مذكرة القول الراجح مع الدليل - الطهارة

خالد بن إبراهيم الصقعبي

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة الطهارة في اللغة: هي النظافة والنزاهة. الطهارة في الاصطلاح غير النظافة في الشرع لأنها في الشرع أعم من الطهارة في الاصطلاح. الطهارة في الشرع: هي الطهارة من مناهي الله عز وجل والتحلي بأوامر الله. س1: إلى كم تنقسم الطهارة؟ ج/ الطهارة تنقسم إلى قسمين هما: 1 - طهارة معنوية, وهذا القسم من مباحث علماء العقيدة. 2 - طهارة حسية, وهذا القسم هو الذي يبحثه الفقهاء. س2: إلى كم تنقسم الطهارة المعنوية؟ ج/ الطهارة المعنوية تنقسم إلى قسمين: أ. طهارة كبرى. ب. طهارة صغرى. أ. فالطهارة المعنوية الكبرى: هي طهارة القلب من الشرك وأدناسه, وتحليته بالعقيدة والتوحيد الخالص والتعبد لله عز وجل. ب. وأما الطهارة المعنوية الصغرى: فهي تطهير القلب من أدناس الأخلاق, كالحقد والغل والبغضاء وتحليته بفضائل الأعمال. س3: إلى كم تنقسم الطهارة الحسية؟ ج/ الطهارة الحسية أيضا تنقسم إلى قسمين: أ- طهارة رفع الحدث. ب- طهارة زوال الخبث. ففي طهارة رفع الحدث يتكلم الفقهاء عن أحكام المياه, وعن الوضوء والغسل والتيمم والمسح على الخفين. أما طهارة زوال الخبث فيتحدث الفقهاء في إزالة النجاسة. وضوابط الأشياء النجسة, وأقسام النجاسات. س4: ما تعريف رفع الحدث؟ ج/ رفع الحدث هو: زوال الوصف القائم بالبدن المانع من الصلاة ونحوها. قوله (وصف) يفيد أنه ليس عينا بخلاف الخبث, فالخبث عين مستقذرة شرعاً تمنع من الصلاة.

س5: ما تعريف زوال الخبث؟

وقوله (ونحوها) أي مما تشترط له الطهارة, مثل مس المصحف والطواف على رأي جمهور أهل العلم. س5: ما تعريف زوال الخبث؟ ج/ زوال الخبث هي: زوال النجاسة أو زوال حكمها بلاستجمار أو التيمم. و (الخبث) كما قلنا هو عين مستقذرة شرعاً تمنع من الصلاة. س6: هناك بعض الفروق بين رفع الحدث وزوال الخبث فما هي؟ ج/ الفروق بين رفع الحدث وزوال الخبث هي كالتالي: 1 - أن رفع الحدث لابد له من الماء. بخلاف زوال الخبث فلا يشترط له الماء كزوال النجاسة بالريح أو الشمس ونحو ذلك فلو زالت النجاسة بأي مزيل حكمنا بالطهارة, لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. 2 - أن رفع الحدث لابد له من نية, فلو اغتسل الإنسان من الجنابة بدون نية فإنه لا يرفع حدثه. أما زوال الخبث فلا تشترط له النية, فلو أن إنساناً في ثوبه نجاسة مثلاً ثم أصابه المطر بدون نية منه وزالت النجاسة لكفى ذلك. 3 - أن رفع الحدث لا يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان, فلو أن إنساناً صلى وهو على غير طهارة جهلاً منه أو نسياناً أو مُكرهاً, فصلاته غير صحيحة فإذا تذكر فعليه إعادة صلاته مرة أخرى, لأن هذا من باب الأوامر وباب الأوامر لا يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان. أما زوال الخبث فيعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان. س7: لو صلى الإنسان وعلى ثوبه نجاسة فما الحكم؟ ج/ الحكم لا يخلو من أمور: أ- إذا تذكر أثناء الصلاة وقدر على إزالتها وهو يصلي وجب عليه ذلك, كما فعل النبي - لما جاءه جبريل فأخبره أن في نعليه أذى فخلعهما (¬1). ب- وإن كان إزالة هذا الشيء لا يتم إلا بكشف العورة, أو يحتاج لإزالة هذا الشيء إلى عمل كثير, فإن الإنسان يقطع صلاته وزيل هذه النجاسة ثم يستأنف الصلاة من جديد. ج- إذا لم يعلم المصلي بالنجاسة إلا بعد انتهائه من الصلاة فهذا صلاته صحيحة, لأن هذا من باب المنهيات وباب المنهيات يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان, وهذه قاعدة في كل المحظورات. ¬

(¬1) رواه أحمد وأبو داود.

س8: إلى كم ينقسم الماء؟

- أقسام المياه - ينبغي للمكلف أن يعرف أحكام المياه لأنه لا صلاة إلا بماء معتبر, والمياه منها ما أذن الله بالطهارة منه ومنها ما لم يأذن بالطهارة منه, لذلك لابد للمكلف أن يعرف ما هو الماء الذي يتوضأ به. س8: إلى كم ينقسم الماء؟ ج/ على القول الراجح أن الماء على قسمين هما: 1) طهور. 2) نجس. القسم الأول وهو الطهور: س9: ما تعريف الماء الطهور؟ ج/ الماء الطهور هو: الذي لم يتغير بنجاسة ولا يزال اسم الماء باقياً عليه, وهو يرفع الحدث ويزيل الخبث والدليل قوله تعالى - وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ (¬1) - , وقول النبي - - اللهم طهرني بالماء والثلج بالبرد - (¬2) , وقوله في البحر - هو الطهور ماءه والحل ميتته - (¬3). س10: ما حكم استخدام الماء المحرم كالمغصوب ونحو ذلك؟ ج/ يحرم استعماله, لقول النبي - في خطبته في منى يوم النحر - إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا - (¬4). س11: ولكن لو توضأ إنسان بماء مغصوب أو أزال به النجاسة, فهل هذا الماء يرفع الحدث ويزيل الخبث أم لا؟ ج/ الراجح من أقوال أهل العلم أنه يرفع الحدث ويزيل الخبث, لكن مع الإثم وهذا القول رواية عن الإمام أحمد, ودليل العمومات كقول الله تعالى - وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِه - وهذا يشمل الماء المباح والمحرم لكن مع الإثم لاستعمال الماء المحرم. س12: ما حكم استعمال ماء زمزم في رفع الحدث وإزالة الخبث؟ ج/ يجوز استعمال ماء زمزم في رفع الحدث وإزالة الخبث ولا يكره ذلك, وهذا قال به بعض الحنابلة وهو اختيار العلامة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى وهو الراجح. والدليل على ذلك: حديث أسامة - أن النبي - دعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ - (¬5). ¬

(¬1) (لأنفال: من الآية11). (¬2) متفق عليه من حديث عبدالله بن أبي أوفى. (¬3) رواه الخمسة وصححه الحاكم وابن حبان والبخاري وصححه الترمذي من حديث أبي هريرة. (¬4) رواه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه. (¬5) رواه أحمد وأهل السنن, وقال الترمذي: صحيح.

س13: قال النبي - - إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده - , هل النهي للتنزيه أم للتحريم؟

س13: قال النبي - - إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما في الإناء ثلاثاً فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده - (¬1) , هل النهي للتنزيه أم للتحريم؟ ج/ الأقرب أنه للتحريم وهو قول الظاهرية, وهو قول الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله, فإذا غمس يده قبل أن يغسلهما ثلاثاً فإنه يأثم. س14: لو أن إنساناً غمس يده في الإناء قبل أن يغسلهما ثلاثاً فما حكم ذلك الماء؟ ج/ الراجح أنه باقٍ على طهوريته, لأن الحديث الذي فيه النهي عن غمس اليدين في الإناء قبل غسلهما ثلاثاً غاية ما فيه النهي عن غمس اليد ولم يتعرض النبي - للماء, وفي قوله - فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده - دليل على أن الماء لا يتغير الحكم فيه, لأن هذا التعليل يدل على أن المسألة من باب الاحتياط وليست من باب اليقين الذي يرفع به اليقين, وعندنا الآن يقين, وهو أن الماء طهور, وهذا اليقين لا يمكن رفعه إلا بيقين فلا يُرفع بالشك. س15: ما الحكمة من النهي عن غمس اليد بالماء للقائم من نوم الليل قبل أن يغسلهما ثلاثاً؟ ج/ على خلاف, والراجح في ذلك ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: (إن العلة هي خشية ملامسة الشيطان ليد النائم ملامسة حقيقية, ونظير ذلك قول النبي - - إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنشق ثلاثاً فإن الشيطان يبيت على خيشومه (¬2) - , وملامسة الشيطان ليد النائم ملامسة حقيقية). س16: ما حكم الماء إذا استعمل في طهارة كالماء المتساقط من أعضاء المتوضئ؟ ج/ المراد باستعمال الماء: إمراره على العضو ثم يتساقط منه, أو أن يتطهر في نفس الماء, وليس المراد الاغتراف منه, فحكم هذا الماء على الراجح أنه طهور, قال السعدي رحمه الله في الإرشاد: (وإن كان مستعملاً في طهارة مشروعة كتجديد وضوء ونحوه فهو طهور, مكروه على المذهب, غير مكروه على القول الصحيح لعدم الدليل) (¬3). س17: ما حكم الماء الذي خلت به المرأة المكلفة لطهارة كاملة, هل يرفع حدث الرجل أم لا؟ ج/ على خلاف, والراجح أنه طهور يرفع حدث الرجل, لما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما - أن رسول الله - كان يغتسل بفضل ميمونة - (¬4). ¬

(¬1) أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -. (¬2) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -. (¬3) الإرشاد صـ6. (¬4) رواه مسلم.

س18: ما هو الضابط في نجاسة الماء؟

ولحديث ابن عباس أيضاً - أن امرأة من نساء النبي - استحمت من جنابة فجاء النبي - يتوضأ من فضلها فقالت: إني اغتسلت منه, فقال: الماء لا ينجسه شيء - (¬1) قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وتجوز طهارة الحدث بكل ما يسمى ماء وبما خلت به امرأة لطهارة, وهو رواية عن أحمد رحمه الله تعالى وهو مذهب الأئمة الثلاثة) (¬2). أما ما ورد من نهي النبي - أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة (¬3) , فهذا محمول على التنزيه, وبهذا يحصل الجمع بين أدلة النهي وأدلة الجواز. القسم الثاني وهو النجس: وهو ما تغير بنجاسة, أي تغير طعمه أو لونه أو ريحه. س18: ما هو الضابط في نجاسة الماء؟ ج/ الضابط في ذلك ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الماء سواءٌ كان قليلاً أو كثيراً فإنه لا ينجس إلا بالتغير. وهذه قاعدة وهو القول الراجح, قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (¬4): (وأما الماء إذا تغير بالنجاسات فإنه ينجس بالاتفاق, وأما إذا لم يتغير سواءً كان الماء قلتين أو أكثر فإنه يكون طهوراً) أ. هـ. س19: كيف يطهر الماء النجس؟ ج/ الصحيح أنه سواءً كان الماء قليلاً أو كثيراً, إذا زال التغير بأي مزيل سواء زال بنفسه أو بنزح أو بلإضافة فإنه يكون طهوراً, لأن الحكم متى ما ثبت بعلة زال بزوالها, وأي فرق بين أن يكون كثيراً أو يسيراً فالعلة واحدة, متى زالت النجاسة فإنه يكون طهوراً وهذا أيسر فهماً وعملاً. س20: ما الحكم إذا شك هل الماء تغير بنجاسة أم لا؟ ج/ الأصل أنه طهور كما هو رأي شيخ الإسلام رحمه الله وهو الأقرب, لأن الأصل في الأشياء الطهارة, والقاعدة الشرعية تقول {ليقين لا يزول بالشك} , فاليقين لا يزول إلا بيقين مثله. س21: ماذا يلزم من علم بنجاسة الشيء؟ ج/ يلزم من علم بنجاسة شيء إعلام من أراد أن يستعمله لحديث - الدين النصيحة - (¬5) , كما لو رأى نجاسة على بدن المصلي أو ثوبه, فيدب عليه إخباره لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ¬

(¬1) رواه اهل السنن. (¬2) الاختيارات صـ3. (¬3) رواه أبو داود وغيره, وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان من حديث الحكم بن عمرو الغفاري. (¬4) مجموع الفتاوى21/ 30. (¬5) رواه مسلم وأحمد عن تميم بن أوس الداري -.

س22: ما الأصل في الآنية؟

- باب الآنية - الآنية: جمع إناء وهو الوعاء. س22: ما الأصل في الآنية؟ ج/ الأصل في الآنية الحل, لأنها داخلة في عموم قوله تعالى - هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً - (¬1) , ومنه الآنية. فلا يحرّم من الأواني إلا ما حرمه الشارع, وأما ما عدا ذلك فالأصل فيه الحلّ. فالأواني مم الخشب ومن الصُفر, والنحاس والحديد والأحجار الكريمة حتى لو كانت غالية الثمن فإن الأصل فيها الحلّ اتخاذاً واستعمالاً, لكن يستثنى من ذلك ما استثناه الشارع من الذهب والفضة, كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى. س23: عندنا (اتخاذ) وعندنا (استعمال) , فما الفرق بينهما؟ * أما الاستعمال: فهو مباشرة الإنسان للإناء بسبب استعماله, كأنه يستعمله في الأكل والشرب أو للتطهير به ونحو ذلك. * أما الاتخاذ: فهو عدم مباشرة الإناء للانتفاع, وإنما يُتخذ إما للزينة أو لاستعماله في حالة الضرورة أو للبيع والشراء فيه وما أشبه ذلك, وهذا هو الفرق بين الاتخاذ والاستعمال. س24: ما حكم استعمال آنية الألماس والأحجار الكريمة أو الزبرجد وغيرها من الأواني الثمينة؟ ج/ الأصل في الآنية الحل إلا ما نُصّ على تحريمه كما سيأتي بيانه إن شاء الله, فيجوز استعمال آنية الألماس والأحجار الكريمة أو الزبرجد سواء كان ذلك استخداماً أو اتخاذا للزينة ما لم يصل إلى حدّ الإسراف. س25: ما أنواع آنية الذهب والفضة؟ ج/ آنية الذهب والفضة على أنواع هي: 1. المُسْبَت: وهو أن يكون خالصاً من الذهب والفضة (إناءٌ خالصٌ من الذهب والفضة). ¬

(¬1) (البقرة: من الآية29).

س26: ما حكم استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب؟

2. الممّوه: وهو أن يكون الإناء طُليَ بالذهب والفضة (يعني يُماع الذهب أو الفضة ثم يؤُتى بالإناء من الحديد أو النحاس أو غيره ويغمس في هذا الذهب أو الفضة) فيكتسب لوناً فقط. 3. المُطعَّم: أن يؤتى بإناء من الحديد أو الصُفر ونحو ذلك ويحفر من أي مكان, ثم يوضع فيه قطعة من الذهب أو الفضة. 4. المطْلي: وهو أن يؤتى بصحائف من ذهب أو فضة ثم توضع على الإناء من الحديد أو النحاس أو الصُفر. الفرق بين المُطَّعم والمطْلي: أن المُطَّعم يحفر ثم توضع فيه قطعة من الذهب أو الفضة, وأما المطْلي يُؤتى بصحائف من ذهب أو فضة ثم توضع على الإناء من الحديد أو النحاس أو الصُفر. 5. المُكفَّت: يُبْرَد الإناء (يُحفر فيه) ويوضع فيه كهئية الساقي, ثم يؤتى بشريط من الذهب أو الفضة ويوضع فيه, أو يدار على الإناء لتجميله وتزيينه. 6. المُضَبب: أن ينكسر الإناء ثم يُؤتي بشريط من الذهب أو الفضة ويربط فيه, أو ينخرق الإناء ويؤتى بقطعة من الذهب أو الفضة ويُسدُّ فيها هذا الخرق. س26: ما حكم استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب؟ ج/ استعمال آنية الذهب والفضة في الأكل والشرب محرم إجماعاً, لا خلاف في ذلك. من الأدلة على تحريمه: ما روى حذيفة - أن النبي - قال - لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة (¬1) - , قوله - فإنها لهم - أي الكفار إذا ليس لهم نصيب من العبودية التي ينالون بها في الآخرة نعيمها, فلا يصح استعمالها لعبيد الله في الدنيا, وإنما يفعلها من خرج عن عبوديته ورضي بالدنيا وعاجلها من الآخرة. وقال أيضاً - الذي يشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم - (¬2). س27: ما حكم اتخاذ واستعمال آنية الذهب والفضة في غير الأكل والشرب؟ ج/ الصحيح أن الاتخاذ والاستعمال في غير الأكل والشرب ليس بحرام, لأن النبي - نهى عن شيءٍ مخصوص وهو الأكل والشرب, ولو كان المحرَّ غيرهما لكان النبي - أبلغ الناس وأبينهم في الكلام, ولا يخصُّ شيئاً دون شيء, بل إن تخصيصه الأكل والشرب دليل على أن ما عداهما جائز, لأن الناس ينتفعون ¬

(¬1) متفق عليه. (¬2) متفق عليه من حديث أم سلمة رضي الله عنها.

س28: ما الإناء المضبب؟

بهما في غير ذلك, ولو كانت حرام مطلقاً لأمر النبي - بتكسيرها, كما كان النبي - لا يدع شيئاً فيه تصاوير إلا كسره, لأنها إذا كانت محرَّمة في كل الحالات ما كان لبقائها فائدة, ويدل لذلك أن أم سلمة رضي الله عنها وهي رواية حديث التحريم - الذي يشرب في آنية الذهب والفضة وإنما يجرجر في بطنه نار جهنم - كان عندها جلجل من فضة جعلت فيه شعرات من شعر النبي - (¬1) فكان الناس يستشفون بها فيُشفون بإذن الله, هذا بالنسبة للاستعمال في غير الأكل والشرب, أما استعمالهما في الأكل والشرب فقد تقدم بيان حكم ذلك. س28: ما الإناء المضبب؟ ج/ المُضبّبب: أن ينكسر الإناء من الحديد أو نحو ذلك ثم يؤتى بشريط من الذهب أو الفضة ويربط فيه, أو ينخرق الإناء ويؤتى بقطعة من الذهب أو الفضة ويُسدَّ فيه هذا الخرق. س29: متى يباح استعمال الإناء المضبب؟ ج/ يباح استعماله إذا اجتمعت فيه الشروط الآتية: 1. أن تكون ضبة (يعني اتخاذ شريط لربط الكسر أو انخرق الإناء فيُؤتى بقطعة من الفضة ويُسدُّ فيه هذا الخرق). 2. أن تكون الضبة يسيرة, ويرجع في كون الشيء يسيراً وكبيراً إلى العرف. 3. أن تكون من فضة, فإذا كانت من ذهب فلا تجوز. 4. أن تكون للحاجة, فإذا كانت للزينة فلا تجوز. والدليل على جواز ذلك ما ورد من حديث أنس - أن قدح النبي - انكسر فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة - (¬2). س30: ما حكم آنية الكفار وثيابهم؟ ج/ آنية الكفار وثيابهم على ثلاثة أقسام: 1. أن تكون نجسة, كأن يكون في الإناء مثلاً شحم خنزير, أو كانت ثيابهم نجسة فهذه لابدَّ من غسلهما. 2. أن يُعرف عن هؤلا الكفار أنهم يتوقون النجاسة فهنا لا بأس باستعمال هذه الأواني والثياب من غير غسيل. والدليل على ذلك أن الأصل الطهارة. ¬

(¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه البخاري.

س31: ما أقسام الميتة من حيث الطهارة وعدمها؟

3. أن يُعرف عن هؤلا مباشرة النجاسة, ولكنه لا يرى عليها أثر النجاسة, فهذه هل تغسل أم لا؟ على خلاف, والأقرب أنه لا يجب الغسل بدليل ما صح عن النبي - - أنه توضأ من مزادة امرأة مشركة - (¬1) , وأيضاً ثبت - أن النبي - دعاه غلام يهودي على خبز شعير وإهالة سنخة (¬2) - , (¬3). وكذلك صح عن عمر - - أنه توضأ من جرَّة نصرانية - (¬4) , كل هذا يدل على أن ما باشروه فهو طاهر, ولأن الأصل في الأشياء الطهارة, وهنا قاعدة {اليقين لا يزول بالشك} فإذا شكّ الإنسان بنجاسة شيء لم تُلم نجاسته فهنا الأصل الطهارة فلا يزول اليقين إلا بيقين مثله, فلا يلتفت إلى الشك. س31: ما أقسام الميتة من حيث الطهارة وعدمها؟ ج/ الميتة من حيث الطهارة وعدمها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: 1 - ما لا تحله الحياة ومعنى ذلك (أي ليس فيه دم سائل) فهذا طاهر وهذا مثل القرن والظفر والشعر والصوف ... الخ, فهذا طاهر من الميتة. 2 - ما تحله الحياة وهذا مثل اللحم والعصب .. الخ, فهذا نجس من الميتة. 3 - ما بين ذلك وهو الجلد, وهذا يظهر بالدباغ, ولكن طهارة جلد الميتة مخصوص بكل حيوان مات وهو يؤكل في حال الحياة كالشاة والبعير ونحوهما فهذا يطهر جلده بالدباغ, والدليل على طهارة جلود الميتة إذا دبغت, إذا كانت تؤكل حال الحياة ما ورد في حديث سلمة بن المحبق أن النبي - قال - دباغها ذكاتها (¬5) - فعبر بالذكاة, ومعلوم أن الذكاة لا تطهّر إلا ما يباح أكله, فلو أنك ذبحا حماراً وذكرت اسم الله عليه وأنهر الدم, فإنه لا يسمى ذكاة, وعلى هذا يقال: جلد ما يحرم أكله ولو كان طاهراً في حال الحياة فإنه لا يطهر بالدباغ, كما لو دبغ جلد هرة مع أنها طاهرة حال الحياة, ومع ذلك فإن جلدها لا يطهر بالدباغ. س32: ما حكم تغطية الآنية وإيكاء الأسقية .. وما الحكمة من ذلك؟ ج/ يُسنُّ تغطية الآنية, وإيكاء الأسقية, وإقفال الأبواب, وهذا دلَّ له حديث جابر أن النبي - قال - أوكِ سقاءك واذكر اسم الله, وخمر إناءك واذكر اسم الله, ولو أن تعرض عليه عودا (¬6) - , والتخمير: التغطية. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث عمران بن حصين. (¬2) رواه أحمد من حديث أنس - , قال الألباني في إرواء الغليل: إسناده صحيح على شرط الشيخين. (¬3) الإهالة: الدسم, والسنخة: المتغيرة. (¬4) عزاه النووي في المجموع للشافعي والبيهقي صحح إسناده وذكره البخاري في صحيحه معلقاً فقال: توضأ عمر بالحميم من بيت مشركة. (¬5) رواه أحمد والنسائي والطبري وفي التلخيص: إسناده صحيح. (¬6) متفق عليه.

والحكمة من تغطية الآنية وإيكاء الأسقية وردت في صحيح مسلم حيث قال - فإن الشيطان لا يفتح غلقاً, ولا يحل وكاءً ولا يكشف إناءً -. والكشف هنا كشف حقيقي, يكشفه الشيطان أو يستشرفه إذا لم يُربط الوكاء ولم يغطى الإناء ولم تقفل الأبواب. وكذلك من العلل: ما ورد أن النبي - قال - غطُّو الإناء, وأوكئوا السقاء, فإن في السنة ليلة ينزل فيها داء لا يمرُّ بإناءٍ ليس عليه غطاء, ولا سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل به من ذلك الداء (¬1) -. ¬

(¬1) رواه مسلم.

س33: ما تعريف الاستنجاء والاستجمار؟

- باب الاستنجاء وآداب التحَّلي - س33: ما تعريف الاستنجاء والاستجمار؟ الاستنجاء: استفعال من النجو, وهو في اللغة القطع يقال: نجوت الشجرة أي قطعتها, والمراد بذلك إزالة الأذى أي العَذِرَة. اصطلاحاً: * الاستنجاء: هو إزالة ما خرج من السبيلين بما طهور. * الاستجمار: هو إزالة ما خرج من السبيلين بالأحجار ونحوها. والمراد بآداب التخلي: هي ما يحسن أن يكون عليه مُريد قضاء الحاجة. فائدة: وهذه الآداب من الأهمية بمكان, لأن بهذه الآداب تكتمل شخصية المسلم ويتميز عن غيره, ولذلك النبي - قال - الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة, أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق - (¬1) , ومن العجيب أننا نرى بعض الناس يتهاونون في أداء السنن ويكادون يقتصرون على الواجبات, ورحم الله الإمام أحمد عندما كان في سكرات الموت, وكان عنده إنسان يوضئه, فلما غسل وجهه بدأ الإمام أحمد يشير إلى لحيته كأنه ينبه على أنه ترك تخليل اللحية, مما يدل على شدة تمسكهم بالسنة, فعلى هذا يحسن القراءة في باب الآداب وتطبيق هذه الآداب, لأنها من مكملات الدين ومحسّناته ومجمّلاته مع هذه الآداب فيها شيء يصل إلى حد الوجوب. س34: ما شروط الاستجمار بالأحجار ونحوها؟ ج/ شروط الاستجمار بالأحجار ونحوها هي: أولاً: أن تكون هذه الأحجار طاهرة لا نجسة ولا متنجسة (والفرق بين النجس والمتنجس: أن النجس نجس بعينه كالروث, والمتنجس نجس بغيره أي طرأت عليه النجاسة كالورق المتنجس) والدليل على ذلك حديث ابن مسعود - أنه جاء إلى النبي - بحجرين فأخذ النبي - الحجرين وألقى الروثة وقال - هذا رِكس (¬2) - , والركس: النجس. وكون النبي - يأخذ الحجرين ويلقي الروثة يدلُّ على أن ذلك نجس وأنه لا يجزيء. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -. (¬2) رواه البخاري.

ثانياً: مُنْقِ , أي منظف, فإذا كان لا ينظف فإنه لا يُجزئ, لأن وجوده كعدمه, والذي لا ينقِ إما لا ينقٍ لملامسته, كأن يكون أملس جداً, أو لرطوبته كحجر رطب, أو كان المحل قد نشف لأن الحجر قد يكون صالحاً للإنقاء لكن المحل غير صالح للإنقاء. ثالثاً: أن لا تتعدى النجاسة موضع الحاجة, وموضع الحاجة ما جرت العادة به في أن البول ينتشر إلى ما حول المخرج, فإذا كانت النجاسة تعدت إلى ما حول المخرج فقط أجزأ الاستجمار, أما إذا تعدى موضع الحاجة فلا بدَّ من الاستنجاء بالماء, وقد قال بهذا بعض أصحاب الإمام أحمد رحمه الله قالوا: لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً, فما زاد عن موضع العادة يغسل, وما كان على العادة يجزئ فيه الاستجمار. والأقرب: أن الاستجمار يُجزئ مطلقاً حتى ولو تعدى الخارج موضع الحاجة, لأن الشارع لم يحدد ذلك. وفي الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية (ويجزئ الاستجمار ولو تعدى الخارج إلى الصفحتين والحشفة وغير ذلك, لعموم الأدلة بجواز الاستجمار, ولم ينقل عن النبي - في ذلك تقدير) (¬1) أ. هـ. رابعاً: أن يكون ثلاث مسحات ودليل ذلك حديث سلمان - - نهى رسول الله أن نستنجي بأقل من ثلاث أحجار - (¬2). فدَّل ذلك على أنه لابدَّ من ثلاث مسحات, ولا يشترط ثلاثة أحجار, إنما يشترط ثلاث مسحات حتى ولو كانت بحجر واحد, لأن الحجر الواحد قد يكون له جهات متعددة, وإن أنقى بواحدة فلا يكفي, فلابدَّ من ثلاث, وإذا بم يُنقِ بثلاث يزيد رابعة وجوباً ويقطع على خامسة استحباباً حتى يقطع على وتر, وهكذا لأن النبي - نهى أن يستنجى بأقل من ثلاث أحجار ولأن الغالب أنه لا نقاء بأقل من ثلاثة أحجار. خامساً: أن لا يكون بعظم ولا بروث, بدليل قول النبي - في حديث سلمان - - وأن لا نستنجي بعظم ولا روث (¬3) - , وورد هذا أيضاً من حديث ابن مسعود (¬4) , وأبي هريرة - أنه جمع للنبي - أحجاراُ وأتى بها بثوبه فوضعها عنده ثم انصرف (¬5) , وحديث رويفع (¬6) , ولو خالف وفعل فقد فعل محرماً وهو آثم يُخشى عليه من العقوبة. ¬

(¬1) الاختيارات صـ9. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه البخاري. (¬5) رواه البخاري. (¬6) رواه أبو داود والطبري وفيه شيبان القتبائي وهو مجهول ورواه أحمد وفيه أبن لهيعة وقد اختلط.

س35: هل يجزئ إذا استجمر بعظام أو روث؟

س35: هل يُجزئ إذا استجمر بعظام أو روث؟ ج/ الأظهر أنه لا يُجزئ ووجوده كعدمه كأنه لم يستجمر وهذا هو قول المذهب. س36: لماذا نُهي عن الاستجمار بالعظام والروث؟ ج/ أما بالنسبة للعظام إذا كان العظم عظمّ مذكاة فقد بيَّن النبي - أن هذا العظم يكون طعاماً لإخواننا الجن كما قال - للجن - لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه, تجدونه أوفر ما يكون لحماً (¬1) -. ولما سألوه عن علف بهائمهم كما في الحديث نفسه قال - لكم كل بعرة تكون علفاً لبهائمكم -. سادساً: أن لا يكون الاستجمار بطعام الآدميين وطعام بهائم الآدميين, كالعلف والبرسيم ونحو ذلك, والدليل على ذلك لما نهى عن الاستجمار بطعام الجن وطعام بهائمهم فطعام الآدميين وطعام بهائمهم من باب أولى, لأن الإنس أفضل. سابعاً: ألا يكون الاستجمار بمحترم, مثل كُتب العلم الشرعي. والظاهر أن هذه الكُتُب حتى ولو كتبت بغير العربية مادام أن موضوعها محترم. س37: ما ضابط الاستجمار المُجزئ وما ضابط الاستنجاء بالماء؟ ج/ أما ضابط الاستنجاء المجزئ فهو, أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء, فالنجاسة يعفى عنها في مواضع, من هذه المواضع, ما يبقى بعد الاستجمار, لأنه لا بد أن يبقى أثر, فالاستجمار المجزئ أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء, فإذا بقي أثر لا يزيله إلا الماء صحَّ الاستجمار. والدليل على أن هذا الأثر يعفى عنه قول النبي - في العظام والروث - أنهما لا يطهَّران - فدل على أن ما عداهما يطهر مع أنه سيبقى أثر. أما ضابط الاستنجاء بالماء فهو أن تعود خشونة المحل إلى ما قبل خروج النجاسة, فإذا حصل ذلك عرف الإنسان أنه استنجى استنجاء شرعياً. ويكفي في الاستنجاء والاستجمار غلبة الظن ولا يلزم اليقين, فإذا غلب على ظن الإنسان وقد استجمر بالحجارة ونحوها أنه بقي أثر لا يزيله إلا الماء, أو إذا استنجى بالماء غلب على ظنه أن خشونة المحل عادت كفى ذلك, فلا يلزم اليقين, لأن اليقين ليس بشرط. س38: ما الحالات التي تكون بعد قضاء الإنسان حاجته؟ ج/ إذا قضى الإنسان حاجته فله ثلاث حالات هي: ¬

(¬1) رواه مسلم من حديث ابن مسعود -.

س39: قد يقول قائل أن الإنسان إذا استجمر لابد أن يبقي أثر, لأننا قلنا أن ضابط الاستجمار الشرعي أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء فهذا الأثر الذي يبقى, ما حكمه؟

1. أن يجمع بين الاستنجاء والاستجمار, يبدأ بالاستجمار أولاً بالحجارة ونحوها ثم يستنجي بالماء, فهذا أفضل. 2. أن يستنجي بالماء, وهذا أفضل من الاقتصار على الاستجمار, لأنه أبلغ في النظافة. 3. أن يقتصر على الاستجمار, وهذا أيضاً مجزئ, لحديث عائشة مرفوعاً - إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه (¬1) - , وبعض الناس يعتقد أنه لا يجوز الاقتصار على الاستجمار مع وجود الماء وهذا خطأ, فلو اقتصر على الاستجمار أجزأ ذلك حتى مع وجود الماء. هذه ثلاث حالات, والنبي - فعل الاستنجاء وفعل الاستجمار. س39: قد يقول قائل أن الإنسان إذا استجمر لابدَّ أن يبقي أثر, لأننا قلنا أن ضابط الاستجمار الشرعي أن يبقى أثر لا يزيله إلا الماء فهذا الأثر الذي يبقى, ما حكمه؟ ج/ يقال هذا الأثر معفُوٌ عنه, حتى ولو عرق الإنسان وسأل وأصاب شيئاً من ثيابه وبدنه فإن ذلك معفو عنه, لأن القاعدة الشرعية تقول {أن ما ترتب على المأذون فهو غير مضمون} فما دام أنه أُذن له الاقتصار على الاستجمار المجزئ, وتقدم ضابط ذلك, فما ترتب عليه من سيلان ما بقي من أثر إذا عرق الإنسان فإن هذا يعفى عنه. س40: إذا كان يجب الاستنجاء أو الاستجمار لكل خارج من السبيلين إلا ما يستثنى, وهو خروج الأشياء الطاهرة, فما الذي يشمله الطاهر؟ ج/ الطاهر يشمل ما يلي: 1. المني: فلو أن الإنسان خرج منه مني ولم يغسله وإنما أعمَّ جسده بالماء كفى ذلك, أو أصاب المني شيئاً من ثيابه ولم يغسله فلا بأس بذلك, لحديث عائشة رضي الله عنها - كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله - فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه - (¬2) , وفي رواية - لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله - فركاً فيصلي فيه - (¬3). فالمني طاهر لأنه أصل الأنبياء والصديقين والشهداء, وهؤلا يستحيل أن يكون أصلهم نجس, والقول بطهارة المني هو قول الجمهور وهو الراجح, وقد ذكر ابن القيم رحمه الله مناظرة جميلة في كتابه بدائع الفؤائد (¬4) بين اثنين أحدهما يرى نجاسة مني الآدمي, والآخر يرى طهارته, فيحسن الرجوع إليها. ¬

(¬1) رواه أحمد وأبو داود وإسناده صحيح. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه مسلم. (¬4) 3/ 119.

س41: ما الحكم لو خرج من الإنسان بول ناشف " أي يابس " ولم ينجس المحل؟

2. الريح: فهي طاهرة, لأنها لا تحدث أثراً فهي هواء فقط, وإذا لم تحدث أثراً في المحل فلا يجب أن نغسله, لأن غسله حينئذٍ نوع من العبث, وسواء كان له صوت أم لا فهي طاهرة وإن كانت رائحتها خبيثة, قال الإمام أحمد رحمه الله: (ليس في الريح الاستنجاء لا في الكتاب ولا سنة رسوله - , وإنما عليه الوضوء) (¬1) , حتى ولو خرجت الريح من الإنسان وثيابه مبلولة فهنا ستلاقي الريح رطبة فهي طاهرة " أي الريح " وبناء على هذا لا يجب غسل هذه الثياب. 3. رطوبة فرج المرأة: هذه طاهرة أيضاً, فحكم هذه الرطوبة إن كانت من مخرج الولد فهي طاهرة, وإن كانت من مخرج البول أو الغائط, فهي نجسة, لكن الفقهاء قالوا كونها تخرج من مخرج البول أو الغائط فهذا نادر, فالأعمَّ الأغلب أنها تخرج من مخرج الولد, فهذه طاهرة باتفاق أهل العلم, أما هل تنقض الوضوء أم لا تنقض؟ فعلى خلاف, والصحيح أنها لا تنقض الوضوء. س41: ما الحكم لو خرج من الإنسان بول ناشف " أي يابس " ولم ينجس المحل؟ ج/ إذا خرج من الإنسان حصاة أو خرزة أو بول ناشف ونحو ذلك ولم تلوث المحل فإنه لا يجب له الاستنجاء ولا الاستجمار, لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً, فالنجس الذي لم يلوث المحل لا يجب له الاستنجاء, لأن الاستنجاء إنما شرع لإزالة النجاسة ولا نجاسة هنا. س42: ما حكم استقبال القبلة واستدبارها حال الاستنجاء؟ ج/ المصنف رحمه الله يرى كراهة ذلك, ولكن هذا فيه نظر, لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل ولا دليل على ذلك, والأصل جواز استقبال القبلة واستدبارها ولا يحرم من ذلك إلا ما دل الدليل عليه كما سيأتي في مسألة استقبال القبلة واستدبارها حال البول أو الغائط. ¬

(¬1) مسائل أحمد لأبي داود ص5, وشرح العمدة1/ 161.

س43: ما قاعدة أقسام تقديم اليمين أو اليسار بالنسبة للرجل أو اليد, مع التمثيل؟

- آداب قضاء الحاجة - آداب قضاء الحاجة هي: أولاً: يسنُ تقديم الرجل اليسرى عند دخول الخلاء واليمنى عند الخروج, وهذه مسألة قياسية, فاليمنى تقدم عند الدخول للمسجد كما جاءت السنة بذلك (¬1) , واليسرى عند الخروج منه, كذلك النعل ثبت عن رسول الله - أنه أمر لابس النعل أن يبدأ باليمنى عند اللبس وباليسرى عند الخلع, كما ورد ذلك في حديث أبي هريرة - أن رسول الله - قال - إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين, وإذا انتزع فليبدأ بالشمال لتكن اليمنى أولهما تُنعل وآخرهما تُنزع - (¬2) , قالوا: فدلَّ هذا على تكريم اليمنى لأنه يبدأ بها اللبس الذي فيه الوقاية, ويبدأ باليسرى بالخلع الذي فيه إزالة الوقاية, ولا شك أن الوقاية تكريم, فإذا كانت اليمنى تقدم في باب التكريم واليسرى تقدَّم في عكسه, فإنه ينبغي أن تقدم عند دخول الخلاء اليسرى, وعند الخروجٌ اليمنى لأنه خروج إلى أكمل وأفضل. س43: ما قاعدة أقسام تقديم اليمين أو اليسار بالنسبة للرِجل أو اليد, مع التمثيل؟ ج/ وهذه المسألة لا تخلو من ثلاث أقسام: أ-ما كان من قبيل الطيبات: تقدم له الرجل اليمنى, كالخروج من الخلاء, ودخول المسجد, إدخال كم الثوب يبدأ بالكم الأيمن, وإنما كان هذا من قبيل الطيبات لأنه ستر ووقاية. ب-ما كان من قبيل الخبائث: تقدم له الرجل واليد اليسرى كدخول الخلاء, وكذلك إخراج الكم الأيسر عند خلع الثوب, وكذلك خلع النعل اليسرى أولاً عند الخلع, وإنما كان الخلع من قبيل الخبائث لأن فيه إزالة للستر والوقاية. ج-ما لم يظهر فيه الطيب ولا الخبيث: أي من الأشياء المباحة, فهذا تقدم له اليد اليمنى والرجل اليمنى, لحديث عائشة رضي الله عنها - أن النبي - كان يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله - (¬3). ¬

(¬1) رواه الحاكم من حديث أنس وقال: صحيح على شرط مسلم, ووافقه الذهبي. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س44: هل يشرع أن يقول بعد (غفرانك) الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني أم لا يشرع ذلك؟

ثانياً: قول [بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث] , لحديث علي مرفوعاً - سترٌ ما بين الجن وعورات بني آدم إذا دخل الخلاء يقول: بسم الله - (¬1) , وعن أنس كان النبي - إذا دخل الخلاء قال - اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث - (¬2). ومعنى الخبث والخبائث فيهما خلاف والراجح: أن الخبث: هو الشر. والخبائث: النفوس الشريرة. وإذا فسرنا الخبث بالشر والخبائث بالنفوس الشريرة فإن الإنسان يكون قد استعاذ من الشر وأهله. ثالثاً: عند الخروج يقول (غفرانك) , ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت - كان النبي - إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك (¬3) -. ويالمناسبة من ذلك, إي من قول غفرانك, قال ابن القيم رحمه الله: (وفي هذا من السر والله أعلم أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه, والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسه فيه, فهما مؤذيان بالبدن والقلب فحمد الله عند خروجه على خلاصه من هذا المؤذي ببدنه وخفة البدن وراحته وسأل أن يخلصه من المؤذي الآخر ويريح قلبه منه ويخففه) (¬4) , وهذا معنى مناسب فهو من باب تذكر الشيء بالشيء. س44: هل يشرع أن يقول بعد (غفرانك) الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني أم لا يشرع ذلك؟ ج/ ورد في ذلك حديث أنس - قال: كان رسول الله - إذا خرج من الخلاء قال - الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني - (¬5) , ولكن هذا الحديث ضعيف, وعلى هذا لا يشرع أن يقول ذلك بل يقتصر على قول (غفرانك). رابعاً: من الآداب اجتناب ما يكره عند قضاء الحاجة, وإليك بيانها: س45: هناك أمور تكره عند قضاء الحاجة فما هي؟ 1) يكره البول في كل موضع: يخشى منه ارتداد النجاسة, مثل مهب الريح أو الأرض الصلبة, قال ابن القيم رحمه الله: (وكان " أي النبي - " إذا أراد أن يبول في عزاز من الأرض " وهو الموضع الصلب " أخذ عوداً فنكت به يثري ثم يبول, وكان يرتاد لبوله الموضع الدمث " وهو اللين الرخو ") (¬6). ¬

(¬1) رواه ابن ماجه وإسناده صحيح. (¬2) رواه الجماعة. (¬3) أخرجه البخاري في كتاب الأدب المفرد وأبو داود والترمذي. (¬4) إغاثة اللهفان 1/ 58. (¬5) رواه ابن ماجه وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة من حديث أبي ذر وأخرجه ابن أبي شيبة والطبراني من حديث أبي ذر, والحديث ضعيف, ضعفه البوصيري والمنذري. (¬6) زاد المعاد 1/ 171.

س46: هل يكره استقبال الشمس والقمر في حال التخلي " أي حال قضاء الحاجة " أم لا؟

2) يكره الكلام حين قضاء الحاجة: لقول ابن عمر رضي الله عنهما - مر رجل بالنبي - فسلم عليه وهو يبول فلم يرد عليه - (¬1). أما إذا انتهى الإنسان من قضاء الحاجة وشرع يستنجي أو يستجمر, فهنا لا بأس من الكلام في هذه الحالة. 3) كذلك مما يكره مس الفرج باليمنى حال التبول فقط: لحديث أبي قتادة - لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول (¬2) ... الحديث - , أما مس الفرج في غير حال البول فمحل اختلاف, والأحوط أن يتجنب مسه باليمين مطلقاً إكراما لليمين وتشريفاً وصيانه لها عن الأقذار. 4) كذلك مما يكره قضاء الحاجة الاستنجاء والاستجمار باليمين: لحديث أبي قتادة - - ولا يتمسح من الخلاء بيمينه (¬3) - , وأما التعليل فهو إكرام اليمين أيضاً. س46: هل يكره استقبال الشمس والقمر في حال التخلي " أي حال قضاء الحاجة " أم لا؟ ج/ الحنابلة يرون كراهة ذلك, والراجح أن ذلك لا يكره, قال ابن القيم رحمه الله: (فإن النبي - لم ينقل عنه ذلك في كلمة واحدة لا بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مرسل ولا متصل, وليس لهذه المسألة أصل في الشرع, والذين ذكروها من الفقهاء منهم من قال: أن العلة اسم الله مكتوب عليها, ومنهم من قال: لأن نورهما من نور الله, ومنهم من قال: أن التنكب عن استقبالهما واستدبارهما أبلغ في التستر وعدم ظهور الفرجين) (¬4). س47: ما حكم البول في الإناء؟ ج/ البول في الإناء ينقسم إلى قسمين: 1 - أن يكون الإناء معداً لذلك فلا بأس هنا من البول فيه, بدليل حديث حُكْيمة بنت أُميمة بنت رقيقة عن أمها أنها قالت - كان للنبي - قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل (¬5) - , فلا بأس من البول فيه, ولا يقيد بالحاجة هنا ما دام معداً " أي الإناء " لذلك قال في حاشية ابن قاسم (لا خلاف في جوازه, لحديث أميمة السابق, ثم قال فتقييده بالحاجة لا حاجة إليه) (¬6). 2 - ألا يكون الإناء معداً لذلك, فالمصنف رحمه الله قال " يكره " لكن هنا يقال إن كان ذلك يؤدي إلى استقذار الإناء وإذهاب منفعته فهنا لا يقتصر على الكراهة, بل يقال بالتحريم, ونظير ذلك البول في الماء الراكد المنهي عنه. ¬

(¬1) رواه مسلم. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) مفتاح دار السعادة 2/ 205. (¬5) رواه ابو داود والنسائي. (¬6) حاشية ابن القاسم 1/ 132.

