مذكرة القول الراجح مع الدليل - الصلاة

خالد بن إبراهيم الصقعبي

{مذكرة} القول الراجح مع الدليل لكتاب الصلاة من شرح منار السبيل (الجزء الأول) من باب الأذان والإقامة إلى سنن الصلاة لفضيلة الشيخ خالد بن ابراهيم الصقعبي مدير الدورات العلمية أحمد بن عبدالله الغفيص للاستفسار جوال (رجال 0503831414 نساء0505237477) دار أم المؤمنين خديجة بنت خويلد النسائية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ببريدة ترخيص رقم (23/ 15)

{باب الأذان والإقامة}

{باب الأذان والإقامة} الأذان في اللغة: الإعلام, وفي الإصطلاح: هو التعبد لله بالإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص. أما الإقامة فهي في اللغة: مصدر أقام من أقام الشيء إذا جعله مستقيماً, وفي الشرع هي التعبد لله بالقيام للصلاة بذكر مخصوص. * وقد اختلف في السَنة التي شرع فيها الأذان: والراجح انه شرع في السَنة الأولى من الهجرة, كما رجح ذلك ابن حجر رحمه الله تعالى. س1: ما سبب مشروعية الأذان؟ ج/ سبب مشروعية الأذان هو: ما رواه ابن عمر قال: (كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لهم فقال بعضهم: اتخذوا ناقوساً مثل ناقوس النصارى, وقال بعضهم بل بوقاً مثل بوق اليهود, فقال عمر: أولا تبعثون رجلاً ينادي للصلاة, فقال رسول الله {صلى الله عليه وسلم يا بلال, قم فنادِ بالصلاة} (¬1). س2: أيهما أفضل الأذان أم الإقامة؟ ج/ الراجح أن الأذان أفضل لورود الأحاديث الدالة على فضله كحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول, ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا (¬2)}. ¬

_ (¬1) متفق عليه واللفظ للبخاري. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

س3: ما حكم الأذان والإقامة

وإنما كان الأذان أفضل من الإمامة, لما فيه من إعلان ذكر الله وتنبيه الناس على سبيل العموم, ولأن الأذان أشق من الإمامة, ولكن قاعدة وهي: {أن المفضول أحياناً يكون أفضل من الفاضل} كما لو كان الشخص حسن الصوت بالقراءة مثلاً, فهذا يقال الأفضل في حقك الإمامة, ولكن الأصل أن الأذان أفضل لما تقدم. س3: ما حكم الأذان والإقامة ج/ بالنسبة للرجال حكمهما فرض كفاية, أما كونهما فرض, فلأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهما في عدة أحاديث منها حديث مالك بن الحويرث وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم {إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم (¬1)} ولملازمته عليه الصلاة والسلام لهما في الحضر والسفر, ولأنه لا يتم العلم بالوقت إلا بهما غالباً, ولتعين المصلحة بهما لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة. أما كونهما على الكفاية, فلحديث مالك بن الحويرث المتقدم, يدل على أنه يكتفي بأذان واحد ولا يجب الأذان على كل وأحد. أما حكمها بالنسبة للنساء فالظاهر أن الأقرب سنية الإقامة في حقهن دون الأذان, لأجل إجتماعهن على الصلاة. الراجح أيضاً أن الأذان والأقامة واجبتان حتى على المسافرين خلافاً لمن قال بسنيتهما, بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث وصحبه {إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم} , وهم وافدون على الرسول صلى الله عليه وسلم مسافرون إلى أهليهم ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤذن لهم أحدهم, ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدع الأذان والإقامة حضراً ولا سفراً, فكان يؤذن في أسفاره ويأمر بلالً أن يؤذن, وبناء على هذا فالراجح وجوبه على المقيمين والمسافرين. الراجح أيضاً وجوب الأذان للصلوات الخمس المؤداة والمقضية, ودليلة أن صلى الله عليه وسلم {لما نام عن صلاة الفجر في سفره ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس أمر ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم.

س4: كيف يؤذن ويقيم من جمع بين صلاتين؟

بلالً أن يؤذن ويقيم} (¬1) , ولعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم {إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم}. وهذا يشمل حضورهما بعد الوقت, وفي الوقت, ولكن إذا كانوا داخل البلد ولم يصلوا حتى خرج الوقت لنوم أو نسيان, فإنه يكتفي بأذان البلد ويقيموا الصلاة. س4: كيف يؤذن ويقيم من جمع بين صلاتين؟ ج/ من جمع بين الصلاتين أذان للأولى وأقام لكل فريضة, هذا إذا لم يكن في البلد, أما إذا كان في البلد فإن أذان البلد يكفي وحينئذٍ يقيم لكل فريضة, ودليل ذلك ما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم في عرفة أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر, وكذلك في مزدلفة أذن وأقام وصلى المغرب ثم أقام وصلى العشاء} وإنما اكتفى بأذان واحد, لأن وقت المجموعتين صار وقتاً واحداً, ولم يكتفِ بإقامة واحدة, لأن لكل صلاة إقامة. س5: وكيف يؤذن ويقيم من يريد قضاء فوائت؟ ج/ من قضى فوائت فإنه يؤذن مرة واحدة ويقيم لكل فريضة, بدليل حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه {لما فاته صلى الله عليه وسلم بعض صلوات يوم الخندق, قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالً فأقام الظهر فصلاها ثم أمره فأقام المغرب (¬2)} , ولما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم {لما نام عن صلاة الفجر في سفره ولم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس أمر بلالً أن يؤذن وأن يقيم (¬3)}. وكذلك قياساً على الصلوات المجموعة التي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم يؤذن لها مرة واحدة ويقيم بعدد الصلوات, وهذا إذا لم يكن في البلد, فإن كان في البلد فإن أذان البلد يكفي, وحينئذٍ يقيم لكل فريضة. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في التيمم (باب الصعيد الطيب) , ومسلم في المساجد (باب قضاء الصلاة الفائته). (¬2) رواه أحمد, والنسائي, وابن أبي شيبة, وابن خزيمة, وصححه في تحفة الأحوذي1/ 532, والنيل2/ 30. (¬3) سبق تخريجه صـ4.

س6: ما حكم أذان وإقامة المنفرد؟

س6: ما حكم أذان وإقامة المنفرد؟ ج/ بالنسبة للمنفرد يشرع له الأذان والإقامة لكن لو اقتصر على الإقامة دون الأذان صح ذلك, والجمع بينهما أحسن, قال شيخ الإسلام في الإختيارات (¬1) " وإذا صلى وحده أداء أو قضاء وأذن وأقام فقد أحسن, وإن اكتفى بالإقامة أجزاه " أ-هـ. وقد ورد في حديث عقبة رضي الله عنه ما يدل على ذلك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {يعجب ربك من راعي غنم على رأس الشظية للجبل يؤذن للصلاة ويصلي, فيقول الله: أنظروا إلى عبدي هذا, يؤذن ويقيم للصلاة, يخاف مني, قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة (¬2)}. س7: ما حكم الترتيب والتوالي بين جمل الأذان؟ ج/ لابد أن يكون الأذان والإقامة مرتبين, فلو نكس جمل الأذان أو الإقامة لم يصح ذلك, لأنهما عبادتان وردتا على هذه الصفة التكبير أولاً ثم التشهد ثم الحيعلة ثم التكبير ثم التوحيد, وعلى هذا فلو نكس فلا يصح كما تقدم, لقول النبي صلى الله عليه وسلم {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد (¬3)}. كذلك لابد أن يكونا متواليين وليس المقصود من التوالي التوالي بين الأذان والإقامة وإنما المقصود التوالي بين جمل الأذان, وكذلك بين جمل الإقامة. وعلى هذا لو أتى بالتكبير في الأذان مثلاً ثم ذهب ليتوضأ, وأراد أن يكمل, فإنه لا يجزئ, لوجود الفاصل, وعدم التوالي بين جمل الأذان فلابد أن يعيده من جديد. والفاصل لا يخلو من أمور: أ) أن يكون كلاماً يسيراً محرماً فهذا يبطل الأذان والإقامة, إذا حصل فيهما. ب) أن يكون كلاماً يسيراً مباحاً فهذا لا يبطل الأذان والإقامة ولكن الفقهاء رحمهم الله كرهوا ذلك. ج) أن يكون كلاماً طويلاً مباحاً أو سكوتاً طويلاً فهذا يبطل الأذان والإقامة. ¬

_ (¬1) الاختيارات الفقهية صـ36. (¬2) رواه أحمد, وأبو داود, والنسائي, والطبراني, وهو صحيح. (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س8: ما حكم الموالاة بين الإقامة والصلاة؟

س8: ما حكم الموالاة بين الإقامة والصلاة؟ ج/ لا يشترط الموالاة بين الإقامة والصلاة, فلو أقام ثم حصل له حاجة فذهب وقضاها, ثم رجع وأراد أن يصلي, فلا يلزم من ذلك إعادة الإقامة, لأن النبي صلى الله عليه وسلم {أمر بلالاً بالإقامة فلما أقام ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه جنب فذهب واغتسل وصلى, ولم يعد الإقامة (¬1)} , وظاهر هذا طول الفصل. س9:ما الحكم فيما لو بدأ بالأذان شخص وأكمله آخر؟ ج/ لا بد أن يكون الأذان من واحد فلو أنه أذن ثم انتصف في الأذان فحصل له عذر فمنعه من الإكمال فجاء أخر فإنه لا يبدأ الأذان من حيث انتهى الأول, وإنما يستأنف من جديد, وكذلك الحكم بالنسبة للإقامة. س10: هل يشترط أن يقيم الذي أذن أم يصح أن يكون الأذان من شخص والإقامة من آخر؟ ج/السنة أن من تولى الأذان أن يتولى الإقامة, لأن بلالاً كان هو الذي يؤذن, وهو الذي يقيم كما في حديث أبي سعيد السابق في قصة الخندق وغيره, ويدل لذلك من النظر, فإنه ينبغي لمن تولى الأذان وهو الإعلام أولاً, أن يتولى الإعلام ثانياً, حتى لا يحصل التباس بين الناس في هذا الأمر, وحتى يعلم المؤذن أنه مسئول عن هذا الإعلامين جميعاً. س11: هل للأذان شروط؟ ج/ نعم, له شروط تتعلق بالأذان نفسه, وشروط تتعلق بالمؤذن, وشروط تتعلق بوقته. أما التي تتعلق به فيشترط فيه ما يلي: ¬

_ (¬1) رواه البخاري.

س12: ما هي شروط إقامة الأذان؟

1 - أن يكون مرتباً. 2 - أن يكون متوالياً. 3 - أن يكون بعد الوقت. 4 - ألا يكون فيه لحن يحيل المعنى سواء عاد هذا اللحن إلى علم النحو أو علم التصريف. 5 - أن يكون على العدد الذي جاءت به السنة. أما المؤذن فلابد أن يكون: 1 - مسلماً. 2 - عاقلاً. 3 - ذكراً. 4 - واحداً. 5 - عدلاً. 6 - مميزاً. أما الوقت فلا بد أن يكون: الأذان بعد دخول الوقت فلا يجزئ قبله مطلقاً على القول الراجح, ويستثني من ذلك أذان الفجر الأول. س12: ما هي شروط إقامة الأذان؟ ج/ شروط إقامة الأذان هي: 1 - أن يكونوا رجالاً فخرج بذلك الصغار والإناث والخنثى المشكل وقد تقدم بيان ذلك. 2 - أن يكونوا مقيمين والراجح خلاف ذلك وتقدم أن الأذان والإقامة واجبتان حتى على المسافرين. 3 - أن يكون الأذان للصلوات الخمس ويخرج بذلك ما عداها, فالوتر لا يؤذن لها وكذلك لو كسفت الشمس وصلاة العيد كذلك والصلاة المنذورة وهكذا.

س 13: كم عدد جمل الأذان والإقامة؟

4 - أن تكون الصلاة التي يؤذن لها موداة والصواب وجوبها للصلوات الخمس والمقضية قد تقدم بيان ذلك. 5 - أن يكونوا جماعة بخلاف المنفرد فإن الأذان سنة في حقه. س 13: كم عدد جمل الأذان والإقامة؟ ج/ الخلاصة في عدد جمل الأذان والإقامة ما يلي: * أما الأذان, فالإمام أحمد رحمه الله ومذهب أبو حنيفة: أن عدد جمل الأذان 15 جملة, وهو الأذان المعروف الآن, وهو أذان بلال. * والشافعية: عدد جمل الأذان 19جملة, وهو نفس أذان بلال مع الترجيع (والترجيع أن يقول الشهادتين سراً في نفسه ثم يقولها جهراً). * أما الإقامة فعند الإمام أحمد والشافعي: أن عدد جمل الإقامة 11جملة, وهي الإقامة المعروفة الآن وهي إقامة بلال. الأحناف قالوا: أن عدد جمل الإقامة 17,جملة, وهي نفس أذان بلال مع زيادة قد قامت الصلاة. وهناك أقوال أخرى لكن هذا هو ما صحت به السنة. * والعبادة إذا جاءت على وجوه متعددة يسن للإنسان أن يأتي بهذه مرة بهذه مرة, وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه اله لذلك أربع فؤائد هي: 1) إحياء السنة. 2) حفظ العلم الإنسان إذا تعلم شيئاً وطبقه أدى ذلك إلى حفظه. 3) أنه أخشع لقلبه. 4) نقل العبادة من كونها عادة إلى كونها عبادة. س14:ما السنة في طهارة المؤذن؟ ج/ السنة أن يكون المؤذن متطهراً من الحدث الأكبر والأصغر, ولكن الفقهاء رحمهم الله قالوا: يكره أذان الجنب دون أذان المحدث حدثاً أصغر, هذا إذا لم تكن المنارة

س15: هل يجب استقبال القبلة للمؤذن حال آدائه للأذان؟

في المسجد فإن كانت في المسجد فإنه لا يجوز أذا المحدث حدثاً أكبر إلا بوضوء, لعدم جواز دخوله المسجد حتى يتوضأ, فالمراتب ثلاث: 1) أن يكون متطهراً من الحدثين وهذا هو الأفضل. 2) أن يكون محدثاً حدثاً أصغر وهذا مباح. 3) أن يكون محدثاً حدثاً أكبر وهذا هو مكروه. لكن الأفضل أن يكون متطهراً من الحدثين, لما ورد عن الأعرج قال سمعت عميراً مولى ابن عباس قال: {أقبلت أنا وعبدالله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري, فقال أبو جهيم: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من حو بئر جمل, فلقيه رجل فسلم عليه, فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار, فمسح بوجهه ويديه, ثم ردَّ عليه السلام (¬1)} , فهذا ذكر والأذان من باب أولى. س15: هل يجب استقبال القبلة للمؤذن حال آدائه للأذان؟ ج/ السنة أن يكون المؤذن مستقبلاً القبلة, لحديث عبدالله بن زيد الأنصاري في المنام قال: اسحاق بن راهويه في مسنده {قال جاء عبدالله بن زيد فقال: يا رسول الله إني رأيت رجلاً نزل من السماء فقان على جذم حائط, فاستقبل القبلة .. فذكر الحديث} (¬2) , ولو أذن إلى غير جهة القبلة صح ذلك. س16: ما حكم التفات المؤذن أثناء الحيعلتين؟ وما هي صور الالتفات؟ ج/ إلتفات المؤذن أثناء الحيعلتين سنة, لحديث أبي جحيفة {رأيت بلالاً يؤذن فجعلت أتتبع فاه ها هنا وها هنا يقول يميناً وشمالاً حي على الصلاة حي على الفلاح (¬3)}. * والإلتفات له ثلاثة صور: 1 - أن يجعل حي على الصلاة في اليمين كلها, وحي على الفلاح في الشمال كلها. ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) قال الألباني في أرواء الغليل: وهذا الحديث رجاله كلهم ثقلا وهو وقد ورد موصولاً. (¬3) متفق عليه.

س17: ما حكم متابعة المؤذن؟

2 - أن يقول حي علي الصلاة في اليمين, ثم يعود إلى القبلة ثم يميناً مرة أخرى حي على الصلاة, ثم حي على الفلاح جهة الشمال, ثم يعود إلى القبلة, ثم يعود مرة أخرى إلى الشمال لحي على الفلاح,) وهي الصيغة المعروفة الآن) وهي ظاهر السنة. 3 - أن يلتفت يميناً ويقول حي على الصلاة, ثم يلتفت شمالاً ويقول حي على الصلاة, ثم يلتفت يميناً ويقول حي على الفلاح, ثم شمالاً ويقول حي على الفلاح. ملاحظة: يلتفت في جميع الحيعلة أي أنه إذا التفت شرع في ذكر الحيعلة, لا أن يذكرها وهو ملتفت فهذا لا أصل له, ومثل ذلك التسليم من الصلاة. {مسائل في متابعة المؤذن} بعيداً عن الخلاف في وجوب متابعة المؤذن أو سنية ذلك فإن هذه السنة كادت أن تندثر عند كثير من الناس إلا من رحم الله تعالى, فأصبح نسمع الأذان يدوي ومع ذلك نحن في مجالسنا التي يكثر فيها القيل والقال لا نتوقف لدقائق معدودة نتابع فيها المؤذن حتى ننال على أثر ذلك الأجر العظيم. ويكفي في ذلك حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول {إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي, فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً, ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله, وأرجو أن اكون أنا هو, فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة (¬1)}. س17: ما حكم متابعة المؤذن؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم.

س18: ما كيفية متابعة المؤذن؟

ج/ الصحيح أن متابعة المؤذن سنة وهو رأي جمهور العلماء, والدليل على ذلك ما ورد عن أنس بن مالك وفيه {أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع مؤذناً, فلما كبّر قال: على الفطرة, فلما تشهد قال خرج من النار .. الحديث (¬1)} , فلو كانت المتابعة واجبة, لما تركها النبي صلى الله عليه وسلم. واصرح منه قول النبي صلى الله عليه وسلم لمالك بن الحويرث ومن معه {إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم} (¬2) , فالمقام مقام تعليم وتدعو الحاجة إلى بيان كل ما يحتاج إليه, وهؤلا وفد قد لا يكون عندهم علم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في متابعة الأذان, فلما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التنبيه على ذلك مع دعاء الحاجة إليه, وكون هؤلا وفد لبثوا عنده عشرين يوماً ثم غادروا, يدل على أن الإجابة ليست واجبة. س18: ما كيفية متابعة المؤذن؟ ج/ متابعة المؤذن تكون سراً, لكن لابد من تحريك اللسان بذلك, حتى لو كان يطوف, فإنه يتابع وهو يطوف, وكذلك لو كان يقرأ القرآن فإنه يتابع, لأن الأذان يفوت والقراءة لا تفوت. س19: إذا سمع المؤذن وهو يصلي فهل يتابعه أم لا؟ ج/ إذا كان في الصلاة, فالصحيح أنه لا يتابع المؤذن وهو يصلي, خلافاً لشيخ الإسلام حيث يرى ذلك, لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبدالله بن مسعود {إن في الصلاة لشغلاً (¬3)} , ولأنه لو تابع المؤذن وهو في الصلاة لأدى ذلك إلى خروج الصلاة عن مقصودها, لكن لا بأس إذا كان الذكر قصيراً ووُجد سببه في الصلاة فلا بأس من ذكره كما لو عطس فحمد الله فلا بأس بذلك. ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س20: إذا سمع المؤذن وهو يقضي حاجته فهل يتابعه أم لا؟

س20: إذا سمع المؤذن وهو يقضي حاجته فهل يتابعه أم لا؟ ج/ إذا سمع المؤذن وهو يقضي حاجته, من أهل العلم من قال أنه يتابعه بقلبه, ومنهم من قال أنه إذا خرج يقضيه وهذا هو الأحسن, والله تعالى أعلم. س21: ماذا يقول من سمع المؤذن؟ ج/ من سمع المؤذن فإنه يقول مثل مايقول المؤذن, لما ورد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {{ذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن} (¬1) , إلا عند الحيعلتين فإنه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله, بدليل حديث عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ..} وفيه {ثم قال حي على الصلاة لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ...} (¬2) الحديث. س22: هل يستحب للمؤذن والمقيم إجابة أنفسهما ليجمعا بين ثواب الأذان والإقامة؟ ج/ على خلاف بين أهل العلم, قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى في فتأويه (¬3) "والقول الآخر عدم استحبابه وهو أولى". س23: ما الحكم لو سمع مؤذناً ثانياً وثالثاً؟ ج/ إذا سمع مؤذناً ثانياً وثالثاً قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله السنة أنه يجيب, فقال رحمه الله تعالى كما في الاختبارات: "ويجيب مؤذناً ثانياً وأكثر حيث يستحب ذلك كما كان المؤذنان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم " أ. هـ (¬4). ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) 4/ 136. (¬4) انظر (الاختيارات الفقهية من فتأوى شيخ الإسلام ابن تيمية) صـ39.

س24: إذا صلى الإنسان فرضه وسمع مؤذنا يؤذن فهل يتابعه أم لا؟

س24: إذا صلى الإنسان فرضه وسمع مؤذناً يؤذن فهل يتابعه أم لا؟ ج/على خلاف بين أهل العلم وظاهر حديث ابن عمر {إذا سمعتم} أنه يجيب لعموم الحديث, وقال بعضهم أنه لا يجيب لأنه غير مدعو بهذا الأذان فلا يتابعه, لكن لو أخذ أحد مفهوم الحديث وقال: " أنه ذكر, وما دام أن الحديث عام, فلا مانع من أن أذكر الله - عز وجل - " فلا بأس بذلك, والله أعلم. س25: هل يتابع المؤذن إذا أقام للصلاة (أي في الإقامة)؟ ج/ سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى عن ذلك فقال "المتابعة في الإقامة فيها حديث أخرجه أبو داود, لكنه ضعيف لا تقوم به الحجة, وعلى هذا فالأقرب أنه لا يتابع الإقامة" أ. هـ , وحديث أبي دأوود هو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم {أن بلالاً أخذ في الإقامة, فلما أن قال: قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه وسلم أقامها الله وأدامها}. س26: ماذا يقول من يتابع المؤذن أثناء المتابعة, وبعد الإنتهاء من المتابعة؟ ج/ أما أثناء المتابعة: إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله وأجابه من يتابعه فإنه يقول بعد ذلك: رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمداً رسولاً, كما هو ظاهر رواية مسلم حيث قال {من قال حين يسمع النداء أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمداً رسولاً} , وفي رواية ابن رمح أحد رجال الإسناد {من قال وأنا أشهد} وفي هذا دليل أنه يقولها عقب المؤذن. أما ما يقوله بعد الأذان: ينبغي أولاً أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم , لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول {إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي, فإنه من صلى علي صلاة صلى

س27: كيف تكون المتابعة لمن سمع بعض الأذان؟

الله عليه بها عشراً, ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله, وأرجو أن أكون أنا هو, فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة} (¬1).ثم يقول ما ورد في حديث جابر بن عبدالله {اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته} (¬2) , أما زيادة {إنك لا تخلف الميعاد} , فهذه اختلف المحدثون في ثبوتها وممن يذهب إلى تصحيحها الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى وقال "بإن سندها صحيح أخرجها البيهقي بسند صحيح}. س27: كيف تكون المتابعة لمن سمع بعض الأذان؟ ج/ إذا سمع بعض الأذان, كما لو مر بطريق والمؤذن في نصف الأذان وأراد المستمع أن يتابعه, فإنه يتابعه فيما بقي ولا يبدأ من جديد. س28: بماذا يُجاب المؤذن عندما يقول: الصلاة خير من النوم؟ ج/الصحيح أنه يجيبه بمثل ما قال, فيقول "الصلاة خير من النوم" لعموم حديث عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم {إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ... الحديث} (¬3) , وهذا لم يُستثنَ منه في السنة إلا: حي على الصلاة وحي على الفلاح, فيقال "لا حول ولا قوة إلا بالله" كما دل على ذلك حديث عمر وقد تقدم (¬4) , فيكون العموم باقياً فيما عدا هاتين الجملتين. س29: الأذان في المذياع هل يُجاب أم لا؟ ج/ سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى عن ذلك فأجاب بقوله: الأذان لا يخلو من حالتين: ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه البخاري, وأبو دأوود, والنسائي, وأحمد, وغيرهم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) انظر صـ 6.

س30: إذا كان المؤذن يؤذن عبر مكبر الصوت فهل يلتفت عند حي على الصلاة, حي على الفلاح, أم لا؟

1 - أن يكون الأذان على الهواء, أي أن الأذان لوقت الصلاة من المؤذن, فهذا يجاب, لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم {إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن}. 2 - إذا كان الأذان مسجلاً, ليس أذاناً على الوقت, فإنه لا يجيبه, لأن هذا ليس أذاناً حقيقياً, أي أن هذا المؤذن لم يرفعه حين أُمر برفعه, وإنما هو شيء مسموع لأذن سابق. س30: إذا كان المؤذن يؤذن عبر مكبر الصوت فهل يلتفت عند حي على الصلاة, حي على الفلاح, أم لا؟ ج/ أجاب الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى حيث قال: "إذا كان المؤذن يؤذن عبر مكبر الصوت فإنه لا يلتفت للحيعلتين, لأنه يضعف الصوت". س31: ما حكم تلحين الأذان؟ ج/ قال الشيخ محمد بن إبراهيم في فتأويه (¬1): ثم التمديد الزائد عن المطلوب في الأذان ما ينبغي, فإن أحال المعنى فإنه يبطل الأذان, حروف المد إذا أعطيت أكثر من اللازم فلا ينبغي حتى الحركات إذا مدت إن أحالت المعنى لم يصح وإلا كره .. وكان يوجد في مكة تلحين كثير وهذا سببه الجهل وعوائد, وكونه لا يختار من هو أفضل, أ. هـ. {باب شروط الصلاة} ¬

_ (¬1) 2/ 125.

س1: ما الفرق بين الشروط والأركان؟

الشروط: جمع شرط وهي في اللغة: العلامة. أما في إصلاح الأصوليين: فهم يقولون {ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود} , فإذا لم توجد الطهارة لم تصح الصلاة, ولكن لا يلزم من وجود الطهارة وجود الصلاة فقد يتطهر ولا يصلي, ولا صحتها, فقد يتوضأ ويصلي قبل دخول الوقت فلا تصح صلاته, ليس لعدم الطهارة ولكن لكونه صلى قبل دخول الوقت. س1: ما الفرق بين الشروط والأركان؟ ج/ الفرق بين الشروط والأركان ما يلي: 1 - أن الشرط قبل الصلاة والركن داخلها. 2 - أن الشروط يجب استصحابها من أول الصلاة إلى آخرها بخلاف الركن فإنه ينقضي ويأتي غيره. 3 - أن الأركان تتركب منها ماهية الصلاة بخلاف الشروط, مثلاً ستر العورة وهو من الشروط لا تتركب منه ماهية الصلاة لكن لا بد منه في الصلاة مع القدرة عليه, لكن الأركان هي التي تتركب منها ماهية الصلاة كا الركوع والرفع من الركوع والسجود .... الخ. س2: ماهي شروط الصلاة (من الشرط الأول إلى الشرط الخامس)؟ ج/ شروط الصلاة هي: الشرط الأول: الإسلام. الشرط الثاني: العقل. الشرط الثالث: التمييز وهذه شروط في كل عبادة إلا الزكاة فإنها لا تلزم المجنون والصغير على القول الراجح, وكذا الحج فإنه يصح من الصغير ولو كان عمره ساعة واحدة, ولكنها لا تجزئه عن حجة الإسلام, فإذا بلغ وجب عليه الحج مرة أخرى.

س3: ما هي أوقات الصلوات المفروضة وأدلة ذلك؟

الشرط الرابع: الطهارة مع القدرة, لقول النبي صلى الله عليه وسلم {لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ} (¬1). الشرط الخامس: دخول الوقت, ومعنى كون الوقت شرطاً للصلاة أي أنها لا تصح قبله, وأما من أخرها عنه عمدا لغير عذر ففي صحتها خلاف سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. قال شيخ الإسلام رحمه الله: الوقت المذكور هنا هو شرط للصلوات المكتوبات خاصة, فأما سواها فمنها ما يصح في كل وقت كركعتي الطواف والفوائت, ومنها ما يصح في غير أوقات النهار كالنوافل المطلقة, ومنها ما هو مؤقت أيضاً كالرواتب والضحى, ومنها ما هو معلق بأسباب كصلاة الكسوف والاستسقاء (¬2). والدليل على اشتراط الوقت: * من الكتاب قوله تعالى {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (¬3)} أي مؤقتاً بوقته. * ومن السنة الأدلة على هذا كثيرة منها قول النبي صلى الله عليه وسلم {وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر ووقت العصر} (¬4) الحديث. س3: ما هي أوقات الصلوات المفروضة وأدلة ذلك؟ ج/ أوقات الصلوات هي: أولاً وقت الظهر: وهي تسمى الظهر, والهجير, والأولى, ووقتها من الزوال إلى مسأواة الشيء فيئه بعد فيء الزوال "أي أن آخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله" وقولنا: من بعد فيء الزوال, أي أن الظل الذي زالت عليه الشمس لا يحسب, ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (¬2) شرح العمدة2/ 146. (¬3) (النساء: من الآية103) (¬4) رواه مسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

لأن الشمس حتى ولو كانت في كبد السماء يبقى للشاخص ظل فهذا يسمى فيء الزوال, فهذا لا يحسب. والدليل على هذا: ما ورد في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر العصر} الحديث. والسنة تعجيل الظهر في أول وقتها إلا في شدة الحر فيستحب تأخيرها حتى ينكسر الحر, الحديث {أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم} (¬1) , حتى ولو صلى لوحده في البيت امرض ونحوه, وكذلك المرأة فيستحب تأخيرها إلى قرب وقت العصر, بحيث يصلي الإنسان السنة الراتبة القبلية وصلاة الظهر والسنة البعدية, إلا إذا كانت المرأة تنتظر الحيض فإنها تبادر في أدائها في أول الوقت, حتى لا تترتب الصلاة في ذمتها. ثانياً وقت العصر: أوله إذا صار ظل كل شيء مثله سوى فيء الزوال. ودليله: حديث عبدالله بن عمرو بن العاص السابق. أما آخر وقتها فلها وقتان: أ) وقت اختيار وهو إلى اصفرار الشمس, لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص السابق وفيه {ووقت العصر ما لم تصفر الشمس}. ب) وقت ضرورة, إلى غروب الشمس, لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر (¬2)}. ثالثاً وقت المغرب: أول وقته غروب الشمس, وهذا بلإجماع بلا خلاف. ¬

_ (¬1) رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

والدليل على هذا: ما رواه سلمة بن الأكوع قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب} (¬1). أما آخر وقتها: فهو مغيب الحمرة, أي الشفق الأحمر, بدليل حديث عبدالله بن عمرو وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم {ووقت المغرب ما لم يغب الشفق} , والمراد بالشفق هي الحمرة المعترضة في الأفق على القول الراجح, فمتى رأى الإنسان الحمرة قد زالت, فهذا دليل على أن وقت المغرب قد انقضى وهو يترأوح ما بين ساعة وربع إلى ساعة ونصف بعد المغرب. ولكن السنة تعجيلها, لأن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يصليها إذا وجبت (¬2)} , لكن ليس معنى ذلك أنه يقيم بعد الأذان مباشرة, لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال {صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب .. وقال في الثالثة لمن شاء} (¬3) , وهذا يدل على أن معنى التعجيل أن يبادر الإنسان بها من حين الأذان, ولكن يتأخر بمقدار الوضوء وصلاة ركعتين مثلاً, وما أشبه ذلك. رابعاً وقت العشاء: أوله إذا غاب الشفق بلا خلاف, بيان المراد بالشفق. أما آخر وقتها: فالراجح أن آخر وقت العشاء وهو منتصف الليل, لحديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وفيه {ووقت العشاء إلى منتصف الليل} (¬4) , وطريقة حساب نصف الليل يحسب من غروب الشمس إلى أذان الفجر, ثم يقسم على إثنين. وصلاة العشاء السنة تأخيرها, ولذلك كلما أخرها الإنسان كان أفضل, لكن يشترط أن يصليهما قبل خروج الوقت, وكذلك بشرط ألا يؤدي ذلك إلى ترك واجب كترك صلاة الجماعة بحجة سنية تأخيرها كذلك المرأة إذا كانت تنتظر حيضاً فالأولى المبادرة بالصلاة, حتى لا تترتب الصلاة في ذمتها لو حاضت وهي لم تؤدِ الصلاة. ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه البخاري من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. (¬3) رواه البخاري عن عبدالله بن مغفل المزني. (¬4) رواه مسلم.

س4: بم يدرك الوقت؟ وما دليل ذلك؟

ومما يدل على استحباب تأخير صلاة العشاء حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال {أعتم النبي صلى الله عليه وسلم بالعشاء فخرج عمر, فقال: الصلاة يا رسول الله رقد النساء والصبيان, فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ورأسه يقطر ماءً يقول: لولا أن أشق على أمتي, أو على الناس, لأمرتهم بالصلاة هذه الساعة (¬1)}. خامساً وقت الفجر: أول وقتها من طلوع الفجر بلا خلاف, والمقصود به الفجر الثاني. وآخر وقتها: هو طلوع الشمس, والدليل على ذلك حديث عبدالله بن عمرو بن العاص وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم {ووقت الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس} (¬2). والسنة تعجيل صلاة الفجر, بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت {كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر متلفعات بمروطهن ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة لا يعرفهن أحد من الناس} (¬3). س4: بم يدرك الوقت؟ وما دليل ذلك؟ ج/ يدرك الوقت بإدراك ركعة على الصحيح, وعلى هذا لو دخل الوقت ومضى وقت بمقدار صلاة ركعة ثم حاضت المرأة, فإن هذه الصلاة تحسب في ذمتها, فإذا طهرت فإنها تقضيها, وكذلك لو طهرت المرأة من الحيض أو أسلم الكافر قبل خروج الوقت بمقدار ركعة, لزمتهما هذه الصلاة, حتى ولو دخلت المرأة تغتسل وخروج الوقت. ودليل ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه {من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة} (¬4). ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم.

س5: ما الحكم لو شك في دخول الوقت هل يصلي أم لا؟

س5: ما الحكم لو شك في دخول الوقت هل يصلي أم لا؟ ج/ بالنسبة للشك في دخول الوقت من عدمه, هذه المسألة لها خمس صور: الأولى: إذا تيقن دخول الوقت فهذا ظاهر أنه يصلي. الثانية: إذا غلب على ظنه دخول الوقت فكذلك في هذه الصورة يصلي, وهنا لا يخلو من أربع حالات: 1 - أن يتبين أنه صلى في الوقت, ففرض لأنه أدى ما خوطب به وفرض عليه. 2 - أن يتبين أنه بعد الوقت, ففرض. 3 - ألا يتبين له شيء, ففرض لغلبة ظنه دخول الوقت. 4 - أن يتبين أنه قبل الوقت, فنفل. الثالثة: إذا غلب شك في دخول الوقت. الرابعة: إذا غلب على ظنه عدم دخول الوقت. الخامسة: إذا تيقن عدم دخول الوقت. ففي الصور الثلاث الأخرى لا يصلي. س6: ما حكم تأخير الصلاة عن وقتها؟ ج/ يحرم تأخير الصلاة عن وقتها, ومن أخر صلاة عن وقتها فلا يخلو من خالتين: الأولى: أن يكون لعذر, فهنا يجب عليه القضاء بلإجماع, لحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها} (¬1) , وفي لفظ البخاري {من نسى صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)} (¬2). الثانية: أن يكون ذلك لغير عذر, فالراجح وهو قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لا يقضيها, ولو قضاها فلا تصح منه, بدليل حديث عائشة أن النبي صلى الله ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) (طه: من الآية14)

س7: ما حكم تأخيرها عن أول وقتها؟

عليه وسلم قال {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} (¬1) , وهذا قد فعلها على وجه لم يؤمر به, قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في كتاب الممتع (¬2): "أن من ترك الصلاة عمداً على القول بأنه لا يكفر كما لو كان يصلي ويخلي, فإنه لا يقضيها ولكن يجب عليه أن يكون هذا الفعل دائماً نصب عينيه, وأن يكثر من الطاعات والأعمال الصالحة لعلها تكفر ما حصل منه من إضاعة الوقت" أ. هـ. س7: ما حكم تأخيرها عن أول وقتها؟ ج/ يجوز تأخير فعل الصلاة في الوقت مع العزم عليه, أي يؤخرها إلى منتصف الوقت مثلاً. لكن يستثنى من ذلك أمرين: 1. إذا كان ذلك يؤدي إلى ترك واجب كصلاة الجماعة. 2. أو يخشى الإنسان من وجود مانع, كالمرأة إذا كانت تنتظر حيضاً. والصلاة في أول الوقت أفضل, لحديث رافع بن خديج {كنا نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله} (¬3). سوى ما يستحب تأخيره وقد تقدم بيانه. س8: بماذا يحصل إدراك فضيلة أول الوقت؟ ج/ يحصل بتحصيل الماء وستر العورة والطهارة وفعل السنة الراتبة إن كان لها سنة قبلية, من فعل هذه الأشياء ثم صلى فقد تحصل على فضيلة أول الوقت. س9: متى يجب قضاء الصلاة الفائتة؟ ج/ كما تقدم أنه يجب قضاء الصلاة الفائتة فوراً إذا كان تأخيرها لعذر, لحديث أنس المتقدم (¬4). ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) الشرح الممتع على زاد المستقنع. (¬3) متفق عليه. (¬4) صـ 26.

س10: ما معنى قضاء الصلاة, وأدائها, وإعادتها, وكيف تقضى؟

س10: ما معنى قضاء الصلاة, وأدائها, وإعادتها, وكيف تقضى؟ ج/ القضاء: هو فعل العبادة بعد خروج وقتها. والأداء: هو فعل العبادة في وقتها لأول مرة. وإعادة: هو فعل العبادة في وقتها مرة أخرى. والقضاء: إنما يكون على صفتها يحكي الأداء, فعلى هذا إذا قضى ليل في نهار جهر فيها بالقراءة, وإذا قضى نهار في ليل أسر فيها بالقراءة, بدليل حديث أبي قتادة في قصة نومه مع النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الفجر قال {فصلاها كما كان يصليها كل يوم} (¬1). كذلك يستفاد من حديث أبي قتادة أنه تشرع فيه الجماعة إذا كانوا جمعاً, لأن القضاء يحكي الأداء فكما أنهم لو صلوها في الوقت صلوها جماعة, فكذلك إذا قضوها فإنهم يصلونها جماعة, ولذلك في حديث أبي هريرة في قصة نومهم عن صلاة الفجر {أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً فأذن, ثم صلى ركعتي الفجر ثم صلى الفجر جماعة (¬2)}. س11: ما الحكم فيمن كان عليه صلوات فوائت؟ ج/ من كان عليه صلوات فوائت فإنه يقضيها مرتبة, فلو كان على الإنسان خمس صلوات فوائت فإنه يبدأ فيها من الصلاة التي فاتته أولاً, مثلاً لو كانت الفوائت الفجر, والظهر, والعصر, والمغرب, والعشاء فإنه يبدأ بها مرتبة, فيبتدي بالفجر ثم الظهر ... الخ, ولو كانت من الظهر, فإنه يبتدئ بالظهر وهكذا. س12: متى يسقط الترتيب؟ ج/ الترتيب يسقط بأمور: ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه مسلم.

س13: ما هو الشرط السادس من شروط الصلاة؟

1. النسيان, فلو كان عليه خمس صلوات فوائت ثم بدأ بالعصر ناسياً صح ذلك, لعموم قوله تعالى {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أَخْطَانَا} (¬1) الآية. 2. إذا تضايق وقت الحاضرة, كما لو بقي على خروج وقت الظهر عشر دقائق مثلاً وقد نسي صلاة الفجر, فإذا صلى الفجر أدى ذلك إلى خروج وقت الظهر, فهذا يسقط عنه الترتيب, فيقال صلِ صلاة الظهر أولاً ثم صلِ صلاة الفجر قضاءً, أما إذا كان الوقت يسع الجميع فإنه يبدأ بالفائتة أولاً. 3. الجهل, فلو كان عليه فوائت فقدم وقتاً على وقت جهلاً صح ذلك, لعموم قوله تعالى {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أَخْطَانَا}. 4. أن يخاف فوات الجماعة, كما لو جاء وهم يصلون العصر وهو لم يصلِ الظهر, فهنا يسقط الترتيب, ولكن هذا على القول بأنه لا يصح أن يصلي الإنسان خلف من يصلي صلاة أخرى, لكن على القول بجواز ذلك وهو الراجح, يقال ادخل معهم بنية الظهر ثم صلِ العصر بعد ذلك فيحصل بذلك إدراك الجماعة والترتيب لو حضر إلى صلاة الجمعة وتذكر أنه صلى الفجر على غير طهارة مثلاً, إن أمكنه أن يصلي الفجر ويلحق الجمعة مع الجماعة فعل ذلك, لكن لو كان أدائه لصلاة الفجر يؤدي إلى فوات الجمعة فإنه يسقط الترتيب في مثل هذه الحالة. س13: ما هو الشرط السادس من شروط الصلاة؟ ج/ الشرط السادس من شروط الصلاة, ستر العورة, والدليل على اشتراطه حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إن كان ضيقاً فاتزر به وإن كان واسعاً فالتحف به} (¬2) , والإجماع منعقد على أن ستر العورة شرط من شروط صحة الصلاة. - فائدة: ينبغي للإنسان إذا أراد الصلاة الأ يكون همه ستر العورة فقط, وإنما ينبغي أن يتخذ الزينة لذلك, ولذلك قال الله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ (¬3)} , ولهذا أمر الله تعالى أن نتحمل عند إرادة ملاقاة الله - عز وجل - , ولهذا قال ابن ¬

_ (¬1) (البقرة: من الآية286) (¬2) رواه البخاري. (¬3) (الأعراف: من الآية31)

س14: وهل للثوب الساتر شروط؟ وما هي؟

عمر لمولاه نافع وقد رآه يصلي حاسر الرأس {غط رأسك هل تخرج إلى الناس وأنت حاسر الرأس؟ قال لا. قال فالله أحق أن تتجمل له} (¬1) , وهذا صحيح لمن عادتهم أنهم لا يحسرون عن رؤوسهم, إذا فالمسألة ليست ستر العورة فقط وإنما زيادة على ذلك الأمر بإتخاذ الزينة, فهذا هو الذي أمر الله به ودلت عليه السنة. س14: وهل للثوب الساتر شروط؟ وما هي؟ ج/ نعم, للثوب الساتر شروط, وهي: 1) ألا يصف البشرة أي لون البشرة من بياض أو سواد لأن الستر إنما يحصل بذلك, ودليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس, ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات, رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجمة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسير كذا وكذا} (¬2) , ومن معاني (عاريات) أن تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها. 2) أن يكون مباحاً, ويخرج من هذا ما كان محرماً لعينه كالخرير للرجال, أو لكسبه كالمغصوب, أو لوصفه كالثوب الذي فيه إسبال, فبعض العلماء يرى عدم صحة الصلاة في ما كان محرماً لعينه أو لكسبه أو لوصفه. والراجح: صحة الصلاة مع الإثم إذا كان متعمداً غير معذور. 3) أن يكون طاهراً, والدليل قوله تعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (¬3)} , وسيأتي بيان هذا. 4) أن يكون غير مضر, فلو كان ستره لبدنه بثياب فيها ضرر على جسمه فلا نلزمه يلبس ذلك, لأن الله تعالى لم يوجب على عباده ما يشق عليهم. س15: ما هي أقسام العورة في باب الصلاة؟ ج/ أقسام العورة في باب الصلاة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: ¬

_ (¬1) أخرجه الطحأوي. (¬2) رواه مسلم. (¬3) (المدثر:4)

أولاً: عورة مغلظة: وهي عورة الحرة البالغة, فكلها عورة إلا وجهها في الصلاة ما لم تكن بحضرة رجال أجانب, فإن كانت بحضرتهم وجب عليها حتى تغطية وجهها. وهنا مسألة فرعية وهي: هل يجب تغطية الكفين والقدمين في الصلاة أم لا؟ ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى (¬1): إلى أن الحرة عورة إلا ما يبدو منها في بيتها وهو الوجه والكفان والقدمان, وقال: إن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كن يلبسن القمص وليس لكل إمرأة ثوبان, ولهذا إذا أصاب دم الحيض الثوب غسلته وصلت فيه كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أسماء بنت أبي بكر. وعلى هذا تكون القدمان والكفان ليسا عورة في الصلاة, وأما في النظر فهما عورة, وهذا القول يرجحه الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله قال: "فأنا أقلد شيخ الإسلام في هذه المسألة, وأقول إن هذا هو الظاهر وإن لم نجزم به, لأن المرأة حتى ولو كان ثوبها يضرب على الأرض فإنها إذا سجدت سوف يظهر باطن قدمها" أ. هـ (¬2). ثانياً عورة مخففة: وهي عورة الذكر من سبع سنوات إلى عشر, فهذا إذا ستر القبل والدبر صحت صلاته. والأحوط أن يستتر كالبالغ لقوله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (¬3). ثالثاً عورة متوسطة: وهي عورة الرجل إذا بلغ عشراً فما فوق, فعورته ما بين السرة والركبة, والسرة والركبة ليستا من العورة, لحديث على رضي الله عنه في قصة قتل حمزة لشارفي علي رضي الله عنه وفيه {أن حمزة صعد النظر إلى ركبتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد النظر إلى سرته (¬4)} , وكذلك الأمة عورتها في باب الصلاة من السرة إلى الركبة. وأم الولد: وهي من وضعت من سيدها ما تبين فيه خلق الإنسان. ¬

_ (¬1) مجموع الفتأوى 22/ 120 - 109, والاختيارات صـ40 - 41, وفقه ابن سعدي2/ 23 - 34. (¬2) الممتع 2/ 157. (¬3) (لأعراف: من الآية31) (¬4) رواه مسلم.

والمكاتبة: وهي التي اشترت نفسها من سيدها. والمدبرة: وهي التي علق عتقها بموت سيدها. قالوا إن هؤلا عورتهن في الصلاة ما بين السرة والركبة, ولكن هذا فيه نظر, قال ابن حزم رحمه الله: "لا فرق بين الحرة والأمة". وقال في المحلي (¬1): "وأما الفرق بين الحرة والأمة فدين الله تعالى واحد, والخليفة والطبيعة واحدة, وكل ذلك في الحرائر والإماء سواء حتى يأتي النص بالفرق بينهما في شيء فيتوقف عنده" أ. هـ. كذلك عورة المميزة وهي من تفهم الخطاب وترد الجواب. كذلك المراهقة وهي التي قاربت البلوغ (وهذا التعريف عند الفقهاء خلاف ما يتعارف عليه الناس اليوم) , فعورتها قالوا ما بين السرة والركبة, وذلك لعموم حديث عائشة رضي الله عنها {لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار (¬2)} , فيفهم منه أن غير البالغة تصح صلاتها بلا خمار, ولكن الأحوط: في المراهقة أن تستتر كالحرة, لقوله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ (¬3)} , وما تقدم هذا حكم العورة في باب الصلاة, أما في باب النظر فبحث هذا في كتاب النكاح. وهنا مسألة: إذا صلى الرجل البالغ وقد ستر ما بين السرة والركبة هل يلزمه ستر أحد عاتقيه أم لا؟ والعاتق: هو ما بين المنكب والرقبة, هذه المسألة على خلاف والراجح: أنه لا يجب ذلك أما قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة {لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء} (¬4) , فهذا لا يدل على الوجوب لأن الأمر بستر العاتق فيه ليس لأن العاتق عورة, بل لأنه لا يُؤمن أن تنكشف عورته إذا لم يشده على عاتقه, ولئلا يخلو العاتق من شيء, لأنه أكمل في أخذ الزينة. ¬

_ (¬1) 3/ 281. (¬2) رواه الخمسة إلا النسائي وصححه ابن خزيمة. (¬3) (لأعراف: من الآية31) (¬4) رواه البخاري ومسلم.

س16: ما الحكم فيمن صلى في ثوب محرم؟

س16: ما الحكم فيمن صلى في ثوب محرم؟ ج/ من صلى في ثوب محرم لعينه كالحرير للرجل, أو لكسبه كالمغصوب, أو لوصفه كالثوب الذي فيه إسبال بالنسبة للرجل أو كما لو صلى الرجل في ثوب امرأة أو العكس, فحكم صلاته على الصحيح أنها صحيحه مع الإثم, وإنما حكمنا بصحة الصلاة, لأن الستر حصل بهذا الثوب والجهة منفكة, لأن تحريم لبس الثوب ليس من أجل الصلاة ولكنه تحريم مطلق, فلو قال الشارع مثلاً (لا تصلِ في هذا الثوب) , لقيل بأن الصلاة باطلة فالشارع نهى عن لبس الثوب المحرم مطلقاً في صلاة أو غيرها. س17: إذا لم يجد إلا ثوباً مغصوباً أو مسروقاً فهل يصلي فيه أو يصلي عرياناً؟ ج/ إذا لم يجد إلا ثوباً مغصوباً أو مسروقاً يقال هذا فيه تفصيل: 1. أن كان صاحب الثوب يرضى بذلك لزمه أن يصلي فيه. 2. إن لم يكن يرضى فلا يلزمه أن يصلي فيه. أما إذا لم يجد الرجل إلا ثوب حرير فإنه يلبسه ويصلي فيه. والفرق بين الحرير وبين المغصوب والمسروق أن الحرير حق لله تعالى, فيلبسه إذا لم يجد غيره ويصلي فيه, أما المسروق والمغصوب فهو حق للمخلوق, فلا يلبسه ويصلي فيه إذا كان صاحبه لا يرضى بذلك كما تقدم. س18: ما هو الشرط السابع للصلاة؟ وما أدلة على ذلك؟ ج/ الشرط السابع هو: اجتناب النجاسة للبدن والثوب والبقعة, أما دليل اشتراط طهارة البدن, فلحديث ابن عباس رضي الله عنهما {أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستتر من البول, وأما الأخر فكان يمشي بالنميمة فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين, فغرز في كل قبر

س19: ما الحكم لو صلى بالنجاسة وهو عالم بها مع قدرته على إزالتها ولم يزلها؟

واحدة, فقالوا يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا} (¬1) , وكذلك أحاديث الاستنجاء والإستجمار, ومن ذلك ما ورد في حديث عائشة مرفوعاً {إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار, فإنها تجزئ عنه} (¬2) كلها تدل على ذلك. أما دليل اشتراط طهارة الثوب, فلقول الله تعالى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (¬3)} , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الحائض إذا أصاب ثوبها دم الحيض أن تغسله ثم تصلي فيه, كما في حديث أسماء بنت أبي بكر وقوله صلى الله عليه وسلم في دم الحيض يصيب الثوب {تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضخه ثم تصلي فيه}. أما دليل اشتراط طهارة المكان فلقوله تعالى {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (¬4). س19: ما الحكم لو صلى بالنجاسة وهو عالم بها مع قدرته على إزالتها ولم يزلها؟ ج/ من صلى بالنجاسة وهو عالم بها مع قدرته على إزالتها, ولم يزلها فإن صلاته باطلة, لأن اشتراط الطهارة في البدن والثوب والبقعة شرط لصحة الصلاة على الصحيح من أقوال أهل العلم, كما هو مذهب الجمهور. س20: إذا حبس الإنسان في مكان نجس فكيف يصلي؟ ج/ إذا حبس الإنسان في مكان نجس إن كانت النجاسة يابسة صلى كالعادة حتى السجود يكون تاماً, أما إذا كانت النجاسة رطبة فإنه يجلس على قدميه " أي يصلي قاعداً على قدميه " ولا يضع على الأرض غيرهما, تقليلاً للنجاسة, لأنه إذا كانت ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه أحمد, وأبو دأوود, وإسناده صحيح. (¬3) (المدثر:4) (¬4) (البقرة: من الآية125)

س21: ما الحكم لو مس ثوب المصلي ثوبا آخر نجسا ولم تنتقل إليه؟

النجاسة رطبة وجب أن يتوقاها بقدر الإمكان, وأقل ما يمكن أن يباشر النجاسة أن يجلس على القدمين, ولا يركع ولا يقعد, لأنه لو قعد لتلوث ساقه وثوبه وركبتيه فيقلل من النجاسة ما أمكنه, ويومئ بالركوع والسجود كذلك ما أمكنه. س21: ما الحكم لو مس ثوب المصلي ثوباً آخر نجساً ولم تنتقل إليه؟ ج/ لو مس ثوب المصلي ثوباً آخر نجساً ولم تنتقل إليه النجاسة فلا بأس بذلك, وصلاته صحيحة. س22: لو صلى بجانب حائط فيه نجاسة لكنه لم يستند إليه؟ ج/ لو صلى بجانب حائط فيه نجاسة لكنه لم يستند إليه فصلاته صحيحة كذلك. س23: لو صلى على سجادة أو على أي شئ طاهر لكن طرفه متنجس ولم يباشر النجاسة؟ لو صلى على سجادة أو على أي شئ طاهر لكن طرفه متنجس ولم يباشر النجاسة فصلاته صحيحة, لأنه لم يباشر النجاسة, ويدل على ذلك ما رواه أنس بن سيرين قال {استقبلنا أنساً حين قدم من الشام, فلقيناه بعين التمر فرأيته يصلي على حمار ووجهه من ذا الجانب "يعني عن يسار القبلة" فقلت {رأيتك تصلي لغير القبلة؟ فقال: لو أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ما فعلته} (¬1) , فيستفاد من هذا الحديث أن من صلى في موضع فيه نجاسة لا يباشرها بشيء منه فإن صلاته صحيحة, لأن الدابة لا تخلو من نجاسة ولو على منفذها " أي مكان خروج البول والغائط ". س24: ما الحكم لو صلى ورأى نجاسة بعد الانتهاء من الصلاة؟ ج/ من صلى ورأى نجاسة بعد الانتهاء من الصلاة, هذه مسألة لها خمس صور: ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم.

1. أن يرى النجاسة بعد الصلاة, لكنه لا يعلم متى أصابته النجاسة هل هي قبل الصلاة أو في أثناء الصلاة أو بعد الصلاة, فهذا صلاته صحيحة, لأن الأصل عدم النجاسة, ووجود النجاسة قبل الصلاة أو في أثنائها مشكوك فيه, فلا يترك اليقين للشك للقاعدة {أن اليقين لا يزول بالشك}. 2. أن يعلم أن النجاسة أصابته قبل الصلاة, ولكنه جهلها. مثال ذلك: رجل حمل صبياً قبل أن يصلي ثم صلى ولما رجع من صلاته وجد على ثوبه أثر النجاسة, وهو لم يحمل الصبي بعد الصلاة, فهنا قطعاً أنها قبل الصلاة ولكنه جهلها, فهذا أيضاً صلاته صحيحة ولا يلزمه الإعادة. 3. أن يعلم بالنجاسة قبل الصلاة, لكنه نسى أن يغسلها حتى فرغ من الصلاة, فصلاته صحيحة. 4. إذا علم بالنجاسة قبل الصلاة ونسيها ثم تذكرها أثناء الصلاة, أو لم يعلم بها إلا أثناء الصلاة, فإنه يزيلها سريعاً وتصح صلاته, لما ورد في حديث أبي سعيد ألخدري قال {بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره, فلما رأى القوم ألقوا نعالهم, فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال: ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن جبريل عليه السلام أتاني فأخبرني أن فيهما قذراً أو قال أذى وقال: إذا جاء أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى فليمسحه, وليصل فيهما} (¬1). وإن لم يزلها سريعاً لم تصح, لأنه صلى وهو حامل للنجاسة مع علمه بذلك. 5. أن يجهل الحكم أي يعلم أن هذه النجاسة من النجاسات وصلى, أو يجهل أن الصلاة بالنجاسات تبطل الصلاة, فصلاته صحيحة. الخلاصة: أن الصلاة في كل هذه المسائل صحيحة. ¬

_ (¬1) رواه أحمد, وأبو داود, وغيرهما, وصححه الحاكم على شرط مسلم.

س25: ما حكم صلاة من صلى في أرض مغصوبة؟

والدليل على ذلك القاعدة العامة في قوله تعالى {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا (¬1)} , وهناك أيضاً دليل خاص في الحالة الرابعة وهو حديث أبي سعيد ألخدري, فإذا لم يبطل هذا أول الصلاة فإنه لا يبطل بقية الصلاة. س25: ما حكم صلاة من صلى في أرض مغصوبة؟ ج/ إذا صلى الإنسان في أرض مغصوبة فالصحيح أن صلاته صحيحه مع الإثم, لأن النهي لا يعود إلى ذات المنهي عنه ولا إلى وصفه اللازم, وإنما إلى أمر خارج, فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل " لا تصلوا في الأرض المغصوبة " وإنما نهى صلى الله عليه وسلم عن الغصب والسرقة. س26: ما حكم الصلاة في المقبرة؟ ج/ الصلاة في المقبرة إذا دفن فيها ولو واحد باطلة, ولا تصح. والدليل على ذلك: حديث أبي سعيد ألخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام} (¬2) , ولما روى أبو مرثد الغنوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لا تصلوا إلى القبور, ولا تجلسوا عليها (¬3)}. السبب في ذلك ليست على النجاسة, وإنما لكون ذلك ذريعة ووسيلة إلى الشرك. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في مجموع الفتوى (¬4): " ونجاسة تراب المقبرة فيه نظر, فإنه مبني على مسألة الاستحالة, ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مقبرة للمشركين, ثم لما نُبش الموتى جعلت مسجداً مع بقاء ما بقي فيها من التراب, فبين أن الحكم معلق بظهور القبور لا بنجاسة التراب ". أ. هـ. ويستثنى من الصلاة في المقبرة: الصلاة على الجنازة, لفعله صلى الله عليه وسلم , كما ورد ذلك في حديث زيد بن ثابت في قصة المرأة التي كانت تقم المسجد فقال ¬

_ (¬1) (البقرة: من الآية286) (¬2) رواه أحمد, والترمذي, وغيرهما. (¬3) رواه مسلم. (¬4) 21/ 321.

س27: ما حكم الصلاة في المجزرة؟

النبي صلى الله عليه وسلم {هلاّ آذنتموني " أي أخبرتموني " فقال: دلوني على قبرها, فخرج بنفسه عليه السلام وصلى على قبرها} (¬1). س27: ما حكم الصلاة في المجزرة؟ ج/ الصلاة في المجزرة " وهي موضع نحر الإبل وذبح البقر والغنم " لا تصح, لأنها مظنة النجاسة فالدم المسفوح نجس. والدليل على ذلك حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم {نهى أن يصلى في سبع مواطن .. وذكر منها المجزرة} (¬2) , لكن لو صلى في المجزرة ولم يباشر النجاسة بأن صلى في طرفها, فصلاته صحيحة, لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. س28: ما حكم الصلاة في المزبلة؟ ج/ الصلاة في المزبلة " وهي مجمع الكنائس " لا تصح كذلك لعلة النجاسة, بدليل حديث ابن عمر السابق وفيه: (والمزبلة) والكلام هنا كا الكلام في الصلاة في المجزرة. س29: ما حكم الصلاة في الحش؟ ج/ الصلاة في الحش " وهو موضع قضاء الحاجة " , لا تصح كذلك الصلاة فيه, لأنه نجس خبيث ولأنه مأوى الشياطين, والدليل على عدم صحة الصلاة فيها حديث أبي سعيد المتقدم: {ألأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام} , وسيأتي بيان المراد بالحمام, فإذا كان الحمام لا تصح الصلاة فيه فالحش من باب أولى. س30: ما حكم الصلاة في أعطان الإبل؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه ابن ماجه, والترمذي, وعبدبن حميد في مسنده.

س31: ما حكم الصلاة بقارعة الطريق؟

ج/الصلاة في أعطان الإبل لا تصح أيضا, والمراد بمعاطن الإبل يشمل ثلاثة أشياء: 1) مباركها. 2) ما تقيم فيه وتأوي إليه. 3) ما تبرك فيه عند صدورها من الماء أو انتظارها الماء, وكذلك لو اعتادت الإبل أنها تبرك في مكان وإن لم يكن مكاناً مستقراً لها فإنه يعتبر معطناً, والدليل على النهي عن الصلاة في معاطن الإبل حديث جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {صلوا في مرايض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل (¬1)}. والحكمة من النهي عن ذلك: على الراجح ما ذكره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى حيث قال: " وأما أعطان الإبل فقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في توجيه ذلك " بأنها من الشياطين " "وبأنها خلقت من الشياطين " والشيطان اسم لكل عات متمرد من جميع الحيوانات فمعاطنها مأوى الشياطين أعني أنها في أنفسها جن وشياطين لمشاركتها لها في العتو والتمرد .. فنهى الشارع عن الصلاة فيها " أ. هـ (¬2). س31: ما حكم الصلاة بقارعة الطريق؟ ج/ المقصود بقارعة الطريق هو ما تقرعه الأقدام, وحكم الصلاة بقارعة الطريق صحيحة على الراجح, إذا لم يكن الطريق نجساً, لأن الأصل الحل, لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث {وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً} (¬3) , لكن إن كان الطريق مسلوكاً فالصلاة فيه حال سلوك الناس فيه تكون مكروهة من أجل الإنشغال والتشويش, وإن كان ذلك يؤدي إلى إيذاء سالكي الطريق فهذا محرم, لأذية الناس, لكن الصلاة صحيحة. س32: ما حكم الصلاة في الحماّم؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) شرح العمدة 2/ 159. (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س33: حكم الصلاة في سطح المقبرة والحش وأعطان الإبل والحمام؟

ج/ الحمام هو المغتسل, وكانوا في السابق يجعلون الحمامات مغتسلات للناس يغتسل فيها الناس " وليس المقصود به المرحاض " فالصلاة في الحمام لا تصح لحديث أبي سعيد المتقدم. س33: حكم الصلاة في سطح المقبرة والحش وأعطان الإبل والحمام؟ ج/ حكم الصلاة في أسطح ما يحرم الصلاة فيها وهي: المقبرة, الحش, وأعطان الإبل, الحمام, الراجح أن الصلاة في أسطح هذه المواضع صحيحة إلا أنه يستثنى من ذلك سطح المقبرة, لأن علة النهي في الصلاة في المقبرة هي كونها ذريعة إلى الشرك, وهذا موجود في السطح أيضاً, وبناءً على هذا يستثنى من ذلك سطح المقبرة, كما لو بُني غرفة في زأوية من المقبرة, فلا تصح الصلاة فوق سطحها لما تقدم. س34: ما حكم الصلاة في جوف الكعبة؟ ج/أما النافلة فهي صحيحة, لما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم {صلى في البيت ركعتين} (¬1). أما صلاة الفريضة فعلى خلاف والراجح صحة صلاة الفريضة في جوف الكعبة, للقاعدة {أن ما ثبت في النقل ثبت في الفرض إلا بدليل}. س35: ما هو الشرط الثامن من شروط الصلاة؟ ج/ الشرط الثامن من شروط الصلاة: استقبال القبلة, والمراد بالقبلة الكعبة, والدليل على اشتراط ذلك الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب: فلقول الله تعالى {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (¬2). ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) (البقرة: من الآية150)

س36: متى يكون استقبال القبلة من شروط صحة الصلاة؟

ومن السنة: قول النبي صلى الله عليه وسلم للمسيء في صلاته {إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر} (¬1). الإجماع منعقد على ذلك. فقد أجمع المسلمون على وجوب استقبال القبلة في الصلاة, قال شيخ الإسلام رحمه الله: " واستقبال القبلة (البيت الحرام) شرط لجواز الصلاة وصحتها, وهذا مما أجمعت عليه الأمة, والأصل فيه قوله تعالى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ "} أ. هـ (¬2). س36: متى يكون استقبال القبلة من شروط صحة الصلاة؟ ج/يكون استقبال القبلة من شروط صحة الصلاة مع القدرة على ذلك, ويخرج من ذلك العاجز عن استقبال القبلة, وبناءً على هذا يستثنى من استقبال القبلة ما يلي: 1 - العاجز عن استقبال القبلة كالمريض الذي لا يستطيع الحركة إذا كانت الحركة تؤثر عليه, أو لا تؤثر عليه, وليس عنده من يوجهه إلى القبلة, والدليل قول الله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (¬3)}. 2 - حال اشتداد الحرب, ومثل ذلك إذا كان هارباً من العدو المباح هربه, أو من سبع, أو من نار, لحديث ابن عمر {فإن كان خوف أشد من ذلك صلوا قياماً على أقدامهم, أو ركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها}. 3 - المتنفل الراكب السائر في سفره. س37: ما هي ضوابط جواز التنفل على الراحلة وترك استقبال القبلة؟ ج/ 1. أن تكون الصلاة نافلة, وضده المفترض. 2. أن يكون سائر وضده النازل في مكان, وعلى هذا لو كان مسافراً ووقف أثناء الطريق, فهذا ليس له أن يتنفل على الراحلة, بل ينزل منها ويصلي. ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (¬2) شرح العمدة 2/ 193. (¬3) (التغابن: من الآية16)

س38: لو كان مسافرا سيرا على الأقدام فهل له أن يتنفل؟

3. أن يكون في سفر وضده الحضر, وعلى هذا لو كان في بلده وكان البلد مترامي الأطراف, وهو على راحلته, فليس له أن يتنفل على الراحلة. س38: لو كان مسافراً سيراً على الأقدام فهل له أن يتنفل؟ ج/ لو كان مسافراً سيراً على الأقدام الصحيح أن له أن يتنفل, ويومئ بالركوع والسجود, لعموم قوله تعالى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ (¬1)}. والمعنى الذي أبيح للراكب أن يصلي لأجله موجود في الماشي "وهو تكثير النفل" ولأنه يجوز أن يصلي ماشياً طلباً للعدو في المكتوبة كما فعل عبدالله بن أنيس (¬2) , فكذلك في النافلة في السفر. س39: هل يلزم المسافر التنفل سواء كان راكباً أو ماشياً أن يستفتح الصلاة إلى القبلة؟ ج/ الصحيح في هذه المسألة أن الأفضل أن يبتدئ الصلاة متجهاً إلى القبلة, ثم يتجه حيث كان وجهه, لكن لا يلزمه ذلك. قال السعدي رحمه الله: (والصحيح أن المتنفل على راحلته لا يلزمه الإستقبال في الركوع والسجود, ولا في الإحرام, لأن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يصلي حيث توجهت به راحلته} (¬3). س40: بماذا يستدل على القبلة؟ ج/ يستدل على القبلة بما يلي: 1 - بمشاهدتها. ¬

_ (¬1) (البقرة: من الآية115) (¬2) حديث عبدالله بن أنيس (لما بعثه النبي - لقتل خالد بن سفيان الهذلي صلى ماشياً بالإيماء إلى الكعبة) أخرجه أحمد, وأبو داود وابن أبي شيبة, والبيهقي, وأبو يعلى, وسكت عنه أبو داود والمنذري, وحسنه الحافظ في الفتح. (¬3) أخرجه البخاري في الصلاة/باب ينزل للمكتوبة, ومسلم في صلاة المسافرين/باب جواز صلاة النافلة على الدابة عن ابن عمر رضي الله عنهما. المختارات الجلية صـ 43.

س41: ما الحكم لو اختلف مجتهدان في القبلة؟

2 - أن يكون بخبر ثقة, حتى ولو كان هذا الثقة أخبر عن اجتهاد فإنه يؤخذ بقوله إذا كان من أهل الاجتهاد في معرفة القبلة, والثقة تستلزم العدالة والخبرة. 3 - كذلك يستدل عليها بالمحاريب الإسلامية. 4 - كذلك من العلامات ”القطب" وهذا أثبت الأدلة لأنه لا يزول عن مكانه إلا قليلاً وهو من جهة الشمال, فإذا حدد الإنسان الشمال حدد باقي الجهات, ويقولون أنه خفي لا يراه إلا حاد البصر في غير الليالي المقمرة, ولكن قالوا يستدل عليه بالجدي. 5 - الشمس والقمر, لأن الشمس والقمر كلاهما يخرج من المشرق ويغرب من المغرب. س41: ما الحكم لو اختلف مجتهدان في القبلة؟ ج/ المجتهد هو العالم بأدلة القبلة, والحكم فيما لو اختلف مجتهدان في القبلة هذه المسألة لا تخلو من حالتين: 1) أن يختلفا جهة, وذلك بأن يقول أحدهما: الجهة هنا ويشير إلى الشمال, ويشير الآخر إلى الجنوب, قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع:) فإن كان المجتهد حين اجتهد واجتهد الآخر الذي هو أعلم منه صار عنده تردد في اجتهاده وغلبة ظنه في اجتهاد صاحبه فعلى المذهب لا يتبعه, لأنهم يقولون لا بد أن يكون خبر الثقة عن يقين. والراجح: أنه يتبعه, لأنه لما تردد في اجتهاده بطل اجتهاده, ولما غلب على ظنه صدق اجتهاد صاحبه وجب عليه أن يتبع ما هو أحرى, لحديث ابن مسعود مرفوعاً {فليتحر الصواب ثم ليبنِ عليه (¬1)} , أما إذا لم يحصل تردد عند أحدهما فكل منهما يصلي لوحده. 2 - أن يتفقا جهة, لكن يميل أحدهما يميناً والآخر شمالاً, فهنا التصحيح أنه يتبع أحدهما الآخر, لأن الواجب استقبال الجهة وقد اتفقا فيها. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في الصلاة/باب التوجه نحو القبلة حيث كان, ومسلم في المساجد/باب السهو في الصلاة. الممتع2/ 276.

س42: ما الحكم لو كان هناك مجتهدان اختلفا في الجهة وثالث ليس بمجتهد فأي المجتهدين تبع؟

س42: ما الحكم لو كان هناك مجتهدان اختلفا في الجهة وثالث ليس بمجتهد فأي المجتهدين تبع؟ ج/ أذا اختلف مجتهدان في الجهة وثالث ليس بمجتهد فالصحيح أنه يتبع أوثقهما, أي أعلمهما وأصدقهما وأشدهما تحرياً لدينه, لأن الصواب إليه أقرب, فإن تسأويا خُيّر أي يتبع من شاء منهما. س43: ما الحكم لو صلى الإنسان بغير اجتهاد ولا تقليد؟ ج/هذه المسألة لها ثلاث حالات: 1. أن يعلم أنه أخطأ (أي صلى إلى غير جهة القبلة) فعليه الإعادة. 2. أن يجهل الأمر, فعليه الإعادة, لأنه لم يأتِ بما أُمر به. 3. أن يعلم أنه أصاب, فهذا على الراجح أنه لا يعيد, وصلاته صحيحه. س44: ما الحكم لو صلى باجتهاد؟ ج/ إذا صلى باجتهاد فصلاته صحيحة سواء أخطأ أم أصاب, وسواء كان اجتهاده في السفر وهذا ظاهر, أو في الحضر على الراجح أي أن له أن يجتهد في البلد إذا كان من أهل الإجتهاد, ولو فعل ذلك وتبين خطؤه صحت صلاته, ولا يلزمه الإعادة على القول الراجح. س45: ما فرض من كان قريباً من القبلة (أي الكعبة)؟ ج/ الواجب عليه إصابة عين الكعبة, وهذا في حق من أمكنه مشاهدة الكعبة, وعلى هذا من كان في الحرم لزمه التوجه إلى عين الكعبة ببدنه كله. بحيث لا يخرج شيء منه عن الكعبة, وعلى هذا لو انحرف عنها بطلت صلاته ولزمته الإعادة, لأنه قادر على التوجه إلى عينها قطعاً فلم يجز العدول عنه.

س46: لو كان الإنسان لا يعرف اتجاه القبلة فاجتهد في تحريها فهل يلزمه أن يجتهد لكل صلاة, أم يكفي اجتهاده للصلاة الأولى؟

س46: لو كان الإنسان لا يعرف اتجاه القبلة فاجتهد في تحريها فهل يلزمه أن يجتهد لكل صلاة, أم يكفي اجتهاده للصلاة الأولى؟ ج/ الراجح أنه لا يلزمه أن يجتهد لكل صلاة ما لم يكن هناك سبب مثل: أن يطرأ عليه شك في الاجتهاد الأول فحينئذ يعيد النظر سواء كان الشك بإثارة الغير أو إثارة نفسه, ونظير ذلك المجتهد في المسائل العلمية .. فلا يلزمه أن يعيد البحث مرة أخرى ما لم يتبين له خطؤه فيجب إعادة النظر. س47: ما هو الشرط التاسع من شروط الصلاة؟ وما دليله؟ ج/ الشرط التاسع من شروط الصلاة (النية). فالنية لغة: هي القصد. أما في الشرع: العزم على فعل العبادة تقرباً إلى الله تعالى, وقد أجمع العلماء على أن الصلاة لا تصح إلا بنية لقوله تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ (¬1)} , ولحديث ابن عمر {إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئٍ ما نوى (¬2)}. س48: إلى كم تنقسم النية؟ ج/ تنقسم النية إلى قسمين: 1 - نية العمل له: وهذه هي التي يتكلم عنها الفقهاء رحمهم الله, لأنه يقصد بالنية النية التي تتميز بها العبادة عن العادة وتتميز بها العبادات بعضها عن بعض. 2 - نية المعمول له: وهذه يتكلم عنها علماء العقيدة, وهي أعظم من القسم الأول فنية المعمول له أهم من نية العمل, لأن عليها مدار الصحة قال تعالى في الحديث القدسي {أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه (¬3)}. ¬

_ (¬1) (البينة: من الآية5) (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

س49: ما فائدة النية؟

س49: ما فائدة النية؟ ج/ فائدة النية: الأولى: تميز العبادات عن العادات. مثال ذلك: الغسل قد يفعله الإنسان قربة إلى الله تعالى كالغسل عن الحدث الأكبر وكغسل الجمعة, وقد يفعله الإنسان للتبرد والتنظيف. الثانية: تمييز العبادات بعضها عن بعض. مثال ذلك: الصلاة فقد يصلي الإنسان ركعتين قد ينوي بها الفرض, وقد ينوي بها السنة المؤكدة, وقد ينوي بها النذر, وقد ينوي بها النفل المطلق. س50: أين محل النية؟ ج/ أجمع العلماء على أن محل النية القلب, لأن النية القصد والعزم على فعل الشيء ومصدر ذلك القلب. س51: هل يجهر بالنية؟ ج/ قال شيخ الإسلام في مجموع الفتأوى (¬1): (والجهر بالنية لا يجب ولا يستحب باتفاق المسلمين, بل الجهر بالنية مبتدع مخالف للشريعة, إذا فعل ذلك معتقداً أنه من الشرع فهو جاهل ضال يستحق التعزير والعقوبة على ذلك إذا أصر على ذلك بعد تعريفه والبيان له لا سيما إذا آذى من إلى جانبه برفع صوته أو كرر ذلك مرة بعد مرة, فإنه يستحق التعزير البليغ على ذلك) أ. هـ. س52: ما هي شروط النية؟ ج/ شروط النية هي؟ 1. الإسلام, فلو كان كافراً لم تصح منه نية العبادة, لأنه لم يأتِ بالأصل وهو التوحيد. ¬

_ (¬1) 22/ 218.

س53: ما هو زمن النية (أي متى تكون النية) هل لابد أن تكون مصاحبة لتكبيرة الإحرام في الصلاة أم يصح أن تكون قبلها بزمن يسير؟

2. العقل, فالمجنون لا قصد له صحيح, فلا نية له. 3. التمييز, لأن الصغير لا قصد له, فلا نية له, وحد التمييز على الصحيح أنه من فهم الخطاب ورد الجواب. س53: ما هو زمن النية (أي متى تكون النية) هل لابد أن تكون مصاحبة لتكبيرة الإحرام في الصلاة أم يصح أن تكون قبلها بزمن يسير؟ ج/ الراجح أن النية تصح حتى لو كانت النية قبل العبادة بزمن ولو كثر, مثلاً لو أذن المؤذن فقام الإنسان وتوضأ للصلاة ثم أقيمت الصلاة وغربت النية عن خاطره فالصلاة صحيحة, لأنه لم يفسخ النية الأولى فحكمها مستصحب إلى الفعل, لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم {إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمرئٍ ما نوى}. ويجب أن يعلم أن أمر النية ليس صعباً, قال شيخ الإسلام (¬1): (النية تتبع العمل, فمن علم ما يريد فعله قصده ضرورة) , حتى قال أهل العلم: لو كلفنا الله عملاً بدون نية لكن من تكليف ما لا يطاق. س54: هل يشترط مع النية أن يعين الصلاة التي يريد أن يصليها أم يكفي نية عموم الصلاة؟ ج/ يقال الصلاة لا تخلو من أمرين: 1) أن تكون الصلاة غير معينة كالنفل المطلق فهذا لا يشترط فيها التعين, فيكفي أن ينوي إرادة الصلاة فقط. 2) إذا كانت الصلاة معينة كصلاة الفريضة أو السنة الراتبة ونحو ذلك, فهذه كذلك على الصحيح لا يشترط تعيين المعينة فيكفي أن ينوي الصلاة, وتتعين الصلاة بتعين الوقت, فإذا توضأ لصلاة الظهر ثم صلى وغاب عن ذهنه أنها الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر فالصلاة صحيحة, لأن الإنسان لو سئل ماذا تريد بهذه الصلاة لقال أريد بها الصلاة الحاضرة سواءً كانت الظهر أو غيرها. ¬

_ (¬1) انظر (الاختيارات الفقهية من فتأوى شيخ الإسلام ابن تيمية) صـ49.

س55: لو كان الإنسان يصلي رباعية لكن لا يدري هل هي الظهر أو العصر أو العشاء ولكنه صلى أربعا بنية الواجب عليه فهل تصح صلاته أم لا؟

س55: لو كان الإنسان يصلي رباعية لكن لا يدري هل هي الظهر أو العصر أو العشاء ولكنه صلى أربعاً بنية الواجب عليه فهل تصح صلاته أم لا؟ ج/ الراجح أنه لا يشترط التعيين وأن الوقت هو الذي يعين الصلاة, وعلى هذا لو قال إنسان على صلاة رباعية فائته لكن لكن لا أدري أهي الظهر أو العصر أو العشاء فما الحكم؟ يقال له: صلِ أربعاً بنية ما عليك وتبرأ بذلك ذمتك. س56: لو قال إنسان أنا على صلاة من يوم لكن لا أدري أهي الفجر أو الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء فما الحكم؟ ج/ على القول بعدم اشتراط التعيين يقال له: صلِ أربعاً وثلاثاً واثنين, أربعاً تجزئ عن الظهر أو العصر أو العشاء, وثلاثاً عن المغرب, واثنين عن الفجر, وهذا هو الراجح. وعلى القول بوجوب التعيين قالوا يصلي خمس صلوات الفجر, والظهر, والعصر, والمغرب, والعشاء. لكن الراجح هو الأول. س57: هل يشترط تعيين الصلاة, كون الصلاة فرضاً أو أداء حاضرة أو قضاء أو إعادة أم لا؟ ج/ الصحيح أنه لا يشترط ذلك, فإذا صلى الظهر مثلاً فنية الظهر تتضمن نية الفرض, كذلك إذا صلى الصلاة في وقتها لا يشترط نية الأداء, لأنه إذا صلى في الوقت فهي أداء, كذلك لا يشترط في القضاء نية أنها مقضية, كذلك لا يشترط في الصلاة المُعادة نية الإعادة. الأداء: وهي فعل العبادة في وقتها المحدد شرعاً. القضاء: فعل العبادة بعد وقتها المحدد شرعاً. الإعادة: فعل العبادة مرة ثانية في وقتها المحدد شرعاً سواءً كان لبطلان الأولى أو لغير بطلانها.

