مسألة التسمية لمحمد بن طاهر المقدسي

ابن القيسراني

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيد المرسلين محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم تسليما أما بعد فإن سائلا سألني عن السبب الموجب لترك الجهر بقراءة {بسم الله الرحمن الرحيم} في أول الفاتحة وغيرها من سور القرآن في الصلوات بعد أن كنت أجهر بها فكان الجواب أنني لما نشأت كنت على مذهب أخذته تقليدا إذ الصبي يكون مذهبه قبل التمييز مذهب أبويه وأهل بلده فكنت على ذلك حينا أعتقد صحتة جهلا مني بطرق الأحاديث التي هي المرقاة المتوصل بها إلى معرفة ذلك فلما رزقني الله تعالى من العلوم أجلها وأنفعها عاجلا وآجلا دعاني ذلك إلى تناول الصحيح مما ينقل عن

صاحب الشريعة ويترك ما سواه وذلك أني تتبعت هذه المسألة وأحاديثها للفريقين فلم أجد في الجهر في الصلاة حديثا صحيحا يعتمد عليه أهل النقل ولا أخرج منها في الكتابين الصحيحين الذين أجمع المسلمون على صحة ما أخرج فيهما حرف واحد يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بها في الصلاة ووجدت الأحاديث الصحاح في ترك الجهر بها مخرجة في الكتابين وغيرهما من السنن المصنفة في الشريعة ثم إجماع الفقهاء على هذا الفعل وإنما جهر بها من

الأئمة المقتدى بهم الإمام أبو عبد الله محمد بن إردريس الشافعي - رضي الله عنه - وقوم ممن لا يعد الفقهاء خلافهم خلافا فكان ذلك هو السبب الذي دعاني إلى هذا الفعل قال السائل: فإن جماعة من أهل النقل ممن يعرف بالحفظ والتقدم فيه يجهر بها. قلت لا يخلو المحدث الجاهر بها من أحد قسمين إما أن يكون عَلم من النقد ما عَلم الحفاظ الأئمة المتقدمون من الصحيح والسقيم والمتصل والمنفصل والمرسل والمسند والمعدل

والمجروح وما يتعلق بأنواع الحديث التي جعلت سببا إلى معرفة الحديث أوْ لا , فإن كان الرجل ممن عرف هذا كله وجهر بها فإنه متبع هواه مخالف للسنة وإن كان ممن وقع عليه الإسم مجازا فعذره عذر المقلد في هذا النوع ورضي بأن يقال سبق إلحاح واعلم أن كل حديث جهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة وقنت في صلاة الصبح بالدعاء الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه في الوتر وتشهد بتشهد عبد الله بن عباس وما أشبه ذلك من المسائل التي صح النقل بخلافها أو كان غيرها أولى وأرجح عند أهل الصنعة من الأخذ فإنه داخل في هذين القسمين [التي] تقدمت

ونبدأ في هذه المسألة بالحديث المجمع على صحته

وأنا بعون الله ومنه أورد في هذه المسألة الحجج التي اعتمد عليها الأئمة من أهل النقل والفقه ليصح لديك جميع ما قدمته إليك والله المسهل لذلك والمعين عليه إنه جواد كريم ونبدأ في هذه المسألة بالحديث المجمع على صحته عند أهل النقل على إخراجه في الصحيحين للبخاري ومسلم من حديث

أبي الخطاب: قتادة بن دعامة السدوسي البصري عن أبي حمزة أنس بن مالك الأنصاري رضي الله عنهما. أخبرنا أبو محمد عبد الله الخطيب أخبرنا عبد الله بن محمد بن حبابة قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: سمعت شريح بن يونس يقول سمعت هشيما يقول إذا جاء قتادة في حديث فاتركوا حديث الناس. أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفقيه الهروي بها قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاريّ. وأخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد البندار ببغداد أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلّص. وأخبرنا أبو محمد الخطيب الصريفيني أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن أخي ميمي (ح) وأخبرنا ابن النقور أخبرنا الكتاني. وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن محمد بن مخلد بن سليمان قالوا أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي حدثنا علي بن الجعد الجوهري أخبرنا شعبة وشيبان عن قتادة قال: سمعت أنس بن مالك قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. هذا حديث اتفق البخاري، ومسلم على إخراجه في الكتابين الصحيحين، من حديث أبي بسطام شعبة بن الحجاج عن قتادة. فالبخاري أورده في الصلاة عن حفص بن عمر عن شعبة.

