مسائل حرب الكرماني كتاب الطهارة والصلاة - ت السريع

الكرماني، حرب بن إسماعيل

الكتاب: مسائل حرب بن إسماعيل الكرماني (الطهارة والصلاة) المؤلف: حرب بن إسماعيل الكرماني المتوفى: 280 هـ المحقق: محمد بن عبد الله السّرَيِّع الناشر: مؤسسة الريان - بيروت الطبعة: الأولى، 1434 هـ - 2013 م عدد المجلدات: 1

_ ملاحظات: 1 - الكتاب موافق ومقابل على المطبوع. 2 - جميع الحواشي المُثبتة هي حواشي المحقق، لكن لم نُثبت منها إلا ما له علاقة بضبط النص، مثل الكلمات المُشكِلَة، والخاطئة، والمهملة، والساقطة من الأصل الخطي. 3 - أرسل لنا المحقق مشكورًا ببعض التعديلات على ما في المطبوع، فأثبتناها في أماكنها، وأشرنا في الحواشي إلى أنها من تعديلاته. 4 - رمز المحقق لنقولات حرب الكرماني لأقوال مشايخه بـ •، ولما تكلم به من نفسه بـ o. مصدر الكتاب: مكتبة أحمد الخضري تاريخ آخر تعديل: 9 - 5 - 2014 م

كتاب الطهارة

• «... (1) راكِعًا في الصَّلاة، فخَلَعَهُما ومَضى في صَلاته، وكذلك كان ابن عُمَر يَنصَرِفُ لِقَليل الدم وكَثيره يَراه في الثَّوب، ويَبني على ما مَضى، إلا أن يَتكَلَّم؛ فيُعيد. وحُكم البَول والغائط أشَدّ؛ لأن ذلك من مَخرَجٍ يوجِبُ الوضوء، مَعَ أنَّا لم نَجِد رُخصَةً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومَنْ بعدَهُم في البَول، وشَدَّد إبراهيمُ النخعي في ذلك ........ (2) بَينَه وبَينَ سائر الأقذار، فقال: «قَليلُ البَول وكَثيرُهُ سَواء»، وكـ ............ الشعبي ........ ......... الثوريُّ .... اتبعـ ... (3)». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى- عن الدم إذا كان في الثَّوب، فصَلَّى فيه ناسيًا؟ قال: «لَيسَ عَلَيه إعادةُ ما مَضى، ويَغسِلُه لما استَقبَل -وإن كان قَدرَ الدِّرهَم أو أقَل-؛ لأنه أُمِرَ بِنَظافَة الثياب». قال: «وأسماءُ حين سَألَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالت: قطرةٌ من دَم الحَيض تُصيب ثيابي؟ قال: «حُتِّيه، ثم اقرُصيه، ثم رُشِّيه بِالماء»». • قلت لإسحاق: أتجعَل الدم كُلَّهُ واحِدًا؛ دَمَ الحَيض وغَيرَه؟ قال: «نَعم، هو كُلُّه عِندي واحِد».

____ (1) هذا أول الموجود من النسخة. (2) كلمة مطموسة، ويشبه أن يكون آخرها: "مَيَّز". (3) وقع طمس في الأصل، ويشبه أن تكون العبارة: "وكذلك قال الشعبي، ..... ، والثوري، ومن اتبعهم".

1 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا غُندَر، قال: ثنا سَعيد بن أبي عَروبَة، عن قَتادَة، عن سَعيد بن المسيَّب والشعبي -في الرجل يَرى في ثَوبه الدمَ بَعدَما يَنصَرِف-؛ قالا: «لَيسَ عَلَيه إعادَة، مَضَت صَلاتُه». 2 - حدثنا عبد الله بن الزُّبَير، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا هِشام بن عُروَة، أنه سمع امرأتَه فاطِمةَ بنت المنذِر بن الزُّبَير تقول: سمعت جَدَّتي أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- تقول: إن امرأةً سَألَتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن دَم الحَيض يُصِيب الثَّوب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حُتِّيه، ثم اقرُصيه بالماء، ثم رُشِّيه، وصلِّي فيه». 3 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا اليَمان بن عَدي، قال: سمعت الضَّحَّاك بن حُمرَة يقول -في الرجل يُصَلِّي وفي ثَوبه الدم أو الغائط وأشبَاه ذلك-؛ قال: «إن لم يَكُن رآه قَبلَ أن يُصَلِّي؛ فلَيسَ عَلَيه إعادَة، وإن كان قَد رآه قَبلَ أن يُصَلِّي، فتَهاوَنَ أن يَغسِلَه، أو نَسِيَه، ثم صَلَّى فيه؛ فعَلَيه إعادَةُ الصَّلاة». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى- عن الرجل صَلَّى وفي ثَوبه من الدم قَدرُ أربَع أصابع، أيُعيدُ الصَّلاة؟ قال: «لا يُعيد، ولكن يغسِلُه لِمَا يَستأنِف». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: رَجلٌ هو إمامُ قَوم، يُصَلِّي بِهم، فرأى مَنْ خَلفَه على ثَوبِ الإمام دَمًا قَدرَ أربَع أصابع؛ ولَيسَ يَراه الإمام بِنَفسِه؟ قال: «يُشيرون -[59]- إلَيه بِالإيماء». قلت: فإن لم يَفعَلوا وصَلَّوا؟ قال: «أجزَأَت عَنهم وعَن الإمام».

4 - حدثنا هَنَّاد بن السَّرِي، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن إسماعيل بن مُسلِم، قال: سمعت طاوُسًا يقول: «لَو صَلَّيتُ وفي ثَوبي مِثلُ كَفِّي مِن الدم؛ ما أَعَدتُ الصَّلاة». 5 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم وإسماعيل بن إبراهيم، عن يونُس، عن الحسَن -في الرجل يُصَلِّي وفي ثَوبه دَم-؛ قال: «ما في نَضَحَاتٍ من دَمٍ ما يُفسِد على المرءِ المُسلِم صَلاتَه». 6 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا بِشر بن عُمَر الزَّهراني، قال: سألت مالِك بن أنس عن الرجل يُصَلِّي وعلى ثَوبه دَمٌ كَثير؟ قال: «يُعيدُ ما كان في وَقتٍ، فإذا ذَهَبَ الوَقتُ فلا يُعيد». قلت: فإن كان بِجَسَدِه؟ فقال: «بِجَسَدِه كان أو بِثَوبِه؛ هو سَواء». قلت: فإن كان بَولٌ؟ قال: «البَول والدمُ سَواء، إلا أنه يُعيدُ مِن قَليلِ البَولِ وكَثيرِه ما كان في وَقتٍ، فإذا ذَهَبَ الوَقت فلا يُعيدُ -وإن كَثُر-، وإن كان دَمٌ؛ لم يُعِد في الوَقت ولا في غَير الوَقت» -يعني: إذا كان قَليلًا-. وقال لي مالك -في الثَّوب النَّجِس إذا صَلَّى فيه الرجل-؛ أن يُعيدَ إذا ذَهَبَ الوَقت. 7 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: حدثني الوَليد، قال: قلت لأبي عَمرو الأوزاعي: فإني صَلَّيت وفي ثَوبي دمٌ قدر الدرهَم وأكثَر من ذلك، فلم أرَهُ حتى قَضَيت صَلاتي؟ قال: «مَضَت صَلاتُك». قيل لأبي عَمرو ................. إنه من دَم حَيضَتِها وقد صَلَّت؟ قال: «مَضَت صَلاتُها». قلت لأبي عَمرو: أرَأيت إن كنت رأيت دَمًا في ثَوبي، فلم أنصَرِف حتى صَلَّيت؟ فلم يُجِبني فيه بِشَيء، ثم أُخبِرت أنه قال: «مَضَت صَلاته».

باب: من صلى في ثوب نجس؛ ليس معه غيره

قيل لأبي عمرو ..................... (1) إنه من دم حيضتها وقد صلت؟ قال:"مضت صلاتها". قلت لأبي عمرو: أرأيت إن كنت رأيت دما في ثوبي، فلم أنصرف حتى صليت؟ فلم يجبني فيه بشيء؟ ثم أخبرت أنه قال: "مضت صلاته". باب: مَنْ صَلَّى في ثوبٍ نَجِس؛ لَيسَ مَعَه غَيرُه • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: رَجلٌ أدرَك الصَّلاة في ثَوبٍ لَيسَ بِطاهِر؛ عَلَيه دَمٌ فاحِش وقَذَر؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». قيل: أيتَعَرَّى ويُصَلِّي؟ قال: «لا يتَعَرَّى، ولكن يُصَلِّي في الثَّوب ويُعيد». 8 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، ثنا حَمَّاد بن زَيد وإسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافِع، عن ابن عُمَر، أنه كان لا يُصَلِّي في ثَوبٍ فيه دَمٌ ولا جَنابة. • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رَجلٌ في سَفَر، حَضَرت الصَّلاة ومَعَه ثَوبٌ لَيسَ بِطاهِر، ولَيسَ مَعَه غَيرُه، هل يُصَلِّي فيه؟ قال: «يُصَلِّي فيه ما دام لا يَجِدُ ثَوبًا غَيرَه». قلت: فصَلاتُه جائزة؛ لا يُعيدُها؟ قال: «نَعم». 9 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا سَلم بن قُتيبَة، قال: ثنا شَريك، عن جابِر، عن الشعبي ومحمد بن علي والقاسِم بن محمد؛ كانوا لا يَرَون في نَضحِ البَول والدم إعادَة. 10 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا أبو عامِر، قال: ثنا سُفيان، عن أبي عِمران أيمن -[61]- ابن نابِل، قال: سألت عَطاء ومُجاهدًا عن الثَّوب يُصَلَّى فيه؛ غيرِ الطاهِر؟ قالا: «لا بأسَ بِه».

____ (1) بيض الناسخ مقدار ثلاث كلمات.

باب: البول والغائط

باب: البَول والغَائط • قلت لأحمَد بن حَنبل: فإن كان بَولًا؟ قال: «أما البَول والغائط؛ فإنه يُعيدُ من قَليلِه وكَثيرِه». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: .................................... (1). • وسمعت إسحاق يقول: «يُعيد الصَّلاة من البول والغائط؛ من قَليلِه وكثيرِه». • وسمعت إسحاق يقول: «مَذهَبي في البَول والغائط: أن يُعيدَ من قَليلِه وكَثيرِه، وإن كان بِقَدرِ رأسِ إبرَة، وبِقَدرِ رأسِ ذُباب، وأما غَير ذلك من الأقذار؛ فلا يُعيد». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «البَول والغائط يُعيدُ مِن قَليلِه وكَثيرِه، والدم والخَمر وغَير ذلك؛ لا يُعيد». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «وسائر الأقذار قَليلًا كان أو كَثيرًا -ما خَلا الغائطَ والبَول-، فصَلَّى في الثَّوب الذي أصابَه ولا يَعلَم؛ فلا إعادَةَ عَلَيه؛ مَضى الوَقت، أو هو في الوَقت». 11 - حدثنا أحمَد بن نَصر، قال: ثنا حِبَّان بن موسَى، قال: ثنا عبد الله بن المبارَك: كان سُفيان يَرى الإعادةَ من البَولِ إذا أصابَ البَول (2)؛ مِن قَليلِه وكَثيرِه.

____ (1) بيض الناسخ مقدار خمس كلمات. (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "الثوب".

12 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: سمعت عبد الرحمن بن مَهدي يقول: «لو أن رَجلًا صَلَّى وعلى ثَوبِه قَدرُ قَملَةٍ من غائطٍ أو بَول؛ لَأعادَ الصَّلاة». 13 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو عَوانَة وهُشَيم، عن مُغيرَة، عن إبراهيم، قال: «كانوا يُشَدِّدون في البَول -قال هُشَيم: والعَذِرَة- يكون في الثَّوب، ويَرَون أنه أشَدُّ من المَنِيِّ والدم». 14 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو الأوزاعي: بَولٌ أصاب ثَوبي، فنَسيت غَسلَه حتى صَلَّيت؟ قال: «أَعِد الصَّلاة في الوَقت، فإذا ذَهَبَ الوَقت؛ فلا إعادَة». 15 - قال أبو عَمرو: وسمعت رَبيعَة بن أبي عبد الرحمن يقول ذلك. 16 - قلت لأبي عَمرو: [يَقُولُ] (1) أصاب جَسَدي، فنَسيت غَسلَه؟ فحدثني أن الحسَن يقول: «إذا كان بِجَسَدِك، فنَسيتَ حتى صَلَّيت»؛ قال: «فأَعِد في الوَقت وغيرِ الوَقت». ثم رأيت أبا عَمرو تَرَكَ قولَ الحسَن هذا، وقال: «أَعِد في الوَقت، فإذا ذَهَبَ الوَقت فلا إعادَةَ عَلَيك». قلت لأبي عَمرو: وكذلك الرَّجيع؟ قال: «نَعم». قال أبو عَمرو: «وكذلك الخَمر يُصيبك، اغسِله وأَعِد في الوَقت».

____ (1) كذا في الأصل مضبوطة، والظاهر أن صوابه: "بَولٌ".

باب: القذر في النعل أو الخف

باب: القَذَر في النَّعل أو الخُفّ • قلت لأحمَد بن حَنبل: فإن كان البَول في النَّعلِ أو الخُفّ؟ قال: «أرجو أن يكون أخَفّ». قال: «وأما حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه خَلَعَ النَّعلَ في صَلاته من شَيءٍ كان عَلَيه؛ فإنه لم يَجئ ما كان في النَّعل؛ بَولٌ أو غَيرُه». 17 - حدثنا العَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: «لَو أن رَجلاً صَلَّى وعلى خُفِّهِ قدرُ قَملةٍ من الغائط أو البَول؛ أمَرتُه أن يُعيدَ الصَّلاة». 18 - قال عَبَّاس: فذَكَرته لأبي الوَليد، فقال لي: «شَدَّد». 19 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، عن الأوزاعي، عن سَعيد بن أبي سَعيد المقبُري، عن أبيه، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وَطِئَ أحَدُكم بِنَعلَيه في الأذى؛ فإن التُّراب لهما طَهُور». 20 - حدثنا عبد الرحمن بن المبارَك، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الله بن سمعان، عن سَعيد بن أبي سَعيد المقبُري، عن القَعقاع بن حَكيم، عن أبيه، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: قلت: يا رسول الله، كَيفَ يُصَلِّي الرجلُ في نَعلَيه، وهو يَطَؤهما في الآثار؟ قال: «التُّراب لهما طَهُور». 21 - حدثنا محمد بن سُلَيمان، قال: ثنا محمد بن جابِر، عن أبي إسحاق، عن -[64]- إبراهيم، عن عَلقَمَة، عن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم خَلَعَ نَعلَيه في الصَّلاة، فخَلَعَ الناسُ نِعالَهم، قال: «لِمَ فَعَلتُم؟»، قالوا: رأيناك خَلَعت، فخَلَعنا، قال: «إن جِبريل أتاني، فأخبَرني أن بِهما قَشَبًا».

باب: الذباب يقع على العذرة، ثم يقع على الثوب

باب: الذُّبَاب يَقَعُ على العَذِرَة، ثم يَقَعُ على الثَّوب • سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: ذُبابةٌ وَقَعَت على عَذِرَة رَطبَة، ثم وَقَعَت على وَجهي أو ثَوبي؟ قال: «ما لم تَستَيقن؛ فلَيسَ عَلَيك شَيء». 22 - حدثنا أبو حَفص، قال: ثنا محمد بن يوسُف، قال: ثنا السَّرِي بن يَحيى، قال: قال رَجلٌ لِلحسن: الرجل يأتي الخَلاء، فيَرى الذباب يَطير من العَذِرَة الرطبَة، فيَقَع على ثَوبه؟ فقال: «يا سُبحان الله! يَسألون عن أشياء قد تُجُوِّزَ لَهم عَنها». باب: صَبّ الماء على أرضٍ نَجِسَة، فَرَشَّ من الأرض على الثَّوب • قلت لإسحاق: رَجلٌ صَبَّ شَيئًا من ماءٍ على أرضٍ علَيها بَولٌ يابِس، أو عَذِرةٌ يابِسَة، فَرَشَّ ذلك الماء بَعدَما صار على الأرض على ثَوبي قَطَرات؟ قال: «تَغسِلُ ما أصابَه ذلك الماءُ الذي رشَّ على البَول والعَذِرَة، حتى تَبتَلَّ مِنه ثيابُك»، قال: «ولذلك لا بُدَّ من غَسلِه؛ لأن الماء والبَول والعَذِرَة إذا اختَلَط صار حُكمُه واحِدًا؛ يُغسَل»، ورأيته يُشَدِّد في البَول والعَذِرَة جِدًّا. • قلت لإسحاق: فرَجلٌ بَالَ في ماءٍ جارٍ، فيَرتَفِع من ذلك الماءِ ساعَةَ يَصيرُ فيه -[65]- البولُ قطراتٌ، فَرَشَّ على ثَوبي تِلك القَطَراتُ التي تَرتَفِع عن الماء؟ قال: «لَيسَ عَلَيك شيء».

باب: الإصبع يصيبه البول، فيعرق، فيمسه الثوب

23 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا يَحيى بن سَعيد، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا عُبَيد البصير (1)، قال: سألت الحسَن عن قُلَّتَين أو جَرَّتَين بال فيه حِمار، وَقَعت فيه جيفَة، وشَرِبَ منه كَلب؟ قال: «اشرَب وتَوضَّأ». • قلت لإسحاق: رجلٌ بال، فأراد أن يَمسَح ذَكَرَه بِالحائط، فأصاب ثَوبَه؟ قال: «فإن استَيقَن؛ غَسَلَه للاحتياط». 24 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، قال: قلت لأبي عَمرو: فرَشَاشُ البَول أراه يَهوي إليَّ، لا يُدرِك مَوقِعَه بَصَري، ولا تحسُّهُ يَدي؟ قال: «يُجزئك رَشُّهُ بِالماء». باب: الإصبع يُصِيبُه البَول، فيَعْرَق، فيَمَسُّهُ الثَّوب • قلت لإسحاق: رجلٌ بال، فصار على إصبعِه بَولٌ قَليل، فلم يَغسِل إصبعه، فعَرِقَت، فمَسَّ ثَوبَه، ما تقول في ذلك؟ قال: «يَغسِلُه. وإن لم يَعرِف مَوضِعَه؛ غَسَلَ الثَّوب كُلَّه». 25 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن الطُّفاوي، قال: ثنا يونُس، عن الحسَن، أنه كان يقول: «إذا عَلِمتَ أنه قد أصاب ثَوبَك، فلم تَرَه -[66]- فاغسِل الثَّوب كُلَّه».

____ (1) في الأصل مهملة، والصواب: "الصِّيْد".

باب: الفراش يصيبه المني وبول الصبي، فينام عليه

باب: الفِرَاش يُصيبُه المَنِيُّ وبَولُ الصَّبيّ، فيَنام عَلَيه • قلت لإسحاق: ما تقول في الفِراش يَنام عَلَيه الرجل وامرأتُه، فيُجامِعُها عَلَيه، ورُبَّما صار المَنيُّ على الفِراش، ولا يَشُكُّ أن الفِراش لَيسَ بِنَظيف، فيَنام عَلَيه الرجل، فيَعرَق، ويَبتَلُّ الفِراش، فيُصيب ذلك البَلَلُ جَسَدَه، هل يَغسِلُه؟ قال أبو يَعقوب: «إذا استَيقَن؛ غَسَل ما أصابَه؛ شَديدًا». قلت: لا يَعرِف مَكانَه؟ قال: «يَغسِل جَسَدَه كُلَّه، مِثل الثَّوب؛ إذا لم يَعرِف مَوضِعَه غَسَل الثَّوب كُلَّه». • قلت لإسحاق: فإن كان الفِراش لِصَبيٍّ لم يأكُل الطَّعام، يَبُول عَلَيه، فنام عَلَيه رَجلٌ، فعرق، ما تقول في ذلك؟ قال: «لَيسَ عَلَيه شَيء». قلت: فإن كان الصَّبيُّ قَد أكَل الطَّعام؟ قال: «يَغسِلُه؛ شَديدًا». • وسمعت إسحاق يقول: «المَنيُّ الخالِص الذي لا يَشُوبُه بَولٌ يُصيبُ الثَّوب، فيَعرَق فيه»؛ قال: «لا بأسَ بِه». • قلت لإسحاق: فإن ثوبًا فيه بَلَل ........ (1) حتى لَزِق الثَّوب بِالفِراش؟ قال: «إن كان قَذَرُ الفراش سوى المَنِيّ؛ غَسَلَه». 26 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا يَعقوب، قال: ثنا حَوشَب بن عَقيل، قال: سُئل الحسَن عن بَول الصَّبيِّ يُصيبُ ثَوبَ أُمِّه، أتَغسِلُه؟ قال: «لا، حتى يَطعَم».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمة، وضبب على البياض.

باب: المني

27 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا يَعقوب، قال: ثنا سُفيان، عن حَبيب بن أبي ثابِت، عن سَعيد بن جُبَير، عن ابن عَبَّاس، قال -في الجَنابَة-: «امسَحوها بإذخرَة، إنما هي بِمَنزِلَة النخامَة». باب: المَنِيّ • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «يَفرُك المَنيَّ من الثَّوب إن شاء». • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: الثَّوب تُصيبُه الجَنابَة، فيُغمَس في الماء؟ قال: «يُجزئه إذا ذَهَبَ ذاك عنه»، ورَخَّص في المَنيّ؛ إن شاء فَرَك، وإن شاء مَسَح. • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى-، قيل: الرجل يُجنِبُ في الثَّوب، فيصلي، مَكانه؟ قال: «إن شاء غَسَل الثَّوب كُلَّه، وإن شاء فَرَكَه». قيل: ويُجزئه الفَرك؟ قال: «نَعم». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا أصاب البَولُ الثَّوبَ ولم يَعلَم مَكانَه؛ غَسَل الثَّوب كُلَّه، وإن كان مَنيًّا يَعرِف مَكانَه؛ فَرَكَه، وإن لم يَعرِف مَكانَه؛ فإن شاء فَرَكَ الثَّوبَ كُلَّه؛ حتى يأتي الفَركُ على كُلِّ مَوضِع، وإن شاء غَسَلَه. وأما الفَرك؛ فسُنَّة لا اختلاف فيها إذا كان المَنِيُّ يابسًا، والرَّطب يُختَلَف فيه: * مِنهم مَنْ رأى غَسلَه، * ومِنهم مَنْ رأى مَسحَه بإذخرَة. وكلٌّ جائز، وغَسلُه أحبُّ إلَينا ما دام رَطبًا». 28 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا شَريك، عن مَنصور، عن إبراهيم، عن هَمَّام، عن عائشَة -رضي الله عنها- قالت: «لَقَد رأيتني أفرُك المَنيَّ من ثَوب النبي صلى الله عليه وسلم بِظُفري -[68]- يابِسًا ........ (1)».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمة.

باب: المذي

29 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن عبد الرحمن ........ (1) «... قَد أصابَه؛ فاغسِل الثَّوب كُلَّه، وإن شَكَكت؛ أصاب الثَّوب أو لم يُصِبه؛ فانضَح ثَوبَك». 30 - قال الوَليد: وهو قَول الأوزاعي، وبِه كان يأخُذ. 31 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد: قال أبو عَمرو الأوزاعي -في الجَنابَة إذا كانت في صوف-: «أجزأك فَركُها من غَسلِه، وإذا كانت في ......... (2) فلا بُدَّ مِن غَسله». باب: المَذْي • ورأيت إسحاق يُشَدِّد في المَذْي إذا أصاب الثَّوب، وقال: «إذا لم يَعرِف مَكانَه؛ -[69]- غَسَلَ الثَّوبَ كُلَّه».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمتين، وضبب على البياض. (2) مقدار كلمتين غير ظاهرتين، ولعلها: "غير صوف"، أو نحوها.

باب: عرق الحمار

32 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا حَمَّاد وابن المبارَك، عن محمد بن إسحاق، عن سَعيد بن عُبَيد بن السَّبَّاق، عن أبيه، عن سَهل بن حُنَيف، أنه سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن المَذْي؟ فقال: «يَكفيك فيه الوضوء». قال: أرأيت ما يُصيبُ ثيابي مِنه؟ قال: «تَعمَدُ إلى كَفٍّ من ماء، فتَنضَحُ بِه في ثَوبك حَيثُ تَرى أنه أصابه». باب: عَرَق الحِمار • سُئل أحمَد عن عَرَق الحِمار؟ فقال: «لا يُعجِبني شَيء منه». • وسُئل عن نُخام (1) الحِمار؟ فلم يُعجِبه -أيضًا-. • وسألت إسحاق عن عَرَق الحِمار؟ فقال: «إن غسل؛ فَحَسَنٌ، وإن لم يغسل؛ فَحَسَن». • قلت لإسحاق -مرةً أخرى-: ركبتُ حِمارًا عُرْيًا، فعَرِقت حتى بَدا ظَهر الحِمار، أو عَرِقَ الحِمار حتى أصاب عَرَقُه ثَوبي؟ قال: «لا بأسَ بِه». قال: «وقال مالك بن أنس: «لا بأسَ بِعَرَق الحِمار»، واحتجَّ بِحَديث عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أنه رَكِب حِمارًا عُرْيًا، فعَرِق». 33 - حدثنا أحمَد بن نَصر، قال: ثنا حِبَّان بن موسَى، قال: ثنا عبد الله بن المبارَك، عن سُفيان ومالِك، أنهما رَخَّصا في عَرَق الحِمار.

____ (1) مهملة في الأصل، ولعلها كما أثبت.

باب: لعاب الحمار

باب: لُعَاب الحِمار • قلت لأحمَد بن حَنبل: فإن نَخَر الحِمار، فَرَشَّ عليَّ لُعابه؟ قال: «فرُشَّه بِالماء». • وسألت إسحاق عن نَثرَة الحِمار؟ قال: «لا تُغسَل؛ 34 - أخبرنا جَرير، عن مُغيرَة، عن الشعبي، قال: «لا بأسَ بِنَخرِ الدابَّة»». 35 - حدثنا محمد بن مُسلِم، قال: ثنا فُدَيك بن سُلَيمان، قال: سُئل الأوزاعي، قيل: يا أبا عَمرو، ما تقول في نَثرَة الحِمار؟ قال: «لا بأسَ بِه». 36 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: سُئل هِشام بن حَسَّان عن الزَّبَد أو البَلَّة يَخرُج من الحِمار، فيُصيبُ الثَّوب؟ قال: «أرى أن يَغسِلَه». باب: بَول الحِمار • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: حِمارٌ بال، فَرَشَّ على ثَوبي قَطَرات؟ قال: «أحبُّ إليَّ أن تَغسِلَه». • وسألت إسحاق، قلت: حِمارٌ بال، فحَمَل الريحُ ذلك البَول، فأصاب وَجهي وثيابي، ولا أرى أَثَرَه، ولكن قد حَسَستُ بِذلك؟ قال: «إذا استَيقَنت فاغسِله». باب: وَطء سِرْقين الحِمار والبَول • قلت لأحمد: الرجل يَطَأُ في سِرقين الحَمير، وفي رِجله خُفّ؟ قال: «يَغسِله، يُعجِبني كُلُّ شَيءٍ مِمَّا لا يُؤكَل لَحمُه أن يغسل». قلت: إن هذا أمرٌ يَضيق جِدًّا؛ إن المسافِر يَدخُل الخانات، فلا يَخلو من أن يَطَأَ في الأرواث الرَّطبَة، فقال -بعدُ-: «إذا -[71]- كان قَليلًا رَجَوت».

باب: بول ما أكل لحمه، وما لا يؤكل

• وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ يُصَلِّي وفي خُفِّه رَوثُ حِمار؟ قال: «إن كان مَسَحَ الخُفَّ بِالأرض، فذَهَب أَثَرُه؛ فلا بأس». 37 - حدثنا عَمرو بن علي، قال: ثنا يَزيد بن زُرَيع، قال: ثنا سَعيد، عن قَتادَة، عن عِكرِمَة، قال: «ما أُكل لَحمُه؛ فلا بأسَ بِبَوله ولا بِسُؤرِه إن توضَّأ بِه». باب: بَول ما أُكِلَ لَحمُه، وما لا يُؤكَل • وسمعت أحمَد بن حَنبل يقول -في بَول ما لا يُؤكَل لَحمُه-: «يُغسَل، وبَول ما يُؤكَل لَحمُه أحبُّ إليَّ أن يَغسِله -أيضًا- إذا كان فاحِشًا». • وسمعت إسحاق يقول: «قَد مَضَت السُّنَّة أنه لا بأسَ بِبَول ما أُكِل لَحمُه، ولا بأسَ بِسُؤره، ويُكرَه سُؤر البَغل والحِمار، ولا بأسَ بِسُؤر البَعير والبَقَر والشَّاة». 38 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن أبي عَمرو الأوزاعي، عن عَطاء بن أبي رَبَاح -في أبوال الدَّوَابّ-: «ما أَكَلتَ لَحمَه؛ فلا يَضُرُّك ألَّا تَغسِلَه، وإن شِئت نَضَحتَه». 39 - قلت لأبي عَمرو: فأبوال الدَّوابِّ مِمَّا لا يُؤكَل لَحمُه، مثل: الفَرَس، والبَغل، والحِمار؟ قال: «قَد كانوا يُبتَلَون بِذلك في مَغازيهم، فلا يَغسِلونَه من جَسَدٍ -[72]- ولا ثَوب».

باب: خرء الدجاج

40 - قال أبو عَمرو: «إذا كان الذي أصابَك مِنه كَثيرًا؛ فاغسِله». 41 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا مُغيرَة، عن إبراهيم، أنه كان لا يَرى بأسًا بِسُؤر الخَيل والإبل والغَنَم، وكان يَكرَه سُؤر البَغل والحِمار، ويقول: «البَغل من الحِمار». 42 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا بَقيَّة، عن الأوزاعي، عن عَطاء -في بَول البَعير-: «إن غَسَلته فَحَسَن، وإن لم تَغسِله فَحَسَن». باب: خُرْءِ الدَّجَاج • قلت لأحمد: فتُعاد الصَّلاة من خُرء الدَّجاج إذا كان في الثَّوب؟ قال: «نَعم، إذا كان يأكُل القَذَر». قلت: فإن كان في قَفَص، لا يأكُل القَذَر؟ قال: «هو أسهَل». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن سَلح الدَّجاج؟ فقال: «اختَلَف فيه الناس». 43 - حدثنا عِمران بن يَزيد بن خالِد بن مُسلِم بن أبي جَميل القُرَشي، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله بن سَمَاعَة، قال: قيل للأوزاعي: خُرء الدَّجاج يَراه في ثَوبِه وهو يُصَلِّي؟ قال: «يَمضي في صَلاته». 44 - حدثنا أبو حَفص، قال: ثنا مُعتَمِر بن سُلَيمان، قال: ثنا سَلم، قال: سألت الحسَن عن رَجلٍ رأى في ثَوبه بَعدَما صَلَّى خُرء دَجاج؟ قال: «لَيسَ بِشَيء، إنما هو طَير».

باب: ذرق الطير والبازي

باب: ذَرق الطَّير والبَازي • سألت إسحاق عن ذَرق الطَّير والبازي والسَّقر والشاهين؟ قال: «لا بأسَ بِه». قال: «ويَفرُكه». قلت: فذَرق الغُراب والنَّسر، وهما يَقَعان على الجِيَف؟ فرَخَّص فيه، وقال: «ذَرق الطَّير كُلِّها لا بأسَ بِه». 45 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا مُعاذ، قال: ثنا أشعَث، عن الحسَن، قال: كُنَّا في مَسجِد الجامع، فذَرَقَت بومَةٌ على رَجل، فسَأله، فلم يَرَه شَيئًا. باب: الرَّجُل يَضَعُ رِجلَه على المكَان النَّجِس وهو حَافٍ • قلت لأحمد: الرجل يتوضَّأ، فلا يَلبَس نَعلًا، فيَمُرُّ بِالمكان الذي قَد أصابَه البَول، ولكنَّه حافٍ، ورِجلاه رَطبَتان، ثم يَمُرُّ بَعدَ ذلك بِالمكان النَّظيف؟ فكَرِهَ ذلك، وقال: «لا يَطَأ البَول». 46 - حدثنا عَمرو بن مَرزوق، ثنا زائدَة، عن أبي إسحاق، عن يَحيى بن وَثَّاب، قال: قلت لابن عَبَّاس: أتوضَّأُ، ثم أخرُج إلى المسجِد وأنا حافٍ؟ قال: «نَعم». 47 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر، قال: سُئل الأوزاعي عن الرجل يَطَأُ في المكان؛ قَد عَلِمَ أن فيه بَولًا، وقَدَمُه رَطبَة؟ قال: «يَغسِل ما أصاب قَدَمَه». باب: الموضِع النَّجِس يُصيبُهُ المطَر • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «إذا صار البَول في مَكانٍ من الأرض، ثم أَصَابَه -[74]- المطَر؛ فقد طَهُر». قيل: فالعَذِرَة؟ قال: «إن العَذِرَة رُبَّما بَقِيَ أصلُه في مَكانِه».

• وقيل لأحمَد -مرةً أخرى-: الحديث الذي يُروَى؛ قال: «ذَكَاة الأرض يُبْسُها»؟ قال: «لا أدري كَيفَ هذا، لَو أن بَولًا في الأرض، فيَبِسَ، وطَلَعَت عَلَيه الشَّمس؛ لم يَطهُر». قيل: فإن ألقى رَجلٌ عَلَيه ثوبًا، وصَلَّى؟ فلم يُعجِبه، واحتَجَّ بِحَديث النبي صلى الله عليه وسلم في الأعرابي الذي بَال في المسجِد، فقال: «صُبُّوا عَلَيه ماءً». o ومَذهَب أحمد: أن يصبَّ على الأرض الماء. • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجلٌ صَلَّى على أرضٍ لَيسَت بِطاهِرة؟ قال: «إن عَلِمَ أنه قَد أصابَها بَولٌ؛ فلا يُصَلِّي». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: رَجلٌ صَلَّى على أرضٍ لَيسَت طاهِرة؟ قال: «عَلَيه الإعادَة». قلت: فإن بَسَطَ عَلَيه ثَوبًا؟ قال: «جائز». 48 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن الأعمَش، عن مالِك -[75]- ابن الحارِث، عن أبيه، عن أبي موسَى الأشعَري -رضي الله عنه-، أنه صَلَّى في سِكَّة البَريد على الرَّوث والتّبن، والبريَّة إلى جانِبه. قيل له: إن البريَّة إلى جانِبك؟ قال: «هذا وذاك سَواء».

49 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا المطَّلِب بن زياد، قال: ثنا محمد بن مُهاجِر، عن أبي جَعفَر، قال: «ذَكاة الأرض نبشها (1)». 50 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن ابن جُرَيج، قال: قال عَطاء بن أبي رَبَاح: «إذا ضَرَبتَ مَسجِدَك بمَدَرٍ فيه الرَّوث، فلا تُصلِّ عَلَيه حتى تَغسِلَه السماء إذا كان ظاهِرًا لها». 51 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل، عن صَفوان بن عَمرو، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، قال: «لما جَلَا عُمَر بن الخطاب عن صَخرَة بَيتِ المقدِس التُّرابَ والزّبلَ الذي كان عَلَيها؛ أمَرَ الناسَ ألَّا يُصَلُّوا فيها حتى تُصيبَها ثَلاثُ مَطرات». 52 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا الزُّهري، قال: أخبرني سَعيد بن المسيَّب، عن أبي هُرَيرَة، قال: دَخَلَ أعرابيٌّ المسجِد، فما لَبِثَ أن بَال في -[76]- المسجِد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أهريقُوا عَلَيه سَجْلًا مِن ماء».

____ (1) كذا في الأصل معجمة، ولعل الصواب: "يبسها"، وقد مر قريبا، وهو كذلك عند ابن أبي شيبة، وابن قتيبة في غريب الحديث، حيث أخرجاه من طريق المطلب

باب: الخمر والمسكر يصيب الثوب

باب: الخَمر والمُسكِر يُصيبُ الثَّوب • وسُئل إسحاق عن رَجلٍ صَلَّى وفي ثَوبِه قَطرَةٌ من خَمر؟ قال: «صَلاته جائزة». • قلت لإسحاق: رَجل شَرِبَ دَواء المشي، فوَضَع على رأسه لَخلَخَة؟ قال: «إنما كُرِهَ أن يُخَلِّقَ الرجلُ جَسَدَه، فأما الشَّيء اليَسير يَضَعُه على بَطنه ورأسه؛ فلا بأس». قلت: فإنه يُعالَجُ بِالمسكِر؟ قال: «كُلُّ شَيءٍ يُعالَجُ بالمسكِر ....................» (2). • قلت لإسحاق -مرةً-: فالمسكِر يُصَيَّر على الثَّوب؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة؛ لأن حُكمَه عِندي كَحُكم الخَمر». • وسألته عن النَّضُوح يُتَّخَذ من زَبيب، فيُترَك حتى يَغلي، ثم يُجعَل فيه؟ قال: «تُعيدُ الصَّلاة إذا جَعَلَتْ في رأسها من ذلك، أو أصابك من ذلك شَيء». قيل: فإن جُعِل وهو حُلو، ثم غَلا فيه؟ قال: «هذا قَد خَرَجَ من حَدِّ الشَّراب». 53 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، قال: أخبرني حَرِيش، قال: رأى طَلحَةُ المسجدَ قَد نُضِحَ بِالنّضوح، فقال: «مَن نَضَحَ الخَمرَ في مَسجِدِنا؟».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمتين.

باب: الخلوق إذا صلى وهو في جسده

54 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا عبد الصَّمَد بن عبد الوارِث، قال: ثنا أبان العَطَّار، قال: ثنا كَثير بن شِنظير، قال: سمعت الحسَن يقول: «إذا أصاب ثَوبَك نَبيذُ الجَرّ؛ فاغسِله». باب: الخَلُوق إذا صَلَّى وهو في جَسَدِه • قلت لإسحاق: فإن صَلَّى وعلى ثوبه شيءٌ من خَلُوق، وليس فيه مُسكر؟ قال: «لا بأس به إذا لم يكن فيه مُسكر». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: رجلٌ صَلَّى وفي جَسَدِه خَلُوق؟ قال: «يَنبَغي لَه أن يَغسِله؛ لِمَا نَهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَتَزَعفَر الرجل، فأما إذا صَلَّى؛ فصَلاته جائزة». 55 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا أبو أحمَد، قال: ثنا أبو جَعفَر الرازي، عن الرَّبيع بن أنس، عن جَدَّيْه، قالا: سمعنا أبا موسَى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُقبَل صَلاةُ رَجلٍ في جَسَده شَيءٌ من خَلُوق». باب: الصَّلاة على بَرذَعَة الحِمار • سألت أحمَد عن الصَّلاة على بَرذَعَة الحِمار؟ فقال: «لا أدري أُخبِرك، لا يُعجِبُني شَيءٌ من الحِمار». • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ صَلَّى على بَرذَعَة الحِمار؟ قال: «لا بأسَ بِه».

باب: الصلاة على المسح الذي ليس بنظيف

56 - حدثنا أبو الأزهَر، قال: ثنا أبو المُغيرَة، قال: سُئل الأوزاعي عن الرجل يُصَلِّي على البَرذَعَة والفِراش؟ قال: «لا حَرَج». 57 - أخبرنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد، قال: وأخبرني شَيبان، عن مَنصور، عن أبي حازِم، عن عَزَّة -مولى أبي بكر-، أنها سمعت أبا بكر يقول لِلنِّساء: «وَيلَكُنَّ، لا تُصَلِّين على البَراذِع». باب: الصَّلاة على المِسح الذي لَيسَ بِنَظيف • سألت أحمَد عن الصَّلاة على المِسح الذي لَيسَ بِنَظيف؟ فقال: «لا يُصَلِّي (1)». • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ صَلَّى على فِراشٍ لَيسَ بِنَظيف؟ قال: «صَلاته فاسِدَة إذا سَجَدَ عَلَيها وقام». قلت: فإن بَسَط على الفِراش ثَوبًا طاهِرًا؟ فإنه (2) لا بأس، صَلاته جائزة. 58 - حدثنا أحمَد بن نَصر، قال: ثنا حِبَّان بن موسَى، عن عبد الله، قال: أبنا يونُس، عن عُقَيل، عن ابن شِهاب، قال: سألته عن شَاذَكونة قَذِرَة، أيُصَلَّى عليها؟ قال: «ابسط عَلَيها ثَوبًا».

____ (1) في الأصل مهملة مضبوطة، وتحتمل: "لا تُصَلِّ" مع إثبات الحرف المحذوف، وهي من عادة بعض النساخ، وتحتمل: "لا يُصَليِّ". (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "قال".

باب: من صلى بسيف ملطخ بالدم

باب: من صَلَّى بسيفٍ ملطَّخٍ بالدم • قلت لإسحاق: رَجلٌ صَلَّى ومَعَه سَيفٌ مُخَضَّبٌ بِالدم؟ قال: «إن كان في مَوضِعِ قِتالٍ لا يَقدِر على غَسلِه أو مَسحِه بِالتُّراب؛ فهو مَوضِع ضَرورَة، أرجو أن يُجزئه، وإن كان في أمنٍ وطُمأنينَة، فمَنَعَه الكَسَل من غَسلِه أو مَسحِه، فتَهاون في ذلك، فصَلَّى عَمدًا وهو مُخَضَّبٌ بِالدم؛ فالإعادَة أحبُّ إليَّ». 59 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا أبو إسحاق الفَزاري، قال: قلت للأوزاعي: رَجلٌ ضَرَب بِسَيفه، فتَلَطَّخ دَمًا، فمَسَحَه بِالتُّراب؛ أيُصَلي فيه؟ قال: «إذا مَسَحَه بِالتُّراب حتى يُنقِيَه؛ أجزأه ذلك، وصَلَّى فيه». 60 - حدثنا المسيَّب، قال: ثنا أبو إسحاق، قال: وسألت سُفيان عن ذلك، وقلت: مَسَحَه بالتُّراب حتى أنقاه، وكَرِهَ أن يَغسِله فيُفسِده؟ قال: «أكرَهُ أن يُصَلِّي فيه حتى يَغسِله»، ثم قال: «أرأيتَ لَو أصاب جَسدُهُ دمًا (1)، فمَسَحَه؛ أكان يُجزئه؟». 61 - قال أبو إسحاق: وسألتُ غيرَه، فقال: «إذا مَسَحَه بِالتُّراب حتى يُنقِيَه؛ أجزأه ذلك، ولا يَغسِله». قلت: فلَو أصاب ثَوبَه أو جَسَدَه دَمٌ، فمَسَحَه أو حَتَّه حتى ذَهَب؛ أكان يُجزئه؟ قال: «لا يَذهَب، ولا يُجزئه حتى يَغسِله، ولكن أرى لَو حَتَّه أجزأه».

____ (1) كذا في الأصل مضبوطة، وكتب فوقها: "كذا"، والأصح: "أصاب جسده دم".

باب: لعاب الرجل يسيل وهو نائم، والدم يبله بالبزاق

62 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عبد العَزيز بن محمد، قال: أخبرني سَلَمَة بن وَردان، قال: سألت سالم بن عبد الله، قلت: أُصَلِّي وعليَّ قَرَنٌ فيه سَهمٌ في نَصلِهِ دَم؟ قال: «لا». باب: لُعَاب الرَّجُل يَسيل وهو نَائم، والدَّم يَبُلُّه بِالبُزَاق • قلت لإسحاق: الرجل يَنام، فيَسيل لُعَابه؟ قال: «لا بأسَ بِه إذا صار على الثَّوب». قلت: فإن كان مُتَغِّيرَ الطَّعم؛ يَعلَم أنه خَرَجَ من المَعِدة؟ قال: «إن أصاب الثَّوبَ غَسَلَه». • وسُئل إسحاق -مرةً أخرى- عن الرجل يَنام، فيَخرُج من فيه الماءُ الكَثير، ويَصير على ثَوبه، أيُصَلِّي فيه؟ قال: «لا بأس». • قلت لإسحاق: رَجلٌ صار على ثَوبه قَطرَةُ دَم، فبَلَّه بِبُزاقه ومَجّه حتى ذَهَبَ أَثَره؟ قال: «لا يُعجِبُني إلا أن يَغسِلَه بِماء». قلت: وإن ذَهَبَ أَثَره بالبُزَاق؟ قال: «نَعم». 63 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا أبو داوُد، قال: ثنا خالِد بن أبي عُثمان، قال: حدثني سَلِيط بن عبد الله، قال: رأيت ابن عُمَر رأى على ثَوبه نُكتَةَ دَم، فَبَلَّها بِريقِه، ثم دَلَكَها.

باب: غسل الثوب من البول وغيره

64 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا خالِد بن حَيَّان، قال: ثنا جَعفَر، قال: رأيت مَيمون يومًا وهو يُصَلِّي، فرأى في ثَوبه دَمًا، فبَلَّه بِريقِه، وفَرَكَه. 65 - حدثنا محمد بن رافِع، قال: أبنا ابن أبي فُدَيك، قال: ثنا ابن أبي ذِئب، عن المُغيرَة بن أبي حَسَن البَرَّاد، أنه نَظَرَ إلى سَعيد بن المسيَّب خَرَجَ من أَنفِه دَم، فقَطَرَت منه قَطرَةٌ على رِدائه، فما زاد على أن دَعا بُردًا مَولاه، فأمَرَه أن يَمُصَّ الدم الذي في رِدائه، فجَعَل بُردٌ يَمُصُّه ويَبصُقُه في المسجِد. باب: غَسل الثَّوبِ من البَول وغَيره • قيل لأحمَد بن حَنبل: الثَّوب يُصِيبُه البَول، ثم يُلقَى في الماء، ويُخرَج؟ قال: «لا يُعجِبُني إلا أن يَغسِله غَسلًا جَيِّدًا»، وكأنه ذَهَبَ إلى أن يُغسَل سَبعَ مِرار. • وسمعت إسحاق يقول: «أكثَر ما بَلَغَنا عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أمَر بِغَسل النَّجاسات سَبعًا، وأقَلُّ من ذلك يُجزئ بَعدَ أن يأتي على الإنقاء». 66 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا حَمَّاد بن مَسعَدة، عن أشعَث، عن الحسَن، أنه كان يقول -في البَول-: «ما كان منه نَضحًا رُشَّ، وما كان منه صَبًّا غُسِل». باب: الرَّجُل تَحضُرُه الجنازَة وعَلَيه ثوبٌ غَيرُ طاهِر • قلت لإسحاق: رجلٌ حَضَرت جنازَة، وعَلَيه ثَوبٌ لَيسَ بِطاهِر، فصَلَّى فيه على الجنازَة؟ قال: «هو جائز». 67 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا أبو عامِر، قال: ثنا سُفيان، عن أبي عِمران -[82]- أيمَن بن نابِل، قال: سألت عَطاءً ومُجاهدًا عن الثَّوب يُصَلِّي فيه غَيرِ الطاهِر؟ قالا: «لا بأسَ بِه».

باب: من مس ظهر الكلب وهو رطب من الماء

68 - حدثنا هَنَّاد بن السَّرِي، قال: ثنا وَكيع، عن سُفيان، عن أبي هاشِم، عن سَعيد بن جُبَير، قال: «اقرَأ عليَّ آيةً في غَسل الثِّياب!». باب: مَنْ مَسَّ ظَهرَ الكَلب وهو رَطبٌ من الماء • قلت لإسحاق: رَجلٌ مَسَّ كَلبًا قد صُبَّ عَلَيه ماء، وظَهر الكَلب رَطب، فمَسَّه رَجلٌ، فصَلَّى ولم يَغسِل يَدَه؟ قال: «إن ابتَلَّ يَدُه أو ثَوبُه من الكَلب؛ فإنه يَنبَغي لَه أن يَغسِله». 69 - حدثنا محمد بن مَرزوق، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: ثنا شُعبَة، عن مُغيرَة، قال: مَرَّ بي كَلب، فأصاب ثَوبي، فسألت إبراهيم؟ قال: «إذا كان رَطبًا فاغسِله». 70 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا ابن جُرَيج، قال: قلت لعَطاء: الكَلب يَمسُّ ثوبي، أرُشُّه؟ قال: «لا». 71 - حدثنا محمد بن يَحيى قال: ثنا خالِد بن يَحيى، قال: ثنا عُمَر بن عامِر، عن حَمَّاد، عن إبراهيم -في الرجل يَمسُّ الكلبَ-؛ قال: «أُحِبُّ ألَّا يَفعَل، فإن فَعَل؛ فليَغسِل يَدَه».

باب: نثرة السنور ولعابه

باب: نَثرَة السِّنَّور ولُعَابه • وسألت إسحاق عن نَثرَة السِّنَّور، قلت: سِنَّورٌ عَطَس، فقَطر على ثَوبي من لُعَابه، أو لَحَسَت الهِرَّة يَدي أو ثَوبي بِلِسانها، فأصاب بَلَلُ لِسانها ثَوبي أو يَدي؟ قال: «لا بأسَ بِهِ ولا بِسُؤرِه»، ورَخَّص فيه. 72 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عبد العَزيز بن محمد، قال: ثنا داوُد بن صالِح، عن أُمِّه، أن مَولاةً لعائشَة أرسَلَت إلى عائشَة بِهَريسَة، قالت: فوَجَدتُها تُصَلِّي، فأشارَت إليَّ أَن ضَعيها، قالت: فوَضَعتُها، فجاءت الهِرَّة، فأخَذَت منها نُهسَة، فلما انصَرَفَت قالت للنِّساء: «كُلْنَ»، فأبقَين مَوضِع فَم الهِرَّة، فأَكَلَت عائشَة من حَيثُ أكَلَت الهِرَّة، ثم قالت: «إنها لَيسَت بِنَجَس، إنها من الطَّوَّافين عَلَيكم، ولَقَد رَأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ بِفَضلِها». • قلت لإسحاق: رُبَّما ألقَينا الخُبزَ لِلسِّنَّور، فيأكُل بَعضَه ويَدَعُ بَعضَه، ونَحنُ نَتَقَذَّر أن نأكُلَه، ونَكرَه أن نُلقيَه؟ قال: «إن تَقَذَّرَه فَليُعطِه مِسكينًا». باب: الصَّلاة في ثوب أَهلِ الذِّمَّة • سُئل أحمَد -رحمه الله- عن الصَّلاة في ثَوب اليَهودي والنَّصراني؟ قال: «لا يُصَلّى في شَيءٍ من ثِيابِه التي تَلِي جَسَدَه؛ القَميصِ والسَّراويلِ وغيرِ ذلك».

• وسألت إسحاق، قلت: قَومٌ عِندَنا مُشرِكون، يُقال لَهم: «الخَبيصِيِّين»، يأكُلون الميتَة، ويَشرَبون الخَمر، ولا يَغتَسِلون من جَنابَة، وهم ينجسون (1) الثِّياب، فما تَقول في لُبسِ هذه الثِّياب من قَبل أن تُغسَل، والصَّلاة فيها؟ قال: «لا بأس؛ يُروَى عن الحسَن، قال: «لا بأس بالصَّلاة في الثِّياب التي يَنسِجُها المَجُوسِيّ»، يَعني: من قَبلِ أن تُغسَل». 73 - حدثنا أحمَد بن نَصر، قال: ثنا حِبَّان بن موسَى، قال: سألت عبد الله عن الصَّلاة في ثَوبِ المَجُوسِيّ؟ فقال: حدثني هِشام، عن الحسَن، قال: «لا بأسَ بِه». 74 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا أبو إسحاق، قال: سألت سُفيان وهِشامًا عَمَّا أصَبنا من ثياب المشرِكين في بِلاد الرُّوم، أنُصَلِّي فيها قبل أن تُغسَل؟ قال (2): «لا بأسَ بِه». 75 - حدثنا المسيَّب، قال: ثنا أبو إسحاق، عن زائدَة ومَخلَد، عن هِشام، عن الحسَن، أنه قال -في الثِّياب نَسَجَها المَجُوس، فيُؤتَى بها قَبلَ أن تُغسَل-؛ قال: «لا بأسَ بِالصَّلاة فيها». 76 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، عن مَطَر الوَرَّاق، عن الحسَن، أنه كان لا يَرى بأسًا أن يُصَلّى في السَّابري والدَّستوائي ونحوِ ذلك، قَبلَ -[85]- أن تُغسَل.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "يَنْسِجون". (2) كذا في الأصل، والوجه: "قالا".

باب: دياس الطعام بالحمير

باب: دِيَاسِ الطَّعام بِالحَمير • وسُئل أحمَد بن حَنبل عن الدِّياس بِالحَمير؟ فكَرِهَهُ كَرَاهِيةً شَديدَة؛ لِحَال أَبوالِها وأَرواثِها. قيل: فإن غُسِل البُرّ؟ فكأنَّه كَرِهَ أن يُداس البُرُّ بِشَيءٍ مِمَّا لا يُؤكَل لَحمُه. 77 - أخبرني عُبَيدالله بن مُعاذ، عن أبيه، عن هِشام، عن محمد، أنه كان يَكرَه شُربَ أَبوال الأُتُن، والتَّداويَ بها. باب: قَدر الدَّم الذي يُعَاد مِنه الوُضوء • سُئل أحمَد -وأنا أسمع- عن الدَّم يَخرُج من جَسَد الإنسان؛ مِنْ قَدرِ كَم يُعَاد مِنه الوضوء؟ قال: «إذا كان فاحِشًا». قلت: إن خَرَج من رَأس الجُرح شَيءٌ يَسِير؟ قال: «لَيسَ عَلَيه وضوء». 78 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، قال: قال أبو عَمرو: «إذا سَالَ الرُّعَافُ أو قَطر؛ توضَّأ». 79 - حدثنا زَيد بن يَزيد، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: ثنا هِشام، عن حَمَّاد، عن إبراهيم، أنه كان يقول -في الدَّم يَخرُج من فِيك أو من جَسَدِك وأنت تُصَلِّي-؛ قال: «إن كان دَمًا سائلًا؛ فانفَتِل، فَأَعِد الوضوء، وإن لم يَكُن سائلًا؛ فامضِ في صَلاتك». • وسمعت أحمَد بن حَنبل -مرةً أخرى- يُسَهِّلُ في الدَّم إذا كان قَليلًا، وذَكَر حديثَ ابن المسيَّب، أنه أَدخَلَ أصَابِعَه العَشر أنفَه، فأَخرَجَها مُتَلَطِّخَةً بالدَّم، وذَكر -[86]- حديثَ ابن عُمَر، أنه كان يَعصِرُ البَثرة في وجهه، فيخرج منه مدَّةٌ (1).

____ (1) ضبطها الناسخ بفتح الميم، والصواب بكسرها. والمِدَّة: ما يجتمع في الجرح من القيح، انظر: لسان العرب (3/ 399).

• وسمعت إسحاق يقول: «مَضَت السُّنَّة في الرجل يُدخِل أصابِعَه في أَنفِه، فيَخرُج عَلَيها الدَّم»؛ قال: «ما لم يَكُن دمًا سائلًا؛ فلا بأس». 80 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: سمعت أبا الزِّناد، قال: رأيت سَعيد بن المسيَّب يُدخِل أصابِعَه العَشر في أَنفِه، ثم يُخرِج دَمًا، فيَفتِله، ثم يُصَلِّي ولا يتوضَّأ». 81 - حدثنا إسحاق بن عُمَر بن سَليط، قال: ثنا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن حُمَيد، عن بكر بن عبد الله، أن ابن عُمَر عَصَرَ بَثرَةً في وَجهِه، فخَرَجَ منها شَيءٌ من دَمٍ وقَيح، ثم صَلَّى ولم يتوضَّأ. 82 - قال: وكان رَجلٌ يُصَلِّي بَينَ يَدَيه في المسجِد قَد احتَجَم، فخَرَج من محجَمَتِه شَيءٌ من دَم، فأخذ حَصَاةً، فسَلَتَ الدَّم، ثم دَفَن الحَصَاة. 83 - وأخبرنا محمد بن يَحيى بن أبي حَزم، قال: ثنا بِشر بن عُمَر، قال: سألت مالِك بن أنس عن الرُّعاف الكَثير؟ فقال: «لا نَرى فيه وضوءًا». وقال: «لا يتوضَّأ -[87]- إلا من حَدَثٍ يَخرُجُ من ذَكَرٍ أو دُبُرٍ، أو نَومٍ، أو نِساء».

باب: القيح والصديد

باب: القَيح والصَّديد • قلت لأحمد: القَيح والصَّديد والدم؛ كُلُّه واحِد؟ قال: «نَعم، كُلُّه بِمَنزِلة الدم». • سُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الدم والقَيح؟ فقال: «هو واحِد». قيل: أيُعيد الوضوء إذا سَال؟ قال: «يُعِيد الوضوء إذا كان فاحِشًا». قيل: الفاحِش؛ قَدر كَم هو؟ قال: «ما يَقَعُ عَلَيه قلبُهُ أنه فاحِش». 84 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا شَريك، عن جابِر، عن عامِر، قال: «القَيح والدم والصَّديد سَواء». باب: الرجل يكون في عَينِه غرْبٌ تَسِيل مِنه • قلت لأحمد: رَجلٌ في عَينه غربٌ تَسِيلُ منه دَمعَةٌ لا تَرقَأ، ولَيسَ هي مِدَّة؟ قال: «إذا كان دَمعَةً؛ فإني أَرجُو ألَّا يَكُون عَلَيه وضوء». 85 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا عبد الرحمن البكراوي، قال: ثنا أبو خَلدَة، قال: قال أبو العالية: «إنما عُلِّمنا إذا توضَّأ الرجل فهو على وضوء حتى يُحدِثَ حَدَثًا، فما أحدَثَ مِن نِصفِه الأسفَل؛ فَفيه الوضوء، وما أحدَثَ مِن نِصفِه الأعلى؛ فلَيسَ عَلَيه وضوء»، يعني: النُّخَاع، والمُخَاط، والدُّموع. باب: الوضوءِ من الحِجَامَة • سُئل أحمَد عن الرجل يَحتَجِم؟ قال: «يتوضَّأ ولا يَغتَسِل».

باب: الناصور يسيل منه الماء

• وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الوضوء من الحِجامَة؟ قال: «يتوضَّأ». وذُكِرَ لَه مِثلُ قولِ أهلِ المدينة، فلم يَذهَب إلَيه. • وسألت إسحاق بن إبراهيم عن رَجلٍ احتَجَم، فصَلَّى ولم يتوضَّأ؟ قال: «الإعادَة؛ لأن كُلَّ دَمٍ يَسيل من جَسَد الإنسان؛ فحُكمُه كَحُكم الاستِحاضَة». • قلت لإسحاق -مرةً أخرى-: رَجلٌ احتَجَم، فصَلَّى ولم يَغسِل أَثَرَ المَحَاجِم؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». راجَعتُه في هذه المسألة. باب: النَّاصُور يَسِيل مِنهُ الماء • سُئل أحمَد عن النَّاصور يكون بِالإنسان؟ قال: «إذا كان سائلاً شَديدًا؛ فإنه يتوضَّأ لِكُلِّ صَلاة، وإن كان يَسيل منه ماءٌ قَليل؛ فإني أرجو ألَّا يكون عَلَيه وضوء». قيل: فإن كان في المقعَدَة؟ قال: «كُلُّ شَيءٍ يَخرُج من سَبيل الغائط والبَول؛ فإنه يُعيدُ الوضوء من قَليله وكَثيره». 86 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، عن الأوزاعي -في النَّاسور-: «إن كان خارِجًا من الحَلقَة؛ فلا وضوءَ من مِدَّته، وإن كان من النَّاسور داخِلًا؛ فتوضَّأ لِكُلِّ صَلاة». 87 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: ثنا عبد الملِك بن مِهران، عن عَمرو بن دينار، عن ابن عَبَّاس، أن رَجلًا سَأَل النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنَّ بي النَّاسور؛ إذا توضَّأتُ سَال؟ قال: «إذا توضَّأتَ، ثم سَالَ من قَرنك إلى -[89]- دمك (1) فلا تَوَضَّأ».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب -كما في المصادر-: "قَدَمك".

باب: الرعاف

باب: الرُّعَاف • سألت أحمَد، قلت: رَجلٌ به رُعافٌ شَديدٌ لا يَرقَأ؟ قال: «يتوضَّأ ويُصَلِّي»، واحتَجَّ بِحَديث عُمَر، قال: «وكذلك الجراحَة تكون بِالإنسان». • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ بِه رُعافٌ لا يَرقَأ، ألَيسَ يتوضَّأ لِكُلِّ صَلاةٍ مَرَّةً واحِدَة؟ قال: «نَعم». 88 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عمر (1) -في الرَّاعِف لا يَرقَأ دَمعُه (2)، وتَحضُر الصَّلاة-: «يَسُدُّ أَنفَه ويتوضَّأ». 89 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا جَرير، عن مُغيرَة، عن إبراهيم -في الرجل يكون بِه الرُّعاف، فلا يَستَمسِك-؛ قال: «يَحشُوه ويتوضَّأ ويُبادِر ويُصَلِّي». 90 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا بِشر بن عُمَر، قال: ثنا ابن لَهيعَة، قال: سمعت عَطاء -فيمن رعف وقَد أُقيمَت صَلاة الصُّبح، ولم يَرقَأ؛ كَيفَ يَصنَع؟ -؛قال: «يَسُدُّه بِصُوفَةٍ أو بِخِرقَة، ثم يتوضَّأ ويُصَلِّي».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب:"أبو عمرو"، وهو الأوزاعي. (2) كذا في الأصل، ولعل صوابه: "دمه"، فالسياق في الرعاف.

باب: البزاق يكون فيه الدم

باب: البُزَاق يكون فيه الدَّم • قيل لأحمَد: الرجل يَبزُق، فيكون بَعضُه دَمًا وبَعضُه بُزاقًا؟ قال: «إذا فَحُشَ أعاد». قيل: فالفاحِش كَم هو؟ قال: «ما يرى أنه كَثير». • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: ما تقول فيمَن يَتَنَخَّع دَمًا عَبيطًا، أيَنقُض ذلك وضوءَه؟ قال: «شَديدًا». • قلت لإسحاق: فما تقول في الحُمرَة من الدم تَظهَر في البُزاق، أتَنقُض الوضوء؟ قال: «إذا كان الأغلَب على البُزاق الحُمرة»، يعني: يُعيدُه. 91 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، قال: قال أبو عَمرو -في رَجلٍ تَنَخَّعَ فَرَأى في نُخاعِه دَمًا-؛ قال: «لا شَيءَ عَلَيه، وليَتَمَضمَض إن شاء». قيل له: فبَصَق فَرَأى في بُصاقِه دَمًا؟ قال: «إن كان سائلًا؛ توضَّأ، وإن كان مُختَلِطًا بالرِّيق؛ فلا شَيءَ عَلَيه». 92 - حدثنا إسحاق بن عُمَر بن سَليط، قال: ثنا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن عَطاء بن السَّائب، قال: رأيت ابن أبي أوفى خاع (1) دَمًا، ثم صَلَّى ولم يتوضَّأ. 93 - حدثنا محمد بن مُعاويَة، قال: ثنا شَريك، عن جابِر، عن عامِر، قال: «لا توضَّأ من الصُّفرَة تَبزُقُها».

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، وكتب في الحاشية: "لعله: تَنَخَّع".

باب: دم الجراحة يصيب الثوب

باب: دَمُ الجراحَة يُصِيبُ الثَّوب • قلت لأحمَد: فرَجلٌ بِه جراحَة، وعَلَيه ثَوب، فيُصِيبُ ثَوبَه المِدَّةُ والدَّمُ وغَيرُ ذلك؟ قال: «كُلَّما كَثُر عَلَيه غَسَله». (1) فصاحِب الجدَري؟ قال: «يَغسِل ثَوبَه كُلَّما كَثُر عَلَيه». • قلت لأحمد: فرَجلٌ به جراحَة، فعَصَب عَلَيها خِرقَة، فظَهَر الدم من فَوق الخِرقَة؟ قال: «إن كان قَليلًا رَجَوت، وإن كان فاحِشًا حَلَّ عنه الخِرقَة، وغَسَل عنه الدَّم، وغَسَل الخِرقَة». 94 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا القاسِم بن حُمَيد، قال: حدثني النُّعمان، عن مَكحُول، قال: «إذا ظَهَر الدم على العِصَاب؛ عَلَاهُ بعِصَابٍ آخَر». باب: القَلَس • سمعت أحمَد بن حَنبل سُئل عن القَلَس إذا كان كَثيرًا (2): «يُعِيد الوضوء». • وقال أحمَد -مرةً أخرى، في القَلَس إذا فَحُش-: «أَعَاد الوضوء». • وسألت إسحاق عن القَلَس؟ فقال: «يُعِيدُ من قَليله وكَثيره». 95 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، عن أبي عَمرو: «في القَلسَة الوضوء إذا ظَهَرَت على اللِّسان، ويَستأنِف صَلاتَه إن قَلَس وهو في الصَّلاة».

____ (1) لعله سقط هنا: "قلت". (2) لعله سقط هنا: "فقال".

باب: الدود يخرج من الدبر

96 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: ثنا مَنصور ويونُس، عن الحسَن، أنه قال -في القَلَس-: «إذا كان يَسِيرًا فلَيسَ عَلَيه شيء». 97 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، ثنا هُشَيم، ثنا مُغيرَة، قال: سألت إبراهيم عن القَلَس؟ قال: قال: «الدَّسْعُ إذا ظَهَر فعَلَيه الوضوء». 98 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا سُفيان بن عُيَينَة، عن داوُد بن شابور، عن عَطاء، أنه سُئل عن القَلَس؟ فقال: «فيه الوضوء». باب: الدُّود يَخرُج من الدُّبُر • سُئل أحمَد، قيل: ما تقول في الدُّود يَخرُج من الدُّبُر؟ قال: «يتوضَّأ منه». 99 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، قال: قال أبو عمر (1) -في رَجلٍ يَخرُج من دُبُره دُود-؛ قال: «هذا حَدَث، فليتوضَّأ». قيل: يَخرُج من جُرحِه أو من فيه دُود؟ قال: «لا وضوءَ عَلَيه». 100 - حدثنا هَنَّاد بن السَّرِي، قال: ثنا وَكيع، قال: قال سُفيان: «هو حَدَث». 101 - حدثنا هَنَّاد، قال: ثنا وَكيع، عن سُفيان، عن موسَى بن عُبَيدالله (2) بن يَزيد، -[93]- أنه سأل إبراهيم عن الدُّود يَخرُج من الدُّبُر؟ قال: «لَيسَ فيه وضوء».

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والصواب: "أبو عمرو"، وهو الأوزاعي. (2) كذا في الأصل، وكان كتب: "عبيدة"، ثم صوبها إلى المثبت، والصواب: "عبد الله".

باب: من مس دبره

باب: مَنْ مَسَّ دُبُرَه • قيل لأحمد: الرجل يَتَقَلَّب دُبرُه، فيَمَسُّه، فيَجِد بلَّة؟ فلم يُجِب فيها. 102 - حدثنا أحمَد بن نَصر، قال: ثنا حِبَّان بن موسَى، قال: قال عبد الله -في الدُّبُر إذا خَرج-: «إن أَدخَلَه بِعِلاجٍ توضَّأ». باب: قَتل القَملة في الصَّلاة • سألت أحمَد، قلت: الرجل يكون في الصَّلاة، فيَأخُذ القَملَة؟ قال: «إن قَتَلها فلا بأس، وإن دَفَنَها فلا بأس». • وسُئل إسحاق عن الرجل يَصِير في يَدِه القَمل وهو يُصَلِّي؟ قال: «أَحَبُّ إليَّ أن يَجعَلَه في ثَوبه، وإن قَتَله فلَيسَ عَلَيه شَيء»، وذَكَر عن مُعاذ بن جبل، وأبي الدرداء •رضي الله عنهما-؛ أنهما كانا يَقتُلان القَملَ والبَرَاغيث في الصَّلاة. o حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، [قال:] (1).

____ (1) ما بين المعقوفين من تعقيبهٍ كتبها المُحَشِّي، وانتهى هاهنا هذا الجزء من القطعة، وارجع المقدمة (ص 33). ولعل حربا كان سيسند عن الأوزاعي قوله -في قتل القمل في الصلاة-: "ترك ذلك أحب إلي"، انظر: الأوسط، لابن المنذر (3/ 277)، فتح الباري، لابن رجب (6/ 398).

• «... (1) بَينَ بَول الغُلام والجاريَة؛ فقد أخطأ وخَالَف الرسولَ صلى الله عليه وسلم، ولم نَسمَع عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عَمَّن بَعدَه إلى زَمَن التابِعين؛ أن أحَدًا سَوَّى بَينَ بَول الغُلام والجاريَة، فاتِّباعُ السُّننِ في ذلك أسلَم». 103 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا مُعاذ بن هِشام، قال: حدثني أبي، عن قَتادَة، عن أبي حَرب بن أبي الأسوَد الدِّيلي، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بَول الغُلام يُرَشُّ عَلَيه، وبَول الجاريَة يُغسَل». قال قَتادَة: «وهذا ما لم يَطعَما الطعام، فإذا طَعِما غُسِل». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا أَكَل الغلامُ الطعام؛ غُسل بَوله، كما يُغسَل بَولُ الجاريَة قبل أن تَأكُل، وما أشبَهَ ذلك فَلَيس من الطعام؛ لأن الصَّبيَّ قبل أن يَبلُغ مَبلَغَ أن يَطعَم رُبَّما أَلعَقَته الأمُّ عَسَلًا وما أشبَهَ ذلك؛ لِقِلَّة لَبَنِها. وأكْلُ الصبيِّ هو الطعام إذا بَلَغ مَبلَغ ذلك، وأما سَلحُه؛ فلا نَعلَم في ذلك سُنَّةً مَسنونَة، فغَسلُه طَعِمَ أو لم يَطعَم أحبُّ إلَينا، ولو كان الأمر بالقياس؛ لكان سَلحُه يُشبَّه بِبَوله، ولكن تَرك القياس واتِّباع السُّنَّة أَسلَم». 104 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو: قولهم: بَول الجاريَة يُغسَل أَكَلَت الطعام أو لم تَأكُله، وبَول الغُلام يُرشُّ عَلَيه حتى يَأكُل ثم -[95]- يُغسَل؟ قال: «هما سَواء، يُرَشُّ منهما حتى يَأكُلا الطعام»، وأبو عَمرو لم يرَ السَّمنَ والعَسَلَ يلعقُه الصَّبيُّ طَعامًا، حتى يَستَغنيَ بِه عن الرضاع.

____ (1) هذه بداية المقطع الثاني من القطعة، ويستمر إلى آخرها.

باب: الماء الذي لا ينجسه شيء

105 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن مالِك بن أنس -في بَول الصِّبيان-: «الجاريَة والغُلام سَواء، يُنضَحُ عَلَيه الماء ما لم يَأكُل»؛ مِثلَ قَول الأوزاعي. باب: الماء الذي لا يُنَجِّسُه شَيء • سمعت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل يقول -في الماء-: «إذا كان قُلَّتين لم يَنجُس، إلا أن يَصيرَ فيه شَيءٌ يُغَيِّر طَعمَه أو ريحَه، أو يَصيرَ فيه بَولٌ أو عَذِرَة». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى-، وسُئل عن القُلَّة؛ قَدر كَم هُو؟ قال: «قِربَتَين كُلّ قُلَّة». قيل: أيتوضَّأ من القُلَّتين؟ قال: «إذا لم يَتَغَيَّر ريحُه وطَعمُه». قيل: الرجل يَرى ماءً في الجباية (1) قَدرَ قُلَّتين، أيتوضَّأ منه؟ قال: «إذا كان ماءَ السَّماء؛ فنَعم، وإن كان قَليلًا». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الفأرَة تَقَع في البئر، فلا تُغَيّر (2)؟ «إذا كان الماء أكثَر من قُلَّتين؛ فأرجو ألَّا يكون بِه بأس».

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، ويحتمل أن الصواب: "الجبَّانة"، وهي الصحراء، انظر: لسان العرب (13/ 85). (2) في الأصل مضبوطة، ويحتمل أن تكون: "تُغَيَّره"، ولعله سقط بعدها: "فقال".

• وسُئل إسحاق بن إبراهيم عن القُلَّتين؟ قال: «أربَع قِرَب، إلى خَمس قِرَب». • قال: «وأحَبُّ إليَّ أن يكون حُبَّين عَظيمَين، وأما ابن مهدي؛ فيَرَى لَو كان الماء كَفًّا صَارَت فيه فَأرَة، فماتَت؛ رَمَى بالفأرَة، وتوضَّأ؛ لِقَول النبي صلى الله عليه وسلم: «الماء لا يُنَجِّسُه شَيء»». • وسمعت إسحاق يقول -مرةً أخرى-: «أما الذي نَعتَمِد عَلَيه: أن الماء إذا كان قَدرَ القُلَّتين -وهما نَحوُ سِتَّة (1) قِرَب؛ لأن القُلَّة نَحو الخَابيَة العَظيمَة، وهو نَحوٌ من أربَعين دَلوًا بِالدِّلاء الصِّغار-؛ فحينَئذٍ لا يَحمِل النَّجَاسة، ولا يُفسِدُه ما امتَزَجَ بِه من الأَقذار، إلا أن يُغيِّرَ ذلك طَعمَه أو ريحَه». 106 - قال: وقال النضر: «القُلَّتَين: الخَابيَتَين العَظيمَتَين». 107 - حدثنا محمد بن نَصر بن سَعيد، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، عن سَلم بن نِسطاس، عن سُلَيمان بن عَمرو، عن برد، عن راشِد بن سَعد، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-،

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "سِتِّ".

باب: الحياض في طريق مكة

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يُنَجِّسُ الماءَ إلا ما غَيَّرَ لَونَه أو ريحَه». • سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: أخبِرني عن نَهَرِ ماءٍ يَجري في وَسطِ قَرية، فسكن (1) الماء طَرَفَ القَرية، وبَقي في المثاعِب والحياض والأنهار وما في القَرية، وليس يَجري، ولكنه راكِد؛ هل يتَوضأُ به؟ قال: «إذا كان قُلَّتين فتوضَّأ بِه واغتَسِل». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى- عن ماء النهر إذا سَكَن طَرَفَ القَرية، وبَقي في الأنهار في القَرية ماءٌ راكِدٌ لا يَجري؟ قال: «يغتَسلُ فيه ويتَوضَّأُ إذا كان قُلَّتَين». • وسألت (2) إسحاق -مرةً أخرى- وسأله رَجل، فقال: يكونُ دسكر الماء، ويَبقى في الأنهار ماء؟ قال: «إذا كان قُلَّتَين؛ فلا بأس بالوضوء من ذلك الماء». 108 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني ابن لَهيعَة، عن يَزيد بن أبي حَبيب، عن عَمرو بن حُرَيث، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: «إذا بَلَغَ الماءُ أربَعين دَلوًا لم يُنَجِّسه شَيءٌ؛ وإن اغتَسَل فيه جُنُبٌ ثم اتبعَه آخَر». باب: الحِيَاضِ في طَريق مَكَّة • سألت أحمَد عن الحياض التي في طَريق مَكَّة؛ يَغتَسِل فيها الناس، ويُلقى فيها القَذَر؟ قال: «هذه الحِيَاض المحدَثَة، وماؤها كَثير»، ولم يرَ بِذلك بأسًا.

____ (1) طمس أولها في الأصل، ولعلها كما أثبت. (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "وسمعت".

109 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا عبد الرحمن بن زَيد بن أسلَم، عن أبيه، عن عَطاء بن يَسَار، عن أبي سَعيد الخُدري -رضي الله عنه-، قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن حِيَاضٍ بَينَ مَكَّة والمدينَة، يَشربُ منها الحُمُر والسِّباع، فَكَيف لَهم بالطّهور؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لها ما حَمَلَتْ في بُطُونها، وما بَقي فهو طَهُور». • وسمعت رَجلًا سأل أحمَدَ -رحمه الله-، قال: فإنَّا توضَّأنا في طَريق الباديَة من بئر، فإذا فيه دَجاجَةٌ مَيتَة؟ قال: «كَم الماء؟»، قال: كَثير، قال: «أرجو ألَّا يَكون بِه بأس». • وسألت إسحاق عن بئرٍ فيها ماءٌ كَثير، فوَقَعَت فيها فَأرَة، فمَاتَت وتَفَسَّخَت، وتغيَّر طَعمُ الماء وريحُه؟ قال: «لا تتوضَّأ بِه، وكذلكَ الماء». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى- عن بئرٍ انصب فيها خَمرٌ، وفيها من الماء أكثَر من قُلَّتَين؟ قال: «إن صَارَ فيها من غَيرِ تَعَمُّدٍ إذا احتَمَلَه ولم يتغيَّر؛ فلا بأس». 110 - حدثنا أحمَد بن الأزهَر، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سُئل الأوزاعي عن الماء النَّاقِع؟ فقال: حدثني الزُّهري، أنه إذا كان قَدر ما تَقَعُ فيه الميتَةُ فلا تُغَيِّرُ طَعمَه ولا ريحَه؛ فلا بأس. 111 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا حِبَّان بن موسَى، قال: سُئل عبد الله عن الماء الجاري القَليل يُبال فيه، ثم يَجري حتى يَجتَمِع في أُرفَةٍ صَغيرَة؟ فلم يرَ بأسًا أن تَغتَرِف منه وتتوضَّأ، وكَرِه أن تتوضَّأ -وإن كَان الماء جاريًا كَثيرًا- إذا رأيتَ البَول في -[99]- النَّهرُ لم يَتَغَيَّر.

باب: الشيء يقع في البئر، فيغير طعم الماء

باب: الشَّيء يَقَعُ في البِئر، فيُغَيِّرُ طَعمَ الماء • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الشَّيء يَسقُط في البئر، فيُغَيِّرُ طَعمَ الماء؟ قال: «تُعادُ الصَّلَوات، ولا يُؤكَل الطعام الذي يُعجَن بِذلك الماء». • وسألت إسحاق، قلت: بِئرٌ فيه ماءٌ قَليل؛ أَقَلّ من قُلَّتَين، سَقَطَت فيها فَأرَة، فماتَت؟ قال: «ما كان دُون القُلَّتَين؛ فإنها تَحمِل النَّجاسَة». قلت: تُعاد الصَّلَوات، وتُغسَل الثِّياب؟ قال: «نَعم». باب: الوُضوءِ من الماءِ القَلِيلِ في الجَنابَة (1)، أو مَاءِ الحمَّام • سُئل أبو عبد الله أحمَد بن حَنبل عن الرجل يرى الماءَ في الجَنابَة (1) قَليلًا، ولَيسَ مَعَه ما يَغرِفُ به، أيأخُذ بِفَمِه، ويَغسِل يَدَيه إذا كانَتا غَير طاهِرَتَين؟ قال: «نَعم، إذا اضطُرَّ إلَيه». قيل: وكذلك الحمَّام؟ قال: «نَعم». • وسألت إسحاق بن إبراهيم عن ماءٍ قَليلٍ من ماء المطَر؟ قال: «يَرفَعُه من مَوضِعِه، أو يَجعَل خَدَّه توتي (2) ذلك الماء، ولا يُتَوضَّأ فيه». باب: الوُضوءِ من الماءِ الذي تَغَيَّر طَعمُه أو رِيحُه • سُئل أحمَد -وأنا أسمع- عن الماء إذا تَغَيَّرَ طَعمُه وريحُه، فذلك طعمُ الميتةِ وريحُه، فلا يَحِلّ، وقال: أمرٌ ظاهر (3).

____ (1) لعل الصواب: "الجبَّانة"، وهي الصحراء - كما مر (ص 95) -. (2) لم يظهر لي فيها وجه. (3) كذا في الأصل، وفيه سقط بسبب انتقال النظر، وتحريف، وتمام المسألة على الصواب - كما نقلها ابن قدامة في المغنى (1/ 38 - 39) -: قال حرب: سئل أحمد عن الماء إذا تغير طعمه وريحه؟ قال: "لا يتوضأ به، ولا يشرب، وليس فيه حديث، ولكن الله -تعالى- حرم الميتة، فإذا صارت الميتة في الماء فتغير طعمه أو ريحه، فذلك طعم الميتة وريحها، فلا يحل له، وذلك أمر ظاهر".

باب: العذرة تقع في البئر

112 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سمعت أبا عَمرو وسَعيد بن عبد العَزيز يقولان: «لا يَصلُح الوضوء من ماءٍ خَرَجَ من نَهر باب كيسان؛ لأنه قد غلب عَلَيه ريحُه وطعمُه». 113 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد، قال: سمعت من أبي عَمرو وسَعيد بن عبد العَزيز وابن جابِر؛ يقولون -في الوضوء من ماءٍ بِظَاهِر دِمَشق والاغتِسالِ من ماء كماماتها (1)، وهم يخبرون بِما يُلقَى في قَنَواتها التي تفرغ في هذه المَطاهِر والحمَّاماتِ من النّشارَة والزّبل، فتُغَيِّر لَونَ الماء وطَعمَه وريحَه-؛ فيَأمُرون بالكَفِّ عن الوضوء ما كان مُتَغيِّرًا، فإذا صَفَا وطَاب ريحُه وطعمُه؛ أَمَروا بالوضوء منه. باب: العَذِرَة تَقَع في البئر • قلت لأحمد: بئرٌ سَقَطَت فيها عَذِرَةٌ يابِسَة، فذَابَت؟ قال: «تُنزَح»، قلت: وإن كان الماء أكثَر من قُلَّتين؟ قال: «نَعم»، قلت: حتى يَغلِبَهم الماء؟ قال: «نَعم، إلا أن يكون مِثلَ هذه البِرَك التي في طَريق مَكَّة؛ فلا بأس». 114 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، قال: ثنا علي بن حَوشَب، قال: سمعت مَكحُولًا سُئل عن نقاع ماء الطَّريق من المطَر؛ يرى فيه العَذِرة؟ قال: «إنْ -[101]- كان ما ترى مِن العَذِرة طافيًا عَلَيه؛ فاشرَب وتوضَّأ، وإن كان قد لَصقَ بالأرض؛ فقد قَل، فلا تَقرَبه».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "حماماتها".

باب: البول ينصب في البئر

• سُئل أحمَد عن بئر بُضَاعَة؟ فقال: «هي بالمدينَة، كنت مع ابن أبي فُدَيك، فمَرَّ ببابِ دار، فقال: «بئر بُضَاعَة في هذه الدار»»، قال: «وهي قَريبَةٌ من سَقيفَة بني سَاعِدَة». 115 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا فُضَيل، عن ابن أبي ذِئب، عن عَبدالله بن عبد الرحمن، عن أبي سَعيد الخُدري، قال: قيل: يا رسول الله، يُستَقَى لَك من بئر بُضَاعَة، وقد يُلقَى فيها لُحُوم الكِلاب ومحايض النِّساء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الماء لا يُنَجِّسُه شَيء». باب: البَول يَنصَبُّ في البئر • سُئل أحمَد عن بئرٍ يُصَبُّ فيها بَول؟ قال: «تُنزَح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نَهى أن يُبَال في الماء الدائم». قلت: فإن كان قَليلًا؟ قال: «لا أدري، قد نَهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُبَال في الماء الدائم». قيل لأحمد: فإنا توضَّأنا منها أيامًا وصَلَّينا؟ قال: «تُعَاد الصَّلَوات». قال: فإنا لا نَدري كَم يَومًا صَلَّينا؟ قال: «تَحَرَّوا». قيل: فالثياب؟ قال: «تُغسَل الثياب». • وسألت إسحاق، قلت: لَو أن صَبِيًّا بَال في بئرٍ فيه ماءٌ كَثيرٌ راكِد؟ قال: «لا بأس، ولو أن الرجل بَال فيه بِنَفسِه». قلت: فَحَديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يُبَال في الماء الرَّاكِد»؟ قال: «الرَّاكِد هو ما دون القُلَّتَين».

116 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني ابن لَهيعَة، عن يَزيد بن أبي حَبيب، عن سُلَيمان بن يسار (1)، عن عبد الرحمن بن أبي هُرَيرَة، عن أبيه [عن] (2) أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: «إذا كان الماء أربَعين قُلَّة؛ لم يَحمِل نَجَسًا». 117 - قال الوَليد: فذَكَرت ذلك لِلَّيث بن سَعد، قال: «نَحنُ نَقول: إذا كان الماء أربَعين قُلَّةً أو دَلوًا أو نَحوَه؛ دَنَّسَه الرَّجيع، إلا أن يَكثُر؛ ألا تَرى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَبُولَنَّ أَحَدُكم في الماء الرَّاكِد»؟». 118 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا لَيث بن سَعد، عن أبي الزُّبَير، عن جابِر -رضي الله عنه-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه نَهَى أن يُبَال في الماء الرَّاكِد. 119 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، ثنا أبو الزِّناد، قال: أخبرني موسَى بن أبي عُثمان، عن أبيه، عن أبي هُرَيرَة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَبُولَنَّ أَحَدُكم في الماء الرَّاكِد، ثم يَغتَسِلُ مِنه».

____ (1) كذا في الأصل، وفي المصادر: "سنان". (2) كذا في الأصل، والصواب حذف "عن".

باب: الشاة تأكل العذرة، ثم أدخلت فمها في الماء

باب: الشَّاة تَأكُل العَذِرَة، ثم أَدخَلَت فَمَها في الماء • قلت لإسحاق بن إبراهيم: شَاةٌ أَكَلَت عَذِرَة، ثم أَدخَلَت فَمَها في ماء، هل أتوضَّأ بِه؟ قال: «أَكَلَت الشَّاةُ بَعدَ ذلك شَيئًا؟» قلت: لا. قال: «إذا لم تَكُن أَكَلَت بَعد العَذِرَة شيئًا؛ فلا تتوضَّأ بِه». 120 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد، قال: وأخبرني ابن ثَوبان، عن أبيه، عن مَكحُول -وسَأَلَه عن الوضوء بِسُؤر الفَرَس والبرذَون والبَغل والبَعير والثَّور والشَّاة؟ -؛ فقال: «لا بأسَ بِه». 121 - قال الوَليد: وأخبرني ابن حَوشَب، أنه سمع مَكحُولًا يقول: «توضَّأ بِفَضل البَهَائم كُلِّها». باب: سُؤر الدَّجَاجَة • قلت لإسحاق: دَجاجَةٌ أَكَلَت عَذِرَة، فصَار أَثرُها على مِنقَارِها، ثم أَدخَلَت مِنقَارَها في سَطلٍ فيه ماء، هل أتوضَّأ به؟ قال: «إن كان في مِنقَارها شَيء؛ فلا». 122 - وحدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عَمرو الأوزاعي: «يَتوضَّأ من سُؤر الدَّجاج إن شاء، ولا يَتوضَّأ بِسُؤر القِرد؛ فإنه أَخبَث السُّؤر». باب: القِرد والخِنزير • سألت إسحاق عن سُؤر القِرد؛ أيتوضَّأ بِه؟ قال: «لا»، ثم قال: «سُؤر الخِنزير لا يَحِل، والقِرد مِثلُه أو شَرٌّ مِنه».

باب: سؤر الفأر

123 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، عن الأوزاعي، قال: «لا بأسَ بِأَكْل سُؤر القِرد من الفاكِهَة»، وكَرِهَ الوضوء بسُؤرِه، وقال: «هو أَخبَث السُّؤر». 124 - حدثنا أبو مَعن، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: ثنا هِشام، عن حَمَّاد، عن إبراهيم، أنه كان يَكرَه أن يتوضَّأ بِسُؤر السِّباع. 125 - وقال حَمَّاد: «إذا توضَّأ بسُؤرِهنّ؛ فإنه يُعيدُ الوضوء، ويُعيدُ الصَّلاة». باب: سُؤر الفَأر 126 - سألت إسحاق بن إبراهيم عن الوضوء بِسُؤر الفَأر؟ فقال: سُئل سُفيان عن الوضوء بِسُؤر الفَأر؟ فكَرِهَه. 127 - حدثنا أبو الأزهَر، قال: ثنا الفَزاري، قال: سُئل الأوزاعي عن الوضوء من سُؤر الفَأرَة؟ قال: «لا بأسَ بِه». • قلت لإسحاق: أَكْل الجُبن الذي قد بَال عَلَيه الفَأر؟ قال: «لا يُعجِبُني، إلا أن يُغسَل إذا أمكَنَ ذلك، أو يَطرَح مَوضِع بَولِه من الجُبن إذا كان قد لَطَّخَه، ثم يأكُل الباقي». 128 - حدثنا محمد بن آدم المصِّيصي، قال: ثنا سَيف بن محمد، عن سُفيان، عمَّن سمع سَعيد بن المسيَّب، قال: «النِّسيَان من أربَع: الحِجَامة في القَفَا، وأَكْل التُّفَّاح، وسُؤر الَفأر، والبَول في المُغتَسَل».

باب: سؤر الكلب والخنزير

باب: سُؤر الكَلب والخِنزير • سمعت إسحاق يقول: «أما سُؤر الكَلب والخِنزير؛ فلا يَتوضَّأ به المُتَوَضِّئ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اغسِل الإناء من الكَلب سَبعًا»، والخِنزير مِثلُه أو شَرٌّ منه، ولكن يَتيَمَّم ويُصَلِّي، ولا إعَادَةَ عَلَيه إذا وَجَدَ الماء». 129 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا شَريك، عن جابِر، قال: سألت عامِرًا عن رَجلٍ توضَّأ بِسُؤر الخِنزير؟ قال: «يُعيدُ الوضوء، ويُعيدُ الصَّلاة». • وسُئل أحمَد عن الكَلب يَلَغُ في الإناء؟ قال: «أبو الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هُرَيرَة: «يُغسَل سَبعَ مِرار، أولاهُنَّ بِالتُّراب»»، قال أحمد: «يُغسَل سَبعَ مِرارٍ بالماء، والثامِنَة بِالتُّراب»؛ ذَهَبَ إلى حديث عبد الله بن مُغَفَّل -رضي الله عنه-. 130 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا يَحيى بن سَعيد، عن شُعبَة، قال: أنا أبو التيَّاح، عن مُطرِّف، عن ابن مُغَفَّل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بِقَتل الكِلاب، ثم قال: «ما لَهم ولَها؟»، ورَخَّص في كَلب الصَّيد، وكَلب الغَنَم، و «إذا وَلَغَ الكَلب في الإناء؛ فاغسِله سَبعَ مِرار، والثامِنَة عَفِّره بِالتُّراب». 131 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني علي بن حَوشَب، عن مَكحُول، قال: «لا يتوضَّأ بِسُؤر الكَلب». 132 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو الأوزاعي ومالِك -[106]- ابن أنس: كَلبٌ مُعَلَّمٌ وَلَغَ في إناء، أيُغسَل مِنه سَبعَ مَرَّاتٍ كَما يُغسَل من غَير المعلَّم؟ قال (1): «نَعم».

____ (1) كذا في الأصل، وكتب في الحاشية: "لعله: قالا"، وهو الصواب.

133 - قال الوَليد: قلت لمالِك: أفَيُدخَل كَلبٌ مُعَلَّمٌ المساجِد؟ قال: «لا». قلت: وكذلك البُزَاة والصُّقور؛ لا يُدخَل بها المساجِد؟ قال: «لا». 134 - قال الوَليد: قلت لأبي عَمرو ومالِك: فَكَلبٌ يَلَغُ في إناءٍ؛ تَورٍ أو غَيرِه؟ فقالا: «لا تتوضَّأ بِه». قلت لهما: فإن لم أَجِد غَيرَه؟ قالا: «توضَّأ بِه». 135 - قال الوَليد: وأخبرني أبو عَمرو (1) عبد الرحمن بن نَمِر، عن الزُّهري، أنهما سَمِعاه يقول -في كَلبٍ وَلَغَ في وَضُوء رَجل-: «إنه يتوضَّأ بِه». 136 - قال الوَليد: فذكرت ذلك لأبي إسحاق الفَزاري، فقال: قد سمعت أبا عَمرو يقول: «يتوضَّأ بِه». 137 - قال الوَليد: قال أبو إسحاق: فذكرت ذلك لسُفيان الثوري، فقال: «كُلُّ ما في نَفسِك شَيء، لا تَجِد غَيره؛ فتوضَّأ بِه، ثم تَيَمَّم بَعده». 138 - قال الوَليد: قيل لأبي عمر (2): فتوضَّأَ بهذا الماء الذي قَد وَلَغَ فيه الكَلب، -[107]- وصَلَّى، وهو لا يَجِد غَيرَه، ثم وَجَد الماء، أيُعيدُ الوضوءَ والصَّلاة؟ قال: «لا، ولكن أَستَحِبُّ أن يتوضَّأ لِمَا يستَقبل من صَلاته».

____ (1) سقط هنا "و"، وهي ثابتة في المصادر، ولا بد منها. (2) كذا في الأصل، والصواب: "أبو عمرو"، وهو الأوزاعي.

باب: الكلب يلغ في سمن أو زيت

139 - قال الوَليد: «وأقول: يتوضَّأ بِه إذا لم يَجِد غَيرَه، ويَتَيمَّم بَعدَ الوضوء، ويُصَلِّي، فإن أدرَك الماء في الوَقت؛ أعاد الصَّلاة والوضوء في الوَقت، فإن مَضى الوَقت لم يُعِد». باب: الكَلب يَلَغُ في سَمنٍ أو زَيت • سألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: كَلبٌ وَلَغَ في سَمنٍ أو زَيت؟ قال: «إذا كان في آنيَةٍ كَبيرَة، مثل: حُبٍّ أو نَحو ذلك؛ رَجَوت ألَّا يكون بِه بأس؛ يُؤكَل، فإذا كان في آنيَةٍ صَغيرَة؛ فلا يُعجِبُني أن يُؤكَل». 140 - حدثنا مَحمود بن خالِد، ثنا الوَليد، قال: قال أبو عَمرو: «لا بأس بِأَكل سُؤر الهِرِّ من الطعام والإدام، ولا تَأكُل سُؤر الكَلب من الطعام الرَّطب؛ إلا ما غَسَلت اللحم، ولا تَشرَب سُؤره من اللبَن؛ إلا إذا كان اللبَن قَلِيلًا؛ القُسط والاثنَين إلى ما كان دون العَشرَة، فإن كَثُر؛ فلا بأس». قيل لأبي عَمرو: فكَلبٌ وَلَغَ في خَمسَة أقسَاط من لَبَن؟ فتَهَاون بِه (1). باب: سُؤر الهِرّ - سألت أحمَد بن حَنبل عن سُؤر الهِرّ؟ فقال: «لا بأسَ بِه».

____ (1) بيض الناسخ بعده بقية السطر، وضبب على البياض، وكتب أعلاه: "كذا".

باب: سؤر الحمار

141 - حدثنا عيسَى بن محمد، قال: ثنا محمد بن يوسُف، عن سُفيان، عن حارِثة بن أبي الرِّجال، عن عَمْرَة، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: «كنت أتوضَّأ أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناءٍ قد أَصَابَ مِنه الهِرُّ قَبلَ ذلك». باب: سُؤر الحِمار • سُئل أحمَد بن حَنبل عن رَجلٍ أَصَاب سُؤرَ حِمار، أيتوضَّأ أم يَتيَمَّم؟ قال: «يتوضَّأ ويَتيَمَّم». 142 - وحدثنا محمد بن يَحيى القُطَعي، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا يونُس، عن الحسَن، أنه كان لا يَرى بِسُؤر الحِمار بأسًا. • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إن لم يَجِد ماءً إلا سُؤر البَغل والحِمار أو سَائر الدَّوابِّ التي لا يُؤكَل لَحمُها أو ما كان من السِّباع؛ فإنه يتوضَّأ بِه، والوضوء من سُؤر البَغل والحِمار وسَائر الدَّوابِّ جائزٌ إذا كان من ضَرورَة، ولا يَتيَمَّم مَعَه؛ لأنه لم يَفعَله إلا لِحَال الضَّرورَة، والأمر المُختَلَف فيه أَحَبُّ إليَّ من التَّيمُّم. وأما من قال: يَتيَمَّم مَعَه؛ فإنه خَطَأٌ بيِّن؛ لأن سُؤر الحِمار والبَغل والسِّباع وإن كان نَجِسًا، فتوضَّأت بِه؛ زَادَتْ مَواضِعُ وضوئك نَجَاسَةً، وقد زَاد، التَّيَمُّم لا يُطَهِّر النَّجاسات؛ أن التَّيَمُّم طهارةٌ بَدل الماء، فإن كُنت توضَّأت ثم تَيمَّمت بسُؤر -[109]- الحِمار؛ فقد أَذهَبت تَيَمُّمَك بالماء والقَذَرَ عنك، فمن هاهُنا كَرِهنا أن يَجمَعَهُما. والذي نَختَار من ذلك: أن يتوضَّأ بِه».

باب: الوضوء بفضل وضوء المرأة

143 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن يونُس بن يَزيد، عن الزُّهري، أنه كان لا يَرى بأسًا بالوضوء من سُؤر الحِمار والكَلب إذا لم تَجِد غَير ذلك، واضطُرِرت إلَيه. باب: الوضوء بِفَضل وضوء المرأة • سُئل أحمَد عن الرجل يتوضَّأ بِفَضل وضوء المرأة؟ قال: «إذا خَلَتْ هي بالماء؛ لم يتوضَّأ الرجل بِفَضلِها، وإذا اغتَرفَا؛ فلا بأس». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «أما سُؤر الحائض؛ فقد رُخِّص فيه، وفَضل وضوئها مَنهِيٌّ عنه، فنَرجو أن يكون فَضل سُؤرها إذا توضَّأ به جَائزًا، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن فَضل وضوئها، ونَكرَه ذلك للتَّعَبُّد والاستِسلام». • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «لا بأسَ بِسُؤر الحائض والجُنُب أن يتوضَّأ بِه، ولا بأسَ بِسُؤر المشرِك أن يتوضَّأ بِه». باب: الرجل يَقُوم من النَّوم، فيَغمسُ يَدَه في الإناء • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول -في الرجل يَقُوم من النوم، فَيَغمس يَدَه في الإناء-؛ قال: «لا، إلا أن يَغسِلَها»، قبلُ (1) فإن كان نَوم النَّهار؟ قال: «لا، هذا في نَوم الليل؛ -[110]- لأن في الحديث: «فإنه لا يَدري أينَ باتَت يَدُه»، فهذا بالليل»، يعني بالبَيَات؛ لا يَكون إلا بالليل.

____ (1) كذا في الأصل مضبوطة، والصواب: "قِيل"، ويحتمل أنها: "يغسلها قبل. قيل:"، فانتقل نظر الناسخ.

باب: قطرة خمر تقع في الإناء

144 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل لأبي عَمرو: من بَات في سَرَاويل؟ قال: «لَيسَ عَلَيه غَسل يَده، وإن بَات في إِزَارٍ غَسَلَها». 145 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا رَوح بن عُبادَة، عن أشعَث، عن الحسَن، أنه كان لا يَرى من نَوم النَّهار أن يَغسِل يَدَه إذا استَيقَظ الرجل. 146 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا سُفيان، عن الزُّهري، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا قَام أَحَدكم من نَومه، فلا يَغمس يَدَه في الإناء حتى يَغسِلها ثَلاث مَرَّات؛ فإنه لا يَدري أين بَاتَت يَده». 147 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر، قال: سُئل الأوزاعي عن رجلٍ غَمَس يَدَه في الإناء وهو جُنُب، أيُعِيد غُسله، أم يُبَدِّله؟ قال: «لا يُعِيد غُسله، ولا يُبَدِّله». باب: قَطرَةُ خَمرٍ تَقَعُ في الإناء • سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: سَطل ماءٍ وَقَعَت فيه قَطرَةُ خَمرٍ أو بَولٍ أو دَم؟ قال: «كُلَّما كان الماء دون القُلَّتين فإنه عِندنا يُنَجِّسه».

باب: الخمر تنصب في الخل

148 - حدثنا عبد الله بن عبد الجَليل البَصري، قال: ثنا عبد الله بن نُجَي، عن محمد الكندي، قال: قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «لو أن حُبًّا من ماء السماء قَطَرَت فيه قَطرَةٌ من نَبِيذٍ فيه عَكَرٌ؛ لَحَرم ماءُ ذلك الحُبّ». 149 - حدثنا محمد بن بحر (1)، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا إبراهيم بن يَزيد، عن عبد الله بن عُبَيد بن عُمَير، قال: «لو وَقَعَت قَطرَةُ خَمرٍ في جَرَّةٍ مملوءةٍ ماءً؛ لَحَرم ذلك الماء على أَهله». • قلت لإسحاق: قِطعَة زفتٍ أُخرِجَت من زِقٍّ فيه خَمر تُحشَى به الشُّقاق؟ قال: «إذا كان الزّفتُ الغالبَ؛ فلا بأس». باب: الخَمر تَنصَبُّ في الخَلّ • قلت لإسحاق -مرةً أخرى-: قدحٌ من خمرٍ انصَبَّ في جَرَّةِ خَلّ؟ قال: «لا يَصطَبِغْ به من سَاعَته»؛ كأنه رأى أن يَترُكه حتى يَشتَدَّ الخَلّ، وذكر حديث عمر: «كلوا من الخمر ما بَدَأ اللهُ فَسَادَها». 150 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سمعت الأوزاعي يقول -في كأسِ خمرٍ أُلقِيَت في خَلّ-؛ فقال: «لا يُؤكَل مكانه، ولكن يُترَك بقدرِ ما يرى أنه كان مُتَغَيِّرًا لو لم يُجعَل فيه؛ ثم يُؤكَل، فإنما هو بِمَنزِلَة الخمر إذا جعل في المُريّ».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "يحيى"، وقد روى حرب في غير موضع عن محمد بن يحيى، عن عبد الأعلى، انظر: (36)، (142)، (333)، (382)، (902) , (1009) , (1241).

باب: البزاق يقع في الإناء

151 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عَمرو الأوزاعي -في قَطرَةِ خمرٍ وَقَعَت في زَيتٍ أو ماءٍ كَثير-: «لم تُحرِّمه». وقال أبو عَمرو -في قَطرَة خمرٍ وَقَعَت في زَيتٍ كثير، أو خَلّ-: «لم تُحرِّمه، وإن وَقَعَت في عَجين؛ لم تُحرِّمه؛ أَكَلَته النار». 152 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر، قال: سمعت الأوزاعي يقول -في خمرٍ أُلقِيَ في قِدر-؛ قال: «يُهريقون المَرَق، ويُغسَل اللحم، وكذلك الفَرخ إذا وَقَع في القِدر فَمَات». باب: البُزَاق يَقَعُ في الإناء • سُئل أحمَد عن الرجل يَتَمَضمَض، فيُدخِل يَدَه في فِيه، ثم يُدخِلهما (1) في الإناء؟ قال: «لا بأس به»، وقال: «البُزاق نَظِيف»، وقال -في البُزاق يَسقُط في الإناء-: «لا بأس به، والنُّخاعَة أَسهَل». 153 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سُئل الأوزاعي عن البُصاق يَقَعُ في وضوء الرجل أو غسله، أو المُخاط؟ فقال: «إن كان مُجتَمِعًا ألقاه، وإن اختَلَط بالماء فلا بأس به؛ فإنه ليس بِنَجِس». 154 - قال: وسُئل الأوزاعي عن رجلٍ استَاك حتى دَمِيَ فُوه، ثم أَدخَل سِوَاكَه في وضوئه؟ قال: «إن غَيَّر شيئًا من الماء أهرَاقَه، وإلا فلا»، وكَرِه للرجل أن يُدخِل سِوَاكَه في وضوئه.

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والصواب: "يُدخِلها".

باب: الوضوء بماء الملح

باب: الوُضوءِ بماءِ المِلح • قلت لإسحاق: ملَّاحَةٌ عندنا فيها مِلح، ورُبَّما ذَهَب الناس يُحَوِّلون الملح، فتَحضُر الصَّلاة، وليس لهم ماء، وفي الملَّاحَة ماءٌ مُستَنقَعٌ مالِح، هل يجوز الوضوء به، أو يَتيَمَّم؟ قال: «هذا ليس ماء، يَتيَمَّم، ولا يتوضَّأ به». 155 - حدثنا أبو مَعن الرَّقاشي، قال: ثنا أبو قتيبة، قال: سألت مالك بن أنس عن البئرين تَكُونان مُتَقَارِبين بين الوضوء وبين الغائط؟ قال: «لا بأسَ بالوضوء منها، ما لم يَغلِب اللونُ أو الطَّعمُ أو الرِّيح». باب: الوضوءِ بماءِ المُسَخَّن • سُئل إسحاق عن الوضوء بماء المسَخَّن؟ فقال: «كان مُجاهد يَكرَه الوضوء بماءِ المسَخَّن»، وذكر عن يَحيى بن يَعُمَر أنه أُتِيَ بماءٍ سخن يتوضَّأ به، فمَزَجَه، ثم توضَّأ به، وكأنَّ أبا يَعقوب اختار المَزج. 156 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا [عبد العَزيز] بن محمد، عن زَيد بن أسلم، عن أبيه، أن عُمَر -رضي الله عنه- كان يتوضَّأ بالحَمِيم، ويَغتَسِل به. 157 - حدثنا يَحيى بن عُثمان، قال: ثنا ابن حِمير، عن وَهب، عن هِشام بن عروة، -[114]- عن أبيه، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: أَسخَنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماءً في الشَّمس، فقال: «لا تَعودي يا حُمَيراء؛ فإنه يُورِث البَياض».

باب: البول في الماء الجاري

158 - حدثنا عيسَى بن سُلَيمان، قال: ثنا عبد القدوس، عن صفوان، عن حَسَّان بن أزهر السكسكي، أن عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: «لا تَغتسِلوا بالماء المُشَمَّس؛ فإنه يُسرع إلى البَرَص». باب: البَول في الماء الجاري • سألت إسحاق عن البَول في الماء الجاري؟ قال: «لا يأثم، وإن تَرَكَه فهو أَحَبُّ إليَّ». باب: ما يَقُول إذا دَخَل الخَلاء • قلت لأبي عبد الله أحمد: يَتَعَوَّذ الرجل قبل أن يَدخُل الخلاء؟ قال: «نعم». قلت: يقول: «اللهم إني أَعُوذ بك من الخُبث والخَبائث»؟ قال: «يُروى ذلك عن أنس وزيد بن أرقم»، وكأنه أَعجَبَه. 159 - حدثنا هَنَّاد بن السَّرِي، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن إسماعيل بن مُسلِم، عن الحسَن، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء قال: «بسم الله، اللهم إني أَعُوذ بك من الرِّجس النَّجِس، الخَبيث المُخبث، الشَّيطان الرَّجيم».

باب: من عطس على الخلاء

باب: مَن عَطَسَ على الخلاء • قلت لأحمد: فإن كان على الخلاء، فَعَطَس؟ قال: «يَحمَد اللهَ في نَفسه». 160 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا حصين، عن الشعبي -في الرجل يَعطس على الخلاء-؛ قال: «يَحمَد الله في نفسه». 161 - حدثنا سَعيد، قال: ثنا هُشَيم وإسماعيل بن إبراهيم، قالا: أبنا ابن عون، عن ابن سيرين -في الرجل يَعطس على الخلاء-؛ قال: «لا أَعلم بأسًا أن يَذكُر اللهَ في نَفسِه». باب: الاستِنجاء • سُئل أحمَد عن الاستِنجاء بثلاثة أحجار؟ قال: «أما أنا فأُتْبع الحجارةَ الماء، ويُجزئ الاستِنجاء بثلاثة أحجار إذا نظف عن الماء». قال: «ولم يَصِحَّ في الاستِنجاء بالماء عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثٌ». قيل: حديث عائشَة؟ قال: «هو حديث مُعاذة، عن عائشَة. ولا يَصِح؛ لأن غيرَ قَتادَة لم يَرفَعه». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «ثلاثة أحجارٍ إذا استَنجَيت بها تكفيك وتُجزِئك من الماء، وأن تَستَنجي بالماء بعد الأحجار أَحَبُّ إليَّ إذا رأيت أن التَّمَسُّح بالأحجَار لم يُجزِئك. ولا تَستَنجي بيمينك، ولا تَستَقبل القبلة، ولا تَستَدبِرها بغائطٍ ولا بول».

162 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا أبو عَوانَة، عن قَتادَة، عن مُعاذة، عن عائشَة، قالت: «مُرُوا أَزواجَكُنَّ فَليَغسِلوا أَثَر الغائط؛ فإني أَستَحيِيهم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَفعله». 163 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، ثنا حَمَّاد بن زَيد، عن يَزيد الرِّشْك، عن مُعاذة العَدَويَّة، عن عائشَة -رضي الله عنها- قالت: «مُرُوا أَزواجَكُنَّ أن يَغسِلوا أَثَر الغائط والبَول، فإني أستَحيي أن آمُرَهم بذلك». 164 - حدثنا محمد بن جامع، قال: ثنا أبو مِحصَن، قال: ثنا سُفيان بن حسين، عن الحكم، عن إبراهيم، عن عَلقَمَة، عن عبد الله، قال: قال رجلٌ من المشركين لعبد الله بن مسعود: إني أحسِبُ صَاحِبَكم قد عَلَّمَكم كلَّ شيء، حتى عَلَّمَكم كيف تَأتون الخلاء؟! قال: «وإن كنت لَتهزَأ، لقد عَلَّمَنا صلى الله عليه وسلم ألَّا نَستَقبِل القِبلَة ولا نَستَدبِرها، ولا نَستَنجي بأيماننا، ولا نَستَنجي بدون ثلاثة أحجار، ولا نَستَنجي بِعَظمٍ ولا رَجيع». 165 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا عبد الرزَّاق، قال: أبنا مَعمَر، عن سِمَاك بن الفضل، عن أبي رِشدين الجندي، أن سُراقَة بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتى أَحَدُكم الغائط فليُكرِم قِبلَة الله، ولا يَستَقبل القِبلَة، واتَّقوا -[117]- مَجَالس اللعن: الظِّل، والماء، وقَارِعَة الطريق، واستخمروا (1) الرِّيح، واستَشِبُّوا على سُوقِكم، وأَعِدُّوا النُّبَل -يعني: الحجارة-».

____ (1) كذا، والصواب - كما في المصادر -: "واستمخروا".

باب: كيف الاستنجاء بالأحجار

باب: كَيف الاستِنجاء بالأحجار • سُئل أبو عبد الله: كيف الاستِنجاء بالأحجار؟ قال: «ثلاثة أحجار». قيل: فإن كان حَجَرٌ له ثلاثة أطراف؟ قال: «إذا كان كبيرًا». • وسمعت إسحاق يقول: «لا تَستَنجِ بِعَظمٍ ولا رَجيع -يعني: العَذِرَة-، ونَكرَه أن يَستَنجِي بما قد استُنجِي به مَرَّةً، إلا أن يكون الحَجَر عَظيمًا له حُرُوف، فإن استَنجَى بالحرف الذي لم يُستنجَى (1) به؛ أَجزَأه، وإن حَكَّ الحَجَر حتى ذَهَب عنه القَذَر أجزأه -أيضًا-». 166 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا وَكيع، عن سِنَان البرجمي، عن الحسَن، 167 - وحَفص بن غياث، عن مسعر، عن عبد الملِك، قال (2): «لا بأس به إذا قَلَبَه أو حَكَّه».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "يُستنجَ". (2) كذا في الأصل، والوجه: "قالا".

168 - حدثنا هدبة بن خالِد، قال: ثنا حَمَّاد بن الجعد، قال: ثنا قَتادَة، قال: ثنا خَلَّاد الجُهَني، عن أبيه السَّائب، أن نبي الله -صَلَّى الله عليه وسلم- قال: «إذا دَخَل أَحَدُكم الخلاء، فَليَتَمسَّح بثلاثة أحجار». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «لا يُعجِبنا أن يَزيد على الاستِنجاء على سَبع مَرَّات؛ لأن أكثر ما بَلَغَنا عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه أَمَرَ بِغَسل النَّجاسات سَبعًا، وأَقَلُّ من ذلك يُجزِئ بَعدَ أن يَأتي على الإنقاء». قال: «وإن تَمَسَّح بثلاثة أحجار غير رَجيعاتٍ أَجزَأ ذلك؛ سُنةً مَسنونَة، لا اختِلاف بين أهل العِلم في ذلك، إلا أن يَثلط ثَلطًا يَزيد النَّجَاسات على مَوضِع المقعَدَة، فَحِينَئذٍ يَلزَمه الغَسل، ولو كان في مَوضِع مقعَدَته بَوَاصيرٌ وما أشبهها يَسِيلُ منها المِدَّة؛ لم يُجزِهِ التَّمَسُّح بالأحجار حِينَئذٍ؛ لأنه اختَلَط بما لم يُؤمَر بِمَسحه بالحجارة». 169 - قال إسحاق: وأخبرنا عَبدَة بن سُلَيمان، عن هِشام بن عروة، عن عَمرو بن خزيمة، عن عمارة بن خزيمة، عن خزيمة بن ثابت الأنصاري -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -في الاستِطابَة-: «بثلاثة أحجار ليس فِيهنَّ رَجيع».

باب: من نسي الاستنجاء

170 - حدثنا أيُّوب بن محمد الرقي، قال: ثنا عُمَر بن أيوب، قال: أبنا مُسْمِع بن عربي، عن يَحيى بن أبي كثير، قال: «إذا أصابَ الحَجَرَ الذي استنجى به ماءٌ أو مَطَر؛ فلا بأس أن يَستَنجي به». باب: من نَسِي الاستِنجاء • قيل لأحمد: رجلٌ توضَّأ ونَسِي الاستِنجاء وصَلَّى؟ قال: «يُعِيد الصَّلاة». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى، في الرجل يَمتَسِح بالأحجار ولا يَستَنجي بالماء-؛ «أجزَت صلاته». • وسمعت إسحاق سُئل عن رجلٍ تَرَك الاستِنجاء بالماء وصَلَّى؟ قال: «يجوز إذا مَسَح بالأحجار». 171 - حدثنا عَبَّاس، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سُئل الأوزاعي عن رجلٍ دَخَل الخلاء ولم يَستنجِ، فَذَكَر بعدما صَلَّى؟ قال: «يَأخُذ خِرقَةً، فيَمسَح بها، فإن خَرَج فيها شيء؛ توضَّأ وأَعَاد الصَّلاة، وإن لم يَخرُج فيها شيء؛ مَضَت صلاته». باب: التَّسمِية في الوضوء • قيل لأحمد: الرجل يتوضَّأ فيَنسَى التَّسمِية؟ قال: «يَتَعاهَد ذلك، فإن نَسِي؛ أرجو أن يُجزِئه وضوؤه».

• وسمعت إسحاق يقول: «إذا توضَّأت فقل: «بِسم الله»، وإن تَرَك التَّسمِية ناسيًا أو مُتَأوِّلًا أَجزَأه -إن شاء الله-، وإن تَرَكَها مُتعَمِّدًا، أو نَسِي ذلك في كل طهوره، ثم ذَكَر بين ظَهرَانَي وضوئه؛ أَعَاد الوضوء، حتى يَستَكمِل فَضل الطهور». 172 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عَبدَة بن سُلَيمان، قال: ثنا حارِثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ فَوَضَع يَدَه في الإناء سَمَّى الله، ويتوضَّأ فَيُسبغ الوضوء. 173 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا جَرير، عن ليث، عن مَكحُول، قال: «من توضَّأ ولم يَذكر اسمَ الله؛ فإنما طَهَّر مواضع الوضوء، ومن توضَّأ وذَكَر اسم الله؛ فكأنما اغتَسَل». • وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: «مَضَت السنة من النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا وَضَع يَدَه في الوضوء قال: «بسم الله»». قال أبو يَعقوب: «فإذا توضَّأت فقل: «بسم الله» حين تَبتَدِئ في وضوئك، وإن كُنت تَستَنجي بالماء؛ فإذا ابتَدَأت سَمَّيت الله»، قال: «وأعجَب إليَّ أن يَفعَل ذلك حين يَبدَأ بِغَسل الكَفَّين».

باب: كيف الوضوء

باب: كَيف الوضوء • قلت لأحمد: يَغسِل اليَدَين ثلاثًا قَبل الوضوء؛ أَوَاجبٌ هو؟ قال: «هو من سُنَن الوضوء». قلت: فإن كانت يَدَاه نَظِيفَتَين، فلَم يَغسِلهما؟ فَسَهَّل فيه. • وسمعت إسحاق يقول: «إذا توضَّأت فاغسِل يَدَيك قَبل أن تُدخِلَهُما الإناء، وإن كانت يَدَاك نَظِيفَتَين؛ فلا بأس أن تُدخِلَهُما الإناء قبل أن تَغسِلَهُما، ثم اغسِل كَفَّيك ثلاثًا، وتَمَضمَض ثلاثًا، واستَنشِق ثلاثًا، ولا بأس بأن تمَضمضَ وتَستَنشِق جميعًا إذا فَضلَ في كَفِّك من الماء؛ فاستَنشِق به، واغسِل وَجهَك ثلاثًا، واغسِل يَدَيك إلى المِرفَقَين ثلاثًا، وامسَح بِرَأسِك وأُذُنَيك ظَاهِرَهما وبَاطِنَهما مَرَّةً واحدة، ثم اغسِل رِجلَيك ثلاثًا إلى الكَعبين، ويُجزئك مَرَّةً أو مَرَّتَين إذا أسبَغت في الوضوء، والثَّلاثُ الذي لَيس بَعدَه». قال: «وإن كان بَعض وضوئه ثلاثًا، وبعضه مَرَّةً أو مَرَّتَين؛ جَازَ ذلك؛ لحديث عبد الله بن زَيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه فَعَل ذلك». 174 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا عَمرو بن يَحيى، عن أبيه، عن عبد الله بن زَيد، قال: توضَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَغَسَل وَجهَه ثلاثًا، ويَدَيه مَرَّتَين. باب: المضمضة والاستنشاق • سألت أحمَد بن حَنبَل عن المَضمَضَة والاستِنشَاق؛ من كَفٍّ واحد؟ قال: «نعم». -[122]- قيل: أيُجزئه ألَّا يُدخِل إصبعيه في فِيه؟ قال: «نعم».

باب: من نسي المضمضة والاستنشاق

• وقال إسحاق: «لا بأس أن يُمَضمِض ويَستَنشِق من كَفٍّ واحد». 175 - حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام، قال: ثنا إسحاق بن عيسَى، قال: حدثني القاسِم بن عبد الله بن عُمَر، عن عيسَى بن حَفص، عن أبيه، أنه سمع أبا هُرَيرَة -رضي الله عنه- -وسمع رجلًا يقول: لم أَستَكْ مُنذ ثلاثة أيام-، فقال له أبو هُرَيرَة: «لو أَمرَرت إصبعك على أَسنَانك في وضوئك؛ كان بِمَنزِلَة السِّواك». 176 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا مُعتَمِر، عن القاسِم بن مطيَّب، قال: «إذا لم يَجِد الرجل السِّواك؛ قال بِإصبعه في فِيه». • سألت أحمَد، قلت: الاستِنثَار باليمين أو بالشمال؟ قال: «بالشمال». باب: من نَسِي المَضمَضَة والاستِنشاق • سألت أحمَد، قلت: رجلٌ نَسِي المَضمَضَة والاستِنشاق وصَلَّى؟ قال: «يُعِيد الصَّلاة». قلت: ويُعِيد الوضوء؟ قال: «لا، ولكنه يُمَضمِض ويَستَنشِق ويُعِيد». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول -في الرجل يَنسَى المَضمَضَة والاستِنشاق-؛ قال: «يُعيد الصَّلاة، ويُجزئه أن يُمَضمِض ويَستَنشِق ولا يُعيد الوضوء، وكذلك في الجَنابَة».

• وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجلٌ نَسِي المَضمَضَة والاستِنشاق، ومَسَح على خُفَّيه؟ قال: «يُعِيد الصَّلاة». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إن نَسِيت المَضمَضَة والاستِنشاق في الوضوء وقد صَلَّيت؛ لم يُجزِك حتى تُعِيد، وإن نَسِيت المَضمَضَة والاستِنشاق في الجَنابَة؛ فمَضمِض واستَنشِق، وأَعِد الصَّلاة». • وسمعت إسحاق يقول: «هما في الوضوء والجَنابَة سَواء». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «المَضمَضَة والاستِنشاق فَرضٌ في الوضوء، لا يَجوز لأَحَدٍ من المُتَوَضِّئين والمُغتَسِلين أن يَترُك ذلك على حالٍ من الحال، وفيما سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم -حيث غَسَل وَجهَه ثلاثًا في الوضوء، ومَضمَض واستَنشَق ثلاثًا- بَيانُ مَا وصَفنا، مع أن ابن المبارَك قال: «يُعِيد الصَّلاة إذا تَرَكَهما في الوضوء»: 177 - أخبرنا بذلك: أَصحابنا؛ سُفيان بن عبد الملِك وغَيرُه، عن ابن المبارَك». 178 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا عبد الرحمن، ثنا سُفيان، عن حَمَّاد -في رجلٍ نَسِي المَضمَضَة والاستِنشاق-؛ قال: «يُعِيد الصَّلاة». 179 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي، عن الزُّهري، قال: «إذا نَسِي المَضمَضَة والاستِنشاق مَضَت صلاته، إنما الإعادَة ممَّا سَمَّى الله في كِتابه».

باب: مسح الرأس

باب: مَسح الرَّأس • رأيت أحمَد يَصِفُ مَسح الرأس؛ وأَخَذَ بِيَدَيه من مُقَدَّم رَأسه عِند الجَبهَة، إلى أَسفَل رَأسه عِند العُنُق، ثم أَقبَل بِيَدَيه من ذلك المَكَان إلى مُقَدَّم الرأس، ثم قال: «علي، وعبد الله بن زيد: «أَدبَرَ بِيَدَيه، ثم أَقبَل بِهِما». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن المسح على الرأس؟ قال: «واحدةً بِيَدَيه». 180 - حدثنا نصر بن علي، ثنا صفوان بن عيسَى، عن محمد بن عبد الله بن أبي مريم، قال: دَخَلت على زَيد بن دَارَة- مولى عُثمان-، فقال: يا محمد. قلت: لبيك. قال: ألَا أحَدِّثك عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى. قال: رأيت عُثمان بن عفان -رضي الله عنه- دَعَا بوَضوء، فمَضمَض ثلاثًا، واستَنشَق ثلاثًا، وغَسَل وَجهَه وذِرَاعَيه ثلاثًا، ومَسَح بِرَأسه ثلاثًا، وغَسَل رِجلَيه ثلاثًا، ثم قال: «من أَحَبَّ أن يَنظُر إلى وُضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فَليَنظُر إلى وُضوئي هذا». باب: مَسح الرَّأس بِيَدٍ واحِدَة • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الرجل يَمسَح رَأسَه بِيَدٍ واحدَة؟ قال: «إذا أتى على الرأس كُلِّه أَجزَأه». 181 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا زهير بن محمد، عن شَريك بن أبي نَمِر، أنه سمع أبا سَلَمَة بن عبد الرحمن يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَغسِل وَجهَه بِيَمينِه؛ بيدٍ واحدة.

باب: مسح بعض الرأس

باب: مَسح بَعض الرَّأس • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى-، قيل: رجلٌ مَسَحَ مُقَدَّم رأسه؟ قال: «أَحَبُّ إليَّ أن يَمسَح الرأسَ كُلَّه». 182 - حدثنا أبو هِشام محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن محمد بن عجلان، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوّذ، قالت: سَكَبتُ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماءً، فتوضَّأ، ثم أَخَذَ بإحدى يَدَيه، فَصَبَّه على الأخرى، ثم أَرسَلَهُما، فَمَسَحَ بِيَدَيه على مُقَدَّم رَأسه ومُؤَخَّره، وصُدغَيه، وأُذنَيه ظَاهِرَهما وبَاطِنَهما. باب: كَيف تَمسَح المَرأة على رَأسِها؟ • وسُئل أحمد: كيف تَمسَح المرأة بِرَأسها؟ قال: «مِن تَحت الخِمار، ولا تَمسَح على الخِمار». قيل له: فَتَمسَح الرأس كُلَّه؟ قال: «قد قال بَعضهم: تَمسَح مُقَدَّم رَأسها، واختَلَفوا فيه»، فكأنه رَخَّص فيه. o ومَذهَبُه: أن تَمسَح الرأس. 183 - حدثنا محمد بن مُعاويَة، قال: ثنا شَريك، عن عبد الأعلى، عن عبد الرحمن -[126]- ابن أبي ليلى، قال: «تَمسَح المرأة مُقَدَّم رَأسِها».