س48: ما حكم البول قائما؟

س48: ما حكم البول قائماً؟ ج/ البول قائما لا سيما إذا كان لحاجة جائز بشرطين: الأول: أن يأمن الناظر إليه, لأنه إذا كان قائماً فمظنة انكشاف عورته أكثر, فحفظ الفرج واجب, أما إذا كان لا يأمن ذلك فالبول قائماً حرام. الثاني: أن يأمن عدم التلوث بالنجاسة. فإذا وجد هذين الشرطين جاز أن يبول قائماً ولا يكره, لفعل النبي - كما في حديث حذيفة - قال - انتهى رسول الله - إلى سباطة قوم فبال قائماً - (¬1) , السباطة هي الزبالة " أي مجمع الزبائل ". س49: ما حكم استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة في الصحراء والبنيان؟ ج/ الأقرب أن استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة محرم سواء كان ذلك في الصحراء أو البنيان, لحديث أبي أيوب الأنصاري - أن النبي - - أذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا - (¬2). ولكن يستثنى من ذلك الاستدبار في البنيان فلا بأس به والأحوط تركه, لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال - رقيت يوماً على بيت حفصة فرأيت النبي - يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة - (¬3) , قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (والقول الراجح عندي في هذه المسألة أنه يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء, ويجوز الاستدبار في البنيان دون استقبال, لأن النهي عن الاستقبال محفوظ ليس فيه تخصيص, والنهي عن الاستدبار مخصوص بالفعل, وأيضاً الاستدبار أهون من الاستقبال, ولهذا والله أعلم جاء التخفيف فيه فيما إذا كان الإنسان في البنيان, والأفضل ألا يستدبرها إن أمكن ذلك) (¬4). س50: إذا استتر في البر بشجرة مثلاً أو حجر أو كثيب رمل أو أرخى ثوبه فهل هذا يعتبر ساتراً يجوز معه أن يستدبر الكعبة أم لا؟ ج/ الأقرب في ذلك أنه يرجع في ضبط ذلك للعرف, فإذا كان العرف يعتبر هذا الشيء ساتراً فهو كذلك, لأنه لم يرد تحديده في الشرع, وبالنسبة لإرخاء ذيله " أي طرف ثوبه " الظاهر أنه لا يعتبر ساتراً, لأن المحرم في الصحراء الاستدبار والاستقبال وليس ستر البول. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين 4/ 111.

س51: ما حكم قضاء الحاجة في موارد المياه وقارعة الطريق, وما علة ذلك؟

س51: ما حكم قضاء الحاجة في موارد المياه وقارعة الطريق, وما علة ذلك؟ ج/ يحرم قضاء الحاجة في موارد المياه وقارعة الطريق والظل النافع وهو الظل الذي يستظل به الناس, ويقاس عليه المشمس الذي يجلس فيه الناس أيام الشتاء للتدفئة, وإنما حرّم ذلك لما فيه من الأذية التي تحصل للمسلمين في هذا العمل وكل عمل يؤدي إلى أذية الناس فهو محرم ولا يجوز, لقوله تعالى - وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (¬1) -. ولقول النبي - كما في حديث أبي هريرة - اتقوا اللاعنَين, وقالوا وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال الذي يتخلى في طريق الناس وفي ظلهم - (¬2) , ولما رواه معاذ - قال, قال رسول الله - - اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل - (¬3) والعلة من المنع هي أذية الناس فالحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً, وبناء على هذا فالإنسان إذا غلب على ظنه أنه لا يتأذى أحد لكون هذه الشجرة لا تُقصد ونحو ذلك فإنه لا بأس من البول والتغوط تحتها. س52: ما حكم البول بين قبور المسلمين؟ ج/ يحرم البول بين قبور المسلمين, لأنه حرمة ميتاً كحرمته حياً, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت - كسر عظم الميت ككسره حياً (¬4) -. س53: ما حكم اللبث في الخلاء فوق قدر الحاجة؟ ج/ يكره اللبث في الخلاء فوق قدر الحاجة لعلتين: أ- لما فيه من كشف العورة بلا حاجة. ب- أن الحشوش والمراحيض مأوى الشياطين والنفوس الخبيثة فلا ينبغي أن يبقى في هذا المكان الخبيث, وبعض العلماء قال: إنه مضر من الناحية الطبية, وتحريم اللبث مبني على التعليل ولا دليل فيه عن النبي - ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله في رواية عنه (أنه يكره ولا يحرم). أما إذا كان يؤدي إلى الضرر فهو محرم ولا يجوز. خامساً: من آداب الخلاء أن يستتر الإنسان حال قضاء الحاجة. ¬

(¬1) (الأحزاب:58). (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أبو داود. (¬4) رواه أبو داود, وإسناده صحيح.

س54: ما أقسام الاستتار؟

س54: ما أقسام الاستتار؟ ج/ استتار الإنسان على قسمين: 1 - استتار واجب: وهو أن يستر عورته, لقوله تعالى - وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ - (¬1) , ولقول النبي - كما ورد من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده - أحفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ... الحديث - (¬2). 2 - استتار مستحب: وهو أن يستر كل بدنه فلا يرى منه شيء حال قضاء الحاجة, يعني يبتعد حتى لا يُرى بدنه إما أن يستتر خلف تل أو خلف شجرة أو نحو ذلك أو يبتعد بُعداً لا يراه من معه, فهذا استتار مستحب, يبتعد بعداً حتى لا يُرى شخصه كما كان النبي - يفعل, ومن ذلك ما ورد في حديث المغيرة بن شعبة قال - ... فانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته (¬3) - , ولما ورد في حديث جابر بن عبد الله - - أن النبي - كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد - (¬4). وأيضاً لما في ذلك من المروءة والأدب, وهذا ظاهر لمن تأمل ذلك. س55: ما حكم دخول الإنسان الخلاء بشيء من الأوراق التي فيها ذكر الله تعالى؟ ج/ قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (يجوز دخول الحمام بأوراق فيها اسم الله ما دامت في الجيب ليست ظاهرة, بل هي خفية مستورة) (¬5) , ولكن يستثنى الدخول بالمصحف إلى الحمام, فالدخول به إلى الحمام حرام سواء كان ظاهراً أو خفياً, لأن المصحف أشرف الكلام, ودخول الكلام فيه نوع من الإهانة, قال في الإنصاف: (فلا شك في تحريمه قطعاً ولا يتوقف في هذا عاقل) (¬6). س56: لكن إذا خشي أن يسرق المصحف فهل يدخل به الحمام أم لا؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله فقال: (أما المصحف فقالوا إن خاف أن يسرق فلا بأس أن يدخل به, وظاهر كلامهم ولو كان غنياً يجد بدله, وعلى كل حال ينبغي للإنسان في المصحف خاصة أن يحاول عدم الدخول به, حتى وإن كان في مجتمع عام من الناس فيعطيه أحداً يمسكه حتى يخرج) (¬7). ¬

(¬1) (المؤمنون:7,6,5). (¬2) أبو داود والترمذي وابن ماجه والإمام أحمد في مسنده. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه أبو داود, والترمذي, وابن ماجه والنسائي وقال الترمذي: حسن صحيح. (¬5) مجموع الفتاوى4/ 109. (¬6) الانصاف 1/ 94. (¬7) الممتع 1/ 91.

س57: ما تعريف السواك في اللغة والاصطلاح؟ وما الحكمة من مشروعيته؟

- باب السواك - س57: ما تعريف السواك في اللغة والاصطلاح؟ وما الحكمة من مشروعيته؟ ج/ السواك لغة: مشتق من التساوك وهو التمايل, ومنه قولهم (جاءت الإبل تتساوك) أي تتمايل. اصطلاحاً: هو استعمال عود ونحوه لتطهير الفم. الحكمة من مشروعية السواك: أنه مطهرة للفم, مرضاة للرب. س58: ما منافع السواك؟ ج/ قال ابن القيم رحمه الله: (وفي السواك عدة منافع, يُطيّب الفم, ويشد اللثة, ويقطع البلغم, ويجلو البصر, ويذهب بالحفر, ويصحح المعدة, ويصفي الصوت, ويعين على هضم الطعام, ويسهل مجاري الكلام, وينشط للقراءة والذكر والصلاة, ويطرد النوم, ويرضي الرب, ويعجب الملائكة, ويكثر الحسنات) (¬1). س59: هل لإصابة السنة لابد أن يكون بعود أم تحصل السنة بكل منظف؟ ج/ يحصل السنة بعود وبغيره, ويدخل في العود كل أجناس العيدان سواء كانت من جريد النخيل أو من عراجينها أو من أغصان العنب أو من غير ذلك فهو من جنس شامل لجميع الأعواد وأيضاً السنة تحصل بغير العود, ومن ذلك لو استاك بأصابعه أو خرقة أو فرشة ونحو ذلك, لأن القاعدة الشرعية تقول {الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً} فإذا وجد التطهير حصل الحكم وهو السنية, قال النووي رحمه الله: (وبأي شيء استاك مما يزيل التغير حصل السواك كالخرقة الخشنة والسعد والأسنان) (¬2) , ولكن لابد من استحضار نية إتباع السنة في ذلك, مع أن عود الأراك أفضل لوروده في السنة. س60: ما حكم السواك؟ ج/ السواك مسنون مطلقاً في كل وقت حتى الزوال للصائم على القول الراجح, كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال - السواك مطهرة للفم مرضاة للرب -. س61: ما هي المواضع التي يتأكد فيها السواك؟ ج/ المواضع التي يتأكد فيها السواك هي: ¬

(¬1) زاد المعاد 1/ 323. (¬2) شرح مسلم 3/ 143.

س62: ما محله من الوضوء؟

أولاً: عند الوضوء. ثانياً: عند الصلاة, لقول النبي - كما ورد في حديث أبي هريرة - - لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل الصلاة - (¬1) , وهذا يشمل الفرض والنفل, وكذلك صلاة الجنازة لعموم الحديث, وفي رواية - لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء - (¬2) , وفي رواية - بالسواك عند كل وضوء - (¬3). س62: ما محله من الوضوء؟ ج/ الراجح: أن الأمر في ذلك واسع سواءً استاك عند ابتداء الوضوء أو عند المضمضة, أو بعد نهاية الوضوء إذا لم يكن الفاصل طويلاً عرفاً, أي يتسوك بعد انتهاء الوضوء مباشرة أو بعد الانتهاء من الوضوء بوقت ليس طويل, أما لو طال الفصل بين وضوءه وبين تسوكه فإن وقت السنة يفوت, والمرجع في طول الفصل وقصره للعرف. س63: ما محله من الصلاة؟ ج/ عند تكبيرة الإحرام أو قبلها بزمن يسير عُرفاً, أو وهو في طريقه للمسجد, أو أثناء دخوله للمسجد, لكن بشرط أن يكون ذلك قبل تكبيرة الإحرام بزمن يسير, وكذلك المرأة لو أنها توضأت واستاكت وهي في طريقها إلى مصلاها أصابت السنة بإذن الله, لأن قوله في الحديث المتقدم - عند كل صلاة - أي قربها, وكلما قرب منها فهو أفضل, وأما قول بعضهم عند الصلاة يعني الوضوء فغير صحيح, لأن الوضوء قد يبعد عن الصلاة, ولأن له سنة مستقلة كما تقدم من مشروعية السواك عند الوضوء. ثالثاً: من المواضع التي يتأكد فيها السواك عند الانتباه من النوم: كما في حديث حذيفة - قال - كان رسول الله - إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك (¬4) -. ولحديث عائشة رضي الله عنها - كنا نعُدّ له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء الله من الليل (¬5) - , والذي يظهر والعلم عند الله أنه لا يُقيد بنوم الليل حتى وإن كان نص الحديث - إذا قام من الليل - , لأن العلة من السواك عند القيام من النوم تغير رائحة الفم وهذا قد يحصل من نوم النهار, فحذيفة - رأى النبي - يشوص فاه بالسواك عند الانتباه من نوم الليل ولا يمنع أن يكون ذلك أيضاً عند الانتباه من نوم النهار. ¬

(¬1) متفق عليه. (¬2) رواه أحمد. (¬3) رواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم, وحسنه الهيثمي في مجمع الزوائد, وصححه أحمد شاكر رحمه الله تعالى. (¬4) متفق عليه. (¬5) رواه أحمد.

س64: هل يسن السواك عند دخول المسجد قياسا على سنيته عند دخول المنزل؟

رابعاً: عند تغير رائحة الفم يتأكد السواك كذلك, وتغير رائحة الفم إما بلاصفرار بسبب غبار ونحوه, أو لطول السكوت, أو بسبب الأكل ونحو ذلك, لحديث عائشة رضي الله عنها السابق - السواك مطهرة للفم مرضاة للرب - (¬1). خامساً: عند قراءة القرآن الكريم, بدليل حديث علي - أن النبي - قال - إن العبد إذا تسوك وقام يصلي قام الملك خلفه فسمع لقراءته فيدنو منه " أو كلمة نحوها " حتى يضع فاه على فيه وما يخرج من فيه شيء إلا صار في جوف الملك فطهروا أفواهكم للقرآن - (¬2). سادساً: عند دخول المنزل, والدليل ما رواه شريح بن هانئ قال - سألت عائشة رضي الله عنها بأي شيء كان يبدأ رسول الله - إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك (¬3) -. لأنه إذا دخل الرجل بيته يطيب فمه بالسواك حتى لا يتأذى أهل البيت وتتأذى زوجته من رائحة فمه إذا كان فيه رائحة وهذا من إحسان العشرة مع الزوجة بقوله تعالى - وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوف (¬4) -. سابعاً: عند الغُسل, لأن السواك يتأكد عند الوضوء, فكذلك عند الغسل قياساً على الوضوء. س64: هل يسن السواك عند دخول المسجد قياساً على سنيته عند دخول المنزل؟ ج/ الظاهر عدم تأكده في هذا الموضع, فعلى هذا لا يسن السواك عند دخول المسجد, لأن ما وجد سببه في عهد النبي - ولم يفعله فتركه هو السنة. س65: ما الحكم لو تسوك بالعود الواحد اثنان فأكثر؟ ج/ لا بأس أن يتسوك بالعود الواحد اثنان فصاعداً, والدليل على ذلك حديث عائشة رضي الله عنها - لما دخل عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما على النبي - ومع عبدالرحمن سواك رطب يستن به فأبدَّه رسول الله - ببصره " يعني نظر إليه" وأطال النظر إليه, قالت عائشة رضي الله عنها فعرفت أنه يريده فأخذته ثم قضمته ثم طيبته فدفعته للنبي - فاستن به فما رأيت استناناً أحسن منه ... - (¬5) الحديث. إلا إذا كان يترتب على ذلك ضرر لكون أحدهما مريض ويخشى من انتقال العدوى. ¬

(¬1) سبق تخريجه. (¬2) أخرجه البزار في مسنده وقال المنذري بإسناد جيد لا بأس به. (¬3) رواه مسلم. (¬4) (النساء: من الآية19). (¬5) رواه البخاري ومسلم.

س66: هل المشروع أن يستاك الإنسان باليد اليمنى أو اليسرى؟

س66: هل المشروع أن يستاك الإنسان باليد اليمنى أو اليسرى؟ ج/ الأقرب والعلم عند الله تعالى أن الأمر في ذلك واسع, سواء استاك باليد اليمنى أو اليسرى, وذلك لعدم ثبوت نص واضح في هذه المسألة. س67: في أي جانبي الفم يبدأ عند الاستياك؟ ج/ السنة أن يبدأ بجانب فمه الأيمن, بدليل حديث عائشة رضي الله عنها - أن النبي - كان يعجبه التيامن في تنعله وترجله وطهوره وشأنه كله - (¬1). س68: هل السواك خاص بالأسنان أم هو شامل للفم؟ ج/ ورد في حديث أبي موسى الأشعري - قال - أتيت النبي - وهو يستاك بسواك رطب, قال: وطرف السواك على لسانه وهو يقول: أُع أُع, والسواك في فيه كأنه يتهوع - (¬2) , فهذا الحديث يدل على أن السواك ليس خاصاً بالأسنان بل هو مشروع للفم كله, قال ابن حجر رحمه الله: (وفيه تأكيد السواك وأنه لا يختص بالأسنان) (¬3). فائدة: مما يلاحظ تقصير النساء في مسألة استخدام السواك ظناً منهن أن ذلك بالرجل وهذا غير صحيح فإن الأصل تساوي الرجال والنساء في الأحكام إلا ما دل الدليل على تخصيص أحدهما دون الآخر ولا دليل هنا يفرق بين الرجل والمرأة, فالواجب على المرأة المسلمة إحياء هذه السنة والدعوة إليها تطبيقاً وحثاً عليها في أوساط بنات جنسهن. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) فتح الباري 1/ 424.

س69: ما تعريف الفطرة؟

- فضل في سنن الفطرة - س69: ما تعريف الفطرة؟ ج/ الفطرة لغة: قيل هي الشق طولاً, وقيل هي الاختراع, وقيل هي الخلقة المبتدئة, ومن ذلك قوله تعالى - فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ (¬1) - أي ابتدأ خلقها سبحانه وتعالى. والسنة لغة: الطريقة. معنى (سنن الفطرة) في الاصطلاح: أي من فعل هذه الأشياء فقد اتصف بالفطرة التي فطر الله الناس عليها وحثهم على فعلها. الدليل على سنن الفطرة: حديث أبي هريرة - مرفوعاً - الفطرة خمس: الختان, والاستحداد, وقص الشارب, وتقليم الأظافر, ونتف الإبط (¬2) -. س70: ما سنن الفطرة؟ ج/ سنن الفطرة هي: أولاً الاستحداد: وهو إزالة شعر العانة بالحديدة, وهو الشعر الذي يكون حول القُبل, فيسن حلقه للمرأة والرجل, إلا إذا كان تركه يؤدي إلى التشبه بالكفار أو الحيوانات لطوله فتركه حرام, والدليل على ذلك الحديث السابق - الفطرة خمس وذكر منها: الاستحداد -. س71: وهل السنة لا تحصل إلا بإزالته بالموس أم تحصل بأي مزيل؟ ج/ السنة تحصل بإزالته بأي مزيل, لكن الأولى إزالته بالموس, وفي شرح العمدة (وأما الاستحداد فهو استعمال الحديد في شعر العانة, ولو قصه أو نتفه أو تنور (¬3) جاز والحلق أفضل) (¬4). ثانياً نتف الإبط: هو رباط المنكب, والنتف بالقلع وله أن يزيله بأي مزيل, لكن النتف أولى, قال في شرح العمدة (والأفضل في الإبط أن ينتفه, ولو حلقه أو قصه أو نوره جاز أيضاً) (¬5). ¬

(¬1) (فاطر: من الآية1). (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) التنور: منه النورة من الحجر الذي يحرق ويسوّى منه الكِلس, ويحلق به شعر العانة. (¬4) شرح العمدة 1/ 238. (¬5) المصدر السابق.

س72: هل من سنن الفطرة النظر في المرآة, والتطيب بالطيب والاكتحال أم لا؟

والعلة في كون الإبط يشرع فيه النتف لا الحلق كما ذكر بعض أهل العلم أن الإبط محل الروائح فإذا أزاله الإنسان بالنتف تأخر خروجه فانقطعت الرائحة. ثالثاً تقليم الأظافر: وضابط ذلك قطع ما زاد على اللحم, بدليل حديث أبي هريرة السابق. س72: هل من سنن الفطرة النظر في المرآة, والتطيب بالطيب والاكتحال أم لا؟ ج/ الأقرب أن هذه الأشياء من قبيل العادات لا من قبيل العبادات لأن ما فعله النبي - موافقة لأهل زمنه فهو من قبيل العادات وما فعله - مخالفاً لأهل زمنه فهو من قبيل العبادات, وهذه الأشياء فعلها النبي - موافقة لأهل زمنه, ولذا فهي من قبيل العادات, ولكن هذه العادات مع النية الصالحة يؤجر عليها الإنسان فالاكتحال للرجل مثلاً إذا كان لتقوية البصر وجلاء الغشاوة من العين وتنظيفها وتطهيرها لكن بدون أن يكون هناك فتنة في الرجل عند اكتحاله فهذا لا بأس به, بل إنه مما ينبغي فعله لأن النبي - كان يكتحل في عينيه, وكذلك بالنسبة للمرأة إذا قصدت من ذلك التجمل للزوج فإنها تؤجر على اكتحالها, لأنه مطلوب منها التجمل للزوج. وأما الطيب فإن الإنسان إذا تطيب وقصد من ذلك أن تكون رائحته زكية فيدخل السرور على إخوانه فهو يؤجر على ذلك, إلا إذا ورد في الطيب دليل في موضع من المواضع فإنه يكون سنة كالتطيب في حق الرجال لصلاة الجمعة فهو سنة لما ورد من حديث سلمان - قال, قال رسول الله - - لا يغتسل رجل يوم الجمعة, ويتطهر ما استطاع من طهر, ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته, ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين, ثم يصلي ما كتب له, ثم ينصت إذا تكلم الإمام, إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى - (¬1) , وإلا فالطيب في الأصل يؤجر عليه الإنسان بالقصد. رابعاً إعفاء اللحية وحف الشارب: وليس المقصود هنا أن إعفاء اللحية من السنن, بل المقصود أن السنة هنا هي الطريقة, ولذلك من سنن الفطرة ما هو واجب وإعفاء اللحية من ذلك, قال الإمام ابن باز رحمه الله: "وأما اللحية فيحرم حلقها أو أخذ شيء منها في جميع الأوقات, لما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً - خالفوا المشركين, أحفوا الشوارب ووفروا اللحى - (¬2) " (¬3) , وحف الشارب هو المبالغة في قصه. ¬

(¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) التحقيق والإيضاح صـ13.

س73: هل يجوز حلق ما نبت على الخدين أو الذقن؟

س73: هل يجوز حلق ما نبت على الخدين أو الذقن؟ ج/ اللحية تشمل كل ما نبت على الخدين والذقن من الشعر فلا يجوز للإنسان أن يحلقه, وأما ما نبت على العُنق "الحلق " فهذا ليس داخلاً في اللحية فلا بأس من أخذه, قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (وأما نتف ما على الوجه أو الخدين من الشعر فإنه لا يجوز, لأن هذا من اللحية, كما نص على ذلك أهل العلم باللغة, والنبي - أمر بإعفاء اللحى ونتف هذا أو قصه مخالف لما أمر به النبي -) (¬1). س74: هل الأفضل في الشارب القص أم الحف, وهو أن يقص من أطرافه حتى تبين الشفة العليا؟ ج/ الأقرب في ذلك ما عليه الجمهور " أبو حنيفة, الشافعي, أحمد " أن المشهور هو الحلف وهو المبالغة في قصه من جميع جوانبه, وهذا ما رجحه ابن القيم رحمه الله تعالى. وقد نقل ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد قولاً لبعض أهل العلم مفاده: (أن نظير ذلك الحلق والقص في الحج كلاهما جائز والحلق أفضل) (¬2) , وهنا عندنا الحفّ والقص, والحفّ أفضل فقاس هذا على هذا, وفي فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (الأفضل في ذلك قص الشارب, إما حفاً بأن يقص بعض أطرافه مما يلي الشفة حتى تبدو, وإما أحفاء بحيث يقص جميعه حتى يخفيه) (¬3). س75: هل من السنة حلق الشارب أم لا؟ ج/ حلق الشارب ليس من السنة, قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في فتاويه: (وأما حلقه فليس من السنة, وقياس بعضهم مشروعية حلقه على حلق الرأس في النسك قياس في مقابلة النص فلا عبرة به, ولهذا قال مالك عن الحلق: إنه بدعة ظهرت في الناس) (¬4). س76: هل لحلق العانة وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقت محدد؟ ج/ السنة أنه إذا طالت هذه الأشياء فإنه يشرع الأخذ منها. ويكره أن تترك أكثر من أربعين يوماً, لحديث أنس - قال - وقت لنا في قص الشارب ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تترك فوق أربعين يوماً - (¬5). ويحرم إذا أدّى تركها إلى مشابهة الكفار, فهذه ثلاثة أحكام. فائدة: إلى الله نشكوه من انتكاس الفطرة عند بعض الناس, من إطالة الشوارب وحلق اللحى وإطالة الأظافر, مخالفة للفطرة التي فطر الله الناس عليها, وهذا لا شك بسبب ضعف الإيمان الذي اعترى قلوب ¬

(¬1) مجموع الفتاوى 4/ 129. (¬2) زاد المعاد لابن القيم 1/ 175. (¬3) فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين 1/ 241. (¬4) المصدر السابق. (¬5) رواه مسلم.

س77: ما حكم الختان بالنسبة للرجل والأنثى؟

بعض أهل الإيمان مشابهة للكفار الذين أمر الرسول - بمخالفتهم, ولأن المشابهة في الهدي الظاهر يؤدي إلى المشابهة في الباطن كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. فإعفاء اللحية واجب ويحرم حلقها, وحالق اللحية قد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب, قال رسول الله - - أعفوا اللحى (¬1) - , وفي رواية أخرى - أرخوا اللحى - (¬2) , وفي رواية - أوفوا اللحى - (¬3) , وفي رواية - وفروا اللحى - (¬4). خامساً من سنن الفطرة الختان: الختان للرجل: هو قطع الجلدة التي فوق الحشفة, والمراد بالحشفة هي رأس الذكر. أما ختان الأنثى: فهو قطع لحمة زائدة فوق محل الإيلاج, قال الفقهاء رحمهم الله (إنها تشبه عرف الديك). س77: ما حكم الختان بالنسبة للرجل والأنثى؟ ج/ حكمه بالنسبة للذكر الأقرب أنه واجب لتحصيل أمر واجب, لأن الإنسان إذا كان لم يختتن فإنه يؤدي إلى بقاء شيء من البول في الحشفة ثم ينتقل, وربما أدى ذلك إلى تلويث البدن والثياب, ولا شك أن الطهارة واجبة {وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب} , قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ويجب الختان إذا وجبت الطهارة والصلاة) (¬5) , والأدلة على وجوبه في حق الرجال ما يلي: 1 - قوله - - خمس من الفطرة ... وذكر منها الختان (¬6) -. 2 - أمره - من أسلم أن يختتن (¬7). 3 - الختان ميزة بين المسلمين والنصارى, حتى كان المسلمون يعرفون قتلاهم في المعارك بالختان, فالمسلمون والعرب قبل الإسلام واليهود يختتنون, والنصارى لا يختتنون, وإذا كان ميزة فهو واجب. 4 - فيه قطع شيء من البدن, وهو حرام في الأصل, والحرام لا يستباح إلا بالواجب. 5 - أنه يقوم به ولي اليتيم, وهو اعتداء عليه واعتداء على ماله, لأنه سيعطي الخاتن أجرته من مال اليتيم, فلولا أنه واجب لم يجز الاعتداء على ماله وبدنه. أما بالنسبة للأنثى: فهو سنة في حقها لأنه يؤدي إلى تحصيل كمال وهو تخفيف الغِلْمة " أي الشهوة ". ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (¬5) الاختيارات صـ 10 سبق تخريجه. (¬6) سبق تخريجه. (¬7) كما في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده, وأبو داود عن عثيم بن كليب عن جده, وهو ضعيف كما في المجموع 2/ 154, وقال الشوكاني في نيل الأوطار 1/ 114, وقال الحافظ وفيه انقطاع وعثيم وأبوه مجهولان قاله ابن القطان.

س78: ما وقت الختان؟

س78: ما وقت الختان؟ ج/ الأفضل أن يكون الختان عند الصغر وكلما كان أصغر فهو أفضل, فيكون بعد اليوم السابع. وكونه في الصغر أفضل لعلتين: 1. أن الطفل لا يتألم قلبياً, وإنما تألمه بدنياً, لكن إذا كبر كان تألمه قلبياً وبدنياً. 2. أنه أسرع للبُرء, أي أسرع للشفاء بإذن الله تعالى. لكن قال العلماء لا يختتن في الأيام السبعة الأولى, لأنه يخشى عليه من الهلاك. س79: متى يجب الختان؟ ج/ يجب عند البلوغ, وهذا هو معنى قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ويجب الختان إذا وجبت الطهارة والصلاة) , ولذلك قال ابن القيم رحمه الله (ولا يجب ذبل ذلك " أي قبل البلوغ " وفي صحيح البخاري من حديث سعيد بن جبير قال سئل ابن عباس رضي الله عنهما مثل من أنت حين قبض رسول الله -؟ قال: أنا يومئذ مختون, وكانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك). وعندي أنه يجب على الولي أن يختن الولد قبل البلوغ بحيث يبلغ مختوناً فإن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به, وأما قول ابن عباس (كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك " أي يقارب البلوغ " (¬1) , فدل على أنهم يرون وجوبه بعد البلوغ. ¬

(¬1) تحفة المولود ص124

س80: ما تعريف الوضوء في اللغة والاصطلاح؟

- باب الوضوء - س80: ما تعريف الوضوء في اللغة والاصطلاح؟ ج/ الوضوء بالضم الطهارة التي يترفع بها الحدث, وبالفتح الماء الذي يوضأ به. الوضوء لغةً: هو الحسن والنظافة. اصطلاحاً: هو التعبد لله عز وجل باستعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة على وجه مخصوص, وهو ليس من خصائص هذه الأمة بل هو مشروعٌ في هذه الأمة والأمم السابقة بدليل قصة جريج العابد وفيه - ودعاء بماء يتوضأ به (¬1) - , لكن الذي من خصائص هذه الأمة الغُرّة والتحجيل, لقول الرسول - في الغُرّة والتحجيل - سيما ليست لأحد قبلكم من الأمم - (¬2). ووجوب الوضوء ثبت في القرآن والسنة والإجماع: * القرآن: كما في قوله تعالى - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَأغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (¬3) -. * السنة: الأدلة على ذلك كثيرة فقد وصف وضوء النبي - ما يقرب من اثنين وعشرين صحابياً, من ذلك حديث عبدالله بن زيد لما سأله عمرو بن أبي الحسن عن وضوء رسول الله -؟ - فدعا بتور من ماء فتوضأ لهم وضوء رسول الله - فاكفأ على يديه من التور فغسل يديه ثلاثاً, ثم أدخل يديه في في التور فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً بثلاث غرفات, ثم أدخل يده في التور فغسل وجهه ثلاثاً, ثم أدخل يده فغسلهما مرتين إلى المرفقين, ثم أدخل يديه فمسح بهما رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة, ثم غسل رجليه - (¬4). * والإجماع: منعقد على ذلك. س81: ما حكم التسمية عند الوضوء؟ ج/ الأقرب أن يقال بالاستحباب والصارف عن الإيجاب قوله تعالى - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَأغسلوا وُجُوهَكُمْ ... - (¬5) ولم يذكر الله تعالى التسمية. ¬

(¬1) فتح الباري 1/ 236. (¬2) رواه مسلم من حديث أبي هريرة - مرفوعاً (¬3) (المائدة: من الآية6). (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) (المائدة: من الآية6).

س82: ما الحكم لو نسي التسمية ولم يتذكرها إلا بعد الانتهاء من الوضوء؟

ومن الأدلة كذلك حديث - سؤال الأعرابي للنبي - عن كيفية الوضوء فعلمه ولم يذكر التسمية - (¬1) , قالوا وهذا خرج مخرج البيان ولو كانت التسمية واجبة لذكرها له - , أيضاً أكثر الذين نقلوا صفة وضوء النبي - لم يذكروا التسمية, ولو كانت التسمية واجبة لنقلوها, وعلى هذا يقال أن التسمية مستحبة في الوضوء, وكذا في الغسل والتيمم وعند غسل اليدين للقائم من نوم الليل ثلاثاً. س82: ما الحكم لو نسي التسمية ولم يتذكرها إلا بعد الانتهاء من الوضوء؟ ج/ من نسي فلم يتذكر إلا بعد الانتهاء من الوضوء فوضوءه صحيح ولا يلزمه إعادة الوضوء لما تقدم من عدم وجوبها ولا شيء عليه، ومن ذكرها أثناء الوضوء فإنه يسمي ويكمل وضوءه، قال في الإقناع: "وإذا ذكر في أثناء الوضوء فإنه يسمي ويبني" (¬2). ... ¬

(¬1) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والإمام أحمد في مسنده, كلهم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, قال الأرنؤوط: إسناده حسن. (¬2) الإقناع 1/ 25.

س83: كم أركان الوضوء؟ وما هي؟

- فروض الوضوء - س83: كم أركان الوضوء؟ وما هي؟ الركن الأول: غسل الوجه, ومنه المضمضة والاستنشاق. والمضمضة هي: تحريك الماء في الفم. والاستنشاق: جذب الماء إلى داخل الأنف. الاستنثار: إخراج الماء من الأنف. س84: ما الأدلة على وجوب المضمضة والاستنشاق؟ ج/ من الأدلة على وجوب المضمضة والاستنشاق: * قوله تعالى - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَأغسلوا وُجُوهَكُمْ - (¬1) , ومن السنة ما تقدم من حديث عبدالله بن زيد (¬2) , والمضمضة والاستنشاق كلٌ منهما داخل في الوجه. * حديث عثمان بن عفان - في صفة وضوء النبي - وفيه - فمضمض واستنثر - (¬3). * وحديث أبي هريرة - أن النبي - قال - إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر, ومن استجمر فليوتر (¬4) - , وهذا أمر والأمر يدل على الوجوب. * ولما ورد في حديث لقيط بن صبره من قول النبي - وفيه - إذا توضأت فمضمض (¬5) -. قال ابن القيم: (ولم يتوضأ - إلا تمضمض واستنشق, ولم يحفظ عنه أنه أخل به مرة واحدة - (¬6). وأيضا الذين وصفوا وضوء النبي - اثنان وعشرون صحابياً لم يرد عن أحدهم أنه أخل بذلك, أي في غسل الوجه. س85: ما حد الوجه؟ ج/ حد الوجه هو ما تحصل به المواجهة, وحده طولاً من منحنى الجبهة إلى أسفل اللحية, وعرضاً من الأذن إلى الأذن, وقولنا من منحنى الجبهة هو بمعنى قول بعضهم من منابت شعر الرأس المعتاد لأنه ¬

(¬1) (المائدة: من الآية6). (¬2) سبق. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) رواه أبو داود. (¬6) زاد المعاد 1/ 194.

س86: هل المرافق داخلة في الغسل؟

يصل إلى حد الجبهة وهو المنحنى, وهذا هو الذي تحصل به المواجهة, لأن المنحنى قد انحنى فلا تحصل به المواجهة, ويخرج من ذلك: الأفرع: وهو الذي ينبت له شعر على وجهه. والأصلع: وهو الذي ينحسر شعره فيكون شيء من الرأس لا شعر فيه. الركن الثاني: غسل اليدين إلى المرفقين وأدلة ذلك ما يلي: * من الكتاب قوله تعالى - وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ (¬1) -. * من السنة, كل الذين وصفوا وضوء النبي - لم يذكروا أنه أخل بغسل اليدين كحديث عثمان (¬2) , وحديث عبدالله بن زيد (¬3) وغيرهما. س86: هل المرافق داخلة في الغسل؟ ج/ أكثر أهل العلم على أنهما داخلان كالكعب بالنسبة للرجلَّ, لأن السنة تفسر القرآن, فالله تعالى قال - وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ - فـ (إلى) هنا بمعنى مع أي مع المرافق, و (إلى) تستعمل بمعنى (مع) كقوله تعالى - وَلا تَاكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ - (¬4) أي مع أموالكم. الركن الثالث: مسح الرأس ومنه الأذنان, الأدلة على وجوبه: * من الكتاب قوله تعالى - وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ - (¬5). *من السنة الأدلة السابقة, كما تقدم من حديث عثمان وعبد الله بن زيد وغيرهما. * والإجماع منعقد على وجوبه. * والدليل على أن الأذنين من الرأس قوله تعالى - وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ - , وقد قال النبي - - الأذنان من الرأس - (¬6). قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وكان يمسح أذنيه مع رأسه, وكان يمسح ظاهرهما وباطنهما) (¬7). ¬

(¬1) (المائدة: من الآية6). (¬2) في الصحيحين. (¬3) سبق. (¬4) (النساء: من الآية2). (¬5) (المائدة: من الآية6). (¬6) رواه ابن ماجة من حديث أبي هريرة, ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه الدار قطعني, قال النووي في المجموع: حديث ابن عباس إسناده جيد, وذكر الألباني في الأحاديث الصحيحة رواية ابن عباس عند الطبراني في الكبير, ثم صححها. (¬7) زاد المعاد1/ 193.

والواجب مسح جميع الرأس, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (.. فإن الذين نقلوا وضوءه لم ينقل عنه أحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه) (¬1) , وقال ابن القيم رحمه الله: (ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة, ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة) (¬2). الركن الرابع: غسل الرجلين مع الكعبين, بدليل القرآن والسنة والإجماع. * من الكتاب قوله تعالى في الآية السابقة - وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (¬3) -. * من السنة: ما تقدم من الأدلة. والإجماع منعقد على ذلك. والكعبان داخلان في الغسل بدلالة الآية و (إلى) بمعنى (مع) كما تقدم بيان ذلك في مسألة دخول المرفقين في غسل اليدين. والكعبان هما: العظمان الناتئان اللذان بأسفل الساق من جانب القدم, وهذا هو الحق الذي عليه أهل السنة. الركن الخامس: الترتيب: لأن الله تعالى ذكره " أي الوضوء " مرتباً كما في قوله تعالى - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَأغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (¬4) -. وقد قال النبي - - ابدأ بما بدأ الله به - (¬5). * والدليل من السنة أن جميع الواصفين لوضوء النبي - لم يذكروا إلا أنه كان يرتبه على حسب ما ذكر الله تعالى في قوله - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَأغسلوا وُجُوهَكُمْ ... - الآية. وجه الدلالة من الآية: لأنه أدخل الممسوح وهو الرأس بين المغسولات فدلّ على وجوب الترتيب. والقول بالترتيب هو رأي الجمهور, وهو القول الراجح, قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ولم يتوضأ " أي النبي - " قط إلا مرتباً, فيكون تفسيراً للآية, ولو كان التنكيس جائزاً لفعله ولو مرة واحدة ليبيّن الجواز) (¬6). ¬

(¬1) مجموع الفتاوى21/ 122. (¬2) زاد المعاد 1/ 193. (¬3) (المائدة: من الآية6). (¬4) (المائدة: من الآية6). (¬5) رواه مسلم من حديث جابر بن عبدالله -. (¬6) شرح العمدة 1/ 204.

س87: ما أدلة اشتراط الموالاة؟

الركن السادس الموالاة: وهذا هو الفرض السادس من فروض الوضوء, وهي أن يكون الشيء موالياً للشيء, أي عقبه بدون تأخير. والقاعدة: {أن كل العبادات البدنية المركبة من أجزاء فهذه لابد لها من الموالاة}. من أمثلة ذلك: التيمم: هذا عبادة بدنية مركبة من أجزاء مركبة لأنه عندنا الضرب على الأرض والثاني مسح الوجه, والثالث مسح اليدين, ثلاثة أجزاء لابد لها من الموالاة, فلا يصح أن يضرب على الأرض وبعد ساعة يمسح وجهه ويديه, لأنها عبادة بدنية مركبة من أجزاء فلابد من التوالي. س87: ما أدلة اشتراط الموالاة؟ ج/ أدلة اشتراط الموالاة ما يلي: أ- قوله تعالى في الآية - السابقة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَأغسلوا وُجُوهَكُمْ ... - الآية. وجه الدلالة: أن جواب الشرط يكون متتابعاً لا يتأخر, ضرورة أن المشروط يلي الشرط. ب- من السنة: أن النبي - توضأ متوالياً ولم يكن بفصل بين أعضاء وضوئه, وفي حديث أنس - - أن النبي - رأى رجلاً توضأ وترك على ظهر قدمه مثل موضع ظفر لم يصبه الماء فأمره أن يحسن الوضوء (¬1) - , وفي رواية - ارجع فأحسن وضوءك - (¬2) , وعند الإمام أحمد - يعيد الوضوء - (¬3). س88: من الحديثين السابقين ما الفرق بين إحسان الوضوء وإعادته؟ ج/ الفرق بين اللفظين ظاهر إذا لم يُحمل أحدهما على الآخر أن الأمر بإحسان الوضوء أي إتمام ما نقص منه, وهذا يقتضي غسل ما ترك دون ما سبق, ويمكن حمل رواية مسلم على رواية أحمد, فلابد من إعادة الوضوء, ورواية أحمد سندها جيد قاله أحمد, وقال ابن كثير: حديثٌ صحيح. ومن النظر: أن الوضوء عبادة واحدة فإذا فرّق بين أجزائها لم تكن عبادةَ واحدة. س89: ما ضابط الموالاة؟ ج/ أن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله, وتقييده بهذا أقرب إلى الضبط, ولكن يُستثنى من ذلك ما إذا فاتت الموالاة لأمر يتعلق بالطهارة كأن يكون بأحد أعضائه حائل يمنع وصول الماء كالبوية مثلاً إذا اشتغل بإزالته فإنه لا يضر, وكذلك لو نفذ الماء وجعل يستخرجه من البئر, أو انتقل من صنبور لآخر حتى ولو نشفت الأعضاء فإنه لا يضر. أما إذا فاتت الموالاة لأمر لا يتعلق بالطهارة, كأن يجد على ثوبه دماً فيشتغل بإزالته حتى نشفت أعضاؤه فيجب عليه إعادة الوضوء لأن هذا لا يتعلق بطهارته. ¬

(¬1) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أحمد وأبو داود وصححه ابن القيم في تهذيب السنن, ونُقل أن الإمام أحمد صححه.

