَبَائِكَ قَالَ الرَّبيعُ: سبائك فأراد أنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ أنْ يَقْبِضَهَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضِي اللَّه عَنْهُما تِلْكَ الوَرِقُ (في مخطوط آخر: تلك الورق الورق الورق وكره ذلك) بالوَرِق وكَرِهَ ذلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ فِيما نَرى لأَنَّه أرادَ أنْ يَبِيعَهَا مِنْ صَاحِبها الَّذِي اشْتَرَاها مِنْهُ بأكثرَ مِنَ الثَّمَن الَّذِي ابتاعها مِنْهُ وَلَوْ بَاعَهَا من غير الَّذِي اشتَرَاها مِنْهُ لَمْ يكُن بِبَيْعِهِ بَأسٌ.

475- (أخبرنا) : ابن عيينة، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه: -أن رسُول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: «من باع عمدا وله مال فماله للبائع إلا أن اشتط المباع» .

476- (أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم الْقَدَّاح، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَن عَطَاءً بنِ أبي رَبَاحٍ، عَنْ صَفْوَانَ بن مَوْهب أَنَّه أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْد اللَّه بن مُحَمد بن صَيْفِيّ عَنْ حَكِيم بْنِ حِزَام أنه قالَ: -رسُول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: " ألَمْ أُنَبَّأْ أَوْ أَلَمْ يَبْلُغْنِي أوْ كَما شَاءَ اللَّه مِنْ ذَلِكَ أنَّك تَبِيعُ الطَّعَام قَال حَكِيمٌ: بَلَى يا رسُولُ اللَّهِ فَقَالَ رسُول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «لا تَبِيعنَّ طَعَامَا حَتَّى تَشْتَرِيَهُ وتَسْتَوْفِيهُ» .

477- (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ ساَلِمٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أخْبرنا: عَطَاءُ ذلك أيضاً عنْ عَبْدَ اللَّهُ بنِ عِصْمَةَ، عن حَكيم بنِ حِزَام: -أنه سَمِعَ مِنْهُ عن النبي صلى الله عليه وسلم.

478- (أخبرنا) : الثقَةُ، عن أيُّوبَ، عن يُوسف بن مَاهكَ عن حَكيم بنِ حِزَامَ قال: نَهانِي رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم عنْ بَيْع مَالَيْسَ عندي.

479- (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ ساَلِمٍ، عَنْ ابْنِ أبي ذِئْبٍ، عنْ مَخْلَد بن خُفَافٍ -[144]- عن عُرْوَةَ، عن عَائشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْها: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَضَى أنَّ الخَرَاجَ بالضَمَان.

482 - (أخبرنا) : مَنْ لاَ أتَّهِمُ، عَنْ ابْنِ أبي ذِئْبٍ، قَالَ أخْبَرَنِي: مَخْلَد بن خُفَافٍ قَالَ: -ابتعْتُ غُلاماً فَاسْتَعْلَلْتُهُ ثُمَّ ظَهَرْتُ مِنْهُ علَى عَيْبٍ فَخَاصَمتُ فيهِ إلى عُمرَ بن عبد العزيز فَقَضَى لِي بِرَدِّهِ وَقَضَى عَليّ بِرَدّ غَلّتِه فأتَيْتُ عُرْوَةَ فَأخْبَرْتُه فَقَالَ: أرْوحْ إليه العَشِيَّةَ فَأخْبِره أنَّ عَائشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْها أخْبَرَتْنِي أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَضَى فِي مِثْلِ هذَا أنَّ الخَرَاجَ بالضَّمَانِ فَعَجِلتُ إلى عُمَر فَأخْبَرْتُه ما أخْبَرَنِي بِه عُرْوَةَ عن عَائشَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْها عَن النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عُمَرً: مَا أيْسَرُ عَلَيّ مِن قَضَاء قَضَيتُهُ واللَّهُ يَعْلَمُ أنيّ لَم أرِدْ فيهِ إلاّ الحَقّ فَبَلَغَتْنِي فِيه سُنةَ عن رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَأَرُدُّ قَضَاء عُمرُ وأُنَفِّد سُنَّةَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَرَاحَ إلَيْه عُرْوَةَ فَقَضى لِي أنْ آخذ الْخَرَاجَ من الَّذِي قَضَى بِهِ عَلَيَّ لَهُ.

483 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ مُحَمد بْنِ يَحيَ بن حَبَّان، وعَنْ أبي الزِّنَاد، عن الأَعْرَج، عَنْ أبي هُريرة رضي اللَّه عنه: -أن رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن الملامسة (قال النووي في تأويل الملامسة ثلاثة أوجه أحدها تأويل الشافعي رضي الله عنه وهو أن يأتي بثوب مطوي أو في ظلمة فيلمسه المستام «أي الشاري» فيقول صاحبه بعتكه هو بكذا بشرط أن يقوم لمسك مقام نظرك ولا خيار لك إذارأيته والثاني: أن يجعلا نفس اللمس بيعاً فيقول إذا لمسته فهو مبيع لك والثالث: أن يبيعه شيئاً على أنه متى يمسه انقطع خيار المجلس وغيره) والمُنَابَذَةِ -[145]- (المنابذة هو أن يجعلا نفس النبيذ بيعاً وهو تأويل الشافعي أو أنيقول بعتك فإذا نبذته إليك انقطع الخيار ولزم البيع) .

484 - (أخبرنا) : مُسْلمٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ القاسم بْن أَبِي بَزَّةَ قَالَ: -قَدِمْتُ المدينةَ فَوَجَدْتُ جَزُوراً قَدْ جُزِرتَ فَجُزِّئَتْ أَجْزَاءً كُلّ جُزء مِنْها بِعَنَاقٍ فَأَرَدْتُ أنْ ابْتَاعَ مِنْهاَ جُزءاً فَقَالَ لِي رَجُلٌ مِنْ أهْل المَدِينَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهى أن يُبَاع حَيّ بمَيتٍ قَالَ فَسَألْتُ عن ذلِك الرَّجُلْ فَأَخْبرْتُ عَنْهُ خَيْراً.

485 - (أخبرنا) : ابْنُ أَبِي يَحْيى، عَن صَالحٍ مَوْلَى التَّوْأمَةَ عَن ابْن عَبَّاس عَنْ أَبِي بَكْر الصّدّيقِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ: -أَنَّهُ كَرِهَ بَيْعَ الْحَيوانِ باللّحم.

486 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عن حُمَيد بْنِ قَيْس، عَن سُلَيْمانَ بْنِ عَتِيقٍ عَن جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيع السّنينَ.

487 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن أبِي الزُّبير، عَن جابِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -عن النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَهُ.

488 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن عَمْرو بْنِ دِينَارٍ أنّه سَمِعَ جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يقول: نَهَيْتُ ابنَ الزُّبير عن بَيْع النَّخْل مُقاوَمَةً.

489 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عنِ النَّجْشِ -[146]- (النجش بنون مفتوحة ثم جيم ساكنة ثم شين معجمة وهو أن يزيد الإنسان في ثمن السلعة لا لرغبة فيها بل ليخدع غيره ويغره ليزيد ويشتريها) .

490 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ المسيِّب، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: -قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «لاَ تَنَاجَشُوا» .

491 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ ومَالِكٌ، عَنْ أبي الزِّنَاد، عن الأَعْرَج، عَنْ أبي هُريرة رضي اللَّه تعالى عنه: -عَنْ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَهُ.

492 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ ابنِ سِيرِينَ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ: -عَنْ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَهُ.

493 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ (يعني أن يقول لمن اشترى شيئاً في مدة الخيار افسخ هذا البيع وأنا أبيعك مثله بأرخص من ثمنه أو أجود منه بثمنه) » .

494 - (أخبرنا) : مَالِكٌ وسُفْيَانُ، عَنْ أبي الزِّنَاد، عن الأَعْرَج، عَنْ أبي هُريرة رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ» .

495 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن الزُّهْرِيّ، عَنْ ابْنِ المسيِّب، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ: -أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَبِعْ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» .

496 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ ابنِ سِيرِينَ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ: -عَنْ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَهُ.

497 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ» .

498 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن أبِي الزُّبير، عَن جابِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ (سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله صلى الله عليه وسلم» حاضر لباد"قال: لا يكن له سماراً وقال النووي المراد من قوله «حاضر لباد» هو أن يقدم غريب من البادية أو ممن بلد آخر بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه فيقول له البلدي: اتركه عندي لأبيعه على التدريج بأعلى) دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّه بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ".

499 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ أبي الزِّنَاد، عن الأَعْرَج، عَنْ أبي هُريرة رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ: -أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَلقُوا السِّلْعَ (السلعة المتاع) » .

500 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الكَريم، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: -لا تبيعُوا إِلَى العَطَاءِ وَلاَ إِلَى الأندر وَلاَ إِلَى الدِّيَاسِ.

501 - (أخبرنا) : إبرَاهِيمُ بنُ مُحَمّدٍ، عَنْ يَحْيَ بنِ سَعِيدٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ: -أَنَّه كَانَ لاَ يَرَى بَأْساً أَنْ يَبِيعَ الرَّجُل شَيْئاً إلى أجَلٍ ليس عِنْدَهُ أَصْلُه.

502 - (أخبرنا) : سَعِيدٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما مِثْلَهُ.

503 - (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ سالم، عن مُوسَى بنِ عُبَيْدَةَ، عن سُلَيْمانَ ابنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما: -أَنَّهُ كانَ يكْرَهُ بَيْعَ الصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الغَنَمِ واللَّبَنِ في ضُرُوع الْغَنَمِ إلاّ بِكَيْلٍ.

504 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيّ، عن سالمٍ، عن أَبِيهِ: -أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «مَنْ بَاعَ نَخْلاً بَعْدَ أنْ تُؤَبَّرَ فَثَمرُهاَ لِلْبَائِعِ إلاَّ يَشْتَرِط المُبْتَاعُ» .

505 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمرتهاَ لِلْبَائِعِ إلاَّ يَشْتَرِط المُبْتَاعُ» .

506 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ مُوسَى، عن سَعِيدٍ بْنِ جُبيْر، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما قَالَ: -ذلِكَ المَعْرُوف أنْ يَأْخُذَ بَعْضَهُ طَعَاماً وبعضه دنانير حَتَّى يبْدُو صَلاحه.

507 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «نَهَى عن بَيْعِ الثّماَرِ حَتَّى يبْدُو صَلاَحُهاَ نهَى الْبَائِعَ والمشْتَرِي» .

508 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -عن رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِنَحْوِهِ.

509 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ حُمَيدٍ الطَّوِيلِ، عن أنَس بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ الثّماَرِ حَتَّى يُزْهَى (يقال زهى النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته وأزهى يزهي إذا اصفر واحمر وقيل هما بمعنى الإحمرار والإصفرار) قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُزْهَى؟ قَالَ: حَتَّى تَحْمَرّ وَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ -[149]- عليه وسلم: «أرَأَيْتُمْ إذَا مَنَع اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَأخُذُ أحَدُكُمْ مَالَ أخيه» .

510 - (أخبرنا) : الثَقفِيّ، عن حُميدٍ، عن أنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: " نَهَى عن بَيْعِ ثمَرةِ النّخْلِ حَتَّى تَزْهُو قِيلَ وَمَا تَزْهُو قَالَ حَتَّى تَحمَرّ.

511 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ أبِي الرَّجَالِ، عن عَمْرَةَ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: " نَهَى عن بَيْعِ الثِّمَارِ حتَّى تَنْجُوا مِنَ العَاهَة.

512 - (أخبرنا) : ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ عُثْماَنَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابنِ سَرَاقَةَ، عَن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عن بَيْعِ الثّماَرِ حَتَّى تَذْهَب العَاهَةُ قَالَ عُثْماَنَ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ مَتَى ذلِكَ؟ قَالَ: طُلوعُ الثّرَيَا.

513 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ، عن أَبِي مَعْبَدٍ أَظُنّهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما: -أَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الثّمرَ من غُلامِه قَبْلَ أنْ تَطعمَ وكاَنَ لاَ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُلاَمِهِ رِبَا.

514 - (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ سالم، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَطَاء، عَن جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُو صَلاَحُهَا فَقَالَ ابْن جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لَهُ: أَخَصّ جَابِرٌ النَّخْلَ أو الثمرَ؟ قَالَ بَلْ النَّخْلَ وَلاَ نَرَى كلّ ثَمَرَةٍ إلاّ مِثْلَهُ.

515 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عن عمرو، عن طاوسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابن عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما يَقُول: - لاَ يُبَاعُ الثِّمارُ حَتَّى يَبْدُو صَلاَحُهُ وَسَمِعْناَ -[150]- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما أَنَّهُ قَالَ: لاَ يُبَاعُ الثِّمرُ حَتَّى يُطعَم (يطعم أي يبدو صلاحه ويصير طعاما يطيب أكله) .

516 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ الزُّهْرِيّ، عن سالمٍ، عن أَبِيهِ: -أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهَى عنْ بَيْعِ الثّمرِ حَتَّى يَبْدُو صَلاَحُه وعن بيع الثمر بالتمر قَالَ عَبْدُ اللَّه: وَحَدَّثَنَا زَيْدُ بنُ ثابِتٍ أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم أرخَصَ في بَيْعِ العَرَايَا (العرايا: قيل تفسيرها أنه صلَّى اللَّهُ عليه وسلم لما نهى عن المزابنة وهو بيع الثمر في رؤس النخل بالتمر رخص في جملة المزابنة في العرايا وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري به الرطب لعياله ولا نخل له يطعمهم منه ويكون قد فضل له من قوته تمر فيجئ إلى صاحب النخل فيقول بعني ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من الثمر فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمر تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس فرخص فيه إذا كان دون خمسة أوسق) .

517 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ إسْمَاعِيلَ الشَّيْبَانيّ أوْ غَيْرِهِ قَالَ: -بِعْتُ مَا في رُؤُس نَخْلي بِمائَة وَسْق (الوسق بالفتح ستون صاعا وهو ثلاثمائة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز وأربعمائة وثمانون رطلا عند أهل العراق والأصل في الوسق الحمل وكل شئ وسقته فقد حملته) إنْ زَادَ فَلَهم وإنْ نَقَصَ فَعَليهم فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما فَقَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم عَنْ هذ إلاَّ أَنَّهُ أرخَصَ في بَيْعِ العَرَايَا.

518 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما زَيْدُ بنُ ثابِتٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم أرْخَصَ لصاحِبِ العَرِيّةِ أنْ يَبِيعَهاَ بِخَرْصِهاَ.

519 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ داودَ بن الحُصَيْنِ، عَنْ أبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابن أبِي أَحْمَد، عَنْ أبي هُريرة رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم أرْخَصَ في بَيْعِ العَرَايَا فيمَا دُون خَمسَة أوسُقٍ أو في خَمسَة أوسُقٍ شك داود.

520 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَ بنِ سَعِيدٍ، عن بُشَير بنِ يَسَارٍ قَالَ: -سَمِعْتُ سَهْلَ ابنَ أَبِي حَثْمَةَ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الثَّمر بالتمر إلاَّ أَنَّهُ أرخَصَ في العَرِيّة أنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهاَ تَمْراً يأكُلُهاَ أهْلُهاَ رُطَباً.

521 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَطَاء، عَن جابِر: -أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيعِ المزابَنَةِ والمُزَابَنةُ بَيْعِ الثَّمر بالتمر إلاَّ أَنَّهُ أرخَصَ في العَرَايَا.