س58: هل يشترط نية الإمامة للإمام أم لا؟

س58: هل يشترط نية الإمامة للإمام أم لا؟ مثال ذلك: لو أن رجلاً كان يصلي منفرداً, فجاء شخص ودخل معه في الصلاة, فانتقل هذا المصلي من كونه منفرداً إلى كونه إماماً, فهل يصح ذلك أم لا؟ ج/الراجح في هذا أنه لا بأس به, والدليل على ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها قالت: {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل في حجرته, وجدار الحجرة قصير فرأى الناس شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام الناس بصلاته (¬1)} , ولما رواه ابن عباس قال: {بّتٌُ عند خالتي ميمونة بنت الحارث, فقلت لها: إذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني, فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت إلى جنبه الأيسر, فأخذني بيدي, فجعلني من شقه الأيمن (¬2)} , وهذا وإن كان في النفل لكن القاعدة تقول {ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل}. س59: هل يشترط نية الائتمام بالنسبة للمأموم؟ مثال ذلك: لو أن رجلاً يصلي منفرداً ثم جاءت جماعة فدخل معهم, فهو انتقل من منفرد إلى مأموم, فهل يصح ذلك أم لا؟ ج/ الراجح أنه لا بأس بذلك؟ لأنه ثبت في السنة صحة الانتقال من الإنفراد إلى الإمامة, لحديث عائشة وابن عباس وقد تقدم ذكرهما, فدل هذا على أن مثل هذا التغير لا يؤثر, فكما يصح الانتقال من انفراد إلى إمامه, فإنه يصح الانتقال من انفراد إلى ائتمام ولا فرق. س60: إذا نوى الإمام غير الإمامة والمأموم غير الائتمام, فما هي صور هذه المسألة؟ ج/ هذه المسألة لها سبع صور: ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

1. أن ينوي الإمام أنه مأموم والمأموم أنه إمام, فهذه لا تصح للتضاد, لأن عمل الإمام غير عمل المأموم. 2. أن ينوي كل واحد منهما أنه إمام للآخر, وهذه أيضاً لا تصح للتضاد, لأنه لا يمكن أن يكون الإمام في نفس الوقت مأموم فلا يكون هناك مأموم. 3. أن ينوي كل واحد منهما أنه مأموم للآخر, فهذه أيضاً لا تصح, لأنهما في هذه الحالة لا يكون لهما إمام. 4. أن ينوي المأموم الائتمام ولا ينوي الإمام الإمامة, مثل: أن يأتي شخصان إلى إنسان فيقتديا به فينويا أنه إمامهما, وهذا الذي يصلي لم يعلم بأن أحداً يصلي وراءه وأنه إمام له, فالراجح هنا أنه يصح أن يأتم الإنسان بشخص لم ينو الإمامة, والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم {قام يصلي في رمضان ذات ليلة فاجتمع إليه ناس فصلوا معه ولم يكن علم بهم, ثم صلوا في الثانية والثالثة وعلم بهم ولكنه تأخر في الرابعة خوفاً من أن تفرض. عليهم} (¬1) , ولأن المقصود المتابعة وقد حصلت, وفي هذه الحالة يكون للمأموم ثواب الجماعة, ولا يكون للإمام, لأن المأموم نوى فكان له ما نوى والإمام لم ينوِ فلا يحصل له ما لم ينوه. 5. أن ينوي الإمام الإمامة دون مأموم, كرجل جاء إلى جنب رجل وكبر فظن الأول أنه يريد أن يكون مأموماً به فنوى الإمامة, والآخر لم ينو الإئتمام فهنا لا يحصل ثواب الجماعة لا للإمام ولا للمأموم, لأنه ليس هناك جماعة, قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (وهذه لو قال قائل بصحتها لم يكن بعيداً بشرط أن يقتدي المأموم بالإمام. أما إذا لم يقتد بالإمام فلا, لأن الجماعة لم تحصل (¬2) (أ. هـ 6. أن يتابعه بدون نيه, كما لو اقتدى شخص بشخص وهو محدث وخجل أن يذهب ليتوضأ فيتابعه وهو لم ينو الصلاة لأنه محدث, فهذه لا تصح والواجب عليه أن ينصرف. 7. أن ينوي الإمام أنه إمام والمأموم أنه مأموم, وهذه صحيحة بلا إشكال. ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها. (¬2) الممتع2/ 300.

س61: ما حكم الإنتقال من إئتمام إلى انفراد؟

س61: ما حكم الإنتقال من إئتمام إلى انفراد؟ ج/ مثال ذلك: لو دخل المأموم مع الإمام في الصلاة ثم طرأ له عذر كما لو كان الإمام يطول في الصلاة تطويلاً زائداً عن السنة, صح ذلك, بدليل حديث جابر رضي الله عنه {أن معاذاً صلى فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده فقيل له: نافقت, قال: ما نافقت, ولكم لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتان أنت يا معاذ؟ قالها مرتين (¬1)} , ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بإعادة الصلاة. كذلك من أمثلة ذلك لو طرأ على الإنسان عذر يشق معه أن يتابع الإمام, فينفرد ليكمل الصلاة, صح ذلك لكن بشرط أن يستفيد من الإنفراد, ومعنى ذلك لو كان الإمام يسبح في الركوع أو السجود مثلاً ثلاث مرات, فهذا المأموم إذا افرد يسبح على مرة واحدة, فهو يستفيد هنا, فهنا له الإنفراد, لكن لو كان الإمام اقتصر على الواجب في التسبيح بمعنى أنه لا يسبح إلا مرة واحدة فهنا لو انفرد المأموم فإنه لن يستفيد, فيقال له هنا: إما أن تستمر مع الإمام وإما أن تقطع الصلاة. س62: إذا نوى المأموم الإنفراد فهل تكفي قراءة الإمام الفاتحة عن المأموم الذي نوى الإنفراد؟ 1) إذا كان الإمام قرأ الفاتحة كلها, فله أن يركع لأن يركع لأن قراءة الإمام قراءة للمأموم. 2) إذا كان المأموم لم يقرأ الفاتحة, فإن المأموم يقرأها. 3) إذا قرأ الإمام نصف الفاتحة, فإن المأموم يكملها, وهذا التقسيم عند الحنابلة الذين يرون أن الإمام يتحمل القراءة عن المأموم سواءً في الصلاة السرية أو الجهرية. ¬

_ (¬1) متفق عليه.

س 63: ما الحكم فيما لو حصل للإمام عذرا يمنعه من الاستمرار في صلاته

والراجح: وجوبها على المأموم سواء في الصلاة السرية أو الجهرية كما سيأتي بيانه, وعلى هذا لو أراد المأموم أن ينفرد لعذر إن أراد الإنفراد حال القيام فإنه لا يركع حتى يقرأ الفاتحة, سواء قرأها الإمام أو قرأ نصفها أو لم يقرأ منها شيئاً. س 63: ما الحكم فيما لو حصل للإمام عذرا يمنعه من الاستمرار في صلاته؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من حالتين: 1) أن يكون العذر الذي طرأ على الإمام غير مبطل للصلاة, كما لو كان عذره الخوف على نفسه أو أهله أو حصره بول أو غائط ونحو ذلك, فهذا على الصحيح أنه يقطع صلاته, ويستخلف أحد المأمومين كما هو مذهب الجمهور. 2) أن يكون العذر مبطلاً للصلاة (أي يبطل صلاة الإمام) , كما لو سبقه الحدث, فكذلك هنا الراجح أن الإمام له أن يستخلف وصلاة المأموم وصلاة المأموم صحيحة حتى لو كان الإمام دخل في الصلاة وهو محدث ولم يعلم المأموم بحدث الإمام إلا بعد انتهاء الصلاة, فصلاة المأموم صحيحة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم, وإن أخطئوا فلكم وعليهم (¬1)} , فإن لم يستخلف الإمام فإن المأمومين بالخيار إذا أكملوا الصلاة جماعة بأن يقدموا أحدهم وهو الأحسن, وإن شاؤا صلوا فرادى. س64: ما حكم قلب الصلاة إلى نية صلاة أخرى؟ ج/هذه المسألة لها أربع صور؟ 1. نقل النية من معين إلى معين, فهنا الحكم تبطل الأولى ولا تنعقد الثانية, مثال ذلك: إنسان أحرم بصلاة الظهر ثم تذكر أنه لم يصلِ الراتبة القبلية فقلب النية من كونها صلاة ظهر إلى راتبة قبلية, فهنا تبطل الأولى ولا تنعقد الثانية, وعلى هذا يبدأ الصلاة من جديد. ¬

_ (¬1) رواه البخاري.

س65: ما الحكم لو أنه عزم على قطع نية الصلاة؟

2. نقل النية من مطلق إلى مطلق, كما لو أراد أن يصلي قبل المغرب أربع ركعات يسلم من كل ركعتين, فبدأ بالركعتين الأوليين ثم قلبها إلى الأخيرتين, فلا بأس بذلك. 3. نقل النية من معين إلى مطلق, فهذا يصح كما لو قلب صلاة الظهر أو الراتبة إلى نفل مطلق, لأنه لما شرع في الظهر أو السنة الراتبة جمع في صلاته بين نيتين, نية الصلاة ونية التعيين, فهو أبطل نية التعيين وبقيت نية الصلاة, ونية الصلاة تكفي للنفل المطلق, لكن يشترط هنا ألا يتضايق الوقت, فلو أحرم للظهر مثلاً وقلبها نفلاً صح ذلك لكن بشرط ألا يكون وقت الظهر (أي أن وقت الصلاة) قرب أن يخرج. 4. نقل النية من مطلق إلى معين, كما لو أراد أن يقلب النفل المطلق إلى سنة راتبة أو صلاة ظهر مثلاً, فهذا لا يصح. س65: ما الحكم لو أنه عزم على قطع نية الصلاة؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من أحوال: الحالة الأولى: أن يقطع نية الصلاة, فهذه تبطل صلاته بلا إشكال لقطعه النية. مثال ذلك: لو أن مصلياً قام يتنفل ثم ذكر أن له شغلاً فقطع النية, فإن الصلاة تبطل ولا شك, لقوله صلى الله عليه وسلم {إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمريء ما نوى} (¬1) , وهذا قد نوى القطع فانقطعت. الحالة الثانية: أن يعزم على القطع, فهنا كذلك تبطل الصلاة, لأن النية عزم جازم, ومع العزم على قطعها لا جزم فلا نية. الحالة الثالثة: أن يتردد في قطع النية, كما لو كان يصلي فطرق عليه الباب فتردد في قطع الصلاة فهنا الصحيح أن النية لا تبطل, لأن الأصل بقاء النية, والتردد لا ينافي ذلك. ¬

_ (¬1) متفق عليه.

{كتاب الصلاة}

الحالة الرابعة: إذا علق النية على شرط, كما لو قال: إن كلمني زيد قطعت صلاتي, فالراجح في هذه الحالة أنها لا تبطل, لأنه قد يعزم على أنه إن كلمه زيد تكلم, ولكنه يرجع عن هذا العزم. الحالة الخامسة: أن يعزم على فعل محظور في الصلاة, كما لو عزم أن يأكل أو يشرب إذا شرع في الصلاة, فهنا لا تبطل النية قولاً واحداً, لأن البطلان هنا بفعل المحظور ولم يوجد. {كتاب الصلاة} الصلاة لغةً: الدعاء والإستغفار, ومنه قوله تعالى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ (¬1)} , ولحديث عبد الله بن أبي أوفى صلى الله عليه وسلم {وكان النبي إذا أتاه قوم بصدقاتهم صلى عليهم, فأتاه أبي بصدقته فقال: أللهم صلِ على آل أبي أوفى} (¬2). اصطلاحاً: التعبد لله سبحانه وتعالى بأقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير ومختتمة بالتسليم وقد ثبت وجوبها بالكتاب والسنة والإجماع. س1: ما هي فضائل الصلاة؟ ¬

_ (¬1) (التوبة: من الآية103) (¬2) رواه مسلم.

س2: على من تجب الصلاة؟

ج/فضائل الصلاة كثيرة منها: 1. أنها خمس صلوات بأجر خمسين صلاة. 2. تكفير الذنوب. 3. أنها فرضت في أفضل ليلة وهي ليلة الإسراء والمعراج. 4. أنها فرضت في أعلى مكان يصل إليه البشر. 5. أنها فرضت دون واسطة. س2: على من تجب الصلاة؟ ج/تجب الصلاة على كل مسلم مكلف, والمكلف يقصد به البالغ العاقل. وتصح من الصبي المميز وهو من فهم الخطاب ورد الجواب والثواب له, لقوله تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ} (¬1) , ويلزم وليه أمره بها لسبع وضربه على تركها لعشر, لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {مرو أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع, واضربوهم عليها لعشر, وفرقوا بينهم في المضاجع (¬2)}. س3: ما حكم من ترك الصلاة؟ ج/ تارك الصلاة لا يخلو من أمرين: 1 - أن يتركها جحداً لوجوبها, فهذا كافر بلإجماع بلا خلاف, قال في الإفصاح (¬3) (وأجمعوا على أن كل من وجبت عليه الصلاة من المخاطبين بها, ثم امتنع من الصلاة جاحداً لوجوبها, فإنه كافر ويجب قتله ردة) أ. هـ. 2 - أن يتركها كلية تهأوناً أو كسلاً, فعلى خلاف, والراجح أنه كافر كما هو مذهب الحنابلة. وأدلة ذلك كثيرة منها: ¬

_ (¬1) (فصلت: من الآية46) (¬2) رواه أحمد, وأبو داود, وهو صحيح. (¬3) 1/ 101.

س4: ما حكم من كان يصلي ويخلي " أي يصلي بعض الأوقات دون بعض"؟

أ- قوله تعالى {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً , إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} (¬1) , فدل على أنهم حين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات أنهم ليسوا بمؤمنين. ب- حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة (¬2)}. ج- حديث بريدة مرفوعاً {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر (¬3)} , إلى غير ذلك من الأدلة. س4: ما حكم من كان يصلي ويخلي " أي يصلي بعض الأوقات دون بعض"؟ ج/ قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (والذي يظهر من الأدلة أنه لا يكفر إلا بترك الصلاة دائماً, فإن كان يصلي ويخلي فإنه لا يكفر, وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم {بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة} , فهذا ترك صلاة لا الصلاة, ولأن الأصل بقاء الإسلام, فلا نخرجه منه إلا بيقين, لأن ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين فأصل هذا الرجل المعين مسلم أ-هـ. ولكن مع ذلك يقال لا شك أن فاعل ذلك على خطر عظيم ويخشى عليه من سوء الخاتمة, ويكفي أن جمعاً من أهل العلم يقولون بكفر من فعل ذلك. {أركان الصلاة} الركن لغةً: جانب الشيء الأقوى, ولهذا تسمى الزأوية ركناً, لأنها أقوى جانب في الجدار, لكونها معضودة بالجدار الذي إلى جانبها. ¬

_ (¬1) (مريم:59 - 60) (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أحمد, وأبو داود, والترمذي, والنسائي, وابن ماجة.

س5: ما الفرق بين الأركان والواجبات والسنن؟

اصطلاحاً: ما تتركب منه العبادة " أي ما هي العبادة التي تتركب منها " ولا تصح بدونها. س5: ما الفرق بين الأركان والواجبات والسنن؟ ج/ الأركان لا تسقط لا عمداً ولا سهواً ولا تجبر بسجود السهو, وأما الواجبات فتسقط سهواً وتجبر بسجود السهو, وتبطل الصلاة بتركها عمداً, وأما السنن فلا تبطل الصلاة بتركها عمداً ولا سهواً, لكن يستحب السجود لترك سنة عادته الإتيان بها وسيأتي بيان ذلك في سجود السهو. الركن الأول: (القيام في الفرض مع القدرة) , والدليل على ذلك قوله تعالى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (¬1)} , ومن السنة حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {صلِ قائماً فإن لم تستطع فعلى جنب (¬2)}. والإجماع منعقد على ذلك, قال في الإفصاح: اتفقوا على أن القيام في الصلاة المفروضة فرض على المطيق له, وأنه متى ما أخل به مع القدرة عليه لم تصح صلاته. س6: ما حكم صلاة التنفل قاعداً؟ ج/ لا بأس بصلاة المتنفل قاعداً حتى مع قدرته على القيام, لحديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً {وكان يصلي ليلاً طويلاً قاعداً} (¬3) , لكن إن صلى في النفل قاعداً مع قدرته على القيام فهو على النصف من أجر القائم, لحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم (¬4)}. ¬

_ (¬1) (البقرة: من الآية238) (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه مسلم. (¬4) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين/باب جواز النافلة قائماً وقاعداً, حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه.

س7: إذا لم يتمكن من القيام في الفرض إلا مستندا على شيء فهل يجب أم لا؟

س7: إذا لم يتمكن من القيام في الفرض إلا مستنداً على شيء فهل يجب أم لا؟ ج/ إذا لم يتمكن من القيام إلا بالإستناد على عصى ونحوه وجب عليه ذلك, لكن لو كان يتمكن من القيام بدون اعتماده على شيء ثم اعتمد على شيء بحيث لو أزيل هذا الشيء الذي اعتمد عليه سقط الشخص, فإن صلاته ليست بصحيحة, لأنه لم يحقق ركن القيام, وبناءً على هذا نعلم خطأ من يتكئون على الجدر حال قيامهم للصلاة. لكن إذا كان الاعتماد خفيفاً فلا بأس, وضابط ذلك أنه لو أزيل هذا الشيء الذي استند عليه لم يسقط هذا الشخص, فهذا لا بأس به, لأن الاستناد هنا خفيفاً. س8: ما ضابط القيام المجزئ؟ ج/ حده أن من راه يقول هذا قائم وليس براكع, فإن كان إلى القيام أقرب, فقد حقق ركن القيام, لكن لو كان الإنسان خلقته أنه منحني الظهر لتشوه في خلقته أو لكبر أو مرض ونحو ذلك, فإنه يقف ولو كراكع ولا يسقط عنه القيام, لأن هذا هو قيامه, لأن القيام في الحقيقة يعتمد على انتصاب الظهر وانتصاب الرجلين, فإن فات أحد الانتصابين وجب الآخر. س9: ما الحكم لو انتصب واقفاً لكنه خفض رأسه كهيئة الإطراق؟ ج/ يقال بأن صلاته صحيحة ولا يضر ذلك. س10: ما الحكم لو قام على رجل واحدة ورفع الأخرى؟ ج/ صلاته صحيحة لكنه مع كراهية ذلك. الركن الثاني: (تكبيرة الإحرام) , وهي ركن من أركان الصلاة, وليس شيء من التكبيرات ركناً سوى تكبيرة الإحرام لحديث أبي هريرة مرفوعاً {إذا قمت إلى الصلاة

س11: بم تنعقد تكبيرة الإحرام؟

فاستقبل القبلة فكبر (¬1)} , ولحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {تحريمها التكبير (¬2)}. س11: بمَ تنعقد تكبيرة الإحرام؟ ج/تنعقد بلفظ "الله أكبر" , ولا تنعقد بغيرها كقول "الله الأجل" أو "الله الأعظم" ونحو ذلك, ولو كان يجزئ غير لفظ "الله أكبر" لورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو مرة واحدة أنه قال ذلك, لما لم يقل دل على تعين لفظ "الله أكبر". س12: ما هو وقت تكبيرة الإحرام؟ ج/ وقتها حال قيام الإنسان للصلاة, وبناءً على هذا يُعلم خطأ ما يفعله بعض الناس إذا دخل المسجد والإمام راكع فإنه يأتي مسرعاً ويركع للإحرام أثناء ركوعه, فهذا لا تصح صلاته, لأن تكبيرة الإحرام لابد أن تكون أثناء القيام. س13: ما كيفية النطق بتكبيرة الإحرام؟ ج/تنطق بلفظ "الله أكبر" وبناءً على هذا لو مد الهمزة وقال " آلله أكبر" فلا تجزئ, لأن هذا اللفظ استفهام, كذلك لو مد همزة " أكبر" وقال " آكبر" فهذا استفهام أيضاَ. س14: عند تكبيرة الإحرام وكذا كل قول سواء ركناً أو واجباً, هل لابد من الجهر بحيث يسمع الإنسان نفسه أم لا يلزم ذلك؟ ج/ الراجح أنه لا يلزمه ذلك "أي لا يلزمه أن يسمع نفسه" فإذا أمرَّ الحروف على لسانه وحرك لسانه بذلك كفى ذلك, لأن الصوت زائد على ما جاء في السنة, لكنه لو كبر بقلبه أو قرأ الفاتحة بقلبه وكذا بقية الأذكار فإن ذلك لا يجزئ, لأن عمل ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم.

س15: ما الحكم فيما لو كان لا يعرف قراءة الفاتحة, كما لو كان حديث عهد بإسلام وحضرت الصلاة فماذا يفعل؟

القلب لا يترتب عليه إثابة ولا عقوبة, لقول النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في الحديث {إن الله تجأوز لأمتي عمّا حدّثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكّلم به (¬1)}. الركن الثالث: (قراءة الفاتحة) , والدليل على أنها ركن حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬2)} , وهذا النفي للصحة, ولابد أن يقرأها كاملة مرتبة بآياتها, وكلماتها, وحروفها, وحركاتها, فلو قرأ ست آيات منها مثلاً لم تصح, ولو قرأ سبع آيات ولكنه أسقط الضالين لم تصح, كذلك لو أسقط حرفاً لم تصح, كذلك إذا أخلف حركاتها وكان اللحن يحيل المعنى " أي يغيره" لم يصح ذلك كما لو فتح همزة (إهدِنَا) وقال (أهدنا) , أما إذا كان لا يحيل المعنى فلا بأس بذلك. والفاتحة فيها إحدى عشر تشديدة, لو أخل بواحدة منها لم تصح, كتشديد الباء في قوله {رَبِّ ِالعَالَمِين} , لأن الحرف المشدد عن حرفين, فإذا ترك تشديدة أصبح بمثابة من أسقط حرفاً. س15: ما الحكم فيما لو كان لا يعرف قراءة الفاتحة, كما لو كان حديث عهد بإسلام وحضرت الصلاة فماذا يفعل؟ ج/ يقال أن الجاهل بالفاتحة له أحوال: الأولى: أن يكون عالماً ببعض الفاتحة فقط دون غيرها, فهنا على الصحيح يجب عليه قراءة ما يعرفه, ولا يجب تكراره. الثانية: أن يكون عالماً ببعض الفاتحة وببعض غيرها من القرآن, كما لو كان يعرف ثلاث آيات من الفاتحة وأربعاً من غيرها مثلاً, فهنا على الراجح يجب عليه قراءة ما يحسنه من الفاتحة ثم يأتي بالبدل عن باقيها. ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

س16: لو كان جاهلا لا يعرف الفاتحة أو حديث عهد بإسلام ويحتاج إلى أن يتعلمها, فهل يجمع الصلاة مع ما بعدها إذا كانت تجمع من أن أجل أن يتعلم الفاتحة أم لا؟

الثالثة: أن يكون عاجزاً عن الفاتحة وعن غيرها من القرآن, فهنا على الراجح أنه يتعين عليه أن يذكر الله بالأذكار الخمسة الواردة وهي (سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله) , والدليل على ذلك ما رواه عبدالله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال {إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً فعلمني ما يجزئني منه. قال: قل سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله} (¬1). س16: لو كان جاهلاً لا يعرف الفاتحة أو حديث عهد بإسلام ويحتاج إلى أن يتعلمها, فهل يجمع الصلاة مع ما بعدها إذا كانت تجمع من أن أجل أن يتعلم الفاتحة أم لا؟ ج/ يقال لا يجمع الصلاة مع ما بعدها وإنما يصليها في وقتها, ويأتي من الفاتحة بحسب استطاعته, كما تقدم في السؤال الخامس عشر. س17: ما الحكم فيما لو كان الإنسان إذا صلى قائماً لم يستطع قراءة الفاتحة, ولو صلى جالساً استطاع أن يقرا الفاتحة فأيهما يقدم هل يقال له صلَّ قائماً ولو لم تقرأ الفاتحة, أم يقال صلَّ قاعداً واقرأ الفاتحة؟ ج/ يقال يصلي قاعداً ويقرأ, لأن القراءة آكد " أي قراءة الفاتحة ". والدليل على أن القراءة آكد من القيام أن القيام في النفل يسقط حتى مع قدرة الإنسان عليه, كما تقدم بيان ذلك, بخلاف قراءة الفاتحة فإنها ركن حتى في النفل. س18: هل قراءة الفاتحة ركن في كل ركعة أم لا؟ ج/ الصحيح أنها ركن في كل ركعة, ويدل على ذلك ما يلي: ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والدارقطني وصححه الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي وحسنه الألباني في الإرواء.

س19: هل قراءة الفاتحة ركن أو واجب؟ وعلى من تجب؟

أ- حديث أبي قتادة قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين, وفي الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا الآية} (¬1). ب- حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً {ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن .. وفيه: ثم افعل ذلك في صلاتك كلها} (¬2) , وفي رواية {ثم اصنع ذلك في كل ركعة (¬3)}. س19: هل قراءة الفاتحة ركن أو واجب؟ وعلى من تجب؟ ج/ قراءة الفاتحة ركن كما تقدم, والراجح في ذلك أنها ركن في حق الإمام والمنفرد في الصلاة السرية والجهرية, وأما المأموم في الصلاة الجهرية فعلى خلاف هل تجب قراءتها عليه أم لا؟ والراجح أنها تجب عليه حتى في الصلاة الجهرية, وقد دلت السنة على وجوب قراءتها على المأموم في صلاة الفجر, وصلاة الفجر جهرية, ففي حديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم صلاة الفجر فلما انصرف قال {لعلكم تقرأون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم, قال: لا تفعلوا إلا بأم الكتاب, فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬4)}. س20: تقدم أن قراءة الفاتحة أنها واجبة حتى على المأموم وسواء كان ذلك في الصلاة الجهرية أو السرية. لكن متى تسقط عن المأموم؟ ج/ تسقط عنه إذا أدرك أمامه راكعاً أو قائماً قريباً من الركوع, ولم يتمكن من قراءة الفاتحة, لركوع إمامه. والدليل على ذلك: حديث أبي بكرة رضي الله عنه حين دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم كان راكعاً فأسرع وركع قبل أن يصل إلى الصف ثم استمر في ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه أحمد عن رفاعة عن أبي رافع, رواه البيهقي عن أبي هريرة, وصححه النووي في المجموع. (¬4) رواه الإمام أحمد, أبو داود, والترمذي, وغيرهم.

س21: ما الحكم لو شرع بقراءة الفاتحة ثم قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين؟

صلاته, فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال {أيكم الذي فعل هذا؟ قال أبو بكرة: أنا يا رسول الله, قال: زادك الله حرصاً ولا تعد (¬1)}. ومع ذلك لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء الركعة التي أدرك ركوعها دون قراءتها, ولو كانت الركعة غير صحيحة, لأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الركعة كما أمر المسيئ في صلاته بإعادة الصلاة, لعدم الإتيان بأركانها. س21: ما الحكم لو شرع بقراءة الفاتحة ثم قطعها بذكر أو سكوت غير مشروعين؟ ج/ يقال إن كان الفاصل طويلاً وجب عليه الإعادة, كما لو قال مثلاً {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وجعل يثني على الله سبحانه وتعالى: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, وسبحان الله بكرة وأصيلاً, الله أكبر كبيراً, والحمد لله كثيراً وقام يدعو بدعاء ثم قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فهنا طال الفصل فيجب عليه الإعادة, وكذا لو قرأ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وسكت سكوتاً طويلاً, وجب عليه إعادة الفاتحة من أولها, لكن بشرط أن يكونا غير مشروعين " أي الذكر والسكوت " فإن كانا مشروعين فلا بأس كما لو قرأ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فقطعها بدعاء وقال: اللهم اجعلني منهم فهذا يسير ولا يضر, كذلك لو قرأ المأموم بعض الفاتحة ثم شرع الإمام بقراءة سورة وسكت ليستمع لقراءة إمامه وهو يعلم أن إمامه يسكت قبل الركوع سكوتاً يتمكن معه " أي أنه لا يبطل الصلاة " فلا يضر ولو طال. الركن الرابع: (الركوع) , والركوع ركن من أركان الصلاة بدلالة القرآن والسنة والإجماع. أما القرآن فلقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا (¬2)}. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في الأذان/ باب إذا ركع دون الصف. (¬2) (الحج: من الآية77)

س22: ما هو أقل الركوع؟ أي ما هو ضابط الركوع المجزئ؟

ومن السنة حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً {إذا قمت إلى الصلاة فكبر ... ثم اركع حتى تطمئن راكعا ..} (¬1). والإجماع منعقد على ذلك, قال ابن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا على أن الركوع فرض. س22: ما هو أقل الركوع؟ أي ما هو ضابط الركوع المجزئ؟ ج/ الصحيح في ذلك ما حده المجد وهو جد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: (والواجب من الركوع أن ينحني بحيث يكون إلى الركوع التام أقرب منه إلى الوقوف التام, يعني بحيث يعرف من يراه أن هذا الرجل راكع) أ. هـ (¬2). الركن الخامس: (الرفع من الركوع) , وهو ركن من أركان الصلاة عند الجمهور وهو الصحيح, بدليل حديث أبي هريرة مرفوعاً في المسيئ صلاته وفيه {ثم اركع حتى تطمئن راكعاً, ثم ارفع حتى تعتدل قائماً, ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً, ثم ارفع حتى تطمئن جالساً} (¬3) , وفي رواية {حتى تطمئن قائماً (¬4)} , ولحديث أبي مسعود الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {لا تجئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود} (¬5). س23: لو رفع الإنسان رأسه من الركوع فزعاً فهل يجزئه ذلك أم لابد أن يركع مرة ثانية ويرفع بنية الرفع؟ ج/الأحوط في ذلك أن يرجع إلى الركوع مرة ثانية ثم يرفع رأسه, ليكون رفعه لرأسه مقترناً بنية الرفع من الركوع, والله تعالى أعلم. ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) الانصاف2/ 59. (¬3) متفق عليه. (¬4) أخرجه ابن ماجه قال ابن حجر: إسناده على شرط مسلم. (¬5) رواه أحمد, وابو داود, والترمذي ,وابن ماجه ,وصححه الترمذي.

س24: ما حكم الإطالة بعد الرفع من الركوع؟

الركن السادس: (الاعتدال منه) , لقوله صلى الله عليه وسلم للمسيئ في صلاته {ثم ارفع حتى تعتدل قائماً} , ولحديث أبي رفاعة {فإذا رفعت من الركوع فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها} (¬1). وبعض العلماء يجعل الرفع من الركوع والإعتدال قائماً ركناً واحداً, وبعضهم يجعلهما ركنين, وكذلك السجود والجلوس بين السجدتين, بعض العلماء يجعلها ركناً واحداً, وبعضهم يجعلهما ركنين. س24: ما حكم الإطالة بعد الرفع من الركوع؟ ج/ الإطالة بعد الرفع من الركوع سنة, خلافاً لمن قال أنه رفع من الركوع, وأطال الرفع فاته الموالاة بين الأركان, ويدل لذلك حديث البراء بن عازب قال {رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله, بعد الركوع, فسجدته, فجلسته, بين السجدتين, فجلسته ما بين التسليم والإنصراف قريباً من السواء} , ورواه البخاري بلفظ {كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده, وبين السجدتين, وإذا رفع من الركوع, ما خلا القيام والقعود قريبا من السواء} , فهذا دليل على أنه كان يطيل ركن الإعتدال من الركوع. الركن السابع: (السجود) , وهو ثابت في الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فلقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا (¬2)}. وأما السنة: كما في حديث المسيء صلاته وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً} (¬3) , ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {أُمرنا أن نسجد على ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد, وابن ماجه. (¬2) (الحج: من الآية77) (¬3) متفق عليه.

س25: ما هو أكمل السجود؟

سبعة أعضاء: الجبهة, وأشار بيده إلى أنفه, والكفين, والركبتين, وأطراف القدمين (¬1)}. س25: ما هو أكمل السجود؟ ج/ أكمله تمكين السجود على الأرض وهي: الجبهة, والأنف, والكفين, والركبتين, والركبتين, وأطراف أصابع الرجلين من السجود, لما ورد في حديث أبي حميد {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد أمكن جبهته وأنفه من الأرض, ونحى يديه عن جنبيه, ووضع كفيه حذو منكبيه (¬2)}. س26: ما هو أقل السجود على الأعضاء السبعة؟ ج/ أقله أن يضع شيئاً من كل عضو, فلو سجد ووضع شيئاً من الأنف أو شيئاً من الجبهة أجزاء ذلك, بمعنى أنه يكفي أن يضع بعض العضو, فإذا فعل ذلك أجزاه, لكن لو رفع عضواً من الأعضاء كلية مع تمكين بقية الأعضاء, فهذا لا يجزئ, فلابد من تمكين جميع الأعضاء, أو تمكين بعض جميعها. س27: ما حكم السجود على نحو القطن المنفوش؟ ج/ هذا لا يصح, لأنه لا يعتبر ساجداً على الأرض, لكن إذا كان هذا القطن ونحوه كالإسفنج خفيفاً بحيث أنه ينكبس على الأرض عند السجود فلا بأس بذلك, وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى سؤالاً مفاده: أنه انتشر في الأونة الأخيرة في المساجد وضع شيء من الإسفنج يوضع تحت السجاد للصلاة فما الحكم فيها؟ فأجاب رحمه الله: إذا كان الإسفنج خفيفاً ينكبس عند السجود عليه, فلا بأس لكن تركه أولى, لئلا يتباهى الناس بذلك. ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

س28: ما حكم وضع الحائل بين الإنسان وبين موضع سجوده؟

س28: ما حكم وضع الحائل بين الإنسان وبين موضع سجوده؟ ج/ الحائل ينقسم إلى ثلاثة أقسام: 1 - أن يكون الحائل من أعضاء السجود, كما لو سجد على كفه مثلاً, فهذا لا يجوز, ولا يجزئ السجود, لإفضائه إلى تداخل أعضاء السجود, ولأنه خلاف أمره وفعله عليه الصلاة والسلام. 2 - أن يكون الحائل من غير أعضاء السجود لكنه متصل بالمصلي, كما لو سجد على طرف شماغه مثلاً, فهذا له حالتان: الحالة الأولى: أن يكون لعذر, فهذا جائز بلا كراهة, لما روى أنس قال {كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف ثوبه من شدة الحر مكان السجود} (¬1) , ولأبي داود {كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر, فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه}. الحالة الثانية: أن يكون لغير عذر فهذا مكروه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتأوى (¬2) (فالأحاديث والآثار تدل على أنهم في حال الإختيار كانوا يباشرون الأرض بالجباه, وعند الحاجة كالحر ونحوه يتقون بما يتصل بهم من طرف ثوب وعمامة وقلنسوة, ولهذا كان أعدل الأقوال في هذه المسألة أنه يرخص في ذلك عند الحاجة, ويكره السجود على العمامة ونحوها عند عدم الحاجة) أ. هـ. وقال ابن القيم في الهدي (¬3) (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسجد على جبهته وأنفه دون كور العمامة, ولم يثبت عنه السجود على كور العمامة من حديث صحيح ولا حسن) أ. هـ. 3 - أن يكون الحائل غير متصل بالمصلي, فهذا لا بأس به, لكن قال الفقهاء: يكره أن يخص جبهته بما يسجد عليه, لأنه يشبه فعل الرافضة قبحهم الله. ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) 22/ 172. (¬3) 1/ 231.

س29: ما الحكم إذا عجز عن السجود على جبهته؟

قال ابن القيم في الهدي (¬1) (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد على الأرض كثيراً, وعلى الماء والطين, وعلى الخمرة المتخذة من خوص النخل, وعلى الحصير المتخذ منه, وعلى الفروة المدبوغة) أ. هـ. س29: ما الحكم إذا عجز عن السجود على جبهته؟ ج/ الأصل وجوب السجود على الأعضاء السبعة, وما عجز عنه سقط عنه, فإذا عن السجود على الجبهة سقط عنه السجود على هذا العضو فقط دون بقية الأعضاء, لأن بعض العلماء قال بأن الجبهة هي الأصل, فإذا لم يستطع السجود عليها سقط عنه السجود على بقية الأعضاء, وهذا غير صحيح, فالأعضاء كلها أصل. س30: ما حكم ما يفعله بعض المصلين أنه لم يستطع أن يسجد على الأرض وضع شيئاً مرتفعاً وسجد عليه؟ ج/ سئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: عن امرأة تعاني من ألم في المفاصل, وتصلي وهي جالسة هل يجب عليها عند السجود أن تضع شيئاً تسجد عليه مثل وسادة أو غيرها؟ فأجاب رحمه الله فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين {صلِ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب (¬2)} , فإذا كانت هذه المرأة لا تستطيع القيام قلنا لها: صلي جالسة, وتكون في حال القيام متربعة كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم, ثم توميء بالركوع وهي متربعة, ثم إن استطاعت السجود سجدت, وإلا أومأت برأسها أكثر من إيماء الركوع, وليس في السنة أن تضع وسادة أو شيئاً تسجد عليه, بل هذا إلى الكراهة أقرب, لأنه من التنطع والتشدد في ¬

_ (¬1) 1/ 132. (¬2) رواه البخاري.

س31: هل يكتفى بالسجود على الجبهة عن السجود عن الأنف؟

الدين, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {هلك المتنطعون, هلك المتنطعون, هلك المتنطعون (¬1)}. س31: هل يُكتفى بالسجود على الجبهة عن السجود عن الأنف؟ ج/ في هذا خلاف والراجح أنه يجب السجود عليهما معاً, بدليل حديث ابن عباس مرفوعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {أمرت أن أسجد على سبع, ولا أكفت الشعر ولا الثياب: الجبهة والأنف, والركبتين, واليدين (¬2)} , وفي الرواية الثانية {أمرت أن أسجد على سبعة أعظم, على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه ...} (¬3) , فالإشارة إلى الأنف تدل على عدم الإكتفاء بالجبهة. الركن الثامن: (الرفع من السجود) , وهو ركن من أركان الصلاة بدليل حديث أبي هريرة مرفوعاً في المسيء صلاته وفيه {ثم اركع حتى تطمئن راكعاً, ثم ارفع حتى تعتدل قائماً, ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً, ثم ارفع حتى تطمئن جالساً (¬4)}. الركن التاسع: (الجلوس بين السجدتين) , وهو ركن من أركان الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق {ثم ارفع " يعني من السجود " حتى تطمئن جالساً} , فهذا دليل على أنه لابد منه أي الجلوس بين السجدتين, ولحديث أبي مسعود الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {ولا تجزيء صلاة لا يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود} (¬5). س32: ما كيفية الجلوس بين السجدتين؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) متفق عليه. (¬4) متفق عليه. (¬5) رواه الإمام أحمد, وأبو داود, والترمذي, وابن ماجه, وصححه الترمذي.

س33: ما هو حد الطمأنينة الذي هو ركن من أركان الصلاة؟

ج/ الجلوس على قسمين: أ- مجزئ وهو أن يجلس متربعاً أو مقعياً, والإقعاء: أن ينصب قدميه ويجلس عليها, وفي مكروهات الصلاة ذكروا أن الإقعاء في الصلاة مكروهاً, وفسروا الإقعاء بعدة تفسيرات, منها أن ينصب قدميه ويجلس عليها. ب- جلوس مستحب وهو الإفتراش, وسيأتي بيان صفته إن شاء الله تعالى في مسنونات الصلاة. الركن العاشر: (الطمأنينة في جميع الأركان) , وهي ركن من أركان الصلاة, كما هو مذهب الجمهور, بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علّم المسيء صلاته كان يقول له في كل ركن {حتى تطمئن} , فلابد من الإستقرار والطمأنينة. س33: ما هو حد الطمأنينة الذي هو ركن من أركان الصلاة؟ ج/ حد الطمأنينة هو السكوت بقدر الذكر الواجب, والذكر الواجب مرة واحدة, ففي الركوع مثلاً بقدر ما يقول " سبحان ربي العظيم " وفي الإعتدال منه بقدر ما يقول: ربنا ولك الحمد " وفي السجود بقدر ما يقول " سبحان ربي الأعلى " وفي الجلوس بقدر ما يقول " ربي اغفر لي " وهكذا. الركن الحادي عشر: (التشهد الأخير) , ودليل ذلك حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال {كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله من عباده, السلام على جبرائيل وميكائيل, السلام على فلان وفلان} (¬1). س34: ما هو القدر المجزئ من التشهد, أي التحيات لله؟ ج/ الأحوط أن يأتي المصلي بالتشهد كاملاً. ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم.

س35: ما هي صيغ التشهد؟

س35: ما هي صيغ التشهد؟ ج/ صيغ التشهد وهي: 1 - تشهد عمر رضي الله عنه واختاره الإمام مالك رحمه الله تعالى, وهو أن يقول {التحيات لله الزاكيات لله, الطيبات لله, الصلوات لله, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته, السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين, أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (¬1)}. 2 - تشهد ابن عباس رضي الله عنهما, ولفظه {التحيات المباركات, الصلوات الطيبات لله, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته, السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين, أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمدأً عبده ورسوله (¬2)}. 3 - تشهد أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ولفظه {التحيات الطيبات الصلوات لله, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته, السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين, أشهد أن لا إله إلا الله, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (¬3)}. 4 - تشهد ابن مسعود رضي الله عنه ولفظه {التحيات لله والصلوات والطيبات, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ... الخ} , وهو التشهد المعروف لدينا (¬4). 5 - تشهد ابن عمر رضي الله عنهما, وهو كتشهد ابن مسعود رضي الله عنه , وفيه قال ابن عمر {وزدت فيها: وحده لا شريك له, بعد شهادة أن لا إله إلا الله (¬5)}. ففيه إضافة وحده لا شريك له فقط. ¬

_ (¬1) رواه مالك في الموطأ, والشافعي في الرسالة, وعبدالرزاق, والدارقطني, والبيهقي, وقال الزيلعي في نصب الراية " وهذا إسناده صحيح ". (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) أخرجه ابو داود, وابن عدي, والدارقطني وصححه.

س36: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير؟

6 - تشهد عائشة رضي الله عنها {التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله, السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ... الخ} (¬1) , بقيته كتشهد ابن مسعود رضي الله عنه. س36: ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير؟ ج/ في ذلك خلاف والراجح أنه سنة, فهو ليس بركن ولا واجب, للأدلة الآتية: ا. حديث ابن مسعود السابق فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما علّمه التشهد قال {ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه} , فلو كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ركناً أو واجباً, لأمره بها عليه الصلاة والسلام. ب- ولأن الأصل عدم الوجوب, فلابد من دليل يدل على الوجوب ولم يوجد. الركن الثاني عشر: (الجلوس له) , فالجلوس للتشهد الأخير وللتسليميتين ركن من أركان الصلاة, فلو أنه تشهد وهو قائم, أو سلّم وهو قائم لم تصح الصلاة, لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ودأوم على فعله " أي الجلوس بين السجدتين " وقال {صلوا كما رأيتموني أُصلي} (¬2). الركن الثالث عشر: (التسليمتان) , للأدلة الآتية: أ- حديث جابر بن سمرة مرفوعاً وفيه: {إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه يسلم على أخيه من على يمينه وشماله (¬3)} , وما دون الكفاية لا يكون مجزئاً. ب- حديث علي مرفوعاً {وتحليلها التسليم (¬4)}. ج- مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على التسليمتين حضراً وسفراً, وقد قال صلى الله عليه وسلم {صلوا كما رأيتموني أُصلي}. س37: ما هي صيغة السلام؟ ¬

_ (¬1) أخرجه مالك في الموطأ, وابن أبي شيبة, والبيهقي, وصححه الألباني في صفة الصلاة. (¬2) رواه البخاري من حديث مالك بن الحويرث. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه أحمد, وأبو داود, والترمذي, وابن ماجه, وصححه الحاكم.

س38: هل يكتفي بإحدى التسليمتين أم لابد منهما جميعا؟

ج/ السلام ورد على وجوه متنوعة وهي كما يلي: أ- أن يقول عن يمينه " السلام عليكم ورحمة الله " وعن شماله كذلك, لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده " السلام عليكم ورحمة الله " , " السلام عليكم ورحمة الله " (¬1). أ- أن يقول عن يمينه " السلام عليكم ورحمة الله " وعن شماله مثل ذلك بدليل حديث وائل بن حجر رضي الله عنه وفيه (فكان يسلم عن يمينه " السلام عليكم ورحمة الله " , وعن شماله" السلام عليكم ورحمة الله " (¬2) , وفي رواية لأبي داود زيادة (بركاته) في الأولى فقط دون الثانية. قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (والظاهر عدم استحبابها, ولا ينكر على من قالها). ج- أن يقول عن يمينه " السلام عليكم ورحمة الله " وعن يساره " السلام عليكم " لحديث ابن عمر رضي الله عنهما وفيه {" السلام عليكم ورحمة الله " عن يمينه " السلام عليكم " عن يساره} (¬3). س38: هل يكتفي بإحدى التسليمتين أم لابد منهما جميعاً؟ ج/ الراجح أن التسليمتين كلتاهما ركن’ لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليهما وقال {صلوا كما رأيتموني أصلي} , ولأن من عادة النبي صلى الله عليه وسلم العدل فإذا سلم على اليمين, سلم على اليسار, وإذا سلم الإمام على اليمين فقط مع إمكان التسليم على اليسار صار فيه شيء من الظلم, ولذلك كان يسلم عن يمينه ويساره حتى يكون لليمين حظ من التسليم , ولليسار كذلك. س39: هل يكتفي في النفل بتسليمة واحدة أم لابد من التسليمتين؟ ¬

_ (¬1) رواه أحمد , وابو داود, والترمذي , والنسائي, وابن ماجه, وغيرهم وصححه الترمذي. (¬2) رواه أبو داود, قال الحافظ في البلوغ إسناده صحيح. (¬3) أخرجه الإمام أحمد, والنسائي, وصححه الألباني في صفة الصلاة صـ 188.

س40: ما هي الصلاة التي يكتفي بها بتسليمة واحدة؟

ج/ قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الممتع (¬1): (الاحتياط فيها أن يسلم تسليمتين, لأن المصلي سلم مرتين لم يقل أحد من أهل العلم ببطلان صلاته, ولو سلم مرة واحدة لبطلت صلاته عند بعض أهل العلم, والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالاحتياط فيما لم يتضح فيه الدليل, كما ورد في حديث النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {الحلال بيّن والحرام بيّن, وبينهما أمور مشتبهات, فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه, ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام (¬2)}. وفي حديث الحسن بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {دع ما يريبك إلى ما لا يريبك} (¬3). س40: ما هي الصلاة التي يكتفي بها بتسليمة واحدة؟ ج/ هي صلاة الجنازة, فيكتفي بها بتسليمة واحدة, لحديث أبي هريرة رضي الله عنه {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكبر عليها أربعاً, وسلم تسليمة واحدة (¬4)} , لكن يشرع أحياناً أن يسلّم تسليمة ثانية في صلاة الجنازة, لما ورد عن ابن مسعود أنه قال {ثلاث خلال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلهن تركهن الناس, إحداهن التسليم في الجنازة مثل التسليم في الصلاة (¬5)}. الركن الرابع عشر: {الترتيب بين الأركان} , قال في الإفصاح: "واتفقوا على وجوب ترتيب أفعال الصلاة ". الترتيب أي بين أركان الصلاة, قيام ثم ركوع ثم رفع منه ثم سجود ثم قعود ثم سجود. والأدلة على ذلك ما يلي: أ- قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا (¬6)}. ¬

_ (¬1) الممتع3/ 294. (¬2) أخرجه البخاري ومسلم. (¬3) رواه أحمد, والترمذي وقال: حسن صحيح, والنسائي, وغيرهم. (¬4) رواه الدارقطني, والحاكم, والبيهقي, وحسنه الألباني. (¬5) أخرجه البيهقي في المجموع: إسناده جيد , وحسنه الألباني. (¬6) (الحج: من الآية77)

س41: ما الحكم مثلا لو سجد قبل ركوعه؟

ب- حديث المسيء صلاته فالنبي صلى الله عليه وسلم علمه صلاته بقوله {ثم, ثم} (¬1) , وهي تدل على الترتيب. ج- مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الترتيب, وقد قال كما في حديث مالك بن حويرث {صلوا كما رأيتموني أصلي} (¬2). س41: ما الحكم مثلاً لو سجد قبل ركوعه؟ ج/ إن كان عمداً بطلت صلاته, وإن كان سهواً لزمه الرجوع ليركع ثم يسجد. {واجبات الصلاة} الفرق بين الأركان والواجبات: أن الأركان لا تسقط بالسهو فلابد من الإتيان بها, بخلاف الواجبات فإنها تسقط بالسهو وتجبر بالسهو. الواجب الأول: التكبيرات لغير الإحرام أي قول " الله أكبر" إلا تكبيرة الإحرام, لأنه سبق أنها ركن, والمقصود بالتكبير لغير الإحرام أي " التكبير للركوع, وللسجود, وللرفع من السجود, وللقيام من التشهد الأول " ويستثني من الوجوب ما يلي: أ- تكبيرة الإحرام, لأنها ركن كما تقدم. ب- التكبيرات الزوائد في صلاة العيد والاستسقاء, فإنها سنة. ج- تكبيرات الجنائز, لأنها أركان. د- تكبيرة الركوع لمن أدرك الإمام راكعاً فإنها سنة. والدليل على أن التكبيرات من الواجبات ما يلي: ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه البخاري.

س42: إذا جاء المسبوق والإمام راكع فما هي حالات التكبير بالنسبة له؟

أ- ما ورد في حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا .. (¬1)} , وهذا يدل على انه لابد من وجود هذا الذكر إذ الأمر للوجوب. ب- مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك حتى مات, وقد قال صلى الله عليه وسلم {صلوا كما رأيتموني أصلي}. ج- أنه شعار الانتقال من ركن إلى آخر, لأن الانتقال لا شك أنه انتقال من هيئة إلى هيئة, فلابد من شعار يدل عليه. س42: إذا جاء المسبوق والإمام راكع فما هي حالات التكبير بالنسبة له؟ ج/: أ. أن يكبر تكبيرتين, تكبيرة للإحرام, والأخرى للركوع, فهذا هو الأكمل. ب. أن يكبر تكبيرة واحدة, وينوي بها تكبيرة الإحرام, فهنا تجزئ هذه التكبيرة عن تكبيرة الركوع والصلاة صحيحة. ج- أن يكبر تكبيرة واحدة, وينوي بها تكبيرة الركوع فقط, فهنا الصلاة غير صحيحة. الواجب الثاني: قول " سمع الله لمن حمده " , للإمام والمنفرد. والدليل على وجوب التسميع ما يلي: أ) أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك, فلم يدع قول " سمع الله لمن حمده " بأي حال من الأحوال. ب) أنه شعار الانتقال من الركوع إلى القيام. س43: من الذي يُسمّع؟ ج/ الذي يسمع أي يقول " سمع الله لمن حمده " هو الإمام والمنفرد دوم المأموم. ¬

_ (¬1) متفق عليه.

س44: أين يكون محل التكبير والتسميع والتحميد؟

والدليل على ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة .... وفيه: ثم يقول: " سمع الله لمن حمده " حين يرفع صلبه من الركعة, ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد} (¬1) , والمنفرد كالإمام لقوله صلى الله عليه وسلم {صلوا كما رأيتموني اصلي (¬2)}. أما المأموم فلا يُسمّع, لحديث أنس مرفوعاً وفيه {إذا قال الإمام " سمع الله لمن حمده " فقولوا ربنا ولك الحمد} (¬3). الواجب الثالث: التحميد وهو قول " ربنا ولك الحمد " للإمام والمأموم والمنفرد, لحديث أبي هريرة المتقدم. س44: أين يكون محل التكبير والتسميع والتحميد؟ ج/ يكون محلها ما بين الركنين في الانتقال, فما كان للركوع فما بين القيام والركوع, وما كان للسجود فما بين القيام والسجود, وبناءً على هذا لو بدأ بالتكبير مثلاً وهو ساجد ثم كمله وهو ساجد ثم رفع لم يجزئ ذلك, لأنه ليس محلاً للتكبير, ومثل ذلك لو أنه بعد أن استتم جالساً بعد رفعه من السجود كبر لم يجزئ ذلك لأنه ليس محلاً للتكبير أيضاً. س45: هل يشترط أن يستوعب ما بين الركنين؟ بمعنى أن يكون التكبير في الرفع من السجدة شاملاً من حين قيامه إلى أن يستتم جالساً, أم لا؟ ج/ نقول الصحيح أنه لا يشترط ذلك, فالمشترط أن يكون هذا الذكر بين الركنين, لأن القول بأنه لابد أن يستوعب الذكر ما بين الركنين فيه مشقة وقد قال الله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (¬4)}. ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) سبق تخريجه صـ 149. (¬3) متفق عليه. (¬4) (البقرة: من الآية185)

س46: ما الحكم لو قال: رب اغفر لي؟

الواجب الرابع: قول " سبحان ربي العظيم " مرة في الركوع, والدليل على ذلك أنه لما نزل قوله تعالى {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (¬1) , وقال النبي صلى الله عليه وسلم {اجعلوها في ركوعكم (¬2)}. الواجب الخامس: قول " سبحان لابي الأعلى " مرة واحد في السجود, والدليل على ذلك حديث عقبة بن عامر السابق وفيه لما نزل قوله تعالى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (¬3)} , قال النبي صلى الله عليه وسلم {اجعلوها في سجودكم}. الواجب السادس: قول " ربَّ اغفر لي, ربَّ اغفر لي " (¬4). س46: ما الحكم لو قال: ربَّ اغفر لي؟ ج/ المشروع أن يقول "ربَّ اغفر" لي "ولو اللهم اغفر لي" أجزأ ذلك. الواجب السابع: " التشهد الأول " وأدلة وجوبه ما يلي: أ. حديث ابن مسعود قال {كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد ...} (¬5). ب. أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام عنه جبره بسجود السهو, كما في حديث عبدالله بن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم {صلى بهم الظهر, فقام, في الركعتين الأوليين ولم يجلس فقام الناس معه, حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر " وهو جالس " فسجد سجدتين قبل أن يسلم, ثم سلم} (¬6). ج- أن النبي صلى الله عليه وسلم دأوم عليه وقال {صلوا كما رأيتموني اصلي}. د- حديث ابن مسعود مرفوعاً {إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله ..} (¬7). ¬

_ (¬1) (الواقعة:96) (¬2) رواه الإمام أحمد, وأبو داود, وابن ماجه, وغيرهم من حديث عقبة بن عامر. (¬3) (الأعلى:1) (¬4) رواه أحمد, وأبو داود, والنسائي, وابن ماجه, وصححه الحاكم ووافقه الذهبي, وحسنه الألباني. (¬5) رواه الدارقطني والبيهقي وصححاه. (¬6) متفق عليه. (¬7) رواه أحمد والنسائي.

س47: ما هو التشهد الأول؟

س47: ما هو التشهد الأول؟ ج/ هو " التحيات لله والصلوات والطيبات ... ج/هو " التحيات لله والصلوات والطيبات ... إلى قوله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ". الواجب الثامن: (الجلوس له) , أي الجلوس للتشهد الأول, فلابد أن يكون التشهد حال جلوسه, فلو تشهد وهو قائم بلاعذر أو وهو ساجد فإنه لا يصح ذلك. {مسنونات الصلاة} س48: ما هو الفرق بين السنن والواجبات؟ ج/ الفرق بينهما من وجهين: 1. إن ترك الواجب عمداً يبطل الصلاة, وأما ترك المسنون عمداً فإنه لا يبطل الصلاة. 2. أن الواجبات يجب سجود السهو إذا تركها سهواً, وأما المسنونات إن ترك سنة سهواً وكان من عادته أنه يأتي بهذه السنة فإنه يسن سجود السهو ولا يجب, لكن لو ترك المسنون عمداً فإن سجود السهو لا يشرع, لأن سجود السهو للسهو. س49: إلى كم تنقسم مسنونات الصلاة؟ ج/تنقسم إلى قسمين هما: 1.سنن قولية. ... 2.سنن فعلية. القسم الأول:

{السنن القولية} أولاً: قوله بعد تكبيرة الإحرام " سبحانك اللهم وبحمدك, وتبارك اسمك, وتعالى جدك, ولا إله غيرك " , وهو ما يسمى بدعاء الإستفتاح, والدليل على ذلك حديث عمر رضي الله عنه حيث كان يستفتح صلاته: بـ (سبحانك اللهم وبحمدك, وتبارك اسمك , وتعالى جدك, ولا إله غيرك) (¬1). *وللاستفتاح صيغ متنوعة نورد جملة منها لحفظها والعمل بها: الاستفتاح الأول: استفتاح عمر المعروف: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك). الاستفتاح الثاني: ما ورد في حديث أبي هريرة قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر للصلاة سكت هنيئة فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب, اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس, اللهم اغسلني من خطايا بالماء والثلج والبرد (¬2)}. الاستفتاح الثالث: ما ورد في حديث أنس رضي الله عنه: {أن رجلاً جاء فدخل الصف وقد حفزه النفس فقال " الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه " , وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيت اثنى عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها} (¬3). ¬

_ (¬1) رواه مسلم بسند فيه انقطاع, وقد روي من عدة طرق مرفوعاً. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه مسلم.

الاستفتاح الرابع: ما ورد في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال {بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: " الله أكبر كبيراً, والحمد لله كثيراً, وسبحان الله بكرةً وأصيلاً " وفيه قالصلى الله عليه وسلم عجبت لها فتحت لها أبواب السماء (¬1)}. الاستفتاح الخامس: ما ورد في حديث علي في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال {وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين, أن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين, اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت, أنت ربي وأنا عبدك, ظلمت نفسي, واعترفت بذنبي, فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت, واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت, واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت, لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك, أنا بك وإليك, تباركت وتعاليت, أستغفرك وأتوب إليك} (¬2). الاستفتاح السادس: ما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان " أي النبي صلى الله عليه وسلم " إذا قام من الليل افتتح صلاته {اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل والأرض, عالم الغيب والشهادة, أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك, إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم} (¬3). ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه مسلم.

الاستفتاح السابع: {الله أكبر, الله أكبر, الله أكبر, ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة} (¬1). الاستفتاح الثامن: حديث ابن عباس: {اللهم لق الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن, ولك الحمد, لق مُلكُ السموات والأرض ومن فيهن, ولك الحمد أنت نور السموات والأرض, ولك الحمد, أنت مَلك السموات والأرض, ولك الحمد, أنت الحق, ووعدك الحق, ولقاءك الحق, وقولك حق, والجنة حق , والنار حق, والنبيون حق, ومحمد صلى الله عليه وسلم حق, والساعة حق, اللهم لق أسلمت, وبك آمنت, وعليك توكلت, وإليك أنبت, وبك خاصمت, وإليك حاكمت, فاغفر لي ما قدمت وما أخرت, وما أسررت وما أعلنت, أنت المقدم وأنت المؤخر, لا إله إلا أنت (أو) ولا إله غيرك (¬2)}. الاستفتاح التاسع: منها ما رواه عاصم بن حميد قال: سالت عائشة رضي الله عنها بأي شيء كان يفتتح الرسول صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ فقالت: كان إذا كبر كبر عشراً, وحمد الله عشراً, وسبّح عشراً, وهلّل عشراً, واستغفر عشراً, وقال {اللهم اغفر, واهدني, وارزقني, ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة (¬3)}. تنبيه: بالنسبة للإستفتاحات الطويلة يقولها الإنسان في صلاة الليل لأنها محل التطويل, ويقولها إن شاء إذا صلى وحده, أما إذا كان إماماً فقد يشق على المأموم أن يبقى ساكتاً في بعض الاستفتاحات الطويلة, وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلميستفتح بما أخبر به أبا هريرة وهو يصلي بالجماعة فهو صلى الله عليه وسلم خير أسوة لنا. ¬

_ (¬1) رواه أحمد, وأبو داود واللفظ له, والنسائي, والطيالسي, والطحأوي في المشكل. وقد صححه ابن القيم في الهدي, والألباني رحمه الله في صفة الصلاة. (¬2) أي أن المصلي مخير بين اللفظين. (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س50: ما هي صفات الاستعاذة؟

ثانياً: التعوذ وهو قول " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " وذلك لورود الإستعاذة عنه صلى الله عليه وسلم, بدليل حديث أبي سعيد ألخدري رضي الله عنه قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه (¬1)}. س50: ما هي صفات الاستعاذة؟ ج/ الاستعاذة وردت على ثلاث صفات: 1 - أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, لقوله تعالى {فَإِذَا قَرَاتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} (¬2). 2 - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم, لقوله تعالى {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (¬3)}. 3 - أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه, لحديث أبي سعيد ألخدري رضي الله عنه المتقدم. س51: هل الاستعاذة تكون في كل ركعة أم في الركعة الأولى فقط؟ ج/ على خلاف, والأقرب في ذلك أن الأمر في هذا سهل, فلو قيل إن الإنسان مخير بين أن يستعيذ في كل ركعة أو يكتفي بالاستعاذة في الركعة الأولى, لكان لذلك وجه, نظراً لتكافؤ الأدلة. س52: ما هي فائدة الاستعاذة؟ ¬

_ (¬1) رواه أبو داود والترمذي والنسائي. (¬2) (النحل:98) (¬3) (فصلت:36)

س53: هل يجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية أم لا؟

ج/ فائدتها: ليكون الشيطان بعيداً عن قلب المرء وهو يتلو كتاب الله عز وجل حتى يحصل له بذلك تدبر القرآن, وتفهم معانيه والإنتفاع به لأن هناك فرقاً بين أن تقرأ القرآن وقلبك حاضر وبين أن تقرأه وقلبك لاهٍ. ثالثاً: البسملة أي قول " بسم الله الرحمن الرحيم " بدليل حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت {إذا قرأ يقطع قراءته آية آية, بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين ..} (¬1). س53: هل يجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية أم لا؟ ج/ الراجح أن الأصل هو الإسرار, لحديث أنس رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين} (¬2) , وفي صحيح مسلم {لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم, في أول قراءة ولا في آخرها} , وعند أحمد, وابن خزيمة, وابن حبان, والطحأوي, والدارقطني {فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم}. ولكن يشرع بها أحيانا, بدليل ما رواه نعيم المجمر قال {صليت وراء أبي هريرة رضي الله عنه فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم , ثم بأم القرآن ... وفيه ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله} صلى الله عليه وسلم (¬3) , وهذا القول تجتمع الأدلة. س54: هل البسملة آية من الفاتحة, أو أية من أول كل سورة؟ ج/ اتفق العلماء على أن البسملة آية من سورة النمل وهي قوله تعالى {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬4) , وكذلك ليست هي آية بين سورتي الأنفال والتوبة. ¬

_ (¬1) رواه أحمد, والدارقطني, والحاكم, وابن خزيمة, وصححه الدارقطني والحاكم على شرطيهما ووافقه الذهبي. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه النسائي وابن خزيمة وابن الجارود, والحاكم, والدارقطني, والبيهقي وصححه الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي وصححه ابن خزيمة. (¬4) (النمل:30)

س55: لمن يسن الجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية؟

والراجح من أقوال أهل العلم كذلك أنها ليست آية من الفاتحة ولا من أول كل سورة بل هي آية مستقلة نزلت للفصل بين السور, والدليل على ذلك حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين, فإذا قال (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) , قال حمدني عبدي, وإذا قال (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قال: أثنى عليَّ عبدي, وإذا قال (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فإذا قال (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قال: هذا بيني وبين عبدي} (¬1) , وهنا لم يذكر البسملة, ومن ذلك أيضاً حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً {أن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك} (¬2) , وبناءً على هذا فهي يؤتى بها لإبتداء السور, يدل لهذا حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السور حتى نزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم} (¬3). رابعاً: قول " آمين " ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إذا أمن الإمام فأمنوا, فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (¬4)}. س55: لمن يسن الجهر بالتأمين في الصلاة الجهرية؟ ج/ الراجح أنه يسن للإمام والمأمون, أما المأموم فلِما تقدم من حديث أبي هريرة المتقدم, وأما الإمام فلِما روى وائل بن حجر قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ (وَلا الضَّالِّينَ) , قال: آمين, ورفع بها صوته (¬5)} , أما المنفرد فإنه إذا جهر ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وحسنه الترمذي وصححه الحاكم على شرطهما. (¬3) رواه أبو داود وسكت عنه. (¬4) متفق عليه. (¬5) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وصححه الحافظ في التلخيص.

س56: متى يؤمن المأموم؟

بالقراءة جهر بالتأمين, كما لو كان يصلي صلاة الليل ورأى أن حضور قلبه أن يجهر بالقراءة, فإنه يجهر بآمين, وإن أسرّ بالقراءة فإنه يُسرّ بآمين. س56: متى يؤمن المأموم؟ ج/ الراجح في ذلك أن السنة موافقة المأموم للإمام في التأمين, والدليل على ذلك ما رواه أبو هريرة مرفوعاً {إذا قال الإمام (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) فقولوا: آمي, فإن الملائكة تقول: آمين, وإن الإمام يقول: آمين, فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه (¬1)} , ولحديث بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له {لا تسبقني بآمين (¬2)}. س58: هل لابد أن يقرأ في كل ركعة سورة كاملة أم يصح أن يقرأ بعضاً من السورة؟ ج/ الأقرب في ذلك أن السنة والأفضل أن يقرأ سورة, والأفضل أن تكون في كل ركعة سورة كاملة, ولكن مع ذلك لا حرج أن يقسم السورة بين ركعتين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم {قرأ ذات يوم سورة المؤمنون فلما وصل إلى قصة موسى وهارون أخذته سعلة فركع} (¬3) , فدل هذا على جواز قسم السورة لا سيما عند الحاجة, ولأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في سنة الفجر آيات من السور, قرأ في الركعة الأولى {قُولُوا آمَنَّا (¬4)} , وفي الركعة الثانية {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (¬5)} , (¬6) , والأصل أنه ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل. ¬

_ (¬1) رواه أحمد والنسائي وصححه أحمد شاكر. (¬2) رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه على شرطها ووافقه الذهبي. (¬3) رواه البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن السائب رضي الله عنه. (¬4) (البقرة: من الآية136) (¬5) (آل عمران:61) (¬6) أخرجه مسلم/ باب استحباب ركعتي سنة الفجر عن ابن عباس رضي الله عنهما.

س59: ما هي السور التي يشرع قراءتها في الصلوات؟

س59: ما هي السور التي يشرع قراءتها في الصلوات؟ ج/: ا) في صلاة الصبح السنة أن يقرأ من طوال المفصل, فكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم الغالب أنه كان يقرأ بطوال المفصل في صلاة الفجر, كما ورد في حديث أبي برزة {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الغداة بالستين إلى المائة (¬1)}. وفي حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم {كان يقرأ بالواقعة ونحوها من السور} (¬2). وأحياناً يقرأ بقصار المفصل, فمرة قرأ بـ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (¬3)}. ومرة قرأ {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (¬4)} , في الركعتين كلتيهما (¬5) , {وقرأ في السفر بالمعوذتين (¬6)}. 2 - المغرب من قصار المفصل, لما روى سليمان بن يسار قال {كان فلان يطيل الأوليين من الظهر, ويخفف العصر, ويقرأ في المغرب بقصار المفصل, وفي العشاء بوسطه, وفي الصبح بطواله فقال أبو هريرة: ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا} (¬7). وأحياناً يقرأ بطوال المفصل كما قرأ بسورة محمد (¬8) , وقرأ بالطور وتارة بالمرسلات (¬9) , وقد روي أيضا أنه قرأ بالمغرب بطولى الطوليين سورة الأعراف (¬10). ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه أحمد وابن خزيمة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. (¬3) (التكوير:1) (¬4) (الزلزلة:1) (¬5) رواه أبو داود والبيهقي بسند صحيح. (¬6) رواه أبو داود وابن خزيمة والحاكم وصححه ووافقه الذهبي (¬7) رواه أحمد والنسائي وصححه الحافظ في البلوغ. (¬8) رواه ابن خزيمة والطبراني والمقدسي. (¬9) كما في الصحيحين. (¬10) كما في البخاري.

س60: ما هو بداية المفصل وأوسطه وقصاره, وما نهاية كل منها؟

3 - أما الظهر والعصروالعشاء, فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بأواسط المفصل, لما روى جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بـ {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} و {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ} ونحوهما من السور (¬1) , وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بـ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} , وفي العصر نحو ذلك (¬2). وأما العشاء فلما ورد في حديث سليمان بن يسار السابق, وكذا ما ورد من أنه {كان صلى الله عليه وسلم يقرأ بـ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} وأشباهها من السور (¬3). س60: ما هو بداية المفصل وأوسطه وقصاره, وما نهاية كل منها؟ ج/: 1. طوال المفصل: من {ق} إلى {عمَّ}. 2. أواسط المفصل: من {عمَّ} إلى {الضحى}. 3. قصار المفصل: من {الضحى} إلى آخر المصحف. س61: لو قرأ الإنسان في الركعة الأولى بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} وفي الركعة الثانية بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ويسمى تنكيس السور ما حكم ذلك؟ ج/ الراجح أنه يكره ذلك, لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرتب السور فقد كان يقرأ في الجمعة بسبح والغاشية, وفي فجرها بالسجدة والإنسان, وفي ركعتي الفجر بالكافرون والصمد, وغير ذلك. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود والترمذي والنسائي. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أحمد والترمذي وحسنه.

س62: ما هي أقسام المصلين بالنسبة للجهر من عدمه؟

ولأن أكثر الصحابة على هذا الترتيب عندما وضع عثمان المصحف, فيكون من سنة الخلفاء الراشدين, ولما قيل لابن مسعود: إن فلاناً يقرأ القرآن منكوسا قال: ذلك منكوس القلب} (¬1). سادساً: من السنن القولية في الصلاة الجهرية بالقراءة بالنسبة للإمام وسائر التكبيرات, وكذا الجهرية بـ " سمع الله لمن حمده " والتسليم , لحديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي قال {أقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم, فإذا كبر فكبروا, وإذا قرأ فانصتوا} (¬2). وعن سعيد بن الحارث قال {صلى بنا أبو سعيد فجهر بالتكبير حين رفع رأسه من السجود, وحين كبر, وحين رفع, وحين قام من الركعتين, فقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم} (¬3). ولحديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إنما جعل الإمام ليؤتم به ... وإذا قال: سمع الله لمن حمده, فقولوا ربنا ولك الحمد (¬4)}. س62: ما هي أقسام المصلين بالنسبة للجهر من عدمه؟ ج/ الأقسام ثلاثة: 1. بالنسبة للإمام, فكما تقدم السنة أن يجهر في مواضع الجهر, وأن يسرّ في مواضع الإسرار, ولو أنه أسرّ في موضع الجهر أو العكس فلا بأس بذلك. 2. بالنسبة للمأموم, فإنه لا يجهر بشيء من التكبيرات أو التسميع, أو القراءة, أو السلام, لعدم الحاجة إليه وربما ليس على غيره. قال شيخ الإسلام في الفتأوى الكبرى (¬5): (وأما المأموم فالسنة المخافتة باتفاق المسلمين) أ. هـ. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة وعبدالرزاق وصححه النووي في التبيان. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه البخاري. (¬4) متفق عليه. (¬5) 1/ 3.

س63: بالنسبة للمرأة هل لها الجهر أم لا؟

3. أما المنفرد فهو مخير بين الجهر والإسرار, والأفضل أن يفعل الأصلح لقلبه, فإن كان الأخشع له أنه يسر أسرً, وإن كان الأخشع له أن يجهر بشرط ألا يؤذي أحداً, بدليل ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال {كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم يرفع طوراً ويخفض طوراً (¬1)}. س63: بالنسبة للمرأة هل لها الجهر أم لا؟ ج/ الأقرب أن يقال {ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء إلا بدليل} , وعلى هذا للمرأة أن تفعل الأخشع لقلبها من الجهر أو الإسرار ما لم تكن بحضرة أجانب. س64: ما هي الحكمة من الجهر في الصلوات الليلية؟ ج/ الحكمة في الجهر فيها: ما ذكره ابن القيم رحمه الله حيث قال (أن الليل مظنة هدوء الأصوات, وفراغ القلوب, واجتماع الهمم, ومحل مواطاة القلب اللسان, ولهذا كانت السنة تطويل قراءة الفجر, لأن القلب أفرغ ما يكون من الشواغل, فإذا كان أول ما يقرع سمعه كلام الله تمكن فيه, ولما كان النهار بضد ذلك كان الأصل الإسرار فيه إلا لعارض راجح كالمجامع في العيدين والجمعة والاستسقاء والكسوف فإن الجهر حينئذ أحسن وأبلغ في تحصيل المقصود, وأنفع للجمع, وفيه من قراءة كلام الله وتبليغه في المجامع العظام ما هو أعظم مقاصد الرسالة) (¬2). س65: بالنسبة للمأموم والمنفرد إذا اختار الإسرار هل يجب أن يسمع نفسه في أذكار الصلوات والتكبيرات ونحو ذلك أم يكفي أن يحرك لسانه في ذلك؟ ج/ الراجح في ذلك أنه يكفي أن يحرك لسانه بالقراءة ونحوها, ولو لم يسمع نفسه, لأن إسماع النفس أمر زائد على القول والنطق, فلا يجب. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود, وحسنه النووي في المجموع. (¬2) أعلام الموقعين2/ 118.

س66: ما هي صفات التحميد؟

سابعاً: أن يزيد المصلي بعد قول " ربنا ولك الحمد " {ملء السموات والأرض, وملء ما شئت من شيء بعد, أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لق عبد, اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت, ولا ينفع ذا الجد منك الجد} (¬1). س66: ما هي صفات التحميد؟ ج/ التحميد ورد على جوه متنوعة: 1) بالجمع بين " اللهم " و "الوأو " {اللهم ربنا ولك الحمد} , ويدل لذلك حديث أبي هريرة قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده, قال: اللهم ربنا ولك الحمد ..} (¬2). 2) بحذف " الوأو " {اللهم ربنا ولك الحمد} , ويدل لذلك حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد, فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه} (¬3). 3) بحذف " اللهم " {ربنا ولك الحمد} , ويدل لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم {إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا, وإذا ركع فاركعوا, وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد, وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون (¬4)}. 4) بحذف " اللهم " و " الوأو" {ربنا ولك الحمد} , ويدل لذلك حديث أبي هريرة وفيه: {ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد .. (¬5)}. س67: ما هي الأذكار التي شرعت بعد الرفع من الركوع؟ ج/ ورد ما يلي: ¬

_ (¬1) رواه مسلم من حديث علي رضي الله عنه. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) رواه البخاري.

س68: ما أدنى الكمال بالنسبة للتسبيحات؟

1 - ربنا لق الحمد ملء السموات والأرض وملء ما شئت .. الخ. 2 - {الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه (¬1)}. 3 - {لربي الحمد, لربي الحمد} كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله في قيام الليل (¬2). فإذا رفع المصلي من الركوع فهو مخير بين أحد هذه الأذكار. ثامناً: ما زاد على المرة في تسبيح الركوع والسجود وربي اغفر لي, لأن الواجب أن يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم " وفي سجوده " سبحان ربي الأعلى ", وفي جلسة ما بين السجدتين: " ربَّ اغفر لي" واحدة, وما زاد فهو سنة, لما روى عقبة بن عامر قال: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} , قال النبي صلى الله عليه وسلم {اجعلوها في ركوعكم (¬3)} , ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم عدداً. س68: ما أدنى الكمال بالنسبة للتسبيحات؟ ج/ أدنى الكمال ثلاث, لما روى ابن مسعود مرفوعاً {إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه, وذلك أدناه, وإذا قال في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه} (¬4). س69: ما هو أعلى التسبيح؟ ج/ أعلاه للإمام عشر, لقول أنس رضي الله عنه {ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى " ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني. (¬3) رواه أحمد, وأبو داود, وابن ماجه, وغيرهم. (¬4) رواه أبو داود, والترمذي, وابن ماجه.

س70: ما هي أحوال المصلي بالنسبة لعدد التسبيحات: في الركوع والسجود. ورب غفر لي بين السجدتين؟

يعني عمر بن عبدالعزيز " قال " أي سعيد بن جبير" فحززنا ركوعه عشر تسبيحات, وفي سجوده عشر تسبيحات} (¬1). س70: ما هي أحوال المصلي بالنسبة لعدد التسبيحات: في الركوع والسجود. وربَّ غفر لي بين السجدتين؟ ج/ يقال أن المصلي لا يخلو من ثلاث أحوال: 1 - أن يكون إماماً, فالواجب عليه مرة واحدة, وأدني الكمال ثلاث مرات, وله أن يزيد إلى عشر فقط وليس له أن يزيد على ذلك, فلو زاد فإنه يكون قد خالف السنة وطّول. 2 - أما المأموم فهو تبع لإمامه, فيسبح ولا يسكت, فإذا أتى بأدنى الكمال إن شاء زاد في التسبيح, أو يقول بقية الأذكار المشروعة زيادة على قوله " سبحان ربي العظيم " في الركوع, و" سبحان ربي الأعلى " في السجود , و " ربَّ اغفر لي " بين السجدتين, وسيأتي بيان شيء من هذه الأذكار. 3 - أما بالنسبة للمنفرد, فإذا أتى بأدنى الكمال فله أن يطوّل ما شاء لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إذا صلى أحدكم للناس فليخفف, فإن فيهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة, وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء (¬2)}. س71: ما هي الأذكار المسنونة في الركوع بعد قول المصلي " سبحان ربي العظيم "؟ ج/ يقال أولاً لابد أن يقول المصلي " سبحان ربي العظيم ", لأن ذلك من الواجبات كما تقدم. وتارة يقول: " سبحان ربي العظيم وبحمده " فيزيد " وبحمده " , لورود ذلك في حديث عقبة بن عامر (¬3) , فإذا قال الواجب مرة إما أن يزيد في التسبيح, أو يقول الأذكار التي وردت. ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود والنسائي. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) أخرجه أبو داود والدارقطني والبيهقي وصححه الألباني.

س72: ما هي الأذكار المشروعة في السجود بعد قول المصلي " سبحان ربي الأعلى "؟

ومما ورد ما يلي: 1. (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي) (¬1). 2. (سبوح قدوس, رب الملائكة والروح) (¬2). 3. (اللهم لق ركعت, وبك آمنت, ولك أسلمت, خشع لق سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي, وما استقل به قدمي) (¬3). 4. (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) (¬4). س72: ما هي الأذكار المشروعة في السجود بعد قول المصلي " سبحان ربي الأعلى "؟ ج/ تقدم أن قول المصلي " سبحان ربي الأعلى " أن هذا من واجبات الصلاة, وتقدم أن الواجب أن يقول مرة واحدة, فإن شاء بعد ذلك زاد في التسبيح, وإن شاء أتى بالأذكار المشروعة الواردة. وممأورد ما يلي: 1. (سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات) (¬5). 2. (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي) (¬6). 3. (سبوح قدوس, رب الملائكة والروح) (¬7). 4. (اللهم لق سجدت, وبك آمنت, ولك أسلمت, سجد وجهي للذي خلقه وصوره, وشق سمعه وبصره, تبارك الله أحسن الخالقين) (¬8). 5. (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة) (¬9). ¬

_ (¬1) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها. (¬2) رواه مسلم من حديث عبدالله بن الشخّير رضي الله عنه. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وهو حسن من حديث عوف بن مالك الأشجعي. (¬5) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه عن حذيفة رضي الله عنه, وهو صحيح بشواهد كما في تخريج الكلم صـ 71. (¬6) متفق عليه من حديث عائشة رضي الله عنها. (¬7) رواه مسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. (¬8) رواه مسلم من حديث علي ابن أبي طالب رضي الله عنه. (¬9) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وإسناده حسن كما تخريج الكلم صـ 71.

س73: ماذا يستحب أن يقول المصلي زائدا على قوله " رب اغفر لي " بين السجدتين؟

6. (اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله, وأوله وآخره, وعلانيته وسره) (¬1) 7. (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك, وبمعافاتك من عقوبتك, وأعوذ بك منك, لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنين على نفسك) (¬2). س73: ماذا يستحب أن يقول المصلي زائداً على قوله " ربَّ اغفر لي " بين السجدتين؟ ج/ يقال الواجب أن يقول " ربَّ اغفر لي " لما ورد من حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يقول بين السجدتين: ربَّ اغفر لي, ربَّ اغفر لي} (¬3) , يقول هذا وجوباً أي مرة واحدة كما تقدم. ويستحب أن يزيد (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وعافني وارزقني) كما ورد ذلك من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك بين السجدتين (¬4). تاسعاً: من السنن القولية في الصلاة, الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير بدليل حديث أبي هريرة مرفوعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم ... الحديث (¬5)}. قال الشوكاني في نيل الأوطار: "والحاصل أنه لم يثبت عندي من الأدلة ما يدل على مطلوب القائلين بالوجوب " أ. هـ , أي وجوب التعوذ بالله من هذه الأربع. س74: ما هي الوجوه التي وردت في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ ج/ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وردت على عدة وجوه: ¬

_ (¬1) رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (¬2) رواه مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها. (¬3) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم وصححه الحاكم وحسنه الألباني في صفة الصلاة. (¬4) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (¬5) رواه مسلم.