س90: ما المقصود بقولنا: ما يوجب الوضوء؟

- شروط الصلاة ثمانية - أولاً: أن ينقطع ما يوجبه, أي ما يوجب الوضوء, فلو شرع في المضمضة مثلاً, وهو لا يزال يبول فمضمضته غير صحيحة. س90: ما المقصود بقولنا: ما يوجب الوضوء؟ ج/ ما يوجب الوضوء المقصود به نواقض الوضوء, فلابد أن ينقطع ما يوجب الوضوء, ويستثنى من ذلك من كان عذره مستمراً كالمستحاضة ومن به سلس البول ونحو ذلك, فهذا له أن يشرع في الوضوء قبل انقطاع الخارج, لأنه حدثه مستمر. ثانياً: النية, وهي لغة بمعنى القصد, والنية شرطٌ في جميع العبادات, لابد أن ينوي أنه يتوضأ تعبداً لله, لأنه قد يتوضأ إما للنظافة أو بقصد التعلم والتعليم, فلابد من النية التي تميز هذه الأفعال بعضها عن بعض, والنية شرطٌ لصحة العمل وقبوله وإجزائه, لقوله - - إنما الأعمال بالنيات (¬1) - , والنية محلها القلب, لأنها من أعمال القلوب وليست من أعمال الجوارح. س91: ما حكم التلفظ بالنية؟ ج/ التلفظ بالنية بعدة, وقد اختار شيخ الإسلام رحمه الله تعالى على أن التلفظ بالنية بدعة لم يفعله الرسول - , وقال ابن القيم رحمه الله: (ولم يكن يقول في أوله نويت رفع الحدث ولا استباحة الصلاة لا هو ولا أحد من أصحابه البتة, ولم يرو عنه في ذلك حرف واحد لا بإسناد صحيح ولا ضعيف) (¬2). ثالثاً: الإسلام. رابعاً: العقل. خامساً: التمييز. وهذه الشروط أي الإسلام والعقل والتمييز يلزم توفرها في كل عبادة إلا التمييز في الحج فلا يشترط. س92: ما الحكم لو توضأ الكافر أو الصغير أو المجنون؟ ج/ إذا توضأ الكافر أو الصغير أو المجنون فلا يصح منه ذلك, ووضوءه غير صحيح, بمعنى لو توضأ الكافر ثم أسلم فلابد من إعادة الوضوء, ولو توضأ الصغير ثم بلغ فلابد من إعادة الوضوء, ولو توضأ المجنون ثم أراد الله عز وجل وعقل فإن هذا الوضوء لا يصح فلابد من إعادته. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث عمر -. (¬2) زاد المعاد.

س93: ما حد التمييز؟

س93: ما حد التمييز؟ ج/ على خلاف والأقرب أن ذلك راجع للحال فإذا فَهمَ الخطاب وردَّ الجواب فهو مميز. سادساً: أن يكون الماء طهوراً, فالماء النجس لا يصح الوضوء به ولا يرفع الحدث. س94: هل يشترط أن يكون الماء مباحاً؟ ج/ لا يشترط ذلك, وعلى هذا لو توضأ الإنسان بالماء المغصوب أو المسروق أو المختلس فوضوءه صحيح على الراجح من أقوال أهل العلم, لأن النهي لا يوجه إلى ذات المنهي عنه, بل لأمر خارج وهو السرقة ونحوها, لكنه يأثم بفعله ولا شك. سابعاً: إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة كالطين والعجين والبوية, ومثل ذلك المناكير الآن نحو ذلك, ليحصل الإسباغ المأمور به شرعاً. ثامناً: الاستجمار قبل أن يشرع في الوضوء. س95: هل يجوز لشخص إذا أحدث أن يتوضأ للصلاة ثم بعد ذلك يستنجي أو يستجمر, أم لابد الاستنجاء أو الاستجمار بعد خروج النجاسة قبل الوضوء؟ ج/ الراجح أنه لا يُشترط البدء بالاستنجاء أو الاستجمار. وإنما يقال ذلك إذا كان الإنسان في حالة السعة فإننا نأمره أولاً بالاستنجاء ثم بالوضوء, وبناءً على ذلك فمن خرج منه نجاسة فلا حرج أن يتوضأ للصلاة أولاً ثم بعد ذلك يستنجي هذا هو الراجح, لقول النبي - كما في حديث علي - قال: كنت رجل مذاءً, فاستحييتُ أن أسأل رسول الله - لمكان ابنته مني, فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال - يغسل ذكره, ويتوضأ - (¬1) , وفي رواية - توضأ, وأغسل ذكرك (¬2) - , فقوله في هذه الرواية توضأ وأغسل ذكرك دليل على أنه لا بأس أن يقدم الوضوء على الاستنجاء والاستجمار, قال ابن حجر رحمه الله تعالى: (فيجوز تقديم غسله على الوضوء وهو أولى, ويجوز تقديم الوضوء على غسله) (¬3). وأما إذا نسي أو كان جاهلاً, فإنه لا يجسر الإنسان على إبطال صلاته أو أمره بإعادة الوضوء والصلاة. مسألة: عقد المصنف رحمه الله تعالى بعد ذلك فصلاً للنية حيث قال (فالنية هنا قصد رفع الحدث ..). وهنا مسائل منها: س96: هل لابد أن ينوي بوضوءه رفع الحدث أم يكفي أن ينوي الطهارة لما تجب له؟ ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري. (¬3) فتح الباري 1/ 452.

س97: ما المواضع التي يستحب لها الطهارة؟

ج/ يقال النية لها ثلاث صور: 1 - أن ينوي رفع الحدث وهذا ظاهر. 2 - أن ينوي الطهارة لما تجب له الطهارة, كما لو نوى بوضوئه مس المصحف. 3 - أن ينوي الطهارة لما يسن له الطهارة, كالوضوء لقراءة القرآن عن ظهر قلب. ففي هذه الثلاث صور يرتفع حدثه, فمتى نوى شيئاً من هذه الثلاث صور فإن حدثه يرتفع. س97: ما المواضع التي يستحب لها الطهارة؟ ج/ الطهارة مستحبة في المواضع الآتية: 1 - عند قراءة القرآن, وهذا إذا كان يقرأ القرآن عن هر قلب أما إذا كان سيمس المصحف فلابد من الطهارة. 2 - عند الذكر, لما ورد عن المهاجر بن قنفذ أنه سلم على النبي - وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه فرد عليه وقال - إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة - (¬1). 3 - عند الدعاء, لما ورد أن النبي - دعاء بوضوء ثم رفع يديه فقال - اللهم اغفر لعبيد أبي عامر - (¬2). 4 - عند الآذان, قال في الإنصاف: (تستحب الطهارة للآذان وهذا بلا نزاع من حيث الجملة ولا تجب الطهارة الصغرى له بلا نزاع) (¬3). 5 - عند النوم, لما ورد في حديث البراء بن عازب أن النبي - قال - إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوؤك للصلاة .. الحديث - (¬4). 6 - عند الغضب, لما ورد في حديث عطية السعدي - وقد كان له صحبة أن النبي - قال - إن الغضب من الشيطان, وإن الشيطان خلق من النار, وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ - (¬5). 7 - ذكر ابن القيم مشروعية الوضوء بعد المعصية, وذكر حديث عن أبي بكر - ما من مسلم يذنب ذنبا إلا غفر الله له ذنبه (¬6) -. س98: إذا شرع في الوضوء ثم شك هل نوى الوضوء أم لا؟ ج/ لا يلتفت إلى ذلك لأن الشك لا يلتفت إليه في ثلاث مواضع هي: ¬

(¬1) رواه أحمد وابن ماجه بنحوه. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) الانصاف 1/ 415. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) رواه أحمد. (¬6) تهذيب السنن 6/ 50.

س99: إذا شك بعد الفراغ من العبادة هل يلتفت إلى هذا الشك أم لا؟

1) إذا كان بعد الفراغ من العبادة فلا يؤثر الشك هنا إلا مع اليقين, فإذا تيقن بنى على يقينه, فإذا كان الشك له حظ من النظر كمن وجد بقعة جافة لم يصلها الماء وقد شك هل غسلها أم لا؟ فإنه يغسل هذا العضوء وما بعده. 2) إذا كثر مع الإنسان, وهذا هو ما ابتلى به كثير من الموسوسين, فنجد أن الواحد منهم لا يعمل عملاً إلا وشك في أصل نيته, ثم يشك في أثناء العبادة, ويشك كذلك بعد الفراغ من العبادة, فتحاصره الشكوك من كل جانب, فالواجب عليه ألا يلتفت إلى ذلك. 3) إذا كان وهماً لا حقيقة له فإنه لا يلتفت إليه. وبناءً على ذلك فمن شرع في الوضوء ثم شك هل نوى أم لا؟ فإنه يستمر في وضوءه ولا شيء عليه, لأن من عمل شيئاً فقد نواه, فالنية أمرها سهل بحمد الله تعالى فهو من حين مجرد قيامه للوضوء وهو في نية الوضوء. س99: إذا شك بعد الفراغ من العبادة هل يلتفت إلى هذا الشك أم لا؟ ج/ تقدم أنه من المواضع التي لا يلتفت فيها إلى الشك, الشك بعد الفراغ من العبادة, وهنا قاعدة تقول {قطع نية العبادة بعد فعلها لا يؤثر} , وكذلك الشك بعد الفراغ من العبادة سواء كان الشك في النية أو أجزاء العبادة فلا يؤثر إلا مع اليقين. مثال ذلك: رجل بعد أن صلى الظهر قال: لا أدري هل نويتها ظهراً أو عصراً؟ شكاً منه, فلا عبرة بهذا الشك ما دام أنه داخل على أنها الظهر, ولا يؤثر الشك بعد ذلك, ومما أنشد في هذا: والشك بعد الفعل لا يؤثر ... وهكذا إذا الشكوك تكثر لكن كما تقدم إذا تيقن بعد الشك فإنه يبني على يقينه. س100: إذا كان الشك في أثناء العبادة؟ ج/ الراجح أنه لا يلتفت إلى ذلك أيضاً, لأن الشك في هذه الحالة لا وجود له, لأن الإنسان إذا قام إلى الماء ليتوضأ فهذه هي النية التي يستطيع الفكاك عنها. س101: إذاً متى يعتبر الشك؟ ج/ إذا كان الشك حقيقياً, ولم ينتج عن كثرة الشكوك وحصل قبل أن يفرغ من العبادة. فإذا كان في أثناء الوضوء وشك هل غسل وجهه أم لا؟ وكان الشك حقيقياً ففي هذه الحال إن ترجح عنده أنه غسل اكتفى بذلك, وإن لم يترجح عنده أنه غسله وجب عليه أن يبني على اليقين وهو العدم,

أي أنه يغسل ذلك العضو الذي شك فيه فيرجع إليه ويغسله وما بعده, وإنما أوجبنا عليه أن يغسل ما بعده مع أنه قد غُسل من أجل الترتيب, وتقدم وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء وأدلة ذلك.

س102: ما صفة الوضوء؟

- صفة الوضوء - س102: ما صفة الوضوء؟ ج/ صفة الوضوء هي: أولاً: النية والنية شرط لقوله - - إنما الأعمال بالنيات - (¬1). ثانياً: ثم يسمّي, والصحيح أن التسمية سنّة وليست بواجبة كما سبق (¬2). ثالثاً: غسل الكفين, وهو سنة وليس بواجب, والدليل على ذلك قوله تعالى - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ - (¬3) الآية, فبدأ بغسل الوجه, فدّل على أن غسل الكفين في أول الوضوء ليس بواجب ولو كان غسل الكفين واجباً لذكر غسل الكفين أولاً, والدليل على سنية فعل النبي - - فإنه إذا أراد أن يتوضأ غسل كفيه ثلاثاً) (¬4). س103: ما حكم غسل اليدين " الكفين " للقائم من النوم؟ ج/ فيه خلاف, والراجح قول الإمام أحمد أنه واجب يأثم الإنسان بتركه, وهذا إذا أراد الإنسان أن يغمسهما في الإناء, والدليل قول النبي - - إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلهما ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده - (¬5). وهو واجب فقط عند الاستيقاظ من نوم الليل, أما نوم النهار فلا يجب غسل اليدين منه, لقول النبي - - باتت يده - والبوتة إنما تكون في الليل. وقد ورد في سنن أبي داود بإسناده على شرط مسلم - إذا استيقظ أحدكم من الليل .. - فهنا التصريح بلفظ ... - الليل -. رابعاً: المضمضة والاستنشاق, وقد تقدمت الأدلة التي تدل على وجوب المضمضة والاستنشاق (¬6). س104: ما كيفية المضمضة؟ ج/ المضمضة لها كيفيتان: ¬

(¬1) متفق عليه. (¬2) سبق. (¬3) (المائدة: من الآية6). (¬4) رواه البخاري ومسلم من حديث عثمان -. (¬5) رواه مسلم من حديث أبي هريرة, والبخاري بنحوه. (¬6) سبق.

س105: هل يجب على من أراد الوضوء أن يزيل الأسنان المركبة إذا كانت تمنع وصول الماء إلى ما تحتها أم لا يجب؟

1 - الكيفية الواجبة: وهي أن يدير الماء في فمه أدنى إدارة, وهذا يسقط به الواجب. 2 - الكيفية المستحبة: وهي أن يدير الماء في جميع فيه (فمه). ومن السنة عدم الفصل بين المضمضة والاستنشاق فيأخذ لهما غرفة واحدة, قال النووي كما في شرح مسلم (لم يثبت في الفصل حديث أصلاً بل الصواب تفضيل الجمع للأحاديث الصحيحة المتظاهرة وليس لها معارض) (¬1). س105: هل يجب على من أراد الوضوء أن يزيل الأسنان المركبة إذا كانت تمنع وصول الماء إلى ما تحتها أم لا يجب؟ ج/ الظاهر أنه لا يجب وهذا يشبه الخاتم, والخاتم لا يجب نزعه عند الوضوء, بل الأفضل أن يحركه لكن ليس على سبيل الوجوب, لأن النبي - كان يلبسه (¬2) , ولم ينقل عنه أنه كان يحركه عند الوضوء, وهو أظهر من كونه مانعاً من وصول الماء من هذه الأسنان, لا سيما أنه يشق نزع هذه التركيبة عند بعض الناس. س106: ما كيفية الاستنشاق؟ ج/ الاستنشاق له كيفيتان: 1. كيفية واجبة: وهي أن يجذب الماء إلى داخل الأنف. 2. كيفية مستحبة: وهي أن يجذب الماء إلى أقصى الأنف. س107: ما حكم الانتثار بعد الاستنشاق؟ ج/ حكمه سنة فلو استنشق ولم ينتثر صح ذلك, مع أنه ورد بلفظ الأمر كما في حديث أبي هريرة - أن النبي - قال - إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر ... الحديث (¬3) - , والأمر للوجوب, لكن قلنا بسنيته لأن هناك صارف يصرفه من الوجوب إلى السنية, والصارف هو أن الاستنصار لتحصيل كمال لأن تطهير الأنف حصل بالاستنشاق. س108: هل يجب الاستنشاق عند القيام من النوم؟ ج/ الأقرب أنه لا يجب لكنه سنة, لحديث أبي هريرة - - إذا استيقظ أحدكم من منامه فليستنصر ثلاث مرات, فإن الشيطان يبيت على خياشيمه - (¬4) والصارف عن الوجوب مع أنه ورد بلفظ الأمر ¬

(¬1) شرح مسلم للنووي 3/ 106. (¬2) رواه البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم.

س109: ما حد الوجه طولا وعرضا؟

حديث ابن عباس رضي الله عنهما في منامه عند خالته ميمونة فقد قام النبي - وتوضأ ومع ذلك لم يذكر ابن عباس أن النبي - استنصر (¬1) فهذا هو الصارف, يتأكد ذلك في حق الحائض إذا استيقظت لكونها لا تتوضأ. خامساً: غسل الوجه, بدليل قوله تعالى - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ... - (¬2) , السنة أن يبدأ بالمضمضة والاستنشاق ولا يفصل بينهما ويكونان بغرفة واحدة ثمّ يغسل وجهه, وهذا الترتيب هو السنة, بدليل حديث عثمان وفيه - ثم المضمضة واستنشق واستنثر, ثم غسل وجهه ثلاثاً - (¬3) , ولو أنه قدّم غسل الوجه على المضمضة والاستنشاق فلا بأس, لأن المضمضة والاستنشاق من الوجه, لكن ذلك خلاف الأولى. س109: ما حد الوجه طولاً وعرضاً؟ ج/ تقدم بيان ذلك. س110: إذا شرع المتوضئ في غسل الوجه في الوضوء فهل الأفضل أن يبدأ من أعلى الوجه أم من الأسفل؟ ج/ الأفضل أن يبدأ من الأعلى ثم يحدره, لفعله - , ولأن أعلى الوجه أشرف, وليجري الماء بطبعه. س111: ما هي أقسام الشعر بالنسبة للطهارة؟ ج/ الشعر بالنسبة للطهارة ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: ما يجب غسله ظاهراً وباطناً, وهذا في الغسل الواجب كغسل الجنابة أو الحيض أو النفاس, فيجب غسل الشعر ظاهراً وباطناً سواءً كان الشعر كثيفاً أو خفيفاً, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت - ثم يخلل شعره بيده حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته, أفاض الماء عليه ثلاث مرات - (¬4). كذلك الشعر الخفيف يجب غسله ظاهراً وباطناً في الوضوء, كما لو كان شعر اللحية خفيفاً كما لو كان يُرى الجلد من ورائها, وكذلك الحواجب والشارب والعُنفقة, والعُنفقة هي الشعر الذي يكون تحت الشفة السفلى بين الشفة السفلى واللحية وهذه تابعة للّحِيَة فلا يجوز حلقها. القسم الثاني: ما يجب غسله ظاهراً ولا يجب غسله باطناً. وهذا يكون في الشعر الكثيف في الوضوء كاللحية الكثيفة, لكن يستحب أن يخللها أحياناً, وسيأتي معنى التخليل إن شاء الله تعالى (¬5). ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) (المائدة: من الآية6). (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) سبق.

س112: لو توضأ إنسان وفي عضو من أعضاءه ما يمنع وصول الماء إلى البشرة ولم يزله ناسيا ولم يتذكر إلا بعد فاصل طويل عرفا, ومثل ذلك الغسل فعل يعذر بنسيانه أو جهله أم لا؟

القسم الثالث: ما لايجب غسله لا ظاهراً ولا باطناً وهذا في التيمم. سادساً: غسل اليدين مع المرفقين, وأدلة ذلك: قوله تعالى - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (¬1) - ويدخل في ذلك غسل المرفقين وقد تقدم بيان هذه المسألة (¬2). ملاحظة: لابد عند غسل اليدين البدء من أطراف الأصابع, لأن بعض الناس يبدأ عند غسل اليدين من مفصل الكف اكتفاءً بغسل الكفين في أول الوضوء, وهذا خطأ لأن غسل الكفين في أول الوضوء سنَة إلا للقائم من نوم الليل كما تقدم. س112: لو توضأ إنسان وفي عضو من أعضاءه ما يمنع وصول الماء إلى البشرة ولم يزله ناسياً ولم يتذكر إلا بعد فاصل طويل عرفاً, ومثل ذلك الغسل فعل يعذر بنسيانه أو جهله أم لا؟ ج/ يقال لا يعذر بنسيانه ولا بجهله لأن هذا من باب المأمورات, والقاعدة في ذلك {أن باب المأمورات لا يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان} , وبناء على هذا يؤمر من فعل ذلك بإعادة الغسل والوضوء وإعادة الصلوات التي صلاها وهو على هذه الحال. س113: ما الحكم لو كان الذي يمنع وصول الماء إلى البشرة يسيراً؟ ج/ إذا كان يسيراً فإنه يعفى عنه, والمرجع في ذلك إلى العرف, قال شيخ الإسلام رحمه الله: (منع يسير وسخ في ظفر ونحوه وصول الماء صحت الطهارة وهو وجه لأصحابنا, ومثله كل يسير منع وصول الماء حيث كان كدم وعجين) (¬3). وأما بالنسبة للحنا فعرض لا جرم له فلا يمنع الوضوء. سابعاً: ثم يمسح جميع ظاهر رأسه من حد الوجه إلى ما يسمى قفا, والبياض فوق الأذنين منه, لقوله تعالى - وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ -. س114: هل يمسح جميع رأسه أم بعضه؟ ج/ الراجح وجوب مسح جميع الرأس, وقد تقدم بيان هذه المسألة. أما الظفائر وما استرسل من الشعر فهذا لا يجب مسحه. ¬

(¬1) (المائدة: من الآية6). (¬2) سبق. (¬3) الاختيارات ص 12.

س115: ما كيفية مسح الرأس؟

س115: ما كيفية مسح الرأس؟ ج/ السنة إذا أراد الإنسان أن يمسح يبدأ من المقدمة (من حد الوجه) وتقدم حد الوجه أنه من منابت الشعر المُعتاد, ثم يذهب بيده إلى قفاه " إلى مؤخرة رأسه " ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه هذا هو السنة. والدليل على ذلك: ما ثبت من حديث عبد الله بن زيد - أن النبي - بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردّهما إلى المكان الذي بدأ منه - (¬1) , وهل الأذنان من الرأس أم لا؟ تقدم بيان ذلك. ملاحظة: بعض النساء تقول أنني إذا رددت يدي إلى المقدمة يثور الشعر, وقد تكون تهيأت لمناسبة ونحو ذلك, فيقال ليس بلازم أن تردهما إلى المكان الذي بدأت منه, فيجزئ في ذلك أن تبدأ من مقدم الرأس ثم تذهب بهما إلى قفاها, أما كونها ترجعهما إلى مقدمة الرأس مرة ثانية على سبيل الاستحباب, وكل ما في الأمر إن لم تفعل ذلك فقد تركت السنة, والمؤمل في طالبة العلم أن تحرص على تطبيق السنة. تنبيه: لو أن المراة لفت شعر رأسها فوق الرأس فإنها لا يجب عليها أن تنقضه بل تمسح عليه. وكذلك لو كان على رأسها حلي أو حناء أو متشابك أو لفافات الشعر, فإنه لا يلزمها أن تنزع ذلك إذا أرادت أن تمسح رأسها في الوضوء. س 116: ما كيفية مسح الأذنين؟ ج/ أن يدخل سبابتيه في صماخي أذنيه " أي فتحات الأذن " وظاهر الأذنين بالإبهامين, قال ابن القيم رحمه الله: (وكان يمسح أذنيه مع رأسه, وكان يمسح ظاهرهما وباطنهما " (¬2). أما الغضاريف فلا يجب مسحهما, لكن بعض العلماء قال إن تنظيفهما في بعض في بعض الأحيان من سنن الفطرة, وإنما قيل باستحباب تنظيفهما إلحاقاً لها بالراجم كما دل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال - عشر من الفطرة .. وذكر منها غسل البراجم .. - (¬3) , والبراجم هي عقد الأصابع, وأيضاً لعموم أدلة التنظيف. س117: هل يأخذ ماءً جديداً لمسح الأذنين؟ ج/ ليس من السنة أخذ ماء جديد للأذنين, لقوله - - الأذنان من الرأس - (¬4) وبناء على هذا فيمسحهما بما فضل من ماء اختيار شيخ الإسلام (¬5) وابن القيم (¬6) ورأي أبي حنيفة (¬7) , وأيضاً لم يثبت أن النبي - أخذ ماء جديد للأذنين الرأس, وهذا غير الماء الذي مسح به رأسه. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) زاد المعاد 1/ 194. (¬3) رواه مسلم وغيره. (¬4) سبق تخريجه. (¬5) الاختبارات ص 12. (¬6) زاد المعاد 1/ 195. (¬7) نيل الأوطار 1/ 154.

س118: هل يجب غسل الكعبين؟

قال ابن القيم في الهدي: (لم يثبت عنه أنه أخذ لهما ماءً جديداً وإنما صح ذلك عن ابن عمر) , وفي مجموع الفتاوى لابن عثيمين رحمه الله قال: (لا يلزم أخذ ماء جديد للأذنين, بل ولا يستحب على القول الصحيح, لأن جميع الواصفين لوضوء النبي - لم يذكروا أنه كان يأخذ ماءً جديداً لأذنيه, فالأفضل أن يمسح أذنيه ببقية البلل الذي بقي بعد مسح رأسه) (¬1). ثامناً: غسل الرجلين مع الكعبين, وقد تقدم بيان أدلة وجوب غسل الرجلين. س118: هل يجب غسل الكعبين؟ ج/ الصحيح أنه يجب كما قلنا في المرفقين وقد تقدم ذكر هذه المسألة. ¬

(¬1) مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين 1/ 141.

س119: ما سنن الوضوء؟

- سنن الوضوء - س119: ما سنن الوضوء؟ ج/ سنن الوضوء هي: أولاً: استقبال القبلة, حيث يرى المصنف رحمه الله أن استقبال القبلة الوضوء من السنن, والراجح في ذلك عدم استحباب ذلك, لأن الاستحباب حكم شرعي يحتاج إلى دليل ولا دليل هنا. ثانياً: السواك, يتأكد عند الوضوء وقد تقدم بيان هذه المسالة في باب السواك. ثالثاً: غسل الكفين ثلاثاُ, هذا باتفاق أهل العلم, بدليل فعل النبي - فإنه إذا أراد أن يتوضأ غسل كفيه ثلاثاً (¬1) , ولأن الكفين آلة الوضوء فينبغي أن يبدأ بغسلهما قبل كل شيء حتى تكونا نظيفتين, وهذا في غير القائم من نوم الليل, لأن القائم من نوم الليل يجب عليه أن يغسل يديه ثلاثاً قبل أن يشرع في الوضوء كما تقدم. س120: إذا قام من نوم الليل وغسل يديه ثلاثاً للقيام من النوم إذا أراد الوضوء يسن له يغسل يديه ثلاثاً مرة أخرى أم لا؟ ج/ الظاهر الاكتفاء بغسلهما عند الاستيقاظ فيدخل المندوب في الواجب, قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن: (الظاهر الاكتفاء بغسلهما عند الاستيقاظ فيدخل المندوب في الواجب تبعاً كما يدخل غسل الجمعة في الغسل الواجب ونظائره كثيرة) (¬2) , وهذا من التداخل في العبادات. والقاعدة الشرعية تقول {أن كل عبادتين اتحدتا في الجنس ولم تكن إحداهما مقصودة لذاتها وعينها فإنها تدخل في الأخرى}. فغسل اليدين في ابتداء الوضوء ثلاثاً ليست مقصودة لذاتها وإنما لمجرد النظافة, فإذا غسل كفيه للقيام من نوم الليل أجزاء عن استحباب غسل الكفين ثلاثاً في بداية الوضوء. ومن أمثلة ذلك أيضاً: تحية المسجد والراتبة وسنة الوضوء هذه تتداخل, فلو أن إنساناً توضأ ودخل المسجد قبل صلاة الظهر وصلى على أنها راتبة تكفي عن تحية المسجد وتكفي عن سنة الوضوء أيضاً. ¬

(¬1) كما ورد ذلك في حديث عثمان رضي الله عنه في الصحيحين. (¬2) حاشية العنقري 1/ 54.

س121: ماكيفية تخليل اللحية الكثيفة؟

رابعاً: من السنة أن يبدأ الإنسان بالمضمضة والاستنشاق ثم يغسل وجهه, هذه السنة ولو عكس فلا بأس, وقد تقدم بيان ذلك. خامساً: المبالغة في المضمضة والاستنشاق لغير الصائم, بدليل قول النبي - للقيط بن صبرة - أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً - (¬1) , وعلة النهي عن المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم, لأنها مظنّة أن يذهب شيء إلى جوف الإنسان, والنهي عن ذلك يشمل صيام الفرض والنفل كذلك. سادساً: المبالغة في غسل سائر الأعضاء مطلقاً, لقوله - في الحديث المتقدم - أسبغ الوضوء - , قال ابن عمر: الإسباغ الإنقاء. فائدة: يجب على المسلم أن يحذر وساوس الشيطان وأن يلتزم السنة في ذلك, لأن بعض الناس يسرف في استخدام الماء في وضوئه فيداخله الشيطان, ثم ينتقل الأمر إلى مسألة الوسواس فيصعب عليه التخلص بعد ذلك, فعلى الإنسان أن يلزم السنة بدعوى تطبيق سنة المبالغة في غسل سائر الأعضاء فيقع الوسواس. قال ابن القيم رحمه الله (¬2) (لم يزد على ثلاث, بل أخبر أن " من زاد عليها فقد أساء وتعدى وظلم " , فالموسوس مسيء متعد ظالم بشهادة رسول الله - فكيف يتقرب إلى الله بما هو مسيء به متعد فيه لحدوده؟ ". سابعاً: تخليل اللحية الكثيفة, لحديث أنس أن النبي - كان إذا توضأ أخذ كفاً من ماء فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال - هكذا أمرني ربي عز وجل (¬3) - , وعن عثمان - - أن النبي - كان يخلل لحيته - (¬4). س121: ماكيفية تخليل اللحية الكثيفة؟ ج/ أنه يأخذ كفاً من ماء ثم يضعه تحت حنكه ثم يخلل لحيته ثم يأخذ كفاً آخر ويفرك به جانبي اللحية. س122: هل كان النبي - يخلل لحيته دائماً؟ ج/ لا, بل أحياناً فالتخليل يستحب أحيانا وليس ذلك على سبيل الدوام, قال ابن القيم رحمه الله (كان النبي - يفعله أحيانا ولم يواظب عليه) (¬5). ¬

(¬1) رواه الخمسة وصححه الترمذي. (¬2) إغاثة اللهفان 1/ 127. (¬3) رواه أبو داود. (¬4) أخرجه الترمذي, وابن ماجه وابن حزم وابن حبان والدارقطني والبيهقي وصححه الحاكم قال الترمذي حسن صحيح. (¬5) زاد المعاد 1/ 197.

س123: ما كيفية تخليل الأصابع؟

ثامناً: تخليل الأصابع, أي تخليل أصابع اليدين والرجلين وهو في الرجلين آكد لحديث لقيط السابق - أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً - , ولحديث - توضأت فخلل بين أصابعك - (¬1). قال ابن القيم رحمه الله (وحديث المستورد بن شداد قال: رأيت النبي - إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره (¬2) , وهذا إن ثبت فإنما كان يفعله أحياناً, ولهذا لم يروه الذين اعتنوا بضبط وضوئه كعثمان وعلي وعبد الله بن زيد والربيع وغيرهم, على أن في إسناده عبدالله بن لهيعة) (¬3). س123: ما كيفية تخليل الأصابع؟ ج/ أما بالنسبة لأصابع اليدين فهو: أن يدخل أصابع يديه في بعض كالتشبيك ويحركهما. أما بالنسبة لأصابع الرجلين فإنه يدلك أصابع رجليه بخنصره اليسرى. تاسعاً: التيامن, فهو من سنن الوضوء وهو خاص بالأعضاء الأربعة فقط وهما اليدان والرجلان, يُبدأ باليد اليمنى ثم اليسرى, والرجل اليمنى ثم اليسرى, أما الوجه فالنصوص تدل على أنه يُغسب مرة واحدة ومعنى ذلك أنه لا يغسل الجانب الأيمن أولاً ثم الأيسر وإنما يغسله مرة واحدة وكذلك الرأس, والأذنان يمسحان مرة واحدة لأنهما عضوان عن عضو واحد فهما داخلان في مسح الرأس. والدليل على استحباب التيامن: أنه - - كان يعجبه التيمن في ترجله وتنعله وطهوره وفي شأنه كله - (¬4) , وللقاعدة {أن ما كان من باب التشريف والتكريم فإنه يندب فيه التيامن, وما كان بضده يندب فيه التياسر} , وبناء على هذا فالسنة أن يقدم اليد اليمنى على اليد اليسرى, وأن يقدم الرجل اليمنى على الرجل اليسرى في الغَسل. ولو قدم اليد اليسرى على اليد اليمنى فلا بأس, لأن اليدين عضو واحد, وكذلك الرجلين فمن قدم غسل اليسرى على اليمنى فلا بأس, ووضوءه صحيح لكن هذا خلاف السنة. س124: هل من السنة مجاوزة محل الفرض, كأن يغسل العضد بعد غسل اليد أو الساق بعد غسل الرجل أم لا؟ ج/ هذا ليس من السنة, قال ابن القيم رحمه الله: (ولم يثبت أنه تجاوز المرفقين والكعبين, ولكن كان أبو هريرة يفعل ذلك ويتأول حديث إطالة الغرة, وأما حديث أبي هريرة في صفة وضوء النبي - أنه غسل يديه حتى أشرع في العضدين ورجليه حتى أشرع في الساقين فهو إنما يدل على إدخال المرفقين والكعبين في ¬

(¬1) أخرجه أبو داود وابن ماجه وحسَنه البخاري. (¬2) رواه أهل السنن. (¬3) زاد المعاد 1/ 198. (¬4) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها.

س125: ما صفات الوضوء الواردة في السنة؟

الوضوء ولا يدل على مسألة الإطالة) (¬1) , وفي إغاثة اللهفان ذكر الخلاف على قولين, واستدل لكل منهما, وذكر عدم الاستحباب هو اختيار شيخه ابن تيمية رحمه الله (¬2). عاشراً: والغسلة الثانية والثالثة, فقد ورد البخاري أن النبي - توضأ مرة مرة وتوضأ مرتين مرتين وتوضأ ثلاثاً ثلاثاً (¬3) ,*. س125: ما صفات الوضوء الواردة في السنة؟ ج/ الوضوء ورد على أربع صفات هي: الصفة الأولى: أن يتوضأ مرة مرة, يعني يغسل كل عضو مرة واحدة وليس المقصود غرفة واحدة لأنه قد لا يبلغ العضو بغرفة واحدة, فالمقصود غسل العضو مرة واحدة سواء بغرفة أو غرفتين أو أكثر. الصفة الثانية: أن يتوضأ مرتين مرتين. الصفة الثالثة: أن يثلث يغسل كل عضو ثلاث مرات. الصفة الرابعة: أن يخالف بين أعضاء الوضوء, وهذه الصفة ثبتت في حديث عبدالله بن زيد وفيه - .. فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثاً بثلاث غرفات, ثم أدخل يده في التور فغسل وجهه ثلاثاً, ثم أدخل يده فغسلهما مرتين إلى المرفقين, ثم أدخل يده فمسح بهما رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة, ثم غسل رجليه - (¬4) , والسنة أن يعمل بهذه الصفات جميعاً, قال ابن القيم رحمه الله (بل السنة أن يتوضأ أحياناً مرة مرة وأحياناً مرتين مرتين, وأحياناً يخالف) , وللقاعدة عند شيخ الإسلام (أن السنة إذا تعددت فالسنة أن يأتي بهذا مرة وبهذه مرة) (¬5). ومما يلزم التنبيه عليه: أن مسح الرأس إنما يكون مرة واحدة في كل الصفات السابقة. س126: ما صفة المخالفة؟ ج/ صفتها أن يغسل الوجه ثلاثاً, واليدين على مرتين, والرجلين على مرة واحدة, كما ثبت ذلك في حديث عبدالله بن زيد المتقدم, قال ابن القيم رحمه الله (وأحياناً يخالف فيغسل الوجه ثلاثاً, واليدين مرتين, والرجلين مرة) (¬6). ¬

(¬1) زاد المعاد 1/ 196. (¬2) إغاثة اللهفان 1/ 181,182. (¬3) كلها أوردت في البخاري في كتاب الوضوء, باب الوضوء مرة مرة, باب الوضوء مرتين مرتين, باب الوضوء ثلاثاً. *ينظر كلام ابن القيم في الزيادة على ثلاث ص 49. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) مجموع الفتاوى 22/ 335 - 337. (¬6) المصدر السابق.

س127: ما فائدة العمل بالسنة إذا تعددت؟

س127: ما فائدة العمل بالسنة إذا تعددت؟ ج/ لهذا أربع فؤائد هي: 1 - العمل بالسنة. 2 - إحياء السنة. 3 - نقل العبادة من كونها عادة إلى عبادة, أي أنه يستحضر العبادة. 4 - أنه أخشع للقلب, لأنه أستحضر العبادة وانتقل من العادة إلى تدبر العبادة. وتطبيق السنة دليل على محبة العبد للنبي - , لأن في هذا دليل على اقتفاء الأثر, وتتبع سنة الرسول - , ولذلك يبدو أن من أعظم أسباب فقد جوهر العبادة وروحها إنما هو بسبب أننا اعتمدنا على صفة معينة, وأهملنا باقي السنن سواء كان ذلك في الطهارة أو في باب الصلاة. الحادي عشر: استصحاب النية إلى آخر الوضوء حتى تكون أفعاله مقرونة بالنية. س128: ما حالات النية بالنسبة للاستصحاب؟ ج/ النية لها أربع حالات باعتبار الاستصحاب هي: الأولى: أن يستصحب ذكرها من أول الوضوء إلى آخره, وهذا أكمل الأحوال. الثانية: أن تعزب عن خاطره لكنه لم ينوِ القطع, وهذا يسمى استصحاب حكمها, أي بنى على الحكم الأول واستمر عليه, وهنا عبادته صحيحه. الثالثة: أن ينوي قطعها أثناء العبادة, فلو نوى وهو يتوضأ مثلاً قطع النية, فلا يصح وضوئه لعدم استصحاب الحكم لقطعه النية أثناء العبادة. الرابعة: أن ينوي عدم الطهارة بعد انتهائه من جميع أعضاءه, فهذا لا ينتقض وضوئه لأنه وجد الفعل, وهكذا كل عبادة نوى قطعها بعد الانتهاء منها فإنها لا تنقطع وعبادته صحيحة. الثاني عشر: من السنة القول بعد الوضوء, ما ورد في الحديث - أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله, اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين, فإن من أسبغ الوضوء ثم قال هذا الذكر فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء - (¬1) رواه الترمذي ورواه أيضا مسلم دون قوله - اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين - , ويقول أيضاً ما ورد - سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك (¬2) -. ¬

(¬1) رواه الترمذي ومسلم وفي إرواء الغليل 1/ 135: وأعله الترمذي بالاضطراب وليس بشيء فإنه اضطراب, وصححه الألباني رحمه الله زيادة الترمذي , وزيادة الترمذي (اللهم اجعلني من التوابيت واجعلني من المتطهرين) لها شاهد من حديث ثوبان في الطبراني الكبير 1/ 72, وابن السني في اليوم والليلة رقم 30 وفيه أبو سعد الأعور وهو ضعيف. (¬2) رواه النسائي.

س129: ما حكم رفع البصر إلى السماء عند ذكر الدعاء الوارد بعد الوضوء؟

س129: ما حكم رفع البصر إلى السماء عند ذكر الدعاء الوارد بعد الوضوء؟ ج/ ورد عن النبي - من حديث عمر أن النبي - قال - من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع نظره إلى السماء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء - (¬1) ولكن هذا الحديث ضعيف وفي سنده مجهول, وبناء على هذا فالصحيح عدم رفع البصر إلى السماء حال قول هذا الذكر. س130: ما حكم تحريك السبابة أو استقبال القبلة إذا أراد التشهد بعد الانتهاء من الوضوء؟ ج/ هذه الأشياء لا أصل لها, ولم يرد فيها دليل, فعلى هذا فهي ليست بمشروعة, فإذا انتهى الإنسان من الوضوء دعا على أي جهة كان ولا يرفع إصبعه لذلك. س131: هل يشرع للمتوضئ تنشيف الأعضاء بعد وضوءه؟ ج/ قال ابن القيم رحمه الله (ولم يكن النبي - يعتاد تنشيف أعضائه بعد الوضوء ولا صح عنه ذلك في حديث البتة, بل صح عنه خلافه) (¬2) , وفي مجموع فتاوى العثيمين (تنشيف الأعضاء لا بأس به لأن الأصل عدم المنع, والأصل فيما عدا العبادات من العقود والأفعال والأعيان الحل والإباحة حتى يقوم دليل على المنع) ثم أجاب عن حديث ميمونة حينما أتته بالمنديل فرده وجعل ينفض الماء بيده (¬3) فقال (هذا الفعل من النبي - يحتمل أنه فضية عين تحتمل عدة أمور: إما لأنه لسبب في المنديل .. أو يخشى أن يبله الماء ..) (¬4). س132: ما حكم إعانة المتوضئ في الوضوء؟ ج/ يشرع للإنسان أن يتولى غسل أعضائه بنفسه بل ذكر بعض أهل العلم أنه يكره أن يتولى غير المتوضئ ذلك لغير الحاجة (¬5) , أما صب الماء عليه فقد قال ابن القيم رحمه الله في الزاد: (ولم يكن من هديه - أن يُصب عليه الماء كلما توضأ, ولكن تارة يصب على نفسه وربما عاونه من يصب عليه أحياناً كما في الصحيحين عن المغيرة بن شعبة أنه صب عليه في السفر لما توضأ) (¬6) , ولكن ذلك في الأصل مباح, وأما تقريب وضوئه فلا بأس به ولا يقال إنه خلاف الأولى. ¬

(¬1) رواه أحمد وأبو داود وسكت عنه, وابن السني وفي إرواء الغليل: وهذه الزيادة منكرة لأنه تفرد بها ابن عم أبي عقيل وهو مجهول. (¬2) زاد المعاد 1/ 197. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) فتاوى العثيمين 11/ 153. (¬5) حاشية ابن قاسم 1/ 211. (¬6) زاد المعاد 1/ 197.

س133: ما تعريف المسح في اللغة والاصطلاح؟

- باب المسح على الخفين - س133: ما تعريف المسح في اللغة والاصطلاح؟ ج/ المسح في اللغة: الإمرار. اصطلاحاً: التعبد لله عز وجل بإمرار اليد المبلولة على الخفين وما يلحق بهما. س134: ما الفرق بين الخفاف والجوارب؟ ج/ الخفان: تثنية خف, وهو ما يستعمل للرَّجل من الجلد. والجوارب جمع جورب, وهو ما يستعمل للرجل من غير الجلد كالصوف والقطن أو الكتان ونحو ذلك. س135: ما حكم المسح على الخفين؟ وما دليل ذلك؟ ج/ المسح على الخفين جائز باتفاق أهل السنة والجماعة, وخالف في ذلك الرافضة, ولهذا ذكره بعض العلماء في كتب العقيدة لمخالفة الرافضة فيه (¬1) وصار شعاراً لهم. والدليل على جوازه: * من الكتاب: قوله تعالى - وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ (¬2) - على قراءة الجر. * ومن السنة: فقد تواترت الأحاديث بذلك عن النبي - , ومن ذلك حديث المغيرة بن شعبة - قال: كنت مع النبي - في سفر فأهويت لأنزع خفية فقال - دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين, فمسح عليهما (¬3) - , قال الإمام أحمد (سبعة وثلاثون نفساً يروون المسح عن النبي -) (¬4) , وقال الحسن (وقال الحسن حدثني سبعون من أصحاب النبي - أنه مسح على الخفين) (¬5). قال الناظم: مما تواتر حديث من كذب ... ومن بنى لله بيتاً واحتسب ورؤية شفاعة والحوض ... ومسح خفين وهذي بعض قال الإمام أحمد رحمه الله (ليس في قلبي من المسح شيء فيه أربعون حديثاً عن النبي -). * ومن الإجماع: أجمع أهل السنة على جواز المسح على الخفين. ¬

(¬1) رواه ابن المنذر في الأوسط 1/ 433. (¬2) (المائدة: من الآية6) (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه أحمد في مسنده, قال الألباني في إرواء الغليل 1/ 137: سنده صحيح. (¬5) رواه ابن المنذر في الأوسط 1/ 433.