باب: من نسي مسح الرأس

184 - وحدثنا محمد بن مُعاويَة، قال: ثنا شَريك، عن [عبد الكريم] (1)، عن سَعيد بن المسيَّب، قال: «عَلى المرأة من المسح مِثلُ مَا عَلى الرَّجل». باب: مَنْ نَسِي مَسح الرَّأس • سألت أحمَد، قلت: رجلٌ توضَّأ، ونَسِي مَسح رَأسِه؟ قال: «إن كان الوضوء جَفَّ؛ أَعَاد الوضوء». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «مَنْ نَسِي مَسح رَأسِه حتى جَفَّ وضوؤه؛ فإنه يُعِيد الوضوء». قيل: فإن كان في الصَّلاة، وكان في لِحيَته بَلَل، أيَمسَح؟ قال: «لا». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- سُئل عن رجلٍ نَسِي مَسح رَأسِه؟ قال: «إن كان بالقُرب؛ مَسَح بِرَأسِه، وأَعَاد غَسل قدميه» -يَذهَب إلى الكِتاب- «وإن كان وضوؤه جَفّ؛ أَعَاد الوضوء». • قيل لأحمد: فَرَجلٌ نَسِي المَسح على الخُفَّين؟ قال: «إن كان بالقُرب؛ مَسَح، وإن كان وضوؤه جَفّ؛ أَعَادَه». • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجلٌ توضَّأ، ونَسِي مَسح رَأسِه، فأصابه مَطَر؟ -[127]- قال: «لا يُجزِئه، إلا أن يُصِيبَه مَطَرٌ فيَمسَحه بِيَدَيه، ويَتعَمَّد لذلك».

____ (1) اضطرب الناسخ في كتابتها، فكتب: "عبد الأعلاريم"، ولعل هذا انتقال نظر من الإسناد السابق، والصواب كما أثبت.

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا نَسيت أن تَمسَح رَأسَك، فكان في يَدك بَلَلٌ أو في لِحيَتك؛ أَجزَأك أن تَمسَح ممَّا في يَدك أو لِحيَتك. وأن تَأخُذ ماءً جَديدًا أَحَبُّ إليَّ؛ لِمَا ذُكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أَخَذ لِرَأسه ماءً جَديدًا، ولم يَصِحَّ عنه أنه مَسَح رَأسَه بما فَضل في يَدَيه، ولم يصحَّ عنه في النِّسيان أنه لا يجوز حتى يَأخُذ ماءً جَديدًا، ورآه بعض أهل العلم بَعدَه، فهو جائز». 185 - قال إسحاق: وأخبرني عبد الله بن وهب، قال: أبنا عَمرو بن الحارِث، عن حَبَّان بن واسع، عن عبد الله بن زَيد بن عاصم، أنه رأى رسول الله -صَلَّى الله عليه وسلم- توضَّأ، وأنه مَسَح رَأسَه بماءٍ غيرِ فَضل وضوئه. 186 - حدثنا محمد بن يَحيى النيسابوري، قال: ثنا عبد الله بن نافع -قِراءَةً-، عن مالك بن أنس .................... (1)، فَسَهَا عن المَسح على الخُفَّين حتى جَفَّ وضوؤه، وصَلَّى؟ فقال: «لِيَمسَح على خُفَّيه، ثم ليُعِد الصَّلاة، ولا يُعِيد الوضوء إذا كان أَدخَلَهما وهما طاهِرتان». o ........................... (2) نَسِي المَسح على الخُفَّين؟ قال: «إن كان الوضوء قد جَفّ؛ -[128]- أَعَاد الوضوء، وإن لم يَجِفّ؛ أَجزَأه المَسح على الخُفَّين».

____ (1) بيض الناسخ مقدار خمس كلمات، وتمامه: "أنه سئل عن رجل توضأ وعليه خفاه"، انظر: الموطأ (74 رواية يحيى، 92 رواية أبي مصعب). (2) بيض الناسخ مقدار أربع كلمات، ولعل تمامه: "وسئل إسحاق -أو: أحمد- عن رجل".

باب: مسح الأذنين

187 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، قال: قال سُفيان: «يُجزِئك من رَأسك ولو شَعرة، فإن أَصَابك المَطَر أَجزَأك -وإن لم تَمسَّه بِيَدك-، وإن أَصَاب شَعرَك فا ........ (1) به وَجهك أَجزَأك، وإن أَصاب شَعرةً واحدةً أَجزَأه». باب: مَسح الأُذُنَين • سُئل أحمَد -رحمه الله- عن مَسح الأذُن؟ قال: «أنا أَستَحِبُّ أن يَأخُذ لأُذُنه ماءً جديدًا، وذُكِر عن ابن عُمَر أنه كان يَفعَله». 188 - حدثنا هناد، قال: ثنا وَكيع، عن العمري، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان إذا توضَّأ أَدخَل إصبعَيه السَّبَّابَتَين في أذنيه، ومَسَح بِإبهامَيه وَرَاء أذنَيه. 189 - حدثنا عيسَى بن محمد، قال: ثنا أبو قتيبة، عن مالك بن أنس، عن نافع: كان ابن عُمَر يَأخُذ الماء بإصبعَيه لأذنَيه. • قلت لأحمد: فَنَسِي أن يَمسَح أذنَيه؟ فكأنه ذَهَب -أيضًا- إلى الإعَادَة، وقال: «إن الأذنَين من الرأس». • وسمعت إسحاق يقول: «إن مَسَحت رَأسَك ولم تَمسَح أذنَيك عَمدًا؛ لم يُجزِك، وإن مَسَحت أذنَيك ولم تَمسَح رَأسَك؛ لم يُجزِك حتى تَمسَح رَأسَك، ولا يَجوز تَرك -[129]- مَسح الأذُن عَمدًا على أيِّ حالٍ كان، وإن كان نَسِي أو سَهَا عن مَوضِع الأذُن؛ رَجَونا أن يكون جَائزًا، فأما أن يَترُكها عَمدًا؛ فَعَلَيه الإعَادَة؛ لأن أمر المُسلِمين في وضوئهم على مسح الأذنين، من ادن (2) النبي -عليه السلام- إلى يَومِنا هذا؛ لا يَختَلِف فيه أَحَدٌ من أهل العلم؛ أن يُمسَحَا، فإذا ثَبَتَت السنة بِمَسحِهِما؛ لم يَجُز لنا تَركُهُما عَمدًا، إلا أن يُعِيد، فأما النَّاسِي؛ فهو جائز».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمة واحدة. (2) كذا في الأصل، والصواب: "لدن".

• قلت لأحمَد -مرةً أخرى-: فالأذنان من الرأس؟ قال: «نعم». قلت: فيه شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: «لا أَعلَم». قلت: يُروَى عن أبي أمامة؟ قال: «نعم، رَوَاه حَمَّاد بن زيد». قلت: وسُلَيمان بن موسَى؛ مرسلٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: «نعم». • وسمعت إسحاق يقول: «الذي نَختَار له إذا غَسَل وَجهَه؛ غَسَل بَاطِن أذنَيه مع وَجهِه؛ لِمَا وَصَف عليُّ بن أبي طالب وضوءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك، وكذلك كان ابن عُمَر يفعل، حتى إن إبراهيم قال: «أما أنا فأَغسِل مُقَدَّمَهُما مع وَجهي، وأَمسَح مُؤَخَّرَهُما مع رَأسي، فإن كانَتَا من الوَجه؛ أَكون قَد غَسَلتهما، وإن كانَتَا من الرأس؛ أَكون قَد مَسَحتهما»». 190 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا يَحيى بن واضِح، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن طَلحَة بن يَزيد بن ركانة، عن عُبَيدالله الخولاني، عن ابن عَبَّاس، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ في قِصَّة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَذَكَر غَسل بَاطِن -[130]- الأذُن مع الوَجه، ومَسَح ظَاهِرَه (1) مع الرأس.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "ظاهرها".

باب: تخليل اللحية

191 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا سُفيان، عن ابن جُرَيج، عن سُلَيمان بن موسَى، [عن عَطاء] (1)، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأذنان من الرأس». باب: تَخليلِ اللحيَة • قلت لأحمد: رجلٌ نَسِي أن يُخَلِّل لِحيَته؟ قال: «أرجو ألَّا يكون عَلَيه شيء؛ فإنه لم يَصِحَّ في هذا حديثٌ، يُروَى فيه غَيرُ شيء». قال: «وأَصَحُّهما (2): [عن] (3) حَديث عُثمان، وَهُم قَد قالوا فيه: إنه عن حُمران، ويَضطَرِبُون فيه». قلت: فَحَديث عَمَّار؟ قال: «وَذَاك -أيضًا-». وسَهَّل في التَّخليل.

____ (1) كذا في الأصل، والحديث مشهور من رواية سليمان بن موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، دون ذكر عطاء -وسبق هذا في كلام حرب وموافقة أحمد عليه (ص 129) -، وقد علق الدارقطني -في العلل (13/ 321) - رواية سفيان، فلم يذكر "عطاء" فيها، فلعل الصواب حذفه من الإسناد. (2) كذا في الأصل، والوجه: "وأصَحُّها". (3) كذا في الأصل، ولعل الصواب حذف "عن".

باب: إذا لم يبلغ الماء أصول شعر شاربيه

• وسُئل إسحاق عن تَخليل اللحيَة؟ فقال: «سُنَّة». 192 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا سُفيان، عن عبد الكريم، عن حَسَّان بن بلال المزني، قال: رأيت عَمَّار بن ياسر توضَّأ، فَخَلَّل لِحيَتَه، فَقِيل لَه في ذلك، فقال: «رأيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَفعَله». 193 - حدثنا أبو عبيدة شَاذُّ بن فَيَّاض، قال: ثنا هاشِم بن سَعيد، عن محمد بن زياد، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ خَلَّل لِحيَتَه بأَصابع كَفَّيه، ويقول: «بهذا أَمَرَني ربِّي». 194 - حدثنا شَاذُّ بن فَيَّاض، قال: ثنا عُمَر بن أبي وهب، عن موسَى النَّجدي، عن طَلحَة بن عُبَيدالله الخزاعي، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ خَلَّل لِحيَتَه. باب: إذا لم يَبلُغ الماء أُصُول شَعر شَارِبَيه • قلت لأحمد: رجلٌ على شَارِبَيه غَالِيَةٌ كثيرة، فإن توضَّأ لم يَبلُغ الماء أُصول الشَّعر؟ قال: «ليس في هذا حَديث». قلت: إن أَمَرَّ عليه الماء، أَتَرجو أن يُجزِئه؟ فَسَهَّل فيه.

باب: من نسي أن يحرك خاتمه في الوضوء

195 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عَمرو: «يتوضَّأ، ويَمسَح الضِّمَاد على الصُّدغَين». 196 - قال الوَليد: «وأقول: لا يَنبَغي أن يَضَع الضِّمَاد إلا عَلى طُهرٍ ووضوء، فإن لم يَفعَل؛ نَزَعَهما، فإن لم يفعل؛ توضَّأ، ويَتيَمَّم بعد الوضوء». باب: مَن نَسِي أن يُحَرِّك خَاتمَه في الوضوء • قلت لإسحاق: فَنَسِي أن يُحرِّك خاتمه؟ فَسَهَّل فيه إذا عَلِم أن الماء قَد وَصل. • وسُئل إسحاق عن تَحريك خَاتمه في الوضوء؟ قال: «شَديدًا». 197 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سألت الأوزاعي عن الرجل يَكون عَلَيه الخاتم الضَّيِّق، فيَنسَى أن يُحرِّكه حتى يُصَلِّي، ثم يَذكُر في الوقت، أو بعدما خرج؟ قال: «أُحِبُّ ألَّا يَدَع تَحرِيكَه، فإن نَسِي مَضَت صلاته». 198 - حدثنا محمد بن جامع، قال: ثنا يَزيد بن زُرَيع، قال: ثنا المعلى بن جابِر، عن الأزرق بن قيس، قال: رأيت ابن عُمَر إذا توضَّأ حَرَّك خَاتمَه. باب: تَخلِيل الأصَابِع • قلت لأحمد: فَرَجلٌ أَدخَل رِجلَيه الماء، ولم يُخَلِّل أصابِعه، أيُجزئه الوضوء؟ فقال: -[133]- «أَعجَبُ إليَّ أن يُخَلِّل أصابِعه». قلت: فلم يفعل؟ قال: «إذا وَصل الماء».

• سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «مَضَت السنة من النبي صلى الله عليه وسلم في التَّحرِيض على إِسبَاغ الوضوء، وتَخلِيل الأصابع، وقال أصحَابُ محمَّدٍ ومَنْ بَعدَهم ذلك، حتى كانوا يُحرِّكون خَوَاتيمَهم عند الوضوء، ويُزِيلُونها حتى يَبلُغ الماءُ مَوضِع الخواتيم. وما أَشبَه ذلك من الأَفتال والخُيوط في الأصابع؛ فَكَمِثله». قال: «ورُبَّ رجلٍ يَستَذكِر بالخيط في أصابِعه الشَّيءَ، فإذا توضَّأ اجتَهَد في إِزالَته حتى يُصِيبه الماء، وفيما سَنَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه تَخلِيلَ أَصابع اليَدَين والرِّجلَين ما يَدُلُّ على ذلك -أيضًا-، وهو أَشبَه شيءٍ به، فلا يَدَعَنَّ ذلك متوضِّئٌ ولا مُغتَسِلٌ من جَنابَة، وكذلك النساء عند مَحيضِهنَّ أو جَنابَتهنَّ أو وضوئهنّ. فأما ما قال هؤلاء: يُجزِئه ألَّا يُحرِّكَه؛ ضَيِّقًا كان أو واسِعًا إذا كان أَكبر ظَنِّه أنه قد أَوصَلَ إليه الماء؛ فهو خَطَأٌ وقِلَّة احتِياطٍ في الوضوء، وقد مَضى مِن النبي صلى الله عليه وسلم ما يَدُلُّ على ذلك؛ على تَحريكِه: تُحريضُه على إسباغ الوضوء، وقولُه بعد فَراغِه من صلاته التي أَوهَمَ فيها، قال: «ما لي لا أَهِم ورَُ فْغُ أَحَدكم بين ظُفره وأنمُلَته»، وقولُه: «وَيلٌ للعَراقِيب من النار»، فمواضِع الخواتيم والخُيوط والأصابع مَوضِع فَرض الوضوء، فيَلزَمه تَتَبُّع ذلك كَتَتَبُّع العُرقوب وتَخليل الأصابع، فإن لم يُحرِّك خَاتمه في وضوئه، أو الخَيط الذي يَشُدُّه على إصبعِه، وعَلِم أنه قد وَصَل الماءُ؛ أَجزَأه -إن شاء الله-، وإن كان ظَنًّا؛ غَسَل مَوضِعَه». 199 - حدثنا عبد الرحمن بن المبارَك، قال: ثنا محمد بن يعلى، عن سالم بن عبد الأعلى، -[134]- عن نافع، عن ابن عُمَر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُوثِق في إصبعِه الخَيط؛ يَتَذَكَّر به الحاجة.

باب: غسل العرقوب

200 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا أبو إسحاق الفَزاري، عن هِشام، عن الحسَن، قال: «إذا توضَّأ الرجل، وخَضخَضَ رِجلَيه في الماء؛ أَجزَأه ذلك من غَسلِهما». باب: غَسل العُرقُوب • قلت لأحمد: فَمَنْ لم يَغسِل عُرقُوبَه؟ قال: «لا يُجزِئه»، وشَدَّد في ذلك جدًّا، وقال: «يغسل العُرقوب». • سألت أحمَد عن المسح على القَدَمَين؟ قال: «قد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من غَيرِ وَجهٍ أنه غَسَل قَدَمَيه». باب: مَن فَرَّقَ وُضوءَه • سُئل أحمَد عن الرجل يُفَرِّق الوضوء؟ قال: «إذا جَفَّ وضوؤه؛ أَعَادَه». باب: مَنْ تَرَكَ من مَوضِع وضوئه شَيئًا • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: فإن تَرَكَ من مَوضِع وضوئه لمعَةً أو نَحو ذلك؟ فكأنه ذَهَب إلى أن يُعِيد إذا جَفّ.

باب: من أحدث قبل أن يتم وضوءه

• وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول -بالفارسيَّة-: «لو بَقِيَ من مَوضِع الوضوء قَدرُ رَأسِ الإبرَة لم يُصِبه؛ كان عَلَيه أن يُعِيد». وأَتَاه رجلٌ، فأَرَاه طَرَفَ إصبعه وعَلَيه تِبنَةٌ صَغيرة، قال: توضَّأت وكانت هذه التِّبنَة لاصقةً على إصبعي، هل تَجوز صلاتي؟ قال: «إذا عَلِمت أن الماء لم يَصِل إلى ما تَحت التِّبنَة؛ لم يُجزِك». • وسُئل إسحاق -مرةً أخرى- عن رجلٍ توضَّأ، وبَقِيَ من مَواضِع الوضوء قَدرُ عَدَسَةٍ لم يُصِبه الماء؟ قال: «يَغسِل ذلك الموضِع، ويَغسِل ما بَعد ذلك الموضِع من أَعضَاء الوضوء، ويُعِيد». قلت: فإن جَفَّ الوضوء؟ قال: «جَفَّ أو لم يَجِفّ». باب: مَنْ أَحدَثَ قَبل أن يُتِمَّ وُضوءَه • سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رجلٌ أَحدَث بَين ظَهرَانَي وضوئه؛ قَبل أن يُتمَّ وضوءه؟ قال: «يَستَأنِف الوضوء؛ شَديدًا». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: رجلٌ توضَّأ، فرعِفَ قَبل أن يُتمَّ وضوءه؟ قال: «يَستأنِف الوضوء». قلت: يَرجِع إلى أول الوضوء؟ قال: «نعم». باب: قَدر الماء للوُضوء والغُسل • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول -في حديث عائشَة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَتَوضَّأ بالمُدّ-؛ قال: «المُدُّ رَِطلٌ وثُلُث، على أن الوضوء مَرَّةً مَرَّة؛ سِوى الاستِنجاء». • وسمعت إسحاق يقول: «المُدُّ من الماء يُجزِئك في الوضوء، والصَّاع من غسلِ الجَنابَة، وإنما ذلك استِحبَابٌ، فَمَن زَاد أو نَقَصَ مِن مُدٍّ أو صَاعٍ؛ فلا بأس، بَعدَ ألَّا -[136]- يكون وضوؤه أو غسله أَقلَّ من وَاحِدة، أو أَكثَر من ثَلاث».

باب: ما يقول إذا فرغ من وضوئه

• وسمعت إسحاق -مرَّة أخرى- يقول: «المُدُّ الذي أُمِرَ به في الوضوء إنما هو قدر رطلَين، وقد زَيد في الأمْنَان، وعَبَرْنَا ما عندنا من الصَّاع بالصَّاع المَديني المنسُوب إلى صَاع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا هو قَدرُ خَمسَة أَرطَال وثُلُث رطل -بِرطلِ زَمانِنا-، والمُدُّ هو رُبع ذلك». قال: «فإن توضَّأ رجلٌ بِمُدٍّ، واغتَسَل بِصَاع، فلم تَأتِ النَّظافَة على ما أُمِرَ به؛ لم يُجزِه ذلك، وإن أَتى على ما أُمِرَ به وقد توضَّأ بِأقَل من مُدٍّ، واغتَسَل بِأقَل من صَاع؛ أَجزَأه. إنما المُدُّ والصَّاع من النبي صلى الله عليه وسلم اختِيار، وتَصديق ذلك: مَا حَكَت عائشَة؛ قالت: «كنت أَغتَسِل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إِناءٍ وَاحِد، وهو الفَرَق»، وذلك ثَلاثَة آصُع». 201 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا يَحيى بن آدم، قال: ثنا إبراهيم بن سَعد، عن الزُّهري، عن القاسِم بن محمد، عن عائشَة، قالت: «كُنتُ أَغتَسِل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم مِن إنَاءٍ وَاحِد، وهو الفَرَق». باب: ما يَقول إذا فَرَغَ من وُضوئه • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا فَرَغت من وضوئك، فَقُل: «سُبحانَك -[137]- اللهمَّ وبِحَمدِك، أَشهَد أن لا إِلهَ إلا أَنت، أَستَغفِرُك وأَتوب إِلَيك، اللهمَّ اجعَلني من التَّوَّابين، واجعَلني من المتَطَهِّرين»».

باب: من يخيل إليه الشيء في الصلاة

202 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، عن أبي هاشِم، عن أبي مجلز، عن قيس بن عباد، عن أبي سَعيد الخُدري -رضي الله عنه-، قال: «مَنْ تَوضَّأ فقال عِند فَرَاغِه: «سُبحانَك اللهمَّ وبِحمدِك، أَشهَد أن لا إِلهَ إلا أَنت، أَستَغفِرُك وأَتوب إِلَيك»؛ كُتِب في رَقٍّ، ثم طُبع عليه طَابع، فَيوضَع تَحت العَرش، فلا يُفَضُّ إلى يَوم القِيامَة». باب: مَنْ يُخَيَّل إِلَيه الشَّيءُ في الصَّلاة • قلت لأحمد: الرجل يَكون في الصَّلاة، فَيَظُنُّ أنه قَد خَرَج منه شيء؟ قال: «إذا كان في الصَّلاة فإنه لا يَنظُر إليه، ولا .................................... (1)». 203 - حدثنا عبد الله بن الزُّبَير الحُمَيدي، ثنا سُفيان، قال: ثنا الزُّهري، عن سَعيد بن المسيَّب وعباد بن تميم، عن عَمِّه عبد الله بن زَيد، قال: شُكِيَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يُخَيَّل إليه الشيء في الصَّلاة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَنفَتِل حتى يَسمَع صوتًا أو يَجِدَ رِيحًا». 204 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا ابن عياش، عن عبد العَزيز -[138]- ابن عُبَيدالله، عن محمد بن عَمرو بن عَطاء، قال: رأيت السَّائب بن خَبَّاب، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا وضوءَ إلا من رِيحٍ أو سَمَاع».

____ (1) بيض الناسخ مقدار ست كلمات، وضبب على البياض، وكتب في الحاشية: "كذا".

باب: الوضوء من لحوم الإبل

باب: الوضوء مِن لُحُوم الإِبِل • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «يتوضَّأ من لُحوم الإبِل». قلت: فالوضوء من أَلبَانِها؟ قال: «لا يتوضَّأ من ألبانها». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «يتوضَّأ من لحوم الإبِل»، يَذهَب إلى حديث جابِر بن سمرة والبراء، وثَبَّتَهما. • وسألت إسحاق، قلت: رجلٌ أَكَل لَحم جَزُور، فصَلَّى ولم يتوضَّأ؟ قال: «يُعِيد أَحَبُّ إليَّ». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «لا وضوء من طَعامٍ ولا شَراب؛ لَبَنٍ ولا غَيره، ولا من طعامٍ مَسَّتهُ النار، إلا ما جاءت به السنة في تَمَيُّز لُحوم الإبِل والغَنَم، فأَمَر بالوضوء من لُحوم الإبِل، وقد قال: «لا تَوَضَّؤوا من لُحوم الغَنَم»، ففي هذا بَيانُ أن هذا بَعد الرُّخصَة من الوضوء مما مَسَّتهُ النار؛ لأن لُحوم الغَنَم قد مسَّتهُ النار -أيضًا-، ولا تُنقَض سنةٌ إلا بمثلها». قال: «ويُقَوِّي هذا القول: قَولُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصَّلاة في مَعَاطِن الإبِل، حيث قال: «لا تُصَلُّوا فيها؛ فإنها خُلِقَت من الشياطين، وصَلُّوا في مَرَابِض الغَنَم»».

باب: الوضوء مما غيرت النار

205 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عيسَى بن يونُس، عن الأعمَش، عن عبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صَلُّوا في مَرَابِض الغَنَم، ولا تَوَضَّؤوا من لُحومها، وتَوَضَّؤوا من لُحوم الإبِل، ولا تُصَلُّوا في أَعطَانها». 206 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا عباد بن عوام، عن حجاج، عن عبد الله بن عبد الله القاري (1)، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أسيد بن الحُضَير، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُصَلُّوا في أَعطَان الإبِل، وتَوَضَّؤوا من لُحومها، وصَلُّوا في مَرَابِض الغَنَم، ولا تَوَضَّؤوا من لُحومها». باب: الوُضوء مِمَّا غَيَّرَت النَّار • سُئل أحمَد عن الوضوء مما غَيَّرت النار؟ قال: «لا». 207 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا عبد العَزيز بن محمد، عن عَمرو بن أبي عَمرو، عن عُبَيدالله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل لحمًا، -[140]- ثم يَقُوم إلى الصَّلاة وما يَمَسُّ قَطرةً من ماء.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "القاضي"، أو: "الرازي".

باب: الوضوء بالنبيذ

208 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا سُوَيد بن عبد العَزيز، عن الأوزاعي، قال: سألت الزُّهري عن الوضوء مما غَيَّرت النار؟ قال: «توضَّأ». قلت: عمَّن؟ قال: «عن زَيد بن ثابت، وابن عُمَر، وأبي هُرَيرَة، وأبي موسَى الأشعري، وأنس بن مالك، وعائشَة، وأم سَلَمَة». قلت: فأبو بكر؟ قال: «لم يكن يتوضَّأ». قلت: عمر؟ قال: «لم يكن يتوضَّأ». قلت: عُثمان؟ قال: «لم يكن يتوضَّأ». قلت: ابن مسعود؟ قال: «لم يكن يتوضَّأ». قلت: هاتِ رِجالًا مِثلَ رجالي! قال: «إذن لا آتيك». باب: الوُضوءِ بِالنَّبِيذ • سُئل أحمَد عن الوضوء بالنَّبيذ؟ فكَرِهه. قيل: حديث أبي فزارة، عن أبي زيد؟ فلم يُصَحِّحه. قيل: يُروى عن علي؟ فلم يُصَحِّحه. 209 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا شَريك، عن أبي فزارة، عن أبي زَيد، عن عبد الله، أن النبي صلى الله عليه وسلم توضَّأ ليلة الجِنِّ بالنَّبيذ، وقال: «تَمرةٌ حُلوة، وماءٌ طَهُور».

باب: مسح الوجه بالمنديل بعد الوضوء

210 - حدثنا يَحيى، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارِث، عن علي، قال: «لا بَأس بالوضوء بالنَّبيذ». • لم يُصَحِّح أحمَد هذَين الحديثَين. o قال حرب: إن النَّبيذ الذي توضَّأ به النبي صلى الله عليه وسلم إنما كانت تَمَراتٍ لِقَوم من الأعرَاب، أَلقَوها في قِربَةٍ فيها شيءٌ من ماء، فتوضَّأ النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ كذلك يُروى عن ابن مسعود -رضي الله عنه-. باب: مَسح الوَجهِ بِالمِنديل بعدَ الوضوء • وسُئل أحمَد عن مَسح الوجه بالمنديل بعد الوضوء؟ قال: أرجو ألَّا يَكون به بأس». قيل: حَديث كريب، عن ابن عَبَّاس، عن مَيمونَة؟ قال: «ذلك ليس بيِّن (1)، إنما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم هكذا، ووَصَفَه». 211 - حدثنا أبو السَّري الدارمي، قال: ثنا وَكيع، عن الأعمَش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عَبَّاس، عن خالته ميمونة -رضي الله عنها-، قالت: أتَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بِثَوبٍ حين اغتَسَل من الجَنابَة، فقال بِيَدِه هكذا -يعني: رُدِّيه-، وجَعَل يَنفُض الماء عنه.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه:"بينا".

• سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «أما المنديل بعد الوضوء في الجَنابَة والوضوء؛ فالفَضل في ألَّا يَمسَح نَدَى وضوئه أو جنابته بِثَوبه؛ لِمَا قيل: إن الوضوء كل قَطرَةٍ تُوزَن وَزنًا، ولا ينبغي للرجل أن يُزِيلَ نُورَ وضوئه، فإن كان يَمسَحهما من عِلَّةِ بَردٍ أو غيرِ ذلك؛ جَاز، والجَنابَة أَشَدّ؛ لِمَا اغتسَل النبي صلى الله عليه وسلم من الجَنابَة، فَنَاوَلوه ثَوبًا يَتَمَسَّح به، فَأبى، وَرَدَّه». 212 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا محمد بن فُضَيل بن غزوان، عن عاصم الأحول، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: «أَنفَعُ ما تكون المناديل في الشِّتاء». 213 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا بزيع الكوفي، قال: رأيت الضَّحَّاك بن مُزاحِم توضَّأ من نَهر، ثم مَسَح وَجهَه ببرقة قَبَائه. 214 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا سُفيان، عن مَنصور، عن هلال بن يساف، عن عَطاء، عن جابِر بن عبد الله، قال: «إذا توضَّأت فلا تَمَندَل». 215 - حدثنا عيسَى بن محمد، قال: ثنا أزهر، عن أبي عون (1)، عن ابن سيرين، قال: «الوضوء يُوزَن». 216 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا أبي، قال: ثنا محمد بن مُهاجر، عن بركة -[143]- الأزدي، قال: رأيت مَكحُولًا يتوضَّأ، فَنَاوَلته منديلًا يَمسَح به، فقال: «إن فَضلَ الوضوء بَرَكةٌ، فَأُريد أن يَكون ذلك في ثِيابي»، ثم رَفَع أَسفَل قَميصِه، فَمَسَح به وَجهَه.

____ (1) كذا في الأصل، وهي كنية عبد الله بن عون راويه، لكنه بـ"ابن عون" أشهر.

باب: من يأخذ من شعره وأظفاره وهو على وضوء

باب: مَنْ يَأخُذ من شَعرِه وأَظفَارِه وَهو على وضوء • سُئل أحمَد بن حَنبل عن الرجل يَأخُذ من شَعره وأَظفاره، أيُمِرُّ عَليه الماء؟ قال: «لا بأس». • وسألت أحمَد -أيضًا-، قلت: الرجل يَأخُذ من شَعره وأَظفاره وهو على وضوء؟ قال: «إن أَمَرَّ عَليه الماء فهو أَحَبُّ إليَّ، وإن لم يَفعَل أَجزَأه». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا أَخَذ الرجل من شَعره وأَظفاره وقد توضَّأ، فأَحَبُّ إليَّ أن يُمِرَّ عَليه الماء، والوضوء منه أَفضَل؛ لأنه إن كان قد انتَقَض عليه وضوؤه لِمَا قَصَّ من مَوَاضِع الوضوء؛ فقد صَار بَعضُ وضوئه مُذ ساعة، وبَعضُه الآن حيث يُمِرُّ عليه الماء، وليس هذا وضوء الناس، ولكني أَرجو إن لم يُمِرّ عليه الماء ولا يتوضَّأ أن يكون ذلك جائزًا؛ كما قال ابن عُمَر للذي سَأَلَه: أَتوضَّأ من قَلْم الأظفار؟ قال: «لَأنت أَكيَسُ من الذي سَمَّته أمُّه كَيسَان»». 217 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا المعتَمِر بن سُلَيمان، قال: سمعت ليثًا يحدث عن مُجاهد، أن علي بن أبي طالب -كرَّم الله وَجهه- كان إذا قَلَّم أظفاره أو أَخَذ شَارِبه -[144]- توضَّأ، وإذا احتَجَم اغتسَل.

باب: الوضوء من مس الذكر

218 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سُئل الأوزاعي عن الرجل يُقَلِّم أَظفارَه أو يَأخُذ من شَارِبه ورأسه، أيُعيد وضوءه؟ قال: «لا، وسمعت عَطاء يقول: «يُمِرُّ عليه الماء»، وكان الزُّهري لا يرى عَليه مَسحًا». قال: وسُئل الأوزاعي عن رجلٍ حَلَق رأسه بعد الوضوء؟ قال: «يُجزِئه المسح عَليه». 219 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا ابن مبارَك، عن سُلَيمان التيمي، عن أبي مجلز، عن ابن عُمَر، أنه قَصَّ أَظفاره ثم صَلَّى ولم يَمَسّ ماء. 220 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة، عن الضَّحَّاك بن حمزة (1)، عن قَتادَة -في الرجل يَقُصُّ أَظفاره بعد الوضوء-؛ قال: «ما زادَه إلا تَنَظُّفًا». 221 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا رَبَاح بن خالِد، عن حَفص بن صبيح، عن بشير بن زَيد، عن ابن عَبَّاس، قال: «قَصُّها طهور». باب: الوضوء من مَسِّ الذَّكَر • سمعت أحمَد بن محمد بن حنبل يقول: «يتوضَّأ من مَسِّ الذَّكَر». • سألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: الرجل يتوضَّأ فَيُفضي بِيَدِه إلى فَرجِه؟ قال: -[145]- «يُعِيد الوضوء». قلت: الرجل والمرأة في ذلك سَواء؟ قال: «لا أدري».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "حمرة" بالمهملة.

قلت: فإن مَسَّه بإصبعٍ أو إصبعَين؟ قال: «إذا مَسَّه فليتوضَّأ». • وسألت إسحاق، قلت: رجلٌ مَسَّ ذَكَره، فصَلَّى ولم يتوضَّأ؟ قال: «يُعِيد». • قال: وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «كُلَّما مَسَّ ذَكَره وليس بين يَدَيه وبين الذَّكَر ثَوب؛ أَعَاد الوضوء، في صلاةٍ أو غيرها؛ لِمَا صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أن مَنْ مَسَّ ذَكَره أَعَاد الوضوء. فإن كان الذَّكَر تصيب (1) الذراع أو اليَد (2)؛ فإن مالكًا وأَصحابَه رَأَوا إيجَاب الوضوء في ذلك، وشبَّهوه باليَد إذا مَسَّ الذَّكَر؛ قالوا: اليَدُ من مَواضِع الوضوء، وكُلَّما أَصاب الذَّكَر من مَواضِع الوضوء؛ فَعَلَيه الوضوء، وهذا خطأ». قال أبو يَعقوب: «وإنما هذا مَوضِع تَعَبُّدٍ واستِسلام، فكُلَّما سمى ما شاء ذكره توضَّأ، ولا يَكون ذلك إلا بِقَبض اليَد عَلَيه، فَحينَئذٍ يُقال: مَسَّ فلانٌ ذَكَره».

____ (1) كذا في الأصل، ولم يعجم إلا التاء، وحركها بالفتح، وحرك آخره كذلك، ولعل الصواب: "تصيبه". (2) كذا في الأصل، وسيأتي تشبيه هذا بمس اليد للذكر، فلعل اللفظة محرفة عن "الساعد"، أو المراد: ظاهر كف اليد، انظر: الأوسط (1/ 207)، التمهيد (17/ 202 - 203)، الاستذكار (3/ 35).

قال: «لو صَارَت يَدُه عَلَيه أو على القَصَبة وهو لا يُريد مَسِيسَه، لم يَجِب عَلَيه الوضوء -أيضًا-». 222 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت هِشام بن عروة يَذكُر عن أبيه، عن مَروان بن الحكم، عن بُسْرَة بنت صَفوان، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مَسَّ أَحَدُكم فَرجَه فَليتوضَّأ». 223 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: حدثني الزُّبيدي محمد بن الوَليد، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «أيّما رجلٍ مَسَّ فَرجَه فَليتوضَّأ، وأيّما امرأةٍ مَسَّت فَرجَها فَلتتوضَّأ». 224 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا مُعاذ بن هِشام، قال: حدثني أبي، عن يَحيى بن أبي كثير، عن عروة بن الزُّبَير، عن عائشَة -رضي الله عنها-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مَن مَسَّ فَرجَه فَليتوضَّأ».

باب: من قبل امرأته أو لامسها وهو على وضوء

225 - حدثنا محمد بن رافع، قال: ثنا يَحيى بن يَزيد بن عبد الملِك، قال: حدثني أبي، عن سَعيد بن أبي سَعيد المقبُري، عن أبيه، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن مَسَّ فَرجَه مِن غَير سُترة، فقد وَجَبَ عَلَيه الوضوء». باب: من قَبَّلَ امرَأَتَه أو لامَسَها وهو على وضوء • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول -في الرجل يُقَبِّل امرأته-؛ قال: «يتوضَّأ الرجل»، ولم يَرَ على المرأة وضوءًا. • سمعت إسحاق -في الرجل يُقَبِّل امرأته-؛ قال: «يتوضَّأ» , • سمعت إسحاق بن إبراهيم -مرةً أخرى- يقول: «إذا قَبَّل الرجل أو لامَس وهو على وضوء، فإن السنة مَضَت في المُلامَسَة التي قال الله: {أو لامستم النساء}؛ أنها على وجهين: • في قول عليٍّ وابن عَبَّاس: على مَعنى الظَّاهر؛ أنها جِمَاع. • وقال ابن مسعود وابن عمر: إن ما كان من الرجل إلى أَهله أو جَاريته من قُبلَةٍ أو لمسٍ أو نَظرٍ إلى الجسد من شَهوَة؛ أنها من اللِمَاس -أيضًا-. فرأينا: أن كُلَّما قَبَّل من شَهوَة فَعَليه الوضوء، وكذلك إذا لَمس شيئًا في جَسَدها -[148]- من شهوة؛ فَعَليه الوضوء كذلك؛ رأيَ ابن مسعود وابن عُمَر، والرجل والمرأة في ذلك سَواء، إلا أن تكون قُبلَةَ رَحمةٍ أو لِغَير شَهوَة».

باب: من ينام وهو جالس

226 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، عن الأعمَش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشَة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قَبَّل ولم يتوضَّأ. • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول -في هذه الرواية-: «إنها ليست بِصَحيحَة؛ لِمَا نَظُنُّ أن حبيب بن أبي ثابت لم يَسمَع من عروة، وإنما بَلَغَه عنه، ويُروَى عن هِشام بن عروة، عن أبيه خلافُ ذلك، وهذا أعظَم الدّلالة في ذلك». 227 - حدثنا عِمران بن يَزيد، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: سُئل الأوزاعي عن الرجل يُصَلِّي، فَيَأتيه الصَّبي وهو يُصَلِّي، فَيُقَبِّله؟ فلم يَرَ عَلَيه شيئًا، وقال: «يَمضي في صلاته». قيل: فتَأتيه امرأته فتُقَبِّله؟ قال: «إن قَبَّلَت خَدَّه فلا بأس عليه، يَمضي في صلاته، وإن قَبَّلَت فاه انصرف فتوضَّأ، ثم بَنَى على ما صَلَّى قَبل أن تُقَبِّله». باب: مَن يَنام وهو جَالِس • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: الرجل يَنام وهو جالس؟ قال: «إذا كان قليلًا». ثم سُئل -بعد ذلك- عن الرجل يَنام وهو جالس؟ قال: «إذا كان كثيرًا لم يُعجِبني». قيل: فإن كان مُساندًا إلى حائط؟ فكَرِهَه، ورأى الوضوء.

ثم سألته بَعد ذلك، فقلت: أُحِبُّ أن أَفهَمه عنك؟ قال: «إذا كان نَومًا كثيرًا يُثقِله؛ فإنه لا يُعجِبني»، كأنه يرى أن يتوضَّأ. قلت: تَعَمَّد أو لم (1) يتَعَمَّد؟ فكان الأمرُ عنده واحدًا؛ تَعَمَّد أو لم يتَعَمَّد. قلت: وإن كان راكِعًا أو ساجِدًا؟ قال: «هذا أَشَدّ؛ لأنه ينفخ». قلت: يَجبُ أن يتوضَّأ؟ فكأنَّه. • قلت لأحمَد -مرةً أخرى-: نام وهو جالِس، فَسَقَط على شِقِّه؟ فقال: «ما أدري كيف هذا». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الحديث: «من استَحَقَّ النوم فليتوضَّأ»؟ قال: «الاستحقاق: أن يَضَع جَنبَه وينام». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «كُلَّما نام الرجل حتى استَثقَل نومًا في صلاةٍ أو غَيرِ صلاة؛ أَعَاد الوضوء. واستِثقال النوم: غَلَبه العقل، فأما إذا كان تَغفيفًا؛ فلا بأس به. ولا يُنظر في ذلك راكعًا كان أو ساجدًا، أو على أيِّ حالٍ كان، إنما هو حَدَثٌ أَحدَثه حيث ذَهَب عقله. والعَجَب لهم حيث أنكروا ما وَصَفنا إلا مَنْ كان جالسًا، وهم يُجمِعون على أن كلَّ من أُغمِيَ عليه فقد انتَقَضَت طَهارته، وليس بَينَهما فرق، وليس في المُغمَى عَلَيه أَثَرٌ صحيح أنه يَنتَقِض وضوؤه، وفي النوم غَيرُ حديث».

____ (1) في الأصل: "تعمدا ولم يتعمد" بهذا الضبط، والصواب كما أثبت، وقد كتبها على الصواب بعد.

228 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، عن الوضين بن عَطاء، عن محفوظ بن عَلقَمَة الحضرمي، عن عبد الرحمن بن عائذ الأودي، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إنما العَين وِكاء السَّه، فإذا نامَت العَين استَطلَق الوِكاء». 229 - قال بعضهم (1): وأخبرني أبو بكر بن أبي مريم، عن عطية بن قيس، عن مُعاويَة بن أبي سُفيان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله، وزاد: «فمن نام فليتوضَّأ». • سمعت أحمَد يقول: «قال الحسَن، وسَعيد بن المسيَّب، وعَطاء، وعروة: «إذا خالَط النومُ قَلبَه توضَّأ»». وليس هو مَذهَب أحمد. 230 - وحدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا البُرساني، قال: أبنا سَعيد، عن قَتادَة، عن سَعيد بن المسيَّب والحسَن، أنهما قالا: «إذا خالَطَه النوم مُضطَجِعًا كان أو قاعِدًا، فقد وَجَب عَلَيه الوضوء». 231 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا ابن جُرَيج، قال: كان عَطاء يقول: «إذا مَلَكَك النوم فتوضَّأ؛ قاعدًا أو مُضطَجِعًا».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "بقية"، فإنه يروي كلا الإسنادين، انظر: التمهيد (18/ 247).

• وسمعت إسحاق يقول: «أَوجَب هؤلاء في الضِّجعَة الوضوءَ إذا غَلَبَه النوم في ذلك الحال، وأَسقَطوا ذلك عن النائم المُستَثقل راكِعًا أو ساجِدًا، وهذان الحالان في خَشيَة الحَدَث أَشبَه من الضِّجعَة. فلا اتبَعوا أثَرًا، ولا لَزِموا قياسًا». 232 - حدثنا أبو علي محمد بن مُعاويَة، قال: ثنا قزعة بن سُوَيد، عن مَيمون الخياط، عن أبي عِياض، عن حذيفة، قال: كنت نائمًا في المسجد فإذا رجلٌ مِن خَلفي، فالتَفَتُّ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: قلت: يا رسول الله، هل يَجِب عَلَيَّ الوضوء؟ قال: «لا، حتى تَضَع جَنبَك». 233 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا ليث بن سَعد، عن نافع، أن عبد الله كان يقول: «مَن نام مُضطَجِعًا فعَلَيه الوضوء، ومن نام جالِسًا فلا وضوءَ عَلَيه». 234 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عبد الله بن المبارَك، عن حيوة بن شريح، عن حُمَيد بن زياد، عن يَزيد بن قسيط، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: «ليس على النائم القائم، ولا على النائم المُحتَبي، ولا على النائم السَّاجِد وضوء».

باب: الوضوء من الغيبة

باب: الوضوء من الغِيبَة • سألت إسحاق بن إبراهيم عن الوضوء من الغِيبَة؟ قال: «إن أَعَاد فهو أَحَبُّ إليَّ، ولا يَتبَيَّن إيجابُ الإعادَة». 235 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا المثنى بن بكر العبدي، قال: ثنا عباد بن مَنصور، عن عِكرِمَة، عن ابن عَبَّاس، أن رجلَين صَلَّيا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر أو العصر، وكانا صائمَين، فلما قَضَى الصَّلاة قال: «أَعِيدَا وضوءَكُما وصلاتَكُما، وامضيا في صَومِكُما، واقضِيَاهُ يَومًا آخَر». قالا: لِمَ يا رسول الله؟ قال: «اغتَبتُما فلانًا». باب: النِّيَّة في الوضوء • قيل لأحمَد بن حَنبل: الجُنُب يتَبَرَّد بالماء، لا يَنوي به الاغتِسالَ من الجَنابَة؟ قال: «لا يُجزئه». قيل: وكذلك الوضوء إذا عَلَّمَه رجلًا؟ قال: «نعم لا يُجزِئه، وكذلك التيمم، إنما الأعمال بالنِّيَّة»، وذَهَب إلى حديث عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-، عن النبي -صَلَّى الله عليه وسلم-: «إنما الأعمال بالنِّيَّة». 236 - حدثنا محمد بن يَحيى بن أبي حَزم، قال: ثنا محمد بن [أبي] (1) بكر، قال: ثنا هِشام بن حَسَّان، عن الحسَن -في الذي يَغتَمِس في النَّهر وهو جُنُب-؛ قال: «قد -[153]- أَجزَأ عَنه لِغُسله ولِوضوئه».

____ (1) كذا في الأصل، وقد روى حرب مرارا عن ابن أبي حزم عن "محمد بن بكر"، وهو البرساني، وهذا الصواب.

باب: كيف الغسل من الجنابة؟

237 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا عُمَر بن ضماد، قال: ثنا شُعَيب بن الحبحاب، عن أبي العالية، قال: «يُجزئ الجُنُبَ الغَوصَةُ الواحِدة». باب: كَيف الغُسل من الجَنابَة؟ • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا أَراد الغُسلَ من الجَنابَة بدأ فَغَسَل فَرجَه ثلاثًا، ويَغسِل ما أَصاب فَخِذَه من الجَنابَة، وإن احتاج إلى الاستِنجاء غَسَل مقعَدَته ثلاثًا إلى السبع حتى يُنقِيَها؛ لا يَزيد على ذلك، إلا أن يَكون لم يُنقِ؛ فَيَزيد حتى يُنقِيَه؛ لأن الإنقاء واجب، ثم يُمَضمِض ويَستَنشِق ويَغسِل وَجهَه وذِراعَيه كما وَصَفنا في الغَسل في الوضوء، ثم يأخذ الماء فَيَصُبُّ على رَأسه ثلاثًا، وعلى جده (1) ثلاثًا، ويتبع مَواضِع السّرر والمَغابِن حتى يُشربَه الماء، ثم يَتَنَحَّى فيَغسِل رِجلَيه غَسلًا». • وسمعت أبا يَعقوب -مرةً أخرى- يقول: «إذا أَرَدت أن تَغتَسِل من الجَنابَة، فَأَفرِ غ على يَدَيك من الإناء، فَاغسِل كَفَّيك ثلاثًا، ثم صُبَّ بيدك اليُمنى، فَاغسِل فَرجك بِيَدك اليُسرى، فإذا غَسَلت فَرجك فَامسَح يَدَك بالتُّراب أو بِحائط، ثم -[154]- اغسِل كَفَّيك، ثم تَمَضمَض ثلاثًا، واستَنشِق ثلاثًا، واغسِل وَجهك ثلاثًا، واغسل يَدَيك إلى المرفَقَين ثلاثًا ثلاثًا، ثم اغسِل رَأسك ثلاثًا، وبَلِّغ أُصول الشَّعر ولِحيَتك، واغسِل أُذنَيك ظاهِرَهما وباطِنَهما، ثم أَفرِغ على سَائر جَسَدك الماء، ثم تَنَحَّ من مَكانك، فَاغسِل قَدَمَيك. وكان يُقال: «تَحتَ كل شَعرةٍ جَنَابة، فَبُلُّوا الشَّعر، وأَنقوا البشَر»».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "جسده".

باب: الجنب يتوضأ إذا نام

238 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا أبو مُعاويَة، قال: ثنا هِشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتَسَل من الجَنابَة بدأ فَغَسَل يَدَيه، ثم يُفرِ غ بِيَمينه على يَسَاره، فَيغسِل فَرجَه، ثم يتوضَّأ وضوءه للصلاة، ثم يَأخُذ الماء فَيُدخِل أَصابِعه في أُصُول الشَّعر حتى يَرى (1) أنه استَبرأ؛ حَفَنَ على رَأسه ثلاثَ حَفنات، ثم أَفَاض على سائر جَسَده، ثم غَسَل رِجلَيه». باب: الجُنُبُ يَتَوضَّأ إذا نَام • قيل لأحمَد بن حَنبل: الجُنُب يَنام؟ قال: «لا يُعجِبني إلا أن يتوضَّأ». قيل: رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نَام وهو جُنُب؟ فكأنه أنكره، وقال: «قد رُوِي». • وسُئل عن الرجل يَنام وهو جُنُب؟ قال: «لا يَنام حتى يتوضَّأ». • وسُئل عن الرجل يُجامِع، ثم يُريد أن يَعود؟ قال: «يتوضَّأ»، وأظُنُّه قال: -[155]- «إنْ قَدِر». قلت: فإن أَراد أن يَأكُل أو يَشرَب؟ قال: «كذلك -أيضًا-».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "حتى إذا رأى".

• قيل لأحمد: حديث أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم طَافَ على نِسائه؟ قال: «نعم». وذَكَر أحمَد حديثَ أبي رافع، وذَهَب إليه. قيل: فما تَقول أنت في هذا؟ فكأنه رَخَّص فيه. قيل: إن أهل الجبل خاصَّةً يَشتَدُّ عَلَيهم؟ قال: «نعم، أخبرك؛ ورُبَّما كان أَشَدَّ من الغسل»، وسَهَّل فيه. وذُكر له حديث أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشَة، في ذلك؟ (1) «لم يروِه أَحَدٌ إلا أبو إسحاق». 239 - حدثنا أبو الوَليد، قال: ثنا شُعبَة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عُمَر، أن عُمَر أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: تُصيبُني الجَنابَة من الليل، فَكَيف أَصنَع؟ قال: -[156]- «اغسِل ذَكَرَك، ثم توضَّأ، ثم ارقُد».

____ (1) لعله سقط هنا: "قال".

240 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا ليث بن سَعد، عن ابن شِهاب، عن أبي سَلَمَة، عن عائشَة -رضي الله عنها-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أَراد أَحَدكم أن يَنام وهو جُنُب؛ توضَّأ وضوءه للصلاة قَبل أن يَنام». 241 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا مُعتَمِر بن سُلَيمان، عن ليث، عن عاصم، عن أبي المستهل، عن عُمَر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أتى أَحَدُكم أَهلَه، ثم أراد أن يَعود، فَليَغسِل فَرجَه». 242 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا حيوة بن شريح، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، عن شُعبَة، عن هِشام بن زَيد، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طَافَ عَلى نِسائه بِغُسلٍ واحِد.

باب: العزل

243 - حدثنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا أبو عبد الله ناصح -مولى بني أمية-، عن يَحيى الطويل، عن مَكحُول -في الرجل يَحتَلِم من الليل، فَيُريد أن يُصيب امرَأته قَبل أن يَغتسِل من احتِلامه-؛ قال: «يَبول، ويَغسِل ذَكَرَه وأُنثَيَيه من أَثَر احتلامه، ثم يَفعَل». 244 - فسُئل أبو العَبَّاس الوَليدُ عن قوله: «يَبول»؟ قال: «فقال (1): إنه إذا لم يَبُل يُصيبُ وَلَدَه جُنونٌ أو غيره». 245 - قال الوَليد: وحدثنا أبو عَمرو -في رجلٍ وامرأته نَامَا في لِحاف، فلما أصبَحا وَجَدا في لِحافِهما بَلَلًا؛ لا يَدرون مِنْ أيِّهما-؛ قال: «يَغتَسِلان جَميعًا». باب: العَزْل • سُئل أحمَد بن حَنبل عن العَزل؟ فقال: «أما الحُرَّة فلا، إلا بإذنها». وقال: «إذا أَذِنَت فلا بأس». • وسمعت إسحاق يقول: «لا بأس بالعَزل. تُستَأمَر الحُرَّة، ولا تُستَأمَر الأَمَة، إلا أن تكون أَمَةً لها زوج، ولا (2) يعزل عنها إلا بِأَمرها، فأما السُّرِّيَّة فلا يَستَأمِرها سَيِّدها. ولا تَستَأمِر مَملوكَتك». باب: الجُنُب يَذكُر الله • سمعت أحمَد يقول: «الجُنُب يَذكُر الله، ولا يَقرَأ القُرآن».

____ (1) كذا في الأصل، ويحتمل أن الصواب: "يقال". (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "فلا".

• وسمعت إسحاق يقول: «اقرَأ القُرآن على كل حال، إلا أن تكون جُنُبًا، وادخل المسجِد على كل حال، إلا أن تكون جُنُبًا، والجُنُب والحائض يُسَبِّحان ويَذكُران الله، وإذا أراد الرجل أن يَمُرَّ في المسجِد وهو جُنُب، ولم يَجِد بُدًّا؛ فَليَتيَمَّم بالتُّراب، وَليَمُرّ». قال: «والجُنُب والحائض لا يَقرآن حَرفًا واحِدًا -أراه: التلاوة-، إلا أن يَأتِي الجُنُب والحائض على حَرفٍ من القُرآن في تَسبيحِه وذِكرِه. وإنما قُلنا: لا يَقرَأ حَرفًا؛ لِقَول علي بن أبي طالب: 246 - أخبرنا يَحيى بن سَعيد القطان، عن عامر بن السّمط، عن أبي الغَريف، عن علي بن أبي طالب، قال: «لا يَقرَأ الجُنُب ولا حَرفًا»». قال: قال إسحاق: «وعليٌّ أَعلَم بهذا؛ لروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يَقرَأ القُرآن على كل حال، إلا الجَنابَة. والحَرف والحَرفان هو من القُرآن، فَبَيَّن عليٌّ عن النبي صلى الله عليه وسلم مَعنَى إرَادَته». 247 - حدثنا عبد السلام بن مطهر وأبو عُمَر الحوضي، قالا: ثنا شُعبَة، عن عَمرو بن مرة، عن عبد الله بن سَلَمَة، عن علي بن أبي طالب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقضي حاجَته، ثم يَأكُل مَعَنا اللحم، ويَقرَأ القُرآن، ولم يَكُن يَحجزه -ورُبَّما قال: -[159]- يَحجره- عن قِراءة القُرآن شَيء؛ ليست الجَنابَة.

248 - حدثنا أبو موسَى عيسَى بن سُلَيمان، قال: ثنا هِشام بن إسماعيل، قال: ثنا محمد بن شُعَيب، قال: سألت الأوزاعي عن الرجل الجُنُب والمرأة الحائض لا يَجِدان الماء للغُسل، ويَتيَمَّمان بالتُّراب، هل يَقرَآن القُرآن؟ قال: «نعم». قلت: فهل يَمَسَّان المصحَف؟ قال: «لا». قلت: فهل يَأخُذانِه بِعلاقَته؟ قال: «نعم». وسألت الأوزاعي عن الرجل الجُنُب يَدعو بِما في القُرآن، مِن نَحو: {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}، {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}، ونحو هذا؟ ............... (1) أتَعدُّون ذلك قرآنًا؟ «لا بأس به، إنما هو دُعاء». وغير (2): {رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين}، وأشباه ذلك؛ على جِهَة الدُّعاء، ليس على جِهَة القِراءة؟ قال: «لا بأس به». قال: وسمعت الأوزاعي سُئل عن الحائض تَقول حين تُريد أن تَركَب: {سبحان -[160]- الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين}، وتَقول حين تَنزِل: {رب أنزلني منزلًا مباركًا وأنت خير المنزلين}؟ قال: «نعم، تَقول ذلك».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمة. (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "عن"، عطفًا على سؤاله للأوزاعي.

باب: الجنب يكتب الحديث والقرآن

249 - قال محمد بن شُعَيب: وأخبرني سَعيد بن عبد العَزيز، أن الحائض والجُنُب يُرَخَّص لهما في هاتَين الآيَتَين: عند الركوب: {سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين}، وعند النُّزول: {رب أنزلني منزلا مباركًا وأنت خير المنزلين}. باب: الجُنُب يَكتُب الحَديثَ والقُرآن • سُئل أحمَد عن الجُنُب يَكتُب الحديث والكِتاب؟ قال: «أرجو ألَّا يَكون به بأس ما لم يَكُن قُرآن»، كَأنه كَرِهَ أن يَكتُب القُرآن. 250 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الفريابي، عن سُفيان، عن ليث، عن مُجاهد، أنه كَرِه أن يَكتُب {بسم الله الرحمن الرحيم} وهو جُنُب. باب: مَسِّ الدِّرهَم الأَبيَض على غَير وضوء • سمعت إسحاق يقول: «يُكرَه أن تَمَسَّ الدِّرهَم الأبيَض وأنت على غَير وضوء، ولكن تَمَسُّه من وَراء الثَّوب إن شِئت». قال: «ولا بأس أن يَكون عَلَيك الهِمْيان فيه الدَّراهم البيض، فَتَأتي الخلاء وهو معك؛ لا بُدَّ للناس من نَفَقاتهم، قد قالَه عُمَر بن عبد العَزيز».

باب: الجنب يجلس في المسجد

251 - حدثنا إسحاق، قال: أخبرني عبد السلام بن حرب، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن غيلان، قال: قلت لعُمَر بن عبد العَزيز: لَو غَيَّرتَ هذه الدَّراهم البيض؛ فَإنها تَقَعُ في يَد اليَهودي والنَّصراني والجُنُب؟ فقال: «لَقَد أَرَدت أن تَحتَجَّ علينا الأُمَم أن نُغَيِّر تَوحيد رَبِّنا واسم نَبِيِّنا». باب: الجُنُب يَجلِس في المسجِد • سمعت إسحاق يقول: «الجُنُب والحائض يَتَناولان من المسجِد الشيءَ ويَضَعانِه فيه، ولكن لا يَدخُلانِه». 252 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، ثنا الوَليد، قال: سمعت الأوزاعي يقول: «ليس للحائض أن تَخطُر في المسجِد، والجُنُب لا بأس أن يَمُرَّ فيه». باب: الرَّجُل تُصيبُه الجَنابَة في المسجِد • قلت لأحمد: الرجل يَنام في المسجِد، فتُصيبه الجَنابَة؟ قال: «إن قَدِر أن يَخرُج فَيغتسِل؛ خَرَج، وإلا بات في المسجِد؛ فإنه لعله إنْ خَرَج يُصيبُه البَرد، أو يَعرِض له أمرٌ يغتَمُّ به»، ورَخَّص له أن يَنام في المسجِد. قيل: فإن تَيمَّم؟ قال: «لم يَبلُغني». وقال: «إن وَفدًا قَدِموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فَنَزلوا المسجِد». • سألت إسحاق، قلت: الجُنُب يَنام في المسجِد؟ قال: «لا، إلا أن يَكون ابتُلي بِالجَنابَة في المسجِد». قلت: فَيَمكُث فيه؟ قال: «يَنبَغي له أن يَخرُج». 253 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عبد العَزيز بن محمد، عن هِشام بن سَعد، -[162]- عن زَيد بن أسلم، عن عَطاء بن يَسَار، قال: رأيت رجالًا من أَصحاب رَسول الله صلى الله عليه وسلم يَجلِسون في المسجِد وهم مُجنِبون إذا تَوضَّؤوا وضوء الصَّلاة.

باب: المسح على الخفين

باب: المَسحِ عَلى الخُفَّين • سُئل أحمَد عن المسح على الخُفَّين؟ فقال: «امسَح». • وسمعت إسحاق يقول: «المسح على الخُفَّين سُنةٌ مَسنونَة، لا يَسَعُ المُسلِمين أن يَتَعَدَّوه إلى غَيره، فإن المسح عَلَيهما أَفضَل من غَسل الرِّجلَين؛ لأن السنة أَفضَل من غَيرها. فأما من يَقول: أنا أَغسِل الرِّجلَين وأَرَى المسح عَلى الخُفَّين؛ فَهذا لا يَكون إلا مِن مَرَضٍ في القَلب، وكَيف يَرغَب عن السنة إلى غَيرها، ثم يَدَّعي اتِّباعَها؟!». • قيل لأحمَد بن حَنبل: فَأيّ حديثٍ عِندك أَثبَت في المسح؟ قال: «حديث شقيق، عن حذيفة، وحديث جَرير بن عبد الله، وفيه غَيرُ حديث». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن المسح على الخُفَّين؟ (1) «ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن للمُسافِر، من الحَدَث إلى الحَدَث، خَمسَ عَشرَةَ صلاة، وللمُقيم يَومٌ ولَيلَة، من الحَدَث إلى الحَدَث». • وسمعت إسحاق يقول: «قد مَضَت السنة في المسح على الخُفَّين؛ للمُسافِر ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن، وللمُقيم يَومًا ولَيلَة». 254 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عبدة بن سُلَيمان، قال: ثنا سَعيد بن أبي عروبة، عن أبي مَعشَر، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الله الجَدَلي، عن خُزيَمة بن ثابت، -[163]- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «للمُسافِر ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن، وللمُقيم يَومٌ ولَيلَة».

____ (1) لعله سقط هنا: "قال".

باب: المسح على الجوربين

باب: المسحُ عَلى الجَورَبَين • سألت أحمَد عن المسح على الجَورَبَين؟ قال: «يَمسَح إذا ثَبَتا على قَدَمَيه». • ورأيت أحمَد -مرةً أخرى- رَأى في رِجلي جَورَبًا رَقيقًا قَد استَرخَى من السَّاق، فقال: «لا يَجوز عَلَيه المسح؛ لأنه لَيس يَثبُت على المكان». • وسمعت إسحاق يقول: «النَّعلان مع الجَورَبَين بِمَنزلَة الخُفَّين؛ يَمسَح عَلَيهما، ويَمسَح على الجَورَبَين -وإن لم يكن عَلَيه نَعلان-، سُنةٌ مَاضيَة، ولا يَمسَح على النَّعلَين إذا لم يَكُن عَلَيه جَورَبان». 255 - حدثنا ربيع بن يَحيى، قال: ثنا زائدَة، عن الأعمَش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، قال: كان البراء بن عازب في المسجد بَعدَما أُصيب بَصَره، فَانطَلَقتُ به إلى القصر. قال: فَبَال، ثم انطَلَقتُ به إلى المطهرة، فَأَدخَل يَدَه، فَتوضَّأ ومَسَحَ على جَورَبَيه ونَعلَين عَلَيه، ثم انطَلَقتُ به إلى المسجِد، فَقام يُصَلِّي. باب: المسح عَلى العِمامَة • وسُئل أحمَد عن المسح على العِمامَة؟ قال: «لا بأس أن يَمسَح». • وسُئل إسحاق عن المسح على العِمامَة؟ قال: «شديدًا؛ في السَّفَر».

256 - حدثنا هِشام بن عمار، قال: ثنا يَحيى بن حمزة، قال: ثنا العلاء بن الحارِث، عن مَكحُول، عن الحارِث بن مُعاويَة الكندي، وأبي جَندل بن سُهَيل، عن بلال، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَسَحَ على الخُفَّين والخِمار. • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: الرجل يَمسَح على عِمامَته، ثم يَخلَع العِمامَة؟ قال: «يُعيد الوضوء». o قال حرب: جَعَلَه مِثل الخُفّ. 257 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، قال: قال أبو عَمرو الأوزاعي -فيمن مَسَح على عِمامَته ثم يَنزَعها-؛ قال: «يَمسَح على رَأسه فيما يَستَقبِل من صَلاته». • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: فإن مَسَحَ على عِمامَته ومَسَح ناصِيَته أو بَعض رَأسه، ثم نَزَعَ العِمامَة، أيُعيدُ الوضوء؟ قال: «إنما المسح على الرَّأس كُلِّه؛ كذلك جاء الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم مَسَحَ الرَّأسَ كُلَّه»، وكأنه ذَهَبَ إلى أن بَعض الرَّأس لا يُجزِئ. • وقيل لأحمَد -مرةً أخرى-: فإن مَسَحَ على العِمامَة ولم يَمسَح أُذنَيه؟ قال: «الأُذُنان من الرَّأس»، وكأنه لم يَرَ به بأسًا. قيل: فإن رَفَعَ العِمامَة قَليلًا عن رَأسه، وحَكَّ رَأسَه؟ فَسَهَّل فيه، إلا أن يَنقُضها.

باب: الوقت في المسح على الجوربين والنعلين

258 - حدثنا يَحيى بن عُثمان، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: سُئل الأوزاعي: كَيف المسح على العِمامَة؟ قال: «هكذا»، وأشار ابنُ كثير إلى جانِبَي رَأسه بِيَدَيه، ولم يُحرِّكهما. • قيل لأحمد: فإن مَسَحَ على خُفَّيه، ثم شَدَّ عَلَيه العِمامَة، هل يَمسَح على العِمامَة؟ قال: «ما أدري». 259 - حدثنا محمد بن يَحيى النيسابوري، عن عبد الله بن نافع، قال: سُئل مالك عن المسح على العِمامَة والخِمار؟ فقال: «لا يَنبَغي أن يَمسَح الرجل ولا المرأة على عِمامَةٍ ولا على خِمار، وليَمسَحا على رُؤوسِهما». باب: الوَقت في المسح عَلى الجَورَبَين والنَّعلَين • قيل لأحمد: فالوَقت في المسح على الجَورَبَين والنَّعلَين؟ قال: «بِمَنزِلَة الخُفّ». قيل: فالعِمامَة؟ قال: «لم يَبلُغني في العِمامَة شيء، ولكنه عِندي بِمَنزِلَة الخُفّ»، يعني: ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن للمُسافِر، ويَومٌ ولَيلَة للمُقيم.

باب: المسح على القلنسوة والكمة والعمامة

260 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا عبد الصَّمَد، قال: ثنا مَروان أبو سَلَمَة، قال: ثنا شهر بن حوشب، عن أبي أمامة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَمسَح على الخُفَّين والعِمامَة ثلاثًا في السَّفَر، ويومًا ولَيلَة للمُقيم. باب: المسحِ عَلى القَلَنسُوَة والكُمَّة والعِمامَة • وسُئل إسحاق بن إبراهيم عن الرجل يَلبَس العِمامَة وهو غَير مُتَوضِّئ، أيَمسَح عَلَيها؟ قال: «لا». • وسألت أحمَد عن المسح على القَلَنسُوَة؟ قال: «لا يَمسَح». قلت: وليس هي مِثل العِمامَة؟ قال: «لا». • وسألت أحمَد، قلت: أَفَيَمسَح الرجل على الكُمَّة كما يَمسَح على العِمامَة؟ قال: «لا، لا يَمسَح على الكُمَّة». • وسألت إسحاق عن المسح على القَلَنسُوَة؟ قال: «لا»، ولم يُرَخِّص فيه. 261 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل ابن مُسلِم، عن الوَليد بن أيمن، قال: قلت لأبي الدرداء: تَوضَّأتُ، ثم لَبِستُ عِمامَتي، ثم أَرَدتُ الوضوء بعدُ، أَمسَح على عِمامَتي؟ قال: «امسَح على عِمامَتك والبُرنُس».

باب: من مسح على الخفين، ثم خلعهما

262 - حدثنا محمد بن سَعيد، قال: ثنا عبد الأعلى، عن سَعيد، عن الأشعَث بن سليم، عن أبيه، قال: رأيت أبا موسَى خَرَج من الحَدَث، فَمَسَحَ على القَلَنسُوَة والخُفَّين. 263 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا يَحيى بن عيسَى، عن الأعمَش، عن عبد الله بن ضرار، قال: رأيت أنس بن مالك دَخَلَ الخلاء، ثم خَرَج، وتوضَّأ، ومَسَحَ على قَلَنسُوَته وجَورَبَين له، ثم تَقَدَّم فصَلَّى بنا صلاةً مكتوبة. باب: مَن مَسَحَ عَلى الخُفَّين، ثم خَلَعَهُما • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: رَجلٌ مَسَحَ على خُفَّيه، ثم خَلَعَهما؟ قال: «يُعيد الوضوء». قال: «وقال الزُّهري: «إذا خَلَعَ أَحَدَهما غَسَلَ إحدَى رِجلَيه، ومَسَحَ على الأُخرَى، وإذا خَلَعَهما جميعًا توضَّأ»». قال أحمد: «ومن قال: إذا خَلَعَهما غَسَل قَدَمَيه؛ فإنه يَلزَمه أن يقول: يُعيد الوضوء». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا مَسَحَ ثم خَلَع؛ فإنه يُعيد الوضوء». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا مَسَحت على خُفَّيك، ثم خَلَعتَهما؛ أَعَدت وضوءك كُلَّه. واختَلَف أهل العلم في ذلك، وكُلٌّ له مَعنى، وأَصَحُّ المعاني: إعَادَة الوضوء».

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «أما إبراهيم النخعي؛ فإنه يُروَى عنه الأَوجُه الثلاثة: فمنهم من قال: قال إبراهيم: «ليس عَلَيه شيء»، وقد صَحَّ عنه القولان: إعادة الوضوء، وألَّا يَغسِل رِجلَيه أصلًا. وأما غَسل القَدَمَين؛ فقد ذُكِرَ عنه بِغَير تَصحيح. وما أرى إبراهيم اختَلَف أَصحابُه عَلَيه إلا لِمَا رَأى -أوَّلًا- مَذهَبًا، ثم نَزَعَ عنه». • وسألت علي بن عبد الله، قلت: رَجلٌ مَسَحَ على الخُفَّين، ثم خَلَعَهما؟ قال: «يَغسِل قَدَمَيه». قال: «وكذلك قَال عبد الرحمن بن مهدي». قال: «وفيه أَقَاويل». • سمعت أحمَد يقول: «كان الحكَم، وحَمَّاد، والشعبي، والزُّهري، ومَكحُول (1)؛ إذا مَسَحَ ثم خَلَع؛ توضَّأ»، وهو مَذهَب أحمد. 264 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: ثنا يَحيى بن آدم، عن يَزيد بن عبد العَزيز بن سِيَاهٍ، عن الأعمَش، عن أبي ظبيان، قال: رأيت عَليًّا مَسَحَ على نَعلَيه، ثم خَلَعَهما، فَجَعَلَهما في كُمِّه، وصَلَّى بهم الفَريضة. قال الأعمَش: فحَدَّثت به إبراهيم، قال: «أبو ظبيان هو حَيّ؟». قلت: نعم. قال: «فإذا لَقيتَه فَأَخبِرني». فَلَقيتُه، فجئت إبراهيم، فَأَخبَرته، فَأَتاه، فَسَأَله عن ذلك إبراهيم، فَحَدَّثَه. فقال إبراهيم: «ألا ترى إلى علي؛ مَسَحَ على خُفَّيه ثم خَلَعَهما».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "قال الحكم ... "، أو: "كان الحكم ... يقولون ... ".

باب: المسح على الخف الصغير

265 - حدثنا سَعيد، ثنا أبو عَوانَة، عن قَتادَة، عن الحسَن، قال: «إذا مَسَحَ على خُفَّيه ثم خَلَع؛ صَلَّى». باب: المسح عَلى الخُفِّ الصَّغير • وقال أحمد: «إذا جاوَز الخُفُّ مَوضِع الغَسل؛ مَسَح». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول -في الخُفِّ الصَّغير-: «إذا كَان إلى مَوضِع الغَسل -وهو: العَقِب-؛ فإنه يَمسَح». • وسألت إسحاق عن المسح على الخُفِّ الصَّغير؟ قال: «إذا غَطَّى الكَعبَين؛ جَاز المسح»، وذكر إسحاق حديث النبي صلى الله عليه وسلم -في المُحرِم لا يَجِد النَّعلَين-؛ قال: «يَلبَس الخُفَّين، وليَقطَعهما أَسفَل من الكَعبَين»، أي: أنه إذا كَانا فَوقَ الكَعبَين قَليلًا؛ فَهُما خُفَّان. • قال إسحاق: «الكَعب هو: العَظم النَّاتئ»، يَعني به: العرقوب. قلت: أَليس الكَعب وَسط القَدَم؟ قال: «ذاك في القَطع». 266 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا أبو علي الحنفي، قال: ثنا إسرائيل بن يونُس، قال: أخبرني غالب أبو الهذيل، قال: سمعت محمد بن علي يقول: «الكَعب وَسط القَدَم». باب: المسح عَلى الخُفِّ المُتَخَرِّق • سألت أحمَد، قلت: فإن كان الخُفُّ مُتَخَرِّقًا؟ قال: «إذا ظَهَرَ من القَدَم شيء؛ لم يُعجِبني أن يَمسَح عَلَيهما». قلت: فإن ظَهَرَ بَعضُ الأَصابِع؟ قال: «قد قلتُ: إذا -[170]- ظَهَرَ من القَدَم شيء في الخُفّ؛ لم يَمسَح، وإذا كان فَتقٌ أو خَرقٌ في ناحِيَة الخُفّ؛ فإنه يَمسَح، وإذا كان في رِجلَيه جَورَب؛ مَسَح -وإن كان الخُفُّ مُتَخَرِّقًا-». قيل: فالمسح على الجَورَب؟ قال: «يَمسَح».

• وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا كان الخُفُّ مُتَخَرِّقًا؛ فَامسَح عَلَيه ما دام الخُفُّ يَستَمسِك في القَدَم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مَسَحَ على الخُفَّين، فليس الخُفُّ الجَديد بِأَولَى بهذا الاسم من المُتَخَرِّق، وكُلٌّ يُسمَّى خُفًّا». • وسمعت إسحاق يقول: «أُبيح لك المسح على الخُفَّين، وجَهِل هؤلاء الذين وقَّتوا في الخَرق: ثلاثة أصَابع، حتى إنهم قالوا: فإن كَان ذلك في مَواضِع شَتَّى؛ ضمَّ بَعض ذلك إلى بَعضٍ حتى نَنظُر فيه، فإن كان إذا جُمِعَ ذلك كُلُّه كان قَدرَ ثلاثة أصَابع؛ لم يَمسَح عَلَيهما. وهذا قولٌ لم يَسبِقهم إلَيه عَالِمٌ قَطُّ فيما مَضَى، وأَنكَر ابن عُيَينَة ذلك أَشَدَّ الإنكار، حتى إنه قَال: «ما لَقَّنَ هؤلاء إلا الشَّيطان: قَدر ثلاثة أصابع!»». 267 - حدثنا إسحاق، قال: سمعت سُفيان بن عُيَينَة -وسُئل عن المسح على الخُفِّ المُتَخَرِّق؟ -، قال: «نعم، يَمسَح عَلَيه». قيل لسُفيان: فإن كان فيه خَرقٌ بِقَدر ثلاثة أصابع؟ قال: «يَمسَح». • وسألت علي بن عبد الله عن الخُفِّ المُتَخَرِّق؟ قال: «إنْ تَخَرَّقَ حتى يَتَعَلَّق بإصبعٍ وَاحِدة؛ فإنه يَمسَح عَلَيه».

باب: كيف المسح؟

268 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا يَحيى بن ضريس، قال: سمعت سُفيان الثوري -وسُئل عن الخُرُوق في الخِفاف؟ -، فقال: «امسَح على الخُفِّ ما سُمِّيَ خُفًّا». • «وقال ابن مبارَك مِثلَ ذلك، وقال: «أما تَرَى خِفَافَ أَصحاب محمدٍ فيها خُرُوق»». 269 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا أبو إسحاق الفَزاري، قال: قال سُفيان: «يمسَح على الخُفِّ المُتَخَرِّق، ما لم يَكُن الخَرق في مَوضِع المسح». 270 - وقال الأوزاعي: «يَغسِل ما بَدَا من قَدَمه، ويَمسَح على ما بَقي». 271 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا يَزيد بن هارون، قال: سمعت سُفيان الثوري يقول: «المسح على الخُفِّ ما انتُفِعَ به». باب: كَيفَ المسح؟ • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: المسح بالأصَابع؟ قال: «نَعم». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن المسح على الخُفَّين؟ قال: «بالأصابع، من أسفل -يعني: من طَرَف الأصَابع-، إلى أَصل القَدَم». • وسألت إسحاق، قلت: يُجزئ المسح بِثلاثة أصَابع؟ قال: «بالكَفّ»، وذَكَر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مَسَح على المُوقَين بِكَفِّه. • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إن مَسَحَ على الخُفَّين بإصبعَين أو بِثلاث (1) -[172]- أصابع، أو بِأَنصاف أصابع كَفَّيه؛ لم يُجزِئه ذلك حتى يَمسَح بِكَفَّيه، إلا أن يَكون بإحدى كَفَّيه عِلَّة، فحينئذ يُجزئ عِند الضَّرورَة أن يَمسَح بِما أَمكَنَه من الكَف».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "بثلاثة".

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إن كان الذي يَمسَح على خُفَّيه مَسَحَ عَلَيهما بإصبعٍ واحدة؛ فَلَيس ذلك بِمَسح، حتى يَمسَح بِيَدَيه كما أُمِر، إلا أن تَكون عِلَّةٌ بِيَدَيه أو بِإحداهما؛ لِمَا مَضَت السنة أن المسح عَلَيهما باليَدَين، إلا ما أَخطَأته اليَد». 272 - حدثا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل لأبي عَمرو الأوزاعي: فَمَسَحَ بإصبعٍ واحدَة؛ خَطًّا واحِدًا؟ قال: «لا يُجزِئه، وإن رَدَّدَ بها المسحَ أَجزَأه، ولا يَتَعَمَّد ذلك». 273 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا حِبَّان بن موسَى، قال: قال عبد الله: قال سُفيان: «يُجزئ المسح بِإصبعَين بِطُول الأصابع». 274 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا بِشر بن مَنصور، عن خالِد أبي الفضل، قال: سَأَل القاسِم بن ربيعة الكاتبُ الحسَنَ، فقال: يا أبا سَعيد، الرجل يَكون عَلَيه الخُفّان الجَديدان الأبيضان اللذان يَبقَى عَلَيهما الدَّنَس، كَيف يَمسَح عَلَيهما؟ قال: «يَخطُّ عَلَيهما خَطًّا»، وقال بإصبعه السَّبابة وَحدها هكذا، وَوَصَفَ أبو معن. • ورأيت أحمَد -مرةً أخرى- وَصَفَ المسح على الخُفَّين، فَأَخَذَ من أَطراف أَصابِعه -[173]- إلى أَصل القَدَم، وذَكَر -أَظنُّه- عن الشعبي أنه كان يَمسَح مِن أَصل القَدَم إلى طَرَف الأصابع.

باب: من مسح أعلى الخف وأسفله

275 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عَمرو -في المسح-: «مَسحَة واحِدة جَرًّا إلى السَّاق». 276 - حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الجزري، قال: ثنا زياد بن عبد الله، عن الفضل بن مُبشِّر، قال: رأيت جابِر بن عبد الله توضَّأ، ومَسَحَ ظُهور خُفَّيه واحِدة، فقلنا له، فقال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَصنَع مِثلَ هذا». 277 - حدثنا زَيد بن يَزيد، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا جَعفَر بن زياد، عن حصين، عن الشعبي، قال: «مَسحَة واحِدة، إن شِئت هكذا، وإن شِئت هكذا»، أَقبَل بِأصابِعه وأَدبَر، وعَرضًا. باب: مَنْ مَسَحَ أَعلَى الخُفِّ وأَسفَلَه • سمعت إسحاق بن إبراهيم -وسأله رَجلٌ عن مَسح الخُفّ؟ -، فقال: «أَعلَى الخُفِّ وأَسفَله أَحَبُّ إليَّ». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى- عن المسح على الخُفَّين؟ فقال: «من فَوق وأَسفَل»، ووَصَفَه لَنا.

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا أَراد المسح على الخُفَّين؛ مَسَح أَعلاه وأَسفَلَه؛ لِمَا: 278 - أخبرنا الوَليد بن مُسلِم، عن ثور بن يَزيد، عن رجاء بن حَيوة، عن كاتب المُغيرَة، عن المُغيرَة بن شُعبَة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَسَحَ أَعلَى الخُفَّين وأَسفَلَهما». • قال إسحاق: «وهذا رَأي مالِك وأهل الحِجاز، وأَخَذَ به بَعض أهل العِراق، ومَن لم يَرَ إلا أَعلاه فَحُجَّته: ما ذَكَرناه عن قيس بن سَعد، حيث رُئِيَ على شاطئ دِجلَة مَسَحَ على خُفَّيه، فرُئِي أَثَر الأصَابع على ظاهِر الخُفَّين. ولَيس ذلك بِواضِح؛ لأن من مَسَح أَعلاه وأَسفَلَه -أيضًا- فإنه يَجعَل مَسح الأعلى خططًا بالأصابع، وقد صَحَّ أن ابن عُمَر مَسَحَ أَعلاه وأَسفَلَه، فَأَخَذَ بذلك الزُّهري، وقال: «هو السنة»». 279 - حدثنا إسحاق، قال: وأخبرني أبو رَوح، أنه رأى ابن المبارَك يَمسَح أَعلَى الخُفَّين وأَسفَلَه (1). 280 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا محمد بن بكر، قال: أبنا ابن جُرَيج، قال: قلت لنافع: كَيف كان ابن عُمَر يَمسَح على الخُفَّين؟ قال: «ظُهورهما وبُطونهما بِكَفَّيه، رَأيته فَعَل ذلك، دُعِيَ إلى جنازَة، فتوضَّأ، ومَسَحَ عَلَيهما».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "وأسفلهما".

281 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا أبي، قال: ثنا محمد بن مهاجر، عن عَمرو بن مهاجر، عن عُمَر بن عبد العَزيز، أنه كان يَمسَح على أَعلَى الخُفِّ وأَسفَله. قال محمد: تَضَع يَدَك اليُمنَى فَوق ظَهر الخُفّ، واليُسرَى على بَطنه. • وسمعت إسحاق يقول: «إنْ مَسَح أَعلاه ولم يَمسَح أَسفَله فَأعَاد أَحَبُّ إليَّ، من غَير أن يَتَبيَّن وجوب الإعَادة عَلَيه؛ لِمَا ذُكِرَ في غَير حديثٍ عن المُغيرَة بن شُعبَة أنه مَسَحَ على الخُفَّين، ولم يَذكُر فيه أَعلاه ولا أَسفَله، فمن تَأَوَّل ذلك وعَمِلَ به لم يَتبَيَّن عَلَيه إيجاب الإعَادة». 282 - حدثنا العلاء بن عَمرو الحنفي، قال: ثنا فُضَيل، عن هِشام، عن الحسَن، قال: «المسح على الخُفَّين خُطوطٌ بالأصَابع». 283 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا حَفص، وعيسَى بن يونُس، عن الأعمَش، عن أبي إسحاق، عن عَبد خَير، عن علي، قال: «كُنت أَرَى أن باطِن القَدَمين أَحَقُّ بالمسح، حتى رَأَيت النبي صلى الله عليه وسلم يَمسَح على ظَاهِرهما».

باب: من غسل قدميه ولبس خفيه، ثم أتم الوضوء

باب: مَنْ غَسَل قَدَميه ولَبِسَ خُفَّيه، ثم أَتَمَّ الوضوء • قلت لأحمَد بن حَنبل: رَجلٌ غَسَل قَدَمَيه ولَبِسَ خُفَّيه، ثم أَتَمَّ وضوءه؟ قال: «لا، ولكن يتوضَّأ، ثم يَلبَس خُفَّيه». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن رَجلٍ غَسَل قَدَمَيه ولَبِسَ خُفَّيه، ثم مَشَى فَرسَخًا، ثم توضَّأ ومَسَحَ على خُفَّيه؟ قال: «لا يَجوز»، وأنكره، وقال: «هذا خِلاف كِتاب الله وسُنَّة رَسوله؛ قال الله -تعالى-: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}». فَذُكِر حديث ابن جُرَيج، عن عَطاء، قال: «الذي يُروَى عن عَطاء؛ التَّفريق في الوضوء». وأظنّني سمعته يقول: «إن النبي صلى الله عليه وسلم أَدخَل رِجلَيه الخُفِّ وهما طاهِرتان بِتَمام الوضوء». • وسُئل إسحاق عن رَجلٍ غَسَل قَدَمَيه ولَبِسَ خُفَّيه، ثم توضَّأ؟ قال: «لا يُجوز إلا أن يَخلَع الخُفّ». 284 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل لأبي عَمرو: رَجلٌ غَسَلَ قَدَمَيه، ثم لَبِسَ خُفَّيه، ثم توضَّأ؟ قال: «خَالف السنة، وأَجزَأ عنه وضوؤه». 285 - حدثنا محمد بن يَحيى، عن عبد الله بن نافع، عن مالك بن أنس، قال: «إنما يَمسَح على الخُفَّين مَن أَدخَل رِجلَيه في الخُفَّين وهما طاهِرتان بِطُهْر الوضوء».

باب: من نسي شيئا من الوضوء، ولبس خفيه

286 - حدثنا الحسين بن سَلَمَة، قال: قال الأنصاري -في رَجلٍ توضَّأ وغَسَل إحدَى قَدَمَيه، ثم أَدخَلَها في الخُفّ، ثم غَسَل الأُخرَى فَأَدخَلَها-؛ قال: «لا يَمسَح عَلَيهما؛ لأنه لَبِسَه وهو غَير طاهِر». 287 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا أبو محمد الهروي، قال: قال ابن مبارَك: سمعت سُفيان يقول -في رَجلٍ بَدَأَ بِرِجلَيه فَغَسَلَهما، ولَبِسَ الخُفَّين، ثم أَكمَل بَقيَّة وضوئه بَعد ذلك بِساعَة-: «فلا بأس بذلك». باب: مَنْ نَسِيَ شَيئًا مِن الوضوء، ولَبِسَ خُفَّيه • وسمعت إسحاق يقول: «إذا توضَّأت ونَسيت مَسحَ رَأسك، أو شيئًا من وضوئك، ولَبِست خُفَّيك، فَأَحدَثت حَدَثًا، فانزَع خُفَّيك، وأَتِمَّ الوضوء؛ لأنك لَبِست الخُفَّين ولَيس الوضوء بِتَمام، وابتَدئ تَمامَه مِن أَوَّله، ولا تَعتَدَّ بما كُنت توضَّأت؛ لأنه لا يُبدَأُ في الوضوء إلا بِما بَدَأ الله به». 288 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، قال: قال سُفيان -في رَجلٍ أَحدَث فتوضَّأ، ونَسي مَسح رَأسه، ولَبِسَ خُفَّيه، ثم أَحدَث بعد ذلك-؛ قال سُفيان: «لا يُجزِئه أن يَمسَح على الخُفَّين؛ لأنه أَدخَل رِجلَه في الخُفَّين ووضوؤه لَيسَ بِتَمام». باب: مَنْ مَسَحَ عَلى الخُفّ، ثم أَخرَج بَعضَ قَدَمه من مَوضِعِه • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: الرجل يَمسَح على الخُفَّين، ثم نَزَعَ بَعض قَدَمه من مَوضِعه؟ قال: «إذا خَرَجَ العَقِب، فَجَاوز مَوضِع الوضوء من الخُفّ؛ خَلَع وتوضَّأ». قلت: إنه رُبَّما أَخرَج العَقِب، والأصَابعُ في مَوضِعها؟ قال: «هذا لا يَكون»، وذَهَب -[178]- إلى أنه لو أزال القَدَم من مَوضِعه خَلَع وتوضَّأ.

باب: الرجل يريد أن يحدث، فيعجل بلبس الخفين

• وسمعت إسحاق يقول: «إذا مَسَحت على خُفَّيك فَوَجدت في خُفِّك حَصاةً أو شيئًا، فَنَزَعت خُفَّيك، فبَقِي من قَدَمك شيءٌ في خُفِّك -حيث تَكون القَدَم-، ثم أَدخَلتهما؛ فلا بأس، وإن كانت قَدَمك قد خَرَجَت إلى سَاقِ الخُفّ؛ فَانزعهما، فقد انتَقَضَت الطهارة؛ لأن الأصل في ذلك: أن تَمسَح على الخُفَّين وأنت لابِسَهما كما يَلبَسُهما الناس، فإذا زال الكَعب مِن مَوضِعه حتى يَخرُج من الخُفّ؛ فَعَلَيه إعادَةُ الوضوء؛ كذلك قال عُمَر بن عبد العَزيز، وإبراهيم النخعي: 289 - أخبرنا بذلك: الوَليد بن مُسلِم، عن عُثمان بن أبي العاتكة، عن محمد بن سويد الفهري، عن عُمَر بن عبد العَزيز». 290 - حدثنا عَمرو، نا الوَليد، قال: قال أبو عَمرو -فيمن مَسَحَ على خُفَّيه، ثم نَزَعَ القَدَم من مَوضِعها، ثم بَدَا له فَرَدَّها-؛ قال: «يَمسَح على خُفَّيه ما لم تَبدُ القَدَم من السَّاق، فإن بَدَت القَدَم عن سَاقِ الخُفّ؛ استَأنَف وضوءه». باب: الرَّجل يُريد أن يُحدِث، فيُعَجِّل بِلُبس الخُفَّين • سمعت إسحاق يقول: «لا بأس على الرجل إذا كان يُريد الحَدَث أن يُعَجِّل بِلُبس الخُفَّين، حتى يَكون ماسحًا عَلَيهما ما أَمكَنه أن يُصَلِّي كما أُمِر، ولم يَشغَله ذلك عن الركوع والسُّجود؛ لأن المسح سُنةٌ مَسنونَة؛ لا اختِلاف بين أهل العِلم فيها». 291 - حدثنا أبو معن الرقاشي، قال: سمعت وَهب بن جَرير يقول: «رُبَّما حَسَست بِالبَول، فَأَلبَس الخُفَّين، ثم أَبول، ثم أتوضَّأ وأَمسَح عَلَيهما».

باب: المسح إذا جاز وقت الحدث

292 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، عن الأوزاعي، عن عَبدَة، قال: «إني لأُبادِر الحَدَث بِلُبس الخُفَّين لأمسح عليهما؛ تسديدًا للسنة». باب: المسح إذا جَاز وَقتَ الحَدَث • قلت لأحمَد بن حَنبل: إن رَجلًا لَمَّا جَاء الوقت الذي أَحدَث، مَسَح -أيضًا-، وصَلَّى؟ قال: «يُعيد ما زَاد على وَقت المسح من الصَّلوات». • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رَجلٌ في سَفَر، وقد صَلَّى في خُفَّيه ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن، فَحَضَرَت الصَّلاة، فأَراد أن يَنزع الخُفّ، فَضَاق الخُفُّ في رِجله ولم يَخرج، كَيف يَصنَع؟ قال: «يَمسَح ويُصَلِّي». قلت: يُعيد الصَّلاة؟ فَكأنه قال: «لا». قال: «لأن أهل المدينة يَرَون المسح ثَمانية أيام». قال: «وأنا أَراه ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن، ولكنِّي قُلت بِقَول أهل المدينَة في مَوضِع العُذر». • وقال أبو يَعقوب: «يَنزع الخُفَّ من رِجله، أو يَقطَع الخُفَّ على حَالٍ». 293 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا مُعتَمِر بن سُلَيمان، عن أبيه، عن الحسَن، قال: «امسَح على الخُفَّين ما لم تَخلَع». 294 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو: فَمَسَحَ على خُفَّيه شَهرًا، أيُعيدُ صَلاته؟ قال: «لا يُعيد صلاته». 295 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا وهب بن جَرير، قال: ثنا أبي، قال: سمعت يَحيى بن أيوب يحدث عن يَزيد بن أبي حبيب، عن علي بن رَبَاح، عن عقبة بن عامر، قال: قَدِمت على عُمَر بن الخطاب بِفَتح دِمَشق، وعَلَيَّ خُفَّان جرمقانيان، فقال: «كنت -[180]- تَمسَح عَلَيهما؟». قال: قلت: نعم. قال: «مُذْ كَم؟». قلت: مُذْ جُمعة. قال: «أَصَبت السنة».

296 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا يَحيى بن آدم، قال: ثنا أبو بكر -هو: النهشلي-، قال: ثنا حَمَّاد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة بن ثابت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال -في المسح على الخُفَّين-: «للمُسافِر ثلاثة أيامٍ وَلَيَاليهن، وللمُقيم يومٌ وليلة». قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أَجاز شَهادَة خزيمة بن ثابت شَهادَة رَجُلَين. 297 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا عبد الله بن بكر، قال: ثنا هِشام بن حَسَّان، عن عُبَيدالله بن عُمَر، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان لا يُوَقِّت في المسح على الخُفَّين شيئًا.

باب: من مسح على خفيه، ثم مسح أثر المسح من خفه

باب: مَنْ مَسَحَ عَلى خُفَّيه، ثم مَسَحَ أَثَر المَسح مِن خُفِّه • قلت لإسحاق: رَجلٌ مَسَحَ على خُفَّيه، ثم مَسَح أَثَر المسح مِن خُفِّه بِثَوبه وهو رَطب؟ قال: «ليس عَلَيه شيء، إذا مَسَحَ فقد أَجزَأ عنه». ثم قال: «هو مِثل المنديل في الوضوء، وقد رُخِّص فيه». باب: تَفسِير: الحَدَث إلى الحَدَث • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «يُصَلِّي في الخُفِّ إلى السَّاعة التي أَحدَث». • وسمعت إسحاق يقول: «من الحَدَث إلى الحَدث؛ لا شَكَّ في ذلك، تَمام خمس صلوات، وإنما مَعنَى المسح من الحَدَث إلى الحَدَث؛ لأنه حين يُحدِث يَلزَمه المسح، فهو وإن أَخَّره من الحَدَث حتى يَمُرَّ به وَقت صلاةٍ أخرى، فهو يحتَسب عَلَيه من الحَدَث، فلا يكون بالمسح إلا خمس صَلَوات، فهذا تَفسير المسح من الحَدَث إلى الحدث». 298 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا أبو داوُد، قال: ثنا شُعبَة، عن عاصم الأحول، عن أبي عُثمان، أن عُمَر قال: «يَمسَح إلى السَّاعة التي مَسَح فيها». باب: مَنْ مَسَحَ عَلى النَّعلَين والجَورَبَين، ثم خَلَعَ النَّعلَين • سمعت أحمَد بن حَنبل -وسُئل عن رَجلٍ مَسَحَ على النَّعلَين والجَورَبَين، ثم خَلَعَ النَّعلَين-؛ قال: «يَخلَع الجَورَبَين، ويُعيد الوضوء». • سمعت إسحاق يقول: «إذا مَسَحت على الجَورَبَين والنَّعلَين، فَامض على صلاتك؛ -[182]- فإن وضوءك لم يَنتَقِض، ولا تَغسِل قَدَمك، ولا تُعِد الوضوء».

باب: من كان في إحدى رجليه خف، وفي الأخرى جورب، أيمسح؟

• سُئل أحمَد عن رَجل مَسَحَ على الجَورَبَين، ثم لَبِسَ النَّعلَين، ثم خَلَعَ نَعلَيه؟ قال: «لا يَضُرُّه لبس النَّعل ولا خَلعهما». 299 - وحدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سألت الأوزاعي عن رَجلٍ توضَّأ ولَبِس زَوجَين (1) خِفاف؛ أَحَدهما فَوق الآخر، ثم أَحدَث، فتوضَّأ، فَمَسح على الأَعلَى، ثم نَزَعَ الأَسفَل؟ قال: «تَمسَح على الأَسفَل لِمَا تَستَقبل» (2). باب: مَنْ كَان في إحدى رِجلَيه خُفٌّ، وفي الأُخرَى جَورَب، أَيَمسَح؟ • سألت إسحاق: رَجلٌ في إحدَى رِجلَيه خُفّ، وفي الأُخرَى جَورَب، أيَمسَح عَلَيهما؟ قال: «نعم، إذا كان الجَورَب من صُوف أو مِرْعِزَّى». قلت: فإن كان الجَورَب من خِرقة؟ قال: «لا يَمسَح عَلَيه». 300 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، قال: قال سُفيان -في المسح على الجَورَبَين-؛ فقال: «هو بِمَنزِلَة الخُفَّين». قال: «وسَواء جَورَبَي خِرَق أو صُوف». باب: مَنْ مَسَحَ ثم بَدَا لَهُ أن يُسَافِر • وسمعت إسحاق يقول: «إذا مَسَحت على خُفَّيك وأنت مُقيم، ثم بَدَا لك أن تُسافِر، ولم تَمسَح عَلَيهما تَمامَ يَومٍ ولَيلَة، فَأَتمَمت ثلاثة أيامٍ ولَيَاليهن، فَاحتَسَبت بما مَسَحت وأنت مُقيم بَعض يَومك أو لَيلَتك حتى صَلَّيت بالمسح، ثم سَافرت؛ ألَّا -[183]- يَزيد على تَمام يَومٍ ولَيلَة مِن حين مَسَحت؛ لأن السنة قد مَضَت للمُقيم بيومٍ ولَيلَة، وللمُسافر بثلاث، وقد صار هذا داخِلًا في الإقامَة والسَّفر، ولا نَعلَم في ذلك سنة، والاحتياط: أن يَأخُذَ بِأَقَل من ذلك، ورُبَّما كان ابتَدَأ مَسحَه وهو مُقيم، حتى يُوجَد في ذلك سنة، أو يَتَّضِح -بناءً على السنة- بِخلاف ما قُلنا».

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والوجه: "زوجي خفاف". (2) كذا في الأصل، ويشبه أن يكون وقع فيه سقط، ولعل تمامه: "ثم نزع، أيمسح على الأسفل؟ قال .. ".

قال: «وإذا مَسَحت على خُفَّيك وأنت مُسافِر، فَقَدِمت المِصر، فَأَتمِم يَومًا ولَيلَة، فَامسَح عَلَيهما تَمامَ يَومٍ ولَيلَة، وإن كُنت قد أَتمَمت يَومًا ولَيلَة في السَّفَر، ثم قَدِمت المِصر، فَانتَزِعها (1)، ولا تَمسَح عَلَيهما». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا مَسَح على خُفَّيه في أول وَقتِ صلاةٍ؛ صَلَّى إلى اليوم الثاني تَمامَ خمس صَلَوات مَكتوبات، وصَلَّى ما بين المَكتوبات؛ النَّوافِل، والوِتر، وعلى الجنائز، وكلَّ شيء بذلك المسح، فهو جائز». قال: «وإن لَبِسَ خُفَّيه فلم يُحدِث إلا بعد عِشاء الآخِرة؛ لَزِمَه المسح حين أَحدَث، ويُصَلِّي تَمام خَمس صَلَوات بَعد الحَدَث؛ لا يحتسب عليه ما كان لابسًا خُفَّه ولم يُحدِث ومَضى أيامًا؛ في المِصر كان أو في السَّفَر». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا توضَّأت فَغَسَلت رِجلَيك، ثم لَبِست خُفَّيك عند الفَجر، فَلَم تُحدِث إلا عند العَصر، فَمَسَحت عَلَيهما عند العَصر، فَامسَح عَلَيهما إلى العَصر من الغَد؛ تَمامَ خمس صَلَوات».

____ (1) كذا في الأصل بضمير الإفراد، وكتب فوقها: "كذا"، وفي الحاشية: "صوابه: فانتزعهما".

باب: الخف يصيبه المطر أو الماء، أيجزئ ذلك من المسح؟

باب: الخُفّ يُصِيبُه المَطَر أو الماء، أَيُجزِئ ذلك مِن المَسح؟ • وسمعت إسحاق يقول: «إذا أَصاب الخُفُّ المطَرَ أو مَاء صُبَّ عَلَيه حتى أصاب أَعلاه أو أَسفَله؛ لم يُجزِهِ أَبَدًا حتى يَنوي بذلك المسح؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سَنَّ المسح؛ صار ذلك عِوَضًا من غَسل الرِّجل، ولا يَجوز تَطهير شيءٍ مِن أعضاء الوضوء التي أَمَرَ الله بِتَطهيرها إلا بِتَجديد نيَّة». 301 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سُئل الأوزاعي عن رَجلٍ توضَّأ، ثم رَشَّ على خُفَّيه الماء؟ فقال: «يَمسَح عَلَيهما، ثم يُعيد صلاته». فقيل له: فإنها صُبَّ عَلَيها الماءُ صَبًّا، ولم يَمسَحهما بِيَدَيه؟ قال: «يُجزئه ذلك». باب: المسح عَلى الجَبَائر والعَصَائب • قلت لأحمد: رَجلٌ جُبرَت يَده، وشدَّ عَلَيها الجبائر وهو غَير مُتَوضِّئ، ثم توضَّأ؟ قال: «يَمسَح على الجبائر؛ لأن الجبائر بِمَنزِلَة جَسَده». 302 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا ابن المبارَك، عن الأوزاعي، عن أبي بكر، عن مُجاهد، وعَطاء، وطاوُس، قالوا: «امسَح على الجبائر». 303 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد، قال: وأخبرني سَعيد، عن سُلَيمان بن موسَى، عن نافع، عن ابن عُمَر، أن إِبهامَي رِجله جُرِحَت، فَأَلبَسَها (1) مَرارَةً، فكان يتوضَّأ عَلَيها.

____ (1) كتب مرتين في الأصل: "كذا"، والوجه: "جُرِحَتا، فَألبَسَهما".

• سألت أحمَد، قلت: رَجلٌ بِهِ جراحَة، فَعَصَبَ عَلَيها خِرقَة وهو غَير مُتَوضِّئ، ثم توضَّأ، فَمَسَحَ على الخِرقَة؟ فَسَهَّل في ذلك. 304 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا هِشام بن الغاز، أنه سمع نافعًا يُحدث عن ابن عُمَر، أنه كان يقول: «مَن كَان به جُرحٌ مَعصوبٌ عَلَيه؛ توضَّأ وَمَسَحَ على العِصاب، ويَغسِل ما حَول العِصاب». قال: «وإذا لم يَكُن على الجُرح عِصاب؛ غَسَلَ ما حَولَه ولم يَغسِله». 305 - قال الوَليد: قلت لمالك بن أنس: إن رجلًا من أصحابِنا أَصَابَه ثلج، فأَكَل لَحمَ باطِن قَدَمَيه فَعَالَجه بالذَّرُور، وليس عَلَيه عِصَابٌ ولا جَبائر، ولا يعتب (1) على غَسلِه إذا توضَّأ؟ قال: «يُوَضِّئ أَعضاء الوضوء، ويَترُك مَوضِع الجرح». قلت لمالك: ولا يَجِب عَلَيه التَّيمُّم بالصَّعيد لِمَا بَقِي عَلَيه من غَسل عُضوِه ذلك إذا لم يُوَضِّهِ ولم يَمسَحه بالماء؟ فقال: «لا أَعرِف في ذلك التَّيمُّمَ». 306 - قال الوَليد: فَذَكَرت ذلك لأبي إسحاق الفَزاري، فقال مِثلَ ذلك. 307 - قال الوَليد: فَذَكَرت قَولَهما لعبد الله بن المبارَك، فقال: كان سُفيان يقول: «إذا كان ذلك الجرح بِطائفَةٍ من عُضوه؛ وَضَّأَ العُضو، وتَرَكَ العُضو الذي بِطائفَته الجرح، ومَسَحَ ما حَولَه بِماء، ولم يَكُن عَلَيه تَيمُّمٌ لِتَركه مَسحَ طائفَةٍ من ذلك الوضوء (2). وإن كان ذلك الجرح قَد عَمَّ عُضوَه ذلك كُلَّه؛ توضَّأ وَغَسَلَ ما حَول العُضو، ويُيَمِّمُ -[186]- ما بَقِي من عُضوِه».

____ (1) في الأصل مهملة، ويحتمل فيها: "ولا يَعْنَتُ"، أي: لا يشق عليه. (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "العضو".

باب: المني والمذي والودي

308 - قال الوَليد: فذكرت ذلك لأبي إسحاق الفَزاري؛ قولَ ابن المبارَك، عن سُفيان، فقال: «ما أَعرِف هذا، وما الأَمر إلا ما قُلتُ لك». باب: المَنِيّ والمَذْي والوَدْي • سمعت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل يقول -في المَنِيّ-: «هو: الماء الغَليظ الذي يَفتُر مِنه الذَّكَر، وفيه الغُسل، وفي المَذْي الوضوء، والوَدْي: ماءٌ أَبيضُ غَليظ، يَخرج بَعد البَول». قال: «فيه الوضوء». • وسمعت أبا يَعقوب إسحاق بن إبراهيم يقول: «هو المَنِيُّ والمَذْيُ والوَدْي، فأما المَنِيّ؛ فَفيه الغُسل، وهو: الماء الدَّافِق الذي يَفتُر مِنه الذَّكَر، ويكون مِنه الوَلَد. وأما المَذْي؛ فهو: الذي يَنتِشر الذَّكَر، فيَخرُج منه الشيء، لا يَفتُر مِنه ذَكَره، ولا يَكُون منه الوَلَد، فَفيه الوضوء. وأما الوَدْي؛ فهو: الذي يَخرُج مِنه بَعد البَول أو شِبهه، فَلَيس فيه إلا الوضوء، يَغسِل ذَكَرَه ويتوضَّأ». 309 - حدثنا أبو معن زَيد بن يَزيد، قال: ثنا عُمَر بن يونُس، قال: ثنا عِكرِمَة بن عمار، قال: حدثني عَبد رَبِّ بن موسَى، قال: حدثتني أمي، قالت: سألت عائشَة، قلت: يا أم المؤمنين، الرجل يَكُون مع أَهله، ويُلاعِب زَوجَته، فيَرَى الماء على طَرَف ذَكَره إذا لاعَب أَهلَه؟ فقالت: «يَغسِل ذَكَره وأُنثَيَيه ويتوضَّأ ويصلي، ولا يَغتسِل. والوَدْي: الماء الذي يُخرج بَعد البَول، فيَغسِل مِنه ذَكَره وأُنثَيَيه، ثم يتوضأ، ولا يغتسل. والمَنِيّ: الماء الدَّافِق الذي مِنه الشَّهوَة، فذلك يَغتسِل مِنه ويُصَلِّي».

باب: التيمم

باب: التَّيَمُّم • سمعت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل يقول -في التَّيمُّم-: «ضَربَة واحِدَة للوَجه والكَفَّين، يَبدَأ بِوَجهه، ثم يَمسَح كَفَّيه إحداهما بِالأُخرَى». قيل له: صَحَّ حديث عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؟ قال: «نَعم، قد صَحّ». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «التَّيمُّم ضَربَةٌ واحِدَة، يَبدَأ بالوَجه». قيل: يَنفَخ يَدَيه؟ فلم يَذهَب إلَيه. 310 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا مُعتَمِر، عن بُرد، عن مَكحُول: «يَضرِب بِيَدَيه إلى الأرض، ثم يَمسَح وَجهه وكَفَّيه». 311 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا داوُد، عن الشعبي، قال: «التَّيمُّم ضَربَةٌ للوَجه واليَدَين إلى المِرفَقَين». 312 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا ابن علية، عن ابن أبي عروبة، عن قَتادَة، عن سَعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عمار، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «التَّيمُّم ضَربَةٌ للوَجه والكَفَّين».

باب: كيف التيمم؟

313 - حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: ثنا عباد بن العوام، قال: أبنا حصين، عن أبي مالك الغفاري، أن عمار بن ياسر ضَرَبَ بِيَدَيه في التُّراب، ثم نَفَخَ فيهما حتى ذَهَبَ أعلاهما، ثم مَسَحَ وَجهه وكَفَّيه، ثم قال: «هكذا التَّيمُّم». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول -في التَّيمُّم-: «ضَربَةٌ للوَجه، وضَربَةٌ للكَفَّين إلى الرُّصْغ». قال: «وَيَجوز ضَربَةٌ»، ووَصَفَه لنا. قلت: يجوز ظهر (1)؟ قال: «نعم». • ووصف لنا إسحاق بن إبراهيم -مرةً أخرى- التَّيمُّم، فَضَرَبَ بِيَدَيه، ثم نَفَخَهما، فَمَسَحَ بهما وَجهه، ثم ضَرَبَ بِيَدَيه الثانية، ولم يَنفَخهما، ثم مَسَحَ ظُهور الكَفَّين؛ اليُمنَى باليُسرَى، واليُسرَى باليُمنَى. باب: كَيف التَّيَمُّم؟ • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا أَرَدت أن تَتيَمَّم، فأول ذلك: أن تَقول: «بسم الله»، مَع وَضع كَفَّيك على الأرض، ثم تَمرُّ بهما، ثم تَنفَخ فيهما -إنْ -[189]- لَزِق بالكَفَّين تُرابٌ كَثير-، (2) أَجزَأَك ألَّا تَنفَخ، ثم تَمسَح بهما وَجهك، وتَمرُّ بِيَدَيك على جَميع الوَجه واللحيَة؛ أَصابَ ما أَصاب، وأَخطَأَ ما أَخطَأ، ثم تَضرِب ضَربَةً أخرى -كذلك- لِكَفَّيك.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "ضَربَة". (2) سقط هنا: "وإن لم يلزق بهما تراب كثير".

وإن جَاوَز الرجل الكَفَّين إلى المِرفَقَين؛ لم نَعِب عَلَيه إذا كان ممن يَرَى الكَفَّين جائزًا، وإن رَأَى الكَفَّين فاسِدًا؛ فقد جَهِل وأَخطَأ؛ وذلك أن الصَّحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم المعروفَ المشهورَ؛ الذي يَرويه الثِّقَة عن الثِّقَة بِالأخبار الصَّحيحَة: أن النبي صلى الله عليه وسلم عَلَّم عمار بن ياسر التَّيمُّم للوَجه والكَفَّين، وعلى ذلك كان علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عَبَّاس، والشعبي، وعَطاء، ومُجاهد، ومَكحُول، وغيرهم؛ يَرَون الكَفّ، ولا يَجوز لأحَدٍ أن يَدَّعي على هؤلاء أنهم لم يَعرِفوا التَّيمُّم، ولو قالوا: «الذِّراعين أَحَبُّ إلَينا اختيارًا»؛ لَكَان أَشبَه». 314 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل لأبي عَمرو الأوزاعي: صِف التَّيمُّم؟ فَوَضَعَ كَفَّيه على الأرض وَضعًا رَفيقًا، ثم رَفَعَهما، ثم أَمَرَّ إحداهما على الأخرى مَسحًا رفيقًا، ثم أَمَرَّ بهما على وَجهه، ثم على كَفَّيه. 315 - وحدثنا محمد بن يَحيى، عن عبد الله بن نافع، قال: سُئل مالك عن التَّيمُّم، وأين يَبلُغ به؟ قال: «يَضرِب ضَربَةً لِوَجهه، وضَربَةً لِيَدَيه، ويَمسَحهما إلى -[190]- المِرفَقَين.

316 - حدثنا أبو حَفص عَمرو بن علي، قال: ثنا يَزيد بن زُرَيع، قال: ثنا سَعيد، عن قَتادَة، عن عزرة، عن سَعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن عمار بن ياسر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالتَّيمُّم للوَجه والكَفَّين مَرَّة. 317 - حدثنا الربيع بن يَحيى، قال: ثنا زائدَة، ثنا حصين عن (1) عبد الرحمن، عن أبي مالك، عن عمار، أنه غَمَسَ باطِن كَفَّيه بِالتُّراب، ثم نَفَخَ يَدَه، ثم مَسَحَ وَجهه ويَدَيه إلى المفصل، وقال عمار: «هذا التَّيمُّم». 318 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا الحارِث بن عطية، عن عبد العَزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: «التَّيمُّم ضَربَتين (2)؛ ضَربَةٌ للوَجه، وضَربَةٌ للكَفَّين». 319 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا حبان بن موسَى، عن عبد الله، قال: قال -[190]- عبد العَزيز: عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه وَصَفَ التَّيمُّم، فَمَسَحَ وَجهه، وظَهر يَدَيه، وذِراعَيه مِن لَدُن أصابِعه إلى مِرفَقَيه، ثم مِن بَطن اليَدَين مِن لَدُن مِرفَقه إلى أصابِعه؛ ضَربَتَين، يَنفُضُها (3).

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "بن". (2) كذا في الأصل، وضبب عليه الناسخ، والوجه: "ضربتان". (3) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "يَنفُضُهما".

320 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا سُلَيمان بن حيان، قال: أبنا حجاج، عن عَطاء والحكم، عن إبراهيم: «التَّيمُّم ضربتين (1)؛ للكَفَّين والوَجه». 321 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: سمعت يَحيى بن سَعيد يَسأَل سُفيان عن هذا الحديث: تَيَمَّمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكِب؟ فقال سُفيان: قال الزُّهري: أخبَرَنيه عُبَيدالله بن عَبدالله، عن أبيه، عن عمار، قال: تَيَمَّمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكِب. 322 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني الليث بن سَعد، عن ابن شِهاب، عن عُبَيدالله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عمار بن ياسر، أنه قال: «سَقَط عقدٌ لعائشَة، فَتَخَلَّفنا لالتماسه، فانطَلَق أبو بكر إلى عائشَة، فتَغَيَّظ عليها في حَبسِها الناس، فأنزل الله الرُّخصَة في التَّيمُّم، فَمَسَحنا يَومَئذٍ إلى المناكِب».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه:"ضربتان".

323 - قال الوَليد: وأخبرني أبو عَمرو، عن الزُّهري، أنه كان يقول -في التَّيمُّم-: «إلى المنكِبَين»، ورُبَّما قال: «إلى الإبطَين». 324 - قال الوَليد: وأخبرني خُلَيد، عن الحسَن، قال: «التَّيمُّم ضَربَتان: ضَربَةٌ للوجه، وضَربَةٌ لليدين إلى المِرفَقَين». 325 - قال الوَليد: فذَكَرت قَول من يقول: «التَّيمُّم ضَربَةٌ للوَجه واليَدَين إلى المِرفَقَين» لأبي عَمرو، وسَعيد بن عبد العَزيز، وابن جابِر، فَأَخبَروني عن مَكحُول، أنه قال: «ضَربَةٌ واحِدَةٌ للوَجه ثم الكَفَّين». 326 - قال الوَليد: قال ابن جابِر: ورأيت مَكحُولًا يَتَيمَّم غَيرَ مرَّة؛ ضَربَةً واحدةً للوَجه والكَفَّين. قال: ويَتَأَوَّل مَكحُول آيةَ القُرآن في الوضوء: {فامسحوا بوجوهكم} {وأيديكم إلى المرافق}، وآيةَ التَّيمُّم: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}، ثم يَستَثني فيه (1): {إلى المرافق}، قال: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما}. قال مَكحُول: «وإنما تُقطَع يَد السَّارق من المِفصَل».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "لم يستثن فيه: {إلى المرافق} "، أي: في التيمم.

باب: الرجل يصلي الصلاتين بتيمم واحد

327 - وقال الوَليد: عن خُلَيد وسَعيد بن بشير، عن قَتادَة، عن سَعيد بن المسيَّب، قال: «التَّيمُّم ضَربَةٌ واحدةٌ للوَجه والكَفَّين». 328 - قال الوَليد: وأخبرنا أبو عَمرو، عن عَطاء، أنه كان يقول -في التَّيمُّم-: «مَسحَة واحدةٌ للوَجه، ثم ضَربَةٌ أُخرَى لِكَفَّيه». 329 - وبه يَأخُذ أبو عَمرو. 330 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا أبو إسحاق، عن إسماعيل بن أبي خالِد، قال: سألت الشعبي عن التَّيمُّم؟ فَضَرَبَ بِيَده الأرض، ثم ضَرَب إحداهما بالأُخرَى، ثم مَسَحَ وَجهه وكَفَّيه». باب: الرَّجُل يُصَلِّي الصلاتَيْن بتَيَمُّمٍ واحِد • سألت أحمَد، قلت: الرجل يُصَلِّي الصلاتين بِتَيمُّمٍ واحِد؟ قال: «أما أنا فَأَعجَبُ إليَّ أن يَتيَمَّم لكُلِّ صلاة». • وسمعت إسحاق يقول: «السنة أن يَتيَمَّم لكُلِّ صلاة؛ لقَول الله -تبارك وتعالى-: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا ...} الآية، ولِمَا ذكر علي، وابن عُمَر، ومَن بَعدهم من التابعين، مِثل: إبراهيم النخعي، والشعبي».

331 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل للأوزاعي: حَضَرَت صلاة الظهر، فَتَيمَّم، ثم لم يَجِد ماء حتى حَضَرَته صلاة العصر، أَيكفيه تَيمُّمُه الأوَّل للظهر، ولم يُحدِث فيما بَينهما؟ وأخبر (1) أنه سأل رَبيعة ويَحيى بنَ سَعيد عن ذلك؟ فقالا: «نَرَى أن يَتيَمَّم لكُلِّ صلاة». 332 - قال الوَليد: فذَكَرته لمالك بن أنس، فقال مِثل ذلك. 333 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، قال: «التَّيمُّم عند سُفيان بِمَنزِلة الوضوء، قال سُفيان: «ومن الناس مَن يَقول: إنه يَتيَمَّم لكُلِّ صلاة»». 334 - حدثنا محمد بن يَحيى، ثنا عبد الأعلى، عن هِشام بن حَسَّان، عن الحسَن، قال: «التَّيمُّم مِثل الوضوء، يُصَلِّي به ما لم يُحدِث، إنما هو بِمَنزِلَة ماء النَّهر، وإذا تَيمَّم وصَلَّى ثم وَجَدَ الماء؛ فقد مَضَت صلاته». 335 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا يَزيد بن هارون، قال: أبنا إسرائيل، عن ابن عمر (2)، عن عِكرِمَة، عن ابن عَبَّاس، قال: «التَّيمُّم بِمَنزِلَة الوضوء، يُصَلِّي به الصَّلَوات كُلَّها ما لم يُحدِث».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب:"فأخبر"، وقد يكون سقط قبله شيء. (2) كذا في الأصل، والصواب: "أبي عمر".

باب: المتيمم إذا حضر الوقت يؤخر؛ لعله يبلغ الماء

باب: المُتَيَمِّم إذا حَضَرَ الوقت يُؤَخِّر؛ لَعلَّه يَبلُغ الماء • قلت لأحمد: فإذا حَضَرَ الوقت، أيَتَيمَّم ويُصَلِّي، أم يُؤَخِّر لَعَلَّه يَبلُغ الماء؟ قال: «يُؤَخِّر أَحَبُّ إليَّ». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا حَضَرَ وَقت صلاته، ولم يَجِد ماءً، ولم يَكُن يَطمَع في الوجود من قَريب؛ فتَيمَّم (1) لِأوَّل الوَقت وصَلَّى؛ كما فَعَلَ ابن عُمَر، قال: «أَكرَه أن أُؤَخِّر الصَّلاة عن ميقاتها لَعَلِّي لا أَبلُغ وَقت الصَّلاة»». 336 - حدثنا الربيع بن يَحيى، قال: ثنا زائدَة، قال: ثنا هِشام بن حَسَّان، قال: كان الحسَن يقول -في المسافِر إذا ظَنَّ أنه يَقدِر على الفاء (2) -: «فَليَتَرَبَّص إن لم يَخَف أَن يَفوتَه الوقت، فإن خاف؛ يَتيَمَّم؛ فإنما التَّيمُّم بِمَنزِلَة الماء». 337 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن شَريك وإبراهيم بن عُثمان، عن أبي إسحاق، عن الحارِث، عن علي، قال: «اطلُب الماء حتى يَكون آخِر الوَقت، فإن لم تَجِد ماءً؛ فَتيَمَّم وصَلِّ». 338 - قال الوَليد: قال مالك: «إذا استَيقَنت أنه لَيس بَين يَدَيك ماءٌ تَعرِفه؛ فَتيَمَّم وصَلِّ في الوقت».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "تيَمَّمَ"، وهو رأي إسحاق في المسألة. (2) في الأصل مهملة، والصواب: "الماء".

339 - قال الوَليد: قلت لأبي عَمرو: أرأيت إن كان الماء بين يَدَيَّ على طَريقي، وقد دَخَلَ وَقت الصَّلاة؟ قال: «فَأَخِّر الصَّلاة إلى آخِر الوَقت، ثم انزِل فَتيَمَّم وصَلِّ». 340 - قال الوَليد: وسألت مالكًا، فقال مِثله. 341 - قال الوَليد: قيل لأبي عَمرو: رَجلٌ حَضَرته الصَّلاة وهو لا يَطمَع في ماءٍ يَجِده بَين يَدَيه؟ قال: «فَليَتيَمَّم وليُصَلِّ الصَّلاة في أَوَّل وَقتها». قيل لأبي عَمرو: فَمَن انتَبه من نَومه أو من غَفلَته وهو جُنُب، فهو إن اغتَسَل أو توضَّأ طَلَعت الشَّمس أو غابَت؟ قال: «يَتيَمَّم ويُصَلِّي الصَّلَوات قَبل فَوات وَقتها». 342 - قال الوَليد: فذكرته لإبراهيم بن محمد الفَزاري، فأخبرني عن سُفيان الثوري، قال: «يَتيَمَّم ويُصَلِّي». 343 - قال الوَليد فذكرت ذلك لمالك بن أنس، وابن أبي ذِئب، وسَعيد بن عبد العَزيز؛ فقالوا: «بَل يَغتَسِل ويُصَلِّي، وإن طَلَعَت عَلَيه الشَّمس؛ لِقَول الله -تعالى-: {فلم تجدوا ماء}، فهذا واجِدٌ للماء، كان في عُذرٍ من نَومه وغَفلَته ونِسيانه؛ معذورٌ بها». 344 - قال الوَليد: قيل لأبي عَمرو: فَرَجلٌ غَير مُتَوضِّئ، مَرَّ بِماءٍ قَبل وَقت الصَّلاة، وهو يَعلَم إن جاوَزَه قَبل أن يتوضَّأ لم يَجِد ماءً؟ قال: «فَليَتَوضَّ». قيل لأبي عَمرو: فإنه لم يتوضَّأ حتى جاوَزَه وحَضَرَته الصَّلاة، فلم يَجِد ماءً؟ قال: «يَتيَمَّم ويُصَلِّي، ولا إعادَة عَلَيه إذا وَجَدَ الماء؛ لمُروره كان بالماء قَبل وَقت الصَّلاة».

باب: من تيمم وصلى، ثم أدرك الماء في وقت الصلاة

قيل لأبي عَمرو: فإنه مَرَّ بِماءٍ في ميقات الصَّلاة، فَجاوَزَه وهو يَظُنُّ أن بَين يَدَيه ماءً -مِن غَير يَقين-، فَلَم يَجِد ماءً؟ قال: «يَتيَمَّم ويُصَلِّي، ولا إعادَة عَلَيه؛ لِجَهالَته بالبَلَد». قيل لأبي عَمرو: فإنه مَرَّ بالماء في وَقت الصَّلاة وهو على غَير وضوء، وهو يَعلَم أنه لا يَجِد بَين يَدَيه ماءً غَيره؟ قال: «أَساء، ويَتيَمَّم ويُصَلِّي، وعَلَيه قَضاء تِلك الصَّلاة إذا وَجَدَ الماء في الوَقت وغَير الوَقت». قيل لأبي عَمرو: فإنه تَيمَّم وصَلَّى ثم مَرَّ بالماء، فَنَسي أن يَغتَسِل حتى حَضَرَته صلاةٌ أُخرَى، فَلَم يَجِد ماءً، فَتيَمَّم، ثم صَلَّى، ثم وَجَد الماء بَعد الوَقت؟ قال: «مَضَت صلاته؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تَجاوز لِأُمَّتي الخَطَأ والنِّسيان»». باب: مَنْ تَيَمَّم وصَلَّى، ثم أَدرَك الماءَ في وَقت الصَّلاة • قيل لأحمد: فَرَجلٌ تَيمَّم وصَلَّى، ثم أَدرَك الماءَ في وَقت الصَّلاة؟ فكَأنه أَحَبَّ أن يُعيد الصَّلاة، وإن لم يُعد؛ لم نَرَ عَلَيه شيئًا. • وسمعت إسحاق يقول: «إذا تَيمَّمت فَصَلَّيت، ثم وَجَدت الماء وقد صَلَّيت؛ فقد مَضَت صلاتك؛ سُنةٌ ماضيَة». 345 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، عن سُفيان بن سَعيد، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه تَيمَّم على رَأس ميلٍ أو ميلَين من المدينة، فَصَلَّى العَصر، ثم قَدِمَ والشَّمس مرتفعة، فَلَم يُعِد.