1 - ما ورد في حديث كعب بن عجرة ولفظه (اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, إنك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, إنك حميد مجيد) (¬1). 2 - ومنها ما ورد في حديث كعب بن عجرة أيضاً ولفظه (اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على آل إبراهيم, إنك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على آل إبراهيم, إنك حميد مجيد) (¬2). 3 - ومنها ما ورد في حديث أبي سعيد الأنصاري رضي الله عنه وفيه (اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, وبارك على محمد وعلى آل محمد, كما باركت على آل إبراهيم في العالمين, إنك حميد مجيد) (¬3). 4 - ومنها حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه وفيه (اللهم صلِ على محمد وعلى أزواجه وذريته, كما صليت على آل إبراهيم, وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته, كما باركت على آل إبراهيم, إنك حميد مجيد) (¬4). 5 - ومنها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وفيه (اللهم صلِ على محمد عبدك ورسولك, كما صليت على إبراهيم, وبارك على محمد وآل محمد, كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم) (¬5). 6 - ما ورد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه (اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد, وبارك على محمد وعلى آل محمد, كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين, إنك حميد مجيد) (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري بهذا اللفظ. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) رواه البخاري. (¬6) أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة, وعزاه ابن القيم لمحمد بن إسحاق السراج في جلاء الأفهام ثم قال " إسناده صحيح على شرط الشيخين ".

س75: متى يكون الدعاء هل يكون قبل السلام أم بعد السلام؟

عاشراَ: الدعاء بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لحديث ابن مسعود مرفوعاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم لماّ علمه التشهد قال {ثم ليتخير من الدعاء ما شاء} (¬1) , وفي لفظ {ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به} (¬2). س75: متى يكون الدعاء هل يكون قبل السلام أم بعد السلام؟ ج/ الدعاء يكون قبل السلام للقاعدة {الدعاء إذا كان تابعاً للعبادة فإنه يكون داخل العبادة دون خارجها}. قال شيخ الإسلام في مجموع الفتأوى: " الأحاديث المعروفة في الصحاح والسنن والمسانيد تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو دبر صلاته قبل الخروج منها, وكان يأمر أصحابه بذلك, ولم ينقل أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بالناس يدعو بعد الخروج من الصلاة هو والمامومون جميعاً لا في الفجر ولا في العصر, ولا في غيرها من الصلوات " (¬3). س76: هل لابد من الدعاء بما ورد أم يدعو بما شاء؟ ج/ يقال الأفضل أن يأتي بنا ورد أولاً ثم يدعو بما شاء. س77: ما هي الأدعية الواردة التي يستحب أن يدعو بها في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ ج/ الأدعية التي يستحب أن تقال في التشهد الأخير بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي: 1. التعوذ بالله من أربع: " من عذاب جهنم, ومن عذاب القبر, ومن فتنة المحيا والممات, ومن شر فتنة المسيح الدجال " وهي سنة مؤكدة ينبغي للمصلي عدم ترك ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه البخاري. (¬3) 22/ 492.

التعوذ من هذه الأربع, لحديث أبي هريرة مرفوعاً {إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع من عذاب جهنم, ومن عذاب القبر, ومن فتنة المحيا والممات, ومن شر المسيح الدجال (¬1)}. 2. ومن ذلك ما ورد في حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم علمني دعاءً أدعو به في صلاتي فقال النبي صلى الله عليه وسلم {قل اللهم أني ظلمت ظلماً كثيراً, ولا يغفر الذنوب إلا أنت, فاغفر لي مغفرة من عندك, وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم (¬2)}. 3. ومن ذلك {اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت, وما أسررت وما أعلنت, وما أنت أعلم به مني أنت المقدم والمؤخر لا إله إلا أنت} (¬3). 4. وأيضاً من الأدعية الواردة {اللهم أعني على ذكرك وشكرك, وحسن عبادتك (¬4)}. 5. ومن ذلك {اللهم أني أعوذ بك من المأثم والمغرم} (¬5). 6. ومن ذلك {اللهم إني أعوذ بك من البخل, وأعوذ بك من الجبن, وأعوذ بك من أن أرد إلى أرذل العمر, وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر (¬6)}. 7. ومن ذلك {اللهم إني أسالك الجنة, وأعوذ بك من النار} (¬7). 8. ومن ذلك {اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي, وتوفني إذا علمت الوفاة خيراً لي, اللهم إني أسالك خشيتك في الغيب والشهادة, وأسالك كلمة الحق في الرضا والغضب, وأسالك القصد في الغنى والفقر, وأسالك نعيماً لا ينفذ, وأسالك قرة عين لا تنقطع, وأسالك الرضا بعد القضاء, وأسالك برد ¬

_ (¬1) رواه مسلم وهو في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها. (¬2) متفق عليه من حديث أبي بكر رضي الله عنه. (¬3) رواه مسلم من حديث علي رضي الله عنه. (¬4) رواه أحمد, وأبو داود, والنسائي, وقال الحافظ بسند قوي من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه. (¬5) متفق عليه من حديث عروة بن الزبير رضي الله عنه. (¬6) رواه البخاري من حديث مصعب رضي الله عنه. (¬7) رواه أبو داود عن أبي صالح ذكوان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

س 78: ما هي المواضع التي يستحب عندها رفع اليدين؟

العيش بعد الموت, وأسالك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة, ولا فتنة مضلة, اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين} (¬1). 9. ثم بعد ذلك ليتخير من الدعاء أعجبه إليه لحديث ابن مسعود {ثم ليتخير من الدعاء ما شاء} (¬2) , وفي لفظ {ثم ليتخير من الدعاء أعجبه} (¬3) , ومن ذلك الدعاء بالرحمة وحسن الخاتمة والعصمة من الفواحش ونحو ذلك. القسم الثاني: {السنن الفعلية} أولاً: رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام, لحديث ابن عمر مرفوعاً ولفظه {فرفع يديه حين يكبر حتى يجعلهما حذو منكبيه (¬4)} ومواضع أخرى سيأتي بيانها. س 78: ما هي المواضع التي يستحب عندها رفع اليدين؟ ج/ المواضع هي: 1) عند تكبيرة الإحرام, لحديث ابن عمر السابق. 2) عند الركوع, لقول ابن عمر {رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا استفتح للصلاة رفع يديه حتى يحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه ..} (¬5). 3) عند الرفع من الركوع, لحديث ابن عمر السابق. ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وإسناده جيد من حديث عطاء بن السائب عن ابيه. (¬2) رواه مسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه. (¬3) رواه البخاري من حديث عبدالله بن مسعود. (¬4) رواه البخاري. (¬5) متفق عليه.

س79: إلى أين يرفعهما؟

4) عند القيام من التشهد الأول, لحديث ابن عمر {أنه كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه, وإذا ركع رفع يديه, وإذا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه, وإذا قام من الركعتين رفع يديه .. ورفع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم (¬1)}. س79: إلى أين يرفعهما؟ ج/ ورد في ذلك سنتان هما: 1 - الرفع إلى حذو المنكبين, كما كما في حديث ابن عمر السابق. 2 - الرفع إلى فروع الأذنين لما روى مالك بن الحويرث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم {كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه, وإذا ركع رفع حتى يحاذي بهما أذنيه, وإذا رفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده فعل مثل ذلك (¬2)} , وفي لفظ {حتى يحاذي بهما فروع أذنيه} (¬3). س80: ما هو وقت رفع اليدين؟ ج /السنة في هذا وردت على وجوه هي: 1. يرفع مع ابتداء التكبير, لحديث ابن عمر السابق. 2. يرفع يديه ثم يكبر, لحديث ابن عمر {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه ثم كبر} (¬4). 3. أن يكبر ثم يرفع, لما روى أبو قلابة {أنه رأى مالك بن الحويرث إذا صلى كبر ثم رفع يديه ... وحدّث أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هكذا} (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه مسلم. (¬5) رواه البخاري ومسلم.

س81: إذا جعل يده اليمنى على اليسرى فأين يضعهما؟

ثانياً: وضع اليد اليمنى على الشمال وجعلهما على صدره, لحديث وائل بن حجر وفيه {ثم وضع اليمنى على اليسرى} (¬1). س81: إذا جعل يده اليمنى على اليسرى فأين يضعهما؟ ج/ الراجح أنه يضعهما على الصدر, لحديث وائل بن حجر قال {صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره} (¬2). وقال الألباني في أحكام الجنائز (¬3): "ورد ثلاثة أحاديث في أن السنة الوضع على الصدر ولا يشك من وقف على مجموعها أنها صالحة للاستدلال ". س82: ما كيفية قبض اليدين أثناء القيام؟ ج/ السنة أن يضع يده اليمنى على يده الشمال. وهذه من السنن التي وردت على وجوه متنوعة وهي: 1 - القبض: أي يقبض كوع يسراه بيمينه ويجعلهما فوق سرته, ويدل لذلك حديث وائل بن حجر قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قائماً قبض بيمينه على شماله) (¬4). 2 - وضع اليد اليمنى على الذراع اليسرى, لحديث سهل قال {كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة} (¬5). 3 - وضع اليد اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد, لحديث وائل بن حجر {فكبر ورفع يديه حتى حاذتا أذنيه, ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد} (¬6). ¬

_ (¬1) رواه مسلم وأحمد. (¬2) رواه ابن خزيمة والبيهقي وصححه ابن خزيمة. (¬3) صـ 118. (¬4) رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني رحمه الله في صفة الصلاة صـ88. (¬5) رواه البخاري. (¬6) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والألباني رحمه الله في صفة الصلاة صـ88.

والكوع: طرف الزند الذي يلي الإبهام والجمع أكواع. فالذي يلي الخنصر يقال له الكرسوع, والذي يلي الأبهام يقال له الكوع , وهما عظمان متلاصقان في الساعد أحدهما أدق من الآخر, وطرفاهما يلتقيان عند مفصل الكف (¬1). ثالثاً: أن ينظر إلى موضع سجوده, والأقرب في ذلك أنه يفعل الأخشع لقلبه, والأخشع أن ينظر إلى موضع سجوده, وقد ورد في ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت {دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة وما خالف بصره موضع سجوده حتى خرج منها} (¬2). ويستثنى من ذلك حال الجلوس, فإنه يرمي ببصره إلى إصبعه السبابة. قال في الإنصاف (¬3) قال القاضي: " إلا حال إشارته في التشهد فينظر إلى سبابته " وقال النووي (¬4): " والسنة أن لا يجأوز بصره إشارته, وفيه حديث صحيح في سنن أبي داود ". وقد ورد في سنن أبي داود من حديث عبدالله بن الزبير وفيه {لا يجأوز بصره إشارته}. كذلك يستثنى من ذلك فيما إذا كان ذلك في الخوف, لقوله تعالى {خُذُوا حِذْرَكُمْ} (¬5) , ولما ورد من حديث سهل الحنظلية أن النبي صلى الله عليه وسلم {بعث عيناً فجعل ينظر إلى ناحية الشعب} (¬6) , لأن الإنسان يحتاج إلى النظر يميناً وشمالاً في حال الخوف, والعمل ولو كان كثيراً في حال الخوف فإنه يعتبر مغتفر, فكذلك عمل البصر. ¬

_ (¬1) المصباح المنير2/ 544. (¬2) أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. (¬3) 2/ 46. (¬4) في شرح مسلم5/ 81. (¬5) (النساء: من الآية71) (¬6) رواه أبو داود والحاكم والبيهقي وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووفقه الذهبي.

رابعاً: تفرقته بين قدميه, والقاعدة هنا {أن الهيئات في الصلاة تكون على مقتضى الطبيعة, ولا تخالف الطبيعة إلا ما دل النص عليه} , والوقوف الطبيعي أن يفرج بين قدميه فكذلك في الصلاة, فما كان على غير وفق الطبيعة يحتاج إلى دليل. خامساً: قبض المصلي ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع في ركوعه ومد ظهره وجعل رأسه حياله, والدليل على قبض المصلي ركبتيه بيديه مفرجتي الأصابع حديث ابن مسعود {أنه ركع فجافى يديه ووضع يديه على ركبتيه, وفرج أصابعه من وراء ركبتيه, وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي} (¬1) , ولحديث وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان إذا ركع فرج أصابعه وإذا سجد ضم أصابعه} (¬2) , وهذا هو الموضع الوحيد الذي تفرج فيه الأصابع " أي إذا كانت على الركبتين " وما عدا هذه الحالة فلا تفرج أصابه اليدين. وأما الدليل على مد الظهر حال الركوع وجعله حيال رأسه " أي مسأوياً لرأسه " فلحديث عائشة رضي الله عنها {وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك} (¬3). سادساً: إذا المصلي فالسنة أن يبدأ أولاً بوضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه بدليل حديث وائل بن حجر {رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه} (¬4). وعند الإمام مالك أنه يبدأ بيديه قبل ركبتيه, واستدل بحديث أبي هريرة مرفوعاً {ذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه} (¬5). ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود والنسائي. (¬2) رواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وحسنه. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن السكن في صحيحهما وقال البخاري والترمذي وأبو داود تفرد به شريك. (¬5) رواه ابو داود والترمذي والنسائي وأعله البخاري والترمذي والدارقطني.

س83: ما معنى المجافاة؟ وما دليلها؟

والخلاصة في هذا: من حيث القوة حديث أبي هريرة أقوى بشواهده من حديث وائل بن حجر, لأن حديث أبي هريرة أُعلَّ بعبد العزيز الدأوردي, وحديث وائل بن حجر أُعلَّ بشريك بن عبدالله القاضي, وعند المفاضلة عبد العزيز أقوى من شريك, فحديث أبي هريرة أقوى من حديث وائل بن حجر إن سلم من الانقلاب, لأن ابن القيم قال: إن حديث أبي هريرة منقلب وأن أصله {وليضع ركبتيه قبل يديه} (¬1). وحديث وائل أقوى من جهة الأصل, وأنه مقتضى الطبيعة. وبناءً على هذا فالراجح في هذه المسألة أن يقال: أن السنة أن يقدم ركبتيه قبل يديه, وأحياناً يقدم يديه قبل ركبتيه, وهذا يحصل الجمع بين الحديثين, حديث أبي هريرة وحديث وائل بن حجر, لأن رد حديث أبي هريرة بالكلية هذا غير مسلم, فقد يحتاج الإنسان إلى تقديم يديه قبل ركبتيه لمرض أو كبر سن أو غير ذلك. سابعاً: تمكين أعضاء السجود من الأرض ومباشرتها لمحل السجود, وقد سبق أقسام السجود على حائل عند الركن السابع من أركان الصلاة وهو ركن (السجود على الأعضاء السبعة) (¬2). ثامناً: مجافاة عضدية عن جنبيه, وبطنه عن فخذيه, وفخذيه عن ساقيه, وتفريقه بين ركبتيه, وإقامة قدميه, وجعل بطون أصابعهما على الأرض مفرقة, ووضع يديه حذو منكبية مبسوطة مضمومة الأصابع. س83: ما معنى المجافاة؟ وما دليلها؟ ج/ معنى المجافاة المباعدة " أي يباعد عضدية عن جنبيه وبطنه عن فخذيه وفخذيه عن ساقيه " وقد دل لها حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {اعتدلوا في السجود (¬3)} , والمقصود من كون السجود معتدلاً أي لا ينهصر ¬

_ (¬1) زاد المعاد1/ 223. (¬2) راجع صـ 68 (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س84: ما دليل مجافاة العضدين عن الجنبين؟

المصلي فينزل البطن على الفخذ والفخذ على الساق, ولا يمتد المصلي كما يفعل بعض الناس من أنه إذا سجد يمتد حتى يقرب من الإنبطاح, فهذا ليس من السنة بل هو من البدعة. س84: ما دليل مجافاة العضدين عن الجنبين؟ ج/ دليل ذلك حديث عبدالله بن بحينة رضي الله عنه قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنح في سجوده حتى يُرى وضح إبطيه} (¬1) أي بياض أبطيه. ولما روى أبو حميد {أن النبي كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض, ونحى يديه عن جنبيه, ووضع يديه حذو منكبيه (¬2)}. ويستثنى من ذلك: إذا كان المصلي في جماعة وكانت المجافاة هنا تؤدي إلى إيذاء جاره, فإنه لا يستحب له هنا المجافاة, لأن المجافاة سنة والإيذاء أقل أحواله الكراهة, ولا يمكن أن يُفعل مكروه مؤذٍ لجاره مشوش عليه أجل سنة, والإنسان إذا ترك سنة لدرء مفسدة وعلم الله من نيته لولا ذلك لفعل هذه السنة فإنه يكتب له أجرها بحمد الله, لحديث أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من مرض أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً (¬3)} , وهذا الحديث ليس خاصاً في عذر المرض والسفر بل هو في كل عذر يمنع الإنسان من أداء عزم على فعلها لولا هذا المانع. س85: ما دليل مجافاة البطن عن الفخذين؟ ج/ دليله حديث أبي حميد رضي الله عنه قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه (¬4)}. قال الشوكاني ¬

_ (¬1) متفق عليه (¬2) رواه ابو داود والترمذي وصححه. (¬3) رواه البخاري. (¬4) رواه أبو داود.

س86: ما دليل مجافاة الفخذين عن الساقين؟

في نيل الأوطار (¬1): (والحديث يدل على مشروعية التفريج بين الفخذين في السجود, ورفع البطن عنهما, ولا خلاف في ذلك). ولحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {اعتدلوا في السجود, ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب} (¬2) , ومن الإعتدال ألا يمتد في سجوده, ولا ينضم بأن يجعل بطنه على فخذيه, وفخذيه على ساقيه. س86: ما دليل مجافاة الفخذين عن الساقين؟ ج/ الدليل على ذلك ما تقدم من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {اعتدلوا في السجود} , وتقدم المقصود من ذلك. س87: ما معنى قوله: وفريقه بين ركبتيه؟ وما دليل ذلك؟ ج/ معنى ذلك: أي لا يضم ركبتيه بعضهما إلى بعض. ودليل ذلك حديث أبي حميد السابق {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه} وتقدم كلام الشوكاني رحمه الله عن معنى هذا. س88: تقدم أنه يفرق بين ركبتيه أثناء السجود, ولكن كيف يكون وضع القدمين أثناء السجود؟ ج/ الذي يظهر من السنة أن القدمين تكونان مرصوصتين, كما في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها {حين فقدت النبي صلى الله عليه وسلم فوقعت يدها على قدميه وهو ساجد} (¬3) , واليد الواحدة لا تقع على القدمين إلا في حال التراص, وقد جاء في صحيح ابن خزيمة {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرص ¬

_ (¬1) 2/ 257. (¬2) متفق عليه. (¬3) أخرجه مسلم / باب ما يقال في الركوع والسجود.

س89: ما هو الدليل على أنه يجعل بطون أصابعه على الأرض مفرقة مع توجيهها إلى القبلة؟

قدميه (¬1)} , وعلى هذا فالسنة في القدمين أثناء السجود هو التراص, بخلاف الركبتين واليدين. س89: ما هو الدليل على أنه يجعل بطون أصابعه على الأرض مفرقة مع توجيهها إلى القبلة؟ ج/ يدل لذلك حديث أبي حميد رضي الله عنه أنه قال: أنا أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وفيه {فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما, واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة} (¬2). س90: هل المرأة تفرج ما سبق كالرجل؟ ج/ الأصل أنها تفرج كالرجل ولا فرق, ما لم تكن بحضرة رجال أجانب فإنها تنضم, لأن ذلك أستر لها. س91: كيف يكون وضع اليدين أثناء السجود؟ ج/ ورد لوضع اليدين أثناء السجود صفتان هما: 1. أن تكونا حذو منكبيه, ويدل لذلك حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه ولفظه عند أبي دأوود {ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته ونحى يديه عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه (¬3)}. 2. أن يسجد بينهما " أي يضع رأسه بينهما " ويدل لذلك حديث وائل بن حجر رضي الله عنه ولفظه {فلما سجد, سجد بين كفيه} (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن خزيمة في الصلاة/باب ضم العقبين في الصلاة عن عائشة رضي الله عنها, والحاكم والبيهقي, وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه أبو داود وسكت عنه والترمذي وقال: حسن صحيح, والبخاري في قرة العين. والبيهقي وصححه الألباني رحمه الله تعالى في الإرواء. (¬4) رواه مسلم.

س92: ما الدليل على أنه يضم أصابع يديه إذا سجد؟

س92: ما الدليل على أنه يضم أصابع يديه إذا سجد؟ ج /الدليل على ذلك حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان إذا ركع فرج أصابعه, وإذا سجد ضم أصابعه} (¬1). س93: ما هي أقسام أصابع اليدين من جهة الضم والتفريق في الصلاة؟ ج/ تنقسم إلى أربعة أقسام: 1) عند الرفع لتكبيرة الإحرام, وعند رفع اليدين للركوع, والرفع منه, وعند القيام من التشهد الأول, هنا يضم أصابعه لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل في الصلاة يرفع يديه مداً} (¬2). 2) إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه مفرجتي الأصابع, لحديث وائل بن حجر المتقدم. 3) إذا سجد فهنا يضم أصابعه, لحديث وائل بن حجر المتقدم. 4) اليد اليسرى في إحدى الصفتين في الجلسة بين السجدتين, والجلوس للتشهد, فهنا تكون مبسوطة مضمومة الأصابع موجهه إلى القبلة كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله. تاسعاً: إذا أراد القيام من السجود فإنه يرفع يديه أولاً, لحديث وائل بن حجر قال: {رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه, وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه} (¬3). عاشراً: أن ينهض على صدور قدميه ويعتمد على ركبتيه بيديه: ويدل لذلك حديث أبي هريرةرضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهض على صدور ¬

_ (¬1) سبق تخريجه صـ107. (¬2) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (¬3) رواه الخمسة إلا أحمد.

س94: ما المقصود بجلسة الاستراحة؟ وما حكمها؟

قدميه} (¬1) , وفي حديث وائل بن حجر {وإذا نهض, نهض على ركبتيه واعتمد على فخذيه (¬2)} , وبناءً على استحباب نهوض المصلي على صدور قدميه يفيد هذا بعدم مشروعية جلسة الإستراحة. وهنا يرد سؤال هو: س94: ما المقصود بجلسة الاستراحة؟ وما حكمها؟ ج/ أما حكمها فعلى خلاف, والراجح ما ذهب إليه ابن قدامه وأبو يعلى أنها تشرع عند الحاجة بدليل حديث مالك بن الحويرث {أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يتستوي قاعداً} (¬3) , ومالك بن الحويرث كان قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته وهو يتجهز في غزوة تبوك وهو في ذلك الوقت قد كَبُرَ وبدأ به الضعف, وكان صلى الله عليه وسلم في آخر حياته يصلي الليل جالساً لمدة عام, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت {ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحة قاعداً, حتى كان قبل وفاته بعام, فكان يصلي في سبحته قاعداً (¬4)} , لكن من فعلها حتى ولو لغير حاجة بناء على ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الأمر في ذلك واسع. س95: هل لجلسة الاستراحة ذكر معين؟ ج/ ليس لجلسة الاستراحة ذكر معين بل هي جلسة خفيفة بقدر ما يستريح الإنسان. س96: إذا كان الإمام لا يجلس للاستراحة فهل للمأموم خلفه أن يجلس؟ ج/ يقال إذا كان الإمام لا يفعل ذلك فإن المأموم لا يجلس للاستراحة تبعاً لإمامه, لأن موافقة المأموم للإمام أمر واجب, حتى إن الإمام لو قام عن التشهد الأول ناسياً ¬

_ (¬1) رواه الترمذي والبيهقي. (¬2) رواه أبو داود. (¬3) رواه البخاري. (¬4) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين/باب النافلة قائماً وقاعداً.

س97: ما معنى الافتراش؟

وجب على المأموم متابعته مع أن التشهد الأول واجب وقد ذكر شيخ الإسلام في الفتأوى أن المأموم لا يجلس إذا كان إمامه لا يجلس للاستراحة. الحادي عشر: من السنن الفعلية الافتراش في الجلوس بين السجدتين, وفي التشهد الأول, وكذلك في التشهد الأخير على الراجح في الصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد كصلاة الفجر والجمعة, ونحوهما, ودليل ذلك حديث أبي حميد الساعدي مرفوعاً وفيه {وإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى (¬1)} , وفي حديث عائشة رضي الله عنها {وكان يقول في ركعتين التحية, وكان يفرش رجله اليسرى, وينصب اليمنى} (¬2). س97: ما معنى الافتراش؟ ج/ معنى الافتراش أن يجعل رجله اليسرى تحت مقعدته كأنها فراش, ويخرج اليمنى من الجانب الأيمن ناصباً لها. س98: ما هي مواضع الافتراش؟ ج/ مواضع الافتراش ثلاثة وهي: 1. في الجلسة بين السجدتين. 2. في التشهد الأول إذا كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية. 3. في التشهد الأخير إذا كانت الصلاة ثنائية على القول الراجح من أقوال أهل العلم, كالنافلة وصلاة الجمعة والاستسقاء والعيدين ونحو ذلك. الثاني عشر: التورك في التشهد الأخير إذا كانت الصلاة فيها تشهدان, ودليل ذلك حديث أبي حميد وفيه {ثم ثنى رجله وقعد عليها, واعتدل حتى يرجع كل عظم في ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه مسلم.

س99: ما هي صفات التورك؟

موضعه ثم نهض ... حتى إذا كانت الركعة التي تنقضي فيها صلاته أخرج رجله اليسرى, وقعد على شقه متوركاً, ثم سلم (¬1)} , ورواه البخاري بلفظ: {فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى, وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى, وقعد على مقعدته}. س99: ما هي صفات التورك؟ ج/ السنة للإنسان أن يتورك في التشهد الأخير, وعلى الصحيح أن التورك إنما يكون في الصلاة التي فيها تشهدان فقط فيفترش في التشهد الأول ويتورك في الثاني. والتورك ورد على صفات وهي: 1 - يفرش رجله اليسرى , وينصب اليمنى, ويخرجهما عن يمينه, ويجعل إليته على الأرض. ويدل لذلك حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه وفيه {فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى, وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى, وقعد على مقعدته} (¬2). 2 - أن يفرش اليمنى, ويدخل اليسرى بين فخذ وساق الرجل اليمنى, ويجعل إليته على الأرض. ويدل على ذلك حديث عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه ويفرش قدمه اليمنى (¬3)}. 3 - أن يفرش القدمين جميعاً ويخرجهما من الجانب الأيمن, ويجعل إليته على الأرض. ويدل لذلك حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه وفيه {... قال ويفتحُ رجليه إذا سجد ثم يقول " الله أكبر" ويرفع يديه , ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك " فذكر الحديث " قال: حتى إذا كان في السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متوركاً على شقه الأيسر} زاد أحمد {قالوا: ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه الترمذي. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه مسلم.

س100: إذا كان المأموم قد فاته شيء من الصلاة وجلس الإمام في التشهد الأخير متوركا: فهل يتورك المأموم أم يفترش؟ لأن المأموم سيقوم ويقضي ما فاته فهو ليس التشهد الأخير بالنسبة له؟

صدقت هكذا كان يصلي ولم يذكرا في حديثيهما الجلوس في الثنتين كيف جلس} (¬1). س100: إذا كان المأموم قد فاته شيء من الصلاة وجلس الإمام في التشهد الأخير متوركاً: فهل يتورك المأموم أم يفترش؟ لأن المأموم سيقوم ويقضي ما فاته فهو ليس التشهد الأخير بالنسبة له؟ ج/ يقال في المسألة خلاف, والراجح أنه يفترش ولا يتورك, لأن هذا هو الأصل, ولأنه لا يعتبر تشهداً أخيراً في حقه. الثالث عشر: وضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الأصابع بين السجدتين, وكذا في التشهد, إلا أنه يقبض من اليمنى الخنصر والبنصر ويحلق إبهامهما مع الوسطى, ويشير بسبابتها عند ذكر الله تعالى, لحديث ابن عمر رضي الله عنهما {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه, ورفع أصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها (¬2)}. س101: ما كيفية وضع الكفين بالنسبة لقبض الأصابع من عدمها أثناء الجلوس بين السجدتين والتشهد؟ ج/ كيفية وضع الكفين ما يلي: أما اليسرى: فإنها تكون مبسوطة, مضمومة الأصابع موجهه إلى القبلة, ويكون طرف المرفق عند طرف الفخذ بمعنى لا يفرجها بل يضمها إلى الفخذ, أو يضعها على الركبة يلقمها إلقاماً. أما اليمنى فلها صفتان: ¬

_ (¬1) رواه أبو داود وابن حبان والبيهقي عن أبي حميد وصححه الألباني رحمه الله في صفة الصلاة صـ181. (¬2) رواه مسلم وأحمد. رواه مسلم.

س102: أين يضع الكفين أثناء الجلوس بين السجدتين والتشهد؟

1) أن يقبض أصابع كفه اليمنى كلها, ويشير بإصبعه السبابة, ويرمي ببصره إليها, ويضع إبهامه على إصبعه الوسطى, واليسرى تكون مبسوطة. ودليل ذلك ما رواه علي بن عبدالرحمن المعأوي أنه قال {رأني عبدالله بن عمر وأنا أعبث بالحصى في الصلاة فلما انصرف نهاني فقال: اصنع كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع, فقلت وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال: كان إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى, وقبض أصابعه كلها, وأشار باصبعه التي تلي الإبهام, ووضع كفه اليسرى على فخذه اليسرى (¬1)}. 2) أن يقبض الخنصر والبنصر, ويحلق بالإبهام مع الوسطى, ويشير بالسبابة. ويدل على ذلك حديث وائل بن حجر .. وفيه {ثم قبض ثنتين من أصابعه, وحلق حلقة ثم رفع أصبعه, فرأيته يحركها يدعو بها} (¬2). س102: أين يضع الكفين أثناء الجلوس بين السجدتين والتشهد؟ ج/ ورد لذلك صفتان: 1 - أن يضع الكف اليمنى على الفخذ اليمنى, واليسرى على الفخذ اليسرى, وتكون أطراف أصابعه عند ركبتيه, ويدل لذلك حديث عامر بن عبدالله بن الزبير عن أبيه قال {كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى .. (¬3)}. 2 - أن يضع كفه اليمنى على ركبته اليمنى, واليد اليسرى يلقمها الركبة كأنه قابض لها, ويدل لذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه أحمد من حديث وائل بن حجر بسند قال فيه صاحب الفتح الرباني أنه جيد ورواه أبو داود والنسائي وابن خزيمة (موارد) وابن الجارود في المنتقى. (¬3) رواه مسلم.

س103: بالنسبة للجلوس بين السجدتين هل يبسط أصابع اليد اليمنى أم يقبضهما على ما ورد في الصفتين المتقدمتين؟

{كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبتيه اليسرى, ووضع يده اليمنى على ركبتيه اليمنى, وعقد ثلاثاً وخمسين وأشار بالسبابة (¬1)}. س103: بالنسبة للجلوس بين السجدتين هل يبسط أصابع اليد اليمنى أم يقبضهما على ما ورد في الصفتين المتقدمتين؟ ج/ الصحيح أن الجلوس بين السجدتين كالجلوس للتشهد بالنسبة لقبض أصابع اليد اليمنى, لحديث وائل بن حجر الذي أخرجه الإمام أحمد في المسند من طريق عبد الرزاق وسياقه {رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر " يعني استفتح الصلاة " ورفع يديه حين كبر, ورفع يديه حين قال: سمع الله لمن حمده, وسجد فوضع يديه حذو أذنيه, ثم جلس فافترش رجله اليسرى, ثم وضع يده اليسرى على ركبتيه اليسرى, ووضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى, ثم أشار بسبابته ووضع الإبهام على الوسطى, وقبض سائر أصابعه, ثم سجد فكانت يداه حذو أذنيه} , وهذا صريح في أن القبض والإشارة بين السجدتين كما في التشهدين, وإلي هذا ذهب ابن القيم رحمه الله حيث قال: (ثم كان صلى الله عليه وسلم يرفع رأسه مكبراً, غير رافع يديه, ويرفع من السجود رأسه قبل يديه, ثم يجلس مفترشاً, يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها, وينصب اليمنى ... إلى أن قال: وكان يضع يديه على فخذيه, ويجعل مرفقه على فخذه, وطرف يده على ركبته, ويقبض ثنتين من أصابعه ويحلق حلقة, ثم يرفع أصبعه يدعو بها ويحركها, هكذا قال وائل بن حجر ... إلى أن قال ثم كان يقول " بين السجدتين " ربَّ اغفر لي ..) أ. هـ (¬2). س104: متى يكون تحريك السبابة أثناء الجلوس بين السجدتين وعند الجلوس للتشهد؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) زاد المعاد1/ 238.

س105: تقدم أن أصبعه السبابة يشير بها, ولكن هل يحركها على الدوام أم يشير بها وهي ثابته لا يحركها عند الدعاء؟

ج/ الأقرب أنه يحرك السبابة عند الدعاء, لما ورد من حديث ابن عمررضي الله عنه ولفظه {أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة ووضع يديه على ركبتيه, ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها, ويده اليسرى على ركبتيه اليسرى باسطها عليها (¬1)} , وعلى هذا يقال: إذا قال المصلي " السلام عليك أيها النبي " يشير لأن السلام خبر بمعنى الدعاء " السلام علينا " فيه إشارة " اللهم صلِ على محمد " فيه شارة " اللهم بارك على محمد " فيه إشارة " أعوذ بالله من عذاب جهنم" فيه إشارة " ومن عذاب القبر" فيه إشارة " ومن فتنة المحيا والممات " فيه إشارة " ومن فتنة المسيح الدجال " فيه إشارة , وكلمة دعى المصلي فإنه يشير إشارة إلى علوه سبحانه وتعالى. س105: تقدم أن أصبعه السبابة يشير بها, ولكن هل يحركها على الدوام أم يشير بها وهي ثابته لا يحركها عند الدعاء؟ ج/ الراجح أنه يحركها عند الدعاء, لما ورد في صحيح مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق وفيه {ووضع يديه على ركبتيه, ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها} وعلى هذا يقال يقبض ويشير بالسبابة ويحركها عند الدعاء, فإذا قال مثلاً: ربَّ اغفر لي وهو قد أشار بالسبابة حركها وهكذا يفعل كلما دعا أي يرفع أصبعه ثابته لا تتحرك فإذا بدأ بالدعاء حركها. الرابع عشر: من السنن الفعلية إلتفاته يميناً وشمالاً في تسليمه, وتفضيل الشمال على اليمين في الإلتفات ويدل لذلك حديث عامر بن سعد عن أبيه قال {كنت أرى النبي صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده (¬2)}. س106: ما حكم التسليم؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه أحمد ومسلم.

س107: على من يسلم المصلي؟

ج/ الصحيح أنه من أركان الصلاة لحديث جابر بن سمرة مرفوعاً وفيه {إنما يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه يسلم على أخيه من على يمينه ومن على شماله} (¬1) , وما دون الكفاية لا يكون مجزئاً, وأيضاً لمواظبته صلى الله عليه وسلم على التسليم حضراً وسفراً, وقد قال صلى الله عليه وسلم {صلوا كما رأيتموني أصلي}. س107: على من يسلم المصلي؟ ج/ قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الممتع: (إذا كان معه جماعة فالسلام يكون عليهم, فإذا لم يكن معه جماعة فالسلام يكون على الملائكة الذين عن يمينه وشماله, وإذا سلم على الجماعة لا يجب عليهم الرد, وإن كان روى أبو داود {أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يردوا على الإمام, وأن يسلم بعضهم على بعض (¬2)} , لكن الظاهر أن هذا السلام حاصل من الجميع فكل واحد يسلم على الآخر فاكتفي بسلام الثاني عن الرد) (¬3). س108: ما هي الحكمة من اختتام الصلاة بالسلام؟ ج/ قال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفؤائد (¬4): (أما اختتام الصلاة به فإن الله جعل لكل عبادة تحليلاً منها وتحريماً, فجعل السلام تحليلاً من الصلاة ... والحكمة المناسبة فإن المصلي ما دام في صلاته بين يدي ربه فهو في حماه الذي لا يستطيع أحد أن يحفزه, بل هو في حمى من جميع الآفات والشرور, فإذا انصرف من بين يدي الله مصحوباً بالسلام لم يزل عليه حافظ من الله إلى وقت الصلاة الأخرى) أ. هـ. وأيضاً: كأن المصلي مشغول عن الناس في صلاته, ثم أقبل عليهم كغائب حضر. ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. (¬3) الممتع3/ 288. (¬4) 2/ 195.

س109: إلى إي الجهتين يلتفت أكثر؟

س109: إلى إي الجهتين يلتفت أكثر؟ ج/ قال أصحاب الإمام أحمد (¬1): وسن إلتفاته عن يساره أكثر, لحديث عمار مرفوعاً (كان يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن, وإذا سلم عن يساره يرى بياض خده الأيمن والأيسر) (¬2). وفي صحيح مسلم عن سعد قال (كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه ويساره حتى يرى بياض خده). س110: هل يطول السلام ويمد به صوته أم لا؟ ج/ يقال أنه يستحب حذف السلام, وهو أنه لا يطوله ولا يمد به صوته, لحديث أبي هريرة رضي الله عنه {حذف السلام سنة} (¬3). {الأذكار بعد الصلاة} وبعد ما انتهينا بحمد الله تعالى في كتاب الصلاة من سنن الصلاة, وقبل أن نتطرق إلى مكروها تها ومبطلاتها (¬4) , يحسن بنا أن نتعرض للأذكار الملحقة بالصلاة, لأن هذه الصلاة عظيمة ومن عظمتها أن لبَ الصلاة وروحها هو الخشوع ولكن لابد أن يعتريها النقص, ولذا شرع للإنسان أن يسد وأن يجبر هذا النقص, ولذا شرع للإنسان أن يسد وأن يجبر هذا النقص, ومن رحمة الشارع أنه جعل لهذه الصلاة جوابر تسدَ هذا الخلل الحاصل في الصلاة. وجوابر الصلاة ثلاثة: 1 - الأذكار التي في أدبار الصلاة. ¬

_ (¬1) كشاف القناع1/ 362. (¬2) رواه يحيى بن محمد بن صاعد. (¬3) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه. (¬4) وسيأتي إن شاء الله بيان ذلك كله في المذكرة الثانية لـ (كتاب الصلاة)

س111: ماذا يقول المسلم بعد تسليمه من صلاته؟

2 - سجود السهو (1). 3 - صلاة التطوع (2). س111: ماذا يقول المسلم بعد تسليمه من صلاته؟ ج/ يقول ما ورد من الأذكار, وهي على ما يلي: 1. يستغفر الله ثلاثاً, لحديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثاً, وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام} (¬1). 2. أن يقول {اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام} , بدليل حديث ثوبان السابق. 3. ثم يقول {لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, لا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه, له النعمة, وله الفضل, وله الثناء الحسن, لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون} , ويدل لذلك حديث عبدالله بن الزبير رضي الله عنه {أنه كان يقول دبر كل صلاة حين يسلّم: لا إله إلا الله وحده ... الخ, وقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة} (¬2). 4. أيضاً يقول ما ورد في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه كتب إلى معأوية {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من الصلاة وسلّم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, اللهم لا مانع لما أعطيت, ولا معطي لما منعت, ولا ينفع [ذا الجد منك الجد} (¬3). ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) متفق عليه.

5. يستحب أن يقول بعد ذلك بعد الصبح {لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, عشر مرات} (¬1) , وكذلك تقال بعد المغرب (¬2) , أما في غير الصبح والمغرب فإنه يقولها ثلاث مرات. 6. كذلك يقول {ربَّ أجرني من النار} سبع مرات بعد صلاة الصبح والمغرب, وقد روى ذلك الإمام أحمد وأبو داود من حديث مسلم بن الحارث التميمي عن أبيه قال {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحداً من الناس " اللهم أجرني من النار " سبع مرات, فإنك إن مت من يومك ذلك كتب الله عز وجل لق جواراً من النار, وإذا صليت المغرب فقل قبل أن تكلم أحداً من الناس " اللهم إني أسألك الجنة, اللهم أجرني من النار " , سبع مرات, فإنك إن مت من ليلتك تلك كتب الله عز وجل لق جواراً من النار}. 7.قراءة المعوذتين دبر كل صلاة, لما ورد في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال {أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين دبر كل صلاة} (¬3) , وفي رواية {بالمعوذتين} (¬4) , فينبغي أن يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} يكررها ثلاثاً في المغرب والفجر. 8. يقرأ آية الكرسي, لحديث أبي أمامه رضي الله عنه قال: {قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ آية الكرسي دبر كل مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت} (¬5). 9. ثم يشرع في التسبيح (¬6). ¬

_ (¬1) رواه الترمذي عن أبي ذر وقال حسن صحيح. (¬2) رواه الإمام أحمد وغيره. (¬3) رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي. (¬4) رواه أبو داود. (¬5) رواه النسائي. (¬6) الأذكار الواردة في أدبار الصلوات متنوعة وماذكرناه شيئاً منها ومن أراد الإستذادة من ذلك فليراجع الكتب المؤلفة في ذلك مثل كتاب الأذكار للنووي, وكتاب الوابل الصيب لابن القيم وهو كتاب مفيد جداُ لأن المؤلف رحمه الله تعالى ذكر فيه فؤائد الذكر وقد ذكر فوق مائة فائدة للذكر يحسن مراجعتها.

س112: ما هي صيغ التسبيح الواردة التي يقولها المصلي بعد انتهاء الصلاة

س112: ما هي صيغ التسبيح الواردة التي يقولها المصلي بعد انتهاء الصلاة؟ ج/ التسبيح الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم له صيغ: الأولى: أن يسبح ويحمد ويكبر ثلاثاً وثلاثين, ويقول في تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير, كما ورد ذلك من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين, وحمد الله ثلاثاً وثلاثين, وكبر الله ثلاثاً وثلاثين, فتلك تسعة وتسعون, وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر} (¬1). الثانية: أن يسبح عشراً, ويحمد عشراً, ويكبر عشراً, فيكون الجمع ثلاثين, ويدل لذلك ما ورد في حديث أنس بن مالك قال {جاءت أم سلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله علمني كلمات أدعو بهن قال: تسبحين الله عز وجل عشراً, وتحمدينه عشراً, وتكبرينه عشراً, ثم سلي حاجتك, فإنه يقول قد فعلت, قد فعلت (¬2)}. الثالثة: أن يسبح ثلاثاً وثلاثين, ويحمد ثلاثاً وثلاثين, ويكبر أربعاً وثلاثين, فيكون الجميع مائة, لما ورد في حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال {معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن, دبر كل صلاة مكتوبات ثلاثاً وثلاثين تسبيحة, وثلاثاً وثلاثين تحميدة, وأربعاً وثلاثين تكبيرة (¬3)}. الرابعة: يقول سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, وخمساً وعشرين مرة, فيكون الجميع مائة, ويدل لذلك ما ورد من حديث زيد بن ثابت قال {أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين, ونحمد ثلاثاً وثلاثين, وتكبر أربعاً وثلاثين, ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي, والحاكم في المستدرك وصححه على شرط مسلم. (¬3) رواه مسلم.

س113: إذا أراد التسبيح هل يجمعها أم يفردها؟ وما أدلة ذلك؟

فأتى رجل في المنام من الأنصار فقيل له: أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا في دبر كل صلاة كذا وكذا وكذا قال الأنصاري " في منامه " نعم, قال فاجعلوها خمساً وعشرين, واجعلوا فيها التهليل, فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره, فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم فافعلوا} (¬1). س113: إذا أراد التسبيح هل يجمعها أم يفردها؟ وما أدلة ذلك؟ ج/ أما الصيغة الأولى: فالسنة أن يجمعها ويقول سبحان الله, والحمد لله, الله أكبر, حتى يعد ثلاثاً وثلاثين فتكون مجموعها تسعاً وتسعون, فالسنة فيها الجمع لا الإفراد, فلا يقول سبحان الله ثلاثاً وثلاثين ثم الحمد لله ثلاثاً وثلاثين ثم الله أكبر ثلاثاً وثلاثين, وإنما السنة جمعها كما تقدم, لما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال {جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلى .. إلى أن قال: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين, فاختلفا بيننا, فقال بعضنا: نسبح ثلاثاً وثلاثين, ونحمد ثلاثاً وثلاثين, ونكبر أربعاً وثلاثين, فرجعت إليه فقال: تقول سبحان الله, والحمد لله, والله أكبر, حتى يكون منهن كلهن ثلاث وثلاثون} (¬2). أما الصيغة الثانية: فالسنة أفرادها فيسبح عشراً, إذا انتهى منها حمد عشراً, وإذا انتهى منها كبر عشراً, لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {خصلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة: يسبح الله في دبر كل صلاة عشراً, ويحمد عشراً, ويكبر عشراً (¬3)} الحديث, فهنا ورد بصيغة الإفراد. أما الصيغة الثالثة: هذه كذلك السنة أفرادها يسبح ثلاثاً وثلاثين, وإذا انتهى منها يحمد ثلاثاً وثلاثين, إذا انتهى منها يكبر أربعاً وثلاثين, لما ورد عن كعب بن عجرة ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حسن صحيح والنسائي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي والحاكم من حديث أنس رضي الله عنه.

س114: هل يرفع صوته بما تقدم من الاستغفار والتسبيح أم يسر؟

أن رسول صلى الله عليه وسلم قال {معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن, دبر كل صلاة مكتوبة ثلاثاً وثلاثين, لما ورد عن كعب بن عجرة أن رسول صلى الله عليه وسلم قال {معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن, دبر كل صلاة مكتوبة ثلاثاً وثلاثين تسبيحة, وثلاثاً وثلاثين تحميدة, وأربعاً وثلاثين تكبيرة (¬1)}. فهنا جاء بصيغة الإفراد. أما الصيغة الرابعة: إن شاء جمعها يقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا إله إلا الله خمساً وعشرين مرة, لحديث زيد المتقدم, وإن شاء أفردها يقول: سبحان الله خمساً وعشرين والحمد لله خمساً وعشرين والله أكبر خمساً وعشرين, ولا إله إلا الله خمساً وعشرين, لما ورد من حديث نافع بن عمر رضي الله عنه {أن رجلاً رأى فيما يرى النائم قيل له: بأي شيء أمركم نبيكم صلى الله عليه وسلم قال: أمرنا أن نسبح ثلاثاً وثلاثين, ونحمد ثلاثاً وثلاثين, ونكبر أربعاً وثلاثين فتلك مائة, قالوا: سبحوا خمساً وعشرين, واحمدوا خمساً وعشرين, وكبروا خمساً وعشرين, وهللوا خمساً وعشرين فتلك مائة, فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله, افعلوا كما قال الأنصاري} (¬2). س114: هل يرفع صوته بما تقدم من الاستغفار والتسبيح أم يسر؟ ج/ السنة رفع الصوت بما تقدم من الاستغفار والتسبيح, لما ورد من حديث ابن الزبير (¬3) , لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, لا حول ولا قوة إلا بالله ولا نعبد إلا إياه, له النعمة, وله الفضل, وله الثناء الحسن, لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون, وقال كان رسول الله يهل بهن دبر كل صلاة} , الشاهد هنا قوله: {يهل بهن} والإهلال رفع الصوت. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما {إن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم} , وفيه أيضاً عن ابن عباس {كنت اعرف انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالتكبير}. ¬

_ (¬1) رواه مسلم (¬2) رواه أحمد والنسائي والحاكم وإسناده صحيح. (¬3) تقدم في صـ 122.

س115: بم يعقد التسبيح؟

س115: بمَ يعقد التسبيح؟ ج/ قال شيخ الإسلام رحمه الله (¬1) (السنة أن يعقد التسبيح بلإصبعه, لقول النبي صلى الله عليه وسلم {سبحن واعقدن بالأصابع فإنهن مسؤولات مستنطقات} (¬2) , وأما عده بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن, وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك, وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين تسبيح بالحصى وأقرها على ذلك, وروي أن أبا هريرة كان يسبح به " أي يسبح بالحصى ". أما التسبيح بما يجعل في نظام الخرز فمن العلماء من كرهه, ومنهم من لم يكرهه, وإذا حسنت النية فهو حسن غير مكروه, وأما اتخاذه من غير حاجة أو إظهاره للناس مثل تعليق في العنق, أو جعله كالسوار في اليد ونحو ذلك, فهذا رياء أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة, الأول محرم, والثاني أقل أحواله الكراهة " أ. هـ. وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن حكم التسبيح بالمسبحة فقال رحمه الله تعالى التسبيح بالأصابع خير من التسبيح بالسبحة من ثلاثة وجوه: الأول: أنه الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله لجماعة من النسوة {اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات}. الثاني: أنه أقرب إلى الإخلاص وأبعد عن الرياء. الثالث: أنه أقرب إلى حضور القلب, ولذلك ترى المسبح بالسبحة يتجول بصره حين التسبيح يميناً وشمالاً لكونه قد ضبط العدد بخرز السبحة فهو يسردها حتى ينتهي إلى آخرها, ثم يقول سبحت مائة مرة أو ألف مرة مثلاً, بخلاف الذي يعقد بالأنامل فقلبه حاضر, وفي موضع آخر قال رحمه الله: (وعلى هذا فإن التسبيح بالمسبحة لا يًعد بدعة في الدين, لأن المراد بالبدعة المنهي عنها هي البدع في الدين, والتسبيح بالمسبحة إنما ¬

_ (¬1) مجموع الفتأوى22/ 506. (¬2) رواه أبو داود والترمذي والإمام أحمد وحسنه النووي.

س116: في أي اليدين يعقد التسبيح؟

هي وسيلة لضبط العدد, وهي وسيلة مرجوحة مفضولة, والأفضل منها أن يكون عدّ التسبيح بالأصابع) (¬1) أ. هـ. س116: في أي اليدين يعقد التسبيح؟ ج/ السنة أن يكون عقد التسبيح باليمين, بدليل حديث عبدالله بن عمرو بن العاص {رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه} (¬2). س117: هل يعد الإنسان التسبيح بالأنامل أو بالأصابع؟ ج/ أجاب عن ذلك أيضا فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى حيث قال {التسبيح بالأنامل أو بالأصابع واسع, إن شاء عقد بالأنامل, وإن شاء عقد بالأصابع, والأفضل أن يكون عقد التسبيح باليمين, كما جاء به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص " وقد تقدم " أ. هـ (¬3). س118: ما تقدم من الأذكار عقب أي صلاة تقال؟ ج/ تقال عقب الصلوات المفروضة بخلاف النوافل, ولذا نعلم خطأ من إذا سلم من النافلة استغفر الله ثلاثاً ثم قال " اللهم أنت السلام ... " فبعد النافلة لا يقول شيئا إلا بعد السلام من الوتر يقول " سبحان الملك القدوس " لما ورد في سنن أبي داود وغيرهما عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الوتر قال " سبحان الملك القدوس " وفي رواية النسائي وابن السني {سبحان الملك القدوس, ثلاث مرات}. ¬

_ (¬1) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/محمد بن عثيمين13/ 241. (¬2) رواه أبو داود والترمذي وحسنه البيهقي وصححه الذهبي. (¬3) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ/محمد بن عثيمين13/ 242.

انتهى بحمد الله وتوفيقه الجزء الأول من كتاب الصلاة ويليه الجزء الثاني بعون الله تعالى وأوله باب مكروهات الصلاة

{مكروهات الصلاة}

{مكروهات الصلاة} س1: ما تعريف المكروه؟ المكره لغةً: هو المبغض. اصطلاحاً: خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين بطلب الترك على غير وجه المحرم. والمكروهات في الصلاة هي: أولاً: الاقتصار على الفاتحة في الركعتين الأوليين وعدم قراءة سورة بعدها, ذكر بعض الفقهاء أن ذلك يكره, ولكن يقال الراجح أن المسألة لا تخلو من حالتين هما: 1. أن يتخذ المصلي ذلك صفة دائمة " أي أنه دائماً يترك قراءة سورة الفاتحة " فقول الفقهاء أن هذا مكروه له وجه. 2. أن يتركها في بعض الأحيان فلا شيء فيه ولا يكره ذلك, لأن الكراهة حكم شرعي تفتقر إلى دليل والقاعدة الشرعية {أن ترك السنة لا يقتضي الكراهة}. ثانياً: تكرار الفاتحة, كما لو قرأها ثم أراد أن يعيد قراءتها في نفس الركعة فهذا مكروه على الصحيح من أقوال أهل العلم لعدم نقله عن النبي - والمُكَرِر للفاتحة للتعبد بالتكرار لا شك أنه قد أتى مكروهاً, ولأن الفاتحة ركن قولي والزيادة القولية في الصلاة يرى بعض العلماء أنها تبطل بها الصلاة, والذي يقرأ الفاتحة مرة ثانية يعتبر زاد ركناً قولياً, فقالوا خروجاً من الخلاف فإنه يكره تكرار الفاتحة, والراجح أن زيادة الركن القولي في الصلاة لا يبطلها لكن قد يكون ذلك محرماً, كما لو قرأ القرآن في حال الركوع أو السجود.

س2: ما الحكم لو كان التفاته برأسه أو بصره لحاجة مع الدليل على ذلك؟

ويستثني من كراهية تكرار الفاتحة ما إذا كان تكرارها لغرض صحيح كما لو نسي الإمام الجهر بها في الصلاة الجهرية وقرأها سراً فله إعادتها جهراً, أو أراد أن يقرأها بتدبر وخشوع ما لم يخشَ الوسواس فإن ذلك لا يكره. ثالثاً: التفاته بلا حاجة, والذي يكره هو الالتفات بالرأس وشمالاً, وكذا الالتفات بالبصر بالبصر يميناً وشمالاً كما سيأتي في أقسام الالتفات, لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال {هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد} (¬1). س2: ما الحكم لو كان التفاته برأسه أو بصره لحاجة مع الدليل على ذلك؟ ج/ الحكم أن ذلك لا بأس به إذا كان ذلك لحاجة, لحديث سهل بن الحنظلية قال {ثوَب بالصلاة " يعني صلاة الصبح " فجعل رسول الله - يصلي وهو يلتفت إلى الشعب} (¬2) , ومن ذلك أمره - للمصلي عند الوسوسة أن يتفل عن يساره ثلاثاً ويتعوذ بالله (¬3) , وكذلك التفت أبو بكر - رضي الله عنه - لمجيئ النبي - , والتفت الناس لخروجه في مرض موته حيث أشار إليهم, ولو لم يلتفتوا ما علموا بخروجه ولا إشارته وأقرهم على التفاتهم, ومن ذلك لو كانت المرأة تصلي وعندها صبياً وخشيت عليه من شيء فالتفتت برأسها أو ببصرها إليه وهي تصلي فلا بأس بذلك. س3: ما هي أقسام الإلتفات في الصلاة؟ ج/ الإلتفات في الصلاة على أقسام أربعة هي: الأول: إلتفات القلب وهذا هو العلة التي لا يكاد يسلم منها أحد وما أصعب معالجتها وما أقل السالم منها, وهذا لا يبطل الصلاة " ولكن ليس للإنسان إلا ما عقل " حتى لو غلبت الخواطر على أكثر الصلاة فإنه لا يبطلها. ¬

_ (¬1) رواه البخاري وأحمد. (¬2) رواه أبو داود والحاكم وصححه على شرطهما. (¬3) كما في صحيح مسلم عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه.

س4: ما حكم الإلتفات بالبصر إلى السماء " أي رفع البصر إلى السماء في حال الصلاة "؟

الثاني: الإلتفات برأسه يميناً أو شمالاً فهذا يكره, لما روى أنس - رضي الله عنه - مرفوعاً {إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكه} (¬1) , فإن كان لحاجة فلا يكره لما تقدم. الثالث: أن يلتفت بجميع بدنه فتبطل صلاته, لتركه استقبال القبلة لكن في شدة الخوف لا تبطل صلاته لسقوط الاستقبال في تلك الحال, ومثله من يصلي في الكعبة, لأنه إذا ترك استقبال جهة فقد استقبل الأخرى. الرابع: الإلتفات بالبصر يميناً وشمالاً, فهذا يكره, لعموم النهي عن الإلتفات, وهناك الإلتفات بالبصر إلى السماء وهذا سيأتي حكمه. س4: ما حكم الإلتفات بالبصر إلى السماء " أي رفع البصر إلى السماء في حال الصلاة "؟ ج/ الراجح أنه محرم لكن لا تبطل الصلاة بذلك, والدليل على حرمة ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - قال {لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتختطفن ابصارهم} (¬2) , وعند مسلم نحوه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - وجابر - رضي الله عنه - وفيه {أو لا ترجع إليهم} , وهذا وعيد, والوعيد لا يكون إلا على شيء من الكبائر. وبناءً على هذا يكون نظر المصلي إما إلى تلقاء وجهه, وإما إلى موضع سجوده, والمصلي يختار ما هو أخشع لقلبه إلا في موضعين: ا. في حالة الخوف فإنه ينظر إلى جهة العدو. 2. إذا جلس بين السجدتين أو للتشهد فإنه يرمي ببصره إلى موضع إشارته إلى إصبعه, لما روى عامر بن عبدالله بن الزبير عن أبيه قال وفي الحديث {... لا يجاوز بصره إشارته (¬3)}. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وصححه. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم.

س5: ما حكم رفع البصر حال الدعاء إذا كان الإنسان خارج الصلاة؟

س5: ما حكم رفع البصر حال الدعاء إذا كان الإنسان خارج الصلاة؟ ج/ الراجح في ذلك أنه لا يكره ذلك, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (¬1) , وقال به بعض السلف كشريح. الرابع: من مكروهات الصلاة تغميض المصلي عينيه, قال ابن القيم رحمه الله (¬2) (ولم يكن من هديه - تغميض عينيه في الصلاة ... , وقد يدل على ذلك مده يده في صلاة الكسوف ليتناول العنقود لما رأى الجنة, وكذلك رؤيته النار وصاحبة الهرة وصاحب المحجن, وكذلك حديث مدافعته البهيمة, ورده الغلام والجارية ... فهذه الأحاديث وغيرها يستفاد من مجموعها العلم بإنه لم يكن يغمض عينيه) أ. هـ. وبناءً على هذا فالراجح أن تغميض المصلي عينيه أن ذلك مكروه إذا كان فتح العينين لا يخل بالخشوع, وإن كان يحول بينه وبين الخشوع لما في قبلته من الزخرفة والتزويق, أو غيره مما يشوش عليه قلبه فهنالك لا يكره التغميض قطعاً, والقول باستحبابه في هذا الحال أقرب إلى أصول الشرع ومقاصده من القول بالكراهية. الخامس: من مكروهات الصلاة حمل المصلي شيئاً يشغله عن صلاته, وهذا من المكروهات إذا كان يشغله في صلاته, أما إذا كان حمل هذا الشيء لا يشغله في صلاته فلا بأس بذلك, ولهذا النبي - وهو أخشع الناس حمل أمامة وهو يصلي, كما ورد ذلك في حديث أبي قتادة الأنصاري {أن رسول الله - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله -} (¬3) , ولأبي العاص بن ربيعة بن عبد شمس {فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها} (¬4). وبناءً على هذا للمرأة أن تفعل ذلك, كما لو حملت ابنها إذا قامت وإذا سجدت وضعته فلا بأس بذلك إذا كان لا يشغلها عن صلاتها. ¬

_ (¬1) الاختيارات صـ75. (¬2) زاد المعاد1/ 293. (¬3) رواه البخاري. (¬4) رواه البخاري ومسلم.

س6: ماذا يفعل المأموم إذا أطال الإمام السجود وشق عليه؟

السادس: من مكروهات الصلاة افتراش المصلي ذراعيه حال السجود, والمقصود من ذلك هو أن يمدهما على الأرض ملصقاً لهما بها بحيث تكونان كالفراش والبساط, ويدل على النهي عن ذلك حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - قال {اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب (¬1)}. فهنا نُهي عن التشبه بحيوان وهو الكلب, والله عز وجل لم يذكر تشبيه الإنسان بالحيوان إلا في مقام الذم كما في قوله تعالى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً (¬2)} , وقد ورد عن النبي - في الذي يتكلم والإمام يخطب أنه كمثل الحمار يحمل أسفاراً (¬3) , فإذا كان تشبه الإنسان بالحيوان في غير الصلاة مذموماً ففي الصلاة من باب أولى, فلعلى هذا يكون الافتراش مكروه, لكن لو اعتاد ذلك فإنه يكون محرماً, لأن الذم كما تقدم لا يكون إلا على فعل معصية. س6: ماذا يفعل المأموم إذا أطال الإمام السجود وشق عليه؟ ج/ إذا أطال الإمام السجود وشق على المأموم ذلك فإنه يعتمد بمرفقيه على فخذيه, لأن في هذا تيسير على المكلف, وقد روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال {اشتكى أصحاب رسول الله - مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا فقال: استعينوا بالركب} (¬4). السابع: من مكروهات الصلاة العبث في الصلاة, ولا فرق هنا بين العبث بيد أو رجل أو لحية أو ثوب أو غير ذلك. س7: ما هي المفاسد المترتبة على العبث؟ ج/ ذكر الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الممتع (¬5) لذلك مفاسد ثلاثة هي: ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) (الجمعة: من الآية5) (¬3) رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما, قال ابن حجر في البلوغ " رواه أحمد بإسناد لا بأس به ". (¬4) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي. (¬5) الشرح الممتع3/ 321.

س8: ما هو التخصر؟

1) انشغال القلب فإن حركة البدن تكون بحركة القلب, فإذا تحرك البدن لزم من ذلك أن يكون القلب متحركاً وفي هذا انشغال عن الصلاة. 2) أنه على اسمه عبث ولغو وهو ينافي الجدية المطلوبة من الإنسان في حال الصلاة. 3) وهي الحركة بالجوارح وهذه الحركة دخيلة على الصلاة, لأن الصلاة لها حركات معينة من قيام وقعود وركوع وسجود. الثامن: من مكروهات الصلاة التخصر, ويدل على النهي عن التخصر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - {أن النبي - نهى أن يصلي الرجل متخصراً} (¬1). س8: ما هو التخصر؟ ج/ التخصر اختلف أهل العلم في المراد بمعناه, والراجح أنه وضع اليد على الخاصرة, وهذا ما عليه أكثر أهل العلم, ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها في قصة فقد عائشة لعقدها وفيه قالت {وجعل يطعنني بيده في خاصرتي (¬2)}. س9: ما هو محل التخصر؟ ج/ الخاصرة: هي المستدق من البطن الذي فوق الورك, أي وسط الإنسان. س10: ما هي العلة في النهي التي من أجلها نهي عن الإختصار؟ ج/ العلماء على خلاف في العلة التي من أجلها نهي عن الإختصار: القول الأول: أنه راحة أهل النار, لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً {الإختصار في الصلاة راحة أهل النار} (¬3). وقيل: أنه تشبه بالشيطان (¬4). ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) وقد ورد هذا عن ابن عباس رضي الله عنه في مصنف ابن أبي شيبة. (¬3) أخرجه ابن خزيمة وقال العراقي في النيل: ظاهر إسناده الصحة. (¬4) وقد ورد هذا عن ابن عباس رضي الله عنه في مصنف ابن أبي شيبة.

وقيل: إنه تشبه باليهود (¬1). وقيل: إنه فعل المختالين والمتكبرين. وقيل: إنه فعل أهل المصائب. التاسع: التمطي, قال في لسان العرب: تمطى الرجل أي تمدد, والتمطي التبختر ومد اليدين في المشي, ويقال التمطي مأخوذ من المطيطة وهو الماء الخاثر في أسفل الحوض, وفي حاشية ابن قاسم (¬2) قال: " والتمطي هو التمغط, تمطى فلان تبختر ومد يديه في المشي, لأنه يخرج عن هيئة الخشوع ويؤذن بالكسل ". وإنما يكره ذلك لأن هذا من العبث وهذا العمل يخرجه عن هيئة الخشوع. العاشر: فتح الفم, لأن هذا من العبث, ولأنه يذهب الخشوع ويمنع كمال مخارج الحروف أثناء القراءة. الحادي عشر: استقبال صورة, فإذا كانت الصورة مواجهة له فإنه لا يكتفي بالكراهة, بل الأقرب في ذلك التحريم. قال شيخ الإسلام رحمه الله قي مجموع الفتاوى (¬3) (وأما الصلاة فيها " أي في الكنيسة " ففيها ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره: المنع مطلقاً وهو قول مالك, والإذن مطلقاً هو قول بعض أصحاب أحمد, والثالث هو الصحيح المأثور عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وغيره أنه إذا كان فيها صورة لم يصل فيها, لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة, ولأن النبي - لم يدخل الكعبة حتى محى ما فيها من الصور, وكذا قال عمر - رضي الله عنه - إنا لا ندخل كنائسهم والصور فيها). ¬

_ (¬1) وقد ورد هذا عن عائشة رضي الله عنها في صحيح البخاري. (¬2) 1/ 94. (¬3) 22/ 162.

س11: ما الحكم لو صلى إنسان في ثوب فيه صورة؟

وفي سؤال ورد للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء مفاده: أنهم يصلون في دائرة رسمية لا يستطيعون مغادرتها للصلاة في المسجد ويوجد في الصالة التي نصلي فيها صور تجاه القبلة لشخصيات كبيرة فما حكم الصلاة في هذا المكان والحالة هذه؟ فإجابات اللجنة ما نصه: الصلاة صحيحة ولا حرج عليهم إن شاء الله في ذلك إذا كانوا مضطرين للصلاة في المكان المذكور لعدم وجود مسجد قريب منهم, ولكن يجب عليهم أن يبذلوا وسعهم مع المسؤلين لإزالة الصور من هذا المكان, أو إعطائهم مكاناً آخر ليس فيه صور, لأن الصلاة في المكان الذي فيه صور أمام المصلين فيه تشبه بعبادة الأصنام, وقد جاءت الأحاديث الكثيرة دالة على النهي عن التشبه بأعداء الله والأمر بمخالفتهم, مع العلم بأن تعليق الصور ذوات الأرواح في الجدران أمر لا يجوز. بل هو من أسباب الغلو والشرك, ولا سيما إذا كانت من صور المعظمين. أ. هـ. س11: ما الحكم لو صلى إنسان في ثوب فيه صورة؟ ج/ حكم الصلاة صحيحة لكنه يأثم إن فعل ذلك متعمداً, وإن لم يكن متعمداً فلا إثم عليه, لكن الصلاة صحيحة في كلتا الحالتين. الثاني عشر: من مكروهات الصلاة, الصلاة إلى وجه آدمي ومتحدث ونائم, لكن الكراهة مقيدة فيما إذا كان ذلك يشغل المصلي ويلهيه عن صلاته, أما أن كان لا يلهيه ذلك فلا كراهة, لحديث عتبان {أنه دعى النبي - وذكر له أنه كبر, فطلب من النبي - أن يصلي في مكان يتخذه مصلى, فشرع النبي - والصحابة يتحدثون في مالك بن الدخشم وأنه لا يحب الله ورسوله, فلما انصرف النبي - قال: ألا تراه قال: أشهد أن لا إله إلا الله فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه} (¬1) , فالنبي - صلى إليهم وهم يتحدثون. ¬

_ (¬1) رواه مسلم.

س12: ما حكم الصلاة أما الدفايات وهل هي داخل في النهي أم لا؟

ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت {لقد كان النبي - يقوم فيصلي من الليل وإنا معترضة بينه وبين القبلة , كاعتراض الجنازة (¬1)} , وقد عقد البخاري فصلاً (¬2): "باب استقبال الرجلُ الرجلَ وهو يصلي, ثم قال: وكره عثمان - رضي الله عنه - أن يستقبل الرجل وهو يصلي, وإنما هذا إذا اشتغل به, فأما إذا لم يشتغل به فقد قال زيد بن ثابت: ما باليت إن الرجل لا يقطع صلاة الرجل ". أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه أبو داود {نهى النبي - عن الصلاة إلى النائم والمتحدث} فهو حديث ضعيف. الثالث عشر: استقبال النار أثناء الصلاة, وذلك لما في ذلك من التشبه بالمجوس عباد النار, لحديث سلمان - رضي الله عنه - قال {واجتهدت في المجوسية حتى كنت قِطن النار الذي يوقدها ولا يتركها تخبو ساعة} (¬3). س12: ما حكم الصلاة أما الدفايات وهل هي داخل في النهي أم لا؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (¬4) فقال: وضع الدفايات الكهربائية أما المصلين ليس مكروهاً بل هو جائز, ولا يدخل في استقبال النار التي ذكر بعض الفقهاء أنه مكروه, لأن الذي ذكره بعض الفقهاء هي النار التي تشبه نار المجوس التي يعبدونها, وهي نار مشتعلة ذات لهب. الرابع عشر: الصلاة إلى مايلهية, والضابط في هذا الباب أن كل ما ألهى الإنسان عن كمال صلاته فهو مكروه, لحديث عائشة رضي الله عنها أنه - صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها نظرة, فلما انصرف قال: {أذهبوا بخميصتي ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) صحيح البخاري/ كتاب الصلاة, أبواب سترة المصلي. (¬3) أخرجه الإمام أحمد في مسنده. (¬4) مجموع فتاوي ورسائل فضيلة الشيخ محمد العثيمين13/ 338.

س13: هل من العبث مس الحصى أو التراب أو الرمل أو غير ذلك عن موضع سجوده أو عن جبهته؟

هذه إلى أبي جهم, وائتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي} (¬1) , والخميصة: كساء مربع له أعلام, الأنبجانية: كساء غليظ. الخامس عشر: مس الحصى وتسوية التراب بلا عذر, لحديث أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً {إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه (¬2)}. س13: هل من العبث مس الحصى أو التراب أو الرمل أو غير ذلك عن موضع سجوده أو عن جبهته؟ ج/ نعم من العبث مس الحصى أو التراب أو الرمل من جبهته أو موضع سجوده إذا كان ذلك بلا عذر لحديث أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً السابق, وفي الصحيحين من حديث معيقيب مرفوعاً {لا تمس الحصى وأنت تصلي, فإن كنت فاعلاً فواحدة لتسوية الحصى} , قال ابن المنذر في الأوسط (¬3): " اختلف أهل العلم في مس الحصى في الصلاة فرخصت فيه طائفة, لأن ابن عمر - رضي الله عنه - كان يصلي فيمسح الحصى برجله, وروي عن ابن مسعود أنه كان يسوي الحصى بيده مرة واحدة, وكرهت طائفة مس الحصى في الصلاة, روي عن ابن عمر وابن عباس ... وأصحاب الرأي " أ. هـ. والأقرب في ذلك رأي الجمهور وهو الكراهة إلا مرة واحدة عند الحاجة فلا تكره, والأولى فعل ذلك قبل الصلاة. السادس عشر: التروح بالمروحة, لأن هذا من العبث, والمقصود هنا المروحة التي تصنع من خوص النخل, تخصف ويوضع لها عود ثم يتروح بها الإنسان " أي يتبرد بها " وهذا مكروه, لأنه من العبث والحركة التي تشغل الإنسان عن صلاته, لكن لو دعت الحاجة إلى ذلك كأن يكون الحر شديداً فروّح المصلي عن نفسه من أجل تحصيل الخشوع في ذلك فلا بأس, لأن القاعدة عند الفقهاء {أن المكروه يباح ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه احمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الحافظ في البلوغ رواه الخمسة بإسناد صحيح. (¬3) 3/ 258.

س14: ما الفرق بين الترويح والمراوحة؟

للحاجة} , قال الإمام أحمد (¬1): يكره ذلك إلا أن يأتي الشديد, أو الغم الشديد, كما أنه لو آذاه الحر أو البرد سجد على ثوبه, وكذا قال اسحاق ". وعلى هذا التفصيل الذي ذكره الإمام أحمد يحمل ما ورد عن السلف من القول بكراهته أو إباحته. س14: ما الفرق بين الترويح والمراوحة؟ ج/ الترويح: سبق بيان معناه. وأما المراوحة: فهي أن يعتمد على أحدى رجليه تارة وعلى الأخرى تارة إذا طال القيام. س15: ما حكم المراوحة؟ ج/ المراوحة بين القدمين بحيث يعتمد على رجل أحياناً وعلى رجل أحياناً أخرى, هذا لا بأس به لا سيما إذا طال وقوف الإنسان, ولكن بدون تقديم إحدى رجليه على الأخرى, فإن فعل ذلك فهو مكروه. السابع عشر: فرقعة أصابعه وتشبيكها. والفرقعة هي: غمزها حتى يسمع لمفاصلها صوت, سواء في أصابع اليدين أو أصابع الرجلين, والتشبيك إدخال إحدى أصابع يديه بين أصابع الأخرى. وحكمهما الكراهة, لأن فعل ذلك من العبث, ولما في الفرقعة من التشويش على من حوله إذا كان يصلي جماعة. س16: ما هي حالات التشبيك بين الأصابع؟ ج/ التشبيك بين الأصابع له ثلاث حالات: 1 - أن يكون التشبيك حال خروجه إلى الصلاة, وهذا ينهى عنه. ¬

_ (¬1) مسائل أحمد وإسحاق للكوسج1/ 66.

2 - أن يكون التشبيك حال الصلاة, وهذا أشد نهياً وهو من المكروهات, والدليل على النهي عن التشبيك قبل الصلاة وأثناءها ما ورد في حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن الرسول - قال {إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامداً إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة} (¬1) , وفي حديث أبي هريرة أن النبي - قال {إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد في صلاة حتى يرجع فلا يفعل هكذا, وشبك بين أصابعه (¬2)} , وإذا كان يُنهى عن التشبيك وهو قاصداً المسجد, ففي داخل الصلاة أولى بالنهي. 3 - أن يكون بعد الفراغ من الصلاة, حتى لو جلس المصلي في المسجد, فهذا لا بأس به, لما ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال {صلى بنا رسول الله - إحدى صلاتي العشى " قال ابن سيرين وسماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا " قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ... الحديث} (¬3) , فهنا النبي - شبك بين أصابعه بعد ما صلى ظناً منه أن الصلاة قد انتهت, فدل ذلك على جواز التشبيك بين الأصابع بعد الانتهاء من الصلاة. الثامن عشر: مس لحيته فيكره فعل ذلك أثناء الصلاة, لأن هذا من العبث. التاسع عشر: من المكروهات كف ثوبه, لحديث ابن عباس - رضي الله عنه - وفيه {ولا أكف ثوباً ولا شعراً} (¬4) , فإن كان كفه لكم ثوبه لأجل الصلاة فإنه يدخل في هذا الحديث, قال ابن حزم في المحلى (¬5): (لا يحل للمصلي أن يضم ثيابه قاصداً بذلك للصلاة). أما إن كان كفه ثوبه لعمل قبل أن يدخل في الصلاة ثم أقيمت الصلاة وهو على هذا الحال فلا بأس بذلك ولا يكره, لأن ظاهر حديث أبي جحيفة في الصحيحين أنه إذا ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم. (¬2) رواه الدارمي والحاكم وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وقال الألباني في الإرواء: وهو كما قالا. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) 4/ 7.

س17: بعض المصلين إذا أراد السجود كف ثوبه أو جمع ثوبه فهل يدخل هذا في النهي؟

شمر ثيابه لعمل قبل الصلاة أنه لا يكره, لأن النبي - صلى وهو مشمر ثوبه, ومثل تشميره الثوب لف الكم أو كفه, والأولى نقضه قبل دخوله للصلاة. س17: بعض المصلين إذا أراد السجود كف ثوبه أو جمع ثوبه فهل يدخل هذا في النهي؟ ج/ نعم يدخل هذا في النهي, ولأن هذا من فعل المتكبرين. س18: هل يعتبر طي المشلح أو الملحفة للمرأة " وهو ما يسمى بالجلال " هل يعتبر كفه إذا أرد المصلي أن يسجد من الكف المنهي عنه؟ ج/ الراجح أنه ليس من الكف المنهي عنه ولحديث وائل بن حجر عند مسلم أن النبي - {صلى فرفع يديه عند تكبيرة الإحرام ثم التحف بثوبه ..} , ولأنه يلبس عادة هكذا, كذا ذكر الشيخ محمد بن عثيمين (¬1) رحمه الله تعالى. س19: بالنسبة للشماغ أو الغترة هل يعتبر نسفهما من الكف المنهي عنه أم لا؟ ج/ الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله يرى أنه من كف الثوب المنهي عنه. وأما الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله فقد سئل عن هذا فقال (الذي أرى أنه لا يعد من كف الثوب المنهي عنه, لأن هذا من صفات لبس الغترة أو الشماغ, فهي كالثوب القصير كمه, والعمامة الملوية على الرأس) (¬2). والألباني رحمه الله يرى أنه من الكف المنهي عنه, ولذا فالأحوط أن يسدل المصلي شماغه أثناء الصلاة والله أعلم. س20: ما حكم كف الشعر في الصلاة هل يدخل هذا في النهي أم لا؟ ج/ بالنسبة للرجال كانوا في الزمن الأول لهم شعور طويلة ولذا نهوا عن كفها عند الصلاة, لحديث ابن عباس - رضي الله عنه - المتقدم؟ ¬

_ (¬1) شرح الممتع3/ 349. (¬2) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد العثيمين13/ 309.

س21: ما هي الحكمة في النهي عن كف الثوب وما يلحق به؟

أما بالنسبة للمرأة فلا بأس من كفها لشعرها عند الصلاة, لأن المرأة جرت العادة أن تتركه " أي ترسله" وجرت العادة أن تكف شعرها كذلك. س21: ما هي الحكمة في النهي عن كف الثوب وما يلحق به؟ ج/ ذكر الشوكاني (¬1) الحكمة من ذلك أن الثوب يسجد معه, وكذا فإنه يشبه عمل المتكبرين. العشرون: أن يخص جبهته بما يسجد عليه, لأن هذا من شعار الرافضة " أي من علاماتهم " التي يتميزون بها, فإنهم يأخذون قطعة من طين من أرض مشهد الحسين يتبركون بها, ويسجدون عليها, فيكره أن يخص جبهته بنحو ذلك لما فيه من التشبه بأهل الباطل. الحادي والعشرون: من المكروهات أن يمسح وهو في الصلاة أثر سجوده, والراجح في هذا أنه مكروه, لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً {أن من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته قبل الفراغ من صلاته} (¬2). وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال {أربع من الجفاء, وذكر منها: أن يمسح الرجل جبهته قبل أن ينصرف} (¬3) , ولأنه من العبث إلا عند الحاجة, ولذلك قال الإمام مالك رحمه الله في المدونة (¬4): (إذا كثر التراب في جبهته فلا بأس أن يمسح ذلك) , وأما بعد الصلاة فإنه لا يكره. الثاني والعشرون: الاستناد أثناء القيام في الصلاة بلا حاجة. الاستناد لا يخلو من أحوال: ¬

_ (¬1) نيل الأوطار2/ 334. (¬2) رواه ابن ماجه. (¬3) رواه ابن أبي شيبة. (¬4) 1/ 108.

1. إذا كان الاستناد لحاجة كمرض وكبر ونحو ذلك, فهذا لا بأس به, لحديث أم قيس بنت محصن {أن النبي - لما أسن وحمل اللحم اتخذ عموداً في مصلاه يعتمد عليه} (¬1). 2. أن يكون الاعتماد لغير حاجة بحيث لو أزيل المعتمد عليه من عمود ونحوه لم يسقط, فهذا حكمه مكروه. 3. أن يكون الاعتماد لغير حاجة بحيث لو أزيل المعتمد عليه من عمود ونحوه يسقط المعتمد عليه, فهذا حكمه أنه تبطل صلاته, لأن الفقهاء قالوا الاعتماد على شيء اعتماداً قوياً بحيث يسقط لو أزيل. الثالث والعشرون: من المكروهات الذكر في الصلاة إذا وجد سببه, كما لو عطس فقال: الحمد لله أو جاءه خير يسره فقال: الحمد لله, أو حصلت له مصيبة فاسترجع, وإنما عدّوا ذلك من المكروهات قالوا خروجاً من الخلاف, لأن هناك من العلماء من يقول ببطلان الصلاة لو فعل ذلك. والراجح في ذلك: أن المصلي يقول كل ذكر وجد سببه في الصلاة, كما هو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال في الاختيارات (¬2): (ويستحب أن يجيب المؤذن " أي وهو في الصلاة " ويقول مثل ما يقول, ولو في الصلاة, وكذلك يقول في الصلاة كل ذكر ودعاء وجد سببه في الصلاة) وبهذا قال ابن حزم في المحلى (¬3). وبناءً على هذا إذا عطس فإنه يحمد اله كما صح ذلك في قصة معاوية بن أبي الحكم - رضي الله عنه - {أنه دخل مع النبي - في الصلاة فعطس رجل من القوم فقال: الحمد لله. فقال له معاوية: يرحمك الله, فرمى الناس معاوية بأبصارهم منكرين عليه ما قال, فقال واثكل أمياه, فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فسكت, فلما انصرف من الصلاة دعاه النبي - قال معاوية: بأبي هو وأمي والله ما كهرني ولا نهرني وإنما ¬

_ (¬1) رواه أبو داود. (¬2) ص39. (¬3) 3/ 148.