س136: هل الأفضل الغسل أم المسح؟

س136: هل الأفضل الغسل أم المسح؟ ج/ الأقرب في ذلك هو التفصيل: أن الإنسان يراعي حالة قدمه فإن كان لابساً فالأفضل المسح, ولا يقال أخلع لكي تغسل. وإن كان خالعاً لشرابه فالغسل أفضل, ولا يقال ألبس لكي تمسح. وهذا قال به شيخ الإسلام (¬1) وابن القيم (¬2) وهو ظاهر فعل النبي - كما سيأتي, فالنبي - قال - دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين - , فهو راعى حالة قدمه عليه الصلاة والسلام. - شروط المسح على الخفين - شروط المسح على الخفين هي: أولاً: لبسهما بعد كمال الطهارة, والدليل على ذلك حديث المغيرة قال كنت مع النبي - في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال - دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين, فمسح عليهما - (¬3). وحديث أنس أن النبي - قال - إذا توضأ أحدكم فليلبس خفيه وليمسح عليهما (¬4) -. س137: رجل يتوضأ لما غسل رجله اليمنى لبس الشراب قبل أن يغسل اليسرى, ثم غسل اليسرى ولبس الشراب مباشرة فما الحكم؟ ج/ يقال الأحوط أن لا يلبس اليمنى حتى يغسل اليسرى, لكن لا يؤمر من فعل ذلك بإعادة الصلاة والوضوء, لكن يؤمر من لم يفعل ذلك وأتى ليسأل عن ذلك ألا يفعل ذلك مرة أخرى احتياطاً, لما ورد في حديث أنس السابق أن النبي - قال - إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه .. - فقوله - إذا توضأ - يرجح القول بأن الأحوط ألا يلبس الشراب للرجل اليمنى حتى يغسل اليسرى, لأن من لم يغسل اليسرى لا يصدق عليه أنه توضأ. ثانياً: أن تكون الطهارة بالماء, تخرج طهارة التيمم. س138: لو تيمم الإنسان لعدم وجود الماء أو لعدم القدرة على استعماله فإنه يرتفع حدثه, ثم لبس شراباً, فهل له أن يسمح عليهما بعد القدرة على استعمال الماء بناء على أنه على طهارة تيمم أم لا؟ ¬

(¬1) الاختيارات ص 13. (¬2) زاد المعاد 1/ 169. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه الدارقطني وصححه الحاكم.

س139: هل يشترط لجواز المسح على الخفين أن يثبت بنفسه أم لا؟ لأن الخف قد يكون واسعا يثبت أثناء المشي!

ج/ الجمهور يقولون لا يمسح عليهما إذا وجد الماء فلابد من خلعهما فلا يكتفي بطهارة التيمم, بل لابد من طهارة مائية, لقول الرسول - في الحديث السابق - إذا توضأ أحدكم فليلبس خفيه وليمسح عليهما -. وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن ذلك فأجاب بقول (لا يجوز له أن يمسح على الخفين إذا كانت الطهارة طهارة تيمم لقوله - - .. فإني أدخلتهما طاهرتين - , وطهارة التيمم لا تتعلق بالرَّجل إنما هي في الوجه والكفين فقط, وعلى هذا أيضاً لو أن إنساناً ليس عنده ماء أو كان مريضاً لا يستطيع استعمال الماء في الوضوء فإنه يلبس الخفين ولو على غير طهارة, وتبقيان عليه بلا مدة محدودة حتى يجد الماء إن كان عادماً له أو يشفى من مرضه إن كان مريضاً, لأن الرَّجل لا علاقة لها بطهارة التيمم (¬1) -. ثالثاً: أن يكون الخف الذي يسمح عليه ساتراً لمحل الفرض, ومعنى ذلك ألا يتبين شيء من الفروض من ورائه سواء كان ذلك من أجل صفائه أو خفته أو من أجل خروق فيه, والأقرب في ذلك أن يقال أنه لا يشترط أن يكون ساتراً لمحل الفرض فما دام يصدق عليه أنه خف والانتفاع به ما زال باقياً جاز المسح عليه, والدليل على ذلك ما يلي: 1. أن النصوص الواردة في المسح على الخفين مطلقة, وما ورد مطلقاً فإنه يجب أن يبقى على إطلاقه. 2. وأيضاً الصحابة خفافهم لم تسلم من الخروق خصوصاً أنها تلي الأرض وكانوا يمشون عليها وقد خرجوا من المدينة إلى تبوك يباشرون بها الأرض, والأرض التي بين المدينة وتبوك صلبة فيستحيل أن لا يحصل فيها خروق ومع ذلك كانوا يمسحون على خفافهم, ولأن الصحابة الكثير منهم فقراء وغالب الفقراء لا تخلو خفافهم من خروق, فإذا كان هذا غالباً أو كثيراً في قوم في عهد الرسول - ولم ينبه عليه الرسول - دل على أنه ليس بشرط, وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (¬2). س139: هل يشترط لجواز المسح على الخفين أن يثبت بنفسه أم لا؟ لأن الخف قد يكون واسعاً يثبت أثناء المشي! ج/ لا يشترط ذلك, وقد سئل عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن ذلك فقال (الصحيح أنه لا يشترط ذلك, وذلك أن النصوص الواردة في المسح على الخفين مطلقة فما دام يمكن أن ينتفع بهذا ويمشي به فما المانع؟ فقد يكون الإنسان ليس عنده إلا هذا الخف, أو كان مريضاً مقعداً يلبس مثل هذا الخف للتدفئة, فلا دليل على اشتراط هذا الشرط) (¬3). ¬

(¬1) مجموع الفتاوى 11/ 174. (¬2) مجموع الفتاوى 21/ 172. (¬3) مجموع فتاوى ابن عثيمين 11/ 167,168.

س140: ما حكم المسح على الشراب المسروق أو المغصوب؟

س140: ما حكم المسح على الشراب المسروق أو المغصوب؟ المسح عليهما صحيح لكن مع الإثم لأن النهي لا يقتضي الفساد, إلا إذا عاد إلى ذات المنهي عنه أو وصفه اللازم, وهنا لم يعد إلى ذات المنهي عنه ولا إلى وصفه اللازم. رابعاً: أن يكون المسح على طاهر, والطاهر ضد النجس والمتنجس, لأن النجاسة على قسمين هما: 1. نجاسة عينية: أي تكون عينه نجسه, كما لو كانت الخفاف من جلد الخنزير, فهذا لا يصح المسح عليه. 2. نجاسة حكميه: أي عين الخف غير نجسه لكن طرأت عليه النجاسة فهنا يصح المسح عليه, وله أن يطوف بهما وهو لابسهما ويقرأ القرآن, لكن الصلاة ليس له أن يصلي بهما حتى يخلع الخف, لأن الصلاة تشترط لها طهارة الملبس, فإن كان على الشراب بول مثلاً, له أن يمسح ووضوئه صحيح ويرتفع حدثه لكن إذا أراد أن يصلي عليه أن يخلع خفيه. س141: إذا كانت الشراب يرى من ورائها البشرة, أي أنها شفافة, أو كانت مخروقة فهل يصح المسح عليها أم لا؟ ج/ قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (القول الراجح أنه يجوز المسح على الجورب المخرق والجورب الخفيف الذي ترى من ورائه البشرة, لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه أن يكون ساتراً, فإن الرَّجل ليست عورة يجب سترها, وإنما المقصود الرخصة على المكلف والتسهيل عليه, بحيث لا نلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء, بل نقول يكفيك أن تمسح عليه, هذه هي العلة التي من أجلها شرع المسح على الخفين, وهذه العلة كما ترى يستوي فيها الخف والجورب المخرق والسليم والخفيف والثقيل) (¬1). س142: لو خلع الشراب وهو على طهارة مسح فهل تنتقض طهارته؟ ج/ لا, لا تنتقض طهارته, لأن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا ينتقض إلا بدليل شرعي وهنا الأصل بقاء الطهارة, ويؤيد هذا القول من القياس أنه لو كان على رجل شعر كثير ثم مسح على شعره بحيث لا يصل إلى باطن رأسه شيء من البلل ثم حلق شعره بعد الوضوء, فطهارته صحيحه. ¬

(¬1) مجموع فتاوى ابن عثيمين 11/ 166.

س143: متى تبدأ مدة المسح؟

س143: متى تبدأ مدة المسح؟ ج/ الراجح وهو الرواية الثانية عن الإمام أحمد بن حنبل, وهو اختيار النووي, وقال به الأوزاعي, وأبو ثور, والسعدي رحمهم الله أنه من أول مسح بعد الحدث. وإذا قلنا أنه من أول مسح بعد حدث فلا يدخل في ذلك تجديد الوضوء, مثال ذلك إنسان توضأ لصلاة الظهر فلبس شرابه فدخل وقت صلاة العصر وما زال على طهارة فأراد أن يجدد الوضوء لصلاة العصر, فمسح على الشراب, هنا لا تبدأ مدة المسح من العصر, لأنه مسح لتجديد الوضوء ولم يحدث, فهنا شُرط أول مسح بعد حدث فلا يدخل تجديد الوضوء في ذلك, وإنما قلنا نبتدئ مدة المسح من أول مسح بعد الحدث, لأن الشرع جاء بلفظ المسح, والمسح لا يتحقق إلا بوجوده فعلاً, وهذا لا يكون إلا بابتداء المسح أول مرة, فإذا تمت أربع وعشرون ساعة من ابتداء المسح بعد الحدث انتهى وقت المسح بالنسبة للمقيم, وإذا تمت اثنتان وسبعون ساعة انتهى المسح بالنسبة للمسافر. س144: إذا سافر الإنسان سفر معصية, كما لو سافر ليشرب الخمر مثلاً فهل يترخص ويمسح مسح مسافر أم يمسح مسح مقيم؟ ج/ الراجح أنه يمسح مسح مسافر, وهذا مذهب أبي حنيفة, وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية, وابن حزم والدليل على ذلك إطلاق الأدلة, لحديث على - وحديث عوف بن مالك, وسيأتي بيانها, وهذه الأدلة وغيرها مطلقة تشمل سفر الطاعة وسفر المعصية. س145: ما مدة المسح لكل من المقيم والمسافر؟ ج/ مدة المسح: للمقيم يوم وليلة, وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن وهو قول جمهور العلماء لحديث علي - قال: قال النبي - - للمسافر ثلاثة أيام بلياليهن, وللمقيم يوم وليلة - (¬1) , وحديث عوف بن مالك - أن النبي - أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر, ويوماً وليلة للمقيم (¬2) -. س146: ما حكم من مسح في السفر ثم أقام؟ ج/ إذا سافر الإنسان وكان يمسح وهو مسافر " والمسافر كما تقدم يمسح ثلاث أيام بلياليهن " ثم أقام في بلده " رجع إلى بلده " أتم مسح مقيم, فإذا كان مسح في السفر أقل من يوم وليلة يتم اليوم وليلة في الإقامة إذا شاء ثم يخلع, لكن إذا كان مسح في السفر يوم وليلة فأكثر فهذا مجرد ما يقيم فإنه يخلع. ¬

(¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه أحمد.

س147: ما الحكم فيمن مسح في الحضر ثم سافر؟

س147: ما الحكم فيمن مسح في الحضر ثم سافر؟ ج/ الراجح أنه يمسح مسح مسافر, وهذا مذهب أبي حنيفة والرواية التي رجع إليها الإمام أحمد واختارها الخلال وأبو الخطاب, لأن السبب الذي يستبيح به مدة المسح ثلاثة أيام لا يزال موجوداً, لكن يُنتبه بشرط أن يسافر قبل انتهاء مدة مسح الإقامة, فلو سافر وقد مسح يوم وليلة فإنه لا يمسح مسح مسافر بل يبدأ من جديد. س148: إذا شك في ابتداء مدة المسح " أي هل مسح وهو مسافر أم مسح وهو مقيم " فهل يتم مسح مقيم أم مسح مسافر؟ ج/ على القول الراجح كما سبق أنه إذا مسح وهو مقيم ثم سافر قبل انتهاء مدة مسح الإقامة فإن هذه المسألة غير واردة, وبناء على هذا فالراجح أنه يتم مسح مسافر. س149: مسألة أخرى, لو شك الإنسان في ابتداء المسح ووقته فماذا يفعل؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قائلاً (في هذه الحال يبني على اليقين فإذا شكَّ هل مسح لصلاة الظهر أو صلاة العصر فإنه يجعل ابتداء المدة من صلاة العصر, لأن الأصل عدم المسح ودليل هذه القاعدة {أن الأصل بقاء ما كان على ما كان} , وأن الأصل العدم , وأن النبي - شكى إليه الرجل يخيل إليه أن يجد الشيء في صلاته فقال - لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً (¬1) - أ. هـ (¬2). س150: ما صفة المسح؟ ج/ صفة المسح: يبل أصابعه ثم يبتدئ المسح من أصابعه أي أصابع رجله إلى ساقه, وقد وردت أثار عن النبي - وأصحابه أنه يمسح بأصابعه مفرًّقه حتى يعم المسح (¬3) , ويمسح أعلاه, دون أسفله وعقبه, لأنهما ليسا أعلى القدم, قال ابن القيم رحمه الله (وكان يمسح ظاهر الخفين ولم يصح عنه مسح أسفلهما إلا في حديث منقطع) (¬4). ¬

(¬1) رواه البخاري من حديث عبدالله بن زيد , ومسلم من حديث أبي هريرة -. (¬2) مجموع الفتاوى 11/ 176. (¬3) كما ورد ذلك في حديث جابر عند ابن ماجه وهو ضعيف جداً كما في التلخيص, وورد من حديث المغيرة كما أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي. (¬4) زاد المعاد 1/ 199.

س151: هل يسمح على الخفين جميعا أم يبدأ باليمنى ثم اليسرى؟

س151: هل يسمح على الخفين جميعاً أم يبدأ باليمنى ثم اليسرى؟ ج/ الأقرب أنه على أي صفة مسح أعلى الخف فإنه يجزئ, لكن الأفضل أن يكون المسح باليدين على الرجلين جميعاً " يعني اليد اليمنى تمسح الرجل اليمنى, واليد اليسرى تمسح الرجل اليسرى في نفس اللحظة " كما تُمسح الأذنان, لأن هذا هو ظاهر السنة, لقول المغيرة بن شعبة - - فمسح عليهما -. س152: ما مبطلات المسح على الخفين؟ ج/ مبطلات المسح هي: أولاً: كل ما يوجب الغسل فهو يبطل المسح على الخفين, لأن المسح على الخفين إنما يكون في الطهارة الصغرى. والدليل على ذلك: حديث صفوان بن عسال قال - كان النبي - يأمرنا إذا كنا سفراً أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة - (¬1). ثانياً: إذا ظهر بعض محل الفرض, كما لو ظهر من القدم بعض محل الفرض كالكعب مثلاً, أو خلع خفيه وكان على طهارة مسح, فهل تنقض طهارته هنا أم لا؟ يقال الراجح أن طهارته لا تنتقض حتى يوجد ناقض من نواقض الوضوء المعروفة, وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (¬2) , لأن هذه الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي, وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا ينتقض إلا بدليل شرعي وإلا فالأصل بقاء الطهارة, ويؤيد هذا القول من القياس أنه لو كان على رجل شعر كثير ثم مسح على شعره بحيث لا يصل إلى باطن رأسه شيء من البلل ثم حلق شعره بعد الوضوء فطهارته صحيحة. ثالثاً: يبطل المسح بانقضاء المدة مع انتقاض الوضوء, أما إذا لم ينتقض الوضوء فإن انتهاء مدة المسح لا تنقض الوضوء, مثال ذلك لو توضأ إنسان لصلاة الظهر مثلاً ولبس الشراب وقبل العصر أحدث ثم توضأ ومسح من هنا تبدأ مدة المسح, وفي الغد في وقت الظهر أحدث وتوضأ ومسح ثم صلى الظهر وبقى طاهراً (طهارة مسح) , فله أن يصلي حتى تنتقض طهارة المسح, صحيح أن وقت المسح انتهى بانتهاء آخر وقت الظهر لكنه لم يُحدث بل استمر على طهارة الظهر فهنا لا تبطل طهارته. ¬

(¬1) رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه. (¬2) مجموع الفتاوى 21/ 179 - 215.

س153: لو أن إنسانا توضأ لصلاة الظهر ثم لبس الشراب لما جاء وقت العصر أحدث ثم مسح عليهما ثم خلع الشراب لكنه استمر على طهارته " أي طهارة المسح " ولم يأت بأي ناقض من نواقض الوضوء فما الحكم؟

لكن لو أنه أحدث بعد الظهر فهنا ينتهي وقت المسح, فلا يمسح وقت العصر, لأن المدة انتقضت والوضوء انتقض, فمدة المسح تبدأ من أول مسح بعد حدث وتنتهي بانقضاء مدة المسح مع انتقاض الوضوء. تنبيه: قول بعض العامة أن مدة مسح المقيم خمس صلوات, هذا غير صحيح لأن الإنسان قد يصلي أكثر من ذلك وهو مقيم, كما لو لبس الخفين لصلاة الفجر وبقى على طهارته إلى أن صلى العشاء فهذا يوم كامل لا يحسب عليه, فإذا مسح من الغد لصلاة الفجر هنا تبتدئ المدة من صلاة الفجر إلى اليوم الثالث من صلاة الفجر, ولو بقي على طهارته إلى صلاة العشاء يكون قد صلى خمس عشرة صلاة وهو مقيم. س153: لو أن إنساناً توضأ لصلاة الظهر ثم لبس الشراب لما جاء وقت العصر أحدث ثم مسح عليهما ثم خلع الشراب لكنه استمر على طهارته " أي طهارة المسح " ولم يأت بأي ناقض من نواقض الوضوء فما الحكم؟ ج/ الراجح أن وضوئه لا ينتقض بخلع الشراب, فله أن يصلي بوضوئه المغرب والعشاء ... الخ, إلى أن ينتقض وضوئه, لكن ليس له أن يعيد الشراب إلا بعد طهارة غسل. - مسائل لم يذكرها المصنف رحمه الله - س154: ما الحكم إذا لبس خفاً على خف؟ ج/ لذلك ثلاث حالات: الحالة الأولى: إذا كان قبل الحدث فالحكم للفوقاني. مثال ذلك: لو توضأ لصلاة الظهر ثم لبس شراباً ثم بعد ذلك استمر على طهارته (طهارة مائية) جاء وقت العصر وهو ما زال على الطهارة ولم يمسح إلى الآن, أحس بالبرودة فأراد أن يلبس خفاً آخر أو شراباً آخر فلبس, فالحكم هنا للفوقاني ولا شك. الحالة الثانية: إذا لبس الخف الثاني بعد الحدث.

س155: ما الحكم إذا كان يمسح على الأعلى ثم خلعه هل يمسح على الأسفل؟

مثال ذلك: لو توضأ لصلاة الظهر ثم لبس الشراب ثم انتقض وضوءه بعد الصلاة, فأراد أن يلبس شراباً آخر قبل صلاة العصر وهو الآن ليس على طهارة مائية ولا على طهارة مسح, فهنا الحكم للتحتاني ولا يمسح على الأعلى, لأنه في هذه الحالة يكون لبسه على غير طهارة. الحالة الثالثة: إذا لبس الثاني على الأول على طهارة مسح. مثال ذلك: لو توضأ لصلاة الظهر ثم لبس شراباً لما جاء وقت العصر أحدث ثم مسح وبعد صلاة العصر أحس ببرودة أو أنه بحاجة إلى لبس شراب أخر وهو لا زال على طهارة مسح, فهذا القول بأنه يمسح على الفوقاني قول قوي جداً. س155: ما الحكم إذا كان يمسح على الأعلى ثم خلعه هل يمسح على الأسفل؟ ج/ الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قال (الأحسن أنه إذا كان في سعة من أمره وخلع الأعلى أن يخلع الأسفل) (¬1) , ولكن لو لم يفعل فالظاهر أنه لا بأس بذلك. س156: إذا مسح الإنسان على الكنادر ثم خلعها ومسح على الشراب فهل يصح مسحه أم لا؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قائلاً (المعروف عند أهل العلم أنه إذا مسح أحد الخفين الأعلى أو الأسفل تعلق الحكم به إلى ثانٍ, ومنهم من يرى أنه يجوز الانتقال إلى الثاني إذا كان الممسوح هو الأسفل ما دامت المدة باقية, وهذا هو القول الراجح, وعلى هذا فلو توضأ ومسح على الجوارب ثم لبس عليها جوارب أخرى, أو كنادر ومسج العليا فلا بأس به على القول الراجح ما دامت المدة باقية, لكن تحتسب المدة من المسح على الأول لا من المسح على الثاني) (¬2). س157: إذا مسح الإنسان على خفيه بعد انتهاء المدة وصلى بهما فما الحكم؟ ج/ لا يخلو الأمر من حالتين: أ-إذا كان أحدث بعد انتهاء المدة ومسح فإنه يجب عليه إعادة الوضوء وإعادة الصلوات التي صلاها, لأنه حينئذ على غير طهارة, ولا يعذر الإنسان بالجهل أو النسيان هنا, لأن هذا من باب المأمورات, وباب المأمورات لا يعذر الإنسان فيه بالجهل والنسيان. ب-إذا كان بعد انتهاء مدة المسح لكن بقي الإنسان على طهارته فصلاته صحيحة, لأن انتهاء مدة المسح لا ينقض الوضوء, كما تقدم بيان ذلك. س158: من توضأ ولبس الشراب بدون نية المسح عليها ثم بدأ له أن يمسح عليهما فهل له ذلك أم لابد من نية المسح عند لبسهما؟ ج/ يقال لا يشترط نية المسح عند لبسهما, فلو أن إنساناً توضأ ولبس شراباً ولكنه لم ينو " حين اللبس " المسح عليها ثم بدأ له ذلك صح, لأن النية هنا غير واجبة فهذا عمل عُلق الحكم على مجرد وجوده فلا يحتاج إلى نية. ¬

(¬1) الممتع 1/ 211. (¬2) مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله 11/ 176.

س159: ما تعريف الجبيرة؟

- المسح على الجبيرة - س159: ما تعريف الجبيرة؟ ج/ الجبيرة اصطلاحاً: هي الأخشاب ونحوها التي تسوى على موضع الكسر, أو توضع على موضع الجرح لكي يجبر الكسر أو يبرأ الجرح, والمراد بها في عرف الفقهاء (ما يوضع على موضع الطهارة لحاجة). س160: هل يشترط أن توضع الجبيرة على طهارة؟ ج/ الراجح أن ذلك ليس شرطاً. س161: ما أحوال الجبيرة؟ ج/ الجبيرة لا تخلو من حالتين: الأمر الأول: أن لا تتجاوز محل الحاجة " ومحل الحاجة هو الجرح وما حوله وما يحتاج إليه لشدة الجبيرة " فهنا يغسل ما يستطيع غسله ويمسح على الجبيرة. الأمر الثاني: أن تتجاوز الجبيرة محل الحاجة, فإنه ينزع ما زاد على الحاجة ويمسح على الجبيرة, أما إذا كان يتضرر بنزع ما زاد على الحاجة, فإنها حينئذ تأخذ حكم الجبيرة فيمسح عليها. س162: ما صفة المسح على الجبيرة؟ ج/ صفة المسح على الجبيرة, أن يعمم الجبيرة بالمسح من جميع الجهات ليس من الأعلى فقط, لأن هذا هو ظاهر حديث صاحب ألشجه وهو قوله - ويمسح عليها (¬1) -. س163: إذا كان الإنسان جرحه مكشوف ليس عليه شيء فماذا يفعل إذا أراد التطهر؟ ج/ الأصل أنه يغسله, وإذا كان يضره الغسل كأن يتأخر البرء أو يتضرر من ذلك, فإنه يمسح على الجرح أما إذا كان لا يستطيع الغسل ولا المسح, فيقال هنا يتيمم ولا يمسح. تنبيه: الجمع بين التيمم والمسح هذا غير صحيح, كما يعتقد بعض الناس فالتيمم يُصار إليه إذا لم يستطع الإنسان أن يغسل الجرح ولا أن يمسح عليه أو لا يستطيع أن يمسح على الجبيرة. ¬

(¬1) رواه أبو داود والدارقطني , والبيهقي من حديث جابر, وبلوغ المرام رواه أبو داود بسند فيه ضعف وفيه اختلاف على رواته.

س164: هل تشترط الموالاة والترتيب في التيمم؟

س164: هل تشترط الموالاة والترتيب في التيمم؟ ج/ الصحيح أنه لا يشترط ذلك, فإذا لم يستطع أن يُمر الماء على الجبيرة كاللصقة مثلاً ولا أن يمسح عليها يقال له تيمم كما تقدم ولكن متى يتيمم؟ يقال لا يلزم أن يتيمم بعد الوضوء مباشرة فلو أخر التيمم مدة طويلة فلا بأس بذلك كما لو توضأ وترك التيمم عند إرادة الصلاة فلا بأس ولو طال الفاصل بينهما. مثال ذلك: إنسان توضأ لصلاة الظهر قبل دخول وقت الظهر وكان على يده جبيرة, وهذه الجبيرة لا يستطيع أن يغسلها أو يمسح عليها, فإن يتيمم عنها كما تقدم ولا بأس أن يؤخر التيمم إلى وقت إرادة الصلاة, حتى لو كان بعد ساعة أو ساعتين من وضوءه فلا يشترط الموالاة. كذلك لا يشترط الترتيب فلو كان في يده اليمنى جرح وعليه جبيرة لا يستطيع غسلها ولا المسح عليها, فيلزمه التيمم هنا كما تقدم, ولكن لا يلزمه أن يتيمم إذا وصل إلى محل الجبيرة وهو يتوضأ فلا يلزم الترتيب في ذلك, فإذا قلنا أنه لا يشترط الموالاة فالترتيب من باب أولى. س165: ما الفرق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخفين؟ ج/ الفروق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخفين هي: - ... - المسح على الجبيرة - ... - المسح على الخفين - الأول ... أن المسح على الجبيرة عزيمة. ... أن المسح على الخفين ... رخصة. الثاني ... المسح على الجبيرة غير مؤقت. ... المسح على الخفين مؤقت, وقد تقدم أنه للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ... بلياليهن. الثالث ... أن المسح على الجبيرة يكون في الطهارتين الصغرى والكبرى. ... المسح على الخف أنما يكون في الطهارة الصغرى فقط دون الكبرى. الرابع ... أن الجبيرة تعمم بالمسح كلها. ... أن الخف يمسح أعلاه فقط. الخامس ... لا يشترط تقدم الطهارة. ... يشترط تقدم الطهارة. س166: إنسان عليه حدث أكبر وأراد أن يغتسل وعلى جرحه جبيرة فهل يتيمم؟ ج/ إذا كان الإنسان عليه جبيرة واحتاج إلى الغسل الواجب كالغسل من الحيض أو الجنابة أو النفاس فإنه يمسح على الجبيرة ويكتفي بذلك, وعلى هذا نعلم عدم صحة القول بأن الإنسان إذا كان عليه اللصقة التي توضع على الصدر أو الظهر ونحو ذلك, ثم احتاج إلى غسل واجب كغسل الجنابة أو الحيض فنجد أن البعض يمر الماء عليها ثم يتيمم بعد ذلك, والصحيح أنه لا يلزم التيمم فما دام جرى الماء عليها فلا يلزم بعد

س167: ما حكم المسح على العمامة والخمار؟

ذلك التيمم, والصحيح أيضاً أنه لا تبطل الطهارة لبرء ما تحتها أو انتقاضها ويعيد شدها في الحال أو متى شاء وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, وكذا إذا لم يستطع أن يمر الماء عليها ولكنه يستطيع أن يمسح عليها كفى ذلك, وإنما يكون التيمم إذا لم يستطع غسلهما ولا مسحها, ففي هذه الحالة يتيمم عنها. - مسائل لم يذكرها المصنف - س167: ما حكم المسح على العمامة والخمار؟ ج/ لا بأس من المسح على العمامة, والعمامة ما يعمم به الرأس ويكور عليه وهي معروفة, والدليل على جواز المسح عليها حديث المغيرة ابن شعبة - عن النبي - - مسح على عمامته وعلى الناصية والخفين - (¬1). وقد يعبر عنها بالخمار كما في صحيح مسلم - مسح على الخفين والخمار - ويعني بالخمار العمامة. قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد (¬2) (ومسح على العمامة مقتصراً عليها ومع الناصية, وثبت ذلك عنه فعلاً وأمراً في عدة أحاديث, لكن في قضايا أعيان يحتمل أن تكون خاصة في حال الحاجة والضرورة ويحتمل العموم كالخفين وهو أظهر والله أعلم). أما المسح على الخمار بالنسبة للمرأة فمن أجاز المسح عليه إنما قال ذلك قياساً على عمامة الرجل, فالخمار للمرأة بمنزلة العمامة للرجل, والمشقة موجودة في كليهما, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (¬3) (إن خافت المرأة من البرد ونحوه ومسحت على خمارها فإن أم سلمة كانت تمسح خمارها, وينبغي أن تمسح مع هـ1ابعض شعرها, وأما إذا لم يكن بها حاجة إلى ذلك ففيه نزاع بين العلماء, وفي فتاوى العثيمين (¬4) رحمه الله تعالى (فإذا كانت هناك مشقة إما لبرودة الجو أو لمشقة النزع واللف مرة أخرى فالتسامح في مثل هذا لا بأس به, وإلا فالأولى ألا تمسح). س168: ما شروط المسح على الخمار والعمامة؟ ج/ شروط المسح على الخمار والعمامة هي: 1.لبسهما بعد كمال الطهارة. 2. التوقيت في المسح عليهما كالخفين للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليهن. ¬

(¬1) رواه مسلم. (¬2) زاد المعاد 1/ 199. (¬3) مجموع الفتاوى 21/ 218, (¬4) 4/ 171.

س169: إذا لبدت المرأة رأسها بالحناء ونحوه فهل تمسح عليه؟

س169: إذا لبدت المرأة رأسها بالحناء ونحوه فهل تمسح عليه؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قائلاً (إذا لبدت المرأة رأسها بالحناء فإنها تمسح عليه, ولا حاجة إلى أن تنقض الرأس وتحتّ هذا الحناء, لأنه ثبت أن النبي - كان في إحرامه ملبداً رأسه, فما وضع على الرأس من التلبيد فهو تابع له, وهذا يدل على أن تطهير الرأس فيه شيء من التسهيل) (¬1). ¬

(¬1) مجموع فتاوى الشيخ محمد بن عثيمين 11/ 271.

س170: ما تعريف نواقض الوضوء؟

- باب نواقض الوضوء - س170: ما تعريف نواقض الوضوء؟ ج/ النواقض جمع ناقض وهي العلل المؤثرة في إخراج الوضوء عما هو مطلوب منه. ونواقض الوضوء ومفسداته هي التي طرأت عليه أفسدته. س171: ما أنواع النواقض؟ ج/ النواقض على نوعين هنا: 1 - نواقض مجمع عليها, وهو المستند إلى كتاب الله وسنة رسوله -. 2 - نواقض فيها خلاف, وهي المبنية على اجتهادات أهل العلم رحمهم الله وعند النزاع يجب الرد إلى كتاب الله وسنة رسوله -. س 172: ما نواقض الوضوء؟ ج/ نواقض الوضوء هي: أولاً: الخارج من السبيلين. وهنا قاعدة هي {كل ما خرج من السبيلين فهو ناقض سواء كان قليلاً أو كثيراً معتاد أو غير معتاد}. المعتاد كالبول والغائط ونحوهما. الغير معتاد مثل الريح الذي يخرج من فرج المرأة وليس من الدبر فإذا خرج فهو ناقض وكما قال بهذا بعض أهل العلم, والراجح أن ذلك لا ينقض, وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى عن ذلك فأجاب قائلاً (لا ينقض الوضوء الهواء الخارج من فرج المرأة, لأنه لا يخرج من محل نجس كالريح التي تخرج من الدبر) (¬1). وسواء كان هذا الخارج من السبيلين طاهراً مثل الحصاة أو الريح غير ملوثة لو قابلت محلاً رطباً فأكسبته ريحاً كريهة, أو كان هذا الخارج نجساً والغائط, فكل ما خرج من السبيلين فهو ناقض. والأدلة على ذلك ما يلي: * قال تعالى - أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ - (¬2). * وما ورد في حديث صفوان بن عسال أن النبي - قال - ولكن من غائط وبول ونوم - (¬3). *وكما في قول النبي - في المذي - يغسل ذكره ويتوضأ (¬4) -. ¬

(¬1) مجموع فتاوى العثيمين 4/ 197. (¬2) (النساء: من الآية43). (¬3) رواه أحمد والنسائي والترمذي وقال صحيح وابن ماجة وغيرهم. (¬4) رواه البخاري ومسلم من حديث علي بن أبي طالب -.

س173: ما حكم الرطوبة التي تخرج من المرأة؟

* وكما قال النبي - لما شُكي إليه الرجل يُخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال - لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً -. * والإجماع منعقد على ذلك, قال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن خروج الغائط من الدبر, وخروج البول من الذكر, وخروج المني, وخروج الريح من الدبر, وزوال العقل بأي وجه زال العقل أحداث ينقض كل منها الطهارة ويوجب الوضوء) (¬1). واستثنى أهل العلم الريح التي تخرج من فرج المرأة فقالوا هذا ليس بناقض, وقد تقدم بيان ذلك. ويستثنى من هذا القسم من حدثه دائم, فإنه لا ينقض وضوئه بخروجه كمن به سلس بول أو ريح أو غائط وله حال خاصة في التطهر. س173: ما حكم الرطوبة التي تخرج من المرأة؟ ج/ يقال الفرج له مجريان: الأول: مجرى مسلك الذكر, وهذا يتصل بالرحم ولا علاقة له بمجاري البول ولا بالمثاني, ويخرج من أسفل مجرى البول. الثاني: مجرى البول, وهذا يتصل بالمثاني ويخرج من أعلى الفرج, فإذا كانت هذه الرطوبة ناتجة عن استرخاء المثاني من مجرى البول فهي نجسة وناقضة للوضوء وحكمها حكم سلس البول وخروجها من هذا المجرى نادر. أما إذا كانت من مسلك الذكر وهذا هو الغالب فهي طاهرة, لأنها ليست من فضلات الطعام والشراب, فليست بولاً والأصل عدم النجاسة حتى يقوم الدليل على ذلك, وعلى الصحيح أيضاً أنها لا تنقض الوضوء إذا كانت تخرج من مسلك الذكر, والله أعلم. القسم الثاني من أقسام نواقض الوضوء: خروج النجاسة من بقية البدن (غير السبيلين): س174: ما أقسام خروج النجاسة من بقية البدن؟ ج/ خروج النجاسة من بقية البدن على قسمين: القسم الأول: إذا كان الخارج بولاً أو غائطاً, كما لو شُق بطن الإنسان ثم خرج من بطنه بول أو غائط فإن الوضوء ينتقض إذا خرج من أي مكان, وهذا هو المذهب سواء كان السبيلان مفتوحين أو مسدودين, ¬

(¬1) الإجماع ص 31.

س175: ما الأدلة التي تدل على أن غير البول والغائط كالدم والقيء غير ناقض للوضوء؟

وسواء كان الخارج من فوق المعدة أو من تحتها, وقال بعض أهل العلن إن كان المخرج من فوق المعدة فهو كالقيء, وإن كان من تحتها فهو كالغائط, وهذا اختيار ابن عقيل رحمه الله حيث قال: (الحكم منوط بما إذا انفتح المخرج تحت المعدة) (¬1) , وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (وهذا القول جيد بدليل أنه إذا تقيأ من المعدة فإنه لا ينقض وضوئه على القول الراجح) (¬2). القسم الثاني: إذا كان غير البول والغائط كالدم أو القيء, الأقرب في ذلك قول المالكية والشافعية أن هذه الأشياء لا تنقض الوضوء, قال في الاختيارات: (والدم والقيء وغيرهما من النجاسات الخارجة من غير الخارج المعتاد لا تنقض الوضوء ولو كثرت, وهذا مذهب مالك والشافعي) (¬3). س175: ما الأدلة التي تدل على أن غير البول والغائط كالدم والقيء غير ناقض للوضوء؟ ج/ من أدلتهم: 1. الأصل بقاء الطهارة فمن ادعى خلاف الأصل فعليه الدليل. 2. ما ورد عن الحسن البصري أنه قال (كانوا يصلون في جراحهم) (¬4) يقصد الصحابة ومع ذلك لم يرد عنهم حين الغزو أنهم كانوا يتوضئون. 3. أيضاً استدلوا بما ورد في البخاري: (من قصة عباد بن بشر أصيب بسهام وهو يصلي فأستمر في صلاته) (¬5) لما قام يحرس في معسكر المسلمين, فكان يسيل منه الدم ومع ذلك استمر في صلاته -. 4. قصة عمر بن الخطاب - لما طعنه الشقي أبو لؤلؤة المجوسي وهو غلام فارسي للمغيرة بن شعبة استمر في صلاته وجرحه يثعُب دماً (¬6). 5. أن طهارته تثبت بمقتضى دليل شرعي, وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فلا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي. ثالثاً: زوال العقل وتغطيته. وهو ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: زواله بالكلية وهو رفع العقل وذلك بالجنون. القسم الثاني: تغطيته بسبب يوجب ذلك لمدة معينة كالنوم والإغماء والسكر وما أشبه ذلك. ¬

(¬1) الإنصاف 1/ 197,108. (¬2) الممتع1/ 221. (¬3) الاختيارات ص 16. (¬4) أخرجه ابن أبي شيبة وعلقه البخاري بصيغة الجزم, وصححه ابن حجر. (¬5) رواه البخاري معلقاً, وأبو داود , وابن خزيمة. (¬6) أخرجه مالك في الموطأ وإسناده صحيح.

س176: والنوم هل هو ناقض أم لا؟

وزوال العقل بالجنون والإغماء والسكر هو في الحقيقة فقد له, وعلى هذا فيسيرها وكثيرها ناقض فلو صرع ثم استيقظ أو سكر أو أغمى عليه فإنه يلزمه استئناف الطهارة (¬1) , بخلاف النوم فإنه يخالف هذه الأشياء بأن يسيره لا ينقض الوضوء. س176: والنوم هل هو ناقض أم لا؟ ج/ على خلاف بين أهل العلم رحمهم الله على أقوال ثمانية أرجحها ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله حيث قال: (والنوم لا ينقض مطلقاً إن ظن بقاء طهارته, وهو أخص من رواية حكيت عن أحمد: (أن النوم لا ينقض بحال) (¬2) , فالنوم مظنة الحدث, فإذا نام بحيث لو انتقض وضوئه أحس بنفسه, فإن وضوئه باق, وهذا القول تجتمع الأدلة فإن حديث صفوان بن عسال وفيه - .. ولكن من غائط وبول ونوم (¬3) - , دل على أن النوم ناقض, وحديث أنس - - أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا ينتظرون العشاء على عهد رسول الله - حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون (¬4) - , وفي رواية أبي داود - يضعون جنوبهم - (¬5) , فيُحمل ما ورد عن الصحابة على أنه لو أحدث لأحس بنفسه, ويحمل حديث صفوان على أنه لو أحدث لم يحس بنفسه. رابعاً: مسه بيده " لا ظفره " فرج الآدمي المتصل بلا حائل, أو حلقه دبره, بدليل حديث بسرة بنت صفوان أن النبي - قال - من مس ذكره فليتوضأ - (¬6) , وفي لفظ - من مس فرجه فليتوضأ (¬7) -. س177: مس الذكر هل هو ناقض للوضوء أم لا؟ ج/ الراجح أنه لا يجب الوضوء من مس الذكر, لحديث طلق بن علي أنه سأل النبي - عن الرجل يمس ذكره في الصلاة أعليه وضوء؟ فقال النبي - - إنما هو بضعة منك - (¬8) , وبعض العلماء جمع بين حديثي بسرة وحديث طلق بحمل حديث بسرة على استحباب الوضوء وحديث طلق على نفي الوجوب (¬9). قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في مجموع الفتاوى (¬10): (أن مس الذكر ليس بناقض للوضوء ¬

(¬1) المغني 1/ 234. (¬2) الاختيارات ص 16. (¬3) رواه أحمد والترمذي وغيرهما. (¬4) رواه مسلم. (¬5) انظر صحيح أبي داود رقم 196, وفيه وسنده صحيح. (¬6) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم. (¬7) رواه الدارمي واحمد وعبدالرزاق وغيرهم من حديث بسرة بنت صفوان والحديث صحيح صححه أحمد وابن معين والترمذي وابن حبان وابن خزيمة والدارقطني والحاكم وقال البخاري هو أصح شيء في هذا الباب. (¬8) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم وصححه عمر بن علي الغلاس وعلي بن المديني , قال: أثبت من حديث بسرة وصححه ابن حبان والطبراني وابن حزم وضعفه الشافعي والدارقطني والبيهقي وابن الجوزي وادعى فيه النسخ ابن حبان والطبراني وابن حزم وابن العربي. (¬9) المبدع 1/ 161 - 162. (¬10) 4/ 203.

س178: ما حكم مس المرأة للرجل ومس الرجل للمرأة بشهوة وبدون شهوة هل ينقض ذلك الوضوء أم لا؟

وإنما يستحب له الوضوء وهو اختيار شيخ الإسلام وهو أقرب إلى الصواب لا سيما إذا كان غير عمد لكن الوضوء أحوط) أ. هـ. وكذلك مس حلقة الدبر لا تنقض الوضوء لكن الأحوط الوضوء, وكذا مس الخصيتين فمن باب أولى أن ذلك لا ينقض الوضوء. خامساً: مس المرأة للرجل ومس الرجل للمرأة بشهوة وبدون شهوة. وهذا مختلف فيه بين أهل العلم. س178: ما حكم مس المرأة للرجل ومس الرجل للمرأة بشهوة وبدون شهوة هل ينقض ذلك الوضوء أم لا؟ ج/ الصحيح أن الوضوء لا ينتقض بذلك للأدلة التالية: 1 - حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي - قبّل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ - (¬1) , حدثت به ابن أختها عروة بن الزبير فقال: ما أظن المرأة إلا أنت فضحكت ... وهذا دليل إيجابي. 2 - أن الأصل عدم النقض حتى يقوم دليل صحيح صريح على ذلك. 3 - أن الطهارة ارتفعت بمقتضى دليل شرعي, وما ثبت بمقتضى دليل شرعي, فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي, ولا دليل على ذلك, وهذا دليل سلبي. س179: المرأة إذا وضأت طفلها وهي طاهرة هل يجب عليها أن تتوضأ أم لا؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله فقال: (إذا توضأت المرأة طفلها أو طفلتها ومست الفرج فإنه لا يجب عليها الوضوء وإنما تغسل يديها فقط, لأن مس الفرج لغير شهوة لا يوجب الوضوء, ومعلوم أن المرأة التي تغسل أولادها لا يخطر ببالها الشهوة, فهي إذا وضأت الطفل أو الطفلة فإنما تغسل يديها فقط من النجاسة التي أصابتها, ولا يجب عليها أن تتوضأ (¬2). سادساً: غسل الميت أو بعضه. لأن ابن عمر وابن عباس وأبا هريرة كانوا يأمرون غاسل الميت بالوضوء (¬3). س180: تغسيل الميت هل ينقض الوضوء أم لا؟ ج/ الراجح أنه لا ينتقض الوضوء, لأن النقض يحتاج إلى دليل شرعي يرتفع به الوضوء الثابت بدليل شرعي ولا دليل على ذلك من كتاب الله ولا سنة رسوله - ولا من الإجماع, ويجاب عما ورد عن ¬

(¬1) رواه أحمد والترمذي وغيرهما, وهو حديث صحيح وله شواهد متعددة. (¬2) مجموع الفتاوى 11/ 203. (¬3) أثر ابن عمر أخرجه عبد الرزاق والبيهقي , وأما أثر ابن عباس فأخرجه عبد الرزاق والبيهقي كذلك, أما اثر أبي هريرة فيتناقله فقهاء الحنابلة في كتبهم كما في الكافي 1/ 85, وشرح العمدة 1/ 342, وغيرهما ولعله في كتب المتقدمين كالأثرم والنجاد وغيرهما.

