مختصر صحيح الإمام البخاري

ناصر الدين الألباني

مُخْتَصَر صَحِيحُ الإِمَامِ البُخَارِي حَوي جَميع أحاديثه المرفوعة، والآثار الموقوفَة؛ الموصولة منهَا والمعلّقة، مَعَ حَذف الأسانيد والمكرّرات مِن المتون، وجَمع إليها الزوائد من الروايات المحذوفة، ووُضعَت كل زيادة منها في مكانها المناسِب لها من الأحاديث، بطريقة علمية لا مثيلَ لها فيما أعلم؛ جمعت كل فؤائِد "الصحيح" بإذن الله تعالى للعَلَّامَة المحَدِّث محَمَّد نَاصِر الدِّين الأَلبَاني رَحمَهُ الله تَعَالى الطّبعَة الشَّرعيَّة الوَحيدَة المجَلّد الأوّل مكتَبة المَعارف للنَّشْر والتوزيع لِصَاحبهَا سَعد بن عَبْد الرحمن الراشِد الريَاض

المقدمة

جميع الحقوق محفوظة للناشر، فلا يجوز نشر أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه أو تسجيله بأية وسيلة، أو تصويره أو ترجمته دون موافقة خطية مُسبقة من الناشر. الطبعَة الأولى لِلطبعَة الشرعيَّة الجَديدَة 1422 هـ - 2002م (ح) مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1422 هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر الألباني، محمد ناصر الدين مختصر صحيح الإمام البخاري. - الرياض. 775 ص،17،5 × 24 سم ردمك 3 - 24 - 858 - 9960 (مجموعة) 1 - 25 - 858 - 9960 (ج1) 1 - الحديث الصحيح ... أ- العنوان ديوى 235.1 ... 2109/ 21 رقم الإيداع: 2109/ 21 ردمك 3 - 24 - 858 - 9960 (مجموعة) 1 - 25 - 858 - 9960 (ج1) مَكتَبة المعَارف لِلنشرِ وَالتوزيع هَاتف: 4114535 - 4113350 فاكس: 4112932 - ص. ب: 3218 الريَاض الرمز البريدى 11471

مقدمة الطبعة الجديدة

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الطبعة الجديدة الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على نبيه الكريم، وعلى آله وصحبه الغرِّ الميامين، ومن اتّبعهم بإحسان إلى يومِ الدين، (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ). أما بعد، فهذه هي الطبعة الجديدة للمجلد الأول من كتابي "مختصر صحيح البخاري"، تصدر أخيراً بعد تَمنًّ وصبر طويلين، ومرور قرابة ربع قرن على صدور الطبعة الأولى منه! ولقد كانت لي خلال هذه السنين الطويلة - بطبيعة الحال- ملاحظات، وزيادات هامة، وتصويبات، منها ما لم يتيسر لي إضافته أثناء طباعة الطبعة الأولى، لا سيما وقد رافقت طباعته صعوبات وعقبات جمة، كنت أشرت إلى بعضها في مقدمة الطبعة المذكورة (¬1)، ولا أدَلً على ذلك من تلكم الاستدراكات والتصويبات التي في آخرها، والتي كانت أُلحقت بآخر المجلد بعد أن تم طبعُه، وكان قد وقع فيها أكثر من عشر صفحات ¬

_ (¬1) وقد أعدنا نشرها في هذه الطبعة الجديدة، فانظر (ص 10).

بيضاء! وذلك في ظروف صعبة، وعقبات كأْداء، وللأسف فقد تتالت الطبعات بعد ذلك ثانية وثالثة ورابعة وخامسة ... دون علمي، بل ولا إذن مني. والناشر وإن حاول أن يضيف الاستدراكات ويصحح التصويبات في الطبعات التالية، فلم يكن موفقاً في ذلك كما ينبغي، والله المستعان. أعود للقول ... إنه كانت لي خلال هذه السنوات الطويلة ملاحظات وزيادات هامة؛ كتعديل بعضها، أو إضافة زيادات أخرى، وفوائد كثيرة نافعة؛ حديثية وفقهية ولغوية ونحوها، فكنت أضيفها في حينه على نسختي الخاصة، وقد تجمع لي منه الكثيرُ الطيبُ والحمد لله، إلى أن تهيأت الأسبابُ وتيسرت السبلُ- بفضل الله- لإعادة طباعته، وخدمته بما يليق بأهميته، وكما نريد، فكان أن صدر المجلد بهذه الصورة التي نحسبها إن شاء الله جيدة قلباً وقالباً. ولعله يحْسُن بنا أن نشير هنا إلى أن الدارس للمجلد في طبعته الأولى؛ سيجد في هذه الطبعة الجديدة آثاراً واضحة، وفروقاً متميزة تظهر جلية لمن تيسرت له المقابلة بينهما، ولو في شيء يسير منها، ولا بأس من الإشارة إلى أهمها: 1 - نقل الاستدراكات والتصويبات كلها المطبوعة في نهاية الكتاب إلى أماكنها من صلب الكتاب، مع عمل ما يلزم من تعديل. 2 - نقل جميع التعديلات والزيادات من نسختي الخاصة بما فيها حذف المكرر، ونقل الزيادات من الحديث الحذوف إلى الآخر المثبت، إذا لزم الأمر.

3 - تبع هذا تعديل أرقام الأحاديث المسندة ابتداء من أول حديث حُذف، وتبع هذا أيضاً تعديل أرقام الأحاديث في كثير مما ورد ضمن جملة (قلت: أسند فيه الحديث ...)، وكذلك ما لزم منه في الحاشية. 4 - طرأ تعديل طفيف على أرقام الأحاديث المعلقة خصوصاً بعد تحويل حديث واحد معلق كان برقم (168) إلى مسند أصبح رقمه (527)، وكذلك طرأ تعديل طفيف على أرقام الآثار. 5 - تمييز الأحاديث المسندة والمعلقة والآثار بأرقامها وحروف متونها من حيث نوع الحرف وقياسه مع الهوامش التابعة لها على غرار ما في المجلد الثاني والثالث، وما سيجري عليه العمل في المجلد الرابع، إن شاء الله تعالى. 6 - مقابلة الفهرس الجديد بالفهرس القديم، ومطابقته حتى ينسجم مع صورة الكتاب النهائية الجديدة، وتعديل ما يلزم من حذف وإضافة مع تدقيق الأرقام المتسلسلة بكل أنواعها، وقد يكون نَدَّ عنا شيء من ذلك؛ فمعذرة، فإنها من طبيعة البشر. ولقد قام بالجهد الأكبر في تصحيح تجارب هذا المجلد، وتجميع مواد هذه المقدمة ابنتي الكبرى أثابها الله، وجزاها خيراً في الدنيا والأخرى. ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أشكر بعض إخواننا الذين كانوا شاركوا في بعض الأعمال التصحيحية وغيرها. وأشكر بصورة خاصة الأخ الفاضل عمر بن عابد المطرقي الذي كان قدم إلي

وأنا في السعودية في عمرة جمادى الآخرة سنة (1410) بياناً فيه أرقام الأحاديث المكررة، وقد أصاب في أكثرها، فاستفدتها منه، فحذفتها، وقد كنت انتبهت لبعضها أثناء المراجعة، فأشكره على تتبعه إياها، وصبره على ذلك، أثابه الله، وأحسن إليه، فإن المرء قوي بأخيه. هذا، ولعله مما يحسن التنبيه إليه أنه سيمر بالقارىء الكريم عزوي كثيراً لكتابي "صحيح أبي داود"، وربما أحياناً لقسيمه "ضعيف أبي داود" - بالأرقام طبعاً- لأحاديثهما فليُعلم أنني إنما أعني بكل منهما (الأم) والأصل الذي أُخرج فيهما الأحاديث، وأتكلم على الأسانيد ورجالها تعديلاً وتجريحاً، وتصحيحاً وتضعيفاً، وأتتبع فيهما الطرق في مختلف المصادر حتى المخطوطات أحياناً، على النحو الذي أنهج عليه في (السلسلتين)، وهما المقصودان أيضاً في كل كتبي حين العزو إليهما. فاقتضى التنبيه. وختاماً أسال الله تعالى أن ينفع بهذا "المختصر" لأصح كتاب- بعد كتاب الله- على وجه الأرض بعد أن يسر اللهُ- وله الفضل والمنة- تقريبَه بين يدي الأمة، خاصتها وعامتها، وبما عليه من تخريج للتعليقات المرفوعة، وتمييز صحيحها من ضعيفها، وغير ذلك من الفوائد، وأن يدَّخر أجرها لي إلى {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}، إنه هو البرّ الرحيم. عمان- 12 شعبان سنة 1416 محمد ناصر الدين الألباني

مقدمة الطبعة الأولى

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة الطبعة الأولى إن الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} أما بعد: فإِن من مشاريعي القديمة في خدمة السنة المطهرة، ما كنت سميته بـ "تقريب السنة بين يدي الأمة"، وتحدثت عنه في بعض كتبي؛ منها مقدمتي

على "مختصر صحيح مسلم" للحافظ المنذري، وهو يشمل حذف الأسانيد من جهة، وتمييز الصحيح من الضعيف من جهة أخرى. ولما كان "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم"، قد تلقاهما العلماء بالقبول؛ لم يكن ثمة حاجة إلى الكلام على أسانيدهما كما كنت بينت ذلك في المقدمة المشار إليها، فالعمل فيهما إذن منحصر في حذف أسانيدهما والمكرر من متونهما. وكان أول ما صنعته في ذلك أن حققت "مختصر مسلم " المذكور، ورقَّمْتُ أحاديثه، وشرحتُ غريبه، وعلّقتُ عليه تعليقاتٍ مفيدةً، ثم طبعتهُ في بيروت. وكان قد تبين لي بعد الفراغ منه أن الحافظ المنذري -رحمه الله- لم يقتصر في اختصاره إياه على حذف أسانيده والمكرر من متونه فقط، بل حذف منه بعض المتون أيضاً، فلما بدا لي ذلك تمنيت أَنْ لو تتاح لي فرصة، لأتولى أنا بنفسي اختصاره بطريقتي الخاصة، وشاء الله تبارك وتعالى ذلك، حيث قدّر علي أن أسجن في عام 1389هـ الموافق لسنة 1969م مع عدد من العلماء من غير جريرة اقترفناها سوى الدعوة إلى الإسلام وتعليمه للناس، فأُساقُ إلى سجن القلعة وغيره في دمشق، ثم يُفرج عني بعد مدة لأساق مرة ثانية وأنفى إلى الجزيرة، لأقضي في سجنها بضعة أشهر، أحتسبها في سبيل الله عز وجل. وقد قدر الله ألا يكون معي فيه إلا كتابي المحبب: "صحيح الإِمام مسلم"، وقلم رصاص وممحاة، وهناك عكفت على تحقيق أمنيتي، في اختصاره وتهذيبه،

وفرغت من ذلك في نحو ثلاثة أشهر، كنت أعمل فيه ليل نهار، ودون كلل ولا ملل، وبذلك انقلب ما أراده أعداء الأمة انتقاماً منا إلى نعمة لنا، يتفيأ ظلالها طلاب العلم من المسلمين في كل مكان، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. كما يسر الله تعالى لي التفرغ لعدد كبير من الأعمال العلمية ما كان يتاح لي أن أعطيها الوقت اللازم لو بقيت حياتي تسير على النهج المعتاد، فقد قامت بعض الحكومات المتعاقبة بمنعي من الخروج إلى المدن السورية في الزيارات الشهرية التي كنت أقوم بها في الدعوة إلى الكتاب والسنة. وهو نوع مما يسمى في العرف الشائع بـ "الإِقامة الجبرية"، كما أنني قد مُنعت خلال فترات متلاحقة من إلقاء دروسي العلمية الكثيرة التي كان التحضير لها يأخذ جزءاً كبيراً من وقتي، وهذا كله قد صرف عني الكثير من الأعمال، وحال بيني وبين لقاء عدد كبير من الناس الذين كانوا يأخذون من وقتي الشيء الكبير. هذا، ولما اطَّلع على المختصر بعض الإخوة رغب في نشره، ولكنه اقترح علي أن أبدأ قبله باختصار "صحيح الإمام البخاري"، ليبدأ بطبعه أولاً، ثم يعقبه بطبع مختصر "صحيح مسلم" ثانياً. ومضت الأيام، ثم أخذتُ في تحقيق هذه الرغبة، فاختصرت "صحيح البخاري" على نوبات متقطعات، في شهور عديدة، حتى كتب الله تعالى لي الفراغ منه بفضله ومنِّه وكرمه.

منهجي في اختصار الكتاب

ثم شاء الله تعالى أن يتولى طباعته صاحبنا الأخ الفاضل الأستاذ زهير الشاويش، واتخذت الاستعدادات اللازمة لذلك، من إحضار أنواع من الحروف والخطوط، ليطبع الكتاب على نمط يسهل على القارئ معرفة أنواع الأحاديث التي فيه، من مسندة موصولة، ومعلقة مرفوعة، وآثار موقوفة، كما يميز تخريجاتي وتعليقاتي عليه. وبوشر بطبعه عام 1394 هـ ببطء شديد، ثم طبع في بيروت سنة 1399 هـ، وجرت أمور مؤلمة أفقدتنا الكثير من ملازم الكتاب، مما اضطر معه الأخ زهير إلى تصوير ما فقد من الملازم والكراريس، فاستطاع- والحمد لله- أن يعيد الكتاب في جزئه الأول كاملاً، راجين من الله تعالى أن ييسر له إخراجه إلى الناس عاجلاً. منهجي في اختصار الكتاب: لقد سلكت في اختصار "صحيح الإِمام البخاري" رحمه الله منهجاً علمياً دقيقاً، أظنُّ أني أتيت به على جميع متون أحاديث البخاري وآثاره وكتبه وأبوابه، ولم يفتني شيء من ذلك إن شاء الله تعالى، إلا ما لا بد منه مما هو من طبع البشر. وتفصيل ذلك فيما يلي: 1 - حذفت أسانيد أحاديثه كلها، ولم أُبْقِ منها إلا اسم الصحابي راوي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، اللهم إلا ما لا بد منه من الرواة الذين قد تدور

القصة عليهم، ولا تتم الرواية إلا بذكرهم ممن دون الصحابي. 2 - من المعلوم عند العارفين بـ "صحيح البخاري" أنه يكرر الحديث في كتابه ويذكره في مواطن عديدة وكتب وأبواب مختلفة، وبروايات متعددة، ومن أكثر من طريق واحدة أحياناً، مطولاً تارة، ومختصراً أخرى، وبناء عليه فإِنني أختار من الروايات المكررة أتمها وأكملها، وأجعلها هي الأصل في "المختصر"، ولكنني لا أُعرض عن الروايات الأخرى، بل أجري عليها دراسة خاصة، باحثاً فيها عما إذا كان في شيء منها فائدة أو زيادة ما لم تَرِد في الرواية المختارة، فآخذها وأضمها إلى الأصل. ثم إن الضم المذكور يكون على صورة من صورتين: الأولى: إذا كانت الزيادة تقبل الانضمام إلى مكانها اللائق بها من الأصل، وتنسجم مع السباق والسياق منه بحيث لا يشعر القارئ الأديب بأنّها زيادة، وضعتها في مكانها بين قوسين معقوفين هكذا [] على نحو ما جريت عليه في بعض مؤلفاتي، مثل "صفة الصلاة"، و"حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - "، و"أحكام الجنائز" وغيرها. والصورة الأخرى: إذا كانت الزيادة لا تنسجم مع السباق والسياق، فحينئذ أجعلها بين هلالين، قائلاً: (وفي روايةٍ: كذا وكذا)، وإذا كانت هذه الرواية من طريق أخرى عن صحابي الحديث قلت: (وفي طريقٍ) أو: (وفي طريقٍ ثانٍ)، وإذا كان هناك زيادة أخرى من هذا النوع من طريق ثالث قلت (وفي طريقٍ ثالثة) وهكذا، والغرض من ذلك واضح، وهو إفادة القارئ بأخصر

عبارة بأنّ الحديث ليس غريباً فرداً عن الصحابيّ المذكور. وفي كل من الصورتين أضع رقم الجزء والصفحة من طبعة استانبول سنة (1315 هـ) - وهي الطبعة التي اعتمدناها في هذا المختصر- في آخر الزيادة قبل الهلال أو القوس المعقوف. 3 - ثم إن أحاديث "الصحيح" من حيث أسانيدها قسمان معروفان عند العلماء: الأول: الأحاديث الموصولة، وهي التي يسوقها المؤلف بأسانيدها المتصلة منه إلى رواتها من الصحابة، ويدخل في هذا القسم بعض الآثار الموقوفة على الصحابة أو غيرهم. والآخر: الأحاديث المعلقة، وهي التي لا يسوق المؤلف أسانيدها أصلاً، أو يسوق بعضها من أعلاها بأن يعلقه على الصحابي أو مَنْ دونَه، إلى أن يكون أحياناً آخرُ رجل في السند هو شيخَ البخاري، أو شيخَ شيخه. فهذا القسم نوعان: مرفوع، وموقوف، وكلاهما ليس صحيحاً كله عند المؤلف ومن بعده من العلماء. بل فيه الصحيح والحسن والضعيف- كما بينه الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة "فتح الباري" (ص 11 - 13 - الطبعة المنيرية) - فهذا أيضاً قد احتفظتُ بمتونه في "المختصر"، ولكني عنيت بتخريجه بإيجاز في الحاشية، مع بيان مرتبته التي يستحقها لذات إسناده أو لغيره إذا كان مرفوعاً من الأحاديث المرفوعة، وأما إذا كان من الآثار الموقوفة، فأقتصر على تخريجه، وقلما أنبه على درجته.

4 - ثم إنني رقَّمت هذه الأنواع الثلاثة بأرقام خاصة، وقياسات مختلفة لكل منها: فالأحاديث المسندة لها أرقامها الخاصة المتسلسلة. والأحاديث المرفوعة المعلقة لها أرقامها الخاصة أيضاً والمتسلسلة. وكذلك الآثار الوقوفة لها أرقامها الخاصة. ومن فوائد ذلك أنه إذا تم الكتاب تيسر معرفة عدد أحاديت كلٍّ من هذه الأنواع الثلاثة (¬1). 5 - وكذلك رقمت كتب "الصحيح" كلها بأرقام كبيرة متسلسلة، وكذلك رقمت أبواب كل كتاب على حدة بأرقام متسلسلة، محتفظاً بكل باب من أبوابه، وذلك لما اشتهر عند العلماء: أنّ فقه البخاري في تراجم أبوابه، وإنما حذفت نوعاً واحداً منها، وذلك حين يكون الباب ليس فيه ترجمة، فيقول البخاري: "باب"، ولا يزيد. فإذا كان تحت هذا النوع حديث واحد فقط في "الصحيح"، ثم اقتضى حذفه من تحته في "المختصر"، وبقي الباب لا حديث تحته، ففي هذه الحالة فقط أحذف الباب لأنه لا فائدة من إبقائه، إلا أنني أحذفه برقمه إشارة إلى حذفه. ¬

_ (¬1) وهي في هذا الجزء كما يلي: أ- عدد الكتب 33 كتاباً. ب- عدد الأحاديث المرفوعة 962 حديثاً. ج- عدد الأحاديث المعلقة المرفوعة 318 حديثاً. د- عدد الآثار الموقوفة 408 آثار.

والغرض من الترقيم المذكور في هذه الفقرة، أن تظل الفهارس الموضوعة للكتب الستة تعمل على هذا المختصر، كما تعمل على أصله؛ تيسيراً لاستخراج الحديث منه عند الحاجة. وقد شرحت في حاشيته ألفاظه الغريبة، وأوضحت بعض جمله الغامضة، كما أودعته كثيراً من النكات العلمية المفيدة. وسأجعل في آخر كل مجلد فهرساً تفصيلياً لكتبه وأبوابه وأحاديثه بأقسامه الثلاثة. وفي النيّة بعد ذلك أن أضع له فهارس تفصيلية، وقد يكون منها فهرس خاص بألفاظه في مجلد مفرد -بإذنه تعالى- يسهل على القارئ استخراج الحديث من الكتاب في أقل وقت ممكن. واللهَ سبحانه وتعالى أسأل، أن يجعله خالصاً لوجهه، وأن ينفع به إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن يدخر لي أجره إلى {يوم لا ينفع مال ولا بنون. إلا من أتى الله بقلب سليم}، والحمد لله رب العالمين. وكتب محمدناصرالدين الألباني بيروت- غرة رجب سنة 1399 هـ

1 - كتاب بدء الوحي

1 - كتَابُ بَدْءِ الوَحْي 1 - باب كيفَ كان بَدءُ الوحيِ إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقول الله جلَّ ذِكرُه {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163] 1 - قال علقمة بن وقاص الليثي: سمعتُ عمرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه [يخطب 8/ 59] على المِنبرِ قال: سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " [يَا أَيُّهَا النَّاسُ] إِنَّما الأَعمال بالنيَّاتِ (وفي روايةٍ: العملُ بالنيَّةِ 6/ 118)، وإِنما لكلِّ امرئ ما نوَى، فمنْ كانتْ هجرتُه [إِلى اللهِ ورسولهِ، فهجْرتُه إلى الله ورسولهِ، ومن كانتْ هِجرتُهُ 1/ 20] إِلى دُنيا يصيبُها، أَوْ إلى امرأَةٍ يَنكِحُها (وفي رواية: يَتَزَوَّجُهَا 3/ 119)، فهِجرته إلى ما هاجرَ إليهِ". 2 - عن عائشة أُم المؤمنينَ رضي الله عنها أن الحارثَ بنَ هشامٍ رضي الله عنه سأَلَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: يا رسولَ الله! كيفَ يأتيكَ الوحيُ؟ فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أحياناً يَأْتيني مِثلَ صَلصلةِ الجَرسِ (1)، وهوَ أَشَدُّ عليَّ، فيَفصِمُ (¬2) عنِّي وقد وَعَيتُ عنهُ ما قالَ، وأحياناً يتمثلُ ليَ الملَكُ رجُلاً، فيكلِّمُني، فأَعي ما يقولُ". ¬

_ (1) الصلصلة: صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، ثم أطلق على كل صوت له طنين. و (الجرس): الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدواب. (¬2) أي: يقلع.

قالت عائشةُ رضي الله عنها: ولقد رأيتُه يَنزلُ عليه الوحيُ في اليومِ الشديدِ البرْدِ، فيَفصِمُ عنهُ وإن جبينَه ليتَفصَّدُ (¬3) عرَقاً. 3 - عن عائشةَ أُمِّ المؤمنينَ أنَّها قالت: [كانَ 6/ 87] أولَ ما بُدِىءَ بهِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منَ الوحيِ الرُّؤيا الصالحةُ في النوم، فكانَ لا يَرى رؤيا إِلا جاءَت مِثل فلَقِ الصُّبحِ، ثم حُبِّبَ إليه الخَلاَءُ (¬4)، وكانَ يَخلُو بغارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فيه- وهوَ التعبُّدُ اللياليَ ذوَات الْعَددِ- قبْلَ أنْ يَنزِعَ إلى أهلهِ، ويتزوَّدُ لذلكَ، ثم يرجعُ إِلى خديجةَ، فيتَزوَّدُ لِمِثلِها (¬5)، حتى جاءهُ (وفي روايةٍ: فَجِئَهُ) (¬6) الحقُّ وهوَ في غارِ حِرَاءٍ، فجاءه الملَكُ [فيه 8/ 67]، فقالَ: اقرَأْ، قالَ: ما أَنا بقارىءٍ، قالَ: فأخذَني، فغَطَّني حتى بلَغَ منِّي الجَهْد (¬7)، ثم أَرسلَني، فقالَ: اقرأْ، قلت: ما أَنا بقارىءٍ، فأَخذَني فغطني الثانيةَ، حتى بلَغَ منَّي الجَهدَ، ثم أَرسلَني، فقالَ: اقرأْ، فقلتُ: ما أَنا بقارىءٍ، فأخَذَني فغطَّني الثالثةَ، ثم أَرسلَني، فقالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. [الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} الآيات]، فرجَعَ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجُفُ فؤادُه (وفي روايةٍ: ترجف بوادره) (¬8)، فدخلَ على خديجةَ بنتِ خويلِدٍ، فقالَ: زَمِّلُوني زَمِّلُوني، فزمَّلُوهُ حتى ذهبَ عنهُ الرَّوعُ، فقالَ لخديجةَ: [مالي؟]، وأَخبرَها الخبرَ [وقال:] لقدْ خشِيتُ على نفْسي، ¬

_ (¬3) من القصد، وهو قطع العِرْق لإسالة الدم، شبه جبينه بالعِرْق المفصود مبالغة في كثرة العَرَق. (¬4) أي: الخلوة. (¬5) أي: الليالي. (¬6) أي: بغته. (الحق) أي: الأمر الحق. (¬7) أي: بلغ الغط مني غاية وسعي. (أرسلني) أي: أطلقني. (¬8) أي: أطرافه، وهو جمع (بادرة): لحمة بين المنكب والعنق.

فقالتْ [له] خديجةُ: كلاَّ [أبشر، فـ] والله ما يُخزيكَ الله أَبداً، [فوالله] إنكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، [وتَصْدُق الحديث] وتَحمل الْكَلَّ (¬9)، وتَكِسبُ المعدومَ، وتَقري الضيْفَ، وتُعِينُ على نوائبِ الحقِّ، فانطلقتْ بهِ خديجةُ حتى أَتتْ بهِ وَرَقَةَ بنَ نَوفلِ ابنِ أَسدِ بْنِ عبدِ الْعُزَّى [بن قصَي، وهو] ابنُ عمِّ خديجة [أَخي أَبيها] وكانَ امرأً قد تنصَّر في الجاهلية، وكانَ يكتُبُ الْكتابَ الْعِبرانيَّ، فيكتُبُ من الإنجيلِ بالعِبرانيةِ (وفي روايةٍ: الكتاب العربي، ويكتب من الإنجيل بالعربية) ما شاءَ الله أنْ يكتُبَ، وكانَ شيخاً كبيراً قد عَمِيَ، فقالتْ لهُ خديجةُ: يا ابنَ عمِّ! اسمعْ منِ ابنِ أخيك، فقالَ له ورَقةُ: يا ابنَ أخي! ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبَرَ ما رأى، فقال له وَرَقَةُ: هذا الناموسُ (¬10) الذي نزَّلَ الله على مُوسى، يا ليْتني فيها جذَعاً، ليْتني أَكونُ حيّاً إذْ يُخرجُكَ قومُك، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: وَمُخْرِجيَّ هُمْ؟ قالَ: نعمْ، لم يَأتِ رَجلٌ قط بمثلِ ما جئتَ بهِ إلا عُودِيَ (وفي روايةٍ: أُوذيَ)، وإنْ يُدركْني يومُكَ أَنصُرْك نصراً مؤزَّراً، ثم لم يَنشَبْ وَرَقةُ أنْ توُفِّيَ، وفَتَرَ الوحيُ، [حتى حزِن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا- (¬11) حُزناً غدَا منه مراراً كيْ يتَردَّى من رؤوس شواهِق ¬

_ (¬9) هو من لا يستقل بأمره، (وتكسب المعدوم) أي: تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك بحذف أحد المفعولين، ويقالُ: كسبت الرجل وأكسبته بمعنى. (¬10) هو صاحب السر كما يأتي من المصنف في آخر الحديث، والمراد هنا: جبريل عليه السلام. (جذعاً) يعني شاباً، وأصل (الجذع) الصغير من البهائم. (¬11) قلت: القائل: "فيما بلغنا" هو ابن شهاب الزهري، وهو راوي أصل الحديث عن عروة بن الزبير عن عائشة، فقوله هذا يشعر بأن هذه الزيادة ليست على شرط "الصحيح "، لأنها من بلاغات الزهري، فليست موصولة، كما قال الحافظ في" الفتح "، فتنبه. وانظر كتابي "دفاع عن الحديث النبوي والسيرة" ص 40 - 42، ففيه بيان شاف كاف.

الجبال، فكلما أوفى بذِرْوةِ جبَلٍ لكي يُلقي منه نفْسَه؛ تبدَّى له جبريل فقالَ: يا محمدُ! إنكَ رسولُ الله حقاً، فيسكنُ لذلك جأشُه، وتَقَرَّ نفسُه، فيرجعُ، فإذا طالت عليه فترةُ الوحي غَدا لمثل ذلك، فإذا أوفى بِذِرْوة جبل؛ تبدَّى له جبريل فقال له مثل ذلك 8/ 68]. [(الناموسُ): صاحبُ السرِّ الذي يُطلعه بما يستره عن غيره 4/ 124]. 4 - عن ابن عباس قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَجودَ الناسِ [بالخير 2/ 228] وكانَ أَجودَ ما يكونُ في رمضانَ حينَ يلقاهُ جبريلُ، وكانَ يلقاهُ في كلِّ ليلةٍ من [شهر 6/ 102] رمضانَ [حتى يَنْسَلِخَ] فيدارسُهُ الْقرآنَ، فلَرسولُ الله [حين يلقاه جبريل 4/ 81] أَجوَدُ بالخيرِ منَ الريحِ المرسَلةِ.

2 - كتاب الإيمان

2 - كتابُ الإيمان 1 - باب 1 - قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:"بني الإسلامُ على خمْسٍ" وهوَ قولٌ وفعلٌ، ويزيدُ وينقُصُ، قالَ الله تعالى: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}، {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}، {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}، وقالَ: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}، وقولُه. {أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا}، {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا}، وقولُه جلَّ ذِكرُه: {فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا}، وقولُه تعالى: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} والحبُّ في الله والْبغضُ في الله منَ الإيمانِ. 1 - وكتبَ عمرُ بنُ عبدِ الْعزيزِ إلى عديِّ بْنِ عَدِيٍّ: "إنَّ للإِيمانِ فرائضَ وشرَائعَ وحدوداً وسُنناً، فمنِ استكملها استكمَل الإيمانَ، ومَن لم يستكملْها لم يستكملِ الإيمانَ، فإِن أَعشْ فسأُبيِّنُها لكْم حتى تعمَلوا بها، وإنْ أَمُتْ فما أنا على صحْبتِكمْ بحريصٍ". وقالَ إبراهيمُ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}. 2 - وقالَ مُعاذ:" اجلِسْ بنا نؤمنْ ساعة".

_ 1 - هذا طرف من حديث لابن عمر، وصله المصنف في الباب. 1 - وصله ابن أبي شيبة في "كتاب الإيمان" رقم (135 بتحقيقي)، وسنده صحيح، وكذلك رواه أحمد في "الإيمان" كما قال الحافظ. 2 - وصله ابن أبي شيبة أيضاً رقم (105 و107)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في "الإيمان" أيضاً رقم (20 بتحقيقي) بسند صحيح عنه. ورواه أحمد أيضاً.

2 - باب أمور الإيمان

3 - وقالَ ابن مسعودٍ: "الْيقينُ: الإيمانُ كلُّه". 4 - وقالَ ابنُ عمر: "لا يبلغ الْعبدُ حقيقةَ التقوى حتى يدعَ ما حاكَ في الصَّدرِ". 5 - وقالَ مجاهدٌ: " {شَرَعَ لَكُمْ}: أَوصيناكَ يا محمدُ وإيَّاه (¬1) دِيناً واحداً". 6 - وقالَ ابنُ عباس: " {شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}: سبيلاً وسُنةً". 7 - " {دُعَاؤُكُمْ} ": إيمانُكم، لقولهِ تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ}. ومعنى الدعاء في اللغةِ: الإيمانُ. 5 - عن ابنِ عمر قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " بُنيَ الإسلامُ على خَمسٍ: شهادةِ أَنْ لا إلهَ إلاَّ الله، وأَنَّ محمداً رسول الله، وإقامِ الصَّلاة، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصوْمِ رمضانَ". 2 - باب أمورِ الإيمانِ، وقولِ الله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ ¬

_ 3 - وصله الطبراني بسند صحيح عنه موقوفاً، وروي مرفوعاً، ولا يثبت؛ كما قال الحافظ. 4 - لم يره الحافظ موصولاً، وقد ورد معناه عند المصنف في "الأدب المفرد" (302)، ومسلم وغيرهما من حديث النواس مرفوعاً، فانظره إن شئت في كتابي "صحيح الجامع الصغير" (2877). 5 - وصله عبد بن حميد عنه. (¬1) يعني: نوحاً عليه السلام المذكور في سياق آية {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13] 6 - وصله عبد الرزاق في "تفسيره " بسند صحيح عنه. 7 - وصله ابن جرير عنه أيضاً.

3 - باب المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ}، {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} الآية 6 - عن أبي هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " الإيمانُ بضعٌ وستُّون (¬2) شعبةً، والحياء شعبةٌ منَ الإيمانِ". 3 - باب المسلمُ مَنْ سلمَ المسلمونَ من لسانهِ ويدهِ 7 - عن عبدِ الله بن عمرو عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " المسلمُ مَن سلمَ المسلمونَ من لسانهِ ويدِهِ، والمهاجرُ مَنْ هجرَ ما نهى الله عنه". 4 - باب أَيُّ الإسلامِ أفضلُ 8 - عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسولَ الله أَيُّ الإسلامِ أَفضلُ؟ قالَ: " مَن سلِمَ المسلمونَ من لسانه ويدِه". 5 - باب إطعامُ الطعام من الإسلام ¬

_ (¬2) قلت: ورواه مسلم وغيره بلفظ "وسبعون"، وهو الراجح عندي تبعاً للقاضي عياض وغيره كما بينته في "الصحيحة" (17).

6 - باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه

9 - عن عبدِ الله بن عمرو رضي الله عنهما أَنّ رجلاً سأَلَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الإسلامِ خيْرٌ؟ قالَ: " تطعمُ الطعامَ، وتقرأُ السلامَ على مَن عرفتَ وَمَن لم تعرفْ". 6 - باب من الإيمانِ أَن يحبَّ لأَخيهِ ما يحبُّ لنفسهِ 10 - عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " لا يؤمنُ أَحدُكم حتَّى يحبَّ لأَخيهِ ما يحبُّ لنفسهِ". 7 - باب حبُّ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - منَ الإيمانِ 11 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " فوَالَّذي نفْسي بيدهِ لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والدهِ، وولدِه". 12 - عن أنس قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " لا يؤمنُ أحدُكم حتى أَكونَ أَحبَّ إليه من والدِه، وولدِه، والناسِ أجمعينَ". 8 - باب حلاوةِ الإيمانِ 13 - عن أنس رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " ثلاثٌ مَن كنَّ فيه وجدَ حلاوةَ الإيمانِ، أن يكونَ الله ورسولُه أَحبَّ إليهِ مما

9 - باب علامة الإيمان حب الأنصار

سِواهما، وأن يحبَّ المرءَ لا يحبُّه إلا لله، وأن يكرهَ أن يَعودَ في الْكفرِ [بعدَ إذ أَنقذه الله 1/ 11]، كما يَكرهُ أن يُقذَفَ (وفي رواية: يُلقى) في النارِ". 9 - باب علامة الإيمانِ حبُّ الأنصارِ 14 - عن أَنس رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " آيةُ الإيمانِ حبُّ الأنصارِ، وآيةُ النِّفاقِ بُغضُ الأَنصارِ". 10 - باب 15 - عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه- وكانَ شهدَ بدراً [مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -4/ 251] وهو أحدُ النُّقَباءِ ليلةَ الْعَقَبَةِ- (ومن طريقٍ أُخرى: إني من النقباء الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال- وحَوْلَهُ عِصابةٌ من أصحابه- (وفي روايةٍ: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس 8/ 15) (في رهط، فقال 8/ 18): [" تعالوا] بايعوني (وفي روايةٍ أبايعُكم) على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تَسرِقوا، ولا تزْنوا، ولا تقتلوا أولادَكم، (وفي رواية: ولا نَنْتَهِبُ 4/ 251)، ولا تأتوا بِبهتانٍ تَفْتَرونَهُ بين أَيدِيكم وأرجُلِكم، ولا تَعصو [ني] في معروفٍ، فمن وَفَى منكم فأجرُهُ على الله، ومن أصابَ من ذلكَ شيئاً فعوقبَ [بهِ] في الدنيا فهو كفارةٌ له [وطهور]، ومن أصابَ من ذلكَ شيئاً، ثم سَتَرَهُ الله، فهوَ إلى الله؛ إن شاءَ عفا عنه، وإن شاءَ عاقَبَه". [قال:] فبايَعناه على ذلك.

11 - باب من الدين الفرار من الفتن

11 - باب من الدِّين الفِرارُ من الفِتَن (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد الخدري الآتي بإذن الله تعالى في "ج 3/ 61 - المناقب/25 - باب"). 12 - باب 2 - قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنا أَعْلَمُكم بالله"، وأَنَّ المعرفةَ فعلُ القلبِ؛ لقولِ الله تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ}. 16 - عن عائشة قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أَمَرهم، أَمَرهم من الأَعمالِ بما يطيقونَ، قالوا: إِنا لسنا كهيئتِك يا رسولَ الله، إن الله قد غفر لكَ ما تقدَّم من ذَنبكَ وما تأَخرَ، فيغضَبُ حتى يُعرفَ الْغضبُ في وجههِ، ثم يقولُ: "إِنَّ أَتقاكم وأَعلمَكم بالله أَنا". 13 - باب من كرِهَ أن يعودَ في الْكفرِ كما يَكرهُ أن يُلقى في النارِ من الإيمانِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 13). 14 - باب تَفاضلِ أَهلِ الإيمانِ في الأَعمال 17 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بيْنا أنا نائمٌ رأيتُ الناسَ يُعرَضُونَ عليَّ وعليهم قُمُصٌ، منها ما يبْلغُ الثُّدِيَّ، ومنها ما [يبلُغ 4/ 201] دون ذلك، وعُرض عليَّ عمرُ بن الخَطَّاب وعليه قَميصٌ يجُرُّهُ"، قالوا: فما أوَّلتَ ذلك يا رسولَ الله؟ قال: " الدِّينَ".

_ 2 - هذا طرف من حديث عائشة الآتي في الباب موصولاً.

15 - باب الحياء من الإيمان

15 - باب الحياءُ من الإيمان 18 - عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ على رجلٍ من الأَنصار وهو يَعِظُ (وفي روايةٍ: يعاتب 7/ 100) أخاه في الحياءِ [يقول: إنك لتستحي حتى كأنه يقولُ قد أَضَرَّ بك]، فقال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: " دعهُ؛ فإِن الحياءَ من الإيمانِ". 16 - باب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} 19 - عن ابن عمر أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " أُمرتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يشهَدوا أنْ لا إِله إِلا الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله، ويقيموا الصَّلاةَ، ويُؤتوا الزَّكاةَ، فإِذا فعلوا ذلك عصَموا منِّي دماءَهم وأموالَهم؛ إِلا بحقِّ الإسلامِ، وحسابُهم على الله" (¬3). 17 - باب مَن قال: إِن الإِيمانَ هو العَمَلُ؛ لقولِ الله تعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} 8 - وقال عِدةٌ مِن أهلِ الْعلمِ في قولهِ تعالى: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ. عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}: عن لا إِله إلا الله (¬4)، وقالَ: {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ} ¬

_ (¬3) وفي الباب عن أنس وسيأتي في "8 - الصلاة/28 - باب"، وعن عمر، وسيأتي في "24 - الزكاة/ 1 - باب"، وحديث الباب متواتر كما بينته في الصحيحة (407). 8 - قال الحافظ: منهم أنس، رواه الترمذي وغيره مرفوعاً، وفي إسناده ضعف، ومنهم ابن عمر في "تفسير الطبري" و"الدعاء" للطبراني، ومنهم مجاهد في "تفسير عبد الرزاق" وغيره. (¬4) قلت: وهو عند الترمذي (3126) مرفوع كما قال، وضعفه لأن فيه ليث بن أبي سليم، وكان قد اختلط.

18 - باب إذا لم يكن الإسلام على الحقيقة، وكان على الاستسلام أو الخوف من القتل

20 - عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئل (¬5) أيُّ الْعملِ أَفضلُ؟ قال: " إِيمانٌ باللهِ ورسولهِ"، قيل: ثم ماذا؟ قال: " الجهادُ في سبيل الله"، قيل: ثم ماذا؟ قال: " حجٌّ مبرورٌ". 18 - باب إِذا لم يكن الإِسلامُ على الحقيقةِ، وكان على الاستسلامِ أو الخوفِ من القتلِ، لقولهِ تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}، فإِذاْ كان على الحقيقةِ، فهو على قولهِ جل ذِكْرُهُ: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ}، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} 21 - عن سعد رضي الله عنه أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى رَهْطاً (¬6) - وسعدٌ جالسٌ - فتركَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً [لم يُعطِه، و 2/ 131] هو أَعجَبُهُم إِليَّ [فقمتُ إِلى رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم - فسارَرْتُهُ] فقلتُ: يا رسولَ الله مالَكَ عن فلان؟ فوالله إِني لأَراهُ مؤمناً، فقال: "أَوْ مسْلماً"، فسكتُّ قليلاً، ثم غَلَبَني ما أَعلمُ منه، فعدتُ لمقالَتي، فقلت: ما لَكَ عن فلان؟ فوالله إني لأَراه مؤمناً، فقال: "أَوْ مسلماً"، فسكتُّ قليلاً، ثم غلبني ما أَعلمُ منه، وعادَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: فضربَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيدِه، فجمَع بين عنُقي وكتفي)، ثم قال: " [أَقبِلْ] يا سعد! إِني لأُعطي الرجلَ وغيرُه أَحبُّ إِليَّ منه، خشيةَ أن يَكُبَّهُ الله في النارِ [على وجههِ". ¬

_ (¬5) السائل هو أبو ذر الغفاري؛ كما قال الحافظ (1/ 78). (¬6) عدد من الرجال من ثلاثة إلى عشرة.

19 - باب السلام من الإسلام

قال أبو عبد الله: {فكُبكِبوا}: قُلبوا. {مُكِبّاً}: أَكب الرجل إِذا كان فِعْلُه غير واقع على أَحدٍ، فإِذا وقعَ بفعل قلت: كبَّه الله بوجهه، وكببته أنا]: [قالَ أبو عبد الله: صالح بن كيسان (¬7) أكبر من الزهري، وهو قد أدرك ابن عمر 2/ 132]. 19 - باب السَّلامُ من الإسلامِ 9 - وقال عمار: ثلاثٌ من جَمَعَهُنَّ فقد جمَع الإيمانَ: الإِنصافُ من نَفْسِك، وبَذْلُ السَّلامِ للعالَمِ، والإنفاقُ من الإقتارِ. (قلت: أسند فيه الحديث المتقدم برقم 9). 20 - باب كُفرانِ العشيرِ، وكفرٍ دونَ كفرٍ 3 - فيه أبوسعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي في "16 - الكسوف/9 - باب"). 21 - باب المعاصي من أمرِ الجاهليَّة، ولا يُكَفَّرُ صاحبُها بارتكابِها إِلا بالشِّرك 4 - لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنك امرؤٌ فيك جاهليةٌ (¬8) "، وقولِ الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ¬

_ (¬7) قلت: يعني المذكور في بعض طرق الحديث. 9 - وصله ابن أبي شيبة في "الإيمان" وغيره بسند صحيح عنه موقوفاً، وقد روي مرفوعاً، انظر تخريجه في تعليقي على "الكلم الطيب" رقم التعليق (142 - بتحقيقي/ طبع المكتب الإسلامي). 3 - وصله المصنف في "24 - الزكاة/46 - باب". 4 - هو طرف من حديث لأبي ذر وصله المصنف فيما يأتي "78 - الأدب/ 44 - باب". (¬8) أي: خصلة جاهلية.

22 - باب {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} فسماهم المؤمنين

(قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي ذر الآتي "78 - الرقاق/ 44 - باب"). 22 - باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} فسمَّاهُم المؤمنينَ 22 - عن الأَحنف بن قيس قال: ذهبتُ [بسلاحي لياليَ الفتنة 8/ 92] لأَنصُرَ هذا الرجلَ (وفي روايةٍ: ابنَ عمِّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -)، فلقيَني أبو بكرَةَ، فقالَ: أينَ تريدُ؟ قلتُ: أَنصرُ هذا الرجلَ، قالَ: ارجِعْ، فإني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " إِذا الْتقى المسْلمان بسيفيهما، فالقاتلُ والمقتولُ في النارِ"، فقلتُ: يا رسولَ الله! هذا الْقاتلُ، فما بالُ المقتولِ؟ قالَ: " إنه كان حريصاً على قتلِ صاحبهِ". 23 - باب ظُلمٌ دونَ ظلْمً 23 - عن عَبْدِ الله (بن مسعود) لمَّا نَزلتْ [هذه الآية 8/ 48] {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [شقَّ ذلك على 6/ 20] أصحاب رسولِ اللهَ - صلى الله عليه وسلم -[ف] قالـ[ـوا]،: أَيُّنا لم يَظلِم نفسَهُ؟ فأَنزل الله: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (وفي روايةٍ: قال: ليس كما تقولون، {لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}: بشرك، أَوَ لم تسمعوا إِلى قول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ}؟ 4/ 112 - 113).

24 - باب علامات المنافق

24 - باب علاماتِ المنافق 24 - عن أبي هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " آية المنافقِ ثلاثٌ: إِذا حدَّث كذَب، وِإذا وعدَ أَخلفَ، وِإذا اْؤتمِنَ خانَ". 25 - عن عبدِ الله بن عمروٍ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " أَربعُ [خلال 4/ 69] مَنْ كنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومَن كانت فيه خَصلةٌ منهنَّ كانت فيه خَصلةٌ من النفاق، حتى يدعَها: إِذا اؤتُمِنَ خان (وفي روايةٍ: إِذا وَعَدَ أَخْلَفَ)، وإذا حدَّث كذَبَ، وإذا عاهدَ غدَرَ، وإذا خاصَمَ فجَرَ". 25 - باب قيامُ ليلةِ القَدرِ من الإِيمانِ 26 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. "من يقُم (وفي طريقٍ: قام 2/ 288) ليلةَ الْقدرِ إيماناً واحتساباً؛ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذنبهِ". 26 - باب الجهاد من الإِيمانِ 27 - عن أبي هريرة عن (وفي طريقٍ: قال: سمعت 3/ 203) النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "انتَدَبَ الله لمن خرجَ في سبيلهِ لا يُخْرجُه إِلا إيمانٌ بِي، وتصديقٌ برسُلي؛ أنْ أُرجِعَه بِما نالَ من أجرٍ أَو غنيمةٍ، أو أُدخلَه الجنةَ، ولولا أنْ أَشُقَّ على أُمتي ما قعدتُ خَلْفَ (ومن طريقٍ أُخرى: والذي نفسي بيده لولا أن رجالاً من المؤمنين لا

27 - باب تطوع قيام رمضان من الإيمان

تطيب أنفسُهم أن يَتخلفوا عني، ولا أجد ما أحملهم عليه، ما تخلَّفتُ عن 3/ 203) سَرِيَّةٍ [تغزو في سبيل الله]، [ولكن لا أجد حُمولةً، ولا أجد ما أحملُهم عليه، ويشق عليَّ أن يتخلَّفوا عني 8/ 11]، و [الذي نفسي بيده 8/ 128] لَوَدِدْتُ أَنّي أُقتَلُ في سبيلِ الله ثم أُحيا، ثمّ أُقْتَلُ ثم أُحْيا، ثم أُقَتل". 27 - باب تطوُّعُ قيامِ رمضانَ من الإِيمانِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "31 - التراويح/ 1 - باب"). 28 - باب صَوْمُ رمضانَ احتساباً من الإِيمانِ 28 - عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " من صامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تَقَدَّم من ذنبه". 29 - باب الدَّينُ يُسْرٌ، 5 - وقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " أَحَبُّ الدِّينِ إلى الله الحَنِيفِيَّةُ السَّمْحة" 29 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الدَّين يُسرٌ، ولَنْ يُشادَّ هذا الدَّينَ أَحدٌ إلا غَلَبَه، فسدِّدوا، وقارِبوا، وأَبشِروا، واستعينوا بالغَدوَةِ والرَّوْحةِ، وشيْءٍ من الدُّلْجَةِ".

_ 5 - وصله المصنف في"الأدب المفرد" وغيرهما من حديث ابن عباس مرفوعاً، وهو حديث حسن لغيره، وليس كما قال الحافظ: إسناده حسن؛ كما بينته في "الأحاديث الصحيحة" (881).

30 - باب الصلاة من الإيمان، وقول الله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم}. يعني صلاتكم عند البيت

30 - باب الصلاةُ من الإيمانِ، وقول الله تعالى: {وَمَا كانَ الله لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ}. يَعني صَلاتَكم عندَ الْبيتِ 30 - عن البرَاء أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان أولَ ما قِدمَ المدينةَ نزَلَ على أجدادِه أو قالَ: أخوالهِ من الأَنصارِ، وأنه صلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقدِس ستةَ عشَرَ شهراً، أو سبعةَ عشَرَ شهراً، وكان يُعجبُه أن تكونَ قِبلتُه قِبَلَ الْبيتِ (وفي روايةٍ: وكان يحب أن يُوَجَّهَ إلى الكعبةِ 1/ 104)، وأَنَّه صلَّى أولَ صلاةٍ صلاَّها صلاةَ الْعصرِ، وصلَّى معَه قومٌ، فخرجَ رجلٌ ممن صلَّى معَه، فمرَّ على أهلِ مسجدٍ [من الأَنصارِ في صلاةِ العصرِ، نحو بيتِ المقدِسِ] وهمْ راكعونَ، فقالَ: أشهدُ بالله لقد صلَّيتُ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ مكةَ، فداروا كما همْ قِبَلَ الْبيتِ [وهم ركوعٌ 8/ 134]، [حتى توجَّهوا نحو الْبيت]، وكانتِ اليهودُ قد أَعجَبَهم إذ كان يُصَلِّي قِبَلَ بيتِ المقدسِ وأَهلُ الْكتابِ، فلمَّا ولَّى وجهَه قِبَلَ الْبيتِ أَنكروا ذلكَ، [فأَنزَل الله عز وجلَّ: {قدْ نرَى تَقَلبَ وجهِكَ في السماءِ} فتوجَّه نحوَ الْكعبةِ، وقال السفهاءُ من الناسِ- وهم اليهود-: {ما ولاَّهم عن قبلتهِم التي كانوا عليها، قل لله المشرقُ والمغربُ يهدي مَن يشاء إِلى صراطٍ مستقيم} 7/ 104] [وكان الذي 5/ 151] ماتَ على القبلةِ قبْلَ أن تُحوَّل رجالٌ، وقُتِلوا، فلم ندرِ ما نقولُ فيهِم، فأَنزلَ الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ [إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيم]}.

31 - باب حسن إسلام المرء

31 - باب حُسْنِ إسلامِ المرءِ 6 - عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أَسلمَ العبدُ فَحَسُنَ إسلامُه، يُكَفِّرُ الله عنه كلَّ سيِّئةٍ كانَ زَلَفَها، وكانَ بعدَ ذلك القِصاصُ، الحَسَنةُ بَعَشْرِ أمثالِها، إلى سَبعِمِائةِ ضِعفٍ، والسَّيِّئةُ بمثْلِها، إلاَّ أن يَتَجاوزَ الله عنْها". 31 - عن أبي هريرة قالَ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أَحسنَ أَحدُكم إسلامَهُ فكلُّ حسَنةٍ يعمَلُها تُكتَبُ له بعَشْرِ أَمثالِها، إلى سَبْعِمِائةِ ضِعْفٍ، وكلُّ سيئةٍ يَعمَلُها تُكْتَبُ له بمثْلِها". 32 - باب أَحَبُّ الدِّينِ إلى الله أَدْوَمُه 32 - عن عائشة أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ عليها وعندَها امرأةٌ [من بني أَسَدٍ 2/ 48]، فقالَ: مَن هذهِ؟ قالت: فُلاَنةُ [لا تنامُ منَ الليلِ]، تَذْكُرُ من صَلاَتِها، قالَ: " مَهْ! عليكم بِما تُطِيقونَ [مِنَ الأَعمالِ]، فوالله لا يَمَلُّ الله (وفي روايةٍ: فإن الله لا يملُّ) حتى تَمَلُّوا، وكانَ أَحَبَّ الدِّينِ إليهِ ما داوَمَ عليهِ صاحِبُه". 33 - باب زيادةِ الإيمانِ ونقصانِهِ، وقوْلِ الله تعالى: {وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}، {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}، وقالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، فإذَا ترَكَ شيئاً منَ الْكمَالِ فهُوَ ناقصٌ

_ 6 - هذا معلق عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله النسائي وغيره بسند صحيح، وهو مخرج في "الصحيحة" (247).

34 - باب الزكاة من الإسلام،

33 - عن أَنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يخرجُ منَ النارِ مَنْ قالَ: لا إِلهَ إِلا الله؟ وفي قلْبهِ وزْنُ شَعِيرةٍ من خَيْرٍ (7 - وفي روايةٍ معلقة: من إِيمان)، ويخرُجُ منَ النارِ مَن قالَ: لاَ إِلاَ إِلا اللهُ وفي قلبِهِ وزْنُ بُرَّةٍ من خَيْرٍ، ويخرُجُ منَ النارِ مَنْ قالَ: لاَ إِلهَ إِلا اللهُ وفي قلبهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ منْ خَيْرٍ". 34 - عن عمر بنِ الخطاب رضي الله عنه أنَّ رجلاً من الْيهودِ قال (وفي روايةٍ: رجالاً من الْيهودِ قالوا 5/ 127) له: يا أَمير المؤمنينَ آيةٌ في كتابِكمْ تقرؤونها، لو علينا مَعشَرَ اليهودِ نَزَلَتْ لاتخذْنا ذلكَ الْيومَ عيداً، قالَ: أَيُّ آيةٍ؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. قالَ عُمَرُ: قد عرَفْنا ذلكَ الْيومَ، والمَكانَ الذي نزَلَتْ فيهِ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وهوَ قائمٌ بعَرَفَةَ، يوْمَ جُمُعَةٍ [وأَنا واللهِ بعَرفة 5/ 186]. 34 - باب الزَّكاةُ من الإسلامِ، وقوْلُه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} 35 - عن طلحة بن عُبَيدِ اللهِ قال: جاء رجلٌ (وفي روايةٍ: أَعرابي 2/ 225) إِلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من أهلِ نجدٍ ثائر الرأسِ، نَسمَعُ دَوِيَّ (9) صوْتهِ، ولاَ نفقَهُ ما يقُولُ، حتى دنَا، فإِذا هوَ يسأَلُ عنِ الإسلامِ (وفي روايةٍ: فقالَ: يا رسولَ اللهِ!

_ 7 - وصلها الحاكم في "كتاب الأربعين" وفيه تصريح قتادة بالتحديث عن أنس. قلت: ووصلها المصنف من طريق أخرى عن أنس في حديث الشفاعة الطويل، وسيأتي "97 - التوحيد /36" (9) صوت مرتفع متكرر ولا يُفهم.

35 - باب اتباع الجنائز من الإيمان

أخبرني ماذا فرضَ الله عليَّ منَ الصلاةِ؟) فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (خَمْسُ صَلَوَاتٍ في الْيومِ واللَّيلةِ". فقالَ: هل عليَّ غيْرُها؟ قالَ: "لا، إِلا أنْ تَطَّوَّعَ"، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "وصيَامُ (وفي روايةٍ: أخبرْني ما فرَضَ اللهُ عليَّ منَ الصيامِ؟ فقال: شهر) رَمضانَ"، قالَ: هل على غيْرُه؟ قالَ: "لا، إِلاَّ أَنْ تَطَّوَّعَ"، [فقالَ: أَخبرْني ما فرض عليَّ من الزكاة 2/ 225]، قال: وذكرَ له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الزكاةَ، (وفي رواية: فأَخبَره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام) قال: هل عليَّ غيْرُها؟ قال: " لا، إلاَّ أنْ تطَّوَّعَ". قال: فأَدبَرَ الرجلُ وهو يقولُ: واللهِ لا أَزيدُ على هذا ولا أَنقصُ [مما فرَض اللهُ عليَّ شيئاً]، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أَفْلَحَ إِنْ صدَقَ". 35 - باب اتباعُ الجنائزِ منَ الإيمانِ 36 - عن أبي هريرة أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " منِ اتَّبَعَ جَنازةَ مسلمٍ إِيماناً واحتساباً، وكانَ معهُ حتى يصلى عليها ويُفرَغَ من دفْنِها؛ فإِنه يَرجعُ منَ الأَجرِ بقيراطَيْنِ، كلُّ قِيراطٍ مِثلُ أُحُدٍ، ومَن صلَّى عليها ثم رجَعَ قبْلَ أنْ تُدفَنَ؛ فإِنهُ يَرجعُ بقيراطٍ". (وفي طريقٍ أخرى: قيل: وما القيراطان؟ قال: (مثل الجبلين العظيمين، 2/ 90)

36 - باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر

36 - باب خوْفِ المؤمنِ أنْ يَحبَطَ عمَلُه وهوَ لا يشعُرُ 10 - وقال إبراهيم التيْمي: "ما عرَضتُ قوْلي على عملي إلا خشِيتُ أَن أَكونَ مكذِّبا". 11 - وقال ابن أبي مُلَيْكَةَ: (أَدركت ثلاثين من أَصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كلُّهمْ يَخَافُ النِّفَاقَ على نفْسِهِ، ما منْهم أَحدٌ يقولُ: إِنه على إِيمانِ جبريلَ وميكائيلَ". 12 - ويُذكَرُ عن الحسن: "ما خافَه إِلا مؤْمنٌ، ولا أَمِنَه إلا منافقٌ" (10). وما يُحْذَر من الإصرارِ على التقاتُلِ (11) والْعِصيانِ من غيرِ توبةٍ؛ لقولِ اللهِ تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}. 37 - عن زُبَيْدٍ: قال سألتُ أَبا وائِل عن المُرجِئةِ (12)؟ فقال: حدَّثني عبدُ اللهِ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " سِبابُ المسلم فسوقٌ، وقتالُه كُفرٌ".

_ 15 - وصله المصنف في "التاريخ"، وأحمد في "الزهد" بسند صحيح عنه. 11 - وصله ابن أبي خيثمة في "تاريخه" لكن أبهم العدد، وكذا ابن نصر في "الإيمان" له، وأبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" من وجه آخر عنه كما هنا. 12 - وصله جعفر الفريابي في "صفة المنافق" من طرق متعددة بألفاظ مختلفة، وذلك يفيد صحته عنه، فكيف صدره المؤلف بقوله: "ويذكر" المشعر بأنه ضعيف؟ أجاب الحافظ عن ذلك بما خلاصته أن المؤلف لا يخص صيغة التمريض بضعف الإسناد، بل إذا ذكر المتن بالمعنى أو اختصره أتى بها أيضاً. فافهم هذا، فإنه مهم. (15) يعني النفاق العملي. (11) كذا في نسختنا، وفي بعض النسخ الأخرى كاليونينية: النفاق. (12) هم فرقة من الفرق الضالة تقول: لا يضر مع الإيمان معصية.

37 - باب سؤال جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان والإسلام والإحسان وعلم الساعة

37 - باب 8 - سؤال جِبريل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمانِ والإِسلامِ والإِحسانِ وعلْمِ الساعةِ، وييانِ النبي - صلى الله عليه وسلم - له ثم قال: "جاء جبريلُ عليه السلام يعلمُكم دينكم". فجعلَ ذلك كلّه دِيناً. 9 - وما بين النبي - صلى الله عليه وسلم - لِوَفدِ عبدِ القيْسِ من الايمانِ. وقولهِ تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}. (قلت: أسند فيه حديث جبريل المشار إليه من حديث أبي هريرة الآتي "65 - التفسير/31 - السورة 2 - باب"). قال أبو عبدِ اللهِ: جعَل ذلك كُله من الإِيمانِ. 38 - باب (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سفيان الطويل مع هرقل الآتي " 56 - الجهاد/ 102 - باب "). 39 - باب فضلِ مَن استَبرأَ لِدِينهِ 38 - عن النعمان بن بشيرقال: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: " الحَلالُ بين، والحرامُ بين، وبيْنَهما مُشَبِّهاتٌ (وفي روايةٍ: أُمورٌ مُشْتَبِهَةٌ 3/ 4)، لا يعْلمُها كثيرٌ من الناسِ، فمنِ اتَّقى المشبَّهاتِ استَبْرأَ لدِينهِ وعِرضهِ، ومَن

_ 8 - هو طرف من حديث أبي هريرة، وصله المصنف في الباب هنا، وفي "65 - التفسير"، ولفظه هناك أتم، ولذلك آثرته على لفظه هنا، فانظره هناك، وصله مسلم وغيره من حديث عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أيضاً. 9 - يشير إلى حديث ابن عباس الآتي وصله بعد بابين.

40 - باب أداء الخمس من الإيمان

وقَعَ في الشُّبُهاتِ كَرَاعٍ يَرعى حوْلَ الحِمَى (13)، يوشِكُ أنْ يواقعَه، (وفي روايةٍ: فمن ترك ما شُبِّهَ عليه من الإثم كان لما استبانَ أَتْرَكَ، ومن اجْتَرأَ على ما يَشك فيه من الإثمِ، أوشكَ أن يواقعَ ما استبان)، أَلا وِإنَّ لكلِّ مَلك حِمىً، أَلاَ إِن حِمَى الله مَحارمُه (وفي رواية: والمعاصي حِمى الله)، ألاَ وِإنَّ في الجسدِ مُضْغَةً؛ إِذا صلَحتْ صلَحَ الجسَدُ كلُّهُ، وِإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجسَدُ كلُّهُ، ألاَ وهْيَ الْقَلْبُ". 40 - باب أداءُ الخُمُسِ منَ الإيمانِ 39 - عن أبي جَمْرةَ قال: كنتُ أَقعُدُ معَ ابنِ عباس يُجلسُني على سريرهِ، فقال: أَقِمْ عِندي حتى أَجعلَ لكَ سَهْماً مِن مالي، فأقَمتُ معَهُ شَهريْنِ، (وفي روايةٍ: كنتُ أُترجم بين ابن عباس وبين الناس 1/ 10)، ثم قال (وفي روايةٍ: قلت: لابن عباس: إِن لي جَرَّةً يُنبذُ لي فيها نبيذٌ، فأشربه حلواً في جَرٍّ، إِن أكثرتُ منه فجالستُ القوم فأطلت الجلوس؛ خشيت أن أفتضح (14) فقال 5/ 116): إِنَّ وَفْدَ عبدِ القيسِ لمَّا أتَوُا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -قالَ: "مَنِ الْقومُ أو مَنِ الوفدُ؟ ". قالوا: [إِنا حَيٌّ من 7/ 114] ربيعةَ. قالَ: "مَرحباً بالقومِ أو بالوفدِ [الذين جاؤوا] غيرَ خزَايا ولا نَدامى"، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! إِنا لا نستطيعُ أن نأتيَكَ (وفي رواية: نَخْلُص إليك 4/ 157) إِلا في

_ (13) كان الملوك العرب يحمون لمراعي مواشيهم أماكن مختصة يتوعدون من يرعى فيها- بغير إذن- بالعقوبة الشديدة. راجع " النهاية". (14) أىِ: لأني أصير في مثل حال السكارى."فتح".

41 - باب ما جاء أن الأعمال بالنية

الشهرِ الحرامِ (وفي رواية: إلا في كل شهرٍ حرام)، وبيْنَنا وبينَكَ هذا الحيُّ من كفَّارِ مُضَرَ، [نأتيكَ من شُقَّةٍ بعيدة]، فمُرْنا بأمرٍ فصْلٍ (وفي رواية: بجُملٍ من الأَمر) [نأخذْه عنك، و1/ 133] نُخْبرْ به مَن وراءَنا، ونَدخُلْ بهِ الجنَّة [إِنْ عمِلْنا بهِ 8/ 217]، وسألوهُ عن الأَشربةِ؟ فأمَرَهم بأربعٍ، ونهَاهُمْ (وفي روايةٍ: فقالَ: " آمُركم بأربع وأنهاكم) عن أربعٍ"، أَمَرهم بالإيمان بالله [عز وجلَّ] وحدَه؟ قالَ: " أتَدرونَ ما الإيمانُ باللهِ وحدَهُ؟!. قالوا: الله ورسولُهُ أعْلمُ، قالَ: "شهادةُ أنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ، وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ [وَعَقَدَ بيدِه 4/ 44]، وِإقامُ الصلاةِ، وِإيتاءُ الزكاةِ، وصيَامُ رَمَضانَ، وأَنْ تُعطُوا منَ المَغنَمِ الخُمُسَ"، ونهاهُم عنْ أربعٍ؛ عنِ (وفي روايةٍ: "لا تشْرَبوا في) الحَنْتَم (15)، والدُّبّاءِ (16)، والنَّقيرِ (17) الْمُزَفَّتِ (18) "، وربما قالَ: المقَيَّرِ (18)، وقالَ: "احفَظوهنّ وأخبِروا بِهِنَّ مَنْ وراءَكْم". 41 - باب ما جاءَ أنَّ الأَعمالَ بالنِّيَّةِ، والحِسْبَةِ، ولِكلِّ امرِىءٍ ما نوَى. فدخَلَ فيهِ الإيمانُ، والوضوءُ، والصَّلاةُ، والزَّكاةُ، والَحجُّ، والصَّومُ، والأَحكامُ وقالَ اللهُ تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}: على نِيتِهِ.

_ (15) هي جرار تعمل من طين وشعر ودم. (16) القرع. (17) أصل النخلة ينقر فيتخذ منه وعاء. (18) يعني ما طلي بالزفت، و (المقير): ما طلي بالقار، وهو نبت يحرق إذا يبس؛ تطلى به السفن والإبل.

10 - ونفَقةُ الرجلِ على أهلِهِ يَحتسِبُها صدَقةٌ. 11 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:" ولكِنْ جِهادٌ ونِيَّةٌ". 42 - باب 12 - قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:"الدينُ النَّصيحةُ، للهِ، ولرسولهِ، ولأَئِمةِ المسلمينَ، وعامَّتهِمْ". وقولهِ تعالى: {إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ} 40 - عن جَرير بن عبدِ اللهِ قالَ: بايعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على [شهادةِ أنْ لا إِلهَ إلا الله، وأن محمداً رسول الله، و3/ 27] إِقامِ الصَّلاةِ، وإيتاء الزَّكاةِ، [والسمعِ والطاعة، فَلَقَّنَني: فيما استطعتَ 8/ 122]، والنُّصْحِ لِكلِّ مسْلمٍ. (وفي طريقٍ أخرى عن زياد بن عِلاقةَ قال: سمعتُ جريرَ بنَ عبدِ اللهِ يقول يومَ ماتَ المغيرةُ بنُ شعبةَ، قامَ فحمِدَ اللهَ وأثنى عليهِ وقالَ: عليكمْ باتِّقاء اللهِ وحدَه لا شريكَ لهُ، والوَقارِ والسَّكِينةِ حتى يأتيَكُمْ أميرٌ، فإِنَّما يأتيكُمُ الآنَ. ثم قالَ: استَعفُوا لأَميرِكُم؛ فإِنه كانَ يُحبُّ الْعفوَ. ثم قالَ: أمَّا بعدُ فإِني أَتيْتُ الْنبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قلتُ: أُبايُعُكَ على الإسلامِ، فشرَطَ عليَّ: "والنُّصْحَ لِكلِّ مسْلمٍ". فبايعتُهُ على هذا، وربِّ هذا المسجدِ! إني لناصحٌ لكمْ. ثم استغفَرَ ونزَلَ).

_ 10 - هو طرف من حديث لأبي مسعود البدري، وصله المصنف فيما يأتي من" ج 3/ 69 - النفقات/ 1 - باب". 11 - هو طرف من حديث لابن عباس يأتي موصولاً في "ج 2/ 56 - الجهاد/27 - باب". 12 - وصله مسلم وغيره من حديث تميم الداري، وهو مخرج في "غاية المرام" (332)، و"إرواء الغليل" (26).

3 - كتاب العلم

3 - كتَابُ العلم 1 - باب فضلِ العِلمِ، وقولِ اللهِ تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، وقولهِ عَر وَجَلَّ: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (قلت: لَمْ يَذْكر فيه شيئاً). 2 - باب مَنْ سُئلَ عِلماً وهو مُشْتَغِلٌ في حديثهِ، فأَتَمَّ الحديثَ ثم أجابَ السائلَ 41 - عن أبي هريرةَ قالَ: بينما النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في مجلسٍ يحدِّثُ الْقومَ، جاءهُ أعرابيٌّ، فقالَ: متَى الساعةُ؟ فمضَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يحدِّثُ، فقالَ بعضُ الْقومِ: سَمعَ ما قالَ، فكَرِهَ ما قالَ، وقالَ بعضُهم: بلْ لم يَسمَعْ، حتى إِذَا قضَى حديثَهُ قالَ: " أينَ- أُراهُ- السائِلُ عنِ الساعةِ؟ ". قالَ: هَا أَنَا يا رسولَ اللهِ، قالَ: "فإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانةُ، فانتظِرِ الساعةَ". قالَ: كيفَ إِضَاعَتُهَا؟ قالَ: " إِذا وُسِّدَ (وفي رواية: أُسنِد 7/ 188) الأَمرُ إلى غيْرِ أهلهِ فانتظِرِ الساعةَ". 3 - باب مَن رَفَعَ صوْتَهُ بالعِلْمِ 42 - عن عبدِ اللهِ بن عمْروٍ قالَ: تَخَلَّفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[عنا 4/ 91] في

4 - باب قول المحدث: "حدثنا" أو، أخبرنا " و"أنبأنا"

سَفرةٍ سافَرناها، فأَدركَنا وقدْ أرهقتْنا الصَّلاةُ (وفي روايةٍ: صلاةُ العصر)، ونحنُ نتَوضأُ، فجعلْنا نمسَحُ على أَرجلِنا، فنادى بأعلى صوْتِهِ: "ويلٌ لِلأَعقابِ منَ النارِ. (مرتيْنِ أو ثلاثاً) ". 4 - باب قَوْلِ المحدِّثِ: "حدَّثَنا" أو، أَخْبَرَنَا " و"أَنبأَنا" 43 - وقالَ الحُميْدي (1): كانَ عندَ ابنِ عُيَيْنَةَ "حدَّثنا " و" أَخبَرَنَا " و" أَنبأَنا" و"سمِعتُ" واحداً. 13 - وقالَ ابنُ مسعودٍ: حدثنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصادقُ المَصْدوقُ. 14 - وقالَ شقيقٌ: عن عبدِ اللهِ سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كلمَةً. 15 - وقالَ حذيفةُ: حَدثَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حديثَين. 16 - وقالَ أبو العاليةِ: عن ابن عباس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يَرويهِ عن ربهِ عز وجل.

_ (1) في رواية كريمة والأصيلي: وقال لنا الحميدي، وكذا ذكره أبو نعيم في "المستخرج"، فهو متصل. قلت: في هذه الرواية ما يؤكد أن قول المؤلف: قال فلان (من شيوخه) كقوله عنه: قال لي فلان؛ خلافاً لبعض المعاصرين حيث صرح بأن القول الثاني كالأول في أنه منقطع، وقد رددت عليه في كتابي "تحريم آلات الطرب"، وهو وشيك الصدور بإذن الله تعالى. 13 - هذا طرف من الحديث المشهورفي خلق الجنين، وسيأتي موصولاً في "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/2 - باب". 14 - وصله المصنف في "الجنائز، (2/ 69)، و "التفسير" (5/ 153)، لكن ليس فيه تصريح عبد الله- وهو ابن مسعود- بالسماع؛ خلافاً لما يشعر به كلام الحافظ هنا، وإنما وصله بذكر السماع فيه الإمام مسلم في "الإيمان" في رواية له، وسيأتي الحديث في "23 - الجنائز/1 - باب" بإذن الله تعالى. 15 - هذا طرف حديث وصله المؤلف في "ج 4/ 81 - الرقاق/34 - باب". 16 - هذا طرف حديث وصله المصنف في "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/25 - باب ".

5 - باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم

17 - وقالَ أنس: عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرويهِ عن ربِّهِ عزَّ وجلَّ. 18 - وقالَ أبو هريرةَ: عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يرويهِ عن ربِّكم عزَّ وجلَّ. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي في "ج 3/ 65 - التفسير/ 14 سورة/ 2 - باب "). 5 - باب طَرحِ الإمامِ المسألةَ على أصحابهِ ليَختبرَ ما عِندَهم منَ العِلمِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 6 - باب ما جاء في العِلمِ، وقوْلِ اللهِ تعالى: {وَقلْ رَبِّ زِدْني عِلْماً} (قلت: لم يذكر تحته حديثاً). 7 - باب القراءةِ والعَرضِ على المحدِّث 13 - 15 - ورأَى الحسَنُ وسفيانُ ومالكٌ الْقراءَةَ جائزةً. 44 - عن سفيانَ الثوريِّ ومالكٍ أنهُما كانا يريَانِ القراءَةَ والسماعَ جائزاً. 45 - عن سفيانَ قالَ: إِذَا قُرىءَ على المحدِّثِ فلا بأسَ أن يقولَ: "حدَّثني" و"سمِعتُ". واحتَجَّ بعضُهم (2) في القراءَةِ على العالِمِ: 19 - بحديثِ ضِمَام بن ثعلبة

_ 17 - وصله المؤلف في "ج 4/ 97 - التوحيد/50 - باب". 18 - وصله المصنف في"30 - الصوم/9 - باب". 13 - 15 - وصلها المصنف عنهم في الباب. (2) هو أبو سعيد الحداد "فتح". 19 - وصله المصنف في الباب من حديث أنس، لكن ليس فيه أن ضماماً أخبر قومه =

قال للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: آللهُ أَمَركَ أن تصَليَ الصَّلواتِ؟ قالَ: "نعمْ". قالَ: فهذهِ قراءةٌ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَخبرَ ضِمامٌ قومَه بذلكَ، فأجازُوه (3). واحتجَّ مالكٌ بالصكِّ يُقرَأُ على القومِ فيقولونَ: أَشْهَدَنا فلانٌ، ويُقرَأُ ذلك قراءةً عليهم. ويُقرَأُ على المُقرىءِ فيقولُ القارىءُ: أقْرأَني فلانٌ. 46 - عن الحسَن قالَ: لا بأسَ بالقراءةِ على العالِمِ. 47 - عن سفيانَ قالَ: إِذا قُرىءَ على المحدِّثِ فلا بأسَ أن يقولَ: حدَّثَني. 48 - عن مالك وسفيانَ: القراءةُ على العالِمِ وقراءتُهُ سواءٌ. 49 - عن أَنس بن مالك قال: بينما نحنُ جُلوسٌ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في المسجدِ دخلَ رجلٌ على جَمَلٍ، فأناخهُ في المسجدِ، ثم عقَلَهُ، ثم قالَ لهم: أيُّكم محمد؟ - والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - متَّكِىءٌ بينَ ظَهْرَانَيْهِمْ- فقلنا: هذا الرجلُ الأَبيضُ المتَّكىءُ، فقالَ لهُ الرجلُ: ابنَ عبدِ المطَّلبِ! فقالَ له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "قد أجَبتُكَ"، فقالَ الرجلُ للنبى - صلى الله عليه وسلم -: إِني سائلُكَ فمشدِّدٌ عليكَ في المسألةِ، فلا تَجدْ عليَّ في نفْسِكَ، فقالَ: " سَلْ عمَّا بدَا لكَ". فقالَ: أسالُكَ بربِّكَ وربِّ مَنْ قَبْلَكَ، آللهُ أَرسلكَ إلى الناسِ كلهِم؟ فقالَ: " اللهمَّ نَعمْ ".

_ = بذلك، وإنما هو في الحديث من رواية ابن عباس. أخرجه بطوله الدارمي في"سننه" (1/ 165 -167)، وأحمد (1/ 264). وسنده حسن. (3) قال الحافظ: أي قبلوه منه، ولم يقصد الإجازة المصطلحة بين أهل الحديث.

8 - باب ما يذكر في المناولة وكتاب أهل العلم بالعلم إلى البلدان

قالَ: أنشُدُك باللهِ، آلله أمَرَك أن تصَلي الصلواتِ الخَمسَ في اليومِ والليلةِ؟ قالَ: "اللهمَّ نَعمْ". قال: أَنشُدُكَ باللهِ، آلله أمركَ أنْ تصومَ هذا الشهرَ من السنة؟ قال: "اللهمّ نعمْ". قالَ: أنشُدُك بالله، آللهُ أمرَكَ أن تأخُذَ هذهِ الصدَقةَ مِن أغنيائِنا فتَقسِمَها على فقرائِنا؟ فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:" اللهمَّ نعَمْ". فقالَ الرجلُ: آمَنتُ بما جئتَ بهِ، وأنَا رسولُ مَن وَرائي مِن قوْمي، وأنَا ضِمَامُ ابنُ ثعلبةَ أخو بَني سعدِ بن بكرٍ. 8 - باب ما يُذكَرُ في المناوَلةِ وكتَابِ أهلِ العِلمِ بالعِلمِ إلى البلدان 16 - وقالَ أَنس: نسَخ عثمانُ المصاحفَ فبَعثَ بها إلى الآفاقِ. 17 - 19 - ورأى عبدُ اللهِ بن عمر ويحيى بن سعيد ومالكٌ ذلك جائزاً. 25 - واحتَجَّ بعضُ أهلِ الحجازِ في المناوَلةِ بحديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حيثُ كتَبَ لأَميرِ السَّريَّةِ كتاباً وقالَ: " لا تَقرأْهُ حتَّى تبلُغَ مكانَ كذا وكذا".

_ 16 - هو طرف من حديث طويل يأتي موصولاً بتمامه في "ج 3/ 66 - فضائل القرآن/1 - باب". 17 - 19 - أما أثر ابن عمر، فوصله أبو القاسم ابن منده في "كتاب الوصية" بسند صحيح عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله نحوه. فيحتمل أنه عبد الله بن عمر، فإن الحبلي سمع منه، ويحتمل أنه عبد الله بن عمرو، فإن الحبلي مشهور بالرواية عنه. وأما أثر يحيى بن سعيد ومالك- وهو ابن أنس- فوصله الحاكم في "علوم الحديث" (ص 259) بإسناد جيد عنهما. 20 - وصله ابن إسحاق عن عروة بن الزبير مرسلاً، والطبري في"التفسير" من حديث جندب البجلي بسند حسن كما في "الفتح"، وقال: فبمجموع هذه الطرق يكون صحيحاً.

9 - باب من قعد حيث ينتهي به المجلس، ومن رأى فرجة في الحلقة فجلس فيها

فلما بلَغَ ذلكَ المكانَ قرأَهُ على الناسِ، وأَخبرَهَم بأمرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 50 - عن عبدِ اللهِ بن عباس أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بعثَ بكتَابِهِ رجلاً، (وفي روايةٍ: عبدَ اللهِ بن حُذافة السَّهْمي 5/ 136)، وأمرَهُ أن يدفعَهُ إلى عظيمِ البحرينِ، فدفعَهُ عظيمُ الْبحرَينِ إلى كِسرى، فلمَّا قرأَهُ مزَّقهُ. فحسِبتُ أنَّ ابنَ المسيَّبِ قالَ: فدَعا عليهمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ يمزَّقوا كل ممزَّقٍ (4). 9 - باب مَن قعَدَ حيثُ ينتهي بهِ المَجلسُ، ومَن رأَى فُرْجةً في الحلْقَةِ فَجَلَسَ فيها 51 - عن أبي واقدٍ اللَّيثي أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بينما هوَ جالسٌ في المسجدِ، والناسُ معَهُ؛ إِذْ أَقبَلَ ثلاثةُ نفَر، فأَقبلَ اثنانِ إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وذهبَ واحد، قالَ: فوقَفا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأَمَّا أحدهما فرأى فُرجةً في الحلقة، فجلس فيها، وأمّا الآخر فجلس خلفهم، وأمّا الثالثُ فأدبَرَ ذاهباً، فلمَّا فرَغَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ألا أُخْبرُكُم عنِ النَّفَرِ الثلاثةِ؟ أمَّا أحدُهم فأَوَى إِلى اللهِ، فآواهُ الله، وأمَّا الآخَرُ فاستَحيْا، فاستَحيْا اللهُ منْهُ، وأمَّا الآخَرُ فأَعرَضَ، فأَعرَضَ اللهُ عنهُ". 10 - باب 21 - قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:"رُبَ مُبَلَّغٍ أَوْعى مِن سامعٍ" (قلت: أسند فيه حديث أبي بكرة الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 79 - باب").

_ (4) قلت: قول ابن المسيب هذا مرسل، لم يذكر من حَدَّثَة بذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكن قد جاء موصولاً من حديث التنوخي عند أحمد (3/ 441) وغيره من حديث عبد الله بن حذافةَ السَّهميِّ عن ابن سعد في الطبقات (1/ 260). 21 - هذا طرف من حديث لأبي بكرة رضي الله عنه، وصله المصنف في "ج 3/ 64 - المغازي/ 79 - باب".

11 - باب العلم قبل القول والعمل،

11 - باب العِلمِ قبْلَ القوْلِ والعملِ، لقوْلِ اللهِ تعالى: {فَاعْلَمْ أَنه لا إِلَهَ إلا الله}، فبدأَ بالعِلمِ 22 - "وإِنَّ العلماءَ هُمْ ورَثَةُ الأَنبياءِ، ورَّثوا الْعِلمَ، مَن أَخذَهُ أَخَذَ بحَظٍّ وَافرٍ". 23 - "ومَنْ سلَكَ طريقاً يطلُبُ بهِ علْماً؛ سهَّلَ الله لهُ طريقاً إِلى الجنَّةِ". وقالَ جلَّ ذِكرُه: {إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ}، وقالَ: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا العَالِمُونَ}، {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ}، وقالَ: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}. 24 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يُرِدِ اللهُ بهِ خيْراً يُفَقهْهُ في الدينِ". 25 - و"إِّنما الْعِلْمُ بالتَعَلُّم. 25 - وقالَ أبو ذَر: لو وضَعتُمُ الصَّمصامَةَ (5) على هذه- وأشار إِلى قَفاه- ثم ظنَنتُ أني أُنفِذُ

_ 22 - هذا طرف من حديث أخرجه أبو داود وغيره عن أبي الدرداء مرفوعاً، وله شواهد يتقوى بها كما قال الحافظ، وهو مخرج في "التعليق الرغيب" (1/ 53). 23 - هذا طرف أيضاً من الحديث المذكور آنفاً، وهذه الجملة منه أخرجها مسلم في "صحيحه" من حديث أبي هريرة، وأخرجه أبو خيثمة أيضاً في "العلم" (25 - بتحقيقي). 24 - وصله المصنف بعد بابين من حديث معاوية. 25 - وهو طرف من حديث رواه أبو خيثمة (114) بسند صحيح عن أبي الدرداء موقوفاً، ورواه غيره عنه مرفوعاً، وله شاهد من حديث أبي هريرة، وآخر من حديث معاوية، وقد خرجته في"الأحاديث الصحيحة" (342). 20 - وصله الدارمي وأبو نعيم في "الحلية". (5) هو السيف الصارم الذي لا ينثني، وقيل: الذي له حد واحد.

12 - باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا

كلِمةً سمِعتُها من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قبْلَ أن تُجيزوا عليَّ لأَنفذتُها. 21 - وقالَ ابنُ عباس: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ}: حُلَماءَ فُقَهاءَ عُلماءَ. ويقالُ: الرَّبَّانيُّ الذي يربِّي الناسَ بصغارِ الْعِلمِ قبْلَ كبارهِ. 12 - باب ما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يتَخوَّلُهم بالموعظةِ والعِلمِ كيْ لا يَنفِروا 52 - عن أَنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " يَسِّروا ولاَ تُعسِّروا، وبشِّروا (وفي رواية: وَسكِّنوا 7/ 101) ولا تنفِّروا". 13 - باب مَن جعَلَ لأَهلِ العِلمِ أَيَّاماً مَعلُومةً 53 - عن أبي وائلٍ قالَ: كانَ عبدُ الله يذكِّرُ الناسَ في كلِّ خميسٍ، فقالَ لهُ رجلٌ: يا أبا عبدِ الرحمن! لوَدِدتُ أنكَ ذكَّرتَنا كلَّ يومٍ. قالَ: أمَا إِنَّه يمنعُني من ذلكَ أنّي أَكرَهُ أنْ أُمِلَّكم، وإِنِّي أتَخوَّلُكم بالموعظةِ كما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ عنه قال: كنَّا ننتظرُ عبدَ اللهِ، إِذْ جاءَ يزيدُ بنُ معاويةَ (6) فقلنا: ألا تجلسُ؟ قالَ: لا، ولكن أَدخُلُ فأُخرِجُ إِليكم صاحبَكم، وِإلا جئتُ أنا فجلستُ، فخرجَ عبدُ الله وهو آخذ بيَده، فقامَ علينا، فقالَ: أما إِني أُخبَرُ بمكانِكم، ولكنه يمنعني من الخروج إِليكم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان 7/ 169) يتَخوَّلُنا (7) بها [في الأَيام] مخافةَ (في روايةٍ: كراهِيَةَ) السَّآمةِ علينا.

_ 21 - وصله ابن أبي عاصم بسند حسن، والخطيب بسند آخر صحيح. (6) هو النخعي؛ كما في رواية مسلم. (7) أي: يتعهَّدهم. قال الخطابي: "والمعنى: كان يراعي الأوقات في تذكيرنا، ولا يفعل فلك كل يوم لئلا نملّ".

14 - باب من يرد الله به خيرا يفقهه

14 - باب مَن يُرِدِ اللهُ بهِ خيْراً يفقِّهْهُ 54 - حُميْد بن عبدِ الرحمن قالَ: سمعِتُ معاويةَ خطيباً يقول،: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " مَن يُرِدِ اللهُ بهِ خيْراً يُفقِّهْهُ في الدِّينِ، وِإنَّما أَنا قاسمٌ، واللهُ يُعطي، وَلن تَزالَ [من 4/ 187] هذهِ الأُمَّةِ [أمَّةٌ] قائمةٌ على أَمرِ اللهِ: لا يضُرُّهم [مَن خذَلَهم (وفي روايةٍ: مَن كذَّبَهم 8/ 189) ولا] مَن خالفَهم (وفي روايةٍ: ولن يزال أَمر هذه الأُمة مستقيماً حتى تقوم الساعة أو 8/ 149) حتى يأتيَ [هم] أَمرُ اللهِ [وهم على ذلك". فقالَ مالك بن يُخامر: سمعت معاذاً يقول: وهم بالشأْم. فقال معاوية: هذا مالك يزعم أنه سمع معاذاً يقول: وهم بالشأْم]. 15 - باب الفَهمِ في العِلمِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه فيما تقدم "4 - باب"). 16 - باب الاغتباطِ في العِلمِ والحِكمةِ 22 - وقالَ عمر رضي الله عنه: " تفقَّهوا قبلَ أن تُسَوَّدوا (8) ". وقد تعلَّمَ أصحابُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في كِبَرِ سِنِّهمْ. 55 - عن عبدِ اللهِ بنِ مسعود قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ 22 - وصله أبو خيثمة في"العلم" (9) بسند صحيح، وكذا ابن أبي شيبة. (8) أي: تُجعلوا سادة.

17 - باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر إلى الخضر عليهما السلام، وقوله تعالى: {هل أتبعك على أن تعلمن} الآية

"لا حَسَدَ إِلا في اثنَتَيْنِ، رَجلٍ آتاهُ الله مالاً فسُلِّطَ على هلَكَتِهِ في الحقِّ، ورجلٍ آتاهُ اللهُ الحِكمةَ، فهْوَ يَقْضي بهَا، ويُعَلِّمُها". 17 - باب ما ذُكِرَ في ذَهابِ موسى في البحرِ إِلى الخَضِرِ عليهما السلام، وقولهِ تعالى: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ} الآية 56 - عن عُبَيدِ اللهِ بن عبدِ الله عن ابن عباس: أنه تَمارى هوَ والحُرُّ بنُ قيس ابنِ حِصْن الْفَزاري في صاحبِ موسى، فقالَ ابنُ عباس: هوَ خَضِرٌ، فمرَّ بهما أُبَيّ ابن كعب [الأَنصاري 8/ 193]، فدعاه ابنُ عباس فقالَ: إِني تَمارَيتُ أَنا وصاحبي هذا في صاحبِ موسى الذي سأَلَ موسى السبيلَ إِلى لُقِيِّهِ، هل سمعتَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يذكُرُ شأْنَهُ؟ قالَ: نعَم، سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[يذكر شَأنَه 1/ 27] يقولُ: "بينمَا موسى في مَلأ مِن بَني إِسرائيلَ [إِذْ] جاءَهُ رَجلٌ فقالَ: هلْ تَعْلَمُ أَحداً أَعلَمَ مِنْكَ؟ قالَ موسى: لا، فأَوْحى اللهُ إِلى موسى: بَلى، عَبْدُنَا خَضِرٌ. فسَأَلَ موسى السَّبيلَ إِليهِ (وفي روايةِ: لقِيَّه 1/ 8)، فجَعَلَ الله له الحُوتَ آيةً، وقيلَ له: إِذَا فقَدتَ الحُوتَ فارجعْ، فإِنّكَ سَتلْقاهُ، وكانَ [موسى] يَتَّبع أثَرَ الحُوتِ في البحرِ، فقالَ لِموسى فتَاهُ: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}، قالَ [موسى]: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَداَ} خَضِراً، فَكانَ مِن شَأْنِهما الذي قَصَّ اللهُ عزَّ وجلَّ في كِتابِه" (9). 18 - باب قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ علِّمْهُ الْكِتابَ "

_ (9) قلت: وقد فصَّله النبي - صلى الله عليه وسلم - في رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس؛ كما سيأتي في "ج 3/ 65 - التفسير/ 45 - باب".

19 - باب متى يصح سماع الصغير

57 - عن ابن عباس قالَ: ضَمَّني رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[إِلى صَدرهِ 4/ 217] وقالَ: " اللهمَّ عَلِّمْهُ الْكِتابَ. (وفي رواية: الحِكمةَ) ". [والحِكمة: الإصابةُ في غير النبوة 4/ 218]. 19 - باب متَى يَصحُّ سَماعُ الصغيرِ 58 - عن عبدِ الله بن عباسٍ قالَ: أَقبلتُ راكباً على حمارٍ أَتَانٍ، وأَنا يومئذٍ قد ناهزتُ الاحْتِلامَ (10)؛ ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[ِقائم 2/ 218] يصَلي [بالناس 1/ 126] بمِنىً [26 - في حجة الوداع] إلى غيرِ جدار (11)، فمررتُ بينَ يدَيْ بعضِ الصفِّ [ثم نزَلتُ] وأَرسلتُ الأَتَانَ تَرتَعُ، ودخلتُ الصفَّ (وفي روايةٍ: فصففت مع الناس وراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، فلَم يُنكرْ ذلكَ عليَّ [أحد]. 20 - باب الخروجِ في طلبِ العِلمِ 23 - ورحلَ جابرُ بنُ عبدِ اللهِ مسيرةَ شهرٍ إلى عبدِ اللهِ بن أُنيْس في حديث واحد.

_ (10) أي: قاربت الاحتلام. 26 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها مسلم رحمهما الله تعالى. (11) أي إلى غير سترة، ويؤيده رواية البزار بلفظ: "والنبي - صلى الله عليه وسلم - يصلى المكتوبة ليس لشيء يستره". كذا في "الفتح". قلت: لكن رواية البزار هذه لا تصح، كما حققته في "الضعيفة" (5814) في بحث مفيد جداً، قد لا يوجد في مكان آخر، وفيه بيان أن الحديث لا ينفي السترة، وأن من عزاه بزيادة: "إلى غير جدار" للمتفق عليه، بله (الجماعة)، فهو مخطئ أو متساهل، وأن هذه الزيادة من طريق مالك فقط، وأن أكثر الرواة عنه لم يذكروها، وكذلك الذين تابعوه على أصل الحديث لم يذكروها أيضاً. 23 - هو طرف من حديث أخرجه المصنف في "الأدب المفرد" وأحمد وأبو يعلى بسند حسن، وقد علّق طرفاً آخر منه في "97 - التوحيد/32 - باب".

21 - باب فضل من علم وعلم

(قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم قبل بابين). 21 - باب فضْلِ مَن عَلِمَ وعلَّمَ 59 - عن أبي موسى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مثَلُ ما بعثَني اللهُ بهِ من الهدَى والْعِلم؛ كمثَلِ الْغَيثِ الكثيرِ، أَصابَ أرضاً، فكانَ منْها نقيَّةٌ قَبِلَتِ الماءَ، (27 - وفي روايةٍ معلقة: وكان منها طائفة قَيَّلَتِ الماء)، فأَنبتتِ الكَلأَ والعُشبَ الكثيرَ، وكانَت منها أَجادِبُ أَمسكَتِ الماءَ، فنفَعَ اللهُ بها الناسَ فشَربوا وسَقَوْا وزرعوا، وأَصابَ منها طائفةً أُخرى إِنما هيَ قِيعانٌ، لا تمسِكُ ماءً، ولاَ تُنبِتُ كَلأً، فذلكَ مثَلُ مَن فَقُهَ في دينِ اللهِ ونَفَعَهُ ما بعثَني اللهُ بهِ، فعَلِمَ وعلَّمَ، ومثَلُ مَن لم يَرفعْ بذلكَ رأْساً، ولم يَقبَلْ هُدَى اللهِ الذي أُرسِلتُ بهِ". (قاعٌ): يَعلُوهُ الماء، و (الصَّفصَفُ): المُستَوي منَ الأَرضِ. 22 - باب رَفْعِ الْعِلمِ وظهورِالجَهلِ 24 - وقالَ ربيعةُ: لا ينبغي لأَحَدٍ عِندَه شيءٌ أنْ يُضيِّعَ نفْسَهَ. (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي في "ج 3/ 67 - النكاح/111 - باب"). 23 - باب فضْلِ العِلمِ 60 - عن ابنِ عمرَ قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "بيْنا أَنا نائمٌ أُتِيتُ بقَدَحِ لَبَنٍ فشَرِبتُ [منهُ 8/ 79]، حتَّى إِني لأَرى الرَّيَّ

_ 27 - لم يخرجها الحافظ، واستظهر أن هذه اللفظة تصحيف، والصواب الأولى "قَبِلَتْ". 24 - وصله الخطيب في "الجامع"، والبيهقي في (المدخل).

24 - باب الفتيا وهو واقف على الدابة وغيرها

[يَجري]، يخرُجُ في أَظْفاري، (وفي رواية: أطرافي 8/ 74)، ثم أَعطيتُ فَضْلي عمرَ بنَ الخطابِ"، قالوا: فما أَوَّلتَهُ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: "العِلمَ". 24 - باب الفُتْيا وهْوَ واقفٌ على الدابَّةِ وغيْرِها 61 - عن عبدِ اللهِ بن عمْرو بن العاصي: أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وقف في حَجَّةِ الوَداعِ بمِنًى [يخطُبُ يومَ النحر على ناقتهِ 2/ 191] [عند الجمرةِ 40/ 1] لِلناسِ يسألونهُ، فجاءَهُ رجلٌ فقالَ: [يا رسولَ اللهِ] لم أَشعُرْ فحلَقتُ قبْلَ أن أَذبَحَ؟ فقالَ: "اذبَحْ ولاَ حَرَجَ". فَجاءَ آخَرُ فقالَ: لم أَشعُرْ فنحَرتُ قبْلَ أن أَرْميَ؟ قالَ: " ارمِ ولا حَرَجَ"، فما سُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[يومئذٍ 2/ 190] عن شيءٍ قُدِّمَ ولا أخِّرَ إِلا قالَ: "افعلْ [افعل 7/ 225] ولا حَرَجَ". 25 - باب مَن أجابَ الْفُتْيا بإِشارةِ الْيَدِ والرأْسِ 62 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " يُقْبَضُ الْعِلمُ، وَيظْهَرُ الجَهْلُ، والفِتَنُ، ويَكثُرُ الهرْجُ". قيلَ: يا رسولَ الله! وما الهَرْجُ؟ فقالَ هكذا بيَدِهِ، فحرَّفَها. كأنه يُريدُ الْقتْلَ (12). 26 - باب تحريضِ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -وفْدَ عبدِ القيْس على أن يَحْفَظُوا الإِيمانَ والعِلمَ، ويُخْبِروا بهِ مَن وراءَهم

_ (12) قلت: بعد هذا في الأصل حديث أسماء في الإشارة بالرأس في الصلاة، وسيأتي في "4 - الوضوء /38 - باب".

27 - باب الرحلة في المسألة النازلة، وتعليم أهله

28 - وقالَ مالِكُ بن الحويرث: قالَ لنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ارجِعوا إلى أَهليكم فعلِّموهم". (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم في "2 - الإيمان/ 40 - باب"). 27 - باب الرِّحلةِ في المسألة النازلةِ، وتعليمِ أهلهِ (قلت: أسند فيه حديث عقبة بن الحارث الآتي في "ج 3/ 67 - النكاح/ 24 - باب"). 28 - باب التناوُبِ في العِلمِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عمر الآتي في "ج 2/ 46 - المظالم/ 25 - باب"). 29 - باب الغضبِ في الموعظةِ والتعليمِ إِذا رأَى ما يَكرهُ 63 - عن أبي موسى قالَ: سُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن أشياءَ كرِهَها؟ فلمَّا أَكثر [وا 8/ 142] عليهِ [المسألةَ] غضِبَ، ثم قالَ للناسِ: " سَلُوني عمَّا شئتُمْ". قالَ رجلٌ: [يا رسولَ اللهِ!] مَنْ أَبي؟ قالَ: " أبوكَ حُذَافةُ". فقامَ آخَرُ فقالَ: مَنْ أَبي يا رسولَ اللهِ؟ فقالَ: "أبوكَ سالمٌ مَوْلى شَيْبَةَ". فلمَّا رأَى عمرُ ما في وَجههِ [من الغضب] قالَ: يا رسولَ اللهِ! إِنَّا نتُوبُ إِلى اللهِ عز وجل. 30 - باب مَن برَكَ على رُكبَتيْهِ عندَ الإمامِ أو المحدِّثِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس الآتي في "ج 4/ 96 - الاعتصام/ 3 - باب").

_ 28 - وصله المؤلف في مواطن، وسيأتي في "ج 3/ 95 - خبر الواحد/1 - باب".

31 - باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه؛

31 - باب مَن أَعادَ الحديثَ ثلاثاً لِيُفْهَمَ عنهُ؛ 29 - فقالَ: "أَلا وقوْلُ الزُّورِ، فما زالَ يكرِّرُها". 30 - وقالَ ابنُ عمرَ: قالَ النبيٌّ - صلى الله عليه وسلم -: "هلْ بلَّغْتُ؟ (ثلاثاً) " 64 - عن أَنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنهُ كانَ إِذا تكلَّمَ بكَلِمةٍ أَعادَها ثلاثاً حتى تُفْهَمَ عنْهُ، وِإذا أَتى على قوْمٍ فسلَّمَ عليْهمْ سلَّمَ عليْهمْ ثلاثاً. 32 - باب تعليمِ الرجلِ أَمَتَهُ وأَهلَهُ 65 - عن أبي موسى قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثةٌ لَهمْ أَجْرانِ؛ رجلٌ مِن أهلِ الكتَابِ آمَنَ بنَبيِّهِ وآمَنَ بمحمَّد - صلى الله عليه وسلم -، والْعَبدُ الممْلوكُ إِذا أَدَّى حَقَّ اللهِ تعالى وحَقَّ مَوَالِيهِ، (وفي روايةٍ: المملوك الذي يحسن عبادةَ ربه ويؤدِّي إلى سيِّده الذي له عليهِ من الحق والنصيحة والطاعةِ 3/ 124)، ورجلٌ كانَت عِندَهُ أَمَةٌ فأدَّبَها فأَحسَنَ تأديبَها، وعلَّمَها فأَحسَنَ تعليمَها، (وفي روايةٍ: فَعَالها (13)، فأَحسَنَ لها 3/ 123)، ثم أَعتَقها [31 - ثم أصدقَها 6/ 121]، فتزَوجها فلهُ أجرانِ". ثم قالَ عامرٌ (14): أَعطَيناكَها بغيرِ شيءٍ! قد كانَ يُركَبُ فيما دونَها إلى المدينةِ.

_ 29 - هو طرف من حديث لأبي بكرة، وصله المصنف فيما يأتي "ج 2/ 52 - الشهادات /10 - باب". 30 - هذا طرف من حديثه الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/79 - باب". (13) أي أنفق عليها، من عال الرجل عياله يعولهم؛ إذا قام بما يحتاجون إليه. 31 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها أحمد وغيره، وهي زيادة شاذة لا تثبت في نقدي؛ كما بينته في "الضعيفة" (3364). (14) قلت: هو الشعبي الراوي للحديث عن أبي بردة عن أبيه، يعني: أبا موسى الأشعري، قالها للراوي عنه: صالح بن حيان.

33 - باب عظة الإمام النساء وتعليمهن

33 - باب عِظةِ الإِمامِ النساءَ وتعليمِهنَّ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي في "13 - العيدين/ 19 - باب"). 34 - باب الحِرصِ على الحديثِ 66 - عن أبي هريرة أنه قالَ: قلتُ: يا رسولَ الله! مَن أَسعدُ الناسِ بشفاعِتكَ يومَ الْقيامةِ؟ قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لقد ظَنَنْتُ يا أبا هريرةَ أن لا يسأَلني عن هذا الحديثِ أَحدٌ، أوَّلَ منكَ، لِما رأيتُ من حِرصكَ على الحديثِ، أَسعدُ الناسِ بشفاعتي يومَ الْقيامةِ مَن قالَ: لا إِلهَ إِلا الله، خالصاً من قلبهِ أو نفْسهِ، (وفي رواية: من قِبَل نفْسه 7/ 204) ". 35 - باب كيفَ يُقبَضُ الْعِلمُ 25 - وكتب عمرُ بنُ عبدِ العزيز إِلى أبي بكر بن حزمٍ انظر ما كانَ من حديثِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فاكتبْه، فإِني خفتُ دروسَ العِلمِ، وذهابَ العلماءِ، ولا يُقبَلُ إِلا حديثُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم -، ولْيُفشوا العِلمَ، وليَجلسوا حتى يُعلَّمَ من لا يَعلمُ، فإِنَّ العِلمَ لا يَهلِكُ حتى يكونَ سرّاً. 67 - عن عروة [قال: حج علينا 8/ 148] عبدُ اللهِ بنُ عمْرِو بن العاص [فسمعتُه] قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إِن اللهَ لا يقبِض العِلمَ انتزاعاً ينتزعهُ من العبادِ، ولكنْ يَقبضُ العِلمَ بقبضِ

_ 25 - هذا معلق في نسختنا الاستانبولية؛ وهو رواية. ولكنه موصول في روايات أخرى إلى قوله: "وذهاب العلماء"، وقد وصله أبو نعيم في "أخبار أصبهان" بنحوه.

36 - باب هل يجعل للنساء يوما على حدة في العلم

العلماءِ، حتى إِذا لم يُبقِ عالِماً؛ اتخَذَ الناسُ رُؤُوساً جهَّالاً، فسئِلوا، فأَفتَوا بغيرِ علمٍ. (وفي روايةٍ: فيُفتونَ بِرأيهم، فَضَلُّوا وأضَلُّوا". فحدثتُ عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -. ثم إِن عبدَ اللهِ بن عَمْروٍ حَجَّ بعدُ، فقالت: يا ابنَ أختي! انطلق إِلى عبدِ الله، فاستَثْبِت منه الذي حدَّثْتَني عنه، فجئتُه فسألْتُه، فحدثني كنحو ما حدثني، فأتيتُ عائشةَ، فأخبرتُها، فعجبَتْ، فقالت: واللهِ لقد حَفِظَ عبدُ الله بنُ عمرو 8/ 148). 36 - باب هل يَجعلُ للنساءِ يوماً على حدَةٍ في العِلم (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد الخدري الآتي في "ج 4/ 96 - الاعتصام/ 9 - باب"). 37 - باب من سمعَ شيئاً فراجعَ حتى يعرفَه 68 - عن ابنِ أبي مُليْكةَ أن عائشةَ زوجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت لا تَسمعُ شيئاً لا تعرفُه إِلا راجعت فيه حتى تعرفَه، وِإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن حوسبَ عُذِّبَ، (وفي روايةٍ: هَلَكَ 6/ 81) "، قالت عائشةُ: فقلتُ: [جعلني الله فداءك] أوَليس يقولُ اللهُ تعالى: {[فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ] فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}؟ قالت: فقالَ: "إِنما ذلكِ العَرْضُ، ولكنْ مَن نوقشَ الحسابَ، يَهلكْ، (وفي روايةٍ: وليس أحدٌ يناقَشُ الحسابَ يومَ القيامة إِلا عُذِّب 7/ 198) ".

38 - باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب

38 - باب لِيُبَلِّغِ العِلمَ الشاهدُ الغائبَ 32 - قاله ابنُ عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 69 - عن أبي شُرَيْح [العدَويّ 5/ 94] أنه قالَ لعَمْرو بن سعيد وهو يَبعثُ الْبُعوثَ إِلى مكةَ: ائذَنْ لي أيها الأَميرُ أحدِّثْكَ قوْلاً قامَ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْغدَ من يومِ الْفتحِ، سمعَتْه أُذُنايَ، ووعاهُ قلبي، وأبصرَتْه عيْنايَ، حينَ تكلَّم به، حمِدَ اللهَ، وأَثنى عليهِ، ثم قالَ: " إِنَّ مكَّةَ حرَّمَها الله، ولم يحرِّمْها الناسُ، فلا يَحلُّ لامرىءٍ يؤمنُ بالله والْيومِ الأخِر أن يَسفكَ بها دماً، ولا يَعضِدَ بها شجرةً، فإِنْ أَحدٌ ترخَّصَ لقتالِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيها فقولوا [له 2/ 213]: إِنَّ الله قد أَذِنَ لرسولهِ، ولم يأذَن لكم، وِإنما أَذِنَ لي فيها ساعةً من نهارٍ، ثم عادت حرْمتُها الْيومَ كحُرمتِها بالأَمسِ، وليبلِّغِ الشاهدُ الْغائبَ". فقيلَ لأَبي شرَيْح: ما قالَ [لك] عمْروٌ؟ قالَ: أَنا أَعلمُ [بذلكَ] منكَ يا أَبا شرَيحٍ! إِنَّ مكةَ (وفي روايةٍ: إِنَّ الحرَم) لا تعيذُ عاصياً، ولاَ فارّاً بدَمٍ، ولاَ فارّاً بخُرْبةٍ. [قال أبو عبد الله: الخربة: البلية 5/ 95]. 39 - باب إِثمِ مَن كذَبَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 70 - عن علي قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ 32 - هو طرف من حديث له، سيأتي إن شاء الله موصولاً في "25 - الحج / 132 - باب".