522 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيد بنِ قَيْسٍ، عَنْ سُلَيمانَ بنِ عتيق عَن جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه تعالى عَنْهُما: -أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيعِ السِّنِينَ (قال النووي معناه: أن يبيع ثمر الشجرة عامين أو ثلاثة أو أكثر وهو باطل بالإجماع) وأمَرَ بِوَضْعَ الجَوَائح. قالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يُحَدِّثُ هذَا الحديثَ كَثيراً في طول مُجَالَسَتي لَهُ مَالاَ أُحْصِي مَا سَمِعْتُه يُحَدِّثهُ مِنْ كَثرته إلا يذكر فيه أمَرَبوضع الجَوائح لاَ يزيدُ عَلَى أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهَى عنْ بَيْعِ السّنينَ ثُمَّ زَادَ بَعْدَ ذلِكَ فَأَمَرَ بِوَضع الجوائح. -[152]- قالَ سُفْيَانُ وكان حُمَيدٌ يذكُر بَعْد بَيْعِ السّنينَ كَلاَماً قَبْلَ وضع الجوائح لا أحفظُهُ وكنتُ أكُفّ عَنْ ذكر وضع الجوائح لأَنِّي لاَ أدري كَيْفَ كَانَ الكلاَمُ وفي الحديث أمر بِوَضع الجوائح.

523 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن أبِي الزُّبير، عن جاَبِرٍ: -عن النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَهُ.

524 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ أبِي الرَّجَالِ، عن أمه عَمْرَةَ أنَّه سَمِعَها تَقُولُ: -ابتَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَ حَائطٍ في زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَعَالَجهُ وأقَامَ عَلَيْهِ حَتَّى تَبَيّنَ لَهُ النّقصَانُ فَسَأل رَبّ الْحائط أنْ يَضَعَ فَحَلَفَ أَنْ لا يَفْعَلَ فَذَهَبَتْ أمُّ المشْتَري إلى رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذلِكَ لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «تَألاّ أنْ لاَ يَفْعَل خيراً» فَسَمِعَ بِذلك ربّ الماَل فَأَتى إلى رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَقَالَ يَا رسولَ اللَّه: هُو لَهُ.

525 - (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَطَاء، عَن جابِر رَضِيَ اللَّه عَنْه: -أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ المُخَابَرَةِ والمُحَاقَلَةِ والمُزَابَنَةِ والمُحَاقَلَةَ: أنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الزَّرْعَ بِمائَةِ فَرْق حِنْطَة، والمُزَابَنَةِ: أنْ يَبِيعَ الثَّمَر في رُؤُسِ النَّخْل بِمائَةِ فَرْقٍ، والمُخَابَرَةِ: كِراءُ الأَرضِ بالثّلْثِ والرّبع.

526 - (أخبرنا) : سَعِيدُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَن أَبِي الزُّبير أنَّهُ أخبَرَهُ عَن جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أنَّه سَمِعَهُ يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ -[153]- عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الصُّبَرةِ (الصبرة: الطعام المجتمع كالكومة وجمعها صبر) من التّمر لاَ يُعْلَمُ مَكيلتها بِالكَيْلِ المسّمي مِنَ التّمر.

527 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ: -أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عنِ المُزَابَنَةِ والمُزَابَنَةِ: بَيْعُ الثمرِ بِالتَّمر كَيْلاً وَبَيْعُ الكَرْمِ بالزَّبِيب كَيْلاً.

528 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ داودَ بن الحُصَيْنِ، عَنْ أبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابن أبِي أَحْمَد، عن أبِي سعيدٍ الخدريّ عَنْ أبي هُريرة رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنْهُ: -أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عنِ بَيْعِ المُزَابَنَةِ والمُحَاقَلَة والمُزَابَنَةِ: اشْتِرَاءُ الثَّمرِ بِالتَّمر في رُؤُسِ النخل والمُحَاقَلَة: اسْتِكْراءِ الأَرْضِ بالحنْظَةِ.

529 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسيِّب: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهَى عَنْ المُزَابَنَةِ والمُحَاقَلَة والمُزَابَنَةِ: اشْتِرَاءُ الثَّمرِ بِالتَّمر والمُحَاقَلَة: اشْتراءُ الزَّرْع بِالْحِنْطةِ، واسْتِكْراءِ الأَرْضِ بالحنْظَةِ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَسَأَلْتُ عنْ استكْراءِ الأَرْض بالذَّهَبِ والفضَّةِ فَقَالَ لاَ بأسَ بِذَلِكَ.

530 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ أبي الزِّنَاد، عن الأَعْرَج، عَنْ أبي هُريرة: -أن رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «مَنْ مَنَعَ فَضْلَ المَاء ليَمْنعَ بِه الكَلاَء (الكلاء مهموز مقصور هو النبات سواء كان رطبا أو يابساً) مَنَعهُ اللَّهُ فَضْلَ رَحْمَته يَوْمَ القِيَامَةِ» .

الباب الثاني في خيار المجلس:

الباب الثاني في خيار المجلس:

531 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمرَ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: " المتَبَايِعَان بالخيار كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُماَ عَلَى صَاحبه بِالخيار مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إلاَّ بَيْعَ الخَيار.

532 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: " المتَبَايِعَان كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُماَ بالخيار عَلَى صَاحبه مَا لَمْ يَفترقَا إلاَّ بَيْعَ الخِيارِ قَالَ ابْنُ عُمرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهُما: الَّذِي سمِعتُهُ مِنَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم كَانَ لإذا ابْتَاعَ الشئ يُعجبُهُ أنْ يجبْ لَهُ فَارَقَ صَاحبهُ فَمَشَى قَلِيلاً ثم رجَعَ.

533 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ قَالَ: -إذا تَبَايعَ المتَبَايِعَان كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُماَ بالخيار مِن بَيْعِهِ مَا لَمْ يَتفرقَا أو يكُون بيعِهِما عن خَيارِ قَالَ نافِعٌ: وكانَ ابْنُ عُمرَ إذا ابتَاع البَيْع فأراد أنْ يُوجَبَ البَيْع مشى قَلِيلاً ثم يرْجَعَ.

534 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: -أَمْلَى عَلَيّ نَافعٌ مَولَى ابْنِ عُمرَ أنّ ابْنَ عُمرَ أَخبَرَهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «إذا تَبَايعَ المتَبَايِعَان كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُماَ بالخيار مِن بَيْعِهِ مَا لَمْ يَتفرقَا أو يكُون بيعِهِما عن خَيارٍ» .

535 - (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما وأخْبَرَنَا: الثقَةُ، عن حَمّاد بنِ سَلَمَةَ، عن قَتَادَةَ، عن أبِي الخَلِيل، -[155]- عن عَبْدِ اللَّه بنِ الحارث، عنْ حَكِيم (في مسلم ولد حكيم بن حزام في جوف الكعبة وعاش مائة وعشرين سنة) بنِ حِزام رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: -قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم المتَبَايِعَان بالخيار مَا لَمْ يَتفرقَا فإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا وَجَبَتِ البَرَكَةُ في بَيْعِهمَا، وإِنْ كَذَبَا وكَتَما مُحِقَتْ البَرَكَةُ من بَيْعِهمَا.

536 - (أخبرنا) : الثِّقَةُ، عن حَمَّادِ بنِ زَيد، عن جُميل بنِ مُرَّةَ، عن أبِي الوَضِيُ قَالَ: -كُنَّا في غَزَاةٍ فَبَاعَ صَاحبٌ لَناَ فَرَساً مِنْ رَجُلٍ فَلَمَّا أرَدْنا الرَّحِيلَ خاصَمهُ إلى أبي بَرْزَةَ فَقَال أبو بَرْزَةَ سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم يَقُولُ: «المتَبَايِعَان بالخيار مَا لَمْ يَتفرقَا» .

537 - (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ طَاوس، عن أبِيه قَالَ: -خيَّر رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم رَجُلاً بَعْدَ البيع فَقَالَ الرّجُلُ: عَمَّركَ اللَّهُ مِمَّنْ أنْتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «امرُؤٌ مِنْ قُرَيْشٍ» . قَالَ: وكاَن أَبِي يَحْلِفُ ما الخِيارُ إلاَّ بَعْدَ البَيْع.

الباب الثالث في الربا (أصل الربا الزيادة يقال: ربا الشئ يربوإذا زاد) :

الباب الثالث في الربا (أصل الربا الزيادة يقال: ربا الشئ يربوإذا زاد) :

538 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بنِ أوْسٍ بنِ الحَدَثَانِ: -أَنَّه التَمسَ صَرْفاً بمائَةِ دِينَارٍ قَالَ: فَدَعَانِي طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللَّه فَتَرَاوَضْنَا حَتى اصطَرَفَ مِنِّي وأخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا في يَدِهِ ثُمَّ قالَ: حَتَّى يَأْتِي خَازِني أَوْ حَتى تَأْتِي خَازِنتِي

مِنَ الغَابة (في صحيح مسلم: إذا جاء خادمنا نعطك) قالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: أنا شككتُ وعُمر يَسْمعُ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: واللَّهِ لاَ تُفَارِقه حَتى تأخذَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: " الذَّهبُ بالذَّهب رِباً إلا هاءَ وهَاء والبُرُّ بالبُرِّ رباً إلاَّ هَاءَ وهَاءَ والثَّمْرُ بالتَّمر رِباً إلاَّ هَاءَ وهَاء، والشَّعِير بالشعير رِباً رباً إلاَّ هَاءَ وهَاءَ (إلا هآء وهاء: وهو أن يقول كل واحد من البيعين ها فيعطيه ما في يده وقيل معناه هاك وهات أي خذ وأعط) . قالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: قَرأتُهُ عَلَى مَالِكٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ صَحِيحاً لاَ شَكَّ فيه ثُمَّ طَالَ عَلَيَّ الزَّمَانُ فلم أحْفَظه حِفْظاً فَشَكَكْتُ في خَازِنِي أو خَازِنتِي وغَيْري يَقُولُ عَنْهُ خَازِني.

539 - (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ مَالِكِ بنِ أوْسٍ عن عُمر ابنِ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -عن النبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ وقَالَ: حَتَّى يَأْتِي خَازِني قَالَ: فَحَفَظْتُ لاَ شَكَّ فِيه.

540 - (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْريّ، عَنْ مَالِكِ بنِ أوْسٍ بنِ الحَدَثَانِ عن عُمَر بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أَنَّ النبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «الذَّهَبُ بالوَرِقِ رِباً إلاَّ هَاءَ وهَاءَ والبُرُّ بالبُرِّ رباً إلاَّ هَاءَ وهَاءَ والثَّمْرُ بالتَّمر رِباً إلاَّ هَاءَ وهَاء، والشَّعِير بالشعير رِباً رباً إلاَّ هَاءَ وهَاءَ» .

541 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ أَبِي سَعِيد الخُدرِيِّ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: "لاَ تَبِيعُوا الذَّهبُ بالذَّهب إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ولاَ تُشِفُّوا -[157]- (الشف الزيادة والربح) بَعْضَهاَ عَلَى بَعْضٍ ولاَ تَبِيعُوا الوَرِقِ بالوَرِقِ إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَداً بِيَدٍ ولاَ تُشِفُّوا بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ ولاَ تَبِيعُوا مِنْهَا غائباً بناجز (ناجز بمعنى حاضر يقال: نجزينجز نجزاً إذا حصل وحضر وأنجزوعده إذا أحضره) .

542 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ أَبِي سَعِيد الخُدرِيِّ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: " لاَ تَبِيعُوا الذَّهبُ بالذَّهب إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ولاَ تَبِيعُوا غائباً بِناجِزِ.

543 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، أَنَّه بَلَغَهُ عنْ جَدِّه مَالِكٍ بنِ أبِي عَامِرٍ عن عُثْمانَ قَالَ: -قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «لاَ تَبِيعُوا الدِّينَارَ بالدِّينارين ولا الدّرهَمَ بالدّرهَمَين» .

544 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن مُوسى بنِ أبي تَميم، عن سعِيدِ بنِ يَسَار، عَنْ أبي هُريرة: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «الدِّينَارُ بالدِّينَارِ والدّرهَمُ بِالدّرهَمِ لاَ فَضْلَ بَيْنَهُما» .

545 - (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابُ، عن أيَّوب، عن أبِي تَمِيمة، عَنْ مُحَمَّد ابنِ سِيرِينَ، عن مُسْلم بنِ يَسَار وَرَجُلٍ آخر، عن عبَادةَ بنِ الصَّامِتِ: -أنَّ النّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَبِيعُوا الذَّهبُ بالذَّهب، ولاَ الوَرِقِ بالوَرِقِ، ولاَ البُرُّ بالبُرِّ، ولاَ والشَّعِير بالشَّعير، ولاَ التَّمْرَ بِالتَّمْرِ، ولا الْمِلْحَ بالمِلْحِ إلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْناً بِعَيْنٍ يَداً بِيَدٍ كَيْفَ شِئْتُمْ» ونَقص أحَدُهُما الْمِلْحَ أوْ التَّمْرَ وزَادَ أحَدُهما: «مَن زَادَ فَقَدْ أرْبَا» .

546 - (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابُ الثقَفِي، عن أيُّوبَ عَنْ مُسْلم بنِ يَسَارٍ ورجُل آخر عَنْ عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم -[158]- قَالَ: «لاَ تَبِيعُوا الذَّهبُ بالذَّهب، ولاَ الوَرِقِ بالوَرِقِ، ولاَ البُرُّ بالبُرِّ، ولاَ والشَّعِير بالشَّعير، ولاَ التَّمْرَ بِالتَّمْرِ، ولا الْمِلْحَ بالمِلْحِ إلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْناً بِعَيْنٍ يَداً بِيَدٍ ولكِنْ بِيعُوا الذَّهَبَ بالوَرِقِ والوَرِق بالذَّهَبِ والبُرُّ بالشَّعير، والشَّعِير بالبُرِّ، والتَّمْرَ بالمِلْحِ، والْمِلْحَ بِالتَّمْرِ، يَداً بِيَدٍ كَيْفَ شِئْتُمْ» ونَقص أحَدُهُما التَّمْرَ أوْ الْمِلْحَ. قَالَ أبُو العَبَّاسَ الأَصَمُّ في كِتابِي: عن أيُّوبَ عَنْ ابنِ سِيرِينَ ثُمَّ ضَرَبَ علَيْه يُنظَرُ في كتَابِ الشَّيخ يعني الرَّبيعَ.

547 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بنِ أسْلَم، عن عَطَاء بن يسَارٍ: -أنَّ مُعَاوِيَةَ ابن أبي سفْيَانَ باعَ سقايةً (السقاية إناء يشرب فيه) مِنْ ذَهَبٍ أوْ وَّرِقيٍ بأكثر مِنْ وَزْنِهاَ فَقَالَ لَهُ أبو الدَّرْدَاءَ: سَمِعْتُ النّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم ينهَى عَنْ مِثْلِ هذَا فَقَالَ مُعَاوِيَة: ما أرَى بهذَا بأساً فَقَالَ أبو الدَّرْدَاءَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ مُعَاوِيَة أُخْبِرُهُ عن رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم وَيُخْبِرُنِي عن رأيه لاَ أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ.

548 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن حُمَيد بْنِ قَيْس، عَن مُجاَهِد، عنِ ابنِ عُمَرَ أنَّه قَالَ: الدِّينَارُ بالدِّينَارِ والدّرهَمُ بِالدّرهَمِ لاَ فَضْلَ بَيْنَهُما هذَا عَهْدُ نَبِيّنَا صلَّى اللَّهُ عليه وسلم إليْنَا وعَهْدُنَا إلَيْكُمْ.

549 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: -لاَ تَبِيعُوا الذَّهبُ بالذَّهب إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ولاَ تُشِفُّوا بَعْضَهاَ عَلَى -[159]- بَعْضٍ ولاَ تَبِيعُوا الوَرِقِ بالوَرِقِ إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ يَداً بِيَدٍ ولاَ تُشِفُّوا بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ.

550 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ أنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدِ اللَّه بنِ أبي يَزيدَ يَقُولُ: -سَمِعْتُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ يَقُولُ: أخْبَرنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ أنَّ النّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: " إنما الرِّبَا في النّسِيئةَ (هي البيع إلى أجل معلوم يريد أن بيع الربويات بالتأخير من غير تقابض هو الربا وإن كان بغير زيادة) .