س181: هل الكبد والرأس والشحوم وغيرها من أجزاء الإبل ناقضة للوضوء أم لا؟

هؤلا الصحابة الثلاثة: أن الأمر يحتمل أن يكون على سبيل الاستحباب, وفرض شيء على عباد الله من غير دليل تطمئن إليه النفس أمر صعب, لأن فرض ما ليس بفرض كتحريم ما ليس بحرام. وفي المختارات الجلية للسعدي: (ونقض الوضوء بتغسيل الميت فيه نظر, لأن الحديث الوارد فيه لم يثبت, وما روي عن ابن عمر وابن عباس في أمرهما من غسل الميت بالوضوء لا يتعين حمله على الوجوب ولا يزيل الأصل الثابت في بقاء الطهارة) (¬1). ويؤيد عدم الوجوب حديث ابن عباس مرفوعاً - ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه, فإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم - (¬2). وبناء على هذا فالأقرب أن من غسل ميتاً يستحب له الغسل ولا يجب عليه, لكن لم يقال بالوجوب لحديث ابن عباس السابق - ليس عليكم في غسل ميتكم .. - الحديث, ولقول ابن عمر رضي الله عنهما - كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل - (¬3). سابعاً: أكل لحم الإبل, بدليل حديث البراء بن عازب وفيه قول النبي - - توضؤا من لحوم الإبل - (¬4) , ولحديث جابر بن سمرة أن رجلاً سأل النبي - - أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ, قال أتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم فتوضأ من لحوم الإبل .. الحديث - (¬5). س181: هل الكبد والرأس والشحوم وغيرها من أجزاء الإبل ناقضة للوضوء أم لا؟ ج/ الراجح في ذلك أن كل أجزاء الإبل ناقضة للوضوء. ومن الأدلة على ذلك: 1 - قالوا أنه باستقراء أدلة الشرع أي بالنظر بالأدلة الشرعية لم نجد أن حيواناً بعضه حلال وبعضه حرام وبعضه ينقض وبعضه لا ينقض, ولذلك قاسه صاحب الشرح الكبير على الخنزير, فالحيوان إما أن كله حلال كالإبل, وإما أن يكون كله حرام كالخنزير, وكذلك هنا يقال إما أن كله يكون ناقض أو يكون كله لا ينقض. 2 - أنّ في الإبل أجزاء كثيرة قد تقارب الهبر, ولو كانت غير داخلة لبين ذلك رسول الله - , لعلمه أن الناس يأكلون الهبر وغيره. ¬

(¬1) المختارات الجلية للسعدي ص23. (¬2) أخرجه الحاكم وصححه على شرط البخاري ووافقه الذهبي, وكذا اخرجه البيهقي وحسنه ابن حجر. (¬3) رواه الدارقطني والخطيب في تاريخه بإسناد صحيح كما قال الحافظ رحمه الله. (¬4) رواه الإمام أحمد, وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم. (¬5) رواه مسلم.

س182: ما حكم الوضوء من مرق اللحم (لحم الإبل)؟

3 - أن النص يتناول بقية الأجزاء بالعموم المعنوي إذ لا فرق بين الهبر وهذه الأجزاء, لأن الكل يتغذى بدم واحد, وطعام واحد, وشراب واحد, قال السعدي رحمه الله: (والصحيح أن جميع أجزاء الإبل كالكرش والقلب والمصران ونحوها ناقضو لأنه داخل في حكمها ولفظها ومعناها, والتفريق بين أجزائها ليس له دليل ولا تعليل) (¬1). س182: ما حكم الوضوء من مرق اللحم (لحم الإبل)؟ ج/ في هذه المسألة وجه لأصحاب الإمام أحمد (¬2): أنه يجب الوضوء لوجود الطعم في المرق, كما لو طبخنا لحم خنزير فإن مرقه حرام وهذا تعليل قوي جداً, وعلى هذا فالأحوط أن يتوضأ. س183: ما حكم الوضوء من لبن الإبل؟ ج/ الصحيح أن الوضوء من ألبان الإبل مستحب وليس بواجب لوجهين: 1 - أن الأحاديث الواردة كثيرة وصحيحة في الوضوء من لحوم الإبل, وأما الوضوء من ألبانها فالحديث الوارد في ذلك إسناده حسن وبعضهم ضعّفه (¬3). 2 - ما رواه أبو هريرة في قصة العرنيين - أن النبي - أمرهم أن يلحقوا بإبل الصدقة ويشربوا من أبوالها وألبانها (¬4) - ولم يأمرهم أن يتوضئوا من ألبانها مع أن الحاجة داعية إلى ذلك, فدلّ على أن الوضوء منها مستحب. ثامناً: الردة, لقول الله تعالى - لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ - (¬5). س184: هل الردة تنقض الوضوء أم لا؟ ج/ قال شيخ الإسلام في الاختيارات: (قال أبو العباس في قديم خطه: خطر لي أن الردة تنقض الوضوء, لأن العبادة من شرط صحتها دوام شرطها استصحاباً في سائر الأوقات, وإذا كان كذلك فالنية من شرائط الطهارة على أصلنا والكافر ليس من أهلها, وهو مذهب أحمد) (¬6) , وقال بهذا الأوزاعي وأبي ثور بدليل قوله تعالى في الآية - لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ - , والطهارة عمل وهي باقية حكماً تبطل بمبطلاتها فيجب أن تحبط بالشرك, ولأنها عبادة يفسدها الحدث فأفسدها الشرك كالصلاة والتيمم, ¬

(¬1) المختارات الجلية ص23. (¬2) الفروع 1/ 183, والإنصاف 1/ 218. (¬3) وهو حديث أسيد بن حضير أن النبي - قال - توضؤا من ألبان الإبل - رواه أحمد في مسنده وابن ماجه وفي إسناده الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف مدلس كما في مصباح الزجاجة 10/ 196, وروى الطبراني في الكبير عن سمرة الوائي عن أبيه قال - سالت رسول الله - فقلت: إنا أهل إبل وماشية فهل نتوضأ من لحوم الإبل وألبانها؟ قال: نعم - , وحسنه البيهقي في مجموع الزوائد. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) (الزمر: من الآية65). (¬6) مجموع الفتاوى 11/ 205,204.

س185: هل كل ما أوجب الغسل أوجب الوضوء أم لا؟

ولأن الردة حدث بدليل قول ابن عباس: (الحدث حدثان, حدث اللسان وحدث الفرج وأشدهما حدث اللسان, وإذا أحدث لم تقبل صلاته بغير وضوء , لقول النبي - - لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ - (¬1). س185: هل كل ما أوجب الغسل أوجب الوضوء أم لا؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله حيث قال: (المشهور عند فقهائنا رحمهم الله أن كل ما أوجب غسلاً أوجب وضوءاً إلا الموت, وبناء على ذلك فإنه لا بد لمن اغتسل من موجبات الغسل أن ينوي الوضوء, فإما أن يتوضأ مع الغسل, وإما أن ينوي بغسله الطهارة من الحدثين. وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أن نية الاغتسال عن الحدث الأكبر تغني عن نية الوضوء ولأن الله عز وجل - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ .. الآية (¬2) - فلم يذكر الله تعالى في حال الجنابة إلا الإطَّهار " يعني التطهر " ولم يذكر الوضوء, ولأن النبي - قال للرجل حين أعطاه الماء ليغتسل قال - خذ هذا الماء فأفرغه على نفسك ... - (¬3) , وما ذهب إليه شيخ الإسلام أقرب إلى الصواب " وهو أن من عليه حدث أكبر إذا نوى الحدث الأكبر فإنه يجزئ عن الأصغر, وبناء على هذا فإن موجبات الغسل منفردة عن نواقض الوضوء" (¬4) أ. هـ. وسيأتي بيان موجبات الغسل في باب الغسل بمشيئة الله. س186: ما الحكم فيمن تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة؟ ج/ يبني على اليقين للقاعدة الشرعية التي تقول {اليقين لا يزول بالشك} , ولقول النبي - - إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه هل يخرج منه شيء أم لا, فلا يخرجنّ من المسجد حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً (¬5) - , وبناء على هذا يبني على الطهارة في الصورة الأولى, ويبني على الحدث في الصورة الثانية. مثال ذلك: لو توضأ الإنسان لصلاة الظهر ثم جاءت صلاة العصر وشكّ هل أحدث أم لم يحدث؟ " هو الآن متيقن من أنه قد تطهر لصلاة الظهر, ولما جاءت صلاة العصر شكّ هل أحدث أم لا " فالأصل أنه على طهارة ... لماذا؟ لأن الطهارة يقين والحدث شكّ. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) (المائدة: من الآية6). (¬3) رواه البخاري من حديث عمران بن حصين -. (¬4) مجموع الفتاوى 11/ 204 - 205. (¬5) رواه مسلم والترمذي.

س187: ما الحكم لو تيقن الطهارة والحدث كذلك لكن جهل السابق منهما؟

ولو عكسنا المسألة: أي توضأ لصلاة الظهر ثم قضى حاجته بعد الصلاة فهو تيقن أنه أحدث بعد صلاة الظهر لما جاءت صلاة العصر, شكّ هل توضأ بعد ما قضى حاجته أم لم يتوضأ؟ فالأصل هنا أنه محدث. س187: ما الحكم لو تيقن الطهارة والحدث كذلك لكن جهل السابق منهما؟ ج/ الأقرب أنه يجب الوضوء مطلقاً, ولعله في ذلك: أنه تيقن أنه حصل له حالان وهذان الحالان متضادان ولا يدري أيهما الأسبق, فلا يدري أيهما الوارد على الآخر فيتساقطان, وقد تيقن زوال تلك الحالة, فيجب عليه الوضوء احتياطاً كما لو جهل حاله قبلها. وهذا القول هو الأحوط, أي القول بوجوب الوضوء, وهذا الوضوء إن كان هو الواجب فقد قام به, وإلا فهو سنة, والفقهاء رحمهم الله قالوا: إذا قوى الشك فإنه يسن الوضوء, لأجل أن يؤدي الطهارة بيقين.

س188: ما الأشياء التي يحرم على المحدث فعلها؟

- ما يحرم على المحدث - س188: ما الأشياء التي يحرم على المحدث فعلها؟ أولاً: الصلاة, بنص الكتاب والسنة, وأما الكتاب فقوله تعالى - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ - (¬1). وأما السنة فحديث ابن عمر مرفوعاً - لا يقبل الله صلاة عبد بغير طهور, ولا صدقة من غلول (¬2) -. س189: ما حكم من صلى وهو يعلم أنه محدث؟ ج/ جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى أن من صلى وهو يعلم أنه محدث فإنه لا يكفر إلا إذا فعل ذلك استهزاء, فإن كان هذا منه استهزاء فهو كافر لاستهزائه. وإن فعل ذلك تهاوناً فقد اختلف أهل العلم في تكفيره, ومذهب الأئمة الثلاثة في ذلك أنه لا يكفر, لأن هذه معصية, وهذا القول هو الأقرب, لأن الأصل بقاء الإسلام, ولا يمكن أن يخرجه من الإسلام إلا بدليل. س190: ما ضابط الصلاة التي يشرع لها الوضوء؟ ج/ هي الصلاة التي لها تحريم وتسليم, سواءً كانت ذات ركوع وسجود أم لا, وعلى هذا يدخل في ذلك صلاة الجنازة, قال ابن القيم رحمه الله: (.. وقد دل هذا الحديث أن كل ما تحريمه التكبير وتحليله التسليم فمفتاحه الطهور, ويدخل في ذلك صلاة الجنازة, وهذا قول أصحاب رسول الله - ولا يعرف عنهم فيه خلاف, وهو قول الأئمة وجمهور الأمة خلافاً لبعض التابعين) (¬3). أما سجود التلاوة وسجود الشكر فالصحيح أنهما ليستا بصلاتين, فلا تشترط لهما الطهارة, لكن لا شك أن الأفضل في سجود التلاوة أن يتوضأ, لا سيما أن القارئ سوف يتلو القرآن وتلاوة القرآن يشرع لها الوضوء لأنها من ذكر الله, وذكر الله يشرع له الوضوء. أما اشتراط الطهارة لسجود الشكر فضعف, لأن سببه تجدد النعم, أو تجدد اندفاع النقم وهذا قد يقع عن سببه سقط, وفي الاختيارات قال أبو العباس: (والذي تبين لي أن سجود التلاوة .. إلى أن قال وعلى هذا فليس صلاة فلا يشترط له شروط الصلاة, بل يجوز على غير طهارة .. لكن السجود بشروط الصلاة أفضل .. وسجود الشكر لا يفتقر إلى طهارة كسجود التلاوة) (¬4). ¬

(¬1) (المائدة: من الآية6). (¬2) رواه الجماعة إلا البخاري. (¬3) تهذيب السنن 1/ 52. (¬4) الاختيارات ص60.

ثانياً: الطواف سواء كان فرضاً أو نفلاً, بدليل حديث ابن عباس أن النبي - قال - الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله أباح فيه الكلام فلا تكلموا فيه إلا بخير - (¬1) , ولكن الراجح أنه لا يشترط, لأن هذا الحديث موقوف على ابن عباس ولا يصح رفعه إلى النبي -. قال شيخ الإسلام رحمه الله: (والذين أوجبوا الوضوء للطواف ليس معهم حجة أصلاً, فإن لم ينقل أحد عن النبي - لا بإسناد صحيح ولا ضعيف أنه أمر بالوضوء للطواف, مع العلم بأنه قد حج معه خلائق عظيمة, وقد اعتمر عمراً متعددة والناس يعتمرون معه, ولو كان الوضوء فرضاً للطواف لبينه النبي - بياناً تاماً, ولو بينه لنقل ذلك المسلمون عنه ولم يهملوه, ولكن ثبت في الصحيح أنه - لما طاف توضأ, وهذا وحده لا يدل على الوجوب, فإنه قد كان يتوضأ لكل صلاة, وقد قال: إني كرهت أن أذكر الله على غير طهر فتيمم لرد السلام) (¬2). وإن كان الأحوط ألا يطوف إلا على طهارة, لكن لا يؤمر من طاف على غير طهارة أن يعيد الطواف, أو من سبقه الحدث في المطاف فلا نأمره بالخروج للوضوء خاصة مع شدة الزحام. ثالثاً: مس المصحف للمحدث بلا حائل. المصحف: هو ما كتب به القرآن سواءً كان كاملاً أو غير كامل, حتى ولو آية واحدة كتبت في ورقة ولم يكن معها غيرها فحكمها حكم المصحف, وكذلك اللوح له حكم المصحف. والدليل على ذلك: قوله تعالى - لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (¬3) -. وحديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده: أن النبي - كتب إلى أهل اليمن كتاباً وفيه - لا يَمَسّ القرآن إلا طاهر - (¬4). ومن الأدلة على ذلك أيضاً: ما جاء في الموطأ بإسناد صحيح عن مصعب بن سعد بن الوقاص قال - كنت أمسك المصحف لسعد فاحتككت فقال: لعلك مسست ذكرك قلت: نعم. قال: قم فتوضأ - , وهذا رأي أكثر أهل العلم رحمهم الله تعالى وهو الأقرب, وأما إذا كان من وراء حائل , يعني بخرقه أو منديل ونحو ذلك فلا بأس. ¬

(¬1) رواه النسائي, والترمذي, والبيهقي, وابن خزيمة والدارمي, والحاكم وقال: (صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد أوقفه جماعة) ووافقه الذهبي وقال ابن التركماني في الجوهر النقي 5/ 85, وعطاء متكلم فيه وقد اختلط أخر عمره ومع هذا اختلف عليه فيه, ورواه غير واحد عن طاووس عن ابن عباس موقوفاً كما بينه البيهقي. (¬2) مجموع الفتاوى 21/ 381. (¬3) (الواقعة:79) (¬4) أخرجه مالك في الموطأ وعبد الرازق والدارمي وغيرهم والحديث فيه كلام كثيرة ذكره الحافظ في التلخيص قال: (وقد صحح هذا الحديث جماعة من الأئمة من حيث الشهرة, وله طرق وشواهد ذكرها الزيلعي في نصب الراية)

س191: ما حكم مس جلدة المصحف والورق؟

س191: ما حكم مس جلدة المصحف والورق؟ ج/ الجلدة تأخذ حكم المصحف وكذلك الورق, فلا يمس القرآن من جلدته ولا من ورقة إلا على طهارة أو من وراء حائل وهذا هو الأحوط لأن هذا يثبت تبعاً. س192: هل يشمل هذا الحكم من دون البلوغ؟ ج/ الصحيح أنه لا يشمل الصغار , لأنهم غير مكلفين, وإذا كانوا غير مكلفين فكيف نلزمهم بشيء لا يتعلق به كفر ولا ما دون الكفر إلا أنه معصية للكبير, وهؤلا ليسوا من أهل المعاصي لرفع القلم عنهم, وعلى الصحيح أيضاً لا يلزم وليه أن يأمر لأنه غير مكلف, لكن يعوده ذلك من باب التربية والتنشئة على أوامر الإسلام, وتعظيم كتاب الله تعالى, خاصة من بلغ سن التمييز " سن السابعة " فما فوق السن التي أمر الوالدان بأمره بالصلاة عند بلوغه. س193: كتب التفسير الموجودة الآن, هل يجوز أن يمسها الإنسان على غير طهارة أم لا يجوز؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من ثلاث أحوال: الحالة الأولى: أن يكون القرآن هو الأغلب (أي أن بعض كتب التفسير يكون الأغلب في الصفحة هو القرآن ويكون التفسير على الحواشي, فالقرآن أكثر من الحواشي) , فهذا يأخذ حكم المصحف, لا يجوز أن يمسه الإنسان على غير طهارة. الحالة الثانية: أن يكون التفسير هو الأغلب, فالتفسير هو الأغلب والآيات وسط الصفحة في مربع أو مستطيل صغير, فهذا لا بأس أن يمسها الإنسان على غير طهارة, لأنها تأخذ حكم كتب أهل العلم. الحالة الثالثة: أن يتساوى الأمران, نصف الصفحة تفسير ونصفها قرآن, فالقاعدة {إذا اجتمع حاظرٌ ومبيح ولم يتميز أحدهما برجحان, فإنه يُغلَّب جانب الحظر} , فيعطى الحكم للقرآن. الحاظر: هو القرآن, أي يحضر علينا أن نمسه إلا على طهارة. المبيح: يباح لنا أن نمسه على غير طهارة. وفي فتاوى العثيمين قال: (كتب تفسير يجوز مسها بغير وضوء, لأنها تعتبر تفسيراً والآيات التي فيها أقل من التفسير, ويستدل لذلك بكتابة النبي - الكتب للكفار وفيها آيات من القرآن الكريم فدل هذا على أن الحكم للأغلب والأكثر, أما إذا تساوى التفسير والآيات فعلى القاعدة المعروفة {أنه إذا اجتمع حاظر ومبيح ولم يتميز أحدهما برجحان, فإنه يغلب جانب الحظر} , وعلى هذا فإذا كان القرآن والتفسير متساويين أُعطي حكم القرآن, وإذا كان التفسير أكثر ولو بقليل أعطي حكم التفسير) (¬1). ¬

(¬1) فتاوى العثيمين 4/ 214 - 215.

س194: ما حكم قراءة الجنب للقرآن؟

س194: ما حكم قراءة الجُنب للقرآن؟ ج/ بحرم على الجنب قراءة القرآن حتى يغتسل, وهو أن يقرأ آية فصاعداً, لكن إن كانت طويلة فإن بعضها كالآية الكاملة سواء من المصحف أو عن ظهر قلب, ولو تأمل القرآن بقلبه جاز بالإجماع, ولو حرك به لسانه فإنه يحرم عليه, لكن لو قرأ ذكراً يوافق القرآن ولم يقصد التلاوة فإنه لا بأس, كما لو قال (بسم الله الرحمن الرحيم) أو (الحمد لله رب العالمين) ولم يقصد التلاوة. والدليل على أن الجنب ممنوع من قراءة القرآن ما يلي: أ- حديث علي - - أن النبي - كان يعلمهم القرآن وكان لا يحجزه عن القرآن إلا الجنابة (¬1) -. ب- ولأن في منعه من قراءة القرآن حثاً له على المبادرة إلى الاغتسال, لأنه إذا علم من ممنوع من قراءة القرآن حتى يغتسل فسوف يبادر إلى الاغتسال, فيكون في ذلك مصلحة. س195: ما حكم قراءة الحائض والنفساء للقرآن؟ ج/ الأقرب في ذلك أنه يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن مطلقاً, حتى لو كان ذلك للتعبد, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (إنه ليس في منع الحائض من قراءة القرآن نصوص صريحة صحيحة) (¬2). وإذا كان كذلك فلها أن تقرأ القرآن لما يأتي: 1 - أن الأصل في ذلك الحِلّ حتى يقوم دليل على المنع. 2 - أن الله أمر بتلاوة القرآن مطلقاً, وقد أثنى الله على من يتلو كتابه, فمن أخرج شخصاً عن عبادة الله بقراءة القرآن فإننا نطالبه بالدليل, وإذا لم يكن هناك دليل صحيح صريح على المنع فإنها مأمورة بالقراءة, وإذا رُخَّص للحائض فإن النفساء من باب أولى أن يُرخَّص لها لأن مدتها أطول من مدة الحائض. س196: ما الفرق بين الجنب والحائض؟ ولماذا يمنع الجُنب ويرخص للحائض والنفساء؟ ج/ الجنب أمر بيده, بمعنى أنه يستطيع الاغتسال متى شاء ويرفع هذا الحدث, بخلاف الحائض والنفساء فإنها تمكث على ذلك أياماً, والأمر خارج عن إرادتها. رابعاً: مما يحرم على المحدث حدثاً أكبر وهو من لزمه الغسل: اللبث في المسجد, لقوله تعالى - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا - (¬3). ¬

(¬1) رواه الخمسة, وصححه الترمذي والدارقطني والحاكم وصححه وابن ماجه وحسنه وعند الترمذي (كان رسول الله - يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً) , ولحديث علي (الجنب ولا آية) رواه أحمد وعزاه الهيثمي إلى أبي يعلى وقال رجاله موثوقون, ولقول علي (اقرأوا القرآن ما لم تصب أحدكم جنابة فإن أصابته جنابه فلا, ولو حرفاً واحدا) رواه عبد الرزاق والدارقطني وصححه البيهقي. (¬2) مجموع الفتاوى 21/ 460, الاختيارات ص27. (¬3) (النساء: من الآية43).

س197: ما حكم لبث الحائض والنفساء في المسجد؟

س197: ما حكم لبث الحائض والنفساء في المسجد؟ ج/ الحائض والنفساء ممنوعات من اللبث في المسجد. ويدل لهذه الأدلة من ذلك: 1 - قوله تعالى في الآية السابقة - وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيل حَتَّى تَغْتَسِلُوا -. وجه الدلالة أن الله تعالى نهى الجنب عن قربان مواضع الصلاة وهي المساجد, وإذا ثبت هذا في الجنب فكذلك الحائض, لأن حدثها آكد, ولذلك حرم الوطء ومنع الصيام واسقط الصلاة, وساواها في أكثر الأحكام. 2 - حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - جاء ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال - وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب - (¬1). 3 - حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال لها - ناوليني الخمرة من المسجد فقالت: إني حائض, فقال: إن حيضتك ليست في يدك, فناولته (¬2) - , وجه الدلالة: أن معناه أن النجاسة التي يصان عنها المسجد وهي دم الحيض ليست في يدك, وقد خافت إدخال يدها فيه, والنبي - أمرها بإدخال يدها فقط, ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى. 4 - حديث عائشة رضي الله عنها لما حاضت صفية قال - أحابستنا هي؟ قالوا إنها قد أفاضت, قال: لتنفر إذاً - (¬3) , فالنبي - منع الحائض من دخول المسجد. 5 - حديث عائشة رضي الله عنها قالت - كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله - بإخراجهن من المسجد - (¬4). س198: هل يجوز للجنب اللبث في المسجد؟ ج/ الجُنُب يحرم عليه اللبث في المسجد: أ- لقوله تعالى في الآية السابقة - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا - , أي ليس المعنى لا تصلوا إلا عابري سبيل, لأن عابر السبيل لا يصلي فيكون النهي عن قربان الصلاة, أي النهي عن المرور بأمكانها وهي المساجد, فإن عَبَرَ المسجد فلا بأس به. ب- ولأن المساجد بيوت الله ومحل ذكره وعبادته ومأوى ملائكته, وإذا كان آكل البصل والأشياء المكروهة ممنوعان من العبادة في المسجد فالجنب الذي تحرم عليه الصلاة من باب أولى, لا سيما إذا كانت ¬

(¬1) رواه أبو داود وابن خزيمة والبيهقي من طريق عبد الواحد بن زياد عن أفلت بن خليفة قال حدثتني جسرة بنت دجاجة قالت: سمعت عائشة به, وهذا الحديث فيه علل: أ-تفرد جسرة بهذا الحديث عن عائشة, ومثلها لا يحمل تفردها عن عائشة بمثل هذا. ب-أنه احتلف عليها فرواه الأفلت عنها عن عائشة ورواه ابن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عن جسرة قالت أخبرتني أم سلمة. ج-أن في إسناده أفلت بن خليفة, ويقال فليت بن خليفة العامري, قال ابن المنذر في الأوسط 2/ 110 وهو غير ثابت لأن أفلت لا يجوز الاحتجاج بحديثه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) عزاه ابن قدامه في المغني 4/ 487 لأبي العكبري, وابن مفلح في الفروع 3/ 176 لأبن بطة, وقال إسناده جيد.

الملائكة لا تدخل بيتاً فيه جنب, ولما ورد أن النبي - قال - لا تدخل الملائكة بيتاً فيه جُنُب (¬1) - , وهذا مناسب لنهيه عن اللبث في المسجد فإن المساجد بيوت الملائكة, كما نهى النبي - آكل الثوم والبصل عن دخول المسجد وقال - إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم (¬2) -. ¬

(¬1) رواه أهل السنن. (¬2) مجموع الفتاوى 21/ 344.

س199: مالأ صل في الغسل؟

- باب ما يوجب الغسل - س199: مالأ صل في الغسل؟ ج/ الأصل في الغسل الكتاب والسنة والإجماع كما سيأتي بيان أدلة ذلك. س200: ما موجبات الغسل؟ ج/ موجبات الغسل هي: أولاً: خروج المني بلذة إذا كان يقظاناً: والدليل على ذلك: أ- قول الله تعالى - وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا (¬1) - , والجُنُب هو الذي خرج منه المني دفقاً بلذة. ب- قول النبي - - الماء من الماء - (¬2). وعلى هذا فإذا خرج من غير لذة من يقظان فإنه لا يُوجب الغُسل على الصحيح من أقوال أهل العلم, لحديث علي مرفوعاً - إذا فضخت الماء فاغتسل, وإن لم تكن فاضخاً فلا تغتسل - (¬3) , والفضخ هو خروجه بالغلبة, وعلى هذا يكون نجساً وليس بمذي. س201: ما الحكم لو خرج من مخرج المني غير المني بلذة, كما لو خرج منه بلذة؟ ج/ هذا يوجب الغسل, وهذا قول الفقهاء, حكاه الترمذي, قال في الشرح (ولا تعلم فيه خلافاً, لقول النبي - في حديث علي السابق - إذا فضخت الماء فاغتسل - , والفضخ خروجه على وجه الشدة. س202: ما الحكم لو انتقل المني ولكنه لم يخرج؟ ج/ الراجح أنه لا غسل عليه, اختار ذلك ابن قدامة وابن أبي عمر (¬4) , قال في الشرح (¬5): (والرواية الثانية أنه لا غسل عليه وهو ظاهر قول الخرقي, وقول أكثر الفقهاء وهو الصحيح إن شاء الله, لأن النبي - علّق الاغتسال على رؤية الماء بقوله - إذا رأت الماء .. - (¬6) فلا يثبت الحكم بدونه, وما ذكروه من الاشتقاق ممنوع لأنه أن يسمى جنباً لمجانبته الماء ولا يحصل إلا بخروجه, أو لمجانبته الصلاة أو المسجد, وكلام الإمام أحمد وهو قوله (أنه قد باعد محله فصدق عليه اسم الجنب, إنما يدل على أن الماء إذا انتقل لزم منه الخروج, وإنما يتأخر, وكذلك يتأخر الغسل إلى حين خروجه) أ. هـ. ¬

(¬1) (المائدة: من الآية6). (¬2) رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري -. (¬3) رواه أبو داود والنسائي وأحمد والطيالسي وابن خزيمة وغيرهم. (¬4) المغني 1/ 26. (¬5) الشرح الكبير 1/ 97. (¬6) كما ورد ذلك في حديث أم سلمة في الصحيحين.

س 203: ما الحكم لو خرج المني من نائم أو مغمى عليه؟ وما الدليل على ذلك؟

س 203: ما الحكم لو خرج المني من نائم أو مغمى عليه؟ وما الدليل على ذلك؟ ج/ يُفهم من قوله - خروج المني بلذة إذا كان يقظاناً - أنه إذا خرج من نائم أو مُغمى عليه أو سكران وجب عليه الغُسل مطلقاً سواءً كان بلذة أم لا, لأن النائم ونحوه قد لا يحس به, وهذا يقع كثيراً فقد يستيقظ الإنسان ويجد أثراً ولم يشعر باحتلام. والدليل على ذلك: حديث أم سلمة رضي الله عنها - حين سألت النبي - عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل هل عليها من غُسل؟ قال: نعم إذا هي رأت الماء - (¬1). فأوجب الغُسُل إذا هي رأت الماء, ولم يشترط أكثر من ذلك, فدلّ على وجوب الغُسل إذا استيقظ النائم ووجد الماء, أحس بخروجه أو لم يُحسّ, سواء رأى أنه قد أحتلم أم لم يرّ, لأن النائم قد ينسى. س204: ما الحكم لو استيقظ النائم ووجد بللاً؟ ج/ إذا استيقظ النائم ووجد بللاً فلا يخلو من ثلاث حالات: 1 - أن يتيقن أنه موجب للغسل, أي أنه مني, وفي هذه الحال يجب عليه أن يغتسل, سواءً ذكر احتلاماً أم لم يذكر. 2 - أن يتيقن أنه ليس بمني, وفي هذه الحالة لا يجب عليه الغسل, لكن يجب عليه أن يغتسل ما أصابه, لأن حكمه حكم البول. 3 - أن يجهل هل هو مني أم لا؟ * فهنا إن ذكر أنه احتلم فإننا نجعله منياً ونأمره لأن النبي - لما سُئل عن المرأة ترى ما يرى الرجل, قال - نعم إذا هي رأت الماء (¬2) -. * وإن لم يرَ شيئاً في منامه وقد سبق نومه حديث أو تفكير في جماع جعلناه مذياً فلا يجب عليه الغسل, لأنه يخرج بعد التفكير والحديث في الجماع دون إحساس. * وإن لم يسبقه تفكير أو حديث في جماع فعلى خلاف, والصحيح أننا نجعله مذياً ولا نوجب عليه الغُسل, والله أعلم. ثانياً: تغييب الحشفة كلها أو قدرها بلا حائل في الفرج (الإيلاج) , فهذا يوجب الغسل وإن لم يحصل إنزال, بدليل حديث أبي هريرة - أن النبي - قال - إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل (¬3) - , وفي لفظ لمسلم - وإن لم ينزل -. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س205: ما حكم وطء القبل في فرج الميتة هل يوجب الغسل أم لا؟

والحشفة: هي رأس الذكر تكون عليها جلدة تقطع عند الختان. وتغيب الحشفة بحائل في الفرج لا يوجب الغسل إلا إذا حصل إنزال, وهذا فيما إذا كان الحائل غير رقيق, أما إذا كان الحائل رقيقاً بحيث تكمل اللذة فإنه يوجب الغُسُل. س205: ما حكم وطء القُبُل في فرج الميتة هل يوجب الغسل أم لا؟ ج/ وطء القُبُل في فرج الميتة يوجب الغسل إذا كان هناك تغييب للحشفة, لأنه فرج بالقياس. أما وطء البهيمة والطير الدبر فهو لا يوجب الغُسُل إلا بإنزال وهو قول الأحناف وهو الأقرب, للقاعدة الشرعية {أن الوطء المحرم شرعاً لا عبرة به} , وعلى هذا فلا يجب إلا بالإنزال. تنبيه: مثل هذه المسائل وضعها الفقهاء للتمثيل بصرف النظر عن حكمها. س206: إذا وطئ من عمره تسع سنوات امرأة عمرها ثمان سنوات فهل يجب عليهما الغسل؟ ج/ الحنابلة يرون أنه لا يجب عليهما الغسل, وهي قاعدة عند المذهب يقررون الذكر بالعشر والأنثى بتسع , ويقولون لأن الذي يتصور منه الوطء هو من بلغ العاشرة, ومن يؤطأ هي بنت تسع. والراجح: أنه يجب الغسل عليهما حتى وإن كانا دون هذا السن, كما لو وطئ من عمره تسع سنوات ابنة الثمان سنوات وغيب الحشفة, لحديث أبي هريرة السابق - إذا جلس بين شعبها الأربع .. - الحديث. ثالثاً: من موجبات الغسل كذلك إسلام الكافر والمرتد. والأدلة على ذلك ما يلي: * - أمر النبي - قيس بن عاصم لما أسلم بأن يغتسل بماء وسدر (¬1) - , والأصل في الأمر أنه للوجوب. * كذلك لما أسلم ثمامة بن آثال قال النبي - - اذهبوا به إلى حائط بني فلان فمروه أن يغتسل - (¬2). ولأنه كذلك طهر باطنه من نجس الشرك فمن الحكمة أن يطهر ظاهره بالغسل. قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد (¬3) , في قصة قدوم وفد دوس (وقد صح أمر النبي - به, وأصح الأقوال وجوبه على من أجنب في حال كفره ومن لم يُجنب). وقال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار (¬4): (والظاهر الوجوب لأن أمر البعض قد وقع به التبليغ ودعوى عدم الأمر لمن عداهم لا يصلح متمسكاً لأن غاية ما فيه عدم العلم, وهو ليس علماً بالعدم). رابعاً: خروج دم الحيض والنفاس, فيجب الغُسُل إذا انقطع دم الحيض والنفاس, بدليل حديث فاطمة بنت حبيش (أنها كانت تستحاض فأمرها النبي - أن تجلس عادتها ثم تغتسل وتصلي - (¬5) , والأصل في الأمر للوجوب. ¬

(¬1) رواه احمد وأبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم. (¬2) رواه أحمد والبيهقي وابن خزيمة وابن حبان وعبد الرزاق في مسنده. (¬3) زاد المعاد 3/ 548. (¬4) 1/ 224. (¬5) رواه البخاري ومسلم.

س207: إذا أحست المرأة بانتقال الدم ولم يخرج, هل تدع الصلاة؟

قال ابن المنذر في الإجماع: (وأجمعوا أن على النفساء الاغتسال إذا طهرت) (¬1) , وقال ابن حزم في مراتب الإجماع: (واتفقوا على أن الدم الأسود الخارج في أيام الحيض من فرج المرأة التي من كانت في مثل سنها حاضت يوجب الغسل على المرأة) (¬2). س207: إذا أحست المرأة بانتقال الدم ولم يخرج, هل تدع الصلاة؟ ج/ لا, لا تدع الصلاة حتى يخرج, وإذا أحست بأوجاع قبل الحيض ثم أحست بانتقال الدم ولم يخرج ثم ذهب عنها فإنه لا يجب عليها الغُسُل. خامساً: الموت, فإذا مات المسلم وجب على المسلمين تغسيله, لقوله - كما في حديث أم عطية - أغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك (¬3) -. * وقال في المحرم الذي وقصته راحلته - اغسلوه بماء وسدر - (¬4) , وهذا أمر والأصل في الأمر أنه للوجوب. س208: وهل السقط يُغسّل أم لا؟ ج/ فيه تفصيل: * إن نفخت فيه الروح غُسل وصُلي عليه, وكُفن. * وإن لم يُنفخ فيه الروح فلا يغسل. وتنفخ فيه الروح إذا تَّم أربعة أشهر, لحديث عبدالله بن مسعود في الصحيحين (¬5). س209: ما شروط الغسل؟ ج/ شروط الغُسل هي: أولاً: انقطاع ما يوجبه, فعلى هذا لو اغتسلت المرأة للحيض وهي لا تزال حائضاً فإن هذا الغُسل وجوده كعدمه, فلابد من انقطاع دم الحيض حتى يصحّ الغُسل, وكذلك النفساء. ثانياً: النية, فمن شروط الغُسل النية, فلو أن إنساناً كان عليه جنابة ثم اغتسل تنظُّفاً فإن ذلك لايُجزؤه عن الغسل الواجب فلابد من نية رفع الحدث. ¬

(¬1) الإجماع ص 38. (¬2) مراتب الإجماع ص 20. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -. (¬5) في الحديث (إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة, ثم يكون علقة مثل ذلك, ثم يكون مضغة مثل ذلك, ثم يرسل الله إليه الملك فينفخ فيه الروح ..).

س210: إذا اغتسل الإنسان عن الحدث الأكبر هل يجزئه عن الوضوء؟

س210: إذا اغتسل الإنسان عن الحدث الأكبر هل يجزئه عن الوضوء؟ ج/ هنا نقول على حسب نيته, والنية لها أربع حالات: 1 - أن ينوي رفع الحدثين جميعاً فيرتفعان, لقول النبي - - إنما الأعمال بالنيات - (¬1). 2 - أن ينوي رفع الحدث الأكبر فقط دون الأصغر, فالراجح هنا أنه يرتفع الحدثان جميعاً, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (¬2). 3 - أن ينوي ما لا يباح إلا بالوضوء أو باعتبار الحدثين جميعاً كالصلاة, فإذا نوى الغُسل للصلاة ولم ينو رفع الحدث ارتفع عنه الحدثان, لأن من لازم نية الصلاة أن يرتفع الحدثان, والصلاة لا تصح إلا بارتفاع الحدثين. 4 - أن ينوي ما يباح بالغُسل فقط, دون الوضوء كقراءة القرآن أو المُكث في المسجد, فلو اغتسل لقراءة القرآن فقط, ولم ينوِ رفع الحدث أو الحدثين ارتفع حدثه الأكبر فقط, فإن أراد الصلاة أو مس المصحف, فلابد من الوضوء, ولكن واقع الناس اليوم نجد أن أكثرهم يغتسلون من الجنابة من أجل رفع الحدث الأكبر أو الصلاة, وعلى هذا يرتفع الحدثان. ثالثاً: الإسلام. رابعاً: العقل. خامساً: التمييز, فالإسلام والعقل والتمييز شروط في كل عبادة إلا التمييز فإنه لا يشترط في الحج والعمرة, فهما يصحان من الصغير لكنهما لا يجزئانه عن حجة وعمرة الإسلام. وكذلك في الزكاة, فليس من شروطهما لا العقل ولا البلوغ, لأن الصحيح أن المجنون والصغير تجب الزكاة في ماليهما, ويطالب الولي بالإخراج. سادساً: الماء الطهور, فلو أنه تطهرّ أو اغتسل بماء نجس فإن حدثه لا يرتفع. س211: ما حكم الغُسل بالماء المغصوب أو المسروق؟ ج/ الصحيح أنه يرفع الحدث لكن مع الإثم, لأن النهي لا يقتضي الفساد إلا إذا عاد إلى ذات المنهي عنه أو وصفه اللازم. سابعاً: إزالة ما يمنع وصول الماء, كالطين والعجين والمناكير ونحو ذلك. بدليل قول الله تعالى - وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا - (¬3) , ولأن الواجب غسل جميع الجسم, فإذا كان هناك شيء يمنع وصول الماء فهو لم يغسل جميع جسده, ولكن يُعفى عن اليسير, كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (¬4). ¬

(¬1) متفق عليه. (¬2) الفروع لابن مفلح 1/ 205. (¬3) (المائدة: من الآية6). (¬4) الاختيارات ص12.

س212: وما ضابط اليسير في ذلك؟

س212: وما ضابط اليسير في ذلك؟ ج/ وضابط اليسير, يرجع في تحديد ذلك إلى عُرف الناس حيث لم يرد له تحديدٌ في الشرع. س213: ما حكم التسمية عند الغُسل؟ ج/ الصحيح أنها مستحبة وليست بواجبة, وهو قول أكثر أهل العلم, قال الإمام أحمد رحمه الله: (لا يثبت في هذا الباب شيء) (¬1) , أي في وجوب التسمية في الوضوء والغُسل, وإذا لم يثبت فيه شيء فلا يكون حجة. س214: ما صفة الغسل؟ ج/ للغُسل صفتان: الصفة الأولى: صفة مُجزئة, أن يُعم الماء جميع بدنه, ويدخل في الوجه الفم والأنف, فلابد أن يتمضمض ويستنشق لأنهما من الوجه, فعلى هذا لو انغمس مع النية في بئر ثم خرج فإن ذلك يُجزئه وحدثه يرتفع, لكن لابد من المضمضة والاستنشاق لأن الفم والأنف من الوجه, لقول النبي - للذي أصابته جنابه لما جاء الماء - خذ هذا فأفضه على جسدك - (¬2) , ولأنه لو كان الله يريد منا أن نغتسل على وجه التفصيل لبينه كما بين الوضوء على وجه التفصيل, فلما أجمل الغُسل عُلِم أنه ليس بواجب علينا أن نبدأ بأعلى البدن أو أسفله. الصفة الثانية: الغُسل الكامل, أي المشتمل على الواجبات والسنن وهو كما يلي: * أن ينوي, فعند إرادة الإنسان الغُسل, ينوي الغُسل, وهذه هي نية العمل. * ثم يسمي, وهي مستحبة على الصحيح من أقوال أهل العلم. * ثم يغسل يديه ثلاثاً وهذه سنة, واليدان (الكفان) , لأن اليد إذا أُطلقت يراد بها الكف بدليل قوله تعالى - وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا - (¬3) , والذي يُقطع هو الكف. ولماَ أراد ما فوق الكف قال سبحانه - وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ - (¬4). * ثم يغسل ما لوّثه ولا فرق بين أن يكون ما لوثه على فرجه أو على سائر بدنه, وسواءٌ كان نجساً كالمذي, أو طاهراً كالمني. ¬

(¬1) بلوغ المرام ص 12. (¬2) رواه البخاري ومسلم من حديث عمران بن حصين -. (¬3) (المائدة: من الآية38). (¬4) (المائدة: من الآية6).

ثم يتوضأ وضوئه للصلاة بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت - كان النبي - إذا اغتسل من الجنابة غسل يديه ثلاثاً وتوضأ وضوءه للصلاة ثم يخلل شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض الماء عليه ثلاث مرات ثم غسل سائر جسده - (¬1). قال ابن عبد البر في الاستذكار (¬2): (المُغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ وعمم جميع جسده فقد أدى ما عليه, لأن الله تعالى افترض على الجُنب الغُسل من الجنابة دون الوضوء بقوله - وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا - (¬3) , وهو إجماعٌ لا خلاف بين العلماء فيه, إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبل الغُسل تأسياً برسول الله - , ولأنه أعون على الغُسل). * ثم يحثو على رأسه ثلاث حثيات ترويه, أي تصل إلى أصوله بحيث لا يكون الماء قليلاً ويكفي في ذلك غلبه الظن, بدليل حديث عائشة السابق حيث قالت - حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته -. * ثم يُفيض الماء على جسده مرة واحدة على الصحيح, خلافاً لمن قال أنه يُثلَّث في غسل بقية جسده. قال السعدي رحمه الله كما في المختارات الجلية (¬4): (والصحيح أن التثليث لا يشرع في الغُسل إلا في غسل الرأس, لأن ذلك هو الوارد في صفة غسله - فلم يثبت عنه سوى هذا, وقياس الغُسل على الوضوء غير مسُلَّم لوجود الفارق من وجوه كثيرة). * وكذلك يستحب الدلك, قال في الشرح الكبير (¬5): (ويستحب إمرار يده على جسده في الغسل والوضوء ولا يجب إذا تيقن أو غلب على ظنه وصول الماء إلى جميع جسده). * وكذلك يستحب التيامن, أي يبدأ بالجانب الأيمن, أما الوضوء فظاهر, وكذلك في الغسل, لحديث عائشة رضي الله عنها - كان النبي - يعجبه التيامن في ترجله وتنعله, وطهوره, وفي شأنه كله) (¬6). * ثم إذا خرج يقول الذكر الوارد بعد الوضوء, وهو أن ينطق بالشهادتين, ثم يقول: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين (¬7) , وإن زاد: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك (¬8) , فحسن. ¬

(¬1) متفق عليه. (¬2) 1/ 327. (¬3) سورة المائدة (6) (¬4) ص 24. (¬5) 1/ 105. (¬6) رواه البخاري ومسلم. (¬7) رواه الترمذي من حديث عمر - ورواه مسلم أيضاً بدون زيادة: اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. (¬8) رواه النسائي.