40 - باب كتابة العلم

" لا تَكذِبوا علَيَّ؛ فإِنه مَن كذَبَ عليَّ فلْيَلجِ النارَ". 71 - عن عامر بن عبدِ الله بن الزبير عن أبيه قالَ: قلتُ للزبير: إِني لا أَسمعُك تحدِّثُ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كما يحدِّث فلانٌ وفلان؟ قالَ: أمَا إني لم أفارقْه، ولكنْ سمعتُه يقولُ: " مَن كذَبَ عليَّ فليَتَبوأْ مقعَدَه من النارِ". 72 - عن أَنسٍ قال: إِنه لَيمنعُني أن أحدِّثَكم حديثاً كثيراً أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " مَن تعمدَ عليَّ كذِباً، فليتبوأْ مقعدَه من النار". 73 - عن سلَمة بن الأَكوَع قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " مَن يقُلْ عليَّ ما لم أقُلْ، فليتَبَوَّأْ مقعدَه من النارِ". 74 - عن أبي هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " مَن كذَبَ عليَّ متعمِّداً، فليتبوَّأْ مقعدَه من النارِ". 40 - باب كتابةِ العِلمِ 75 - عن أبي هريرة أن خُزاعةَ قتَلوا رجلاً من بني ليْثٍ، عامَ فتحِ مكةَ، بقتيلٍ منهم قتَلوه [في الجاهليةِ 8/ 38]، فأُخْبرَ بذلكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فركِبَ راحلتَه فخطَبَ [في الناس، فحمِدَ اللهَ وأثنى عليه 3/ 94]، فقالَ: "إن الله حبَسَ عن مكةَ الْفيلَ، وسُلِّط عليهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنونَ، ألا وإِنها لم تَحلَّ لأَحدٍ قبلي، ولا تَحِلُّ لأَحدٍ بَعدي، ألاَ وِإنّها أُحَلَّت لي ساعةً من

41 - باب العلم والعظة بالليل

نهارٍ، ألاَ وِإنها ساعتي هذه حرامٌ، لا يُختَلى شوْكُها، ولا يُعضَدُ شجرُها، ولا تُلتقَطُ ساقِطتُها، إِلا لِمنشِدٍ، فمنْ قُتلَ له قتيلٌ فهوَ بخيرِ النظرينِ؛ إِمَّا أن يُعقَلَ (وفي رواية: يُودَى)، وِإما أن يُقادَ أهلُ الْقتيلِ". فجاءَ رجلٌ من أهلِ اليَمنِ [يقال له أبو شاه]، فقالَ: اكتبـ[ـوا] لي يا رسولَ الله، فقالَ: " اكتبوا لأَبي فلانٍ (وفي رواية: لأَبي شاه) "، فقالَ رجلٌ من قريشٍ (وفي رواية: فقال العباس): إِلاً الإذْخِرَ يا رسولَ الله! فإِنا نجعَلُه في بيوتنا وقبورِنا، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إِلا الإذْخِرَ". [قلت للأَوزاعي: ما قوله: "اكتبوا لي يا رسول الله"؟ قال: هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]. 76 - عن أبي هريرة قال: "ما مِنْ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أحدٌ أكثرَ حديثاً عنه منِّي؛ إِلا ما كانَ من عبدِ الله بنِ عمْروٍ؛ فإِنه كانَ يكتبُ، ولا أَكتبُ". 41 - باب العلمِ والعِظةِ بالليل 77 - عن أم سلَمة قالت: استيقظَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ ليلةٍ [فزِعاً 8/ 90] فقالَ: " سبحانَ الله! (وفي رواية: وهو يقول: لا إِله إلا الله 7/ 47)، ماذا أنْزلَ [الله] الليلةَ من الْفِتَنِ؟ وماذا فُتحَ من الخزائنِ؟ أَيْقظُوا (وفي روايةِ: من يُوقِظُ) صواحبَ الحُجَرِ [يريد أزواجهُ حتى يُصلِّينَ 7/ 123]؟ فرُبَّ (وفي روَايةٍ: يا رُبَّ) كاسيةٍ في الدُّنيا عاريةٌ في الآخرةِ".

42 - باب السمر في العلم

[قالَ الزهري: وكانت هند (15) لها أزرارٌ في كمّيها بين أصابعها". 42 - باب السّمَرِ في العِلمِ 78 - عن عبدِ الله بن عمر قالَ: صلَّى بنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - العشاءَ في آخرِ حياتهِ، [وهي التي يدعو اَلناس العَتَمَةَ 1/ 141]، فلمَّا سلَّم قامَ [فَأَقبل علينا]، فقالَ: "أَرأَيتَكم ليلتَكم هذه؟ فإِنَّ رأسَ مِائةِ سَنةٍ منها لا يبقى ممن هو [اليوم 1/ 149] على ظهرِ الأَرضِ أَحَدٌ". [فوهِل (16) الناس في مقالة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى ما تحدثوا في هذه الأَحاديث عن مائة سنة، وِإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبقى ممن هو اليوم على ظهرِ الأَرض"، يريد بذلك أنها تَخْرِمُ ذلك الْقرنَ". 43 - باب حِفظِ العِلم 79 - عن أبي هريرة قال: حفظْتُ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وعاءَين، فأمَّا أحدهما فبَثَثْتُه، وأمَّا الآخَرُ فلَوْ بَثَثْتُه قُطِعَ هذا الْبُلعومُ (17). 44 - باب الإِنصاتِ للعلماء 80 - عن جريرٍ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ له في حَجةِ الوَدَاعِ:

_ (15) هي هند بنت الحارث الفراسية راوية هذا الحديث عن أم سلمة رضي الله عنها. (16) أي: غلطوا وذهب وهمهم إلى خلاف الصواب. (17) قال الحافظ: "حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه، ولا يصرح به خوفاً على نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة". ثم رد على غلاة المتصوفة الذين اتخذوا هذا الحديث ذريعة إلى تصحيح قولهم الباطل: إن للشريعة ظاهراً وباطناً! فليراجعه من شاء.

45 - باب ما يستحب للعالم إذا سئل: أي الناس أعلم؟ فيكل العلم إلى الله

"استَنْصِتِ الناسَ، فقال: لا تَرجِعوا بَعدي كفَّاراً يَضرِبُ بعضُكم رِقابَ بعضً". 45 - باب ما يُستَحَبُّ للعالِمِ إِذا سئِلَ: أيُّ الناسِ أَعلَمُ؟ فيَكِلُ الْعِلمَ إِلى الله (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الطويل في قصة الخضر مع موسى الآتي في "ج 3/ 65 - التفسير/ 18 - السورة/3 - باب"). 46 - باب مَن سألَ وهو قائمٌ عالِماً جالساً 81 - عن أبي موسى قال: جاء رجلٌ (وفي رواية: أَعرابيٌّ 3/ 51) إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: يا رسولَ اللهِ! ما القتالُ في سبيلِ الله؟ فإِنَّ أحدَنا يقاتلُ غضَباً، ويقاتِلُ حميةً، [ويقاتلُ شجاعةً، ويقاتلُ رياء]، (وفَي روايةٍ: الرجلُ يقاتلُ للمغنمِ، والرجلُ يقاتلُ للذكر، والرجلُ يقاتلُ ليُرى مكانُه، فمن في سبيلِ اللهِ؟ 3/ 206)، فرفَعَ إِليهِ رأسَه، قالَ: وما رفَعَ إِليهِ رأسَه، إِلا أنه كانَ قائماً، فقالَ: " مَنْ قاتلَ لِتَكُونَ كلِمةُ اللهِ هيَ الْعُليا فهوَ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ". 47 - باب السؤالِ والفُتْيا عندَ رمْيِ الجِمارِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن عمرو المتقدم في "24 - باب"). 48 - باب قوْلِ اللهِ تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إلا قَليلاً} 82 - عن عبدِ الله (بن مسعود) قال: بيْنا أنا أَمشي معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في [بعض 8/ 189] خِربِ (وفي روايةٍ: حَرْثِ 5/ 228) (18) المدينةِ، وهو يتوكَّأُ على

_ (18) قال الحافظ: "وهذا أصوب؛ فقد أخرجه مسلم من طريق مسروق عن ابن مسعود بلفظ: كان في نخل".

49 - باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه

عَسِيبٍ (19) معه، فمرَّ بنفَرٍ من الْيهودِ، فقالَ بعضُهم لِبعضٍ: سَلُوهُ عنِ الرُّوحِ [فقالَ: ما رابكم إِليه 5/ 228]، وقالَ بعضُهم: لا تسألوهُ؛ لاً يَجيءُ فيهِ بشيْءٍ (وفي روايةٍ: لا يُسمعكم ما 8/ 144) تكرهونَهُ، فقالَ بعضُهم: لَنَسألنَّهُ، [فقالوا: سلوه]، فقامَ رجلٌ منهم [إِليه] فقالَ: يا أبا الْقاسمِ! ما الرُّوحُ؟ فسكتَ [عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -]، [فلم يردَّ عليهم شيئاً]، (وفي رواية: فقام ساعةً ينظر)، [متوكئاً على العسيب، وأَنا خلفه 8/ 188]، فقلتُ: إِنه يوحى إِليهِ، [فتأخرتُ عنه حتى صعِدَ الوحْيُ،، فقمتُ مقامي، فلمَّا انجلى عنهُ قالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}. - قالَ الأَعمشُ: هكذا في قِراءتنا- (20)، [فقال بعضُهم لبعض: قد قلنا لكم لا تسألوه]. 49 - باب مَن تركَ بعضَ الاختيارِ مخافةَ أن يقصُرَ فَهْمُ بعضِ الناسِ عنه فيقعوا في أَشدَّ منهُ (قلت: أسند فيه حديث عائشة الآتي في "25 - الحج/42 - باب"). 50 - باب مَن خَصَّ بالعِلمِ قوماً دونَ قوم كراهِيَةَ أنْ لا يَفهَموا 83 - قالَ عليٌّ: حدِّثوا الناسَ بما يَعرفونَ، أتُحبُّونَ أنْ يُكَذَّبَ اللهُ ورسولُه (21). 84 - عن قَتادة قال: حدَّثنا أَنس بن مالك أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ومُعاذٌ رديفُه على الرَّحلِ- قالَ: "يا مُعاذ بنَ جبَلٍ! " قالَ: لَبَّيكَ يا رسولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، قالَ:

_ (19) هو جريدة من النخل مستقيمة دقيقة يكشط خوصها. (قاموس). (20) قلت: ولا منافاة بين هذه القراءة والقراءة المشهورة المتواترة {وما أُوتيتم} كما لا يخفى. (21) قلت: صورته صورة المعلق، لكنه قد ساق عقبه إسناده إلى علي رضي الله عنه، فهو موصول.

51 - باب الحياء في العلم

"يا معاذُ! ". قالَ: لبَّيكَ يا رسولَ الله وَسَعْدَيْكَ (ثلاثاً). قالَ: " ما مِن أَحدٍ يَشهَدُ أنْ لا إِله إلا الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله، صِدْقاً من قَلبهِ؛ إِلا حرَّمَه الله على النَّارِ". قالَ: يا رسولَ الله! أفَلا أُخْبرُ بهِ الناسَ فيَستَبشِروا؟ قالَ: "إِذاً يتَّكِلُوا". وأَخبَرَ بها مُعاذٌ عندَ موْتهِ تأَثُّماً. (وفي طريقٍ آخر عن أنس قال: ذُكِرَ لي (22) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ لِمعاذٍ: "مَنْ لَقِيَ الله لا يُشركُ بهِ شيئاً دخلَ الجنةَ". قالَ: أَلاَ أُبَشِّرُ الناسَ؟ قالَ: "لا، أَخافُ أنْ يتَّكِلُوا) (23) ". 51 - باب الحياءِ في العِلمِ 26 - وقالَ مجاهد: لا يتَعلَّم الْعِلمَ مُسْتَحْيٍ، ولاَ مُستكْبِرٌ. 27 - وقالت عائشةُ: نِعْمَ النساءُ نساءُ الأنصارِ، لم يمنعْهُنَّ الحَياءُ أنْ يَتَفَقَّهْنَ في الدِّينِ. 85 - عن أُم سلَمة قالت: جاءت أُم سُلَيم [امرأة أبي طلحة 1/ 74] إِلى

_ (22) قال الحافظ: "لم يسمِّ أنس من ذكر له ذلك في جميع ما وقفت عليه من الطرق". قلت: وهذا منه عجيب، فإن الحديث يرويه قتادة عن أنس، وقد قال في رواية أحمد (5/ 242) عنه عن أنس أن معاذ بن جبل حدثه. وتابعه أبو سفيان عن أنس قال: أتينا معاذ بن جبل فقلنا: حدثنا من غرائب حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: نعم، كنت ردفه على حمار فقال: يا معاذ .. الحديث. أخرجه أحمد (5/ 228 و 236)، وابن منده في "الإيمان" (ص 241)، وإسناده صحيح، وأعجب من هذا كله أن لا يستحضر الحافظ هنا أن المصنف نفسه رواه في"81 - الرقاق/37 - باب" من الطريق الأولى عن قتادة: حدثنا أنس بن مالك عن معاذ بن جبل قال: فذكره. ولذلك استجزت إعادته هناك لأنه هنا من مسند أنس، وهناك من مسند معاذ. نعم لو أن الحافظ جعل هذا التعليق على آخر الحديث من الطريق الأولى لكان مما لا غبار عليه، لأن أنساً كان بالمدينة حين مات معاذ بالشام. كما قال الحافظ نفسه، ولكنه وضعه في غير موضعه. (23) رواه مسلم أيضاً (1/ 45)، وروي نحوه عن أبي هريرة وعبادة بن الصامت (1/ 43). 26 - وصله أبو نعيم في "الحلية" بسند صحيح عنه. 27 - وصله مسلم (1/ 180) بسند حسن.

52 - باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال

رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: يا رسولَ الله! إِنَّ الله لا يَستَحْيي منَ الحقِّ، فهلْ على المرأةِ من غُسْلٍ إِذَا احتَلَمتْ؟ قالَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - " [نَعَمْ] إِذا رأَتِ الماءَ"، فغَطَّتْ أُمُّ سَلَمةَ- تَعني وجهها- (وفي روايةٍ: فضحكت أم سلمة 4/ 102)، وقالتْ: يا رسولَ الله! وتحتَلِمُ المرأَةُ؟ قالَ: " نعمْ، تَرِبَتْ يَمينُكِ، فبِمَ (وفي روايةٍ: فيما) يُشْبِهُها ولَدُهَا؟ ". 52 - باب مَن استَحْيا فأمَرَ غيْرَه بالسؤالِ 86 - عن علي قال: كنتُ رجلاً مَذَّاءً [فاستَحْيَيْتُ أن أسأَلَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - 21/ 52]، فأمرتُ المِقدادَ [بنَ الأَسود] أن يسألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -[لمكان ابنتِهِ 1/ 71]، فسأله؟ فقالَ: " فيهِ الوُضوءُ". (وفي روايةٍ: "توضأ واغسل ذكَرك" 1/ 71). 53 - باب ذِكرِ العِلم والفُتْيا في المسجد 87 - عن عبدِ الله بن عمر أن رجلاً قامَ في المسجدِ فقالَ: يا رسولَ اللهِ! مِنْ أينَ تأمرُنا أنْ نُهِلَّ؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " يُهِلُّ (وفي طريقٍ آخر: مُهَلُّ 2/ 42) أهلِ المدينةِ من ذِي الحُلَيْفَةِ، ويُهلُّ أَهلُ الشامِ مِنَ [مَهْيَعة، وهي 2/ 142] الجُحْفَةِ، ويُهلُّ أَهلُ نَجْدٍ منْ قَرْنٍ". (ومن طريق زيد بن جُبير: أنه أتى عبدَ اللهِ بن عمر رضي الله عنهما في منزلهِ، وله فُسطاطٌ وسُرادقٌ (24)، فسألته: من أين يجوز أن أَعتمرَ؟ قال: فرضها

_ (24) الفسطاط: الخيمة، وما يغطى به صحن الدار من الشمس وغيرها. وكل ما أحاط بشيء فهو سرادق.

54 - باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجد قرناً. وذكر نحوه 2/ 141)، وقال ابن عمرَ: ويزعمون أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " ويُهلُّ أَهلُ الْيمَنِ مِن يَلَمْلَمَ". وكانَ ابنُ عمرَ يقولُ: لم أَفقَهْ (وفي روايةٍ: لم أَسمع 2/ 143) هذهِ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -[وذُكر العراق، فقال: لم يكن عراقٌ يومئذٍ 8/ 155] (25). 54 - باب من أجاب السائل بأكثَرَ مما سأَلَهُ 88 - عن ابن عمرَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً سأله: ما يَلْبَسُ المحرم [من الثيابِ 7/ 36]؟ فقالَ: "لا يَلبَسُ (وفي رواية: لا تَلْبَسوا 2/ 214) القميصَ، ولا العِمامةَ، ولا السراويلَ، ولا البرنُسَ، ولا ثوباً مسَّهُ الورْسُ أو الزعفران، [ولا الخُفَّيْن]، [إلا أنْ لا يجد نعلين 2/ 145]، فإن لم يجد النعلين، فليلبسِ الخُفَّيْنِ، ولْيَقْطَعْهُما حتى يكونا تَحتَ الكَعْبَيْنِ، [ولا تَنْتَقِبُ المرأَةُ المحرمةُ، ولا تَلْبَسُ القُفَّازيْنِ". 28 - وقال عُبَيد الله: ولا وَرْس، وكان يقول: لا تنتقب المحرمةُ، ولا تلبس القفازين. 29 - وقال مالك: عن نافع عن ابن عمر: لا تَنْتَقِبُ المحرمة].

_ (25) قد صح توقيت ذات عرق لأهل العراق من رواية ابن عمر عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فراجعه في كتابي "حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 52 - طبعة المكتب الإسلامي الثالثة). 28 - وصله إسحاق بن راهويه وابن خزيمة من طرق عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، فساق الحديث إلى قوله: "الورس أو الزعفران" قال: وكان عبد الله -يعني ابن عمر- يقول ... فذكره موقوفاً عليه. 29 - هو في" الموطأ" (1/ 305)، وغرض المصنف رحمه الله تعالى أن مالكاً اقتصر من الحديث على رواية هذه الجملة منه موقوفاً على ابن عمر، وفي ذلك تقويةٌ لرواية عبيد الله المعلقة، التي بينت أن هذه الجملة مدرجة في الحديث، وأنها من قول ابن عمر، وهو الذي رجحه الحافظ في "الفتح"؛ خلافاً للمصنف فإنه أشار إلى ترجيح الرفع كما بينته في"الإرواء" (1011).

4 - كتاب الوضوء

بسم الله الرحمن الرحيم 4 - كتَابُ الوُضُوءِ 1 - باب ما جاءَ في قولِ اللهِ تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} قالَ أبو عبدِ اللهِ: وبيَّنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: 33 - أَن فَرْضَ الوُضوءِ مَرَّةً مرَّةً. 34 - وتَوَضأَ أيضاً مرَّتيْنِ مرَّتيْنِ. 35 - وثلاثاً ثلاثاً، ولم يَزدْ على ثلاثٍ (1). وكرهَ أهلُ العِلمِ الإسرافَ فيهِ، وأنْ يجاوزُوا فِعلَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2 - باب لا تُقبَلُ صلاةٌ بغيرِطُهورٍ 89 - عن أبي هريرة قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لا تُقبَلُ صَلاةُ مَن أَحدَثَ حتى يتوضأَ".

_ 33 - يشير إلى حديث ابن عباس الآتي موصولاً قريباً "22 - باب". 34 - يشير إلى حديث عبد الله بن زيد الآتي موصولاً "23 - باب". 35 - يشير إلى حديث عثمان رضي الله عنه الآتي موصولاً في "24 - باب". (1) أي: لم يأت في شيء من الأحاديث المرفوعة في صفة وضوئه - صلى الله عليه وسلم - أنه زاد على ثلاث، بل ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - ذم من زاد عليها عند أبي داود وغيره من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بسند حسن، كما هو مبين في "صحيح أبي داود" (124).

3 - باب فضل الوضوء، والغر المحجلون من آثار الوضوء

قالَ رجلٌ مِن حَضْرَمَوْتَ: ما الحَدَثُ يا أبا هريرةَ؟ قالَ: فُسَاءٌ أوْ ضُرَاطٌ (2). 3 - باب فضْلِ الوضوءِ، والغُرُّ المحَجَّلونَ من آثار الوضوءِ 90 - عن نُعَيْم المجمِّر قالَ: رَقِيتُ معَ أبي هريرةَ على ظهرِ المسجدِ فتوضأَ، فقالَ: إِني سمِعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " إِنَّ أُمَّتي يُدْعَوْنَ يومَ القيامةِ غُرَّاً محَجَّلِينَ مِن آثار الوُضوِء". فمنِ استطاعَ منْكمْ أنْ يُطيلَ غُرَّتَه فلْيفعلْ (3). 4 - باب لا يتوضأُ من الشكِّ حتى يستَيْقِن 91 - عن عَمّ عَبَّاد بن تميم (عبد الله بن زيد): أنه شكَا إِلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الرجلَ الذي يُخيَّلُ إِليهِ أَنه يَجِدُ الشيءَ في الصلاةِ؟ فقالَ: "لا ينفتِلُ أو لا ينصرفُ، حتى يَسمعَ صوْتاً، أوْ يَجدَ ريحاً". 36 - (وفي روايةٍ معلقة: "لا وُضوءَ إِلا فيما وَجَدْتَ الريحَ، أو سَمِعْتَ الصوتَ" 3/ 5). 5 - باب التخفيفِ في الوُضوءِ

_ (2) جاء بعضُ هذا الحديث في حديث آخر لأبي هريرة سيأتي في "10 - الأذان/30 - باب"، فالظاهر أنهما حديثان مختلفان له، ولذلك لم أضم هذا إلى ذاك، وهما من طريقين مختلفين أيضاً. (3) قلت: قوله: "فمن استطاع .. " ليس من تمام الحديث، بل هو مدرج فيه كما حققه طائفة من أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر، وتجد بسط ذلك في "الضعيفة" (1030)، و"الإرواء" (94). 36 - هذه الرواية معلقة عند المصنف، وظاهرها عنده أنها موقوفة على الزهري راوي هذا الحديث الموصول، لكن رجّح الحافظ رحمه الله أنها مرفوعة، فقد وصله السراج في "مسنده" مرفوعاً باللفظ المعلق. ووصله أحمد وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعاً، وسنده صحيح، وعلّقه المصنف فيما يأتي برقم (39).

92 - عن ابن عباس قال: بِتُّ عندَ خالتي ميمونةَ [بنتِ الحارث زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - 37/ 1] ليلةً، [وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندها في ليلتها، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء، ثم جاء إلى منزلهِ، فصلى أربعَ ركعاتٍ]، [فقلت: لأَنْظُرَنَّ إلى صلاةِ رسول اللهِ- صلى الله عليه وسلم -5/ 175]، [فتحدث رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مع أهله ساعة 5/ 174]، [فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتى حاجته، غسل وجهه ويديه 7/ 148]، [فطرحَتْ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسادةً]، [ثم رَقَدَ 5/ 174]، [فاضطجعتُ على عرض الوسادةِ، واضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَهلُه في طولِها، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتصفَ الليلُ، أَو قبلَه بقليل، أو بعده بقليل 2/ 58]، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - من الليل (وفي طريقٍ: ثم اسْتَيْقَظَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلَسَ، فمسح النوم عن وجههِ بيدِه [فنظر إلى السماء]، ثم قرأَ الْعشرَ آيات، خواتيم سورة {آل عمران}، (وفي روايةٍ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ})، فلما كان في بعض الليل قام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتوضأ من شَنٍّ (4) معلَّقٍ (وفي روايةٍ: معلقةٍ 1/ 53) وضوءاً خفيفاً- يُخفِّفُه عمرو ويُقَلِّلُهُ [جداً 1/ 208]، (وفي روايةٍ: وضوءاً بين وضوءين لم يُكثر)، [واسْتَنَّ] (5)، [ثم قال: نام الْغُلَيّمُ، أو كلمةً تُشبهُها]، و (وفي روايةٍ: ثم) قام يصلي، [فقمتُ] [فتمطيتُ كراهية أن يرى أني كنت أرقُبه]، فتوضأتُ نحواً مما توضأ، ثم جئتُ فقمت عن يساره- وربما قال سفيان: عن شماله-[فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده اليمنى على رأسي، وأَخَذَ بأذني اليمنى يَفتِلُها بيده] (وفي طريقٍ: فأخذ بذؤابتي [أو برأسي] 7/ 60)، فحوّلني (وفي روايةٍ:

_ (4) هي: القِرْبةُ العتيقة. (5) الاستنان: استعمال السواك، وهو افتعال من الأسنان أي: يُمِرُّه عليها.

فأخذ رأسي من ورائي 1/ 177، وفي طريقٍ أخرى: فأخذ بيدي أَو بعضدي، وقال بيده من ورائه 1/ 178)، فجعلني عن يمينه (6)، ثم صلى ما شاء الله، (وفي طريقٍ: فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين. وفي أخرى: فصلى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم أَوتر، وفي روايةٍ: فصلى إِحدى عشرةَ ركعة)، (وفي أخرى: فتتامَّتْ صلاتهُ ثلاثَ عشرةَ ركعة)، ثم اضطجَعَ فنام حتى نَفَخَ، (وفي طريقٍ: حتى سمعتُ غَطيطَه، أو خَطيطه)، [وكان إذا نامَ نفخ]، ثم أتاه المنادي (وفي روايةٍ: بلال) فآذنه بالصلاةِ، [فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج]، فقام معه إِلى الصلاة، فصلى [للناس الصبحَ]، ولم يتوضأ، [وكان يقول في دعائه: " اللهم اجعل في قلبي نوراً، وفي بصري نوراً، وفي سمعي نوراً، وعن يميني نوراً، وعن يساري نوراً، وفوقي نوراً، وتحتي نوراً، وأمامي نوراً، وخلفي نوراً، واجعل لي نوراً". قال كُريب: وسبعٌ في التابوت، فلقيتُ رجلاً من ولد العباس فحدثني بهن فذكر: عصبي ولحمي ودمي، وشَعَري وبشري، وذكر خصلتين]، قلنا لِعَمروٍ: إِن ناساً يقولونَ: إِن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تنامُ عينُه ولا ينامُ قلبُه؟ قالَ عَمْرٌو: سمعتُ عُبيدَ بن عُميرٍ (7) يقول: [إِنَّ] رؤيْا الأَنبياءِ وحيٌ، ثم قرأَ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}.

_ (6) قلت: يعني بحذائه كما في " المسند"، وقد خرجته في "الصحيحة" (606). (7) قال الحافظ:"عبيد بن عمير من كبار التابعين، ولأبيه عمير بن قتادة صحبة، وقوله: رؤيا الأنبياء وحي. رواه مسلم مرفوعاً، وسيأتي في "97 - التوحيد" من رواية شريك عن أنس". قلت: حديث أنس يأتي هناك "باب 37" بلفظ: " تنام عينه، ولا ينام قلبه"، وليس فيه: رؤيا الأنبياء وحي كما يوهمه كلامه، ولم أره عند مسلم أيضاً؛ لا مرفوعاً ولا موقوفاً، وإنما رواه موقوفاً على ابن عباس ابنُ أبي عاصم في "السنة" (برقم 463 - تحقيقي) بسند حسن على شرط مسلم.

6 - باب إسباغ الوضوء

6 - باب إِسباغِ الوُضوءِ 30 - وقال ابن عمرَ: إِسباغُ الوُضوءِ الإنقاءُ. (قلت: أسند فيه حديث أسامة بن زيد الآتي في "25 - الحج/ 94 - باب"). 7 - باب غَسلِ الوَجهِ باليَديْن من غَرْفَةٍ واحدةٍ 93 - عن ابن عباسٍ أنه توضأ، فغسَلَ وجهَه؛ أَخذ غَرْفةً من ماء فَمَضْمَضَ بها، واستَنشقَ. ثم أَخذ غَرفةً من ماءٍ فجعَل بها هكذا، أضافَها إِلى يدهِ الأُخرى فغسَل بها وجهَه، ثم أَخذ غَرفةً من ماءٍ فغسَل بها يدَه اليُمنى، ثم أَخذ غَرفةً من ماءٍ فغسَل بها يدَه الْيُسرى، ثم مسَح برأسهِ، ثم أَخذ غَرفةً من ماءٍ فرَشَّ على رجلهِ اليُمنى، حتى غسَلَها، ثم أَخذ غَرفةً أخرى فغسَل بها رجلَهُ- يَعني اليُسرى-، ثم قالَ: هكذا رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ. 8 - باب التسميةِ على كلِّ حالٍ وعِنْدَ الوِقاعِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي في "ج 3/ 67 - النكاح/67 - باب"). 9 - باب ما يقولُ عندَ الخَلاءِ 94 - عن أَنسٍ قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذا دخلَ (37 - وفي روايةٍ معلقةٍ: أَتى، 38 - وفي أخرى: إِذا أرادَ أنْ يَدْخُلَ) الَخلاءَ قالَ: " اللهمَّ إِني أعوذُ بكَ منَ الخُبثِ والخَبائِثِ".

_ 35 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 37 - وصلها البزار بسند صحيح. 38 - وصلها المؤلف في "الأدب المفرد"، وفي سنده سعيد بن زيد، وهو صدوق له أوهام كما قال الحافظ في "التقريب".

10 - باب وضع الماء عند الخلاء

10 - باب وضعِ الماءِ عندَ الخَلاءِ 95 - عن ابن عباس أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ الخَلاءَ، فوَضعتُ له وَضوءًا، قالَ: "مَن وضَع هذا؟ "، فأُخبرَ، فقالَ: " اللهم فقِّهه في الدِّين". 11 - باب لا يَستقبلُ القِبلةَ ببوْلٍ ولا غائطٍ إِلا عندَ البنَاءِ؛ جدارٍ أو نحوَه 96 - عن أَبي أَيوبَ الأنصاري قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا أَتى أَحدُكمُ الْغائطَ فلا يَستقبلُ الْقِبلةَ، ولاَ يولِّيها ظَهْرَهُ، [ولكن 1/ 103] شرِّقوا أو غربِّوا". [قال أبو أَيوب: فقدمنا الشامَ، فوجدنا مرَاحيضَ بُنيَت قِبَل الْقِبلة، فننحَرفُ ونستغفر الله تعالى]. 12 - باب مَن تبَرَّزعلى لَبِنَتينِ 97 - عن عبدِ الله بن عُمرَ أَنه كان يقول: إنَّ ناساً يقولون: إذا قَعدتَ على حاجتك فلا تَستقبلِ الْقِبلةَ ولا بيتَ المَقْدس. فقالَ عبدُ الله بنُ عُمر: لقدِ ارتقَيتُ يوماً على ظهرِ بيتٍ لنا (وفي روايةٍ: بيتِ حَفْصَةَ، لبعضِ حاجتي 1/ 46) فرأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على لَبِنَتينِ [مُسْتَدْبِرَ القِبْلَةِ] مستقبِلاً بيتَ المقْدِس (وفي روايةٍ: مستقبلَ الشامِ) لحاجته. وقالَ: لعلَّك من الذين يصلُّون على أوراكِهم! فقلتُ: لا

13 - باب خروج النساء إلى البراز

أَدري والله. قال مالكٌ: يَعني الذي يُصلي ولا يرتفعُ عن الأرضِ؛ يسجُد وهو لاصقٌ بالأرض. 13 - باب خروج النساء إلى البَرَاز 98 - عن عائشة أن أزواجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ يَخرُجن بالليلِ (وفي روايةٍ: ليلاً إلى لَيْلٍ 7/ 129) إذا تَبَرَّزْن إلى المَناصع، وهو صعيدٌ أفيَحُ، فكان عُمر يقولُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: احجُب نساءَكَ، فلم يكن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يفعلُ، فخرجتْ سوْدَةُ بنتُ زمْعَةَ زوجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةً من الليالي عِشاءً، وكانتِ امرأَةً طويلةً، فناداها عُمرُ [وهو في المجلس، فقالَ]: ألا قد عرَفناكِ يا سَوْدةُ! حِرصاً على أن يُنزَل الحِجابُ، [قالت:] فأنَزَلَ الله [آية] الحِجاب (8). 14 - باب التَّبَرُّز في البيوت (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم آنفاً برقم 97). 15 - باب الاستنجاءِ بالماءِ 99 - عن أَنس بن مالك قالَ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج (وفي رواية: تَبَرَّزَ 1/ 61) لحاجتهِ، أجيءُ أَنا وغلامٌ [لَنا 1/ 47] [ومعنا عُكَّازةٌ أو عصا أو عَنَزَةٌ، و 1/ 127] معَنا إدَاوَةٌ من ماءٍ [فإذا فرَغَ من حاجته ناوَلْناه الإداوةَ]. يَعني يستنجي به. [(العَنَزَةُ) عصا عليه زُجٌ].

_ (8) ستأتي هذه القصة في "ج 3/ 65 - التفسير" مع اختلاف عما هنا، ونذكر الجمع بينهما هناك إن شاء الله تعالى "33 - الأحزاب/9 - باب".

16 - باب من حمل معه الماء لطهوره

16 - باب مَن حُمِل معه الماءُ لِطُهورهِ 31 - وقال أَبو الدَّرداء: أليس فيكم صاحبُ النَّعليْن والطَّهورِ والوِسَادِ؟ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم آنفاً). 17 - باب حَمل العَنزة مع الماءِ في الاستنجاءِ (قلت: أسند فيه أيضاً حديث أنس المشار إليه آنفاً). 18 - باب النهيِ عن الاستنجاءِ باليمينِ 100 - عن أبي قَتادة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شَربَ أحدُكم فلا يتَنفَّس في الإناء، وإذا أتى الخلاءَ فلا يمَسَّ (وفي روايةٍ: فلا يأخذَنَّ) ذَكَرَه بيمينهِ، و [إذا تَمَسَّحَ أحدُكم ف 6/ 250] لا يتَمسحْ، (وفيَ الرواية الأُخرى: يَسْتَنْجِ) بيَمينهِ". 19 - باب لا يمسِك ذكَره بيمينهِ إذا بالَ (قلت: أسند فيه حديث أبي قتادة الذي قبله). 20 - باب الاستنجاءِ بالحجارةِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "ج 2/ 63 - المناقب/ 30 - باب"). 21 - باب لا يُستنجى بِرَوْثٍ 101 - عن عبدِ الله (بن مسعود) قال: أَتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الغائطَ، فأَمرَني أن آتيَه بثلاثةِ أحجارٍ، فوجدتُ حجَرين، والتمستُ الثالثَ فلم أجدْه، فأخذتُ

_ 31 - وصله المصنف في الحديث الآتي في "62 - الفضائل/ 21 - باب".

22 - باب الوضوء مرة مرة

رَوْثةً، فأتيتُه بها، فأخذَ الحجَرين، وألقى الرَّوثةَ وقال: "هذا رِكْسٌ (*) ". 22 - باب الوضوءِ مرةً مرَّةً 102 - عن ابن عباس قال: توضَّأَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مرَّةً مرَّةً. 23 - باب الوضوءِ مرَّتيْن مرَّتيْن 103 - عن عبدِ الله بن زيد أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - توضَّأَ مرَّتيْن مرَّتيْن. 24 - باب الوضوءِ ثلاثاً ثلاثاً 104 - عن حُمرانَ موْلى عثمانَ أنه رأَى عثمانَ بن عفَّانَ دعا بإناء (وفي روايةٍ عنه قال: أتيتُ عثمانَ بطَهورٍ، وهو جالسٌ على المقاعدِ، فتوضأ فأَحسَنَ الوُضوء 7/ 174)، فأَفرغَ على كفَّيه ثلاثَ مِرَارٍ، فغَسَلَهما، ثم أدخل يمينَه في الإناءِ، فمضمَضَ، واستَنشَق [واستَنْثَر، 1/ 49]، ثم غسَل وجهَه (ثلاثاً)، ويديه إلى المِرفقَين (ثلاث مِرَار)، ثم مسَح برأسِه، ثمَّ غسَل رجليْه، (ثلاث مِرارٍ) إلى الكعبيْن، ثمَّ قال: [رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ وهو في هذا المجلس، فأحسن الوُضوء، ثم] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ توضَّأ نحوَ وُضوئي هذا، ثمَّ [أتى المَسجد فـ] صلَّى رَكعتَين، لا يحدِّثُ فيهما نفْسَه [بشيءٍ 2/ 235]، ثم [جلس]؛ غُفِر له ما تقَدَّم من ذنْبهِ". [قال: وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَغْتَرُّوا"].

_ (*) رجس، وقيل: الرجيع؛ رد من حالة الطهارة إلى حالة النجاسة، وقيل غيره. "فتح".

25 - باب الاستنثار في الوضوء

وفي روايةٍ عن حُمران: فلمَّا توضَّأ عثمانُ قال: ألا أُحدِّثُكم حديثاً لولا آيةٌ ما حدثْتُكموهُ؟ سمِعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " لا يتوَضأُ رجلٌ يُحسِن وُضوءَهُ، ويصلِّي الصَّلاةَ" إلا غُفِر له ما بيْنَه وبيْن الصَّلاةِ حتى يصلِّيَها". قال عُروةُ: الآيةُ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا}. 25 - باب الاستنثارِ في الوُضوء 39 - 41 - ذكَرَه عثمانُ وعبدُ الله بنُ زَيد وابنُ عبَّاس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي بعده من الطريق الأخرى مختصراً). 26 - باب الاستِجمار وِتْراً 105 - عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إذَا توضَّأ أحدُكم فلْيَجعلْ في أنْفِه، ثمَّ ليَنْثُرْ (وفي طريقٍ: "من توضأ فَلْيَسْتَنْثِرْ" 1/ 48)، ومَنِ استَجمَر فلْيُوترْ، وإذا استيقظَ أحدُكم من نومِه فليَغسِل يدَه قبلَ أن يُدخلَها في وَضوئِه، فإنَّ أحدَكم لا يَدري أين باتَت يدُه". 27 - باب غَسلِ الرِّجلين (9) (قلت: أسند فيه حديث ابن عمرو المتقدم في "3 - العلم/3 - باب" رقم 42".

_ 39 - 41 - قلت: أما عن عثمان فقد وصله في الباب قبله. وأما حديث عبد الله بن زيد فسيأتي وصله قريباً (40 - باب). وأما حديث ابن عباس فقد مضى موصولاً قريباً "7 - باب" بلفظ: "واستنشق" دون التصريح بالاستنثار، وقد جاء ذلك من طريق أخرى عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثاً"، أخرجه المصنف في "التاريخ" والطيالسي وأحمد وغيرهم، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (129). (9) زاد أبو ذر: ولا يمسح القدمين.

28 - باب المضمضة في الوضوء

28 - باب المضمضةِ في الوُضوء 42 و 43 - قالهُ ابنُ عباس وعبدُ الله بن زَيد عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث عثمان المتقدم قريباً برقم 104). 29 - باب غَسْل الأعقاب 32 - وكان ابن سِيرين يَغسلُ مَوضعَ الخاتَم إذا توضَّأَ. 106 - عن محمدِ بنِ زياد قال: سمعتُ أبا هريرةَ - وكانَ يَمُرُّ بنا والناسُ يتَوضؤُون منَ المِطهَرةِ- قالَ: أَسبِغوا الوُضوءَ (10) فإنَّ أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ويْلٌ للأَعقابِ من النار". 30 - باب غَسْلِ الرِّجلين في النَّعلين، ولا يَمسَح على النَّعلين (11) 107 - عن عُبَيْدِ بن جُرَيْج أنه قال لعبدِ الله بن عمرَ: يا أبا عبدِ الرحمن! رأيتُك تَصنعُ أربَعاً لم أرَ أحداً من أصحابِك يصنعُها! قالَ: وما هي يا ابن جُرَيْج؟ قال: رأيتُك لا تَمسُّ من الأَركانِ إلا اليمانِيَّيْن، ورأيتُك تَلبَس النِّعال السِّبْتِيَّة،

_ 42 و 43 - مضى تخريجهما آنفاً. 32 - وصله المصنف في "التاريخ" بسند صحيح عنه. وابن أبي شيبة بإسناد آخر عنه نحوه. وهو صحيح أيضاً. (10) هذا القدر موقوف عن أبي هريرة، ولكنه صح مرفوعاً من حديث ابن عمرو، أخرجه مسلم (1/ 147 - 148)، وأحمد (2/ 164 و 193 و 201). (11) قلت: كأنه لم يثبت عند المصنف رحمه الله على شرطه، أعني المسح على النعلين، وهو عند غيره ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن غير واحد من الصحابة، فراجع تعليقنا على رسالة "المسحُ على الجوربين" للعلامة القاسمي (ص 47 - 50/ طبع المكتب الإسلامي).

31 - باب التيمن في الوضوء والغسل

ورأيتكَ تصبُغ بالصُّفْرةِ، ورأيتُك إذا كنت بمكّة أهلَّ الناسُ إذا رأوُا الهِلال، ولم تُهِلَّ أنتَ حتَّى كانَ يومُ التَّرْويَةِ. [فـ 7/ 48] قالَ [لهُ] عبدُ الله: أمَّا الأركانُ، فإني لم أرَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يمسذُ إلا اليمانِيَّيْن، وأمَّا النِّعالُ السِّبْتِيَّةُ، فإني رأيتُ رسولَ الله يَلبَسُ النِّعالَ التي ليسَ فيها شَعَرٌ، ويَتوضَّأُ (12) فيها، فأَنَا أُحِبُّ أنْ أَلبَسَها، وأمَّا الصُّفرةُ؛ فإني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يصبُغ بها، فأَنا أُحبُّ أن أصبُغَ بها، وأمَّا الإهلالُ، فإني لم أرَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُهِلُّ حتى تنبعثَ به راحِلَته. 31 - باب التَّيمُّنِ في الوُضوء والغُسْل 108 - عن عائشة قالت: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجبُه (وفي روايةٍ: يُحِبُّ 6/ 197) التَّيَمُّنُ [ما استطاع] في تنَعُّلِه، وتَرَجُّلِه، وطُهورهِ، وفي شأْنهِ كلهِ. 32 - باب التِماس الوَضوءِ إذا حانتِ الصلاة 44 - وقالت عائشةُ: حضَرَتِ الصُّبْحُ، فالتُمِسَ الماءُ فلم يوجَد، فنَزَل التَّيَمُّم. 109 - عن أنس بن مالك قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وحانَت صلاةُ العصرِ، فالتَمسَ الناس الوَضوءَ، فلَم يجدُوه، [فقام من كان قريبَ الدار من المَسجد 4/ 170] [إلى أهله 1/ 57] [يتوضأ، وبقي قومٌ]، فأُتيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بوَضوءٍ، فوضَعَ

_ (12) قلت: يعني: لا يخلعهما، وإنما يمسح عليهما، كما كان يمسح على الجوربين والخفين، وبكل ذلك صحت الأخبار عنه - صلى الله عليه وسلم - كما حققته في تعليقي وتذييلي على "المسح على الخفين" للعلامة القاسمي، وهذا أصح ما فسر به قوله: "ويتوضأ فيها"؛ لأنه ثبت عن ابن عمر نفسه في رواية أنه - صلى الله عليه وسلم - مسح عليهما، وثبت مثله عن جمع من الصحابة، منهم علي رضي الله عنه، فقول المؤلف رحمه الله: "ولا يمسح عليهما" مردود، بعد ثبوته عن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه. 44 - هذا طرف من حديثها الآتي موصولاً في "7 - التيمم/ 1 - باب".

33 - باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان

رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الإناءِ يدَهُ، (وفي طريقٍ: فأُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمِخضَبٍ من حِجارةٍ فيه ماءٌ، فوضعَ كَفَّهُ، فصَغُرَ المخضبُ أن يبسطَ كفَّه، فضم أصابعه، فوضعها في المخضب)، وأمرَ الناسَ أن يتوضَّؤوا منه، قالَ: فرأَيتُ الماءَ ينْبُعُ من تحتِ أصابعهِ، حتى توضَّؤُوا مِن عِندِ آخِرهِم. [قلنا: كم كنتم؟ قال: ثمانين وزيادة] (13). 33 - باب الماءِ الذي يُغسَل به شَعَرُ الإنسان 33 - وكان عطاءٌ لا يَرى به بأساً أن يُتَّخَذَ منها الخُيوطُ والحِبالُ، وسُؤرِ الكِلابِ وممرِّها في المسجدِ. 34 - وقال الزُّهْري: إذا ولَغَ الكلبُ في إناءٍ ليسَ لهُ وَضوءٌ غيْرُه يَتوضَّأُ به. 35 - وقال سفيانُ: هذا الفِقهُ بعيْنهِ، يقولُ الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}، وهذا ماءٌ، وفي النفْس منْه شيْءٌ، يَتوضَّأُ به ويتَيَمَّم. 110 - عن ابن سِيرين قالَ: قلتُ لعَبيدَةَ: عِندَنا مِن شَعَرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أصَبناهُ مِن قِبلَ أنَس أو مِن قِبَل أَهلِ أنَس، فقالَ: لأَنْ تكُونَ عندي شَعْرَةٌ منْهُ أَحَبُّ إِليَّ منَ الدُّنيا وما فيها. 111 - عن أنس أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا حلَقَ رأسَه كان أبو طَلْحةَ أَولَ مَن أَخذَ من شَعَرهِ.

_ (13) قلت: وهذه القصة هي غير القصتين الآتيتين في "61 - المناقب/25 - أعلام النبوة" فإن في إحداهما أن القوم كانوا زهاء ثلاثمائة، وفي الأخرى أن القصة كانت في السفر، وفي هذه أنها قريبة من المسجد. 33 - وصله الفاكهي في "أخبار مكة" بسند صحيح عنه، وهو عطاء بن أبي رباح. 34 - رواه الوليد بن مسلم في"مصنفه"، وابن عبد البر من طريقه بسند صحيح. 35 - رواه الوليد بن مسلم عنه وهو الثوري.

34 - باب إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا

34 - باب إذا شربَ الكلبُ في إناءِ أحدِكم فلْيَغسلْه سَبعاً 112 - عن أبي هريرة قال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا شَرِبَ الكلْبُ في إناءِ أحدِكم؟ فليَغسِلْه سَبْعاً". 113 - عن عبدِ الله (بن عمر) قال: كانتِ الكِلابُ تُقْبِلُ وتُدبرُ في المسجدِ في زمانِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلَم يكُونوا يَرُشُّوَن شيئاً من ذلك. 35 - باب مَن لم يرَ الوُضوءَ إلا من المخرَجين؛ القُبُل والدُّبُر، لقولهِ تعالى: {أَوْجَاءَ أحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ} 36 - وقالَ عَطَاءٌ فيمَن يخرُجُ من دُبُرهِ الدودُ أو مِن ذكَرهِ نحوُ القَملةِ: يعيدُ الوُضوءَ. 37 - وقالَ جابرُ بن عبدِ الله: إذا ضَحِك في الصَّلاة أعادَ الصلاةَ لا الوُضوءَ. 38 - وقال الحسَن: إن أخذَ من شعَرهِ أو أظفارهِ، أو خلَع خفَّيه فلا وُضوءَ عليه. 39 - وقال أبو هريرة: لا وُضوءَ إلا من حدَثٍ. 45 - ويُذكر عن جابر: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ في غَزوةِ ذاتِ الرِّقَاع، فرُمِيَ رجلٌ بسَهمٍ، فنزَفَه الدمُ، فركَع وسجدَ، ومضَى في صَلاتِه.

_ 36 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. 37 - وصله سعيد بن منصور والدارقطني وغيرهما، وهو صحيح عنه. 38 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه بالمسألة الأولى. ووصله ابن أبي شيبة عنه بالمسألة الأخرى. وسنده صحيح أيضاٌ. 39 - وصله إسماعيل القاضي في "الأحكام" بإسناد صحيح عنه مرفوعاً، وهو رواية في حديث عم عباد بن تميم كما تقدم في (4 - باب). 45 - قلت: وصله أبو داود وغيره بسند حسن عن جابر، وهو مخرج في "الصحيح أبي داود" (192).

40 - وقالَ الحسَن: ما زالَ المسلمونَ يصلُّون في جِراحاتِهم. 41 - 44 - وقال طاوُسٌ ومحمدُ بن علي وعطاة وأهل الحجاز: ليسَ في الدمِ وُضوءٌ. 45 - وعَصَرَ ابنُ عُمر بَثْرَةً فخرَج منها الدمُ ولم يتوضَّأ. 46 - وبزَقَ ابنُ أبي أوفى دماً، فمضَى في صَلاتِه. 47 و 48 - وقالَ ابنُ عُمر والحسَن فيمنْ يَحتجمُ: ليسَ عليهِ إلا غَسلُ محاجمِه. 114 - عن زَيد بن خالد أنه سألَ عثمانَ بن عفان قال: أرأَيتَ إذا جامَع [الرجلُ امرأتَه 1/ 76] فلَم يُمْنِ؟ قالَ عثمانُ: يَتوضأُ كما يَتوضأُ لِلصلاةِ، ويَغسِلُ ذكَرهَ، قالَ عثمانُ: سمِعتُه من النَّبيِّ- صلى الله عليه وسلم -، فسألتُ عن ذلك عَلِيّاً والزُّبيْرَ وطلحةَ

_ 40 - لم يخرّجه الحافظ. 41 - 44 - أما أثر طاوس، فوصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه. وأما أثر محمد بن علي، وهو أبو جعفر الباقر، فوصله سمويه في "الفوائد". وأما أثر عطاء، وهو ابن أبي رباح، فوصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. وأما أثر أهل الحجاز، فرواه عبد الرزاق عن أبي هريرة وسعيد بن جبير، وابن أبي شيبة عن ابن عمر وسعيد بن المسيب، وإسماعيل القاضي عن الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وهو قول مالك والشافعى. 45 - وصله ابن أبي شيبة والبيهقي (1/ 141) من طريقه بسند صحيح عنه بلفظ: "ثم صلى ولم يتوضأ". 46 - وصله سفيان الثوري في "جامعه" بسند صحيح عنه، وهو عبد الله بن أبي أوفى صحابي ابن صحابي رضي الله عنهما. ووصله عبد الرزاق (1/ 148/ 571) عن الثوري وابن عيينة معاً. 47 و 48 - وصله ابن أبي شيبة عنهما، ووصله الشافعى والبيهقي (1/ 140) عن ابن عمر وحده، وسنده صحيح.

36 - باب الرجل يوضىء صاحبه

وأُبَى بن كعب؟ فأمَروه بذلك (14). [وعن عروةَ بن الزبير أن أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]. 115 - عن أبي سعيد الخُدري أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلَ إلى رجلٍ من الأنصار، فجاءَ ورأسُه يقطُر، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لعلَّنا أعجلناكَ؟ ". فقالَ: نعَمْ، فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أُعجِلتَ أو قحِطتَ، فعليكَ الوُضوء". 36 - باب الرجلِ يوضِّىء صاحِبَه 37 - باب قراءةِ القرآن بعد الحدَث وغيرهِ 49 - وقال منصورٌ عن إبراهيمَ: لا بأسَ بالقراءةِ في الحمَّام، وبكَتبِ الرسالةِ على غيْر وُضوءٍ. 55 - وقال حماد عن إبراهيمَ: إنْ كانَ عليهم إزارٌ فسلِّم، وإلا فلا تسلِّم. (قلت: أسند فيه من حديث ابن عباس المتقدم برقم 92).

_ (14) قلت: ويأتي هذا الحديث عن أبيّ مرفوعاً في آخر "5 - الغسل"، وهو حديث منسوخ باتفاق الأئمة الأربعة وغيرهم، والناسخ معروف، فانظر "صحيح مسلم" (1/ 187)، وفي ذلك عبرة بالغة: أن السنة قد تخفى على كبار الصحابة، فبالأحرى أن تخفى على بعض الأئمة، كما قد نص على ذلك الإمام الشافعي بقوله: "ما من أحد إلا وتذهب عليه سنةٌ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فمهما قلت من قول، أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلاف ما قلت، فالقول ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو قولي" (صفة الصلاة ص 50 - الطبعة الجديدة، مكتبة المعارف)، ففي ذلك رد صريح على بعض المقلدة الذين لا تتسع عقولهم لاحتمال خفاء بعض الأحاديث على إمامهم، ولذلك فهم يردونها بحجة أن الإمام لابد وأنه اطلع عليها! (فهل من مدّكر)؟ وانظر التعليق على "25 - الحج/18 - باب". 49 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه، وهو أصح مما روى سعيد أيضاً، عن حماد ابن أبي سليمان قال: سألت إبراهيم عن القراءة في الحمام، فقال: يكره ذلك. وبقية الأثر وصله عبد الرزاق وسنده صحيح أيضاً. 50 - وصله الثوري في "جامعه" عنه. وسنده حسن.

38 - باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل

38 - باب مَن لم يتوضَّأ إلا من الغَشْيِ المُثْقِلِ 116 - عن أَسماءَ بنتِ أبي بكر قالَتْ: أَتيتُ عائشةَ زوجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خَسَفَتِ الشمسُ، فإذا الناسُ قيامٌ يُصلُّون، وإذا هي قائمةٌ تُصلي، فقلتُ: ما للناسِ؟ فأشارت بيدها (وفي رواية: برأسِها 69/ 2) نحوَ السماءِ، وقالت: سبحانَ الله، فقلت: آيةٌ؟ فأشارتْ [برأسها] أنْ (وفي رواية: أيْ) نعم، فقمتُ، [فأطالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاةَ جداً 221/ 1] حتى تَجَلاَّني الغَشْيُ (15)، و [إلى جَنبي قِربةٌ فيها ماءٌ، ففتحتُها، فـ] جعلتُ أصُبُّ فوق رأسي ماءً، [فقام النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فأطالَ القيامَ، ثم رَكَعَ، فأطال الركوع، ثم قام، فأطال القيامَ، ثم ركع، فأطال الركوعَ، ثم رفع (16)، ثم سجدَ، فأطال السجودَ، ثم رفعَ، ثم سجدَ، فأطال السجودَ، ثم قامَ، فأطال القيامَ، ثم ركعَ، فأطال الركوع، ثم رَفَعَ، فأطال القيام، ثم ركع، فأطال الركوع ثم رفع، فسجدَ، فأطال السجودَ، ثم رفعَ، ثم سجدَ، فأطال السجود 181/ 1،] [فانصرف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد تجلَّت الشمسُ، فَخَطَبَ الناس] و، حَمِدَ الله، وأثنى عليه [بما هو أهله]، ثم قال: [أما بعد - قالت: ولَغِط (17) نسوة من الأنصار، فانْكَفَأْتُ (18) إليهن لأُسكِتَهُنَّ، فقلت لعائشة: ما قال؟ قالت:] "ما مِنْ شيء كنتُ لَمْ أرَهُ إلا قد رأيتُه في مقامي هذا، حتى الجنةُ والنارُ،

_ (15) أي غطاني (الغشي)، وهو مرض يعرض من طول التعب والوقوف، وهو ضرب من الإغماء، إلا أنه دونه، وإنما صبَّتْ أسماء الماء على رأسها مدافعة له. (16) هذا هو الرفع من الركوع الثاني إلى القيام بعده، وهو طويل أيضاً كما جاء في بعض أحاديث صلاة الكسوف، وهي مجموعة عندىِ في جزء. (17) من اللَّغَطِ، وهو صوت وضجّة لا يفهم معناها. (18) أي: ملت وذهبت.

39 - باب مسح الرأس كله لقوله تعالى: وامسحوا برؤسكم

ِ [قال: قَدْ دَنَت مني الجنةُ حتى لو اجترأتُ عليها لجئْتُكُم بقِطافٍ من قِطافها، وَدَنَتْ مني النارُ حتى قُلتُ: أيْ ربِّ وأنا معهم؟ فإذا امرأةٌ - حسبت أنه قال:- تَخْدِشُها هرةٌ، قلتُ: ما شأنُ هذه؟ قالوا: حَبَسَتْها حتى ماتَتْ جُوعاً، لا أطعَمَتْها، ولا أرْسَلَتها تأكل - قال: حسبت أنه قال:- من خشيشٍ أو خشاشٍ (19)]. ولقد أوحي إليَّ أنكم تُفتنون في القبور مثلَ أو قريباً من فتنة الدجال- لا أدري أي ذلك قالت أسماء-[فلما ذكر ذلك ضجّ المسلمون ضجّةً 2/ 102]، يؤتى أحدُكُم، فيقالُ لَه: ما علمك بهذا الرجلِ؟ فأما المؤمنُ أو الموقنُ- لا أدري أي ذلك قالت أسماء-[شَكَّ هشام]، فيقولُ: هو محمد، [هو] رسولُ الله، جاءَنا بالبيِّناتِ والهدى، فأجَبنا، وآمنَّا، واتَّبعْنا، [وصَدَّقنا]، [وهو محمد (ثلاثاً)]، فيقالُ [له:] نَمْ صالحاً، فقد علمنا إنْ كنتَ موقناً (وفي روايةٍ: لتؤمِنُ به)، وأما المنافق أو المُرتَاب- لا أدري أي ذلك، [شك هشام- فيقال له: ما علمُكَ بهذا الرجل؟]، فيقول: لا أدري! سمعتُ الناسَ يقولون شيئاً، فقلته". [قال هشام: فلقد قالت لي فاطمةُ- امرأتُه-: فأوعيتهُ (20)، غير أنها ذكرت ما يغلط عليه]. [قالت أسماء: لقد (21) أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعَتاقة في كسوف الشمس 2/ 29]. 39 - باب مسحِ الرأس كلهِ لقولهِ تعالى: وَامْسَحُوا بِرؤسِكُمْ

_ (19) أي: حشرات الأرض. (20) أي: أدخلته وعاء قلبي. (21) قلت: هو في "المسند" (6/ 345) بلفظ: "ولقد أمرنا ... " بزيادة الواو العاطفة.

40 - باب غسل الرجلين إلى الكعبين

51 - وقال ابن المسيَّب: المرأةُ بمنزلةِ الرَّجل تمسحَ على رأسِها. 52 - وسُئل مالِك: أيُجزىءُ أن يَمسحَ بعضَ الرأسِ؟ فاحتجَّ بحديث عبدِ الله بن زَيد (22). (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن زيد الآتي في الباب بعده). 40 - باب غَسل الرِّجلين إلى الكَعبين 117 - عن عمرو [بن يحيى 54/ 1] عن أبيه: شهدتُ [عمي 1/ 58]، عمرو بنَ أبي حسَن [وكان يُكْثِرُ من الوُضوء] سألَ عبدَ الله بن زيد عن وُضوءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فدعا بِتَوْرٍ [من صُفْرٍ 1/ 57] من ماءٍ، فتوضَّأ لهم وُضوءَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأَكْفَأَ على يدِه من التَّورِ (وفي روايةٍ: الإناء 1/ 56)، فغسل يديهِ ثلاثاً (وفي روايةٍ: مرَّتين) (23)، ثم أدخل يدَه في التَّور فمضمَض، واستَنشق، واستَنثَر [ثلاثاً بـ] ثلاثِ غَرَفاتٍ [من ماءٍ] [مِن كفةٍ واحدةٍ]، ثم أَدخل يدَه [فاغترَف بها]، فغسَل وجهَه (ثلاثاً)، ثم غسَل يدَيه مرَّتين [مرتين، 1/ 56 و57] إلى المِرفقَين، ثم أَدخَل يدَه فمسَح رأسَه، فأقبَل بهما وأدبَر مرَّةً واحدةً، [بدَأ بمقدَّمِ رأسِه حتى ذهبَ بهما إلى قفاهُ، ثم ردَّهما إلى المكانِ الذي بدَأ منه]، ثم غسَل رجليْه إلى الكَعبيْن، [ثم قال: هكذا وُضوء رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -]. 41 - باب استعمال فضل وَضوءِ الناس

_ 51 - وصله ابن أبي شيبة (1/ 24). 52 - وصله ابن خزيمة في "صحيحه" (157). (22) يعني حديثه الآتي في الباب التالي، وفيه مسح الرأس كله، فأشار مالك إلى أنه لا يجزئ مسح بعض الرأس، وهو الأقوى دليلاً. (23) قلت: وهي شاذة لمخالفتها سائر الروايات.

42 - باب

53 - وأمَر جرِيرُ بن عبد الله أهلَه أَن يتوضَّؤوا بفَضلِ سِوَاكِه. 46 - وقال أبو موسى: دعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقَدَحٍ فيه ماءٌ، فغسَلَ يدَيه. ووَجهَه فيه، ومَجَّ فيه، ثم قالَ لهما: اشرَبا منهُ، وأفرِغا على وجُوهِكُما ونُحورِكُما. 47 - وقالَ عروَةُ عن المِسْوَرِ وغيرهِ يصدِّقُ كلُّ واحدٍ منهما صاحِبَه: وإذا توضَّأ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كادُوا يقتَتِلونَ على وَضوئِه. 42 - باب (قلت: أسند فيه حديث السائب بن يزيد الآتي في "28 - المناقب/22 - باب"). 43 - باب مَن مضمَض واستَنشق من غَرفة واحدة (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عبد الله بن زيد المتقدم برقم 117). 44 - باب مسحِ الرأس مرةً. (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن زيد المشار إليه آنفاً). 45 - باب وُضوء الرجل مع امرأتِه، وفضْل وَضوء المرأة 54 - وتوضأَ عُمَر بالحميم (24).

_ 53 - وصله ابن أبي شيبة، والدارقطني (ص 15)، وقال: إسناد صحيح. 46 - هو طرف حديث له وصله المصنف في "ج 3/ 64 - المغازي/58 - باب". 47 - وصله المصنف في "ج 2/ 54 - الشروط/15 - باب". 54 - وصله سعيد بن منصور وعبد الرزاق وغيرهما بإسناد صحيح عنه. (24) أي: بالماء الساخن.

46 - باب صب النبي - صلى الله عليه وسلم - وضوءه على المغمى عليه

55 - ومن بيتِ نَصرانيَّة. 118 - عن عبدِ الله بن عُمَر أنه قال: كانَ الرجالُ والنساءُ يتوضؤون في زمانِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - جميعاً (25). 46 - باب صَبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - وَضوءَه على المُغمى عليه 119 - عن جابرٍ قال: جاء [ني 8/ 7] رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعُودُني [ليس براكبِ بغلٍ، ولا بِرذون] وأنا مريضٌ، (وفي روايةٍ: عادني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر في بني سَلمَة ماشِيَيْن، فوجدني النبي - صلى الله عليه وسلم -5/ 178) لا أعقِلُ [فدعا بماءٍ]، فتوضأَ [منه] وصبَّ (وفي روايةٍ: نَضَحَ 8/ 8) عليَّ من وَضوئِه، فعَقَلْتُ، (وفي رواية: فأفَقْتُ)، فقلتُ: يا رسولَ الله! لِمَنِ المِيراثُ؟ إنما يَرِثُني كَلاَلةٌ (وفي روايةٍ: إنما لي أخوات)، فنزَلتْ آيةُ الفرائضِ. (وفي الرواية الأخرى: ثم رشَّ عليَّ فأفقت، [فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم -7/ 4]، فقلت: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله؟ [كيفَ أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء]، فنزلت: {يوصيكم الله في أَولاَدِكُمْ}). 47 - باب الغُسْلِ والوُضوء في المِخضَب والقَدح والخَشَب والحِجارةِ 48 - باب الوُضوء من التَّورِ (26)

_ 55 - وصله الشافعي وعبد الرزاق بإسناد رجاله ثقات، لكنه منقطع، وقد وصله الإسماعيلي والبيهقي بسند جيد. (25) وفي رواية ابن خزيمة "من إناء واحد، كلهم يتطهر منه". قلت: وهذا كان قبل نزول الحجاب، وأما بعده، فيختص بالزوجات والمحارم. (26) هو إناء من صفر أو حجارة كالأجانة.

49 - باب الوضوء بالمد

49 - باب الوُضوءِ بالمُدِّ 120 - عن أَنس قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَغسِلُ، أو كانَ يَغتسِلُ بِالصَّاعِ، إلى خَمسةِ أَمدادٍ، ويتوضَّأُ بالمُدِّ. 50 - باب المسحِ على الخُفَّيْن 121 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ سَأَلَ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ إِذَا حَدَّثَكَ شَيْئًا سَعْدٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُ غَيْرَهُ. 122 - عن عَمْرِو بْنِ أُميَّةَ الضَّمْريِّ قال: رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمسَحُ على عِمَامَتِه وخُفَّيْهِ. 51 - باب إذا أَدخَل رجْلَيْهِ وهُما طاهِرتان (قلت: أسند فيه حديث المغيرة بن شعبة الآتي في "8 - الصلاة/7 - باب"). 52 - باب مَنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ لَحْمِ الشَّاةِ وَالسَّوِيقِ 56 - وأكَلَ أبو بكر وعُمَر وعثمانُ رضي الله عنهم فلَم يتَوضَّؤوا. 53 - باب مَنْ مَضْمَضَ مِن السَّوِيقِ ولمْ يتوضّأْ 123 - عن سُوَيْد بن النُّعمان [وكان من أصحاب الشجرة 5/ 66] أنَّه خرَجَ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عامَ خَيْبَرَ، [إلى خَيبر 6/ 213]، حتى إذا كانوا بالصَّهبْاءِ، وهي

_ 56 - وصله الطبراني في "مسند الشاميين" بإسناد حسن عنهم.

54 - باب هل يمضمض من اللبن

أدنى (وفي روايةٍ: وهي على رَوْحَةٍ من 6/ 199) خَيْبَرَ، فصلَّى (وفي روايةٍ: فصلوا) العَصرَ، ثمَّ دَعا [النبي - صلى الله عليه وسلم -] بالأزوادِ، (وفي روايةٍ: بالأطعمة) فلَم يُؤتَ إلا بالسَّويقِ، فأمَرَ به فَثُرِّيَ، فأكلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأكلنا (وفي أُخرى: فَلاَك منه، فلُكنا معه) [وشربنا 1/ 160]، ثم قامَ إلى المغْربِ، [ثم دعا بماء] فمضْمَض، ومَضْمَضْنا، ثم صلَّى [بنا الَمغرب]، ولم يَتوضَّأْ. 124 - عن ميْمونةَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أكَلَ عندَها كَتِفاً، ثم صلَّى ولم يتَوضَّأ. 54 - باب هل يمضمِضُ من اللَّبَن 125 - عن ابن عباس أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَناً فمضْمَضَ، وقالَ: " إنَّ لهُ دَسَماً". 55 - باب الوُضوءِ من النَّوم، ومَن لم يَرَ من النَّعْسة والنَّعْستَين أو الخَفْقَةِ وُضوءاً 126 - عن عائشةَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إذا نَعَسَ أحدُكم وهو يصلِّي فلْيَرقُدْ، حتى يَذهبَ عنهُ النَّومُ، فإنَّ أحدَكم إذا صلَّى وهو ناعسٌ لا يَدري لعلَّهُ يَستغفرُ؟ فيَسُبُّ نفْسَهُ". 127 - عن أَنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إذا نَعَسَ في الصَّلاةِ فلْيَنَمْ؛ حتى يَعْلَمَ ما يَقرَأ". 56 - باب الوُضوء من غيرِ حَدَثٍ

57 - باب من الكبائر أن لا يستتر من بوله

128 - عن عمروِ بن عامر عن أَنس قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأُ عندَ كلِّ صَلاةٍ. قلتُ: كيْفَ كنْتُم تَصنَعون؟ قالَ: يُجزِىءُ أحدَنا الوضوءُ ما لَم يُحْدِثْ. 57 - باب منَ الكبائر أن لا يَستَتِرَ من بَوْلِه 129 عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ مَرَّ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ، فَسَمِعَ صَوْتَ إِنْسَانَيْنِ يُعَذَّبَانِ فِى قُبُورِهِمَا، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: " [إنهما لـ2/ 99] يُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِى كَبِيرٍ»، ثُمَّ قَالَ: "بَلَى [وإنَّه لكبير7/ 86]؛ كَانَ أَحَدُهُمَا لاَ يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ (وفي روايةٍ: البول)، وَكَانَ الآخَرُ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ". ثُمَّ دَعَا بِجَرِيدَةٍ [رَطْبةٍ] (وفي روايةٍ: بعَسِيبٍ رطبٍ) فَكَسَرَهَا كِسْرَتَيْنِ، (وفي روايةٍ: فشقَّها نِصفين) فَوَضَعَ عَلَى كُلِّ قَبْرٍ مِنْهُمَا كِسْرَةً. فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ فَعَلْتَ هَذَا قَالَ - صلى الله عليه وسلم - "لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ تَيْبَسَا" 58 - باب ما جاءَ في غَسْلِ البَوْلِ 48 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِصاحِبَ القَبْرِ: " كانَ لا يَسْتَتِرُ من بَوْلِه". ولم يَذكُرْ سِوى بَوْلِ النَّاسِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 99). 60 - باب تركِ النبي - صلى الله عليه وسلم - والناسِ الأعرابيَّ حتى فرغَ من بوله في المسجد (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس الآتي بعد باب).

_ 48 - قلت: وصله المصنف في الباب الذي قبله.

61 - باب صب الماء على البول في المسجد

61 - باب صَبِّ الماء على البول في المسجد 130 - عن أبي هريرة قالَ: قامَ أعرابيٌّ فبالَ في المسجدِ، فتناوَلَه الناسُ (وفي روايةٍ: فثارَ إليه الناسُ ليقَعُوا فيه 7/ 102)، فقالَ لهمُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "دعُوهُ، و [أ] هريقُوا على بولهِ سَجلاً من ماءٍ، أو ذَنُوباً من ماءٍ، فإنما بُعِثتُم مُيَسِّرينَ، ولم تُبعَثُوا مُعَسِّرين". 62 - باب يُهَرِيقُ الماء على البول 131 - عن أنس بن مالك قالَ: جاءَ أَعرابيٌّ فبالَ في طائفةِ المسجد، فزَجَرَه الناسُ، فنهاهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي طريقٍ أخرى: فقال: "دَعُوهُ 1/ 61) [لا تُزرِمُوه" 7/ 80]، فلمَّا قضى بولَه أمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِذَنُوبٍ (وفي طريقٍ: بدَلوٍ) من ماءٍ فأُهرِيقَ، (وفي طريق: فَصُبَّ) عليه. 63 - باب بولِ الصِّبيان 132 - عن عائشةَ أمّ المؤمنين أنها قالت: [كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُؤتى بالصبيان فَيَدعو لَهُم، فـ 7/ 156]، أُتِيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بصَبيٍّ (وفي روايةٍ: وَضَعَ صَبِيّاً في حِجْرِهِ يُحنِّكه 7/ 76) فبالَ على ثوْبهِ، فدَعا بماءٍ، فأَتبَعَهُ إيَّاه، [ولم يغسله]. 133 - عن أمِّ قيس بنت مِحصَن أنها أتَت بابنٍ لها صغيرٍ لم يأكلِ الطعامَ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجلَسَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حَجْرهِ، فبالَ على ثوبِه، فدَعا بماءٍ فنضَحَه، (وفي طريقٍ: فرشّ عليه 7/ 14)، ولم يغسِلْه.

64 - باب البول قائما وقاعدا

64 - باب البوْلِ قائماً وقاعداً (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث حذيفة الآتي بعد باب). 65 - باب البوْلِ عندَ صاحبهِ والتستُّر بالحائط (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث حذيفة الآتي بعده). 66 - باب البوْلِ عندَ سُباطةِ قومٍ 134 - عن أبي وائل قال: كانَ أبو موسى الأشعريُّ يشدِّدُ في البولِ، ويقولُ: إن بَني إسرائيلَ كانَ إذا أصابَ ثوبَ أحدِهِم قرَضَه، فقالَ حُذيفة: ليْتَه أَمسَكَ، [رأيتُني أَنا والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نتَماشى، فأَتى سُبَاطَةَ (27) قومٍ خلْفَ حائطٍ، فقامَ كما يقومُ أحدُكم، فبالَ [قائماً]، فانتَبَذتُ منه، فأشارَ إليَّ، فجئتُه، فقُمتُ عندَ عَقِبِهِ حتى فرَغَ]، [ثمَّ دَعا بماءٍ فجئتُه بماءٍ فتوضَّأَ]. 67 - باب غَسلِ الدَّمِ 135 - عن عائشة قالت: جاءَت فاطمةُ ابنةُ أبي حُبَيْش إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسولَ الله إني امرأَةٌ أُستَحاضُ فلا أطهُرُ، أفأدَع الصلاةَ؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. " لا، إنَّما ذلكِ عِرْقٌ، وليس بحَيْضٍ، فإذا أقبلتْ حَيْضَتُك فدَعي الصَّلاةَ [قَدْرَ الأيامِ التي كنتِ تَحيضِينَ فيها 1/ 84]، وإذَا أدبرَتْ (وفي روايةٍ: فإذا ذهب

_ (27) هي المزبلة والكناسة تكون بفناء الدور مرفقاً لأهلها، وتكون في الغالب سهلة لا يرتدّ فيها البول على البائل.

68 - باب غسل المني وفركه، وغسل ما يصيب من المرأة

قدرُها 79/ 1) فاغسلي عنْكِ الدَّمَ، ثم صلِّي، ثم تَوَضَّئي لِكُلِّ صلاةٍ حتى يجيءَ ذلكَ الوقتُ". 68 - باب غَسلِ المَنِيِّ وفركِه، وغَسْلِ ما يُصيبُ منَ المرأة 136 - عن سليمان بن يَسار قال: سألتُ عائشةَ عن المنيِّ يُصيبُ الثوبَ؟ فقالت: كنتُ أغسِلُه من ثوبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فيخرجُ إلى الصلاةِ وأثَرُ الغَسلِ في ثوبهِ بُقَع الماءِ. 69 - باب إذا غسَل الجنابةَ أو غيرها فلم يذهب أثرُه (قلت: أسند فيه حديث عائشة الذي قبله). 70 - باب أبوالِ الإبل والدوابِّ والغنم ومرابضِها 57 - وصَلَّى أبو موسى في دارِ البَريدِ والسِّرقين (28)، والبريَّة إلى جنبهِ، فقالَ: ههنا وثَمَّ سَواءٌ. 137 - عن أنس قال: قَدم أناسٌ [كان بهم سَقَم 7/ 13] من عُكْل أو عُرَيْنَةَ (وفي طريقٍ: وَعُرينة 5/ 70 [ثمانيةٌ 4/ 22] [على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكلموا بالإسلام (وفي روايةٍ: فأسلموا 8/ 19)، فقالوا: يا نبي الله! إنا أهل ضَرْعِ، ولم نكن أهلَ ريفٍ]، [آوِنا وأطعمنا]، (فـ) [كانوا في الصّفَّةِ] [فـ] اجتَوَوا (29)

_ 57 - وصله أبو نعيم شيخ البخاري في "كتاب الصلاة" بسند صحيح عنه، وسفيان الثوري عنه نحوه. (28) هو الزبل، فارسي معرب. (29) أي كرهوا المقام بها. (استوخموا) أي استثقلوها ولم يوافق هواؤها أبدانهم.

(وفي روايةِ: استَوخموا) المدينة، (وفي طريق: فلما صَحُّوا قالوا: إن المدينة وَخِمة، [فَقالوا: يا رسول الله! أبْغِنا رِسلاً (30)، قال: " ما أجِدُ لكم إلا أن تَلحَقوا بالذَّود] (31) "، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بلقاحٍ [وراعٍ]، (وفي روايةٍ: فرخَّص لهم أن يأتوا إبلَ الصدقة، 2/ 137) وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، فانطلقوا، [فشربوا من أبوالها وألبانها]، فلما صحوا (وفي روايةٍ: صلَحت أبدانُهم) [وسمِنوا] [كفروا بعد إسلامهم و] قَتَلُوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم -، واستاقوا النَّعَمَ (وفي روايةٍ: الذود)، فجاء الخبرُ (وفي روايةٍ: الصريخُ) [النبي - صلى الله عليه وسلم -] في أول النهار، فبعثَ [الطلبَ] في آثارهم، فلما ارتفعَ (وفي روايةٍ: تَرَحَّلَ) النهار جيء بهم [فأمر بهم] فَقَطَعَ أيديَهم وأرجلَهم، وسُمِرت (وفي روايةٍ: وسَمَلَ 8/ 19) أعيُنَهُم، (وفي روايةٍ: ثُمَّ أمر بمسامِير فأُحمِيت، فكحَّلهم بها)، [ثم لم يحسمهم]، وألُقوا في الحَرَّة، يَستسقون فلا يُسقون، فرأيت الرجلَ منهم يكدُمُ الأرض بلسانه (وفي طريقٍ: يَعضُّون الحجارة)، [حتى ماتوا على حالهم]. قال أبو قلابة: فهؤلاء [قوم] سرقوا، وقَتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسولَه، [وسعوا في الأرض فساداً]. [قال سلام بن مِسكين: فبلغني أن الحجاج قال لأنس: حدِّثني بأشدِّ عقوبة عاقَبَه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فحدثه بهذا، فبلغ الحسنَ، فقال: وددتُ أنه لم يحدِّثه بهذا]. [قال قتادة: فحدثني محمد بن سِيرين أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود].

_ (30) أي إبلاً. والمقصود منها الحلوب. (31) هو من الإبل ما بين الثنتين إلى التسع.

71 - باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء

49 - [قال قتادة: بلغنا أن النبي- صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك كان يَحُثُّ على الصدقة، وينهى عن المُثلة]. 71 - باب ما يقعُ من النجاسات في السَّمن والماء 58 - وقال الزهري: لا بأسَ بالماءِ ما لم يغيره طَعمٌ أو ريحٌ أو لَون. 59 - وقال حماد: لا بأسَ بريش الميتة. 60 - وقال الزهري في عِظام الموتى نحوَ الفيل وغيرهِ: أَدركتُ ناساً من سَلف العلماءِ يَمتشطون بها، ويَدَّهِنون فيها، لا يَرَون به بأساً. 61 و 62 - وقال ابن سِيرين وإبراهيمُ: لا بأسَ بتجارةِ العاجِ. 138 - عن ابن عباسٍ عن ميمونة: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئلَ عن فَأرةٍ سَقطت في سَمنٍ؟ فقالَ: " ألقُوها (وفي روايةٍ: خذوها) وما حولَها فاطرحوه، وكلُوا سَمنَكم". [قيل لسفيان: فإن معمراً يُحَدِّثُه عن الزهري عن سعيد بن المسيَّبِ عن أبي هريرة؟ قال:

_ 49 - هذا البلاغ وصله أحمد وأبو داود عن قتادة عن الحسن عن هياج بن عمران عن عمران بن حصين وعن سمرة مرفوعاً دون قوله "بعد ذلك"، وسنده قوي كما قال الحافظ (7/ 369). 58 - وصله ابن وهب في "جامعه" بسند صحيح عنه، والبيهقي نحوه. 59 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه، وهو حماد بن أبي سليمان الفقيه. 65 - لم يخرّجه الحافظ. 61 و 62 - أما أثر ابن سيرين فوصله عبد الرزاق بنحوه. وأما أثر إبراهيم فلم يخرّجه الحافظ، وقد بين أن السرخسي لم يذكر إبراهيم في روايته، ولا أكثر الرواة عن الفربري.

72 - باب الماء الدائم

ما سمعتُ الزهريَّ يقول إلا عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولقد سمعتُه منه مراراً 6/ 232] (32). 139 - عن أبي هريرة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " كلُّ كَلْمٍ (33) يُكْلَمُهُ المسلمُ في سبيل الله (وفي طريقٍ: والذي نفسي بيدِه لا يُكْلَمُ أحدٌ في سَبيلِ الله- والله أعلم بمن يُكْلَم في سبيلِهِ- إلا 3/ 204) يكونُ يوم القيامةِ كَهَيْئَتِها إذ طُعِنت تَفَجَّرُ دمَاً؛ اللونُ لونُ الدمِ، والعَرفُ عَرْفُ (وفي طريقٍ: والريح ريح 6/ 231) المِسكِ". 72 - باب الماءِ الدائمِ 140 - عن أبي هريرة أنه سمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا يَبُولَنَّ أحدُكم في الماءِ الدائمِ الذي لا يَجري، ثم يغتسِلُ فيه". 73 - باب إذا أُلقِيَ على ظهرِ المصَلي قَذَرٌ أو جِيفةٌ لم تَفسُدْ عليه صلاتُه 63 - وكان ابنُ عُمر إذا رأى في ثوبهِ دماً وهو يصَلي وضَعَه، ومضى في صلاتهِ.

_ (32) قلت: يشير سفيان- وهو ابن عيينة- إلى توهيم معمر في روايته عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة، ويشير إلى أن المحفوظ ما رواه هو عن الزهري- وسمعه منه مراراً- عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة. ولذا نقل الترمذي عن البخاري أن طريق معمر هذه خطأ، والمحفوظ رواية الزهري من طريق ميمونة. قال الحافظ: "وجزم الذهلي بأن الطريقين صحيحان"، وإليه مال الحافظ، والمعتمد عندي ما قاله المصنف كما حققته في "الضعيفة" (1532). (33) أي: جرح. 63 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه.

64 و 65 - وقال ابنُ المسيَّب والشعبيُّ: إذا صلَّى وفي ثوبِه دمٌ أو جَنابةٌ أو لِغَيْرِ القِبلةِ، أو تَيَمَّمَ وصلَّى، ثم أدركَ الماءَ في وقتهِ لا يُعيدُ. 141 - عن عبدِ الله بن مسعود أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصلِّي عِندَ البيتِ [في ظلِّ الكعبةِ 3/ 234]، وأبو جهل وأصحابٌ لهُ جُلوسٌ؛ إذ قالَ بعضُهم لبعضٍ: (وفي روايةٍ: أبو جهل وناسٌ من قريش- ونُحِرَت جزور بناحية مكةَ-) [ألا تنظرونَ إلى هذا المُرائي؟ 1/ 131] أيُّكُم يَجيءُ بِسَلا (34) جَزورِ بَني فُلانٍ (وفي روايةٍ: فَيَعْمِدُ إِلى فَرثِها ودَمِها وسَلاها) فيضعُه على ظهرِ محمدٍ إذا سَجَدَ؟ فانَبَعَثَ أشقى القوم [عُقبةُ بنُ أبي مُعيط 4/ 71]، فجاءَ به، فنظرَ، حتى إذا سَجَد النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وضَعَه على ظهرهِ بين كتِفيهِ، وأنا أَنظُرُ لا أغني شيئاً لو كانَ لي مَنَعةٌ، قالَ: فجعَلوا يَضْحَكُونَ، ويُحِيلُ (ْ3) بعضُهم على (وفي رواية: حتى مالَ بعضهم إلى) بعضٍ [من الضحِكِ]، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ساجدٌ لا يَرفعُ رأسَه، حتى جاءتْه فاطمةُ (وفي روايةٍ: فانطلقَ منطلقٌ إلى فاطمة وهي جُويرِيَةٌ، فأقبلت تسعى) فطرَحَت عن ظهرهِ، [وأَقْبَلَتْ عليهم تسبّهم. وفي رواية: وَدَعَت على مَنْ صَنَعَ ذلك] فرفَعَ رأسَه، ثمَّ [استَقْبَلَ الكعبةَ فدعا 5/ 5] (وفي روايةٍ: فلما قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاةَ) قالَ: " اللهم عليكَ بقُرَيشٍ"، ثلاث مرَّاتٍ، فشَقَّ عليهم إذ دَعا عليهم- قال: وكانوا يرَوَن أن الدعوةَ في ذلك البَلَدِ مُستجابةٌ - ثم سمَّى:

_ 64 و 65 - وصلهما عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عنهما مفرقاً. (34) هو الجلدة التي يكون فيها ولد البهائم كالمشيمة للآدميات. (35) أي ينسب بعضهم فعل ذلك إلى بعض بالإشارة تهكماً. وفي رواية مسلم: "يميل" أي من كثرة الضحك، كما في "الفتح" ويقويه الرواية الأخرى.

74 - باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب

" اللهمَّ عليكَ بأبي جَهلٍ [بن هشام]، وعليك بعُتْبَةَ بن رَبيعةَ، وشَيبَةَ بن ربيعةَ، والوليد بن عُتبةَ، وأمَيَّةَ (وفي روايةٍ: وأبيّ، وفي أخرى: أو أبيّ) بن خلَف، وعُقبة بن أبي مُعيط، وعمارة بن الوليد". قال [عبدُ الله:] فوالَّذي نفْسي بيَدِه لقد رأيتُ الذينَ عَدَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صَرْعى في القَليبِ، قَلِيبِ بَدْر، (وفي روايةٍ: ولقد رأيتُهم قُتِلوا يومَ بدرٍ [ثم سُحبوا]، فأُلقُوَا في بئر؛ غير أميةَ أو أبَيٍّ فإنه كان رجُلاً ضخماً، فلما جَرُّوه، تَقَطَّعَتْ أوصالُه قبلَ أن يُلقى في البئر، [قد غيَّرَتهم الشمس، وكان يوماً حاراً]. [ثم قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأُتْبعَ أصحابُ القليبِ لَعنةً"]. 74 - باب البُزاقِ والمُخاط ونحوهِ في الثَّوب 50 - وقالَ عُرْوةُ: عن المِسوَرِ ومروانَ: خرَج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ حُديْبِيَةَ، (فذكر الحديثَ): وما تَنَخَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نُخَامَةً إلا وقعَت في كفِّ رَجُلٍ منهم فدَلَكَ بها وَجَهه وَجِلْدَه. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس بن مالك الآتي في "8 - الصلاة/39 - باب"). 75 - باب لا يجوز الوضوءُ بالنَّبيذ، ولا المُسكِر 66 و 67 - وكَرِهَهُ الحسَنُ وأبو العالِيَةِ.

_ 50 - هو طرف من حديث صلح الحديبية الطويل، وسيأتي في "ج 2/ 54 - الشروط / 15 - باب". 66 و67 - أما أثر الحسن فوصله ابن أبي شيبة وعبد الرزاق من طريقين عنه نحوه. وأمّا أثر أبي العالية فوصله أبو داود وأبو عبيد بسند صحيح عنه نحوه، وهو في "صحيح أبي داود" رقم (87).

76 - باب غسل المرأة أباها الدم عن وجهه

68 - وقالَ عَطاءٌ: التَّيَمُّم أحَبُّ إليَّ من الوُضوء بالنَّبيذِ واللَّبَن. (قلت: أسند فيه حديث عائشة الآتي في "ج 3/ 74 - الأشربة/4 - باب"). 76 - باب غَسْلِ المرأةِ أباها الدَّمَ عن وجههِ 69 - وقال أبو العالية: امسَحُوا عَلى رِجْلي فإنها مريضةٌ. (قلت: أسند فيه حديث سهل بن سعد الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/24 - باب"). 77 - باب السِّوَاك 51 - وقالَ ابن عباس: بِتُّ عِندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فاستَنَّ. 142 - عن حذيفةَ قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذَا قامَ من اللَّيلِ [للتَّهجُّدِ 2/ 45] يَشُوصُ فاهُ بالسِّواكِ (36). 78 - باب دَفعِ السِّواكِ إلى الأَكبرِ 52 - عن ابن عمر أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

_ 68 - وصله أبو داود أيضاً، وانظره في "صحيحه" أيضاً (77). 69 - وصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. 51 - وصله المصنف فيما تقدم رقم (92 - حديث). (36) قلت: وحديث "لولا أن أشق على أمتي" أورده المصنف في "11 - الجمعة"، وسيأتي هناك إن شاء الله "9 - باب". 52 - هذا معلق عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله مسلم في موضعين من "صحيحه" (7/ 57 و 8/ 229)، وخفي ذلك على الحافظ فعزاه لأبي عوانة وأبي نعيم والبيهقي فقط! وهو في "سنن البيهقي" (1/ 40) وقال:"استشهد به البخاري".

79 - باب فضل من بات على الوضوء

" أرَاني أتَسَوَّكُ بسِوَاكٍ، فجاءني رَجُلانِ، أحدُهما أكبرُ من الآخَرِ فناولتُ السِّواكَ الأصغرَ منهُما، فقيل لي: كَبِّر، فدفعْتُه إلى الأكبَرِ منهُما". 79 - باب فضْل مَن باتَ على الوُضوءِ 143 - عن البَراء بن عازِب قال: قالَ لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتَيتَ مضجعكَ فتوضَّأ وُضوءَك للصَّلاةِ، ثمَ اضطَجع على شِقِّك الأيمن، ثم قُل: اللهمَّ أسلَمتُ [نفسي إليكَ، وَوَجَّهتُ 8/ 196] وَجهي إليك، وفوَّضتُ أمري إليكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهري إليكَ، رَغبةً ورَهبةً إليكَ، لا مَلجأ، ولا مَنْجا منك إلا إليكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكِتابِكَ الذي أنزلتَ، ونبيِّك الذي أرسلتَ، فـ[إنك] إن مُتَّ مِن ليلتِكَ فأنتَ (وفي طريقٍ: مُتَّ 7/ 147) على الفطرةِ، [وإن أصبَحتَ أَصبْتَ أجراً]، واجعَلهُن آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ به". قالَ: فرَدَدتُها على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا بلغتُ: "اللَّهُمَّ آمَنْتُ بكتابِكَ الذي أنزَلْتَ"، قلتُ: "ورسولِكَ"، (وفي روايةٍ: فقلت أستذكرهُن: "وبرسولك الذي أرسلت") قالَ: "لا، وَنَبيِّكَ الذي أرسلتَ".

5 - كتاب الغسل

بسم الله الرحمن الرحيم 5 - كتَابُ الغُسلِ وقوْلِ الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. وقولهِ جلَّ ذكْرُه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُوراً}. 1 - باب الوضوءِ قبْل الغُسل 144 - عن عائشةَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا اغتَسل من الجَنابة بدأَ فغسَل يديهِ، ثم يتوضَّأُ كما يَتوضَّأُ للصلاةِ، ثم يُدخِلُ أصابعَه في الماء، فَيُخَلِّلُ بها أُصولَ شَعَرهِ، ثم يصُبُّ (وفي روايةٍ: حتى إذا ظنَّ أنه قد أروى بَشَرتَه أفاضَ 1/ 72) على رأسِه ثلاثَ غُرَفٍ بيدَيه، ثم يُفيضُ الماءَ على جِلدِه كلِّهِ. 2 - باب غُسْل الرجل مع امرأتهِ

3 - باب الغسل بالصاع ونحوه

145 - عن عائشةَ قالت: كنتُ أَغتسلُ أَنا والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من إِناءٍ واحدٍ [كِلانا جنُبٌ 1/ 78] من قدَحٍ يقالُ له الْفَرَق، [تَخْتَلِفُ أيدينا فيه 1/ 70] (وفي روايةٍ: نغْتَرِفُ منه جميعاً 1/ 72) (1) (وفي أخرى: كان يُوضَعُ لي ولرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هذا المِركَنُ فنشرع فيه جميعاً 8/ 154). 3 - باب الغسل بالصاع ونحوهِ 146 - عن أبي سَلَمَةَ قال: دخلتُ أَنا وأخو عائشةَ على عائشةَ، فسأَلها أخوها عن غُسْل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فدعت بإناءٍ نحوٍ منْ (53 - وفي روايةٍ معلقةٍ: قَدْرِ) صاعٍ فاغتسَلَت وأفاضَت على رأسِها، وبيْنَنا وبيْنَها حِجَاب. 147 - عن أبي جعفر أنه كانَ عندَ جابرِ بن عبدِ الله- هو وأبوهُ- وعندَه قومٌ، فسألوه عن الغسلِ؟ فقالَ: يَكفيكَ صاعٌ، فقالَ رَجُلٌ: ما يَكفِيني! فقالَ جابرٌ: كانَ يَكفي مَن هو أوفى منْك شَعَراً وخيرٌ منكَ، ثم أَمَّنَا في ثوْبٍ، (ومن طريقٍ أخرى عنه قال: قال لي جابر: أتاني ابنُ عمِّكَ- يعرِّضُ بالحسَنِ بنِ محمَّدِ بن الحنفيَّةِ- قالَ: كيْف الغُسْلُ من الجَنابةِ؟ فقلتُ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يأخذُ ثلاثةَ أكُفٍّ ويُفيضُها على رأسه، ثم يُفِيضُ على سائرِ جسَدِه. فقالَ ليَ الحسَن: إنّي رجلٌ كثيرُ الشَّعَر، فقلت: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أكثرَ منكَ شَعَراً). 148 - عن ابن عباس أنَّ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - وميمونةَ كانَا يَغتِسلان من إناءٍ واحدٍ.

_ (1) قلت: وزاد ابن خزيمة في "صحيحه" (رقم 251 طبع بيروت) من طريق أخرى عنها: "قالت: أبدؤه فأفرغ على يديه من قبل أن يغمسهما في الماء". وسنده جيد. 53 - لم يخرّجها الحافظ، وقد وصلها أحمد (6/ 143)، ومسلم (1/ 176).

4 - باب من أفاض على رأسه ثلاثا

قالَ أبو عبدِ الله: كانَ ابن عُيَيْنَةَ يقولُ أخيراً: عن ابن عباس عن مَيمونةَ، والصحيح ما رواهُ أبو نعيم (2). 4 - باب مَن أَفاض على رأسهِ ثلاثاً 149 - عن جُبَير بن مُطعِم قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " أمَّا أنا فأُفيضُ على رأسي ثلاثاً"، وأَشارَ بيدَيهِ كِلْتَيْهما (3). 5 - باب الغسل مرةً واحدةً 150 - عن ميمونةَ قالت: وَضَعتُ (وفي روايةٍ: صَببتُ) للنبيِّ ماءً للغسل [من الجَنابةِ 1/ 68]، [وسترته]، فغسَل يدَيهِ مرتين أو ثلاثاً، ثم أَفرغَ (بيمينهِ) على شمالهِ فغسَل مَذاكيرَه (وفي روايةٍ: فَرْجَهُ وما أصابه من الأَذى)، ثم مسَح يدَه بالأَرضِ (وفي روايةٍ: ثم دَلَكَ بها الحائِطَ 1/ 70، وفي أخرى: بالأَرضِ أو الحائطِ 1/ 71 و72) [مرتين أو ثلاثاً]، [ثم غسَلها]، ثم مضْمَضَ واستَنشَق، وغسَلَ وَجهَه ويديه، [وغسَلَ رأسَه ثلاثاً 1/ 71]، (وفي روايةٍ: توضأ وضوءَه للصلاة؛ غيرَ رجلَيْهِ 1/ 68)، ثم أَفاضَ على جسَدِه، ثم تَحَوَّلَ من مكانهِ، فغَسَل قدَميْه، [ثم أُتي بمنديل فلم ينفُض بها (وفي روايةٍ: فناولْتُهُ خِرْقَةً، فقال

_ (2) قلت: يعني أن هذه الرواية عن ابن عباس دون ذكر ميمونة هي الصحيحة، خلافاً لرواية ابن عيينة التي قال فيها عنه عن ميمونة؛ فإنها شاذة. (3) قلت: في الحديث اختصار، أشار إليه قوله: "أما أنا"، فإن قسيمه عند مسلم (1/ 178) عن جبير قال: تماروا في الغسل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال بعض القوم: أما أنا فإني أغسل رأسي كذا وكذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما أنا ... ".

6 - باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل

بيده هكدْا، ولم يُرِدْها)، (وفي أخرى: فناولتُه ثوباً فلم يأخذْه، فانطلق وهو ينفض يديه)]. 6 - باب مَن بدأَ بالحِلاب أو الطِّيب عند الغسل 151 - عن عائشة قالت: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتَسَل مِن الجَنابَة دعَا بِشَيْءٍ نحوِ الحِلابِ، فأَخذَ بِكفِّهِ، فبدَأَ بشِقِّ رأسِه الأَيْمن، ثم الأَيسَر، فقالَ بهِما على رأسِه. 7 - باب المضمضةِ والاستنشاق في الجَنابة (قلت: أسند فيه حديث ميمونة المتقدم آنفاً). 8 - باب مسْح اليَدِ بالتراب لِتكون أَنقى (قلت: أسند فيه حديث ميمونة المتقدم آنفاً). 9 - باب هل يُدخِل الجُنُبُ يدَه في الإناءِ قبلَ أن يَغسلَها إذا لم يكن على يدِه قذَرٌ غيْرُ الجنابَة؟ 70 و 71 - وأَدخَلَ ابنُ عمَر والبَرَاء بن عازب يدَه في الطَّهورِ ولم يَغسلْها، ثم توضَّأَ. 72 و 73 - ولم يَرَ ابن عُمَر وابن عباس بأساً بما ينتضحُ من غُسْل الجَنابةِ. 152 - عن أنس بن مالك قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - والمَرأَةُ من نسائِه يَغتسلان

_ 70 و 71 - أما أثر ابن عمر، فوصله سعيد بن منصور بمعناه. وأما أثر البراء فوصله ابن أبي شيبة. 72 و 73 - أما أثر ابن عمر فوصله عبد الرزاق بمعناه. وأما أثر ابن عباس فوصله ابن أبي شيبة عنه، وعبد الرزاق من وجه آخر عنه.

10 - باب تفريق الغسل والوضوء

من إناءٍ واحدٍ 54 - [منَ الجَنابةِ]. 10 - باب تفريق الغسْل والوُضوءِ 74 - ويذكَر عن ابن عُمر أنَّه غسَل قَدَميْه بعد ما جَفَّ وَضُوءُه. 11 - باب مَن أَفرَغ بيمينهِ على شِمالهِ في الغسْل (قلت: أسند فيه حديث ميمونة المشار إليه آنفاً). 12 - باب إذا جامَعَ ثم عاوَدَ، ومَن دارَ على نسائِه في غسْل واحد 153 - عن محمد بن المنتشر قالَ: ذكرتُه لعائشةَ، (وفي روايةٍ: سألت عائشة، فذكَرت قولَ ابن عمرَ: ما أحبُّ أن أصبحَ محرماً أنْضَخُ طِيباً 1/ 72) (4) فقالتْ: يَرحمُ الله أَبا عبدِ الرحمنِ، كنت أُطيِّبُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فيطُوفُ على نسائهِ ثم يصبحُ مُحْرِماً يَنضخُ (5) طِيباً. 154 - عن أنس بن مالك قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدورُ (وفي روايةٍ: يتطوَّف 6/ 117) (وفي أخرى: يطوف 6/ 155) على نسائه في الساعة الواحدة (وفي روايةٍ: في ليلةٍ واحدة 6/ 117)، (وفي أخرى: في الليلة الواحدة 6/ 155) مِنَ الليل والنهار، وهنّ إحدى عشرة، (وفي رواية: وله يومئذ 6/ 155)، (وفي أخرى:

_ 54 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف رحمه الله تعالى، ولم يخرجها الحافظ. 74 - وصله الشافعي (رقم 70 "ترتيب السنن") بسند صحيح عنه. لكن فيه أنه توضأ بالسوق دون رجليه ثم دخل المسجد فمسح على خفيه ثم صلى عليها. (4) قلت: زاد مسلم (4/ 12 - 13): "لأن أطّلي بقطران أحب إليَّ من أن أفعل ذلك". قلت: وقد أنكر ذلك عليه تبعاً لعائشة إبراهيم النخعي وغيره، كما سيأتي في (25 - الحج/18 - باب". (5) بالخاء المعجمة، وهو أكثر من (النضح) بالحاء المهملة كما قال الأصمعي. وقال ابن كيسان: إنه بالمعجمة لما ثخن، وبالمهملة لما رقّ.

13 - باب غسل المذي والوضوء منه

تسعُ نسوةٍ 6/ 117و155)، قال: قلتُ لأَنس: أَوَ كانَ يُطيقُه؟ قالَ: كنّا نتحدَّثُ أنه أُعطي قوَّةَ ثلاثين. 13 - باب غَسْل المَذْيِ والوضوء منه (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث علي المتقدم برقم 86). 14 - باب مَن تطيَّب ثم اغتسل وبقيَ أَثرُ الطِّيب (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم قريباً). 15 - باب تخليل الشعَر حتى إذا ظَنَّ أنه قد أروى بَشَرَتَه أفاضَ عليه. (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 144). 16 - باب مَن توضَّأ في الجَنابة ثم غسَل سائرَ جسدِه؛ ولم يُعِدْ غَسْلَ مواضعِ الوُضوء منه مرة أُخرى. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ميمونة المتقدم برقم 150). 17 - باب إذا ذكَر في المسجد أنه جُنُبٌ يخرُج كما هو ولا يتيمَّمُ 155 - عن أبي هريرة قال: أُقيمتِ الصلاةُ، وعُدِّلَت الصفوفُ قِياماً، فخرَجَ إلينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[فتقدَّم وهو جُنُبٌ 1/ 157]، فَلمّا قامَ في مُصلاَّهُ ذكَرَ أَنه جُنُبٌ، فقالَ لنا: " [على] مكانِكم"، [فمكثْنا على هيئتِنا]، ثم رجَعَ فاغتَسَل، ثم خرَجَ إلينا ورأسُه يقطُرُ [ماءً] فكبَّرَ، فصلَّينا معهُ (6).

_ (6) قلت: وهناك قصة أخرج يرويها أبو بكرة الثقفي وغيره، وفيها أنه - صلى الله عليه وسلم - كبر ثم أشار إليهم أَنْ مكانكم، ثم ذهب فاغتسل وصلى بهم. أخرجه أبو داود وغيره، وقد خرجته وحققت صحته في "صحيح أبي داود" (226).

18 - باب نفض اليدين من الغسل عن الجنابة

18 - باب نفْض اليدَين من الغُسل عن الجَنابَة (قلت: أسند فيه حديث ميمونة المار إليه آنفاً). 19 - باب مَن بدأَ بشِقِّ رأسِه الأَيمن في الغسْل 156 - عن عائشهَ قالت: كنّا إذا أَصابَ إحدانا جَنابةٌ، أَخذَتْ بيدَيْها ثلاثاً فوقَ رأسِها، ثم تأخُذُ بيَدِها على شِقِّها الأَيمن، وبيدِها الأُخرى على شِقِّها الأَيْسَر. 20 - باب مَن اغتسَل عُرياناً وحدَه في الخلوة، ومَن تستَّرَ فالتَّستُّر أَفضلُ 55 - وقالَ بَهْزٌ عن أبيه عن جدِّه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " الله أَحَقُّ أنْ يُستحيْا منْهُ منَ الناسِ". 157 - عن أبي هريرة عن النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - قالَ: " بَيْنا أيُّوب يَغتسِل عُرْياناً، فخَرَّ عليه [رِجْلُ (7) 8/ 197] جَرادٌ من ذهبٍ، فجعَل أَيوبُ يَحتَثي في ثوبِه، فناداهُ ربُّهُ: يا أَيُّوبُ ألَمْ أَكُنْ أَغنَيْتُكَ عمَّا ترى؟ قالَ: بلى وعِزَّتك [يا ربِّ!] ولكنْ لا غِنى بي عن بَرَكَتِكَ". 21 - باب التستُّر في الغُسل عند الناس 22 - باب إذا احتَلَمَت المرأة

_ 55 - وصله أصحاب السنن وغيرهم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وهو معاوية بن حيدة، وسنده حسن. وقد خرجته في "آداب الزفاف" (ص 112 طبعة المكتبة الإسلامية). (7) الرجل بالكسر: الجراد الكثير.

23 - باب عرق الجنب وأن المسلم لا ينجس

(قلت: أسند فيه حديث أمِّ سلمة المتقدم برقم 85). 23 - باب عَرَقِ الجُنُب وأنَّ المسْلم لا يَنْجُس 158 - عن أبي هريرة أنَّ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - لقِيَه في بعضِ طريقِ المدينةِ وهْوَ جُنُبٌ [فأخَذ بيَدي، فَمشَيْتُ معه حتى قعدَ 1/ 75] فانخَنَسْت منه، (وفي روايةٍ: فانْسَلَلتُ)، فذهبَ فاغتَسَل ثم جاءَ (وفي روايةٍ: ثم جِئْتُ وهو قاعدٌ) فقالَ: "أين كنتَ يا أبا هريرةَ؟ ". قالَ: كُنْتُ جُنُباً فكَرهتُ أنْ أُجالِسَك وأنا على غير طهارة! فقالَ: " سُبحانَ اللهِ [يا أَبا هريرةَ!] إنَّ المؤمنَ لا يَنْجُسُ". 24 - باب الجُنُب يخرجُ ويمشي في السُّوقِ وغيرهِ 75 - وقالَ عطاءٌ: يَحتجمُ الجُنُب، ويقلِّمُ أَظفارَه، ويَحلِق رأسَه، وإنْ لم يَتوضَّأْ. 25 - باب كَيْنُونة الجُنُب في البيت إذا توضَّأ 159 - عن ابن عُمر أنَّ عمَر بن الخطَّاب سأل رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَيَرْقُدُ أَحَدُنا وهو جُنُب؟ قالَ: " نعمْ، إذا توضَّأَ أحدكم فلْيَرْقُدْ وهو جُنُبٌ". (وفي طريقٍ: "توضَّأْ واغسِلْ ذكَرَكَ، ثم نَمْ"). 26 - باب الجُنُب يتوضَّأُ ثم ينامُ 160 - عن عائشةَ قالت: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أرادَ أنْ ينامَ وهو جُنُبٌ؛ غَسَلَ فَرجَه، وتوضَّأَ للصَّلاة.

_ 75 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه.

27 - باب إذا التقى الختانان

27 - باب إذا التقى الخِتانان 161 - عن أبي هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إذا جلَسَ بيْن شُعَبِها الأربع، ثم جَهَدَها، فقَد وجَبَ الْغُسْل". 28 - باب غَسْل ما يُصِيبُ من رُطوبةِ فَرْج المرأة 162 - عن أبيّ بن كعب أنه قالَ: يا رسولَ الله! إذا جامَعَ الرَّجلُ المرأَةَ فلَمْ يُنْزل؟ قالَ: "يَغسِلُ ما مَسَّ المرأَةَ منْهُ، ثم يتوضَّأُ ويصلّي" (8). قال أبو عبدِ اللهِ: الْغُسْلُ أَحوَط، وذاك الأَخيرُ إنما بيَّنَّا لاختلافِهم.

_ (8) قلت: مضى في "4 - الوضوء" نحوه من حديث عثمان وغيره رقم (114)، وهو منسوخ بأحاديث أخرى تراها في "المنتقى" وغيره. وانظر التعليق المتقدم برقم (14).

6 - كتاب الحيض

بسم الله الرحمن الرحيم 6 - كتَابُ الحيض وقوْلِ الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} 1 - باب كيفَ كانَ بدءُ الحَيْض 56 - وقوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -." هذا شيءٌ كتَبَه اللهُ على بَناتِ آدَم". 76 - وقالَ بعضهم: كان أوَّلُ ما أُرسِلَ الحَيْضُ على بني إسرائيلَ. قال أبو عبدِ اللهِ: وحديت النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَكثرُ. 2 - باب الأمرِ لِلنساءِ إذا نَفِسْنَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي برقم 173). 3 - باب غَسْلِ الحائضِ رأْسَ زوْجِها وترجيلهِ

_ 56 - هذا طرف من حديث عائشة الآتي قريباً "17 - باب"، رقم الحديث (173). 76 - قال الحافظ: كأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق عن ابن مسعود بإسناد صحيح قال: كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعاً، فكانت المرأة تتشوف للِرَّجُلِ، فألقى الله عليهنّ الحيض ومنعهن المساجد، وعنده عن عائشة نحوه.