551 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ يَزيدَ مَولى الأَسْوَد بنِ سُفْيان أَنَّ زَيْداً أَبَا عَيَّاشَ أخْبَرَهُ: -أنَّهُ سألَ سَعْدَ بن أبي وقّاصٍ عنِ البَيْضَاءِ بالسُّلْتِ (السلت ضرب من الشعير أبيض لا قشر له وقيل هو نوع من الحنطة والأول أصح لأن البيضاء الحنطة) فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: أيُّهُما أفْضَلُ؟ فَقَالَ: البَيْضَاءُ فَنَهى عنْ ذلِكَ وقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم يُسألُ عن شراء التَّمْرِ بالرطَب فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: أيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقَالُوا نَعَمْ: فَنَهى عنْ ذلِكَ.

552 - (أخبرنا) : الثِقَةُ، عن اللَّيْث، عَنْ أبي الزِّنَاد، عَن جابِر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: -جَاءَ عَبْدٌ فَبَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم عَلَى الهِجْرَةِ وَلَمْ يَسْمَعْ أنَّهُ عَبْدٌ فَجَاءَ سيده يُريده فَقَالَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِعْه فاشْتَراه بِعَبْدَين أسْوَدَين وَلَمْ يُبَايِعْ أحداً بعْده حَتَّى يَسْألَهُ أَعَبْدٌ هُوَ أمْ حُرٌ.

553 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ شَبِيبَ بنِ غَرْقَدَةَ أنَّه سَمِعَ الحيّ يُحَدِّثُونَ عنْ عُرْوَةَ بن الجَعْدِ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم أعْطَاهُ دِيناراً -[160]- لِيَشْترِ لَهُ شاةً أوْ أُضْحِيَةً فاشْتَرَى لَهُ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إحداهماَ بِدِينَارٍ وأتاَهُ بِشَاةٍ ودِينَارٍ فَدَعَى لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم في بَيْعِهِ فكَانَ لوْ اشترى تراباً لرَبِحَ فيه. قالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: وَقَدْ رُوَى هذَا عَنْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ شَبِيبَ بنِ غَرْقَدَةَ فَوَصَلَهُ ويرْوِيه عنْ عُرْوَةَ بن الجَعْد بهذِهِ القصَّةِ أو معْناهاَ.

554 - (أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الكَريم الجَزَرِيِّ أخْبَره أَنَّ زيَادَ بن أبي تَميم مَوْلَى عُثْمانَ بن عَفَّانَ أَخْبَرَهُ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم بَعثَ مُصَدّقاً لَهُ فَجَاءَ بِظَهْرٍ مُسِنّاتٍ فَلَمَّا رَآهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: "هَلَكْتَ وَأهْلَكْتَ فَقَالَ يا رَسُولَ اللَّه: إنّي كُنْتُ أبيعُ البِكْرَينِ والثَّلاثَ بالبَعِير الْمُسِنّ يداً بِيدٍ وَعَلمتُ مِنْ حاجَةٍ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم إلى الظَّهْر (الظهر: الإبل التي يحمل عليها وتركب يقال: عند فلان ظهر أي إبل) فَقَالَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: فَذلِكَ إذا".

555 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ ابنِ طَاوسٍ، عن أبِيهِ عن ابنِ عَبَّاسٍ رضِي اللَّه عَنْهُما: -أنَّهُ سئِلَ عَنْ بَعِيرٍ بِبَعِيرَينِ فَقَالَ: قَدْ يَكُونَ البَعِيرُ خيراً من البَعِيرَينِ.

556 - (أخبرنا) : مُحَمَّد بنِ الْحَسَنِ (في مخطوط آخر محمد بن الحسين) أو غَيْرِهِ مِنْ أهْلِ الصِّدْقِ فِي الحَدِيث: أوْهُما، عن يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عن هِشَام بنِ عُرْوَةَ، عن أبِيهِ قَالَ: -ابْتَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ جَعْفَر بَيْعاً فَقال عليٌّ رضِي اللَّه عَنْهُ لآتِينّ عثمان فَلأَحْجُرنَّ عَلَيْكَ أَعْلم ذلِكَ ابنُ جَعْفَر الزُّبَيْرِ فَقَالَ: أنا شَرِيكُكَ في بيعِكَ فَأَتَى -[161]- عَلِيٌ رضِي اللَّه عَنْهُ عُثْمَانَ فَقَالَ: إِحْجِرْ عَلَى هذَا فَقَالَ الزُّبَيْر: أَنا شَرِيكَهُ فَقَالَ عُثْمَانُ رضِي اللَّه عَنْهُ أَحْجُرُ عَلَى رَجُلٍ شَرِيكَهُ الزُّبَيْر.

556 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ: -أنّهُ اشْتَرى رَاحِلةً بأرْبَعَة أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ يُوفِيها صَاحِبهاَ بالرَّبذَةِ (الربذة محركة قرية معروفة قرب المدينة بها قبر أبي ذر الغفاري) .

الباب الرابع في السلم (السلم يقال السلم والسلف وأسلم وسلم وأسلف وسلف والسلم إثبات مال في الذمة بمبذول في الحال وحده أنه عقد على موصوف في الذمة ببذل يعطى عاجلا سمي سلما لتسليم رأس المال في المجلس) :

الباب الرابع في السلم (السلم يقال السلم والسلف وأسلم وسلم وأسلف وسلف والسلم إثبات مال في الذمة بمبذول في الحال وحده أنه عقد على موصوف في الذمة ببذل يعطى عاجلا سمي سلماً لتسليم رأس المال في المجلس) :

557- (أخبرنا) : سفْياَنُ، عَنْ ابْنِ أبِي نُجيح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ رضِي اللَّه عَنْهُما قَالَ: -قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلم وَهُمْ يُسلفون في الثَّمَرِ السَّنَةَ والسَّنَتَيْنِ والثَّلاَثَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلم: «مَن سَلَفَ فَلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ وأجلٍ مَعْلُومٍ أوْ إلى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» .

558- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابْنِ أبِي نُجيح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي المِنْهَالِ، عن ابنِ عَبَّاسٍ: -أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلم قَدِمَ المدينة وَهُمْ يُسلفون في الثَّمَرِ السَّنَةَ والسَّنَتَيْنِ وربما قال والثَّلاَثَ فَقَالَ: «مَن سَلَفَ فَلْيُسْلِفْ في كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ وأجلٍ مَعْلُومٍ» قال: فحفظته كما وصفت من سفيان مرارا.

559- (أخبرنا) : مَنْ أُصَدِّقُهُ، عَنْ سُفْيَان: -أَنَّه قَال كما قُلْتُ وَقَالَ في الأَجَل إلى أجلٍ مَعْلُوم.

560- (أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءَ أَنَّهُ سَمِعَ ابنَ عَبَّاسٍ رضِي اللَّه عَنْهُما يَقُولُ: -لا نَرَى في السلَفِ بَأْساً لِلْوَرِق في شَئ مِنَ الْوَرِقِ نَقْداً.

561- (أخبرنا) : سَعِيدٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَمْرو بْنِ دِينَارٍ: -أَنَّ ابنَ عُمَر كَانَ يُجِيزه.

كتاب التفليس (أفلس الرجل: لم يبق له مال يراد به أنه صار إلى حال يقال فيها ليس معه فلس فهو مفلس) .

كتاب التفليس (أفلس الرجل: لم يبق له مال يراد به أنه صار إلى حال يقال فيها ليس معه فلس فهو مفلس) .

562- (أخبرنا) : مَالِكُ بنُ أنَسٍ، عَنْ يَحْيَ بنِ سَعِيد، عَنْ أَبِي بَكْر ابن محمد بنِ عَمْرو بنِ حَزْم، عَنْ عُمَرَ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْر ابنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ الحَارِثِ بنِ هِشَام، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلَّم قَالَ: «أيُّمَا رَجُلٍ أفْلَسَ فَأَدْرَكَ الرَّجُلَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أحَقُّ بهِ» .

563- (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابُ بنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثقَفِيُّ أنَّهُ سَمِعَ يَحْيَ بنِ سَعِيد يَقُولُ أخْبَرني: أَبو بَكْر بنِ مُحمد بنِ عَمْرو ابنِ حَزْم، أَنَّ عُمَرَ بن عَبْدِ الْعَزِيزِ حَدَّثَهُ أَبا بَكْرِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ الحَارِثِ -[163]- ابنِ هِشَام حَدَّثَهُ أنَّهُ سَمِعَ أبا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: -قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلَّم قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أفْلَسَ فَهُوَ أحَقُّ بهِ مِنْ غَيْرِهِ» .

564- (أخبرنا) : ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي: أبُو المُعْتَمر ابن عَمْرو بن رَافِع، عَنْ أبي خَلَدَةَ الزُّرَقِيّ وكاَنَ قَاضِي المَدِينَةِ أنَّهُ قَالَ: -جِئْناَ أبا هُرَيْرَةَ في صاحِبٍ لَناَ أفْلَسَ فَقَالَ: هذَا الَّذِي قَضَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلم: " أيُّمَا رَجُلٍ مَاتَ أوْ أفْلَسَ فَصَاحِبُ المتَاع أحَقُّ بِمتَاعِهِ إذَا وَجَدَهُ بِعَيْنِهِ.

كتاب الرهن (الرهن لغة: إسم لما وضع وثيقة للدين وقيل الحبس مطلقا وشرعا: حبس مال متقدم بحق يمكن أخذه منه) .

كتاب الرهن (الرهن لغة: إسم لما وضع وثيقة للدين وقيل الحبس مطلقا وشرعاً: حبس مال متقدم بحق يمكن أخذه منه) .

565 (أخبرنا) : عَبْدُ الْعَزِيزِ بنُ مُحَمَّدٍ الدَّوَاوَرْديُّ، عَن جَعْفر ابن مُحَمد عن أبيهِ قَالَ: -رَهَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلم دِرْعَهُ عِنْدَ أبي الشَّحْمِ اليَهُودِيّ.

556- (أخبرنا) : إبرَاهِيمُ بنُ مُحَمَّدٍ وغَيْرُهُ، عَن جَعْفربنِ مُحَمَّدٍ عن أبيهِ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ أبي الشَّحْمِ اليَهُودِيّ.

557- (أخبرنا) : مُحَمَّدُ بنُ إسْمَاعِيلَ بْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيِّبِ: -أنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلم -[164]- قَالَ: «لاَ يَغْلَقُ (يقال غلق الرهن يغلق غلوقاً إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر راهنه على تخليصه والمعنى أنه لا يستحقه المرتهن إذا لم يستفكه صاحبه وكان هذا من فعل الجاهلية إن الراهن إذا لم يؤد ماعليه في الوقت المعين ملك المرتهن الرهن فأبطله الإسلام) الرَّهْنُ مِنْ صَاحِبهِ الّضذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ وعَلَيْهِ غُرُمُهُ» . قالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: وغُنْمُهُ زِيَادَتُهُ وغُرُمُهُ هَلاكُهُ ونقصُهُ.

568- (أخبرنا) : الثِّقَةُ، عنْ يَحْيَ بْنِ أَبِي أُنَيْسَة، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيِّبِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: - عن رَسُولِ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلم مِثْلَهُ أو مِثْلَ مَعْنَاهُ لاَ يُخَالِفَهُ.

569- (أخبرنا) : غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أهْلِ العِلْمِ، عنْ يَحْيَ بْنِ أَبِي أُنَيْسَة، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ ابْنِ المسيِّبِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: - عن النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَ حدِيث ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ.

570- (أخبرنا) : سَعِيدٌ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن جَعْفَرَ بنِ مُحَمَّدٍ، عنْ أبيهِ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم رَهَنَ دِرْعَهُ عِنْدَ أبي الشَّحْمِ اليَهُودِيّ.

كتاب الشفعة (الشفعة من شفعت الشئ إذا ضممته وثنيته ومنه شفع الأذان وسميت شفعه لضم نصيب إلى نصيب) .

كتاب الشفعة (الشفعة من شفعت الشئ إذا ضممته وثنيته ومنه شفع الأذان وسميت شفعه لضم نصيب إلى نصيب) .

571- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيِّبِ وأبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى اللَّه عليه وسلَّم قَالَ: -[165]- «الشُّفْعَةُ فِيماَ لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلاَ شُفعَةَ» .

572- (أخبرنا) : الثِّقَةُ، عنْ مَعْمَرٍ، عَنْ الزُّهْرِيّ، عَنْ أبي سَلَمَةَ عَن جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَهُ أو مِثْلَ مَعْنَاهُ لاَ يُخَالِفَهُ.

573- (أخبرنا) : سَعِيدُ بن سالم، أَنْبَأَنَا: ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عن جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -عنِ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «الشُّفْعَةُ فِيماَ لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلاَ شُفعَةَ» .

574- (أخبرنا) : الشَّافِعيُّ أَنَّ سفْياَنَ أخْبَرَهُ، عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرو بْنِ الشَّرِيدِ، عنْ أبِي رَافِعٍ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: " الْجَارُ أَحَقُّ بِشِفْعَتِهِ.

575- (أخبرنا) : الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أنَّ مَالِكاً أخْبَرَهُ عنْ عَمْرو ابْنِ يَحْيَ الْمَازِنيّ عنْ أبِيهِ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ ضَرَرَ ولاَ ضِرَارَ» .

576- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أبي هُريرة: -أن رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قالَ: «لاَ يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً في جِدَارِهِ» قَالَ: ثُمَّ يقُولُ أبُو هُرَيرَةَ رضي اللَّه عنْهُ: مَالِي أرَاكُمْ عَنْهاَ مُعْرِضِينَ وَاللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِهاَ بَيْنَ أكْتَافِكُمْ.

كتاب الإجارات (الأجرة الكراء: تقول استأجرت الرجل فهو يأجرني ثماني حجج أي يصير أجيري وأتجر عليه بكذا من الأجر فهو مؤتجر أي استؤجر على العمل) .

كتاب الإجارات (الأجرة الكراء: تقول استأجرت الرجل فهو يأجرني ثماني حجج أي يصير أجيري وأتجر عليه بكذا من الأجر فهو مؤتجر أي استؤجر على العمل) .

577- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن الزُّهْرِيّ، عَنْ حِرَامَ بْنِ سَعْدٍ بْنِ مُحَيّصَة: -أنَّ مُحَيّصَة سَأَل النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم عَنْ كَسْبِ الْحَجَّام فَنَهَاهُ عَنْهُ فَلَمْ يَزَل يُكَلّمه حَتَّى قَالَ: «أطْعمه رَقِيقَكَ وأعْلِفْهُ ناضِحكَ» .

578- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَن الزُّهْرِيّ، عَنْ حِرَامَ بْنِ سَعْدٍ بْنِ مُحَيّصَة، عن أبِيهِ: -أنَّه استأذَن النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم في إجارة الحجام فَنَهَاهُ عَنْهُ فَلَمْ يَزَل يسأله ويستأذنه حتى قال: «أعْلِفْهُ ناضِحكَ ورَقِيقَكَ (في النهاية أن بعضهم فسره بالرقيق الذين يكونون في الإبل فالغلمان نضاح والإبل نواضح) » .

579- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَن حُمَيْد، عن أَنَسٍ رضي اللَّه عنْهُ قَالَ: -حَجَمَ أبُو طَيْبَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وأمَرَ أهْلَهُ أنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خِرَاجِه.

580- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، أخْبَرَنِي: إبْرَاهِيم بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ طَاوسٍ قَالَ: -احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم وقَالَ لِلْحَجَّامِ اشْكِمُوه (الشكم بالضم الجزاء يقال شكمه يشكمه) .