باب: المتيمم صلى ركعة، ثم رأى الماء

346 - حدثنا مَحمود بن خالِد، ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا أبو عَمرو الأوزاعي، عن ابن شِهاب الزُّهري، ويَحيى بن سَعيد -وَسَأَلهم عن رَجلٍ تَيمَّم ثم صَلَّى، ثم أَدرَك الماء في الوَقت-؛ قالوا: «لا نَرَى أن يُعيدها». 347 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد، عن الأوزاعي وسَعيد بن عبد العَزيز، عن مَكحُول، قال: «يُعيد في الوَقت». 348 - قال: وثنا الوَليد، عن سَعيد بن بشير، عن الحسَن؛ مِثل ذلك. 349 - قال الوَليد: وقال أبو عَمرو: «ورَأيي: أن يُعيد في الوَقت، ولَيس ذلك بِواجِبٍ عَلَيه». باب: المُتَيَمِّم صَلَّى رَكعَةً، ثم رَأَى الماء • قيل لأحمد: رَجلٌ تَيمَّم فَصَلَّى رَكعَة، ثم رَأَى الماء؟ قال: «أُحِبُّ العافِيَة مِن هذا، يُروَى عن مالك أنه قال: «يَمضي»». قال أحمد: «جَعَله مِثل صَوم الكَفَّارَة إذا أَخَذَ فيه، ثم أَيْسَرَ؛ مَضَى في صِيامِه». • وسألت (1) إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «وإنْ وَجَدت الماء وأَنت في صَلاتِك لم تُسَلِّم؛ فَانصَرِف، فَتوضَّأ، وأَعِد الصَّلاة». قال (2): «الانصِراف أَحَبُّ إلَينا، وأما مالك وعامَّة أَهل الحِجاز ومَن يَسلُك طَريقَهم مِن أَهل العِراق؛ فإنهم يَرَون إذا رَأَى -[199]- الماء وهو في الصَّلاة أن يَمضي فيها؛ لأن افتِتاحَه كان على الصِّحَّة؛ كما قالوا إذا مَضَى في كَفَّارَة اليَمين أو الظِّهار؛ مَضَى على الصَّوم لَمَّا لم يَجِد، ثم وَجَد قَبل الفَرَاغ؛ مَضَى على صَومه، يَقولون: إنما عَلَيه الطَّلب بحدث تَنتَقِض عَلَيه صلاتُهُ، فهو قولٌ يُشبِه السنة، إلا أن ما وَصَفنا أَوَّلًا أَحَبُّ إلَينا؛ لِمَا أَخَذَ به الحسَن بن أبي الحسَن، ورَأَى ذلك الثوري، وابن المبارَك، ومَن سَلَكَ طَريقهم، وكلٌّ مَذهَب، والله أعلم».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "وسمعت". (2) كذا في الأصل، ويحتمل أن الصواب: "فإن".

باب: الجنب يتيمم، ثم يجد الماء

350 - حدثنا أبو هِشام، قال: ثنا حَسَّان، قال: قال سُفيان -في رَجلٍ تَيمَّم، فَدَخَلَ في الصَّلاة، فَالتَفَت فَرَأَى الماء-؛ قال: «يَنصَرِف فَيتوضَّأ، ويَستَقبِل الصَّلاة، وإن رَآه بَعدَما سَلَّم؛ فَلا يُعيد». 351 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو: فَرَجلٌ تَيمَّم وصَلَّى رَكعَة، ثم وَجَدَ الماء؟ قال: «يَنصَرِف، فَيتوضَّأ ثم يُضيف إلى رَكعَته التي صَلَّى ركعةً أُخرَى، فتَكونان لَه تَطَوُّعًا، ثم يَستَأنِف المكتوبَة». باب: الجُنُب يَتَيَمَّم، ثم يَجِدُ الماء • وسمعت أحمَد يقول -في الجُنُب يَتيَمَّم، ثم يَجِد الماء-؛ قال: «يَغتَسِل». • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ في سَفَر، أَصابَته جَنابة، فَتيَمَّم، فَوَصَلَ إلى الماء بَعد يَومٍ أو يَومَين، فلم يَغتَسِل حين وَصَلَ إلى الماء، وَصَلَّى، فَوَصَلَ إلى الماء بَعد ذلك بِثَلاثة أيام؟ قال: «يُعيد ما صَلَّى بَعدما وَصَلَ إلى الماء». 352 - حدثنا الربيع بن يَحيى، قال: ثنا زائدَة، عن هِشام، قال: زعم مُجاهد أن أبا ذَرّ كان في غَنَمٍ له، فَقَدِمَ المدينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أبا ذَرّ، الصَّعيد يَكفيك وإن -[200]- لم تَجِد الماء عَشرَ سِنين، فإذا وَجدت الماء؛ فَأَمِسَّه جِلدَك».

باب: من كان معه ماء في السفر، فنسي، فتيمم

باب: مَنْ كان مَعَه ماءٌ في السَّفَر، فَنَسِي، فَتَيَمَّم • قلت لإسحاق بن إبراهيم: رَجلٌ كان في سَفَر ومَعه ماء، فَنَسي أن مَعَه ماء، فَتيَمَّم وصَلَّى، فَلما فَرَغَ من صلاته ذَكَرَ أن مَعه ماء؟ قال: «يتوضَّأ ويُعيد». • وقال إسحاق -أيضًا-: «كُلَّما نَسي فَلَم يَذكُر حتى تَيمَّم وصَلَّى؛ فإن ذلك جائز، وإن وَجَدَ الماء في الوَقت الذي تَجوز له الصَّلاة فيه؛ فإنه يُعيد أَحَبُّ إلَينا؛ لِمَا عَدَّ بَعضُهم ذلك مِنه -إذا كان الماء في رَحلِه- تَفريطًا». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «كُلَّما كان في رَحلِك ماء، فَنَسيت حتى صَلَّيت، ثم عَلِمت فَأَعِد الصَّلاة؛ فَإنك مُفَرِّط؛ حيث لَزِمَك الطَّلب ففرطت، والماء في رَحلِك، وكنت واجِدًا له. إنما التَّيمُّم إذا جاء العَجز من الإصابَة، فأما إذا ضَيَّعت أَعَدت». • قلت لأحمَد بن حَنبل: الرجل يَكون في السَّفَر، فَتَحضُر الصَّلاة، والماء على غَير الطَّريق، وإن ذَهَبَ إلى الماء مَضَى أَصحابُه وبَقِيَ وَحدَه وَخاف؟ قال: «إذا كان كذلك؛ فلا يَذهَب إلى الماء». • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ في سَفَر، والماء على غَير الطَّريق، فإن ذَهَب إلى الماء مَضَى أَصحابُه وتَرَكوه؟ قال: «لا يَذهَب إلى الماء، يَتيَمَّم؛ لأني أَخشَى».

باب: المتيمم يؤم المتوضئين

353 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا مُبَشِّر، قال: ثنا الأوزاعي، عن موسَى بن يَسَار، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان يَمُرُّ بالماء وَهو عادِلٌ عن الطَّريق الميلَ والميلَين، فَيتَيمَّم ويًصَلِّي. باب: المُتَيَمِّم يَؤُمُّ المُتَوَضِّئين • قلت لأحمد: المتَيمِّم يَؤُمُّ المتَوضِّئين؟ قال: «كان ابن عَبَّاس يَؤُمُّ أَصحابَه في السَّفَر وهو مُتَيمِّم». 354 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا أبو إسحاق، عن الأوزاعي -في إمام القَوم يَكون جُنُبًا-؛ قال: «يَتَيمَّم ويَؤُمُّهم، ما زادَته فَريضَتُه ورُخصَتُه إلا طهورًا». 355 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو: المتَيمِّم يَؤُمُّ أَصحابَه وهم على غَير وضوء؟ فقال: سألت الزُّهري عن ذلك؟ فقال: «أَرجو أن يَكون ذلك جائزًا». باب: المريض إذا لَم يَقدِر أن يَتَوَضَّأ؛ يَتَيَمَّم؟ • قلت لأحمد: فَصاحِب الجُدَرِيّ يَتيَمَّم؟ قال: «نعم يَتيَمَّم». • وسُئل إسحاق عن المريض إذا لم يَقدِر أن يَتوضَّأ يَتيَمَّم (1). • قلت لإسحاق: فإن المَبطون يَشتَدُّ عَلَيه أن يُصيب شيئًا من جَسَدِه الماءُ، هل يَتيَمَّم؟ قال: «المَبطون وغَيره يَتيَمَّم». قلت: يُيَمِّمُه بَعض مَن عِندَه؟ قال: «نَعم».

____ (1) كذا في الأصل، ولعله تداخل فيه السؤال بالجواب، لانتقال النظر.

باب: التيمم في الحضر

356 - حدثنا أحمَد بن الأزهَر، قال: ثنا أبو العَبَّاس الدِّمشقي، عن الأوزاعي؛ قال: سُئل عن المَجدور، أيَتَيمَّم بالصَّعيد؟ قال: «نَعم، إذا أَشفَق على نَفسِه». وسُئل عن المريض يَتَيمَّم -أيضًا-؟ قال: «المريض الذي لَيسَ عِنده أَحَدٌ يُناوِلُه الماء، ولا يَستَطيع أن يَقوم ... (1)». o في بَردٍ شَديد، فَاستَفتَى، فَأُفتي أن يَغتَسِل، فَكُزَّ فَمات، فَبَلَغَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: «قَتَلوه قَتلَهم الله، إنما شِفاء العِيِّ السُّؤال». باب: التَّيَمُّم في الحَضَر • قلت لإسحاق بن إبراهيم: فَرَجلٌ من المدينة على فَرسَخ، وليس في سَفَر، فَحَضَرَت الصَّلاة، ولَيسَ له ماء، أيَتَيمَّم ويُصَلِّي؟ قال: «نَعم، يَتيَمَّم ويُصَلِّي». قلت: وَيُعيد؟ قال: «لا، وأنا أَرَى في الحَضَر التَّيمُّمَ».

____ (1) تداخل هذا الكلام بالحديث الآتي في الأصل، ولعله لانتقال نظر الناسخ، والصواب فصله.

باب: المسافر يجنب ومعه ماء قليل

357 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: سمعت ابن المبارَك سُئل عن الرَّاعي يَكون الماء منه على الميلَين والثَّلاثة، فَذَكَرَ عن سَعيد بن المسيَّب قال: «يَتيَمَّم ويُصَلِّي». باب: المسَافِر يُجنِب ومَعَه مَاءٌ قَليل • سُئل إسحاق عن رَجلٍ في سَفَرٍ ومَعَه ماءٌ قَليل، وقَد أَجنَب؟ قال: «يتوضَّأ ويَتيَمَّم، وإن خاف على نَفسه العَطَش تَيمَّم». 358 - حدثنا محمد بن يَحيى، عن عبد الله بن نافع، قال: قال مالك -فيمَن احتَلَم وهو في سَفَر، فلَم يَقدِر على ماءٍ إلا قَدرَ الوضوء، وهو لا يَعطَش حتى يَأتي الماء-؛ قال: «يَغسِل بذلك الماء فَرجَه وما أَصابَه من ذلك الأَذَى، ثم يَتيَمَّم صَعيدًا طَيِّبًا كما أَمَرَه الله». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إن كُنت في مَفازَة، وكان مَعَك ماءٌ يَسير، وأنت تَخشَى على نَفسِك، فَتيَمَّم واستَبقِ الماءَ لِنَفسِك؛ لأنه رُخِّص لَك في التَّيمُّم لِحال الضَّرورَة، فإذا أَمكَنَك ذلك، وكان مَعَك من الماء قَدر رِيِّك أو رِيِّ مَن مَعَك، وأنت إن توضَّأت به خِفت تَلَفَ نَفسِك؛ حَلَّ لَك إمسَاك الماء؛ لأنك كأنَّك لا تَجِد حينَئذٍ». 359 - حدثنا الربيع بن يَحيى، قال: ثنا زائدَة بن قدامة، عن ليث، عن طاوُس، قال: «إذا كُنت في سَفَر، وليس مَعَك من الماء إلا لِشَفَتِك؛ فَتيَمَّم، ودَع ماءك».

باب: الصياد حضرت الصلاة، وليس معه ماء

باب: الصَّيَّاد حَضَرَت الصَّلاة، ولَيسَ مَعَه ماء • قلت لإسحاق: رَجلٌ في الصَّيد، ولَيسَ هو في سَفَر، فَحَضَرَت الصَّلاة، ولم يَكُن له ماء، فَتيَمَّم وصَلَّى؟ قال: «يَتيَمَّم ويُصَلِّي». قلت: فَيُعيد الصَّلاة؟ قال: «إن كان في مَعصِيَة؛ يُعيد». قيل: فَهذا الذي في الصَّيد؟ قال: «إن كان خَرَجَ في الصَّيد لِلكَسب على عِيالِه؛ فإنه لا يُعيد». 360 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم قال: ثنا أبو عَمرو، أنه سأل ابن شِهاب الزُّهري عن الرجل يَنتَجِع الكَلَأ، ولا يَجِد الماء؟ فقال: «لا نَرَى أن يُقيم بِالأَرض لَيسَ بِها ماء». 361 - قال الوَليد: فَذَكَرته لِبَعض المشيَخَة، فقال: سمعت أن مُعاذ بن جبل ذُكِرَ له ذلك، فقال: «لَو لَم يَكُن لهم ذلك؛ لم يَكُن لنا أن نَترُكم (1) وذلك». باب المَقطُوعُ اليَدَين، يَتَيَمَّم أو يَتَوَضَّأ؟ • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ مَقطوع اليَدَين من المِرفَقَين، توضَّأ أو تَيمَّم، ولم يَمسَح أَطراف مِرفَقَيه، أتراه جائزًا؟ قال: «كُلَّما كان دون المِرفَق إلى الكَفّ؛ فَلا بُدَّ مِن مَسح الأَطراف، فإن كان القَطع فَوق الذِّراع؛ لم يَلزَمه المسح بالماء». قلت: فإن كان التَّيمُّم؟ قال: «الكَفُّ بَدَل الذِّراع». يعني: أنه يَقول في الكَفِّ: إلى الرُّصغ -في التيمم-؛ كما قال في الذِّراع: إلى المِرفَق -في الوضوء-.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب:"نَترُكَهم".

باب: المتيمم يمر بالماء ولا يتوضأ

362 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل لأبي عَمرو الأوزاعي: فَكَيف يَتيَمَّم الأَقطَع؟ قال: «يَمَسُّ بِكَفِّه الصَّحيحَة التُّراب، ثم يَمسَح بها وَجهَه، ويَمُرُّ بها على طَرَف القَطعاء». قيل لأبي عَمرو: فإن كَانت يَداه مَقطوعَتَين جَميعًا؟ قال: «يَمسَح بِأطرافِهما الأَرضَ، ثم يُمِرُّهما على وَجهِه». باب: المُتَيَمِّم يَمُرُّ بِالماء ولا يَتَوَضَّأ • سمعت إسحاق يقول: «إن تَيمَّمت، ثم مَرَرت بِماءٍ، ولم تَوَضَّأ، فَجاوَزت الماء، فقد انتَقَضَ التَّيمُّم على كل حال، فَتيَمَّم من الرَّأس؛ لأنك ضَيَّعت الماء بَعد الوُجود، إلا أن يَكون في مَكانٍ لا يُوصَل إليه؛ كأنك لم تُصِب». 363 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عَرعَرَة بن البرند، عن أشعَث، عن الحسَن، قال: «إذا تَيمَّم، ثم أَتَى على ماءٍ، فَلَم يَتوَضَّ، فَحَضَرت الصَّلاة»؛ قال: «يُعيد التَّيمُّم». • وسمعت إسحاق يقول: «إن كُنت على نَهرٍ أو بئر، لا تَقدِر أن تَنزِل، ولَيسَ مَعَك ما تَستَقي به؛ فَتيَمَّم، ولا تعجل بالتَّيمُّم حتى تَخشَى الفَوت؛ فإنك بِمَنزِلَة مَن لا يَقدِر على الماء». باب: مَنْ لا يَجِد الماءَ إلا بِالثَّمَن • سمعت إسحاق يَقول: «إن لم تَجِد الماء إلا بِثَمنٍ كما يَبيع النَّاس؛ فَاشتَره؛ فإنه لا يَنبَغي لك أن تَتيَمَّم وأنت تَجِد ما تَشتَري به كما يَشتَري النَّاس في أَسعارِهم، فإذا كان فَوق ذلك؛ لم يَلزَمك الشِّراء، فإن أَخَذت بِالفَضيلَة، فَاشتَرَيت بِما بَلَغ؛ فَهو -[206]- أَحَبُّ إلَينا؛ لِمَا قال أبو هُرَيرَة: «لَأغتَسِلَنَّ يَومَ الجُمعَة ولو كَأسًا بِدينار».

باب: النية في التيمم

وأَخطَأ (1) حَيث وَقَّتوا في ذلك عَشرَة دَراهِم أنه إذا بَلَغَ ذلك أو جَاوَزَه؛ لم يَلزَمه الشِّراء. ولا نَرَى زَعمَهم أنه يُجزئه التَّيمُّم إذا أَصاب دونَ عَشرَة دَراهِم؛ فيما ذَكَرَ عَبدالله بن المبارَك، عن أبي حَنيفَة». 364 - حدثنا مَحمود، قال: أبنا الوَليد، قال: قلت لأبي عَمرو: أَرَأَيت إن لم أَجِد ماءً إلا بِثَمَن؟ قال: «تَشتَريه ولا تَتيَمَّم إذا كان يُباع بِمِثل ما يبلغ به الماء». 365 - قال: وحدثنا الوَليد، عن سُفيان الثوري، قال: «اشتَره بِمِثل ما يُباع به الماء». 366 - قال: وحدثنا الوَليد، عن مالك بن أنس، مِثله. باب: النِّيَّة في التَّيَمُّم • وسمعت إسحاق يقول: «إنْ عَلَّمت رَجلًا التَّيمُّم؛ فَلا يُجزِئك ذلك، حتى تَنوي به التَّيمُّم، وإذا عَلَّمت رَجلًا الوضوء، ولم تَنوِ لِنَفسِك؛ لم يُجزِك. والوضوء مِثل التَّيمُّم؛ لا يُجزِئ حتى تُجَدِّد نِيةً». 367 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو: فَرَجلٌ على غَير وضوء، حَضَرَت الصَّلاة، فَجاءَه رَجلٌ يَسأَله عن التَّيمُّم، فَعَلَّمَه إيَّاه، أَيُجزِئه ذلك من تَيمُّمِه لِصَلاته؟ قال: «لا يُجزئه إلا أن يَنوِيَه تَيمُّمًا وَتَعليمًا». قال أبو عَمرو: «فَإن عَلَّمَه الوضوء، فَتوضَّأ؛ أَجزَأَه».

____ (1) لعله سقط هنا: "هؤلاء".

باب: التيمم بالثلج، والوضوء به

368 - قال: وحدثنا الوَليد، عن مالك وسُفيان الثوري، قالا: «لا يُجزِئه التَّيمُّم إلا بِنيَّة، وإن عَلَّمَه الوضوء فَتوضَّأ؛ أَجزَأه». باب: التَّيَمُّم بالثَّلج، والوضوء به • وسمعت إسحاق يقول: «لا تَتيَمَّم بالثَّلج، ولا تتوضَّأ به، إلا أن تُسَخِّنَه، فَيكون ماءً؛ فَتوضَّأ به؛ ذُكِرَ عن عُمَر بن الخطاب، وعن أهل العِلم مِن التَّابِعين ومَن بَعدهم». 369 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا بذلك سُوَيد بن عبد العَزيز، عن أبي جَبِيرة زَيد بن جَبِيرة، عن داوُد بن حصين، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: أصاب النَّاسَ الثَّلجُ على عَهد عُمَر بن الخطاب، فبَسَطَ بِساطًا، ثم صَلَّى عَلَيه، فقال: «إن الثَّلج لا يُتَيمَّم به، ولا يُصَلَّى عَلَيه». 370 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد، قال: قلت لأبي عَمرو: لم أَجِد طينًا ولا تُرابًا، ووَجَدت ثَلجًا؟ قال: «إن كان ثَلجًا ليِّنًا لَه ماء؛ فتوضَّأ به وضوءًا، فإن كان يابِسًا مِثل الدَّقيق؛ فلا تَيمَّم به، وتَيمَّم بِغُبار صُفَّة سرجك، ونحو ذلك». باب: المُتَيَمِّم لا يَجِدُ الصَّعيد • وسمعت إسحاق يقول: «إذا لم تجد تُرابًا تَتَيمَّم به، وكان في ثوبك أو في سرجك أو في بَرذَعَتك تُرابٌ يُمكِن التَّيمُّم به -وإمكانه: وصُول الغُبار إلى كَفَّيك-؛ فهو -[208]- جائز، ولا تَتَيمَّم بِشيءٍ على الأشجار والثِّياب، إلا أن يَكون تُرابًا يَلزَق بِاليَد حتى تَعرِف ذلك؛ كما يَضَع الرجل يَدَه على الصَّعيد، فَيَلزَق به ما يَتَبيَّن أَثَره».

371 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا أبي، عن نَصر أبي عُمَر، عن عِكرِمَة، عن ابن عَبَّاس، أنه سُئل عن رَجلٍ وَقَعَ في حَمْأة، ولا يَقدِر على ما يتوضَّأ به؟ قال: «يَأخُذ من الحَمأة، فَيضَع على بَعض جَسَده، فإذا جَفّ؛ تَيمَّم به وصَلَّى». 372 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو: التَّيمُّم بِالتُّراب السَّبخَة؟ قال: «لا بأس بذلك». 373 - قال الوَليد: فَذَكَرته لمالك بن أنس، فقال مِثله. 374 - قال الوَليد: «إن مما يُبَيِّن أنه لا بأس بِالتَّيمُّم بِالتُّراب السَّبخَة، والصَّلاة في الأرض السَّبخَة؛ لأن مَسجِد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وبِقُباء وما يَليها من مَساجِدِه في سَبخَة». 375 - قال الوَليد: قلت لأبي عَمرو: التَّيمُّم بالرَّمل؟ قال: «إن لم تَجِد الصَّعيد؛ فَتيَمَّم به». (1) والتَّيمُّم بالرَّمل وإن وَجَدَ الصَّعيد؟ قال: «هو صَعيد». قيل لأبي عَمرو: التَّيمُّم بِتُراب الطَّريق؟ فكَرِهَه. يريد أبو عَمرو: تُراب مَدَقَّة الطَّريق. 376 - قال الوَليد: «فإن تَيمَّم به مَضَت صلاته». 377 - قال الوَليد: قيل لأبي عَمرو: التَّيمُّم بِتُرابِ قَبر؟ فكَرِهَه. وقال أبو عَمرو: -[209]- «إن تَيمَّم به وصَلَّى؛ مَضَت صلاته».

____ (1) لعله سقط هنا: "قيل"، أو: "قلت".

باب: الرجل يأتي أهله في مفازة، وليس معه ماء

قيل لأبي عَمرو: التَّيمُّم بِالحَصَى والصَّفا إذا لم يَجِد صَعيدًا؟ قال: «لا بأس بذلك». 378 - قال الوَليد: وسألت مالك بن أنس عن التَّيمُّم بالحصى؟ فقال: «تَضَع كَفَّيك عَلَيه، ثم تَمسَح بها وَجهَك ويَدَيك». وقال: «لا بأس به». 379 - قال الوَليد: قيل لسُفيان الثوري: والتَّيمُّم بِغُبارٍ على حَشيش أو وَرَق شَجَرة؟ قال: «لا بَأس بذلك». باب: الرَّجل يَأتِي أَهلَه في مَفَازَة، ولَيسَ مَعَه ماء • سمعت إسحاق يقول: «إذا أَرَدت أن تأتي أَهلَك وأنت في مَفازَة، ولَيسَ مَعَك ماء؛ فَأْتِ أَهلَك وتَيمَّم؛ فقد مَضَت السنة في أبي ذَرٍّ وغَيره». 380 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا المعتَمِر، قال: سمعت ليثًا يحدث عن عَطاء، عن ابن عَبَّاس، أنه سُئل عن الرجل يَكون في السَّفَر، ومَعَه أَهله، ولَيسَ مَعَه ماء، وقد اشتَدَّ عَلَيه الشبق؟ قال: «إن شاء أَتَى أَهله وتَيمَّم». • وسألت إسحاق، قلت: رَجلان في سَفَر، مَع أَحَدهما ماء، ولَيسَ مع الآخَر ماء، فَكَسل الذي مَعَه الماء أن يتوضَّأ، فَوَهَبَ الماءَ لِصاحِبه، وتَيمَّم هو بِنَفسه، ما حال هذا الذي وَهَبَ الماء؟ قال: «إذا وَهَبَ الماء صار كَمَن لا ماءَ له»، وذَهَبَ إلى أن صلاته جائزَة، وهو آثِم.

باب: من تيمم فأصابه بول أو نجاسة

381 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو الأوزاعي: قَومٌ أصبَحوا على غَير وضوء، ولَيسَ مَعَهم إلا قَدر وضوء؟ قال: «يَتَشَاحُّون فيه». قيل لأبي عَمرو: فإن أَحَدَهم سَبَقَهم إليه لِيَكون أَولى به؟ قال: «لا، وأَحَبُّ إليَّ أن يُؤثِروا به إمامَهم». قيل لأبي عَمرو: فامرأةٌ أَصبَحت طاهِرًا من حَيضتها، وأَصبَح زَوجها جُنُبًا، ولَيسَ مَعَهما من الماء إلا قَدر غُسلٍ واحِد؟ قال: «الحائض أَولى به إذا كان الماء بَينَهما، وإن كان للجُنُب؛ فلا يُعطيه الحائض». قيل لأبي عَمرو .......... (1). قال: «غُسل الجُنُب فَريضَة، وغَسل الميِّت سُنَّة، فالجُنُب أَولى به». باب: مَنْ تَيَمَّم فَأصَابَه بَولٌ أو نَجَاسَة • وسمعت إسحاق يقول: «إذا تَيمَّمت، فأصابَك بَولٌ أو نَتَنٌ أو شيءٌ في مَوضِع التَّيمُّم؛ فَامسَح المكان الذي أَصابَك بِالتُّراب؛ تُيَمِّمه به». قال: «وإن تَيمَّمت، فَأصاب جَسَدَك بَولٌ أو نَتَنٌ في غَير مَوضِع التَّيمُّم؛ فَامسَحه بِخِرقَةٍ أو بِشيء، وإن مَسَحت التُّراب عَلَيه؛ لم يَكُن به بأس؛ لأنه وإن لم يَكُن بالتُّراب تَطهُر به الأقذار؛ فإنه جُعِلَ عِوَضًا من الماء؛ لتَطهير المواضِع التي فَرَضَ الله عَلَيها الطهارة، فلا يَكون حُكم التُّراب عند الضَّرورَة أَسوأ حالًا مِن مَسحِك إيَّاه بِخِرقَةٍ أو ما أَشبَهها، وأَخطَأ من قال: لا يَمسَح بالتُّراب، ويَمسَح بِخِرقَة».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمة، وضبب على البياض، ويفهم من السياق: أن المسألة في ماء يكفي لغسل واحد، وتنازعه غُسلُ جُنُب، وغَسلُ ميت، فأيهما أولى به؟

باب: دخول الحمام بغير إزار

قال أبو يَعقوب: «وإن لم يَمسَح بِتُرابٍ ولا بِخِرقَة؛ أَجزَأه؛ لأن مَسحَها بالتُّراب أو بِخِرقَة لَيسَت بِطهارَةٍ مُجمَعٍ عَلَيها، لَو كان كذلك؛ كان إذا ضَيَّعَها لَزِمَته الإعادَة». • وسمعت إسحاق يقول: «الحائض والنُّفَساء والذي على غَير وضوء سَواءٌ في التَّيمُّم إذا لم يَجِدوا الماء». 382 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا الوَليد، قال: وأخبرنا المثنى بن الصباح، عن عَمرو بن شعيب، عن سَعيد بن المسيَّب، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، أن رَجلًا أَتَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني رَجلٌ أَكون بالرَّمل، فَتُصيبنا الجَنابَة والحَيضَة والنُّفَساء، ولا نَجِد الماء أَربَعةَ أشهُرٍ أو خَمسَة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عَلَيك بالأَرض»، يعني: التَّيمُّم. 383 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا هِشام، عن الحسَن -في المرأة تَطهُر في السَّفَر ولَيسَ مَعَها ماء-؛ قال: «تَتيَمَّم، وتُصَلِّي، ويَغشاها زَوجها». باب: دُخُول الحَمَّام بِغَير إِزَار • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: الرجل يَدخُل الحَمَّام، وفيه قَومٌ لَيسَت عَلَيهم مَآزِر؟ قال: «لا»، وكَرِهَه كَراهَةً شَديدَة. 384 - حدثنا عيسَى بن محمد، قال: ثنا أبو عاصم، عن مَنصور بن دينار، قال: -[212]- سألت نافعًا عن الرجل يَدخُل الحَمَّام بِغَير إزار؟ فقال: قال عبد الله: «حَرام».

باب: القراءة في الحمام

385 - حدثنا عيسَى، قال: ثنا روح، عن الثوري، عن دثار، عن مُسلِم البَطين، عن سَعيد بن جُبَير، أنه قال: «دُخول الحَمَّام بِغَير مِئزَرٍ حَرام». • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: الرجل يَدخُل الحَمَّام، فيُنَوِّرُه صاحِب الحَمَّام؟ قال: «أكرَهُه، والفَرج خاصَّة». باب: القِرَاءة في الحَمَّام • قلت لأحمد: فالقِراءَة في الحَمَّام؟ قال: «الحَمَّام لم تُبنَ للقِراءَة»، وكأنه كَرِهَ ذلك. قلت: فيَذكُر الله؟ فرَخَّصَ فيه. • وسُئل إسحاق عن القِراءَة في الحَمَّام؟ قال: «لا يقرأ»، وذَكَرَ حديث علي: «لا تقرأ فيه آيةً من القُرآن». 386 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا رَوَّاد بن الجراح، عن عبد الرحمن بن عَمرو الأوزاعي، عن مَكحُول، أنه كَرِهَ القِراءَة في الحَمَّام. 387 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا النضر بن شميل، قال: ثنا شُعبَة، عن سَيَّار، قال: سمعت أبا وائل يقول: «لا يقرأ في الحَمَّام». • قلت لإسحاق: رَجلٌ دَخَلَ الحَمَّام، فاغتسل والماء يَسيل على جَسَده، ثم توضَّأ، ولا يَرَى أَثَر الوضوء على جَسَده؛ للماء الذي عَلَيه؟ قال: «يُجزئه الاغتِسال -[213]- من الوضوء».

باب: كراهية غلة الحمام

388 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا شَريك، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشَة أمِّ المؤمنين: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتوضَّأ بَعد الغُسل. باب: كَراهِيَة غَلَّة الحَمَّام • سمعت إسحاق يَكرَه غَلَّة الحَمَّام. 389 - حدثنا علي بن عُثمان، قال: ثنا عبد الله بن بجير، عن سَعد الشامي، قال: دَخَل أبو الدرداء الحَمَّام، فقَضَى حاجَتَه، ثم حط على دراعته (1) حين خَرَج من الحَمَّام، فقال: «نعم ثَمَن الفِلسَين هذا». باب: الصَّلاة في مَسلَخ الحَمَّام • وسألت إسحاق عن الصَّلاة في مَسلَخ الحَمَّام؟ قال: «لا بأس بالصَّلاة في المَسلَخ». 390 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي، قال: «لا يُصَلِّي الرجل في الحَمَّام». قلت: فَعَلَى ظَهره؟ قال: «ظَهرُه مِنه، ولا في المقابِر ولا على القَبر». 391 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا عبد الله بن يَزيد، قال: ثنا يَحيى بن أيوب، عن زَيد بن جَبِيرة، عن داوُد بن حصين، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: «نَهى -[214]- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصَّلاة في سَبعَة مَواطِن: في المزبَلَة، والمجزَرَة، والمقبَرَة، وقارِعَة الطَّريق، والحَمَّام، ومَعاطِن الإبِل، وفَوق ظَهر بَيت الله».

____ (1) في الأصل مهملة، ويحتمل فيها: "حطَّ عليَّ دُرَّاعته"، و: "حطَّ -خطَّ- على ذراعيه".

باب: النظر إلى عورة امرأته

باب: النَّظَر إلى عَورَة امرَأَتِه • سألت إسحاق، قلت: الأَمَة تُنَوِّر سَيِّدها؟ قال: «شَديدًا»، وذَكَرَ عن مَكحُول أن خَادِمَه كانت تُنَوِّره. قلت: فالمرأة الحُرَّة تُنَوِّر زَوجها؟ قال: «كذلك»، ورَخَّص فيه، وذكر إسحاق حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «احفظ عَورَتك إلا من زَوجَتك أو ما مَلَكَت يَمينك». • قلت لإسحاق: الرجل يُعَرِّي امرَأته أو مُلكَ يَمينه، فيَنظُر إلَيها عريانة؟ قال: «تَرك ذلك أَسلَم، وإن فَعَلَ فلَيسَ عَلَيه شيء». 392 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: وحدثني عتبة بن أبي حكيم، قال: حدثني سُلَيمان بن موسَى -وسَأَلته عن الرجل يَنظُر إلى فَرج امرَأته-؛ فقال سُلَيمان: سألت عَطاء عن ذلك، فقال: حدثتني عائشَة زَوج النبي صلى الله عليه وسلم في هذا البيت، وبَينَنا وبَينَها حِجاب، قالت: «كُنت أنا وحِبِّي نَغتَسل من إناءٍ واحِد، تَختَلِف فيه أَكُفُّنا». قال: وأشارَت إلى إناءٍ في البيت قَدر الفَرَق؛ سِتّ أقساط.

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «بَلَغَنا أن عائشَة قالت: «ما رَأَيت فَرج رسول الله صلى الله عليه وسلم»، أو: «ما نَظَرت إلى فَرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قَطّ»». قال إسحاق: «وإن فَعَلَ ذلك أَحَد؛ فأَرجو ألَّا يَكون به بأس، وتَرك ذلك أَحَبُّ إلَينا». 393 - حدثنا إسحاق، قال: أخبرني عبد الصَّمَد بن عبد الوارِث، عن حَمَّاد بن سَلَمَة، عن حُمَيد الطويل، عن الحسَن بن مُسلِم، عن مُجاهد، قال: «إنَّا نَنظُر إلى الفَرج، ولكِنَّا لا نَطَّلِع». 394 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا الملائي، قال: ثنا سُفيان، عن مَنصور، عن موسَى بن عبد الله بن يَزيد، عن مَولاةِ عائشَة، عن عائشَة، قالت: «ما نَظَرت إلى فَرج رسول الله صلى الله عليه وسلم». • قال أبو يَعقوب: «وفي قَول النبي صلى الله عليه وسلم لمُعاويَة بن حَيدة: «احفظ عَورَتك إلا من زَوجَتك أو ما مَلَكَت يَمينك» دلالةٌ لِمَا وَصَفنا من الرُّخصَة: 395 - أخبرنا عيسَى بن يونُس، عن بَهز بن حكيم، عن أبيه، عن جَدِّه». • قال إسحاق: «وبَلَغَنا عن بَعض الفُقَهاء أنهم كانوا يَستَحيون من الله في ظُلمَة الليل».

باب: الاستتار في الجماع والاغتسال

396 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سُئل الأوزاعي عن وُقوع الرجل بِأَهله، هل يَسَعُه أن يَنظُر إلى الفَرج إذا خالَطَها؟ قال: «إن فَعَل فلا حَرَج». باب: الاستِتار في الجِماع والاغتِسال • وسمعت إسحاق يقول: «بَلَغَنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أَتَى أَهلَه فَليَستَتِر، ولا يَتَجَرَّدان تَجَرُّد العَيرَين؛ فإنهما إذا فَعَلا ذلك خَرَجَت الملائكة من بَينِهما»». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «بَلَغَنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «إذا تَجَرَّد أَحَدكم في الغُسل فَليَستَتِر بِجذم حائط، أو بِبَعيره»». • قال: «فَمَهما أَمكَنه التَّسَتُّر بِشيء؛ فهو جائز، وإن أَمَرَ رَجلًا أن يُوَلِّيه ظَهرَه حتى يَفرَغ من غُسله؛ فهو جائز؛ قَد أَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذَرٍّ أن يَغتَسل، وأَمَرَ مَن يَستُر عَلَيه، وكذلك أَمَرَ غَيرُه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (1). يَحرُم نِكاحُها على رَجلٍ بِرجل؛ جاز ذلك إذا تَقَدَّم إلَيها ألَّا تَنظُر إلَيه؛ قد قال ذلك عُثمان بن عفان لِخادم امرَأته: «صُبِّي عَلَيَّ، ولا تَنظُري إليَّ؛ فإنك لا تَحِلِّين لي»». باب: دخول الماء بغير مئزر • سألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: الرجل يَدخُل الماء بِغَير مِئزر؟ فكَرِهَه شَديدًا. قلت: كل المياه؟ قال: «نعم». قيل: فإذا دَخَل الماء؛ يَحلُّ إزاره؟ قال: «لا».

____ (1) لعله سقط هنا: "وإن سَتَرت امرأة"، أو نحو ذلك.

• سمعت إسحاق يقول: «إذا أَراد الرجل الاغتِسال في النَّهر، أو يَكون في وادٍ، أو ما أَشبَه ذلك، أو في البِرَك أو الحِياض؛ فإنْ لَبِسَ إزارًا بين سُرَّته إلى رُكبَته؛ فهو أفضل؛ لِمَا قال الحسَن والحسين -وقد دَخَلا الماء وعَلَيهما بُردان-؛ فقالا: «للماء سُكَّان»، وهذا أَفضَل الوجوه». 397 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: أبنا شَريك، عن أبي فروة، قال: رأيت عبد الرحمن بن أبي ليلى دَخَل الفُرات، فَدَعا بِإزار، ثم قال: «إن للماء سُكَّانًا». 398 - حدثنا عيسَى بن محمد، قال: ثنا عُثمان بن عُمَر، عن أسامة بن زَيد، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان لا يَدخُل إلا بِإزار؛ صِهريجًا وَلا غَيرَه. • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «إن لم يَدخُل بِإزار، وتَجرَّد في الماء حتى يَستُر بالماء عَورَته؛ رَجَونا ألَّا يَكون آثِمًا في فِعله؛ لِمَا صَحَّ أن موسَى صلى الله عليه وسلم كان يَغتَسِل وَحدَه، وبَنو إسرائيل يَغتَسِلون أَيضًا، فَذَكَروا بَينَهم: إن موسَى -عليه السلام- إنما يَترُك الغُسل مَعَنا لأنه آدر. فَدَخَل يَومًا، فَوَضَع ثَوبه، فجاءت الرِّيح، وخَرَجَ موسَى -عليه السلام- يَتَتبَّع ثَوبه وهو يُنادي: «يا حَجَر ثَوبي، يا حَجَر ثَوبي»، حتى رَآه بَنو إسرائيل عُريانًا؛ لما أراد الله أن يُبيِّن لهم أن ما قالوا لَيسَ كما قالوا؛ فهو قَول الله -تعالى-: {لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا}، فَفي هذا بَيان أنه كان يَدخُل الماء، ولا يَستَتِر بِشيءٍ إلا بالماء.

فإن قال قائل: فإن أَحكام الأنبِياء تَختَلِف؟ قيل له: صَدقت، ولكن كل ما ذُكِر عن نَبيٍّ من الأنبِياء سنة؛ رُخصَة أو عَزمَة المُسلِمين؛ فالاقتِداء بذلك حَسَنٌ جائز، ما لم تَكُن شَريعَة نَبيِّنا صلى الله عليه وسلم على خِلاف ذلك؛ قال الله -تعالى-: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}». 399 - حدثنا أبو عبد الله المقرئ، قال: ثنا يَزيد بن زُرَيع، قال: ثنا خالِد، عن عبد الله بن شقيق، قال: أنبأنا أبو هُرَيرَة، قال: «كان موسَى -عليه السلام- رَجلًا حَيِيًّا، وكان لا يُرَى مُتجَرِّدًا، فقالت بنو إسرائيل: إنه آدر. فَاغتَسَل وَوَضَعَ ثَوبه على حَجَر، فانطَلَق الحَجَر يَسعَى، واتبعه يَضرِبه: «ثَوبي حَجَر، ثَوبي حَجَر»، حتى وَقَفَ على مَلَأ مِن بني إسرائيل، فَنزَلَت: {يأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيهًا}. 400 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا أبو داوُد، قال: ثنا شُعبَة، عن مَنصور، عن إبراهيم، أنه قال -في الغُسل من الحَمَّام-: «لا بأس به، وأَحَبُّ إليَّ أن يَغتَسِل من الجُحر الذي يَخرُج مِنه الماء».

باب: إحفاء الشوارب وإعفاء اللحى

401 - حدثنا محمد بن يَحيى قال: ثنا ................ (1)، عن ابن عَبَّاس، أنه سُئل عن ثَمانيَة رَهطٍ اغتَسلوا من حَوض الحَمَّام؛ فيهم جُنُب؟ قال: «الماء لا يجنبه». باب: إحفَاءِ الشَّوَارِب وإعفَاءِ اللِّحَى • سُئل أحمَد عن الأَخذ من اللحيَة؟ قال: «كان ابن عُمَر يَأخُذ منها ما زاد على القَبضَة»، وكأنه قد ذَهَب إلَيه. قيل له: فالإعفاء يُروَى عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: «كَأنَّ هذا عِندَه إعفاءٌ». 402 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، ثنا هُشَيم، عن عُمَر بن أبي سَلَمَة، عن أبيه، عن أبي هُرَيرَة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حُفُّوا الشَّوارِب، وأعفوا اللِّحَى». 403 - حدثنا سَعيد، قال: ثنا أبو مَعشر، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: أَمَرَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَأخُذ الشَّوارِب، ونُعفي اللِّحَى.

____ (1) بيض الناسخ مقدار أربع كلمات.

404 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا عُمَر، قال: سمعت الأوزاعي يقول -في الأخذ من اللحية-: «ما زَاد على القَبضَة فلا بَأس بِأخذِه». • قلت لإسحاق: إحفاء الشَّارب أَحَبُّ إلَيك أو قَصُّه؟ قال: «يُحفِيه، ولا يَستَأصِله». 405 - حدثنا عيسَى بن محمد، قال: ثنا الفريابي، عن سُفيان، عن ابن عجلان، عن عُبَيدالله بن أبي رافع، قال: رأيت أبا سَعيد الخُدري، وسَلَمَة بن الأكوع، وجابِر بن عبد الله، وأبا أسيد؛ يَجُزُّون شَوارِبَهم أَخَا الحَلق. 406 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: سمعت رَوَّاد بن الجراح أبا عِصَام -مُنذ خَمسٍ وسِتِّين سنة- يقول: «حَفُّ الشَّارِب للشيخ سُنَّة، وللشَّابِّ شُهرَة». 407 - قال المسيَّب: وكان أبو إسحاق الفَزاري يُحفي شَارِبَه، ومَخلد بن الحسين. 408 - وكان ابن المبارَك لا يَحُفُّ شَارِبَه، ويَخضِب شَارِبَه. 409 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال إسماعيل: سألت شرحبيل: كَيف رأيتم (1) يَأخُذون شَوارِبَهم؟ قال: «مع أطراف الشَّفَة، ولا يُلحِفوا (2)».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "رأيتهم". (2) كذا في الأصل، والوجه: "ولا يُلحِفون".

باب: نتف الشارب بالمنقاش، ونتف الإبط

410 - قال الوَليد: فذكرت ذلك لمالك بن أنس، وأبي عَمرو، وسَعيد بن عبد العَزيز، قالوا: «ما رأينا أَحَدًا ممن أَدرَكنا يُحفون شَوارِبَهم، ولكنهم يبينونها (1) مع الشَّفَة». 411 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، ثنا مَروان بن مُعاويَة، عن عبد العَزيز بن عُمَر بن عبد العَزيز، قال: سُئل عُمَر بن عبد العَزيز: ما السُّنَّة في قَصِّ الشَّارب؟ قال: «يَقُصُّه حتى يَتَبيَّن إطار الشَّفَة، ويَقطَع فَضلَ الشَّارِبَين إذا بَلَغَ اللحيَة». باب: نَتف الشَّارِب بالمِنقاش، ونَتف الإِبط • سألت إسحاق عن الرجل يَنتِف شَارِبَه بالمنقاش؟ قال: «أَخْذُ الشَّارب أَحَبُّ إليَّ». • قلت لإسحاق: نَتف الإبط أَحَبُّ إلَيك أو تَنَوُّرُه؟ قال «يَنتِفه إن قَدِر». • وسمعت إسحاق يقول: «كان يُقال: عَشرٌ من السُّنَّة: المضمَضَة، والاستِنشاق، والسِّواك، والفرق، وقَصُّ الأظفار، وقَصُّ الشَّارب، ونَتف الإبط، وحَلق العانَة، والخِتان، والاستِنجاء». 412 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، عن زكريا بن أبي زائدَة، عن مُصعَب بن شَيبة، عن طَلق بن حبيب، عن عبد الله بن الزُّبَير، عن عائشَة أمِّ المؤمنين -رضي الله عنها-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «عَشرٌ من الفِطرة: قَصُّ الشَّارب، وقَصُّ الأظفار، وغَسل -[222]- البَرَاجِم، وإعفاء اللحية، والسِّواك، والاستِنشاق، ونَتف الإبط، وحَلق العانَة، وانتِقاص الماء». قال مُصعَب: ونسيت العاشِرَة، إلا أن تَكون المضمَضَة.

____ (1) أولها مهمل في الأصل، ويحتمل فيها:"يُبِينُونها"، أو تحرفت عن "يُسوُّونها".

باب: الختان

413 - قال أبو القاسِم (1): عن أبي عُبَيد: «انتِقاص الماء يعني: غَسل الذَّكَر بالماء؛ وذلك أنه إذا غَسَلَه بالماء انقَطَع بَوله». باب: الخِتَان • قلت لأحمَد بن حَنبل وإسحاق بن إبراهيم: حديث إبراهيم؛ أنه اختَتَن بالقَدُوم؟ قالا: «القَدُوم مَوضِع». • وسُئل أحمَد عن الرجل يُسلِم كَبيرًا، يَختَتِن؟ قال: «نَعم، إلا أن يَخاف على نَفسِه الموت أو نَحو ذلك». • قلت لإسحاق: الشيخ الكَبير يُسلِم، هل يَختَتِن؟ قال: «لا». قلت لإسحاق: فإن كان شَابًّا فَأسلَم، هل يَختَتِن؟ قال: «إن أَمكَنَه ذلك ولا يَخشَى على نَفسه؛ فَليَختَتِن».

____ (1) لعله: عيسى بن محمد الوَسقَندي، راوي المسائل عن حرب.

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا أَدرَك الرجل الخِتان، فلَم يَختَتِن؛ فإنه يُخشَى عَلَيه ما قال ابن عَبَّاس، إلا أن يكون أَسلَم وهو شَيخٌ كَبير؛ يَخشَى على نَفسه؛ فَحينَئذٍ لا يَختَتِن، وهو في أَعمالِه كَمَن اختَتَن؛ لأنه تَرَكَ ذلك للعِلَّة». 414 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا مُعتَمِر، عن سُلَيم (1) بن أبي الذَّيَّال، عن الحسَن، قال: «بَلَغَني أن مُسمِع بن مالك عَمَدَ إلى أَشياخٍ من كَسْكَر، ففَتَّشَهم، فوَجَدَهم لَيسوا بمُخَتَّنين، فأَمَر بِهم، فخُتِنوا في شِدَّة هذا البَرد، فَمات بَعضُهم، ولقد أَسلَم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الرومي والفارِسي والحَبَشي، فما فَتَّشَ أَحَدًا مِنهم -أو: ما بَلَغَني أنه فَتَّشَ أَحَدًا مِنهم-». 415 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا مُعاذ بن مُعاذ، عن الأشعَث، عن الحسَن، أنه كان لا يَرَى بأسًا للشَّيخ الكَبير يُسلِم؛ ألَّا يَختَتِن، وكان لا يَرَى بأسًا بإمامَتِه وحَجِّه وذَبيحَتِه. 416 - حدثنا أحمَد بن ناصح، قال: ثنا عُمَر بن هارون، عن يونُس، عن الزُّهري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أَسلَمَ فَليَختَتِن وإن كان كَبيرًا».

____ (1) كذا في الأصل مضبوطا، والصواب: "سَلْم".

باب: ختان الرجال والنساء

باب: خِتان الرِّجال والنِّساء • وسمعت إسحاق يقول: «كان يُقال: الخِتان سُنةٌ للرجال، مَكرُمَةٌ للنِّساء». 417 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا عبد الواحِد، قال: ثنا الحجاج، عن مَكحُول، عن أبي أيوب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الخِتان سُنةٌ للرِّجال، ومَكرُمَةٌ للنِّساء». 418 - حدثنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لمالك بن أنس: خِتان الغِلمان لِسَبعَة أيام؟ قال: «ما أدري ما سَبعَة أيام، ولكن الخِتان طُهرَة، فكُلَّما قَدَّمتها فهو أَحَبُّ إليَّ». 419 - قال الوَليد: قال أبو عَمرو الأوزاعي: «الخِتان للرِّجال سُنَّة، لَيسَ لأَحَدٍ تَركُه، إلا أن يُؤَخَّرَ عن رَجلٍ أَسلَم؛ مِن بَردٍ شَديد، أو حَرٍّ شَديد». قيل لأبي عَمرو: رَجلٌ اختَتَن، فأبقى الخَتَّان من الجِلدَة شيئًا لم يَأتِ عَلَيها ولم يَأبَه لِذلك حتى بَرأ؟ قال: «إن كان أَكثَرها قد طَهَّره؛ فلا يُعيد، وإن كان أَكثَرها قد بَقي؛ أَعاد الخِتان». 420 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، عن مُبَشِّر بن عُبَيد، قال: كنت جالِسًا عند زَيد بن أسلم، فَسُئل: متى تُخفَض الجارية؟ فقال: «ما بَين الثَّمان إلى التِّسع، لا تُؤَخَّر أَكثَر من ذلك».

421 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا محمد بن يَزيد، عن سُفيان بن حسين، عن يَحيى بن مُسلِم، عن جابِر بن زَيد، عن ابن عَبَّاس، قال: «الأقلَف لا تُقبَل لَه صلاة، ولا تُؤكَل ذَبيحَته، ولا تُقبَل شَهادَته». 422 - حدثنا محمد بن عوف الحمصي، قال: ثنا أبو أيوب الدِّمشقي، عن مَروان الفَزاري، قال: حدثني محمد بن حَسَّان، عن عبد الملِك بن عمير، عن أم عطية، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرَ خَتَّانة تَختِن، فقال: «إذا خَتَنتِ فَلا تنهكي؛ فإن ذلك أَحظَى للمَرأة، وأَحَبُّ للبَعل». 423 - حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام، قال: ثنا مُبَشِّر بن إسماعيل، عن علي بن عروة الدِّمشقي، عن ابن عَبَّاس، قال: دخلت على خالتي مَيمونَة، وإذا في البيت سلفه، يعني: حليه (1)، فإذا ميمونة تقول للخَتَّانَة: «إذا خَفَضتِ (2) فأشِمِّي ولا تنهكي؛ فإنه أَسرَى للوَجه، وأَحظَى لَها عِند زَوجها».

____ (1) كذا في الأصل، ولم يتبين لي في الكلمتين المهملتين (سلفه، حليه) وجه. (2) في الأصل: "خفظت".

باب: دفن الشعر والأظفار

باب: دَفن الشَّعر والأَظفَار • سمعت أحمَد يقول: «يدفن الشَّعر والأظفار، وإن لم يَفعَل؛ لم نَرَ عَلَيه شيئًا». 424 - حدثنا الحسين بن سَلَمَة، قال: ثنا سَلم بن قتيبة، قال: ثنا عبد الله بن عُمَر، عن نافع، أن ابن عُمَر حَلَقَ رَأسَه، فأَمَرَ بِدَفن شَعره. 425 - حدثنا أحمَد بن عُبَيدالله، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن ليث، عن عبد الكريم، أن عائشَة قَلَّمَت أظفارَها، فدَفَنَتها. 426 - حدثنا الحسين بن سَلَمَة، قال: أبنا سَلم، قال: ثنا عبد الجبَّار بن عَبَّاس الهَمْداني، قال: حدثني شيخٌ من بني هاشِم، أن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِدَفن الدَّم والشَّعر والحَيضَة. 427 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا اليَمان بن عدي، عن زهير بن محمد، عن الزُّهري، عن قَبِيصَة بن ذُؤَيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «ادفِنوا شُعورَكم وأظفارَكم ودِماءَكم؛ لا يَلعَبْ بها سَحَرة بَني آدم».

428 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا مَهدي بن مَيمون، قال: دخلت على محمد بن سيرين يوم الجمعة بَعد العصر، فَرَأيته يُقَلِّم أَظفاره ويَجمَعها. قال مهدي: وزعم هِشام أنه كان يَأمُر بها فَتُدفَن. 429 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال إسماعيل بن عياش: وأخبرني ثَعلبة بن مُسلِم، عن أبي [بن] (1) كَعب -مولى ابن عَبَّاس-، عن ابن عَبَّاس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن جِبريل أَبطَأ عَلَيه، فَذُكِرَ ذلك له، فقال: «كَيف وأنتم حَولي لا تَستَنُّون، ولا تُقَلِّمون أَظفارَكم، ولا تَقُصُّون شَوارِبَكم، ولا تُنقون رَوَاجِبَكم؟». 430 - قال الوَليد: وقيل لأبي عَمرو في الاستِحداد؟ فقال: «الرجال حَسَنٌ في كل عِشرين لَيلَة، والنساء في كل خَمس عَشرَةَ لَيلَة». 431 - قال الوَليد: وقال ابن أبي رواد: وأخبرني نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان يَستَحِدُّ في كل شَهر. 432 - قال الوَليد: وأخبرني جَعفَر بن سُلَيمان البصري، عن أبي عِمران الجَوْني، عن أنس بن مالك، قال: «في كل أَربَعين».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب حذف "بن".

باب: المرأة تخلع في غير بيتها

433 - حدثنا بِشر بن هلال، قال: ثنا جَعفَر بن سُلَيمان، عن أبي عِمران الجَوْني، عن أنس بن مالك، قال: «وُقِّتَ لنا في قَصِّ الشَّارب، وتَقليم الأظفار، ونَتف الإبط، وحَلق العانَة؛ ألَّا نَترُك أَكثَر من أَربَعين لَيلَة». 434 - حدثنا عَمرو، قال: ثنا الوَليد، عن عبد العَزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان يَتَقَلَّم في كل خَمسَ عَشرَة، ويَستَحِدُّ في كل شَهر. 435 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، عن الأوزاعي، قال: «كانوا يَستَحِبُّون أن يَستَحِدَّ الرجل في كل عِشرين، والنساء في كل خَمسَ عَشرَة». باب: المرأة تَخلَع في غَير بَيتِها • وسألت إسحاق، قلت: تَبيت امرأةٌ عِند أُمِّها وأُختِها، هل تَخلَع ثيابَها؟ قال: «يُكرَه ذلك إلا في بَيت زَوجها». • وسُئل إسحاق عن الرجل يَرَى شَعر خَتَنَتِه؟ قال: «لا يَتعَمَّد لذلك». 436 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن سَعيد بن جُبَير، قال: «لا ينظر». 437 - حدثنا بِشر بن مُعاذ، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، عن أيوب، عن سَعيد بن جُبَير، قال: سألته عن الرجل يَنظُر إلى شَعر خَتَنَتِه؟ فقَرَأ هذه الآية: {ولا يبدين -[229]- زينتهن إلا لبعولتهن ...}، فقَرَأها إلى آخِر الآية، قال: «لا أراه مِنهم».

باب: مباشرة المرأة ابنها في لحاف واحد

438 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا محمد بن حرب وعبد العَزيز بن عبد الله، قال (1): قال مالك بن أنس: «لَيسَ على الرجل يَنظُر إلى امرَأة ابنه وشَعر أُمِّ امرَأته بَأس». قال أحمَد بن نصر: «يَحُجُّ بها، ويَحمِلها، وكُلّ ذلك». باب: مُبَاشَرَة المرأة ابنَها في لِحَافٍ واحِد • سألت إسحاق عن غلامٍ ابنِ خَمسَ عَشرَة سَنة؛ يَنام مع أُمِّه أو مع جَدَّتِه في لِحافٍ واحِد عُريانًا؟ فقال إسحاق: «السُّنَّة ألَّا يُباشِر الرجلُ الرجلَ، ولا المرأةُ المرأةَ، فإنْ كان والِدٌ ووَلَد؛ فلَهم أن يَناموا جَميعًا في فِراشٍ واحِدٍ إلى تَمام عَشر سِنين، فإذا جاوَزَ ذلك؛ فلا يُباشِر والدٌ وَلَدَه بعد ذلك إلا وبينهما ................. (2) من الهَواجِس التي تَعرِض في الصَّدر، فأما دون السِّتِّ والسَّبع؛ فلا بأس بِمُباشَرَة ابنَتِه؛ وذلك أنها لم تَصِرْ في حَدِّ شَهوةٍ بَعدَ ذلك، فلذلك رَخصَا فيه». 439 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر، عن الأوزاعي، قال: ثنا عيسَى بن سالم، قال: سمعت أيوب بن موسَى يقول: «يُكرَه للمرأة أن تُباشِر ابنَتَها إذا عُرِفَ منها الحياء -وذلك أن يُعرَض عَلَيها النِّكاح فتَستَحيي-، ويُكرَه للرجل أن يُباشِر -[230]- ابنَه إذا بَلَغَ خَمس سِنين».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "قالا". (2) بيض الناسخ مقدار خمس كلمات.

باب: النظر إلى البهيمة وهي تلد

440 - قال: وسُئل الأوزاعي عن الصِّبي يَكون ابنَ سَنَتَين أو ثَلاثٍ أو أَربع؛ يَنام مع أبيه؟ فلم يَرَ بِذلك بأسًا. 441 - حدثنا عَمرو، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: سمعت ابن جُرَيج، قال: سمعت عَطاء يقول: «إذا بَلَغَ الغُلام خَمس سِنين فلا يَتَعَرَّى مع والِدَتِه في النَّوم». باب: النَّظَر إلى البَهيمَة وهي تَلِد • قلت لإسحاق: الرجل يَنظُر إلى البَهيمَة وهي تَلِد؟ قال: «لا بأس بذلك». • قلت لإسحاق: فالرجل يَنظُر إلى البَهيمَة وهي تَنزُو على البَهيمَة؟ قال: «لا بأس، لَيسَت لَها حُرمَة». • وسألت إسحاق عن البَهيمَة تُنزَأُ على أُمِّها أو ابنَتِها؟ قال: «لا أعلم تَحريمًا، ولكنه أَحسَنُ ألا تُنزَأ». • سألت (1) عن الحِمار يُنزَأ على الفَرَس؟ قال: «أكرهه أشد الكراهية». 442 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا شَريك، عن عُثمان بن أبي زرعة، عن سالم بن أبي الجَعد، عن علي بن عَلقَمَة، عن علي، أنه سَأَل النبي صلى الله عليه وسلم: أيُنزَأ الحِمار على الفَرَس؟ قال: «لا، إنما يَفعَل ذلك الذين لا يَعلَمون».

____ (1) سقط اسم المسؤول في الأصل.

باب: خضاب اللحية

باب: خِضَاب اللحيَة • قلت لإسحاق: الخِضاب أَحَبُّ إلَيك أم البَيَاض؟ قال: «الخِضاب». 443 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا الزُّهري، قال: أخبرني سُلَيمان بن يَسَار وأبو سَلَمَة بن عبد الرحمن، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن اليَهود والنَّصارَى لا يَصبغون لِحاهم، فَخَالِفُوهم». • وسألت إسحاق عن الخِضاب بالسَّواد؟ قال: «لا بأس به إذا لم يَغُرَّ امرأة». 444 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: سمعت ابن المبارَك يقول -في الخِضاب بالوَسْمَة-: «لا بأس به، هي بقلة». 445 - قال المسيَّب: وقال الزِّنجي بن خالِد: «رأيت الزُّهري أَسوَد الرَّأس واللحيَة بِالوَسْمَة، ورأيت أبا يوسُف أَسوَد الرَّأس واللحيَة بِالوَسمَة». 446 - حدثنا عُبَيدالله بن مُعاذ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أشعَث، عن محمد، أنه كان لا يَرَى بَأسًا بِالخِضاب بِالسَّواد والحُمرَة؛ ما لم يَغُرَّ امرأةً، وكان محمد يَخضِب بِالحُمرة. 447 - حدثنا عيسَى بن محمد، قال: ثنا أزهر، عن ابن عون، قال: «كان يوسُف بن عبد الله يَخضِب بِالسَّواد».

448 - وقال: «رأيت موسَى بن طَلحَة يَخضِب بِالسَّواد». 449 - حدثنا عيسَى، قال: ثنا رَوح، عن شُعبَة، عن أبي إسحاق، عن العَيزار بن حُرَيث، أنه رأى الحسَن بن علي -رضي الله عنهما- يَخضِب بِالسَّواد. 450 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن حَمَّاد بن سَلَمَة، قال: حدثتني أم شَبيبٍ البَصرية، أنها سألت عائشَة -رضي الله عنها- عن المرأة تَخضِب رَأسَها لِزَوجِها بِالسَّواد؟ فقالت: «وما بأسٌ بذلك؟». 451 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن مُسَّة، عن أم سَلَمَة -رضي الله عنها-، قالت: «لا بَأس أن تَخضِب المرأة رَأسَها».

باب: الأذان

باب: الأَذان • سألت أحمَد عن المؤذن يُؤَذِّن وهو على غَير وضوء؟ قال: «يُجزئ، وأَحَبُّ إليَّ ألَّا يُؤَذِّن إلا طاهِرًا، وأما الإقامة؛ فلا يُقيم إلا وهو طاهِر». • وسمعت إسحاق يقول: «الأذان والإقامة على الطهارة تنبَغي؛ وذلك لِمَا قال عَطاء: «حَقٌّ وسُنةٌ مَسنونَة ألَّا يُؤَذِّن المؤذن إلا مُتَوضِّئًا»، وذُكِرَ عن أبي هُرَيرَة ذلك». 452 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي، عن الزُّهري، قال: قال أبو هُرَيرَة -رضي الله عنه-: «لا تُنادِ بالصَّلاة إلا مُتَوضِّئًا». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «أما الإقامة؛ فهو أَحرَى ألَّا يَفعَلَه أَحَدٌ إلا مُتَوضِّئًا؛ لِمَا قيل في غَير حديث: «إن الإقامة مِفتاح الصَّلاة، فمن قال: لا؛ فقَد أَخطَأ»». 453 - حدثنا ابن أبي حَزم القُطَعي، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا ابن جُرَيج، قال: قال عَطاء: «حَقٌّ وسُنةٌ ألَّا يُؤَذِّن المؤذن إلا مُتَوضِّئًا»، قال: «هو من الصَّلاة؛ فلا يُؤَذِّن إلا مُتَوضِّئًا». باب: الجُنُب يُؤَذِّن • قلت لأحمَد بن حَنبل: فالجُنُب يُؤَذِّن؟ قال: «لا».

باب: كيف يفعل في أذانه؟

• وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الرجل يُؤَذِّن وهو جُنُب؟ قال: «لا يُؤَذِّن». قيل: فإن كان على غَير وضوء؟ فرَخَّصَ فيه. • وسُئل أحمَد -مرة أخرى- عن الجُنُب يُؤَذِّن؟ قال: «لا». قيل: فإن فَعَل؛ يُعيد؟ قال: «لا يُؤَذِّن». 454 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا حِبَّان بن موسَى، قال: سُئل عبد الله بن المبارَك عن الجُنُب أيُؤَذِّن؟ قال: «ما يُعجِبني، وإن فَعَل؛ فلا أراه إلا جائزًا، وأَحَبُّ إليَّ ألَّا يَكون ذلك في المسجِد». 455 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل لأبي عَمرو الأوزاعي: مُؤَذِّنٌ أَذَّن وهو جُنُب، ثم ذَكَر؟ قال: «يَغتَسِل، وقد مَضَى أَذانُه». 456 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو: فإنه أَحدَثَ في أَذانه؟ قال: «يَمضي على أَذانه ولا يَقطَعه حتى يُتِمَّه». قال: وقال أبو عَمرو: «ما سمعت مُؤَذِّنًا أَعاد أَذانه ولا قَطَعَه». قيل لأبي عَمرو: فإنه أَحدَثَ في إقامَته؟ قال: «إن كان وَحده قَطَعَه». قيل لأبي عَمرو: فإنه أَحدَثَ، فَأقام الصَّلاة، وصَلَّى الناسُ بإقامَته، وانصَرَفَ هو فتوضَّأ؟ قال: «مَضَت صَلاتهم». باب: كَيف يَفعَل في أَذَانِه؟ • قلت لأحمد: فإذا أَذَّن المؤَذِّن؛ يَجعَل إصبَعَيه السَّبَّابتَين في أُذُنَيه؟ قال: «نعم». قلت: ويَدور في المنارَة؟ قال: «يَلتَفِت عن يَمينه ويَساره»، وأما الدَّوَران؛ فكَأنَّه لم يُعجِبه.

باب: من يمشي في الإقامة

• وسمعت إسحاق يقول: «يُدخِل المؤَذِّن إصبَعَيه في أُذُنَيه، ويُثَبِّت قَدَمَيه مَكانهما إذا أَذَّن، ويَستَقبِل القِبلَة بالتَّكبير والتَّشَهُّد، ثم يَنحَرِف عن يَمينه بـ: «حَيَّ على الصَّلاة»، وعن يَسَاره بـ: «حَيَّ على الفَلاح»، ثم يَستَقبِل القِبلَة بالإقامة والتَّكبير». 457 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن حجاج بن أرطاة، عن عون بن أبي جُحَيفَة، عن أبيه، قال: «رأيت بِلالًا يُؤَذِّن، ويُدخِل إصبَعَيه في أُذُنَيه، ويَستَدير في أَذَانه». باب: مَنْ يَمشي في الإقامَة • سألت أحمَد بن حَنبل عن الرجل يَمشي في الإقامَة؟ قال: «أَحَبُّه إليَّ أن يُقيم في مَكانه، ولم يَبلُغني فيه شيءٌ إلا حديث بلال، أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «لا تَسبِقني بآمين»». • وسُئل -مرةً أخرى- عن الرجل يَمشي في الإقامَة؟ فكَرِهَه. • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا أَقام المؤَذِّن؛ فإنه يَمكُث في مَوضِع إقامَته، فإن كان يَفوتُه من تَحريم الصَّلاة شيءٌ مع الإمام؛ فإنه مُدرِكٌ لِفَضيلَتها -إن شاء الله-». وقال: «قال بلال: «يا رسول الله، لا تَسبِقني بآمين»، وكذلك أبو هُرَيرَة وغَيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ قالوا مِثلَ ذلك لأئمَّتهم، ففي هذا بَيَان ألَّا يَمشي في الإقامَة؛ لأنهم لَو مَشَوا لم يَفُتْهم إدراك التَّحريم مع الأئمَّة، وقد رَأى ما وَصَفنا ابنُ المبارَك، وقال: «عَسَى أن يُدرِكَه في ثُبُوته من الأجر ما كان يُدرِكُه مِن قَبل»».

باب: النهوض إلى الصلاة إذا قال المؤذن: «قد قامت الصلاة»

458 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عباد بن عباد وأبو شِهاب، عن عاصم الأحول، عن أبي عُثمان، أن بلالًا -رضي الله عنه- قال لِرَسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَسبِقني بآمين». 459 - حدثنا بِشر بن هلال، قال: ثنا جَعفَر بن سُلَيمان، قال: ثنا ثابت البناني، عن أبي رافع، قال: كان أبو هُرَيرَة مُؤَذِّن مَروان بن الحكم، فاشتَرَطَ عَلَيه أن: «لا تَسبِقني بـ: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}». باب: النُّهوض إلى الصَّلاة إذا قَال المؤَذِّن: «قَد قَامَت الصَّلاة» • ورأيت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل يَنهَض إلى الصَّلاة إذا قال المؤَذِّن: «قَد قامَت الصَّلاة»؛ المرَّة الأولَى. • وسمعت إسحاق يقول: «إذا كان الإمام في المسجِد، فأَخَذَ المؤَذِّن في الإقامة؛ قام القَوم إذا قال: «قد قامَت الصَّلاة»، وسَوَّوا الصُّفوف يَمنَةً ويَسرَة، حتى يَصير الصَّفُّ كالقدْح في الاستِواء، ثم يتَقَدَّم فيُكَبِّر للصلاة بَعد فَراغ المؤَذِّن، ولَيسَ لأَحَدٍ من الأئمَّة أن يُكَبِّر قَبلَ أن يَفرَغ المؤَذِّن من الإقامَة كلِّها؛ كذلك سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأَخَذَ بذلك بَعدَه عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-». 460 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا الحجاج بن فَرُّوخ التميمي، قال: ثنا العَوَّام بن حَوشَب، عن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه-، قال: كان بلالٌ إذا قال: -[237]- «قد قامَت الصَّلاة»؛ نَهَض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكَبَّر».

461 - حدثنا محمد بن مُعاويَة، قال: ثنا شَريك عن عِمران بن مُسلِم، عن سُوَيد بن غفلَة، قال: صَلَّيت مع عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فكان يُكَبِّر إذا قال المؤَذِّن: «قد قامَت الصَّلاة». 462 - حدثنا عِمران بن موسَى وبشر بن هلال، قالا: ثنا عبد الوارِث، قال: ثنا يونُس، عن الحسَن، أنه كان إذا قال المؤَذِّن: «قد قامَت الصَّلاة»؛ قام؛ لا يُكَبِّر حتى يَفرَغ المؤَذِّن. 463 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني كلثوم بن زياد، أنه سمع الزُّهري يقول: «إذا قال المؤَذِّن في الإقامَة: «الله أكبَر»؛ فقد وَجَبَ القيام، فإذا قال: «قد قامَت الصَّلاة»؛ فقَد وَجَبَ اعتِدال الصُّفوف، فإذا قال المؤَذِّن: «الله أكبَر»؛ قال الإمام: «الله أكبَر»». 464 - قال الوَليد: وقال أبو عَمرو الأوزاعي، عن ابن مهاجر، قال: «رأيت سالم بن عبد الله، وأبا قلابة، وعراك بن مالك، ومحمد بن كعب، والزُّهري؛ يَقومون في -[238]- أوَّل الإقامَة».

باب: في المسافر يؤذن لغير القبلة

465 - قال الوَليد، وقال إسماعيل: أخبرني المهلب (1)، قال: «رأيت أبا عُثمان وأبا الأشعَث الصَّنعانِيَّيَن يَقومان في أوَّل الإقامَة». 466 - قال الوَليد: وأخبرني ابن جابِر، عن الزُّهري، قال: «ما كان المؤَذِّن يقول: «قد قامَت الصَّلاة»؛ حتى تَعتَدِل الصُّفوف». 467 - حدثنا محمد بن آدم، قال: ثنا مخلد، عن الأوزاعي، قال: «كان عمر بن عبد العَزيز يقوم إلى الصَّلاة إذا افتَتَحَ المؤَذِّن الإقامَة». 468 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سُفيان، عن مَنصور، عن إبراهيم، أنه كَرِهَ القيام قَبل أن يقول المؤَذِّن: «قد قامَت الصَّلاة». باب: في المسافِر يُؤَذِّن لِغَير القِبلَة • سُئل أحمد: ما تقول في المسافِر يؤَذِّن لِغَير القِبلَة؟ قال: «أَحَبُّ إليَّ أن يؤَذِّن ووَجهُه إلى القِبلَة، وأرجو أن يُجزئ لِغَير القِبلَة، فإذا قال: «أشهد أن لا إله إلا الله»؛ يَستَقبِل القِبلَة، ثم يَمضي في أَذَانه لِغَير القِبلَة، حتى إذا انتَهَى إلى: «لا إله إلا الله»؛ استَقبَل القِبلَة».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "أبو المهلب".

باب: الإقامة

469 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سمعت مَن يَسأل الأوزاعي عن المسافِر؛ أيُؤَذِّن على دابَّته؟ قال: «نعم، وحَيثُما كان وَجهه، فإذا كانت الإقامَة؛ فَليَنزِل إلى الأرض، ويَستَقبِل القِبلَة». باب: الإقامَة • سمعت أحمَد يقول: «الإقامة مَرَّةً مَرَّة، ويُجزئ مَرَّتَين مَرَّتَين». • وسمعت إسحاق يقول: «الذي نَختار في الإقامة: واحِدَة؛ لأنه أَصَحُّ في السُّنَّة، ومَثنَى مَثنَى جائز». • وسمعت إسحاق يقول: «إن كان رَجلٌ يُقيم مَثنَى مَثنَى؛ لم يَزَل على ذلك ـرينا (1)، وهو ممن عَقل العِلم، فَثَبَتَ عَلَيه؛ لم أَعِبْه، وإن كان في غَير الحَدِّ الذي وَصَفنا، فرَجَعَ إلى أن يُقيم مَرَّةً مَرَّة؛ فهو أَحَبُّ إلَينا. وأما الذي يُعَلَّم الأذان؛ فإنما يُعَلَّم مَثنَى مَثنَى، والإقامَة مَرَّةً مَرَّة». 470 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن عَمرو بن مهاجر، عن عُمَر بن عبد العَزيز، أنه قال: «الأَذَان مَثنَى مَثنَى، والإقامَة مَرَّةً مَرَّة». 471 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن أبي عَمرو، عن ابن شِهاب ومَكحُول، قالا: مَضَت السُّنَّة أن الأَذَان شفع، والإقامَة إحدَى إحدَى، إلا: «قد قامَت الصَّلاة»؛ مَرَّتَين».

____ (1) كذا في الأصل، ولعلها: "تديُّناً".

472 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني ابن لَهيعَة، عن يونُس، عن الزُّهري، أنه كان يقول: «الإقامَة إحدَى إحدَى، إلا قوله: «قد قامَت الصَّلاة»». 473 - قال ابن لَهيعَة: فسألت عن ذلك عَطاء بن أبي رَبَاح؟ قال: «يقول: «قد قامَت الصَّلاة» مَرَّتَين». 474 - قال الوَليد: وسألت الليث بن سَعد، فأخبرني عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان يُقيم «قد قامَت الصَّلاة» مَرَّتَين. 475 - قال الوَليد: وأخبرني سَعيد، عن خالِد الحذاء، عن أبي قلابة الجرمي، عن أنس بن مالك: «أُمِرَ بلالٌ أن يَشفَع الأَذَان، ويُفرِد الإقامَة». 476 - قال الوَليد: وحدثنا حَريز بن عُثمان، عن راشد بن سَعد، عن أبي حَيّ -مُؤَذِّن عبد الرحمن بن خالِد بن الوَليد-، أنه كان يُفرِد الإقامَة. 477 - قال الوَليد: وقال إسماعيل: سمعت يَحيى بن سَعيد يؤَذِّن، فيُثَنِّي الأَذَان، ويُفرِد الإقامَة. 478 - قال الوَليد: وأخبرني إبراهيم بن محمد، عن إسماعيل بن أبي خالِد، عن أبيه، قال: «أرسل ابن عُمَر إلى مُؤَذِّنه أن يَجعَل الأَذَان مَثنَى مَثنَى، والإقامَة واحِدَةً -[241]- واحِدَة؛ لِكَي يُعرَف الأَذَان من الإقامَة».

باب: الأذان على ظهر الدابة

باب: الأَذَان على ظَهر الدَّابَّة • سُئل أحمَد بن حَنبل عن الأَذَان على ظَهر الدَّابَّة؟ فقال: «أرجو». • وسألت إسحاق عن الأَذَان على ظَهر الدَّابَّة؟ قال: «لا بأس به، ويُقيم بِالأرض». 479 - حدثنا شاذ بن فياض، قال: ثنا سُفيان الثوري، عن نُسَير بن ذُعْلوق، قال: رأيت ابن عُمَر يُؤَذِّن على راحِلَته. 480 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، قال: سألت أبا عَمرو عن الرَّاكِب يُؤَذِّن؟ قال: «نعم». قلت: فيُقيم؟ قال: «لا». 481 - حدثنا هِشام بن عبد الملِك الحمصي، قال: ثنا بَقيَّة، قال: سألت محمد بن عجلان، وعبد الله بن عُمَر، وعبد الملِك بن عبد العَزيز، ومالك بن أنس؛ عن الرجل يُسافِر سَفَرًا؛ أيُؤَذِّن ويُقيم وهو على دَابَّته؟ قالوا جميعًا: «يُؤَذِّن على دَابَّته، ويُقيم على الأرض». 482 - حدثنا الحِمَّاني، قال: ثنا ابن مبارَك، عن ابن جُرَيج، عن عَطاء، أنه كَرِهَ أن يُؤَذِّن المؤَذِّن قاعِدًا.

باب: من دخل المسجد وقد صلوا، أيؤذن ويقيم؟

باب: مَنْ دَخَلَ المسجِد وقَد صَلَّوا، أيُؤَذِّن ويُقيم؟ • قيل لأحمَد بن حَنبل: قَومٌ دَخَلوا المسجِد وقد صَلَّوا، أيُؤَذِّنون ويُقيمون؟ قال: «إن كانوا في مِصر؛ أقاموا إن شاؤوا»، والأمر عِنده واسِع. 483 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا أبو داوُد، قال: ثنا شيبان، عن جابِر، عن الشعبي، ومحمد بن علي، وعِكرِمَة، وعَطاء؛ أنهم قالوا: «إذا دَخَلت مَسجِدًا قَد صُلِّيَ فيه؛ فَصَلِّ كما أَنت، ولا تُؤَذِّن ولا تُقِم». 484 - وحدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن سُفيان، عن يونُس، عن أبي عُثمان، أن أنسًا أَمَّهم في مَسجِدٍ قد صَلَّى أَهلُه، فأَذَّن وأقام، فصَلَّى بهم الفجر. 485 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، عن شُعبَة، عن الأعمَش، عن أبي وائل، أن ابن مسعود -رضي الله عنه- صَلَّى بالأسود وعَلقَمَة في بَيته الظُّهرَ والعَصر؛ بِلا أَذَانٍ ولا إقامَة، فجَعَلَ أَحَدَهما عن يَمينه، والآخَر عن شِماله. باب: الأَذَان بِلَيل • سُئل أحمَد بن حنبل عن الأذان بالليل؟ فكأنه لم يَرَ به بأسًا، وقال: «أَهل الحِجاز -[243]- يقولون: «هو السُّنَّة»»، يعني: أَذَان الفَجر.

• وسمعت أحمَد -مرةً أخرى، وسُئل عن الرجل يُؤَذِّن الفَجر بِلَيل؟ -، قال: «لا بأس». • وسمعت إسحاق يقول: «لا يُؤَذّن للصَّلوات كلها إلا بَعد حُلول وَقتها، إلا الفَجر؛ فإنه سُنةٌ أَذَانه بِلَيل». 486 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا شعيب بن حرب، قال: قال مالك بن أنس: «لم يَزَل الأَذَان عِندنا بِلَيل». 487 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا مُعتَمِر بن سُلَيمان، عن أبيه، عن أبي عُثمان، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن بلالًا يُؤَذِّن بِلَيل؛ ليوقِظ نائمَكم، ويُرجِع قائمَكم». 488 - حدثنا عبد الله بن الزُّبَير الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا الزُّهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بلالًا يُؤَذِّن بِلَيل، فَكُلوا واشربوا حتى تَسمَعوا أَذَان ابن أمِّ مَكتوم».

باب: لا يؤذن في شهر رمضان حتى يطلع الفجر

باب: لا يُؤَذّن في شَهر رَمَضان حتى يَطلُع الفَجر • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «لا يُؤَذِّن أَحَدٌ في شَهر رَمَضان حتى يَطلُع الفَجر». o قال أبو محمد حرب: «رأيتهم بِمَكَّة يُؤَذِّنون السَّنَةَ جَميعًا؛ يُؤَذِّنون الفَجر بِلَيل، إلا في شَهر رَمَضان، فإنهم لا يُؤَذِّنون الفَجر في شَهر رَمَضان حتى يَطلُع الفَجر». 489 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا يونُس، عن الحسَن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «المؤَذِّنون أمَناءُ المؤمِنين على صَلاتهم وصِيامهم وحَاجَاتهم». باب: الكَلام في الأَذَان • سُئل أحمَد عن الكَلام في الأَذَان؟ فقال: «لا بأس به، قد تكَلَّم سُلَيمان بن صُرَد». قيل: فتكَلَّم في أَذَانه (1)؟ قال: «لا». قيل له: فما الفَرق بَينَهما؟ قال: «ما يُدريني». • وسمعت إسحاق يقول: «إن تكَلَّم المؤَذِّن بَين ظَهرانَي أَذَانه لِحاجةٍ عَرَضَت له مِن سَبَب الصَّلاة، أو أَمرٍ أو نَهي، أو ما أَشبَه ذلك من غَير حَوائج الدُّنيا، أو ردِّ السلام؛ فلا بأس؛ لِمَا ثَبَتَ ذلك عن سُلَيمان بن صُرَد -وكانت له صُحبَة-؛ أنه كان يَأمُر غُلامَه في أذانه بالحاجَة، فأحسَنُ ما يُظَنُّ به: أنه كان كَلامًا من مَعاني أَسباب الصَّلاة أو الخَير؛ لأنه إن كان يُرَخّص في كل الكَلام؛ فما كان مِن ذِكر الله أو إرادَة الخَير فهو أَحرَى بأن يَجوز».

____ (1) كذا في الأصل، وضبَّب عليها الناسخ، ولعل الصواب: "في إقامته"، فالمشهور عن أحمد: كراهة الكلام في الإقامة دون الأذان، انظر: مسائل أبي داود (ص 44)، مسائل صالح (1/ 159)، فتح الباري، لابن رجب (3/ 491).

باب: الأذان في السفر

490 - حدثنا أبو الأزهَر، قال: ثنا أبو عامر وأبو النضر، عن محمد بن طَلحَة، عن جامع بن شَدَّاد أبي صَخرة المحاربي، عن موسَى بن عبد الله بن يَزيد الأنصاري، عن سُلَيمان بن صُرَد الخزاعي -وكانت له صُحبَة-؛ أنه كان يُؤَذِّن في العَسكَر، ويَأمُر غُلامه بالحاجَة وهو في أَذَانه. 491 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل لأبي عَمرو الأوزاعي: فَتكَلَّم المؤَذِّن في أَذَانه أو في إقامَته؟ قال: «لا شيء عَلَيه». باب: الأَذَان في السَّفَر • سُئل أحمَد عن الأَذَان في السَّفَر؟ قال: «نعم». قيل: حديث مالك بن الحُوَيرِث؛ قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم ولِصاحِبٍ لي: «إذا سافَرتُما فأَذِّنا ثم أَقيما، ثم ليَؤمَّكما أَكبَرُكما»؟ قال: «نعم». وقال أحمَد -في تَفسير: «أكبَركُما» -: «إنهما كانا في القِراءَة مُتَقارِبَين». 492 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن عتبة بن حُمَيد الضَّبِّي، عن خالِد بن مهران الحذاء، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحُوَيرِث، قال: أَتَيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنا وصاحِبٌ لي، قال: «إذا صَلَّيتما فأَذِّنا، ثم أَقيما، ثم ليَؤمَّكما أَكبَرُكما». قال: وكنَّا مُتقارِبين، أي: في العِلم.

باب: من نسي الأذان والإقامة

باب: مَنْ نَسِيَ الأَذَان والإقامَة • قيل لأحمَد -مرةً أخرى-: فإن نَسي الأَذَان والإقامة في السَّفَر، وصَلَّى؟ قال: «يُجزئه». قلت: فإن كان في الحَضَر؟ قال: «قد صَلَّى عبد الله بعَلقَمَة والأسود بِغَير أَذَانٍ ولا إقامَة، وما أَحسَن الإقامَة والأَذَان». • وسمعت إسحاق يقول: «تُجزئك الإقامَة في السَّفَر، إلا صلاة الفَجر؛ فإنه يُؤَذِّن ويُصَلِّي الرَّكعَتَين، ثم يُقيم فيُصَلِّي الفَجر، وإن نَسيت فَصَلَّيت بِغَير أَذَانٍ ولا إقامَة؛ أَجزَأتك صَلاتك -إن شاء الله-». 493 - حدثنا ابن أبي حَزم، قال: ثنا نائل بن نجيح، قال: ثنا سُلَيمان بن أقرم (1)، عن مُغيرَة، عن إبراهيم، عن الأسود، أن ابن مسعود صَلَّى بِعَلقَمَة في بَيته بِغَير أَذَانٍ ولا إقامَة. 494 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل، عن عُبَيدالله بن عُمَر، عن نافع، (2) ابن عُمَر، أنه كان إذا سافَر لا يُؤَذِّن، ويُقيم للصَّلَوات كلِّها، غَير الصُّبح؛ فإنه كان يُؤَذِّن لها ويقيم، ويُصَلِّي سِواها من الصَّلاة بإقامَةٍ بِغَير أَذَان.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "قرم". (2) سقط هنا: "عن".

باب: من أذن فهو يقيم

495 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، عن ابن ثوبان، عن عُبادَة بن نُسَيّ، عن عبد الرحمن بن غنم، قال: قلت لمُعاذ بن جبل: رَجلٌ نَسي الأَذَان والإقامَة؟ قال: «مَضَت صلاته، لَيسَ الأَذَان والإقامَة مِن فَرض الصَّلاة، إنما هو مِن فَضلٍ يُؤخَذ به، وشيءٍ يُدعَى إلَيه». 496 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة، عن علي الهمداني، عن أبي جَمرة، عن ابن عَبَّاس، قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رَجلٍ سَهَا عن الأَذَان والإقامَة؟ قال: «إن الله تَجاوَزَ لأُمَّتي عن الخَطَأ والنِّسيان». 497 - حدثنا عَمرو، قال: ثنا الوَليد، قال: قال أبو عَمرو -في رَجلٍ نَسي الإقامَة، فذَكَرَ وهو في صلاته-؛ قال: «يَنصَرِف على شفع، ثم يُقيم ويُصَلِّي». قلت لأبي عَمرو: مَن نَسي الإقامَة حتى فَرَغَ مِن صلاته؟ قال: «يُعيد صَلاته في وَقتِها، فإن خَرَجَ وَقتُها فقد مَضَت». باب: مَنْ أَذَّنَ فَهو يُقيم • سُئل أحمَد بن حَنبل عن الرجل يُؤَذِّن ثم يَذهَب، أيُقيم غَيرُه؟ فذَكَرَ عن أبي مَحذورة -[248]- أنه جاء وقد أَذَّنَ رَجل، فأَذَّنَ أبو مَحذورة وأقام، وذَكَرَ حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن أَذَّنَ فهو يُقيم»، ولم يَقُل على واحِدٍ مِنهما، إلا أنه كَأنَّه ذَهَب إلى الأَذَان والإقامِة.

• وسمعت إسحاق يقول: «لا يُقيم إلا مَن أَذَّن». • وقال إسحاق -مرةً أخرى-: «كان يُقال: «مَن أَذَّنَ فهو يُقيم»». 498 - حدثنا محمد بن سُلَيمان، قال: ثنا سَعيد بن راشد، قال: ثنا عَطاء، عن ابن عُمَر، قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم في سَفَر، إذ التَمَس بِلالًا يُؤَذِّن، فلم يوجَد، فأَذَّن رَجلٌ، فجاء بِلال، فأراد أن يُؤَذِّن، فقيل له: قد أَذَّن رَجل، فسَكَتَ هُنَيهَة، ثم أراد أن يُقيم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «مَهلًا يا بلال، فإنما يُقيم مَن أَذَّن». 499 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني ابن لَهيعَة، عن بكر بن سَوادَة، عن نعيم (1)، عن زياد بن الحارِث الصُّدائي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما يُقيم مَن أَذَّن». 500 - حدثنا الحِمَّاني، قال: ثنا حَفص وعبد السلام، عن أبي إسحاق الشيباني، عن عبد العَزيز بن رفيع، قال: رأيت أبا مَحذورَة أَذَّنَ غَيرُه، فجاء أبو مَحذورَة فأقام.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "زياد بن نعيم".

باب: التثويب في الصبح

باب: التَّثويب في الصُّبح • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: فإن أَذَّنَ وقد أَسفَر، أيُثَوِّب؟ قال: «نعم، يُثَوِّب، لا يَدَعُ التَّثويب في الفَجر». • وسمعت إسحاق يقول: «بَلَغَنا عن أبي مَحذورَة وبِلالٍ في أَذَان الفَجر؛ إذا قالا: «حَيَّ على الفَلاح»؛ قالا: «الصَّلاة خَيرٌ من النَّوم، الصَّلاة خَيرٌ من النَّوم»». 501 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا بِشر بن عُمَر، قال: سُئل مالك عن التَّثويب؟ فلم يَرَ التَّثويب إلا في صَلاة الصُّبح؛ إذا بَلَغَ: «حَيَّ على الفلاح»؛ ثَوَّب. 502 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا ابن عون، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك، قال: «كان التَّثويب في صلاة الصُّبح؛ إذا قال المؤَذِّن: «حَيَّ على الصَّلاة، حَيَّ على الفَلاح»؛ قال: «الصَّلاة خَيرٌ من النَّوم، الصَّلاة خَيرٌ من النَّوم». باب: إذا أَذَّنَ عِدَّةٌ على المنارَة يَومَ الجُمُعَة • قلت لأحمد: فالأذان يَوم الجُمعَة إذا أَذَّن على المنارَة عِدَّة؟ قال: «لا بأس بذلك، قد كان يُؤَذِّن للنبي صلى الله عليه وسلم بلالٌ وابن أمِّ مَكتوم، وجاء أبو مَحذورَة وقد أَذَّنَ رَجلٌ قَبلَه، فأَذَّنَ أبو مَحذورَة -أَيضًا-».

باب: المؤذن الذي رضيه أهل المسجد أحق أو الذي بنى المسجد؟

• وسمعت إسحاق يقول: «الأَذَان الذي كان على عَهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر؛ أَذَانٌ واحِدٌ وإقامَة، إذا خَرَجَ الإمام وقَعَدَ على المنبر؛ أذَّن، وإذا نَزَلَ أقام، وهذا الأَذَان الذي زادوه مُحدَث؛ أَحدَثَه عُثمان نظرًا للناس لما كَثُروا على عهد عُثمان؛ رأى ألَّا يَسَعه إلا أن يَزيد في المؤذِّنين ليُعلم الأبعدين ذلك؛ كي يَعلَموا كَعِلم مَن قَرُبَ من المسجِدِ والإمام؛ يُصَيِّرهم على السَّواء، فصارَت سُنَّة؛ لأن على الخُلَفاء النَّظَر في مِثل ذلك للناس». 503 - حدثنا محمد بن مُعاويَة، قال: ثنا أبو الأحوص، عن عبد العَزيز بن رُفَيع، قال: رأيت أبا مَحذورَة جاء وقد أَذَّنَ رَجل، قال: فأَذَّنَ وأقام. 504 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا بَقيَّة، عن مُسلِم بن زياد، عن عُمَر بن عبد العَزيز، أنه كان له ثَلاثةَ عَشَرَ مُؤَذِّنًا. باب: المؤَذِّن الذي رَضِيَه أَهلُ المسجِد أَحَقُّ أو الذي بَنَى المسجِد؟ • قلت لأحمد: [فالمؤذن] هو ما رَضِيَه أهل المسجِد، أو الذي بَنَى المسجِد؟ قال: «هو ما رَضِيَه أَهل المسجِد؛ لأن المسجِد لَيسَ لِلذي بَناه؛ لأنه قد جَعَلَه لله».

باب: أعلى النساء أذان وإقامة؟

505 - حدثنا أحمَد بن محمد والأخضر بن منجاب، قالا: ثنا عارم، ثنا خالِد بن الحارِث، قال: سمعت عُبَيدالله بن الحسَن يقول -في رَجلٍ أَخرَج بُقعَةً، فسَقَفَها تَسقيفَ المساجِد، فدَعَى النَّاسَ إليها-؛ فَرَآها مسجدًا؛ حَيَّ هذا أو مات. فقيل له: فإن اشتَرَطَ هو وأهل بَيته هم الذين يَؤمُّون به؟ فرَأَى أن لَهم ذلك، إذا كان فيهم مِن يتنبل (1) ذلك -وإن كان غَيرُه أَقرَأ مِنه-. باب: أَعَلَى النِّساء أَذَانٌ وإقامَة؟ • سألت أحمَد، قلت: على النِّساء أَذَان وإقامَة؟ فسَهَّلَ في ذلك، إلا أنه قال: «ما أحسن الإقامَة، هو زيادَة»، ولم يَرَ به بأسًا. • وسمعت إسحاق يقول: «مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس على النِّساء أَذَانٌ ولا إقامَة»؛ في سَفَرٍ ولا حَضَر؛ إذا صَلَّينَ جَماعَةً أو واحدانًا (2)؛ على مَعنَى الفَرض، وأَنْ تُقيم المرأة أَحَبُّ إلَينا». 506 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو: والإقامة على النِّساء؟ قال: «نعم». قلت: فتجمع المرأة بالنِّساء؟ قال: «نعم، تَقوم وَسطَهنّ». قلت لأبي عَمرو: فتُؤَذِّن وتُقيم؟ قال: «أَذَانًا تُخفيه». 507 - قال الوَليد: «وقَول مالك أَحَبُّ إليَّ: تَؤمُّهنَّ في التَّطَوُّع، ولاتَؤمُّهنَّ في المكتوبَة».

____ (1) في الأصل مهملة، ويحتمل فيها: "يتَنبَّل"، والنُّبل: الذكاء والنجابة، انظر: لسان العرب (11/ 640). (2) كذا في الأصل، والصواب: "وُحداناً".

508 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا عبد الله بن عُمَر بن حَفص بن عاصم بن عُمَر بن الخطاب، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: «لَيسَ على النِّساء أَذَانٌ ولا إقامِة». 509 - قال الوَليد: قلت لأبي عَمرو: على النِّساء أَذَان؟ قال: «لا». قلت: فَعلى النِّساء إقامَة؟ قال: «نعم». 510 - قال الوَليد: وأخبرني طَلحَة، أنه سمع عَطاء يقول: «الإقامَة على النِّساء واجِب». 511 - قال الوَليد: وأخبرني عُثمان بن الأسود، أنه سمع مُجاهدًا يقول: «الإقامَة على النِّساء (1)». 512 - قال الوَليد: وأخبرني عبد الله بن العلاء، قال: سمعت مَكحُولًا ويَزيد بن أبي مالك يقولان: «على النِّساء إقامَة، ولا تَجهر به المرأة إلا بِقَدر ما تُسمِع مَن يَليها». 513 - حدثنا أبو سُلَيمان يَحيى بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، عن يَزيد بن السّمط، عن الحكم بن عبد الله، عن القاسِم بن محمد، عن أسماء بنت يَزيد، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيسَ على النِّساء أَذَانٌ ولا إقامَة، ولا تُصَلِّي إذا أَمَّتهُنَّ -[253]- إلا مَعهنَّ في الصَّفّ، ولا تَتَقَدَّمهُنّ».

____ (1) كذا في الأصل، ويحتمل أنه انتقل نظر الناسخ إلى قول عطاء.

باب: الكلام والمؤذن يؤذن

514 - حدثنا محمد بن آدم، قال: ثنا مَعمَر بن سُلَيمان، عن حجاج، عن داوُد بن حصين، عن عِكرِمَة، عن ابن عَبَّاس، قال: «لَيسَ على المرأة أَذَانٌ ولا إقامَة، ولا يَؤمُّ الغُلام حتى يَحتَلِم». باب: الكَلام والمؤَذِّن يُؤَذِّن • سمعت إسحاق بن إبراهيم -كَثيرًا- يَتكَلَّم والمؤَذِّن يُؤَذِّن. 515 - حدثنا عُبَيدالله بن مُعاذ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أشعَث، عن الحسَن، أنه كان يَسمَع الأَذَان وهو يُحَدِّث، فلا يُجيب المؤَذِّن، ولا يَقطَع حَديثَه. باب: الإقامَة في الموضِع الذي يُريد أن يُصَلِّيَ فيه • سألت إسحاق، قلت: المؤَذِّن يكون إمامًا، فيَقوم في الموضِع الذي يُريد أن يُصَلِّي فيه، فيُقيم؟ فكَرِهَه، وقال: «يَقوم خَلفَ النَّاس فيُقيم». قلت لإسحاق: فيُقيم على المنارَة؟ قال: «لا، الأَذَان في المنارَة، والإقامَة في المسجِد». 516 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا حِبَّان بن موسَى، قال: ذكر عبد الله، عن سُفيان، أنه كان يُؤَذِّن ويُقيم على المنارَة.

باب: التطريب في الأذان

• قلت لإسحاق: المؤَذِّن يَصعَد فَوقَ بَيته فيُؤَذِّن؟ قال: «إذا كان ذلك أَسمَعَ لِلجيران وأَنفَع؛ فهو جائز». باب: التَّطريب في الأَذَان • قلت لإسحاق: الرجل يُطَرِّب في أَذَانه؟ قال: «التَّسميح أَحَبُّ إليَّ»، قال: «وإن كان يُؤَذِّن بِأجر؛ فإني أكرَهُه -يعني: التَّطريب-، وإن كان بِغَير أَجر، وكان أَنشَطَ للعامَّة؛ فلا بأس». 517 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا مرحوم بن عبد العَزيز، قال: حدثني أبي، عن أبي الزُّبَير -مؤَذِّن بيت المقدس-، قال: أتانا عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقال: «إذا أَذَّنت فتَرَسَّل، وإذا أَقَمت فَاحذِم». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «سُنَّةُ الأَذَان: أن يَتَرَسَّل، والإقامَة: أن يَحذِفَها، وكان يكرَه التَّمَدُّد والتَّمَطُّط في الأَذَان والإقامة؛ يجزِم جَزمًا». باب: التَّرجيع في الأَذَان • سألت إسحاق عن التَّرجيع في الأَذَان؟ فقال: «سُنَّة». قلت: فإن رَجَّع في الأَذَان رُوَيدًا بِقَدر ما يُسمِع أُذُنَيه؟ قال: «أرجو أن يَجوز، هو حَسَن». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «مَضَت السُّنَّة في الأَذَان على أَوجُه كلها -[255]- مُختَلِفَة؛ لا يَدفَع أَحَدُها الآخر؛ فإجماع أهل العِلم: أن الأَذَان مَثنَى، وإنْ أَذَّنَ فأعاد في الأَذَان حتى يَفرَغَ مِن قَوله: «أَشهَد أن محمدًا رَسول الله» -كَفِعل أبي مَحذورَة-؛ فَحَسَن».

باب: الرجل يصلي لنفسه، أيفرد الإقامة أو يثني؟

518 - حدثنا أحمَد بن الأزهَر بن منيع، قال: ثنا المعلَّى بن أسد، قال: ثنا الحارِث بن عُبَيد، قال: حدثني محمد بن عبد الملِك بن أبي مَحذورَة، عن أبيه، عن جده، قال: قال: يا رسول الله، عَلِّمني سُنَّة الأَذَان؟ فمَسَحَ ناصِيته، قال: «تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر -تَرفَع به صَوتَك-، ثم تقول: أَشهَد أن لا إلهَ إلا الله، أَشهَد أن لا إلهَ إلا الله، أَشهَد أن محمدًا رسول الله، أَشهَد أن محمدًا رسول الله -تَخفِض بها صَوتَك، ثم تَرفَع صَوتَك بالشَّهادَة بعدُ-، حَيَّ على الصَّلاة، حَيَّ على الصَّلاة، حَيَّ على الفَلاح، حَيَّ على الفَلاح -إن كانت صلاة الفَجر تقول: الصَّلاة خَيرٌ من النَّوم، الصَّلاة خَيرٌ من النَّوم-، الله أكبر، الله أكبر، لا إلهَ إلا الله». باب: الرَّجُل يُصَلِّي لِنَفسِه، أَيُفرِد الإقامَة أو يُثَنِّي؟ • قلت لإسحاق: رَجلٌ دَخَلَ المسجِد وقد صَلَّوا، فأراد أن يُصَلِّي لِنَفسه، فأقام الصَّلاة، أيُفرِد الإقامَة أو يُثَنِّي؟ قال: «يُثَنِّي الإقامَة، وإن أقام مَرَّةً مَرَّةً يُجزئه»، يعني: إذا لم يُؤَذِّن. 519 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا مُعتَمِر، عن أبيه، عن شعيب، عن أبي العالية، قال: «إذا جَعَلتَها إقامَةً فثَنِّها».

باب: الغلام يؤذن وهو غير بالغ

520 - حدثنا محمد بن الوَزير، أخبرني عبد الله بن ذويد -مولى الوَليد- عن سُلَيمان بن موسَى، أنه سمعه يقول: «إذا صَلَّيت في بَيتك؛ فاكتَفِ بِالإقامَة، واجعَلها شفعًا؛ تَكون تَأذينًا وإقامَة». باب: الغُلام يُؤَذِّن وهو غَيرُ بَالِغ • سمعت إسحاق يقول: «أَقَلُّ ما يَجوز للغُلام أن يُؤَذِّن: إذا بَلَغَ سَبعًا؛ لِمَا أُمِر بالصَّلاة حينَئذٍ، وكما أُمِرَ أن يَؤمَّ القَوم إذا كان أَقرَأَهم وقد بَلَغَ سَبعًا أو جاوَزَها». 521 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد، قال: أخبرني إسماعيل، عن ابن جُرَيج، قلت لعَطاء: أيُؤَذِّن الغُلام وإن لم يَحتَلِم؟ قال: «نعم». باب: التَّقدير بَين الأَذَان والإقامَة • وسمعت إسحاق يقول: «لا يَنبَغي للمُؤَذِّن إذا أَذَّنَ أن يَخرُج من المسجِد على حال، إلا أن يَكون سَهَا، فأَذَّنَ على غَير وضوء؛ فَحينَئذٍ يَرجِع إلى وضوئه؛ لِمَا لا بُدَّ منه، وما أشبه ذلك من العذر. وأما لِحاجَةِ دُنيا، أو غَداء، أو ما كان من مَنافِع الدُّنيا؛ فلا، وإنما جُعِلَ للمُؤَذِّنين الأَذَان والإقامة وَقت بِقَدر ما يتوضَّأ القَوم في مَنازِلِهم، ثم يَمشون على هِينَتِهم إلى المسجِد، فيُصَلُّون رَكَعات، ثم يُقيم. فالمؤذن يَلزَمُه تَعاهُد مَن يَجيء ومَن يَنتَظِر، وهل فَرَغوا ممَّا أُمِروا من الصَّلاة، ثم يُقيم. فإذا جَلَسَ في مَنزِلِه يَتَغَدَّى؛ فاتَه ما وَصَفنا من النَّظر، ولا نَعلَم أَحَدًا من السَّلَف فَعَلَ ذلك».

باب: لا يجوز الأذان إلا لمن عقل سنته، والقعود بين الأذان والإقامة

522 - حدثنا أبو الأزهَر، قال: ثنا عبد المنعم بن نُعَيم، قال: ثنا بحر (1) بن مُسلِم، عن الحسَن وعَطاء، عن جابِر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبِلال: «يا بِلال، اجعَل بَين أَذَانك وإقامَتك ما يَفرَغ الآكِل من أكله، والشَّارِب من شُربه، والمعتَصِر على حاجَته». باب: لا يَجوز الأَذَان إلا لمن عَقَلَ سُنَّتَه، والقُعُود بَين الأَذَان والإقامَة • وقال إسحاق: «لا يَجوز الأَذَان إلا لِمَن عَقَلَ الأَذَان، وعَرَفَ سُنَّته، فإذا عَرَفَ ذلك جاز له أن يُؤَذِّن؛ صَبِيًّا كان أو كَبيرًا أو أَعمَى أو عَبدًا، مع أ. نَّا نَختار أهل البَصَر؛ لِمَا يَحتاج المؤَذِّن إلى النَّظَر في أَوقات الصَّلَوات، ومُعالَجَة النَّظَر في الشَّمس والقَمَر والنُّجوم والأَفياء». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا أَذَّن المؤَذِّن قَعَدَ قَعدَةً في الصَّلَوات كُلِّها؛ حتى في المغرِب، لا بُدَّ من القَعدَة؛ لِمَا صَحَّ عن بلال، حيث عَلَّمَه النبي صلى الله عليه وسلم الأَذَان، فأَمَرَه أن يَنتَظِر بَين الأَذَان والإقامَة قَدرَ ما يَستَيقِظ النَّائم، ويَنتَشِر المنتَشِر للصلاة، فأَذَّنَ مَثنَى مَثنَى، وأقام مَرَّةً مَرَّة». 523 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، ثنا شَريك، ثنا حصين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن زَيد، قال: «رَأَيت الذي أَذَّنَ في المنام أَذَّنَ في المغرب؛ قَعَدَ بَين الأَذَان والإقامَة قَعدَة».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "يَحيى".

باب: المؤذن يزيل قدميه من مكانه، ويجعل إصبعيه في أذنيه

باب: المؤَذِّن يُزيلُ قَدَمَيه من مَكَانِه، ويَجعَل إصبَعَيه في أُذُنَيه • سمعت إسحاق يقول: «إن كان يُؤَذِّن في المنارَة، أو على تَلٍّ، أو ما ارتَفَعَ من الأرض مِن شيء، فَأراد أن يُسمِع مَن حَوالَيه؛ جازَ له أن يُزيل قَدَمَيه من مَكانه؛ لِيَكون أَشَدَّ لِرَفع صَوته، وأُمِرَ المؤَذِّن أن يَجعَل إصبَعَيه في أُذُنَيه؛ لِشِدَّة الصَّوت». 524 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا أبو حَيوَة الحِمصي، قال: ثنا سَعيد بن سنان، عن أبي الزَّاهِريَّة، عن أبي شجرة كثير بن مرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَوَّل مَن أَذَّنَ في السَّماء جِبريل»، فَسَمِعَه عُمَر بن الخطاب، فأَخبَرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بما سَمِع، فقال: «قُم يا بِلال فَأَذِّن»، وأَمَرَه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَجعَل إصبَعَيه في أُذُنَيه؛ استِعانَةً بهما على الصَّوت. باب: انتِظار الإمام إذا أَقَام المؤَذِّن • وسمعت أبا يَعقوب يقول: «إذا أقام المؤَذِّن الصَّلاة ولم يَجِئ الإمام؛ فليَنتَظِره القَوم قُعودًا، وقد كانوا يَستَحِبُّون أن يَنتَظِروا الإمام قَدرَ ما يَنزِل المؤَذِّن». 525 - قال إسحاق: فقد أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن عبد العَزيز بن صهيب، عن أنس، قال: أُقيمَت الصَّلاة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نَجِيٌّ لِرَجل، فما قام إلى الصَّلاة حتى نَعسَ بَعض القَوم. 526 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا مُعاويَة بن سلام، قال: ثنا يَحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قَتادَة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: -[259]- «إذا أُقيمَت الصَّلاة فلا تَقوموا حتى تَرَوني، عَلَيكم السَّكينَة».

باب: تسوية الصف

باب: تَسويَة الصَّفّ • سمعت إسحاق يقول: «الإمام إذا أقام؛ يَنبَغي أن يَأمُرَهم بذلك -يعني: تَسوِيَة الصُّفوف-، ولا يُكَبِّر حتى تُسَوَّى الصُّفوف، ويُكرَه أن يَرفَعَ الرجل بَصَرَه إلى السَّماء في الصَّلاة». باب: مَنْ فَاتَته صَلَوات، أَيَقضيها بِأَذَانٍ وإقامَة؟ • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: رَجلٌ فَاتَته صَلَوات، فقَضاها، أيُؤَذِّن ويُقيم مَرَّةً واحِدَة، أو يُصَلِّيها كُلَّها؟ فسَهَّلَ في ذلك جِدًّا، ورَآه حَسَنًا. • وسمعت إسحاق يقول: «إنْ أنت نَسيت صلاةَ يَومٍ ولَيلَة أو دونَ ذلك، فَأَقَمت لِكُلِّ صلاة؛ فهو أَحَبُّ إلَينا، وإن كان إمامٌ فَاتَه ذلك؛ أَذَّن المؤَذِّن، ثم أقام، ثم صَلَّى بأصحابِه ما فَاتَه، كما فَعَلَ النبي صلى الله عليه وسلم يَومَ الخَندَق». 527 - حدثنا محمد بن آدم، قال: ثنا مخلد بن حسين، عن هِشام، عن الحسَن -في الرجل يَكون عَلَيه صَلَوات، فيُريد أن يَقضِيَهُنَّ-؛ قال: «إن قَضاهُنَّ في مَوضِعٍ واحِد؛ أَجزَأَ عَنه إقامَةٌ واحِدَة، وإن قَضَى هاهنا وهاهنا؛ فلِكُلِّ صَلاةٍ إقامَة». 528 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عَمرو: -[260]- أخبرني أبو الزُّبَير المكي، عن نافع بن جُبَير بن مطعم، عن أبي عُبَيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، قال: «كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُوَازَى العَدُوِّ من الخَندَق، فشَغَلوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الظُّهر والعَصر والمغرِب والعِشاء، حتى كان نِصف الليل، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبَدَأَ بالظُّهر فَصَلَّاها، ثم العَصر، ثم المغرِب، ثم العِشاء؛ يُتابع بَعضَها بَعضًا بإقامَةٍ إقامَة».

باب: الجنب يسمع الأذان، أيقول كما يقول؟

باب: الجُنُب يَسمَع الأَذَان، أَيَقول كَمَا يَقول؟ • سُئل إسحاق عن الرجل يَسمَع الأَذَان وهو جُنُب، هل يَقول كما يَقول المؤَذِّن؟ قال: «أَحَبُّ إليَّ أن يَقول كما يَقول المؤَذِّن؛ لأنه لَيسَ قرآنً». 529 - حدثنا عبد الرحمن بن بحر، قال: ثنا رشدين بن سَعد، قال: ثنا زَبَّان بن فائد، عن سهل بن مُعاذ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سَمِعتُم المؤَذِّنَ فَقولوا مِثلَما يَقول». باب: مَنْ يَجمَع بَين الصَّلاتَين، أَيُجزِئه أَذَانٌ وإقامَة؟ • سألت إسحاق، قلت: رَجلٌ يَجمَع بَين الصلاتَين، أيُجزئه أَذَانٌ وإقامَة؟ قال: «أَذَانٌ وإقامَةٌ واحِدَةٌ للصلاتَين جَميعًا». 530 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا شَريك، عن سَلَمَة بن كهيل، عن سَعيد بن جُبَير، قال: كنت مع ابن عُمَر بِجَمع، فأَذَّن وأقام، ثم صَلَّى المغرِب ثلاثًا، والعِشاء -[261]- رَكعَتَين؛ لم يَفصِل بَينَهما بِكَلام، ثم قال: «هكذا صَلَّيت مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المكان».

باب: تحويل القبلة

531 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: ثنا سَعيد بن أبي عروبة، عن قَتادَة، عن لاحق بن حُمَيد، أنه شَهِدَ ابنَ عُمَر جَمَع بَينَهما بِجَمعٍ جَميعًا، بإقامَةٍ واحِدَة -يعني: المغرِبَ والعِشاء-. باب: تَحويل القِبلَة • قال حرب: أملى عَلَينا إسحاق، قال: «أَوَّل ما افتُرِضَت الصَّلاة بِمَكَّة رَكعَتَين رَكعَتَين، إلا المغرِب ثلاثًا، فَصَلَّوا بِمَكَّة عَشرَ سِنين، وقَدِموا المدينَة، فَصَلَّوا كذلك سِتَّ عَشرَة (1) شَهرًا؛ كل هذا إلى بَيت المقدِس، ولم تَزَلِ الصَّلاة بِمَكَّة والمدينَة أَوَّل مَقدَمِه حَيثُ هاجَر مع أصحابه تَمامَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهرًا؛ كُلّها إلى بَيتِ المقدِس، ثم نَظَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السَّماء؛ لما كان يُحِبُّ أن تُحَوَّل القِبلَة إلى الكَعبَة؛ فأنزل الله -تعالى-: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها}، فوُلِّيَ إلى الكَعبَة، ولم يَكونوا يَعرِفون الصَّلاة إلى الكَعبَة، فمن هاهنا قالت اليهود؛ قال: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها}».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "سِتَّةَ عَشَر".

532 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، عن البراء: {سيقول السفهاء من الناس}، قال: «هم اليهود».

باب: أقل الحيض وأكثره

كتَابُ الحَيض o قال أبو القاسِم: حدثني حَربٌ من كِتاب الحَيضِ هذا ما كان من كَلامِ أحمَد وإسحاق، وأَجَازَ لي الأحاديثَ، وقال: «ارْوِه عَنِّي»، يعني: الأحاديث. باب: أَقَلُّ الحَيض وأَكثَره • حدثني حرب، قال: سألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: الحيض كَم أَقَلُّه؟ قال: «أما الذي أَختارُه أنا؛ فأَقَلُّه يَومٌ ولَيلَة». قلت: فَكَم أَكثَرُه؟ قال: «خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا». قلت: لا يَكون أَكثَر من خَمسَةَ عَشَر؟ قال: «لا». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «قال عَطاء: «الحيض يَومٌ واحِد»». قال إسحاق: «وذُكر عن بكر بن عبد الله المزَني أنه قال: «تَحيض امرأتي يَومَين»». • وسمعت إسحاق أيضًا يقول: «قد صَحَّ في زَماننا عن غَير واحِدَةٍ أنها قالت: حَيضَتي يَومان، قالت امرأةٌ من أَهلِنا مَعروفَة: لم أُفطِر مُنذُ عِشرين سَنَةً في رَمَضان إلا يومين. ويُكتَفَى في مِثل هذه الحِكايَة بالرجل الصالِح عن المرأة الصالِحة التي لا تُتَّهَم؛ تُخبِر بِحَيضَتِها عَن نَفسِها». • وسألت علي بن عبد الله، قلت: الحيض كَم أَقَلُّه وكَم أَكثَرُه؟ قال: «نَحنُ لا نُوَقِّت في الحيض شياءً (1)». 532/ 2 - (2) حدثنا محمد بن يَحيى، قال: سمعت محمد بن كثير، عن الأوزاعي، قال: «كانت هاهنا بِبَيروت امرأةٌ تَجلِس في الحيض يَومًا، ثم تَطهُر، وتَجلِس في النِّفاس -[264]- ثلاثًا، ثم تَطهُر».

____ (1) في الأصل مهملة مضبوطة، (ولعل الصواب: "شيئًا)، وضبب الناسخ فوق "في الحيض". تنبيه: ما بين القوسين مما أضافه المحقق على ما في المطبوع. (2) تكرر هذا الرقم في المطبوع خطأً، وصوَّبه المحقق هنا بإضافة الرقم (/2)، للدلالة على أنه مكرر.

533 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا عيسَى بن يونُس، عن الربيع بن صَبِيح، عن عَطاء، قال: «الحيض خَمسَ عَشرَة». • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: امرأةٌ تَحيض في كل شَهرٍ سِتَّةَ عَشَرَ يَومًا، أو سَبعَةَ عَشَرَ يَومًا؟ فأنكَرَ ذلك، وقال: «لا يكون»، يَذهَب إلى الخَمسَة عَشرة (1) يَومًا. • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى، وسُئل: كَم أَقَلُّ الحيض؟ -؛ قال: «يُروَى عن عَطاء، قال: «أدنَى وَقت الحيض يَوم». قيل: وأَكثَرُه؟ قال: «يقولون: خَمسَ عَشرَة». 534 - وسمعت إسحاق يقول: حدثنا سُفيان بن عبد الملِك، عن ابن المبارَك، قال: قال الأوزاعي ومالك بن أنس: «كانت عِندنا امرأةٌ تَحيض»؛ قال أحدهما: «خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا»، وقال الآخَر: «تَحيض يَومًا واحِدًا؛ حَيضًا مُعتَدِلًا». 535 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا حَفص بن غياث، عن أشعَث، عن عَطاء، قال: «الحيض خَمسَةَ عَشَر». 536 - سمعت إسحاق -أيضًا- يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: «قول مالك بن أنس -حيث يقول: «لا يكون الحيض أَكثَر من خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا» -؛ إنما ذلك لامرَأةٍ لا تَعلَم وَقت حَيضِها، فَسُنَّتها: ما أَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم: أن تَدَعَ الصَّلاة أيام أَقرائها، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي؛ لأن حَيض النِّساء يَتَغَيَّر في الأحايين، ورُبَّما كان حَيضها خَمسَةَ -[265]- أيام، ثم يَرتَفِع إلى أَكثَر من عَشرَة، ثم يَنقُص، مع أنه لم يَبلُغنا أن امرأةً حاضَت أَكثَر من خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، إلا واحِدَةٌ؛ سَبعَةَ عَشَرَ يَومًا -فيما وُصِفَ عَنها-، وهذا قَليلٌ في النِّساء، وكذلك اليَومين (2)، ولقد قالت امرأةٌ يُقال لَها: أم العلاء: حَيضي مُنذ آبادِ الدَّهر يَومان، فلم تَزَل على ذلك حتى قَعَدَت من الحيض».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "الخَمسَة عَشَر". (2) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والوجه: "اليَومان".

• ورأيت أحمَد بن حَنبل لا يُصَحِّح حديث الجَلْد بن أيوب، عن مُعاويَة بن قرة، عن أنس بن مالك في الحيض. وكذلك قال حَمَّاد بن زيد: كان هاهنا شَيخٌ -يعني: الجَلْد بن أيوب-؛ لا يَدري قُرء الحائض من المستحاضة، لَقَّنوه حتى صَحَّ لهم حديثًا (1)؛ قوله: «الثلاث، والخمس، إلى العشر». 537 - حدثنا أبو عُمَر حَفص بن عُمَر، قال: ثنا يَزيد بن زُرَيع وإسماعيل بن علية، عن جَلْد بن أيوب، عن مُعاويَة بن قرة، قال: سألت أنس بن مالك عن قُروء الحائض؟ فقال: «ثلاث، أو أربَع، وخَمس، وسِتّ، وسَبع، وثَمان، وتِسع، وعَشر، ثم تَطهُر وتُصَلِّي، فما كان فَوق ذلك فهي مُستَحاضَة».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "حديث"، ويحتمل أن صوابها: "حتى صحَّح لهم حديثاً".

538 - حدثنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال موسَى بن أعين وإبراهيم بن محمد: «إن البِكر وغَير البِكر تَحيض يَومًا أو يَومَين، ثم يَنقَطِع عنها الدم، دون ثلاثَة أيام؛ فَلَيسَت بِحَيضَة؛ تَغتَسِل وتُصَلِّي صلاة ذَينك اليَومَين». قالا: «فإن هي رَأَت دَمًا ثلاثة أيامٍ تِباعًا؛ فهي حَيضَة، وإن زاد على عَشرَة أيام؛ فهي مُستَحاضَة». 539 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال الأوزاعي: «كل امرأةٍ رَأَت يومًا عَتيقًا (1)؛ قَطرةً فما فَوقَها بين الأقراء في حال أَطهارِها؛ فإنها تَغتَسِل وتُصَلِّي، إلا أن تَستَعجِل إلَيها حَيضَتها، وكُلُّ صُفرَةٍ أو كُدرَةٍ رَأَته امرأةٌ بين الأقراء في حال أَطهارِها؛ توضَّأت وصَلَّت». 540 - قال الوَليد: فذكرت ذلك لموسَى بن أعين، فقال: «أما نَحن فنَقول: كُلُّ دَمٍ رَأَته بَين الأقراء؛ فإنها تُمسِك عن الصَّلاة يَومَها والثاني والثالث، فإن انقَطَعَ عنها قبل تَمام الثالث؛ فهي تَريَّة، ولَيسَت بِحَيضَة؛ تَغتَسِل وتُصَلِّي صَلاةَ تِلك الأيام، وإن هو لم يَنقَطِع عنها حتى تَستكمِل ثلاثة أيام فأَكثَرَ من ذلك؛ فهي حَيضَةٌ تَعَجَّلَت، تُمسِك عن الصَّلاة حتى تَرَى الطُّهر». 541 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سمعت مالك بن أنس وموسَى بن أعين وإبراهيم بن محمد؛ يقولون: «وَقت الحائض عَشرَة أيام، إلا -[267]- أنْ تَرَى طُهرًا قَبلَه، فتَغتَسِل وتُصَلِّي، وإن زادَت على عَشرَة أيام قَبل أن تَرَى طُهرًا؛ فهي مُستَحاضَة».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "دماً عَبيطاً".

542 - حدثنا محمد بن نصر بن سَعيد، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الملِك، قال: سمعت العلاء، قال: سمعت مَكحُولًا يحدث عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَقَلُّ ما يكون الحيض للجارِيَة البِكر، والثَيِّب التي قد يَئسَت من الحيض: ثلاثًا (1)، وأَكثَر ما يكون الحيض عَشرَة أيام، فإذا رَأَت الدم أَكثَر من عَشرَة أيام فهي مُستَحاضَة؛ تَقضي ما زاد على أيام أقرائها». 543 - حدثنا هَنَّاد بن السَّري، ثنا ابن فضيل، عن أشعَث، عن الحسَن، عن عُثمان بن أبي العاص، قال: «لا تكون المرأة مُستَحاضَةً في يَومٍ ولا يَومَين ولا ثلاث، حتى تَبلُغ عَشرَة أيام، فإذا بَلَغَت عَشرَة أيام فهي مُستَحاضَة». 544 - حدثنا أحمَد بن أزهر، قال: ثنا محمد بن يوسُف، عن سُفيان، عن الربيع، قال: قال الحسَن: «الحيض عَشرَة، فما زاد فهي مُستَحاضَة». 545 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا ابن عياش، قال: حدثتني أم الضَّحَّاك، عن خالِد بن معدان، قال: «أَقَلُّ ما يكون من الحيض: ثلاثَة -[268]- أيام، وأقصَاه: عَشرَة».

____ (1) ضبب عليها الناسخ، والوجه:"ثلاثة".

باب: المرأة أول ما حاضت استحيضت

546 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سُفيان، عن الجَلْد بن أيوب، عن أبي إياس مُعاويَة بن قرة، عن أنس بن مالك، قال: «الحيض ثلاثَة أيام، وخَمسَة أيام، وعَشرَة أيام، فما زاد فهي مُستَحاضَة». قال عبد الرحمن: «وكان مالك يَرَى الحيض خَمسَة عَشَر». باب: المرأة أَوَّل ما حاضَت استُحيضَت • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: امرأةٌ أَوَّل ما حاضَت استَمَرَّ بها الدم؟ قال: «تُصَلِّي ثلاثًا أو أربعًا وعِشرين، وتَجلِس سِتًّا أو سَبعًا»، يَذهَب إلى حديث حمنة بنت جحش؛ حديث عبد الله بن محمد بن عَقيل. • وسألت علي بن عبد الله، قلت له: إنها أَوَّل ما حاضَت استَمَرَّ بها الدم؟ قال: «تَجلِس كما تَجلِس نِساؤها». 547 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا أبو عامر العقدي، قال: ثنا زُهَير بن محمد العنبري، عن عَبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، عن إبراهيم بن محمد بن طَلحَة بن عُبَيدالله، عن عَمِّه عِمران بن طَلحَة، عن أُمِّه حمنة بنت جَحش، قالت: كنت أُستَحاض حَيضَةً كَثيرةً شَديدَة، فأتَيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني أُستَحاض حَيضَةً كَثيرةً شَديدَة، فما ترى فيها، قد مَنَعَتني الصَّلاة والصيام؟ قال: -[269]- «أَنعَتُ لكِ الكرسُف؛ فإنه يُذهِب عنكِ الدم». قالت: هو أَكثَر من ذلك؟ قال: «فتَلَجَّمي». قالت: هو أَكثَر من ذلك؟ قال: «فاتَّخِذي ثَوبًا». قالت: هو أَكثَر من ذلك، إنما أَثُجُّ ثَجًّا؟ قال: «سَآمُرك بِأمرَين أيّهما فَعَلتِ أَجزَأ عنكِ من الآخَر، وإن قَويتِ عَلَيهما؛ فأنتِ أَعلَم، إنما هي رَكضَةٌ من رَكضات الشيطان، فتَحَيَّضي سِتَّة أيام، أو سَبعَة أيام في علم الله، ثم اغتَسِلي، حتى إذا رأيتِ أنكِ قد طَهُرتِ واستَنقَأتِ؛ فصَلِّي أَربعًا وعِشرين، أو ثلاثًا وعِشرين لَيلَةً وأيامها، وصَلِّي وصومي، فإن ذلك يُجزئكِ، وكذلك فافعَلي في كل شَهر كما يَحضنَ النِّساء وكما يطهرنَ لميقات حَيضِهنَّ وطُهرِهِنّ، وإن قَويت على أن تُؤَخِّري الظُّهر وتُعَجِّلي العَصر، وتَغتَسِلين، ثم تُصَلِّين الظُّهر والعَصر جَميعًا، وتُؤَخِّرين المغرِب وتُعَجِّلين العِشاء، ثم تَغتَسِلين، وتَجمَعين بين الصلاتين؛ فافعلي، وتَغتَسِلين مع الفَجر، وتُصَلِّين الفَجر؛ فافعلي، وصومي وصَلِّي». قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وهذا أَعجَبُ الأمرَين إليَّ».