4 - باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض

163 - عن عُروةَ أَنه سُئِل: أَتَخدُمُني الحائضُ، أو تدْنو مني المرأَةُ وهي جُنُبٌ؟ فقالَ عروَة: كلُّ ذلك عليَّ هيِّن، وكلُّ ذلك تخدُمُني، وليسَ على أَحدٍ في ذلك بأسٌ، أخبرَتْني عائشةُ أنها كانت ترَجِّلُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهي حائضٌ، ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ مجاورٌ (وفي طريقٍ: معتكف 1/ 78) في المسجدِ، يُدْني (وفي روايةٍ: يُصغي 2/ 256) لها رأسَهُ، وهي في حُجرتِها، فتُرجِّلُه وهي حائضٌ. 4 - باب قراءةِ الرجُل في حِجْر امرأَتهِ وهي حائض 77 - وكان أَبو وائل يُرسِل خادمَه وهي حائضٌ إلى أَبي رَزين، فتَأْتيهِ بالمُصحَف، فتُمْسكُه بعِلاقتِه. 164 - عن عائشة أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَتّكِىءُ في حَجْري وأَنا حائضٌ، ثمَّ يَقرَأُ الْقرآنَ. 5 - باب مَن سمَّى النِّفاس حيْضاً (1) 165 - عن أُم سَلَمَة قالت: بيْنا أَنا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُضْطَجِعةً في خمِيصةٍ؛ (وفي روايةٍ: في خميلَة 1/ 83) إذْ حِضْتُ، فانسَلَلتُ، فأَخذتُ ثيابَ حَيْضَتي، قالَ:" [ما لكِ 2/ 233] أَنُفِسْتِ؟ ". قلتُ: نعَم، فدَعاني، فاضطَجَعتُ معَه في الخَمِيلَة، [وكانت هي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَغتسلان من إِناءٍ واحدٍ، وكان يُقَبِّلُها وهو صائم].

_ 77 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. (1) قيل: هذه الترجمة مقلوبة، لأن حقها أن يقول: من سمى الحيض نفاساً، وقيل غير ذلك، فانظر "الفتح" إن شئت التفصيل.

6 - باب مباشرة الحائض

6 - باب مباشَرةِ الحائض 166 - عن عائشة قالت: كانت إحدانا إذا كانت حائضاً فأرادَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُباشرَها؛ أَمَرَها أن أنْ تَتَّزرَ في فوْرِ حيْضَتِها، ثم يباشرها. قالت: وأَيُّكم يَملِكُ إرْبَه كما كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَملكُ إرْبَه؟ 167 - عن ميْمونة قالت: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا أَرادَ أَنْ يباشِرَ امرأَةً من نسائه أمَرَها فاتَّزَرَتْ، وهي حائضٌ. 7 - باب تركِ الحائض الصَّومَ (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد الخدري الآتي في "24 - الزكاة/ 44 - باب"). 8 - باب تَقضي الحائضُ المَناسك كلَّها إلا الطوافَ بالبيت 78 - وقال إبراهيمُ: لا بأسَ أنْ تَقرأَ الآية. 79 - ولم يَرَ ابن عباس بالقراءةِ لِلجُنُب بأساً. 57 - وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يذكُرُ اللهَ على كلِّ أَحيانهِ. 58 - وقالت أُمُّ عطيَّة: كنَّا نُؤمَرُ أنْ يَخرُجَ الحُيَّضُ، فيُكَبِّرْنَ بتكبيرهِم، ويدْعُون.

_ 78 - وصله الدارمي (1/ 235) بسند حسن عنه. وهو إبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه. 79 - وصله ابن المنذر بلفظ: إن ابن عباس كان يقرأ ورده وهو جنب. 57 - وصله مسلم (1/ 194) وغيره من حديث عائشة، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (14) وفي "الصحيحة" (406)، وقد ثبت عنها أنها كانت ترقي أختها أسماء وهي عارك، أي حائض. أخرجه الدارمي (1/ 235)، وسنده صحيح. 58 - هو طرف من حديثها الآتي موصولاً بعد أبواب "24 - باب".

9 - باب الاستحاضة

59 - وقالَ ابن عباس: أَخبرَني أبو سُفيان أنَّ هِرَقْلَ دعَا بكتَاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقرَأَه، فإذا فيه: "بسْمِ اللهِ الرحمن الرحيم وَ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} الآية. 60 - وقالَ عطاءٌ عن جابر: حاضَت عائشةُ فنَسَكَت المَناسِكَ كلَّها؛ غيْرَ الطوَاف بالبيْت، ولا تصَلي. 80 - وقال الحكَم: "إني لأَذبح وأَنا جُنبٌ". وقالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي: برقم 174). 9 - باب الاستحاضة (قلت: أسند فيه حديث فاطمة بنت أبي حبيش المتقدم برقم 135). 10 - باب غَسلِ دَمِ المَحِيض 168 - عن أَسماءَ بنت أَبي بكر أنها قالت: سألتِ امرأَةٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسولَ الله! أَرَأَيتَ إحدانا إذا أَصابَ ثوبَها الدَّمُ مِنَ الْحَيْضَةِ كيفَ تَصنَعُ؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أَصابَ ثوْبَ إحداكُنَّ الدَّمُ منَ الحَيْضة فلْتَقْرُصْهُ، ثم لتَنْضَحْه بماءٍ، ثمَّ

_ 59 - هو طرف من حديث قصة هرقل مع أبي سفيان، وقد وصله المصنف في مواطن ويأتى في "56 - الجهاد/102 - باب". 60 - هو طرف من حديث جابر في قصة عائشة الآتي موصولاً في "ج 4/ 94 - التمني /3 - باب". 80 - وصله البغوي في "الجعديات" (ج 1/ 345/ 309) بسند صحيح عنه. وهو الحكم بن عتيبة الكوفي الفقيه.

11 - باب الاعتكاف للمستحاضة

لتُصَلي فيه. (وفي روايةٍ: تَحُتُّه، ثم تقرُصُه بالماء، وتنضحه، وتصَلي فيه 1/ 63) ". 169 - عن عائشة قالت: كانت إحدانا تَحيضُ ثم تقترص الدَّمَ من ثوبِها عند طُهْرها؛ فتَغسِلُه، وتَنضَحُ على سائره (2)، ثم تصلي فيه. 11 - باب الاعتكاف للمستحاضة 170 - عن عائشة أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اعتكَف معَه بعضُ نسائِه وهي مُستحاضة؛ تَرَى الدَّمَ [والصُّفْرَةَ]، فربَّما وضعَت الطَّستْ تحتَها من الدَّمِ [وهي تصَلي]. وزعم عِكرمة أنّ عائشة رأت ماءَ الْعُصفُر، فقالت: كأنّ هذا شيءٌ كانت فلانةُ تَجدُه. 12 - باب هل تصَلي المرأة في ثوْبٍ حاضَت فيه 171 - عن عائشةَ قالت: ما كانَ لإحدانا إلا ثوْبٌ واحدٌ تَحيضُ فيه، فإذا أصابَهُ شيءٌ من دَم قالت بِريقِها فقَصَعَتْه بظُفْرها (3). 13 - باب الطِّيب للمرأة عند غُسلِها من المَحيض 172 - عن أمِّ عطيَّة (ومن طريق محمد بن سيرين قال: توُفِّيَ ابنٌ لأُم عطيةَ رضي الله عنها، فلما كان اليومُ الثالثُ دَعَتْ بِصُفرةٍ فتَمَسَّحَتْ به، و 2/ 78) قالت: كُنَّا نُنْهى (61 - وفي روايةٍ: نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -6/ 187) أَنْ نُحِدَّ (وفي روايةٍ: لا

_ (2) أي: لتنضح ما لم يصبه الدم من الثوب، ففي رواية ابن خزيمة (276): "ثم لتقرصه بشيء من ماء، وتنضح في سائرالثوب ماء وتصلي فيه". وسنده حسن. (3) أي: بللته بريقها، ودلكته بظفرها. 61 - هذه الرواية معلقة عند المصنف هنا، وقد وصلها في "الطلاق" (6/ 187)، =

14 - باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض، وكيف تغتسل وتأخذ فرصة ممسكة فتتبع بها أثر الدم

يَحِلُّ لامرأَةٍ تؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ أنْ تُحِدَّ) على ميِّت فوقَ ثلاثٍ؛ إلا على زوجٍ؛ أربعةَ أشهُر وعَشْراً، ولا نكتحِلُ، ولا نتَطيَّبُ، (وفي روايةٍ: ولا نَمسَّ طيباً إلا أدنى طهرها إذا طهُرت) ولا نَلبَسُ ثوْباً مصبوغاً؛ إلا ثوْب عَصْبٍ. وقد رُخِّص لنا عندَ الطُّهْر إذا اغتسَلتْ إحدانا من مَحِيضِها في نُبْذة من كُسْتِ أَظَفارٍ. وكنَّا نُنهى عن اتِّباع الجَنائز، [ولم يُعزَم علينا 2/ 78]. [قال أبو عبد الله: الْقُسط والكُسْت مثل الكافور والقافور. (نبذة): قِطعة 6/ 186]. 14 - باب دلك المرأة نفْسها إذا تطهرت من المَحيض، وكيف تغتسل وتأخذُ فُرْصةً مُمسَّكةً فتَتَّبعُ بها أثرَ الدم 173 - عن عائشةَ أنَّ امرأةً [من الأَنصار] سألت النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - عن غُسْلِها من المَحيض؟ فأمَرَها كيف تغتسِل؛ قالَ: " خُذي فُرْصةً من مِسْك فتطهَّري بها [(ثلاثاً) "، ثم إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - استحْيا فأعرَض بوجههِ، أو قالَ: "توضَّئي بها"]. قالت: كيف أَتطهَّر بها؟ قالَ: " سُبحانَ اللهِ تطَهَّري". [قالت عائشة: فعرفتُ الذي يريد رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 8/ 159]، [فأَخذْتُها] فاجتَذبْتُها إليَّ، فقلتُ: تتَبَّعي أَثَرَ الدَّمِ.

_ = ووصلها البيهقي أيضاً، ففات هذا كله على الحافظ في شرحه الجملة الأخيرة منه في "الجنائز"، بل ووقع له وهم لا مجال لبيانه هنا، فقال: أخرجه الإسماعيلي بلفظ: "فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلو تذكر ما ذكرت لم يكن به حاجة أن يعزوه للإسماعيلي.

15 - باب غسل المحيض

15 - باب غُسْل المَحيض (قلت: أسند فيه حديث عائشة المذكور آنفاً). 16 - باب امتشاط المرأَةِ عند غُسْلِها من المَحيض (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي بعده). 17 - باب نقْضِ المرأة شعرها عند غُسل المَحيض 174 - عن عائشة قالت: خَرجنا موافينَ لهلالِ ذي الحِجَّة، (وفي روايةٍ: لخمس ليالٍ بقين من ذي الحجة 4/ 7) [ولا نُرى إلا أنه الحجُّ 2/ 151]، (فأهللنا بعمرة، ثم قًال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان عنده هَدْيٌ فليُهلَّ بالحج مع العُمْرةِ، ثم لا يَحلَّ حتى يحلَّ مِنْهُمَا جميعاً" 5/ 124]، [فنزلنا بِسَرِف، قالت: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أصحابهِ 2/ 150]، فقال: "مَنْ [لم يكن منكم معه هَدْي فـ] أحبَّ أن يُهلَّ بعمرةٍ فليُهْلِلْ (وفي روايةٍ: فأَحب أن يجعلها عمرة فليفعل، ومن كان معه الهدي فلا)، فإني لولا أنّي أهْديْتُ لأَهللْتُ بِعمرةٍ"، فأهلَّ بعضُهم بعمرةٍ، وأَهلّ بعضهم بحجٍّ، [ومنا من أهلّ بحجةٍ وعمرة]. [قالَت: فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجال من أصحابه فكانوا أهْلَ قوةٍ، وكانَ مَعَهمُ الهديُ، فلم يقدروا على العمرةِ]، وكنت أنا ممن أهلَّ بعمرةٍ [ولم يَسُقِ الهديَ]، [فَحِضْتُ]، فأدركني يومُ عرفةَ وأنا حائضٌ، فشكوتُ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةِ: فدخل عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: "ما يبكيك يا هَنْتاه؟ ". قلت: [لَوَدِدْتُ- والله- أني لم أحج العامَ 1/ 79]، سمعت قولك

لأَصحابِك، فمُنِعتُ العُمْرَةَ، قال: "وما شأنكِ [أَنُفِسْتِ؟ " 6/ 235]. قلت: [نعم]، لا أصَلي، قال: " فلا يَضِيرُكِ، (وفي روايةٍ: فلا يَضُرُّكِ 2/ 202)، إنما أنت امرأةٌ من بنات آدم، كتبَ اللهُ عليكِ ما كتب عليهنَّ) (وفي طريقٍ: إن هذا أمرٌ (وفي روايةٍ: شيء) كتبه الله على بنات آدم 1/ 77)، فَدَعي (وفَي روايةٍ: ارفضي 2/ 200) عُمرَتَكِ، وانقضي رأسكِ وامتشطي، وأهِلي بحجً، (وفي روايةٍ: فكوني في حجتِكِ، فعسى الله أن يرزقَكِيها)، [قال: [فـ] افعلي كما يفعلُ الحاجُّ غير أن لا تطوفي بالبيت (4) حتى تَطهُري 2/ 171] "، فَفَعلتُ. [فقدِم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فطاف بالبيت، وبين الصفا والمروةِ، ولم يَحِلَّ، وكان معه الهديُ، فطاف من كان معه من نسائه وأصحابِه 2/ 196]، [فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من لم يكن ساق الهديَ أن يَحِلَّ، فَحَلَّ [منهم] من لم يكن ساق الهديَ، ونساؤه لم يسقن، فأحللن، (قالت: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: " لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما سُقتُ الهدي، ولحللتُ مع الناس حين حلوا" 8/ 128]. [قالت: فلم أطف بالبيت]، [قالت: فخرجنا في حجته، حتى قدمنا مِنىً فطهُرْتُ]، [قالت: فَدُخِل علينا يوم النحر بلحم بقرٍ، فقلت: ما هذا؟ فقالـ[ـوا]: نَحَرَ (وفي رواية: ذَبَحَ 2/ 187 وفي أخرى: ضحى) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أزواجه [بالبقر].- قال يحيى: فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد، فقال:

_ (4) زاد جابر في حديثه: "ولا تصلي". وسيأتي حديثه في آخر الكتاب "ج 4/ 94 - التمني/3 - باب"، وقد مضى معلقاً قريباً برقم (60).

أتتكَ والله بالحديث على وَجْهِه 4/ 7]-[ثم خرجتُ من مِنى فأفضتُ بالبيت [يومَ النحرِ 2/ 189]، قالتْ: ثم خرجتُ معه في النَّفْرِ الآخَر]، حتى إذا كان ليلة الحَصْبَةِ [نزلَ المُحَصَّبَ، ونزلنا معه]، [فقالتْ: يا رسول الله يرجع الناس بعمرة وحجة، وأرجع أنا بحجة؟ (وفي طريقٍ: يرجع أصحابُك بأجر حجٍّ وعمرةٍ، ولم أزد على الحج؟ 4/ 14) قال: "وما طفتِ ليالي قدمنا مكة؟ ". قلتُ: لا، قال: "فاذهبي مع أخيك [وليردِفْكِ] إلى التنعيم، فأهِلِّي بعمرة، ثم موعدك كذا وكذا،، [ولكنها على قَدْر نفقتِك أو نَصَبِكِ 2/ 201] ". [وحاضتْ صفيةُ بنتُ حُيَيٍّ 2/ 196]، [ليلةَ النَفْر، فـ 2/ 198]، [قالتْ: ما أراني إلا حابستَهُمْ. (وفي روايةٍ: حابستَكم)]، [فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - منها ما يريد الرجل من أهله، فقلتُ: يا رسول الله إنها حائض]، (وفي طريقٍ: لما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينفِر إذا صفية على باب خبائها كئيبة 6/ 184) [حزينة لأَنها حاضتْ، ف 7/ 110] [قال [لها]: "عَقرا حَلقا]-[لغة قريش]-[حابستُنا هي؟] [أوَ ما طفتِ يومَ النحر؟ ". قالتْ: قلتُ: بلى، قال: "لا بأس، انفِري] [إذن] ". [قالتْ: فدعا عبدَ الرحمنِ بنَ أبي بكر فقال: "اخرُج بأختِك من الحرم، فلتُهلَّ بعمرة، ثم افرغا، ثم ائتيا ههنا، فإني أَنظُرُكما حتى تأتياني"، قالت] فخرجتُ إلى التنعيم، [فأحْقَبَها (5) عبد الرحمن على ناقةٍ 2/ 141]، [62 - وحملها على قَتَبٍ 2/ 141 - 142]، قالتْ: فأهللتُ بعمرة

_ (5) أي أردفها على الحقيبة، وهي: الزنار الذي يجعل في مؤخر القتب، فقوله: (على قتب) أي: حملها على مؤخر قتب، والحاصل أنه أردفها وكان هو على قتب. كذا في "الفتح". 62 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها أبو نعيم في "المستخرج".

18 - باب مخلقة وغير مخلقة

مكان عمرتي [التي نَسَكْتُ]، [حتى إذا فرغتُ، وفرغتُ من الطواف، تم جئته بِسَحَر]، [قالت عائشة رضي الله عنها: فلقيني النبي - صلى الله عليه وسلم -[مُدَّلِجاً]، وهو مصعِدٌ من مكة، وأنا منهبطةٌ عليها، أو أنا مصعِدة، وهو مُنهَبِطٌ منها]، (وفي روايةٍ: فانتظرها بأعلى مكة حتى جاءت)، [فقال: "هل فرغتم؟ "، فقلتُ: نعم]، [قال: "هذه مكان عمرتك"]. [فقضى الله حجتَها وعمرتَها، ولم يكن في شيء من ذلك هديٌ، ولا صَدَقَةٌ، ولا صومٌ". [قالتْ: فطاف الذين كانوا أهلُّوا بالعمرة بالبيتِ، وبين الصفا والمروة ثم حلُّوا، ثم طافوا طوافاً واحداً (وفي روايةٍ: أُخرى 2/ 168) بعد أن رجعوا من مِنى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافَوا طوافاً واحداً 2/ 149] (6). [قالت: فآذَنَ بالرحيل في أصحابِه، فارتحل الناسُ [ومن طاف بالبيتِ قبل صلاةِ الصبحِ، ثم خرج]، فَمَرَّ متوجِّهاً إلى المدينة]. (ضَير) مِن ضار يَضير ضَيراً، ويقال: ضار يَضور ضُوراً، وضرَّ يَضُرُّ ضراً. 18 - باب مُخلَّقَةٍ وغيْرِ مُخَلَّقةٍ (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي في "ج 4/ 82 - القدر/1 - باب"). 19 - باب كيف تُهلُّ الحائضُ بالحجِّ والعمرة (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم آنفاً). 20 - باب إقبالِ المَحيض وإدبارِه

_ (6) قلت: أي دون الطواف بَيْنَ الصفا والمروة كما هو صريح حديث جابر عند مسلم. وهذا بالنسبة للقارن كما هو صريح هذا الحديث، وكذا المفرد كما في رواية مالك في هذا الحديث، وأما المتمتع فيطوف بين الصفا والمروة طوافا آخر كما هو ظاهر هذا الحديث، وصريح حديث ابن عباس الآتي في الكتاب معلقاً.

21 - باب لا تقضي الحائض الصلاة

81 - وكنَّ نساءٌ يَبعثنَ إلى عائشةَ بالدَّرَجَةِ فيها الكُرْسفُ فيه الصُّفرةُ، فتقولُ: لا تَعجَلْن حتى تَرَيْن القَصَّةَ البيضاءَ. تريد بذلك الطُّهرَ من الحَيْضةِ. 82 - وبلَغ ابنةَ زيد بن ثابت أن نساءً يَدْعونَ بالمصابيحِ من جوْفِ الليْل ينظُرْن إلى الطُّهرِ. فقالت: ما كانَ النساءُ يَصْنَعْنَ هذا، وعابَت عليْهنَّ (7). (قلت: أسند طرفاً من حديث بنت أبي حبيش المتقدم برقم 137). 21 - باب لا تقضي الحائضُ الصلاةَ 63 و64 - وقالَ جابرٌ وأبو سعيدٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَدعُ الصَّلاة". 175 - عن مُعاذَة أنَّ امرأةً قالت لعائشةَ: أَتَجْزي إحدانا صَلاتَها إذا طَهُرَت؟ فقالت: أَحَرُوريَّةٌ أنتِ؟! كنَّا نحيضُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلا يأمرُنا به، أوْ قالت: فلا نفعلُه. 22 - باب النَّوم مع الحائض وهي في ثيابِها (قلت: أسند فيه حديث أم سلمة المتقدم برقم 165). 23 - باب مَن أَخذَ ثيابَ الحَيْض سوَى ثياب الطُّهْر

_ 81 - وصله مالك في "الموطأ" (1/ 77 - 78) بسند حسن عنها. 82 - وصله مالك أيضاً بسند فيه نظر، بينه الحافظ. وابنة زيد هذه لم يعرف ما اسمها. (7) قال ابن بطال وغيره: لأن ذلك يقتضي الحرج والتنطع، وهو مذموم. 63 و 64 - أما حديث جابر، فهو فيما يبدو حديثه الآتي في "ج 4/ 94 - التمني/3 - باب" في حيضة عائشة في الحج، وفيه: "غير أنها لا تطوف ولا تصلي". وأما حديث أبي سعيد، فحديثه الآتي موصولاً في "24 - الزكاة/44 - باب"، وفيه: "أليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم!؟ ".

24 - باب شهود الحائض العيدين ودعوة المسلمين، ويعتزلن المصلى

(قلت: أسند فيه حديث أم سلمة المشار إليه آنفاً). 24 - باب شُهودِ الحائض العيدَين ودعوةَ المسْلمين، ويعتزلْن المصَلى 176 - عن حَفصة [بنت سيرين 2/ 9] قالت: كنَّا نَمنعُ عَواتقَنا أنْ يَخرُجْن في العيدَين، فقَدِمَت امرأةٌ، فنزَلتْ قصْر بني خَلَفٍ، [فأتيتها]، فحدَّثتْ عنْ أُختها - وكانَ زوجُ أُختها غَزَا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنْتَيْ عشْرةَ [غزوة]، وكانت أُختي معَه في ستِّ غزوات- قالت: كنَّا نُدَاوِي الكَلْمى (8)، ونقومُ على المرضى، فَسَأَلَتْ أُختي النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أَعَلى إحدانا بأسٌ إذا لم يكنْ لها جِلبابٌ أنْ لا تَخْرُجَ؟ [ف 2 ا/172] قالَ: "لِتُلبسْها صاحِبَتُها من جِلبابِها، ولْتَشهَدِ الخْيرَ ودعوةَ المسْلمين". [قالت حفصةُ:] فلمَّا قدِمتْ أُمُّ عطية [أتيتُها فـ] سألتُها: أسمِعتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -[في كذا]؟ قالت: بأَبي، نعمْ- وكانت لا تَذكُرُه إلا قالت بأَبي- سمعتُه يقولُ: " [لِـ] تخرُجْ العواتقُ وذوَاتُ الخُدُور، أو العواتقُ ذوات الخُدور [شك أيوب] والحُيَّض [يومَ العيدَين]، ولْيَشهَدْن الخيْر ودعوةَ المؤمنين، ويَعتزلُ الحُيَّض المُصلَّى"، [قالت امرأةٌ: يا رسولَ الله! إحدانا ليس لها جلباب؟ قال: "لتُلبسْها صاحبتها من جِلْبابِها" 1/ 93]، قالت حفصةُ: فقلت: الحُيَّضُ؟ فقالت: ألَيسَ [الحائضُ] تَشهدُ عرَفَة و [تشهد] كذا و [تشهد] كذا؟ (وفي

_ (8) أي: الجرحى.

25 - باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض

روايةٍ عنها قالت: كنا نؤمر أن نخرُجَ يومَ العيدِ، حتى نُخرجَ البكرَ من خِدرِها، حتى نُخرجً الحُيًضَ، فَيَكُن خلف الناسِ، فيكبرنَ بتكبيرِهم، ويَدْعون بدعائهم، يرجون بركةَ ذَلِكَ اليومِ وطُهْرَتَه 2/ 7). 25 - باب إذا حاضَت في شهرٍ ثلاثَ حِيَض، وما يُصدَّقُ النساءُ في الحيْض والحَمل، وفيما يمْكن من الحَيْض، لِقولِ الله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَهُن أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ في أَرْحَامِهِنَّ} 83 و 84 - ويُذكَرُ عن عليٍّ وشُرَيح: إنْ جاءَت ببيِّنةٍ منْ بِطَانةِ أَهلها ممن يُرضى دِينُه أَنها حاضَت في شهرٍ ثلاثاً؛ صُدِّقت. 85 - وقالَ عطاءٌ: أَقْراؤُها ما كانت. 86 - وبه قالَ إبراهيمُ. 87 - وقالَ عطاء: الحَيْض يوْم إلى خمسَ عشْرةَ. 88 - وقال معتمِرٌ عن أبيه: سألت ابنَ سِيرين عن المرأةِ تَرى الدَّمَ بعْد قُرْئِها بخمسةِ أيام؟ قال: النساءُ أَعلمُ بذلكَ. (قلت: أسند فيه حديث فاطمة بنت أبي حبيش المتقدم برقم 135). 26 - باب الصُّفرة والكُدرةِ في غير أيامِ الحَيْض

_ 83 و 84 - وصله الدارمي (1/ 212 - 213) بسند صحيح عنهما به نحوه، وفيه قصة. 85 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 86 - وصله عبد الرزاق أيضاً بسند صحيح عنه. 87 - وصله الدارمي (1/ 210 و 211) مفرقاً نحوه، وسند "اليوم" حسن، وسند الباقي صحيح. 88 - وصله الدارمي أيضاً (1/ 202) بسند صحيح عنه.

27 - باب عرق الاستحاضة

177 - عن أُم عطيَّة قالت: كنَّا لا نَعُدُّ الكُدْرةَ والصُّفْرةَ شيئاً. 27 - باب عِرْقِ الاستِحاضةِ 178 - عن عائشةَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أُمَّ حَبيبةَ اسْتُحِيضَتْ سبعَ سنين، فسألتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلكَ؟ فأمرَها أنْ تَغتسلَ، فقالَ: "هذا عِرقٌ". فكانَت تَغتسِلُ لكل صلاة. 28 - باب المرأةِ تَحيض بعد الإفاضةِ 179 - عن طاوُس عن ابن عباس قال: رُخِّص للحائضِ أن تَنفِرَ إذا حاضَت (وفي روايةٍ: أفاضت 2/ 195). [قال:] (9) وكان ابنُ عُمرَ يقولُ في أوَّل أمرهِ: إنها لا تَنفِرُ، ثم سمعتُه يقولُ [بعد]: تَنفِرُ، إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رخَّصَ لَهنَّ. 29 - باب إذا رأت المُستحاضةُ الطُّهرَ 89 - قال ابن عباس: تَغتسلُ وتصَلي، ولو ساعةً، وياتيها زوجُها إذا صَلَّت، الصلاةُ أعظمُ. (قلت: أسند فيه حديث فاطمة المشار إليه قريباً). 30 - باب الصلاةِ على النُّفساء وسُنَّتِها 180 - عن سَمُرةَ بنِ جُندُبٍ أنَّ امرأةً (وفي روايةٍ: صليتُ وراءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على امرأةٍ 2/ 91) ماتَت في بطنٍ (وفي روايةٍ: نِفاسِها)، فصلَّى عليها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقامَ [عليها] وَسَطَها.

_ (9) يعني طاوساً. 89 - وصله الدارمي (1/ 203) بسند صحيح عنه به دون الإتيان. ولكنه أخرج هذا القدر منه (1/ 207) بسند ضعيف عنه. وأخرجه عبد الرزاق أيضاً. وأخرج ابن أبي شيبة ما قبله.

7 - كتاب التيمم

بسم الله الرحمن الرحيم 7 - كتَابُ التيمُّم 1 - باب قولِ اللهِ تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} 181 - عن عائشةَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: خرَجنا معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أسفارهِ، حتى إذا كنَّا بالبَيداءِ، أو بذاتِ الجيشِ [ونحنُ داخلونَ المدينةَ 5/ 187] انقطَع عِقدٌ لي، [فأناخَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ونزلَ]، فأقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على التماسهِ، وأقامَ الناسُ معهُ، وليْسوا على ماءٍ، [وليس معهم ماء 195/ 4]، [فثنَى رأسَه في حَجري راقداً]، فأتى الناسُ إلى أبي بكر الصدِّيق فقالوا: ألا تَرى إلى ما صَنعَتْ عائشةُ؟ أقامَتْ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والناسِ، وليسوا على ماءٍ، وليسَ معَهم ماءٌ؟ فجاءَ أبو بكرٍ ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - واضعٌ رأسَه على فخِذي قد نامَ، فقال: حَبَسْتِ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - والناسَ وليسوا على ماءٍ، وليسَ معَهم ماءٌ؟! فقالت عائشةُ: فعاتَبَني أبو بكَرٍ، وقالَ ما شاءَ اللهُ أنْ يقولَ، وجعَل يَطْعَنُني بيدِه في خاصِرَتي، (وفي روايةٍ: فلكزني لكزةً شديدةً، وقال: حبسْت الناسَ في قلادةٍ؟! فبي الموتُ لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد أوجعني)، فلا يَمنعُني من التحرُّك إلا مكانُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على فخِذي، فقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ (وفي روايةٍ: فنامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتى) أَصبحَ على غير ماءٍ، فأَنزلَ اللهُ آيةَ

2 - باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا

التيمُّمِ، فتيمَّمُوا، فقالَ أُسَيْد بنُ الحُضَيْر: ما هي بأوَّل بَرَكَتِكم يا آلَ أبي بكرٍ! قالت: فبَعثْنا البَعيرَ الذي كنتُ عليهِ، فأصَبْنا العِقْدَ تَحْتَهُ. (ومن طريق أخرى عن عائشة: أنها استعارَت من أسماءَ قِلادةً، فهَلَكَتْ، فبعَثَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[في طلبِها 7/ 54] رجُلاً، فوجَدَها، فأدركَتْهم الصَّلاةُ وليسَ معَهم ماءٌ، فصَلَّوْا [بغيرِ وضوء 4/ 220]، فشَكَوْا ذلكَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأَنزلَ اللهُ آيةَ التيمُّمِ، فقالَ أُسَيْد بن حُضَيْر لعائشةَ: جزاكِ اللهُ خيْراً، فواللهِ ما نَزَل بكِ أمرٌ تَكرهينَه [قط] إلا جعلَ اللهُ ذلكِ لَكِ [منه مخرجاً]، و [جعلَ] للمسلمين فيه خيْراً)، (وفي روايةٍ: برَكة). [(لَكَزَ ووكَز واحد 8/ 31)]. 182 - عن جابرِ بنِ عبدِ الله أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أُعطِيتُ خَمساً لم يُعْطَهُنَّ أَحدٌ [من الأَنبياء 1/ 113] قَبْلي، نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرةَ شهرٍ، وجُعِلَتْ لي الأَرضُ مَسجداً وطَهوراً، فأيُّما رجُلٍ من أُمَّتي أَدركَتْه الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي الغنائمُ؛ ولم تَحِلَّ لأَحدٍ قَبْلي، وأُعطيتُ الشفاعةَ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَومِه خاصَّةً، وبُعِثْتُ إلى الناسِ عامَّةً، (وفي روايةٍ: كافةً). 2 - باب إذا لم يجد ماءً ولا تراباً (قلت: أسند فيه حديث عائشة المذكور قبله من الطريق الآخر). 3 - باب التيمُّم في الحَضَر إذا لم يجدِ الماءَ وخاف فوت الصلاة

4 - باب المتيمم هل ينفخ فيهما

90 - وبه قال عطاءٌ. 91 - وقال الحسَن في المريض عندَه الماءُ ولا يجدُ من يناولُه: يَتيمَّم. 92 - وأَقبلَ ابنُ عمَرَ من أرضهِ بالجُرُف (1) فحضَرَتِ العصرُ بمِرْبَدِ الغنم (2) فصلَّى، ثمَّ دخلَ المدينةَ والشَّمسُ مرتفعةٌ، فلم يُعِدْ. 183 - عن عُمْيرٍ موْلى ابنِ عباس قالَ: أَقبلتُ أنا وعبدُ اللهِ بن يسَار موْلى ميْمونةَ زوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حتى دَخَلْنا على أَبي جُهَيْمِ بن الحَارثِ بن الصِّمَّةِ الأَنصاري، فقالَ أَبو جُهَيْم: أَقَبَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من نحوِ بئرِ جمَل، فلقيَه رجلٌ، فسلَّم عليهِ، فلَم يرُدَّ عليهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ حتى أَقَبلَ على الجِدارِ فَمسَح بوَجههِ ويدَيهِ ثمَّ رَدَّ عليهِ السلامَ. 4 - باب المتَيمِّمُ هل يَنفُخُ فيهما 184 - عن عبدِ الرحمن بن أَبْزى قال: جاءَ رجلٌ إلى عمرَ بن الخطَّاب فقال: إني أَجْنَبْتُ فلَم أُصِبِ الماءَ، فقالَ عمّارُ بنُ ياسر لِعُمَرَ بن الخطَّاب: أمَا تَذكُرُ أنَّا كنّا في سَفَرٍ (وفي روايةٍ: في سَرِيَّةٍ، فأجْنَبْنا 1/ 88) أنا وأنتَ، فأمَّا أنتَ فلَم تُصَلِّ، وأمَّا أنا فَتَمَعَّكْتُ فصلَّيتُ، فذكَرتُ ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ 90 - وصله عبد الرزاق من وجه صحيح، وابن أبي شيبة من وجه آخر. 91 - وصله إسماعيل القاضي في"الأحكام" من وجه صحيح. 92 - وصله الشافعي (125) بسند حسن عنه به، وزاد "تيمم فمسح وجهه ويديه، وصلى العصر". قال الحافظ: "ولم يظهر لي سبب حذفه منه ذكر التيمم مع أنه مقصود الباب". (1) موضع ظاهر المدينة كانوا يعسكرون به إذا أرادوا الغزو. وقال ابن إسحاق: هو على فرسخ من المدينة. (2) في بعض النسخ: "مربد النعم". والمربد بكسر الميم وروي بالفتح، وهو من المدينة على ميل.

5 - باب التيمم للوجه والكفين

"إنَّما كانَ يَكفيكَ [الوجهُ والكفَّان]، هكذا"، فضرَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بكَفَّيهِ الأَرضَ، ونفَخَ (وفي روايةٍ: تفلَ) فيهِما، ثمَّ مسَحَ بهما وجهَه وكفَّيهِ (3). 5 - باب التيمُّم لِلوَجهِ والكَفَّين 185 - عن عمَّار قالَ: الصَّعيدُ الطيِّبُ وَضوءُ المسْلمِ، يَكفيهِ منَ الماءِ. (قلت: أسند فيه قصة عمار مع عمر المذكورة آنفاً). 6 - باب 65 - الصَّعيد الطيب وَضوءُ المسلمِ يَكفيه عن الماءِ 93 - وقالَ الحسَن: يُجْزئُه التيمُّمُ ما لم يُحدِثْ. 94 - وأمَّ ابنُ عباس وهو متيمِّمٌ. 95 - وقال يحيى بنُ سعيد: لا بأسَ بالصلاةِ على السَّبَخَةِ، والتيمُّمِ بها. 186 - عن عِمرانَ قال: كنَّا في سفَرٍ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإِنَّا أَسرَيْنا، حتى إذا كنَّا في آخرِ اللَّيلِ، وقَعْنا وقْعةً، ولا وقْعةَ أحلى عندَ المسافرِ منْها، فما أَيْقَظَنَا إلا حَرُّ الشَّمسِ، وكان أوَّلَ مَن استيقظَ فلانٌ، (وفي روايةٍ: أبو بكر 4/ 169)، ثمَّ فلانٌ ثم

_ (3) قلت: وفي رواية لابن خزيمة في "صحيحه" (266 و 267) مختصراً. "التيمم: ضربة للوجه والكفين". 65 - هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه البزار عن أبي هريرة مرفوعاً، وصححه ابن القطان، إلا أن الدارقطني صوّب إرساله، لكن له شاهد من حديث أبي ذر مرفوعاً نحوه، وصححه جمع، وقد خرّجته في "صحيح أبي داود" (357). 93 - وصله عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، وحماد بن سلمة في "مصنفه" بسند صحيح عنه. 94 - وصله ابن أبي شيبة، والبيهقي بسند صحيح عنه. 95 - لم يخرّجه الحافظ.

فلانٌ- يُسمِّيهِم أبو رجاءٍ فنَسيَ عوف - ثم عُمرُ بنُ الخطَّابِ الرابعُ، وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا نامَ لم يُوقَظْ؛ حتى يكونَ هو يستيقِظُ، لأَنَّا لا نَدِري ما يَحدُثُ له في نوْمِه، [فقَعَدَ أبو بكرٍ عند رأسه، فجعل يكبِّرُ ويرفع صوتَه]، فلما استيقظَ عُمرُ، ورأَى ما أصابَ الناسَ، وكانَ رجلاً جليداً، فَكَبَّرَ ورفَعَ صوتَه بالتكبير، فما زالَ يكبِّرُ ويرْفعُ صوتَه بالتكبيرِ حتى استيقظَ بصوتهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما استيقظَ شَكَوْا إليه الذي أصابَهم، قالَ: "لا ضَيْرَ، أو لا يَضيرُ، ارتحِلوا"، فارتَحَلُوا (4)، فسارَ غَيْرَ بَعيدٍ، ثم نزَلَ، فدَعا بالوَضوءِ، فتوضَّأَ، ونوديَ بالصَّلاةِ، فصلَّى بالناسِ، فلما انفتَلَ من صلاته إذا برجلٍ معتزلٍ لم يصلِّ مع القومِ، قالَ: ما منَعَكَ يا فُلانُ أنْ تُصَلي مع القومِ؟ قالَ: أصابَتْني جَنابةٌ ولا ماءَ، قالَ: " عليكَ بالصَّعيد؛ فإنه يكفيكَ". [ثم صلى]، ثم سارالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، [وجعلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ركوبٍ (5) بين يديه]، فاشتكى إليه الناس من العطش؛ فنزل فدعا فلاناً- كانَ يسمِّيه أبو رجاءٍ نسيه عوْفٌ- ودعا عليّاً فقالَ: اذهبا فابتغيا الماء، فانطلقا، فتلقيا امرأةً [سادلةً رجْلَيْها] بينَ مَزَادَتَيْنِ أو سَطِيحَتَيْنِ من ماءٍ، على بعيرٍ لها، فقالا لها: أينَ الماءُ؟ [فقالت: إنه لا ماءَ، قلنا: كم بين أهلك والماءِ؟] قالت: عهدي بالماء أمسِ هذه الساعةَ، (وفي روايةٍ: يومٌ وليلة) ونَفَرُنا خُلُوفاً (6)، قالا لها: انطلقي إذاً، قالت: إلى أينَ؟ قالا: إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،

_ (4) الأصل: (فارتحل)، والتصويب من نسخة "الفتح" وغيرها. (5) هو ما يركب من كل دابة، فعول: بمعنى مفعول. (6) تعني: أن رجالها غابوا عن الحي.

قالتِ: الذي يقالُ له الصابىءُ؟ قالا: هو الذي تَعنينَ فانطلقي، (وفي روايةٍ: قالت: وما رسولُ الله؟ فلم نُملكها من أمرها شيئاً، حتى استقبلْنا بها) فجاءا بها إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وحدَّثاهُ الحديثَ، قال: فاستنزلُوها عن بعيرِها، [فحدَّثَتْه بمثل الذي حدثَتْنا، غير أنها حدثَتْه أنها مؤتِمَةٌ (7)، فمسح في العَزْلاوين (8)]. ودعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بإناءٍ، ففرَّغ فيه من أفواه المزادَتَيْن أو السطيحتَيْن، وأَوكَأَ أَفواهَهُما، وأَطلقَ العَزَاليَ، ونوديَ في الناسِ: اسقُوا واستَقوا، فسقَى مَن سقَى، واستقَى مَن شاءَ، (وفي روايةٍ: فشرِبنا عِطاشاً أربعين رجلاً حتى رَوينا، فملأْنا كلَّ قِربةٍ معنا وإداوة، غير أنه لم نَسْقِ بعيراً)، وكانَ آخرَ ذلك أن أَعطى الذي أصابته الجنابةُ إَناءً من ماءٍ، قال: اذهبْ فأَفرِغه عليكَ، وهي قائمةٌ تنظُرُ إلى ما يُفعَلُ بمائِها، وايْمُ اللهِ لقد أُقْلعَ عنها، وإنه لَيُخَيَّلُ إلينا أنها أَشَدُّ مِلأةً منها حين ابْتُدِىءَ فيها، (وفي روايةٍ: وهي تكادُ تَنِضُّ (9) من المِلْءِ)، فمَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اجمعوا لها". فجمَعوا لها من بين عَجوةٍ ودقيقةٍ وسويقةٍ، حتى جَمعوا لها طعاماً، فجعلُوهُ في ثوْبٍ، وحمَلوها على بعيرِها، ووضعوا الثوبَ بين يديها، قال لها: " تَعْلَمِينَ ما رَزِئْنا (10) من مائكِ شيئاً، ولكنَّ اللهَ هو الذي أسقانا"، فأتت أهلَها، وقد احْتَبَسَتْ عنهم، قالوا: ما حَبَسَكِ يا فلانةُ؟ قالتِ: العَجَبُ، لقيَني رجُلانِ، فذَهبا بىِ إلى هذا الذي يقالُ له الصابىءُ، ففعلَ كذا وكذا، فواللهِ إنه

_ (7) أي ذات أيتام. (8) تثنية (العزلاء): فَم المزادة الأسفل. (9) أي: تنشق ويخرج منه الماء. (10) أي: نقصنا.

7 - باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت، أو خاف العطش يتيمم

لأَسحرُ النّاسِ من بين هذه وهذه- وقالت بإصبَعيْها الوُسطى والسَّبَّابةِ فرفعَتهما إلى السماءِ، تَعني السماءَ والأَرضَ- أو إنه لَرسولُ اللهِ حقاً [كما زَعموا]، فكان المسلمونَ بعد ذلك يُغِيرون (11) على مَن حولَها من المشركين ولا يُصيبونَ الصِّرْم (12) الذي هي منهُ، فقالت يوماً لِقَوْمِها: ما أَرى أنَّ هؤلاءِ القومَ يَدَعونَكم عمْداً (13)، فهلْ لكم في الإسلامِ؟ فأطاعُوها، فدَخلوا في الإسلامِ (وفي الرواية الأُخرى: فأسلَمَتْ وأسلموا). قال أبو عبدِ اللهِ: (صَبَأَ): خرجَ من دِينٍ إلى غيرهِ. 96 - وقال أبو العاليةِ: (الصّابئين) فِرقة من أهلِ الكتابِ يَقرؤون الزَّبورَ. 7 - باب إذا خاف الجُنُبُ على نفسهِ المرضَ أو الموتَ، أو خافَ العطشَ يتَيمم 66 - وُيذكر أنَّ عمرو بن العاص أَجنَبَ في ليلةٍ باردةٍ فتَيمَّم، وتَلا: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}، فذُكر للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فلَم يُعنِّفْ. 187 - عن الأعمش عن شقِيق بن سلَمة قال: كنتُ [جالساً] عندَ عبدِ اللهِ [بن مسعود] وأبي موسى [الأَشعري]، فقالَ له أبو موسى: أرأَيتَ يا أبا

_ (11) من (أغار)، أي: دفع الخيل في الحرب. (12) هي الأبيات المجتمعة من الناس. (13) تعني: الذي أعتقده أن هؤلاء يتركونكم عمداً لا غفلة ولا نسياناً، بل مراعاة لما سبق بيني وبينهم. 96 - وصله ابن أبي حاتم عنه. 66 - وصله أبو داود والحاكم وغيرهما بسند قوي عنه كما قال الحافظ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (360).

8 - باب التيمم ضربة

عبدِ الرحمنِ إذا أَجْنَبَ فلَم يجدِ [الـ] ماءَ [شهراً] كيفَ يَصنعُ؟ فقالَ عبدُ اللهِ: لا يصَلي حتى يَجِدَ الماءَ! فقالَ أبو موسى: فكيفَ تَصنعُ بقولِ عمَّار حينَ قالَ له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كانَ يَكفيكَ" (وفي روايةٍ: ألم تسمعْ قولَ عمَّارٍ لعمَر: بَعَثَني [أنا وأنت] رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في حاجةٍ، فأجنبتُ، فلَم أَجِد الماءَ، فتمرَّغتُ في الصَّعيدِ كما تَمرَّغُ الدَّابة، فذكرتُ ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "إنما كانَ يَكفيكَ أنْ تصنعَ هكذا"، فضرَبَ بكفِّه ضربةً على الأرضِ ثم نفَضَها، ثم مسَحَ بها ظهْرَ كفِّه بشِمالهِ، وظهْرَ شِمالهِ بكفِّهِ، ثم مسَحَ بها وَجهَه [واحدةً])؟ قالَ [عبد الله]: ألم تَرَ عُمَر لم يَقنَع بذلك؟ فقالَ أبو موسى: فدعْنا من قولِ عمَّار، كيفَ تَصنعُ بهذهِ الآيةِ [في سورةِ المائدةِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}؟] فما درَى عبدُ اللهِ ما يقولُ، فقال: إنا لوْ رخَّصْنا لهم في هذا لأَوشَكَ إذا برَدَ على أحدِهمُ الماءُ أن يدَعَه، ويتَيمَّم [الصَّعيدَ، قلتُ:] فقلتُ لِشَقِيقٍ: فإنما كَرِهَ عبدُ الله لهذا؟ (وفي روايةٍ: وإنما كَرِهْتُمْ هذا لِذا؟) قالَ: نعمْ. 8 - باب التيمُّمِ ضربةً (قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود وأبي موسى المتقدم آنفاً).

8 - كتاب الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم 8 - كتَابُ الصلاة 1 - باب كيف فُرضت الصَّلاة في الإسراء 67 - وقال ابن عباس: حدَّثني أبو سُفيان في حديث هرَقْلَ، فقالَ: يأمُرنا -يعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالصَّلاةِ والصِّدْقِ والعَفافِ. 188 - عن أَنس بن مالك قالَ: كانَ أبو ذَرٍّ يحدِّثُ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "فُرِجَ عن سَقفِ بيْتي وأنا بمكَّةَ، فنزَلَ جِبريلُ [عليه السلام 2/ 167]، ففَرَجَ صَدري، ثم غسَلَه بماءِ زَمزمَ، ثم جاءَ بطَسْتٍ من ذهبٍ، ممتلىء حِكمةً وإيماناً، فأَفرَغه في صَدْري، ثم أَطْبَقَه، ثم أَخذَ بيَدي، فعرَجَ بي إلى السماءِ الدُّنيا، فلمَّا جئتُ إلى السماءِ الدنيا، قالَ جبريلُ لِخازنِ السماءِ: افتَحْ، قالَ: مَن هذا؟ قالَ: [هذا 4/ 106] جبريلُ، قالَ: هل معكَ أَحدٌ؟ قالَ نعمْ، معي محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: أُرسِلَ إليهِ؟ قالَ: نعمْ، فلما فتَحَ علَونا السماءَ الدُّنيا، فإذا رجلٌ قاعدٌ على يمينهِ أسْوِدَةٌ (1)، وعلى يساره أسْوِدةٌ، إذا نظَرَ قِبَلَ يمينهِ ضَحِكَ، وإذا نظرَ قِبَلَ يسارهِ بكَى،

_ 67 - هذا طرف من حديث ابن عباس الطويل، وسيأتي موصولاً بتمامه في "ج 2/ 56 - الجهاد/ 102 - باب". (1) هي الأشخاص من كل شيء.

فقالَ: مَرحباً بالنبيِّ الصَّالحِ والابنِ الصالحِ، قلتُ لجبريلَ: مَن هذا؟ قالَ: هذا آدَمُ، وهذهِ الأَسْوِدةُ عن يمينهِ وشِمالهِ نَسَمُ بَنِيهِ، فأَهْلُ اليمينِ منْهم أَهْلُ الجَنَّةِ، والأَسْودةُ التي عن شِمالهِ أهلُ النارِ، فإذا نظَرَ عنْ يمينهِ ضحِكَ، وإذا نظَرَ قِبَلَ شِمالهِ بكَى، حتى عرَجَ بي إلى السّماءِ الثانيةِ، فقالَ لِخازنِها: افتَحْ، قالَ له خازنُها، مثلَ ما قالَ الأَوَّلُ، ففتَحَ". قالَ أَنسٌ: فذكَرَ أنه وجَدَ في السمواتِ آدَمَ، وإدريسَ، وموسى، وعيسى، وإبراهيمَ، صلَواتُ اللهِ عليهم، ولم يُثْبتْ كيفَ منازلُهمْ، غيرَ أنه ذكَرَ أنه وجَدَ آدمَ في السماءِ الدُّنيا، وإبراهيمَ في السماءِ السادسةِ. قالَ أَنسٌ: فلمَّا مرَّ جبريلُ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بإِدريسَ قالَ: مرْحباً بالنبيِّ الصالحِ، والأخِ الصالحِ، فقلتُ: مَن هذا؟ قالَ: هذا إدريسُ، ثم مرَرْتُ بموسى، فقالَ: مرْحباً بالنبيِّ الصالحِ، والأخِ الصالحِ، قلتُ: مَن هذا؟ قالَ: هذا موسى، ثم مرَرتُ بعيسى، فقال: مرْحباً بالأخِ الصالحِ، والنبيِّ الصالح، قلتُ: مَن هذا؟ قال: هذا عيسى، ثم مرَرتُ بإبراهيمَ، فقالَ: مرْحباً بالنبيِّ الصالحِ، والابنِ الصالحِ، قلتُ: مَن هذا؟ قالَ: هذا إبراهيمُ - صلى الله عليه وسلم -. 189 و 190 - قالَ ابنُ شِهاب: فأخبرَني ابنُ حَزْمٍ أنَّ ابنَ عباسٍ وأبا حَبَّةَ الأنصاري كانا يقُولانِ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " ثم عَرَجَ بي حتى ظهَرْتُ لِمسْتوًى أَسمَعُ فيهِ صَرِيفَ (2) الأَقلامِ.

_ (2) يعني: تصويتها حالة الكتابة، والمراد: ما تكتبه عن أقضية الله سبحانه وتعالى.

قال ابنُ حَزْمٍ (3) وأنس بن مالِك: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " ففرَضَ اللهُ على أُمَّتي خمسينَ صَلاةً، فرجَعتُ بذلكَ، حتى مرَرتُ على موسى، فقالَ [لي موسى]: ما فرَضَ اللهُ لكَ على أمَّتِك؟ قلتُ: فرَضَ خمسينَ صلاةً، قالَ: فارجعْ إلى (وفي روايةٍ: فراجع) ربَّكَ؛ فإنَّ أُمَّتَكَ لا تُطيقُ ذلكَ، [فراجَعَني] (وفي روايةٍ: فرَجَعتُ وراجعتُ ربي) فوضَعَ شطْرَها، فرَجعتُ إلى موسى، قلتُ: وضعَ شطْرَها، فقالَ: راجعْ ربَّكَ، فإنَّ أمَّتَك لا تُطيقُ [ذلك]، [فَرَجَعْتُ]، فراجعتُ [ربي]، فوضَعَ شطْرَها، فرجَعتُ إليه، فقال ارجعْ إلى (وفي رواية: راجع) ربَّك؛ فإنَّ أمَّتَك لا تُطيقُ ذلك، [فرجعت]، فراجعته، فقال: هي خمسٌ، وهي خمسون، لا يبدَّلُ القولُ لديَّ، فرجعت إلى موسى، فقالَ: راجعْ ربّك، فقلتُ: [قد] استحْيَيْتُ من ربِّي. ثم انطلَقَ بي حتى انتهى بي إلى سِدْرةِ المُنتهى، وغشِيها ألوانٌ لا أدري ما هي؟ ثم أُدْخِلْتُ الجنَّةَ، فإذا فيها حبائلُ (وفي روايةٍ: جنابذ) اللؤْلؤِ، وإذا تُرابُها المسكُ". 191 - عن عائشةَ أُم المؤمنين قالت: فرَضَ اللهُ الصَّلاةَ حينَ فرَضَها ركعتَيْن ركعتَيْن، في الحَضَر والسَّفَر، فأُقِرَّت صلاة السفر، وزيدَ في صلاة الحَضَر. (وفي روايةٍ: ثم هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ففُرضت أربعاً، وتُركت صلاة السفر على الأُولى 4/ 267) (4).

_ (3) هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وروايته المتقدمة عن أبي حبة منقطعة؛ لأنه استشهد بأحد قبل مولد أبي بكر بدهر. أفاده الحافظ. (4) قلت: ولهذه الرواية طرق ذكرتها في "الصحيحة" (2814)، ورددت فيها على أحد المبتدعة من المغاربة لتضعيفه لهذا الحديث وزعمه أنه حديث شاذ!!

2 - باب وجوب الصلاة في الثياب،

[قال الزهري: فقلت لعروة: ما بالُ عائشة تُتِمُّ؟ قال: تأوَّلتْ ما تأوَّلَ عثمان 2/ 36] (5). 2 - باب وجوبِ الصلاةِ في الثياب، وقولِ الله تعالى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِد}، ومَن صلَّى ملتحِفاً في ثوبٍ واحدٍ 68 - ويُذكرُ عن سلَمةَ بن الأَكوَع أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " يَزُرُّهُ ولَوْ بشوْكةٍ". في إسنادهِ نظرٌ. 69 - ومَن صلَّى في الثوْب الذي يجامعُ فيه ما لم يَرَ فيه أذًى. 75 - وأَمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن لا يطُوفَ بالبيتِ عُرْيانٌ. 3 - باب عَقْدِ الإزار على القَفا في الصلاة 71 - وقال أبو حازم عن سهْل: صلَّوْا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عاقدي أُزْرهِم على عواتِقهم.

_ (5) أي: من جواز الإتمام. 68 - وصله المصنف في "التاريخ"، وأبو داود في "سننه" وغيرهما، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان. وهو الأرجح، وبيانه في "الفتح"، وفي "صحيح أبي داود" (643). 69 - يشير إلى حديث معاوية أنه سأل أخته أم حبيبة: هل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: نعم، إذا لم ير فيه أذى. أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وهو في "صحيح أبي داود" (390). 70 - هو طرف من الحديث الآتي موصولاً في" ج 3/ 65 - التفسير/9 - براءة/2 - باب" من حديث أبي هريرة. 71 - وصله المصنف فيما يأتي "10 - الأذان/135 - باب".

4 - باب الصلاة في الثوب الواحد ملتحفا به

192 - عن محمد بن المنكدِر قالَ: صلَّى جابرٌ في إزارٍ (وفي روايةٍ: ثوبٍ ملتحفاً به 1/ 997) قد عقَدَه من قِبَل قفاهُ، وثيابُه موضوعةٌ على المِشجَب (6)، [فلما انصرف] قالَ له قائلٌ: تصلي في إزارٍ واحدٍ [ورداؤك موضوعٌ؟]، فقالَ: إنما صنعتُ ذلكَ لِيراني أَحمقُ مثلُكَ، [رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصلي هكذا]، وأيُّنا كانَ له ثوْبان على عهدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ 4 - باب الصلاة في الثوبِ الواحدِ ملتحِفاً به 97 - قال الزُّهْريُّ في حديثهِ:" المُلتحِفُ: المتوشّحُ" - وهْو المخالِفُ بين طرَفيهِ على عاتقيْهِ. وهو الاشتمالُ على مَنكِبيْه. 72 - قالَ: قالت أُمُّ هانئٍ: التَحَفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بثوبٍ، وخالَفَ بيْن طرَفيهِ على عاتقَيهِ (7). 193 - عن عُمَرَ بن أبي سلَمة أنه رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصلي في ثوبٍ واحدٍ [مشتملاً به]، في بيتِ أُمِّ سلَمة، قد أَلقى (وفي روايةٍ: واضعاً) طرَفيه على عاتقيْه.

_ (6) هو عيدان تضم رؤوسها، ويفرج بين قوائمها، توضع عليها الثياب وغيرها. 97 - أي الذي رواه في الالتحاف. والمراد إما حديثه عن سالم بن عبد الله عن أبيه، وهو عند ابن أبي شيبة وغيره. أو عن سعيد عن أبي هريرة وهو عند أحمد وغيره. والذي يظهر أن قوله "وهو المخالف .. " إلى آخره من كلام المصنف. 72 - وصله المصنف في الباب، دون قوله: "وخالف .. "، وهو عند مسلم (2/ 158)، وأحمد (6/ 342) عنها. (7) تثنية (عاتق)، وهو ما بين المنكبين إلى أصل العنق.

5 - باب إذا صلى في الثوب الواحد فليجعل على عاتقيه

194 - عن أُمِّ هانئٍ بنت أبي طالب قالت: ذهبتُ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عامَ الفتحِ، فوجدتُه يَغتسِلُ [في بيتها 2/ 38]، وفاطمةُ ابنتُه تسْتُرُه، قالت: فسلَّمتُ عليهِ فقالَ: مَن هذه؟ فقلتُ: أنا أُمُّ هانئٍ بنتُ أبي طالبٍ، فقالَ: مرْحباً بأمِّ هانئٍ. فلما فرَغ من غُسلهِ (ومن طريق ابن أبي ليلى قال: ما أَخبرنا أَحدٌ أنه رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى، غيرُ أمِّ هانئ، فإنها ذكَرَتْ أنه 5/ 93) قامَ فصلَّى ثمانيَ ركَعاتٍ، [قالت: لم أَرَه صلى صلاةً أَخَفَّ منها، غير أنه يُتِمُّ الركوعَ والسجود]، ملتحِفاً في ثوبٍ واحدٍ، فلما انصرَف قلتُ: يا رسولَ اللهِ زعَمَ ابنُ أُمِّي [علي] أنه قاتلٌ رجُلاً قد أَجَرْتُه؛ فلانُ ابنُ هُبيْرةَ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " قد أَجَرْنا مَن أَجَرْتِ يا أمَّ هانئٍ! ". قالت أمَ هانئٍ: وذاكَ ضُحىً. 5 - باب إذا صلَّى في الثوبِ الواحدِ فلْيَجعلْ على عاتقيْه 195 - عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا يصَلِّي أحدُكم في الثوْبِ الواحدِ ليسَ على عاتقيْهِ شيءٌ". 196 - وعنه قالَ: أشهدُ أني سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " مَن صلى في ثوبٍ، فلْيخالِفْ بيْن طرَفيه". 6 - باب إذا كانَ الثوبُ ضيِّقاً 197 - عن سعيد بن الحارثِ قالَ: سألنا جابرَ بن عبدِ الله عن الصلاةِ في الثوبِ الواحدِ؟ فقالَ: خرجتُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أسفاره، فجئت ليلةً لِبعضِ أمري، فوجدتُه يصَلي، وعليَّ ثوبٌ واحدٌ، فاشتَملتُ به، وصلَّيَتُ إلى جانبهِ، فلما

7 - باب الصلاة في الجبة الشامية

انصرفَ قالَ: "ما السُّرَى (8) يا جابرُ! ". فأخبَرتُه بحاجَتي، فلما فرَغتُ قالَ: "ما هذا الاشتمالُ الذي رَأيت؟ ". قلتُ: كانَ ثوباً، قالَ: " فإنْ كانَ واسعاَ فالتحِفْ بهِ، وإنْ كانَ ضيِّقاً فاتَّزرْ بهِ". 7 - باب الصلاةِ في الجُبَّةِ الشامية 98 - وقال الحسَن في الثيابِ يَنْسِجُها المجوسيُّ، لم يَرَ بها بأساً. 99 - وقالَ مَعْمرٌ: رأيتُ الزُّهري يَلبَسُ من ثيابِ اليمَن ما صُبغَ بالبوْل. 100 - وصلَّى عليٌّ في ثوبٍ غيرِ مقصُورٍ (9). 198 - عن مغِيرة بن شُعبة قالَ: كنتُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[ذات ليلة 7/ 37] في سفرٍ، (وفي طريقٍ: لا أعلم إلا قال في غزوة تبوك 5/ 136)، [فقال "أمعك ماءٌ؟ ". قلت: نعم، فنزَل عن راحلتِه]، فقالَ: "يا مُغيرةُ خذ الإداوة"، فأخذتها، فانطلق رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حتى تَوَارَى عنِّي [في سواد الليل]، فقضَى حاجتَه، [ثم أقبل، فلَقِيتُه بماءٍ 3/ 231]، وعليهِ جُبَّةٌ شاميَّةٌ [من صوفٍ]،

_ (8) أي: ما سبب سراك؟ أي سيرك في الليل. 98 - وصله نعيم بن حماد في نسخته المشهورة من طريق هشام عنه نحوه، ورواه ابن أبي شيبة من طريق آخر عنه نحوه. وسنده صحيح. 99 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. قال الحافظ: وقوله: "بالبول" إن كان للجنس فمحمول على أنه كان يغسله قبل لبسه، وإن كان للعهد، فالمراد بول ما يؤكل لحمه، لأنه كان يقول بطهارته. 100 - وصله ابن سعد عنه نحوه. (9) أي: خام لم يغسل.

8 - باب كراهية التعري في الصلاة

فذهبَ لِيُخرجَ يدَه من كُمِّها؛ فضاقت؛ [فلم يستطعْ أن يُخرجَ ذراعَيْه منها]، فأخرَجَ يدَه من أسفلِها، فصَبَبتُ عليهِ [الإداوة] [حين قضى حاجتَهُ 1/ 58]، فتوضَّأَ وُضوءَه لِلصَّلاةِ، [فمضمضَ، واستنشقَ، وغسلَ وَجهَهُ] [وَيدَيْهِ] (وفي روايةٍ: ذراعيْه)، [ثم مسَح برأسهِ]، [ثم أهْويْتُ لأَنزع خُفَّيْهِ، فقالَ: "دَعْهما، فإني أدخلتُهما طاهرَتَيْن"]، ومسَحَ على خُفَّيْه، ثم صلَّى. 8 - باب كَراهيَةِ التعَرِّي في الصلاة (قلت: أسند فيه حديث جابر الآتي برقم 749). 9 - باب الصّلاةِ في القميص والسَّراويل والتُّبَّان (10) والقَبَاءِ 199 - عن أبي هريرةَ قالَ: قامَ رجلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فسأَله عن الصَّلاةِ في الثوْبِ الواحدِ؟ فقالَ: "أَوَ كلُّكم يجدُ ثوْبْين؟ ". (وفي طريقٍ: لا أوَ لِكُلِّكُمْ ثوبان؟ " 1/ 94 - 95). ثم سألَ رجلٌ عُمرَ؟ فقالَ: إذا وسَّعَ اللهُ فأَوسِعُوا، جَمعَ رجُلٌ عليهِ ثيابَهُ، صلَّى رجلٌ في إزارٍ ورِداءٍ، في إزارٍ وقميصٍ، في إزارٍ وقَبَاءٍ، في سراويلَ وردَاءٍ، في سراويلَ وقَباءٍ، في تُبَّانٍ وقَباءٍ، في تُبَّانٍ وقميصٍ. قالَ: وأَحسِبُه قالَ: في تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ. 10 - باب ما يُستَرُ من العورْةِ

_ (10) هو السراويل؛ إلا أنه ليس له رجلان، وقد يتخذ من جلد. و (القباء) بالقصر وبالمد من قبوت الشيء: إذا ضممت أصابعك عليه، سمِّي بذلك لانضمام أطرافه.

11 - باب الصلاة بغير رداء

11 - باب الصلاة بغير رداءٍ (قلت: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 192). 12 - باب ما يُذكَرُ فى الفَخِذِ 73 - 75 - ويروى عن ابن عباس وجَرْهَد ومحمد بن جَحْش عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " الفَخِذُ عَوْرَةٌ". 76 - وقالَ أنَس: "حَسَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن فَخِذِهِ". وحديث أنس أسند، وحديثُ جَرهَد أحوَطُ، حتى يُخرَجَ من اختلافِهم. 77 - وقالَ أبو موسى: غَطَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رُكبَتْيهِ حين دخل عثمان. 78 - وقال زيد بن ثابت: أَنزَل اللهُ على رسولهِ - صلى الله عليه وسلم - وفَخِذُه على فَخِذِي، فَثَقُلَتْ علَيَّ حتى خِفتُ أنْ تَرُضَّ فَخِذي. (قلت: أسند فيه طرفاً كبيراً من حديث أنس الآتي في "ج 2/ 55 - الوصايا/ 26 - باب"). 13 - باب في كَمْ تصَلي المرأةُ من الثيابِ

_ 73 - 75 - أما حديث ابن عباس؛ فوصله الترمذي وغيره. وأما حديث جرهد؛ فوصله مالك والترمذي وحسنه، وصححه ابن حبان. وأما حديث محمد بن جحش؛ فوصله أحمد وغيره. وفي أسانيدها كلها مقال، ولكن بعضها يقوي بعضاً، وقد خرجتها في "المشكاة" (3112 - 3114)، و"الإرواء" (269). 76 - وصله المصنف هنا، ويأتي في "ج 2/ 55 - الوصايا/25 - باب". 77 - هذا طرف من قصة وصلها المصنف في "ج 2/ 62 - الفضائل/6 - باب". 78 - هذا طرف من حديث وصله المصنف في مواطن، منها "56 - الجهاد/31 - باب".

14 - باب إذا صلى في ثوب له أعلام ونظر إلى علمها

101 - وقالَ عِكْرَمةُ: لوْ وارَتْ جَسَدَها في ثوْبٍ لأَجَزْتُه. 200 - عن عائشةَ قالت: لقد كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصلِّي الفَجرَ [بغَلسٍ 1/ 211]، فيَشهَدُ معَهُ نساءٌ من المؤمناتِ، مُتَلفِّعاتٍ في مُرُوطِهنَّ، ثم يَرْجِعْنَ (وفي روايةٍ: ينقلِبْنَ 1/ 144) إلى بُيوتِهنَّ [حين يَقضين الصلاةَ]، ما يَعْرِفُهُنَّ أحدٌ (من الغلَس)، [أو لا يعرف بعضُهنَّ بعضاً 1/ 211] (11). 14 - باب إذا صلّى في ثوْب له أعلامٌ ونظَرَ إلى عَلَمِها 201 - عن عائشةَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى في خَمِيصةٍ لها أعلامٌ، فنظَرَ إلى أعلامِها نظرةً، فلما انصرَفَ قالَ: " اذهَبُوا بِخَميصَتي هذهِ إلى أبي جَهْمٍ، وائْتُوني بأَنبجانِيَّةِ أبي جَهْم [بن حذيفةَ بن غانم من بني عدي بن كعب] (12) فإَنها ألْهَتْني آنفاً عن صلاتي". (وفي روايةٍ: "شَغَلتني أعلامُ هذه" 1/ 183). 79 - (وفي روايةٍ معلقةٍ): (كنتُ أنظرُ إلى علَمِها وأنا في الصلاةِ، فأخاف أنْ تَفْتِنَني". 15 - باب إن صلَّى في ثوبِ مصلَّبٍ أو تصاويرَ هل تَفسدُ صلاتُه؟ وما يُنهى عن ذلك

_ 101 - وصله عبد الرزاق (5033) عنه نحوه. قلت: وسنده صحيح. (11) قلت: وفي رواية أبي يعلى: "وما يعرف بعضنا وجوه بعض". وانظر كتابي "جلباب المرأة المسلمة" (ص 65 - 66/ الطبعة الجديدة- المكتبة الإسلامية). (12) هذه الزيادة مدرجة في الخبر من كلام ابن شهاب، كما قال الحافظ. 79 - وصله أحمد ومسلم وغيرهما، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (848)، و"إرواء الغليل" (375).

16 - باب من صلى في فروج حرير ثم نزعه

202 - عن أَنس قال: كانَ قِرَامٌ (13) لِعائشةَ ستَرتْ به جانبَ بيتِها، فقالَ [لها 7/ 66] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:، " أَمِيطي (14) عنَّا قِرَامَكِ هذا؛ فإنه لا تَزالُ تَصاويرُ [هُ] تَعرِضُ [لي] في صَلاتي". 16 - باب مَن صلَّى في فَرُّوجِ (15) حرير ثم نزَعه 203 - عن عُقبة بن عامر قالَ: أُهْدِيَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فرُّوجُ حريرٍ، فلبسهُ، فصَلى فيه، ثم انصرَف، فنزَعَه نَزْعاً شديداً، كالكارِهِ له، وقالَ: " لا ينْبغي هذا لِلمتَّقينَ". 17 - باب الصلاةِ في الثوبِ الأَحمرِ 204 - عن أبي جُحَيفة قالَ: رأيت (وفي روايةٍ: دُفِعتُ إلى 4/ 167) رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[وهو بالأَبطحِ، وفي طريقٍ: البَطْحاءِ 4/ 165] في قُبَّةٍ حمراءَ من أَدَمٍ، [كان بالهاجرة] ورأيت بِلالاً أخذ (وفي روايةٍ: خرج فنادى بالصلاة، [فًجعلت أَتتبَّعُ فاه ههنا وههنا بالأَذان 1/ 156]، ثم دخل، فأخرج فضل) وَضوءَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ورأيت الناسَ يَبتدِرونَ ذاكَ الوَضوء، فمنْ أصاب منهُ شيئاً تمسَّحَ به، ومَن لمْ يصِبْ منه شيئاً أخذَ من بَلَل يدِ صاحبه، ثم رأيت بلالاً [دخل، فـ] أَخذ (وفي روايةٍ: أخرج الـ) عَنَزَة فرَكزها [بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأقام

_ (13) ستر رقيق من صوف ذو ألوان. (14) أي: أزيلي، وزناً ومعنى. (15) هو القباء المفرج من خلف.

18 - باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب

الصلاة]، وخرَج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حُلةٍ حمراءَ مُشَمِّراً، [كأني أنظر إلى وَبيص ساقيه]، فركَّز العَنَزَةَ، ثم صلَّى إلى العَنَزَة بالناسِ [الظهر ركعتين، والعصرَ] ركعتَين] ورأيتُ الناسَ والدَّوَابَّ (وفي روايةٍ: الحمار والمرأة) يَمُرُّون بينَ يدي العنزةِ، [وقامَ الناسُ، فجعلوا يأخذون يَدَيه فيمسحون بهما (*) وجوهَهُم، قالَ: فأخذت بيده فوضعتُها على وجهي، فإذا هي أبردُ من الثلجِ، وأطيب رائحةً من المسك". 18 - باب الصلاةِ في السُّطوح والمِنبَر والخشَب 102 - قالَ أبو عبدِ اللهِ: ولم ير الحسن بأساً أن يُصلَّى على الجمَدِ (16) والقناطر؛ وإنْ جرى تحتها بولٌ، أو فوقَها، أو أمامَها، إذا كانَ بينَهُما سُتْرةٌ. 153 - وصلَّى أبو هريرةَ علي سقْفِ المسجدِ بصَلاةِ الإمامِ. 154 - وصَلَّى ابنُ عَمر على الثَّلْج. 205 - عن أَنس بن مالك أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سقَطَ عن فرَسٍ (وفي طريق: ركب فرساً، فصُرع عنه 1/ 169)، فَجُحِشَتْ (17) ساقه أو كَتِفُه، (وفي روايةٍ: انفكَّتْ رجله 2/ 229)، (وفي الطريق: شقُّه الأيمنُ)، وآلى من نسائهِ شهراً (18)،

_ (*) الأصل (بها)، والتصحيح من "الفتح". 102 - لم يخرّجه الحافظ. (16) بفتح الجيم وضمها: الماء الجامد من شدة البرد. 103 - وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور من طريقين عنه؛ يعضد أحدهما الآخر. 104 - لم يخرّجه الحافظ. (17) من الجحش، وهو الخدش أو أشد منه: قلت: والثاني هو المراد هنا، بدليل الرواية الأخرى (انفكت رجله)، ففي النهاية: "الانفكاك ضرب من الوهن والخلع، وهي أن تنفك بعض أجزائها عن بعض". (18) أي: حلف أن لا يدخل عليهن شهراً.

19 - باب إذا أصاب ثوب المصلي امرأته إذا سجد

فجلَس في مَشْرُبَةٍ (19) (وفي روايةٍ: عُلِّيَّةٍ) له، دَرَجَتُها من جُذوعٍ، فأتاهُ أصحابُه يعُودُونه، فصلى بهم [صلاةً من الصلوات] جالساً، وهم قيامٌ، فلما سلَّم قالَ: "إنما جُعلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به، فإذا كبَّرَ فكبِّروا، وإذا ركَعَ فاركَعُوا [وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حَمِدَه فقولوا: ربَّنا ولك الحمد]، وإذا سجَد فاسجدوا، وإن صلَّى قائماً فصَلوا قِياماً، [وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون] ". [فقال عُمرُ: أطلَّقتَ نساءَكَ؟ فقال: "لا، ولكني آلَيتُ مِنْهُنَّ شهراً" 3/ 106]. ونزلَ لتسع وعشرينَ، [فدخل على نسائه 2/ 229]، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! إنكَ آليتَ شهراً؟ فًقالَ: "إنَّ الشهرَ تسعٌ وعشرونَ". [قال الحميدي: قوله: "صلى جالساً فصلوا جلوساً"، هو في مرضه القديم، ثم صلى بعد ذلك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جالساً والناس خلفه قياماً، لم يأمُرْهم بالقعودِ، وإنما يؤخذُ بالآخِرِ فالآخر مِنْ فِعْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -] (*). 19 - باب إذا أصاب ثوبُ المصلي امرأته إذا سجد 206 - عن ميمونة [بنت الحارث] قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي وأنا حذاءَه، (وفي روايةٍ: وأنا إلى جنبه نائمةٌ 1/ 131) وأنا حائضٌ، (وفي روايةٍ: كان فراشي حِيالَ مصلى النبي - صلى الله عليه وسلم -)، وربما أصابَني ثوبُه إذا سجدَ. قالت: وكانَ يصَلي على الخُمرةِ.

_ (19) هي الغرفة المرتفعة. وبمعناها (العلية). (*) انظر التعليق على قول الحميدي المذكور تحت حديث عائشة الآتي "10 - الأذان/ 51 - باب/363 - حديث".

20 - باب الصلاة على الحصير

20 - باب الصلاةِ على الحصير 105 و 106 - وصلَّى جابرٌ وأبو سعيد في السَّفينة قائماً. 107 - وقالَ الحسَن: تصَلِّي قائماً ما لم تشُقَّ على أصحابكَ، تدُورُ معَها، وإلا فقاعداً. 207 - عن أَنس بن مالك أنَّ جدته مُلَيْكَةَ دَعت رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطعامٍ صنَعتْه له، فأكَلَ منْه، ثم قالَ: "قُومُوا فلأُصلِّيَ لكم". قالَ أَنسٌ:" فقُمت إلى حصير لنا قد اسودَّ من طولِ ما لُبِسَ (وفي روايةٍ: لُبثَ 1/ 209) فنضحْتُه بماءٍ، فقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وصفَفْتُ واليتيمَ وراءَه، والعجوزُ من ورائِنا، فصلى لنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ركعتَين، ثم انصرَف. 21 - باب الصلاةِ على الخُمْرَةِ (قلت: أسند فيه الطرف الأخير من حديث ميمونة المتقدم برقم 206). 22 - باب الصلاةِ على الفراش 108 - وصلَّى أنس على فراشِه. 80 - وقالَ أنس: كنَّا نصَلي معَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فيَسجُدُ أحدُنا على ثوبِه.

_ 105و106 - وصله ابن أبي شيبة عنهما معاً. 107 - وصله قتيبة في نسخته رواية النسائي عنه وابن أبي شيبة. 108 - وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور بسند صحيح عنه. 80 - وصله المصنف في الباب الذي بعده بمعناه، ورواه مسلم باللفظ المعلق هنا.

23 - باب السجود على الثوب في شدة الحر

23 - باب السجود على الثوب في شدة الحرّ 109 - وقال الحسن: كانَ القومُ يسجُدون على العِمامة والقَلَنْسُوَة، ويداهُ في كمِّه. 208 - عن أنس بن مالك قالَ: كنا نصَلي معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[بالظهائرِ 1/ 107 (وفي روايةٍ: في شدةِ الحرّ، فإذا لم يستطع أَحدنا أن يمكِّنَ وجهَهُ منَ الأَرضِ 2/ 161)]، فَيَضَعُ أحدُنا طرَف الثوبِ من شِدَّةِ (وفي روايةٍ: اتقاءَ) الحَرِّ في مكانِ السُّجودِ. 24 - باب الصلاةِ في النِّعال 209 - عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد الأَزدي قال: سألت أنس بن مالك: أكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في نعليه؟ قال: نعم. 25 - باب الصلاة في الخفاف 210 - عن همّام بن الحارث قالَ: رأيتُ جريرَ بنَ عبدِ اللهِ بالَ، ثم توضأ، ومسَح على خُفَّيهِ، ثم قامَ فصلَّى، فسُئِلَ؟ فقالَ: رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صنَع مثلَ هذا. قالَ إبراهيمُ (20): فكانَ يُعجبُهم؛ لأَنَّ جَريراً كانَ من آخرِ مَن أسلَم. 26 - باب إذا لم يُتِمَّ السجودَ (قلت: أسند فيه حديث حذيفة الآتي "10 - الأذان/118 - باب"). 27 - باب يُبْدي ضَبْعَيْهِ ويجافي في السجود (قلت: أسند فيه حديث ابن بحينة الآتي "10 - الأذان / 129 - باب").

_ 109 - وصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. بلفظ: "أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على قلنسوته وعمامته". (20) هو ابن يزيد النخعي الفقيه.

28 - باب فضل استقبال القبلة

28 - باب فضل استقبال القِبلةِ 81 - يَستقبلُ بأطراف رجْليْهِ القبلةَ. قالَهُ أبو حُمَيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 211 - عن أنس بن مالك قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرتُ أنْ أُقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إلهَ إلا اللهُ، فإذا قالوها، وصلَّوا صلاتَنا، واستقبلوا قِبلتَنا، وذبَحوا ذبيحتنا، فقدْ حُرِّمت علينا دماؤهُم وأموالُهم، إلا بحقِّها، وحسابُهم على اللهِ. (وفي طريقٍ: فذلك المسلم الذي له ذمَّة الله وذمَّة رسوله) ". 82 - (وفي روايةٍ معلقةٍ عن حُمَيد قالَ: سألَ ميْمونُ بنُ سِياهٍ أَنَسَ بن مالك قالَ: يا أباحمزةَ! وما يُحِرِّمُ دمَ العبد وماله؟ فقالَ: مَن شهدَ أنْ لا إله إلا الله، واستقبلَ قِبلتَنا، وصلَّى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما للمسْلم، وعليه ما على المسلمِ). 29 - باب قِبلةِ أهل المدينة وأهل الشام والمشرق، ليس في المشرق ولا في المغربِ قِبلة 83 - لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:"لا تستقبلوا القِبلةَ بغائطٍ أو بولٍ، ولكنْ شرِّقوا أو غرِّبوا". (قلت: أسند فيه حديث أبي أيوب المتقدم برقم 96).

_ 81 - هو طرف من حديث أبي حميد الآتي بتمامه موصولاً في "10 - الأذان/144 - باب". 82 - لم يخرّجها الحافظ. وقد وصله النسائي وابن منده في"الإيمان" من طريق أخرى عن حميد به؛ كما في "صحيح أبي داود" (2374). 83 - مضى موصولاً من حديث أبي أيوب نحوه (رقم 96)، دون قوله: "بغائط أو بول"، ووصله مسلم (1/ 154) بهذه الزيادة.

30 - باب قوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}

30 - باب قوله تعالى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} 212 - عن ابن عباس قالَ: لمّا دخل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - البيت دعا في نواحيه كلِّها، ولم يصلِّ؛ حتى خرجَ منه، فلما خرجَ ركعَ ركعتَين في قُبُلِ الكعبةِ، وقالَ: "هذه القِبلةُ". 31 - باب التوجهِ نحوَ القِبلةِ حيثُ كانَ 84 - وقالَ أبو هريرة: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " استقبلِ القبلةَ وكبِّرْ". (قلت: أسند فيه حديث جابر الآتي "18 - تقصير الصلاة/7 - باب"). 213 - قالَ عبدُ اللهِ: صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[بهم صلاةَ الظهرِ 7/ 227] [خمساً 2/ 65]، فلما سلَّم قيلَ له: يا رسولَ اللهِ أحَدَث في الصلاةِ شيءٌ؟ (وفي روايةٍ: أزيد في الصلاة؟ وفي أخرى: أقصرت الصلاة أم نسيت؟) (21)، قالَ: وما ذاكَ؟ قالوا: صلَّيتَ خمساً، فثنى رجليه واستقبل القبلة، وسجد سجدتين [بعد ما سلم]، ثم سلَّم، فلما أقبل علينا بوجههِ قال: " إنه لو حدَث في الصلاةِ شيءٌ لنبَّأتُكم به، ولكنْ إنما أنا بشَرٌ مثلُكم، أنسى كما تنسَوْنَ، فإذا نسِيتُ فذكِّروني، وإذا شك أحدُكم في صلاته فليتحرَّ الصواب، فليتم عليه، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين".

_ 84 - هذا طرف من حديث (المسيء صلاته) من حديث أبي هريرة، وقد وصله المصنف، وسيأتي في "ج 4/ 79 - الاستئذان/18 - باب". (21) قلت: وهذه الرواية وهم كما قال الحافظ، والصواب ما قبلها.

32 - باب ما جاء في القبلة، ومن لا يرى الإعادة على من سها فصلى إلى غير القبلة

32 - باب ما جاء في القبلة، ومن لا يرى الإعادةَ على مَن سهَا فصلى إلى غير القبلة 85 - وقد سلَّم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في ركعتَي الظهر، وأقبلَ على الناس بوجهه، ثمَّ أتَمَّ ما بقيَ. 214 - عن أنس قالَ: قالَ عُمر: وافقتُ ربي في ثلاثٍ؛ قلتُ: يا رسولَ اللهِ! لو اتخذْنا من مقامِ إِبراهيم مصلّىً؛ فنزَلت: {وَاتَّخِذُوا منْ مَقامِ إبْرَاهِيمَ مُصلّى}، وآيةُ الحجَاب؛ قلتُ: يا رسول اللهِ! لو أمرتَ نساءَك أن يَحْتَجِبْنَ؛ فإنه يكلِّمُهنَّ (وفي روايةٍ: يَدخلُ عليكَ 5/ 149) البَرُّ والفاجرُ، فنزلتْ آيةُ الحجابِ، واجتمعَ نساء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الغَيْرة عليه، فقلتُ لهنَّ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} (*)، (وفي روايةٍ: قال: وبلغني معاتبةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضَ نسائه، فدخلتُ عليهن، قلت: إنِ انْتَهيْتُن، أو ليُبَدِّلَنَّ الله رسولَه- صلى الله عليه وسلم - خيراً منكنَّ، حتى أتيتُ إحدى نسائه، قالت: يا عمر! أما في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يعظ نساءَه حتى تعظهُنَّ أنت؟) فنزلتْ هذه الآيةُ. 215 - عن عبدِ الله بن عُمر قال: بيْنا النّاسُ بقُباءٍ في صلاةِ الصبْح، إذْ جاءهم آتٍ فقالَ: إنَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قد أُنْزلَ عليهِ الليلةَ قرآنٌ، وقد أُمرَ أنْ يستقبلَ

_ 85 - وصله المصنف فيما يأتي "22 - السهو/88 - باب"؛ لكن دون قوله: "وأقبل على الناس بوجهه"، فهو عند مالك في "الموطأ" من طريق أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة، لكن فيه أن الصلاة هي العصر، وإسناده صحيح، وهي رواية للمصنف كما يأتي هناك من رواية ابن سيرين عنه، لكنه قد اضْطَرَب في تعيين الصلاة كما ستراه ثَم، فيمكن الاعتماد على رواية أبي سفيان هذه في ترجيح رواية ابن سيرين الموافقة لها، والله أعلم. (*) قلت: بين هذا اللفظ المطابق للآية الكريمة وبين ما في الرواية الآتية خلاف ظاهر، وهذه أصح عندي معنىً وروايةً، وفي الأولى عنعنة هشيم.

33 - باب حك البزاق باليد من المسجد

الكعبةَ، [ألا فاستقبِلوها 5/ 152]، فاستقبَلوها، وكانت وجوهُهم إلى الشامِ، فاستداروا [بوجوههم] إلى الكعبة. 33 - باب حكِّ البُزاق باليدِ من المسجدِ 216 - عن أَنس أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نُخامةً في القِبلةِ، فشَقَّ ذلك عليه، حتى رُئيَ في وجهِه، فقامَ، فحكَّه بيدِهِ، فقالَ: " إن أحدَكم إذا قامَ في صلاتهِ؛ فإنه يناجي ربَّه، أو إن ربَّه بينَه وبينَ القِبلةِ، فلا يبزقَنذض أحدُكم قِبَل قِبلتهِ، [ولا عنْ يمينهِ 1/ 107]، ولكنْ عن يسارهِ، أو تحتَ قدمِهِ [اليسرى 1/ 135] "، ثم أخذَ طرَف ردائه فبصَق فيه، ثم ردّ بعضَه على بعضٍ، فقالَ: أوْ يَفعل هكذا. 217 - عن عبد الله بن عُمر أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رأى بُصاقاً (وفي روايةٍ: نُخامةً 1/ 183) في جدار القبلة، [وهو يصلي بين يدي الناس]، فحكَّه (وفي الرواية الأُخرى: فحتَّها) [بيَدِه 7/ 98]، ثم أقبَل على الناسِ (وفي أخرى: فتَغيَّظَ على أهل المسجدِ 2/ 62) فقالَ [حين انصرف]: " إذا كانَ أحدُكم يصلي، فلا يبصق (وفي الرواية الأخرى: لا يتنخمنَّ) قِبَلَ وجهه؛ فإنَّ اللهَ قِبَلَ وَجههِ إذا صلَّى". [وقال ابن عُمر رضي الله عنهما: إذا بَزَقَ أحدُكم فليبزق عن يساره]. 218 - عن عائشة أمِّ المؤمنين أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رأى في جدارِ القِبلةِ مُخاطاً، أو بُصاقاً، أو نخامةً فحكَّه.

34 - باب حك المخاط بالحصى من المسجد

34 - باب حَكِّ المخاط بالحصى من المسجد 110 - وقالَ ابن عباس: إنْ وطئت على قذر رطب فاغسله، وإنْ كانَ يابساً فلا. 219 - عن أبي هريرة وأبي سعيد أنَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامةً في جدارِ (وفي روايةٍ: قبلةِ 1/ 107) المسجد، فتناولَ حصاةً فحكَّها، فقالَ: "إذا تنخّمَ أحدُكم، فلا يتَنخَّمَنَّ قِبَلَ وَجههِ، ولا عن يمينهِ، وليبصُق عن يسارهِ، أو تحتَ قدمِه اليسرى" (22). 35 - باب لا يبصُق عن يمينه في الصلاة 36 - باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمهِ اليسرى 37 - باب كفارةِ البُزاق في المسجد 220 - عن أنس بن مالك قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " البُزاقُ في المسجدِ خطيئةٌ، وكفارتُها دفنُها". 38 - باب دفن النُّخامة في المسجد 221 - عن أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إذا قامَ أحدُكم إلى الصلاةِ فلا يبصُق أمامَه؛ فإنما يناجي اللهَ مادامَ في مصلاَّهُ، ولا عن يمينِه؛ فإنَّ عن يمينهِ ملَكاً وليبصُق عن يسارهِ، أو تحتَ قدمِه. فيَدفِنُها".

_ 115 - وصله ابن أبي شيبة عنه، وسنده صحيح. (22) قلت: لعل هذا لفظ حديث أبي سعيد الخدري، فإن لفظ أبي هريرة مغاير له بعض الشيء، ويأتي قريباً بعد حديث، ولذلك فإني لم أعطه رقم التسلسل هنا.

39 - باب إذا بدره البزاق فليأخذ بطرف ثوبه

39 - باب إذا بدَره البُزاق فليأخذ بطرف ثوبه (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 216). 40 - باب عِظةِ الإمامِ الناسَ في إتمامِ الصلاةِ وذكْرِ القِبلةِ 222 - عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "هل ترَوْن قِبلتي ههُنا؟ فواللهِ ما يَخفى عليَّ خشوعُكم، ولا ركوعُكم، [و 1/ 181] إني لأَراكم من وراءِ ظهري". 223 - عن أَنس بن مالك قالَ: صلَّى بنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صلاةً، ثم رَقِيَ المِنبرَ فقال في الصلاةِ وفي الركوعِ: "إني لأَراكم من ورائي كما أراكم". 41 - باب هل يقال: مسجدُ بني فلان 224 - عن عبدِ اللهِ بن عُمر أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سابَق بينَ الخيلِ التي أُضمِرتْ من الحَفْياءِ (23)، وأَمَدُها ثنيَّةُ الوَدَاع، وسابَق بينَ الخيلِ التي لم تضَمَّرْ من الثَّنيَّةِ إلى مسجدِ بني زُرَيق، وأنَّ عبدَ اللهِ بن عُمر كانَ فيمنْ سابَق بها. 42 - باب القِسمةِ وتعليقِ القِنْوِ في المسجد قالَ أبو عبدِ اللهِ: (القِنْوُ) العِذْقُ، والاثنان قِنْوانِ، والجماعةُ أيضاً قِنْوانٌ، مِثلُ صِنْوٍ وصِنْوانٍ. 86 - عن أَنس رضي الله عنه قالَ: أتيَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَالٍ من البحرينِ، فقالَ:

_ (23) موضع بالمدينة على أميال. 86 - هذا معلق وصله أبو نعيم في "مستخرجه"، والحاكم، وسنده صحيح.

43 - باب من دعا لطعام في المسجد، ومن أجاب فيه

"انثرُوه في المسجدِ"، وكانَ أكثر مالٍ أُتِيَ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة، ولم يلتفت إليه، فلما قضَى الصلاةَ، جاءَ فجلَسَ إليهِ، فما كانَ يَرى أَحدَاً إلا أعطاهُ، إذْ جاءَ العباسُ رضي الله عنه، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! أعطِني؛ فإني فادَيتُ نفْسي، وفادَيتُ عقِيلاً، فقالَ له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "خُذْ"، فحَثَا في ثوْبِه. ثم ذهبَ يُقلُّه فلَم يستطعْ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! اؤمُرْ بعضَهم يَرفعْه [عليَّ 4/ 65]، قالَ:" لا"، قال: فارفعْه أنتَ عَلَيَّ، قالَ: "لا"، فنثَرَ منهُ، ثم ذهبَ يُقلُّه، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! اؤْمرْ بعضَهم يرفعْه [عليَّ 4/ 65]، قالَ:" لا"، قالَ: فارفعْه أنتَ عليَّ، قالَ: "لا"، فنثَرَ منهُ، ثم احتملَه فألقاهُ على كاهلهِ، ثم انطلَق، فما زالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُتْبِعه بصَرَه حتى خَفيَ علينا؛ عجَباً من حِرصهِ، فما قامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وثَمَّ منْها دِرهَمٌ. 43 - باب مَن دعا لطعامٍ في المسجد، ومَن أجابَ فيه 225 - عن أَنس: وجدتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في المسجدِ معَه ناسٌ، فقمتُ، فقالَ لي: "أَأَرسلَكَ أبو طلحةَ؟ ". قلتُ: نعمْ، فقالَ: "لِطعامٍ؟ ". قلتُ: نعمْ، فقالَ لمَنْ معهُ: "قُوموا"، فانطلَقَ، وانطلقتُ بينَ أيديهمْ. 44 - باب القضاءِ واللعَان في المسجد (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث سهل بن سعد الآتي في "ج 3/ 68 - الطلاق/30 - باب"). 45 - باب إذا دخلَ بيتاً يصَلي حيث شاء أو حيث أُمِرَ، ولا يتجسَّس (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عتبان الآتي قريباً مطولاً).

46 - باب المساجد في البيوت

46 - باب المساجدِ في البيوتِ 111 - وصلَّى البَرَاءُ بن عازبٍ في مسجدهِ في دارهِ جماعةً. 226 - عن محمود بن الربيع الأنصاري [وزعم أنه عَقَلَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وعَقَلَ مَجَّةً مجّها (وفي روايةٍ قال: عَقلْتُ من النبي - صلى الله عليه وسلم - مجَّة مجَّها في وجهي وأنا ابن خمس سنين 1/ 27) من دَلْوٍ كان في دارهم 1/ 204] [فزعم محمود 2/ 55] أنَّ [ـه سمع] عِتبانَ بن مالك- وهو [أعمى، و1/ 163] من أصحاب رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ممَّنْ شهدَ بدْراً من الأَنصارِ [مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: كنت أصلي لقومي بني سالمٍ، وكانَ يَحولُ بيني وبينَهم وادٍ إذا جاءت الأَمطار، فَيَشُقُّ عليّ اجتيازه قِبَلَ مسجدِهم، فجئت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقلتُ له:] يا رسولَ اللهِ! قد أنكرتُ بصَري وأنا أُصَلي لِقوْمي [من بني سالم]، فإذا كانتِ الأَمطارُ سالَ الوادي الذي بيْنىِ وبينَهم، ولم أستطعْ أنْ آتِيَ مسجدَهم، فأُصَليَ بهم، وودِدتُ يا رسولَ اللهِ! أنك تأتيني فَتُصلّي في بيتي [مكاناً] فأتخِذُه مصلّىً، قالَ: فقالَ له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "سأفعلُ إنْ شاءَ اللهُ"، قالَ عِتْبانُ: فغدَا [علىَّ] رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ [معَهُ] حينَ ارتفعَ (وفي روايةٍ: بَعْد ما اشتدَّ) النهارُ، فاستأذَنَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأذِنتُ لهُ، فلَم يجلِسْ حينَ (وفي روايةٍ: حتى 6/ 202) دخلَ البيتَ، ثم قال: "أينَ تحبُّ أنْ أصلِّيَ من بيتِكَ؟ ". قالَ: فأَشرتُ لهُ إلى ناحيةٍ من البيتِ، فقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فكبَّرَ، فقُمنا فصفَفنا [خَلْفَه]، فصلَّى ركعتَين ثم سلَّمَ، [وسلَّمْنا حينَ

_ 111 - وصله ابن أبي شيبة بمعناه في قصة له.

سلم]، قالَ: وحبَسناهُ على خَزيرةٍ (24) صنَعناها لهُ، [فسمع أهلُ الدار (25) رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتي] قالَ: فثابَ (26) في البيتِ رجَالٌ من أهلِ الدار ذوُو عدَدٍ، فاجتمعوا، فقالَ قائلٌ منْهم: أين مالكُ بنُ الدُّخَيشِن أو ابن الدُخْشُن؟ فقالَ بعضُهم: ذلكَ منافقٌ لا يُحبُّ اللهَ ورسولَه، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقُل ذلكَ، ألاَ تَراهُ قد قالَ: لا إلهَ إلا الله، يُريدُ بذلك وَجهَ اللهِ؟ ". قالَ: الله ورسولُه أعلَمُ، قالَ: [أما نحن] فإنا نَرى وجهَهُ (27) ونصيحتَه إلى المنافقينَ، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " فإن الله قد حرَّمَ على النَّار مَن قال: لا إلهَ إلاَّ الله؛ يبتغي بذلكَ وجهَ اللهِ". [قال محمود: فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب- صاحب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوته التي توفي فيها، ويزيد بن معاوية عليهم بأرض الروم، فأنكرها عليَّ أبو أيوب؛ قال: والله ما أظنُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال ما قلتَ قط، فكَبُرَ ذلك عليّ، فجعلتُ لله عليَّ إن سَلَّمني حتى أَقْفُلَ من غزوتي أن أسأل عنها عِتبانَ بنَ مالكٍ رضي الله عنه- إن وجدته حياً - في مسجد قومه، فقفلتُ، فأهللت بِحَجةٍ أو بعُمرة، ثم سرت حتى قدمتُ المدينةَ، فأتيت بني سالمٍ، فإذا عِتبانُ شيخٌ أعمى يصلي لقومه، فلما سلم من الصلاة سلمتُ عليه، وأخبرته من أنا، ثم سألته عن ذلك الحديث؟ فحدَّثنيه كما حدثنيه أولَ مرة 2/ 56].

_ (24) لحم يقطع صغاراً، يصب عليه ماء كثير، فإذا نضج ذرّ عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة. (25) أي: المحلة. (26) أي: اجتمعوا بعد أن تفرقوا. (27) أي: توجهه.

47 - باب التيمن في دخول المسجد وغيره

قالَ ابنُ شهاب: ثم سألتُ الحُصَينَ بنَ محمدٍ الأَنصاري- وهو أحدُ بني سالم وهوَ من سَراتِهم- عن حديثِ محمودِ بنِ الربيعِ؟ فصدَّقَه بذلكَ. 47 - باب التيمُّن في دخولِ المسجدِ وغيره 112 - وكانَ ابنُ عُمر يبدأ برجلهِ اليُمنى، فإذا خرجَ بدأ برجلهِ اليُسرى. (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "4 - الوضوء/ 31 - باب/108 - الحديث". 48 - باب هل تُنْبَشُ قبورُ مُشْركي الجاهليةِ، ويُتخذ مكانُها مساجدَ؟ 87 - لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لعنَ اللهُ اليهودَ اتَّخذوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ". وما يُكرَهُ من الصلاةِ في القبور 113 - ورأى عمرُ أَنسَ بنَ مالك يصَلي عندَ قبرٍ، فقالَ: "القَبْرَ القَبْر". ولمْ يأمرْهُ بالإعادةِ. 227 - عن أَنس قالَ: قدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، فنزَلَ أعلى المدينةِ، في حيٍّ يقالُ لَهُمْ: بنو عَمْرِو بن عوْف، فأقامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيهمْ أربع عشْرةَ ليلةً، ثم أَرسلَ إلى [ملأ 4/ 26] بني النجَّار، فجاءُوا متقلِّدي السيوفِ، كأني أنظُرُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على راحلتِه؟ وأبو بكرٍ رِدْفُه، ومَلأُ بني النجَّارِ حوْلَهُ، حتى أَلقى بفِناءِ أبي أيوب، وكانَ يحبُّ أن يصليَ حيثُ أدركَتهُ الصَّلاةُ، ويصَلي في مرابضِ الغنَم، [ثم سمِعتُه

_ 112 - قال الحافظ: لم أره موصولاً. 87 - وصله المصنف من حديث عائشة في "23 - الجنائز/61 - باب". 113 - وصله أبو نعيم شيخ البخاري في "كتاب الصلاة"؛ كما في "الفتح"، وعبد الرزاق في "المصنف" (1/ 404)، وسنده صحيح. انظر الرد على حسان (رقم 71).

49 - باب الصلاة في مرابض الغنم

بعدُ يقولُ: كانَ يصَلي في مرابضِ الغنم، قبل أن يُبنى المسجدُ] وَ (وفي روايةٍ: ثُم) إنه أَمرَ ببناءِ المسجدِ. فأَرسلَ إلى ملأ من بني النجَّار، فقالَ: "يا بني النجار! ثامنوني بحائطكم هذا"، قالوا: لا واللهِ، لا نطلبُ ثمنَه إلا إلى الله، فقالَ أنسٌ: فكانَ فيه ما أقول لكم، [كانت فيه] قبورُ المشركينَ، وَ [كانت] فيهِ خَرِبٌ، وَ [كان] فيه نخلٌ، فأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقبور المشركينَ فنُبِشتْ، ثم بالخَرِب فسويت، وبالنخل فَقُطِعَ، فصَفُّوا النخلَ قِبلَةَ المسجد، وجعَلوا عِضادَتَيْه الحجارةَ، وجعَلوا ينقُلونَ الصَّخرَ وهم يَرتجِزونَ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - معَهم وهو يقول (وفي روايةٍ: معهم يقولون): الَّلهُمَّ لا خَيْرَ إلاَّ خَيْرُ الآخِرَه ... فاغفِرْ لِلأَنصَارِ والمُهَاجِرَه 49 - باب الصلاةِ في مرابضِ الغنَم (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم آنفاً). 50 - باب الصلاة في مواضعِ الإِبلِ 228 - عن نافع قالَ: رأيتُ ابنَ عمَرَ يُصَلي إلى بعيرهِ، وقالَ: رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يفعَلُه. 51 - باب مَن صلَّى وقدَّامَه تَنورٌ أو نارٌ أو شيءٌ مما يُعبَدُ فأراد به اللهَ تعالى 88 - عن أنس قال: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ 88 - هو طرف من حديث طويل يأتي موصولاً في "ج 4/ 96 - الاعتصام/4 - باب".

52 - باب كراهية الصلاة في المقابر

"عُرِضَتْ عليَّ النار وأنا أُصَلّي". (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي في "16 - الكسوف/ 9 - باب"). 52 - باب كراهيَة الصلاةِ في المقابر 229 - عن ابن عُمر عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " اجعلوا في بيوتِكم من صلاتكم، ولا تتَّخذوها قُبوراً". 53 - باب الصلاةِ في مواضع الخسْف والعذاب 114 - ويذكَر أن علِيّاً كرِهَ الصلاةَ بخَسْفِ بابلَ. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي في "ج 2/ 60 - الأنبياء/ 17 - باب"). 54 - باب الصلاةِ في البِيعة 115 - وقالَ عُمرُ رضي الله عنه: إنا لا نَدخُلُ كنائسَكم من أجلِ التماثيل التي فيها الصور. 116 - وكانَ ابن عباس يصلي في البِيعة إلا بِيعةً فيها تماثيلُ. (قلت: أسند فيه حديث عائشة الآتي في "23 - الجنائز/ 61 - باب"). 55 - باب

_ 114 - وصله ابن أبي شيبة من طريقين عنه. 115 - وصله عبد الرزاق. 116 - وصله البغوي في "الجعديات".

56 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -

230 - عن عائشة وعبد اللهِ بن عباس قالا: لمَّا نزَلَ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (28) طَفِقَ يَطرحُ خميصةً لهُ على وجههِ، فإذا اغتَمَّ بها كشَفَها عن وَجْهِهِ، فقالَ وهو كذلكَ: "لعنةُ اللهِ علي اليهود والنَّصارى، اتخَذُوا قبورَ أنبيائِهم مساجد". يحذِّرُ ما صَنعوا (29). 231 - عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " قاتَلَ اللهُ اليهودَ، اتخَذُوا قبورَ أنبيائِهم مساجدَ". 56 - باب قوْلِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: 89 - " جُعِلتْ ليَ الأَرضُ مسجداً وطَهوراً". (قلت: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 182). 57 - باب نومِ المرأةِ في المسجد 232 - عن عائشةَ: أنَّ ولِيدةً كانت سوْداءَ لِحَيٍّ من العَرب، فأعتَقوها، فكانت معهم، قالتْ: فخرجتْ صبيةٌ لهم عليها وِشَاحٌ أحمر من سُيُورٍ (30)، قالت: فوضعَتْه أو وقَعَ منْها، فَمَرت به حُدَيَّاةٌ وهو ملْقًى، فحسِبَتْه لحماً فَخَطِفَتْهُ، قالت:

_ (28) يعني: الموت. (29) قلت: لعل هذا إنما هو لفظ حديث ابن عباس، فإن لفظ حديث عائشة يختلف عنه بعض الشيء، وسيأتي في "23 - الجنائز/ 61 - باب"، ولذلك لم أُعطه رقمه هنا. 89 - قلت: وصله المصنف فيما تقدم برقم (182). (30) أي: جلد. و (الوشاح) شيء ينسج عريضاً من أديم، وربما رصع بالجواهر والخرز، وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحها.

58 - باب نوم الرجال في المسجد

فَالْتَمسُوهُ، فلم يَجدوه، قالت: فاتَّهَموني به، قالت: فطَفقوا يفتِّشونَ حتى فتَّشوا قُبُلَها، (وفي روايةٍ: فعذبوني حتى بلغ من أمرِهم أنهم طلبوا في قُبُلي 4/ 235)، قالت: والله إني لقائمة معَهم، [وأنا في كربي] إذْ مرَّتِ الحُدَيَّاةُ [حتى وازتْ برؤوسِنا] فألقتْهُ، قالتْ: فَوَقَعَ بينهم [فأخذوه]، قالت: فقلت: هذا الذي اتّهَمْتُموني به زَعَمْتُمْ، واْنا منه بريئةٌ، وهوَ ذا هوَ! قالت: فجاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلمَتْ. قالت عائشةُ رضي الله عنها: فكانَت لها خِباءٌ في المسجدِ، أو حِفْشٌ (31)، قالت: فكانت تأتيني، فتتحدَّثُ عِندي، قالت: فلا تَجِلسُ مَجلساً عندي إلا قالت: ويَوْمُ الوِشَاحِ منْ تَعَاجِيبِ رَبِّنَا ..... ألا إنَّهُ منْ بَلْدَةِ الكُفْرِ أَنْجاني قالت عائشة: فقلت لها: ما شأنُكِ لا تقعُدينَ معي مَقعَداً إلا قلتِ هذا؟ قالت: فحدَّثَتْني بهذا الحديثِ. 58 - باب نوم الرجال في المسجد 90 - قال أَنس: قدِمَ رهْطٌ من عُكْل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فكانوا في الصُّفَّةِ. 91 - وقال عبد الرحمن بنُ أبي بكر: كان أصحابُ الصفةِ الفقراءَ.

_ (31) هو: البيت الصغير القريب السمك. 90 - هذا معلق وصله المصنف في "4 - الوضوء/70 - باب /137 - حديث". 91 - هو طرف من حديث وصله المصنف فيما يأتي في "ج 2/ 61 - المناقب/25 - باب علامات النبوة في الإسلام".

59 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

233 - عن أبي هريرةَ قالَ: رأيتُ سبعينَ من أصحاب الصُّفَّةِ ما منْهم رجلٌ عليه رداءٌ (32)؛ إما إزارٌ، وإما كِساءٌ، قد ربَطوا في أعناقهم، فمنْها ما يبلُغُ نصفَ الساقين، ومنها ما يبلغ الكَعْبَيْنِ، فيجمَعُه بيدِه، كراهيَةَ أنْ تُرى عوْرتُه (33). 59 - باب الصلاة إذا قدم من سفَر 92 - وقال كعبُ بن مالك: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قَدِم من سفَرٍ بدَأ بالمسجدِ فصلَّى فيهِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر الآتي في "ج 2/ 34 - البيوع/ 34 - باب"). 60 - باب إذا دخل المسجدَ فليركع ركعتين 234 - عن أبي قتادة السَّلَمي أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إذا دخَلَ أحدُكم المسجدَ فليركَعْ رَكْعَتَيْنِ قبْلَ أنْ يجلسَ. (وفي روايةٍ: فلا يجلسْ حتى يصَليَ ركعتين 2/ 51) ". 61 - باب الحَدَث في المسجد (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة الآتي في "10 - الأذان/ 30 - باب"). 62 - باب بنْيان المسجد 93 - وقالَ أبو سعيدٍ: كانَ سقفُ المسجدِ من جَريدِ النخلِ.

_ (32) هو: ما يستر أعالي البدن. (33) قلت: ولعل ذلك لضيق الكساء، وعدم اتساعه؛ بحيث لا يمكن الالتحاف به. 92 - هذا طرف من حديثه الطويل في قصة تخلّفه وتوبته، وسيأتي موصولاً في أواخر (ج 3/ 64 - المغازي/ 81 - باب"، بإذن الله تعالى. 93 - هذا طرف من حديثه في ذكر ليلة القدر، وسيأتي موصولاً في "134 - باب".