ومسلم أورده عن أبي موسى محمد بن المثنى ومحمد بن بشار البصريين عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة وعن أبي موسى وحده عن أبي داود الطيالسي عن شعبة ولفظ غندر لم يكونوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم وكذلك أبو داود سليمان بن داود الطيالسي أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الأديب بنيسابور أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله إجازة حدثنا أبو الحسن بن تميم ببغداد حدثنا أبو قلابة الرقاشي حدثني أبي حدثنا حمَّاد بن زَيْد أنه كان إذا حدث عن شعبة قال حدثنا الضخم عن الضخام شعبة الخير أبو بسطام وناهيك بهذه المنقبة من إمام العراق: أبي إسماعيل حماد بن زيد بن درهم ومدحه له وتفخيمه إياه فقد أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن الشامي بمكة قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن فراس أخبرني العباس بن قتيبة العسقلاني حدثنا محمد بن يزيد المستملي حدثنا عارم قال: سمعت ابن المبارك يقول: أيها الطالب علما ... إيت حمَّاد بن زَيْد

فخذ العلم برفق ... ثم قيده بقيد ولعل قائلا يقول: إني في تصحيحي هذا الحديث من هذا الطريق مقلد للبخاري ومسلم لأنهما أخرجاه وليس كذلك على أنهما بمنزلة من نقلد ولكني صححته من الوجه الذي صححاه وذلك أن هذا حديث رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة ووافقوا أنس بن مالك على هذا اللفظ.

منهم رجلان: عبد الله بن مغفل وأبو هريرة.

أما حديث عبد الله بن مغفل:

أما حديث عبد الله بن مغفل: فأخبرناه القاضي أبو عامر محمد بن القاسم الأزدي بهراة،

أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجرحي المروزي قدم علينا أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد بن محبوب حدثنا أبو عيسى الترمذي حدثنا أحمد بن منيع حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا الجريري عن قيس بن عباية عن ابن عبد الله بن مغفل قال سمعني أبي وأنا أقول بسم الله الرحمن الرحيم فقال أي بني إياك والحدث قال: " ولم أر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبغض إليه الحدث في الإسلام يعني منه قال وقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان فلم أسمع أحدا منهم يقولها فلا تقولها إذا أنت صليت فقل {الحمد لله رب العالمين} . قال الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي غيرهم ومن بعدهم من التابعين.

وأما حديث أبي هريرة:

وأما حديث أبي هريرة: فأخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين

رواه عن أنس بن مالك جماعة من التابعين غير قتادة

المؤدب أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه صاحب السنن حدثنا نصر بن علي الجهضمي وبكر بن خلف وعقبة بن مكرم قالوا حدثنا صفوان بن عيسى حدثنا بشر بن رافع عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} ثم أقول: رواه عن أنس بن مالك جماعة من التابعين غير قتادة منهم ثابت بن أسلم البناني أخبرنا عبد الله بن محمد الخطيب أخبرنا أبو القاسم بن حبابة حدثنا عبد الله بن محمد البغوي حدثني أحمد بن منصور وغيره حدثنا الأحوص بن جواب حدثنا عمار بن زريق عن الأعمش عن شُعْبة عن ثابت بن أنس قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمر رضي الله عنهم فلم يجهروا ببسم الله الرحمن الرحيم

ومنهم الحسن بن أبي الحسن البصري:

وهذا الحديث لا يعلل به حديث شعبة عن قتادة عن أنس فيحتمل أن يكون الحديث عنده عنهما وفرق بينهما في الرواية لاختلاف العبارة وقد جمع بينهما في هذا الحديث حمَّاد بن سَلَمة فصح بذلك ما قلناه. أخبرنا بحديثه أبو القاسم إسماعيل بن موسى بن عبد الله الساري أخبرنا اليسري أخبرنا أبو عمرو. وحدثنا ابن مخلد كذا في حاشية الأصل بخط أبي نصر الأصبهاني "بفرخك" أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم حدثنا الحسن بن مكرم حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حمَّاد بن سلمة عن قتادة وثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يستفتحون القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} . ومنهم الحسن بن أبي الحسن البصري: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الطيار بأصبهان أخبرنا إبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قوله أخبرنا عبد الله محمد بن مخلد حدثنا حفص بن عمرو الربالي حدثنا حماد بن مسعدة عن