س22: قيد العلماء كراهة الصلاة بحضرة طعام يشتهيه بثلاثة قيود فما هي؟

قال: إن هذه الصلاة لا يصح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن (¬1)} , فالنبي - لم ينكر على العاطس الذي حمد الله. وإذا حصلت له مصيبة فلا بأس أن يسترجع ونحو ذلك, لكن إن كان الذكر طويلاً, فإنه لا يجيب على الصحيح, وبناءً على هذا الراجح أن المصلي لا يتابع المؤذن في إثناء الصلاة, لطول هذا الذكر, ولقول النبي - {إن في الصلاة لشغلاً} (¬2) , ولأنه لو تابع المؤذن وهو في الصلاة لأدى ذلك إلى خروج الصلاة عن مقصودها. {مكروهات لم يذكرها المصنف} الرابع والعشرون: من المكروهات الصلاة بحضرة طعام يشتهيه, لأن ذلك يمنع من الخشوع في الصلاة, لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال {لا صلاة بحضرة طعام, ولا وهو يدافعه الأخبثان} (¬3) , وبناءً على هذا فالراجح هو قول الجمهور أن الصلاة بحضرة طعام يشتهيه أن ذلك مكروه, لأن النفي هنا في قوله {لا صلاة} ليس نفياً للصحة, وإنما نفياً للكمال, بدليل {أن النبي - كان يأكل طعاماً فدعي إلى صلاة وكانت الذراع في يده يجتز منها فطرح السكين (¬4)} , فالقاعدة {أن كل ما أشغل الإنسان عن حضور قلبه في الصلاة تعلقت به نفسه إن كان مطلوباً, أو قلقت منه إن كان مكروهاً فإنه يتخلص منه بقدر الإمكان}. س22: قيد العلماء كراهة الصلاة بحضرة طعام يشتهيه بثلاثة قيود فما هي؟ ج/ القيود هي: 1) أن يكون الطعام حاضراً, فإذا لم يكن الطعام حاضراً ولكنه جائع فإنه لا يتخلف عن الجماعة. ¬

_ (¬1) رواه ابن أبي شيبة. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه البخاري.

س23: ما هي الحكمة في كراهة صلاة الحاقن؟

2) أن تتوق نفسه إليه " أي أنه يشتهيه " وعدم تناوله يشغله في صلاته, وبناءً على هذا لو كان شبعاناً لا يهتم به, فليصلِ ولا كراهة في حقه. 3) أن يكون قادراً على تناوله شرعاً وحساً. فالشرعي: كالصائم فيصلي ولا ينتظر, لأنه ممنوع منه شرعاً, ولا تكره صلاته. والحسي: كالطعام الحار, فيصلي ولا ينتظر, لأنه ممنوع منه ولا تكره صلاته. الخامس والعشرون: إذا كان يدافعه الأخبثان, والمقصود بهما البول والغائط, وعلى هذا يكره أن يصلي وهو حاقن (وهو محتبس البول) , أو حاقب (وهو محتبس للغائط) , أو حازق (وهو محتبس الريح) , والكراهة مذهب الجمهور وهو الراجح, بدليل حديث عائشة السابق. قال شيخ الإسلام رحمه الله في مجموع الفتاوى (¬1): (صلاته بالتيمم بلا احتقان أفضل من صلاته بالوضوء وبالاحتقان, فإن الصلاة بالاحتقان مكروهة منهي عنها, وفي صحتها روايتان, وأما صلاته بالتيمم صحيحة لا كراهة فيها بالاتفاق) أ. هـ. س23: ما هي الحكمة في كراهة صلاة الحاقن؟ ج/ الحكمة في ذلك لأمرين: 1. نقصان الخشوع لأن المدافع لهذه الأشياء لا يمكن أن يحضر قلبه لما هو فيه من الصلاة, لأنه منشغل بمدافعة هذا الخبث. 2. لأن في هذا ضرراً بدنياً عليه, فإن في حبس البول المستعد للخروج ضرراً على المثانة. س24: لو أن إنساناً حاقناً إذا قضى حاجته لم يكن عنده ماء يتوضأ به فهل يقال له اقضِ حاجتك وتيمم للصلاة, أو نقول صلَّ وأنت مدافع للأخبثين؟ ج/ يقال له اقضِ حاجتك وتيمم ولا تصلَّ وأنت تدافع الأخبثين, وذلك لأن الصلاة بالتيمم لا تكره بالإجماع, والصلاة مع الأخبثين مكروهة منهيٌ عنها, بل أن بعض ¬

_ (¬1) 21/ 273.

س25: إذا كان قضائه لحاجته يؤدي ذلك إلى فوات الجماعة فهل يقضي حاجته أم يصلي مع الجماعة وهو حاقن؟

العلماء قال بحرمة ذلك, وقد تقدم كلام شيخ الإسلام حيث قال (صلاة بالتيمم بلا احتقان أفضل .. الخ). س25: إذا كان قضائه لحاجته يؤدي ذلك إلى فوات الجماعة فهل يقضي حاجته أم يصلي مع الجماعة وهو حاقن؟ ج/ يقال هنا بأنه يقضي حاجته ولو فاتته الجماعة. وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين (¬1) رحمه الله عن ذلك فقال: (يقضي حاجته ويتوضأ ولو فاتته الجماعة, لأن هذا عذر, وقد قال النبي - {لا صلاة بحضرة طعام, ولا وهو يدافع الأخبثان} (¬2). س26: لو ضاق الوقت بحيث لو قضى الإنسان حاجته أدى ذلك إلى خروج الوقت فهل يصلي وهو حاقن لإدراك الوقت أم يتخفف حتى لو أدى ذلك إلى خروج الوقت؟ ج/ يقال الأمر لا يخلو من حالتين: 1. إذا كانت الصلاة تجمع مع التي بعدها فإنه يقضي حاجته وينوي الجمع, لأن الجمع في حال الحضر لا بأس به عند الحاجة, ولا يقيد ذلك بالمرض أو المطر أو الريح الشديدة ونحو ذلك, بل هو مشروع عند الحاجة إليه ومن ذلك عند الاحتقان, أما في السفر فالأمر في ذلك ظاهر. 2. إذا كانت الصلاة لا تجمع مع التي بعدها فالمسألة على خلاف, والراجح أنه يقضي حاجته ويصلي حتى ولو خرج الوقت, لأن القول بهذا أقرب إلى قواعد الشرع والتي بنيت على اليسر والسماحة, وهذا بلا شك من اليسر والإنسان إذا كان يدافع الأخبثين يخشى على نفسه الضرر مع انشغاله عن الصلاة, وهذا في المدافعة القريبة التي تشغل القلب عن الخشوع في الصلاة, أما إذا كانت مدافعة خفيفة بحيث لا تشغله ولا تضره فهذا الظاهر أنه يصلي محافظة على الوقت. ¬

_ (¬1) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد العثيمين13/ 299. (¬2) رواه مسلم.

س27: إذا كان حاقنا يدافع الأخبثين فهل يقضي حاجته ولو فاته فضيلة أول وقت الصلاة أم يصلي وهو حاقن لإدراك أول الوقت " أي أول وقت الصلاة "؟

وأما إذا كانت المدافعة شديدة بحيث لا يدرك ما يقول في صلاته, ويكاد يتقطع من شدة الحصر فهذا لا شك أنه يقضي حاجته ثم يصلي وينبغي ألا يكون في هذا خلاف. س27: إذا كان حاقناً يدافع الأخبثين فهل يقضي حاجته ولو فاته فضيلة أول وقت الصلاة أم يصلي وهو حاقن لإدراك أول الوقت " أي أول وقت الصلاة "؟ ج/ الراجح في ذلك أنه يقضي حاجته ولو أدى ذلك إلى فوات فضيلة أول الوقت للقاعدة الشرعية وهي {أن مراعاة الفضل المتعلق بذات العبادة أولى بالمراعاة من الفضل المتعلق بزمان أو مكان العبادة} , ففي هذه المسألة عندنا إدراك فضيلة أول الوقت, وفضيلة الصلاة بطمأنينة وخشوع, فأيهما يقدم؟ يقدم هنا فضيلة الصلاة بطمأنينة وخشوع, لأن هذا الأمر متعلق بذات العبادة فهو يقدم على ما تعلق بزمان العبادة وهو إدراك أول الوقت, وعلى هذا يقال بأنه يقضي حاجته ويتخفف حتى ولو أدى ذلك إلى فوات فضيلة أول الوقت. مثال المكان: الرمل في الطواف وهو الإسراع في المشي مع مقاربة الخُطى, وهذا إنما يكون في الأشواط الثلاثة الأولى في طواف القدوم, فلو كان الإنسان إذا قرب من الكعبة لا يستطيع أن يرمل لشدة الزحام, ومعلوم أن القرب من الكعبة أثناء الطواف سنة, وإذا بعد استطاع أن يرمل, فهل نقول هنا أنه يقرب من الكعبة ولو فاته الرمل أم يبتعد ويرمل؟ الراجح هنا أن الأفضل له أن يبتعد ويرمل, لأن مراعاة الفضل المتعلق بذات العبادة وهو الرمل هنا أولى بالمراعاة من الفضل المتعلق بمكان العبادة, وهو القرب من الكعبة. السادسة والعشرون: الإقعاء, لما ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال {أمرني رسول الله - بثلاث ونهاني عن ثلاث: أمرني بركعتي الضحى كل يوم, والوتر قبل النوم, وصيام ثلاثة أيام من كل شهر, ونهاني عن نقرة الغراب, وإقعاء كإقعاء الكلب, والتفات كالتفات الثعلب} (¬1). ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني رحمهم الله.

س28: ما هي صفة الإقعاء المكروهة؟

س28: ما هي صفة الإقعاء المكروهة؟ ج/ الإقعاء له صور هي: 1 - أن يجعل ظهور قدميه على الأرض, ويجلس على عقبيه, وهذا مكروه لأمرين: أ. لأنه يشبه من بعض الوجوه إقعاء الكلب. ب. أنه متعب فلا يستقر الإنسان في حال جلوسه على هذا الوجه. 2 - أن يجعل أصابع قدميه في الأرض, وتكون عقباه قائمتين, وأليتاه بين عقبيه. 3 - أن يلصق أليته بالأرض, وينصب ساقيه وفخذيه, ويضع يديه على الأرض, وهذا تفسير أهل اللغة, وهي ما يعرف اللغة الدارجة (البوبزة) وهذه الصورة أقربها لإقعاء الكلب. 4 - أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه, قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الممتع (¬1) (وهذا ولا شك إقعاء كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما لما قيل له في الإقعاء على القدمين, فقال هي السنة, فقلنا له: إنا لنراه جفاء بالرجل, فقال ابن عباس - رضي الله عنه -: بل هي سنة نبيكم - , ولكن بعض أهل العلم قال: إن هذه الصورة من الإقعاء من السنة, لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " إنها سنة أبي القاسم - " , ولكن أكثر أهل العلم على خلاف ذلك, وأن هذا ليس من السنة, ويشبه والله أعلم أن يكون قول ابن عباس رضي الله عنهما تحدثاً عن سنة سابقة نسخت بالأحاديث الكثيرة المستفيضة بأن النبي - كان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى " أ. هـ. السابع والعشرون: عدّ الآي والتسبيح, قال ابن نصر الله: (أن يعد ذلك بقلبه ويضبط عدده بضميره من غير أن يتلفظ, فإن تلفظ فبان حرفان بطلت صلاته). س29: ما حكم عد الأيات والتسبيح والتكبير؟ ج/ عد الآي والتسبيح له حالتان: ¬

_ (¬1) 3/ 318.

س30: ما هي أقسام الحركة التي ليست من جنس الصلاة؟

الأولى: أن يكون لحاجة فيجوز, كما لو كان الإنسان لا يعرف الفاتحة وأراد أن يقرأ بعدد آياتها من القرآن, وكذلك التسبيح للإمام فإن الفقهاء حددوا له التسبيح أي الإمام إلى عشر حتى لا يطيل على المأمومين فله عدّ ذلك, ومثل ذلك تكبيرات العيد والاستسقاء لو عدها حتى لا يخطئ فهذا لا بأس به ولا يكره. الثانية: أن يكون لغير حاجة, فلا ينبغي ذلك, وقد يكره إذا أدى إلى انشغاله عن صلاته وإذهاب خشوعه. الثامن والعشرون: الفتح على غير إمامه " أي الرد عليه إذا أخطأ " فلو كان الإنسان يصلي وفتح على من هو في صلاة أخرى, أو فتح على غير من هو في صلاة فهو مكروه لأمرين: أ- أنه لا ارتباط بينك وبينه, بخلاف إمامك إذا غلط فهناك ارتباط بينك وبينه. ب- أنه يوجب الإنسان بالاستماع إلى غير من يسن الاستماع إليه, فيوجب أن تتابعه وأنت غير مأمور بهذا, قال في الشرح الكبير مع الإنصاف (¬1) وفيه: (ويكره أن يفتح من هو في الصلاة على من هو في صلاة أخرى, أو على من ليس في الصلاة, لأن ذلك يشغله عن صلاته, وقد قال النبي - {إن في الصلاة لشغلاً} , فإن فعل لم تبطل صلاته, لأنه قرآن وإنما قصد قراءته دون خطاب الآدمي فأما غير المصلي فلا بأس أن يفتح على المصلي). التاسع والعشرون: الحركة اليسيرة إذا كانت لغير حاجة, ولا يتوقف عليها كمال الصلاة, كالعبث في الصلاة. س30: ما هي أقسام الحركة التي ليست من جنس الصلاة؟ ج/ الحركة التي ليست من جنس الصلاة تنقسم إلى خمس أقسام: 1) حركة واجبة: وهي التي يتوقف عليها صحة الصلاة, كما لو ذكر أن على ثوبه نجاسة ثم تحرك لإزالتها. ¬

_ (¬1) 3/ 625.

س31: ما هي أقسام كشف العورة؟

2) حركة مستحبة: وهي التي يتوقف عليها كمال الصلاة, كما لو حصل بينه وبين جاره فرجه ثم تحرك لسدها. 3) حركة مباحة: وهي الحركة اليسيرة للحاجة أو الكثيرة للضرورة, فاليسيرة كما لو كان رجل يصلي في الظل فأحس ببرودة فتقدم أو تأخر أو تيامن أو تياسر من أجل الشمس, والكثير للضرورة كما لو تحرك خوفاً من عدو أو سبع أو نار. 4) حركة محرمة: وهي الكثيرة المتوالية لغير الحاجة. 5) حركة مكروهة: وهي اليسيرة لغير حاجة ولا يتوقف عليها كمال الصلاة, كالعبث في الصلاة. {مبطلات الصلاة} مبطلات الصلاة هي: أولاً: كل ما أبطب الطهارة فإنه يبطل الصلاة, كخروج البول أو الغائط أو الريح ونحو ذلك في أثناء الصلاة, ما لم يكن الإنسان به سلس بول, فإنه لا يضر ما يخرج منه أثناء الصلاة. ثانياً: كشف العورة عمداً, فهذا يبطل الصلاة, سواء كان المنكشف قليلاً أو كثيراً, وسواء طال الزمن أم قصر. س31: ما هي أقسام كشف العورة؟ ج/ كشف العورة أثناء الصلاة له أقسام هي: 1) كشف العورة عمداً, هذا كما تقدم أنه يبطل الصلاة سواء كان المنكشف قليلاً أو كثيراً, وسواء طال الزمن أو قصر. 2) إذا كان فاحشاً عرفاً وطال الزمن, أعاد وإن يتعمد. 3) إذا كان فاحشاً عرفاً وقصر الزمن, لم يعد إذا لم يعتمد, كما لو انكشف شعر المرأة مثلاً ولكنها سترته مباشرة, ولم يطل زمن الإنكشاف, فإن صلاتها صحيحة بشرط أن يكون ذلك عن غير عمد.

س32: هل يستثنى أحد من شرط استقبال القبلة؟

4) إذا كان يسيراً غير عمد, فهذا على الراجح أن الصلاة لا تبطل باليسير إذا كان عن غير عمد, لحديث عمرو بن سلمة - رضي الله عنه - وفيه {وكنت أؤومهم وعليّ بردة لي صغيرة صفراء, فكنت إذا سجدت تكشفت عني, فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورة قارئكم, فاشتروا لي قميصاً عمانياً فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحتي به} (¬1). ثالثاً: استدبار القبلة, لأن استقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة (¬2). س32: هل يستثنى أحد من شرط استقبال القبلة؟ ج/ يستثنى من ذلك ما يلي: 1. العاجز عن استقبال القبلة كالمريض فهنا يتجه حيث كان وجهه, ودليل ذلك قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬3) , وقوله تعالى) لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} (¬4) , ولقول النبي - {إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم} (¬5). 2. حال اشتداد الحرب, فيسقط استقبال القبل’, وقد يقال هذا نوع من العجز, مثل لو كانت الحرب فيها كر وفر, فإنه يسقط عنه استقبال القبلة في هذه الحال, ومثل ذلك أيضاً لو هرب الإنسان من عدو, أو من سيل, أو من حريق أو من زلزال, أو ما أشبه ذلك, فإنه يسقط عنه استقبال القبلة. 3. المتنفل السائر إذا كان مسافراً, ففي هذه الحالة يسقط عنه استقبال القبلة, حتى عند تكبيرة الإحرام على الراجح. رابعاً: إذا اتصلت النجاسة بالمصلي ثم علم بها ولم يزلها في الحال, فإن أزالها حالاً صحت صلاته, ودليل ذلك حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - {أن النبي صلى ذات يوم بنعليه ثم خلع نعليه فخلع الصحابة نعالهم, فسألهم حين انصرف من الصلاة لماذا خلعوا ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) تقدم بيان أحكام استقبال القبلة في الجزء الأول من مذكرة الصلاة ص 42 (¬3) (التغابن: من الآية16) (¬4) (البقرة: من الآية286) (¬5) رواه البخاري ومسلم.

س33: إلى كم ينقسم العمل في الصلاة؟

نعالهم؟ فقالوا رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا, فقال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن فيهما أذى أو قذراً)} (¬1) (¬2). خامساً: العمل الكثير عادة من غير جنس الصلاة لغير ضرورة, فهذا محرم يبطل الصلاة, وقد تقدم بيان أقسام الحركة في الصلاة (¬3). س33: إلى كم ينقسم العمل في الصلاة؟ ج/ العمل في الصلاة ينقسم إلى قسمين: أ- عمل بدني. ... ب- عمل قلبي. أما العمل البدني (الحركة في الصلاة) فقد تقدم ذكر أقسامها (¬4). س34: تقدم أن من أقسام الحركة ما يبطل الصلاة فما هي شروط ذلك؟ ج/ ثلاثة شروط هي: 1. أن تكون الحركة كثيرة عادة. 2. أن تكون الحركة متوالية. 3. أن تكون الحركة لغير ضرورة, فإذا توفرت هذه الشروط بطلت الصلاة. س35: العمل القلبي " أي انشغال القلب عن الصلاة " هل يبطل الصلاة أم لا؟ ج/ يقال العمل القلبي لا يخلو من أمرين: 1 - أن يكون يسيراً, فهذا حكمه لا يبطل الصلاة إجماعاً, قال شيخ الإسلام رحمه الله (¬5): (والوسواس لا يبطل الصلاة إذا كان قليلاً باتفاق أهل العلم, بل ينقص الأجر, كما قال ابن عباس - رضي الله عنه - {ليس لق من صلاتك إلا ما عقلت منها} أ. هـ). ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود وابن أبي شيبة والطيالسي والدارمي وابن خزيمة والحاكم والبيهقي وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي. (¬2) تقدم ذكر حالات المصلي مع النجاسة في الجزء الأول من مذكرة الصلاة صـ-36 - 37. (¬3) يرجع في ذلك إلى مكروهات الصلاة عند المكروه التاسع والعشرون صـ25. (¬4) ينظر في ذلك عند المكروه التاسع والعشرون صـ25. (¬5) مجموع الفتاوى22/ 603.

س36: وهل تجزئ إذا غلب الوسواس على الصلاة وتبرأ بها الذمة أم لا؟

2 - أن يكون كثيراً بحيث غلب على أكثر الصلاة فقلبه خارج الصلاة, فحكم هذا أما من ناحية الاعتداد بها في الثوب فليس له من أجر الصلاة إلا ما عقل, قال ابن عباس رضي الله عنهما: (ليس لق من صلاتك إلا ما عقلت منها) , وفي المسند مرفوعاً (إن العبد ليصلي الصلاة ولم يكتب له إلا نصفها, أو ثلثها, أو ربعها, حتى بلغ عشرها) , وقد علق الله فلاح المصلين بالخشوع في صلاتهم فدل على أن من لم يخشع فليس من أهل الفلاح, ولو اعتد له بها ثواباً لكان من المفلحين. س36: وهل تجزئ إذا غلب الوسواس على الصلاة وتبرأ بها الذمة أم لا؟ ج/ على خلاف, والراجح في ذلك إجزاء الصلاة وعدم وجوب إعادتها, بدليل حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال {إذا أذن المؤذن أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين, فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه فيذكر ما لم يكن يذكر, ويقول: اذكر كذا, اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى, فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس} (¬1) , قالوا أن النبي - أمره في هذه الصلاة التي قد أغفله الشيطان فيها حتى لم يدر كم صلى بأن يسجد سجدتي السهو ولم يأمره بإعادتها. وقالوا أيضاً: ولأن شرائع الإسلام على الأفعال الظاهرة, وأما حقائق الإيمان الباطنة فتلك عليها شرائع الثواب والعقاب. وقال شيخ الإسلام رحمه الله (¬2): (أما ما يروى عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من قوله " أني لأجهز جيشي في الصلاة " فذاك لأن عمر كان مأموراً - رضي الله عنه - بالجهاد, وهو أمير المؤمنين فهو أمير الجهاد, فصار بذلك من بعض الوجوه بمنزلة المصلي الذي يصلي صلاة الخوف حال معاينة العدو, إما حال القتال, وإما غير حال القتال, فهو مأمور بالصلاة, ومأمور بالجهاد فعليه أن يؤدي الواجبين ... وعمر - رضي الله عنه - قد ضرب الله ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) مجموع الفتاوى22/ 609.

س37: ما هي حالات القيام عن التشهد الأول؟

الحق على لسانه وقلبه, وهو المحدث الملهم, فلا ينكر لمثله أن يكون له مع تدبيره جيشه في الصلاة من الحضور ما ليس لغيره) أ. هـ. السادس: من مبطلات الصلاة الاستناد إذا كان قوياً لغير عذر, لأن القيام ركن, والمستند قوياً كغير قائم (¬1). السابع: رجوع المصلي عالماً للتشهد الأول بعد الشروع في القراءة, وهذه المسألة يذكرها الفقهاء هنا وفي باب سجود السهو. س37: ما هي حالات القيام عن التشهد الأول؟ ج/الحالات ثلاث هي: 1 - أن يذكره قبل أن ينهض " أي قبل أن تفارق فخذاه ساقيه " أي أنه لما تهيأ للقيام ذكر أن هذا محل التشهد الأول, ففي هذه الحال يجلس ويتشهد, فإذا أتم صلاته سجد للسهو بعد السلام, لأنه حصل عنده زيادة في الصلاة. 2 - أن يذكره بعد أن يستتم قائماً, وقبل أن يشرع في قراءة الفاتحة, فهذا على الصحيح أنه لا يرجع, قال السعدي رحمه الله (¬2): والصحيح أنه إذا قام من التشهد الأول ناسياً ولم يذكر إلا بعد قيامه أنه لا يرجع ولو لم يشرع في القراءة, لحديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - {أنه صلى فنهض في الركعتين, فسبحوا به فمضى, فلما أتم صلاته سجد سجدتي السهو, فلما انصرف قال: إن رسول الله - صنع ما صنعت} (¬3). وعلى هذا فالصحيح في هذه الحالة انه لا يرجع ويسجد للسهو قبل السلام. 3 - أن يذكره بعد الشروع في قراءة الركعة الأخرى, فيحرم الرجوع, بل يستمر ويسجد للسهو قبل السلام. ¬

_ (¬1) تقدم الكلام حول أقسام الاستناد أثناء القيام عند مكروهات الصلاة عند المكروه الثاني والعشرون صـ18. (¬2) في المختارات الجلية صـ48. (¬3) رواه أحمد, وأبي داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.

ولو رجع في هذه الحالة عالماً أي غير جاهل, عامداً أي غير ناسٍ, فصلاته باطلة لزيادته فعلاً من جنس الصلاة, أما إن فعل ذلك ناسياً أو جاهلاً, فصلاته صحيحة. الثامن: من مبطلات الصلاة تعمد زيادة ركن فعلي في الصلاة, كالركوع مثلاً, فلو زاد ركناً فعلياً في الصلاة, إن كان سهواً فلا تبطل الصلاة وإن كان عمداً بطلت الصلاة, وسيأتي إن شاء الله تعالى بيان أحكام الزيادة في باب سجود السهو. وقوله (فعلى) يخرج القولي, فلو زاد ركناً قولياً فإن صلاته لا تبطل, كما لو قرأ الفاتحة مرتين, أو صلى على النبي - مرتين ونحو ذلك, فإن صلاته لا تبطل. التاسع: من مبطلات الصلاة أن يتعمد تقديم الأركان بعضها على بعض, كتقديم السجود على الركوع مثلاً, فهذا إن كان متعمداً بطلت الصلاة, وإن كان سهواً فلا تبطل الصلاة, ولكن يجب عليه أن يرجع إلى الركن الذي تركه ما لم يصل إلى محله من الركعة الثانية, فإن وصل إلى محله من الركعة الثانية بطلت الركعة الأولى وحلت الثانية مكانها, وسيأتي إن شاء الله تعالى هذا في باب سجود السهو. العاشر: أن يتعمد السلام من الصلاة قبل إتمامها, وإذا سلّم المصلي قبل إتمام الصلاة فلا يخلو من حالتين: 1) أن يكون متعمداً, أي سلّم قبل إتمامها بقصد الخروج من الصلاة عمداً بطلت, لأنه على غير ما أمر الله به ورسوله - , بدليل حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} (¬1). 2) إن كان سهواً, أي ظن أن الصلاة قد تمت ثم ذكر قريباً, أي من زمن قريب, أتمها وسجد, وسيأتي إن شاء الله أين يكون موضع السجود في باب سجود السهو, وإن لم يتذكر إلا بعد زمن كثير فإنه يعيد الصلاة من جديد. لكن لو سلّم على أنها تمت الصلاة بناءً على أنه في صلاة أخرى لا تزيد على هذا العدد, مثل أن يسلم من ركعتين في صلاة الظهر بناء على أنها صلاة الفجر, فهنا ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم.

لا يبني على ما سبق, لأنه سلّم يعتقد أن الصلاة تامة بعددها وأنه ليس فيها نقص, فيكون قد سلّم من صلاة غير الصلاة التي هو فيها, ولهذا لا يبني بعضها على بعض في هذه الحالة. الحادي عشر: تعمد إحالة المعنى في القراءة سواءً كانت الفاتحة أو غيرها, وإذا لحن المصلي في صلاته لحناً يحيل المعنى فلا يخلو من أمرين: 1. إذا كان عمداً فصلاته باطلة سواء كان ذلك في الفاتحة أو في غيرها. 2. إذا كان سهواً فلا يخلو من أمرين: أ- إن كان هذا اللحن في قراءة الفاتحة وذكر فلابد من تصحيحه, حتى لو ركع فإنه يرجع ويصحح ما لحن فيه ويسجد للسهو بعد السلام, وإن وصل إلى محل الفاتحة من الركعة الثانية بطلت الركعة الأولى وقامت الركعة الثانية مقامها ويسجد للسهو بعد السلام. ب- أما إن كان اللحن في غير قراءة الفاتحة, فإن كان عمداً بطلت الصلاة كما تقدم, وإن كان سهواً وأحال المعنى جبره بسجود السهو. مثال إحالة المعنى في الفاتحة كما لو قرأ (أنعمتُ) بضم التاء بدل فتحها. مثال إحالة المعنى في غير الفاتحة كما لو قرأ (إنما يخشى اللهُ) بضم لفظ الجلالة بدل نصبها. الثاني عشر: إذا دخل المصلي في الصلاة وهو عريان لأنه لم يجد ما يستر به عورته, ثم وجد ما يستر به عورته أثناء الصلاة فله حالتان: 1 - أن تكون السترة بعيدة عرفاً بحيث يحتاج إلى زمن طويل, أو عمل كثير فتبطل صلاته, لأنه لا يمكن الاستتار إلا بما ينافي الصلاة من العمل الكثير, وعلى هذا تكون هذه الحالة من مبطلات الصلاة. 2 - أن تكون قريبة عرفاً, أي في مكان يعد في العرف أنه قريب, فالواجب على المصلي أن يستتر ويبني على صلاته, كأهل قباء لما علموا بتحويل القبلة استداروا

س38: ما الحكم لو شك في نية العمل كما لو كبر ثم قرأ الفاتحة وسورة بعدها ثم شك هل نوى الصلاة أم لا, فهل يستأنف صلاته من جديد أم يستمر في صلاته؟

وأتموا صلاتهم , فحركتهم كانت لمصلحة الصلاة, لكن إذا كان لا يمكن أن يتناول هذه السترة إلا باستدبار القبلة بطلت صلاته. الثالث عشر: العزم على قطع نية الصلاة, فإن عزم على قطع نية الصلاة بطلت الصلاة, وهذه المسألة لا تخلو من أحوال: 1 - أن يقطع نية الصلاة, فهذا تبطل صلاته بلا إشكال لقطع النية. 2 - أن يعزم على القطع فتبطل صلاته, لأن النية عزم جازم ومع العزم على قطعها لا جزم فلا نية. 3 - أن يتردد في قطعها, كمن يسمع من يطرق عليه الباب فيتردد هل يقطع صلاته أم لا؟ فهذا على خلاف والراجح أنه لا تبطل صلاته بذلك, لأن الأصل بقاء النية, والتردد لا ينافي ذلك. 4 - إذا علّق القطع على شرط, كأن يقول: إن كلمني زيد قطعت صلاتي, فالأقرب في هذه المسألة عدم بطلان الصلاة لبقاء النية. 5 - أن يعزم على فعل محظور في الصلاة لكنه لم يفعله, كأن يعزم على كلام زيد ولكنه لم يكلمه, أو يعزم على الأكل أو الشرب ولكنه لم يفعل, والراجح عدم بطلان الصلاة لعدم منافاته الجزم, لأنه قد يفعل المحظور وقد لا يفعله. س38: ما الحكم لو شك في نية العمل كما لو كبر ثم قرأ الفاتحة وسورة بعدها ثم شك هل نوى الصلاة أم لا, فهل يستأنف صلاته من جديد أم يستمر في صلاته؟ ج/ الراجح أنه يستمر في صلاته, ويحرم خروجه منها لشكه في النية, قال شيخ الإسلام (¬1): (ويحرم خروجه لشكه في النية للعلم أنه ما دخل إلا بنية). ولذا قال بعض السلف: لو أن الله تعالى كلفنا عملاً بلا نية لكان تكليفاً بما لا يطاق. س39: هل الدعاء بملاذ الدنيا من مبطلات الصلاة؟ ج/ على خلاف, والراجح أنه لا يبطلو فلا بأس أن يدعو المصلي في صلاته بملاذ الدنيا, كما لو قال: اللهم ارزقني بيتاً فسيحاً ونحو ذلك, سواء كان ذلك في السجود ¬

_ (¬1) الاختبارات صـ49.

س40: هل تبطل الصلاة بالدعاء لشخص معين بصيغة الخطاب كما لو قال مثلا (غفر الله لك يا أبي) خاصة إذا كان الدعاء بكاف الخطاب أم لا؟

أو في التشهد الأخير, ولا تبطل الصلاة بذلك, وكيف تبطل الصلاة بعبادة؟ لأن الدعاء عبادة, ومما يدل لذلك أن النبي - لما علّم ابن مسعود - رضي الله عنه - التشهد قال له {ثم ليتخير من الدعاء ما شاء (¬1)} , وفي لفظ {ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به} (¬2) , وفي حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - قال {ليسأل أحدكم ربه حتى شسع نعله} (¬3) وشسع النعل يتعلق بأمور الدنيا, ومن أجمع ما يدعى به في ذلك {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}. س40: هل تبطل الصلاة بالدعاء لشخص معين بصيغة الخطاب كما لو قال مثلاً (غفر الله لك يا أبي) خاصة إذا كان الدعاء بكاف الخطاب أم لا؟ ج/ الراجح أن ذلك لا يبطل الصلاة, لأن المصلي إذا قال: غفر الله لك يا فلان وهو يصلي, فإنه لا يعني أنه يخاطبه, ولكن يعني أنه مستحضر له غاية الاستحضار حتى كأنه أمامه, وقد ورد في حديث أبي الدرداء أن النبي - حين تفلت عليه الشيطان قال {ألعنك بلعنة الله} (¬4) , فكون هذا مبطلاً للصلاة هذا فيه نظر, قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (ولكن درءاً للشبهة بدل أن نقول: غفر الله لق, فقل: اللهم اغفر له, فهذا جائز بالاتفاق) (¬5). الرابع عشر: من مبطلات الصلاة القهقهة في الصلاة, وهي الضحك بصوت مرتفع يسمع من حوله, فإن كان متعمداً بطلت صلاته. قال شيخ الإسلام رحمه الله:) والأظهر أن الصلاة تبطل بالقهقهة إذا كان فيها أصوات عالية فإنها تنافي الخشوع الواجب في الصلاة, وفيها من الاستخفاف والتلاعب ما يناقض مقصود الصلاة, فأبطلت لذلك لا لكونها كلاماً) (¬6). ¬

_ (¬1) رواه مسلم من حديث ابن مسعود مرفوعاً. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه مسلم. (¬5) الممتع3/ 287. (¬6) الاختيارات صـ59.

س41: هل تبطل صلاة المصلي بالتبسم؟

وقال السعدي رحمه الله: (والصواب كما قالوا: أن القهقهة في الصلاة كالكلام تبطلها) (¬1). لكن لو قهقه رغماً عنه كما لو رأى أو سمع ما يؤدي إلى الضحك فضحك رغماً عنه, فإن صلاته على الراجح لا تبطل, لأنه لم يتعمد المفسد. س41: هل تبطل صلاة المصلي بالتبسم؟ ج/ لا تبطل صلاته بذلك, لأنه لم يظهر له صوت. قال ابن المنذر (¬2): (أجمع كل من من نحفظ عنه من أهل العلم غير ابن سيرين على أن التبسم في الصلاة لا يفسدها, وروينا عن ابن سيرين أنه قرأ {فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِنْ قَوْلِهَا} وقال: لا أعلم التبسم إلا ضحكاً, لكن الصحيح أنها لا تبطل الصلاة بالتبسم, والله أعلم. الخامس عشر: الكلام في الصلاة عمداً لغير مصلحة الصلاة, فهذا يبطلها بالإجماع. قال ابن المنذر رحمه الله تعالى (¬3): (وأجمعوا على أن من تكلم في صلاته عامداً وهو لا يريد إصلاح شيء من أمرها أن صلاته فاسدة). أما إن كان سهواً فالصحيح أنها لا تبطل, قال السعدي رحمه الله: (والصحيح أن الكلام بعد سلامه سهواً لمصلحتها أو لغير مصلحتها لا يبطل الصلاة, وكذلك الكلام سهواً أو جهلاً في صلبها, لحديث ذي اليدين ,انه تكلم هو والنبي - بعد ما سلم النبي - من صلاته ظاناً أنه أتمها, ولم يأمر أحداً منهم بالإعادة (¬4) , وكذلك لما تكلم معاوية بن أبي الحكم السلمي في الصلاة وشّمت العاطس لم يأمره النبي - ¬

_ (¬1) الفتاوى السعدية صـ168. (¬2) في الأوسط 3/ 253. (¬3) الإجماع صـ40, سورة النمل 19. (¬4) رواه البخاري ومسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه.

بالإعادة (¬1) , ولأن الناسي, والجاهل غير آثم فلا تبطل صلاته, ولقول الله تعالى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَاتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} (¬2). السادس عشر: تقدم المأموم على الإمام, والراجح في ذلك إن لم يكن هناك ضرورة لذلك فإن صلاة المأموم تبطل بتقدمه على إمامه, أما إن كان هناك ضرورة فلا تبطل, والضرورة تدعو إلى ذلك في أيام الجمعة, أو في أيام الحج في المساجد العادية, فإن الأسواق تمتلئ ويصلي الناس أمام الإمام. وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال (¬3): (وذلك لأن ترك التقدم على الإمام غايته أن يكون واجباً من واجبات الصلاة في الجماعة, والواجبات كلها تسقط بالعذر, وإن كانت واجبة في أصل الصلاة, فالواجب في الجماعة أولى بالسقوط, ولهذا يسقط عن المصلي ما يعجز من القيام والقراءة واللباس ... وأما الجماعة فإنه يجلس في الأوتار لمتابعة الإمام ولو فعل ذلك منفرداً عمداً بطلت صلاته, وإن أدركه ساجداً أو قاعداً كبر وسجد معه وقعد معه لأجل المتابعة مع أنه لا يعتد له بذلك وأيضاً ففي صلاة الخوف لا يستقبل القبلة, ويعمل الكثير .. لأجل الجماعة) أ. هـ. السابع عشر: تبطل صلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام, وذلك فيما لو أحدث الإمام وهو في الصلاة فعند الحنابلة والحنفية أن صلاة الإمام تبطل وكذا صلاة من خلفه, والصحيح في ذلك أن صلاة الإمام تبطل, وأما المأموم فصلاته صحيحة سواء أحدث الإمام وهو يصلي, أو كان محدثاً وتذكر في أثناء الصلاة, أو كان محدثاً ولم يتذكر إلا بعد انتهاء الصلاة, فالراجح هنا بطلان صلاة الإمام فقط وصحة صلاة المأمومين, وعلى هذا إذا أحدث الإمام أثناء الصلاة أو كان محدثاً ولم يتذكر إلا أثناء الصلاة فإنه يقطع صلاته ويستخلف أحداً يصلي بالجماعة, وإن لم يعلم ¬

_ (¬1) رواه مسلم من حديث معاوية بن أبي الحكم السلمي. (¬2) (الأحزاب: من الآية5) (¬3) مجموع الفتاوى23/ 404.

بالحدث إلا بعد انتهاء الصلاة أعاد الصلاة هو لوحده, وصلاة المأمومين في الحالات الثلاث صحيحة كما تقدم إلا من علم حدث الإمام قبل الصلاة ثم صلى خلفه فصلاته باطلة كالإمام, للأدلة الآتية: أ. ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم, وإن أخطئوا فلكم وعليهم} (¬1). ب. أن عمر - رضي الله عنه - لما طعن أخذ بيد عبدالرحمن بن عوف فقدمه فأتم بهم الصلاة (¬2). ج. أن الأصل صحة صلاة المأمومين. أما إذا لم يستخلف الإمام فإن المأمومين بالخيار, إذا شاؤا صلوا جماعة بأن يقدموا أحدهم وهو الأحسن, وإن شاؤا صلوا فرادى. قال شيخ الإسلام رحمه الله: (والمأموم إذا لم يعلم بحدث الإمام حتى قضيت الصلاة أعاد الإمام وحده ..) (¬3). وفي الشرح الممتع (¬4): (ليس هناك شيء تبطل به الصلاة المأموم ببطلان صلاة الإمام إلا فيما يقوم فيه الإمام مقام المأموم .. مثل السترة فالسترة للإمام سترة لمن خلفه, فإذا مرت امرأة بين الإمام وسترته بطلت صلاة الإمام والمأموم). الثامن عشر: إذا سلم المأموم قبل إمامه عامداً ذاكراً, فإن صلاة المأموم باطلة, لأنه سابق الإمام ومسابقة الإمام بأي صورة من صورها مبطلة للصلاة, أما إن كان المأموم جاهلاً أو ناسياً, فصلاته صحيحة إلا أن يزول عذره قبل أن يدركه الإمام فإنه يلزمه الرجوع ليأتي بما سبق فيه بعد إمامه, فإن لم يفعل عالماً ذاكراً بطلت صلاته, وإلا فلا. ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه البخاري. (¬3) الاختيارات صـ69. (¬4) 2/ 317.

س42: كم عدد صور الأكل والشرب وما حكمها؟

مثال ذلك: مأموم ركع قبل إمامه مثلاً, إن كان عالماً ذاكراً بطلت صلاته, وإن كان ناسياً أو جاهلاً, فصلاته صحيحة, لكن إن تذكر أو علم قبل أن يركع الإمام وجب على المأموم أن يرفع ويركع بعد الإمام, فإذا لم يفعل ذلك عالماً بطلت صلاته, وإن أدركه الإمام في الركوع فلا شيء عليه. التاسع عشر: من مبطلات الصلاة الأكل والشرب إذا كان عمداً. س42: كم عدد صور الأكل والشرب وما حكمها؟ ج/ قال عثمان في حاشيته على المنتهى (¬1): " تنبيه" في الأكل والشرب ست عشرة صورة, وذلك لأن الأكل في الصلاة إما أن يكون عمداً أو لا, وعلى التقدير إما إن يكون كثيراً أو قليلاً وعلى التقادير الأربعة إما أن تكون الصلاة فرضاً أو نفلاً, فهذا ثمان صور, ومثلها في الشرب وتلخيصها: 1 - أن كثيرهما يبطل الصلاة مطلقاً سواء كانت الصلاة فرضاً أو نفلاً كان ذلك عمداً أو سهواً. 2 - أن يسيرهما عمداً يبطل الفرض فقط دون النفل. 3 - أن يسير الشرب لا تبطل به صلاة النفل ولو كان عمداً, وعللوا ذلك بأثر ونظر, أما الأثر فقالوا: أن عبدالله بن الزبير - رضي الله عنه - وعن أبيه {كان يطيل النفل وربما عطس فشرب يسيراً} (¬2) , وهذا فعل صحابي, وفعل الصحابي إذا لم يعارضه نص أو فعل صحابي آخر فهو حجة. وأما النظر فلأن النفل أخف من الفرض, بدليل أن هناك واجبات تسقط في النفل ولا تسقط في الفرض, كالقيام واستقبال القبلة في السفر, فإذا كان النفل أخف وكان الإنسان ربما يطيلها كثيراً سُمح له بالشرب اليسير. 4 - أن يكون الأكل والشرب يسيراً وسهواً, فهذا لا يبطل الفرض ولا النفل. ¬

_ (¬1) 1/ 220. (¬2) اخرجه ابن المنذر في الأوسط 3/ 249, وإسناده ضعيف, لأنه ورد من طريق هشيم بن بشير الواسطي وهو مدلس لم يصرح بالسماع.

س43: هل بلع ما بين الأسنان يعتبر من الأكل وبالتالي يبطل الصلاة؟

5 - أن يكون الأكل يسيراً وعمداً فهذا يبطل الفرض, أما النفل فعلى خلاف والراجح أن ذلك يبطل الصلاة. س43: هل بلع ما بين الأسنان يعتبر من الأكل وبالتالي يبطل الصلاة؟ ج/ قال في الإقناع (¬1): (ولا بأس ببلع ما بقي في فيه, أو بين أسنانه من بقايا الطعام بلا مضغ مما يجري به ريقه, وهو يسير). وقال العنقري في حاشيته على الروض: (الذي يجري به الريق هو ماله جرم, فلا يجري إلا بالازدراد, والذي يجري به الريق وهو اليسير الذي لا يمكن الاحتراز منه). العشرون: من مبطلات الصلاة قالوا: النحنحة في الصلاة, النفخ إذا بان حرفان. وكذا قالوا: إذا انتحب لا خشية لله. ولكن يقال: أما بالنسبة للنحنحة فالصحيح أنها لا تبطل الصلاة بحال سواء كانت لحاجة أو لغير حاجة وسواء بان منها حرفان أم لا, لأن النبي - غنما حرم التكلم في الصلاة والنحنحة لا يدخل في مسمى الكلام أصلاً, فإنها لا تدخل بنفسها ولا مع غيرها من الألفاظ على معنى, ولا يسمى فاعلها متكلماً, وإنما يفهم مراده بقرينة فصارت كالإشارة. كذلك النفخ على الصحيح فإنه لا يبطل الصلاة, قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى بعد ذكر الخلاف في النفخ: (فإن هذا ليس كلاماً في اللغة التي خاطبنا بها النبي - والكلام لابد فيه من لفظ دال على المعنى دلالة وصفية تعرف بالعقل فأما مجرد الأصوات الدالة على أحوال المصوتين فليس كل ما دل منهياً عنه في الصلاة كالإشارة فإنها تدل ... ومع هذا لا تبطل ... وفي المسند وسنن أبي داود عن عبدالله بن عمرو {أن النبي - في صلاة الكسوف نفخ في آخر سجوده} (¬2). ¬

_ (¬1) 1/ 399. (¬2) الفتاوى22/ 621.

أما البكاء فإن كان من خشية الله فإنه لا يبطل الصلاة لقوله تعالى {خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} (¬1) , ولما ورد عن مطرف الشخير عن أبيه قال {رأيت رسول الله يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء} (¬2) وكان أبو بكر - رضي الله عنه - إذا قرأ غلبه البكاء, وعمر - رضي الله عنه - يُسمع نشيجه من وراء الصفوف. وأما إذا كان البكاء لغير خشية الله كما لو أُخبر بموت شخص وهو في الصلاة ثم غلبه البكاء فإن صلاته صحيحة, كذلك ما يغلب على الإنسان من عطاس وتثاؤب فإنه لا يبطل الصلاة كذلك, قال شيخ الإسلام رحمه تعالى: (فأما ما يغلب على المصلي من عطاس وبكاء وتثاؤب فالصحيح عند الجمهور أنه لا يبطل وهو منصوص أحمد وغيره (¬3). {باب سجود السهو} مناسبة هذا الباب: أنه لما ذكر الصلاة, شروطها وأركانها, وواجباتها, وسننها, وكيفيتها, وكان يعتري هذه الصلاة شيء من الخلل والسهو والنسيان, أعقب صفة الصلاة بالجابر الأول الذي هو الاستغفار (¬4) , ثم الجابر الثاني هو سجود السهو, وإنما بدأ بسجود السهو قبل صلاة التطوع, لأنه في صلب الصلاة أو ملحق بها بخلاف صلاة التطوع فهو خارج عنها. وسجود السهو اصطلاحاً: عبارة عن سجدتين يسجدهما المصلي لجبر الخلل الحاصل في صلاته, قال ابن القيم في بيان حكمة سجدتي السهو في مدارج ¬

_ (¬1) (مريم: من الآية58) (¬2) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وصححه ابن حبان. (¬3) الفتاوى22/ 623. (¬4) تقدم بيان ذلك في الجزء الأول صـ 129.

س44: ما هي أنواع السهو الواردة في السنة؟

السالكين (¬1): (وهذا هو السر في سجدتي السهو ترغيماً للشيطان في وسوسته للعبد, وكونه حال بينه وبين الحضور في الصلاة, ولهذا أسماهما النبي - بالمرغمتين وأمر من سها بهما). والسهو تارة يتعدى بـ"عن" , وتارة بـ"في" , فإن عدي بـ"عن" صار مذموماً, وإن عدي بـ"في" صار معفواً عنه, فإذا قيل: سها فلان في الصلاة فهذا من باب المعفو عنه, وإذا قيل: سها فلان عن صلاته صار من باب المذموم, ولهذا قال تعالى {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ, الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} (¬2) , أي غافلون لا يهتمون بها ولا يقيمونها فهم على ذكر من فعلهم, بخلاف الساهي في صلاته, فليس على ذكر من فعله. والسهو وقع من النبي - لأنه مقتضي الطبيعة, ولذا لما سها في صلاته قال {إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني (¬3)} , فهو من طبيعة البشر, ولا يقتضي ذلك أن الإنسان مُعرضٌ في الصلاة, لأننا نجزم أن أعظم الناس إقامة للصلاة هو الرسول - ومع ذلك وقع منه السهو. س44: ما هي أنواع السهو الواردة في السنة؟ ج/ السهو الوارد في السنة أنواع هي (الزيادة, النقص, والشك) وهذه كلها وردت عن النبي - الزيادة والنقص من فعله, والشك من قوله عليه الصلاة والسلام. س45: ما هي الصلاة التي يشرع لها سجود السهو؟ ج/ الضابط أنه يشرع سجود السهو في كل صلاة ذات ركوع وسجود, قال في كشاف القناع (¬4): (لأنه لا سجود في صلبها ففي جبرها أولى) وبناءً على هذا فصلاة الجنازة ليس فيها سجود سهو, لأنها ليست ذات ركوع ولا سجود. ¬

_ (¬1) مدارج السالكين1/ 529. (¬2) (الماعون:4) , (الماعون:5) (¬3) رواه البخاري ومسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنهما. (¬4) كشاف القناع1/ 394.

س46: تقدم أن أنواع السهو في الصلاة على ثلاثة أقسام, زيادة, ونقص, وشك, فما هي أقسام الزيادة؟

قاعدة: سجود السهو واجب لكل فعل أو ترك إذا تعمده الإنسان بطلت صلاته, إذا كان من جنس الصلاة. من أمثلة ذلك: المصلي يحرم عليه أن يقرأ شيئاً من القرآن في الركوع أو السجود, لقول النبي - {ألا إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً, أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم} (¬1) أي حري أن يستجاب له. لكن لو فعل المصلي ذلك سهواً فإنه لا يجب عليه سجود السهو لكنه يسن كما سيأتي, لأن فعل ذلك عمداً لا يبطل الصلاة فلا تنطبق عليه هذه القاعدة. مثال آخر: لو تكلم الإنسان في الصلاة سهواً, فإنه لا يسجد للسهو حتى ولو كان المتكلم عمداً في الصلاة تبطل صلاته, لأن الكلام ليس من جنس الصلاة. مثال آخر: لو ترك قول سبحان ربي العظيم في الركوع سهواً فإنه يسجد للسهو وجوباً, لأنه لو ترك ذلك عمداً فإن صلاته باطلة, وهذا الذكر من جنس الصلاة. س46: تقدم أن أنواع السهو في الصلاة على ثلاثة أقسام, زيادة, ونقص, وشك, فما هي أقسام الزيادة؟ ج/ الزيادة في الصلاة على نوعين: 1 - زيادة أقوال. 2 - زيادة أفعال. فالزيادة في الأقوال تنقسم إلى قسمين: أ. زيادة أقوال من جنس الصلاة, فهذا يشرع لها سجود السهو. ب. زيادة أقوال من جنس الصلاة, وهذه لا يشرع لها سجود السهو, كما لو تكلم سهواً كما تقدم. كذلك الزيادة في الأفعال تنقسم إلى قسمين أيضاً وهما: ¬

_ (¬1) رواه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

س47: متى يجب سجود السهو؟

أ. أفعال من جنس الصلاة, فهذه يشرع لها سجود السهو, كما لو زاد ركوعاً أو سجدة ونحو ذلك سهواً. ب. أفعال من غير جنس الصلاة, كالأكل والشرب في الصلاة إذا وقع من الإنسان سهواً, فلا يشرع له سجود السهو, وهل تبطل الصلاة أم لا؟ تقدم بيان صور ذلك فليراجع (¬1). س47: متى يجب سجود السهو؟ ج/ تقدم أن سجود السهو واجب لكل فعل أو ترك إذا تعمده الإنسان بطلت صلاته إذا كان من جنس الصلاة, وقد تقدم ذكر أمثلة على ذلك (¬2). س48: متى يستحب سجود السهو؟ ج/ سجود السهو تارة يكون واجباً كما تقدم, وتارة يكون مستحباً, ويكون مستحباً إذا ترك مسنوناً سهواً كان من عادته أنه يأتي به, كما لو ترك دعاء الاستفتاح سهواً وكان من عادته قراءته, فإنه يستحب له أن يسجد للسهو ولا يجب عليه, أما لو ترك المسنون عمداً فصلاته صحيحة ولا يشرع له سجود السهو لعدم وجود السبب وهو السهو, قال السعدي رحمه الله: (فإذا ترك مسنوناً لم تبطل الصلاة ولم يشرع السجود لتركه سهواً, فإن سجد فلا بأس, ولكنه يقيد بمسنون كان من عادته أن يأتي به فتركه سهواً, أما المسنون الذي لم يخطر على باله, أو كان من عادته تركه, فلا يحل السجود لتركه, لأنه لا موجب لهذه الزيادة) أ. هـ (¬3). س49: ما الحكم لو سلم المصلي من الصلاة قبل إتمامها؟ ج/ لا يخلو الأمر من حالتين: ¬

_ (¬1) ينظر صـ 34. (¬2) ينظر صـ37. (¬3) الإرشاد صـ53.

1 - إن كان ذلك عمداً بطلت الصلاة, لأنه على غير ما أمر الله به ورسوله - وقد قال النبي - {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} (¬1) , فالله تعالى قد فرض صلاة الظهر مثلاً أربعاً, فإذا سلم من ثلاث أو من ركعتين متعمداً فقد أتى بما ليس عليه أمر الله ولا أمر رسوله - فتبطل. 2 - إذا سلم قبل إتمامها سهواً, وهذه الحالة لا تخلو من قسمين: أ- إذا سلم قبل إتمام الصلاة سهواً ظاناً أنها تمت. مثال ذلك: لو كان يصلي الظهر فسلم من ثلاث ركعات سهواً وهو يظن أنه صلى أربعاً, فهذا إن ذكر قريباً ولم يطل الفصل فإنه يتم ما بقي من صلاته, ويسجد للسهو بعد السلام. قال في الشرح الكبير (¬2): (من سلم قبل إتمام صلاته ساهياً ثم علم قبل طول الفصل ولم ينتقض وضوئه, فصلاته صحيحة لا تبطل بالسلام ... ولا نعلم في جواز الإتمام في حق من نسي ركعة فما زاد, خلافاً) , بدليل حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال {صلى بنا رسول الله - إحدى صلاتي العشي (¬3) , " قال ابن سيرين: وسماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا " قال: فصلى بنا ركعتين ثم سلم, فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان, ووضع يده اليمنى على اليسرى, وشبك بين أصابعه {ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى} وخرجت السرعان من أبواب المسجد, فقالوا قصرت الصلاة؟ وفي القوم أبوبكر وعمر فهابا أن يكلماه " وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين " قال يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ قال لم أنسَ ولم تقصر, فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم, فتقدم فصلى ما ترك, ثم سلّم, ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول, ثم رفع رأسه فكبر, ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول, ثم رفع رأسه وكبر, فربما سألوه ثم سلم؟ قال: فنبئت أن عمران بن ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها. (¬2) 1/ 331. (¬3) العشي: ما بين زوال الشمس إلى غروبها, قال تعالى (وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار) غافر (55).

س50: ما الحكم لو ترك المصلي واجبا من واجبات الصلاة؟

حصين قال: ثم سلم (¬1)} , فالنبي - قال {لم أنسَ} بناءً على إعتقاده, {ولم تقصر} بناءً على الحكم الشرعي. لكن إذا لم يذكر إلا بعد فاصل طويل فإنه يستأنف الصلاة من جديد, والمرجع في طول الفصل من قصره إلى العرف, قال في الشرح الكبير: (والدليل على أن الصلاة تبطل بطول الفصل أنه أخل بالموالاة فبطلت صلاته, كما لو ذكر في يوم ثان, والمرجع في طول الفصل إلى العرف). ب- أما إذا سلّم على أنها تمت الصلاة بناءً على أنه في صلاة أخرى لا تزيد على هذا العدد, فهنا لا يبني على ما سبق. مثاله: لو سلّم من ركعتين في صلاة الظهر بناءً على أنها صلاة الفجر فهنا لا يبني على ما سبق, لأنه سلّم يعتقد أن الصلاة تامة بعددها وأنه بعددها وأنه ليس فيها نقص فيكون قد سلّم من صلاة غير الصلاة التي هو فيها, ولهذا لا يبني بعضها على بعض, قال في الكشاف (¬2): (لا إن سلم من رباعية كظهر يظنها جمعة, أو فجراً فائتة, أو التراويح, فيبطل فرضه, لأنه ترك حكم استصحاب النية وهو واجب). س50: ما الحكم لو ترك المصلي واجباً من واجبات الصلاة؟ ج/ ترك الواجب لا يخلو من حالتين: 1 - أن يكون ذلك عمداً, فصلاته باطلة. 2 - أما إذا كان سهواً فإنه يجب عليه سجود السهو, لأن عمده يبطل الصلاة وهو من جنس الصلاة, وقد تقدم في القاعدة {أن سجود السهو واجب لكل فعل أو ترك إذا تعمده الإنسان بطلت صلاته إذا كان من جنس الصلاة}. س51: ما هي حالات ترك الواجب في الصلاة؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) الكشاف1/ 400.

س52: ما الحكم لو شك في زيادة وقت فعلها؟

ج/ ترك الواجب لا يخلو من ثلاث حالات: 1 - إذا نقص واجباً فتذكره وهو في محله فإنه يأتي ولا شيء عليه. مثال ذلك: لو نسي قول (سبحان ربي الأعلى) في السجود, ثم قبل أن ينهض تذكر, فإنه يأتي به ولا شيء عليه. 2 - أن ينفصل عن محله ولكن قبل أن يتلبس بالركن الذي بعده, فإنه يرجع ويأتي بهذا الواجب, ويسجد للسهو بعد السلام, لأن هذا من قبيل الزيادة. مثال ذلك: لو قام المصلي عن التشهد الأول, أي أنه نهض ولكن لم يستتم قائماً, فهنا يرجع ويأتي بالتشهد, ويسجد للسهو بعد السلام للزيادة. 3 - أن يتذكر بعد أن يفارق الواجب ويتلبس بالركن الذي بعده وفهنا لا يرجع للإتيان بالواجب, بل يحرم عليه ذلك, ويسقط عنه الواجب ويجبره بسجود السهو, ويكون السجود قبل السلام, لأن هذا يعتبر نقصاً. مثال ذلك: لو نسي التسبيح في الركوع ثم رفع من الركوع, وبعد أن اعتدل قائماً تذكر, ففي هذه الحالة لا يرجع, ويسجد للسهو قبل السلام للنقص. س52: ما الحكم لو شك في زيادة وقت فعلها؟ ج/هذه المسألة لا تخلو من ثلاث حالات: 1 - أن يتيقن الزيادة. مثال ذلك: ركع وأثناء الركوع تيقن أن هذا الركوع زائداً وأنه ركع قبل ذلك فهنا يجب عليه أن يهوي للسجود مباشرة, ويسجد للسهو بعد السلام للزيادة. 2 - أن يشك المصلي في الزيادة حين فعلها. مثال ذلك: كما لو صلى وشك هل هذه هي الركعة الرابعة أم الخامسة, فهنا يجب عليه سجود السهو, لأنه أدى جزءاً من صلاته متردداً في كونه منها, ويكون السجود بعد السلام إن رجّح أحد الأمرين على الآخر, ويكون قبل السلام إذا لم يترجح عنده

س53: ما الحكم لو ترك السجود للسهو إذا وجب عليه؟

شيء, لأنه إذا شك ولم يترجح عنده شيء يأخذ باليقين, واليقين هو الأقل, ففي هذا المثال يجعلها أربعاً ويسجد للسهو قبل السلام, كما سيأتي بيان القاعدة في السجود متى يكون قبل السلام ومتى يكون بعد السلام. 3 - الشك في الزيادة بعد الانتهاء منها. مثال ذلك: لو كان قائماً فشك هل زاد ركوعاً أو سجوداً, فهنا لا يسجد, لأنه شك في سبب وجوب السجود والأصل عدمه. س53: ما الحكم لو ترك السجود للسهو إذا وجب عليه؟ ج/ ترك السجود للسهو لا يخلو من حالتين: 1 - أن يكون السجود للسهو واجباً قبل السلام (¬1) , فهنا إن تركه عمداً بطلت الصلاة, وإن تركه سهواً إن تذكره قريباً ولم يطل الفصل, فإنه يأتي به, وإن طال الفصل كأن يكون خرج من المسجد, أو فارقت المرأة مصلاها وطال الفصل فإنه يسقط. 2 - أن يكون السجود للسهو بعد السلام, فهذا إن تركه سهواً رجه وأتى به إن لم يطل الفصل, فإن طال الفصل سقط عنه ولا شيء عليه, أما عمداً فهو آثم لكن صلاته صحيحة, وقد ذكرنا أن السجود إذا كان قبل السلام وتركه الإنسان عمداً فصلاته باطلة, أما إذا كان بعد السلام وتركه عمداً فصلاته صحيحة, والفرق بينهما أن السجود الذي محله قبل السلام واجب في الصلاة, لأنه قبل الخروج منها, والسجود الذي محله بعد السلام واجب لها, لأنه بعد الخروج منها, والذي تبطل به الصلاة إذا تعمد تركه هو ما كان واجباً في الصلاة لا ما كان واجباً لها, ولهذا لو ترك التشهد الأول مثلاً عمداً بطلت الصلاة, لأنه واجب في الصلاة, ولو ترك إقامة الصلاة عمداً لم تبطل صلاته, لأن الإقامة واجب للصلاة, وكذلك على القول الراجح لو ترك صلاة الجماعة عمداً فإن صلاته لا تبطل, لأن الجماعة واجبة للصلاة لا واجبة فيها, لكنه آثم لتركه صلاة الجماعة. ¬

_ (¬1) سيأتي بيان موضع سجود السهو متى يكون قبل السلام وقد يكون بعده.

س54: متى يسجد المصلي للسهو إذا سها في صلاته, هل يسجد قبل السلام أم بعد السلام؟

س54: متى يسجد المصلي للسهو إذا سها في صلاته, هل يسجد قبل السلام أم بعد السلام؟ ج/ إذا كان السجود قبل السلام في حالتين هما: أ- إذا كان السهو عن نقص, كما لو نسي أن يقول (سبحان ربي الأعلى) في السجود مثلاً, بدليل حديث عبدالله بن بحينة - رضي الله عنه - {أن النبي - قام من ركعتين في الظهر فلم يجلس, فقام الناس معه فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلّم} (¬1) , وأيضاً المعنى يؤيد ذلك لأن الصلاة نقصت فاحتاجت إلى جابر والجابر يكون في الصلاة. ب- إذا كان السهو عن شك ولم يترجح عنده أحد الأمرين. مثال ذلك: شك المصلي هل صلى ثلاثاً أم أربعاً وتساوى الشك عنده فهنا يبني على اليقين, واليقين هو الأقل فيجعلها ثلاثاً ويأتي بركعة رابعة, ويسجد للسهو قبل السلام, لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ , فليطرح الشك وليبنِ على ما استيقن, ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم, فإن كان صلى خمساً شفعن صلاته, وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان} (¬2). ويكون السجود بعد السلام في حالتين هما: أ. إذا كان السهو عن زيادة كما لو زاد ركوعاً أو سجوداً ونحو ذلك, ودليل ذلك حديث عبدالله بن مسعود {- رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الظهر خمساً, فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: وما ذاك؟ قال: صليت خمساً فسجد سجدتين بعد ما سلّم (¬3)}. ب. إذا كان السهو عن شك وترجح عنده أحد الأمرين, مثاله: شك في صلاة الظهر مثلاً هل صلى ثلاثاً أم أربعاً, فإن ترجح عنده أنها ثلاث يجعلها ثلاثاً ويأتي بركعة رابعة, وأن ترجح عنده أنها أربعاً جعلها أربعاً, وإن ترجح عند أنها أربعاً جعلها أربعاً ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س55: هل السجود على التقسيم السابق واجب أم على سبيل الاستحباب؟

ثم يسجد سجدتين بعد أن يسلم, ويدل لذلك حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم, ثم يسجد سجدتين (¬1)}. وأيضاً المعنى يؤيد ذلك, وذلك حتى لا يجتمع زيادتان في الصلاة. وهذا التقسيم هو الراجح في المسألة مع وجود الخلاف في ذلك, قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وأظهر الأقوال وهو رواية عن الإمام أحمد التفريق بين الزيادة والنقص, وبين الشك مع التحري, والشك مع البناء على اليقين, فإذا كان السجود عن نقص كان قبل السلام, لأنه جابر لا تتم الصلاة به, وإن كان لزيادة كان بعد السلام, لأنه إرغام للشيطان لئلا يجمع بين زيادتين في الصلاة, وكذلك إذا شك وتحرى فإنه يتم صلاته, وإنما السجدتان إرغام للشيطان لئلا يجمع بين زيادتين في الصلاة, وكذلك إذا شك وتحرى فإنه يتم صلاته, وإنما السجدتان إرغام للشيطان فتكونان بعده, وكذلك إذا سلم وقد بقي عليه بعض صلاته ثم أكملها فقد أتمها والسلام فيها زيادة, والسجود في ذلك بعد السلام ترغيماً للشيطان, وأما إذا شك ولم يبين له الراجح فيعمل هنا على اليقين فإما أن يكون صلى خمساً أو أربعاً, فإن كان صلى خمساً فالسجدتان تشفعان له صلاته ليكون كأنه صلى ستاً لا خمساً, وهذا إنما يكون قبل السلام, فهذا القول الذي نصرناه تستعمل فيه جميع الأحاديث الواردة في ذلك) أ. هـ (¬2). س55: هل السجود على التقسيم السابق واجب أم على سبيل الاستحباب؟ ج/ الراجح أنه ما كان قبل السلام يجب السعود فيه قبل السلام, وما كان بعد السلام فإنه يجب أن يجد بعد السلام, وهذا على سبيل الوجوب لا على سبيل الاستحباب, قال شيخ الإسلام رحمه الله (¬3): (وما شرع من السجود قبل السلام يجب فعله قبل ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم وغيرهما, وهذا لفظ البخاري. (¬2) الاختيارات صـ 61. (¬3) الاختيارات صـ 62.

س56: إذا كان سجوده بعد السلام فهل يتشهدان أم تشهدا واحدا؟

السلام, وما شرع بعد السلام لا يفعل إلا بعده وجوباً, وهذا أحد القولين في مذهب أحمد وغيره, وعليه يدل كلام أحمد وغيره من الأئمة). س56: إذا كان سجوده بعد السلام فهل يتشهدان أم تشهداً واحداً؟ ج/ المسألة على خلاف فبعضهم يقول: بأنه يتشهد التشهد الأخير ثم يسلم, ثم يسجد سجدتي السهو ثم يتشهد مرة ثانية ويسلم. والراجح أنه لا يتشهد إلا مرة واحدة, فإذا سلّم من صلاته سجد سجدتي السهو ثم سلّم من دون أن يتشهد. س57: لو نسي الإنسان سجود السهو وخرج من المسجد, أو فارقت المرأة مصلاها فهل نقول أن هذا من أسباب سقوط سجود السهو حتى لو لم يطل الفصل أم لا؟ ج/ على خلاف, والراجح في ذلك أن المعتبر طول الفصل, على هذا إذا تذكر الإنسان سجود السهو بعد خروجه من المسجد, أو المرأة بعد مفارقة مصلاها ولم يطل الفصل, فإن المصلي يرجع ويسجد, وإن طال الفصل فإنه لا يسجد, فالعبرة بطول الفصل من عدمه. س58: إذا نسي سجود السهو ثم أحدث فهل يسقط عنه السجود ولو لم يطل الفصل لحدثه أم لا؟ ج/ الراجح في ذلك أنه إذا طال الفصل سقط عنه السجود, كما لو احتاج تحصيل الماء إلى وقت طويل. أما إذا كان الفاصل قصيراً بأن كان الماء حاضراً فتوضأ مباشرة ولم يطل الفصل فإن السجود لا يسقط فيتوضأ ويسجد للسهو, والله تعالى أعلم. س59: إذا سها المأموم مع الإمام في الصلاة فما حكمه؟ ج/ إذا كان سهوا المأموم في الواجبات فالخلاصة في ذلك أن المأموم له حالتان:

1 - أن يكون غير مسبوق فلا يسجد إلا تبعاً لإمامه, وقد حكى ابن المنذر الإجماع على ذلك, قال ابن المنذر (¬1): (وأجمعوا على أنه ليس على من سها خلف الإمام سجود, وانفرد مكحول فقال: عليه وأجمعوا على أن المأموم إذا سجد إمامه أن يسجد معه). مثال ذلك: أدرك المأموم الصلاة مع الإمام من أولها ثم نسي المأموم أن يقول مثلاً (سبحان ربي الأعلى) في إحدى السجدات فإنه لا يسجد للسهو, لأنه غير مسبوق, فلا يسجد إلا تبعاً لإمامه. 2 - أن يكون مسبوقاً فيسجد في الحالات الآتية: أ. إذا سها سواء كان سهوه مع الإمام, أو فيما انفرد به. مثال ذلك: مأموم فاتته ركعة ونسي مثلاً قول (سبحان ربي العظيم) فيما أدركه مع الإمام, أو كان مثال ذلك بعد قيامه لقضاء ما فاته فهنا يسجد للسهو, حتى ولو سها الإمام وسجد للسهو قبل السلام, وكان سهو المأموم فيما أدركه مع الإمام, فإنه لا يسقط السهو عن المأموم. مثال ذلك: مأموم فاته ركعة مع الإمام, وفي الركعة الثانية مع الإمام نسي المأموم التسبيح في الركوع مثلاً, كذلك حصل للإمام ما يوجب سجود السهو قبل السلام, وحينما انتهى الإمام من صلاته سجد للسهو وسجد المأموم معه, فهذا السجود لا يكفي للمأموم, بل إذا قام المأموم وقضى ما فاته فإنه يسجد للسهو, قال عثمان في حاشيته على المنتهى (¬2): (وظاهره , سواء سجد مع الإمام لسهو الإمام أو لا فإن سجود المسبوق محله بعد سلام الإمام لا قبله كما عرفت). ب. إذا كان سجود الإمام بعد السلام وكان المأموم مسبوقاً, فإن المأموم لا يتابع الإمام في السجود وإنما يسجد المأموم للسهو بعد قضاء ما فاته إن كان أدرك السهو ¬

_ (¬1) الإجماع صـ40. (¬2) المنتهى1/ 231.

س60: ما الحكم لو قام المصلي إلي ركعة زائدة؟

مع الإمام, وإن لم يكن أدرك السهو مع الإمام فإنه لا يسجد, وإن كان لا يعلم هل أدرك أم لا لكون سجود الإمام لسبب خفي فهنا في هذه الحالة يسجد المأموم كذلك. ج. إذا لم يسجد الإمام والمأموم يرى وجوب سجود السهو, أو تركه الإمام سهواً وعند هذه المسألة قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى: (لو فرض أن الإمام لا يرى وجوب سجود السهو, والمأموم يرى وجوب سجود السهو, مثلاً: التشهد الأول فإن بعض العلماء يرى أنه سنة, كما هو مذهب الشافعي, وليس بواجب, فإذا ترك الإمام التشهد الأول ولم يسجد للسهو بناءً على أنه سنة, وإن السنة لا يجب لها سجود سهو, فهل على المأموم الذي يرى أن سجود السهو واجب سجود أم لا؟ الجواب: لا, لأن إمامه أنه لا سجود عليه, وصلاته مرتبطة بصلاة الإمام, وهو لم يحصل منه خلل, فالمأموم يجب أن يتابع الإمام, وقد قام بما يجب عليه, أما لو كان كان الإمام يرى وجوب سجود السهو وسبح به للسجود ولكنه لم يسجد فقال الفقهاء رحمهم الله: يسجد المأموم إذا أيس من سجود إمامه, لأن صلاته مرتبطة بصلاة الإمام, والإمام فعل ما يوجب السجود وترك السجود من غير تأويل, فوجب على المأموم أن يجبر هذا النقص ويسجد) أ. هـ (¬1). س60: ما الحكم لو قام المصلي إلي ركعة زائدة؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من حالتين: 1 - ألا يعلم بهذه الزيادة إلا بعد الفراغ منها, فهنا يسجد للسهو بعد السلام, أي يكمل التشهد ويسلم ويسجد سجدتين للسهو ويسلّم, وإنما يكون السجود للسهو في هذه الحالة بعد السلام, للأدلة الآتية: أ. ما روى ابن مسعود - رضي الله عنه - {أن النبي - صلى خمساً فلما انفتل قالوا إنك صليت خمساً, فانفتل ثم سجد سجدتين ثم سلّم} (¬2). ب. حديث ذي اليدين كما ورد ذلك من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - {فإن النبي - سلّم من ركعتين ثم ذكّروه, فأتم الصلاة وسلم, ثم سجد سجدتين وسلّم} (¬3) , فكونه سلّم من ¬

_ (¬1) الممتع3/ 528,529. (¬2) متفق عليه. (¬3) متفق عليه.

ركعتين هذه زيادة وليس بنقص كما يعتقد البعض, وهنا سجد للسهو عن الزيادة بعد السلام. ج. أن الزيادة, زيادة في الصلاة, وسجود السهو زيادة أيضاً, فكان من الحكمة أن يؤخر سجود السهو إلى ما بعد السلام لئلا يجتمع في الصلاة زيادتان. 2 - ن يعلم المصلي بالزيادة في أثنائها, فهنا يجب عليه أن يجلس في الحال بدون تكبير, لأنه لو لم يجلس لزاد في الصلاة عمداً وذلك يبطلها, قال في المغني (¬1): (فإن مضى في موضع يلزمه الرجوع أو رجع في موضع يلزمه المضي, عالماً بتحريم ذلك فسدت صلاته, لأنه ترك واجباً في الصلاة عمداً). ومن الخطأ ما يتوهمه بعض الناس أنه إذا قام إلى ركعة زائدة أن حكم ذلك حكم من قام عن التشهد فيظن أنه إذا قام إلى الزائدة وشرع في القراءة حرم عليه الرجوع, وهذا وهم وخطأ فالزائد لا يمكن الاستمرار فيه أبداً متى ذكر وجب عليه أن يرجع ليمنع هذه الزيادة, لأنه لو استمر في الزيادة مع علمه بها لزاد في الصلاة شيئاً عمداً وهذا لا يجوز. وإذا جلس تشهد إن لم يكن تشهد, أي أنه إذا علم بالزيادة قلنا يجلس في الحال ويقرأ التشهد إلا أن يكون قد تشهد قبل أن يقوم للزيادة, وهل يمكن أن يزيد بعد أن يتشهد؟ الجواب: نعم يمكن ذلك بأن يتشهد في الرابعة, ثم ينسى ويظن أنها الثانية ثم يقوم للثالثة في ظنه, ثم يذكر بعد القيام بأن هذه هي الخامسة وأن التشهد الذي قرأ هو التشهد الأخير. وبناءً على هذا فالخلاصة: أنه إذا علم أثناء الزيادة جلس في الحال, فإن كان التشهد سلّم مباشرة وسجد للسهو بعد السلام, وإن لم يكن تشهد فإنه يتشهد ويسلم ثم يسجد سجدتين بعد السلام. ¬

_ (¬1) المغني لأبن قدامه.

س61: ما الحكم لو قام المصلي إلى ثالثة في صلاة مقصورة, أي رجل مسافر قام إلى ثالثة في صلاة الظهر مثلا " لثالثة في حق المسافر زيادة " فهل يلزمه الرجوع في هذه الحال أو له أن يكمل؟

س61: ما الحكم لو قام المصلي إلى ثالثة في صلاة مقصورة, أي رجل مسافر قام إلى ثالثة في صلاة الظهر مثلاً " لثالثة في حق المسافر زيادة " فهل يلزمه الرجوع في هذه الحال أو له أن يكمل؟ ج/ الصحيح في ذلك أنه يرجع, لأن هذا الرجل دخل على أنه يريد أن يصلي ركعتين فليصلِ ركعتين ولا يزيد, وفي هذه الحال يسجد للسهو بعد السلام. س62: رجل يصلي صلاة الليل " وصلاة الليل مثنى مثنى " فقام إلى الثالثة ناسياً فما الحكم؟ ج/ يرجع فإن لم يرجع بطلت صلاته, لأنه تعمد الزيادة, ولهذا نص الإمام أحمد رحمه الله على أنه إذا قام في صلاة الليل إلى ثالثة فكرجل قام في صلاة الفجر إلى ركعة ثالثة أي إذا لم يرجع بطلت صلاته, لكن يستثنى من ذلك الوتر, فإن الوتر يجوز للإنسان أن يزيد فيه على ركعتين, فلو أوتر بثلاث جاز, وعلى هذا إذا دخل الإنسان بالوتر بنية أن يصلي ركعتين ثم يسلّم ثم يأتي بالثالثة لكنه نسي فقام إلى الثالثة بدون سلام, فنقول: له أم الثالثة, لأن الوتر يجوز فيه الزيادة على ركعتين. س63: إذا سبح للإمام ثقتان على أنه أخطأ في صلاته فهل يرجع إلى قولهما؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من خمس حالات: 1 - أن يجزم بصواب نفسه " أي الإمام " ففي هذه الحالة يستمر ولا يلزمه الرجوع إليهما. 2 - أن يجزم بصوابهما, فهنا يجب عليه الرجوع إلى قولهما. 3 - أن يغلب على ظنه صوابهما, وهنا يجب عليه الرجوع إلى قولهما كذلك. 4 - أن يغلب على ظنه خطؤهما, فهنا الأقرب أنه لا يأخذ بقولهما. 5 - أن يتساوى الأمران, فهنا الأقرب أنه يأخذ بقولهما. س64: إذا قام الإمام لركعة زائدة وتيقن المأموم ذلك فهل يتابعه أم لا؟

س65: ما حكم من قام عن التشهد الأول سهوا؟

ج/ يقال لا يجوز له متابعة الإمام في هذه الزائدة إذا تيقنها بل يفارقه, قال في حاشية العنقري: (ومتى لم يرجع الإمام وكان المأموم على يقين من خطأ الإمام لم يتابعه, لأنه إنما يتابعه في أفعال الصلاة وليس هذا منها, وينبغي أن ينتظره هنا لأن صلاة الإمام صحيحة لم تفسد بزيادته فينتظره كما ينتظر الإمام المأمومين في صلاة الخوف) أ. هـ (¬1). فإذا تابع الإمام في الزائدة من يعلم أنها زائدة فصلاته باطلة, لكن من تابع الإمام جهلاً بالحكم أو نسياناً فصلاته صحيحة للعذر, لأنه فعل هذا المحظور على وجه الجهل أو النسيان, ودليل ذلك قوله تعالى {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَانَا (¬2)}. س65: ما حكم من قام عن التشهد الأول سهواً؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من ثلاث حالات: 1 - أن يذكره قبل أن ينهض " أي قبل أن تفارق فخذاه ساقيه " أي أنه لما تهيأ للقيام ذكر أن هذا محل التشهد الأول, ففي هذه الحال يجلس ويتشهد, فإذا أتم صلاته سجد للسهو بعد السلام, لأنه حصل عنده زيادة في الصلاة. وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (¬3) سؤالاً مفاده: مصلِ نهض من التشهد الأول وذكر قبل أن يستتم قائماً فهل يرجع للتشهد أو يستتم قائماً, ومتى يسجد للسهو قبل السلام أو بعده في تلك الحال؟ فأجاب رحمه الله قائلاً: (إذا نهض المصلي عن التشهد الأول وذكر قبل أن يستتم قائماً فيجب عليه الرجوع, ويسجد للسهو, وموضعه بعد السلام). 2 - أن يذكره بعد أن يستتم قائماً لكن قبل أن يشرع في القراءة, فهنا على الراجح أنه لا يرجع لأنه انفصل عن التشهد تماماً, حيث وصل إلى الركن الذي يليه, قال السعدي رحمه الله: (والصحيح أنه إذا قام من التشهد الأول ناسياً ولم يذكر إلا بعد قيامه أنه لا يرجع, ولو لم يشرع في القراءة, لحديث المغيرة أن النبي - قال {إذا قام ¬

_ (¬1) حاشية العنقري1/ 201. (¬2) (البقرة: من الآية286) (¬3) مجموع فتاوى ورسائل محمد بن عثيمين , إعداد وترتيب فهد السليمان14/ 40.

