مسائل (إذن)

أحمد بن محمد بن أحمد القرشي

مقدمة

مقدَّمة الْحَمد لله وَحده وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على من لَا نبيّ بعده. وَبعد؛ فقد كَانَ من جملَة مَا اعتنى بِهِ عُلَمَاء الْعَرَبيَّة دراسة النَّحْو الْعَرَبِيّ عَامَّة، وأدوات الْمعَانِي خَاصَّة، فقد تتبعوا أَحْوَال الأدوات ودرسوها من مُخْتَلف جوانبها: أَصْلهَا، عَملهَا، شُرُوط عَملهَا، إهمالها، زيادتها، حذفهَا، أقسامها، مَعَانِيهَا، لغاتها، اسميتها، حرفيتها، اتصالها بغَيْرهَا، بساطتها أَو تركيبها، …. وَقد سلك النحويون فِي دراستهم أدوات الْمعَانِي ثَلَاثَة مناهج: الْمنْهَج الأول: درس النُّحَاة الأدوات ضمن أَبْوَاب النَّحْو ومباحثه ومسائله، كأمثال سِيبَوَيْهٍ فِي "الْكتاب"، والمبرد فِي "المقتضب"، وَالْفراء فِي "مَعَاني الْقُرْآن"، وَابْن السراج فِي "الْأُصُول فِي النَّحْو"، والزّجاجيّ فِي "الجُمل"، والفارسيّ فِي "الْإِيضَاح العضدي، وَكتب الْمسَائِل"، وَابْن جنّى فِي "اللمع" والزمخشريّ فِي "المفصّل"، وَابْن الْحَاجِب فِي "الكافية"، وَابْن مَالك فِي "التسهيل" وَغَيرهم مِمَّن تنَاول الْكتب السَّابِقَة بالشرح. الْمنْهَج الثَّانِي: درس بعض النُّحَاة أدوات الْمعَانِي دراسة مُسْتَقلَّة، إذْ أفردوها بكتب متخصصة تتناولها بالدراسة وَالِاسْتِقْصَاء من مُخْتَلف جوانبها، من هَذِه المؤلفات: حُرُوف الْمعَانِي" للّزجاجيّ، و"مَعَاني الْحُرُوف" للرّماني، و"الأُزهيّة" للهرويّ، و"رصف المباني" للمالقيّ، و "الجنى الداني" للمراديّ، و"جَوَاهِر الْأَدَب" للإربلّيّ، و"مُغنِي اللبيب" لِابْنِ هِشَام الأنصاريّ، وَغَيرهَا. الْمنْهَج الثَّالِث: سلك بعض النُّحَاة مسلكاً آخر فِي دراسة أدوات الْمعَانِي،

هَذَا المسلك يتَمَثَّل فِي دراسة أداةٍ واحدةٍ، إذْ تُدْرَسُ من مُخْتَلف جوانبها، وممّن سلك هَذَا الْمنْهَج الزّجاجيّ فِي "كتاب اللامات"، وَأحمد بن فَارس فِي "مقَالَة كلاّ"، وَأَبُو جَعْفَر الطبريّ فِي "رِسَالَة كلاّ فِي الْكَلَام وَالْقُرْآن"، وَابْن هِشَام الأنصاريّ فِي رسَالَته "المباحث المَرْضِيّة الْمُتَعَلّقَة بمَنْ الشرطيّة" وَعُثْمَان النجديّ فِي رِسَالَة "أيّ الْمُشَدّدَة" وغَيرهم من النَّحْوِيين. لذَلِك أردْت أَن أقوم بدراسة "إِذَنْ" من مُخْتَلف جوانبها، وَالَّذِي شجعني لدراستها، أنّني كنت أَقرَأ (بَاب إِذَنْ) فِي كتاب (المقتضب) للمبرد (2/12) ، واستوقفني قَوْله: (فَهَذِهِ حَال "إذَنْ" إِلَى أَنْ نُفرِدَ بَابا لمسائلها إِن شَاءَ الله) ، علّق عضيمة على الْمَسْأَلَة بقوله: (لم يُفرد بَابا لمسائل "إِذَنْ"، وإنّما استعرض النواصب فِي الْجُزْء الرَّابِع) . عندئذ شمرت عَن ساعد الجدّ، وعقدت الْعَزْم على تتبع مسائلها فِي بطُون أمّات الْكتب النحوية، وَكتب أدوات الْمعَانِي، والمعاجم، وَالتَّفْسِير، وعلوم الْقُرْآن، والقراءات. وَبعد جمع الْمسَائِل، ودراستها، تمّ تقسيمها على ثَلَاث عشرَة مَسْأَلَة، يسبقها مقدمةٌ، ويتلوها الخاتمة، ثمَّ فهرس المصادر والمراجع، ثمَّ فهرس الموضوعات. وَقد جعلت هَذِه الدراسة بعنوان: (مسَائِل "إِذَنْ") . أمّا الْمسَائِل الَّتِي درستها فَهِيَ على النَّحْو التَّالِي: الْمَسْأَلَة الأولى: أصل "إِذَنْ". الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: عَملهَا. الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة: شُرُوط عمل "إِذَنْ".

المسألة الأولى: أصل "إذن"

الْمَسْأَلَة الأولى: أصل "إِذَنْ":1 اخْتلف النحويون فِي أصل (إِذَنْ) ، هَل هِيَ حرفٌ أَو اسمٌ؟ وَهل هِيَ بسيطةٌ أَو مركبةٌ؟ ذهب الْجُمْهُور إِلَى أنّها حرفٌ، وَذهب بعض الْكُوفِيّين إِلَى أنّها اسمُ ظرفٍ، وَأَصلهَا "إِذا" الظَّرْفِيَّة لحقها التَّنْوِين عوضا من الْجُمْلَة المحذوفة، إِذْ الأَصْل فِي (إِذَنْ أكرمَك) أَن تَقول: (إِذا جئتني أكرمُك) ، حُذف ماتضاف إِلَيْهِ "إِذا"، وعُوّض مِنْهُ التَّنْوِين كَمَا عَوّضوا فِي (حينئذٍ) ، وحُذفت الْألف لالتقاء الساكنين، ونُقلت إِلَى الجزائية فبقى فِيهَا معنى الرَّبْط وَالسَّبَب. وَذهب رضيّ الدّين إِلَى ماذهب إِلَيْهِ بعض الْكُوفِيّين، فَقَالَ: "الَّذِي يلوح لي فِي "إِذَنْ" ويغلب فِي ظنّي أنّ أَصله "إذْ" حذفت الْجُمْلَة الْمُضَاف إِلَيْهَا، وعُوّض مِنْهَا التَّنْوِين لمّا قُصد جعله صَالحا لجَمِيع الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة بَعْدَمَا كَانَ مُخْتَصًّا بالماضي، وَذَلِكَ أنّهم أَرَادوا الْإِشَارَة إِلَى زمَان فعلٍ مذكورٍ فقصدوا إِلَى لفظ "إذْ" الَّذِي هُوَ بِمَعْنى مُطلق الْوَقْت لخفة لَفظه، وجرّدوه عَن معنى الْمَاضِي وجعلوه صَالحا للأزمنة الثَّلَاثَة، وحذفوا مِنْهُ الْجُمْلَة الْمُضَاف هُوَ إِلَيْهَا، لأنّهم لمّا قصدُوا أَن يشيروا بِهِ إِلَى زمَان الْفِعْل الْمَذْكُور، دلّ ذَلِك الْفِعْل السَّابِق على الْجُمْلَة الْمُضَاف إِلَيْهَا، كَمَا يَقُول لَك شخصّ مثلا: "أَنا أزورك"، فَتَقول: "إِذَنْ أكرمَك"، أَي: "إذْ تزورني أكرمك"، أَي: وَقت زيارتك لي أكرمك،

_ 1 - ينظر نتائج الْفِكر 134، وَشرح التسهيل 4/20، وَشرح الكافية للرضي 2/235، 238، ورصف المباني 157، والارتشاف 4/1650، والجنى الداني 363، وتوضيح الْمَقَاصِد 4/190، وجواهر الْأَدَب 339، وَمُغْنِي اللبيب 15، والمساعد 3/74، وَالتَّصْرِيح 2/234، والهمع 2/6، والأشموني 3/290، والنحو الوافي 4/308.

وعُوّض التَّنْوِين من الْمُضَاف إِلَيْهِ؛ لأنّه وُضع فِي الأَصْل لَازم الْإِضَافَة، فَهُوَ كـ"كلٍّ وبعضٍ"، إلاّ أنّهما معربان و"إذْ" مبنيّ…"1. ويؤكد على اسميتها فِي أَكثر من موضعٍ بقوله: "وَإِذا جَازَ لَك إِضْمَار "أَنْ" بعد الْحُرُوف الَّتِي هِيَ: الْوَاو، وَالْفَاء، وأو، وَحَتَّى، فهلاّ جَازَ إضمارها بعد الِاسْم – يَعْنِي إِذَنْ - وإنّما لم يجز إِظْهَار "أَنْ" بعد "إِذَنْ" لاستبشاعهم للتلفظ بهَا بعْدهَا"2. وَقَالَ فِي موضعٍ آخر: "و"إِذَنْ" كنواصب الْفِعْل الَّتِي لَا يُفصل بَينهَا وَبَين الْفِعْل، إلاّ أنّ "إِذَنْ" لمّا كَانَ اسْما بِخِلَاف أخواته جَازَ أَن يُفصل بَينه وَبَين الْفِعْل" 3. بل إِنّه رجّح اسميتها بقوله: "وقَلْبُ نونها فِي الْوَقْف ألفا يُرجّح جَانب اسميّتها"4. وَاخْتلف النحويون أَيْضا فِي بساطتها وتركّبها، فَذهب الْجُمْهُور إِلَى أنّها بسيطة لامركبة من (إذْ وأنْ) أَو (إِذا وأنْ) . وَذهب الْخَلِيل فِي أحد أَقْوَاله فِيمَا حكى عَنهُ غير سِيبَوَيْهٍ إِلَى أنّها حرفٌ مركبٌ من "إذْ" و"أَنْ"، وغَلب عَلَيْهَا حكم الحرفية، ونُقلت حَرَكَة الْهمزَة إِلَى الذّال، ثمّ حُذفت والتُزم هَذَا النَّقْل. وَمِمَّنْ ذهب إِلَى هَذَا الرَّأْي بعض الْكُوفِيّين، وَابْن مَالك، فَقَالَ: "…

_ 1 - شرح الئكافية 2/235. 2 - شرح الكافية 2/237. 3 - شرح الكافية 2/237. 4 - شرح الكافية 2/238.

وَلَيْسَ فِي هَذَا نصٌّ على أنّ انتصاب الْمُضَارع بعد "إِذَنْ" عِنْد الْخَلِيل بـ"أَنْ" مضمرة، لجَوَاز أَن تكون مركبة مَعَ "إذْ" الَّتِي للتَّعْلِيل، و"أَنْ" محذوفا همزتها بعد النَّقْل، والقولُ بِهِ على ضعفه أقربُ من القَوْل بأنّ "إِذَنْ" غيرُ مركبة". ويؤكّد ابْن مَالك تركّبها بقوله: "والقولُ بأنّ "إِذَنْ" مركبةٌ من "إذْ" و"أَنْ" أسهلُ مِنْهُ" 1. وَذهب أَبُو عليّ الرُّنديّ تلميذ السهيليّ إِلَى أنّها مركبةٌ من "إِذا" و"أَنْ"، حُذفت همزَة "أَنْ"، ثمَّ حُذفت ألف "إِذا" لالتقاء الساكنين، ثمّ تُعطى مَا تُعطى كلّ وَاحِدَة مِنْهُمَا، فتعطى الرّبط كـ (إِذا) ، والنّصب كـ (أنْ) 2. وَقد ردّ المالقيّ على من زعم أنّ "إِذَنْ" مركبةٌ، بقوله: "وَهَذَا فاسدٌ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أنّ الأَصْل فِي الْحُرُوف البساطة، وَلَا يُدّعى التَّرْكِيب إلاّ بدليلٍ قاطعٍ. وَالثَّانِي: أنّها لَو كَانَت مركبة من "إذْ" و"أَنْ" لكَانَتْ ناصبةً على كلّ حالٍ، تقدّمت أَو تَأَخَّرت، وعدمُ الْعَمَل فِي الْمَوَاضِع الْمَذْكُورَة قبلُ دليلٌ على عدم التَّرْكِيب" 3.