581- (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابُ الثقَفِي، عن حَمَيْد، عن أَنَسٍ رضي اللَّه عنْهُ: -أنَّهُ قِيلَ لَهُ احتجم رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم؟ فَقَالَ: نَعَمْ حَجَمَهُ -[167]- أبُو طَيْبَةَ فَأعْطَاهُ صَاعَيْنِ وأمَرَ مَوَالِيهِ أنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ ضَرِيبَتِه وَقَالَ: " أمْثَل ما تَدَاوَيْتُم بِه الْحِجَامَةُ والْقُسْطُ الْبَحْرِيُّ لِصِبْيَانَكُمْ مِنَ العُذْرَةَ (العذرة بالضم وجع في الحلق يهيج من الدم وقيل هي قرحة تخرج في الخرم الذي بين الأنف والحلق تعرض للصبيان عند طلوع العذرة فتعمد المرأة إلى خرقة فتفتلها شديداً وتدخلها في أنفه فتطعن ذلك الموضع فيتفجر منه دم أسود وربما أقرحه وذلك الطعن يسمى الدغر يقال عذرت المرأة الصبي إذا غمزت حلقه من العذرة أو فعلت به ذلك والمعنى: لا تغمزوا حلق الصبي بسبب العذرة وهو وجع الحلق بل داووه بالقسط البحري وهو العود الهندي) وَلاَ تُعَذِّبُوهُمْ بِالْغَمْزِ.

582- (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابُ، عن أيُّوبَ، عَنْ ابنِ سِيرِينَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ.

كتاب الهبة والعمرى (الهبة تطلق على كل ما يعم الصدقة والهدية وما يقابلهما والعمرى إذا أعمر شيئا) .

كتاب الهبة والعمرى (الهبة تطلق على كل ما يعم الصدقة والهدية وما يقابلهما والعمرى إذا أعمر شيئاً) .

583- (أخبرنا) : سُفْيَانُ أَوْ مَالِكٌ، عَن حُمَيْد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ وعَنْ مُحَمَّد بْنِ النَّعْمانِ بنِ بَشِيرٍ يُحَدِّثَانِهِ عنِ النَّعْمانِ بنِ بَشِير: -أنَّ أبَاه أتَى بِهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي نَحَلْتُ إبنِي هذَا غُلاماً كَانَ لِي فَقَالَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: " أكُلّ وَلدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَ هذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: فأَرْجِعُهُ". قَالَ أبو العَبَّاس: كانَ عِنْدَ أصْحَابِناَ كُلّهم مَالِكٌ فَلِذَلِكَ جَعَلتَهُ بالشّك.

584- (أخبرنا) : مُسْلمُ بنُ خالدٍ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عنِ الْحَسَنِ بن مُسْلم، عنْ طاوسٍ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَحِلُّ لوَاهِبٍ أنْ يرجَعَ فِيماَ وَهَبَ إِلاَّ الوَالِدَ مِنْ وَلَدِهِ» .

585- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عنْ عَطَاء، عن جابِر: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أُعمِرَ شَيْئاً فَهُوَ لَهُ» .

586- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن عَمْرو بْنِ دِينَارٍ، عنْ طَاوسٍ، عنْ حُجر المدْرِي، عن زَيْدِ بنِ ثابِتٍ: -أنَّ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «العُمرَى لِلْوَارِثِ» .

587- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَطَاء، عَن جابِر: -أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ تُعمِرُوا (يقال أعمرته الدار عمرى أي جعلتها له يسكنها مدة عمره فإذا مات عادت إلى وكذا كانوا يفعلون في الجاهلية فأبطل ذلك الإسلام وأعلمهم أن من أعمر شيئاً أو أرقبه في حياته فهو لورثته من بعده) وَلاَ تُرقِبُوا فَمَنْ أعْمَرَ شيئاً أَوْ أُرْقِبَهُ فَهُوَ سَبِيلُ المِيرَاثِ» .

588- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عن أبي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ عَن جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «أيُّما رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ ولِعَقْبه فإنَّها للَّذِي أُعْطِيهاَ لاَ تَرْجُع إِلَى الَّذِي أعْطَاهاَ لأَنهُ أعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ المَوَاريث» .

589- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن عَمْرو بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ أبِي نُجيح، عَنْ حَبِيب ابنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: -كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما فَجَاءَهُ أَعْرَابّي -[169]- فَقَالَ لَهُ: إنِّي أعْطَيْتُ بَعْضَ بَنيّ نَاقَةً حَيَاتَهُ قَالَ عَمْرٌو وَفِي الحديثِ وأنّها تَنَاتَجتَ وَقَالَ ابْنُ أبِي نُجيحٍ فِي حَدِيثِهِ وأنّها أضَنَّتَ (قال الهروي والخطابي هكذاروى والصواب ضنت أي كثر أولادها) وضْطَرَبَتْ فَقَالَ: هيَ لَهُ حَيَاتَه ومَوْتَهُ، قَالَ: فَإِنِّي تَصَدَّقْتُ بِهَا عَلَيْهِ قَالَ: فَذلِكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهاَ.

590- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ وَحُمَيد الأَعْرَجَ، عَنْ حَبِيب ابنِ أَبِي ثَابِتٍ قَالَ: -كُنْتُ عِنْدَ ابن عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ: إنِّي وَهَبْتُ لإبني نَاقَةً حَيَاتَهُ وأنّها تَنَاتَجتَ إبْلاً فَقَالَ ابْنَ عُمَر: هيَ لَهُ حَيَاتَه ومَوْتَهُ؟ فقَالَ: إِنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَيْهِ بِهَا فقَالَ: ذلِكَ أَبْعَدُ لَكَ مِنْهاَ.

591- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ ابْنِ أبِي نُجيح، عَنْ حَبِيب بنِ ثَابِتٍ: -مِثْلَهُ إلاّ أنَّهُ قَالَ: أضَنَّتَ واضْطَرَبَتْ.

592- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ عَمْرو، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: -أَنَّ طَارِقاً قَضى بِالمَدِينَةَ بالْعُمْرَى عَنْ قَوْلِ جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: عَنْ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم.

كتاب القراض (القراض مشتق من القرض وهو القطع سمي بذلك لأن المالك قطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها وقطعة من الربح ويسمى أيضا مضاربة ومقارضة) .

كتاب القراض (القراض مشتق من القرض وهو القطع سمي بذلك لأن المالك قطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها وقطعة من الربح ويسمى أيضاً مضاربة ومقارضة) .

593- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بنِ أسْلَم، عنْ أَبِيهِ: -أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ وعُبَيْدِ اللَّه

ابْنَي عُمَر بن الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُم خَرَجَا في جَيْشٍ إلَى العِرَاقِ فَلَمَّا قَفَلاَ مَرَّا بِعَامِلٍ لِعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَرَحَّبَ بِهِماَ وَسَهَّلَ وَهُوَ أمِيرُ الْبَصْرَةِ وَقَالَ: لَوْ أقْدِررُ لَكُماَ عَلَى أمْرٍ أنْفَعْكُماَ بِه لَفَعَلْتُ ثُمَّ قَالَ: بَلَى إنَّ هَاهُنَا مالامِنْ مَالِ اللَّهِ أُرِيدُ أنْ أبْعَثَ بِهِ إلَى أمِيرَ المُؤمِنينَ فَأُسْلِفكُماهُ فَتَبْتَاعَانِ بِه مَتَاعا مِنْ مَتَاع العِرَاقِ ثُمَّ تَبِيعَانهِ بِالمَدِينَةِ فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ المَال إلَى أمِيرَ المُؤمِنينَ وَيَكُونُ لَكُمَا الرَّبحُ فَقَالاَ: وَدِدْناَ فَفَعَلَ وَكَتَبَ لَهُماَ إلَى عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أنْ تَأخُذَ مِنْهُماَ الماَلُ قَالَ: فَلَمَّا قَدِماَ الْمَدِينَةَ بَاعاَ فَرَبِحاَ فَلَمَّا دَفَعاَ إلَى عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ لَهُماَ: أكُلَّ الجيش قَدْ أسْلَفَهُ كما أسْلَفْكُماَ؟ فَقَالاَ: لاَ فَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ ابْناَ أمِيرَ المُؤمِنينَ فَأسْلَفْكُماَ أدَّيَا المَالَ وَرِبَحَهُ فَأماَّ عَبْدُ اللَّهِ فَسَكَتَ وَأَمَّا عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لَكَ هذَا يا أمِيرَ المُؤمِنين لَوْ هَلَكَ الْمَالُ أوْ نَقَصَ لَضَمِنَّاهُ فَقَالَ: أدِّيَاهُ. فَسَكَتَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يا أمير المؤمنين: لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضاً فَأَخَذَ عُمَر رَضِيَ اللَّه تعالى عَنْهُ رأسَ المالِ ونِصْفَ رِبْحهِ وأخَذَ عَبْدُ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّه نِصْفَ رِبح ذلِكَ المال.

كتاب الاستقراض

كتاب الاستقراض

594- (أخبرنا) : مَالِكُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بنِ أسْلَم، عن عَطَاء بن يسَارٍ، عن أَبِي رَافِعٍ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم اسْتَسْلَفَ (استسلف أي استقرض) مِنْ رَجُلٍ بكرا فَجَائتهُ إبْلٌ مِنْ إبل الصَّدَقَةَ فَأَمرَنِي أنْ أَقْضِيَهُ إيّاهُ.

595- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بنِ أسْلَم، عنْ عَطَاء بن يسَارٍ، عن أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: -اسْتسلف رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَجَائتهُ إبْلٌ الصَّدَقَةَ قَال أبُو رافِعٍ: فَأَمرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم أنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بكْرَهُ فَقُلْتُ يا رَسُول اللَّه: إنِّي لَمْ أَجِدِ في الإِبِلِ إلاَّ جَمَلاً خِيَاراً ربَاعِياً (يقال للذكر من الإبل إذا طلعت رباعيته رباع الأنثى رباعيه بالتخفيف وذلك إذا دخلا في السنة الرابعة) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «أعْطه إيَّاهُ فَإِنْ خَيَارَ النَّاسِ أحْسَنُهم قَضَاءً» .

596- (أخبرنا) : الثِّقَةُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيّ، عَنْ سَلَمَةَ بنِ لُهَيْل، عَن أبي سَلمةَ، عَن أبي هُرَيْرَةَ: -عن النبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِمِثْلِ معْناَهُ.

597- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن أيُّوبَ، عنْ قَتَادَةَ، عَنْ أبِي حَسَّانَ الأَعْرَجِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضِي اللَّه عَنْهُما قَالَ: -أشْهَدُ أَنَّ السَّلَفَ الْمَضْمُون إلى أجلٍ مسَمَّى قَدْ أحِلَّهُ اللَّهُ فِي كِتابِه وأذِنَ فِيه ثُمَّ قالَ: «يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنْتُمْ بَدَيْنٍ إلى أجلٍ مُسَمَّى» .

كتاب الصيد والذبائح (الصيد مصدر صاد يصيد ثم أطلق الصيد على المصيد قال تعالى: ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم"والذبائح جمع ذبيحة بمعنى مذبوحة) .

كتاب الصيد والذبائح (الصيد مصدر صاد يصيد ثم أطلق الصيد على المصيد قال تعالى: ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم"والذبائح جمع ذبيحة بمعنى مذبوحة) .

598- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ، عَن صُهَيْبٍ مَوْلى عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَمْرو، عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو ابن العاص: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: " مَنْ قَتَلَ عُصْفُراً فَما فَوْقَهاَ بِغَيْرِ حَقِّهاَ سَأَلَهُ اللَّهَ عنْ قَتْلِهِ -[172]- قِيلَ يَارَسُولَ اللَّه: وَما حقها؟ قَالَ: أنْ يَذْبَحَهاَ فَيأكُلَها وَلاَ يَقْطَع رَأسَها فَيَرْمِي بِها".

599- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ، عَن جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: -أطْعَمَناَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم لُحُومَ الْخَيْلِ ونَهَاناَ عَنْ لُحُومِ الحُمُر.

600- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَن فَاطِمَةَ، عَن أسْمَاء قَالَتْ: -نَحَرْناَ فَرَسَاً عَلَى عَهْدِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فَاكَلْناَهُ.

601- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَن ابنِ شِهابٍ، عَن عَبْد اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّد ابْنِ عَليٍّ، عَن أبِيهِماَ، عن عَليِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضِي اللَّه عَنْهُ: -أَنَّ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهى عَامَ خَيْبَر عَنْ نِكَاحِ المُتْعَة وعن لُحُوم الحُمُر الأَهْلِيَّة.

602- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ والزُّهْريّ، عَنْ عَبْد اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّد ابْنِ عَليٍّ، عن عَليِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضِي اللَّه عَنْهُ: -أَنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهى عَنْ مُتْعَة النِّسَاء وعن لُحُوم الحُمُر الأَنْسِيَّةِ.

603- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن إسْمَاعِيلَ بْنُ أبِي حَكيم، عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفيان الْحَضْرَميّ، عَن أبي هُرَيْرَةَ رضِي اللَّه عَنْهُ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «أكْلُ كُلّ ذي نَابٍ مِنَ السّباع حَرامٌ» وّذَكَرَ فِي مَوْضِع آخَر عَن النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «أكْلُ كُلّ ذي نَابٍ مِنَ السّباعِ حَرامٌ» .

604- (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ أبِي إدْريسَ الْخَولاَنِّي -[173]- عَن أبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنيّ: -أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهى عَنْ أكْلِ كُلّ ذي نَابٍ مِنَ السّباعِ.

605- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن الزُّهْرِيّ، عَنْ أبِي إدْريسَ، عَن أبِي ثَعْلَبَةَ: -عن النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَهُ.

606- (أخبرنا) : حَاتِمٌ يعني ابنِ إسْمَاعِيل والْدّرَاوَرْدِيّ أوْ أحَدُهُما، عَن جَعْفربنِ مُحَمَّدٍ عن أبيهِ أنَّهُ قَالَ: -النُّونُ (النون: الحوت) والْجَرَادُ ذَكِيٌ.

607- (أخبرنا) : عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ زَيْدِ بنِ أسْلَم، عن أبِيهِ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: -قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «أثحِلَّت لَناَ مَيْتَتَان وَدَماَن الْمَيْتَتَان الحُوتُ والجِرادُ، والدَّمَان أحسُبُه قَالَ الكبدُ والطّحال» .

608- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ أَبِي سَعِيدٍ بن مَسْرُوقٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعٍ بنِ خُدَيْجٍ قَالَ: -قُلْناَ يَا رَسُولَ اللَّه: إنَّا مُلاَقُوا العَدُوّ غَداً ولَيْسَتْ مَعَناَ مُدّىِ (المدى: جمع مدية وهي السكين والشفرة) أنُذَكّي باللّيط؟ (الليط قشر القصب والقناة وكل شئ كانت له صلابة ومتانة والقطعة منه ليطة) فَقَالَ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ عَلَيْهِ إسْمُ اللَّه تعالى فَكُلُوا إلاّ مَا كَانَ مِنْ سِنّ أوْ ظُفْرٍ فَإِنَّ السِّنَّ عَظْمٌ مِن الإنْسَانِ والظفر هذا مُدَى الحبش» .

609- (أخبرنا) : مُسْلمٌ وعَبْدُ المَجِيدِ وَعَبْدُ اللَّه بْنُ الحَارِثِ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّه ابْنِ عُميَرِ، عَنِ ابْنِ عَمَّار قَالَ: -سَألْتُ -[174]- جابِر بنِ عَبْدِ اللَّه عنِ الضَبْع أصَيْدٌ هِيَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ قُلْتُ أتُؤْكَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ فَقُلْتُ أسَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ.

610- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم نَهى عَنْ الضِّبِّ فَقَالَ: «لَسْتُ آكلهُ ولاَ مُحَرّمهُ» .

611- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عُمرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: - عن النّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم مِثْلَهُ.

612- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَن ابنِ شِهابٍ، عَنْ أبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلٍ بْنِ حَنيف، عَن ابْن عَبّاس قَالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أشك أقَالهُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وخَالِدِ بْنِ الوَلِيد أَوْ عن ابْنِ عَبَّاسٍ وَخَالِد بْن المُغيرة: -أنَّهُما دَخَلاَ مَعَ النّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم بَيْتَ مَيْمُونَة فأُتى بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأهْوى إليْه رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِيَدِهِ فَقَالَتْ لَهُ بَعْضُ النّسْوةِ الَّلاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَة أُخْبَرْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم بِمَا يُرِيدُ أنْ يَأكُلَ فَقَالُوا أنَّهُ ضَبٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم يَده فَقُلْتُ أحَرَامٌ هُو؟ قَالَ: لاَ ولَكِنَّه لَمْ يَكُنْ بأرض قَوْمِي فَأجدني أعَافُهُ قَالَ خَالِد: فَأجْرَرْتُه وَاكَلتُ وَرَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم يَنْظُر.

613- (أخبرنا) : الثَّقَفيّ، عَنْ أيُّوبَ، عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَة السلْمَاني، عَنْ عَليِّ رضِي اللَّه عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: «لاَ تَأْكُلُوا ذَبَائحَ نَصارَى بَنِي تغْلبَ فإِنَّهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا مِن دِينهم إلاّ بِشُرْبِ الْخَمر» .

614- (أخبرنا) : إبرَاهِيمُ بنُ مُحَمّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيد الْجَاريّ -[175]- أوْ عَبْد اللَّه بْنِ سَعْدٍ مَولَى عُمر ابنِ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ -أنَّ عُمر بنَ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: "مَانَصَارَى العَرب بِأهْلِ كِتَابٍ ومَا تَحلُّ لنَا ذَبائحهم وَماَ أنا بِتَارِكهم حَتَّى يُسْلِموا أَوْ أضْربَ أَعْنَاقَهُمْ.

615- (أخبرنا) : إبْرَاهِيمُ بْنُ أبي يحْيَ، عَن عَبْدِ اللَّهِ بنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعْدٍ الفُلْجَةَ مَولى عُمر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَوْ ابْنِ سَعْدٍ الفُلْجَةَ: -أَنَّ عُمر ابنِ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه تعالى عَنْهُ قَالَ: مَانَصَارَى العَرب بِأهْلِ كِتَابٍ ومَا يَحلُّ لنَا ذَبائحهم وَماَ أنا بِتَارِكهم حَتَّى يُسْلِموا أَوْ أضْربَ أَعْنَاقَهُمْ.

616- (أخبرنا) : الثّقَةُ، عَنْ سُفْيَانَ أو عَبْد الوهَاب الثّقفيّ أو هُمَا، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْماني قالَ: -قَال عَليِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضِي اللَّه عَنْهُ: لاَ تَأكُلوا ذَبَائح نَصَارَى بَنِي تَغْلب فإِنَّهُم لَمْ يَتَمَسّكُوا مِنْ نِصْرَانِيَتهم أوْ مِنْ دِينهم إِلاّ بِشُرْبِ الخمر الشَّك من الشّافعي. قالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ والّذِي يُرْوى فِي حَدِيث ابْنِ عَبَّاسٍ فِي إحْلاَلِ ذَبَائحهم إِنَّما هُو حَدِيثُ عِكْرَمَةَ.

617- (أخبرنيه) : ابْنُ الْدّرَاوَرْدِيّ، وابنُ أبِي يَحْيَ، عَنْ ثَور الدَّيلي، عنْ عِكْرَمَةَ عن ابْنِ عَبَّاسٍ: -أنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَبَائحَ نَصَارَى العَرَب فَقَال قَولاً جَليًّا هُو إِحْلاَلِهاَ وَتلَى «وَمَنْ يَتَولّهُمْ مِنْكُم فإِنَّهُ مِنْهُمْ» وَلكن صَاحِبُناَ سَكَتَ عَن إسم عِكْرَمَةَ، وثَور لَمْ يَلْق ابن عبّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما.

كتاب الطب

كتاب الطب

618- (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابُ الثقَفِي، عن حُمَيدٍ، عَن أنَس أنّه قِيلَ لَه: -احتَجَمَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم؟ فَقَالَ: نَعَمْ حَجَمَه أبُو طَيْبَةَ فأعْطاهُ صَاعَيْنِ وَأمَرَ مَوَالِيهُ أنْ يُخَفِّفُوا عَنْه مِنْ ضَرِيبَته وَقَالَ: «أمْثَلُ مَاتَدَاوَيْتُمْ به الحِجَامَة، والقُسْطُ الْبَحْرِيّ لِصِبْيَانِكُمُ مِنَ العُذْرَةَ وَلاَ تُعَذّبُوهُم بالْغَمْرِ» .

619- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ ابنِ شِهَابٍ، عَنْ سالِمٍ: -أنَّ عُمَراً إنَّما رَجَعَ بالنَّاسِ عَن حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ عوفٍ يَعني حِينَ خَرَجَ إِلَى الشَّام فبُلّغ وقوع الطَّاعُونِ (الطاعون المرض العام والوباء الذي يفسد له الهواء فتفسد به الأمزجة والأبدان) بِها.

620- (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابُ، عن أيَّوب، عن ابْن سِيرِينَ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضِي اللَّه عَنْهُما: -يَعني حِينَ خَرَجَ إِلَى الشَّام فبُلّغ وقوع الطَّاعُونِ.

كتاب الأحكام (الأقضية جمع قضاء بالمد كقباء وأقبية وهو لغة: إمضاء الشئ وأحكامه وشرعا: فصل الخصومة بين خصمين فأكثر بحكم الله تعالى) في الأقضية

كتاب الأحكام (الأقضية جمع قضاء بالمد كقباء وأقبية وهو لغة: إمضاء الشئ وأحكامه وشرعاً: فصل الخصومة بين خصمين فأكثر بحكم اللَّه تعالى) في الأقضية

621- (أخبرنا) : عَبْدُ الْعَزِيزِ بنُ مُحَمَّدٍ، عَن يَزيدَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَاد، عَنْ مُحَمدْ بنِ إبْرَاهِيمَ التَّيمِيّ عنبُشر بنِ سَعِيد، عن أبِي قيس مَوْلى عَمْرو بْنِ العَاصِ عَن عَمْرو بْنِ العَاصِ: -أنّه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم يَقُولُ: «إذَا حَكَم الحَاكم فَاجْتَهَد فَأصَاب فَلَهُ أجْرَان وإذَا حَكَم الحَاكم فَاجْتَهَد فَأخْطأ فَلَهُ أجْرٌ» .

622- (أخبرنا) : عَبْدُ الْعَزِيزِ بنُ مُحَمَّدٍ بنِ أبِي عُبَيْدِ الْدّرَاوَرْدِيّ، عَن يَزيدَ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَاد، عَنْ مُحَمدْ بنِ إبْرَاهِيمَ، عن بُشر بنِ سَعِيد، -[177]- عن أبِي قيس مَوْلى عَمْرو بْنِ العَاصِ عَن عَمْرو بْنِ العَاصِ: -أنّه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم يَقُولُ: «إذَا حَكَم الحَاكم فَاجْتَهَد فَأصَاب فَلَهُ أجْرَان وإذَا حَكَم الحَاكم فَاجْتَهَد فَأخْطأ فَلَهُ أجْرٌ» قَالَ يَزيدُ بنُ الْهَادِ: فَحَدَّثْتُ بِهذَا الحَدِيث أَبَا بَكْر بن محمد بن بنِ عَمْرو بنِ حَزْم فَقَالَ: هكذَا حَدَّثني أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ أبي هُريرة رضي اللَّه عنه.

623- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِك بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ ابْنِ أبِي بَكْرَةٍ، عَنْ أبِيه: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَقْضِي الْقَاضِي أَوْ لاَ يَحْكُم الحَاكم بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان» .

623 - (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِك بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ ابْنِ أبِي بَكْرَةٍ، عَنْ أبِيه: -أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَحْكُم الحَاكم أَوْ لاَ يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان» .

624 - (أخبرنا) : ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْريّ قَالَ: قالَ أبُو هُرَيْرَةَ: -مَا رأيْتُ احَداً أكْثَرُ مُشَاوَرَةً لأَصْحَابِهِ مِن رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم. قالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: وَقَالَ اللَّهُ تَعالى: «وأمْرُهُم شورى بَيْنَهُمْ» .

625 - (أخبرنا) : سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عنْ عَمْرو بْنِ دِينَارٍ، عنْ عَمْرو بنِ أوْسٍ قالَ: -كاَنَ الرَّجُل يُؤاخَذ بِذَنْبِ غَيْره حَتَّى جَاءَهُمْ إبْرَاهِيم صلَّى اللَّهُ عليه وسلم فقال اللَّه تعالى: «وَإبْرَاهِيم الَّذِي وَّفَى ألا تَزِرُ وَازِرَةٌ وزر أخرى» -[178]- (الوزر الحمل والثقل وأكثر ما يطلق في الحديث على الذنب والإثم يقال: وزريزر فهو وازر إذا حمل ما يثقل ظهره من الأشياء المثقلة ومن الذنوب وجمعه أوزار) .

626 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ هِشَام بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَن زيْنَب بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْج النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم: -أنَّ رسُول اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: «إِنَّما أَنا بَشَرٌ وإِنَّكُم لَتَخْتَصِمُونَ إليّ وَلَعَلّ بَعْضكم أَنْ يَكُون ألحَن (اللحن الميل عن جهة الاستقامة يقال لحن فلان في كلامه إذا مال عن صحيح المنطق! وأراد أن بعضكم يكون أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره) بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي لهُ عَلَى نَحْو ما أسْمعُ منْهُ فَمَنْ قَضيتُ لَهُ بِشَئٍ مِنْحَقِّ أخِيه فَلاَ يَأْخُذَنَّهُ فإِنَّما أَقْطَعُ لَهُ قِطعَةً مِنَ النَّارِ» .

627 - (أخبرنا) : عَبْدُ اللَّهِ بنُ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمَلك الْمَخْزُومِيّ، عَن سَيف ابنِ سُلَيْماَنَ المكي، عَنْ قَيْس بن سَعد، عن عَمْرو بنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَضى بِالْيَمِنِ مَعَ الشَّاهِد. قَالَ عَمرٌو: فِي الأَمْوَال.

628 - (أخبرنا) : إبرَاهِيمُ بنُ مُحَمَّدٍ، عَن رَبِيعَةَ بْنِ عُثْماَن، عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِمن، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضي اللَّه عَنْهُما وَرَجُلٌ آخَر سَمَّاهُ لاَ يَحْضُرنِي ذِكْرُ إسْمِهِ مِنْ أصْحابِ النّبي صلى اللَّه عليه وسلم: -أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَضى بِالْيَمِنِ مَعَ الشَّاهِد.

629 - (أخبرنا) : إبرَاهِيمُ، عَن عَمْرو بْنِ أبِي عَمْرو مَولَى المُطَّلب، عَن ابْنِ الْمُسَيّبِ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَضى بِالْيَمِنِ مَعَ الشَّاهِد الوَاحِد.

630 - (أخبرنا) : عَبْدُ العَزِيزبن مُحَمَّد بْنِ أَبِي عُبَيْد الدّرَاوَرْدِيّ، عَن رَبِيعَةَ -[179]- ابْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحِمن، عَن سَعِيدٍ بْنِ عَمْرو بْنِ شُرْحَبِيلَ بْنِ سَعِيد بْنِ سَعْد بْنِ عُبَادَةَ، عَن أبِيهِ، عَن جَدّه قَالَ: -وَجَدْناَ فِي كِتاَبِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَضى بِالْيَمِنِ مَعَ الشَّاهِد.

631 - (أخبرنا) : الشَّافِعيُّ قال: وَذَكَرَ عَبْدُ العَزِيزبنُ المطَّلب، عَن سَعيد ابْنِ عَمْرو، عَن أبِيه قَالَ: -وَجَدْناَ فِي كُتُبِ سَعْد بْنِ عُبَادَةَ يَشْهَدُ سَعْد بْنِ عُبَادَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أمَر عَمْرو بْنَ حَزْمٍ أنْ يَقْضِيَ بِالْيَمينَ مَعَ الشَّاهد.

632 - (أخبرنا) : عَبْدُ العَزِيزبن مُحَمَّد، عَن رَبِيعَةَ ابْنِ أبِي عَبْدِ الرَّحِمن، عَن سُهَيل بن أبِي صَالحٍ، عَن أبِيه، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَضى بِالْيَمِنِ مَعَ الشَّاهِد قَالَ عَبْدُ العَزِيز فَذَكَرْتُ ذلِكَ لِسُهَيل قَالَ: أخْبَرنِي رَبِيعَةُ وهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ أنّي حَدّثْتُهُ إيَّاهُ وَلاَ أحْفَظهُ قَالَ عَبْدُ العَزِيز وَقَدْ كَانَ أصَابَ سُهَيْلاً عِلّةٌ أذْهَبَتْ بِبَعْضِ حِفْظِهِ وَنَسى بعض حَديثه فكان سُهَيل بعد يُحدّثه عن رَبِيعَةَ عَنْهُ عَن أبِيهِ.

633 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ جَعْفَربْن مُحَمَّدٍ، عَن أبِيهِ: -أنَّ النَّبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: قَضى بِالْيَمِنِ مَعَ الشَّاهِد.

634 - (أخبرنا) : مُسْلمُ بْن خَالدٍ قَالَ حَدَّثَنِي: جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّد قَالَ: -سَمِعْتُ الْحَكَم بن عُتَيْبَة يَسْأَل أبِي وَقَدْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جِدَار الْقَبْر لِيَقُومَ: أَقَضَيَّ النَّبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بِالْيَمِنِ مَعَ الشَّاهِد؟ قَالَ: نَعَمْ وقَضَى بِهَا عَلَى [عليٌّ؟؟] بيْنَ أظْهُرِكُم قَالَ مُسْلم قَالَ جَعْفَرْ فِي الدَّيْن.

635 - (أخبرنا) : مُسْلمُ بْن خَالدٍ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَمْرو بْن شُعَيْبٍ، عَنْ أبِيهِ: -أنَّ النَّبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قَالَ فِي الشَّهَادَةِ: فإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ حَلَفَ مَعَ شَاهده. 636- (أخبرنا) : سفيان بن عيينة، عن خالد بن أبي كريمة، عن أبي جعفلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قضى باليمين مع الشاهد.

637 - (أخبرنا) : ابْنُ أَبِي يَحْيَ، عَن إسْحَاق بْنِ ابِي فَرْوَةَ، عَن عَمْرو بْنِ الحَكم، عَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنَّ رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا دَابَّةً فَأَقَامَ كُل وَاحِدٍ مِنْهُماَ الْبَيِّنَةَ أنَّها دَابّتُه نَتَجها فَقَضَى بِها رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم لِللَّذِي هِيَ فِي يَده.

638 - (أخبرنا) : الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِبَعْضِ من يُنَاظِرُهُ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: رَوَى الثَّقَفِيّ وَهُوَ ثِقَة عَن جَعْفَر، عَنْ أبِيهِ، عَن جابرٍ: -أَنَّ النَّبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: قَضى بِالْيَمِنِ مَعَ الشَّاهِد.

639- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَن مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر: -أنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى النَّبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فَقَالَ إنَّ لِي مَالاً وَعِيَالاً وَأنَّهُ يُرِيد أنْ يَأخُذَ مَالِي وَيُطْعِمهُ عِيَاله فَقَالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: «أنْتَ وَمَالَك لأَبِيكَ» .