س66: إذا قام الإمام عن التشهد الأول ناسيا فهل يلزم المأموم متابعته؟

أحدكم من ركعتين فلم يستتم قائماً فليجلس, فإن استتم قائماً فلا يجلس وليسجد سجدتين (¬1)} , وقولهم القراءة ركن مقصود, وكذلك القيام ركن مقصود, ولأن بقية الواجبات إذا لم يذكرها إلا بعد وصوله إلى الركن الذي بعدها فإنها تسقط) أ. هـ (¬2). 3 - أن يذكره بعد الشروع في قراءة الركعة الأخرى فهنا يحرم عليه الرجوع, بل يستمر ويسجد للسهو قبل السلام, فإن رجع عالماً عامداً بطلت صلاته, لا نسياناً أو جهلاً. فائدة: ما ذكرناه في ترك التشهد الأول يجري على من ترك واجباً آخر مثل: التسبيح في الركوع, فلو نسي أن يقول (سبحان ربي العظيم) ونهض من الركوع وذكر قبل أن يستتم قائماً فإنه يلزمه الرجوع, وإن استتم قائماً حرم عليه الرجوع, وعليه أن يسجد للسهو لأنه ترك واجباً, ويكون قبل السلام, لأنه عن نقص, وهكذا في بقية الواجبات. والقاعدة في نقص الواجبات كما في رسالة السهو للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: " إذا ترك واجباً من واجبات الصلاة متعمداً بطلت صلاته, وإن كان ناسياً وذكره قبل أن يفارقه محله من الصلاة أتى به ولا شيء عليه, وإن ذكره بعد مفارقة محله قبل أن يصل إلى الركن الذي يليه رجع فأتى به ثم يكمل صلاته ويسلّم ثم يسجد بعد السلام, وإن ذكره بعد وصوله إلى الركن الذي يليه سقط فلا يرجع إليه, فيستمر في صلاته ويسجد قبل السلام " أ. هـ (¬3). س66: إذا قام الإمام عن التشهد الأول ناسياً فهل يلزم المأموم متابعته؟ ج/ نعم يلزمه أن يتابعه في هذه الحال, لحديث {إنما جعل الإمام ليؤتم به ... الحديث} (¬4) , ولأن الصحابة رضوان الله عليهم تابعوا النبي - لما قام عن ¬

_ (¬1) رواه ابو داود وابن ماجه وأحمد وعبدالرزاق والدارقطني والبيهقي وغيرهم. (¬2) المختارات الجلية صـ48. (¬3) رسالة سجود السهو للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله صـ4. (¬4) متفق عليه.

س67: الشك لا يلتفت إليه في ثلاثة مواضع فما هي هذه المواضع؟

التشهد الأول سهواً كما ورد ذلك في حديث عبدالله بن بحينة - رضي الله عنه - {أن النبي - صلى بهم الظهر فقام الركعتين الأوليين ولم يجلس قبل أن يسلم ثم سلّم} (¬1). مسألة: من أنواع السهو في الصلاة الشك وهو النوع الثالث من أنواع السهو مع الزيادة والنقص. والشك هو: التردد بين أمرين أيهما الذي وقع. س67: الشك لا يلتفت إليه في ثلاثة مواضع فما هي هذه المواضع؟ ج/ المواضع هي: 1 - إذا كان الشك بعد الانتهاء من الصلاة فلا عبرة به إلا أن يتيقن الزيادة والنقصان, فإذا كان متيقناً عمل بمقتضى يقينه كما سيأتي بيانه. مثال ذلك: إذا سلّم المصلي ثم شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً؟ يقال لا تلتفت لهذا الشك فلا ترجع لصلاتك ولا تسجد للسهو, لأن الصلاة تمت على وجه شرعي, ولم يوجد ما ينقض هذا الوجه الشرعي, فالمصلي لما سلّم لا إشكال عنده أن الصلاة تامة وبرئت بها الذمة فورود الشك بعد أن برئت الذمة لا عبرة به, لكن إن كان الشك له قوة من النظر بحيث تأكد من ذلك فإن الشك هنا يعتبر ويعمل به. 2 - إذا كان الشك وهماً, أي طرأ على الذهن ولم يستقر, كما يوجد هذا في الموسوسين فلا عبرة به أيضا فلا يلتفت إليه, والإنسان لو طاوع الوهم لتعب تعباً عظيماً. 3 - إذا كثرت الشكوك مع الإنسان حتى صار لا يفعل فعلاً إلا شك فيه, إن توضأ شك, وإن صلى شك, وإن صام شك ... وهكذا في بقية العبادات, فهذا أيضاً لا عبرة به, لأن هذا مرض وعلة والكلام مع الإنسان الصحيح السليم من المرض, والإنسان الشكاك هذا يعتبر ذهنه غير مستقر فلا عبرة به. ¬

_ (¬1) رواه البخاري.

س68: بقينا في الشك إذا كان خاليا من هذه الأمور الثلاثة فما الحكم؟

س68: بقينا في الشك إذا كان خالياً من هذه الأمور الثلاثة فما الحكم؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله فقال: (إن الشك في الصلاة في هذه الحالة لا يخلو من أمرين: الحالة الأولى: أن يترجح عنده أحد الأمرين, فيعمل بما ترجح عنده فيتم عليه صلاته فليتحرَ الصواب فليتم عليه ثم ليسلّم ثم يسجد سجدتين) (¬1). الحالة الثانية: أن لا يترجح عنده أحد الأمرين, فيعمل باليقين وهو الأقل فيتم عليه صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلّم ثم يسلّم. مثال ذلك: شخص يصلي العصر فشك في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة؟ ولم يترجح عنده أنها الثانية أو الثالثة, فإنه يجعلها الثانية, فيشهد التشهد الأول ويأتي بركعتين ويسجد للسهو ويسلّم, ودليل ذلك حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدرِ كم صبى ثلاثاً أم أربعاً؟ , فليطرح الشك وليبنِ على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم, فإن كان صلى خمساً شفعن صلاته, وإن كان صلى إتماماً لأربع كانتا ترغيماً للشيطان} (¬2) , (¬3) , والشك في ترك الركن يأخذ نفس الحكم ولا فرق. س69: إذا جاء المأموم والإمام راكع فكبر للإحرام ثم ركع ثم شك هل أدرك الإمام في الركوع أم أن الإمام رفع قبل أن يدركه فهل يعتبر مدركاً للركعة أم لا؟ ج/ في هذه المسألة يقال: لإن ترجح عنده أحد الأمرين عمل بما ترجح فأتم عليه صلاته وسلّم ثم سجد للسهو وسلّم, إلا إن لا يفوته شيء من الصلاة فإنه لا يسجد للسهو, لأنه تقدم أن المأموم إذا كان غير مسبوق وكان سهو الإمام في الواجبات فإنه لا يسجد إلا تبعاً لإمامه وإن لم يترجح عنده شيء عمل باليقين, وهو أن الركعة فاتته فيتم عليه صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلّم ثم يسلّم. ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رسالة سجود السهو للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله صـ5

س70: لو بنى المصلي بعد الشك على اليقين أو على غالب ظنه ثم تبين أنه مصيب فيما فعل فهل يلزمه السجود؟

س70: لو بنى المصلي بعد الشك على اليقين أو على غالب ظنه ثم تبين أنه مصيب فيما فعل فهل يلزمه السجود؟ مثاله: رجل شك هل صلى ثلاثاً أم أربعاً بدون ترجيح؟ فجعلها ثلاثاً بناءً على اليقين " كما تقدم أنه إذا لم يترجح لديه شيء يبني على اليقين واليقين هو الأقل " فهنا جعلها ثلاثاً وأتى بركعة رابعة, لكن في أثناء الصلاة هذه الركعة تيقن أن هذه هي الركعة الرابعة فهل يلزمه سجود للسهو أم لا؟ ج/ على خلاف والراجح أن عليه سجود السهو قبل السلام, كما تقدم لأن النبي - قال {لم يدرِ كم صلى} (¬1) , وهذا لجل أن يبني على ما عنده, وظاهره أنه لو درى فيما بعد فإنه يسجد لقوله {فإن كان صلى خمساً شفعن صلاته, وإن كان صلى إتماماً كانتا ترغيماً للشيطان} (¬2) , ولأنه أدى هذه الركعة وهو شاك هل هي زائدة أو غير زائدة؟ فيكون أدى جزءاً من صلاته متردداً في كونه منها فيلزمه السجود, وهذا القول دليله وتعليله قوي, وفيه أيضاً ترجيح من وجه ثالث وهو الاحتياط (¬3). س71: ما حكم من نقص ركناً من أركان الصلاة؟ ج/ نقص الركن من أركان الصلاة لا يخلو من قسمين: 1 - أن يكون ذلك عمداً فالصلاة باطلة. 2 - أن يكون ذلك سهواً, وهذا القسم لا يخلو من ثلاث حالات: أ. أن يكون المتروك تكبيرة الإحرام, فالصلاة هنا لم تنعقد أصلاً. ب. أن يكون المتروك من الأركان غير تكبيرة الإحرام, كالركوع مثلاً, ويتذكر المصلي هذا الركن أثناء الصلاة, فهذه الحالة على خلاف, والراجح في ذلك: أن المصلي إذا وصل إلى محل هذا المتروك من الركعة التي بعدها لغت الركعة ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه صـ52. (¬2) تقدم تخريجه صـ52. (¬3) الممتع3/ 519,502.

س72: ما حكم من سها مرارا؟

السابقة, وإن لم يصل يرجع إلى هذا المتروك وأتى به, ويسجد في كلتا الحالتين للسهو بعد السلام. مثال ذلك: مصلٍ نسي السجدة الأولى من الركعة الأولى مثلاً , إن تذكر قبل أن يصل إلى السجدة الأولى من الركعة الثانية رجع إلى السجدة وسجدها ثم أكمل بقية الصلاة ويسجد للسهو بعد السلام, وإن لم يتذكر هذه السجدة التي تركها إلا بعد أن وصل إلى محلها من الركعة الثانية لغت الركعة الأولى وقامت الثانية مقامها, وسجد للسهو بعد السلام كذلك. ج. أن يترك المصلي ركناً من أركان الصلاة سهواً غير تكبيرة الإحرام, ولكنه لم يتذكر إلا بعد انتهاء الصلاة, فالحكم هنا إن كان المتروك في الركعة الأخيرة من الصلاة أتى به وبما بعده فقط, وإن كان المتروك في غير الركعة الأخيرة, فإنه يأتي بركعة كاملة على الصحيح, ويسجد للسهو بعد السلام. مثال ذلك: مصلِ نسي السجدة الأولى من إحدى الركعات ولم يتذكر إلا بعد انتهاء الصلاة, إن كانت هذه السجدة المتروكة في الركعة الأخيرة من الصلاة أتى بالسجدة وبما بعدها فقط ثم سجد للسهو بعد السلام, وإن كانت هذه السجدة المتروكة في غير الركعة الأخيرة من الصلاة أتى بركعة كاملة وسجد للسهو بعد السلام أيضاً, وهذا إذا لم يطل الفصل أما إذا طال الفصل فإنه يستأنف الصلاة من جديد. س72: ما حكم من سها مراراً؟ ج/ من سها مراراً كفاه سجدتان. مثال ذلك: ترك قول (سبحان ربي العظيم) في الركوع, وترك التشهد الأول, وترك قول (سبحان ربي الأعلى) وفي السجود سهواً, فهذه ثلاثة أسباب توجب سجود السهو, فيكفي لها سجدتان لأن الواجب هنا من جنس واحد فدخل بعضه في بعض, كما لو أحدث ببول, وغائط, وريح, وأكل لحم إبل, فإنه يكفيه وضوء واحد, ولا يلزمه

س73: ما الحكم إذا اجتمع سببان أحدهما يوجب سجود السهو قبل السلام والآخر يوجب السجود بعد السلام, فهل يسجد قبل السلام أم بعد السلام؟

أن يتوضأ لكل سبب وضوءاً, فهنا أسباب السجود تعددت لكن الواجب في هذه الأسباب واحد, وهو وجود السهو فتداخلت. س73: ما الحكم إذا اجتمع سببان أحدهما يوجب سجود السهو قبل السلام والآخر يوجب السجود بعد السلام, فهل يسجد قبل السلام أم بعد السلام؟ مثال ذلك: مصلٍ ركع في ركعة ركوعين, فهنا زيادة توجب سجود السهو بعد السلام, وترك قول (سبحان ربي العظيم) في الركوع سهواً, فهنا نقص يوجب سجود السهو قبل السلام, فهل يسجد قبل السلام أم بعد السلام؟ ج/ مذهب الحنابلة يغلّب ما قبل السلام مطلقاً, فعلى هذا يسجد قبل السلام سجدتين تكفي عن السهوين معاً, لأن ما قبل السلام جبرة واجب, ومحله قبل أن يسلم فكانت المبادرة بجبر الصلاة قبل إتمامها أولى من تأخير الجابر. {باب صلاة التطوع} مناسبة هذا الباب لما قبله: لما ذكر المصنف رحمه الله الجابر الثاني من جوابر الصلاة وهو سجود السهو أتبعه رحمه الله بالجابر الثالث الذي هو صلاة التطوع. س74: ما معنى التطوع؟ ج/ التطوع لغةً: فعل الطاعة, وهو يطلق على فعل الطاعة مطلقاً, فيشمل حتى الواجب, قال تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (¬1) , مع أن ¬

_ (¬1) (البقرة:158)

س75: ما أفضل التطوعات على سبيل العموم؟

الطواف بهما ركن من أركان الحج والعمرة, والمراد بالتطوع في اصطلاح الفقهاء: كل طاعة ليست واجبة. ومن حكمة الله عز وجل ورحمته بعباده أنه شرع لكل فرض تطوعاً من جنسه ليزداد المؤمن إيماناً بفعل هذا التطوع, ولتكمل به الفرائض يوم القيامة, فإن الفرائض يعتريها النقص, فتكمل بهذه التطوعات التي من جنسها, فالوضوء واجب وتطوع, والصدقة ولجب وتطوع, والصيام واجب وتطوع, والحج واجب وتطوع, والجهاد واجب وتطوع, والعلم واجب وتطوع وهكذا. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (والتطوع يكمل به صلاة الفرض يوم القيامة إن لم يكن المصلي قد أتمها, وفيه حديث مرفوع رواه أحمد في المسند, وكذلك الزكاة وبقية الأعمال) (¬1). س75: ما أفضل التطوعات على سبيل العموم؟ ج/ على خلاف في ذلك, والراجح أن يقال أنه يختلف باختلاف الفاعل وباختلاف الزمن, فقد نقول لشخص الأفضل في حقك الجهاد, والآخر الأفضل في حقك العلم, فإذا كان شجاعاً قوياً نشيطاً وليس بذاك الذكي, فالأفضل له الجهاد لأنه أليق به, وإذا كان ذكياً حافظاً قوي الحجة, فالأفضل له العلم, وهذا باعتبار الفاعل, وأما باعتبار الزمن فإننا إذا كنا في زمن تفشى فيه الجهل والبدع, وكثر من يفتي بلا علم, فالعلم أفضل من الجهاد وإن كنا في زمن كثر فيه العلماء, واحتاجت الثغور إلى مرابطين يدافعون عن البلاد الإسلامية, فهنا الأفضل الجهاد, وبناءً على هذا تحمل أجوبة - المختلفة, ومن ذلك ما ورد في حديث أبي هريرة أن رسول الله - سئل أي الأعمال أفضل؟ قال {إيماناً بالله ورسوله, قيل: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله, قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور} (¬2) , ومن ذلك ما ورد في حديث عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال {سألت النبي - أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على ¬

_ (¬1) الاختيارات صـ62. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

س76: ما أفضل التطوعات بالنسبة للصلاة؟

وقتها, قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين, قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله, قال حدثني بهن رسول الله - ولو استزدته لزادني (¬1)} , ونحو ذلك من الأحاديث. فإن لم يكن مرجح لا هذا ولا هذا فالأفضل العلم, قال الإمام أحمد: (العلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته, قالوا كيف تصح نيته؟ قال: ينوي يتواضع وأن يرفع الجهل عن غيره) (¬2) , وهذا صحيح لأن مبنى الشرع كله على العلم, حتى الجهاد مبناه على العلم, ويدل لهذا قوله تعالى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (¬3) , فنفى الله أن ينفر المسلمون كلهم إلى الجهاد, ولكن ينفر طائفة ويبقى طائفة لتتعلم حتى إذا رجع قومهم إليهم أخبروهم بما عندهم من الشرع. س76: ما أفضل التطوعات بالنسبة للصلاة؟ ج/على خلاف في الترتيب في الأفضلية, والراجح أن الأفضلية على الترتيب الآتي: الكسوف, ثم الوتر, ثم الاستسقاء, ثم التراويح. وسبب التفضيل على تأكد الصلاة لأن ما تنوع في وجوبه فهو آكد. س77: ما معنى الوتر؟ ج/ الوتر: اسم للركعة المنفصلة عما قبلها, ولثلاث, والخمس, والسبع, والتسع المتصلة, والإحدى عشرة. س78: ما حكم الوتر؟ ج/ الراجح في ذلك قول الجمهور أنه سنة, والأدلة على ذلك كثيرة " أي على عدم وجوب الوتر " فمن ذلك: ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) الانصاف2/ 162. (¬3) (التوبة:122)

س79: ما أقل الوتر؟

أ- حديث طلحة بن عبيد الله - رضي الله عنه - قال {جاء رجل من أهل نجد فإذا هو يسأل عن الإسلام, فقال رسول الله - خمس صلوات في اليوم والليلة, فقال هل عليّ غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع ... الحديث} (¬1) , فأخبره أن الواجب من الصلوات في اليوم والليلة إنما هو الخمس. ب- ومن ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما {أن رسول الله - كان يصلي الوتر على راحلته, ولا يصلي عليها المكتوبة (¬2)} , فلو كان الوتر واجباً لم يجز فعله على الراحلة. ج- ومن ذلك حديث علي - رضي الله عنه - أنه قال {ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة ولكنه سنة سنها رسول الله -} (¬3). س79: ما أقل الوتر؟ ج/ أقله ركعة, لما ورد في حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي - قال {الوتر ركعة من آخر الليل} (¬4) , ولقول النبي - في حديث ابن عمر {صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى} (¬5). س80: هل يكره الإتيان بواحدة؟ ج/ الراجح في ذلك أنه لا يكره, وهو قول الجمهور لثبوته عن عشرة من الصحابة منهم أبو بكر وعثمان وعائشة رضي الله عنهم أجمعين, ومما يدل لذلك حديث ابن عمر - رضي الله عنه - المتقدم {صلاة الليل مثنى مثنى, فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة}. س81: ما أكثر ركعات الوتر؟ ج/ قيل بأنه إحدى عشرة, وقيل ثلاثة عشر ركعة. ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وحسنه الترمذي وصححه الحاكم. (¬4) رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم. (¬5) رواه البخاري ومسلم.

س82: ما هو أدني الكمال بالنسبة للوتر؟

ودليل الإحدى عشرة ركعة حديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان رسول الله - يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر منها بواحدة} (¬1). ودليل الثلاث عشرة ركعة حديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان رسول الله - يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة, يوتر منهن بخمس ركعات لا يجلس في شيء من الخمس إلا في آخرهن ثم يجلس ويسلم} (¬2) , وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما {أن النبي - صلى ثلاث عشرة ركعة ثم نام حتى نفخ فلما تبيّن له الفجر صلى ركعتين خفيفتين} (¬3). والأقرب في هذه المسألة: أن هذا محمول على تنوع الوتر, فالغالب من هدي النبي - أنه يصلي إحدى عشرة ركعة, وأحياناً يصلي ثلاث عشرة ركعة, هذا هو الراجح, والله أعلم. س82: ما هو أدني الكمال بالنسبة للوتر؟ ج/ أدنى الكمال بالنسبة للوتر ثلاث ركعات يصليها بسلامين, يصلي ركعتين ويسلّم, ثم يأتي بواحدة ويسلّم, ويجوز أن يجعلها بسلام واحد, ولكن لا يجلس للتشهد إلا في آخرها, أي بتشهد واحد لا تشهدين, لأنه لو جعلها بتشهدين لأشبهت صلاة المغرب, وقد نهى النبي - التشبه بصلاة المغرب لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - قال {لا توتروا بثلاث, أوتروا بخمس أو سبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب (¬4)}. س83: ما هي عدد ركعات الوتر, وما هي صفة صلاتها؟ ج/ صفات صلاة الوتر هي: 1 - الوتر بركعة, وتقدم دليل ذلك. 2 - الوتر بثلاث, ولها صفتان كما تقدم وهما: ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) متفق عليه. (¬4) رواه ابن حبان والدارقطني والبيهقي والخطيب في الموضح.

أ. أن تكون بسلامين, أي يصلي ركعتين ويسلّم, ثم الثالثة ويسلّم, ويدل لذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما {أنه كان يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة, ويخبر أن النبي - كان يفعل ذلك} (¬1). ب. أن يسردها بسلام واحد, لكن لا يجلس إلا في آخرها كما تقدم, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان النبي - لا يسلّم في ركعتي الوتر} , وفي لفظ {كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا في آخرهن} (¬2). 3 - الوتر بخمس, وصفتها أن يسردها ولا يجلس إلا في آخرها, بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان رسول الله - يصلي من الليل ثلاث عشر ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها (¬3)}. 4 - الوتر بسبع, ولها صفتان: أ. يسردها سرداً لا يتشهد إلا مرة واحدة في آخرها, ودليل ذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت {كان النبي - يوتر بخمس وسبع لا يفصل بينهن بسلام ولا كلام} (¬4). ب- أن يجلس بعد السادسة ويتشهد بدون سلام, ثم يصلي السابعة, ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها وفيه {ثم صلى سبع ركعات ولا يجلس فيهن إلا عند السادسة فيجلس ويذكر الله ويدعو} (¬5). 5 - الوتر بتسع, وصفتها أن يسرد ثمان ركعات ثم يتشهد بعد الثامنة ولا يسلم, ثم يأتي بالتاسعة, ثم يتشهد ويسلّم, بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان رسول الله - يوتر بتسع فيجلس بعد الثامنة فيحمد الله ويذكره ويدعوه, ثم يقوم فبصلي التاسعة فيذكره ويحمده ويدعوه ثم يسلّم تسليماً يسمعناه} (¬6). ¬

_ (¬1) أخرجه ابن حبان والطحاوي وقوى إسناده في الفتح. (¬2) رواه مالك وابن أبي شيبة والنسائي والطحاوي والحاكم والبيهقي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وقال النووي في المجموع " رواه النسائي بإسناد حسن والبيهقي بإسناد صحيح". (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه أحمد والنسائي وابن ماجه وفي الفتح الرباني إسناده جيد. (¬5) رواه أحمد وبن حبان وقال الأرنؤوط في حاشيته على ابن حبان " إسناده صحيح على شرطهما ". (¬6) رواه مسلم.

س84: ماذا يقرأ في صلاة الوتر؟

6 - الوتر بإحدى عشرة, ولها صفتان: أ. أن يسلّم من كل ركعتين, ويوتر منها بواحد, ويدل لذلك حديث ابن عمر المتقدم {صلاة الليل مثنى مثنى ... الحديث}. ب- يصلي أربع ركعات كل ركعتين بسلام, ثم يفصل " أي يرتاح " ثم يصلي أربعاً ركعات أيضاً كل ركعتين بسلام, ثم يصلي ثلاث ركعات, وهذه دل لها حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت {ما كان رسول الله - يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة, يصلي أربع ركعات فلا تسأل عن حسنهن وجمالهن, ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وجمالهن, ثم يصلي ثلاثاً} (¬1). س84: ماذا يقرأ في صلاة الوتر؟ ج/ إذا أوتر بثلاث فإنه يقرأ في الأولى بسبح, وفي الثانية الكافرون, وفي الثالثة الإخلاص, لحديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - (كان النبي - كان يوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}) (¬2). س85: ما هو وقت صلاة الوتر؟ ج/ ما بين صلاة العشاء إلى الفجر, قال ابن المنذر في الإجماع:) وأجمعوا على أن ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وقت للوتر) (¬3). وقال ابن رشد: (اتفقوا على أن وقته بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر) (¬4). ويدل لهذا حديث عائشة رضي الله عنها {أن النبي - كان يصلي ما بين أن يفرغ من العشاء, إلى الفجر إحدى عشرة ركعة} (¬5). ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت {من كل الليل قد أوتر رسول الله - من أوله وأوسطه وآخره} (¬6). ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والطيالسي والبيهقي والبغوي. (¬3) الإجماع صـ45. (¬4) بداية المجتهد1/ 202. (¬5) رواه البخاري ومسلم. (¬6) متفق عليه.

س86: إذا طلع الفجر والإنسان لم يوتر فهل يوتر ما بين الأذان والإقامة لصلاة الفجر أم لا؟

وحديث خارجة بن حذافة - رضي الله عنه - قال خرج علينا رسول الله - فقال {إن الله أمدكم بصلاة الوتر, فصلوها فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر} (¬1). س86: إذا طلع الفجر والإنسان لم يوتر فهل يوتر ما بين الأذان والإقامة لصلاة الفجر أم لا؟ ج/ الراجح في ذلك أنه إلى طلوع الفجر, فإذا طلع الفجر والإنسان لم يوتر, وهو قول الجمهور للأدلة السابقة كحديثي عائشة رضي الله عنها وحديث خارجة بن حذافة - رضي الله عنه - , ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - قال {صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة توتر له ما صلى} (¬2) , ومن ذلك قول ابن عمر رضي الله عنهما: فإذا كان الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر فإن رسول الله - قال {أوتروا قبل الفجر (¬3)} , أما ما يروى عن بعض السلف أنه كان يوتر بين أذان الفجر وإقامته (¬4) , فإنه عمل مخالف لما تقتضيه السنة, ولا حجة في قول أحد بعد رسول الله - , وعلى هذا فالوتر ينتهي ينتهي بطلوع الفجر على القول الراجح. س87: إذا طلع الفجر والإنسان لم يوتر فكيف يصنع؟ ج/ يصلي في الضحى الوتر مشفوعاً بركعة, فإذا كان من عادة الإنسان أنه يوتر بثلاث صلى أربعاً يسلّم من كل ركعتين, وإذا كان من عادته أنه يوتر بخمس يصلي ستاً يسلّم من كل ركعتين, وهكذا ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها {أن رسول الله - إذا غلبه وجع أو نوم عن قيام الليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة} (¬5). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وإسناده صحيح. (¬2) سبق تخريجه صـ 64. (¬3) رواه الحاكم والبهقي وصححه الحاكم وأقره الذهبي. (¬4) كما ورد ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وعبادة رضي الله عنهم في الموطأ وأبي الدرداء في مصنف ابن أبي شيبة وعلي ومعاذ في مختصر قيام الليل. (¬5) رواه مسلم.

س88: إذا كان الإنسان مسافرا وجمع المغرب والعشاء جمع تقديم فهل له أن يوتر بعد ذلك حتى لو لم يدخل وقت العشاء؟

س88: إذا كان الإنسان مسافراً وجمع المغرب والعشاء جمع تقديم فهل له أن يوتر بعد ذلك حتى لو لم يدخل وقت العشاء؟ ج/ نعم له أن يوتر, لأنه أن أول وقت الوتر من صلاة العشاء, وسواء صلى العشاء في وقتها أو صلاها مجموعة إلى المغرب تقديماً, فإن وقت الوتر كما تقدم يدخل من حين يصلي الإنسان العشاء, لما يروى عن النبي - أنه قال {إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم, وصلاة الوتر ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر (¬1)} , والسنة الصحيحة تشهد له كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان رسول الله - يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء " وهي التي يدعوا الناس العتمة " إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلّم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة} (¬2) , ولأن صلاة الوتر تختم بها صلاة الليل, وإذا انتهت صلاة العشاء فقد انتهت صلاة الليل المفروضة ولم يبق إلا صلاة التطوع, وبناءً على هذا يقال للإنسان أن الوتر من بعد صلاة العشاء مباشرة ولو كانت مجموعة إلى المغرب تقديماً. س89: هل الأفضل تقديم الوتر أول الليل أم السنة تأخيره؟ ج/ الأفضل أول الليل لمن لا يثق من نفسه القيام آخره, ومن تلاعب الشيطان ببعض الناس أنه يقول له ستقوم ثم يترك الوتر وهو يعلم من نفسه عدم القيام, إما لتعب أو لعدم اعتياد ذلك, فهذا الأفضل في حقه والسنة في حقه أن يوتر قبل أن ينام, أما من وثق من نفسه القيام, وكان هذا له عادة فالأفضل تأخيره, ودليل ذلك حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أن النبي قال {من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر من أوله, ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل} (¬3). ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه صـ68, وفي إرواء الغليل: صحيح دون قوله (هي خير لكم من حمر النعم) (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه مسلم.

س90: إذا أذن المؤذن لصلاة الفجر والإنسان يصلي صلاة الوتر فهل يتم صلاته أم لا؟

س90: إذا أذن المؤذن لصلاة الفجر والإنسان يصلي صلاة الوتر فهل يتم صلاته أم لا؟ ج/ نعم إذا أذن المؤذن وهو في أثناء الوتر فإنه يتم صلاته ولا حرج عليه. س91: أين يكون محل القنوت في الوتر هل هو قبل الركوع أم بعد الركوع؟ ج/ الأفضل أن يكون القنوت بعد الركوع لأنه صح عنه - من حديث أنس - رضي الله عنه - , عن عاصم - رضي الله عنه - قال: سألت أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن القنوت فقال {قد كان القنوت, قلت قبل الركوع أو بعده؟ قال: قبله, قال فإن فلاناً أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع, فقال كذب, إنما قنت رسول الله - بعد الركوع شهراً, أراه كان بعث قوماً يقال لهم القراء زهاء سبعين رجلاً إلى قوم مشركين دون أولئك, وكان بينهم رسول الله - عهد فقنت رسول الله - شهراً يدعو عليهم} (¬1). وإن قنت قبله بعد القراءة جاز لما روى أبو داود عن أبي بن كعب {أن النبي - كان يقنت في الوتر قبل الركوع} (¬2). قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: (وأما القنوت فالناس فيه طرفان ووسط, فمنهم من لا يرى القنوت إلا قبل الركوع, ومنهم من لا يراه إلا بعد, وأما فقهاء أهل الحديث كأحمد وغيره فيجوزون كلا الأمرين لمجيء السنة الصحيحة بهما, وإن اختاروا القنوت بعده لأنه أكثر وأقيس, فإن سماع الدعاء مناسب لقول العبد: سمع الله لمن حمده, فإنه يشرع الثناء على الله قبل دعائه كما بنيت فاتحة الكتاب على ذلك أولها ثناء وآخرها دعاء) (¬3). س92: هل القنوت مشروع دائماً أم يفعل تارة ويترك تارة؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي. (¬3) مجموع الفتاوى22/ 100.

س93: هل يشرع القنوت في غير الوتر لصلاة الفريضة أم لا يشرع؟

ج/ السنة عدم المداومة على القنوت, بل يقنت المصلي أحياناً, لأن الذين وصفوا وتر النبي - وقيامة كعائشة رضي الله عنها وابن مسعود - رضي الله عنه - لم يذكروا القنوت وأحاديثهم في الصحيحين, لكن ورد القنوت من حديث أبي بن كعب - رضي الله عنه - {أن النبي - قنت في الوتر} (¬1). والإمام أحمد قال: (أنه لم يصح عن النبي - في القنوت في الوتر قبل الركوع ولا بعده شيء). لكن صح عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يقنت, والمتأمل لصلاة النبي - يرى أنه لا يقنت في الوتر, وإنما يصلي ركعة يوتر بها ما صلى, وبناءً على هذا فالأحسن ألا يداوم المصلي على قنوت الوتر, وإنما يقنت أحياناً, ويكون الغالب هو الترك. س93: هل يشرع القنوت في غير الوتر لصلاة الفريضة أم لا يشرع؟ ج/ الراجح أنه لا يقنت في غير الوتر إلا في النوازل, وقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله سؤالاً مفاده: ما حكم دعاء القنوت في الركعة الأخيرة بعد الرفع من الركوع في صلاة الفجر؟ فأجاب قائلاً: (القنوت في صلاة الفجر لا ينبغي إلا إذا كان هناك سبب, مثل أن ينزل بالمسلمين نازلة من نوازل الدهر فإنه لا بأس أن يقنت الإمام ويدعو الله برفع هذه النازلة في صلاة الفجر وغيرها, وأما بدون سبب فإنه لا يقنت, وهذا هو القول الصحيح) (¬2). والقنوت يكون في كل الصلوات, قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في الاختيارات (¬3): (فيقنت كل مصلٍ في جميع الصلوات, لكنه في الفجر والمغرب آكد). والدليل على مشروعية القنوات في الفرائض ما يلي: ¬

_ (¬1) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي وصححه الألباني في الإرواء. (¬2) مجموع الفتاوى ورسائله فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين14/ 131, جمع وإعداد فهد السليمان. (¬3) الاختيارات صـ 64.

س94: من هو الذي يشرع له القنوات في النوازل؟

أ) ما ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال (لأقربن بكم صلاة رسول الله - , فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح بعد بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده, فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار) (¬1). ب) ومن ذلك حديث البراء بن عازب {أن النبي - كان يقنت في صلاة المغرب والفجر} (¬2). ج) ومن ذلك حديث ابن عباس قال {قنت رسول الله - شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح} (¬3). س94: من هو الذي يشرع له القنوات في النوازل؟ ج/ على خلاف والراجح أنه يقنت كل مصلِ الإمام والمأموم خلف الإمام يؤمن وكذا المنفرد, وبناءً على هذا تقنت المرأة في صلاتها في حال وجود النازلة. وهذا أمر تغفل عنه كثير من النساء, والدليل أن القنوت مشروع لكل مصلٍ حديث {صلوا كما رأيتموني أصلي} (¬4) , وهذا العموم يشمل ما كان النبي - يفعله في صلاته على سبيل الاستمرار, وما يفعله في صلاته على سبيل الحوادث النازلة, فيكون القنوت عند النوازل مشروعاً لكل أحد. س95: ما هي النازلة التي يقنت فيها؟ ج/ الراجح أن يقال: أن النوازل على قسمين: 1. أن تكون بسبب الخلق من القتل والخصام ونحو ذلك, فهذه النازلة يشرع لها القنوت. ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه الحاكم على شرط البخاري. (¬4) رواه البخاري عن مالك بن حويرث رضي الله عنه.

س96: ماذا يقول المصلي في قنوته؟

2. أن تكون النازلة بغير سبب من الخلق, فهذه لا يشرع لها القنوت, وإنما يشرع لها ما جاءت به السنة, فالكسوف والخسوف بصلاة الكسوف, والجدب والقحط بصلاة الاستسقاء, وهكذا. س96: ماذا يقول المصلي في قنوته؟ ج/ يقال القنوت لا يخلو من أمرين: 1 - أن يكون القنوت في الوتر, فهذا يبدأ قنوته بقوله (اللهم إنا نستعينك ونستهديك, ونستغفرك ونتوب إليك, ونؤمن بك ونتوكل عليك, ونثني عليك الخير كله, ونشكرك ولا نكفرك, اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد, وإليك نسعى ونحفد, ونرجو رحمتك ونخشى عذابك, إن عذابك الجد بالكفار ملحق) , ويدل لذلك ما رواه عبدالرحمن بن أبزي قال: صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلاة الصبح فسمعته يقول بعد القراءة قبل الركوع (إياك نعبد, ولك نصلي ونسجد, وإليك نسعى ونحفد, ونرجو رحمتك ونخشى عذابك, إن عذابك بالكفار محلق, اللهم إنا نستعينك ونستغفرك, ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونؤمن بك, ونخضع لق, ونخلع من يكفرك) (¬1) , فالصحيح أنه يبدأ بهذا الدعاء أولاً خلافاً لمن قال أنه يبدأ بقوله: اللهم أهدنا فيمن هديت ... الخ, هكذا قال الإمام أحمد رحمه الله, لأنه ثناء على الله والثناء مقدم على الدعاء لأنه فتح باب الدعاء. ثم يقول: اللهم أهدنا فيمن هديت ... الخ, لما ورد من حديث الحسن بن علي قال {علمني النبي - كلمات أقولهن في قنوت الوتر, اللهم أهدني فيمن هديت, وعافني فيمن عافيت, وتولني فيمن توليت, وبارك لي فيما أعطيت, وقني شر ما قضيت, إنك تقضي ولا يقضى عليك, إنه لا يذل من واليت, ولا يعز من عاديت, تباركت ربنا وتعاليت} (¬2). ¬

_ (¬1) رواه البيهقي وصححه في الإرواء. (¬2) رواه أبو داود والطبراني وليس في روايتهما " تباركت ربنا وتعاليت " ورواه البيهقي وأثبتها فيه من طريق أبي الحوراء عن الحسن بن علي وفي آخره " ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت " ورواه الترمذي والنسائي وغيرهم.

س97: إذا انتهى من الدعاء في القنوت وكذا في الدعاء خارج الصلاة هل يمسح وجهه بيده أم لا؟

ويقول كذلك {اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك, وبعفوك من عقوبتك, وبك منك لا نحصي ثناءً عليك, أنت كما أثنيت على نفسك} (¬1) , {اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد} (¬2) , ولا بأس من الزيادة على ذلك, لأن المقام مقام دعاء, وكذلك لو فرض أن الإنسان لا يستطيع أن يدعو بهذا الدعاء لعدم حفظه إياه فله أن يدعو بما شاء مراعياً في ذلك آداب الدعاء. 2 - أن يكون القنوت في الوتر " أي في الفرائض " بسبب نازلة كما تقدم مشروعية ذلك عند وجود النازلة, فهذا لا يدعو بدعاء القنوت الذي علمه الرسول - الحسن, ولا يدعو بقوله {اللهم أهدنا فيمن هديت ...} , بل يقنت بدعاء مناسب للنازلة التي نزلت, فلم يرد عن النبي - أبداً لا في حديث صحيح ولا ضعيف أنه يدعو بمثل هذه الأدعية في قنوت النوازل, إنما كان يدعو بالدعاء المناسب لتلك النازلة, فمرة {دعا - لقوم من المستضعفين أن ينجيهم الله, فقام حتى قدموا (¬3)} حيث قدموا في صبيحة يوم العيد, فيكون مدة قنوته لهم خمسة عشر يوماً. {وقنت على قوم دعا عليهم على رعل وذكوان وعصيّة شهراً كاملاً} (¬4) , فقيل إنهم قدموا مسلمين تائبين فأمسك, ودعا على قوم معينين باللعنة فقال (اللهم العن فلاناً وفلاناً حتى نزل قوله تعالى {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} (¬5) (¬6) , فأمسك فصار دعاء النبي - بالقنوت دعاءً مناسباً وعلى قدر الحاجة ولم يستمر. س97: إذا انتهى من الدعاء في القنوت وكذا في الدعاء خارج الصلاة هل يمسح وجهه بيده أم لا؟ ¬

_ (¬1) رواه الخمسة من حديث علي رضي الله عنه حتى قوله " كما أثنيت على نفسك ". (¬2) لحديث الحسن السابق, ولما روى الترمذي عن عمر " الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك ". (¬3) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (¬4) كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه السابق. (¬5) (آل عمران: من الآية128) (¬6) كما في حديث أبي هريرة السابق.

ج/ الأقرب أن ذلك لا يسن, لأن الأحاديث الواردة في ذلك كحديث عمر - رضي الله عنه - ضعيفة, وحديث عمر - رضي الله عنه - هو {كان رسول الله - إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه} (¬1) , ولا يمكن أن نثبت سنة بحديث ضعيف, وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, قال شيخ الإسلام في الفتاوى (¬2): (وأما مسح وجهه بيديه فليس عندي فيه إلا حديث أو حديثان لا تقوم بهما حجة) , وقد وردت أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما تثبت {أن رسول الله - يدعو ويرفع يديه} (¬3) ولا يمسح بهما وجهه, ومثل هذه السنة التي ترد كثيراً وتتوافر الدواعي على نقلها إذا لم تكن معلومة في المؤلفات المعتبرة كالصحيحين دل ذلك على أنه لا أصل لها, وعلى هذا فالأفضل أن لا يمسح, ولكن لا تنكر على من يمسح اعتماداً على تحسين الأحاديث الواردة في ذلك, لأن هذا مما يختلف فيه الناس, ذكر ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى (¬4) , وقد سئل الإمام مالك: (عن الرجل يمسح بكفيه وجهه عند الدعاء فأنكر ذلك وقال وقال: ما علمت) (¬5) , وقال المرزوي أيضاً: (وأما أحمد بن حنبل فحدثني أبو داود وقال: سمعت أحمد وسئل عن الرجل يمسح وجهه بيديه إذا فرغ من الوتر فقال: لم أسمع فيه بشيء, ورأيت أحمد لا يفعله). النوع الثاني من صلاة التطوع: السنن الرواتب, وهو المرتبة الخامسة في الأفضلية, لأن ترتيب صلوات التطوع على الصحيح على النحو الآتي: 1 - الكسوف وسيأتي بيان أحكامه في باب صلاة الكسوف. 2 - الوتر على الصحيح, وقد تقدم بيان أحكامه. 3 - الاستسقاء وسيأتي بيان ذلك في باب الاستسقاء. ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وهو ضعيف لأن مداره على حماد بن عيسى الجهني وهو ضعيف لا يحتج به وقد ضعف الحديث العراقي والنووي وابن الجوزي وقال يحيى بن معين وأبو زرعة " حديث منكر " , وزاد أبو زرعة: أخاف أن لا يكون له أصل. (¬2) الفتاوى22/ 519. (¬3) كحديث أنس في استسقائه في خطبة الجمعة كما ورد عند البخاري ومسلم. (¬4) الممتع5/ 55,56. (¬5) كتاب الوتر للمرزوي صـ 236.

س98: ما أفضل السنن الرواتب؟

4 - التراويح وسيأتي بيان أحكامه في هذا الباب, وقد أُخرت مباحثة تبعاً لترتيب عبارة المصنف رحمه الله. 5 - السنن الرواتب. س98: ما أفضل السنن الرواتب؟ ج/هما ركعتا الفجر, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت {لم يكن النبي - على شيء من أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر (¬1)} , ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت رسول الله - ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها (¬2)} , الدنيا منذ خلقت إلى قيام الساعة بكل ما فيها من الزخارف من الذهب والفضة والمتاع والقصور وغير ذلك, الله أكبر هاتان الركعتان خير من الدنيا وما فيها, لأن هاتين الركعتين باقيتان والدنيا زائلة, ولذلك ورد في حديث عائشة رضي الله عنها {أن النبي - كان لا يدعمهما حضراً ولا سفراً} , قال ابن القيم رحمه الله: (ولذلك لم يدعهما " أي سنة الفجر" هي والوتر سفراً وحضراً, وكان في السفر يواظب على سنة الفجر والوتر أشد من جميع النوافل دون سائر السنن, ولم ينقل عنه في السفر أنه صلى سنة راتبة غيرهما) (¬3). س99: بم تختص ركعتا الفجر؟ ج/ تختص ركعتا الفجر بأمور: 1. أنه يسن تخفيفهما, فيخففهما المصلي بقدر ما يستطيع, لكن بشرط ألا يخل بالواجب, وهو رأي الجمهور لصراحة الأحاديث بالتخفيف, ومن ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله - يخفف الركعتين قبل صلاة الصبح حتى إني ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) زاد المعاد صـ 5.

لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن} (¬1) تعمي من شدة تخفيفه إياهما, والمراد من ذلك التخفيف النسبي لا النقر المنهي عنه. 2. أن يقرأ فيهما بالركعة الأولى بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} , وفي الثانية بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} , لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - {أن رسول الله - قرأ في ركعتي الفجر {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} , وفي الثانية بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}) (¬2). قال ابن القيم رحمه الله في الهدي: (وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: ... ولذلك كان النبي - يصلي سنة الفجر والوتر بسورتي الإخلاص, وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل, وتوحيد المعرفة والإرادة, وتوحيد الاعتقاد والعقيدة) أ. هـ (¬3). أو يقرأ في الركعة الأولى بـ {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ (¬4)} وفي الثانية {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء} (¬5) , ويدل لذلك حديث ابن عباس - رضي الله عنه - قال (كان رسول الله - يقرأ في ركعتي الفجر {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} , والتي في سورة آل عمران {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاء}) (¬6) 3 - الاضطجاع بعدهما, أي بعد سنة الفجر وأداء الفجر, وهل هذه سنة أم لا؟ على خلاف في ذلك, والراجح في ذلك: اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو التفصيل, وهو أن الاضطجاع سنة لمن يقوم الليل, لأنه يحتاج إلى أن يستريح, ولكن إذا كان الإنسان لو اضطجع يعلم من نفسه أنه لا يقوم إلا بعد مدة طويلة فإنه لا يسن له هذا , لأن هذا يفضي إلى ترك واجب وأما من لم يحتج إلى ذلك فإنه لا يشرع له الاضطجاع. ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) الهدي1/ 316. (¬4) (البقرة: من الآية136) (¬5) (آل عمران: من الآية64) (¬6) رواه مسلم.

س100: ما الذي يلي سنة الفجر في الأفضلية؟

أما ما ورد من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع بعدهما} (¬1) فهذا الحديث ضعيف, قال ابن القيم رحمه الله: (وسمعت ابن تيمية يقول: هذا باطل وليس بصحيح, وإنما الصحيح عنه " أي النبي - " الفعل لا الأمر بها, والأمر تفرد به عبد الواحد بن زياد وغلط فيه) أ. هـ (¬2). س100: ما الذي يلي سنة الفجر في الأفضلية؟ ج/ يليها ركعتا المغرب, ثم بقية الرواتب على السواء. س101: بم تختص ركعتا المغرب؟ ج/ تختص ركعتا المغرب بأمور: 1. ذكر بعض العلماء أن من خصائصها ألا يفصل بينهما وبين صلاة المغرب بكلام, واستدلوا على ذلك بحديث مكحول أن النبي - قال {من صلى ركعتين بعد المغرب قبل أن يتكلم رفعت صلاته بأعلى عليين} , ولكن هذا فيه نظر لضعف هذا الحديث. 2. أنها تفعل في البيوت, بدليل حديث كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن النبي قال {هذه صلاة البيوت} (¬3) , وهو ضعيف لأن فيه إسحاق بن كعب وهو مجهول, لكن يعضده حديث رافع بن خديج أن النبي - قال {اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم} (¬4) , ومما يدل على ذلك دخولها في عموم حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - عن النبي - قال {صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (¬5)}. ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم قال الترمذي " حسن صحيح غريب" وصححه ابن خزيمه وابن حبان. (¬2) زاد المعاد 1/ 319. (¬3) رواه النسائي وأبو داود وفيه إسحاق بن كعب وهو مجهول. (¬4) رواه بن ماجه. (¬5) متفق عليه.

س102: كم عدد السنن الرواتب؟

3. قراءة سورة الكافرون في الأولى والإخلاص في الثانية, لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال (ما أحصي ما سمعت من رسول اله - يقرأ في الركعتين بعد المغرب, وفي الركعتين قبل الفجر بـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} , و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}) (¬1). س102: كم عدد السنن الرواتب؟ ج/ على خلاف, والراجح أنها اثنتا عشرة ركعة وهي: أربع ركعات قبل الظهر وركعتان بعدها, وركعتان بعد المغرب, وركعتان بعد العشاء, وركعتان قبل الفجر, والخلاف في السنة التي قبل الظهر هل هي أربع ركعات أم ركعتان, والراجح أنها أربع ركعات, وعلى هذا تكون السنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة كما تقدم, بدليل حديث أم حبيبة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - يقول {من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة (¬2)} , وفي رواية زيادة {أربعاً قبل الظهر وركعتين بعدها, وركعتين بعد المغرب, وركعتين بعد العشاء, وركعتين قبل صلاة الفجر} (¬3). س103: من فاته شيء من الوتر والسنن الرواتب هل يسن له قضاؤه أم لا؟ ج/ أما الوتر فيسبق أن يقضيه في الضحى شفعاً (¬4). وكذلك بالنسبة للسنن الرواتب يقضيها إذا فاتت, لما ثبت من حديث أبي هريرة وأبي قتادة رضي الله عنهما في قصة {نوم النبي - وأصحابه في السفر عن صلاة الفجر, حيث صلى النبي - راتبة الفجر أولاً ثم الفريضة ثانياً (¬5)} , ولحديث أم سلمة {أن النبي - شغل عن الركعتين بعد صلاة الظهر وقضاهما بعد صلاة العصر (¬6)} , ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وقال حديث غريب. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه الترمذي وقال " حسن صحيح ". (¬4) تقدم في صـ 49. (¬5) رواه البخاري ومسلم. (¬6) رواه مسلم.

س104: هل تقضى السنن الرواتب في أوقات النهي أم لا؟ مثال ذلك: من فا تته سنة الظهر البعدية مثلا هل يقضيها بعد العصر أم لا؟

ولحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعدما تطلع الشمس} (¬1). ومما يجب أن يعلم أن الذي يقضي الوتر والسنن الرواتب إذا فاتت هو من تركها لعذر كالنسيان والنوم والانشغال بما هو أهم ونحو ذلك من الأعذار, أما إذا تركها عمداً حتى فات وقتها أو تساهل في أدائها في وقتها فإنه لا يقضيها, ولو قضائها لم تصح منه راتبة, وذلك لأن الرواتب عبادات مؤقتة, والعبادات المؤقتة إذا تعمد الإنسان إخراجها عن وقتها لم تقبل منه. ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد (¬2)} , والعبادات المؤقتة (¬3) إذا أخرها الإنسان عن وقتها عمداً فقد عملها عملاً ليس عليه أمر الله ولا أمر رسوله - , لأن أمر الله ورسوله أن تصليها في هذا الوقت فلا تكون مقبولة, وأيضا فكما أنها لا تصح قبل الوقت فلا تصح كذلك بعده, لعدم وجود الفرق الصحيح بين أن تفعل قبل دخول وقتها أو بعد خروج وقتها إذا كان لغير عذر. س104: هل تقضى السنن الرواتب في أوقات النهي أم لا؟ مثال ذلك: من فا تته سنة الظهر البعدية مثلاً هل يقضيها بعد العصر أم لا؟ ج/ الراجح في ذلك مذهب الجمهور وأنها لا تقضى في وقت النهي, لعموم أدلة النهي ومنها حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً {لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس (¬4)} , وغير ذلك من أدلة النهي عن الصلاة في أوقات النهي. ومن الأدلة التي تنص على ذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها سألت النبي - {انقضيها يا رسول الله إذا فاتتا؟ " أي سنة الظهر بعد العصر " فقال لا} (¬5). ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وابن خزيمه وصححه. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) سيأتي بيان وقت السنن الرواتب وتقدم بيان وقت الوتر. (¬4) متفق عليه. (¬5) رواه أحمد وجوّده الشيخ ابن باز رحمه الله كما في تعليقه على الفتح.

س105: هل الأفضل فعل النوافل في المسجد لمن كان من أهل الجماعة أم الأفضل في البيت؟

لكن يستثنى سنة الفجر فلا بأس بقضائها بعد صلاة الفجر مع أنه من أوقات النهي, لحديث قيس بن عمرو - رضي الله عنه - قال رأى رسول الله - رجلاً يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين فقال رسول الله - {صلاة الصبح ركعتان, فقال الرجل إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتهما الآن, فسكت رسول الله -} (¬1). س105: هل الأفضل فعل النوافل في المسجد لمن كان من أهل الجماعة أم الأفضل في البيت؟ ج/ السنة أن تكون التطوعات في البيت, وخاصة المتأكد من ذلك كسنة الفجر والمغرب حتى لو كان الإنسان في الحرم فالسنة له أن يتنفل في البيت, لما روى زيد بن ثابت - رضي الله عنه - أن النبي قال {صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة} (¬2) , ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - قال {اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تتخذوها قبوراً} (¬3). ولكن يستثنى من ذلك ما يلي: 1 - ما تشرع له الجماعة لمن كان من أهل الجماعة, كصلاة الفريضة. 2 - النوافل التي تشرع لها الجماعة كالكسوف والاستسقاء والتراويح. س106: هل من السنة أن يفصل بين الفرض وسنته بقيام أو كلام أم لا؟ ج/ لا يخلو الأمر من حالتين: 1. أن يكون المصلي إماماً, فالفقهاء قالوا يكره أن يتطوع في موضع المكتوبة, واستدلوا على ذلك بحديث المغيرة بن شعبة أن النبي - قال {لا يصلي الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه} (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود والترمذي وابن خزيمة وحسنه العراقي كما في نيل الأوطار3/ 25. (¬2) متفق عليه. (¬3) متفق عليه. (¬4) رواه ابن ماجه ولكن في سنده انقطاع.

س107: ما تعريف التراويح؟

وحديث أبي هريرة أن النبي - قال {أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله} (¬1) , والعلة في الكراهة من ذلك قالوا خشية ان يشوش على المأمومين, ولذلك قالوا يكره إلا لحاجة. 2. أن يكون مأموماً فهنا لا يكره أن يتطوع في موضع الفريضة, ومع ذلك قالوا الأولى أن يتنحى وأن يصلي في غير مكانه, لقول معاوية - رضي الله عنه - {أن النبي - أمرنا بذلك أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج} (¬2) قوله (نتكلم) يقوم مقام ذلك التسبيح. وكان ابن عمر - رضي الله عنه - يكره أن يتطوع في المكان الذي صلى فيه الفريضة (¬3). النوع الثالث من أنواع التطوعات: صلاة التراويح, وصلاة التراويح في المرتبة الرابعة من حيث الأفضلية على الصحيح كما تقد بيان ذلك. س107: ما تعريف التراويح؟ ج/ التراويح: جمع ترويحة, وهي في الأصل اسم للجلسة مطلقاً. اصطلاحاً: قيام الليل جماعة في ليالي رمضان. س108: لمَ سميت بذلك؟ ج/سميت بذلك لأن من عادتهم " أي الصحابة " إذا وصلوا أربع ركعات جلسوا قليلاً ليستريحوا, بناءً على حديث عائشة رضي الله عنها {أن النبي - كان يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثاً} (¬4). س109: ما حكم صلاة التراويح؟ ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه وضعفه البخاري. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه البخاري. (¬4) رواه البخاري ومسلم.

س110: كم عدد ركعات التراويح؟

ج/ حكمها سنة مؤكدة, لحديث عائشة رضي الله عنها {أن النبي - صلاها ليالي فصلوها معه, ثم تأخر وصلى في بيته باقي الشهر وقال: إني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها} (¬1) , ولأن عمر - رضي الله عنه - جمع الناس على أبي بن كعب فصلى بهم التراويح (¬2) , ولما ورد في حديث أبي ذر - رضي الله عنه - أن النبي - قال {من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة (¬3)}. س110: كم عدد ركعات التراويح؟ ج/ على خلاف, والراجح في ذلك أن يقال أن عددها إحدى عشرة ركعة, لحديث عائشة رضي الله عنها {أنها سُئلت كيف كانت صلاة النبي - في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة (¬4)} , يصليها شفعاً ثم يوتر بواحدة, والوتر كما قال ابن القيم رحمه الله: (هو الواحدة ليس الركعات التي قبله) (¬5). وإن صلاها ثلاثة عشرة ركعة فلا بأس, لقول ابن عباس رضي الله عنهما {كانت صلاة النبي - ثلاثة عشر ركعة} (¬6) يعني من الليل, وهنا يصلي شفعاً ركعتين ركعتين عشر ركعات, ثم يختم بالوتر ثلاث ركعات, وهذا الخلاف للتنوع. فبناءً على هذا يقال السنة أن يطيل القيام والقراءة والسجود ويقتصر على إحدى عشرة ركعة, وأحياناً ثلاثة عشرة ركعة, والإحدى عشرة هي الثابتة عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كما في الموطأ بإسناد من أصح الأسانيد {فإن عمر - رضي الله عنه - أمر تميماً الداري وأُبي بن كعب أن يقوما بالناس بإحدى عشرة ركعة} (¬7) , وإن زاد على ذلك ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه أبو داود وأحمد والترمذي وغيرهم وصححه الترمذي. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) زاد المعاد1/ 329. (¬6) رواه البخاري. (¬7) رواه مالك في الموطأ والبيهقي في سننه.

س111: ما هو وقت صلاة التراويح؟

فلا بأس, لأن النبي - حينما سأله الأعرابي عن صلاة الليل قال {مثنى مثنى} (¬1) والأعرابي يجهل الكيفية, وكونه يجهل كيفية الصلاة فمن باب أولى أنه كان يجهل العدد ومع ذلك لم يحدد له النبي - عدداً, وإنما قال له {مثنى مثنى}. وخاصة أنه ورد عن بعض السلف الزيادة على الإحدى عشرة والإثنا عشرة, فقد روى السائب بن يزيد قال: (كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في شهر رمضان بعشرين ركعة) (¬2) , وقد روى عبدالعزيز بن رفيع قال: (كان أبي يصلي بالناس في رمضان عشرين ركعة ويوتر بثلاث) (¬3). وعن عطاء بن أبي رباح قال: (أدركت الناس يصلون في رمضان عشرين ركعة, ويوترون بثلاث) (¬4). وفعله من السلف كما في المصادر السابقة: الأعمش وسعيد بن جبير, وأبو مجلز, وابن أبي مليكة, وأبو البختري وغيرهم, وهذا واضح في عدم التحديد, وبناءً على هذا يقال الأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة ولو زاد فلا بأس, أما أن تكون الزيادة سبباً في النزاع والشقاق, وربما الرمي بالبدعة فهذا خطأ, قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (ومما يجب أن يعلم أن الخلاف في عدد ركعات التراويح ونحوها مما يسوغ فيه الاجتهاد ولا ينبغي أن يكون مثاراً للخلاف والشقاق بين الأمة, خصوصاً أن السلف اختلفوا في ذلك, وليس في المسألة دليل يمنع جريان الاجتهاد فيها, وما أحسن ما قاله أحد أهل العلم لشخص خالفه في الاجتهاد في أمر سائغ: إنك بمخالفتك إياي قد وافقتني فكلانا يرى وجوب إتباع ما يرى أنه الحق حيث يسوغ الاجتهاد) (¬5). س111: ما هو وقت صلاة التراويح؟ ج/ الأقرب في ذلك أن وقت التراويح من فعل العشاء مطلقاً سواء صليت في وقتها أو في وقت المغرب مجموعة مع صلاة المغرب جمع تقديم إلى طلوع الفجر. أما ¬

_ (¬1) متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (¬2) أخرجه عبدالرزاق والفريابي والبيهقي والمروزي وعند عبدالرزاق بلفظ إحدى وعشرين وإسناده صحيح. (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة وهو منقطع كما في التحفة. (¬4) أخرجه المروزي وابن أبي شيبة. (¬5) مجموع الفتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين 14/ 189 جمع وإعداد فهد السليمان.

س112: ما هو وقت الاستحباب بالنسبة لصلاة التراويح؟

دليل ابتداء وقتها من العشاء, فلحديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان الناس يصلون في المسجد في رمضان بالليل ... قالت: فأمرني أن أنصب إليه حصيراً على باب حجرتي, فخرج إليه بعد أن صلى العشاء الآخرة فاجتمع إليه من المسجد فصلى بهم} (¬1) , وهذا عام سواء صليت في وقتها أو وقت المغرب. وأما الدليل على امتداد وقت التراويح في الفجر: فلحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - قال {صلاة الليل مثنى مثنى, فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة (¬2)}. س112: ما هو وقت الاستحباب بالنسبة لصلاة التراويح؟ ج/ الأقرب في ذلك أن الأفضل أن تكون في آخر الليل إذ هو وقت نزول الرب عز وجل, وقوله سبحانه وتعالى: هل من سائل؟ هل من مستغفر؟ هل من تائب؟ لكن بما أن الجماعة تشرع لصلاة التراويح فيراعى أحوال المأمومين, فإن شق آخره فُعلت أوله, أما العشر الأواخر فيستحب إحياؤها بالعبادة, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان رسول الله - إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل كله وأيقظ أهله وجد وشد المئزر} (¬3) فينبغي مد العبادة في العشر الأواخر إلى آخر الليل, أو القيام آخره. س113: إذا صلى الإنسان مع الإمام التراويح وأحب أن يكون وتره آخر الليل فهل يشفع صلاته بركعة أم لا؟ وهل هذا يعارض قول النبي - {من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليله (¬4)} أم لا؟ ج/ يقال لا بأس بذلك, فيصلي مع الإمام الوتر فإذا سلّم الإمام شفعه المأموم بركعة, ثم إذا قام المأموم في لآخر الليل للتهجد أوتر آخر الليل, فيحصل له بهذا العمل ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود وسكت عنه. (¬2) متفق عليه. (¬3) متفق عليه. (¬4) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي وصححه ابن خزيمة وابن حبان.

س114: أيهما أفضل صلاة الليل أم صلاة النهار؟

متابعة الإمام حتى ينصرف, ويحصل له أيضاً أن يجعل آخر الليل وتراً, وليس في هذا الفعل مخالفة لقول النبي - {إنما جعل الإمام ليؤتم به .. (¬1)} , لأن النبي - قال لأهل مكة عام الفتح {صلوا أربعاً فإنا قوم سفر (¬2)} مع أنه كان - يصلي ركعتين, فكانوا ينوون الأربع وهو ينوي ركعتين, فإذا سلّم من الركعتين قاموا فأكملوا, وهذا الذي دخل مع إمامه في الوتر لم ينوِ الوتر وإنما نوى الشفع, فإذا سلّم إمامه قام فأتى بالركعة, وهذا قياس واضح لا إشكال فيه. س114: أيهما أفضل صلاة الليل أم صلاة النهار؟ ج/ يقال بأن صلاة التطوع على نوعين: 1 - مقيد. ... 2 - مطلق. أما المقيد فهو أفضل في الوقت أو الحال الذي قيد به, فصلاة تحية المسجد في النهار أفضل من التطوع المطلق في الليل, لأنها مقيدة, وكذا صلاة تحية المسجد في الليل أفضل من التطوع المطلق في النهار, وهكذا. وأما المطلق فهنا صلاة الليل أفضل من صلاة النهار, لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {أفضل الصلاة بعد المكتوبة صلاة الليل (¬3)} , ولقول الله تعالى {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً (¬4)} وقوله تعالى {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (¬5)} , وقوله تعالى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً (¬6)} , ولحديث جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - يقول {إن في الليل ساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا اعطاه الله إياه} , ولحديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان النبي - يقوم حتى تتفطر قدماه} (¬7) , وعن ابن عمر - رضي الله عنه - ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (¬2) أخرجه مالك وابن أبي شيبة والطيالسي وأبو داود والطحاوي والبيهقي بنحوه. (¬3) رواه مسلم وغيره. (¬4) (الفرقان:64) (¬5) (السجدة: من الآية16) (¬7) رواه مسلم.

س115: ما هو أفضل وقت للصلاة في الليل؟

مرفوعاً {نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل} قال سالم: (فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً) (¬1) , والأدلة على فضل صلاة الليل كثيرة, ولأنها كذلك أبلغ في الإسرار وأقرب إلى الإخلاص. س115: ما هو أفضل وقت للصلاة في الليل؟ ج/ أفضله النصف الأخير, وأفضل وقت في هذا النصف أيضا هو ثلث الليل, لأن الليل ينقسم إلى ستة أسداس, النصف الأول فيه السدس الأول, والثاني, والثالث, والنصف الثاني فيه السدس الرابع, والخامس, والسادس ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت {م ألفاه السحر " أي النبي - " عندي إلا نائماً} (¬2) , ولحديث عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن النبي - قال {أفضل الصلاة, صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه} (¬3). طريقة الحساب هي: يكون الحساب من غروب الشمس إلى أذان الفجر, فلو افترضنا أن الشمس تغرب الساعة السادسة والفجر يؤذن الساعة السادسة يكون المجموع اثنا عشر ساعة, فنصف الليل يكون من الساعة الثانية عشر فما بعد, والنصف الثاني ينقسم إلى ثلاثة أقسام فالأول والثاني منه هما السدس الرابع والخامس الذي يستحب قيامه, وبناء على هذا التقدير هنا يكون القيام المستحب من الساعة الثانية عشر حتى الساعة الرابعة ثم ينام إلى أذان الفجر (¬4). س116: ما هو التهجد؟ ج/ التهجد هو ما كان بعد النوم, لقول عائشة رضي الله عنها {الناشئة القيام بعد النوم}. وقال الإمام أحمد: (الناشئة لا تكون إلا بعد رقدة, ومن لم يرقد فلا ناشئة له, وقال: هي أشد وطئاً أي: تثبيتاً تفهم ما تقرأ وتعي أذنك). ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) علماً بأن الوقت يختلف باختلاف الصيف والشتاء وباختلاف المناطق أيضاً وما ذكرناه مجرد مثال.

س117: ما هي سنن قيام الليل؟

س117: ما هي سنن قيام الليل؟ ج/ سنن قيام الليل هي: 1 - أن يشوص فاه بالسواك, لحديث حذيفة - رضي الله عنه - قال: {كان رسول الله - إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك (¬1)}. 2 - أن يقول الأذكار الواردة عند الاستيقاظ من النوم, ومن ذلك ما ثبت في حديث حذيفة - رضي الله عنه - أن رسول الله - إذا أراد أن ينام قال {باسمك اللهم أموت وأحيا, وإذا استيقظ من منامه قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور (¬2)}. ومن ذلك حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله - قال {من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير, الحمد لله, وسبحان الله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, ولا حول ولا قوة إلا بالله, ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له, فإن توضأ قبلت صلاته} (¬3) , ومن ذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - {الحمد لله الذي رد عليَّ روحي وعافاني في جسدي (¬4)}. 3 - أن يمسح النوم عن وجهه وينظر إلى السماء ويقرأ الآيات العشر من سورة آل عمران, كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال {بت عند خالتي ميمونة, وهي خالته, قال فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله - وأهله في طولها, فنام رسول الله - حتى انتصف الليل, أو قبله أو بعده بقليل, استيقظ رسول الله - فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الآيات الخواتم من سورة آل عمران, ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه, ثم قام فصلى ... الحديث} (¬5). ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه البخاري. (¬4) رواه الترمذي مرفوعاً وإسناده حسن. (¬5) رواه البخاري ومسلم.

4 - أن يغسل يديه ثلاثاً كما ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينثر, ومن استجمر فليوتر, وإذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يديه في الإناء حتى يغسلهما فإنه لا يدري أين باتت يده} (¬1). 5 - أن يستنشق الماء منخريه ثلاثاً, لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - السابق. 6 - أن يستفتح صلاته بركعتين خفيفتين, لما ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا قام أحدكم من الليل فافتتح صلاته بركعتين خفيفتين} (¬2). 7 - أن يأتي بالاستفتاحات الواردة في صلاة الليل ومنها: * ما ورد في حديث علي في صحيح مسلم أن النبي - كان إذا قام إلى الصلاة قال {وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين, إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين, اللهم أنت المالك لا إله إلا أنت, وأهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت, واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت, لبيك وسعديك والخير كله بيديك والشر ليس إليك, أنا بك وإليك تباركت وتعاليت, أستغفرك وأتوب إليك} (¬3). * ما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان " أي النبي - " إذا قام من الليل افتتح صلاته {اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل, فاطر السموات والأرض, عالم الغيب والشهادة, أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك, إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم (¬4)}. * حديث ابن عباس - رضي الله عنه - {اللهم لق الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن, ولك الحمد ملك السموات والأرض ومن فيهن, ولك الحمد أنت نور السموات والأرض, ولك الحمد أنت مَلك السموات والأرض, ولك الحمد أنت الحق, ووعدك الحق, اللهم لك أسلمت, وبك آمنت, وعليك توكلت, وإليك أنبت, وبك خاصمت, ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه مسلم.

س118: هل يجوز التطوع بركعة فيما عدا الوتر؟

وإليك حاكمت, فاغفر لي ما قدمت وما أخرت, وما أسررت وما أعلنت, وأنت المقدم وأنت المؤخر, لا إله إلا أنت (أو) * ولا إله غيرك} (¬1). * ومنها حديث حذيفة - رضي الله عنه - أنه رأى رسول الله - يصلي من الليل فكان يقول: (الله أكبر كبيراً, والحمد لله, كثيراً, وسبحان الله بكرة وأصيلاً) وفيه قال رسول الله - {عجبت لها فتحت لها أبواب السماء (¬2)}. * ومنها ما رواه عاصم بن حميد قال: سالت عائشة رضي الله عنها بأي شيء كان يفتتح رسول الله قيام الليل؟ فقالت {كان إذا كبر كبر عشراً وحمد الله عشراً, ويسبح الله عشراً, وهلل عشراً, واستغفر عشراً, وقال {اللهم اغفر لي, وأهدني وارزقني, ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة} (¬3). 8 - أن ينوي قيام الليل عند نومه, لحديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي - قال {من نام ونيته أن يقوم كتب له ما نوى وكان نومه صدقه عليه} (¬4). س118: هل يجوز التطوع بركعة فيما عدا الوتر؟ ج/ على خلاف والراجح أن التطوع بركعة غير مشروع سوى الوتر كما تقدم أن من صفات الوتر بركعة, ويدل لذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما {صلاة الليل مثنى مثنى (¬5)} , وأما زيادة {والنهار} (¬6) فهي مختلف فيها, والصحيح أنها ثابتة كما صحح ذلك البخاري رحمه الله (¬7) , وعلى هذا يكون الأقرب أن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى, وبناءً على هذا فالتطوع بركعة لا يشرع كما تقدم إلا في الوتر, فمن صفات الوتر بركعة كما تقدم بيان ذلك (¬8). ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم.* أي أن المصلي مخيّر بين اللفظين. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أحمد وأبو داود واللفظ له والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني في صفة الصلاة. (¬4) رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني والحاكم. (¬5) سبق تخريجه. (¬6) رواها الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم, قال الترمذي: أختلف أصحاب شعبة فيه فرفعه بعضهم, ووقفه بعضهم, وضعفه شيخ الإسلام في الفتاوى. (¬7) رواه عنه البيهقي في سننه. (¬8) ينظر صـ 64.

س119: هل للمصلي أن يزيد على ركعتين في النهار سردا؟

س119: هل للمصلي أن يزيد على ركعتين في النهار سرداً؟ ج/ ذكر بعض العلماء أنه لا بأس أن يتطوع بالنهار بأربع سرداً, واستدلوا على ذلك بحديث أبي أيوب - رضي الله عنه - {أن النبي - كان يصلي قبل الظهر أربعاً لا يفصل بينهن بتسليم} (¬1). لكن هذا الحديث ضعيف, لكن بعض العلماء صحح هذا الحديث, ومن صححه فلا حرج عليه أن يسرد أربعاً في النفل نهاراً, ويكون هذا الحديث مستثنى من حديث ابن عمر السابق {صلاة الليل والنهار مثني مثني}. س120: ما حكم الصلاة جالساً في النفل؟ ج/ يقال إذا صلى الإنسان جالساً في النفل فلا يخلو من أمرين: 1. أن يصلي جالساً لغير عذر فصلاته صحيحه, لكن على النصف من أجر صلاة القائم, بدليل حديث عمران بن الحصين - رضي الله عنه - أن النبي - قال {من صلى قائماً فهو أفضل ومن صلى قاعداً فله أجر نصف القائم (¬2)}. 2. أن يصلي جالساً لعذر, فهذا يكتب له الأجر كاملاً, لحديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمله صحيحاً مقيماً} (¬3). لكن هذا في حق من كان معتاداً أن يصلي النافلة في حال قدرته قائماً, أما من كان حتى في حال صحته يعتاد صلاة النفل قاعداً فإنه لا يكتب له الأجر كاملاً قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ومن كانت عادته الصلاة في جماعة والصلاة قائماً ثم ترك ذلك لمرض أو سفر فإنه يكتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم ... ,اما من لم تكن ¬

_ (¬1) رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة والطحاوي في الشرح وفي إسناده عبيده بن متعب الضبي قال أبو داود: ضعيف, وذكر أن ابن خزيمة أن إسناده لا يحتج بمثله. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه البخاري.

س121: هل يجوز صلاة النافلة مضطجعا مع قدرته على القيام أو القعود؟

عادته الصلاة في جماعة, ولا الصلاة قائماً إذا مرض أو سافر فصلى قاعداً أو وحده فهذا لا يكتب له مثل صلاة الصحيح المقيم) (¬1). فائدة: كون الإنسان يكتب له أجر عمل النوافل في سفره, أو حال مرضه مع أنه لا يؤديهما " لكن بشرط أن يكون مواظباً عليها في حال الحضر" هذه من نعم الله تعالى التي تستوجب على العاقل أن يكثر من النوافل ما دام في حال الإقامة والصحة, لأن جميع النوافل التي يعملها في حال إقامته أو في حال صحته تكتب له في حال سفره ومرضه, إنه لا يفرط في هذا إلا محرم نسأل الله ألا يحرمنا فضله. س121: هل يجوز صلاة النافلة مضطجعاً مع قدرته على القيام أو القعود؟ ج/ يقال نعم يجوز ذلك, لحديث عمران بن الحصين مرفوعاً وفيه {ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد} (¬2) , لكن أجره على النصف من أجر القاعد فيكون على الربع من أجر صلاة القائم. س122: إذا صلى جالساً في النافلة أو في الفريضة إذا كان لعذر فكيف يكون جلوسه؟ ج/ في حال القيام يكون متربعاً, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت {رأيت رسول الله - يصلي متربعاً} (¬3). والتربع: أن يجعل باطن قدمه اليمنى تحت الفخذ اليسرى وباطن اليسرى تحت اليمنى وأما في حال السجود فإنه يثني رجليه, والثني أن يرد ركبهما إلى القبلة. وأما في حال الركوع فالأقرب أنه يكون على هيئة القيام " أي يكون متربعاً " قال ابن قدامه: (وهذا أصح في النظر, قال في الشرح: لأن هيئة الراكع في رجليه هيئة القائم, فينبغي أن يكون على هيئته) (¬4). ¬

_ (¬1) الاختيارات صـ 65. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه النسائي ورجاله ثقات. (¬4) المغني 2/ 569, الشرح الكبير مع الانصاف4/ 201.

س123: في صلاة النافلة هل الأفضل كثرة الركعات أم الأفضل طول القيام ولو قلت الركعات؟

س123: في صلاة النافلة هل الأفضل كثرة الركعات أم الأفضل طول القيام ولو قلّت الركعات؟ ج/ على خلاف والراجح في ذلك أنهما سواء, فالقيام أفضل بذكره وهو القراءة, والسجود أفضل بهيئته, فهيئة السجود أفضل من هيئة القيام, وذكر القيام أفضل من ذكر السجود. س124: ما حكم صلاة الضحى؟ ج/ ألراجح أنها مسنونة مطلقاً, لحديث أبي ذر - رضي الله عنه - مرفوعاً {يصبح على كل سلامي من أحدكم صدقة, فكل تسبيحة صدقة, وكل تحميدة صدقة, وكل تهليلة صدقة, وكل تكبيرة صدقة, وأمر بمعروف صدقة, ونهي عن منكر صدقة, ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى (¬1)}. ولقول أبي هريرة - رضي الله عنه - {أوصاني خليلي رسول الله - بثلاث: صيام ثلاث أيام من كل شهر, وركعتي الضحى, وأن أوتر قبل أن أنام (¬2)} , وأوصى بها النبي - أبا الدرداء (¬3) , وأوصى بها النبي - أبا ذر (¬4). س125: كم هو أقل عدد ركعات الضحى؟ ج/ ركعتان, لحديث أبي هريرة المتقدم {أوصاني ... وفي الحديث: وركعتي الضحى} , ولحديث جابر - رضي الله عنه - قال: أن النبي - خطب فقال {إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الإمام فليصلِ ركعتين} (¬5) , ولو شُرع أقل من ركعتين لأمر به النبي - لأن المقام مقام تجوز ليستمع إلى الخطبة. س126: ما أكثر عدد ركعات سنة الضحى؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه النسائي. (¬5) رواه مسلم.

س127: ما هو وقت صلاة الضحى؟

ج/ الراجح أنه لا حد لأكثرها, بدليل حديث عائشة رضي الله عنها قالت {كان النبي - يصلي الضحى أربع ركعات ويزيد ما شاء الله} (¬1) , وظاهر ذلك عدم التحديد. س127: ما هو وقت صلاة الضحى؟ ج/ وقتها ابتداءً من خروج وقت النهي " أي من ارتفاع الشمس قدر رمح " لحديث عمرو بن عبسة - رضي الله عنه - وفيه {ثم أقصر عن الصلاة حين تطلع الشمس حتى ترتفع ... ثم صلِ فإن الصلاة حينئذ محضورة مشهودة حتى يستقل الظل بالرمح, ثم أقصر عن الصلاة فإنه حينئذ تسجر جهنم} (¬2) , وبالدقائق المعروفة يكون بداية وقت صلاة الضحى بعد مضي خمس دقائق تقريباً من طلوع الشمس. أما نهاية وقت صلاة الضحى فهو إلى قبيل الزوال, أي قبل أذان الظهر بعشر دقائق تقريباً, لأن وقت الزوال وقت نهي عن الصلاة فيه, لحديث عقبة بن عامر {ثلاث ساعات نهانا رسول الله - أن نصلي فيهن, وأن نقبر فيهن موتانا, حين تخرج الشمس بازغة حتى ترتفع, وحين يقوم قائم الظهيرة, وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب (¬3)}. س128: ما هو الوقت الأفضل بالنسبة لصلاة الضحى؟ ج/ أفضل وقت لصلاة الضحى إذا اشتد الحر لحديث زيد ابن أرقم - رضي الله عنه - أن النبي - قال {صلاة الأوابين حين ترمض الفصال (¬4)} , والفصال هي: ولد الناقة. ومعنى ترمض: أي حين تبول الفصلان على اخفافها من شدة الحر. س129: إذا فاتت سنة الضحى فهل تقضى أم لا؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه مسلم.

س130: ما حكم تحية المسجد؟

ج/ الضحى إذا فات محلها فاتت, لأن سنة الضحى مقيدة بهذا, لكن الرواتب لما كانت تابعة للمكتوبات صارت تقضى, وكذلك الوتر كما تقدم. س130: ما حكم تحية المسجد؟ ج/ على خلاف والراجح أنها سنة كما هو رأي جمهور العلماء, والأدلة التي تصرف الحكم عن الوجوب إلى السنية كثير منها: 1 - حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - قال {إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين} (¬1) , قالوا بأن النبي - لم يقل: قم يا أبا قتادة فصلِ ركعتين. 2 - أن النبي - كان يدخل يوم الجمعة ويجلس على المنبر ولا يصلي ركعتين, ولو كانت تحية المسجد واجبة لصلاها قبل أن يشرع في الخطبة. 3 - حديث أبي واقد ألليثي أن رسول الله - بينما هو جالس في المسجد والناس معه إذ أقبل ثلاث نفر, فأقبل اثنان إلى رسول الله - وذهب واحد, قال: فوقفا على رسول الله فأما أحدهما فرأى فرجة في الحلقة فجلس فيها, وأما الآخر فجلس خلفهم, وأما الثالث فأدبر ذاهباً, فلما فرغ رسول الله - قال {ألا أخبركم عن النفر الثلاثة: أما أحدهم فأوى إلى الله تعالى فأواه الله إليه, وأما الآخر فاستحيا فاستحيا الله منه, وأما الآخر فأعرض فأعرض الله عنه} (¬2) , ولم يروَ أنهم صلوا تحية المسجد. 4 - أن الإجماع منعقد على أن من عليه حدث أصغر له الدخول إلى المسجد, وله أن يجلس فيه مع أنه لن يستطيع الصلاة لعدم الطهارة ولا يأثم بذلك. س131: إذا تكرر خروج الإنسان من المسجد هل تشرع كلما خروج ورجع أم لا؟ ج/ الراجح في ذلك التفصيل, فيقال إذا خرج وفي نيته الرجوع ولم يطل الفصل فإنها لا تشرع تحية المسجد, أما إذا خرج وهو لا ينوي الرجوع ثم عاد فإنه يعيد تحية المسجد حتى ولو لم يطل الفصل, وكذلك لو خرج بنية الرجوع ولكن طال الفصل فإنه يعيد تحية المسجد مرة أخرى. ¬

_ (¬1) رواه الجماعة. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

س132: ما حكم سنة الوضوء؟

س132: ما حكم سنة الوضوء؟ ج/ حكمها سنة بدليل حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - قال لبلال {يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة, فقال: ما عملت عملاً أرجى عندي إلا إني لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل أو نهار إلا وصليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصليه} (¬1). س133: إذا توضأ إنسان في وقت النهي فهل يصلي سنة الوضوء أم لا؟ ج/ نعم يصلي سنة الوضوء, لقوله في الحديث السابق {لم أتطهر طهوراً في ساعة من ليل أو نهار} وهذا يشمل حتى وقت النهي, لأنها من ذوات الأسباب. لكن بشرط ألا يكون توضأ في وقت النهي من أجل أن يصلي, فإذا توضأ في وقت النهي من أجل أن يصلي فلا يجوز له ذلك, لكن إذا توضأ من أجل أن يقرأ القرآن ونحو ذلك فله أن يصلي سنة الوضوء. س134: ما حكم إحياء ما بين العشائين بالصلاة " أي ما بين المغرب والعشاء"؟ ج/ يستحب ذلك وهي من قبيل النفل المطلق لأنه تقدم (¬2) أن النفل المطلق أن صلاة الليل أفضل من صلاة النهار, فعلى هذا الصلاة بين العشائين أفضل من الصلاة بين الظهر والعصر, ودليل استحباب التنفل بين المغرب والعشاء حديث حذيفة - رضي الله عنه - قال {صليت مع النبي - المغرب فلما قضى صلاته قام فلم يزل يصلي حتى صلى العشاء ثم خرج (¬3)}. س135: من السنن التي لم يذكرها المصنف صلاة الاستخارة فما حكمها؟ ج/ هي مشروعة, لحديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - {كان النبي - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) ينظر صـ 81 - 82. (¬3) رواه أحمد والترمذي.