المسألة الثانية: عملها:

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: عَملهَا: اخْتلف النحويون أَيْضا فِي عمل "إِذَنْ" إِذا جَاءَ الْفِعْل الْمُضَارع مَنْصُوبًا بعْدهَا، مَا النّاصب لَهُ؟ هَل النّاصب لَهُ "إِذَنْ" أَو "أَنْ" مضمرة بعْدهَا؟.

_ 1 - شرح التسهيل 4/20، وَانْظُر شرح الكافية للرضيّ 2/238، ورصف المباني 157. 2 - الارتشاف 4/1650، والهمع 2/6. 3 - رصف المباني 157.

ذهب سِيبَوَيْهٍ وَأكْثر النَّحْوِيين إِلَى أنّها تنصب بِنَفسِهَا، وَهُوَ ماسمعه عَن الْخَلِيل، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: "اعْلَم أنّ "إِذَنْ" إِذا كَانَت جَوَابا، وَكَانَت مُبتَدأَة عملت فِي الْفِعْل عمل "أُرى" فِي الِاسْم إِذا كَانَت مُبتَدأَة، وَذَلِكَ قَوْلك: "إِذَنْ أجيئَك" و"إِذَنْ آتيَك"1. وَذهب الْخَلِيل بن أَحْمد فِي أحد قوليه إِلَى أنّها لَيست ناصبةً بِنَفسِهَا، بل الْفِعْل بعد "إِذَنْ" مَنْصُوب بـ"أَنْ" مضمرة، وَهُوَ مارواه عَنهُ أَبُو عُبَيْدَة. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: "وَقد ذكر لي بَعضهم أنّ الْخَلِيل قَالَ: "أَنْ" مضمرة بعد "إِذَنْ"، وَلَو كَانَت مِمَّا يُضمر بعده "أَنْ" فَكَانَت بِمَنْزِلَة اللاّم وحتّى لأضمرتها إِذا قلت: "عبدُ الله إِذَنْ يَأْتِيك"، فَكَانَ يَنْبَغِي أَن تَنصب "إِذَنْ يأتيَك"؛ لأنّ الْمَعْنى وَاحِد، وَلم يُغيَّر فِيهِ الْمَعْنى الَّذِي كَانَ فِي قَوْله: "إِذَنْ يأتيَك عبدُ الله"، كَمَا يَتغيّر الْمَعْنى فِي حتّى فِي الرّفْع وَالنّصب، فَهَذَا مارَووا، وأمّا ماسمعتُ مِنْهُ فالأوّلُ" 2. وَمِمَّنْ ذهب إِلَى مَذْهَب الْخَلِيل الزّجاج، والفارسيّ3، ورضيّ الدّين الاستراباذيّ. قَالَ الزّجاج بعد أَن حكى رأيَ سِيبَوَيْهٍ ورأيَ الْخَلِيل: "وكلا الْقَوْلَيْنِ حسنٌ جميلٌ إلاّ أنّ الْعَامِل – عِنْدِي – النصبَ فِي سَائِر الْأَفْعَال "أَنْ"، وَذَلِكَ أَجود، إمّا أَن تقع ظَاهِرَة أَو مضمرة".

_ 1 - الْكتاب 3/12. 2 - الْكتاب 3/16، والنكت فِي تَفْسِير الْكتاب 1/698. 3 - ينظر رأيهما فِي الارتشاف 4/1650، والجنى الداني 364، وتوضيح الْمَقَاصِد 4/190، والهمع 2/6.

وَقَالَ فِي تَأْوِيل "إِذَنْ أكرمَه": "تَأْوِيله إنْ كَانَ الأمرُ على مَا تصِفُ وَقَعَ إِكْرامُه، فـ"أَنْ" مَعَ "أُكرمُه" مقدرةٌ بعد "إِذَنْ" "1. أَمّا الفارسيّ فَذهب إِلَى أنّها العاملةُ بِنَفسِهَا، وَهُوَ مخالفٌ لما نُسب إِلَيْهِ، فَقَالَ: "وممّا ينْتَصب الْفِعْل بعده من الْحُرُوف الَّتِي لاتضمر "إِذَنْ"، وإنّما تعْمل فِي الْفِعْل إِذا كَانَت جَوَابا، …"2، وربّما قَالَ بِهِ فِي كتاب آخر، أَو أنّه يَقُول بهما. أَمّا الرضيّ فقد دَافع عَن مَذْهَب الْخَلِيل وردّ على سِيبَوَيْهٍ بقوله: "وَيُمكن تَوْجِيه هَذَا القَوْل على ماذكرنا" ثمّ قَالَ: "وَإِذا جَازَ لَك إِضْمَار "أَنْ" بعد الْحُرُوف الَّتِي هِيَ: الْوَاو، وَالْفَاء، وأو، وحتّى، فهلاّ جَازَ إضمارها بعد الِاسْم، وإنّما لم يجز إِظْهَار "أَنْ" بعد "إِذَنْ" لاستبشاعهم للتلّفظ بهَا بعْدهَا" ويؤكّد ذَلِك أَيْضا بقوله: "فَلَمَّا احْتمل "إِذَنْ" الَّتِي يَليهَا الْمُضَارع معنى الْجَزَاء، فالمضارع بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال، وَاحْتمل معنى مُطلق الزَّمَان، فالمضارع بِمَعْنى الْحَال، وَقصد التَّنْصِيص على معنى الْجَزَاء فِي "إِذَنْ"، نصب الْمُضَارع بـ"أَنْ" الْمقدرَة؛ لأنّها تُخلّص الْمُضَارع للاستقبال، …". ويُبرهن بأنّها غيرُ عاملة بِنَفسِهَا بقوله: "وتجويز الْفَصْل بَينهَا وَبَين منصوبها بالقسم، والنِّداء، وَالدُّعَاء، يُقوِّى كَونهَا غيرَ ناصبة بِنَفسِهَا، كـ"أَنْ"، و"لَنْ"، إذْ لايُفصل بَين الْحَرْف ومعموله بِمَا لَيْسَ من معموله" 3. أمّا ابْن مَالك فَيرى أنّه لايوجد نصٌّ على أنّ الْخَلِيل يذهب إِلَى أنّ الْفِعْل

_ 1 - مَعَاني الْقُرْآن 2/63. 2 - الْإِيضَاح 320، والمقتصد 1054. 3 - شرح الكافية 2/237، 238.

الْمُضَارع منصوبٌ بـ"أَنْ" مضمرة بعد "إِذَنْ"، وَمَا رَوَاهُ عَنهُ أَبُو عُبَيْدَة لانصَّ فِيهِ على مَذْهَب الْخَلِيل، إذْ قَالَ: "وَمَا عزاهُ إِلَى الْخَلِيل من أنّ الْفِعْل بعد "إِذَنْ" منصوبٌ بـ"أَنْ" مضمرة، إِنّما مُسْتَنده فِيهِ قَول السيرافيّ فِي أوّل شرح الْكتاب: 1 "روى أَبُو عُبَيْدَة عَن الْخَلِيل أنّه قَالَ: "لاينصب شَيْء من الْأَفْعَال إلاّ بـ"أَنْ" مظهرة أَو مضمرة فِي: كي، ولَنْ، وإِذَنْ، وَغير ذَلِك"، وَلَيْسَ فِي هَذَا نصّ على أنّ انتصاب الْمُضَارع بعد "إِذَنْ" عِنْد الْخَلِيل بـ"أَنْ" مضمرة، لجَوَاز أَن تكون مركبة مَعَ "إذْ" الَّتِي للتَّعْلِيل، و"أَنْ" محذوفاً همزتها بعد النَّقْل، على نَحْو مايراه فِي انتصابه بعد "لَنْ"، وَالْقَوْل بِهِ على ضعفه أقرب من القَوْل بأنّ "إِذَنْ" غيرُ مركبةٍ، وانتصاب الْمُضَارع بعْدهَا بـ"أَنْ" مضمرة؛ لأنّه لايستقيم إلاّ على أنْ يكون مابعد "إِذَنْ" فِي تَأْوِيل مبتدأٍ لازمٍ حُذف خَبره، أَو "إِذَنْ" قبله لَيست حرفا بل ظرفا مخبرا بِهِ عَن الْمُبْتَدَأ، وَأَصلهَا "إِذا" فقُطعت عَن الْإِضَافَة وعُوّض عَنْهَا التَّنْوِين، وَكِلَاهُمَا فِي غايةٍ من التَّكَلُّف، وَالْقَوْل بأنّ "إِذَنْ" مركبة من "إذْ وأَنْ" أسهل مِنْهُ " 2. هَذِه آراء وأدلة الْقَائِلين بأنّ "إِذَنْ" لَيست ناصبة بِنَفسِهَا، وأَنّ "أَنْ" بعْدهَا مقدّرةٌ، ماعدا ابْن مَالك فقد دَافع عَن مَذْهَب الْخَلِيل وبيّن وجهة نظره. أَمّا جُمْهُور النَّحْوِيين فيرون أنّها الناصبة للمضارع بِنَفسِهَا، لَا "أَنْ" مضمرة بعْدهَا، وَقد انتصر المالقيّ لمَذْهَب الْجُمْهُور مدلّلا على فَسَاد الْمَذْهَب الآخر بقوله: "وكأنّ من نصب بإضمار "أَنْ" قاسها على "حَتَّى، وكي، ولامها، وَلَام الْجُحُود"، وَلَا يصحُّ الْقيَاس على ذَلِك؛ لأنّ حَتَّى، وكي، ولامَها، ولامَ الْجُحُود

_ 1 - شرح الْكتاب للسيرافي 1/84. 2 - شرح التسهيل 4/20.

إنّما تنصب بإضمار "أَنْ"؛ لجَوَاز دُخُولهَا على المصادر، وَرُبمَا ظَهرت "أَنْ" مَعَ بَعْضهَا فِي بعض الْمَوَاضِع على مَا يُبيّن بعد، وَلما كَانَت "إِذَنْ" لايصحُّ دُخُولهَا على مصدرٍ ملفوظٍ بِهِ وَلَا مقدّرٍ، ولايصحُّ إِظْهَار "أَنْ" بعْدهَا فِي موضعٍ من الْمَوَاضِع، لم يجز الْقيَاس فِي نصب مابعدها على ماذُكر" 1.

المسألة الثالثة: شروط عمل "إذن"

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة: شُرُوط عمل "إِذَنْ"2: ذهب أَكثر النَّحْوِيين إِلَى أنّ "إِذَنْ" حرف ينصب الْمُضَارع بِثَلَاثَة شُرُوط، وَبَعض النُّحَاة جعلهَا أَرْبَعَة، وَبَعْضهمْ فصّل الشُّرُوط فَجَعلهَا خَمْسَة، وَمن النُّحَاة من اشْترط فِي نصبها المضارعَ ستةَ شروطٍ: الأول: أَن تكون "إِذَنْ" وَاقعَة فِي صدر الْكَلَام: أَي: فِي أوّل الْكَلَام؛ لأنّها حينئذٍ فِي أشرف محالها، فَإِن تَأَخَّرت أُلغيت حتما نَحْو: "أكرمُك إِذَنْ" بِلَا خلاف؛ لأنّ الْفِعْل الْمَنْصُوب لايجوز تَقْدِيمه علىناصبه، أَمّا إِذا توسطت، أَي: وَقعت حَشْوًا فِي الْكَلَام وَذَلِكَ بِأَن اعْتمد مابعدها على ماقبلها، مثل أَن تتوسط بَين الشَّرْط وجزائه، وَبَين الْقسم وَجَوَابه، وَبَين الْمُبْتَدَأ وَخَبره، وَجب إلغاؤها فِي الصُّور كلّها.