• قال إسحاق: «قد رَوَى هذا الحديثَ: ابن جُرَيج، وشَريك، وعُبَيدالله بن عَمرو الرَّقِّي، وجَرير بن حازم، والنُّعمان بن راشد؛ كُلُّهم عن عبد الله بن محمد بن عقيل؛ بهذا الإسناد، وليس في جَميع مَن رَواه أَثبت عِندي في هذا الحديث عن (1) زهير بن محمد».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "من".

باب: إذا اختلف عليها الحيض

548 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن قَتادَة وقيس بن سَعد، عن عَطاء -في المرأة البِكر يُطاوِلها الحيض؟ -؛ قال: «تَجلِس كَنَحو امرأةٍ مِن نِسائها». 549 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا الوَليد بن مُسلِم، عن أبي غنيم الكلاعي [عن] (1) عَنبسَة بن سَعيد، عن مَكحُول، قال: «وَقت الحائض سَبعَة أيام». 550 - حدثنا عَمرو بن عُثمان ومحمد بن الوَزير، قالا: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني أبو غنيم، عن نَصيح الشامي، أنه سمع مَكحُولًا يقول: «وَقت الحائض سَبعَة أيام». 551 - حدثنا أبو حَفص، قال: ثنا محمد بن يوسُف، قال: ثنا إسرائيل، عن جابِر، عن طَلحَة بن مصرف، عن الضَّحَّاك بن مزاحم، قال: «تَقعُد سَبعَة أيام، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي». باب: إذا اختَلَفَ عَلَيها الحَيض • وسألت أحمَد بن حَنبل -مرةً أخرى-، قلت: امرأةٌ أَوَّل ما حاضت استَمَرَّ بها الدم، كَم تَجلِس أَوَّل ما تَحيض؟ قال: «إن كان مِثلُها مِن النِّساء تَحيض، فإن شاءت جَلَسَت سِتًّا أو سَبعًا، حتى يَتَبيَّن لَها حَيضٌ ووَقت، فإن أَرادَت الاحتياط؛ جَلَسَت يَومًا واحِدًا أَوَّل مَرَّة حتى يَتَبيَّن وَقتُها بَعدُ». قلت لأحمد: فإنها جَلَسَت يَومًا واحِدًا، فحاضَت عَشرًا أو نَحوَها، ثم انقَطَعَ عنها؟

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: حذف "عن"، انظر: تاريخ دمشق (12/ 47).

قال: «هذا وَقتُها، تُعيد الصيام إن كانَت صامَت في هذه الأيام؛ لأنه حَيض». قلت: فإنها جَلَسَت يَومًا، فاستَمَرَّ بها الدم إلى عَشرَة، ثم انقَطَعَ عنها، وفي الشهر الثاني انقَطَع عنها في سَبع، واختَلَفَ عَلَيها، ونحو ذلك؟ قال: «تَنظُر إلى أَقَلِّ ذلك، فتَجعَله وَقتًا وأيام حَيضها». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- في سُنَن الحيض: «أحدها: التي لَها أيامٌ مَعلومَة؛ فهي تَعمَل على أيامِها ما كانت. والثانية: التي لَها أيام، فاختَلَط عليها». قال أحمد: «جاءت فاطمة -رضي الله عنها-، فقالت: إني أُستَحاض ولا أَطهُر، أفَأدَع الصَّلاة؟». قال أحمد: «فنَسِيَت أيامَها التي كانت تَقعُد فيها؛ فهذه تَعمَل بإقبال الدم وإدبَاره». قال أبو عبد الله: «وإقبال الدم أَسوَدُ يُعرَف. والثالثة: حديث حمنة: «إني أثُجُّه ثَجًّا، إنه أشَدُّ من ذلك»، فقال لها: «تَحيَّضي في عِلم الله سِتًّا أو سَبعًا»». • قيل لأبي عبد الله: قِصَّة حمنة لامرأةٍ رَأَت الدم أَوَّلَ مَرَّة، ثم استَمَرَّ بها الدم؟ قال أحمد: «حمنة عَجوز». قيل له: إن بَعض الناس يقول: قِصَّة حمنة للتي لم تَرَ الدم قَطّ، ثم رَأته فاستَمَرَّ بها؟ قال: «لم تكُن قِصَّة حمنة هكذا، وإنما يَتأوَّل بَعض الناس في هذا للتي لم تَرَ الدم ثم رَأته؛ شَبَّهَ قِصَّتها بقِصَّة حمنة: «إني أثُجُّه ثَجًّا»، و: «إنه أَكثَر مِن -[272]- ذلك»؛ يقول الذي يَتأوَّل: فإذا رَأَت الدم أَوَّلَ مَرَّة، ثم استَمَرَّ بها؛ أَمَرتُها بِقِصَّة حمنة. وقد قال بعضهم: يَومٌ واحِد».

• وسمعت إسحاق يقول: «مَضَت السُّنَّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في النِّسوَة الاتي استُحِضنَ على عَهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكُنَّ قد حِضنَ قبل ذلك زَمانًا أو ما شاء الله، وهذهِ حَيثُ استَمَرَّ بها الدم حتى اختَلَطَ دَم حَيضَتها بِدَم استِحاضَتها، فأشبَهُ شيءٍ: أن يكون حُكمُها حُكم حديث حمنة بنت جحش؛ سَبعَة أيام، حتى تَرجِعَ في الأشهر إلى قُرئها، ويَبينَ لَها دَم حَيضَتها من دَم الاستحاضة -فيما بَعد-، فتَرجِع إلى خِلقَتها. وليس في البِكر يَستَمِرُّ بها الدم سُنةٌ من النبي صلى الله عليه وسلم عَلِمناها، وجاء عن التابِعين ومَن بَعدَهم من أهل العِلم في ذلك، مِثل: الأوزاعي، وسُفيان، وابن المبارَك، ومَن نَحا نَحوَهم: فرأى الأوزاعي وسُفيان: أن تَترُك الصَّلاة والصوم كَنَحو حَيض أُمَّهاتها، حتى يَتَبيَّنَ لَها فيما بَعد خِلقَتها، فتَثبُتَ على ذلك، ويَكُفُّ زَوجُها عن غِشيانها إلى أقصَى أقراء أُمَّهاتها». قال إسحاق: قال بَعض أهل العِلم من أهل المدينَة: أقصَى ما تَحيض المرأة عندنا: خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، وهو قَول مالك بن أنس ومَن اتَّبَعَه، فإذا كانت الحَيضَة في أَوَّل ما رَأَت الدم أَكثَر من خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا: فإن رَأَت الطُّهر خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا أو أَقَلّ؛ جَعَلنا ذلك قُرأَها، وإن جاوَزَت خَمسَةَ عَشَرَ؛ فهي مُستَحاضَة، ولو رَأَت في أَوَّل حَيضِها يَومًا دَمًا، ويَومًا طُهرًا؛ ضَمَّت الأيام التي رَأَت دَمًا بَعضَها إلى بَعض، -[273]- وطَرَحَت ما طَهُرت فيها، فإذا كان ما حاضَت يَكون خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا؛ اغتَسَلَت وصَلَّت، وإن زاد؛ فهي مُستَحاضَة، وشَأن المستَحاضَة عند أهل المدينة كما بَيَّنَّا؛ يَرُدُّونها إلى أقرائها؛ إلى ما قال مالك أقراؤها، وتَستَظهِر بِثَلاث.

وقالوا: لو رَأَت دَفْعَةً بَعد الخَمسَةَ عَشَرَ يَومًا؛ فهي مُستَحاضَةٌ بالدَّفعَة إذا لم يَكُن بَينَها وبَين الحَيضَة قَدرُ الطُّهر؛ لأنها صارَت كَمَن حاضَت في شَهرٍ أَكثَر من خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، وذلك -عندهم- ما لا تَحيضُه النِّساء، ولا يَرَون تلك (1) الصَّلاة بِتلك الدَّفعَة؛ فلا تَزال تُصَلِّي حتى تَأتِيها دَفعَةٌ بَعدَ خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا أو أَكثَر؛ لأن أَقَلَّ طُهرِها خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا؛ يَجعَلون في الشَّهر حَيضَةً وطُهرًا، وقال مالك: «لا تَحيض المرأة أَكثَر مِن نِصف دَهرِها». ثم تَصنَع كذلك فيما تَستَقبِل مِثلَما وَصَفنا، إلا أن يكون لَها أَقراءٌ مَعلومَة، وإذا كان ذلك؛ فما زاد على خَمسَةَ عَشَر؛ حَكَموا لَها بِحُكم المستَحاضَة. وإنَّا وإن لم نَعتَمِد على قول مالكٍ وأصحابِه في البِكر؛ إذ ذَهَبَ بها إلى أقصَى حَيض النِّساء؛ فقد ذَهَبَ مَذهَبًا، ولم نُنكر تَوقيتَ الخَمسَةَ عَشَر يومًا؛ لأن الخَمسَةَ عَشَر قد صَحَّ أنه يكون حَيضًا». قال إسحاق: «وقال ابن المبارَك: «إن أوثَقَ عندي في نَفسي في البِكر: أن تَدَعَ الصَّلاة ثلاثَة أيام إذا استَمَرَّ بها الدم»». قال أبو يَعقوب: «وَجَدنا عُلَماء الأمصار مُختَلِفين في ذلك، كلٌّ يَؤمُّ العَدلَ -[274]- والصَّواب، فوجدنا أَشبَهَ ما نَختار لَها بالسُّنَّة الماضية، وأقرَبَ إلى الاحتياط: أن يُحكم لَها في أَوَّل حَيضَتها بِحُكم حَيض أُمَّهاتها في غِشيان الزَّوج إيَّاها، والعِدَّة لَها إن كانت مُطَلَّقَة».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "ترك".

552 - حدثنا أبو الأزهَر، قال: ثنا محمد بن يوسُف، قال: قال سُفيان: «المرأة أَوَّل ما تَحيض؛ تَجلِس في الحَيض نَحوًا مِن نِسائها». 553 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، قال: كَتَب إليَّ أبو حنيفة، وقال زفر: عن أبي حنيفة -في امرأةٍ لم تَحِض قَطُّ حتى استُحيضَت-؛ قال: «نَنظُر إلى وَقت نِسائها فإن كانت سَبِيَّةً لا نَعرِف لِنِسائها وَقتًا؛ كان أَوَّل شيءٍ تَرَى الدم حَيضًا ما بَينها وبَين عَشرَة أيام، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي، وتَتوضَّأ لكل صلاة ما بَينها وبَين عِشرين يَومًا، ثم تكون حائضًا بَعد العِشرين عَشرًا؛ فهذا وَقت حَيض هذه». - وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول -في هذا القَول-: «حا، والخطأ (1) بَيِّن في البِكر، ولو قالوا: نَختار لَها أن تَجلِس أَغلَب جُلوس النِّساء في الحَيض؛ وذلك سَبعَة أيام وشِبهه؛ لِمَا أَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم حَمنةَ بنت جحش عِند اختِلاط حَيضَتها أن تَجلِس سَبعَة أيام، وثلاثَة وعِشرين يَومًا طُهر، فجَعَلَ الحَيضَة والطُّهر يَستَغرِقان الشَّهرَ كَمَلًا؛ على اتِّباع الكِتاب والسُّنَّة- لَكَان ذلك أَحسَنَ مما قالوا: إنا نَبلُغ بها العَشر، وهي -أيضًا- حَيضُ النِّساء عِندهم.

____ (1) (كذا في الأصل، ولعلها محرفة عن: جاؤوا بخطأ). تنبيه: ما بين القوسين مما صوَّبه المحقق على ما في المطبوع.

ومَن قال مِن التابِعين ومَن بَعدَهم، مِثل: الأوزاعي وسُفيان؛ أنها تَقعُد أقراء أُمَّهاتها؛ فقد اتَّبَعوا في ذلك مَذاهِب السُّنَّة وأَشبَهَ الأُمور، حتى يَأتي عَلَيها الأَشهُر وأوقات الحَيض، فإذا استَقامَت لم تَزِد بَعدَ ذلك على وَقتها، وتَرَكَت الاقتِداء بِأوقات أُمَّهاتها؛ لِمَا تَبَيَّن من خِلقَتها». 554 - حدثنا عِمران بن يَزيد، ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: سُئل أبو عَمرو الأوزاعي عن الجارِيَة الشَّابَّة يَبدَؤها الدم أَوَّل حَيضَتها حتى تُهراق الدم؟ قال: «تَنظُر إلى أَمر النِّساء، فإن مِنهُن مَن تَمكُث خَمسًا وسِتًّا وسَبعًا، فعلى جَماعَة النِّساء». قال: «ثم تَنتَظِر بَعد السَّبعَة يَومًا أو يَومَين، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي». 555 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن المثنى بن الصَّبَّاح، أنه سمع عَطاء بن أبي رَبَاح يقول -في البِكر تُستَحاض ولا تَعلَم لَها قُروءًا-: «لتَنظُر عَدَد قُرء نِسائها؛ أُمَّهاتها أو خَالَتها أو عَمَّتها، ثم هي بعد ذلك مُستَحاضَة». 556 - قال الوَليد: فذكرته للأوزاعي، فعَرَفَه، وقال: «هذا الأمر عندنا». قلت للأوزاعي: فإن لم تَعرِف أقراء نِسائها؟ قال: «فلتَمكُث أعلى أقراء النِّساء؛ سَبعَة أيام، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي كما تَفعَل المستَحاضَة». قال الوَليد: وسمعت الأوزاعي يقول: «فإن كانت حَيضَتها فيما تَستَقبِل على عِدَّة أيامٍ تَحيض فِيهِنَّ مِن كل شَهر؛ فتِلك الأيام حَيضَتها؛ كانت أَقَلَّ مِن سَبعَة أيامٍ أو أَكثَر». 557 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا محمد بن سَلَمَة الجزري، عن المثنى -[276]- ابن الصَّبَّاح، عن عَطاء، قال: «إذا كانت بِكرًا؛ فقَدر ما كانت تَقعُد أُمُّها أو أُختها أو عَمَّتها أو خالَتها أو نِساؤها».

باب: المستحاضة

باب: المستَحَاضَة • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «قد مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم في المستَحاضَة على أَوجُه مُختَلِفة؛ لاختِلاف طَبائعِهنّ، وكل ذلك يُصَدِّق بَعضُه بَعضًا، وتَناوَلَه الذين لا يَعلَمون على التَّناقُض والاختِلاف. والحَيض أَمرٌ لا يُدرَك بالعُقول والمقاييس؛ لأن الحَيض خِلقَةٌ رُكِّبَت في النِّساء، ولا يَستَوين في ذلك، فمَن عَقَلَ ما وَصَفنا وتَفَهَّم؛ عَلِمَ أن ذلك كذلك، وكَيف يَجوز للعالِم أن يَجعل حَيض النِّساء على أَمرٍ واحِدٍ؛ يُوَقِّت لَهُنَّ في ذلك وَقتًا لا تَقصُر عن أدناه، ولا تُجاوز أقصاه؛ وقد تَبَيَّن له من أَمر النِّساء ما كان له فيه غُنيَةٌ وكِفايَةٌ عن صِفاتِنا؟! لأنهم قد عَلِموا وأبصَروا أن حَيض النِّساء يكون ثلاثًا وأربَعًا وخَمسًا وسِتًّا وسَبعًا وثمانيًا وتسعًا وعَشرًا، مع أنهم يَعلَمون أن الغالِب من حَيضهم (1) السِّتُّ والسَّبع؛ كما وَصَفَ النبي صلى الله عليه وسلم لِحمنة بنت جحش السَّبع والسِّتّ، وقال لها: «تَحَيَّضي كما تَحَيَّض النِّساء وكما يَطهُرن لِميقات حَيضِهنَّ وطُهرِهنّ»، وسَمِعنا مِن النِّساء مَن تَحيض يَومَين ثم تَطهُر كما يكون طُهر النِّساء، أو تَحيض أَحَدَ عَشَرَ يَومًا، أو اثنَي عَشَرَ يَومًا، أو ثلاثَةَ عَشَرَ يَومًا، أو أَربَعَةَ عَشَرَ يَومًا، أو خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا؛ -[277]- كلُّ ذلك قد صَحَّ عن العُلماء، واستَيقَنوا ذلك من نِسائهم وغَيرِهنّ، حتى إن بَعضَهم قال: «وحاضَت امرأةٌ من نِساء الماجِشون عِشرين يَومًا حَيضًا مُعتَدِلًا»، وأنكَرَ ذلك مالكُ بن أنس، وعِدَّةٌ من عُلَماء المدينَة، ولم يَرَوا الوَقت إلا خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، وجَعَلوا الخَمسَةَ عَشَر آخِرَ وَقت الحائض، وقال مالك: «لا تَحيض المرأة أَكثَر من نِصف دَهرِها»، وقد صَحَّ الخَمسَةَ عَشَر عن غَير واحِدٍ من العُلَماء، مِثل: عَطاء بن أبي رَبَاح، ومالك بن أنس مِن بَعدِه، وثلاثَةَ عَشَر عن سَعيد بن جُبَير، وحتى إن الأوزاعي ومالك بن أنس قالا: «كانت عندنا امرأةٌ تَحيض يَومًا واحِدًا حَيضًا مُعتَدِلًا»:

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والوجه: "حيضهن"، ويحتمل فيها: "حُيَّضِهم".

558 - أخبرني بذلك سُفيان بن عبد الملِك، عن ابن المبارَك، عنهما. وقال ابن المبارَك: «وأستَطيع أن أَرُدَّ أَمرَ امرأةٍ حَيضُها أَكثَر مِن عَشرَة أيام؛ مَعروف أقراؤها كذلك؛ لا يَختَلِف عَلَيها إلا كما يَختَلِف مَن أقراؤها دون العشرة - أن أَرُدَّ أَمرَها إلى العَشرة، فأجعل ما بَعد ذلك استِحاضَة، وامرأةً حَيضُها أقراء مَعروفَة؛ أن أقول: لم تحضر (1) قَطّ، فإذا كان أقراء المرأة مَعروفَة؛ فأقراؤها ما كانت». قال ابن المبارَك: «وأَوثَقُ في نَفسي عندي: أن البِكر أَوَّل ما تَرَى الدم؛ أن تَجلِس ثلاثًا»، وصَدَقَ ابنُ المبارَك». قال أبو يَعقوب: «فكُلَّما كان الدم يُعرَف أنه دم المحيض، ورَأَت الطُّهر كما تَراه النِّساء؛ فذلك حَيض، تَقعُد عن الصَّلاة، وكذلك اليَومَين، فإن أنكَرَ مُنكِرٌ من هؤلاء، -[278]- وقالوا: «لا نقول إذا كانت تَقعُد يَومَين حَيضًا مُعتَدِلًا: إن هذا حَيض، فلا نَجعَله خِلقَة، ولكنا نقول: لَيسَت بِحائض»؛ قيل له: قد أَجمَعتُم أن الحَيض يكون ثلاثًا، حتى قال بَعضُهم: يَومَين وأَكثَر اليَوم الثالِث؛ فكان يَلزَمُكم في قياسِكم ألَّا تَجعَلوا يَومَين وبَعضَ الثالث حَيضًا؛ لعَلَه (2) وُجود هذا في النِّساء».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "تَحِض". (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "لِقلِّة".

وقال إسحاق: «ولَو جاز لأحَدٍ أن يُوَقِّت لَهنَّ وَقتًا؛ يكون ذلك الوَقت أقصَى ما يَحِضن، ويَجعَل النِّساء كُلَّهنَّ في ذلك الوَقت شرعًا واحِدًا؛ لَكان ما وَقَّت النبي صلى الله عليه وسلم لِحمنة بنت جحش الحَيضَ سَبعَة أيام، والطُّهرَ ثلاثًا وعِشرين؛ أَشبَهَ الأوقات؛ لأن الغالِب مِن أَمر النِّساء كذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لها: «كما يَحِضنَ النِّساء وكما يَطهُرن»، فكان في هذا دلالَةُ أن يَكون هذا الوَقت للنِّساء كُلِّهنّ، ولكن لَمَّا سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم للنِّساء اللاتي استُحِضنَ، فَسَألنَه، فحَكَم لَهنَّ بِحُكمٍ مُختَلِف؛ لِمَا رُكِّبَ فيهنَّ من اختِلاف طَبائعِهن- عَلِمنا أن أَمرَ النبي صلى الله عليه وسلم لِحمنة في السَّبعَة الأيام لِمَا وصَفَت وأَكثَرَت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أُستَحاض حَيضَةً كَثيرَةً شَديدَة؛ مَنَعَتني الصَّلاة والصوم، فقال: «أَنعَتُ لكِ الكرسُف؛ فإنه يُذهِب الدم»، فلم يُقنِعها ذلك مِن قَولِه، وقالت: هو أَكثَر من ذلك، قال: «فتَلَجَّمي»، قالت: هو أَكثَر من ذلك، قال: «فاتَّخِذي ثَوبًا»، قالت: إنما أَثُجُّ ثَجًّا، فَحينَئذٍ أَمَرَها بِتَحَرِّي وَقتِها، وأن تَجلِس سَبعًا، فإذا كانت المرأة في حال استِحاضَتِها، واختِلاط حَيضِها، وقِلَّة مَعرِفَتها لأوقاتها على ما وَصَفنا؛ حَكَمنا لَها بِحُكم حمنة بنت جحش، ولم نَجعَل -[279]- السَّبع للنِّساء كُلِّهنّ؛ لِمَا وَصفنا من هذه العِلل.

وقال بَعض أهل العِلم: السَّبع وَقتٌ مَوقوتٌ للنِّساء كُلِّهنَّ إذا استُحِضن؛ لأن في كلام النبي صلى الله عليه وسلم حَيثُ أَمَرَ حمنة بِما أَمَرَها؛ قال لها: «كما تَحيض النِّساء وكما يَطهُرن»، فالسَّبع وَقت المستَحاضَة إذا لم تَعرِف الأقراء؛ لا تُجاوِز السَّبع». 559 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل للأوزاعي: جارِيَةٌ حاضَت أَوَّل حَيضَةٍ حاضَتها ثلاثَة أيام، ثم رَأَت طُهرًا بَيِّنًا؟ قال: «تَغتَسِل وتُصَلِّي». قيل: فإنها رَجَعَت بَعد طُهرِها ذلك وصلاتها، فرَأَت دَمًا عَبيطًا؟ قال: «تُمسِك إلى وَقت نِسائها». قيل له: فإن لم تَعرِف وَقتَ نِسائها؟ قال: «فلتُمسِك إلى سَبعَة أيام». 560 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا يَحيى بن آدم، عن المفضل بن مُهَلهَل، عن سُفيان، عن ابن جُرَيج، عن عَطاء، قال: «الحيض خَمسَةَ عَشَر». 561 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، عن حَمَّاد بن سَلَمَة، عن علي بن ثابت، عن محمد بن زَيد، عن سَعيد بن جُبَير، قال: «الحَيض ثَلاثَ عَشرَة». 562 - وسمعت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل يقول: ثنا عبد الله بن نمير، قال: ثنا عُبَيدالله، عن نافع، عن سُلَيمان بن يَسَار، عن أم سَلَمَة زَوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها استَفتَت -[280]- رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في امرأةٍ تُهراق الدم؟ فقال: «تَنتَظِر قَدر الليالي والأيام التي كانت تَحيضُهنّ، وقَدرهنَّ من الشَّهر؛ فَلتَدع الصَّلاة، ولتَستَثفِر، ولتُصَلّ».

563 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا وَكيع، قال: ثنا الأعمَش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشَة، قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حُبَيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني امرأةٌ أُستَحاض فلا أَطهُر، أفَأَدَع الصَّلاة؟ فقال: «لا، إنما ذلك عرق، ولَيسَ بِالحَيضَة، فاجلِسي أيام أقرائك، ثم اغتَسِلي وتوضَّئي لكلِّ صلاة، ثم صَلِّي وإن قَطر الدم على الحَصير قَطرًا». • قال: وأملَى عَلَينا إسحاق بن إبراهيم، قال: «أصل الحَيض ما اجتَمَع عَلَيه أهل العِلم؛ على يَومٍ ولَيلَة؛ لا يكون الحَيض عندهم أَقَلَّ من ذلك، وقد عَرَفوه في زَمانهم كذلك، فإذا كانت المرأة حَيضها أيامًا بَيِّنًا، فاستَمَرَّ بها الدم حتى وَقَعَ عَلَيها اسم الاستِحاضَة؛ فإنها تَجلِس أيامًا، وقَدْرُها من الشَّهر الذي كانت تَحيض حَيضًا مُعتَدِلًا قبل أن تُبتلى، ثم تَدخُل في الاستِحاضَة. والاستحاضة هو بَيِّنٌ من دَم الحَيض، إنما هو عرقٌ عاند، إذا استُحيضَت صَلَّت -[281]- وصامَت حتى يأتيها بعد ذلك الدم العَبيط الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبَلَت الحَيضَة فَدَعي الصَّلاة، فإذا أدبَرَت الحَيضَة فاغتَسِلي»».

564 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عبدة بن سُلَيمان ووَكيع، قالا: ثنا هِشام بن عروة، عن أبيه، قال: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني أُستَحاض فلا أَطهُر، أفَأَدَع الصَّلاة؟ فقال: «لا، إنما ذلك عرق، ولَيسَت بالحَيضة، فإذا أقبَلَت الحَيضَة فَدَعي الصَّلاة، فإذا أدبَرَت فاغسِلي الدم وصَلِّي». 565 - وسمعت إسحاق يقول: قال عبد الرحمن بن مهدي: «أما الذي نَعتَمِد عَلَيه، وأحسَن ما سَمِعنا في المستَحاضَة: أنها تَقعُد أقصَى ما كانت تَقعُد، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي، فإن انقَطَع الدم بعد ذلك عنها بِيَومٍ أو يَومَين، فأَحَبُّ إليَّ أن تَغتَسِل غُسلًا آخَر؛ لأني لا أدري لَعلَّ حَيضَها مُتَغَيِّر، وتُصَلِّي وهي شَاكَّةٌ في حَيضها أَحَبُّ إليَّ مِن أن تَترُك الصَّلاة على الظَّنِّ ولَعَلَّها طاهِر، وهذا عندنا بِناء على قَول رسول الله صلى الله عليه وسلم حَيثُ رَآها مُستَحاضَة، فإن استَمَرَّ بها الدم، ورأت الثانيَةَ كذلك؛ فهو حَيضٌ مُتَغَيِّر، وعسل (1) عن الصَّلاة فيه؛ لأن حَيضَهنَّ يَزيد ويَنقُص، فإذا عادت إلى حالِها الأول؛ -[282]- فتِلك زيادَة استِحاضَة».

____ (1) كذا في الأصل مهملة، ولعل الصواب: "وتمسك".

باب: لون دم الحيض في الاستحاضة

• قال إسحاق: «وأشكَلَ على أهل العِلم كَثيرٌ مِن حَيض النِّساء، فما أشكَلَ مِن ذلك فالاحتياط والأخذ بالثِّقَة أَسلَم؛ لِمَا أَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم باتِّقاء الشُّبُهات، والاستِبراء لِدِينه». 566 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا شَريك، عن أبي اليَقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جَدِّه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «المستَحاضَة تَدَعُ الصَّلاة أيام أقرائها التي كانت تَحيض فيها، ثم تَغتَسِل وتوضَّأ لكُلِّ صلاة، وتَصوم وتُصَلِّي». 567 - حدثنا إسحاق، قال: أنا النضر بن شميل ووهب بن جَرير، قالا: ثنا شُعبَة، عن عُثمان (1) -مولى بني هاشِم-، قال: سمعت ابن عَبَّاس -وسُئل عن المستَحاضَة-؛ فقال: «تَدَع الصَّلاة أيام حَيضها، ثم تَغتَسِل وتتوضَّأ عِندَ كل صَلاة، ولتَستَثفِر؛ فإنما هو عرقٌ وركضَةٌ من الشَّيطان». قيل له: وإن كان سائلًا؟ قال: «وإن كان يَسيل مِثل المثعَب». باب: لَون دَم الحَيض في الاستِحَاضَة • سألت إسحاق، قلت: امرأةٌ كان طُهرها عِشرين يَومًا، ورُبَّما كان خَمسَةً وعِشرين، ورُبَّما كان ثلاثين يَومًا، فاستُحيضَت، كيف تَصنَع؟ قال: «إذا كانت المرأة -[283]- حَيضُها بَيِّنٌ كَم مِن يَوم، ثم استُحيضَت، فما تدري ما الذي رَفَعها عن حَيضها؛ فإنها تَقعُد أيامَها التي كانت تَحيض قبل البَلاء الذي نَزَل بها، ودم الحَيض دمٌ أَسوَد يُعرَف، فإذا صارَت كُدرَةً أو صُفرةً أو ثريَّة (2)، وجاوَزَت أيامَ حَيضها حينَئذٍ؛ فهي مُستَحاضَة؛ تَغتَسِل إذا مَضَى وَقت حَيضها، وتوضَّأ لكُلِّ صَلاة، وتُصَلِّي وتَصوم رَمَضان، ويأتيها زَوجها في الاستِحاضَة؛ وذلك أن الصَّلاة أَعظَم حُرمَةً من الجِماع». قال إسحاق: «والحَيض قد يَتَقَدَّم ويَتَأَخَّر».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "عمار"، وهو ابن أبي عمار المكي. (2) كذا في الأصل، والصواب: "تَرِيَّة".

568 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سمعت الأوزاعي يقول -في المستَحاضَة إذا لم تَعرِف وَقت نِسائها، ولم تكُن لَها أيامٌ تُعرَف فيما مَضَى-؛ قال: «نأخُذ بهذا الحديث: «إذا أَقبَلَت الحَيضَة فاترُكي الصَّلاة»». قال الأوزاعي: «وإقبالها سَوَاد الدم ونَتَنُه وتَغَيُّره؛ لا يَدُوم عَلَيها؛ لأنه لَو دام عَلَيها قَتَلَها، فإذا اسوَدَّ الدم فهو حَيض، وإذا أدبَرَت الحَيضة فَصَارَت صُفرَةً أو كُدرَة؛ فهي مُستَحاضَة». قال أبو يَعقوب: «وفيما رَوَى محمد بن عَمرو، عن الزُّهري، عن عروة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم حَبيبَة: «إن دَمَ الحَيض دمٌ أَسوَد يُعرف» - تَصديقُ قَول الأوزاعي، وكذلك رُوي عن ابن عَبَّاس أنه قال لامرأةٍ مُستَحاضَة: «أما ما دامَت تَرَى الدم البَحرانيّ؛ فَلتَدَع الصَّلاة، فإذا جاوزت ذلك اغتَسَلَت وصَلَّت»».

قال إسحاق: وسَأَلت النضر بن شميل عن الدم البَحرانيّ؟ فأنشَأَ هذه الأبيات: «........................... ... وَرْدٌ من الجَوفِ وبَحرانيُّ مما ظن العِرقُ به الضَّرِيُّ ... حتى إذا مَيَّث مِنه الرِّيُّ وصار منه السكب السكري ... ............................ فالدم البحراني: الأحمر الذي يَضرِب إلى السَّوَاد». o وحدثني حرب، عن إسحاق، عن النضر؛ بهذه الأبيَات، أَنشَدَنيها حرب. 569 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا محمد بن أبي عدي، قال: ثنا محمد بن عَمرو، عن الزُّهري، عن عروة، أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تُستَحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: «إن دم الحَيض دمٌ أَسوَدُ يُعرَف، فإذا كان ذاك فأمسِكي عن الصَّلاة، وإذا كان الآخَر فتَوضَّئي وصَلِّي؛ فإنما هو عرق».

570 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: أبنا خالِد الحذاء، عن ابن سيرين، قال: استُحيضَت امرأةٌ من آل أنس بن مالك، فأَمَروني، فسَأَلت ابن عَبَّاس، فقال: «أما ما رأيت (1) الدم البَحراني؛ فلا تُصَلِّي، فإذا رَأَت الطُّهر ولَو ساعَةً مِن نَهار؛ فَلتَغتَسِل ولتُصَلي». • قال أحمد: «إذا رَأَت الطُّهر فَلتَغتَسِل ولتُصَلي (2)»، يَذهَب إلى قول ابن عَبَّاس. 571 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: سمعت ابن المبارَك وَصَفَ دم الحَيض، فقال: «دم المحيض الأول: دمٌ أسوَدُ غَليظٌ مُنتِن، ثم يَصير دَمًا غَليظًا أحمَر، ثم يَصير دَمًا رَقيقًا، ثم يَصير مِثل غُسَالَة اللحم». 572 - (3) حدثنا حَسَّان بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الملِك، قال: سمعت (4) مَكحُولًا يحدث عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دم الحَيض لا يكون إلا دَم (5) أَسوَد تَعلوه حُمرَة، ودم المستَحاضَة دَمٌ رَقيقٌ تَعلوه صُفرَة، فإن كَثُر عَلَيها في الصَّلاة؛ فلتَحتَشِ كرسُفًا، فإن ظَهَر الدم عَلَتْها بِأُخرَى، فإن هو غَلَبَها في الصَّلاة؛ فلا تَقطَع -[286]- الصَّلاة -وإن قَطر-، ويأتيها زَوجها، وتَصوم».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "رأت". (2) كذا في الأصل، والوجه: "ولتُصَلِّ". (3) لعله وقع سقط هنا، فبَينَ حربٍ وحَسَّان طبقة، وانظر: ما سبق برقم (542). (4) سقط هنا: "العلاء، قال: سمعت"، انظر: مصادر تخريج الحديث، وما سبق برقم (542). (5) كذا في الأصل منونًا بالرفع، والوجه: "دمًا".

باب: المرأة تستحاض فيما بين أقرائها

باب: المرأة تُستَحاض فيما بَينَ أَقرَائها • سألت أبا عبد الله، قلت: المرأة تُعيد الصَّلاة أَوَّل ما تُستَحاض فيما بَينَها وبَين أقرائها؟ قال: «وكيف تُعيد؟»، ففَسَّرته له، فقال: «المرأة إذا كان لَها وَقتٌ مَعلوم؛ أيامٌ تَحيض فيهِنّ؛ فإنها إذا زاد على تِلك الأيام، ولم يَنقَطِع عنها الدم؛ فإنه إذا كان يَومُ طُهرِها اغتَسَلَت وصَلَّت، ولا تَترُك الصَّلاة أَكثَر من أيامها». قلت: ولا تَذهَب إلى ما يُقال في العَشر؛ أنها تَترُك الصَّلاة ثم تُعيدها؟ قال: «لا». 573 - حدثنا أبو هاشِم (1)، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم -في امرأةٍ اغتَسَلَت من حَيضها، فرَأَت من يَومها ذلك أو بَعد ذلك دمًا-؛ قال: قال سُفيان: «هي بِمَنزِلَة المستَحاضَة، فإن جاوَزَت أيام قُرئها، فلم يَنقَطِع عنها الدم؛ فهي مُستَحاضَة». 574 - وحدثنا محمد، قال: ثنا حَسَّان -وأُتِي في امرأةٍ كان قرؤها خَمسَة أيام، فطَهُرَت فاغتَسَلَت، ثم رَأَت دَمًا بَعد يَومَين أو ثلاثَة-: قال سُفيان: «فيما بَينَها وبَين عَشر قُروء، ثم هي مُستَحاضَة». 575 - حدثنا محمد، قال: ثنا حَسَّان، قال: قلت لسُفيان: امرأةٌ كانت قُرؤها خَمسَة أيام، وقد حاضَت زَمانًا وذلك وَقتها، ثم لم يَنقَطِع عنها الدم؟ قال: «تَجلِس عَشرَة أيام»، قال: «عَشرَة أيام آخِر وَقت الحيض، ثم تَغتَسِل بعد العَشر، وتُصَلِّي، حتى -[287]- تَجيء أيام قُرئها».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "أبو هشام"، انظر: ما سبق برقم (182، 350)، وما يلي في المسألة. تنبيه: الأرقام التي بين القوسين مما صوَّبه المحقق على ما في المطبوع.

576 - قال محمد: حدثنا أبي، عن سُفيان، قال: «تُصَلِّي ما تَرَكَت من بَعد أيام حَيضِها، ثم تَغتَسِل وتَحتَشي، ويأتيها زَوجها، ولا تَجلِس العَشرَة أيام إلا في أَوَّل ما يَستَمِرُّ بها الدم، حتى تَعلَم أنها مُستَحاضَة». 577 - حدثنا أبو عَمرو عِمران بن يَزيد بن خالِد، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: سُئل الأوزاعي عن المرأة تَمكُث في حَيضها سَبعًا، فتَرَى الطُّهر في خَمسَة أيام؟ قال: «تَغتَسِل وتُصَلِّي». قيل: فتَمكُث في حَيضِها سَبعَة أيام، ثم تَرَى بَعد السَّبعَة دَمًا. قال: «إن شاءت استَظهَرَت بِيَوم، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي». 578 - حدثنا محمد بن يَحيى بن أبي حَزم، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو عقيل، عن بُهَيَّة، قالت: سمعت امرأةً تَسأل عائشَة لامرأةٍ فَسَدَ حَيضُها، فلا تَدري كَم تُصَلِّي، فقالت لها عائشَة: «سَأَلت رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأةٍ فَسَدَ حَيضُها، وأهريقت دَمًا، لا تَدري كَم تُصَلِّي»، فقالت: «فأَمَرَني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آمُرها فَلتَنظُر قَدر ما كانت تَحيض في كل شَهر وحَيضُها مُستَقيم؛ فَلتَعتَدَّ بِقَدر ذلك من الليالي والأيام، ثم لتَدَع الصَّلاة فيهِنَّ وبِقَدرهِنّ، ثم لتَغتَسِل وتُحسِن طُهرَها، ثم تَستَذفر بِثَوب، ثم تُصَلِّي، فإني أَرجو أن يَكون هذا من الشَّيطان، وأن يُذهِبه الله عنها -إن شاء الله-»، قالت: «فأَمَرتها، ففَعَلَت، فأَذهَبَه الله عنها، فَمُري صاحِبَتك بِهذا».

باب: المستحاضة تغتسل من طهر إلى طهر

باب: المستَحاضَة تَغتَسِل مِن طُهرٍ إلى طُهر • سمعت أحمَد يقول: «أَقَلُّ ما جاء في المستَحاضَة: أنها تَغتَسِل غُسلًا واحِدًا، وتوضَّأُ لكُلِّ صلاة»، وهو مَذهَبه. • وسألت أحمَد، قلت: المستَحاضَة يُجزئها أن تَغتَسِل غُسلًا واحِدًا، وتوضَّأَ لكُلِّ صلاة؟ قال: «نعم». قلت: هذا مَذهَبك؟ قال: «نعم». • وسألت علي بن عبد الله، قلت: المستَحاضَة كَيف تَصنَع؟ قال: «أما أنا فآمُرها أن تَغتَسِل غسلَةً واحِدَة، ثم تتوضَّأ لكُلِّ صلاة»، قال: «وفيه أربَعَة أقاويل». 579 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا أبو مُعاويَة، عن هِشام بن عروة، قال: قال أبي -في المستَحاضَة-: «توضَّأ لكُلِّ صلاة». 580 - حدثنا أبو هِشام، قال: ثنا حَسَّان، قال: قال سُفيان: «قول هِشام بن عروة، عن عائشَة -في غسل المستَحاضَة- أَحَبُّ إليَّ». 581 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا ابن لَهيعَة، عن بكير، عن عروة عن (1) الزُّبَير، قال: «المستَحاضَة تَغتَسِل من طُهرٍ إلى طُهر، وتوضَّأُ لكُلِّ صلاة». 582 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن بيان، عن عامر، عن قَمير -امرأة -[289]- مَسروق-، قالت: سألت عائشَة عن المستَحاضَة؟ فقالت: «تَدَع الصَّلاة أيام حَيضها التي كانت تَحيض، فإذا كان ذلك اليَوم الذي تَغتَسِل فيه؛ اغتَسَلَت فيه، ثم تَوضَّأت بَعدُ لكُلِّ صلاة».

____ (1) كذا في الأصل، ويحتمل أنها محرفة عن "بن"، فقد مر (579) من وجه آخر عن عروة من كلامه مختصرا.

باب: المستحاضة تغتسل لكل صلاة

583 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن عبد الملِك الكوفي، عن العلاء، عن مَكحُول، عن مُعاذ بن جبل، قال: «المستَحاضَة تَغتَسِل غُسلًا واحِدًا لِطُهرها، وتتوضَّأ لكُلِّ صلاة». باب: المستَحاضَة تَغتَسِل لكُلِّ صَلاة • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «الذي يُعجِبنا، ونَعتَمِد عَلَيه، والاحتياط فيه: أن تَغتَسِل المستَحاضَة لكُلِّ صلاتَين غُسلًا واحِدًا، وتَجمَع بين الصلاتَين، للصُّبح غُسلًا واحِدًا. و [لو] (1) لم نَختار (2) ما وَصَفنا إلا لِمَا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش، حين وَصَفَ لَها الاغتِسال عند أَوَان طُهرها، ثم الطَّهارَة لكُلِّ صلاة، ثم قال لَها: «إن شِئتِ أَخَّرتِ الظُّهر وعَجَّلتِ العَصر، واغتَسَلتِ لَهما غُسلًا واحِدًا»، والمغرِب والعِشاء كذلك، والصُّبح غُسلًا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا أَعجَبُ الأمرَين -[290]- إليَّ»، ففي هذا بَيانُ أن الغُسل للصلاتَين ليس بِحَتم، وأنه اختيارٌ من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فإن كلفت لهذا المعنى؛ فحَسَن، وإن توضَّأت لكُلِّ صلاة إذا عَقَلَت انقضاء أقرائها وإقبال حَيضها من إدباره؛ فحَسَن.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: حذف "لو". (2) كذا في الأصل، والوجه: "نَختَر".

ويُبَيِّن أن الوضوءَ جائزٌ، والغُسلَ اختيارٌ: [و] (1) أن كل من صَحَّ عنه الغُسل لكُلِّ صلاة، أو للصلاتَين؛ صَحَّ عنه الوضوء -أيضًا-، ففي هذا ما يُحَقِّق أن أَمرَهم بالغُسل على النَّظافَة وقَطع الدم، وما أَشبَه ذلك من المعاني، ولم يكُن ذلك منهم على مَذهَب الفَرض، ومن أفتاها بالغُسل لكُلِّ صلاة؛ فقد ذَهَب إلى مَذهَب اختِلاط حَيضها من استِحاضَتها؛ يقول: عَسَى أن يكون ما أَعُدُّه استِحاضَةً حَيضًا، فإن كان كذلك؛ فالغُسل عند كُلِّ صلاة أَحَبُّ إلَينا؛ لأن الغُسل لازِمٌ لَها عند انقِطاع الحَيض، ولا يَتَبيَّن لَها مَتَى انقِطاع حَيضها. فالاحتياط لها: الأخذ بالثِّقة، والاغتِسال عند كُلِّ صلاة، أو الغُسل للصلاتَين». 584 - حدثنا أبو عَمرو عِمران أبو (2) يَزيد بن خالِد، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، قال: قال الأوزاعي -في غُسل المستَحاضَة-: «إن أَطاقَت؛ اغتَسَلَت عند كُلِّ صلاة، وإلا ففي كُلِّ صلاتَين: الظُّهر والعَصر؛ تُؤَخِّر ميقات الظُّهر إلى العَصر، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّيهما، وللمَغرب والعِشاء اغتِسالَة، وللصُّبح اغتِسالَة. فإن لم تُطِق؛ فمن طُهرٍ إلى طُهر، وتوضَّأ لكُلِّ صلاة.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب حذف الواو. (2) كذا في الأصل، والصواب: "بن".

وقال: «في المستَحاضَة غَيرُ قَول»، وأعجَبُ ذلك إليه -فيما عَلِمت، وأكثَره لَه ذِكرًا-: من طُهرٍ إلى طُهر، وتوضَّأ لكُلِّ صلاة. 585 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا الليث بن سَعد، عن ابن شِهاب، عن عروة، عن عائشَة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أنها قالت: استَفتَت أم حبيبة بنت جحش رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: إني أُستَحاض؟ فقال: «إنما ذلك عِرق، فاغتَسِلي وصَلِّي»، فكانت تَغتَسِل عند كُلِّ صلاة. 586 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا الزُّهري، عن عَمرَة بنت عبد الرحمن، عن عائشَة -رضي الله عنه-، أن حبيبة بنت جحش استُحيضَت سَبعَ سِنين، فسَأَلَت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «إنما هو عِرق، ولَيسَ بالحَيضَة»، فأَمَرَها أن تَغتَسِل وتُصَلِّي. فكانت تَغتَسِل لكُلِّ صلاة، وتجلس في المركَن، فيعلو الدم. قال سُفيان: الذي حَفِظت أنا في الحديث: «أن حبيبة بنت جحش»، والناس يقولون: «أن أم حبيبة».

587 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا وَكيع، عن الأعمَش، عن المنهال، عن سَعيد بن جُبَير، قال: كُنت عند ابن عَبَّاس، فأَتَته امرأةٌ بِكِتاب. قال سَعيد: فقَرَأته: إني امرأةٌ مُستَحاضَة، وإن عليًّا قال: «تَغتَسِل لكُلِّ صلاة». قال: فقال ابن عَبَّاس: «ما آخُذُ (1) لَها إلا ما قال علي». 588 - حدثنا أبو عبد الله أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا محمد بن جَعفَر، قال: ثنا شُعبَة، عن عبد الرحمن بن القاسِم، عن أبيه، عن عائشَة، أن امرأةً مُستَحاضَة سألت على عَهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل لها: «إنما هو (2) عانِد»، وأُمِرَت أن تُؤَخِّر الظُّهر وتُعَجِّل العَصر، وتَغتَسِل غُسلًا واحِدًا، وتُؤَخِّر المغرِب وتُعَجِّل العِشاء، وتَغتَسِل لَهما غُسلًا واحِدًا، وتَغتَسِل لصلاة الصُّبح غُسلًا واحِدًا. 589 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن عبد العَزيز بن رفيع، عن عَطاء بن أبي رَبَاح، عن ابن عَبَّاس، قال: «تُؤَخِّر المستَحاضَة الظُّهر، وتُعَجِّل العَصر، وتَقرِن بَينَهما بِغُسلٍ مَرَّةً واحِدَة، وتُؤَخِّر المغرِب، وتُعَجِّل العِشاء، ثم تُصَلِّيهما بِغُسلٍ واحِد، ثم تَغتَسِل للفَجر مَرَّة».

____ (1) كذا في الأصل معجمة، ويحتمل فيها: "أَجِد". (2) لعله سقط هنا: "عرق".

باب: تزيد الحيضة على أيامها

590 - حدثنا أبو عبد الله أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا عاصم الأحول، عن الشعبي، قال: أَرسَلت امرأتي إلى قَمير -امرأة مَسروق-، فذَكَرَت أنها حدثتها عن عائشَة أم المؤمنين، أنها قالت: «المستَحاضَة تَغتَسِل غُسلًا كل يَوم». 591 - حدثنا هَنَّاد بن السَّري، قال: ثنا سُفيان، عن سُمَي، قال: سألت سَعيد بن المسيَّب عن المستَحاضَة، كَيف تَغتَسِل؟ قال: «تَغتَسِل من الطُّهر إلى الطُّهر، وتوضَّأُ لكُلِّ صلاة، فإن غَلَبَها الدم استَثفَرَت». باب: تَزَيُّدِ الحَيضَة عَلَى أَيَّامِها 592 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن مخلد، قال: أخبرني المعتَمِر بن سُلَيمان، عن أبيه، قال: قلت لمحمد بن سيرين: المرأة تَحيض، فتَزيد على ذلك خَمسَة أيام؟ قال: «تُصَلِّي». قلت: فأربَعَة أيام؟ قال: «تُصَلِّي». قلت: ثلاثَة أيام؟ قال: «تُصَلِّي». قلت: يَومَين؟ قال: «ذلك حَيضُها» (1).

____ (1) ويظهر أن في هذه السياقة سقطًا، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (8956) عن المعتمر، عن أبيه، قال: سألت ابن سيرين عن المرأة تكون حيضتها أيامًا معلومة، فتزيد على ذلك؟ فقال: "النساء أعلم بذلك". قال: وسألت قتادة قلت: المرأة تحيض ... به، بنحو سياقة حرب، ويؤيده: أن إسحاق عقب على قول ابن سيرين: "النساء أعلم بذلك" فيما يلي.

• قال أبو يَعقوب: «فقد تَبيَّن في قول ابن سيرين -حَيثُ يقول: «النِّساء أَعلَم بذلك» - أنها تَعرِف خِلقَتها وطَبيعَتها، وفيما وَصَفنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم للنِّسوَة اللاتي استُحِضن على عَهده، فأفتى كل واحِدَةٍ بِفُتيا خِلافَ ما أفتَى الأُخرَى - أن الحَيض من النِّساء في ذلك مُختَلِف، ولم يَحجر عَلَيهنَّ أن يَلزَمنَ وَقتًا واحِدًا يكون ذلك آخِر حَيضهن -كما فَعَلَ هؤلاء-. ولو كان للحَيض أَوَّلٌ وآخِر -كما قال هؤلاء: «الثلاث أَقَلُّه والعَشر أَكثَره-؛ لَبَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لِبَعضِهنّ، ولم يَعُم عَلَيهنّ. ويَعلَم الناس كلهم أن العَدَدَ أَهوَن عَلَيهنَّ في الإحصَاء مِن أنْ يُكَلَّفنَ إقبال الحَيضَة وإدبارَها، فكيف يَستَوسِع عالِمٌ أن يُوَقِّت لَها، والنبي صلى الله عليه وسلم جَعَل ذلك إلَيهنَّ مِن غَير وَقت، فقال لَهنّ: «إذا أَقبَلَت الحَيضة»، و: «إذا أَدبَرَت»، فلَو لم يكُن الإقبال والإدبار مَعقولًا عِندَهنّ؛ ما كَلَّفَهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم، ولَقال لَهنّ -لو كان الوَقت يَجوز في ذلك كما وَقَّتَ هؤلاء-: اجلِسنَ كذا وكذا يَومًا، لا تَزِدن على ذلك. وهل سَمِعتم أن إحداهنَّ رَدَّت على النبي صلى الله عليه وسلم ما سَمِعَت مِنه بأني لا أَعقِل ما وَصَفتَ لي؟! ففي ذلك بَيانُ أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطَبَهنَّ بما عَقَلنَ وفَهِمن. وفيما قال على المستَحاضَة بَيانُ نَفي العدد؛ حَيثُ قال: «فإذا رَأَت الدم العَبيط الذي لا خَفاء به»؛ علم أن ذلك مَعقولٌ عند النِّساء، ألا ترى إلى ما قال الأوزاعي: «إن إقبال الحَيضة سَواد الدم ونَتَنُه وتَغَيُّره، لا يَدوم بالمرأة ذلك، لو دام بها لَقَتَلَها»، -[295]- فقد فَسَّرَ الأوزاعي الإقبال والإدبار، مع أن مالك بن أنس فَسَّرَ الإقبال بِظُهور الدم -ولو كان ذلك قَدر قَطرَةٍ واحِدَة-؛ رَآه حَيضًا، حتى إنه لو دَفَعت دَفعَةً واحِدَةً دَمًا عَبيطًا في رمضان؛ كَفَّت عن الصِّيام وتَرَكَت الصَّلاة، والإدبار فَسره الطُّهر؛ يقول: كُلَّما رَأَت دَمًا تَرَكَت الصَّلاة، وإذا رَأَت طُهرًا صَلَّت.

وعَلِم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن طَبائع النِّساء في ذلك مُختَلِفَة؛ رُبَّما حاضَت المرأة ثلاثًا، ورُبَّما كان خَمسًا أو سِتًّا أو سَبعًا، أو أَكثَر من ذلك أو أَقَلّ، فجَعَلَ كُلَّما كان من ذلك وَقتًا لِقُرئها؛ أنما ذلك إلَيها؛ أَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم إحدَى النِّسوَة اللاتي سَأَلنَه: «اجلِسي أيام أقرائك»، وأَمَرَ الأُخرَى: «إذا أَقبَلَت الحَيضَة فدَعي الصَّلاة، وإذا أَدبَرَت فصَلِّي»، وأَمَرَ حمنة بنت جحش حَيثُ أَكثَرَت عَلَيه من تَخليط حَيضها، قالت: إنما أَثُجُّ ثَجًّا؛ فأَمَرَها حينَئذٍ بالتَّحَرِّي، فقال: «تَحَيَّضي سِتَّة أيام أو سَبعَة أيام في عِلم الله، ثم صَلِّي ثلاثًا وعِشرين لَيلَة، أو أَربَعًا وعِشرين لَيلَةً وأيامَها»، فجَعَل وَقتَها عند اختِلاط حَيضها في كُلِّ شَهرٍ حَيضًا وطُهرًا، وذلك على معنى الأقراء: أنه جَعَلَ بَدَلَ كُلِّ شَهرٍ حَيضَةً في العدّة، وهكذا الغالب من حَيض النِّساء، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كَفَى النِّساء مُؤنَة العَدَد فقال: «سِتَّة أيام أو سَبعَة أيام كما تَحيض النِّساء وكما يَطهُرنَ لميقات حَيضِهنَّ وطُهرهِنّ». قال أبو يَعقوب: «فحُكم الاستِحاضَة: ما سَنَّ فيه النبي صلى الله عليه وسلم للنِّسوَة اللاتي استُحِضن فسَأَلنَه، فأَمَرَ كل واحِدَةً مِنهنَّ على حالِها بحُكمٍ مُختَلِف، ورَدَّ كل واحِدَةٍ مِنهنَّ إلى طِباعها، ولم يَجعل حُكمَ كل امرأةٍ استُحيضَت حُكمَ نِساء الدُّنيا، فقال -[296]- لبعضِهنّ: أيام أقرائها إذا عَلِمت ذلك؛ عَشرًا، أو خَمسَةَ عَشَر، أو أَقَلَّ أو أَكثَر؛ إذا كان ذلك أقراء مَعروفَة في الشَّهر، وقال للأُخرَى: «إذا أَقبَلَت الحَيضَة فدَعي الصَّلاة»، وقال للثالثَة التي اختَلَط عَلَيها حَيضها من استِحاضَتها: حَيضًا وطُهرًا في الشَّهر -وهو ما وَصَفنا من قَول النبي صلى الله عليه وسلم لِحمنة بنت جحش في صَدر باب الحَيض-، فلا تكاد المرأة تَعدو في دَمِها ما وَصَفنا.

فمَن تَفَهَّم ما وَصَفنا من هذه الأُصول الصَّحيحَة عن النبي صلى الله عليه وسلم ومَنازِل الحَيض؛ عَرَفَ حُكمَ ما يَظهَر من النِّساء من الدِّماء، وقد بَيَّنَّا حُكمَ النبي صلى الله عليه وسلم على الوُجوه التي ذَكَرنا، ولا يَخرج الدم من هذه المعاني أَبدًا؛ لأنه لو كان خارِجًا من ذلك؛ لَبُيِّن لَهنّ. وهي مَسائلُ قد ابتُلي بها هؤلاء النِّسوَة، فسَأَلنَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فحَكَمَ لَهنَّ بما وَصَفنا مِن غَير وَقتٍ ولا عَدَد، ولو كان يَجوز فيه الوَقتُ والعَدَد؛ لكان النبي صلى الله عليه وسلم أَولَى البَشَر بِذلك؛ لأن وَقتَ العَدَد على النِّساء أَخَفُّ مما كَلَّفَهنَّ من الإقبال والإدبار وتَحَرِّي دم الحَيض من دَم الاستِحاضَة، وبُعِثَ النبي صلى الله عليه وسلم مُيَسِّرًا ومُبَيِّنًا. فأما ما قال هؤلاء في الحَيض والاستِحاضَة، وتَوقيتُهم العَشرَ للنِّساء كُلِّهنَّ على طَبيعَةٍ واحِدَة؛ فهو خِلافُ قَول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخِلافُ طَبائع النِّساء؛ وذلك أنه مَوجودٌ عندهم الاختِلاف في طَبائعِهنّ؛ تَحيض النِّساء خَمسًا أو سِتًّا أو سَبعًا أو ثَمانيًا؛ في الشُّهور كُلِّها؛ حَيضًا مُعتَدِلًا مُستَقيمًا، فإذا عَرَفوا اختِلاف طَبائعِهنَّ فيما دون العَشر، فكَيف حَكَموا لِجَميعِهنَّ فَوقَ العَشر بأمرٍ واحِد، ولم يَرُدُّوا -[297]- على واحِد إلى خِلقَتِها وطَبيعَتِها إذا كان مَوجودًا عندهم اختِلاف حَيض النِّساء، وقد تَقَدَّمَهم الثِّقاتُ من أهل العِلم مِن التابِعين ومَن بَعدَهم أن خِلقَتهنَّ تَختَلِف فَوق العشر كما يَختلف هذا».

باب: كم بين الحيضتين؟

593 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا رَوح بن عُبادَة، قال: ثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن سُلَيمان بن يَسَار، عن أم سَلَمَة زَوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن امرأةً كانت تُهراق الدماء على عَهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستَفتَت لَها أم سَلَمَة رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لتَنظُر عِدَّة الليالي والأيام التي كانت تَحيضُهنَّ من الشَّهر قَبلَ أن يُصيبَها الذي أَصابَها، فَلتَترُك الصَّلاة قَدرَ ذلك من الشَّهر، فإذا خَلفَت ذلك فلتَغتَسِل، ثم لتَستَثفِر بِثَوب، ثم تُصَلِّي». باب: كَم بَينَ الحَيضَتَين؟ • سألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: كَم بَين الحَيضَتَين؟ قال: «لَيسَ فيه شيءٌ مُؤَقَّت، هو ما تَعرِف المرأة وعادَتها». • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: امرأةٌ تَحيض في كُلِّ اثنَي عَشَرَ يَومًا؟ قال: «إن كان ذلك عادَتها». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم -وسُئل: هَل يكون بَين الحَيضَتَين أَقَلُّ من -[297]- خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا؟ قال: «نعم، يَومَين».

باب: في كم تصدق المرأة في انقضاء عدتها؟

594 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: أبنا الوَليد بن مُسلِم، عن حَمَّاد بن سَلَمَة، عن قيس بن سَعد، عن عَطاء بن أبي رَبَاح، قال: «لَيسَ في التَّريَّة بعد الطُّهر إلا الوضوء». 595 - قال الوَليد: قيل لأبي عَمرو: فإنها رَجَعَت بَعد يَومٍ أو يَومَين؟ قال: «تلك التَّريَّة، ما لم تَرجع بعد خَمسَة أيام فتكون حَيضَةً تَعجَّلَت وتَغيَّرت عن أيامِها». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم، عن أهل المدينة، أن أَقَلَّ الطُّهر خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا؛ يَجعَلون في الشَّهر حَيضَةً وطُهرًا. 596 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: قال الفضل بن دكين: سمعت سُفيان يقول: «أهل المدينة يقولون: بَين الحَيضَتَين خَمسَة عَشَر». قلت: تأخُذ به؟ قال: «نعم». باب: في كَم تُصَدَّق المرأة في انقِضاء عِدَّتِها؟ • وسُئل أحمَد بن حَنبل -وأنا أسمع-، وقيل له: في كَم تُصَدَّق المرأة في انقِضاء العِدَّة؟ قال: «في شَهر -في حديث علي وشريح-؛ إذا قامَت البينة، وأُصَدِّقها إذا انقَضَى الشَّهر في دَعوَتها (1) بِغَير بَيِّنَة؛ بحديث أُبَي بن كعب: «إن المرأة ائتُمِنَت على فَرجها»». o مَذهَبه: أنه إذا زاد على شَهر، ثم ادَّعَت انقِضاء العِدَّة؛ صَدَّقها بِلا بَيِّنَة.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "دعواها".

• وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إن رَأَت الدم بَعد طُهرِها في أَدنَى مِن عَشرَة أيام؛ فهي مُستَحاضَة؛ لا يكون الطُّهر عند عامَّة أهل العِلم أَقَلَّ مِن عَشرَة، وذلك أَدنَى ما يُذكَر من طُهر النِّساء». 597 - حدثنا إسحاق، قال: أخبرني أبي، قال: سألت ابن المبارَك، فقال (1): أَرَأيت قَول سُفيان: «تُصَدَّق المرأة في انقِضاء عِدَّتها في شَهر»، كَيف هذا؟ وما مَعناه؟ قال: «جَعَلَ ثلاثًا حَيضًا، وعَشرًا طُهرًا، وثلاثًا حَيضًا، وعَشرًا طُهرًا، وثلاثًا حيضًا». • قال إسحاق: «وهذا بِناءً على ما ذَكَر علي وشريح وإبراهيم وعَطاء؛ حَيثُ لم يُنكِروا انقِضاء العِدَّة في شَهر، وأن الحَيض والطُّهر يَجتَمِعان في شَهرٍ ثلاثَ مَرَّات؛ إذ لم يُنكِروا على من ادَّعت قَدر هذا الوَقت. وإنما يُحقِّق ذلك: سُؤالهم المرأةَ أن تَجيء بِبَيِّنَةٍ من النِّساء اللاتي يَعلَمنَ ذلك، ولو كان ذلك لا يكون بِواحِدَةٍ من النِّساء؛ لم يَحتاجوا أن يَسألوها البَيِّنَة، واتهموا (2) في دَعواها لِنَفسِها في انقِضاء عِدَّتها؛ لأن الاحتياطَ في انقِضاء العِدَّة: أَكثرُ الأقراء، وما يُعرَف مِن الغالب مِن حَيض النِّساء، كما أن الاحتياطَ في الصَّلاة: أَدنَى الحَيض إذا اختَلَط عَلَيها.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "فقلت". (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "واتهموها".

وفي حديث ابن عَبَّاس أن حَوَّاء دَمَّاها الله مَرَّتَين في الشَّهر؛ ما يُبَيِّن أن أَدنَى الطُّهر يكون أَقَلَّ من خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، فقد أَخطَأ من وَقَّتَ الخَمسَةَ عَشَرَ يَومًا للنِّساء كُلِّهن في الطُّهر؛ وذلك أنهم قالوا: لا يكون الطُّهر أَقَلَّ من ذلك لِمَن لَها أقراءٌ مَعلومَة، أو لَيسَ لَها أقراءٌ مَعلومَة، فكُلُّ امرأةٍ أقراؤها مَعلومَةٌ في الأشهر على وَقتٍ واحِدٍ في حَيضها وطُهرها، فحاضَت في شَهرٍ ثلاثَ حِيَض، وتَطهُر عند كل حَيضَة؛ فقد انقَضَت عِدَّتها»، يعني: إذا كان حَيضها وطُهرها كذلك، وإنما الاختِلاف لِمَن تَزيد أقراؤها وتَنقُص. 598 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عيسَى بن يونُس، عن إسماعيل بن أبي خالِد، عن الشعبي، أن امرأةً جاءت إلى علي بن أبي طالب، فقالت: إني طُلِّقت، فحضت في شَهرٍ ثلاثَ حِيَض؟ فقال عليٌّ لِشُريح: «قُل فيها». قال: أقول فيها وأنت شاهِد؟ قال: «قل فيها». قال: إن جاءت بِبطانَةٍ من أَهلِها ممَّن يُرضَى دينُهنَّ، فقُلن: إنها حاضَت ثلاثَ حِيَض، طَهُرَت عند كُلِّ حَيضَة؛ صُدِّقت. فقال علي: «قالون». قال عيسَى: «بالرومية: أَصَبت». 599 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا ابن مبارَك، عن ابن لَهيعَة، عن خالِد بن يَزيد، عن عَطاء -في امرأةٍ طُلِّقَت فتَتابَعَت لَها ثلاثُ حِيَضٍ في شَهر، هل حَلَّت؟ -؛ قال: «أقراؤها ما كانت».

باب: المرأة تحيض أكثر من خمسة عشر يوما

o قال حرب: «هذا على معنى قول ابن المبارَك: ثلاثٌ حَيض، وعَشرٌ طُهر، وثلاثٌ حَيض، وعَشرٌ طُهر، وثلاثٌ حَيض». 600 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا محمد بن بكر، قال: ثنا سَعيد بن أبي عروبة، عن قَتادَة، عن عزرة، عن الحسَن العُرَني، أن امرأةً طَلَّقَها زَوجها، فحاضَت في خَمسٍ وثلاثين لَيلَةً ثلاثَ حِيَض، فرُفِعَت إلى شريح، فلم يَدرِ ما يَقول فيها، ولم يَقُل شيئًا، فَرُفِعا إلى علي بن أبي طالب، فقال: «سَلوا عَنها جاراتها، فإن كان هكذا حَيضها؛ فقد انقَضَت عِدَّتها، وإلا فأشهرٌ ثلاثَة». باب: المرأة تَحيض أَكثَر مِن خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا • وسمعت إسحاق يقول «عن بعض أهل العِلم: إن امرأةً كانت تَرَى الدم سَبعَةَ عَشَرَ يَومًا حَيضًا مُعتَدِلًا في الشَّهر. وقال آخَرون: بَعض نِساء الماجِشون تَجلِس عِشرين يَومًا. فأنكَرَ ذلك مالك، وقال: «لا تَحيض أَكثَرَ مِن نِصفِ دَهرِها»، فلَست أَرَى ما زاد على الخَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، فأرَى -إن كان ذلك يكون، حتى يُعرَف ذلك لامرأة، وترى في ذلك في إبَّانها لأوقاتها- أن يُحكَم لها بِحُكمِها؛ لِمَا أَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم: «اجلِسي أيام أقرائك»، فرَدَّ كُلَّ واحِدَةٍ إلى خِلقَتِها، مع أنّي أَظُنُّ أن ذلك لا يكون إلا بالاختِلاط؛ تَحيض مَرَّةً سَبعَ عَشرَة، ومَرَّةً أَنقَص، ومَرَّةً أَكثَر، فإذا دَخَلَ في الوَقت -[302]- ذلك، ولم يَصِحَّ فيه سُنةٌ ولا إجماعٌ من أهل العِلم؛ رَجَعنا إلى إجماع أهل العِلم وما عَقَلوه: خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، وهكذا اختار ابن مهدي ونُظراؤه من أهل العِلم، إلا أن يكون ما زاد على الخَمسَةَ عَشَرَ كما وصفنا؛ أمر معروف (1) في كُلِّ شَهر».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "أمراً معروفاً".

باب: المرأة ترى الصفرة والكدرة بعد الطهر

601 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وحدثني رجل، عن ميمون بن مهران، أن بنت سَعيد بن جُبَير كانت تَحتَه، وكانت تَحيض في السَّنَة مَرَّة؛ شَهرَين قَبلَ أن تَرَى طُهرًا، فكانت لا تُصَلِّي حتى تَطهُر، ولا يأمُرها ميمون بالصَّلاة. 602 - قال الوَليد: وسمعت الأوزاعي يقول -في امرأةٍ لا تَحيض في السَّنَة إلا مَرَّة، فإذا حاضَت أقامَت شَهرَين قَبلَ أن تَرَى طُهرًا-؛ قال: «فلا تُصَلِّي حتى تَرَى الطُّهر، هذا حيضها -إذا كانت على ذلك قائمةً دَهرَها-، ولو طُلِّقَت لاعتَدَّت بهذا الحَيض شَهرَين شَهرَين؛ ثلاث سِنين». باب: المرأة تَرَى الصُّفرَة والكُدرَة بَعدَ الطُّهر • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: امرأةٌ تَرَى الصُّفرَة والكُدرَة بَعد طُهرها؟ قال: «كُلُّ شيءٍ تَراه بَعد طُهرها فلَيسَ بِشيء، تَصوم وتُصَلِّي». قلت: فإن كان دَمًا؟ قال: «وإن كان دَمًا». • سمعت إسحاق يقول: «إذا رَأَت صُفرَة أو كُدرَة مُلتَزِقًا بِحَيضها في أيام أقرائها؛ فذلك حَيضٌ كُلُّه، ولا اختِلاف بَين أهل العِلم في ذلك». o قال حرب: «هذا عندي الصَّواب».

603 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: «إذا رَأَت المرأة كُدرَةً أو صُفرَةً مُتَّصِلًا بِدم الحَيضَة؛ فإن ذلك من بَقايا الحَيض، وإذا رَأَت الطُّهر، ثم رَأَت بَعد ذلك كُدرَةً أو صُفرَة؛ فلَيسَ بشيء». قال عبد الرحمن: «هذا ما لا يَختَلِف فيه العُلَماء». 604 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي، عن ربيعة ويَحيى بن سَعيد، قالا: «الصُّفرَة والكُدرَة في أيام الحَيض حَيضٌ، حتى تَترُك الصَّلاة، فإذا استكمَلَت أيامَها، فتَمادَى الدم بها، أو صُفرَةٌ أو كُدرَة؛ فهي استِحاضَة؛ تَغتَسِل وتُصَلِّي، وإن انقَطَعَ عنها الدم أو الصُّفرَة أو الكُدرَة عند تَمام أيامها؛ اغتَسَلَت وصَلَّت، فإن عاوَدَها الدم -بَعد ذلك- أو كُدرَةٌ أو صُفرَة؛ فهي استِحاضَة». 605 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا أبو عَمرو الأوزاعي، عن ربيعة ويَحيى بن سَعيد، قالا -في هذه التي حاضَت في أيامها يَومًا أو يَومَين، ثم رَأَت طُهرًا بَيِّنًا، فاغتَسَلَت وصَلَّت، ثم عاوَدَها صُفرَةٌ أو كُدرَةٌ في بَقيَّة القُرء، وأمسَكَت عن الصَّلاة؛ فإن الصُّفرَة في بَقيَّة القُرء من الحَيضَةِ مَا هي؟ -؛ قالا: «فإن تَمادَى بها الدم والصُّفرَة والكُدرَة حتى تَستكمِل أيامها، ولم تَرَ طُهرًا؛ استَظهَرَت بِيَومٍ أو يَومَين، ثم تَصنَع كما تَصنَع المستَحاضَة». 606 - قال: وحدثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو: أرَأيت إن رَأَت المرأة الطُّهر بَيِّنًا عند تَمام قُرئها، فاغتَسَلَت وصَلَّت، ثم رَجَعَت من يَومها ذلك أو من الغَد؟ قال: -[304]- «تلك تَريَّة، فإن كان دَمًا عَبيطًا؛ اغتَسَلَت وصَلَّت، فإن كان كُدرَةً أو صُفرَة؛ توضَّأت وصَلَّت؛ لَيسَ لَها أن تَستَظهِر بِيَومٍ ولا يومَين فتَترُك فيهما الصَّلاة -كما تَستَظهِر التي يُطاوِلها الدم، ولا تَرَى طُهرًا عند تَمام قُرئها-».

607 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا محمد بن إسحاق، قال: حدثتني فاطمة بنت المنذر، قالت: كنا في حجر جَدَّتي أسماء؛ بنات بِنتها، فكانت إحدانا تَرَى الطُّهر، ثم لَعَلَّ الحَيضة تُنكِسُها إلى الصُّفرَة والكُدرَة، فتأمُرنا أن نَعتَزِل الصَّلاة حتى لا نَرَى إلا البَياضَ خالِصًا. o قال أبو محمد: «هكذا (1) عندي في أيام الأَقراء». 608 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا عبد الملِك بن عَمرو، قال: ثنا علي بن المبارَك، عن يَحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سَلَمَة، أن أم بكر أخبرته عن عائشَة -رضي الله عنها-، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال -في المرأة تَرَى ما يَريبُها بَعد الطُّهر-؛ قال: «إنما هو عِرق -أو: عروق-». 609 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا محمد بن جَعفَر، قال: ثنا شُعبَة، عن قَتادَة، عن حَفصة، -[305]- عن أم عَطيَّة الأنصارية، أنها قالت: «كُنَّا لا نَعُدُّ الصُّفرَة والكُدرَة بَعد الطُّهر شيئًا».

____ (1) كذا في الأصل، ويحتمل أن الصواب: "هذا".

610 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا أبو بكر بن عياش، قال: ثنا أبو إسحاق، عن الحارِث، عن علي، قال: «إذا رَأَت المرأة بَعد طُهرها مِثلَ غُسالَة اللحم ما لم يَكُن دَمًا؛ فلتَنضَحه بالماء، ولتَحتَشي (1) وتُصَلِّي؛ فإنما هي رَكضَةٌ من الشَّيطان في الرَّحِم». 611 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن المُغيرَة، عن إبراهيم، قال: «إذا كان يَسيل منها مِثل غُسالَة اللحم؛ فإن كان أحمَر اغتَسَلَت، وإن لم يكُن أحمَر توضَّأت وصَلَّت، إلا أن يكون في أيام حَيضها؛ فهي بِمَنزِلَة الحائض». • سمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «تَفسير ما وَصَفنا عن عائشَة وأم عطية، ومَن وَصَفنا مِن التابِعين ومَن بَعدَهم في الصُّفرَة والكُدرَة: ما بَيَّن الأوزاعي عن ربيعة ويَحيى بن سَعيد: إذا رَأَت المرأةُ صُفرَةً أو كُدرَةً في أقرائها المعروفَة؛ فذلك حَيض، ورُبَّما كانت المرأة خِلقَتها في دم حَيضها أَرَقُّ من الأُخرَى، فمن هاهنا قالوا: التَّريَّة في أيام الحَيض حَيضٌ، ولم يَجعلوا ذلك بَعد أيام أقرائها، فرَأَى أَكثَر أهل العلم أن تَغتَسل وتُصَلِّي، ولا تَعُدّ التَّريَّة شيئًا، يعني: بَعد أيام حَيضها.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "ولتَحتَشِ".

وإنما مَعنَى قول عائشَة: «حتى تَرَين القصَّة البَيضاء»: إذا كان ذلك عند انقِضاء أيام مَحيضها؛ قالت: لا تَغتَسل ما دامت تَرَى صُفرَةً أو كُدرَة، يعني: في أيام الحيض، فإذا انقَضَى حَيضها اغتَسَلَت وصَلَّت. والذين قالوا: إذا كانت التَّريَّة بَعد أيام حَيضها مع حَيضها؛ لا تَرَى طُهرًا بَينَهما؛ فذلك حَيضٌ حتى تَستكمِل أقصَى أيام أقرائها، على ما قال الحكم والحارِث العِكلي: يَتَبَيَّن دمُ الحَيض من الاستِحاضَة إذا أَدرَكَ قُرءٌ قُرءًا؛ فَحينَئذٍ هي مُستَحاضة؛ لِمَا يكون الدم مُتَغَيِّرًا. والقَول الأوَّل أَشبَهُ بِسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم؛ حَيثُ أَمَرَ المستَحاضَة أن تَجلِس أيام أقرائها، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي، وهذا الذي نَعتَمِد عَلَيه، وعَلَيه أَكثَر أهل العِلم». • وقال إسحاق: «وقد اختَلَفوا في الكَدَر في أيام الحَيض، فقال بعضهم: لَيسَ بِحَيض، وخالَف أَكثرهم في ذلك. وأما الصُّفرَة وما أَشبَهَها؛ فهو عند أهل العِلم كُلِّهم حَيضٌ؛ إذا كان ذلك في أيام الحَيض». 612 - حدثنا محمد بن يَحيى بن أبي حَزم، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا ابن جُرَيج، قلت لعَطاء: الحائض رَأَت الطُّهر، فتَطَهَّرَت، ثم رَأَت بَعده دَمًا، أَحَيضَةٌ؟ قال: «لا، إذا رَأَت الطُّهر فلتُصَلي (1)، فإذا رَأَت بَعدَه دَمًا؛ فلَيسَت بِحَيضَة، هي مُستَحاضَة».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه:"فلتُصَلِّ".

باب: المرأة ترى الدم في غير أيام حيضها

613 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، عن شَريك، عن عبد الكريم، عن عَطاء، قال: «إذا رَأَت الصُّفرَةَ بَعد الغُسل؛ توضَّأت وصَلَّت». باب: المرأة تَرَى الدَّمَ في غَير أيَّام حَيضِها • قلت لأحمد: المرأة تَرَى الدم في غَير أيام حَيضها، ثم يَنقَطِع عنها، أتَغتَسِل؟ قال: «توضَّأ». • وسألت إسحاق، قلت: امرأةٌ رَأَت [الدم] (1) في َغير أيام حَيضها دَمًا، ثم انقَطَع عنها، أتَغتَسِل إذا انقَطَع الدم أم توضَّأ؟ قال: «في غَير أيام الحيض؟». قلت: نعم. قال: «تتوضَّأ». قلت: فإن كان دمٌ أسوَد؟ قال: «ليس هذا حَيض إذا لم يكُن في أيام حَيضها». 614 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن محمد بن راشد، عن سُلَيمان بن موسَى، عن عَطاء بن أبي رَبَاح، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: «إذا رَأَت بَعد الغُسل صُفرَةً أو كُدرَة؛ توضَّأت وصَلَّت، وإن كان دَمًا أحمَر اغتَسَلَت وصَلَّت». 615 - حدثنا شباب، قال: ثنا مُعاذ بن هِشام، عن أبيه، عن قَتادَة، عن سَعيد بن المسيَّب -في المرأة تَرَى الكُدرَة والصُّفرَة، يعني: بَعد الطُّهر-؛ قال: «تَغتَسِل وتُصَلِّي».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: حذف "الدم"، أو حذف قوله: "دما" بعد ذلك.

باب: المرأة تطهر قبل انقضاء أيام حيضها

باب: المرأة تَطهُر قَبل انقِضاء أيَّام حَيضِها • سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: امرأةٌ كانت تَحيض سَبعَة أيام، فانقَطَع عنها الدم في خَمسَة أيام أو سِتَّة، هل يأتيها زَوجها؟ قال: «لا». 616 - حدثنا أبو عَمرو عِمران بن يَزيد بن خالِد، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: سُئل الأوزاعي عن المرأة تَرَى الطُّهر في أيام حَيضها؛ يَومًا أو يَومَين؟ قال: «تَغتَسِل وتُصَلِّي». قيل له: يُجامِعها زَوجها؟ فلَم يَرَ ذلك لِزَوجها، وأَمَرَها بالصَّلاة. وسُئل الأوزاعي عن المرأة تَرَى طُهرًا بَيِّنًا في أيام حَيضَتها؟ قال: «تَغتَسِل ثم تُصَلِّي». قلت: أيُجامِعها زَوجها؟ قال: «إن كانت تَرَى أن الدم سَيَرجِع إليها بَعد ذلك الطُّهر الذي رَأَته؛ فإني أُحِبُّ أن يكُفَّ عنها زَوجها». قلت: فإن كان هذا منها بَيِّنًا، ولم تَرَ دَمًا رَجَع إليها بَعد الطُّهر؟ قال: «يُجامِعها». 617 - حدثنا عِمران -أيضًا- قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: قيل للأوزاعي: فالحائض تكون أيامُها التي تَمكُث فيها حائضًا سَبعًا؛ تَرَى الطُّهر في خَمسَة أيام بيِّنًا؟ قال: «تَغتَسل وتُصَلِّي». قيل: فيُجامِعها زَوجها؟ قال: «إذا حَلَّت الصَّلاة حَلَّ الجِماع». قيل للأوزاعي: فهل تَحِلُّ للخُطَّاب، أو لِزَوجها أن يُراجِعها إذا رَأَت الطُّهر بيِّنًا في خَمس؟ قال: «إن تَزَوَّجَت في الخَمس، ثم لم تَرَ دَمًا بَعد ذلك؛ (1) النكاح، وإن رَأَت بَعد ذلك بِيَومٍ أو يَومَين دَمًا؛ نُزِعَت من زَوجها؛ لأنها تَزَوَّجَت في العِدَّة قَبل -[309]- أن تَنقَضي. وإن راجعها زوجها في الخَمسَة أيام التي تَبيَّن طُهرُها فيها، ثم لم تَرَ دَمًا بَعد ذلك، وكان هو الطُّهر؛ لم يكُن لِزَوجها مُراجَعَة؛ لأنها قد طَهُرت، وإنما مُراجَعَته التي تَصلُح له: أن يُراجِعَها في الحَيضَة قَبل أن تَغتَسِل منها، فإذا رَأَت في خَمسٍ طُهرًا بَيِّنًا؛ اغتَسَلَت، ولَيسَ له عَلَيها رَجعَة، إلا أن يَخطِبَها إلى نَفسِها مع الخُطَّاب، إلا أن يكون تَزَوَّجها في هذه الحال، ثم رَأَت الدم بَعدَ الخَمسَة أيام، فمُراجَعَته إياها مُراجَعة؛ لأنه قد راجَعَها في الدم وهي امرأته».

____ (1) ضبب الناسخ هنا، ولعله سقط: "صَحَّ"، أو: "جاز"، أو نحوها، وانظر: ما سيأتي برقم (619).

وسُئل الأوزاعي: يكون قُرؤها سَبعَة أيام أو خَمسَة، فتَرَى طُهرًا في ثلاثَة أيام، ثم تَرَى صُفرَةً أو كُدرَة بَعد الثلاثَة أيام؟ قال: «لا تُصَلِّي». 618 - حدثنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي وعَمرو بن عُثمان، قالا: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا أبو عَمرو الأوزاعي، عن ربيعة ويَحيى بن سَعيد، أنهما حدثاه -في المرأة إذا كانت لَها أقراء مَعلومَة قائمَة، فرَأَت دَمًا في أوَّل يَومٍ من قُرئها-؛ فإنها تُمسِك عن الصَّلاة. قلت لربيعة ويَحيى: فإنها رَأَت دَمًا عَبيطًا في أوَّل يَومٍ من قُرئها يَومًا أو يَومَين، ثم رَأَت الطُّهر بَيِّنًا؟ قالا: «فإذا رَأَته بَيِّنًا من لَيلٍ أو نَهار؛ اغتَسَلَت وصَلَّت». 619 - قال الوَليد: قيل لأبي عَمرو: فيَقَع عَلَيها زَوجها في ذلك الطُّهر قَبل استِكمالها قُرأَها إذا أمربها (1) فاغتَسَلَت وصَلَّت؟ قال: «إن كانت تَرَى أنها سَتَرجِع إليها في بَقيَّة قُرئها؛ فالكَفُّ عنها أَحَبُّ إليَّ». قال أبو عَمرو: «وإن فَعَل؛ فلا كَفَّارَةَ عَلَيه».

____ (1) في الأصل غير منقوطة، ولعله أراد: "أَمَرَها".

باب: تحيض قبل الوقت

قال محمد بن الوَزير: قال الوَليد: قيل لأبي عَمرو: فإنها رَأَت ذلك الطُّهر في لَيلَةٍ من لَيالي شَهر رَمَضان، فاغتَسَلَت، وطَلَعَ عَلَيها الفَجر طاهِرًا؟ قال: «تَصوم يَومَها، فإن لم تَرجِع فيه؛ فقد صامَت يَومَها». قيل لأبي عَمرو: أعَلَيها قَضاؤه إذا قَضَت صيام أيام حَيضها؟ قال: «لا». قيل لأبي عَمرو: أرأيت إن كان زَوجها طَلَّقَها لِعِدَّتها، فاعتَدَّت تلك الحَيضَة، ثم رَأَت الطُّهر بَيِّنًا قَبل أن تَستكمِل قُرأها، فاغتَسَلَت وصَلَّت، أتكون أَحَقَّ بِنَفسِها، وتَحِلُّ للخُطَّاب؟ قال: «نعم، إن استَمَرَّ بها ذلك الطُّهر، ولم يَرجِع في بَقيَّة القُرء». 620 - حدثنا أبو عَمرو شباب العصفري، قال: ثنا .................. (1)، قال: ثنا ابن عون، عن أشعَث، عن الحسَن، قال: «إذا رَأَت الطُّهر في أَقَلَّ مِن أيام أقرائها؛ صَلَّت، فإن رَأَت الدم بَعدُ؛ أَمسَكَت عن الصَّلاة». باب: تَحيض قَبلَ الوَقت • سألت أحمَد، قلت: امرأةٌ كانت تَحيض في عِشرين يَومًا مَرَّة، ثم إنها حاضَت في ثلاثَةَ عَشَرَ يَومًا، أو خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، أو أَقَل؟ قال: «تَنظُر إلى وَقتها وعادتها التي كانت، ولا تَلتَفِت (2) ذلك»، يَذهَب إلى أنه العِشرين. • وأما إسحاق؛ فسمعته يقول: «إن كان الدم الذي رَأَته قَبلَ وَقتها دَمًا أَسوَد؛ فهو حَيض، تَترُك الصَّلاة، وإن كانت صُفرَةً أو كُدرَة؛ لم تَترُك الصَّلاة حتى يَجيء وَقتها».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمتين. (2) لعله سقط هنا: "إلى".

• وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: امرأةٌ كان لها وَقتٌ مَعلومٌ تَحيض فيه، فرَأَت الدم قَبل وَقتها؟ قال: «كُلَّما رَأَت دم الحَيض تَرَكَت الصَّلاة، وإن كانت صُفرَةً أو كُدرَة؛ فلا، هي استِحاضَة». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: امرأةٌ كانت تَحيض في اثنَين وعِشرين يَومًا، فحاضت في سِتَّةَ عَشَرَ يَومًا، وبَينَها وبَين حَيضها بَعد سِتَّة أيام؟ قال: «إذا كان الدم الذي رَأَته قَبل الوَقت مِثلَ دم الحَيض؛ فإنها تَدَع الصَّلاة بِقَدر أيام حَيضها -وإن رَأَته قَبل وَقتها-، وإذا كانت صُفرَةً أو كُدرَة؛ توضَّأت وصَلَّت حتى تأتي أيام حَيضها؛ لأنها بِمَنزِلَة الاستِحاضَة». راجَعته في ذلك غَيرَ مَرَّة، فكان هذا قَوله. 621 - حدثنا أحمَد بن الأزهَر وأحمَد بن نصر، قالا: ثنا الفضل بن دكين، قال: سمعت سُفيان -وقيل له: تَرَى الصُّفرَة حَيضًا؟ -؛ قال: «نعم». قلت: فإذا كانت الصُّفرَة في غَير أيام حَيضها؟ قال: «لا، تُصَلي». 622 - قال أحمَد بن نصر: وحدثنا عُبَيدالله بن موسَى، عن سُفيان، قال: «إن رَأَت الدم يَومًا أو يَومَين في غَير أيام حَيضها، وانقَطَع عنها؛ فلتتوضَّأ ولتُصَلي (1) صلاةَ يَومها أو يَومَيها اللذَيْن حاضَت». 623 - حدثنا عِمران بن يَزيد، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: سُئل الأوزاعي عن المرأة تَرَى بَين الحَيضَتَين في أيام طُهرها صُفرَة؟ قال: «توضَّأُ وتُصَلِّي». قيل: فإنها -[312]- تَرَى دَمًا دائمًا؟ قال: «توضَّأُ وتُصَلِّي».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "ولتُصَلِّ".

624 - حدثنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي وعَمرو بن عُثمان، قالا: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عَمرو الأوزاعي: «كُلُّ امرأةٍ رَأَت دَمًا عَبيطًا؛ قَطرَةً فما فَوقَها بَين الأقراء في حال أطهارِها؛ فإنها تَغتَسِل وتُصَلِّي، إلا أن يَستَعجِل إليها حَيضها، وكُلُّ صُفرَةٍ أو كُدرَةٍ رَأَته بَين الأقراء في حال أطهارها؛ توضَّأت وصَلَّت». 625 - قال الوَليد: فذكرت ذلك لموسَى بن أعين، فقال: «أما نَحن فنَقول: كُلُّ دَمٍ رَأَته بَين الأقراء؛ فإنها تُمسِك عن الصَّلاة يَومَها والثاني والثالِث، فإن انقَطَعَ عنها قبل تَمام الثلاث؛ وهي تَرِيَّة، ولَيسَت بالحَيضَة؛ تَغتَسِل وتُصَلِّي صَلاةَ تِلك الأيام»، قال: «وإن هو لم يَنقَطِع عنها حتى ............................................ (1)». 626 - قال الوَليد: فذَكَرت ذلك لِلَّيث بن سَعد، فقال: «إن هذا لَحَسَنٌ شَديد، وما سمعت أنها تُمسِك عن الصَّلاة لِمَا تَرَى بَين الحَيضَتَين». 627 - قال عَمرو بن عُثمان: حدثنا الوَليد، قال: سمعت مالك بن أنس يقول: «إن الحَيضَة رُبَّما تَعَجَّلَت». فقال له رجل: إن امرأتي أَهَلَّت بِعُمرَةٍ لَيلَةَ هِلال المحَرَّم، ثم رَأَت دَمًا عَبيطًا كَدَم الحَيضَة؛ قَبل أيام قُرئها بِخَمسَة عَشَرَ لَيلَة (2)؟ قال مالك: «إن -[313]- انقَطَعَ قَبل تَمام قُرئها؛ فهي تَرِيَّة، وإن دام إلى تَمام حَيضَتها؛ فتِلك حَيضَةٌ تَعَجَّلَت، فلا تَحِلُّ حتى تَطوف بِالبَيت طاهِرًا، وإن كانت طافَت به على شُبهَةٍ وفُتيا؛ أعادَت الطواف، ورأيت رَجعَتها من المدينَة إلى مَكَّة لِتَطوف بالبَيت طاهِرًا».

____ (1) بيض الناسخ مقدار سبع كلمات. وقد مضت هذه المسألة وسابقتها برقم (539)، (540) فانظرهما لتقويم النص هنا وإتمامه. (2) كذا في الأصل، والوجه: "بخمس عشرة ليلة".

باب: المرأة ترى الدم ساعة، ثم انقطع

628 - قال الوَليد: ولا أعلم إلا أني ذكرت ذلك للأوزاعي، فقال مِثل ذلك. باب: المرأة تَرَى الدَّمَ سَاعَةً، ثم انقَطَع • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: امرأةٌ رَأَت الدم في وَقتِ صَلاةٍ في ساعَةٍ من نَهارٍ في أيام حَيضَتها، ثم انقَطَع عنها؟ فكأنه ذَهَب إلى أنها لا تَلتَفِت إلى ذلك، وأنكَرَ أن يكون ذلك وقال: «رأيت هذا قَطّ؟». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا رَأَت المرأةُ الدمَ أيام أقرائها يَومًا أو يَومَين، ثم انقَطَع الدم عنها، ولم يكن ذلك مِن أمرها فيما مَضَى؛ فالاحتياط لها: ألَّا تَعُدَّ ذلك حَيضًا، وتَقضي الصَّلاة؛ لأن ذاك رُبَّما كان من عِرقٍ عانِد، فلَيسَ لها أن تَعُدَّ الحَيضَ إلا ما تَعلَمه من أقرائها، ولا يَجوز لَها تَرك الصَّلاة إلا بِالحَيض البَيِّن، وإن كانَت تَرَى أقراءها فيما مَضَى كذلك مُختَلِفًا؛ رُبَّما قَصر ورُبَّما زاد؛ فإن جَلَسَت إذا زاد الدم في أيام الأقراء؛ فأرجو أن يكون ذلك لَها، ولا تَنتَظِر ثلاثًا كان أو أَقَلّ، وكذلك إن رَأَت الطُّهر قَبل انقِضاء أيامها؛ اغتَسَلَت وصَلَّت إذا رَأَت القَصَّة البَيضاء، فإن عاوَدَها الدم في أقرائها؛ فقد اختَلَف أهل العِلم في ذلك: * فأما مالك بن أنس ومَن نَحا نَحوَه؛ فإنه يَرَى حَيضَها ذلك حَيضًا مُستَقبَلًا؛ لِمَا لم يُوَقِّت للطُّهر وَقتًا، ولا للحَيض، إلا أن يكون خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، فذلك أقصَى -[314]- الحَيض عنده، فَلَو رَأَت يَومًا دَمًا ويَومًا طُهرًا -في قَوله- كان ذلك حَيضًا وطُهرًا؛ كان ذلك في أيام الأقراء أو غَير أيام الأقراء.

ولو قال ذلك في غَير أيام الأقراء؛ كُنَّا نَرجو أن يكون كذلك، فأما أيام الأقراء؛ فإن ذلك مَوجودٌ في النِّساء؛ أن تَرَى المرأة في أيام أقرائها دَمًا وطُهرًا؛ يكون خِلقَتها ذلك، فإذا رَأَت في أيام أقرائها يَومَين أو ثلاثًا دَمًا، ويَومًا طُهرًا، ثم حَيضًا، ثم طُهرًا؛ حتى يُستكمَل أقراؤها، ويَنقَطِع الدم حينَئذٍ؛ فكُلُّ ذلك حَيض، إذا كان ذلك ممَّا تَعقِلُه وجَرَّبَت مِثل ذلك في أوقاتها. * وقال بَعض العُلَماء: إذا رَأَت الطُّهر بَين قُرئها؛ تَرَبَّصَت إلى آخِر ما تَخشَى فَوتَ الصَّلاة، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي. فإن استَظهَرَت في مِثل هذا الحال يَومًا أو يَومَين -كما جاء عن ابن عَبَّاس والحسَن وعَطاء-؛ فحَسَنٌ جَميل، وتَترُك ذلك وتَغتَسِل في آخِر وَقت الصَّلاة أَحَبُّ إليَّ، فإن عاوَدَها الدم بعد ذلك حتى تَستكمِل أقراءها؛ قَضَت صَومًا إن صامَته في حال طُهرها، وأما استِظهارُها بعد استِكمال أقرائها إذا استَمَرَّ بها الدم؛ فلا نَراه؛ لِما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أدبَرَت الحَيضة فصَلِّي»، مع أن بَعض أهل العِلم قال: كُلَّما زادَت على أيام أقرائها؛ اغتَسَلَت وصَلَّت، إلا أن تكون تَرَى مِثل ذلك أشهُرًا، فحينَئذٍ هي امرأةٌ زاد أقراؤها على ما كانت مِن قَبل، فحينَئذٍ تَستكمِل ما رَأَت الدم إلى أقصَى ما تَحيض امرأة، ولَأَن تُصَلِّي وهي شاكَّةٌ أَحَبُّ إليَّ أن تَترُك الصَّلاة ولَيسَ لَها أن تَترُك الصَّلاة إلا على يَقينٍ مِن حَيضها».

باب: المرأة تحيض سبعة أو ثمانية أيام، فاستحيضت

629 - حدثنا محمد بن أبي حَزم، قال: ثنا بِشر بن عُمَر، قال: ثنا ابن لَهيعَة، عن بكير -في امرأةٍ طَهُرَت، ثم رَأَت بَعدُ نُقطَةَ دم-؛ قال: «تُصَلِّي وهي تَشُكُّ أَحَبُّ إليَّ من أن تَدَع الصَّلاة». قال: «فإن تَطاوَل بها دَمُها؛ فلتَنظُر قَدر حَيضها، فلتَدَع الصَّلاة، ثم تَنظُر طُهرها، ولتَطَهَّر، ولتُصَلي (1)». باب: المرأة تَحيض سَبعَة أو ثمانِيَةَ أيَّام، فاستُحيضَت • سألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: امرأةٌ كانت تَحيض سَبعَةَ أيام، ورُبَّما حاضَت ثَمانيَةَ أيام، فاستُحيضَت، كَم تَجلِس؟ قال: «هذا وَقتها، ولكنها تَجلِس ثَمانيَةَ أيام». o قال أبو محمد: «هكذا وَجَدته في كِتابي». • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: يا أبا عبد الله، امرأةٌ كان لَها وَقتٌ تَحيض فيه؛ سَبعَةَ أيام أو ثَمانيَةَ أيام، ثم تَغَيَّر عَلَيها وَقتها، فحاضَت شَهرَين أو ثلاثَة: عَشرَةَ أيام؟ قال: «إذا كان تَوالى بها ثلاثَةَ أشهُر؛ فهو وَقتٌ، وإن كان أَقَلّ؛ فلا». 630 - حدثنا محمد بن نصر بن سَعيد، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم -في امرأةٍ كان أقراؤها أوَّل ما حاضَت: سَبعَةَ أيام، ثم ثَمانيَةَ أيام، ثم خَمسَةَ أيام-؛ قال: قال سُفيان: «إذا كان كذلك؛ فأكثَر ما تَجلِس سَبعَة أيام». 631 - حدثنا محمد بن يَحيى النيسابوري، قال: ثنا يوسُف بن يَحيى، قال: قال الشافعي: «إن كان حَيضها يَختَلِف؛ فيكون مَرَّةً ثلاثًا، ومَرَّةً خَمسًا، ومَرَّةً سَبعًا، ثم -[316]- استُحيضَت؛ أَمَرتُها أن تَدَعَ الصَّلاة أَقَلَّ أيام حَيضها؛ ثلاثًا، وتَغتَسِل وتُصَلِّي وتَصوم».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "ولتُصَلِّ".

632 - وقال يوسُف بن يَحيى: «إذا لم تَعرِف آخِر حَيضَتها التي تَلي الاستِحاضَة، وأَشكَلَ عَلَيها؛ أَمَرتُها أن تَغتَسِل بَعدَ ثلاث، وتَصوم وتُصَلِّي، ويَأتيها زَوجها؛ لأن الأصلَ أنها زَوجَته، فلا أَمنَعه من وَطئها إلا بِالاحتياط على أن حَيضَها إلى اليوم السَّابع، وكذلك لا تَطوف بالبيت إلا على ذلك، وتَقضي ما صامَت من وَقت أَقَلِّ حَيضها إلى أَكثَره». 633 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الأعلى، عن يونُس، عن الحسَن -في امرأةٍ كان أقراؤها سَبعَةَ أيام قبل أن تَتَزَوَّج، فلما تَزَوَّجَت ارتَفَعَت إلى خَمسَةَ عَشَر، أو ثلاثَةَ عَشَر-؛ قال: «تَنظُر تِلك الأيام التي كانت تَحيضها قَبلَ أن تَتَزَوَّج، فإذا مَضَت اغتَسَلَت كل يَومٍ عند صلاة الظهر إلى مِثلها، وتوضَّأت عند كُلِّ صلاة، وتَنَظَّفُ وتُصَلِّي». 634 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا محمد بن أبي عدي، عن الأشعَث، عن الحسَن، قال: «المستَحاضَة تَدَع الصَّلاة أيام حَيضها من الشَّهر وَسَطًا مِن حَيضها، ثم تَغتَسِل».

باب: المرأة تحيض في أول الوقت

باب: المرأة تَحيض في أَوَّلَ الوَقت • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا حاضَت المرأة في أَوَّل وَقت صلاة؛ فعَلَيها الإعادَة عند أهل العِلم؛ لأن الفَرض قد لَزِمَها في أَوَّل الوَقت؛ فعَلَيها القَضاء، فإن حاضَت وعَلَيها من الوَقت ما لا تكون مُصَلِّيَةً لو صَلَّت حتى أدرَكَها الحَيض؛ فلا قَضاء عَلَيها». 635 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: سمعت أبا الوَليد يقول: سُئل سُفيان الثوري عن امرأةٍ دَخَلَ أَوَّل الوَقت، وحاضَت؟ قال: «تكون أَوَّل صلاةٍ تُصَلِّيها قَضاء». قال: فقال له القاسِم بن مَعن: يا أبا عبد الله، ما تقول في رَجلٍ دَخَلَ الوَقت، ثم خَرَجَ سَفرًا، كَم يُصَلِّي؟ قال: «رَكعَتَين». قال: ثم عَرَف ما وَقَع فيه، فقال: «هكذا يَقيسون». 636 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنا يَحيى بن سَعيد القطان، عن ابن شبرمة، قال: سألت الشعبي عن امرأةٍ أَذَّن المؤَذِّن وصَلَّوا، فحاضَت، فلم تُصَلّ؟ فقال: «إذا طَهُرَت فلتَجعَل أَوَّل صلاةٍ تُصَلِّيها قَضاء». 637 - حدثنا إسحاق: قال: أبنا سُفيان بن عُيَينَة، عن ابن شبرمة، عن الشعبي، قال: «إذا دَخَلَ وَقت صلاةٍ، فحاضَت قَبلَ أن تُصَلِّي، فإذا طَهُرَت فلتُصَلِّها حتى (1) تَطهُر».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "حين".

638 - حدثنا عبد الأعلى، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: ثنا أشعَث، عن الحسَن ومحمد، أنهما قالا: «إذا حاضَت في الوَقت؛ فلَيسَ عَلَيها قَضاء، وإن حاضَت بَعدَ ذَهاب الوَقت، ولم تكُن صَلَّت؛ فعَلَيها أن تَقضي تِلك الصَّلاة»؛ في قَول الحسَن ومحمد. 639 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سألت الأوزاعي عن امرأةٍ دَخَلَ عَلَيها وَقت صَلاة، فأَخَّرَت الصَّلاة حتى حاضَت ولم يَخرُج الوَقت، هل عَلَيها قَضاء تِلك الصَّلاة؟ قال: «لا». قلت: فخَرَجَ الوَقت ولم تُصَلّ، ثم حاضَت؟ قال: «تَقضيها إذا هي طَهُرَت». 640 - حدثنا أبو هِشام، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم -في المرأة تكون في صلاتها، فتُحِسُّ أن الحَيض قد تَحَرَّك من مَكانه أو سَال-؛ قال: قال يَعقوب: «تَمضي في صلاتها ما لم يَخرُج». 641 - قال: وحدثنا حَسَّان -في المرأة تَطهُر بين الصَّلاتَين-؛ قال: قال ابن أبي ليلى: «تُصَلِّي الطهر، وإن حاضَت بَعدما صَلَّت رَكعَتَين؛ فإنها تَخرُج من صلاتها، ثم تَقضي تِلك الصَّلاة إذا طَهُرَت». 642 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: سمعت سَعيد بن عبد العَزيز يقول: «يَنبَغي للمرأة أن تَحَيَّنَ الصَّلاة في اليَوم الذي تَحيض فيه، فتَتوضَّأ -[319]- وتُبادِر بالصَّلاة قَبل أن يُدرِكَها الحَيض».

باب: طهرت قبل غروب الشمس

643 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا غندر، قال: ثنا سَعيد، عن عقبة الراسبي، عن أبي الجوزاء، أن عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال للنِّساء: «لا تَنَمْنَ عن العَتَمَة؛ مَخافَةَ أن تَحِضن». 644 - حدثنا مَحمود بن خالِد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، عن أبي عُثمان السراج، عن الأوزاعي -وسُئل عن المرأة تُصَلِّي رَكعَتَين ثم تَحيض-؛ قال: «إن أدرَكَها الحَيض في الصَّلاة انصَرَفَت، ولا شيءَ عَلَيها». باب: طَهُرَت قَبلَ غُرُوب الشَّمس • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: امرأةٌ طَهُرَت قَبل غُروب الشَّمس؟ قال: «تُصَلِّي الظُّهر والعَصر». قلت: فإن طَهُرَت قَبل طُلوع الفَجر؟ قال: «تُصَلِّي المغرِب والعِشاء». • وسمعت إسحاق يقول: «أما الذي نَعتَمِد عَلَيه، وعَلَيه أَكثَر أهل العِلم مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومَن بَعدَهم: إذا طَهُرَت قَبل غُروب الشَّمس؛ صَلَّت الظُّهر والعَصر جَميعًا، وإذا طَهُرَت قَبل طُلوع الفَجر؛ صَلَّت المغرِب والعِشاء جَميعًا». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «اختَلَفَ أهل العِلم في قَضاء الحائض إذا طَهُرَت في وَقت صَلاة (1): * فقال بعضهم: لا تَقضي إلا الصَّلاة التي طَهُرَت في وَقتها؛ لأنها لَو قَضَت غَير -[320]- الصَّلاة التي طَهُرَت في وَقتها؛ كانت إذًا تَقضي الصَّلوات التي مَرَّت بها وهي حائض.

____ (1) ضُبِطَت في المطبوع هكذا: "وَقت صَّلاة"، والمُثبت من تصويب المحقق على ما في المطبوع.

* وخالَفَ هؤلاء آخَرون؛ فقالوا: إذا طَهُرَت في وَقتِ صلاةٍ ولَيسَ عَلَيها ....... (1) قَدر ما تَقدِر على الطَّهارة التي أُمِرَت بها؛ فلَيسَ عَلَيها قَضاء هذه الصَّلَوات التي طَهُرَت في وَقتها». o ومذهب إسحاق: إذا طَهُرَت قَبل غُروب الشَّمس؛ صَلَّت الظُّهر والعَصر إذا طَهُرَت. 645 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي وسُفيان الثوري: «ما ذَهَبَ من وَقتها من الصَّلَوات، ثم رَأَت بَعدَه طُهرًا؛ أُمِرَت أن تُصَلِّيه مع الظُّهر في وَقت العَصر، فإن فَعَلَت فقد أَحسَنَت، وإلا فلا شيءَ عَلَيها». 646 - حدثنا أبو عَمرو شباب، قال: ثنا عبد الوهاب الثقفي، قال: سمعت يَحيى بن سَعيد يقول: «إذا طَهُرَت بالليل؛ صَلَّت المغرِب والعِشاء ما لم يَطلُع الفَجر». 647 - حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: ثنا صفوان بن عيسَى، قال: ثنا محمد بن عُثمان، قال: سمعت جَدِّي عبد الرحمن بن سَعيد بن يَربوع المخزومي يحدث عن مولى لعبد الرحمن بن عوف، أنه سمع عبد الرحمن بن عوف يقول: «إذا رَأَت المرأةُ الطُّهرَ قَبل أن تَغرُب الشَّمس؛ صَلَّت الظُّهر والعَصر، وإذا رَأَت الطُّهر قَبل أن يَطلُع الفَجر؛ صَلَّت المغرِب والعِشاء».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمة، وضبب على البياض.

648 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا يَزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عَبَّاس، قال: «إذا طَهُرَت المرأة قَبل غُروب الشَّمس؛ صَلَّت الظُّهر والعَصر، وإن طَهُرَت لَيلًا؛ صَلَّت المغرِب والعِشاء». 649 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا ابن عياش، عن ليث بن أبي سُلَيم، عن طاوُس، عن ابن عَبَّاس، قال: «إذا طَهُرَت الحائض قَبل مَغيب الشَّمس؛ صَلَّت الظُّهر والعَصر، وإذا رَأَت الطُّهر قبل طُلوع الفَجر؛ صَلَّت المغرِب والعِشاء». 650 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا النضر بن شميل، قال: أبنا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن قيس، عن عَطاء، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: «إذا طَهُرَت المرأة من حَيضَتها، فأدرَكَت رَكعَتَين، ثم صَلَّى العَصر قَبل أن تَغيب الشَّمس؛ فإنها تُصَلِّي الظُّهر والعَصر، وإذا طَهُرَت قَبل أن يَطلُع الفَجر؛ فإنها تُصَلِّي المغرِب والعِشاء». 651 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير بن عبد الحَميد، عن مُغيرَة، عن إبراهيم، قال: «إذا طَهُرَت الحائض في وَقتٍ من العَصر؛ صَلَّت الظُّهر والعَصر، وإذا طَهُرَت في وَقتٍ من العِشاء؛ صَلَّت المغرِب والعِشاء، وكذلك إذا طَهُرَت ما بَقي من الشَّمس شيء، أو ما بَقي من الليل شيء؛ صَلَّت الصَّلاتَين، وإن لم تَفرَغ من غُسلها حتى يَنشَقَّ الفَجر؛ صَلَّت الفَجر، وإن رَأَت الطُّهر بَعدما يَنشَقُّ الفَجر؛ صَلَّت -[322]- الفَجر ما بَينها وبَين طُلوع الشَّمس، فإن طَلَعَت الشَّمس قبل أن تَأخُذ في صَلاتها؛ فلا تُصَلِّيها، وتَستَقبِل الصَّلَوات بَعد».

652 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سألت مالك بن أنس عن الحائض تَرَى الطُّهر عند مَغيب الشَّمس، فأي صَلاةٍ تُصَلِّي؟ قال: «تُصَلِّي العَصر، ولا قَضاءَ عَلَيها للظُّهر». 653 - حدثنا هَنَّاد بن السَّري، قال: ثنا وَكيع بن الجراح، عن سُفيان، عن يونُس، عن الحسَن، قال: «إذا طَهُرَت المرأة الحائض؛ لم تَقضِ إلا الصَّلاة التي طَهُرَت في وَقتها». 654 - حدثنا أبو عَمرو عِمران بن يَزيد بن خالِد بن مُسلِم بن أبي جميل القرشي، قال: ثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: سُئل أبو عَمرو الأوزاعي عن الحائض تَرَى الطُّهر في آخِر وَقت النَّهار عند مَغيب الشَّمس، فكانَت في غُسلٍ من غُسلها حتى غابَت الشَّمس؟ فلم يَرَ عَلَيها قَضاءَ صلاة يَومها. وسُئل عن المرأة تَرَى الطُّهر في آخِر الليل، فتَغتَسِل، فهي إن صَلَّت المغرِب والعِشاء أدرَكَها الفَجر قَبل أن تَفرَغ، بأيّتهما تَبدأ؟ قال: «بالعَتَمَة إذا خافَت الفَجر». وقال الأوزاعي -في المرأة الحائض إذا رَأَت الطُّهر في وَقت العِشاء-: «ما لم يَمضِ الوَقت؛ تَقضي المغرِب والعِشاء إذا فَرَّطَت، وإذا ذَهَب الوَقت ولم تُصَلي (1)؛ -[323]- فلا شيء عَلَيها».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "تُصَلِّ".

وقال الأوزاعي: «كُلُّ امرأةٍ طَهُرَت في وَقتٍ؛ فَرَّطَت وتَوانَت عن الغُسل والصَّلاة إذا طَهُرَت؛ قَضَت تِلك الصَّلاة، ولم نَجعَل عَلَيها إذا كان في السَّحَر القَضاء -وإن فَرَّطَت-» -فيما حَفِظنا منه-، وقال: «إذا اغتَسَلَت في السَّحَر؛ صَلَّت المغرِب والعِشاء، وإن تَرَكَت العِشاء حتى تُصبح؛ فلا قَضاء عَلَيها». 655 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو -في المرأة تَرَى الطُّهر مِن حَيضَتها في آخِر وَقت الظُّهر، فأَخَّرَت (1) في غُسلها، فلم تَفرَغ منه حتى خَرَجَ وَقت الظُّهر، أَعَلَيها قَضاء الظُّهر؟ -؛ قال: «تُؤمَر أن تُصَلِّيها، وعَلَيها العَصر واجِبَة». وقال أبو عَمرو: «فإن رَأَت الطُّهر في آخِر وَقت العَصر قَبل أن تَدخُلَها صُفرَة قَدر ما تُصَلِّي صلاةً واحِدَة». قال: «تُصَلِّي العَصر، ثم تُصَلِّي الظُّهر». قال أبو عَمرو: «فإن هي طَهُرَت ولم تَفرَغ من غُسلها حتى يَخرُج وَقت العَصر، ودَخَلَتها صُفرَة؛ أُمِرَت أن تُصَلِّي الظُّهر ثم العَصر، والعَصر لا بُدَّ منها؛ لأن آخِر وَقت العَصر: قَبل أن تَغيب الشَّمس؛ للنَّاسي وللحائض والنَّائم». قال أبو عَمرو: «فإن هي رَأَت الطُّهر، ففَرَغَت من غُسلها قبل مَغيب الشَّمس قبل (2) ما تُصَلِّي صَلاةً واحِدَة؛ اغتَسَلَت وصَلَّت العَصر، ولا قَضاء عَلَيها في الظُّهر، -[324]- لَيسَت الحائض في قَضائها الظُّهر بَعد مَغيب الشَّمس بِمَنزِلَة النَّاسي والنَّائم؛ يُبادر بالعَصر مَغيبَ الشَّمس، وقَضاء الظُّهر واجِبٌ عَلَيه بَعد المغرِب».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "فأَخَذَت". (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "قَدر".

قال: وسألت الأوزاعي عن امرأةٍ دَخَلَ عَلَيها وَقت صلاة، فأَخَّرَت الصَّلاة حتى حاضَت ولم يَخرُج الوَقت، هل عَلَيها قَضاء تِلك الصَّلاة؟ قال: «لا». قلت لأبي عَمرو: فخَرَجَ الوَقت ولم تُصَلي (1)، ثم حاضَت؟ قال: «تَقضيها إذا طَهُرَت». قلت: فامرأةٌ حائض انقَطَع عنها دم حَيضها حين دَخَلَ عَلَيها وَقتُ صلاة، فأَخَذَت في الغُسل، فلَم تَفرَغ مِنه حتى خَرَجَ الوَقت؟ قال: «فلا شيء عَلَيها ولا قَضاء، وذلك في طُلوع الشَّمس ومَغيبها». قلت لأبي عَمرو: فامرأةٌ رَأَت الطُّهر من حَيضَتها بَعد طُلوع الشَّمس، فأَخَذَت في غُسلها ولم تُؤَخِّره، فلم تَفرَغ مِنه حتى سَبَقَتها الشَّمس؟ قال: «لا قَضاء عَلَيها». قيل لأبي عَمرو: فرَأَت الطُّهر في الفَجر في بَردٍ شَديد، فخافَت بَرد الماء؟ فقال: «إن الماء لَبارِدٌ شَديدٌ على الشَّيخ الكَبير والمرأة، فإن أَخَذَت في إسخان الماء؛ كانَت في عُذر الله، وإن قَوِيَت على البارِد؛ اغتَسَلَت به». قلت لأبي عَمرو: فإن رَأَت الطُّهر قَبل الفَجر، فإن هي أَخَذَت في إسخان الماء طَلَعت الشَّمس، ألَها أن تَتيَمَّم مِثل الجُنُب إذا خاف وَقت الصَّلاة إن اغتَسَل؟ قال: «لا، لَيسَت الحائض مِثل الجُنُب، تأخُذ في غُسلها، ولا شيء عَلَيها إن طَلَعَت قَبل فراغها».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "تُصَلِّ".

باب: ليس على الحائض قضاء الصلاة

656 - قال الوَليد -وقال لي عُمَر بن عبد الواحِد عنه-: «لَها أن تَتيَمَّم وتُبادر». 657 - قال الوَليد: وسألت مالك بن أنس والليث بن سَعد عن قول أبي عَمرو -في تَيَمُّم مَن خاف طُلوع الشَّمس أو مَغرِبها-؛ فلَم يَعرِفاه، قالا: «لَيسَ لأحَدٍ يَجِد الماء رُخصَةُ التَّيمُّم». 658 - قال الوَليد: ولا أعلمني إلا سألت ابن أبي ذِئب وسَعيد بن عبد العَزيز، فقالا مِثل ذلك. باب: لَيسَ عَلَى الحائض قَضَاءُ الصَّلاة • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مِن بَعده ألَّا تَقضي الحائض الصَّلاة، وتَقضي الصوم، وإجماع أهل العِلم على ذلك». 659 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عيسَى بن يونُس، قال: ثنا سَعيد بن أبي عروبة، عن قَتادَة، عن مُعاذة العدوية، أن امرأةً قالت لعائشَة -رضي الله عنها-: المرأة تَحيض، أَتَقضي الصَّلاة إذا طَهُرَت؟ فقالت: «أَحَرورِيَّةٌ أَنتِ؟ قد كُنَّا نَحيض على عَهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نَطهُر، ولا نَقضي الصَّلاة». باب: تَفسير القَصَّة البَيضَاء 660 - سمعت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك، -[326]- عن عَلقَمَة، عن أُمِّه، أن النِّساء كُنَّ يُرسِلنَ بالدُّرْجَة فيها الشيء من الصُّفرَة إلى عائشَة، فتقول: «لا تُصَلِّين حتى تَرَينَ القَصَّة البَيضاء».

باب: نقض الشعر إذا اغتسلت من الحيض

• قال أحمَد بن حَنبل: «القَصَّة ماءٌ أَبيَض يَتبَع الحَيضَة في آخِرِها». 661 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا بِشر بن عُمَر، قال: قلت لمالك بن أنس: ما القَصَّة البَيضاء؟ قال: «شيءٌ أَبيَضُ يَرَينَه النِّساء في عَلامَة الطُّهر». 662 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم .... (1) عبد الرحمن بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن ذؤيب، عن عائشَة، قالت: «الطُّهر أن تَرَى المرأة بَعد الدم ماءً أَبيَضَ قطعًا». باب: نَقض الشَّعر إذا اغتَسَلَت من الحَيض • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: أَتنقُض المرأة شَعرَها للجَنابَة؟ قال: «لا، إذا رَوَت أُصول الشَّعر». ثم قال: «حديث أم سَلَمَة، إلا أن تكون اغتَسَلَت من حَيض؛ فإنها تَنقُض شَعرَها كُلَّه». ثم قال: لَلحَيض أَشَدُّ من الجَنابَة؛ لأن الجُنُب تَغتَسِل فتَطهُر، والحائض لا يُطَهِّرها الغُسل»، يعني: حتى يَنقَطِع عنها الدم. 663 - حدثنا زَيد بن يَزيد، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا زمعة بن صالِح، عن ابن طاوُس، عن أبيه، قال: «الحائض تَنقُض رَأسها إذا اغتَسَلَت، وأما مِن الجَنابَة فلا، -[327]- ولكن تُرَوِّي رَأسها».

____ (1) بيض الناسخ مقدار صيغة الأداء بين الوليد وعبد الرحمن.

باب: المرأة تجنب ثم تحيض قبل أن تغتسل

664 - حدثنا هَنَّاد، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن حجاج، عن أبي الزُّبَير، عن جابِر، قال: «الحائض والجُنُب يَغسِلان أَشعارَهما ولا يَنقُضان». باب: المرأة تُجنِب ثم تَحيض قَبل أن تَغتَسِل • سألت أحمَد عن امرأةٍ أَجنَبَت، ثم حاضَت قَبل أن تَغتَسِل، أَتَغتَسِل من الجَنابَة؟ قال: «إن فَعَلَت، وإلا فلا شيء عَلَيها». • سألت إسحاق، قلت: امرأةٌ حيث (1) حاضَت، هل تَغتَسِل؟ قال: «لا تَغتَسِل». باب: المرأة استُحيضَت فَنَسِيَت أيَّامَ حَيضِها • سألت أحمَد، قلت: امرأةٌ استُحيضَت فَنَسِيَت أيام أقرائها؟ قال: «لَيسَ في هذا شيء»، ولم يُجِب فيه. • وسمعت إسحاق يقول: «إذا كان حَيضها حَيضًا مُتَفاوِتًا، فاستُحيضَت؛ فما سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم في حمنة بنت جحش؛ حيث أَخبَرَت النبي صلى الله عليه وسلم باختِلاط حَيضها، وأنها لا تَعقِل أقراءها، فوَقَّتَ لَها النبي صلى الله عليه وسلم السَّبع، وتَتَحَرَّى أيامها بِعِلمها، فتَقعُد كَتَقديرها بِحَيضَتها في تِلك الأيام على عِلمها، ثم تَغتَسِل وتَصوم وتُصَلِّي ثلاثًا وعِشرين، فذلك حَيضَةٌ وطُهرٌ في شَهرٍ واحِد، وأَوضَحَت السُّنَّة أن الصَّلاة لا تُترَك إلا بِالحَيض البَيِّن».

____ (1) كذا في الأصل معجمه، والصواب: "جُنُب".

باب: المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، تصلي النافلة بذلك الوضوء؟

665 - حدثنا هَنَّاد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الله بن حرملة، عن سَعيد بن المسيَّب -في المرأة التي تُستَحاض، فتُطاوِلُها الحيضة-: أن تَغتَسِل وتَستَنقي، ثم تَجعَل كرسُفًا كما يَجعَل الرَّاعِف في أَنفه، ثم تَستَثفِر بِثَوب، ثم تُصَلِّي. 666 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي، عن ربيعة ويَحيى بن سَعيد، أنهما حدثاه -في المرأة إذا كانت لها أقراء مَعلومَةٌ قائمَة، فرَأَت دَمًا في أوَّل يَومٍ من قُرئها-؛ فإنها تُمسِك عن الصَّلاة. قيل للأوزاعي: فإنها رَأَت في أوَّل يَومٍ من قُرئها صُفرَةً أو كُدرَةً قَبل أن تَرَى دَمًا؟ قال: «توضَّأ وتُصَلِّي حتى تَرَى دَمًا عَبيطًا، فإذا رَأَته أَمسَكَت عن الصَّلاة إلى أن تَنتَهي إلى أيام أقرائها». باب: المستَحاضَة تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاة، تُصَلِّي النَّافِلَة بِذلك الوضوء؟ • سمعت أحمَد يقول -في الرجل تكون بِه عِلَّة يَحتاج أن يَتوضَّأ لكُلِّ صلاة، والمستَحاضة إذا توضَّأت للفَريضَة-: «فإنها تُصَلِّي التَّطَوُّع والصَّلاة الفَائتَة بِذلك الوضوء حتى يَدخُل وَقت الصَّلاة الأُخرَى». • سألت أحمَد بن حَنبل -أيضًا-، قلت: المستَحاضَة إذا توضَّأت، أَتصَلِّي إلى الصَّلاة الأُخرَى بِذلك الوضوء؟ قال: «نعم، تُصَلِّي بِذلك الوضوء النَّوافِل حتى يَدخُل وَقت الصَّلاة الأُخرَى». • وسألت إسحاق، قلت: المستَحاضَة إذا توضَّأت لكُلِّ صلاة، أَتُصَلِّي ما بَين -[329]- الصَّلاتَين بِذلك الوضوء؟ قال: «تُصَلِّي بِذلك الوضوء إلى الصَّلاة الأُخرَى ما شاءت؛ التَّطَوُّع، والجَنائز، والصَّلاة الفائتَة».

باب: وقت النفساء

باب: وَقت النُّفَساء • سألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: النُّفَساء كَم تَجلِس؟ قال: «أربَعين يَومًا». قلت: فإن طَهُرَت قَبل الأربَعين؟ قال: تَصوم وتُصَلِّي؟ قلت: يأتيها زَوجها؟ قال: «لا يُعجِبني إلى الأربَعين». قلت: فإن غَشِيَها قبل الأربَعين ولم تَطهُر بَعد؟ قال: «عَلَيه ما على مَن يَغشَى الحائض». قلت: فإن لم يَنقَطِع عن النُّفَساء الدم في الأربَعين؟ قال: «هي بِمَنزِلَة المستَحاضَة». • وأملى علينا إسحاق بن إبراهيم، قال: «النُّفَساء؛ الوَقت لَها أربَعين يَومًا؛ سُنةٌ ماضِيَة، ولا يكون حُكمُه كَحُكم الحَيض؛ لأن الحَيض قد تَبَيَّن عند الناس أنه يَطول أيامًا، ويكون لِبَعض النِّساء أيامًا دون ذلك، فأما النُّفَساء؛ فأَكثَر العُلَماء على أربَعين يَومًا؛ لِمَا مَضَت السُّنَّة فيها كذلك، فإذا جاوَز الأربَعين كانَت طاهِرًا». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: إن لم يَنقَطِع عن النُّفَساء الدم في الأربَعين، كَيف حالها؟ قال: «إذا جاوَزَتها الأربَعون؛ تَغتَسِل وتُصَلِّي وتوضَّأُ لكُلِّ صلاة، فإذا جاء وَقت حَيضها؛ تَرَكَت الصَّلاة». وقال: «في الشَّهر مَرَّة؛ على حديث حمنة». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «السُّنَّة في النُّفَساء ألَّا تُجاوِزَ الأربَعين؛ لِمَا أصَبنا لَها من الوَقت بالأَثَر الصَّحيح، فجَعَلنا ذلك آخِر وَقتها، إلا أن تَرَى الطُّهر -[330]- قَبل ذلك؛ فإنها تَغتَسِل وتُصَلِّي، ولا يأتِيَنَّ عَلَيها وَقتُ صلاةٍ وهي طاهِر؛ إلا اغتَسَلَت وصَلَّت».