640- (أخبرنا) : عَبْدُ اللَّه بْن مُؤمل، عَن ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: -كَتَبْتُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما مِنَ الطَائِف فِي جَارِيَتَيْنِ ضَرَبَت إحْداهُما الأخْرى وَلاَ شَاهِدَ عَلَيْهِما فَكَتَبَ إليّ أن إحبِسْهُماَ بَعدَ العَصْرِ ثُمَّ اقْرَأ عَلَيْهِماَ: «إنَّ الَّذِين يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه وأيمانِهم ثَمناً قَلِيلاً» فَفَعَلْتُ فَاعْتَرَفَت.

641- (أخبرنا) : مُسْلمُ بْن خَالدٍ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن ابْنِ أبِي مُلَيْكَة عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «البَيِّنَة عَلَى المُدَّعِي» أحْسِبُه قَالَ وَلاَ أُثْبِتُه أنَّه قَالَ: «وَاليَمِنُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْه» .

كتاب الشهادات (الشهادات: جمع شهادة وهي إخبار عن شئ بلفظ خاص)

كتاب الشهادات (الشهادات: جمع شهادة وهي إخبار عن شئ بلفظ خاص)

642- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ قالَ: -سَمِعْتُ الزُّهْريّ قَالَ: زَعَمَ أهْلُ الْعِرَاقِ أنَّ شَهادَةَ القَاذِف لاَ تَجُوزُ فأَشْهَدُ لأَخْبَرَنِي: سَعِيدُ بنُ المُسَيّب: أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ لأَبِي بَكْرَة: تُبْ تُقْبَل شَهَادَتُكَ أوْ إنْ تُبْتَ قُبِلَتْ شَهَادَتُكَ قَالَ وسَمِعْتُ سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ يُحَدّثُ بِه هكَذَا مِرَاراً ثُمَّ سَمِعْتُه يَقُولُ: شَكَكْتُ فِيه. قَالَ أَنَا: الشَّافِعيُّ: قَالَ سُفْيَانُ أَشْهَدُ لأَخْبَرَنِي فُلاَنٌ ثمَّ سمَّى رَجُلاً ذَهَبَ عنِّي حِفْظَ إسمِه فَسَألتُ فقَالَ لِي عَمْرُو بنُ قَيْسٍ: هُو عن سَعِيد بن المُسَيَّبِ وَكَانَ سُفْيانُ لاَ يَشكُّ أنَّهُ سَعِيد بن المُسَيَّب قَالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: وَغَيْرُهُ يَرْويه عنْ ابن شِهَابٍ، عن سَعِيد بن المُسَيَّب، عن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ بِهذَا الإسْناَد فِي كِتاَبٍ آخَر فَقَال: شَهَادةُ المَحْدُود لاَ تَجُوزُ. وَقَالَ سُفْيانُ فيه فهذَا الزُّهْريّ أخبَرنِي فَحَفِظتُهُ ثُمَّ نَسِيتُه قَال فَلمَّا قُمناَ سألتُ مَن حَضَر فقال لِي عَمْروبنُ قَيس هُوابنُ المسَيِّب ذَكَرَ الحَدِيثَ بِطُولِه.

643- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ عَنِ: الزُّهْريّ قَالَ: -فَلمَّا قُمتُ سألتُ فَقَالَ لِي عَمْروبنُ قَيس وحَضَر المَجْلِسَ مَعِي هُو وَسَعِيد بن المُسَيَّب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قُلْتُ لِسُفْيَان أَشَكَكْتَ حِينَ أَخْبَركَ سَعِيد بن المُسَيَّب؟ قَال: لاَ هُوَ كَمَا قَالَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ دَخَلَنِي الشَّكُّ.

644- (أخبرنا) : مَنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أهْلِ المَدِينَة، عنْ ابن شِهَابٍ، عن سَعِيد بن المُسَيَّب،: -أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لَمَّا جَلَدَ الثَّلاَثَةَ اسْتَتَابَهم فَرَجَعَ اثْنَانِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُما وَأَبَى أَبُو بَكْرَة أنْ يَرْجَع فَرَدَّ شَهَادَتُه.

645- (أخبرنا) : مُسْلمُ بْن خَالدٍ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَطَاء أَنَّهُ قَالَ: -لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ لاَ رَجُلَ مَعَهُنَّ في أمرِ النِّسَاءِ أقَلّ من أربعٍ عُدُول.

646- (أخبرنا) : سُفْيانُ، عن عَمْرو بنِ دِينَارٍ، عَن ابْنِ أبِي مُلَيْكَة عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -في شَهَادَةِ الصُّبْيَانِ لاَ تَجُوزُ وزَادَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَن ابْنِ أبِي مُلَيْكَة عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لأَنَّ اللَّه تعالى يقُولُ: «مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء» .

647- (أخبرنا) : مُسْلمٌ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَطَاء: -أنَّه قَالَ في شَهَادَةِ النِّسَاءِ عَلَى الشَّئ لاَ تَجُوزُ فيه أقَلّ مِنْ أرْبَعَ.

كتاب الفتن (الفتنة الإختبار والامتحان قال الله تعالى: (وفتناك فتونا))

كتاب الفتن (الفتنة الإختبار والامتحان قال الله تعالى: (وفتناك فتونا))

648- (أخبرنا) : مَنْ لاَ أتَّهِمُ حَدَّثني: مُحَمَّدٌ بنُ زَيْدٍ بن المُهَاجِر، -[183]- عن صَالِح بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنالزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّه عَنْه: -أنَّ كَعْباً قَالَ لَهُ وَهُوَ يَعْمَلُ وَتداً بِمَكَّةَ: أُشْدِدْ وَأوْثقْ فَإِنَّا نَجِدُ في الكتب أنَّ السُّيول سَتَعْظم فِي آخِرِ الزَّمَانِ.

649- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بنِ دِينَارٍ، عن سَعِيدُ بنُ المُسَيّب عنْ أبِيه، عن جَدِّه قَالَ: -جَاءَ مَكَّةَ سَيْلٌ طبق مَابَيْنَ الْجَبَلَيْنِ.

كتاب التعبير

كتاب التعبير

650- (أخبرنا) : الدّرَاوَرْدِيُّ، عنِ مُحَمَّد بنِ عَجْلاَنَ، عَنْ عَبْدِ الوَهَّابِ ابنِ بُخْتٍ، عن عَبْدِ الوَاحِدِ البصريّ، عن وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقع: -عن النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قَالَ: «إنَّ أفْرَى الفِرَى (الفرى جمع فرية وهي الكذبة وأفرى الفرى أي أكذب الكذبات) من قَوّلنِي مَا لَمْ أقُلْ وَمَنْ أرَى عَيْنَيْهِ في المَنَامِ مَا لَمْ تَرَيَا، وَمَنْ ادَّعَى إلَى غَيْرِ أبِيه» .

كتاب التفسير

كتاب التفسير

651- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عن ابنِ أبي نَجِيحٍ، عن مُجَاهِدٍ: -في قوله تعالى: «وَرَفَعْناَ لَكَ ذِكْرَكَ» قَالَ: لاَ أُذْكَرُ إِلاَّ ذُكِرْتَ مَعِي وهِي أشْهَد أنْ لاَ إله إلا اللَّه وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رسُولُ اللَّه.

652- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عنِ ابنِ شِهَابٍ، عن عُرْوَةَ بن الزُّبَيْر، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ عَبْدِ القَارِي قالَ: -سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ -[184]- يقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بن حَكِيم بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَة الفُرْقَان عَلَى غَيْر مَا أَقْرَؤهَا وَكَانَ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أقْرَأنيها فَكِدْتُ أنْ أعْجل علَيْهِ ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ ثُمَّ لبيته بِرِدائه فجئتُ به النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فَقُلْتُ يَا رسُولَ اللَّهِ: إنِّي سَمِعْتُ هذَا يَقْرأُ سورَة الفُرْقان عَلَى غَيْر ماَ أَقْرَأْتَنِيها فَقَالَ لَهُ رسُولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: اقْرَأ فَقَرَأ القِراءة التي سَمِعته يَقْرَأ فَقَالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم هكَذَا أُنْزِلَتْ ثُمَّ قَالَ لِي: اقْرأ فَقَرأْتُ فَقَالَ: هكَذَا أُنْزِلَتْ إنَّ هذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فاقرؤا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ.

653- (أخبرنا) : الثَّقَفِيُّ، عن أيُّوبَ، عنِ ابنِ سِيرِين، عن عُبَيْدَةَ: -أنَّهُ قَالَ في هذهِ الآية «وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنَهُماَ فابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أهْلِهِ وحَكَماً مِنْ أهْلِهَا» قَالَ: ووجَاءَ رَجُل وَامْرأة إلى عليّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَمَعَ كُل وَاحِد مِنْهُماَ فِئَامٌ (الفئام: الجماعة الكثيرة) مِنَ النَّاسِ فأمرهُم عَليٌ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ أنْ يَبْعَثُوا حَكَماً مِنْ أهْلِهِ وحَكَماً مِنْ أهْلِهَا ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْن: أتَدْرِيَا مَا عَلَيْكُماَ؟ عَلَيْكُماَ إنْ رَأيْتُماَ أنْ تَجْمعاَ وَأنْ تَجْمعاَ وإنْ رَأيْتُماَ أنْ تُفَرِّقَا أنْ تُفَرِّقَا قَالَ: قالَتْ المْرأةُ: رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّه تعالى عَلَيَّ فيه وَلِيَّ، وقال الرَّجُل: أمَّا الفرْقَةَ فَلا فَقَالَ عَليٌ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: كَذَبْتَ واللَّهِ لاَ تَبْرَح حَتى تُقِرِ بِمِثْلِ الَّذِي أقرَّتْ بِه.

654- (أخبرنا) : مُسْلمٌ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن ابْنِ أبِي مُلَيْكَة: -سَمِعَهُ -[185]- يَقُولُ: تَزَوَّجَ عَقِيل بن أبِي طَالِب فَاطِمَةَ بِنْتِ عُتْبَةَ فَقَالَتْ لَهُ اصْبِر لِي وأُنفِقُ عَلَيْكَ فَكَانَ إذَادَخَلَ عَلَيه تقُولُ لهُ: أينَ عُتْبَةَ وشَبِيبَةُ؟ فَسَكَتَ عَنْهَا فَدَخَلَ يَوْماً برما فَقَالَتْ لَهُ: أينَ عُتْبَةَ بن رَبِيعَةَ وشَبِيبَةُ بن ربيعَةَ؟ فَقَالَ عَلَى يَسَارَكِ في النَّارِ إذَا دَخَلْتِ فَشَدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا فَجَاءَتْ عُثمان ابن عَفَّان رَضِيَ اللَّه تعالى عَنْهُ فَذَكَرَتْ لَهُ ذلِكَ فَأَرْسَلَ ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما ومُعَاوِيَةَ فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: لأَفَرِّقُ بَيْنَهُماَ، وقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا كُنْتُ لأُفَرِّقَ بَيْنَ شَيْخَيْنِ مِن بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ قَالَ: فَأتَيَاهُماَ فَوَجَدَاهُماَ قَدْ شَدَّا عَلَيْهِمَا أثْوَابَهُماَ وأَصْلَحَا أمْرَهُماَ.

655- (أخبرنا) : عَبْدُ العَزِيز بنُ مُحَمَّد الدّرَاوَرْدِيّ، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عن محمد بنِ إبْرَاهِيمَ بنَ الحَارِثِ، عن ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -في قول اللَّه تعالى: «إلاَّ أنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيَّنَة» قَالَ أنْ تَبْذُوا (البذاء بالمد الفحش يقال: فلان بذي اللسان والمرأة بذية) عَلَى أهْلِ زَوْجِهَا فإِذَا بَذَتْ فَقَدْ حَلَّ إخْرَاجها. 656 - (أخبرنا:) عبد الوهاب، عن أيوب، عن ابن سيرين قال: الذي بيده عقدة النكاح الزوج.

657 - (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ سَالمٍ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن ابْنِ أبِي مُلَيْكَة، عن سَعِيد بنِ جُبَيْرْ أنهُ قَالَ: -الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةَ النِّكَاحِ الزّوج.

658 - (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ سَالمٍ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ: -أنَّهُ بَلَغَهُ عن ابن المُسَيِّب أنه قَالَ: الزَّوْجِ.

كتاب علامات النبوة

كتاب علامات النبوة

659 - (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَنْ إسحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: -رَأيْتُ رَسُول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وَحَانَتْ صَلاة العَصْر وَالتَمَسَ النَّاس الْوَضُوء (الوضوء بالفتح الماء الذي يتوضأ به كالفطور والسحور والوضوء بالضم التوضؤ والفعل نفسه يقال: توضأت أتوضأ توضأ ووضوء والمراد هنا بالفتح) فَلم يَجِدُوه فَأُتِي رَسُول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بِوَضُوء فَوَضَعَ فِي ذَلِكَ الإِنَاءَ يده وأَمَرَ النَّاسَ أنْ يَتَوَضَّؤُا مِنْهُ قَالَ: فَرَأيْتُ الْمَاءَ يَنْبُع مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِه فَتَوضَّأَ النَّاس حَتَّى تَوَضَّؤُا مِن عِنْد آخرهم.

660- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْريّ، عَنْ سَعِيدِ بنِ المُسَيّب، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «إذا هلك كُسْرَى فلاَ كُسْرَى بَعْدَهُ وإذَا هلك قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ والَّذِي نَفْسِي بِيِدِهِ لَتُنْفِقنّ كُنُزهمَا فِي سبيل اللَّه عزَّوَجلَّ» .

الأدب

الأدب

661- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَن عُبَيْدِ اللَّه بْنِ عُمَر، عَن ناَفِعٍ، عَنْ ابْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما قَالَ: -قالَ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لا يُقِيمَنَّ أحَدُكُمْ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَخْلِفه وَلكِنْ تَفَسّحُوا أوْ تَوَسَّعُوا» .

662- (أخبرنا) : إبْرَاهِيمُ حَدَثَّنِي: أبِي عَنْ ابْن عُمَرَ: -أنّ النَبِيّ صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: "لا يَعْمد الرَّجُلَ إلَى الرَّجُل فَيُقِيمَهْ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَقْعُد فِيهِ.

663- (أخبرنا) : عَبْدُ المَجيد، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ قَال: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنِ مُوسَى، عَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُما: -أنَّ النَّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «لا يُقِيمَنَّ أحَدُكُمْ أخَاهُ يَوْمَ الْجُمُعَة وَلكِنْ لِيَقُلْ أفْسِحُوا» .

664- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْن عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَن أمِّهِ أسماءَ بِنْت أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: -أتَتْنِي أُمِّي رَاغبة في عَهْدِ قُريْشٍ فسأَلْتُ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أَصِلهَا؟ قال «نَعَمْ» .

665- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْن أبِي لَبِيد، عَنْ ابْن سُلَيْمَانُ بْنِ يَسَار، عَنْ أبِيهِ: -أَنَّ عُمَرُ بنَ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه تعالى عَنْهُ قامَ بالْجَابِيَةِ خَطِيباً وَقَال َ: إن رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَامَ فِيناَ كقِيامي فِيكُمْ فَقَالَ: " أكْرِمُوا أصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهمْ، ثُم يَظْهَرُ الكَذِبُ حَتَّى أنَّ الرَّجُلَ لَيَحْلِفُ وَلاَ يُسْتَحْلَفُ ويَشْهَدُ وَلاَ يسْتَشْهدُ ألاَ فَمنْ سرَّهُ أنْ يَسْكُنُ بُحَيْحَةَ الجنَّةِ فَلْيَلْزَم الْجَمَاعَةَ فإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الفَرْد وَهُو مِنْ الأثْنَينِ أبْعَدُ ولا يخلُوَنَّ رَجُل بامْرَأةٍ فإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمْ ومَنْ سَرَّتَهُ حَسَنَتُه وَسائته سَيئتُه فَهُو مُؤمن.

666- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْن عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَن أسماءَ قَالَتْ: -أتَتْ امْرَأة النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم فَقَالَتْ يا رَسُولَ اللَّه: إنَّ إِبْنَتِي أصَابَتْهاَ الْحَصْبَة فَتَمَزَّق شَعْرها أفأَصِلُ فيه؟ فَقَال رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: " لُعِنَتْ الوَاصِلَةُ (الواصلة التي تصل شعرها بشعر آخر زور والمستوصلة التي تأمر من يفعل بها ذلك وفي النهاية: لعنت الواصلة والمستوصلة) وَالْمَوْصُولة ".

667- (أخبرنا) : عَبْدُ الوَهَّابِ، عن أيُّوبَ، عن مُحَمَّدُ بْنِ سِيرِينَ،: -أَنَّ أَبَاهَا دعَا نَفَراً مِنْ أَصْحَابِ النَّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم يَعْني إلى الْوَلِيمَة فأتَاهُ فيهم أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ وأَحْسَبه قال فَبَارَكَ وانْصَرَفَ.

668- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ أنَّهُ سَمِعَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَبِي يزِيد يَقُولُ: -دعَا أبِي عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ فأتَاه فَجَلَسَ وَوَضَعَ الطَّعَامَ فَمَدَّ عَبْدُ اللَّهِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُما يده وَقَالَ: خُذُوا بِسْمِ اللَّهِ وَقَبَضَ عَبْدُ اللَّهِ يَدَهُ وَقَالَ: إنِّي صَائِمٌ.

669- (أخبرنا) : مَالِكُ بنُ أَنَسٍ، عَنْ إسحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكٍ: -أنَّ النبيّ صلى اللَّه عليه وسلم أتَى أبَا طَلْحَةَ وجَمَاعَة مَعَهُ فأكَلُوا عِنْدَهُ وَكَانَ ذلِكَ في غَيْرِ وَلِيمَة.

670- (أخبرنا) : إِبْرَاهِيمُ بنُ سَعْدٍ، عن إبرَاهِيمَ بنِ شِهَابٍ، عن أبي بكرٍ ابنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ، عن مَرْوَانَ بنِ الحَكم، عن عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ الأَسْوَدِ ابنِ عَبْدِ يَغُوثٍ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «إنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَة» .

671- (أخبرنا) : إِبْرَاهِيمُ عَنْ هِشَامِ بْن عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «الشِّعْرُ كَلاَمٌ حُسْنه كَحُسْن الكَلاَم وَقُبْحَهُ كَقَبِيحه» .

672- (أخبرنا) : إِبْرَاهِيمُ بنُ مُحَمّد أخْبَرَنِي: عَمْرو: -أنَّ النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم خَطَبَ يَوْماً فَقَالَ في خِطْبَتِهِ: «أَلاَ إِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ -[189]- يأكُلُ مِنْهَا الْبرّ والْفَاجر ألاَ وإنّ الآخِرَةَ أجلٌ صَادِقٌ يَقْضِي فِيهاَمَلِكٌ قَادِرٌ، ألاَ وإنَّ الْخَيْرَ كُلَّه بِحَذَافِيرهِ في الْجنَّةِ، ألاَ وإنَّ الْشّرَ كُلَّه بِحَذَافِيرهِ في النّارِ، ألاَ فاعْلَمُوا وأنْتُمْ مِنَ اللَّهِ عَلَى حَذر واعْلَموا أنَّكُمْ مُعْرَضون عَلَى أعمَالكم فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَه، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرَّا يَرَه،» .

673- (أخبرنا) : عَبْدُ العَزِيزبن مُحَمَّد، عَن عَمْرو بْنِ أبِي عَمْرو مَولَى المُطَّلب، عَنِ المُطَّلبِ بنِ حَنطَب: -أنَّ النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «مَا تَرَكْتُ شَيْئاً مِمَّا أَمَرَكُم اللَّه به إلاَّ وَقَدْ أَمَرْتُكُمْ به ولاَ تَرَكْتُ شَيْئاً مِمَّا نَهَاكُم اللَّه عَنْهُ إلاَّ وَقَدْ نَهَيْتُكُم عَنْهُ وإنّ الرَّوح (يعني جبريل عليه السلام) الأمِينَ قَدْ نَفَثَ (أي أوحى وألقى من النفث بالفم وهو شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا ومعه شئ من الريق) في رُوعِي أنَّه لاَ تمُوت نَفْس حَتَّى تَسْتَوْفِي رِزْقَها فأَجملُوا في الطَّلَبِ» .

674- (أخبرنا) : سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْريِّ، عنْ عُرْوَةَ قَالَ: -لَمْ يزَلْ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يَسْأَلُ عَنِ السَّاعةِ حَتى أَنزَلَ اللَّه عَزّوَجَلّ (فِيمَ أنْتَ مِنْ ذِكْرَاهاَ) فانْتَهَى.

كتاب الوصايا (يقال أوصى له بشئ وأوصى إليه جعله وصيه)

كتاب الوصايا (يقال أوصى له بشئ وأوصى إليه جعله وصيه)

675- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عنْ سُلَيْمَانَ الأحْوَل، عنْ مُجَاهِدٍ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «لاَ وَصِيَّة لِوَارِثٍ» .

كتاب الفرائض (الفرائض جمع فريضة بمعنى مفروضة أي مقدرة والفرض لغة التقدير وشرعا: نصيب مقدر شرعا للوارث)

كتاب الفرائض (الفرائض جمع فريضة بمعنى مفروضة أي مقدرة والفرض لغة التقدير وشرعا: نصيب مقدر شرعا للوارث)

676- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْريِّ، عنْ عَليّ بن الحُسَيْن، عنْ عَمْرو ابنِ عُثْمان، عن أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ ولاَ الكَافِرُ المُسْلِم» .

677- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عنِ ابنِ شِهَابٍ، عنْ عَليّ بن الحُسَيْن قَالَ: -إنّما وَرِثَ أبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ ولَمْ يَرِثهُ عَليٌّ ولاَ جَعْفَرٌ قَالَ فَلِذلِكَ ترَكْناَ نَصِيبنا من الشَّعبِ.

678- (أخبرنا) : إِبْرَاهِيمُ بنِ سَعْدٍ بنِ إِبْرَاهِيمَ، عنْ أبِيهِ، عنْ عَمْرو ابنِ أبي سَلَمَة أظنه عن أبِيهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالَ: «نَفْسُ المُؤمِن مُعَلَّقَة في دَيْنِه عَنْه» .

679- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قالَ: «لاَ يَقْتَنِي وَرَثتي دِينَاراً، ما تَرَكْتُ بَعْدَ نَفَقَة أهْلي ومُؤْنة عَامِلي فَهُوَ صَدَقَة» .

680- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -بِمِثْلِ مَعْنى هذَا الحديث.

681- (أخبرنا) : مُسْلمٌ وسَعِيدُ بنُ سَالمٍ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَطَاءَ: -[191]- -أنَّ طَارِقاً بنِ المرقع أعتق أهل أبيات من اليَمن سوائب فانْقَلعُوا بِضْعة عَشَر ألْفاً فَذُكِرَ ذلِكَ لِعُمَر بنَ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَأمَرَنِي أنْ أدْفَعَ إلى طَارِقٍ أوْ وَرَثَة طَارِقٍ: أنا شَكَكْتُ في الحديث هكذا.

682- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عَطَاءَ بنِ أبي رَبَاح: -أنَّ طَارِقاً بنِ المرقع أعتق أهل أبيات سوائب فأتى عيراتهم (العيرات جمع عير قال سيبويه: اجتمعوا فيها على لغة هذيل يعني تحريك الياء) فَقَالَ عُمَر بنَ الخَطَّاب: أعْطوه ورثة طَارق فَأبَوُا أنْ يَأخُذُوهُ فَقَالَ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: فاجْعَلُوه في مِثْلهم مِنَ النَّاسِ.

683- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عَبْدِ اللَّه بنِ أبي بكرٍ، عن عَبْدِ الملِكِ ابنِ أبي بكر بنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ هِشَام، عن أبِيهِ: -أنَّه أخبَرَهُ أنَّ العاَص ابنِ هِشَام هَلَكَ وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلاَثَة إثْنَانِ لأم وَرَجُلاً لأمة فَهَلك أحد الَّذِين لأُمِ وتَرَكَ مَالاً وَمَوَالِيَ فَورثه أخُوهُ الَّذِي لأُمِّهِ وأَبِيهِ مَاله وَولاَء مَواليه ثم هكذا الّذي ورَثَ الْمَال وولاء الْمَوَالِي وقَالَ أخُوه لَيسَ كذلِكَ إنَّما أحْرَزْتَ الماَلَ وأمَّا الوَلاَءَ المَوالِي فلا أرَاهُ لَكَ لَوْ هَلَكَ أخِي الْيَوْم ألسْتُ أرِثَه فَاخْتَصما إلَى عثْمان رَضِيَ اللَّه عَنْه فَقَضَى لأخِيهِ بِوَلاء المَوالي.

684- (أخبرنا) : الثِّقَةُ أوْسَمِعْتُ مَرْوَانَ بن مُعَاوِيَةَ، عن عَبْدِ اللَّه بن عَطَاءَ المَدني، عن ابن بُرَيْدَةَ الأَسْلمي، عن أبِيهِ: -أنَّ رَجُلاً سَأل النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم -[192]- فَقَالَ: إني تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِعَبْد وإنَّهاَ مَاتَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «قَدْ وَجَبَتْ صَدَقَتُك وهُوَ لَكَ بميراثك» .

685- (أخبرنا) : مُسْلمُ بن خَالدٍ وَسَعِيد، عن ابْنِ جُرَيْجٍ، عَن عِكْرَمَة ابنِ خَالِدٍ: -أنَّ ابْنَ أمّ الحكم سألَ امْرَأة له أنْ يُخرِجَهَا مِنْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ في مَرَضه فَأبت فَقَالَ: لأَدْخِلَنَّ عَلَيْكِ فِيهِ مَنْ يُنقِصَ حَقّك أوْ يَضِرّ بِهِ فَنَكَحَ ثُلاثاً في مَرَضه أَصْدَقَ كل واحِدة مِنْهُنَّ ألْفَ دِينَارٍ فَأجازَ ذلِكَ عَبْد المَلِك بنِ مَرْوَان. قَالَ سَعِيدُ بنُ سَالِم: إنْ كَانَ ذَلِكَ صداق مِثْلهُنَّ جَازَ، وإنْ كَانَ أكْثَرَ رُدّت الزّيادة وقَالَ في المُحَابَاة كما قُلْتَ.

686- (قَالَ الشَّافِعِيُّ) رَضِيَ اللَّه عَنْه: (أخبرَنَا) : سَعِيدٌ، عنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَمْرو بنِ دِينَارٍ أنَّهُ سَمِعَ عِكْرَمَة ابنِ خَالِدَ يقُولُ: -أرَدَ عَبْدُ الرَّحْمنِ ابْنَ أمّ الحكم في شَكْوَاه أنْ يُخْرِجَ إمْرَأته مِنْ مِيرَاثِهَا فَأبت فَنَكَحَ ثُلاث نِسْوة وأَصْدَقَهُنَّ ألْفَ دِينَارٍ كل امرأة مِنْهُنَّ فَأجازَ ذلِكَ عَبْد المَلِك بنِ مَرْوَان وشرَك بَيْنَهُنَّ في الثُمن. قَال الرَّبيعُ: هذَا قَوْلُ الشَّافِعِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ: رَضِيَ اللَّه عَنْه: أرَى ذلِكَ صدَاق مِثْلَهنَّ أجازَ النّكاح وبطل ما زَادَ عَلَى صدَاق مِثْلَهنَّ إنْ ماتَ مِن مَرَضِه ذلِكَ، لأَنَّه في حُكْم الْوَصِيَّة والوَصِيَّة لا تَجُوزُ لِوَارِثٍ.

687- (أخبرنا) : سَعِيدُ بنُ سَالِم، عنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عن مُوسى بن عُقبةَ، -[193]- عن نَافِعٍ مَولَى ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: -كَانَتْ بِنْت حَفْص بْن المُغيِرَة عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي رَبِيعَةَ فَطَلّقَهاَ تَطْلِيقَة ثُم أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّاب تَزَوَّجَها فَحُدِّثَ أنها عَاقِر لاَ تلد فَطَلّقَهاَ قَبْلَ أنْ يُجَامِعَها فَمَكَثَ حَيَاةَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَبَعْضَ خِلاَفَة عُثْمانَ ثُمَّ تَزَوَّجَها عَبْدِ اللَّهِ بن أبي رَبِيعَةَ وَهُوَ مَرِيضٌ لِتُشْرِك نِسَاؤه في الْمِيرَاث وَكاَنَ بَيْنَها وبَيْنَهُ قَرَابَة.

688- (أخبرنا) : مُسْلمُ بْن خَالدٍ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ، عن نَافِعٍ: -أنَّ ابن أبي رَبِيعَةَ نَكِحَ وَهُوَ مَرِيضٌ فَجَازَ ذلِكَ.

689- (أخبرنا) : ابْنُ أبي رَوَّادَ ومُسْلمُ بْن خَالدٍ، عَن ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: -أخْبِرنِي ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ أنَّهُ سَأَلَ ابن الزُّبَيْرِعن الرَّجُل يُطَلّق المرأة فَيَبِتُّها ثُم يموتُ وَهِيَ في عِدَّتِهَا؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّه ابن الزُّبَيْرِ: طَلّقَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ عَوْفٍ ثمامة (وفي نسخة: تماضر بنت الأصبغ) الكلبية فَبَتَّهَا ثُم ماتَ وَهِيَ في عِدَّتِهَا فَوَرَّثَهَا عثْمانُ قَالَ ابن الزُّبَيْرِ: فَأَماَ أَنَا فلا أرى أن تَرِثَ المبتوتةَ.

690- (أخبرنا) : مَالِكٌ، عنِ ابنِ شِهَابٍ، عنْ طَلْحَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمنِ ابن عَوْف قَال وَكَانَ أعلمهم بذَلِك، عن أبِي سَلَمَةَ بن عَبْدِ الرَّحْمنِ ابن عَوْف: -أَنَّ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ عَوْفٍ طَلّقَ امرأته الْبَتَّة وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَرَّثَهَا عثْمانُ مِنْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا.

كتاب المناقب

كتاب المناقب

691- (حدثنا) الشَّافِعيُّ: حَدّثَنِي: ابْنُ أبي فُدَيْك، عنْ ابنِ أَبِي ذِئْبٍ، عنِ ابنِ شِهَابٍ أَنَّه بَلَغَهُ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «قَدِّمُوا قُرَيْشاً وَلاَ تَتَقَدَّمُوهاَ وَتَعَلَّمُوا مِنْهاَ وَلاَ تُعَلَّمُوها أو وَلاَ تُعَالِمُوهاَ» شَكَّ ابْنُ أبي فُدَيْك.

692- (أخبرنا) : ابْنُ أبي فُدَيْك، عنْ ابنِ أَبِي ذِئْبٍ، عنْ حَكِيم بْنِ أبِي حَكِيم: -أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بن عَبْدِ العَزِيز وَابنِ شِهابٍ يَقُولانِ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «مَنْ أَهَانَ قُرَيْشاً أَهَانَهُ اللَّه عَزَّوَجَلَّ» .

693- (أخبرنا) : ابْنُ أبي فُدَيْك، عنْ ابنِ أَبِي ذِئْبٍ، عنْ الحَارِثِ ابنِ عَبْدِ الرَّحْمن أنَّهُ قَالَ: -بَلَغَنَا أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لَوْلاَ أنْ تَبْطَرَ قُرَيْش لأَخْبَرتُهَا بِالَّذِي لَهاَ عِنْدَ اللَّه عَزَّوَجَلَّ» .