ومنهم محمد بن سيرين:

أشعث عن الحسن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} ورواه سالم الخياط عن الحسن أتم من هذا. أخبرنا أبو الفتح المطهر بن أحمد البيع أخبرنا علي بن منده أخبرنا أبو عمرو بن حكيم حدثنا أبو أمية الطرسوسي حدثنا عبد بن موسى حدثنا سالم الخياط عن الحسن عن أنس قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم سنتين ومع أبي بكر وعمر فلم أسمعهم يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم. ومنهم محمد بن سيرين: أخبرنا أبو طالب بن سعد بن منصور ولاد الأصبهاني أخبرنا أبو الحسن علي بن ميلة الفقيه أخبرنا أبو عمرو بن حكيم أخبرنا محمد بن إبراهيم الطرسوسي حدثنا سليمان بن عبد الله الرقي حدثنا مخلد عن هشام عن ابن سيرين والحسن عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يستفتحون بـ {الحمد لله رب العاليمن} ومنهم داود بن أبي هند: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن الحسن الخوافي - قدم علينا بنيسابور من خواف - أخبرنا محمد بن عبد الله بن يوسف بن

ومنهم أبو نعامه الحنفي:

باهويه أخبرنا أبو الحسين علي بن الحسن القطان حدثنا أبو الجهم عبد الرحمن بن المنذر عن جده: محمد بن المنذر حدثنا علي بن ظبيان الجنى عن داود بن أبي هند عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يخفون بسم الله الرحمن الرحيم. ومنهم أبو نعامه الحنفي: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الشيرازي أخبرنا أبو طاهر محمد بن يحمش الزيادي حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان حدثنا علي بن الحسين بن أبي عيسى حدثنا عبد الله بن الوليد عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي نعامة عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر لا يقرون - يعني لا يجهرون - ببسم الله الرحمن الرحيم. فقد ثبت بما أوردناه صحة هذا الحديث عن أنس ولولا كراهية التطويل لأوردت طرقه عن أنس بالتمام وطرق من رواه عن كل واحد منهم ولكني اختصرت على إيراده من حديث هؤلاء الخمسة

الكبار الثقات من أصحاب أنس متابعة لقتادة على روايته المخرجة في الصحيحين. ثم أقول: رواه عن قتادة غير شعبة شيبان المقدم ذكرهما جماعة من الأئمة نذكر من أجلائهم المجمع على أمانته خمسة. فنبدأ بأبي بكر أيوب بن أبي تميمة السختياني تابعي سمع من أنس غير هذا الحديث وحدث بهذا الحديث عن قتادة أخبرناه محمد بن الحسين أخبرنا القاسم بن أبي المنذر أخبرنا علي بن إبراهيم القطان قال: أخبرنا محمد بن يزيد حدثنا محمد بن الصباح أخبرنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن قتادة عن أنس بن مالك. قال محمد بن بن يزيد وحدثنا جبارة بن المغلس حدثنا أبو عوانة عن قَتَادة عن أَنَس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بـ {الحمد لله رب العالين} . هكذا أورده في السن ولم يبين اللفظ لمن هو فأوردته كذلك وقد تقدم في ترجمة ثابت رواية حمَّاد بن سَلَمة لهذا الحديث عن قَتَادة فيكون ثلاثة من الأئمة والرابع أبو بكر هشام بن سَنْبَر الدستوائي. وأخبرنا بحديثه أبو علي علي بن أحمد بن علي السقطي بالبصرة أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قَتَادة عن [أَنَس] أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون

القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} والخامس إمام الشام: أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد العدل النيسابوري بها أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفراييني أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ حدثنا عيسى بن أحمد حدثنا بشر بن بكير حدثني الأوزاعي قال كتب إلي قتادة قال حدثني أنس بن مالك أنه صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وكانوا يفتتحون بـ {الحمد لله رب العالمين} لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها. أخرجه مسلم في صحيحه من هذا الطريق عن محمد بن مهران عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. * واعلم أن هؤلاء الأئمة الذين قدمت ذكرهم من قواعد الصحيح إلا أن الشيخين لم يخرجا هذا الحديث من روايتهم عن قتادة وإنما اعتمدوا على طريق شعبة وعلى طريق الأوزاعي والسبب أن قتادة كان يدلس ولم يكن أحد يمكنه أن يسأله عما سمع مما لم يسمع إلا شعبة وله في ذلك حكايات يعرفها أهل النقل منها: ما أخبرنا أبو محمد الخطيب حدثنا عبد الله بن حبابة، حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، حدثنا أحمد بن إبراهيم _ يعني الدورقي _ حدثنا أبوداود، حدثنا شعبة قال: كنت أنظر إلى فم قتادة إذا حدث، فإذا حدث ما قد سمع، قال: حدثنا سعيد بن المسيب، وحدثنا أنس، وحدثنا مطرف.

فإذا حدث بما لم يسمع، قال: حدث سليمان بن يسار، وحدث أبوقلابة به. وأخبرنا أحمد بن علي الأديب، أخبرنا الحاكم أبوعبد الله إجازة، حدثنا محمد بن صالح بن هاني، حدثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدثنا رجاء الحافظ المروزي، حدثنا النضر بن شميل. قال: سمعت شعبة يقول: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة. وأخبرنا أبوالفضل الصرام، أخبرنا أبونعيم الإسفرائيني، حدثنا أبوعوانة حدثنا نصر بن مرزوق، حدثنا أسد بن موسى، قال: سمعت شعبة يقول: كان همي من الدنيا شفتي قتادة، فإذا قال: سمعت كتبت؛ وإذا قال: قال تركت. وأما هذا الحديث، فقد سأل قتادة عنه. أخبرنا بذلك أبو القاسم إسماعيل بن عبد الله الساوي، أخبرنا أبو سعيد الصيرفي أخبرنا أبو العباس الأصم، أخبرنا يحيى بن أبي طالب، أخبرنا أبو داود الطيالسي، أخبرنا شعبة عن قَتَادة [عن أَنَس] أن النبي صلى الله عليه وسلم وسلم وأبا بكر وعمر كانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم قال شعبة قلت لقتادة أسمعته من أنس قال نعم نحن سألناه عنه وكذلك رواه أبو موسى عن أبي داود.

أخبرنا المبارك بن عبد الجبار أخبرنا علي بن أحمد بن علي الغالي أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن إسحاق بن خَرْبان النهاوندي أخبرنا أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي في كتاب الفاصل أخبرنا عبد الله بن علي أخبرنا أبو موسى أخبرنا أبو داود أخبرنا شعبة عن قَتَادة عن أَنَس قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وخلف عثمان فلم يكونوا يستفتحون بقراءة بسم الله الرحمن الرحيم قال شعبة قلت لقتادة أسمعته من أنس قال نعم. نحن علونا في الأول فكأنا سمعنا الثالث من النهاوندي عن المصنف فلما علم الأئمة من إحتياط شعبة في الحديث وأخذه عن المدلس ما سمع وتركه مالم يسمع أخرجوا هذا لاحديث من طريقه واقتصروا فيه عليه وأما إخراج مسلم لهذا الحديث من طريق الأوزاعي عن قتادة فإنه قال في كتابه إليه: حدثني أنس بن مالك فزال بذاك تهمة التدليس وقد روى هذا الحديث عن شعبة غير أبي الحسن علي بن الجعد بن علي بن عبيد الجوهري جماعة من خلق الله يطول شرحهم وبمثل ما أوضحت لك من إيراد الحديث بالمتابعات لكل راوي يصحح الحديث. فاعلم ذلك.