63 - باب التعاون في بناء المسجد

117 - وأمَرَ عُمرُ ببنَاءِ المسجد، وقالَ: أَكِنَّ الناسَ من المطَرِ، وإيَّاكَ أن تحمِّرَ أو تصفِّرَ، فتفتِنَ الناس. 118 - وقال أَنسٌ: يَتَباهَوْن بها، ثم لا يَعمُرونَها إلا قليلاً. 119 - وقالَ ابن عباس: لَتُزَخْرِفُنَّها كما زخرَفتِ اليهودُ والنَّصارى. 235 - عن عبدِ اللهِ (بنِ عمر) أنَّ المسجدَ كانَ على عهدِ رسولِ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - مَبنيّاً باللَّبِنِ، وسقفُه الجرِيدُ، وعُمُدُه خشبُ النَّخلِ، فلَم يَزدْ فيهِ أبو بكرٍ شيئاً، وزادَ فيهِ عُمرُ، وبناه على بنيانهِ في عهد رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - باللَّبِن والجَريدِ، وأعادَ عمُدَه خشباً، ثم غيَّرَه عثْمانُ، فزادَ فيهِ زيادةً كثيرةً، وبنى جدارَه بالحجارةِ المنقُوشَةِ، والقَصَّةِ (34)، وجعَلَ عمُدَه من حجارةٍ منقوشةٍ، وسقَفَه بالسَّاجِ. 63 - باب التعاونِ في بناءِ المسجدِ {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} 236 - عن عِكرمَة: قالَ ليَ ابنُ عباس ولابنهِ عليٍّ: انطلِقا إلى أبي سعيدٍ

_ 117 - لم يخرّجه الحافظ. 118 - وصله أبو يعلى في "مسنده"، وابن خزيمة في "صحيحه". 119 - وصله أبو داود، وابن حبان بسند قوي عنه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (474). (34) هي: الجصة بلغة أهل الحجاز. وقال الخطابي: تشبه الجصة وليست به. و (الساج): نوع من الخشب معروف يؤتى به من الهند.

64 - باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد

فاسْمَعا من حديثهِ، فانطلقْنا، فإذا هوَ [وأخوهُ 3/ 207] في حائطٍ يُصْلحُه، فـ[ـلمَّا رآنا جاءَ فـ] أخذ رداءه فاحتَبَى [وجلس]، ثم أنشأَ يحدِّثُنا، حتى أتَى ذكْرُ بناء المسجد، فقالَ: كنَّا نحمل [لَبِنَ المسجد] لَبِنةً لبِنةً، وَ [كان] عمَّارٌ [ينقلُ] لَبِنَتَيْن لَبِنَتَيْن، فرآهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيَنفُضُ التُّرابَ عنهُ (وفي روايةٍ: مسح عن رأسهِ الغبارَ) ويقولُ: "ويْحَ عمَّارٍ [تقتُلُه الفئةُ الباغيةُ]، يدْعوهم إلى الجَنةِ، ويدْعونهُ إلى النارِ". قالَ: يقولُ عمارٌ: أعوذُ بالله من الفِتنِ. 64 - باب الاستعانة بالنجَّار والصُّنَّاع في أعوادِ المِنبر والمسجد 237 - عن جابر أن امرأةً قالت: يا رسولَ اللهِ! ألا أَجعلُ لكَ شيئاً تقعُدُ عليه؛ فإنَّ لي غلاماً نجاراً؟ قالَ: "إن شئتِ". فعَمِلَتِ المنبرَ. 65 - باب مَن بنَى مسجداً 238 - عن عُبيد اللهِ الخَوْلاني أنه سمعَ عثمانَ بن عفان رضي الله عنه يقولُ عندَ قولِ الناس فيه حينَ بنَى مسجدَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -: إنكم أكثرتُم، وإني سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " من بني مسجداً- حسبت أنه قال:- يبتغي به وجْهَ اللهِ، بنَى اللهُ له مثلَهُ في الجنَّة". 66 - باب يَأخُذُ بنُصولِ النَّبْل إذا مرَّ في المسجد

67 - باب المرور في المسجد

239 - عن جابر بن عبد الله قالَ: مرَّ رجلٌ في المسجد، ومعَه سِهامٌ [قد أَبدَى نُصُولَها 8/ 90]، فقالَ له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَمْسِكْ بنِصالِها [لا يخدِشُ مُسلماً] ". [قال: نعم]. 67 - باب المرور في المسجد 240 - عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " مَن مَرَّ في شيءٍ من مساجدِنا أوْ أسواقِنا بنَبْلٍ؛ فليَأخذ على نِصَالِها، لا يعَقِرْ بكفِّه مسْلماً، (وفي روايةٍ: أن يُصِيبَ أحداً من المسلمين منها شيءٌ 8/ 90) ". 68 - باب الشِّعر في المسجد 241 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسانَ بنَ ثابت الأَنصاري يستشهد أبا هريرةَ (ومن طريق سعيد بن المسيب قال: مرَّ عمر في المسجد وحسانُ يُنشد، فقال: كنت أنشِدُ فيه، وفيه من هو خير منك، ثم التفَتَ إلى أبي هريرةَ فقال: 4/ 79) [يا أبا هريرة 7/ 109] أَنْشُدُك [بـ] اللهِ هل سمعتَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "يا حسَّانُ! أَجِبْ عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: أجب عني). اللهمَّ أيدْهُ برُوحِ القُدُس"؟. قالَ أبو هريرةَ: نعمْ. 69 - باب أصحاب الحِراب في المسجد

70 - باب ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد

(قلت: أسند فيه حديث عائشة الآتي في"13 - العيدين/2 - باب"). 70 - باب ذِكرِ البيْع والشراءِ على المنبر في المسجد (قلت: أسند فيه حديث عائشة في عتق بريرة الآتي في "ج 2/ 34 - البيوع/73 - باب"). 71 - باب التقاضي والملازمة في المسجد 242 - عن كعبِ بن مالك أنه تقاضى [عبدَ الله 3/ 92] ابنَ أبي حَدْرَدٍ [الأَسلمي] دَيْناً كانَ له عليهِ [في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -1/ 121]، في المسجد [فلزمه، فتكلما]، فارتفَعتْ أصواتُهما حتى سمِعَهما رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ في بيتهِ، فخرجَ إليهما حتى كشف سُجْفَ حُجرَته، فنادى [كعبَ بن مالك 3/ 172]: " يا كعبُ! ". قالَ: لَبَّيكَ يا رسولَ اللهِ، فقالَ: " ضعْ من دَيْنكَ هذا"، وأَوْمَأَ إليهِ [بيدِه]، أيِ الشَطْر، قال: لقد فعلت يا رسول اللهِ، قالَ: " قم فاقضِهِ"، [فأخذ نِصفَ ما عليه، وترك نصفاً]. 72 - باب كَنْس المسجد والتقاط الخرق والعيدان والقَذَى 243 - عن أبي هريرة أن رجلاً أسوَدَ، أو امرأةً سوْداءَ، كانَ يقُمُّ المسجدَ [ولا أُراهُ إلا امرأةً (35)]، فماتَ، [ولم يَعلَمِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بموته 2/ 92]، فسألَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنهُ، [فقالَ: "ما فعَل ذلك الإنسان؟ "]، فقالوا: ماتَ، قالَ:

_ (35) قلت: قال الحافظ: "الصحيح أنها امرأة، وأنها أم محجن". وتأتي قصة أخرى تشبه هذه وقعت لرجل اسمه طلحة بن البراء. رواه ابن عباس فانظرها في "23 - الجنائز/5 - باب".

73 - باب تحريم تجارة الخمر في المسجد

"أفَلا كُنْتُمْ آذَنتُموني به؟ ". [فقالوا: إنه كان كذا وكذا، قِصَّتَه، قالَ: فحقَّرُوا شأنَه، قال: [فـ] دُلُّوني على قبْرهِ، أوْ قالَ: على قبْرِها"، فأتى قبْرَه، فصلَّى عليْها. 73 - باب تحريم تجارة الخمر في المسجد 244 - عن عائشة قالت: لمَّا أُنزلَ الآياتُ في [آخر 3/ 911] {سورةِ البقرةِ} في الرِّبَا، خرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجدِ، فقرأَهُنَّ على الناسِ، ثم حرَّمَ تجارةَ الخمْرِ. 74 - باب الخدم للمسجد 125 - وقال ابن عباس: {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا}: للمسجدِ يخدُمُ. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم قبل بابين). 75 - باب الأسير أو الغريم يربط في المسجد (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "21 - العمل في الصلاة/ 10 - باب"). 76 - باب الاغتسال إذا أسلم، وربط الأسير أيضاً في المسجد 121 - وكانَ شرَيحٌ يأمر الغريمَ أنْ يحبس إلى سارية المسجد. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 72 - باب"). 77 - باب الخيمة في المسجد للمرْضى وغيرهم (قلت: أسند فيه حديث عائشة الآتي في "64 - المغازي/ 72 - باب").

_ 120 - وصله ابن أبي حاتم. 121 - وصله معمر بسند صحيح عنه.

78 - باب إدخال البعير في المسجد للعلة

78 - باب إدخالِ البعيرِ في المسجد للعلة 94 - وقال ابن عباس: طافَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على بعيرٍ. 245 - عن أمِّ سلمة قالت: شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني أشتكي (36)، قالَ: "طوفي من وراء الناس وأنت راكبةٌ". (وفي روايةٍ عنها: أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال- وهو بمكة وأراد الخروج- فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أُقيمتْ صلاةُ الصبحِ فطوفي على بعيرك والناس يصلون" 2/ 165 - 166)، فطفتُ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[حينئذ 2/ 164] يصلي [الصُّبح] إلى جنب البيت، [وهو] يَقرأُ بـ {الطورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ}، [فلم تصلِّ حتى خرجت]. 80 - باب الخوْخَة والممر في المسجد 246 - عن أبي سعيد الخدري قال: خطبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[الناس 4/ 190] [على المنبر 4/ 253] فقال: " إنّ الله سبحانه خيَّرَ عبداً بيْنَ [أن يؤتيه من زَهرة] الدُّنيا، وبيْن ما عِنده، فاختارَ [ذلك العبدُ] ما عِندَ الله"، فبكى أبو بكر رضي الله عنه [وقال: فَدَيْناكَ بآبائنا وأمهاتنا]، فقلت في نفسي: (وفي روايةٍ: فعجبنا له، وقال الناس:) ما

_ 94 - سيأتي موصولاً في "25 - الحج/58 - باب". (36) من الشكوى، والشكاة والشكاية والشكو: المرض.

يُبْكي هذا الشيخ؟ إنْ يكن اللهُ خير عبداً بينَ [أن يؤتيَه من زهرةِ] الدنيا وبينَ ما عنده، فاختارَ ما عند اللهِ [وهو يقول: فديناك بآبائنا وأمهاتنا]، فكانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هوَ العبدَ، وكانَ أبو بكرٍ أعلمَنا، فقال: "يا أبا بكرٍ! لا تَبكِ، إنَّ [من] أَمَنِّ الناسِ عليَّ في صُحبته وماله أبا بكرٍ، ولو كنت متخذاً خليلاً [غير ربي] من أُمَّتِي؛ لاتَّخذتُ أبا بكرٍ، ولكنْ أُخوَّةُ (وفي روايةٍ: خُلَّة) الإسلامِ ومودَّتُه لا يَبقَيَنَّ في المسجد بابٌ (وفي روايةٍ: خوخة) إلا سُدَّ، إلا بابَ (وفي الرواية الأُخرى: خوخةَ) أبي بكر". 247 - عن ابن عباس قالَ: خرج رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي مات فيه عاصباً رأسَه بخرقةٍ، فقعَد على المِنبرِ، فحَمِدَ اللهَ وأثنَى عليه، ثم قال: " إنه ليسَ من الناس أحدٌ أَمَنَّ علَيَّ في نفسه وماله من أبي بكرٍ بن أبي قُحَافةَ، ولَو كنتُ متخذاً من الناس خليلاً؟ لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلاً، ولكن خُلَّةُ الإسلامِ أفضل. (وفي روايةٍ: ولكن أخي وصاحبي" 4/ 191). (وفي أخرى عنه قال: أما الذي قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو كنتُ متخذاً من هذه الأُمةِ خليلاً لاتخذته، ولكن أخوة الإسلام أفضل، أو قال: خير، فإنه أنزله أباً، أو قال: قضاه أباً 8/ 7) (37)، سُدُّوا عنِّي كلَّ خوْخةٍ في هذا المسْجِدِ غيْرَ خوْخِةِ أبي بكرٍ".

_ (37) قلت: وهذه الرواية قد صحت أيضاً من حديث ابن الزبير، وسيأتي إن شاء الله تعالى في "62 - الفضائل/5 - باب".

81 - باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد

81 - باب الأبواب والغَلق للكعبة والمساجد 248 - عن ابن جريج قال: قال لي ابن أبي مُلَيْكَةَ: يا عبدَ الملك! لو رأيتَ مساجدَ ابن عباسٍ وأبوابَها. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي في "ج 2/ 56 - الجهاد/ 127 - باب"). 82 - باب دخول المشركِ المسجدَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 72 باب"). 83 - باب رفعِ الصوتِ في المساجد 249 - عن السائبِ بن يزيد قال: كنت قائماً في المسجد، فحصَبَني رجلٌ، فنظرت، فإذا عمرُ بنُ الخطاب، فقالَ: اذهبْ فائتِني بهذين، فجئتُه بهما، قالَ: مَن أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهلِ الطائف، قالَ: لوْ كُنتُما من أهل البلَدِ لأَوجَعْتُكُما، تَرفعان أصواتَكُما في مسجد رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟! 84 - باب الحِلَقِ والجلوس في المسجد 250 - عن ابن عُمَر قالَ: سأل رجلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو [في المسجد] على المِنبر [يخطُبُ] فقال،: ما تَرى في (وفي روايةٍ: كيف) صلاةُ الليْلِ؟ قالَ: "مَثْنى مَثْنى، فإذا خَشِي الصُّبْحَ صلَّى واحدةً فأَوتَرتْ (وفي رواية: تُوتِرُ 2/ 2) له ما صلى (وفي روايةٍ: "فإذا خشيتَ الصُّبْحَ فأوتِرْ بواحدةٍ تُوتِرُ ما قدْ صلَّيتَ"). وكانَ يقولُ: اجعلوا آخرَ صلاتِكم [بالليل 2/ 13] وتْراً؛ فإنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ به. 85 - باب الاستلقاءِ في المسجد ومدِّ الرِّجْل

86 - باب المسجد يكون في الطريق من غير ضرر بالناس

251 - عن عم عَبَّاد بن تميم (عبد الله بن زيد) أنه رأى رسولَ اللَهِ - صلى الله عليه وسلم - مستلقياً في المسجد، واضِعاً إحدى رجْليْهِ على الأُخرى. 252 - وعن سعيد بن المسيَّب قالَ: كانَ عُمرُ وعثمانُ يَفعلان ذلكَ (38). 86 - باب المسجدِ يكون في الطريق من غير ضرر بالناس 122 - 124 - وبه قال الحسَنُ وأيوبُ ومالكٌ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة في هجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وسيأتي بتمامه في "63 - مناقب الأنصار/ 45 - باب/1658 - حديث"). 87 - باب الصلاة في مسجد السوق 125 - وصلى ابن عوْن في مسجد في دار يُغلَقُ عليهمُ البابُ. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي برقم 342). 88 - باب تشبيكِ الأصابع في المسجد وغيره 253 - عن ابن عمر أو ابن عمروٍ قالَ: شبَّكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصابعَه (39). 95 - عن عبد اللهِ (بن عمر): قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " يا عبدَ اللهِ بنَ عَمْروٍ! كيفَ بكَ إذا بَقيتَ في حُثَالةٍ من الناس ... بهذا (40) ".

_ (38) هذا الأثر عزاه الحافظ في "اللباس" للإسماعيلي على أنها من زيادته في روايته في آخر الحديث الذي قبله، وكأنه لم يستحضر ورودها عند المصنف هنا! 122 - 125 - لم يخرّجها الحافظ. (39) قلت: هذا القدر طرف من الحديث المعلق الآتي بعده، في بعض طرقه، وله شاهد من حديث أبي هريرة خرّجته في "الأحاديث الصحيحة" (206). 95 - قلت: هذا معلق، وقد وصله إبراهيم الحربي في "غريب الحديث"، وأبو يعلى في "مسنده" وغيره بسند قوي، وهو مخرج في المصدر الآنف الذكر. (40) قلت: الظاهر أنه يعني التشبيك، وتمام الحديث عند من ذكرنا آنفاً: "قد مرجت عهوهم وأماناتهم، واختلفوا فصاروا هكذا، وشبك بين أصابعه" الحديث.

254 - عن أبي موسى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إنَّ المؤمنَ للمؤمن كالبُنيانِ، يشُدُّ بعضُه بعضاً. وشبكَ - صلى الله عليه وسلم - أَصَابِعَهُ". 255 - عن أبي هريرةَ قالَ: صلَّى بنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتَي العَشِيِّ، [الظهرَ أو العصرَ 2/ 66]، قالَ ابن سِيرين: قد سمَّاها أبو هريرة، ولكنْ نَسيتُ أنا، قال محمد (بن سيرين): [وأَكثر ظني العصر 2/ 66، وفي روايةٍ: الظهر 7/ 85] (41) قال: فصلى بنا ركعتين، ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في [مقدمة] المسجد، فاتَّكأَ عليها، كأنه غضبانُ، ووضع يدَه اليُمنى على اليسرى، وشبَّكَ بينَ أصابعه، ووضَعَ خدَّه الأَيْمنَ على ظهرِ كفه اليسرى، وخرجت السَّرَعانُ (42) من أبواب المسجد، فقالوا: [أَ] قصرت الصلاة؟ وفي القوم (يومئذ) أبو بكرٍ وعمر، فهَابا أنْ يكلِّماه، وفي القوم رجلٌ في يديه طولٌ، يقال له: ذو (وفي روايةٍ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يدعوه ذا) اليدَيْن، قالَ: يا رسولَ اللهِ! أَنسِيتَ أمْ قصُرَتِ الصلاَةُ؟ قالَ: "لمْ أَنسَ، ولمْ تَقصُرْ"، [قال: بلْ نَسيتَ يا رسولَ الله]، فقالَ: [أكَما يقولُ ذو اليدين؟]. فقالوا: نعمْ، [قال: "صَدَق ذو اليدين"، فقامَ] فتقدَّم، فصلَّى ما تَرَك (وفي روايةٍ: ركعتين أخريين 8/ 133) ثم سلَّم، ثم كبَّرَ وسجدَ مثلَ سجودهِ أوْ أطولَ، ثم رفعَ رأسه وكبَّرَ، ثم كبّر وسجدَ مثلَ سجودهِ أو أطول، ثم رفَع رأسه وكبَّرَ. فربَّما سألوهُ: ثم سلَّمَ؟ (43)، فيقولُ: نُبِّئتُ أنَّ عِمرانَ بنَ حُصَينٍ قالَ: ثم سلَّمَ.

_ (41) ويشهد لرواية العصر رواية مالك من طريق أبى سفيان، عن أبى هريرة وقد سبق ذكرها تحت الحديث المعلق (86). (42) أي أوائل الناس الذين يتسارعون. (43) أي: رُبَّمَا سألوا ابن سيرين راوي الحديث عن أبي هريرة: هل في الحديث: "ثم سلم"؟ فيقول: نبئت .. إلخ، انظر "الفتح".

89 - باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -

89 - باب المساجدِ التي على طرقِ المدينة والمواضعِ التي صلَّى فيها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - 256 - عن موسى بن عُقبةَ قالَ: رأيتُ سالمَ بنَ عبدِ اللهِ يتَحرَّى أماكن منَ الطريق، فيصَلي فيها، ويحدِّثُ أنَّ أباهُ كانَ يصَلي فيها، وأنه رأى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي في تلك الأَمكنةِ. وحدَّثَني نافعٌ عنِ ابنِ عمُرَ رضي الله عنهما أنه كانَ يصَلي في تلكَ الأَمكنةِ. وسألتُ سالماً فلا أَعْلَمُهُ إلا وافَقَ نافعاً في الأَمكنةِ كلها، إلا أنهما اختلفا في مسجد بشرف الروحاءِ. 257 - عن نافع أنَّ عبدَ اللهِ أخبرَه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَنزلُ بذِي الحُلَيْفةِ حينَ يعتمِرُ، وفي حَجَّتِه حينَ حَجَّ، تحت سَمُرَةٍ (44)، في موْضع المسجدِ الذي بذِي الحُلَيفةِ، وكانَ إذا رجَعَ من غَزوٍ كانَ في تلك الطريقِ، أو في حجٍّ أوْ عُمْرةٍ؛ هبَطَ من بطْنِ وادٍ (45)، فإذا ظهَرَ من بطْن وادٍ، أَناخَ بالبَطحاءِ التي على شَفِيرِ الوادي الشرقيَّةِ، فعرَّسَ ثَمَّ حتى يُصْبحَ، ليسَ عندَ المسجدِ الذي بحجارةٍ، ولا على الأَكَمَةِ (46) التي عليها المسجدُ، كانَ ثَم خليجٌ (47) يصَلي عبدُ اللهِ عنده، في بطْنهِ كُثُبٌ كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَم يصلي، فدَحا (48) السيلُ فيه بالبَطْحاءِ حتى دفَنَ ذلكَ المكانَ الذي كان عبد اللهِ يصَلي فيه.

_ (44) أي: شجرة ذات شوك، وهي التي تعرف بأم غيلان. (45) أي وادي العقيق. (فعرّس) التعريس: نزول استراحة لغير إقامة، وأكثر ما يكون في آخر الليل. (46) هو الموضع المرتفع على ما حوله. (47) وادٍ له عمق، (كثب) جمع كثيب، وهو رمل مجتمع. (48) أي: جَمَعَ.

258 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى حيثُ المسجدُ الصغيرُ الذي دُونَ المسجدِ الذي بشرَف الرَّوحاءِ (49)، وقد كانَ عبدُ الله يَعلَمُ المكانَ الذي كانَ يصَلي فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، يقولُ: ثَم عن يمينِكَ حينَ تقومُ في المسجد تصلي، وذلك المسجد على حافَّة الطريق اليمنى، وأنت ذاهب إلى مكة، بينه وبين المسجد الأكبر رمية بحجرٍ، أو نحو ذلك. 259 - وأنَّ ابن عمر كان يصلي إلى العِرْق (50) الذي عند منصَرف الرَّوحاء، وذلك العرق انتهاء طرفه على حافة الطريق دون المسجدِ الذي بينَه وبينَ المنصرف، وأنتَ ذاهبٌ إلى مكة، وقد ابتُني ثَم مسجدٌ، فلم يكنْ عبد اللهِ يصلي في ذلك المسجد، كان يتركه عن يساره ووراءه، ويصلي أمامه إلى العرق نفسه، وكان عبدُ اللهِ يروح من الروحاء، فلا يصلي الظُّهرَ حتى يأتي ذلك المكان؛ فيصلي فيه الظهر. وإذا أقبل من مكة؛ فإنْ مرَّ به قبْلَ الصُّبح بساعةٍ أو من آخر السحرِ عرَّس حتى يصليَ بها الصُّبحَ. 260 - وعنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان ينزلُ تحت سرحةٍ ضخمةٍ (51) دونَ الرُّويْثةِ، عن يمين الطريق، وَوُجاهَ الطريق، في مكان بطحٍ سهلٍ، حتى يُفْضِيَ منْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بريدِ الرُّوَيْثةِ بمِيلين، وقد انكسر أعلاها فانثنى في جوفها، وهي قائمةٌ على ساقٍ، وفي سَاقِها كُثُبٌ كثيرةٌ

_ (49) قرية جامعة على ليلتين من المدينة. (50) أي: عرق الظبية، وهو واد معروف. (منصرف الروحاء) أي: آخرها. (51) أي: شجرة عظيمة. (الرويثة): قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخاً. (وجاه الطريق): مقابله.

261 - وعنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى في طرَفِ تَلْعَةٍ (52) من وراءِ العَرْجِ، وأنتَ ذاهبٌ إلى هضبة، عند ذلك المسجد قبران أو ثلاثةٌ، على القبور رضمٌ من حجارةٍ، عنْ يمين الطريق عند سَلِماتِ الطريق بينَ أولئكَ السَّلِماتِ كان عبد اللهِ يروح من العرج (53) بعد أن تميل الشمس بالهاجرةِ؛ فَيُصَلّي الظهْرَ في ذلكَ المسجدِ. 262 - وأنّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ حدَّثَه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نزَلَ عندَ سَرَحاتٍ عن يسارِ الطريقِ في مَسيلٍ دُونَ هَرْشَى (54)، ذلك المَسيلُ لاصقٌ بكُرَاعِ هَرْشَى بينَه وبينَ الطريقِ قريبٌ من غَلْوةٍ، وكانَ عبدُ اللهِ يصَلي إلى سَرْحةٍ هيَ أقرَب السَّرَحاتِ إلى الطريقِ، وهيَ أطوَلُهنَّ. 263 - وعنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ ينزلُ في المَسيلِ الذي في أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرانِ (55) قِبَلَ المدينةِ، حينَ يَهبطُ منَ الصَّفْراواتِ، يَنزلُ في بطنِ ذلكَ المَسيلِ عن يسَارِ الطريقِ، وأنتَ ذاهبٌ إلى مكَّةَ، ليسَ بيْنَ مَنزلِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وبيْنَ الطريقِ إلا رَميَةٌ بحجَرٍ. 264 - وعنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَنزلُ بذِي طُوىً (56)، ويَبيتُ حتى يُصْبحَ

_ (52) هي مسيل الماء من فوق إلى أسفل، ويقال أيضاً لما ارتفع من الأرض، ولما انهبط. (53) قرية جامعة بينها وبين الرويثة عشرة أو أربعة عشر ميلاً. (54) جبل على ملتقى طريق المدينة والشام قريب من الجحفة. (بكراع هرشى) أي: طرفها. (غلوة) هي غاية بلوغ السهم. وقيل: قدر ثلثي ميل. (55) هو الوادي الذي تسميه العامة بطن مرو، بينه وبين مكة ستة عشر ميلاً. (الصفراوات): جمع صفراء، مكان بعد (مر الظهران). (56) موضع بعد باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به، وسيأتي حديث ابن عمر في الاغتسال في "25 - الحج/38 - باب".

يصَلي الصبْحَ، حينَ يَقدَمُ مكَّةَ، ومصَلَّى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذلكَ على أَكَمَةٍ غليظةٍ، ليسَ في المسجدِ الذي بُنيَ ثَمَّ، ولكِنْ أسفَلَ من ذلكَ على أَكَمةٍ غليظةٍ. 265 - وعنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - استقبَلَ فُرْضَتَيِ (57) الجبلِ الذي بيْنَه وبينَ الجبلِ الطويلِ نحوَ الكعبة، فجعَل المسجدَ الذي بُنيَ ثَم يسارَ المسجدِ بطرَفِ الأَكَمةِ، ومصلَّى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أسفَلَ منه على الأَكَمةِ السوداءِ، تدَعُ منَ الأَكَمةِ عشَرةَ أذرُعٍ أو نحوَها ثم تصَلي مستقبِلَ الفُرْضَتَين منَ الجبلِ الذي بينَك وبينَ الكعبةِ (58).

_ (57) الفُرضة بضم الفاء وسكون الراء: مدخل الطريق إلى الجبل. (58) قال الحافظ: هذه المساجد لا يعرف اليوم منها غير مسجد ذي الحليفة، والمساجد التي بالروحاء، يعرفها أهل تلك الناحية. قلت: وتتبعها من أجل الصلاة فيها مما نهى عنه عمر، خلافاً لصنيع ابنه، وهو أعلم منه قطعاً، فقد ثبت أنه رأى الناس في سفر يتبادرون إلى مكان، فسأل عن ذلك؟ فقالوا: قد صلى فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: من عرضت له الصلاة فليصل، وما لا فَلْيَمْضِ، فإنما هلك أهل الكتاب لأنهم تتبعوا آثار أنبيائهم، فاتخذوها كنائس وبيعاً. قلت: وهذا من علمه وفقهه رضي الله عنه. وتجد تخريج هذا الأثر مع بيان حكم تتبع آثار الأنبياء والصالحين في فتوايَ المطبوعة في آخر كتاب "جزيرة فيلكا وخرافة أثر الخضر فيها" للأستاذ أحمد بن عبد العزيز الحصين/ نشر الدار السلفية في الكويت (ص 43 - 57)، فلتراجع فإنها هامة.

أبواب سترة المصلي

أبوابُ سُتْرةِ المصلي 90 - باب سُترةُ الإمامِ سُتْرةُ مَن خلْفَه 266 - عن ابن عُمرَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا خرجَ يومَ العيدِ (وفي روايةٍ: يوم الفطر والأَضحى 2/ 7) [إلى المَصلى 2/ 8] أمَرَ بالحَربْةِ فتُوضَعُ (وفي روايةٍ: كان يغدو إلى المصلى والعَنَزةُ بين يديهِ تُحملُ وتُنْصبُ) (وفي أخرى: تُركز 1/ 127) بينَ يدَيه، فيصَلي إليها، والناسُ وراءَه، وكان يفعلُ ذلك في السفَرِ، فمِنْ ثَمَّ اتخذَها الأُمراءُ. 91 - باب قدْرِ كَم ينبغي أنْ يكونَ بينَ المصَلي والسُّترة 267 - عن سهلٍ قالَ: كانَ بينَ مصلَّى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (59) وبينَ الجدارِ (وفي روايةٍ: كان بين جدار المسجد مما يلي القِبلة وبين المنبر 8/ 154) (60) مَمَرُّ الشَّاةِ. 268 - عن سلَمةَ قالَ: كانَ جدارُ المسجدِ عند المِنبرِ ما كادتِ الشاةُ تجوزُها (61).

_ (59) أي موضع سجوده، وقول العسقلاني: "أي مقامه في صلاته"، فيه بعد، إذ لا يمكن السجود عادة في مثل هذه المسافة، إلا أن يقال: إنه يتأخر عند السجود، وإليه ذهب بعض المالكية، واستبعده أبو الحسن السندي رحمه الله تعالى، ومما يؤيده أنه يلزم منه أن يكون قيامه - صلى الله عليه وسلم - هو في حالة كونه قريباً من الجدار بذاك القرب، بعيداً عن الصف الذي خلفه نحو ثَلاَثِ أذرع، وهذا مما ينافي السنة في تسوية الصفوف، وهو قوله: "قاربوا بين الصفوف"، وهو حديث صحيح مخرج في "صحيح أبي داود" (673)، وينافي أيضاً حديث ابن عمر الآتي برقم (270). (60) قلت: هذه الرواية أصح سنداً عندي من الأولى، وليس فيها الإشكال الذي في الأولى، ويشهد لها حديث سلمة الآتي بعده، بل الأولى شاذة كما بينته في "صحيح أبي داود" (693). (61) قال المهلب: ما بين الجدار والمنبر سنة متبعة في موضع المنبر، ليدخل إليه من ذلك الموضع.

92 - باب الصلاة إلى الحربة

92 - باب الصلاةِ إلى الحربةِ (قلت: أسند فيه مختصر حديث ابن عمر المتقدم آنفاً برقم 266). 93 - باب الصلاةِ إلى العنَزة 94 - باب السُّترةِ بمكةَ وغيرها (قلت: أسند فيه مختصر حديث أبي جحيفة المتقدم برقم 204). 95 - باب الصلاةِ إلى الأُسطوانةِ 126 - وقالَ عمرُ: المصلونَ أحَقُّ بالسَّواري من المتَحدِّثين إليها. 127 - ورأى عُمَر رجُلاً يصَلي بينَ أُسطُوانتَينِ، فأدناهُ إلى ساريةٍ فقالَ: صلِّ إليها. د 269 - عن يزيدِ بنِ أبي عبَيدٍ قالَ: كنتُ آتي معَ سلَمةَ بنِ الأَكوَعِ، فيصَلي عندَ الأُسطُوانةِ التي عندَ المُصحفِ، فقلتُ: يا أبا مسلمٍ! أراكَ تتَحرى الصلاةَ عندَ هذه الأُسطوانةِ، قالَ: فإني رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يتَحرَّى الصَلاةَ عندَها (62). 96 - باب الصلاةِ بين السوَاري في غيرِ جماعةٍ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي في "56 - الجهاد/ 127 - باب"). 97 - باب

_ 126 - وصله ابن أبي شيبة والحميدي من طريق همدان عن عمر به. كذا في "الشرح". 127 - وصله ابن أبي شيبة أيضاً من طريق معاوية بن قرة بن إياس المزني، عن أبيه- وله صحبة - قال: رآني عمر وأنا أصلي .. فذكر مثله سواء. (62) أي: يقصد الصلاة إليها. كذا في (الشرح).

98 - باب الصلاة إلى الراحلة والبعير والشجر والرحل

270 - عن نافع أنَّ عبدَ الله كانَ إذا دخلَ الكعبةَ مَشَى قِبَلَ وجهه (وفي روايةٍ: الوجه 2/ 160) حين يدخلُ، وجَعَلَ قِبَلَ ظهره، فمشى حتى يكونَ بينه وبين الجدار الذي قِبَلَ وجهه قريباً من ثلاثَةِ أذرعٍ صلّى؛ يتوخَّى المكان الذي أخبره به بلالٌ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى فيه، قال: وليس على أحدٍ بأس إن صلى في أي نواحي البيت شاء. 98 - باب الصلاةِ إلى الراحلة والبعيرِ والشجرِ والرَّحلِ 271 - عن نافع عن ابن عُمرَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كانَ يعرِّضُ (63) راحلتَه فيصَلي إليها. قلتُ: أفرأيتَ إذا هبَّتِ الرِّكابُ؟ قالَ: كانَ يأخذُ الرَّحْلَ فيُعدِّلُه فيُصَلي إلى أَخَرَتِهِ، أو قالَ: مؤخَّرِهِ، وكانَ ابنُ عُمرَ يفعَلُه. 99 - باب الصلاةِ إلى السرير (قلت: أسند فيه حديث عائشة الآتي برقم 274). 100 - باب يرُدُّ المصَلي مَن مرَّ بين يديه 128 - ورَدَّ ابن عُمرَ المارَّ بينَ يديهِ في التشهُّدِ، وفي الكعبةِ وقالَ: إنْ أَبَى إلا أنْ تقاتلَه؛ فقاتلْه. 272 - عن أبي صالح السمّانِ قال: رأيت أبا سعيدٍ الخدري في يومِ جمعةٍ

_ (63) أي: يجعلها عرضاً. (الركاب) الإبل التي يسار عليها ولا واحد لها من لفظها. 128 - قلت: وصله عبد الرزاق في "المصنف" (2337)، وابن أبي شيبة من طريقين، عن عمرو بن دينار عنه به نحوه. وهو صحيح. ثم روى عبد الرزاق (2325 - 2326) بإسنادين آخرين، عن نافع، عن ابن عمر به نحوه.

101 - باب إثم المار بين يدي المصلي

يصَلي إلى شيءٍ يستُرُه من الناس، فأرادَ شابٌّ من بَني أبي مُعيْطٍ أن يجتازَ بينَ يديهِ، فدفَعَ أبو سعيدٍ في صَدْرهِ، فنظَر الشابُّ فلَم يَجدْ مَساغاً إلا بينَ يديهِ، فعادَ لِيجتازَ، فدفَعَه أبو سعيدٍ أَشدَّ من الأُولى، فنالَ من أبي سعيدٍ، ثم دخلَ على مروانَ، فشَكا إليه ما لَقيَ من أبي سعيدٍ، ودخلَ أبو سعيدٍ خلفَه على مروانَ، فقالَ: مالَكَ ولاِبنِ أخيكَ يا أبا سعيدٍ؟ قالَ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " إذا صلى أحدُكم إلى شيءٍ يستُرُهُ منَ الناسِ فأرادَ أحدٌ أنْ يجتازَ بينَ يديهِ فلْيدفَعْهُ، (وفي روايةٍ: إذا مرَّ بين يدي أحدكم شيء وهو يصلي، فليمنَعْهُ، فإن أبى فَلْيَمْنَعْهُ 4/ 92)، فإنْ أبي فلْيقاتِلْهُ، فإنما هو شيْطانٌ". 101 - باب إثمِ المارِّ بين يدَي المصَلي 273 - عن بُسْر بنِ سعيدٍ أنَّ زَيدَ بنَ خالدٍ أرسلَه إلى أبي جُهَيْم يسألُه: ماذا سمعَ من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في المارِّ بينَ يدَي المصَلي؟ فقالَ أبو جُهَيْم: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " لوْ يَعلَمُ المارُّ بينَ يدَي المصلِّي ماذا عليهِ؟ لكانَ أنْ يقِفَ أربعينَ؛ خَيْراً له منْ أنْ يمُرَّ بينَ يديهَ". قالَ أبو النَّضْر: لا أدري أقالَ أربعينَ يوماً، أو شهراً، أو سنَةً. 102 - باب استقبالِ الرَّجلِ الرَّجلَ وهو يصَلي 129 - وكرِهَ عُثمانُ أنْ يُستقبَلَ الرجلُ وهوَ يصَلي. وإنما هذا إذا اشتَغلَ بهِ، فأمَّا إذا لم يشتغل به:

_ 129 - لم يره الحافظ عن عثمان، وانما عن عمر، أخرجه عبد الرزاق (2396)، وابن أبي =

103 - باب الصلاة خلف النائم

130 - فقد قالَ زَيدُ بنُ ثابتٍ: ما بالَيتُ، إنَّ الرَّجلَ لا يَقطَعُ صلاةَ الرجُلِ. 274 - عن مسروقٍ عن عائشةَ أنّهُ ذُكِر عندَها ما يَقطعُ الصلاةَ، فقالوا: يقطَعُها الكلبُ، والحمارُ، وَالمرأةُ. قالت: لقد جعلتمونا كِلاباً، (وفي روايةٍ: شبهتمونا (وفي طريق: بئسما عَدَلتمونا) بالحميرِ والكلابِ، واللهِ)، لقد رأيتُ النبي- صلى الله عليه وسلم - يصلي، وِإنّي لَبَيْنَه وبَيْنَ القِبلةِ (وفي طريقٍ: ورجْلاي في قبلته)، وأنا مضطجِعةٌ (وفي طريقٍ: راقدة) على السريرِ، (وفي طريقٍ: فيجيء النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيتوسط السريرَ فيصلي 1/ 29) فتكُونُ ليَ الحاجَةُ، فأَكرهُ أنْ أستقبلَهُ [فأُوذي النبي - صلى الله عليه وسلم -]، (وفي طريقٍ: أن أسْنَحه) (64) فأَنسَلُّ انسلالاً [من قبلِ رِجلَيِ السريرِ حتى أنسلَّ من لِحافي]. 103 - باب الصلاةِ خلفَ النائمِ (قلت: أسند فيه مختصر حديث عائشة الآتي في الباب الذي يليه). 104 - باب التطوُّعِ خلفَ المرأةِ 275 - عن عائشةَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنها قالتْ: كنتُ أنامُ بينَ يدَي رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ورِجلايَ في قِبلتهِ، [وهو يصلي 2/ 61]، فإذا سجدَ غمزَني، فقبضتُ رجلَيَّ، فإذا قامَ بَسَطْتُهُمَا، قالتْ: والبيوتُ يومئذٍ ليسَ فيها مصابيحُ.

_ = شيبة وغيرهما من طريق هلال بن يساف عنه زجر عن ذلك. ورجاله ثقات، لكنه منقطع، هلال لم يدرك عمر. قلت: وأما الحديث الذي يلهج به بعض أئمة المساجد في دمشق بلفظ: "ما أفلح وجه صلي إليه"، فلا أعرف له أصلاً. 135 - لم يخرّجه الحافظ. (64) بفتح النون والحاء المهملة أي: أظهر له من قدامه. كما في "الفتح"، ووقع في الأصل "أسَنِّحَهُ" بكسر النون المشددة.

105 - باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء

(وفي رواية عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي، وهي بينه وبين القبلة، على فراش أهله اعتراض الجنازة). (وفي أخرى مرسلة: على الفراش الذي ينامان عليه). 105 - باب من قال: لا يقطعُ الصلاةَ شيءٌ 276 - عن ابنِ أَخي ابنِ شهابٍ أنه سألَ عمَّه عن الصلاةِ يقطعُها شيءٌ؟ فقالَ: لا يقطعُها شيءٌ، أَخبرَني عروةُ بن الزبير أَنَّ عائشةَ زوْجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: لقدْ كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقومُ فيصَلي منَ اللَّيلِ، وإني لَـ[راقدةٌ] معتَرِضَةٌ بيْنَه وبينَ القِبلةِ، على فرَاشِ أَهلهِ، [فإذا أَرادَ أَن يوترَ أَيقظني فأوترتُ 1/ 130]. 106 - باب إذا حمَل جاريةً صغيرةً على عنُقهِ في الصلاةِ 277 - عن أَبي قَتادةَ الأَنصاري أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصَلي وهو حاملٌ أُمامةَ بنتَ زينبَ بِنْتِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ولأَبي العاصِ بنِ ربيعةَ بنِ عبدِ شمسٍ-[على عاتقِه 7/ 74]، فإذا سجدَ وضَعَها، وإذا قامَ حمَلَها. (وفي روايةٍ: إذا ركَع وضَعَ، وإذا رفَعَ رَفَعها). 107 - باب إذا صلَّى إلى فراشٍ فيه حائض (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ميمونة المتقدم برقم 206). 108 - باب هل يغمِزُ الرَّجل امرأَتَه عندَ السجودِ لكي يسجدَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم آنفاً برقم 275). 109 - باب المرأَةِ تَطرح عن المصَلي شيئاً من الأَذى (قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 141).

9 - كتاب مواقيت الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم 9 - كتَابُ مواقيت الصلاة 1 - [باب مواقيت الصلاة] وقولهِ: {إنَّ الصلاةَ كَانَتْ على المؤمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}: وقَّته عليهم 278 - عن ابن شهابٍ أنَّ عُمرَ بنَ عبدِ العزيز أَخَّرَ الصلاةَ يوماً، (وفي روايةٍ: العصرَ شيئاً 4/ 18) [في إمارته 5/ 17]، فدخلَ عليه عُروةُ بنُ الزُّبير، فأخبَرَه أنَّ المغيرةَ بنَ شُعبةَ أَخَّرَ الصلاةَ يوماً وهو بالعراقِ، (وفي روايةٍ: وهو أمير الكوفة)، فدخلَ عليهِ أبو مسعودٍ [عقبة بن عمرو] الأَنصاري [جَدُّ زيد بن حسن - شهد بدراً-] فقالَ: ما هذا يا مغيرةُ؟! أليس قد علِمتَ أن جبريلَ صلَواتُ اللهِ وسلامُه عليه نزَلَ فصلَّى، فصلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم صلَّى، فصلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم صلَّى، فصلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثم صلَّى، فصلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثم صلَّى، فصلَّى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [يحسِبُ بأصابِعه خمسَ صلوات] ثم قالَ: بهذا أُمِرتُ. فقالَ عُمرُ لعُروةَ: اعلَم ما تحدث به [يا عروة] أَوَ أَنَّ جبريلَ هو أقامَ لرسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وقتَ الصلاةِ؟ قالَ عُروةُ: كذلكَ كانَ بشيرُ بنُ أَبي مسعود يحدِّثُ عن أبيه. 279 - قالَ عُروةُ: ولقد حدَّثتني عائشة أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصَلي

2 - باب قول الله تعالى: {منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين}

العصرَ والشمسُ في حُجرتِها، قبلَ أنْ تَظهَر، (وفي روايةٍ: تخرجَ [96 - من قعْرِ حُجْرَتها]، وفي أخرى: لم يَظْهَرِ الفيءُ بعد [من حجرتها 1/ 137]). 2 - باب قوْلِ الله تعالى: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم برقم 39). 3 - باب البيعةِ على إقامِ الصَّلاةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جرير بن عبد الله المتقدم برقم 40). 4 - باب الصَّلاةُ كفَّارةٌ 280 - عن حُذيفةَ قالَ: كنَّا جُلوساً عندَ عُمرَ رضي الله عنه فقالَ: أَيُّكم يَحفَظُ قولَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في الفِتنةِ؟ قلتُ: أَنا [أحفظه 2/ 119] كما قالهُ، قالَ: إنكَ عليهِ أو عليها لَجريءٌ [فكيف؟] قلتُ: فِتنةُ الرجلِ في أَهلهِ وولَدِه وجارهِ يكفِّرها الصلاةُ، والصوْمُ، والصَّدقةُ، والأَمرُ [بالمعروف]، والنهْيُ [عن المنكر] قالَ: ليسَ هذا أُريدُ، ولكنِّـ[ـي أُريد] الفِتنةَ التي تَموجُ كما يمُوجُ البحرُ، قالَ: [قلتُ]: ليسَ عليكَ منها بأسٌ يا أميرَ المؤمنينَ! إنَّ بينَك وبينَها باباً مغلقاً، قالَ [عُمر 8/ 96]: أيُكسَرُ [الباب] أمْ يُفتَحُ؟

_ 96 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف رحمه الله تعالى بصيغة الجزم، ووصلها الإسماعيلي في "مستخرجه" بلفظ: "والشمس واقعة في حجرتي". قلت: وكذلك وصله أحمد (6/ 204) بهذا اللفظ. وسنده على شرطهما. والمراد بـ "الحجرة" البيت. وبـ (الشمس) ضوؤها.

5 - باب فضل الصلاة لوقتها

قالَ: [قلت: بل] يُكسَرُ، قالَ: [فإنه] إذاً لا يُغلَقُ أبداً، [قال: قلتُ: أَجلْ]، قلنا [لمسروق: سَلْهُ 2/ 226] أَكانَ عْمرُ يَعلَمُ [مَنِ] البابُ؟ قالَ: نعمْ كما [أَعلَمُ] أنَّ دُونَ الغدِ اللَّيلةَ، [وذلك] أني حدَّثتُه بحديثٍ ليس بالأَغاليطِ، فهِبْنا أن نَسألَ حذيفةَ [مَنِ البابُ]؟ فأَمرْنا مسروقاً فسألَه [مَنِ البابُ 4/ 174] فقالَ: البابُ عُمرُ. 281 - عن ابن مسعود أنَّ رجُلاً أصابَ منِ امرأةٍ قُبْلةً، فأتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبرَه، فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} 5/ 215]، فقالَ الرَّجلُ: يا رسولَ اللهِ! أَلِي هذا؟ قالَ: "لجميعِ أمَّتي كلِّهِم"، (وفي روايةٍ: "لمن عمل بِها من أمَّتي"). 5 - باب فضْلِ الصلاةِ لوَقتِها 282 - عن عبد اللهِ (ابن مسعود) قالَ: سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ العمَلِ أَحَبُّ إلى اللهِ؟ (وفي روايةٍ: أفضل؟ 3/ 200) قالَ: "الصلاةُ على وقتِها". قالَ: ثم أيُّ؟ قالَ: " بِرُّ الوالدَينِ". قالَ: ثم أيُّ؟ قالَ: "الجهادُ في سبيلِ الله". قالَ: حدَّثَني بهنَّ (وفي روايةٍ: فسكتُّ عن) رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولَو استزَدتُه لزَادَني. 6 - باب الصلواتُ الخمسُ كفَّارةٌ 283 - عن أبي هريرةَ أنه سمعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:

7 - باب تضييع الصلاة عن وقتها

"أَرأَيتم لوْ أنَّ نهراً ببابِ أحدِكم يغتسِلُ فيهِ كلَّ يومٍ خمساً؛ ما تقولُ ذلكَ يُبْقي من دَرَنهِ؟ ". قالوا: لا يُبْقي من دَرَنهِ شيئاً، قالَ: "فذلكَ مَثَلُ الصلواتِ الخَمسِ، يمحو اللهُ به الخطايا". 7 - باب تضييعِ الصلاةِ عن وقتِها 284 - عن الزُّهري قالَ: دخلت على أَنس بنِ مالك بدمَشقَ وهو يبكي، فقلتُ له: ما يُبْكيكَ؟ فقالَ: لا أَعرفُ شيئاً ممَّا أَدركتُ إلا هذه الصلاةَ، وهذه الصلاةُ قد ضُيِّعتْ، (وفي طريقٍ أخرى عنه: ضيَّعْتُم ما ضيَّعتم فيها). 8 - باب المصلِّي يناجي ربَّه عزَّ وجلَّ 9 - باب الإبرادِ بالظُّهر في شِدة الحرِّ 285 و 286 - عن أبي هريرةَ وعبد اللهِ بن عُمرَ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إذا اشتَدَّ الحرُّ فأَبرِدُوا بالصلاةِ؛ فإنَّ شِدَّةَ الحرِّ من فَيْحِ جهنَّم". 287 - عن أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " اشتكَتِ النارُ إلى ربِّها، فقالت: يا ربِّ! أَكلَ بعْضي بعضاً، فأَذِنَ لها بنفَسَينِ، نفَسٍ في الشتاءِ، ونفَسٍ في الصيفِ، [ف 89/ 4] أَشدُّ ما تَجدُون من الحرّ، وأشَدُّ ما تَجدُون من الزمهريرِ". 288 - عن أبي سعيد قالَ: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أبْرِدُوا بالظُّهرِ، فإنَّ شِدةَ الحرِّ من فَيْح جهنَّم".

10 - باب الإبراد بالظهر في السفر

10 - باب الإبراد بالظُّهر في السفَر 289 - عن أبي ذَرٍّ الغِفاري قالَ: كنَّا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سفَرٍ، فأرادَ المؤذِّنُ أنْ يؤذِّنَ للظُّهر، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَبرِدْ [أبردْ، أو قال: انتظر انتظر" 1/ 135]، ثم أرادَ أنْ يؤذّنَ، فقالَ له: "أَبْرِد"، [ثم أرادَ أن يؤذن، فقالَ له: "أَبردْ" 1/ 155]، حتى رأَينا فيْءَ التُّلول (1)، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ شِدَّةَ الحرِّ من فيْحِ جهنَّم، فإذا اشتدَّ الحرُّ، فأَبردوا بالصلاةِ". 131 - وقالَ ابنُ عباس رضي الله عنهما: (تتفيَّأُ) تَتَميَّل. 11 - باب وقتِ الظهرِ عند الزوال 97 - وقال جابر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالهاجرةِ. 12 - باب تأخير الظهر إلى العصر 290 - عن ابن عباس أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بالمدينةِ سبعاً [جميعاً 1/ 140]، وثمانياً [جميعاً]، الظهرَ والعصرَ، والمغربَ والعشاءَ. [قلت: يا أبا الشعثاء! أظنه أخَّر الظهر وعجَّل العصر، وعجَّل العشاء وأخَّر المغرب. قال: وأنا

_ (1) جمع تل، كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك، وهي في الغالب منبطحة غير شاخصة، فلا يظهر لها ظل إلا إذا ذهب أكثر وقت الظهر. 131 - وصله ابن أبي حاتم في "تفسيره". 97 - وصله المؤلف هنا بعد سبعة أبواب.

13 - باب وقت العصر

أظنه 2/ 53]، فقالَ أيوبُ: لعلَّه في ليلةٍ مطِيرةٍ؟ قالَ: عسى (2). 13 - باب وقت العصر 291 - عن سيَّار بن سلامةَ قالَ: دخلتُ أنا وأبي على أَبي بَرزةَ الأَسلمي، فقالَ له أَبي: [حدِّثْنا1/ 148] كيفَ كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصَلي المكتوبةَ؟ فقالَ: كانَ يصَلي الهجيرَ (وفي روايةٍ: الظهر 1/ 136) [وهي] التي تدْعونها الأُولى حينَ تَدحضُ (وفي روايةٍ: تزولُ 1/ 187) الشمسُ، ويصَلي العصرَ، ثم يرجِعُ أحدُنا إلى رَحلهِ في أقصى المدينةِ والشمسُ حيَّةٌ،- ونسِيتُ ما قالَ في المغربِ- وكانَ يَستحبُّ أنْ يؤخرَ العشاءَ التي تدْعونها العَتَمةَ [إلى ثلثِ الليلِ، ثم قال: إلى شَطْرِ الليلِ]، وكانَ يكرَهُ النومَ قبلَها، والحديثَ بعدَها، وكانَ ينفتلُ من صلاةِ الغداةِ حينَ يعرفُ الرَّجلُ جليسَه، ويَقرأُ بالستِّينَ [في الركعتين أو إحداهما]، (وفي روايةٍ: ما بيْن الستين) إلى المائةِ. 292 - عن أَبي أُمامة قال: صلَّينا معَ عُمرَ بن عبدِ العزيز الظهرَ، ثم خرجنا؛ حتى دخلنا على أَنس بن مالك، فوجدناهُ يصَلي العصرَ، فقلتُ: يا عمِّ! ما هذه الصلاةُ التي صلَّيتَ؟ قالَ: العصرُ، وهذهِ صلاةُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - التي كنَّا نصلي معَه (3). 14 - باب وقتِ العصرِ (*) 293 - عن أَنس بن مالك قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصرَ

_ (2) قلت: بل العلّة رفع الحرج عن الأمة؛ كما قال سعيد بن جبير عقب الحديث: قلت لابن عباس: لِمَ فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته. رواه مسلم (2/ 152). (3) قلت: راجع حديث رافع بن خديج في تعجيل صلاة العصر في "ج 2/ 47 - الشركة/ 11 - باب"، فإنه من الأحاديث التي لم يوردها المصنف رحمه الله في مظانِّها. (*) كذا في الأصل مكرر ما قبله، وهي رواية المستملي دون غيره. قال الحافظ: "وهو خطأ، لأنه تكرار بلا فائدة".

15 - باب إثم من فاتته العصر

والشمسُ مرتفِعةٌ حيةٌ، فيذهبُ الذاهبُ [منا] إلى العوالي (وفي روايةٍ: قباءٍ. ومن طريق أخرى: إلى بني عمْرو بن عوف)، فيأتيهم والشمسُ مرتفعةٌ، (ومن الطريق الأُخرى: فيجدهم يصَلُّون العصرَ)، وبعضُ (98 - وفي روايةٍ معلقةٍ: وبُعد 8/ 153) العوالي منَ المدينةِ على أربعةِ أميالٍ أو نحوهِ. 15 - باب إثمِ مَن فاتته العصرُ 294 - عن ابن عمر أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " الذي تفوتُه صلاةُ العصرِ كأنما وُتِرَ أهلَه ومالَه". قالَ أبو عبدِ اللهِ: {يَتِرَكُم أعمالَكم}، وتَرْتُ الرَّجلَ، إذا قَتَلْتُ له قتيلاً، أو أَخذت له مالاً. 16 - باب من تركَ العصرَ 295 - عن أبي المَليح قالَ: كنَّا معَ بُريدةَ في غزوةٍ في يومٍ ذِي غيمٍ، فقالَ: بكِّروا بصلاةِ العصرِ؛ فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن ترَك صلاةَ العصرِ فقَدْ حَبطَ عملُه". 17 - باب فضْلِ صلاةِ العصرِ 296 - عن جرير قالَ: كنَّا [جلوساً ليلةً 6/ 48] معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فنظَر إلى القمرِ ليلةً: يعني البدرَ (وفي روايةٍ: ليلةَ أربع عشرة) فقالَ:

_ 98 - وصلها البيهقي، وفيه عبد الله بن صالح، وفيه ضعف من قبل حفظه.

18 - باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب

" [أما 1/ 143] إنَّكُمْ ستروْنَ ربَّكم [عِياناً 8/ 179] (4) كما تروْن هذا القمرَ، لا تُضامُون [أو لا تُضاهون] (5) في رؤيتهِ، فإنِ استطعتم أنْ لا تُغلَبوا على صلاةٍ قبلَ طلوعِ الشّمْسِ وقبلَ غروبِها فافعَلوا، [لا تفُوتنَّكم]، ثم قرأَ (6): {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} ". 297 - عن أبي هُرَيرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يتعاقبونَ فيكُم: ملائكةٌ باللَّيلِ، وملائكةٌ بالنهارِ، ويجتمعونَ في صلاةِ الفجرِ، وصلاةِ العصرِ، ثم يعرُجُ [إليه 4/ 81] الذينَ باتوا فيكم، فيسألُهم- وهو أعلمُ بهم-: كيفَ تركْتم عبادي؟ فيقولونَ: تركناهم وهمْ يصَلونَ، وأتيناهم وهم يصَلونَ". 18 - باب من أدرك ركعةً من العصر قبل الغروب 298 - عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إذا أدركَ أحدُكم سجدةً (7) من صلاةِ العصرِ قبْل أن تغرُبَ الشمسُ؛ فَليُتمَّ صلاتَه، وإذا أَدركَ سجدةً من صلاةِ الصبحِ قبلَ أن تطلُعَ الشمسُ فليُتمَّ صلاتَه". 299 - عن عبدِ اللهِ (بن عمر) أنه سمعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[وهو قائم على المنبر 8/ 191] يقولُ:

_ (4) قلت: هذه الزيادة أخرجها الطبراني أيضاً في "المعجم الكبير" (1/ 107/2) من الطريق التي عند المصنف، ثم قال: "تفرد بها أبو شهاب؛ وهو حافظ متقن، من ثقات المسلمين". (5) بضم أوله وتخفيف الميم، أي: لا ينالكم ضيم، أي: تعب أو ظلم. (6) أي جرير. (7) المراد بها السجدة الأولى من الركعة الأولى كما في بعض الروايات. انظر "الأحاديث الصحيحة" (66).

19 - باب وقت المغرب

"إنما بقاؤُكم فيما سلفَ قبلَكم من الأُممِ، كما بينَ صلاةِ العصرِ إلى غروبِ الشمسِ، أُوتيَ أهلُ التَّوراةِ التَّوراةَ، فعمِلوا [بها]، حتى إذا انتصَفَ النهارُ عجَزوا، فأُعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أُوتيَ أهلُ الإنجيلِ الإنجيلَ، فعمِلوا [به] إلى صلاةِ العصرِ، ثم عجَزوا، فأُعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أُوتينا الْقرآنَ فعمِلنا [به] إلى غروبِ الشمسِ، فأُعطينا قيراطَيْنِ قيراطَيْنِ، فقالَ أهلُ الكتابَيْنِ: أَي ربَّنا! أَعطيتَ هؤلاءِ قيراطَينِ قيراطَينِ، وأعطيتَنا قيراطاً قيراطاً، ونحنُ كنَّا أكثرَ عملاً (وفي طريقٍ: إنما أجلكم في أجل من خلا من الأُمم ما بينَ صلاةِ العصرِ إلى مغربِ الشمسِ، وإنما مثلُكم ومثلُ اليهود والنصارى كرجل استعمل عُمّالاً، فقالَ: من يعملُ لي [من غدوةِ 3/ 49] إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ فعملت اليهودُ إلى نصف النهارِ على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي نصفَ النهار إلى صلاةِ العصر على قيراط قيراط؟ فعمِلَت النصارى من نصف النهار إلى صلاةِ العصر على قيراط قيراط، ثم قال: من يعمل لي من صلاةِ العصر إلى مغربِ الشمسِ على قيراطين قيراطين؟ قال: ألا فأنتم الدَّين يعملون من صلاةِ العصر إلى مغربِ الشمس علي قيراطين قيراطين، قال: ألا لكم الأَجْرُ مرتين، فغضِبت اليهود والنصارى، فقالوا: [مالَنا] نحن أكثر عملاً وأقل عطاءً؟) قالَ اللهُ: هلْ ظلمتُكم من أجرِكم من شيء؟ قالوا: لا، قالَ: فهو فضْلي أوتيهِ من أشاءُ". 19 - باب وقتِ المغرب 132 - وقالَ عطاءٌ: يَجمعُ المريضُ بينَ المغربِ والعشاءِ.

_ 132 - وصله عبد الرزاق في "مصنفه" عن ابن جريج عنه. وأشار بهذا الأثر إلى أن وقت المغرب يمتد إلى العشاء، وذلك أنه لو كان مضيقاً لانفصل عن وقت العشاء. "فتح".

20 - باب من كره أن يقال للمغرب العشاء

300 - عن رافع بن خَديج قالَ: كنَّا نصَلي المغربَ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فينصرفُ أحدُنا وإنه ليُبصِرُ مواقعَ نَبْلهِ. 301 - عن محمد بن عمْرو بن الحسن بن علي قال: قدِم الحَجَّاج فسألْنا جابرَ بن عبدِ اللهِ [عن صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -1/ 141] فقالَ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي الظهرَ بالهاجرةِ، والعصرَ والشمسُ نقيَّةٌ، والمغربَ إذا وَجبتْ، والعشاءَ أحياناً وأحياناً؛ إذا رآهم اجتمَعوا عجَّل، وإذا رآهُمْ أبطَؤا أخَّر، والصبحَ كانوا أو كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَليها بغلَسٍ. 302 - عن سلمةَ قالَ: كنَّا نصَلي معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المغربَ إذا توارت (8) بالحِجابِ. 20 - باب من كَره أن يقالَ للمغرب العشاءَ 303 - عن عبد الله المزني أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " لا تَغلِبنَّكُم الأَعرابُ على اسمِ صلاتِكمُ المغربُ"، قالَ: ويقولُ الأعرابُ: هي العشاءُ. 21 - باب ذكر العشاءِ والعتَمة ومن رآه واسعاً 99 - قالَ أبو هريرةَ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:" أَثقلُ الصلاةِ على المنافقينَ العشاءُ والفجرُ". 100 - وقال: "لو يَعلمون ما في العتَمةِ والفجرِ".

_ (8) أي: الشمس كما في رواية مسلم. 99 و 100 - قلت: هذان طرفان من حديث لأبي هريرة وصلهما المؤلف في "10 - كتاب الأذان". أما الأول فوصله في "3 - باب"، وأما الآخر ففي "9 - باب".

22 - باب وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا

قالَ أبو عبدِ اللهِ: والاختيارُ أنْ يقولَ العشاءَ لقوله تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ}. 101 - ويُذكَر عن أبي موسى قالَ: كنَّا نتناوبُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عندَ صلاةِ العشاءِ، فأَعْتَم بها. 102 و 103 - وقالَ ابنُ عباس وعائشةُ: أَعتَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالعشاءِ؛ وقالَ بعضُهم عن عائشةَ: أَعتَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالعتَمةِ. 104 - وقالَ جابرٌ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي العشاءَ. 105 - وقالَ أبو بَرزةَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يؤخرُ العِشاءَ. 106 - وقالَ أَنس: أَخرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - العِشاءَ الآخرةَ. 107 - 109 - وقالَ ابنُ عُمر وأبو أيوبَ وابنُ عباس: صلي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المغربَ والعشاءَ. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 78). 22 - باب وقْتِ العشاءِ إذا اجتمع الناس أو تأخروا (قلت: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 301).

_ 101 - وصله المؤلف مطولاً بعد باب. 102 و 103 - قلت: أما حديث ابن عباس فوصله المؤلف فيما يأتي "24 - باب". وأما حديث عائشة فوصله بعد باب. 104 - هو طرف من حديث جابر، وقد مرَّ موصولاً قبل بابين. 105 - هو طرف من حديث أبو برزة، وقد مضى بتمامه موصولاً في "12 - باب". 106 - هذا طرف من حديثه الآتي موصولاً في "10 - الأذان/ 20 - باب". 107 - 109 - أما حديث ابن عمر وأبي أيوب فوصلهما المصنف في "25 - الحج/97 - باب). وأما حديث ابن عباس فوصله فيما تقدم "11 - باب".

23 - باب فضل العشاء

23 - باب فضْل العشاء 304 - عن عروةَ أنَّ عائشةَ أخبرتْه قالت: أَعْتَم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ليلةً بالعِشاء، (وفي روايةٍ: بالعَتَمة 1/ 210) - وذلكَ قبلَ أنْ يفْشوَ الإسلامُ- فلَم يخرجْ حتى قالَ عُمر: [الصلاةَ]، [قد 1/ 209] نامَ النساءُ والصِّبيانُ، فخرجَ فقالَ لأَهلِ المسجدِ: ما ينتظرُها أحدٌ من أهلِ الأَرضِ غيْرُكم، [قالَ: ولا تصَلَّى يومئذٍ إلا بالمدينةِ. قالَ: وكانوا يصَلون العشاءَ (وفي روايةٍ: العتَمة) فيما بيْنَ أنْ يَغيبَ الشفَقُ إلى ثُلثِ الليلِ الأولِ]. 305 - عن أبي موسى قالَ: كنتُ أنا وأصحابي الذينَ قدِموا معي في السفينةِ نزولاً في بقيعِ بُطحانَ، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينةِ، فكانَ يتناوب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عندَ صلاةِ العشاءِ كلَّ ليلةٍ نفَرٌ منْهم، فوافقْنا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنا وأصحابي، ولهُ بعضُ الشغُلِ في بعضِ أمرهِ، فأَعتَم بالصلاةِ حتى ابْهَارَّ الليلُ، ثم خرَج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فصلَّى بهم، فلما قضى صلاتَه قالَ لِمَنْ حضَرَه: "على رِسْلِكم، أَبشِروا، إنَّ مِن نعمةِ اللهِ عليكم أنه ليسَ أحدٌ منَ الناسِ يصَلي هذهِ الساعةَ غيرُكم، أو قالَ: ما صلَّى هذه الساعةَ أحدٌ غيرُكم- لا يَدري أيُّ الكلِمتَينِ قالَ-". قالَ أبو موسى: فرجَعنا فَرْحى بما سمِعنا من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. 24 - باب ما يُكْرَهُ من النوم قبل العِشاء (قلت: أسند فيه حديث أبي برزة المتقدم برقم 291).

25 - باب النوم قبل العشاء لمن غلب

25 - باب النوم قبل العِشاء لمن غُلب 306 - عن عبد الله بن عُمر أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شُغِل عنْها ليلةً فأخرَها حتى رقَدْنا في المسجدِ، ثم استيقظْنا، ثم رقَدْنا، ثم استَيْقَظْنا (9)، ثم خرجَ عليْنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم قالَ: " ليسَ أحدٌ من أهلِ الأَرضِ ينتظِرُ الصلاةَ غيْرُكم". وكانَ ابنُ عمرَ لا يبالي أقَدَّمَها أمْ أَخرَها إذا كانَ لا يَخشى أنْ يَغلِبَه النومُ عن وقتِها، وكانَ يرقُد قبلَها. 307 - عن ابن عباس قالَ: أَعْتَم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ليلةً بالعِشاءِ، حتى رقَدَ الناسُ واستيقظوا، ورقَدوا واستيقَظوا، فقامَ عُمرُ بنُ الخطابِ فقالَ: الصلاةَ [يا رسولَ الله! رقَد النساءُ والولدان 8/ 131]، قالَ ابنُ عباس: فخرَج نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كأني أنظرُ إليهِ الآنَ يقطُرُ رأسُه ماءً، واضعاً يدَه على رأسهِ، [يمسَحُ الماءَ عن شِقِّه]، فقالَ: "لوْلا أنْ أشُقَّ على أمَّتي لأَمرتُهم أنْ يُصَلُّوها هكذا، (وفي روايةٍ: هذه الساعة) "، فاستَثْبَتُّ عطاءً: كيفَ وضَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يدَه على رأسهِ كما أَنبَأَه ابنُ عباسٍ؟ فبدَّدَ لي عَطاءٌ بينَ أصابعهِ شيئاً من تبديدٍ، ثم وضعَ أطرافَ أصابعهِ على قَرْنِ الرأسِ ثم ضمَّها، يُمرُّها كذلكَ على الرأسِ، حتى مسَّت إبهامُه طرَفَ الأُذُنِ مما يلي الوَجهَ على الصُّدْغِ، وناحيةِ اللِّحيةِ، لا يقصِّرُ ولا يبطُشُ إلا كذلكَ، وقالَ:

_ (9) قلت: فيه دليل لمن ذهب إلى أن النوم لا ينقض الوضوء، وأجيب بأجوبة فيها نظر، والظاهر أن هذا كان قبل فرض الوضوء من النوم، فقد صح أيضاً عن الصحابة أنهم كانوا يغطون في النوم ثم يقومون إلى الصلاة دون أن يتوضؤا. وهذا لا يمكن الجواب عنه إلا بما ذكرنا، انظر "الإرواء" (1/ 148 - 149).

26 - باب وقت العشاء إلى نصف الليل

"لولا أنْ أَشُقَّ على أمَّتي لأَمرتُهم أنْ يُصَلُّوا هكذا. (وفي روايةٍ: إنه لَلْوقتُ؛ لولا أن أشقَّ على أُمتي) ". 26 - باب وقتِ العِشاء إلى نصف الليل 110 - وقالَ أبو بَرْزةَ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يستحِبُّ تأخيرَها. (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي في "10 - الأذان/ 36 - باب"). 27 - باب فضْل صلاة الفجر 308 - عن أبي موسى أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن صلَّى البَرْدَينِ دخلَ الجنةَ". 28 - باب وقت الفجر 309 - عن أَنس بن مالك (وفي روايةٍ عنه: أن زيد بن ثابت حدّثه) أنَّ نبيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وزيدَ بنَ ثابتٍ (10) تسحَّرا، فلمَّا فرَغا من سحورهِما، قامَ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاةِ فصلَّى. قلتُ لأَنسٍ: كم كانَ بينَ فراغهِما من سحورِهما ودخولِهما في الصلاةِ؟ قالَ: [كـ 2/ 45] قدْرِ ما يَقرأُ الرجلُ خمسينَ آيةً.

_ 110 - هذا طرف من حديث له، تقدم موصولاً برقم (291). (10) قلت: والفرق بين الروايتين، أن الحديث على الأولى من مسند أنس، وعلى الأخرى من مسند زيد. وجمع الحافظ بين الروايتين بأن أنساً حضر ذلك لكنه لم يتسحر معهما. ثم ذكر حديثاً فيه التصريح بذلك، فراجعه إن شئت.

29 - باب من أدرك من الفجر ركعة

310 - عن سهْلِ بنِ سعدٍ قالَ: كنتُ أتسحَّرُ في أهلي، ثم يكونُ سُرعةٌ (11) بي أنْ أُدركَ صلاةَ الفجرِ (وفي روايةٍ: ثم تكونُ سُرعتي أن أدركَ السجودَ 2/ 231) معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. 29 - باب مَن أَدرك من الفجر ركعة (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم298 من طريقٍ أخرى). 30 - باب مَن أَدرك من الصلاة ركعة 311 - عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن أَدركَ ركعةً من الصلاةِ فقدْ أَدركَ الصلاةَ". 31 - باب الصلاةِ بعد الفجر حتى ترتفع الشمس 312 - عن ابن عباس قالَ: شهِدَ عندي رجَالٌ مَرْضيُّونَ،- وأرضاهم عندي عمرُ- أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاةِ بعدَ الصبحِ حتى تُشرقَ الشمسُ، وبعدَ العصرِ حتى تغرُبَ (12). 313 - عن ابن عُمر قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (11) بالرفع اسم كان ويجوز (سرعةً) بالنصب خبرها، والاسم ضمير يعود لما يدل عليه لفظ السرعة، أي تكون السرعة سرعة حاصلة بي. (12) اعلم أن هذا ونحوه مما يأتي من الأحاديث ليس على عمومه، بل هو مقيد بما إذا كانت الشمس غير نقية أي صفراء؛ لحديث علي عند أبي داود وغيره وهو مخرج في "الصحيحة" (200)، وعليه فلا تصح دعوى كراهة الركعتين بعد العصر، واختصاص الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهما ولذلك كان يركعهما بعض السلف، كما هو مبين هناك.

32 - باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس

"لا تَحرَّوا بصلاتِكم طلوعَ الشمسِ، ولا غروبَها، [فإنها تطلُعُ مِن قَرْنَيْ شيطان، أو الشيطانِ". لا أَدري أيَّ ذلك قال هشامٌ 4/ 92] (ومن طريقٍ أخرى عنه: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن الصلاة عند طلوع الشمس، وعند غروبها 2/ 166). 314 - وعنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا طلَعَ حاجبُ الشمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى ترتفعَ (وفي روايةٍ: تبرُزَ 4/ 92)، وإذا غابَ حاجبُ الشمسِ فأخِّروا الصلاةَ حتى تغيبَ". 315 - عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيْعتَيْنِ، وعن لِبسَتَيْن، وعن صلاتيْنِ: نهى عن الصلاةِ بعدَ الفجرِ حتى تطلُعَ الشمسُ، وبعدَ العصرِ حتى تغرُبَ الشمسُ، وعن اشتمالِ الصَّمَّاء [ليس على أحد شقيه 7/ 42] (13)، وعنِ الاحتباءِ في ثوبٍ واحدٍ [ثم يرفعُه على منكبيه 3/ 25]؛ يُفْضي بفَرجهِ إلى (وفي روايةٍ: ليس على فرجه شيء بينه وبين 7/ 41) السماءِ، وعنِ المنابَذةِ، وعن الملامَسةِ. 32 - باب لا يَتحرى الصلاة قبل غروب الشمس 316 - عن معاويةَ قالَ: إنكم لتُصلُّونَ صلاةً لقد صحِبْنا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فما رأيناهُ يصَليها (14)، ولقد نَهى عنْها (وفي روايةٍ: عنهما 4/ 219). يعني الركعتيْنِ بعدَ العصرِ.

_ (13) أي منه شيء، وليس عليه ثوب غيره فتنكشف عورته. (14) قلت: قد رأته عائشة رضي الله عنها كما يأتي بعد باب، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وهي عمدة الذين رآهم معاوية يصلون. وقوله: (نهى عنها)، لعله يعني النهي بطريق العموم الذي تقدم في حديث عمر وغيره، وقد عرفت جوابه.

33 - باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر

33 - باب مَن لم يَكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر 111 - 114 - رواه عُمرُ وابنُ عُمَرَ وأبو سعيدٍ وأبو هريرةَ. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي "20 - الصلاة في مسجد مكة والمدينة/2 - باب"). 34 - باب ما يصلَّى بعد العصر من الفوائت ونحوها 115 - وقالَ كُرَيبٌ عن أمِّ سلَمةَ: صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ العصرِ ركعتَين، وقال: " شغلَني ناسٌ من عبدِ القيْس عن الركعتَينِ بعدَ الظهر". 317 - عن أيمنَ أنه سمعَ عائشةَ قالتْ: والذي ذَهبَ به ما ترَكَهما حتى لقيَ اللهَ، وما لقيَ اللهَ تعالى حتى ثقُلَ عنِ الصلاةِ، وكانَ يصَلي كثيراً من صلاتِه قاعداً- تعني الركعتينِ بعدَ العصرِ- وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَليهما، ولا يصليهما في المسجدِ مخافةَ أن يثقِّلَ على أُمتهِ، وكانَ يُحبُّ ما يخفِّفُ عنْهم (15). وفي طريقٍ ثانيةٍ عنها قالتْ: ركعتانِ لم يكنْ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يدَعُهما سرّاً ولا علانيَةً: ركعتانِ قبلَ الصبحِ، وركعتانِ بعدَ العصرِ.

_ 111 - 114 - قلت: يشير إلى حديث عمر المتقدم (312)، وحديث ابنه بعده (313 و 314)، وحديث أبي هريرة (315)، وأما حديث أبي سعيد فيأتي موصولاً في "30 - الصوم/67 - باب". 115 - وصله المصنف في "22 - السهو/9 - باب"، وهو في المسند (6/ 300 و 303 و 309 و 315) من طرق أخرى عن أم سلمة، وفي بعض طرقه أنها قالت: فقلت يا رسول الله أنَقْضيهما إذا فاتتا؟ فقال: "لا". لكن إسنادها ضعيف من وجوه كنت بينتها في تعليقي على "سبل السلام" (1/ 181). (15) سيأتي في "25 - الحج/73 - باب" من طريقين آخرين عنها.

35 - باب التبكير بالصلاة في يوم غيم

ومن طريقين آخرين عنها قالتْ: ما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يأتيني في يومٍ بعدَ العصرِ؛ إلا صلَّى ركعتينِ. 35 - باب التبكير بالصلاة في يوم غَيمٍ (قلت: أسند فيه حديث أبي المليح المتقدم برقم 295). 36 - باب الأَذان بعد ذَهاب الوقت 318 - عن أبي قَتادةَ قالَ: سرْنا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةً، فقالَ بعضُ القومِ: لوْ عرَّستَ (16) بنا يا رسولَ اللهِ! قالَ: "أخافُ أنْ تناموا عنِ الصلاةِ"، قالَ بلال: أنا أُوقظُكم، فاضطجَعوا، وأَسنَد بلالٌ ظهرَه إلى راحلَته، فغلَبتْه عيْناه فنامَ، فاستيقظَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقد طلَع حاجبُ الشمسِ، فقالَ: "يا بلالُ أينَ ما قلتَ؟ ". قالَ: ما أُلقيَتْ عليَّ نوْمةٌ مثْلُها قطُّ، قالَ: " إن اللهَ قَبضَ أرواحَكم حينَ شاءَ، ورَدَّها عليكم حينَ شاءَ، يا بلالُ! قُم فأذِّنْ بالناسِ بالصلاةِ"، فتَوضَّأَ (وفي روايةٍ: فقَضَوْا حوائجهُم وتوضؤا إلى أن طَلعَتِ الشمسُ 8/ 192)، فلمَّا ارتفعَتِ الشمسُ وابياضَّتْ قامَ فصلَّى. 37 - باب مَن صلَّى بالناس جماعةً بعد ذَهاب الوقت 319 - عن جابر بنِ عبد اللهِ أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ جاءَ يومَ الخندقِ بعدَ ما غرَبتِ الشمسُ، فجعلَ يسُبُّ كفَّارَ قرَيشٍ [و5/ 48] قالَ: يا رسولَ اللهِ! ما كِدتُ أصَلي العصرَ حتى كادتِ الشمسُ تغرُبُ، [وذلك بعد ما أفطر الصائم

_ (16) من التعريس: وهو نزول المسافر لغير إقامة. وجواب (لو) محذوف، تقديره: لكان أسهل علينا.

38 - باب من نسي صلاة؛ فليصل إذا ذكرها، ولا يعيد إلا تلك الصلاة

1/ 157] (17)، قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " [أنا 1/ 227] " والله ما صلَّيتُها [بعدُ] "، فقُمنا، إلى بُطحانَ، فتوضَّأَ للصلاةِ، وتوضَّأنا لها، فصلَّى العصرَ بعد ما غرَبتِ الشمسُ، ثم صلَّى بعدَها المغربَ. 38 - باب مَن نسيَ صلاةً؛ فَلْيُصَلِّ إذا ذكرَها، ولا يعيدُ إلا تلك الصلاةَ 133 - وقالَ إبراهيمُ: مَن تركَ صلاةً واحدةً عشرينَ سنَةً لم يُعدْ إلا تلكَ الصلاةَ الواحدةَ. 320 - عن أَنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن نسيَ صلاةً فليصلِّ إذا ذكَرَها، لا كفَّارةَ لها إلا ذلكَ، {وأَقِمِ الصلاةَ لذكْري}. (وفي لفظٍ: {لِلذِّكْرَى} (18) ". 39 - باب قضاءِ الصلواتِ الأُولى فالأُولى (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم آنفاً). 40 - باب ما يُكرَه من السمَر بعد العشاءِ (قلت: أسند فيه حديث أبي برزة المتقدم برقم 291). 41 - باب السَّمَر في الفِقه والخيْر بعد العشاء 42 - باب السمَر مع الأَهل والضَّيْف (قلت: أسند فيه حديث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق الآتي في "ج 2/ 61 - المناقب/25 - باب").

_ (17) يشير إلى الوقت الذي خاطب به عمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، لا إلى الوقت الذي صلى فيه عمر العصر، فإنه كان قرب الغروب كما تدل عليه "كاد". قاله الحافظ. 133 - وصله الثورى في "جامعه" عن منصور وغيره عنه كما في "الفتح"، فهو صحيح الإسناد. (18) الأصل (لذكري)، وهو خطأ.

10 - كتاب الأذان

بسم الله الرحمن الرحيم 10 - كتَابُ الأذان 1 - باب بدءِ الأَذانِ، وقوْلِه عزَّ وجلَّ: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}، وقوْلِه: {ذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ} 321 - عن ابن عُمر قالَ: كانَ المسْلمونَ حينَ قَدِموا المدينةَ يجتمعونَ، فيتَحَيَّنُون الصلاةَ، ليسَ ينادَى لها، فتكلَّموا يوماً في ذلكَ، فقالَ بعضُهمْ: اتخِذوا ناقوساً مثلَ ناقوسِ النصارى، وقالَ بعضُهم: بل بوقاً مثْلَ قَرْنِ اليهودِ، فقالَ عُمرُ: أَوَ لا تَبعثونَ رجلاً يُنادي بالصلاةِ؟ فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " يا بلالُ! قُمْ فنادِ بالصلاةِ". 2 - باب الأَذانُ مَثْنى مَثْنى 322 - عن أَنس بن مالك قالَ: لمَّا كثُرَ الناسُ قالَ: ذكَروا أنْ يُعلِمُوا وقتَ الصلاةِ بشيءٍ يعرفونهُ، فذكَروا أنْ يُورُوا ناراً، أوْ يَضرِبوا ناقوساً، [فذكَروا اليهودَ والنصارى 1/ 150]؛ فأُمِرَ بلالٌ أنْ يَشفَعَ الأَذانَ، وأنْ يُوتِرَ الإقامة، [إلا الإقامة]. 3 - باب الإقامةُ واحدةٌ؛ إلا قولَه: قد قامت الصلاة (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم آنفاً).

4 - باب فضل التأذين

4 - باب فضْل التأْذين 323 - عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا نوديَ للصلاةِ أَدْبَرَ الشيطانُ وله ضُرَاطٌ؛ حتى لا يَسمَعَ التأذينَ، فإذا قضَى النداءَ أَقبَلَ، حتى إذا ثُوِّبَ للصلاةِ أَدْبرَ، حتى إذا قضَى التثويبَ أقبَلَ؛ حتى يَخْطِرَ بينَ المرءِ ونفْسِه (وفي رواية: وقلبه 4/ 94) يقول اذكُرْ كذا، اذكُرْ كذا، لما لم يكن يذكُرُ [فلبَّس عليهِ 2/ 67] حتى يظَلَّ الرجلُ لا يَدري كم صلَّى، (وفي روايةٍ: لا يَدْري أثلاثاً صلَّى أم أربعاً؟). [فإذا لم يدرِ أحدُكم صلى ثلاثاً أو أربعاً؟ فلْيَسْجد سجدتين (وفي روايةٍ: سجدَتَي السَّهوِ) وهو جالس 2/ 67] ". 5 - باب رفْعِ الصوت بالنداء 134 - وقالَ عُمرُ بنُ عبدِ العزيز: أَذِّنْ أَذاناً سَمْحاً، وإلا فاعْتَزِلْنَا. 324 - عن عبدِ اللهِ بن عبدِ الرحمنِ بن أبي صَعصعةَ الأَنصاريِّ ثم المازني أنَّ أبا سعيدٍ الخدْري قالَ له: إني أَراكَ تحِبُّ الغَنَمَ والباديةَ، فإذا كنتَ في غنمِكَ أوْ بادِيتِكَ فأذَّنتَ بالصلاةِ فارفَع صوْتَك بالنِّداءِ، فإنهُ لا يَسمعُ مدَى صوْتِ المؤذِّنِ جِنٌّ، ولا إنسٌ، ولا شيءٌ، إلا شَهِدَ له يومَ القيامةِ. قالَ أبو سعيدٍ: سمِعتُه منْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. 6 - باب ما يُحقن بالأَذانِ من الدماءِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس الآتي في "ج 2/ 55 - الوصايا/ 26 - باب").

_ 134 - وصله ابن أبي شيبة (1/ 154) بسند صحيح عنه.

7 - باب ما يقول إذا سمع المنادي

7 - باب ما يقولُ إذا سمع المنادي 325 - عن أبي سعيد الخُدْري أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا سمِعْتُم النداءَ فقولوا مثلَ ما يقولُ المؤذِّنُ". 8 - باب الدعاءِ عند النداء 326 - عن جابر بن عبدِ الله أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن قالَ حينَ يَسمعُ النداءَ: اللهمَّ رَبَّ هذه الدعوةِ التامَّةِ، والصلاةِ القائمةِ، آتِ محمَّداً الوسيلةَ والفضيلةَ، وابعثْه مقاماً محموداً الذي وعدتَه؛ حَلَّت له شفاعتي يومَ القيامة". 9 - باب الاستِهامِ في الأَذان 135 - ويُذكَر أنَّ أقواماً اختلفوا في الأَذانِ فأقرَعَ بينَهم سعدٌ. 327 - عن أبي هريرة أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لوْ يَعلَمُ الناس ما في النداءِ والصفِّ الأَوَّلِ؛ ثم لم يجدوا إلا أن يَستَهمُوا عليهِ لاستَهموا، ولوْ يعلَمونَ ما في التَّهجير (1)؛ لاستَبقوا إليهِ، ولوْ يعلمون ما في العتَمَةِ والصُّبحِ؛ لأَتوْهُما ولوْ حَبْواً".

_ 135 - أشار إلى ضعفه، وقد وصله البيهقي وغيره بسند منقطع، ووصله سَيْفُ بن عمر، وهو متروك. (1) التهجير: التبكير إلى الصلوات.

10 - باب الكلام في الأذان

10 - باب الكلام في الأذان 136 - وتكلَّم سليمانُ بن صُرَدٍ في أَذانهِ. 137 - وقالَ الحسَن: لا بأسَ أنْ يضحكَ وهو يؤذِّنُ أوْ يُقيمُ. 328 - عن عبد اللهِ بن الحارثِ [ابن عم محمد بن سيرين 6/ 216] قالَ: خطَبَنا ابنُ عباس في يومِ [ذِي] رَدْغٍ (2)، فلمَّا بلَغ المؤذِّنُ: "حيَّ على الصلاةِ"، فأمرَه أنْ يناديَ: الصلاةَ في الرّحَالِ، (وفي روايةٍ: قال ابنُ عباس لمؤذنهِ في يومٍ مطيرٍ: إذا قلتَ: أشهد أنّ محمداً رسول اللهِ، فلا تقل: "حي على الصلاة"، قل: صلوا في بيوتكم)، فنظرَ القومُ بعضُهم إلى بعضٍ [كأنهم أَنكروا 1/ 163]، فقالَ: [كأنكم أَنكرتم هذا؟!] فعلَ هذا مَن هوَ خيرٌ منهُ، (وفي روايةٍ: مني، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -)، وإنها (وفي روايةٍ: إن الجمعَةَ) عَزْمةٌ، [وإني كرهتُ أن أُحرِجَكم. (وفي روايةٍ: كرهتُ أن أُؤثِّمكم فَتَجيئون تدُوسُون الطينَ، (وفي روايةٍ: فتمشون في الطينِ والدَّحْضِ) إلى رُكبكم]. 11 - باب أَذان الأَعمى إذا كان له مَن يخْبرُه 329 - عن عبدِ الله (بن عمر) أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إنَّ بلالاً يؤذِّنُ بليْلٍ، فكلوا واشرَبوا حتى يناديَ ابنُ أُمِّ مكتومٍ".

_ 136 - وصله المصنف في "التاريخ" بإسناد صحيح عنه. 137 - قال الحافظ: لم أره موصولاً. (2) أي: يوم ذي طين قليل، وقوله: (الصلاة) بالنصب أي: أدوها. أو الرفع على الابتداء.

12 - باب الأذان بعد الفجر

قالَ: وكانَ رجلاً أعمى، لا ينادي حتى يقالَ له (وفي روايةٍ: حتى يقولَ لي الناس 3/ 152): أَصبحتَ أَصبحتَ. 12 - باب الأَذان بعد الفجر 330 - عن حفصة أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا سكتَ (3) المؤذِّنُ للصبْحِ وبدَا الصْبحُ صلَّى ركعتيْنِ خفيفتيْنِ، قبلَ أنْ تُقامَ الصلاةُ. 13 - باب الأَذانِ قبل الفجر 331 - عن عبدِ اللهِ بن مسعود عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَمنَعنَّ أحدَكم، أوْ أَحداً منكمْ أذانُ بلالٍ من سَحوره؛ فإنه يؤذِّنُ أوْ [قال 8/ 133] ينادي بليلٍ، لِيَرجعَ (4) قائِمَكم، وليُنبِّهَ نائِمَكم، وليسَ أن يقولَ الفجرُ أوِ الصبْحُ - وقالَ بأصابعِه، ورفعَها إلى فوقُ، وطأطأَ إلى أسفلُ - حتى يقولَ هكذا". وقالَ زهيرٌ بسبَّابتيْهِ إحداهُما فوقَ الأُخرى، ثم مدَّهُما عن يمينهِ وشمالهِ، (وفي روايةٍ: وأظهر يزيد يديه، ثم مَدَّ إحداهما من الأُخرى 6/ 176). 14 - باب كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر إقامة الصلاة

_ (3) الأصل: (اعتكف)، والتصحيح من "الموطأ"، فإن المؤلف رواه من طريقه، ولذلك جزم الحافظ بصواب ما أثبته. انظر "الفتح"، ونحوه حديث عائشة الآتي قريباً. (4) أي: ليرد. وقوله: (وليس أن يقول) أي: وليس الفجر أن يظهر. وقوله: (وقال) أي: أشار عليه السلام، ففيه إطلاق القول على الفعل فيهما وفي قوله: "حتى يقول هكذا، وقال زهير بسبابتيه"؛ فإن معنى "حتى يقول" حتى يظهر الفجر. ومعنى "وقال زهير بسبابتيه": أشار زهير بهما، وزهير هذا هو ابن معاوية الجعفي شيخُ شيخِ المصنف فيه، فالضوء المستطيل من العلو إلى السفل هو الفجر الكاذب، وهو من الليل، والفجر الصادق: هو الضوء المنتشر عرضاً.

15 - باب من انتظر الإقامة

332 - عن أَنس بن مالك قالَ: كانَ المؤذِّن إذا أَذَّن قامَ ناسٌ من [كبار1/ 127] أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يبتدِرونَ السواريَ [عند المغربِ]، حتى يخرُجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهمْ كذلكَ يُصلونَ الرَّكعتَين قبلَ المغرب، ولم يكنْ بينَ الأَذانِ والإقامةِ شيءٌ. (116 - وفي روايةٍ معلقةٍ: لم يكن بينهما إلا قليلٌ). 15 - باب مَن انتظر الإقامة 333 - عن عائشةَ قالت: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا سكتَ المؤذِّنُ بالأُولى (5) من صلاةِ الفجرِ، قامَ فركعَ ركعتَينِ خفيفتين قبلَ صلاةِ الفجرِ، بعدَ أَن يستبينَ الفجرُ، ثم اضطجَع على شِقِّه الأيمنِ حتى يَأتيَه المؤذِّنُ لِلإقامةِ. 16 - باب بيْن كلِّ أَذانَيْن صلاةٌ لمِن شاء 334 - عن عبدِ اللهِ بن مغفَّلٍ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "بينَ كلِّ أَذانَين صلاةٌ، بينَ كلِّ أَذانَينِ صلاةٌ"، ثم قالَ في الثالثةِ: "لِمَن شاءَ". 17 - باب مَن قالَ: لِيؤذِّنْ في السفر مؤذنٌ واحد (قلت: أسند فيه حديث مالك بن الحويرث الآتي في "ج 4/ 95 - خبر الواحد/ 1 - باب"). 18 - باب الأذان للمسافر إذا كانوا جماعة والإقامةِ، وكذلكَ

_ 116 - وصلها الإسماعيلي في "مستخرجه"، ومن طريقه البيهقي (2/ 19) بسند صحيح. (5) قال السندي: كأن المعنى: سكت بسبب الفراغ من المناداة الأولى، وهي الأذان، وتسميتها أولى لمقابلتها للإقامة.

19 - باب هل يتتبع المؤذن فاه ههنا وههنا، وهل يلتفت في الأذان؟

بعرَفة وَجَمْعٍ (6)، وقوْل المؤذن: "الصلاةُ في الرحال" في الليلة الباردة أو المَطيرةِ 19 - باب هل يَتتَبَّعُ المؤذن فاهُ ههنا وههنا، وهل يلتفتُ في الأَذان؟ 138 - ويُذكَر عن بلالٍ أنه جَعل إصبَعيْه في أُذنيْه. 139 - وكانَ ابنُ عُمَر لا يجعلُ إصبَعيْه في أُذُنيهِ. 145 - وقالَ إبراهيمُ: لا بأسَ أنْ يؤذِّنَ على غيرِ وُضوءٍ. 141 - وقال عطاءٌ: الوضوءُ حقٌّ وسُنَّةٌ. 117 - وقالت عائشةُ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يذكُرُ اللهَ على كلِّ أحيانِه. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي جحيفة المتقدم برقم 204). 20 - باب قوْلِ الرجل: فاتَتنا الصلاة 142 - وكَره ابنُ سِيرين أن يقولَ: فاتَتنا الصلاةُ، ولكنْ لِيَقُلْ: لم نُدركْ. وقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أصحُّ.

_ (6) هو المزدلفة، وسمي لاجتماع الناس فيها ليلة العيد. 138 - وصله ابن أبي شيبة (1/ 141)، وكذا عبد الرزاق (1806)، وعنه الترمذي، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. 139 - وصله عبد الرزاق (1816)، وابن أبي شيبة (1/ 210) بسند جيد عنه. 140 - وصله سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. 141 - وصله عبد الرزاق (1799) بسند صحيح عنه. 117 - قلت: سبق معلقاً برقم (57) مع بيان من وصله هناك. 142 - وصله ابن أبي شيبة (2/ 533) بسند صحيح عنه.

21 - باب لا يسعى إلى الصلاة، وليأت بالسكينة والوقار

335 - عن أبي قَتادةَ قالَ: بينما نحنُ نصلِّي معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذ سَمعَ جَلَبَةَ الرجال، فلما صلَّى، قالَ: "ما شأنُكم؟ ". قالوا: استَعجلْنا إلى الصلاةِ، قالَ: "فلا تفعلوا، إذا أَتيتُمُ الصلاةَ فعليكم بالسكِينةِ، فما أَدركتُم فصلُّوا، وما فاتَكم فأتِمّوا". 21 - باب لا يسعى إلى الصلاة، ولْيأتِ بالسَّكينة والوَقار، 118 - وقالَ: "ما أَدركتم فصلوا، وما فاتكم فأَتِمّوا". قاله أبو قَتادةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 336 - عن أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا سَمِعتُم الإقامةَ فامْشوا إلى الصلاةِ؛ وعليكم بالسَّكينةِ والوَقارِ، ولا تُسرعوا، فما أَدركتُم فصلوا، وما فاتَكم فأَتِموا". 22 - باب مَتى يقومُ الناسُ إذا رأَوُا الإمامَ عند الإقامة؟ 337 - عن أبي قَتادة قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أُقيمتِ الصلاةُ فلا تقوموا حتى ترَوْني، [وعليكم بالسَّكينةِ] ". 23 - باب لا يسعى إلى الصلاةِ مستعجِلاً، وليقُم بالسَّكينة والوَقار (قلت: أسند فيه حديث أبي قتادة المتقدم آنفاً). 24 - باب هل يخْرج من المسجد لِعلَّةٍ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 155).

_ 118 - قلت: وصله المصنف عن أبي قتادة في الباب قبله، ويأتي من حديث أبي هريرة هنا.

25 - باب إذا قال الإمام: "مكانكم" حتى يرجع؛ انتظروه

25 - باب إذا قال الإمامُ: "مكانَكُمْ" حتى يَرْجعَ؛ انتظَروه (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المشار إليه آنفاً). 26 - باب قوْل الرجل: ما صلَّينا (قلت: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 319). 27 - باب الإمامِ تَعرِضُ له الحاجةُ بعد الإقامة (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي بعده). 28 - باب الكلام إذا أُقيمت الصلاةُ 338 - عن حُمْيد قالَ: سألتُ ثابتاً البُنانِيَّ عن الرجُلِ يتَكلمُ بعدَ ما تُقامُ الصلاةُ؟ فحدَّثَني عن أَنس بن مالكٍ قالَ: أُقيمتِ الصلاةُ، فعرَضَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجلٌ، فحبَسَه بعد ما أُقيمتِ الصلاةُ، (ومن طريقٍ أخرى قال: أقيمتِ الصلاةُ والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يناجي رجلاً في جانبِ المسجدِ، فما قامَ إلى الصلاةِ حتى نامَ القومُ). 29 - باب وجوبِ صلاةِ الجماعةِ 143 - وقالَ الحسَن: إن منَعتْه أُمُّه عن العشاءِ في الجماعةِ شفَقةً عليه؛ لم يُطعها. 339 - عن أبي هريرةَ أنّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "والذي نفْسي بيَدهِ، لقدْ هَممتُ أَن آمُرَ بحَطبٍ فيُحْطبَ، ثم آمُرَ بالصلاةِ

_ 143 - وصله الحسين المروزي في "الصيام" بإسناد صحيح عنه نحوه.

30 - باب فضل صلاة الجماعة

فيؤذَّنَ لها (وفي طريقٍ: فَتُقَامَ 3/ 91)، ثم آمُرَ رجلاً فيؤُمَّ الناسَ، ثم أُخالِفَ إلى [منازلِ] رجالٍ [لا يشهدون الصلاةَ]، فأُحرِّقَ عليهم بيوتَهُم، والذي نفْسي بيَدِه، لوْ يَعلَمُ أَحدُهم أَنه يجدُ عَرْقاً سميناً (7)، أوْ مَرْماتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لشهِد العِشاءَ". [قال أبو عبد الله: (مَرماة): ما بين ظلف الشاةِ من اللحم، مثل منساةٍ وميضاةٍ، الميم مخفوضة 8/ 127]. 30 - باب فضل صلاةِ الجماعةِ 144 - وكانَ الأَسودُ إذا فاتتهُ الجماعةُ ذهبَ إلى مسجدٍ آخرَ. 145 - وجاءَ أَنسٌ إلى مسجدٍ قد صُلِّيَ فيهِ فأَذَّن، وأقامَ، وصلَّى جماعةً. 340 - عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "صلاةُ الجماعةِ تفضُلُ صلاةَ الفذِّ بسَبعٍ وعشرينَ درجةَ". 341 - عن أبي سعيدٍ الخدْري أنه سمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "صلاة الجماعةِ تفضُلُ صلاةَ الفَذِّ بخَمسٍ وعشرينَ درجةً". 342 - عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. "صلاةُ الرجلِ في الجماعة (وفي روايةٍ: صلاة الجميع 1/ 122) تُضعَّفُ على

_ (7) العَرْق: بفتح العين وسكون الراء؛ العظم الذي عليه بقية لحم أو قطعة لحم. و (مرماتين) يأتي تفسيرها من المصنف رحمه الله. 144 - وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه. 145 - وصله ابن أبي شيبة (1/ 148)، وأبو يعلى، والبيهقي بسند صحيح عنه.

31 - باب فضل صلاة الفجر في جماعة

صلاتِهِ في بيْتهِ وفي سُوقِهِ خمساً وعشرينَ ضعفاً، (وفي الرواية الأخرى: درجة)؛ وذلكَ أنهُ إذا توضَّأَ فأَحسَنَ الوُضوءَ، ثم خرَجَ إلى المسجدِ، لا يُخْرجُه إلا الصلاةُ، لم يَخْطُ خَطْوةً إلا رُفِعتْ له بها درجةٌ، وحُطَّ عنْه بها خطيئةٌ [حتى يدخل المسجد]، فإذا صلَّى (وفي الرواية الأخرى: وإذا دخل المسجد) لمْ تَزَلِ الملائكةُ تصَلي عليْه ما دامَ في مصَلاَّه [الذي يصلي فيه 3/ 20]، [ما دامت الصلاةُ تَحبسه، لا يمنعه أن يَنْقَلِبَ إلى أهله إلا الصلاة 1/ 160]، [تقول 1/ 115]: اللهمَّ صلِّ عليهِ (وفي طَريقٍ أخرى: اللهمَّ اغفر له)، اللهمَّ ارحمْه، [ما لم [يؤذ:] يحْدث فيه]، ولا يزالُ أحدُكم في صلاةٍ، ما انتظَرَ الصلاةَ، (ومن الطريق الأُخرى بلفظ: ما كانَ في المسجدِ ينتظر الصلاةَ، ما لم يُحْدِث". فقال رجلٌ أعجميٌ: ما الحدَثُ يا أبا هريرة؟ قال: الصوتُ، يعْني الضرطةَ 1/ 52). 31 - باب فضل صلاة الفجر في جماعة 343 - ومن طريقٍ أخرى عنه قالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "تَفْضُلُ صلاةُ الجميع صلاةَ أحدِكم وحدَه بخَمسٍ وعشرينَ جزءاً، (وفي روايةٍ: درجةً 5/ 227)، وتجتمَعُ ملائكةُ الليلِ، وملائكةُ النهارِ في صلاةِ الفجرِ"، ثم يقولُ أبو هريرةَ: فاقرَؤوا إن شئتم: {[وقرآنَ الفجرِ] إنَّ قرآنَ الفجرِ كانَ مشهوداً}. 344 - عن أمِّ الدَّرْداء قالتْ: دخلَ عليَّ أبو الدَّرداءِ وهو مُغضَبٌ، فقلتُ: ما أغضبَكَ؟ فقالَ: والله ما أَعرِفُ من أمَّةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - شيئاً إلا أنهم يُصَلُّونَ جميعاً.

32 - باب فضل التهجير إلى الظهر

345 - عن أبي موسى قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَعظمُ الناسِ أَجراً في الصلاةِ أَبعَدُهم فأبعدُهُمْ ممْشًى، والذي ينتظرُ الصلاةَ حتى يصَلِّيَها معَ الإمامِ، أَعظمُ أجراً من الذي يصَلي ثم ينامُ". 32 - باب فضل التهجير إلى الظهر (قلت: أسند فيه بسند واحد عدة أحاديث عن أبي هريرة، أحدها الحديث المتقدم برقم 327). 33 - باب احتساب الآثار 346 - عن أَنس أنَّ بَني سَلِمَةَ أرادوا أنْ يتحوَّلوا عن منازلِهم، فيَنزلوا قريباً منَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: أن يتَحوَّلوا إلى قربِ المسجدِ 2/ 224)، قالَ: فكَرِهَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُعْرُوا المدينةَ، فقالَ: " [يا بَني سَلِمَةَ] ألا تحتسِبونَ آثارَكم؟ "، [فأقاموا]. 146 - قالَ مجاهدٌ في قولِه: {وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}: خُطاهم، آثارُهم: أنْ يُمشَى في الأَرض بأرجُلِهم. 34 - باب فضلِ صلاةِ العِشاء في الجماعة 347 - عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ 146 - وصله عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عنه بلفظ: "قال: أعمالهم"؛ كما في "الفتح".

35 - باب اثنان فما فوقهما جماعة

"ليسَ صلاةٌ أَثقَلَ على المنافقينَ من الفجرِ والعِشاءِ، ولوْ يَعلمونَ ما فيهِما لأَتوْهُما ولوْ حَبْواً (8) ". 35 - باب اثنانِ فما فوقَهما جماعة (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث مالك بن الحويرث الآتي في "ج 4/ 95 - خبر الواحد/1 - باب"). 36 - باب من جلس في المسجد ينتظرُ الصلاةَ وفضلِ المساجد 348 - عن أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "سبعةٌ يُظلُّهم اللهُ [تعالى 2/ 116] [يوم القيامةِ 8/ 20] في ظلِّهِ، يومَ لا ظِلَّ إلا ظِلُّه: الإمامُ العادلُ، وشابٌّ نشأَ في عبادةِ ربِّهِ، ورجلٌ قلبُه معلَّقٌ في المساجدِ، ورجلانِ تحابَّا في اللهِ؛ اجتمَعا عليهِ وتفرَّقا عليهِ، ورجلٌ طلَبتْهُ (وفي روايةٍ: دَعَتْهُ) [امرأَةٌ] ذاتُ مَنصِبٍ وجَمالٍ [إلى نفسها] فقالَ: إني أخافُ اللهَ، ورجلٌ تصدَّقَ [بصدقةٍ] [فـ] أَخفا [ها]، حتى لا تَعلَمَ شمالُهُ ما تنفقُ يمينُه، ورجلٌ ذكَر اللهَ خالياً ففاضَت عيْناهُ". 349 - عن حُميْد قالَ: سُئِل أَنسٌ: هلِ اتخَذَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خاتَماً؟ فقالَ: نَعم، أَخَّرَ ليلةً صلاةَ العِشاءِ إلى شَطرِ (وفي روايةٍ: نصْف 1/ 143) الليلِ، ثم أَقبلَ علينا بوَجههِ بعدَما صلَّى، فقالَ: [قد] صلَّى الناس، (وفي طريق قُرَّةَ بن خالد قال: انتظرنا الحسَنَ، وراثَ علينا (9) حتى قرُبْنا من وقت قيامِه، فجاءَ، فقال: دعانا جيرانُنا هؤُلاء، ثم قال: قال أَنس: نظَرنا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ ليلةٍ حتى كان شطرُ

_ (8) للحديث تتمة بلفظ: "لقد هممت أن آمر .. "، وقد حذفته لأنه تقدم بأتم مما هنا تحت الباب 29. (9) أي: أبطأ.

37 - باب فضل من غدا إلى المسجد ومن راح

الليل يبْلُغُه، فجاء، فصلى لنا، ثم خطبَنا فقال: " ألا إنَّ الناس قد صلُّوا 1/ 149) ورقَدوا، و [إنكم 7/ 52] لم تَزالُوا في صلاةٍ منذُ انتظرتموها، (وفي الرواية الأُخرى: أو إنكم في صلاةٍ ما انتظرتموها)، [وإنَّ القومَ لا يزالونَ بخيرٍ ما انتظروا الخيرَ] "، قالَ: فكأَني أَنظُرُ إلى وَبيص خاتمِه. 37 - باب فضلِ من غدا إلى المسجد ومن راحَ 350 - عن أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن غدَا إلى المسجدِ وراحَ، أعَدَّ اللهُ له نُزُلَه من الجنَّةِ كلَّما غدَا أوْ راحَ". 38 - باب إذا أُقيمت الصلاةُ فلا صلاةَ إلا المكتوبةُ 351 - عن حفص بن عاصم عن عبدِ اللهِ بن مالك ابن بُحيْنة (وفي روايةٍ عنه قال: سمعتُ رجلاً منَ الأَزْدِ يقالُ له: مالكُ ابنُ بُحَينَةَ) (10) أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رأَى رجُلاً وقد أُقِيمَتِ الصلاةُ يصلِّي ركعتَينِ، فلَمَّا انصرَف رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لاثَ (11) بهِ الناسُ، فقالَ له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "آلصُّبحَ أربعاً؟ آلصُّبحَ أربعاً؟ ". 39 - باب حدِّ المريض أن يَشهد الجماعة

_ (10) قلت: والرواية الأولى هي الصواب لأن الصحبة والرواية لعبد الله لا لمالك، ولذلك ينبغي أن يكتب ابن بحينة - وهي أمه - بزيادة ألف ويعرب إعراب عبد الله كما في عبد الله بن أبيّ ابن سلول ومحمد بن علي ابن الحنفية كما في "الفتح". (11) أي: أدار وأحاط.