_ 1 - رصف المباني 157. 2 - ينظر الْأُصُول 2/148، وَشرح الْكتاب للسيرافي 1/84، والإيضاح 320، والمقتصد 2/1054، وَشرح الملحة للحريري 342، وكشف الْمُشكل 1/540، وَابْن يعِيش 9/14، والملخّص 138، وَشرح الكافية للرضيّ 2/237، وتوضيح الْمَقَاصِد 4/187، والجنى الداني 361، وجواهر الْأَدَب 339، وَشرح قطر الندى 62، وَالْمُغني 16، وَالتَّصْرِيح 2/234، والهمع 2/6، والأشباه والنظائر 2/135.

فَإِن تقدمها كَلَام وتمّ دونهَا جَازَ أَن تسْتَأْنف بهَا، وتنصب وَيكون جَوَابا، كَمَا لَو لم يتقدمها شَيْء، وَذَلِكَ نَحْو قَول عبد الله بن عَنَمة الضبيّ: اُرْدُدْ حِمَارَكَ لاتُنْزَعْ سَوِيَّتُهُ إِذَن يُرَدَّ وقَيْدُ العَيرِ مَكْروبُ1 قَالَ ابْن السراج: "فَهَذَا نصْبٌ؛ لأنّ ماقبله من الْكَلَام قد اسْتغنى وتمَّ، أَلا ترى أنّ قَوْله: "اُرْدُدْ حِمَارك لاتُنزعْ سَوِيَّتُهُ" كلامٌ قد تمَّ، ثمّ اسْتَأْنف كأنّه أجَاب من قَالَ: لَا أفعلُ ذَاك، فَقَالَ: "إِذَنْ يُردَّ وقَيدُ العَيرِ مكروبُ" "2. الثَّانِي: أَن يكون الْفِعْل الْمُضَارع بعْدهَا مُسْتَقْبلا: فَإِن كَانَ حَالا فَلَا يُنصب، كَقَوْلِك لمن يُحدّثك: "إِذَنْ أظنُّكَ صَادِقا" فَترفع؛ لأنّه حالٌ، وَالْفِعْل الْمَنْصُوب لايكون إلاّ مُسْتَقْبلا. قَالَ أَبُو عليّ الشلوبين: "وَهُوَ ألاّ تدخل إلاّ على مُسْتَقْبل، فَإِذا أدخلناها على فعل حالٍ لم تعْمل أصلا وَإِن كَانَت مُتَقَدّمَة؛ لأنّه لَيْسَ فِي الدُّنيا ناصب يدْخل على فعل حالٍ، فَوَجَبَ لَهَا هُنَالك الإلغاء" 3. الثَّالِث: ألاّ يُفصل بَين "إِذَنْ" وَالْفِعْل بفاصل: أَي: أَن يكون الْمُضَارع مُتَّصِلا بهَا لِضعْفِهَا مَعَ الْفَصْل عَن الْعَمَل فِيمَا

_ 1 - الْبَيْت فِي المفضليات 383، وَهُوَ من شَوَاهِد الْكتاب 3/14، والمقتضب 2/10، وَالْأُصُول 2/148، وَشرح الْكتاب للسيرافي 1/84، والتعليقة 2/132، وَشرح أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ 2/100، والصّاحبي 198، والنكت 1/699، وَابْن يعِيش 7/16، وَشرح التسهيل 4/21، وَشرح الكافية 2/238، وَشرح الجزولية 2/478، ورصف المباني 152. 2 - الْأُصُول 2/148، وَينظر التَّبْصِرَة والتذكرة 1/396. 3 - شرح الجزولية 2/477.

بعْدهَا، فإنْ فُصلت بفاصل بَطل عَملهَا، إلاّ أَن تُفصل بواحدٍ من اثْنَيْنِ، فإنّ الْفَصْل بذلك كَلا فصلٍ، وهما: "الْقسم" و"لَا"، وَأَجَازَ بعض النَّحْوِيين الْفَصْل بِغَيْر ماسبق ذكره، وَهُوَ ماسنوضحه بالتفصيل فِي مَوْضِعه. وَإِلَى الشُّرُوط الثَّلَاثَة الَّتِي سبق ذكرهَا أَشَارَ ابْن مَالك بقوله1: وَنَصَبُوا بـ"إِذَنِ" الْمُسْتَقْبلاَ إِنْ صُدِّرَتْ، والْفِعْلُ بَعْدُ مُوصَلاَ الرَّابِع: أَن تكون جَوَابا أَو فِي تَقْدِير الْجَواب: قَالَ الزمخشريّ: " و"إِذَنْ" جوابٌ وجزاءٌ، يَقُول الرجل: "أَنا آتِيك"، فَتَقول: "إِذَنْ أُكرمَك"، فَهَذَا الْكَلَام قد أَجَبْته بِهِ وصيرت إكرامَك جَزَاء لَهُ على إِتْيَانه؛ وَقَالَ الزّجاج: (تَأْوِيلهَا إنْ كَانَ الْأَمر كَمَا ذكرت فإنّي أكرمُك"2. وَقَالَ السيرافيّ: "وإنّما أردْت إِكْرَاما تُوقِعُه فِي الْمُسْتَقْبل، فَصَارَت بِمَنْزِلَة "أَنْ" فِي وُقُوعهَا للمستقبل من الْأَفْعَال" 3. وَقَالَ ابْن هِشَام: "وَالْأَكْثَر أَن تكون جَوَابا لـ"إنْ أَو لَوْ" ظاهرتين أَو مقدرتين" 4. الْخَامِس: ألاّ يكون الْفِعْل الَّذِي بعْدهَا مُعْتَمدًا على مَا قبلهَا5: قَالَ الفارسيّ: "فإنِ اعتمَدْتَ بِالْفِعْلِ على شيءٍ قبلهَا رفعْتَ، وَذَلِكَ

_ 1 - ألفية ابْن مَالك 60، وَشرح الألفية لِابْنِ النَّاظِم 665، وتوضيح الْمَقَاصِد 4/187. 2 - الْمفصل 323، وَابْن يعِيش 9/12، وَانْظُر الْأُصُول 2/148، والإيضاح 320، والمقتصد 2/1054، وَشرح الملحة للحريري 342، وجواهر الْأَدَب 339. 3 - شرح الْكتاب 1/84. 4 - مُغنِي اللبيب 15. 5 - الْقَائِلُونَ بِهَذَا الشَّرْط هم الْقَائِلُونَ بِالشّرطِ الَّذِي قبله.

قَوْلك: "أَنا إِذَنْ أكرمُك"، تُرفع؛ لأنّ الْفِعْل مُعْتَمد على الِابْتِدَاء الَّذِي هُوَ "أَنا"، وَكَذَلِكَ: "إنْ تكرِمْني إِذَنْ أُكرمْك" "1. السَّادِس: ألاّ تقع "إِذَنْ" بعد حرف عطف2: فَإِن وَقعت بعد حرف عطف كالواو أَو الْفَاء، نَحْو: "وإِذَنْ آتِيك" أَو "فإِذَنْ آتِيك"، جَازَ فِيهَا الْوَجْهَانِ: الإلغاء، والإعمال، والإلغاء أَجود وَأكْثر، وَبِه قَرَأَ القُرّاء.

المسألة الرابعة: معناها

الْمَسْأَلَة الرَّابِعَة: مَعْنَاهَا3: قَالَ سِيبَوَيْهٍ: "وأمّا "إِذَنْ" فجوابٌ وجزاءٌ" 4. قَالَ أَبُو حيّان: "وتحرير معنى "إِذَنْ" صعبٌ، وَقد اضْطربَ النّاس فِي مَعْنَاهَا، وَقد نصَّ سِيبَوَيْهٍ على أنّ مَعْنَاهَا: "الجوَابُ والجزاءُ"، وَاخْتلف النحويون فِي فهم كَلَام سِيبَوَيْهٍ" 5. نعم اخْتلف النحويون فِي فهم مَعْنَاهَا، وَالَّذِي يظْهر من لَفظه أنّها حَيْثُمَا

_ 1 - الْإِيضَاح 320. 2 - اشْترط هَذَا الشَّرْط الحيدرة اليمني فِي كشف الْمُشكل 1/540، والأندلسيّ فِي شرح الْمفصل، ينظر الْأَشْبَاه والنظائر 2/135. 3 - ينظر الْكتاب 4/234، وَابْن يعِيش 9/13، وَشرح الْجمل لِابْنِ عُصْفُور 2/170، 171، وَشرح الجزولية 2/477، وَشرح الكافية 2/236، والارتشاف 4/1654، ورصف المباني 151، والجنى الداني 364، وَالْمُغني 15، وَالتَّصْرِيح 2/234، والهمع 2/6، ودراسات لأسلوب الْقُرْآن 1/64. 4 - الْكتاب 4/234، وَينظر الصّاحبي 198. 5 - الْبَحْر الْمُحِيط 1/434.

تُوجد يكون مَعْنَاهَا الْجَواب وَالْجَزَاء مَعًا، وَهَذَا مَا فهمه الْأُسْتَاذ أَبُو عليّ الشلوبين1، حَيْثُ حمل كَلَام سِيبَوَيْهٍ على ظَاهره، وتكلّف فِي كلّ مَكَان وَقعت فِيهِ أنّها جوابٌ وجزاءٌ. أمّا أَبُو عليّ الفارسيّ فإنّه فهم من كَلَام سِيبَوَيْهٍ أنّها قد تَرِدُ لَهما، وَهُوَ الْأَكْثَر، وَقد تتمحض للجواب فَقَط، نَحْو: أَن يَقُول لَك الْقَائِل: "أحبُّك"، فَتَقول: "إِذَنْ أَظُنُّكَ صَادِقا" فَلَا يتصوّر هُنَا الْجَزَاء2. قَالَ المالقيّ: "وَالصَّحِيح أنّها شَرط فِي موضعٍ، وَجَوَاب فِي موضعٍ، وَإِذا كَانَت شرطا فَلَا تكون إلاّ جَوَابا، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُوم من كَلَام سِيبَوَيْهٍ، لأنّه لم ينصّ على أنّهما مَعًا فِي موضعٍ واحدٍ". وَقد ردَّ ابْن عُصْفُور على شَيْخه الْأُسْتَاذ أبي عليّ الشلوبين فِي تكلّفه لِمَعْنى "إِذَنْ"، بقوله: "ففهم الْأُسْتَاذ أَبُو عَليّ الشلوبين هَذَا على أنّه شَرط وَجَوَاب، وَأخذ الْجَزَاء بِمَعْنى الشَّرْط، وَالْجَوَاب جَوَابه فَحَيْثُمَا جَاءَت قدرهَا بفعلي الشَّرْط وَالْجَزَاء؛ فَإِذا قلت لمن قَالَ لَك: "أَنا أزورُك"، "إِذَنْ أُكرمَك"، فَمَعْنَاه: إِنْ تَزُرْني أكرمْك. فلمّا أَخذهَا هَذَا المأخذ اضْطر إِلَى هَذَا التَّقْدِير فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} 3، فَلَمَّا قدّر: إِن كنتُ فعلتُها فَأَنا ضالٌّ، جَاءَهُ إِثْبَات الضلال لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام؛ قَالَ: وَلم يرد إِثْبَات الضلال لنَفسِهِ، فأثار إشْكَالًا

_ 1 - شرح الجزولية 2/477. 2 - التكملة 563، وَينظر رصف المباني 151. 3 - سُورَة الشُّعَرَاء، آيَة "20".