س 215: هل يجب على المرأة إذا كان شعرها ملفوفا أو ضفائر أن تنقضه في حال غسلها للحيض أو النفاس أو الجنابة أم لا؟

س 215: هل يجب على المرأة إذا كان شعرها ملفوفاً أو ضفائر أن تنقضه في حال غسلها للحيض أو النفاس أو الجنابة أم لا؟ ج/ قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى كما في نيل المآرب للبسام (¬1): (اختلف العلماء في وجوب نقض المرأة شعرها من الحيض والصحيح, أنه لا يجب عليها نقضه لما ورد في بعض روايات حديث أم سلمة قالت للنبي - - إني امرأة أشدُ ضفر رأسي أفأنقضة للحيض والجنابة؟ قال: لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهرين - (¬2) , فهذه الرواية نصٌ في عدم وجوب نقض الشعر للغسل من الحيض والجنابة). وفي الإنصاف (¬3): (لا يجب نقض شعر الرأس لغُسل الجنابة مطلقاً على الصحيح من المذهب). س216: ما مقدار ما يتوضأ به ويغتسل به؟ ج/ يتوضأ بمد ويغتسل بصاع, لحديث أنس - قال - كان رسول الله - يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد, ويتوضأ بالمد (¬4) -. مقدار المد = 510 غرام أي ما يقارب نصف كيلو. والصاع = 1000 غرام أي ما يقارب من كيلوين وأربعين غراماً. فإن قيل: نحن الآن نتوضأ من الصنابير فمقياس الماء لا ينضبط: فيقال: لا تزد على المشروع في غسل الأعضاء في الوضوء, فلا تزد على ثلاث, في الغسل على مرة وبهذا يحصل الاعتدال. س217: ما حكم الإسراف في الغسل والوضوء؟ ج/ حكم ذلك مكروه تنزيه, لما ورد من حديث عبدالله بن مغفل قال: سمعت رسول الله - يقول - إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء - (¬5) , والمقصود بالتعدي هنا أي أنه أخطأ طريق السنة, والكراهة تنزيهية حتى عند الأحناف إلا إذا اعتقد أن ما زاد على الغسلات الثلاث من أعمال الوضوء فتكون الكراهة حينئذ تحريمية عندهم, وإنما يقال بأن الكراهة تنزيهية إذا كان الماء مباحاً أو مملوكاً للمتوضيء, فإن كان موقوفاً على الوضوء منه كالماء المعد للوضوء في المساجد ونحوها فالإسراف فيه حرام, لما في ذلك من التعدي على حق الغير بغير وجه حق, والله أعلم. ¬

(¬1) نيل المآرب 1/ 77. (¬2) رواه مسلم. (¬3) الإنصاف 1/ 105. (¬4) متفق عليه. (¬5) رواه أحمد وأبو داود وسنده قوي.

س218: ما حكم لو أن المتوضيء والمغتسل أسبغ بما دون المقدار الذي كان عليه النبي - يتوضأ ويغتسل به؟

س218: ما حكم لو أن المتوضيء والمغتسل أسبغ بما دون المقدار الذي كان عليه النبي - يتوضأ ويغتسل به؟ ج/ لا بأس بذلك, قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ولو أسبغ بدون ذلك جاز من غير كراهة, إذا أتى بالغسل ولم يقتصر على مجرد المسح لظاهر القرآن ... وعن عائشة هي ورسول الله - من أناء واحد يسع ثلاثة أمداد أو قريباً من ذلك (¬1) أزهـ (¬2). س219: ما حكم الوضوء والاغتسال في المسجد؟ ج/ لا بأس بذلك, بشرطين: أ. ألاّ يؤدي ذلك إلى إيذاء أحد. ب. ألاّ يؤدي ذلك إلى تلويث المسجد. ومن الأدلة على ذلك ما يلي: 1) ما رواه رجل من الصحابة - قال - حفظت لق أن رسول الله - توضأ في المسجد (¬3) -. 2) ما رواه نعيم المجمر قال - رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال: سمعت رسول الله - يقول: إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء, فمن استطاع أن يطيل غرته فليفعل (¬4) -. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (الراجح أنه لا يكره الوضوء في المسجد, وهو قول الجمهور إلا أن يحصل معه بصاق أو مخاط) (¬5). وفي بدائع الفوائد: (ومن مسائل إسحاق بن منصور الكوسج لأحمد: قلت يتوضأ الرجل في المسجد؟ قال: قد فعل ذلك قوم, قال إسحاق: هو حسن ما لم يستنتج فيه) (¬6). س220: ما حكم الوضوء والاغتسال في الحمامات؟ ج/ المقصود بالحمامات: ليست هي الموجودة الآن, لكن المراد بها حمامات عامة الناس يسخن فيها الماء ويقصدها الناس, فهذه الحمامات كرهها بعض أهل العلم كأحمد رحمه الله تعالى (¬7) , وإنما كرهوها لما فيها من كشف العورات والنظر إليها والدخول المنهي عنها كنهي النساء. والخلاصة في ذلك: أن هذه الحمامات إذا خلت من المحظور مع الحاجة إليها فلا بأس بذلك, ولذلك بنيت الحمامات في الحجاز والعراق على عهد علي - وأقروها أي الصحابة رضي الله عنهم. ¬

(¬1) رواه مسلم. (¬2) شرح العمدة 1/ 398. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة, وأحمد وإسناده صحيح. (¬4) رواه البخاري. (¬5) الاختيارات ص 11. (¬6) بدائع الفوائد 3/ 278. (¬7) المغني 1/ 307.

س221: ما الأغسال المستحبة؟

وأما عند عدم الحاجة إليها فهي مكروهة لمظنة انكشاف العورات والنظر إليها, لكن إن أدى ذلك إلى انكشاف العورات فالقول بالحرمة هو الأقرب. وأما بالنسبة للمرأة فيقال بحرمة ذلك على الإطلاق إلا لعذر, قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (لأن المرأة كلها عورة ولا يحل لها أن تضع ثيابها في غير بيت زوجها ... والأفضل اجتنابها بكل حال مع الغنى, لأنها مما أحدث الناس من رقيق العيش, ولأنها مظنة النظر في الجملة ... والحاجة التي تبيحها مع قيام الحاظر المرض والنفاس فإن الحمام يذهب الدرن وينفع البدن, وكذلك الحاجة إلى الغسل من جنابة أو حيض أو غيره مع تعذره في المنزل وخشية التضرر به لبرد وغيره) (¬1). س221: ما الأغسال المستحبة؟ ج/ ذكر المصنف رحمه الله تعالى أنها ستة عشر ثم ذكر آكد هذه الاغسال, وسنذكرها على ترتيب المصنف مع بيان القول الراجح في كل قسم باختصار, لأن هذه المسائل ستأتي مواضعها إن شاء الله تعالى في أبوابها وهي: 1. الغسل لصلاة الجمعة في يومها: وهي خاصة بالذَّكَر إذا حضرها " أي حضر الجمعة ". والراجح أن غسل الجمعة واجب والأدلة على ذلك كثيرة منها: حديث ابن عمر - أن النبي - قال - إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل (¬2) - , ولحديث أبي هريرة - أن النبي - قال - حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً يغسل فيه رأسه وجسده (¬3) - , ولحديث أبي سعيد الخدري - أن النبي - قال - غسل الجمعة واجب على كل محتلم (¬4) -. 2. الغسل بعد غسل الميت لمن غسّله. والراجح هنا كما قال المصنف أنه يستحب لمن غسل ميتاً أن يغتسل, بدليل ما ورد عن أبي هريرة - أن النبي - قال - من غسل ميتاً فليغتسل ومن حمله فليتوضأ (¬5) - , قالوا وهذا الحديث فيه الأمر , والأمر الأصل فيه الوجوب لكن لما كان فيه شيء من الضعف لم ينتهض للإلزام به, وهذا مبني على قاعدة وهي {أن النهي إذا كان في حديث ضعيف لا يكون للتحريم, والأمر لا يكون للوجوب, لأن الإلزام بالمنع, أو الفعل يحتاج إلى دليل تبرأ به الذمة لإلزام العباد}. قال الألباني رحمه الله في كتاب أحكام الجنائز: (ويستحب لمن غسله أن يغتسل). ¬

(¬1) شرح العمدة 405. (¬2) متفق عليه. (¬3) متفق عليه. (¬4) متفق عليه. (¬5) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال " حديث حسن " وابن ماجه وغيرهم وذكر ابن القيم أن له أحد عشر طريقاً في تهذيب السنن 4/ 306 وقال: وهذا يدل على أنه محفوظ وحسنه ابن حجر في التلخيص 1/ 136.

3. الغسل في يوم العيد. قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وكان يغتسل للعيدين صح الحديث فيه, وفيه حديثان ضعيفان: حديث ابن عباس من رواية جبارة بن فطس, وحديث الفاكه بن سعد من رواية يوسف بن خالد السمتي, لكن ثبت عن ابن عمر مع شدة إتباعه السنة) (¬1). وورد أن السائب بن يزيد - - كان يغتسل قبل أن يخرج إلى المصلي - (¬2). وعن ابن عمر - كان يغتسل ويتطيب يوم الفطر - (¬3). 4. الغسل للكسوف والاستسقاء. والراجح عدم استحباب ذلك, لأن النبي - فزع إلى صلاة الكسوف حتى أدرك بردائه (¬4) فظاهرة أنه لم يغتسل, ولأنه يخالف أمره بالمبادرة إلى الغسل, وعلى هذا الأرجح أنه يخرج الكسوف متبذلاً متذللاً, وكذلك الاستسقاء, لأن المقام مقام تذلل وخضوع. 5. الاغتسال للجنون والإغماء. وهذا صحيح لما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - اغتسل من الإغماء (¬5) , وإذا شرع الاغتسال للإغماء فالجنون من باب أولى لأنه أشد. 6. المستحاضة يشرع لها الاغتسال لكل صلاة. وهذا صحيح, لأن - أم حبيبة استحيضت فسألت النبي - عن ذلك فأمرها أن تغتسل, فكانت تغتسل عند كل صلاة - (¬6) , وهذا الغسل ليس بواجب, بل الواجب ما كان عند إدبار الحيض وماعدا ذلك فهو سنة, قال الشوكاني: (وأمره عليه الصلاة والسلام هنا لها بالاغتسال أجاب عنه الشافعي رحمه الله بقوله: إنما أمرها رسول الله - أن تغتسل وتصلي وليس فيه أمرها أن تغتسل لكل صلاة, قال: ولا أشك إن شاء الله أن غسلها كان تطوعاً غير ما أمرت به وذلك واسع لها, وكذا قال سفيان بن عيينة والليث بن سعد وغيرهما. وما ذهب إليه الجمهور من عدم وجوب الاغتسال إلا لإدبار الحيضة هو الحق لفقد الدليل الصحيح الذي تقوم به الحجة لا سيما في مثل هذا التكليف الشاق) (¬7). ¬

(¬1) الهدى 1/ 144. (¬2) أخرجه الفريابي في أحكام العيدين, وفي سواطع القمرين (16) إسناده صحيح. (¬3) وفي سواطع القمرين (17) إسناده صحيح. (¬4) رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس. (¬5) متفق عليه. (¬6) رواه البخاري ومسلم. (¬7) نيل الأوطار 1/ 284.

س222: إذا تعذر الماء فهل يسن للإنسان أن يتيمم بدل الغسل فيما يسن له الغسل أم لا؟ مثال ذلك: أراد إنسان الإحرام وقد سبق أنه يسن الغسل للإحرام, ولكن الماء تعذر عليه فهل يتيمم بدل الاغتسال أم لا؟

7. الاغتسال للإحرام وهو سنة. لحديث زيد بن ثابت - - أنه رأى النبي - تجرد لإهلاله واغتسل (¬1) - , ولأن النبي - - .. أمر أسماء بنت عميس وهي نفساء أن تغتسل - (¬2). 8. الاغتسال لدخول مكة. لفعل النبي - ذلك (¬3) , لكن يقال الأقرب في ذلك: إن طال الزمن بين غسل الإحرام ودخول مكة شرع له ذلك, لأن النبي - قدم من المدينة على راحلة وهي رحلة طويلة فاغتسل عند دخوله مكة نظراً لما أصابه من أثر السفر, أما الآن فإن الزمن في الغالب لا يطول فقد يكون بين غسله للإحرام ودخوله مكة ساعة تقريباً فلا يشرع هنا لعدم الحاجة إلى ذلك. 9. الاغتسال للوقوف بعرفة. قال شيخ الإسلام: (والاغتسال لعرفة قد روي عن ابن عمر وغيره, ولم ينقل عن النبي - ولا عن أصحابه في الحج إلا ثلاثة أغسال: غسل الإحرام, والغسل عند دخول مكة, والغسل يوم عرفة, وما سوى ذلك كالغسل لرمي الجمار, وللطواف, وللمبيت بمزدلفة فلا أصل له. لا عن النبي - ولا عن أصحابه, ولا أستحبه جمهور الأئمة لا مالك ولا أبي حنيفة ولا أحمد, وإن كان قد ذكره طائفة من متأخري أصحابه بل هو بدعة, إلا أن يكون هناك سبب يقتضي الاستحباب, مثل أن يكون عليه رائحة يؤذي الناس بها فيغتسل لإزالتها) (¬4). 10. الاغتسال لطواف الزيارة وطواف الوداع, والمبيت بمزدلفة, ولرمي الجمار. والراجح أن هذه الأشياء لا يشرع لها الاغتسال, وقد تقدم كلام شيخ الإسلام. س222: إذا تعذر الماء فهل يسن للإنسان أن يتيمم بدل الغسل فيما يسن له الغسل أم لا؟ مثال ذلك: أراد إنسان الإحرام وقد سبق أنه يسن الغسل للإحرام, ولكن الماء تعذر عليه فهل يتيمم بدل الاغتسال أم لا؟ ج/ الراجح أنه لا يتيمم لذلك لأن الاغتسال إنما شرع للتنظيف والتيمم ليس فيه نظافة حسية , لكن لو كان الغسل واجباً كغسل الجنابة مثلاً وتعذر استخدام الماء إما لفقده أو لمرض فإنه يتيمم هنا. قال ابن قدامة رحمه الله: (الصحيح أنه غير مسنون, لأنه غسل غير واجب فلم يستحب التيمم عند عدمه كغسل الجمعة, والفرق بين الواجب والمسنون أن الواجب شرع لإباحة الصلاة, والتيمم يقوم مقامه في ذلك, والمسنون يراد للتنظيف وقطع الرائحة, والتيمم لا يحصّل هذا, بل يحصل شعثاً وتغبيراً) (¬5). ¬

(¬1) رواه الترمذي وحسنه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) مجموع الفتاوى 26/ 132. (¬5) المغني 5/ 76.

س223: إذا كان الإنسان على جنابة وأراد النوم فهل يستحب له الوضوء أم لا؟

- مسألتان لم يذكرهما المصنف رحمه الله - وهما: س223: إذا كان الإنسان على جنابة وأراد النوم فهل يستحب له الوضوء أم لا؟ ج/ الراجح أن من كان على جنابة وأراد أن ينام أنه يستحب له الوضوء, ولا يجب عليه للأدلة الآتية: أ- حديث عمر - أنه قال - يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم إذا توضأ فليرقد - , وفي لفظ - توضأ وأغسل ذكرك ثم نم (¬1) -. 2 - حديث عائشة رضي الله عنها - أن النبي - كان ينام وهو جنب؟ من غير أن يمس ماء - (¬2) , فترك النبي - للغسل بيان للجواز وأن الأمر ليس للوجوب. لكن يكره النوم إن كان على جنابة ولم يتوضأ, قال شيخ الإسلام رحمه الله: (الجنب يستحب له الوضوء إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أو يعاود الوطء, لكن يكره له النوم إذا لم يتوضأ) (¬3). س224: إذا كان الإنسان على جنابة وأراد الأكل أو الشرب فهل يستحب له الوضوء أم لا؟ ج/ الراجح أنه يستحب له ذلك, لحديث عائشة رضي الله عنها - أن النبي - إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب توضأ - (¬4) , ولما ورد من حديث عمار بن ياسر - - أن النبي - رخص للجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب أو ينام أن يتوضأ (¬5) - , وتقدم كلام شيخ الإسلام رحمه الله, لكن هنا لو أكل أو شرب ولم يتوضأ فإنه لا يكره له ذلك. س225: إذا أراد الإنسان أن يعاود الوطء فهل يستحب له الوضوء أم لا؟ ج/ الراجح أنه يستحب الوضوء للجنب إذا أراد أن يجامع مرة أخرى, بدليل ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري - أن النبي - قال - إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود فليتوضأ بينهما وضوء - (¬6) , والأصل في الأمر أنه للوجوب لكن أخرج هذا الأمر عن الوجوب ما رواه الحاكم - إنه أنشط للعود - , فالتعليل أنه أنشط للعود يدل على أن الأمر للإرشاد وليس للوجوب. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال " حسن صحيح " وابن ماجه, وفي شرح العمدة 1/ 395, قال أحمد: ليس بصحيح, وكذا ضعفه يزيد بن هارون والترمذي وغيرهما " وقال في البلوغ " وهو معلول. (¬3) مجموع الفتاوى 21/ 343. (¬4) رواه مسلم. (¬5) رواه أحمد وأبو داود وقال " بين يحيى بن معمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل " ورواه الترمذي وقال " حسن صحيح ". (¬6) رواه مسلم.

س226: ما تعريف التيمم في اللغة والاصطلاح؟

- باب التيمم - س226: ما تعريف التيمم في اللغة والاصطلاح؟ ج/ التيمم لغة: القصد. شرعاً: التعبد لله بقصد الصعيد الطيب لمسح الوجه واليدين به. وهو من خصائص هذه الأمة, ولما رواه جابر أن النبي - قال - أعطيت خمساً لم يعطهن نبي من الأنبياء قبلي, نُصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل .. الحديث - (¬1). س227: هل التيمم رافع للحدث أو مبيح لما تجب له الطهارة؟ ج/ في المسألة خلاف, والراجح في ذلك أنه رافع للحدث للأدلة التالية: 1.قوله تعالى لما ذكر التيمم - مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ (¬2) -. 2. قول النبي - في الحديث السابق - وجعلت لي الأرض مسجداً وطهورا .. الحديث - , والطهور بالفتح: ما يُتطهر به. 3. أنه بدل, والقاعدة الشرعية {أن البدل له حكم المبدل} , فكما أن طهارة الماء ترفع الحدث, فكذلك طهارة التيمم. س228: وماذا يترتب على هذا الخلاف؟ أي بين قولنا أنه رافع أو مبيح. ج/ يترتب على هذا الخلاف ما يلي: أ- إذا قلنا أنه مبيح, فإنه إذا نوى الإنسان التيمم لعبادة لم يستبح به ما فوقها, فإذا تيمم لنافلة لم يُصلَّ به فريضة, لأن الفريضة أعلى, وإذا قلنا أنه رافع وهو الراجح كما تقدم جاز ذلك. ب- إذا قلنا إنه مبيح, فإذا خرج الوقت بطل التيمم ولو لم يأتِ بناقض من نواقض الوضوء, وعلى القول بأنه رافع لا يبطل بخروج الوقت. ج-إذا قلنا إنه مبيح أُشترط أن ينوي ما تيمم له, فلو نوى رفع الحدث فقط لم يرتفع وعلى القول بأنه رافع له لا يشترط ذلك فإذا تيمم لرفع الحدث فقط جاز له ذلك. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) (المائدة: من الآية6).

س229: ما الحكم لو وجد المتيمم بالتراب ماء؟ وما الدليل؟

س229: ما الحكم لو وجد المتيمم بالتراب ماءً؟ وما الدليل؟ ج/ قلنا قاعدة هي {أن البدل له حكم المبدل} , لكن إذا وجد المبدل وهو الماء بطلت طهارة التيمم, وعليه أن يغتسل إن كان التيمم عن غُسل, وأن يتوضأ إن كان التيمم عن وضوء. والدليل على ذلك مايلي: 1 - حديث عمران بن حصين الطويل, وقوله - للرجل الذي أصابته جنابة ولا ماء - عليك بالصعيد فإنه يكفيك, ولما جاء الماء قال له النبي - خذ هذا فأفرغه عليك - (¬1) , فدل على أن التيمم يَبطُل بوجود الماء. 2 - قول النبي - - الصعيد الطيب وضوء المسلم, وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجده فليتقِ الله وليمسّه بشرته - (¬2) , وفائدة قولنا بدل أنه لا يمكن أن يُعمل به مع وجود الأصل. س230: من المعلوم أن الإنسان إذا عدم أو لم يستطع استعماله للحدث الأكبر أو الأصغر ولكن هل يتيمم لو كان على بدنه نجاسة لم يقدر على تغييرها أم لا وعليه حدث كذلك؟ ج/ الصحيح أنه لا يتيمم إلا عن حدث فقط, لما يأتي: أ- لأن هذا هو الذي ورد به النص. ب- أن طهارة الحدث عبادة فإذا تعذر الماء بتعفير أفضل أعضائه بالتراب, وأما النجاسة فشيء يطلب التخلي منه, لا إيجاده فمتى خلي من النجاسة ولو بلا نية طهر منها, وإلا صلى على حسب حاله, لأن طهارة التيمم لا تؤثر في إزالة النجاسة والمطلوب من إزالة النجاسة تخلية البدن عنها, وإذا تيمم فإن النجاسة لا تتخلى عن البدن, وعلى هذا إن وجد الماء أزالها به " أي أزال النجاسة بالماء " وإلا سقط الوجوب. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه أحمد, وأبو داود والترمذي وغيرهم من حديث أبي ذر -.

س231: لكن إن وجد الماء بثمن باهظ ومعه مال فهل يلزمه شراؤه أم لا؟

- شروط التيمم - أولاً: النية. ثانياً: الإسلام. ثالثاً: العقل. رابعاً: التمييز, وتقدم أن هذه الشروط الأربعة شروط في كل عبادة ما عدا التمييز, فلا يشترط في الحج والعمرة فهما يصحان حتى من الصغير. خامساً: الاستنجاء والاستجمار, وهذا الشرط الصحيح أنه يصح التيمم قبل الاستنجاء والاستجمار, ومثل هذه المسألة سبقت في باب شروط الوضوء في حكم الوضوء قبل الاستجمار والاستنجاء (¬1). سادساً: دخول الوقت, وهذا الشرط بناءً على أن التيمم مبيح وتقدم أن التيمم رافع على القول الراجح (¬2) , وعلى هذا فالصحيح عدم اشتراط هذا الشرط, فلو تيمم في أي وقت أجزأ حتى في أوقات النهي على الصحيح. سابعاً: تعذر استعمال إما لفقده, أو للتضرر باستعماله, أو طلبه أو ضرر رفيقه أو حرمته. لفقده: أي يكون غير واجد للماء لا في بيته, ولا في رحله, إن كان مسافراً, ولا ما قرب منه, أو وجد بثمن لا يقدر عليه, لكونه ليس معه ثمنه كاملاً, أو ليس معه ثمنه البتة, بدليل قوله تعالى - فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً (¬3) - , ولقول النبي - - إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير - (¬4). س231: لكن إن وجد الماء بثمن باهظ ومعه مال فهل يلزمه شراؤه أم لا؟ ج/ المسألة على خلاف, والصحيح أنه يلزمه شراؤه والدليل قوله تعالى - فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً - , فالله تعالى اشترط للتيمم عدم الماء, والماء هنا موجود ولا ضرر عليه في شرائه لقدرته عليه. أو تضرر باستعماله: أي تضرر بدنه في استعمال الماء, أي أنه مريض, فهنا يدخل في عموم قوله تعالى - وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَر (¬5) - , كما لو كان في أعضاء وضوئه قروح أو في بدنه حكة عند الغسل, وخاف ضرر بدنه فله أن يتيمم. أو طلبه: أي يخشى ضرر بدنه بطلب الماء لكونه بعيداً, أو لشدة برودة الجو ونحو ذلك, فتيمم. ¬

(¬1) راجع. (¬2) راجع. (¬3) (النساء: من الآية43). (¬4) تقدم تخريجه. (¬5) (المائدة: من الآية6).

س232: إذا كان معه ماء يكفي لطهارته فقط ووجد عطشانا من آدمي أو بهيمة محترمين فهل يتوضأ بهذا الماء حتى ولو أدى ذلك إلى هلاك الآدمي والبهيمة المحترمين أم يبذله لهما؟

أو رفيقه: أي خاف باستعماله ضرر رفيقه, كأن يكون معه ماء قليل ورفقه, فإن استعمل الماء عطش الرفقة وتضرروا, فإنه يعدل إلى التيمم. أو حرمته: أي خاف باستعماله ضرر امرأته أو من له ولاية عليها من النساء, ونحو ذلك من أنواع الضرر. س232: إذا كان معه ماء يكفي لطهارته فقط ووجد عطشاناً من آدمي أو بهيمة محترمين فهل يتوضأ بهذا الماء حتى ولو أدى ذلك إلى هلاك الآدمي والبهيمة المحترمين أم يبذله لهما؟ ج/ الراجح أنه يجب عليه بذله لهما ويتيمم, لكن بشرط أن يكون كلاً من الآدمي والبهيمة محترمين. والمحترم من الآدمي هو: هو المسلم, والذمي, والمعاهد, والمستأمن, بخلاف الحربي وهو من بيننا وبينه حرب فلا يجب بذل الماء له, ولو بذله الإنسان فلا بأس بذلك. والمحترم من البهائم هي التي يحرم قتلها إلا لغرض, بخلاف ما لا يحرم قتله فلا يجب بذل الماء لها. س233: من وجد ماء يكفي لبعض طهارته دون بعض فكيف يعمل؟ ج/ يقال: في هذه الحالة يجمع بين الطهارة بالماء والتيمم, على القول الراجح من أقوال أهل العلم. مثال ذلك: رجل عنده ماء يكفي لغسل وجهه ويديه ومسح الرأس دون غسل الرجلين, فهو يغسل الوجه واليدين ويمسح رأسه ويتيمم عن غسل الرجلين, لقول النبي - - إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم - (¬1). س234: إذا وصل المسافر إلى الماء وقد ضاق الوقت " أي سيخرج الوقت " إن شرع في الوضوء أو علم أن النوبة " أي دوره على الماء " لا يأتيه إلا بعد خروج الوقت فهل يتيمم محافظة على الوقت أم يتوضأ ولو خرج الوقت؟ أي هل يتيمم محافظة على الوقت أم لا؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من حالتين: 1 - أن يكون الإنسان غير نائم ولا ناسي: وهذا مثاله, ما تقدم كما لو كان الإنسان مسافر ولم يصل إلى الماء إلا بعد تضايق الوقت, أو الماء عليه جماعة يطلبونه فإذا انتظر دوره خرج الوقت, فهنا الراجح أنه يتيمم محافظة على الوقت, وهو قول شيخ الإسلام رحمه الله. 2 - أن يكون نائماً أو ناسياً: مثاله, إنسان نام عن صلاة الفجر ولم يستيقظ إلا قرب طلوع الشمس, أو نسيها ولم يتذكرها إلا قرب طلوع الشمس فلو اشتغل بالطهارة خرج الوقت, وإن تيمم أدرك الوقت, فهل يتيمم ويدرك الوقت أم يرفع حدثه " أي يتوضأ بالماء " ولو خرج الوقت؟ ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -.

س235: من أراق الماء في وقت الصلاة أو أمر به وأمكنه الوضوء ولم يتوضأ مع علمه بأنه لا يجد غيره فما حكمه؟

يقال في هذا الصورة: يرفع حدثه ولو خرج الوقت, لأن النائم والناسي يكون وقت الصلاة في حقه إذا قام من النوم أو تذكر إن كان ناسياً, قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ومن استيقظ آخر الوقت وهو جنب وخاف أن اغتسل خروج الوقت, اغتسل وصلى ولو خرج الوقت, وكذا من نسيها, بخلاف من استيقظ أول الوقت فليس له أن يفوت وقت الصلاة بل يتيمم ويصلي) (¬1). س235: من أراق الماء في وقت الصلاة أو أمر به وأمكنه الوضوء ولم يتوضأ مع علمه بأنه لا يجد غيره فما حكمه؟ ج/ يقال بأنه آثم لتفريطه, ويشرع له التيمم ويصلي ولا يعيد الصلاة إذا وجد الماء. س236: إذا خرج الإنسان للنزهة أو لغرض آخر في وقت صلاة ولا يمكنه حمل الماء وهو يعلم أنه لا يجد ماء, وإذا رجع للوضوء فاتت حاجته فهل يلزمه أن يحمل معه الماء أم لا يلزمه ذلك؟ ج/ يقال بأنه لا يلزمه أن يحمل معه الماء إلا للصلاة التي خرج في وقتها, لأنه مطالب بالصلاة ومن باب أولى بالوضوء, أما بقية الصلوات فلا يلزمه أن يحمل لها الماء, فإن وجد ماء توضأ وإلا فإنه يعدل إلى التيمم. س237: من كان عليه حدث وفي ثوبه نجاسة وعنده ماء لا يكفي للجميع فأيهما يبدأ؟ ج/ الصحيح أنه يبدأ بإزالة الخبث فإن فضل شيء توضأ بالباقي, وإن لم يفضل شيء يتيمم, ولماذا يبدأ بإزالة الخبث؟ لأن التيمم للخبث فيه خلاف والراجح أنه لا يتيمم له كما تقدم (¬2) , وأما التيمم للحدث فهذا محل اتفاق, ولذلك قالوا يبدأ بإزالة الخبث فإن فضل شيء للوضوء توضأ ولا شيء عليه, وإن كفاه لبعض أعضاه غسل ما يستطيع وتيمم عن الباقي. س238: ما الحدث الذي يتيمم له؟ ج/ يصح التيمم لكل حدث سواء كان حدثاً أصغر أو أكبر, وهذا بالاتفاق, لعموم الآية - فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا (¬3) - , ولقوله - كما في حديث عمران - عليك بالصعيد الطيب فإنه يكفيك - (¬4). ثامناً: من شروط التيمم أيضاً أن يكون بتراب طهور, مباح غير محترق, له غبار ويعلق باليد. (وهذا الشرط على قول بعض الفقهاء منهم المصنف رحمه الله تعالى). ¬

(¬1) الاختيارات 20/ 21. (¬2) راجع. (¬3) (النساء: من الآية43). (¬4) متفق عليه.

س239: هل يخص التيمم بالتراب فقط؟

س239: هل يُخص التيمم بالتراب فقط؟ ج/ الصحيح أنه لا يخص التيمم بالتراب فقط بل يصح التيمم بكل ما تصاعد على وجه الأرض, والدليل على ذلك: أ- قوله تعالى (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً - , وقوله - في الحديث السابق - عليك بالصعيد الطيب فإنه يكفيك -. والصعيد: كل ما تصاعد على وجه الأرض والله سبحانه وتعالى يعلم أن الناس يطرقون في أسفارهم أراضي رملية وحجرية وترابية فلم يخصص شيء دون شيء. ب- أن النبي - في غزوة تبوك مرّ برمال كثيرة, ولم ينقل أنه كان يحمل التراب معه أو يصلي بلا تيمم. * قوله (طهور) خرج من ذلك الطاهر والنجس, أما النجس فنعم فلا يصح التيمم عليه, أما الطاهر فالصحيح أنه لا وجود للطاهر وأن الماء على قسمين كم ذكرنا في أقسام المياه (¬1). *قوله (مباح) خرج من ذلك المغصوب والمسروق ونحوهما. س240: ما الحكم لو تيمم بتراب مسروق أو مغصوب؟ ج/ على اشتراط أن يكون التراب (مباحاً) لو تيمم بتراب مسروق أو مغصوب فإن تيممه لا يصح, والراجح أنه يصح تيممه مع الإثم كما تقدم في حكم الوضوء بالماء المسروق والمغصوب ونحوهما (¬2). * قوله (غير محترق) أي لو كان محترقاً كالخزف والأسمنت فلا يجوز التيمم به, وهذا ضعيف فالصواب أن كل ما تصاعد على وجه الأرض من تراب ورمل وحجر وطين رطب أو يابس فإنه يتيمم به. * قوله (وله غبار يعلق باليد) يقال في هذه المسألة الراجح أن ما تيمم عليه على قسمين: القسم الأول أن يكون من جنس الأرض: فهذا لا يشترط أن يكون له غبار, فلو أتى إلى صخرة ملساء وتيمم عليها صحّ ذلك, ولا يشترط لذلك غبار. القسم الثاني أن يكون من غير جنس الأرض: كما لو تيمم على الباب أو على فرشه, فهذا فلابد أن يكون عليه شيء من جنس الأرض وهو الغبار. س241: إذا عدم الإنسان الماء ولم يستطع التيمم كذلك فما حكمه؟ ج/ يصلي حسب حاله بدون وضوء ولا تيمم ولا إعادة عليه إذا قدر على الماء أو التيمم, قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وكل من صلى في الوقت كما أمر حسب الإمكان فلا إعادة عليه, وسواء كان العذر نادراً أو معتاداً) (¬3). ¬

(¬1) راجع. (¬2) راجع. (¬3) الاختيارات ص 21.

س242: وهل يصلي بذلك الفرض فقط أم لا؟

س242: وهل يصلي بذلك الفرض فقط أم لا؟ ج/ بعض العلماء قال أنه إن لم يجد الماء ولم يستطيع التيمم بأنه يصلي الفرض فقط ولا يزيد في صلاته على ما يجزئ, فيقتصر في التسبيح في الصلاة على واحدة وهكذا, والراجح أن من عجز عن الطهارتين صلى بذلك الفرض والنفل, وله أن يزيد على ما يجزئ. وفي المختارات الجلية للسعدي قال: (والصحيح أن الذي يعجز عن الطهارتين ويصلي على حسب حاله أنه يصلي ما شاء من فروض ونوافل, ويزيد على ما يجزئ, لأنها كاملة في حقه لا نقص فيها, وليس للاقتصار على مجرد الواجبات نظير في العبادات يقاس عليه) (¬1). وجواز الزيادة على المجزئ هو اختيار الشيخ محمد بن إبراهيم كما في فتاويه (¬2). س243: ما حكم التسمية في التيمم؟ ج/ التسمية في التيمم على الصحيح أنها سنة وليست بواجبة, كما هو الحال بالنسبة للوضوء والغُسل وقد تقدم الكلام على ذلك (¬3). - فروض التيمم - أولاً: مسح الوجه, لقوله تعالى - فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ - (¬4) , وبالنسبة لشعر الوجه فيكفي في التيمم مسح ظاهره, قال السعدي رحمه الله: (أما التيمم فيكفي مسح ظاهر الشعر خفيفاً كان أو كثيفاً, في الحدث الأصغر أو الأكبر, وأما طهارة الماء فإن الحدث الأكبر لابد من إيصال الماء إلى باطن الشعر كظاهره ..) (¬5). ثانياً: مسح اليدين إلى الكوعين, لقوله تعالى - وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ - (¬6). ¬

(¬1) المختارات الجلية ص 26. (¬2) فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم 2/ 88 .. (¬3) راجع. (¬4) (المائدة: من الآية6). (¬5) الإرشاد ص16. (¬6) (المائدة: من الآية6).

س244: هل يمسح المتيمم ذراعيه؟

س244: هل يمسح المتيمم ذراعيه؟ ج/ مسح اليدين يكون إلى الكوع فقط, والدليل على ذلك قوله تعالى - وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ - واليد إذا أطلقت فالمراد بها الكف, بدليل قوله تعالى - وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا - (¬1) والقطع إنما يكون من الكف, ولحديث عمار بن ياسر وفيه أن النبي - قال - إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا, وضرب بيديه الأرض ومسح وجهه وكفيه - (¬2) , فمسح الكف فقط ولم يمسح الذراع. ثالثاً: من فروض التيمم الترتيب, وهو أن يبدأ بالوجه قبل اليدين, بدلالة الآية - فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ - , حيث بدأ بالوجه قبل اليدين. س245: ما الحكم لو كان في موضع من مواضع الطهارة جرح لا يستطيع غسله هل يتيمم له؟ ج/ الأصل أنه يجب عليه غسله فإن لم يستطع لتضرره بذلك, أو لكونه قد لف عليه خرقة فإنه يمسح عليه, فإذا لم يستطع غسله, ولا مسحه تيمم عنه. س246: وهل يشترط الترتيب بين الغُسل والتيمم؟ ج/ مثال ذلك: رجل في يده اليسرى جرح لا يستطيع غسله ولا مسحه, وقد تقدم بأن من كان هذه حاله فإنه يتيمم عن هذا القدر من العضو بعد غسل ما يقدر عليه, ولكن هل يلزم الترتيب بين الغسل والتيمم هنا بمعنى هل يقال إذا غسل ما يستطيع من يده اليسرى يتيمم عن ما لا يستطيع غسله ثم يكمل باقي وضوءه أم أن له أن يؤخر التيمم إلى انتهاء الوضوء؟ يقال الراجح في ذلك أنه لا يشترط هنا الترتيب بين الغسل والتيمم, بل يؤخر التيمم إلى ما بعد الوضوء حتى ولو كان الفاصل بينهما طويلاً, بل قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أن التيمم أثناء الوضوء بدعة (¬3). رابعاً: من فروض التيمم الموالاة: وهي ألاّ يؤخر مسح اليدين بعد مسح الوجه زمناً لو كانت الطهارة بالماء لجف الوجه قبل أن يُطهر اليدين, وعلل الفقهاء ذلك بأن التيمم بدل عن الماء والبدل له حكم المبدل, فإذا كانت الموالاة واجبة في الوضوء فكذلك في التيمم, وهذا هو الأولى أن يقال أن الموالاة واجبة في الطهارتين جميعاً إذ يبعد أن يقال لمن مسح وجهه أول الصبح ويديه عند الظهر أن هذه هي صورة التيمم المشروعة. ¬

(¬1) (المائدة: من الآية38). (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) أنظر الاختيارات ص 21.

س247: ما مبطلات التيمم؟

خامساً: تعيين النية لما تيمم له من حدث أو نجاسة, فلا تكفي نية أحدهما عن الآخر, وإن نواهما أجزأ. (هذا الشرط على قول المصنف رحمه الله). فيقال أما النية في التيمم لرفع الحدث فهذا ظاهر أنه لابد منه. لكن قوله: (أو نجاسة) تقدم أن الصحيح أن التيمم عن إزالة النجاسة ليس بصحيح (¬1). وأما نية رفع الحدث فهو على أقسام: 1 - أن ينوي بتيممه رفع الحدث, فهذا يرتفع حدثه الأصغر والأكبر. 2 - أن ينوي بتيممه رفع الحدثين إذا كان عليه حدثان, فهما يرتفعان. 3 - أن ينوي بتيممه رفع الحدث الأكبر فقط, فهل يرتفع حدثه ألصغر أم لا؟ على خلاف, والراجح أنه يرتفع. 4_أن ينوي بتيممه رفع الحدث الأصغر وعليه حدث أكبر, فهنا لا يرتفع الحدث الأكبر. س247: ما مبطلات التيمم؟ أولاً ما أبطل الوضوء أبطل التيمم: والمقصود بذلك نواقض الوضوء, وهذا ظاهر, لأن البدل له حكم المبدل. ثانياً وجود الماء: إذا كان تيممه لفقد الماء, فإذا كان قبل دخوله في الصلاة بطل تيممه بالإجماع, لعموم قول النبي - كما في حديث أبي ذر - الصعيد الطاهر وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين, فإذا وجده فليتقِ الله وليمسه بشرته (¬2) - , ولحديث عمران بن حصين الطويل وفيه قوله - للرجل الذي أصابته جنابة ولا ماء - عليك بالصعيد الطيب فإنه يكفيك - , ولما جاء الماء قال النبي - - خذ هذا وأفرغه عليك (¬3) - , قال ابن هبيرة في الإفصاح: (وأجمعوا على أن المحدث إذا تيمم ثم وجد الماء قبل الدخول في الصلاة فإنه يبطل تيممه) (¬4) , وأما إن كان وجود الماء إذا كان تيممه لفقد الماء في أثناء الصلاة فهذا سيأتي بيان حكمه إن شاء الله تعالى. ¬

(¬1) راجع. (¬2) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وقال " حديث حسن صحيح " وغيرهم. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) الإفصاح 1/ 90.

س248: إذا وجد الماء أو قدر على استعمال الماء وهو في الصلاة فهل يبطل تيممه أم لا؟

ثالثاً خروج الخروج: فلو تيمم لصلاة الظهر فخرج وقت الظهر بطل تيممه, وهذا على القول بأن التيمم مبيح, ولكن تقدم أن الراجح أن التيمم رافع (¬1) وباء على هذا فالراجح أن التيمم لا يبطل بخروج الوقت للأدلة الآتية: أ- قول الله تعالى بعد أن ذكر الطهارة بالماء والتراب - مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ (¬2) - , إذاً فطهارة التيمم طهارة تامة. ب- قوله - - وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً - (¬3) والطَهور بالفتح ما يتطهر به, وهذا يدل على أن التيمم مطهر ليس مبيحاً. ج- أنه بدل عن طهارة الماء, والبدل له حكم المبدل, فإذا كان المبدل وهو الماء لا يبطل بخروج الوقت فكذلك البدل وهو التيمم, وقال ابن القيم رحمه الله: (وكذلك لم يصح عنه التيمم لكل صلاة ولا أمر به, بل أطلق التيمم وجعله قائماً مقام الوضوء, وهذا يقتضي أن يكون حكمه, إلا ما اقتضى الدليل خلافه) (¬4). رابعاً زوال المبيح له: فإذا كان تيممه لعدم وجود الماء ثم وجده بطل تيممه, وإذا كان تيممه لعدم قدرته على استعمال الماء لمرض مثلاً ثم برئ بطل تيممه, وهذا ظاهر وصحيح. خامساً إذا خلع ما مسح عليه: مثاله, لو كان عليه خفان ثم تيمم إما لعدم الماء أو لعدم قدرته على استعمال, ثم خلع الخفين, قالوا فإن تيممه يبطل كالماء, لكن الصحيح أن خلع الخفين فإن طهارته لا تبطل على الراجح, وقد تقدم بيان ذلك (¬5) , فكذلك لو تيمم وعليه ما يمسح عليه ثم خلعه فإن تيممه لا يبطل. قال في المغني: (والصحيح أن هذا ليس بمبطل للتيمم " أي إذا خلع ما مسح عليه " وهذا قول سائر الفقهاء, لأن التيمم طهارة لم يمسح فيها عليه فلا يبطل بنزعه) (¬6). س248: إذا وجد الماء أو قدر على استعمال الماء وهو في الصلاة فهل يبطل تيممه أم لا؟ ج/ الراجح أن صلاته تبطل ويتوضأ ثم يعيد الصلاة من جديد, لعموم قوله تعالى - فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً - وهذا قد وجد الماء, ولعموم قوله - - فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته - , ولأن التيمم بدل فإذا وُجد زالت البدلية فيزول حكمها. ¬

(¬1) راجع. (¬2) (المائدة: من الآية6). (¬3) رواه البخاري ومسلم من حديث جابر. (¬4) زاد المعاد 1/ 200. (¬5) راجع. (¬6) المغني 1/ 350.