352 - عن الأسودِ (قلت، وغيره دخل حديث بعضهم في بعض) قال: كنا عند عائشةَ رضي اللهُ عنها، فذكرنا المواظبةَ على الصلاةِ والتعظيمَ لها، قالت: لما مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - مرضَه الذي ماتَ فيه، (ومن طريق عُبَيد الله بن عبد الله بن عُتبة قال: دَخلتُ على عائشةَ، فقلت: ألا تُحَدِّثِيني عن مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: بلى، [لمَّا] ثقُلَ النبي - صلى الله عليه وسلم -1/ 168) [واشْتَدَّ وَجَعُهُ؛ استأذنَ أزواجَه أن يُمرَّضَ في بيتي، فأذِنَّ له 1/ 162]، فَحَضَرَتِ الصلاةُ، فأُذِّنَ، [فقالَ: "أصلَّى الناسُ؟ ". قلنا: لا، هم ينتظرونَكَ، قال: "ضَعُوا لي ماءً في المِخْضَبِ"، قالت: ففعلنا، فاغتسلَ، فذهب لينُوءَ (12)، فأُغمي عليه، ثم أفاقَ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أصلَّى الناسُ؟ ". قلنا: لا، هم ينتظرونَكَ يا رسولَ اللهِ، قالَ: "ضَعُوا لي ماءً في المِخْضبِ"، قالت: فقَعَدَ فاغتَسَلَ، ثم ذهبَ لينوءَ، فأُغمي عليه، ثم أفاق، فقال: "أصلَّى الناسُ؟ ". قلنا: لا، هم ينتظرونَكَ يا رسولَ اللهِ، فقال: "ضعوا لي ماءً في المِخْضبِ"، فقعد فاغتسَل، ثم ذهب لينوء، فأُغمي عليه، ثم أفاقَ فقال: "أصلَّى الناسُ؟ ". فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسولَ اللهِ، والناس عكوف

_ (12) لينهض بجهد ومشقة.

في المسجدِ يَنتظرون النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لصلاةِ العشاء الآخرَةِ]، فقال: "مُروا أبا بكرٍ فَليُصلِّ بالناس"، (وفي الطريق المتقدمة: فأرسلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكرٍ أن يصلِيَ بالناسِ، فأتاه الرسولُ، فقال: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يأمرُكَ أن تصلي بالناس)، فَقِيلَ (وفي طريقٍ ثالثةٍ: قالت عائشة: قلت 1/ 165) له: إن أبا بكر رجل أسِيفٌ، إذا قامَ مَقَامَكَ لم يستطعْ أنْ يصليَ بالناسِ، (وفي طريقٍ: لم يُسمع الناسَ من البكاء، فَمُرْ عمرَ فليُصَلِّ 1/ 176، وفي أخرى: فقال أبو بكر- وكان رجلاً رقيقاً-: يا عمرُ! صلِّ بالناس، فقال له عمر: أنت أحَقُّ بذلك). وأعادَ، فأعادوا له، فأعاد الثالثةَ، [فقالت عائشة: فقلت لحفصةَ: قولي له: إن أبا بكر إذا قام في مقامِكَ لم يُسمِعِ الناس من البكاء، فمُرْ عمرَ فليصلِّ بالناسِ، ففعلت حفصة]، فقال: (وفي طريقٍ: فقلت مثله، فقال في الثالثة أو الرابعة): " [مهْ] إنَّكُنَّ [لأَنْتُنَّ] صواحبُ يوسف (13)، مروا أبا بَكْرٍ فليصلِّ بالناسِ"، [فقالت حفصة لعائشة: ما كنتُ لأُصيبَ منكِ خيراً]، فخرج أبو بكر فصلى [تلك الأَيام]. فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - من نفسه خِفةً، فخرج يُهَادَى بين رَجُلين [- أحدهما العباس- لصلاة الظهر]، كأني أنظر رِجْلَيْهِ يَخُطان الأَرضَ من الوَجَعِ، [حتى دخل المسجد] [وأبو بكر يصلي بالناس]، فـ[ـلما سمعَ أبو بكر حِسَّهُ] أرادَ أن يتأخرَ، فأومأ (وفي طريقٍ: استأخر، فأشار1/ 166) إليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن: مَكانَكَ، (وفي

_ (13) أي في كثرة الإلحاح عليه صلى الله عليه وسلم.

40 - باب الرخصة في المطر، والعلة أن يصلي في رحله

طريقٍ: أن صلِّ)، ثم أُتِيَ به حتى جَلَسَ إلى جَنْبهِ (وفي روايةٍ: حِذَاءَ أبي بكر [عن يساره])، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصلي [قاعداً 1/ 169]، وأبو بكر يصلي بصلاته [قائماً]، والناسُ يصلون بصلاةِ أبي بكر، [يُسمع الناس التكبيرَ]. [قالت عائشة: لقد راجعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وما حملني على كثرة مراجَعَتِه إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحبَّ الناسُ بعده رجلاً قام مقامَه أبداً، ولا كنتُ (14) أرى أنه لن يقومَ أحدٌ مقامَه إلا تشاءَم الناسُ به، فَأَرَدْتُ أن يعدِلَ ذلك رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن أبي بكر 5/ 140]. [قال عبيد الله: فدخلتُ على عبدِ اللهِ بن عباسٍ، فقلت له: ألا أعرضُ عليك ما حَدَّثَتْني عائشةُ عن مرضِ النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: هاتِ، فعرضتُ عليه حديثَها، فما أنكر منه شيئاً، غير أنه قال: أسمَّتْ لك الرَّجُلَ الذي كان مع العباس؟ قلت: لا، قال: هو عَلِيّ] [ابن أبي طالب]. [وكانت عائشة تحدِّثُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعدما دخل بيتَه، واشْتَدَّ [به 7/ 71] وجعُه: هَريقوا عليَّ من سبع قِرَبٍ لم تُحلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعلِّي أعهدُ إلى الناس، وأُجلِسَ في مِخضب لحفصة زوجَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم طفقنا نصُبُّ عليه من تلك القِرَب حتى طفِق (وفي روايةٍ: جَعَلَ) يشير إلينا أن قد فَعَلْتُنَّ، ثم خرج إلى الناس] [فصلى لهم، وخطبهم]. 40 - باب الرخصةِ في المطر، والعِلةِ أن يصَليَ في رَحْلهِ

_ (14) كذا، والظاهر أن "لا" زائدة، وفي بعض النسخ "وإلا كنت أرى"، وهذا صحيح. قاله السندي.

41 - باب هل يصلي الإمام بمن حضر؟ وهل يخطب يوم الجمعة في المطر؟

353 - عن نافع: أنَّ ابنَ عُمَر أَذَّنَ بالصلاةِ في ليلةٍ ذاتِ بَرْدٍ وريحٍ [بضَجْنانَ 1/ 155]، ثم قالَ: ألاَ صلُّوا في الرِّحالِ، ثم قالَ: إِنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَأمرُ المؤَذِّنَ [يؤَذنُ] إذا كانت ليلةٌ ذاتُ برْدٍ ومطرٍ، [ثم] يقولُ [على إثرهِ]: ألا صلُّوا في الرحالِ. 41 - باب هل يصَلي الإمام بمن حضَر؟ وهَلْ يخطُب يوم الجمعة في المطر؟ 354 - عن أَنسِ بن سِيرين قالَ: سمعتُ أَنساً يقولُ: قالَ رجلٌ من الأَنصار: إني لا أستطيعُ الصلاةَ معَك، وكانَ رجُلاً ضخْماً، فصنَع للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - طعاماً، فدعاهُ إلى منزلهِ، [فلما أراد أنْ يخرجَ أَمَرَ بمكانٍ من البيتِ 7/ 92] فبَسَط له حصيراً، ونَضحَ طرَف الحصيرِ [بماءٍ 2/ 54]، فصلَّى علَيهِ ركعتَين، [ودعا لهم]، فقالَ رجلٌ من آلِ (وفي روايةٍ: فلان بن فلان بن) (15) الجارودِ لأَنسٍ: أكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي الضحَى؟ قالَ: ما رأيتُه صلاها إلا يومئذٍ. 42 - باب إذا حَضر الطعامُ وأقيمت الصلاةُ 147 - وكانَ ابنُ عُمَر يبدأُ بالعَشاءِ. 148 - وقالَ أبو الدَّرداءِ: من فِقْهِ المرءِ إقبالُه على حاجتهِ حتى يُقبلَ على صلاتِه وقلبُه فارغٌ.

_ (15) قال الحافظ: وكأنه عبد الحميد بن المنذر بن الجارود البصري. ثم بَيَّنَ وَجهَ ذلك، فراجعه إن شئت. 147 - يأتي موصولاً في الباب بمعناه. 148 - وصله ابن المبارك في "الزهد" (401 - 402) من طريق ضمرة بن حبيب عنه. ورجاله ثقات، لكنه منقطع كما قال الذهبي.

43 - باب إذا دعي الإمام إلى الصلاة وبيده ما يأكل

355 - عن عائشةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قالَ: " إذا وُضع العَشاءُ، وأُقيمت الصلاةُ (وفي روايةٍ: إذا أقيمت الصلاةُ، وَحَضَرَ العَشَاءُ 6/ 215)؛ فابدَؤا بالعَشاءِ". 356 - عن أنس بن مالك أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إذا قُدِّم العَشاءُ؛ فابدؤا به قبلَ أنْ تُصَلُّوا صلاةَ المغربِ، ولا تَعْجَلوا عن عَشائِكم". (ومن طريقٍ أخرى: "إذا وُضعَ العَشاءُ، وأقيمت الصلاةُ؛ فابدؤا بالعَشاء 6/ 215"). 357 - عن ابن عُمَر قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا وُضع عَشاءُ أحدِكم، وأُقيمت الصلاةُ؛ فابدَؤا بالعَشاءِ، ولا يَعْجَلْ حتى يَفرغَ، (وفي روايةٍ: حتى يَقضيَ حاجتَه) منْه". وكانَ ابنُ عُمَر يوضَعُ له الطعامُ، وَتُقَامُ الصّلاةُ، فلا يأتيها حتى يَفرُغَ، وإنهُ يَسمَعُ قراءةَ الإمامِ. 43 - باب إذا دُعِي الإمام إلى الصلاة وبيَده ما يَأكلُ (قلت: أسند فيه حديث عمرو بن أمية الآتي في "ج 3/ 70 - الأطعمة/ 20 - باب"). 44 - باب مَن كان في حاجةِ أهله فأقيمت الصلاةُ فخرج 358 - عن الأسود قال: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها: ما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -

45 - باب من صلى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعلمهم صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسنته

يَصْنَعُ في بيْتِه؟ قالت: كانَ يكُونُ في مِهْنةِ أهلهِ، تَعني في خِدمةِ أهلهِ، فإذا حضرَتِ الصلاةُ، (وفي روايةٍ: سمع الأَذانَ 6/ 193)، خرج إلى الصلاةِ. 45 - باب مَن صلَّى بالناس وهو لا يريد إلا أن يعَلِّمَهم صلاةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وسنَّتَه (قلت: أسند فيه حديث مالك بن الحويرث الآتي برقم (126 - باب"). 46 - باب أهل العِلم والفضل أَحقُّ بالإمامة 359 - عن أبي موسى قالَ: مرِضَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فاشتَدَّ مرضُه، فقالَ: "مُرُوا أبا بكرٍ فليصَلِّ بالناسِ"، قالت عائشةُ: إنه رَجُلٌ رقيقٌ إذا قامَ مَقامَكَ لم يستطعْ أنْ يصَليَ بالناسِ، قالَ: "مُرُوا أبا بكرٍ فليصَلِّ بالناسِ"، فعادَت، فقالَ: "مُرِي أبا بكرٍ فليصَلِّ بالناسِ، فإنَّكُنَّ صَوَاحبُ يوسُف"، فأتاهُ الرسولُ فصلَّى بالناسِ، في حياةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 360 - عن الزُّهْري قالَ: أَخبَرني أَنسُ بن مالك الأَنصاري- وكانَ تَبِعَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وخدَمَه وصحبه- أنَّ أبا بكرٍ كانَ يصَلي بهم في وَجع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الذي توُفِّيَ فيهِ، حتى إذا كانَ يومُ الاثنينِ، وهمْ صُفوفٌ في الصلاةِ، (وفي روايةٍ: في صلاةِ الفجرِ 1/ 183) فكشَفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سِتْرَ الحُجْرةِ (وفي روايةٍ: فَفَجأهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقد كشفَ سترَ حُجرةِ عائشةَ رضي الله عنها 2/ 60) ينظُرُ إلينا، [وهم في صفوف الصلاةِ 5/ 141]، وهوَ قائمٌ كأنَّ وَجْهَه ورَقةُ مُصحَفٍ، ثم تبسَّمَ يَضحَكُ،

47 - باب من قام إلى جنب الإمام لعلة

فهَمَمْنَا أنْ نفْتَتنَ [(يعني) في صلاتِهم] من الفرَحِ برؤية النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فنكَصَ أبو بكرٍ رضي الله عنه على عقِبَيْه ليَصِلَ الصفَّ، وظنَّ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خارجٌ إلى الصلاةِ، فأشارَ إلينا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[بيده]: أنْ أَتِموا صلاتَكم، [ثم دَخَلَ الحجرةَ]، وأرخى السِّتْرَ، فتُوُفِّيَ من [آخر] يومِه [ذلك]. (ومن طريقٍ أخرى عنه قالَ: لم يخرُجِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً، فأُقيمتِ الصلاةُ، فذهبَ أبو بكرِ يتقدَّمُ، فقالَ (16) نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالحجَابِ، فرفعَه، فلما وَضَحَ وجهُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما رأَينا منظَراً كانَ أَعجبَ إلينا من وجهِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ وضَحَ لنا، فأوْمأَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيدِه إلى أبي بكرٍ أنْ يتقدَّمَ، وأَرخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الحِجاب فلَم يُقدَر عليه (17) حتى ماتَ). 316 - عن عبدِ الله (بن عمر) قالَ: لَمَّا اشتَدَّ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وجعُه؛ قيلَ له في الصلاةِ؟ فقالَ: "مُرُوا أبا بكرٍ فليصَلِّ بالناسِ"، قالت عائشة: إنَّ أبا بكرٍ رجُلٌ رقيقٌ إذا قرَأ غلَبَه البُكاءُ، قالَ: مُرُوه فَيُصَلي، فعاودَتْه، قالَ: "مرُوهُ فيصَلي، إنكُنَّ صَواحِبُ يوسُفَ". 47 - باب مَن قام إلى جنْب الإمام لعلَّة (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 352).

_ (16) أي: أخذ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بالحجاب الذي على الحجرة. (17) أي: فما قدرنا بعد ذلك على رؤيته ومشاهدة نوره.

48 - باب من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول، فتأخر الأول أو لم يتأخر، جازت صلاته

48 - باب مَن دخل ليؤُمَّ الناسَ فجاء الإمامُ الأَولُ، فتأَخر الأَولُ أو لم يتأخر، جازت صلاته 119 - فيه عائشةُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 362 - عن سهل بن سعد الساعدي أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذهبَ إلى بَني عَمْرو بن عوْف (وفي روايةٍ: بلغَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن بني عَمْرو بن عوفٍ بِقباءٍ كان بينهم شيء، (وفي أخرى: اقتتلوا حتى ترامَوْا بالحجارة، فقال: "اذهبوا بنا نُصلحْ بينهم" 3/ 166)، [فصلى الظهر، 8/ 118] فخرج 2/ 63) ليُصِلحَ بيْنَهم [في أناس من أصحابه]، فحانتِ الصلاةُ، [ولم يأتِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - 3/ 165]، فجاءَ المؤذّنُ (وفي روايةٍ: بلالٌ 2/ 59) إلى أبي بكرٍ فقال: [حُبِسَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -]، [وقد حضرت الصلاة]، (وفي روايةٍ: صلاة العصر) أتصلِّي للناس فأُقيمُ؟ قال: نعم [إن شئتم، فأقام بلال الصلاة]، فصلّى أبو بكر، (وفي روايةٍ: فكبَّر للناس)، فجاءَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[يمشي في الصفوف، يشقها شَقاً]، والناسُ في الصلاةِ، فتخلَّصَ حتى وقَفَ في الصفِّ [الأَول] [خلف أبي بكر]، فصفَّقَ الناسُ، (وفي الرواية الأُخرى: فأَخذ الناسُ بالتصفيحِ - قال سهلٌ: هَلْ تدرون ما التصفيحُ؟ هو التصفيقُ -)، وكان أبو بكرٍ لا يلتفِتُ في صلاتهِ [حتى يفرُغَ]، فلمَّا أَكثرَ الناس التصفيقَ [لا يُمسَكُ عليه] التفَتَ، فرأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -[في الصف] [وراءه]، فأشارَ إليهِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنِ امكُث مكانَك، [وأَومأَ بيده هكذا]، (وفي روايةٍ:

_ 119 - وصله المصنف آنفاً برقم (352).

49 - باب إذا استووا في القراءة فليؤمهم أكبرهم

يأمرُه أنْ يُصَلِّيَ)، فرفَعَ أبو بكرٍ رضي الله عنه يدَيه، فحَمِدَ اللهَ (وفي روايةٍ: وَلَبِثَ أبو بكرٍ هُنَيَّةً يحمدُ اللهَ) على ما أَمرَه به رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من ذلكَ، ثم استَأخرَ أبو بكرٍ (وفي الرواية الأُخرى: ثم رجعَ القهقرى وراءَه) حتى استوى في الصفِّ، وتقدَّمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: فلَمَّا رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك تقَدَّم) فصلَّى [بالناس]، فلمَّا انصرَف قالَ: "يا أبا بكرٍ! ما منَعَكَ أنْ تثبُتَ إذْ أمَرْتُكَ؟ "، فقالَ أبو بكرٍ: ما كانَ لابنِ أبي قُحَافةَ أنْ يصَلِّيَ بينَ يدَيْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " [يا أيها الناسُ!] ما لي رأيتُكم أكثَرتُمُ التصفيقَ؟ مَن رابَهُ (وفي روايةٍ: نابَهُ) شيءٌ في صلاتِهِ فليُسبّحْ؛ فإنهُ إذا سَبَّحَ التُفِتَ (وفي روايةٍ: فإنه لا يسمَعُه أحدٌ حين يقولُ: سبحانَ اللهِ؛ إلا التَفَتَ 2/ 69) إِليهِ، وإنما [التسبيحُ للرِّجالِ، و] التصفيقُ (وفي روايةٍ: التصفيحُ 2/ 60) للنساءِ". 49 - باب إذا استوَوْا في القراءة فليؤمَّهُم أَكبرُهم (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث مالك بن الحويرث الآتي في "ج 4/ 95 - خبر الواحد/1 - باب"). 50 - باب إذا زارَ الإمامُ قوماً فأمَّهم (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عتبان بن مالك المتقدم برقم 226). 51 - باب إِنما جعِل الإمامُ لِيُؤتمَّ به

120 - وصلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في مرَضهِ الذي توُفِّي فيهِ بالناسِ وهو جالسٌ. 149 - وقالَ ابنُ مسعودٍ: إذا رفَعَ قبْلَ الإمامِ يعُودُ فيَمكُثُ بقَدْرِ ما رَفعَ ثمَّ يَتبَعُ الإمامَ. 150 - وقالَ الحَسنُ فيمَن يَركعُ معَ الإمامِ ركعتَيْن ولا يَقدِرُ على السجودِ (18): يسجُدُ لِلرَّكعةِ الآخرةِ سجْدتَينِ، ثم يَقضي الرَّكعةَ الأُولى بسجودِها. وفيمنْ نسِيَ سجدةً حتى قامَ: يسجدُ. 363 - عن عائشةَ أُمِّ المؤمنينَ أنها قالت: صلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بيْتِه، وهو شاكٍ (19)، (وفي روايةٍ: دَخَلَ عليه ناسٌ يعودونَه في مرضِه 7/ 6)، فصلَّى جالساً، وصلَّى وراءَه قومٌ قِياماً، فأشارَ إليهم أنِ اجلِسوا، فلمَّا انصرَف قالَ: "إنما جُعِلَ الإمامُ لِيؤتَمَّ بهِ، فإذا ركَعَ فاركَعوا، وإذا رفَعَ فارفَعوا، وإذا صلَّى جالساً فصَلوا جُلوساً".

_ 120 - وصله المؤلف من حديث عائشة في الباب، وقد مضى قريباً (352). 149 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح. 150 - رواه سعيد بن منصور بسند صحيح عنْ الحسن دون نسيان السجدة. وهذا إنما وصله ابن أبي شيبة ولفظه: "في رجل نسي سجدة من أول صلاته فلم يذكرها حتى كان آخر ركعة من صلاته، قال: "يسجد ثلاث سجدات فإن ذكرها قبل السلام يسجد سجدة واحدة، وإن ذكرها بعد انقضاء الصلاة يستأنف الصلاة". (18) يعني لشدة الزحام يوم الجمعة. (19) بتخفيف الكاف بوزن قاضٍ، من الشكاية، وهي المرض. "فتح".

52 - باب متى يسجد من كان خلف الإمام

[قال الحميدي: هذا الحديث منسوخ، لأَن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - آخر ما صلَّى صلَّى قاعداً، والناس خلفه قيام] (20). 52 - باب مَتى يسجُد مَن كان خلفَ الإمام 151 - قالَ أَنسٌ: "فإذا سجَدَ فاسجُدوا". 364 - عن عبدِ الله بن يَزيد قالَ: حدَّثَني البَرَاءُ - وهو غيرُ كَذوبٍ - قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا قالَ: سمعَ اللهُ لمَن حمِدَه، لم يَحْنِ أَحدٌ منَّا ظهْرَه حتى يَقَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ساجداً، ثم نقَعُ سجوداً بعدَه. 53 - باب إثمِ مَن رفَع رأسَه قبل الإمام 365 - عن أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " أمَا يَخشى أحدُكم، أوْ ألا يَخشى أحدُكم إذا رفَعَ رأسَه قبْلَ الإمامِ، أنْ يَجعَلَ اللهُ رأسَه رأسَ حِمارٍ؟ أوْ يَجعَلَ اللهُ صورتَهُ صورةَ حِمارٍ؟ ". 54 - باب إمامِة العبدِ والمولى - 152 - وكانَت عائشةُ يؤُمُّها عبدُها ذَكوانُ منَ المُصحَفِ - ووَلَدِ البَغِيِّ والأَعرابيِّ والغلامِ الذي لم يحتَلِمْ

_ (20) قلت: عدم أمرهم بالقعود لا ينسخ أصل مشروعية القعود. وإنما هو يدل على أن الأمر ليس للوجوب. فهو على الاستحباب. هذا إن ثبت تأخر صلاته - صلى الله عليه وسلم - قاعداً، والناس وراءه قيام عن الأمر المذكور، وهذا مما لا سبيل إليه، كيف وقد استمر على العمل بالأمر المشار إليه جمع ممن رواه من الصحابة منهم أبو هريرة وجابر وغيرهم، ولا يحفظ عن أحد منهم خلافه. انظر "الفتح"، و"اقتضاء الصراط المستقيم" لابن تيمية. 151 - كذا عَلَّقَهُ موقوفاً عليه، وقد وصله عنه مرفوعاً في الباب قبله. 152 - وصله الشافعي، وعبد الرزاق، وابن أبي داود في "المصاحف"، والبيهقي (3/ 88).

55 - باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه

121 - لقوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - " يؤُمُّهم أَقرَؤُهم لكِتابِ اللهِ"، ولا يُمنَعُ العبدُ منَ الجماعةِ بغيْرِ علَّةٍ 366 - عن ابن عُمَر قالَ: لما قَدِم المهاجرونَ الأَوَّلونَ (العُصبةَ) (21) - موْضعٌ بقُباءٍ -، قَبْلَ مَقدَمِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، كانَ يَؤمُّهمْ [وأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجد قباء 8/ 115] سالمٌ موْلى أَبي حذَيفةَ، [فيهم أبو بكرٍ، وعمرُ، وأبو سلَمةَ، وزيدٌ، وعامرُ بنُ ربيعةَ]، وكانَ أكثرَهم قُرْآناً. 367 - عن أَنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ [لأَبي ذر 1/ 171]: "اسمَعوا وأطيعوا، وإنِ استُعمِل [عليكم عبد 8/ 105] حبَشيٌّ، كأنَّ رأسَهُ زَبيبةٌ". 55 - باب إذا لم يُتمَّ الإمامُ وأَتَمَّ مَن خلْفَه 368 - عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يُصَلُّونَ لكم، فإنْ أصابُوا فلَكم ولهم، وإنْ أخطؤوا فلَكم وعليهم". 56 - باب إمامةِ المفتونِ والمبتدعِ

_ 121 - وصله مسلم وأصحاب السنن، وغيرهم عن أبي مسعود البدري، وقد خرّجته في "صحيح أبي داود" (594). (21) كذا وقع في هذه الرواية، قال الحافظ: والمعروف "المُعَصَّبَ" على وزن محمد.

57 - باب يقوم عن يمين الإمام بحذائه سواء إذا كانا اثنين

153 - وقالَ الحسَن: صلّ، وعليْه بدْعَتُه. 369 - عن عبَيدِ اللهِ بن عدي بن خِيار أنه دخل على عثمانَ بن عفانَ رضي الله عنه وهو محصُورٌ، قالَ: إِنك إمامُ عامَّةٍ، ونزَلَ بكَ ما تَرى، ويصَلي لنا إِمامُ فِتنةٍ، ونتَحرَّجُ، فقالَ: الصلاةُ أَحسنُ ما يَعمَلُ الناسُ، فإذا أَحسنَ الناسُ، فأَحسِنْ معَهم، وإذا أساؤا، فاجتَنِب إساءَتَهم. 154 - وقالَ الزُّهْري: لا نَرى أنْ يصلَّى خلفَ المخنَّثِ، إلا من ضرورةٍ لا بدَّ منها. 57 - باب يقُومُ عن يمينِ الإمامِ بحذائِه سَواءً (22) إذا كانا اثنين (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم برقم 92). 58 - باب إذا قام الرَّجل عن يسارِ الإمامِ فحوَّلَه الإمامُ إلى يمينِه لم تفسُد صلاتُهما (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 59 - باب إذا لم ينْوِ الإمامُ أن يَؤُمَّ، ثم جاء قومٌ فأمَّهم (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً).

_ 153 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. 154 - وصله عبد الرزاق (2/ 397) عن الزهري نحوه دون الاستثناء، وسنده صحيح. (22) قلت: فيه إشارة إلى الرد على من يقول باستحباب تقدم الإمام على المأموم قليلاً. وهذا خلاف ظاهر الحديث الذي استدل به المؤلف رحمه الله، وخلاف ما فعله عمر رضي الله عنه، فقد وقف رجل وراءه، فقربه حتى جعله حذاءه عن يمينه. رواه مالك (1/ 169 - 170) بسند صحيح عنه. وانظر حديث صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرضه بالصحابة، وجلوسه عن يسار أبي بكر حذاءه (رقم 352) فهو دليل آخر للمؤلف رحمه الله تعالى، وهناك رواية صريحة في الباب عن ابن عباس مخرجة في "الصحيحة" (606).

60 - باب إذا طول الإمام وكان للرجل حاجة، فخرج فصلى

60 - باب إذا طوَّل الإمام وكانَ للرَّجلِ حاجةٌ، فخرَج فصلَّى (قلت: أسند فيه حديث جابر الآتي برقم 372). 61 - باب تخفيفِ الإمامِ في القيام وإتمامِ الركوع والسجود 370 - عن أبي مسعودٍ أنَّ رجلاً قالَ: واللَهِ يا رسولَ اللهِ! إني لأَتَأخَّرُ عن صلاةِ الغداةِ من أجل فلانٍ؛ ممَّا يُطيلُ بنا [فيها 8/ 109]، فما رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[قط 7/ 98] في موعظةٍ أشَدَّ غضَباً منْه يومئذٍ، ثم قالَ: " [يا أيها الناس!] إنَّ منكم منفِّرينَ، فأيّكم ما صلَّى (23) بالناسِ فليتجوّزْ؛ فإن فيهمُ الضعيفَ، (وفي روايةٍ: المريضَ)، والكبيرَ، وذا الحاجة". 62 - باب إذا صلَّى لنفسِه فليطوِّلْ ما شاءَ 371 - عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا صلَّى أحدُكم للناسِ فليخفِّفْ، فإنَّ فيهِمُ الضعيفَ، والسَّقيمَ، والكبيرَ، وإذا صلَّى أحدُكم لنفسِه فليطوِّلْ ما شاءَ". 63 - باب مَن شكا إِمامَه إذا طوَّلَ

_ (23) قوله: (فأيكم ما صلى) بزيادة (ما) لتأكيد التعميم، وزيادتها مع (أي) الشرطية كثير.

64 - باب الإيجاز في الصلاة وإكمالها

155 - وقالَ أبو أُسَيدٍ: طوَّلتَ بنا يا بنيَّ. 372 - عن جابر بن عبدِ اللهِ الأَنصاري قالَ: [كان معاذ بنُ جبل يصَلي مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم يَرجعُ فيؤمُّ قومَه، فصلى العشاء، فـ 1/ 172] أَقبلَ رجلٌ (24) بناضحَيْن، وقد جنَحَ الليْلُ، فوافَقَ مُعاذاً يصَلي، فترَكَ ناضحَه، وأقبلَ إلى مُعاذٍ، فقرَأَ بـ (سورةِ البقرةِ)، فانطلَقَ الرجلُ، [فتجوَّزَ، فصلَّى صلاةً خفيفةً، فبلَغَ ذلك معاذاً، فقال: إنه منافق 7/ 97]، وبلَغَه أن معَاذاً نالَ منْه، فأَتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فشكا إليهِ مُعاذاً، [فقالَ: يا رسولَ اللهِ! إنا قومٌ نعملُ بأيدينا، ونَسقي بِنواضِحنا، وإنَّ معاذاً صلَّى بنا البارحةَ فقرَأ (البقرة)، فتجوزْتُ، فزَعَم أني منافقٌ]، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " يا مُعاذُ! أَفتَّانٌ أنتَ؟! (ثلاثَ مِرارٍ)، فلوْلا صلَّيتَ بـ {سبِّحِ اسمَ ربِّكَ الأَعلى} {والشَّمسِ وضُحَاها} {والليْلِ إذا يَغْشى} فإنَّهُ يصَلي وراءَكَ الكبيرُ، والضعيفُ، وذُو الحاجَةِ". 64 - باب الإيجاز في الصلاةِ وإكمالِها 373 - عن أَنس قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُوجِزُ الصلاةَ ويُكْمِلُها.

_ 155 - وصله ابن أبي شيبة (2/ 219) بسند صحيح عن المنذر بن أبي أسيد قال: كان أبي يصلي خلفي فربما قال: يا بني طولت بنا اليوم. والمنذر هذا ولد في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسيأتي في "ج4/ 78 - الأدب/158 - باب". (24) قلت: اسمه (سليم) على أقوى الروايات. انظر "صفة الصلاة". و (الناضح): هو البعير الذي يسقى عليه النخل والزرع.

65 - باب من أخف الصلاة عند بكاء الصبي

65 - باب مَن أَخفَّ الصلاةَ عندَ بكاءِ الصَّبيِّ 374 - عن أبي قَتادةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إني لأَقُومُ في الصلاةِ [وأَنا 1/ 210] أُريدُ أنْ أُطوِّلَ فيها، فأَسمَعُ بكاءَ الصَّبيِّ، فأتَجوَّزُ في صَلاتي؛ كرَاهيَةَ أنْ أَشُقَّ على أُمِّه". 375 - عن أَنس بن مالك قالَ: ما صلَّيتُ وراءَ إمام قَطُّ أَخَفَّ صَلاةً ولا أتَمَّ منَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنْ كان لَيَسمَعُ بكاءَ الصبيِّ فيخفِّفُ؛ مخاَفةَ أنْ تُفتَنَ أُمُّه. 376 - عن أَنس بن مالك أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إني لأَدخُلُ في الصلاةِ وأنا أُريدُ إطالَتَها، فأَسمَع بكاءَ الصبيِّ، فأتَجوَّزُ في صَلاتي، ممَّا أَعلَمُ من شِدَّةِ وَجْدِ أمِّهِ منْ بكائِهِ". 66 - باب إذا صلَّى ثم أَمَّ قوماً (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم برقم 372). 67 - باب مَن أسمَعَ الناسَ تكبيرَ الإمام (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 352). 68 - باب الرَّجل يأتمُّ بالإمامِ ويأتمُّ الناسُ بالمأمومِ 122 - وُيذكَر عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "ائتَمُّوا بي، وليَأتَمَّ بِكُم مَن بَعدَكم".

_ 122 - وصله مسلم وأصحاب السنن في حديث لأبي سعيد الخدري، خرّجته في "صحيح أبي داود" (683).

69 - باب هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس

(قلت: أسند فيه طرفاً كبيراً من حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 69 - باب هل يأخذُ الإمامُ إذا شكَّ بقوْل الناس (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 255). 70 - باب إذا بكى الإمامُ في الصلاة 156 - وقالَ عبدُ اللهِ بن شدَّاد: سمِعتُ نَشِيجَ (25) عُمَرَ وأنا في آخرِ الصُّفوفِ يَقرأُ {إنَّما أَشكُو بَثِّي وحُزْني إلى اللهِ}. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 255). 71 - باب تسوية الصفوف عندَ الإقامةِ وبعدَها 377 - عن النُّعمانِ بن بَشير قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لتُسَوُّنَّ صفوفَكم، أوْ ليُخالِفَنَّ الله بيْنَ وجوهِكم". 72 - باب إِقبالِ الإمامِ على الناس عندَ تسويةِ الصفوف 378 - عن أَنس قالَ: أُقيمتِ الصلاةُ، فأَقبلَ علينا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم بوَجههِ فقالَ: "أَقيموا صفوفَكم، وتراصُّوا؛ فإني أَراكُم من وراءِ ظهري". [وكانَ أحدُنا يُلزِقُ مَنكبَهُ بمنكِب صاحبهِ، وقدَمه بقدمِ صاحبِه 1/ 177].

_ 156 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه، وزاد: "في صلاة الصبح"، وأخرجه ابن المنذر من طريق أخرى عن عمر نحوه. قلت: وأخرجه البيهقي أيضاً (2/ 251) عنه وسنده صحيح، وفيه أن القراءة كانت في "العتمة"؛ يعني العشاء، فلعلهما حادثتان. (25) النشيج: صوت معه توجع وبكاء، كما يردد الصبي بكاءه في صدره.

73 - باب الصف الأول

73 - باب الصفِّ الأول (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 327). 74 - باب إقامةِ الصفِّ من تمامِ الصلاةِ 379 - عن أبي هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قالَ: " إنما جُعِلَ الإمامُ لِيُؤتَمَّ بهِ، فلا تختلِفوا عليهِ، فـ[إذا كبَّر فكبِّروا 1/ 179، و]، إذا ركَعَ فاركَعوا، وإذا قالَ: سَمعَ اللهُ لمَن حمِدَهُ، فقُولوا: ربَّنا [و] لكَ الحمدُ، وإذا سجَدَ فاسجُدوا، وإذا صلَّى جالساً، فصَلوا جُلوساً أجْمَعونَ، وأَقيموا الصفَّ في الصلاةِ؛ فإن إقامةَ الصفِّ من حُسْن الصلاةِ ". 380 - عن أنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "سَوُّوا صفوفَكم؛ فإنَّ تسويةَ الصفوفِ منْ إقامةِ الصلاةِ". 75 - باب إثمِ مَن لم يُتِمَّ الصفوفَ 381 - عن بُشَيْر بن يسَار الأَنصاري، عن أَنس بن مالك أنه قَدِمَ المدينةَ، فقيلَ لهُ: ما أنكرْتَ منَّا منذُ يومَ عَهِدتَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: ما أَنكَرتُ شيئاً إلا أنَّكم لا تُقِيمونَ الصفوفَ. 76 - باب إلزاقِ المَنكِب بِالْمَنْكِبِ والقَدم بالقَدم في الصفِّ 123 - وقالَ النعمانُ بن بشير: رأيتُ الرَّجلَ منَّا يُلزِقُ كعبَه بكَعبِ صاحبِه.

_ 123 - وصله أبو داود، وابن خزيمة وغيرهما بسند صحيح، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (668).

77 - باب إذا قام الرجل عن يسار الإمام، وحوله الإمام خلفه إلى يمينه، تمت صلاته

(قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 378). 77 - باب إذا قامَ الرَّجل عن يسار الإمامِ، وحوَّله الإمامُ خلفَه إلى يمينِه، تمَّتْ صلاتُه (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم برقم 92). 78 - باب المرأةُ وحدها تكُون صفّاً 382 - عن أَنس بن مالك قالَ: صلَّيتُ أنا ويتيمٌ في بيتِنا خلْفَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأُمي أُمُّ سُليْم خلْفَنا. 79 - باب ميمنةِ المسجدِ والإمام (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 80 - باب إذا كان بيْن الإمام وبيْن القوم حائط أو سُترة 157 - وقالَ الحسَن: لا بأسَ أنْ تصَليَ وبينَك وبينَه نهرٌ. 158 - وقالَ أبو مِجْلَز: يأتَمُّ بالإمامِ وإن كانَ بينَهما طريقٌ أو جدارٌ إذا سَمع تكبيرَ الإمامِ. 383 - عن عائشةَ قالت: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي منَ الليْلِ [في المسجد 2/ 44] في حُجْرتهِ (26)، وجدارُ الحُجرةِ قصيرٌ، فرأَى الناس شخْصَ النبيِّ

_ 157 - قال الحافظ: لم أره موصولاً. 158 - وصله ابن أبي شيبة وعبد الرزاق بإسنادين عنه. (26) قال الحافظ في (صلاة الليل): "ليس المراد بها بيته، وإنما المراد الحصير التي كان يحتجرها بالليل في المسجد فيجعلها على بيت عائشة فيصلي فيه، ويجلس عليه بالنهار .. " ثم ذكر بعض الروايات التي تؤيد ذلك، منها الزيادة الآتية من الطريق الأخرى، ومثلها زيادة "في المسجد"، فإن حجرة بيته ليست من المسجد، فتعين تفسيرها بما ذكر.

81 - باب صلاة الليل

- صلى الله عليه وسلم - (ومن طريقٍ أخرى: كان له حصير يبسطه بالنهار [فيجلس عليه 7/ 50] ويحتجرُه بالليل)، فقام (وفي الطريق الأُخرى: فثابَ إليه) أُناسٌ يصَلونَ بصلاتِه، فأصبَحوا، فتحدَّثوا بذلكَ، فقامَ ليلةَ الثانيةِ، فقامَ معَه أناسٌ [أكثر منهم 2/ 252] يصَلونَ بصلاتِه، صنَعوا ذلكَ ليلتَينِ، أو ثلاثةً، [فكثُرَ أهلُ المسجدِ من الليلةِ الثالثة، فخرج رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فصلَّى، فصَلَّوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجَزَ المسجدُ عن أهلِهِ]، حتى إذا كانَ بعدَ ذلكَ جلَس رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فلَم يخرُجْ [إليهم]، فلمَّا أصبَح، ذكَر ذلكَ الناسُ، [فتشهَّد] فقالَ: (وفي روايةٍ: حتى خَرَجَ لصلاة الصبح، فلما قضى الفجرَ أقبل على الناسِ فتشهَّدَ ثم قال: (أما بعد، فإنه لم يخفَ عليَّ مكانُكم) (وفي روايةٍ: قد رأيت الذي صَنَعْتم، ولم يمنعني من الخروجِ إليكم إلا) أني خَشيتُ أنْ تُكتَبَ عليكم صلاةُ الليْلِ [فتعجزوا عنها] "، [فَأقبل فقال: "يا أيها الناس! خذوا (وفي رواية: اكلَفوا 7/ 182) من الأَعمال ما تُطيقُونَ، فإنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، وإن أحبَّ الأَعمالِ إلى اللهِ ما دامَ وإن قلَّ] "، [وذلك في رمضانَ]. [فتوفي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والأَمرُ على ذلك]. 81 - باب صلاةِ الليل (قلت: أسند فيه حديث زيد بن ثابت الآتي "ج 4/ 78 - الأدب/75 - باب"). 82 - باب إيجابِ التكبيرِ وافتتاح الصلاةِ 83 - باب رفعِ اليدين في التكبيرةِ الأُولى مع الافتتاح سواءً

84 - باب رفع اليدين إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع

384 - عَن عبد الله بن عمر: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَرفعُ يدَيهِ [حتى تكونا 1/ 180] حذوَ مَنكِبَيه [حين يكبِّر]، إذا افتتَحَ الصلاةَ، وإذا كبَّرَ لِلركوعِ [فعل مثله]، وإذا رفَعَ رأسَه منَ الركوعِ رفَعَهُما كذلكَ أيضاً، وقال: "سمعَ اللهُ لمَن حمِدَه، ربَّنا ولكَ الحمدُ"، وكانَ لا يَفعلُ ذلكَ في السجودِ، [ولا حينَ يَرفعُ رأسَه منَ السجود] (27). 84 - باب رفعِ اليدين إذا كبَّر وإذا ركَع وإذا رفَع 385 - عن أبي قِلابة أنه رأى مالكَ بن الحوَيْرث إذا صلَّى كبَّرَ ورفَعَ يدَيهِ، وإذا أرادَ أن يَركَعَ رفعَ يديهِ، وإذا رفَع رأسَه منَ الرُّكوعِ رفعَ يديهِ، وحدَّثَ (28) أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صنَع هكذا. 85 - باب إلى أين يَرفعُ يديه؟ 124 - وقالَ أبو حُميْد في أصحابهِ: رفعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَذْوَ منكِبيْه. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم قريباً برقم 385).

_ (27) قلت: قد جاءت أحاديث عن غير ابن عمر في إثبات هذا الرفع الذي نفاه ابن عمر لعدم اطلاعه عليه، ثم علم ذلك من غيره من الصحابة، فقد ثبت عنه عند المصنف في "جزء رفع اليدين" أنه كان يرفع يديه في السجود، وهو الأرجح لقاعدة "المثبت مقدم على النافي" و "من حفظ حجة على من لم يحفظ"، وبهذا يجاب أيضاً عن الزيادة الآتية بعد حديث من طريق نافع عن ابن عمر: "وإذا قام من الركعتين رفع يديه"، فهي زيادة من ثقة، فيجب قبولها. (28) قال الحافظ: أي: مالك بن الحويرث. وليس معطوفاً على قولها "رأى"، فيبقى فاعله أبا قلابة فيصير مرسلاً. قلت: ويؤيده رواية البيهقي (2/ 71) بلفظ: "وحدثنا". 124 - هذا طرف من حديث وصله المؤلف فيما يأتي هنا "144 - باب".

86 - باب رفع اليدين إذا قام من الركعتين

86 - باب رفعِ اليدين إذا قام من الرَّكعتين 386 - عن نافع أنَّ ابنَ عُمَر رضي الله عنهما كانَ إذا دخَلَ في الصلاةِ كبَّر ورفعَ يديهِ، وإذا ركَع رفعَ يديهِ، وإذا قالَ: سمع اللهُ لمَن حمِدهُ، رفَع يديهِ، وإذا قامَ منَ الرَّكعتَين رفعَ يديهِ، ورَفَعَ ذلكَ ابنُ عُمَر إلى نبيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. 87 - باب وضعِ اليمنى على اليسرى 387 - عن سهل بن سعد قالَ: كانَ الناس يُؤمَرون أنْ يَضعَ الرَّجلُ يدَهُ اليُمنى على ذراعهِ اليُسرى في الصلاةِ. قالَ أبو حازم: لا أَعلَمُهُ (29) إلا يَنْمي ذلكَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قالَ إسماعيلُ: يُنْمى ذلكَ، ولم يقل: يَنْمي. 88 - باب الخشوعِ في الصلاة 388 - عن أنس بن مالك عن (وفي روايةٍ: قال: صلَّى بنا 1/ 108) النبيّ - صلى الله عليه وسلم -[صلاةً، ثم رقى المنبرَ فـ] قالَ: "أَقيموا (وفي روايةٍ: أَتِمّوا 7/ 221) الركوعَ والسجودَ، فواللهِ إني لأَراكُم مِن بَعدي، وربَّما قالَ: مِن بَعدِ ظَهري (وفي روايةٍ: من ورائي كما أَراكم) (30) إذا ركَعتم وسجَدتم". 89 - باب ما يقولُ بعد التكبير

_ (29) أي: سهل بن سعد. (إلا يَنْمي) بفتح أوله أي: يرفع، وصرّح بذلك بعض الرواة عن مالك بلفظ: "يرفع ذلك". قال الحافظ: ومن اصطلاح أهل الحديث إذا قال الراوي: "ينميه"، فمراده يرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لم يقيده. (30) زاد أحمد: "من أمامي".

90 - باب رفع البصر إلى الإمام في الصلاة

389 - عن أَنس أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكرٍ وعُمَرَ كانوا يَفتتحونَ الصلاةَ بـ {الحمدُ للَهِ ربِّ العالَمِينَ}. 390 - عن أبي هريرةَ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسكُتُ بيْنَ التَّكبيرِ وبيْنَ القِراءَةِ إِسكاتةً، قالَ: أَحْسِبُه قالَ: هُنَيَّةً (31)، فقلْتُ: بأَبي وأُمِّي يا رسولَ اللهِ! إسكاتكَ بيْنَ التكبيرِ والقراءَةِ ما تقُولُ؟ قالَ: أَقولُ: "اللهمَّ باعدْ بيْني وبيْنَ خَطايايَ، كما باعَدتَ بيْنَ المَشرقِ والمَغربِ، اللهمَّ نقِّني منَ الخَطايا كما يُنقَّى الثوْبُ الأَبيضُ منَ الدَّنَسِ، اللهمَّ اغسِلْ خَطايايَ بالماءِ والثَّلجِ والبَرَدِ". 90 - باب رفْعِ البَصرِ إلى الإمامِ في الصلاة 125 - وقالت عائشةُ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاةِ الكُسوفِ: "فرأَيتُ جهنَّمَ يَحطِمُ بعضُها بعضاً حينَ رأَيتُموني تأخرْتُ". 391 - عن أبي مَعْمَر قالَ: قلْنا لِخبَّابٍ: أَكانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقرأُ في الظُّهرِ والعصرِ؟ قالَ: نعَم، قلْنا: بِمَ كُنتم تَعرفون ذلك؟ قالَ: باضطرَابِ لحيتهِ. 392 - عن أَنس بن مالك قالَ: صلَّى لنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[يوماً الصلاةَ 7/ 182]، ثم رَقى المِنبرَ، فأشارَ بيدَيهِ قِبَلَ قِبلةِ المسجدِ، ثم قالَ:

_ (31) قلت: ورواية مسلم (سكت هنية) بغير تردد، وكذا هو عند أحمد (2/ 494)، ومن هذا الوجه. وأخرجه (2/ 500) من وجه آخر عن أبي هريرة به مختصراً. 125 - هو طرف من حديثها الآتي موصولاً في "16 - الكسوف/4 - باب".

91 - باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة

"لَقَدْ رأَيتُ (وفي روايةٍ: أُريتُ) الآنَ منذُ صلَّيتُ لكُم [الصلاةَ] الجنةَ والنارَ ممَثَّلَتَيْنِ (32) في قِبلةِ (وفي روايةٍ: قُبُلِ) هذا الجدارِ، فلَم أَرَ كاليوْمِ في الخْيرِ والشرِّ، (ثلاثاً) ". 91 - باب رفعِ البصر إلى السماءِ في الصلاةِ 393 - عن أَنس بن مالك قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ما بالُ أقوامٍ يَرفعونَ أبصارَهم إلى السماءِ في صلاتِهم؟ (فاشتَدَّ قوْلُه في ذلكَ حتى قالَ:) لَيَنتَهُنَّ عن ذلكَ، أوْ لَتُخطَفَنَّ أبصارُهم". 92 - باب الالتفاتِ في الصلاةِ 394 - عن عائشة قالت: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفاتِ في الصلاة؟ فقالَ: "هو اختلاسٌ يختلِسُه الشيطانُ من صَلاةِ العبَدِ". 93 - باب هل يلتفِتُ لأَمرٍ يَنزلُ به أو يَرى شيئاً أو بُصاقاً في القِبلة 126 - وقالَ سهلٌ: التَفتَ أبو بكرٍ فرأَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. 94 - باب وجوبِ القراءَةِ للإمامِ والمأمومِ في الصلواتِ كلِّها في الحضَر والسَّفرِ، وما يُجهَرُ فيها، وما يُخافَتُ

_ (32) أي: مصورتين. (قدام هذا الجدار) جدار المسجد. 126 - هذا طرف من حديث وصله المصنف فيما تقدم رقم (361).

395 - عن جابر بن سمُرة قالَ: شكا أهلُ الكوفةِ سعداً إلى عُمَرَ رضي الله عنه، فعزَلَه، واستَعملَ عليْهم عمَّاراً، فشكَوْا حتى ذكَروا أنه لا يُحْسِنُ يُصَلي! فأَرسلَ إليهِ فقالَ: يا أبا إسحاق! إنَّ هؤلاءِ يزعُمونَ أنَّك لا تُحسِنُ تصَلي! قالَ أبو إسحقَ: أمَّا أنَا واللهِ؛ فإني كنتُ أُصَلي بهم صلاةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ما أَخرِمُ عنْها (33)، أُصَلي صَلاةَ العِشاءِ (وفي روايةٍ: صلاتَيِ العَشيِّ 1/ 185) (34) فأَركدُ (وفي روايةٍ: فأمُدُّ) في الأُولَيَيْنِ، وأُخِفُّ (وفي الرواية الأُخرى: وأحْذِفُ) في الأُخرَييْن، [ولا آلو ما اقتديت به من صلاةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -1/ 186]، قالَ: [صَدَقْتَ]، ذاكَ الظَّنُّ بكَ يا أَبا إسحاق! فأرسَلَ معَه رجُلاً أو رجَالاً إلى الكوفةِ، فسألَ عنه أهل الكوفةِ، ولم يدَعْ مَسجداً إلا سألَ عنْه، ويُثنُون عليهِ معروفاً، حتى دخلَ مَسجداً لبَني عبْسٍ، فقامَ رجلٌ منهم يقالُ له أُسامةُ بن قَتَادة يُكْنى أبا سعْدةَ قالَ: أمَّا إذْ نشَدْتَنا فإنَّ سَعْداً كانَ لا يَسيرُ بالسَّريَّةِ، ولا يَقسِمُ بالسَّويَّةِ، ولا يعدِلُ في القضيَّةِ. قالَ سعدٌ: أمَّا واللهِ لأَدْعُوَنَّ بثلاثٍ: اللهمَّ إنْ كانَ عبدُكَ هذا كاذِباً؛ قامَ رياءً وسُمْعةً، فأَطِلْ عُمرَه، وأَطِلْ فَقْرَه، وعرِّضْه بالفِتَن. قالَ: وكانَ بَعدُ إذا سُئلَ يقولُ: شيْخٌ كبيرٌ مفتونٌ، أصابتْني دعوةُ سعدٍ. قالَ عبدُ الملِكِ (35): فأنَا رأيتُه بعدُ قد سقَطَ حاجباه على عينيْهِ من الكِبَرِ،

_ (33) أي: ما أنقص، وقوله (فأركد) أي: فأطوّل القيام. (34) قلت: وهذه الرواية أرجح كما قال الحافظ: والمراد بهما الظهر والعصر. (35) قلت: هو ابن عمير راويه عن جابر بن سمرة.

95 - باب القراءة في الظهر

وإنه ليتَعرَّضُ لِلجواري في الطريقِ يَغمزُهنَّ (36). 396 - عن عُبَادةَ بن الصامت أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا صلاةَ لمن لم يَقرأ بفاتحةِ الكِتابِ". 95 - باب القراءةِ في الظُّهر 397 - عن أبي قَتادةَ قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأُ في الرَّكعتَينِ الأُولَيْين منْ صلاةِ الظهرِ بـ {فاتحةِ الكِتابِ} وسورَتَيْن، (وفي روايةٍ: وسورةٍ سورةٍ) [وفي الركعتيْن الأُخريَيْن بـ {أمِّ الكتاب} 1/ 189]، يطوِّلُ في الأُولى، ويقصِّرُ في الثانية، ويُسْمعُ الآيةَ أحياناً، وكانَ يَقرأُ في العصرِ بـ {فاتحِة الكتابِ} وسورتَيْن، وكانَ يطوِّل في الأُولى، وكانَ يطوِّلُ في الركعةِ الأُولى من صلاةِ الصُّبح، ويقصِّرُ في الثانيةِ. 96 - باب القراءةِ في العصرِ 97 - باب القراءةِ في المغرب 398 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قالَ: إنَّ أمَّ الفَضلِ سمِعَتهُ وهو يَقرأُ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}، فقالتْ: يا بُنيَّ! واللهِ لقد ذكَّرْتني بقراءتِكَ هذه السُّورةَ، إنها لآخِرُ ما سَمِعتُ من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقرأُ بها في المَغربِ. (وفي روايةٍ: ثم ما صَلَّى لنا بَعْدَها حتى قَبَضَهُ اللهُ 5/ 137).

_ (36) أي: يعصر أعضاءهن بأصابعه. وفيه إشارة إلى الفتنة والفقر، إذ لو كان غنياً لما احتاج إلى ذلك.

98 - باب الجهر في المغرب

399 - عن عُروةَ بن الزُّبيْر عن مروان بن الحكَم (37) قالَ: قالَ لي زَيدُ بن ثابت: مالَكَ تَقرأُ في المغربِ بقِصَارٍ، وقد سمْعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقرأُ بِطُولى الطُّولَيَيْن؟ 98 - باب الجهرِ في المغربِ 400 - عن جُبَير بن مطْعِم [وكانَ جاءَ في أسارى بَدرٍ (38) 4/ 31]، قالَ: سمِعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قرَأ في المغربِ بـ {الطورِ} [فلما بَلَغَ هذه الآيةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)} كادَ قَلبي أن يَطيرَ 6/ 49]، [وذلك أوَّلُ ما وقر الإيمانُ في قلبي 5/ 20]. 99 - باب الجهْرِ في العِشاء 401 - عن البَرَاءِ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ في سفَرٍ، فقرأَ في العِشَاءِ في إحدى الركعتَيْن بـ {التِّينِ والزَّيتونِ}. [فـ 8/ 214] [ما سمِعتُ أحداً أحسَنَ صوْتاً منْه، أو قراءةً]. 100 - باب القراءةِ في العِشاءِ بالسَّجدةِ (قلت: أسند فيه حديث أبي رافع الآتي "17 - سجود القرآن/10 - باب").

_ (37) قلت: في مروان بن الحكم كلام معروف عند المحدّثين، إلا أنه قد رواه الطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 124) عن عروة مصرحاً بالإخبار بينه وبين زيد فلم يتفرد مروان به. قال الحافظ: "فكأن عروة سمعه من مروان عن زيد، ثم لقي زيداً فأخبره". (38) أي: في طلب فداء أسارى بدر.

101 - باب القراءة في العشاء

101 - باب القرِاءةِ في العِشاءِ (قلت: أسند فيه حديث البراء المتقدم آنفاً). 102 - باب يُطَوِّلُ في الأُولَيَيْن ويَحذفُ في الأُخرَييْن (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر بن سمرة المتقدم برقم 395). 103 - باب القراءةِ في الفجر 127 - وقالت أُم سلَمة: قرَأَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بـ {الطُّورِ}. 402 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: في كلِّ صلاةٍ يُقرَأُ، فما أَسْمَعَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْمَعْناكمْ، وما أَخفى عنَّا أَخفَيْنا عنْكم، وإنْ لم تَزِدْ على أُمِّ القرآنِ أَجزَأتْ، وِإنْ زِدتَ فهْو خيْرٌ. 104 - باب الجهْرِ بقراءةِ صلاةِ الفجر 128 - وقالت أمُّ سلَمة: طُفتُ وراءَ الناس والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي يقرأُ بـ {الطور}. 403 - عن ابن عباس قالَ: قرَأَ النبيُّ (39) - صلى الله عليه وسلم - فيما أُمِرَ، وسكَتَ فيما أُمِرَ، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)} و {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.

_ 127 و 128 - قلت هما قطعتان من حديث لأم سلمة تقدم موصولاً عند المصنف برقم (245). (39) أي جهر. وقوله: (سكت) أي أسر، لأنه عليه الصلاة والسلام لا يزال إماماً، فلا بدّ من القراءة سراً أو جهراً.

105 - باب الجمع بين السورتين في الركعة، والقراءة بالخواتيم، وبسورة قبل سورة، وبأول سورة

105 - باب الجمعِ بيْن السُّورتْين في الركعةِ، والقراءةِ بالخواتيمِ، وبسُورةٍ قبْل سورةٍ، وبأوَّل سورةٍ 129 - ويُذكَر عن عبدِ اللهِ بن السائبِ: قرَأَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - {المؤمِنُونَ} في الصُّبْحِ، حتى إذا جاءَ ذِكْرُ موسى وهارونَ أوْ ذِكْرُ عيسى؛ أخَذَتْه سَعْلَةٌ فرَكعَ. 159 - وقرأَ عُمَرُ في الركعةِ الأُولى بمِائةٍ وعشرينَ آيةً منَ {البَقَرةِ}، وفي الثانيةِ بسُورةٍ من المَثاني. 160 - وقرأَ الأَحنفُ بـ {الكَهْفِ} في الأُولى، وفي الثانيةِ بـ {يُوسُف} أوْ {يُونُسَ}، وذَكَرَ أنه صلَّى معَ عُمَرَ رضي الله عنه الصُّبحَ بهما. 161 - وقرَأَ ابنُ مسعودٍ بأربعينَ آيةً منَ {الأَنفَالِ}، وفي الثانيةِ بسُورةٍ منَ المُفَصَّلِ. 162 - وقالَ قَتَادةُ فيمَنْ يَقرَأُ سورةً واحدةً في ركعتَين، أو يردِّدُ سورةً واحدةً في ركعتَين: كلٌّ كِتابُ اللهِ. 130 - وقالَ عُبَيدُ اللهِ عن ثابتٍ عن أَنس: كانَ رجلٌ من الأَنصار يؤُمُّهم في مسجدِ قُباءٍ، وكانَ كلما افتَتحَ سُورةً يَقرأُ بها لهم في الصلاةِ مما يُقرَأُ به افتَتَحَ بـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، حتى

_ 129 - وصله مسلم وأبو عوانة وغيرهما، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (656). 159 - وصله ابن أبي شيبة. 160 - وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور. 161 - وصله جعفر الفريابي في "كتاب الصلاة"، وأبو نعيم في "المستخرج". 162 - وصله عبد الرزاق. 130 - وصله الترمذيّ والبزار، وقال الترمذي (2/ 148): "حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه". قلت: ورجاله رجال "الصحيح".

106 - باب يقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب

يفرُغَ منْها، ثم يَقرأُ سُورةً أخرى معَها، وكانَ يَصنعُ ذلكَ في كلِّ ركعةٍ، فكلَّمهُ أصحابُه، فقالوا: إنكَ تفتتِحُ بهذه السُّورةِ ثم لا تَرى أنَّها تُجْزئُكَ حتى تَقرأَ بأُخرى، فإمَّا أن تَقرأَ بها، وإمَّا أن تدَعَها وتَقرأَ بأُخرى، فقالَ: ما أَنا بتاركِها، إنْ أحبَبتم أنْ أؤمكم بذلكَ فعلتُ، وإنْ كَرِهتُم تركْتُكم، وكانوا يَرَوْن أنه من أفضَلِهم وكَرِهوا أن يَؤمَّهم غيْرُه، فلمَّا أتاهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أخبَروه الخبرَ، فقالَ: "يا فلانُ! ما يمنعُكَ أنْ تفعَلَ ما يأمُرُكَ بهِ أصحابُكَ؟ وما يَحملُكَ على لزُومِ هذه السُّورةِ في كلِّ ركعةٍ؟ "، فقالَ: إني أُحبُّها، فقالَ: " حُبُّكَ إيَّاها أَدخلَكَ الجنَّةَ". 404 - عن أبي وائل قالَ: جاءَ رجلٌ إلى ابن مسعودٍ فقالَ: قرَأتُ المُفَصَّلَ الليلةَ في ركعةٍ، فقالَ: هَذّاً (40) كهذِّ الشِّعرِ! لقدْ عرَفتُ النظائرَ التي كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقرُنُ بيْنَهُنَّ، فذكرَ عشرينَ سُورةً منَ المفَصَّل، سُورتَيْن في كلِّ ركعةٍ [على تأليفِ ابن مسعود، آخرهن (الحواميم) 6/ 101]، (وفي روايةٍ: إنا قد سمِعنا القراءة، وإني لأَحفظُ القرَناء التي كانَ يقرأ بهن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثماني عشرةَ سورة من المفصَّل، وسورتيْن من آل (حاميم) 6/ 112). 106 - باب يَقرأُ في الأُخرييْن بفاتحة الكتاب (قلت: أسند فيه حديث أبي قتادة المتقدم برقم 397). 107 - باب مَن خافَتَ القراءةَ في الظهر والعصر (قلت: أسند فيه حديث خباب المتقدم برقم 391).

_ (40) أي: أتهذ هذّاً كهذّ الشعر، أي سرداً وإفراطاً في السرعة كإنشاد الشعر.

108 - باب إذا أسمع الإمام الآية

108 - باب إذا أَسمَعَ الإمامُ الآيةَ (قلت: أسند فيه حديث أبي قتادة المشار إليه قريباً). 109 - باب يطوِّلُ في الركعةِ الأُولى (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي قتادة المشار إليه آنفاً). 110 - باب جهْر الإمامِ بالتأمين 163 - وقالَ عطاءٌ: آمينَ دعاءٌ، أَمَّنَ ابنُ الزُّبيْر ومَن وراءَه حتى إن للِمسجدِ لَلَجَّةً. وكانَ أبو هريرةَ ينادي الإمامَ: لا تَفُتْني بآمين (41). 164 - وقالَ نافع: كانَ ابنُ عُمَرَ لا يدَعُه، ويحُضُّهم، وسمِعتُ منْه في ذلكَ خيْراً. 405 - عن أبي هريرةَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا أمَّنَ الإمامُ (وفي روايةٍ: القارىءُ 7/ 167) فأَمِّنوا؛ [فإن الملائكةَ تؤمِّن]، فإنه مَن وافَقَ تأمينُهُ تأمينَ الملائكةِ غُفِرَ له ما تَقدَّم من ذنْبِه". قالَ ابن شهابٍ: وكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "آمينَ (42) ". 111 - باب فضلِ التأمين

_ 163 - وصله عبد الرزاق (2643) بإسناد صحيح عنه نحوه. وأخرج هو (2/ 96) وابن أبي شيبة (2/ 425 و 427) قصة أبي هريرة من طرق عنه. (41) مراد أبي هريرة أن يترسل الإمام بالقراءة حتى يتمكن من التأمين مع الإمام داخل الصلاة. 164 - وصله عبد الرزاق أيضاً (2641). (42) قلت: يعني جهراً، وهذا وإن كان من مراسيل ابن شهاب، فإن له ما يعضده من الموصولات، بل إنه قد وصله ابن حبان وغيره، كما تراه مبيناً في "صحيح أبي داود" (863 و 864 و 866).

112 - باب جهر المأموم بالتأمين

(ومن طريقٍ أخرى عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا قالَ أحدُكم: آمينَ، وقالتِ الملائكةُ في السماءِ: آمينَ، فوافقَت إحداهُما الأُخرى؛ غُفِرَ له ما تَقدَّم من ذنْبِه"). 112 - باب جَهْر المأمومِ بالتأمين (ومن طريقٍ ثالثة عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -قالَ: "إذا قالَ الإمامُ: {غَيْرِ المغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالينَ} فقُولوا: آمينَ؛ فإنه مَن وافقَ قوْلُه قوْلَ الملائكةِ؛ غُفِرَ لهُ ما تَقدَّمَ من ذنْبهِ"). 113 - باب إذا ركَعَ دونَ الصَّفِّ 406 - عن أبي بَكْرَةَ أنه انتَهى إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ راكعٌ، فركَعَ قبْلَ أنْ يَصِل إلى الصفِّ، فذكَرَ ذلكَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "زادَكَ اللهُ حِرصاً، ولا تعُدْ". 114 - باب إتمام التكبيرِ في الركوعِ 131 - قالَ ابنُ عباسٍ (43) عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 132 - وفيه مالكُ بنُ الحُوَيرثِ.

_ 131 - يشير إلى حديثه الآتي في الباب التالي. (43) قوله: (قال ابن عباس) مقوله محذوف قدره الشارح بقوله ذلك، أي: إتمام التكبير. قلت: في بعض النسخ "قاله"، وهو الأظهر. قال الحافظ: "ومراده أنه قال ذلك بالمعنى، لأنه أشار بذلك إلى حديثه الموصول في آخر الباب الذي بعده". 132 - يشير المصنف رحمه الله تعالى إلى حديثه الآتي موصولاً هنا برقم (418).

115 - باب إتمام التكبير في السجود

407 - عن أبي هريرةَ أنه كانَ يصَلي بهم، فيكبِّرُ كلَّما خفَضَ ورفَعَ، فإذا انصرَفَ قالَ: إني لأَشْبَهُكم صلاةً برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. 115 - باب إتمامِ التكبيرِ في السُّجود 408 - عن مطرِّفِ بن عبدِ الله قالَ: صلَّيتُ خلفَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه أَنا وعِمرانُ بنُ حُصيْن، فكَانَ إذا سجَدَ كبَّرَ، وإذا رفَعَ رأسَه كبَّرَ، وإذا نهَضَ منَ الرَّكعتَيْنِ كبَّرَ، فلمَّا قضَى الصلاةَ أَخذَ بيَدِي عِمرانُ بنُ حُصَيْنٍ فقالَ: [لَـ 1/ 200] قد ذكَّرني هذا صلاةَ محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، أو قالَ: لقد صلَّى صلاةَ محمَّدٍ عليهِ الصلاةُ والسلامُ. 409 - عن عِكرَمةَ قالَ: رأيتُ رجُلاً (44) عندَ المَقامِ يكبِّرُ في كلِّ خفْضٍ ورَفعٍ، وإذا قامَ، وإذا وضَعَ، (وفي روايةٍ: قالَ: صلّيتُ (45) خلْفَ شيْخٍ بمكَّةَ، فكبَّر ثِنْتَيْنِ وعشرينَ تكبيرةً) (46)، فأَخبرتُ ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما، قالَ: أوَ ليسَ تلكَ صلاةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا أُمَّ لكَ؟ (وفي الرواية الأُخرى: قلتُ لابنِ عبَّاسٍ: إنه أَحمقُ! فقالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ! سُنَّةُ أبي القاسمِ - صلى الله عليه وسلم -). 116 - باب التَّكْبير إذا قام من السُّجود

_ (44) هو أبو هريرة رضي الله عنه كما في بعض طرق الحديث عند أحمد وغيره. (45) يعني الظهر كما في رواية الاسماعيلي. (46) قوله: ثنتين وعشرين تكبيرة؛ لأن في كل ركعة خمس تكبيرات، فيحصل في كل رباعية عشرون تكبيرة سوى تكبيرة الإحرام وتكبيرة القيام من التشهد الأول.

117 - باب وضع الأكف على الركب في الركوع

117 - باب وضْعِ الأَكُفِّ على الرُّكَبِ في الرُّكوعِ 133 - وقالَ أبو حُمَيْدٍ في أصحابِه: أَمْكَنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يديْهِ من رُكبتَيْهِ. 410 - عن مصعَبِ بن سعدٍ قالَ: صلَّيتُ إلى جَنبِ أبي، فطبَّقتُ بينَ كَفَّيَّ، ثم وضعْتُهما بيْنَ فَخِذَيَّ، فنهَاني أبي، وقالَ: كُنَّا نفعَلُه، فنُهينا عنْه، وأُمِرْنا أنْ نضَعَ أَيديَنا على الرُّكَبِ. 118 - باب إذا لم يُتِمَّ الرُّكوعَ 411 - عن زْيدِ بنِ وهْبٍ قالَ: رأى حُذَيفةُ رجُلاً لا يُتِمُّ الرُّكُوعَ والسجودَ، [فلما قضى صلاتَه 1/ 197]، قالَ [له حذيفةُ]: ما صلَّيتَ، ولْوْ مُتَّ مُتَّ على غيرِ الفِطرةِ التي فطَرَ اللهُ محمَّداً - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: قال: وأحسبه قال: ولو مُتَّ مُتَّ على غير سنَّة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -). 119 - باب استواءِ الظَّهر في الركوعِ 134 - وقالَ أبو حُمَيْدٍ في أصحابهِ: ركعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثم هصَرَ (47) ظهْرَه. 120 - باب حَدِّ إتمامِ الركوعِ والاعتدالِ فيه والاطمأنينةِ (قلت: أسند فيه حديث البراء الآتي "126 - باب/417 - الحديث").

_ 133 و 134 - فقرتان من حديث لأبي حميد الساعدي، قد وصله المصنف هنا بعد قليل برقم (429). (47) أي ثناه إلى الأرض. ومعنى "في أصحابه" في حضور أصحابه.

121 - باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يتم ركوعه بالإعادة

121 - باب أمْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يُتِمُّ ركوعَه بالإعادةِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة في المسيء صلاته، وسيأتي بإذن الله في (ج 4/ 79 - الاستئذان/ 18 - باب"). 122 - باب الدعاءِ في الرُّكوعِ 412 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[يُكْثرُ أنْ 1/ 199] يقول (وفي روايةٍ: ما صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صلاةً بعدَ أن نزَلت عليه: {إذا جاءَ نصْرُ اللهِ والفتْحُ} إلا قَالَ 6/ 93) في رُكوعِه وسُجودِه: " سبْحانَكَ اللهم ربَّنا وبحَمدِكَ، اللهمَّ اغفِرْ لي"، [يتأوَّل القرآن]. 123 - باب ما يقولُ الإمامُ ومَن خلْفَه إذا رفَع رأسَه من الركوع 413 - عن أبي هريرةَ قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا قالَ: "سمعَ اللهُ لمِن حَمِدَهُ"، قالَ: "اللهمَّ ربَّنا ولكَ الحمدُ"، وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا رَكعَ وإذا رفَعَ رأسَه (48) يكَبِّرُ، وإذا قامَ (49) من السَّجدتَينِ قالَ: "اللهُ أَكبَرُ".

_ (48) أي: من السجود لا من الركوع. (49) قال الحافظ: "المشهور عن أبي هريرة أنه كان يكبر حين يقوم ولا يؤخره حتى يستوي قائماً كما في "الموطأ"، فيحمل قوله: "وإذا قام من السجدتين قال: الله أكبر"، على أن المعنى: إذا شرع في القيام. قلت: ويشهد له ما أخرجه أبو يعلى في "مسنده" من طريق آخر عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "كان إذا قام من القعدة كبر ثم قام". فإن قوله: "ثم قام" قرينة صريحة على أن قوله: "إذا قام" بمعنى إذا شرع في القيام. والحديث مخرج في "الصحيحة" (604) مجوداً محسناً.

124 - باب فضل اللهم ربنا لك الحمد

124 - باب فَضلِ اللهمَّ ربَّنا لكَ الحمدُ 414 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا قالَ الإمامُ: سمعَ اللهُ لمِنْ حمِدَهُ، فقولوا: اللهمَّ ربَّنا لكَ الحمدُ؛ فإنه مَن وافَقَ قوْلُه قوْلَ الملائكةِ، غُفِرَ لهُ ما تقدَّمَ من ذنْبِه". 125 - باب 415 - عن أبي هريرةَ قالَ: لأُقَرِّبَنَّ صَلاةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فكانَ أبو هريرةَ رضي الله عنه يَقنُتُ في الرَّكعةِ الأخرى منْ صلاةِ الظهرِ، وصلاةِ العِشاءِ، وصلاةِ الصبْحِ، بعدَ ما يقولُ: "سمعَ اللهُ لمِن حمِدَهُ"، فيَدْعو للمؤمنينَ، ويَلعَنُ الكفَّارَ (50). 416 - عن رِفَاعةَ بنِ رافعٍ الزُّرَقيِّ قالَ: كنَّا يَوماً نصَلي وراءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا رفَعَ رأسَهُ منَ الرَّكعةِ، قال: "سمعَ اللهُ لمِنْ حمِدَهُ"، قالَ رجلٌ: ربَّنا ولَكَ الحمدُ، حمْداً، كثيراً طيِّباً، مبارَكاً فيهِ، فلمَّا انصرَفَ، قالَ: مَنِ المتَكلِّم؟ قالَ: أنَا، قالَ: "رأَيتُ بِضعةً وثلاثينَ ملَكاً يبْتَدِرُونَها، أيُّهمْ يكتُبُها أوَّلُ (51) ". 126 - باب الاطمأنينةِ (52) حينَ يَرفَعُ رأسَهُ من الركوعِ

_ (50) قلت: سيأتي لفظ دعائه صلى الله عليه وسلم للمؤمنين وعلى الكفار قريباً "127 - باب" رقم الحديث (240). (51) بالبناء على الضم ويجوز أن ينصب على الحال أ. هـ. شارح مختصراً. (52) بكسر الهمزة قبل الطاء الساكنة، وفي بعضها بضم الهمزة، وللكشميهني الطُّمأنينة بضم الطاء بغير الهمز.

135 - وقال أبو حُمَيْدٍ: رفَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رأسَه، واستَوى حتى يعُودَ كلُّ فقار مكانَهُ. (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي "139 - باب"). 417 - عن البَرَاءِ رضي الله عنه قالَ: كانَ رُكوعُ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -، وسُجودُه، وإذا رفَع منَ الرَّكوعِ، و [قعودُهُ 1/ 199] بينَ السَّجدَتَينِ قريباً منَ السَّوَاءِ. 418 - عن أبي قِلابةَ قالَ: كانَ مالك بن الحُوَيْرثِ يُرينا كيفَ كانَ صلاةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وذاكَ في غيرِ وقتِ صلاةٍ، (وفي روايةٍ: قالَ: جاءَ مالكُ بنُ الحُوَيْرثِ، فصلَّى بنا في مسجدِنا هذا، فقال: إني لأصَلي بكم، وما أريد الصلاةَ، ولكن أريد أن أريَكم كيفَ رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي 1/ 200)، فقامَ، فأَمكَنَ القيامَ، ثم ركَعَ [فكبَّر 1/ 199]، فأمكَنَ الرُّكوعَ، ثم رفَعَ رأسَه، فانصَبَّ (53) (وفي روايةٍ: فقامَ هُنَيَّةً) [ثم سجَدَ، ثم رفَع رأسه هنيَّةً]. قالَ أبو قِلابةَ: فصلَّى بنَا صلاةَ شيْخِنا هذا أبي بُرَيدٍ (وفي روايةٍ: عمْرو بن سلِمةَ)، وكانَ أبو بُرَيدٍ إذا رَفعَ رأسَهُ منَ السَّجدةِ الآخرةِ استوى قاعداً، [واعتمدَ على الأرضِ]، ثم نَهضَ، (وفي روايةٍ عنه: أنه رأَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي، فإذا كانَ في وترٍ من صلاتهِ لم يَنهضْ حتى يَستويَ قاعداً) (وفي أخرى: كان يفعل شيئاً لم أرهم يفعلونه، [كان يُتم التكبير، و] يقعد في الثالثة والرابعة 1/ 199).

_ 135 - هو طرف من حديثه الآتي موصولاً برقم (429). (53) بالموحدة، انفعل من الصب. قال الحافظ: "كأنه كنى عن رجوع أعضائه عند الانحناء إلى القيام بالانصباب، ووقع عند الإسماعيلي: "فانتصب قائماً"، وهي أوضح". قلت: وقريب منها الرواية الأخرى.

127 - باب يهوي بالتكبير حين يسجد

127 - باب يَهوي بالتَّكبير حين يسجُد 165 - وقالَ نافعٌ: كانَ ابنُ عُمر يضَعُ يديهِ قَبْلَ رُكْبَتَيهِ. 419 - عن أبي بكرِ بنِ عبدِ الرحمنِ بن الحارثِ بنِ هشام وأبي سلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ أنَّ أبا هريرةَ كانَ يكبِّرُ في كلِّ صلاةٍ منَ المكتوبةِ وغيرِها، في رمضان وغيره، فيكبِّرُ حينَ يَقومُ، ثم يكبِّرُ حينَ يَركَعُ، ثم يقولُ: سمعَ اللهُ لمِن حمِدَهُ، [حين يرفع صُلبَه من الركعةِ 1/ 191]، ثم يقولُ [وهو قائم]: ربّنا ولك الحمدَ، قبْلَ أنْ يسجُدَ، ثم يقولُ: اللهُ أكبَرُ حينَ يَهوي ساجداً، ثم يكبِّرُ حينَ يَرفعُ رأسَه من السُّجودِ، ثم يكبِّرُ حينَ يسجُدُ، ثم يكَبِّر حينَ يَرفعُ رأسَه منَ السجودِ، ثم يكبِّرُ حينَ يَقومُ منَ الجُلوسِ في الاثنتَينِ، ويَفعلُ ذلكَ في كلِّ رَكعةٍ، حتى يَفرُغَ منَ الصلاةِ، ثم يقولُ حينَ يَنصرفُ: والذي نفْسي بيَدِه إني لأَقرَبُكم شَبَهاً بصَلاةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، إنْ كانَت هذهِ لَصَلاتَهُ حتى فارَقَ الدنيا. 420 - وعنه رضي الله عنه قالَ: وكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ رفعُ رأسَه [من الركعة الآخرة 2/ 15] [من صلاة العِشاءِ 7/ 165] يقولُ (وفي روايةٍ: كان إذا أراد أن يدعوَ على أَحدٍ، أو يدعو لأَحد، قنت بعد الركوع، فربما قال إذا قالَ 5/ 171): "سمع اللهُ لمِن حمِدَهُ، ربَّنا ولكَ الحمدُ"، يَدْعو لِرجالٍ فيُسمِّيهم بأسمائِهمْ، فيقولُ

_ 165 - وصله ابن خزيمة والطحاوي والحاكم وغيرهم بسند صحيح عن ابن عمر من فعله، وزادوا: "قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله". وقد ثبت الأمر بوضع اليدين قبل الركبتين من حديث أبي هريرة عند أبي داود وغيره. وما يخالفهما؛ لا يصح إسناده. فتنبه، وراجع له "صفة الصلاة" (ص 140 و 141 - طبعة مكتبة المعارف).

128 - باب فضل السجود

(وفي روايةٍ: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي العشاءَ إذ قال: "سمع اللهُ لمن حمِدهُ"، ثم قالَ قَبْلَ أن يسجد 5/ 184): "اللهَّم أَنْجِ الوليدَ بنَ الوليدِ، وسلَمَةَ بنَ هشامٍ، وعيَّاشَ بنَ أبي ربَيعة، والمستَضعَفينَ منَ المؤمنينَ، اللهمَّ اشدُدْ وطْأتَكَ على مُضَرَ، واجعلْها (وفي روايةٍ: وابعَثْ 8/ 56) عليهم سنينَ كَسِنِي يوُسفَ، [يَجْهَرْ بذلك] "، [هذا كله في الصبح]، وأهلُ المَشرِقِ يوْمئذٍ منْ مُضرَ مخالفونَ لهُ. [وكانَ يقولُ في بعضِ صلاتِه في صلاة الفجرِ: "اللهمَّ العنْ فلاناً وفلاناً"، لأَحياء من العرب (54)، حتى أَنزلَ الله: {لَيْسَ لك مِنَ الأَمْرِ شْيءٌ} الآية (55)]. 128 - باب فضلِ السجودِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الطويل في رؤية الله يوم القيامة الآتي في (ج 4/ 97 - التوحيد/ 24 - باب"). 129 - باب يُبْدي ضَبْعيْه ويجافي في السجودِ 421 - عن عبدِ اللهِ بنِ مالك ابن بُحَيْنةَ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا صلَّى فرَّجَ بيْنَ يديهِ، حتى يبدُوَ بياضُ إبْطَيْهِ.

_ (54) قلت: وقع تسميتهم في رواية مسلم بلفظ: "اللهم العن رعلاً وذكوان وعصية". (55) قلت: قد استشكل نزول الآية في هؤلاء، لأن قصتهم كانت بعد غزوة أحد، والآية نزلت في قصة أحد، فكيف يتأخر السبب عن النزول؟ قال الحافظ: "ثم ظهر لي علة الخبر، وأن فيه إدراجاً، وأن قوله: "حتى أنزل الله ... " منقطع من رواية الزهري عمن بلغه، بين ذلك مسلم في روايته ... وهذا البلاغ لا يصح لما ذكرته". قلت: ومثله البلاغ المتقدم في آخر الحديث (3) من "كتاب الوحي". فقد علقت عليه هناك بما يشير إلى عدم صحته أيضاً، وذلك من الأدلة الكثيرة على صدق من قال: "أبي الله أن يتم إلا كتابه"، فتنبه.

130 - باب يستقبل بأطراف رجليه القبلة

130 - باب يَستقبلُ بأطرافِ رجليْه القبْلةَ 136 - قالَهُ أبو حُمَيْدٍ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 131 - باب إذا لم يُتمَّ السجودَ (قلت: أسند فيه حديث حذيفة المتقدم برقم 411). 132 - باب السجودِ على سبعةِ أعظُمٍ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي). 133 - باب السجودِ على الأَنفِ 422 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " أُمِرتُ أنْ أَسجدَ (وفي روايةٍ: أُمرنا أن نَسجدَ 1/ 197) على سبعةِ أعظُم: على الجَبْهةِ- وأشارَ بيَدِه على أَنفِه-، واليدَيْن، والرُّكبَتَينِ، وأطرافِ القدَمَينِ، ولا نَكفِتَ الثيابَ والشَّعَرَ". 134 - باب السجودِ على الأَنفِ في الطينِ 423 - عن أبي سَلَمَةَ قالَ: انطلقتُ إلى أبي سعيدٍ الخُدْريِّ، فقلتُ: أَلا تخرُجُ بنا إلى النخْلِ نتحدَّثْ؟ فخرَجَ، فقالَ: قلتُ: حدِّثْني ما سمِعتَ منَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في (وفي روايةٍ: سألتُ أبا سعيدٍ الخُدْري [وكانَ لي صَديقاً 2/ 253] قلتُ: هل سمعتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر 2/ 258) ليلةَ القدرِ؟ قالَ:

_ 136 - قلت: يشير إلى حديثه الذي وصله المصنف فيما يأتي قريباً رقم (429).

135 - باب عقد الثياب وشدها ومن ضم إليه ثوبه إذا خاف أن تنكشف عورته

اعتكَفَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ الأُوَلِ منْ رمضانَ، واعتكَفْنا معَهُ، فأتاهُ جبريلُ، فقالَ: إنَّ الذي تطلُبُ أَمامَكَ، فاعتكَفَ العَشْرَ الأوسَطَ، فاعتكَفْنا معَهُ، [فلما كانَ صبيحةُ عشرين نقلنا متاعَنا 2/ 259]، فأتاهُ جبريلُ فقالَ: إن الذي تطلُبُ أَمامَكَ، قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خطيباً صبيحةَ عشرينَ منْ رمضانَ، فقالَ: "مَن كانَ اعتكَفَ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فليَرجعْ"، [فرجَعَ الناس إلى المسجدِ]، (وفي روايةٍ: فخطَبَ الناسَ، فأمَرهم ما شاءَ الله، ثم قالَ: "كنتُ أُجاوِرُ هذه العَشرَ الأواخرَ، فمن كان اعتكَفَ معي فليثبُت في معتكَفه 2/ 254)؛ فإني أُريتُ ليْلةَ القدْر وإني نُسِّيتُها، وإنها في العَشْرِ الأَواخرِ، [وابتغوها 2/ 254] في [كل] وِتْرٍ، وإني رأيتُ كأَني أَسجدُ في طينٍ وماءٍ [من صبيحتها 2/ 256]، [فلما رجع إلى معتكَفهِ، وهاجت السماء فَمُطِرْنا، فوالذي بعثه بالحقِّ لقد هاجت السماءُ من آخر ذلك اليوم]- وكانَ سقفُ المسجدِ جَريدَ النخلِ - وما نَرى في السماءِ شيئاً، فجاءتْ قَزْعةٌ فأُمطِرنا [حتى سال السقفُ (وفي روايةٍ: فوكفَ المسجد في مصلَّى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ إحدى وعشرين)، وأقيمت الصلاةُ 1/ 163] فصلَّى بنا، [فرأيتُ] النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -[يسجدُ في الماء والطينِ] حتى رأيتُ أَثرَ الطينِ والماءِ على جبهةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأَرنَبَتِه، (وفي روايةٍ: فبَصُرَت عيني، نظرت إليه انصرفَ من الصبحِ ووجهه ممتلىء طيناً وماءً)، تصديقُ رُؤياهُ. 135 - باب عَقدِ الثيابِ وشدِّها ومَن ضَمَّ إليه ثوبَه إذا خافَ أن تنكشفَ عوْرتُه

136 - باب لا يكف شعرا

424 - عن سهل بنِ سعدٍ قالَ: كانَ الناسُ يصلُّونَ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهُمْ عاقدو أُزْرهم منَ الصِّغَرِ على رقابهم [كهيئة الصبيان 1/ 95]، فقيلَ للنساءِ: "لا تَرفعْنَ رؤوسَكنَّ حتى يستويَ الرجَالُ جُلوساً". 136 - باب لا يَكُفُّ شَعَراً (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم قريباً برقم 422). 137 - باب لا يكُفُّ ثوَبه في الصلاةِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 138 - باب التسبيحِ والدعاءِ في السجودِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 412). 139 - باب المُكثِ بين السجدتيْن 425 - عن ثابتٍ عن أَنسٍ قالَ: إني لا آلُو أنْ أصَلِّي بكُم كما رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي بنا، قالَ ثابتٌ: كانَ أَنسٌ يَصنعُ شيئاً لم أَرَكُم تصنَعونَه: كان (وفي طريقٍ أخرى عنه قال: كان أنس يَنْعَتُ لنا صلاة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فكان يصلي، فـ 1/ 194) إذا رفَعَ رأسَه منَ الركوعِ قامَ حتى يقولَ القائلُ: قدْ نَسِيَ، وبينَ السّجدتَينِ حتى يقولَ القائلُ: قدْ نَسِيَ. 140 - باب لا يَفترشُ ذراعَيهِ في السجودِ

141 - باب من استوى قاعدا في وتر من صلاته ثم نهض

137 - وقالَ أبو حميْدٍ: سَجدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ووضَعَ يدَيهِ؛ غيْرَ مفتَرِشٍ، ولا قابِضِهما. 426 - عن أَنسِ بنِ مالكٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "اعتَدِلوا في السُّجودِ، ولا يَبسُطُ أحدُكم ذِراعَيهِ انبساطَ الكلْبِ". 141 - باب مَنِ استَوى قاعداً في وِتْرٍ من صلاتِه ثم نَهضَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث مالك بن الحويرث المتقدم برقم 418). 142 - باب كيفَ يَعتمد على الأرضِ إذا قامَ من الركعةِ (قلت: أسند فيه طرفاً آخر من حديث مالك المشار إليه آنفاً). 143 - باب يكَبِّرُ وهو يَنهضُ من السَّجدتَينِ 166 - وكانَ ابنُ الزُّبيْرِ يكَبِّرُ في نَهْضَتِهِ. 427 - عن سعيدِ بنِ الحارثِ قالَ: صلَّى لَنا أبو سعيدٍ فجهَرَ بالتكْبيرِ حينَ رفَعَ رأسَهُ منَ السُّجودِ، وحينَ سَجدَ، وحينَ رفَعَ، وحينَ قامَ منَ الركعَتَينِ، وقالَ: هكذا رأَيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (56). 144 - باب سُنَّةِ الجلوسِ في التَّشَهُّدِ

_ 137 - هو طرف من حديثه الآتي موصولاً، والمشار إلى مكان وصله آنفاً. 166 - وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح. (56) قلت: هذا من الأحاديث التي في إسنادها عند المؤلف فليح بن سليمان، قال الحافظ: "صدوق كثير الخطأ"، فقوله: "حين قام من الركعتين" معناه: حين أراد القيام من الركعتين، لما ذكرناه من حديث أبي يعلى فيما تقدم تعليقاً على حديث أبي هريرة المتقدم (415).

167 - وكانَت أُمُّ الدَّرْداءِ تَجلِسُ في صلاتِها جلسَةَ الرَّجُلِ، وكانت فَقيهةً. 428 - عن عبدِ الله بنِ عبدِ الله (يعني ابن عمر) أنَّه أخبَرَه أنَّه كانَ يَرى عبدَ الله بنَ عُمَر رضي الله عنهما يتَربَّعُ في الصَّلاةِ إذا جَلَسَ، ففَعلتُهُ وأنا يومَئذٍ حديثُ السِّنِّ، فنهَاني عبدُ الله بنُ عُمرَ، وقالَ: إنَّما سنَّةُ الصَّلاةِ أنْ تَنصِبَ رجْلَكَ اليُمنى، وتَثْني اليُسرى. فقلتُ: إنكَ تَفعلُ ذلكَ، فقالَ: إنَّ رجْلَيَّ لا تَحمِلاني. 429 - عن محمَّدِ بنِ عَمْرِو بْنِ عَطاءٍ أنهُ كانَ جالساً معَ نفَرٍ من أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرْنا صَلاةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ أبو حُميْدٍ الساعِديُّ: أَنَا كنتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلاة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رأَيتُه إذا كبَّرَ جعَلَ يدَيهِ حذاءَ مَنكِبَيْهِ، وإذا رَكعَ أمكَنَ يدَيهِ من رُكْبتَيهِ، ثم هصَرَ ظهْرَه، فإذا رفَعَ رأَسه استَوى، حتى يَعودَ كلُّ فَقارٍ مكانَهُ، فإذا سَجدَ وضَعَ يديه غير مفترشٍ، ولا قابضهِما، واستقبل بأطراف أصابع رِجلَيهِ القِبلةَ، فإذا جلَسَ في الرَّكعتَينِ جلَسَ على رجلهِ اليُسرَى، ونصَبَ اليُمنى، وإذا جلَسَ في الرَّكعةِ الآخرةِ قدَّمَ رجلَهُ اليُسرى، ونصب الأخرى، وقعَدَ على مَقعدَتهِ.

_ 167 - وصله المصنف في "التاريخ الصغير" (ص 95) من طريق مكحول عنها. ورجال إسناده ثقات كلهم رجال "الصحيح"، وفي رواية له من طريق أخرى عنه قال: "رأيت أم الدرداء تجلس"، فالسند صحيح. وأم الدرداء هذه هي الصغرى، واسمها هجيمة، وقيل: هجيمة الدمشقية، وهي زوج أبي الدرداء رضي الله عنه. وهذا الأثر مما يدل على فقهها. فإن النساء شقائق الرجال في الأحكام الشرعية، ولم يأت- فيما علمت- ما يدل على أن المرأة تختلف عن الرجل في شيء من أحكام الصلاة، فهي فيها كالرجل، وإليه جنح المؤلف كما أشار إلى ذلك بتعليقه لهذا الأثر؛ مجزوماً به. وراجع لهذا خاتمة كتابي "صفة الصلاة".

145 - باب من لم ير التشهد الأول واجبا لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام من الركعتين ولم يرجع

145 - باب مَن لم يَر التشهُّدَ الأَوَّل واجباً لأَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قامَ منَ الركعتَين ولم يرجع 430 - عن عبدِ الله ابن بُحَيْنَةَ- وهو منْ أَزْدِ شَنُوءَةَ، وهو حليفٌ لبَني عبدِ مَنافٍ (وفي روايةٍ: حليف بني عبدِ المطَّلب 2/ 67) وكانَ من أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -صلَّى بهِمُ الظهرَ، فقامَ في الركعتَينِ الأُولَيينِ لم يجلِسْ، [فَمضى في صلاتِه 7/ 226]، فقامَ الناس معهُ، حتى إذا قضى الصلاةَ، وانتظرَ الناسُ تسليمَهُ، كبَّرَ وهو جالسٌ، فسجَدَ سجدتَينِ، [فكَبَّرَ في كلِّ سَجدةٍ] قبلَ أنْ يسلِّمَ، [وسجَدَهُما الناسُ معه مكان ما نسيَ من الجلوسِ]، ثم سلَّمَ. 146 - باب التشهُّدِ في الأولى (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن بحينة المتقدم آنفاً). 147 - باب التشهُّد في الآخرةِ 431 - عن عبدِ الله (بن مسعود): كنَّا إذا صلَّينا خلْفَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قلْنا: [السلامُ على الله مِن (وفي روايةٍ: قَبْلَ 7/ 127) عبادِه 1/ 203]، السلامُ على جبريلَ، وميكائيلَ، السلامُ على فلانٍ، وفلانٍ (وفي روايةٍ: ويسلم بعضنا على بعض 2/ 60)، فالتفَتَ إلينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: فلما انصرف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أقبلَ علينا بوجهه) ذاتَ يومٍ 7/ 151)، فقالَ: " [لا تقولوا: السلامُ على الله؛ فـ] إنَّ الله هوَ السلامُ، فإذا صلَّى أحدُكم (وفي روايةٍ: فإذا جلس أحدُكم في الصلاةِ) فليقُلِ: التَّحِيَّاتُ لله والصَّلَواتُ،

148 - باب الدعاء قبل السلام

والطيِّباتُ، السلامُ عليكَ أيُّها النبيُّ، ورحمةُ الله، وبركاتُه، السلامُ علينا، وعلى عبادِ الله الصالحينَ؛ فإنَّكم إذا قُلْتُموها أصابَتْ (وفي الرواية الأخرى: فقد سلَّمتُم على) كلِّ عبدٍ لله صالحٍ في السماءِ والأرضِ، أَشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله، وأشهَدُ أنَّ محمًداً عبدُهُ ورسولُه، [ثم يتخيَّرُ من الدعاءِ (في روايةٍ: الثناءِ) أعْجَبَهُ إليهِ، فيَدْعو] ". 148 - باب الدعاءِ قبلَ السلامِ 432 - عن عائشةَ زوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أخبَرَتهُ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -كان يدْعُو في الصلاة: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ منْ عذابِ القَبْرِ، وأعوذُ بكَ منْ فِتْنةِ المَسيحِ الدَّجالِ، وأعوذُ بكَ منْ فِتنةِ المَحْيا، وفِتنةِ المَماتِ، اللهمَّ إني أعوذُ بكَ منَ المأْثَمِ والمَغرَمِ". فقالَ لهُ قائلٌ: ما أكثَرَ ما تستعيذُ [يا رسولَ الله 3/ 85]، منَ المَغرَمِ؟ فقالَ: "إنَّ الرَّجلَ إذا غَرِمَ حدَّث فكذَبَ، ووعَدَ فأَخلَفَ". (وفي روايةٍ عنْها) قالتْ: سمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يستعيذُ في صلاتِه منْ فِتْنةِ الدجَّالِ. 433 - عن أبي بكرٍ الصدِّيقِ رضي الله عنه قالَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: علِّمْني دُعاءً أَدْعو بهِ في صَلاتي، قالَ: "قُلِ: اللهمَّ إني ظَلمتُ نفْسي ظُلماً كثيراً، ولا يَغفِرُ الذنوبَ إلا أنتَ، فاغفِرْ لي مَغفِرةً منْ عِندِكَ، وارحمْني، إنَّكَ أنتَ الغفورُ الرحيمُ".

149 - باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب

149 - باب ما يُتَخَيَّرُ من الدعاءِ بعدَ التشهُّدِ وليسَ بواجبٍ (قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم قبل حديثين). 150 - باب مَن لم يمسَح جَبهتَه وأنفه حتى صلَّى قالَ أبو عبدِ الله: رأيتُ الحُمَيْديَّ يحتجُّ بهذا الحديثِ (57) أنْ لا يَمسَحَ الجبهةَ في الصلاةِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سعيد المتقدم برقم 423). 151 - باب التسليمِ 434 - عن هندٍ بنت الحَارِثِ [الفراسية (وفي روايةٍ: القرشية)، وكانت تحت معبد بن المقداد - وهو حليف بني زُهرة - وكانت تدخلُ عَلى أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 1/ 206] أنَّ أُمَّ سلَمَةَ رضي الله عنها [وكانتْ من صواحباتِها] قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلَّمَ قامَ النساءُ حينَ يَقضي تسليمَهُ، ومكَثَ [في مكانه]، يسيراً، [ومن صلَّى من الرجال ما شاءَ الله، فإذا قامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قامَ الرجال 1/ 210] قبْلَ أنْ يقُومَ. (138 - وفي روايةٍ معلقةٍ: كانَ يُسَلِّم فينصرفُ النساءُ فيَدْخُلْنَ بيوتَهن من قبْلِ أنْ ينصرفَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -). قال ابن شهابٍ: فأرى والله أَعلمُ أن مُكْثَهُ لكَيْ ينفُذَ النساءُ قبْلَ أنْ يُدْركَهنَّ مَن انصرَفَ منَ القوْمِ.

_ (57) يعني حديث أبي سعيد المشار إليه في الباب. 138 - هذه الرواية وصلها محمد بن يحيى الزهري في "الزهريات" بسند صحيح.

152 - باب يسلم حين يسلم الإمام

152 - باب يسلِّمُ حينَ يسلِّم الإمامُ 168 - وكانَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَستحبُّ إذا سلَّم الإمامُ أن يسلِّمَ مَن خلْفَه. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عتبان بن مالك وقد مضى برقم 225). 153 - باب من لم يرد السلام على الإمام، واكتفى بتسليم الصلاة (قلت: أسند فيه طرفاً كبيراً من حديث عتبان المشار إليه آنفاً). 154 - باب الذِّكرِ بعدَ الصلاةِ 435 - عن عَمْروٍ أنَّ أبا مَعْبَدٍ موْلى ابنِ عباسٍ أخبرَه أنَّ ابنَ عباسٍ رضيَ الله عنهما أَخبَرَهُ أنَّ رفْعَ الصوْتِ بالذِّكرِ حينَ ينصرفُ الناسُ منَ المكتوبةِ كانَ على عهدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وقالَ ابنُ عباس: كنتُ أَعلَمُ إذا انصرَفوا بذلك إذا سمِعتُه. (وفي روايةٍ عنه) قالَ: كنت أعرف انقضاءَ صلاةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالتكبيرِ. وقالَ عمروٌ: كانَ أبو مَعْبَدٍ أَصدَقَ مَوَالي ابنِ عباسٍ. قالَ عليٌّ (58): واسمه نافذٌ.

_ 168 - أخرجه ابن أبي شيبة بمعناه كما قال الحافظ. وكأنه يشير إلى ما أخرجه في"المصنف" (1/ 307) عن نافع عن ابن عمر أنه كان يَرُدُّ السلام على الإمام. وسنده صحيح، لكنه مختصر، فقد أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (3147) من طريق أخرى عنه قال: كان ابن عمر إذا كان في الناس رد على الإمام، ثم سلم عن يمينه، ولا يسلم عن يساره إلا أن يسلم عليه إنسان فيرد عليه. وسنده صحيح أيضاً. فهذا السياق يبين أن رد ابن عمر السلام على الإمام، هو غير تسليمه للتحلل من الصلاة، فالأثر هو غير الذي علقه المصنف. والله أعلم. (58) قلت: هو ابن عبد الله بن المديني شيخ البخاري في هذا الحديث.

436 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: جاءَ الفقَراءُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ذهَبَ أهلُ الدُّثُورِ منَ الأموالِ بالدرَجاتِ العُلا، والنَّعيمِ المقِيمِ، [قالَ: كيف ذاك؟ قال: 7/ 151] يصَلُّونَ كما نصَلي، ويصومونَ كما نصُومُ، ولهمْ فضْلُ أموالٍ يحُجُّونَ بها، ويَعتمرونَ، ويجاهِدونَ، (وفي روايةٍ: وجاهَدوا كما جاهدنا)، ويتصدَّقونَ، [وليستْ لنا أموال]، قالَ: "أَلا أحدِّثُكم بما إنْ أخذْتم أَدركتُم مَن سبَقكُم، ولَم يُدْرِكْكُمْ أحدٌ بَعدَكم، وكنتُم خيْرَ مَن أنتُم بينَ ظَهرانَيْهِ؛ إلا مَن عمِلَ مثلَهُ؟ تسبِّحونَ، وتَحمَدونَ، وتكبِّرونَ خلْفَ كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين". فاختلفْنا بيْنَنا (59)، فقالَ بعضُنا: نسبِّحُ ثلاثاً وثلاثينَ، ونحمَدُ ثلاثاً وثلاثينَ، ونكبِّرُ أربعاً وثلاثينَ، فرجَعتُ إليهِ، فقالَ: "تقولُ: سُبحانَ الله، والحمدُ لله، والله أَكبرُ، حتى يكُونَ منْهنَّ كلِّهِنَّ ثلاثاً وثلاثينَ. (وفي روايةٍ: تُسبِّحون دبرَ كل صلاةٍ عشراً، وتحمدون عشراً، وتُكَبِّرون عشراً) ". 139 - [ورواه ابنُ عَجْلانَ عن سُمَيٍّ ورجاء بن حَيْوَةَ. 140 - ورواه جرير عن عبد العزيز بنِ رُفَيع عن أبي صالح عن أبي الدرداء.

_ (59) القائل "فاختلفنا" هو سُمَيٌّ الراوي له عن أبي صالح، وهذا عن أبي هريرة، كما في رواية لمسلم عنه، وهو الذي رجع إلى أبي صالح، والذي خالفه بعض أهله. راجع "الفتح". 139 - هذا معلق، وقد وصله مسلم بلفظ: "ثلاثاً وثلاثين". ووصله الطبراني؛ إلا أنه قال: "وتكبرونه أربعاً وثلاثين". 140 - وصله النسائي وأبو يعلى، وفيه تربيع التكبير كما في رواية الطبراني السابقة.

155 - باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم

141 - ورواه سهل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -]. 155 - باب يستقبلُ الإمامُ الناسَ إذا سلَّم (قلت: أسند فيه حديث زيد بن خالد الآتي "15 - الاستسقاء/ 27 - باب"). 156 - باب مُكْثِ الإمامِ في مُصلاه بعدَ السلام 437 - عن نافعٍ قالَ: كانَ ابنُ عُمَرَ يصَلي في مكانِه الذي صلَّى فيهِ الفريضةَ. 169 - وفعَلَهُ القاسمُ. 142 - ويُذكَر عن أبي هريرةَ رفَعَه: "لا يَتطوَّعُ الإمامُ في مكانِه". ولَم يَصِحّ. 157 - باب مَن صلَّى بالناسِ فذكَرَ حاجةً فتخطَّاهم

_ 141 - وصله مسلم (143) ولكنه لم يسق الحديث، وأحال على لفظ ابن عجلان وقال: "وزاد في الحديث: يقول سهيل: إحدى عشرة، إحدى عشرة، فجميع ذلك كان ثلاثة وثلاثون". وأخرجه النسائي بطريق أخرى عن سهيل بألفاظ أخرى. قال الحافظ: "وهذا اختلاف شديد على سهيل، والمعتمد في ذلك رواية سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة. والله أعلم". قلت: ومما يقويه أن الإمام أحمد أخرج القصة (2/ 238) من طريق أخرى عن أبي هريرة أن أبا ذر قال: ذهب أصحاب الدثور .. الحديث، إلا أنه قال: "تكبِّر دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتسبِّح ثلاثاً وثلاثين، وتحمد ثلاثاً وثلاثين: وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير". وسنده صحيح على شرط مسلم. 169 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه أنه كان يصلي الفريضة ثم يتطوع في مكانه. 142 - وصله أبو داود وغيره عن أبي هريرة بسند ضعيف كما أشار إليه المصنف، لكن له شاهد من حديث المغيرة، وآخر من حديث علي قال: من السنة أن لا يتطوع الإمام حتى يتحول من مكانه. رواه ابن أبي شيبة بسند حسن. وانظر "صحيح أبي داود" (629 و 922) فقد خرّجت فيه حديث أبي هريرة، وحديث المغيرة المشار إليهما، بل إن له شاهداً آخر أقوى منهما، أخرجه مسلم وغيره، وهو مخرج أيضاً في المصدر المذكور (1064).

158 - باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال

438 - عن عُقبةَ [بن الحارث رضي الله عنه 2/ 64] قالَ: صلَّيتُ وراءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينةِ العصرَ، فسلَّمَ، ثم قامَ مسْرعاً، فتخطَّى رقابَ الناس، إلى بعضِ حُجَرِ نساءِه، ففَزِعَ الناسُ من سُرعتهِ، فخرجَ عليْهم، فرأى أنهم عَجِبوا منْ سُرعته، فقالَ: "ذكرتُ [وأَنا في الصلاةِ] شيئاً منْ تِبْرٍ عندَنا، فكَرهتُ أنْ يَحبسَني (وفي روايةٍ: أن يُمسيَ، أو يَبيتَ عندنا)، فأمَرتُ بقِسمتهِ". 158 - باب الانفتالِ والانصرافِ عن اليمينِ والشمالِ 170 - وكانَ أَنسٌ ينفتلُ عن يمينهِ وعن يسارهِ، ويَعِيبُ على مَن يتَوخَّى أو مَن يَعمِدُ الانفتالَ عن يمينهِ. 439 - قالَ عبدُ الله (بن مسعود): لا يَجعلْ أَحدُكم للشيْطانِ شيئاً منْ صَلاتهِ، يَرى أنَّ حقًا عليهِ أنْ لا يَنصرفَ إلا عن يمينهِ، لقد رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كثيراً يَنصرفُ عن يسارهِ. 159 - باب ما جاءَ في الثُّومِ النيِّىءِ والبصلِ والكُرَّاثِ 143 - وقوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ 170 - وصله مسدد في "مسنده الكبير" من طريق سعيد عن قتادة قال: كان أنس فذكره. كما في "الفتح". 143 - قد وصله المصنف عن جمع من الصحابة كما يأتي في الباب، لكن دون ذكر الجوع، وقد قال الحافظ: لم أر التقييد بالجوع وغيره صريحاً، لكنه مأخوذ من كلام الصحابي في بعض طرق حديث جابر وغيره. ثم بين ذلك، فراجعه إن شئت.