على فهمه، فَكَانَ انْفِصَاله عَن هَذَا بأنْ قَالَ: معنى قَوْله: {وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} 1، أَي: بأنعمي، فَقَالَ لَهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام: إنْ كنتُ فعلتُها كَافِرًا بنعمتك فَأَنا من الضَّالّين، أَي: من الْجَاهِلين بأنّ الوكزة تقضي على القبطيّ". ثمَّ قَالَ ابْن عُصْفُور: "وَكَلَامه معترَضٌ فِي هَذَا بيِّنُ الِاعْتِرَاض؛ لأنّه بنى الْأَمر على أنّ " إِذَنْ" شَرط وَجَوَاب، وَلَيْسَ كَذَلِك، بل إنّما هِيَ جوابٌ بِمَعْنى أنّها لاتقال مُبتَدأَة، ولابدّ أَن يتقدمها كَلَام، فَلَا تَقول أبدا: "إِذَنْ أزورَك" ابْتِدَاء، فَهِيَ جَوَاب وَتَكون جَزَاء، وَلَا يلْزم أَن يكون ذَلِك فِيهَا مجموعاً" 2. وَقد بيّن ابْن هِشَام الأنصاريّ مَتى تكون "إِذَنْ" جَوَابا؟ بقوله: "وَالْأَكْثَر أَن تكون جَوَابا لـ"إِنْ" أَو "لَو" ظاهرتين أَو مقدرتين" 3. وخلاصة القَوْل إنّ "إِذَنْ" تكون جَوَابا وَجَزَاء، فقد يجْتَمع فِيهَا هَذَانِ، وَقد ينْفَرد أَحدهمَا، فَإِذا قلت لمن قَالَ لَك: "أَنا أزورُك"، "إِذَنْ أُكرمَك"، فَهَذَا جوابٌ وجزاءٌ؛ وَإِذا قَالَ لَك: "أُحبُّك"، فَتَقول لَهُ: "إِذَنْ أظنُّك صَادِقا"، فَهَذَا جَوَاب لاجزاء مَعَه، فعلى هَذَا لاتخلو من الجوابِ، وَتَكون فِي بعض الْمَوَاضِع جَزَاء.

_ 1 - سُورَة الشعرا، آيَة "19". 2 - شرح الْجمل لِابْنِ عُصْفُور 2/170، 171. 3 - الْمُغنِي 15، 16.

المسألة الخامسة: حكم "إذن" إذا وقعت بين شيئين متلازمين

الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة: حكم "إِذن" إِذا وَقعت بَين شَيْئَيْنِ متلازمين ... الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة: حكم"إِذَنْ"إِن وَقعت بَين شَيْئَيْنِ متلازمين1: اشْترط النُّحَاة فِي عمل "إِذَنْ" أَن تكون فِي صدر الْكَلَام، فَإِن وَقعت حَشْوًا فِي الْكَلَام بأَنِ اعْتمد مابعدها على ماقبلها أُهملت، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: "وَاعْلَم أنّ "إِذَنْ" إِذا كَانَت بَين الْفِعْل وَبَين شيءٍ الفعلُ معتمدٌ عَلَيْهِ فإنّها مُلغاةٌ لاتَنصب الْبَتَّةَ، كَمَا لاتَنصب "أُرى" إِذا كَانَت بَين الْفِعْل وَالِاسْم فِي قَوْلك: "كَانَ أُرى زيدٌ ذَاهِبًا"، وكما لاتعمل فِي قَوْلك: "إنّي أُرى ذاهبٌ"، فـ"إِذَنْ" لاتصل فِي ذَا الْموضع إِلَى أَن تنصب كَمَا لاتصل "أُرى" هُنَا إِلَى أَن تنصب، فَهَذَا تَفْسِير الْخَلِيل، وَذَلِكَ قَوْلك: "أَنا إِذَنْ آتِيك"، فَهِيَ هَهُنَا بِمَنْزِلَة "أُرى" حَيْثُ لاتكون إلاّ ملغاةً، وَمن ذَلِك أَيْضا قَوْلك: "إنْ تأتني إِذَنْ آتِك"؛ لأنّ الْفِعْل هَهُنَا معتمدٌ على ماقبل "إِذَنْ" "2. وَقد حدد النُّحَاة إهمالها فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع: الأول: أَن يكون مابعدها جَوَابا للشّرط الَّذِي قبل "إِذَنْ"، نَحْو: "إنْ تأتِني إِذَنْ أكرمْك"، فتجزم "أكرمْك" لأنّه جَوَاب الشَّرْط، وَلَا تَأْثِير لـ"إِذَنْ". وَمن ذَلِك أَيْضا جعل الرّضيّ الْبَيْت السَّابِق: (اُرْدُدْ حِمَارَكَ.. إِذَنْ يُرَدّْ..) ؛ إِذْ قَالَ: "يجوز على مَذْهَب الكسائيّ أَن يكون "لايرتعْ" مَجْزُومًا بِكَوْن

_ 1 - ينظر الْكتاب 3/14، والمقتضب 2/11، والتبصرة والتذكرة 1/396، وَابْن يعِيش 7/16، وَشرح الجزولية 2/479، وَشرح الكافية 2/238، ورصف المباني 154، والارتشاف 4/1652، والتذكرة 559، والجنى الداني 361، وَالتَّصْرِيح 2/234، والهمع 2/7. 2 - الْكتاب 3/14.

"لَا" فِيهِ للنَّهْي لَا أنّه جَوَاب الْأَمر، و "يُردّْ" مَجْزُومًا لَا مَنْصُوبًا بِكَوْنِهِ جَوَابا للنَّهْي كَمَا هُوَ مذْهبه فِي نَحْو قَوْلك: "لَا تكفرْ تدخلِ النّار" أَي: إنْ تكفرْ تدخلِ النّار، فَيكون الْمَعْنى: لايرتعْ إِنْ يرتعْ يُردّْ" 1. الثَّانِي: أَن يكون مابعدها جَوَابا للقسم الَّذِي قبلهَا، إمّا مَذْكُور، نَحْو: "وَالله إِذَنْ لَا أفعلُ"، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: "وَمن ذَلِك أَيْضا: "وَالله إِذَنْ لَا أفعلُ"، من قِبَلِ أنّ "أفعلُ" معتمدٌ على الْيَمين، و"إِذَنْ" لغوٌ " 2. وإمّا مُقَدّر، كَقَوْل كُثَيِّر عَزَّةَ: لَئِنْ عَادَ لي عبدُ الْعَزِيز بمثْلِها ... وأمْكَنَنِي مِنْهَا إِذَنْ لَا أَقِيلُها3 فـ (لَا أقيلُها) مَرْفُوع؛ لأنّ "إِذَنْ" لم تتصدر لكَونهَا جَوَاب الْقسم الْمُقدر الْمُوَطَّأ عَلَيْهِ بِاللَّامِ الدَّاخِلَة على "أَنْ" فِي أول الْبَيْت، وَالتَّقْدِير: وَالله لَئِنْ. الثَّالِث: أَن يكون مابعدها خَبرا للمبتدأ الَّذِي قبلهَا، نَحْو: "أَنا إِذَنْ أكرمُك" قَالَ المالقيّ: "وَتقول فِي الْمُبْتَدَأ: "زيدٌ إِذَنْ يكرمُك"، فـ"يكرمُك"، مَرْفُوع؛ لأنّه خبر عَن "زيد"، وَكَذَلِكَ حكمه فِي خبر مايدخل على الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر، من "كَانَ" أَو "إِنّ" وشبههما، كَقَوْلِك: "كَانَ زيدٌ إِذَنْ يكرمُك" و"إنّ زيدا إِذَنْ يكرمُك"، و"ظَنَنْت زيدا إِذَنْ يكرمُك"؛ لأنّ الْمَفْعُول الثَّانِي فِي "بَاب ظَنَنْت" حكمه أَن يكون خَبرا للمبتدأ فِي الأَصْل، فَهُوَ كَخَبَر "كَانَ" و"إنّ" "4.

_ 1 - شرح الكافية 2/238 - 239. 2 - الْكتاب 3/14. 3 - فِي ديوانه305، وَهُوَ من شَوَاهِد الْكتاب3/15، وَابْن يعِيش9/13، ورصف المباني 154، وَشرح أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ 2/144، والجُمل 195، وَشرح الألفية لِابْنِ النَّاظِم 669 وَالْمُغني15، وَالتَّصْرِيح2/234، والهمع2/7، وشواهد الْمُغنِي للسيوطي1/63، والأشموني 3/288،. 4 - رصف المباني 154.

وَهَذِه الصُّورَة موضِعُ خِلافٍ بَين الْبَصرِيين والكوفيين، فمذهب الْبَصرِيين أنّه لايجوز الإعمال، وفصّل الْكُوفِيُّونَ فَأجَاز هِشَام النصب وَالرَّفْع بعد الْمُبْتَدَأ، وأجازهما الكسائيّ بعد اسْم "إنّ"، وَبعد اسْم "كَانَ"، وَوَافَقَهُ الْفراء فِي "إنّ"، وَخَالفهُ فِي "كَانَ" فَأوجب الرّفْع، ونصّ الْفراء على وجوب الرّفْع بعد "ظنّ"، قَالَ أَبُو حَيَّان: " وَقِيَاس قَول الكسائيّ جَوَاز الْوَجْهَيْنِ " 1، لذَلِك اخْتلف الْفَرِيقَانِ فِي قَول الشَّاعِر: لاتَترُكَنِّي فِيهُمُ شَطِيرا ... إِنّي إِذَنْ أَهْلِكَ أَو أَطِيرا2 فتأوّله البصريون على أنّه شاذٌّ، أَو إِنْ صحت الرِّوَايَة فإنّه على أحد وَجْهَيْن: إمّا أَن يَجْعَل "إِذَنْ أَهْلِكَ" جملَة فِي مَوضِع خبر "إنّ"، وإمّا أَن يكون خبر "إنّي" محذوفاً، أَي: إنّي لاأستطيع، أَو لَا أقدر عَلَيْهِ، أَو إنّي أُذلّ، ثمَّ اسْتَأْنف بـ"إِذَنْ" فنصب الْفِعْل بعد تَمام الأول بِخَبَرِهِ؛ أَمّا الْكُوفِيُّونَ فبنوا على هَذَا الْبَيْت مسائلهم. قَالَ رضيّ الدّين فِي نِهَايَة هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة الَّتِي تقع فِيهَا "إِذَنْ" حَشْوًا: "وَلَا يَقع الْمُضَارع بعد "إِذَنْ" فِي غير هَذِه الْمَوَاضِع الثَّلَاثَة مُعْتَمدًا على مَا قبلهَا بالاستقراء، بل تقع متوسطة فِي غير هَذِه الْمَوَاضِع، نَحْو: "يقتلُ إِذَنْ

_ 1 - الارتشاف 4/1652، وَينظر التَّذْكِرَة 559، والهمع 2/7. 2 - الْبَيْت بِلَا نِسْبَة وَهُوَ فِي مَعَاني الْقُرْآن للفراء 2/338، وَشرح الْكتاب للسيرافي 1/86، وَشرح الجزولية 2/479، وَابْن يعِيش 7/17، والمقرب 1/261، وَشرح الكافية 2/238، وَشرح التسهيل4/21، ورصف المباني 154، والارتشاف 4/1653، والجنى الداني 362، والمساعد 3/76، وَالْمُغني 16، وَشرح الكافية الشافية 3/1537، والهمع 2/7، وشواهد الْمُغنِي للسيوطي 1/70.

زيدٌ عمرا"، و"لِبئْسَ الرجلُ إِذَنْ زيدٌ" وَنَحْوه" 1.