قال أبو يَعقوب: «فإن عاوَدَها الدم في الأربَعين؛ فالاحتياط لها والأَخذ بِالثِّقَة: أن تَقضي صَومها»، يعني: إذا كانت صامَت في طُهرها قَبل الأربَعين. قال أبو يَعقوب: «لأن الأربَعين لَها وَقتٌ مَعلوم، وقد يُمكِن أن تَطهُر المرأة قَبل وَقتها، وقال بعضهم: رُبَّما طَهُرَت المرأة في أُسبوع، ورُبَّما طَهُرَت في أُسبوعَين، فإذا كان ذلك من أَمرِها؛ اغتَسَلَت وصَلَّت، وتوضَّأُ لكُلِّ صلاة، أو صَلَّت الصَّلاتَين بِغُسلٍ واحِد، وصار شَبيهًا في نِفاسها في قِلَّة العَدَد وكَثرَتها كَشَبَهِ الحائض، إلا ما بَيَّنَّا أن أقصَى وَقتها الأربَعين (1)، ولم يُحَدَّ في الحَيض ذلك، مع أن مالك بن أنس وغَيره من عُلَماء الحِجازِيِّين يَرَون إذا استَمَرَّ بها الدم؛ فلها أن تَجلِس إلى شَهرَين، ولا يَصِحُّ في مَذهَبهم هذا سُنةٌ إلا ما ذَكَرنا عن بَعض التابِعين، ولا تُنقَضُ السُّنَّة المجتَمَع عَلَيها إلا بِمِثلها، وخِلقَة النِّساء في النِّفاس مُختَلِفٌ كالحَيض؛ تكون إحداهن أَسرَع طَهارَةً من بَعض». 667 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو، أهل مَسجِدِ دمشق يَقولون: أَقَلُّ النِّفاس من الغُلام: ثلاثون لَيلَة، ومن الجارِيَة: أربَعون لَيلَة؟ فقال: «قد كان بَعضهم يَقول ذلك، ونحن نَقول: إن أَجَلَها من الغُلام والجارِيَة من التي وَلَدت أولادًا فاستَقام طُهرُها على شيء؛ فهو وَقتها الأوَّل ما كان».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "الأربعون".

قال أبو عَمرو: «فأما البِكر التي لم تَلِد وَلدًا قَبلها؛ فأَجَلُها أَجَلُ نِسائها، فإن لم تَعرِف أَجَلَهنّ؛ فإنها تَنتَهي إلى أَربَعين لَيلَة، ثم هي مُستَحاضَة». قيل لأبي عَمرو: فامرأةٌ وَلَدَت أولادًا، لا تَرَى طُهرًا شَهرَين؟ قال: «هو أَجَلُها». قيل لأبي عَمرو: فامرأةٌ وَلَدَت أولادًا، فعَرَفَت أن أَجَلَها أربَعين (1) لَيلَةً أو أَكثَر من ذلك، فوَلَدَت وَلَدًا رَأَت الطُّهرَ فيه لِشَهرٍ أو أَقَلَّ من ذلك؟ قال: «تَغتَسِل وتُصَلِّي». قيل لأبي عَمرو: فإنها رَجَعَت دَمًا؟ قال: «إن كان بَعدَ يَومٍ أو يَومَين؛ أَمسَكَت، وإن استَمَرَّ بها الطُّهر أيامًا، ثم رَجَعَت؛ فلتَفعَل ما تَفعَله المستَحاضَة». 668 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنا أبو بدر شجاع بن الوَليد، عن علي بن علي (2)، عن أبي سهل -وهو: كثير بن زياد-، عن مُسَّة الأزدية، عن أم سَلَمَة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: «كانت النُّفَساء تَجلِس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أربَعين يَومًا، وكُنَّا نَطلي وُجوهَنا بالوَرس من الكَلَف». 669 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، عن إسرائيل، عن جابِر، عن عبد الله بن يَسَار، عن سَعيد بن المسيَّب، عن عُمَر بن الخطاب، قال: «تَجلِس النُّفَساء أربَعين يَومًا».

____ (1) كذا في الأصل، وضبب عليها الناسخ، والوجه: "أربعون". (2) كذا في الأصل، والصواب: "ابن عبد الأعلى".

باب: النفساء تطهر في يوم أو يومين، أيأتيها زوجها؟

670 - حدثنا هَنَّاد بن السَّري، قال: ثنا وَكيع، عن أبي عَوانَة، عن أبي بِشر، عن يوسُف بن ماهك، (1) قال: «تَجلِس النُّفَساء أربَعين يَومًا». 671 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا المعتَمِر بن سُلَيمان، قال: سمعت أبي يحدث أن الشعبيَّ وطاوُسًا قالا -في النُّفَساء-: «تَرَبَّصُ شَهرَين». 672 - حدثنا أحمَد بن محمد، قال: ثنا عارم، قال: ثنا خالِد، قال: سمعت عُبَيدالله يقول -في النُّفَساء-: «تَقعُد شَهرَين». 673 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن عبد الكريم أبي أمية البصري، عن الحسَن بن أبي الحسَن -في البِكر إذا وَلَدَت فلَم يَنقَطِع عنها الدم-؛ فوَقتها أربَعين لَيلَة، وإن لم تكن بِكرًا؛ فوَقتها ما كانت تَجلِس قَبل ذلك. باب: النُّفَسَاء تَطهُر في يَومٍ أو يَومَين، أَيَأتِيها زَوجُها؟ • سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: النُّفَساء يَنقَطِع عنها الدم في يَومٍ أو يَومَين، هل يأتيها زَوجها؟ قال: «إذا كان عادَتها ذلك». قلت: فإن انقَطَع عنها الدم قَبل الأربَعين، ثم عاوَدَها في الأربَعين؟ قال: «إذا كان عادَتها ذلك يأتيها زَوجها». قلت لإسحاق: فإن انقَطَع عنها الدم، ثم عاوَدَها؛ عَنَيت: قَبل الأربَعين؟ قال: «تَترُك الصَّلاة»، يعني: إذا عاوَدَها قَبل أن تَمضي أربَعون يَومًا.

____ (1) لعله سقط هنا: "عن ابن عباس".

• سمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول -في النُّفَساء-: «إن طَهُرَت في سَبعَة أيام أو أَقَلّ؛ اغتَسَلَت وصَلَّت وصامَت، ولا يأتيها زَوجها حتى تَمضي الأربَعون، وذلك من أهل العِلم احتياطًا لَها». 674 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: سألت سَعيد بن عبد العَزيز ومالك بن أنس عن النُّفَساء، متى تُصَلِّي؟ قال: «إن كانت قد عَرَفَت فيما خَلا كَم كانت تَمكُث في الدم؛ فلتَأخُذ بأقصَى ذلك، ثم تَغتَسِل وتُصَلِّي». قيل: فإن رَأَت طُهرًا في خَمسَ عَشرَة؟ قال: «تَغتَسِل وتُصَلِّي». قيل: فيُجامِعها زَوجها؟ قال: «إذا حَلَّت الصَّلاة حَلَّ الجِماع» (1). 675 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي -في امرأةٍ وَلَدَت وَلَدًا، فلم تَرَ عَلَيها من الدم قَليلًا ولا كَثيرًا-؛ قال: «تَغتَسِل وتُصَلِّي». 676 - قال الوَليد: قلت لمالك: وعَلَيها الغُسل ولم تَرَ دَمًا قَليلًا ولا كَثيرًا؟ قال: «نعم». 677 - حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: ثنا مهدي بن ميمون، عن جلد بن أيوب، عن أبي إياس مُعاويَة بن قرة، عن عائذ بن عَمرو، أن امرأته نَفسَت، وأنها رَأَت الطُّهر في عِشرين لَيلَة، فتَطَهَّرَت، ثم أَتَت فِراشَه، فقال: «ما شأنكِ؟». قالت: «قد تَطَهَّرت». قال: «قَصرتِ بها». فقال: «إليكِ بالذي (2) تَغُرِّيني عن ديني، -[334]- حتى تَمضي بِكِ أربَعون لَيلَة».

____ (1) كذا في الأصل بإفراد فعل "قال" في المواضع كلها. (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "إليك عني، فلست بالتي".

باب: الحامل ترى الدم على حملها

باب: الحَامِل تَرَى الدَّمَ على حَملِها • سألت أحمَد، قلت: الحامِل تَرَى الدم على حَملها؟ قال: «لَيسَ بشيء». قلت: إن رَأَته في أيام حَيضها وغَير أيام حَيضها إذا كانَت حاملًا فهو واحِد؟ قال: «نعم». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «لا يكون حَيضٌ على حَمل، ولو كان كذلك ما عُرِفَت العِدَّة، ولا الحَمل، ولا الحَيض»، وأنكَرَ ذلك. • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «أهل المدينَة يَقولون: الحامِل تَحيض». قال أحمد: «لا يكون حَيضٌ على حَمل». 678 - حدثنا أبو الأزهَر، قال: ثنا أبو المُغيرَة، عن الأوزاعي -في الحامِل تَرَى الدم-؛ قال: «إذا رَأَت الحامِل صُفرَةً؛ توضَّأت وصَلَّت، وإن رَأَت دَمًا عَبيطًا؛ اغتَسَلَت». 679 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن ليث، عن الشعبي، قال: «إذا رَأَت الحامِل دَمًا عَبيطًا؛ اغتَسَلَت وصَلَّت، وإن كانت تَرِيَّة؛ توضَّأت وصَلَّت». 680 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا أبو غنيم، عن نصيح، قال (1) -في الحامِل تَرَى الدم لَيسَت بالفارِك-: «فَلتَغتَسِل بَين وَقت الظُّهر -[335]- والعَصر اغتِسالًا، ثم تُصَلِّي، فإن رَأَت صُفرَةً أو كُدرَة؛ غَسَلَت فَرجَها، ثم توضَّأت وصَلَّت».

____ (1) لعله سقط هنا ذكر مكحول، انظر: ما سبق برقم (550).

• وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «قد مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مِن بَعده في الحائض أنها تَدَع الصَّلاة في أيام حيضها، وإجماع أهل العِلم كُلِّهم على ذلك، واختَلَف أهل العِلم في الحامِل تَرَى الدم عَبيطًا أو صُفرَة: * فمِنهم مَن رَأَى لَها تَركَ الصَّلاة إذا كانت تَحيض وهي تُصَلِّي كما كانت تَحيض قَبل ذلك وتَطهُر لِوَقت الطُّهر، وهم أهل المدينَة. * ومِنهم مَن رَأَى أن تُصَلِّي استَمَرَّ بها الدم أو لم يَستَمِرّ، وقال: لا يكون حَيضٌ مع حَبَل. ولم تَثبُت في ذلك سُنةٌ من النبي صلى الله عليه وسلم تَفصِل بَينهم. واختُلف عن عائشَة -وهي مِن أعلَم النِّساء بذلك-، وأَصَحُّ الرِّوايات عنها: أن الحُبلَى إذا رَأَت الدم فإنها تكُفُّ عن الصَّلاة، فإذا كانت تَحيض لإبَّان حَيضها قَبل الحَبَل، وتَطهُر لِوَقتها كما كانت تَطهُر قبل ذلك؛ فإن ذلك حَيض؛ تَدَع الصَّلاة. وهذا أَشبَهُ شيءٍ بالسُّنَّةِ الماضِيَة التي صَحَّت عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستَحاضَة أنها تَدَع الصَّلاة .......... (1) أيام أقرائها، مع أن عِدَّةً من أهل العِلم؛ مالك بن أنس وذَوِيه كانوا على ذلك، وأَخَذَ به عبد الرحمن بن مهدي، وقال: «إذا كان ذلك يكون كما وَصَفنا من إبَّان حَيضها وطُهرِها كما كانت تَحيض وتَطهُر قَبل حَبَلِها؛ فهو حَيضٌ -[336]- لا شَكَّ فيه، مع ما قالت عائشَة: «الحُبلَى تَحيض»، وفي قول عُمَر حَيثُ قال: «هذه امرأةٌ تهريق الدماء وهي حُبلى محسر (2) وَلَدُها في بَطنِها» - دلالةٌ حَيثُ سَمَّى ما رَأَت في حَبَلها دَمًا»».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمة. (2) كذا في الأصل مهملة، ولم يتبين لي فيها وجه.

• قال أبو يَعقوب: «فإن كان ما رَأَت الحامِل لَيسَ كَدَم الحَيضَة، ولا يكون حنثها (1) لِذلك الوَقت الذي يَجيء قَبل ذلك؛ تَراه ثم يَنقَطِع، أو تَراه أيامًا ثم يَنقَطِع أيامًا؛ يَختَلِف ذلك عَلَيها؛ فالاحتياط لَها: أن تَغتَسِل، ثم تُصَلِّي وتَصوم». 681 - قال إسحاق: وأخبرني أبو مالك، عن حَمَّاد بن سَلَمَة، عن بكر بن عبد الله المزني، قال: «امرَأَتي تَحيض وهي حُبلَى». 682 - حدثنا محمد بن يَحيى النيسابوري، قال: ثنا عبد الله بن نافع -قِراءةً-، عن مالك بن أنس، أنه سأل ابن شِهاب الزُّهري عن المرأة الحامِل تَرَى الدم؟ أنها (2) تَدَع الصَّلاة. 683 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا أبو عَمرو الأوزاعي، قال: «الحامِل لا تَحيض، ولا تَترُك الصَّلاة؛ لا ما كان في أيام حَيضها، ولا في غَير أيام حَيضها».

____ (1) كذا في الأصل معجمة، والنون غير منقوطة. (2) كذا في الأصل، ولعل صوابه: "قال"، أو نحوها.

684 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا الليث بن سَعد، عن بكير بن عبد الله، عن أم عَلقَمَة، عن عائشَة، قالت: «الحامِل إذا رَأَت الدم؛ لم تُصَلّ». 685 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا أبو أسامة، عن ابن أبي عروبة، عن مطر الوَرَّاق، عن عَطاء، عن عائشَة -في المرأة الحامِل تَرَى الدم-؛ قال (1): «لا تَدَع الصَّلاة». 686 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا سُفيان، عن جامع بن أبي راشد، عن عَطاء، قال: «تُصَلِّي الحامِل إذا رَأَت الدم، ولا تَدَع الصَّلاة». 687 - حدثنا هَنَّاد بن السَّري، قال: ثنا قبيصة، قال: سألت سُفيان عن المرأة يُصيبها الطَّلق، فتَرَى الدم، أتُصَلِّي؟ قال: «نعم، ما لم تَلِد». 688 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا سالم، عن الحسَن، قال: «إذا رَأَت الحامِل الدم على رَأس الوَلَد؛ الطَّلق المتَتابع؛ فإنها تُمسِك عن الصَّلاة». 689 - قال الوَليد: فذكرت ذلك لأبي عَمرو الأوزاعي، فقال: «قد يكون الطَّلق يَومَين وثلاثًا، وتَرَى خِلال ذلك الدم». قال: «(2) تَترُك الصَّلاة لذلك، حتى يكون -[338]- الطَّلق المتَتابع على رَأس الوَلَد؛ فإنها تَترُك الصَّلاة عند ذلك».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "قالت". (2) لعله سقط هنا: "لا".

باب: نفاس السقط

690 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا محمد بن الفضل (1)، عن الحسَن بن الحكم النخعي، عن الحكم، عن إبراهيم -في المرأة تَرَى الدم وهي تمخض؟ قال: «هي حَيض؛ فلا تُصَلِّي، وإن رَأَته وهي حُبلَى توضَّأت وصَلَّت؛ فإنه لَيسَ بشيء». باب: نِفاس السّقط • سألت أحمَد، قلت: امرأةٌ أَسقَطَت، كَيف حالها في النِّفاس؟ قال: «إذا استَبان أنه خَلقٌ؛ فإنها نُفَساء، وإذا كان عَلَقَةً أو مُضغَة؛ لم يَتبَيَّن أنه خَلق؛ فلا شيء». • وسألت إسحاق، قلت: امرأةٌ حامل، وبطنها لأربَعَةِ أشهُر، أو خَمسَة أشهُر، فأخَذَها الطَّلق لتُسقِط، هل تَدَع الصَّلاة؟ قال: «إذا استَتَمَّ الخَلق تَرَكَت الصَّلاة». • وقال: «السّقط يُغَسَّل ويُكَفَّن ويُصَلَّى عَلَيه». 691 - حدثنا أبو حَفص عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل لأبي عَمرو: امرأةٌ كانت تَحيض في كُلِّ شَهر، فمَرَّ بها شَهران لم تَرَ فيهما دَمًا، فظَنَّت أنها حامِل، ثم رَأَت في الشَّهر الثالِث دَمًا؟ قال: «تَغتَسِل وتُصَلِّي كما تَفعَله المستَحاضَة». 692 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا سُفيان بن عُيَينَة، عن صدقة بن يَسَار، قال: «اجتَمَع قول القوابل -حين سَألهنَّ عُمَر بن عبد العَزيز أن -[339]- حبلًا يَتبَيَّن في أَقَلَّ من ثلاثَة أشهُر».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "فضيل".

باب: الكبيرة ترى الدم

693 - قال إسحاق: وكذلك أخبرني الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي، عن الزُّهري، قال: «إذا اشتَرَى جارِيَةً ممن تَحيض، فارتَفَعَت الحَيضَة؛ يَستَبرئها بِثلاثَة أشهُر». 694 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي -في المرأة الكَبيرة التي قد يَئسَت من المحيض، تُستَحاض-؛ قال: «تَصنَع ما تَصنَع المستَحاضَة». باب: الكَبيرَة تَرَى الدَّم 695 - حدثنا هَنَّاد، قال: ثنا وَكيع، عن سُفيان، عن ابن جُرَيج، عن عَطاء -في الكَبيرَة تَرَى الدم-؛ قال: «هي بِمَنزِلَة المستَحاضَة». 696 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: أبنا أشعَث، عن الحسَن -في المرأة التي قد قَعَدَت تَرَى الدم-؛ قال: «بِمَنزِلَة المستَحاضَة». باب: غِشيَان الحَائض • سألت أحمَد، قلت: رَجلٌ غَشِي حائضًا؟ قال: «إذا كان له مَقدِرَة؛ فعَلَيه ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم». قلت: دينارٌ ونِصف دينار؟ قال: «نعم». • وسألت إسحاق، قلت: امرأةٌ لم تُخبِر زَوجها أنها حائض، فوَطِئها؟ قال: «عَلَيه -[340]- دينارٌ إذا كان في إقبال الدم، وإذا كانت صُفرَة؛ فنِصف دينار، وكذلك المرأة عَلَيها دينارٌ وأعظَم؛ لأنها التي غَرَّته، وإن استكرَهَها الزَّوج؛ فلَيسَ عَلَيها». قيل لإسحاق: فإن الرجل لم يَعلَم أنها حائض فوَطِئها؟ قال: «عَلَيه دينارٌ لِوَطئه، لا لِعِلمه».

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إن قال قائل: كَيف يَتَصَدَّق بدينارٍ ونِصفِ دينار -وقال مَرَّة: خُمُسَيْ دينار-؛ قيل له: لك في حديث ابن عُيَينَة تِبيَان ما سألت، حيث قال: «إن كان الدم عَبيطًا؛ فدينار، وإن كانت فيه صُفرَة؛ فنِصف دينار، فخُمُسَيْ دينار؛ على قَدر رِقَّة الدم وغِلَظه، وقُرب طَهارَته مِن بُعده، وفَرَّقَ بَينهما من لا يَغلَط ولا يَسهو؛ فمن رَغِبَ عن هذه السُّنَّة الصَّحيحة التي سَنَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غِشيان الحائض؛ فقد زَلَّ وأخطَأ، ويَنبَغي للمُسلِم إذا جاءه مِثل هذا وأشباهِه عن الرسول وأصحابه مِن بَعده؛ أن يَقبَلَه بِقَبول حَسَن، قال الله -تعالى-: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}، وكَفَّارات الذُّنوب هي أَهوَن من الذُّنوب التي لا كَفَّارَة لها؛ لأنه إن كان مُعسِرًا لَيسَ بِواجِدٍ للكَفَّارَة التي أُمِرَ بها؛ فإن الله يَعذر بالمعذِرَة، وقال الله: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}، أي: طاقَتها». 697 - حدثنا هدبة بن خالِد، قال: ثنا حَمَّاد بن الجعد الهذلي، قال: ثنا قَتادَة، قال: ثنا الحكم بن عتيبة، أن عبد الحَميد بن عبد الرحمن حدثه أن مقسمًا حدثه عن ابن عَبَّاس، -[341]- عن نبي الله صلى الله عليه وسلم، أن رجلًا أتاه، فزَعَم أنه وَقَع بامرأته وهي حائض، فأَمَرَه نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يَتَصَدَّق بِدينار، فإن لم يَجِد؛ فنِصف دينار.

698 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عيسَى بن يونُس، قال: ثنا زَيد بن عبد الحَميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، أن عُمَر أتى جاريةً له، فقالت: إني حائض، فكَذَّبَها، فوَقَعَ عَلَيها، فوَجَدَها حائضًا، فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فذَكَرَ ذلك له، فقال: «يَغفِر الله لَك أبا حسن (1)، تَصَدَّق بنِصف دينار». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «قد مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مع إجماع المُسلِمين على ذلك؛ أن الله قد فَرَضَ اجتِناب وَطئهنَّ في حَيضِهنَّ حتى يَطهُرنَ من الحَيض، وكذلك في طُهرها حتى تَغتَسِل من مَحيضها؛ لقول الله -تعالى-: {فإذا تطهرن} يقول: إذا اغتَسَلن، {فأتوهن من حيث أمركم الله}، أن تَعتَزِلوهنّ، وهو مَوضِع مَخرَج الوَلَد، ولا بأس على الرجل أن يُجامِع الحائض ويُباشِرَها ويَتَلَذَّذ بها دون الجِماع في الفَرج.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "حَفص".

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «غَلَّظَ رسول الله صلى الله عليه وسلم على واطئ الحائض، فقال: «من أتى حائضًا فقد كَفَر»، ويمكن في هذا القول معنيان: * فأحد المعنيين: على استِحلال وَطئه إياها في حَيضَتها، فإن كان مَعنَى قَوله على ذلك؛ فقد اجتَمَع أهل العِلم على تَكفير هذا. * ويُمكِن فيه مَعنى آخَر: إن أرادَهُ (1) النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك لِمَن تَهاوَنَ بها -وإن رَآه حرامًا-. فأما الذي يُستَيقَن به؛ فالمعنى الأول، ويُخشَى المعنى الآخر؛ فإذا فَعَلَه على التَّهاوُن والاستِخفاف؛ فقد ارتكَبَ الحرام، واجتَرَأ على الله؛ ولا نَجتَرئ على تكفيره؛ لِمَا بَيَّنَّا أن لِقَول النبي صلى الله عليه وسلم مَعاني. ومما يَدُلُّ على ألَّا يكون المتهاوِن بها كافًرا: ما أَمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بالكَفَّارَة لمن وَطِئها حائضًا؛ ففي هذا ما يُستَدَلُّ أنه لو ألزَمَه الكُفرَ في إتيانها وهو يَرَى ذلك حَرامًا؛ لم يَأمُره بالكَفَّارَة -أيضًا-. وأما ما قال هؤلاء: أَن لا كَفَّارَةَ على الذي يَأتي امرَأَته حائضًا؛ فهو خَطَأ؛ لِمَا سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وفيما بَيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ما يَنبَغي لأهل العِلم أن يرغبوا في ذلك؛ لأن الكَفَّارَة للذُّنوب أَهوَن من الذُّنوب التي لا كَفَّارَة لها، ولو لم يُقضَ في ذلك سُنَّة؛ لكان يَلزَم العالِم أن يَحتاط، فيَأمُر صاحبها بِصَدَقَة؛ فيَتَقَرَّب إلى الله ليكون ذلك كَفَّارَةً له، فكيف وهو يَرُدُّ ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأَخَذَ بذلك أهل -[343]- العِلم، فأما من لم يَرَ ذلك من التابِعين؛ فقد أَقَرُّوا: أنَّا لم نَعلَم في ذلك كَفَّارَة، وإنما الحُجَّة على من يَعلَم، مع أنهم لَو لم يَقولوا: لم نَعلَم في ذلك كَفَّارَة؛ لَكَان الظَّنُّ بهم ذلك؛ لأنهم إذا سَمِعوا اتَّبَعوا، والعَجَبُ لمن يَرَى مُزاحَمَة التابِعين في الكَلام؛ يقول: إذا قالوا ولم أَرَ قَولَهم فَلي خِلافُهم، ثم يَحتَجُّ بهم عند ذِكر الرسول صلى الله عليه وسلم».

____ (1) كذا ضبطها الناسخ، ويحتمل فيها: "أنَّ إرادَة".

699 - حدثنا علي بن عُثمان، قال: ثنا حَمَّاد بن سَلَمَة، قال: ثنا حكيم الأثرم، عن أبي تَميمَة الهُجَيمي، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أَتَى كاهِنًا فَصَدَّقَه بما قال، أو أَتَى امرأةً حائضًا، أو أَتَى امرأةً في دُ بُرِها؛ فقد بَرِئ مما أُنزِل على محمد صلى الله عليه وسلم». 700 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، عن الأوزاعي، قال: ثنا يَزيد بن أبي مالك، عن ابن زَيد بن الخطاب، عن عُمَر بن الخطاب، أنه كانَت له امرأةٌ تكرَه الرِّجال، فكان كُلَّما أرادَها اعتَلَّت بالحَيض، فظَنَّ أنه كاذِبَة، فأتاها، فوَجَدَها صادِقَة، فأَتَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يَتَصَدَّق بِخُمُسَي دينار. 701 - حدثنا عَمرو بن عُثمان ومحمد بن الوَزير، قالا: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا عبد الرحمن بن يَزيد، عن علي بن بَذيمَة، عن سَعيد بن جُبَير، عن ابن عَبَّاس، أن رَجلًا أخبره أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أصَاب امرأَتَه وهي حائض، فأَمَرَه أن يُعتِق -[344]- نَسمَة. قال ابن عَبَّاس: «وقيمة النَّسمَة يَومَئذٍ دينار».

باب: المستحاضة يأتيها زوجها

702 - حدثنا هناد، ثنا وَكيع، عن الربيع، عن الحسَن، قال: «إذا أَتَى امرأته وهي حائض؛ فليُعتِق رَقَبَة، أو لِيُهدِ بَدَنَة، أو ليُطعِم عِشرين صاعًا أربَعين مِسكينًا». 703 - حدثنا علي بن عُثمان، قال: ثنا مالك بن الخطاب، قال: سمعت عبد الله سأله رجلٌ عن الرجل يأتي المرأةَ وهي حائض؟ قال: «ما أَعلَم فيه شيئًا، إلا أن يَستَغفِرَ الله ويَتوب». 704 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا المثنى بن الصباح، أنه سمع عَطاء يقول -في رجلٍ غَشي امرأته وهي حائض-؛ قال: «يَستَغفِر الله». 705 - قال الوَليد: «وهو قول مالك وأهل المدينة؛ أنها حُرمَةٌ تخطَّاها، لا نَعلَم له كفارةً إلا التوبَة والاستغفار». باب: المستَحاضَةُ يأتيها زَوجُها • سألت أحمَد، قلت: المستحاضَة يَغشاها زَوجُها؟ قال: «لا، إلا ألَّا يصبر». • وسمعت إسحاق يقول: «أما غشيان المستحاضَة؛ فالذي نَختار من ذلك: إذا عَرَفَت أيام أقرائها، ثم استُحيضت، ولم يَختَلِط عليها حَيضُها (1) من استِحاضَتها، -[345]- فأخَذَت بالاحتياط في الصَّلاة بِقَول العُلَماء، وتَحرَّت أوقات حَيضَتها من استِحاضَتها، ولم تَستَيقِن بذلك: ألَّا يَغشاها زَوجُها حتى تكون على يَقينٍ من استِحاضَتها».

____ (1) سقط هنا: "أن يجامعها زوجها، وتصلي وتصوم، وإذا اختلط عليها دم حيضها".

706 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا ابن المبارَك، عن الأجلح، عن عِكرِمَة، عن ابن عَبَّاس، قال: «المستحاضة يأتيها زَوجُها؛ الصَّلاة أعظَم من الجِماع». 707 - حدثنا يَحيى، قال: ثنا وَكيع، عن سُفيان، عن غيلان بن جامع البخاري (1)، عن عبد الملِك بن ميسَرَة، عن الشعبي، عن قَمِير -امرأة مسروق-، عن عائشَة -رضي الله عنها-: «المستحاضة لا يَغشاها زَوجُها». 708 - سمعت إسحاق يقول: أخبرنا يَحيى بن سَعيد، عن عُثمان بن الأسود، قال: سألت مُجاهدًا عن المرأة ترى الطُّهرَ ولمَّا تَغتَسِل، أيأتيها زَوجُها؟ قال: «لا، حتى تَحِلَّ لَها الصَّلاة».

____ (1) في الأصل مهملة، والصواب: "المحاربي".

باب: المرأة ترى الطهر، أيأتيها زوجها؟

باب: المرأة تَرَى الطُّهر، أيأتيها زَوجُها؟ • قال إسحاق: «أما ما قال هؤلاء: إذا طَهُرَت من الحَيضَة وغَسلَت، فخَرَجَ الدم؛ حَلَّ وَطؤها؛ فهو خَطَأٌ بَيِّن؛ لِمَا قال الله -تعالى-: {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}، فأجمَعَ أهل العِلم مِن التابعين ومَنْ وَصَفنا ألَّا يَطَأها حتى تَغتَسِل». 709 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن عبد الملِك، عن عَطاء -في المرأة تَرَى الطُّهر، أيأتيها زَوجُها-؛ قال: «لا، حتى تَغتَسِل». 710 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن يَزيد، قال: حدثنا حيوة بن شريح، قال: سمعت يَزيد بن أبي حبيب يقول: قال أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني: سمعت عقبة بن عامر يقول: «والله لا أُجامِع امرأتي في اليَوم الذي تَطهُر فيه، حتى يَصير لها يوم». باب: الرَّجُل يُباشِر امرَأَتَه وهي حَائض • سألت أحمَد، قلت: الرجل يُباشِر امرأته وهي حائض، وعَلَيه إزار، ولَيسَ عَلَيها؟ قال: «أرجو ألَّا يكون به بأس، ولا نَرَى بأسًا بِمُباشَرَة الحائض على كُلِّ حال، ونَرَى أنه لا بأس أن يُصيبَ مِنها ما يُريد إذا اتَّقَى مَوضِع الدم». • وسمعت إسحاق يقول: «أما الرُّخصَة للرجال (1) في مُباشَرَة الحائض ومَسيسِه -[347]- إياها دون الفَرج؛ فإجماع أهل العِلم على ذلك، ولم يُرَخِّص أحدٌ من أهل العِلم في وَطئه إياها إذا طَهُرَت من حَيضها قبل اغتِسالها؛ لأن الاغتِسال عَلَيها فَرضٌ في الكِتاب، وبذلك مَضَت السُّنَّة».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "للرجل".

باب: الحائض تدخل يدها في الطعام، وغير ذلك

711 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن مَنصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: «كانت إحدانا إذا حاضَت أَمَرَها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تَتَّزِر، ثم يُباشِرُها». 712 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، عن سُفيان، عن غيلان، عن أم الحكم، قالت (1): «لا بأس أن يَضَعَه على فَرجِها، ما لم يُدخِله». باب: الحائض تُدْخِل يَدَها في الطَّعام، وغَيرِ ذلك • سألت أحمَد، قلت: الحائض تُدخِل يَدَها في الطَّعام والشَّراب والخَلّ، وتَعجن، وغير ذلك؟ قال: «نعم». • وسمعت إسحاق يقول: «لم تَزَل الحُيَّض يَعجُنَّ ويَغتسلنَ (2) ويَعمَلنَ في بُيوتهنَّ؛ لا يَمنَعُهنَّ الحَيض من ذلك، وهُنَّ في أمرهنَّ كُلِّه على ما نَحنُ عَلَيه، إلا الغشيان -[348]- والصَّلاة، وما زِلنَ يُضاجِعُهنَّ أزواجُهنَّ، ويُباشِرُهنَّ الأزواج، ويُصيبوا (3) مِنهنَّ؛ ما خلا الوِقاعَ نَفسَه».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "عن الحكم، قال". (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "ويَغسِلن". (3) كذا في الأصل، والوجه: "ويصيبون".

713 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا جَرير، عن سُفيان، عن المُغيرَة، عن إبراهيم، قال: «لا بأس أن تَعجن الحائض وتَنبذ». 714 - حدثنا إسحاق قال: أبنا عبد الأعلى، قال: ثنا سَعيد، عن قَتادَة، قال: «كان أهل الجاهِلية لا تُبايِتُ الرجلَ في بَيته حائض، ولا تُؤاكِله، ولا تُضاجِعه على فِراش، فأنزَل الله في ذلك، فحَرَّم فَرجَها، وأَحَلَّ ما سِوى ذلك». 715 - حدثنا أبو الوَليد الطيالسي، قال: ثنا حَمَّاد بن سَلَمَة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: كانت اليَهود لا يَقعُدون مع الحُيَّض في بَيت، ولا يُؤاكِلون ولا يشربون (1)، فذُكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. قال: فأنزل الله -تعالى-: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنَعوا كُلَّ شيء، إلا الجِماع».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "يشاربون".

باب: عدة المستحاضة

باب: عِدَّة المستَحاضَة • سألت أحمَد، قلت: امرأةٌ أوَّلَ ما حاضَت استَمَرَّ بها الدم، فطَلَّقها زَوجُها، كَيف تَعتَدّ؟ قال: «تَعتَدُّ سَنة»، يَذهَب إلى قَول سَعيد بن المسيَّب؛ أن المستَحاضَة تَعتَدُّ سَنة. قلت: وليس عِدَّتها كاستِحاضَتها؟ قال: «لا». 716 - وسمعت إسحاق يقول: «حدثنا عبد الرزَّاق، عن معُمَر، عن الزُّهري، عن سَعيد بن المسيَّب، قال: «إذا كانت تَحيض في الأشهر مَرَّة؛ فعِدَّتها سَنة»، وقال قَتادَة: قال عِكرِمَة: «هي رِيبَة؛ عِدَّتها ثلاثة أشهر»». 717 - حدثنا مَحمود، قال: ثنا عَمرو (1)، عن الأوزاعي، قال: سألت الزُّهري عن رَجلٍ طَلَّق امرأته وهي تَحيض؛ تَمكُث ثَلاثَة أشهُر، ثم تَحيض حَيضَة، ثم يَتأخَّر عنها الحَيض، ثم تَمكُث السِّتَّة الأشهُر، أو الثَّمانية، ثم تَحيض حَيضَةً أُخرَى؛ تَستَعجِل إليها المرَّة، وتتأخَّر الأُخرَى؛ كيف تَعتَدّ؟ قال: «إذا اختَلَفَ حَيضُها عن أقرائها؛ فعِدَّتها سَنة». 718 - حدثنا العَبَّاس بن الوَليد، ثنا هِشام بن إسماعيل، قال: ثنا هقل بن زياد، عن الأوزاعي، أنه سُئل عن المستَحاضَة تطلق، كيف تَعتَدّ؟ قال: «إن كانت حَيضَتها تُعرَف حين تُقبِل؛ اعتَدَّت بِالحَيض، وإن كان لا تُعرَف حَيضَتها؛ اعتَدَّت ثَلاثة أشهُر».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "عمر"، وهو ابن عبد الواحد.

باب: تفسير الأقراء

باب: تَفسِير الأَقراء • قيل لأحمد: الأقراء؛ الأطهار أو الحَيض؟ قال: «لا أتكَلَّم في هذا». قيل: حديث عُمَر وعبد الله صَحيحٌ في هذا؟ قال: «نعم». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الأقراء؟ فقال: «أَكرَه أن أقول فيه شيئًا، وأهل المدينة يقولون: الأطهار، فكنت أقوله، ثم هِبتُه؛ لحديث عُمَر وعبد الله». • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: الرجل يُطَلِّق امرأته، فيُراجِعها وقد دَخَلَت في الحَيضَة الثالثة؟ قال: «في هذا اختِلاف»، وسَكَت، ثم قال: «رُبَّما قلت بِقَول أهل المدينة، ثم أتهَيَّبه؛ لحديث عُمَر وعبد الله»، قال: «وأهل المدينة يقولون: إذا رأت قَطرةً من دم الحيضة الثالثة؛ فقد بانَت»، قال: «ويقولون: هذا أَحوَط». • وسألت إسحاق عن الأقراء؟ قال: «الطُّهر تَنقضي به العِدَّة، والحَيض قُرء». 719 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا سُفيان، عن الزُّهري، عن عروة، عن عائشَة، قالت: «الأقراء: الأطهار». 720 - حدثنا سَعيد، قال: ثنا عبد العَزيز بن محمد، عن ثور بن زَيد، عن عِكرِمَة، عن ابن عَبَّاس، قال: «إذا رأت الدمَ من الحَيضَة الثالثة؛ فقد بَرِئ منها؛ غير أنها -[351]- لا تَزَوَّجُ حتى تَطهُر».

721 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: ثنا سَعيد بن أبي عروبة، عن قَتادَة، عن سَعيد بن المسيَّب، عن زَيد بن ثابت وعائشَة، أنهما قالا: «إذا دَخَلَت في الحَيضَة الثالثة؛ فلا سَبيل لَه إليها». 722 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا سُفيان، عن مَنصور، عن إبراهيم، عن عَلقَمَة، عن عُمَر وعبد الله، قالا: «هو أَحَقُّ بها ما لم تَغتَسِل من الحَيضَة الثالثة». 723 - حدثنا سَعيد بن عون (1) الأشعَثي، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، قال: ثنا عُبَيدالله بن عبيد الكلاعي، عن مَكحُول، أن أبا بكر الصديق، وعُمَر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبادة بن الصامت، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن قيس الأشعري؛ كانوا يقولون -في الرجل يُطَلِّق امرأته التَّطليقَة والتَّطليقَتَين-: «أنه أَملَكُ بها حتى تَغتَسِل من الحَيضَة الثالثة، وتَرِثُه ويَرِثها».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "عمرو".

باب: الحائض تسبح وتذكر الله - تعالى-

باب: الحائض تُسَبِّح وتَذكُرُ اللهَ - تعالى- • سمعت إسحاق يقول: «إذا أرادت الحائض أن تَتَطَهَّر في وَقت صلاةٍ للتَّسبيح والذِّكر، لا للصلاة؛ فذلك لها، وتُسَبِّح وتَذكُر الله، ولا تَقرَأ من القرآن شيئًا قَليلًا ولا كَثيرًا -يُريد به التلاوة-، وإذا سَمِعَت السَّجدَة وهي حائض فلا قَضاء عَلَيها إذا طهرت؛ كما لا تُصَلِّي وهي حائض؛ الصَّلاة أَعظَمُ جُرمًا». 724 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عيسَى بن يونُس، عن محمد بن السَّائب، عن أبي صالِح، عن ابن عَبَّاس، قال: «الجُنُب والحائض يَذكُران الله، ولا يَقرآن من القُرآن شيئًا». قيل: ولا آية؟ قال: «ولا نِصفَ آية». 725 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: ثنا عبد الملِك بن أبي سُلَيمان، عن عَطاء، قال: «لا تَقرأ الحائض إلا طَرَفَ الآية، ولكن تَوضَّأُ عند وَقتِ كُلِّ صلاة، وتَستَقبِل القِبلَة، فتُسَبِّح وتكَبِّر». 726 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا المعتَمِر بن سُلَيمان، عن أبيه، قلت لأبي قلابة: الحائض تَسمَع الأَذان، أَتتَطَهَّر وتُسَبِّح قَدرَ ما كانت مُصَلِّية؟ قال: «قد سَأ لْنا عن هذا؛ فما وَجَدنا لَه أصلًا».

باب: غسل دم الحيض من الثوب

باب: غَسْل دَم الحَيض مِن الثَّوب • سمعت إسحاق يقول: «غَسل دم الحَيض من الثَّوب كما وَصَفَت أسماء بنت أبي بكر؛ حيث قالت: «تَقرُصُه أو تَحكُّه»، فإذا كسر الدم كذلك، ثم أصابه الماء؛ كان أَذهَبَ لأثَر الدم؛ لأن مُرور الماء في الدم وما أشبَهَه من اللازق بِالثَّوب لا يُنقي كما يُنقي ما حُكَّ قَبل ذلك أو قُرِص، ولو فَعَلَت كما فَعَلَت عائشَة؛ حيث كانت تَقرُص الدم من ثَوبها بِريقها حتى يَذهَب أَثَر الدم؛ كان ذلك جائزًا، والماء أَطهَر، وذلك رُخصَة، فمن قال: لا يُجزئ إذا فَعَلَت المرأة كما فَعَلَت عائشَة؛ فقَد أخطَأ؛ لأنهن أَعلَمُ بذلك، وفيما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حُتِّيه ثم اقرُصيه ثم رُشِّيه بالماء» بَيانُ أن الغسلَ يُجزِئ دون ثلاث مَرَّات؛ لَيس كما قال هؤلاء: لا يُجزِئ دون ثلاث غَسلاتٍ وإن ذَهَبَ أَثَره». 727 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا هِشام بن عروة، أنه سمع امرأتَه فاطمةَ بنت المنذر بن الزُّبَير تقول: سمعت جدَّتي أسماء بنت أبي بكر، أن امرأةً سألتْ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحَيض يُصيبُ الثَّوب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حُتِّيه، ثم اقرُصيه بالماء، ثم رُشِّيه، وصلِّي فيه». 728 - حدثنا أبو معن الرقاشي، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سُفيان، عن ثابت الحداد، عن عدي بن دينار -مولى أم قيس-، عن أم قيس بنت محصن، قالت: سألت النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن دم الحَيض يُصيبُ الثَّوب؟ قال: «اغسِليه بِماءٍ وسِدر، -[354]- وحُكِّيه بضِلَع».

باب: عرق الحائض

729 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا سُفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عَطاء، عن عائشَة، قالت: «كانت إحدانا تكون له الدِّرع، فيه تَحيض، وفيه تُصيبُه الجَنابَة (1)، فتُصيبُه القَطرَة من الدم، فتقطَعُه (2) بِريقها». باب: عَرَق الحائض • سمعت إسحاق يقول: «السُّنَّة المُجمَعُ عَلَيها: أن الله -تبارك وتعالى- فَرضَ اجتِناب وَطئهن -يَعني: الحُيَّض-، ويَغتَسلن إذا طَهُرن، فعَرَقُها لا يُنَجِّس شيئًا؛ كَعَرَق الجُنُب، وحُكمها وحُكم الجُنُب في ذلك سَواء، وكان التشديد في أمر الحُيَّض من المجوس ومُشركي العَرب؛ في اجتِنابهنَّ خَشية العَرَق وغير ذلك، حتى أنزل الله في ذلك آيةَ المحيض، فصِرنَ في كُلِّ أمرِهنَّ على ما كُنَّ عَلَيه، غير أنهم (3) لا يُصَلِّينَ ولا يَصُمنَ ولا يُوطَين، فإذا أصابَ يَدُ الحائض الماءَ، وأصاب بُزاقها شيئًا؛ فهي في ذلك كَسَائر النِّساء، ولا يُنَجِّس عَرَق الحائض والجُنُب شيئًا.

____ (1) كذا في الأصل، وكتب في الحاشية: "كذا"، والوجه: "يكون لها الدرع، فيه تحيض، وفيه تُصيبُها الجنابة". (2) كذا في الأصل، وفي المصادر: "فتقصعه". (3) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والوجه: "أنهنَّ".

باب: الحائض تخضب يديها

وأما عَمَل الحائض، ومُماسَّتهنَّ للرجال في غَسل رؤوسِهن (1) وغير ذلك؛ فلا بأس بذلك، وقد بَيَّنت عائشَة ذلك كما وَصَفنا، وكُنَّ نِساءُ النبي صلى الله عليه وسلم وهُنَّ حُيَّضٌ يُرَجِّلنَه، وفيما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن حَيضَها لَيسَ في يَدها» بَيان ما وَصَفنا، وكذلك وَضعُها الشيءَ في المسجِد ورَفعُها؛ لا بأس به، غَير ألَّا تُدخِل جَسَدَها كُلَّه المسجدَ؛ مَساجِدَ البُيوت كانت أو الجَماعات، ويُكرَه مُرورُهنَّ في المسجد، إلا أن تحتاج كما يحتاج الجُنُب لِضَرورَته في طَلَب الماء لِغُسله أو لِغُسلها وما أشبَهَ ذلك، ولا يَنبَغي مُرورها في المسجِد لِغَير حاجَة؛ لأن ذلك كَدُخولها وجُلوسها، وحُكم الحائض والجُنُب في ذلك سَواء». 730 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا جَرير، عن العلاء بن المسيَّب، قال: سألت حمادًا: أتَغسِل الحائض ثيابها من عَرَقها؟ قال: «لا، إنما يَفعَل ذلك المجوس». باب: الحَائض تَخضِبُ يَدَيها • سألت أحمَد، قلت: الحائض تَخضِب يَدَيها؟ قال: «نعم». • وسمعت إسحاق يقول: «أما اختِضابها في أيام حَيضها؛ فلا بأس بذلك؛ سُنَّةٌ ماضيةٌ مِن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ومَن بَعدَهنَّ من أهل العِلم».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "رؤوسهم".

باب: كم ينقطع عن المرأة الدم إذا كبرت؟

باب: كَم يَنقَطِعُ عن المرأة الدَّمُ إذا كَبُرَت؟ • سألت أحمَد، قلت: المرأة في كَم يَنقَطِع عنها الدم إذا بَلَغت السِّن؟ قال: «يُقال: يَنقَطِع عنها الوَلَد في سِتِّين، وإذا انقَطَع الوَلَد انقَطَع الدم». 731 - حدثنا بِشر بن مُعاذ، قال: ثنا أبو قتيبة، عن يونُس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن أم رزين، عن عائشَة، قالت: «ما أتى على امرأةٍ خَمسون سَنةً قَطُّ فخَرَجَ من بَطنها وَلَد». باب: المرأةُ يُصيبُها الطَّلقُ أيَّامًا، وتَرَى الدَّم، ولا يَسقُطُ الوَلَد • سألت إسحاق، قلت: امرأةٌ دام بها الطَّلق أيامًا، وتَرى الدم، ولا يَسقُطُ الوَلَد أيامًا، وهل تَدَع الصَّلاة هذه الأيام؟ قال: «تَدَعُ الصَّلاة قَدرَ أيامها التي كانت تَحيض». • وسألت إسحاق، قلت: المرأة متى تَستَيقنُ بِالحَبل؛ حتى إن رأتِ الدمَ تَركَتِ الصَّلاة؟ قال إسحاق: «الحامل عندنا تَحيض». 732 - حدثنا شباب العصفري، قال: ثنا عبد الأعلى، عن يونُس، عن الحسَن، قال: «إذا وَجَدَت الطَّلق ورَأت الدم؛ أمسَكَت عن الصَّلاة»، وكان الحسَن يَعُدُّه من النِّفاس. باب: المرأة تَطهُر في شَهر رَمَضان نَهارًا، هل تُعيدُ الصَّوم؟ • وسألت إسحاق، قلت: امرأةٌ طَهُرَت في شَهر رَمَضان بَعد الظهر، هل تُعيدُ هذا -[357]- اليوم؟ قال: «كُلَّما طَهُرَت بَعد طُلوع الفَجر؛ فعَلَيها قَضاءُ ذلك اليَوم؛ لأنها دَخَلَت في النَّهار وهي حائض؛ فلذلك يَلزَمها قَضاءُ ذلك اليَوم».

باب المستحاضة

باب المستحاضة • سمعت إسحاق يقول: «حاجَّ بَعضُ أهل المدينَة أهلَ العِراق، فقال: إذا ادَّعَيتُم أن المستَحاضة تَدَعُ الصَّلاة عَشرًا، وجَعَلتُم أَقلَّ الطُّهر خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، فما بالُ هذه الخَمس تمام الشهر؟ أَلَّا جَعَلتُم في الشَّهر حَيضَةً وطُهرًا؛ إذ لم يَكُن في الطُّهر سُنَّة، فلو جَعَلتُم في الشَّهر حَيضَةً والَّا طهر (1) كان أشبَهَ بِالكِتاب والسُّنَّة. وكذلك قال مالك بن أنس: في الشَّهر حَيضَةٌ وطُهرٌ للمُستَحاضَة، وهذا لِمَن لم يَكُن له أقراءُ مَعروفَة، فلما أدخَلوا على مالك أن بَعضَ نِساء الماجِشون تَحيض إحداهُنَّ عِشرينَ يومًا حَيضًا مُعتَدِلًا؛ فقال مالك: «لا تَحيض المرأة أكثَرَ مِن نِصف دَهرِها»، وقال مالك في التي لها الأقراء المعلومَة؛ فتستظهر بعد أقرائها بثلاث؛ تَدَع الصَّلاة فيها كما تَدَع في أيام أقرائها، يعني: إذا مَضَت أيام أقرائها وزيادة ثلاثة أيام؛ فهي حينَئذٍ مستحاضة. وقالوا: إن مالكًا قال بهذا القَول حتى مات، وتأوَّل في الثلاث التي زادها على أقرائها حديثًا رواه بعض أهل المدينة فيه ضعف؛ يرفعونه، أنه أمَرَها أن تستظهر بعد أقرائها بثلاث، ثم هي مُستَحاضَة.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "وطُهراً".

وخالف بعضُ أهل المدينة مالكًا في ذلك، وقال: إذا مَضَت عِدَّةُ الليالي والأيام التي كانت تَحيضُها من الشهر؛ فهي مُستَحاضَةٌ حينَئذٍ، وليس لها أن تستظهر بعد أقرائها بأيام. وهذا القول أصحُّ وأشبه [حينئذ] (1) بالسُّنَّة الماضية المعروفة من النبي صلى الله عليه وسلم؛ حيث قال للمستحاضة: «اجلسي عِدَّة الليالي والأيام»؛ التي كانت تحيض، وليس في حديث النبي صلى الله عليه وسلم استظهار، ولا تُنقَض السنة المعروفة (2) بمثلها، وإنما صَحَّ الاستظهار بيومٍ أو يَومَين بعد أقرائها عن ابن عَبَّاس، والحسَن، وعَطاء، ونُظَرائهم، فمن قال بذلك لم يُعَنَّف. والمعروف: ما وَصَفنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم في ترك الاستظهار. وأجمع مالكٌ وأهلُ المدينة على أن أكثر الحيض خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا وأقل، فذلك عندهم حيض؛ كان لها أقراء معلومة أو لم يَكُن، وقالوا: هذه امرأةٌ زاد حَيضها على وَقتها، فبَلَغَت أقصى ما تَحيض النِّساء، ثم انقَطَع، وقالوا: لا نَرَى أقصَى الحَيض إلا خَمسَةَ عَشَرَ يَومًا، وقال مالك: لو رأت المرأة دَفعة حيضًا، أو يَومًا، ثم رَأتِ الطُّهر يَومًا، فدامت على ذلك أشهرًا؛ لكان ذلك حَيضًا وطُهرًا، ويَحتَجُّ بقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: «إذا أقبلت الحَيضَة فَدَعي الصَّلاة، وإذا أدبَرَت فَصَلِّي»، فإقبال الدم عنده: المعايَنة، وإدباره: الطُّهر. فإذا كان وَقت المرأة مَعلومًا؛ لا تَزيد عليه في الشَّهر؛ حَيضًا مُعتَدِلًا، فَرَأت زيادةً -[359]- مرةً على أقصَى أيام أقرائها؛ فإن كان الدم الذي رَأته عَبيطًا، أو صُفرَةً أو كُدرَةً، أو دمًا سائلًا مُستَمِرًّا بها؛ فهي مُستَحاضَة؛ لِمَا وَقَّت النبي صلى الله عليه وسلم أيام الأقراء لمن تَعرِف الأقراء، وقد سَأَلَته المرأة: إني استُحِضت، فبَيِّن لي الأقراء؟ ففي سُؤالها النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَيانُ أن أيام حَيضها زادت على أقرائها مِن قَبل، فلم يُوَقِّت لها وَقتًا، ولم يأمُرها أن تَجلِسَ أكثرَ من أيام أقرائها.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب حذف "حينئذ". (2) لعله سقط هنا: "إلا".

وأدخَلَ بعض أهل العِراق على مالك بن أنس، فقال: إذا جَعَلت الحَيضَ يَومًا واحِدًا، وأقل وأكثر، فإذا طَلَّقها زَوجُها؛ فقد انقَضَت عِدَّتها في أيام قلائل. فقال: إن حُكمَها في الطلاق أن تَرَبَّص أقصَى أيام أقرائها قبل أن تُبتَلَى بالاستِحاضَة. فإن قالوا: قد جَعَلت حُكمَين للمُستَحاضَة؛ حُكمًا للطلاق على حِدَة، وحُكمًا للصلاة على حِدَة؟ قيل لهم: إنما تُنكِرون على من اتَّبَع السُّنَّة وقَلَّدها مثلَ ما تأتون؛ وكيف جاز لك أن تُنكِر على مالك وأهل المدينة ومن سَلَك طَريقَهم وتمييزهم إذ أشكَلَ عَلَيهم شأن المستَحاضَة بين وَقت الصَّلاة ووقت عِدَّة الطلاق، وقد قُلتم بأجمعكم: لو أن امرأةً كان حَيضُها خَمسَةَ أيام، ثم رَأَت الشَّهر الثاني سِتَّةَ أيام، والشَّهر الثالث سَبعَةَ أيام؛ أخذنا لها بالصَّلاة بأقل أيام أقرائها، وفي عِدَّة الطلاق بأقصَى أيام أقرائها. فهل هذا التَّمييز منكم بعقولكم إلا مِثل ما أنكرتُم على مالك بن أنس وأهل المدينة؛ حيث فَرَّقوا بين حُكم الصَّلاة والطلاق؟ بل هم أشَدُّ اتِّباعًا واستِقصاءً وحَيطَةً مِنكم؛ حيث رَدُّوا حُكم المستَحاضَة إذا اختَلَط إلى ما أشبه الكِتاب والسُّنَّة؛ جَعَلَ الله عِدَّة المطلَّقات ثلاثَةَ قُروء، وجَعَلَ لِمن لم يَكُن لها قروء شَهرًا بَدَلَ كُلِّ قُرء؛ فَمِن هاهنا حَكَموا».

قال أبو يَعقوب: «ولا تكون المستَحاضَة حائضا أبدًا، وسَمَّاها النبي صلى الله عليه وسلم مُستَحاضَة، وبَيَّنَ لها الأيام كما بَيَّنَ للحائض الطَّهارَة من الدَّم، وهي أن تَقعُد قَدرَ أيام حَيضِها مِن أيام استِحاضَتها؛ لا تَصوم ولا تُصَلِّي، فإذا كان أقراؤها مُتفاوِتًا؛ كان الاحتِياط لها أولَى عِندَ أهل العِلم، إذا لم يَكُن عِندَها يَقين، وجَهِلَت ما بَيَّن لها النبي صلى الله عليه وسلم من أيام الأقراء، فلا تَعلَم على أيِّ وقتها مَعنَى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أيام أقرائها»». قال أبو يَعقوب: «والنِّساء في أيام أقرائهن يَحِضنَ في أوَّل الشَّهر مَرَّة، وفي أوسَطِه مَرَّةً أُخرَى، وفي آخِر الشَّهر كذلك؛ يَنتَقِلنَ في الشُّهور على ما وَصَفنا؛ لا يَقدِر عالِمٌ أن يُنكِر ما وَصَفنا من انتِقالِهنَّ، وهُنَّ مُؤتَمناتٌ مُصَدَّقاتٌ على ما أخبَرنَ عن أنفُسِهنَّ، ما لم يُعلَم أنهنَّ قُلنَ ما لا تَحيض النِّساء في مِثله، وأمرُهُنَّ في الاستِحاضَة كأمرِهِنَّ في الحَيض؛ إذا ادَّعين من ذلك ما يكون من النِّساء، مع أن المعلوم من النِّساء لا يَبلُغنَ العشر (1)». وقال أبو يَعقوب: «وقال بَعض أهل العِلم: إن مَعنَى قول أنس بن مالك -وإن لم يَكُن في الإسناد؛ لِمَا ضَعَّفه حَمَّاد بن زَيد وغيرُه-، أنه جَعَلَ الغالِب من أقراء الحَيض: دون العَشر، وصَيَّرَها مُستَحاضَةً بَعدَ العَشر، ولم يَجعَل أنس أقصَى الحَيض شَهرًا (2)، ولكن جَعَلَ ذلك اختيارًا؛ على مَعنَى الاحتياط، وليس في حديث الجَلد -في ضَعفِه- ألَّا يكون الحَيض أكثَرَ من العَشر، وأحسَنُ الناس سياقَةً لألفاظ الحديث: -[361]- إسماعيل بن عُليَّة؛ فذَكَر في حديث الجَلد: «تَغتَسِل وتَصوم بَعدَ العَشر»، ولم يَقُل: إنها بَعد العَشر غَيرُ حائض، ولا حائض».

____ (1) كذا في الأصل، ولعله وقع فيه سقط. (2) كذا في الأصل، وفي شرح مغلطاي على ابن ماجه -حيث نقله عن حرب-: "عشراً"، وهو أوفق مع السياق

قال أبو يَعقوب: «كُلَّما كان الوَقت بَيِّنًا عِندَها؛ تَعرِف ذلك قبل استِحاضَتها؛ فإنها لا تقصر عمَّا عَلِمَت أبدًا؛ كان أكثَرَ مِن عَشر، أو أقلَّ من ثلاث، وإنما جَعَلَ النبي صلى الله عليه وسلم لكلِّ امرأةٍ على حالها عِندَ استِحاضَتها: أن تَقعُد أيام أقرائها؛ لا أيام أقراء غَيرِها. واختار قَومٌ من أهل العراق العَشر، فجَعَلوا ذلك أقصَى حَيض النِّساء كُلِّهنّ. واختار عِدَّةٌ من أهل المدينَة، وعِدَّةٌ من عُلَماء أهل الحِجاز الخَمسَ عَشرة (1) يَومًا، فجَعَلوا ذلك أقصَى ما يكون من الحَيض، وهم أَولَى أن يُتَّبَعوا؛ لِمَا تَحقَّق عِندَ أهل العلم أن الحَيضَ يَكون كذلك. وقال عَطاء: خَمسَةَ عَشَر، وسَعيد بن جُبَير: ثلاث عَشرَة. فقَد استَيقَنَّا أن الحَيض يكون أكثَرَ من عَشرَة، فمن هاهنا قال ابن المبارَك: أوَأستطيع أن أرُدَّ حَيضَ امرأةٍ لها أقراءٌ مَعروفَة؛ أكثر من عَشرَة؛ أن أرُدَّها إلى عشر. وإنما قال عبدُالله في العَشر -في بَعض ما قال- كَمَعنَى ما قال أنس بن مالك؛ لمن لم تعرف الأقراء، وقد قال عبدُالله بالثلاث للبِكر التي لم تَعرف وَقتَ الحَيض: إن أوثَقَ عِندي في نَفسي أن تَجلِس البِكر ثلاثًا. وإنما أمَرَها بثلاثٍ للاحتياط. وقال بَعض أهل العِلم: أرَى للبِكر ألَّا تَجلِس إذا استَمَرَّ بها الدم في أوَّل ما تَرَى -[362]- إلا يَومًا واحِدًا؛ لأن مِن العُلَماء مَنْ رأى الحَيضَ يَومًا. فالأخذ بالثقة لهذه التي رَأتِ الدم أوَّلًا، واستَمَرَّ بها الدم؛ أَولَى وأحوَط، وليس ما قال بِبَيِّن».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "الخَمَسةَ عَشَر".

قَولُ الله - عَزَّ وَجَلَّ-: {ويسألونك عن المحيض} • وسمعت إسحاق يقول: «قال الله -تعالى- في كِتابه: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن}، يعني: من المحيض، {فإذا تطهرن}، يعني: بالماء، {فأتوهن من حيث أمركم الله}، فمَضَى أهل العِلم مِن التابِعين ومَن قَبلَهم أن حُكم الحائض إذا طَهُرت: الاغتِسالُ بالماء، إلا أن يَعزُبَ عنها الماء، فيكون حُكمها: التَّيَمُّم، ومَضَى قول النبي صلى الله عليه وسلم والصَّحابَة في ذلك كذلك، فصارَت الأُمَّة مُجمِعَةً على تَطهير الحائض والنُّفَساء بالماء بعد انقِطاع الدم وتِبيان النَّقاء. واختَلَفوا في حُكم المستَحاضَة؛ كَيف تَتَطَهَّر؛ أتَغتَسِل أم تتوضَّأ؟ وأجمَعوا أن حُكمَها حُكمُ الطاهِر في الصَّلاة، وغشيان الزَّوج، إلا أن الدم حَدَثٌ مِنها، وصَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ذلك عِرق، وليس بالحَيض»، فلمَّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، وأنه ليس بِحَيض؛ تَبَيَّن في هذا القَول أن طَهارتها بالوُضوء جائز، وحُكمه كَحُكم الرُّعاف والجُروح وما أشبَهَها. فالمستَحاضَة طاهِرةٌ في أمورها؛ تُصَلِّي، وتَصوم، وتَطوف بِالبَيت، وتَدخُله، -[363]- ويَغشاها زَوجها؛ أجمَعَ أهل العِلم على ذلك، إلا الغشيان خاصَّة؛ قال بعضهم: لا يَغشاها زَوجها، ولم نَجِد حُجَّةً لِقائلِ هذا؛ لِمَا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه عِرق، وليس بِالحَيضَة»، فكان هذا رُخصَة؛ إذا (1) صَيَّر حُكمَ ذلك غَيرَ حُكم الحَيض؛ حيث قال: «إنه عِرق، وليس بِالحَيض»، وإنما قال الله -عز وجل-: {فاعتزلوا (2) النساء في المحيض}، فحُكم الحائض والنُّفَساء غَير حُكم المستَحاضَة، مع أن الأكثَرين على غشيانها، فإذا استُحيضَت، فجاءها وَقت الصَّلاة؛ أجلَسَت، وتنَظَّفَت؛ لكيلا يَغلِبها الدم، وتَثَفَّر (3) بِثَوب، وتوضأت، وصَلَّت، فإن غَلَبَها حتى يَسيل على الثَّوب، فقَدِرَت على دَفع ذلك، وإلا فلا شَيء عَلَيها؛ لِمَا سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن تُصَلِّي وإن قَطر الدم على الحَصير قَطرًا، ولا غسلَ عَلَيها في ثيابها، إلا ما أمكَنَها مِن مَنعِه؛ لَيسَ عَلَيها غَير ذلك، قال الله -تعالى-: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها}.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "إذْ". (2) في الأصل: "اعتزلوا"، والآية كما أثبت. (3) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "وتثَفَّرَت".

وممَّا يُوَضِّح أمر المستَحاضَة أنه على ما وَصَفنا: فِعل عُمَر -رضي الله عنه-؛ حيث صَلَّى وجُرحُه يَثعَبُ دمًا، وفِعل زَيد بن ثابت؛ حين سَلسَلَ البَول مِنه، فكان يُداويه ما استَطاع، فإذا غَلَبَه؛ توضَّأ، ولا يُبالي ما أصاب ثَوبه، وأشباه ذلك كَثير، وفيما بَيَّنَّا كِفايةٌ لمن يَفهَم».

733 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا حَبَّان بن موسَى، قال: سُئل عبد الله بن المبارَك عن الحائض إذا طَهُرَت من الليل، ولَيسَ عَلَيها من الليل قَدر ما تَغتَسِل، حتى أدرَكَها الصُّبح؟ فإن (1) «صَومها جائز». وسُئل عبد الله: أتَقرَأ الحائض الكراسَة؟ فرخَّص فيه. قيل: فإن كان في الكراسَة آياتٌ من القرآن؟ قال: «إذا لم تَضَع يَدَها على الموضِع؛ فلا بأس». 734 - وسألته عن النُّفَساء إذا رأت الطُّهر في عِشرين، ثم رأت دمًا بعد خَمسَ عَشرَة؟ قال: «سُفيان يقول: «هي نُفَساء ما دامت في الأربَعين»». 735 - وقال عبد الله: «إذا طَهُرَت من الليل، فأصبَحَت، فلم تَدرِ أيَّ الليل طَهُرَت، ولا قَدرَ ما كان عَلَيها من الليل؛ فإنها تُعيد الصَّوم، وتُصَلِّي العِشاء، وإذا طَهُرَت وعَلَيها قَدر ما تَغتَسِل، فلم تَغتَسِل؛ فإن صَومَها جائز». وقال عبد الله: «كُلَّما أتى عَلَيها وَقت صلاة وهي طاهِر؛ فإنها تَغتَسِل». وقال: «إذا رأت الطُّهر بَعدَ طُلوع الشَّمس؛ فإنها تَنتَظِر -إن شاءت- ما بَينَها وبَين الظُّهر».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "قال".

كتاب الصلاة

كتَابُ الصَّلاة باب: تَسوِيَة الأصابِع في افتِتَاح الصَّلاة • سألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: حديث سَعيد بن سمعان، عن أبي هُرَيرَة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كان إذا افتَتَح الصَّلاة نَشَرَ أصابِعَه»، كَيفَ نَشر الأصابع وتَفريجها (1). قلت لأحمد: فإن علي بن عبد الله قال: «هو تَسويَة الأصابع وضَمُّها»، فسَكَت؛ كأنه رَضِيَه. • وسألت إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، قلت: حديث سَعيد بن سمعان، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتَتَح الصَّلاة نَشَر أصابِعه، كَيفَ نَشر الأصابع؟ فقَبَضَ أصابِعه، ثم سَوَّاها وقد ضَمَّها. قلت لإسحاق: فإن رَفَعَ يَدَيه ولم يَنشُر الأصابع؛ قد ضَمَّها؟ فرآه ناقِصًا. • وسألت علي بن عبد الله، قلت: يَفتَح الرجُل أصابِعه إذا رَفَعَ يَدَيه؟ قال: «لا، ولكن يَضُمُّ أصابِعه، ويُسَوِّيها، ولا يُفَرِّجها». قلت: فحديث سَعيد بن سمعان، عن أبي هُرَيرَة؟ فقال: «النَّشر أن يُسَوِّيها؛ ليس أن يَفتَحَها»، قال علي: «وقد كنت قديمًا أرى أنه الفَتح، حتى لَقيت بَعض أصحاب الحَديث، فأخبَرَني، فعَلِمت أنه كما قال؛ التَّسويَة والضَّمّ».

____ (1) كذا في الأصل، ولعله وقع فيه سقط.

باب: حد رفع اليدين في الافتتاح

باب: حَدُّ رَفع اليَدَين في الافتِتَاح • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: إلى أين يَرفَع يَدَيه؛ عَنَيت: في الافتتاح؟ قال: «قد رُوي عن ابن عُمَر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه رَفَعَ إلى المنكِبَين». وقال أحمد: «ارفَع إلى فُروع الأُذنَين»؛ يَذهَب إلى حديث مالك بن الحويرث. قلت: فيُجاوِز بهما شَحمَة أُذُنَيه؟ قال: «أرجو أن يُجزئ». • وسُئل إسحاق عن الرجل يُجاوِز بِيَدَيه أُذُنَيه عند افتِتاح الصَّلاة؟ فكَرِهَه، وقال: 736 - «أخبرنا جَرير، عن مُغيرَة، عن إبراهيم، قال: «كانوا يكرَهون أن يُجاوِزوا بِاليَدَين الأُذنَين»». وكره أبو يَعقوب ذلك. • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه رَفَعَ يدَيه حَذوَ أُذُنَيه: «يعني: قبال أُذُنَيه؛ مقابلهما، ليس أن يَرُدَّهما حتى يُلزِقَهما بِمَنكِبَيه أو بِأُذُنَيه؛ إنما هو قبالَةَ الأُذُنَين». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «إذا كَبَّر رَفَعَ يَدَيه حَذوَ مَنكِبَيه، ثم يُكبِّر، فإن رَفَعَهما إلى أُذُنَيه؛ فجائز، وحَذوَ المنكِبَين أصَحُّ وأكثَر، فإن نَسِي أن يَرفَعَهما وقد كبَّر؛ أجزأه -إن شاء الله تعالى-». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا افتتحتَ الصَّلاة فقُل: «الله أكبر»، وارفع يَدَيك حَذوَ مَنكِبَيك». • سألت علي بن عبد الله؛ قلت: رَفعُ اليَدَين في الصَّلاة؛ إلى أيِّ مَوضِع؟ قال: -[367]- «إلى المنكِبَين»، فذَهَب إلى حديث سالم بن عبد الله، عن أبيه.

737 - قال علي: «وحدثنا سُفيان، قال: ثنا إسماعيل بن محمد بن سَعد، قال: سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول: سمعت أبا هُرَيرَة يقول: «مِنكم مَنْ يَقول هكذا»، ورَفَعَ يَدَيه إلى ثَديَيه، «ومِنكم مَنْ يَقول هكذا»، ورَفَعَ يَدَيه إلى أُذُنَيه، «ومِنكم مَنْ يَقول هكذا»، ورَفَعَ يَدَيه إلى مَنكِبَيه، ورفع بها صَوته. قال سُفيان: «يقول: كأن هذا أَعدَلُه». 738 - حدثنا هِشام بن عمار، قال: ثنا ابن عياش، قال: ثنا صالِح بن كيسان، عن الأعرج، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَرفَع يَدَيه حَذوَ مَنكِبَيه حين يُكبِّر، وحين يَفتَتِح الصَّلاة، وحين يَركَع، وحين يَسجُد، وحين يَقوم لِلفَصل من الركعَتَين». • سمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا افتَتَح الرجلُ الصَّلاة؛ رَفَعَ يَدَيه حَذوَ مَنكِبَيه، ثم يُكبِّر، فإذا رَكَع؛ رَفَعَ يَدَيه حَذوَ مَنكِبَيه، وإذا رَفَعَ رَأسَه من الركوع؛ رَفَعَ يَدَيه كذلك -أيضًا-، وقال: «سَمِع اللهُ لمن حَمِده»، ولا يَفعَل ذلك في السُّجود؛ سُنَّة ماضيَة من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه».

باب: التكبير قبل رفع اليدين

• وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «إذا كَبَّرتَ فلا تُجاوِز بِإبهامَيك أُذُنَيك؛ فإنه بَلَغَنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تُرَى إبهاماه قَريبًا مِن أُذُنَيه. والذي نَعتَمِد عليه: حَذوَ المنكِبَين؛ لا يُجاوِزهما، وإنما يُراد بِالأُذُنَين أو المنكِبَين: علامةٌ لِمُنتَهى اليَدَين، ولا يُراد بذلك: أن يُلزِق يَدَيه بِأُذُنَيه أو مَنكِبَيه». 739 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: حدثني عتبة بن أبي حكيم، قال: حدثني عبد الله بن عيسَى، عن العَبَّاس بن سهل الساعدي، عن أبي حُمَيد الساعدي، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة كَبَّر ورَفَعَ يَدَيه حَذوَ وَجهه، وإذا كَبَّر للركوع فَعَلَ مِثلَ ذلك، وإذا قال: «سَمِعَ الله لمن حَمِدَه» فَعَلَ مِثلَ ذلك، وقال: «ربَّنا لك الحمد»». باب: التَّكبير قَبلَ رَفع اليَدَين • وسألت أحمَد بن حَنبل، قلت: التكبير قَبلُ، أو رَفع اليَدَين؟ قال: «رَفع اليَدَين مَعَ التكبير». • وسمعت إسحاق يقول: «إنْ رَفَعَ يَدَيه مَعَ التكبير أجزأه ذلك، ويَرفَع يَدَيه ثم يُكبِّر أحبُّ إلينا، ووائل الحضرمي يحدِّث عن النبي صلى الله عليه وسلم: رَفَع يَدَيه مع التكبيرة، فإن فَعَلَ كذلك؛ أجزأه».

• وسألت علي بن عبد الله، قلت: التكبير قبلُ، أو رَفع اليَد؟ قال: «هما معًا سَواء؛ إذا كَبَّرتَ رَفعتَ يَدَيك». 740 - حدثنا أبو عبد الله أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا يَحيى بن سَعيد، عن شُعبَة، قال: أخبرني عَمرو بن مرة، عن أبي البَختري، عن عبد الرحمن اليحصبي، عن وائل الحضرمي، أنه صَلَّى مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يَرفَع يَدَيه مَعَ التكبيرة. 741 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عَمرو: أخبرني إسحاق بن عبد الله بن أبي طَلحَة، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَرفَعهما مَعَ التكبير. 742 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن عَمرو بن عَطاء، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إلى الصَّلاة قَطّ إلا شَهَرَ بِيَدَيه إلى السماء قَبلَ أن يُكبِّر، ثم يُكبِّر. 743 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني ابن جُرَيج، -[370]- قال: سألت نافعًا، فقلت: أكان ابن عُمَر إذا كَبَّر بالصَّلاة يَرفَع رأسَه ووَجهَه ...

باب: رفع اليدين

744 - «... وفيه، ويَرفَع رأسَه وفاه شَيئًا حين يَبتَدئ، وحين يَرفَع رأسَه» (1). باب: رَفع اليَدَين • رأيت أبا عبد الله ابن حنبل يَرفَع يَدَيه في الصَّلاة إذا افتَتَح الصَّلاة، وإذا رَكَع، وإذا قال: «سَمِع الله لمن حَمِده»، ورُبَّما رأيته يَرفَع يَدَيه إلى فُروع أُذُنَيه، ورُبَّما رَفَعَهما إلى مَنكِبَيه، ورُبَّما رَفَعَهما إلى صَدره؛ رأيت الأمرَ عندَه واسعًا. • قلت لإسحاق: فإن تَرَك الرفع مُتعمِّدا؟ قال: «في الركوع؛ هو جائزُ الصَّلاة؛ تَرَكَ سُنَّة». قلت: هو ناقِص الصَّلاة؟ قال: «يَجوز أن أقول: كان سُفيان الثوري ناقِصَ الصَّلاة؟!». 745 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا هاشِم بن القاسِم، قال: أبنا الربيع بن صبيح، قال: «رأيت الحسَن وابن سيرين وعَطاء وطاوُسًا ومُجاهدًا ونافعًا وقَتادَة -[371]- وابن أبي نجيح والحسَن بن مُسلِم؛ إذا دَخَلوا في الصَّلاة كَبَّروا ورَفَعوا أيديهم، وإذا كَبَّروا للركوع رَفَعوا أيديهم، غيرَ أن أهل الحجاز كانوا يَرفَعون أيديهم إذا قاموا من الركعتين من الفَريضة، وكانوا يقعون على أعقابهم».

____ (1) كذا في الأصل، وفيه سقط بسبب انتقال النظر، وقد نقله ابن رجب في فتح الباري (4/ 301)، قال: "وقد روي عن ابن عمر وغيره استحباب رفع رأسه ووجهه إلى السماء -أيضا- مع التكبير، خرجه حرب بإسناد صحيح عن ابن جريج، قال: سألت نافعا، فقلت: أكان ابن عمر إذا كبر بالصلاة يرفع رأسه ووجهه إلى السماء؟ فقال: "نعم، قليلا". ومن طريق ابن جريج -أيضا-، قال: أخبرني ابن سابط أن وجه التكبير: أن يكبر الرجل بيديه ووجهه وفيه، ويرفع رأسه وفاه شيئا حين يبتدئ، وحين يرفع رأسه". وأثر ابن عمر أخرجه عبد الرزاق (2516) عن ابن جريج، وأخرج (2515) عن ابن جريج -أيضًا- أثر ابن سابط.

746 - حدثنا محمد بن أبي حَزم، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا ابن جُرَيج، قال قلت لعَطاء: أرأيت لو نَسيت أن أكَبِّر بِيَدي في بَعض ذلك؛ أُعيدُ الصَّلاة؟ قال: «لا». 747 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا إسماعيل بن محمد، قال: أخبرني عبد الرحمن الأعرج، قال: سمعت أبا هُرَيرَة -رضي الله عنه- يقول: «مِنكم مَنْ يَقول هكذا»، وأشار سُفيان بِيَده نَحو سُرَّته، «ومِنكم مَنْ يقول هكذا» -ومَدَّ أبو هُرَيرَة صَوته بها- هكذا؛ وأشار إلى مَنكِبه، كأنه أحبُّها إليه. • سمعت أحمَد يقول: «أنا أصلي خَلفَ مَنْ لا يَرفَع يَدَيه في الصَّلاة». قال: «والرفع أحبُّ إليَّ وأصَحّ». قال: «ويُروَى أن مَنْ رَفَعَ فَلَه بِكُلِّ إشارَةٍ كذا وكذا حَسَنَة». 748 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا يَحيى بن أيوب، قال: أبنا ابن لَهيعَة، عن عبد الله -[372]- ابن هبيرة، قال: أخبرني أبو المصعب المعافري، عن عقبة بن عامر الجهني، قال: «لك بِكُلِّ إشارَةٍ تُشيرها في الصَّلاة عَشر حَسَنات؛ بِكُلِّ إصبعٍ حَسَنَة».

باب: إلى أين ترفع المرأة يديها؟

749 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا علي بن الحسَن، قال: قال ابن المبارَك: قلت لابن لَهيعَة: ما يَعني: «بِكُل إشارَة»؟ قال: «إذا افتَتَح الصَّلاة رَفَعَ يَدَيه، وإذا رَكَع رَفَعَ يَدَيه، وإذا رَفَعَ رأسَه من الركوع رَفَعَ يَدَيه». قال أحمَد بن نصر: «عَدَدتُ هذا، فإذا هو يُكتَب له في خَمس صَلَوات: أربَعةُ آلافِ حَسَنَة؛ غير مائةِ حَسَنَة». باب: إلى أين تَرفَع المرأة يَدَيها؟ • سُئل أحمَد بن حَنبل: كيف تَرفَع المرأة يَدَيها في الصَّلاة؟ فسَكَت؛ كأنه لم يُحِبّ أن يُجيب فيها. قيل له: حديث عبد ربِّه بن زَيتون، عن أم الدرداء؟ قال: «رواه ابن عياش؟». قيل: نعم. فسَكَت. • وسألت إسحاق، قلت: المرأة كيف تَرفَع يَدَيها في الصَّلاة؟ قال: «تَرفَعهما إلى الثدي». قلت: وتَرفَع يَدَيها إذا رَكَعَت، وإذا رَفَعَت رأسَها من الركوع؟ قال: «نعم؛ شَديدًا».

باب: تكبيرة الافتتاح

750 - حدثنا يَحيى بن عُثمان، قال: ثنا محمد بن كثير، قال: سُئل الأوزاعي عن المرأة؛ تَرفَع يَدَيها في افتِتاح الصَّلاة كما يَرفَع الرجل؟ قال: «نعم». قلت: إلى أين تَرفَع؟ قال: «هكذا»؛ وجاوَز بأطراف أصابِعه مَنكِبَيه. 751 - حدثنا مَحمود بن خلف (1)، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سُئل الأوزاعي عن المرأة؛ تَرفَع يَدَيها في التكبير في الصَّلاة؟ وأين تَضَعهما عِندَ الركوع؟ وهل تَضرِب بِيَمينها على شِمالها؟ فقال: «رَفع اليَدَين عِندَ التكبير، ووَضع اليَدَين عند الركوع؛ سُنَّة، ومن شاء وَضَع يَمينه على شِماله عِندَ قُنوته، ومن شاء تَرَكَه». 752 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا يَحيى بن ميمون، قال: ثنا عاصم الأحول، قال: «رأيت حَفصة بنت سيرين تصلي، فإذا رَكَعَت رَفَعَت يَدَيها عِندَ ثَديَيها». 753 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا خالِد بن حيان، قال: ثنا عيسَى بن كثير، قال: سألت حمادًا عن المرأة إذا استَفتَحَت الصَّلاة؟ قال: «تَرفَع يَدَيها إلى ثَديَيها». باب: تَكبيرة الافتِتاح • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا افتَتَحت الصَّلاة فقُل: «الله أكبر»، وارفَع يَدَيك حَذوَ مَنكِبَيك، ولا تَفتَتِح بِغَيرها، وأخطأ من قال: «الله أجلُّ»، «الله أعظم»؛ أنه يُجزئه، وهكذا ما ابتَدَعَه أصحاب الرأي، وفيما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تحريم الصَّلاة التكبير»؛ كِفايَة».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "خالد"، وقد أكثر حرب الرواية عن محمود بن خالد، عن عمر.

باب: الرجل يكبر بتكبيرة الافتتاح قبل الإمام

754 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن أبي سُفيان طريف السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سَعيد الخُدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مِفتاح الصَّلاة الطّهور، وتَحريمها التكبير، وتَحليلها التسليم». باب: الرَّجل يُكبِّر بِتَكبيرة الافتِتاح قَبلَ الإمام • قلت لأحمَد بن حَنبل: الرجل يُكبِّر بِتَكبيرة الافتِتاح قَبل الإمام؟ قال: «هذا ليس مَعَ الإمام». قلت: يُعيدُ الصَّلاة؟ قال: «نعم». 755 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا حبان بن موسَى، عن سُفيان عن عبد الملِك (1)، عن عبد الله بن المبارَك، أنه كان لا يَرى صلاتَه تامَّةً إذا فَرَغَ من التكبيرة الأولى مَعَ الإمام سَواء. 756 - حدثنا أبو بكر أحمَد بن محمد، قال: ثنا عارم، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: سمعت عُبَيدالله بن الحسَن سُئل عن الإمام يُكبِّر، متى يُكبِّر مَنْ خَلفَه؟ قال: «إذا نَغم بالتكبيرة كَبِّروا». باب: الجَهر بالتَّكبير خَلفَ الإمام • سألت إسحاق عن الرجل يَجهَر بالتكبير خَلفَ الإمام؟ قال: «السُّنَّة الجهر بالتكبير خَلفَ الإمام»، وقال: «يَجهَر عقيب تكبيرة الإحرام».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "عن سفيان بن عبد الملك"، وهو من شيوخ حبان، وتلاميذ ابن المبارك.

باب: من نسي تكبيرة الافتتاح

757 - حدثنا ابن أبي حَزم، قال: ثنا بِشر بن عُمَر، قال: ثنا ابن لَهيعَة، قال: ثنا عياض بن عبد الله، أن ابن عُمَر قال: «لكُلِّ شيءٍ زينَة، وزينَة الصَّلاة: التكبير، ورَفع الأيدي في الصَّلاة». باب: مَنْ نَسِيَ تَكبيرةَ الافتِتاح • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: رَجلٌ نَسِيَ تكبيرة الافتِتاح حتى [إذا] (1) فَرَغَ من الصَّلاة؟ قال: «هذا ليسَ في صلاة، يُعيدُ الصَّلاة». • وسالت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: مَنْ نَسِيَ تكبيرةً من الصَّلاة؛ من الركوع أو السجود؟ قال: «يَسجُد سَجدَتَي السهو». قلت: فإن نَسِيَ تكبيرة الافتِتاح؟ قال: «هذا ليسَ في صلاة». 758 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن الوَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال لي يونُس بن يَزيد: إن ابن شِهاب أخبره عن سَعيد بن المسيَّب؛ فيمن نَسِيَ تكبيرة الاستِفتاح؛ أنه يُعيد. 759 - قال الوَليد: وأخبرني ابن لَهيعَة، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، قال: «مَنْ نَسِيَ تكبيرة الاستِفتاح أعاد الصَّلاة». 760 - قال الوَليد: وأخبرني عبد العَزيز، عن أبي أمية عبد الكريم بن أبي المخارق، قال: «إن ذَكَرَ الإمام أنه لم يُكبِّر تكبيرة الاستِفتاح وهو في الصَّلاة؛ كَبَّر حين يَذكُر، -[376]- واستأنَفَ صلاته، وإن ذَكَرَ ذلك بعدما صَلَّى؛ أعاده (2)، وأصحابُه وإن كانوا هم كَبَّروا ولم يُكبِّر هو؛ فإن تمام صلاتهم تمام صلاة الإمام»، يريد: أن يُعيدوا جميعًا.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب حذف "إذا". (2) كذا في الأصل، والوجه: "أعادها".

761 - قال الوَليد: وأخبرني مالك بن أنس -في رَجلٍ أمَّ قَومًا، فَسَها عن تكبيرة الإحرام حتى فَرَغَ من صلاته-؛ قال: «أرى أن يُعيدُ الإمامُ ومَنْ خَلفَه الصَّلاة»، قال مالك: «وإن كان الذي خَلفَه قد كَبَّروا؛ فإنهم يُعيدون». 762 - قال الوَليد: وأخبرني خليد، عن الحسَن وقَتادَة، قالا: «إن نَسيتَ تكبيرة الاستِفتاح، وكَبَّرتَ للركوع وأنت مع الإمام؛ فقد مَضَت صلاتك». 763 - قال الوَليد: وقال أبو عَمرو الأوزاعي -فيمن نَسي تكبيرة الاستِفتاح-: «إن كان وَحدَه استأنَف الصَّلاة، وإن كان مع الإمام أجزأته تكبيرة الركوع، وكان كَمَنْ أدرَك رَكعةَ الإمام، فكَبَّر تكبيرةً، وأمكَنَ كَفَّيه من رُكبَتَيه، ورَفَعَ الإمام رأسَه؛ فقد أجزأته تلك الركعة، ويُكبِّر إذا ذَكَر». 764 - قال الوَليد: قلت لأبي عَمرو: فإن نَسي تكبيرة الاستِفتاح وتكبيرة الركوع؟ فأخبرني أن ابن شِهاب الزُّهري قال: «يُضيفُ إلى صلاته ركعة، ولا يَعتَدُّ بتلك الركعة التي لم يُكبِّر لها». وقال أبو عَمرو: «إذا كان وَحدَه، فَنَسي الأولى والآخرة؛ أعاد الصَّلاة، وإذا كان مَعَ الإمام؛ أضاف إلى صلاته ركعةً أخرى».

باب: الرجل يدرك الإمام وهو راكع، أيجزئه تكبيرة واحدة؟

765 - قال الوَليد: وأخبرني عبد الرحمن بن نمر اليحصبي، أنه سأل ابنَ شِهاب الزُّهري عمَّن نَسي تكبيرة الاستِفتاح وقد كَبَّر للركوع؟ فقال: «قد مَضَت صلاته، ويَسجُد سَجدَتَي السهو». قال الوَليد: فذَكَرت ذلك لأبي عَمرو، فحدثنا أبو عَمرو، عن ابن شِهاب الزُّهري؛ مثل ذلك. 766 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا عُثمان بن عُمَر، قال: أبنا يونُس، عن الزُّهري، عن سَعيد بن المسيَّب، قال: «إذا نَسي تكبيرة الاستِفتاح أجزَتْه تكبيرة الركوع». قال عَبَّاس: «إذا اعتَقَد»، يعني: أنه يَنوي أنها للاستِفتاح. باب: الرَّجل يُدرِك الإمامَ وهو راكع، أيجزئه تَكبيرةٌ واحِدة؟ • سُئل أحمَد عن الرجل يُدرِك الإمامَ وهو راكع، أيجزئه تكبيرةٌ واحدة؟ قال: «نعم، وكذلك إن أدرَكَه ساجدًا». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا جاء الرجل إلى الإمام وقد فاتَه بعض الصَّلاة، فإن وَجَدَه راكعًا؛ فليَفتَتِح الصَّلاة بتكبيرةٍ يَنوي بها مِفتاح الصَّلاة، ثم يُكبِّر ويركع، وإن كَبَّر تكبيرةً ويَنوي بها مِفتاح الصَّلاة، ولم يُكبِّر حتى يَركَع؛ أجزأه، وإن كَبَّر عِندَ الركوع تكبيرةً يَنوي بها مِفتاح الصَّلاة فقط، ولم يَنوِ بها افتِتاح الصَّلاة والركعة؛ أجزأته •وإن لم يُكبِّر للركوع-، فإن نَوَى بالتكبير الافتتاحَ والركعةَ؛ لم تُجزِه صلاته؛ لأنه لم يُكبِّر لِتَحريم الصَّلاة خالِصًا، وتكبيرات الركوع والسجود -[378]- لا يَترُكها، والتكبيرة الأولى هي فريضَةٌ لا تَتِمُّ الصَّلاة إلا بها، فإن ضَيَّعَها عَمدًا أو سَها عنها؛ فصلاته فاسِدَة؛ لأنها مِفتاح الصَّلاة».

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا أدرَك الإمامَ راكعًا؛ فإن السُّنَّة في ذلك: أن يُكبِّر تكبيرةً واحِدَة يَفتَتِح بها الصَّلاة قائمًا؛ لا يَهوي في تكبيرة الافتتاح؛ فإن إن لم يُتِمَّ تكبيرة الافتِتاح قائمًا؛ لم تُجزِه أبدًا. فإذا كَبَّر تكبيرةَ الافتِتاح؛ خَرَّ راكعًا بَعدَ تكبيرة الركوع، فإن شَغَلَه تكبيرة الركوع حتى كاد أن يَرفَع الإمام؛ فإن لم يَخَفْ؛ كَبَّر للركوع وهو يهوي، ولا يَقُل: «سُبحانك اللهم ...»، ولا التعَوُّذ، ولا شيئًا يَستَفتِح به -إذا خَشي أن يَرفَع الإمام رأسَه قَبلَ أن يَهويَ للركوع ويَضَعَ يَدَيه على رُكبَتَيه-، وإن أمكَنَه الإقامةُ في رُكوعه قَدرَ ما يَقول بَعدَ تكبيرة الافتتاح: «سُبحانك اللهم ...»، أو شيء (1) يقولُه يَستفتح بها (2) بِقَدر ما يَركَع قَبلَ أن يَرفَعَ الإمام رأسَه. أم لا، قبل أن يَهوي للركوع وَضَعَ يَدَيه على رُكبَتَيه، ولا يَعتَدُّ بتلك الركعة، وأيضًا إذا شَكَّ في إدراكها مع الإمام قبل أن يَرفَعَ رأسه (3)». 767 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا زكريا بن عدي، عن عُبَيدالله بن عَمرو الرقي، عن إسحاق بن راشد الجزري، عن الزُّهري، عن سالم، عن أبيه، قال: «إذا كَبَّر ليركَع، فهَوَى للركوع، فرَفَعَ الإمام رأسَه، فامْتَرَى؛ أرَكَعَ قَبل أن يَرفَع الإمام أم لا؛ لم يَعتَدَّ بِتلك الركعة.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "شيئا". (2) كذا في الأصل، والوجه: "به". (3) كذا جاءت هذه الفقرة في الأصل، وفيها -لا سيما آخرها- اضطراب، ولعل فيها سقطا أو أكثر.

768 - حدثنا محمد بن أبي حَزم، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا هِشام بن حَسَّان، عن الحسَن -في الذي يَنسَى أن يَستَفتِح صلاته بالتكبير-؛ قال: «تُجزئه تكبيرة الركوع، وإن جاء وَهُم في ركوع؛ فليُكبِّر تكبيرتَين: تكبيرةً يَدخُل بها في الصَّلاة، وتكبيرةً لِركوعه، وإن نَسي؛ فواحدةٌ تُجزئه». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «وأما مَنْ يَقول مِن الكوفيين: يكبِّر تكبيرةً واحدةً للافتِتاح وللركعة؛ فهو خطأ؛ لأنه لا يُجزئ للفرض أن يَخلِط بها سُنَّةً أو تطوُّعًا، وتكبيرة الافتِتاح هي فَرضٌ بها يَتحَرَّم». 769 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا شَريك، عن أبيه، عن مُجاهد؛ ومُغيرَة، عن إبراهيم -في الرجل يجيء إلى الإمام وهو راكع-؛ قال (1): «يُكبِّر تكبيرتَين، وإن كَبَّر واحِدةً أجزأه». 770 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو داوُد، عن إبراهيم بن سَعد، عن الزُّهري، أن زَيد بن ثابت وعبد الله بن عُمَر كانا إذا جاءا إلى الإمام وهو راكع؛ كَبَّرا تكبيرةً؛ يَركَعان بِتلك التكبيرة. 771 - حدثنا عَبَّاس، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: «يُكبِّر تكبيرتَين، وإن كَبَّر تكبيرةً يَنوي بها الاستِفتاح والركوع؛ أجزأته».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "قالا"، لمجاهد وإبراهيم.

باب: الرجل يدرك الإمام وهو جالس أو ساجد، هل يقول: «سبحانك اللهم ...»؟

باب: الرَّجل يُدرِك الإمامَ وهو جالِس أو ساجِد، هل يقول: «سبحانك اللهم ...»؟ • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: رَجلٌ جاء والإمام جالِس، فكَبَّر؛ يَقول: «سُبحانك اللهم ...»؟ قال: «يُكبِّر ويَجلس، فإذا سَلَّم الإمام؛ قام، فقرأ: «سبحانك اللهم وبِحَمدك ...»». • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: إذا أدرَكَه راكعًا، فكَبَّر ورَكَع؛ يُسَبِّح؟ قال: «نعم». قلت: فإذا قام؛ يقول: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك ...»؟ قال: «لا، قد فاته مَوضِع الافتِتاح». • وقال أحمَد -أيضًا-: «إذا أدرَك الإمامَ جالسًا؛ كَبَّر وجَلَس وتَشَهَّد، فإذا قام كَبَّر». • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رَجلٌ أدرَك الإمامَ جالسًا؟ قال: «يُكبِّر فيَفتَتِح الصَّلاة، ثم يُكبِّر فيَجلِس، ثم يَقوم بِتكبير». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا انتهيتَ إلى الإمام وهو ساجد؛ فكَبِّر تكبيرةً تَنوي بها مِفتاح الصَّلاة، ثم اجلِس ولا تُكبِّر، وتَشَهَّد، فإذا قُمت؛ فقُم بِتكبيرة، وتكبيرتك الأولى مِفتاح الصَّلاة». 772 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: سُئل ابن المبارَك: إذا قام يَقضي؛ يَقوم بتكبيرة؟ قال: «نعم». 773 - حدثنا عَبَّاس بن الوَليد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سألت الأوزاعي عن الرجل يَدخُل المسجدَ والناس سُجود؛ أيسجُد معهم، أم يُكبِّر ويَقول -[381]- القولَ الذي يُقال في استِفتاح الصَّلاة؟ قال: «يُكبِّر؛ لا يَزيد على ذلك». قلت: فإنهم قد سَجدوا سَجدةً؟ قال: «يَسجُد معهم الآخِرة».

قال: وسمعت الأوزاعي يقول -في رَجلٍ دَخَلَ المسجدَ والناس في التشَهُّد، فكَبَّر ثم جَلَس؛ أيتشَهَّد مَعَهم؟ -؛ قال: «يكتَفي بالتسبيح». 774 - حدثنا محمد بن رافع، قال: ثنا حسين بن علي، عن زائدَة، قال: ثنا عبد العَزيز بن رفيع، عن ابن مغفَّل المزني، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا وَجَدتم الإمامَ ساجدًا؛ فاسجدوا، أو راكعًا؛ فاركَعوا، أو قائمًا؛ فقوموا، ولا تَعتَدُّوا بالسجود إذا لم تُدرِكوا الركعة». 775 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا ليث، عن نافع، أن عبد الله كان يأتي والناس سُجود، فيَسجُد مَعَهم، ولا يَعُدُّها من صلاته. • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: رَجلٌ انتهى إلى الإمام وهو ساجد؟ قال: «يُكبِّر لافتِتاح الصَّلاة، ويقول: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك ...»، ثم يُكبِّر ويَسجُد». قلت: ويتَعَوَّذ؟ قال: «إن شاء مَعَ «سُبحانك اللهم ...»، وإن شاء إذا رَفَعَ رأسَه من السجود». 776 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا البرساني، قال: ثنا هِشام، عن الحسَن، قال: «إذا دَخَلت مسجدًا وَهُم في آخِر صلاتهم قَبلَ أن يُسلِّم الإمام؛ فادخُل مَعَهم -[382]- بِتكبيرة، ثم تجلس، ولا تَتَطَّوع قَبلَ ذلك، فإذا سَلِّم الإمام فكَبِّر إذا نَهَضت؛ فإن لكُلِّ نُهوضٍ تكبيرًا».

باب: متى يدرك الركوع مع الإمام؟

باب: متى يُدْرِك الركوعَ مَعَ الإمام؟ • قلت لأحمد: متى يُدرِك الرجلُ الركوعَ مَعَ الإمام؟ قال: «إذا وَضَعَ يَدَيه على رُكبَتَيه ورَكَعَ قَبلَ أن يَرفَع الإمامُ رأسَه». • وقال إسحاق نَحوَ ذلك -أيضًا-. 777 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة، قال: ثنا أبو عَمرو، عن عبدة بن أبي لبابة، قال: «مَنْ أدرَك الناسَ وَهُم ركوع؛ فقد أدرَك تلك الركعةَ وقراءتها». 778 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا ابن عُيَينَة، عن ابن أبي نجيح، عن مُجاهد، قال: «إذا وَضَع يَدَيه على رُكبَتَيه؛ فقد أدرَك الركوع». باب: ما يَقول الرَّجُل في افتِتاح الصَّلاة • سُئل أبو عبد الله عن قَوله في افتِتاح الصَّلاة؟ قال: «هو: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك، وتَبارَك اسمك، وتَعالى جَدُّك، ولا إله غَيرك»؛ كُلُّه بالواو، كذلك في التشهد: «أشهد ألَّا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»؛ قال بعضهم: يقول: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك، تبارك اسمك ...»؛ بِغَير واو». • سمعت إسحاق يقول: «فإذا كَبَّرت -يعني: لافتِتاح الصَّلاة؛ فقل: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غَيرك»، ثم تَعَوَّذ، وإن لم تَزِد -[383]- على التكبير أجزأك؛ بَعدَ أن يكون لك عُذر؛ نَحو الذي يُدرِك الإمام راكعًا، وما أشبَهَ ذلك من العِلل، فأما عمدًا؛ فلا يَتركها، فإن تَرَكها عمدًا؛ فهو مُسيء، ولا يَتَبيَّن عليه إيجاب الإعادة؛ لما ذُكِرَ في غَيرِ حديثٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا كَبَّر قرأ فاتحة الكتاب».

779 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا أبو مُعاويَة، قال: ثنا حارِثة، عن عمرة، عن عائشَة أم المؤمنين، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استَفتَحَ الصَّلاة قال: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «إذا استَفتَحت الصَّلاة؛ فقل: {وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين}؛ إلى آخر الآية، وهو أحبُّ إليَّ من: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك ...»؛ لِمَا صَحَّ ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن جَمَعَهما جميعًا؛ فهو أحبُّ إليَّ؛ لِمَا ذُكِرَ ذلك في حديث المصريين؛ من حديث الليث بن سَعد، عن سَعيد بن يَزيد، عن الأعرج، عن عُبَيدالله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه جَمَعَهما». o قال أبو محمد حرب: «قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «والشرُّ ليسَ إليك» مَعناه عندي-إن شاء الله-: أنه لا يُتَقَرَّب به إليك، وكذلك بلغني عن النضر بن شميل».

780 - حدثنا يَحيى بن عُثمان الحمصي، قال: حدثني ابن حمير، قال: حدثني شعيب بن أبي حمزة، عن إسحاق بن عبد الله ومحمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن محمد بن مَسلمَة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام يصلي تطَوُّعًا قال: «الله أكبر، {وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين ...}، إلى: {وأنا أول المسلمين}، اللهم أنت الملك، لا إله إلا أنت، سُبحانك وبِحَمدك»، ثم يَقرأ. 781 - حدثنا عَمرو بن عُثمان بن سَعيد، قال: ثنا شريح بن يَزيد الحضرمي، قال: ثنا شعيب بن أبي حمزة، قال: حدثني محمد بن المنكدر، عن جابِر بن عبد الله، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استَفتَح الصَّلاة كَبَّر، ثم قال: «{إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ...}، إلى آخر الآية، اللهم اهدِني لأحسَن الأخلاق؛ لا يَهدي لأحسَنها إلا أنت، وَقِني سَيِّئَ الأعمال وسَيِّئَ الأخلاق؛ فإنه لا يَقي سَيِّئَها إلا أنت».

782 - حدثنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال مالك بن أنس: «ليسَ هؤلاء الكلمات من فَرض الصَّلاة -يعني: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك ...» -، إنما فَرض الصَّلاة: تكبيرة الاستِفتاح، ثم القِراءة». 783 - قال الوَليد: وأخبرني إسماعيل، عن عبد العَزيز بن عُبَيدالله، عن محمد بن علي، أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يقول إذا افتَتَح الصَّلاة: «{وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض ...}، إلى قوله: {وبذلك أمرت وأنا أول (1) المسلمين}». 784 - قال الوَليد: فذَكَرت ذلك لسَعيد بن عبد العَزيز، فأخبرني عن المشيخة أنهم كانوا يقولون هؤلاء الكَلِمات حين يُقبِلون بِوجوههم إلى القِبلة قَبلَ تكبيرة الاستِفتاح، ثم يُتْبِعون تكبيرة الاستِفتاح: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غَيرك»، ثم الاستعاذة. 785 - قال الوَليد: وسُئل أبو عَمرو عن الاستِعاذة من الشيطان الرجيم بَعدَ تكبيرة الاستِفتاح بالصَّلاة؟ فعَرفَه؛ قال: «يَقول: «اللهم إني أعوذ بِك من الشيطان الرجيم، إنك أنت السميع العليم»». 786 - قال الوَليد: وسألت عن ذلك خليدًا، فحدثني عن الحسَن وقَتادَة، أنهما كانا -[386]- يُتبِعان التكبيرة بـ «سُبحانك اللهم وبِحَمدك، تبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غَيرك، ثم: «أعوذ بالله السميع العليم»».

____ (1) في الأصل: "من"، والآية كما أثبت.

787 - قال الوَليد: وأخبرني شيبان، عن مَنصور، عن إبراهيم، قال: «إذا كَبَّرتُ قلتُ: «سُبحانك الله (1) وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غَيرك»، وأسرَّ بها، ثم قَرأ: «بسم الله الرحمان الرحيم»، وأسرَّها». 788 - قال الوَليد: فذكرت ذلك لخليد، فأخبرني أن الحسَن كان لا يقرأ بها، فقال الذي يَسأله: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسِرُّها؟ فقال الحسَن: «لو أسَرَّ قراءتها فيما يُسَرُّ بها؛ لَجَهَرَ بها فيما يجهر، ولكنها أعرابية». 789 - قال الوَليد: «وأقول أنا: إن قَرأتها؛ فَحَسَن؛ ولذلك لِمَا: 790 - أخبرنا به عبد الله بن عُمَر بن حَفص، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان لا يدع قراءة: «بسم الله الرحمان الرحيم» حين يَستَفتِح الحمدَ والسورةَ التي بَعدَها». • قلت لأحمد: الرجل يصلي التطَوُّع ركعتين؛ كُلَّما افتَتَح الصَّلاة يقول: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك ...»؟ قال: «نعم».

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والوجه: "اللهم".

791 - وحدثنا عبدة بن عبد الله (1)، قال: حدثنا أبو وهب، عن عبد الله بن المبارَك، أنه كان أعجبه بين الترويحتَين إذا افتتح أن يقول: «سُبحانك اللهم ...»، ويتَعَوَّذ. 792 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عبد السلام، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، أنه كان إذا افتَتَح الصَّلاة قال: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غَيرك». • سمعت إسحاق يقول: «يَستَعيذ خَلفَ الإمام وإن لم يَقرأ، ولا يقول: «بسم الله الرحمان الرحيم»». 793 - حدثنا أبو بكر أحمَد بن محمد الأدمي، قال: ثنا عارم، قال: ثنا خالِد، قال: سألت عُبَيدالله عن الرجل لا يَقرأ خَلفَ الإمام؛ أيَستَعيذ وهو لا يَقرأ؟ فلم يَرَ ذلك موضعَ استِعاذَة، إلا أن يَعرض له شيء؛ فيَستَعيذ. 794 - حدثنا محمد بن يَحيى بن عبد الكريم، قال: ثنا عَمرو بن عبد الغفار بن عَمرو، قال: أنا ابن أبي ليلى، عن الشعبي، قال: «ليسَ على مَنْ خَلفَ الإمام استِعاذة». 795 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا علي بن عاصم، عن هِشام، عن الحسَن، قال: «إنما الاستِعاذة على مَنْ يَقرأ»؛ يقول: على الإمام.

____ (1) كذا في الأصل، وصوابه: "عبد الرحيم"، وسيأتي على الصواب في مثل هذا الإسناد برقم (897)، (1054).

• سمعت إسحاق يقول: الذي نَعتَمد من الاستِعاذة ونَختارها: ما ذُكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم؛ من هَمزه ونَفخه ونَفثه»، وما استَعاذ مِن شيءٍ سِوى ذلك أجزأه». 796 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا محمد بن بكر، قال: ثنا ابن جُرَيج، قال: قلت لنافع: كيف كان ابن عُمَر يَستَعيذ؟ فقال: كان ابن عُمَر يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم». • قال إسحاق: «وقد كان بَعض الفقهاء -وهو: مُسلِم بن يَسَار- يَقول في التعوذ: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم، بسم الله الرحمان الرحيم» -في نفسه-، ثم يجهر بـ {الحمد لله رب العالمين}». 797 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا ابن فضيل، عن عَطاء بن السَّائب، عن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم؛ من هَمزه ونَفثه ونَفخه»، فهَمزه: الذي يأخذ حادث المسّ، ونَفثه: الشِّعر، ونَفخه: الكبر. 798 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا فضيل بن عياض، عن هِشام، قال: «كان الحسَن يتَعَوَّذ في أوَّل كُلِّ ركعة، وكان ابن سيرين يتَعَوَّذ في كُلِّ ركعتَين».

باب: السكتتين

799 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا المعافى بن عِمران، عن سُفيان، قال: «يُجزئك التعوُّذ في أوَّل كُلِّ ركعة حين تَفتَتِح الصَّلاة؛ ما لم تُسلِّم». باب: السَّكتَتَيْن • سمعت أحمَد يقول -في سكتَتَي الإمام-؛ قال: «قال بَعضهم: السكتَتان: سَكتَةٌ حينَ يَفتَتِح؛ قَبلَ القِراءة، وسكتَةٌ حين يَفرَغ من القِراءة؛ قَبلَ الركوع». • وسألت إسحاق، قلت: للإمام أن يَسكُت في كلتا الركعتين، أو في الركعة الأولى؟ قال: «في كُلِّ ركعةٍ يَجهر فيها بالقراءة». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «لا يَقرأ الإمام: {الحمد لله} إلا بعد سكتَة؛ حتى يَقرأ مَنْ خَلفَه فاتحةَ الكتاب». 800 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد ومحمد بن قدامة، قالا: ثنا جَرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كَبَّر في الصَّلاة سَكَتَ هُنَيهَةً قَبلَ أن يَقرأ، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي؛ أرأيت سُكوتك بَين التكبير والقِراءة؛ ما تَقول؟ قال: «أقول: اللهم باعِد بَيني وبَين خَطاياي كما باعَدت بَين المشرق والمغرِب، اللهم نَقِّني مِن خَطاياي كما يُنَقَّى الثَّوب الأبيَض مِن الدنَس، اللهم اغسِلني من خَطاياي بالثلج والماء البارِد».

باب: القراءة خلف الإمام

باب: القِراءة خَلفَ الإمام • سألت أحمَد عن الرجل يَقرأ خَلفَ الإمام إذا جَهَر به؟ قال: «لا، ولكن يُنصِت للقرآن». قلت: فإذا لم يَجهَر الإمام؟ قال: «يَقرأ فاتحة الكِتاب وسورَة». • وسمعت إسحاق يقول -في القِراءة خَلفَ الإمام-؛ قال: «في الظُّهر والعَصر؛ يَقرأ خَلفَ الإمام كما كان يَقرأ إذا كان وَحدَه، وفي المغرِب يَقرأ في الثالثة، وإن جَهَر الإمام؛ فإن قَدِر أن يَقرأ في سكتَة الإمام، وفي صلاة الفَجر لا بُدَّ مِن أن يَقرأ فاتحة الكِتاب في سكتَة الإمام، ولا بُدَّ مِن قِراءة الحمد في إحدَى الركعتَين». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم -مرةً أخرى- يقول -في القِراءة خَلفَ الإمام إذا جَهَر-؛ قال: «اقرأ قَبل أن يَفتَتِح الإمام القِراءة، فإذا افتَتَح الإمام القِراءة فاسكُت، فإذا فَرَغَ الإمام مِن قِراءة الحمد وسَكَت؛ فأتِمَّ ما بَقي عَلَيك من الحمد». 801 - حدثنا إسحاق: قلت لموسَى بن طارق: أَحَدَّثكم موسَى بن عقبة، عن عروة بن الزُّبَير، أنه كان يُبادِر الإمامَ بالقراءة إذا سَكَت؟ فأقَرَّ به، وقال: «نعم». 802 - حدثنا عَبَّاس بن الوَليد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، عن الأوزاعي، قال: «إن من السُّنَّة إذا كَبَّر الإمام للصلاة أن يَسكُت حتى يَقول هو ومَنْ خَلفَه: «سُبحانك اللهم وبِحَمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غَيرك»، ويتَعَوَّذ من الشيطان الرجيم، فإذا قال: {ولا الضالين}؛ سَكَت؛ حتى يَقرأ مَنْ خَلفَه بفاتحة الكتاب». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «السُّنَّة في القِراءة في المكتوبات للإمام -[391]- ومَنْ خَلفَه: أن يَقرأ الإمام في الظُّهر والعَصر في الركعتَين الأولَيَين بفاتحة الكتاب، وسورَةً سورَة، ومَنْ خَلفَه كذلك؛ إجماع أهل العلم. وإذا صَلَّى المغرِب قَرأ بفاتحة الكِتاب في سورَة، ويُنصِت مَنْ خَلفَه. ويَقرأ الإمام ومَنْ خَلفَه في الأُخرَيَين في العِشاء بفاتحة الكِتاب. ويَقرأ الإمام في الركعة الأولى من الصبح بفاتحة الكتاب وسورة؛ بعدما يَسكُت سكتَةً بَعدَ الاستِفتاح قَبلَ القِراءة؛ كما كانت الأئمة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومَنْ بَعدَهم يَفعَلون؛ ليَقرأ مَنْ خَلفَه بفاتحة الكِتاب، ويُنصِت مَنْ خَلفَ الإمام إذا قَرأ الإمام في الصبح في الركعَتَين جَميعًا؛ لقول الله -تعالى-: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}.

فإنْ أعجَلَه الإمامُ في الصبح في الافتِتاح في كُلِّ ما ذَكَرنا؛ قَرأ عِندَ فَراغ الإمام من السورة عِندَ الركوع، ويُسرِع القراءة، ثم يَلحَق الإمام، فيَركَع مَعَه». 803 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا أبي، قال: ثنا محمد بن مهاجر، عن ثابت بن عجلان، عن سَعيد بن جُبَير؛ في قول الله -تعالى-: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}: «في يَوم العيد، ويَوم الجمعَة، وما يجهر به الإمام في الصَّلاة».

قال عَمرو: وحدثنا أبي، قال: ثنا محمد بن مهاجر، عن ثابت، عن سَعيد بن جُبَير، أنه قال: «في الركعَتَين الأولَيَين من الأولى والعَصر: بفاتحة الكتاب وسورَة، وفي الأخرَيَين: بفاتحة الكِتاب، وفيما يَجهَر به الإمام: يُنصِت». 804 - حدثنا عَمرو، قال: ثنا الوَليد، عن عُثمان بن الأسود، عن مُجاهد، قال: «اقرأ مَعَ الإمام في صلاة الظُّهر والعَصر بفاتحة الكِتاب وسورَةً سورَة في الركعَتَين الأولَيَين، وفي الأخرَيَين بفاتحة الكِتاب، وفي المغرِب والعِشاء والفَجر بفاتحة الكِتاب في كُلِّ ركعَة». 805 - حدثنا أبو هِشام محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، عن يونُس بن يَزيد، عن الزُّهري، قال: «سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يَجهَر بالقِراءة في صلاة الفَجر في الركعَتَين كِلتَيهما، ويَقرأ في الركعَتَين الأولَيَين من صلاة الظُّهر بأمِّ القرآن وسورَةً سورَة في كُلِّ ركعَة؛ سِرًّا في نَفسه، ويَقرأ في الركعَتَين الأخرَيَين بأمِّ القرآن في كُلِّ ركعَة؛ سرًّا، ويَفعَل في العَصر مِثلَ ما يَفعَل في الظُّهر، ويَفعَل مَنْ وَراء الإمام مِن الناس مِثلَ ما يَفعَل الإمام في ذلك كُلِّه. ويَجهَر الإمام بالقِراءة في الركعَتَين الأولَيَين من المغرِب؛ يَقرأ في كُلِّ واحِدَةٍ مِنهما بأمِّ القرآن وسورَة سورَة، ويَقرأ في الركعَة الثالثة بأمِّ القرآن؛ سِرًّا في نَفسه. ويَجهَر بالقِراءة في الركعَتَين الأولَيَين من صلاة العِشاء بأمِّ القرآن في كُلِّ ركعَة، وسورَةً سورَة، ويَقرأ في الركعَتَين الأخرَيَين من صلاة العِشاء بأمِّ القرآن؛ سِرًّا في نَفسه.

باب: القراءة في الصلوات

ويُنصِت مَنْ وراء الإمام، ويَستَمع لِمَا جَهَرَ به الإمام مِن القِراءة؛ لا يَقرأ مَعَه في الصَّلاة أحَد، ويَفعَلون فيما لم يَجهَر به الإمام مِن القِراءة والذِّكر والمسألة مِثلَ ما يَفعَل». باب: القِراءة في الصَّلَوات • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: أتُحبُّ أن تكون القِراءة في الظُّهر والعَصر مُتقارِبَتَين؟ قال: «لا، ولكن يَقرأ في الظُّهر بِنَحوٍ [مِن {تنزيل}] السجدة، أو ثلاثين آية، أو نَحوَ ذلك، وفي العَصر على نِصفٍ من ذلك». وقال: «أذهَب إلى حديث أبي سَعيد الخُدري». • وسمعت إسحاق يقول: «قد كانوا يَستَحِبُّون أن يَقرؤوا في الظُّهر قَدرَ ثلاثين آيةً في الركعَة الأولى، وفي الثانية بِنِصفها أو أكثَر». 806 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا مُعتَمِر بن سُلَيمان، عن أبيه، قال: أخبرني أمية، عن أبي مجلز، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى بأصحابه الظُّهر، فسَجَد، فكانوا يَرَون أنه قَرأ: {الم تنزيل}؛ السجدة. 807 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا عبثر أبو زبيد، قال: ثنا سُلَيمان التيمي، -[394]- عن أبي مجلز، عن ابن عُمَر، أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى بهم الظُّهر، فقرأ بهم السجدَة، فسَجَد، ثم رَفَعَ رأسه، فقام، فظَنَنَّا أنه قَرأ: {الم تنزيل}؛ السجدة.

808 - حدثنا هدبة بن خالِد، قال: ثنا أبان بن يَزيد، قال: ثنا قَتادَة، عن مورق العجلي، أن ابن عُمَر كان يقرأ بقاف والذارايات (1) في صلاة الظهر. • سألت أحمَد عن القِراءة في المغرب؟ قال: «بالسوَر القِصار». قلت: فالقِراءة في العشاء الآخرَة؟ قال: «نَحو: {والشمس} وذواتها». 809 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا خالِد بن حيان، قال: ثنا عبيدة بن حَسَّان، عن عبد الله بن كرز، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: صَلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرِب، فقرأ بالمعوِّذَتَين. 810 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا يَحيى بن سَعيد وسُفيان (2)، سمعاه من عدي بن ثابت، يخبره (3) عن البراء بن عازب، قال: سمعت -[395]- النبي صلى الله عليه وسلم يَقرأ في العِشاء -يعني: المغرِب- بالتين والزيتون.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "والذاريات". (2) كذا في الأصل، والصواب: "ومسعر"، كما في مسند الحميدي وغيره من رواية سفيان. (3) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "يحدث"، كما في مسند الحميدي.

• قلت لأحمد: فإن قَرأ في صلاة الغَداة بِمريم، وطـ?ـه، ونَحو ذلك؟ قال: «لا بأس؛ قَد قَرأ أبو بكر البَقَرة»، وكأنَّ أبا عبد الله استحبَّ موافَقَة مَنْ خَلفَه. 811 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا الزُّهري، أنه سمع أنس ابن مالك يقول: قَرأ أبو بكر الصدّيق في صلاة الصبح بِسورَة البَقَرة، فقال له عمر: «كادَت الشمس -أو: كَرَبَت- أن تَطلُع»، فقال أبو بكر: «لو طَلَعَتْ لم تَجِدنا غافِلين». 812 - حدثنا عبد الرحمن بن جبلة، قال: ثنا المعتَمِر، عن الزُّبَير بن خرّيت، عن عبد الله بن شقيق، قال: «صليت مَعَ عُمَر الغَداة، فقَرأ بيونُس وهود، ونَحوِهما». • سمعت إسحاق يقول: «قَد كانوا يَستَحِبّون أن يَقرؤوا في الفَجر بِطِوال المفَصَّل، فإن قَرأتَ دون ذلك أجزأك، وفي العِشاء بوَسَط المفَصَّل، وفي المغرِب بِقِصار المفَصَّل، -[396]- وبلغني أنهم حَزَروا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظُّهر بِقَدر {الم تنزيل}؛ السجدة، والظُّهر تُعدَل في القِراءة بالعِشاء، والعَصر تُعدَل بالمغرِب».

باب: قراءة السورة في الصلاة على التأليف

813 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا شَريك، عن علي بن زَيد بن جدعان، عن زرارة بن أوفى، قال: أقرأني أبو موسَى كِتابَ عُمَر بن الخطاب إليه أن: «اقرأ بالناس في الفَجر بأوَّل المفَصَّل، وبالعِشاء بِوَسَط المفَصَّل، وفي المغرِب بآخِر المفَصَّل». 814 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني شيبان أبو مُعاويَة، عن الأعمَش، عن المعرور بن سويد، قال: «حَجَجت مع عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فقَرأ بنا في صلاة الصبح بمَكَّة: {ألم تر كيف فعل ربك}، و: {لإيلاف قريش}». باب: قِراءة السُّورَة في الصَّلاة عَلَى التَّأليف • قلت لأحمد: فالرجل يَقرأ على التأليف في الصَّلاة؛ اليومَ سورَةً، وغَدًا التي تَليها، ونَحو ذلك؟ قال: «ليسَ في هذا شَيء، إلا أنه يُروَى عن عُثمان أنه فَعَل ذلك في المفَصَّل وَحدَها». 815 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: ثنا سَعيد بن عبد العَزيز، عن إسماعيل بن عُبَيدالله، عن عبد الرحمن بن أم الحكم، قال: «صَلَّيت خَلفَ عُثمان -[397]- ابن عفان، فكان يَقرأ في صلاة الصبح من يَوم الجمعَة؛ إلى صلاة الصبح من يَوم الخميس: من: {الذين كفروا}، إلى الممتحنة؛ أربعة عشر سورَة، ويَقرأ في صلاة المغرِب من يَوم الجمعَة؛ إلى صلاة المغرِب من يَوم الخميس: من المرسَلات، إلى: {لا أقسم بهذا البلد}؛ أربعة عشر (1) سورَة».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "أربع عشرة".

816 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني إسماعيل، عن عَمرو بن مهاجر، أن عُمَر بن عبد العَزيز كان يَقرأ في صلاة العِشاء: من المرسَلات، إلى {لا أقسم بهذا البلد}، و: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}». 817 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد، قال: وأخبرني إسماعيل، عن عبد الرحمن بن الحارِث التميمي، عن أبي القاسِم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَقرأ في صلاة العِشاء من لَيلَة الجمعَة: {تبارك الذي بيده الملك}، إلى: {لا أقسم بيوم القيامة}»، قال: «ويقرأ في صلاة الصبح من يَوم الجمعة: {الم تنزيل}، و: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر}». 818 - حدثنا أبو حَفص، قال: ثنا محمد بن يوسُف، قال: ثنا سُفيان، عن الربيع، قال: «كان الحسَن يَقرأ في الفَجر في الركعَة الأولى بِطوال المفَصَّل، وفي الآخِرَة: من: {تبارك}، إلى: عَبَس».

باب: القراءة في الصبح يوم الجمعة

• سألت إسحاق، قلت: رَجلٌ له وِردٌ في شَهر رَمَضان أو غَيره؛ فيَقرأ في الفَريضَة من وِردِه؟ فكَرِه ذلك، وقال: «لا؛ لأن سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم على غَير ذلك»، وذَكَر قِراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الصَّلَوات المكتوبات. 819 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن حمزة الزيات، أن عَمرو بن مرة الجملي كان يَقرأ على التأليف من حَيثُ انتَهى وِردُه في الفَرائض. باب: القِراءة في الصُّبح يَومَ الجُمعَة • قلت لأحمد: أيستَحبُّ أن يَقرأ الرجل يَومَ الجمعَة في صلاة الغَداة: {الم تنزيل}؛ السجدة، و: {هل أتى على الإنسان}؟ فكأنه لم يُعجِبه إلا في الأيام مَرَّةً. • وسمعت إسحاق يقول: «لا بأس أن يَقرأ الإمام في المكتوبَة سورَةً فيها سَجدَة، وأحبُّ السُّوَر إلينا: {الم تنزيل}؛ السجدة؛ لِمَا كان النبي صلى الله عليه وسلم يَقرأ في الفَجر يَومَ الجمعَة: {الم تنزيل}؛ السجدة، و: {هل أتى}، ويَقرؤهما في الجمعَة، ولا يُدمِنهما في كُلِّ جُمعَة؛ يَجعلها عادَةً، ولكن يَقرؤها ويَقرأ غَيرها أحيانًا، وإن أدمَنَها جاز ذلك، وإنما كَرِهنا إدمانها في زَماننا هذا؛ لكَثرَة الجُهَّال؛ لأن كَثيرًا من الناس رُبَّما غَلِطوا في ذلك، فيَدَّعون أن يَومَ الجمعَة تكون الفَجر ثَلاث ركعات، أو تُزاد فيه سَجدَة، وما أشبَهَ ذلك من الدَّعوى، فهذا وإن لم يَكُن شيئًا؛ فإذا ترك إدمانها ذَهَب هذا المعنى -أيضًا- عن الجاهِل».

باب: القراءة في ليلة الجمعة

باب: القِراءة في لَيلَة الجُمعَة • قلت لأحمد: فيَقرأ لَيلَة الجمعَة في العَتمَة بِسورَة الجمعَة و: {سبح}؟ قال: «لا، لم يَبلُغني في هذا شيئًا (1)»، وكأنَّه كَرِهَ ذلك. 820 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا يَحيى بن ضريس، قال: ثنا أبو سنان، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: «... كانوا يَستَحِبّون أن يَقرؤوا لَيلَة الجمعَة سورَةَ الجمعَة؛ كي يَعلَم الناس أن الليلَة لَيلَة الجمعَة». باب: القِراءة في العيدَيْن • سألت أحمَد عن القِراءة في العيدَين؟ قال: «يَقرأ ما شاء»، ولم يُصَحِّح فيه حَديثًا، إلا أنه قال: «جاء في صلاة الجمعَة»، فذَكَر سورَة الجمعَة، وأظنُّه قال: «والمنافِقون». • وسمعت إسحاق يقول: «يَقرأ في صلاة العيدَين بقاف، و: {اقتربت}». 821 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: حدثني ضمرة بن سَعيد، قال: سمعت عُبَيدالله بن عبد الله بن عتبة يقول: خَرَجَ عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- في يَوم عيد، فسَأل أبا واقد الليثي: «بأيِّ شيءٍ قَرأ النبي صلى الله عليه وسلم في هذا اليَوم؟»، فقال أبو واقد: «بقاف، و: {اقتربت}».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "شيء".