الأصل الثاني الذي اعتمدت عليه في هذه المسألة

وثبت بما قدمناه من طريق شعبة والأوزاعي الذي في الصحيحين أن المتأول لهذا الحديث بقوله إن معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح بالحمد لله أي لم يكن يقرأ سورة غيرها غير مصيب فإن الرواية الصحيحة دلت على خلافه فبطل هذا التأويل والله أعلم الأصل الثاني الذي اعتمدت عليه في هذه المسألة حديث أورده البخاري وحده في الصحيح أخبرناه أبو مسعود سليمان بن إبراهيم الحافظ الوراق بأصبهان أخبرنا محمد بن علي بن عبد الملك الفسوي الحافظ أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ النيسابوري حدثنا أبو عمرويه يعني الحسين بن أبي معشر الحراني الحافظ حدثنا بندار يعني محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر عن شعبة عن حبيب وهو بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي فدعاني فلم آته حتى صليت ثم أتيته فقال ما منعك أن تأتني؟ قلت كنت أصلي قال ألم يقل الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} الآية ثم قال ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج قال فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرته فقال {الحمد لله رب العالمين} هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته أبو سعيد: اسمه رافع بن المعلى بن لوذان بن عبد حارثة بن زيد

بن ثعلبة بن عدي بن مالك بن زيد مناة الزرقي الأنصاري روى عنه حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب هذا , وابنه سعيد وعبيد بن حنين نزلت فيه وفي أصحابه {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان} الآية وأخرجه البخاري في صحيحيه في التفسير عن بندار هذا عن غندر محمد بن جعفر وعن علي بن المديني عن يحيى بن سعيد القطان وعن إسحاق بن منصور عن روح بن عبادة وقال قال معاذ يعني ابن معاذ رابعهم عن شعبة. وأخرجه أبو داود في السنن عن عبد الله بن معاذ عن خالد عن شعبة وفي هذا الحديث الصحيح دليل آخر وهو أن الفاتحة سبع آيات سوى بسم الله الرحمن الرحيم كما عدها قراء المدينة فمن عدها سبع آيات مع بسم الله الرحمن الرحيم فقد جعل الفاتحة ست آيات وخالف عدد صاحب الشرع الذي نزلت عليه وأمر الخلق

كافة باتباعه أخبرنا بذلك أحمد أخبرنا محمد بن عبد الله الدقاق حدثنا يحيى بن صاعد حدثنا يوسف بن موسى وزهير بن محمد واللفظ ليوسف حدثنا عمار بن عبد الجبار المروزي حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحمد لله أم القرآن والسبع المثاني والقرآن العظيم. قال يحيى بن صاعد: حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فاتحة الكتاب يعني {ولقد آتيناك سبعا من

الأصل الثالث

المثاني} . الأصل الثالث الذي اعتمدت عليه في هذه المسألة حديث عائشة رضي الله عنها المخرج في صحيح مسلم وحده الذي وصفت فيها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله فيها من أولها إلى آخرها أخبرنا به أبو القاسم الفضل بن عبد الله بن المحب المفسر بنيسابور بقرائتي عليه قلت له أخبركم أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف الزاهد حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا حسين المعلم عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح صلاته بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه وكان إذا رفع

رأسه من الركوع استوى قائما وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا وكان ينهى عن عقب الشيطان وكان يفرش رجله اليسرى [وينصب رجله اليمنى] وكان يكره أن يفرش ذراعيه افتراش الكلب وكان يختم الصلاة بالتسليم وكان يقرأ في كل ركعتين التحية رواه عبد الله بن وهب عن عيسى بن يونس مختصرا أخبرناه أبو علي الحسن بن عبد الرحمن العدل بمكة أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن فراس أخبرنا محمد بن الربيع الخيري أخبرنا عبد الله بن أبي رومان بالإسكندرية سنة ثلاث وخمسين ومائتين حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عيسى ين يونس بالحديث ورواه عن حسين المعلم غير عيسى بن يونس أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب أخبرنا أبي أبو عبد الله بن منده أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن حفص النيسابوري حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن عبد الله بن سليمان السعدي حدثنا عبد الأعلى بن حسين المعلم حدثنا أبي حدثنا أبو بكر بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين وذكره بطوله ورواه سعيد بن أبي عروبة عن بديل كذلك أخبرناه أبو العباس المؤذن أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن حدثنا محمد بن يعقوب الأصم حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا محمد بن يعقوب الأصم حدثنا إبراهيم بن مرزوق حدثنا سعيد يعني ابن عامر عن سعيد عن بديل العقيلي عن أبي الجوزاء عن عائشة

قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين ويختمها بالتسليم وهذا الحديث أخرجه مسلم بن الحجاج في صحيحه عن أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الحنظلي هذا ويعرف بابن راهويه كما أخرجناه عاليا وأبو الجوزاء هذا بالجيم والزاي المعجمة اسمه أوس بن عبد الله ويقال أوس بن خالد الربعي البصري وليس له في كتاب مسلم غير هذا الحديث. قال عمرو بن علي مات سنة ثلاث وثمانين ويصحف بكنيته من يكنى بأبي الحوراء بالحاء والراء المهملتين يروي عن الحسن بن علي اسمه ربيعة بن شيبان ورواه عن الحسين بن ذكوان المعلم البصري العوذي جماعة غير عيسى بن يونس منهم: أبو خالد الأحمر وعبد الوارث بن سعيد ويزيد بن هارون وآخرين تركنا إيراد طرقهم إليه في هذا الحديث خشية التطويل

الأصل الرابع

الأصل الرابع الذي اعتمدت عليه في هذه المسألة حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل المخرج في الصحيح لمسلم وهذا النوع من الحديث حكمه عند أهل النقل حكم الكتاب المنزل أخبرناه أبو عمرو عثمان بن محمد [بن] عبد الله العدل بنيسابور أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري أخبرنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الحافظ الإسفرائيني حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج غير تمام ثلاث مرات قلت يا أبا هريرة إني أحيانا أكون وراء الإمام قال فغمز ذراعي وقال لي: اقرأ بها في نفسك يا فارسي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} يَقُولُ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، يَقُولُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، يَقُولُ اللَّهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، يَقُولُ اللَّهُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، يَقُولُ الْعَبْدُ {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} ، فَهؤلاء لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. أورده مسلم في صحيحه عن قتيبة بن سعيد عن مالك كذلك فتابع مالكا على روايته عنه عن أبي السائب هذا عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ورواه سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن فقال عن أبيه عن أبي هريرة أخبرنا أبو علي أحمد بن علي أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو علي محمد بن علي المذكر أخبرنا عتيق بن محمد الحرشي حدثنا سفيان بن عيينة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة وربما قال عمن سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي إذا قال الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي وذكر الحديث إلى آخره. أخرجه مسلم في الصحيح هكذا عن إسحاق بن راهويه عن سفيان كذلك وهذا الحديث رواه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه وأبي السائب فمن الرواة من ذكره عن أبي السائب فقط كما فعل مالك،

ومنهم من رواه عنه عن أبيه كما فعل ابن عيينة وكلاهما صحيحان لا يعلل أحدهما الآخر والدليل على صحة ذلك أن أبا أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس رواه عن العلاء فجوده بذكرهما وأحكمه أخبرناه عثمان بن محمد المزكي نا عبد الملك بن الحسن أخبرنا أبو عوانة حدثنا إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه عن العلاء بن عبد الرحمن قال: سمعت من أبي ومن أبي السائب جميعا كانا جليسين لأبي هريرة قال قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث أخرجه مسلم من هذا الوجه أيضا عن أحمد بن جعفر المعقري عن النضر بن محمد عن أبي أويس هذا أخبرني البسري علي بن أحمد أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن حدثنا يحيى بن صاعد حدثنا عمرو بن علي حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال: سمعت عبد الرحمن الأعرج يحدث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان إذا استفتح الصلاة قرأ الحمد لله رب العالمين ثم سكت هنيهة قال الدارقطني لم يرفعه عن أبي داود غير شعبة ووافقه غيره من فعل أبي هريرة ورواه جابر بن عبد الله كرواية أبي هريرة حدثنا الحسين بن إسماعيل حدثنا أبو السائب سلم بن جنادة حدثنا زيد بن الحباب عن عنبسة بن سعيد عن مطرف بن طريف عن سعد بن إسحاق عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يقول قسمت بيني وبين عبدي الصلاة فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال: حَمِدَنِي عَبْدِي، فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، قال: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، يَقُولُ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، هذا

لي وله ما بقي.