المسألة السادسة: حكم "إذن" إذا فصل بينهما والفعل بفاصل

الْمَسْأَلَة السَّادِسَة: حكم "إِذن" إِذا فصل بَينهمَا وَالْفِعْل بفاصل ... الْمَسْأَلَة السَّادِسَة: حكم "إِذَنْ" إِذا فُصل بَينهَا وَالْفِعْل بفاصلٍ2: ذهب النُّحَاة إِلَى أنّه لايجوز الْفَصْل بَين "إِذَنْ" ومنصوبها؛ لِضعْفِهَا مَعَ الْفَصْل عَن الْعَمَل فِيمَا بعْدهَا، إلاّ أنّهم اغتفروا الْفَصْل بالقسم، نَحْو: "إِذَنْ وَالله أجيئَك"، وَمِنْه قَول حسان بن ثَابت: إِذَنْ واللهِ نرميَهُمْ بحربٍ تُشيبُ الطّفلَ من قبْلِ المَشيبِ3 أَو الْفَصْل بـ"لَا" النافية، نَحْو: "إِذَنْ لاأكرمَك"، وَمِنْه قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود: {ِ فَإِذاً لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً} 4. وَمَا عدا ذَلِك اخْتلف النُّحَاة فِيهِ، فَأجَاز ابْن بابشاذ5 الفصلَ بالدّعاء، والنِّداء، وَوَافَقَهُ الرضيّ6، نَحْو: "إِذَنْ – يَغفِرُ اللهُ لكَ – يُدخِلَك الجنّة"، وَنَحْو:

_ 1 - شرح الكافية 2/239. 2 - ينظر شرح التسهيل 4/22، وَشرح الكافية 2/237، والمقرب 1/262، ورصف المباني 153، والارتشاف 4/1653، والتذكرة 559، والجنى الداني 362، وَالْمُغني 16، والمساعد 3/74، وَالتَّصْرِيح 2/235، والهمع 2/6، والملخّص 138. 3 - فِي ديوانه 371، وَهُوَ من شَوَاهِد الارتشاف 4/1653، وَشرح شذور الذَّهَب 291، وَشرح قطر الندى 62، وشواهد الْمُغنِي للسيوطيّ 2/970، وَالتَّصْرِيح 2/235، والأشموني 3/289. 4 - سُورَة النِّسَاء آيَة 53، وَانْظُر مُخْتَصر شواذ الْقُرْآن 29. 5 - ينظر الارتشاف 4/1653، والجنى الداني 362. 6 - شرح الكافية 2/237.

"إِذَنْ – يازيدُ – أحسنَ إِلَيْك"، وَوَافَقَهُمَا ابْن أبي الرّبيع القرشيّ فِي النِّداء فَقَط1. وَأَجَازَ بعض النَّحْوِيين مِنْهُم ابْن عُصْفُور2، والمالقيّ3، والأبّديّ4 الْفَصْل بالظرف، أَو الْمَجْرُور، نَحْو: "إِذَنْ - يومَ الْجُمُعَة - أُكرمَك"، وَنَحْو: "إِذَنْ - فِي الدَّار - آتيَك". وَأَجَازَ الكسائيّ، وَالْفراء، وَهِشَام، الْفَصْل بَين "إِذَنْ" وَالْفِعْل بمعمول الْفِعْل، نَحْو: "إِذَنْ زيدا أُكرمَُ"، و"إِذَنْ فِيك أرغبَُ"، فَفِي الْفِعْل حينئذٍ وَجْهَان: الرّفْع وَاخْتَارَهُ الْفراء وهشامٌ، وَالنّصب وَاخْتَارَهُ الكسائيّ5. وَجُمْهُور النَّحْوِيين لايرون فِي هَذَا وَنَحْوه إلاّ الرفعَ لوُجُود الْفَصْل، واغتفروا الْفَصْل بالقسم، وبـ"لَا" النافية كَمَا سبق ذكره. تَنْبِيه: قَالَ أَبُو حيّان: "لَو قدمت مَعْمُول الْفِعْل على "إِذَنْ" نَحْو: "زيدا إِذَنْ أُكرمَُ" جَازَ ذَلِك عِنْد الكسائيّ وَالْفراء، إلاّ أنّ الْفراء يُبطل عَملهَا، والكسائيَّ يُجِيز الْإِبْطَال والإعمال، وَلَا نصَّ عِنْد الْبَصرِيين أحفظه فِي ذَلِك، وَالَّذِي تَقْتَضِيه قواعدهم الْمَنْع" 6.

_ 1 - الملخّص 138. 2 - المقرب 1/262. 3 - رصف المباني 153. 4 - ينظر الارتشاف 4/1653، والمساعد 3/74. 5 - ينظر الارتشاف 4/1654، والجنى الداني 363، وَالْمُغني 16، وَالتَّصْرِيح 2/235، والهمع 2/7. 6 - الارتشاف 4/1654.

المسألة السابعة: حكم "إذن" الواقعة بين حرف العطف والفعل المستقبل

الْمَسْأَلَة السَّابِعَة: حكم"إِذَنْ"الْوَاقِعَة بَين حرف الْعَطف وَالْفِعْل الْمُسْتَقْبل1: اعْلَم أنّ "إِذَنْ" إِن وَقعت بَين حرف الْعَطف وَالْفِعْل الْمُسْتَقْبل، كنت فِيهَا بِالْخِيَارِ، إِن شِئْت أعملتها، وَإِن شِئْت ألغيتها، وَهُوَ الْأَكْثَر والأجود، وَفِي الْمَسْأَلَة صُورَتَانِ: الأولى: نَحْو قَوْلك: "فإِذَنْ أُحسنُ إِلَيْك" جَوَابا لمن قَالَ: "أزورُكَ"، جَازَ فِيهَا الْوَجْهَانِ، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: "وَاعْلَم أنّ "إِذَنْ" إِذا كَانَت بَين "الْفَاء وَالْوَاو" وَبَين الْفِعْل، فإنّك فِيهَا بِالْخِيَارِ، إِن شِئْت أعملتها …، وَإِن شِئْت ألغيت "إِذَنْ" …، فأمّا الِاسْتِعْمَال فقولك: "فإِذَنْ آتيَك، وإِذَنْ أُكرمَك" …، وأمّا الإلغاء فقولك: "فإِذَنْ لَا أجيئُك" "2. فالإلغاء بِالرَّفْع على اعْتِبَار كَون مابعد العاطف من تَمام ماقبله بِسَبَب ربطِ حرفِ العطفِ الْكَلَام بعضه ببعضٍ، فَصَارَت "إِذَنْ" بذلك متوسطةً. والإعمال وَهُوَ نصب الْفِعْل بِاعْتِبَار كَون مابعد العاطف جملَة مُسْتَقلَّة، وَالْفِعْل فِيهَا بعد "إِذَنْ" غير مُعْتَمد على ماقبلها، وعَلى هَذَا الْوَجْه خرّج النُّحَاة

_ 1 - ينظر الْكتاب 3/13، والمقتضب 2/11، ومعاني الْقُرْآن للفراء 1/273، والكشاف 2/371، والتبصرة والتذكرة 1/397، والإيضاح فِي شرح الْمفصل 2/264، وَابْن يعِيش 7/16، وَشرح التسهيل 4/21، وَشرح الكافية 2/237، 239، وَشرح الجزولية 2/480، وجواهر الْأَدَب 340، ورصف المباني 155، والارتشاف 4/1651، وَالتَّصْرِيح 2/235، ودراسات لأسلوب الْقُرْآن 1/55، 56. 2 - الْكتاب 3/13.

الْقِرَاءَة الشّاذة فِي قَوْله: {فَإِذا لايُؤتُوا النَّاسَ نَقِيراً} 1، وقولِهِ: {وَإذاً لايَلْبثُوا خَلْفَكَ إِلاّ قَليلاً} 2. وَإِلَى هَذِه الصُّورَة أَشَارَ ابْن مَالك بقوله: ... ، وَانْصِبْ وَارْفَعا إِذا "إِذَنْ" مِنْ بعْدِ عَطْفٍ وَقَعَا3 الصُّورَة الثَّانِيَة: وُقُوعهَا مَعَ حرف الْعَطف بعد جَوَاب الشَّرْط، نَحْو قَوْلك: "إنْ تأتِني آتِك وإِذَنْ أُكرمُْك" جَازَ فِيهَا ثَلَاثَة أوجهٍ، قَالَ الْمبرد: "وَاعْلَم أنّها إِذا وَقعت بعد واوٍ أوفاءٍ، صَلُحَ الإعمال فِيهَا والإلغاءُ، لِمَا أذكرهُ لَك، وَذَلِكَ قَوْلك: "إنْ تأتِني آتِك وإِذَنْ أُكرمَُْك"، إِنْ شِئْت رفعت، وإِنْ شِئْت نصبت، وإِنْ شِئْت جزمت؛ أمّا الْجَزْم فعلى الْعَطف على "آتِك" وإلغاء "إِذَنْ"؛ والنّصب على إِعْمَال "إِذَنْ"؛ وَالرَّفْع على قَوْلك: "وَأَنا أُكرمُك"، ثمّ أُدخلت "إِذَنْ" بَين الِابْتِدَاء وَالْفِعْل فَلم تعْمل شَيْئا" 4.

_ 1 - سُورَة النِّسَاء آيَة "53"، وَهِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود، ينظر مُخْتَصر شواذ الْقُرْآن 29، ومعاني الْقُرْآن للفراء 1/273، والكشاف 1/274، وَالْبَحْر الْمُحِيط 3/273. 2 - سُورَة الْإِسْرَاء آيَة 76 وَهِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب، كَمَا نُسبت لِابْنِ مَسْعُود، ينظر: مُخْتَصر شواذ الْقُرْآن 27، 77، والكشاف 2/371، وَالْجَامِع لأحكام الْقُرْآن 5/162، وَالْبَحْر الْمُحِيط 6/66. 3 - ألفية ابْن مَالك 60. 4 - المقتضب 2/11.

المسألة الثامنة: حكم إلغاء عمل "إذن" مع استيفاء شروط العمل

الْمَسْأَلَة الثَّامِنَة: حكم إِلْغَاء عمل "إِذَنْ" مَعَ اسْتِيفَاء شُرُوط الْعَمَل1: الْمَشْهُور من لِسَان الْعَرَب إِذا وجدت الشُّرُوط الْمَذْكُورَة سَابِقًا أَن تنصب "إِذَنْ" الْفِعْل بعْدهَا، إلاّ أنّ بعض الْعَرَب يُلغى "إِذَنْ" مَعَ اسْتِيفَاء الشُّرُوط. قَالَ سِيبَوَيْهٍ: "وَزعم عِيسَى بن عمر أنّ نَاسا من الْعَرَب يَقُولُونَ: "إِذَنْ أفعلُ ذَلِك" فِي الْجَواب، فَأخْبرت يُونُس بذلك، فَقَالَ: لَا تُبْعِدنّ ذَا، وَلم يكن ليرويَ إلاّ ماسمع، جعلوها بِمَنْزِلَة "هَلْ وبَلْ" "2. وَبِنَاء على ماحكاه سِيبَوَيْهٍ، اخْتلف النحويون فِي إِلْغَاء عَملهَا مَعَ اسْتِيفَاء الشُّرُوط: فَذهب البصريون إِلَى إِثْبَات إِلْغَاء عَملهَا رُجُوعا إِلَى نقل عِيسَى، وَوَافَقَهُمْ ثَعْلَب، وَخَالفهُم سَائِر الْكُوفِيّين فَلم يُجز أحدٌ الرّفْع بعْدهَا3. وَذهب ابْن يعِيش إِلَى أنّه يجب إعمالها لاغير إِن دخلت فِي الْفِعْل فِي ابْتِدَاء الْجَواب، و - أَيْضا - ذهب إِلَيْهِ ابْن عُصْفُور، فَقَالَ: "وَإِن وَقعت صَدرا فالإعمال لَيْسَ إلاّ، وَقد حُكي إلغاؤها، وَذَلِكَ قَلِيل جدا" 4. وَذهب ابْن مَالك إِلَى أنّها تنصب الْفِعْل غَالِبا، وَذَلِكَ بِنَاء على مارواه

_ 1 - ينظر الْكتاب 3/16، وَابْن يعِيش 7/16، وَشرح الْجمل لِابْنِ عُصْفُور 2/172، وَشرح التسهيل 4/21، وَشرح الألفية لِابْنِ النَّاظِم 671، والارتشاف 4/1651، والتذكرة 559، والجنى الداني 363، والمساعد 3/72، ورصف المباني 153، وَالتَّصْرِيح 2/235، والهمع 2/7. 2 - الْكتاب 3/16. 3 - الارتشاف 4/1651، والهمع 2/7. 4 - ينظر ابْن يعِيش 7/16، وَكَذَا شرح الْجمل 2/172.