باب: القراءة على المنبر في الخطبة

822 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا يَحيى بن حَسَّان، قال: ثنا ابن لَهيعَة، قال: ثنا ابن هبيرة، أنه سمع مَسلمَة بن مخلّد الأنصاري يَقرأ في صلاة الجمعة: {والضحى}، و: {ألم نشرح لك صدرك}. 823 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو عَوانَة، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، عن النُّعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَقرأ في الجمعَة والعيدَين بـ: {سبح اسم ربك الأعلى}، و: {هل أتاك حديث الغاشية}. باب: القِراءة على المِنبَر في الخُطبَة • سألت أحمَد عن القِراءة في الخطبَة على المِنبَر؟ قال: «ليسَ فيه شيءٌ مؤقَّت؛ ما شاء قَرأ». 824 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا الحكم بن ظُهير، عن السدي، عن أبي مالك، عن ابن عَبَّاس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قَرأ على المِنبَر سورَة ص?. 825 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن سُفيان، عن هارون بن عنترة، عن أبيه، أن عليًّا -رضي الله عنه- كان يَقرأ على المِنبَر يَوم الجمعَة: {قل يأيها الكافرون}، -[401]- و: {قل هو الله أحد}.

باب: الإقران بين السورتين

826 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: أبنا أبو الأحوص، عن سماك، عن جابِر بن سَمُرة، قال: «كان للنبي صلى الله عليه وسلم خُطبتان، يَجلس بَينَهما؛ يَقرأ القرآن، ويُذَكِّر الناس». باب: الإقران بَين السُّورَتَين • قيل لأحمد: الرجل يَقرن بَين السورَتَين في رَكعَة؟ قال: «أرجو ألَّا يكون به بأس». • وقيل لأحمَد -مرةً أخرى-: الرجل يَقرأ سورَتَين في رَكعَة؟ قال: «نعم»، وذَكَر في الظُّهر وغَيرها. قيل: فيَقرأ بَعضَ سورَة؟ قال: «لا بأس». 827 - حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، قال: ثنا جويرية، عن نافع، أن عبد الله كان يَؤمُّ مَنْ مَعَه في الصَّلاة بالثلاث سوَر، والأربَع، والواحِدَة؛ كُلُّ ذلك كان يَفعَل، وأنه رُبَّما تَعايا بالقِراءة، فلَقَّنَه مَنْ خَلفَه. 828 - حدثنا أبو الوَليد الطيالسي، قال: ثنا أبو عَوانَة، قال: أخبرني حصين، عن إبراهيم، عن نهيك بن سنان، أنه أتى عبدَالله بن مسعود -رضي الله عنه-، فقال: قَرأتُ المفَصَّل الليلَة في رَكعَة. فقال: «هَذٌّ كَهَذِّ الشِّعر، ونَثرٌ كَنَثر الدَّقَل، إنما فُصِّل لِتُفَصِّلوه، لَقَد عَلِمت النظائرَ التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقرِن؛ عِشرون سورة: الرحمان والنجم -على تأليف ابن مسعود-؛ كُلّ سورَتَين في رَكعَة»، فذَكَر الدخان، و: {عم يتساءلون}؛ -[402]- في رَكعَة. قلت لإبراهيم: أرأيت ما دون ذلك، كيف كان يَصنَع؟ قال: «رُبَّما قَرأت (1) أربعًا في رَكعَة».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "قرأ"، أوفق للسياق والسؤال.

باب: قراءة آخر السور في الفريضة

829 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، أن عُمَر بن عبد العَزيز قَرأ: {والضحى}، و: {ألم نشرح}؛ في رَكعَة، وقَرأ: {ألم تر كيف}، و: {لإيلاف}؛ في رَكعَة. باب: قِراءة آخِر السُّوَر في الفَريضَة • سألت أحمَد، قلت: فيَقرأ سورَةً من المفَصَّل في رَكعَة، ثم يَركَع، ويَقرأ آخِر آل عِمران -عَنَيت: في الركعَة الثانيَة-؟ قال: «قد فَعَل هذا بَعض التابعين»، ورَخَّص فيه. • وسألت إسحاق، قلت: يَقرأ آخِر السورَة في الفَريضَة؟ قال: «جائز». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «لا بأسَ أن يَقرأ الرجل بِبَعض السورَة في المكتوبَة، ويقرأ بَقيَّتها في الركعَة الثانيَة، أو يَقرأ غَيرها؛ سورَةً أخرى، أو بَعض سورَة». قال: «وقِراءة السورَة التي من المفَصَّل؛ التي قَرأها النبي صلى الله عليه وسلم في الفَجر وأصحابُه بَعدَه؛ أحبُّ إلينا من الاختِصار من السورَة؛ أوَّلها كان أو آخِرها؛ اقتداءً بالسَّلَف، وكان بَعضهم يَفعَله الأحيانَ، فقد صَيَّره قومٌ كأنَّ ذلك سُنَّة، والانتِهاء إلى ما كان عَلَيه السَّلَف أفضَل، وكُلُّ شَيءٍ قُرئ مَعَ أمِّ الكِتاب فهو جائز، والفَضل فيما بَيَّنَّا».

باب: قراءة القرآن منكوسا

830 - حدثنا أبو حَفص، قال: ثنا محمد بن يوسُف، قال: ثنا سُفيان، عن مَنصور، عن إبراهيم، عن عَلقَمَة، عن عبد الله، أنه كان يَقرأ في آخِر رَكعَةٍ من الفَجر: آخِر آل عِمران، وآخِر الفُرقان. 831 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن أبي عَمرو الأوزاعي، عن يَحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن مسعود، أنه صَلَّى العِشاء، فقَرأ في الركعَة الأولى: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ...}، حتى خَتَم السورَة، وقرأ في الركعة الثانيَة: {تبارك الذي جعل في السماء بروجًا وجعل فيها سراجًا وقمرًا منيرًا ...}، حتى خَتَم السورَة. باب: قِراءة القُرآن مَنكُوسًا • قيل لأحمد: الرجل يَقرأ: {سبح اسم ربك الأعلى} في رَكعَة، {والسماء ذات البروج} في رَكعَةٍ ثانيَة؟ قال: «لا بأس بذلك، أليسَ يُعَلَّم الصبي على ذلك؟». 832 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا مندل، عن جَعفَر بن محمد -وليس بالعلوي-، عن أبيه، عن ابن عُمَر، قال: «صَلَّى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الفَجر في سَفَر، فقَرأ في الركعَة الأولى: {قل هو الله أحد}، وفي الثانية بـ: {قل يأيها الكافرون}».

باب: السرعة في القراءة

• سألت أحمد: تَكرَه أن يَقرأ الرجل من آخِر السورَة إلى أوَّلها، أو يأخُذ القَلَم فيَكتُب مِثلَ ذلك؟ فكَرِهَه كَراهَةً شَديدَة. 833 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا وَكيع، قال: ثنا الأعمَش، عن أبي وائل، قال: جاء رَجلٌ إلى عبد الله، فقال: إن فلانًا يَقرأ القرآن مَنكوسًا. قال: «ذاك مَنكوس القَلب». باب: السُّرعَة في القِراءة • سألت أحمَد بن حَنبل عن السُّرعَة في القِراءة؟ فكَرِهَه، إلا أن يكون لِسان الرجل كذلك؛ لا يَقدِرأن يَتَرَسَّل. قيل: فيه إثم؟ قال: «أما الإثم؛ فلا أجتَرئ عَلَيه». • وسمعت إسحاق يقول: «لا بأس أن تَقرأ القرآن في لَيلَةٍ؛ بَعدَ ألَّا تَنتَقِص من الحروف شيئًا، وتُسمِع أُذُنَيك، وكانوا يَستَحِبُّون التُّؤَدَة في القِراءة، ويَكرَهون السُّرعَة، ويَستَحِبُّون أن يُرَتِّلوه ويَتَفَهَّموه إذا قَرَؤوه، وإنْ قَرأتَه في غَير صلاةٍ قائمًا أو قاعِدًا أو مُضطَجِعًا؛ فاحتَسِبْه من حِزبك». 834 - حدثنا أبو بكر محمد بن بشار، قال: ثنا محمد بن جَعفَر، قال: ثنا شُعبَة، عن أبي جمرة، قال: قلت لابن عَبَّاس: إني أقرأ القرآن في ليلة. فقال: «لَأن أقرأ سورَةً واحِدَةً أحبُّ إليَّ من أن أصنَع ذلك، فإن كنت لا بُدَّ فاعلًا؛ فاقرأ قِراءةً تُسمِع -[405]- أُذُنَيك، ويعيه (1) قَلبك».

____ (1) في الأصل مهملة، ويحتمل فيها: "ويَعيه"، وعند سعيد بن منصور: "وتُوعيه"، وهو أولى.

باب: من قرأ فاتحة الكتاب وآية معها، ومن ترك قراءة فاتحة الكتاب

835 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو شِهاب، عن العلاء بن المسيَّب، عن طالوت، عن ابن عَبَّاس، قال: «لَأن أقرأ البَقَرة في لَيلَةٍ أحبُّ إليَّ من أن أقرأ القرآن كُلَّه في لَيلَة». 836 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا عبد الرزَّاق، قال: ثنا مَعمَر، عن هَمَّام بن منبه، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خُفِّف على داوُد القرآن، فكان يأمُر بِدَوابِّه لتُسْرَج، فكان يَقرأ القرآن من قَبلِ أن تُسْرَج، وكان لا يأكُل إلا من عَمَل يَدَيه». باب: مَنْ قَرَأ فاتِحَةَ الكِتاب وآيةً مَعَها، ومَنْ تَرَكَ قِراءةَ فاتِحَة الكِتاب • قيل لأحمد: الرجل يَقرأ فاتِحة الكِتاب وآيةً في الصَّلاة؟ قال: «إذا كانت آيةً كَبيرَة؛ مثل آية الدَّين». • وسمعت إسحاق يقول: «ما كان مِن تَطَوُّع؛ فاقرأ في كُلِّ رَكعَةٍ بفاتحة الكِتاب وسورَةٍ معها، أو فاتحة الكِتاب فَقَط -إن أحبَبت ذلك-؛ فإنه يُجزئ، فأما المكتوبَة؛ -[406]- فلا تَدَعَنَّ الزيادَة ولو آيةً مع فاتحة الكِتاب، وإن قَرَأت فاتحة الكِتاب ولم تَقرأ مَعَها شيئًا أجزأك، ولا تَعمد لذلك، وإن قَرأت سورَةً ولم تَقرأ مَعَها فاتحة الكِتاب لم يُجزِك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يَقرأ فيها بأمِّ الكِتاب»».

837 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا قيس، عن محمد بن الحكم، قال: «أمَّنَا أبو وائل، فقَرأ آيةً، ثم رَكَع». 838 - حدثنا هدبة بن خالِد، قال: ثنا جَرير بن حازم، قال: ثنا الوَليد بن مَروان، قال: «رأيت جابِر بن زَيد جاء إلى مَسجِد الجهاضِم، فكَبَّر، ثم قَرأ فاتحة الكِتاب، ثم قال: {مدهآمتان}، ثم رَكَع». 839 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا سُفيان، عن الزُّهري، عن مَحمود بن الربيع، عن عُبادَة بن الصامت -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا صَلَاة لمن لم يَقرأ فيها بفَاتحة الكِتاب». 840 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني سَعيد بن عبد العَزيز، -[407]- عن إسماعيل بن عُبَيدالله، عن عُثمان بن أبي سودة، عن أمه، أن عُبادَة بن الصامت -رضي الله عنه- قال لها: «يا سَودَة، لا تُصَلِّين صلاةً إلا قَرأتِ فيها بأمِّ القرآن وآيتَين».

باب: من نسي قراءة فاتحة الكتاب في الركعتين الأخريين

841 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا أبو إسحاق الفَزاري، عن العلاء بن المسيَّب، عن حَمَّاد، قال: «تُجزئ فاتحة الكِتاب وآيةٌ في رَكعَة». باب: مَنْ نَسِيَ قِراءة فاتِحَة الكِتاب في الرَّكعَتَين الأُخرَيَين • وقال أحمَد -في رَجلٍ يصلي، فلما قام في الركعَتَين نَسي أن يَقرأ فاتحة الكِتاب، وقَرأ قرآنًا-؛ قال: «وما بأسٌ بِذلك؟ أليسَ قَد قَرأ القرآن؟». • وسُئل إسحاق عن رَجلٍ تَرَك القِراءة في الأخرَيَين؟ قال: «إن كان ناسيًا؛ فليسَ عَلَيه شَيء، وإن كان مُتَعَمِّدًا؛ فقد أساء، ولا نَرَى عَلَيه إعادَة». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «اقرأ في الركعَتَين الأولَيَين بِفاتحة الكِتاب وسورَةٍ سورَة، وفي الأخرَيَين بِفاتحة الكِتاب، ولا تُسَبِّح أبَدًا؛ لأن السُّنَّة قَد صَحَّت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلَفاء من بَعدِه؛ مِثل: أبي بكر، وعُمَر، وعلي، ومَنْ بَعدَهم مِن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إن عُمَر -رضي الله عنه- كَتَبَ بِذلك إلى الأمصار؛ أن: «اقرؤوا في الأخرَيَين بِفاتحة الكِتاب»، وإنما ذُكِرَ من وَجهٍ ضَعيفٍ عن علي -رضي الله عنه- في التسبيح في الأخرَيَين، وقد:

842 - أخبرنا عبد الرزَّاق، عن مَعمَر، عن الزُّهري، عن عُبَيدالله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «... في الأخرَيَين بِفاتحة الكِتاب»؛ خلافَ ما ذكره الضعيف الذي وصفنا. فإذا لم يَكُن عن أحَدٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم التسبيحُ في الأخرَيَين، وصَحَّ عن عِدَّةٍ من أصحاب عَليٍّ عن عَليٍّ في الأخرَيَين بِفاتحة الكِتاب، مَعَ ما تَقَدَّم من سُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لم يَجُز تَرك ذلك. ولو لم يُذكَر عن أحَدٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قِراءة فاتحة الكِتاب في الأخرَيَين؛ لَكان فيما ذُكِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم كِفايَة، فكَيف وإجماع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابِعين وأكثَرِ أهل العِلم على ذلك، مَعَ فَضيلة فاتحة الكِتاب على التسبيح، فمَن لم يَرَ ذلك فقَد سَها وغَلِط». • وسمعت عبد الله بن سوار العنبري يُسَبِّح في الأخرَيَين. 843 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا شَريك، عن عاصم، عن أبي صالِح، عن أبي هُرَيرَة وعائشَة، قالا: «اقرأ في الأولَيَين بِفاتحة الكِتاب، وفي الأخرَيَين بِفاتحة الكِتاب».

باب: من نسي أن يقرأ في الأولى، فقرأ في الثانية

844 - حدثنا أبو هِشام، قال: ثنا حَسَّان، عن سُفيان، عن مَنصور، عن إبراهيم، قال: «يَقرأ في الأولَيَين بِفاتحة الكِتاب وسورَةٍ سورَة، وفي الأخرَيَين يُسَبِّح». 845 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا محمد بن طَلحَة، قال: كَتَب رَجلٌ من أهل السواد إلى طَلحَة يَسأله عن القِراءة، فكَتَب إليه: «إني لَستُ أقرأ في الأخرَيَين شيئًا، وأخبرني إبراهيم وخيثمة أنهما لا يَقرآن في الأخرَيَين شيئًا؛ إمامَين ولا غَير إمامَين». باب: مَنْ نَسِيَ أن يَقرأ في الأولى، فقَرأ في الثانيَة • قيل لأحمَد بن حَنبل: حديث ضمضم بن جوس، أن عُمَر -رضي الله عنه- نَسي أن يَقرأ في الأولى، فقَرأ في الثانيَة الحمدَ مَرَّتَين؟ قال: «أنا لا آخُذ بهذا». قيل: تَذهَب إلى حَديث عُبادَة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب»؟ قال: «حديث جابِر: «إلا بِفاتحة الكِتاب في كُلِّ رَكعَة». o ومَذهَب أحمد: إذا نَسي القِراءة في رَكعَةٍ؛ أعاد تِلك الركعَة. • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول -في كُلِّ رَكعَةٍ لا يَقرأ فيها بِفاتحة الكِتاب-: «فإنها ليسَت بِجائزَة، وعلى صاحِبها أن يُعيدَها»، يعني: إذا كان الرجل وَحدَه. • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- وسُئل عن رَجلٍ نَسي القِراءة في الركعَتَين الأولَيَين، فذَكَر في الأخرَيَين؟ قال: «يُعيدُ بهاتَين الركعَتَين؛ يُعيدُهما».

• وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ صَلَّى وَحدَه، ونَسي أن يَقرأ السورَة؟ قال: «يَقرأ في الأخرَى الحمدَ وسورَة». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى- عن رَجلٍ نَسي القِراءة في الأولَيَين، فقَرأ في الأخرَيَين، هل تجوز صَلاته؟ قال: «تجوز». • وسُئل إسحاق -أيضًا- عن رَجلٍ نَسي القِراءة في أوَّل رَكعَةٍ من الظُّهر؟ قال: «يَقرأ في الثانيَة الحمدَ وسورَة مريم، ثم الحمدَ وسورَةً مَرَّة (1)». قيل: فإن نَسي القِراءة في الأولَيَين؟ قال: «يَقرأ في الأخرَيَين؛ في كُلِّ رَكعَةٍ الحمدَ وسورَةً مَرَّة». قلت: ولا يَقرأ في كُلِّ رَكعَةٍ مَرَّتَين؟ قال: «لا، إنه ليسَ في الأخرَيَين قِراءة». • وسُئل إسحاق -مرةً أخرى- عن رَجلٍ نَسي القِراءة في أوَّل رَكعَةٍ من الظُّهر؟ قال: «إن كان قَرأ في الثلاث الركعَات الباقيات؛ أجزأه». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «قد مَضَت السُّنَّة إذا نسي أن يَقرأ في الركعَة الأولى من الظُّهر أو العَصر أو الصَّلَوات كُلِّها، فذكر وهو في الركعَة الثانيَة؛ أعاد فاتحة الكِتاب في الركعَة الثانيَة وسورَةً -يعني: لهذه الركعَة التي هو فيها-، ثم يُعيد فاتحة الكِتاب وسورَةً عِوَضًا مما فاتَه؛ كما فَعَل عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-، حيث نَسي قِراءة فاتحة الكِتاب في المغرِب، ففَعَل في الركعَة الثانيَة كما وَصَفنا، ولو لم يَكُن في هذه سُنَّةٌ كما وَصَفنا؛ لَكان أشبَهَ بالسُّنَّة الماضيَة أن يَقرأ في الثانيَة، فإن نَسي في الركعَة الأولى من الصبح؛ فكذلك؛ يَقرأ في الثانية مَرَّتَين، وأجزأته، وإن نَسي في -[411]- الأولَيَين؛ قَرأ في الأخرَيَين؛ كما قال عَلقَمَة والأسود ومَن بَعدَهم».

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوق "مريم" و"مَرَّة": "كذا"، ولعل الصواب: "مَرَّة" بدل "مريم".

846 - حدثنا محمد بن مُعاويَة، قال: ثنا شَريك، عن أبي إسحاق، عن الحارِث، عن علي، قال: «إذا نَسي أن يَقرأ في الأولَيَين؛ قَرأ في الأخرَيَين». 847 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا زهير، قال: ثنا مُغيرَة، عن إبراهيم، قال: قال رَجلٌ للأسود: إن رَجلًا نَسي أن يَقرأ في الأولَيَين؟ فقال: «أرجو -إن شاء الله- أن يُجزئك (1) أن تقرأ في الأخرَيَين». 848 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، قال: قال سُفيان: «إذا نَسي القِراءة في ثَلاث رَكعات، فبَقيَت رَكعَة؛ استَقبَل الصَّلاة؛ وذلك أنه لم يَبقَ مِن صلاته ما يَقرأ فيه». وقال سُفيان -في الفَجر إذا بَقيَت رَكعَة، ولم يَقرأ في الأولى-: «استَقبَل»، و-في الظُّهر إن لم يَقرأ في الثلاث، وبَقيَت عَلَيه رَكعَة-: «استَقبل» و-في العَصر- مِثلَ ذلك، و-في المغرِب إن بَقيَت عَلَيه رَكعَة-: «استَقبل»، و-في العِشاء- مِثلَ ذلك، و: «إن نَسي أن يَقرأ في الأولَيَين، وقَرأ في الأخرَيَين؛ أجزأه، وسَجَد سَجدَتَي السهو». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا رَكَعت رَكعَةً، فلم تَقرأ فيها، فذَكَرت وأنت راكِع؛ فارفَع رأسك، فاقرأ، ثم اسجُد سَجدَتَي السهو. فإن كنت سَجَدت؛ فامضِ في سُجودك، واقرأ فيما تَقضي، واسجُد سَجدَتَي السهو.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "يجزئه".

باب: من فاتته صلاة يجهر فيها، فقضاها بالنهار

وإن كان ذلك في صلاة الصُّبح، فإذا قام في الركعَة الثانيَة؛ قَرأ فاتحة الكِتاب مَرَّتَين، وسورَتَين، وكذلك إن كان في المغرب؛ نَسي في أوَّل الركعَة، فقَرأ في الثانيَة مَرَّتَين. وجاء عن عُمَر بن الخطاب أنه نَسي القِراءة في الركعَة الأولى، فلما كان في الركعَة الثانيَة؛ قَرأ بِفاتحة الكِتاب مَرَّتَين، وقَرأ بِسورَتَين». باب: مَنْ فَاتَتْهُ صَلاةٌ يُجهَر فيها، فقَضاها بِالنَّهار • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول -في رَجلٍ فاتَته صلاةٌ يُجهَر فيها بِالقِراءة في جَماعَة، فصَلَّى وَحدَه-؛ قال: «إن شاء لم يَجهَر؛ لأن الجهر هو في الجماعَة». قلت: وكذلك لَو أن رَجلًا فاتَته صلاةٌ بالليل مما يُجهَر فيها بِالقِراءة، فقَضاها بِالنهار؟ قال: «نعم». • سمعت إسحاق يقول: «إذا نَسي الرجلُ المغرِبَ، والعِشاء، أو الفَجر، فقَضاها بالنهار؛ جَهَرَ بِالقِراءة؛ يُسمِع أُذُنَيه». 849 - حدثنا عُبَيدالله بن مُعاذ، قال: سمعت بِشر بن المفضل، قال: «إن نَسي صلاةً يُجهَر فيها بِالقِراءة، فذَكَرها في وَقتٍ لا يُجهَر فيه بِالقِراءة؛ جَهَرَ فيها، وإن نَسي صلاةً لا يُجهَر فيها بِالقِراءة، فذَكَرها بِالليل؛ يجهر (1) فيها». 850 - حدثنا عبد الرحمن بن محمد الطرسوسي، قال: ثنا أبو أسامة، عن أبي عميس، عن مُغيرَة بن حكيم الصنعاني، عن عُمَر بن عبد العَزيز -في الرجُل يَفوته مِن صلاة المكتوبَة ما يُجهَر فيه-؛ قال: «إذا قام يَقضي؛ فَليَجهَر بِالقِراءة».

____ (1) كذا في الأصل، ويحتمل فيه سقوط: "لم".

باب: الجهر بـ: {بسم الله الرحمن الرحيم}

باب: الجَهر بـ: {بسم الله الرحمن الرحيم} • قلت لأحمد: الصَّلاة خلف من يجهر بـ: {بسم الله الرحمن الرحيم}؟ قال: «لا بأس إذا لم يَكُن صاحِب بِدعَة». o ومَذهَب أحمد: أن يَقرأ الرجل في كُلِّ رَكعَة: {بسم الله الرحمن الرحيم}، ولكن يُخفي بها. • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الرجل يصلي بالناس في شَهر رَمَضان، فيَقرِن بَين السورَتَين؛ أَيَجهَر بـ: {بسم الله الرحمن الرحيم} في أوَّل كُلِّ سورَة؟ قال: «لا». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول (1): الرجل يَقرأ فاتِحة الكِتاب وهو في الصَّلاة، فإذا فَرَغ، وافتَتَح سورَةً أخرى؛ يقول: {بسم الله الرحمن الرحيم}؛ قال: «نعم، ولا يَجهَر بها؛ قَرأها ابن عُمَر مَرَّتَين؛ حين ابتَدأ الحمدَ والسورَة، وعَدَّها ابنُ عَبَّاس آيةً». • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «كُلَّما قَرأت فاتحة الكِتاب؛ فلا تُجزئ قِراءتها في كُلِّ رَكعَةٍ إلا أن يَقرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين ...}؛ لأنها من الحمد؛ قال الله -تعالى-: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم}؛ قال ابن عَبَّاس: «هي فاتحة الكِتاب»، ثم قَرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم * الحمد لله رب العالمين}:

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "وقيل له".

851 - أخبرني بذلك: عبد الرزَّاق، عن ابن جُرَيج، عن أبيه، عن سَعيد بن جُبَير، عن ابن عَبَّاس». قال أبو يَعقوب: «وكذلك رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن السبع المثاني هي فاتحة الكِتاب، وذُكِر ذلك عن علي بن أبي طالب، وغَيرِه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: 852 - أخبرنا بذلك: وَكيع، عن سُفيان، عن السُّدِّي، عن عَبد خَير، عن علي». • قال إسحاق: «ومَن تَرَك {بسم الله الرحمن الرحيم} في الحمد كُلَّما قَرأها؛ فقَد زَلَّ زَلَّةً بَيِّنَة، وكيف يَجوز تَركها وهي مُبتَدأ الحمد؟! ولو تَرَك حَرفًا من {بسم الله الرحمن الرحيم} عَمدًا، أو من فاتحة الكِتاب إذا صَلَّى وَحدَه في الركعَة التي يَقرأ فيها: {الحمد لله}؛ فصَلاته فاسِدَة؛ لقَول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة إلا بِأمِّ الكِتاب»، فمن تَعَمَّد تَرك حَرفٍ منها؛ فَسَدَت صَلاته، وعَلَيه الإعادَة، إلا أن يكون تَرَكها ناسيًا. وإن كان أعجَميًّا لا يُفصِح، أو في لِسانِه لُكنَة، فذَهَبَ عَنه لهذه العِلَّة بَعضُ حُروفها؛ نَرجو أن يكون جائزًا».

باب: من أدرك الركعتين الأخريين مع الإمام؛ أيجعلهما أول صلاته أم لا؟

853 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عيسَى بن يونُس، عن عِمران بن سُلَيمان، عن الشعبي، أنه سُئل عن {بسم الله الرحمن الرحيم}؟ فقال: «آيةٌ من كِتاب الله، جُعِلَت فَصلًا بَين السُّوَر». 854 - سمعت أحمَد بن سَعيد، قال: قال ابن المبارَك: «مَن تَرَك قِراءة {بسم الله الرحمن الرحيم} في أوَّل كُلِّ سورَة؛ فقَد تَرَك مائةً وبِضعَ عَشرَة آيةً مِن كِتاب الله». • وقال أحمَد بن سَعيد: «مَن لم يَقرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} كُلَّما قَرأ فاتحة الكِتاب في الصَّلاة؛ فإني أخاف أن تكون صَلاتُه غَيرَ جائزة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُجزئ صَلاةٌ لا يَقرأ فيها فاتحةَ الكِتاب»، و {بسم الله الرحمن الرحيم} آيةٌ مِن فاتحة الكِتاب». 855 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا أبو الأحوص، قال: ثنا أبو محمد يوسُف بن أسباط، عن عائذ بن شريح، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: «صَلَّيت خَلفَ النبي صلى الله عليه وسلم، وخَلفَ أبي بَكر، وخَلفَ عُمَر، وخَلفَ عُثمان، وخَلفَ علي، فلم أسمَع أحَدًا منهم يَجهر بـ: {بسم الله الرحمن الرحيم}». باب: مَنْ أدرَكَ الركعَتَين الأُخرَيَين مَعَ الإمام؛ أيَجعَلُهما أوَّلَ صَلاتِهِ أم لا؟ • وسمعت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل يقول -في الرجل يُدرِك رَكعَتَين من صَلاة الظُّهر مَعَ الإمام-؛ قال: «يَقرأ فيما يَقضي في كُلِّ رَكعَةٍ: الحمدَ وسورَة، وإن أدرَك -[416]- رَكعَةً مَعَ الإمام؛ فإنه يَقوم، فيَقرأ الحمدَ وسورَة، ثم يَجلِس، ثم يَقوم، فيَقرأ الحمدَ وسورَة، ولا يَجلس، ثم يَقوم، فيَقرأ الحمدَ وَحدَها، ثم يَجلِس».

• وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول -في رَجلٍ يَفوتُه بَعضُ الصَّلاة مَعَ الإمام-؛ قال: «يَجعَل ما يُدرِك أوَّلَ صَلاته». • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ أدرَك من صَلاة الظُّهر رَكعَةً مَعَ الإمام؛ كَيفَ يَصنَع، وما يَقرأ فيما أدرَك مَعَ الإمام؟ قال: «يَجعَل ما أدرَك مَعَ الإمام .... (1)، فيَقرأ في الركعَة التي أدرَك مَعَ الإمام الحمدَ وسورَةً أو آية، ثم إذا قام؛ قَرأ الحمدَ وسورَةً أو آية، ثم يَجلِس، ثم يَقوم، فيَقرأ في الركعَتَين الأخرَيَين الحمدَ في كُلِّ رَكعَة». 856 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا محمد بن شعيب، عن النُّعمان بن المنذر، عن مَكحُول، قال: «إذا سَبَقَك الإمام بِشَيءٍ من الصَّلاة؛ فما أدرَكت منها؛ فاجعَله أوَّلَ صَلاتك؛ تَقرأ في أوَّلها أمَّ القرآن وسورَةً بَينَك وبَينَ نَفسك». 857 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: سألت الزبيدي عن الرجل يُدرِك مَعَ الإمام الركعَتَين الأخرَيَين؛ أرَأيت إذا قام يُتِمّ؛ كَم يَقرأ؟ قال: «يَقرأ بِأمِّ القرآن وسورَةٍ بِقَدر الذي فاتَه مَعَ الإمام». 858 - وأما الأوزاعي؛ فكان يَقول: «يَقرأ بأمِّ القرآن فيهما». 859 - قال بقية: «وبِهِ نأخُذ». 860 - حدثنا هِشام بن عمار، قال: ثنا عبد الملِك بن محمد الصنعاني، قال: ثنا ثابت -[417]- ابن عجلان، عن سَعيد بن جُبَير، عن ابن عَبَّاس، قال: «ما أدرَكت مَعَ الإمام فَهو أوَّل صَلاتك؛ اقرأ فيه بِفاتحة الكِتاب وسورَة».

____ (1) بيض الناسخ يسيرا، وضبب في البياض، ولعل تمامة: "أول صلاته"، ويفيده كلام إسحاق التالي.

861 - حدثنا بِشر بن هلال، قال: أبنا عبد الوارِث، قال: ثنا أيوب السختياني، عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة، قلت: أدرَكت مَعَ الإمام رَكعَةً من المغرِب؟ فقال عبيدة: «ما أدرَكت مَعَ الإمام فهو أوَّل صَلاتك». 862 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا مَروان بن مُعاويَة، عن حُمَيد الطويل، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا جاء أحَدُكم إلى الصَّلاة؛ فَليَمشِ على هيئتِه (1)، فَليُصَلِّ ما أدرَك، وليَقضِ ما سَبَقَه». 863 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا الزُّهري، عن سَعيد بن المسيَّب، عن أبي هُرَيرَة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أتَيتُم الصَّلاة فلا تأتوها وأنتُم تَسعَون، وأتوها وأنتُم تَمشون، وعليكم السَّكينَة، فما أدرَكتُم فَصَلّوا، وما فاتَكُم فاقضوا».

____ (1) أهمل الناسخ حروفها، ويحتمل فيها: "هِينَته"، وكذلك جاء في عدة مصادر، وأيد ما أثبت: رواية أبي داود، وفيها: "فَليَمشِ نحو ما كان يمشي".

باب: الجهر بـ: «آمين»

باب: الجَهر بـ: «آمين» • سمعت أحمَد بن حَنبل يَقول: «يَجهَر الإمام ومَنْ خَلفَه بـ: «آمين». 864 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا روح بن عُبادَة، عن ابن جُرَيج، عن موسَى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه قال: «هو السُّنَّة»، يعني: «آمين». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «يَجهَر الإمام بـ: «آمين»؛ يَرفَع بها صَوتَه ومَنْ خَلفَه». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يَجهَر بـ: «آمين» جَهرًا خَفيًّا رَفيقًا، ورُبَّما لم أسمَعه يَجهَر بها. • وسمعت إسحاق بن إبراهيم -وسأله رَجلٌ من أهل شاش عن الجهر بـ: «آمين» -؛ قال: «يَجهَر حتى يُسمِع الصَّفَّ الذي يَليه». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «إذا فَرَغت من فاتحة الكِتاب؛ فقُل: «آمين»؛ تَمُدُّ بها صوتك لتُسمِع مَنْ يَليك من الصَّفّ، وذلك أدناه، وإذا سَمِعَ الصَّفُّ الذين يَلونَهم؛ جَهَروا بذلك ليُسمِعوا الصَّفَّ الذين يَلونَهم، حتى يُؤمِّن أهل المسجِد؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام ومَنْ في المسجِد: «آمين»؛ فالتقت بـ «آمين» أهل السماء وأهل الأرض؛ غُفِرَ لِمَن في المسجِد». قال: «وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يَرفَعون أصواتهم بـ: «آمين»؛ حتى يُسمَع للمَسجِد رَجَّة».

865 - حدثنا إسحاق، قال: أخبرني علي بن الحسين بن شقيق، قال: حدثني أبو حمزة السُّكَّري، عن مطرف، عن خالِد بن أبي نوف، عن عَطاء بن أبي رَبَاح، قال: «أدرَكت مائتَين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذا قال الإمام: {ولا الضالين}؛ سَمِعت لهم ضَجَّةً بـ: «آمين»». قال إسحاق: «وكذلك قال عِكرِمَة: «أدرَكت الناسَ في هذا المسجِد ولهم ضَجَّةٌ بـ: «آمين»: 866 - أخبرنا بذلك: وَكيع، عن فطر بن خليفة، عن عِكرِمَة». قال: «وقال عَطاء: «صَلَّى بنا ابنُ الزُّبَير في المسجد الحرام، فإذا قال: {ولا الضالين}؛ سَمِعت لأهل المسجِد ضَجَّةً بـ: «آمين»: 867 - أخبرنا بذلك: محمد بن بكر، عن ابن جُرَيج، عن عَطاء». 868 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سألت أبا عَمرو -[420]- الأوزاعي عن الجهر بـ: «آمين»؟ قال: «نعم، ولكنها تُرِكَت».

869 - قال الوَليد: وأخبرني ابن لَهيعَة، عن يَزيد بن أبي حبيب، عن عبد الله بن غياث القوذني، قال: «صَلَّيت مَعَ أبي بكر، وعُمَر، والأئمة بَعدَهما، فكان إذا فَرَغ الإمام من قِراءة فاتحة الكِتاب؛ فقال: {ولا الضالين}؛ قال: «آمين»، ورَفَع بها صَوتَه، وقال مَنْ خَلفَه: «آمين»؛ حتى يُرَجِّع الناس بها، ثم يَستَفتِح القِراءة». 870 - قال الوَليد: قال ابن لَهيعَة: وأخبرني موسَى بن جُبَير الغافقي، عن عِمران بن عوف الغافقي، أن ابن عُمَر صَلَّى بهم بِالجُحفَة في الخيام، فلما فَرَغَ من قِراءة: {ولا الضالين}؛ قال: «آمين»، ورَفَع بها صَوتَه. 871 - قال الوَليد: وقال إسماعيل بن عياش: أخبرني عبد العَزيز بن عُبَيدالله، عن وهب بن كيسان ونعيم بن عبد الله، قالا: كُنَّا نصلي خَلفَ أبي هُرَيرَة، فكان إذا قَرأ: {ولا الضالين}؛ قال: «آمين»؛ يَمُدُّ بها صَوتَه. 872 - قال الوَليد: وأخبرني سالم، عن محمد بن سيرين، عن أبي هُرَيرَة، أنه كان مُؤذِّنًا بالبَحرين، فكان يَشتَرِط على الإمام أن: «لا تَسبِقني بـ: «آمين»».

873 - قال الوَليد: قال إسماعيل: وأخبرني أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن الهيثم بن مالك، أن أبا الدرداء كان إذا أُقيمَت الصَّلاة قال: «أسرِعوا بِنا نُدرِك «آمين»». 874 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل بن حجر، عن أبيه، قال: صَلَّيت خَلفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلَمَّا فَرَغَ من فاتحة الكِتاب؛ قال: «آمين»، ورَفَع بها صَوتَه. 875 - وحدثنا نصر بن علي، قال: ثنا صفوان بن عيسَى، عن بِشر بن رافع، عن ابن عَمٍّ لأبي هُرَيرَة؛ يُقال له: أبو عبد الله، قال: قال أبو هُرَيرَة: إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}؛ قال: «آمين»؛ يُسمِع الصَّفَّ الأوَّل. • وسألت إسحاق، قلت: الرجل إذا قَرأ الحمدَ خَلفَ الإمام، فإذا فَرَغ؛ قال: «آمين»؟ قال: «نعم». قلت: فإذا فَرَغ الإمام؛ قال هو -أيضًا-: «آمين»؟ قال: «نعم». قلت: في الصَّلاة وغَيرِ الصَّلاة؛ فلما (1) فَرَغَ من الحمد؛ قال: «آمين»؟ قال: «نعم». 876 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا سهيل بن صبرة، قال: حدثني ابن أبي ليلى، عن سَلَمَة بن كهيل، عن حجية، عن علي -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا -[422]- فَرَغ من فاتحة الكِتاب يقول: «آمين».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "كُلَّما".

باب: عد الآي في الصلاة

877 - حدثنا ابن أبي حَزم، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا ابن جُرَيج، قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر؛ كان إذا فرغ أمّ القرآن؛ قال: «آمين»؛ لا يَدَع أن يُؤمِّن إذا خَتَمَها. باب: عَدُّ الآي في الصَّلاة • وسُئل أحمَد عن عَدِّ الآي في الصَّلاة؟ فقال: «أرجو ألَّا يكون بِهِ بأس». • وسمعت إسحاق يقول: «كان أهل العِلم لا يَرَون بأسًا بِعَدِّ الآي في الصَّلاة». 878 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا قيس، عن عاصم، قال: «رأيت أبا عبد الرحمن زرَّ بن حبيش، وشقيقًا، وعبدَالله بن معقل؛ ........ (1) الآيَ في الصَّلاة». 879 - حدثنا أحمَد بن عبد الله الغداري (2)، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، عن يَحيى بن عتيق، قال: «رأيت طاوُسًا، والمُغيرَة بن حكيم؛ يَعُدَّان الآيَ في الصَّلاة». 880 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا ابن إدريس، عن هِشام، عن الحسَن وابن سيرين، قالا: «لا بأس بِعَدِّ الآي في الصَّلاة».

____ (1) بيض الناسخ مقدار كلمة، وضبب على البياض، وكتب في الحاشية: "لعله: يَعُدُّون"، وهو الصواب. (2) كذا في الأصل، والصواب: "الغداني"، انظر: تهذيب الكمال (1/ 400 - 401).

باب: تلقين الإمام

باب: تَلقين الإمام • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الفَتح على الإمام؟ فلم يَرَ بِهِ بأسًا. • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «لا بأس بِتَلقين الإمام». • سمعت إسحاق يقول: «السُّنَّة أنه إذا التَبَسَت على الإمام القِراءة، فسَكَت حينَئذٍ؛ يَلزَم مَنْ خَلفَه تَلقينُه، فإن كان مُتَرَدِّدًا فيها؛ لم يُلَقِّنه مَنْ خَلفَه. ومَن زَعَم أن التلقين كَلام؛ فقَد أخطأ؛ لأنه قرآنٌ يَقرؤه». 881 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا قيس، عن أبي إسحاق، عن عبيدة بن ربيعة، عن عُثمان، أنه كان يأمُر رَجلًا يُصلِّي، فإذا تَعايا؛ فَتَحَ عَلَيه. باب: مَنْ لَم يُحسِن القُرآن • سألت إسحاق، قلت: يَهوديٌّ أسلَم، ولا يُحسِن شَيئًا من القرآن؟ قال: «إذا كان لا يُحسِن شَيئًا من القرآن؛ يُسَبِّح». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «مَنْ لم يُحسِن يَقرأ، فسَبَّح؛ جاز؛ لأن التسبيح عِوَضٌ من القِراءة». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا كان رَجلًا لا يُحسِن شَيئًا من القرآن؛ فليُكَبِّر، وليُسَبِّح، وليَحمَد الله؛ قَدرَ فاتحة الكِتاب وسورَةٍ مَعَها».

882 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني إسماعيل، أن سَعيد بن الحارِث كان يحدِّث أنه سَمِع عبد الله بن عُمَر يُعَلِّم أعرابيًّا الصَّلاة، فقال: «إذا تَوضَّأت؛ فاستَقبِل القِبلَة، فكَبِّر، واقرأ قُرآنًا، فإن لم يَكُن مَعَك قُرآن؛ فكَبِّر، وهَلِّل، وسَبِّح، واحمَد (1)، ثم اركَع». 883 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا وَكيع بن الجراح، عن سُفيان، عن أبي خالِد الدالاني، عن إبراهيم السكسَكي، عن عبد الله بن أبي أوفى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه رَجل، فقال: يا رسول الله، إني لا أستَطيع أن أتَعَلَّم من القرآن شَيئًا، فعَلِّمني ما يُجزئني منه. فقال: «قل: سُبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبَر، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله». قال: هذا لله، فما لي؟ قال: «قل: اللهم اغفِر لي، وارحَمني، وعافِني، واهدِني، وارزُقني». • قال إسحاق: «وإنما أرَدنا من هذا الحديث: أن الأُمِّي إذا لم يُحسِن أن يَقرأ القرآن؛ قالَهُ في صَلاته». • قلت لإسحاق: يَهوديٌّ أو نَصرانيٌّ أسلَم، وصَلَّى، فقَرأ في صَلاته من التَّوراة أو الإنجيل؛ هل تَجوز صَلاته؟ قال: «لا تَجوز صَلاته». 884 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: حدثني سَعيد، عن قَتادَة، أن عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: «إذا أسلَم غُلام الرجل؛ فلا بُدَّ أن يَتَعَلَّم فاتحة الكِتاب، وسِتَّ سُوَرٍ من القرآن؛ سورَتان للمَغرِب، وسورَتان للعِشاء، وسورَتان للغَداة».

____ (1) رسمها في المطبوع هكذا: "وأحمَد"، والمُثبت من تصويب المحقق على ما في المطبوع.

باب: إمامة الأمي

باب: إمامَة الأُمِّيّ • قلت لإسحاق: رَجلٌ صَلَّى بِقَوم، وخَلفه مَنْ هو أقرأ مِنه، فقَرأ هذا الأُمِّي، وغَيَّرَ المعنى، وبَدَّل، ولكنَّه قَد قَرأ -على كُلِّ حال-؟ قال: «صَلاة القَوم جائزةٌ إذا قَرأ». قلت: فإن لم يُحسِن يَقرأ؟ قال: «مَنْ قَرأ خَلفَه فَصَلاته جائزة، ومَنْ لم يَقرأ خَلفَه يُعيد». قلت: فإنه صَلَّى الظُّهر، ولم نَسمَع لَه قِراءة، ونَحنُ لا نَشُكُّ أنه لا يَقرأ؟ قال: «صَلاة مَنْ قَرأ خَلفَه جائزة، ومَنْ لم يَقرأ يُعيد». 885 - حدثنا عبد العَزيز بن أبي سهل، قال: ثنا يوسُف بن موسَى، قال: سُئل وَكيع عن رَجلٍ خَتَمَ آيةَ رَحمةٍ بآيةِ عَذاب؟ قال: ما رأيت أحَدًا يَقول فيه مِثلَ قَول الحسَن بن صالِح؛ كان يَقول: «إذا خَتَمَ آيةَ رَحمةٍ بآيةِ عَذاب؛ استَقبَل الصَّلاة». 886 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو الأحوص، عن مُغيرَة، عن إبراهيم، قال: قال عبد الله: «لَيسَ الخطَأ في كِتاب الله: أن يَجعل خاتِمَة آيةٍ آيةً أُخرى؛ يقول: {عزيز حكيم}؛ وهو: {غفور رحيم}، ولكن الخطَأ: أن يَجعَل آيةَ الرحمَة آيةَ العَذاب». 887 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا جَرير، عن إدريس -قال: وكان من خيار الناس-، قال: قيل للحسن: إن لنا إمامًا يَلحَن؟ قال: «أخِّروه».

باب: رفع الصوت بالقراءة فيما يجهر فيه

باب: رَفع الصَّوت بِالقِراءَةِ فيمَا يُجهَرُ فيه • سُئل أحمَد عن القِراءة في الصَّلاة التي يُجهَر فيها إذا سَمَّعَ أُذُنَيه؟ قال: «يُسمع مَنْ إلى جَنبِه». 888 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا البرساني، قال: أبنا ابن جُرَيج، قال: قلت لعَطاء: قَرأتُ في الصُّبح، فخافَتُّ في بَعضٍ، ورَفَعتُ بِبَعض؟ فكَرِهَ ذلك، وقال: «ارفَع بِها كُلِّها». فقَرأت أنا حينَئذٍ عِندَه قِراءةً أُسمِع فيها نَفسي لَفظي، وأَفهَم الكَلام، ولا أَفهَم صَوت حرفى (1)، ثم قلت له: أيكفيني فيما يُرفَع بِهِ الصَّوت من المكتوبَة من القِراءة هذا؟ قال: «لا، حتَّى تُسمِع مَنْ إلى جَنبِك، ثم حَسبُك». • قلت لأحمد: فإن جَهَرَ في صَلاة النهار التَّطَوُّع بِالقِراءة؟ قال: «لا؛ لأن قِراءة النهار يُسِرُّ بها، إلا في صَلاة الكُسوف؛ فإن فيها اختِلافًا». باب: رَفع الصَّوت في صَلاة النَّهار • وسمعت إسحاق يقول: «صَلاة النهار عَجماء، وقِراءة النهار إن أحبَبت أن تُسمِع بها -إذا كُنتَ في بَيتك- أهلَ دارِك؛ جاز ذلك، إنما يُكرَه في المسجِد حَيثُ يُصَلُّون؛ لِكَيلا تَختَلِط القِراءة عَلَيهم، أو حَيثُ كانوا مُجتَمِعين للصلاة». 889 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا أبو المُغيرَة، عن أم عبد الله بنت خالِد -يعني: ابن معدان-، عن أبيه (2)، أنه كان يَجهَر بِالقِراءة في صَلاة النهار في بَيته. قال (3): -[427]- «وكانَت أُمِّي تَفعَل ذلك؛ فلا يَعيب عَلَيها».

____ (1) في الأصل مهملة. (2) كذا في الأصل، والوجه: "أبيها". (3) كذا في الأصل، والوجه: "قالت".

890 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا جَرير، عن مُغيرَة، قال: سألت إبراهيم عن رَفع الصَّوت بِالقِراءة بِالنهار؟ فقال: «إذا لم يُؤذِ أحَدًا؛ فَلا بأس». 891 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، عن بِشر بن حرب، قال: «رأيت ابن عُمَر يُصَلِّي بِالنهار، فكان يُسمِعنا قِراءتَه». 892 - حدثنا إسحاق، أبنا جَرير، عن مسعر، عن أبي العلاء العبدي، قال: «كان سَعيد بن جُبَير يَجهَر بِالقِراءة في صَلاة النهار». 893 - قال مسعر: «وسمعت أبا هبيرة يَحيى بن عباد يَجهَر بِالقِراءة في صَلاة النهار». • قال إسحاق: «وإن صَلَّى وَحدَه في خَلاءٍ؛ جاز لَه أن يَرفَع صَوتَه؛ يَنظُر أنشَطَ ذلك لِنَفسه، وأرَقَّه لِقَلبه، وأسرَعَه لِدَمعَته». 894 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا أبو بكر، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، قال: كُنت أقرأ ذاتَ لَيلَةٍ في المسجِد، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، ومَعَه أبو بكر، وعُمَر، فاستَمعوا عَلَيَّ وأنا أقرأ بِسورَة النساء، وكنت أَسْحلُها سَحلًا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سَلْ تُعطَه»، ثم قال: «مَنْ أحَبَّ أن يَقرأ القرآن رَطبًا كَما أُنزِل؛ فَليَقرأهُ عَلَى قِراءة ابنِ أمِّ عَبد».

باب: السكتتين - أيضا -

باب: السَّكتَتَين - أيضًا - • سألت إسحاق عن الرجل إذا كان إمامًا، وقَرأ فاتحة الكِتاب، وفَرَغَ من السورَة؛ يُكَبِّر ساعَةَ يَفرَغ، ويَصِلُ التكبير بِالقِراءة، أو يَقِف قَليلًا ثم يُكَبِّر؟ قال: «يَقِف، أحَبُّ إليَّ أن يَفصِل بَين التكبير والقِراءة بِسَكتَة». 895 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا محمد بن جَعفَر، قال: ثنا سَعيد، عن قَتادَة، قال: «كان لِرَسول الله صلى الله عليه وسلم سَكتَتان في صَلاته». • قال أحمد: «قال بعضهم: السَّكتَتان: سَكتَةٌ حينَ يَفتَتِح الصَّلاة؛ قَبلَ القِراءة، وسَكتَةٌ حينَ يَفرَغ من القِراءة؛ قَبلَ الركوع». 896 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا شَريك، عن الأعمَش، عن إبراهيم، قال: «كان عُمَر يَصِل القِراءةَ بِتَكبيرة الركوع». باب: حُسْنُ الصَّوت بِالقُرآن • قلت لإسحاق: الإمام يُطَرِّب في قِراءته؟ قال: «يُحَسِّن صَوتَه لِيَكون أنشَطَ لهم؛ فلا بأسَ بِه؛ إذا كان أرَقَّ لهم». 897 - حدثنا عبدة بن عبد الرحيم، قال: ثنا أبو وهب، قال: «كَرِهَ عبدُالله هذه الألحان التي يُطَرِّبون فيها».

باب: من لم يقرأ خلف الإمام

898 - حدثنا عبد الأعلى النرسي، قال: ثنا عبد الجبار بن الورد المكي، قال: ثنا ابن أبي مُلَيكَة، قال: قال عُبَيدالله بن أبي يَزيد: بَينَما أنا واقِفٌ؛ إذ مَرَّ بِنا أبو لُبابَة، فسَمِعته يَقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَيسَ مِنَّا مَنْ لم يَتَغَنَّ بِالقرآن». فقلت لابن أبي مليكة: يا أبا محمد، أرَأيت إن لم يَكُن حَسَنَ الصَّوت؟ قال: «يُحَسِّنُه ما استَطاع». 899 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا أبو مسعود، قال: ثنا أبو سَعد، قال: «رَأيتُني أنا وعبد الرحمن بن الأسود نَطوف بِالليل في سِكَكِ الكوفَة على المساجِد في رَمَضان؛ نَطلُب بِهِ حُسنَ الصَّوت». باب: مَنْ لَم يَقرَأ خَلفَ الإمام • سألت إسحاق، قلت: فإن تَرَكَ فاتحة الكِتاب خَلفَ الإمام عَمدًا؟ قال: «إذا كان مُتأوِّلًا؛ جازَت صَلاته». 900 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: قلت لأبي إسحاق الفَزاري: ما تَقول في القِراءة خَلفَ الإمام؟ فقال: «ما قَرأتُ خَلفَ الإمام مُنذُ أربَعين سَنَة». 901 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا إسحاق بن سُلَيمان، عن مُعاويَة بن يَحيى، عن يونُس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، قال: سَأل رَجلٌ أبا الدرداء: أقرأ والإمام يَقرأ؟ فقال: سَأل رَجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أَفي كُلِّ صَلاةٍ قِراءة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «نعم». فقال رَجلٌ: وَجَبَ هذا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أرَى -[430]- الإمامَ إذا قَرأ إلا كان كافيًا».

باب: وضع الأيدي في السجود

902 - حدثنا محمد بن أبي حَزم، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا خالِد الحذاء، عن أنس بن سيرين، أن ابن عُمَر سُئل عن القِراءة خَلفَ الإمام؟ فقال: «تَكفيك قِراءة الإمام». باب: وَضع الأيدي في السُّجود • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: الرجل يُريد أن يُطيل السُّجود، ولا يُمكِنه أن يُجافي؛ أيَضَع مِرفَقَيه على فَخِذَيه ويَنضَمّ؟ قال: «لا، ولكن يُجافي». • قلت لأحمد: فَحَديث ابن عمر؛ أمَعناه: استَعينوا بِالأيدي على الرُّكَب؟ قال: «إذا نَهَضَ من السُّجود». 903 - حدثنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو الأوزاعي وسَعيد بن عبد العَزيز -وهُما في مَجلِسٍ-: إن داوُد بن قيس حدثني عن زَيد بن أسلم، قال: اشتَكى المُسلِمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم التَّفَرُّج في الصَّلاة، فقال: «استَعينوا بالرُّكَب»؟ فقالا: «نعم، هذا في التَّطَوُّع؛ كان عبد الله بن عُمَر إذا -[431]- مَلَّ الاجتِناح في سُجوده في تَطَوُّعِه؛ وَضَعَ مِرفَقَيه على فَخِذَيه، وبَسَطَ كَفَّيه على الأرض، ولم يَبسُط ذِراعَيه على الأرض».

904 - قال الوَليد: فذكرت ذلك لمالك بن أنس؛ تَركَ الاجتِناح والتَّفَرُّج في السُّجود، ووَضَعَ المِرفَقَين على الفَخِذَين، فقال: «أما في المكتوبَة؛ فلا يَترُك ذلك، وأما في التَّطَوُّع؛ فلا بأسَ بِذلك». 905 - قال الوَليد: وأخبرني ابن لَهيعَة، عن يَزيد بن أبي حبيب، أن عُمَر بن عبد العَزيز كان يُسنِد يَدَيه في سُجوده إلى فَخِذَيه. 906 - قال الوَليد: قال أبو عَمرو الأوزاعي: «لا تَترُك الاجتِناح في سُجودك في المكتوبَة، إلا أن تكون في صَفٍّ تُصَلِّي، فتُؤذي مَنْ يَليك مِن الناس بِمِرفَقَيك؛ فلا يَصلُح الأذى، فاضمُم إليك مِن جَناحِك، ولا تَبسُط ذِراعَيك على الأرض؛ فإنه قَد نُهي عن افتِراش السَّبُع». 907 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، عن سُفيان، عن سُمَي، عن النُّعمان بن أبي عَيَّاش الزُّرَقي، قال: «شَكى أصحابُ النبي صلى الله عليه وسلم الاعتِمادَ في الصَّلاة على أيديهم إذا سَجَدوا». قال: «فرخَّص لهم أن يَستَعينوا بِرُكَبِهم». 908 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا عبد الرزَّاق، قال: ثنا مَعمَر، عن مَنصور، عن -[432]- سالم بن أبي الجعد، عن جابِر بن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سَجَدَ جافى؛ حتى يُرَى بَياض إبطَيه.

باب: كيف النهوض من السجود للقيام؟

باب: كَيف النُّهوضُ مِن السُّجود للقِيام؟ • قلت لأحمد: فالرجل يَنهَض من السجود للقيام؛ أيَضَع يَدَيه على رُكبَتَيه؟ قال: «نعم». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يَصِفُ النُّهوض من السُّجود للقِيام، فقال مثلَ ذلك. • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: كَيفَ يَنهَض الرجل من السُّجود للقِيام إذا رَفَعَ رأسَه من السَّجدَة الثانيَة؟ قال: «إن أمكَنَه أن يَعتَمِد على يَدَيه، ويَنهَض على صُدور قَدَمَيه؛ فَعَل، وإن لم يُمكِنه النُّهوض على صُدور قَدَمَيه؛ فإذا رَفَعَ رأسَه من السُّجود؛ جَلَسَ جلسَةً خَفيفَة، ثم اعتَمَدَ على الأرض بِيَدَيه، ثم يَقوم». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «قَد مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم إذا رَفَعَ رأسَه في الركعَة الأولى من السَّجدة الثانيَة؛ أن يَستَوي، ثم يَعتَمِد على يَدَيه، ويَقوم؛ شَيخًا كان أو شابًّا؛ هذه سُنَّة الصَّلاة؛ الاعتِماد على اليَدَين إذا قام». قال إسحاق: «ورُبَّما كان الرجل ناهِضًا على صُدور قَدَمَيه، ومُعتَمِدًا على يَدَيه؛ -[433]- إذا رَفَعَ من السَّجدة رَجَعَ إلى الجلسَة؛ كأنَّه في أُرجوحَة، ثم يَعتَمِد على الأرض بِيَده، ثم يَقوم وقَد استَوى على الأرض بِصُدور قَدَمَيه».

909 - قال إسحاق: «وقَد أخبرنا الثقفي، عن خالِد الحذاء، عن أبي قلابة، قال: كان مالك بن الحويرث يأتينا، فيقول: «ألا أصَلِّي بِكُم صَلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟»، فكان إذا رَفَعَ رأسَه من السَّجدة الثانيَة في الركعَة الأولى؛ استَوى جالِسًا، ثم اعتَمَد على يَدَيه، وقام»». 910 - وحدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: أبنا هُشَيم قال: أبنا خالِد الحذاء، عن أبي قلابة، قال: أبنا مالك بن الحويرث، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صَلَّى، فكان في وِترٍ من صَلاته؛ انتَصَبَ قاعِدًا، ثم يَقوم». 911 - حدثنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سألت أبا عَمرو الأوزاعي عن القيام من السُّجودِ والتَّشَهُّدِ على صُدور القَدَمين؛ ولا أَعتَمِد على يَدي؟ قال: «تلك قَومَةُ الشُّبَّان». 912 - قال أبو عَمرو: وقال ابن شِهاب: «سُنَّة الصَّلاة: اعتِماد الرجل على يَدَيه». 913 - قال الوَليد: ثم سألت عن ذلك عبد الرحمن بن يَزيد بن جابِر، فأخبرني أنه -[434]- كان يَرى مَكحُولًا إذا نَهَضَ من سُجودِه وتَشَهُّدِه؛ اعتَمَدَ على يَدَيه.

914 - قال الوَليد: ثم ذكرته لعبد الله بن العلاء، فأخبرني أنه رأى عُمَر بن عبد العَزيز، ومَكحُولًا، وعبد الله بن أبي زكريا، وأبا مخرمة؛ يَعتَمِدون على أيديهم. 915 - قال الوَليد: فأخبرني إسماعيل، عن بِشر بن عبد الله بن يَسَار، أن عُبادَة بن نُسَي كان إذا رَفَعَ رأسَه اعتَمد على يَدَيه، ثم نَهَضَ قَبلَ أن يَستَوي جالِسًا. قال: فقال له رجاء بن حيوة: «لو تَوَرَّكت شَيئًا». فقال: «إن أبا ريحانة صاحِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَفعَل ذلك». فقال رجاء بن حيوة: «حىى (1)». 916 - قال الوَليد: ثم سألت عن ذلك عبد الله بن عُمَر بن حَفص، فحدثني عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان يَعتَمِد على يَدَيه في صَلاته إذا نَهَضَ من سُجوده وتَشَهُّده. 917 - قال الوَليد: قال ابن لَهيعَة: وأخبرني بكير، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه كان إذا قام من السَّجدَة الآخِرَة من الركعَة الأولى، ومن الثانيَة من الأربَع؛ يَعتَمِد على يَدَيه قَبلَ أن يَستوي قاعِدًا. 918 - قال الوَليد: قال عَطاء بن أبي رباح: «إذا قام أحَدُكم فَليَضَع يَدَه على الأرض حتى يَقوم؛ يَتَواضَعُ لله». 919 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنا عيسَى بن يونُس، عن الأوزاعي، عن -[435]- الزُّهري، قال: «سُنَّة الصَّلاة: الاعتِماد على اليَدَين إذا قام».

____ (1) كذا رسمها في الأصل، وتقرأ: "حتى"، و: "حسبي".

920 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو الأوزاعي: إذا رَفَعَ الرجل رأسَه من السُّجود، أو أراد أن يَنهَض من تَشَهُّده؛ أيَعتَمِد على يَدَيه، أم يَنهَض على صُدور قَدَمَيه؟ فقال: حدثني عبد الوهاب بن بخت، أنه سمع ابن شِهاب، أن من سُنَّة الصَّلاة: اعتِماد الرجل على يَدَيه في الصَّلاة. 921 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن خالِد بن إلياس، عن صالِح مولى التوأمة، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يَنهَض في الصَّلاة على صُدور قَدَمَيه. 922 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا عبد الله بن زَيد بن أسلم، عن أبيه، عن جده، أن عُمَر كان يَنهَض على صُدور قَدَمَيه في الصَّلاة. 923 - حدثنا يَحيى، قال: ثنا شَريك، عن الأعمَش، عن عطية، قال: رأيت ابن عُمَر يَنهَض في الصَّلاة على صُدور قَدَمَيه. 924 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن الأعمَش، عن عمارة، عن عبد الرحمن بن يَزيد، عن ابن مسعود، أنه كان يَنهَض في الصَّلاة على صُدور قَدَمَيه.

باب: النهوض من الركعتين

925 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا حَفص بن غياث، قال: قال الأعمَش: عن عطية العوفي، قال: رأيت أبا سَعيد، وابنَ عَبَّاس، وابنَ الزُّبَير؛ يَنهَضون في الصَّلاة على صُدور أقدامِهم. باب: النُّهوض من الرَّكعَتَين o قال: رأيت أحمَد إذا نَهَضَ من الركعَتَين للقيام وَضَعَ يَدَيه على فَخِذَيه، فقام، ولم يَضَعهُما على الأرض. 926 - حدثنا أبو الأزهَر، قال: ثنا حبان بن هلال، عن هَمَّام، قال: ثنا شقيق أبو ليث، عن عاصم بن شَنْتَم، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نَهَضَ في فَصلِ الركعَتَين؛ نَهَضَ على رُكبَتَيه، واعتَمَد على فَخِذَيه. 927 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا البرساني، قال: أبنا سَعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن إبراهيم، أنه كان يُعجِبُه ألَّا يتعمد (1) الرجل على الأرض إذا نَهَضَ من الركعَتَين، 928 - فذكرت ذلك لعباده (2)، فلم يَرَ بِهِ بأسًا، وقال: «قُم كَيفَ شِئت».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "يَعتَمِد". (2) في الأصل مهملة، والصواب: "لقَتادَة"، قال ابن رجب -في فتح الباري (5/ 146) -: "وقد روي عن كثير من السلف أنه يعتمد على يديه في القيام إلى الركعة الثانية ... ، ورخص فيه قتادة".

باب: من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

باب: مَنْ لا يُقِيمُ صُلْبَهُ في الرُّكُوع والسُّجُود • قلت لأحمد: الرجل لا يُقيم صُلبَه في الركوع والسُّجود؟ قال: (1). 929 - حدثنا أبو سهل بِشر بن مُعاذ، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، قال: رأيت عبد الله بن طاوُس يَرفَع يَدَيه إذا رَفَعَ رأسَه من السُّجود فَوقَ رُكبَتَيه قَليلًا. 930 - قال: وحدثنا حَمَّاد بن زَيد، عن أيوب، قال: «رأيت نافعًا يَرفَع يَدَيه فَوقَ رُكبَتَيه إذا رَفَعَ رأسَه من السُّجود». 931 - قال: «ورأيت طاوُسًا فَعَلَ مِثلَ ذلك». 932 - قال حماد: «وكان أيوب يَفعَله». باب: مَنْ رَفَعَ أصَابِعَ قَدَمَيه في الصَّلاة • قيل لأحمَد بن حَنبل: رَجلٌ سَجَدَ ورَفَعَ أطراف أصابع قَدَمَيه من الأرض؟ قال: «يُروى أن السُّجودَ على سِتَّة أعضاء». (2) إلى أنه ناقِص الصَّلاة. 933 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا الفضل، قال: ثنا سُفيان، عن عَمرو بن قيس، عن أبي قيس، أن مسروقًا رأى رَجلًا يُصَلِّي وقَد رَفَعَ رِجلَه، فقال: «ما تَمَّت صَلاته». 934 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا يَحيى بن عُبَيدالله، عن -[438]- أبيه، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السُّجود على سَبعَةِ أعضاء: الجبهَة، والكَفَّين، والركبَتَين، والقَدَمَين».

____ (1) وقع قطع للكلام هنا، وضبب الناسخ. (2) (كذا في الأصل، ولعله سقط بعدها: "وذهب"، أو نحوها). تنبيه: ما بين القوسين مما صوَّبه المحقق على ما في المطبوع.

باب: السجود على الجبهة دون الأنف

باب: السُّجود عَلَى الجَبهَةِ دُونَ الأَنف • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: الرجل يَسجُد ولا يَضَعُ أنفَه على الأرض؟ قال: «لا يُجزئه». قلت: يُعيدُ الصَّلاة؟ قال: «ما أدري». • وسمعت إسحاق يقول: «اسجُد على أنفك وجَبهَتك». 935 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: سألت أبا عَمرو الأوزاعي ومالك بن أنس عن السُّجود على الأنف؟ فقالا: «نعم، اسجُد على سَبعَةٍ: الكَفَّين، والركبَتَين، والقَدَمَين، وجَبهَته (1)»، ثم أشارا بِأيديهما إلى مارِنِ الأنف، وقالا: «من الجَبهة»، أو قالا: «من الوَجه». 936 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن سُفيان، عن عَمرو بن دينار، قال: كان طاوُس يقول: «الجَبهَة والأنف واحِد». 937 - حدثنا محمد، ثنا حَسَّان (2) عن عِكرِمَة، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُقبَل صَلاةٌ لا يُصيبُ الأنفَ مِنها ما يُصيب الجَبين».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "وجَبهَتك". (2) ضبب هنا، إشارة إلى سقط، فحسان يرويه عن سفيان -مثل الذي قبله-، عن عاصم الأحول، عن عكرمة.

باب: ما يقول بين السجدتين

باب: ما يَقُول بَينَ السَّجدَتَين • سمعت أحمَد يقول: «الرجل يَقول بَين السَّجدَتَين: «رَبِّ اغفِر لي»». قلت: في الفَريضَة والتَّطَوُّع؟ قال: «نعم». o ومَذهَب أحمد: أنه إن قال جاز، وإن لم يَقُل جاز؛ الأمر عِندَه واسِع. • وسمعت أحمَد يقول: «(1) الرجل في جلسَتِه بَينَ السَّجدَتَين: «اللهم اغفِر لي، وارحمني، وعافني، واجبرني»، وإن شاء قال ثَلاثَ مَرَّات: «ربِّ اغفِر لي»؛ كُلُّ هذا جائز». 938 - حدثنا أبو الأزهَر، قال: ثنا محمد بن يوسُف، قال: قلت لسُفيان: يَقول هذا في المكتوبَة؟ قال: «يقول في المكتوبَة: اللهم اغفِر لي، وارحَمني». 939 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد، قال: ثنا خالِد الحذاء، عن عبد الله بن الحارِث، أن عليًّا -رضي الله عنه- كان يَقول بَينَ السَّجدَتَين: «اللهم اغفِر لي، وارحَمني، واجبُرني، وارفَعني، واهدِني». 940 - حدثنا سَعيد بن مَنصور قال: ثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الحارِث، عن علي، أنه كان يَقول بَينَ السَّجدَتَين: «اللهم اغفِر لي، وارحَمني، واجبُرني، وارفَعني».

____ (1) لعله سقط هنا: "يقول"، بسبب انتقال النظر.

باب: ما يقول إذا رفع الإمام رأسه من الركوع

941 - حدثنا أبو نعى (1) هِشام بن عبد الملِك الحمصي، قال: ثنا محمد بن حرب، قال: حدثتني أمي، عن أمِّها، عن المقدام بن مَعدي كَرِب، أنه كان يَقول بَينَ السَّجدَتَين: «اللهم اغفِر لي، وارحَمني، وعِزَّني، واجبُرني، وارفَعني». 942 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد، قال: أخبرني سَعيد، عن مَكحُول، أنه كان يَقول بَينَ السَّجدَتَين: «اللهم اغفِر لي، وارحَمني، واهدِني، وارزُقني». باب: ما يَقول إذا رَفَعَ الإمامُ رَأسَهُ مِن الرُّكُوع • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «الإمام يقول: «رَبَّنا لَك الحمد؛ مِلءَ السماء ومِلءَ الأرض ومِلءَ ما شِئتَ من شَيءٍ بَعد»، وكذلك الرجل إذا كان وَحدَه، وإذا كان خَلفَ الإمام؛ فإنه يقول: «رَبَّنا لَك الحمد»؛ لا يَزيد على ذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام: «سَمِع الله لمن حَمِده»؛ فقولوا: «رَبَّنا لَك الحمد»»؛ لم يَزِد على ذلك». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «الإمام يَقول: «سَمِع الله لمن حَمِده، رَبَّنا لَك الحمد؛ مِلءَ السماء ومِلءَ الأرض ...»؛ الدُّعاء الذي جاء في الحديث، وكذلك إذا كان الرجل وَحدَه، وإذا كان خَلفَ الإمام؛ قال: «ربَّنا لَك الحمد»؛ لا يَزيد عَلَيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال -في حَديث أبي موسَى-؛ قال: «إذا قال الإمام: «سَمِعَ الله لمن حَمِده» ... (2)».

____ (1) في الأصل مهملة، وكتب فوقها: "كذا"، والصواب: "أبو تقي". (2) الكلام في الأصل متصل، ويظهر أنه قد حصل فيه سقط، والسياق بعده من سياقات إسحاق، ويدل عليه قوله -بعد فقرتين-: "وسمعت إسحاق -مرة أخرى-".

• «... ثم قُم قائمًا حتى يَستَقيم صُلبك، ثم قال (1): «اللهم رَبَّنا لَك الحمد؛ مِلءَ السَّماوات والأرض وما بَينَهما، ومِلءَ ما شِئتَ من شَيءٍ بَعد»». • وسمعته يقول -أيضًا-: «قل: «اللهم رَبَّنا لَك الحمد»، وإن شِئتَ قُلت: «رَبَّنا وَلَك الحمد»». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا رَفَعت رأسَك من الركوع؛ فقُل: «سَمِعَ الله لمن حَمِده»، ثم قُم قائمًا حتى يَستَقِرَّ كُلُّ عُضوٍ مِنك، ثم قُل: «اللهم رَبَّنا لك الحمد»، وإن شِئتَ قُلت: «اللهم رَبَّنا وَلَك الحمد»، وإن شِئتَ قُلت ما جاء عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، وهو أحبُّ إليَّ». 943 - حدثنا هِشام بن عمار الدِّمشقي، قال: ثنا سويد بن عبد العَزيز، ثنا يَزيد بن أبي مريم، عن قزعة، عن أبي سَعيد الخُدري -رضي الله عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رَفَعَ رأسَه من الركوع قال: «اللهم رَبَّنا لَك الحمد؛ مِلءَ السماء ومِلءَ الأرض ومِلءَ ما شِئتَ من شَيءٍ بَعد، أهلَ الثناء والمجد، حقًّا ما قال العَبد؛ وكُلُّنا لَك عَبد، اللهم لا مانِع لِمَا أعطَيت، ولا مُعطي لِمَا مَنَعت، ولا يَنفَع ذا الجَدِّ مِنك الجَدّ». 944 - حدثنا الحسين بن مهدي ومحمد بن عوف، قال (2): ثنا عبد الأعلى أبو مسهر، قال: أبنا سَعيد بن عبد العَزيز، عن عطية بن قيس، عن قزعة، عن أبي سَعيد الخُدري -رضي الله عنه-، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قال: «سَمِعَ الله لمن حَمِدَه»؛ قال: «رَبَّنا وَلَك الحمد؛ مِلءَ -[442]- السماوات ومِلءَ الأرض ومِلءَ ما شِئتَ من شَيءٍ بَعد، أهلَ الثناء والمجد، أحَقُّ ما قال العَبد؛ كُلُّنا لَك عَبد، لا مانِع لِمَا أعطَيت، ولا مُعطي لِمَا مَنَعت، ولا يَنفَع ذا الجَدِّ منك الجَدّ».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "قُل". (2) كذا في الأصل، والصواب: "قالا".

باب: من يقول خلف الإمام: «سمع الله لمن حمده»

باب: مَنْ يَقول خَلفَ الإمام: «سَمِعَ الله لِمَن حَمِدَه» • سمعت أحمَد يقول: «إذا قال الرجل إذا رَفَع رأسَه من الركوع: «اللهم رَبَّنا لَك الحمد»؛ فإنه لا يَجعل فيه الواو». • قلت لإسحاق بن إبراهيم: أيَقول الرجل خَلفَ الإمام: «رَبَّنا لَك الحمد شُكرًا»؛ إذا رَفَعَ رأسَه من الركوع؟ قال: «لا». • قال إسحاق: «ويقول خَلفَ الإمام: «سَمِعَ الله لمن حَمِده»». • وسمعت أحمَد بن نصر، قال: «يَقول خَلفَ الإمام: «سَمِعَ الله لمن حَمِده، اللهم رَبَّنا لَك الحمد»؛ كُلُّ إنسانٍ يُؤدِّي فَرضَه، ولا يَجوز إلا أن يَقولَه». 945 - حدثنا محمد بن يَحيى القُطَعي، قال: ثنا مُعاذ بن مُعاذ، قال: أبنا ابن عون، عن محمد، قال: «إذا قال الإمام: «سَمِعَ الله لمن حَمِده»؛ فَليَقُل مَنْ خَلفَه: «سَمِعَ الله لمن حَمِدَه، رَبَّنا لَك الحمد».

باب: الإقعاء في الصلاة

باب: الإقعَاء في الصَّلاة • سمعت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل يقول: «الإقعاء: أن يَجلِس الرجل على أطراف أصابِعِه في التَّشَهُّد وبَينَ السَّجدَتَين». 946 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني ابن جُرَيج، عن عَطاء، قال: «رأيت ابن عُمَر يُقعي على أطراف قَدَمَيه جَميعًا بَينَ السَّجدَتَين، ومَرَّةً يَثني رِجلَه اليُسرى ويَنصِب اليُمنى؛ يُقعي على أطراف أصابع يَمينه؛ حاذيًا (1) عليها؛ ثانِيَها وراءه؛ كذلك على أصابِعها». 947 - حدثنا علي بن عُثمان، قال: ثنا جَرير بن حازم، قال: «رأيت عَطاء، وابن أبي مُلَيكة، وطاوُسًا، وسالمًا، ونافعًا؛ يُقعُون إذا رَفَعوا رُؤوسَهم من السَّجدَة الأولى». باب: التَّوَرُّك في الصَّلاة • سمعت أحمَد يقول: «لا يَتَوَرَّك الرجل في الصَّلاة إلا في آخِر الأربَع». • وسألت إسحاق عن التَّوَرُّك في الصَّلاة؟ قال: «السُّنَّة في الركعَتَين: أن يَنصِب اليُمنى، ويَضَع اليُسرى، والتَّوَرُّك لا يَكون إلا في الرابِعَة». • ووَصَفَ لنا أحمَد -مرةً أخرى- الجلوسَ في الصَّلاة؛ قال: «أما في الركعَتَين الأولَيَين؛ فإنه يَنصِب اليُمنى، ويُضجِع اليُسرى، ويَجلِس عَلَيها، وأما في آخِر صَلاته؛ فإنه يُضجِع رِجلَه اليُسرى، ويَضَع ظَهر قَدَمِه اليُمنى على وَسَطِ أسفَلِ قَدَمِه -[444]- اليُسرى، ويَجعَلهما من ناحيَة، ولا يَجلِس على قَدَمِه اليُسرى، ولكِنَّه يَجلِس على الأرض شِبهَ التَّوَرُّك»؛ يَذهَب مَذهَب حَديث أبي حُمَيد الساعدي -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: «الجلوس في الصَّلاة هكذا هو».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب:"جاثيا".

o ليسَ هذا من كَلام أحمَد، ولكن وَصَفَه لنا والجلوسَ في آخِر الصَّلاة. • وسمعت إسحاق يقول: «الجلوس في الصَّلاة: أن يُضجِع اليُسرى، ويَنصِب اليمنى، وإنْ فَرَشَ اليُسرى، ثم وَضَعَ اليُمنى عَلَيها، ويسدِلهما، إلا أنه يَجتَهِد في نَصب قَدَمِه اليُمنى؛ فهو أحبُّ إلينا في جَلسَتِه الآخِرة من المكتوبات، وفي النَّوافِل -أيضًا- كذلك». 948 - حدثنا أبو هِشام محمد بن نصر، قال: قال حَسَّان بن إبراهيم: رأيت سُفيان ونحن بِجُدَّة افتَرَشَ رِجلَيه في الصَّلاة، فقلت له: رأيتكَ جَلَست جلسَةً لم أَرَكَ جَلَستَها؟ فقال: «بَلَغَنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يَجلِسها». 949 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا عبد الواحِد بن زياد، عن عُثمان بن حكيم، عن عامر بن عبد الله بن الزُّبَير، عن أبيه، قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جَلَس في الصَّلاة وَضَعَ رِجلَه اليُسرى بَينَ فَخِذِه وساقِه». o قال حرب: «هو -عِندي- التَّوَرُّك».

باب: التسبيح في الركوع والسجود

باب: التَّسبيح في الرُّكُوع والسُّجُود • قيل لأحمد: الرجل إذا سَجَدَ في الفَريضَة؛ يَدعو بِدُعاء؟ قال: «أما في الفَريضَة؛ فلا يُعجِبُني، وأما في التَّطَوُّع؛ فلا بأس». قلت: فيَقول في سُجوده: «سُبحان رَبي الأعلى وبِحَمده»؟ قال: «أما أنا فلا أقولُه». قلت: وكذلك في الركوع؟ قال: «نعم». o ومَذهَب أحمد: أنه يَقول في السُّجود: «سُبحان رَبي الأعلى»، وفي الركوع: «سُبحان رَبي العَظيم». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «كان يُستَحَبُّ في السُّجود: «سُبحان رَبي الأعلى»؛ ثلاثًا، وفي الركوع: «سُبحان رَبي العَظيم»؛ ثلاثًا، وإن سَبَّحتَ دون ذلك أجزأك، وإن سَبَّحتَ بِأيِّ تَسبيحٍ ذُكِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة؛ أجزأك؛ وذلك أن كُلًّا سُنَّة، سَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لأُمَّته في الشَّيءِ سُنَنًا؛ تَخفيفًا عَلَيهم. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُطَوِّل الركوع والسُّجود في النَّوافِل». 950 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا عُمَر بن علي، عن ابن أبي ذِئب، عن إسحاق بن يَزيد، عن عون بن عبد الله، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ قال في رُكوعِه: «سُبحان رَبي العَظيم»؛ ثلاثًا؛ فقَد تَمَّ رُكوعُه، وذلك أدناه، ومَنْ قال في سُجودِه: «سُبحان رَبي الأعلى»؛ ثلاثًا؛ فقَد تَمَّ سُجودُه، وذلك أدناه». 951 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، عن الأوزاعي، عن يَحيى بن أبي كثير، قال: حدثني حَفص بن الفُرافِصَة، أنه سمع عروة بن الزُّبَير يقول -في -[446]- سجوده-: «اللهم اغفِر للزبير بن العوام، اللهم اغفِر لأسماء بنت أبي بكر».

باب: من يغمض عينه في الصلاة

952 - قال بقية: فسألت الأوزاعي عن ذلك؟ فقال: «هذه رُخصَةٌ لمن أراد أن يَدعو لِوالِدَيه». • سمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا رَكَع (1): «اللهم لَك رَكَعت، وبِك آمَنت، ولَك أسلَمت، خَشَعَ لَك سَمعي وبَصَري ومُخِّي وعِظامي»، وإذا سجد قال: «اللهم لَك سَجَدت، وبِك آمَنت، سَجَدَ وَجهي للذي خَلَقَه، وشَقَّ سَمعَه وبَصَرَه، فتَبارَك الله أحسَنُ الخالِقين». 953 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا مُعاذ بن هِشام، قال: حدثني أبي، عن قَتادَة، عن مطرف، عن عائشَة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول -في الركوع والسُّجود: «سُبُّوحٌ قُدُّوس، رَبُّ الملائكَة والرُّوح». باب: مَنْ يُغمض عَينَهُ في الصَّلاة • سمعت إسحاق يقول: «لا تُغمض عَينَك وأنت تُصَلِّي؛ فإنه يُكرَه؛ لأن اليَهود يَفعَلون ذلك».

____ (1) لعله سقط هنا: "قال".

باب: كم سجود القرآن؟

• وسألت إسحاق -أيضًا-، قلت: المصَلِّي يُصَلِّي؛ فيُغمض عَينَه؟ قال: «أشَدُّ شَيء: في السُّجود»؛ كأنَّه رَخَّص في غَير السُّجود. 954 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو الأوزاعي: يُغمض المصَلِّي عَينَه؟ قال: «ليس ذاك من هَدي الصَّلاة». باب: كَم سُجُود القُرآن؟ • سألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: كَم سُجود القرآن؟ قال: «أربَعَ عَشرَة؛ خَمسَ عَشرة». قال: «لاولا أن نقول (1) في الحجِّ سَجدَتَين». • وسمعت إسحاق يقول: «سُجود القرآن: في الأعراف، والرَّعد، والنَّحل، وبَني إسرائيل، وسورَة مَريَم، وفي الحجِّ سَجدَتان، وفي الفُرقان، والنَّمل، و: {الم تنزيل}؛ السَّجدَة، وفي ص?، وكان بَعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يَسجُدون في ص?، وكان بَعضُهم يَسجُد، والسجود أحبُّ إليَّ، وفي: {حم}؛ السَّجدة؛ عِندَ قَوله: {وهم لا يسأمون}، وفي النجم، وفي: {إذا السماء انشقت}، وفي: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}. هذا سُجود القرآن الذي بَلَغَنا، وقد قالوا: «العَزائم أربَع: {تنزيل}؛ السَّجدَة، و: {حم}؛ السَّجدة، والنجم، و: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}»». 955 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، ثنا هُشَيم، قال: أبنا خالِد الحذاء، عن أبي العريان المجاشعي، عن ابن عَبَّاس، أنه كان يَسجُد في الأعراف، وفي الرَّعد، وفي النَّحل، -[448]- وبَني إسرائيل، ومَريَم، وفي الحج؛ السَّجدَة الأولى، وفي الفُرقان، وفي النَّمل، و: {الم تنزيل}؛ وفي ص?، وفي: {حم تنزيل}.

____ (1) في الأصل النون مهملة، ولم يتبين لي فيها وجه، وأحتمل في الكلمة الأولى: "لأُولاءِ".

باب: الوقت الذي يكره فيه سجود القرآن

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «في الحج سَجدَتان». 956 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا ابن مبارَك، عن ابن لَهيعَة، عن أبي مصعب، عن عقبة بن عامر، قال: قلت: يا رسول الله، سورَة الحج فُضِّلَت بِسَجدَتَين؟ قال: «نعم». 957 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم قال: أبنا مَنصور، عن ابن سيرين، عن ابن عُمَر، أن عُمَر كان يَسجُد في الحج سَجدَتَين، ويقول: «فُضِّلَت هذه السُّورَة على القرآن بِسَجدَتَين». 958 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا سُفيان، عن أيوب بن موسَى، عن عَطاء بن مينا، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: «سَجَدنا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في: {إذا السماء انشقت} و: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}». باب: الوَقت الذي يُكرَه فِيه سُجُود القُرآن • وكَرِهَ أحمَد أن يَسجُد الرجل بَعدَ صَلاة العَصر، وبَعدَ الفَجر.

باب: سجود القرآن؛ من قال: هو سنة؟

• قيل لأحمد: فَبَعدَ رَكعَتَي الفَجر؛ قَبلَ المكتوبَة؟ فلم يَرَ بِهِ بأسًا. o وأَمْرُ السُّجود عِندَ أحمَد سَهل؛ إن شاء سَجَد، وإن شاء لم يَسجُد. • وسمعت إسحاق يقول: «إنْ قَرأ السَّجدَة بَعدَ صَلاة الفَجر؛ لم يَسجُد حَتى تَطلُع الشَّمس، وإن قَرأها بَعدَ العَصر إذا ضافَت الشَّمس لِلغُروب، ولم يَبقَ من الشَّمس قَدرَ ما يُصَلِّي رَكعَة؛ أخَّرَ ذلك حتى تَغيب الشَّمس». 959 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم قال: أبنا يونُس، عن الحسَن؛ 960 - وأخبرنا مُغيرَة، عن إبراهيم، قال (1): «يَسجُد بَعدَ العَصر وبَعدَ الفَجر؛ ما كان في وَقتٍ». باب: سُجود القُرآن؛ مَنْ قَال: هُوَ سُنَّة؟ • سمعت إسحاق يقول: «قَد مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم في سُجود القرآن؛ لا يَدَع المصَلِّي ولا غَيره إذا قرأها حتى يَسجُد؛ سُنَّة مَسنونَة؛ مِن غَير أن يَكون ذلك فَرضًا على العِباد؛ كما سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الوِترَ، والعيدَين، وما أشبَهَ ذلك». 961 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا النضر بن شميل، قال: ثنا صالِح بن أبي الأخضر، عن ابن شِهاب، عن عياض بن خليفة، قال: «رأيتُ عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- قَرأ النَّحل وهو على المِنبَر، فنَزَل، فسَجَد، ثم قام، فرَقى إلى المِنبَر».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "قالا".

باب: التسليم في سجود القرآن

باب: التَّسليم في سُجُود القُرآن • قلت لأحمد: الرجل يَقرأ سُجود القرآن، فيَسجُد؛ أيُسَلِّم؟ قال: «نَعم». قلت: تَسليمَةً خَفيَّةً عَن يَمينه؟ قال: «نَعم». • وقيل لأحمد: أيَتَشَهَّد إذا قَرأ السَّجدَة؟ قال: «لا، ويُسَلِّم». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا رَفَعَ رأسَه من السُّجود كَبَّر، ثم استَوى جالِسًا، فسَلَّمَ عن يَمينه: «السَّلام عَلَيكُم»؛ لا يَزيد على ذلك». 962 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، عن شُعبَة، عن عَطاء بن السَّائب، قال: كُنتُ أمشي مَعَ أبي عبد الرحمن السلمي نَحوَ الفُرات، فقَرأ سَجدَةً، فأَومَأَ بِها، ثم سَلَّم تَسليمَة، ثم قال: «هكذا رأيت ابنَ مَسعود يَفعَله». 963 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا الثقفي، عن خالِد الحذاء، عن أبي قلابة ومحمد بن سيرين، قالا: «إذا قَرأ السَّجدَة؛ كَبَّر، ثم سَجَد، فإذا رَفَعَ رأسَه؛ كَبَّر». قال خالِد: «وكُلُّ شَيءٍ يُدخَل فيه بِتَكبير؛ فلا يُخرَج منه إلا بِتَسليم». 964 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا وَكيع، قال: ثنا شُعبَة، عن الحكم، عن أبي الأحوص، أنه قَرأ سَجدَةً، فسَجَد فيها، ثم سَلَّم.

باب: من قرأ السجدة وهو على غير وضوء

باب: مَنْ قَرَأ السَّجدَةَ وَهُوَ على غَير وُضُوء • قيل لأحمد: الرجل يَقرأ السَّجدَة وهو على غَير وضوء؟ قال: «لا بأس». قيل: أيَسجُد إذا تَوضَّأ؟ قال: «لا». • وسألت إسحاق، قلت: الرجل إذا كان على غَير وضوء، فقَرأ السَّجدَة؟ قال: «يَقرَؤها ولا يَسجُد». قلت: فإذا تَوضَّأ؛ يَسجُد؟ قال: «نَعم، سَجدَةٌ أحِبُّ مُلازَمَتَها». 965 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا يونُس، عن الحسَن -في الرجل يَسمَع السَّجدَة وهو على غَير وضوء-؛ قال: «لا يَسجُد». 966 - حدثنا سَعيد، قال: ثنا أبو عَوانَة، عن مَنصور، عن إبراهيم، قال: «يَتَيمَّم ويَسجُد». 967 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا عُبَيدالله بن موسَى، قال: أبنا ابن أبي زائدَة، عن أبي الحسَن، عن سَعيد بن جُبَير، عن ابن عُمَر -في الرجل يَقرأ السَّجدَة وهو غَير مُتَوضِّئ-؛ قال: «يَسجُد». باب: مَنْ قَرَأ السَّجدَةَ في الصَّلاة المكتُوبَة وغَيرِها • سُئل أحمَد عن الرجل يَقرأ السَّجدَة وهو في الصَّلاة؛ أيَجوز ألَّا يَسجُد؟ قال: «نَعم»، ثم احتَجَّ بِحَديث عُمَر، أنه قَرأ السَّجدَة على المِنبَر، فلم يَنزِل.

باب: رفع اليدين في سجود القرآن

968 - حدثنا الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا هِشام بن عروة، عن أبيه، أن عُمَر قَرأ على المِنبَر يَومَ الجُمعة سورَةَ النَّحل، فسَجَدَ فيها، فلما كانت الجُمعَة الثانيَة؛ قَرأها، فتَهَيَّأ الناس للسُّجود، فقال عمر: «على رِسلِكُم؛ إنها لم تُكتَب عَلَينا إلا أن نَشاء». • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا قرأ الرجلُ السَّجدَةَ وهو في المكتوبَة؛ سَجَدَ بها، فإن كان إمامًا؛ فعَلَى مَنْ خَلفَه أن يَقتَدوا بِه؛ وإن كان ذلك في صَلاةٍ لا يُجهَر فيها بِالقِراءة؛ ما (1): 969 - أخبرني يَزيد بن هارون، عن سُلَيمان التيمي، عن أبي مجلز، عن ابن عُمَر، أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِهم الظُّهر، فقَرأ: {تنزيل}؛ السَّجدَة، فسَجَدَ بها». • قال إسحاق: «وكذلك فَعَلَ مَنْ بَعدَ النبي صلى الله عليه وسلم، وأخطأ هؤلاء الذين قالوا: لا يقرأ السُّورَة التي فيها السَّجدَة إلا في صَلاة الصُّبح». باب: رَفع اليَدَين في سُجُودِ القُرآن o ورأيت أحمَد بن حَنبل انحَطَّ للسُّجود عِندَ قِراءة السَّجدَة، فرَفَع يَدَيه. • وسألت إسحاق عن الرجل يَقرأ السَّجدَة في الفَريضَة، فيَنحَطُّ للسُّجود؛ أيَرفَع يَدَيه؟ قال: «نَعم». فراجَعتُه، فقال: «نَعم».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "كما".

باب: من قرأ السجدة في الطواف

970 - أخبرنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا مُعاذ بن مُعاذ، قال: أنا ابن عون، عن عبد الله بن مُسلِم بن يَسَار، عن أبيه، أنه قال: «إذا قَرأ الرجلُ السَّجدَةَ؛ لم يَسجُد حتى يَفرغ من الآية، فإذا فَرَغَ منها؛ رَفَعَ يَدَيه، وكَبَّر، وسَجَد»، 971 - قال ابن عون: «وقال محمدٌ مِثلَ هذا». باب: مَنْ قَرَأ السَّجدَةَ في الطَّواف • قلت لإسحاق: رَجلٌ قَرأ سَجدَةً ويَطوف بِالبَيت؟ قال: «يومئ». 972 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا شيخ، قال: سُئل عَطاء والحكم عمَّن قَرأ السَّجدَة في الطَّواف؟ فقال أحَدُهما: «يَسجُد على البَيت». وقال الآخَر: «يومئ». 973 - قال هُشَيم: «وهو أحَبُّ إلَيَنا». باب: مَنْ قَرَأ السَّجدَةَ وَهو يَمشِي • قلت لإسحاق: فإن قَرأ سَجدَةً وهو يَمشي في طَريق؟ قال: «يومئ». 974 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو عَوانَة، عن مَنصور، عن إبراهيم، أن رَجلًا سَأل الأسود عن سَجدَةٍ في الطَّريق؟ فأَومَأ بِرَأسِه. 975 - حدثنا يَحيى بن عُثمان، قال: ثنا اليمان بن عدي، قال: سمعت الزبيدي يقول: «إذا قَرأ الرجلُ السَّجدَةَ وهو في الطَّريق؛ فَليومئ بِرَأسِه إيماءً».

باب: إذا قرأ السجدة ركع

باب: إذا قَرَأ السَّجدَةَ رَكَع • سُئل إسحاق عن الرجل يَقرأ السَّجدَة من وَسَط السُّورَة؛ أيَركَع بِها؟ قال: «نَعم، وإن شاء لم يَسجُد؛ لأن السَّجدَة لَيسَت بِواجِبَة». 976 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا مُعتَمِر، عن مَعمَر، عن ابن طاوُس، عن أبيه، أنه قَرأ في صَلاة العِشاء الآخِرَة: {تنزيل}؛ السَّجدَة، فلَمَّا أتى إلى السَّجدَة؛ رَكَعَ بِها. باب: مَنْ قَرَأ السَّجدَة؛ يَقوم مِن مَكَانِهِ قَائمًا، ثمَّ يَسجُد • سمعت إسحاق يقول: «إذا قَرأ السَّجدَة يَقوم من مَكانِه قائمًا، ثم يَسجُد». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا أراد الرجل أن يَسجُد؛ كَبَّرَ قائمًا، ثم يَسجُد، وإن كان قَرأ جالِسًا؛ قام حتى يُكَبِّر مُعتَدِلًا، ثم يَسجُد؛ كذلك فَعَلَت عائشَة: 977 - أخبرني بذلك أبو أسامة والنضر بن شميل ووهب بن جَرير، عن شُعبَة، عن شميسة، عن عائشَة، أنها كانت تَقرأ في المصحَف، فإذا انتَهَت إلى السَّجدَة؛ قامَت، فسَجَدَت». • قال إسحاق: «وإذا قَرأ القارئُ السَّجدَةَ؛ كَبَّر قائمًا، ثم سَجَد». باب: المرأة تَقرَأ السَّجدَةَ، فَيَسمَعُها الرَّجُل، والصَّبِيُّ يَقرأ • سمعت إسحاق يقول: «إذا قَرأَتِ المرأةُ السَّجدَةَ، فسَمِعَها الرجل؛ فلا يَسجُد -[455]- لِسُجودِها، ولكِن ليَقرَأها هو، ثم يَسجُد».

باب: السجدة تكون في آخر السورة

قال: «وكذلك إذا سَمِعتها من صَبيٍّ لم يَعقل، فاقرأها أنت، واسجُد». قال: «فإن كان غُلامٌ قد راهَقَ الحُلُم، فسَمِعتَها منه؛ واسجُد (1) بِسُجودِه. فإنْ سَجَدتَ بِسُجود المرأة والصَّبيِّ الذي لم يُراهِق الحُلُم؛ أجزأ عَنك السَّجدَة -إن شاء الله تَعالى-». باب: السَّجدَةُ تَكُون في آخِرِ السُّورُة • سمعت إسحاق يقول: «إذا كانَت السَّجدَة في آخِر السُّورَة؛ فإن شِئتَ سَجَدت، وإن شِئتَ رَكَعتَ بِها، وإن كانَت السَّجدَة بَينَها وبَينَ الخاتِمَة آيةٌ أو آيتان؛ فإن رَكَعتَ بِها؛ فلا بأسَ؛ وإن سَجَدتَ بِها؛ كُلُّ ذلك مَعمولٌ بِه». 978 - حدثنا عَمرو بن مرزوق، قال: أبنا زائدَة، قال: سُئل أبو إسحاق: ذَكَرْتَ عن الأسود، أن عبد الله كان يقول: «إذا قَرأتَ سورَةً آخِرها سَجدَة؛ فإن شِئتَ فاركَع قانمًا (2) السَّجدَة في الركعَة، وإن شِئتَ فاسجُد ثم اقرأ بَعدَها سورَةً»؟ قال: «نعم». 979 - حدثنا محمد بن يَحيى بن أبي حَزم، قال: ثنا بِشر بن عُمَر، قال: ثنا ابن لَهيعَة، عن ابن هبيرة، عن كامل أبي عُمَر، أنه سمع عبد الله بن عَمرو يقول: «في القرآن -[456]- خَمسَ عَشرَةَ سَجدَة، فأما ما كان قراب (3)؛ فإن الرجل يَركَع عِندَها ويَسجُد؛ لا يَنبَغي لَه أن يُجاوِزَها»، وكان يَسجُد في: {وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون}.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "فاسجد". (2) في الأصل بالقاف في أوله، وإهمال النون، والتنوين في آخره. (3) في الأصل مهملة الحرف الأخير، ويحتمل فيها: "قِراب"، وهو المقاربة، انظر: لسان العرب (1/ 664)، فيكون المراد: ما كان من السجدات مقاربا لخاتمة السورة، ويشير إلى ذلك تمام الأثر، والله أعلم.

.................... (1) من «مَسائل أحمَد -رَحِمَه الله تَعالى-». والحمد لله رَبِّ العالَمين، ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بالله العَليِّ العَظيم. يَتلوه في أوَّل الجزء الثاني -إن شاء الله تَعالى-: باب: «إذا قَرأ السَّجدَة فسَجَد ثم قام؛ فَليَقرأ شَيئًا، ثم يَركع»

____ (1) بياض في الأصل قدر سطر، ولعل فيه: "تم الجزء الأول"، أو ما في معنى ذلك.

باب: إذا قرأ السجدة، فسجد، ثم قام؛ فليقرأ شيئا، ثم يركع

بِسم الله الرَّحمان الرَّحيم باب: إذا قَرَأ السَّجدَة، فسَجَد، ثمَّ قَام؛ فَلْيَقرَأ شَيئًا، ثمَّ يَركَع o حدثنا أبو القاسِم عيسَى بن محمد، قال: حدثني حرب بن إسماعيل الحنظلي، قال: • سمعت إسحاق يقول: «إذا قَرأ الرجلُ السَّجدَةَ، فسَجَدَ بِها، ثم قام فرَكَع؛ فأحَبُّ إليَّ أن يَقرأ شَيئًا، وأرجو أن يُجزئه وإن لم يَقرأ شَيئًا، وقد قَرأ عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-: {والنجم} في الصُّبح، فسَجَدَ بِها، ثم قام، فقَرأ: {إذا زلزلت}، ثم رَكَع. وهو الذي نَعتَمِد عَلَيه، وإن لم يَفعَل فهو جائز؛ بَعدَ إذْ كان قَرأ قَبلَ السُّجود فاتحة الكِتاب، وهو مُسيءٌ حَيثُ لم يَقرأ بَعدَ رَفعِهِ رأسَه من السَّجدَة». 980 - حدثنا عبد الله بن سوار، عن جَرير بن حازم، قال: سمعت محمد بن سيرين، قال: «أُنبِئت أن عُثمان بن عفان كان إذا قَرأ سورَة النَّجم، فأتى على السَّجدَة؛ سَجَد، ثم قام، فقَرأ: {إذا زلزلت الأرض زلزالها}، أو نَحوَها، ثم رَكَعَ وسَجَد». 981 - قال: «وأُنبِئت أن ابن مسعود كان إذا قَرأها على النَّاس؛ سَجَد، وإذا قَرأها في صَلاةٍ؛ رَكَعَ وسَجَد، 982 - وأُنبِئت أن عبد الله بن عُمَر كان إذا انتَهَت بِهِ القِراءة؛ رَكَعَ وسَجَد، وإذا أراد أن يَقرأ بَعدَها شَيئًا؛ سَجَد، ثم قام فرَكَعَ وسَجَد». باب: الدُّعَاء فِي سُجُود القُرآن • وسمعت إسحاق يقول: «إذا قَرأ السَّجدَة في المكتوبَة، فإن شاء دَعا فيها بِكُلِّ -[458]- ما يُسَمَّى دُعاءً، بَعدَ أن يكون مِمَّا جاءت به الآثار؛ مِثلَ ما ذُكر عن داوُد النبي صلى الله عليه وسلم: «سَجَدَ وَجهي مُتَعَفِّرًا بِالتُّراب لِخالِقي، وحُقَّ لَه»، وكَما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «سَجَدَ وَجهي للذي خَلَقَه وصَوَّرَه، فأحسَن صورَتَه، فشَقَّ سَمعَه وشَقَّ بَصَرَه، بِحَولِهِ وقُوَّتِه، تَبارَك الله أحسَن الخالِقين»، وهو الذي نَعتَمِد عَلَيه؛ لِمَا رَوَى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يَقول ذلك في سُجود الصَّلَوات المكتوبات، فأحسَنُ ما يُختار لِسُجود القرآن: ما ثَبَتَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يَدعو بِهِ في المكتوبات والنَّوافِل، مَعَ ما ذُكِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يَقول ذلك -أيضًا- في سُجود القرآن».

قال: «واختار قَومٌ من أهل العِلم -مِنهُم: ابن المبارَك، ونظراؤه-: أن يَقولوا في سُجود القرآن في المكتوبات: «ظَلَمتُ نَفسي، فاغفِر لي ذَنبي؛ إنه لا يَغفِر الذُّنوبَ إلا أنت»، فإن قال ذلك جاز، وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال؛ هُو أحبُّ إلَينا». قال إسحاق: «وكُلُّ ما وَقَعَ عَلَيه اسمُ الدُّعاء مِمَّا يَدعو بِه؛ جاز ذلك، والخيرَة: ما وَصَفنا في ذلك مِن فِعل النبي صلى الله عليه وسلم». 983 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا خالِد الحذاء، عن أبي العالية، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقول في سُجود القرآن: «سَجَدَ وَجهي للذي خَلَقَه، وشَقَّ سَمعَه وبَصَرَه، بِحَولِه وقُوَّتِه».

باب: تفسير: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد جخ»

باب: تَفسير: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَجَدَ جَخَّ» 984 - سمعت إسحاق يقول: أخبرنا النضر بن شميل، عن يونُس بن أبي إسحاق (1)، عن البراء، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سَجَد جَخَّ. 985 - وسمعت أحمَد بن سَعيد يقول: قال النضر بن شميل: «يَنبَغي أن يكون: «جخَّى»، ولكن هكذا قال يونُس». o وتَفسيره: أن يَرفَع عَجيزَتَه، ويُقال: «الكُوز المجَخِّي: شِبهُ المنكوس». 986 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا شَريك، عن أبي إسحاق، قال: رأيت البراء إذا سَجَدَ خَوَّى، ورَفَعَ عَجيزَته، ثم قال: «رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم هكذا يَفعَل». 987 - حدثنا يَحيى، قال: ثنا شَريك، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن ابن عَبَّاس، قال: «رأيت نَبيَّكم صلى الله عليه وسلم إذا سَجَدَ خَوَّى، حتى رأيت بَياض إبطَيه».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "يونس، عن أبي إسحاق"، أو يكون سقط بعده: "عن أبي إسحاق".

باب: وضع الركبتين قبل اليدين

باب: وَضع الرُّكبَتَين قَبلَ اليَدَين o ورأيت أحمَد إذا سَجَدَ وَضَعَ رُكبَتَيه قَبلَ يَدَيه. 988 - حدثنا محمد بن المصفى، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا أبو عَمرو الأوزاعي، قال: «أدرَكتُ النَّاسَ يَضَعون أيديَهم قَبلَ رُكَبِهم». 989 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عبد العَزيز بن محمد، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن الحسَن، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هُرَيرَة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سَجَدَ أحَدُكم؛ فلا يَبرُك كما يَبرُك الجَمَل؛ يَضَعُ يَدَيه قَبلَ رُكبَتَيه». باب في السَّهو: مَنْ لا يَدري ثلاثاً صَلَّى أم أربَعًا؟ • سمعت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل يقول -في رَجلٍ لا يَدري ثَلاثًا صَلَّى أم أربَعًا-؛ قال: «يُضيف إلَيها أخرى؛ حتى تَكون أربَعًا». • سمعت إسحاق يقول: «إذا شَكَكتَ في صَلاتك؛ فلَم تَدرِ أَثلاثًا صَلَّيتَ أو اثنَتَين؛ فانظُر الذي تَستَيقِن؛ فاستَمسِك بِه، وأَتِمَّ ما شَكَكتَ فيه، واسجُد سَجدَتَي السَّهو، واسجُدهُما بَعدَ التَّسليم، ثم سَلِّم عَن يَمينك وعَن يَسَارك».

990 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: ثنا صفوان بن عيسَى، قال: ثنا ابن عجلان، عن زَيد بن أسلم، عن عَطاء بن يَسَار، عن أبي سَعيد الخُدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا شَكَّ أحَدُكم في صَلاته؛ فلا يَدري أَثلاثًا صَلَّى أم أربَعًا؛ فَليُلقِ الشَّكّ، وليَبنِ على اليَقين، فإن كانت خامِسَة؛ شَفَعَتها السَّجدَتان، وإن كانت رابِعَة؛ فالسَّجدَتان تَرغيمٌ للشَّيطان». 991 - حدثنا عيسَى بن سُلَيمان، قال: ثنا عبد الله بن جَعفَر، قال: أخبرني زَيد بن أسلم، عن عَطاء بن يَسَار، عن عبد الله بن عَبَّاس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا شَكَّ أحَدُكم في صَلاته، فاستَيقَنَ أنه قَد صَلَّى ثَلاثًا؛ فَليُصَلِّ واحِدَةً بِرُكوعها وسُجودها، ثم ليَتَشَهَّد، فإذا فَرَغَ فلم يَبقَ إلا أن يُسَلِّم؛ فَليَسجُد سَجدَتَين وهو جالِس، ثم ليُسَلِّم، فإن كان صَلَّى ثَلاثًا، وكانَت الركعَة التي صَلَّى رابِعَةً؛ كانَت السَّجدَتان تَرغيمًا للشَّيطان، وإن كان صَلَّى أربَعًا؛ كانَت الركعَة التي صَلَّى خامِسَةً شَفَعَتها سَجدَتان».

باب: سجدتي السهو في النقصان [و] (1) الزيادة

باب: سَجدَتَي السَّهو في النُّقصَان [و] (1) الزيادة • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول -في سَجدَتَي السَّهو إذا كانَتا من تحري (2)، أو سَلَّم في رَكعَتَين أو ثَلاث-؛ فهو: «بَعدَ السلام، وسائر ذلك قَبلَ السلام». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «السَّهو على خَمسَة أوجُه: 1 - السَّهو في التحَرِّي؛ على حديث ابن مسعود؛ يَسجُد بَعدَ السلام والتَّشَهُّد. 2 - وفي حديث زَيد بن أسلم، عن عَطاء بن يَسَار، عن أبي سَعيد؛ يَسجُدُهما قَبلَ التَّسليم، ولا يَتَشَهَّد. 3 - وفي حديث ابن بحينة؛ يَسجُدُهما قَبلَ التَّسليم، ولا يَتَشَهَّد. 4 - وفي حديث أبي هُرَيرَة وعِمران بن حصين -في التَّسليم من ثِنتَين أو ثَلاث-؛ يَسجُد بَعدَ التَّسليم، ويَتَشَهَّد فيهما». 5 - وقال: «كُلُّ سَهوٍ يَدخُل عَلَيه سِوَى هذه؛ فإنه يأتي به قَبلَ التَّسليم؛ لأنه أصَحُّ في المعنى؛ كأنَّه تَرَكَ سَجدَةً أو رَكعَةً أو فاتحة الكِتاب». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن حديث ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهر خَمسًا؛ قلت: جَلَسَ في الرابِعَة؟ قال: «لَيسَ في الحديث». قال: «وهذا زَيد بن أسلم يَقول: «إذا شَكَّ في الرابِعَة والخامِسَة؛ جَعَلَها أربَعًا»»، يعني: حديث زَيد بن أسلم، عن عَطاء بن يَسَار، عن ابن عَبَّاس.

____ (1) وقع طمس في الأصل فلم تظهر "و"، ولعل الصواب إثباتها. (2) كذا في الأصل، والوجه: "تَحَرًّ".

• قيل لأحمد: ويَسجُد سَجدَتَي السَّهو قَبلَ السلام؟ قال: «نعم». قيل: بالحديث؟ قال: «نعم». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يَذهَب إلى حَديث ابن بحينة في سَجدَتَي السَّهو. • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا سَهَا المصَلِّي، فكان سَهوُه نُقصانًا في الصَّلاة؛ فإنه يَسجُد سَجدَتَي السَّهو قَبلَ السلام؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ قام في الثِّنتَين من الظُّهر، فسَجَدَ سَجدَتَي السَّهو قَبلَ التَّسليم، وقال ابن مسعود: «كُلُّ شَيءٍ في الصَّلاة من نُقصانٍ من رُكوعٍ أو سُجودٍ أو غَير ذلك؛ فسَجدَتا السَّهو قَبلَ التَّسليم، وما كان من زيادَةٍ؛ سَجَدَهُما بَعدَ التَّسليم»: 992 - أخبرنا بذلك عتاب بن بشر (1)، عن خصيف، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود». 993 - حدثنا محمد بن يَحيى القُطَعي، قال: ثنا بِشر بن عُمَر، قال: سألت مالك بن أنس عن السَّهو؟ فقال: «كُلُّ سَهوٍ كان نُقصانًا من الصَّلاة؛ فإن سُجودَه قَبلَ التَّسليم، وكُلُّ سَهوٍ كان زيادَةً في الصَّلاة؛ فإن سُجودَه بَعدَ التَّسليم». 994 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا محمد بن جَعفَر، قال: ثنا شُعبَة، عن سَعد بن إبراهيم، عن أبي سَلَمَة، عن أبي هُرَيرَة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهر رَكعَتَين، ثم سَلَّم، فقيل -[464]- له: نقصَ من الصَّلاة؟ فصَلَّى رَكعَتَين أُخرَيَين، ثم سَلَّم، ثم سَجَدَ سَجدَتَين.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "بشير".

995 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا خالِد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عِمران بن حصين، أن النبي صلى الله عليه وسلم سَلَّم في ثَلاث رَكعاتٍ من العَصر، ثم قام فَدَخَل، فقام إليه رَجلٌ يُقال له: «الخِرباق»، وكان في يَدَيه طول، فقال: يا رسول الله. فخَرَج إلَيه، فذَكَرَ لَه صَنيعَه، فقال: «أَصَدَق هذا؟». قالوا: نعم. فصَلَّى الركعَة التي تَرَك، ثم سَلَّم، ثم سَجَدَ سَجدَتَين، ثم سَلَّم. 996 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا ابن جُرَيج، قال: أخبرني ابن شِهاب، أن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أخبره أن عبد الله بن بحينة الأسدي حليف بني عبد المطَّلِب -وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم-؛ أنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى بهم رَكعَتَين، ثم قام ولم يَقعُد فيها، فقام الناس مَعَه، فلَمَّا صَلَّى الركعَتَين الأخرَيَين، وانتظر الناس تَسليمَهُ؛ كَبَّر فسَجَد، ثم كَبَّر فسَجَد، ثم سَلَّم. 997 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا عبد العَزيز بن محمد، قال: حدثني زيد -[465]- ابن أسلم، عن عَطاء بن يَسَار، عن ابن عَبَّاس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا صَلَّى أحَدُكم فلا يَدري ثَلاثًا صَلَّى أم أربَعًا؛ فَليُصَلِّ رَكعَةً، وليَسجُد سَجدَتَين، ثم يَسجُد سَجدَتَين قَبلَ أن يُسَلِّم، فإن كانَت خامِسَةً؛ شَفَعَها بِسَجدَتَين، وإن كانَت رابِعَةً؛ فالسَّجدَتان تَرغيمٌ للشَّيطان».

998 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن مَنصور، عن إبراهيم، عن عَلقَمَة، عن عبد الله، قال: صَلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلاةً -قال إبراهيم: «لا أدري أزاد أم نَقَص؟» -، فلَمَّا سَلَّم قيل له: يا رسول الله، أحَدَثَ في الصَّلاة شَيء؟ قال: «وما ذاك؟». قالوا: صَلَّيت كذا وكذا. قال: فثَنَى رِجلَيه، واستَقبَل القِبلَة، فسَجَدَ سَجدَتَين، ثم سَلَّم، فلَمَّا أقبَل عَلَينا بِوَجهِه؛ قال: «إنه لَو حَدَثَ في الصَّلاة شَيءٌ أنبأتكم بِه، ولكن إنما أنا بَشَر؛ أنسَى كما تَنسَون، فإذا نَسيتُ فذَكِّروني، وإذا شَكَّ أحَدُكُم في صَلاته؛ فَليَتَحَرَّ الصَّلاة، وليُتمَّ عَلَيه، ثم ليُسَلِّم، ثم يَسجُد سَجدَتَين».

باب: من صلى خمس ركعات

باب: مَنْ صَلَّى خَمسَ رَكعَات • وسألت أحمَد بن حَنبل، قلت: رَجلٌ صَلَّى خَمسَ رَكعات؛ مَتى يَسجُد سَجدَتَي السَّهو؟ قال: «يَسجُدُهُما قَبلَ السلام». • وقال أحمَد -في حديث ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى خَمسَ رَكعات، فسَجَدَ بَعدَ التَّسليم-؛ قال: «إن النبي صلى الله عليه وسلم سَجَدَهُما بَعدَ الكَلام»، فذَهَبَ أبو عبد الله إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَذكُرهما إلا بَعدَما تكَلَّم. • وقيل لأحمَد -مرةً أخرى- عن رَجلٍ صَلَّى خَمسَ رَكعات؟ قال: «يَسجُد سَجدَتَي السَّهو، وقد تَمَّت صَلاته». • وسألت أحمَد بن سَعيد، قلت: رَجلٌ صَلَّى خَمسَ رَكعاتٍ الفَريضَة ناسيًا؟ قال: «صَلاته جائزَة، ويَسجُد سَجدَتَي السَّهو». قلت: هو قَول أصحاب الحديث؟ قال: «نَعم». قلت: فسَجدَتا السَّهو في هذا؛ قَبلَ التَّسليم أو بَعدُ؟ قال: «بَعدَ التَّسليم». 999 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أبنا جَرير، عن الحسَن بن عُبَيدالله، عن إبراهيم بن سويد، قال: صَلَّى بِنا عَلقَمَة خَمسًا، فلَمَّا سَلَّم قال القَوم: يا أبا شِبل، صَلَّيتَ خَمسًا. قال: قال عبد الله: «صَلَّى بِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خَمسًا، فلما انفَتَل قيلَ لَه، فسَجَدَ سَجدَتَين، ثم سَلَّم». 1000 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني سَعيد -[467]- ابن بشر (1)، عن مَنصور، عن الحكم بن عتيبة، عن الحسَن العرني، عن ابن عَبَّاس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهر خَمسًا، ثم سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "بشير".

باب: من نسي سجدة من صلاته

• وسمعت أحمَد يقول: «كُلُّ سَجدَتَين للسَّهو يَسجُدُهُما قَبلَ التَّسليم؛ فلَيسَ فيهما تَشَهُّد؛ يَسجُدُهُما، ثم يُسَلِّم، وإذا كانَتا بَعدَ السلام؛ فَفيهما تَشَهُّدٌ وسَلام». • وسمعت أحمَد بن سَعيد يقول: «إذا سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو في نُقصانٍ من الصَّلاة؛ فإنه يَتَشَهَّد، ثم يَسجُد قَبلَ أن يُسَلِّم، ثم يُسَلِّم، ولا يَتَشَهَّد إلا التَّشَهُّد الأوَّل». 1001 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا سُفيان، عن الزُّهري، عن الأعرج، عن عبد الله بن بحينة -رضي الله عنه-: «صَلَّى بِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةً نَظُنُّ أنها العَصر، فقام في الثانيَة؛ لم يَجلِس، فلما كان قَبلَ أن يُسَلِّم؛ سَجَدَ سَجدَتَين». باب: مَنْ نَسِيَ سَجدَةً مِن صَلاتِه • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول -في رَجلٍ نَسي سَجدَةً من صَلاته، فذَكَرَها بَعدَما تكَلَّم-؛ قال: «يُعيدُ الصَّلاة، وإن ذَكَرَها قَبلَ أن يَتكَلَّم وهو جالِس؛ قام، فصَلَّى رَكعَةً وسَجدَتَين». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «إذا نَسي سَجدَةً من صلاته ثم سَلَّم؛ فإنه يَقوم، ويأتي بِرَكعَةٍ وسَجدَتَين؛ لأنه لا تُجزئه رَكعَةٌ إلا بِسَجدَتَين، ولا سَجدَتان إلا -[468]- بِرَكعَة. ويَسجُد سَجدَتَي السَّهو في هذا قَبلَ التَّسليم، وكذلك إن نَسي فاتحة الكِتاب؛ فإن تِلك الركعَة لا تُجزئه».

• وسُئل أحمَد -أيضًا- عن الرجل يَترُك سَجدَتَين من صَلاة الظُّهر؛ من كُلِّ رَكعَةٍ سَجدَة؟ قال: «لا يَعتَدُّ بِهاتَين الركعَتَين، إن ذَكَرَهما في صلاته قَبلَ أن يُسَلِّم؛ أعاد رَكعَتَين». • قلت لأحمد: فنَسي سَجدَةً من صَلاته، فذَكَرَ بَعدَما سَلَّم وتكَلَّم؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». قلت: وكذلك إن نَسي فاتحة الكِتاب في رَكعَة؟ قال: «نَعم». • سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رَجلٌ نَسي سَجدَةً من صَلاته؟ قال: «إذا لم يَدرِ مِن أيَّةِ رَكعَةٍ نَسي؛ سَجَدَ سَجدَةً للأولى، ثم يُعيدُ ما بَعدَها من الركعات؛ لأنه لا يُجزئ أن يَكون عَلَيه فَرضٌ وهو يُصَلِّي بَعدَها، وإن عَلِمَ مِن أيَّةِ رَكعَةٍ هي؛ سَجَده (1) هذه السَّجدَة، وأعاد ما بَعدَها». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: رَجلٌ نَسي سَجدَةً من رَكعَة؟ قال: «إن عَرَفَ مِن أيَّةِ رَكعَةٍ نَسيَها؛ سَجَدَ سَجدَةً واحِدَة؛ لِيُتمَّ بها رَكعَتَه التي نَسي منها السَّجدَة، ثم نَظَر إلى ما كان بَعدَ نِسيانِه السَّجدَةَ؛ فأعادها». • قلت لأحمد: فإن لم يَدرِ مِن أيَّة رَكعَةٍ نَسيَها؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة كُلَّها»، ثم قال: «يَجعَلُها من أوَّل كُلِّ رَكعَة، فيُعيدُ سَجدَةً واحِدَة، ثم يُصَلِّي ثَلاثَ رَكعات»، وذَهَبَ إلى ذلك.

____ (1) كذا في الأصل، وضبب على الهاء، إشارة إلى أنها زائدة، والصواب حذفها.

باب: سجدتي السهو في التطوع

• وسمعت إسحاق -أيضًا- سُئل عن رَجلٍ نَسي سَجدَةً من صَلاته؟ قال: «يَسجُدُها ويُعيدُ ما بَعدَها من الصَّلاة». 1002 - حدثنا أبو هِشام، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، عن سُفيان -في رَجلٍ صَلَّى أربَعَ رَكعات؛ لم يَسجُد في كُلِّ رَكعَةٍ إلا سَجدَةً، فذَكَرَ وهو جالِسٌ في الركعَة الرابِعَة-؛ قال: «يَسجُد الأوَّل فالأوَّل وهو جالِس، فإن كان قَد تَشَهَّد؛ أعاد التَّشَهُّد، ثم سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو بَعدَما يُسَلِّم، وإن كان قَد تكَلَّم قَبلَ أن يَسجُد؛ أعاد». باب: سَجدَتَي السَّهو في التَّطَوُّع • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: سَجدَتا السَّهو في الفَريضَة والتَّطَوُّع؟ قال: «نَعم». 1003 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا ابن المبارَك، عن يَعقوب بن القعقاع، عن عَطاء، عن ابن عَبَّاس، قال: «إذا أَوهَمَ في التَّطَوُّع؛ سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو». 1004 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: ثنا حيوة بن شريح، عن زهرة بن معبد، عن سَعيد بن المسيَّب، قال: «سَجدَتا السَّهو في التَّطَوُّع كَسَجدَتَي السَّهو في المكتوبَة».

باب: الكلام في الصلاة في أمر الصلاة وغير ذلك

باب: الكَلام في الصَّلاة في أَمْرِ الصَّلاة وغَيرِ ذلك • قيل لأحمد: إمامٌ صَلَّى بِقَومٍ المغرِبَ، فلَمَّا صَلَّى رَكعَتَين سَلَّم، فلما سَلَّم قال له بَعض القَوم: صَلَّيتَ رَكعَتَين. فتَقَدَّم، فكَبَّر، فصَلَّى رَكعَتَين (1)، ثم سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو؛ هل تَجوز لَنا صَلاتُنا؟ قال: «مَنْ تكَلَّم أعاد الصَّلاة، ومَنْ لم يَتكَلَّم؛ جازَت صَلاته». قيل: فإن تكَلَّم الإمام؟ قال: «إن تكَلَّم على نَحوِ ما تكَلَّم النبي صلى الله عليه وسلم في حَديث ذي اليَدَين؛ فلا بأس». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى-، وقيل له: رَجلٌ صَلَّى من المغرِب رَكعَتَين، فسَلَّم، فقال له رَجل: صَلَّيت رَكعَتَين؟ قال: «أما الرجل الذي قال لَه ذلك؛ فإنه يَستأنِف الصَّلاة، وأما الإمام ومَنْ مَعَه؛ فإنهم يُتِمُّون؛ لأنهم لم يَتكَلَّموا». 1005 - حدثنا نصر بن علي، قال: ثنا حسين بن عقبة الخزاعي، قال: صَلَّى بِنا إمام مَسجِد حَمَّاد بن زَيد المغرِبَ، فسَلَّم في رَكعَتَين، وحَمَّاد بن زَيد يُصَلِّي مَعَنا في الصَّفّ، فسَبَّحوا به، فأقبَلَ على حَمَّاد بن زَيد، فقال: يا أبا إسماعيل، أقوم أُصَلِّي رَكعَة؟ فقال له حَمَّاد بن زيد: «نعم». قال: فقام حَمَّاد خَلفَه، فصَلَّى بِهم رَكعَة، ثم سَلَّم، ثم سَجَدَ سَجدَتَين. الرَّجل يَتَكَلَّم في الصَّلاة • سُئل أحمَد عن الرجل يَتكَلَّم في الصَّلاة؟ قال: «يُعيدُ ال صَّلاة».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "رَكعَة".

• وسمعت (1) -مرةً أخرى- يقول: «كُلُّ كَلامٍ يَتكَلَّم بِهِ الإنسان في الصَّلاة مِمَّا لَيسَ هو من الصَّلاة؛ فإنه يُعيدُ الصَّلاة». فذُكِرَ له حَديث ذي اليَدَين؛ حيث قال النبي (2) صلى الله عليه وسلم: أَقُصِرَت الصَّلاة؟ قال: «جازَ لِذِي اليَدَين يَومَئذٍ أن يَقولَه؛ لأنه إنما قال له (3) على الظَّنِّ مِنه، ولا يَجوز لأحَدٍ اليَومَ أن يَقولَه؛ لأن الصَّلاة قَد عُلِمَت، ولا تُقصَر. وقَول النبي صلى الله عليه وسلم لَه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُصَدِّقه فيما قال حتى يَكونَ مَعَه غَيرُه. وقَول أصحابِه لَه حَيثُ أجابوه؛ لأنه كان واجِبًا عَلَيهم أن يُجيبوا النبيَّ صلى الله عليه وسلم». • قال: «ولَو أن إمامًا تكَلَّم اليَومَ، وأجابَهُ أحَدٌ؛ أعاد الصَّلاة». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «ما رَجَعتُ في مَسألَةٍ تكَلَّمتُ فيها مُنذُ أربعة (4) وخَمسين سَنَة». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «قَد مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم بِتَحريم الكَلام في المكتوبات والنَّوافِل عَمدًا». • وقال -في حَديث ذي اليَدَين-: «إن النبي صلى الله عليه وسلم حَيثُ سَها فسَلَّم في رَكعَتَين؛ كان -[472]- على يَقينٍ أنه قَد أكمَلَ فَرضَه لِنَفسِه وأصحابِه، فلَمَّا ذَكَّرَه ذو اليَدَين فقال: أنَسيتَ أم قَصُرَت؟ فالدَّليل على قَول ذي اليَدَين وإن كان مُستَيقِنًا بِنَقص النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يَدرِ حينَئذٍ أهي مَقصورَةٌ أم لا؛ لِمَا كانَت قَبلُ مَقصورَةً فأُتِمَّت، ولم يَنقَطِع الوَحي بَعدُ؛ يُؤمَر النبي صلى الله عليه وسلم ويُنهَى، أو (5) هو مُتَّبعٌ لِوَحي الله ورِسالَتِه؛ فلِذلك جاز لِذي اليَدَين أن يَقول: أقَصُرَت الصَّلاة أم نَسيت؟ فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم أنها على حالِها كما أُكمِلَت، ولم تَقصُر ولم أَنسَ، ثم لم يَثبُت النبي صلى الله عليه وسلم على يَقينه إذ ذَكَّرَه ذو اليَدَين، ودَخَلَ قَلبَه حَزارَة؛ حتى استَخبَرَ يَقينَهم، فقال: «أكُلُّكم يَقول ما يَقول ذو اليَدَين؟»، قالوا: نعم. فأكمَل ما بَقي على ما مَضى.