فتقرر بهذه الأدلة الأربعة المخرجة في الصحيحين أو في أحدهما السبب الموجب لترك الجهر بها في الصلاة وفي هذه

المسألة أحاديث أخر خارجة عن شرط الصحيحين لم أوردها ولم أحتج بها لأنها من الجنس الذي احتجوا في الجهر بها وهذه الأحاديث لا معارض من الصحيح وإنما تعارض بأحاديث غير ثابتة عند أهل النقل من رواية الضعفاء والمجروحين ولولا قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح وأخبرنا أبو محمد الخطيب أخبرنا أبو القاسم بن حبابة أخبرنا أبو عبد الله بن محمد البغوي حدثنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة وقيس عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين.

لكنت أورد ما تمسكوا به في هذه المسألة من الأحاديث وأبين

وهنها وضعف نقلتها ولكني اختصرت على الصحيح الذي لا يمكن أن يعارض بمثله كما أعلمتك وأوضحت ذلك , وأصحابنا في هذه المسألة يوردون أقاويل الصحابة أيضا وأفعالهم والأصل كما قدمناه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه موافقتهم في ذلك أخبرناه أبو القاسم إسماعيل بن موسى بن عبد الله التاجر حدثنا محمد بن موسى الصيرفي حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا الحسن بن مكرم البزاز حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا أبو سعيد سعيد بن المرزبان حدثني عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا رضي الله عنه كان لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

واختصرنا من أقاويل الصحابة على فعل هؤلاء الخلفاء الأربعة الراشدين المهتدين الذين قضوا بالحق وبه يعدلون نفعنا الله وإياكم بما علمنا ولا جعله حجة علينا وجعلنا وإياكم ممن يستمع القول فيتبع أحسنه بمنه وفضله

باب الدليل على إثبات البسملة

باب الدليل على إثبات البسملة بسم الله الرحمن الرحيم في أوائل السور أخبرنا علي بن أحمد البسري أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي أخبرنا محمد بن أحمد اللؤلؤي حدثنا أبو داود حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن محمد المروزي وابن السرح قالوا حدثنا سفيان عن عمرو عن سعيد بن جبير قال قتيبة عن ابن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى تنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم وأخبرنا أبو القاسم الساوي أخبرنا أبو سعيد الصيرفي حدثنا محمد بن يعقوب أبو العباس حدثنا الحسين بن عفان حدثنا وليد أبو العباس شيخ كان عند ابن نمير جالس فسمعت هذا الحديث منه حدثنا طلحة عن عَطَاء عن ابن عباس أنه قال كان إذا نزلت بسم الله الرحمن الرحيم عرفنا أن السورة انفضت أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد البسري حدثنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن حدثنا يحيى بن صاعد حدثنا محمد بن عمرو بن سليمان حدثنا مضمر بن سليمان حدثني إبراهيم بن زيد عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه جبريل عليه السلام ببسم الله الرحمن الرحيم علم أن السورة

قد ختمت واستقبل سورة أخرى. اهـ

باب السنة في قراءة القارئ لها في غير الصلاة

باب السنة في قراءة القارئ لها في غير الصلاة أخبرنا أبو عمرو المحمي العدل أخبرنا أبو نعيم الإسفراييني حدثنا أبو عوانة الحافظ حدثنا الصنعاني يعني محمد بن إسحاق حدثنا إسماعيل بن الخليل حدثنا علي بن مسهر حدثنا المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغفاء ثم رفع رأسه مبتسما فقالوا له ما أضحكك يا رسول الله؟ قال نزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم {إنا اعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر} ثم قال هل تدرون ما الكوثر؟ قلنا الله ورسوله أعلم قال نهر وعدنيه ربي في الجنة عليه حوضي يرد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء فيختلج العبد منهم فأقول ربي إنه من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر كلاهما عن علي بن مسهر كذلك فقد احتج بهذا الحديث من جهر بها في الصلاة وجعله عمدته