عِيسَى ابْن عمر1. أَمّا ابْن النَّاظِم فَذهب إِلَى أنّ إِلْغَاء عَملهَا هُوَ الْقيَاس؛ لأنّها غير مُخْتَصَّة، فَقَالَ: "وإنّما أعملها الْأَكْثَرُونَ حملا على "ظنّ"؛ لأنّها مثلُها فِي جَوَاز تقدمها على الْجُمْلَة، وتأخرِها عَنْهَا، وتوسطِها بَين جزأيها، كَمَا حُملت "مَا"على"لَيْسَ"؛لِأَنَّهَا مثلُها فِي نفي الْحَال" 2. وَذهب بعض النُّحَاة إِلَى أنّ مارواه عِيسَى لغةٌ نادرةٌ3، وَذهب المالقيّ إِلَى أنّ ذَلِك شاذٌّ لايُعتبر4.

_ 1 - شرح التسهيل 4/19، 21. 2 - شرح الألفية لِابْنِ النَّاظِم 671، وَينظر التَّصْرِيح 2/235. 3 - ينظر الارتشاف 4/1651، والجنى الداني 363، وتوضيح الْمَقَاصِد 4/190، والمساعد 3/72. 4 - رصف المباني 153.

المسألة التاسعة: حكم "إذن" إذا وقع بعدها الماضي مصحوبا باللام

الْمَسْأَلَة التَّاسِعَة: حكم"إِذَنْ"إِذا وَقع بعْدهَا الْمَاضِي مصحوباً باللاّم5: ذهب النحويون إِلَى أنّه إِذا أَتَى بعد "إِذَنْ" الْمَاضِي مصحوباً بِاللَّامِ، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {إِذاً لأَذَقْنَاك} 6 فَالظَّاهِر أنّ الْفِعْل جوابُ قسمٍ مقدرٍ قبل "إِذَنْ"، فَلذَلِك دخلت اللَّام على الْمَاضِي.

_ 5 - ينظر مَعَاني الْقُرْآن للفراء 1/274، وَشرح التسهيل 4/19، وَشرح الكافية 2/236، والارتشاف 4/1655، والجنى الداني 365، والبرهان 4/187، 188، والإتقان 1/405، ودراسات لأسلوب الْقُرْآن 1/62. 6 - سُورَة الْإِسْرَاء آيَة "75".

قَالَ الْفراء: (وَإِذا رَأَيْت فِي جَوَاب"إِذَنْ"اللَّام فقد أضمرت لَهَا"لَئِنْ"أَو يَمِينا، أَو "لَو"، من ذَلِك قَوْله عزّ وجلّ: {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} 1، وَالْمعْنَى – وَالله أعلم -: لَو كَانَ مَعَه فيهمَا إلهٌ لذهب كلُّ إلهٍ بِمَا خلق، وَمثله قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لأتَّخَذُوكَ خَلِيلا} 2، وَمَعْنَاهُ: لَو فعلت لاتخذوك، وَكَذَلِكَ قَوْله: {كِدْتَ تَرْكَنُ} ثمَّ قَالَ: {إِذاً لَأَذَقْنَاكَ} مَعْنَاهُ: لَو ركنت لأذقناك إِذا" 3. فنلحظ أنّ الْفراء يرى أنّ اللَّام جَوَاب قسم مُقَدّر، أَو جَوَاب "لَو" مقدرَة. أمّا رضيّ الدّين الاستراباذيّ فَلَا يرى أنّ "اللَّام" واقعةٌ فِي جوابٍ لقسم مقدرٍ، إِذْ قَالَ: "وَإِذا كَانَ للشّرط جَازَ أَن يكون للشّرط فِي الْمَاضِي، نَحْو: "لَو جئتني إِذَنْ لأكرمتك"، وَفِي الْمُسْتَقْبل نَحْو: "إِذَنْ أُكرمَك" بِنصب الْفِعْل، وَإِذا كَانَ بِمَعْنى الشَّرْط فِي الْمَاضِي جَازَ إجراؤه مجْرى "لَو" فِي إِدْخَال "اللَّام" فِي جَوَابه، كَقَوْلِه تَعَالَى: {إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ} ، أَي: لَو ركنت إِلَيْهِم شَيْئا قَلِيلا لأذقناك، …. وَلَيْسَ "اللَّام" جوابَ الْقسم الْمُقدر كَمَا قَالَ بَعضهم، وَإِذا كَانَ بِمَعْنى الشَّرْط فِي الْمُسْتَقْبل جَازَ دُخُول الْفَاء فِي جزائها كَمَا فِي جَزَاء "إِنْ" "4.

_ 1 - سُورَة الْمُؤْمِنُونَ آيَة "91". 2 - سُورَة الْإِسْرَاء آيَة "73". 3 - مَعَاني الْقُرْآن للفراء 1/274. 4 - شرح الكافية 2/236.

وَحكى الزركشيّ عَن بعض الْمُتَأَخِّرين أنّ "إِذَنْ" الَّتِي يَقع بعْدهَا الْمَاضِي مصحوباً بِاللَّامِ، مركبةٌ من "إِذا" الَّتِي هِيَ ظرف زمَان ماضٍ، وَمن جملَة بعْدهَا تَحْقِيقا أَو تَقْديرا، لكنّها حُذفت تَخْفِيفًا وأُبدل مِنْهَا التَّنْوِين، وَلَيْسَت هَذِه الناصبة للمضارع؛ لأنّ تِلْكَ تخْتَص بِهِ وَلذَا عملت فِيهِ، وَلَا يعْمل إلاّ مايختص، وَهَذِه لاتختص بِهِ بل تدخل على الْمَاضِي، ثمّ اسْتشْهد بِالْآيَاتِ السَّابِقَة1.

المسألة العاشرة: إعراب الفعل المنصوب بعد "إذن"

الْمَسْأَلَة الْعَاشِرَة: إِعْرَاب الْفِعْل الْمَنْصُوب بعد "إِذَنْ": هَذِه الْمَسْأَلَة تنَاولهَا رضيّ الدّين بقوله: "ثمَّ اعْلَم أنّ الْفِعْل الْمَنْصُوب الْمُقدر بِالْمَصْدَرِ مبتدأٌ، خبرُه مَحْذُوف وجوبا، فَمَعْنَى "إِذَنْ أكرمَك": إِذَنْ إكرامُك حاصلٌ، أَو واجبٌ، وإنّما وَجب حَذْفُ خبر الْمُبْتَدَأ؛ لأنّ الْفِعْل لمّا التُزم فِيهِ حَذْفُ "أَنْ" الَّتِي بِسَبَبِهَا تهَيَّأ أَن يَصْلُح للابتدائية، لم يظْهر فِيهِ معنى الِابْتِدَاء حقّ الظُّهُور، فَلَو أُبرز الْخَبَر لَكَانَ كأنّه أخبر عَن الْفِعْل" 2.

_ 1 - ينظر الْبُرْهَان 4/187، والإتقان 1/405. 2 - شرح الكافية 2/238.

المسألة الحادية عشرة: تشبيه "إذن" في عوامل الأفعال بـ "ظن" في عوامل الأسماء

الْمَسْأَلَة الْحَادِيَة عشرَة: تَشْبِيه "إِذَنْ" فِي عوامل الْأَفْعَال بـ"ظَنّ" فِي عوامل الْأَسْمَاء3: شبَّه النُّحَاة "إِذَنْ" فِي عوامل الْأَفْعَال بـ"ظَنَنْت" فِي عوامل الْأَسْمَاء فِي الِابْتِدَاء، والتوسط، وَالتَّأْخِير؛ لأنّ كلا مِنْهُمَا يعْمل ويُلغى، فَإِذا تقدما عملا، وَإِذا تأخرا أَو توسطا لم تعْمل "إِذَنْ" فِي حَالَة التَّأَخُّر، أَو إِذا توسطت بَين كلامين

_ 3 - ينظر الْكتاب 3/12، 13، 14، والمقتضب 2/10، وَالْأُصُول 2/148، 149، وَشرح الْكتاب للسيرافي 1/85، وَابْن يعِيش 7/17، وَشرح الجزولية 2/476، 477، ورصف المباني 154، 155، وجواهر الْأَدَب 339.

المسألة الثانية عشرة: الوقف على "إذن"

الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة عشرَة: الْوَقْف على "إِذَنْ"1: اخْتلف النحويون فِي الْوَقْف على "إِذَنْ": فَذهب الْجُمْهُور – وَهُوَ الصَّحِيح – وَعَلِيهِ إِجْمَاع القُرّاء، أنّ "إِذَنْ" يُوقف عَلَيْهَا بِالْألف المبدلة من النُّون، تَشْبِيها لَهَا بتنوين الْمَنْصُوب. وَذهب المازنّي إِلَى أنّه يُوقف عَلَيْهَا بالنُّون؛ لأنّها حرف، كـ"أَنْ"، وَلم يُجز الْوَقْف عَلَيْهَا بِالْألف، لِئَلَّا تَلْتَبِس بـ"إِذا". وَذهب الْمبرد إِلَى جَوَاز الْوَجْهَيْنِ. قَالَ السيوطيّ: "الْجُمْهُور أنّ "إِذَنْ" يُوقف عَلَيْهَا بِالْألف المبدلة من النُّون، وَعَلِيهِ إِجْمَاع القُرّاء، وجوّز قومٌ مِنْهُم الْمبرد والمازنيّ فِي غير الْقُرْآن الْوُقُوف عَلَيْهَا بالنُّون كـ"لَنْ" و"أَنْ" "2.

_ 1 - ينظر شرح الأبيات المشكلة 83، والتكملة 563، ونتائج الْفِكر 134، وَشرح الملوكي فِي التصريف 237، وَشرح الكافية 2/238، والارتشاف 2/801، والجنى الداني 365، وجواهر الْأَدَب 339، وَالْمُغني 16، والإتقان 1/406، والأشباه والنظائر 2/201. 2 - الإتقان 1/406.

المسألة الثالثة عشرة: كتابتها

الْمَسْأَلَة الثَّالِثَة عشرَة: كتَابَتهَا3: قَالَ ابْن هِشَام: "وَيَنْبَنِي على الْخلاف فِي الْوَقْف عَلَيْهَا خلافٌ فِي كتَابَتهَا"4. لذَلِك اخْتلف النحويون فِي كتَابَتهَا على ثَلَاثَة مَذَاهِب: الأول: ذهب الْجُمْهُور إِلَى أنّها تُكتب بِالْألف، وَكَذَلِكَ رُسمت فِي الْمُصحف، ونُسب هَذَا القَوْل إِلَى المازنيّ، قَالَ المراديّ: "وَفِيه نظرٌ؛ لأنّه إِذا كَانَ يرى الْوَقْف

_ 3 - ينظر شرح الكافية 2/238، وَشرح الْجمل لِابْنِ عُصْفُور 2/170، والجنى الداني 366، ورصف المباني 155، 156، وَالْمُغني 16، وَالْجَامِع لأحكام الْقُرْآن 5/162، وَالْكَوَاكِب الدريّة 467، والنحو الوافي 4/312. 4 - الْمُغنِي 16.

عَلَيْهَا بالنُّون كَمَا نُقل عَنهُ، فَلَا يَنْبَغِي أَن يَكْتُبهَا بِالْألف" 1. قَالَ المالقيّ: "وعلّةُ من كتبهَا بِالْألف فِي الْحَالَتَيْنِ – أَي من الْوَصْل وَالْوَقْف – شَبَهُها بالأسماء المنقوصة، لكَونهَا على ثَلَاثَة أحرف بهَا، فَصَارَت كالتنوين فِي مثل "دَماً ويداً" فِي حَال النصب" 2. الثَّانِي: ذهب المازنيّ والمبرد وَأكْثر النَّحْوِيين إِلَى أنّها تكْتب بالنُّون، وَقد رُوي عَن الْمبرد أنّه قَالَ: "أشتهي أنْ أكويَ يدَ مَنْ يكْتب "إِذَنْ" بِالْألف، إنّها مِثْلُ "لَنْ وأَنْ"، وَلَا يدْخل التَّنْوِين فِي الْحُرُوف" 3. قَالَ المالقيّ: "فعلّةُ من كتبهَا بالنُّون فِي الْحَالَتَيْنِ - من الْوَصْل وَالْوَقْف - أنّها حرف، ونونها أصليّة، فَهِيَ كـ"أنْ، وعَنْ، ولَنْ" "4. الثَّالِث: ذهب الْفراء إِلَى التَّفْصِيل، وَهُوَ أنّها إِنْ كَانَت مُلغاةً كُتبت بِالْألف؛ لأنّها قد ضَعُفت، وَإِن كَانَت عاملةً كُتبت بالنُّون؛ لأنّها قد قويت. وَقد نَسب لَهُ رضيّ الدّين وَابْن هِشَام الأنصاريّ عكس ماذُكر5. قَالَ المالقيّ: "وعلّةُ من فرّق بَين كَونهَا عاملةً فتُكتب بالنُّون تَشْبِيها بـ"عَنْ" و"أَنْ"، وَكَونهَا غيرَ عاملة فتُكتب بِالْألف تَشْبِيها بالأسماء الْمَذْكُورَة كـ"دَماً" و"يدا" "6. ورجَّح ابْن عُصْفُور كتَابَتهَا بالنُّون، فَقَالَ: "وَالصَّحِيح أنّها

_ 1 - الجنى الداني 366. 2 - رصف المباني 156. 3 - ينظر الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن 5/162، والجنى الداني 366. 4 - رصف المباني 155. 5 - ينظر تَفْصِيل الرأيين فِي شرح الْجمل لِابْنِ عُصْفُور 2/170، وَشرح الكافية 2/238، ورصف المباني 155، والجنى الداني 366، وَالْمُغني 16. 6 - رصف المباني 156.