____ (1) لعله سقط هنا: "أحمد"، أو يكون الصواب: "وسمعته"، فإن آخر الكلام نُقل عن أحمد -كما يأتي-. (2) كذا في الأصل، والصواب: "للنبي". (3) كذا في الأصل، ويحتمل أن الصواب: "قاله". (4) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والوجه: "أربع". (5) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "و".

وأما إجابَة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على نَفسِهِ إيَّاه لمَّا سألهم عمَّا وَصَفَ ذو اليَدَين؛ فلَم يَجِدوا بُدًّا من إجابَته؛ لأنه لم يَحِلَّ لهم ولا لِغَيرهم إذا سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شَيءٍ إلا أن يُجيبوه؛ كانوا في صَلاةٍ أو غَيرها؛ قال الله -تعالى-: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم (1)}، ولا يَجِبُ اليَومَ ذلك على أحَدٍ إلا بالإشارة والتسبيح؛ لأنهما حُكمان بَقِيا للمُصَلِّي بَعدَ نَسخ الكَلام». • قال أبو يَعقوب: «فكُلَّما سَهَا ساهٍ من الأئمة الذي نَصَبوا أنفُسَهم لِقَضاء فَرض المُسلِمين، وعلى مَنْ خَلفَه لِسَهوه البته (2)؛ لم يَحلَّ لَه أن يُخبِرَه بِصِيغَة الكَلام، ولكن -[473]- ما أمكَنَه من الإشارة والتسبيح؛ سُنَّة مَسنونَة من النبي صلى الله عليه وسلم».

____ (1) في الأصل: "إلى ما يحييكم"، والآية كما أثبت. (2) في الأصل مهملة الباء، ولعله وقع فيه سقط، أو تكون هذه العبارة مقحمة.

• قال: «ويَجوز للإمام إذا كان ساهيًا، فلم يَستَيقِن؛ حتى سَلَّمَ في الركعَتَين؛ لِمَا ظَنَّ أنه قَد أكمَلَها، فسَبَّحوا خَلفَه وأشاروا- أن يَتكَلَّم، فيَقول: أنقَصتُ من صَلاتي؟ لأن كَلامَه حينَئذٍ -عِندَ نَفسِه- بَعدَ فَراغِه من الصَّلاة، وصار فِعلُه هاهُنا كَفِعل النبي صلى الله عليه وسلم، فلَه أن يُتِمَّ ما بَقي على ما مَضى؛ إذْ بَيَّنوه بإشارَةٍ أو تَسبيح حتى اسْتقَرَّ (1)، فإن بَيَّنوه بِكَلام (2)؛ هم مُستَيقِنون أنه لم يُتِمّ؛ فَعَلَيهم الإعادَة؛ لِمَا تكَلَّموا عَمدًا في صَلاتِهم». • قال أبو يَعقوب: «ومَنْ تكَلَّم بَعدَ النبي صلى الله عليه وسلم خَلفَ إمامٍ بِما تكَلَّم بِهِ ذو اليَدَين وأصحابُه؛ فَعَلَيه الإعادَة». 1006 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن أبي عَمرو الأوزاعي، قال: «مَنْ تكَلَّم بِشَيءٍ في صَلاته مُتَعَمِّدًا؛ أعاد صَلاته، ومَنْ تكَلَّم ساهيًا؛ فلا إعادَةَ عَلَيه». o سمعت أبا محمد حربًا يقول: «إذا سَلَّم الرجل تَسليمَةً؛ لم يَقُل: «ورحمة الله»». 1007 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا أبي، قال: ثنا ابن لَهيعَة، عن عمارة بن غزية وابن العجلان، عن محمد بن يوسُف -مولى عُثمان بن عفان-، عن أبيه، أن عبد الله بن الزُّبَير دَخَلَ في الصَّلاة وقد فاتَه بَعضُها، فلَمَّا قَضَى الإمامُ صَلاتَه؛ نَسي كَم -[474]- أدرَك مَعَ الإمام، فأشار إلى الذي إلى جانِبِه: كَم أدرَكتُ؟ فلم يَفطَن لِمَا يُريد، فقال له: «كَم أدرَكتُ؟». قال: كذا وكذا. فأتَمَّ ما بَقي من صَلاته.

____ (1) كذا في الأصل مضبوطة، ولعل الصواب: "استَيقَن". (2) لعله سقط هنا: "و".

باب: من سها خلف الإمام

1008 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا أنس بن عياض، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، قال: جاء محمد بن علي وقَد فاتَه بَعضُ الصَّلاة مَعَ الإمام، فلَمَّا سَلَّمَ الإمام لم يَدرِ كَم أدرَك، فأشار عن يَمينه، فلم يَفقَهوا، ثم أشار في الناحيَة الأخرى، فلم يَفقَهوا، فلَمَّا رأى ذلك قال: «كَم أدرَكتُ؟»، فلما يَقَّنوه؛ بَنَى على اليَقين. باب: مَنْ سَهَا خَلفَ الإمام • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «لَيسَ على مَنْ خَلفَ الإمام سَهو، وإن سَها رَجلٌ بَعدَ الإمام؛ فعَلَيه السَّهو». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إن سَها رَجلٌ خَلفَ الإمام في شَيءٍ من صَلاته؛ فلَيسَ عَلَيه سَجدَتا السَّهو، إنما عَلَيهم سَهوٌ إذا سَها الإمام، فإن سَها مَنْ خَلفَه فلا سَهوَ عَلَيه». • سمعت إسحاق يقول: «إذا سَها الإمام، فلَم يَسجُد، فلا يَسجُد مَنْ خَلفَه؛ فإنما عَلَيهم السُّجود إذا سَجَد». 1009 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا هِشام بن حَسَّان، أن رَجلًا صَلَّى خَلفَ إمامٍ من أئمَّة البَصرة، فأَوهَم، فلَم يَسجُد. قال: فسَجَدتُ، ثم أتيت محمد بن سيرين، فسألته؟ فقال: «قَد أحسَنت».

باب: من سها في سجدتي السهو

1010 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا محمد بن بكر، قال: أبنا هِشام، عن الحسَن، قال: «إذا جَهِلَ الإمامُ السُّجودَ سَبَّحَ القَوم، فإن سَجَدَ؛ سَجَدوا مَعَه، وإلا قال له رَجلٌ: اسجُد. فإن سَجَد، وإلا سَجَدوا هُم، لَيسَ على الذي يأمُره إلا السَّجدَتان» 1011 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو الأوزاعي ومالك بن أنس: أرَأيت إن سَها الإمام في صَلاته، ووَجَبَ عَلَيه سَجدَتا السَّهو، ثم سَلَّم من صَلاته وانصَرَف ولم يَسجُد؛ أيَسجُد مَنْ خَلفَه؟ قالا: «نَعم». 1012 - قال: وسألت الليث بن سَعد، فقال مِثلَ ذلك. 1013 - قال الوَليد: وسُئل أبو عَمرو عن إمامٍ سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو من غَير سَهوٍ دَخَلَ عَلَيه؛ أيَسجُد مَنْ خَلفَه؟ قال: «يَسجدوا (1)»، ثم رَجَع وقال: «لا». باب: مَنْ سَهَا في سَجدَتَي السَّهو • وسُئل أحمَد عن الرجل يَسهو في سَجدَتَي السَّهو؟ قال: «لَيسَ عَلَيه سَهو». • وسمعت إسحاق يقول: «إجماع أهل العِلم من التابِعين أنه لَيسَ في السَّهوِ سَهوٌ، وأخطَأ هؤلاء حَيثُ قالوا: يَسجُد إذا ظَنَّ أنه بَقي عَلَيه من سَجدَتَي السَّهو شَيء، ثم يَسجُد لِذلك». 1014 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن سُفيان، عن مُغيرَة، عن إبراهيم، قال: «لَيسَ في سَجدَتَي السَّهوِ سَهوٌ»؛ يقول: إذا سَها فيهما؛ سَجَدَ للذي شَكّ، ولا يَسجُد لَهما سَجدَتَي السَّهو.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "يَسجدون".

باب: من فاته بعض الصلاة مع الإمام، وقد سها الإمام

1015 - حدثنا أبو تقي هِشام بن عبد الملِك الحمصي، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، عن ابن جُرَيج، عن عَطاء، قال: «إذا سَها الرجل في سَجدَتَي السَّهو؛ جَعَلَهما رَكعَتَين إذا ذَكَرَهما». باب: مَنْ فَاتَهُ بَعضُ الصَّلاة مَعَ الإمام، وَقَد سَهَا الإمام • سألت أحمَد، قلت: الرجل يَفوتُه بَعضُ الصَّلاة مَعَ الإمام، وقَد سَها الإمام قَبلَه؟ قال: «يَسجُد مَعَ الإمام سَجدَتَي السَّهو، ثم يَقوم». • ورأيت إسحاق دَخَلَ المسجِد وقَد صَلَّى الإمام رَكعَةً من العَصر، وعلى الإمام سَهوٌ، فسَجَدَ الإمام قَبلَ الصَّلاة (1)، فسَجَدَ مَعَ الإمام قَبلَ الصَّلاة (1)، ثم قام، فقَضى تِلك الركعَة». • وسُئل إسحاق -مرةً أخرى-، قيل: رَجلٌ جاء إلى الإمام وقَد فاتَه بَعضُ الصَّلاة، وقَد سَها الإمام قَبلَه؛ أيَسجُد مَعَ الإمام سَجدَتَي السَّهو ثم يَقضي؟ قال: «نَعم». ثم قال أبو يَعقوب -أيضًا-: «أما أنا فأقول: لا يَسجُد مع الإمام؛ لأن عَلَيه فَرضًا قَد فاتَه، فلا يَسجُد حتى يَقضي الفَرض»، وكَلامًا نَحوَ هذا. • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا سَبَقَك الإمام بِرَكعَةٍ أو رَكعَتَين، وكان على الإمام سَهو، فسَجَدَ الإمام، وسَجَدَ المسبوق مَعَه، فإذا سَلَّم قَام فأتَمَّ ما سَبَقَه بِهِ من صَلاته؛ فهو جائز.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "السلام".

باب: من نهض في الركعتين ولم يتشهد

والذي نَختار: كُلَّما كان على الإمام (1)، وكان مَنْ خَلفَه مَسبوقًا بِبَعض الصَّلاة؛ قام فقَضى، ثم سَجَد؛ فذلك أحبُّ إلَينا؛ لئلا يكون الإمام مُسلِما لِنَفسِه عَمدًا أو لِسَهوه ومَنْ خَلفَه لم يَقضوا فَرضَهم، فيُلحِقوا في وَسط فَرضهم سُنَّة». قال: «وإن سَجَدَهما مَعَ الإمام ثم قَضى؛ رَجَونا أن يكون جائزًا؛ لِمَا فَعَلَه عِدَّةٌ من التابِعين». 1016 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني سالم، قال: سمعت الحسَن يقول -في رَجلٍ أدرَك من صَلاة الإمام بَعضَها، وفاتَه بَعضُها، وقَد سَها الإمام فيما فاتَه؛ يَسجُد (2) الإمام سَجدَتَي السَّهو؟ قال: «يَسجُد مَعَ الإمام سَجدَتَي السَّهو، ثم يَقضي ما فاتَه بَعدُ». 1017 - قال الوَليد: فذكرت ذلك لأبي عَمرو، فقال: «إن سَجَدَ الإمام لِسَهوه قَبلَ سَلامه من صَلاته؛ سَجَدَ مَعَه، ثم قام فقَضى ما فاتَه، وإن سَجَدَ الإمام بَعدَ سَلامه؛ قَضى ما فاتَه، ثم سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو لِسُجود إمامِه». باب: مَنْ نَهَضَ في الرَّكعَتَين ولم يَتَشَهَّد • قلت لأحمد: الرجل يَنهَض في الركعَتَين؟ قال: «إن ذَكَرَ قَبلَ أن يَستَوي؛ جَلَس، وإن استَوى قائمًا؛ مَضى في صَلاته، وإن جَلَس فلا بأس، والقيام أقوى». 1018 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عون، -[478]- عن الشعبي، قال: «صَلَّى بِنا النُّعمان بن بشير، فلَمَّا كان في الركعَتَين -حَيثُ أراد أن يَجلِس-؛ نَهَض، فسَبَّحوا بِه، فجَلَس، فلَمَّا فَرَغ؛ سَجَدَ سَجدَتَين، وسَجَدنا مَعَه».

____ (1) لعله سقط هنا: "سهو". (2) لعله سقط هنا: "مع"، أو يكون الصواب: "فسَجَد".

1019 - حدثنا أبو عبد الله محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو الأوزاعي: أرَأيت مَنْ قام عن تَشَهُّده الأوَّل ساهيًا، فذَكَر ذلك قَبلَ أن يَستَقِلَّ عن الأرض؛ أيَقعُد؟ قال: «نَعم». قلت: ولا سُجود عَلَيه؟ قال: «لا». قلت لأبي عَمرو: فإنه استَقَلَّ قائمًا، ثم ذَكَر؟ قال: «يَمضي في صَلاته». قلت: فإنه قَعَدَ فتَشَهَّد، ثم أتَمَّ ما بَقي من صَلاته؟ قال: «أساء، وقَد مَضَت صَلاته». قلت: ولا سُجود عَلَيه؟ قال: «لا». قال أبو عَمرو: «السُّنَّة إذا استَوَيت قائمًا عن التَّشَهُّد الأوَّل في المكتوبَة من صَلاة الظُّهر أو العَصر أو المغرِب أو العِشاء: أن تَمضي، فتُتِمَّ صَلاتك، ثم تَسجُد سَجدَتَي السَّهو». 1020 - قال الوَليد: وأخبرني إسماعيل، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه عبد الله بن عَمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قام من الركعَتَين الأولَيَين، فقال الناس: سُبحان الله. فأشار بِيَده أن قوموا، فقاموا، فلَمَّا قَعَدَ للتَّسليم؛ تَشَهَّدَ تَشَهُّدَه الأوَّل، ثم سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو لِسَهوَةِ قيامِه». 1021 - قال الوَليد: قلت لأبي عَمرو: أرَأيت إذا نَسيت التَّشَهُّد الأوَّل، فقُمت عَنه، -[479]- فلم أذكُره حتى استَوَيت قائمًا؟ قال: «فامضِ حتى تُتِمَّ صَلاتك، ثم اسجُد سَجدَتَي السَّهو، ثم سَلِّم». قلت: فسَجدَتا السَّهو قَبلَ السلام؟ قال: «نَعم».

باب: من فاتته ركعة مع الإمام، ثم سها الإمام، فزاد في صلاته؛ أيجزئ ذلك عنه؟

1022 - قال الوَليد: وسألت الليث بن سَعد عن ذلك؟ فقال: «كان مَنْ أدرَكت من عُلَمائنا يَقولون: هما قَبلَ السلام»». باب: مَنْ فاتَتْهُ رَكعَةٌ مَعَ الإمام، ثم سَها الإمام، فَزَادَ في صَلاته؛ أيُجزِئ ذلك عَنه؟ • وسُئل إسحاق بن إبراهيم عن رَجلٍ صَلَّى مَعَ الإمام ثَلاثَ رَكعات، وفاتَته رَكعَة، فلَمَّا سَلَّم الإمام؛ سَلَّم هذا مَعَه ناسيًا؟ قال: «يَقوم فيَقضي رَكعَة، وقَد أجزأه». • سألت إسحاق، قلت: رَجلٌ فاتَته من صَلاة الظُّهر رَكعَةٌ مَعَ الإمام، فسَها الإمام، فزاد في صَلاته رَكعَةً ساهيًا؛ هل تُجزئ هذه الركعَة التي زادها الإمام عن هذا بَدلًا من الركعَة التي فاتَته؟ قال: «إذا نَوى هذه الركعَة عن فَرضِه أجزأه». قلت: فإن لم يَنوِ؟ قال: «إن لم يَنوِ عن فَرضِه؛ لم تُجزِه، ويَقوم فيأتي بِفَرضِه». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: رَجلٌ دَخَلَ صَلاة الظُّهر وقَد سَبَقَه الإمام بِرَكعَة، فدَخَلَ مَعَ الإمام في صَلاته، فسَها الإمام، فصَلَّى خَمسَ رَكعات، وصَلاها مَعَه هذا الذي قَد فاتَه رَكعَة؛ هل تُجزئه هذه الركعَة التي زادَها الإمام عن رَكعَتِه الفائتة؟ قال: «إن نَوى ذلك؛ جاز». 1023 - حدثنا أحمَد بن الأزهَر، قال: ثنا أبو المُغيرَة، قال: سُئل الأوزاعي عن رَجلٍ سَبَقَه الإمام بِرَكعَة، فسَها الإمام، فصَلَّى خَمسًا؟ قال: «تَمَّت صَلاة الرجل، ويَسجُد -[480]- سَجدَتَي السَّهو».

باب: ما يجب فيه سجدتا السهو

• سمعت إسحاق يقول: «إذا أدرَك الرجلُ الإمامَ في وِترٍ من صَلاته، فإذا فَرَغَ الإمام من صَلاته قام فقَضى ما فاتَه، ثم سَجَدَ سَجدَتَين، وذلك عن ابن عُمَر، وأبي سَعيد، وعَطاء، وطاوُس، ومُجاهد، وأبي قلابة». 1024 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا مُعتَمِر، قال: سمعت أبي يحدث عن عَطاء، أن ابن عَبَّاس وابن عُمَر وابن الزُّبَير وأبا سَعيد الخُدري -رضي الله عنهم-؛ ثَلاثَةً من هؤلاء الأربَعَة اتَّفقوا على أن الرجل إذا فاتَه وِترٌ من الصَّلاة، فقَضى ما بَقي عَلَيه؛ سَجَدَ سَجدَتَين وهو جالِس. باب: ما يَجِبُ فيه سَجدَتَا السَّهو • سمعت إسحاق يقول: «قَد مَضَت السُّنَّة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في كُلِّ سَهوٍ سَجدَتَين، فإذا زِدت أو نَقَصت من الصَّلاة، أو قُمت فيما يُقعَد فيه، أو قَعَدت فيما يُقام فيه، أو جَهَرت فيما يُخافَت فيه، أو خَافَتَّ فيما يُجهَر فيه، أو سَلَّمت في الركعتين الأولَيَين ناسيًا؛ ففي كُلِّ هذا سَجدَتا السَّهو». قال: «وكذلك لَو تَرَكت شَيئًا من التكبيرات، أو شَيئًا من التسبيح في الركوع والسُّجود، أو شَيئا مِمَّا أُمِرت به؛ أنه سَهو؛ لأن كُلَّ ما وَقَعَ عَلَيه اسم السَّهو على المصَلِّي في شَيءٍ من صَلاته؛ سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو؛ لِقَول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سَها أحَدُكم في صَلاته فَليَسجُد سَجدَتَين»، ولم يُبَيِّن أيَّ السَّهو عَنَى، فهذه سُنَّةٌ مَعروفَةٌ قائمَةٌ مَشهورَة، يُستَغنَى بِاسمِها عن الصِّفَة، فكُلَّما وَقَعَ اسم السَّهو على المصَلِّي في -[481]- صَلاته؛ سَجَدَ سَجدَتَي السَّهو؛ لأنه إن سَجَدَهُما ولَيسَتا عَلَيه خَيرٌ مِن أن يَترُكَهما وهُما عَلَيه؛ كذلك قال إبراهيم النخعي، وقال: «في كُلِّ سَهوٍ سَجدَتان»، وصَلَّى الحسَن بن علي نَهارًا بِالناس، ولم يَرَوهُ سَها، فسَجَدَ سَجدَتَي السَّهو».

1025 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، عن نعيم بن [أبي] (1) حكيم، عن أبي مريم، قال: صَلَّى بِنا الحسَن بن علي إحدى صَلاتَي النَّهار، فسَجَدَ سَجدَتَي السَّهو ولم يَرَوهُ سَها، فلَمَّا فَرَغَ قال: «إني حَدَّثت نَفسي». 1026 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن جُرَيج، عن محمد بن يوسُف -مولى عَمرو بن عُثمان-، عن أبيه، عن مُعاويَة بن أبي سُفيان، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ شَكَّ في شَيءٍ من صَلاته؛ فَليَسجُد سَجدَتَي السَّهو». 1027 - حدثنا عَبَّاس، قال: ثنا روح، قال: ثنا ابن جُرَيج، قال: أخبرني عبد الله بن مسافع، أن مصعب بن شَيبة أخبره عن عقبة بن محمد بن الحارِث، عن عبد الله بن جَعفَر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ شَكَّ في شَيءٍ من صَلاته؛ فَليَسجُد سَجدَتَي السَّهو».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب حذف "أبي".

باب: من نسي صلاته، ثم ذكرها

باب: مَنْ نَسِيَ صَلاتَه، ثُم ذَكَرَها • سمعت أحمَد يقول -في رَجلٍ نَسي صَلاةً-؛ قال: «يُصَلِّيها إذا ذَكَرَها، وإن ذَكَرَها فلم يُصَلِّها، ثم صَلَّى صَلَواتٍ؛ فإنه يُعيدُ تِلك الصَّلَوات، وإن لم يَذكُرها فإنه لا يُعيدُها، فإن كان إمامًا؛ أعاد القوم -أيضًا-». قيل: فإن صَلَّى بِهم بِغَير وضوء؟ قال: «يُعيد، ولا يُعيدون». قال أحمد: «ومَنْ صَلَّى بِقَومٍ بِغَير وضوء مُتَعَمِّدًا؛ أُدِّب». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «إذا فاتَته صَلاة فذَكَرَها وهو يَخاف أن يَفوته وَقت هذه التي قَد حَضَرَت؛ فإنه يَبدأ بِهذه، ثم يُعيدُ تِلك». 1028 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا إسحاق بن مَنصور، قال: ثنا مَنصور بن أبي الأسود، عن مُغيرَة، عن إبراهيم، قال: «إذا تَرَكَ صَلاةً مُتَعَمِّدًا أعادَها، وأعاد كُلَّ صَلاةٍ صَلَّاها بَعدَها». 1029 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن الأعمَش، عن إبراهيم، أن عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- صَلَّى بِالناس وهو جُنُب، فأعاد ولم يُعيدوا. 1030 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عبد الله بن المبارَك، عن مَعمَر، عن عبد الكريم الجزري، عن سَعيد بن المسيَّب -في رَجلٍ فاتَته صَلاةٌ، ثم ذَكَرَ وهو يَخاف فَوتَ هذه-؛ قال: «يُصَلِّي هذه، ثم يُصَلِّي الأولى، ولا يُضَيِّع مَرَّتَين».

باب: من نسي صلاة، فذكرها وهو في صلاة أخرى

باب: مَنْ نَسِيَ صَلاةً، فذَكَرَها وهُو في صَلاةٍ أُخرَى • قيل لأحمد: رَجلٌ نَسي صَلاةً، فذَكَرَها وهو في الصَّلاة، وهو إمامُ قَومٍ، وقَد صَلَّوا رَكعَتَين؟ قال: «يَنصَرِف هو، يَستأنِف القَوم الصَّلاة». • وسألت إسحاق عن رَجلٍ نَسي الظُّهر، فذَكَرَها وهو في صَلاة العَصر؟ قال: «يَقطَعُها، ويُصَلِّي الظُّهر». قلت: فإن ذَكَرَها وقَد فَرَغَ من التَّشَهُّد ولم يُسَلِّم؟ قال: «يُسَلِّم، ويَقضي الظُّهر»، ولم يَرَ أن يَقطَعها في هذه الحال. 1031 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا المُغيرَة، عن إبراهيم -في رَجلٍ نَسي الظُّهر، فدَخَلَ في العَصر، فذَكَر-؛ قال: «يَترُك العَصر، ويُصَلِّي الظُّهر». 1032 - حدثنا بِشر بن هلال، قال: ثنا عبد الوارِث، قال: ثنا عامر الأحول، عن حَمَّاد، عن إبراهيم، أنه قال -في رَجلٍ نَسي صَلاة العَصر حتى دَخَلَ في المغرِب، ثم ذَكَرَ وقَد صَلَّى رَكعَة-؛ قال: «انتَقَضَت صَلاته؛ يَنصَرِف فيُصَلِّي العَصر، ثم يُصَلِّي المغرِب». 1033 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا ابن المبارَك، عن هِشام، عن الحسَن، قال: «إذا تَشَهَّدَ في العَصر، ثم ذَكَرَ أنه لم يُصَلِّ الظُّهر؛ أجزأته العَصر، ويُصَلِّي الظُّهر».

باب: من نسي صلاة لا يدري أيها هي

باب: مَنْ نَسي صَلاةً لا يدري أيها هي • قيل لأحمد: رَجلٌ نَسي صَلاةً؛ لا يَدري أيَّ صَلاةٍ هي؟ قال: «يُصَلِّي خَمسَ صَلَوات؛ صَلاةَ يَوم». • وسمعت إسحاق يقول: «ولَو أن رَجلًا نَسي صَلاةً؛ لا يَدري أيَّ صَلاةٍ هي»؛ قال: «يُعيدُ خَمسَ صَلَوات». 1034 - حدثنا أبو الأزهَر أحمَد بن الأزهَر، قال: ثنا محمد بن يوسُف، قال: سُئل سُفيان عن رَجلٍ نَسي صَلاةً واحِدَة؛ لا يَدري أيَّتَهُنَّ نَسي؟ قال: «يُصَلِّي ثَلاثَ رَكعات، ورَكعَتَين، وأربَعًا، ويَنوي، وإن تَرَك ثَلاثَ صَلَوات لا يَدري أيَّتَهُنَّ تَرَك»؛ قال: «يُصَلِّي الصَّلَوات كُلَّها». 1035 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عَمرو الأوزاعي -في رَجلٍ نَسي صَلاةً؛ لا يَدري أيَّ صَلاةٍ هي-؛ قال: «ليُصَلِّ أربَعًا بِإقامَة». باب: الإمامُ يُحْدِث، فَيُقَدِّم مَنْ سَبَقَهُ بِرَكعَة • سمعت إسحاق ذَكَرَ حَديثًا عن الحسَن في رَجلٍ دَخَلَ المسجِد وقَد سَبَقَه الإمام بِرَكعَة، فأحدَثَ الإمام، فقَدَّم هذا الرجل، قال: «يُتِمُّ بِهم صَلاتَهم، ثم يُسَلِّم، ثم يَقوم فيَقضي رَكعَته، ولا تُفسِدُ عَلَيه تَسليمَتُه صَلاتَه ولا صَلاتَهم». قلت: أيُعجبك هذا؛ وقَد بَقيَت عَلَيه رَكعَةٌ من صَلاته أن يُسَلِّم؟ قال: «قَول إبراهيم أحبُّ إليَّ؛ أن يأمُرهم فيُسَلِّموا، ثم يَقوم فيَقضي رَكعَة».

باب: من ضحك في الصلاة

باب: مَنْ ضَحِكَ في الصَّلاة • سألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: رَجلٌ ضَحِكَ في الصَّلاة؟ قال: «لا يُعيدُ الوضوء». قلت: فالصَّلاة؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة؛ ليسَ فيه اختِلاف». • سألت أحمَد بن حَنبل -مرةً أخرى- عن الضَّحِك في الصَّلاة؟ قال: «إن شاء أعاد الوضوء، وإن شاء لم يُعِد». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا قَهقَهَ الرجل في صلاته أعاد الصَّلاة. واختَلَف أهل العِلم في إعادَة الوضوء: * فأوجَبَ عَلَيه عامَّةُ عُلَماء العِراق الوضوءَ في ذلك، * ولم يوجِب عَلَيه عُلمَاء الحِجاز، وطَوائفُ من أهل الشام والعِراق. وأحبُّ إلَينا إعادَة الصَّلاة، ولا يُعيدُ الوضوء، وكذلك إذا قَهقَهَ في الصَّلاة على الجنائز أو التَّطَوُّع أو الفَرض؛ لا يَلزَمُه الوضوء». 1036 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن الأعمَش، عن أبي سُفيان، عن جابِر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال: «إذا ضَحِكَ الرجل في الصَّلاة؛ أعاد الصَّلاة، ولم يُعِد الوضوء». 1037 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا النضر بن شميل، عن سُلَيمان بن المُغيرَة، عن حُمَيد بن هلال، أن أبا موسَى الأشعري -رضي الله عنه- صَلَّى بِالناس، فضَحِكَ قَومٌ في الصَّلاة، -[486]- فأمَرَهم أن يُعيدوا الصَّلاة.

باب: من تبسم في صلاته

1038 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا ابن عياش، قال: حدثني عبد العَزيز بن عُبَيدالله، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: «مَنْ قَهقَهَ فليُعِد الوضوءَ والصَّلاة، ومَنْ تَبسَّم فلا وضوءَ عَلَيه، ولا يَقطَع صَلاته». 1039 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال أبو عَمرو الأوزاعي -فيمن تَبسَّم في صَلاته-: «إنه يَمضي في صَلاته، وإن ضَحِكَ قَهقَهَةً؛ أعاد الوضوء والصَّلاة». 1040 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان، قال: قال مالك: «لا وضوءَ عَلَيه». باب: مَنْ تَبَسَّمَ في صَلاته • سمعت إسحاق يقول: «إذا تكَلَّم الرجل وقَد صَلَّى رَكعَةً أو رَكعَتَين؛ استأنَف الصَّلاة، ولم يُعِد الوضوء، وإن هو تَبسَّم ولم يُقَهقِه؛ مَضى في صَلاته؛ إلا أن يُقَهقِه». 1041 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا علي بن ثابت، قال: أبنا الوازع بن نافع العقيلي، عن أبي سَلَمَة بن عبد الرحمن، عن جابِر بن عبد الله -رضي الله عنهما (1) -، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى العَصر، فتَبسَّم في صَلاته، فقال: «رأيت جِبريل، فضَحِكَ إليَّ، فتَبسَّمت إلَيه».

____ (1) كذا في الأصل، ولعله ظَنَّه: جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري، الصحابي المشهور، وإنما هو في هذا الحديث -كما جاء مصرحا في طُرُقه-: جابر بن عبد الله بن رئاب.

باب: رد السلام في الصلاة

باب: رَدُّ السَّلام في الصَّلاة • وسُئل أحمَد عن رَدِّ السلام إشارَةً في الصَّلاة؟ فقال: «لا بأس». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا سُلِّم عَلَيك وأنت تُصَلِّي؛ فلا تَرُدّ عَلَيه حتى تُسَلِّم، فإن كان قَريبًا؛ فرُدَّ عَلَيه؛ وإن كان ذَهَب؛ فأتبِعه السلام». • وقال إسحاق -أيضًا-: «إن لم تَرُدَّ بالإشارَة حتى سَلَّمت؛ فأتبِعه السلام». قال: «وإن رَدَّ إشارَةً -كما فَعَلَ النبي صلى الله عليه وسلم-؛ جاز». • وقال إسحاق: «إن سَلَّم عَلَيك رَجلٌ وأنت تُصَلِّي؛ فرَدَدت عَلَيه؛ فاستَقبِل الصَّلاة؛ فإن ذلك كَلام». باب: السلام عَلَى المصَلِّي • قيل لأحمد: الرجل يَدخُل المسجِد، ومِنهُم المصَلِّي والجالِس؛ أيُسَلِّم؟ قال: «نَعم؛ يُسَلِّم على الجلوس». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا انتَهَيت إلى المسجِد والقَوم يُصَلّون؛ فلا تُسَلِّم عَلَيهم، إلا أن يكون فيهم أحَدٌ لا يُصَلِّي، فسَلِّم عَلَيهم جَميعًا، فإن رَدَّ غَيرُ المصَلِّي؛ جاز عن المصَلِّي». 1042 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا ابن لَهيعَة، قال: ثنا أبو الزُّبَير، قال: سمعت جابِر بن عبد الله يقول: «أكرَه أن يُسَلِّم الرجل على القَوم وهم يُصَلُّون». قال مَروان: «هذا الفِقه».

باب: من دعاه والداه وهو في الصلاة

باب: مَنْ دَعَاه وَالِدَاه وهو في الصَّلاة • قيل لأحمد: الحديث الذي جاء: «إذا دَعاك أبوك وأنت في الصَّلاة فأجِبه»؟ فرأيته يُضَعِّف الحديث. 1043 - حدثنا أبو معن الرقاشي، قال: ثنا يَزيد بن هارون، قال: أبنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذِئب، عن محمد بن المنكدر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دَعاك أبوك وأنت تُصَلِّي؛ فأجِب أمَّك، ولا تُجِب أباك». 1044 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن عَمرو، عن يَحيى بن أبي عَمرو الشيباني (1)، عن مَكحُول، أنه كان يقول: «إذا دَعَتك والِدَتك وأنت تُصَلِّي؛ [فأجِبها، و] (2) إذا دعاك والِدك؛ فلا تُجِبه حتى تَفرَغ من الصَّلاة». 1045 - حدثنا محمد بن وَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني أبو عَمرو، عن يَحيى بن أبي عَمرو، عن مَكحُول، قال: «إذا نادَتك أمُّك في الصَّلاة؛ فأجِبها».

____ (1) كذا في الأصل معجمة، والصواب: "السيباني". (2) رسمها في الأصل أقرب إلى "فاجتهاد"، والصواب كما أثبت.

باب: من ذكر الله في الصلاة من أمر يعرض له، وغير ذلك

1046 - قلت لأبي عَمرو: في المكتوبَة يُجيبها؟ قال: «نَعم، وهل وَجهٌ إلا ذلك». ثم قال أبو عَمرو: «ويُؤذِنُها في المكتوبَة بِتَسبيحَة، وفي التَّطَوُّع يُؤذِنُها بِتَلبيَة». باب: مَنْ ذَكَرَ اللهَ في الصَّلاة مِن أَمرٍ يَعرِضُ لَه، وغَير ذلك • سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رَجلٌ لَدَغَته عَقرَبٌ في الصَّلاة، فقال: «بِسم الله»؟ قال: «إن كان ناسيًا؛ فليسَ عَلَيه شَيء». قلت: فإن تَعَمَّد؟ فأحَبَّ أن يُعيد، ولم يُبَيِّن لي. • وسُئل إسحاق -أيضًا- عن إمامٍ قَرأ آيةً فيها: {لا إله إلا الله}، فقال بَعضهم مِن خَلفِه: «لا إله إلا الله»؟ قال: «لا تَفسُد صَلاته». • وسألت إسحاق -مرةً-، قلت: رَجلٌ كان في الصَّلاة، فانقَضَّ كَوكَب، فقال: «لا إله إلا الله»؟ قال: «إن أراد به تَعَجُّبًا، وتَعَمَّدَ لذلك؛ فهو كَلام؛ يُعيدُ الصَّلاة، وإن سَبَقَ مِنه من غَير تَعَمُّد؛ فليسَ عَلَيه إعادَة». 1047 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قيل لأبي عَمرو الأوزاعي: رَجلٌ أتاه في صَلاته خَبَرٌ يَسُرُّه، فقال: «الحمد لله»؟ قال: «يَمضي في صَلاته». قيل لأبي عَمرو: رَجلٌ سَمِعَ رَجلًا يُنعى، فبَكى؟ قال: «إن كان إنما كان -[490]- دموعًا (1) سائلًا في غَير شَهيق؛ مَضَت صَلاته، وإن شَهِقَ؛ أعاد صَلاته».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "دَمعاً".

1048 - حدثنا أبو عبد الرحمن الأخضر بن منجاب، قال: حدثني عمي عارم، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: سمعت (1) عُبَيدالله بن الحسَن عن رَجلٍ أراد أن يَقول في صَلاته: «الحمد لله»، فقال: «والحمد لله»؛ فقال: «لا أعلَم بهذا يَنقُض صَلاته». قال: وسمعت عُبَيدالله يقول -في رَجلٍ رُمي في صَلاته، فقال: «بِسم الله» -؛ لم يَرَ ذلك يَقطَع عَلَيه الصَّلاة، وشَبَّهَ ذلك بِرَجلٍ عَطَسَ في الصَّلاة، فحَمِدَ الله. قال: وسمعت عُبَيدالله يقول -في الذي يَعتَرِضُه البُكاء؛ قال أبو النُّعمان: «يَغلِبه البُكاء في الصَّلاة» -؛ فرآه كأنَّه أخَذَ في عَمَلٍ غَيرِ الصَّلاة، ولم يَرَ ما خَفَّ كما اشتَدّ. قال: وسمعت عُبَيدالله يقول -في الذي يَتَنَحنَح في الصَّلاة للحاجَة-؛ لم يَرَ ذلك فقطع (2) صَلاته. 1049 - حدثنا عبدة بن عبد الله، قال: ثنا يَحيى بن آدم، قال: ثنا جَعفَر بن زياد، عن عبد الملِك العرزمي، عن عَطاء، قال: «ما جَرَى على لِسان الرجل في الصَّلاة مِمَّا لَه أصلٌ في القرآن؛ فليسَ بِكَلام».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "سئل"، أو: "سألت". (2) كذا في الأصل، والصواب: "يَقطَع".

باب: من عطس في الصلاة

باب: مَنْ عَطَسَ في الصَّلاة • قلت لإسحاق: رَجلٌ عَطَسَ في الصَّلاة؟ قال: «يَحمَد اللهَ -تعالى-». قلت: في الفَريضَة والتَّطَوُّع؟ قال: «نعم». 1050 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا شَريك، عن عاصم، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، قال: عَطَسَ رَجلٌ خَلفَ النبي صلى الله عليه وسلم في الصَّلاة، فقال: الحمد لله حَمدًا كَثيرًا طَيِّبًا مبارَكا فيه؛ كما يَرضى رَبُّنا، وبعد الرضى، والحمد لله على كُلِّ حال. فلَمَّا سَلَّم النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ صاحِب الكَلِمات؟». قال: أنا يا رسول الله، ما أرَدت بِهِنَّ إلا خَيرًا. قال: «لَقَد رأيت اثنَي عَشَرَ مَلَكًا؛ كُلُّهم يَبتَدِرها؛ أيُّهم يَكتُبها». 1051 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قال الوضين بن عَطاء: «كانوا يَستَحِبُّون أن تكون عَطسَةُ الصَّلاة مِثلَ عَطسَة الهِرَّة». باب: مَنْ يَحُكُّ سَاقَهُ في الصَّلاة، أو يَحمِل شَيئًا من الأرض • سألت أحمَد، قلت: الرجل يُصَلِّي، فيَحتَكُّ ساقُه، فيَحُكُّه؟ فكأنَّه كَرِهَه. قلت: يَحُكُّه بِقَدَمه؟ قال: «هو بِالقَدَم أسهَل»، وكأنَّه رَخَّصَ فيه. 1052 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا عُمَر بن علي، قال: ثنا عبد الملِك بن أبي سُلَيمان، عن عَطاء -في الرجل يُصَلِّي ومَعَه المتاع بَينَ يَدَيه، فيَتَقَدَّم الصَّفُّ أو يَتأخَّر، -[492]- فينحني (1) ظَهره، [فيُقَدِّم] (2) مَتاعَه أو يؤخِّره-؛ قال: «لا بأس به».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "فيَحني". (2) مشوشة في الأصل، وهي كما أثبت في فتح الباري لابن رجب (2/ 723)، حيث نقله عن حرب.

باب: الصبي يتهاون بالصلاة، ومن ترك الصلاة عمدا

• قلت لأحمد: الرجل يكون في الصَّلاة، فيَسقُط رِداؤه عن ظَهره؛ أيَحمِله؟ قال: «أرجو ألَّا يَضيق ذلك». قلت: فيَفتَح الباب بِحيال القِبلَة؟ قال: «في التَّطَوُّع». 1053 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا شَريك، عن ليث، عن أبي جَعفَر، قالا (1): «لا بأسَ أن يُسَوِّي الرجل رِداءه في الصَّلاة». باب: الصَّبيّ يَتَهاوَنُ بالصَّلاة، ومَنْ تَرَكَ الصَّلاة عَمدًا • قلت لأحمد: رَجلٌ تَهاوَنَ في صِغَره بِالصَّلَوات؟ قال: «يُعيدُها». قيل: فالصَّلَوات التي صَلَّاها بَعدَ ذلك؟ قال: «إن كان يُصَلِّي وهو ذاكِرٌ لِمَا تَرَك؛ فإنه يُعيدُها». • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ تَرَكَ صَلاةً واحِدَةً مُتَعَمِّدًا، فلم يُعِدها إلى سَنَة، وهو ذاكِرٌ لها، ثم تاب؟ قال: «يُعيدُ صَلاةَ السَّنَةِ كُلِّها». • وسُئل إسحاق -مرةً أخرى- عن رَجلٍ تَرَكَ الصَّلاة ثَماني سِنين، ثم تاب؟ قال: «يُصَلِّي الأوَّل فالأوَّل، ولا يُعيدُ الوِتر ولا التَّطَوُّع ولا الركعَتَين قَبلَ صَلاة الغَداة؛ يُعيدُ المكتوبات». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: رَجل نَسي صَلاةً، فذَكَرَها بَعدَ أيام، فلم -[493]- يُصَلِّها، ثم نَسيها، فذَكَرَها بَعدَ سَنَة؟ قال: «يُصَلِّي تِلك الصَّلاة وَحدَها». قلت: ولا تَجعَل هذا كَتارك الصَّلاة مُتَعَمِّدًا؛ حين ذَكَرَها فلم يُصَلِّها؟ قال: «لا؛ لأنه نَسيها»، ثم ذَكَرَ حَديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن نَسي صَلاةً فليُصَلِّها إذا ذَكَرَها».

____ (1) كذا في الأصل، ويدل على أنه سقط قائل آخر، وهو: عامر الشعبي -كما في فتح الباري لابن رجب (6/ 357)، حيث نقله عن حرب-.

1054 - حدثنا عبدة بن عبد الرحيم بن حَسَّان، قال: ثنا أبو وهب، عن عبد الله بن المبارَك، قال: «إذا تَمَّ للغُلام أربَعَةَ عَشَرَ سَنَة (1)، فإن تَرَكَ الصَّلاة بَعدَ الأربَعَةَ عَشَرَ سَنَة؛ صَلَّى ما كان تَرَك». 1055 - قال: وسأل رَجلٌ عبدَالله بن المبارَك، فقال: إنه أعاد الصَّلاة سَبعين يَومًا، ولم يوتِر؟ قال: «أحبُّ إليَّ أن يُعيدَ الوِتر»، وذَكَرَ عن مالك بن أنس، قال: «لا يُعيدُ الوِتر». 1056 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا يونُس بن عبيد، أن رَجلًا صَلَّى بِالناس العِشاء الآخِرَة، وصَلاة شَهر رَمَضان، والوِتر، ثم عَلِمَ أنه صَلَّى بِهم وهو غَير طاهِر، فلقي الحسَن، فسأله، فأمَرَه أن يُعيدَ المكتوبَة، ولم يأمُره بإعادَة صَلاة شَهر رَمَضان، ولا الوِتر. 1057 - فلقي محمد بن سيرين، فسأله، فقال مِثلَ ذلك. 1058 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أنا أيوب أبو العلاء، قال: ثنا قَتادَة، عن أنس -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَسي صَلاةً؛ فكَفّارَتها أن يُصَلِّيَها إذا ذَكَرَها».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "أربَعَ عَشرَةَ سَنَة".

باب: من يقول: «أنا لا أصلي»

باب: مَنْ يَقول: «أنا لا أُصَلِّي» • قيل لأحمد: رَجلٌ قال: «لا أصَلِّي»؟ فكأنَّه ذَهَبَ إلى أنه يُستَتاب، وقال: «بَينَ العَبد وبَينَ الكُفر تَرك الصَّلاة». 1059 - وحدثنا إسحاق، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، عن زياد بن أبي حُمَيد، عن مَكحُول -فيمن يَقول: «الصَّلاة من عِند الله، ولا أُصَلِّيها، والزكاة من عِند الله، ولا أؤدِّيها» -؛ قال: «يُستَتاب، فإن تاب؛ وإلا قُتل». 1060 - وسمعت إسحاق يقول: «قال ابن المبارَك ووَكيع -في تَرك الصَّلاة عَمدًا-؛ فأحَدُهما يقول: هو أن يَترُك الظُّهر إلى وَقت العَصر مُتَعَمِّدًا، وقال الآخَر: هو أن يَترُك الظُّهر إلى المغرِب، والمغرِب إلى الفَجر». 1061 - حدثنا أحمَد بن الأزهَر بن منيع، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا أبو مُسلِم الفَزاري، قال: سمعت الأوزاعي -وسُئل عن رَجلٍ قال: «أنا لا أعلَم (1) أن الصَّلاة حَقّ، ولا أُصَلِّي» -؛ قال: «يُعرَض على السَّيف، فإن صَلَّى؛ وإلا قُتل». 1062 - قال: وسمعت سَعيد بن عبد العَزيز -وسُئل عنه-؛ قال: «يُحبَس ويُضرَب حتى يُصَلِّي». 1063 - حدثنا أبو عبد الله أحمَد بن نصر، قال: ثنا علي بن الحسَن بن شقيق، قال: سمعت ابن المبارَك يقول: «إذا قال: «لا أُصَلِّي اليَوم»؛ فهو كافِر».

____ (1) (كذا في الأصل، ولعل صوابه: أنا أعلم). تنبيه: ما بين القوسين مما أضافه المحقق على ما في المطبوع.

باب: من لم يعرف الفرض من السنة

1064 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: أنا نعيم بن حَمَّاد، قال: كان سُفيان الثوري يقول: «إذا تَرَك الصَّلاة مُتَعَمِّدًا وهو مُستَطيع لإقامَتها في الوَقت، فلم يُصَلِّ حتى يَخرُج الوَقت؛ أمَرت بِقَتلِه». 1065 - حدثنا أبو الربيع الزهراني، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، قال: ثنا عَمرو بن دينار، عن جابِر بن عبد الله -رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَينَ العَبد وبَينَ الكُفر تَرك الصَّلاة». باب: مَنْ لَم يَعرِف الفَرضَ مِن السُّنَّة • وسمعت امرأةً سألَتْ إسحاق، فقالت: صَلَّيت الغَداةَ مُنذُ خَمسينَ سَنَةً أربَعَ رَكعات؛ لم أعرِف رَكعَتَي السُّنَّة من رَكعَتَي الفَريضَة، والظُّهرَ ثَماني رَكعات؛ لم أعرِف الفَريضَة من التَّطَوُّع؟ فقال لها: «أَعَلِمتِ أن عَلَيكِ فَرضًا؟». قالت: نَعم، قَد عَلِمت أن عليَّ صَلاةَ الغَداة رَكعَتَين؛ فَرضٌ من الله، والظُّهر أربَعَ رَكعات. فرأى أبو يَعقوب أن ذلك مُجزئٌ عَنها، ولا إعادَةَ عَلَيها في ذلك، وقال لها: «إذا قُمتِ إلى صَلاة الغَداة؛ فابدَئي بِرَكعَتَي السُّنَّة، فإن فاتَك؛ فلا شَيءَ عَلَيك ولا قَضاء». 1066 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو معشر، عن نافع، عن ابن عُمَر، أنه دَخَلَ المسجِد والناس في صَلاة الصبح، فدَخَل مَعَهم، فلَمَّا طَلَعَت الشَّمس؛ قام فصَلَّى رَكعَتَين.

باب: من صلى بالناس على غير وضوء

باب: مَنْ صَلَّى بِالنَّاس عَلَى غَيرِ وُضوء • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «إذا صَلَّى الإمام وهو على غَير وضوء؛ فإنه يُعيد، ولا يُعيدون». • وسُئل أحمَد -أيضًا- عن إمامٍ صَلَّى بِقَومٍ وهو جُنُب، ثم عَلِمَ بَعدَ ذلك؟ قال: «يُعيد، ولا يُعيدون». قلت: فإن ذَكَرَ وهو في الصَّلاة؟ قال: «فَسَدَت صَلاتهم كُلِّهم». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا صَلَّى الإمام وهو على غَير وضوء، أو هو جُنُب؛ قال: «أحرَم الإمام، ولم يُحرم مَنْ خَلفَه؛ يُعيد، ولا يُعيدون؛ سُنَّة مَسنونَة». 1067 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: حدثني عُبَيدالله بن عُمَر، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: صَلَّى عُمَر بِالناس، فوَجَدَ في ثَوبه أَثَر الاحتِلام، فقال: «إن هذا لَمِن لَيلَتي هذه»، فاغتَسَل، وغَسَلَ ما أصاب ثَوبَه، ثم أعاد الصَّلاة، ولم يأمُر أصحابَه أن يُعيدوا. 1068 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، عن خالِد بن سَلَمَة، قال: حدثني محمد بن عَمرو بن الحارِث بن المصطلق، قال: صَلَّى بِنا عُثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فلَمَّا تَعالى النَّهار؛ إذا هو بِأَثَر الاحتِلام في ثَوبه، فأعاد الصَّلاة، ولم يأمُرهم بِالإعادَة. 1069 - حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الجزري -من أهل أذرمة- بِالمصِّيصَة، قال: ثنا هُشَيم، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارِث، عن علي -رضي الله عنه- -في إمامٍ صَلَّى بِقَومٍ وهو غَير طاهِر-؛ قال: «يُعيد، ولا يُعيدُ مَنْ خَلفَه».

باب: الإمام يحدث في الصلاة، فينصرف؛ كيف يفعل من خلفه؟

باب: الإمام يُحدِثُ في الصَّلاة، فيَنصَرِف؛ كَيفَ يَفعَلُ مَنْ خَلفَه؟ • وسُئل أحمَد عن الإمام إذا أحدَث وهو راكِع؛ كَيفَ يُقَدِّم رَجلًا؟ قال: «أما أنا؛ فأعجَب إليَّ إذا أحدَث الإمام في الصَّلاة؛ فإنه يُعلِم مَنْ خَلفَه، فيَستأنِفون الصَّلاة». • وسألت إسحاق عن إمامٍ صَلَّى بِقَوم، فانتَقَض عَلَيه الوضوء، فخَرَج من الصَّلاة ولم يُقَدِّم رَجلًا؛ كَيفَ يَصنَع مَنْ خَلفَه؟ قال: «إن شاؤوا صَلَّوا بأن يُقَدِّموا رَجلًا، وإن صَلَّى كُلُّ واحِدٍ منهم لِنَفسِه بَقيَّة صلاتهم؛ جاز، وأحبُّ إليَّ أن يُقَدِّم الإمام رَجلًا، فإن صَنَعَ ذلك لِمَا يُريد أن يَتوضَّأ، فيَرجِع، فيُصَلِّي بِهم بَقيَّة صَلاتهم؛ فإن فَعَلَ ذلك لهذا المعنى؛ جاز ذلك؛ لأن كُلًّا معمولٌ به». • وسُئل أحمَد -أيضًا- عن إمامٍ صَلَّى بِقَومٍ رَكعَةً، فذَكَرَ أنه على غَير وضوء، أو رُعف؟ قال: «يَستأنِفون الصَّلاة؛ أحبُّ إليَّ». قيل: حَديث ابن عُمَر وعلي في الرُّعاف؛ أنه يَبني ما لم يَتكَلَّم؟ قال: «حَديث عليٍّ مُضطَرِب؛ سُفيان يقول: «عن الحارِث، عن علي»، وشُعبَة يقول: «عن عاصم»». • قال أحمد: «أنا أختار أن يَستأنِفوا الصَّلاة»، فذُكِرَ له حديث عُمَر، أنه قال: «يُعيد، ولا يُعيدون»، قال: «ليسَ هذا مِثلَ ذلك؛ لأن عُمَر كان قَد صَلَّى، وكان ذلك بِكَمال الصَّلاة، وهؤلاء لم يُتمُّوا الصَّلاة بَعدُ». باب: إذا أحدَثَ في الصَّلاة؛ كَيفَ يَنصَرِف؟ • سألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رَجلٌ انتَقَضَ عَلَيه الوضوء وهو في الصَّلاة؛ -[498]- كَيفَ يَنصَرِف؟ قال: «يَخرُج، فيَتَوضَّأ، ويثني (1)». قلت: يُوَلِّي وَجهَه عن القِبلَة؟ قال: «وَبُدٌّ لَه من ذلك؟!».

____ (1) كذا أعجمها الناسخ، بالثاء المثلثة، ولعل الصواب بالباء الموحدة.

باب: من رفع رأسه قبل الإمام

1070 - حدثنا محمد بن الوَزير قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا ابن عياش، قال: حدثني ابن جُرَيج، عن أبيه، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا رُعفَ أحَدُكم أو قاء أو قَلَس؛ فليَنصَرِف، وليثنِ على صَلاته ما لم يَتكَلَّم». • سمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «إذا أحدَث الرجل وقَد صَلَّى رَكعَةً أو رَكعَتَين من رُعاف أو قَيء؛ فَليَنفَتِل من غَير أن يَتكَلَّم، ثم ليُتِم ما بَقي من صَلاته، فإن هو تكَلَّم؛ أعاد الصَّلاة، وكذلك إذا أحدَث من بَولٍ أو رَيحٍ أو قَيء؛ وإن هو أحدَث من بَولٍ أو ريحٍ أو قَيء، وقد صَلَّى رَكعَةً أو رَكعَتَين؛ أعاد الوضوء، وبَنى على صَلاته؛ كُلُّ ذلك سَواء؛ لأن كُلًّا عِندنا حَدَثٌ، وإن لم يأخُذ بِهِ بَعض أهل الأمصار». باب: مَنْ رَفَعَ رأسَهُ قَبلَ الإمَام • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: رَجلٌ رَفَعَ رأسه قَبلَ الإمام؟ قال: «يَعود لِسُجوده حتى يَرفَع الإمام». 1071 - حدثنا زكريا بن يَحيى الباهلي، قال: ثنا يَزيد بن هارون، قال: ثنا محمد -[499]- ابن إسحاق، عن يَعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن بُسر بن سَعيد، عن الحارِث بن مخلد، قال: حدثني أبي؛ مخلدٌ، قال: سمعت عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: «إذا رَفَعَ أحَدُكم رأسه من رَكعَته أو سَجدَته قَبلَ الإمام؛ فَليَعُد، ثم ليَمكُث حتى يَرى أنه قَد أدرَك ما فاتَه».

باب: تفريج الأصابع في الركوع، وصفة الركوع

باب: تَفريج الأصَابِع في الرُّكوع، وصِفَة الرُّكوع • سمعت إسحاق يقول: «مَنْ ضَمَّ أصابِعَه في الركوع، ولم يُفَرِّجها؛ فقد ابتَدَع، ونَقَصَت صَلاته». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا رَكَعت فضَع يَدَيك على رُكبَتَيك، وافرُج بَينَ أصابِعك، ولا تَرفَع رأسك ولا تُصَوِّبه، ولا تقنع، وابسُط ظَهرَك». 1072 - حدثنا محمد بن الوَزير الدِّمشقي، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني إبراهيم بن عُثمان، عن أبي سُفيان طريف بن شِهاب، عن أبي نضرة، عن أبي سَعيد الخُدري، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا رَكَعَ أحَدُكم فَليَضَع راحَتَيه على رُكبَتَيه، وليعدل ظَهرَه، ولا يُدَبِّح كما يُدَبِّح الحِمار». 1073 - حدثنا محمد، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني ابن جُرَيج، عن -[500]- عبد الله بن عُثمان، عن نافع بن عبد الرحمن -مولى ثقيف-، أنه سأل أبا هُرَيرَة -رضي الله عنه- عن الصَّلاة، فقال: «إياك والحنوَة»، والحنوَة: قَبضُهُ صُلبَه وهو راكِع.

باب: سجدة الشكر

1074 - حدثنا محمد قال: ثنا الوَليد، قال: أخبرني أبو موسَى عيسَى بن عبد الله، عن الحجاج بن أرطاة، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-، أنه كان يكرَه للرجل أن يَضُمَّ إحدَى رُكبَتَيه إلى الأخرَى. باب: سَجدَة الشُّكر • سألت إسحاق عن سَجدَة الشكر؟ قال: «سُنَّة؛ عِند الفُتوح، وعِند الغَزو؛ للبِشارات، ولكُلِّ شَيءٍ من أمر الآخِرَة». قال: «وحديث إبراهيم: أنه كَرِهَها؛ إنما هو لأمر الدُّنيا». 1075 - حدثنا النضر بن طاهِر العبسي (1)، قال: ثنا بكار بن عبد العَزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن أبي بكرة -رضي الله عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الأمر يُسَرُّ بِه؛ خَرَّ ساجِدًا؛ شُكرًا لله. 1076 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم وأبو عَوانَة، عن مُغيرَة، عن إبراهيم، أنه كَرِهَ سَجدَة الفَرَج.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "القيسي".

باب: التشهد

باب: التَّشَهُّد • قلت لأبي عبد الله أحمَد بن حَنبل: أتَذهَب في التشَهُّد إلى حَديث ابن مسعود -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: «نَعم». قلت: والدعاء في آخِر التشَهُّد؛ أتختار ما جاء عن ابن مسعود في حَديث عمير بن سعد؟ قال: «نَعم، أنا أختارُه». • وسمعت إسحاق يقول: «التشَهُّد أن يقول: «بِسم الله، التحيات لله والصَّلَوات والطيِّبات، السلام عَلَيك أيُّها النبي ورَحمَة الله وبَرَكاته، السلام عَلَينا وعلى عِباد الله الصالِحين، أشهَد أن لا إلهَ إلا الله، وأشهد أن محمدًا عَبدُه ورَسوله»». قال: «وإن تَشَهَّد بِغَير هذا مما رواه أبو موسَى الأشعري، وجابِر بن عبد الله، وابن عَبَّاس -رضي الله عنهم-؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو جائز، وبما عَلَّم عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- الناسَ على المنبَر، أو بما تَشَهَّدَت به عائشَة، أو ابن عُمَر، أو غَيرهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو جائز، وما وَصَفنا من تَشَهُّد ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو أحبُّ إلَينا. ثم يَنهَض، ويَعتَمِد على يَدَيه؛ إذا كانت بِهِ عِلَّةٌ أم لا، فإذا جَلَسَ في آخِر صَلاته؛ تَشَهَّد، ثم حَمِدَ الله -تعالى-، ثم يُصَلِّي على النبي صلى الله عليه وسلم». باب: الدُّعاء بَعدَ التَّشَهُّد • وسمعت أبا يَعقوب يقول: «كانوا يَستَحِبُّون أن يَقولوا بَعدَ التشَهُّد: «اللهم إني أسألك من الخير كُلِّه؛ ما عَلِمت منه وما لم أعلَم، وأعوذ بِك من الشرِّ كُلِّه؛ ما -[502]- عَلِمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خَير ما سألك عِبادك الصالِحون، وأعوذ بِك من شَرِّ ما عاذ مِنه عِبادك الصالِحون، ربَّنا آتِنا في الدنيا حَسَنَة، وفي الآخِرَة حَسَنَة، وقِنا عَذابَ النار، ربَّنا إننا آمنَّا فاغفِر لَنا ذُنوبَنا وكَفِّر عَنَّا سَيِّئاتِنا وتَوَفَّنا مَعَ الأبرار، رَبَّنا وآتِنا ما وَعَدتَنا على رُسُلِك ولا تُخزِنا يَومَ القيامَة، إنك لا تُخلِف الميعاد».

1077 - قال: أخبرنا به: عيسَى بن يونُس، قال: أبنا الأعمَش، قال: ثنا عمير بن سَعيد النخعي، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-، يَقول ذلك. • قال أبو يَعقوب: «وإن كان إمامًا؛ قال: «اللهمَّ إنا نَسألك من الخير كُلِّه ...»؛ ليَكون دُعاؤه عامًّا». 1078 - حدثنا أبو الحارِث عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن عاصم بن أبي النجود، عن شقيق، قال: كان ابن مسعود -رضي الله عنه- يقول في آخِر التشَهُّد: «ربَّنا أصلِح ذاتَ بَينِنا، واهدِنا سُبُلَ السلام، ونَجِّنا من الظُّلُمات إلى النور، واصرِف عَنَّا الفَواحِش ما ظَهَرَ منها وما بَطَن، وبارِك لَنا في أسماعنا، وأبصارنا، وقُلوبنا، وأزواجنا، وذُرِّيَّاتنا، وتُب عَلَينا؛ إنك أنت التوَّاب الغَفور، ربَّنا واجعَلنا شاكِرين لِنِعَمِك، مُثنين لها، قائليها، وأتِمَّها عَلَينا».

باب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد

• وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «إن كنتَ إمامًا فأعمهم (1) بِدُعائك، فقُل: «إنا نَسألك من الخير كُلِّه ...»؛ فإنه يُكرَه للإمام أن يَخُصَّ نَفسَه بِالدُّعاء دون القَوم». 1079 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن حبيب بن صالِح، عن يَزيد بن شريح، عن أبي حَي المؤذن، عن ثوبان -رضي الله عنه-، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يَؤمُّ رَجلٌ قَومًا فيَخُصُّ نَفسَه بالدعاء، فإن فَعَل؛ فقَد خانَهم». باب: الصَّلاة عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم بَعدَ التَّشَهُّد • وسألت إسحاق، قلت: الرجل إذا تَشَهَّد فلم يُصَلِّ على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: «أما أنا فأقول: إن صَلاته جائزَة، وقال الشافعي: لا تَجوز صَلاته». قال أبو يَعقوب: «أنا أذهَب إلى حَديث الحسَن بن الحر، عن القاسِم بن مخيمرة، عن عَلقَمَة، عن ابن مسعود -رضي الله عنه-»، يعني: «إذا فَرَغت من التشَهُّد، فإن كانَت لَك حاجَةٌ فأردت أن تَقوم؛ فقُم». 1080 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا الحسين بن علي الجعفي ومحمد بن أبان، عن الحسَن بن الحر، قال: أخَذَ القاسِم بن مخيمرة بِيَدي، وقال القاسِم: أخَذَ عَلقَمَة بِيَدي، وقال عَلقَمَة: أخَذَ عبد الله بِيَدي، وقال عبد الله: أخَذَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِيَدي، فقال: «إذا تَشَهَّدت فقُل: التحيات لله والصَّلَوات والطيِّبات، السلام عَلَيك أيها -[504]- النبي ورَحمَة الله وبَرَكاته، السلام عَلَينا وعلى عِباد الله الصالِحين، أشهَد أن لا إلهَ إلا الله، وأشهَد أن محمدًا عَبده ورَسوله». زاد محمد بن أبان في الحديث: «فإذا قُلت هذا، فإن كانت لَك حاجَةٌ فأردت أن تَقوم؛ فقُم».

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والوجه: "فعُمَّهم".

• وسمعت أبا يَعقوب -أيضًا- يقول: «إذا فَرَغ من التشَهُّد إمامًا كان أو مأمومًا؛ صَلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لا يُجزئه غَير ذلك؛ لِقَول أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «قَد عَرَفنا السلام عَلَيك -يعني: التشَهُّد والسلام فيها-؛ فكَيف الصَّلاة؟»، فأنزَل الله -تَعالى-: {إن الله وملائكته يصلون على النبي}، وفَسَّر النبي صلى الله عليه وسلم كَيف هي، فأدنَى ما ذُكِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصَّلاة عَلَيه يَكفيك؛ فَلتَقُله بَعدَ التشَهُّد. فالتشَهُّد والصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الجلسَة الآخِرَة عَمَلان هما عدلان؛ لا يَجوز لأحَدٍ أن يَترُك واحِدًا مِنهما عمدًا، أو (1) كان ناسيًا؛ رَجَونا أن يُجزئه، مع أن بَعض عُلَماء أهل الحِجاز قال: «لا يُجزئه تَرك الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وإن تَرَكَه أعاد الصَّلاة»». 1081 - حدثنا سُلَيمان بن حرب، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، عن يَحيى، عن عبد الرحمن الأعرج، عن ابن بحينة، أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهر والعَصر، فقام في -[505]- الشّفع الذي يُجلَس فيه، فمَضى، فلَمَّا قَضى الصَّلاة سَجَدَ سَجدَتَين من قَبل أن يُسَلِّم، ثم سَلَّم».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "وإن".

باب: من نسي التشهد

باب: مَنْ نَسِيَ التَّشَهُّد • سألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: رَجلٌ نَسي التشَهُّد حتى فَرَغَ من الصَّلاة؟ قال: «أما في الركعَتَين الأولَيَين؛ فالأمر فيه أسهَل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام من الثنتَين، فمَضى في صَلاته، ولم يكُن ثَمَّ جُلوسٌ ولا تَشَهُّد، ولم يُعِد. وهو في آخِر الصَّلاة أشَدّ». قلت: أيُعجِبك أن يَحتاط ويُعيد الصَّلاة؟ قال: «ما أدري كَيفَ هذا». • وسألت إسحاق عن رَجلٍ نَسي التشَهُّد حتى فَرَغَ من صَلاته؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». قلت: فإن ذَكَرَه قَبل أن يَتكَلَّم؟ قال: «يَرجِع إلى مَكانه، فيتَشَهَّد، ويُسَلِّم، وإن ذَكَرَه بَعدَما تكَلَّم؛ أعاد الصَّلاة». 1082 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا يَزيد بن هارون، قال: ثنا المسعودي، عن زياد بن علاقة، قال: صَلَّى بِنا المُغيرَة بن شُعبَة، فلَمَّا صَلَّى رَكعَتَين؛ قام ولم يَجلِس، فسَبَّح بِهِ مَنْ خَلفَه، فأشار إليهم أن قوموا، فلَمَّا فَرَغَ من صَلاته سَلَّم، ثم سَجَدَ سَجدَتَين، ثم سَلَّم، ثم قال: «هكذا صَنَعَ بِنا رَسول الله صلى الله عليه وسلم». 1083 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو: -[506]- أرَأيت إن نَسيت التشَهُّد الأوَّل، فقُمت عَنه، فلم أذكُره حتى استَوَيت قائمًا؟ قال: «فَامضِ حتى تُتِمَّ صَلاتك، ثم اسجُد سَجدَتَي السَّهو، ثم سَلِّم». قلت: فسَجدَتَي (1) السَّهو قَبلَ السلام؟ قال: «نَعم».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "فسَجدَتا".

قال الوَليد: وسألت أبا عَمرو عَمَّن نَسي تَشَهُّده الأوَّل في صَلاة الظُّهر والعَصر، أو المغرِب، أو العِشاء؛ فقام عَنه، ولم يَقعُد ثم نَسي الآخِر، فسَلَّم؛ أيَتَشَهَّد؟ قال: «يَتَشَهَّد تَشَهُّده الأوَّل، ثم يَسجُد سَجدَتَي السَّهو، ثم يَتَشَهَّد تَشَهُّده الآخِر، ثم يُسَلِّم». قيل لأبي عَمرو: فإنه نَسي تَشَهُّده الأوَّل والآخِر حتى قام مُنصَرِفًا؟ قال: «يَقعُد، فيَسجُد أربَعَ سَجدات». 1084 - قال الوَليد: وأخبرني المفضل بن فضالة المصري، عن عقيل، عن ابن شِهاب الزُّهري، قال: «يتَشَهَّد إذا ذَكَر؛ لقول الله -تَبارَك وتعالى-: {واذكر ربك إذا نسيت}». 1085 - قال الوَليد: وأخبرني الهيثم، عن النُّعمان، عن مَكحُول، قال: «لا صَلاةَ إلا بِتَشَهُّدٍ في مَوضِع التشَهُّد، فمَن نَسي فليَتَشَهَّد إذا ذَكَر؛ فإنه لا بُدَّ من التشَهُّد». 1086 - قال الوَليد: وقال أبو عَمرو: «من نَسي أن يتَشَهَّد مَعَ الإمام حتى انصَرَف؛ مَضَت صَلاته». 1087 - حدثنا مسدد، قال: ثنا يَحيى بن سَعيد، عن شُعبَة، عن مُسلِم بن عبد الله، -[507]- عن حملة بن عبد الرحمن، قال: قال عمر: «لا صَلاةَ إلا بِتَشَهُّد».

باب: من فاته بعض الصلاة مع الإمام، فردد التشهد

1088 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: سألت أبا إسحاق الفَزاري عن رَجلٍ تَرَك التشَهُّدَين كِلَيهما؟ قال: «قَد مَضَت صَلاته». باب: مَنْ فَاتَهُ بَعضُ الصَّلاة مَعَ الإمام، فرَدَّدَ التَّشَهُّد • سمعت أحمَد يقول -في رَجلٍ فاتَه بَعض الصَّلاة مَعَ الإمام-؛ قال: «إذا جَلَس مَعَ الإمام في آخِر صَلاته؛ فإنه يُرَدِّد التشَهُّد، ولا يَدعو». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الرجل يَجيء والإمام جالِس، فكَبَّر وجَلَس؛ أيتَشَهَّد؟ فإن أطال الإمام الجلوس؛ رَدَّد التشَهُّد (1). قيل: فإن تَشَهَّد وأطال الإمام، فذَكَر الله؟ قال: «أحبُّ إليَّ أن يتَشَهَّد، وإذا قام كَبَّر». • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ فاتَته بَعض الصَّلاة مَعَ الإمام، فلَمَّا جَلَس مَعَ الإمام في آخِر صَلاته طَوَّل الإمامُ التشَهُّدَ، وهذا لم يُتِمَّ صَلاته بَعد؟ قال أبو يَعقوب: «يُرَدِّد التشَهُّد»، يعني: أنه لا يَدعو إلا في آخِر صَلاته. 1089 - وحدثنا أبو حَفص، قال: ثنا بِشر بن الوضاح، قال: ثنا مبارَك، عن الحسَن -في الرجل يُسبَق بِبَعض الصَّلاة، فيَجلِس مَعَ الإمام في آخِر الصَّلاة-؛ قال: «يُرَدِّد التشَهُّد، ولا يَدعو».

____ (1) كذا في الأصل، ولعله وقع فيه سقط، ويحتمل أن الصواب: "قال: إن أطال .... ".

باب: إذا سلم الإمام سلم من خلفه

باب: إذا سَلَّم الإمام سَلَّم مَنْ خَلفَه • سمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «إذا سَلَّم الإمام فيَنبَغي لِمَن خَلفَه أن يُسَلِّموا؛ يأتَمُّوا بالإمام». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا كنت مَعَ الإمام، فإذا سَلَّم الإمام؛ فسَلِّم عن يَمينك وعن يَسَارك؛ السلام عَلَيكم ورَحمَة الله، السلام عَلَيكم ورَحمَة الله. ويَرُدّ على الإمام على كُلِّ حال». 1090 - حدثنا محمد بن نصر بن سَعيد، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، عن سُفيان، عن جَعفَر بن برقان، عن خصيف، عن مُجاهد، عن ابن عُمَر، أنه كان يَستَحِبُّ إذا سَلَّم الإمام أن يُسَلِّم مَنْ خَلفَه مَعَ تَسليمه. قال سُفيان: «فإن كان بَقي عَلَيه شَيءٌ من التشَهُّد؛ فليُسَلِّم؛ فإنه أحبُّ إليَّ». باب: انصِراف الإمام إذا سَلَّم • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: الإمام إذا سَلم يَنصَرِف عن يَمينه أو عن شِماله؟ قال: «كُلُّ هذا جائز». • وسألت إسحاق، قلت: الإمام إذا سَلَّم؛ على أيِّ الشِّقَّين يَقعُد؟ قال: «إن شاء عن يَمينه، وإن شاء عن يَسَاره»، ثم ذَكَرَ حديثَ النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يَنصَرِف يَمينَه وعن يَسَاره. قلت: إنما ذلك الانصراف؟ قال: «هذا مِثلُه». 1091 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا مسهر بن عبد الملِك، قال: أخبرني أبي، عن عبد خير، -[509]- قال: رأيت علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- صَلَّى الغَداة، فلَمَّا سَلَّم انحَرَف عن يَمينه.

باب: من لا يحسن العربية، فيدعو في الصلاة بالفارسية

1092 - حدثنا عبد الرحمن بن المبارَك، قال: ثنا عبد الوارِث بن سَعيد، قال: ثنا حسين المعلم، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يَنصَرِف من الصَّلاة عن يَمينه وعن شِماله». باب: مَنْ لا يُحسِن العَرَبِيَّة، فَيَدعُو في الصَّلاة بِالفَارِسِيَّة • قلت لأحمد: عِندنا قَومٌ لا يُحسِنون التشَهُّد؟ قال: «يُعَلَّمون». قلت: فإنهم لا يَقدِرون على التعليم؟ قال: «فما»، ورَخَّص لَه أن يَدعو بِما يُحسِن. • قلت لأحمد: فإن دَعا قَبلَ السلام بِالفارِسِيَّة؟ قال: «لا»، وشَدَّد في ذلك، وقال: «كلام سَوء»، يعني: الفارِسِيَّة. • وسألت إسحاق، قلت: رَجلٌ أُمِّيٌّ دَعا في صَلاة الفَريضَة بِالفارِسِيَّة، فقال: «يا رَبِّ مراتبا مَرْز (1)»؟ قال: «صَلاته فاسِدَة»، ولم يُرَخِّص في الدعاء بِالفارِسِيَّة في الصَّلاة.

____ (1) كذا في الأصل بالإعجام والإهمال.

باب: من أحدث قبل أن يسلم

• وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: فالأعجَمي يَدعو بِالفارِسِيَّة، أو يَفتَتِح الصَّلاة بِالفارِسِيَّة؟ قال: «لا يَجوز». • وسألت إسحاق -أيضًا- عن الرجل يَسجُد في التَّطَوُّع، ويَدعو بِالفارِسِيَّة؟ قال: «إذا لم يُحسِن شَيئًا جاز»، ورَخَّص فيه. 1093 - حدثنا عُبَيدالله بن مُعاذ، عن أبيه، عن أبي هلال الراسبي، عن عبد الله بن بريدة، قال: قال عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «ما تَعَلَّم رَجلٌ الفارِسِيَّةَ إلا خَبّ، ولا خَبَّ إلا ذَهَبَت مُروءته». باب: مَنْ أحدَثَ قَبلَ أن يُسَلِّم • قلت لأحمَد بن حَنبل: الرجل يُحدِث بَعدَما يَرفَع رأسه من آخِر رَكعَة؟ قال: «هو في صَلاةٍ ما دام لم يُسَلِّم»؛ يَذهَب إلى أنه يُعيد. • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى-، قيل: رَجلٌ تَشَهَّد، فأحدَث قَبلَ أن يُسَلِّم؟ قال: «يُعيد؛ لأنه في صَلاةٍ ما لم يُسَلِّم»؛ يَذهَب إلى حديث علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «وتَحليلها التسليم»، وذُكِرَ له حَديث عبد الله بن عَمرو، فرَدَّه ولم يُصَحِّحه. • وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: الرجل نَسي التسليم في الصَّلاة؟ قال: «هو في صَلاةٍ ما لم يُسَلِّم». قلت: فإن تكَلَّم؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة؛ لأن تَحليل الصَّلاة: التسليم».

باب: من زاد على التشهد في الركعتين الأوليين

• وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رَجلٌ أحدَث قَبلَ أن يُسَلِّم، وقَد تَشَهَّد؟ قال: «صَلاته جائزة». فذَكَرت لَه حَديثَ النبي صلى الله عليه وسلم: «وتَحليلها التسليم»؟ قال: «يَعني بِه: التشَهُّد؛ لأن في التشَهُّد التسليم». • وأما أحمد؛ فإنه لا يَرَى صَلاته تَمَّت حتى يُسَلِّم. قلت: فإن تكَلَّم؟ قال: «لا بُدَّ من أن يُعيدَ الصَّلاة». 1094 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا ابن مبارَك، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الرحمن بن رافع، عن عبد الله بن عَمرو، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رَفَعَ رأسه من السجود فأحدَث قَبلَ أن يُسَلِّم؛ فقَد أجْزَتْ صَلاتُه». باب: مَنْ زاد على التَّشَهُّد في الرَّكعَتَين الأُولَيَين • وسمعت إسحاق يقول: «لا يَزيدَنَّ الإمام في الركعَتَين الأولَيَين إذا جَلَس على التشَهُّد، وإن زاد في الركعَتَين الأولَيَين على التشَهُّد عَمدًا؛ فقَد أخطأ، وإن زاد ناسيًا لِمَا ظَنَّ أنه في آخِر الجلسَة؛ فعَلَيه سَجدَتا السَّهو». o أخبرنا يَحيى بن ضريس، عن نعيم بن ميسرة القارئ، عن مطرف، عن الشعبي (1).

____ (1) كذا في الأصل مبتورا، وكتب فوقه: "كذا". ولعل الأثر: ما أخرجه ابن أبي شيبة (3039) من طريق نعيم، عن مطرف، عن الشعبي، قال: "من زاد في الركعتين الأوليين على التشهد، فعليه سجدتا السهو".

باب: الإمام يقوم من تشهده وقد بقي على المأموم شيء منه

باب: الإمام يَقوم مِن تَشَهُّده وقَد بَقِيَ على المأمُوم شَيءٌ منه • وسُئل أحمَد عن الرجل يَبقى عَلَيه من تَشَهُّده شَيءٌ في الركعَة الثانيَة، فيَقوم الإمام قَبلَ أن يَفرغ هذا من تَشَهُّده؟ فقال: «إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ بِه»، ثم قال: «قال عَلقَمَة: «إن لنا إمامًا لا يُتِمُّ الركوعَ والسُّجود، وأما نَحنُ فنُتِمّ»». 1095 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا ليث بن سَعد، عن ابن شِهاب، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: خَرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فَرَس، فجحش، فصَلَّى قاعِدًا، فصَلَّينا مَعَه قُعودًا، ثم انصرف، فقال: «إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ بِه، فإذا كَبَّر فكَبِّروا، وإذا رَكَعَ فاركَعوا، وإذا قال: «سَمِعَ الله لِمَن حَمِدَه» فقولوا: «رَبَّنا ولَك الحمد»، وإذا سَجَد فاسجُدوا، وإذا صَلَّى قاعِدًا فصَلُّوا قُعودًا أجمَعون». 1096 - حدثنا عَبَّاس بن الوَليد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سألت الأوزاعي عن إمامِ قَومٍ لا يُتِمُّ الركوع ولا السُّجود؛ أُصَلِّي مَعَه؟ قال: «نَعم، وتُتِمُّ أنت». باب: ما يَقطَع الصَّلاة • وسألت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبل، قلت: الصَّلاة يَقطَعها شَيء؟ فكأنه ذَهَب إلى الكَلب الأسوَد. 1097 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن يونُس -[513]- ابن أبي إسحاق، عن مُجاهد، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: «يَقطَع الصَّلاة الكَلبُ الأسوَد».

• قلت لأحمد: فحَديث ابن عَبَّاس حَيث قال: «جِئت إلى مِنىً والنبي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وأنا على حِمار، فتَرَكت الحِمار، فمَرَّ بَينَ يَدَي النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصَّلاة»، وحديث عائشَة، قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وأنا مُعتَرِضَةٌ بَينَه وبَينَ القِبلَة»؛ ألَيسا يَنسَخان حَديث أبي ذر -رضي الله عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَقطَع الصَّلاة المرأةُ والحِمار»؟ قال: «أما يَنسَخان؛ فلا أدري، ولكن أرجو أن يَكون الأمرُ فيه واسِعًا»، وسَهَّل فيه. قلت: فالكَلب الأسوَد؟ فذَهَب إلى أنه يَقطَع الصَّلاة. • وسمعت إسحاق يقول: «قَد ذُكِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يَقطَع الصَّلاة إلا الكَلبُ والحِمار والمرأة»، وذُكِرَ عن النبي صلى الله عليه وسلم رُخصَةٌ في الحِمار والمرأة، وبَقي شَأنُ الكَلب الأسوَد؛ لم يأتِ فيه رُخصَةٌ عَلِمناها؛ حتى إن عائشَة قالت -بَعد مَوت النبي صلى الله عليه وسلم-: «لا يَقطَع الصَّلاة شَيءٌ إلا الكَلب الأسوَد»، وفي حَديث أبي ذرٍّ عن النبي صلى الله عليه وسلم بَيانُ ذلك في الكَلب الأسوَد. فإذا صَلَّى الرجل ولَيسَ بَينَ يَدَيه ما يَستُره، فمَرَّ بَينَ يَدَيه كَلبٌ أسود؛ أعاد الصَّلاة، فإن خَشي مُرورَ إنسانٍ أو دابَّةٍ؛ أيِّ الدَّوابِّ كان؛ فعَلَيه أن يَجتَهِد في رَدِّها، حتى لو مَشَى إلى القِبلَة أو عن يَمينها أو عن شِمالها؛ كان ذلك أفضَل؛ حتى تَمُرَّ -[514]- الدَّابَّة خَلفَه، ولقد مَشى رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك حتى ألزَقَ بَطنَه بِالقِبلَة، ومَرَّت الدَّابَّة خَلفَه».

باب: المرأة تصلي بحيال الرجل أو بين يديه

1098 - حدثنا علي بن عُثمان، قال: ثنا سُلَيمان بن المُغيرَة، عن حُمَيد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر -رضي الله عنه-، قال: «يَقطَع صَلاةَ الرجل إذا لم يَكُن بَينَ يَدَيه مِثلُ مُؤخِّرَة الرَّحل: المرأةُ، والحِمار، والكَلب الأسوَد». قال: فقلت لأبي ذر: ما بال الكَلب الأسوَد من الكَلب الأحمَر، ومن الكَلب الأبيَض؟ فقال: يا ابن أخي، سألتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عمَّا سألتَني عنه، فقال: «الكَلب الأسوَد شَيطان». باب: المرأة تُصَلِّي بِحِيال الرَّجُل أو بَينَ يَدَيه • قلت لأحمد: الرجل يُصَلِّي وامرأةٌ بِحِياله قائمَةٌ تُصَلِّي أو بَينَ يَدَيه؟ فقال: «إذا كانت بِحِياله فهو أسهَل من أن تكون بَينَ يَدَيه». قلت: أيُعيدُ الصَّلاة؟ قال: «ما أدري». وقال: «إن كانت المرأة في غير الصَّلاة؛ فإنه لا بأس؛ لأن عائشَة قَد كانَت بَينَ يَدَي النبي صلى الله عليه وسلم». • وسمعت إسحاق يقول: «لو أن امرأةً صَلَّت وأنا خَلفَها أُصَلِّي صَلاتي؛ كانَت -[515]- صَلاتي جائزة، ولو أن امرأةً صَلَّت وكان خَلفَها رِجالٌ يُصَلُّون؛ يأتَمُّون بها؛ كانَت صَلاتهم فاسِدَة، ويُؤدَّبون».

• وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إذا كُنتَ تُصَلِّي وبَينَ يَدَيك امرأةٌ قائمَةٌ أو قاعِدَة، أو عن يَمينك أو عن يَسَارك؛ فلا بأسَ إذا كانت المرأة في غَيرِ الصَّلاة». قال: «وإن كانت بِجَنب رَجل؛ تُصَلِّي في الصَّفِّ مَعَه، أو تَقتَدي بِه؛ فإن صَلاتها فاسِدَة، وصَلاةُ الرجل جائزة؛ لأنها عاصيَة؛ لِمَا أُمِرَت أن تكون في آخِر الصُّفوف وَحدَها إن لم يَكُن مَعَها نِساء، فإن كان نِساءٌ كانَت مَعَهُنَّ في الصَّفّ، فلذلك قلنا: عاصيَة، والرجل الذي بِجَنبها مُطيعٌ لله وللرسول في إقامَته في الصَّفِّ مَعَ الرجل، فلا تكون العاصيَة تُفسِد على المطيع». 1099 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم -في رَجلٍ صَلَّى، ورجل (1) بَينَ يَدَيه نُشَّابَة، أو لم يَركن (2)، ثم جاءت امرأةٌ فصَلَّت أمامَه، والنُّشَّابَة بَينَهما؛ هل تَفسُد صَلاته؟ -؛ قال: قال سُفيان: «إن لم يذكر؛ فَسَدَت صَلاته». قلت: أرَأيت إن ذكر (3) بَعدَما رآها تُصَلِّي أمامَه؛ هل تَفسُد صَلاته قال: «لا».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "ورَكَز". (2) كذا في الأصل، والصواب:"يَركُز". (3) كذا في الأصل، والصواب: "رَكَز".

باب: من صلى وبين يديه من يتحدث، أو صلى إلى النيام

باب: مَنْ صَلَّى وبَينَ يَدَيه مَنْ يَتَحَدَّث، أو صَلَّى إلى النِّيَام • قلت لأحمد: الرجل يُصَلِّي وبَينَ يَدَيه رَجلٌ يَتَحَدَّث؟ قال: «لا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قَد نَهَى عنه». قال: «والفَريضَة أشَدّ»، وكأنه ذَهَبَ إلى أنه يُعيد. قلت: فإن صَلَّى إلى النِّيام؟ قال: «أما الفَريضَة؛ فلا». 1100 - حدثنا الحسين بن سُلَيمان (1) بن أبي كَبشة -بَصريّ-، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سُفيان، عن الأشعَث، عن سُفيان (2) بن جُبَير، أنه كان لا يَرَى بأسًا أن يأتَمَّ بِالمتحَدِّثين إذا كانوا يَذكُرون الله. • وسُئل إسحاق عن رَجلٍ صَلَّى المكتوبَة خَلفَ نائم؟ قال: «قَد أساء، وصَلاته جائزة». 1101 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا تمام بن بزيع، قال: سمعت محمد بن كعب، قال: سمعت ابن عَبَّاس يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تُصَلُّوا إلى النِّيام والمتحَدِّثين». باب: الرَّجل يَخُطُّ بَينَ يَدَيه إذا صَلَّى • سُئل أبو عبد الله أحمَد بن حَنبل: كَيفَ الخَطُّ بَينَ يَدَي المصَلِّي؟ قال: «هكذا؛ بِالعَرض».

____ (1) كذا في الأصل، وفي المصادر: "سَلَمَة". (2) رسمها في الأصل: "سغيان"، وكتب فوقها: "كذا"، وكتب في الحاشية: "لعله: سعيد"، وكذلك نقله ابن رجب في الفتح.

باب: من صلى إلى غير سترة

• وسمعت إسحاق يقول: «الخَطُّ بَينَ يَدَي المصَلِّي عَرضًا». 1102 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، عن سُفيان بن سَعيد -في الخَطِّ إذا كان في فَلاةٍ من الأرض-؛ أنه: «عَرضًا». 1103 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرني المقرئ، قال: حدثني سَعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني خير بن نعيم، عن عَطاء بن أبي رَبَاح، قال: «إذا صَلَّيت في صَحراء؛ فَخُطَّ بَينَ يَدَيك خَطًّا، واجعَله عَرضًا». 1104 - وقال عَمرو بن دينار -في الخَطّ-: «كالحَنِيَّة». 1105 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن القاسِم بن مَروان، عن عَمرو بن قيس الملائي، أنه قال: «الخَطُّ طولًا». باب: مَنْ صَلَّى إلى غَيرِ سُترَة • قلت لأحمد: رَجلٌ صَلَّى بِفَلاةٍ من الأرض، ولَيسَ بَينَ يَدَيه شَيء، ولا خَطَّ خَطًّا؟ قال: «أحبُّ إليَّ أن يَفعَل». قلت: فإن لم يَفعَل؟ قال: «يُجزئه». 1106 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني سالم وزهير، أنهما سمعا كثير بن كثير، عن أبيه، عن المطَّلِب بن أبي وداعة، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي حَذوَ الرُّكن الأسوَد، ولَيسَ بَين يَدَيه وبَينَ الطائفين من الرجال والنِّساء سُترَة».

باب: من يصلي بصلاة الإمام في داره

1107 - حدثنا عبد الواحِد (1) بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن الهيثم، قال: سُئل إبراهيم النخعي عن الرجل يُصَلِّي؛ يَستَتِر بِالحَبل مُعتَرِضًا؟ قال: «لَو كان الحَبل بِالطُّول كان أحبَّ إليَّ». 1108 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: قال الوَليد: وأخبرني هِشام بن الغاز، عن عَمرو بن شعيب، أنه أخبره عن أبيه، عن جده عبد الله بن عَمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّي إلى جَدْر اتَّخَذَه سُترَة، فأرادت بَهمَةٌ من البَهم أن تَمُرَّ بَينَ يَدَيه، فجَعَل رسول الله صلى الله عليه وسلم يُريد جَعفَها عن ذلك؛ يُريدها أن تَمُرَّ خَلفَه، حتى لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مُلتَصِقًا بِالجَدْر، ومَرَّت خَلفَه. باب: مَنْ يُصَلِّي بِصَلاة الإمام في دَارِه • قلت لأحمد: يا أبا عبد الله، إن مَسجِد البَصرَة زِحامُهم كَثير، وخارجَ المسجِد دورٌ يُصَلِّي فيها الناس بِصَلاة الإمام، وبَينَها وبَينَ المسجِد طَريقٌ يَمُرُّ فيه الناس؛ أيَجوز هذا؟ قال: «نَعم»، واحتَجَّ بِحَديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أنه صَلَّى على غُرفَةٍ مُشرِفَةٍ على المسجِد بِصَلاة الإمام. قيل: أيُصَلِّي وَحدَه في هذه المواضِع؟ فأحَبَّ أن يَكون مَعَه غَيرُه.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "عبد الوهاب".

• وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن المرأة تُصَلِّي فَوقَ بَيتٍ، وبَينَها وبَينَ الإمام طَريق؟ قال: «أرجو ألَّا يَكون بِهِ بأس»، وذكر أن أنس بن مالك كان يفعل ذلك. قلت: فإن كان وَحدَه؟ فسَكَت عَنِّي، ثم سألتُه عِندَ المغرِب وَحدِي، فقلت: إذا كان وَحدَه؟ قال: «لا، إذا كان وَحدَه يُروَى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مَنْ صَلَّى خَلفَ الصَّفِّ وَحدَه أعاد، وهذا أشَدّ»، يعني: فَوقَ البَيت. • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: الرجل يُصَلِّي في دارٍ بَينَه وبين المسجِد طَريقٌ يَمُرُّ فيه الناس؟ قال: «لا يُعجِبُني»، ولم يُرَخِّص فيه. قلت: صَلاته جائزَة؟ قال: «لَو كانَت جائزَةً كنتُ لا أقول: «لا يُعجِبُني»». قال: «إلا أن يكون طَريقٌ يَقوم فيه الناس، ويَصُفُّون فيه للصلاة». قلت: فإنَّا حين صَلَّينا لم يَمُرَّ فيه أحَد؟ فذَهَب إلى أن الصَّلاة جائزَة. • وسألت إسحاق -أيضًا-، قلت: صَلَّى وبَينَه وبَينَ الإمام حائط، وهو لا يَرى الإمام؟ قال: «إذا سَمِع قِراءتَه واقتَدَى بِه؛ جاز». 1109 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا محمد بن يوسُف، عن سُفيان، عن يونُس بن عبيد، عن عبد رَبِّه، قال: «رأيت أنس بن مالك يُصَلِّي يَومَ الجمعَة في غُرفَةٍ بِالبَصرَة بِصَلاةِ الإمام».

باب: الرجل يصلي وبين يديه نهر جار

1110 - حدثنا أنس بن مُعاذ، قال: ثنا أبو قتيبة، عن ابن أبي ذِئب، عن صالِح -مولى التوأمة-، قال: «رأيت أبا هُرَيرَة يُصَلِّي على سَطح المسجِد بِصَلاة الإمام». 1111 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد، قال: قلت لأبي عَمرو وسَعيد بن عبد العَزيز: أُصَلِّي على سَطحٍ الناسُ يَمُرُّون في طَريقٍ تَحتَ ذلك؟ قالا: «نَعم». قالا: «وتَتأخَّر شَيئًا حتى لا تَطَّلع إلى الناس أحبُّ إليَّ». 1112 - قال الوَليد: وقال مالك: «إن كان ارتِفاع السَّطح قَدرَ مُؤخَّرة الرَّحل فأكثَر من ذلك؛ تُصَلِّي». باب: الرَّجُل يُصَلِّي وبَينَ يَدَيه نَهرٌ جَارٍ • قلت لإسحاق: فرَجلٌ صَلَّى وبَينَ يَدَيه نَهرٌ يَجري فيه الماء؟ قال: «إذا كان نَهرٌ تَجري فيه السُّفُن؛ فلا يُصَلِّي (1)، وإن لم يَكُن تَجري فيه السُّفُن؛ فهو أسهَل». 1113 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: قلت لأبي عَمرو الأوزاعي: النَّهر سُترَة؟ قال: «نَعم». 1114 - قال الوَليد: وأخبرني إسماعيل، عن أبان، عن مُجاهد، عن ابن عُمَر، قال: «إذا صَلَّيت وبَينَ يَدَيك جَدوَلٌ يَجري؛ يَمُرُّ فيه الماء؛ فإنه سُترَة، لا يَقطَع صَلاتَك -[521]- شَيءٌ من وَراء الجَدوَل».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "يُصَلِّ".

باب: وضع الشيء في القبلة

1115 - حدثنا محمد بن يَحيى القُطَعي، قال: ثنا مُعاذ، قال: ثنا أشعَث، عن الحسَن، قال: «النَّهر يَستُر المصَلِّي». باب: وَضع الشَّيء في القِبلَة • سمعت أحمَد بن حَنبل يَكرَه أن يَكون في القِبلَة شَيء، حتى المصحَف. 1116 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا زائدَة، عن خصيف، عن مُجاهد، قال: «لم يَكُن عبد الله بن عُمَر يَدَع شَيئًا بَينَه وبَينَ القِبلَة إلا نَزَعَه؛ سَيفًا ولا مُصحَفًا». باب: مَنْ صَلَّى خَلفَ الذِّمِّي • قيل لأحمد: رَجلٌ صَلَّى خَلفَ ذِمِّيٍّ وهو لا يَعلم؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- سُئل عن رَجلٍ صَلَّى خَلفَ ذِمِّي؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». • وسُئل إسحاق عن يَهوديٍّ أمَّ قَومًا شَهرًا وهم لا يَعلَمون؟ قال: «يؤدَّب اليَهودي، ويُعيدون الصَّلاة». قيل: ولا يَلزَمه الإسلام؟ قال: «لا». قيل: فإن أذَّن فقال في أذانه: «أشهد أن لا إلهَ إلا الله، وأن محمدا رَسول الله»؟ قال: «لا يَلزَمه إلا بِالاعتِقاد». 1117 - حدثنا مَحمود بن خالِد الدِّمشقي، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سمعت الأوزاعي يقول -في نَصرانيٍّ سافَر مَعَ مُسلِمين، فأمَّهم، ثم عَرَفوا ذلك بَعدُ-؛ فقال: «يُعيدون، ويُعاقَب». قيل: فإنها امرأةٌ مُسلِمَة؟ قال: «مَضَت صَلاتهم».

باب: الصلاة خلف القدرية وغيرهم من أهل البدع

1118 - حدثنا أحمَد بن محمد، قال: ثنا أبو النُّعمان، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: سمعت عُبَيدالله بن الحسَن سُئل عن يَهوديٍّ صَلَّى بِقَومٍ وهم لا يَشعرون؟ فرآه بِصَلاته بِهم مُسلِمًا، فإن أبَى استُتيب، واحتَجَّ في هذا بِقَوله: «من صَلَّى صَلاتنا ...». وسُئل عن صَلاته بِهم وهو جُنُب أو غَير مُتَوضِّئ؟ فرأى أن صَلاتهم ماضيَة، واحتَجَّ بِقَول عُمَر -رضي الله عنه-. باب: الصَّلاة خَلفَ القَدَرِيَّة وغَيرِهم مِن أهل البِدَع • سألت إسحاق عن الصَّلاة خَلفَ القَدَريَّة؟ قال: «لا تصلي (1) خَلفَه عَمدًا وأنت تَعلَم أنه قَدَريّ، فإن صَلَّيت؛ جاز ذلك، ولا إعادَةَ عَلَيك»، يعني: إذا لم تَعلَم. 1119 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: سمعت رَجلًا قال لسُفيان الثوري: رَجلٌ يُكَذِّب بِالقَدَر؛ أُصَلِّي وَراءه؟ قال: «لا تُقَدِّموه». قال: هو إمام القَريَة؛ لَيسَ لهم إمامٌ غَيرُه؟ قال: «لا تُقَدِّموه، لا تُقَدِّموه». 1120 - حدثنا سهل بن محمد، قال: ثنا الأصمعي، قال: حدثني عُمَر بن الهيثم، قال: قيل للثوري: ما تَقول في رَجلٍ صَلَّى خَلفَ قَدَريّ؟ فقال: «أعِدها ولَو أربَع سِنين». 1121 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان، قال: قال الأوزاعي: «لا يُصَلِّي خَلفَ قَدَريّ، إلا أن يَضطَر (2)».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "تُصَلِّ". (2) في الأصل مهملة، ويحتمل فيها: "لا تُصَلِّ ... إلا أن تَضطَر"، وانظر فتح الباري، لابن رجب (4/ 185).

1122 - حدثنا أبو حَفص عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة، قال: سألت الزبيدي: هل يُصَلَّى خَلفَ صاحِب بِدعَة، أو مُكَذِّبٍ بِالقَدَر؟ فقال: «إن كان واليًا؛ فلَيسَ لَك من الأمر شَيء، وأنت في عُذر، وإن لم يكن واليًا؛ فلا تصلي (1) خَلفَه». 1123 - حدثنا عبدة بن عبد الرحيم، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: ثنا حبيب بن عُمَر الأنصاري، عن أبيه، قال: سمعت واثلة بن الأسقع يقول: «لَو صَلَّيت خَلفَ قَدَريٍّ لأَعَدت صَلاتي». 1124 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا الحسَن بن حبيب، قال: ثنا نوح بن جعونة، قال: ثنا عبد الكريم، قال: قال ابن عَبَّاس: «لأَن أُصَلِّي خَلفَ جيفَة حِمار؛ أحبُّ إليَّ من أن أُصَلِّي خَلفَ قَدَري». 1125 - حدثنا أبو تقي هِشام بن عبد الملِك، قال: ثنا يَحيى بن سَعيد العطار، قال: ثنا عيسَى بن صالِح، عن حرب بن سريج، قال: قلت لمحمد بن علي: إن لَنا إمامًا قَدَريًّا، ونَحنُ نُصَلِّي خَلفَه؟ قال: «مُذْ كَم تُصَلِّي خَلفَه؟». قلت: مُذْ ثَلاث سِنين. قال: «أعِد صَلاتك ولَو صَلَّيت مُذْ ثَلاثين سَنَة».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه -حسب السياق-: "تُصَلِّ".

باب: الصلاة خلف من يقدم عليا على أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-

• وسمعت إسحاق يقول: «مَنْ قال: «أنا مؤمِن»؛ فهو مُرجئ». قلت: أيُصَلَّى خَلفَه؟ قال: «لا». • وسُئل إسحاق بن إبراهيم عن الرجل يقول: «أنا مؤمِنٌ حَقًّا»؛ هل يُصَلَّى خَلفَه؟ قال: «إن كان داعيَةً؛ لم يُصَلَّ خَلفَه». 1126 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله الأنصاري، عن أبي عبيد، قال: «أما الصَّلاة خَلفَ القَدَريِّ والخارِجيِّ والمرجئ؛ فلا أحِبُّها ولا أراها، فإن صَلَّى رَجلٌ لم أُفسِد صَلاته، ولم آمُره بِالإعادَة». 1127 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا مُعتَمِر بن سُلَيمان، عن ليث، عن نعيم بن أبي هند، قال: قال عُمَر بن الخطاب -كَرَّم الله وجهَه-: «مَن قال: هو مؤمِن؛ فهو كافِر، ومن قال: هو عالم؛ فهو جاهِل، ومن قال: هو في الجنَّة؛ فهو في النار». باب: الصَّلاة خَلفَ مَنْ يُقَدِّم عَلِيًّا عَلى أبي بَكرٍ وعُمَر -رضي الله عنهما- • قيل لأحمَد بن حَنبل: الصَّلاة خَلفَ رَجلٍ يُقَدِّم عَليًّا على أبي بكرٍ وعمر؟ قال: «لا يُصَلَّى خَلفَ هذا». 1128 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: سمعت زائدَة يقول: «لو كان رافِضيًّا ما صَلَّيت وَراءه».

باب في أهل البدع -أيضا-

1129 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، [قال: حدثني أبو العَبَّاس] (1)، قال: سمعت أبا عبيد يقول: «ما أبالي صَلَّيتُ خَلفَ الجهميِّ والرافِضي؛ أم صَلَّيت خَلفَ اليَهوديِّ والنَّصراني». قال: وسمعت أبا عبيد يقول: «لا يُصَلَّى خَلفَ مَنْ لا يُقَدِّم أبا بكرٍ على الخلق أجمَعين بَعدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم». باب في أهلِ البِدَع -أيضًا- • قلت لأحمد: أفتكرَه الصَّلاة خَلفَ أهل البِدَع كُلِّهم؟ قال: «إنهم لا يَستَوُون». o ومَذهَب أبي عبد الله: ألَّا يُصَلَّى خَلفَ أصحاب البِدَع. 1130 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عبد الله بن المبارَك، عن هِشام بن حَسَّان، عن الحسَن، أنه سُئل عن صاحِب البِدعَة؛ الصَّلاة خَلفَه؟ قال: «صَلِّ خَلفَه، وعَلَيه بِدعَته صاغِرًا صَدِئًا». 1131 - حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم، قال: ثنا كثير بن هِشام، عن جَعفَر بن برقان، قال: سألت ميمون بن مهران، فقلت: كَيفَ تَرى في الصَّلاة خَلفَ رَجلٍ يُذكَر أنه من الخوارج؟ فقال: «إنك لا تُصَلِّي له، إنما تُصَلِّي لله، قَد كُنَّا نُصَلِّي خَلفَ -[526]- الحجاج، وهو حَروريٌّ أزرَقي». فنَظَرت إليه، فقال: «أتَدرون ما الحروريُّ الأزرَقي؟ هو الذي (2) خالَفتَ رأيَه سَمَّاك كافِرًا، واستَحَلَّ دَمَك، وكان الحجاج كذلك».

____ (1) كذا في الأصل، وقد مر قريبا رواية إبراهيم بن عبد الله عن أبي عبيد مباشرة، فلعل الصواب: حذف "قال: حدثني أبو العباس". (2) سقط هنا: "إذا".

باب: الصلاة في جلود الثعالب

1132 - حدثنا أبو أمية، قال: ثنا قبيصة، قال: ثنا سُفيان، عن عقبة الأسدي، عن يَزيد بن أبي سُلَيمان، قال: «كان أبو وائل يُصَلِّي مَعَ المختار؛ يُجَمِّع مَعَه». • وسُئل إسحاق عن الصَّلاة خَلفَ أصحاب الرأي؟ قال: «إذا كان صالِحا؛ فلا بأس». 1133 - حدثنا إسحاق، قال: سمعت يَحيى بن آدم يقول: «صَلَّيت خَلفَ محمد بن الحسَن، فأعَدت صَلاتي من سوء صَلاته». باب: الصَّلاة في جُلُود الثَّعالِب • قيل لأحمَد بن حَنبل: فالصَّلاة خَلفَ مَنْ عَلَيه جُلود ثَعالِب؟ قال: «إذا كان يَتأوَّل؛ فلا بأس». قال: «ويقول قومٌ: لا بأسَ أن يَستَدفئ بها، فأما الصَّلاة؛ فلا». 1134 - حدثنا عَمرو بن عُثمان وأبو موسَى، قالا: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: ثنا سَعيد بن عبد العَزيز بن (1) مَكحُول، قال: «استَدفِ في جُلود الثعالِب، ولا تُصَلِّ فيها». 1135 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا حبان بن علي، عن ليث، عن مُجاهد وطاوُس، -[527]- أنهما كانا لا يَرَيان بِلُبسِها بأسًا، ويَكرَهان الصَّلاة فيها.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "عن".

باب: الصلاة خلف من يشرب المسكر

1136 - حدثنا يَحيى، قال: ثنا حَفص، عن ليث، عن حبيب، عن سَعيد بن جُبَير، أنه كان لا يَرَى بِلُبس جُلود الثعالِب بأسًا، ويَكرَه الصَّلاة فيها. باب: الصَّلاة خَلفَ مَنْ يَشرَبُ المُسكِر • قيل لأحمَد بن حَنبل: فالصَّلاة خَلفَ مَنْ يَشرَب المسكِر؟ قال: «إذا كان يَتأوَّل؛ فلا بأس». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يُسأل عن الصَّلاة خَلفَ مَنْ يَشرَب المسكِر؟ قال: «لا». قيل: فخَلفَ مَنْ يُجالِسُهم؟ قال: «هو قَريبٌ مِنهم». وقال في الأوَّل: «إذا كان يُدير الكأس؛ فإنه لا يُصَلَّى خَلفَه». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى-، قيل: رَجلٌ رَأوه سَكران، وهو إمام؛ أيُصَلَّى خَلفَه؟ قال: «لا يُصَلَّى خَلفَ هذا حتى يَتوب». 1137 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا محمد بن جَعفَر، قال: ثنا شُعبَة، عن النُّعمان بن سالم، عن أبي نافع، عن أبيه، عن عبد الله بن عُمَر، أنه قال: «مَنْ شَرِبَ الخمر فسَكِرَ مِنها؛ لم تُقبَل لَه صَلاةٌ أربَعين لَيلَة».

• وسمعت إسحاق يقول: «السَّكران إذا صَلَّى أعاد الصَّلاة». قلت: فإنه صَلَّى ومَعَه عَقله، ولكِنَّه مُتَغَيِّر؟ قال: «قال ابن المبارَك: «إن مَضمَض وصَلَّى؛ فصَلاته جائزة، وإن لم يُمَضمِض؛ أعاد»»، وذَهَبَ أبو يَعقوب إلى ذلك. • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «كُلُّ شَرابٍ أسكَرَ كَثيره، فأصاب منه بَعض أعضاء الإنسان؛ لَزِمَه تَطهيره، وإن شَرِبَ منه لم يُصَلِّ حتى يُمَضمِض فاه». قال: «وسأل يَزيدُ بن سنان ابنَ المبارَك، فقال: أكون في الوَلائم، فيُجاء بالنّضوح، ويقال: إن فيه المسكِر؟ فقال: «يا أبا خالِد، أراك ترقق، اقشِر يَدَك منه بالماء»: 1138 - أخبرني سُفيان بن عبد الملِك، عن ابن المبارَك. وقال -أيضًا-: «لو شَرِبَه ولم يُمَضمِض فاه؛ لَرأيت أن يُمَضمِض فاه، ثم يُعيدُ الصَّلاة». قال: «ولو أن رَجلًا شَرِبَ من المسكِر، فأصاب إصبَعَه، فأكَل مَعي في قَصعَة؛ لم آكُل مَعَه». قال: «وإذا أصاب الثَّوب منه قَدرُ الدرهَم؛ يَغسِله ويُعيدُ الصَّلاة»». قال أبو يَعقوب: «وقال كُرديٌّ لابن المبارَك: نَحلِب الشاة، فتَبول في اللبَن؟ قال: «لا بأسَ بِه». قيل لعبد الله بن المبارَك: تَقول في المسكِر: قَدرَ الدرهَم، وتُرَخِّص في بَول الشاة؟ فقال: «لَو كان المسكِر عِندي كَبَول الشاة؛ لم أرَ بِه بأسًا». وكُلُّ هذا قال بِهِ ابن المبارَك، وهو الذي نَعتَمِد عَلَيه». 1139 - قال إسحاق: وأخبرنا سُفيان، عن الزُّهري، عن أبي سَلَمَة، عن عائشَة، -[529]- قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَرابٍ أسكَرَ فهو حَرام».

باب: الصلاة خلف العبد

1140 - حدثنا عَبَّاس بن الوَليد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سألت الأوزاعي عن رَجلٍ شَرِبَ خَمرًا، ثم قام فصَلَّى؛ أيُعيدُ صَلاته؟ قال: «لا». قلت: فإنه سَكران؟ قال: «يُعيدُ صَلاته». 1141 - حدثنا ابن أبي حَزم القُطَعي، قال: ثنا مُعاذ بن مُعاذ، قال: ثنا أشعَث، عن الحسَن -في السَّكران يَؤمُّ القَوم-؛ قال: «إذا أتَمَّ الركوعَ والسُّجود؛ فقَد أجزأ عَنهم». 1142 - وقال محمد بن سيرين: «يعودون (1) جَميعًا والإمام». 1143 - حدثنا ابن أبي حَزم القُطَعي، قال: ثنا كثير بن هِشام، قال: ثنا جَعفَر بن برقان، قال: سألت ميمون بن مهران عن صَلاة السَّكران؟ فقال: «تَجوز عَلَيه، ولا يُضرَب الحَدّ». باب: الصَّلاة خَلفَ العَبْد • وسُئل إسحاق عن الصَّلاة خَلفَ العَبد؟ قال: «لا بأس». • قال: «وشَهادَته جائزَةٌ إذا كان عَدلًا».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل أصوب منه: "يُعيدون".

باب: الرجل يؤم أباه

• وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «لا بأسَ أن يكون الأعرابي أو العَبد أو الأعمَى أو وَلَد الزِّنا إمامًا إذا كان يُقيمُ الصَّلاة». 1144 - حدثنا أبو هِشام، قال: ثنا حَسَّان، عن سُفيان، عن حَمَّاد، عن إبراهيم -في وَلَد الزنا، والمملوك، والأعرابي، والأعمى-؛ قال: «لابأسَ إذا أقاموا الصَّلاة أن يَؤمُّوا». باب: الرَّجُل يَؤمُّ أبَاه • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: الرجل يَؤمُّ أباه؟ قال: «نَعم، إذا كان الأبُ لا يَقرأ، وكان الابن أقرأ مِنه، أو نَحو ذلك». 1145 - حدثنا أبو حَفص، قال: ثنا حرمي بن عمارة، قال: حدثني محمد بن أبي السمح، قال: «رأيت أبا المليح يُصَلِّي خَلفَ ابنٍ لَه». 1146 - حدثنا عبد الله بن نصر الأنطاكي، قال: ثنا حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عَطاء، قال: «لا يَؤمُّ الرجل أباه وإن كان أفقَهَ مِنه». 1147 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا مخلد بن حسين، قال: «ما نَعلَم خَليفَةً صَلَّى خَلفَه أبوه إلا أبا بكر، فإن أباه أبا قُحافَة صَلَّى خَلفَه». باب: الصَّلاة إلى الكَنِيف • قلت لإسحاق بن إبراهيم: رَجلٌ صَلَّى وفي قِبلَته كَنيف؟ قال: «لا يُعجِبني».

قيل: فإنه صَلَّى أيامًا أو أشهُرًا؟ قال: «الإعادَة أحبُّ إليَّ». قيل: وتَرى عَلَيه الإعادَة؟ قال: «نَعم». قيل: فإن لم يَكُن يَدري أن في قِبلَته كَنيفًا؟ قال: «هو أهوَن». قيل: فبَينهما حائطين: حائطًا للمسجِد، وحائطًا (1) آخَر للكَنيف؟ قال: «أرجو ألَّا يكون بِهِ بأس». قال: «وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- يَكرَه أن يُكلس المسجِد إلا بِتُرابٍ طَيِّب». قيل: فإن كان سُترَةٌ سِوى الحائط؟ قال: «إذا كان من قَصَبٍ أو خَشَب؛ فأرجو ألَّا يكون بِهِ بأس»، ولم يُرَخِّص فيه إذا كان من لنود (2). قيل: فإن كان عن يَمين القِبلَة أو عن يَسَارها؟ قال: «لا بأس». 1148 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: سُئل الأوزاعي عن رَجلٍ يُصَلِّي وبَينَ يَدَيه حُشّ، ودون الحُشِّ جِدارٌ من قَصَبٍ؛ أيُصَلِّي نَحوَه؟ قال: «لا أعلَم بِذلك بأسًا». 1149 - حدثنا أحمَد بن ناصح، قال: ثنا أبو بكر، عن مَنصور، قال: «كانوا يَكرَهون أن يُصَلُّوا إلى حائط حُشّ». 1150 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن سُفيان، عن المُغيرَة، عن -[532]- إبراهيم، قال: «كانوا يَكرَهون ثَلاثَةَ أبياتٍ أن تكون قِبلَة: الحَمَّام، والحُشّ، والقَبر».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "حائطان، حائط للمسجد، وحائطٌ ... ". (2) كذا في الأصل معجمة، والصواب: "لبود".

باب: الصلاة إلى السراج والكانون والتنور

1151 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا المعتَمِر بن سُلَيمان، قال: سمعت ابن عون يحدث عن ابن سيرين، أنه رأى مَسجِدًا فَوقَ قَنطَرَة تَحتها قَذَر، فقال -من غَير أن أسألَه-: «كان ابن مسعود -رضي الله عنه- يَكرَه الصَّلاة في مِثلِ هذا». باب: الصَّلاة إلى السِّرَاج والكَانُون والتَّنُّور • قلت لإسحاق: الرجل يُصَلِّي وبَينَ يَدَيه سِراجٌ أو كانونٌ عَلَيه نار؟ قال: «السِّراج لا بأسَ بِهِ، والكانون أكرَهه». 1152 - حدثنا إسحاق قال: ثنا وَكيع، عن سُفيان، عن بكر، عن ابن سيرين، أنه كَرِهَ الصَّلاة إلى تَنُّور، وقال: «هو بَيتُ نار». 1153 - حدثنا أحمَد بن سَعيد، قال: ثنا عَمرو بن حَمَّاد بن طَلحَة القناد، قال: أبنا أسباط، عن سماك، عن عِكرِمَة، عن ابن عَبَّاس، قال: بَينَما رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي على حَصير، وبَينَ يَدَيه مِصباح. قال: فجاءت الفأرَة، فأخَذَت الفَتيلَة، فألقَتها على الحَصير، فأحرَقَت مِنه قَدرَ الدِّرهَم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الفُوَيسِقَة لَتُضرِم -[533]- على أهل البَيت».

باب: من أحق بالإمامة؟

باب: مَنْ أَحَقُّ بِالإمَامَة؟ • سمعت إسحاق يقول: «أحَقُّ القَوم أن يَؤمَّهم: أقرَؤهم لِكِتاب الله، وأعلَمُهم بِالسُّنَّة، فإن كانوا في السُّنَّة سَواء؛ فأقدَمُهم هِجرَة، فإن كانوا في الهِجرَة سَواء؛ فأكبَرُهم سِنًّا». باب: التَّطَوُّع في المكَان الذي تُصَلَّى فِيه الفَريضَة • قيل لأحمَد بن حَنبل: الرجل يَتَطَوَّع في مَكانِه الذي يُصَلِّي فيه المكتوبَة؟ قال: «أما الإمام؛ فيُكرَه لَه ذلك»، وكأنَّه رَخَّص لِغَير الإمام. • وسمعت إسحاق يقول: «يُكرَه لِلإمام أن يُصَلِّي في المكان الذي صَلَّى فيه الفَريضَةَ تَطَوُّعًا؛ حتى يَتَحَوَّل مِنه». 1154 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن أبي عَمرو الأوزاعي، عن عَطاء بن أبي رَبَاح -وسألَه عن رَجلٍ صَلَّى المكتوبَة، أيُصَلِّي في مَكانه نافِلَة؟ فقال: «لا، إلا أن يَقطَع بِحَديث، أو يَتَقَدَّم، أو يَتأخَّر». 1155 - قال الوَليد: وقال أبو عَمرو: «إنما يَجِب ذلك على الإمام؛ أن يَتَحَوَّل من مُصَلَّاه». قلت لأبي عَمرو: فما يُجزئ من ذلك؟ قال: «أدنَى ذلك: أن يُزيل قَدَمَيه -[534]- من مُصَلَّاه». قلت لأبي عَمرو: فإن ضاق مَكانُه؟ قال: «فليَتَربَّع بَعدَ سَلامِه؛ فإنه يُجزئه».

باب: كيف يضع العصا إذا صلى إليها؟

1156 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل، عن يونُس بن أبي إسحاق الهمداني، عن أبيه، عن أبي الأحوص، قال: «كان عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- إذا سَلَّم قام أو تَحَوَّل من مَكانه غَيرَ بَعيد»، وأشار أبو إسحاق بِكَفَّيه إلى جانِب الأيمَن. 1157 - وحدثنا محمد بن آدم، قال: ثنا أبو المليح الرقي، عن حبيب، أن ابن عُمَر كان يَكرَه أن يُصَلِّي النافِلَة في المكان الذي كان يُصَلِّي فيه المكتوبَة؛ حتى يَتَقَدَّم أو يَتأخَّر أو يَتكَلَّم. باب: كَيفَ يَضَعُ العَصَا إذا صَلَّى إليها؟ • قلت لأحمد: الإمام إذا تَقَدَّم القَومَ؛ أيأمُرهم أن يُسَوُّوا الصَّفّ؟ قال: «نَعم، يأمُرهم بِذلك».

باب: ما بين المشرق والمغرب قبلة

• سُئل إسحاق عن رَجلٍ أراد أن يُصَلِّي، ومَعَه عَصا، كَيفَ يَضَعه؟ قال: «يَنصِبه». قيل: فلَم يَقدِر؟ قال: «يَعرضه». 1158 - حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم، قال: ثنا علي بن عياش، قال: ثنا أبو عبيدة الوَليد بن كامل البجلي، قال: حدثني المهلب بن حجر البهراني، عن ضباعة بنت المقداد بن الأسود، عن أبيها، قال: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي إلى عَمودٍ ولا عودٍ ولا شَجَرَة؛ إلا جَعَلَه على حاجِبِه الأيمَن، أو حاجِبِه الأيسَر، ولا يَصمُد لَه صَمدًا». باب: ما بَينَ المشرِق والمغرِب قِبلَة • سمعت أبا عبد الله أحمَد بن حَنبَل يقول: «ما بَينَ المشرِق والمغرِب قِبلَةٌ لأهل المشرِق»، وقال -في ذلك-: «لو أن رَجلًا الْتَبسَتْ عَلَيه القِبلَة، فصَلَّى ما بَينَ المشرِق والمغرِب إذا تَحَرَّى الكَعبَة؛ فهو جائز». o ومَذهَبه: مِن أقصَى مَشرِق الصَّيف إلى أقصَى مَغرِبه؛ يُصَلِّي في الشِّتاء والصَّيف جَميعًا؛ لَيسَ يَنظُر إلى الشَّمس، وذلك لأهل المشرِق. • وسألت إسحاق: قوله: «ما بَينَ المشرِق والمغرِب قِبلَة»؛ لأهل المشرِق. وقال: لأهل اليمَن (1).

____ (1) كذا جاءت هذه الفقرة في الأصل، وفيها اضطراب واحتمال سقط.

باب: من صلى لغير القبلة، ثم تبين له القبلة

1159 - حدثنا نصر بن علي، قال: ثنا مُعتَمِر بن سُلَيمان، عن محمد بن فضاء، عن أبيه، عن جدِّه، قال: أتيت عُثمان بن عفان -رضي الله عنه-، فسمعته يقول: «كَيفَ يُخطئ الرجلُ الصَّلاة وما بَينَ المشرِق والمغرِب قِبلَة؛ ما لم يَتَحَرَّ المشرِق عَمدًا؟». 1160 - حدثنا محمد بن مُعاويَة، قال: ثنا عبد الله بن جَعفَر، عن عُثمان بن محمد، عن سَعيد المقبُري، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بَينَ المشرِق والمغرِب قِبلَة». باب: مَنْ صَلَّى لِغَير القِبلَة، ثمَّ تَبَيَّنَ لَهُ القِبلَة • قلت لأحمد: رَجلٌ صَلَّى لِغَير القِبلَة، ثم تَبيَّنَ لَه؟ قال: «اختَلَف الناس في ذلك». • وسألت أحمَد بن حَنبل -مرةً أخرى-، قلت: رَجلٌ صَلَّى لِغَير القِبلَة، ثم استَبان لَه بَعدَما صَلَّى أنه كان لِغَير القِبلَة؟ قال: «يَتَحَرَّى ذلك». قلت: فإنه تَحَرَّى؟ قال: «جازت صَلاته، ولا يُعيد». قلت: فإن صَلَّى بَعضَ صَلاته، ثم استَبان لَه وهو في الصَّلاة أنه على غَير القِبلَة؟ قال: «يَنحَرِف إلى القِبلَة». قلت: يَبني على صَلاته، أم يَستأنِف؟ قال: «يَبني على صَلاته». • وسمعت أبا يَعقوب إسحاق بن إبراهيم يقول: «قال الله -تَبارك وتَعالى-: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها}، يعني: الكعبة؛ فعلى الخَلق -[537]- كُلِّهم أن يَستَقبِلوا القِبلَة أينما تَوَجَّهوا من شَرقٍ أو غَرب.

فإن الْتَبَس عَلَيهم ذلك، وكانوا في مَوضِعٍ يُمكِن مَعرِفَة ذلك، ففَرَّطوا حتى صَلَّوا لِغَير القِبلَة؛ بِمَكَّة، أو حَيثُما كان مِنها وهو يُعايِن الكَعبَة منه؛ فعَلَيه الإعادَة إذا عَلِم ذلك (1). وإذا الْتَبَسَت القِبلَة على الإمام في بَعض صَلاته، ثم تبَيَّن لَه غَير القِبلَة؛ لم يَعتَدَّ بِما مَضَى، واستأنَف الصَّلاة»، قال: «وكذلك الأعمى إذا كان لَه من يُبَصِّره». قال: «وإن كان خارِجًا من مَكَّة في البُلدان؛ حَيثُ تَخفَى القِبلَة، ولا يَقدِر على المعايَنَة، فاجتَهَد في طَلَب القِبلَة، ثم تبَيَّن لَه في بَعض صَلاته عَين القِبلَة، حتى استَيقَنَ بِها؛ فهو كمَن صَلَّى بِمَكَّة، وكذلك الأعمى». 1161 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد، قال: قال أبو عَمرو: «وإن صَلَّى مُنحَرِفًا عن القِبلَة فيما بَينَ المغرِب والمشرِق، فعَرَفَ ذلك في بَقيَّة الصَّلاة؛ رَجَعَ إلى القِبلَة، واعتَدَّ بِما صَلَّى، وإن لم يَعرِف حتى يُتِمَّ صَلاته، فقَد تَمَّت صَلاته». • قيل لأحمد: رَجلٌ صَلَّى في المسجِد الحَرام، وقَد انحَرَفَ عن البَيت؟ قال: «لا يُجزئه». 1162 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا حَمَّاد بن مسعدة، عن عُبَيدالله، عن نافع، عن ابن عُمَر، أن عُمَر قال: «ما بَينَ المشرِق والمغرِب قِبلَةٌ كُلُّه؛ إلا عِندَ البَيت».

____ (1) كذا في الأصل، ويحتمل وقوعُ سقطٍ فيه.

باب: الصلاة في السفينة

باب: الصَّلاة في السَّفينَة • سمعت أحمَد يقول: «الصَّلاة في السَّفينَة قائمًا إن أمكَنَه، ويَدورون مَعَ السَّفينَة إلى القِبلَة»، وسَهَّل فيه. قلت: فإن لم يَقدِروا أن يُصَلُّوا قيامًا؛ يُصَلُّون جُلوسًا جَماعَة؟ قال: «لا، ولكن يُصَلِّي كُلُّ إنسانٍ على حِدَتِه». قلت: فيَسجُد على الثِّياب أو الأحمال أو نَحو ذلك؟ فسَهَّل فيه. • وسمعت إسحاق يقول: «إذا كان الرجل في السَّفينَة؛ فليُصَلِّ قائمًا على الشط (1) إن استَطاع؛ فهو أفضَل، وإن صَلَّى في السَّفينَة؛ فليُصَلِّ قائمًا، وليَتَحَوَّل مَعَ القِبلَة حَيثُما دارَت السَّفينَة، وليُصَلِّ القَوم في السَّفينة جَماعَةً إن استَطاعوا قيامًا، فإن لم يَستَطيعوا قيامًا؛ فليُصَلُّوا جُلوسًا، فإن صَلَّى جالِسًا وَحدَه أو مَعَ الإمام وهو يَقدِر على القيام؛ فإنه يُعيدُ أحبُّ إلَينا، وقَد أوجَبَ ذلك عَلَيه: ابنُ المبارَك ومَنْ نَحا نَحوَه. فإن كان يَشُقُّ على الإمام ومَنْ خَلفَه؛ صَلَّوا حينَئذٍ جُلوسًا».