س249: إذا وجد الماء بعد الصلاة فهل يعيد صلاته أم لا؟

س249: إذا وجد الماء بعد الصلاة فهل يعيد صلاته أم لا؟ ج/ الصحيح أنه لا يعيد صلاته سواء خرج الوقت أم لم يخرج, وهذا بلإجماع كما هو في الإجماع لابن المنذر, والإفصاح (¬1). س250: ما صفة التيمم؟ ج/ صفة التيمم هي: أن ينوي الإنسان, أي ينوي استباحة ما تيمم له كفرض الصلاة من الحدث الأصغر أو الأكبر ونحوه, والنية ليست صفة إلا على سبيل التجوز, لأن محلها القلب, وهي شرط لصحة العمل وقبوله وإجزائه لقوله - - إنما الأعمال بالنيات - (¬2) , ثم يسمي, أي يقول بسم الله, وهي مستحبة كما تقدم. ثم يضرب التراب بيديه ضربة واحدة على الراجح من أقوال أهل العلم, لقوله - لعمار - إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا, ثم ضرب بيديه إلى الأرض ضربة واحدة, ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه - (¬3)., قال ابن القيم رحمه الله: (كان - يتيمم بضربة واحدة للوجه والكفين, ولم يصح عنه أنه تيمم بضربتين) (¬4) , وهل يفرج أصابعه أثناء الضرب أم لا؟ ظاهر حديث عمار المتقدم أنه لا يشترط أن يضرب بيديه الأرض ثم يمسح بهما وجهه وكفيه لحديث عمار بن ياسر الذي في الصحيح (¬5) , ثم يمسح وجهه بباطن أصابعه ويمسح كفيه براحتيه. وهل يخلل بين أصابعه ليصل التراب إلى ما بينهما أم لا؟ الراجح أنه لا يخلل, لظاهر حديث عمار, ولأن طهارة التيمم مبنية على التسامح, ولهذا كما تقدم لا يجب إيصال التراب إلى باطن الشعور الخفيفة بخلاف الوضوء. س251: إذا لم يجد الماء عند دخول الوقت ولكن يرجو وجوده في آخر الوقت فهل الأفضل أن يقدَّم الصلاة في أول الوقت أو يؤخرها حتى يجد الماء؟ ج/ يقال هنا تعارض أمران: الأول: تقديم الصلاة في أول الوقت. الثاني: الصلاة بطهارة الماء بدلاً عن التيمم. ¬

(¬1) الإجماع لابن المنذر 1/ 35, الإفصاح 1/ 90. (¬2) متفق عليه. (¬3) متفق عليه. (¬4) زاد المعاد 1/ 199. (¬5) الاختيارات ص 20.

س252: هل إذا تيمم للنافلة له أن يصلي بهذا التيمم الفريضة أم لا؟

ويترجح تأخير الصلاة في حالتين: الأولى: إذا علم عدم وجود الماء. الثانية: إذا ترجع عنده وجود الماء. ويترجح تقديم أول الوقت في ثلاث حالات: الأولى: إذا علم عدم وجود الماء. الثانية: إذا ترجح عنده عدم وجود الماء. الثالثة: إذا لم يترجح عنده شيء. وإذا كان يعلم وجود الماء فعلى القول الراجح أنه لا يلزمه التأخير ولا يتعين عليه, فالتقديم أفضل لعموم قوله - - أيما رجلٌ من أمتي أدركته الصلاة فليصلّ - , وأيضاً لأن علمه بذلك ليس أمراً مؤكداً, فقد يتخلف لأمر من الأمور وكلما كان الظن أقوى " أي بأنه سيجد الماء " كان التأخير أولى. وكذلك يقال: إذا دار الأمر بين أن يدرك الجماعة في أول الوقت بالتيمم أو يتطهر بالماء آخر الوقت فيجب عليه تقديم الصلاة أول الوقت بالتيمم لأن الجماعة واجبة. س252: هل إذا تيمم للنافلة له أن يصلي بهذا التيمم الفريضة أم لا؟ ج/ على قول من قال أن التيمم مبيح قالوا بأنه إذا تيمم لاستباحة عبادة لم يستبح ما فوقها وإنما يستبيح ما دونها فلو أنه تيمم حتى يلبث في المسجد لم يصح أن يصلي به نافلة لأنها فوقها, لكن على الراجح أن التيمم رافع وليس بمبيح (¬1) , فيقال بأنه إذا تيمم لاستباحة عبادة, استباح ما فوقها وما دونها فمن تيمم لصلاة نافلة صح أن يصلي بذلك فريضة, وصح بذلك أن يمس بهذا التيمم المصحف, وهذا القول هو الراجح. س253: هل يتيمم لما يسن له الوضوء أم لا؟ ج/ الصحيح أنه يسن ذلك لورود النص في ذلك - لأن النبي - تيمم لرد السلام - (¬2). وقد سبق ذكر مسألة ما تستحب له الطهارة وهي (¬3): 1 - عند قراءة القرآن. 2 - عند الذكر. 3 - عند الدعاء. 4 - عند الآذان. 5 - عند النوم. 6 - عند الغضب. 7 - بعد المعصية. ¬

(¬1) راجع. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) راجع.

س254: ما الخبث؟

- باب إزالة النجاسة - الطهارة الحسية إما أن تكون عن حدث وتقدم الحديث عنها, وإما أن تكون عن نجس وخبث وهي المقصودة هنا. س254: ما الخبث؟ ج/ الخبث عين مستقذرة شرعاً. وقولنا (عين) أي ليست وصفاً ولا معنى, وقولنا (شرعاً): أي الشرع الذي استقذرها, وحكم بنجاستها وخبثها, والنجاسة إما حكمية وإما عينية. س255: وما المراد بهذا الباب؟ ج/ المراد بهذا الباب النجاسة الحكمية: وهي التي تقع على شيء طاهر فينجس بها. وأما العينية: فإنه لا يمكن تطهيرها, فلو أتينا بماء البحر لتطهير روثه حمار مثلاً فإنها لا تطهر أبداً لأن عينها نجسة, إلا إذا استحالت على رأي بعض العلماء. س256: ما أقسام النجاسة؟ ج/ النجاسة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: 1. مغلظة ... 2. متوسطة. 3. مخففة. فالمغلظة: كنجاسة الكلب. والمتوسطة: هي ما عدا النجاسة المغلظة والمخففة. والمخففة: كبول الغلام الذي يأكل الطعام. س257: هل يجزئ في غسل النجاسات زوال عين النجاسة ولو كانت بغسله واحد أم لابد من التسبيع قياساً على ولوغ الكلب؟ ج/ الراجح أنه يجزئ في غسل النجاسات زوال عين النجاسة ولو كانت بغسله واحدة, فإن لم تزل إلا بغسلتين فغسلتين وهكذا. والدليل على ذلك: قول النبي - لما بال الأعرابي في المسجد - أريقوا على بوله ذنوباً من ماء - (¬1) , وإن كانت النجاسة ذات جُرم فلابد من إزالة الجُرم (كما لو كانت عذره أو دماً جفّ) ثم يتبع بالماء, ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث أنس.

س258: تقدم أن ولوغ الكلب يغسل سبعا إحداهن بالتراب ففي أي غسله يكون التراب؟

فإن أزيلت بكل ما حولها من رطوبة كما لو اجتثت فإنه لا يحتاج إلى غسل لأن الذي تلوث بالنجاسة قد أزيل. وفي الاختيارات الجليّة للسعدي (¬1): (والصحيح في غسل النجاسات كلها غير الكلب أنه يكفي فيها غسله واحدة تذهب بعين النجاسة) , وفي فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (¬2): (وهذا يعرف أن السبع مختص بنجاسة الكلب ولوغه وغيره, فبوله وعذرته أنجس من ريقه). فيستثنى من ذلك نجاسة الكلب فلابد من غسلها سبعاً إحداهن بالتراب إذا ولغ في الإناء. س258: تقدم أن ولوغ الكلب يغسل سبعاً إحداهن بالتراب ففي أي غسله يكون التراب؟ ج/ الأولى أن يكون التراب في الغسلة الأولى, لما يلي: أ) ورود النص بذلك. ب) أنه إذا جعل التراب في أول غسله خفت النجاسة, فتكون بعد أول غسله من النجاسات المتوسطة. ج) أنه لو أصاب الماء في الغسلة الثانية بعد التراب محلاً آخر غسل ستاً بلا تراب, ولو جعل التراب في الأخيرة وأصابت الغسلة الثانية محلاً آخر غسل ستاً أحدها بالتراب. س259: هل يُجزئ عن التراب في غسل نجاسة الكلب شيء آخر كالإشنان والصابون ونحو ذلك؟ ج/ على خلاف بين أهل العلم في ذلك والراجح أنه لا يجزئ لأمور: 1. أن الشارع نصّ على التراب فالواجب إتباع النص. 2. أن السدر والإشنان كانت موجودة في عهد النبي - ولم يُشر إليهما. 3. لعل في التراب مادة تقتل الجراثيم التي تخرج من لعاب الكلب. 4. أن التراب أحد الطهورين, لأنه يقوم مقام الماء في باب التيمم إذا عُدم الماء. قال النبي - - وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً - (¬3) , وعلى هذا فالصحيح أنه لا يُجزئ عن التراب غيره, لكن لو فرض عدم وجود التراب, وهذا احتمال بعيد فإن استعمال الإشنان, أو الصابون خير من عدمه. قال ابن قدامه رحمه الله: (إنما يجوز العدول إلى غير التراب عند عدمه, أو إفساد المحل المغسول .. وهذا قول ابن حامد) (¬4) أ. هـ. ¬

(¬1) ص 28. (¬2) 2/ 91. (¬3) رواه البخاري ومسلم من حديث جابر. (¬4) المغني 1/ 75.

س260: هل بول الكلب وروثه يغسل سبعا كولوغه؟

س260: هل بول الكلب وروثه يغسل سبعاً كولوغه؟ ج/ جمهور الفقهاء قالوا بأن روثه وبوله كولوغه بل هو أخبث, والنبي - نصّ (¬1) على الولوغ لأن هذا هو الغالب, وهذا القول هو الأحوط أنه يغسل من بوله وروثه سبعاً. س261: وهل تُلحق نجاسة الخنزير بنجاسة الكلب, أي أنها تُغسل سبعاً أم لا؟ ج/ الصحيح أنها لا تُلحق, لأن الخنزير مذكور في القرآن وموجود في عهد النبي - ولم يرد إلحاقه بالكلب, وعلى هذا فالصحيح أن نجاسته كنجاسة غيره. س262: هل يلزم غسل الصيد إذا أمسكه كلب الصيد أو صاد بفيه؟ ج/ إذا صاد كلب الصيد أو أمسك بفيه لا يلزم غسل الصيد سبع مرات إحداهن بالتراب, لأن صيد الكلب مبني على التيسير. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (إن هذا مما عفا عنه الشارع) (¬2). س263: هل يضر بقاء طعم النجاسة أو لونها أو ريحها بعد الغسل أم لا يضر ذلك؟ ج/ إذا غسل النجاسة فإن بقي اللون أو الرائحة فلا يضر ذلك, أما إذا كان الباقي هو الطعم فإن ذلك يضر لأنه يدل على بقاء العين, لما روى أن خولة بنت يسار قالت: يا رسول أرأيت لو بقي أثره؟ تعني الدم, فقال - يكفيك الماء ولا يضرك أثره - (¬3). س264: حكم بول الغلام الذي لم يأكل الطعام؟ ج/ ينضح بوله, والمراد بالنضح أن تتبعه الماء دون فرك أو عصر حتى يشمله كله, والدليل على ذلك حديث عائشة وأم قيس بنت محصن رضي الله عنهما أن النبي - - أتى بغلام فبال على ثوبه فدعاء بماء فنضخه ولم يغسله - (¬4). وفي تحفة المودود لابن القيم (¬5): (إنما يزول حكم النضح إذا أكل الطعام وأراده واشتهاه, تغذياً به). والضابط في أكله الطعام كما قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في فتاويه (¬6): (ليس المراد امتصاصه ما يوضع في فمه وابتلاعه, بل إذا كان يريد الطعام ويتناوله ويشرئب إليه, أو يصيح أو يشير إليه فهذا هو الذي يطلق عليه أنه يأكل الطعام) أ. هـ. ¬

(¬1) هو قول النبي - في حديث عبدالله بن مغفل قال (إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبعاً). (¬2) مجموع الفتاوى 21/ 65. (¬3) رواه أبو داود وصححه الألباني. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) ص 153. (¬6) 2/ 95.

س265: ما الحكمة من كونه يرش من بول الغلام ويغسل بول الجارية؟

س265: ما الحكمة من كونه يُرش من بول الغلام ويغسل بول الجارية؟ ج/ الحكمة هي كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في تحفة المودود (¬1): (وقد فرق بين الغلام والجارية بعدة فروق: 1. أن بول الغلام يتطاير وينتشر ههنا فيشق غسله, وبول الجارية يقع في موضع واحد فلا يشق غسله. 2. أن بول الجارية أنتن من بول الغلام, لأن حرارة الذكر أقوى, وهي تؤثر في إنضاج البول وتخفيف الرائحة. 3. أن حمل الغلام أكثر من حمل الجارية لتعلق القلوب به كما تدل عليه المشاهدة, فإذا صحت هذه الفروق وإلا فالمعول على التفريق السنة) أ. هـ. س266: ما كيفية تطهير الأرض إذا أصابتها النجاسة؟ ج/ إذا طرأت النجاسة على أرض فإنه يشترط لطهارتها أن تزول عين النجاسة أيّاً كانت ولو من كلب بغسلة واحدة فإن لم تُزل إلا بغسلتين, فغسلتان, وبثلاث فثلاث, والدليل على ذلك قول النبي - لما بال الأعرابي في المسجد قال - أريقوا على بوله ذنوباً من ماء - , ولم يأمر بعدد. وإن كانت النجاسة ذات جرم فلابد أولاً من إزالة الجرم كما لو كانت عِذرة أو دماً جفّ ثم يُتبعه الماء, فإن أزيلت بكل ما حولها من رطوبة كما لو اجتثت اجتثاثاً فإنه لا يحتاج إلى غسل, لأن الذي تلوث بالنجاسة قد أُزيل. س267: هل يُشترط إزالة النجاسة بالماء أم أنها تزول بأي مزيل؟ ج/على خلاف بين العلماء, والحنابلة يقولون لا يطهر متنجس ولو أرضاً بشمس ولا ريح ولا دلك. والصحيح في هذه المسألة أن النجاسة إذا زالت بأي مزيل زال حكمها. قال شيخ الإسلام: (وأما طين الشوارع فمبني على أصل وهو أن الأرض إذا أصابتها نجاسة ثم ذهبت بالريح أو الشمس أو نحو ذلك, هل تطهر الأرض؟ على قولين للفقهاء " إلى أن قال " أحدهما أنها تطهر, وهو مذهب أبي حنيفة وغيره, ولكن عند أبي حنيفة يُصلي عليها ولا يتيمم بها, وهذا القول هو الصواب لأنه قد ثبت في الحديث الصحيح عن ابن عمر - أن الكلاب كانت تقبل وتُدبر وتبول في مسجد رسول الله - ولم يكونوا يرشّون شيئاً من ذلك (¬2) - , ومن المعلوم أن النجاسة لو كانت باقية لوجب غسل ذلك, وهذا لا ينفي ما ثبت في الصحيح من أنه أمرهم أن يصبّوا على بول الأعرابي الذي ¬

(¬1) ص 152. (¬2) رواه البخاري.

س268: إذا استحالت النجاسة فهل تطهر أم لا؟

بال في المسجد ذنوباً من ماء فإن هذا يحصل به تعجيل تطهير الأرض, وهذا مقصود بخلاف ما إذا لم يُصب الماء فإن النجاسة تبقى إلى أن تستحيل) أ. هـ (¬1). ومن الأدلة على ذلك ما قاله الشيخ محمد العثيمين رحمه الله تعالى (¬2): (أن النجاسة عين خبيثة نجاستها بذاتها إذا زالت عاد الشيء إلى طهارته, ومن ذلك أيضاً أن إزالة النجاسة ليست من باب المأمور بل من اجتناب المحظور, فإذا حصل بأي سبب كان ثبت الحكم ولهذا يشترط لإزالة النجاسة نية. فلو نزل المطر على الأرض المتنجسة وزالت النجاسة طهرت) أ. هـ. س268: إذا استحالت النجاسة فهل تطهر أم لا؟ مثال ذلك: روث حمار أوقد به فصار رماداً. ج/ على خلاف بين العلماء: والراجح في ذلك أن النجاسة إذا انقلبت من عين إلى عين فإنها تطهر بذلك وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية (¬3) رحمه الله وابن القيم (¬4). كذلك للأدلة التالية: أ- أن الخمر إذا تخللت بنفسها أنها تطهر بالإجماع, وهذا على القول بأن نجاسة الخمر حسية, والصحيح أن نجاسة الخمر معنوية. ب- أن لبن البهيمة يخرج من بين فرث ودم ويتحول إلى طاهر ومع ذلك يجوز تناوله. ج- أن النطفة تنقلب إلى علقة أي قطعة دم والعلقة تنقلب إلى مضغة والمضغة تنقلب إلى إنسان ومع ذلك طاهراً, سواء كان مسلماً أو كافراً. س269: هل الخمرة إذا انقلب خلاً تطهر أم لا؟ ج/ الخمر اسم لكل مسكر هكذا فسره النبي - (¬5). والراجح أن الخمرة إذا انقلبت إلى خل سواء انقلبت بنفسها أو نتيجة معالجة فإنها تكون طاهرة, قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (¬6): (فقد اتفقوا كلهم على أن الخمر إذا صارت خلاً بفعل الله تعالى صارت حلالاً طيباً, وفي الافصاح (¬7): (واتفقوا على أن الخمر إذا انقلب خلاً من غير معالجة الآدمي طهر). ¬

(¬1) مجموع الفتاوى 21/ 479. (¬2) الشرح الممتع 1/ 362. (¬3) أنظر مجموع الفتاوى 21/ 70. (¬4) إعلام الموقعين 2/ 14. (¬5) من حديث ابن عمر - رواه مسلم. (¬6) مجموع الفتاوى 21/ 70. (¬7) 1/ 60.

س270: إذا خفي موضع النجاسة فهل يتحرى أم لا؟

س270: إذا خفي موضع النجاسة فهل يتحرى أم لا؟ ج/ مثال ذلك: أصابت النجاسة أحد كمي الثوب ولم يعرف أي الكمين أصابته, أو عُلمت موضع النجاسة ثم نُسيت. الصحيح هنا أنه لا بأس من التحري ولا يلزمه غسل الكمين جميعاً, لقوله - في الشك في الصلاة - فليتحرَ الصواب ثم ليتمَّ عليه (¬1) -. فإذا كان هناك مجال للتحري فالإنسان يتحرى, أما إذا لم يكن هناك مجال للتحري فإنه يُغسل حتى يُجزم زوال النجاسة. فالأحوال أربعة: 1. أن يجزم إصابة النجاسة للموضعين. 2. أن يجزم أنها أصابت أحدهما بعينه ففي هاتين الحالتين الأمر ظاهر يغسل ما أصابته النجاسة. 3. أن يغلب على الظن أنها أصابت أحدهما. 4. أن يكون عنده الاحتمالان سواء, ففي الحالة الثالثة والرابعة الصحيح أنه يتحرى فما غلب على ظنه أنها أصابته غسله. ¬

(¬1) أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن مسعود -.

س271: ما الدليل على طهارة الآدمي؟

- ضوابط الأشياء النجسة - أولاً: الخمر على قول الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, ولكن الصحيح في هذه المسألة, أنها ليست بنجسة بدليل حديث أنس - - أن الخمر لما حُرمت خرج الناس وأراقوها في الأسواق (¬1) - وأسواق المسلمين لا يجوز أن تكون مكاناً للنجاسة ولهذا يحرم على الإنسان أن يبول في الطريق ويصْيب فيها النجاسة. ثانياً: كل حيوان محرم الأكل فهو نجس يستثنى من ذلك ثلاثة أمور: أ- الآدمي. ب- ما لا نفس له سائلة. ج- ما يشق التحرز منه. ودليل ذلك: ما ورد في الصحيحين من حديث أنس أن النبي - قال - إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس - أي نجسه, فدل على أن علة التحريم كونها نجسة, فدل على أن كل محرم الأكل فهو نجس, وعلى هذا نجد العلماء رحمهم الله تعالى يقولون: وسباع البهائم والطير نجسة مثل الذئب والأسد وغيرها. س271: ما الدليل على طهارة الآدمي؟ ج/ دليل طهارة المسلم قوله - في حديث أبي هريرة قال رسول الله - - إن المؤمن لا ينجس (¬2) -. وأما دليل طهارة الكافر, فلأن الله أباح لنا طعام أهل الكتاب ونكاح نسائهم, كما قال تعالى - وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ - (¬3) , أما قوله تعالى - إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ - (¬4) , فالمراد هنا النجاسة المعنوية وليست النجاسة الحسية. س272: ما معنى (ما لا نفس له سائلة) وما دليل كونه طاهر؟ ج/ ما لا نفس له سائلة: أي إذا ذبحته فلا يخرج منه دم, مثل سائر الحشرات فهي طاهرة. ¬

(¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) (المائدة: من الآية5). (¬4) (التوبة: من الآية28).

س273: ما معنى (ما شق التحرز منه) وما الدليل على طهارته؟

والدليل على ذلك: قول الرسول - - إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء - (¬1) فدل على أن كل ما لا نفس له سائلة فهو طاهر. فائدة: بعض الناس قد يُنكر على من يقع الذباب في إنائه إذا لم يغمسه, وهذا غير صحيح, فالفقهاء رحمهم الله قالوا: (مراد ذلك إلى شهوة الإنسان إذا اشتهاه فعل ذلك, وإن لم يشتهيه فإنه لا يفعل ذلك, لأن بعض الناس لو فعل ذلك لترتب عليه مفسدة أكبر, فقد لا يتحمل ذلك فربما لو شرب هذا الشراب الذي غمس فيه الذباب تقياً, فإذا كان لا يطيق ذلك فإنه لا يفعل, لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح). س273: ما معنى (ما شق التحرز منه) وما الدليل على طهارته؟ ج/ ما يشق التحرز منه: مثل الهرة والفأر والحمار والبغل كلها طاهرة لأنه يشق التحرز منها, بدليل قول النبي - في الهرة - إنها ليست بنجس, إنها من الطوافين عليكم والطوافات - (¬2). والمراد بطهارة البغل أو الحمار ونحوهما مما يشق التحرز منه: أي طهارة العَرَق والريق وهذا كله طاهر. لكن يستثنى من ذلك ما استثناه الشارع: وهو الكلب, فهو كثير الطواف على الناس ومع ذلك قال النبي - - إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فلغسله سبعاً (¬3) - , وهذا عام يشمل كلب الحراسة والصيد وغيرهما. ثالثاً: كل ميتة نجسة, والدليل على هذا الضابط قوله تعالى - قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ - (¬4). ومن الأدلة أيضاً: أن النبي - مرَّ على ميتة يجرونها فقال النبي - - هلا انتفعتم بإهابها, فقالوا: إنها ميتة - (¬5). فهم عللوا على ذلك أنها ميتة, والذي دل على أنها نجسة إن النبي - أقرهم على ذلك, لأنه الأصل أن جلد الميتة نجس, لكن بين النبي - أنه إذا دبغ طهر. ¬

(¬1) أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة -. (¬2) رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وغيرهم من حديث أبي قتادة - , قال عنه الترمذي حديث حسن صحيح, والحديث صححه البخاري والدارقطني والعقيلي كما في التلخيص. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) (الأنعام: من الآية145). (¬5) أخرجه أحمد, وأبو داود والنسائي, والدارقطني قال في التلخيص صححه ابن السكن والحاكم.

س274: ماذا يستثنى من نجاسة الميتة؟ وما الأدلة على ذلك؟

س274: ماذا يستثنى من نجاسة الميتة؟ وما الأدلة على ذلك؟ ج/ يستثنى من ذلك ما يلي: أ- ميتة الآدمي. ب- ميتة ما لا نفس له سائلة. ج- ميتة البحر. الدليل على طهارة ميتة الآدمي: عموم قوله - - إن المؤمن لا ينجس - , ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما في قصة الذي وقصته ناقته بعرفة حيث قال - اغسلوه بما وسدر (¬1) - , وهذه الأدلة تدل على أن بدن الميت ليس بنجس, لأنه لو كان نجساً لم يفد فيه شيئاً, فالكلب لو غُسل ألف مره فإنه لا يظهر. والدليل على طهارة ما لا نفس له سائلة: قول الرسول - - إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء -. والدليل على طهارة ميتة البحر: قول الله عز وجل - أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ - (¬2). صيد البحر: هو ما خرج حياً وطعامه ما أخذ ميتاً. والصحابة أكلوا العنبر الذي قذفه البحر فأقرهم النبي - على ذلك (¬3). رابعاً: كل ما خرج من محرّم الأكل فهو نجس, ودليل هذا قول النبي - - استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه - (¬4). وكذلك النبي - مرَّ بقبرين فقال - إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير, أما أحدهما فكان لا يستتره من البول, وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة - (¬5). س275: ماذا يستثنى من هذا الضابط وما أدلة ذلك؟ ج/ يستثنى من ذلك ريق الآدمي وعرقه ومخاطه ولبن الآدمي ومنيه على القول الراجح وكذا دمعه, واستثنينا المخاط (النخامة) بدليل - أن النبي - تنخم في رداءه - (¬6). ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) (المائدة: من الآية96). (¬3) رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. (¬4) رواه الدارقطني. (¬5) رواه البخاري ومسلم. (¬6) رواه البخاري ومسلم, وأحمد نحوه بمعناه من حديث أبي هريرة -.

س276: ماذا يستثنى من هذا الضابط؟ وما دليل ذلك؟

واستثنينا الريق للآدمي: لأنه طاهر بدليل أن النبي - كان ينفث ولابد أن يخرج أثناء النفث ريق, ولم يقل النبي - أنه يجب التحرز منه وغسله. ويستثني من ذلك أيضاً: كل ما خرج من ما لا نفس له سائلة فهو طاهر, والدليل قول النبي - - إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء -. ويستثنى من ذلك أيضاً: عرق ما يشق التحرز منه وريقه ومخاطه ودمعه, لأن النبي - كان يركب الحمار, وصحابته رضي الله تعالى عنهم كذلك, ولا شك أنه يصيبهم من العرق والريق ولم يؤمروا بغسل ذلك فدل على طهارة هذه الأشياء مما يشق التحرز منه. خامساً: كل جزء انفصل من حيوان طاهر في حال الحياة ولو كان مأكولاً فهو نجس. مثال ذلك: شاة قطعت رجلها والشاة طاهرة في حال الحياة, فرجلها هذه نجاسة. وأيضاً: ما أُبِين من نجس في حال الحياة فهو نجس من باب أولى. وكذلك ما أُبِين من الهرة وغيرها. س276: ماذا يستثنى من هذا الضابط؟ وما دليل ذلك؟ ج/ يستثنى من ذلك: الشعر والصوف والوبر والريش والقرن والعظم, بدليل قوله تعالى - وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ (¬1) - , ولأن هذه الأشياء مما لا تحلها الحياة " أي ليس فيها دم سائل ". سادساً الدم, وهو على أقسام: أ- ما يخرج من حيوان البحر: طاهر. ب- ما يخرج من ما لا نفس له سائلة: كالذباب والبعوض .. فهذا طاهر. ج- الدم المسفوح: الذي يخرج من المذبح حال الذبح, فهذا نجس لقوله تعالى - أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ (¬2) - أي نجس. د- الدم الخارج من حيوان طاهر حال الحياة, , مثل لو جرحنا رجل شاة فخرج منها دم, فهو نجس, ومن باب أولى إذا كان الحيوان نجس في حال الحياة. ¬

(¬1) (النحل: من الآية80). (¬2) (الأنعام: من الآية145).

س277: ما حكم الدم الذي يخرج من الإنسان وقد تحول إلى قيح أو صديد؟

هـ- الدم الخارج من الفرج: فهذا نجس, بدليل حديث أسماء أن النبي - قال في دم الحيض يصيب ثوب المرأة - تحته ثم تقرصه بالماء, ثم تنضحه ثم تصلي فيه - (¬1). والدم الخارج من بقية أعضاء الإنسان, كالذي يخرج من الشجة أو الجرح, فهذا طاهر لأن الصحابة كانوا يصلون في جراحاتهم في القتال, وقد يسيل منهم الدم الكثير الذي ليس محلاً للعفو ولم يرد عن النبي - الأمر بغسله, ولم يروَ أنهم كانوا يتحرزون عنه تحرزاً شديداً, بحيث يحاولون التخلي عن ثيابهم متى وجدوا غيرها. س277: ما حكم الدم الذي يخرج من الإنسان وقد تحول إلى قيح أو صديد؟ ج/ القيح أو الصديد الذي يخرج من الفرج: نجس, لأن القيح والصديد هذا متكون من الدم, فالدم الذي يخرج من الفرج نجس وكذلك القيح والصديد, أما الذي يخرج من بقية البدن فهذا طاهر, فالقيح والصديد لهما حكم ما خرجا منه. ز- المسك وفأرتة: هذا طاهر, وهو يخرج من نوع من أنواع الغزلان يسمى غزال المسك, يقال أنهم إذا أرادوا استخراج المسك يركضونه فينزل منه دم من سرته فيربطون هذا الدم بخيط, فيترك فيتحول هذا الدم إلى مسك. ومعنى فأرته: أي جلدته, الجلدة التي تجمّع فيها الدم, والمسك وهو المتكون من الدم. ح- الدم الباقي بعد خروج النفس من حيوان مذكى: فهذا طاهر لأنه كسائر أجزاء البهيمة, وأجزاؤها حلال طاهرة بالتذكية الشرعية, وكذلك الدم كالدم القلب والكبد والطحال. س278: ما حكم الدم النجس إذا كان يسيراً؟ ج/ إذا أصاب البدن أو الثوب يسير من الدم النجس فإنه يعفى عنه, ويستثنى من ذلك الدم الخارج من السبيلين فلا يعفى عن يسيره, لأن النبي - لّما سألته النساء عن دم الحيض يصيب الثوب, أمر بغسله دون تفصيل كحديث أسماء السابق. س279: ما الحكم لو وطء الإنسان نجاسة؟ ج/ إذا وطئ على نجاسة فتيقن أنها نجاسة أو غلب على ظنه ذلك فيكفي مسحها كما يفعل بخفه إذا وطئ على نجاسة. قال ابن القيم رحمه الله (¬2): (الخف والحذاء إذا أصابته النجاسة أسفله أجزأ دلكه بالأرض مطلقاً .. لما روى أبو هريرة - - إذا وطء أحدكم بنعليه الأذى فإن التراب طهور - (¬3). ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) إغاثة اللهفان 1/ 146. (¬3) رواه أبو داود.

س280:ما تعريف الحيض في اللغة والاصطلاح؟

- مسائل في الحيض والاستحاضة - س280:ما تعريف الحيض في اللغة والاصطلاح؟ ج/ الحيض لغة: السيلان, يقال حاض الوادي إذا سال, ويقال حاضت الشجرة, إذا خرج منها شيء أحمر يشبه الدم. اصطلاحاً: دم طبيعة وجبلة, يخرج من الأنثى في أوقات معلومة. س281: ما حد الحيض بالنسبة للسنين بداية ونهاية؟ وما أدلة ذلك؟ وما وجه الدلالة منها؟ ج/ لا حد لأقل الحيض شرعاً بالنسبة للسنوات, فمتى ما رأت المرأة دم الحيض, فهو حيض سواء كان عمرها ثماني سنوات, أو تسع سنوات, أو أقل أو أكثر, وبه قال شيخ الإسلام (¬1). وأدلة ذلك ما يلي: أ- قوله تعالى - وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً (¬2) - , فالله تعالى علق الحكم بوجود الأذى, الذي هو الدم, فإذا وجد الأذى وجد حكم الحيض. ب- حديث عائشة رضي الله عنها - لما سئلت ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله - فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة - (¬3). ج- حديث عائشة أن النبي - قال - فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم, ثم صلي - (¬4). فالنبي - علق أحكام الحيض على إقباله وإدباره, دون النظر إلى سن معينة. فدل على أنه متى رؤي دم الحيض تركت من أجله الصلاة. أما نهايته بالنسبة للسنين فالراجح فيه: أنه لا يحد بسن محددة, فمتى ما رأت الدم " دم الحيض " فو حيض سواءً كان عمرها أربعين سنة, أو خمسين سنة, أو خمساً وخمسين, أو أكثر أو أقل, ولما تقدم من الأدلة على عدم تحديد أقل الحيض بسن معينة. فالخلاصة: أن دم الحيض بالنسبة للسنين لا حد لأقله, ولا لأكثره, فالحكم معلق بوجود دم الحيض, فمتى ما رأته المرأة فهو حيض تأخذ أحكام الحائضات, والله أعلم. ¬

(¬1) مجموع الفتاوى 19/ 237. (¬2) (البقرة: من الآية222). (¬3) رواه البخاري, ومسلم. (¬4) أخرجه البخاري , ومسلم.

س282: ما حد الحيض بالنسبة للأيام؟ وما الأدلة على ذلك؟ وما وجه الدلالة؟

س282: ما حدُّ الحيض بالنسبة للأيام؟ وما الأدلة على ذلك؟ وما وجه الدلالة؟ ج/ لا حد لأقل مدة الحيض وأكثره بالنسبة للأيام, فلو رأت المرأة دم الحيض يوماً وليلة, أو أكثر فهو حيض. للأدلة الآتية: 1 - قوله تعالى - وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ (¬1) - , فالله تعالى علق الاعتزال على وجود الأذى, فمتى ما وجد الأذى سواءً كان يوماً وليلة, أو أقل أو أكثر, وجب الاعتزال فدل على أن حكم الحيض معلق بوجود الأذى. 2 - حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال - فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم, ثم صلي - (¬2) , فالرسول - علّق أحكام الحيض على إقباله وإدباره, دون النظر إلى مدة معينة. 3 - حديث عائشة رضي الله عنها لما حاضت قال لها النبي - - افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري (¬3) - , فالنبي - علق أحكام الحيض على وجوده, ولم يعلق بمدة معينة. لكن المرأة إذا رأت الدم أقل من عادتها المعروفة, أو أكثر من عادتها, أن تحتاط في هذا الدم, وأن تنظر فيه, فقد لا يكون حيضاً إما لكونه شيئاً لا يعتبر أذى, أو دم عرق غير دم طبيعي, والله أعلم. س283: ما غالب المدة في أيام الحيض؟ ج/ غالب مدة الحيض ستة أيام أو سبعة في الشهر مرة واحدة , لقوله - لحمنة بنت جحش - تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة¸ثم اغتسلي وصلي أربعة وعشرين يوماً, أو ثلاثة وعشرين يوماً, كما يحيض النساء ويطهرن لميقات حيضهن وطهرهن (¬4) - وقد دل عليه أيضاً الاستقراء. والطب يقرر في الوقت الحاضر على أن الحيض لا يتكرر على المرأة في الشهر أكثر من مرة واحدة, والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) (البقرة: من الآية222). (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح وابن ماجه وعبد الرزاق وابن أبي شيبة, والشافعي في الأم, والدارمي, والحاكم, والدارقطني , والبيهقي, والطحاوي في المشكل, وحسنه البخاري وصححه النووي في المجموع, والحافظ في التلخيص, والبلوغ.

س284: بعض النساء ربما طهرت من حيضتها ثم عاودها الدم مرة أخرى بعد فترة قصيرة كعشرة أيام أو خمسة أيام مثلا فهل يعتبر هذا حيض أم لا؟

س284: بعض النساء ربما طهرت من حيضتها ثم عاودها الدم مرة أخرى بعد فترة قصيرة كعشرة أيام أو خمسة أيام مثلاً فهل يعتبر هذا حيض أم لا؟ ج/ في المسألة خلاف: المشهور من المذهب: أن أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوماً, وعلى هذا إذا طهرت من حيضتها ثم عاودها الدم مرة أخرى قبل ثلاثة عشر يوماً, فإنه لا يأخذ أحكام الحيض. ويرى آخرون من أهل العلم, وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله (¬1): أنه لا حد لأقل الطهر بين الحيضتين, لما يلي: أ- قوله تعالى - وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ (¬2) - فالله تعالى علق الاعتزال على وجود الأذى وقد وجد, فدل على أن الحيض معلق بوجود الأذى, دون النظر إلى مدة الطهر. ب- حديث عائشة رضي الله عنها, أن النبي - قال - فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم, ثم صلي - (¬3) , فالرسول - علق أحكام الحيض على إقباله, دون النظر إلى مدة الطهر. ج- وأيضاً يقال هذه التقديرات لم ترد في الكتاب والسنة ولو كانت معتبرة لينها الشارع, لأنه يتعلق بها أمور عظيمة كالصلاة والصيام والطلاق .. الخ, وعلى هذا فالصحيح أنه لا حد لأقل الطهر بين الحيضتين. س285: ما أكثر الطهر بين الحيضتين؟ ج/ لا حد لأكثر الطهر بين الحيضتين بالإجماع, فقد تجلس المرأة شهراً أو شهرين, أو أكثر لا يأتيها الحيض, ومن النساء من لا تحيض أبداً, ومن النساء من تجلس أربعة أشهر لا يأتيها الحيض, ثم يأتيها الحيض لمدة شهر كامل. س286: هل الحامل تحيض؟ ج/ اختلف العلماء في الحامل هل تحيض أم لا؟ ¬

(¬1) مجموع الفتاوى 19/ 237, الفروع 1/ 267, بدائع الفؤائد لابن القيم 4/ 64. (¬2) (البقرة: من الآية222). (¬3) أخرجه البخاري ومسلم.

س287: ما الحكم إذا طهرت المرأة قبل تمام عادتها؟ مثل أن تكون عادتها ستة أيام فترى الطهر لخمسة أيام مثلا.

والأقرب: ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة وأحمد, أن الحامل لا تحيض, وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها في الحامل ترى الدم, قالت - تغتسل وتصلي (¬1) - , ويعضد هذا أَّنه قول الأطباء في الوقت الحاضر. وعلى هذا فما تراه الحامل من دم لا تترك من أجله العبادات, فتصلي بعد غسل الفرج والتلجم والوضوء, وكذلك تصوم وغير ذلك من العبادات, ولا يُمنع زوجها من وطئها. لكن لو تيقنت الحامل أن هذا الدم النازل معها أنه دم حيض فإنها تعتبره حيضاً, قال الشيخ محمد بن إبراهيم في فتاويه (¬2): (والحبلى وما يصيبها في حال حبلها المعروف والصحيح أنه إذا كان بوقته وصفته فإنه حيض, أما الأشياء التي تضرب فهي تلحق بدم الفساد فإن الحبلى يعتريها شيء من الدم غير الحيض وهو ما يصيب الجنين مما تراق معه شيء من الدماء, وهذا هو الصحيح الذي يفتي به المحققون) أ. هـ. وفي رسالة الدماء الطبيعية للشيخ محمد بن عثيمين (¬3): (والصواب أنه حيض إذا كان على وجه المعتاد في حيضها, لأن الأصل فيما يصيب المرأة من الدم أنه حيض إذا لم يكن له سبب يمنع من كونه حيضاً, وليس في الكتاب والسنة ما يمنع حيض الحامل) أ. هـ. س287: ما الحكم إذا طهرت المرأة قبل تمام عادتها؟ مثل أن تكون عادتها ستة أيام فترى الطهر لخمسة أيام مثلاً. ج/ يجب عليها أن تغتسل, وتأخذ أحكام الطاهرات من وجوب العبادات وغيرها. ودليل ذلك: ما تقدم من الآية, وحديث عائشة رضي الله عنها في المسألة السابقة. س288: إذا تقدمت عادة المرأة كأن تكون في آخر الشهر, فرأت الدم في أوله, أو تأخرت كأن تكون أول الشهر, فرأت الدم آخره فما الحكم؟ ج/ تكون حائضاً, لما تقدم من الآية الكريمة, وحديث عائشة رضي الله عنها, ففيهما دلالة على أن المرأة متى رأت الأذى الذي هو دم الحيض أخذت أحكامه, والله أعلم. ¬

(¬1) مصنف عبد الرزاق, والأوسط لأبن المنذر 2/ 239, وسنن الدارمي. (¬2) 2/ 97. (¬3) ص 15.

س289: ما الحكم في الزيادة على دم العادة, كأن تكون عادة المرأة ستة أيام من كل شهر, فيستمر معها الدم سبعة أو ثمانية أيام؟

س289: ما الحكم في الزيادة على دم العادة, كأن تكون عادة المرأة ستة أيام من كلّ شهر, فيستمر معها الدم سبعة أو ثمانية أيام؟ ج/ فيه خلاف بين أهل العلم, والراجح أن هذه الزيادة حيض لقوله تعالى - وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً - (¬1) , فما دام الدم موجوداً, فالأذى موجود. ولحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال - فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة, وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي (¬2) -. فالنبي - علق أحكام الحيض على إقبال الحيض ووجوده, وهذا يشمل ما إذا زاد على عادة المرأة. هذا من حيث الجملة, لكن يجب على المرأة أن تحتاط في الدم إذا زاد على غالب عادتها, فقد لا يكون دم طبيعة, بل دم عرق لسبب من الأسباب, فتنظر فيه, والنبي - أرجع المستحاضة إلى عادتها, كما في حديث عائشة رضي الله عنها أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي - قالت - إني أستحاض فلا أطهر, أفادع الصلاة؟ فقال: لا, إن ذلك عرق, ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها, ثم اغتسلي وصلي - (¬3) , وفي قوله - لأم حبيبة - امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي (¬4) -. س290: ما حكم انقطاع الدم في زمن الحيض؟ ج/ إن كان الانقطاع مدة يسيرة كساعة وساعتين, ونصف يوم مثلاً, فلا عبرة به ويلحق بالحيض, لأن الدم ينقطع تارة, ويجري أخرى, وفي إيجاب الغسل على من تطهر ساعة أو ساعتين حرج ومشقة, وأما إن كان النقاء لمدة يوم فأكثر, فيحكم عليه بالطهر, وهذا اختيار ابن قدامة رحمه الله (¬5). مثال ذلك: امرأة عادتها مثلاً سبعة أيام أتاها الدم في اليوم الأول والثاني والثالث والرابع, وانقطع عنها في اليوم الخامس, ثم عاد الدم مرة أخرى في اليوم السداس والسابع, فما حكم ذلك اليوم؟ فيقال: أن النقاء إن كان مدة يسيرة كخمس أو ست ساعات مثلاً فحكمه حكم الحيض, وإن كان يوماً كاملاً فأكثر فحكمه حكم الطهر, فعلى هذا تغتسل وتصلي في ذلك اليوم وتأخذ أحكام الطاهرات, والله أعلم. ¬

(¬1) (البقرة: من الآية222). (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه البخاري. (¬4) رواه مسلم. (¬5) المغني 1/ 437.