تكْتب بالنُّون لأمرين: أَحدهمَا: أنَّ كلَّ نون يُوقف عَلَيْهَا بِالْألف تُكتب بِالْألف، وَمَا يُوقف عَلَيْهِ من غير تغييرٍ يُكتب على صورته، وَهَذِه يُوقف عَلَيْهَا من غير تَغْيِير، فَيَنْبَغِي أَن تُكتب على صورتهَا بالنُّون. وَأَيْضًا: فإنّها يَنْبَغِي أَنْ تُكتبَ بالنُّون فرقا بَينهَا وَبَين "إِذا" "1. أمّا المالقيّ فقد بيّن وجهة نظره فِي كتَابَتهَا بالنُّون تَارَة، وبالألف تَارَة، بقوله: "وَالَّذِي عِنْدِي فِيهَا: الِاخْتِيَار أَن ينظر: فَإِن وُصلت فِي الْكَلَام كُتبت بالنُّون، عملت أَو لم تعْمل، كَمَا يُفعل بأمثالها من الْحُرُوف؛ لأنّ ذَلِك لَفظهَا مَعَ كَونهَا حرفا لااشتقاق لَهَا، وَإِذا وُقف عَلَيْهَا كُتبت بِالْألف؛ لأنّها إذْ ذَاك مشبَّهةٌ بالأسماء المنقوصة الْمَذْكُورَة فِي عدد حروفها، وأنّ النُّون فِيهَا كالتنوين، وأنّها لاتعمل مَعَ الْوَقْف مثل الْأَسْمَاء مُطلقًا" 2. وَالله الْمُوفق للصّواب، وَإِلَيْهِ الْمرجع والمآب، وَالله أسأَل - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَن يجعلنا مِمَّن إِذا دُعِيَ فَأجَاب، وَإِذا كتب أَو تحدث فَأصَاب، وَأَن يرزقنا فَهْمَ الْحِكْمَة وفَصْلَ الْخطاب، وَأَن يُصَلِّي على سيدنَا وقدوتنا محمدٍ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وعَلى آله وَالْأَصْحَاب، وتابعيهم إِلَى يَوْم المآب، وآخِرُ دعوانا أَنِ الْحَمد لله رب الْعَالمين، آمين.

_ 1 - شرح الْجمل 2/170. 2 - رصف المباني 156.

الخاتمة

الخاتمة الْحَمد لله على آلائه الَّتِي لاتُحصى، وَمِنْهَا إنعامه عليّ بإتمام هَذَا الْبَحْث، وَفِي ختامه يُمكنني أَن أُقدّم خُلَاصَة موجزة لأهمّ النتائج الَّتِي توصلت إِلَيْهَا، فَأَقُول: أَولا: الرّاجح – وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور – أنّ (إِذَنْ) حرفٌ، لَا اسْم ظرف لحقها التَّنْوِين عوضا من الْجُمْلَة المحذوفة، وَهُوَ ماذهب إِلَيْهِ بعض الْكُوفِيّين، ورجّحه رضيّ الدّين الاستراباذيّ. ثَانِيًا: الرَّاجح – وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور – أنّها بسيطة، لاحرف مركب من (إذْ وأَنْ) ، وَهُوَ مَذْهَب الْخَلِيل، وَبَعض الْكُوفِيّين، ورجّحه ابْن مَالك؛ ولاهي حرف مركب من (إِذا وأنْ) ، وَهُوَ مَذْهَب الرُّنديّ، وَقد ردّ المالقيّ على الزاعمين بتركيبها. ثَالِثا: الرّاجح – وَهُوَ مَذْهَب سِيبَوَيْهٍ وَالْجُمْهُور – أنّها تنصب الْمُضَارع بِنَفسِهَا، وَذهب الْخَلِيل إِلَى أنّ الْفِعْل يُنصب بـ"أنْ" مضمرة بعد "إِذَنْ"، وَتَابعه الزّجاج والفارسيّ، وانتصر لَهُ رضيّ الدّين الاستراباذيّ، وَأنكر ابْن مَالك نِسْبَة هَذَا الرَّأْي للخليل. رَابِعا: "إِذَنْ" تنصب الْمُضَارع بِشُرُوط سِتَّة: إِذا كَانَت مُبتَدأَة، وجواباً، وَالْفِعْل مُسْتَقْبلا، وَلم يفصل بَينهَا وَالْفِعْل بفاصل، وَالْفِعْل بعْدهَا لم يكن مُعْتَمدًا على ماقبلها، وألاّ تقع بعد عاطفٍ. خَامِسًا: ذهب سِيبَوَيْهٍ إِلَى أنّ مَعْنَاهَا: الْجَواب وَالْجَزَاء، وَاخْتلف النحويّون فِي فهم كَلَامه، ففهم الشلوبين أنّها لَهما مَعًا حَيْثُمَا وُجدت، وَقد ردّ ابْن

عُصْفُور على شَيْخه، وبيّن أنّ كَلَامه معتَرضٌ بيِّنُ الِاعْتِرَاض. أمّا الفارسيّ ففهم أنّها تَرِدُ لَهما، وَقد تتمحض للجواب فَقَط، وَهُوَ الرّاجح. سادساً: "إِذَنْ" إِن وَقعت بَين شَيْئَيْنِ متلازمين أُهملت، كوقوعها بَين الشَّرْط أَو الْقسم وجوابهما، أَو بَين الْمُبْتَدَأ وَالْخَبَر أَو مافي حكمهمَا، وَالصُّورَة الْأَخِيرَة اخْتلف الْفَرِيقَانِ فِيهَا بَين الإعمال والإهمال. سابعاً: لايجوز الْفَصْل بَين "إِذَنْ" ومنصوبها، واغتُفِر الْفَصْل بالقسم، أَو بـ"لَا" النافية، وماعدا ذَلِك اخْتلف النُّحَاة فِي الْفَصْل بِالدُّعَاءِ، أَو النداء، أَو الظّرْف، أَو الْمَجْرُور، أَو مَعْمُول الْفِعْل، فجمهور النَّحْوِيين يوجبون رفع الْفِعْل؛ لوُجُود الْفَصْل. ثامناً: "إِذَنْ" إِن وَقعت بَين حرف الْعَطف وَالْفِعْل الْمُسْتَقْبل، فَأَنت بِالْخِيَارِ، إِن شِئْت أعملتها، وَإِن شِئْت ألغيتها، وَهُوَ الْأَكْثَر والأجود. تاسعاً: حكى سِيبَوَيْهٍ أنّ نَاسا من الْعَرَب يُلغون عمل "إِذَنْ" مَعَ اسْتِيفَاء الشُّرُوط، فَأثْبت لَهَا مُعظم النُّحَاة جَوَاز الإلغاء، وَخَالفهُم آخَرُونَ فأوجبوا إعمالها، وحكموا على اللُّغَة بأنّها نادرةٌ، أَو شاذّةٌ لايُعتبر بهَا. عاشراً: إِذا أَتَى بعد "إِذَنْ" الْفِعْل الْمَاضِي مصحوباً بِاللَّامِ، فَالظَّاهِر أنّ الْفِعْل جوابُ قسمٍ مقدرٍ، أَو جَوَاب "لَو" مقدرةٍ قبل "إِذَنْ"، وَهُوَ مَذْهَب الْفراء. أمّا الرضيّ فَيرى أنّها جَوَاب "لَو" مقدرَة فَقَط. حادي عشر: ذهب الرّضيّ إِلَى أنّ الْفِعْل الْمَنْصُوب بعد "إِذَنْ" يُقدّر بِالْمَصْدَرِ، ويُعرب مُبْتَدأ، خَبره مَحْذُوف وجوبا.

ثَانِي عشر: شبّه النُّحَاة "إِذَنْ" فِي عوامل الْأَفْعَال بـ"ظَنَنَتُ" فِي عوامل الْأَسْمَاء، فِي الِابْتِدَاء، والتوسط، وَالتَّأْخِير؛ لأنّ كلاًّ مِنْهُمَا يعْمل ويُلغى، فَإِذا تقدما عملا، وَإِذا تأخرا أَو توسطا فَفِي الْمَسْأَلَة تَفْصِيل. ثَالِث عشر: الرّاجح – وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَعَلِيهِ إِجْمَاع القُرّاء – أنّ "إِذَنْ" يُوقف عَلَيْهَا بِالْألف المبدلة من النُّون، وَذهب المازنيّ والمبرد إِلَى أنّه يُوقف عَلَيْهَا بالنُّون فِي غير الْقُرْآن. رَابِع عشر: ذهب الْجُمْهُور إِلَى أنّها تكْتب بِالْألف، وَكَذَلِكَ رُسمت فِي الْمُصحف، وَذهب المازنيّ والمبرد وَأكْثر النَّحْوِيين، ورجّحه ابْن عُصْفُور، إِلَى أنّها تكْتب بالنُّون، وَقَالَ الْفراء: إِن كَانَت ملغاة كُتبت بِالْألف؛ لأنّها قد ضعفت، وَإِن كَانَت عاملة كُتبت بالنُّون؛ لأنّها قد قويت، ونَسب لَهُ الرضيّ وَابْن هِشَام الْعَكْس. وآخِرُ دعوانا أَنِ الْحَمد لله ربّ الْعَالمين، وصلّى الله على سيدنَا ونبيّنا مُحَمَّد وعَلى أَزوَاجه، وذرّيته، وَصَحبه أَجْمَعِينَ، وسلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرا.