160 - باب وضوء الصبيان، ومتى يجب عليهم الغسل والطهور، وحضورهم الجماعة، والعيدين، والجنائز، وصفوفهم

"مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أوِ البصَلَ - منَ الجُوعِ أو غيرهِ - فلا يَقربَنَّ مسجدَنا". 440 - عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ في غَزوةِ خيْبَرَ: "مَن أَكَلَ منْ هذهِ الشجَرةِ - يَعني الثُّومَ - فلا يَقرَبنَّ مسجدَنا". 441 - عن جابر بن عبدِ الله أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن أَكلَ ثوماً أو بصَلاً فليعتَزِلْنا، أو قالَ: فليَعتزلْ مسجدَنا، وليقعُدْ في بيتهِ، (وفي روايةٍ: فلا يَغشانا في مساجدِنا". قلتُ: ما يَعني به؟ قالَ: ما أُراهُ يَعني إلا نِيئَهُ (وفي روايةٍ: إلا نَتْنَهُ). 442 - وأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتيَ بقِدرٍ (وفي روايةٍ: ببَدْرٍ- قال ابن وهب: يعني طبقاً) فيهِ خَضِراتٌ،- من بُقولٍ، فوجَدَ لها ريحاً، فسأَل؟ فأُخْبرَ بما فيها منَ البُقولِ، فقالَ: قرِّبوها، [فقرَّبوها 8/ 159] إلى بعضِ أصحابهِ كانَ معهُ، فلمَّا رآهُ كَرِهَ أَكْلَها، قالَ: " كُلْ، فإني أُناجي مَن لا تُناجي". 443 - عن عبدِ العزيزِ قالَ: سألَ رجلٌ أَنساً: ما سَمِعتَ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - في الثُّومِ؟ فقالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أَكلَ منْ هذهِ الشَّجرةِ فلا يقَرَبنَّا (وفي روايةٍ: فلا يقرَبَنَّ مَسْجِدَنا 6/ 213)، ولا يُصلينَّ معَنا". 160 - باب وضوءِ الصِّبيانِ، ومَتى يجبُ عليهمُ الغُسلُ والطَّهُورُ، وحضورِهم الجماعةَ، والعيدَين، والجنائزَ، وصفوفِهم

161 - باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس

444 - عن الشَّعْبيِّ قالَ: أَخبرَني مَن مَرَّ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على قَبْرٍ منبوذٍ (60) فأَمَّهم، وصَفُّوا عليهِ، فقلتُ: يا أبا عَمْروٍ! مَن حدَّثَكَ؟ فقالَ: ابنُ عباسٍ. 161 - باب خروجِ النساءِ إلى المساجدِ بالليلِ والغلَسِ 445 - عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا استأذَنَكم نساؤُكم بالليلِ إلى المسجدِ فأْذَنوا لهُنَّ. (وفي روايةٍ: فلا يَمْنَعْها 1/ 211) ". 446 - عن يحْيى بن سعيدٍ عن عَمْرَةَ بنتِ عبدِ الرحمنِ عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: لوْ أَدرَكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ما أَحدَثَ النساء، لَمنَعَهُنَّ كما مُنِعتْ نساءُ بَني إسرائيلَ. قلتُ لِعَمْرَةَ: أَوَ مُنِعْنَ؟ قالتْ: نعمْ. 162 - باب صَلاةِ النساءِ خلفَ الرجَالِ 163 - باب سُرعةِ انصرافِ النساءِ من الصبحِ وقلَّةِ مُقامِهنَّ في المسجد (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 200). 164 - باب استئذانِ المرأةِ زوجَها بالخروجِ إلى المسجدِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم آنفاً).

_ (60) أي: على قبر منفرد عن القبور.

11 - كتاب الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم 11 - كتَابُ الجمُعة 1 - باب فرْضِ الجُمُعةِ لقولِ الله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 447 - عن أبيْ هريرةَ رضي الله عنه أنهُ سمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "نحْنُ الآخِرونَ السابِقونَ يومَ القيامةِ، بَيْدَ أنَّهم (وفي طريقٍ: بَيْدَ كلُّ أمةٍ 4/ 153) أُوتُوا الكتابَ منْ قَبلِنا، [وأُوتيناه من بعدِهم 1/ 216]، ثم هذا يومُهمُ الذي فُرضَ عليهِم، فاختلَفُوا فيهِ، فهَدانا الله لهُ، فالناسُ لَنا فيهِ تَبَعٌ؛ اليهودُ غداً، والنَّصارى بعدَ غدٍ". [فسكتَ، ثم قالَ: " [144 - لله تعالى] حقٌّ على كلِّ مسلمٍ أن يغتَسِلَ في كل سبعةِ أيامٍ يوماً، يغسل فيه رأسَه وجسدَه 1/ 216] ". 2 - باب فضلِ الغُسلِ يومَ الجُمُعةِ، وهل على الصبيِّ شهودُ يومِ الجُمُعةِ، أوْ على النساءِ 448 - عن عبدِ الله بن عمَرَ رضي الله عنهما أنَّ (ومن طريقٍ أخرى عنه قال: سمعت 1/ 215) رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -[يخطب على المِنبر فـ 1/ 220] قالَ: "إِذا جاءَ أحدُكم الجُمُعةَ فليغتسِلْ".

_ 144 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها الطحاوي والبيهقي.

3 - باب الطيب للجمعة

449 - عن ابنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بن الخطابِ بينَما هوَ قائمٌ في الخُطبةِ يومَ الجُمعةِ؛ إذْ دخَلَ رَجلٌ منَ المهاجرينَ الأوَّلينَ (1)، منْ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فناداهُ عُمَرُ: أيةُ ساعةٍ هذِه؟ قالَ: إِني شُغلتُ فلَم أَنقلِبْ إِلى أهلي، حتى سمعتُ التَّأذينَ، فلَمْ أَزِدْ أنْ توضَّأتُ، فقالَ: والوُضوءَ أيضاً، وقد عَلِمتَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يأمُرُ بالغُسلِ؟! 3 - باب الطِّيبِ لِلْجُمُعةِ 450 - عن عَمْروِ بنِ سُلَيْمٍ الأنصاريُّ قالَ: أَشهدُ على أبي سعيدٍ قالَ: أَشهدُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الغُسلُ (وفي طريقٍ: غُسلُ) يوم الجُمُعةِ واجبٌ على كلِّ محتلِمٍ (2)، وأنْ يَسْتَنَّ (3)، وأنْ يَمَسَّ طِيباً إِنْ وجَدَ". قالَ عَمْرٌو: أما الغُسلُ فأَشهدُ أنهُ واجبٌ. وأمَّا الاستِنانُ والطِّيبُ، فالله أَعلمُ أَواجبٌ هوَ أم لا؟ ولكنْ هكذا في الحديثِ. 4 - باب فضلِ الجُمُعةِ 451 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنِ اغتسَلَ يومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنابةِ، ثم راحَ؛ فكأَنَّما قرَّبَ بدنَةً، ومَن راحَ

_ (1) وهو عثمان بن عفان رضي الله عنه كما يأتي في التعليق على الحديث (452). (2) أي: بالغ. وانما ذكر الاحتلام لكونه الغالب. (3) أي: يدلك أسنانه بالسواك.

5 - باب

في الساعةِ الثانيةِ، فكأنَّما قرَّبَ بقرَةً، ومَن راحَ في الساعةِ الثالثةِ، فكأنَّما قرَّبَ كَبشاً أَقْرَنَ، ومَن راحَ في الساعةِ الرابعةِ، فكأنَّما قرَّب دَجاجةً، ومَن راحَ في الساعةِ الخامسةِ، فكأَنَّما قرَّب بيْضةً، فإذا خرَجَ الإِمامُ، حضَرَتِ الملائكةُ يَستمِعونَ الذِّكرَ". 5 - باب 452 - عن أبي هريرةَ أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه بينَما هوَ يخطُبُ يومَ الجُمُعَة، إذْ دخلَ رجُلٌ (4)، فقال عُمَرُ: لِمَ تَحتبِسُونَ عنِ الصلاةِ؟ فقالَ الرَّجلُ: ما هوَ إلاَّ أَنْ سمِعتُ النداءَ فتوضَّأتُ، فقالَ: ألمْ تسمَعوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إذا راحَ أحدُكم إلى الجُمُعَةِ فليغتسِلْ"؟ 6 - باب الدُّهنِ لِلجُمُعةِ 453 - عن سَلْمان الفارسيِّ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَغتسِلُ رجُلٌ يومَ الجُمعةِ، ويتطهَّرُ ما استطاعَ منْ طُهْرٍ، ويدَّهِنُ منْ دُهنِهِ، أو يَمسُّ منْ طِيبِ بيتِهِ ثم يخرج (وفي روايةٍ: ثم راح 1/ 218) فلا يفرِّقُ بينَ اثنيْنِ، ثم يصَلي ما كُتِبَ لهُ، ثم يُنصِتُ إذا تكلَّمَ الإمامُ، إلا غُفِرَ لهُ ما بيْنَه وبيْنَ الجُمُعةِ الأخرى". 454 - عن طاوسٍ قالَ: قلتُ لابنِ عباسٍ: ذكَروا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "اغتسِلوا يومَ الجُمُعةِ، واغسِلوا رُؤوسَكم، وإنْ لم تكُونوا جُنُباً، وأَصِيبوا منَ الطِّيبِ؟ ".

_ (4) هو عثمان بن عفان كما في رواية مسلم (3/ 3)، ويؤيده ما مضى في حديث ابن عمر (449) أنه رجل من المهاجرين الأولين.

7 - باب يلبس أحسن ما يجد

قالَ ابنُ عباسٍ: أمَّا الغُسلُ فنَعَمْ، وأمَّا الطِّيبُ فلا أَدْري. (وفي روايةٍ: فقلْتُ لابنِ عباسٍ: أَيَمسُّ طِيباً أو دُهناً إن كانَ عند أهلِهِ؟ فقالَ: لا أَعْلَمُهُ). 7 - باب يَلْبَسُ أَحسنَ ما يَجدُ 455 - عن عبدِ الله بن عُمر: أن عُمَرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه رأَى حُلَّةً سِيَراءَ (5) (وفي طريقٍ أُخرى: جُبَّةً من إستبرقٍ [على رجُلٍ 3/ 142] تباع في السوقِ 2/ 2) عند باب المسجد، [قال يحيى بن أبي إِسحاق: قال لي سالم بن عبدِ الله: ما الإستبرقُ؟ قلت: ما غَلُظَ من الديباجِ، وخَشُنَ منه 7/ 92]، [فأخذها، فأتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -]، فقالَ: يا رسولَ الله! لو اشتريتَ هذه فلبِستَها يومَ الجمعةِ وللوفدِ (وفي الأخرى: ابْتَعْ هذه، تَجَمَّلْ بها للعيد والوفود) إِذا قدِموا عليكَ، فقال: "إِنما يَلْبَس هذه من لا خلاق له في الآخرةِ"، [فلبِثَ عُمر ما شاءَ الله أن يَلْبَثَ]، ثم جاءت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - منها حُلل، فأعطى (وفي روايةٍ: ثم أرْسَلَ إِلى 4/ 32) عُمر بن الخطاب رضي الله عنه منها حُلَّةً [سيراءَ حريرٍ 7/ 46] (وفي الأخرى: جبةً من ديباج)، فقال عمر: يا رسول الله [أ 3/ 140] كسوتنيها؛ وقد قلتَ في حلة عُطارِدٍ ما قلت؟ قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لم أكْسُكَهَا (وفي الأخرى: لم أُرسِلْ بها إليكَ) لِتَلْبَسها، [إنما بعثت إليك لتستمتع بها. يعني تَبِيعها 16/ 3 - 17] [أو تَكسُوَها]، وتصيبَ بها حاجتَكَ". فكساها عُمر بن الخطاب رضي الله عنه أخاً له بمكة مشركاً. (وفي

_ (5) أي: من حرَير.

8 - باب السواك يوم الجمعة

طريقٍ: فأرسل بها عُمر إلى أخٍ له (6) من أهل مكة قبل أن يسلم 3/ 142)، [فكان ابن عُمر يكره الْعَلَم في الثوب لهذا الحديث". 8 - باب السِّواكِ يومَ الجُمُعَةِ 145 - وقالَ أبو سعيدٍ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَسْتَنُّ". 456 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لوْلا أن أَشُقَّ على أُمَّتي، أوْ على الناسِ؛ لأَمَرتهُم بالسّواكِ معَ كلِّ صلاةٍ". 457 - عن أَنسٍ قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَكْثَرتُ عليكم في السِّواكِ". 9 - باب مَن تسَوَّكَ بسِواكِ غيْرهِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي في آخر "ج 3/ 64 - المغازي"). 10 - باب ما يُقرَأُ في صلاةِ الفجرِ يومَ الجُمُعةِ 458 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقرأُ في الْفَجرِ يوْمَ الجُمعةِ {الم تَنْزِيلُ} وَ {هَلْ أَتى عَلى الإنْسانِ}. 11 - باب الجمُعةِ في القُرَى والمدُنِ

_ (6) اسمه عثمان بن حكيم، وكان أخا عمر رضي الله عنه من أمه، وأمهما خيثمة بنت هشام بن المغيرة؛ كما في "الفتح". 145 - هذا طرف من حديثه المتقدم موصولاً برقم (450).

12 - باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم؟

459 - عن ابنِ عباسٍ أنهُ قالَ: إِنَّ أوَّلَ جُمعةٍ جُمِّعتْ بعدَ جُمعةٍ [جمِّعتْ 5/ 117] في مَسجدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجِد عبدِ الْقَيْسِ بـ (جوَاثَى). [يعني قريةً] منَ الْبَحْرَينِ. 146 - قالَ يُونُس: كتَبَ رُزَيْقُ بنُ حُكَيْمٍ إِلى ابنِ شهابٍ وأناَ معهُ يومَئذٍ بِوادي الْقُرَى: هلْ تَرى أنْ أُجمِّعَ ورُزيقٌ عاملٌ على أرضٍ يعمَلها وفيها جماعةٌ من السُّودانِ وغيْرِهِم؟ ورُزَيْقٌ يومَئذٍ على أَيْلَةَ. فكتَبَ ابنُ شِهابٍ وأناَ أَسمعُ يأمُرُهُ أنْ يُجمِّعَ، يُخْبرُهُ أن سالماً حدَّثَهُ أنَّ عبدَ الله ابنَ عُمَرَ يقولُ: سمِعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "كلُّكم راعٍ، وكلُّكُم مسؤُولٌ عنْ رَعِيَّتِهِ، الإمامُ راعٍ، ومسؤُولٌ عن رعيَّتِهِ، والرجلُ راعٍ في أهلِهِ، وهو مسؤُولٌ عن رعيَّتِهِ، والمرأةُ راعيَةٌ في بَيْتِ زَوْجِها، ومسؤُولةٌ عنْ رَعِيَّتِها، والخادِمُ راعٍ في مالِ سيِّده، ومسؤُولٌ عَن رَعيَّتِهِ،- قالَ: وحسِبْتُ أنْ قدْ قالَ:- والرَّجلُ راعٍ في مالِ أبيهِ، ومسؤوُلٌ عنْ رَعِيَّتِهِ، وكلُّكُم راعٍ ومسؤُولٌ عنْ رَعيَّتِهِ". (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر هذا الآتي في "ج 2/ 43 - الاستقراض/20 - باب"). 12 - باب هل على مَن لم يَشهدِ الجُمُعةَ غسْلٌ منَ النساءِ والصِّبيانِ وغيْرِهم؟

_ 146 - وصله الذهلي عن أبي صالح كاتب الليث، عن الليث، عن يونس، ووصله المصنف هنا من طريق ابن المبارك: أخبرنا يونس به مختصراً جداً، لم يذكر منه سوى قوله "كلكم راعٍ"، ووصله أيضاً في "الوصايا" (3/ 189)، "والاستقراض" (3/ 78 و 88) من طريقٍ أخرى عن الزهري به. وأخرجه في "العتق" (3/ 125)، وفي "النكاح" (6/ 146) من طريق نافع عنه نحوه. وسيأتي إن شاء الله تعالى في "ج 2/ 43 - الاستقراض/20 - باب"، وهو من طريق شعيب عن الزهري قال: أخبرني سالم بن عبد الله بتمامه.

13 - باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة، في المطر

171 - وقالَ ابنُ عُمَرَ: إِنَّما الْغُسْلُ على مَن تَجِبُ عليْهِ الجُمُعةُ. 460 - عن ابنِ عُمَرَ قالَ: كانتِ امرأةٌ لِعُمَرَ تَشهَدُ صلاةَ الصُّبحِ والْعِشاءِ في الجماعةِ في المسجدِ، فقيلَ لها: لِمَ تخرُجينَ وقدْ تَعلَمينَ أنَّ عُمَرَ يَكرَهُ ذلكَ ويَغارُ؟ قالتْ: وما يَمنَعُهُ أنْ يَنهاني؟ قالَ: يَمنَعُهُ قوْلُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَمنَعوا إِماءَ الله مساجدَ الله". 13 - باب الرُّخصةِ إِنْ لم يَحضُرِ الجُمُعةَ، في المطَرِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 328). 14 - باب من أَين تُؤتَى الجُمُعةُ، وعلى مَن تَجِبُ، لِقوْلِ الله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} 172 - وقالَ عَطاءٌ: إِذا كُنتَ في قَرْيةٍ جامعةٍ فنُودِيَ بالصلاةِ منْ يوْمِ الجُمُعةِ، فحَقٌّ عليكَ أنْ تَشهَدَها، سمِعتَ الندَاءَ أوْ لم تسمعْهُ. 173 - وكانَ أنس رضي الله عنه في قَصرِهِ أحياناً يُجمِّعُ (7)، وأحيانأ لا يُجمِّعُ. وهو بـ

_ 171 - وصله عنه البيهقي في "سننه" (3/ 175) بسند حسن، وصححه الحافظ في "الفتح"، ثم رواه البيهقي (3/ 188) من طريقٍ أخرى عنه مرفوعاً بلفظ: "من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل، ومن لم يأتها فليس عليه غسلٌ من الرجال والنساء". لكن في إسناده ضعف، وفي متنه نكارة كما بينته في "الأحاديث الضعيفة" (3958). 172 - وصله عبد الرزاق في"المصنف" (3/ 168/5179) بسندٍ صحيح عنه. 173 - وصله مسدد في "مسنده الكبير" عن أبي عوانة عن حميد به. (7) أي: يصلي بمن معه الجمعة أو يشهد الجمعة بجامع البصرة، قوله "وهو" أي: القصر. و (الزاوية) موضع بظاهر البصرة على فرسخين منها.

15 - باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس

(الزَّاويةِ) على فَرسَخَيْنِ. 15 - باب وقتُ الجُمُعةِ إِذا زالتِ الشمسُ 174 - 177 - وكذلكَ يُروى عن عُمَرَ وعليٌّ والنُّعمانِ بنِ بَشيرٍ وعَمْرِو بنِ حُرَيْثٍ رضي الله عنهم. 461 - عن يحيَى بن سعيدٍ أنهُ سألَ عَمْرةَ عنِ الْغُسلِ يومَ الجُمعةِ؟ فقالتْ: قالتْ عائشةُ رضي الله عنها: كانَ الناسُ مَهَنَةَ (وفي طريقٍ: عمَّالَ 3/ 8) أنفُسِهم، وكانُوا إِذا راحُوا إِلى الجُمعةِ راحُوا في هيْئَتِهِم، [وكانَ يكون لهم أرواحٌ]، فقيلَ لهم: "لوِ اغتسَلْتُمْ". (ومن طريقٍ أخرى عن عائشة زوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: كانَ الناسُ يَنتابُونَ (8) يومَ الجُمعةِ من منازِلِهمْ والْعوَالي، فيأتونَ في الغبارِ، يُصِيبُهُم الْغُبارُ والْعَرَقُ، فيَخرُجُ منْهُمُ الْعرَقُ؛ فأَتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إنسانٌ منْهمُ، وهوَ عِندي، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لوْ أنَّكم تطهَّرتُم لِيوْمِكم هذا"). 462 - عن أَنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصَلي الجُمعةَ حينَ تَميلُ الشمسُ (9).

_ 174 - 177 - وصله عن هؤلاء الأربعة بأسانيد صحيحة ابن أبي شيبة في "المصنف"، وقد روي عن غيرهم ما يدل على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال كما هو مذهب أحمد، فراجع رسالتي "الأجوبة النافعة" (ص 17 - 21). (8) أي يحضرونها نوباً، وفي رواية: يتناوبون. و (العوالي) مواضعُ وقريً شرقيِّ المدينة. (9) قلت: وفي الباب عن سلمة بن الأكوع ويأتي حديثه في "ج 3/ 64 - المغازي/37 - باب).

16 - باب إذا اشتد الحر يوم الجمعة

463 - عن أنسٍ قالَ: كنَّا نبكِّرُ بالجُمعةِ، ونَقيلُ بَعدَ الجُمعةِ (10). 16 - باب إِذا اشتدَّ الحَرُّ يومَ الجُمعةِ 464 - عن أنسِ بنِ مالكٍ قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذا اشتَدَّ الْبَرْدُ بكَّرَ بالصلاةِ، وِإذا اشتدَّ الحَرُّ أَبرَدَ بالصلاةِ. يَعني الجُمعةَ. 147 - وقالَ بِشْرُ بنُ ثابتٍ: حدَّثَنا أبو خَلْدةَ قالَ: صلَّى بنا أَميرٌ الجُمعة، ثم قالَ لأَنسٍ رضي الله عنه: كيفَ كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي الظُّهر؟ 17 - باب المشْيِ إلى الجُمعةِ، وقوْلِ الله جَلَّ ذِكْرُهُ: {فَاسْعَوا إِلى ذِكْرِ الله}، ومَن قالَ: السَّعْيُ: الْعملُ والذَّهابُ، لقوْلهِ تعالى: {وَسَعى لَها سَعْيَهَا} 178 - وقالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: يَحرُمُ الْبيْعُ حينئذٍ. 179 - وقالَ عَطاءٌ: تَحرُمُ الصِّناعاتُ كلُّها.

_ (10) زاد ابن حبان: "مع النبي - صلى الله عليه وسلم -". وسنده حسن. 147 - وصله البيهقي (3/ 192) بسنده عن بشر بن ثابت به بلفظ: " ... أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان الشتاء بكّر بالظهر، وإذا كان الصيف أخّرها". وإسناده جيد، لكن ليس فيه ذكرٌ للأمير. 178 - قال الحافظ: ذكره ابن حزم من طريق عكرمة، عن ابن عباس بلفظ: "لا يصلح البيع يوم الجمعة حين ينادى للصلاة، فإذا قضيت الصلاة فاشتر وبع". ورواه ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس مرفوعاً. 179 - وصله عبد بن حميد في "تفسيره".

18 - باب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة

180 - وقالَ إِبراهيمُ بنُ سَعْدٍ عن الزُّهْريِّ: إِذا أَذَّنَ المؤذّنُ يوْمَ الجُمعةِ، وهوَ مسافرٌ، فعليْهِ أنْ يَشهَدَ. 465 - عن عبايةَ بنِ رِفاعةَ قالَ: أَدرَكَني أبو عَبْسٍ [هو عبد الرحمن بن جَبْر 3/ 207] وأَنا أَذهبُ إِلى الجُمعةِ، فقالَ: سمِعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنِ اغبَرَّتْ قدَماهُ في سبيلِ الله حرَّمَهُ الله على النارِ". 18 - باب لا يفرِّقْ (11) بينَ اثنين يومَ الجُمعةِ (قلت: أسند فيه حديث سلمان الفارسي المتقدم برقم 453). 19 - باب لا يُقيمُ الرجلُ أخاهُ يومَ الجُمعةِ ويقعُدُ في مكانِه 466 - عن ابن جُرَيْجٍ قالَ: سمعتُ نافعاً يقولُ: سمِعتُ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما يقولُ: نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُقيمَ الرجلُ أخاهُ من مقعَدِهِ ويَجلِسَ فيهِ (وفي روايةٍ: أن يقامَ الرجلُ من مجلِسِهِ، ويَجلسَ فيه آخرُ، ولكن تفسَّحوا وتوسَّعوا. وكان ابن عُمَر يَكْرَهُ أن يقومَ الرجل من مجلِسِهِ ثم يجلس مكانَه 7/ 138). قلتُ لِنافعٍ: الجُمعةَ؟ قالَ: الجمعةَ وغيْرَها (12).

_ 180 - قال الحافظ: لم أره من رواية إبراهيم. ثم ذكر أنه اختلف على الزهري فيه فراجعه. (11) (لا) ناهية والفعل من التفريق مبني للفاعل أو المفعول، وتفريق الداخل بين اثنين إما بتخطي رقابهما أو بالجلوس بينهما بعد أن يزحزحهما عن مكانهما، فهذا النهي أمرٌ في المعنى بالتبكير. كما في هامش "الصحيح". (12) بالنصب في الثلاثة، على نزع الخافض أي: في الجمعة وغيرها، ولأبي ذر بالرفع في الثلاثة على الابتداء وغيرها عطفاً عليه والخبر محذوف: أي الجمعة وغيرها متساويان في النهي عن التخطي.

20 - باب الأذان يوم الجمعة

20 - باب الأَذانِ يومَ الجُمعةِ 467 - عن السائبِ بنِ يزيد قالَ: كانَ النداءُ يوْمَ الجُمعة أوَّلُهُ إِذا جلسَ الإمامُ على المِنبرِ؛ على عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكرٍ، وعُمَرَ رضي الله عنهما، فلمَّا كانَ عثمانُ رضي الله عنه وكثُرَ الناسُ (وفي روايةٍ: أهلُ المدينةِ) زادَ (وفي روايةٍ: أمَرَ بـ 1/ 220) النداء الثالث (13) (وفي روايةٍ: الثاني) [فأُذِّن به] على الزَّوْراءِ، [فثَبَتَ الأمرُ على ذلك 1/ 220]. [ولم يكنْ للنبيِّ مؤذِّنٌ غيْرَ واحدٍ، وكانَ التأذينُ يوْمَ الجُمعةِ حينَ يجلِسُ الإمامُ. يعني على المِنبرِ]. 21 - باب المؤذِّنِ الواحِد يومَ الجُمعةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث السائب المتقدم آنفاً). 22 - باب يُجيبُ الإمامُ على المِنبرِ إِذا سَمعَ النداءَ 468 - عن أبي أُمامةَ بنِ سهْلِ بنِ حُنَيْفٍ قالَ: سمعتُ معاويةَ بنَ أَبي سفيانَ وهوَ جالسٌ على المِنبرِ أذَّنَ المؤذِّنُ قالَ: الله أكبرُ الله أكبرُ، قالَ معاويةُ: الله أكبرُ الله أكبرُ. قالَ: أَشهدُ أنْ لا إِلهَ إِلا الله، فقالَ معاويةُ: وأَنا، فلمَّا قالَ: أشهدُ أن محمداً رسولُ الله. فقالَ معاويةُ: وأَنا، [ولما قالَ: (حَى على الصلاةِ) قالَ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلا بالله 1/ 152]، فلما أنْ قضَى التأذينَ قالَ: يا أَيُّها الناسُ! إِني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - على هذا المجلسِ حينَ أَذَّنَ المؤذِّنُ يقولُ ما سمِعْتُمْ منِّي من مقالتي.

_ (13) وهو الأذان الأول، والعدد ثلاثة مع الإقامة، وهي تسمى أذاناً بجامع الإعلام، قال عليه الصلاة والسلام: "بين كل أذانين صلاة لمن شاء"، وعدّه ثالثاً باعتبار زيادته أخيراً، وسمّاه ثانياً فيما يأتي بالنظر إلى الأذان الحقيقي. و (الزوراء): موضع بالسوق بالمدينة مرتفع.

23 - باب الجلوس على المنبر عند التأذين

23 - باب الجلوسِ على المِنبرِ عندَ التأذينِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث السائب المتقدم قبل حديث). 24 - باب التأذينِ عند الخُطبةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث السائب المشار إليه آنفاً). 25 - باب الخُطبةِ على المِنبرِ 148 - وقالَ أَنسٌ: خطَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على المِنبرِ. 469 - عن أبي حازمِ بن دينارٍ أَنَّ رجالاً أَتوْا سهْلَ بنَ سعدٍ الساعديِّ وقَدِ امتَرَوْا في المِنبرِ ممَّ عُودُهُ؟ فسألُوه عن ذلكَ؟ فقالَ: [ما بَقيَ بالناس أَعْلَمُ مني 1/ 100]، والله إِني لأعرفُ ممَّا هوَ، ولقدْ رأيتُهُ أولَ يومٍ وُضعَ، وأولَ يومٍ جلَسَ عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، أَرسل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى فلانَةَ- امرأةٍ [منَ المهاجرين 3/ 129] قد سمَّاها سهْلٌ -[أنْ 3/ 14]: "مُري غُلامَكِ النجَّارَ أنْ يعمَلَ لي أَعواداً أَجلسُ عليهنَّ؛ إِذا كلَّمتُ الناسَ"، فأمَرتْهُ، فعمِلَها من طَرْفاءِ (14) الْغابةِ (وفي روايةٍ: فذَهَبَ فقَطَعَ من الطَّرْفاءِ فصنع له مِنبراً)، ثم جاءَ بها، فـ[لما قضاه] أَرسلتْ إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[أنه قضاهُ، قال - صلى الله عليه وسلم -: " أرسلي به إِلي"، فجاؤوا به، فاحتمله النبي - صلى الله عليه وسلم -]، فأَمَرَ بها، فوُضعتْ ههُنا، [فجلس عليه]، ثم رأَيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى عليها [حين

_ 148 - وصله المصنف في مواطن، وهو طرف من حديثه الآتي "11 - الجمعة/34 - باب". (14) شجر من شجر البادية. و (الغابة): موضع من عوالي المدينة من جهة الشام.

26 - باب الخطبة قائما

عمل، ووُضع، فاستقبل القبلة]، وكبَّرَ وهوَ عليها، [وقامَ الناسُ خلفَه، فقرأ] ثم ركَعَ وهوَ عليها، [وركع الناس خلْفَه، ثم رفع رأسَه] ثم نزَلَ الْقَهْقَرى، فسجدَ في أصلِ المِنبرِ، ثم عادَ [إِلى المنبر، ثم قرأ، ثم ركع، ثم رفع رأسَه، حتى سجد بالأرض]، فلمَّا فرَغَ أَقبلَ على الناسِ فقالَ: "أيُّها الناسُ إِنما صنعتُ هذا لِتأتَمُّوا بي، ولِتَعلَّموا صَلاتي". [قال أبو عبد الله: قال عليُّ بنُ عبدِ الله: سألني أحمدُ بنُ حَنْبَل رحمه الله عن هذا الحديثِ، قال: فإنما أردتُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أعلى من الناس، فلا بأس أن يكون الإمام أعلى من الناس بهذا الحديث. قال: فقلت: إن سفيانَ بنَ عيينةَ كان يُسأل عن هذا كثيراً فلم تسمعْهُ منهُ؟ قال: لا 1/ 100]. 26 - باب الخُطبةِ قائماً 149 - وقالَ أَنسٌ: بيْنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يخطُبُ قائماً. 470 - عن ابنِ عَمَرَ رضي الله عنهما قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يخطُبُ قائماً، ثم يَقعُدُ، ثم يقومُ؛ كما تفعَلونَ الآنَ. 27 - باب يستقبلُ الإمامُ القومَ، واستقبالُ الناسِ الإمامَ إِذا خطبَ 181 و 182 - واستقبلَ ابنُ عُمَرَ وأَنسٌ رضي الله عنهمُ الإمامَ.

_ 149 - وصله المصنف في الموضع المشار إليه آنفاً. 181 و 182 - وصله عن ابن عمر البيهقيُّ (3/ 199) بسندٍ حسنٍ عنه. ووصله عن أنس ابن المنذر والحافظ بسندٍ صحيحٍ عنه.

28 - باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد

(قلت: أسند فيه الطرف الأول من حديث أبي سعيد الخدري الآتي في "24 - الزكاة/ 47 - باب"). 28 - باب مَن قال في الخطبة بعدَ الثناءِ: أمَّا بعدُ 150 - رواة عِكرمةُ عن ابنِ عباسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 471 - عن عَمْرِو بنِ تَغِلبَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بمالٍ أوْ سَبْيٍ، فقسَمهُ، فأَعطى رجالاً، وتركَ رجالاً، فبلَغهُ أنَّ الذينَ ترَكَ عَتَبوا [عليه 4/ 59]، فحَمِدَ الله ثم أَثنى عليهِ، ثم قالَ: "أَمَّا بعدُ، فوالله إِني لأُعطي الرَّجلَ، وأَدَعُ الرَّجلَ، والذي أَدَعُ أَحبُّ إِليَّ من الذي أُعطي، ولكنْ أُعطي أَقواماً لِما أَرى في قلوبِهمْ منَ الجَزَعِ (15) والهَلَعِ، (وفي روايةٍ: أَخاف ضَلَعَهم وجزَعَهم)، وأَكِلُ أَقواماً إِلى ما جَعلَ الله في قلوبِهم منَ الْغنَى والخيرِ، فيهم (وفي روايةٍ: منهم) عَمْرُو بنُ تَغْلِبَ". فوالله ما أُحبُّ أنَّ لي بكلِمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُمْرَ النَّعَمِ. 472 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: صَعِدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المِنبَرَ، [في مرضه الذي مات فيه 4/ 184]، وكانَ آخرَ مَجلسٍ جلَسَه، متعطِّفاً مِلحفةً على مَنكِبيْهِ، قد عصَبَ رأسَه بعِصابةٍ دَسِمَةٍ، (وفي روايةٍ: دسْماءَ) (16) فحمِدَ الله، وأَثنى عليهِ ثم قالَ: "أيها الناسُ إِليَّ"، فثابُوا إليهِ، ثم قالَ:

_ 150 - وصله المصنف آخر الباب. (15) بالتحريك ضد الصبر، و (الهلع) بالتحريك أيضاً: أفحش الفزع. و (ضلعهم): اعوجاجهم. (16) أي سوداء.

29 - باب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة

"أما بعدُ [أيها الناس]، فإنَّ هذا الحيَّ من الأَنصارِ يَقلُّونَ، [حتى يكونوا كالملح في الطعام 4/ 221] (17)، ويكثُرُ الناسُ، فَمنْ وَلِيَ [منْكم] شيئاً منْ أُمَّةِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - فاستطاعَ أنْ يضُرَّ فيهِ أَحداً، أو ينفَعَ فيهِ أَحداً فليَقبَلْ من مُحسنِهمْ، ويتجاوزْ عن مُسيئِهمْ". 29 - باب القَعدةِ بينَ الخُطبَتين يومَ الجُمعةِ 473 - عن عبد الله بن عُمرَ قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يخطُبُ خطبتَينِ يقعُدُ بينهُما. 30 - باب الاستماعِ إِلى الخُطبةِ يومَ الجمعةِ 474 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا كانَ يومُ الجُمعةِ وقَفتِ الملائكةُ على باب المسجدِ، يكتُبونَ الأوَّلَ فالأوَّلَ، ومثَلُ المهجِّرِ كمثَلِ الذي يُهْدي بَدَنَةً، ثم كالذي يُهْدِي بقَرَةً، ثم كبْشاً، ثم دجاجةً، ثم بيضةً، فإذا خرجَ (وفي روايةٍ: جلس 4/ 79) الإمامُ طوَوْا صحُفَهمْ، و [جاؤوا] يستمِعونَ الذِّكرَ". 31 - باب إِذا رأى الإمامُ رَجلاً جاء وهو يَخطبُ، أَمَرَه أنْ يصَليَ ركعَتين 475 - عن جابرِ بن عبدِ الله قالَ: جاءَ رجلٌ والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخطُبُ الناسَ يومَ الجُمعةِ، فقالَ: "أصلَّيتَ يا فلانُ؟ ". قالَ: لا، قالَ:

_ (17) هذا من إخباره عليه الصلاة والسلام بالمغيبات؛ فإن الأنصار قلُّوا، وكثر الناس كما قال. وقوله: (فيه) أي: في الذي وَلِيَهُ.

32 - باب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين

"قُم فاركَعْ [ركعتَين] ". (وفي روايةٍ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يَخطبُ: "إِذا جاء أحدكم والإمامُ يخطبُ أو قد خرَجَ فليصلِّ رَكْعَتين" 2/ 51). 32 - باب من جاء والإمامُ يخطب صلى ركعتين خفيفتين (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم آنفاً). 33 - باب رفْعِ اليَدَين في الخُطبةِ (18) (قلت: أسند فيه طرفاً كبيراً من حديث أنس الآتي). 34 - باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة 476 - عن أَنس بن مالك قالَ: أصابَ الناسَ سَنَةٌ (وفي روايةٍ: قحطٌ 4/ 173) على عهدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فبينما النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطبُ [على المنبر 2/ 22] [قائماً] في يوم الجمعةِ، قامَ (وفي روايةٍ: دخل 2/ 16) أعرابيٌّ [من أهل البَدْوِ 2/ 21] [من باب كان وُجاهَ المنبرِ] [نحو دارِ القضاءِ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم، فاستقبلَ رسولَ الله قائماً 2/ 17] فقال: يا رسولَ الله! هلكَ المالُ، وجاعَ (وفي روايةٍ: هلك) العِيالُ (ومن طريقٍ أخرى: هلَكَ الكُراع (19)، وهلك الشاء)، (وفي أخرى: هلكت المواشي، وانقطعت السُبُل)، فَادْعُ الله لنا [أن يسقينا، (وفي

_ (18) أي: لأجل الدعاء في الاستسقاء، وأما الدعاء الرتيب في خطبة الجمعة الثانية وَرَفْعُ اليدين فيها؛ فمما لا نعلم له أصلاً في السنة. وانظر "الأجوبة النافعة" (ص 129 - طبعة المكتبة الإسلامية). (19) أي: الخيل. (وهلك الشاء) أي: الغنم.

أخرى: يُغيثنا)]، فرفع يديه يدعو [151 - حتى رأيت بياض إبطه]: " [اللهمَّ أَغثنا، اللهمَّ أَغثنا، اللهمَّ أَغثنا] "، [ورفع الناسُ أَيْدِيَهُمْ معه يدعون] (20)، [ولم يذكر أنه حوَّل رداءه، ولا استقبل القبلةَ 2/ 18]، و [لا والله] ما نرى في السماء [من سحابٍ ولا] قَزعةً، [ولا شيئاً، وما بيننا وبين سَلْع من بيت ولا دار]، (وفي رواية: قال أنس: وإن السماء لمثل الزجاجة)، [قال: فطَلَعَتْ من ورائه سحابةٌ مثلُ التُرسِ، فلما توسطت السماءَ انتشرت ثم أمطرت] فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحابُ أمثالَ الجبال، ثم لم يَنْزِلْ عن منبره حتى رأيت المطرَ يتحادرُ على لحيته - صلى الله عليه وسلم -. (وفي روايةٍ: فهاجَتْ ريحٌ أنشأت سحاباً، ثم اجتمع، ثم أرسلت السماء عزالِيَها [ونزل عن المنبر فصلَّى 2/ 19]، فخرجنا نخوض الماءَ حتى أتينا منازلنا)، (وفي روايةٍ: حتى ما كاد الرجل يصل إِلى منزِلِه 7/ 154)، فمطرنا يوَمنا ذلك، ومن الغدِ وبعد الغَدِ، والذي يليه حتى الجمعةِ الأخرى [ما تُقْلعُ]، [حتى سالت مثاعب المدينة (21)]، (وفي روايةٍ: فلا والله ما رأينا الشمس ستاً). وقام ذلك الأعرابي أو غيرهُ (وفي روايةٍ: ثم دخل رجلٌ، من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب، فاستقبله قائماً)، فقال: يا رسول الله! تَهَدَّمَ البناءُ (وفي روايةٍ: تهدَّمَتِ البيوتُ، وتَقَطَّعَتِ السُّبُلُ، وهَلَكتِ المواشي)،

_ 151 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها أبو نعيم. قلت: وكذا أبو داود، ووصلها المصنف رحمه الله بنحوه فيما يأتي برقم (534)، وزاد مسلم وغيره: "فأشار بظهر كفيه إلى السماء"، وهو مخرّج في "صحيح أبي داود" (1061). (20) هذه الزيادة مما فات الحافظ فعزاها (2/ 503 - السلفية) للنسائي فقط! (21) أي: مجاري المدينة.

35 - باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، وإذا قال لصاحبه: أنصت؟ فقد لغا

(وفي طريق: 152 - بَشَقَ المُسافِرُ (22)، ومُنعَ الطريقُ)، وغَرِقَ المالُ، فادْع الله [يَحْبِسُهُ] لنا، [فتبسَّم النبي - صلى الله عليه وسلم -]، فرفع يده، فقال: "اللهم حوالَيْنا ولا علَيْنا، [اللهم على رؤوس الجبال والإكام [والظِّراب] (23) وبطون الأودية ومنابت الشجر] "، فما [جعل] يشير بيده إِلى ناحية من السحاب إِلا انفرجت مثل الجَوْبة (24)، (وفي روايةٍ: فنظرت إِلى السحاب تصدَّعَ حول المدينة [يميناً وشمالاً] كأنه إكليلٌ)، (وفي أخرى: فانجابَتْ عن المدينة انجيابَ الثوب) [يُمطر ما حوالينا ولا يُمطر فيها شيء (وفي طريقٍ: قطرةٌ) [وخرجنا نمشي في الشمسِ]، يريهم الله كرامة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - وِإجابةَ دعوتِهِ]، وسال الوادي [وادي] قناةَ شهراً، ولم يجىء أحدٌ من ناحيةٍ إلا حَدَّثَ بالجَوْدِ. 35 - باب الإنصاتِ يومَ الجمعةِ والإمامُ يَخطُبُ، وِإذا قال لصاحبهِ: أَنصِتْ؟ فقد لغا 153 - وقال سلْمانُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يُنصِتُ إِذا تكلَّم الإمامُ". 477 - عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ 152 - هذه الطريق صورة إسنادها صورة المعلق، وقد وصلها الإسماعيلي، وأبو نعيم، وكذا البيهقي (3/ 257)، إلا أنه قال: "لثق" مكان"بشق". وانظر "الفتح". (22) أي: قطع به السير. وراجع "الفتح"، ففيه خلاف. (23) الإكام، بكسرالهمزة، وقد تفتح وتمد؛ جمع (أكمة)، وهو التراب المتجمع. وقيل غير ذلك. و (الظراب) جمع (ظرب)، وهو الجبل المنبسط ليس بالعالي. (24) هي الحفرة المستديرة الواسعة. 153 - وصله المصنف رحمه الله فيما تقدم قريباً برقم (453).

36 - باب الساعة التي في يوم الجمعة

"إِذا قلتَ لِصاحِبِكَ يومَ الجمعةِ: أَنصِتْ؛ والإمامُ يَخطبُ؛ فقد لَغوْتَ". 36 - باب الساعةِ التي في يومِ الجمعة 478 - عن أبي هريرةَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرَ يومَ الجمعة فقالَ: "فيهِ ساعةٌ لا يوافقُها عبدٌ مسلمٌ، وهوَ قائمٌ يصَلي، يسأَلُ الله تعالى شيئاً، (وفي طريقٍ: خيراً 6/ 175)؛ إِلا أعطاهُ إِياهُ. وأَشارَ (وفي روايةٍ: وقال 7/ 166) بيدِه يقلِّلُها، (وفي الطريق الأخرى: يُزَهِّدُها) ". 37 - باب إِذا نفَرَ الناسُ عن الإمامِ في صلاةِ الجمعةِ، فصلاة الإمامِ ومَن بقيَ جائزةٌ 479 - عن جابرِ بنِ عبدِ الله قالَ: بينما نحنُ نصَلي معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[الجمعة 4/ 7] إذْ أقبلتْ عِيرٌ تَحملُ طعاماً، فالتفتُوا (وفي طريقٍ: فثار الناسُ 6/ 63) إِليها حتى ما بقيَ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلا اثنا عشرَ رجلاً، فنزَلتْ هذه الآيةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا}. 38 - باب الصلاةِ بعدَ الجمعةِ وقبلَها 480 - عن عبدِ الله بن عُمَرَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصَلي (وفي روايةٍ: حفظتُ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عشر رَكعاتٍ 2/ 54) قبلَ الظهرِ ركعتينِ، وبعدَها ركعَتينِ، وبعدَ المغربِ ركعتَينِ، في بيتِهِ، وبعدَ العِشاءِ ركعتَينِ. (وفي روايةٍ: فأما المغربُ

39 - باب قول الله تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله}

والعشاءُ ففي بيته، وفي أخرى: 154 - بعد العشاء في أهله 2/ 53)، وكانَ لا يصَلي بعدَ الجمعةِ حتى ينصرفَ فيصَلي ركعتَينِ. 481 - [قال ابن عمر: وحدثتني أختي حفصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي سجدتين خفيفتين بعدَ ما يَطلُعُ الفجرُ، وكانت ساعةً لا أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها]. 39 - باب قوْلِ الله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} 482 - عن أبي حازم عن سهْلِ بن سعدٍ قالَ: [إِنا كُنَّا نفرحُ بيومِ الجمعة 3/ 73]، [قلت لسهل: ولِمَ؟ قال: 7/ 131] كانتْ فينا امرأةٌ [عجوزٌ 6/ 203] تجعلُ (25) على أربعاءَ في مزرعةٍ لها سِلْقاً، (وفي روايةٍ: ترسِل إِلى بُضاعةَ نَخْلٌ بالمدينةِ) فكانتْ إِذا كانَ يومُ الجمعةِ، تَنزِعُ أُصولَ السِّلقِ، فتجعلُهُ في قِدْرٍ [لها]، ثم تجعلُ عليهِ قَبضةً من شَعيرٍ تطحَنُها (وفي روايةٍ: وتُكَرْكِرُ حباتٍ من شعير) فتكونُ أُصولُ السِّلقِ عَرْقَه، [والله ما فيه شحم ولا ودَكٌ]، وكنَّا ننصرفُ من صلاةِ الجمعةِ، فنسَلمُ عليها، فتقرِّبُ ذلكَ الطعامَ إِلينا، فنلعَقُه، وكنَّا نتَمنَّى يومَ الجمعةِ لِطعامِها ذلكَ. [وقالَ: ما كنَّا نَقِيلُ ولا نتغدَّى إِلا بعدَ الجمعةِ]. (وفي روايةٍ عنه قالَ: كنا نصَلي معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الجمعةَ ثم تكُونُ القائلةُ). 40 - باب القائلة بعدَ الجمعةِ (26) (قلت: أسند فيه حديث أنس بن مالك المتقدم برقم 463).

_ 154 - قلت: وهذه الرواية الأخيرة معلقة، ولم تقع موصولة للحافظ. (25) وروي (تحقل) بالحاء المهملة والقاف المكسورة أي: تزرع. و (أربعاء) جدول أو ساقية صغيرة تجري إلى النخل أو النهر الصغير لسقي الزرع. وقوله (العرق): هو اللحم الذي على العظم، أي كانت أصول السلق عوض اللحم. (26) أي: القيلولة، وهي الاستراحة في الظهيرة، سواء كان معها نوم أم لا.

12 - كتاب الخوف

بسم الله الرحمن الرحيم 12 - كتَابُ الخوف 1 - باب صلاةِ الخوفِ وقوْلِ الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101) وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)} 483 - عن شُعْيبٍ عنِ الزُّهريِّ قال: سألته: هلْ صلى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -يعني صلاةَ الخوْفِ -؟ قالَ: أَخبرَني سالمٌ أنَّ عبدَ الله بنَ عُمرَ رضي الله عنهما قالَ: غزوْتُ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ نَجدٍ، فوازَيْنا العدوَّ فصافَفْنا لهمْ، فقامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصَلي لنا، فقامَت طائفةٌ معهُ، وأقبلَتْ طائفةٌ على (وفي طريقٍ: والطائفة الأخرى مواجهةُ 5/ 53) العدوِّ، وركعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بمنْ معَه، وسجَد سجدَتينِ، ثم انصرَفوا مكانَ الطائفةِ التي لم تصلِّ، فجاؤُوا، فركعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بهمْ ركعةً،

2 - باب صلاة الخوف رجالا وركبانا. راجل: قائم

وسجدَ سجدَتينِ، ثم سلَّمَ، فقامَ كلُّ واحدٍ منهمْ فركعَ لنفسِهِ ركعةً، وسجد سجدَتينِ. 2 - باب صلاةِ الخوْفِ رجالاً وركباناً. راجل: قائم 484 - عن نافع عن ابن عُمرَ نحْواً من قول مجاهِدٍ: "إِذا اختلطُوا قِياماً" (1)، وزادَ ابنُ عُمرَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "وِإنْ كانُوا (2) أكثر من ذلكَ فليُصَلُّوا قِياماً ورُكباناً". 3 - باب يحرُسُ بعضُهم بعضاً في صلاةِ الخوْفِ 485 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: [155 - قالَ: صلَّى النبي - صلى الله عليه وسلم --يعني صلاة الخوف- بذي قَرَدٍ 5/ 51]) وقامَ النّاسُ معَهُ، فكبَّرَ، وكبَّروا معَه، وركَعَ، وركَعَ ناسٌ منهُم، ثم سجدَ، وسجدُوا معَه، ثم قامَ للثانيةِ، فقامَ الذينَ سجدُوا وحرَسوا إِخوانَهم، وأتتِ الطائفةُ الأخرى فركَعوا وسجَدوا معَه، والناسُ كلهُم في صلاةٍ، ولكنْ يحرُسُ بعضُهم بعضاً. 4 - باب الصلاةِ عندَ مناهَضةِ الحُصون (3) ولقاءِ العدوِّ

_ (1) حقق الحافظ رحمه الله تعالى أن قوله هنا: (قياماً) تصحيف من قوله: "فإنما"، وأن الإسماعيلي أخرجه من طريقٍ أخرى بين فيها لفظ مجاهد فقال: "إذا اختلطوا فإنما هو [التكبير، و] الإشارة بالرأس". قلت: وأخرجه البيهقي (3/ 255) من طريق الإسماعيلى، ومنه استدركت الزيادة. (2) يعني: العدو. 155 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها النسائي، والطبراني، والبيهقي (3/ 262) بسندٍ صحيح. (3) أي: مكان فتحها وغلبة الظن على القدرة عليها.

5 - باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وإيماء

183 - وقالَ الأوزاعيُّ: إنْ كانَ تهيَّأَ الفتحُ ولمْ يَقدِروا على الصلاةِ صلَّوْا إيماءً، كلُّ امرئٍ لنفْسِهِ، فإِنْ لم يَقدِروا على الإيماءِ أخَّروا الصلاةَ حتى ينكشفَ الْقتالُ، أو يأْمَنوا فيُصلُّوا ركعتَينِ، فإِنْ لم يَقدِروا صلَّوا ركعةً وسجدتَينِ، فإِنْ لم يَقدِروا لا يُجْزِئُهمُ التكبيرُ، ويؤخِّرونَها حتى يأمَنُوا. 184 - وبه قالَ مكحول. 185 - وقالَ أنسٌ: حضَرتُ عندَ مُناهَضَةِ حِصنِ (تُسْتَرَ) عندَ إِضاءَةِ الْفجرِ، واشتَدَّ اشتعالُ الْقتالِ، فلم يَقدِروا على الصَّلاةِ، فلم نصلِّ إِلا بعدَ ارتفاعِ النهارِ، فصلَّيناها ونحنُ معَ أبي موسى، ففُتحَ لنا، وقالَ أنسٌ: وما يسُرُّني بتلكَ الصلاةِ الدُّنيا وما فيها. (قلت: أسند فيه حديث جابر بن عبد الله المتقدم برقم 318). 5 - باب صلاةِ الطالِبِ والمطلوبِ راكباً وِإيماءً 186 - وقالَ الوليدُ: ذكَرتُ للأَوزاعيِّ صلاةَ شُرَحْبيلَ بنِ السِّمْط وأصحابِهِ على ظهرِ الدابَّةِ؟ فقالَ: كذلكَ الأَمرُ عندَنا إِذا تخوَّفَ الْفوْتَ، واحتَجَّ الوليدُ 156 - بقوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُصلِّيَنَّ أحدٌ الْعصرَ إِلا في بَني قُرْيظةَ".

_ 183 - ذكره الوليد بن مسلم عنه في كتاب "السيرة". 184 - وصله عبد بن حميد عنه من غير طريق الأوزاعي بلفظ: "إذا لم يقدر القوم على أن يصلوا على الأرض صلوا على ظهر الدواب ركعتين، فإن لم يقدروا فركعة وسجدتين، فإن لم يقدروا أخروا الصلاة حتى يأمنوا فيصلوا على الأرض". 185 - وصله ابن سعد، وابن أبي شيبة من طريق قتادة عنه. 186 - لم يخرجه الحافظ. 156 - وصله المصنف رحمه الله في الباب الآتي.

6 - باب

6 - باب 486 - عن ابن عُمرَ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لنا لمَّا رجَعَ منَ الأَحزابِ: "لا يُصَلِّيَنَّ أحدٌ الْعصرَ إِلا في بَني قُريْظَةَ"، فأَدركَ بعضُهُم الْعصرَ في الطريقِ، فقالَ بعضُهمْ: لا نصَلي حتى نأتيَها، وقالَ بعضُهم: بلْ نصَلي، لم يُرَدْ (4) مِنَّا ذلكَ، فذُكِرَ [ذلك 5/ 50] للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلَم يعنِّفْ واحداً منْهم. 7 - باب التبكيرِ والغَلَسِ بالصُّبحِ والصلاةِ عندَ الإِغارةِ والحرب (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس الآتي في "ج 2/ 55 - الوصايا/ 26 - باب").

_ (4) بالبناء للمفعول أو للفاعل، والمعنى عند هؤلاء أن المراد من قوله: "لا يصلين أحد" لازمه، وهو الاستعجال في الذهاب لبني قريظة، لا حقيقة ترك الصلاة، كأنه قال: صلوا في بني قريظة إلا أن يدرككم وقتهما قبل أن تَصِلُوا، فجمعوا بين دليلي وجوب الصلاة، ووجوب الإسراع فصلوا ركباناً.

13 - كتاب العيدين

بسم الله الرحمن الرحيم 13 - كتَابُ العيدين 1 - باب في العيدَين والتجمُّلِ فيه (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 456). 2 - باب الحِرابِ (1) والدَّرَق يومَ العيدِ 487 - عن عُروةَ عن عائشةَ قالتْ: دخلَ عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعِندي جاريتانِ [مِن جَواري الأَنصارِ 2/ 3] (وفي روايةٍ: قَيْنتان 4/ 266) [في أيام مِنى، تُدَفِّفان وتَضربانِ 4/ 161]، تُغنِّيانِ بغناءِ (وفي روايةٍ: بما تقاوَلَت (وفي أخرى: تَقاذَفَتِ) الأَنصارُ يوم) بُعاثٍ (2) [وليستا بمغنِّيَتَيْنِ]، فاضطَجَعَ على الفِراشِ، وحوَّلَ وَجهَهُ، ودخلَ أبو بكرٍ [والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - متَغَشٍّ بثوبهِ 2/ 11]، فانتهرَني (وفي روايةٍ: فانتهرهما) وقالَ: مِزْمارَةُ (وفي رواية: مزمارُ) الشيطانِ عندَ (وفي روايةٍ: أمزاميرُ الشيطان في بيت) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -[مرتين]؟! فأَقبلَ عليهِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ]: فكشف النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن وجهِه)، فقالَ: "دعْهُما [يا أبا بكرٍ! [فـ] إِنَّ لكلِّ قوْمٍ عيداً، وهذا عيدُنا] ". فلمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُما فخرَجَتا.

_ (1) الحراب: جمع حربة وهي: الآلة دون الرمح. و (الدرق): جمع درقة وهي: الترس الصغير. (2) بالصرف وعدمه وهو: اسم حصن وقع الحرب عنده بين الأوس والخزرج قبل الهجرة بثلاث سنين.

3 - باب الدعاء في العيد

488 - وكانَ يومَ عيدٍ يلعبُ السُّودانُ (وفي روايةٍ: الحبشة 1/ 117) بالدَّرَقِ والحِرابِ [في المسجدِ]، فإِمَّا سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وِإمَّا قالَ: "أَتَشْتَهِينَ تنظُرين؟ ". قلتُ: نعمْ، فأَقامَني وراءَهُ [على باب حُجْرَتي، يسترني بردائِهِ، أنظر إِلى لَعِبِهم] [في المسجد، فزجرهم عمر (3)، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْهُم" 4/ 162]. [فما زلتُ أنظر 6/ 147] خدِّى على خدِّهِ، وهو يقولُ: "دُونَكُمْ (وفي روايةٍ: أمْناً) يا بَني أرْفِدةَ! [يعني من الأمن] "، حتى إِذا مَلِلتُ، قالَ: "حسْبُكِ؟ ". قلتُ: نعمْ، قالَ: "فاذهَبي". [فاقدرُوا قدر الجاريةِ الحديثةِ السنِّ، الحريصةِ على (وفي روايةٍ: تسمع) اللهو 6/ 159]. 3 - باب الدُّعاءِ في الْعيدِ 4 - باب الأَكلِ يومَ الفِطرِ قبلَ الخروجِ 489 - عن أَنسٍ قالَ: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَغدُو يومَ الفِطْرِ حتى يأكُلَ تَمراتٍ، [157 - ويأكُلُهُنَّ وِتْراً]. 5 - باب الأكلِ يومَ النحْرِ

_ (3) كذا في رواية كريمة بذكر الفاعل تصريحاً، قلت: وكذا عند أحمد (2/ 540)، والنسائي (1/ 236) من حديث أبي هريرة بسندٍ صحيح. 157 - هذه الزيادة عند المصنف معلقة، وصلها ابن خزيمة والإسماعيلي وغيرهما، وزاد فيه بعض الضعفاء: "سبع تمرات". انظر "الضعيفة" (4248).

490 - عن الْبَراءِ بنِ عازبٍ قالَ: خطَبَنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الأضحى، بعدَ الصلاةِ، فقالَ (وفي روايةٍ: قال: خرج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ أضحى؛ فصلَّى العيدَ ركعَتَيْنِ، ثم أَقبلَ علينا بوجْهِهِ، وقال: "إِنَّ أوَّل نُسكنا في يومِنا هذا أن نبدأ بالصلاةِ، ثم نرجعَ فَنَنْحَرَ، ف 2/ 8) مَن صلّى صلاتَنا، ونسَكَ نُسُكَنا، فقد أصابَ النُّسُكَ (وفي الرواية الأخرى: سُنَّتَنا)، ومَن نسَكَ (وفي الرواية الأخرى: نَحَر) قبْلَ الصلاةِ، فإنه قَبْلَ الصلاةِ، ولا نُسُكَ له، (وفي روايةٍ: فإِنما هو لحمٌ عجَّلهُ لأِهْلِهِ، ليسَ من النُّسُكِ في شيءٍ 2/ 6)، (وفي أخرى: مَن صلَّى صلاتَنا، واستقبَل قِبلَتَنا، فلا يَذْبَحْ حتى يَنْصرفَ 6/ 238) "، فقالَ أبو بُرْدَةَ بنُ نِيارٍ خالُ البَرَاءِ: يا رسولَ الله! فإني نسَكتُ شاتي قبلَ الصلاةِ، وعرَفتُ أنَّ اليومَ يومُ أكلٍ وشربٍ، وأحببتُ أنْ تكونَ شاتي أولَ شاةٍ تُذبَحُ في بَيتي، فذبحتُ شاتي، وتغدَّيتُ قبلَ أنْ آتيَ الصلاةَ، [وأطعمتُ أَهلي وجيراني 2/ 10]. (وفي روايةٍ: قال البراءُ: وكان عندَهم ضَيفٌ لهم، فأمر أهلَه أن يذبحوا قبلَ أن يَرْجع، ليأكلَ ضيفُهم، فذبحوا قبل الصلاة، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمره أن يُعيدَ الذبْحَ 7/ 227)، قالَ: "شاتُكَ شاةُ لحَمٍ"، قالَ: يا رسولَ الله! فإِن عِندَنا عَناقاً (4) لنا جَذَعَةً، (وفي روايةٍ: داجناً جذَعةً من الْمَعْزِ 6/ 237)، وهي أحَبُّ إِليَّ من شاتَينِ (وفي روايةٍ: عندي عَناق جَذع، عَناق لَبنٍ، هي خير من شاتَيْ لحم، وفي أخرى: من مُسِنَّةٍ، وفي أخرى: مُسِنَّتَيْن) أفَتجزي عنِّي؟ قالَ:

_ (4) العناق: بفتح العين؛ أنثى ولد المعز.

6 - باب الخروج إلى المصلى بغير منبر

"نعمْ، ولنْ تَجزيَ عن أحدٍ بعدَك". 6 - باب الخروجِ إِلى المصلّى بغيرِ مِنبرٍ 491 - عن أبي سعيد الخُدْريِّ قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يخرُجُ يومَ الفِطر والأضحى إِلى المُصلّى (5)، فأَولُ شيءٍ يَبدأُ به الصلاةُ، ثم يَنصرفُ، فيقومُ مقابلَ الناسِ، والناسُ جلوسٌ على صفوفِهمْ، فيَعِظُهم، ويُوصِيهم، ويأمرُهم، فإِن كانَ يريدُ أن يَقطعَ بعثاً قطعَه، أو يأمرَ بشيءٍ أَمرَ به، ثم يَنصرفُ. قال أبو سعيدٍ: فلَم يزلِ الناسُ على ذلكَ حتى خَرَجْتُ مَعَ مروانَ وهو أميرُ المدينة، في أَضحَى أو فِطرٍ، فلما أَتيْنا المصَلى إِذا مِنبرٌ بناهُ كَثيرُ بنُ الصَّلْتِ، فإِذا مروانُ يريدُ أنْ يرتقيَه قبْلَ أن يصَليَ، فجبَذْتُ بثوْبهِ، فجبذَني، فارتفَعَ، فخَطبَ قبْلَ الصلاةِ، فقلتُ لهُ: غيَّرتُمْ والله، فقالَ: أبا سعيدٍ! قد ذهبَ ما تَعلَمُ، فقلتُ: ما أَعلمُ والله خيرٌ مما لا أعلمُ، فقالَ: إِنَّ الناسَ لم يكُونوا يَجلِسونَ لنا بعدَ الصلاةِ، فجعلتُها قبْلَ الصلاةِ. 7 - باب المشيِ والركوبِ إِلى العيدِ والصلاةِ قبلَ الخطبةِ وبغير أَذانٍ ولا إِقامةٍ 492 - عن عطاءٍ أنَّ ابنَ عباسٍ أَرسَلَ إِلى ابنِ الزبيرِ في أولِ ما بُويع له: إِنه لم يكن يؤذَّنُ بالصلاةِ يومَ الفِطرِ (6)، وإنما الخطبةُ بعدَ الصلاةِ.

_ (5) موضع بالمدينة معروف، بينه وبين باب المسجد ألف ذراع؛ كما نقله الحافظ عن الكناني صاحب مالك. (6) قلت: زاد عبد الرزاق في "المصنف" (3/ 77/ 5628) من الوجه الذي أخرجه المصنف: "فلا تؤذِّن =

493 - عن ابن عباسٍ وجابرِ بنِ عبدِ الله قالا: لم يكن يؤذَّنُ يومَ الفِطرِ، ولا يومَ الأضحى (7). 494 - وعن جابرِ بنِ عبدِ الله قالَ: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قامَ (وفي روايةٍ: خرج يوم الفطر) فَبَدأَ بالصلاةِ، ثم خطَبَ الناسَ بَعدُ، فلمَّا فرَغ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -، نَزَلَ (8)، فأتى النساءَ، فذكَّرَهنَّ، وهو يَتوكَّأُ على يدِ بِلالٍ، وبلالٌ باسطٌ ثوبَهُ، يُلقي فيه النساءُ صدقةً، قالَ: قلتُ لعطاء: [زكاةَ يومِ الفطر؟ قال: لا، ولكن صدقةً يتصدقن حينئذٍ، تُلقي فَتَخَها ويُلقِينَ، قلت: 2/ 9] أَتَرى حقًا على الإمامِ الآنَ أنْ يأتيَ النساءَ فيذكِّرَهنَّ حين يفرُغُ؟ قالَ: إنَّ ذلك لَحقٌّ عليهِم، وما لهم أنْ لا يفعَلوا؟!

_ = لها، قال: فلم يؤذن لها ابن الزبير يومئذ. وأرسل إليه مع ذلك: إنما الخطبة بعد الصلاة، وإن ذلك قد كان يفعل، قال: فصلى ابن الزبير قبل الخطبة، فسأله ابن صفوان وأصحاب له، قالوا: هلا آذنتنا؟ - فاتتهم الصلاة يَوْمَئِذٍ. فلما ساء الذي بينه وبين ابن عباس؛ لم يعد ابن الزبير لأمر ابن عباس". قلت: وظاهر قول ابن عباس لابن الزبير: "فلا تؤذن لها" أن ابن الزبير كان يؤذن، فلذلك نهاه عنه، ويؤيده قول عطاء في آخره: "فلما ساء .. لم يعد ابن الزبير لأمر ابن عباس". وأقوى منه أن ابن صفوان وأصحابه فاتتهم الصلاة، وما ذلك- والله أعلم- إلا لأنهم لم يسمعوا الأذان الذي كانوا من قبل يسمعونه. وقد اختُلف في أول من أحدث الأذان للعيد، فقيل إنه معاوية، وقد صح عنه أنه فعل ذلك، وقيل، وقيل. وروى ابن المنذر عن أبي قلابة قال: أول من أحدثه عبد الله بن الزبير. قلت: فإن صح هذا عن ابن الزبير، فيكون هو أول من أحدثه في الحجاز، ومعاوية أول من أحدثه في الشام. والله أعلم. وفي ذلك عبرة بالغة للمعتبر، وأنه إذا ثبتت السنة، فلا تقليد لمن خالفها ولو كان صحابياً، فهذا معاوية وابن الزبير -رضي الله عنهما- قد أحدثا ما لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأذان، ومنه صلاة ابن الزبير صلاة الكسوف مثل صلاة الصبح، فقال أخوه عروة لما سئل عن ذلك: أخطأ السنة. كما سيأتي في "16 - الكسوف/4 - باب"، ومنه استلامه لأركان البيت الأربعة، والسنة استلام الركنين اليمانيين فقط، كما سيأتي في "25 - الحج/ 59 - باب". (7) قلت: حديث ابن عباس يأتي قريباً برقم (498)، لهذا لم أعطه رقماً هنا. (8) قلت: لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب في العيد على المنبر، كما أفاده حديث أبي سعيد المتقدم آنفاً، فلعله كان على مكان مرتفع فنزل منه. والله أعلم.

8 - باب الخطبة بعد العيد

8 - باب الخُطبةِ بعدَ العيدِ 495 - عن ابن عمَر قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ وعُمَر رضي الله عنهما يصَلُّونَ العيدينِ قبلَ الخطبةِ. 9 - باب ما يكرَه من حملِ السلاحِ في العيدِ والحرَم 187 - وقالَ الحسَنُ: نُهُوا أنْ يَحمِلوا السلاح يومَ عيدٍ، إِلا أنْ يَخافوا عدوّاً. 496 - عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قال: كنت معَ ابنِ عُمَرَ حينَ أصابَه سِنانُ الرُّمْحِ في أَخمَصِ قدَمِهِ، فلَزِقَتْ قدمُهُ بالرِّكابِ، فنزَلْتُ، فنزعْتُها، وذلك بِمِنىً، فبلَغَ الحَجَّاجَ، فجعلَ يعودُهُ، فقالَ الحجَّاجُ: [كيف هو؟ فقال: صالحٌ، فقال:] لوْ نَعْلَمُ مَن أَصابَكَ؟ فقالَ ابنُ عُمَرَ: أنتَ أصَبْتَني! قالَ: وكيفَ؟ قال: حَملتَ السلاحَ في يومٍ لم يكنْ يُحمَل فيهِ، وأدخلتَ السلاح الحرَمَ، ولم يكنِ السلاحُ يُدخَلُ الحَرَمَ. 10 - باب التَّبْكِيرِ للعيد 188 - وقالَ عبدُ الله بنُ بُسْرٍ: إنْ كنَّا فرَغنا في هذه الساعةِ، وذلكَ حينَ التسْبيحِ. (قلت: أسند فيه حديث البراء المتقدم برقم 490).

_ 187 - قال الحافظ: لم أقف عليه موصولاً، وقد ورد مثله مرفوعاً مقيداً وغير مقيد. ثم ذكر المقيد من رواية ابن ماجه بإسنادٍ ضعيفٍ عن ابن عباس، وذكر الآخر من رواية عبد الرزاق بإسنادٍ مرسل. 188 - وصله أبو داود وغيره، وصرَّح برفعه، وسياقه أتم. وسنده صحيح. وهو مخرّج في "صحيح أبي داود" (1030).

11 - باب فضل العمل في أيام التشريق

11 - باب فضلِ العملِ في أيامِ التشريق (9) 189 - وقالَ ابنُ عباسٍ: واذْكُروا الله في أَيّامٍ مَعْلُوماتٍ: أيامُ العَشرِ، والأيامُ المعدوداتُ (10): أيامُ التشريق. 190 - وكانَ ابنُ عُمَر وأبو هريرةَ يخرُجانِ إِلى السوقِ في أيامِ العَشرِ، يكبِّرانِ، ويكبِّرُ الناسُ بتكبيرِهما. 191 - وكبَّر محمدُ بنُ عَلِيٍّ خلفَ النافلةِ. 497 - عن ابن عباسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قالَ: "ما العملُ في أيامٍ أَفضلُ منها في هذا العشرِ"، قالوا: ولا الجهادُ؟ قالَ: "ولا الجهادُ؟ إِلا رجلٌ خرجَ يخاطرُ (11) بنفْسِهِ ومالِه فلمْ يَرجعْ بشيءٍ". 12 - باب التكبيرِ أيامَ مِنىً وإذا غدا إِلى عرَفةَ 192 - وكانَ عُمَرُ رضي الله عنه يكبِّرُ في قُبَّتِهِ بمنىً، فيسمعُهُ أهلُ المسجدِ، فيكبِّرونَ، ويكبِّرُ

_ (9) المشهور أن أيام التشريق ما بعد يوم النَّحْرِ على اختلافهم هل هي ثلاثة أو يومان، لكن الآثار تشهد على أن يوم العيد من أيام التشريق وهو الذي رجحه أبو عبيد على ما نقله وحققه الحافظ في "الفتح". 189 - وصله عبد بن حميد عن عمرو بن دينار عنه. (10) نص التلاوة {ويذكروا اسم اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} أو {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} وابن عباس لم يقصد التلاوة، وإنما أراد تفسير المعدودات والمعلومات. 190 - قال الحافظ: لم أره موصولاً عنهما. 191 - محمد بن علي: هو أبو جعفر الباقر، وقد وصله عنه الدارقطني في "المؤتلف". (11) من المخاطرة؛ وهي ارتكاب ما فيه خطر. (فلم يرجع بشيء) بأن ذهب ماله واستشهد. 192 - وصله أبو عبيد، ومن طريقه البيهقي (2/ 313) عنه. وسعيد بن منصور من وجه آخر عنه.

13 - باب الصلاة إلى الحربة

أهلُ الأسواقِ، حتى تَرتجَّ مِنًى تكبيراً. 193 - وكانَ ابنُ عُمرَ يكبِّرُ بمنىً تلكَ الأَيامَ، وخلْفَ الصلواتِ، وعلى فِراشِهِ، وفي فُسْطاطِهِ (12) ومجلِسِهِ، ومَمْشاهُ؛ تلكَ الأَيامَ جميعاً. 194 - وكانت ميْمونةُ تكبِّرُ يومَ النَّحرِ. 195 - وكنَّ النساءُ يكبِّرنَ خلفَ أَبَانَ بْنِ عثمانَ، وعُمَرَ بن عبدِ العزيز، لياليَ التشريقِ معَ الرجالِ في المسجد. 13 - باب الصلاةِ إِلى الحَربةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 266). 14 - باب حملِ العَنَزَةِ (13) أوِ الحربةِ بين يدَي الإمامِ يومَ العيدِ (قلت: أسند فيه طرفاً آخر من حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 15 - باب خروجِ النساءِ والحُيَّضِ إِلى المصلَّى. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية المتقدم برقم 176).

_ 193 - وصله ابن المنذر والفاكهي في "أخبار مكة" بسندٍ صحيحٍ عنه. (12) الفسطاط: بيت من شعر. (وممشاه). موضع مشيه. 194 - قال الحافظ: لم أقف عليه موصولاً. 195 - وصله أبو بكر بن أبي الدنيا في "كتاب العيدين". قال الحافظ: وحديث أم عطية في الباب سلفهن في ذلك. قلت: يعني حديثها المتقدم برقم (176). وقوله: (وكنّ النساء) على لغة (أكلوني البراغيث). (13) العَنَزَة: عصا أقصر من الرمح، ولها زج من أسفلها.

16 - باب خروج الصبيان إلى المصلى

16 - باب خروجِ الصِّبيانِ إِلى المصلَّى (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي بعد باب). 17 - باب استقبالِ الإمامِ الناسَ في خطبةِ العيدِ 158 - قال أبو سعيدٍ: قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مقابلَ الناسِ. (قلت: أسند فيه حديث البراء المتقدم برقم 490). 18 - باب العَلَمِ الذي بالمصلَّى 498 - عن عبدِ الرحمنِ بنِ عابسٍ قالَ: سمِعتُ ابنَ عباسٍ قيلَ له: أَشهِدتَ العيدَ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعمْ، ولوْلا مكاني منَ الصِّغَرِ (وفي روايةٍ: ولولا منزلتي منه 2/ 158) ما شهِدتُه (14)، [159 - أَشْهدُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ 1/ 33] خرجَ [يومَ الفِطر 2/ 5] [ومعه بلالٌ] حتى أَتى العَلَمَ الذي عندَ دارِ كثيرِ بنِ الصَّلْتِ، فصلَّى [ركعتَين، لم يصلِّ قبلها ولا بعدها]، ثم خطبَ [ولم يذكرْ أَذاناً ولا إِقامةً 2/ 162] ثم أَتى النساءَ (وفي طريقٍ أخرى: فرأى أنه لم يُسمِعِ النساءَ فأتاهنَّ 2/ 122)، ومعَه بلالٌ [ناشرٌ ثوبَه]، فوعَظهُنَّ وذكَّرَهنَّ، وأَمَرهنَّ بالصدَقةِ [فأمَر بلالاً فأتاهن]، فرأيتُهنَّ يُهْوِينَ (15) بأيديهِنَّ [إلى آذانِهنَّ وحُلوقِهِنَّ]، يَقذِفنَه (وفي روايةٍ: فجعلت المرأة تلقي القُلب والخُرص 2/ 118، وفي أخرى: خُرصَها

_ 158 - هو طرف من حديث وصله المؤلف فيما تقدم (491). (14) أي: لولا مكاني منه عليه الصلاة والسلام ما حضرته لأجل صغر سنّي. 159 - هذه الزيادة معلقة، وقد وصلها أحمد (1/ 286)، وسنده صحيح. (15) بضم الياء وفتحها أي: يمددن أيديهن بالصدقة ليتناول بلال حال كونهن (يقذفنه) أي: يرمين المتصدَّق به.

19 - باب موعظة الإمام النساء يوم العيد

وسِخابَها)، [وأشار أيوب إِلى أُذُنه وِإلى حَلْقِه] في ثوبِ بلالٍ، ثم انطلقَ (وفي روايةٍ: ارتفع) هو وبلالٌ إِلى بيتِهِ. 19 - باب موعظةِ الإمامِ النساءَ يومَ العيدِ 499 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: شَهدتُ الفِطرَ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكرٍ، وعُمَرَ، وعثمانَ، رضي الله عنهم، [فكلهم كانوا 2/ 5] يصَلُّونها قَبلَ الخُطبةِ، ثم يُخطَبُ بعدُ، خرجَ (وفي روايةٍ: فنزل 6/ 62) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كأني أنظر إليهِ حينَ يُجلِسُ بيدِهِ، ثم أقبلَ يشُقُّهم؛ حتى أتى النساءَ، معَهُ بلالٌ، فقالَ: " {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ [عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} " حتى فرغَ منَ 6/ 62] الآية [كلِّها]، ثم قالَ حينَ فرغَ مِنها: "أَنتُنَّ على ذلكِ؟ ". قالتِ امرأةٌ [واحدة] مِنْهُنَّ لم يُجبْهُ غيرُها: نعم [يا رسول الله]- لا يدري حسَنٌ (*) من هي؟ قالَ: "فتصدَّقنَ". فبَسطَ بلالٌ ثوبَه، ثم قالَ: "هلُمَّ لكُنَّ فداءُ أبي وأمي"، فـ[جعلن] يُلقينَ الفتَخَ والخواتيمَ في ثوبِ بلالٍ. (16) قال عبدُ الرّزاق: (الفَتَخُ): الخواتيمُ العِظام كانت في الجاهليةِ. 20 - باب إِذا لم يكن لها جلبابٌ في العيدِ (قلت: أسند فيه حديث أم عطية المشار إليه قريباً).

_ (*) هو الحسن بن مسلم بن يَنّاق الراوي عن ابن عباس. (16) قلت: هذه القصة مضت في الباب الذي قبله من طريق أخرى عن ابن عباس مختصراً، فيحتمل أنهما قصتان، ويحتمل أنهما قصة واحدة، اختصرها بعض الرواة. والله أعلم.

21 - باب اعتزال الحيض المصلى

21 - باب اعتزالِ الحُيَّضِ المصلَّى (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية المشار إليه آنفاً). 22 - باب النحرِ والذبحِ بالمصلَّى يومَ النحرِ 500 - عن ابنِ عُمَرَ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَنْحَرُ أو يَذبَحُ بالمصلى. 23 - باب كلامِ الإمامِ والناسِ في خطبة العيد، وِإذا سُئِلَ الإمامُ عن شيءٍ وهو يخطُب 501 - عن أَنس بن مالك قالَ: إِنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى يومَ النحرِ، ثم خطبَ، فأمَر مَن ذَبَحَ قبلَ الصلاةِ أن يُعيدَ ذَبحَه، فقامَ رجلٌ من الأنصارِ فقال: يا رسولَ الله! [هذا يوم يُشتهى فيه اللحم 2/ 3]، جيرانٌ لي- إما قالَ: بهم خصاصةٌ، وِإما قالَ: فقرٌ-[فكأنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صدَّقه]- وإِني ذَبحتُ قبلَ الصلاةِ وعِندي عَناقٌ (وفي روايةٍ: جَذَعَة) لي أَحَبُّ إِليَّ من شاتَيْ لحمٍ، فرخَّص له فيها، [فلا أَدري أبلغتِ الرخصةُ مَنْ سواه أم لا؟]. 502 - عن جُندَبٍ قال: صلّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ النحرِ، ثم خطَب، ثم ذَبَح، فقالَ: "مَن ذَبح قبْل أن يصَليَ، فليَذبحْ أُخرى مكانَها، ومَن لم يَذْبحْ، فليَذبحْ باسمِ الله". 24 - باب مَن خالفَ الطريقَ إِذا رجَعَ يومَ العيدِ 503 - عن جابرٍ قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذا كانَ يومُ عيدٍ خالَفَ الطريقَ.

25 - باب

25 - باب إِذا فاتَه العيدُ يصَلي ركعَتين وكذلكَ النساءُ وَمَنْ كانَ في البيوتِ والقُرى 160 - لقوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "هذا عيدُنا أهلَ الإسلامِ". 196 - وأَمرَ أَنسُ بن مالكٍ موْلاهُم (17) ابنَ أبي عُتْبةَ بالزَّاويةِ، فجمَعَ أهلَهُ وبنِيهِ وصلَّى كصلاةِ أهلِ المِصْرِ، وتكبيرهِم. 197 - وقالَ عِكرمةُ: أهل السَّوادِ يجتمعونَ في العيدِ؛ يُصلُّونَ ركعتينِ كما يَصنعُ الإمامُ. 198 - وقالَ عطاءٌ: إِذا فاتَه العيدُ؛ صلَّى ركعتينِ. (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 487). 26 - باب الصلاةِ قبْل العيدِ وبعدَها 199 - وقالَ أبو المُعَلَّى: سَمِعتُ سعيداً عنِ ابنِ عباسٍ كرِهَ الصلاةَ قبلَ العيدِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم 498).

_ 160 - قال الحافظ: لم أره هكذا. وإنما أوله في حديث عائشة في قصة المغنِّيتين- يعني الحديث المتقدم قريباً (2 - باب) - وأما باقيه فلعله مأخوذ من حديث عقبة بن عامر مرفوعاً: "أيام مني عيدنا أهل الإسلام". وهو في "السنن"، وصححه ابن خزيمة. وهو مخرج في "الإرواء" (4/ 130 - 131). 196 - وصله ابن أبي شيبة (2/ 183) نحوه. (17) أي مولى أنس وأصحابه. ولأ بي ذر عن الكشميهني (مولاه). 197 - وصله ابن أبي شيبة (2/ 191) نحوه بسند صحيح. 198 - وصله ابن أبي شيبة والفريابي بسند صحيح. 199 - قال الحافظ: لم أقف عليه موصولاً. قلت: وروى عبد الرزاق (5624) بسند صحيح عن مولى لابن عباس، عن ابن عباس قال: "لا يصلي قبلها ولا بعدها".

14 - كتاب الوتر

بسم الله الرحمن الرحيم 14 - كتابُ الوِتْر 1 - باب ماجاءَ في الوتْرِ 504 - وعن نافعٍ أنَّ عبدَ الله بنَ عُمَرَ كانَ يسلِّمُ بينَ الركعةِ والركعتَين في الوِترِ، حتى يَأمُرَ ببعضِ حاجتهِ. 505 - قالَ القاسمُ: ورأينا أناساً منذُ أَدْرَكْنَا (1) يُوتِرونَ بثلاثٍ، وإنَّ كُلاً لواسعٌ، أَرجو أن لا يَكونَ بشيءٍ منه بأسٌ. 2 - باب ساعاتِ الوِترِ 161 - قالَ أبو هريرةَ: أوصاني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالوتر قبلَ النومِ. 506 - عن أَنس بن سِيرِينَ قال: قلتُ لابنِ عُمَرَ: أَرأيتَ الركعتَينِ قبلَ صلاةِ الغداةِ أُطيلُ فيهمِا القراءَة؟ فقالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي من الليلِ مَثْنى مَثنى، ويُوتِرُ بركعةٍ، ويصَلي الركعتَينِ

_ (1) أي: بلغنا الحلم أو عقلنا. وقوله: (وإن كلاً) يعني: الوتر بركعة واحدة وثلاث. قلت: لكن الإيتار بثلاث كصلاة المغرب بتشهدين ثم السلام قد صح النهي عنه، فإما أن يصليها بتشهد واحد، أو يفصل بين الشفع والوتر بالتسليم، وبيان هذا في رسالتي "صلاة التراويح" (ص 111 - 115). 161 - وصله المصنف فيما يأتي من "19 - التهجد/33 - باب"، ووصله أحمد من طرق (2/ 229 و233 و254 و258 و260 و265 و271 و277 و311 و329 و331 و 347 و392 و412 و459 و472 و484 و489 و497 و499 و505 و526).

3 - باب إيقاظ النبي أهله بالوتر

قبلَ صلاةِ الغداةِ، وكأنَّ الأَذانَ بأُذُنيهِ. قالَ حمَّادٌ: أَيْ سُرعةً (2). 507 - عن عائشةَ قالت: كلُّ الليلِ أَوْتَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وانتَهى وِتْرُهُ إلى السَّحَرِ. 3 - باب إيقاظِ النبيِّ أهلَه بالوترِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 276). 4 - باب لِيَجعلْ آخرَ صلاتِه وِتْراً (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "8 - الصلاة/ 84 - باب"). 5 - باب الوتْر على الدَّابَّةِ 508 - عن سعيدِ بنِ يَسارٍ أَنّه قال: كنتُ أَسيرُ معَ عبدِ الله بنِ عُمَرَ بطريقِ مكَّةَ، فقالَ سعيدٌ: فلمَّا خشِيتُ الصُّبحَ؛ نزَلتُ فأوْترتُ، ثم لحِقتُه، فقالَ عبدُ الله ابنُ عُمَرَ: أينَ كنتَ؟ فقلتُ: خشِيتُ الصبْحَ، فنزَلتُ، فأوترتُ، فقالَ عبدُ الله: أليسَ لكَ في رسولِ الله أُسوةٌ حسَنةٌ؟ فقلتُ: بلى والله، قالَ: فإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: كانَ يُوترُ على البعيرِ (3). 6 - باب الوتْرِ في السفَرِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي "18 - تقصير الصلاة/ 12 - باب"). 7 - باب القُنوتِ قبلَ الركوعِ وبعدَهُ 509 - عن أنسٍ قالَ: كانَ القُنوتُ في المغربِ والفَجرِ.

_ (2) وفي بعض النسخ (بسرعة)، والمراد بالأذان هنا الإقامة يعني: إسراع من يسمع إقامة الصلاة. (3) هذا الحديث مما خالفته الحنفية، فقالوا: لا يجوز صلاة الوتر على الدابة! والحديث يرد عليهم، وزعمُ الطحاوي في "شرح المعاني" (1/ 249) أنه منسوخ؛ مما لا دليل عليه إلا مجرد الاحتمال.

15 - كتاب الاستسقاء

بسم الله الرحمن الرحيم 15 - كتَابُ الاستسقاء 1 - باب الاستسقاءِ وخروج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الاستسقاءِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن زيد الأنصاري الآتي برقم 512). 2 - باب دعاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اجعلْها سِنينَ كسِنِي يوسُفَ" 3 - باب سؤالِ الناسِ الإمامَ الاستسقاءَ إذا قحَطوا 510 - عن عبد الله بنِ دينارٍ قالَ: سمِعتُ ابنَ عُمَرَ يتمثَّلُ بشِعرِ أَبي طالبٍ: وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الغمام بِوَجْهِهِ ... ثِمالُ اليتامى (1) عِصْمَةٌ للأرَامِلِ 162 - ومن طريقٍ معلقةٍ عن ابن عمر: ربما ذكَرتُ قولَ الشاعرِ، وأَنا أَنظرُ إلى وَجهِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَستَسقي، فما يَنزلُ حتى يَجيشَ كلُّ مِيزابٍ:

_ (1) أي: يكفيهم بأفضاله، أو يطعمهم عند الشدة، أو عمادهم، أو ملجؤهم، أو مغيثهم. (عصمة) أي مانع (للأرامل) يمنعهم مما يضرهم. 162 - علقه المصنف على عمر بن حمزة، ووصله أحمد (2/ 93) وغيره عنه، وفيه ضعف، قال الحافظ: "وهو مختلف في الاحتجاج به، وكذلك عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار المذكور في الطريق الموصولة، فاعتضدت إحدى الطريقين بالأخرى، وهو من أمثلة أحد قسمي الصحيح كما تقرر في علوم الحديث".

وَأبيَضَ يُستسقَى الْغمامُ بوَجههِ ... ثِمالُ اليَتامى عِصمةٌ للأرامِلِ وهو قوْلُ أَبي طالبٍ. 511 - عن أَنسٍ أنَّ عُمرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه كانَ إذا قحَطوا استَسقى بالعبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ فقالَ: اللهمَّ إنا كنَّا نتَوسلُ إليكَ بنبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - فتَسقِينا، وإنا نتَوسلُ إليكَ بعمِّ نبيِّنا فاسْقِنا؟ قالَ: فيُسقَوْنَ (2).

_ (2) قلت: في أول الحديث زيادة مفيدة عند الإسماعيلي بإسناد البخاري إلى أنس قال: "كانوا إذا قحطوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - استسقوا به، فيستسقي لهم فيسقون، فلما كان في أمارة عمر .. " فذكر الحديث. قلت: فاستسقاؤهم به - صلى الله عليه وسلم - إنما هو طلبهم منه - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو الله لهم أن يسقيهم، بدليل قولهم: فيستسقي لهم؛ أي يطلب لهم ذلك من الله فيسقيهم، وقصة أنس المتقدمة في "الجمعة" أوضح مثال عملي على الصورة الحقيقية لاستسقائهم وتوسلهم به - صلى الله عليه وسلم - في السقيا. وكذلك كان استسقاء عمر بالعباس، لم يكن استسقاؤه بذاته، وإنما بدعائه، ويؤيده حديث ابن عباس: "أن عمر استسقى بالمصلى، فقال للعباس قم فاستسق، فقام العباس فقال: اللهم إن عندك سحاباً .. " إلخ الدعاء. أخرجه عبد الرزاق (4913) بإسنادٍ واهٍ، سكت عليه الحافظ؛ ولعله لشواهده. إذا تبين هذا فإن الحديث ليس فيه دليل على جواز التوسل بالميت، لأن مداره على التوسل بدعاء الحي، وهذا لا يمكن بعد وفاته، وهذا هو السبب الذي جعل عمر يتوسل بالعباس دون النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس هو من باب التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل كما زعموا. ومما يؤيد ذلك أن أحداً من السلف لم يستسق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته، وإنما استسقوا بالأحياء كما فعل الضحاك بن قيس رضي الله عنه حين استسقى بيزيد بن الأسود الجرشي في زمن معاوية رضي الله عنه. وأما ماروى ابن أبي شيبة أن رجلاً جاء إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - في زمن عمر فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتي الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر .. الحديث. فلا يصح إسناده، خلافاً لما فهم بعضهم من قول الحافظ في "الفتح": " .. بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمّان عن مالك الدار"، فإن إسناده صحيح إلى أبي صالح، وأما من فوقه فليس كذلك، لأن مالكاً هذا لم يوثقه أحد فيما عَلمت، وبيض له ابن أبي حاتم (4/ 1/213)، والرجل المستسقي لم يسمّ، فهو مجهول، وتسمية سيف إياه في كتابه "الفتوح" ببلال بن الحارث المزني أحد الصحابة، لا شيء لأن سيفاً هذا، وهو ابن عمر التميمي الأسدي، قال الذهبي: "تركوه، واتهم بالزندقة"! ثم رأيت ابن حبان قد وثق مالك الدار هذا (5/ 384)، وتساهله معروف، فإن ثبت توثيقه فالعلة جهالة الرجل. وقد تكلمت على التوثيق المذكور في كتابي "تيسير انتفاع الخلان بثقات ابن حبان".

4 - باب تحويل الرداء في الاستسقاء

4 - باب تحويلِ الرِّداءِ في الاستسقاءِ 512 - عن عبدِ الله بن زَيدٍ-[وكان من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -2/ 20]- أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرجَ [بالناس] إلى [هذا 7/ 154] المصَلى [يَستَسْقي لهم]، [فدعا الله قائماً، فاستَسقَى، فاستَقبلَ القِبلةَ، [وحوَّل إلى الناس ظهره]، وقلَبَ رداءَهُ، [جعل اليمين على الشمال]، وصلَّى [لنا] ركعتَينِ [جَهَرَ فيهما بالقراءة]، [فأسقُوا]. قال أبو عبدِ الله: كانَ ابنُ عُيَيْنَةَ يقولُ: هو صاحبُ الأَذانِ ولكنَّه وَهْمٌ، لأَنَّ هذا عبدُ الله بنُ زَيدِ بنِ عاصمٍ المازِنيُّ مازِنُ الأَنصارِ، [والأَول كوفي، هو ابن يزيد]. 5 - باب الاستسقاءِ في المسجد الجامعِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم 476). 6 - باب الاستسقاءِ في خطبةِ الجمعةِ غيرَ مستقبِلِ القِبلةِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المشار إليه آنفاً). 7 - باب الاستسقاءِ على المِنبرِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه آنفاً). 8 - باب مَن اكتفى بصلاةِ الجمعةِ في الاستسقاءِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه آنفاً). 9 - باب الدعاءِ إذا تقطّعَتِ السُّبلُ من كَثرةِ المطرِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه آنفاً).

10 - باب ما قيل إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحول رداءه في الاستسقاء يوم الجمعة

10 - باب ما قيلَ إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يحوِّلْ رداءَه في الاستسقاءِ يومَ الجمعةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه آنفاً). 11 - باب إذا استشفَعوا إلى الإمامِ ليستسقيَ لهم لم يرُدَّهم (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه آنفاً). 12 - باب إذا استشفعَ المشركونَ بالمسلمينَ عندَ القحطِ (قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود الآتي في "ج 3/ 65 - التفسير/30 - سورة"). 13 - باب الدعاءِ إذا كثُرَ المطرُ: "حوالَينا ولا علَينا" (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه آنفاً). 14 - باب الدعاءِ في الاستسقاءِ قائماً 513 - عن أبي إسْحَاقَ: خرجَ عبدُ الله بن يزيدَ الأنصاريُّ، وخرجَ معَه البَرَاءُ بنُ عازبٍ، وزَيدُ بنُ أَرقَمَ رضي الله عنهم، فاستَسقَى، فقامَ بهمْ على رجْليهِ، على غيرِ مِنبرٍ، فاستغفَرَ، ثم صلَّى ركعتَينِ، يَجهَرُ بالقراءةِ، ولم يؤذِّنْ، ولم يُقِمْ. قال أبو إسحاق: ورأى عبدُ الله بنُ يزيدَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. 15 - باب الجَهرِ بالقراءةِ في الاستسقاءِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن زيد المتقدم برقم 512). 16 - باب كيفَ حوَّل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ظهرهُ إلى الناس (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن زيد المشار إليه آنفاً).

17 - باب صلاة الاستسقاء ركعتين

17 - باب صلاةِ الاستسقاءِ ركعتينِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن زيد المشار إليه آنفاً). 18 - باب الاستسقاءِ في المصلَّى (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن زيد المشار اليه آنفاً). 19 - باب استقبال القِبلةِ في الاستسقاءِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن زيد المشار إليه آنفاً). 20 - باب رفعِ الناِس أيديَهم معَ الإمامِ في الاستسقاءِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المشار إليه قريباً). 21 - باب رفعِ الإمامِ يدَهُ في الاستسقاءِ 514 - عن أَنس بن مالكٍ قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَرْفعُ يديهِ في شيءٍ منْ دعائهِ؛ إلا في الاستسقاءِ، وإنه يَرفعُ (وفي روايةٍ: فإنه كانَ يرفع يديه 4/ 167) حتى يُرَى بياضُ إبطَيهِ. 22 - باب ما يقالُ إذا أَمطرتْ 200 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {كَصَيِّبٍ}: المطرُ. وقالَ غيرُه: صابَ وأصابَ يصُوبُ. 515 - عن عائشةَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا رأَى المطر قالَ:

_ 200 - وصله الطبري بسند منقطع عنه.

23 - باب من تمطر في المطر حتى يتحادرعلى لحيته

"اللهمَّ صَيِّباً نافعاً". 23 - باب مَن تمطَّرَ (3) في المطرِ حتى يتحادَرَعلى لحيَتهِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 476). 24 - باب إذا هبَّتِ الريحُ 516 - عن أَنسٍ قالَ: كانتِ الرِّيحُ الشديدةُ إذا هبَّتْ عُرِفَ ذلكَ في وَجهِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 25 - باب قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "نُصِرْتُ بالصَّبَا" 517 - عن ابن عَبَّاسٍ أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "نُصِرتُ بالصَّبَا، وأُهلِكتْ عادٌ بالدَّبُور". 26 - باب ما قيلَ في الزلازلِ والآياتِ 518 - عن أبي هريرةَ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقومُ الساعةُ حتى يُقبَضَ العِلمُ، وتكثُرَ الزلازلُ، ويتقاربَ الزمانُ، وتَظهَرَ الفِتَنُ، ويكثُرَ الهَرْجُ، وهوَ القَتلُ القتلُ، حتى يكثُرَ فيكُم المالُ فيَفيضُ". 519 - عن ابنِ عُمَرَ قالَ: [ذكر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -8/ 95]: "اللهمَّ بارِك لنا في شامِنا، وفي يَمنِنا". قالَ: قالوا: وفي نَجْدِنا (4)؟ قالَ: قالَ:

_ (3) أي: تعرَّض للمطر وتطلب نزوله. (4) قلت: أي عراقنا كما في بعض الروايات الصحيحة، وبذلك فَسَّرَهُ الخطّابي والعسقلاني كما بينته =

27 - باب قول الله تعالى: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}

"اللهمَّ باركْ لنا في شامِنا، و [اللهم بارِك لنا] في يَمنِنا". قالَ: قالوا: وفي نجْدِنا؟ قالَ: " [اللهم بارِكْ لنا في شامِنا، اللهم بارك لنا في يَمنِنا". قالوا: وفي نجدنا؟ فأظنه] قال [في الثالثة]: "هُناكَ الزلازلُ والفِتَنُ، وبها يَطلُعُ قَرْنُ الشيطان". 27 - باب قولِ الله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} 201 - قالَ ابنُ عباسٍ: شُكْرَكُمْ 520 - عن زيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ أنه قالَ (وفي روايةٍ: [خرجْنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحُدَيْبيَة، فَأَصَابَنَا مطرٌ ذات ليلةٍ، فـ 5/ 62]) صلَّى لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الصُّبحِ بالحُدَيبيَةِ، على إثْرِ سمَاءٍ كانتْ منَ الليلةِ، فلمَّا انصرَفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَقبلَ على الناسِ [بوجهه]، فقالَ: "هلْ تَدرُونَ ماذا قالَ ربُّكم؟ ". قالوا: الله ورسولُه أَعلَمُ، قالَ [الله]: "أَصبحَ من عِبَادي مؤمِنٌ بي وكافرٌ [بي]، فأمَّا مَن قالَ: مُطِرنا بفضلِ الله [وبرزق الله] ورحمته، فذلكَ مؤمْنٌ بي، [و1/ 206] كافرٌ بالكوكَبِ، وأمَّا مَن

_ = في رسالتي "تخريج فضائل الشام" (ص 9 - 10 رقم الحديث 8) خلافاً لما عليه كثير من الناس اليوم ويزعمون - لِجَهلِهِمْ - أن المقصود بـ (نجد) هو الإقليم المعروف اليوم بهذا الاسم، وأن الحديث يشير إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه - حاشاهم- فإنهم الذين رفعوا راية التوحيد خفاقة في بلاد نجد وغيرها، جزاهم الله عن الإسلام خيراً. 201 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه أنه كان يقرأ: (وتجعلون شكركم أنكم تكذبون)، وروي عنه مرفوعاً، لكن سياقه يدل على التفسير لا على القراءة. راجع "الفتح".

28 - باب لا يدري متى يجيء المطر إلا الله

قالَ: مُطِرْنا بنَوْءِ (وفي روايةٍ: بنجم) كذا وكذا، فذلكَ كافرٌ بي، [و] مؤْمنٌ بالكوْكب". 28 - باب لا يَدري متى يجيءُ المطرُ إلا اللهُ 163 - وقالَ أبو هريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "خَمسٌ لا يَعلَمُهُنَّ إلا اللهُ". 521 - عن ابنِ عُمَرَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مِفتاحُ الغيْبِ خَمْسٌ لا يَعلَمُها إلا الله؛ لا يَعلَمُ أحدٌ ما يَكون في غدٍ [إلا الله 5/ 219]، ولا يَعلَمُ أحدٌ ما يَكونُ في الأَرحامِ [إلا الله]، ولا تَعلَمُ نفْسٌ ماذا تَكسِبُ غداً، وما تَدري نفْسٌ بأيِّ أرضٍ تموتُ، وما يَدري أحدٌ متى يجيءُ المطرُ، [ولا يعلم متى تقومُ الساعة إلا الله] (5)، (وفي طريقٍ: ثم قَرَأَ: " {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ 6/ 21 [وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} " 5/ 193]).

_ 163 - وصله المصنف فيما تقدم من حديث سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام (48). (5) قلت: بهذه الزيادة صارت الخصال ستاً. وهذا مشكل، ولا إشكال في أصلها، لأنه لم يرد فيها هذه الخصلة السادسة، لكن قد جمع بين الخصال الست رواية لأحمد (2/ 52)، فتأكد الإشكال، فلعل الخصلة الأولى شاذة لعدم ذكرها في الآية، ولا في أكثر روايات الحديث عند المصنف وأحمد (2/ 24و58 و122). والله أعلم.

16 - كتاب الكسوف

بسم الله الرحمن الرحيم 16 - كتَابُ الكسُوفِ 1 - باب الصلاةِ في كُسوفِ الشمسِ 522 - عن أبي بَكْرَةَ قالَ: كنَّا عندَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فانكسَفَتِ الشمسُ، فقامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يجُرُّ رِدَاءَهُ (وفي روايةٍ: ثوبه مستعجلاً 7/ 34)؛ حتى دخلَ المسجدَ، [وثابَ الناسُ إليهِ 2/ 31]، فدخلنا، فصلَّى بنا ركعتَينِ؛ حتى انجلَتِ الشمسُ، [ثم أقبل علينا]، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشمسَ والقمرَ [آيتان من آيات اللهِ، وإنهما 2/ 31] لا ينكسِفانِ لِموتِ أحدٍ [ولكن الله تعالى يخوِّف بها عبادَه]، فإذا رأيتُموهما فصلُّوا، وادعُوا؛ حتى يَنكشفَ ما بكِمْ". [وذاكَ أن ابناً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ماتَ يقالُ له: إبراهيم، فقال الناس في ذلك]. 523 - عن أبي مسعودٍ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشمسَ والقمرَ لا يَنكسفانِ لِموتِ أحدٍ منَ الناسِ، [ولا لحياته 4/ 76]، ولكنهما آيتانِ من آياتِ اللهِ، فإذا رأيتُموهما فقوموا فصلُّوا". 524 - عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما أنه كانَ يُخبرُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أن الشمس والقمرَ لا يَخسِفانِ لِموتِ أحدٍ، ولا لحياتهِ، ولكنهما آيتانِ من

2 - باب الصدقة في الكسوف

آياتِ اللهِ، فإذا رأيتُموهما فصلُّوا". 525 - عن المُغِيرةِ بنِ شُعبةَ قالَ: كَسَفَتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يوم ماتَ إبراهيمُ، فقالَ الناسُ: كسَفَتِ الشمسُ لِموتِ إِبراهيمَ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الشمسَ والقمرَ [آيتان من آيات الله 2/ 30]، لا يَنكسفانِ لِموتِ أحدٍ، ولا لِحياتهِ، فإذا رَأيْتُمـ[وهما] فصَلُّوا، وادعوا الله؛ [حتى ينجلي] ". 2 - باب الصدَقةِ في الكُسوفِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة الآتي بعد باب). 3 - باب النداءِ بـ: "الصلاةِ جامعةً" (1) في الكُسوفِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمرو الآتي"16 - الكسوف/ 8 - باب"). 4 - باب خُطبةِ الإمامِ في الكُسوفِ 164 و 165 - وقالت عائشةُ وأسماءُ: خطَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. 526 - عن عائشة زوج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: خَسَفَت الشمس في حياةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فخرجَ إلى المسجدِ [166 - فبعثَ منادياً: الصلاةَ جامعةً (1)، فتقدم 2/ 31] فصف الناسَ وراءه، (وفي طريقٍ أخرى عنها: أن يهوديةً جاءت تسألها؛ فقالت: أعاذكِ الله

_ (1) أي: احضروا الصلاة حال كونها جامعة. 164 و165 - أما حديث عائشة فوصله قبل باب، ويأتي لفظ الخطبة منه في حديثها المذكور هنا، وأما حديث أسماء فتقدم في "4 - الوضوء/ 38 - باب". 166 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها مسلم.

من عذابِ القبر، فسألت عائشةُ رضي الله عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيعذبُ الناسُ في قبورهم؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: عائذاً بالله من ذلك، ثم ركب رسول الله [ذات غداة مركباً، فخسفت (وفي روايةٍ: كَسَفَتِ 2/ 29) الشمسُ، فرجع ضحىً (2)، فمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين ظهرانَي الحُجَر (3)، ثم قام يصلي 2/ 26 - 27) فاقترأ رسول الله قراءةً (وفي روايةٍ: سورةً 2/ 62) طويلةً [جَهَرَ بقراءتهِ]، ثم كبَّر فركع ركوعاً طويلاً، ثم [رفع رأسه فـ 4/ 76] قال: "سمع الله لمن حمده"، فقام، [وهو دون القيام الأول 2/ 24]، ولم يسجد، وقرأ قراءةً طويلةً هي أدنى من القراءة الأولى، (وفي روايةٍ: ثم استفتَحَ بسورةٍ أخرى)، ثم كبَّر وركع ركوعاً طويلاً، وهو أدنى من الركوع الأول، ثم قال: "سمع الله لمن حمده؛ ربنا ولك الحمد"، ثم سجد [طويلاً] [سجدتَين 2/ 30]، ثم قال في الركعةِ الآخرةِ مثلَ ذلك، فاستكمل أربع ركعات في [ركعتَين و] أربع سجدات، (وفي روايةٍ: في سجدتين، الأول والأول أطولُ)، وانجلت الشمس قبل أن ينصرف، [ثم سلَّمَ]، ثم قامَ فـ[خَطَبَ الناسَ، فحمِد الله، و] أثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: " [إن الشمسَ والقمرَ] هما آيتان من آيات الله [يريهما عبادَه]، لا يَخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموهما فافزعوا (4) إلى الصلاةِ، (وفي روايةٍ: فادعوا الله وكبِّروا وصلُّوا [حتى يفرجَ عنكم 2/ 24 - 25] وتصدَّقوا، [لقد رأيت في مقامي هذا كلَّ شيءٍ وُعِدْتُهُ، حتى لقد رأيتُ أريد أن آخذ قِطفاً (5) من الجنةِ

_ (2) أي: من الجنازة، وكان سبب ركوبه موت ابنه إبراهيم. (3) أي: ببيوت أزواجه - صلى الله عليه وسلم -، وكانت لاصقة بالمسجد. (4) أي: التجِئوا وتوجهوا إليها. (5) أي: عنقوداً من العنب.

5 - باب هل يقول: كسفت الشمس أو خسفت،

حين رأيتموني جعلتُ أتقدمُ، ولقد رأيت جَهَنَّمَ يحطِمُ بعضها بعضاً حين رأيتموني تأخرتُ، ورأيت فيها عَمْرو بن لُحَيٍّ [يَجُرُّ قُصْبَه 5/ 191]، وهو الذي (وفي روايةٍ: وهو أول من) سيَّبَ السوائب 2/ 62]، ثم قال: يا أمة محمد! واللهِ ما من أحد أغيَرُ من الله أن يزني عبدُه، أو تزني أَمَتُهُ، يا أمة محمد! والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً، ولبكيتُم كثيراً "، [ثم أمرهم أن يتعوذوا من عَذَابِ القبر]. 527 - وكانَ يحدِّثُ كثيرُ بنُ عباسٍ أَنَّ عبدَ الله بنَ عباسٍ رضي الله عنهما كان يحدِّثُ يومَ خَسَفَتِ الشمسُ بِمثلِ حديثِ عُروةَ عن عائشةَ. [قال الزهري: 2/ 31] فقلتُ لِعروةَ: إنَّ أخاكَ [ما صنَع ذلك، عبد الله بن الزبير]، يومَ خسَفَتِ الشمسُ بالمدينةِ، لم يَزدْ على ركعتَينِ مثلَ الصُّبحِ؟ قالَ: أَجَلْ، لأَنه أَخطأَ السُّنَّةَ (6). 5 - باب هل يقولُ: كَسَفَتِ الشمسُ أو خسَفَتْ، وقالَ الله تعالى: {وَخَسَفَ القَمَرُ} (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم آنفاً). 6 - باب قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يخوِّفُ الله عِبَادَهُ بالكُسوفِ " 167 - قالهُ أبو موسى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث أبي بكرة المتقدم 522).

_ (6) هذا صورته صورة التعليق؛ ولا تعليق كما صرح الحافظ في"تغليق التعليق" (2/ 399 - 400)، وقد وصله مسلم في "صحيحه" أيضاً عن كثير، ووصل المؤلف المرفوع منه وعلقه أيضاً من طرق أخرى عن ابن عباس في ما يأتي (18 - باب)، وهو مخرّج في" صحيح أبي داود" (1072). 167 - وصله المصنف في الباب (14).