694- (أخبرنا) : ابْنُ أبي فُدَيْك، عنْ ابنِ أَبِي ذِئْبٍ، عنْ شَرِيك بنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي نَمِر، عن عَطَاء ابْنِ يَسَار: -أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ لِقُرَيْش أنْتُمْ أوْلَى النَّاسِ بِهذَا الأمْرِ كُنْتُمْ مَعَ الْحقِّ إلا أن تَعْدِلُوا عَنْهُ فَتَلْحَوْنَ عَنْهُ كَمَا تَلْحَى هذِه الجَريدة"يُشيرُ إلَى جَريدةِ في يده.

695- (أخبرنا) : يَحْي َبن سُلَيم، عن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُثْمان بْنِ خَيْثَمَ، عن إسْمَاعِيلَ بن عُبَيْد بْنِ رِفَاعَةَ الأنصَاريّ، عن أبِيهِ، عن جَدِّ رِفَاعَة: -أنَّ النَّبيَّ صلى اللَّه عليه وسلم نَادَى: " أيُّهاَ النَّاس: إنَّ قُرَيْشاً أهلُ أمَانَة مَنْ -[195]- بَغَاهَا العَوَاثِرَ (ويروى العواثير: وهي جمع عاثوروهو المكان الوعث الخشن لأنه يعثر فيه وقيل هو حفرة تحفر ليقع فيها الأسد وغيره فيصاد يقال: وقع فلان في عاثورشراً إذا وقع في مهلكة فاستعير للورطة والخطة المهلكة وأما العواثر: فهي جمع عاثر وهي حبالة الصائد أو جمع عاثرة وهي الحادثة التي تعثر بصاحبها من قولهم عثربهم الزمان إذا أخنى بهم) أكَبَّه اللَّه لِمُنْخَرِيهِ" يَقُولها ثلاَثَ مَرَّاتٍ.

696- (أخبرنا) : عَبْدُ العَزِيزبن مُحَمَّد، عن يزِيد بن الهَادِ، عن مُحَمَّد ابنِ إبْرَاهِيم بن الحارث التَّيمي: -أنَّ قَتَادَةَ بنَ النِّعْمان وَقَعَ بِقُرَيْش فَكأنَّهُ نَالَ مِنْهُم فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «مَهْلاً يا قَتَادَةَ لاَ تَشْتُمْ قُرَيْشاً فَإِنَّكَ لَعَلَّك تَرَى مِنْهُم (في نسخة منها) رِجَالاً أوْيأتِي مِنْهُم رِجَال تُحقِرُ عَمَلَكَ مَع أعْمَالهم وَفِعْلكَ مَعَ أفْعَالِهم وتَغْبُطَهُمْ إذَا رَأيْتَهُمْ لَوْلاَ أنْ تَطْغى قُرَيْش لأَخْبَرتُهَا بِالَّذِي لَهاَ عِنْدَ اللَّه» .

697- (أخبرنا) : مُسْلمُ بْن خَالدٍ، عنْ ابنِ أَبِي ذِئْبٍ، بإِسْنَادٍ لاَ أحْفَظُهُ: -أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ في قُرَيْش شَيْئاً مِنَ الخَيْرِ لاَ أحْفَظُهُ وَقَالَ: «شِرَارُ قُرَيْشٍ خِيَارُ شِرَارِ النَّاس» .

698- (أخبرنا) : الدّرَاوَرْدِيُّ، عن مُحَمَّد بْنِ عَمْرَ، عن أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: بَينما أنَا أنزِعُ (أي أستسقي منه الماء باليد نزعت الدلو أنزعها إذا أخرجتها وأصل النزع الجذب والقلب ومنه نزع الميت روحه ونزع القوس إذا جذبها) عَلَى بِئْرٍ أَسْتَقِي قَالَ الشَّافِعيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: يعْني في النَّوْمِ وَرُؤْيَا الأنْبِيَاء وَحْيٌ قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَجَاء ابْنُ أَبِي قُحَافة فَنَزَعَ ذَنوباَ -[196]- أوْ ذَنُوبَينِ وَفِيهماَ ضَعْفٌ واللَّهُ يَغْفِرُلَهُ ثُمَّ جَاءَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ فَنزع حَتَّى اسْتَحَالَتْ في يَدِه غَرْباً فَضَرَبَ النَّاس بِعَطَنٍ فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِياًّ يَفْرِي فَرْيَهُ".

699- (أخبرنا) : عَمِّي مُحَمَّدُ بن عَليّ بن شَافِعٍ، عن الثِقَة أَحْسَبُهُ مُحَمَّدُبن عَليّ بنِ الحُسَيْنِ أَوْ غَيْرِه، عن مَوْلَى لِعُثْمان بن عَفّان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: -بَيْنَا أَنَا مَعَ عُثْمان في مَاله بِالْعالِية (العالية والعوالي هي أماكن بأعلى أراضي المدينة ادناها من المدينة على أربعة أميال وأبعدها من جهة نجد ثمانية) في يَوْمٍ صَائِفٍ إذْ رَأَى رَجُلاً يَسُوق بكْرَيْن وَعَلَى الأرْض مثل الفرَاش مِنَ الحَرّ فَقَالَ: مَا عَلَى هذَا لَوْ أقَامَ بالْمَدِينَةِ حَتَّى يَبْرُد ثُمَّ يَرُح ثُمَّ دَنَا الرَّجُل فَقَالَ: أنظُرْ مَنْ هذَا؟ فَنَظَرْتُ فَقُلْتُ: أرَى رَجُلاً مُعَمَّماً بِردائه يَسُوق بكرين ثُمَّ دَنَا الرَّجُل فَقَالَ: أنظُرْ؟ فَنَظَرْتُ فإِذَا عُمَرَ بنَ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقُلْتُ هذَا أَمِير المُؤمنينَ فَقَامَ عُثْمان فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنَ البَابِ فَآذَآهُ نَفْح السَّمُوم (السموم: الريح الحارة) فَأَعَادَ رَأسَهُ حَتَّى حَاّضاهُ فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكَ هذِهِ السَّاعَة؟ فَقَال بكْر إن مِنْ إِبْل الصَّدَقة تَخَلَّفَا وَقَدْ مَضي بِإِبْلِ الصَّدَقَة فَأرَدْتُ أنْ أُلْحِقْهُماَ بالحمى وخَشِيتُ أنْ يَضِيعا فَيَسْألني اللَّه تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَالَ عُثْمانُ: هَلُمّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنينَ إلَى الْمَاءِ والظّل ونَكْفِيك فَقَالَ: عُدْ إلَى ظِلِّك فَقُلْتُ: عِنْدَنَا مَنْ يَكْفِيك فَقَالَ: عِدْ إِلَى ظلك فمضى فَقَالَ عُثْمانُ رَضِيَ اللَّه عَنْه مَنْ أحَبَّ أَنْ يَنظُرَ إلَى القَوي الأَمينَ فَلْيَنْظُر إِلَى هذَا فَعَادَ إليْناَ فألقَى نَفْسَهُ.

700- (أخبرنا) : ابنُ عُيَيْنَةَ، عَن مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: -قَالَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: «لَوْ جَاءنِي مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتك هكذا وهكَذَا» فَتُوفِّيَ النّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم ولَمْ يَأْتِه فجاء أبَا بَكْر فَأعْطَانِي حِينَ جَاءه. قال الربيع: بقية الحديث غير الشافعي من قوله قال: لو جاءني.

701- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بنِ دِينَارٍ، عن الْحَسَن بنِ مُحَمَّد، عن عُبيد اللَّهِ بنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: -سَمِعْتُ عَلِيًّا يقُولُ: بَعَثَناَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنَا وَالزُّبَيْرُ وَالمِقْدَادُ فَقَال: إنْطَلِقُوا حَتَّى تَأتُوا رَوْضَة خَاخٍ (قال ابن الأثير: هي موضع بين مكة والمدينة) فَإِنَّ بِها ظَعينة مَعَهَا كِتَاب فَخَرَجْنَا تَعادَى بِنا خيْلَنا فَإذَا نَحْنُ بِظَعينة فَقُلْناَ: أخْرِجِي الكِتَاب فَقَالَتْ مَا مَعِي كِتاَبٌ فَقُلناَ لَهاَ: لَتُخْرِجنَّ الكِتَابَ أوْ لَتُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ فَأخْرَجَتْهُ مِنْ عِقاصِها (أي ضفائرها جمع عقيصة أو عقصة وقيل هو الخيط الذي تعقص به أطراف الذوائب) فَأتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَإِذَا بِهِ مِنْ حَاطِب بْنِ أبِي بَلْتَعَةَ إلى أُنَاسٍ مِنَ المُشْرِكِين مِمَّنْ بمكة يُخْبِرُ بِبَعْضِ أمْرِ النّبيّ صلى اللَّه عليه وسلم فَقَالَ مَا هذَا يَا حَاطِبُ؟! قَالَ: لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ إنِّ كُنْتُ امْرءًا مُلْصَقاً في قُرَيش وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أنفسها وكَانَ مِمَّنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِين لَهُمْ قَرَابَتٌ يَحْمُونَ بها قرَابَاتِهم وَلَمْ يَكُنْ بِي بِمَكَّةَ قَرَابَةٌ فأحْبَبْتْ إذ فاتَنِي ذلِكَ أنْ أتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يدا واللَّهِ ما فَعَلْتُهُ شكاً في دِينِي وَلاَ رِضاً بِالكُفْر بَعْدَ الإِسْلاَم

فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم: إِنَّهُ قَدْ صَدَقَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّه: دَعْنِي أَنْ أضْرِبَ عُنُقَ هذَا المُنَافِقَ فَقَالَ النَّبيُّ صلى اللَّه عليه وسلم: " قَدْ شَهِدَ بَدْراًومَا يُدْرِيكَ لَعلَّ اللَّهَ اطلَع عَلَى أهلِ بَدْر فَقَال إِعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ ونزلت: «يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِليْهِمْ بِالمَوَدَّة» .

702- (أخبرنا) : سُفْيَانُ بنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْن عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، عَن عَائِشَةَ أنَّهَا قَالَتْ: -تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم وأَنَا بِنْتُ سَبع سِنِينَ وَبَنى بِي وَأَنَا بِنْت تِسْع سنين.

703- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن عَمْرو بنِ دِينَارٍ، عَن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه قَالَ: -كُنَّا يَوْمَ الحُدَيْبِيّةِ وقَالَ لَناَ النّبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: أَنْتُمْ الْيَوْمَ خَيرَ أَهْلِ الأرْض قَالَ جَابِرٌ: لَوْ كُنْتُ أبْصُر لأَرَيْتُكُمْ موضع الشَّجرة. قَالَ الأَصَم: سَمِعْتُ الرّبِيع يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيّ يقُولُ: لَوْلاَ مَالِكٌ وَسُفْيَان لَذَهَبَ عِلْمُ الحِجَازِ.

704- (أخبرنا) : عَمِّي، قالَ: أَخْبَرَناَ عَلَيّ بْن العَبَّاسِ، عن الْحَسَنِ بنِ القَاسِم الأَزْرَقِي قَالَ: -وَقَفَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم ثَنِيَّة تَبُوك (تبوك: هي بفتح التاء وضم الباء وهي قرية في طرف الشام من جهة القبلة بينها وبين مدينة النبي صلى الله عليه وسلم نحو أربعة عشرمرحلة وبينها وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة وكانت غزوة رسول الله عليه وسلم تبوك سنة تسع من الهجرة ومنها راسل عظماء الروم) فَقَالَ: -[199]- من هَاهُنَا شأمٌ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى جِهَةِ الشَّأم، ومن هَاهُنَا يَمنٌ وَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى جِهَةِ المَدِينَةِ.

705- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -عنِ النّبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنَّهُ قَالَ: «أتَاكُمْ أهْلُ الْيَمَنِ هُمْ ألْيَنُ قلوباً وأرَقّ أفئدةً الإِيمَانُ يَمانٍ والحكْمَةُ يمانِيَة» .

706- (أخبرنا) : عَبْدُ الْعَزِيزِ بن مُحَمَّد، عن مُحَمَّد بنِ عَمْرو، عن أبِي سَلَمَةَ، عن أبي هرَيرَةَ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم قَالَ: «لَوْلاَ الهِجْرَة لَكُنْتُ امْرءًا مِنَ الأَنْصَارِ ولَوْلاَ أنَّ الأنْصارَ سَلَكُوا وَادِياً أوْ شَعْباً لَسَلَكتُ وَادِي الأنْصَار أوْ شَعْبَهُمْ» .

707- (أخبرنا) : عَبْدُ الْكَرِيم بنُ مُحَمَّد الْجُرْجَاني، قَالَ حَدَّثَنِي ابنُ الغسيل عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ، عن أنَس بنِ مَالِكٍ: -أنَّ رَسُولَ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم خَرَجَ في مَرَضِه فَخَطَبَ فَحمد اللَّه تعالى وأثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ: «إنَّ الأنْصَار قَدْ قَضُوا الَّذِي عَليْهم وَبَقِيَ الَّذِي عَلَيكُمْ فاقبَلُوا من مُحْسِنِهم وتَجَاوَزُوا عن مُسِيئهم» .

708- (أخبرنا) : وقَالَ الجُرْجَاني في حديثه: -أن النّبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ للأَنْصَار ولأِبنَاء الأَنْصَار ولأِبنَاء أبنَاء الأَنْصَار وقَالَ في حَدِيثِه أن النّبيّ صلَّى اللَّه عليه وسلَّم حِينَ خَرَجَ يَهِش إِليْهِ النِّسَاءُ والصِّبْيانُ مِنَ الأنْصَارِ فَرَقَّ لَهُمْ ثُمّ خَطَبَ فَقَالَ هذَهِ المَقَالَةَ.

709- (أخبرنا) : سُفْيَانُ، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأَعْرَجِ، عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ -[200]- رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: -جَاءَ الطُّفَيْلُ بنُ عَمْرو الدُّوسِيِّ إلى رَسُولِ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّه: إنَّ دَوْساً قَدْ عَصَتْ وأَبَتْ فادْعُ اللَّه عَلَيْهَا فاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم الْقِبْلَةَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فقَالَ النَّاسُ هَلَكَت دَوْسٌ فَقَالَ: «اللَّهُمّ اهْدِ دَوْساً وائت بِهم» .

(قال) الأصَّمُّ، سَمِعْتُ الرَّبِيعُ بن سُلَيْمَانَ المُرَادِيّ يَقُولُ: مَاتَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: سَنة أرْبَعٍ ومائَتَيْنِ في آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَجَبْ وسُئِلَ عَنْ سنَه فقال: نَيْفٌ وَخَمْسُونَ سَنةٍ. قال جامعه: وهذاما أردت من ترتيب مسند الإمام المجتهد زينة الأوائل محمد بن إدريس الشافعى رحمه الله وبوأه دار كرامته. وكان الفراغ من ذلك بعد العصر يوم الخميس ليلة عشرين من ربيع الأول سنة 1230؛ ونقلت ذلك من نسخة مرت عليها أقلام العلماء المتقدمين وحضرت فى مجالسهم المتعددة والغالب عليها الصحة المفرطه إلا أن بعض المواضع وجدت فيها مالا ينبغى الإعتماد عليها، ولكن لما كانت النسخة التى استعنت بها والحديث يراعى فيه الروايه ما وسعنى إلا الجمود على ما وجدت وسأنبه إن شاء الله تعالى فى هامش هذا الكتاب على تلك المواضع وإن وفقنى الله تعالى على شرحه (وقد أنبأنا بعض أهل الذكر أن النصف الثانى من شرح الحافظ محمد عابد السندى على مسند الإمام الشافعى المرتب المسمى «مصعد الألمعى المهذب فى حل مسند الإمام الشافعى المرتب» موجود فى المكتبه المحموديه بالحرم النبوى الشريف بالمدينه المنوره وعند الظفر بتمام الكتاب سنقوم بطبعه بتوفيق الله سبحانه ومشيئته) فسيأتى التحقيق التام فيه.

§1/1