س136: ما هي الأمور التي يستخار لها؟

الفريضة ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك, وأسألك من فضلك العظيم, فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب, اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري " أو قال وعاجل أمري وآجله " فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه, وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري " أو قال في عاجل آمري وآجله " فاصرفه عني واصرفني عنه, وأقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به ويسمي حاجته} (¬1). س136: ما هي الأمور التي يستخار لها؟ ج/ الأمور التي يستخار لها هي الأمور المباحة إذا حصل للإنسان تردد في الفعل وعدمه, كشراء العقار والسيارة والسفر المباح وعقد الشركة ونحو ذلك, أما الواجب والمستحب فلا يستخار في فعله بل يستخار فيما يتعلق به, فمثلاً الحج لا يستخير الإنسان هل يحج أم لا؟ , لأن الحج خير ولا شك, ولكن يستخير في الرفقة, وزمن السفر, ووسيلة الركوب, ونحو ذلك عند التردد, وكذا الزواج فلا يستخير في الزواج بذاته لأنه خير, ولكن يستخير في عين المرأة, كذلك المرأة تستخير في عين الرجل وفي زمن النكاح ونحو ذلك. س137: إذا استخار وانشرح صدره لأحد الأمرين عقب صلاة الاستخارة فهل يقدم على ما أنشرح صدره عليه أم لا؟ وما العمل إذا بقي الإنسان متردداً؟ ج/ أجاب الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عن ذلك قائلاً: (إذا استخار الإنسان ربه بشيء وانشرح صدره له فهذا دليل على أن هذا الأمر هو الذي اختاره الله تعالى, وأما إذا بقي متردداً فإنه يعيد الاستخارة مرة ثانية وثالثة, فإنه تبين له, وإلا استشار غيره بما هو عليه, ويكون ما قدره الله هو الخير إن شاء الله تعالى) (¬2). س138: هل يستخير الإنسان في وقت النهي أم لا؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين 14/ 322 إعداد فهد السليمان.

س139: إذا كانت المرأة حائضا فكيف تستخير؟

ج/إذا كان السبب يفوت فلا بأس من الاستخارة في وقت النهي كما لو أراد الإنسان أن يشتري عقاراً وتردد واحتاج إلى الاستخارة في وقت النهي وإلا فات عليه البيع فإنه يستخير, أما إذا كان السبب لا يفوت فإنه ينتظر حتى يزول وقت النهي. س139: إذا كانت المرأة حائضاً فكيف تستخير؟ ج/ يقال إذا كان السبب لا يفوت فإنها تنتظر حتى تطهر ثم تستخير, أما إذا كان السبب يفوت فإنها تستخير بالدعاء بدون صلاة. س140: متى يكون دعاء الاستخارة هل يكون قبل السلام أم هو بعد السلام؟ ج/ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يرى أنه يكون قبل السلام, وذلك تبعاً للقاعدة عنده وهي {ما كان من قبيل الدعاء فإنه يكون داخل الصلاة وما كان من قبيل الذكر فإنه يكون خارج الصلاة} , ودعاء الاستخارة من قبيل الدعاء, وبناءً على هذا فشيخ الإسلام يرى أنه يكون قبل السلام إذا انتهى من التشهد. والأقرب: أن الأمر في ذلك واسع إن شاء الله سواء قال ذلك قبل السلام أو بعده. س141: أيضاً من السنن التي لم يذكرها المصنف صلاة التوبة فما حكمها؟ ج/ حكمها سنة بدليل حديث علي - رضي الله عنه - ان النبي - قال (ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين, ثم يستغفر الله إلا غفر له, ثم قرأ هذه الآية {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (¬1)}) (¬2). س142: ما حكم سجود التلاوة؟ ج/ الراجح أن سجود التلاوة سنة للقارئ والمستمع, والدليل على ذلك حديث زيد بن ثابت قال {قرأت على النبي - {والنجم} ولم يسجد فيها} (¬3). ¬

_ (¬1) (آل عمران:135) (¬2) رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه وحسنه الترمذي وانظر صحيح الجامع. (¬3) رواه البخاري.

س143: من الذي يسجد؟

ولقول ابن عمر: (إن الله لم يفرض علينا السجدة إلا أن نشاء) (¬1) , فهذه الأدلة تدل على أن سجود التلاوة ليس بواجب ولكنه مسنون كما تقدم, ومما يدل على سنيته للقارئ والمستمع قول ابن عمر رضي الله عنهما {كان النبي - يقرأ علينا السورة فيها السجدة فيسجد ونسجد معه, حتى ما يجد أحدنا موضعاً لجبهته} (¬2) , ولقول عثمان - رضي الله عنه - {إنما السجدة على من استمعها} (¬3) , وعن ابن عباس نحو هذا (¬4). س143: من الذي يسجد؟ ج/ هو القارئ والمستمع, والمستمع هو من قصد استماع القراءة, ولا يسجد السامع وهو الذي يسمع القراءة بدون قصد, وقد دل أثر عمر - رضي الله عنه - السابق على أن الذي يسجد هو المستمع دون السامع. س144: كم عدد آيات السجدة؟ ج/على الراجح أنها أربع عشرة سجدة, في الأعراف قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (¬5)} , وفي سورة الرعد قال تعالى {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (¬6)} , وفي سورة النحل قال تعالى {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (¬7)} , وفي الإسراء قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً (¬8)} , وفي مريم قال تعالى {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً (¬9)} , وفي الحج منها آيتان, قال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم. (¬4) رواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما. (¬5) (لأعراف:206) (¬6) (الرعد:15) (¬7) (النحل:49) (¬8) (الاسراء: من الآية107) (¬9) (مريم: من الآية58)

س145: هل سجود التلاوة صلاة يشترط له ما يشترط في الصلاة من طهارة وستر عورة ونحو ذلك أم لا؟

اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} (¬1) , وقال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬2) , والفرقان قال تعالى {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَامُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً (¬3)} , وفي النمل قال تعالى {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (¬4)} , وفي (حم السجدة) قال تعالى {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} (¬5) , وفي (ص) قال تعالى {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ (¬6)} , والنجم قال تعالى {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (¬7)} , والانشقاق قال تعالى {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (¬8)} , واقرأ باسم ربك, قال تعالى {كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (¬9)}. س145: هل سجود التلاوة صلاة يشترط له ما يشترط في الصلاة من طهارة وستر عورة ونحو ذلك أم لا؟ ج/ الراجح أن سجود التلاوة ليس بصلاة, وبناءً على ذلك لا يشترط لسجود التلاوة طهارة " أي طهارة من الحدث الأصغر " حتى أن ابن عمر رضي الله عنهما مع تشدده يسجد على غير طهارة (¬10) , ولا يشترط كذلك ستر عورة أو استقبال قبلة. ¬

_ (¬1) (الحج:18) (¬2) (الحج:77) (¬3) (الفرقان:60) (¬4) (النمل:25) (¬5) (السجدة:15) (¬6) (صّ: من الآية24) (¬7) (لنجم:62) (¬8) (الانشقاق:21) (¬9) (العلق:19) (¬10) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم ووصله ابن أبي شيبة في مصنفه بلفظ " كان ابن عمر ينزل عن راحلته فيهريق الماء ثم يركب فيقرأ السجدة ويسجد".

س146: هل يكبر إذا سجد ورفع؟

س146: هل يكبر إذا سجد ورفع؟ ج/ التكبير لسجود التلاوة وعند الرفع منه لا يخلو من أمرين: 1 - أن يكون خارج الصلاة فهذا على الراجح أنه لا يكبر, لأن سجود التلاوة على الراجح ليس بصلاة كما تقدم, وأما ما ورد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال {كان رسول الله - يقرأ علينا القرآن, فإذا مر بالسجدة كبّر وسجد وسجدنا} (¬1) فهو ضعيف. 2 - أن يكون داخل الصلاة, فهنا يشرع التكبير عند الخفض والرفع باتفاق الأئمة الأربعة, لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - قال {أنه كان يصلي فيهم فيكبر كلما خفض ورفع, ويقول: إني لأشبههم صلاة برسول الله -} (¬2). س147: هل يسلم في سجود التلاوة؟ ج/ الراجح أنه لا يسلم لأنها ليست بصلاة كما تقدم, قال شيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله: (وأما سجود التلاوة والشكر فلم ينقل عن النبي - ولا عن أصحابه أن فيه تسليماً) (¬3). س148: إذا قرأ المأموم في صلاة الظهر خلف الإمام سورة فيها سجدة فهل يسجد أم لا؟ ج/الصحيح أنه لا يسجد, فإن سجد عامداً بطلت صلاته لزيادته عمداً, ولحديث {إنما جعل الإمام ليؤتم به ... الحديث} (¬4) , ومثل ذلك لو سجد المأموم لغير قراءة إمامه متعمداً بطلت صلاته كذلك. ¬

_ (¬1) رواه ابو داود والحاكم وصححه البيهقي وضعفه ابن التركماني في الجوهر النقي (¬2) رواه البخاري. (¬3) الفتاوى21/ 277. (¬4) سبق تخريجه.

س149: إذا سجد الإمام سجود التلاوة وتخلف عنه المأموم فلم يسجد معه متعمدا فما حكم ذلك؟

س149: إذا سجد الإمام سجود التلاوة وتخلف عنه المأموم فلم يسجد معه متعمداً فما حكم ذلك؟ ج/ حكم صلاته باطلة لأنه ترك متابعة الإمام متعمداً, ومتابعة المأموم للإمام واجبه للحديث السابق {إنما جعل الإمام ليؤتم به ... الحديث}. س150: إذا لم يسجد المأموم مع الإمام سجود التلاوة ظناً منه أنه ركع: أو سجد المأموم يعتقد أن الإمام سجد للتلاوة والإمام راكع فما الحكم؟ ج/ هذه المسألة لها صورتان كما يظهر من خلال السؤال وهما: الصورة الأولى: قرأ الإمام آية سجدة والمأموم ركع يظن أن الإمام راكع, فلما قام الإمام من السجدة قائلاً (الله أكبر) تبين للمأموم أن الإمام ساجد إذ لو كان راكعاً لقال (سمع الله لمن حمده) فهذه حكمه يقوم من الركوع تبعاً لإمامه, فإمامه قام من السجود والمأموم قام من الركوع, وفي هذه الحالة لا يجب على المأموم سجود التلاوة, لأن هذا السجود ليس واجباً في الصلاة, إنما هو سجود يجب فيه متابعة الإمام, ومتابعة الإمام زالت الآن, فعلى هذا يستمر مع إمامه ولا شيء عليه. الصورة الثانية: لو قرأ الإمام آية ظن المأموم أنها آية سجدة, كما لو قرأ قوله تعالى {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ, فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ (¬1)} فركع الإمام لأنها ليست آية سجدة , وسجد المأموم يظن أنها سجدة لما رفع الإمام من الركعة قائلاً (سمع الله لمن حمده) انتبه المأموم, ففي هذه الحالة الواجب على المأموم أن يقوم ثم يركع, ثم يتابع الإمام, لأن تخلف المأموم هنا كان لعذر فسومح فيه وأمكنه متابعة الإمام فيما بقي من صلاته. س151: لو كان القارئ امرأة, أو كان القارئ أمام المستمع فهل يسجد المستمع أم لا؟ ¬

_ (¬1) (الحجر97 - 98)

س152: ما حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة في الصلاة السرية؟

ج/على القول بأن سجود التلاوة ليس بصلاة كما تقدم وهو الصحيح, فإن المرأة إذا قرأت واستمع إلى قراءتها رجل وسجدت فإنه يسجد, كذلك إذا كان القارئ خلف المستمع وسجد القارئ فإن المستمع يسجد, لأن بعض العلماء قالوا لا يسجد لو كان المستمع أمام القارئ قياساً على الصلاة, بناءً على أنه لا يصح أن يكون المأموم قدام الإمام, لكن تقدم أن سجود التلاوة ليس بصلاة على الصحيح. س152: ما حكم قراءة الإمام آية فيها سجدة في الصلاة السرية؟ ج/ على خلاف, والراجح عدم كراهة قراءة الإمام للسجدة في السرية, لأن الكراهة حكم شرعي يفتقر إلى الدليل الشرعي, وإذا كان السجود يؤدي إلى التشويش على المأموم فيقال للإمام اترك السجود ولا يلزم من ترك السنة الكراهة, وقد روى ابن عمر {أن النبي - سجد في صلاة الظهر ثم قام فركع فرأينا أنه قرأ تنزيل السجدة (¬1)} , وأما السجود فكما تقدم إن كان سيؤدي إلى التخليط على المأموم فلا يسجد الإمام, وإن كان لا يؤدي ذلك بأن كانوا محصورين يعرفون ذلك أو يرفع صوته بالسجدة فيعرف عنه ذلك سجد. س153: ما هو الذكر المشروع في سجود التلاوة؟ ج/ يقول (سبحان ربي الأعلى) لعموم قول النبي - في حديث عقبة بن عامر قال: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} (¬2) قال لنا رسول الله - اجعلوها في ركوعكم, فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (¬3)} قال: اجعلوها في سجودكم (¬4)}. ويقوا أيضاً ما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها قالت {... كان رسول الله - يقول في سجود القرآن بالليل: سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته (¬5)}. ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه ولكن في إسناده مجهولاً. (¬2) (الواقعة:74) (¬3) (الأعلى:1) (¬4) رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه. (¬5) رواه أبو داود والترمذي وصححه, والدارقطني والحاكم وصححه على شرطهما.

س154: من السجدات سجدة الشكر فما حكمها؟

ومن ذلك ما ورد في حديث ابن عباس - رضي الله عنه - مرفوعاً {اللهم اكتب لي لها أجراً, وضع عني بها وزراً, واجعلها لي عندك ذخراً, وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود (¬1)}. س154: من السجدات سجدة الشكر فما حكمها؟ ج/ حكمها مستحبة, لما روى أبوبكرة رضي الله عنه {أن النبي - كان إذا أتاه أمر يُسَرُّ به خر ساجداً} (¬2) , ولما ورد في حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال {بعث النبي - علياً إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام ... فأسلمت همدان جميعاً, فكتب علياً - رضي الله عنه - إلى رسول الله - بإسلامهم, فلما قرأ الكتاب خر ساجداً ثم رفع رأسه فقال: السلام على همدان, السلام على همدان} (¬3) , وعلي رضي الله عنه سجد حين وجد ذا الثدية في الخوارج (¬4). وكعب بن مالك - رضي الله عنه - سجد لما بُشر بتوبة الله عليه (¬5). س155: متى يكون سجود الشكر مشروعاً؟ ج/ عند تجدد النعم واندفاع النقم, سواءً كانت عامة أو خاصة, ظاهرة أو باطنة, دينية أو دنيوية, كتجدد مال أو ولد أو نصر على عدو ونحو ذلك, ولا يسجد للنعم الدائمة كنعمة البصر مثلاً, لأنها لا تنقطع, ولو شرع لاستغرق العمر كله, لكن لو فقد بصره مثلاً ثم رده الله عليه فإنه يشرع له أن يسجد, لأن هذا من تجدد النعم. س156: لو أتاه خبر يسره في أثناء الصلاة فسجد سجود الشكر فما حكم ذلك؟ ¬

_ (¬1) رواه أبو داود واستغربه, وابن ماجه والحاكم وصححه على شرطهما والبيهقي. (¬2) رواه أبو داود وغيره وصححه الحاكم. (¬3) رواه البيهقي وصححه الحاكم. (¬4) رواه أحمد وحسنه الألباني في الارواء. (¬5) متفق عليه.

س157: ما صفة سجود الشكر وماذا يقول فيه؟

ج/ إذا فعل ذلك متعمداً عالماً بطلت صلاته, أما إذا فعل ذلك ناسياً أو جاهلاً فحكم صلاته صحيحه ويسجد للسهو بعد السلام, لأن هذا زيادة في الصلاة وتقدم في أحكام سجود السهو إذا كان السهو عن زيادة فإن سجود السهو يكون بعد السلام. س157: ما صفة سجود الشكر وماذا يقول فيه؟ ج/ صفة سجود الشكر وأحكامه كسجود التلاوة. والله تعالي أعلى وأعلم تمت بحمد الله تعالى وتوفيقه ويليها الجزء الثالث وأوله: فصل في أوقات النهي

{فصل في أوقات النهي}

{فصل في أوقات النهي} س1: ما المقصود بأوقات النهي؟ ج/ هي الأوقات التي نهى الشارع عن الصلاة فيها " أي التطوع فيها " مع أن الأصل أن صلاة التطوع مشروعة دائماً لعموم قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (¬1)}. ولما ورد في حديث ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه - في قصة الرجل الذي قضى للنبي - حاجة فقال له النبي - {سل! فقال: أسالك مرافقتك في الجنة, فقال النبي - أو غير ذلك؟ قال: هو ذاك " يعني لا أسالك غيره " قال فأعني على نفسك بكثرة السجود} (¬2). س2: كم عدد أوقات النهي؟ وما هي؟ ج/ عدد أوقات النهي خمس بالبسط, وثلاث بلإجمال وهي: أما بالبسط فهي كما يلي: 1 - من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي - قال {إذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتي الفجر} (¬3). 2 - من طلوعها حتى ترتفع قيد رمح " أي قدر رمح " أي قدر متر تقريباً وهذا في رأي العين ويقدر بالنسبة للساعات باثنتي عشرة دقيقة إلى عشر دقائق والاحتياط أن يزيد الإنسان إلى ربع ساعة ودليل ذلك أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - {لا ¬

_ (¬1) (الحج:77) (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أحمد وأبو داوود والترمذي وغيرهم والحديث استغربه الترمذي وحكم ابن حزم بأن رواياته ساقطة مطرحة وبالغ في الطعن فيه وقد ناقشه المحقق أحمد شاكر في تعليقه على المحلى وبين ثقة رواته وماله من طرق ومتابعات وذكر الزيلعي في نصب الراية 2/ 256 طرقاً أخرى للحديث ثم قال (كل هذا يعكر من قول الترمذي في قوله لا نعرفه إلا من حديث قدامة وفي الإرواء 2/ 232 صحيح).

س3: ما الحكمة من النهي عن الصلاة في هذه الأوقات؟

صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس} وأخرجه البخاري بلفظ {لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس (¬1)}. 3 - عند قيام الشمس حتى تزول " عند قيامها " أي الشمس " وقيامها " أي منتهى ارتفاعها في الأفق, لأن الشمس ترتفع في الأفق حينها لا يبقى للقائم في الظهيرة ظل في المشرق ولا في المغرب فإذا انتهت بدأت بالانخفاض. ودليل ذلك حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال {ثلاث ساعات نهانا رسول الله - أن نصلي فيهن, وأن نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع, وحين يقوم قائم الظهيرة, وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب} (¬2). 4 - من صلاة العصر إلى غروبها لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - {أن النبي - نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس}. 5 - إذا شرعت الشمس في الغروب حتى يتم لما ورد في حديث عقبة السابق وفيه {وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب} (¬3). هذه خمسة أوقات بالبسط, أما بالاختصار فهي ثلاثة: 1. من طلوع الفجر الثاني إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح. 2 - حين يقوم قائم الظهيرة. 3 - من صلاة العصر حتى يتم غروب الشمس. س3: ما الحكمة من النهي عن الصلاة في هذه الأوقات؟ ج/ أما بالنسبة للنهي عن الصلاة من طلوع الشمس إلى أن ترتفع قيد رمح, وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب فلأن في الصلاة في هذين الوقتين مشابهة للمشركين, لأنهم يسجدون للشمس عند طلوعها وعند غروبها. ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه مسلم.

س4: ما الذي يحرم من الصلوات في أوقات النهي؟

لكن كيف ينطبق على ما كان من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس, ومن بعد صلاة العصر إلى تضيف الشمس للغروب, وكيف ينطبق على النهي في نصف النهار حين يقوم قائم الظهيرة؟ يقال: لما كان الشرك أمره خطير وشره مستطير سد الشارع كل طريق يوصل إليه ولو من بعيد, فلو أذن للإنسان أن يصلي بعد صلاة الصبح لاستمرت به الحال إلى أن تطلع الشمس, ولا سيما من عندهم رغبة في الخير, ولذلك لو أُذن له في أن يصلي بعد صلاة العصر لاستمرت به الحال إلى أن تغيب الشمس, أما عند قيامها فقد علله النبي - {بأن جهنم تسجّر} أي: هذا الوقت يزاد في وقودها فناسب أن يبتعد الناس عن الصلاة في هذا الوقت لأنه تسجر فيه النار فهذه حكمته. س4: ما الذي يحرم من الصلوات في أوقات النهي؟ ج/ الذي يحرم هو صلاة التطوع المطلق لعموم النهي. س5: إذا شرع في صلاة تطوع في وقت النهي فهل تنعقد الصلاة أم لا؟ ج/ الراجح أن صلاته لا تنعقد, وهو مذهب الشافعية, وهو المصحح عند الحنابلة, والأدلة على ذلك ما تقدم ذكره من عمومات النهي عن التطوع في هذه الأوقات (¬1) , فقد دلت هذه العمومات على عدم انعقاد التطوع في أوقات النهي لأنه نهي عن نفس العبادة, والنهي إذا رجع إلى نفس العبادة أو لازمها اقتضى الفساد فلا ينعقد. س6: من شرع في صلاة التطوع ثم دخل عليه وقت النهي وهو يصلي هل يقطعها أم لا؟ ج/ الراجح " والله أعلم " أنه إذا صلى ركعة قبل دخول وقت النهي فإنه يضيف إليها أخرى خفيفة, لأن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة لحديث أبي هريرة ¬

_ (¬1) رواه مسلم من حديث عمرو بن عبسة - رضي الله عنه -.

س7: ما هي الصلوات التي تستثنى ويجوز فعلها حتى في أوقات النهي؟

- رضي الله عنه - أن النبي - قال {من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬1)} وأن لم يصل ركعة كاملة قطعها وبهذا تجتمع أدلة المسألة (¬2). س7: ما هي الصلوات التي تستثنى ويجوز فعلها حتى في أوقات النهي؟ ج/ يستثنى ما يلي: 1) سنة الفجر بعد طلوع الفجر الثاني وقبل صلاة الفجر لما ورد من حديث حفصة رضي الله عنها قالت {كان رسول الله - يصلي ركعتين خفيفتين بعد طلوع الفجر}. 2) ركعتي الطواف بدليل حديث جبير بن مطعم - رضي الله عنه - أن النبي - قال {يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى فيه أي ساعة شاء من ليل أو نهار (¬3)} فالحديث صريح بأنه لا يجوز لهم أن يمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة كانت من ليل أو نهار. ولكن هذا الحديث نوزع من جهتين: أ. أن ظاهره أنه لا بأس بالصلاة ولا بأس بالطواف في كل وقت وأنتم تخصون الصلاة بركعتي الطواف. ب. أن الحديث موجه إلى ولاة الأمر في المسجد الحرام أنه لا يحل لهم أن يمنعوا أحداً من الصلاة فيه فيجاب عن هذا ويقال: إذا لم يُسلّم الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية ركعتي الطواف في وقت النهي فان ركعتي الطواف مشروعة في وقت النهي لأنها من ذوات الأسباب, وذوات الأسباب يجوز فعلها في وقت النهي كما سيأتي بيانه إن شاء الله (¬4). 3) سنة الظهر البعدية إذا جمع الظهر مع العصر سواء كان ذلك جمع تقديم لأن وقت النهي يدخل إذا صلى العصر حتى ولو قدمها مع الظهر أو كان ذلك جمع تأخير والأمر هنا ظاهر, والجمع هنا إذا كان لسبب كالمرض مثلاً لأن الجمع بسبب ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) أدلة المسألة المقصود بها عموم أدلة النهي عن الصلاة في الأوقات المنهي عنها وقد تقدم ذكرها. وكذلك أدلة القائلين بعدم جواز ابطال العبادة بعد الشروع فيها لقوله تعالى) وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) (محمد: من الآية33) (¬3) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم والحديث صححه الترمذي والحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.

السفر لا تشرع معه السنن الرواتب. وبناء على هذا فإنه يصلي سنة الظهر البعدية بعد صلاة العصر التي جمعها مع الظهر. سواء كان ذلك جمع تقديم أو جمع تأخير كما تقدم. 4) إعادة الجماعة إذا أقيمت وهو في المسجد. والمصنف رحمه الله قيدها فيما إذا أقيمت وهو في المسجد. والراجح: أنه له أن يصليها في وقت النهي سواء أقيمت وهو في المسجد أو كان قدم من خارج المسجد ووجد الصلاة مقامة. مثال ذلك: لو صلى إنسان صلاة العصر هنا يكون دخل وقت النهي في حقه ثم قدم إلى مسجد آخر فأقيمت الصلاة وهو في المسجد, أو أقيمت وهو ليس في المسجد على الراجح, كما تقدم أنه يشرع له إعادة الصلاة معهم مع أنه قد دخل في حقه وقت النهي بأدائه لصلاة العصر والدليل على ذلك ما رواه يزيد بن الأسود قال {صليت مع النبي - صلاة الفجر فلما قضى صلاته إذا هو برجلين لم يصليا معه فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله قد صلينا في رحالنا, قال: لا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة (¬1)}. 5) قضاء الفرائض فيجوز قضاء الفرائض في أوقات النهي لعموم قول النبي - كما في حديث أنس - رضي الله عنه - {من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها (¬2)}. 6) فعل الصلاة المنذورة فالمصنف رحمه الله يرى أنه يصلي الصلاة المنذورة في وقت النهي حتى ولو نذر أن يصلي في وقت النهي. لأن الصلاة المنذورة هنا على قسمين: أ. نذر أن يصلي ركعتين مطلقاً ولم يقيدهما في وقت النهي. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم والحديث صححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والذهبي وابن السكن. كما في التلخيص الجبير2/ 29, وحسنه النووي في تهذيب الأسماء واللغات 2/ 161. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

ب. نذر أن يصلي ركعتين في وقت النهي كما لو نذر أن يصلي ركعتين بعد العصر. فالمصنف رحمه الله تعالى يرى أنه يصليها في وقت النهي في كلتا الحالتين. والراجح: أما بالنسبة للقسم الأول فلا يفعلهما في وقت النهي وهو رواية للإمام أحمد وهو قول أبي حنيفة لعموم أدلة النهي. أما القسم الثاني لو نذر أن يصلي ركعتين في وقت النهي فهذا نذر معصية والراجح أن نذر المعصية لا يجوز الوفاء به. وبناء على هذا يقال يصليهما في غير وقت النهي ويكفر كفارة يمين لتخلف الوصف وهو إيقاعهما في غير الوقت الذي نذرهما فيه ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال {لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين (¬1)}. أيضاً من الصلوات التي يجوز فعلها في وقت النهي ولم يذكرها المصنف ما يلي: 7) صلاة الجنازة, فالراجح أنه يجوز الصلاة عليها في أوقات النهي خلافاً لمن قال بجواز الصلاة عليها بعد الصبح وبعد العصر دون باقي أوقات النهي الثلاثة للأدلة الآتية: أ. الإجماع فلا خلاف بين الفقهاء في أنه يصلي على الجنازة بعد صلاة العصر والصبح (¬2). ب. ما ورد أن ابن عمر كان يصلي على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح. ج. ما ورد أن أبا هريرة {صلى على جنائزة والشمس على أطراف الحيطان} (¬3). د. أنها صلاة تباح بعد العصر والصبح, فأبيحت في سائر الأوقات كالفرائض (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه. (¬2) المغني 2/ 110, مجموع الفتاوى23/ 217. (¬3) سنن البيهقي. (¬4) المغني2/ 110.

قال في الشرح الكبير مع الإنصاف: تجوز صلاة الجنائز بعد الصبح حتى تطلع الشمس, وبعد العصر حتى تميل الشمس للغروب بغير خلاف, قال ابن المنذر: (إجماع المسلمين في الصلاة على الجنازة بعد العصر والصبح) (¬1). وقال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى: (ومنها قد ثبت جواز بعض ذوات الأسباب بالنص كالركعة الثانية من الفجر ... والإجماع كالعصر عند الغروب, وكالجنازة بعد العصر) (¬2). 8) ذوات الأسباب, وضابط ذوات الأسباب هو: كل ما علق وجوده على سبب مطلقاً ويفوت بتأخيره عن سببه, وبه قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى (¬3). أمثلة على ذلك: تحية المسجد سببها دخول المسجد, وهي تفوت بتأخيرها عن سببها. ومن أمثلة ذلك أيضا: الاستخارة سببها التردد في الأمر المباح فإن كان الأمر يفوت فإنه لا بأس من أدائها في وقت النهي وإن كان لا يفوت, بمعنى أن الأمر الذي يراد الاستخارة له ليس أمراً مستعجلاً فإنها لا تصلى حتى تفوت وقت النهي ومثل ذلك صلاة الكسوف, وسنة الوضوء ونحو ذلك من ذوات الأسباب. والراجح أن ذوات الأسباب تصلى في أوقات النهي وأدلة ذلك كثيرة منها: أ- حديث أبي قتادة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (¬4)} وهذا عام في جميع الأوقات. ب- حديث عائشة رضي الله عنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله - ... وفيه ثم قال {إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت ولا لحيلته ¬

_ (¬1) الشرح الكبير مع الإنصاف 4/ 247. (¬2) مجموع الفتاوى 23/ 211. (¬3) مجموع الفتاوى 23/ 211, الإنصاف2/ 209. (¬4) رواه البخاري ومسلم.

س8: هل تقضى السنن الرواتب في أوقات النهي أم لا؟

فإذا رأيتموها فافزعوا إلى الصلاة (¬1)} دل هذا الحديث على جواز فعل صلاة الكسوف في أوقات النهي لقوله {فافزعوا إلى الصلاة} إذ هو عام في جميع الأوقات ج- ما رواه جبير بن مطعم أن النبي - قال {يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار} (¬2). س8: هل تقضى السنن الرواتب في أوقات النهي أم لا؟ ج/ الراجح أنها لا تقضى في أوقات النهي, وهو قول الجمهور, وأدلة ذلك ما يلي: أ. ما تقدم ذكره من عمومات أدلة النهي عن الصلاة في هذه الأوقات. ب. حديث أم سلمه رضي الله عنها أنها سألت النبي - أنقضيها يا رسول الله إذا فاتتا " أي سنة الظهر البعدية بعد العصر " فقال: لا (¬3). أما ما ورد من صلاة النبي - ركعتين بعد العصر ومن ذلك ما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها قالت {ما ترك رسول الله - ركعتين بعد العصر عندي قط} (¬4) لكن نوقش هذا بأن صلاة ركعتين بعد العصر من خصوصياته عليه الصلاة والسلام لحديث أم سلمه السابق {.. افنقضيهما ..} ولحديث عائشة {كان يصلي بعد العصر ونهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال} (¬5) ولحديث أم سلمه {لم أراه يصليهما قبل ولا بعد} (¬6). س9: ما هو المعتبر في وقت النهي بعد العصر؟ ج/ المعتبر هو الفراغ من صلاة العصر. وليس بمشروعه فيها, فلو شرع في صلاة العصر ثم قبلها نفلاً لسبب من الأسباب لم يمنع من التطوع لأنه لم يدخل في حقه وقت النهي, لأنه تقدم أن المعتبر الفراغ من صلاة العصر, وسواء صليت في زمنها أم في وقت الظهر مجموعة معها. ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) سبق تخريجه ص 7. (¬3) رواه أحمد , وقال الشيخ عبدالعزيز رحمه الله في تعليقه على فتح الباري 2/ 65 إسناده جيد. (¬4) رواه مسلم. (¬5) رواه أبو داود وقال في التلخيص 1/ 192 وينظر في عنعة ابن اسحاق. (¬6) رواه أحمد والنسائي وصححه أحمد شاكر في حاشيته على الترمذي 1/ 350.

*

ودليل ذلك ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - {نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس} (¬1). س10: ما حكم قراءة القرآن في الطريق؟ ج/ تباح قراءة القرآن في الطريق, لقول إبراهيم التيمي: (كنت اقرأ على أبي موسى وهو يمشي في الطريق, فإذا قرأت سجدة قلت له: أسجد في الطريق؟ قال: نعم). س11: ما حكم قراءة القرآن مع الحدث الأصغر؟ ج/ لا بأس بقراءة القرآن مع الحدث الأصغر, بدليل حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال {كان رسول الله - يقضي حاجته, ثم يخرج فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم, ولا يحجبه " وربما قال لا يحجزه " من القرآن شيء ليس الجنابة} (¬2) وعند الترمذي {كان رسول الله - يقرئنا القرآن ما لم يكن جنباً} ولقول علي - رضي الله عنه - {اقرؤوا القرآن ما لم تصب أحدكم جنابة, فإن أصابته جنابة فلا ولو حرفاً واحداً} (¬3). س12: ما حكم قراءة القرآن مع نجاسة الثوب أو البدن أو الفم؟ ج/ لا بأس بذلك لحديث علي - رضي الله عنه - قال {كان النبي - يقضي حاجته, ثم يخرج فيقرأ القرآن, ويأكل معنا اللحم, ولا يحجبه, وربما قال لا يحجزه من القرآن شيء ليس الجنابة} (¬4) , مع أن الأولى للإنسان أن يكون طاهر الثوب والبدن, طيب رائحة الفم حال القراءة. {باب صلاة الجماعة} ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه الخمسة وصححه الترمذي والدارقطني والحاكم وصححه ابن ماجه وحسنه. (¬3) رواه عبد الرزاق والدارقطني وصححه والبيهقي. (¬4) رواه الخمسة.

س13: لم شرعت صلاة الجماعة؟

أي باب أحكام صلاة الجماعة, ومن الأولى بالإمامة, وما يبيح تركها من الأعذار. وسميت جماعة: لاجتماع المصلين في الفعل مكاناً وزماناً. واجتماعات المسلمين منها: ما هو في اليوم والليلة كالصلوات المكتوبات. ومنها: ما هو في الأسبوع كالجمعة. ومنها: ما هو في العام متكرراً كالعيدين. ومنها: ما هو عام في السنة وهو الوقوف بعرفة. س13: لم شرعت صلاة الجماعة؟ ج/ شرعت لأجل التواصل والتوادد وعدم التقاطع. س14: ما هي فؤائد صلاة الجماعة؟ ج/ فؤائد صلاة الجماعة كثيرة منها: مضاعفة الأجر, وزيادة العمل عند مشاهدة أولي الجد, وتعلم الجاهل, ومساعدة العاجز, وعيادة المريض, ورعاية ذوي الغائب, وتشييع الموتى, وتقوية أواصر الأخوة, وإظهار عز الإسلام, والتمرين على الطاعة, والإنكار على المتكاسل, وغير ذلك (¬1). وصلاة الجماعة مشروعة بإجماع المسلمين, وهي من أفضل العبادات وأجل الطاعات, ولم يخالف فيها إلا الرافضة الذين قالوا: أنه لا جماعة إلا خلف إمام معصوم ولهذا لا يصلون جمعة ولا جماعة (¬2). قال شيخ الإسلام رحمه الله: (إنهم هجروا المساجد وعمروا المشاهد (¬3) " أي القبور ") فهم لا يرون الجماعة, وإلا فإن المسلمين جميعاُ اتفقوا على مشروعيتها ولم يقل أحد بأنها غير مشروعة, ولا بأنها جائزة, ولا بأنها مكروهة. لكن اختلفوا في فرضيتها. هل ¬

_ (¬1) انظر من حكم الشريعة وأسرارها ص67,68. (¬2) وما يفعلونه من صلاة جماعة في الحرمين إنما هو من باب التقية. (¬3) اقتضاء الصراط المستقيم ص 391.

س15: ما حكم صلاة الجماعة؟

هي فرض عين أو فرض كفاية أو سنة مؤكدة؟ وهل هي شرط لصحة الصلاة عند من قال أنها فرض عين؟. س15: ما حكم صلاة الجماعة؟ ج/ الراجح أنها فرض عين, أما على من تجب؟ فسيأتي بيان هذا (¬1). والأدلة على أن صلاة الجماعة فرض عين كثيرة منها: 1 - قوله تعالى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ (¬2)} وجه الدلالة من هذه الآية ما يلي: أ) أن الله عز وجل أمر بها ولم يرخص لهم حال الخوف فلو كانت سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها حال الخوف, ولو كانت فرض كفاية لسقط الوجوب بفعل الطائفة الأولى. ب) أنه اغتفرت في صلاة الخوف أفعال كثيرة لأجل الجماعة. 2 - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {أثل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر, ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام, ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار} (¬3). وجه الدلالة من الحديث: أن النبي - هدد تارك الجماعة بالتحريق إذ لو كانت سنة لما هدد على تركها بالتحريق, ولو كانت فرض كفاية لسقط أداء الفرض برسول الله - ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم. 3 - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال {أتى النبي - رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد, فسأل رسول الله - أن يرخص له فيصلي في بيته ¬

_ (¬1) ينظر ص10 (¬2) (النساء: من الآية102) (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س16: على من تجب صلاة الجماعة؟

فرخص له, فلما ولى دعاه فقال: هل تسمع النداء إلى الصلاة؟ فقال: نعم, قال: أجب} (¬1). 4 - حديث علي بن شيبان - رضي الله عنه - أن النبي - قال {لا صلاة للذي خلف الصف (¬2)} قال ابن القيم رحمه الله: فكيف بمن كان فرداً في الجماعة والصف؟. 5 - حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال {من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليصل هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهت, فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى, وإن هذه الصلوات الخمس في المساجد التي ينادى بهت من سنن الهدى وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما صلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم, ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق, ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف} (¬3) , إلى غير ذلك من الأدلة التي تدل على وجوب صلاة الجماعة. س16: على مَن تجب صلاة الجماعة؟ ج/ تجب على ما يلي: 1.على الرجال ويخرج من ذلك النساء والخناثي وسيأتي حكم جماعة النساء إن شاء الله (¬4). 2. الأحرار, خرج من ذلك العبيد وهذا على قول الحنابلة, وعند الإمام أحمد تجب على العبيد (¬5) وهذا هو الراجح, قال السعدي رحمه الله: (الصواب أن الجمعة والجماعة تجب حتى على العبيد الأرقاء, لأن النصوص عامة في دخولهم, ولا دليل ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة والطحاوي وحسنه الإمام أحمد كما في التلخيص 2/ 37, وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/ 122 رجاله ثقات وصححه أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي 1/ 446. (¬3) رواه مسلم وغيره. (¬4) ينظر ص17 (¬5) الإنصاف مع الشرح 4/ 267.

س17: تقدم وجوب الجماعة في الحضر فهل تجب في السفر؟

يدل على إخراج العبيد ... والأصل أن المملوك حكمه حكم الحر في جميع العبادات البدنية المحضة التي لا تعلق لها بالمال) (¬1). 3. القادرين, ويخرج من ذلك ذوي الأعذار وسيأتي إن شاء الله ما يسقط الجماعة من الأعذار (¬2). س17: تقدم وجوب الجماعة في الحضر فهل تجب في السفر؟ ج/ تجب صلاة الجماعة في السفر بدليل قوله تعالى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ (¬3)} فالله تعالى أمر نبيه - إذا كان فيهم في الجهاد أن يقيم لهم الصلاة جماعة, ومن المعلوم أن رسول الله - لم يقاتل إلا في سفر فعليه تجب الجماعة في السفر كما تجب في الحضر. وهي واجبة في السفر حتى مع شدة الخوف للآية السابقة وهي نزلت في صلاة الخوف, والغالب كون الخوف في السفر. س18: تقدم أن الصلاة جماعة واجبة ولكن ما نوع الصلاة التي تجب لها الجماعة؟ ج/ تجب الجماعة للصلاة المؤداة والمقضية. المؤداة: ما فعلت في وقتها ووجوب الجماعة في المؤداة ظاهر وقد تقدم بيان أدلة ذلك (¬4). والمقضية: هي ما فعلت بعد وقتها, فلو أن جماعة في سفر مثلاً ناموا ولم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس, فالصلاة في حقهم قضاء لأنها بعد الوقت. فهنا تجب عليهم الصلاة بدليل حديث أب قتادة - رضي الله عنه - لما نام النبي - عن صلاة الفجر هو وأصحابه ¬

_ (¬1) المختارات الجلية ص 69. (¬2) ينظر من ص (¬3) (النساء: من الآية102) (¬4) ينظر صفحة 13,14.

س19: ما أقل الجماعة؟

وكانوا في سفر أمر بلالاً فأذن ثم صلى سنة الفجر, ثم صلى الفجر كما يصليها عادة جماعة وجهر بالقراءة (¬1). س19: ما أقل الجماعة؟ ج/ أقل الجماعة اثنان. قال في الشرح الكبير مع الإنصاف (¬2): (بغير خلاف علمناه لأن الجماعة مأخوذة من الاجتماع, والاثنين أقل ما يتحقق به الجمع, ويدل لهذا حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - {أن النبي - رأى رجلاً يصلي وحده فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه} (¬3). س20: هل تنعقد الجماعة بالأنثى أم لا؟ ج/ نعم تنعقد الجماعة بالأنثى, فلو أن رجلاً فاتته الصلاة وأمّ زوجته فإن الجماعة تنعقد بذلك ويكون موقف المرأة خلف الإمام, سواء كانت واحدة أو أكثر, ويدل لهذا حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه {... فقام رسول الله - واليتيم معي والعجوز من ورائنا, فصلى بنا ركعتين} (¬4). س21: هل تصح مصافة الصبي المميز أم لا؟ ج/ الراجح هو قول جمهور أهل العلم أنه تصح مصافة الصبي المميز في الفرض والنفل ويدل لذلك حديث أنس وفيه {فقام رسول الله - واليتيم معي والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين} (¬5) , وهذا وإن كان في النفل لكن ما ثبت في الفرض ثبت في النفل إلا بمخصص. ومما يدل لذلك أيضاً حديث عمرو بن سلمه أن النبي - قال ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) 4/ 271. (¬3) رواه أبو داود والترمذي وحسنه ابن خزيمة وصححه وابن حبان والحاكم وكذا صلى عليه الصلاة والسلام بابن عباس كما في الصحيحين, وصلى بابن مسعود أيضاً كما في الصحيحين, وصلى بحذيفة كما في صحيح مسلم, وقال المالك بن الحويرث (وليؤمكم أكبركما) رواه البخاري. (¬4) متفق عليه. (¬5) متفق عليه.

س22: تقدم أن صلاة الجماعة واجبة ولكن هل هي واجبة في المسجد أم تصح في غيره كما لو صلى جماعة في البيت ونحو ذلك؟

لأبيه {وليؤمكم أكثركم قرآناً فنظروا فلم يكن أحد أكثر مني قرآناً فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين} (¬1) فإذا صحت إمامة الصبي فمصافته من باب أولى. س22: تقدم أن صلاة الجماعة واجبة ولكن هل هي واجبة في المسجد أم تصح في غيره كما لو صلى جماعة في البيت ونحو ذلك؟ ج/ الراجح أنها واجبة في المسجد ويدل لذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً {من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر} (¬2). قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة وفترك حضور المسجد لغير عذر كترك حضور أصل الجماعة لغير عذر وبهذا تتفق جميع الأحاديث والآثار ولما مات رسول الله - وثبت أهل مكة على الإسلام فخطبهم بعد ذلك عتاب بن أسيد وقال: يا أهل مكة والله لا يبلغني أن أحداً منكم تخلف عن الصلاة جماعة في المسجد في الجماعة إلا ضربت عنقه, وشكر أصحاب رسول الله - هذا الصنيع وزاده رفعة في أعينهم, فالذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر) (¬3). وقال السعدي في المختارات الجلية: (والصواب وجوب فعلها في المسجد لأن المسجد هو شعارها ولأنه - هم بتحريق المتخلفين ولم يستفصل هل كانوا يصلون في بيوتهم جماعة أم لا؟ (¬4). س23: ما حكم صلاة الجماعة بالنسبة للنساء؟ ج/ مثال ذلك لو اجتمع نسوة وأردن إقامة الصلاة جماعة فهل يشرع لهن ذلك أم لا؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه على شرطهما وصححه الحافظ في التلخيص. (¬3) كتاب الصلاة ص 595. (¬4) المختارات الجلية ص 52.

س24: ما حكم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب؟

في المسألة خلاف والراجح أنه سنة وهو مذهب الشافعي وأحمد لأن النبي - {أمر أم ورقة أن تؤم أهل دارها} (¬1) , ولفعل عائشة وأم سلمه رضي الله عنهما (¬2). س24: ما حكم أن يؤم في مسجد قبل إمامه الراتب؟ ج/ الإمام الراتب هو الثابت الدائم وهو من اتفق عليه جماعة المسجد, أو عُين من قبل ولي الأمر. فهنا يحرم التقدم عليه لحديث أبي مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - قال {لا يؤمن الرجل في بيته إلا بإذنه} (¬3) , ولأنه يؤدي إلى التنفير عنه ويستثنى من ذلك أمرين هما: أ. إذا أذن بذلك سواء كان الأذن خاصاً أو عاماً. فالأذن الخاص كأن يقول يا فلان صل بالناس, والعام كأن يقول للجماعة إذا تأخرت عن موعد الإقامة المعتاد كذا وكذا فصلوا. ب. إذا كان الإمام معذوراً كما لو علمنا أن إمام المسجد أصابه مرض أو مسافر فهنا الجماعة لهم أن يقدموا شخصاً وان لم يأذن بذلك. لكن إن تأخر وضاق الوقت صلوا لفعل الصديق - رضي الله عنه - وعبد الرحمن بن عوف حين غاب النبي - صليا فقال النبي - {أحسنتم} (¬4). وإن كان محل الإمام قريباً وتأخر عن وقته المعتاد وكان الوقت واسعاً فإن الإمام يراسل مع عدم المشقة, وان بَعُدَ محله أو لم يظن حضوره, أو ظن حضوره ولا يكره ذلك صلوا. قال في كشاف القناع: (وان لم يعلم عذره " أي الراتب " وتأخر عن وقته المعتاد وانتظر وروسل مع قربه وعدم المشقة في الذهاب إليه وسعة الوقت لأن الائتمام به ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم وسكت عنه أبو داود, وقال المنذري في التهذيب 653: في إسناده الوليد بن عبدالله بن جميع الزهري الكوفي وفيه مقال, وقد اخرج له مسلم, وأورده الحافظ في البلوغ 447 وقال رواه أبو داود ابن خزيمة. (¬2) رواهما البيهقي بإسنادين صحيحين. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه مسلم من حديث المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -.

س25: لو أن أهل مسجد قدموا شخصا يصلي بهم بدون إذن الإمام ولا عذره وصلى بهم فهل تصح الصلاة أو لا تصح؟

سنة وفضيلة فلا تترك مع الإمكان, ولما فيه من الإفتيات بمنصب غيره, وإن بعد مكانه أو شق الذهاب إليه أو ضاق الوقت صلوا) (¬1). س25: لو أن أهل مسجد قدموا شخصاً يصلي بهم بدون إذن الإمام ولا عذره وصلى بهم فهل تصح الصلاة أو لا تصح؟ ج/ الراجح أن الصلاة صحيحة لكن مع الإثم, لأن تحريم الإمامة في مسجد له إمام راتب بلا إذنه أو عذره لا يستلزم عدم صحة الصلاة, لأن النهي لم يتوجه إلى ذات المنهي عنه, أو شرطه الذي لا ينفك عنه, وإنما توجه إلى أمر خارج وهو الإفتيات على الإمام والتقدم على حقه فلا ينبغي أن نبطل بذلك الصلاة. س26: بمَ تدرك الجماعة؟ ج/ في المسألة خلاف والراجح مذهب المالكية واختاره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة لحديث أبي هريرة مرفوعاً أن النبي - قال {من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬2)} فمنطوق الحديث أن من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة, ومفهومه أن من أدرك دون ذلك فإنه لم يدرك الصلاة. وبناء على هذا فلو أتى شخص إلى المسجد والإمام قد رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة وهو يعلم أنه سيدرك مسجداً آخر وسيدرك معه ركعة فأكثر, فيقال له: لا تدخل مع هذه الجماعة لأنك سوف تدرك جماعة إدراكاً تاماً في مسجد آخر. س27: بمَ تدرك الركعة؟ ج/ تدرك بإدراك الركوع مع الإمام وهو قول الأئمة الأربعة ويدل لذلك حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - حيث انتهى إلى النبي - وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصفو فذكر ¬

_ (¬1) كشاف القناع 1/ 458. (¬2) متفق عليه.

س28: إذا جاء المأموم والإمام راكع فركع معه ولكن شك هل أدرك الركوع مع الإمام أم لا؟ فما حكم ذلك؟

ذلك للنبي - فقال - {زادك الله حرصاً ولا تعد (¬1)} , فلم يأمره النبي - بقضاء تلك الركعة, واستدلوا أيضاً بما ورد أن النبي - قال {من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة (¬2)}. س28: إذا جاء المأموم والإمام راكع فركع معه ولكن شك هل أدرك الركوع مع الإمام أم لا؟ فما حكم ذلك؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من ثلاث خالات هي: 1 - أن يتيقن أنه أدرك الإمام في ركوعه قبل أن يرفع منه فيكون مدركاً للركعة وتسقط قراءة الفاتحة. 2 - أن يتيقن أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يدركه فيه فقد فاتته الركعة. 3 - أن يشك هل أدرك الإمام في ركوعه فيكون مدركاً للركعة أو أن الإمام رفع من الركوع قبل أن يدركه ففاتته الركعة, ففي هذه الحالة أن ترجح عنده احد الأمرين عمل بما ترجح فأتم عليه صلاته وسلم ثم سجد للسهو وسلم, إلا أن لا يفوته شيء من الصلاة فإنه لا سجود عليه حينئذٍ, وإن لم يترجح عنده أحد الأمرين عمل باليقين " وهي أن الركعة فاتته " فيتم عليه صلاته ويسجد للسهو قبل أن يسلم, ثم يسلم. س29: إذا جاء المأموم والإمام في السجود مثلاُ فهل يستحب أن يدخل معه أم ينتظر حتى يقوم؟ ج/ يستحب أن يدخل المأموم مع الإمام حيث أدركه لحديث أبي هريرة {إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً} (¬3). س30: ما الحكم لو قام المسبوق قبل تسليمة إمامه الثانية؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه أبو داود وابن خزيمة والدارقطني وابن عدي والبيهقي من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ (إذا جئتم الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة) الحديث حسن, وصححه وابن خزيمة والحاكم والذهبي وضعفه البخاري. (¬3) سبق تخريجه.

س31: ما حكم الشروع في النافلة بعد إقامة الفريضة؟

ج/ إن كان متعمداً فصلاته باطلة, وإن كان لعذر لزمه أن يعود ليقوم بعد سلام الإمام الثانية. س31: ما حكم الشروع في النافلة بعد إقامة الفريضة؟ ج/ لا يجوز ذلك لما ورد في حديث أبي هريرة مرفوعاً أن النبي - قال {إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة (¬1)}. س32: بمَ يقيّد النهي؟ ج/ يقيد بابتداء الإقامة وهو قول الحنابلة وبه قال ابن حزم خلافاً لمن قيد بإقامة الصلاة " أي الشروع في الصلاة " أو من قيدها بانتهاء الإقامة. لأن الحكمة من النهي هو أن لا يتشاغل الإنسان بنافلة يقيمها وحده إلى جنب فريضة تقيمها جماعة. ومن المعلوم أن الإنسان لو شرع بالنافلة بعد أن يبدأ المقيم بالإقامة فإنه لن ينتهي منها غالباُ إلا وقد شرع الناس في صلاة الجماعة وحينئذٍ ينبغي أن يقيد النهي بشروع المقيم في الإقامة لأن على النهي موجودة في هذه الصورة. ومن باب أولى أن لا يشرع في النافلة إذا انتهت الإقامة, أو إذا شرع الإمام في الصلاة. قال الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار: (قال العراقي والظاهر أن المراد شروعه في الإقامة ليتهياء المأمومون لإدراك التحريم مع الإمام ومما يدل على ذلك حديث أبي موسى {أن النبي - رأى رجلاً صلى ركعتي الفجر حين أخذ المؤذن} (¬2). س33: إذا شرع في نافلة بعد الشروع في الإقامة فهل تنعقد نافلة أم لا؟ ج/ الراجح أن هذه النافلة لا تنعقد وهذا مقيد فيما إذا كنت تريد أن تصلي مع هذا الإمام أما إذا كنت لا تريد أن تصلي معه فلا حرج على الإنسان أن يتنفل, فلو كان بجوارك مسجدان وسمعت إقامة أحدها وأردت أن تصلي الراتبة لتصلي في المسجد الثاني الذي لم يشرع في الإقامة فلا حرج في ذلك. ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه الطبراني, قال العراقي إسناده جيد.

س34: هل هناك فرق بين من شرع في النافلة وهو في المسجد أو في بيته وهو يريد الصلاة في المسجد الذي شرع في الإقامة؟

س34: هل هناك فرق بين من شرع في النافلة وهو في المسجد أو في بيته وهو يريد الصلاة في المسجد الذي شرع في الإقامة؟ ج/ الراجح أنه لا فرق. فلا فرق بين أن تقام الصلاة وأنت في المسجد وبين أن تقام وأنت في بيتك تريد الصلاة في هذا المسجد الذي شرع في الإقامة. س35: ما الحكم لو أقيمت الصلاة وقد شرع المصلي في النافلة؟ ج/ الأقرب أن يقال: إن أقيمت الصلاة وهو في الركعة الثانية أتمها خفيفة لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة} (¬1) وإن أقيمت وهو في الركعة الأولى قبل رفعه من السجدة الثانية فيقطعها لعدم إدراكه ركعة منها وهذا ما لم يخش الإنسان فوات الجماعة وبناء على هذا فلو كان الإنسان في بيته ثم شرع في نافلة ثم أقام المسجد الذي يريد الصلاة فيه فإن المصلي حينئذٍ يقطع الصلاة حتى ولو كان في الركعة الثانية خشية فوات الجماعة لأن الجماعة واجبة والنافلة نفل والواجب مقدم على النفل. س36: من صلى ثم أقيمت جماعة فهل يسن له أن يعيد الصلاة مع الجماعة الأخرى أم لا؟ ج/ الراجح أنه يسن له أن يعيد وقد تقدم بحث هذه المسألة (¬2). س37: ما لأشياء التي يتحملها الإمام عن المأموم؟ ج/ الأشياء التي يحملها الإمام عن المأموم هي: 1 - قراءة الفاتحة وفي هذه المسألة خلاف والراجح أن الإمام لا يتحمل عن المأموم قراءة الفاتحة بل تجب قراءتها على المأموم في الصلاة السرية والجهرية اللهم إلا إذا جاء المأموم والإمام راكع فركع معه فإنها تسقط عن المأموم ويتحملها الأمام عنه ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) ينظر في صفحة 9.

والدليل على وجوب قراءة الفاتحة على المأموم مطلقاً حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: كنا خلف النبي - في صلاة الفجر فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال {لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ فقلنا: نعم , قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها} (¬1). 2 - سجود السهو, ولكن متى يتحمل الإمام عن المأموم سجود السهو؟ يتحمل الإمام عن المأموم سجود السهو فيما إذا كان المأموم غير مسبوق وترك واجباً سهواً. مثال ذلك: مأموم دخل مع الإمام من أول الصلاة ونسى التسبيح في إحدى الركعات أو إحدى السجدات مثلاً, ففي هذه الحالة يسقط سجود السهو عن المأموم, ويتحمله الإمام عن المأموم. 3 - سجود التلاوة, فلو أن المأموم قرأ خلف إمامه سورة فيها سجدة فإن المأموم هنا لا يسجد لأنه يجب عليه متابعة الإمام. كذلك أيضاً لو أن الإمام قرأ آية سجدة ولم يسجد الإمام فلا يشرع للمأموم السجود لأنه يجب عليه متابعة الإمام كما تقدم. 4 - السترة, لأن سترة الإمام سترة لمن خلفه, لأن النبي - كان يصلي بأصحابه إلى سترة ولم يكن يأمرهم أن يستتروا بشيء, وبناء على هذا تكون سترة الإمام سترة لمن خلفه, ومما يدل لذلك حديث أنس مرفوعاً {سترة الإمام سترة لمن خلفه (¬2)}. قال عثمان في حاشيته على المنتهى 1/ 209: (إن معنى كون سترة الإمام سترة لمن خلفه أن اتخاذ الإمام سترة كافٍ ومغنِ عن اتخاذ المأموم سترة, بمعنى أنها لا تطلب من المأموم ... ثم الظاهر أن سترة الأمام تقوم مقام سترة المأموم في الأمور الثلاثة ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم وفيه ابن إسحاق وقد صرح بالتحديث وقال الخطابي في معالم السنن 1/ 205 (وإسناده جيد لا طعن فيه) وقال ابن حجر في التلخيص 344 وصححه أبو داود والترمذي والدارقطني وابن حبان والحاكم والبيهقي. (¬2) رواه الطبراني في الأوسط وضعفه العراقي في فيض القدير4/ 97, والألباني في ضعيف الجامع3250.

س38: هل يستفتح المأموم ويتعوذ ويبسمل خلف الإمام في الصلاة الجهرية أم لا؟

التي تفيدها السترة, وهي عدم البطلان بمرور الكلب الأسود من ورائها, وعدم استحباب رد المصلي للمار, وعدم الإثم على المار من ورائها). 5 - دعاء القنوت, فالمأموم يؤمن على دعاء الإمام, فلا يدعو مع دعاء الإمام. 6 - التشهد الأول إذا سُبق المأموم بركعة في صلاة رباعية. مثال ذلك: لو دخل المأموم مع الإمام بعد الركعة الأولى في صلاة العصر مثلاً فالإمام سيجلس التشهد الأول وهو بالنسبة للمأموم يعد الركعة الأولى فهو ليس محلاً للتشهد الأول للمأموم ولكنه يجلس تبعاً لإمامه. ففي هذه الصورة لن يجلس المأموم للتشهد الأول فالإمام يتحمله عن المأموم في هذه الحالة. س38: هل يستفتح المأموم ويتعوذ ويبسمل خلف الإمام في الصلاة الجهرية أم لا؟ ج/ يقال هنا أن الإمام لا يتحمل عن المأموم دعاء الاستفتاح, وإذا أراد المأموم أن يقرأ الفاتحة فإنه يتعوذ ويبسمل, وهذا في الصلاة الجهرية إذا أدركها مع الإمام من أولها, وفي الصلاة السرية كذلك أما لو جاء المأموم والإمام يقرأ في الصلاة الجهرية, فأما بالنسبة لاستفتاح فإنه لا يستفتح, لأنها سنة فات محلها, ولئلا يشغله ذلك عن استماع القراءة, وأما بالنسبة للاستعاذة والبسملة, فإنه يستعيذ ويبسمل ثم يقرأ الفاتحة على القول بوجوبها على المأموم في الصلاة الجهرية, كما سيأتي بيان ذلك, لأن البسملة والاستعاذة تابعتان للقراءة. س39: هل يتحمل الإمام عن المأموم قراءة الفاتحة أم لا؟ ج/ أما بالنسبة للصلاة السرية فإن الإمام لا يتحمل قراءة الفاتحة عن المأموم, بل يجب على المأموم أن يقرأها, أما بالنسبة للصلاة الجهرية هل تجب على المأموم فيما يجهر به الإمام أم لا؟

س40: على القول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية متى يقرأها؟

على خلاف والراجح أنها تجب على المأموم في كل ركعة حتى في الصلاة الجهرية, وقد تقدم بحث هذه المسألة (¬1) , ولكنها تسقط عن المأموم ويتحملها الإمام عن المأموم إذا أدرك إمامه راكعاً أو قائماً قريباً من الركوع ولم يتمكن من قراءة الفاتحة لركوع إمامه, ويدل لذلك حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - حين دخل المسجد والنبي - كان راكعاً فأسرع وركع قبل أن يصل إلى الصف, ثم استمر في صلاته, فلما فرغ النبي - قال {أيكم الذي فعل هذا؟ قال أبو بكرة: أنا يا رسول الله, قال: زادك الله حرصاً ولا تعد} (¬2) , ومع تلك الركعة لم يأمر النبي - بقضاء تلك التي أدرك ركوعها دون قراءتها, ولو كانت الركعة غير صحيحة لأمره النبي - بإعادة الركعة كما أمر المسيء في صلاته بإعادة الصلاة لعدم الإتيان بأركانها. س40: على القول بوجوب قراءة الفاتحة على المأموم في الصلاة الجهرية متى يقرأها؟ ج/ سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله سؤالاً مفاده: إذا كان الإمام يصل القراءة بعد الفاتحة فهل لي أن استمع إلى القراءة أو أقرأ الفاتحة؟ , فأجاب رحمه الله بقوله: (إذا كان الإمام يصل القراءة بالفاتحة فاقرأ الفاتحة ولو كان يقرأ, لأن النبي - قال {لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (¬3)} , وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - قال {كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج} (¬4) , وخداج يعني فاسدة, فقيل لأبي هريرة {إذا كان الإمام يقرأ فكيف أقرأ؟ قال: اقرأ بها في نفسك}. فالإنسان إذا كان لم يقرأ, يقرأ في نفسه سراً, وفي السنن من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله - صلى بأصحابه صلاة الصبح فلما انصرف قال {مالى أنازع القرآن, لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم, قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن, فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها (¬5)}. ¬

_ (¬1) ينظر الجزء الأول من مذكرة الصلاة 65. (¬2) رواه البخاري. (¬3) متفق عليه. (¬4) رواه مسلم. (¬5) رواه أبو داود والترمذي حسنه.

س41: ماذا يشرع للمصلي أن يقرأ بعد قراءة الفاتحة؟

وعلى هذا فنقول: اقرأ القرآن ولو كان إمامك يقرأ, وإذا كانت السورة التي يقرأها الإمام قصيرة, ولا تتمكن من قراءة الفاتحة فلا حرج أن تقرأها ولو كان الإمام يقرأ الفاتحة (¬1). س41: ماذا يشرع للمصلي أن يقرأ بعد قراءة الفاتحة؟ ج/ يستحب للمصلي أن يقرأ سورة في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة, ولا فرق في ذلك بين الصلاة السرية والجهرية, ولا بين الإمام والمأموم, إلا في الصلاة الجهرية بالنسبة للمأموم, فإنه يقتصر على قراء الفاتحة فقط ثم يستمع لقراءة الإمام. {فصل} هذا الفصل عقده المصنف لبيان أحوال المأموم مع الإمام. س42: ما حكم من أحرم مع إمامه أو أحرم قبل إتمام الإمام لتكبيرة الإحرام؟ ج/ من كبر تكبيرة الإحرام قبل الإمام أو كبر قبل أن يتم الإمام تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته أصلاً, لأن المأموم لابد أن يأتي بتكبيرة الإحرام بعد انتهاء الإمام من تكبيرة الإحرام نهائياً. س43: ما الأولى بالنسبة للمأموم مع الإمام؟ ج/ الأولى أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد إمامه لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد وإذا سجد فاسجدوا} , وفي حديث أبي موسى أن النبي - قال {فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم (¬2)}. ¬

_ (¬1) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى, جمع وإعداد فهد السليمان 13/ 154 - 155. (¬2) متفق عليه.

س44: ما حكم موافقة المأموم للإمام؟

س44: ما حكم موافقة المأموم للإمام؟ ج/ الموافقة على قسمين: 1 - الموافقة في الأقوال فهذه لا تضر إلا في تكبيرة الإحرام والسلام. وقد تقدم الكلام عن الموافقة في تكبيرة الإحرام. أما موافقة المأموم الإمام بالسلام فقد قال العلماء: أنه يكره أن تسلم مع إمامك التسليمة الأولى, والثانية, وأما إذا سلم المأموم التسليمة الأولى بعد تسليم الإمام التسليمة الأولى والتسليمة الثانية بعد التسليمة الثانية فإن هذا لا بأس به لكن الأفضل أن لا تسلم إلا بعد التسليمتين, وأما بقية الأقوال, فلا يؤثر أن توافق الإمام أو تتقدم عليه أو تتأخر عنه, فلو فرض أنك تسمع الإمام يتشهد وسبقته أنت بالتشهد فهذا لا يضر, لأن السبق بالأقوال ما عدا التحريمة والتسليم ليس بمؤثر ولا يضر. 2 - الموافقة في الأفعال, قيل إنها خلاف السنة, والأقرب أن ذلك مكروه. مثال ذلك: لو قال الإمام الله أكبر للركوع وشرع في الهوى فهوى المأموم والإمام سواء , فهذا مكروه لأن الرسول - قال {إذا ركع فاركعوا, ولا تركعوا حتى يركع} , قال البراء بن عازب {كان النبي - إذا قال: سمع الله لمن حمده لا يحني منا أحد ظهره حتى يقع النبي - ساجداً ثم نقع سجوداً بعده} (¬1). س45: ما حكم مسابقة الإمام؟ ج/ مسابقة الإمام حرام لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار (¬2)}. س46: ما أقسام سبق الإمام؟ ج/ الأقسام أربعة هي: 1) السبق إلى الركن, مثال ذلك: أن يركع المأموم قبل الإمام مثلاً أو يسجد قبله. ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) متفق عليه.

س47: ما حكم الصلاة بالنسبة لأقسام السبق؟

2) السبق بركن الركوع, مثال ذلك: أن يركع ويرفع قبل أن يركع إمامه. 3) السبق بركن غير الركوع, مثال ذلك: كأن يسجد ويرفع قبل أن يسجد إمامه مثلاً. 4) السبق بركنين غير الركوع, مثال ذلك: أن يسجد ويرفع قبل سجود إمامه ثم يسجد الثانية قبل رفع إمامه من السجدة الأولى. س47: ما حكم الصلاة بالنسبة لأقسام السبق؟ ج/ الراجح في أقسام السبق أنه متى سبق المأموم إمامه عالماً ذاكراً فصلاته باطلة بكل أقسام السبق, وإن كان جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة إلا أن يزول عذره قبل أن يدركه الإمام, فإنه يلزمه الرجوع ليأتي بما سبق فيه بعد إمامه, فإن لم يفعل عالماً ذاكراً بطلت صلاته وإلا فلا (¬1). س48: ما أحوال المأموم مع الإمام؟ ج/ المأموم مع إمامه له أحوال أربع هي: 1 - سبق, وتقدم بيان أقسامه وحكمه. 2 - تخلف, وسيأتي بيانه. 3 - موافقة, وتقدم بيان أقسامها. 4 - متابعة, وسيأتي بيان معناها. س49: ما أقسام التخلف عن الإمام وما حكمه؟ ج/ التخلف عن الإمام على قسمين: 1. أن يكون التخلف لعذر, وحكم هذا القسم أن المأموم يأتي بما تخلف به عن الإمام ويتابع الإمام ولا حرج عليه حتى وإن كان المأموم تخلف بركن كامل أو ركنين. مثال ذلك: ¬

_ (¬1) الارشاد للسعدي ص60.

شخص سها وغفل, أو لم يسمع الإمام فركع الإمام ورفع من الركوع والمأموم ما زال واقفاً ثم تنبه ففي هذه الحالة يلحق بالإمام فيركع ويرفع ثم يتابع الإمام ولا شيء عليه. لكن لو وصل الإمام إلى المأموم في الركن الذي تخلف فيه المأموم فإن المأموم لا يأتي به ويبقى مع الإمام, وتصبح له ركعة ملفقة. مثال ذلك: رجل يصلي مع الإمام ركع الإمام ورفع ثم سجد السجدتين ثم قام الإمام ووقف والمأموم لم يتابع الإمام لسهو أو لغفلة أو لعدم سماع الصوت مثلاُ فهنا الإمام أدرك المأموم في الركن الذي تخلف فيه فهنا لا يقال للمأموم اركع وارفع واسجد السجدتين ثم تابع الإمام وإنما يقال له ابق مع الإمام وتابعه ثم تأتي بركعة كاملة بعد سلام الإمام. 2. أن يكون التخلف لغير عذر وهذا القسم على نوعين: أ- أن يكون التخلف في الركن ومعنى ذلك أن يتأخر المأموم عن الإمام في المتابعة لكن يدرك الإمام في الركن الذي انتقل إليه. مثال ذلك: أن يركع الإمام مثلاً ثم يتأخر المأموم عن الركوع ولكن المأموم ركع قبل أن يرفع الإمام فالركعة هنا صحيحة لكن هذا الفعل مخالف للسنة لأن المشروع المتابعة كما سيأتي بيان ذلك إن شاء الله. ب- أن يكون التخلف بالركن ومعنى ذلك أن يسبق الإمام المأموم بركن. مثال ذلك: أن يركع الإمام ويرفع قبل ركوع المأموم, فهنا الراجح أن صلاة المأموم باطلة إذا كان لغير عذر سواء تخلف المأموم في الركوع أو غير ذلك, وعلى هذا لو أن الإمام رفع من السجدة الأولى وكان هذا المأموم يدعو الله في السجود فبقى يدعو الله حتى سجد الإمام السجدة الثانية فصلاته باطلة لأنه تخلف بركن لغير عذر.

س50: أي حالات المأموم مع الإمام المشروعة؟ وما معناها؟

س50: أي حالات المأموم مع الإمام المشروعة؟ وما معناها؟ ج/ المشروع للمأموم مع الإمام المتابعة وهي السنة ومعنى ذلك: أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة بعد شروع إمامه بالركن بلا تخلف لحديث البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال {كان النبي - إذا قال: سمع الله لمن حمده لا يحني أحداً منا ظهره حتى يقع النبي - ساجداً ثم نقع سجوداً بعده} (¬1). وعن عمرو بن حريث قال {فكان لا يحني أحد منا ظهره حتى يستتم ساجداً} (¬2) , وعن أنس قال {حتى يتمكن النبي - من السجود} (¬3). س51: ما السنة في حق الإمام تطويل الصلاة أم تخفيفها؟ ج/ السنة في حق الإمام التخفيف مع الإتمام بجليل حديث أنس - رضي الله عنه - قال {ما صليت خلف إمام قط أخف صلاة ولا أتم صلاة من رسول الله - (¬4)}. س52: ما معنى التخفيف؟ ج/ تخفيف الإمام للصلاة ينقسم إلى قسمين: 1. تخفيف لازم: " أي واجب " فلا يزيد في التسبيح في الركوع والسجود على عشر تسبيحات إلا إذا كان الجماعة محصورين وأذنوا للإمام بذلك. أي بالتطويل فلا بأس. قال الشوكاني في النيل: (والأصح أن المنفرد يزيد في التسبيح ما أراد, وكلما زاد كان أولى والأحاديث الصحيحة في تطويله ناطقة بهذا, وكذلك الإمام إذا كان المؤتمون ولا يتأذون بالتطويل (¬5) ولزوال العلة وهي التنفير. ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أبو يعلى. (¬4) متفق عليه. (¬5) نيل الأوطار 2/ 248.

فإن تجاوز ما جاءت به السنة فهو مطول بدليل حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف} (¬1) والتخفيف الموافق للسنة واجب لأن النبي - غضب لما أطال معاذ - رضي الله عنه - صلاته بقومه (¬2). قال شيخ الإسلام: (وليس له " أي الإمام " أن يزيد على القدر المشروع وينبغي أن يفعل غالباً ما كان النبي - يفعله ويزيد وينقص للمصلحة كما كان النبي - يزيد وينقص أحياناً). 2.تخفيف عارض: وهو أن ينقص عما جاءت به السنة لسبب من الأسباب لحديث أبي قتادة مرفوعاً {أني لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز فيها مخافة أن أشق على أمه} (¬3). فائدة: يعتقد بعض الناس أن التخفيف في الصلاة معناه نقرها وعدم أدائها على وجهها الشرعي, وهذا خطأ, قال ابن القيم رحمه الله: (وأما قوله - {أيكم أم الناس فليخفف} , وقول أنس - رضي الله عنه - {كان رسول الله - أخف الناس صلاة في تمام} , فالتخفيف أمر نسبي يرجع إلى ما فعله النبي - وواظب عليه لا إلى شهوة المأمومين, فإنه لم يكن يأمرهم بأمر ثم يخالفه, وقد علم أن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة, فالذي فعله هو التخفيف الذي أمر به ... وهديه الذي واظب عليه هو الحاكم على كل ما تنازع فيه المتنازعون, ويدل عليه ما رواه النسائي وغيره عن ابن عمر رضي الله عنهما قال {كان رسول الله - يأمر بالتخفيف ويومنا بالصافات} فالقراءة بالصافات من التخفيف الذي كان يأمر به) (¬4). مسألة: ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه البخاري. (¬4) كتاب الهدى لابن القيم.

س53: ما حكم انتظار الإمام من يدخل من المأمومين؟

يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأموم من فعل ما يسن, قال في كشاف القناع: (تكره سرعة تمنع المأموم فعل ما يسن له كقراءة السورة, وما زاد على مرة في تسبيح ركوع وسجود ... الخ, وأن يترسل الإمام بقدر ما يرى أن الثقيل والكبير وغيرهما قد أتى به, لما في ذلك من تفويت المأموم ما يستحب له فعله) (¬1). أما إذا كان الإمام يسرع سرعة لا يتمكن معها المأموم من أداء الواجب فإنه يجب على المأموم في هذه الحالة أن ينوي الانفراد عن الإمام ويترك الصلاة خلفه ويتم لوحده. س53: ما حكم انتظار الإمام من يدخل من المأمومين؟ ج/ انتظار الداخل على أقسام: 1. انتظاره قبل الدخول في الصلاة فهذا ليس بسنة بل السنة أن تفعل الصلاة في وقتها المستحب فعلها فيه من تقديم أو تأخير. وذهب بعض أهل العلم استحساناً منهم إلى أنه إذا كان الرجل ذا شرف وإمامه في الدين أو إمارة في الدنيا فإنه يستحب انتظاره, لكن هذه المسألة على إطلاقها لا تنبغي, وفي ذلك نظر. قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله عند مسألة استحباب انتظار المأموم وعدم إقامة الصلاة إلا بعد أن يحضر إذا كان ذا شرف في الدين أو إمارة في الدنيا قال رحمه الله: (وهنا المسألة في الحقيقة على إطلاقها لا تنبغي, لأن دين الله لا يراعى فيه أحد ولكن إذا رأى الإنسان مصلحة محققة وأن في عدم مراعاة مفسدة بحيث إذا لم نراعه لم يتقدم إلى المسجد أو ربما لم يصل مع الجماعة, وهو شخص يُقتدى به إما في دينه وإما في ولايته, فهنا يترجح انتظاره بشرط أن لا يشق على الموجودين في المسجد, فإن شق عليهم فهم أولى بالمراعاة) (¬2). ¬

_ (¬1) كشاف القناع 1/ 467,468. (¬2) الممتع 4/ 278.

س54: ما حكم حضور المرأة صلاة الجماعة في المسجد؟

2. انتظار الداخل في الركوع فإذا دخل المأموم والإمام راكع فهل الإمام ينتظر المأموم أم لا؟ في المسألة خلاف والأقرب في ذلك أنه يستحب للإمام انتظاره ما لم يشق ذلك على المأمومين وهو مذهب الحنابلة ويدل لذلك ما يلي: أ) حديث أبي قتادة {أن النبي - كان يقوم في الصلاة فيسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن يشق على أمه} (¬1) فالنبي - غير هيئة الصلاة من أجل الأم. ب) حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال {كانت صلاة الظهر تقام فينطلق أحدنا إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يأتي أهله فيتوضأ ثم يرجع إلى المسجد ورسول الله - في الركعة الأولى} (¬2) فالإطالة هنا لأجل إدراك الناس. ج) إطالة الإمام الركعة الثانية أكثر من الأولى في صلاة الخوف وذلك من أجل إدراك الطائفة الثانية الصلاة. 3. انتظار الداخل في ركن غير الركوع فالأقرب هنا: أنه إذا كان الداخل لا يستفيد إلا مشاركة الإمام كما لو جاء المأموم والإمام في السجود فهنا لا ينتظره لأنه قد يشق على بعض المأمومين, ولأن الصلاة لها هيئة معلومة, فإذا أطال بلا مصلحة فقد غير هيئة الصلاة. أما إذا كان المأموم الداخل يستفيد من انتظار الإمام له فإنه ينتظر كما لو دخل المأموم والإمام في التشهد الأخير لأنه يكون أدرك شيئاً من الصلاة وأدرك الجماعة (¬3). س54: ما حكم حضور المرأة صلاة الجماعة في المسجد؟ ج/ يباح حضورها ولا يكره على الإطلاق وهو قول أحمد ومالك لحديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً أن النبي - قال {لا تمنعوا نساءكم المساجد, وبيوتهن خير ¬

_ (¬1) سبق تخريجه ص 33. (¬2) رواه مسلم. (¬3) وإدراك الجماعة بإدراك التشهد الأخير هذا هو قول الحنابلة والراجح أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة فأكثر.

س55: ما حكم منع الرجل موليته إذا استأذنته إلى المسجد؟

لهن} (¬1) , ويستثنى من ذلك صلاة العيدين, لحديث أم عطية قالت {أمرنا نبينا - أن نخرج العواتق وذوات الخدور} (¬2). لكن إن كانت شابة وكان يخشى من خروجها الإفتتان بها حرم خروجها. قال في الإفصاح: (واتفقوا على أنه يكره للشواب منهن حضور جماعات الرجال) (¬3) , والعلة خشية الافتنان بها, والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً فإذا لم تخش لم يكره فإن علمت الفتنة أو ظنت حرك. س55: ما حكم منع الرجل موليته إذا استأذنته إلى المسجد؟ ج/ الراجح أنه يحرم على الولي أن يمنع المرأة إذا أرادت الذهاب إلى المسجد لتصلي مع المسلمين لأن الحديث ورد بلفظ النهي فقال {لا تمنعوا ...} الحديث. والأصل في النهي التحريم ويدل لهذا أن ابن عمر - رضي الله عنه - لما قال له ابنه بلال حينما حدث بهذا الحديث {والله لنمنعهن} (¬4) , لما قال ذلك أقبل إليه عبد الله فسبه سباً شديداً ما سبه مثله قط وقال له أقول لك قال رسول الله - {لا تمنعوا إماء الله} وتقول {والله لنمنعهن} فهجره , وهذا الفعل من ابن عمر يدل على التحريم, لكن إذا تغير الزمان فينبغي للإنسان أن يقنع أهله بعدم الخروج حتى لا يخرجوا, ويسلم هو من ارتكاب النهي الذي نهى عنه الرسول -. س56: هل الأفضل خروج المرأة إلى المسجد أم صلاتها في بيتها؟ ج/ الأفضل صلاتها في بيتها لأن حديث ابن عمر رضي الله عنهما {لا تمنعوا إما الله ...} تضمن خطابين: أ. خطاب موجه للأولياء. ب. خطاب موجه للنساء, أما الأولياء, فلا يمنعون النساء, وأما النساء فبيوتهن خير لهن. ¬

_ (¬1) رواه أحمد وأبو داود وصححه والحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي. (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) الإفصاح 1/ 150. (¬4) رواه مسلم.