7 - باب التعوذ من عذاب القبر في الكسوف

7 - باب التعوُّذِ من عذابِ القبرِ في الكُسوفِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم 526). 8 - باب طولِ السجودِ في الكُسوفِ 528 - عن عبدِ الله بن عَمْرٍو أنه قالَ: لمَّا كسفَتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - نودي: إنَّ الصلاةَ جامعةٌ، فركعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَكعتَينِ في سجدةٍ، ثم قامَ فركعَ ركعتَينِ في سجدةٍ، ثم جلَسَ، ثم جُلِّيَ عن الشمسِ. قالَ: وقالتْ عائشةُ رضي الله عنها: ما سجدتُ سجوداً قطُّ كانَ أطولَ منْها. 9 - باب صلاةِ الكسوفِ جماعةً 202 - وصلَّى ابن عباسٍ بهمْ في صُفَّةِ زمزمَ. 253 - وجَمَّع عليُّ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عباسٍ. 204 - وصلَّى ابنُ عمرَ. 529 - عن عبدِ الله بن عباسٍ قالَ: انخسَفَتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، [والناسُ مَعَهُ 6/ 151]، فَقَامَ قِياماً طويلاً، نحواً من قراءةِ سورةِ البقرةِ، ثم ركَع ركوعاً طويلاً، ثم رَفعَ فقامَ قِياماً طويلاً، وهوَ دونَ القيامِ الأولِ، ثم ركعَ ركوعاً

_ 292 - وصله الشافعي بسند صحيح عن ابن عباس. 253 - قال الحافظ: لم أقف عليه موصولاً. 254 - قال الحافظ: يحتمل أن يكون بقية أثر عليّ المذكور، وقد أخرج ابن أبي شيبة معناه عن ابن عمر.

10 - باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف

طويلاً، وهوَ دونَ الرُّكُوعِ الأولِ، ثم سجَدَ، ثم قامَ قِياماً طويلاً، وهوَ دونَ القيامِ الأول، ثم ركعَ ركوعاً طويلاً، وهوَ دونَ الركوعِ الأولِ، ثم رَفَعَ، فقامَ قِياماً طويلاً، وهو دونَ القيامِ الأولِ، ثم ركعَ ركوعاً طويلاً، وهوَ دونَ الركوعِ الأولِ، [ثم رَفَعَ]، ثم سجدَ، ثم انصرَفَ وقدْ تجلَّتِ الشمسُ، فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشمسَ والقمَرَ آيتانِ من آياتِ الله لا يَخسِفانِ لموْتِ أَحدٍ ولا لِحياتهِ، فإذا رأيتمْ ذلكَ فاذكُروا الله"، قالوا: يا رسولَ الله! رأيناكَ تناولتَ شيئاً في مقامِكَ، ثم رأيناكَ [تـ] كَعْكعْتَ (6)، [فـ] قالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إني رَأيتُ (وفي روايةٍ: أُريتُ 1/ 182) الجَنةَ، فتناولتُ [منها] عُنقوداً، ولَوْ أصَبْتُه، (وفي الرواية الأخرى: أخذتُه) لأَكلتُم منْه ما بَقيَتِ الدنيا، وأُريتُ (وفي روايةٍ: ورأيتُ) النارَ، فلم أَرَ مَنظراً كاليوْمِ قطُّ أفظعَ، ورأيتُ أكثرَ أهلِها النساء"، قالُوا: بمَ يا رسولَ الله؟ قالَ: "بكُفْرهِنَّ"، قيلَ: يَكْفُرْنَ باللهِ؟ قالَ: "يَكْفُرْنَ العشيرَ، ويَكفُرْنَ الإحسانَ، لوْ أحسَنْتَ إلى إحداهُنَّ الدهرَ كلهُ ثم رأتْ منكَ شيئاً؛ قالتْ: ما رأيتُ منْكَ خيْراً قط". 10 - باب صلاةِ النساءِ معَ الرجالِ في الكُسوفِ (قلت: أسند فيه حديث أسماء المتقدم 116).

_ (6) أي: أخّرت نفسك. ولمسلم: "رأيناك كففت نفسك"، أي: منعتها.

11 - باب من أحب العتاقة في كسوف الشمس

11 - باب مَن أَحبَّ العَتَاقةَ في كسوفِ الشمسِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أسماء المشار إليه آنفاً). 12 - باب صلاةِ الكسوفِ في المسجدِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم 526). 13 - باب لا تنكسفُ الشمسُ لموتِ أَحدٍ ولا لِحياتهِ 168 - 172 - رواهُ أَبو بكرةَ، والْمُغِيَرةُ، وأبو موسى، وابن عباسٍ، وابن عمر رضي الله عنهم. 14 - باب الذكْرِ في الكسوفِ 173 - رواهُ ابن عباسٍ رضي الله عنهما. 530 - عن أبي موسى قالَ: خسَفَتِ الشمسُ، فقامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فزِعاً، يَخشى أنْ تكُونَ الساعةُ، فأتى المسجدَ، فصلَّى، بأطولِ قِيامٍ؛ وركوعٍ، وسجودٍ رأيتُه قطُّ يفعلُه، وقالَ: "هذه الآياتُ التي يُرسِلُ الله لا تكُونُ لِموتِ أَحدٍ ولا لِحياتهِ، ولكنْ يخوِّفُ

_ 168 - 172 - وصلها المصنف، أما حديث أبي بكرة فتقدم برقم (522)، وحديث المغيرة برقم (525)، وحديث أبي موسى في الباب الآتي، وحديث ابن عباس تقدم برقم (529)، وحديث ابن عمر برقم (524)، وفي الباب عن أبي مسعود أيضاً وقد مضى برقم (523)، وعن عائشة برقم (526)؛ وقد أسندهما هنا أيضاً. 173 - وصله المصنف فيما تقدم برقم (529) بلفظ: "فاذكروا الله".

15 - باب الدعاء في الخسوف

الله بهِ (7) عِبَادَهُ، فإذا رأيتُم شيئاً من ذلكَ فافزَعُوا إلى ذِكْرِهِ ودُعائِه واستغفارهِ". 15 - باب الدعاءِ في الخسوفِ 74 و 175 - قالهُ أبو موسى، وعائشةُ رضي الله عنهما عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث المغيرة المتقدم 525). 16 - باب قوْلِ الإمامِ في خطبةِ الكسوفِ: أمَّا بعدُ (قلت: علّق فيه طرفاً من حديث أسماء المتقدم موصولاً 116). 17 - باب الصلاةِ في كسوفِ القمرِ (قلت: أسند فيه حديث أبي بكرة المتقدم 522). 18 - باب الركعةُ الأولى في الكسوفِ أطولُ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم 526، وحديث ابن عباس الذي بعده). 19 - باب الجهرِ بالقراءةِ في الكسوفِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً).

_ (7) أي: بالكسوف. 174 و 175 - أما حديث أبي موسى فوصله في الذي قبله، وأما حديث عائشة فتقدم (526).

17 - كتاب سجود القرآن

بسم الله الرحمن الرحيم 17 - كتَابُ سُجُودِ القُرآنِ 531 - عن عبدِ الله (بن مسعود) رضي الله عنه قالَ: [أولُ سورةٍ أُنزلتْ فيها سجدةٌ: {والنّجْمِ}، فـ 6/ 52] قرَأَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - {النَّجْمَ} بمكةَ، فسجَدَ فيها، وسجَدَ مَن معهُ [من القوم]، غيْرَ شيْخٍ، أَخذَ كفّاً من حَصىً، أو ترابٍ، ورفَعَهُ إلى جبْهَتهِ [فَسَجد عليه]، وَقَالَ: يَكْفِينَي هذا، فـ[لقد] رأيته بعدَ ذلكَ قُتِلَ كافراً [بالله 4/ 239، وهو أميةُ بن خَلَفٍ] (1). 1 - باب سجدةِ {تنزيلُ السجدةِ} (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم 458). 2 - باب سجدةِ {صَ} 532 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: {صَ} ليسَ منْ عزائمِ السجودِ، وقد رَأَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يسجُدُ فيها. 3 - باب سجدةِ {النَّجْمِ} 176 - قالهُ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ (1) وما في سيرة ابن إسحاق أنه الوليد بن المغيرة؛ باطل، لأنه لم يفعل، مع مخالفته لما في "الصحيح". 176 - وصله المصنف رحمه الله بعد باب.

4 - باب سجود المسلمين مع المشركين والمشرك نجس ليس له وضوء

(قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم قبل حديث).د 4 - باب سجودِ المسلمينَ معَ المشركينَ والمشركُ نجِسٌ ليسَ له وضوءٌ 205 - وكانَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يسجدُ على غيرِ وضوءٍ. 533 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سجدَ بـ {النّجْمِ}، وسجَدَ معَه المسلمونَ والمشركونَ، والجِنُّ والإنسُ. 5 - باب مَن قرأَ السجدةَ ولم يسجُدْ 534 - عن عطاءِ بن يسَارٍ أنه سألَ زيدَ بنَ ثابتٍ رضي الله عنه؟ فزعَمَ أنه قرَأَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - {وَالنَّجْمِ} فلَم يسجُدْ فيها. 6 - باب سجدةِ {إذا السماءُ انشَقَّتْ} (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي هنا في الباب الأخير). 7 - باب مَن سجدَ لسجودِ القارىءِ

_ 205 - وصله ابن أبي شيبة (2/ 14) بإسناد رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير رجل لم يسمّ، لكن فيه أن الراوي عنه أبا الحسن عبيد بن الحسن زعم أنه كنفسه. وأما ما رواه البيهقي عن ابن عمر قال: "لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر"، فقال الحافظ: "وإسناده صحيح"، وأما الذهبي فسكت عنه في "المهذب" (1/ 59/ 2) ولم يصححه، وفيه داود بن الحسين البيهقي، ولم أجد من وثقه، ولعله في "تاريخ نيسابور" للحاكم، ثم جمع الحافظ بينه وبين أثر الباب بحمله على الطهارة الكبرى، أو على حالة الاختيار، والأول على الضرورة. قلت: بل حمله على الأفضل هو الأولى، لأنه لا دليل على وجوب الطهارة لسجود التلاوة، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميّة وغيره من المحققين. ثم رأيت الذهبي قد ترجم في "السير" (13/ 579) لـ (داود بن الحسين) المذكور ووثقه.

8 - باب ازدحام الناس إذا قرأ الإمام السجدة

256 - وقال ابنُ مسعودٍ لِتمِيمِ بنِ حَذْلَمٍ وهوَ غلامٌ فقرأَ عليهِ سجدةً، فقالَ: اسجدْ فإنكَ إمامُنا (2). (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي في الباب بعده). 8 - باب ازدحامِ الناسِ إذا قرأَ الإمامُ السجدةَ 535 - عن ابنِ عُمَرَ قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقرأُ [السورةَ التي فيها 2/ 34] (السجدةُ) ونحنُ عندهُ، فيسجُدُ، ونسجدُ معَه، فنزدحمُ، حتى ما يجدُ أحدُنا لِجبهتهِ موْضعاً يسجُدُ عليهِ. 9 - باب مَن رأى أنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يُوجِبِ السجودَ 207 - وقيلَ لِعِمرانَ بنِ حُصَينٍ: الرجلُ يَسمعُ السجدةَ ولم يَجلِسْ لها (3)؟ قالَ: أَرأيتَ لو قعَد لها؟ كأنه لا يُوجِبُه عليه. 208 - وقالَ سلمانُ: ما لهذا (4) غدَوْنا. 209 - وقالَ عثمانُ رضي الله عنه: إنما السجدةُ على مَنِ استمعَها.

_ 206 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عن تميم بن حَذْلَمْ نحوه، وقد روي مرفوعاً مرسلاً. (2) أي: مَتبوعنا لِتَعَلُّقِ السجدة بنا من جهتك. 207 - وصله ابن أبي شيبةَ من طريق مطرف عنه نحوه. (3) أي: ما قصد استماع السجود، فهل عليه سجود؟ فقال: لو قعد لأجل سماعها وقصد ذلك لما كان عليه شيء، فكيف إذا سمع ذلك اتفاقاً؟ فهذا معنى قوله: أرأيت .. إلخ. 208 - وصله عبد الرزاق (5509) من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عنه نحوه، وإسناده صحيح، ورواه ابن أبي شيبة (2/ 5) واللفظ له. (4) أي: لم نقصده حتى نسجد. 209 - وصله عبد الرزاق (5906)، وابن أبي شيبة (2/ 5)، والسند صحيح عنه.

10 - باب من قرأ السجدة في الصلاة فسجد بها

210 - وقالَ الزُّهريُّ: لا يَسجدُ إلا أنْ يكونَ طاهراً، فإذا سجدتَ وأنتَ في حَضَرٍ فاستقبلِ القِبلةَ، فإنْ كنتَ راكباً فلا عليكَ حيثُ كانَ وجهُكَ. 211 - وكانَ السائبُ بنُ يزيدَ: لا يَسجدُ لِسجودِ القاصِّ (5). 536 - عن عثمانَ بنِ عبدِ الرحمنِ التَّيْميِّ عن ربيعةَ بنِ عبدِ الله بنِ الهُدَيْرِ التَّيْميِّ - قالَ أبو بكرٍ (6): وكانَ ربيعةُ من خِيارِ الناسِ- عمَّا حضَرَ ربيعةُ من عُمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه: قرَأَ يومَ الجُمعة على المنبرِ بـ {سورةِ النَّحْلِ}، حتى إذا جاءَ السجدةَ نزَلَ، فسَجدَ وسجَدَ الناسُ، حتى إذا كانتِ الجُمعَةُ القابلةُ، قرأَ بها، حتى إذا جاءَ السجدةَ، قالَ: يا أيها الناس! إنَّا نَمُرُّ بالسجودِ، فمنْ سجَدَ فقد أصاب، ومن لم يَسجدْ فلا إثمَ عليهِ، ولم يَسجدْ عُمرُ رضي الله عنه. 537 - وزادَ نافعٌ عنِ ابن عُمرَ رضي الله عنهما: إنَّ اللهَ لم يَفرضِ السجودَ إلا أنْ نشاءَ (7). 10 - باب مَن قرأَ السجدةَ في الصلاةِ فسجدَ بِهَا 538 - عن أبي رافع قالَ: صلَّيتُ معَ أبي هريرةَ العَتَمَةَ، فقرأ: {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ}؛ فسجدَ، فقلتُ: ما هذهِ؟ قالَ: سجدتُ بها خلفَ أبي القاسمِ - صلى الله عليه وسلم -، فلا أزالُ أَسجدُ فيها حتى ألقاهُ. 11 - باب مَن لم يجدْ موْضعاً للسجودِ من الزِّحامِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم 535).

_ 210 - وصله عبد الله بن وهب بسند صحيح عنه. 211 - لم أقف عليه موصولاً. (5) هو الذي يقص على الناس الأخبار والمواعظ، ليس مقصوده تلاوة القرآن. (6) قلت: هو ابن أبي مليكة الراوي عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي. (7) أي: فلا نسجد إلا أن نشاء، أو هو بمنزلة الدليل على عدم الافتراض بأنه ما فرض إلا أن يقال: وقت المشيئة ولا فرض كذلك فلا افتراض.

18 - كتاب تقصير الصلاة

بسم الله الرحمن الرجيم 18 - كتَابُ تقصير الصلاة 1 - باب ما جاءَ في التقصيرِ، وكم يُقيمُ حتى يقصُرَ؟ 539 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: أقامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[بمكة 5/ 95] تسعةَ عشرَ يَقصُرُ (وفي روايةٍ: يصلي ركعتين)، فنحنُ إذا سافرنا تِسعةَ عشرَ (1) قصَرْنا، وإنْ زِدنا أَتْممْنا 540 - عن أَنسٍ قالَ: خرجنا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من المدينةِ إلى مكةَ، فكانَ يصَلي ركعتَينِ ركعتَين (2)؛ حتى رجَعنا إلى المدينةِ. قلتُ: أَقَمتُم بمكةَ شيئاً؟ قالَ: أقَمنا بها عَشْراً [نقصُرُ الصلاةَ 5/ 95]. 2 - باب الصلاةِ بمنىً 541 - عن عبدِ الله (بن عُمر) رضي الله عنه قالَ: صليتُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمنىً ركعتَينِ، وأبي بكرٍ وعُمَرَ، ومعَ عثمانَ صَدْراً من إِمَارَتِهِ (وفي روايةٍ: خلافتِه 2/ 173)، ثم أَتَمَّها. 245 - عن حارثةَ بنِ وهْبٍ قالَ:

_ (1) أي: إذا أقمنا في بلدة مسافرين غير آخذين لها وطناً، وصدر الحديث يدل على هذا المعنى. (2) أي: فيما سوى المغرب، وترك الاستثناء لظهوره.

3 - باب كم أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجته؟

صلَّى بنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[ونحنُ أكثرُ ما كنا قط، و2/ 173] آمنَ ما كانَ بمنىً ركعتَينِ. 543 - عن عبدِ الرحمن بنِ يزيدَ قال: صلَّى بنا عثمانُ بنُ عفانَ رضي الله عنه بمنىً أربعَ ركعاتٍ، فقيلَ ذلكَ لعبدِ الله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه، فاسترجَعَ ثم قالَ: صليتُ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بمنىً ركعتَينِ، وصليتُ معَ أبي بكرٍ رضي الله عنه بمنىً ركعتَينِ، وصليتُ معَ عُمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه بمنىً ركعتَينِ، [ثم تَفَرَّقتْ بكم الطرقُ 2/ 173]، فـ[يا] ليتَ حظِّي من أربعِ ركَعاتٍ، ركعتانِ متقبَّلتانِ. 3 - باب كم أقامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في حَجَّتهِ؟ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي في "25 - الحج/23 - باب"). 4 - باب في كم يقصُرُ الصلاةَ؟ 177 - وسمى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يوماً وليلةً سفراً. 212 - وكانَ ابنُ عُمَرَ وابنُ عباسٍ رضي الله عنهم يقصُرانِ ويُفطِرانِ في أربعةِ بُرُدٍ. وهي ستةَ عشرَ فَرسخاً. 544 - عن ابنِ عُمَر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تسافرِ المرأةُ ثلاثةَ أيامٍ (وفي روايةٍ: ثلاثاً) إلا معَ ذي مَحرمٍ". 545 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ 177 - يشير إلى حديث أبي هريرة الآتي في الباب. 212 - وصله ابن المنذر بسند صحيح عن عطاء بن أبي رباح عنهما معاً.

5 - باب يقصر إذا خرج من موضعه

"لا يَحِلُّ لامرأةٍ تؤمنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أنْ تسافرَ مسيرةَ يومٍ وليلةٍ وليسَ معَها حُرْمةٌ (3) ". 5 - باب يَقصُرُ إذا خرجَ من موضعهِ 213 - وخرجَ عليٌّ رضي الله عنه فقصَرَ وهو يَرى البيوتَ، فلمَّا رجَعَ قيلَ لهُ: هذه الكوفة (4)؟ قالَ: لا حتى ندخلَها. 6 - باب يصَلي المغربَ ثلاثاً في السفَر 546 - عن سالمٍ عن عبدِ الله بنِ عُمرَ رضي الله عنهما قالَ: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أَعجلَهُ (وفي روايةٍ: إذا جَدَّ به 2/ 39) السيرُ في السفَرِ؛ يؤخِّرُ [صلاةَ] المغربِ حتى يَجمعَ بينَها وبينَ العِشاءِ. قالَ سالمٌ: وكانَ عبدُ الله يَفعلُهُ إذا أَعجلَهُ السيرُ. 214 - وزادَ اللَّيثُ: قالَ سالمٌ: كانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يَجمعُ بين المغربِ والعشاءِ بـ "الْمُزْدلِفَةِ" (5). قالَ سالمٌ: وأَخَّرَ ابنُ عُمَر المغربَ [بطريق مكة 2/ 205]، وكانَ استُصرخَ

_ (3) أي: رجل ذو حرمة منْها بنَسَبٍ أو غير نسب. 213 - وصله الحاكم وَالبيَهقي من طريق وقاء بن إياس عن علي بن ربيعة عنه. ووقاء هذا لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب". (4) أي: فأتِمَّ الصلاة (قال: لا حتى ندخلها)، أي: لا نزال نقصر حتى نَدْخُلَهَا. فإنا ما لم ندخلها في حكم المسافرين. كذا شَرَحَهُ الحافظ، وهو الحق. 214 - وصله الإسماعيلي بطوله. قلت: وقد أخرج منه قصة الاستصراخ أبو داود، وأحمد من طريق نافع عنه نحوه. ووصلها المؤلف من طريق أخرى عن ابن عمر. (5) ما بعد الزيادة ليس هو تَمَامَ الحديث المعلق كما قد يتبادر للذهن، وإنما هو تمام الموصول ..

7 - باب صلاة التطوع على الدواب وحيثما توجهت

على امرأتِه صفيَّةَ بنتِ أبي عبَيدٍ، (وفي طريقٍ: بلغه عن صفيَّة بنت أبي عبَيد شدة وجع، فأسرع السيرَ) فقلتُ له: الصلاةَ، فقالَ: سِرْ. فقلتُ له: الصلاةَ، فقالَ: سِرْ، حتى سارَ مِيلَينِ أو ثلاثةً، ثم نزَلَ، [بعد غروب الشفَقِ] فصلَّى [المغرب والعتَمة، جمع بينهما]، ثم قالَ: هكذا رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي إذا أَعجلَهُ (وفي روايةٍ: إذا جَدّ به) السيرُ. وقال عبد الله: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أعجله السير [في السفر 2/ 39] يؤخرُ [صلاةَ] المغربِ فيصَليها ثلاثاً، ثم يسلِّمُ، ثم قلَّما يَلبَثُ حتى يُقيمَ العِشاءَ، فيصَليها ركعتَينِ، ثم يسلِّمُ ولا يسبِّحُ [بينهما بركعةٍ، ولا] بعدَ العِشاءِ [بسجدةٍ]، حتى يقومَ من جوفِ الليلِ. 7 - باب صلاةِ التطوعِ على الدوابِّ وحيثما توجهتْ 547 - عن جابرِ بنِ عبد الله أخبرَه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصَلي التطوُّعَ وهوَ راكبٌ في غيرِ القِبلةِ. (ومن طريقٍ أخرى عنه: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أنْمارٍ يصلي على راحلَتهِ، متوجهاً قِبل المشرق، متطوعاً 5/ 55)، [فإذا أرادَ أن يصَليَ المكتوبةَ نزَلَ فاستقبلَ القِبلةَ 1/ 104]. 8 - باب الإيماءِ على الدابةِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي برقم 551). 9 - باب يَنزلُ للمكتوبةِ 548 - عن عامرِ بنِ ربيعةَ قالَ: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الرَّاحلةِ

10 - باب صلاة التطوع على الحمار

يسبِّحُ [بالليل 2/ 38] (6) يُومىءُ برأسهِ قِبَلَ أيِّ وَجهٍ توجَّهَ، ولم يكنْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَصنعُ ذلكَ في الصلاةِ المكتوبةِ. 178 - وقالَ سالمٌ: كانَ عبدُ الله يصَلي على دابَّتهِ من الليلِ وهو مسافرٌ ما يبالي حيثُ كانَ وَجهُه. قال ابنُ عُمَر: وكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يسبِّحُ على الرَّاحلةِ قِبَلَ أيِّ وَجهٍ توجَّهَ، وُيوتِرُ عليها، غيرَ أنه لا يصَلي عليها المكتوبةَ. 10 - باب صلاةِ التطوُّعِ على الحِمارِ 549 - عن أَنس بنِ سِيرِينَ قالَ: استقبلْنا أَنساً حينَ قدِمَ من الشَّأْمِ، فلقِيناهُ بـ (عَينِ التَّمْر) (7)، فرأيته يصلي على حمارٍ، ووَجهُه من ذا الجانبِ، (يَعني عن يسارِ القِبلةِ)، فقلتُ: رأيتُك تصَلي لغيرِ القِبلةِ؟ فقالَ: لوْلا أني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فعَلَه لم أَفعلْهُ. 11 - باب من لم يتطوعْ في السفرِ دبُرَ الصلاةِ 550 - عن ابن عُمَر قالَ: صحِبتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكانَ لا يَزيدُ في السَّفرِ على ركعتَينِ، وأبا بكرٍ، وعُمَرَ، وعثمانَ كذلكَ، رضي الله عنهم، [وقالَ الله جلَّ ذكرُه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}]. 12 - باب من تطوَّعَ في السفرِ في غيرِ دبُرِ الصلاةِ وقبْلَها

_ (6) أي: يصلي النافلة، وهو من باب إطلاق الجزء على الكل. 178 - وصله الإسماعيلي. قلت: ووصله المؤلف مختصراً كما يأتي بعد حديث. (7) هو موضع بطريق العراق مما يلي الشام.

13 - باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء

179 - وركعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ركعتَيِ الفجرِ في السَّفرِ. 551 - عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يسبِّحُ [في السفرِ 2/ 37] على ظهرِ راحلَتِهِ؛ حيثُ كانَ وَجهُه (وفي طريقٍ: حيث توجهت به 2/ 14)، يُومىءُ برأسهِ [إيماءً صلاةَ الليل]، [ويوتِرُ عليها]، وكانَ ابنُ عُمَرَ يفعلُهُ. 13 - باب الجمعِ في السفرِ بينَ المغربِ والعِشاءِ 180 - عن ابنِ عباس رضي الله عنهما قالَ: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَجمعُ بينَ صلاةِ الظهرِ والعصرِ؛ إذا كانَ على ظهرِ سيْرٍ، وَيجمعُ بينَ المغربِ والعِشاءِ. 181 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجمعُ بينَ صلاةِ المغربِ والعِشاءِ في السَّفرِ. 14 - باب هل يؤذِّنُ أو يُقيمُ إذا جمَعَ بينَ المغربِ والعشاءِ؟ 552 - عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يجمع بين هاتين الصلاتين في السفر. يعني المغربَ والعشاءَ. 15 - باب يؤخِّرُ الظهرَ إلى العصرِ إذا ارتَحلَ قبلَ أنْ تَزيغَ الشمسُ (8)

_ 179 - وصله مسلم في قصة النوم عن صلاة الصبح من حديث أبي قتادة (2/ 138 و 138 - 139)، وهو مخرج في "الارواء" (1/ 294). 180 - قلت: هذا معلق عند المصنف، وصله البيهقي. 181 - هذا معلق أيضاً وصله المصنف في الباب الذي بعده. (8) أي: تميل؛ وذلك إذا فاء الفَيْىءُ.

16 - باب إذا ارتحل بعد ما زاغت الشمس صلى الظهر ثم ركب

182 - فيهِ ابنُ عباسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي بعده). 16 - باب إذا ارتَحلَ بعدَ ما زاغت الشمسُ صلَّى الظهرَ ثم ركِبَ 553 - عن أَنسِ بنِ مالكٍ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحَلَ قبلَ أنْ تَزيغ الشمسُ أخَّرَ الظهرَ إلى وقتِ العصرِ (9) ثم نزَلَ فجمَعَ بينهُما، فإن زاغتِ الشمسُ قبلَ أنْ يَرتحلَ صلَّى الظهرَ ثم ركِبَ. 17 - باب صلاةِ القاعدِ 554 - عن عِمران بن حُصَينٍ - وكانَ مبْسوراً (10) - قالَ: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاةِ الرجُلِ قاعداً؟ فقالَ: "إنْ (وفي روايةٍ: مَن 2/ 41) صلَّى قائماً فهوَ أفضلُ، ومَن صلَّى قاعداً فلَه نصفُ أَجرِ القائمِ، ومَن صلَّى نائماً فلَه نصفُ أجرِ القَاعِدِ". (وفي روايةٍ عنه قالَ: كانت بي بواسيرُ فسألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الصلاةِ؟ فقالَ: "صلِّ قائماً، فإنْ لم تستطعْ فقاعداً، فإنْ لم تستطعْ فعلى جَنْبٍ").

_ 182 - يشير إلى حديثه المتقدم 180 معلقاً، وقد عرفت من وصله. (9) أي: فيجمع بينهما في أول وقت العصر، كما صرّح بذلك في رواية لمسلم (2/ 151). (10) المبسور: من به الباسور. وقوله: (ومن صلي نائماً) يعني: مضطجعاً على هيئة النائم.

18 - باب صلاة القاعد بالإيماء

18 - باب صلاةِ القاعدِ بالإيماءِ (قلت: أسند فيه حديث عمران المذكور آنفا). 19 - باب إذا لم يُطِق قاعداً صلَّى على جنْبٍ 215 - وقالَ عطاءٌ: إنْ لم يَقدرْ أنْ يتحوَّلَ إلى القِبلةِ صلَّى حيثُ كانَ وَجهُه. (قلت: أسند فيه حديث عمران المشار إليه آنفاً). 20 - باب إذا صلَّى قاعداً ثم صحَّ أو وجَدَ خِفةً تَمَّمَ ما بقيَ 216 - وقالَ الحسَنُ: إنْ شاءَ المريضُ صلَّى ركعتَينِ قائماً، وركعتَينِ قاعداً. 555 - عن عائشةَ رضي الله عنها أُمِّ المؤمنينَ أنها لم تَرَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي صلاةَ الليلِ قاعداً قطُّ حتى أَسَنَّ (وفي روايةٍ: كَبِرَ 2/ 48)؛ فكانَ يَقرأُ قاعداً، حتى إذا أرادَ أنْ يركعَ قامَ، فقرَأَ نحواً من ثلاثينَ آيةً، أو أربعينَ آيةً ثم ركعَ، [ثم سجدَ، يفعلُ في الركعةِ الثانيةِ مثلَ ذلكَ، فإذا قضى صلاتَهُ نظَرَ (وفي روايةٍ: كان يصَلي ركعتَين 2/ 52)، فإنْ كنتُ يَقْظى تحدَّثَ معي، وإنْ كنتُ نائمةً اضطجَعَ] [على شقه الأَيمن 2/ 50] [حتى يؤْذَنَ بالصلاةِ]. [قلت لسفيان: فإنَّ بعضهم يرويه "ركعَتي الفجر"؟ قال سفيان: هو ذاك].

_ 215 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 216 - وصله ابن أبي شيبة، ووصله الترمذي بلفظ آخر.

19 - كتاب التهجد

بسم الله الرحمن الرحيم 19 - كتَابُ التهجُّدِ 1 - باب التهجُّدِ بالليلِ وقوْلِه عزَّ وجلَّ: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} 556 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذا قامَ من الليلِ يتَهجدُ قالَ: "اللهمَّ لكَ الحمدُ، أنتَ قيِّمُ (183 - وفي روايةٍ معلقةٍ: قيَّام 8/ 184) السمواتِ والأرضِ ومَن فيهِنَّ، ولكَ الحمدُ، لكَ مُلْكُ (وفي روايةٍ: أنت ربُّ) السمواتِ والأَرضِ ومَن فيهِنَّ، ولكَ الحمدُ، [أنتَ] نورُ السمواتِ والأرضِ [ومَن فيهِنَّ]، ولك الحمدُ، أنتَ مَلِكُ السمواتِ والأَرضِ، ولكَ الحمدُ، أنتَ الحقُّ، وعْدُكَ الحقُّ، ولقاؤكَ حقٌّ، وقولُكَ حقٌّ، والجَنةُ حقٌّ، والنارُ حقٌّ، والنبيُّونَ حقٌّ، ومحمدٌ - صلى الله عليه وسلم - حقٌّ، والساعةُ حقٌّ. اللهمَّ لكَ أَسلمتُ، وبكَ آمنتُ، وعليكَ توكلتُ، وِإليكَ أَنَبْتُ، وبكَ خاصمتُ، وِإليكَ حاكمتُ، فاغفِرْ لي ما قدَّمتُ، وما أخَّرتُ، وما أَسررتُ، وما أَعلنتُ، [وما أنتَ أَعلمُ به مني]، أنت المقدِّمُ وأنتَ المؤخِّرُ، [أنتَ إلهَي 8/ 198]، لا إله إلا أنتَ، أو لا إلهَ [لي 8/ 167] غيْرُكَ، [ولا حوْلَ ولا قوَّةَ إِلا بالله] (1) ".

_ 183 - وصله مالك، وعنه مسلم، وأحمد (1/ 298 و308). (1) قلت: هذه الزيادة ليست على شرط "الصحيح"، لأنه رواه بسنده عن سفيان قال: وزاد =

2 - باب فضل قيام الليل

217 - [وقال مجاهد: {القيُّوم}: القائم على كل شيءٍ. 218 - وقرأَ عُمَر (القيَّام)، وكلاهما مدح]. 2 - باب فضلِ قيامِ الليلِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي في "ج 4/ 91 - التعبير/ 35 - باب"). 3 - باب طُولِ السجودِ في قيامِ الليلِ 557 - عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يصَلي إحدى (وفي روايةٍ: ثلاثَ 2/ 52) عشرةَ ركعةً، كانت تلكَ صلاتَه، [تعني بالليل، فـ 2/ 13] يسجُدُ السجدةَ من ذلكَ قدْرَ ما يَقرأُ أحدُكم خمسينَ آيةً؛ قبلَ أن يَرفعَ رأسَه، و [كان] يركعُ [إذا سمع النداء بالصبح] ركعتين [خفيفتين] قبلَ صلاةِ الفجرِ، [حتى إِني لأقول: هل قرأ بأم الكتاب؟ 2/ 53] ثم يضطجعُ على شِقهِ الأَيمنِ حتى يأتيَه المنادي للصلاةِ. 4 - باب تركِ القيامِ للمريضِ 558 - عن جُندَبٍ قالَ: اشتكى (2) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فلَم يقُمْ ليلةً أوليلَتينِ.

_ = عبد الكريم أبو أمية فذكرها. ومع أن أبا أمية لم يذكر إسناده في هذه الزيادة، فهو نفسه ضعيف معروف الضعف عند المحدثين. قال الحافظ: "ولم يقصد البخاري التخريج له، فلأجل ذلك لا يعدونه في رجاله، وإنما وقعت عنه زيادة في الخبر غير مقصودة لذاتها .. ". 217 - وصله الفريابي في"تفسيره". 218 - وصله أبو عبيد في "فضائل القرآن"، وابن أبي داوود في "المصاحف" من طرق عنه. (2) أي: مرض.

5 - باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب

559 - عن جُندَب بنِ عبدِ الله رضي الله عنه قالَ: احتَبَسَ جبريلُ - صلى الله عليه وسلم - على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالتِ امرأةٌ من قريشٍ: أَبطأَ عليهِ شيْطانُه، فنزَلتْ: {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. 5 - باب تحريضِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على صلاةِ الليلِ والنوافلِ منْ غيرِ إيجابٍ 184 - وطرَقَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فاطمةَ وعلياً عليهِما السلام ليلةً للصلاةِ. 560 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: إنْ كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لَيَدعُ العملَ وهوَ يُحبُّ أنْ يَعملَ بهِ؛ خشيةَ أنْ يعملَ به الناسُ، فيُفرضَ عليهمْ، وما [رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -2/ 54] سبَّح سُبْحةَ الضحى قطُّ، وإني لأُسبِّحُها (3). 6 - باب قيامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حتى تَرِمَ قدَماهُ 185 - وقالت عائشةُ رضي الله عنها: حتى تفَطَّرَ قدَماهُ. و (الفُطورُ): الشُّقوقُ. (انفطرَتْ): انشَقَّت. 561 - عن المغيرة رضي الله عنه قالَ: إِنْ كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَيقُومُ يُصَلي حتى

_ 184 - يأتي موصولاً في "ج 4/ 96 - الاعتصام/18 - باب"). (3) كذا وقعت هذه اللفظة هنا، وهي من السبحة، وكذلك وقع في المكان الآخر المشار إليه في المتن، لكن قال الحافظ هناك في شرح هذه اللفظة: "كذا هنا من السبحة. وتقدم في باب التحريض على قيام الليل بلفظ: "وإني لأستحبها"، من الاستحباب وهو من رواية مالك". قلت: وأنت ترى أن اللفظ هنا متفق مع اللفظ هناك. فالظاهر أنه من اختلاف رواة "الصحيح" وهو ما وقع لِرُوَاةِ الموطأ أيضاً (1/ 168)، فراجعه. 185 - وصله المصنف في "ج 3/ 65 - التفسير/ 48 - الفتح/2 - باب".

7 - باب من نام عند السحر

تَرِمَ [أو تنتفخَ 7/ 183] قدماهُ أو ساقاهُ، فيقالُ له [: غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخر 6/ 44]، فيقولُ: "أفلا أكون عبداً شَكوراً". 7 - باب مَن نامَ عندَ السَّحَر 562 - عن مسروقٍ قالَ: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها: أيُّ العملِ كانَ أحَبَّ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: الدائمُ (وفي طريقٍ: كان أحب العمل إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يدوم عليه صاحبُه 7/ 181)، قلتُ: متى كانَ يقومُ؟ قالتْ: [كان] يقومُ إِذا سَمعَ الصارخَ (4). (وفي روايةٍ: إِذا سَمعَ الصارخَ قامَ فصلَّى). 563 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: ما أَلْفاهُ السَّحَرُ (5) عِندي إلا نائماً. تعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. 8 - باب مَن تسحَّر فلَم يَنَم حتى صلَّى الصبحَ (قلت: أسند فيه حديث أنس بن مالك المتقدم برقم 309). 9 - باب طُولِ القيامِ في صلاةِ الليلِ 564 - عن عبدِ الله (بن مسعود) رضي الله عنه قالَ: صلَّيتُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةً، فلَم يزَلْ قائماً حتى هَممتُ بأمرِ سَوْءٍ! قلنا: وما هَممتَ؟ قالَ: هَممتُ أنْ أقعُدَ وأَذَرَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -!

_ (4) هو الديك. وأول ما يصيح نصفَ الليل غالباً. (5) بالرفع، فاعل (ألفى). أي: ما وجده السحر.

10 - باب كيف كان صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكم كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل؟

10 - باب كيفَ كانَ صلاة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكم كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي منَ الليلِ؟ 565 - عن مسروقٍ قالَ: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها عن صلاةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالليلِ؟ فقالتْ: سَبعٌ، وتسعٌ، وإِحدى عشْرةَ، سِوى ركعتَيِ الفجرِ. 566 - عن القاسمِ بن محمدٍ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصَلي منَ الليلِ ثلاثَ عشرةَ ركعةً، منْها الوِترُ، وركعتا الفجرِ. 11 - باب قيامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالليلِ ونومِه، وما نُسخَ من قيامِ الليلِ، وقوْلِهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} وقولِهِ: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُم فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القرآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكونُ منْكم مَرضى وآخرونَ يَضربونَ في الأَرضِ يَبتغونَ منْ فضْلِ الله وآخرونَ يقاتِلونَ في سبيلِ الله فاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ منْهُ وأقِيموا الصلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ وأقرِضُوا الله قرضاً حَسناً وما تُقدِّموا لأَنْفُسِكُمْ مِن خيْرٍ تَجدوهُ عِندَ الله هوَ خيْراً وأَعظمَ أجراً} 219 - قالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: (نشأَ): قامَ، بالحَبَشةِ. 220 - (وِطَاءً) قالَ: مواطَأَةَ القرآنِ أَشدُّ موافَقَةً لسَمْعِهِ وبصرهِ وقلبِهِ.

_ 219 - وصله عبد بن حميد بإسنادٍ صحيحٍ عنه. 220 - وصله عبد بن حميد أيضاً من طريق مجاهد: (أشدُّ وطأً) أي: يوافق سمعك وبصرك وقلبك بعضه بعضاً.

12 - باب عقد الشيطان على قافية الرأس إذا لم يصل بالليل

221 - (ليواطِئوا): ليوافِقوا. 567 - عن أنسٍ رضي الله عنه قالَ: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ منَ الشهرِ حتى نظُنَّ أنْ لا يصُومَ منْه، ويصومُ حتى نظُنَّ أنْ لا يُفطِرَ، وكان لا تشاءُ أنْ تراه منَ الليلِ مصَلياً إِلا رأيتَهُ، ولا نائماً إلا رأيتَه. 12 - باب عَقْدِ الشيطانِ على قافيةِ الرأسِ إِذا لم يُصلِّ بالليلِ 568 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يَعقِدُ الشيطانُ على قافية (6) رأسِ أحدِكم إِذا هوَ نامَ ثلاثَ عُقَدٍ، يَضرِبُ [على 4/ 91] كل عُقدةٍ [مكانَها]: عليكَ ليلٌ طويلٌ فارقُدْ، فإِنِ استيقظ فذَكرَ الله انحلَّتْ عُقدةٌ، فإنْ توضَّأَ انحلَّت عُقدةٌ، فإنْ صلَّى انحلَّتْ عُقَدُهُ [كلُّها]؛ فأصبَحَ نشيطاً طيِّبَ النفْسِ، وإلا أَصبحَ خبيثَ النفْسِ كسلانَ". 13 - باب إِذا نامَ ولم يصلِّ بالَ الشيطانُ في أُذُنِهِ 569 - عن عبدِ الله (ابن مسعود) رضي الله عنه قالَ: ذُكِرَ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ، فقيلَ: ما زالَ نائماً حتى أَصبحَ؛ ما قامَ إِلى الصلاةِ، فقالَ: " [ذاك رجلٌ 4/ 91] بالَ الشيطانُ في أُذُنِهِ". 14 - باب الدعاءِ والصلاةِ من آخرِ الليل، وقالَ عزَّ وجلَّ:

_ 221 - قال الحافظ: "هذه الكلمة من تفسير براءة، وإنما أوردها هنا تأييداً للتفسير الأول، وقد وصله الطبري عن ابن عباس لكن بلفظ: ليشابهوا". (6) أي: قفاه أو وسطه.

15 - باب من نام أول الليل وأحيا آخره

{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} أيْ: ما ينامونَ، {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} 570 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يَنزلُ ربُّنا تبارَكَ وتعالى (7) كلِّ ليلةٍ إلى سَمَاءِ الدنيا، حينَ يَبقى ثُلثُ الليلِ الآخرُ [فـ 8/ 197] يقولُ: مَن يَدعوني؟ فأَستجيبَ لهُ، مَن يَسْألُني؟ فأُعطِيَه، مَن يَستغفرُني؟ فأَغفرَ له". 15 - باب مَن نامَ أوَّلَ الليلِ وأَحيا آخرَه 186 - وقالَ سلْمانُ لأَبي الدَّرداءِ رضي الله عنهما: نَمْ. فلمَّا كانَ من آخرِ الليلِ قال: قُمْ. قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "صدَقَ سلْمانُ". 571 - عن الأسودِ قالَ: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها كيفَ صلاةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالليلِ؟ قالت: كانَ ينامُ أوَّلَهُ، ويقومُ آخرَه، فيصَلي، ثم يَرجعُ إِلى فراشِهِ، فإِذا أذَّنَ المؤذِّنُ وثَبَ، فإِنْ كانَ بهِ حاجةٌ اغتسَلَ، وإلا توضأَ وخرجَ.

_ (7) قلت: تأوّله الحافظ ابن حجر تبعاً للجمهور بنزول أمره أو ملك ينادي بذلك، وقواه برواية النسائي للحديث بلفظ: "إن الله يمهل حتى يمضي شطر الليل، ثم يأمر منادياً يقول: هل من داع فيستجاب له" الحديث. وسكت الحافظ عنه فأوهم ثبوته، وليس كذلك، بل هو شاذ منكر. تفرد بهذا اللفظ حفص بن غياث دون سائر الرواة الذين رووه عن أبي هريرة من نحو سبع طرق بأسانيد صحيحة عنه، بلفظ الكتاب ونحوه، المصرح بأن الله هو الذي يقول: "هل من داع .. " إلخ، وليس الملك، وفيه من جميع الطرق التصريح بنزول الله تعالى، وهذا ما لم يتعرض له حفص، وكذلك ثبت النزول وقول الرب ما ذكرنا في كل طرق الحديث عن غير أبي هريرة من الصحابة، حتى بلغ ذلك مبلغ التواتر. وقد حققت الكلام على هذه الخلاصة في "الأحاديث الضعيفة" (3898). 186 - هو طرف من حديث لأبي جحيفة وصله المصنف فيما يأتي "30 - الصوم/51 - باب".

16 - باب قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل في رمضان وغيره

16 - باب قيامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالليلِ في رمضانَ وغيرهِ 572 - عن أبي سلَمَة بن عبدِ الرحمنِ أنه سألَ عائشةَ رضي الله عنها: كيفَ كانت صلاةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضانَ؟ فقالتْ: ما كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَزيدُ في رمضانَ ولا في غيرِهِ على إِحدى عشْرةَ ركعةً، يصَلي أربعاً، فلا تسألْ عن حُسْنِهن وطُولِهنَّ، ثم يصَلي أربعاً، فلا تَسْألْ عن حُسنِهنَّ وطُولِهنَّ، ثم يصَلي ثلاثاً. قالتْ عائشةُ: فقلتُ: يا رسولَ الله! أتنامُ قبلَ أنْ تُوترَ؟ فقالَ: "يا عائشةُ إن عيْنَيَّ تنامانِ، ولا ينامُ قلبي". 17 - باب فضلِ الطُّهورِ بالليلِ والنهارِ 573 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لبلالٍ عندَ صلاةِ الفجرِ (8): "يا بلالُ! حدِّثْني بأرجى عملٍ عمِلتَه في الإسلامِ؛ فإِني سمِعتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بين يديَّ في الجنةِ". قال: ما عمِلتُ عملاً أرجى عِندي أني لم أتطهَّرْ طُهوراً في ساعةِ ليلٍ أو نهارٍ إِلا صلَّيتُ بذلكَ الطهورِ ما كُتِبَ لي أنْ أُصَلي. قال أبو عبدِ الله: (دَفَّ نَعْلَيْكَ) يعني: تحْريكَ. 18 - باب ما يُكرَه من التشديدِ في العبادةِ 574 - عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه قالَ: دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فإِذا حَبْلٌ

_ (8) قال الحافظ: "فيه إشارة إلى أن ذلك وقع في المنام، لأن عادته - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقصّ ما رآه ويعبّر ما رآه أصحابه - كما سيأتي في كتاب التعبير- بعد صلاة الفجر". قلت: يعني حديث الباب (48) من "ج 4/ 91 - التعبير".

19 - باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه

ممدودٌ بينَ الساريتَينِ، فقالَ: ما هذا الحبلُ؟ قالوا: هذا حبلٌ لزينبَ، فإِذا فتَرتْ تعلَّقتْ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أحدُكم نشاطَه، فإِذا فَتَر فليقعُدْ". 19 - باب ما يُكرَه من تركِ قيامِ الليلِ لمنْ كانَ يقومُه 575 - عن عبدِ الله بنِ عَمْروِ بنِ العاصِ رضي الله عنهما قالَ: قالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا عبدَ الله! لا تَكُنْ مثلَ فلانٍ، كانَ يقومُ الليلَ فترَك قيامَ الليلِ". 21 - باب فضلِ مَن تعارَّ من الليلِ فصلَّى 576 - عن عُبادةَ بن الصامتِ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "من تعارَّ (9) منَ الليلِ فقالَ: لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ، لهُ المُلْكُ، ولهُ الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، الحمدُ لله، وسبحانَ الله، ولا إلهَ إلا الله، والله أكبرُ، ولا حوْلَ ولا قوَّة إلا بالله، ثم قالَ: اللهمَّ اغفِرْ لي، أو دعَا؛ استُجيبَ، فإنْ توضَّأَ؛ قُبلَتْ صلاتُه". 577 - عن الهيثم بن أبي سِنان أنه سمعَ أبا هريرةَ رضي الله عنه وَهُوَ يَقْصُصُ فِى قَصَصِهِ (10) وهو يذكُرُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ أخاً لكُم لا يقولُ الرَّفَثَ- يعني بذلكَ عبدَ الله بنَ رَواحَة-:

_ (9) التعارّ: هو التيقظ مع صوت من استغفار أو تسبح أو نحوه. (10) أي: مواعظه. والظاهر أن قوله: (إن أخاً لكم ...) من كلام أبي هريرة كما في "الفتح"، فراجعه.

22 - باب المداومة على ركعتي الفجر

وفينا رسولُ الله يَتْلو كِتابَهُ ... إِذا انْشَقَّ معْرُوفٌ منَ الفَجْرِ ساطعُ أَرَانَا الهُدى بَعْدَ العَمى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِناتٌ أنَّ ما قالَ وَاقِعُ يَبيتُ يُجافي جَنْبَهُ عَنْ فِراشِهِ ... إِذا استثْقَلَتْ بالمُشْرِكينَ المَضاجِعُ 22 - باب المداوَمةِ على ركعتَيِ الفجرِ 578 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - العِشاءَ، ثم صلَّى ثمانَ (11) رَكَعاتٍ، وَرَكْعَتَيْنِ جالساً، وركعَتينِ بينَ النداءين، ولم يكُنْ يدَعُهُما أبداً. 23 - باب الضِّجعةِ (12) على الشِّقِّ الأيمنِ بعدَ ركعتَيِ الفجرِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 555). 24 - باب مَن تحدثَ بعدَ الركعتَيْنِ ولم يضطجعْ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المشار إليه آنفاً برقم 555). 25 - باب ما جاءَ في التطوُّعِ مَثْنى مَثْنى 222 - 227 - ويُذكَرُ ذلكَ عن عمَّارٍ، وأبي ذرٍّ، وأنسٍ، وجابر بنِ زَيدٍ، وعِكرمةَ، والزُّهْريِّ رضي الله عنهم.

_ (11) بفتح النون وهو شاذ. ولأبي ذر "ثماني" بكسرها ثم ياء مفتوحة على الأصل. وقوله: "بين النداءين"، أراد بهما أذان الصبح وإقامته. (12) بكسرِ الضاد، لأن المراد الهيئة، ويجوز الفتح على إرادة المرة. 222 - 227 - قال الحافظ: "أما عمار؛ فكأنه أشار إلى ما رواه ابن أبي شيبة من طريق =

228 - وقالَ يَحْيى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ: ما أَدركتُ فقَهاءَ أرضِنا إِلا يسلِّمونَ في كلِّ اثنتَينِ من النهارِ. 579 - عن جابرِ بن عبد الله قالَ: كانَ رسولُ الله يعلِّمُنا الاستخارةَ في الأمورِ [كلِّها 7/ 162] (13) كما يُعَلِّمُنا السورةَ منَ القرآنِ، يقولُ: "إِذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليَركعْ ركعَتينِ من غيرِ الفريضةِ، ثم ليَقُلِ: اللهمَّ إِني أَستخيرُكَ بعِلْمِكَ، وأستقدرُكَ بقُدرتِكَ، وأسألُكَ من فضلِكَ العظيم؛ فإِنكَ تَقدِرُ ولا أَقدِر، وتعلَمُ ولا أَعلمُ، وأنت عَلاَّمُ الغيوبِ. اللهمَّ إِن كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمرَ [ثم يسمِّيه بعينه 8/ 168] خيرٌ لي في ديني، ومعاشي، وعاقبةِ أمري، أو قالَ: عاجلِ أمري وآجلِهِ؛ فاقدُرْه لي، ويسِّرْهُ لي، ثم بارِكْ لي فيهِ، وإنْ كنتَ تعلمُ أنَّ هذا الأمرَ شرٌّ لي، في ديني، ومعاشي، وعاقبةِ أمري، أو قالَ: في عاجِلِ أمري وآجلِهِ؛

_ = عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن عمار بن ياسر أنه دخل المسجد فصلى ركعتين خفيفتين. وإسناده حسن. وأما أبو ذر، فكأنه أشار إلى مارواه ابن أبي شيبة أيضاً عن مالك بن أوس عن أبي ذر أنه دخل المسجد فأتى سارية وصلى عندها ركعتين. وأما أنس؛ فكأنه أشار إلى حديثه المشهور في صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بهم في بيتهم ركعتين، وقد تقدم في "الصفوف"، وذكره في هذا الباب مختصراً، (قلت: إنما تقدم في "الصلاة على الحصير" (8/ 20/ 207). وأما جابر بن زيد- وهو أبو الشعثاء البصري-، فلم أقف عليه بعد. وأما عكرمة، فروى ابن أبي شيبة عن حرمي بن عمارة عن أبي خلدة قال: رأيت عكرمة دخل المسجد فصلى فيه ركعتين. وأما الزهري؛ فلم أقف على ذلك عنه موصولاً". 228 - لم أقف عليه موصولاً أيضاً. (13) ثبتت هذه الزيادة عند المصنف في المكان المشار إليه.

26 - باب الحديث بعد ركعتي الفجر

فاصرِفْه عنِّي، واصرفْني عنهُ، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كانَ، ثم أرضِني بهِ". قالَ: "ويسمِّي حاجتَه". قالَ أبو عبدِ الله: 187 - قالَ أبو هريرةَ رضي الله عنه: أوصاني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بركعتَي الضُّحى. 188 - وقالَ عِتْبانُ: غدا علَيَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ رضي الله عنه بعدَ ما امتَدَّ النهارُ، وصفَفْنا وراءَه، فركعَ ركعتَينِ. 26 - باب الحديثِ بعدَ ركعتَيِ الفجرِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 555). 27 - باب تعاهُدِ ركعَتي الفجرِ، ومَن سمَّاهما تطوُّعاً 580 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: لم يكُنِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على شيءٍ منَ النوافلِ أشَدَّ منْه تعاهُداً (14) على ركعتَيِ الفجرِ. 28 - باب ما يُقرَأُ في ركعَتَيِ الفجرِ

_ 187 - هذا طرف من حديث يأتي موصولاً بتمامه قريباً هنا (33 - باب). 188 - هذا طرف من حديثٍ لعتِبان تقدم موصولاً في "8 - الصلاة/46 - باب". (14) أي: تفقُّداً وتحفُّظاً.

أبواب التطوع

أبواب التطوع 29 - باب التطوعِ بعدَ المكتوبةِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر وحفصة المتقدمين برقم 480 و481). 30 - باب مَن لم يتطوَّعْ بعدَ المكتوبةِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 290). 31 - باب صلاةِ الضحى في السفَرِ 581 - عن مورِّقٍ قالَ: قلتُ لابنِ عُمرَ رضي الله عنهما: أتصَلِّي الضحى؟ قالَ: لا، قلتُ: فعُمَرُ؟ قالَ: لا، قلتُ: فأبو بكرٍ؟ قالَ: لا، قلتُ: فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: لا إخالُهُ (15). 32 - باب مَن لم يصلِّ الضحى ورآه (16) واسعاً (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 559). 33 - باب صلاةِ الضحى في الحضَرِ 189 - قالهُ عِتْبانُ بنُ مالكٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ (15) أي: لا أظنه. قلت: بل ثبت عنه الجزم بكون صلاة الضحى بدعة كما سيأتي في أول "26 - كتاب العمرة"، وذلك كله يدل على أن ابن عمر لم يعلم بهذه السنة، وهىِ ثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - فعلاً وقولاً كما ترى في الباب الآتي. (16) أي: رأى التَّرك (واسعاً): مباحاً.

34 - باب الركعتين قبل الظهر

582 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: أوصاني خليلي - صلى الله عليه وسلم - بثلاثٍ، لا أدَعُهنَّ حتى أموتَ: صوْمِ ثلاثةِ أيامٍ من كلِّ شهرٍ، وصلاةِ (وفي روايةٍ: وركعَتي 2/ 247) الضحى، ونومٍ على وتْرٍ (17). 34 - باب الركعَتينِ قبلَ الظهرِ 583 - عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يدَعُ أربعاً قبلَ الظهر، وركعتَينِ قبلَ الغداةِ. 35 - باب الصلاةِ قبلَ المغربِ 584 - عن عبدِ الله المُزَنيِّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "صلُّوا قبلَ صلاةِ المغربِ"، قالَ في الثالثةِ (18): "لِمَن شاءَ"، كراهيَةَ أنْ يتخذَها الناسُ سُنَّةً. 585 - عن مَرْثَدِ بنِ عبدِ الله اليَزَنيِّ قالَ: أتيتُ عُقبةَ بنَ عامرٍ الجُهَنيَّ فقلتُ: ألاَ أُعجِبُكَ من أبي تميمٍ يركعُ ركعتَينِ قبلَ صلاةِ المغرب؟ فقالَ عُقبةُ: إِنا كنَّا نفعلُهُ على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. قلتُ: فما يمنعُكَ الآنَ؟ قالَ: الشغلُ.

_ 189 - وصله أحمد (5/ 450) بسند صحيح عنه، والمصنف بمعناه، وقد مضى في "8 - الصلاة/46 - باب". (17) قلت: له طرق عند أحمد سبقت الإشارة إليها عند الحديث المعلق برقم (161). (18) الظاهر أنه عليه السلام قال ذلك: ثلاثاً، وقال في المرة الثالثة: "لمن شاء".

36 - باب صلاة النوافل جماعة

36 - باب صلاةِ النوافلِ جماعةً 190 و 191 - ذكَرَه أَنسٌ وعائشةُ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث عتبان بن مالك المتقدم برقم 226). 37 - باب التطوُّعِ في البيتِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "8 - الصلاة/ 52 - باب").

_ 190 و 191 - أما حديث أنس؛ فأشار به إلى حديثه المتقدم برقم (382)، وأما حديث عائشة؛ فأشار إلى حديثها المتقدم أيضاً برقم (383).

20 - كتاب الصلاة في مسجد مكة والمدينة

بسم الله الرحمن الرحيم 20 - كتَابُ الصلاة في مسجد مكة والمدينة 1 - باب فضلِ الصلاةِ في مسجِدِ مكةَ والمدينةِ 586 - عن أبي سعيدٍ وعن أبي هريرةَ رضي الله عنهما عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ، المسجِدِ الحرامِ، ومسجدِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -، ومسجدِ الأقصى". 587 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "صلاةٌ في مسجدي هذا خيرٌ من ألفِ صلاةٍ فيما سِواهُ إلا المسجدَ الحرامَ". 2 - باب مسجدِ قُباءٍ 588 - عن نافع أنَّ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كان لا يصَلي من الضُّحى إلا في يومَينِ؛ يومَ يَقدَمُ بمكةَ؛ فإِنهُ كانَ يَقدَمُها ضُحىً، فيطوفُ بالبيتِ، ثم يصَلي ركعتينِ خلفَ اَلمقامِ، ويومَ يأتي مسجدَ قُباءٍ، فإِنه كانَ يأتيهِ كلَّ سبتٍ، فإذا دخلَ المسجدَ كرِهَ أنْ يخرُجَ منْه حتى يصَليَ فيهِ، قالَ: وكان يحدِّث أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -

3 - باب من أتى مسجد قباء كل سبت

كانَ يزُورُهُ [كلَّ سبتٍ] راكبًا وماشياً [192 - فيصَلي فيهِ ركعتين]. قال: وكانَ يقولُ لهُ: إِنما أَصنعُ كما رأيتُ أصحابي يَصنعون، ولا أَمنعُ أحداً أنْ صلَّى في أيِّ ساعةٍ شاء من ليلٍ أو نهارٍ، غيْرَ أنْ لا تتَحرَّوا طلوعَ الشمسِ ولا غروبَها. 3 - باب مَن أتى مسجدَ قُباءٍ كلَّ سبتٍ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المذكور آنفاً). 4 - باب إِتيانِ مسجِدِ قُباءٍ راكبًا وماشياً (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 5 - باب فضلِ ما بينَ القبرِ والمِنبرِ 589 - عن عبدِ الله بن زَيد المازِنيِّ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ما بيْنَ بيْتي ومِنبَري روْضةٌ من رِياضِ الجنّةِ". 6 - باب مسجدِ بيتِ المقْدسِ 590 - عن أبي سَعِيد الخُدْريِّ رضي الله عنه [وقد غزا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثِنتَيْ عشرةَ غَزوةً 2/ 220] يحدِّثُ بأربعٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: سمعتُ أربعاً من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -2/ 249) فأعجبْنَني، وَآنقْنَني (1)، قالَ:

_ 192 - قلت: هذه الزيادة معلقة عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصلها مسلم (4/ 127). (1) أي: أفرحنني وأسررنني.

"لا تسافرِ المرأةُ [مسيرَةَ 2/ 249] يومَينِ إِلا معَها زوجُها أو ذُو مَحرَمٍ، ولا صوْمَ في يومَينِ؛ الفِطر والأضحى، ولا صَلاةَ بعدَ صلاتَينِ؛ بعدَ الصُّبحِ حتى تطلعَ الشمسُ، وبعدَ العصرِ حتى تغرُبَ [الشمس]، ولا تُشَدُّ الرِّحالُ إِلا إلى ثلاثةِ مساجدَ؛ مسجِدِ الحرامِ، ومسجدِ الأَقصى، ومسجدي [هذا] ".

21 - كتاب العمل في الصلاة

بسم الله الرحمن الرحيم 21 - كتَابُ العملِ في الصلاةِ 1 - باب استعانةِ اليَدِ في الصلاةِ إِذا كانَ من أمرِ الصلاةِ 229 - وقالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: يستعينُ الرَّجلُ في صلاتِهِ من جسَدِهِ بما شاءَ. 230 - ووضَعَ أبو إِسحاق قَلَنْسُوَتَهُ في الصلاةِ ورفَعَها. 231 - ووضعَ عليٌّ رضي الله عنه كفَّه على رُصْغِهِ (1) الأَيْسَرِ؛ إِلا أنْ يحُكَّ جِلْداً، أو يُصلحَ ثوباً. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم برقم 92). 2 - باب ما يُنهى من الكلامِ في الصلاة 591 - عن عبدِ الله (بن مسعود) رضي الله عنه أنه قالَ: كنَّا نسلِّمُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاةِ، فيرُدُّ علينا، فلمَّا رَجَعْنا من عِندِ النَّجاشيِّ؛ سلَّمنا عليهِ

_ 229 و230 - لم أجد من وصلهما. ولم يتعرض الحافظ لهما بذكر. 231 - وصله ابن أبي شيبة كما في "الفتح". قلت: والبيهقي أيضاً في "سننه" (2/ 29 - 30)، وقال: "إسناده حسن". وفيه نظر بينته في "ضعيف أبي داود" (رقم 130). (1) الرصغ بالصاد: لغة في (الرسغ) بالسين وهي أفصح من الصاد. وهو المفصل بين الساعد والكف.

3 - باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال

فلَم يرُدَّ علينا (2)، [فقلنا: يا رسول الله! إِنا كنا نُسلِّمُ عليك فترُدّ علينا؟ 4/ 345] قالَ: "إنَّ في الصلاةِ شُغلاً". [فقلتُ لإبراهيم: كيف تصنع أنت؟ قالَ: أرُدُّ في نفسي]. 592 - عن زَيد بن أرقم قالَ: إِنْ كنَّا لنتكلَّم في الصلاةِ على عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، يكلِّمُ أحدُنا صاحبَه (وفي روايةٍ: أخاه 5/ 162) بحاجتِه؛ حتى نزَلتْ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ [وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ]} الآيةَ، فأُمِرنا بالسُّكوتِ (3). 3 - باب ما يجُوزُ من التسبيحِ والحمدِ في الصلاةِ للرجالِ (قلت: أسند فيه حديث سهل بن سعد المتقدم برقم 362). 4 - باب مَن سمَّى قوْماً أو سلَّم في الصلاةِ على غيرهِ مواجَهةً وهوَ لا يَعلَمُ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن مسعود المتقدم برقم 432). 5 - باب التصفيقِ للنساءِ 593 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (2) قلت: يعني السلام باللفظ، وإلا فقد ثبت رده - صلى الله عليه وسلم - بالإشارة برأسه في هذه القصة عند السراج في "مسنده" (4/ 77/ 2 - 78/ 1) بسند جيد، وفي غيرها كما يأتي في التعليق على حديث جابر "15 - باب لا يرد السلام في الصلاة". (3) أي: بترك ذلك الكلام الذي كنا نتكلم، وإلا فالصلاة محلّ للذكر.

6 - باب من رجع القهقرى في صلاته أو تقدم بأمر ينزل به

"التَّسبيحُ لِلرِّجالِ، والتصفيقُ لِلنساءِ". 6 - باب مَن رجَعَ القهقرى في صلاته أو تقدَّمَ بأمرٍ يَنزلُ بهِ 193 - رواهُ سهلُ بن سعدٍ عن النبيِ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 360). 7 - باب إِذا دعَتِ الأمُّ ولَدَها في الصلاةِ 194 - قالَ أبو هريرة رضي الله عنه: قالَ رسولُ الله: "نادتِ امرأةٌ ابنَها وهو في صوْمعةٍ؛ قالتْ: يا جُرَيْج! قالَ: اللهمَّ أُمِّي وصلاتي، قالتْ: يا جُرَيْج! قالَ: اللهمَّ أُمِّي وصلاتي، قالتْ: يا جُرَيْج! قالَ: اللهمَّ! أُمِّى وصلاتي، قالت: اللهمَّ! لا يَموتُ جُرْيج حتى ينظرَ في وَجهِ الميامِيسِ (4)، وكانتْ تأوي إلى صوْمعتِهِ راعيةٌ، تَرعى الغنمَ، فولَدتْ، فقيلَ لها: مِمَّن هذا الولَد؟ قالتْ: مِنْ جُريَجٍ نزَلَ من صوْمعتِهِ، قالَ جُرَيْج: أينَ هذِه التي تزعُمُ أنَّ ولَدَها لي؟ قالَ: يا بابُوس! من أبوكَ؟ قالَ: راعي الغنمِ!. 8 - باب مسْح الحَصا في الصلاة

_ 193 - يشير إلى حديثه المتقدم برقم (362). ويحتمل - كما قال الحافظ- أن يكون المراد حديثه الآخر المتقدم برقم (469). قلت: ولا مانع من أن يكون أراد الحديثين معاً؛ ففي كل منهما طرف من الترجمة. 194 - هذا معلق وقد وصله الإسماعيلي، ووصله المصنف من طريق أخرى بنحوه عنه. وسيأتي قبيل "47 - الشركة/ ج 2". (4) جمع مومسة، وهي الزانية. وصوب ابن الجوزي حذف المثناة الأخيرة، وخرّج على إشباع الكسرة. (وبابوس) وزن فاعول؛ هو: الصغير، أو اسم للرضيع، أو لذلك الولد بعينه.

9 - باب بسط الثوب في الصلاة للسجود

594 - عن مُعَيْقِيبٍ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ في الرَّجلِ يسوِّي الترابَ حيثُ يَسجدُ؛ قالَ: "إِنْ كنتَ فاعلاً فواحدةً". 9 - باب بسْطِ الثوبِ في الصلاةِ للسجودِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 208). 10 - باب ما يجوزُ منَ العملِ في الصلاةِ 595 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه صلَّى صلاةً قالَ: "إنَّ الشيطانَ عرَضَ لي، فشَدَّ عَلَيَّ (وفي روايةٍ: إِن عفريتاً من الجِنِّ تَفَلَّتَ [عليَّ 6/ 31] البارحةَ، لـ 4/ 36) يَقطَع الصلاةَ عليَّ، فأمكَنني الله منْه، فَذَعَتُّهُ (5) ولقدْ هَممتُ أنْ أُوثِقَه إلى ساريةٍ [من سواري المسجد] حتى تُصْبحوا فتَنظُروا إِليهِ [كلُّكم]، فذكَرتُ قوْلَ (وفي روايةٍ: دعوةَ أخي) سليمان عليه السلام: {رَبِّ هَبْ لي مُلْكاً لا يَنْبَغي لأَحد مِنْ بَعْدي}، فرَدَّهُ الله خاسئاً". ثم قالَ النَّضرُ بنُ شُمَيْلٍ: (فذَعَتُّه) بالذال أي: خنقْتُه، و (فَدَعَّتُّهُ) من قوْلِ الله تعالى: {يَوْمَ يُدَعُّونَ} أي: يُدفَعونَ. والصوابُ (فدَعَتُّه)، إِلا أنه كذا قالَ بتشديدِ العينِ والتاءِ. [(عفريت): متمرِّد من إنسٍ أو جنّ، مثل زِبِنْيَة، جماعة الزبانية].

_ (5) أي: خنقته، كما يأتي في آخر الحديث.

11 - باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة

11 - باب إِذا انفلَتَتِ الدابَّةُ في الصلاةِ 232 - وقالَ قَتادة: إِنْ أُخِذَ ثوبُه؛ يَتْبَعُ السارقَ، ويدَع الصلاةَ. 596 - عن الأزرقِ بن قيسٍ قالَ: كنَّا بالأَهوازِ نقاتِلُ الحَرُوريَّةَ (6)، فبَيْنا أَنا على جُرُفِ (وفي روايةٍ: شاطئ 7/ 101) نهرٍ [قَدْ نَضَبَ عنه الماءُ]؛ إِذا رجلٌ يصَلي، وِإذا لِجامُ دابَّتِهِ بِيَدِه، فجَعَلتِ الدابَّةُ تُنازعُه، وجعلَ يَتبَعُها (وفي روايةٍ: فصلّى، وخلّى فرسه، فانطلقت الفرس، فترك صلاته وتبعها حتى أدركها، فأخذها، ثم جاء فقضى صلاتَه) - قالَ شُعبةُ: هوَ أبو بَرْزَةَ الأَسلَميُّ - فجَعلَ رجُلٌ منَ الخوارجِ يقولُ: اللهمَّ افعَلْ بهذا الشَّيخِ (وفي روايةٍ: وفينا رجلٌ له رأيٌ فأقبل يقول: انظروا إِلى هذا الشيخ تركَ صلاتَه من أجلِ فرسٍ!) فلمَّا انصرفَ الشيخُ قالَ: إِني سمعتُ قوْلَكم، (وفي روايةٍ: ما عنفني أحدٌ منذ فارقتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -)، وِإني غزوْتُ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ستَّ غَزَواتٍ أو سبعَ غَزَواتٍ أو ثَمانٍ، وشهِدتُ [من] تيْسيرِهِ، وِإني إِنْ كنتُ أنْ أُراجعَ معَ دابَّتي أَحبُّ إليَّ من أنْ أدَعها تَرجعُ إِلى مأْلَفِها، فيَشُقَّ عليَّ، [وقال: إن منزلي مُتراخٍ، فلو صلَّيتُ وتركتُ؛ لم آتِ أهلي إلى الليل]. 12 - باب ما يجوزُ منَ البُصاقِ والنفخِ في الصلاةِ 195 - ويُذكرُ عن عبدِ الله بن عَمْرو: نفَخَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في سجودِهِ في كُسوفٍ.

_ 232 - وصله عبد الرزاق في "مصنفه" (2/ 262/ 3291) بسند صحيح عنه. (6) أي: الخوارج. 195 - قلت: وصله أحمد والنسائي وغيرهما، وهو مخرج في رسالتي في "صلاة الكسوف". وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" برقم (594 - 596) بنحوه.

13 - باب من صفق جاهلا من الرجال في صلاته لم تفسد صلاته

13 - باب مَن صفَّقَ جاهلاً منَ الرجالِ في صلاتِهِ لم تَفسُد صلاتُه 196 - فيهِ سَهْلُ بن سعدٍ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 14 - باب إِذا قيلَ للمصَلي: تقدَّم أو انتظِرْ، فانتظَرَ، فلا بأسَ (7) (قلت: أسند فيه حديث سهل بن سعد المتقدم برقم 424). 15 - باب لا يَرُدُّ السلامَ في الصلاةِ 597 - عن جابرِ بن عبد الله رضي الله عنهما قالَ: بعثَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجةٍ له، فانطلقتُ، ثم رجَعتُ وقد قضَيتُها، فأتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فسلَّمتُ عليه، فلَم يرُدَّ علَيَّ (8)، فوقَعَ في قلبي ما الله أعلمُ بهِ، فقلتُ في نفسي: لعلَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وجَدَ عَليَّ (9) أني أبطأتُ عليهِ، ثم سلَّمتُ عليهِ، فلم يرُدَّ علَيَّ، فوقَعَ في قلبي أشدُّ منَ المرَّةِ الأولى، ثم سلَّمتُ عليهِ، فرَدَّ علَيَّ، فقالَ: "إِنَّما مَنَعَني أنْ أَرُدَّ عليكَ أني كنتُ أُصَلي". وكانَ على راحِلِتِه متوجِّهاً إلى غيرِ القِبلةِ.

_ 196 - قلت: يشير إلى حديثه المتقدم برقم (362). (7) قال السندي: "مقصود المصنّف: أن مراعاة المصلي في الصلاة حال غيره، أو إطاعته بعض أوامره في الصلاة لا يبطل الصلاة. (8) قلت: يعني باللفظ، وإنما رد بالإشارة، ففي رواية لمسلم (2/ 71): "فأشار إلي". وفي أخرى: "فقال لي بيده". قال الحافظ: وكأن جابراً لم يعرف أولاً أن المراد بالإشارة الرد عليه، فلذلك قال: (فوقع في قلبي ما الله أعلم به) أي من الحزن، وانظر التعليق (2) الماضي قريباً. (9) أي: غضب عليّ.

16 - باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر ينزل به

16 - باب رفعِ الأَيدي في الصلاةِ لأَمرٍ ينزلُ به (قلت: أسند فيه حديث سهل المتقدم برقم 362). 17 - باب الخَصرِ في الصلاةِ 598 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: نُهيَ عن الخَصْرِ (10) في الصلاةِ. 197 - (وفي روايةٍ معلقةٍ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -). (وفي أخرى عنه) قالَ: نُهيَ أنْ يُصَلي الرجلُ متخصِّراً. 18 - باب تَفَكُّرِ الرجلِ الشيءَ في الصلاةِ 233 - وقالَ عُمَرُ رضي الله عنه: إني لأُجَهِّزُ جيشي وأنا في الصلاةِ.

_ (10) بالخاء المعجمة: وضع اليد على الخاصرة. وفي الباب عن عائشة، وسيأتي في "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/50 - باب- رقم الحديث 1467". 197 - قلت: وصلها مسلم وأبو داود وغيرهما، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (873)، وعزاها الحافظ للمصنف، ويعني بها الرواية التي بعدها، وهي على البناء للمجهول كما ترى. 233 - وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عنه، ووصله الإمام أحمد من طرق في "مسائل ابنه صالح" (ص 87/ مصوّرة دار الحديث المكِّية).

22 - كتاب سجود السهو

بسم الله الرحمن الرحيم 22 - كتَابُ سجود السهو 1 - باب ما جاء في السَّهوِ إذا قامَ من ركعتَيِ الفريضةِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله ابن بحينة المتقدم برقم 430). 2 - باب إذا صلَّى خَمساً (قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 213). 3 - باب إذا سلَّم في ركعتَينِ أو في ثلاثٍ فسجدَ سجدتَينِ مثلَ سجودِ الصلاةِ أو أَطوَلَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 255). 599 - قال سعد (بن إبراهيم): ورأيتُ عُروةَ بن الزُّبَيرِ صلَّى منَ المغربِ ركعتَينِ فسلَّمَ، وتكلمَ، ثم صلَّى ما بقيَ، وسجدَ سجدتَينِ، وقالَ: هكذا فعلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (1).

_ (1) قلت: عروة بن الزبير تابعي لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فالحديث مرسل، والمصنف رحمه الله تعالى إنما رواه كما وقع له في آخر الحديث المشار إليه آنفاً، وهو من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة الموصولة. وقد قال الحافظ: "ومرسل عروة هذا مما يقوي طريق أبي سلمة الموصولة، ويحتمل أن يكون عروة حمله عن أبي هريرة".

4 - باب من لم يتشهد في سجدتي السهو

4 - باب مَن لم يتشهَّدْ في سجدتَيِ السَّهوِ 234 - وسلَّمَ أَنسٌ والحسَنُ ولم يتَشهَّدا. 235 - وقالَ قتادةُ: لا يَتَشهَّدُ. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المشار إليه آنفاً). 600 - عن سلَمةَ بنِ عَلقمةَ قالَ: قلتُ لمحمَّدٍ: في سَجدتَي السَّهوِ تشهُّدٌ؟ قالَ: ليسَ في حديثِ أبي هريرةَ (2). 5 - باب يكبِّرُ في سجدتَيِ السَّهوِ 6 - باب إذا لم يَدْرِ كَم صلَّى ثلاثاً أو أربعاً؟ سجدَ سجدتَين وهو جالسٌ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 323). 7 - باب السهوِ في الفرض والتطوُّعِ 236 - وسجدَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما سجدتَينِ بعدَ وِتْرهِ.

_ 234 - وصله ابن أبي شيبة وغيره من طريق قتادة عنهما. 235 - قال الحافظ: كذا في الأصول التي وقفت عليها من "البخاري" وفيه نظر، فقد رواه عبد الرزاق عن معمر، عن قتادة قال: يتشهد في سجدتي السهو ويُسَلِّمُ. فلعل (لا) في الترجمة زائدة، أو يكون قتادة اختلف عليه في ذلك. (2) قلت: ولم يثبت عن غيره بطريق تقوم به الحجة، وحديث ابن مسعود منكر كما حققته في "ضعيف أبي داود" (186)، ومثله حديث عمران كما تراه هناك (193). 236 - قال الحافظ: "وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أبي العالية قال: رأيْتُ ابن =

8 - باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع

(قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المشار إليه آنفاً). 8 - باب إذا كُلِّمَ وهوَ يصَلي فأشارَ بيَدهِ واستمَعَ 601 - عن كُريبٍ أنَّ ابنَ عباسٍ والمِسْوَرَ بن مَخْرَمَةَ وعبدَ الرحمنِ بنَ أَزهَرَ رضي الله عنهم أرسَلوهُ إلى عائشةَ رضي الله عنها، فقالوا: اقرأْ عليها السلامَ منَّا جميعاً، وسلْها عن الركعتَينِ بعدَ صلاةِ العصرِ؟ وقلْ لها: إنَّا أُخْبرْنا أنكِ تُصَلِّينَهُما، وقد بلَغَنا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عنها، وقالَ ابنُ عباسٍ: وكنتُ أَضرِبُ الناسَ معَ عُمَرَ بنِ الخطابِ عنها، فقالَ كُرَيْبٌ: فدخلتُ على عائشةَ رضي الله عنها، فبلَّغتُها ما أرسَلوني، فقالتْ: سلْ أُمَّ سلَمةَ، فخرجتُ إِليهمْ، فأخبرْتُهم بقوْلِها، فرَدُّوني إلى أُمِّ سَلَمةَ؛ بمثْلِ ما أَرسَلوني بهِ إلى عائشةَ، فقالتْ أُمُّ سَلَمةَ رضي الله عنها: سمِعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَنهى عنْها، ثم رأيتُه يصلِّيهِما حينَ صلَّى العصرَ، ثم

_ = عباس يسجد بعد وتره سجدتين. وتعلق هذا الأثر بالترجمة من جهة أن ابن عباس كان يرى أن الوتر غير واجب ويسجد مع ذلك فيه للسهو". قلت: هذا الأثر لم أجده عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" في مظانه منه، وليس صريحاً في تعلقه بالترجمة، فإن السجدتين بعد الوتر، من المحتمل أنهما كناية عن الركعتين الثابتتين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في "مسلم" وغيره بعد الوتر، فكان ابن عباس يقتدي به عليه السلام، ولعله لذلك لم يورده ابن أبي شيبة في باب "الرجل يسهو في التطوع ما يصنع؟ "، وقد ساق فيه (2/ 29) بسند صحيح عن سعيد بن المسيب قال: "سجدنا السهو في النوافل كسجدتي السهو في المكتوبة"، وروى هو وعبد الرزاق (2/ 326 - 327) عن غير ما واحد من التابعين أنهم كانوا لا يرون على من سها في التطوع أن يسجد للسهو. وما ذهب إليه سعيد وغيره أن عليه السهو أقرب إلى الصواب لموافقته لعموم بعض الأحاديث كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لكل سهو سجدتان بعد ما يسلم". أخرجه عبد الرزاق (3533) وغيره. وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (954)، و"إرواء الغليل" (338).

9 - باب الإشارة في الصلاة

دخَلَ وعِندي نِسوةٌ من بَني حَرَامٍ منَ الأَنصارِ، فأَرسلتُ إليه الجاريةَ (وفي روايةٍ: الخادِم 5/ 117) فقلتُ: قُومي بجَنبهِ، قُولي لهُ: تقولُ لكَ أُمُّ سلَمَةَ: يا رسولَ الله سمِعتُكَ تَنهى عن هاتَينِ وأراكَ تصَلِّيهِما؟ فإنْ أشارَ بيَدهِ، فاستأخِري عنهُ، ففعلَتِ الجاريةُ، فأشارَ بيَدهِ، فاستأخرتْ عنهُ، فلمَّا انصرفَ قالَ: "يا بنتَ أَبي أميَّةَ! سألتِ عن الركعتَينِ بعدَ العصرِ، وإنهُ أتاني ناسٌ من عبدِ القَيسِ [بالإسلام من قومهم] فشغلُوني عن الركعتَينِ اللتَينِ بعدَ الظهرِ، فهُما هاتان". 9 - باب الإشارةِ في الصلاةِ 198 - قالَه كُرَيبٌ عن أُمِّ سلَمَةَ رضي الله عنها عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ 198 - وصله المصنف في الحديث السابق.

23 - كتاب الجنائز

بسم الله الرحمن الرحيم 23 - كتَابُ الجنائز 1 - باب في الجنائز ومَن كانَ آخرُ كلامهِ لا إلهَ إلا اللهُ 237 - وقيلَ لوَهْبِ بن مُنبِّهٍ: ألَيْس لا إلهَ إلا الله مفتاحَ الجَنةِ؟ قالَ: بلى ولكنْ ليسَ مفتاحٌ إلا له أسنانٌ، فإنْ جئتَ بمفتاح له أسنانٌ فُتحَ لكَ، وإلاَّ لَمْ يُفتَحْ لكَ. 602 - عن عبدِ الله (بن مسعود) رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[كلمةً، وقلتُ أخرى، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -5/ 153]: "مَن ماتَ يُشْركُ بالله شيئاً (وفي روايةٍ: من مات وهو يدعو مِن دونِ الله نِداً) دخلَ النارَ". وقلتُ أنا: مَن ماتَ لا يُشركُ بالله شيئاً (وفي الرواية الأخرى: من ماتَ وهو لا يدعو لله نِدّاً) دخلَ الجنةَ" (1). 2 - باب الأَمرِ باتِّباعِ الجنائزِ

_ 237 - وصله المصنف في"التاريخ" (1/ 1/ 95)، وأبو نعيم في "الحلية" (4/ 66) من طريق محمد بن سعيد بن رمانة قال: أخبرني أبي قال: قيل لوهب .. ومحمد بن سعيد هذا يمَنيٌّ مجهول الحال، روى عنه عبد الملك بن محمد الذماري هذا الأثر، وروى عنه قدامة بن موسى أيضاً كما في"الجرح" (264/ 2/3). وأبوه سعيد بن رمانة لم أجد له ترجمة. (1) قلت: هذا قد صح مرفوعاً من حديث جابر رضي الله عنه، أخرجه مسلم (1/ 65 - 66)، وابن خزيمة في"التوحيد" (ص 233 - 234)، وأحمد (3/ 325و 345و 374و391و391 - 392) من طرق عنه.

3 - باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه

603 - عن البَرَاءِ رضي الله عنه قالَ: أَمَرَنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بسَبعٍ، ونهانا عن سبع؛ أمَرَنا باتِّباعِ الجنائزِ، وعيادةِ المريضِ، وإجابةِ الدَّاعي، ونصْرِ المظلومِ (وفي روايةٍ: ونصر الضعيف، وعون المظلوم، ولم يذكر: وإجابةِ الداعي 7/ 128)، وإبرارِ القسَمِ (وفي روايةٍ: المُقْسِم 7/ 124)، ورَدِّ (وفي روايةٍ: إفشاءِ 6/ 143) السلامِ، وتشميتِ العاطسِ. ونهَانا [عن سبْع]؛ عن آنِيَةِ الفِضَّةِ، وخاتَمِ الذَّهب، و [عن لُبس] الحرير، والدِّيباجِ (2)، والقَسِّيِّ (3)، والإسَتبرقِ (وفي روايةٍ: والسندس 7/ 124)، [و [ركوبِ] مياثر الحُمْر7/ 48]. 604 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "حقُّ المسْلمِ على المسْلمِ خَمسٌ: رَدُّ السلامِ، وعيادةُ المريضِ، واتِّباعُ الجنائزِ، وإجابةُ الدعوةِ، وتشميتُ العاطسِ". 3 - باب الدخولِ على الميِّتِ بعدَ الموتِ إذا أُدرجَ في أَكفانِه 605 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه خرَجَ (4) وعُمَرُ رضي الله عنه يكلِّمُ الناسَ، فقالَ: اجلِسْ، فأَبى، فقالَ: اجلِس، فأَبى، فتشهَّدَ أبو بكرٍ رضي الله عنه، فمالَ إليهِ الناسُ، وتركوا عُمَرَ، فَقَالَ: أمَّا بعدُ؛ فَمنْ

_ (2) هو الإستبرق صنفان نفيسانِ من الحرير؛ كما في "الفتح". و (السندس) ما رَقَّ من الديباج ورَفُع؛ كما في"النهاية". و (المياثر) جمع ميثرة بالكسر، وهي من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج أحمر، ويتخذ كالفراش الصغير، ويحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجمال، ويدخل فيه مياثر السروج. "نهاية". (3) بهذا الضبط: ثياب يؤتى بها من الشام أو مصر مضلّعة فيها حرير أمثال الأترجّ، أو كتان مخلوط بحرير. (4) يعني من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن قبّله وهو ميت. انظر القصة بتمامها فيما يأتي في "62 - الفضائل/6 - باب".

كانَ منكم يعبُدُ محمَّداً؛ فإنّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - قد مات، ومن كان يعبدُ الله؛ فإنّ الله (5) حيٌّ لا يموتُ، قالَ الله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} إلي {الشَّاكِرِينَ}، واللهِ لكأنَّ الناسَ لم يكونوا يَعلَمونَ أنَّ الله أَنزلَ الآيةَ حتى تلاها أبو بكرٍ رضي الله عنه، فتلقَّاها منه الناس، فما يُسمَعُ بَشَرٌ إلا يَتلوها (6). 606 - عن أمِّ العلاءِ [وهي 8/ 77] امرأةٌ منَ الأَنصارِ [قد 3/ 164] بايعَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنه اقتُسِمَ (7) المهاجرونَ قُرعةً، فطارَ لنا عثمانُ بن مظعونٍ [في السكنى، حين اقترعت الأنصارُ على سكنى المهاجرين]، فأنزلناهُ في أبياتِنا، فوَجِعَ وجَعَه الذي توُفيِّ فيهِ، [فَمرَّضناه]، فلمَّا تُوُفِّيَ وغُسِّلَ وكُفِّنَ في أثوابهِ، دخلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلتُ: رحمةُ الله عليكَ أبا السائبِ فشهادتي عليكَ لقد أكرَمَكَ الله، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وما يُدريكِ أنَّ الله أَكرمَهُ؟! "، فقلتُ: [لا أَدري والله]، بأبي أنتَ [وأمي] يا رسولَ الله! فمنْ يُكْرمُه الله؟ فقالَ عليهِ السلامُ: "أمَّا هوَ فقدْ جاءهُ [والله 4/ 265] اليقينُ، والله إني لأَرجو له الخيرَ، والله ما

_ (5) قلت: زاد ابن أبي شيبة، والمصنف في"التاريخ": "في السماء"، كما في "اجتماع الجيوش" (ص 39)، وسنده صحيح عن ابن عمر. (6) قلت: هذا الحديث يرويه أبو سلمة عن ابن عباس، وفي الكتاب قبله من رواية أبي سلمة أيضاً عن عائشة بهذا الحديث نحوه، ولما كان المصنف رحمه الله قد ساقه في فضل أبي بكر بأتم من سياقه هنا، فقد اعتمدته دون سياقه هنا. فراجعه هناك" 62 - الفضائل/5 - باب". (7) بضم التاء مبنياً للمفعول، وتاليه نائب للفاعل، و (قرعة) نصب بنزع الخافض: أي اقتسم الأنصار المهاجرين بقرعة.

4 - باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه

أَدري وأنا رسولُ الله ما يُفعَلُ بي (199 - وفي روايةٍ: به) [ولا بكم] ". قالتْ: فوالله لا أُزكِّي أَحداً بعدَه أبداً، [قالت: وأحزَنني ذلكَ، قالت: فنمت فأُريتُ لعثمانَ عَيناً تجري، فجئت إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتُه، فقالَ: "ذلك عمله] [يَجري له] ". 607 - عن جابرِ بن عبدِ الله رضي الله عنهما قالَ: لما قُتِلَ أَبي جعَلتُ (وفي روايةٍ: قال: جِيءَ بأَبي يوم أحد قد مُثِّلَ به حتى وُضع بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد سُجِّيَ ثوباً، فذهبتُ أريد) أَكشفُ الثوبَ عن وَجههِ أَبكي، ويَنهوْني عنه، [ثم ذهبتُ أَكشف عنه، فنهاني قومي]، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَنهاني، [فأمَر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرُفع]، فجَعلَتْ عمَّتي فاطمةُ تَبكي (وفي روايةٍ: فَسمعَ صوتَ صائحة، فقال: "من هذه؟ ". قالوا: ابنةُ عَمروٍ، أو أختُ عمروٍ)، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " تَبكينَ أو لا تَبكينَ، ما زالتِ الملائكةُ تُظِلُّه بأجنحتِها حتى رفَعتموهُ". 4 - باب الرَّجُلِ يَنعى (8) إلى أهلِ الميِّتِ بنفْسِه 608 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نعى النجاشيَّ [صاحبَ الحبشة 2/ 90]، في اليومِ الذي ماتَ فيهِ، [و2/ 91] خرجَ [بهم] إلى المصلَّى، [ثم تقدم 2/ 88] فصفَّ بهم [خلفه]، وكبَّرَ [عليه] أَربعاً، (وفي

_ 199 - قلت: هذه الرواية معلقة هنا، ووصلها في آخر"الشهادات" (3/ 164)، و"التعبير" (7/ 74)، وستأتي إن شاء الله تعالى في "52 - الشهادات". (8) ينعى الميت، أي: يخبر الناس بموته، وقوله: (بنفسه): أي بلا واسطة أحد.

5 - باب الإذن بالجنازة

روايةٍ: أربع تكبيرات)، [وقالَ: "استغفروا لأَخيكم" 4/ 246]. 609 - عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه [أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -[خَطَب فـ 3/ 203] نعى زيداً، وجعفراً، وابن رَوَاحة للناس قبلَ أن يأتيَهم خبرُهم فـ 4/ 318] قالَ: "أخذَ الرايةَ زَيدٌ فأُصيبَ، ثم أَخذَها جعفرٌ فأُصيبَ، ثم أَخذَها عبدُ الله بنُ رَوَاحةَ فأُصيبَ - وإنَّ عَينَيْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَتَذْرِفَانِ - ثم أَخذَها خالدُ بنُ الوليدِ [سيفٌ من سيوف الله] من غير إمرةٍ (9)، ففُتحَ لهُ، [وما يَسرُّني، أو قال: ما يَسُرُّهم أنهم عندنا" 4/ 35]. 5 - باب الإذنِ بالجَنازةِ (10) 200 - وقالَ أبو رافعٍ: عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا كنتم آذَنْتُموني؟ ". 610 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: ماتَ إِنسانٌ كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعُودُه، فماتَ بالليلِ، فدفنُوهُ ليلاً، فلمَّا أَصبحَ، أَخبَروهُ، فقالَ: "ما منَعكم أنْ تُعْلموني؟ "، قالوا: كانَ الليلُ، فكَرهْنا، وكانتْ ظلمةٌ - أَنْ نشُقَّ عليكَ، فأتى قبرَه، فصلَّى عليه. 6 - باب فضلِ مَن ماتَ له ولدٌ فاحتسَبَ، وقالَ الله عزَّ وجلَّ:

_ (9) أي: تأمير من النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكنه رأى المصلحة في ذلك. (10) أي: الإعلام بها إذا انتهى أمرها ليُصَلّى عليها. 200 - هذا طرف من حديث وصله المؤلف فيما تقدم في: "8 - الصلاة/72 - باب".

7 - باب قول الرجل للمرأة عند القبر: اصبري

{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} 611 - عن أَنسٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما منَ الناسِ مِنْ مسْلمٍ، يُتَوفَّى له ثلاثٌ لم يَبلُغوا الحِنْثَ، إلا أَدخلَه اللهُ الجنةَ بفضلِ رحمتهِ إياهمْ". 612 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَموتُ لمسْلمٍ ثلاثةٌ منَ الوَلَدِ [201 و 202 - لم يَبْلُغوا الحِنْث]، فيَلجُ النارَ إلا تَحِلَّةَ القَسَمِ (11) ". 7 - باب قوْلِ الرَّجلِ للمرأةِ عندَ القبرِ: اصبِري (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس الآتي في "93 - الأحكام/ 10 - باب"). 8 - باب غُسْلِ الميِّتِ ووُضوئهِ بالماءِ والسِّدْرِ 238 - وحنَّطَ (12) ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما ابناً لسعيدِ بنِ زَيدٍ، وحمَلَه وصلَّى ولم يتوضَّأْ.

_ 201 و 202 - قلت: هذه الزيادة علقها المصنف على شريك بسنده عن أبي سعيد وأبي هريرة، ووصله ابن أبي شيبة، وشريك ضعيف؛ لكن تابعه شعبة عند مسلم (8/ 39) عن أبي هريرة، ووصله أحمد (2/ 276 و473 و510 و536) من طرق عنه؛ أحدها على شرط الشيخين، وهي طريق المصنف الموصولة. (11) زاد أحمد في روايةٍ: "يعني الورود". 238 - وصله مالك في "الموطأ"، وعنه عبد الرزاق (6116) بسند صحيح عنه، ورواه ابن أبى شيبة (3/ 257) مختصراً. (12) أي: طيَّبهُ بالحنوط، وهو كل شيء يخلط من الطيب للميت خاصة.

9 - باب ما يستحب أن يغسل وترا

239 - وقالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: المسْلمُ لا يَنجُسُ حياً ولا ميتاً. 240 - وقالَ سعدٌ: لو كانَ نجِساً ما مَسِسْتُه. 203 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "المؤْمنُ لا يَنجُسُ". (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية الآتي بعده). 9 - باب ما يُستحَبُّ أنْ يُغسَلَ وتراً 613 - عن أمِّ عطيةَ رضي الله عنها-[امرأةٍ من الأنصار، من اللاتي بايَعْنَ، قَدِمَتِ الْبِصْرَةَ تُبادِرُ ابناً لها، فلم تُدرِكْه 2/ 74]، قالت: دخل علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نغسلُ ابنتَه، فقالَ: "اغسِلْنَها [وتِراً]، ثلاثاً، أو خمساً، [أو سبعاً]، أو أكثرَ من ذلك، [إن رأيتُنَّ ذلك] بماءٍ وسدرٍ، واجعَلْنَ في الآخرةِ كافوراً، [أو شيئاً من كافورٍ]، [قالت: قال لنا ونحن نغسِلها: ابدؤا (وفي روايةٍ: ابدأنَ) بميامنها، ومَواضعِ الوضوءِ، [منها]، فإذا فَرغْتُنَّ فآذِنَّني"، فلما فَرَغْنا آذنَّاه، فألقى إلينا حَقْوَه (13)، فقال: "أشعِرْنها إياه (14) [تعني إزارَه] "، [ولم يَزد على ذلك، ولا أدري أيَّ بناتِه (*)]،

_ 239 - وصله سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه موقوفاً، وقد روي عنه مرفوعاً. 240 - وصله ابن أبي شيبة (3/ 267 - 268) بسند صحيح عنه بلفظ: "ما غسلته". 303 - تقدم موصولاً برقم (158) عن أبي هريرة. (13) بفتح الحاء وقد تكسر: أي إزاره. (14) أي: اجعلنه شعارها؛ ثوبها الذي يلي جسدها. (*) هذا من قول محمد بن سيرين أو الراوي عنه أيوب السختياني؛ تردد في ذلك قول الحافظ في (الفتح) (3/ 128 و133)، وذكر اختلاف الروايات في تسميتها، ففي مسلم أنها زينب، وفي ابن ماجه أنها أم كلثوم، وكأنه مال إلى هذا الثاني.

10 - باب يبدأ بميامن الميت

قالت: ومشَّطناها (وفي روايةٍ: فَضَفَرْنا شَعَرَها) ثلاثةَ قرونٍ (*)]، (وفي روايةٍ قالت: نَقَضْنَه ثم غَسَلْنَه، ثم جعلْنَهُ ثلاثةَ قرونٍ) [قال سفيان: ناصِيَتها وقرنيها 2/ 75]، [وألقيناها خَلْفَها]، [وزعم (أيوب) أن (الإشعار): الفُفْنَها فيه، وكذلك كان ابن سِيرين يأمر المرأةَ أن تُشْعَرَ ولا تُؤزَرَ]. 10 - باب يُبدَأُ بميامنِ الميِّتِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية المذكور آنفاً). 11 - باب مواضعِ الوضوءِ منَ الميِّتِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية المشار إليه آنفاً). 12 - باب هل تُكفَّنُ المرأةُ في إزارِ الرَّجلِ؟ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية المشار إليه آنفاً). 13 - باب يُجعَلُ الكافورُ في آخرهِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية السابق). 14 - باب نَقضِ شَعرِ المرأةِ 241 - وقالَ ابنُ سِيرينَ: لا بَأْسَ أنْ يُنقَضَ شَعرُ الميِّتِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية السابق).

_ (*) قلت: هذا هو الصحيح في جملة (القرون) هذه أنها من فعل أم عطية، ورواها بعضهم من قوله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لها: "واجد إن لها ثلاثة قرون"، وهي رواية شاذة تفرد بها بعضهم مخالفاً سبعة من الثقات الذين رووها باللفظ الأولى، كما حققته في"الضعيفة" (6496). 241 - وصله سعيد بن منصور من طريق أيوب عنه. وابن أبي شيبة (3/ 352) من طريق أخرى عنه نحوه. وسنده صحيح.

15 - باب كيف الإشعارللميت؟

15 - باب كيفَ الإشعارُللميِّتِ؟ 242 - وقالَ الحَسَنُ: الخِرقةُ الخامسةُ يَشُدُّ بها الفَخِذَينِ والوَرِكيْنِ، تحتَ الدِّرعِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية السابق). 16 - باب يُجعلُ شَعرُ المرأةِ ثلاثةَ قرونٍ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية السابق). 17 - باب يُلقى شَعرُ المرأةِ خلفَها (قلت: أسند فيه طرفا من حديث أم عطية السابق). 18 - باب الثيابِ البيضِ للكفَنِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي في الباب 94). 19 - باب الكفَنِ في ثوبَينِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي بعده). 20 - باب الحَنُوطِ للميِّتِ 614 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: بينما رَجلٌ واقفٌ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعرَفةَ، إذْ وقَعَ من راحلتِه فأقصعَتْه، أو قالَ: فأقعَصَتْه، (وفي روايةٍ: فوقَصَتْهُ أو قال: فأوقصتْه 2/ 75)، (وفي أخرى: وقَصَه بعيره، ونحنُ معَ النبي - صلى الله عليه وسلم -[وهو محرِمٌ] [فماتَ])، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ 242 - وصله ابن أبي شيبة على ما في "الفتح"، ولكني لم أره في "مصنفه" (3/ 263) إلا عن ابن سيرين. وسنده صحيح.

21 - باب كيف يكفن المحرم؟

"اغسِلوه بماءٍ وسِدْرٍ، وكفِّنوهُ في ثوبَينِ، [أو قال: في ثوبيه 2/ 217]، ولا تحنِّطوه (وفي روايةٍ: وَلا تُمِسُّوه طِيباً)، ولا تُخمِّروا رأسَه؛ فإنَّ الله يبعثُه يومَ القيامةِ مُلبِّياً. (وفي روايةٍ: ملَبِّداً، وفي أخرى: يُهِلُّ 2/ 215) ". 21 - باب كيفَ يكفَّنُ المُحْرِمُ؟ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم آنفا). 22 - باب الكفَنِ في القميصِ الذي يُكَفُّ أو لا يُكَفُّ (15) 615 - عن ابن عُمَر رضي الله عنهما أنَّ عبدَ الله بنَ أُبَيٍّ لمَّا تُوُفِّيَ جاءَ ابنُهُ [عبدُ الله بن عبد الله 5/ 207] إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا رسولَ الله أَعطِني قميصَكَ أُكفِّنْه فيهِ، وصلِّ عليهِ، واستغفرْ له، فأعطاهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قميصَه، فقالَ: [له: إذا فرغت منه فـ 7/ 36] آذِنِّى أُصَلِّى عَلَيْهِ فَآذَنَهُ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّىَ عَلَيْهِ، جَذَبَهُ عُمَرُ [بن الخطاب]- رضى الله عنه - فَقَالَ: أَلَيْسَ اللَّهُ [قد] نَهَاكَ أَنْ تُصَلِّىَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؟ (وفي روايةٍ: تصلي عليه وهو منافقٌ، وقد نهاك الله أن تستغفرَ لَهُمْ؟! 5/ 207)، فقالَ: "أنا بينَ خِيرتَينِ: قالَ الله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}، [فقالَ: سأزيده على سبعين". قال:] فصلَّى عليهِ [وصلينا معه]. فنزَلتْ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا [وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ]}، [فتركَ الصلاةَ عليهم].

_ (15) أي: خُيطت حاشيته أو لم تُخط، فإن الكفّ ضرب من الخياطة.

23 - باب الكفن بغير قميص

616 - كان هنا في الطبعة السابقة حديث لجابر هو مختصر لحديثه الآتي برقم (646) فحذفناه التزاماً بنظام هذا المختصر، ونأسف أننا لم ننتبه له إلا بعد الصف النهائي لهذا المجلد. 23 - باب الكفنِ بغيرِ قميصٍ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي في الباب 94). 24 - باب الكفنِ ولا عِمامة (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 25 - باب الكفنِ من جميع المالِ 243 - 246 - وبه قالَ عطاءٌ والزُّهْريُّ وعَمْرو بن دينارٍ وقَتادةُ. 247 - وقالَ عَمْرُو بنُ دينارٍ: الحَنوطُ من جميعِ المالِ. 248 - وقالَ إبراهيم: يُبدأُ بالكفَنِ، ثم بالدَّينِ، ثم بالوَصيَّةِ. 249 - وقالَ سفيانُ: أجرُ القبرِ والغَسلِ هو مِن الكَفنِ.

_ 243 - 246 - أما قول عطاء فوصله الدارمي، وعبد الرزاق (6222) بسند صحيح عنه. وأما قول الزهري وقتادة؛ فوصله عبد الرزاق (6221) بسند صحيح عنهما معاً. 247 - وصله عبد الرزاق (6222) من طريق أخرى عنه، وسنده صحيح. 248 - قلت: هو إبراهيم بن يزيد النخعي، وقد وصله عنه الدارمي، وكذا عبد الرزاق (6224)، وسنده صحيح أيضاً. 249 - وصله عبد الرزاق (6224) عنه؛ وهو الثوري، وكان في الأصل المطبوع من "المصنَّف" سقط، استدرك بعضه المصحح الفاضل من "الفتح"، وبقي بعض لم يستدرك، وهو اسم الثوري، فاستدركته أنا من "الفتح".

26 - باب إذا لم يوجد إلا ثوب واحد

617 - عن إبراهيمَ بنِ سعدٍ قالَ: أُتيَ عبدُ الرحمن بنُ عوْفٍ رضي الله عنه يوماً بطعامِه، [وكان صائماً] فقالَ: قُتلَ مُصعَبُ بنُ عُميرٍ وكانَ خيراً منِّي، فلَم يوجَدْ له ما يكفَّنُ فيهِ إلا بُردةٌ، [إن غُطِّيَ رأسُهُ بدَت رِجْلاهُ، وإن غُطِّيَ رجْلاهُ بدا رأسُه، وأراهُ قالَ:] وقُتلَ حمزةُ [وهو] خيرٌ مني، فلَم يوجَد له ما يكفَّنُ فيهِ إلا بُردةٌ، [ثم بُسِطَ لنا من الدنيا ما بُسِطَ، أوْ قال: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنيا ما أُعطينا]، لقد خَشِيتُ أن تكونَ قد عُجِّلتْ لنا طيِّباتُنا (وفي روايةٍ: حَسَناتُنا) في حياتِنا الدنيا، ثم جعَل يَبكي، [حتى ترَك الطعامَ]. 26 - باب إذا لم يوجَد إلا ثوبٌ واحدٌ (قلت: أسند فيه حديث عبد الرحمن المتقدم آنفاً). 27 - باب إذا لم يجدْ كفناً إلا ما يواري رأسَه أو قدَميه غُطِّيَ به رأسُه (قلت: أسند فيه حديث خباب بن الأرت الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/28 - باب"). 28 - باب مَن استعَدَّ الكفنَ في زمنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فلم يُنكَرْ عليه 618 - عن سهلِ [بن سعد] رضي الله عنه أنَّ امرأةً جاءتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ببُردةٍ منسوجةٍ فيها حاشيتُها، [فقالَ سهل للقوم 7/ 82]: أَتَدرونَ ما البُردةُ؟ قالوا: الشَّمْلةُ؟ قالَ: نعمْ، قالتْ: [يا رسول الله! إني 7/ 40] نسجتُها بيَدي؛ فجئتُ لأَكْسُوَكَهَا، فأخذَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - محتاجاً إليها، [فلبسها]، فخرَج إلينا وإنها إزارُه، فحسَّنَها (وفي روايةٍ: فجَسَّها) فلانٌ [من الصحابة]، فقالَ: [يا رسولَ الله!]

29 - باب اتباع النساء الجنائز

اكسُنيها، ما أَحسنَها! [فقالَ: نعم، فجلسَ النبي - صلى الله عليه وسلم -[ما شاءَ الله] في المجلس، ثم رَجَعَ فَطَواها، ثم أرسلَ بها إليه، فـ 3/ 14] [ـلَمَّا قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لامَهُ أصحابه، فـ] قال [له] القومُ: ما أَحسنتَ؛ لبِسَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - محتاجاً إِلَيْهَا ثم سألتَه، و [لقد] علِمْتَ أنه لا يرُدُّ [سائلاً]، قال [الرجل]: إني والله ماسألتُه لألْبسَها، إنما سألتُه لتكونَ كفَني (وفي روايةٍ: رجوت بركتها حين لبسها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعلِّي أُكفَّن فيها) [يومَ أَموت]. قال سهلٌ: فكانتْ كفنَهُ. 29 - باب اتِّباعِ النساءِ الجنائزَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم عطية المتقدم برقم 172). 30 - باب حدِّ المرأةِ (16) على غيرِ زوِجها 31 - باب زيارةِ القبورِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس الآتي في "93 - الأحكام/ 10 - باب"). 32 - باب قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يعذَّبُ الميتُ ببعضِ بُكاءِ أهلهِ عليهِ"؛ إذا كانَ النَّوحُ من سُنَّتهِ، لقولِ الله تعالى: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} 204 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " كلُّكم راعٍ ومسؤولٌ عن رَعيَّتهِ".

_ (16) أي: إحدادها، وهو ترك التزيُّن. 204 - هو طرف من حديث ابن عمر، وصلناه فيما سبق "11 - الجمعة/11 - باب".