مصادر ومراجع

مصَادر ومراجع ... فهرس المصادر والمراجع الإتقان فِي عُلُوم الْقُرْآن للسيوطيّ، تَقْدِيم مُحَمَّد شرِيف سكر، ومراجعة مصطفى الْقصاص، ط1، 1407هـ، مكتبة المعارف، الرياض. ارتشاف الضَّرْب من لِسَان الْعَرَب لأبي حيّان الأندلسيّ، تَحْقِيق ودراسة رَجَب عُثْمَان مُحَمَّد، ط1، 1418هـ، مكتبة الخانجي، الْقَاهِرَة. الْأَشْبَاه والنظائر فِي النَّحْو للسيوطيّ، مُرَاجعَة فايز ترحيني، ط1، 1404هـ، دَار الْكتاب الْعَرَبِيّ، بيروت. الْأُصُول فِي النَّحْو لِابْنِ السراج، تَحْقِيق عبد الحسين الفتلي، ط1، 1405هـ، مؤسسة الرسَالَة، بيروت. ألفية ابْن مَالك فِي النَّحْو وَالصرْف، 1410هـ، مكتبة طيبَة للنشر والتوزيع، الْمَدِينَة المنورة. الْإِيضَاح العضدي لأبي عليّ الفارسيّ، تَحْقِيق د. حسن شاذلي فرهود، ط2، 1408هـ، دَار الْعُلُوم. الْإِيضَاح فِي شرح الْمفصل لِابْنِ الْحَاجِب، تَحْقِيق د. مُوسَى العليلي، مطبعة العاني، بَغْدَاد. الْبَحْر الْمُحِيط لأبي حيّان الأندلسيّ، ط2، 1398هـ، دَار الْفِكر، بيروت. الْبُرْهَان فِي عُلُوم الْقُرْآن لبدر الدّين الزركشيّ، تَحْقِيق مُحَمَّد أَبُو الْفضل إِبْرَاهِيم، ط2، دَار الْمعرفَة، بيروت. التَّبْصِرَة والتذكرة لأبي مُحَمَّد الصيمريّ، تَحْقِيق د. فتحي أَحْمد مصطفى عليّ الدّين، ط1، 1402هـ، دَار الْفِكر، دمشق. تذكرة النُّحَاة لأبي حيّان الأندلسيّ، تَحْقِيق د. عفيف عبد الرحمن، ط1،

1406 - هـ، مؤسسة الرسَالَة، بيروت. تسهيل الْفَوَائِد وتكميل الْمَقَاصِد لِابْنِ مَالك، تَحْقِيق مُحَمَّد كَامِل بَرَكَات، دَار الْكَاتِب الْعَرَبِيّ للطباعة والنشر، 1387هـ. التَّصْرِيح على التَّوْضِيح لخَالِد الأزهريّ، دَار الْفِكر، دمشق. التعليقة على كتاب سِيبَوَيْهٍ لأبي عليّ الفارسيّ، تَحْقِيق د. عوض القوزي، ط1، 1412هـ، جَامِعَة الْملك سعود، الرياض. التكملة لأبي عليّ الفارسيّ، تَحْقِيق د. كاظم المرجان، 1401هـ، دَار الْكتب للطباعة والنشر، جَامِعَة الْموصل. توضيح الْمَقَاصِد والمسالك بشرح ألفية ابْن مَالك للمراديّ، تَحْقِيق د. عبد الرحمن عَليّ سُلَيْمَان، ط1، 1396هـ، مكتبة الكليات الأزهرية، الْقَاهِرَة. الْجَامِع لأحكام الْقُرْآن للقرطبيّ، ط1، 1408هـ، دَار الْكتب العلمية، بيروت. الْجمل فِي النَّحْو لأبي الْقَاسِم الزجاجيّ، تَحْقِيق د. عَليّ توفيق الْحَمد، ط1، 1407هـ، مؤسسة الرسَالَة، بيروت. الجنى الداني فِي حُرُوف الْمعَانِي للمراديّ، تَحْقِيق د. فَخر الدّين قباوة وَمُحَمّد نديم، ط1، 1413هـ، دَار الْكتب العلمية، بيروت. جَوَاهِر الْأَدَب فِي معرفَة كَلَام الْعَرَب لعلاء الدّين الإربليّ، صَنْعَة د. إميل بديع يَعْقُوب، ط1، 1412هـ، دَار النفائس، بيروت. دراسات لأسلوب الْقُرْآن الْكَرِيم تأليف مُحَمَّد عبد الخالق عضيمة، دَار الحَدِيث، الْقَاهِرَة.

ديوَان حسان بن ثَابت، تَحْقِيق د. سيد حَنَفِيّ حسنين، دَار المعارف، الْقَاهِرَة. ديوَان كُثّيرّ عزّة، تَحْقِيق إِحْسَان عَبَّاس، ط1، 1971م، دَار الثقافة، بيروت. رصف المباني فِي شرح حُرُوف الْمعَانِي للمالقيّ، تَحْقِيق د. أَحْمد مُحَمَّد الْخَرَّاط، ط2، 1405هـ، دَار الْقَلَم، دمشق. شرح أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ لِابْنِ السيرافيّ، تَحْقِيق د. مُحَمَّد عَليّ سلطاني، 1979م، دَار الْمَأْمُون للتراث، دمشق. شرح الأبيات المشكلة الْإِعْرَاب لأبي عليّ الفارسيّ، الْمُسَمّى (إِيضَاح الشّعْر) ، تَحْقِيق د. حسن هنداوي، ط1، 1407هـ، دَار الْقَلَم، دمشق. شرح الأشموني على ألفية ابْن مَالك، مطبعة الْحلَبِي، الْقَاهِرَة. شرح ألفية ابْن مَالك لِابْنِ النَّاظِم، تَحْقِيق د. عبد الحميد السَّيِّد مُحَمَّد عبد الحميد، دَار الجيل، بيروت. شرح التسهيل لِابْنِ مَالك، تَحْقِيق د. عبد الرحمن السَّيِّد ود. مُحَمَّد بدوي المختون، ط1، 1410هـ، هجر للطباعة والنشر. شرح جمل الزجاجيّ لِابْنِ عُصْفُور، تَحْقِيق صَاحب أَبُو جنَاح. شرح شذور الذَّهَب فِي معرفَة كَلَام الْعَرَب لِابْنِ هِشَام الأنصاريّ، تَحْقِيق مُحَمَّد مُحي الدّين عبد الحميد، دَار الْفِكر، بيروت. شرح شَوَاهِد المغنى للسيوطي، دَار مكتبة الْحَيَاة، بيروت. شرح قطر الندى وبل الصدى لِابْنِ هِشَام الأنصاريّ، تَحْقِيق مُحَمَّد مُحي الدّين عبد الحميد، 1411هـ، المكتبة العصرية، بيروت.

شرح الكافية لرضيّ الدّين الاستراباذيّ، ط3، 1402هـ دَار الْكتب العلمية، بيروت. شرح الكافية الشافية لِابْنِ مَالك الأندلسيّ، تَحْقِيق د. عبد المنعم هريدي، دَار الْمَأْمُون للتراث. شرح كتاب سِيبَوَيْهٍ لأبي سعيد السيرافيّ، تَحْقِيق د. رَمَضَان عبد التواب، ود. مَحْمُود فهمي حجازي، ود. مُحَمَّد هَاشم عبد الدايم، الْهَيْئَة المصرية الْعَامَّة للكتب، 1986م. شرح الْمفصل لِابْنِ يعِيش النّحويّ، عَالم الْكتب، بيروت. شرح الْمُقدمَة الجزوليّة الْكَبِير لأبي عليّ الشلوبين، تَحْقِيق د. تركي بن سَهْو العتيبي، ط1، 1413هـ، مكتبة الرشد، الرياض. شرح ملحة الْإِعْرَاب لأبي مُحَمَّد الْقَاسِم الحريريّ، تَحْقِيق د. أَحْمد مُحَمَّد قَاسم، ط2، 1412هـ، مكتبة دَار التراث، الْمَدِينَة. شرح الملوكي فِي التصريف لِابْنِ يعِيش، تَحْقِيق د. فَخر الدّين قباوة، ط1، 1393هـ، المكتبة الْعَرَبيَّة، حلب. الصّاحبي لأبي الْحُسَيْن ابْن فَارس، تَحْقِيق السيّد أَحْمد صقر، مطبعة عِيسَى الْحلَبِي، الْقَاهِرَة. فهارس كتاب سِيبَوَيْهٍ صنع مُحَمَّد عبد الخالق عضيمة، ط1، 1395هـ، دَار الحَدِيث، الْقَاهِرَة. فهارس مَعَاني الْقُرْآن للفراء، إعداد د. فائزة الْمُؤَيد، ط1، 1414?، الْخَبَر. الْكتاب لسيبويه، تَحْقِيق عبد السلام هَارُون، ط2، 1403هـ، مكتبة الخانجي، الْقَاهِرَة.

- الْكَشَّاف لأبي الْقَاسِم الزمخشريّ، دَار الْمعرفَة، بيروت. - كشف الْمُشكل فِي النَّحْو لعَلي بن سُلَيْمَان الحيدرة اليمنيّ، تَحْقِيق د. هادي عَطِيَّة مطر، ط1، 1404هـ، مطبعة الْإِرْشَاد، بَغْدَاد. - الْكَوَاكِب الدّريّة على متممة الآجُرّوميّة لمُحَمد بن مُحَمَّد الرُّعينّي، الشهير بالحطاب، ط1، 1410هـ، دَار الْكتب، بيروت. - مختصرٌ فِي شواذّ الْقُرْآن لِابْنِ خالويه، عني بنشره برجشتراسر، المطبعة الرحمانيّة بِمصْر، 1934م. - المساعد على تسهيل الْفَوَائِد لِابْنِ عقيل، تَحْقِيق مُحَمَّد كَامِل بَرَكَات، 1400هـ، دَار الْفِكر، دمشق. - مَعَاني الْقُرْآن للفراء، ط3، 1403هـ، عَالم الْكتب، بيروت. - مَعَاني الْقُرْآن وَإِعْرَابه للزجاج، تَحْقِيق د. عبد الجليل عَبده شلبي، ط1، عَالم الْكتب، بيروت. - المعجم الْمفصل فِي شَوَاهِد النَّحْو الشعرية، إعداد إميل بديع يَعْقُوب، ط1، 1413هـ، دَار الْكتب العلمية، بيروت. - المعجم المفهرس لألفاظ الْقُرْآن الْكَرِيم، وَضعه مُحَمَّد فؤاد عبد الباقي، ط2، 1408هـ، دَار الحَدِيث، الْقَاهِرَة. - مُغنِي اللبيب لجمال الدّين ابْن هِشَام الأنصاريّ، تَحْقِيق مَازِن الْمُبَارك، وَمُحَمّد عَليّ حمدالله، ط1، 1399هـ، دَار نشر الْكتب الإسلامية، لاهور. - الْمفصل لأبي الْقَاسِم الزمخشريّ، ط2، دَار الجيل، بيروت. - المفضليات، تَحْقِيق وَشرح أَحْمد مُحَمَّد شَاكر، وعبد السلام مُحَمَّد هَارُون، ط7، دَار المعارف، الْقَاهِرَة.

- الْكَشَّاف لأبي الْقَاسِم الزمخشريّ، دَار الْمعرفَة، بيروت. - كشف الْمُشكل فِي النَّحْو لعَلي بن سُلَيْمَان الحيدرة اليمنيّ، تَحْقِيق د. هادي عَطِيَّة مطر، ط1، 1404هـ، مطبعة الْإِرْشَاد، بَغْدَاد. - الْكَوَاكِب الدّريّة على متممة الآجُرّوميّة لمُحَمد بن مُحَمَّد الرُّعينّي، الشهير بالحطاب، ط1، 1410هـ، دَار الْكتب، بيروت. - مختصرٌ فِي شواذّ الْقُرْآن لِابْنِ خالويه، عني بنشره برجشتراسر، المطبعة الرحمانيّة بِمصْر، 1934م. - المساعد على تسهيل الْفَوَائِد لِابْنِ عقيل، تَحْقِيق مُحَمَّد كَامِل بَرَكَات، 1400هـ، دَار الْفِكر، دمشق. - مَعَاني الْقُرْآن للفراء، ط3، 1403هـ، عَالم الْكتب، بيروت. - مَعَاني الْقُرْآن وَإِعْرَابه للزجاج، تَحْقِيق د. عبد الجليل عَبده شلبي، ط1، عَالم الْكتب، بيروت. - المعجم الْمفصل فِي شَوَاهِد النَّحْو الشعرية، إعداد إميل بديع يَعْقُوب، ط1، 1413هـ، دَار الْكتب العلمية، بيروت. - المعجم المفهرس لألفاظ الْقُرْآن الْكَرِيم، وَضعه مُحَمَّد فؤاد عبد الباقي، ط2، 1408هـ، دَار الحَدِيث، الْقَاهِرَة. - مُغنِي اللبيب لجمال الدّين ابْن هِشَام الأنصاريّ، تَحْقِيق مَازِن الْمُبَارك، وَمُحَمّد عَليّ حمدالله، ط1، 1399?، دَار نشر الْكتب الإسلامية، لاهور. - الْمفصل لأبي الْقَاسِم الزمخشريّ، ط2، دَار الجيل، بيروت. - المفضليات، تَحْقِيق وَشرح أَحْمد مُحَمَّد شَاكر، وعبد السلام مُحَمَّد هَارُون، ط7، دَار المعارف، الْقَاهِرَة.

§1/1