س57: إذا أرادت المرأة أن تخرج إلى المسجد فكيف تخرج؟

س57: إذا أرادت المرأة أن تخرج إلى المسجد فكيف تخرج؟ ج/ تخرج تفله أي غير متطيبة لحديث زيد بن خالد أن رسول الله - قال {لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات (¬1)} ومنع النبي - المرأة إذا كانت متطيبة أن تشهد المسجد كما ورد في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا صلاة العشاء (¬2)}. ومما يؤسف له أن بعض النساء تأتي إلى المسجد وخاصة في رمضان في صلاة التراويح إما مع سائق مع الخلوة بها أو تأتي وهي متطيبة أو متبرجة بنقاب ونحو ذلك فتكون مأزورة غير مأجورة فهي إلى الإثم أقرب ويجب أن تعلم المرأة المسلمه أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعة الله. ويجب على الولي أن يمنعها في هذه الحال ولا يجوز له السماح لها أن تخرج إلى المسجد وهي على هذه الحال فتكون فتنة لكل مفتون فإن فرط الولي في ذلك أثم لأنه راع ومسئول عن رعيته ومؤتمن وهو في هذه الحال فرط في الأمانة. س58: إذا أرادت المرأة أن تخرج إلى المدرسة مثلاً أو إلى السوق أو إلى محاضرة في المسجد لقصد المحاضرة فهل لوليها أن يمنعها؟ ج/ نعم له أن يمنعها لقوله في الحديث {إلى المسجد} والمقصود هنا أي للصلاة فهذا يدل على أنها لو استأذنت لغير ذلك كالخروج إلى المدرسة فله منعها إلا أن يكون ذلك مشروطاً عليه في العقد, كذلك لو أرادت الخروج إلى السوق فله أن يمنعها, وكذا لو أرادت الذهاب إلى المسجد لا لقصد الصلاة وإنما للفرجة على بنائه مثلاً أو لتحضر محاضرة فله أن يمنعها من ذلك. {فصل في الإمامة} ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد وابن حبان والطبراني والبزار وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/ 32,33 رجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبدالله بن عمرو بن عثمان وهو صدوق. (¬2) رواه مسلم.

س59: من أولى الناس بالإمامة؟

لما بين المصنف رحمه الله حكم صلاة الجماعة وما تفرع عنها من مسائل مما سبق ذكره, ذكر أحكام الإمامة من الذي يصلح أن يكون إماماً؟ ومن أحق بالإمامة فهذا هو المراد بهذا الفصل. س59: من أولى الناس بالإمامة؟ ج/ أحق الناس بالإمامة على الترتيب على القول الراجح ما يلي: 1) أولى الناس بالإمامة الأقرأ: العالم بفقه صلاته ويدل لذلك حديث أبي مسعود ألبدري - رضي الله عنه - أن النبي - قال {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ... (¬1)}. مسألة: ومن المراد بالأقرأ هل هو الأحسن صوتاً أم الأكثر حفظاً؟ في المسألة خلاف والراجح أن المراد بالأقرأ هو الأكثر حفظاً لحديث عمرو بن سلمه أن النبي - قال {إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآناً (¬2)} , وقوله {العالم فقه صلاته} أي الذي يعلم فقه الصلاة, بحيث لو طرأ عليه عارض في صلاته من سهو أو غيره تمكن من تطبيقه على الأحكام الشرعية, وبناء على هذا فلو اجتمع شخصان أحدهما أجود قراءة والثاني قارئ دونه في الإجادة ولكنه أعلم من الأول بفقه أحكام الصلاة, أي فيما يتعلق بالصلاة, دون المعاملات أو الأنكحة , أو المواريث ونحو ذلك فلا شك أن الثاني أقوى في الصلاة من الأول لأنه أقوى, في أداء العمل لأن ذلك الأقرأ ربما يسرع في الركوع أو في القيام بعد الركوع وربما يطرأ عليه سهو ولا يدري كيف يتصرف والعالم فقه صلاته يدرك هذا كله. 2) الأفقه: هذه هي المرتبة الثانية فيقدم بعد الأقرأ: العالم فقه صلاته كشروطها وأركانها وواجباتها ومبطلاتها ونحو ذلك لحديث أبي مسعود ألبدري مرفوعاً {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ..} وتقدم أنه إذا اجتمع ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه البخاري.

شخصان أحدهما أجود قراءة والثاني دونه في الإجادة ولكنه أعلم من الأول بفقه أحكام الصلاة فإنه يقدم الثاني ومن باب أولى إذا استووا في القراءة أنه يقدم ألأفقه. مسألة: إذا اجتمع فقيهان قارئان وأحدهما أفقه أو أقرأ قُدم, فإن كانا قارئْين قُدم أجودهما وتقدم الخلاف في ذلك وأن المقصود أنه يقدم الأكثر قرآناً لحديث عمرو بن سلمه وابن عمر رضي الله عنهم, ويقدم قارئ لا يعرف أحكام صلاته على فقيه أمي (¬1). وان اجتمع فقيهان أحدهما اعلم بأحكام الصلاة قدم, لأن علمه يؤثر في تكميل الصلاة. فأن استووا في القراءة والفقه قدم الثالث وهو: 3) الأقدم هجرة: والهجرة هي الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام, بدليل حديث أبي مسعود ألبدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - قال {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله, فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ...} (¬2) وأما حديث مالك بن الحويرث وفيه {وليؤمكم أكبركم} (¬3) فالنبي - إنما قدم الأكبر هنا لأنهما متساويان في الهجرة. 4) ثم الأقدم إسلاماً: لحديث أبي مسعود السابق وفيه {فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلماً} , أي إسلاماً. 5) ثم الأكبر سناً: لحديث مالك بن الحويرث {وليؤمكم أكبركم} , أما التقوى فهي صفة بلا شك يجب أن تراعى في كل هؤلا ولا اعتبار لأشرفيه, والأتقى ولا شك مقدم على الأشرف, لقول الله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (¬4)}. ¬

_ (¬1) الأمي هنا من لا يحسن الفاتحة, أو يدغم فيها ما لا يدغم, أو يبدل حرفاً بغيره, أو يلحن فيها لحناً يحيل المعنى. (¬2) سبق تخريجه ص38. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) (الحجرات: من الآية13)

س60: إذا استوى في المراتب السابقة كلها رجلان فما الحكم؟

قال السعدي رحمه الله: (والصحيح أن الأتقى والأورع في الإمامة مقدم على الأشرف صاحب النسب, بل ومقدم على الأسن, لأن الإمامة كمالها في العلم والتقى, والنسب لا دخل له في هذا الموضع, والسن دون الورع في المرتبة, وإنما يعتبر السن مع الاستواء في الصفات) (¬1). والتقوى هي اتقاء عذاب الله بفعل الأوامر واجتناب النواهي. س60: إذا استوى في المراتب السابقة كلها رجلان فما الحكم؟ ج/على خلاف بين العلماء, فالحنابلة قالوا يقرع بينهما ما لم يتنازل أحدهما عن طلبه والقرعة تعمل في مواضع كثيرة منها هذا الموضع وقد دل على إعمالها الكتاب والسنة, فقد وردت في القرآن في موضعين: الأول: في سورة آل عمران في قوله تعالى {ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} (¬2). الثاني: في سورة الصافات في قوله تعالى {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} (¬3). وعن الإمام أحمد: (من يختاره الجيران, ثم القرعة وهذا القول هو الأقرب, لأنه إذا حصل الاختيار من الجيران, فإنه سيحصل الائتلاف والاجتماع على الإمام, وهذا من مقاصد صلاة الجماعة. س61: إذا كان إمام المسجد موجوداً أو صاحب البيت وفيه من هو أقرأ منهما فمن الأحق بالإمامة؟ ج/ الأحق بالإمامة إمام المسجد وصاحب البيت ما دام أهلاً للإمامة ولو كان من الحاضرين من هو أقرأ أو أفقه لحديث أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - {لا يؤمن الرجل في بيته ولا في سلطانه (¬4)} , إلا من ذي سلطان فإنه يقدم, والسلطان هو الإمام ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) (آل عمران:44). (¬3) (الصافات:141). (¬4) رواه مسلم.

س62: إذا اجتمع حر وعبد فأيهما يقدم للإمامة؟

الأعظم, فإذا حضر قدم على جميع الحاضرين, سواء كان غيره أقرأ أو أفقه أو لا, فإن لم يتقدم قدم من شاء ممن يصلح للإمامة, لأن الحق له فاختص بالتقدم , والتقديم ومما يدل على أن السلطان أحق من غيره لأن النبي - {أمّ عتبان بن مالك وأنساً في بيوتهما ولأن له ولاية عامة}. س62: إذا اجتمع حر وعبد فأيهما يقدم للإمامة؟ ج/ يقال الأقرب في ذلك أنه يقدم من قدمه الله ورسوله, لعموم حديث أبي مسعود {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ..} (¬1). ولحديث ابن عمر {أن سالم مولى أبي حذيفة أمّ المهاجرين الذين قدموا قبل مقدم رسول الله - وكان أكثرهم قرآناً, وفيهم عمرو بن سلمه} (¬2) , وعليه يكون العبد أولى إذا كان أفضل وأدين فإن تساويا فالقرعة. س63: أيهما أولى بالإمامة المسافر أم الحاضر؟ ج/ الحاضر أولى من المسافر وهذا هو المذهب لأنه ربما قصر فيفوت المأمومين بعض الصلاة جماعة أو يتم المسافر فيكره له ذلك (¬3) , وهذا إنما يقال به إذا تساويا أما إذا كان أحدهما أفضل فإنه يقدم, لعموم حديث أبي مسعود البدري {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ..} ولأن النبي - صلى بهم عام الفتح, وقال أتموا يا أهل مكة فإنا قوم سفر} (¬4). قال في الشرح مع الإنصاف {وقال القاضي: إن كان فيهم إمام فهو أحق بالإمامة وإن كان مسافراً (¬5)}. س64: أيهما أولى بالإمامة البصير أم الأعمى؟ ¬

_ (¬1) تقدم تخريجه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) المغني 3/ 28, كشاف القناع 1/ 474. (¬4) رواه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه -. (¬5) الشرح مع الإنصاف 4/ 351.

س65: أيهما أولى بالإمامة المتوضئ أم المتيمم؟

ج/ الراجح أنهما سواء, لأن الذين قالوا البصير أولى بالإمامة من الأعمى (¬1) , وقالوا لأن البصير أقدر على استكمال شروط الصلاة, فيقال أنهما سواء لأن الأعمى أخشع لا يشتغل في الصلاة بالنظر إلى ما يلهيه فيتساويان, وهو قول الشافعي وهذا هو الأقرب, لعموم {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله}. س65: أيهما أولى بالإمامة المتوضئ أم المتيمم؟ ج/ الأقرب في ذلك التساوي, لعموم قول النبي - {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله} , ولأن التيمم رافع للحدث إلى وجود الماء على الراجح, لأن الذين قالوا بأن المتوضئ أولى من المتيمم بناء على أصلهم أن التيمم مبيح, ولكن الراجح ما تقدم (¬2) أن التيمم رافع للحدث حتى يجد الإنسان الماء. س66: ما حكم إمامة غير الأولى مع وجود الأولى بلا إذنه؟ ج/ يكره ذلك للافتئات "أي التعدي " عليه, إلا إذا كان غير الأولى هو صاحب البيت أو إمام المسجد فهو أحق بالإمامة ولو كان هناك من هو أولى منه. س67: ما حكم إمامة الفاسق (¬3)؟ ج/ إمامة الفاسق لا تخلو من حالتين: 1 - أن تكون في الجمعة والعيد. 2 - أن تكون في غير الجمعة والعيد. فإن كانت إمامته في غير الجمعة والعيد فلها حالتان: ¬

_ (¬1) وهو مذهب الحنابلة. (¬2) ينظر في ذلك مذكرة الطهارة. (¬3) الفاسق في اللغة: الخارج مأخوذ من قولهم: فسقت الثمرة عن قشرها, أي خرجت وأما شرعاً فهو من فعل كبيرة أو أكثر من الصغائر. نص على ذلك ابن قدامة رحمه الله في الكافي.

الأولى: أن يكون فسقه من جهة الأعمال كمرتكب كبيرة أو مصر على صغيرة, فالراجح هنا صحة الصلاة خلفه للأدلة الآتية: أ. لعموم قول النبي - {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله} (¬1). ب. حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال لي رسول الله - {كيف إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة} (¬2). وجه الدلالة: أن النبي - أذن بالصلاة خلفهم وجعلها نافلة لأنهم أخروها عن وقتها, وظاهره أنهم لو صلوها في الوقت لكان مأموراً بالصلاة معهم فريضة, ومن أخره الصلاة عن وقتها فهو غير عدل. ج. حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - رضي الله عنه - قال {يصلون لكم فإن أصابوا فلكم, وإن أخطأوا فلكم وعليهم (¬3)}. د. أن الصحابة رضي الله عنهم ومنهم ابن عمر {كانوا يصلون خلف الحجاج} (¬4) , وابن عمر - رضي الله عنه - من أشد الناس تحرياً لإتباع السنة واحتياطاً لها, والحجاج معروف بأنه من أفسق عباد الله. كذلك أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - صلى خلف مروان بن الحكم (¬5) , والحسن والحسين صليا خلف مروان بن الحكم (¬6). هـ. أيضاً من الأدلة النظرية على ذلك أن يقال: كل من صحت صلاته صحت إمامته ولا دليل على التفريق بين صحة الصلاة وصحة الإمامة فما دام هذا يصلي فكيف لا أصلي وراءه, لأنه إذا كان يفعل معصية فمعصيته على نفسه, لكن لو فعل معصية تتعلق بالصلاة بأن كان هذا الإمام إذا دخل في الصلاة يبطل الصلاة فلا ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه البخاري. (¬4) رواه البخاري. (¬5) رواه البخاري. (¬6) رواه عبد الرزاق والبيهقي.

س68: ما حكم إمامة الأعمى والأصم؟

تصح الصلاة خلفه لأن صلاته لا تصح, لفعله محرماً في الصلاة, لأن معصيته تتعلق بالصلاة أما إذا كانت معصيته خارجة فهي عليه. الثانية: أن يكون فسقه من جهة الاعتقاد كالأشاعرة والمعتزلة ونحوهم لكن فسقه لا يخرجه من الملة فالراجح صحة الصلاة خلفه والأدلة على ذلك ما يلي: أ- ما رواه عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه دخل على عثمان بن عفان وهو محصور فقال {إنك إمام عامة ونزل بك ما ترى, ويصلي لنا إمام فتنة ونتحرج, فقال: الصلاة أحسن ما يعمل الناس فإذا أحسن الناس فأحسن معهم, وإذا أساء الناس فاجتنب إساءتهم (¬1)}. وكان ابن عمر رضي الله عنهما {يصلي خلف الخشبية والخوارج زمن ابن الزبير وهم يقتتلون} (¬2). * أما إن كانت بدعته تخرجه من الملة فلا تصح إمامته بالاتفاق, وعلى القول بصحة إمامة الفاسق فإنه لا يرتب إماماً للمسلمين. * أما إمامة الفاسق في الجمعة والعيدين فقد قال ابن قدامة: (ونرى الحج والجهاد ماضياً مع طاعة كل إمام براً كان أو فاجراً وصلاة الجمعة جائزة) (¬3). وقال ابن حزم: (وذهبت طائفة كلهم دون خلاف من أحد منهم, وجمهور أصحاب الحديث وهو قول أحمد والشافعي وأبي حنيفة وداود وغيرهم إلى جواز الصلاة خلف الفاسق وغيرها وبهذا نقول) (¬4). س68: ما حكم إمامة الأعمى والأصم؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه البيهقي. (¬3) اللمعة ص28. (¬4) الملل5/ 16.

س69: ما حكم إمامة الأخرس؟

ج/ أما الأعمى فتصح إمامته بلا كراهة {لأن النبي - كان يستخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى} (¬1) , وأيهما أولى الأعمى أو البصير؟ تقدم بيان هذه المسألة (¬2). وأما الأصم فتصح إمامته أيضاً, للقاعدة {أن من صحت صلاته صحت إمامته} لأن الإمامة فرع عن الصلاة, لكن مع كراهة ذلك, لأنه لو سهى لا يمكن تنبيهه. س69: ما حكم إمامة الأخرس؟ ج/ قال الشيخ بن عثيمين عليه رحمة الله: (ولهذا كان القول الراجح أن إمامة الأخرس تصح بمثله وبمن ليس أخرس, لأن القاعدة {أن كل من صحت صلاته صحت إمامته} , لكن مع ذلك لا ينبغي أن يكون إماماً , لأن النبي - قال {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله} (¬3) , وهذا لا يقرأ, لكن الصحيح أنها تصح (¬4). س70: ما حكم إمامة الأقلف (¬5)؟ ج/ الأقلف لا يخلو من أمرين: 1 - أن لا يقدر على فتق قلفته وغسل ما تحتها فنجاسته معفو عنها لعدم إمكانية إزالتها فهذا قال بعض العلماء أن إمامته تكره للإختلاف في صحة إمامته. والأقرب عدم الكراهة إذ التعليل بالخلاف علة حادثة فلا تنبني عليها الأحكام ولكن إذا كان للخلاف حظ من النظر لتساوي الأدلة قيل بالاحتياط والله أعلم. وعلى هذا فالراجح هنا أنه يتساوى الأقلف مع المختون وفيقدم ما قدمه الله ورسوله {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله}. ¬

_ (¬1) رواه أبو داود. (¬2) ينظرص40. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) الممتع4/ 320. (¬5) الأقلف هو الذي لم يختن. فالإنسان يولد وعلى رأس ذكره قلفة أي جلدة تغطي الحشفة وهذه الجلدة يجب إزالتها, لأنها لو بقيت لاحتقن فيها البول وصارت سبباً للنجاسة, وربما يتولد فيها جراثيم بين جلدة القلفة والحشفة فيتأثر غير المختتن.

س71: ما حكم إمامة من يلحن في قراءته؟

2 - أن يكون مفتوق القلفة فهذا إن ترك غسل ما تحت القلفة مما يمكن غسله لم تصح إمامته ولا صلاته لحمله نجاسة لا يعفى عنها مع إمكان إزالتها, وإن غسل ما يقدر على غسله, فيتساوى الأقلف مع غيره وعليه لا تكره إمامته, ويقدم من قدمه الله ورسوله. س71: ما حكم إمامة من يلحن (¬1) في قراءته؟ ج/ اللحن لا يخلو من أمرين: الأول: أن لا يحيل المعنى مثل (الحمدَ لله) بفتح الدال فهذا تكره إمامته, قال ابن قدامه رحمه الله: (تكره إمامة اللعّان, لأنه نقص يذهب ببعض الثواب) (¬2). ولحديث أبي مسعود البدري قال {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله (¬3)} , وهذا خبر بمعنى الأمر فإذا أمّهم من ليس أقرؤهم فقد خالفوا أمره - (¬4). الحالة الثانية: أن يكون اللحن يحيل المعنى وهذه الحالة لا تخلو من أمرين: 1 - أن يكون هذا اللحن في الفاتحة, كما لو قرأ {صراط الذين أنعمتُ عليهم} بضم التاء من {أنعمتَ} فهذه لا تصح إمامته إلا بمثله لأنه أمي (¬5) , ويدل لذلك حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه, أن النبي - قال {لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب} (¬6) فدل هذا الحديث على عدم صحة صلاة إمامة من لحن في الفاتحة لحناً يحيل المعنى. ¬

_ (¬1) قال المصباح 2/ 155 (ولحن في كلامه لحناً من باب إذا أخطأ) قال أبو زيد لحن في كلامه لحناً بسكون الحاء ولحوناً إذا أخطأ الأعراب وخالف الصواب. (¬2) الكافي1/ 188. (¬3) سبق تخريجه. (¬4) الشرح الممتع4/ 349. (¬5) الأمي هو الذي لا يحسن قراءة الفاتحة, أي لا يحفظها أو يدغم فيها ما لا يدغم بان يدغم حرفاً فيما لا يماثله أو يقاربه أو يلحن فيها لحناً يحيل المعنى. (¬6) متفق عليه.

س72: ما حكم إمامة الفأفاء والتمتام؟

2 - أن يكون هذا اللحن الذي يحيل المعنى في غير الفاتحة فهذا تصح إمامته لأنه لو ترك قراءة غير الفاتحة بالكلية لصحت إمامته, فكذلك إذا لحن فيها, لكن تكره إمامته, لحديث أبي مسعود مرفوعاً {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله} , فهذا خبر بمعنى الأمر فإذا أمّ من ليس بأقرأ ففيه مخالفة لأمره -. س72: ما حكم إمامة الفأفاء والتمتام (¬1)؟ ج/ الراجح صحة إمامتهما وكذلك كل من يكرر الحروف, لكن مع الكراهة من أجل زيادة الحرف. قال في كشاف القناع: (أما صحة إمامته فلإتيانه بفرض القراءة, وأما كراهة تقديمه فلزيادته ما يكرر أو عدم فصاحته (¬2). س73: ما حكم إمامة العاجز عن شرط أو ركن؟ ج/ العاجز عن شرط: كأن يكون به سلس بول مثلاً فهو عاجز عن شرط الطهارة لأن حدثه مستمر. العاجز عن ركن: كأن يكون عاجز عن القيام في الفرض مثلاً. بالنسبة للعاجز عن شرط من شروط الصلاة فالراجح صحة إمامته ولأن من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته وأما بالنسبة للعاجز عن ركن فيقال بأن العاجز عن ركن لا يخلو من أمرين: 1 - أن يكون عاجز عن القيام فالحنابلة قالوا لا تصح إمامته إلا بشرطين: أ. أن يكون إمام الحي, أي الإمام الراتب. ب. أن يرجى زوال علته. لكن الراجح هنا صحة إمامته ولا يشترط هذين الشرطين وأدلة ذلك ما يلي: أ) حديث أنس - رضي الله عنه - قال {أن رسول الله - ركب فرساً فصرع عنه فجحش شقه الأيمن فصلى صلاة من الصلوات وهو قاعد فصلينا وراءه قعوداً ... (¬3)}. ¬

_ (¬1) الفأفاء: الذي يكرر الفاء. والتمتام من يكرر التاء. (¬2) كشف القناع2/ 483. (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س74: تقدم أن العاجز عن ركن القيام تصح إمامته, فإذا أم قوما وهو جالس هل يصلون وراءه قياما أو قعودا؟

ب) حديث عائشة رضي الله عنها في صلاته - بالناس في مرض موته قاعداً (¬1). 2 - أن يكون عاجز عن ركن غير ركن القيام كما لو عجز عن السجود أو الركوع ونحو ذلك من الأركان فهنا الراجح أيضاً أن إمامته صحيحة, بدليل عموم حديث أبي مسعود {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله} وهذا يشمل القادر والعاجز, وللقاعدة {أن من صحت صلاته صحت إمامته}. قال السعدي رحمه الله: (والصحيح صحة إمامة العاجز عن شيء من أركان الصلاة أو شيء من شروطها إذا أتى بما يقدر عليه وسواء كان إمام الحي أو غيره, وسواء كان بمثله أو بغير مثله وهذا القول هو الذي يدل عليه العمومات, فإن قوله - {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله} يشمل العاجز كغيره, وكذلك صلاته - أن العاجز جالساً لما عجز عن القيام دليل على جواز مثل هذه وما كان في معناها ... ومما يؤيد هذا القول الصحيح أن العاجز عن الأركان والشروط لم يترك في الحقيقة شيئاً لازماً بل الواجب عليه ما يقدر عليه فقط وصلاته كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه فما الذي أوجب بطلان إمامته وعدم صحتها؟ ولأن نفس صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة إمامه إلا بالمتابعة فقط فكل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت, ولأننا لو طردنا التعليل الذي علل به المانع من إمامته لقلنا لا تصح إمامة المتيمم إلا بمثله, ولا إمامة الماسح على حائل إلا بمثله, فعلم أن القول الصواب أن الإمام إذا لم يخل بشيء مما يجب عليه بنفسه أن إمامته صحيحة, وإن شئت أن تقول: كل من صحت صلاته بنفسه صحت إمامته بلا عكس, فقد تصح إمامته ولا تصح صلاته كالذي جهل حدثه فعرفت أن مسألة الإمامة أخف وأعم عن مسألة صحة الصلاة) (¬2). س74: تقدم أن العاجز عن ركن القيام تصح إمامته, فإذا أم قوماً وهو جالس هل يصلون وراءه قياماً أو قعوداً؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) المختارات الجلية58.

س75: ما الحكم إذا ترك الإمام ركنا أو شرطا مختلف فيه؟ وما حكم صلاة المأموم؟

ج/ هذه المسألة لا تخلو من حالتين: 1 - أن يفتتح بهم الصلاة قاعداً أي أن هذا الإمام الذي لا يقدر على القيام بدأ بهم الصلاة قاعداً فهنا الراجح أنهم يصلون خلفه قعوداً وجوباً خلافاً للحنابلة الذين قالوا أن ذلك على سبيل الاستحباب وأدلة ذلك ما يلي: أ. حديث عائشة رضي الله عنها {أنه لما صلى عليه الصلاة والسلام بأصحابه ذات يوم وكان عاجزاً عن القيام فقاموا فأشار عليهم أن اجلسوا فجلسوا} (¬1) فكونه عليه الصلاة والسلام يشير إليهم حتى في أثناء الصلاة يدل على أن ذلك على سبيل الوجوب. وبناء على هذا فإذا ابتدأ بهم الإمام الصلاة قاعداً لعلة فيه فإن الواجب على المأمومين أن يصلوا خلفه قعوداً ولو صلوا خلفه قياماً لبطلت صلاتهم. 2 - أن يبتدئ بهم الصلاة قائماً ثم يطرأ للإمام عذر لا يستطيع القيام فيكمل القيام بهم الصلاة جالساً ففي هذه الحالة يصلون خلفه قياماً على سبيل الوجوب ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها في فعل النبي - في مرض موته {حين دخل المسجد وأبو بكر يصلي بالناس, فقد ابتدأ بهم الصلاة قائماً, فجلس النبي - إلى يسار أبي بكر, وبقي أبو بكر قائماً يصلي أبو بكر بصلاة النبي - ويصلي الناس بصلاة أبي بكر ولم يأمرهم النبي - بالجلوس}. س75: ما الحكم إذا ترك الإمام ركناً أو شرطاً مختلف فيه؟ وما حكم صلاة المأموم؟ ج/ ترك الركن كما لو ترك الإمام قراءة الصلاة على النبي - في التشهد الأخير بناء على أن ذلك سنة كما هو مذهب الجمهور. ترك الشرط: كما لو ترك الوضوء من أكل لحم الإبل, بناء على أنه لا ينقض الوضوء كما هو مذهب الشافعية. يقال هذه المسألة لا تخلو من حالتين: ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم.

الأولى: أن يرى الإمام وجوب ما تركه ويتركه عمداً فصلاة الإمام باطلة لأنه ترك ما يعتقد وجوبه. وأما بالنسبة لصلاة المأموم في هذه الحالة فهي باطلة إذا كان يعلم ذلك. مثال ذلك: لو ترك الإمام الوضوء من أكل لحم الإبل وهو يرى وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل فصلاة الإمام باطلة في هذه الحالة وأما بالنسبة لصلاة الإمام فهي باطلة أيضاً سواء كان المأموم يرى وجوب الوضوء من أكل لحم الإبل أو لم ير ذلك لكن بشرط أن يكون علم أن الإمام ترك الوضوء من أكل لحم الإبل مع اعتقاد الإمام وجوب الوضوء من ذلك. أما إذا لم يعلم المأموم أن الإمام ترك الوضوء فصلاة المأموم صحيحة. الثانية: أن يرى الإمام عدم وجوب ما تركه, كما لو ترك الوضوء من أكل لحم الإبل لترجح ذلك عنده. فهنا صلاة الإمام صحيحة, وأما بالنسبة لصلاة المأموم في هذه الحالة فهي صحيحة حتى ولو كان يرى وجوب الوضوء مما مست النار أو يرى أن الصلاة على النبي - في التشهد الأخير ركن والإمام يرى أنه سنة. قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى: (والقول الثاني تصح صلاة المأموم ... وهذا هو الصواب لما ثبت في الصحيح وغيره عن النبي - أنه قال {يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم} , فقد بين النبي - أن خطأ الإمام لا يتعدى إلى المأموم ولأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له, وأنه لا إثم عليه فيما فعل فإنه مجتهد أو مقلد مجتهد, وهو يعلم أن هذا قد غفر الله له خطأه فهو يعتقد صحة صلاته ... وقول القائل: إن المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام خطأ منه, فإن المأموم يعتقد أن الإمام ما وجب عليه وأن الله قد غفر له ما أخطأ فيه) (¬1). وقال في موضع آخر: (تجوز صلاة بعضهم خلف بعض " أي المذاهب الأربعة " كما كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض مع تنازعهم في هذه المسائل المذكورة وغيرها, ولم يقل أحد من ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى23/ 377.

س76: ما حكم الإنكار في مسائل الإجتهاد؟

السلف انه لا يصلي بعضهم خلف بعض مع تنازعهم في هذه المسائل المذكورة وغيرها, ولم يقل احد من السلف انه لا يصلي بعضهم خلف بعض ومن أنكر ذلك فهو مبتدع ضال مخالف للكتاب والسنة وإجماع الأمة وأئمتها, وكان الصحابة والتابعون ومن بعدهم منهم من يقرأ البسملة ومنهم من لا يقرأها ... ومنهم من يقنت في الفجر ومنهم من لا يقنت, ومنهم من يتوضأ من الحجامة والرعاف والقيء ومنهم من لا يتوضأ من ذلك ... ومع هذا فكان بعضهم يصلي خلف بعض) (¬1). وهنا يرد سؤال وهو: س76: ما حكم الإنكار في مسائل الإجتهاد؟ ج/ للإجابة على هذا السؤال يحسن أن نذكر الأحكام المترتبة على المسائل الاجتهادية وهي: 1 - أنه لا يجوز الإنكار على المخالف فضلاً عن تفسيقه أو تأثيمه أو تكفيره ولكن عدم الإنكار عليه لا يعني ذلك عدم بيان الحق وإيضاحه له. 2 - أن المجتهد ليس له إلزام الناس بإتباع قوله. 3 - أن غير المجتهد يجوز له إتباع أحد القولين إذا تبينت له صحته, ثم يجوز له تركه إلى القول الآخر إتباعاً للدليل. 4 - أن المجتهد يجب عليه إتباع أحد القولين إذا تبينت له صحته, ثم يجوز له تركه إلى القول الآخر إتباعاً للدليل. 5 - أن المجتهد يجب عليه إتباع ما أداه إليه اجتهاده ولا يجوز له تركه إلا إذا تبين له خطأ ما ذهب إليه أولاً. ويجب الإنكار على المخالف في المسائل الخلافية غير الاجتهادية كمن خالف سنة ثابتة أو إجماعاً سائغاً. س77: ما حكم إمامة المرأة بالرجل؟ ¬

_ (¬1) مجموع الفتاوى3/ 374.

س78: ما الحكم إذا صلى الرجل خلف من يعلم أنه خنثى لكن يجهل أشكاله ثم تبين له بعد ذلك؟

ج/ لا تصح صلاة الرجل خلف المرأة لا فرضاً ولا نفلاً والدليل على ذلك حديث جابر أن النبي - قال {لا تؤمنّ امرأة رجلاً ولا أعرابيٌ مهاجراً ولا فاجرٌ مؤمناً إلا أن يقهره سلطان يخاف سوطه وسيفه (¬1)} , وهذا الحديث ضعيف, لكن يؤيده في الحكم قول النبي - {لن يفلح قوم ولو أمرهم امرأة} (¬2). والجماعة قد ولّوا أمرهم الإمام فلا يصح أن تكون المرأة إماماً لهم. ويدل لذلك أيضاً حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها} (¬3) فقوله وخير صفوف النساء آخرها دليل على أنه لا موقع لهن في الأمام, والإمام لا يكون إلا في الإمام, فلو قلنا بصحة إمامتهن بالرجال لا نقلب الوضع فصارت هي المتقدمة على الرجل وهذا لا تؤيده الشريعة. كذلك لا تصح إمامة الخنثى (¬4) بالرجال لاحتمال كونه امرأة, ولا إمامة الخنثى بخناث مشكلين لاحتمال أن يكون امرأة وهم رجال. أما إمامة الخنثى بالنساء فلا بأس ويقفن خلفه, لأنه إن كان رجلاً فإمامة الرجل للنساء صحيحة, وإن كانت إمراة فإمامة المرأة للنساء جائزة. فإمامة الخنثى للنساء قلنا بجواز ذلك لأنها إما أن تكون رجلاً فهي أعلى منهن, أو تكون امرأة فهي مثلهن. س78: ما الحكم إذا صلى الرجل خلف من يعلم أنه خنثى لكن يجهل أشكاله ثم تبين له بعد ذلك؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من حالتين: 1 - أن تبين أن هذا الخنثى امرأة فهنا ظاهر أن صلاته باطلة لأنه ائتم بامرأة. ¬

_ (¬1) رواه ابن ماجه وأبو يعلى والعقيلي في الضعفاء وابن عدي في الكامل والبيهقي وعزاه البوصيري لعبد بن حميد في مسنده كما عزاه الحافظ ابن حجر لعبد الملك بن حبيب في الواضحة, والحديث ضعيف لأن مداره على عبدالله بن محمد العدوي وعلي بن زيد بن جدعان وهما ضعيفان. (¬2) رواه البخاري عن أبي بكرة - رضي الله عنه -. (¬3) رواه مسلم. (¬4) الخنثى هو الذي لا يعلم أذكر هو أم انثى؟ فيشمل من له ذكر وفرج يبول منهما جميعاً, ويشمل من ليس له ذكر ولا فرج لكم له دبر.

س79: إذا لم يعلم الرجل أن إمامه خنثى إلا بعد الصلاة فما الحكم؟

2 - أن تبين أن هذا الخنثى ذكراً فهنا أيضاً على المأموم الإعادة لأن هذا كمن صلى خلف من يظنه محدثاً فبان متطهراً. س79: إذا لم يعلم الرجل أن إمامه خنثى إلا بعد الصلاة فما الحكم؟ ج/ الراجح أن صلاته صحيحه لأن هذا بحكم من صلى خلف محدث أو كافر ولم يعلم إلا بعد الصلاة. س80: ما حكم إمامة المميز البالغ؟ ج/ أولاً لابد من معرفة حد التمييز. فحد التمييز على القول الراجح هو: من فهم الخطاب ورد الجواب. فإمامة الصبي المميز لها ثلاث حالات: الحالة الأولى: إمامة الصبي بصبي مثله فهذه صحيحة. الحالة الثانية: إمامة الصبي ببالغ في الفرض فهذه صحيحة على القول الراجح بدليل حديث عمرو بن سلمه أن النبي - قال لأبيه {وليؤمكم أكثركم قرآناً, فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآناً, فقدموني بين أيديهم وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين (¬1)}. ولحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم, وأحقهم بالإمامة أقرؤهم} (¬2) وهذا عام يشمل الصغير والكبير. الحالة الثالثة: إمامة الصبي ببالغ في النفل, فهذه صحيحة أيضاً لأنه إذا كانت إمامة الصبي ببالغ في الفرض صحيحة فالنفل من باب أولى, وأما إذا كان الصبي غير مميز فإن الصلاة خلفه لا تصح, لأن عبادته أصلاً غير صحيحه, وإذا كانت عبادته لا تصح, فإمامته كذلك لا تصح. ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواه مسلم.

س81: ما حكم إمامة المحدث والمتنجس؟

س81: ما حكم إمامة المحدث والمتنجس؟ ج/ إمامة المحدث والمتنجس تحت كل منهما صور. أولاً: إمامة المحدث: الأولى: أن لا يعلم الإمام بحدثه, والمأموم بحدث الإمام إلا بعد فراغ الصلاة فهنا تصح صلاة المأمومين دون الإمام فيلزمه الإعادة, ولا يعذر هنا بجهله, لأن باب المأمورات لا يعذر فيه بالجهل والنسيان, ويدل لذلك حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم, وان أخطأوا فلكم وعليهم} (¬1). وكذا فإن عمر وعثمان رضي الله عنهما {كل منهما صلى بالناس وهو جنب فأعادا, ولم يأمرا غيرهما بالإعادة (¬2)} , ولأن المأموم أدى العبادة على وجه شرعي فلا تبطل إلا بدليل شرعي. الثانية: أن يعلم الإمام والمأمومين بحدث الإمام فلا تصح صلاتهما جميعاً. الثالثة: أن يعلم الإمام في أثناء الصلاة بالحدث دون المأمومين فالراجح هنا أن صلاة الإمام تبطل, أما بالنسبة لصلاة المأمومين فلا تبطل فيستخلف الإمام من يتم بهم أو يستخلفوا واحداً منهم يتم بهم, أو يتمونها فرادى. الرابعة: أن يعلم بعض المأمومين بحدث الإمام في الصلاة. فصلاة الإمام باطلة وأما بالنسبة للمأمومين فتبطل صلاة من علم منهم بحدث الإمام فقط دون من لم يعلموا. قال السعدي رحمه الله: (قوله: وإن علم معه واحد أعاد الكل, هذا فيه نظر في حق بقية المأمومين الذين لم يعلموا, فإن الصواب: صحة صلاة كل مأموم لم يعلم بحدث إمامه, وسواء كان الإمام عالماً بحدثه وتممها متعمداً, أو علم بعض المأمومين, فإن الذي لم يعلم لم يوجد مفسد لصلاته بوجه , نعم الذي علم وبقي على نية الائتمام فإنه متلاعب عليه إعادة هذه الصلاة) (¬3). ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) رواهما الدارقطني والبيهقي وصححهما المجد في المنتقى 1/ 230. (¬3) المختارات الجلية60.

س82: ما حكم إمامة الأمي؟

ثانيا: إمامة المتنجس (¬1) وتحتها صور: الأولى: أن لا يعلم الإمام والمأمومون إلا بعد الصلاة فالراجح هنا صحة صلاتهما جميعاً لحديث جابر - رضي الله عنه - {حيث صلى النبي - بنعليه وفيهما أذى, فأخبره جبريل فخلعهما وبنى على صلاته} (¬2) , ولأن اجتناب النجاسة من باب النواهي فيعذر فيها بالجهل والنسيان بخلاف رفع الحدث فمن باب الأوامر فلا يعذر فيه بالجهل والنسيان. الثانية: أن يعلم الإمام بالنجاسة وحده دون بقية المأمومين. أما بالنسبة للمأمومين فصلاتهم صحيحة. وأما بالنسبة للإمام فإن أمكن إزالة النجاسة دون الإخلال بشيء من شروط الصلاة أو واجباتها أزالها وبنى كما فعل النبي - وأن لم يمكنه استخلف من يتم الصلاة بالمأمومين, أو استخلف المأمومين من يتم بهم, أو أتموا لأنفسهم فرادى. الثالثة: أن يعلم الإمام والمأمومون بنجاسة الإمام فلا تصح صلاتهم. الرابعة: أن يعلم بعض المأمومين في الصلاة بنجاسة الإمام, فالأقرب أن يقال هنا: يجب على من علم نجاسة الإمام إعلامه بإشارة أو نحوها فإن لم يستطع صحت صلاة الجميع الإمام لأنه معذور بالجهالة والمأمومون لإقتدائهم بإمام يعتقدون صحة صلاته. س82: ما حكم إمامة الأُمي؟ ج/ الراجح أن إمامة الأمي لا تصح إلا بمثله وهو قول الجمهور لحديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن النبي - قال {لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب} (¬3). س83: ما حكم صلاة المتنفل خلف المفترض؟ ج/ يصح ذلك وأدلة ذلك ما يلي: ¬

_ (¬1) المتنجس أي الذي أصابته نجاسة. (¬2) رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي وقال في التلخيص 1/ 278 اختلف في وصله وإرساله ورجح أبو حاتم في العلل الموصول. (¬3) متفق عليه.

س84: ما حكم صلاة المفترض خلف المتنفل؟

1 - حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - {كيف أنت إذا كان عليك أمراء يميتون (¬1) الصلاة عن وقتها, قلت ما تأمرني؟ قال: صلّ الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لق نافلة} (¬2) فهو هنا متنفل سيصلى خلف مفترض. 2 - حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن رسول الله - {أبصر رجلاً يصلي وحده فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه} (¬3). 3 - حديث يزيد بن الأسود - رضي الله عنه - وفيه قول - للرجلين {إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام ولم يصلي فصليا معه فإنها لكما نافلة (¬4)}. س84: ما حكم صلاة المفترض خلف المتنفل؟ ج/ على خلاف والراجح أنها صحيحة وهو قول الشافعية وهو رواية عن الإمام أحمد اختارها ابن قدامة وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى وأدلة ذلك ما يلي: 1) حديث جابر - رضي الله عنه - {أن معاذاً كان يصلي مع النبي - العشاء الآخرة ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة (¬5)} وفي رواية {هي له تطوع ولهم مكتوبة العشاء} (¬6). 2) حديث عمرو بن سلمه - رضي الله عنه - {حيث أمّ قومه وهو ابن ست سنين أو سبع سنين (¬7)} , والصبي صلاته نفل فدل على جواز إقتداء المفترض بالمتنفل. 3) حديث جابر في صلاة الخوف حيث صلى النبي - بالطائفة الأولى ركعتين, ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين (¬8) فالنبي - حين أمّ الطائفة الثانية كان متنفلاً وهم مفترضون. ¬

_ (¬1) يميتون: أي يؤخرون. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أبو داود والترمذي وصححه الحاكم وابن حبان وابن خزيمة. (¬4) رواه ابو داود والترمذي والنسائي والدارقطني وصححه الترمذي وابن حبان وابن السكن. (¬5) متفق عليه. (¬6) رواه الدارقطني والبيهقي وفي فتح الباري2/ 195 " رجاله رجال الصحيح ". (¬7) رواه البخاري. (¬8) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم.

س85: ما حكم صلاة الصلاة المقضية خلف من يصلي الصلاة الحاضرة أو العكس؟

4) حديث أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - أن النبي - قال {يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله} (¬1) وهذا عام فلو كان الشخص مميزاَ وهو أقرؤهم فهو أحق بالإمامة وهو متنفل وهم مفترضون لأن صلاة الصبي نفل كما تقدم. س85: ما حكم صلاة الصلاة المقضية خلف من يصلي الصلاة الحاضرة أو العكس؟ ج/ القضاء: فعل الصلاة بعد خروج وقتها لأول مرة. الأداء: فعل العبادة في وقتها أول مرة. فالراجح في هذه المسألة جواز صلاة القضاء خلف من يصلي الأداء والعكس كذلك والدليل على ذلك أن الأصل صحة الصلاة فالاختلاف في النية لا أثر له كما تقدم في أدلة جواز صلاة المفترض خلف المتنفل مع اختلاف النية بينهما (¬2). مثال ذلك: دخل رجل والناس يصلون صلاة الظهر وذكر أن عليه صلاة الظهر بالأمس فبأيهما يبدأ؟ الجواب: يبدأ بالصلاة الفائتة فيدخل معهم وهو ينوي ظهر أمس وهم يصلون ظهر اليوم فهذا صحيح لأنه قاض خلف مؤدٍ ولا بأس فصلاة الظهر رباعية. لكن اختلف الوقت, والعكس كذلك يجوز كأن يكون الإمام هو الذي يقضي والمأموم هو الذي يؤدي. وأما بالنسبة لاختلاف الصورة بين الحالتين فهذه المسألة لا تخلو من حالات: 1. أن تتفق الصلاتان بالأفعال ولو اختلفتا بالاسم هذه مؤداة وهذه قضاء أو هذه فرض وهذه نفل ولو اختلفتا في الركعات كالعشاء خلف المغرب أو العكس فهذا لا بأس به. 2. أن تختلف الصلاتان بالأفعال اختلافاً يسيراً كصلاة الفجر خلف من يصلي العيد فهذا لا بأس به أيضاً. ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) ينظر ص 54

س86: أين يكون موقف الإمام بالنسبة للمأمومين؟

3. أن تختلف الصلاتان بالأفعال اختلافاً كبيراً كمن يصلي الظهر خلف من يصلي الجنائزة أو الظهر خلف من يصلي الكسوف فهذا لا يصح على الراجح. وأن أجاز ذلك شيخ الإسلام رحمه الله تعالى لحديث {إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه} (¬1) فالمراد بالاختلاف هنا الاختلاف بالأفعال, فعلى هذا فالاختلاف الكبير يؤثر. بخلاف الإختلاف اليسير أو الإختلاف في النية أو الاسم فهذه لا تؤثر. {فصل} س86: أين يكون موقف الإمام بالنسبة للمأمومين؟ ج/ للمأمومين حالتان: 1 - أن يكونوا اثنين, فهل يقفان خلف الإمام أم يكون في وسطهما أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله؟ هذه على خلاف والراجح رأي الجمهور أن السنة أنهما يقفان خلف الإمام بدليل حديث أنس - رضي الله عنه - وفيه {فقام رسول الله - واليتيم معي, والعجوز من ورائنا وصلى بنا ركعتين} (¬2) , ولحديث جابر - رضي الله عنه - {أن النبي - أقامه وجباراً خلفه} (¬3). 2 - أن يكونوا أكثر من اثنين, فالسنة أن يكونوا خلف الإمام, وقد نص على ذلك أهل العلم رحمهم الله تعالى, ويستثنى من هذه المسألة حالتين: 1. امام العراة: والراجح هنا إذا كانوا كلهم عراة أنه يتقدم عليهم لأن السنة أن يكون الإمام إمامهم وتأخره لا يفيد شيئاً غاية ما هنالك أنه هو نفسه يكون أستر. ولو كان أستر له فإنه معذور وهو ليس كذلك لأن جميع من معه على هذا الوجه ولا ينبغي أن نفوت موقف الإمام وانفراده في القبلة لأن الإمام متبوع أن يميز عن أتباعه الذين هم المأمومون. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه مسلم.

س87: ما الحكم لو وقف المأموم قدام الإمام؟

2. إمامة النساء: فإن إمامتهن تقف في صفهن استحباباً ولو تقدمت صحت صلاتها, لأن ذلك أستر, والمرأة مطلوب منها الستر بقدر المستطاع, ومن المعلوم أن وقوفها بين النساء أستر من كونها تتقدم بين أيديهن, ويدل لذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنهما {أنهما إذا أمّتا النساء وقفتا في صفهن} (¬1) , فصار للمأمومين " أي الاثنين فأكثر " مع الإمام ثلاث مواقف: أ- أن يقفوا خلفه وهذا هو الأفضل وهو السنة لفعله عليه الصلاة والسلام فلقد كان إذا قام إلى الصلاة قام أصحابه خلفه. ولما ورد في حديث جابر {أن جابراً وجباراً وقفا أحدهما عن يمينه وآخر عن يساره فأخذ بأيديهما حتى أقامهما خلفه} (¬2). ب- أن يقفوا عن جانبيه وهذا جائز بدليل أن ابن مسعود صلى بين علقمة والأسود وقال {هكذا رأيت النبي - فعل} (¬3). ج-أن يقفوا عن يمينه فقط وهذا جائز أيضاً لكن السنة ما تقدم أن يكونوا خلفه. س87: ما الحكم لو وقف المأموم قُدام الإمام؟ ج/ على خلاف في ذلك والراجح صحة صلاة المأموم مع العذر ولا تصح مع عدم العذر. والضرورة تدعو إلى ذلك في أيام الجمعة, أو في أيام الحج في المساجد العادية, فإن الأسواق تمتلئ ويصلي الناس أمام الإمام وهذا القول هو قول الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى. قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (وذلك لأن ترك التقدم على الإمام غايته أن يكون واجباً من واجبات الصلاة في الجماعة, والواجبات كلها تسقط بالعذر وان كانت واجبة في أصل الصلاة فالواجب في الجماعة أولى بالسقوط, ولهذا يسقط عن المصلى ما يعجز من القيام والقراءة واللباس ... وأما الجماعة فإنه يجلس في الاوتار ولمتابعة الإمام ولو فعل ذلك منفرداً عمداً بطلت صلاته, وإن أدركه ساجداً أو قاعداً ¬

_ (¬1) أما أثر أم سلمة فقد أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة والشافعي والدارقطني والبيهقي وابن حزم وقد احتج به ابن حزم في المحلى, وأما أثر عائشة فقد أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة والحاكم والدارقطني والبيهقي وابن حزم وقد احتج به ابن حزم في المحلى. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه أبو داود والنسائي والإمام أحمد وغيرهم.

س88: إذا كان المأموم واحدا فأين يكون موقفه من الإمام؟

كبر وسجد معه وقعد معه لأجل المتابعة مع أنه لا يعتد له بذلك, وأيضاً ففي صلاة الخوف لا يستقبل القبلة ويعمل الكثير لأجل الجماعة) (¬1). س88: إذا كان المأموم واحداً فأين يكون موقفه من الإمام؟ ج/ يقف عن يمينه محاذياً له ويدل لذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما {أن النبي - قام يصلي ذات ليلة من الليل وكان ابن عباس رضي الله عنهما قد نام عنده, فدخل معه ابن عباس ووقف عن يساره فأخذ برأسه من ورائه فجعله عن يمينه (¬2)}. س89: إذا كان المأموم واحداً تقدم أنه يقف عن يمين الإمام ولكن هل يتقدم عليه الإمام شيئاً يسيراً أم يقف محاذياً له؟ ج/ الراجح أن الإمام يقف محاذياً له ولا يتقدم عليه ولو شيئاً يسيراً لأن السنة تسوية الصف ويدل لذلك حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - قال {سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة} (¬3) ولما ورد في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله - يقول {لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم} (¬4) , وهذا يشمل مصافة الإمام للمأموم كما أنه يشمل صف المأمومين وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أن تسوية الصف تسوية محاذاة واجب, قال شيخ الإسلام: (وظاهر كلام أبي العباس أنه يجب تسوية الصفوف لأنه عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً بادياً صدره فقال {لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم} وقال عليه الصلاة والسلام {سووا صفوفكم فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة} وترجم عليه البخاري "باب إثم من لم يُقِم الصف " ومن ذكر الإجماع على استحبابه فمراده ثبوت استحبابه لا نفي وجوبه) (¬5). ¬

_ (¬1) الفتاوى23/ 404. (¬2) متفق عليه. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) الاختيارات ص50.

س90: ما حكم صلاة المنفرد خلف الإمام؟

س90: ما حكم صلاة المنفرد خلف الإمام؟ ج/ مسألة صلاة المنفرد خلف الصف أو خلف الإمام على خلاف, والراجح في ذلك أن صلاة المنفرد خلف الإمام أو خلف الصف صحيحة إذا لم يجد المصلي موقفاً في الصف, لأن نفي صحة صلاة المنفرد خلف الصف (¬1) يدل على وجوب الدخول في الصف, لأن نفي الصحة لا يكون إلا بفعل محرم أو ترك واجب, فهو دال على وجوب المصافة, والقاعدة الشرعية أنه لا واجب مع العجز, لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (¬2)} , وقوله تعالى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} (¬3) , فإذا جاء المصلي ووجد الصف قد تم فإنه لا مكان له في الصف, وحينئذٍ يكون انفراده لعذر فتصح صلاته وهذا القول هو القول الوسط, قال به الحسن البصري (¬4) وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (¬5) وابن القيم رحمه الله (¬6) وهو اختيار السعدي رحمه الله تعالى (¬7). مسألة: بعض المصلين إذا أتي للصف ووجد أنه لا مكان له على الفرشة صف لوحده خلف الصف مع وجود فرجة في الصف وعدم وجود مكان على الفرشة ليس عذراً لانفراده خلف الصف فلا تصح صلاته منفرداً خلف الصف. ¬

_ (¬1) كما ورد في حديث عبدالرحمن علي بن شيبان السحيمي عن أبيه أن النبي - قال (لا صلاة لمنفرد خلف الصف) رواه ابن ماجه وأحمد وابن أبي شيبة وابن خزيمة وغيرهم. (¬2) (التغابن: من الآية16). (¬3) (البقرة: من الآية286). (¬4) كما في مصنف أبي شيبة. (¬5) مجموع الفتاوى23/ 397. (¬6) تهذيب السنن1/ 336 - 339. (¬7) الفتاوى السعدية1/ 171.

س91: إذا جاء المصلي ولم يجد فرجة في الصف هل يقال له أن يجذب شخصا من الصف, أولى من صلاته منفردا خلف الصف؟

س91: إذا جاء المصلي ولم يجد فُرجة في الصف هل يقال له أن يجذب شخصاً من الصف, أولى من صلاته منفرداً خلف الصف؟ ج/ يقال: الراجح أنه يصلي منفرداً خلف الإمام أو الصف إذا تعذرت المصافة أو الدخول في الصف ولا يجذب أحداً لأن جذب شخص من الصف يستلزم محاذير هي: 1 - التشويش على الرجل المجذوب. 2 - فتح فرجة في الصف, وهذا قطع للصف ويخشى أن يكون هذا من باب قطع الصف الذي قال فيه الرسول - {من قطع صفاً قطعه الله} (¬1). 3 - أن فيه جناية على المجذوب بنقله من المكان الفاضل إلى المكان المفضول. 4 - أن فيه جناية على كل الصف, لأن جميع الصف سوف يتحرك لانفتاح الفرجة من أجل سدها (¬2) ’ (¬3). س92: هنا يرد سؤال آخر أيضا, ألا يقال لهذا المنفرد أنه يصلي إلى جنب الإمام بدل أن يصلي منفرداً؟ ج/ لا يقال بذلك لأن هذا يتضمن ثلاثة محاذير: 1) تخطي الرقاب, فإذا قدرنا أن المسجد فيه عشرة صفوف, فجاء الإنسان في آخر الصف ولم يجد مكاناً وقلنا أذهب إلى صف الإمام فسوف يتخطى عشرة صفوف. 2) إذا وقف إلى جنب الإمام فإنه يكون خالف السنة في انفراد الإمام في مكانه, لأن الإمام موقعه التقدم على المأموم فإذا شاركه أحد في هذا الموضع زالت الخصوصية. 3) أننا إذا قلنا تقدم إلى جنب الإمام ثم جاء آخر وقلنا له تقدم إلى جنب الإمام وهكذا الثالث والرابع حتى يكون عند الإمام صف كامل, لكن لو وقف هذا خلف الصف لكان الداخل الثاني يصف إلى جنبه فيكونان صفاً بلا محذور (¬4). ¬

_ (¬1) رواه أبو داود وغيره وهو صحيح. (¬2) وقد أنكر الإمام مالك رحمه الله جر الرجل, وهو اختيار شيخ الإسلام. أنظر بديع الفؤائد 3/ 87, أعلام الموقعين2/ 22. (¬3) الممتع4/ 383. (¬4) الممتع4/ 384.

س93: وهنا يرد سؤال آخر أيضا, وهو لماذا لا يؤمر أن يبقى هذا المنفرد فإن جاء معه أحد وإلا صلى منفردا؟

س93: وهنا يرد سؤال آخر أيضاً, وهو لماذا لا يؤمر أن يبقى هذا المنفرد فإن جاء معه أحد وإلا صلى منفرداً؟ ج/ يقال في هذا محذوران هما: 1.أنه ربما ينتظر فتفوته الركعة وربما تكون هذه الركعة الأخيرة فتفوته الجماعة. 2.أنه إذا بقي وفاتته الجماعة فإنه حرم الجماعة في المكان وفي العمل, وإذا دخل مع الإمام وصلى وحده منفرداً فإننا نقول على أقل تقدير: حرم المكان فقط, أما العمل فقد أدرك الجماعة, فأيهما خير! أن نحرمه الجماعة في العمل والمكان, أو في المكان فقط؟ الجواب: في المكان فقط, هذا لو قلنا في هذه الحالة يكون مرتكباً لمحظور, مع أن الراجح عندي (¬1) أنه إذا تعذر الوقوف في الصف, فإنه إذا صف وحده لم يرتكب محظوراً (¬2). س94: بمَ يكون الإنفراد؟ أي متى نحكم على هذا المصلي أنه صلى منفرداً خلف الصف؟ ج/ يكون الانفراد إذا رفع إمامه رأسه من الركوع ولم يدخل معه أحد, وبناء على هذا لو أتى شخص وكبر منفرداً لكن مع الإمام لكونه لم يجد مكاناً فجاء شخص آخر وصف معه قبل ركوع الإمام أو بعد ركوعه وقبل رفعه فإنه في هذه الحالة يزول عن الفردية. س95: لو جاء المأموم ووجد الإمام راكع فأحرم خلف الصف لكي يدرك الركعة ثم دخل في الصف فما حكم صلاته؟ ج/ الراجح في ذلك أن يقال إن كان ذلك لعذر لاكتمال الصف مثلاً فصلاته صحيحة مطلقاً حتى لو بقي منفرداً إلى آخر الصلاة كما تقدم بيان ذلك. أما إن كان لغير عذر كأن يكون في الصف فرجة فهذا إن زالت فرديته قبل رفع الإمام من الركوع صحت صلاته وزوال فرديته إما بدخوله الصف قبل رفع الإمام أو ¬

_ (¬1) من كلام الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله. (¬2) الممتع4/ 384,385.

س96: مصافة الصبي المميز هل يعتبر الإنسان معها منفردا أم لا؟

أن يصافه أحد قبل رفع الإمام ويدل لذلك حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - أنه انتهى إلى النبي - وهو راكع قبل أن يصل إلى الصف فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال {زادك الله حرصاً ولا تعد} (¬1) , فالنبي - دعا له ونهاه أن يعود لأن المشروع ألا يدخل الإنسان في الصلاة حتى يصل إلى الصف ولم يأمره بإعادة الركعة فدل هذا على أن ركعته صحيحة, أما إن رفع الإمام من الركوع قبل أن تزول فرديته فصلاته غير صحيحة. س96: مصافة الصبي المميز هل يعتبر الإنسان معها منفرداً أم لا؟ ج/ على خلاف, والراجح في ذلك قول الجمهور أن مصافة الصبي إذا كان مميزاً أنها صحيحة وبناء على هذا لو حضر شخص منفرد وحضر معه صبي مميز فصافه خلف الصبي فإنه لا يعتبر منفرداً لحديث أنس وفيه {فقام رسول الله - وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف} (¬2) , والذي يطلق عليه وصف اليتيم هو الذي لم يبلغ, وهذا وإن كان في صلاة نافلة لكن ما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل يفرق بينهما. س97: لو جاء شخص وصافّ امرأة خلف الصف فهل تزول فرديته أم لا؟ ج/ مصافة المرأة إن كان الصف لم يكتمل فصلاة هذا المنفرد باطلة لأن مصافة المرأة لا تكفي, أما إن كان الصف قد اكتمل فصلاته صحيحة ليس لمصافة المرأة ولكن لوجود العذر وهو اكتمال الصف. س:98: لو جاء شخص وصافّ محدثاً أو متنجساً (¬3) فما حكم صلاة هذا الشخص, هل نحكم عليه بأنه منفرد أم لا؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) تقدم تخريجه ص17. (¬3) الفرق بين المحدث والمتنجس: المحدث هو من صلى على غير طهارة. أما المتنجس فهو من كان على بدنه أو ثوبه أو مكان صلاته نجاسة.

س99: هل تصح صلاة المأموم يسار الإمام مع خلو يمينه؟

ج/ هذه المسألة لا تخلو من حالتين: 1 - أن يكون الصف مكتملاً فصلاته صحيحه لوجود العذر أصلاً باكتمال الصف, أما صلاة من معه أما المتنجس فصلاته صحيحة لأن من كان عليه نجاسة ولم يعلم إلا بعد الصلاة فصلاته صحيحة لأنه يعذر بالجهل والنسيان. أما إن كان محدثاً فصلاته باطلة لأن المحدث لا يعذر بالجهل والنسيان, وإنما صحت صلاة المتنجس إذا لم يعلم بالنجاسة إلا بعد الصلاة ولم تصح صلاة المحدث للقاعدة {أن من ما كان من قبيل المنهيات فإن الإنسان يعذر فيه بالجهل والنسيان, وما كان من قبيل المأمورات فإن الإنسان لا يعذر فيه بالجهل والنسيان}. 2 - أن يكون الصف غير مكتمل, فهذه الحالة لا تخلو من أربع حالات هي: أ. أن يعلما بالنجاسة جميعاً فصلاتهما باطلة, أما الأول فلإنفراده, وأما المتنجس أو المحدث فبطلان صلاتهما لتعمدهما ذلك. ب. إذا جهلا النجاسة جميعاً فالأول صلاته صحيحة لأنه صافّ من يظن صحة صلاته وكذلك المتنجس صلاته صحيحة لأنه معذور بالجهل والنسيان بخلاف من صلى وعليه حدث فيجب عليه الإعادة لعدم عذره بالجهل والنسيان للقاعدة السابقة. ج. أن يعلم المتنجس بنجاسته والمحدث بحدثه ومن صف مع أحدهما لا يعلم بذلك فالراجح هنا صحة صلاته دون صلاتهما فلا تصح. د. أن يعلم الطاهر بنجاسة الآخر والآخر لا يعلم أن عليه نجاسة فتصح صلاة كل منهما, فالمتنجس تصح صلاته لعذر كما تقدم, ومن معه تصح صلاته لعدم انفراده. س99: هل تصح صلاة المأموم يسار الإمام مع خلو يمينه؟ ج/ هذه المسألة على خلاف والراجح في ذلك قول جمهور أهل العلم أن صلاة المأموم تصح عن يسار الإمام حتى مع خلو يمينه ويدل لذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما {أن النبي - قام يصلي ذات ليلة من الليل وكان ابن عباس رضي الله عنهما قد نام عنده, فدخل معه ابن عباس ووقف عن يساره فأخذ برأسه من ورائه

س100: أين يكون موقف المرأة بالنسبة لصف الرجال؟

فجعله عن يمينه} (¬1) فابن عباس رضي الله عنهما كبر تكبيرة الإحرام وهو عن يسار الإمام ولو كانت الصلاة لا تصح لأمره النبي - بإعادة التحريمة, أما الذين قالوا بأنها تصح فاستدلوا على ذالك بأن النبي - أدار ابن عباس عن يساره إلى يمينه ويجاب عن هذا أن هذا مجرد فعل ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب وإنما يدل على أن يمين الإمام هو الموقف الشرعي, لأنه لو كان الأمر للوجوب لقال النبي - لابن عباس لا تعد لمثل هذا كما قال ذلك لأبي بكرة حين ركع قبل أن يدخل في الصف (¬2). س100: أين يكون موقف المرأة بالنسبة لصف الرجال؟ ج/ تكون خلف الصف حتى ولو لم يكن في الجماعة امرأة غيرها, وكذلك لو صلت خلف رجل ليس معه أحد وهي منفردة فإنها تكون خلفه كذلك ويدل لذلك حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - (أن جدته مُليكة دعت رسول الله - لطعام صنعته له فأكل منه, ثم قال {قوموا فلأصل لكم} قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لُبس فنضحته بماء, فقام عليه رسول الله - وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى بنا ركعتين ثم انصرف (¬3). ولأن المرأة لا موقف لها مع الرجل, ولأن وقوفها في صف الرجال مكروه, لأمره - بتأخيرهن. س101: تقدم أن المرأة تصلي خلف الرجال منفردة, فهل حكمها كذلك مع جماعة النساء ايضاً؟ ج/ حكمها ليس كذلك بل هي مع جماعة النساء كالرجل مع جماعة الرجال, أي لا يصح أن تقف خلف إمامتها ولا خلف صف نساء, بل إذا كن نساء فإن المرأة يجب أن تكون في الصف, ولا تصح صلاتها منفردة خلف الصف ولا خلف إمامة النساء ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري. (¬3) رواه البخاري ومسلم.

س102: ما الحكم لو أن المرأة صلت بجانب الرجل عن يمينه؟

إلا عند تعذر المصافة, وهي كمسألة صلاة المنفرد خلف الصف, وقد تقدم بيانها (¬1). س102: ما الحكم لو أن المرأة صلت بجانب الرجل عن يمينه؟ ج/ صلاتها صحيحة وهو كذلك , لكن ذلك خلاف السنة لأن موقفها يكون خلف الإمام كما تقدم, أما لو صلت عن يسار الإمام مع خلو يمينه وقد تقدم بيان هذه المسألة (¬2). س103: ما الحكم لو أن المرأة صلت بصف الرجال؟ ج/ صلاتها صحيحة ولا تبطل صلاة من يليها أو من خلفها من الرجال وهو قول الجمهور وذلك لعدم المبطل ولأن الأصل صحة الصلاة. الخلاصة: المرأة لا تخلو من أمرين: 1. أن تكون معها امرأة أو نساء فحكمها حكم الرجال مع الإمام (¬3). 2. أن تكون المرأة مع رجل أو مع رجال, وهذه تقدم أن موقفها يكون خلفهم. س104: أين يكون موقف المأموم من الإمام من حيث المكان؟ ج/ موقف المأموم من الإمام لا يخلو من حالتين: 1 - أن يكون المأموم داخل المسجد فيصح الإقتداء بالإمام ولو لم تتصل الصفوف, أو كان بينهما حائل كأن صلى الإمام في المصباح والمأموم في ساحة المسجد أو سطحه, قال النووي رحمه الله في المجموع (¬4): للإمام والمأموم في المكان ثلاثة أحوال: ¬

_ (¬1) تقدم بيان ذلك ص 59. (¬2) ينظر ص 59. (¬3) تقدم بيان المأموم المنفرد مع الإمام وكذلك في الحكم فيما إذا كان المأموم أكثر من واحد ينظر ص56 - 59. (¬4) المجموع4/ 175.

أحدهما: أن يكونا في المسجد فيصبح الإقتداء سواء قربت المسافة بينهما أم بعدت لكبر المسجد, وسواء اتحد البناء أم اختلف كصحن المسجد وصفّته, وسرداب فيه وبئر مع سطحه وساحته والمنارة التي هي من المسجد تصح الصلاة في كل هذه الصور وما أشبهها إذا علم صلاة الإمام, ولم يتقدم عليه سواء كان أعلى منه أو أسفل, ولا خلاف في هذا ونقل أصحابنا فيه إجماع المسلمين لكن يشترط أيضاً أن يكون مع المأموم من يزيل فذيته وأيضاً عدم اتصال الصفوف بعضها مع بعض خلاف السنة إذا لم يكن حاجة. 2 - أن يكون المأموم خارج المسجد فهذه الحالة على خلاف والراجح في ذلك: اشتراط اتصال الصفوف مع إمكان الإقتداء إما برؤية أو سماع تكبير ولا تعتبر الرؤية, قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كما في مجموع الفتاوى: وأما صلاة المأموم خلف الإمام خارج المسجد أو في المسجد وبينهما حائل, فإن كانت الصفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة, وإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن ففيه قولان معروفان وهما روايتان عن أحمد ... وأما إذا كان بينهما حائل يمنع الرؤية والإستطراق ففيهما عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره ... ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقاً, مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة ... وقد تقدم أن واجبات الصلاة والجماعة تسقط بالعذر (¬1). وقال أيضاً (¬2): وأما صلاة الجمعة وغيرها فعلى الناس أن يسدو الأول كما في الصحيحين عن النبي - أنه قال {ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا: وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: يسدون الأول فالأول ويتراصون في الصف} , فليس لأحد أن يسد الصفوف المؤخرة مع خلو المقدمة, ولا يصف في الطرقات والحوانيت مع خلو المسجد ومن فعل ذلك استحق التأديب, ولمن جاء بعده تخطيه ويدخل لتكميل الصفوف المقدمة فإن هذا لا حرمة له ... وأما إذا صفوا وبينهم وبين الصف الآخر طريق يمشي الناس فيه لم تصح صلاتهم في أظهر قولي العلماء, وكذلك إذا كان بينهم وبين الصفوف حائط بحيث لا يرون الصفوف ولكن ¬

_ (¬1) الفتاوى 23/ 407. (¬2) الفتاوى 23/ 409.

س105: ما الحكم لو كان الإمام أعلى من المأموم؟ كأن يكون الإمام في الطابق الأعلى وهو في الطباق الأسفل؟

يسمعون التكبير من غير حاجة فإنه لا تصح في أظهر قولي العلماء, وكذلك من صلى في حانوته والطريق خال لم تصح صلاته وليس له أن يقعد في الحانوت وينتظر اتصال الصفوف به بل عليه أن يذهب إلى المسجد فيسد الأول فالأول. وفي موضع آخر (¬1): وسئل رحمه الله عن صلاة الجمعة في الأسواق وفي الدكاكين والطرقات اختياراً هل تصح الصلاة أم لا؟ فأجاب: (إن اتصلت الصفوف فلا بأس بالصلاة لمن تأخر ولم يمكنه إلا ذلك وأما إذا تعمد الرجل أن يقعد هناك ويترك الدخول إلى المسجد كالذي يقعدون في الحوانيت فهؤلا مخطئون مخالفون للسنة). وفي موضع آخر (¬2) قال: (إذا امتلاء الجامع جاز أن يصلي في الطرقات, فإذا امتلأت صلوا فيما بينها من الحوانيت وغيرها, وأما إذا لم تتصل الحوانيت فلا). س105: ما الحكم لو كان الإمام أعلى من المأموم؟ كأن يكون الإمام في الطابق الأعلى وهو في الطباق الأسفل؟ ج/ لا حرج في ذلك ولا كراهة في ذلك حتى ولو كان علة الإمام أكثر من ذراع (¬3) ويدل لجواز ذلك حديث سهل بن سعد أن النبي - لما صنع المنبر صلى عليه يصعد ويقرأ ويركع وإذا أراد أن يسجد نزل من المنبر فسجد على الأرض, وقال {فعلت هذا لتقتدوا بي ولتعلموا صلاتي} (¬4). س106: ما حكم عكس ذلك, أي لو كان المأموم أعلى من الإمام؟ ج/ لا بأس بذلك ولا كراهة لما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - {أنه صلى على سقف المسجد لصلاة الإمام} (¬5). ¬

_ (¬1) ص 411. (¬2) ص 412. (¬3) الحنابلة يقولون لا بأس أن يكون الإمام أعلى من المأموم إلا أنه يكره إذا كان العلو ذراعاً فأكثر. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم وورد عن أنس رواه سعيد بن منصور.

س107: ما حكم اتخاذ المحاريب؟

س107: ما حكم اتخاذ المحاريب؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين فقال: والصحيح أنه " أي اتخاذ المحاريب " مباح فلا نأمر به ولا ننهى عنه, والقول أنه مستحب أقرب إلى الصواب من القول بأنه مكروه, لأن الذي ورد النهي عنه كمذابح النصارى أي أن نتخذ المحاريب كمحاريب النصارى أما إذا كانت تختلف عنهم فلا كراهة, لأن العلة في المحاريب المشابهة لمحاريب النصارى هي التشبه بهم فإذا لم يكن تشبه فلا كراهة (¬1). س108: ما حكم إطالة الإمام القعود مستقبل القبلة بعد انقضاء الصلاة؟ ج/ يكره ذلك, لحديث عائشة {كان النبي - إذا سلم لم يقعد إلا بمقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام (¬2)} , فلا يلبث الإمام جالساً على هيئته قبل السلام بل ينصرف ويقبل على المأمومين, وعدم فعل ذلك خلاف السنة, وفيه حبس للمأمومين لنهيهم عن الانصراف حتى ينصرف الإمام وفيه تشويش عليهم ولا يكره اليسير. س109: إذا سلّم الإمام هل يلزمه الانصراف إلى المأمومين أم لا؟ ج/ هو مخير بين أمرين: 1 - إما أن يقوم وينصرف, ويدل لذلك حديث عقبة بن عامر قال {صليت وراء النبي - بالمدينة العصر فسلم ثم قام مسرعاً فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه (¬3)}. 2 - أو يستقبلهم بوجهه لحديث سمرة بن جندب قال {كان النبي - إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه} (¬4) , ولما روى زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال {صلى لنا رسول الله ¬

_ (¬1) الممتع 4/ 428. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه البخاري. (¬4) متفق عليه.

س110: إذا كان هناك ثمة نساء فما السنة في حق الإمام بالنسبة للانصراف؟

- صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليلة فلما أنصرف أقبل على الناس, فقال ...} (¬1). س110: إذا كان هناك ثمة نساء فما السنة في حق الإمام بالنسبة للانصراف؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله بكلام جميل وفيه رد على دعاة الاختلاط حيث قال رحمه الله تعالى: (يلبث قليلاً مستقبل القبلة من أجل أن, ينصرف النساء كما ثبت ذلك عن النبي - {أنه كان يمكث في مكانه يسيراً إذا كان فيه النساء من أجل أن ينصرفن} (¬2) , وذلك لأن الرجال إذا انصرفوا قبل انصراف النساء لزم من هذا اختلاط الرجال بالنساء, وهذا من أسباب الفتنة حتى أن الرسول - قال {خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها} (¬3) , لأن أولها أقرب إلى الرجال من آخرها, فهو أقرب إلى الاختلاط, وفي هذا دليل واضح جداً على أن من أهداف الإسلام بُعدُ النساء عن الرجال, وأن المبدأ الإسلامي هو عزل الرجال عن النساء, خلاف المبدأ الغربي الكافر الذي يريد أن يختلط النساء بالرجال, والذي انخدع به كثير من المسلمين اليوم, وصاروا لا يبالون باختلاط المرأة الرجال, بل يرون أن هذه هي الديمقراطية والتقدم, وفي الحقيقة أنها التأخر, لأن اختلاط المرأة بالرجال هو إشباع لرغبة الرجل على حساب المرأة, فأين الديمقراطية كما يزعمون؟ إن هذا هو الجور, أما العدل فأن تبقى المرأة مصونة محروسة, لا يعبث بها الرجال لا بالنظر, ولا بالكلام, ولا باللمس, ولا بأي شيء يوجب الفتنة, لكن ضعف الإيمان والبعد عن تعاليم الإسلام, صار هؤلا المخدوعون منخدعين بما عليه الأمم الكافرة, ونحن نعلم بما تواتر عندنا أن الأمم الكافرة الآن تئن أنين المريض المدنف تحت وطأة هذه الأوضاع, وتود أن تتخلص من هذا الاختلاط, ولكنه لا يمكنها الآن فقد اتسع الخرق على الراقع, لكن الذي يؤسف له أيضاً من يريد من المسلمين أن يلحقوا بركب هؤلا ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه البخاري من حديث أم سلمة رضي الله عنها. (¬3) رواه مسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

س111: ما الحكمة في إقبال الإمام على المأمومين بعد الصلاة؟

الذين ينادون بما يسمونه الحرية, وهي في الحقيقة حرية هوى لا حرية هدى كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى: هربوا من الرق الذي خلقوا له ... فبلوا برق النفس والشيطان فالرق الذي خلقوا له هو الرق لله عز وجل, بأن تكون عبداً لله هؤلا هربوا, وبلوا برق النفس والشيطان, فصاروا الآن ينعقون ويخططون من أجل أن تكون المرأة والرجل على حد سواء في المكتب, وفي المتجر, وفي كل شيء, ولا شك أن هؤلا أشهد بالله أنهم غاشون لدينهم وللمسلمين, لأن الواجب أن يتلقى المسلم تعاليمه من كتاب الله وسنة رسوله - وهدي السلف الصالح, ونحن إذا رأينا تعاليم الشارع الحكيم محمد - وجدنا أنه يسعى بكل ما يستطيع إلى إبعاد المرأة عن الرجل, فيبقى الرسول - في مصلاه إذا سلم حتى ينصرف النساء من أجل عدم الاختلاط, هذا مع أن الناس في ذلك الوقت أطهر من الناس في أوقاتنا هذه, وأقوى أيماناً كما قال النبي - {خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (¬1)} , (¬2). س111: ما الحكمة في إقبال الإمام على المأمومين بعد الصلاة؟ ج/ قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قيل الحكمة في استقبال المأمومين: أن يعلمهم ما يحتاجون إليه. وقيل: الحكمة تعريف الداخل أن الصلاة قد انقضت, وقال الزين بن المنير: استدبار المأمومين إنما هو الحق الإمامة فإذا انقضت الصلاة زال السبب, فاستقبالهم حينئذ يرفع الخيلاء والترفع على المأمومين (¬3). س112: ما حكم انصراف المأموم قبل الإمام؟ ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم من حديث عمران بن حصين - رضي الله عنه -. (¬2) الممتع 4/ 433,436. (¬3) الفتح 2/ 334.

س113: ما حكم وقوف المأمومين بين السواري إذا قطعن الصفوف؟

ج/ هذا خلاف السنة ولحديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - قال {لا تسبقوني بالانصراف} (¬1) , إلا أن يخالف الإمام السنة في إطالة الجلوس أو ينحرف الإمام فلا بأس حينئذ من انصراف المأموم. س113: ما حكم وقوف المأمومين بين السواري إذا قطعن الصفوف؟ ج/ يكره ذلك, واختلف العلماء في مقدار السواري التي تقطع الصفوف: فقال بعضهم مقدار ثلاثة أذرع, وقال بعضهم مقدار قيام ثلاثة رجال, وهذا أقل من ثلاث أذرع. قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (وأما السواري التي مثل سوارينا هذه فهي صغيرة لا تقطع الصفوف لا سيما إذا تباعد ما بينها وعلى هذا فلا يكره الوقوف بينها, ومتى صارت السواري على حد يكره الوقوف بينها فإن ذلك مشروط بعدم الحاجة فإن احتيج إلى ذلك كأن كانت الجماعة كثيرة والمسجد ضيقاً فإن ذلك لا بأس به من أجل الحاجة, لأن وقوفهم بين السواري في المسجد خير من وقوفهم خارج المسجد, وما زال الناس يعملون به في المسجدين, المسجد الحرام والمسجد النبوي عند الحاجة, وإنما كره ذلك لأن الصحابة كانوا يتوقون هذا حتى أنهم أحياناً يُطردون طرداً (¬2) , ولأن المطلوب في المصافة التراص من أجل أن يكون الناس صفاً واحداً, فإذا كان هناك سواري تقطع الصفوف فات هذا المقصود للشارع) (¬3). س114: ما حكم حضور المسجد لمن أكل كراثاً أو بصلاً ونحو ذلك مما له رائحة كريهة؟ ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) كما ورد ذلك في حديث معاوية بن قرة عن أبيه قال (كنا ننهى أن نصلي بين السواري على عهد رسول الله - ونطرد عنها طرداً) رواه ابن ماجة وفي الزوائد في إسناده هارون " ابن مسلم " وهو مجهول كما قال أبو حاتم. وعن عبد الحميد بن محمود قال (صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة فدفعنا إلى السواري فتقدمنا وتأخرنا فقال أنس كنا نتقي هذا على عهد رسول الله -) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي حسن وفي بعض النسخ حسن صحيح. (¬3) الممتع 4/ 436 - 438.

ج/ قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (وأكل البصل (¬1) مباح لمن يرغبه ويشتهيه, وإن أكله تحيلاً على إسقاط الجمعة أو الجماعة حرم ذلك) (¬2). قال في كشاف القناع: ويكره حضور المسجد لمن أكل ثوماً أو بصلاً أو فجلاً ... وكذا جزّار له رائحة منتنة, ومن له صناعة, وزيات, ونحوه من كل ذي رائحة منتنة, لأن العلة الأذى (¬3). وبناءً على هذا فلا يحضر الجماعة من أكل شيئاً من ذلك, ونحوها الجماعة في المسجد, سواء أكلها تحيلاً أو لكونه مشتهيها, وعدم حضوره لا لعذر, ولكن لأذيته, وعلى هذا فلا يكتب له أجر الجمعة والجماعة ويدل لذلك حديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - قال {من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا ولا يصلي معنا} (¬4) , ولمسلم {فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم}. {فصل في الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة} هذا الفصل عقده المؤلف لبيان فصل الأعذار التي تسقط الجمعة والجماعة, ولا شك أن الجمعة آكد بكثير من الجماعة بإجماع المسلمين على أنها فرض عين, لقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (¬5). أما صلاة الجماعة فإنه سبق ذكر الراجح فيها وأنها فرض عين (¬6) , لكن آكديتها ليست كآكدية صلاة الجمعة, ومع ذلك تسقط هاتان الصلاتان للعذر, وسقوطهما ¬

_ (¬1) ونحوه مما له رائحة كريهة, سوى ما يحرم شربه وتناوله. (¬2) الممتع 4/ 454. (¬3) كشاف القناع1/ 497. (¬4) رواه البخاري ومسلم. (¬5) (الجمعة: من الآية9). (¬6) ينظر ص 14 - 15.

س115: ما هي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة؟

بالأعذار التي سيأتي بيانها مأخوذ من قاعدة عامة في الشريعة الإسلامية وهي قوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (¬1) , وقوله تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (¬2)} , وقوله {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} (¬3) , فكلما وجدت المشقة وجد التيسير, ومن القواعد المعروفة عند الفقهاء {أن المشقة تجلب التيسير}. س115: ما هي الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة؟ ج/ الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة هي: أولاً: المرض, لأنه - لما مرض تخلف عن المسجد, وقال {مروا أبا بكر فليصل بالناس (¬4)}. س116: ما ضابط المرض الذي يكون مسبباً لإسقاط الجمعة والجماعة؟ ج/ الضابط في ذلك هو: ما يلحق معه حرج ومشقة لو ذهب الإنسان للصلاة, لأن من قواعد الشريعة أن المشقة تجلب التيسير, ويدل لذلك ما يلي: أ- قوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (¬5)} , وقوله تعالى {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} (¬6). ب- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا أمرتكم بأمر فأتو منه ما استطعتم} (¬7). ج- أن النبي - لما مرض صلى في بيته (¬8). ¬

_ (¬1) (البقرة: من الآية185). (¬2) (الحج: من الآية78). (¬3) (البقرة: من الآية286). (¬4) رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها. (¬5) (التغابن: من الآية16). (¬6) (الفتح: من الآية17). (¬7) رواه البخاري ومسلم. (¬8) سبق تخريجه.