____ (1) كذا في الأصل معجمة، ويحتمل أن الصواب: "البُسُط"، نقله كذلك عن حرب: ابن رجب في فتح الباري (2/ 245).

باب: الصلاة بين السواري

1163 - حدثنا محمد بن يَحيى بن عبد الكريم، قال: سألت عبد الله بن داوُد، قلت: أيُّهما أعجَب إليك: أُصَلِّي في السَّفينَة في جَماعَةٍ قاعِدًا، أو وَحدي قائمًا؟ قال: «تُصَلِّي وَحدَك قائمًا أحبُّ إليَّ». قلت: فأين فَضل الجَماعَة؟ قال: «مُتِّعتُ بِك، أخاف ألَّا يُجزئك أن تُصَلِّي فيها قاعِدًا وأنت تَقدِر أن تُصَلِّي قائمًا». قال: فأعجَبَني قَوله. 1164 - حدثنا محمد بن يَحيى بن عبد الكريم، قال: ثنا عبد الله بن داوُد، عن جَعفَر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عُمَر، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمَر جَعفَر بنَ أبي طالب وأصحابَه أن يُصَلُّوا في البَحر في السَّفينَة قيامًا؛ إلا أن يَخافوا الغَرَق. 1165 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، قال: ثنا أنس بن سيرين، قال: «خَرَجت مَعَ أنس بن مالك إلى أرضٍ لَه بِبَثقِ سيرين، حتى إذا كُنَّا بِدِجلَة؛ حَضَرَت الظُّهر، فأَمَّنا قاعِدًا على بِساطٍ في السَّفينَة، وإن السَّفينَة لَتَجُرُّ بِنا جَرًّا». قال حماد: «كأنَّها قَريبٌ من الحَدّ». باب: الصَّلاة بَينَ السَّوارِي • سُئل أحمَد عن الصَّلاة بَينَ السَّواري؟ فكَرِهَه. قيل: كَثُروا أو قَلُّوا؛ إن كانوا قَدرَ عَشرَة؟ فكَرِهَه.

باب: الصلاة في المقصورة

• وسُئل إسحاق عن الصَّلاة بين الأساطين؟ قال: «يُكره الصَّفّ»، وذَهَبَ إلى أنه لا بأس أن يُصَلِّي الرجل وَحدَه. • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «الرجل وَحدَه يُصَلِّي بَينَ الأساطين». 1166 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن أبي سُفيان، عن ثمامة بن أنس، عن أنس -رضي الله عنه-، قال: «نَهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُصَفَّ بَينَ السَّواري». باب: الصَّلاة في المقصُورَة • وسُئل أحمَد عن الصَّلاة في المقصورَة؟ فقال: «أرجو». 1167 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا أبي، قال: ثنا عتبة بن ضمرة، قال: «رأيت عبد الله بن بسر -رضي الله عنه- يُصَلِّي في المقصورَة». باب: الصَّلاة في الأرض السَّبِخَة • قلت لأحمد: هَل بَلَغَك أن أحَدًا كَرِهَ الصَّلاة في الأرض السَّبِخَة؟ قال: «لا». 1168 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: حدثني إسماعيل بن عياش، قال: «سمعت أناسًا من أهل العِلم يَكرَهون الصَّلاة في السِّباخ، ورَخَّص جَماعَةٌ من أهل العِلم في الصَّلاة في السِّباخ».

باب: الصلاة في أعطان الإبل ومرابض الغنم

باب: الصَّلاة في أعطَان الإبِل ومَرَابِض الغَنَم • سُئل أحمَد عن الصَّلاة في أعطان الإبِل؟ فكَرِهَه، وفي دمن الغَنَم؟ فرَخَّصَ فيه. 1169 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، قال: أبنا يونُس، عن الحسَن، عن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه-، قال: «كُنَّا نؤمَر أن نُصَلِّي في مَرابِض الغَنَم، ولا نُصَلِّي في أعطان الإبِل؛ فإنها خُلِقَت من الشَّياطين». 1170 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا محمد بن أبي عدي، عن أشعَث، عن الحسَن، قال: «مَنْ صَلَّى في أعطان الإبِل أعاد الصَّلاة». باب: الصَّلاة في أسفَلِ القَنَاة • قلت لإسحاق: القَنَّاء يكون في أسفَل القَناة، فتَحضُر الصَّلاة، ولَه -أسفَلَ- مَوضِعٌ واسِعٌ يَقدِر أن يُصَلِّي فيه؟ قال: «يُصَلِّي أسفَلَ القَناة»، ورَخَّص فيه. باب: الصَّلاة في مَسجِدِ غَصْب • سألت أبا عبد الله، قلت: رَجلٌ غَصَبَ رَجلًا أرضًا، فبَنى مِنه مَسجِدًا؟ قال: «لا يُصَلَّى في هذا المسجِد». 1171 - حدثنا يَحيى بن عُثمان وأحمَد بن الأزهَر، قالا: ثنا محمد بن يوسُف، قال: جاء رَجلٌ من أهل خُراسان؛ من أهل مَرو إلى سُفيان، فقال: إن مَسجِد مرَو أُخِذَ غَصبًا، وهُدِمَ حَوله، وأُدخِل في المسجِد، فسَألَه عن الصَّلاة فيه، وقال: ليسَ لَنا جُمعَةٌ -[542]- إلا فيه؟ فقال: «صَلِّ الجُمعَة، ولا تَطَوَّع فيه».

باب: المسجد يبنى على الطريق

1172 - حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام، قال: ثنا يَعقوب بن إسحاق، قال: حدثني حاجب بن عُمَر، قال: حدثني الحكم بن الأعرج، أن رَجلًا قَدِمَ بِساجٍ لَه، فساوَمَ به زياد، فلم يَبِعه منه، فغَصَبَه إيَّاه، فبَنى بِه ظُلَّةً في المسجِد. قال: «فما رُئي أبو بَكرَة صَلَّى فيه حتى هُدِمَت». باب: المسجِد يُبنَى على الطَّريق • قلت لأحمد: ومَسجِدٌ بُني على الطَّريق؟ قال: «يُقلَع، ويُرَدُّ الطَّريق إلى ما كان». 1173 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: ثنا ابن المبارَك، عن مسعر، عن جامع بن شداد، عن زياد بن حدير، قال: سمعت عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: «لا أعرِفَنَّ أحَدًا انتَقَصَ من سُبُل الناس أو من مَنافِعِهم شَيئًا؛ إلا فَعَلتُ وفَعَلت». باب: المسجِد يَخرب، فيُقلَع خَشَبُه، ويُبنَى مَكانَه آخَر • قلت لأحمد: رَجلٌ بَنى مَسجِدًا، فأُذِّن فيه، ثم قَلَعوا هذا المسجِد، وبَنَوا مَسجِدًا آخَر في مَكانٍ آخَر، ونَقَلوا خَشَبَ هذا المسجِد العَتيق إلى ذلك المسجِد؟ قال: «يَرُمُّوا (1) هذا المسجِد الآخَر العَتيق، ولا يُعَطِّلوه». قلت: فإذا خَرِبَ هذا المسجِد؛ يُبنَى مَكانَه بَيتٌ أو خانٌ للسَّبيل؟ قال: «لا، ولكن يُرَمُّ ويُتعاهَد إذا كان قَد أُذِّن فيه قَبلُ وصُلِّي».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "يَرُمُّون".

باب: المسجد يبنى على القنطرة

• وسُئل أحمَد -مرةً أخرى-، قيل: مَسجِدٌ عَتيقٌ اشتَراه رَجل، فأدخَلَه في مَزرَعَة؟ فقال: «لا»، وكَرِهَه جِدًّا. • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: مَسجِدٌ خَرِب، هل يُبنَى مَكانَه خانٌ للسَّبيل؟ قال: «لا، هو مَسجِدٌ أبَدًا، إلا أن يكون والي (1) يَنظُر، فإن كان مَكانَه خانٌ أو غَيرُه مما يَنفَع المُسلِمين خَيرًا لَهم؛ فحينَئذٍ يَفعَل ما هو خَير». قلت: فصاحِب المسجِد؛ لَه أن يَفعَل ذلك؟ قال: «لا، إلا السُّلطان». قلت لإسحاق: فخانٌ خَرِبَ وذَهَبَت مَنفَعَتها عن الناس؛ هل تُباع هذه الخان، ويُتَصَدَّق بِثَمَنها على المساكين؟ قال: «لا، إلا أن يَكون إمامٌ يَرَى ما هو أنفَع، فيُغَيِّره». قلت: فإن كان لِهذا الخان والي أو وَصيٌّ أو قَيِّم؛ هل يَفعَل ذلك؟ قال: «لا». 1174 - حدثنا أحمَد بن محمد بن المعلى، قال: ثنا عارم، قال: ثنا خالِد بن الحارِث، قال: سمعت عُبَيدالله بن الحسَن يقول -في مَسجِدٍ غائص أراد أهلُه أن يَستَبدِلوا بِه-؛ قال: «إذا كان الخَليفَة هو يَفعَل ذلك؛ أُراه جائزًا». باب: المسجِد يُبنَى على القَنطَرَة • قلت لأحمد: المسجِد يُبنى على القَنطَرَة؟ فكَرِهَه، وذَكَر -أُراه عن ابن مسعود- كراهَتَه.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "والٍ".

باب: العمل في المسجد من أمر الدنيا

1175 - حدثنا إبراهيم بن مُستَمر، قال: ثنا عَمرو بن عاصم، قال: ثنا هَمَّام، قال: سُئل قَتادَة عن المسجِد يَكون على القَنطَرَة؟ فكَرِهَه، 1176 - قال همام: فذَكَرت ذلك لِمطر، فقال: «كان الحسَن لا يَرى بِهِ بأسًا». باب: العَمَل في المسجِد مِن أمر الدُّنيا • سُئل أحمَد عن العَمَل في المسجِد؛ نَحو الخَيَّاط وغَيره يَعمل؟ قال: فكأنَّه كَرِهَه؛ لَيسَ بِذاك الشَّديد. 1177 - حدثنا نصير بن الفرج، قال: ثنا يَزيد بن هارون، قال: أبنا هِشام، قال: ثنا رَجلٌ يُقال له: أبو القاسِم؛ من أهل المدينَة، أن شَيخًا من الأنصار حَدَّثَه أنه رأى عُثمان بن عفان -رضي الله عنه- دَخَلَ المسجِد ومَعَه أصحابٌ لَه، فرأى خَيَّاطًا وخَرَّازًا يَعمَل في المسجِد. قال: فأتاه حتى قام عَلَيه، فقال: «أتَّخَذتَ مَسجِد رَسول الله صلى الله عليه وسلم ومُصَلَّى المُسلِمين مَقعَدًا تَرمي فيه بقشعِك؟». قال: فحَصَبَه هو وأصحابُه حتى أخرَجوه. باب: فَضل المسجِد العَتيق على المُحدَث • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: الرجل يَكون على باب دارِه مَسجِد، وهو يؤذّن فيه، فلا يَحضُره جَماعَةٌ إلا رَجلٌ أو نَحو ذلك؟ قال: «إذا كان مَسجِد عَتيق (1) لم يَزَل؛ فلا أرى بأسًا، وإن كان مُحدَثًا؛ فكأنَّه أحبّ إليَّ أن يأتي غَيرَه إذا لم يَكُن جَماعَة». قال: «وكان أنس بن مالك -رضي الله عنه- يُجاوز المساجِدَ المحدَثَة، فيأتي العَتيق»، وأبو عبد الله استَحَبَّ ذلك.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "مسجدًا عَتيقًا"، وإن كان لما في الأصل وجه.

باب: القوم يجمعون في الدار وعلى بابه المسجد

1178 - حدثنا محمد بن مصفى، قال: ثنا بَقيَّة بن الوَليد، قال: ثنا مجاشع بن عَمرو، عن عُبَيدالله بن عُمَر، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لِيُصَلِّ الرجل في المسجِد الذي يَليه، ولا يتبع المساجِد». 1179 - حدثنا علي بن عُثمان، قال: ثنا غزوان -وكان يَنزِل بَني سَلول-، قال: جاء الحسَن بن أبي الحسَن إلى مَسجِد بَني سَلول وهو جَديد، فانتَظَر جنازة، وإلى جَنبِنا مَسجِدٌ عَتيق، فحَضَرَت الصَّلاة، فقيل: يا أبا سَعيد، الصَّلاة. قال: «العَتيق أحبُّهما إليَّ»، فجاء إلى المسجِد العَتيق، فقال له الإمام: تَقَدَّم يا أبا سَعيد. قال: «الإمام أحَقُّ بالإمامَة». باب: القَوم يُجَمِّعون في الدَّار وعلى بَابِهِ المسجِد • قلت لأحمَد -رحمه الله-: فالقَوم نَحو العَشرَة يَكونون في الدار، فيُجَمِّعون، وعلى باب الدار مَسجِد؟ قال: «يَخرجون إلى المسجِد، ولا يُصَلُّون في الدار». وكأنَّه قال: «إلا أن يَكون في الدار مَسجِدٌ يُؤذَّن فيه ويُقام». 1180 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا سهل بن محمد، قال: ثنا ابن إدريس، عن ليث، عن طَلحَة، أنه كَرِهَ الصَّلاة في مَساجِد السُّوق.

باب: الإمام يلحن في قراءته

باب: الإمام يَلحَنُ في قِرَاءتِه • قلت لأحمد: انتَهَيت إلى مَسجِد، وإمامُهم رَديء القِراءة، فقالوا لي: تَقَدَّم؟ قال: «إذا كُنت أقرأ مِنه، ورَضوا بِك؛ فتَقَدَّم وإن لم تَكُن إمامَهم». • قلت لأحمد: الإمام يَكون لَحَّانًا؟ قال: «إذا لم يُغَيِّر المعنى». 1181 - حدثنا عبد الرحمن بن جبلة، قال: ثنا جَرير بن عبد الحَميد، عن إدريس، قال: قيل للحسن: إن لَنا إمامًا يَلحَن؟ قال: «أخِّروه». باب: صَاحِبُ الدَّار أحَقُّ بِالإمَامَة • قلت لأحمد: الرجل إذا كان في قَريَته ودارِه؛ فهو في سُلطانِه؛ لا يَنبَغي لأحَدٍ أن يَتَقَدَّمَه إلا بِإذنِه؟ قال: «نَعم». 1182 - وحدثنا أبو هِشام، قال: ثنا حَسَّان، قال: قال سُفيان: «يَعني «سُلطانه»: بَيته؛ لأن الرجل في بَيته مُسَلَّط». باب: إذا دَخَلَ المسجِدَ رَكَع • قيل لأحمد: الرجل يَدخُل المسجِد وهو على وضوء؛ يُصَلِّي رَكعَتَين قَبلَ أن يَجلِس؟ قال: «ما أحسَنَ ذاك». • وسُئل إسحاق عن الرجل يَدخُل المسجِد، فيَجلِس، ولا يُصَلِّي رَكعَتَين؟ قال: «لا بأس».

باب: الجماعة في مسجد قد صلي فيه

1183 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا ابن عجلان وعُثمان بن أبي سُلَيمان، أنهما سمعا عامر بن عبد الله بن الزُّبَير يُخبر عن عَمرو بن سليم، أنه سمع أبا قَتادَة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دَخَلَ أحَدُكم المسجِد؛ فليُصَلِّ رَكعَتَين قَبلَ أن يَجلِس». باب: الجَماعَة في مَسجِدٍ قَد صُلِّيَ فيه • سمعت أحمَد يقول -في الرجل يَدخُل المسجِد وقَد صَلَّى القَوم-؛ قال: «يُجمِّعون؛ إلا في مَسجِد الحَرام، ومَسجِد المدينَة». • وسمعت إسحاق يقول: «إذا فات الرجلُ الجماعَةَ مَعَ الإمام في المسجِد الجامِع أو غَيره من المساجِد؛ صَلَّى مَعَ أصحابِهِ مَعًا في الجماعَة؛ لِقَول النبي صلى الله عليه وسلم -حَيثُ أبصَرَ رَجلًا يُصَلِّي وَحدَه-؛ فقال: «ألا رَجلٌ يَتَصَدَّق على هذا فيُصَلِّي مَعَه؟»، فقام رَجل، فصَلَّى مَعَه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وهذان جَماعَة». وفَعَلَه بَعدَ النبي صلى الله عليه وسلم: أنس بن مالك، وغَيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والجماعَة أفضَل من الواحِد». باب: الرَّجُل يَركَع قَبلَ أن يَصِلَ إلى الصَّفّ • قيل لأحمد: الرجل يَركَع قَبلَ أن يَصِلَ إلى الصَّفّ؟ قال: «لا يَفعَلْ ذلك؛ حتى يأخُذ مَقامَه مِنه، وإن فَعَلَ؛ لم أرَ بِهِ بأسًا».

باب: من صلى خلف الصف وحده

• وسألت أحمَد -مرةً أخرى-، قلت: الرجل يَركَع دون الصَّفّ؟ فقال: «لا بأس؛ إذا أدرَك الإمامَ راكِعًا». قلت: إن الإمام رَفَعَ رأسَه قَبلَ أن يَصِلَ إلى الصَّفّ؟ فكأنَّه أحَبَّ ألَّا يَعتَدَّ بِهذه الركعَة. 1184 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا الزُّهري، قال: أنا أبو أمامة بن سهل، أنه رأى زَيد بن ثابت رَكَعَ دون الصَّفّ، ثم صَلَّى راكِعًا حتى وَصَلَ إلى الصَّفّ. باب: مَنْ صَلَّى خَلفَ الصَّفِّ وَحدَه • سألت أحمَد، قلت: الرجل يُصَلِّي خَلفَ الصَّفِّ وَحدَه؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». • وسألت إسحاق بن إبراهيم، قلت: رَجلٌ صَلَّى خَلفَ الصَّفِّ وَحدَه؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». قلت لإسحاق: فإنه صَلَّى رَكعَة، ثم جاء (1) فقام إلى جَنبِه؟ قال: «يُعيدُ تِلك الركعَة». 1185 - حدثنا عَبَّاس بن الوَليد، قال: ثنا عُمَر بن عبد الواحِد، قال: سمعت الأوزاعي يقول -في الرجل يُصَلِّي وَحدَه خَلفَ الصَّفّ-؛ قال: «يؤمَر أن يُعيدَ الصَّلاة».

____ (1) سقط هنا: "آخر".

باب: تسوية الحصى في الصلاة

1186 - حدثنا القاسِم بن أمية، قال: ثنا ملازم بن عَمرو، قال: ثنا عبد الله بن بدر، عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان، عن أبيه علي بن شيبان، قال: صَلَّينا مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فَرد، فصَلَّى خَلفَ الصَّفِّ وَحدَه، فلما قَضَى النبي صلى الله عليه وسلم قام عَلَيه، فقال: «أَعِد صَلاتك؛ فإنه لا صَلاةَ لِفَردٍ خَلفَ الصَّفّ». باب: تَسويَة الحَصَى في الصَّلاة • سمعت أحمَد يقول: «لا بأسَ بِتَسويَة الحَصَى إن اضطرّ». 1187 - حدثنا أحمَد بن عيسَى المصري، قال: ثنا بِشر بن بكر، عن الأوزاعي، قال: حدثني يَحيى بن أبي كثير، قال: ثنا أبو سَلَمَة بن عبد الرحمن، قال: حدثني معيقيب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن كُنت فاعِلًا؛ فمَرَّة»، يعني: مَسحَ الحَصَى. 1188 - حدثنا عبد الله بن محمد، قال: ثنا جويرية، عن الوَليد -يعني: ابن أبي هاشِم-، عن نافع، أن عبد الله كان إذا صَلَّى مَسَحَ الحَصَى بِرِجلِه قَبلَ أن يُكَبِّر. باب: الإمام يَنتَظِر الرَّجُلَ وهو راكِع • قيل لأحمد: الإمام يَسمَع وطءَ نَعلِ الرجل؛ أيَنتَظِره؟ قال: «نَعم؛ ما لم يَشُقَّ على مَنْ خَلفَه».

باب: ترك الجماعة

1189 - حدثنا يَحيى الحِمَّاني، قال: ثنا أبي، عن مُحِلّ، عن إبراهيم، قال: «يَنتَظِرهم بِقَدر ما لا يَرى أنه يَشُقُّ على القَوم، فإذا رأى أنه قَد شَقَّ على القَوم؛ رَفَعَ رأسَه؛ فإن مَنْ خَلفَه أعظَم عَلَيه حَقًّا». باب: تَرْك الجَمَاعَة • سُئل إسحاق عن قَوله: «لا صَلاةَ لِجار المسجِد إلا في المسجِد»؟ قال: «الصحيح: أنه لا فَضلَ لَه، والأجرُ لا آمَنُ عَلَيه»، يَعني: أنه لا صَلاةَ لَه. 1190 - حدثنا محمد بن آدم، قال: ثنا جابِر بن نوح، قال: ثنا أبو حيان التيمي، عن أبيه، قال: قال علي -رضي الله عنه-: «لا صَلاة لِجار المسجِد إلا في المسجِد». قال: قُلنا: يا أمير المؤمنين، ومَنْ جار المسجِد؟ قال: «مَنْ سَمِعَ النِّداء». 1191 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا قيس، عن أبي حصين، عن أبي بردة، عن أبي موسَى -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ سَمِعَ النِّداء فلَم يُجِب مِن غَير مَرَضٍ ولا عُذر؛ فلا صَلاةَ لَه».

باب: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب

1192 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا شَريك، قال: قال أبو حمزة: سألت إبراهيم عن العُذر؛ ما هو؟ قال: «الخَوف والمرَض». 1193 - حدثنا محمد بن يَحيى القُطَعي، قال: ثنا ملازم بن عَمرو اليمامي، قال: ثنا محمد بن جابِر، قال: «لا صَلاة لِجار المسجِد إلا فيه». قلنا: وما جار المسجِد؟ قال: «الذي يَسمَع النِّداء»، 1194 - قال ملازم: فسَأَلت عن هذا الأحنفَ بن الزُّبَير السدوسي -وكان من الفقهاء-، وأخبَرته بِهذا، فقال: سَأَلنا فُقَهاء مَكَّة، فقالوا: «جارُه: أربَعين دارًا شَرقيَّة، وأربَعين (1) درا (2) غَربيَّة». باب: لا صَلاةَ لِمَن لَم يَقرَأ بِفاتِحَة الكِتاب • سُئل إسحاق عن قَولِه: «لا صَلاةَ لِمَن لَم يَقرَأ بِفاتحة الكِتاب»؟ قال: «لا صَلاةَ لَه». قيل: فَمَنْ قال: لا فَضيلَةَ لَه؟ فأنكَرَه، وقال: «لا صَلاةَ لَه». 1195 - حدثنا عبد الله بن الزُّبَير، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا الزُّهري، قال: أخبرني مَحمود بن الربيع، أنه سمع عُبادَة بن الصامت -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا صَلاةَ لِمَن لَم يَقرَأ فيها بِفاتحة الكِتاب».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "أربعون .. ، وأربعون ... ". (2) كذا رسمها في الأصل، والصواب: "دارا".

باب: من صلى المكتوبة، ثم دخل المسجد وأقيمت الصلاة

باب: مَنْ صَلَّى المكتُوبَةَ، ثمَّ دَخَلَ المسجِد وأُقيمَت الصَّلاة • قلت لأحمد: رَجلٌ صَلَّى العَصر، ثم دَخَلَ مَسجِدًا، وأُقيمَت الصَّلاة؛ يُصَلِّي مَعَهم؟ قال: «لا بأس». • وسمعت إسحاق يقول: «إن كُنت صَلَّيت المكتوبَة، ثم دَخَلت مَسجِدًا، فأُقيمَت الصَّلاة؛ فصَلِّ مَعَهم الصَّلاة كُلَّها؛ إلا المغرِب، فإن كانَت المغرِب، فصَلَّيت مَعَهم؛ فإذا سَلَّم الإمام؛ فقُم فاشفَع بِرَكعَة، فاجعَلها أربَعًا، وصَلاتك التي صَلَّيت وَحدَك هي المكتوبَة، وصَلاتك مَعَهم تَطَوُّع». 1196 - حدثنا محمد بن بشير، قال: ثنا أبو مُعاويَة، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن جابِر، عن الشعبي، عن صلة بن زفر العبسي، عن حذيفة -رضي الله عنه-، أنه صَلَّى الظُّهر في جَماعَة، ثم أعادَها في جَماعَة، وصَلَّى المغرِب في جَماعَة، ثم أعادَها في جَماعَة، ثم أضاف إلَيها رَكعَة. 1197 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: سألت أبا إسحاق الفَزاري عن الصَّلاة؛ هل تُعاد في الجَماعَة إذا صَلَّيت وَحدي؟ فقال: كان سُفيان يقول: «تُعاد الصَّلاة في الجَماعَة إذا صَلَّى وَحدَه». قال: قيل: لأبي إسحاق: والصُّبح؟ قال: «نَعم، والصُّبح». قلت له أنا: فإن كُنت في سَفَر، فانطَلَقت أتوضَّأ لِصَلاة الصُّبح، فتوضَّأت وصَلَّيت، ثم انتَهَيت إلى رُفقائي -[553]- ولم يُصَلُّوا؛ أُعيدُ الصَّلاة مَعَهم؟ قال: «لا تعيد (1)».

____ (1) كذا في الأصل، وكتب فوقها: "كذا"، والوجه: "تُعِد"، ولعله استشكل -أيضا- عدم موافقة الجواب للرأي المتقدم، وربما كان في الكلام بترٌ.

باب: إخراج الحصاة من المسجد

o ورأيت إسحاق جالِسًا في المسجِد يَقرأ، وقَد شَبَّك أصابِعَه. باب: إخرَاج الحَصَاةِ من المسجِد 1198 - سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: أخبرنا يَحيى بن آدم، عن أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي صالِح، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: «الحَصاة إذا أُخرِجَت من المسجِد تَضجّ». 1199 - حدثنا عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، عن جَعفَر، عن ليث، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سَعيد بن جُبَير، قال: «الحَصاة إذا خرج بِها من المسجِد تَسُبُّ -أو: تَلعَن- مَنْ يَخرُج بِها». باب: مَنْ بَاتَ فَوقَ ظَهرِ المسجِد • قلت لإسحاق: يَنام الرجل مَعَ أهلِه فَوقَ بَيت المسجِد؟ قال: «لا أُحِبُّ أن يَتَّخِذَه مَبيتًا ولا مَقيلًا».

باب: تزيين المساجد

1200 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، قال: ثنا يونُس بن يَزيد الأيلي، عن الزُّهري، أنه كَرِهَ أن يَبول فَوقَ ظَهر المسجِد، أو يُجامِع فَوقَ ظَهر المسجِد. 1201 - حدثنا محمد بن يَحيى القُطَعي، قال: ثنا عبد الصَّمَد بن عبد الوارِث، قال: ثنا هَمَّام، عن قَتادَة، أنه كَرِهَ أن يُجامِع الرجل على ظَهر المسجِد. باب: تَزيِين المسَاجِد • سألت إسحاق، قلت: فتَجصيص المساجِد؟ قال: «أَشَرُّ وأَشَرّ؛ المساجِد لا يَنبَغي أن تُزَيَّن إلا بِالصَّلاة والبِرّ». 1202 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا عامر، قال: حدثني هِشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشَة -رضي الله عنها-، أن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِبِناء المساجِد في الدُّور، وأَمَرَ بِها أن تُطَيَّب وتُنَظَّف. 1203 - حدثنا هِشام بن عمار، قال: ثنا ابن أبي الجون، ثنا محمد بن صالِح المدني، قال: حدثني مُسلِم بن أبي مريم، عن أبي سَعيد -رضي الله عنه-، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ أخرَجَ أذًى من المسجِد بَنَى الله لَه بَيتًا في الجنَّة».

باب: الصلاة في جلود السباع

باب: الصَّلاة في جُلُود السِّبَاع • سألت أحمَد بن حَنبل عن الصَّلاة في جُلود السَّباع؟ قال: «أكرَهُه». قلت: فلُبسُه من غَير أن يُصَلِّي فيه؟ قال: «هو أسهَل، وقَد رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم نَهى أن تُفتَرَش جُلود السِّباع». قلت: فالسَّمُّور والسِّنجاب؛ أَسَبُعٌ هو؟ قال: «لا أدري، هذا يكون في بِلاد التُّرك». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الصَّلاة في جُلود الثَّعالِب؟ فكَرِهَه. قيل: فإن صَلَّى فيه سَنَةً أو سَنتَين؟ قال: «إذا كان يَتأوَّل؛ فلا بأس». • وسألت إسحاق بن إبراهيم عن رَجلٍ صَلَّى وفي كُمِّه جِلد ثَعلَب؟ قال: «أما أنا؛ فإني أكرَهُه، وأرجو أن تَكون صَلاته جائزة»، وذَكَرَ حَديث أبي العاليَة، أنه صَلَّى وفي رأسِه قَلَنسوَةٌ من جُلود الثعالِب، فوَضَعَها في كُمِّه. 1204 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا يونُس، عن عَمرو بن سَعيد، قال: رأيت أبا العالية وعلى رأسِه قَلَنسوَةُ ثَعالِب، فأراد أن يُصَلِّي، فجَعَلَها في كُمّه، فقيل لَه في ذلك، فقال: «كَرِهت أن أُصَلِّي فيها، وكَرِهت أن أَضَعَها فتُسرَق». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى- عن السَّمُّور والفَنَك والسِّنجاب؛ أَسَبُعٌ هو؟ قال: «السَّمُّور والفَنَك سَبُع، وأما السِّنجاب؛ فقَد اختَلَفوا فيه، وأكثَرهم على أنه لَيسَ بِسَبُع؛ قالوا: هي دُوَيبَةٌ شِبهُ الفأرَة، تَقَع على الشَّجَر؛ تأكُل من ذلك، ولا تأكُل -[556]- الجِيَف؛ فمن هاهنا قال: لَيسَ بِسَبُع». قلت: فالحَواصِل؟ قال: «فالحَواصِل (1) طَيرٌ لا بأسَ بِه».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "الحَواصِل"، بلا فاء.

• وسُئل إسحاق -مرةً أخرى- عن الصَّلاة في السِّنجاب (1)؟ فكَرِهَه. • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «أما جُلود السِّباع؛ فقَد صَحَّ فيها النَّهي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخَذَ بِهِ الخُلَفاء، فإن لَبِسَه إنسانٌ يَستَدفئ بِه، أو صَيَّر مِنه لحافًا أو ما أشبَهَه؛ رَجَونا أن يكون ذلك جائزًا؛ لِمَا ذُكِرَ عن عمار بن ياسر ونَفَرٍ من التابِعين الرُّخصَة في الاستِدفاء: 1205 - أخبرنا عيسَى بن يونُس، عن عدي بن الهيثم (2)، قال: حدثني سَعيد الطائي (3)، عن مطرف بن عبد الله، قال: «دَخَلنا على عمار بن ياسر، فإذا عِندَه خَيَّاطٌ يَخيط لَه ثَوبًا على قباء ثَعالِب»». • وسمعت إسحاق يقول: «أما الصَّلاة فيها؛ فلا خَيرَ في ذلك، فإن صَلَّى فيها أعاد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نَهى عن لُبسِها لِلنَّجاسَة؛ لأنه لا تُؤكَل لُحومها، ولا دِباغَ لِجُلودِها».

____ (1) كذا في الأصل، ولعله سقط منه أو أُضمِر: "جلود"، أو ما في معنى ذلك. (2) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "عدي أبي الهيثم". (3) كذا في الأصل، والأشهر فيه: "الطاحي"، انظر: التاريخ الكبير (7/ 44)، الجرح والتعديل (7/ 3)، تاريخ دمشق (40/ 133 - 136).

1206 - قال إسحاق: أخبرنا عيسَى بن يونُس، عن هِشام بن حَسَّان، عن محمد، أن عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه- رأى على رَجلٍ قَلَنسوَة من ثَعالِب، فانتَزَعَها من رأسِه، ففَتَقَها، فرَمى بِطانَتها، وألقَى إلَيه القَلَنسوَة. • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «الذي نَعتَمِد عَلَيه: نَهيُ النبي صلى الله عليه وسلم عن جُلود السِّباع وكُلِّ ذي نابٍ من السَّبُع، فلا يَجوز الانتِفاع بِشُعورِها ولُبس جُلودِها؛ إلا أن يَستَدفئ مُستَدفئٌ بِه، فإن صَلَّى فيه؛ أعاد للاحتياط، ولم يَتبَيَّن إيجابُ الإعادَة لِمَا اختُلِفَ في أكل لُحومها». 1207 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: قال الوَليد بن مُسلِم: «رأيت الأوزاعي يَلبَس خُفَّين بِطانَتهما ثَعالِب، ويُصَلِّي فيهما». 1208 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا يَزيد بن هارون ومحمد بن بكر، قالا: ثنا سَعيد بن أبي عروبة، عن قَتادَة، عن أبي مليح بن أسامة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه نَهى عن جُلود السِّباع. 1209 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا هُشَيم، قال: أبنا مَنصور بن زاذان، عن -[558]- الحسَن، أن عليًّا كَرِهَ الصَّلاة في جُلود الثَّعالِب.

باب: الصلاة على الديباج

1210 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا حبان بن علي، عن مجالد، عن الشعبي؛ قال: «قَدِمَ عَلَينا من خُراسان، وعَلَيه قباء سَمُّور، وقَلَنسوَة سَمُّور، فكان يُصَلِّي فيهما، وكان يَلبَس جُلود الثَّعالِب، ويُصَلِّي فيها». • سألت إسحاق، قلت: رَجلٌ صَلَّى على جِلد نمر، أو جِلد أَسَد؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». قلت: يُعيدُ الصَّلاة؟ قال: «نَعم». • وسألت إسحاق -مرةً أخرى-، قلت: رَجلٌ صَلَّى على جِلد أَسَد؟ قال: «أكرَهُه». قلت: أيُعيدُ الصَّلاة؟ قال: «لا يُعيدُ الصَّلاة». 1211 - حدثنا سَعيد بن يَعقوب، قال: ثنا عبد الله بن المبارَك، عن حجاج، عن أبي الزُّبَير، عن جابِر -رضي الله عنه-، قال: «لا بأسَ بِجُلود السِّباع إذا دُبِغَت». 1212 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد، قال: قيل لأبي عَمرو: فالصَّلاة على جُلود السِّباع؟ فكَرِهَ ذلك؛ لِمَا فيه من الحَديث. باب: الصَّلاة على الدِّيباج • قلت لإسحاق: رَجلٌ صَلَّى على مُصَلَّى ديباج؟ قال: «صَلاته جائزة، ولكن أختار -[559]- ألَّا يُصَلَّى على الديباج، ولا سيَّما إذا كانَت فيه تَصاوير».

باب: الصلاة على الطنفسة

1213 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني ابن لَهيعَة، عن يَزيد بن أبي حبيب، أن إبراهيم والحسَن كانا لا يَرَيان بِالسُّجود على الخَزِّ والقَزِّ بأسًا. 1214 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عبد الله بن مبارَك، عن هِشام، عن محمد بن سيرين قال: قلت لعبيدة: افتِراش الحَرير والدِّيباج كَلُبسِه؟ قال: «نَعم». باب: الصَّلاة على الطنفَسَة • سألت إسحاق عن الصَّلاة على الطّنفسَة؟ قال: «جائز». 1215 - وحدثنا إسحاق، قال: أبنا عيسَى بن يونُس، قال: ثنا الأوزاعي، عن عُثمان بن أبي سودة، عن خليد، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-، قال: «ما أُبالي لَو صَلَّيت على سِتِّ طَنافِس؛ بَعضُها فَوقَ بَعض». باب: الصَّلاة على الخُمرَة واللَّبَد وغَير ذلك • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «مَضَت السُّنَّة من النبي صلى الله عليه وسلم أنه صَلَّى على الخُمرَة والبِساط، وعلى الثَّوب الحائل بَينَه وبَينَ الأرض». قال: «ولا بأس أن يُصَلِّي الرجل على البِساط والطّنفسَة واللَّبد وما أشبَهَ ذلك، وإن سَجَدَ على الأرض فهو أحبُّ إليَّ، -[560]- فإن أفضَى بِجَبهَتِه ويَدَيه إلى الأرض؛ فهو أحبُّ إلَينا، ومَنْ لم يَفعَل أجزأه».

باب: من صلى بتكة حرير

1216 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عبدة بن سُلَيمان، قال: ثنا عُبَيدالله بن عُمَر، عن سَعيد بن أبي سَعيد المقبُري، عن أبي سَلَمَة، عن عائشَة -رضي الله عنها-، عن (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كان (2) يَبسُطه بِالنَّهار، ويَحتَجِره بِالليل، ويُصَلِّي عَلَيه. 1217 - حدثنا هريم بن (3) المهلب، قال: ثنا سويد بن إبراهيم، عن قَتادَة، عن أنس -رضي الله عنه-، أنه صَلَّى على شاذروان. 1218 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عيسَى بن يونُس، قال: ثنا الأعمَش، عن أبي سُفيان، عن جابِر، قال: ثنا أبو سَعيد الخُدري، أنه دَخَلَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوَجَدَه على حَصير؛ يَسجُد عَلَيه. باب: مَنْ صَلَّى بِتَكَّةِ حَرير • قلت لأحمد: الرجل يُصَلِّي وفي سَراويلِه تَكَّةُ حَرير؟ قال: «لا يُعجِبني، لَو كان -[561]- عَلَمًا في ثَوبٍ كان أهوَن». قلت: يُعيدُ الصَّلاة؟ قال: «ما أدري».

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "أن". (2) لعله سقط هنا: "له حَصير". (3) كذا في الأصل، وهو في المصادر: "أبو المهلب".

- وسألت إسحاق، قلت: الرجل صَلَّى وفي سَراويلِه تَكَّةُ حَرير؟ قال: «كُلَّما كان قَدرَ الكَفّ؛ فلَيسَ عَلَيه شَيء، وإن كان أكثرَ؛ أكرَهُه، وإن صَلَّى فيه لم تَلزَمه الإعادَة؛ لِمَا رَخَّص النبي صلى الله عليه وسلم للزُّبَير وعبد الرحمن بن عَوف في قَميصِ الحَرير؛ من حكَّةٍ كان بِهما». 1219 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عيسَى بن يونُس، عن سَعيد، عن قَتادَة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم رَخَّص للزُّبَير وعبد الرحمن بن عَوف في قَميصِ الحَرير؛ من حكَّةٍ كان بِهما في السَّفَر. 1220 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن عِكرِمَة، عن ابن عَبَّاس، قال: «إنَّما نَهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المُصْمَت مِنه». 1221 - حدثنا إسحاق، قال: أنا عبد الرزَّاق، قال: أبنا مَعمَر، عن قَتادَة، أنه رأى على سَعيد بن المسيَّب ساجًا مُزَرَّرًا بِالدِّيباج. 1222 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عبد الرزَّاق، قال: أبنا مَعمَر، عن ثابت، قال: -[562]- كانَت بالبَصرَة فَزعَة، فخَرَج عَلَينا أنس بن مالك وعَلَيه رانَين (1) من ديباج.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "رانان".

باب: الرجل يصلي وفي كمه الشيء

1223 - حدثنا عَمرو بن علي، قال: أنا عبد الله بن داوُد، عن هِشام، قال: «كان أبي يلبس البَرَّكان الذي عَلَمُه أربَعُ أصابع ديباج». باب: الرَّجل يُصَلِّي وفي كُمِّه الشَّيء • قلت لأحمد: الرجل يُصَلِّي وفي كُمِّه فاكِهَةٌ أو نَحو ذلك؟ قال: «لا بأس؛ إذا كان لا يُشغِله عن الصَّلاة». 1224 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: سمعت ابن المبارَك سُئل عن الرجل يَكون في كُمِّه الشَّيء؟ قال: «لا بأس؛ ما لم يُشغِله». قال: وسمعته سُئل عن الرجل يَكون مَعَه الثَّوب أو غَيره، فيَضَعه بَينَ يَدَيه في الصَّلاة، فتَتَقَدَّم الصُّفوف أو تَتأخَّر؛ يَتَناوَل ذلك الشَّيء فيَتَقَدَّم ويَتأخَّر؟ قال: «لا بأسَ بذلك». قيل: وما وَقت ما يَمشي المصَلِّي في صَلاته؟ قال: «ما لا يَخرُج إلى حَدِّ المشي». باب: إذا صَلَّى وفي كُمِّه دَنانير أو حِليَةٌ من ذَهَب • سُئل أحمَد عن الرجل صَلَّى وفي كُمِّه دَنانير؟ قال: «لا بأسَ بِه». قلت: فإن كانت حِليَةَ ذَهَب؟ قال: «ما أدري».

باب: من صلى وفي كمه ثوب حرير

• سألت إسحاق، قلت: رَجلٌ صَلَّى وفي يَدِه سوارٌ من ذَهَب؟ قال: «إذا لَبِسَه من عِلَّة؛ فإني أرجو أن يُجزئ عَنه». 1225 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، قال: ثنا أبو الأشهب، عن عبد الرحمن بن طَرَفَة، عن جَدِّه عرفجة، أنه أُصيب أنفُه يَومَ الكُلاب، فاتَّخَذَ أنفًا من وَرِق، فأنتَنَ عَلَيه، فسَأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأمَرَه أن يَتَّخِذَ أنفًا من ذَهَب. باب: مَنْ صَلَّى وفي كُمِّه ثوبُ حَرير • قلت لإسحاق: رَجلٌ يُصَلِّي وفي كُمِّه ثَوبُ حَرير؟ قال: «قَد أساء، وبِئسَ ما صَنَع»، وذَهَبَ إلى أن صَلاته جائزة. باب: الرَّجُل يُصَلِّي وفي كُمِّه حَيَّة • قلت لإسحاق: مُتَطَبِّبٌ صَلَّى وفي كُمِّه جُؤنَةٌ فيها حَيَّة؟ قال: «لا تفسد صَلاته؛ إلا أن تكون مَيتَة». 1226 - حدثنا أحمَد بن نصر، قال: ثنا داوُد بن سُلَيمان العطار، قال: ثنا سَعيد بن مَسلَمَة، عن إسماعيل بن أمية، قال: إنْ كان إبليس لَيَتَمَثَّل لِعامر بن عبد قيس في صورَة الحَيَّة وهو في صَلاته، فيَدخُل تَحتَ قَميصه حتى يَخرُج من كُمِّه أو من جَيبِه، فما يَمَسُّها. قيل لعامر: ألا تُنَحِّي الحَيَّة عَنك؟ قال: «إني لَأستَحي من الله أن أخاف أحَدًا سِواه». وإنْ كان إبليس لَيَلتَوي في مَوضِع سُجوده، فيَسجُد عَلَيه، فإذا آذاه -[564]- ريحُه؛ نَحَّاه بِيَده، ثم يقول: «لَولا نَتَنُك لم أَزَل عَلَيك ساجِدًا».

باب: الرجل يصلي ومعه شعر خنزير

1227 - حدثنا أحمَد بن سَعيد، قال: ثنا عُمَر بن حبيب، قال: ثنا خالِد الحذاء، قال: «كان أبو قلابة يذكي الحَيَّات؛ يَجعَلها في التِّرياق». باب: الرَّجل يُصَلِّي ومَعَه شَعرُ خِنزير • سألت إسحاق عن الرجل يُصَلِّي وقَد شَدَّ على تَكَّتِه شَعراتٍ من شَعر الخِنزير؛ مِثلَ الإسكاف وغَيره؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». 1228 - حدثنا المسيَّب بن واضِح، قال: سألت أبا إسحاق الفَزاري عن الإسكاف يَعمَل بِشَعر الخِنزير، ويُمِرُّه في فَمِه، ويَعمَل بِه؟ فلم يَرَ بِذلك بأسًا. قلت له: فإن صَلَّى وهو مَعَه، أو على أُذُنه؟ قال: «يُعيدُ الصَّلاة». 1229 - قال: وسألت مخلد بن حسين عن العَمَل بِه؟ فلم يَرَ بِهِ بأسًا. باب: مَنْ صَلَّى وفي كُمِّه شَعرُ الآدمِيِّين • وسُئل إسحاق عن رَجلٍ لَه جُمَّة، فطَمَّها، ووَضَعَها في كُمِّه؛ هل يُصَلِّي وهي في كُمِّه؟ قال: «لا يُصَلِّي»، ولم يُرَخِّص لَه، وقال: «ما قُطِعَ من الحَيِّ فَهو مَيْت». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «كُلُّ شَيءٍ يَسقُط من شَعرِ رَجلٍ أو امرأة، فَوصل بِهِ شَعر آدَميّ؛ لم تَجُز الصَّلاة مَعَه، فإن صَلَّى فيه أعاد؛ لأن الشَّعر من الآدميِّين لا يُستَمتَع بِهِ على حالٍ، ويُستَمتَع بِشُعور البَهائم التي لا تُؤكَل لُحومُها؛ ذَكيًّا وحَيًّا».

باب: الصلاة على السرير

1230 - حدثنا إسحاق، قال: أنا عبد الصَّمَد بن عبد الوارِث، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن زَيد بن أسلم، عن عَطاء بن يَسَار، عن أبي واقد الليثي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما قُطِعَ من الحَيِّ فَهو مَيت». 1231 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا أبو النُّعمان، قال: ثنا أبو عَوانَة، عن عبد الملِك العرزمي، عن عَطاء، أنه كان لا يَرى بأسًا أن يتَّخذ من شُعور الناس حِبالًا. باب: الصَّلاة على السَّرير • سألت إسحاق عن الصَّلاة على السَّرير مِن الخَشَب؟ فقال: «لا بأسَ بِه». 1232 - حدثنا أحمَد بن الأزهَر، قال: ثنا الوَليد بن الوَليد بن يَزيد (1) العنسي الدِّمشقي، قال: سألت الأوزاعي عن الصَّلاة على الأَسِرَّة وأشباهِها؟ فلم يَرَ بِذلك بأسًا. باب: الرَّجل يُصَلِّي وهو يُدافِع الأخبَثَين • قلت لأحمد: رَجلٌ صَلَّى وهو يُدافِع الأخبَثَين؟ قال: «يُعيد». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن رَجلٍ في صَلاة، فأدرَكَه البَول؟ قال: «إذا كان -[566]- ريحٌ أو نَفخ؛ رَجَوت، وليُصَلِّ ما دام لم يَغلِبه».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "زيد".

باب: الصلاة بحضرة الطعام

1233 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو شِهاب عبد ربه بن نافع، عن إدريس الأودي، عن أبيه، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تُدافِعوا الأخبَثَين في الصَّلاة». 1234 - حدثنا أبو بكر الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: ثنا هِشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن أرقم الزُّهري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أُقيمَت الصَّلاة ووَجَدَ أحَدُكم الغائط؛ فليَبدأ بِه». 1235 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا جَرير، عن مُغيرَة، عن إبراهيم، قال: «لا بأسَ أن يُصَلِّي ما لم يَخَف أن يَسبِقه، أو يُشغِلَه عن شَيء». باب: الصَّلاة بِحَضرَة الطَّعَام • قلت لأحمد: الرجل يُصَلِّي بِحَضرَة الطعام؟ قال: «إذا كان أَكَلَ بَعضَه، فأُقيمَت الصَّلاة؛ فإنه يُتِمُّ أَكلَه، وإن كان لم يأكُل شَيئًا؛ فأحبُّ إليَّ أن يُصَلِّي».

• سمعت إسحاق يقول: «إذا كان الرجل على عَشائه، فسَمِع الإقامَة؛ جاز لَه أن يَفرغ من عَشائه، إلا أن يكون عَشاؤه خِلافَ عَشاء القَوم؛ فيطول؛ فحينَئذٍ يَبدأ فيُصَلِّي؛ وذلك أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يَشتَغِلون بِالأطعمات شُغلَ أهل زَمانِنا. فإن كان الرجل يُحِبُّ أن يَدعو بِعَشائه وهو وَحدَه، فأخَّرَ العَشاء، وخَرَجَ إلى الجَماعَة؛ فذلك لَه، وإن كان مَعَ جَماعَة؛ لم يَفعَل؛ لِمَا يَدخُل على أصحابِه من ذلك». 1236 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا جَرير، عن هِشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا وُضِعَ العَشاء وأُقيمَت الصَّلاة؛ فابدَؤوا بِالعَشاء». 1237 - حدثنا أحمَد بن حَنبل، قال: ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: ثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا وُضِعَ العَشاء وأُقيمَت الصَّلاة؛ فابدَؤوا بِالعَشاء». 1238 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا يَحيى، عن عُبَيدالله، عن نافع، عن ابن عُمَر -رضي الله عنهما-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا وُضِعَ عَشاء أحَدِكم وأُقيمَت الصَّلاة؛ فلا يَقُم حتى يَفرغ».

باب: الصلاة على الثلج

باب: الصَّلاة على الثَّلج • سُئل أحمَد بن حَنبل عن الصَّلاة على الثَّلج؟ قال: «يُصَلِّي عَلَيه، ويَسجُد عَلَيه». قيل: فالصَّلاة في الماء والطِّين؟ قال: «يُومئ». • وسُئل أحمَد -مرةً أخرى- عن الصَّلاة على الثَّلج؟ قال: «يَبسُط ثَوبًا، ويُصَلِّي». قلت: فإن لم يَكُن مَعَه إلا الثَّوب الذي على جَسَدِه؟ قال: «إن أمكَنَه السُّجود عَلَيه؛ سَجَد، وإلا أومَأ». قال: «إذا كان الثَّلج بارِدًا؛ فإنه عُذر»، وسَهَّلَ فيه. • وسمعت إسحاق يقول: إذا صَلَّيت في الثَّلج أو الرَّمضاء أو البَرد أو الطِّين، فآذاك؛ فاسجُد على ثَوبك؛ يَومَ الجُمعَة كان أو غَير ذلك». قال: «وإن اشتَدَّ عَلَيك وَضع اليَدَين على الأرض -أيضًا-؛ فضَعهما على ثَوبك، أو أدخِلهما كُمَّيك، ثم اسجُد كذلك». • وسمعت إسحاق -مرةً أخرى- يقول: «إن كُنت في رَدغَةٍ أو ماءٍ أو ثَلج؛ لا تَستَطيع أن تَسجُد؛ فأَومئ إيماءً؛ كذلك فَعَلَ أنس بن مالك، وجابِر بن زَيد، وغَيرُهما». 1239 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا عُمَر بن الرماح، قال: ثنا كثير بن زياد أبو سهل، عن عَمرو بن عُثمان بن يعلى، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: «كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَفَر، والسَّماء من فَوقِنا، والنَّدَى من تَحتِنا، فحَضَرَت الصَّلاة، فأمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم بلالًا، فأذَّن وأقام، ثم صَلَّى بِنا على الرَّاحِلَة؛ يُومئ إيماءً؛ يَجعَل السُّجود أخفَضَ من الركوع، والناس يُصَلُّون بِصَلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم».

باب: السجود على كور العمامة

باب: السُّجُود على كَوْر العِمَامَة • سألت أحمَد عن السُّجود على كَور العِمامَة؟ فكَرِهَه، وقال: «لا». 1240 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: حدثني إبراهيم بن عُثمان، عن أبي حصين، عن أبي الضحى، أنه رأى مسروق بن الأجدع، وشريحًا، وعبد الله بن يَزيد الأنصاري؛ كُلّهم يَسجُد على عِمامَته وبُرنُسه. 1241 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا عُبَيدالله بن عُمَر، عن نافع، أن ابن عُمَر كان يحسر عن جَبهَته كَورَ العِمامَة إذا سَجَد، ويُخرِج يَدَيه، ويقول: «إن اليَدَين تَسجُدان مَعَ الوَجه». باب: الرَّجل يُصَلِّي وقَد شَدَّ وَسَطَهُ بِخَيط • قيل لأحمد: الرجل يَشُدُّ وَسَطَه بِخَيط، ويُصَلِّي؟ قال: «على القباء لا بأسَ بِه»، وكَرِهَه على القَميص، وذَهَبَ إلى أنه من زِيِّ اليَهود. فذَكَرت لَه السَّفَر، وأنَّا نَشُدُّ على أوساطِنا؟ فرَخَّص فيه قَليلًا، أما المنطَقَة والعِمامَة ونَحو ذلك؛ فلم يَكرَهه، إنَّما كَرِهَ الخَيط، وقال: «هو أشنَع».

باب: من رفع ثوبه أو شعره وهو يصلي

1242 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: أبنا شَريك، عن أبي الهيثم، قال: قلت لإبراهيم: أُصَلِّي في القَميص والقباء؟ قال: «شُدَّ حَقوَيك ولَو بِعِقال». باب: مَنْ رَفَعَ ثَوبَه أو شَعرَه وهو يُصَلِّي • قلت لأحمد: الرجل يُصَلِّي وقَد لَفَّ خُفَّيه؟ قال: «يُعجِبني أن يُرسِلَهما». وقال أبو عبد الله: «إذا صَلَّى الرجل فلا يَرفَعَنَّ ثَوبَه ولا شَعرَه ولا شَيئًا من ذلك؛ لأنه يَسجُد». • سُئل إسحاق بن إبراهيم عن الرجل يُصَلِّي مُحتَبيًا؟ قال: «نَعم، لا بأس». 1243 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: ثنا يَحيى بن حمزة، قال: حدثني ثور، قال: «رأيت خالِد بن معدان يُصَلِّي وهو جالِسٌ مُحتَبٍ، فإذا أراد أن يَركَع؛ حَلَّ حَبوَتَه». باب: كَيفَ يُصَلِّي جَالِسًا؟ • وسمعت أحمَد بن حَنبل يقول: «إذا صَلَّى الرجل جالِسًا؛ فإنه يَجعَل قيامَه التَّرَبُّع». قلت: إليه تَذهَب -يعني: التَّرَبُّع-؟ قال: «نَعم». قلت: فإذا رَكَع؟ قال: «يَثني رِجلَيه». قلت: ولا يَركَع مُتَرَبِّعًا؟ قال: «لا». قلت: فالجُلوس؟ قال: «يَثني رِجلَيه، فيَجلِس عَلَيهما كما يَجلِس في الصَّلاة». 1244 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا جَرير، عن مَنصور، عن مُجاهد، قال: «إذا صَلَّيت قاعِدًا؛ فتَرَبَّع في صَلاتك، فإذا رَكَعت؛ فاثنِ رِجلَيك».

1245 - حدثنا علي بن عُثمان، قال: ثنا جَرير بن حازم، قال: «رأيت محمد بن سيرين يُصَلِّي قاعِدًا مُتَرَبِّعًا، وبَينَ يَدَيه مُصحَف، فإذا شَكَّ في شَيءٍ رَفَعَه فنَظَرَ إلَيه، فإذا أراد أن يَركَع جَثَا على رُكبَتَيه، ووَضَعَ كَفَّيه على رُكبَتَيه». 1246 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان، قال: ثنا سُلَيمان بن موسَى، قال: ثنا مسعر بن كدام، عن حَمَّاد، عن مُجاهد، عن سَعيد، قال: «قيام الذي يُصَلِّي وهو جالِسٌ: أن يَتَرَبَّع، فإذا أراد أن يَركَع؛ ثَنى رِجلَيه». • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «إذا صَلَّى الرجلُ قاعِدًا النوافلَ؛ فإنهم كانوا يَستَحِبُّون أن يَبدأ فيُصَلِّي رَكعَتَين وهو قائم، ثم يَجلِس، فيُصَلِّي جالِسًا». قال: «وإذا صَلَّى وهو قاعِد؛ جَلَس، فتَرَبَّع، وقَرأ وهو مُتَرَبِّع، ثم رَكَعَ وهو مُتَرَبِّع، فإذا أراد أن يَسجُد؛ ثَنى على رِجلَيه، فسَجَد، ثم جَلَس». 1247 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان، قال: سألت مالك بن أنس: كَيفَ يَجلِس الذي يُصَلِّي وهو جالِس؟ قال: «يَتَرَبَّع». قلت: فإذا أراد أن يَركَعَ ثَنى رِجلَيه؟ أو يَضَع يَدَيه على رُكبَتَيه وهو مُتَرَبِّع؟ قال: «بَل يَضَع يَدَيه على رُكبَتَيه وهو مُتَرَبِّع». 1248 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا جَرير بن عبد الحَميد، عن مُغيرَة، عن سماك بن سَلَمَة، قال: «رأيت ابنَ عُمَر وابنَ عَبَّاس يُصَلِّيان مُتَرَبِّعَين». 1249 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا عيسَى بن يونُس، قال: ثنا أبو الرحال -[572]- الطائي، قال: «رأيت أنس بن مالك يُصَلِّي قاعِدًا مُتَرَبِّعًا».

باب: صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم

o ورأيت أحمَد -أيضًا- يُصَلِّي جالِسًا، فجَلَسَ مِثلَ جلسَتِه في الصَّلاة، ولم يَتَرَبَّع، ولا جَلَسَ مُستَويًا، ولكن كَجُلوسِه في الصَّلاة لِلتَّشَهُّد. 1250 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان، قال: ثنا ابن لَهيعَة، قال: ثنا زهرة بن معبد، قال: «رأيت أبان بن عُثمان -يعني: يُصَلِّي- وهو بارِك». 1251 - حدثنا محمد بن يَحيى، قال: ثنا البرساني، قال: أبنا هِشام، عن الحسَن، أنه كان لا يَرى بأسًا أن يُصَلِّي الرجل تَطَوُّعًا؛ رَكعَةً قائمًا، ورَكعَةً قاعِدًا، وأن يُصَلِّي مُحتَبيًا أو مُتَّكئًا، أو يُصَلِّي كَيفَ شاء. باب: صَلاة القاعِد على النِّصف مِن صَلاة القائِم • سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «بَلَغَنا أن صَلاة القاعِد على النِّصف من صَلاة القائم؛ قَد صَحَّ ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعَلَيه إجماعُ أهل العِلم، ولا يَنبَغي لِلرجل الصَّحيح أن يُصَلِّي الفَريضَة قاعِدًا وهو يَستَطيع القيام، فإن صَلَّى قاعِدًا؛ أعاد الصَّلاة. وإنما قيل: «صَلاة القاعِد على النِّصف من صَلاة القائم» في التَّطَوُّع، وهم يَرجُون للمَريض إذا صَلَّى قاعِدًا؛ لا يَستَطيع القيام؛ أن يَكون لَه مِثلُ أجر القائم». 1252 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا جَرير بن عبد الحَميد، عن مَنصور، عن هلال بن يساف، عن أبي يَحيى، عن عبد الله بن عَمرو، قال: حُدِّثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -[573]- قال: «صَلاة القاعِد على النِّصف من صَلاة القائم»، فأتيت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته يُصَلِّي قاعِدًا، فوَضَعت يَدي على رأسي، فقال لي: «ما لَك؟». فقلت: حُدِّثت أنك قلت: «صَلاة القاعِد على النِّصف من صَلاة القائم»، وأنت تُصَلِّي قاعِدًا. قال: «أجَل، إني لَستُ في ذلك كأحَدِكم».

• قال أبو يَعقوب: «قَد صَحَّ الخَبَر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما أحَدٌ من المُسلِمين يُبتَلَى بِبَلاءٍ في جَسَدِه إلا قال الله لِمَلائكَته: اكتُبوا لِعَبدي أحسَنَ ما كان يَعمَل في صِحَّته وهو مُقيم»، ولَقَد ذُكِرَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا مَرِضَ العَبد أو سافَر؛ يُكتَب لَه من الأجر ما كان يَعمَل في صِحَّته». فالفرائض التي لا يُمكِنه أداؤها إلا بِالجُلوس أو الإيماء أحرَى أن يَكون لَه فيها كَأجر القائم الصَّحيح». 1253 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، عن سُفيان الثوري، عن عَلقَمَة بن مرثد، عن القاسِم بن مخيمرة، عن عبد الله بن عَمرو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ما أحَدٌ من المُسلِمين يُبتَلَى بِبَلاءٍ في جَسَدِه إلا قال الله لِمَلائكَته الذين يَحفَظونَه: اكتُبوا لِعَبدي هذا أحسَنَ ما كان يَعمَل وهو مَحبوسٌ في وثاقي ما دام كذلك». 1254 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا حَفص بن غياث ومحمد بن عبيد، عن العوام -[574]- ابن حوشب، عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا عَمِلَ العَبد في صِحَّته، ثم مَرِضَ أو سافَر؛ كَتَبَ الله لَه أجرَ ما كان يَعمَل قَبلَ ذلك».

باب: الإمام يؤم جالسا

باب: الإمام يَؤمُّ جالِسًا • قيل لأحمد: الإمام يُصَلِّي جالِسًا؛ كَيفَ يُصَلِّي مَنْ خَلفَه؟ قال: «قَد جاء أنهم يُصَلُّون بِصَلاته». قيل: فحَديث زائدَة؛ حَديث عُبَيدالله بن عبد الله، عن عائشَة -رضي الله عنها-، أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى جالِسًا، وأبو بكر قائم، والناس قيام خَلفَ أبي بكر؟ قال: «هذا: ابتَدأ الصَّلاة أبو بكر، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم بَعدُ، فجَلَس، ولَو كان النبي صلى الله عليه وسلم ابتَدأ الصَّلاة»، أي: كأنَّه يَذهَب إلى أنه يُصَلِّي خَلفَه على ما ابتَدأ. • وسألت إسحاق، قلت: الإمام إذا أصابَته عِلَّة، فصَلَّى بِالناس جالِسًا؛ هل يُصَلِّي مَنْ خَلفَه جُلوسًا قال: «نَعم». راجَعتُه في هذه المسألَة، فاستَثبَتُّه، فقال: «نَعم». 1255 - حدثنا عَبَّاس بن عبد العَظيم، قال: ثنا عبد الله بن داوُد، عن الأعمَش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشَة -رضي الله عنها-، أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِالناس جالِسًا، وأبو بكر إلى جَنبِه قائمًا يُسمِع الناسَ.

1256 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا زائدَة، ثنا موسَى بن أبي عائشَة، عن عُبَيدالله بن عبد الله، قال: دَخَلت على عائشَة -رضي الله عنها-، فقلت: ألا تُحدِّثيني عن مَرَض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: «بلى، ثَقُل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسَلَ إلى أبي بكر أن يُصَلِّي بِالناس». قالت: «فأتاه الرسول، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرك أن تُصَلِّي بِالناس». قالت: «فصَلَّى بِهم أبو بكر تِلك الأيام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وَجَدَ من نَفسِه خِفَّة، فخَرَجَ بَينَ رَجُلَين لِصَلاة الظُّهر، وأبو بكر يُصَلِّي بِالناس». قالت: «فلَمَّا رآه أبو بكر ذَهَبَ ليَتأخَّر، فأومأ إلَيه النبي صلى الله عليه وسلم ألَّا يتأخر، وقال لهما: «أَجلِساني إلى جَنبِه»، فأَجلَساه إلى جَنب أبي بكر». قالت: «فجَعَل أبو بكر يُصَلِّي وهو قائمٌ بِصَلاة النبي صلى الله عليه وسلم، والناسُ بِصَلاة أبي بكر، والنبي صلى الله عليه وسلم قاعِد». 1257 - حدثنا عبد الله بن الزُّبَير الحُمَيدي، قال: ثنا سُفيان، قال: سمعت الزُّهري يقول: سمعت أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: سَقَطَ رسول الله صلى الله عليه وسلم من فَرَس، فجحش شِقُّه الأيمَن، فدَخَلنا عَلَيه نَعوده، فحَضَرَت الصَّلاة، فصَلَّى بِنا قاعِدًا، وصَلَّينا خَلفَه قُعودًا، فلَمَّا قضى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الصَّلاة قال: «إنما جُعِلَ الإمام لِيُؤتَمَّ بِه، فإذا كَبَّر فكَبِّروا، وإذا رَكَعَ فاركَعوا، وإذا قال: «سَمِع الله لِمَن حَمِدَه» فقولوا: «رَبَّنا ولَك الحمد»، وإذا سَجَدَ فاسجُدوا، وإذا صَلَّى قاعِدًا فصَلُّوا قُعودًا أجمَعون».

باب: كيف يصلي المريض؟

1258 - حدثنا عَبَّاس العنبري، قال: ثنا خالِد بن مخلد، قال: ثنا سُلَيمان بن بلال، قال: حدثني جَعفَر بن محمد، قال: سمعت القاسِم بن محمد يقول: قال مُعاويَة بن أبي سُفيان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صَلَّى الأمير جالِسًا فصَلُّوا جُلوسًا». قال: «فتَعَجَّبَ الناس من صِدق مُعاويَة -رضي الله عنه-». باب: كَيفَ يُصَلِّي المريض؟ • سألت أبا عبد الله، قلت: ألَيسَ يَكون المريض رِجلاه مِمَّا يَلي القِبلَة، ووَجهه إلى القِبلَة؟ قال: «نَعم». قلت: ألَيسَ يُكَبِّر ويَقرأ ونَحو ذلك؟ قال: «نَعم، إذا لم يَقدِر على الركوع». • وسمعت إسحاق يقول: «يُصَلِّي المريض قائمًا، فإن لم يَستَطِع قائمًا؛ فقاعِدًا، ويَسجُد على الأرض، فإن لم يَستَطِع أن يَسجُد على الأرض؛ يومئ إيماءً؛ يَجعَل السُّجود أخفَضَ من الركوع، فإن لم يَستَطِع أن يومئ: * صَلَّى على جَنبِه، ويُروَى عن إبراهيم النخعي، * وقال بَعضهم: يُصَلِّي على قَفاه، ورجلاه مما يَلي القِبلَة، ووَجهه مُستَقبِل القِبلَة؛ منهم: سَعيد بن المسيَّب, وهذا أحبُّ إلَينا». قال: «فإن لم يَقدِر -على ذلك- بِقِراءة القرآن؛ تَرَك القِراءة -أيضًا-، وذَكَر اللهَ فيها بما قَدِر؛ لِمَا جَعَل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عِوَضًا للصَّحيح الذي لا يَضبِط القِراءة؛ -[577]- لأن حُكم [الصَّلاة] (1) إنما هو بِالركوع والسُّجود والذِّكر، فلَمَّا أمكَن المريضَ أن يأتي شَيئًا من ذلك، فلم يأتِ بِه؛ فعَلَيه الإعادَة إذا عَلِم؛ ألا تَرى أن إجماعَ أهل العِلم لِلخائف الذي يَحضُرُه العَدُوّ أنه لا يَدَع الذِّكر إذا لم يُمكِنه الركوع والسُّجود وغَيرُ ذلك، وكذلك المريض.

____ (1) اضطرب الناسخ فيها، فكتب: "المريض لاة"، ولعل الصواب كما أثبت.

فإن لم يَقدِر على الذِّكر بِاللسان ولا بِالإيماء بِجَوارِحِه أو بِحاجِبِه، فصَلَّى بِقَلبِه؛ أجزأه، وإن كان بِحَضرَته مَنْ يُلَقِّنه الركوعَ والسُّجودَ والتكبيرات وغَيرَ ذلك؛ فهو أحبُّ إلَينا إذا كان يُلَقَّن ذلك». قال: «ولا يَجوز لأحَدٍ من المصَلِّين أن يَدَعَ شَيئًا يَقدِر عَلَيه في صَلاته مِمَّا أُمِرَ بِهِ لِمَا لا يُمكِنه أن يأتيَ على كُلِّ ما أُمِرَ بِه؛ لأن العُذر من الله قَد سَبَقَ لأهل العُذر، ولم يَجعَل لَهم عُذرًا فيما يَقدِرون عَلَيه لِمَا لا يَقدِرون عَلَيه». 1259 - حدثنا محمد بن يَحيى بن عبد الكريم، قال: ثنا شعيث بن محرز، قال: سألوا سُفيان الثوري وأنا حاضِر عن المُدنَف الذي لا يَستَطيع أن يَركَع ولا يَسجُد ولا يومئ، وبَطنُه نَجِئ، وهو يَعقِل الصَّلاة؛ كَيفَ يَصنَع؟ قال سُفيان: «إن كانَت الأولى أو العَصر أو العَشاء؛ قال: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر» أربَعًا». 1260 - حدثنا أبو حَفص، قال: ثنا محمد بن يوسُف، قال سُفيان: «المريض إذا لم يَستَطِع أن يَجلِس؛ يُصَلِّي على قَفاه، يَستَقبِل بِوَجهِه القِبلَة».

باب: المريض يسجد على الوسادة

باب: المريض يَسجُد على الوسادَة • قيل لأحمد: المريض يَسجُد على الوسادَة أو الشَّيء، أو يومئ؟ قال: «كُلُّ هذا قَد جاء، وإن شاء سَجَدَ على شَيء، وإن شاء أومأ». • وسمعته يقول: «يَسجُد على المرفَقَة». • وسألت إسحاق عن السُّجود على المرفَقَة؟ فقال: «الإيماء أحبُّ إليَّ». 1261 - حدثنا عُبَيدالله بن مُعاذ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا شُعبَة، عن قَتادَة، سمع أم الحسَن بن أبي الحسَن، أنها كانت تَبيت عِندَ أم سَلَمَة -رضي الله عنها-، فكانت تَسجُد على مرفَقَة؛ مِن وَجَعٍ كان بِعَينها. 1262 - حدثنا أحمَد بن يونُس، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق، عن أبي فزارة، قال: سألت ابن عَبَّاس -رضي الله عنهما-: أيُصَلِّي الرجل إذا كان مَريضًا على الثَّوب النَّظيف؟ قال: «نَعم، إذا لم يَستَطِع أن يَبلُغ الأرض؛ فليُصَلِّ على الثَّوب الطَّيِّب، والمرفَقَة الطَّيِّبة». 1263 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: ثنا أبو مُعاويَة، عن الأعمَش، عن إبراهيم، عن عَلقَمَة، قال: دَخَلَ عبد الله على أخيه عُتبةَ يَعودُه، فقال: «إن قَدِرتَ أن تَسجُد، وإلا فأَومِ بِرَأسِك».

باب: المغمى عليه

باب: المُغمَى عَلَيه • سألت أحمَد عن المغمَى عَلَيه؟ فقال: «يُعيدُ الصَّلَوات كُلَّها». • وسألت إسحاق عن المغمَى عَلَيه؛ هل يُعيدُ الصَّلَوات؟ قال: «لا يُعيدُ الصَّلَوات؛ إلا صَلاة يَومِه الذي أفاق فيه». • وسمعت إسحاق -أيضًا- يقول: «قَد مَضَت السُّنَّة في المغمَى عَلَيه على أوجُه: * فمِنهم مَن يَجعَل حُكمَه حُكمَ النائم؛ يَقضي الصَّلاة، * ومِنهم مَن يَجعَله كالمجنون؛ لا يَقضي، * فأعدَلُ ذلك: أن المغمَى عَلَيه إذا أفاق مِن يَومِه صَلَّى الصلاتَين جَميعًا، والصلاتان: إن كان نَهارًا؛ فالظُّهر والعَصر، وإن كان لَيلًا؛ فالمغرِب والعِشاء. فإذا أُغمي عَلَيه الأيام، فأفاق؛ قَضى صَلاته يَومَه، فإن أفاق في آخِر الليل؛ قَضى صَلاةَ لَيلته». قال: «واختَلَف أهل العِلم في ذلك: * فرأى قَومٌ أن المغمَى عَلَيه يَقضي الصَّلاة كَما يَقضي الصيام؛ شَبَّهوهُ بالنائم، ولَيسَ هذا بِقَولٍ صَحيح، * ورأى آخرون ألَّا يَقضي شَيئًا؛ إلا أن يُفيق في وَقتِ صَلاة؛ فيَقضي تِلك الصَّلاة، ومَنْ قال بِهذا القَول لَزِمَه أن يأمُره بِقَضاء صَلاتَين كما أَمَرْنا؛ لِمَا جُعِلَ وَقت العَصر في وَقت الظُّهر، والعِشاء في وَقت المغرِب - لأصحاب العُذر؛ مثل الخائف في السَّفَر، وصاحِب المطَر، والحائض؛ حيث أُمِرَت إذا طَهُرَت قَبلَ المغرِب صَلَّت -[580]- الظُّهر والعَصر جَميعًا، وإذا طَهُرَت قَبلَ الفَجر صَلَّت المغرِب والعِشاء، وكذلك المغمَى عَلَيه إذا أفاق في آخِر النَّهار؛ صَلَّى الظُّهر والعَصر، وإذا أفاق قَبلَ الفَجر؛ صَلَّى المغرِب والعِشاء؛ فإنه ما دام مُغمى عَلَيه فهو كَالمجنون المعتوه».

قال: «والذين قالوا: إذا أُغمي عَلَيه يَومًا ولَيلَةً أعاد الصَّلَوات كُلَّها، فإن أُغمي عَلَيه الأيامَ؛ لم يَقضِ شَيئًا؛ فقد أخطَأ في المذهَب؛ لا يَخرُج حُكم المغمَى عَلَيه من هذه الأوجُه التي وَصَفناها، وخالَف هؤلاء الأوجُهَ الثَّلاثَة». 1264 - حدثنا عَبَّاس النرسي، قال: ثنا خالِد بن عبد الله، قال: أبنا ليث، عن عَطاء وطاوُس ومُجاهد؛ قالوا: «المغمَى عَلَيه يُعيدُ كُلَّ شَيءٍ تَرَك». 1265 - حدثنا عَبَّاس النرسي، قال: ثنا خالِد بن عبد الله، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: «أُغمي عَلَيه شَهرًا، فقَضى صَلاةَ يَومِه الذي أفاق فيه». 1266 - حدثنا عَبَّاس، قال: ثنا خالِد بن عبد الله، عن عبيدة (1)، عن إبراهيم، قال: «إذا أفاق قَبلَ غُروب الشَّمس؛ صَلَّى الظُّهر والعَصر، وإذا أفاق قَبلَ طُلوع الفَجر؛ صَلَّى المغرِب والعِشاء». • قال عَبَّاس: «بِهذا نأخُذ».

____ (1) كذا في الأصل، ويحتمل أن الصواب: "مغيرة"، وانظر: ابن أبي شيبة (6651)، (6652).

باب: الصلاة في ثوب واحد

1267 - حدثنا عَبَّاس، قال: ثنا يَزيد بن زُرَيع، قال: ثنا يونُس، عن ابن سيرين والحسَن؛ قالا: «المغمَى عَلَيه لا يُعيد». 1268 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان بن إبراهيم، عن هِشام القردوسي، أن الحسَن سُئل عن المغمَى عَلَيه؟ فقال: «إن كان يَومًا إلى الليل؛ فلا يَقضي، وإن كان بَعضَ يَوم، أو بَعضَ لَيلَة؛ فإنه يَقضي ما فاته». باب: الصَّلاة في ثوبٍ واحِد • سُئل إسحاق عن رَجلٍ صَلَّى في ثَوبٍ واحِدٍ مُتَّزِرًا بِه؛ لَيسَ على مَنكِبَيه شَيء، وقَد بَدا سرته؟ قال: «إذا كان من ضَرورَة؛ فجائز». 1269 - حدثنا محمد بن مُعاويَة، قال: ثنا شَريك، عن عِمران البحلي (1)، قال: «رأيت ابن عُمَر يُصَلِّي في ثَوبٍ واحِدٍ مُتَّزِرًا بِه». 1270 - حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: ثنا عُمَر بن هارون، عن ابن جُرَيج، عن محمد بن صبيح، عن مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى في ثَوبٍ واحِد، فالتَحَفَ بِه، فضاق عَلَيه، فأتَزَر بِه، فصَلَّى فيه مُؤتَزِرًا بِه». 1271 - حدثنا يَحيى بن عبد الحَميد، قال: ثنا عبد السلام، عن إسحاق بن عبد الله، عن إبراهيم بن حنين، عن أبيه، عن ابن عَبَّاس -رضي الله عنهما-، عن علي -رضي الله عنه-، قال: قال -[582]- النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا كان الثَّوب واسِعًا؛ فتَوَشَّح بِه، وصَلِّ فيه، وإذا كان ضَيِّقًا؛ فاتَّزِر بِه، وصَلِّ فيه».

____ (1) كذا في الأصل، بإعجام الباء وإهمال الحاء، والصواب: "النَّخلي".

باب: من صلى في السراويل وحده

باب: مَنْ صَلَّى في السَّراويل وَحدَه • قلت لإسحاق: فصَلَّى في سَراويل وَحدَه؛ هل يُعيد؟ قال: «السَّراويل والإزار عِندي واحِد». 1272 - حدثنا محمد بن الوَزير، ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني عنبسة القرشي، عن أبي أحمَد بن عبد ربه، عن ابن عَبَّاس، قال: «لَمَّا اتَّخَذَ اللهُ إبراهيمَ خَليلًا قيل: وارِ عن الأرض عَورَتَك». قال: «فاتَّخَذَ السَّراويلات». باب: الصَّلاة في قَميصٍ مَحلُول الأَزرَار • قيل لإسحاق: فصَلَّى في قَميصٍ مَحلول الأزرار؟ قال: «أكرَهُه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «زُرَّه ولَو بِشَوكَة». قيل: فعَلَيه الإعادَة؟ قال: «لا». 1273 - حدثنا يَحيى بن حَسَّان، قال: ثنا ابن لَهيعَة، قال: ثنا الوَليد بن أبي الوَليد، قال: «رأيت عبد الله بن عُمَر وسَعيد بن المسيَّب يُصَلِّيان وأزرارُهما مُطلقَة». 1274 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: وأخبرني خليد، عن الحسَن، أنه كان يُحِبُّ لِمَن صَلَّى في قَميصٍ واحِدٍ لَيسَ عَلَيه سَراويل أو إزار أن يَشُدَّ على حَقوَيه شَيئًا.

باب: في كم ثوب تصلي المرأة؟

1275 - قال الوَليد: وقال أبو عَمرو: «لا بأسَ أن يُصَلِّي في قَميصٍ وإن لم يَشُدَّ إزارَه (1)؛ إذا كان تَحتَ القَميص إزارٌ وسَراويل». 1276 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا مَروان بن محمد، قال: سألت مالك بن أنس عن الرجل يُصَلِّي في قَميصٍ واحِدٍ مَحلول الأزرار، ولَيسَ عَلَيه إزار؟ قال: «لا بأسَ بِه». باب: في كَمْ ثوبٍ تُصَلِّي المرأة؟ • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: المرأة في كَم ثَوبٍ تُصَلِّي؟ قال: «في ثَلاثَة أثواب». قلت: فثَوبَين؟ قال: «إذا استَتَرَت بِهما جاز». قلت: فإن صَلَّت ومَوضِعٌ مِنهما ظاهِر؛ لا يَنبَغي لها أن يَظهَر ذلك الموضِع (2)؟ قال: «لا يُعجِبني ذلك»، ولم يُعجِبه شَيءٌ من ذلك. قلت: فالجارية إذا حاضَت؛ ألَيسَ تُصَلِّي في ثَلاثَة أثواب؟ قال: «نَعم». قلت: فالأَمَة؛ تُصَلِّي مَكشوفَة الرأس؟ قال: «نَعم». • وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: «تُصَلِّي المرأة في دِرعٍ وخِمارٍ يُجزئها، ويُكرَه للمرأة أن تَخرُج إلى الدَّار وشَعرُها مَكشوف؛ إلا أن يَكون لَها عُذر، كَنَحو ما تَتَوضَّأ فتَرفَع طَرَف خِمارها لِتَمسَحَ رأسها، وما أشبَهَ ذلك، فأما أن يَصيرَ كَشفُ رأسها عادَةً كالإماء؛ فلا خَيرَ في ذلك؛ لِتَستَتِرْ جُهدَها في دارِها أو غَيرِ دارِها. وأقَلُّ ما تُصَلِّي المرأة في ثَلاثَة أثواب: دِرع، وخِمار، وإزار، فإن لم تَتَّزِر وَتلتَحِف بِملحَفَة فَوقَ دِرعِها؛ فذلك جائز، وإن تَسَروَلَت بَدَلَ الإزار؛ فهو جائز؛ قد ذُكِرَ في -[584]- بَعض الأحاديث: «رَحِمَ الله المتسَروِلات»، فإن صَلَّت في ملحفَةٍ واحِدَة: غَطَّت كُلَّ شَيءٍ من جَسَدِها؛ جازَت صَلاتها».

____ (1) (كذا في الأصل، ولعل صوابه: "أزراره). تنبيه: ما بين القوسين مما أضافه المحقق على ما في المطبوع. (2) ضبب الناسخ هنا، ولعله استشكل العبارة، ويظهر أن حربا يسأل عن صحة أنه لا ينبغي لها ... ، وربما وقع في النص سقط.

قال: «وتُصَلِّي الأَمَة بِغَير خِمار، ولَيسَ على الأَمَة أن تَختَمِر؛ عَجوزًا كانَت أو شابَّة». • قال أبو يَعقوب: «وإذا بَلَغَت الجاريَةُ المحيضَ؛ فالاختيار لَها: ما سَنَّ عُمَر بن الخطاب ومَنْ بَعدَه: ثَلاثَة أثواب؛ تَتَّزِر بإحداهُنّ، والآخَرَين (1): دِرع، وخِمار. فإن صَلَّت في ثَوبَين؛ صَلَّت في دِرعٍ وخِمار يُواري الخفين (2)، ولَو أنها أسبَلَت ثَوبَها في الصَّلاة إسبالًا؛ فهو أحبُّ إلَينا؛ لِمَا سَنَّ لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الذُّيول شِبرًا. وأما أمُّ الوَلَد؛ فإنها تُصَلِّي بِغَير خِمارٍ إن شاءت كَما تُصَلِّي الأَمَة؛ لأن حُكمَها حُكمُ الإماء ما دام سَيِّدها حَيًّا؛ إنما تَعتُق بَعدَ المولى». 1277 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا المعتَمِر، قال: سمعت أبي يحدث عن ابن سيرين، عن أبي هُرَيرَة، عن عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-، قال: «تُصَلِّي المرأة في ثَلاثَة أثوابٍ إذا قَدِرَت: دِرع، وخِمار، وإزار». 1278 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن نمير، عن عُبَيدالله، عن نافع، عن ابن عُمَر، قال: «تُصَلِّي المرأة في الدِّرع والخِمار والملحَفَة».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "والآخران". (2) في الأصل مهملة إلا الفاء، ولعلها كما أثبت.

1279 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا محمد بن يَزيد، قال: حدثتنا أم كثير، قالت: سمعت أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: «تُصَلِّي المرأة في الدِّرع والخِمار إذا كان سَفيقًا». 1280 - حدثنا محمد بن نصر، قال: ثنا حَسَّان، عن هِشام القردوسي، عن الحسَن، عن أمه، أنها رَأت أمَّ سَلَمَة أمَّ المؤمنين -رضي الله عنها- تُصَلِّي في دِرعٍ وخِمار. 1281 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا عبدة بن سُلَيمان، عن ابن أبي عروبة، عن قَتادَة، عن الحسَن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حاضَت الجاريَة فلم تَختَمِر؛ لم يُقبَل لَها صَلاة». 1282 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا المعتَمِر بن سُلَيمان، عن هِشام، عن الحسَن، قال: «إذا بَلَغَت الجاريَة الحَيض، فصَلَّت ولم تُوارِ أُذنَيها؛ فلا صَلاةَ لَها». 1283 - حدثنا سَعيد بن مَنصور، قال: أبنا هُشَيم، قال: أبنا مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، أنه سُئل عن الأَمَة؛ كَيفَ تُصَلِّي؟ قال: «تُصَلِّي في الحال التي تَخرُج فيها إلى السُّوق». 1284 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا وَكيع، قال: ثنا شَريك، عن جابِر، عن عامر -في أمِّ الوَلَد تُصَلِّي-؛ قال: «إن اختَمَرَت؛ فحَسَن».

باب: متى تبلغ الجارية؟

1285 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا جَرير، عن مُغيرَة، عن الحارِث العكلي، قال: «تُصَلِّي أمُّ الوَلَد بِغَير قِناعٍ كَما تُصَلِّي الأَمَة». 1286 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد، قال: وأخبرني سَعيد بن بشير (1)، عن ابن سيرين، عن صفية بنت الحارِث، أن عائشَة -رضي الله عنها- نَزَلَت عِندَهم بِالبَصرَة، وعِندَها بَناتٌ لَها، فأَرَدنَ الصَّلاة بِغَير خِمار، فقالت عائشَة: «إن الجاريَة إذا حاضَت لم تُقبَل لَها صَلاةٌ بِغَير خِمار». 1287 - قال الوَليد: وأخبرني ابن جُرَيج، عن ليلى ابنة سَعد، أنها أخبرته أنها رَأت عائشَة -رضي الله عنها- تُصَلِّي المغرِب في إزارٍ ودِرعٍ وخِمار. 1288 - قال الوَليد: وأخبرني أبو عَمرو ومالك أنه لا بأسَ أن تُصَلِّي المرأة في دِرعٍ وخِمار، وذلك يُجزئها. باب: مَتَى تَبلُغ الجَاريَة؟ • سمعت إسحاق يقول: «إذا بَلَغَت الجاريَةُ المحيضَ، وذلك خَمسَ عَشرَةَ سَنَة، أو قَد أنبَتَت عانَتُها الشَّعرَ الأسوَد، ولم تَحِض؛ فحُكمُها حُكم النِّساء في التَّسَتُّر؛ لا شَكَّ في ذلك؛ لِمَا سَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وأما الجاريَة التي لم تَحِض ولم تَبلُغ -[587]- أوَانَ ذلك، فصَلَّت في إزار باديَةَ الشَّعر؛ فصَلاتها جائزة؛ كَما قالت عائشَة -رضي الله عنها- للمرأة التي خَرَجَت في إزارٍ وهي ناهِد: «إنها لم تَحِض، ولا بَدا بَعض الحَيض».

____ (1) سقط هنا ذكر قتادة، وهو شيخ سعيد في هذا الحديث.

باب: من ظهر بعض جسده في الصلاة

والتَّسَتُّر على كل حالٍ لِلجاريَة التي قَد بَلَغَت سَبعًا أحبُّ إلَينا؛ لِمَا أُمِرَت بِالصَّلاة، فإذا بَلَغَت الجاريَة سَبعًا؛ تَخَمَّرَت في الصَّلاة، وجَهدَت في التَّسَتُّر جُهدَها كَالكَبيرة، فإن لم تَفعل؛ فصَلاتها جائزة -إن شاء الله-. ولا تَدَع ذلك على حالٍ إذا بَلَغَت تِسعًا، وتَغتَسِل من الجَنابَة إذا جومِعَت؛ لِمَا بَنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بِعائشَة وهي بِنت تِسع». 1289 - حدثنا إسحاق، قال: أبنا زكريا بن عدي، عن أبي المليح، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن عائشَة -رضي الله عنها-، قالت: «إذا بَلَغَت الجاريَة تِسعًا فهي امرأة». باب: مَنْ ظَهَرَ بَعضُ جَسَدِه في الصَّلاة • وقيل لأحمَد -رحمه الله-: الرجل يُصَلِّي، فيَظهَر بَعضُ جَسَدِه؟ فلم يَرَ عَلَيه إعادَة، وكذلك إن كان عَلَيه قَميصٌ واحِد، فلَم يَزُرَّه؛ لم يُعِد الصَّلاة، وذَكَرَ حَديثًا يُروى عن بَعضهم، أنه قال: «غَطُّوا عَنَّا استَ إمامِكم». وقيل: حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لِلنِّساء: «لا تَرفَعنَ رُؤوسَكُنَّ حتى يَرفَع الرجال، وذلك من ضيق أُزُرِهم»؟ قال: «نَعم، ولكن هذا لَيسَ فيه تِبيان». قلت: الرجل والمرأة في هذا سَواء؛ في الأزرار (1)؟ فكأنَّه ذَهَبَ إلَيه، ولكن المرأة يَنبَغي أن يَكون عَلَيها خِمار.

____ (1) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "الإزار".

باب: القوم يخرجون من البحر عراة

• وسألت إسحاق، قلت: امرأةٌ صَلَّت وهي مَكشوفَة الرأس؟ قال: «إذا تَعَمَّدَت فإنها تُعيدُ الصَّلاة». • وسألت إسحاق -أيضًا-، قلت: فإنها صَلَّت وقد بَدا مِن جَسَدِها شَيء؛ يَدٌ أو رِجلٌ أو فَخِذ؟ قال: «كُلَّما لم تَتَعَمَّد لِذلك؛ فإنه جائز». قلت: فإن تَعَمَّدَت؟ قال: «تُعيدُ الصَّلاة؛ شَديدًا، وتَتوب إلى الله». 1290 - حدثنا أبو الأزهَر، قال: ثنا يَزيد بن هارون، عن عاصم، عن عَمرو بن سَلِمَة (1)، قال: لَمَّا رَجَعَ قَومي من عِند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قالوا: إنه قال لَنا: «لِيؤمَّكم أكثَرُكم قِراءةً لِلقرآن». قال: فدَعَوني، فعَلَّموني الركوع والسُّجود، فكُنت أُصَلِّي بِهم وأنا غلامٌ عَلَيَّ بُردَةٌ مَفتوقَة، فكانوا يقولون لأبي: «ألا تُغَطِّي عنا استَ ابنِك؟». باب: القَوم يَخرُجُون مِن البَحر عُراةً • قيل لأحمد: القَوم يَخرُجون من البَحر عُراةً؛ كَيفَ يُصَلُّون؟ قالوا (2): «جُلوسًا بِإمام». قلت: يَقوم الإمام وَسطَهم؟ قال: «نَعم، يَقوم الإمام وَسطَهم؛ لا يَتَقَدَّمُهم، يومئون إيماءً». 1291 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا الوَليد بن مُسلِم، عن الأوزاعي، عن أبي بكر، قال: حدثني مُجاهد بن جبر، أن عُمَر بن عبد العَزيز سَأله عن قَومٍ انكَسَرَت -[589]- بِهم سَفينَتهم، فخَرَجوا عُراة؛ كَيفَ يُصَلُّون؟ فقلت: يُصَلُّون صَفًّا واحِدًا، وإمامُهم مَيسَرَتهم، ويَستُر كُلُّ رَجلٍ مِنهم بِيَدِه اليُسرى على فَرجِه؛ من غَير أن يَمَسَّ الفَرج.

____ (1) قوله: "سلمة"، ضُبِط في المطبوع بفتح اللام، والمُثبت من تصويب المحقق على ما في المطبوع. (2) كذا في الأصل، والصواب: "قال".

باب: الصلاة في الدواج

1292 - قال الأوزاعي: «وبَلَغَني أنهم يَكونون صَفًّا واحِدًا جُلوسًا، وإمامهم وَسطَهم، يومئون إيماءً. وأحبُّ إليَّ: أن يُصَلُّوا فُرادى جُلوسًا، وإن كان مَعَهم ثَوبٌ واحِد؛ صَلَّوا فيه واحِدًا وحِدًا؛ ما حَمَلَهم الوَقت». باب: الصَّلاة في الدوَّاج • وسُئل أحمَد بن حَنبل عن الصَّلاة في الدوَّاج؟ قال: «وما بَأسُه؟». قيل: إنه ذُكر عن ابن مبارَك ووَكيع أنهما كَرِهاه. ورَخَّصَ فيه، وقال: «ما أنفَعَه مِن ثَوب». 1293 - حدثنا عَمرو بن عُثمان، قال: ثنا أبي، قال: ثنا محمد بن مهاجر، قال: وحدثني أخي عبد العَظيم، قال: «رأيت على عَطاء الخراساني في بَيت المقدِس دواجَ ثَعالِب». 1294 - حدثنا عَمرو، ثنا بَقيَّة، عن صفوان، قال: «رأيت على خالِد بن معدان دوَّاجَ مَلاحِف، بِطانَته أَنبِجَانيّ». 1295 - حدثنا ابن أبي حَزم، قال: ثنا البرساني، قال: أبنا ابن جُرَيج، قال: سُئل عَطاء وأنا أسمَع عن القباء يُصَلِّي فيه المرءُ وَحدَه؟ قال: «إن القباء مَفروج، ولا (1) -[590]- ذاك صَلَّى فيه وَحدَه، ولكن لِيأتَزِر عَلَيه إزار (2) تَحتَه».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "ولولا". (1) كذا في الأصل، والوجه: "إزارا".

باب: من سدل ثوبه في الصلاة

باب: مَنْ سَدَلَ ثوبَه في الصَّلاة • وسُئل أحمَد عن السَّدل في الصَّلاة؟ فكَرِهَه، وقال: «يَضُمُّ ثَوبَه». قيل: فالرجل يَستَرخي ثَوبُه في الصَّلاة؛ يَلتَحِف بِه ويَتَعاهَده وهو في الصَّلاة؟ قال: «نَعم». 1296 - حدثنا أحمَد، قال: ثنا مَنصور بن وردان، قال: ثنا أبان بن تغلب أبو المُغيرَة، عن الأوزاعي، قال: «رأيت مَكحُولًا يَسدِل في الصَّلاة». باب: الصَّلاة في المِندِيل وغَيرِه لَهُ أعلام • سألت إسحاق عن الصَّلاة في المِنديل، وأورَيته (1) مِنديلًا لَه أعلامٌ خُضر، وخُطوط؟ قال: «جائز». 1297 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا ابن سنان الهروي، قال: ثنا ابن مبارَك، عن جَرير بن حازم، قال: «رأيت على الحسَن طَيلسانًا كُرديًّا حَسَنًا، وخَميصَةً أصبَهانيَّةً جَيِّدَةً ذاتَ أعلامٍ خُضرٍ وحُمر؛ أُراها من إبريسم، وكان يَرتَدي بِبُردٍ لَه يَمانيٍّ أسوَدَ مُصَلَّب، وبُردٍ عَدَنيّ، وقباء من بُردٍ حَبرة وسَراويلِها، وخُفَّين، وعمامَةٍ سَوداء، ويَلبَس في بَيتِه قَطيفَةً بَيضاء وبَتًّا، ولم أدخُل دارَه قَطُّ إلا رأيت قِدرًا تَفور لَحمًا». 1298 - حدثنا بِشر بن مُعاذ، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، عن أيوب، قال: «صَلَّى بِنا سالم -[591]- ابن عبد الله صَلاةَ المغرِب، عَلَيه جُبَّة، قَد اتَّزَر فَوقَ الجُبَّة».

____ (1) (كذا في الأصل، والصواب: وأريته). تنبيه: ما بين القوسين مما أضافه المحقق على ما في المطبوع.

باب: الزوال وتقديره

1299 - حدثنا سَعيد بن عنبسة الضبي، قال: ثنا حجاج بن محمد، عن جهير بن يَزيد، قال: سُئل محمد بن سيرين وأنا أسمَع عن الرجل يأتَزِر على قَميصه، فيُصَلِّي؟ قال: «لا بأس». قيل: فالمرأة؟ قال: «(1) المرأة؛ فَلا». باب: الزَّوَال وتَقديره • سألت أحمَد بن حَنبل، قلت: الزَّوال يُستَقصَى؟ قال: «إنما هو تَقدير». • وسمعت أحمَد -مرةً أخرى- يقول: «الزَّوال في الدُّنيا كُلِّها واحِد». قيل له: فإنه يَتَغَيَّر في البُلدان؟ فأنكَرَ ذلك إنكارًا شَديدًا، وذَهَبَ إلى أنه كَلام المنَجِّمين. وقال: «أوَّل وَقت الظُّهر: إذا زالَت الشَّمس، وآخِر وَقتها: إذا صار ظِلُّ كُلِّ شَيءٍ مِثلَه، وهو أوَّل وَقت العَصر، وآخِر وَقت العَصر: اصفِرار الشَّمس، ويُقال: إذا صار ظِلُّ كُلِّ شَيءٍ مِثلَيه». • وسمعت إسحاق يقول: «قَد صَحَّ الخَبَر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مَواقيت الصَّلاة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهر حين زالَت الشَّمس، وصَلَّى العَصر حين كان ظِلُّه مِثلَه من الزَّوال، وصَلَّى الظُّهر من الغَد حين كان ظِلُّه مِثلَه، وصَلَّى العَصر حين كان ظِلُّه مِثلَيه».

____ (1) في الحاشية: "لعله: أما"، يشير إلى احتمال سقطها.

1300 - حدثنا عَمرو بن عُثمان الحمصي، قال: ثنا أبو الحسَن الأنصاري، قال: قال لَنا أبو إسحاق الفَزاري: «خُذوا من يوسُف بن أسباط المقايَسَة لِلظُّهر والعَصر». 1301 - قال: فسمعت يوسُف بن أسباط يقول: «في أربَعَةٍ وعِشرينَ يَومًا من حزيران؛ تَنتَهي الشَّمس في الارتِفاع وفي الحوف عِندَ طُلوعها وعِندَ غُروبها، وأقصَر ما يكون الظِّل، فيَزول على قَدَمٍ ونِصف، وهو أوَّل وَقت الظُّهر، وأوَّل وَقت العَصر: على ثَمانيَةِ أقدامٍ ونِصف؛ يَزيد سَبعَةَ أقدامٍ على قَدَمٍ ونِصف. وفي أربَعَةٍ وعِشرينَ يَومًا من تمُّوز؛ تَزول الشَّمس على ثَلاثَةِ أقدام، وهو أوَّل وَقت الظُّهر، وأوَّل وَقت العَصر: على عَشرَة أقدام؛ وذلك لأنها تَزيد في كُلِّ شَهرٍ قَدَمًا ونِصفًا عِندَ الزَّوال، وتَزيد سَبعَةَ أقدامٍ لِأوَّل وَقت العَصر. وفي آب؛ تَزول على أربَعَةِ أقدام ونِصف، وتَزيد سَبعَة أقدام لِوَقت العَصر. وفي أيلول؛ تَزول على سِتَّةِ أقدام، وتَزيد عَلَيها سَبعَةَ أقدامٍ لِأوَّل وَقت العَصر. وفي تشرين الآخِر؛ تَزول على تِسعَةِ أقدام، وتَزيد سَبعَةَ أقدامٍ لِأوَّل وَقت العَصر. وفي كانون الأوَّل؛ تَزول على عَشرَةِ أقدامٍ ونِصف، وأوَّل وَقت العَصر: لِسَبعَةَ عَشَرَ قَدَمًا ونِصف، وهو مُنتَهى طول الظِّلِّ وانحِدار الشَّمس إلى القِبلَة، ثم تَرجِع الشَّمس، ويَقصُر الظِّلُّ على قَدرِ ما زاد في كُلِّ شَهرٍ قَدَم ونصف (1) سِتَّةَ أشهُر -أيضًا- الباقيَة». 1302 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد، قال: ذَكَرت لأبي عَمرو وَقت -[593]- الظُّهر؟ فقال: «كان مؤذِّن عُمَر بن عبد العَزيز يُؤذِّن لِلظُّهر لِسِتِّ ساعاتٍ مَضَينَ من النَّهار، وذلك حين تَدخُل السَّاعَة السابِعَة، ثم يَنظُر، فإذا دَخَلَت السَّاعَة الثامِنَة؛ أمَرَ بِالصَّلاة فأُقيمَت».

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "قَدَماً ونِصفاً".

قلت لأبي عَمرو: فمَتى وَقت العَصر؟ قال: «كان مؤذِّن عُمَر بن عبد العَزيز يُؤذِّن لِلعَصر إذا دَخَلَت الساعَة العاشرَة، ثم يأمُر بِالصَّلاة فتُقام»، فقال أبو عَمرو: «ذلك لِثَلاثِ ساعاتٍ يَبقَين من النَّهار، وهو رُبع النَّهار الآخِر». 1303 - حدثنا محمد بن الوَزير، ثنا الوَليد بن مُسلِم، قال: أخبرني مالك، عن يَزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن رافع -مولى أم سَلَمَة-، عن أبي هُرَيرَة -رضي الله عنه-، قال: «صَلِّ العَصر إذا كان ظل (1) مِثلك وزيادَة ثَلاثَةِ أقدام، إلى أن يَكون ظِلُّك مِثلَيك». 1304 - حدثنا محمد بن الوَزير، قال: ثنا الوَليد، قال: أخبرني علي بن حوشب، أنه سمع مَكحُولًا يقول: «صَلِّ العَصر إذا كان ظِلُّك مِثلَك وزيادَة ثَلاثَةِ أقدام، إلى أن يَكون ظِلُّك مِثلَيك». 1305 - حدثنا القاسِم بن محمد بن منير (2)، قال: ثنا الحسين بن علي بن الأسود الكوفي، قال: ثنا يَحيى بن آدم بن مبارَك (3)، عن سُفيان، قال: «أقَلُّ ما تَزول عَلَيه الشَّمس: قَدَم، وأكثَر ما تَزول: تِسعَةُ أقدام».

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "ظِلُّك". (2) في الأصل مهملة، ولعل صوابه: "القاسم بن يحيى بن نصر". (3) كذا في الأصل، ويحتمل أن الصواب: "يحيى بن آدم وابن مبارك".

قال يَحيى بن آدم: «وفي تِسعَةَ عَشَرَ يَومًا من أيلول يَستَوي الليلُ والنَّهار، وتَزول الشَّمس فيه على ثَلاثَة أقدام، ثم في كُلِّ أربَعَةَ عَشَرَ يَومًا يَزيد قَدمٌ، إلى تِسعَةَ عَشَرَ يَومًا من كانون الأوَّل؛ فإن الشَّمس تَزول يَومَئذٍ على تِسعَةِ أقدامٍ ونِصف، ثم تَنقُص الأقدام؛ يَنقُص في كُلِّ أربَعَةَ عَشَرَ يَومًا قَدَمٌ، إلى تِسعَةَ عَشَرَ يَومًا من آذار، فتَزول الشَّمس يَومَئذٍ على ثَلاثَةِ أقدام، ثم يَنقُص الظِّلُّ في كُلِّ سَبعَةٍ وثَلاثينَ يَومًا إلى تِسعَةَ عَشَرَ يَومًا من حزيران، فتَزول الشَّمس على نِصف قَدَم، ثم يَزيد الظِّلُّ في كُلِّ سِتَّةٍ وثَلاثينَ يَومًا قدم (1)، إلى تِسعَةَ عَشَرَ يَومًا من أيلول، فيَستَوي الليل والنَّهار يَومَئذٍ، وتَزول الشَّمس يَومَئذٍ على ثَلاثَةِ أقدام». • قلت لأحمد: الرجل يَتَعَلَّم مَنازِل القَمَر؟ فلم يَرَ بِهِ بأسًا. قلت: إنهم نَظَروا إلى كَواكِبَ مُجتَمِعَة، فشَبَّهوها بِالبَهائم ونَحوِ ذلك، مِثل: الحَمَل والثَّور؟ قال: «كَذلك كانَت العَرَب»، ولم يَرَ بِهِ بأسًا؛ أن يَقول الرجل: «مَضى من الليل كَذا، وبَقي كَذا». • وسألت إسحاق عن الرجل يَتَعَلَّم مَنازِل القَمَر؟ قال: «أرجو ألَّا يَكون بِهِ بأس». قلت: فإن تَعَلَّمَ أسماءَ النُّجوم التي يُهتَدَى بِها، مثل: العَيُّوق، والنَّسر، والجَدي، والفَرقَدَين، ونَحو ذلك؟ قال: «ما كان منها يُهتَدَى بِه؛ فلا بأس». 1306 - حدثنا عُبَيدالله بن مُعاذ، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أبو عَوانَة، عن ليث، عن مُجاهد، أنه لم يَكُن يَرى بأسًا أن يَتَعَلَّم الرجلُ مَنازِلَ القَمَر.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "قَدَمًا".

1307 - حدثنا عُبَيدالله، قال: ثنا أبي، قال: ثنا أبو عَوانَة، عن مَنصور، عن إبراهيم، أنه لم يَكُن يَرى بأسًا أن يَتَعَلَّم الرجل من النُّجوم ما يهتَدي بِه. 1308 - حدثنا أبو معن، قال: ثنا يَزيد بن هارون، قال: أبنا مسعر، عن محمد بن عُبَيدالله، قال: قال عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «تَعَلَّموا من النُّجوم ما تَعرِفون بِهِ القِبلَةَ والطَّريق». 1309 - حدثنا بِشر بن مُعاذ، قال: ثنا حَمَّاد بن زَيد، عن أيوب، عن نعيم بن أبي هند، قال: قال عُمَر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «تَعَلَّموا من النُّجوم ما تَهتَدون بِها في بَرِّكم وبَحرِكم، ثم أمسِكوا». 1310 - حدثنا إسحاق، قال: ثنا مُعتَمِر بن سُلَيمان، قال: ثنا أبو عَوانَة، عن قَتادَة، أنه كَرِهَ أن يَتَعَلَّم الرجلُ مَنازِلَ القَمَر. 1311 - سمعت موسَى بن المُساوِر -من أهل أصبهان؛ موسَى من المُطَوِّعَة- يَذكُر عن ابن عُيَينَة أنه لم يُرَخِّص في تَعليم مَنازِل القَمَر. 1312 - حدثنا السري بن محمد أبو صالِح، قال: ثنا الهيثم بن جميل، عن محمد بن مُسلِم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوُس، قال: «رُبَّ ناظِرٍ في النُّجوم، ومُتَعَلِّمٍ حروف أبي جاد؛ لَيسَ لَه عِندَ الله خَلاق».

1313 - حدثنا هِشام بن عمار، قال: ثنا عُثمان بن علاق، قال: ثنا الربيع بن لوط بن البراء بن عازب، قال: «إن خَيرَ ما أُسِّسَ عَلَيه البِناء، ونُكِحَ عَلَيه بَنات النِّساء، وحُفِرَت عَلَيه الآبار، ووُسِمَت عَلَيه الإبل: حين يَعلَق بِالدَّلو»، يعني: القَمَر إذا كان بِالدَّلو. • ورأيت أبا بكر الحُمَيدي مِن أبصَرِ الناس بِالنُّجوم ومَنازِل القَمَر. o قال أبو محمد حَرب بن إسماعيل: «ناظَرتُ بِمَكَّة أهلَ العِلم بِالزَّوال، ومَنْ نَعرِف مِمَّن وَثِقتُ بِهم مِن أهل البَصَر بِذلك من أصحاب الحَديث، ولم أجِد قَومًا أعلَمَ بِذلك من أهل مَكَّة، ففَسرت من ذلك ما رَجَوت أن يكون فيه الصَّواب -إن شاء الله تَعالى-، وباللهِ التَّوفيق: اعلَم أن الزَّوال لا يَستَقصيه أحَدٌ أبَدًا، إنما هو مُقاربةٌ وتَقدير وتَحَرّي (1). تَزول الشَّمس أشتاد روز من أردِبهشت ماه، وهو يوم تِسعَةَ عَشَر من حزيران، ويَومَئذٍ يَنتَهي طول النَّهار، فيَكون النَّهار خَمسَةَ عَشَر ساعَة، والليل تِسعَة ساعات (2)، ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في السَّرَطان، وهو أوَّل الخَريف؛ على نِصف قَدَمٍ أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله تَعالى-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: سَبعَة أقدامٍ ونِصف، أو نَحو ذلك -إن شاء الله-.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "وتَحَرٍّ". (2) كذا في الأصل، والوجه: "خَمسَ عشرة ساعة .... تِسع ساعات".

ثم تَزيد كُلَّ قوم (1) قَليلًا حتى يَكون يَوم أشتاد روز من هرنان ماه -يعني: آدارا ناه-، وهو يَوم تِسعَةَ عَشَر من تموز، والنَّهار يَومَئذٍ أربَعَةَ عَشَر ساعَة (2)، والليل عَشر ساعات، وتَدخُل الشَّمس في الأسَد يَومَئذٍ على قَدَمٍ إلا شيء (3)، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: ثَمانيَة أقدام إلا شيء، أو نَحو ذلك -إن شاء الله-. ثم تَزيد كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون يَوم آسمان روز من تير ماه، وهو يَوم تِسعَةَ عَشَر من آب، والنَّهار يَومَئذٍ ثَلاثَةَ عَشَر ساعَة، والليل أحد عَشَر ساعَة (4)، ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في السُّنبُلَة، ثم تَزول يَومَئذٍ على قَدَمَين إلا سُدُس (5)، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: تِسعَة أقدام إلا شيء، أو نَحو ذلك -إن شاء الله-. ثم تَزيد كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون رامياد روز من امرداد ماه، وهو يَوم تِسعَةَ عَشَر من أيلول، والنَّهار يَومَئذٍ ثِنتا عَشرَةَ ساعَة، والليل ثِنتا عَشرَة ساعَة؛ يَستَويان، -[598]- ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في الميزان، ويَنقَضي الخَريف، ويَدخُل أوَّل الشِّتاء، ثم تَزول يَومَئذٍ على ثَلاثَةِ أقدامٍ وثُلُث، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: عَشرَة أقدامٍ وثُلُث، أو نَحو ذلك -إن شاء الله-.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب: "يَومٍ". (2) كذا في الأصل، والوجه: "أربعَ عشرة ساعة". (3) كذا في الأصل، والوجه: "شيئا". (4) كذا في الأصل، والوجه: "ثلاث عشرة ... ، إحدى عشرة ساعة". (5) كذا في الأصل، والوجه: "سُدُسًا".

ثم تَزيد كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون يَوم رامياد روز من شهر يُرماه، وهو يَوم تِسعَة عَشَر [يَومًا] (1) من تِشرين الأوَّل، والنَّهار يَومَئذٍ أحَدَ عَشَر ساعَة، والليل ثَلاثَة عَشَرَ ساعة (2)، ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في العَقرَب، ثم تَزول يَومَئذٍ على خَمسَة أقدام، أو أقَلَّ أو أكثَر، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: اثنا عَشَر قَدَمًا، أو نَحو ذلك -إن شاء الله تَعالى-. ثم تَزيد كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون يَوم مهر اسفند روز من مهر ماه، وهو يَوم تِسعَةَ عَشَر من تِشرين الآخِر، والنَّهار يَومَئذٍ عَشر ساعات، والليل أربَعَة عَشَر ساعَة (3)، ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في القَوس، ثم تَزول يَومَئذٍ على سَبعَة أقدام، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله تَعالى-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: أربَعَةَ عَشَرَ قَدَمًا، أو نَحو ذلك -إن شاء الله-.

____ (1) كذا في الأصل، والصواب حذف "يوما". (2) كذا في الأصل، والوجه: "إحدى عَشرَة ... ، ثلاث عشرة ساعة". (3) كذا في الأصل، والوجه: "أربع عشرة ساعة".

ثم تَزيد كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون يَوم مهر سفند روز من آبان ماه، وهو يَوم تِسعَةَ عَشَر من كانون الأوَّل، والنَّهار يَومَئذٍ تِسع ساعات، والليل خَمسَ عَشرَةَ ساعَة، ويَومَئذٍ يَنتَهي طول الليل، وتَدخُل الشَّمس في الجَدي، و (1) الشِّتاء، ويَدخُل أوَّل الرَّبيع، ثم تَزول يَومَئذٍ على ثَمانيَة أقدام، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: خَمسَةَ عَشَرَ قَدَمًا، أو نَحو ذلك -إن شاء الله تَعالى-. ثم تَنقُص كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون يَوم أرد روز من آذر ماه، وهو يَوم تِسعَةَ عَشَر من كانون الآخِر، والنَّهار يَومَئذٍ عَشر ساعات، والليل أربَعَة عَشَر ساعَة (2)، ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في الدَّلو، ثم تَزول يَومَئذٍ على سَبعَةِ أقدام، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: أربَعَةَ عَشَرَ قَدَمًا، و (3) نَحو ذلك -إن شاء الله-. ثم تَنقُص كُلَّ يَومٍ شيئًا شتاد روز من دي ماه، وهو يَومُ تِسعَةَ عَشَر من شباط، -[600]- والنَّهار يَومَئذٍ أحَدَ عَشَر ساعَة، والليل ثَلاثَة عَشَر ساعَة (4)، ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في الحُوت، ثم تَزول يَومَئذٍ على خَمسَةِ أقدام، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: اثنا عَشَرَ قَدَمًا، أو نَحو ذلك -إن شاء الله-.

____ (1) لعله سقط هنا: "ويَنقَضي". (2) كذا في الأصل، والوجه: "أربعَ عشرة ساعة". (3) كذا في الأصل، ولعل الصواب: "أو". (4) كذا في الأصل، والوجه: "إحدى عشرة ... ، ثلاثَ عشرة ساعة".

ثم تَنقُص كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون يَوم ديبر روز من بهمن ماه، وهو يَوم تِسعَةَ عَشَر من آذار، والنَّهار يَومَئذٍ ثِنتا عَشرَةَ ساعَة، والليل ثِنتا عَشرَةَ ساعَة؛ يَستَويان، ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في الحَمل، ويَنقَضي الرَّبيع، ويَدخُل أوَّل الصَّيف، ويَستَوي الليل والنَّهار، ثم تَزول يَومَئذٍ على ثَلاثَة أقدام وثُلُث، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: عَشرَة أقدام وثُلُث، أو نَحو ذلك -إن شاء الله-. ثم تَنقُص كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون يَوم أرد روز من اسفندار مر ماه، وهو يَوم تِسعَةَ عَشَر من نيسان، والنَّهار يَومَئذٍ ثَلاثَةَ عَشَر ساعَة (1)، والليل إحدى عَشرَة ساعَة، ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في الثَّور، ثم تَزول يَومَئذٍ على قَدَمَين إلا سُدُس، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-. ثم تَنقُص كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون يَوم أرد روز من فروردين ماه، وهو يَوم -[601]- تِسعَةَ عَشَر من أيار، والنَّهار يَومَئذٍ أربَعَة عَشَر ساعة (2)، والليل عَشر ساعات، ويَومَئذٍ تَدخُل الشَّمس في الجَوزاء، ثم تَزول يَومَئذٍ على قَدَم إلا شَيء (3)، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ: ثمانيَة أقدام إلا شيء (3)، أو نَحو ذلك -إن شاء الله-.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "سُدُسًا". (2) كذا في الأصل، والوجه: "أربعَ عشرة ساعة". (3) كذا في الأصل، والوجه: "شيئا".

باب: معرفة الكواكب التي تدل على استواء القبلة في البلدان

ثم تَنقُص كُلَّ يَومٍ شَيئًا حتى يَكون يَوم أشتاد روز من أردِبهشت ماه، وهو يَوم تِسعَةَ عَشَر من حزيران، ويَومَئذٍ يَنتَهي طول النَّهار، فيَكون النَّهار خَمَسة عَشَر ساعَة (1)، والليل تِسع ساعات، وتَدخُل الشَّمس في السَّرَطان، ويَنقَضي الصَّيف، ويَدخُل أوَّل الخَريف، ثم تَزول يَومَئذٍ على نِصفِ قَدَم، أو أقَلَّ أو أكثَر -إن شاء الله-، وأوَّل وَقت العَصر يَومَئذٍ سَبعَة أقدام ونِصف، أو نَحو ذلك -إن شاء الله تَعالى-. فهذا ما ناظَرتُ فيه المكِّيِّينَ وسمعت مِنهم في الزَّوال سَنَةَ إحدى أو ثِنتَين أو ثَلاثٍ وعِشرين ومائتَين، أو ماشاء الله من ذلك». باب: مَعرِفَة الكَواكِب التي تَدُلُّ عَلى استِواء القِبلَة في البُلدان o قال أبو محمد حرب بن إسماعيل: «قال الله -تَعالى- لِنَبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام -[602]- وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره}، فالكَعبة الحرام قِبلَة أهل الإسلام حَيثُما كانوا من الدُّنيا، فأما وَجه الكَعبَة، والباب، وما بَينَ الحَجَر الأسوَد والرُّكن الشامي الذي عن يَمينك إذا استَقبَلت بابَ البَيت؛ فقِبلَةُ أهل البَصرَة وما والاها، وأهل الأهواز وكُورها، وأهل فارس، وأهل كِرمان، وأهل قَهستان، وأهل خُراسان.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "خمسَ عشرة ساعة".

وأما الكَواكِب والنُّجوم التي يَستَدِلُّ بِها أهل هذه المواضِع على القِبلَة، ويَعرِفون بِها قِبلَتهم، ويَنبَغي لَهم أن يَتَحَرَّوا بِصلاتهم إذا صَلَّوا، وتُبنى مَساجِدُهم إذا بَنَوها، ويأتَمُّوا بها: فكَواكِب مُجتَمِعَةٌ مُضيئةٌ أمام العَقرب؛ ثَمانيَةٌ على صورَة الفَرَس؛ تَغيب في القِبلَة خَلفَ الكَعبَة. وكَوكَبٌ مُضيءٌ مَعروف، يُسَمَّى: القَلب؛ يغيب في القِبلَة سَواءً بَينَ عَينَيك إذا استَقبَلت وَجهَ الكَعبَة، وكذلك الشولَة تَتَغَيَّب في القِبلَة. وثمانيَة كَواكِب يُقال لَها: النعائم؛ تَغيب في القِبلَة خَلفَ الكَعبَة. وكَوكَبين أبيَضَين صَغيرَين (1) بَينَهما قَدرُ ذِراعٍ رأيَ العَين، عَن يَسَار سَعد السُّعود؛ يَغيبان في القِبلَة. وكَواكِبَةٌ مُتَفَرِّقَةٌ حَفنات؛ ثَلاثَةً ثَلاثَة، وأربَعَةً أربَعَةً عن يَسَار سَعد الأخبية؛ تَغيب في القِبلَة.

____ (1) كذا في الأصل، والوجه: "وكوكبان أبيضان صغيران".

وكَوكَبٌ مُضيءٌ مَعروفٌ أسفَلَ من الجَوزاء، يُسَمَّى: الشِّعرى؛ يَغيب في القِبلَة، إلا أنه يَتَيامَنُ قَليلًا. وأسفَلَ من الشِّعرى كَواكِب مُضيئةٌ ثَمانيَةٌ تَغيب في القِبلَة. وأما سُهَيل؛ فإنه يَطلُع عن يَسَارك إذا استَقبَلت باب الكَعبَة. وأما الشَّمس؛ فإنها تَغيب في أيام مهر ماه، وآبان ماه، وعِشرين يَومًا من آذر ماه؛ في القِبلَة؛ تَتَيامَن وتَتَياسَر، ثم تَرجِع إلى ذات اليَمين. وأبيَنُ كَوكَبٍ في السَّماء لِمَعرِفَة قِبلَة هذه الكُور التي سَمَّيتها: كَوكَبٌ أبيَض مُضيءٌ يُقال لَه: العَيُّوق، وهو رَقيب الثُّريَّا؛ يَطلُع خَلفَ قَفاك سَواءً إذا استَقبَلت القِبلَة؛ لا أشُكُّ في ذلك، ويَنبَغي لأهل هذه المواضِع أن يَقتَدوا بِهِ في قِبلَتِهم إذا اشتَبهَ عَلَيهم، ويَجعَلونَه خَلفَ أقفائهم إذا طَلَع؛ فإنهم على القِبلَة -إن شاء الله تَعالى-. وبَعدَ العَيُّوق ثَلاثَةُ كَواكِب مُتَفَرِّقَةٌ يُقال لَها: الأعلام؛ تَطلُع خَلفَ قَفاك إذا استَقبَلتَ البَيت. وكَواكِب تَطلُع قَبلَ العَيُّوق مُضيئةٌ مُجتَمِعَةٌ يُقال لَها: الكَفُّ الخَضيب؛ خَلفَ قَفاك، إلا أنه قَليلٌ على مَنكِبِك الأيسَر. وأسفَلَ من العَيُّوق كَواكِب تُسَمَّى: النَّاقَة؛ تَطلُع من مَطلَع العَيُّوق. وبَعدَ العَيُّوق كَواكِب خَفِيَّة ولَطخَةٌ تُسَمَّى: المعصم، وبَعدَها: السَّاعِدَين، ثم: المِرفَق، ثم: العَضُد، ثم: المنكِب، ثم: العاتِق؛ هذه الكَواكِب تَطلُع قَريبًا من مَطلَع العَيُّوق، وخَلفَ قَفاك وأنت مُستَقبِلَ الكَعبَة.

وكَوكَبٌ مُضيءٌ بَينَ السُّنبُلَة وبَنات نَعش؛ يَطلُع من مَطلَع العَيُّوق. وإذا استَقَلَّ النّسر الواقِع شَيئًا عن مَطلَعِه، فجَعَلتَه في قَفاك؛ فأنت على القِبلَة؛ مُستَقبِل البَيت، وإذا كان النّسران: النّسر الطائر، والنّسر الواقِع؛ إن تَصَيَّرا في كَبِد السَّماء؛ فقِبلَة هذا الكور بَينَهما، ثم يَميلان ذاتَ اليَمين إلى المغرِب. قَد جَرَّبت ذلك وتبحَّرتُه وعَرَفته ونَظَرت إلى ذلك وتَعاهَدته بِمَكَّة وغَيرها، والله الموَفِّق. وأمَّا قِبلَة الكوفَة وما والاها؛ فقَريبٌ من قِبلَة البَصرة، ولكنَّهم يَجعَلون الجَدي خَلفَ أقفائهم، ويَتَحَرَّون وَجهَ الكَعبَة. وأما قِبلَة أهل المدينَة؛ فالميزَاب والحجر. وأما قِبلَة أهل الشَّام؛ فما بَينَ الميزَاب والرُّكن الشامي الذي عن يَمينك إذا استَقبَلت باب الكَعبَة. وأما قِبلَة أهل مِصر وما والاها مِمَّا يَلي المغرِب؛ فما بَينَ الميزاب والرُّكن الغَربي. وأما قِبلَة أهل اليَمَن؛ فما بين الحَجَر الأسوَد والرُّكن اليَماني، ويَجعَلون سُهَيلًا في أقفائهم إذا طَلَع. وأما قِبلَة مَنْ بَينَ المغرِبَين؛ مَغرِب الشِّتاء ومَغرِب الصَّيف؛ فالركن الغَربي. وأما قِبلَة مَنْ بَينَ المشرِقَين؛ مَشرِق الشِّتاء ومَشرِق الصَّيف؛ فالحَجَر الأسوَد. وأما دُبُر الكَعبَة، وما بَينَ الرُّكن الغَربي والرُّكن اليَماني؛ فإن وَراء ذلك: البَحر -[605]- وبِلاد السُّودان، فإن كان هُنالك أحَدٌ من الأعراب والسُّودان وغَيرهم؛ فهو قِبلَتهم».

وأما الجَزيرَة والعَواصِم وبَعض أهل الشَّام والقُرى التي على الفُرات؛ فإنهم يَجعَلون الجَدي في أقفائهم إذا صَلَّوا، وكَذلك أهل أرمينية وما والاها من الكُور؛ فإنهم يَقتَدون في قِبلَتهم بِالجَدي؛ يَجعَلونَه خَلفَ أقفائهم. وكُلُّ مَسجِدٍ في بَلَدِنا بِكِرمان؛ إذا قُمت فيه لِصَلاةٍ أو لِغَير صَلاة؛ فانظُر؛ فإن كان قَلب العَقرب بَينَ عَينَيك سواءً إذا غاب، أو العَيُّوق خَلفَ قَفاك سَواءً إذا طَلَع؛ فأنت على القِبلَة؛ مُستَقبِلٌ وَجهَ الكَعبَة، وإن لم يَكُن القَلب بَينَ عَينَيك إذا غاب، أو العَيُّوق خَلفَ قَفاك إذا طَلَع؛ فأنت على غَير القِبلَة، فانحَرِف ذاتَ اليَمين إلى القِبلة -إن أمكَن-، أو تُسَوَّى قِبلَة المسجِد بِهَدمٍ أو إصلاح؛ هذا في مَدينَتِنا بِكِرمان». تَمَّ الجزء الأول بِحَمد الله وعَونه ولا حَولَ ولا قُوَّةَ إلا بِالله العَليِّ العَظيم ويَتلوه -إن شاء الله تَعالى- في أوَّل الجُزء الثاني: باب: «مَواقيت الصَّلاة» وصَلَّى الله على سَيِّدنا محمدٍ النَّبي الأمِّي، وعلى آله وصَحبه وسَلَّم.

§1/1