لإخراج مسلم له وليس فيه حجة لأن صاحب الشرع لم يجهر بها في صلاته بدليل ما قدمناه وجهر بها في غير الصلاة فكان الأولى أن تتبع أمته أفعاله لأنه الشارع المأمور بالبيان فليس لأحد أن يجعل هذا الفعل عاما في الصلاة وغير الصلاة إلا بدليل ولا سبيل إليه وأيضا فنقول إن سفيان بن سعيد الثوري وعبد الواحد رواياه عن المختار فلم يذكرا بسم الله وهما أجل وأحفظ من علي بن مسهر وأتقن. أما حديث الثوري أخبرناه أبو نصر الهاشمي حدثنا محمد بن عبد الرزاق حدثنا أبو بكر بن أبي داود حدثنا علي بن حرب حدثنا يحيى بن اليمان حدثنا سفيان بن سعيد عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضا فقال إن سورة أنزلت علي الكوثر نهر في الجنة وعدنيه ربي ترده أمتي فيختلج الرجل دوني فأقول يا رب إنه من أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثت بعدك قال أبو بكر هؤلاء عندنا أهل الردة الذين حاربوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا وارتدوا. وأما حديث عبد الواحد فكذلك رواه عبد الواحد بن زياد كرواية الثوري. فأخبرنا أبو الفضل عمر بن عبد الله بن عمر المقري أخبرنا إسماعيل بن الحسن بن عياش حدثنا الحسين يحيى بن عياش حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني حدثنا عفان بن مسلم حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا المختار بن فلفل حدثنا أنس بن مالك قال كنا قعودا

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وأغفى إغفاء ثم أتيته فقال إنه نزلت علي الليلة آنفا سورة بسم الله الرحمن الرحيم {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر} وقال تدري ما الكوثر؟ قلت الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم أعلم قال: نهر في الجنة عليه خير كثير حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب فيختلج الرجل فأقول: ربِّ إنه من أمتي , فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك أو ما أحدث بعدك.

فحكمنا بروايتهما على روايته وبطل بذلك زيادته وأيضا فإنهم احتجوا بأدلة أجاب عنها الفقهاء من أصحابنا إلا أني نقلت من ذلك قول أبي جعفر محمد بن جرير الطبري كتاب "لطيف القول في أحكام شرائع الدين" قال أبو جعفر: ثم يفتتح قراءته بـ {الحمد لله رب العاليمن} لتظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ظن ظان أنها من فاتحة الكتاب فحكمها حكم سائر السور فذلك ما لم يجمع عليه ولم تقم حجته ولا يجوز لأحد أن يلحق في كتاب الله جل ثناؤه بيننا إلا لحجة يجب التسليم لها فإن ادعى على أن الحجة في ذلك إثبات المسلمين إياها في مصاحفهم فقد يجب أن تكون آية من كل سورة فقد أثبت في أول كل سورة فإن لم تكن آية من كل سورة فليس كونها مثبتة في أول الحمد بأولى أن تكون دليلا على أنها منها وأن يكون إثباتها في سائر السور دليلا على أنها منها آية فإن قال: فهي آية من كل سورة فذاك خلاف ما عليه جماعة المسلمين لأن كل القراء وأهل المعرفة بالقرآن إذا عدوا سائر السور غير أم القرآن لم يعدوها آية منها وإذا سألوا عن أول كل سورة قالوا أول سورة البقرة {الم ذلك الكتاب} الآية وأول آل عمران {الم الله لا إله إلا هو} الآية وكذلك سائر السورفكتابتها في أول فاتحة الكتاب لا يدل على أنها آية منها وإن زعم أن الجميع مجمعون على أن فاتحة الكتاب سبع آيات وبسم الله الرحمن الرحيم آية منها قيل إنهم لا يقرونه وإن

كانوا مجمعين على أنها سبع آيات فلم يجمعوا على أن بسم الله الرحمن الرحيم منها آية لأن أهل المدينة عدوا السبع {أنعمت عليهم} الآية ولم يعدوا بسم الله الرحمن الرحيم وقد توهم قوم من أهل السنة أن محمد بن جرير هذا هو الذي ينتحل مذهب الرافضة ويصنف في علومهم وليس كذلك فإن هذا هو الإمام المشهور من أهل السنة وقدم في الفقه والحديث وإليه تنسب الجريرية من الفقهاء آخر المسألة والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وحسبنا الله ونعم الوكيل

§1/1