ثانياً: الخائف من حدوث المرض, لأنه مرض, وصور ذلك كمن به جرح ويخشى من حضور الجمعة والجماعة أن يحصل له التهاب في الجرح, وهو ما يسمى (بالشمم) فهذا لا يشق عليه حضور الجمعة والجماعة, ولكنه يخشى من حدوث المرض, فهذا مريض يعذر معه بترك الجمعة والجماعة. ثالثاً: المدافع أحد الأخبثين, والأخبثان هما: البول والغائط, ويلحق بهما الريح, ويدل لذلك ما يلي: 1) حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال {لا صلاة بحضرة طعام, ولا هو يدافعه الأخبثان} (¬1) , والنفي هنا بمعنى النهي, أي لا تصلوا بحضرة طعام, ولا حال مدافعة الأخبثين. 2) أن الصلاة حال مدافعة الأخبثين يمنع من إكمال الصلاة وخشوعها, وهذا نقص في ذات العبادة, وترك الجماعة نقص في أمر خارج, والمحافظة على ذات العبادة أولى. 3) أن انحباس هذين الأخبثين مع المدافعة يضر البدن ضرراً بيناً, لأن الله سبحانه وتعالى جعل خروج هذين الاخبثين راحة للإنسان, فإذا حبسهما صار في هذا مخالفة للطبيعة التي خلق الإنسان عليها, وهذا قاعدة طبية {أن كل ما خالف الطبيعة, فإنه ينعكس بالضرر على البدن}. رابعاً: من له ضائع يرجوه. مثال ذلك: كأن يكون له جمل شارد مثلاً, فإذا تخلف عن الجماعة والجمعة وذهب للبحث عنه يرجو وجوده, وحضوره للجمعة والجماعة ثم ذهابه بعد ذلك لا يرجو وجوده, فإنه يكون معذور في هذه الحالة. خامساً: إذا كان لا يخاف ضياع ماله, أو فواته, أو ضرراً فيه, فإنه يكون معذوراً بترك الجمعة والجماعة. ¬

_ (¬1) سبق تخريجه

س117: هل يفرق بين المال الكثير والمال القليل بحيث يتخلف عن الجمعة والجماعة إذا كان المال كثيرا بخلاف المال اليسير أم لا فرق؟

ضياع ماله: كما لو عنده مال يخشى إذا ذهب عنه أن يسرق. وفواته: كما لو كان له جمل شارد مثلاً, وقيل له أن جملك في المكان الفلاني, وحضرت الصلاة وخشي إن ذهب يصلي الجمعة أو الجماعة أن تذهب الدابة عن المكان الذي قيل له إنها فيه, فهذا خائف من فواته, فله أن يترك الصلاة ويذهب إلى ماله ليدركه. أو ضرراً فيه: كأن يكون له خبز في تنور مثلاً, ويخشى إن ذهب إلى الجمعة أو الجماعة أن يحترق خبزه, فله أن يتخلف عن الجمعة والجماعة, لكن كما تقدم لا يتحين وضع خبزه أو طعامه في وقت إقامة الجمعة والجماعة, لكن لو وقع منه إتفاقاً لا قصداً فله أن يتخلف. س117: هل يفرق بين المال الكثير والمال القليل بحيث يتخلف عن الجمعة والجماعة إذا كان المال كثيراً بخلاف المال اليسير أم لا فرق؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله حيث قال: (ظاهر كلام المصنف رحمه الله أنه لا فرق بين المال الكثير والمال القليل الذي لا يعتبر شيئاً, لأنه أطلق فقال " من ضياع ماله " وقد يقال إنه يفرق بين المال الخطير الذي له شأن, وبين المال القليل في صلاة الجمعة خاصة, لأن صلاة الجمعة إذا فاتت فيها الجماعة لا تعاد, وغير الجمعة إذا فاتت فيها الجماعة يصليها كما هو) (¬1). سادساً: إذا كان يخاف على مال استؤجر لحفظه كنظارة بستان ونحو ذلك, ولكن هذا إذا وقع صدفة أو لابد له منه, أما إذا كان يعلم حال استلامه حفظ المال أنه يؤدي به إلى التخلف عن الجمعة والجماعة, وله غنية عن ذلك, فلا ينبغي تعمده وترك ما أوجب الله عليه من حضور الجمعة والجماعة, ويسعى في وجود مؤونة لا تمنع الجماعة. ¬

_ (¬1) الممتع 4/ 444.

سابعاً: إذا حصل له أذى بمطر أو وحل (¬1) , أو ثلج, أو جليد, أو ريح باردة بليلة مظلمة. المطر: أي أن السماء تمطر ويتأذى من المطر بخروجه, فإنه يعذر, أما إذا كان المطر خفيفاً فلا يعذر بذلك, والدليل على أن المطر عذر يبيح التخلف ما ورد عن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله فلا تقل حيى على الصلاة, قل: صلوا في بيوتكم, فكأن الناس استنكروا ذلك, فقال: أتعجبون من ذا فقد فعل ذلك من هو خير مني " يعني النبي - " إن الجمعة عزمة, وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض (¬2). الريح تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة بشروط: 1 - أن تكون الريح باردة, لأن الريح الساخنة ليس منها أذى ولا مشقة. 2 - أن تكون الريح شديدة, لأن الريح الخفيفة لا مشقة منها ولا أذى, حتى ولو كانت باردة. 3 - أن تكون في ليلة مظلمة, وهو قول المذهب (¬3) وعليه الجمهور, ولكن ليس عليه دليل لأنه الحديث الذي استدل به من اشترط هذا الشرط, وهو حديث ابن عمر رضي الله عنهما {أن منادي الرسول - ينادي في الليلة الباردة والمطيرة أن صلوا في رحالكم (¬4)} , ليس فيه اشتراط أن تكون الليل مظلمة. وبناء على هذا فالراجح أن الذي يعذر معه الإنسان بالتخلف عن الجمعة والجماعة هي الريح الباردة الشديدة, ولا يشترط أن تكون الليلة مظلمة. ¬

_ (¬1) الوحل: هو الطين الرقيق. (¬2) متفق عليه. (¬3) مذهب الحنابلة. (¬4) رواه البخاري ومسلم.

س118: هل يعذر المأموم بالتخلف عن الجمعة والجماعة بسرعة الإمام؟

ثامناً: من الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة تطويل الإمام إذا كان طولاً زائداً عن السنة ويدل لذلك حديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - في قصة الرجل الذي صلى مع معاذ - رضي الله عنه - وكان معاذ يصلي مع النبي - العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة, فدخل ذات ليلة في الصلاة فابتدأ سورة البقرة, فانفرد رجل وصلى وحده ومشى, فلما علم به معاذ - رضي الله عنه - قال أنه قد نافق حين خرج عن جماعة المسلمين, ولكن الرجل شكا ذلك إلى النبي - , فدعا معاذاً فغضب عليه وقال له {أتريد يا معاذ أن تكون فتاناً, إذا أمَّ أحدكم الناس فليخفف, ولم يوبخ الرجل} (¬1). س118: هل يعذر المأموم بالتخلف عن الجمعة والجماعة بسرعة الإمام؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله حيث قال: (إن هذا من باب أولى أن يكون عذراً من تطويل الإمام, فإذا كان إمام المسجد يسرع إسراعاً لا يتمكن به الإنسان من فعل الواجب, فإنه معذور بترك الجماعة في هذا المسجد, لكن إن وجد مسجداً آخر تقام فيه الجماعة وجبت عليه الجماعة في المسجد الثاني) (¬2). س119: إذا كان الإمام فاسقاً بحلق اللحية أو شرب الدخان أو إسبال ثوب فهل هذا عذر في ترك الجماعة؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله حيث قال: (إن قال بأن الصلاة خلفه لا تصح كما هو مذهب الحنابلة فهو عذر, وأما إذا قلنا بصحة الصلاة وهو الصحيح, فإن ذلك ليس بعذر لأن الصلاة خلفه تصح, وأنت مأموم بحضور الجماعة) (¬3). أعذار تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة لم يذكرها المصنف رحمه الله ¬

_ (¬1) كأن يقرأ قراءة زائدة عما جاءت به السنة أو يزيد في التسبيحات على عشرة (ينظر في ذلك الجزء الأول من مذكرة الصلاة). (¬2) الممتع4/ 451. (¬3) الممتع4/ 451 - 452.

س120: ما هي شروط تخلف من كان بحضرة طعام يشتهيه عن الجمعة والجماعة؟

تاسعاً: من كان بحضرة طعام يحتاج إليه, ويدل لذلك حديث عائشة رضي الله عنها السابق, ولحديث أنس - رضي الله عنه - أن النبي - قال {إذا حضر العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا المغرب (¬1)} , وكان ابن عمر رضي الله عنهما يسمع قراءة الإمام وهو يتعشى (¬2) , مع أن ابن عمر رضي الله عنهما من أشد الناس تمسكاً بالسنة. والعلة في كون هذا معذوراً بالتخلف عن الجمعة والجماعة هو: التشويش المفضي إلى ترك الخشوع, وهذا خلل في ذات العبادة, وترك الجماعة خلل في أمر خارج, والمحافظة على ذات العبادة أولى. س120: ما هي شروط تخلف من كان بحضرة طعام يشتهيه عن الجمعة والجماعة؟ ج/ الشروط هي: 1 - أن يكون الطعام حاضراً, فإن لم يكن الطعام حاضراً, وهو جائع, فإنه لا يجوز له التخلف, لأنه لن يستفيد من هذا التأخر. 2 - أن يكون نفسه تتوق إليه, لأن العلة من تخلفه عن الجمعة والجماعة خشية التشويش عليه, فإذا لم تكن نفسه تتوق إلى الطعام ولا تشتهيه زالت العلة فانتفى الحكم, والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً. 3 - أن يكون قادراً على تناوله حساً وشرعاً, فإذا كان ممنوعاً منه حساً أو شرعاً, فإنه لا يتخلف. الشرعي: كالصائم, فالصائم حتى لو كان جائعاً, وكان يشغله جوعه عن الصلاة فإنه لا يتخلف عن الجمعة والجماعة, لأنه ممنوع من تناول الطعام شرعاً. والحسي: كما لو قدم له طعام حار لا يستطيع أن يتناوله لشدة حرارته, فهنا لا يتخلف, وإنما يصلي ولا تكره صلاته, ثم يأكل طعامه, لأن انتظاره لا فائدة منه. ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه البخاري.

س121: هل يأكل بقدر ما يزيل انشغاله أم يأكل إلى حد الشبع؟

س121: هل يأكل بقدر ما يزيل انشغاله أم يأكل إلى حد الشبع؟ ج/ يقال الراجح أنه يأكل إلى حد الشبع, لأن الرخصة عامة, كما ورد في الأدلة السابقة (¬1). مسألة: ليس للإنسان أن يتعمد وضع طعامه عند إقامة الجماعة, ثم يتخذ ذلك عادة ويتعلل بما ورد من أدلة شرعية, ولكن يقال ذا وقع هذا اتفاقاً لا قصداً. س122: إذا فات خروج الخروج الوقت لو تخلف ليأكل الطعام فهل يقال له تخلف ولو خرج الوقت أم يصلي محافظة على الوقت مع انشغال ذهنه؟ ج/ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله فقال: (هذا محل خلاف, فبعض العلماء يقول يؤخر الصلاة إذا انشغل قلبه بما حضر من طعام أو شراب أو غيره, حتى ولو خرج الوقت, ولكن أكثر أهل العلم يقولون: أنه لا يعذر بحضور العشاء في تأخير الصلاة عن وقتها وإنما يعذر حضور العشاء بالنسبة للجماعة, يعني أن الإنسان يعذر بترك الجماعة إذا حضر العشاء وتعلقت نفسه به, فليأكل ثم يذهب إلى المسجد, فإن أدرك الجماعة, وإلا فلا حرج عليه ...) (¬2). عاشراً: إذا كان يخاف بحضوره الجمعة أو الجماعة موت قريبة وهو غير حاضر, كأن يكون في سياق الموت ويخشى أن يموت وهو غير حاضر, وأحب أن يبقى عنده ليلقنه الشهادة وما أشبه ذلك, فهذا عذر. الحادي عشر: إذا كان يخاف الضرر على نفسه, كخوفه من سبع ونحو ذلك, إذا خرج فإنه يعذر بالتخلف عن الجمعة والجماعة. ¬

_ (¬1) كما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها, وحديث أنس - رضي الله عنه -. (¬2) مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله, جمع فهد السليمان 13/ 295.

الثاني عشر: إذا كان يخاف على نفسه من سلطان يبحث عنه ليحبسه وهو ظالم له, ففي هذه الحال يعذر بترك الجمعة والجماعة, لأن في ذلك ضرر عليه, أما إذا كان السلطان يبحث عنه بحق, كأن يكون قد اعتدى على إنسان بقتل ونحو ذلك, والسلطان يطلبه ليقتص منه, فهذا ليس له أن يتخلف عن الجماعة ولا الجمعة, لأنه إذا تخلف أسقط حقين, حق الله في الجماعة والجمعة, والحق الذي يطلبه السلطان. الثالث عشر: ملازمة غريم له ولا شيء معه, فهذا له التخلف عن الجماعة والجمعة, وهذه المسألة لا تخلو من أقوال: 1 - إذا حل وفاء الدين ولا شيء معه ولازمه الغريم وتكلم عليه, كأن يقول له في مجامع الناس يا فلان يا مماطل, يا كذاب ونحو ذلك, فهذا عذر يبيح له التخلف عن الجمعة والجماعة, ويحرم على الملازم ملازمته, لقوله تعالى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ (¬1)}. 2 - إذا حل وفاء الدين ومعه ما يسدد به ولازمه الغريم, فالواجب عليه أن يسدد ما عليه, ولا يحل له أن يتخلف عن الجمعة والجماعة, لأنه في تركهما في هذه الحال يكون اسقط حقين, حق الله في الجمعة والجماعة, وحق الآدمي في الوفاء. 3 - إذا كان عليه دين مؤجل, ولم يحل وقته بعد, فهل له أن يتخلف أم لا؟ أجاب عن ذلك الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله فقال: (ينظر فإن كانت السلطة قوية بحيث لو اشتكاه على السلطة لمنعته من ملازمته, فإنه غير معذور, لأن له الحق أن يقدم الشكوى إلى السلطة, أما إذا كانت السلطة ليست قوية, أو أنها تحابي الرجل ولا تأخذ الحق منه, فهذا عذر بلا شك) (¬2). الرابع عشر: إذا كان يخشى من فوات رفقته, فهو يعذر بترك الجمعة والجماعة لأمرين: ¬

_ (¬1) (البقرة: من الآية280). (¬2) الممتع 4/ 446.

س123: الآكل للبصل ونحوه ومما له رائحة كريهة هل يعذر بترك الجمعة والجماعة أم لا؟

ا. لفوات مقصده. ... 2. ولشغل قلبه. ويدخل في ذلك فوات رحلة الطائرة, ولا فرق هنا بين سفر الطاعة كطلب علم أو حج وعمرة, أو سفر مباح كالسفر للتجارة ونحوها. الخامس عشر: غلبة النعاس, خاصة إذا كان لا يدري ما يقول, كأن يكون النوم شديداً, فهنا يكون معذوراً بترك الجمعة والجماعة, ولذا فإنه ينام حتى يزول ما به من النعاس ثم يصلي براحة. س123: الآكل للبصل ونحوه ومما له رائحة كريهة هل يعذر بترك الجمعة والجماعة أم لا؟ ج/ يقال إن كان قصد بأكله البصل أن لا يصلي مع الجماعة فهذا حرام, ولا يحضر إلى المسجد, ليس لأنه معذور, بل دفعاً لأذيته, لأنه يؤذي الملائكة وبني آدم. أما إذا قصد بأكله البصل ونحوه التمتع به, وأنه يشتهيه فليس بحرام, ولا يحضر الجمعة والجماعة, ويكون معذوراً, كالمسافر في رمضان إذا قصد بالسفر الفطر حرم عليه, وإن قصد السفر لغرض غير ذلك فله الفطر. {باب صلاة أهل الأعذار} الأعذار: جمع عذر, كقفل وأقفال, وهو ما يرفع اللوم عما حقه أن يلام عليه (¬1). والمراد بها هنا: المرض, والسفر, والخوف, فهذه هي الأعذار التي تختلف بها الصلاة عند وجودها. واختلاف الصلاة هيئة وعدداً بهذه الأعذار مأخوذ من قاعدة عامة في الشريعة وهي قوله تعالى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (¬2) , وقوله تعالى {وَمَا جَعَلَ ¬

_ (¬1) المطلع ص102. (¬2) (البقرة: من الآية185).

عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ (¬1)} , وقوله {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا (¬2)} , ومن القواعد المعروفة عند الفقهاء {أن المشقة تجلب التيسير}. وهذا التيسير سر من أسرار عظمة هذه الشريعة, فإن الناظر في التخفيفات الواردة في الشرع يرى أنها لا تخرج عن نوعين اثنين: الأول: نوع شرع من أصله للتيسر, وهو عموم التكاليف الشرعية في الأحوال العادية. الثاني: نوع من شرع لما يجدّ من الأعذار والعوارض, وهو المسمى بالرخص, وهو المقصود هنا. فأما النوع الأول فإنه بأدنى تأمل يبدو جلياً أن هذا الدين كله بتكاليفه وعباداته وتشريعاته ملحوظ فيه فطرة الإنسان وطاقته, فالتكاليف الشرعية يسيرة لا عسر فيها, سمحة لا تكلف فيها, سهلة لا تعقيد فيها, أنها لا تمثل قيوداً وأغلالاً في عنق الإنسان, وترهق كاهله, وهو كذلك " أي العبد " لا يمثل في ظل التزامه بها عبداً مسترقاً مسلوب الإرادة والاختيار, كما يخيل لبعض المستشرقين ومن على شاكلتهم ممن في قلوبهم إحَنٌ ودخن, فيكتبون عن الإسلام بروح التعصب, وعقلية المتحامل ويتكلمون بما لا يعلمون, ويهرفون بما لا يعرفون, يدفعهم التحامل والتعصب, ومقت الإسلام وأهله, إلى جانب جهلهم بمبادئ الإسلام وتشريعاته السمحة الندية, إنهم ومن لفّ لفهم يجهلون أن الأحكام الشرعية في حقيقتها توجيه وتشريف أكثر منها قيوداً وحدوداً, وأن التكاليف الربانية أمر ينسجم مع طبيعة الإنسان, ويتلاقى مع مزيته التي خصه الله بها من العقل والفهم, فاي حرج على الإنسان أن يتقيد بها ويعمل بمقتضاها؟ ما دام يعلم علم اليقين أنها منوط بها سعادته, وهو أهل لها, وفي تكليفه بها وتشريفه وتكريمه وتوجيهه وتسديده لتتم بها السعادة في الدنيا والآخرة. وأما النوع الثاني من التخفيفات الواردة في الشرع لما يوجد من الأعذار والعوارض, وهو المسمى بالرخص, أن الرخص في الإسلام تعتبر دليل عيان يشهد له بأنه دين اليسر والسهولة, وشاهد عدل على سماحته وتجاوبه مع الفطر المستقيمة, وحساسيته ¬

_ (¬1) (الحج: من الآية78). (¬2) (البقرة: من الآية286)

س124: ماذا يلزم المريض حال صلاته للفريضة بالنسبة للقيام من عدمه؟

المرهفة لأحوال أهله , ومسارعته في تقديم ما تزول به مشقتهم وعناؤهم, وأن هذه الرخص تعد قاعدة عامة من قواعد الدين الكبرى, وتوجد في جوانب التشريع كله من عقائد وعبادات ومعاملات وأحوال شخصية وقضاء وعقوبات وغير ذلك (¬1). س124: ماذا يلزم المريض حال صلاته للفريضة بالنسبة للقيام من عدمه؟ ج/ يلزمه أن يصلي قائماً مع القدرة, وهذا بالإجماع, ولو كراكع, أي لو كان قيامه كصفة راكع, لكبر أو مرض أو حدب ونحوه, لزمه ذلك مهما أمكنه. أو معتمداً أو مستنداً إلى شيء كعصا أو حائط ونحو ذلك. ويدل لذلك حديث عمران بن حصين {صل قائماً, فإن لم تستطع فقاعداً, فإن لم تستطع فعلى جنب} (¬2). فإن لم يستطع صلى قاعداً, ويكون متربعاً, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت {رأيت رسول الله - يصلي متربعاً} (¬3) , ويكون متربعاً في حال القيام والركوع لما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها, ولأن التربع في الغالب أكثر طمأنينة وارتياحاً من الافتراش, ومن المعلوم أن القيام يحتاج إلى قراءة طويلة أطول من قول {ربَّ اغفر لي وارحمني} فلذلك كان التربع فيه أولى, ولأجل فائدة أخرى وهي التفريق بين القيام والقعود الذي في محله, لأننا لو قلنا يفترش في حال لم يكن هناك فرق بين الجلوس في محله وبين الجلوس البدلي الذي يكون بدل القيام. س125: هل التربع في حال القيام والركوع لمن صلى جالساً؟ ج/ لا, ليس بواجب وإنما هو سنة, فلو صلى مفترشاً ونحو ذلك فلا بأس, لعموم قول النبي - {فإن لم تستطع فقاعداً} ولم يبين كيفية قعوده. مسألة: ¬

_ (¬1) انظر الموافقات للشاطبي 2/ 86 (¬2) رواه البخاري ومسلم. (¬3) رواه النسائي, وابن خزيمة, وابن حبان والحاكم والبيهقي وصححه ابن خزيمة وابن حبان.

س126: إذا لم يستطع أن يصلي قائما ولا قاعدا فكيف يصنع؟

إذا صلى الإنسان قاعداً لعدم استطاعته القيام, فإنه إذا جاء إلى ركن السجود فإنه يضع ما يستطيعه من أعضاء السجود على الأرض, فمثلاً يلاحظ على بعض الناس أنه إذا لم يستطع أن يسجد سجوداً تاماً فإنه يومئ أيماءَ, وهذا صحيح, لكن الخطأ أن بعض الناس في هذه الحالة يضع يديه على ركبتيه مع إمكانه وضعهما على الأرض. ومن الخطأ ما يفعله بعض الناس أنه إذا لم يستطع أن يسجد سجوداً تاماً أنه يضع شيئاً مرتفعاً ثم يسجد عليه, وهذا لا يصح, فإن استطاع أن يسجد سجوداً تاماً وإلا يومئ إيماءَ. س126: إذا لم يستطع أن يصلي قائماَ ولا قاعداً فكيف يصنع؟ ج/ يصلي على جنبه, لحديث عمران بن حصين المتقدم (¬1) , ولم يبين في الحديث على أي الجنبين يكون, وبناء على هذا فالأفضل أن يختار الأيسر له, فإن كان الأيسر للمريض أن يكون على جنبه الأيمن فهذا أفضل, وإن كان العكس فهو أفضل كذلك, لأن المقام مقام رخصة وتسهيل, لكن إن تساوى الجنبان فالجنب الأيمن أفضل, لأن ذلك داخل في عموم حديث عائشة رضي الله عنها {كان النبي - يعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله (¬2)} , ويكون في هذه الحالة وجهه إلى القبلة, وإذا لم يستطع المريض أن يتوجه إلى القبلة, وليس هناك أحد يوجهه, أو كانت الحركة تضره صلى على أي جهة توجه. س127: هل يصح أن يصلي مستلقياً على ظهره ورجلاه إلى القبلة مع قدرته الصلاة على جنبه؟ ج /الراجح أنه لا يصح ذلك مع القدرة على الجنب, لأن النبي - قال لعمران بن الحصين {فإن لم تستطع فعلى جنب} , وهذه هيئة منصوص عليها من قبل الشرع, وتمتاز عن الاستلقاء بأنه وجه المريض إلى القبلة, أما الاستلقاء فوجه المريض إلى ¬

_ (¬1) ينظر ص 87. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

س128: كيف يومئ بالركوع والسجود من صلى على جنب أو صلى مستلقيا؟

السماء, فهو على الجنب أقرب إلى الاستقبال وبناءَ على هذا إن عجز عن الصلاة على جنبه صلى مستلقياً ورجلاه إلى القبلة. س128: كيف يومئ بالركوع والسجود من صلى على جنب أو صلى مستلقياً؟ ج/ يومئ برأسه إلى صدره, ويكون إيماءه إلى السجود أخفض منه إلى الركوع. س129: إذا عجز عن الإيماء برأسه فماذا يصنع؟ ج/هذه المسألة على خلاف, والراجح أنه تسقط عنه الأفعال, فتسقط عنه الحركة بالصلاة, ويصلي بقلبه, فيكبر تكبيرة الإحرام وينوي أنها للإحرام, ثم يقرأ, ثم يكبر وينوي أن هذه التكبيرة للركوع, ويسبح تسبيح الركوع ... (إلخ). وإنما قيل بعدم سقوط الأقوال عنه لأنه قادر عليها, وقد قال تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (¬1) , ولا يومئ بطرفه خلافاً لمن قال بذلك, لأن الحديث الوارد في ذلك وهو قوله - {فإن لم يستطع أومأ بطرفه} (¬2) حديث ضعيف, وبناءً على هذا فالراجح كما تقدم أنه إذا عجز عن الإيماء بالرأس سقطت عنه الأفعال دون الأقوال كما تقدم. مسألة: من الخطأ ما يعتقده بعض العامة أنه إذا عجز عن الإيماء بالرأس أومأ بالإصبع, فينصبون الإصبع حال القيام وحال الركوع يركع, وحال السجود يضم الإصبع, وهذا لا أصل له ولم تأتِ به السنة, ولم يقل به أحد من أهل العلم, فيجب تنبيه العامة على مثل هذه المسألة من قِبَل طلاب وطالبات العلم. س130: من صلى قائماً ثم شق عليه القيام, أو صلى قاعداً ثم قدر على القيام, أو صلى قاعداً أو شق عليه القعود فماذا يفعل؟ ¬

_ (¬1) (التغابن: من الآية16). (¬2) رواه زكريا الساجي بسنده عن الحسن بن علب بن أبي طالب.

س131: إذا كان المصلي من أهل الجماعة فإذا صلى في بيته صلى قائما وإذا صلى بالمسجد صلى جالسا فهل يصلي في بيته لتحصيل القيام أم يصلي في المسجد حتى ولو جلس؟

ج/ نقول من صلى على حال ثم قدر على ما هو أعلى منه, كما لو صلى قاعداً وقدر على القيام, أو صلى على جنب وقدر على القعود أو القيام انتقل إليه, وكذا من صلى على حال ثم احتاج إلى ما هو أدنى منه, كما لو صلى قائماً وشق عليه القيام انتقل إلى الجلوس أو على جنب حسب رغبته, ومثل ذلك لو صلى قاعداً وشق عليه فإنه يصلي على جنب, لقول الله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. س131: إذا كان المصلي من أهل الجماعة فإذا صلى في بيته صلى قائماً وإذا صلى بالمسجد صلى جالساً فهل يصلي في بيته لتحصيل القيام أم يصلي في المسجد حتى ولو جلس؟ ج/ في المسألة خلاف, والراجح في هذه المسألة أنه يجب عليه حضور الجماعة, حتى ولو أدى ذلك إلى صلاته قاعداً, لما ثبت في حديث ابن مسعود أن النبي - قال {وكان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف} (¬1) , ومثل هذا في الغالب لا يقدر على القيام. س132: ما حكم صلاة الفريضة على الراحلة؟ ج/ تصح إذا خشي التأذي إما بوحل أو مطر, فإذا كان يتأذى من النزول من على الراحلة لذلك فله أن يصلي على الراحلة, لكن عليه أن يوقف الراحلة ويستقبل القبلة ويومئ بالركوع والسجود, ومثل ذلك إذا خشي انقطاعاً عن رفقة بنزولة ونحو ذلك, ويدل لذلك قول يعلى بن أمية {انتهى النبي - إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته والسماء من فوقهم والبلة من أسفل منهم, فحضرت الصلاة فأمر المؤذن فأذن وأقام, ثم تقدم النبي - فصلى بهم} (¬2). والصلاة على الرواحل (¬3) لا يخلو من أحوال: ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه أحمد والترمذي وقال: العمل عليه عند أهل العلم. (¬3) الرواحل أقسامها أربعة: سيارات, وحيوان, وطائرات, وسفن.

1 - أن يكون في الراحلة مكان مخصص للصلاة, ويستطيع المصلي أن يأتي بأفعال الصلاة كاملة من قيام وركوع وسجود ونحو ذلك, فهذا له أن يصلي على الراحلة حتى ولو كان يعلم أنه يصل قبل خروج الوقت. 2 - إذا لم يكن هناك مكان على الراحلة يستطيع من خلال ذلك أن يأتي بهيئة الصلاة كاملة, فهنا لا يخلو من حالتين: أ. أن يصل قبل خروج الوقت, ففي هذه الحالة يؤخر الصلاة حتى يصل. ب. أن يصل بعد خروج الوقت, فهنا يؤخر الصلاة بنية الجمع إذا كانت تجمع مع التي بعدها, وكان يصل قبل خروج وقت الصلاة الثانية, أما إن كانت الصلاة لا تجمع مع التي بعدها, أو كانت تجمع لكن لا يصل إلا بعد خروج وقت الثانية, فإنه في هذه الحالة يصلي على حسب حاله, وعليه استقبال القبلة في كل الفرض إن تمكن منه, ولا يؤخر الصلاة حتى يخرج الوقت. {فصل في صلاة المسافر} لما كان للسفر أحكام خاصة في الصلاة ناسب أن يعتني العلماء بذكر أحكامه في باب مستقل, والمسافر هو القسم الثاني من أهل الأعذار, وقد تقدم الكلام عن عذر المرض, وسيأتي الكلام بمشيئة الله تعالى عن عذر الخوف. أولاً: قصر الصلاة في السافر. وقصر الصلاة مشروع بالكتاب والسنة, وآثار الصحابة والإجماع. من الكتاب قوله تعالى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} (¬1). ومن السنة حديث عائشة رضي الله عنها قالت {فرضت الصلاة ركعتين, ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في الحضر (¬2)}. ¬

_ (¬1) (النساء: من الآية101). (¬2) متفق عليه.

س133: ما حكم قصر الصلاة الرباعية للمسافر؟

وقال عمر - رضي الله عنه - {صلاة السفر ركعتان تمام غير قصر (¬1)}. والإجماع كذلك, قال ابن المنذر: (وأجمعوا على أن لمن سافر سفراً تقصر في مثله الصلاة, مثل حج, أو جهاد أو عمرة, أن يقصر الظهر والعصر والعشاء, فيصلي كل واحدة منهما ركعتين, ركعتين) (¬2) , وقد ذكر شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله تعالى أن القصر قصران: قصر العدد, وقصر الأركان, فإذا اجتمع الخوف والسفر اجتمع القصران, وإذا انفرد السفر فقصر العدد, وإذا انفرد الخوف فقصر الأركان (¬3). س133: ما حكم قصر الصلاة الرباعية للمسافر؟ ج/ على خلاف, والراجح أن الإتمام مكروه, وقال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (وقال بعض أهل العلم أن الإتمام مكروه, لأن ذلك خلاف هدي النبي - المستمر الدائم, فإن الرسول - ما أتم أبداً في سفر, وقال {صلوا كما رأيتموني أصلي} (¬4) , وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (¬5) , وهو قول قوي, بل لعله أقوى الأقوال (¬6). ثم قال الشيخ رحمه الله في موضع آخر: (والذي يترجح لي, وليس ترجحاً كبيراً هو أن الإتمام مكروه وليس بحرام, وإن أتم لا يكون عاصياً, هذا من الناحية النظرية, وأما من الناحية العلمية فهل يليق بالإنسان أن يفعل شيئاَ يخشى أن يكون عاصياً فيه؟ فلا ينبغي من الناحية المسلكية والتربوية, بل افعل ما يكون هو السنة, فإن ذلك أصلح لقلبك, حتى وإن كان يجوز لك خلافه, وليس المعنى إما أن يكون الشيء واجباً أو حراماً أو لق الحرية في فعله أو تركه, فلا ينبغي للإنسان أن يتم, فأقل ما نقول أن الإتمام مكروه, لأن النصوص تكاد تكون متكافئة, فاحرص أن تصلي ركعتين في سفرك, ولا تزد على ذلك, ولكن إذا أتم الإمام فإنه يلزمك الإتمام فلا تقع ¬

_ (¬1) رواه أحمد, والنسائي, وابن ماجه, وصححه الألباني في الإرواء3/ 105. (¬2) الإجماع ص 42. (¬3) مجموع الفتاوى 24/ 20 وزاد المعاد 1/ 529. (¬4) رواه البخاري. (¬5) الاختيارات ص72. (¬6) الممتع4/ 505.

س134: أي الصلوات التي تقصر؟

في المخالفة, وهذا من نظر الشرع لاتفاق الأمة, وإن كان ذلك خلاف الأولى بك لو صليت منفرداً) (¬1). س134: أي الصلوات التي تقصر؟ ج/ التي تقصر هي الصلاة الرباعية فقط, وهي صلاة الظهر والعصر والعشاء. أما المغرب والصبح فلا تقصران إجماعاً, قال ابن المنذر (¬2). فالمغرب لا تقصر لأنها وتر النهار, فإذا سقط منها ركعة بطل كونها وتراً, وإن سقط ركعتان بقي ركعة, وأما الصبح فإنه إذا سقط منها ركعة بقي ركعة, ولا نظير له في الفرض. س135: هل يشترط للمقصر أن يكون السفر مباحاً أم يصح القصر حتى لمن سافر سفراً محرماً؟ ج/ على خلاف, والراجح في ذلك أن السفر مبيح للقصر سواء كان السفر مباحاً أو محرماً, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر, قال تعالى {وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر (¬3)} , كما قال تعالى في آية التيمم {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} (¬4) ولما تقدم من النصوص الدالة على أن المسافر يصلي ركعتين (¬5) , ولم ينقل قط أحد عن النبي - أنه خص سفراً من سفر مع علمه بأن السفر يكون حراماً ومباحاً, ولو كان هذا مما يختص بنوع من السفر لكان بيان هذا من الواجبات, ولو بّين هذا لنقلته الأمة, وما علمت عن الصحابة في ذلك شيئاً (¬6). ¬

_ (¬1) الممتع 4/ 509. (¬2) الإجماع ص 42. (¬3) (البقرة: من الآية185). (¬4) (المائدة: من الآية6). (¬5) انظر ص90. (¬6) الفتاوى 24/ 105.

س136: هل للسفر مسافة محددة أم لا؟

س136: هل للسفر مسافة محددة أم لا؟ ج/ على خلاف والراجح أنه لا حد للمسافة, وإنما يرجع في ذلك إلى العرف, لأنه لم يرد عن النبي - تقييد السفر بمسافة, وليس هناك حقيقة لغوية تقيده فكان مرجع ذلك إلى العرف, وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (¬1) , قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ولم يحد النبي - مسافة القصر بحد لا زماني ولا مكاني, والأقوال المذكورة في ذلك متعارضة ليس على شيء منها حجة, وهي متناقضة, ولا يمكن أن يحد ذلك بحد صحيح, فإن الأرض لا تذرع بذرع مضبوط في عامة الأسفار, وحركة المسافر تختلف, والواجب أن يطلق ما أطلقه صاحب الشرع, ويقيد ما قيده ... ومن قسّم الأسفار إلى قصير وطويل, وخص بعض الأحكام بهذا وبعضها بهذا, أو جعلها متعلقة بالسفر الطويل, فليس معه حجة يجب الرجوع إليها) (¬2) , وبناء على هذا فالمسألة لا تخلو من أربع حالات هي: 1 - أن تكون المدة طويلة في مسافة طويلة, فهذا سفر لا إشكال فيه, كما لو ذهب من القصيم إلى مكة مثلاً, وبقي فيها عشرة أيام. 2 - أن تكون المدة قصيرة والمسافة قصيرة كذلك, فهذا ليس بسفر, كما لو خرج مثلاً من بريدة إلى عنيزة (¬3) في يوم ورجع في يومه. 3 - أن تكون المدة طويلة والمسافة قصيرة, كما لو ذهب شخص من بريدة إلى عنيزة مثلاً, وأقام فيها يومين أو ثلاثة أيام مثلاً, فهذا يعتبر سفراً. 4 - أن تكون المدة قصيرة والمسافة طويلة, كمن ذهب من بريدة مثلاً إلى جدة ورجع في يومه, فهذا يعتبر سفراً, لأن الناس يتأهبون له ويرون أنهم مسافرون. س137: إنسان تائه خرج من بلده يتمشى أو يطلب جملاً شارداً فضل الطريق فصار تائهاً يطلب الطريق ولم يهتد إليه فهل يقصر الصلاة أم لا؟ ¬

_ (¬1) الفتاوى 24/ 12 - 35 - 19 - 47 - 48 - 135. (¬2) الفتاوى24/ 12. (¬3) بينهما ما يقارب من ثلاثين كيلاً تقريباً.

س138: إذا أشكل على الإنسان هل هذا يسمى سفرا عرفا أم لا فهل يقصر أم لا؟

ج/ على خلاف, والراجح أنه يقصر الصلاة, لأنه يعتبر على سفر, قال شيخ الإسلام رحمه الله: (إن الصلاة تقصر في كل ما يسمى سفراً) (¬1). س138: إذا أشكل على الإنسان هل هذا يسمى سفراً عرفاً أم لا فهل يقصر أم لا؟ ج/ هذه المسألة يتجاذبها أصلان هما: الأصل الأول: أن السفر مفارقة محل الإقامة, وحينئذ نأخذ بهذا الأصل, فيحكم بأنه سفر. الأصل الثاني: أن الأصل الإقامة حتى يتحقق السفر, وما دام الإنسان شاكاً في السفر فهو شاك هل هو مقيم أو مسافر؟ والأصل الإقامة, وبناء على هذا فيقال بأن الإنسان إذا شك هل هذا سفر يسمى سفراً عرفاً أم لا؟ فالأحوط أن يتم الإنسان, لأن الأصل في الإنسان أنه مقيم, والسفر مشكوك فيه, فيتم حتى يتحقق أنه مسافر, للقاعدة الشرعية {اليقين لا يزول بالشك}. س139: من سافر من أجل أن يترخص فهل له ذلك أم لا؟ ج/ مثال ذلك: رجل سافر من أجل أن يقصر الصلاة, أو من أجل أن يفطر في نهار رمضان مثلاً, فهنا الراجح أنه لا يترخص, لأنه يعاقب بنقيض قصده, فكل من أراد التحايل على إسقاط الواجب, أو فعل المحرم عوقب بنقيض قصده. س140: متى يباح للإنسان أن يترخص إذا سافر؟ ج/ إذا فارق عامر بنيان قريته, لقوله تعالى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ ¬

_ (¬1) الاختيارات ص72.

س141:لو خرج الإنسان مسافرا وبعد أن فارق عامر قريته صلى وقصر الصلاة ثم حصل له عذر منعه من استكمال السفر فرجع إلى بلده فهل يعيد الصلاة التي قصرها ثانية أم لا؟

عَدُوّاً مُبِيناً (¬1)} , ولا يسمى ضارباً حتى يخرج, ولحديث أنس - رضي الله عنه - قال {صليت مع النبي - الظهر بالمدينة أربعاً, وبذي الحليفة ركعتين} (¬2). قال شيخ الإسلام رحمه الله: (والمسافر لابد أن يسفر " أي يخرج " إلى الصحراء, فإن لفظ السفر يدل على ذلك, يقال: سفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته, فإذا لم يبرز إلى الصحراء, فإذا لم يبرز إلى الصحراء التي ينكشف فيها من بين المساكن لم يكن مسافراً) (¬3). وبناء على هذا نعلم خطأ بعض الناس حينما يعتقدون أنهم لا يبدءون في الرخصة إذا خرجوا من بلدهم إلا إذا قطعوا مسافة قصر فأكثر, بل يقال إذا خرج الإنسان من بلده وفارق عامر بلده بدأ في الترخص حتى ولو كان يرى بلده, وعلى هذا فمن خرج إلى المطار وكان المطار خارج البلد فله أن يترخص في المطار من القصر والجمع ويفطر ونحو ذلك, وليس بلازم أن ينتظر حتى تقلع الطائرة وتقطع مسافة قصر. س141:لو خرج الإنسان مسافراً وبعد أن فارق عامر قريته صلى وقصر الصلاة ثم حصل له عذر منعه من استكمال السفر فرجع إلى بلده فهل يعيد الصلاة التي قصرها ثانية أم لا؟ ج/ يقال بأنه لا يعيد, لأن المعتبر نية المسافة لا حقيقتها, ولأنه أتى بها بأمر الله موافقة لشرعه, فتكون مقبولة, ولقول النبي - في حديث عائشة رضي الله عنها {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد (¬4)} , فمفهوم ذلك أن من عمل عملاً عليه أمر الله ورسوله فهو مقبول. س142: متى يلزم المسافر الإتمام؟ ¬

_ (¬1) (النساء:101). (¬2) متفق عليه. (¬3) الفتاوى24/ 120. (¬4) رواه البخاري معلقاً بصيغة الجزم.

ج/ ذكر الفقهاء أنه يلزم المسافر الإتمام في عدة مسائل في بعضها نظر, سأشير إلى ذلك وهي: 1 - إذا دخل وقتها وهو في الحضر ثم سافر, قالوا بأنه يلزمه الإتمام في هذه الصورة. مثال ذلك: لو أذن المؤذن لصلاة الظهر وهو في البلد, ثم سافر, ثم صلى في الطريق, قالوا بأنه يتم الصلاة في هذه الحالة, ولكن في هذا نظر, فالصحيح أنه يقصر الصلاة في هذه الحالة, قال في الإنصاف: (اختاره " أي القصر " في الفائق , وحكاه ابن المنذر إجماعاً كقضاء المريض ما تركه في الصحة ناقصاً, وكوجوب الجمعة على العبد الذي عتق بعد الزوال, وكالمسح على الخفين " أي إذا لبس خفيه ثم سافر قبل المسح " مَسَحَ مَسْحَ مسافر) (¬1) , قال ابن المنذر في الإجماع: (وأجمعوا على أن لمن خرج بعد الزوال أن يقصر الصلاة) (¬2) , ولأن العبرة بفعل الصلاة لا بالزمن. 2 - إذا صلى خلف من يتم. مثال ذلك: رجل مسافر صلى خلف إمام مقيم, فإنه يتم خلفه الصلاة ولا يقصر للأدلة الآتية: أ. حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - قال {إنما جعل الإمام ليؤتم به ... (¬3)} الحديث. ب. ما ورد في حديث أبي هريرة رضي - رضي الله عنه - أن النبي - قال {... وما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا (¬4)} , وهذا يشمل كل ما أدرك الإنسان وكل ما فاته. ج. ما ورد عن موسى بن سلمة الهذلي بلفظ: (كنا مع ابن عباس بمكة فقلت: إنا إذا كنا معكم صلينا أربعاً, وإذا رجعنا إلى رحالنا صلينا ركعتين, قال: تلك سنة أبي ¬

_ (¬1) الانصاف مع الشرح5/ 35. (¬2) الإجماع ص43. (¬3) رواه البخاري ومسلم. (¬4) رواه البخاري ومسلم.

القاسم -) (¬1) , وروي بلفظ آخر عن موسى بن سلمة أنه قال {سألت ابن عباس كيف أصلّ إذا كنت بمكة إذا لم أصلي مع الإمام؟ فقال: ركعتين , سنة أبي القاسم - (¬2)} , فهذه الأدلة تدل على أن المسافر إذا ائتم بمقيم فإنه يتم خلفه ولا يقصر ... ولكن متى يتم خلفه؟ يتم المسافر خلف المقيم إذا أدرك ركعة فأكثر, لعموم حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً {من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (¬3)} , وبناء على ذلك فلو جاء المأموم المسافر ودخل مع الإمام في التشهد الأخير (¬4) فإنه يصلي قصراً إذا أقام لقضاء الصلاة. 3 - إذا لم ينو القصر عند الإحرام , فقالوا في هذه الحالة يلزمه الإتمام, وهو مذهب الحنابلة والشافعية. مثال ذلك: رجل مسافر شرع في صلاة الظهر ولم ينو القصر عند تكبيرة الإحرام, وإنما نوى ذلك بعد ما كبر تكبيرة الإحرام, قال شيخ الإسلام رحمه الله: (وهو الصحيح الذي تدل عليه سنة النبي - فإنه كان يقصر بأصحابه, ولا يعلمهم قبل الدخول في الصلاة أنه يقصر, ولا يأمرهم بنية القصر) (¬5). ويتفرع عن هذه المسألة مسالتين هما: المسألة الأولى: إذا ائتم مسافر بإمام يشك فيه هل هو مسافر أم لا, هل يتم أم يقصر؟ وهذا يكون في محل يكثر فيه المسافرون, كالمطارات والمحطات ونحو ذلك, يقال هذه المسألة لا تخلو من أمرين: ¬

_ (¬1) رواه أحمد في مسنده. (¬2) رواه مسلم. (¬3) متفق عليه. (¬4) مع أن الراجح في ذلك أنه لا يدرك الجماعة إذا دخل مع الإمام في التشهد الأخير خلافاً لمن قال بذلك, وبناء على ذلك فالمشروع إذا جاء والإمام في التشهد الأخير فإنه لا يدخل معه إذا كان يغلب على الظن حضور جماعة أخرى. (¬5) الفتاوى24/ 21.

أ. أن تكون هناك قرينة على أن الإمام مسافر, فهنا يقصر, كما لو صلى بهم من يرى عليه آثار السفر كحملة لعفش ونحو ذلك. ب. إذا لم يكن هناك قرينة تدل على وضع الإمام هل هو مسافر أم لا, فهنا يلزمه الإتمام, لأن من شرط القصر أن ينويه نية جازمة لا تردد فيها. لكن لو قال إن أتم الإمام أتممت معه, وإن قصرت فلا بأس بذلك, وهذا ليس من باب الشك, بل من باب تعليق الفعل بأسبابه, فسبب القصر قصر الإمام, وسبب الإتمام إتمامه. المسألة الثانية: إذا دخل مسافر مع إمام مقيم, ثم فسدت صلاة المسافر بحدث أو نحوه, ثم ذهب ليتوضأ إن كان فسادها بحدث مثلاً, فرجع ووجدهم قد صلوا, فهل يعيدها تامة أم مقصورة؟ يقال هذا لا تخلو من أمرين: أ. أن يبتدئ الصلاة وهو على طهارة, ثم أحدث مثلاً, فهذه الحالة على خلاف, والراجح أنه يقصر في هذه الصورة, خلافاً لمن قال أنه يتم, كما هو مذهب الحنابلة, والمالكية, والشافعية, لأنه إنما يلزمه الإتمام متابعة للإمام, وقد زالت التبعية, فلا يلزمه إلا صلاة مقصورة. ب. أن يدخل الصلاة على غير طهارة أصلاً, فهنا يقصر الصلاة أي المسافر, حتى عند الحنابلة, لأن الصلاة لم تنعقد أصلاً. 4 - من نوى الإقامة المطلقة في بلاد الغربة, كالعمال المقيمين للعمل, والتجار المقيمين للتجارة, وسفراء الدول ونحوهم ممن عزم على الإقامة إلا لسبب يقتضي نزوجهم فهؤلا حكمهم حكم المستوطنين من وجوب الصوم, وإتمام الصلاة ونحو ذلك, فهذا لا يترخص, فليس له القصر ولا الجمع ونحو ذلك من رخص السفر. 5 - إذا نوى الإقامة في البلد الذي سافر إليه أربعة أيام فأكثر, أو أقام لحاجة وظن أنها لا تنقضي إلا بعد الأربعة, فقالوا في هذا لا يترخص, وهو قول الحنابلة والمالكية والشافعية, لكن المالكية والشافعية لا يحسبون يومي الدخول والخروج, وهذا

القول فيه نظر, فالصحيح أن حكم هؤلا حكم المسافرين, وأنهم يترخصون ما لم ينووا الاستيطان أو الإقامة المطلقة, وأدلة ذلك كثيرة منها: أ. قوله تعالى {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} (¬1) , وقد علم سبحانه أن من الضاربين من يبقى أياماً وشهوراً, ولم يستثنى سبحانه وتعالى حالاً من الأحوال, ولا ضارباً من ضارب. ب- حديث أنس - رضي الله عنه - قال {خرجنا مع رسول الله - من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجع إلى المدينة (¬2)} , وفي رواية لمسلم {خرجنا من المدينة إلى الحج} , فالنبي - أقام إقامة لغرض الحج, مقيدة بزمن معين, وقد نواها من قبل ومع ذلك بقي يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة. ج- حديث جابر رضي الله عنهما {أن النبي - أقام بتبوك عشرين يقصر الصلاة} (¬3). قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى: (ومعلوم بالعادة أن مما يفعل بمكة وتبوك لم يكن ينقضي في ثلاثة أيام ولا أربعة, حتى أنه كان يقول: اليوم أسافر, غدً أسافر). د- ما ورد عن أبي حجرة نصر بن عمران قال: قلت لابن عباس {أنا نطيل السفر بخراسان فكيف ترى؟ قال: صلَّ ركعتين, وإن أقمت عشر سنين} (¬4) , {وأقام ابن عمر في أذربيجان ستة شهور يصلي ركعتين, وقد حال الثلج بينه وبين الدخول} (¬5) , {وأقام أنس بالشام يقصر الصلاة سنتين (¬6)} , وروى عبد الرزاق عن الحسن قال: (كنا مع عبد الرحمن بن سمرة ببعض بلاد فارس سنتين فكان لا يزيد ¬

_ (¬1) (النساء: من الآية101). (¬2) متفق عليه. (¬3) متفق عليه. (¬4) ينظر ص 95. (¬5) رواه البيهقي, وقال ابن حجر في الدراية1/ 212 إسناده صحيح. (¬6) رواه البيهقي.

على ركعتين) , وفي حديث أنس {أن أصحاب رسول الله - أقاموا برام هرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة} (¬1). والخلاصة في ذلك أن المسافرين على ثلاثة أقسام: أ- أن ينووا الإقامة المطلقة, فهؤلا حكمهم حكم المستوطنين فلا يترخصون برخص السفر كما تقدم (¬2). ب- أن ينووا إقامة لغرض معين مقيدة بزمن, ومتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم, تقدم الخلاف في ذلك (¬3) , وذكرنا أن الراجح أن هؤلا لهم حكم المسافرين. ج- أن ينووا إقامة لغرض معين غير مقيد بزمن, ومتى انتهى غرضهم عادوا إلى أوطانهم, كمن قدم لمراجعة دائرة حكومية, أو لبيع سلعة أو شرائها, فهؤلا حكمهم حكم المسافرين حتى على مذهب الحنابلة, وحكاه ابن المنذر إجماعاً. 6 - المسألة السادسة: إذا أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر حتى ضاق وقتها عنها. مثال ذلك: أخر صلاة العصر وهو مسافر حتى فاته الوقت, فقالوا بأن هذا لا يترخص, لأنه صار عاصياً بتأخيرها عمداً بلا عذر, ولكن الراجح أنه يقصر لعدم تحريم السبب. {مسائل لم يذكرها المصنف: يلزم فيها المسافر الإتمام} ¬

_ (¬1) رواه البيهقي. (¬2) ينظر ص 95. (¬3) ينظر ص 95.

7 - إن أحرم حضراً ثم سافر, أو في سفر ثم أقام, أو ذكر صلاة حضر في سفر, أو ذكر صلاة سفر في حضره, عبارة الفقهاء هذه تضمنت عدة مسائل يرون أنه يلزم الإتمام فيها سأذكرها مع التمثيل, والراجح في كل مسألة: المسألة الأولى: إذا أحرم في الحضر ثم سافر. مثال ذلك: رجل كان في سفينة تجري في نهر يشق البلد, ثم كّبر للصلاة فتحركت السفينة وفارقت عامر بنيان قريته, وهو في أثناء الصلاة, فإنه يلزمه الإتمام, لأنه ابتدأ الصلاة في حال يلزمه إتمامها, فلزمه الإتمام. المسألة الثانية: إذا أحرم في السفر ثم أقام, وهي عكس المسألة السابقة. مثاله: رجل كان في سفينة فابتدأ الصلاة قبل دخول البلد, ثم دخلت السفينة البلد وهو ما يزال في الصلاة, فهنا يلزمه الإتمام, لأنه اجتمع في هذه العبادة سببان: أحدهما يبيح القصر, والثاني يمنع القصر, فغلب جانب المنع, فالذي يبيح القصر السفر, وهو الذي ابتدأ الصلاة فيه, والذي يمنعه الإقامة, وهو الذي أتم الصلاة فيها, فيغلب هذا الجانب, لأن الفقهاء عندهم قاعدة وهي {إذا اجتمع مبيح وحاظر فالحكم للحاظر} , أو يقال يغلب جانب الحظر, ودليل هذه القاعدة حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما أن النبي - قال {دع ما يريبك إلى ما لا يريبك} (¬1) , ولما ورد من حديث النعمان بن بشير - رضي الله عنه - أن النبي - قال {... ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه} (¬2). وما سبق في المسألتين الأولى والثانية هو قول الحنابلة, والراجح في ذلك, أما بالنسبة للمسألة الأولى, فإنه إذا صلى ركعة فأكثر في الحضر ثم سافر, فإنه يتم ¬

_ (¬1) رواه الإمام أحمد والترمذي وقال حديث حسن صحيح والنسائي والدارمي والطيالسي وابن حبان وصححه , والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. (¬2) رواه البخاري ومسلم.

صلاة مقيم, أما إن كبر للإحرام وفارق عامر بنيان قريته, وهو لم يصلَّ شيئاً, فإنه يتم صلاة مسافر, وكذلك بالنسبة للصلاة الثانية فإنه إذا أحرم في السفر ثم أقام, فإن كان صلى في حال سفره ركعة فأكثر ثم أقام أتم صلاة المسافر, وإلا صلى صلاة مقيم, لأن الإدراكات كلها تقيد بركعة, لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - {من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة} (¬1). المسألة الثالثة: إذا ذكر صلاة حضر في سفر. مثال ذلك: رجل صلى في بلده الظهر على غير وضوء ناسياً فسافر, ثم تذكر أثناء السفر أنه صلى الظهر على غير طهارة في الحضر, فمن المعلوم هنا أنه لابد من إعادة الصلاة للقاعدة الشرعية {أن باب الأوامر لا يعذر فيه الإنسان بالجهل والنسيان} , ولكن هل يعيدها أربعاً بناء على أنه صلاها في الحضر أم يصليها ركعتين لأنه سيعيدها حال السفر؟ يقال: يصليها أربعاً, لحديث أبي هريرة مرفوعاً أن النبي - قال {من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها} (¬2) , أي يصلي هذه الصلاة كما ذكرها, ولأن هذه الصلاة لزمته تامة, فوجبت عليه قضاؤها تامة, قال ابن المنذر في الإجماع: (وأجمعوا على أن من نسي صلاة في حضر فذكرها في السفر أن عليه صلاة الحضر, إلا ما اختلف فيه الحسن البصري) (¬3). المسألة الرابعة: إذا ذكر صلاة سفر في حضر, وهي عكس المسألة السابقة. مثال ذلك: ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) رواه مسلم. (¬3) الإجماع ص 44, وقول الحسن البصري قال به المزني كما في المجموع 4/ 224, وابن حزم كما في المحلى 5/ 44.

صلى في السفر صلاة الظهر ركعتين, وهو مذهب أبي حنيفة ومالك, لما تقدم من حيث أبي هريرة - رضي الله عنه - , وهذا ذكر صلاة مقصورة, فتلزمه صلاة مقصورة, ولأن القضاء يحكي الأداء, ولم يفته إلا ركعتان. والخلاصة: أن المسألة الرابعة وما قبلها لها أربع صور: 1 - أن يذكر صلاة سفر في سفر, فإنه يقصر, كما لو صلى في سفر قصراً وهو على غير طهارة, ثم تذكر هذه الصلاة أنه صلاها على غير طهارة في سفر آخر, فهنا يقصر. 2 - أن يذكر صلاة حضر في حضر, فهذا يتم, وهذه ظاهرة. 3 - أن يذكر صلاة سفر في حضر, فهنا يقصر على الصحيح كما تقدم. 4 - أن يذكر صلاة حضر في سفر, فهنا يتم. فائدة: ويسن للمسافر إذا أمَ مقيمين أن يقول: أتموا فإنا قوم سفر, لقول النبي - ذلك لأهل مكة, ولئلا يلتبس على الجاهل عدد الركعات. {فصل في الجمع} الجمع هو: ضم إحدى الصلاتين إلى الأخرى, وقولنا (ضم) يراد به ما يصح الجمع بينهما, وهما جمع الظهر مع العصر, والمغرب مع العشاء, وهذا التعريف يشمل التقديم, وجمع التأخير, والجمع كما سيأتي لأمرين هما: السفر, وللمشقة في الحضر, كالمرض وما أشبهه. فائدة: كل من جاز له القصر جاز له الجمع والفطر ولا عكس.

س143: ما حكم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر, والمغرب والعشاء عند وجود سبب الجمع؟

س143: ما حكم الجمع بين صلاتي الظهر والعصر, والمغرب والعشاء عند وجود سبب الجمع؟ ج/ الراجح أن الجمع سنة إذا وجد سببه لوجهين: الوجه الأول: أنه من رخص الله عز وجل, والله سبحانه وتعالى يجب أن يوتى رخصه. الوجه الثاني: أن فيه إقتداء برسول الله - , فإنه كان يجمع عند وجود السبب المبيح للجمع. س144: أيهما أفضل جمع تقديم أم جمع التأخير؟ ج/ الأفضل أن الإنسان يفعل الأرفق به, فإن كان الأرفق به جمع التقديم جَمَعَ جمع تقديم, والعكس كذلك, لأن أصل الجمع إنما شرع لرفع الحرج والمشقة, فإذا كان ذلك في أصله, فيكون كذلك في فرعه, ويدل لذلك حديث معاذ - رضي الله عنه - {أن النبي - كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعهما إلى العصر يصليهما جميعاً, وإذا أرتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعاً ثم سار, وكان يفعل ذلك في المغرب والعشاء} (¬1). ومما يجب أن يعلم من أراد الجمع أنه إذا جاز الجمع صار الوقتان وقتاً واحداً, فإن شاء جمع في وقت الأولى, أو في الثانية, أو في الوقت الذي بينهما, وأما ظن بعض العامة أنه لا يجمع إلا في آخر وقت الظهر وأول وقت العصر, أو في أول وقت أحدهما فهذا لا أصل له. س145: هل يجوز الجمع لمن كان نازلاً أم لا؟ ج/ أما بالنسبة للمسافر السائر فهذا لا خلاف في جواز الجمع في حقه (¬2) , ويدل لذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما {أن النبي - كان يجمع إذا جد به ¬

_ (¬1) رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب وهو صحيح. (¬2) إلا عند من يقول بأنه لا يجوز الجمع مطلقاً بعذر السفر, كما هو قول الحنفية وهو قول مرجوح.

س146: متى يباح للمقيم الجمع بين الصلاتين؟

السير (¬1)} , وأما بالنسبة للجمع لمن كان نازلاً فعلى خلاف, والراجح أنه يجوز له الجمع حتى ولو كان نازلاً, وهو قول الجمهور (¬2) , ويدل لذلك حديث أبي جحيفة - رضي الله عنه - حين أتى النبي - وهو بالأبطح بمكة بالهاجرة, وفيه {ثم صلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين} (¬3) , وأيضاً مما يدل لذلك جمع النبي - في عرفة وهو نازل (¬4). والخلاصة في ذلك: أن الجمع للمسافر جائز, لكنه في حق السائر مستحب, وفي حق النازل جائز غير مستحب إن جمع فلا بأس, وإن ترك فهو أفضل, لكن إن كان نازلاً, وكان الجو بارداً, ولو كان نازلاً, وإنما يكون ترك الجمع أفضل في حق المسافر النازل إذا لم يشق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها. س146: متى يباح للمقيم الجمع بين الصلاتين؟ ج/ في المسألة خلاف, والراجح أن المقيم له الجمع بين الظهرين (¬5) وبين العشاءين (¬6) كلما دعت الحاجة إلى الجمع بين الصلاتين, وكان في ترك الجمع حرج ومشقة جاز ذلك, ويدل لذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال {جمع النبي - في المدينة بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر} , وفي رواية {من غير خوف ولا سفر} (¬7) , ولما سئل ابن عباس لماذا صنع ذلك؟ قال: أراد ألا يخرج أمته " أي ألا يلحقها حرج في عدم الجمع, ومن هنا نأخذ أنه متى لحق المكلف حرج في ترك الجمع جاز له أن يجمع. ولما ورد في حديث جابر - رضي الله عنه - قال {جمع رسول الله - بين الظهر والعصر, والمغرب والعشاء للرخص من غير خوف ولا علة} (¬8). ¬

_ (¬1) رواه البخاري ومسلم. (¬2) وهو قول الحنابلة والشافعية. (¬3) متفق عليه. (¬4) رواه مسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما. (¬5) المقصود بهما الظهر والعصر, لكن أطلق عليهما لفظ الظهرين من باب التغليب. (¬6) المقصود بهما الظهر والعصر, لكن أطلق لفظ الظهرين من باب التغليب. (¬7) رواهما مسلم. (¬8) رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار.

س147: هل من لازم جواز الجمع القصر؟

ومن أمثلة ذلك: المريض إذا كان يلحقه بترك الجمع مشقة, والمطر الذي يبل الثياب, والوحل, والريح الباردة ونحو ذلك, وضابط ذلك كما تقدم يباح الجمع إذا كان يلحق بالإنسان بعدم الجمع مشقة, والله أعلم. س147: هل من لازم جواز الجمع القصر؟ ج/ لا, ومن الخطأ أن بعض الناس يعتقد أن من لازم الجمع الحظر القصر, وهذا خطأ, فمن جمع لعذر المطر مثلاً في الحظر فلا يقصر, لأنه قد يجوز الجمع ولا يجوز القصر. س148: إذا أراد الإنسان جمع التقديم فهل يشترط لذلك شروط أم لا؟ ج/ اشتراط العلماء لذلك شروطاً في بعضها نظر سأذكرها مع بيان صحة ذلك الشرط من عدمه: 1 - نية الجمع عند الإحرام للصلاة الأولى, ومعنى ذلك لو كان سيجمع الظهر مع العصر مثلاً جمع تقديم, فلابد من نية الجمع عند ابتداء الصلاة الأولى, وبناء على ذلك لو أراد أن يجمع الظهر مع العصر مثلاً, وليس عنده نية الجمع , وبعد الصلاة نوى أن يجمع معها العصر, قالوا ليس له ذلك (¬1). والراجح أنه لا يشترط ذلك, وهو قول المزني, وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, ويدل لذلك أنه لم يرد عنه - عند جمعة إعلام الصحابة بالجمع, ولو كان شرطاً لأعلمهم بذلك. والراجح أنه لا يشترط ذلك, وهو قول المزني, وهو رأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, ويدل لذلك أنه لم يرد عنه - عند جمعة إعلام الصحابة بالجمع, ولو كان شرطاً لأعلمهم بذلك. 2 - الموالاة بين الصلاتين بحيث لا يفصل بينهما فصلاً طويلاً عرفاً, وهذا هو الأحوط, وهذا الشرط صحيح, ويدل لذلك أن النبي - جمع متوالياً, ولم يرد تحديد ¬

_ (¬1) وهو قول أكثر أهل العلم.

س149: ما هي شروط جمع التأخير؟

الفاصل المخل بالموالاة, فيرجع في ذلك إلى العرف, وفي جمعه - مزدلفة {يعد أن صلى المغرب أناخ كل إنسان بعيره ثم أقيمت صلاة العشاء (¬1)}. وبناء على هذا فلو فصل بين المجموعتين بصلاة نافلة مثلاً, فلأحوط ألا يجمع. وإن كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لا يرى اعتبار هذا الشرط, واستدل على ذلك بقوله: (بأن التوالي يسقط مقصود الرخصة, ولو اعتبرت الموالاة لورد تحديدها في الشرع) (¬2) , لكن الأحوط هو القول الأول, قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: (والأحوط ألا يجمع إذا لم يتصل, ولكن رأي شيخ الإسلام له قوة) (¬3). 3 - أن يوجد العذر عند افتتاح الثانية والسلام من الأولى, وهذا الشرط صحيح, وبناء على ذلك لو كان الجو غائماً, ولم ينزل إلا بعد السلام من الأولى صح الجمع, لأن المهم وجود العذر بعد الفراغ من الأولى وافتتاح الثانية, وإنما اشترطنا وجود العذر عند افتتاح الثانية, لأنه محل الجمع. وهل يشترط استمرار العذر حتى الفراغ من الصلاة الثانية أم لا؟ مثال ذلك: لو كان الجمع بسبب عذر المطر مثلاً, وفي أثناء الصلاة توقف المطر, فإنه يستمر في الجمع, ولا بأس بذلك, ولا يشترط استمرار العذر إلى فراغ وقت الثانية. س149: ما هي شروط جمع التأخير؟ ج/ يشترط لذلك شرطان هما: 1 - نية الجمع في وقت الأولى, أي أنه ينوي تأخير وقت الصلاة الأولى, إلى وقت الثانية, لأنه لا يجوز أن يؤخر الصلاة عن وقتها بلا عذر إلا بنية الجمع حيث جاز, ودليل عدم جواز تأخير الصلاة, عن وقتها أن النبي - حدد الصلوات في ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) متفق عليه. (¬3) الممتع4/ 569.

س150: هل يشترط لصحة الجمع إتحاد نية الإمام والمأموم؟

أوقات معينة (¬1) , وبناء على هذا فلا يجوز أن تؤخر الصلاة الأولى عن وقتها إلا بنية الجمع, حيث وجد سببه, فلابد من نية الجمع قبل خروج وقت الأولى. وقد يقال: ما دام العذر المبيح للجمع موجوداً فلا تشترط نية الجمع, لأن الوقتين صارا كالوقت الواحد. 2 - استمرار العذر المبيح إلى دخول وقت الثانية. مثال ذلك: رجل مسافر نوى جمع التأخير, ولكنه قدم إلى بلده قبل خروج وقت الأولى, فلا يجوز له أن يجمع الأولى إلى الثانية, لأن العذر انقطع وزال فيجب أن يصليها في وقتها, وهل يصليها أربعاً أم يصليها ركعتين؟ الجواب: يصليها أربعاً, لأن علة القصر السفر, وقد زال السفر الآن. مسألة: لا يشرط الموالاة بين الصلاتين في جمع التأخير على القول الراجح (¬2) , لحديث أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال {دفع رسول الله - من عرفة إلى مزدلفة, فلما نزل مزدلفة نزل فتوضأ, ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب, ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله, ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئاً (¬3)}. مسألة: رجل مسافر ونوى جمع التأخير, وخرج وقت الأولى وهو في السفر, وقدم البلد في وقت الثانية, فهنا يجمع, لأنه سوف يصلي الأولى ثم يصلي الثانية, لكنه يصلي هنا الصلاة تامة بدون قصر لأنه انتهى وقت القصر. س150: هل يشترط لصحة الجمع إتحاد نية الإمام والمأموم؟ ¬

_ (¬1) ينظر في أدلة الأوقات الجزء الأول من مذكر الصلاة. (¬2) وهو قول الشافعية والحنابلة. (¬3) متفق عليه.

ج/ الراجح أنه لا يشترط, وبناء على هذا لو أراد أن يجمع وصلى الظهر خلف إمام, والعصر خلف إمام آخر فلا بأس, كذلك لو كان المسافر إماماً وجمع بين الظهر والعصر مثلاً, فصلى الظهر بمأموم والعصر بمأموم آخر, فلا بأس أيضاً, كذلك لو صلى الصلاة الأولى خلف مسافر جمع الصلاة, والثانية خلف من لم يجمع صح ذلك, كذلك لو جمع وصلى الظهر منفرداً ثم حضر في جماعة وصلى معهم العصر جماعة فلا بأس (¬1). المهم أنه لا يشترط اتحاد الإمام والمأموم, لأنه لكل صلاة حكم نفسها وهي منفردة, فلم يشترط في الجمع إتمام إمام ولا مأموم ولا جامع. {فصل في صلاة الخوف} هذا هو العذر الثالث من الأعذار, فالعذر الأول: السفر, والثاني: المرض, والثالث: الخوف. والخوف من العدو, أيَّ عدوٍ كان, آدمياً, أو سبعاً, مثل أن يكون في أرض مسبعة فيحتاج إلى صلاة الخوف, لأنه ليس بشرط أن يكون العدو من بني آدم, بل أي عدو كان يخاف الإنسان على نفسه منه, فإنها تشرع له صلاة الخوف. وصلاة الخوف مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع, من الكتاب قوله تعالى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ (¬2)} الآية, والسنة سيأتي أدلة ذلك, والإجماع منعقد على ذلك. قال في الإفصاح: (وأجمعوا على أن صلاة الخوف ثابتة الحكم بعد موت النبي - ولم تنسخ) (¬3) , وهو قول الجمهور, خلافاً لمن قال بأنها منسوخة بعد وفاة النبي - (¬4). ¬

_ (¬1) وتقدم أن الإمام إذا كان مقيم فإنه يتم المسافر خلفه. (¬2) (النساء: من الآية102). (¬3) الإفصاح1/ 175. (¬4) وهو قول بعض السلف كالمزني من الشافعية , وأبو يوسف من الخنفية, والحسن بن زياد.

س151: هل يشترط أن تكون صلاة الخوف في السفر أم هي مشروعة حتى في حال الحضر؟

س151: هل يشترط أن تكون صلاة الخوف في السفر أم هي مشروعة حتى في حال الحضر؟ ج/ الراجح أنها مشروعة في الحضر والسفر, لعموم الأدلة على مشروعية صلاة الخوف كما سيأتي, ولأن المبيح الخوف لا السفر. س152: كم عدد صفات صلاة الخوف؟ وما هي؟ ج/ أصولها ستة, كما ذكر ذلك أبن القيم رحمه الله, قال ابن القيم رحمه الله بعد ذكره لهذه الصفات: (وقد روي عنه - في صلاة الخوف صفات أخرى ترجع كلها إلى هذه, وهذه أصولها) (¬1). وهي كالتالي: الصفة الأولى: إذا كان العدو في جهة القبلة, فإن الإمام يصفهم صفين كلهم خلفه, يكبر ويكبرون جميعاً ثم يركع ويركعون جميعاً, ثم ينحدر بالسجود والصف الذي يليه خاصة, ويقوم الصف المؤخر في مواجهة العدو, فإذا فرغ من الركعة الأولى ونهض إلى الثانية سجد الصف المؤخر بعد قيامه سجدتين, ثم قاموا فتقدموا إلى مكان الصف الأول وتأخر الصف الأول مكانهم, لتتحصل فضيلة الصف الأول للطائفين, وليدرك الصف الثاني مع النبي - السجدتين في الركعة الثانية, كما أدرك الأول معه السجدتين في الأولى, فتستوي الطائفتان فيما أدركوا معه, وفيما قضوا لأنفسهم, فإذا ركع صنع الطائفتان كما صنعوا أول مرة, فإذا جلس للتشهد سجد الصف المؤخر ولحقوه في التشهد, فيسلم بهم جميعا (¬2). بقية الصفات فيما إذا كان العدو في غير جهة القبلة هي: ¬

_ (¬1) الهدى1/ 532. (¬2) ودرت هذه الصفة في حديث جابر عند مسلم.

الصفة الثانية: وهذه توافق ظاهر القرآن, وهي أن يقسم قائد الجيش جيشه إلى طائفتين, طائفة تصلي معه, وطائفة أمام العدو لئلا يهجم, فيصلي بالطائفة الأولى ركعة, ثم إذا قام إلى الثانية أتموا لأنفسهم, أي نووا الإنفراد وأتموا لأنفسهم, والإلمام لا يزال قائماً ثم إذا أتموا الركعة الثانية, وفي هذه الحال يطيل الإمام الركعة الثانية أكثر من الأولى, لتدركه الطائفة الثانية, وهذه مستثناة مما سبق في باب صلاة الجماعة أنه يسن تطويل الركعة الأولى أكثر من الثانية, فتدخل الطائفة الثانية مع الإمام, ويصلي بهم الركعة التي بقيت, ثم يجلس للتشهد, فإذا جلس للتشهد قبل أن يسلم قامت هذه الطائفة من السجود رأساً وأكملت الركعة التي بقيت, وأدركت الإمام في التشهد فيسلم بهم (¬1). الصفة الثالثة: يقسم قائد الجيش جيشه إلى طائفتين, طائفة بإزاء العدو, وطائفة تصلي معه, فتصلي معه إحدى الطائفتين ركعة ثم تنصرف, وهي في صلاتها إلى مكان الفرقة الأخرى, وتجيء الأخرى إلى مكان هذه فتصلي مع الإمام الركعة الثانية, ثم يسلم الإمام, ويقوم من معه ويأتون بالركعة الثانية, ثم يسلمون, ثم ينصرفون إلى مكان الطائفة الأولى, فتأتي الطائفة الأولى فتستقبل القبلة, ويتمون الركعة التي بقيت من صلاتهم (¬2). الصفة الرابعة: يقسم قائد الجيش جيشه إلى طائفتين, طائفة تصلي معه, وطائفة تكون تجاه العدو, فيصلي بالطائفة الأولى ركعتين, والأخرى تجاه العدو, ثم يسلمون ويقوم الإمام, ثم تنصرف هذه الطائفة تجاه العدو, ثم تأتي الطائفة التي كانت مواجهة للعدو ويصلي بهم الإمام ركعتين, ثم يسلم بهم, فتكون لكل طائفة ركعتين, وللأمام أربع ركعات (¬3). ¬

_ (¬1) متفق عليه من حديث صالح بن خوَات عمن صلى مع النبي -. (¬2) رواه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. (¬3) هذه الصفة وردت في حديث جابر في الصحيحين.

س153: هل هو مخير أن يفعل أي صفة من هذه الصفات الواردة أم ينزل كل صفة بما يناسبها؟

الصفة الخامسة: يقسم قائد الجيش جيشه إلى طائفتين, فيصلي بالطائفة الأولى ركعتين, ثم يسلم بهم, ثم تذهب هذه الطائفة في مواجهة العدو, وتأتي الطائفة التي في مواجهة العدو, ويصلي بهم الإمام ركعتين, ثم يسلم بهم, فيكون قد صلى بكل طائفة صلاة (¬1). الصفة السادسة: يقسم القائد جيشه إلى طائفتين, فيصلي بالطائفة الأولى ركعة, فتذهب في مراقبة العدو, ولا تقضي شيئاً, ثم تأتي الطائفة الأخرى ويصلي بهم ركعة ويسلم بهم, فيكون للإمام ركعتان, ولكل طائفة ركعة (¬2). قال ابن القيم رحمه الله: (وقد روي عنه - في صلاة الخوف صفات أخرى ترجع كلها إلى هذه, وهذه أصولها) (¬3). س153: هل هو مخير أن يفعل أي صفة من هذه الصفات الواردة أم ينزل كل صفة بما يناسبها؟ ج/ الراجح أنه ينزل كل صفة من الصفات الواردة على ما يناسبها, فينظر قائد الجيش الأصلح من هذه الصفات بما يناسب النازلة. س154: هل لصلاة الخوف تأثير في عدد ركعات الصلاة أم لا؟ ج/ الصحيح أنه لا تأثير لصلاة الخوف في عدد ركعات الصلاة, فصلاة الخوف في حال السفر ركعتان للرباعية, ويستثنى من ذلك الصفة السادسة التي ذكرها ابن القيم رحمه الله, أنه يصلي بكل طائفة ركعة, وفي الحضر أربع ركعات ولا تقصر الرباعية, والأئمة الأربعة اتفقوا على أن صلاة الخوف في الحضر أربع ركعات, وفي السفر ركعتان, قال في الإفصاح: (وأجمعوا على أن صلاة الخوف في الحضر أربع ¬

_ (¬1) هذه الصفة أخرجها النسائي, والدارقطني والبيهقي من حديث جابر بن عبدالله وفيه عنعنة الحسن. (¬2) هذه الصفة أخرجها أحمد والنسائي والحاكم والطحاوي من حديث ابن عباس وإسناده صحيح. (¬3) الهدى1/ 532.

س155: إذا اشتد الخوف هل يؤخرون الصلاة عن وقتها أم لا؟

ركعات غير مقصورة, وفي السفر ركعتان إذا كانت رباعية, وغير الرباعية على عددها لا يختلف حكمها حضراً ولا سفراً ولا خوفاً) (¬1). س155: إذا اشتد الخوف هل يؤخرون الصلاة عن وقتها أم لا؟ ج/ يقال الأمر لا يخلو من حالين: 1 - إذا كان الخوف الشديد يعقل معه المصلي ما يفعله, فهنا إن كانت الصلاة تجمع مع التي بعدها فلا إشكال هنا, فتؤخر الصلاة بنية الجمع مع التي بعدها, حتى لو كان في حال الحضر, وتقدم إباحة الجمع في حال الحضر عند الحاجة, أما إذا كانت الصلاة لا تجمع مع التي بعدها, أو خُشي خروج وقت الثانية, وشدة الخوف لم تزل, فهنا الراجح أنها لا تؤخر, بل يصلي على حسب الحال وتجزئ (¬2) , لقوله تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} (¬3) , فيصلون وهم يمشون على أقدامهم, أو وهم ركوب على رواحلهم, أو آلات الحرب, يتلفظون بالأقوال, ويؤمون بالركوع والسجود, ويكون السجود أخفض من الركوع, قال ابن عمر رضي الله عنهما {فإذا كان الخوف أشد من ذلك, صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم, وركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها (¬4)} , زاد البخاري: قال نافع: لا أرى قال ذلك إلا عن النبي - , ولفعل عبدالله بن أنيس لما بعثه النبي - إلى خالد بن سفيان الهذلي ليقتله {صلى بالإيماء نحوه} (¬5) , وإنما فعل ذلك خشية فوات عدوه, ومثل ذلك في حالة الهرب من سيل, أو سبع, أو نار, أو غريم ظالم, أو خاف على نفسه أو أهله أو ماله ونحو ذلك. ¬

_ (¬1) الإفصاح 1/ 175. (¬2) وهو قول مالك والشافعي وأحمد. (¬3) (البقرة: من الآية239). (¬4) متفق عليه. (¬5) رواه أبو داود وفي نيل الأوطار وحسنه الحافظ.

س156: ما الحكم لو صلى صلاة الخوف ثم أمن بعد الصلاة, فهل يعيد صلاته أم لا؟

2 - أن يكون الخوف شديداً بحيث يكون المصلي لا يعقل من صلاته شيئاً, بحيث لا يستقر قلبه, ولا يدري ما يقول, ففي هذه الحالة يجوز تأخير الصلاة عن وقتها, وعلى هذا يحمل تأخير النبي - الصلاة في غزوة الأحزاب (¬1). س156: ما الحكم لو صلى صلاة الخوف ثم أمن بعد الصلاة, فهل يعيد صلاته أم لا؟ ج/ الراجح أنه لا يعيد, لوجود سبب صلاة الخوف عند أدائه للصلاة. س157: إذا خاف أو أمن في صلاته فما الحكم؟ ج/ هذه المسألة لا تخلو من صورتين: 1 - إذا شرع في الصلاة وهو خائف ثم أمن لزمه أن يأت بما تبقى من صلاته على وجهها. 2 - إذا شرع في الصلاة وهو آمن ثم خاف, أكمل ما تبقى من صلاته صلاة الخوف, لأن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً, قال في كشاف القناع (ومن أمن في الصلاة انتقل وأتم صلاة أمن, وكذا لو خاف أتم صلاة خوف) (¬2). س158: ما حكم حمل السلاح في الصلاة في حال الخوف؟ ج/ حمل السلاح عند صلاة الخوف مشروع, والصحيح أن حمله واجب, لأن الله تعالى أمر به فقال {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَاخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ (¬3)} , ولأن ترك حمل السلاح خطر على المسلمين, وما كان خطراً على المسلمين فالواجب تلافيه والحذر منه, حتى ولو كان السلاح نجساً جاز حمله للضرورة, ولا إعادة عليه. ¬

_ (¬1) كما ورد ذلك في الصحيحين من حديث علي - رضي الله عنه - أن النبي - قال يوم الخندق {ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس}. (¬2) كشاف القناع 24/ 20. (¬3) (النساء: من الآية102).

انتهى الجزء الثالث من كتاب الصلاة ويليه الجزء الرابع بمشيئة الله من أول باب صلاة الجمعة والله تعالى أعلم

§1/1