س291: ما معنى الصفرة والكدرة؟

- حكم الصفرة والكدرة - س291: ما معنى الصفرة والكدرة؟ ج/ الصفرة: ماء كالصديد يعلوه صفره. والكدرة: ماء ممزوج بحمرة. س 292: ما حالات الصفرة والكدرة؟ ج/ الصفرة والكدرة لهما ثلاث حالات: 1 - أن تكون الكدرة والصفرة قبل الحيض فلا عبرة بهما. مثال ذلك: قبل نزول دم الحيض تأتي بعض النساء كدرة أو صفرة لمدة يوم أو يومين مثلاً, فلا عبرة بهما, وتنتظر حتى ينزل عليها الدم, وعلى هذا تصلي المرأة وتصوم, ولا تأخذ أحكام الحائضات, حتى ولو كان هناك قرينة لقرب نزول دم الحيض كأوجاع العادة ونحو ذلك, لما في صحيح البخاري - كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً (¬1) -. وأما كيفية تطهيرها فسيأتي بيان ذلك في أحكام المستحاضة. 2 - أن تكون الكدرة أو الصفرة في زمن العادة فحيض: مثال ذلك: امرأة عادتها ستة أيام مثلاً, يأتيها الدم في اليوم الأول والثاني, ثم في اليوم الثالث مثلاً ترى كدرة أو صفرة, ثم يعاودها الدم في اليوم الرابع, والخامس, والسادس, فهذه تأخذ أحكام الحيض, بمعنى أن الكدرة والصفرة " في مثل هذه الحالة " تأخذ حكم الحيض. 3 - أن تكون الكدرة أو الصفرة في آخر زمن الحيض: فإذا كان هذا بعد الطهر فلا عبرة بالكدرة والصفرة هنا, وتأخذ المرأة أحكام الطاهرات, فإذا رأت الدم وما يتبعه من كدرة وصفرة فهو حيض, وإذا طهرت سواء كانت تعرف طهرها بالنشاف أو بالقَصَّة البيضاء, فلا عبرة بالكدرة والصفرة بعد ذلك, لما في صحيح البخاري - كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً - , وفي أبي داود - بعد الطهر (¬2) -. ولما ثبت عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة أم المؤمنين أنها قالت - كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدرجة فيها الكرسف فيها الصفرة من دم الحيضة, فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء (¬3) - , فدل على أنها قبل الطهر حيض إذا لم تتطاول الصفرة أو الكدرة, بأن تكون الصفرة أو الكدرة مع دم الحيض كغالب عادة النساء أو قريب من ذلك, لأن النبي - أرجع المستحاضة إلى عادتها. ¬

(¬1) رواه البخاري من حديث أم عطية رضي الله عنها. (¬2) رواه أبو داود وعبد الله بن أحمد في مسائله والدارمي والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي والبيهقي. (¬3) علقه البخاري بصيغة الجزم, وأخرجه مالك في الموطأ وصححه النووي.

س293: بعض النساء تذكر أن الصفرة أو الكدرة تستمر معها إلى عشرة أيام أو اثنى عشر يوما, فما الحكم؟

س293: بعض النساء تذكر أن الصفرة أو الكدرة تستمر معها إلى عشرة أيام أو اثنى عشر يوماً, فما الحكم؟ ج/ إذا تجاوزت الصفرة أو الكدرة العادة الغالبة للنساء تغتسل وتصلي, وتأخذ حكم الطاهرات. س294: بعض النساء ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة أيام فقط, ثم ينقطع عنها الدم وتستمر معها الكدرة أو الصفرة, فما الحكم؟ ج/ الصفرة والكدرة هنا معتبرة, حتى تطهر أو تبلغ عادة غالب النساء, وهي ستة أيام أو سبعة, لأن النبي - أرجع المستحاضة إلى عادتها الغالبة لحديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أنها سألت النبي - - إني أستحاض, فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ فقال: لا. إن ذلك عرق, ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها, ثم اغتسلي وصلي - (¬1). وكذا فيما يظهر لو رأت المرأة دماً كعادة غالب النساء ستة أيام أو سبعة, ثم رأت صفرة أو كدرة, فلا عبرة لها, إلحاقاً لهذه الصفرة أو الكدرة بدم الاستحاضة, وقد تقدم أمر النبي - للمستحاضة أن تجلس قدر عادتها, ولتيقن وجوب الصلاة عليها. س295: ما علامة طهر الحائض؟ ج/ للطهر من الحيض علامتان: الأولى: القصة البيضاء: وهي عبارة عن سائل أبيض يقذفه الرحم آخر الحيض. الثانية: الجفاف بأن ينقطع عنها الدم, ولا تتغير معه القطنة إذا احتشت بها. - الأشياء التي تحرم بالحيض - يحرم بالحيض ما يلي: أولاً: الوطء في الفرج, فالوطء في الفرج في حال الحيض محرم ولا يجوز, لقوله تعالى - وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ - (¬2). ولقول النبي - في حديث أنس - أصنعوا كل شيء إلا النكاح - (¬3). ¬

(¬1) رواه البخاري. (¬2) (البقرة: من الآية222). (¬3) رواه مسلم.

س296: ما حكم الاستمتاع فيما عدا ما بين السرة إلى الركبة؟

س296: ما حكم الاستمتاع فيما عدا ما بين السرة إلى الركبة؟ ج/ الاستمتاع فيما عدا ما بين السرة إلى الركبة, أي ما تحت الركبة وفوق السرة جائز, وقد حكى الإجماع على ذلك. وظاهر حديث أنس السابق وهو قول النبي - - اصنعوا كل شيء إلا النكاح - أن الاستمتاع فيما بين السرة والركبة أي فوق الركبة, وتحت السرة دون الجماع أنه جائز فالتحريم لموضع الحيض, ولأن الأصل الحل, لقوله تعالى - إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ (¬1) -. لكن السنة كما قالت عائشة - كان النبي - إذا أراد أن يباشرها يأمرها أن تتزر (¬2) -. وفي سنن أبي داود - إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً - (¬3) , ومن يخشى على نفسه الوقوع في الوطء عليه أن يجتنب ذلك أي الاستمتاع فيما بين السرة والركبة. ثانياً: الطلاق, فيحرم في حال الحيض طلاق الزوجة, بدليل قوله تعالى - فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ - (¬4) , وطلاق المرأة في حال حيضها طلاق لغير العدة. س297: ما معنى طلاق المرأة في حال حيضها طلاق لغير العدة؟ ج/ أي أنها لا تشرع في العدة إذا طلقت حال الحيض, لحديث ابن عمر في الصحيحين أنه طلق امرأته وهي حائض فغضب النبي - وقال لعمر - مره فليراجعها حتى تطهر, ثم تحيض, ثم تطهر, ثم تحيض, ثم تطهر, فإن شاء أمسك وإن شاء طلق قبل أن يمس, فتلك العِدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء - (¬5) , فالحديث بّين معنى قوله تعالى - فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ - فدل على أن الطلاق إنما يكون في حال طهر قبل أن يمس, فالطلاق في حال الحيض محرم. ثالثاً: الصلاة, يحرم على الحائض أن تصلي وهي حائض ولا تجب عليها, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت - كنا نؤمر بقضاء الصوم, ولا نؤمر بقضاء الصلاة - (¬6) ¬

(¬1) (المؤمنون: من الآية6). (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه أبو داود. (¬4) (الطلاق: من الآية1). (¬5) رواه البخاري ومسلم. (¬6) سبق تخريجه.

س298: ما الحكم لو أن امرأة أدركت من أول الوقت مقدار ركعة كاملة بسجدتيها بأن مضى مقدار ركعة من الوقت أي بعد دخوله, ثم حاضت قبل أن تصلي؟

س298: ما الحكم لو أن امرأة أدركت من أول الوقت مقدار ركعة كاملة بسجدتيها بأن مضى مقدار ركعة من الوقت أي بعد دخوله, ثم حاضت قبل أن تصلي؟ ج/ إذا طهرت يجب عليها قضاء هذه الصلاة التي أدركت من أول وقتها مقدار ركعة, لحديث أبي هريرة أن النبي - قال - من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة - (¬1). وهذا أحوط من قول شيخ الإسلام: أنه لا يجب على الحائض قضاء الصلاة, إلا إذا أخرت الصلاة حتى تضايق وقتها بحيث لم يبق مقدار ما تصلي فيه, ثم حاضت, فيجب عليها القضاء. س299: ما الحكم لو أن المرأة طهرت قبل خروج الوقت بمقدار ركعة؟ ج/ تبادر بالاغتسال وتقضي هذه الصلاة حتى ولو خرج الوقت وهي تغتسل, لحديث أبي هريرة السابق. س300: لو أدركت المرأة من وقت العصر مقدار ركعة قبل خروج الوقت, فهل يجب عليها ما يجمع معها وهي صلاة الظهر, وكذا لو أدركت من وقت العشاء مقدار ركعة قبل خروج الوقت فهل يجب عليها ما يجمع معها وهي صلاة المغرب أم لا؟ ج/ المسألة على خلاف, والأقرب أنه لا يجب عليها إلا الصلاة التي أدركتها, لحديث عائشة رضي الله عنها - كنا نؤمر بقضاء الصوم, ولا نؤمر بقضاء الصلاة -. ومما يعضد ذلك أن القائلين بوجوب ما يجمع معها كالحنابلة مثلاً يقولون لو أن المرأة بعد ما دخل وقت صلاة الظهر أو المغرب, وقد مضى مقدار ما تدرك به الصلاة, ثم حاضت قبل أن تصلي, فإنه لا يجب عليها إذا طهرت إلا تلك الصلاة التي أدركت, أي صلاة الظهر, أو المغرب, دون العصر والعشاء, الله أعلم. فيقال: فكذلك إذا طهرت قبل خروج وقت العصر بمقدار ركعة, أو العشاء قبل نصف الليل, فلا يجب عليها إلا صلاة العصر وصلاة العشاء. رابعاً: الصوم, وهذا بالإجماع, فالمرأة إذا حاضت حرم عليها الصوم ولو صامت فصيامها غير صحيح, لحديث أبي سعيد الخدري أن النبي - قال - أليس إذا حاضت لم تصلِ, ولم تصمْ؟ - (¬2). وأيضاً يجب عليها القضاء بالإجماع, لحديث عائشة رضي الله عنها - كنا نؤمر بقضاء الصوم, ولا نؤمر بقضاء الصلاة - (¬3). ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) سبق تخريجه.

س301: ما الحكم لو أن المرأة أحست بانتقال الدم قبل الغروب, ولم يخرج إلا بعد الغروب؟

س301: ما الحكم لو أن المرأة أحست بانتقال الدم قبل الغروب, ولم يخرج إلا بعد الغروب؟ ج/ صيامها صحيح, ولو أنه خرج قبل الغروب ولو بلحظة واحدة فصيامها غير صحيح, ويلزمها قضاء ذلك اليوم. س302: لو أن المرأة خرج الدم منها بعد الغروب وقبل الصلاة؟ ج/ صيامها في ذلك اليوم صحيح, لكن يلزمها قضاء تلك الصلاة إذا طهرت, إذا كانت أدركت من أول الوقت مقدار ركعة, كما تقدم. س303: ما الحكم فيمن طهرت قبل الفجر بلحظة واحدة؟ ج/ لو طهرت قبل الفجر بلحظة واحدة صح صيامها, ولو لم تغتسل إلا بعد الفجر, ولو أنها طهرت بعد الفجر بلحظة واحدة لم يصح صومها. خامساً: مس المصحف, ليس للحائض أن تمس المصحف إلا من وراء حائل, لما رواه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده - أن النبي - كتب إلى أهل اليمن كتاباً وفيه: وأن لا يمس القرآن إلا طاهر (¬1) -. قال شيخ الإسلام: (قال أحمد: لا أشك أن النبي - كتبه له) (¬2) , وأيضاً لما في الموطأ بإسناد صحيح عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص وقال - كنت أمسك المصحف لسعد فاحتككت , فقال: لعلك مسست ذكرك! قلت: نعم. فقال: قم فتوضأ (¬3) - , فيدل على أن المحدث ليس له أن يمس القرآن حتى يتطهر, والحائض محدثة, وهذا هو قول أكثر أهل العلم, وهو الراجح. س304: الحائض هل تقرأ شيئاً من القرآن أم لا؟ ج/ فيه خلاف بين أهل العلم: والراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله: أن الحائض لها أن تقرأ القرآن, لعمومات الأمر بقراءة القرآن, كقوله تعالى - اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ (¬4) -. ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت - كان النبي - يذكر الله على كل أحيانه (¬5) -. ولعدم ثبوت النهي عن قراءة القرآن للحائض, والأصل الأمر بذلك, قال شيخ الإسلام: (ومن المعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله - ولم يكن ينهاهن عن قراءة القرآن, كما لم يكن ينهاهن عن أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله - ولم يكن ينهاهن عن قراءة القرآن, كما لم يكن ينهاهن عن ¬

(¬1) أخرجه مالك في الموطأ, والنسائي, وابن حبان والدارقطني, والدارمي في السنن, والحاكم في المستدرك. (¬2) مجموع الفتاوى 21/ 266. (¬3) رواه مالك في الموطأ رقم 92. (¬4) (العنكبوت: من الآية45). (¬5) رواه مسلم.

س305: ماذا تفعل من جاءها الحيض وهي لم تطف طواف الإفاضة؟

الذكر والدعاء, بل أمر الحّيض أن يخرجن يوم العيد فيكبرن بتكبير المسلمين, وأمر الحائض أن تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت تلبي وهي حائض, وكذلك المزدلفة ومنى وغير ذلك من المشاعر, وأما الجنب فلم يأمره أن يشهد العيد ولا يصلي ولا يقضي شيئاً من المناسك. فعلم أن الحائض يُرخص لها فيما لا يُرخص للجنب, وإن كانت عدتها أغلظ فكذلك قراءة القرآن لم ينهها الشارع عن ذلك) أ. هـ (¬1). سادساً: الطواف, لا يجوز للحائض أن تطوف بالبيت, لقوله - لعائشة - افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت (¬2) - , ولما قيل له - - إن صفية قد حاضت, قال: أحابستنا هي؟ قيل له: إنها قد أفاضت, قال: فلتنفر إذاً - (¬3). س305: ماذا تفعل من جاءها الحيض وهي لم تطف طواف الإفاضة؟ ج/ تنتظر حتى تطهر, أو ترجع إلى بلدها وتبقى عل إحرامها, فإذا طهرت رجعت إلى مكة وطافت, فإذا لم يتيسر لها ذلك أي أن رفقتها لا يمكن أن ينتظروها وإذا سافرت إلى بلدها لا تستطيع الرجوع طافت للضرورة بعد ما تستنفر ولكن يُقيد ذلك بالضرورة, والواجب عدم التساهل في ذلك. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كما في الاختيارات (¬4): (يجوز للحائض الطواف للضرورة). سابعاً: اللبث في المسجد. س306: هل يجوز للحائض اللبث في المسجد إذا أمنت تلويثه؟ ج/ يحرم على الحائض اللبث في المسجد حتى لو أمنت تلويثه, للأدلة الآتية: أ- قوله - لعائشة لما حاضت - افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي في البيت حتى تطهري (¬5) -. ب- قوله - لعائشة - ناوليني الخمرة من المسجد فقالت إني حائض, فقال: إن حيضتك ليست في يدك (¬6) -. ج- ما ورد في حديث صفية السابق, قال - - أحابستنا هي؟ قالوا: لا, قال: فلتنفرد إذاً -. د- حديث عائشة رضي الله عنها قالت - كن المعتكفات إذا حضن أمر رسول الله - بإخراجهن من المسجد (¬7) -. ¬

(¬1) مجموع الفتاوى 21/ 460. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) الاختيارات ص27. (¬5) متفق عليه. (¬6) رواه مسلم. (¬7) عزاه ابن قدامة في المغني, لأبي حفص العكبري, وابن مفلح في الفروع, وقال إسناد جيد.

س307: ما شروط إيجاب الكفارة في وطء الحائض؟

ثامناً: المرور في المسجد إن خافت تلويثه. الحائض إذا دخلت المسجد لحاجة ثم خرجت, فلا بأس بذلك بشرط أن تأمن تلويثه, أما إذا لم تأمن تلويثه فلا يجوز لها حتى المرور في المسجد. - الكفارة في وطء الحائض مقدارها وشروط إيجابها - لا خلاف أنه يحرم على الزوج وطء زوجته في حال حيضها كما تقدم, ويحرم عليها هي أن تمكنه من نفسها, وإن وطئها وجبت عليه كفارة. وهذا من مفردات الحنابلة, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية, وابن القيم, ودليل ذلك: حديث ابن عباس أن النبي - قال - في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار أو نصف دينار - (¬1) , وقد ثبت هذا عن ابن عباس موقوفاً لا مرفوعاً. مقدار الكفارة: دينار, أو نصف دينار يخير بينهما. والدينار يساوى مثقالاً, والمثقال يساوي الآن بالغرامات (4،25) غرامات, فيخرج هذه الغرامات أو نصفها أو قيمة ما سبق. س307: ما شروط إيجاب الكفارة في وطء الحائض؟ ج/ شروط إيجاب الكفارة هي: 1 - أن يكون مختاراُ, فإن كان مكرهاً فلا كفارة عليه, ولا إثم, لقوله تعالى - إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ - (¬2) , فلو أكره الزوج زوجته على الجماع حال الحيض, ولم تطاوعه فلا شيء عليها, وكذا لو أكرهته هي. 2 - أن يكون ذاكراً, فإن كان ناسياً فلا شيء عليه, لقوله - - إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما أستكرهوا عليه - (¬3). 3 - أن يكون عالماً فإن كان جاهلاً للحال, أي لم يعلم أنها حائض, أو كان جاهلاً للحكم الشرعي, أي أنه لا يعلم أن وطء الحائض حرام, فلا كفارة عليه. ¬

(¬1) رواه أبو داود, وقال هكذا الرواية الصحيحة والنسائي وابن ماجه وأحمد والحاكم والبيهقي احتج به الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم, وقال شيخ الإسلام: حتى ولو لم يثبت هذا الحديث لكان مقتضى الشرع إيجاب الكفارة لأنه وجبت الكفارة حال الوطء في حال الإحرام وفي نهار رمضان فكذلك هنا. (¬2) (النحل: من الآية106). (¬3) رواه ابن ماجه وابن حبان والطبراني في الصغير وابن عدي والطحاوي في الشرح والحاكم والدارقطني والبيهقي وابن حزم في الإحكام.

أما إن كان جاهلاً أن عليه كفارة, أي يعلم أنها حائض ويعلم أن وطء الحائض حرام, ولكن يجهل أن عليه كفارة فهنا لا يعذر وتجب عليه الكفارة. والمرأة عليها كفارة مستقلة أيضاً إذا توفرت فيها الشروط السابقة, بأن كانت ذاكرة مطاوعة للزوج وعالمة بأنها حائض, وأن وطء الحائض محرم.

س308: ما تعريف الاستحاضة؟

- أحكام المستحاضة - س308: ما تعريف الاستحاضة؟ ج/الاستحاضة: استفعال من الحيض وهو دم يخرج من عرق يقال له العاذل. والمذهب: أن المستحاضة هي من جاوز دمها خمسة عشر يوماً. والقول الثاني للحجاوي: أن المستحاضة هي من رأت دماً لا يصلح أن يكون دم حيض ولا نفاس. وهذا هو الأقرب. فيشمل من استمر عليها الدم فلم ينقطع عنها أبداً, أو انقطع مدة يسيرة, ويشمل من ترى دماً في غير أيام عادتها, لا يصلح أن يكون حيضاً, والله أعلم. س309: ما الفرق بين دم الحيض وبين دم الاستحاضة؟ ج/ ذكر العلماء فروقاً بين دم الحيض, والاستحاضة كما يلي: 1. الفرق الأول في صفة الدم: فدم الحيض يميل إلى السواد, وأما دم الاستحاضة فهو أحم, يميل إلى الصفرة. 2. دم الحيض ثخين, وأما دم الاستحاضة فهو رقيق. 3. دم الحيض له رائحة كريهة, بخلاف دم الاستحاضة فلا رائحة له. 4. دم الحيض يخرج من أقصى الرحم, وأما دم الاستحاضة فهو يخرج من أدنى الرحم من عرف يقال له العاذل. 6. دم الحيض لا يتجمد إذا ظهر, لأنه تجمد في الرحم, ثم انفجر, وأما دم الاستحاضة فيتجمد إذا ظهر. س310: ما أحوال المستحاضة؟ وما أحكامها؟ وما أدلة ذلك؟ ج/ المستحاضة لها أحوال وهي: الأولى: أن تكون معتادة. مثال ذلك: امرأة لها حيض معتاد من أول الشهر إلى اليوم السادس, ثم أطبق عليها الدم بعد ذلك واستمر معها, فهذه ترجع إلى عادتها, أي تجلس من (1 - 6) ثم تغتسل, ويصبح حكمها حكم الطاهرات, إلا في بعض المسائل, كما سيأتي بيانه, ولو كان الدم ما زال مستمراً معها.

ودليل هذا القسم: حديث عائشة, وفي قوله - لأم حبيبة - امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي (¬1) -. الثانية: أن تكون المرأة لها عادة ولها تمييز صالح. بمعنى أن لها عادة, في أول الشهر مثلاً, وترى دماً متميزاً صالحاً, لكونه حيضاً وسط الشهر, أو آخره, فهذه ترجع إلى عادتها, أو إلى تمييزها؟ في المسألة خلاف بين أهل العلم, فالمذهب أنها ترجع إلى عادتها حتى لو كانت تميز الدم, فعلى هذا تجلس عادتها, فلو كانت عادتها مثلاً ما بين (1 - 5) فإنها تجلس هذه الفترة, ثم تغتسل بعد ذلك وتأخذ أحكام الطاهرات, إلا في بعض المسائل, كما سيأتي بيانه إن شاء الله. والدليل على ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم, ولأنه أضبط لها, لأن التمييز قد يضطرب عليها. الثالثة: أن تكون لها عادة وتمييز لكنها نسيت عادتها. بمعنى أنها لا تدري متى عادتها وهل هي في أول الشهر أو في وسطه, أو في آخره, ولكنها ترى دماً متميزاً, فمثلاً ما بين (20 - 25) ترى دماً أسوداً ثخيناً, فهذه ترجع للتمييز وتجعله عادة لها, ثم تغتسل بعد هذا الدم المتميز. وإن لم يكن لها تمييز, وقد نسيت زمن عادتها فلا تدري هي في أول الشهر, أو في وسطه, أو آخره, فهذه تجلس كعادة قريباتها من أول يوم رأت الدم, ثم بعد ذلك تغتسل. الرابعة: ألا تكون لها عادة. أي جاء معها الدم أول مرة, واستمر معها, فلم يكن لها عادة سابقة, وتسمى المبتدأة, فإن كان لها تمييز صالح رجعت إليه وأخذت به, وإن لم يكن لها تميز صالح أخذت بعادة نسائها, أي من تشابهها من أقاربها في السن والخلقة, فإذا كانت قريبتها عادتها ستة أيام مثلاً أخذت بذلك, وجلست ستة أيام من حين رأت الدم. ودليل ذلك: حديث عائشة رضي الله عنها, أن النبي - قال لأم حبيبة - امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي - , فالنبي - أرجع المستحاضة لعادتها, وهذه لا عادة لها, فتأخذ بعادة قريباتها. ¬

(¬1) رواه مسلم من حديث عائشة.

س311: هل المستحاضة تأخذ حكم الطاهرات في كل الأحكام أم لا؟

س311: هل المستحاضة تأخذ حكم الطاهرات في كل الأحكام أم لا؟ ج/ المستحاضة حكمها حكم الطاهرات إلا أنها تخالفها في أحكام هي: الحكم الأول: وقت وضوء المستحاضة, في المسألة خلاف, فالمذهب أنها تتوضأ في وقت كل صلاة, لقوله - في حديث عروة عن عائشة قالت - جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي - فذكرت خبرها, قال: اغتسلي ثم توضئي لكل صلاة - (¬1) , أي لوقت كلّ صلاة , ولأمر النبي - فاطمة بنت أبي حبيش بغسل دم الاستحاضة عنها مع الصلاة, وهي في الصحيحين كما سيأتي. مثال ذلك: إذا دخل عليها وقت المغرب مثلاً, فإنها تتوضأ, ثم , ثم بعد ذلك تصلي فيه ما شاءت من الفرائض والنوافل, فتصلي المغرب والسنة الراتبة, وتمس القرآن وتفعل العبادات المطلقة في وضوئها هذا, فإذا دخل وقت العشاء عليها, فإن أرادت أن تصلي الفريضة فلابد أن تتوضأ مرة أخرى. والقاعدة في ذلك: أن كل عبادة مؤقتة إذا دخل وقتها, فإنها تتوضأ لها, وإذا خرج وقتها فالطهارة لا تبطل, فلها أن تفعل العبادات غير المؤقتة بالوضوء السابق. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (أن الأحداث اللازمة كدم الاستحاضة, وسلس البول لا تنقض الوضوء ما لم يوجد المعتاد, وهو مذهب مالك. ولكن رأي الجمهور كأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل. .إلى أن قال: فلهذا أظهر قولي العلماء أن مثل هؤلا يتوضئون لكل صلاة أو لوقت كل صلاة) (¬2). ولكن الراجح هو أنه: لا يلزم المستحاضة أو من حدثه دائم الوضوء بحدث الاستحاضة ونحوه ما لم يوجد الحدث المعتاد. وأما قوله - - ثم توضئي لكل صلاة - فهذا لا يثبت مرفوعاً إلى النبي -. الحكم الثاني: وطء المستحاضة, جماع المستحاضة مباح, وهو قول أكثر الفقهاء. للأدلة الآتية: أ- قوله تعالى - فَاتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ - (¬3) , وهذا يشمل المستحاضة. ب- أن سبع عشرة امرأة في عهد النبي - استحضن ومع ذلك لم يأمر النبي - أزواجهن باعتزالهن. ج- ما رواه عكرمة أن حمنة بنت جحش كانت تستحاض وكان زوجها يجامعها (¬4). ¬

(¬1) رواه الترمذي وقال " حديث حسن صحيح " وأبو داود والنسائي, بلفظ (فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي) , وأحمد وابن ماجة والبيهقي , قال الألباني: حديث صحيح. (¬2) كما في مجموع الفتاوى 21/ 221. (¬3) (البقرة: من الآية223). (¬4) رواه أبو داود وقال النووي: وسنده حسن المجموع 2/ 372.

د- أن الأصل براءة الذمة, وحل الاستمتاع بين الزوجين. الحكم الثالث: أن المستحاضة إذا أرادت أن تتوضأ فإنها تغسل عنها أثر الدم, لأنه نجس, لقول النبي - لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها لما قالت له - إني امرأة استحاض فلا أطهر, أفأدع الصلاة؟ فقال رسول الله -: لا, إنما ذلك عرق, وليس بحيض, فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي - (¬1). فالنبي - حكم بأن هذا الخارج من الفرج دم عرق, ثم أمر بغسل هذا الدم عند الصلاة, عند إدبار الحيضة أي زمنها, لوجود الصلاة مع حكمه - أولاً على جميع الدم أنه دم عرق, والله أعلم. وتتحفظ لقول النبي - لأسماء بنت عميس لما ولدت - اغتسلي , واستنفري, وأحرمي - (¬2). ويعضد ذلك قوله - لحمنة بنت جحش - أنعت لكِ الكرسف - (¬3) , والكرسف: هو القطن, ولئلا تتلوث بهذا الدم الذي أمر النبي - بغسله. واستعمال المرأة للماء في كل وقت صلاة فيه فائدة طبية, وهو أنه ينشف العروق فيؤدي ذلك إلى توقف الدم. ولكن بعض النساء قد يضرها غسل فرجها لكل صلاة, فهذه يقال لها تنشفه بالقطن, ولا يلزمها غسله مع الضرر. الحكم الرابع: أن المستحاضة يستحب لها أن تغتسل لكل صلاة, عند بعض العلماء لفعل أم حبيبة لما استحيضت. الحكم الخامس: يجوز للمستحاضة الجمع بين الصلاتين الظهر مع العصر, والمغرب مع العشاء, لأن الاستحاضة نوه مرض فأبيح لها أن تجمع بين الصلاتين لمشقة وضوئها لكل صلاة والله تعالى أعلم. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أبو داود, والترمذي وأحمد.

س312: ما تعريف النفاس في اللغة والاصطلاح؟

- أحكام المستحاضة - س312: ما تعريف النفاس في اللغة والاصطلاح؟ ج/ النفاس لغة: مأخوذ من التنفس الذي هو خروج النفس من الرئة بعد إدخاله. النفاس اصطلاحاً: هو دم يخرج من الرحم بعد الولادة أو مع الولادة أو قبلها بزمن يسير, وعلى هذا القول نقول أن ما تراه المرأة من الدم حال الولادة له ثلاث حالات: 1 - ما تراه من الدم مع الولادة فهذا دم نفاس. 2 - ما تراه بعد الولادة هذا نفاس, إذا وضعت في القسمين الأولين ما تبين فيه خلق إنسان, فعلى هذا لو أن المرأة رأت الدم مع الولادة أو بعد الولادة لكنها وضعت قطعة لحم لم يتبين فيها خلق إنسان فإنه ليس بنفاس. 3 - ما تراه قبل الولادة, فبعض النساء يأتيها الطلق قبل الولادة ومعه دم. س313: هل نحكم على من أتاها دم مع الطلق قبل الولادة أنه دم نفاس أم تأخذ حكم الطاهرات؟ ج/ فيه خلاف بين أهل العلم: والأقرب أن ما تراه المرأة من الدم مع القرينة وهو وجود الطلق فإنه دم نفاس ولو زاد على ثلاثة أيام خلافاً لمن قيده بزمن يسير كيومين أو ثلاثة. قال السعدي رحمه الله كما في الفتاوى السعدية (¬1): (صريح كلام الفقهاء أن ما تراه النفساء قبل الولادة بأكثر من ثلاثة أيام دم فساد وليس بنفاس ولو مع وجود الأمارة وفي هذا نظر .. وليس تحديد الثلاثة منصوصاً عليه .. ثم ذكر رحمه الله: أن الأولى أن الدم الخارج بسبب الولادة ولو زاد على ثلاثة أيام أنه نفاس) أ. هـ. لكن المرأة التي يخرج منها الماء قبل الولادة هذا ليس بنفاس وهو طاهر يعني لا يلزم غسله ولا غسل الفرج وتأخذ حكم من به سلس البول وقد تقدم حكم من به حدث غير معتاد كسلس البول ونحوه. ¬

(¬1) الفتاوى السعدية ص51.

س314: هل هناك مدة محددة لأقل النفاس وأكثره؟

- أقل النفاس وأكثره - س314: هل هناك مدة محددة لأقل النفاس وأكثره؟ ج/ النفاس لا حد لأقله لأنه لم يرد تحديده فرفع إلى الوجود وقد وجد قليلاً وكثيراً, فلا حد لأقله بالنسبة للدم ولا بالنسبة للوقت. وقد ذكر العلماء أن المرأة قد تلد بلا دم فلو أن المرأة ولدت بدون دم فإنها طاهر تجب عليها الصلاة والصوم فهي تأخذ حكم الطاهرات. ولا يجب عليها الاغتسال لكن تتوضأ وضوءً, لأنه شيء خرج من السبيلين وعلى كل حال أقله لا حد له وهذا هو الصحيح. أما أكثره: فالسنة كما في حديث أم سلمة - كانت النفساء على عهد النبي - تجلس أربعين يوماً - (¬1). وهذا الحديث منهم من ضعفه, ومنهم من حسنه, وجوّده له شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن. لكن نقول: أنه على تقدير صحة الحديث فهو محمول على الغالب يعني أن الغالب أن المرأة تطهر في الأربعين وليس هناك مانع من أنه قد يزيد. لكن الأطباء قالوا: بالنسبة للنفساء وهو ما ينزل من المرأة بعد الولادة حتى تندمل المشيمة المنفصلة بعد تجويف الرحم, قالوا يبدأ سائل أحمر ثم يكون سائل أصفر, ويقولون أما أقصاه السوي هو ستة أسابيع, وإذا زاد على ذلك قالوا لا يعتبر سوياً وإنما يلحق بالاستحاضة, وستة أسابيع تساوي اثنين وأربعين يوماً تقريباً, وهذا على تقدير الأطباء أن أكثره أربعين يوماً, وهذا هو الأقرب. لكن يعفى عن اليسير كاليوم واليومين, فلو زاد عليها الدم يومين أو ثلاثة فهي تنتظر وما زاد عن ذلك فهو دم استحاضة إلا إن وافق عادته فهو حيض. مثال ذلك: امرأة تم لها أربعون يوماً في أول يوم من الشهر مثلاً وعادتها أن يأتيها الحيض قبل الحمل في أول يوم من أيام الشهر فلو أستمر الدم من اليوم الأول إلى اليوم السادس مثلاُ فهذه الأيام نجعلها حيضاً لأنه وافق العادة. س315: هل كل وضع يثبت به النفاس أم لا؟ ج/ لا يخلو هذا من أحوال: 1 - أن تضع نطفة وهذا ليس بحيض ولا نفاس بالاتفاق. ¬

(¬1) رواه أحمد وابن ماجه وابن أبي شيبة وغيرهم.

س316: كثير من النساء يقلن لا أدري هل تبين فيه خلق إنسان أم لا؟ فهل يحكم أنه نفاس أم لا؟

2 - أن تضع ما تم له أربعة أشهر ويخرج معه دم, فهذا نفاس قولاً واحداً, لأنه نفخت فيه الروح وتيقنا أنه بشر. 3 - أن تضع علقة (قطعة دم) فهذا أيضاً لا يعتبر نفاساً. 4 - أن تسقطه مضغة أي قطعة لحم فهذا فيه تفصيل: * أن تبين فيه خلق إنسان فهو نفاس إذا كان معه دم. * إن لم يتبين فيه خلق إنسان فهو ليس بنفاس, ومعنى تبين أي ترى فيه تخطيطاً ولو كان خفيفاً, كما لو تبين فيه مثلاً تخطيط يده ولو كانت واحدة أو رجل, فهذا يأخذ حكم النفاس فليس بلازم أن يكن تخطيطه كاملاً, وأقل مدة يتبين فيه خلق الإنسان واحد وثمانون يوماً, لحديث ابن مسعود - وفيه - أربعون يوماً نطفة, ثم علقة مثل ذلك - (¬1) , فهذه ثمانون يوماً, ثم مضغة وهي أربعون يوماً وتبتدئ من واحد وثمانون يوماً, فإذا سقط لأقل من ثمانين يوماً لا نفاس, والدم حكمه سلس البول, وإذا ولدت لواحد وثمانين يوماً فيجب التثبت هل هو مُخلّق أو غير مُخلّق؟ لأن الله تعالى قسم المضغة إلى مخلقة وغير مخلقة بقوله تعالى - مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ - (¬2) فجائز ألا تخلق, وعلى هذا ما بين الثمانين إلى التسعين لابد من تثبت, فإذا تم للحمل تسعون يوماً تبين فيه خلق إنسان, وعلى هذا إذا وضعت لتسعين يوماً فهو نفاس على الغالب, وما بعد التسعين يتأكد أنه ولد وأنه نفاس, وما قبل التسعين يحتاج إلى تثبيت كما تقدم. س316: كثير من النساء يقلن لا أدري هل تبين فيه خلق إنسان أم لا؟ فهل يحكم أنه نفاس أم لا؟ ج/ الخلاصة: نقول إذا كان لها أقل من ثلاثة أشهر فهنا نحكم أنه ليس نفاساً, لأنه حتى وإن كان له أكثر من ثمانين فإنَّ كونه يتبين فيه خلق إنسان هنا قليل, وإن كان له ثلاثة أشهر فأكثر فهنا نحكم بأنه نفاس, لأن الغالب أنه يتبين فيه خلق إنسان, وأما إذا علمت هل تبين فيه خلق إنسان أم لا؟ فالأمر ظاهر وقد سبق بيانه. س317: إذا انقطع الدم عن النفساء في الأربعين فما الحكم؟ ج/ سبق أن ذكرنا أن حيض المرأة قد يتخلله أحياناً نقاء وحكمنا أنه طهر إذا كان يوم وليلة, وكذلك النفاس قد يتخلله نقاء, فلو انقطع عنها دم النفاس في أثناء الأربعين مثلاً رأت الدم لمدة عشرة أيام ثم انقطع عنها الحنابلة يقولون: أنه طهر وأنها تأخذ أحكام الطاهرات وإذا عاد فهو مشكوك في صحته. ¬

(¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) (الحج: من الآية5).

س318: لو ولدت المرأة ولدين أو ثلاثة وبينهما فترة فمن أيهما تحسب مدة النفاس؟

والأقرب في ذلك: إن كان انقطاع الدم عنها زمن يسير كيومين أو ثلاثة فهو نفاس إن عاودها الدم, وإن كان أكثر من ثلاثة أيام وعاودها الدم مرة أخرى وكان الدم دم نفاس فلأحوط أنها تقضي ما طهرت فيه من الصلوات والصيام, وإن كانت صامت فصيامها صحيح, وإن عاودها الدم مرة أخرى لكنه ليس دم نفاس فهو طهر من باب أولى, لكن عليها أن تنتبه حتى لا يكون ذلك الدم الذي عاد إليها بعد طهرها دم حيض لكون ذلك يوافق عادتها. س318: لو ولدت المرأة ولدين أو ثلاثة وبينهما فترة فمن أيهما تحسب مدة النفاس؟ ج/ لو ولدت الولد الأول في أول الشهر ثم بعد عشرين يوماً ولدت الثاني, ثم في آخر الشهر ولدت الثالث مثلاً, فالحنابلة يرون أن مدة النفاس تحسب من أول ولد. والصحيح في هذه المسألة الرواية الأخرى عن الإمام أحمد رحمه الله أن الثاني إذا تجدد له دم فهو نفاس, فإذا ولدت الثاني ثم خرج معه دم فإننا نعتبره نفاس, ولكن قد تقول المرأة في الأصل معي دم مع الولد الأول نقول لو أنه افترض أنه زاد الدم معها (تجدد) فنقول هنا نعتبره نفاس. وإن لم يتجدد ما زاد لا يعتبر من الثاني وإنما يعتبر من الأول وهذا القول هو الصحيح إن شاء الله تعالى. س319: ما الحكم في وطء النفساء؟ ج/ وطء النفساء ما في وطء الحائض من الكفارة قياساً عليه. س320: هل تأخذ النفساء أحكام الحائض؟ ج/ نعم النفساء أحكامها كأحكام الحائض إلا في مسائل ستة وهي: 1. أن البلوغ معتبر في الحيض وليس معتبر في النفاس لأننا حكمنا ببلوغها قبل أن تحمل. 2. دم الحيض في العِدة معتبر, وأما دم النفاس فلا يعتبر فيها. 3. في الإيلاء إذا آل من زوجته, والإيلاء أن يحلف على ترك على ترك وطء زوجته أكثر من أربعة أشهر. لو كانت المرأة نفساء فإننا نستثني مدة النفاس من الأربعة أشهر فلا تحسب. مثال ذلك: لو حلف أن لا يطأ زوجته لمدة أربعة أشهر ثم وضعت ولداً, حلف عليها اليوم ثم وضعت في نفس اليوم فمدة النفاس لا نحسبها من مدة الإيلاء, لأن المولى يضرب له أربعة أشهر إن وطئ وإلا فسخت منه, بخلاف فترة الحيض فإنها تحسب من المدة. 4. الطلاق, أي طلاق المرأة حال الحيض طلاق بدعة وهو محرم, وأما طلاقها في حال النفاس هذا قال بعض أهل العلم أنه طلاق سنة, خلاف ما يعتقده بعض الناس أنه لا يجوز طلاق المرأة وهي في النفاس, فإذا طلقها وهي في النفاس تشرع في العدة من حين طلاقها.

س321: ما حكم استعمال ما يمنع الحمل؟

5. أن الدم في الحيض إذا عاد في نفس أيام الحيض فهو حيض, يعني حاضت ثم حصل لها جفاف إذا كان يوم وليلة وتغتسل وتصوم وتصلي, إذا عاد يحسب من الحيض, بينما في مدة النفاس إذا عاد فهو مشكوك في صحته وهو قول بعض العلماء, وقد تقدم بحث هذه المسألة. 6. المرأة في حال الحيض إذا طهرت قبل تمام المدة لا يكره لزوجها أن يطأها, مثلاُ مدة حيضها ستة أيام فطهرت في خمسة أيام فلا يكره لزوجها أن يجامعها, أما في النفاس إن طهرت قبل تمام المدة فالمذهب يرون أنه يكره لزوجها أن يجامعها, والصحيح أنه لا يكره ذلك, وأما ما روي عن عثمان بن أبي العاص لما أتته امرأته قبل الأربعين فقال لها: لا تقربيني, فهذا محمول على التتره. فالكراهة هنا كراهة نفسية وليست شرعية لأن الأصل الحل. س321: ما حكم استعمال ما يمنع الحمل؟ ج/ استعمال ما يمنع الحمل على نوعين: الأول: أن يمنعه منعاً مستمراً فهذا لا يجوز. الثاني: أن يمنعه منعاً مؤقتاً, مثل أن تكون المرأة كثير الحمل والحمل يرهقها فتحب أن تنظم حملها كل سنتين مرة فهذا جائز بشرط إذن الزوج وألا يكون عليها ضرر. ودليله أن الصحابة كانوا يعزلون عن نساءهم في عهد النبي - فلم ينهوا عن ذلك (¬1). س322: ما حكم استعمال ما يسقط الحمل؟ ج/ استعمال ما يسقط الحمل على نوعين: الأول: أن يقصد من إسقاطه إتلافه, فإن كان بعد نفخ الروح فلهو محرم, وإن كان قبل نفخ الروح فقد اختلف العلماء في جوازه والأحوط المنع من إسقاطه إلا لحاجة كأن تكون الأم مريضة لا تتحمل الحمل أو نحو ذلك فيجوز إسقاطه حينئيذٍ, إلا إن مضى عليه زمن يمكن أن يتبين فيه خلق إنسان فيمنع. الثاني: ألا يقصد من إسقاطه إتلافه بأن تكون محاولة إسقاطه عند انتهاء مدة الحمل وقرب الوضع, فهذا جائز بشرط ألا يكون في ذلك ضرر على الأم ولا على الولد ولا يحتاج الأمر إلى عملية, فإن احتاج الأمر إلى عملية فله حالات أربع: 1. أن تكون الأم حية والحمل حياً فلا تجوز العملية إلا لضرورة بأن تتعسر ولادتها. 2. أن تكون الأم ميتة والحمل ميتاً فلا تجوز العملية لعدم الفائدة من إخراجه. ¬

(¬1) البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبدالله -.

س323: لو أن المرأة شربت الدواء لكي ينزل عليها الحيض فما الحكم؟

3. أن تكون الأم حية والحمل ميتاً فتجوز العملية إلا أن يخشى الضرر على الأم, لأن الظاهر والله أعلم أن الحمل إذا مات لا يكاد يخرج بدون العملية. 4. أن تكون الأم ميتة والحمل حياً فإن كانت لا ترجى حياته لم تجز العملية, وإن كانت ترجى حياته فالصواب أنه يشق البطن إن لم يمكن إخراجه بدونه. س323: لو أن المرأة شربت الدواء لكي ينزل عليها الحيض فما الحكم؟ ج/ هو جائز لشروط: 1. أن يكون بإذن الزوج إن كانت ذات زوج لأن استعجال مثل ذلك يمنع حق الاستمتاع للزوج فلابد من الإذن. 2. أن لا يكون هناك ضرر. 3. أن لا تتحيل به على إسقاط أمر واجب, مثل لو كان الصيام في الحر وأرادت إنزال العادة حتى تفطر وتقضي إذا برد الجو فهذا لا يجوز. س324: ما حكم قطع الحيض أي كونه يكون عليها الدم ثم تريد أن تقطعه, مثل بعض النساء تتناول حبوب لمنع الحمل؟ ج/ جائز بشروط أيضاً: 1. أن لا يكون هناك ضرر. 2. أن يكون ذلك بإذن الزوج, إن كان له به تعلق وذلك كالمعتدة, فالمعتدة ذات الإقراء عدتها ثلاثة قروء فلو شربت هذا الدواء لكي يقطع الحيض فهو يؤدي إلى تطويل العدة وبالتالي يؤدي إلى زيادة النفقة والسكن على الزوج, لأن الرجعية لها حكم الزوجات, فشرب هذا الدواء فيه إضرار بالزوج وإذا كان له تعلق بالزوج من جهة أخرى إذ هو يمنع الحمل, أي كونها تقطع الدم هذا يمنع الحمل فلابد من إذن الزوج. والله تعالى أعلم - والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات -

§1/1