فإذا لم يكن من سُنَّتهِ فهو 250 - كما قالت عائشةُ رضي الله عنها: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. وهو كقولهِ: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} ذُنوباً {إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ}، وما يرخَّصُ من البكاءِ في غير نَوْحٍ. 205 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُقتَلُ نفسٌ ظُلماً إلا كانَ على ابنِ آدمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ من دمِها؛ وذلكَ لأَنه أولُ مَن سَنَّ القتلَ". 619 - عن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنهما قالَ: أَرسلَت ابنةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إليهِ (وفي روايةٍ: كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رسولُ إحدى بناتِه 7/ 211): إنَّ ابناً لي قُبِضَ (وفي روايةٍ: يجود بنفسه 7/ 211. وفي أخرى: يقضي 8/ 176) فأْتِنا، فأرسَلَ يُقرىءُ السلامَ، ويقولُ: "إنَّ لله ما أَخذَ، ولهُ ما أَعطى، وكل [شيءٍ] عندَه بَأَجلٍ مسمَّى، [فمُرْها 8/ 165] فلْتَصبِرْ، ولْتحتسِبْ"، فأَرسلتْ إليهِ تُقسِمُ عليهِ ليَأتينَّها، فقامَ [النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -] و [قامَ] معهُ سعدُ بنُ عُبَادَةَ، ومُعاذُ بنُ جبلٍ، وأُبيُّ بنُ كعبٍ -[يحسِب]- وزيدُ بنُ ثابتٍ، [وعبادةُ بن الصامت] ورجَالٌ، فرُفِع إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الصبيُّ [فأقعده في حَجره 7/ 223]، ونفْسُه تتَقعْقَعُ (17) (وفي روايةٍ: تُقلقلُ في صدرهِ) كأنها شَنٌّ، ففاضَت عيْناهُ، فقالَ [له] سعدٌ: يا رسولَ الله! ما هذا؟ فقالَ:

_ 250 - وصله المصنف في الحديث الآتي قريباً برقم (621). 205 - وصله المصنف فيما سيأتي "60 - الأنبياء/2 - باب". (17) أي: تضطرب وتتحرك. وقوله: (كأنها شنّ) أي: قربة خلقة يابسة.

"هذهِ رحمةٌ جعَلها الله في قلوبِ [مَن شاءَ مِن] عبادهِ، وإنما يَرحمُ الله مِنْ عبادهِ الرُّحماءَ". 620 - عن أَنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه قالَ: شهِدنا بنتاً لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ على القبرِ، قالَ: فرأيتُ عينيْهِ تَدمَعانِ، قالَ: فقالَ: "هل منْكم رجلٌ لم يقارِف الليلةَ؟ (18) "، فقالَ أبو طلحةَ: أنا، قالَ: "فانزلْ [في قبرها 2/ 93] "، قالَ: فنزَلَ في قبرها [206 - فقبرها]. [قال ابن المبارك: قال فُلَيْحٌ: أراه يعني الذنبَ. قال أبو عبد الله: {ليقترفوا}: ليكتسبوا]. 621 - عن عبدِ الله بنِ عبَيدِ الله بنِ أَبي مُلَيكةَ قالَ: تُوفِّيَتِ ابنةٌ لعثمانَ رضي الله عنه بمكةَ، وجئنا لنَشهدَها، وحضَرَها ابنُ عُمرَ وابنُ عباسٍ رضي الله عنهما، وإني لجالسٌ بينَهما- أو قالَ: جلستُ إلى أَحدِهما- ثم جاءَ الآخَر فجلَس إِلى جَنْبي، فقالَ عبدُ الله بن عُمرَ رضي الله عنهما لعَمرِو بنِ عثمانَ: أَلا تَنهى عن البكاءِ؛ فإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إن الميِّتَ ليُعذَّبُ ببكاءِ أهلهِ عليهِ". فقالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: قد كانَ عمرُ رضي الله عنه يقولُ بعضَ ذلكَ، ثم حدَّث، فقالَ:

_ (18) أي لم يجامع، وهو الصواب بدليل زيادة أحمد وغيره وهي: "الليلة أهله"، فإنها لا تقبل التأويل الذي ذهب إليه راوي الحديث فليح كما يأتي في آخره. انظر كتابي "أحكام الجنائز" (ص 188 - 189 - مكتبة المعارف). 206 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها الإسماعيلي.

صَدرتُ معَ عُمرَ رضي الله عنه من مكةَ، حتى إذا كنَّا بالبيْداءِ، إذا هوَ برَكبٍ تحتَ ظلِّ سَمُرةٍ، فقالَ: اذهبْ فانظُر مَن هؤلاءِ الرَّكبُ؟ قالَ: فنظرتُ فإذا صُهيْبٌ، فأَخبرتُه، فقَالَ: ادْعُهُ لي، فرجَعتُ إلى صهيبٍ؛ فقلت: ارتحل فَالحَقْ بأمير المؤمنين، فلمّا أُصيب عمرُ، دخل صهيبٌ يَبكي، يقولُ: واأَخاهْ! واصاحِباهْ! فقالَ عُمرُ رضي الله عنه: يا صهَيبُ! أَتَبكي علَيَّ وقد قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الميِّتَ ليُعذَّبُ ببعضِ بُكاءِ أهلهِ (ومن طريقٍ أخرى: بكاءِ الحي 2/ 82) عليه، (وفي روايةٍ: في قبره بما نيح عليه؟) ". قالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: فلمّا ماتَ عُمرُ، ذكرتُ ذلكَ لعائشةَ رضي الله عنها، فقالتْ: يَرحمُ اللهُ عُمَرَ، والله ما حدَّثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله ليعذِّبُ المؤمِنَ ببكاءِ أهلهِ عليهِ"؟ لكنْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّ الله ليَزيدُ الكافرَ عذاباً ببكاءِ أهله عليه". وقالتْ: حسْبُكُم القرآنُ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. قالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما عندَ ذلكَ: واللهُ {هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}. قالَ ابنُ أَبي مُلَيكةَ: واللهِ ما قالَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما شيئاً. 622 - عن عائشةَ رضي الله عنها زوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَتْ: إنما مرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على يهوديةٍ يَبكي عليها أهلُها، فقالَ: "إِنَّهُمْ يَبكونَ عليها، وإنها لتعذَّبُ في قبرِها". 623 - عن أبي موسى الأشعري قالَ: لمّا أُصِيبَ عُمرُ رضي الله عنه جعَلَ

33 - باب ما يكره من النياحة على الميت

صُهَيبٌ يقولُ: واأخاهْ! فقالَ عُمرُ: أمَا عَلِمتَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّ الميِّتَ ليُعذَّبُ ببكاءِ الحيِّ". 33 - باب ما يُكرَهُ من النِّيَاحةِ على الميِّتِ 251 - وقالَ عمرُ رضي الله عنه: دعْهُنَّ يَبكينَ على أبي سليمانَ (19) ما لم يكنْ نَقْعٌ، أو لَقْلَقةٌ. و (النقعُ): الترابُ على الرأسِ، و (اللَّقلقةُ): الصوتُ. 624 - عن المُغيرةِ رضي الله عنه قالَ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -يقولُ: "إنَّ كَذِباً علَيَّ ليسَ ككَذِبٍ على أَحدٍ، مَن كذَبَ علَيَّ متَعمِّداً؛ فلْيتَبوَّأْ مقعَدَهُ منَ النارِ". سمعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَن نِيحَ عليهِ يُعذَّبُ بما نِيحَ عليهِ (25) ". 35 - باب ليسَ مِنَّا مَن شَقَّ الجُيوبَ 625 - عن عبدِ الله (بن مسعود) رضي الله عنه قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ليس مِنا مَنْ لَطَمَ (وفي روايةٍ: ضَرَب 2/ 83) الخُدودَ، وشَقَّ الجُيوبَ، ودعا بِدَعْوَى الجاهلية".

_ 251 - وصله المصنف في "التاريخ"، وكذا ابن سعد. (19) هي كنية خالد بن الوليد رضي الله عنه قاله حين جاء خبر موته، واجتمع نسوةٌ يبكين عليه. (20) زاد مسلم في روايةٍ: "يوم القيامة". ولا ينافيها الزيادة المتقدمة "في قبره" لإمكان الجمع بينهما، فهو يعذب في قبره ويوم القيامة. وزيادة مسلم تمنع تفسير "العذاب" بالألم كما ذهب إليه بعض الأَئمة. وراجع كتابي "أحكام الجنائز" (ص 40 - 42).

36 - باب رثى النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة

36 - باب رَثى (21) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَعْدَ بنَ خَولةَ 626 - عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قالَ: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يعوُدُني عام حَجةِ الوَداع [وأنا بمكةَ 3/ 186] من وجع اشتدَّ بي [أشفيتُ منه على الموتِ 4/ 267]، [وهو يكرهُ أن يموت بالأَرض التي هاجر منها]، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع [ما ترى 7/ 9]، وأنا ذو مال، ولا يرثُني إلا ابنةٌ [واحدة]، [أوصي بمالي كلِّهِ؟ قالَ: "لا"، قالْ 6/ 189]: أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مالي [وأترك الثلثَ؟ 7/ 6] قَالَ: "لا"، فقلت: بالشطر (وفيْ روايةٍ: بالنصف وأترك النصفَ)، فقال: "لا"، [قلت: فأوصي بالثلث، وأترك لها الثلثين؟]، قالَ: "الثلثُ، والثلث كثير، إنك أن تَذَرَ (وفي روايةٍ: تَدَعَ) وَرَثَتَكَ أغنياءَ خيرٌ من أن تذرهم عالَةً يتكفَّفونَ الناس [في أيديهم]، وإنك لن تُنفِقَ نفقةً تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرْتَ بها، (وفي روايةٍ: فهو لك صدقة)؛ حتى ما تجعل في في (وفي روايةٍ: فَمِ 1/ 20) امرأتِك"، [ثم وضع يده على جبهتِه، ثم مسح يده على وجهي وبطني، ثم قال: "اللهم اشْفِ سعداً، وأتمم له هجرته"، فما زلتُ أجد برده على كبدي فيما يُخالُ إليَّ حتى الساعة]، فقلت: يا رسولَ الله! أُخلَّفُ بعد أصحابي؟ (وفي روايةٍ: ادع الله أن لا يردَّني على عقبي 3/ 187)، قال:

_ (21) وروي بابُ "رثاءِ النبي" بالإضافة، أي: توجعه عليه الصلاة والسلام وتحزنه على سعد رضي الله عنه.

37 - باب ما ينهى من الحلق عند المصيبة

"إنك لن تُخلَّفَ، فتعملَ عملاً صالحاً [تبتغي به وجهَ الله] إلا ازددتَ به درجةً ورِفعةً، ثمَّ لعلك أن تُخَلَّفَ (22) حتى ينتفِعَ بك أقوامٌ، ويُضَرَّ بك آخرون، اللهم أمْضِ لأصحابيِ هِجرتَهم، ولا تردَّهم على أعقابهم، لكنِ البائسُ (23) سعدُ ابنُ خولة". [قال سعد: 7/ 160] (24) يَرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ مات بمكة. [قال سفيان: وسعد بن خولة رجل من بني عامر بن لؤي 8/ 6]. 37 - باب ما يُنهى مِنَ الحَلْقِ عندَ المُصيبةِ 207 - عن أبي بُرْدةَ بن أَبي موسى رضي الله عنه قال: وَجِعَ أبو موسى وجَعاً، فغُشيَ عليه، ورأسه في حَجْرِ (25) امرأةٍ من أهلهِ، فلم يستطعْ أنْ يرُدَّ عليها شيئاً، فلمَّا أفاقَ قالَ: أنا بَريءٌ ممَّن بَرِىءَ منه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بَرِىءَ من الصَّالقةِ (26)، والحالقةِ، والشَّاقَّةِ. 38 - باب ليسَ منَّا مَن ضرَبَ الخُدودَ (قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 625).

_ (22) فيه دخول (أن) على خبر (لعل) وهو قليل، أي: إنك لن تموت بمكة. (23) البائس الذي عليه أثر البؤس؛ أي: شدة الفقر والحاجة. (24) قلت: هذه الزيادة ذهل عنها الحافظ، فلم يتعرض لذكرها، بل إنه من أجل أنه لم يستحضرها عند شرح الحديث ذهب إلى أن قوله: "يرثي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن مات بمكة" مدرج في الحديث، وأنه من قول الزهري رحمه الله! وليس كذلك بل هي من الحديث كما يدل عليه سياقه، ويؤكده هذه الزيادة الثابتة في "الصحيح" وهذا في الواقع من الأدلة الكثيرة على دقة هذا "المختصر"، وكثرة فوائده. فالحمد لله على توفيقه، وأسأله المزيد من فضله. و (سعد) في هذه الزيادة هو ابن أبي وقاص راوي الحديث. ثم رأيت ابن حجر تنبه لهذا الذي ذكرته، فذكر الزيادة، وقال: "فلا ينبغي الجزم بإدراجه". انظر "الفتح" (5/ 365). 257 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله مسلم، وأبو يعلى. (25) بتثليث حاء (حجر)، أي: حضنها. زاد مسلم: "فصاحت". (26) هي الرافعة صوتها في المصيبة. (والحالقة): التي تحلق شعرها. (والشاقة): التي تشقّ ثوبها.

39 - باب ما ينهى من الويل ودعوى الجاهلية عند المصيبة

39 - باب ما يُنهى منَ الوَيلِ ودعوى الجاهليَّةِ عندَ المصِيبةِ (قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود المشار إليه آنفاً). 40 - باب مَن جلَسَ عندَ المصِيبةِ يُعرَفُ فيهِ الحُزنُ 41 - باب مَن لم يُظْهِرْ حُزْنَهُ عندَ المصيبةِ 252 - وقالَ محمدُ بن كعبٍ القُرَظيُّ: الجَزَعُ: القوْلُ السيِّىءُ والظنُّ السيِّىء. وقالَ يعقوبُ عليه السلام: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي (27) وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}. (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي في "ج 3/ 71 - العقيقة/ 1 - باب"). 42 - باب الصبرِ عندَ الصدمةِ الأولى 253 - وقالَ عُمرُ رضي الله عنه: "نِعْمَ العِدْلان (28) ونِعْمَ العِلاوةُ {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}. وقوْلهِ تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ}. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس الآتي في "ج 4/ 93 - الأحكام/ 10 - باب").

_ 252 - لم يقف عليه الحافظ موصولاً عن محمد بن كعب، وإنما رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" عن القاسم بن محمد كقول محمد بن كعب هذا. (27) البثّ: هو أصعب همّ لا يصبر صاحبه على كتمانه فيبثه وينشره للناس. 253 - وصله الحاكم في"المستدرك"، وزاد: " {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}، نعم العِدْلان، {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} نعم العِلاوةُ". (28) العِدل بكسر العين نصف الحمل على أحد شقي الدابة. و (العِلاوة): ما يزاد بين العدلين وتفسيرها في زيادة الحاكم المَذكررة آنفاً.

43 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا بك لمحزونون"

43 - باب قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا بكَ لمَحْزونُونَ" 208 - وقالَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَدمَع العَين ويحزَنُ القلب". 627 - عن أَنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: دخلْنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على أَبي سَيفٍ القَيْنِ (29) - وكانَ ظِئْراً لإبراهيمَ- فأَخذَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إبراهيمَ فقبَّلَه وشمَّهُ، ثم دخلْنا عليه بعدَ ذلكَ، وِإبراهيمُ يجُودُ بنفْسِه، فجعَلَتْ عيْنا رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - تَذْرِفانِ، فقالَ له عبدُ الرحمنِ بنُ عوْفٍ رضي الله عنه: وأنتَ يا رسولَ الله؟ فقالَ: "يا ابنَ عوْفٍ! إنها رحمةٌ". ثم أَتبَعَها بأخرى، فقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ العيْنَ تَدْمَعُ، والقلبَ يَحزنُ، ولا نقولُ إلا ما يَرضى ربُّنا، وإنا بفِراقِكَ يا إبراهيمُ لمحزُونونَ". 44 - باب البكاءِ عندَ المريضِ 628 - عن عبدِ الله بن عُمرَ رضي الله عنهما قالَ: اشتكى سعدُ بن عُبادةَ شكوَى له، فأتاهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يعُودُه؛ معَ عبدِ الرحمنِ بن عوْفٍ، وسعدِ بن أَبي وقَّاص، وعبدِ اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنهم، فلمَّا دخَل عليهِ، فوجدَه في غاشيةِ

_ 208 - وصله المصنف بعده بنحوه، ووصله مسلم عن أنس بهذا اللفظ وهو عند المصنف كما ترى. (29) صفة لأبي السيف، ومعناه الحداد. و (الظئر): زوج المرضعة. و (يجود بنفسه) أي: يموت. و (تذرفان) معناه: تدمعان. أي: يجري دمعهما.

45 - باب ما ينهى عن النوح والبكاء، والزجر عن ذلك

أهلِه (30)، فَقَالَ: "قد قضى؟ ". قالوا: لا يا رسولَ الله، فبكَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا رأَى القومُ بُكاءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بكَوْا، فقالَ: "ألاَ تَسمَعونَ؟ إن الله لا يُعذِّبُ بدمع العَينِ، ولا بحُزنِ القلبِ، ولكنْ يُعذِّبُ بهذا- وأشارَ إلى لسانهِ- أو يَرحمُ، وإنَّ الميِّتَ يُعذَّبُ ببكاءِ أهلِه عليهِ". وكانَ عُمرُ رضي الله عنه يَضربُ فيه بالعَصا، ويَرمي بالحجارةِ، ويَحثِي بالترابِ. 45 - باب ما يُنهى عن النَّوْحِ والبكاءِ، والزَّجْرِ عن ذلك 629 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: لمَّا جاءَ قَتْلُ زَيدِ بن حارثةَ، وجعفرِ [بن أبي طالب 5/ 87]، وعبدِ الله بن رَوَاحةَ [رضي الله عنهم]، جلَسَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ، وأنا أَطَّلعُ مِن [صائِر الباب 2/ 83] [تعني مِن] شَقِّ البابِ، فأتاهُ رجلٌ فقالَ: يا رسولَ الله! إنَّ نساءَ جعفرٍ، [قال:] وذكَرَ بكاءَهُنَّ، فأمَرَهُ بأنْ يَنهاهُنَّ، فذهبَ الرجلُ، ثم أتى [الثانيةَ] فقالَ: قد نهَيتُهنَّ، وذكَرَ أَنَّهنَّ لم يُطِعْنَهُ، [قال:] فأمَرَهُ الثانيةَ أنْ يَنهاهُنَّ، فذهبَ، ثم أَتى [الثالثةَ] فقالَ: والله لقد غلَبْنني أو غَلَبْنَنَا - الشكُّ من محمدِ بن حَوْشَبٍ - فزعمتْ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "فاحْثُ في أَفواهِهنَّ التراب". [قالت عائشة:] فقلتُ: أَرْغَمَ الله أَنفَكَ، فواللهِ ما أنتَ بفاعلٍ، وما تركتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - منَ العَناءِ. 46 - باب القيامِ للجنازَةِ (قلت: أسند فيه حديث عامر بن ربيعة الآتي بعده).

_ (30) هم الذين يغشونه للخدمة والزيارة. وسقط لفظ أهله من أكثر الروايات، فيجوز أن يراد بالغاشية من الكرب. ويؤيده رواية مسلم بلفظ: "في غشيته".

47 - باب متى يقعد إذا قام للجنازة

47 - باب متَى يَقعدُ إذا قامَ للجنازَةِ 630 - عن عامرِ بن ربيعةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا رأى أحدُكم جَنازةً، فإنْ لم يكنْ ماشياً معَها؛ فليقُمْ حتى يُخَلِّفَها، أو تُخلِّفَهُ، أو توضَعَ من قَبلِ أنْ تُخلِّفَه". 631 - عن أَبي سعيدِ المَقبُريِّ قالَ: كنَّا في جنازةٍ، فأَخذَ أبو هريرةَ رضي الله عنه بيَدِ مروانَ فجلَسا قبلَ أَنْ توضَعَ، فجاءَ أبو سعيدٍ رضي الله عنه فأخذَ بيَدِ مروانَ، فقالَ: قُمْ، فوالله لقدْ عَلِمَ هذا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهانا عن ذلكَ. (وفي طريقٍ آخر: قال: "إذا رأيتم الجنازةَ فقوموا، فمن تَبعها فلا يقعدْ حتى توضعَ 2/ 87) ". فقالَ أبو هريرةَ: صدَقَ. 48 - باب مَن تَبعَ جَنازةً فلا يَقعدْ حتى توضَعَ عن مَناكبِ الرجالِ، فإن قعَدَ أُمرَ بالقيامِ (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد الذي قبله من الطريق الآخر). 49 - باب مَن قامَ لجنازةِ يهوديٍّ 632 - عن جابرِ بن عبدِ الله رضي الله عنهما قالَ: مَرَّ بنا جَنازةٌ، فقامَ لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقُمنا، فقلنا: يا رسولَ الله! إنها جَنازةُ يهوديٍّ، قالَ: "إذا رأيتمُ الجَنازةَ فقُوموا".

50 - باب حمل الرجال الجنازة دون النساء

633 - عن عبدِ الرحمنِ بن أَبي لَيلى قالَ: كانَ سهْلُ بن حُنَيْفٍ وقيْسُ بنُ سعدٍ قاعدَينِ بالقادسيَّةِ، فمرُّوا عليهِما بجَنازةٍ، فقاما، فقيلَ لهما: إنها من أهلِ الأرضِ، (أي: من أهلِ الذمَّةِ)، فقالا: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (209 - وفي روايةٍ عنه قال: كنتُ معَ قيسٍ وسهلٍ رضي الله عنهما فقالا: كنا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) - مرَّت به جَنازةٌ فقامَ، فقيلَ له: إنها جَنازةُ يهوديٍّ، فقالَ: "أَليْسَتْ نفْساً؟ ". 254 - عن ابنِ أَبي لَيلى: كانَ أبو مسعودٍ وقيسٌ يقومانِ للجنازةِ. 50 - باب حَملِ الرجالِ الجَنازةَ دونَ النساء 634 - عن أَبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا وُضِعَتِ الجَنازةُ واحتملَها الرجالُ على أَعناقهِمْ، فإنْ كانت صالحةً قالتْ: قدِّموني [قدِّموني 2/ 103]، وإنْ كانت غيرَ صالحةٍ قالتْ [لأهلِها 2/ 88]: ياويْلَها (31) أينَ تذهبونَ بها؟ يَسمعُ صوتَها كلُّ شيءٍ إلا الإنسانَ، ولوْ سمِعَه [لَـ] صَعِقَ". 51 - باب السرعةِ بالجَنازةِ

_ 209 - هذه الرواية معلقة عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصلها أبو نعيم في "المستخرج". 254 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. (31) كان القياس أن يقول: "يا ويلي"، لكنه أضيف إلى الغائب حملاً على المعنى، كأنه لما أبصر نفسه غير صالحة نفر عنها وجعلها كأنها غيره. أو هو من باب الالتفات كما هو معروف في (البديع).

52 - باب قول الميت وهو على الجنازة: قدموني

255 - وقالَ أَنسٌ: أَنتم مُشَيِّعونَ فامشوا بينَ يديها، وخلْفَها، وعن يمينِها، وعن شِمالِها. 210 - وقالَ غيرُه: قريباً منْها. 635 - عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أَسرِعوا بالجَنازةِ، فإن تَكُ صالحةً فخيرٌ تقدِّمُونها، وإنْ تكُ سوى ذلكَ فشرٌّ تضعونَهُ عن رقابِكم". 52 - باب قوْلِ الميِّتِ وهو على الجَنازةِ: قدِّموني (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم قريباً برقم 634). 53 - باب مَن صفَّ صفَّينِ أو ثلاثةً على الجَنازةِ خلفَ الإمام (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر الآتي بعده). 54 - باب الصفوفِ على الجَنازةِ 636 - عن جابرِ بن عبدِ الله رضي الله عنهما قال: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "قد تُوُفِّيَ اليومَ رجلٌ صالحٌ من الحبَشِ، فَهَلُمَّ فصلُّوا عليهِ، (وفي روايةٍ: فقوموا فصلوا على أخيكم أَصْحَمَةَ) "، قالَ: فصفَفْنا [وراءه 4/ 246]، فصلَّى

_ 255 - هذا معلق عند المصنف، وصله أبو بكر الشافعي في "الرباعيات" بسند صحيح عنه، وأخرجه ابن أبي شيبة وغيره. 210 - قلت: يشير إلى حديث المغيرة مرفوعاً: "الراكب يسير خلف الجنازة، والماشي حيث شاء منها، خلفها وأمامها، وعن يمينها وعن يسارها قريبا منها". أخرجه أصحاب السنن، وصححه جمع، وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 94 و95 - مكتبة المعارف).

55 - باب صفوف الصبيان مع الرجال على الجنائز

النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليهِ ونحنُ صفوفٌ، [فكنتُ في الصفِّ الثاني أو الثالثِ]، [فكبَّر عليه أربعاً]. 55 - باب صفوفِ الصِّبيانِ مع الرجالِ على الجنائزِ 637 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بقبرٍ [مَنْبُوذٍ] دُفنَ ليلاً، [وكان سأل عنه فقال: "من هذا؟ "، فقالوا: فلانٌ 2/ 93]، فقالَ: "متى دُفنَ هذا؟ "، قالوا: [دفن أو دُفنتْ 2/ 90] البارحةَ، قالَ: "أَفلا آذَنتُموني؟ "، قالوا: دفنَّاهُ في ظُلْمةِ الليلِ، فكرِهْنا أنْ نُوقظَكَ، فقامَ فصفَفْنا خلفَهُ. - قالَ ابنُ عباسٍ: وأنا فيهِمْ - فصلَّى عليهِ، [وكبَّر أربعاً]. 56 - باب سُنَّةِ الصلاةِ (32) على الجنائزِ 211 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلَّى على الجنازةِ". 212 - وقالَ: "صلوا على صاحِبكم (33) ". 213 - وقالَ: "صلوا على النَّجاشيِّ". سمَّاها صلاةً ليسَ فيها ركوعٌ ولا سجودٌ، ولا يُتكلَّمُ فيها، وفيها تكبيرٌ وتسليمٌ.

_ (32) المراد بالسنة هنا أعم من الواجب والمندوب. 211 - وصله المصنف بعد باب. 212 - سيأتي موصولاً في "ج 2/ 28 - الحوالات/3 - باب" من حديث سلمة بن الأكوع. (33) أي: الميت الذي كان عليه دين لا يفي بماله. 123 - هو طرف من حديث جابر وصله المصنف فيما تقدم قريباً برقم (636) بنحوه.

57 - باب فضل اتباع الجنائز

256 - وَ "كانَ ابنُ عُمرَ لا يصلي إلا طاهراً". 257 - ولا يصلي عندَ طلوعِ الشمسِ، ولا غُروبِها. 258 - ويرفعُ يدَيهِ. 259 - وقالَ الحسَنُ: أَدركتُ الناسَ وأَحَقُّهم على جنائزِهم مَن رضُوهُم لفرائضِهم، وإذا أَحدثَ يومَ العيدِ أو عندَ الجنازةِ يَطلُبُ الماءَ، ولا يتيمَّمُ، وإذا انتهى إلى الجنازةِ وهم يُصَلُّون يدخُلُ معهُم بتكبيرةٍ. 260 - وقالَ ابنُ المسيَّبِ: يكبِّرُ بالليلِ والنهارِ والسَّفَرِ والحضَرِ أربعاً. 261 - وقالَ أَنسٌ رضي الله عنه: تكبيرةُ الواحدةِ استفتاحُ الصلاةِ. وقال: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا]. وفيهِ (34) صفوفٌ وإمامٌ. 57 - باب فضلِ اتِّباعِ الجنائزِ 262 - وقال زَيدُ بن ثابتٍ رضي الله عنه: إذا صليتَ فقد قضَيتَ الذي عليكَ.

_ 256 - وصله مالك في "الموطأ" بسند صحيح عنه لكن من قوله. 257 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه بمعناه. 258 - وصله- المصنف فِي "جزء رفع اليدين"، والبيهقي بسند صحيح. ورفْعُهُ ضعيفٌ شاذٌ. 259 - لم يوجد موصولاً، إلا الجملة الثالثة منه، وأخرجها ابن أبي شيبة بسند صحيح عن الحسن، وهو البصري. 260 - قال الحافظ: لم أره موصولاً عنه، ووجدت معناه بإسناد قوي عن عقبة بن عامر الصحابي. أخرجه ابن أبي شيبة عنه موقوفاً. 261 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. (34) أي: في المذكور من صلاة الجنازة. 262 - وصله ابن أبي شيبة وغيره بسند صحيح عنه.

58 - باب من انتظر حتى تدفن

263 - وقالَ حُمَيدُ بن هلالٍ: ما عَلِمنا على الجَنَازةِ إذناً، ولكنْ مَن صلَّى ثم رجَعَ فلهُ قِيراطٌ. 638 - عن نافعٍ قالَ: حُدِّثَ ابنُ عُمرَ أنَّ أبا هريرةَ رضي الله عنهم يقولُ: "مَن تبعَ جَنازةً فلَهُ قِيراطٌ". فقالَ: أَكثرَ أبو هريرةَ علينا. فصدَّقتْ - يعني عائشةَ - أبا هريرةَ، وقالتْ: سمعتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - يقولُهُ، فقالَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما: لقد فرَّطنا في قراريطَ كثيرةٍ. (فرَّطتُ): ضيَّعت من أمرِ الله. 58 - باب مَن انتظرَ حتى تُدْفَنَ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "2 - الإيمان/35 - باب"). 59 - باب صلاةِ الصِّبيانِ معَ الناسِ على الجنائزِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم قريباً برقم 637). 60 - باب الصلاةِ على الجنائز بالمصلَّى والمسجدِ 61 - باب ما يُكرَه من اتِّخاذِ المساجدِ على القبورِ 264 - ولمَّا ماتَ الْحسَنُ بن الحسن بن عليٍّ رضي الله عنهم ضَربَتِ امرأتُه القبَّةَ على قبرهِ سَنةً، ثم رُفِعتْ، فسمِعوا صائحاً يقولُ: ألا هل وجَدوا ما فقَدوا؟ فأجابهُ آخرُ: بَلْ يَئِسوا فانقلَبوا.

_ 263 - لم يوجد موصولاً. 264 - أخرجه المحاملي في "الأمالي" (ج16).

62 - باب الصلاة على النفساء إذا ماتت في نفاسها

639 - عن عائشةَ رضي الله عنها عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ في مرضهِ الذي ماتَ فيه: "لعَنَ الله اليهودَ والنصارى اتخَذوا قبورَ أَنبيائهِم مسجداً". قالتْ: ولولا ذلكَ لأَبرَزوا قبرَهُ، غيْرَ أني أَخشى (وفي روايةٍ: غير أنه خَشِيَ أو خُشِيَ 2/ 106) أنْ يُتَّخَذَ مسجداً. [وعن هِلالٍ (35) قال: كناني عروةُ بنُ الزبيرِ ولم يُولدْ لي]. 62 - باب الصلاةِ على النُّفَساءِ إذا ماتت في نِفاسِها (قلت: أسند فيه حديث سمرة بن جندب المتقدم برقم 180). 63 - باب أين يقومُ منَ المرأةِ والرَّجلِ؟ (قلت: أسند فيه حديث سمرة المشار إليه آنفاً). 64 - باب التكبيرِ على الجَنازةِ أربعاً 265 - وقالَ حُمَيْدٌ: صَلَّى بنا أَنسٌ، فكبَّر ثلاثاً، ثم سلَّمَ، فقيلَ له؟ فاستقبَلَ القِبلةَ ثم كبَّرَ الرابعةَ، ثم سلَّم. 65 - باب قراءةِ فاتحةِ الكتابِ على الجَنازةِ 266 - وقالَ الحسَنُ: يَقرأُ على الطفلِ بفاتحةِ الكتابِ، ويقولُ: اللهمَّ اجعلْهُ لنا سلَفاً وفرَطاً وأَجراً.

_ (35) هو الوزان؛ راوي هذا الحديث عن عروة عنها، واستدل به المؤلف على لقي هلال لعروة. 265 - قال الحافظ: لم أره موصولاً من طريق حميد، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عنه. قلت: وهذا إسناد صحيح. 266 - وصله عبد الوهاب بن عطاء في "كتاب الجنائز" له بإسناد صحيح عنه.

66 - باب الصلاة على القبر بعد ما يدفن

640 - عن طلحةَ بن عبدِ الله بن عوْفٍ قالَ: صلَّيتُ خلفَ ابنِ عباسٍ على جَنازةٍ، فقرَأَ بفاتحةِ الكتاب (36)؛ قالَ: لِيَعلَموا أنها سُنّةٌ. 66 - باب الصلاةِ على القبرِ بعدَ ما يُدفَنُ 67 - باب الميِّتُ يَسمعُ خفْقَ النِّعالِ 641 - عن أَنسٍ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " [إنَّ 2/ 102] العبدُ إذا وُضعَ في قبرهِ، وتوَلَّى وذهبَ [عنه] أصحابُه (37) - حتى إنه ليَسمَعُ قرْعَ نِعالِهمْ - أتاهُ ملكانِ، فأقعَداهُ، فيقولانِ لهُ: ما كنتَ تقولُ في هذا الرَّجلِ: محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟ [فأما المؤمن] فيقولُ: أشهدُ أنه عبدُ الله ووسولُه، فيُقالُ: انظُرْ إلى مقعَدِكَ منَ النارِ، أَبدَلكَ الله به مَقعداً منَ الجنةِ". قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فيَراهما جميعاً" -[قال قتادةُ: وذُكِرَ لنا أنه يُفسح في قبره، ثم رجع إلى حديث أَنس قال:]- "وأمَّا الكافرُ أو المنافقُ [فيقال له: ما كنتَ تَقولُ في هذا الرجل؟] فيقولُ: لا أَدري كنتُ أَقولُ ما يَقولُ الناسُ، فيقالُ: لا دَرَيْتَ ولا تَليْتَ (38)، ثم يُضرَبُ بمِطرقةٍ من حديدٍ ضربةً بيْنَ أُذُنيْهِ، فيَصيحُ صيْحةً يَسمعُها مَن يَليهِ إلا الثَّقَليْنِ". 68 - باب مَن أَحبَّ الدَّفنَ في الأرضِ المقدَّسةِ أو نحوِها

_ (36) زاد في رواية: "وسورة"، وهي صحيحة ثابتة عن ابن عباس من طرق، كما حققته في مقدمة "صفة الصلاة" الطبعة الخامسة (ص 4 - 7). (37) قوله: "وتولى وذهب عنه أصحابه" من باب تنازع العاملين. (38) الأصل (تلوت) لكنه آثر الازدوج. أي: لا كنت دارياً ولا تالياً، وفي مجمع الأمثال: لا دريت ولا ائتليت.

69 - باب الدفن بالليل

642 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه [عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -4/ 131] قال: "أُرسِلَ ملَكُ الموتِ إلى موسى عليهما السلام فلمَّا جاءهُ صَكَّهُ (39)، فرجَعَ إلى ربهِ، فقالَ: أَرسلْتَني إلى عبدٍ لا يُريدُ الموتَ، فرَدَّ الله عزَّ وجلَّ عليهِ عيْنَهُ، وقالَ: ارجعْ، فقلْ لهُ: يضعُ يدَهُ على مَتْنِ ثورٍ، فلَهُ بكلِّ ما غطَّتْ به يدُه بكلِّ شَعرةٍ سَنَةٌ، قالَ: أَيْ ربِّ! ثم ماذا؟ قالَ: ثم الموتُ، قالَ: فالآنَ. فسألَ الله أن يُدْنيَهُ منَ الأَرضِ المقدَّسةِ رَميةً بحجَرٍ". قالَ: قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلوْ كنتُ ثَمَّ لأَرَيتُكمُ قبرَه إلى جانب الطريق، عندَ (وفي روايةٍ: تحت) الكثيبِ الأَحمر". 69 - باب الدفنِ بالليلِ 267 - ودُفنَ أبو بكرٍ رضي الله عنه ليلاً. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عبد الله بن عباس المتقدم قريباً برقم 637). 70 - باب بناءِ المساجدِ على القبرِ 643 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: لمَّا اشتكى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذكَرَتْ بعضُ نسائِه كنيسةً رأَينَها بأرضِ الحبشةِ يقالُ لها ماريَةُ، وكانتْ أُمُّ سلَمَةَ وأُمُّ حَبيبةَ

_ (39) قلت: وفي روايةٍ لأحمد من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "كان ملك الموت يأتي الناس عياناً، فأتى موسى ففقأ عينيه". وسنده صحيح. وعزاه الحافظ الذهبي في "العلو" (ص 16 و17 - منار) للمتفق عليه، وهو وهم نبهت عليه في كتابي "مختصر العلو" رقم الحديث (13)، وقد يسر الله طبعه والحمد لله. وهذا الحديث الصحيح مما أنكره من لا علم عنده من أهل الأهواء المعاصرين كالشيخ الغزالي المصري وأمثاله. 267 - سيأتي موصولاً نحوه قريباً "94 - باب".

71 - باب من يدخل قبر المرأة

رضي الله عنهما أَتَتا أَرضَ الحبشةِ، فذكَرَتا مِنْ حُسنِها وتصاويرَ فيها، فرفَع رأسَه فقالَ: " [إنَّ 4/ 245] أولئكَ إذا ماتَ منْهمُ الرجلُ الصالحُ بنَوْا على قبرهِ مسجداً ثم صوَّروا فيهِ تلك الصورةَ، (وفي روايةٍ: الصوَرَ) أولئكَ شِرارُ الخلقِ عندَ الله [يومَ القيامة] " (40). 71 - باب مَن يَدخلُ قبرَ المرأةِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 620). 72 - باب الصلاةِ على الشهيدِ 644 - عن جابرِ بن عبدِ الله قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجمعُ بينَ الرَّجُلينِ مِنْ قتلى أُحُدٍ في ثوبٍ واحدٍ، ثم يقولُ: "أيُّهم أَكثرُ أَخذاً للقرآنِ؟ "، فإذا أُشيرَ لهُ إلى أحدِهما قدَّمَه في اللحدِ [قبل صاحبه، - وقال جابر: فكفن أبي وعمي في نَمِرةٍ واحدةٍ 2/ 94 -] وقالَ: "أنا شهيدٌ على هؤلاءِ يومَ القيامةِ". وأَمر بدفنهِم في دمائِهم، ولم يُغسَّلوا. (وفي روايةٍ: "ادفنُوهم في دمائهم". ولم يُغسِّلْهم)، ولم يصلَّ عليهمْ. 645 - عن عقبةَ بن عامرٍ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرجَ يوماً، فصلَّى على أهلِ أُحُدٍ صلاتَه على الميِّتِ، [بعد ثماني سنين، كالمودع للأَحياء والأموات 5/ 29] ثم انصرفَ (وفي روايةٍ: طلَعَ) إلى (وفي روايةٍ: على 7/ 209) المِنبرِ فقالَ:

_ (40) قلت: وفي الباب حديث آخر لعائشة مضى قريباً برقم (620).

73 - باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر

"إني [بين أيديكم] فَرَطٌ لكم، وأنا شهيدٌ عليكم، [وإن موعدَكم الحوضُ] وإني والله لأَنظرُ إلى حوْضي الآنَ [من مقامي هذا]، وإني [قد 4/ 176] أُعطيتُ مفاتيحَ خزائنِ الأَرضِ، أو مفاتيحَ الأَرضِ، وإني والله ما أخافُ عليكم أنْ تُشْرِكُوا بَعدي، وَلَكِنِّـ[ـي] أخافُ عليكم [الدنيا] أنْ تَنافَسوا فيها". [قال: فكانت آخرَ نظرةٍ نظرتُها إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -]. 73 - باب دفنِ الرجُلينِ والثلاثةِ في قبرٍ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم قريباً برقم 644). 74 - باب مَن لم يَرَ غَسْلَ الشُهداءِ (قلت: أسند فيه طرفاً آخر من حديث جابر المشار إليه آنفاً). 75 - باب مَن يُقدَّمُ في اللَّحدِ، وسمِّيَ اللَّحدُ؛ لأَنه في ناحيَةٍ، وكلُّ جائرٍ مُلحِدٌ. (مُلتَحَداً) مَعدِلاً، ولوْ كانَ مستقيماً كانَ ضريحاً (قلت: أسند فيه حديث جابر المشار إليه آنفاً). 76 - باب الإذْخِرِ والحشيشِ في القبرِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي في (28 - جزاء المحصر/ 9 - باب"). 214 - وقالَ أبو هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لِقُبُورِنا وبُيوتِنا".

_ 214 - هذا طرف من حديث طويل تقدم موصولاً في "3 - العلم" برقم (76).

77 - باب هل يخرج الميت من القبر واللحد لعلة

215 - عن صفيّة بنت شيْبة سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَهُ. 216 - وقالَ مجاهدٌ عن طاوُس عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: لِقَيْنِهم وبُيوتِهمْ. 77 - باب هل يُخرَجُ الميتُ من القبرِ واللَّحدِ لعلَّةٍ 646 - عن جابرِ بن عبدِ الله رضي الله عنهما قال: أَتى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عبدَ الله بن أُبَيٍّ بعدَ ما أُدْخِلَ حُفرتَهُ، (وفي روايةٍ: قبرَه 7/ 36) فأَمرَ بهِ فأُخرجَ فوضَعهُ على رُكْبتَيهِ، ونفَثَ عليهِ (41) من ريقِهِ، وأَلبسَهُ قميصَهُ، فالله أَعلمُ، وكانَ كسَا عبَّاساً قميصاً. قال سُفيانُ: وقال أبو هريرةَ (42): وكانَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قميصانِ، فقالَ له ابنُ عبدِ الله: يا رسولَ الله! ألْبِسْ أَبي قميصَك الذي يَلِي جِلدَكَ. قالَ سُفيانُ: فيُرَوْنَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَلبَسَ عبدَ الله قميصَه مكافأةً لمِا صنَعَ. 647 - عن جابرٍ رضي الله عنه قالَ: لمَّا حضَرَ أُحُدٌ، دعاني أَبي منَ الليلِ، فقالَ: ما أُرَاني إلا مقتولاً في أَولِ مَن يُقتَلُ مِن أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإني لا أَترُكُ

_ 215 - إسناده عند المصنف معلق، وقد وصله ابن ماجه وإسناده حسن، وفيه سماع صفية بنت شيبة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد نفاه الدارقطني، والراجح ثبوته لهذا الحديث، ولحديث آخر عنها أنها نظرت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح. أخرجه أبو داود وغيره بسند حسن أيضاً. 216 - وصله المصنف في "28 - جزاء المحصر/9 - باب"، والحديث في حكم المرفوع كما هو ظاهر من سياقه هناك. (41) وروي: "ونفث فيه". والنفث: شبيه بالنفخ، وهو أقل من التفل. (42) كذا في بعض روايات الكتاب، وهو تصحيف، والصواب "أبو هارون"، واسمه عيسى بن أبي موسى على المعتمد، وهو من أتباع التابعين فحديثه معضل. "فتح".

78 - باب اللحد والشق في القبر

بَعدي أَعزَّ علَيَّ منْكَ غيْرَ نفْسِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنَّ عليَّ دَيناً، فاقْضِ واستوْصِ بِأَخواتِكَ خيْراً. فأصبَحنا، فكانَ أَولَ قتيلٍ، ودُفِنَ معهُ آخَرُ في قبرٍ، ثم لم تَطِبْ نفْسي أن أَترُكَه معَ الآخَرِ؛ فاستخرجْتُه بعدَ ستةِ أشهرٍ، فإذا هوَ كيَومِ وضعْتُه هُنَيَّةً غيْرَ أُذُنِهِ (43)، [فجعلتُه في قبرٍ على حِدَةٍ]. 78 - باب اللحْدِ والشقِّ في القبرِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم قريباً برقم 644). 79 - باب إذا أَسلَم الصبيُّ فماتَ هل يصلَّى عليهِ؟ وهل يُعرَضُ على الصبيِّ الإسلامُ؟ 268 - 271 - وقالَ الحسَنُ وشُرَيحٌ وإبراهيمُ وقَتادةُ: إذا أَسلَمَ أَحدُهما فالولَدُ معَ المسْلمِ. 272 - وكانَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما معَ أُمِّهِ منَ المستضعَفِينَ، ولم يكنْ معَ أبيهِ على دينِ قومِه. 273 - وقال: "الإسلامُ يَعلو ولا يُعْلى". 648 - عن أَنسٍ رضي الله عنه قالَ: كانَ غلامٌ يهوديٌّ يخدُمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -،

_ (43) قال الحافظ: هنا تغيير صوابه "غير هنية في أذنه"، أي: شيء يسير. 268 - 271 - أما أثر الحسن وشريح، فأخرجهما البيهقي بسندين صحيحين عنهما. وأما أثر إبراهيم وقتادة، فوصلهما عبد الرزاق بسندين صحيحين أيضاً عنهما. 272 - وصله المصنف فيما يأتي من الباب. 273 - يعني ابن عباس، وقد ذكره ابن حزم في "المحلى" من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس، وقد جاء مرفوعاً من حديث عائذ بن عمرو المدني. أخرجه الروياني وغيره بسند حسن كما قال الحافظ. وقد خرجته في "إرواء الغليل" (1255).

فمَرِضَ فأتاهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يعُودُه، فقعَد عندَ رأسهِ، فقالَ لهُ: "أَسلِمْ"، فنظَرَ إلى أبيهِ وهو عندهُ؟ فقالَ لهُ: أَطعْ أبا القاسمِ - صلى الله عليه وسلم -، فأَسلَمَ. فخرجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ يقولُ: "الحمدُ لله الذي أنقذَهُ منَ النارِ". 649 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: كنتُ أنا وأُمي منَ المستضعَفِينَ؛ أنا منَ الوِلْدانِ، وأُمِّي منَ النساءِ. 650 - عن ابن شِهابٍ: يُصَلَّى على كلِّ موْلودٍ مُتوفّىً وإنْ كانَ (44) لِغَيَّةٍ، من أجلِ أنهُ وُلِدَ على فِطرةِ الإسلامِ، يَدَّعي أبوَاهُ الإسلامَ، أو أبوهُ خاصةً، وإنْ كانتْ أُمهُ على غيرِ الإسلامِ، إذا استَهلَّ صارخاً صُلِّيَ عليه، ولا يُصلَّى على مَن لا يَستَهلُّ؛ من أجلِ أنه سِقْطٌ (45)؛ فإنَّ أبا هريرةَ (46) رضي الله عنه كانَ يُحدِّثُ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِنْ موْلودٍ إلا يولَدُ على الفِطرةِ، فأَبواهُ يُهوِّدانِه، أوْ يُنصِّرانهِ، أو يُمجِّسانهِ، كما تُنتَجُ البَهِيمَةُ بَهيمةً جمعاءَ (47)، هل تُحِسُّونَ فيها من جَدعاءَ". ثم يقولُ أبو هريرةَ رضي الله عنه: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} الآيةَ. 651 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ (44) أي: المولود. "لغية" أي: لغير رشدة بأن كانت أمه كافرة أو زانية. (45) بالكسر والتثليث لغةً هو الولد الذي يسقط قبل تمامه ذكراً كان أو أنثى وهو مستبين الخلق. (46) هذا من مراسيل ابن شهاب فإنه لم يسمع من أبي هريرة، لذلك ساقه المصنف بعده من طريق أخرى عن الزهري قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: (47) الجمعاء: المجتمعة الأعضاء لم يذهب من بدنها شيء. و (الجدعاء): المقطوعة الأذن. ومعنى (هل تحسون) هل تبصرون، يعني أنها تنتج سليمة، وإنما يجدعها أهلها.

80 - باب إذا قال المشرك: لا إله إلا الله

"ما منْ مولودٍ إلا (وفي روايةٍ: كل مولودٍ 2/ 104) يولد على الفِطرةِ، فأبواه يُهوِّدانه، أو يُنَصِّرانه، أو يُمجِّسانه كما تُنْتَجُ البَهيمَةُ بهيمةً جمعاءَ، هل تُحِسُّونَ فيها من جدعاءَ [حتى تكونوا أنتم تَجْدَعونَها"، قالوا: يا رسولَ الله! أفرأيتَ من يموُتُ وهو صغيرٌ؟ (وفي طريقٍ: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذراري المشركين؟ فـ) قال: "الله أَعلم بما كانوا عاملين 7/ 211] ". ثم يقولُ أبو هريرة رضي الله عنه: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}. 80 - باب إذا قالَ المشركُ: لا إلهَ إلا الله 652 - عن سعيدِ بنِ المسيّبِ عن أبيهِ أنه أخبَرَه: أنهُ لمَّا حضَرَتْ أبا طالبٍ الوفاةُ، جاءهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فوجَدَ عندَه أبا جهلِ بنَ هشامٍ وعبدَ الله بنَ أَبي أُميةَ ابنِ المُغيرةِ، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَبي طالبٍ: يا عمِّ! قلْ: لا إلهَ إلا الله؟ كلِمةً أَشهدُ (وفي روايةٍ: أُحَاجُّ 5/ 208) لك بها عندَ الله. فقالَ أبو جهلٍ وعبدُ الله بنُ أَبي أُميّةَ: يا أَبا طالبٍ أترغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المطَّلبِ؟ فلم يزَلْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَعرِضُها عليه، ويعُودانِ بتلكَ المقالةِ حتى قالَ أبو طالبٍ آخرَ ما كلّمَهم: هوَ على مِلّةِ عبدِ المطّلبِ. وأَبَى أنْ يقولَ: لا إلهَ إلا الله. فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمَا والله لأَستغفِرَنَّ لكَ ما لمْ أُنْهَ عنكَ"، فأَنزَلَ الله تعالى فيه: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ]} [وأَنزل الله في أبي طالب، فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} 6/ 18].

81 - باب الجريد على القبر

81 - باب الجَريدِ على القبرِ 274 - وأَوْصى بُرَيدةُ الأَسلَمِيُّ أنْ يُجعَلَ في قبرهِ جَريدَان. 275 - ورأَى ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما فُسْطاطاً على قبرِ عبدِ الرحمنِ، فقالَ: انزِعْهُ يا غلامُ! فإنما يُظِلُّه عملُه. 276 - وقالَ خارجةُ بن زيدٍ: رأَيتُني ونحنُ شُبَّانٌ في زمنِ عثمانَ رضي الله عنه وإنَّ أشَدَّنا وَثبةً الذي يَثِبُ قبرَ عثمانَ بن مَظعون حتى يجاوزَهُ. 277 - وقالَ عثمانُ بن حَكيمٍ: أَخذَ بيدِي خارجةُ فأَجلسَني على قبرٍ (48)، وأَخبرَني عن عمهِ يزيدَ بنِ ثابتٍ قال: إنما كُرِهَ ذلكَ لمَن أَحدَثَ عليهِ. 278 - وقال نافعٌ: كانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يَجِلسُ على القبورِ. (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن عباس المتقدم برقم 129). 82 - باب موعظةِ المحدِّث عِندَ القبرِ وقعودِ أصحابهِ حولَه

_ 274 - وصله ابن سعد بسند صحيح عنه؛ كما في "أحكام الجنائز" (ص 257 - 258) وفيه بيان أنه لا دليل فيه على وضع الجريد على القبر، فراجعه فإنه هام. 275 - وصله ابن سعد أيضاً. 276 - وصله المصنف في "التاريخ الصغير" (ص 23) بسند حسن. 277 - وصله مسدد في "مسنده الكبير" بسند صحيح. (48) قلت: هذا ينافي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تجلسوا على القبور .. ". رواه مسلم؛ فالظاهر أنه لم يبلغ خارجة وابن عمر. وانظر المسألة بأدلتها في كتابي "أحكام الجنائز" (ص 267 - 269). 278 - وصله الطحاوي؛ قلت: وهذا الأثر والذي قبله، جاءت أحاديث صريحة على خلافهما، فراجعها في كتابي "أحكام الجنائز" (ص 267 - 269).

83 - باب ماجاء في قاتل النفس

{يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ} الأَجداثُ: القبور. {بُعْثِرَتْ}: أُثيرتْ. "بَعثرتُ حوْضي" أي: جعلتُ أسفَلَه أعلاه. (الإيفاضُ): الإسراعُ، وقرأَ الأَعمشُ {إلى نَصْبٍ}: إلى شيءٍ منصوبٍ يستبِقونَ إليهِ. والنُّصْبُ واحدٌ، والنَّصْبُ مصْدر. {يومُ الخروج}: من قبورِهم. {يَنسِلونَ}: يخرُجونَ. 653 - عن عليٍّ رضي الله عنه قال: كنَّا في جَنازةٍ في بقيعِ الغَرْقَدِ، فأتانا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقعدَ وقعَدنا حوْلَه، ومعهُ مِخصَرَةٌ (49) (وفي روايةٍ: عُودٌ 2/ 217) فنكَسَ فجعلَ ينكُتُ [في الأَرض 6/ 85] بِمِخْصَرَتِهِ ثم قالَ: "ما منْكم من أَحدٍ، [و] ما من نَفْسٍ منفوسةٍ إلا [وقد 6/ 84] كتِبَ مكانُها من الجنةِ [أ] والنارِ، وإلا قد كُتبتْ شقيَّةً أو سعيدَةً". فقالَ رجلٌ: يا رسولَ الله! أفلا نتَّكلُ على كتابِنا وندَعُ العملَ، فمنْ كانَ منَّا مِنْ أهلِ السعادةِ فسيَصيرُ إلى عملِ أهلِ السعادةِ، وأمَّا مَن كانَ مِنَّا من أهلِ الشقاوةِ فسيَصيرُ إلى عملِ أهلِ الشقاوةِ؟ قالَ: " [لا]، [اعملوا فكلٌّ ميسّرٌ لما خُلِقَ له 6/ 86]، أَمَّا [مَن كان مِن] أهلِ السعادةِ فيُيسَّرُونَ لعملِ السعادةِ، وأما [مَن كان مِن] أهلِ الشقاوةِ فيُيسَّرُونَ لعملِ الشقاوةِ، ثم قرأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}. الآية. 83 - باب ماجاءَ في قاتلِ النفْسِ 217 - عن الحسن: حدثنا جندب رضي الله عنه في هذا المسجد، فما نسينا، وما نخاف

_ (49) (المخصرة) ما يتكأ عليه ويجعل تحت الخصر غالباً، و (المنفوسة): المخلوقة. 217 - وصله المؤلف فيما يأتي "ج2/ 60 - أحاديث الأنبياء/50 - باب"، وراجع له "الصحيحة" (3013).

84 - باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين

أن يكذب جندب على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كان لرجل جِراحٌ فقتل نفسه، فقال الله: بدرني عبدي بنفسه، حرَّمت عليه الجنة". 84 - باب ما يُكرَهُ من الصلاةِ على المنافقين والاستغفارِ للمشركين 218 - رواه ابن عُمرَ رضي الله عنهما عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - 654 - عن عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه أنه قالَ: لما ماتَ عبدُ الله بن أُبيِّ ابنُ (50) سَلُولَ، دُعيَ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلِّي عليه، فلمّا قامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وثَبْتُ إليه؛ فقلتُ: يا رسولَ الله! أتصلِّي على ابن أُبيٍّ؟ وقد قالَ يومَ كذا وكذا: كذا وكذا؟ أُعَدِّدُ عليهِ قولَه، فتبسَّمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقالَ: "أَخِّرْ عنِّي يا عُمرُ! "، فلمَّا أَكثرتُ عليهِ قالَ: "إني خُيِّرتُ، فاختَرتُ، لو أَعلمُ أني إِن زِدتُ على السبعينَ فغُفِرَ (وفي لفظٍ: يُغفَرْ 5/ 206) لهُ لزدِتُ عليها"، قالَ: فصلَّى عليهِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم انصرفَ، فلم يمكُثْ إلا يسيراً حتى نزَلَتِ الآيتانِ من {بَراءَةَ}: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} إلى [قوله]: {وَهُمْ فَاسِقُونَ}. قالَ: فعَجِبتُ بعدُ من جراءَتي على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ، والله ورسولُه أَعلمُ. 85 - باب ثَناءِ الناسِ على الميِّتِ

_ 218 - يشير إلى حديثه الذي تقدم موصولاً برقم (638). (50) بضم (ابن) وإثبات ألفه؛ صفة لعبد الله، لأن سلول أمه.

86 - باب ما جاء في عذاب القبر

655 - عن أَنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: مَرُّوا [على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-3/ 148]، بجنازةٍ، فأَثْنَوْا (51) عليها خيراً، فقالَ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم -: "وجَبَتْ"، ثم مَرُّوا بأخرى فأَثنَوا عليها شرّاً، فقال: "وجَبَتْ"، فقالَ عُمرُ بن الخطابِ رضي الله عنه: ما وجَبَتْ؟ قالَ: "هذا أَثنَيتُم عليهِ خيراً، فوجَبتْ له الجنةُ، وهذا أَثنيتُم عليهِ شرّاً، فوجَبتْ له النارُ، أنتمْ شهداءُ الله في الأَرض (وفي روايةٍ: شهادةُ القوم المؤمنين) ". 656 - عن أبي الأسودِ قال: قدمتُ المدينةَ وقد وقَعَ بها مرضٌ، [وهم يموتون مَوتاً ذَريعاً 3/ 149]، فجلستُ إلى عُمرَ بن الخطابِ رضي الله عنه، فمرَّت بهم جَنازةٌ، فأُثني على صاحبها خيراً، فقالَ عُمرُ رضي الله عنه: وجَبتْ، ثم مُرَّ بأُخرى، فأُثني على صاحِبها خيراً، فقالَ عُمرُ رضي الله عنه: وجَبتْ، ثم مرَّ بالثالثةِ، فأُثني على صاحِبها شرّاً، فقالَ: وجَبتْ، فقالَ أبو الأَسودِ: فقلتُ: وما وجَبتْ يا أَميرَ المؤمنينَ؟ قالَ: قلتُ كما قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما مُسْلمٍ شَهِدَ لهُ أربعةٌ بخيرٍ أَدخلَهُ الله الجنةَ". فقلنا: وثلاثةٌ؟ قالَ: "وثلاثةٌ"، فَقلنا: واثنان؟ قالَ: "واثنان". ثم لم نسألهُ عنِ الواحد. 86 - باب ما جاءَ في عذاب القبر وقولِهِ تعالى: {إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}

_ (51) الثناء يستعمل في النوعين على الوجهين، يقال: أثنيت عليه خيراً وبخير، وأثنيت عليه شراً وبشر، لأنه بمعنى وصفته. صرّح به في "المصباح المنير".

87 - باب التعوذ من عذاب القبر

(الهُونُ): هو الهَوانُ، و (الهَوْنُ): الرِّفقُ، وقولُهُ جلَّ ذكْرُه: (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثمَّ يُرَدُّونَ إلى عَذَابٍ عَظِيمِ}. وقولُه تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ ادْخُلُوا (52) آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}. 657 - عن البَرَاءِ بن عازبٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا أُقعِدَ المؤمنُ في قبرهِ أتِيَ، ثم شَهِدَ (وفي روايةٍ: المسلمُ إذا سئل في القبر؟ يشهدُ 5/ 220) أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمَّداً رسولُ الله، فذلكَ قولهُ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} "؛ [نزَلتْ في عذابِ القبرِ]. 87 - باب التعوُّذِ من عذابِ القبرِ 658 - عن أبي أيوبَ رضي الله عنه قال: خرَجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقد وَجبَتِ (35) الشمسُ، فسَمعَ صوتاً، فقالَ: "يَهودُ تُعذَّبُ في قبورِها". 659 - عن موسى بن عُقبةَ قال: حدَّثَتْني [أمُّ خالد 7/ 158] ابنةُ خالد ابن سعيد بن العاصي [قال: ولم أسمع أحداً سمع من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - غيرَها] أنها سمعتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهوَ يتَعوذُ من عذابِ القبرِ. 660 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يدْعو:

_ (52) بصيغة الأمر من الثلاثي. والتقدير: قيل لهم: ادخلوا يا آل فرعون أشدَّ العذاب، كما في الشارح، والقراءة عندنا {أدخِلوا}، فَعَلى هذا لا يحتاج إلى تقدير أداة النداء. (53) أي: غربت.

88 - باب عذاب القبر من الغيبة والبول

"اللهمَّ إني أعوذُ بكَ من عذابِ القبرِ، ومن عذابِ النارِ، ومن فتنةِ المَحْيا والمَماتِ، ومن فِتنةِ المسيحِ الدَّجالِ". 88 - باب عذابِ القبرِ منَ الغيبةِ والبوْلِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 129). 89 - باب الميِّتِ يُعرَضُ عليهِ بالغَداةِ والعَشيِّ 661 - عن عبدِ الله بنِ عُمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّ أحدَكم إذا ماتَ عُرِضَ عليه مقعدُه بالغَداةِ والعَشيِّ، إنْ كانَ من أهلِ الجنةِ، فمِنْ أهلِ الجنةِ، وإنْ كانَ من أهل النارِ، [فمن أهلِ النار 4/ 85]، فيقالُ: هذا مَقعدُكَ حتى يَبعثَكَ الله إلى القيامةِ" (54). 90 - باب كلامِ الميِّتِ على الجَنازةِ (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد الخدري المتقدم برقم 632). 91 - باب ما قيلَ في أَولادِ المسلمينَ 219 - قالَ أبو هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - "مَن مات له ثلاثةٌ منَ الوَلَدِ لم يَبلُغوا الحِنْثَ كانَ له حِجاباً من النارِ، أَو دخل الجنةَ".

_ (54) ولفظ مسلم: "هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة". 219 - قال الحافظ: لم أره موصولاً من حديثه على هذا الوجه. ثم ذكر أنه ورد بنحوه في مسلم وغيره، وأقربها ما عند أحمد (2/ 510) عنه مرفوعاً بلفظ: "ما من مُسلمَينِ يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله وإياه بفضل رحمته الجنة". وسنده صحيح على شرط الشيخين وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص 34)، و"الصحيحة" (2260) وغيرهما.

92 - باب ما قيل في أولاد المشركين

662 - عن البَرَاءِ رضي الله عنه قال: لمَّا توُفيَ إبراهيمُ عليه السلام قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لهُ مُرْضِعاً في الجنةِ". 92 - باب ما قيلَ في أَولادِ المشركينَ 663 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهم قال: سُئلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن أَولادِ المشركينَ؟ فقالَ: "الله إذ خلقَهُم أَعلَمُ بما كانوا عاملِينَ". 94 - باب موْتِ يوْمِ الاثنَينِ 664 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: دخلتُ على أَبي بكرٍ (55) رضي الله عنه فقالَ: في كم كفَّنْتُم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: في ثلاثةِ أثوابٍ [يمانيةٍ 2/ 75] بِيضٍ سَحوليةٍ [من كُرسُفٍ]، ليسَ فيها قميصٌ ولا عِمامةٌ، وقالَ لها: في أيِّ يومٍ توُفِّي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: يومَ الاثنينِ، قالَ: فأيُّ يومٍ هذا؟ قالت: يومُ الاثنينِ، قالَ: أَرجو فيما بيْني وبيْنَ اللَّيلِ (56)، فنظَرَ إلى ثوبٍ عَليهِ كانَ يُمرَّضُ فيهِ، بهِ رَدْعٌ من

_ (55) تعني أباها؛ وهو في مرض موته، زاد أبو نعيم في "المستخرج" من هذا الوجه: "فرأيت به الموت، فقلت: هيج هيج. من لايزال دمعه مقنعاً ... فإنه في مرة مدفون فقال: لا تقولي هذا، ولكن قولي: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ}. ثم قال: أي يوم .. " الحديث. وهذه الزيادة أخرجها ابن سعد مفردة وقولها: "هيج" بالجيم؛ حكاية بكائها. (56) قوله: (قال: أرجو) إلخ. أي: أتوقع أن تكون وفاتي فيما بين ساعتي هذه وبين الليل. قوله: (به ردع) أي: لطخ وأثر. وقوله: (إن هذا خَلَق) أي: غير جديد. وقوله: (للمهلة) بتثليث الميم، القيح والصديد.

95 - باب موت الفجأة: البغتة

زعفرانٍ، فقالَ: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين فكفِّنُوني فيها، قلتُ: إنَّ هذا خَلَقٌ، قالَ: إنَّ الحيَّ أَحَقُّ بالجديدِ من الميِّتِ، إنما هوَ للمُهْلةِ، فلم يُتَوفَّ حتى أَمسَى من ليْلةِ الثَّلاثاءِ، ودُفِنَ قبْلَ أَنْ يُصْبحَ. 95 - باب موْتِ الفَجأةِ: البَغتةِ 665 - عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ رجلاً قالَ للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ أُمِّي افتُلِتَتْ نفْسُها (57)، وأَظُنُّها لو تكلَّمتْ تصدَّقتْ، فهل لها أَجرٌ إن تصدَّقتُ عنها؟ قالَ: "نعمْ [تصدَّقْ عنها 3/ 193] ". 96 - باب ما جاءَ في قبرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأَبي بكرٍ وعُمرَ رضي الله عنهما (فأقبَرَهُ): أَقْبَرتُ الرَّجلَ؛ إذا جعَلتُ له قبراً. وقبَرتُه: دفنْتُه. (كِفَاتاً): يكُونونَ فيها أحياءً، ويُدفَنونَ فيها أمواتاً. 666 - عن سفيانَ التَّمَّارِ أنه رأَى قبْرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُسَنَّماً (58). 667 - عن عُروة: لمَّا سقَطَ عليهِمُ الحائطُ (59) في زمانِ الوليدِ بنِ عبدِ الملكِ؛ أَخذوا ببنائهِ، فبدَتْ لهم قدمٌ (60)، ففزِعوا، وظنُّوا أنها قدَمُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فما وَجدوا

_ (57) معناه: ماتت فلتة؛ أي: فجأة. (58) قلت: والتسنيم لا ينافي أن يكون مبطوحاً ببطحاء العرصة الحمراء؛ كما في بعض الأحاديث؛ على ما بينته في "أحكام الجنائز وبدعها" (ص 196 - 197 - مكتبة المعارف). (59) أي: حائط حجرة عائشة رضي الله عنها. (60) زاد الآجري: بساق وركبة.

97 - باب ما ينهى من سب الأموات

أَحداً يَعلمُ ذلكَ، حتى قالَ لهم عُروة: لا والله ما هيَ قدَمُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ما هيَ إلا قدَمُ عُمرَ رضي الله عنه. 668 - عن عائشةَ رضي الله عنها أنها أَوصَتْ عبدَ الله بن الزُّبَيرِ: لا تَدْفِنِّي معَهم، (وفي روايةٍ: مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في البيت 8/ 153) وادفِنِّي معَ صَوَاحِبي بالبَقيعِ، لا أُزكَّى بهِ (61) أبداً. 97 - باب ما يُنهى مِن سبِّ الأَمواتِ 669 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَسُبُّوا الأَمواتَ، فإنهم قد أَفضَوْا (62) إلى ما قدَّموا". 98 - باب ذِكْرِ شِرارِ الموْتى (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي في "ج 3/ 65 - التفسير 26/- الشعراء/ 1 - باب").

_ (61) أي: بالدفن معهم. (62) أي: وصلوا إلى ما قدَّموا من خير أو شر.

24 - كتاب الزكاة

بسم الله الرحمن الرحيم 24 - كتَابُ الزكاة (1) 1 - باب وجوبِ الزكاة، وقولِ الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزكاةَ} 220 - وقالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: حدَّثني أبو سُفيانَ رضي الله عنه (فذكَرَ حديثَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -)، فقالَ: يأمُرُنا بالصَّلاةِ، والزكاةِ، والصِّلَةِ، والعَفافِ. 670 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ أعرابياً أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: دُلَّني على عملٍ إِذا عمِلتُهُ دخلتُ الجنةَ، قالَ: "تعبُدُ الله؛ لا تُشركُ بهِ شيئاً، وتُقيمُ الصلاةَ المكتوبةَ، وتؤدِّي الزكاةَ المفروضةَ، وتصومُ رمضانَ". قالَ: والذي نفْسي بيدِه لا أَزيدُ على هذا. فلمَّا ولَّى، قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سَرَّهُ أن ينظُرَ إلى رجلٍ من أهلِ الجنةِ فلينظُرْ إلى هذا". 671 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: لما تُوفيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وكانَ

_ (1) زيادة من بعض النسخ. 220 - هو طرف من حديثه الطويل في قصة أبي سفيان قبل إسلامه مع هرقل ملك الروم، وسيأتي موصولاً بتمامه في "ج 2/ 56 - الجهاد/102 - باب".

2 - باب البيعة على إيتاء الزكاة

أبو بكرٍ رضي الله عنه [استُخلِفَ بَعدَه 8/ 140]- وكفَرَ من كفرَ من العربِ، فقالَ عُمرُ [لأبي بكرٍ]: كيفَ تُقاتلُ الناسَ وقد قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمنْ قالَها فقدْ عصَمَ منِّي مالَهُ ونفْسَه إلا بحقِّهِ، وحسابُهُ على الله"؟ فقال [أبو بكرٍ 8/ 50]: والله لأقاتِلنَّ من فرَّقَ بينَ الصلاةِ والزكاةِ، فإِنَّ الزكاةَ حقُّ المالِ، والله لو منعُوني عَناقاً (وفي روايةٍ: عِقالاً) كانوا يؤدُّونها إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتُهم على منعِها. قال عُمرُ رضي الله عنه: فوالله ما هوَ إلا أنْ [رأيت أنْ 2/ 125] قد شرَحَ الله صَدْرَ أبي بكرٍ رضي الله عنه [للقتال]، فعرَفتُ أنه الحقُّ. 279 - [قال ابن بكير وعبد الله عن الليث: "عَناقاً". وهو أصح]. 2 - باب البيْعةِ على إيتاءِ الزكاةِ {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جرير بن عبد الله المتقدم برقم 40). 3 - باب إثمِ مانع الزكاةِ، وقولِ الله تعالى: {والذينَ يَكْنِزونَ الذَّهَبَ والفضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها في سَبيلِ الله فَبَشِّرْهم بعَذابٍ أَليمٍ. يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها

_ 279 - هذا معلق ولم يخرجه الحافظ هنا، وذكر في الباب الآتي (41) أن الذهلي وصله في "الزهريات" عن أبي صالح (يعني: عبد الله بن صالح) عن الليث. قلت: ووصله المصنف في "88 - المرتدين" عن يحيى بن بكير وحده.

في نارِ جَهَنَّمَ فتُكوَى بِها جِبَاهُهمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهورُهم هذا ما كنزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُون} 672 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تأتي الإبلُ على صاحبِها على خير ما كانَت؛ إِذا هو لم يُعطِ فيها حقَّها؛ تطَأُه بأخفافِها، وتأتي الغنَمُ على صاحِبها على خيرِ ما كانْ؛ إِذا لم يُعطِ فيها حقَّها؛ تَطَؤُهُ بِأَظْلاَفِهَا، وَتَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا، قالَ: ومنْ حقِّها أنْ تُحْلَبَ عَلَى الْمَاءِ (2)، قال: ولا يأتي أحدُكم يومَ القيامةِ بشاةٍ يَحملُها على رقَبتِهِ لها يُعارٌ، فيقولُ: يا محمَّدُ! فأقولُ: لا أَملِكُ لكَ شيئاً، قد بلَّغتُ، ولا يأتي ببعيرٍ يَحملُه على رقَبَتِهِ له رُغاءٌ، فيقولُ: يا محمَّدُ! فأقولُ: لا أَملِكُ لكَ شيئاً، قد بلَّغتُ". 673 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن آتاهُ الله مالاً، فلم يؤدِّ زكاتَه مُثِّل له يومَ القيامةِ شُجاعاً (3) أَقْرَعَ، له زَبيبَتانِ، يطوَّقُه يومَ الْقيامةِ، ثم يَأخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ -يعني شِدْقيْهِ- ثم يقولُ: أنا مالُكَ، أنا كَنْزُكَ، ثم تَلاَ: {لا يَحْسَبَنَّ الذينَ يَبْخَلونَ} الآية. (وفي طريقٍ: يكونُ كنزُ أحدِكم يومَ القيامةِ شجاعاً أقرعَ يفرّ منه صاحبُه، فيطلبُه، ويقول: أنا كنزُكَ. قال: واللهِ لَنْ يزالَ يطلبُه حتى يَبسُطَ يَدَه فيُلقِمها فاه"، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ (2) أي: يوم ورودها ليحضرها المساكين النازلون عليه. و (اليعار): الصوت، و (الرغاء): صوت الإبل. (3) الشجاع: هو الحية الذكر أو الذي يقوم على ذنبه، ويواثب الرجل والفارس، وربما بلغ الفارس. و (الأقرع): الذي لا شعر على رأسه لكثرة سمه، وطول عمره. (له زبيبتان) أي: النكتتان السوداوان فوق عينيه، وهو أوحش ما يكون من الحيات وأخبثه.

4 - باب ما أدي زكاته فليس بكنز

"إِذا ما رَبُّ النَّعَمِ لم يُعطِ حقَّها، تُسَلَّطُ عليه يومَ القيامةِ؛ تَخْبِطُ وَجْهَهُ بأخفافِها" 8/ 60). 4 - باب ما أُدِّيَ زكاتُه فليس بكَنزٍ 221 - لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "ليسَ فيما دونَ خمسة أَواقٍ صدَقةٌ" 222 - عن خالِدِ بن أَسلَمَ، قال: خرجنا معَ عبدِ الله بن عمرَ رضي الله عنهما. فقالَ أَعرابيٌّ: أَخبرني قولَ الله: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}؟ قال ابنُ عمرَ: مَن كنَزَها فلم يؤدِّ زكاتَها فويلٌ له، إِنما كانَ هذا قبلَ أنْ تَنْزِلَ الزكاةُ، فلمَّا أُنزلتْ جعلَها الله طُهراً للأَموالِ. 674 - عن زَيدِ بن وهْبٍ قال: مرَرتُ بالرَّبَذَةِ، فإذا أنا بأَبي ذَرٍّ رضي الله عنه، فقلتُ لهُ: ما أَنزَلَكَ مَنزِلَكَ هذا؟ قالَ: كنتُ بالشَّامِ؛ فاختلفتُ أنا ومعاويةُ في {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. قالَ معاويةُ: نَزَلتْ في أهلِ الكتابِ. فقلتُ: نَزَلتْ فينا وفِيهمْ، فكانَ بيْني وبيْنَهُ في ذلكَ، وكَتَبَ إلى عثمانَ رضي الله عنه يَشكُوني، فكتَبَ إِليَّ عثمانُ أَنِ اقْدَم المدينةَ، فقدمْتُها، فكثُرَ عليَّ الناسُ حتى كأنَّهم لم يَرَوْني قبلَ ذلكَ، فذكَرتُ ذلكَ لعثمانَ، فقال لي: إِنْ شئتَ تَنحَّيتَ فكنتَ قريباً. فذاكَ الذي أَنزَلَني هذا المَنزِلَ، ولوْ أَمَّرُوا علَيَّ حَبَشِيّاً لسَمِعتُ وأَطَعْتُ.

_ 221 - وصله المصنف في الباب. 222 - قلت: صورة إسناده صورة المعلق، وقد وصله أبو داود في "الناسخ والمنسوخ".

5 - باب إنفاق المال في حقه

675 - عن الأَحنفِ بن قيسٍ قال: جلستُ إِلى مَلأٍ مِن قرَيشٍ، فجاءَ رجلٌ خَشِنُ الشعرِ والثيابِ والهيئةِ؛ حتى قامَ عليهمْ، فسلَّم، ثم قال: بشِّرِ الكانزينَ برَضْفٍ (4)، يُحْمى عليه في نارِ جهنَّم، ثم يوضَعُ على حَلَمةِ ثَدْيِ أحدِهم؛ حتى يخرُجَ من نُغْضِ كتِفِه، ويوضَعُ على نُغضِ كتِفِه، حتى يخرُجَ من حَلَمةِ ثدْيِهِ يَتَزَلْزَلُ. ثم ولَّى فجلسَ إِلى ساريةٍ، وتبعْتُهُ، وجلستُ إِليهِ، وأنا لا أَدْري مَن هوَ؟ فقلتُ له: لا أُرى الْقومَ إِلا قد كَرِهوا الذي قلتَ، قال: إنهم لا يَعْقِلونَ شيئاً. قالَ لي خليلي: - قالَ: قلتُ: مَن خليلُكَ؟ قال: النبي - صلى الله عليه وسلم - "يا أَبا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُداً؟ ". قالَ: فنظرتُ إِلى الشمسِ ما بَقيَ منَ النهارِ، وأنا أُرى أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُرسِلُني في حاجةٍ لهُ، قلتُ: نعمْ، قالَ: "ما أُحِبُّ أن لي مثلَ أُحدٍ ذهباً أُنْفِقُهُ كلَّهُ؛ إِلا ثلاثةَ دنانيرَ". وِإنَّ هؤلاءِ لا يَعقِلونَ، إنما يَجمَعونَ الدنيا، لا والله، لا أَسْألُهم دنيا، ولا أستفتيهِمْ عن دِينٍ؛ حتى أَلقى الله عزَّ وجلَّ. 5 - باب إِنفاقِ المالِ في حَقِّهِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن مسعود المتقدم برقم 55). 6 - باب الرياءِ في الصدَقَةِ لقولهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} إلي قولِهِ {الْكَافِرِينَ}

_ (4) أى: بحجارة محماة. وأصل (النغض): الحركة، وسمي الشاخص من الكتف، وهو العظم الرقيق على طرف الكتف (نغضاً) لتحركه عند تحرك الإنسان في مشيه وتصرفه، وهو الغضروف.

7 - باب لا يقبل الله صدقة من غلول

280 - وقالَ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: {صَلْداً}: ليس عليه شيءٌ. 281 - وقالَ عِكرِمةُ: {وابلٌ}: مطرٌ شديدٌ، و {الطَّلُّ}: الندَى. 7 - باب لا يَقبَلُ الله صدَقةً من غُلولٍ، ولا يَقبَلُ إِلا مِن كسْبٍ طيِّبٍ لقولِهِ: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)} (قلت: لم يسند فيه شيئاً). 8 - باب الصدقةِ من كسْبٍ طيِّبٍ لقولِهِ: {وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} 676 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تصدَّقَ بعَدلِ (5) تَمرةٍ مِنْ كَسبٍ طيِّبٍ، ولا يَقبَلُ الله إِلا الطيِّبَ (6)، وإنَّ الله يتقبَّلُها بيمينِه، ثم يُرَبِّيها لصاحِبِه، كما يرَبِّي أَحدكُم فَلُوَّهُ (7)، حتى تكُونَ مثلَ الجَبلِ". 9 - باب فضلِ الصدَقَةِ من كسْبٍ (قلت: لم يسند فيه شيئاً).

_ 280 - وصله ابن جرير بسند ضعيف عنه. 281 - وصله عبد بن حميد عنه. (5) العدل بفتح العين: المثل. وبالكسر: الحِمل بكسر الحاء أي: بقيمة تمرة. (6) وفي رواية معلقة للْمُصَنِّف ستأتي في "ج 4/ 97 - التوحيد/23 - باب" بلفظ: "ولا يصعد إلى الله إلا الطيب"، وقد وصلها أحمد (3/ 33 و 418 و431 و538 و 541) من طريقين آخرين عن أبي هريرة، وقد جمع بين الروايتين في رواية عنده كما سيأتي هناك إن شاء الله. (7) - الفلو: المهر يفصل عن أمه، والجمع أفلاء؛ مثل عدو وأعداء.

10 - باب الصدقة قبل الرد

10 - باب الصدَقةِ قبْلَ الردِّ 677 - عن حارثةَ بن وهْبٍ [الخزاعي 2/ 116] قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تصدَّقوا؛ فإِنهُ يَأتي عليكم زمانٌ يَمشي الرَّجلُ بصدَقَتِه فلا يَجِدُ مَن يَقبَلُها، يقولُ الرجُلُ: لو جئتَ بها بالأَمسِ لقبِلتُها، فأمَّا اليومَ فلا حاجةَ لي بها". 678 - عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليَأتيَنَّ على الناسِ زمانٌ يَطوفُ الرَّجلُ فيهِ بالصدَقةِ منَ الذَّهبِ، ثم لا يَجِدُ أَحداً يأخذُها منهُ، ويُرَى الرَّجلُ الواحدُ يَتبَعُه أربعونَ امرأةً يَلُذْنَ بهِ من قِلَّةِ الرجَالِ وكَثرةِ النساء". 11 - باب اتَّقوا النارَ ولوْ بشقِّ تمرةٍ، والقليلِ منَ الصدَقةِ و {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآية، وإلى قولهِ: {وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ} 679 - عن أبي مسعودٍ رضي الله عنه قال: لمَّا نزَلَتْ آيةُ (وفي روايةٍ: لما أُمِرنا بـ 4/ 205) الصدَقةِ (8) كنَّا نُحامِلُ (9) (وفي روايةٍ: نتَحاملُ)، فجاءَ رجلٌ فتصدَّقَ بشيءٍ كثيرٍ، فقالوا (وفي روايةٍ: فقال المنافقون): مُرَاءٍ. وجاءَ رجلٌ (وفي

_ (8) قال الحافظ: كأنه يشير إلى قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} الآية. قلت: ويشهد له الرواية الأخرى. (9) أي: نحمل على ظهورنا بالأجرة. يريد: نتكلف الحمل لنكسب ما نتصدق.

12 - باب أي الصدقة أفضل؟

روايةٍ: فجاء أبو عَقيل) فتصدَّقَ بصاعٍ، فقالوا: إنَّ الله لغنيٌّ عن صاعِ هذا! فنزَلتْ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} الآية. (وفي روايةٍ) عنه قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا أمرَنا بالصدَقةِ انطَلَقَ أحدُنا إِلى السُّوق فيُحامِلُ، فيُصيبُ المُدَّ، وِإنَّ لِبعضِهِمُ اليومَ لَمِائَةَ أَلفٍ، [كأنهُ يُعَرِّضُ بنفسه. (وفي روايةٍ: ما نُراه إِلا نفسَه 3/ 52)]. 12 - باب أيُّ الصدَقَةِ أَفضلُ؟ وصدَقةُ الشحيحِ الصحيحِ، لقولِه تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآيةَ، وقولِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ} الآية 680 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: جاءَ رجلٌ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله! أيُّ الصدَقةِ أَعظمُ أجراً (وفي روايةٍ: أفضلُ؟ 3/ 188)، قال: "أنْ تَصدَّقَ وأنتَ صحيحٌ شحيحٌ (وفي روايةٍ: حريصٌ)، تَخشى الْفَقرَ، وتأمُلُ الْغنَى، ولا تُمهِلْ؛ حتى إِذا بلَغَتِ الحُلقومَ؛ قلتَ: لِفلانٍ كذا، ولفلانٍ كذا، وقد كانَ لفلانٍ! ". 13 - باب 681 - عن عائشة رضي الله عنها أنَّ بعضَ أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قلنَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّنا أسرَعُ بكَ لُحوقاً؟ قالَ: "أَطولُكُنَّ يداً". فأخذوا قَصَبةً يَذْرَعونها، فكانَت سوْدةُ أَطولَهُنَّ يداً، فَعَلِمنا بعدُ أنما كانتْ طُولَ يدِها الصدَقةُ، وكانت أسرعَنا لُحوقاً بهِ، وكانت تحبُّ الصدَقَة.

14 - باب صدقة العلانية،

14 - باب صدقةِ العلانيَةِ، وقولهِ عزَّ وجلَّ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} إلى قوله {وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (قلت: لم يسند فيه شيئاً). 15 - باب صدَقَةِ السِّرِّ 223 - وقالَ أبو هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "ورجلٌ تصدَّقَ بصدَقةٍ فأخفاها، حتى لا تَعلمَ شِمالُه ما صنَعَتْ يمينُه"، وقولِهِ: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} الآيةَ 16 - باب إِذا تصدَّقَ على غنيٍّ وهو لا يَعلمُ 682 - عن- أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قالَ رجلٌ: لأَتَصَدَّقَنَّ (10) بصدقةٍ، فخرجَ بصدَقتهِ فوضَعَها في يدِ سارقٍ، فأصبَحوا يتحدثونَ: تُصُدِّقَ على سارقٍ، فقالَ: اللهمَّ لكَ الحمدُ (11)، لَأَتَصَدَّقَنَّ بصدَقةٍ، فخرجَ بصدَقتِهِ فوضعَها في يدِ زانيةٍ، فأصبَحوا يتحدثونَ: تُصُدِّق الليلةَ على زانيَةٍ، فقالَ: اللهمَّ لكَ الحمدُ؛ على زانيةٍ! لأَتصدَّقنَّ بصدَقةٍ، فخرجَ بصدَقتهِ فوضعَها في يدِ غنيٍّ، فأصبَحوا يتَحدثونَ: تُصُدِّقَ على غنيٍّ، فقالَ: اللهمَّ لكَ الحمدُ؛ على سارقٍ! وعلى زانيةٍ! وعلى غنيٍّ! فأُتِيَ (12)، فقيلَ لهُ: أمَّا صدَقَتُكَ

_ 223 - هو طرف من حديثه تقدم موصولاً بتمامه "10 - الأذان/36 - باب". (10) زاد مسلم: "الليلة"، وهي عند أحمد أيضاً (2/ 322). (11) أي: لا لي، لأن صدقتي وقعت بيد من لا يستحقها، ذلك الحمد حيث كان ذلك بإرادتك، أي: لا بإرادتي، فإن إرادة الله كلها جميلة. "فتح". (12) أي: في المنام، كما في رواية الطبراني.

17 - باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر

على سارقٍ؛ فلعلَّه أنْ يَستعِفَّ عن سَرِقَته، وأمَّا الزانيةُ؛ فلعلَّها أنْ تَستعِفَّ عن زِناها، وأمَّا الغنيُّ؛ فلعلَّه يَعتبرُ فيُنْفِقُ مما أعطاهُ الله". 17 - باب إذا تصدَّق على ابنِهِ وهوَ لا يشعُرُ 683 - عن مَعن بن يَزيدَ رضي الله عنه قال: بايعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وأَبي وجَدِّي، وخطَبَ علَيَّ، فأنكَحَني، وخاصَمتُ إليهِ، وكانَ أَبي يَزيدُ أَخرجَ دنانيرَ يتصدَّقُ بها، فوضَعَها عندَ رجلٍ في المسجد، فجئتُ فأخذتُها، فأتيتُه بها، فقالَ: والله ما إياكَ أرَدتُ، فخاصمْتُهُ إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: " لكَ ما نوَيتَ يا يَزيدُ، ولكَ ما أَخذتَ يا مَعنُ". 18 - باب الصدَقةِ باليمينِ 19 - باب مَن أَمرَ خادمَه بالصدَقةِ ولم يناوِل بنفْسهِ 224 - وقالَ أبو موسى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "هوَ أَحدُ الْمُتَصَدِّقِينَ". 684 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذا أنفقَتِ (وفي روايةٍ: تصدقَتِ، وفي أخرى: أَطعمَتِ 2/ 120) المرأةُ من طعامِ بيتِ [زوجـ]ـها، غيرَ مُفسدةٍ، كانَ لها أجرُها بما أَنفقتْ، ولزوجِها أَجرُه بما كسَبَ، وللخازنِ مثلُ ذلكَ، لا ينقُصُ بعضُهم أَجرَ بعضٍ شيئاً".

_ 224 - وصله المصنف فيما يأتي برقم (188).

20 - باب لا صدقة إلا عن ظهر غنى،

20 - باب لا صدَقَةَ إِلا عن ظهرِ غِنًى، ومَن تصدَّقَ وهو محتاجٌ، أو أهلُهُ محتاجٌ، أو عليهِ دَيْنٌ؛ فالدَّيْنُ أَحَقُّ أنْ يُقضى منَ الصدَقةِ والعِتقِ والهِبَةِ، وهوَ ردٌّ عليهِ، ليسَ له أن يُتلِفَ أموالَ الناسِ 225 - قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أَخَذَ أموالَ الناسِ يريدُ إتلافَها أَتلفَه الله"؛ إلا أنْ يكُونَ معروفاً بالصبرِ، فيؤْثِرَ على نفْسِه ولوْ كانَ بهِ خَصاصة. 226 - كفِعلِ أبي بكرٍ حينَ تصدَّقَ بمالِهِ. 227 - وكذلكَ آثرَ الأَنْصارُ المهاجرينَ. 228 - ونَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن إِضاعةِ المالِ. فليسَ له أن يضيِّعَ أموالَ الناسِ بعلِّةِ الصدَقة. 229 - وقالَ كعبٌ رضي الله عنه: قلتُ: يا رسولَ الله! إنَّ مِن توْبتي أنْ أَنخلعَ مِنْ مالي صدَقَةً إِلى الله وإِلى رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "أَمسِكْ عليكَ بعضَ مالِكَ، فَهُوَ خيْرٌ لكَ". قلتُ: فإني أُمسِكُ سَهمي الذي بخيْبَرَ.

_ 225 - وصله المؤلف في أول "43 - الاستقراض". 226 - وصله أبو داود وغيره عن عمر في قصة مسابقته لأبي بكر رضي الله عنهما، وقول أبي بكر بعد أن تصدق بكل ماله: أبقيت لهم الله ورسوله. وسنده حسن، وصححه الترمذي والحاكم. 227 - هذا مشهور في السير، وفيه أحاديث مرفوعة يأتي بعضها في الكتاب، فانظر "ج 2/ 51 - الهبة/34 - باب"، و"ج 3/ 65 - التفسير/59 - الحشر". 228 - هو طرف من حديث المغيرة يأتي بتمامه موصولاً في "ج 4/ 81 - الرقاق/21 - باب". 229 - هو طرف من حديثه الطويل في توبته، وسيأتي موصولاً بتمامه في "ج 3/ 65 - تفسير/9 - التوبة".

21 - باب المنان بما أعطى

685 - عن حكيم بنِ حِزامٍ رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "اليدُ الْعُلْيا خيرٌ من اليدِ السُّفلى، وابدأْ بمن تَعُولُ، وخيرُ الصدقةِ عن ظَهْرِ غنىً، ومن يستعفَّ يُعفَّهُ الله ومن يَسْتَغنِ يُغنِهِ الله". 686 - عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -- وهو على المِنبرِ، وذكَرَ الصدَقَةَ والتعفُّفَ والمسألة-: "الْيدُ العُليا خيرٌ منَ اليَدِ السُّفلى، فاليَدُ العليا هيَ المُنفقة، والسُّفلى هي السائلةُ". 21 - باب المنَّانِ بما أَعطى لقولِهِ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى} الآيةَ 22 - باب مَن أحَبَّ تعجيلَ الصدَقةِ من يومِها (قلت: أسند فيه حديث عقبة بن الحارث المتقدم برقم 438). 23 - باب التحريضِ على الصدَقَةِ والشفاعةِ فيها 687 - عن أبي موسى رضي الله عنه قالَ: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا جاءَهُ السائلُ أو طُلِبتْ إِليهِ حاجةٌ قالَ: "اشفَعوا تُؤْجَروا، ويَقضي الله على لسانِ نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - ما شاءَ". 24 - باب الصدقةِ فيما استطاعَ (قلت: أسند فيه حديث أسماء الآتي في "ج 2/ 52 - الهبة/ 14 - باب").

25 - باب الصدقة تكفر الخطيئة

25 - باب الصدَقَةُ تكفِّرُ الخطيئةَ (قلت: أسند فيه حديث حذيفة المتقدم برقم 280). 26 - باب مَن تصدَّق في الشِّرْكِ ثم أَسلَم (قلت: أسند فيه حديث حكيم بن حزام الآتي "ج 2/ 49 - العتق/ 12 - باب"). 27 - باب أجرِ الخادِمِ إذا تصدَّق بأمرِ صاحبهِ غيْرَ مُفسِدٍ 688 - عن أبي موسى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخازنُ المسْلمُ الأَمينُ، الذي يُنْفِذُ - وربَّما قالَ يُعطي (وفي روايةٍ: يؤدي 3/ 48، وفي أخرى: يُنفِق 3/ 66) - ما أُمِرَ بهِ كاملاً موفَّراً طيِّبٌ به نفْسُه؛ فيدفَعُه إلى الذي أُمِرَ له بهِ، أحدُ الُمتصدِّقَيْنِ". 28 - باب أجرِ المرأةِ إذا تصدَّقتْ أو أطعمتْ من بيْتِ زوجِها غيرَ مُفسِدةٍ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم قريباً برقم 684). 29 - باب قولِ الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}، اللهمَّ أعطِ مُنفِقَ مالٍ خَلفاً 689 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما مِن يومٍ يُصْبحُ العِبادُ فيهِ إلا مَلَكانِ يَنزلانِ، فيقولُ أحَدُهُما: اللهمَّ أعط

30 - باب مثل البخيل والمتصدق

مُنفِقاً خَلَفاً، ويقولُ الآخَرُ: اللهمَّ أعطِ مُمْسِكاً تَلَفاً". 30 - باب مَثَلِ البخيلِ والمتصدِّقِ 690 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنه سمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَثَلُ البخيلِ والمنفِقِ (وفي روايةٍ: والمتصدِّق 1/ 120)، كمثلِ رَجلَينِ عليِهما جبَّتانِ (وفي روايةٍ: جُنَّتان) من حديدٍ، [قد اضطَرَّت أيديهما 7/ 37] من ثُديِّهما (13) إلى تَراقِيهِما، فأمَّا المنفِق فلا ينفِقُ إلا سبَغتْ أو وفَرَتْ على جِلْدِهِ؛ حتى تُخفيَ بَنانَهُ، وتعْفُوَ أثَرَهُ، وأمَّا البخيلُ فلا يُريدُ أن ينفِقَ شيئاً إلا لَزقَت كلُّ حَلْقةٍ مكانَها، [وانْضَمَّتْ يداه إلى تراقيه 1/ 231]، فهو [يجتهد أن] يُوَسِّعَها ولا تتَّسع". [قال أبو هريرةَ: فأنا رأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بإصبَعِه: هكذا في جَيْبه، فلو رأيتَه يوَسِّعها، ولا تتوَسَّع]. 31 - باب صدقةِ الكسبِ والتجارةِ لقولهِ تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذيِنَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}، إلى قولِه: {غَنِيٌ حَمِيدٌ} (قلت: لم يسند فيه شيئاً). 32 - باب على كلِّ مسلمٍ صدَقةٌ، فمن لم يجدْ فليعمَل بالمعروفِ

_ (13) بضم المثلثة وكسر الدال المهملة ومثناة تحتية مشددة: جمع (ثدي) كفلس، وهو للمرأة، وقد يقال للرجل. و (التراقي) جمع ترقوة، وزنها فعلوة بفتح الفاء وضم اللام، وهي: العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق من الجانبين. ولا يكون في غير الإنسان. ومعنى (سبغت أو وفرت) على اختلاف الروايتين: كملت.

33 - باب قدر كم يعطي من الزكاة والصدقة، ومن أعطى شاة

691 - عن أبي موسى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "على كلِّ مسْلمٍ صدَقةٌ"، فقالوا: يا نبيَّ الله! فمن لم يجدْ؟ قال: "يعملُ بيدِهِ، فيَنفعُ نَفْسَه ويتصدَّق"، قالوا: فإن لم يجدْ؟ قال: "يُعينُ ذا الحاجةِ الملهوفَ"، قالوا: فإنْ لم يجدْ؟ قالَ: "فليعمَلْ (وفي روايةٍ: فيأمرُ بالخير، أو قال 7/ 79) بالمعروفِ، وليُمسِكْ (وفي روايةٍ: قال: فإن لم يفعل؟ قال: فَيُمْسِك) عن الشرِّ؛ فإنها له صدَقةٌ". 33 - باب قدْرُ كَم يُعطِي منَ الزكاةِ والصدَقةِ، ومَن أَعطى شاةً (قلت: أسند فيه حديث أم عطية الآتي برقم 712). 34 - باب زكاةِ الوَرِقِ 692 - عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ عنه قال: سمعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -): "ليسَ فيما دُونَ خَمسِ ذَوْدٍ صدَقةٌ منَ الإبلِ، وليسَ فيما دونَ خمسِ أواقٍ [من الورِق 1/ 125] صدقةٌ، وليسَ فيما دونَ خمسةِ أوسُقٍ [من التمر] صدقةٌ". 35 - باب العَرْضِ في الزكاةِ 282 - وقال طاوُسٌ: قالَ مُعاذٌ رضي الله عنه لأَهلِ اليمَنِ: ائتُوني بعَرْضٍ ثيابٍ (14) خَميصٍ

_ (14) بالتنوين بدل من (عرض)، أو عطف بيان. وجوز بعضهم إضافة عرض للاحقه كشجر أراك. و (العرض): ما عدا النقدين. (خميص) بيان لسابقه، أي: خميصة. وذكّره على إرادة الثوب. 282 - قلت: وصله يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" بسند صحيح على شرط الشيخين=

36 - باب لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع

أو لَبيسٍ في الصدَقةِ؛ مكانَ الشَّعيرِ والذُّرةِ، أَهوَنُ عليكم، وخيرٌ لأَصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة. 230 - وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وأمَّا خالدٌ [فقد] احتَبَسَ أدراعَهُ (15) وأعتُدَهُ في سبيل الله". 231 - وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَصدَّقْنَ ولوْ مِن حُلِيِّكُنَّ"، فلم يَستَثْنِ صدَقَةَ الْفَرْضِ من غيرِها، "فجعَلَتِ المرأةُ تُلقي خُرْصَها وَسِخابَها (16) ". ولم يخُصَّ الذهبَ والْفضَّةَ منَ العُروضِ. 36 - باب لا يُجمَعُ بينَ متفرِّقٍ، ولا يفرِّقُ بينَ مجتمِعٍ 232 - ويذكَرُ عن سالمٍ عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثلُهُ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه الآتي قريباً برقم 693).

_ = إلى طاوس. قال الحافظ: "لكن طاوس لم يسمع من معاذ، فهو منقطع، فلا يغتر بقول من قال: ذكره البخاري بالتعليق الجازم فهو صحيح عنده، لأن ذلك لا يفيد إلا الصحة إلى من علّق عنه، وأما باقي الإسناد فلا. إلا أن إيراده له في معرض الاحتجاج به يقتضي قوته عنده، وكأنه عضده عنده الأحاديث التي ذكرها في الباب". 230 - وصله المصنف فيما يأتي هنا قريباً برقم (700). وهناك الزيادة المثبتة هنا، وقد أثبتها الحافظ في نسخته من "الفتح". (15) الأدراع: جمع درع الحديد. و (الأعتد): جمع (عتاد) كزمان وأزمن، وهو ما أعد من السلاح والدواب وآلة الحرب، ويجمع على أعتدة كأزمنة. 231 - وصله المصنف فيما يأتي برقم (699). (16) و (السخاب) بالكسر: القلادة. 232 - وصله أحمد، وأبو داود وغيرهما، وهو حديث صحيح لغيره كما تراه في "الإرواء" (3/ 264 - 267)، ومن شواهده ما يأتي في آخر حديث أبي بكر رضي الله عنه، برواية أنس عنه رقم (693).

37 - باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية

37 - باب ما كانَ من خَلِيطَيْنِ فإِنهما يتراجعانِ بينَهما بالسَّويَّةِ 283 - وقال طاوُسٌ وعطاءٌ: إِذا عَلِمَ الخَليطانِ أموالَهما فلا يُجمَعُ مالُهما. 284 - وقال سفيانُ: لا تَجبُ حتى يَتمَّ لهذا أربعونَ شاةً، ولهذا أربعونَ شاةً. (قلت: أسند فيه طرفاً آخر من حديث أبي بكر الآتي والمشار إليه آنفاً). 38 - باب زكاةِ الإِبِلِ 233 - 235 - ذكرَه أبو بكرٍ وأبو ذَرٍّ وأبو هريرةَ رضي الله عنهم عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد الآتي في "ج 2/ 51 - الهبة/ 34 - باب"). 39 - باب مَن بَلغتْ عندَه صدَقةُ بنتِ مَخاضٍ وليست عندَه (قلت: أسند فيه طرفاً كبيراً من حديث أبي بكر الآتي بعده). 40 - باب زكاةِ الغنمِ 693 - عن أَنسٍ أن أبا بكرٍ رضي الله عنه [لما استُخلفَ 4/ 46] كتبَ له هذا الكتابَ لمَّا وجَّهه إِلى البحرين؛ [وختمه بخاتَمِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان نقشُ الخاتم ثلاثةَ أسطرٍ: (محمدٌ) سطر، و (رسولُ) سطر، و (اللهِ) سطر]:

_ 283 - وصله أبو عبيد في "الأموال" بسند صحيح عنهما. 284 - رواه عبد الرزاق عنه. 233 - 235 - أما حديث أبى بكر فهو الآتى مطولاً بعد باب. وله حديث آخر فيما يتعلق بقتال مانعي الزكاة، تقدم برقم (671). وأما حديث أبي ذر فيأتي موصولاً بعد حديثين، ويأتي بعده حديث أبي هريرة معلقاً، وسنذكر من وصله هناك.

بسم الله الرحمنِ الرحيمِ. هذه فريضةُ الصدقةِ التي فَرَضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين، والتي أَمر الله بها رسولَه، فمن سُئِلَها من المسلمين على وَجْهِها فلْيُعْطِها، ومن سُئِل فَوقَها فلا يُعْطِ: في أربعٍ وعشرين من الإبل فما دونها - من الغنم - (17)؛ من كل خمسٍ شاة، إذا بلغت خمساً وعشرين إلى خمسٍ وثلاثين ففيها بنتُ مخاضٍ (18) أنثى، فإذا بلغت ستاً وثلاثين إلى خمسٍ وأربعينَ ففيها بنتُ لَبُونٍ أنثى، فإذا بلغت ستاً وأربعين إلى ستين ففيها حِقّةٌ (19) طَرُوقَةُ الجَمَلِ، فإذا بلغت واحدةً وستين إلى خمسٍ وسبعينَ ففيها جذعةٌ (20)، فإذا بلغت يعني ستاً وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبونٍ، فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حِقَّتان طروقتا الجمل، فإذا زادتَ على عشرين ومائةٍ ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حِقَّةٌ، ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها صدقة، إلا أن يَشاءَ رَبُّها، فإذا بَلَغت خَمْساً من الإبلِ ففيها شاةٌ، [ومن بلغت عنده من الإبل صدقةُ الجَذَعةِ، وليس عنده جَذَعَةٌ، وعنده حِقَّة؛ فإنها تقبل منه الحِقةُ، ويَجعلُ معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهماً، ومن بلغت عنده صدقة الحِقَّةِ، وليست عنده الحقّة، وعنده

_ (17) كذا للأكثر، وفي رواية ابن السكن بإسقاط "من"، وصوّبها بعضهم. وقال عياض: من أثبتها فمعناه: زكاتها؛ أي الإبل من الغنم، و"من" للبيان لا للتبعيض، ومن حذفها فالغنم مبتدأ والخبر مضمر في قوله: "في كل أربع وعشرين" وما بعده، وإنما قدم الخبر لأن الغرض بيان المقادير التي تجب فيها الزكاة، والزكاة إنما تجب بعد وجود النصاب، فحسن التقديم."فتح". (18) هي التي أتى عليها حول ودخلت في الثاني وحملت أمها، والماخض الحامل: أي دخل وقت حملها وإن لم تحمل. وقوله: (أنثى) وكذا قوله: (ذكر) للتأكيد. و (بنت اللبون)، و (ابن اللبون): هما من الإبل ما أتى عليه سنتان ودخل في الثالثة، فصارت أمه لبوناً؛ أي ذات لبن، لأنها تكون قد حملت حملاً آخر ووضعته. (19) هو من الإبل ما دخل في السنة الرابعة إلى آخرها. وسمي بذلك لأنه استحق الركوب والتحميل، ويجمع على حقاق وحقائق. (طروقة الجمل) أي: مطروقة، والمراد أنها بلغت أن يطرقها الفحل. (20) هي التي أتت عليها أربع، ودخلت في الخامسة.

الجَذَعَةُ؛ فإنها تقبل منه الجذعة، ويعطيه المُصَدِّقُ عشرين درهماً أو شاتين. ومن بلغت عنده صدقة الحِقَّة، وليست عنده إلا بنتُ لَبون، فإنها تقبل منه بنت لَبون، ويعطي شاتين أو عشرين درهماً. ومن بلغت صدقتُه بنت لَبون وعنده حِقَّة، فإنها تقبل منه الحِقّة، ويعطيه المُصدِّق عشرين درهماً أو شاتين. ومن بلغت صدقته بنت لبونٍ وليست عنده، وعنده بنت مخاضٍ، فإنها تقبل منه بنت مخاضٍ، ويُعطي معهاَ عشرين درهماً، أو شاتين. [ومن بلغت صدقته بنتَ مخاضِ، وليست عنده، وعنده بنت لبون، فإنها تقبل منه، ويعطيه المصدِّق عشرين درهماً أو شاتين، فإن لم يكن عنده بنت مخاضٍ على وجهها، وعنده ابن لبونٍ، فإنه يقبل منه وليس معه شيء 2/ 122]. وفي صدقة الغنم في سائمتها (21) إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة؛ شاةٌ. وإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين؛ شاتان. فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث، فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة. [ولا يُخرَج في الصدقة هَرِمةٌ، ولا ذاتُ عوارٍ، ولا تيسٌ؛ إلا ما شاء المصَدِّقُ]. [ولا يجمع بين مُتَفَرِّقٍ، ولا يُفرَّق بين مجتمعٍ خشيةَ الصدقةِ] (22)، [وما

_ (21) هي الراعية. (22) أي لا ينبغي لمالكين يجب على مال كل منهما صدقة ومالهما متفرق بأن يكون لكل منهما أربعون شاة. فيجب على كل منهما شاة أن يجمعا عند حضور المصدّق فراراً عن لزوم الشاة إلى نصفها. إذ عند الجمع يؤخذ من كل المال شاة واحدة. وعلى هذا قياس (ولا يفرق بين مجتمع)، أي: ليس لشريكين مالهما مجتمع بأن يكون لكل منهما شاة وشاة فيكون عليهما عند الاجتماع ثلاث شياه بأن يفرق مالهما ليكون على كل واحد شاة واحدة فقط. أفاده السندي.

41 - باب لا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس؛ إلا ما شاء المصدق

كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بالسَّوِيَّةِ (23) 2/ 123]. فإذا كانت سائمةُ الرجل ناقصةً من أربعين شاةً واحدةً فليس فيها صدقةٌ؛ إلا أن يشاء ربّها. وفي الرِّقَّةِ (24) رُبُع العُشرِ، فإن لم تكن إلا تسعين ومائةً فليس فيها شيء؛ إلا أن يشاء ربّها. 41 - باب لا يؤخذُ في الصدقةِ هَرِمةٌ ولا ذاتُ عَوَارٍ ولا تيسٌ؛ إلا ما شاءَ المصَدِّقُ (قلت: أسند فيه طرفا من أواخر حديث أبي بكر المتقدم آنفاً). 42 - باب أخذِ العَناقِ في الصدقةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي بكر الصديق المتقدم برقم 671). 43 - باب لا تُؤخذ كرائمُ أموالِ الناس في الصَّدَقَةِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي هنا "64 - باب"). 44 - باب ليس فيما دونَ خَمسِ ذَوْدٍ صدقةٌ (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد الخدري المتقدم برقم 692).

_ (23) الخليط: المخالط، ويريد به الشريك الذي يخلط ماله بمال شريكه. والتراجع بينهما هو أن يكون لأحدهما مثلاً أربعون بقرة، وللآخر ثلاثون بقرة، ومالهما مختلط، فيأخذ الساعي عن الأربعين مسنة. وعن الثلاثين تبيعاً فيرجع باذل المسنة بثلاثة أسباعها على شريكه، وباذل التبيع بأربعة أسباعه على شريكه، لأن كل واحد من السنَّيْن واجب على الشيوع، كأن المال مِلك واحد. "نهاية". (24) هي الفضة الخالصة؛ سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة.

45 - باب زكاة البقر

45 - باب زكاةِ البقر 236 - وقال أبو حُمَيْدٍ: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لأَعرفَنَّ (25) ما جاءَ اللهَ رجلٌ ببقرةٍ لها خُوَارٌ". ويقالُ: جُؤَارٌ. {تَجأَرُونَ}: أي تَرفَعُونَ أصواتَكُم كما تَجأَرُ الْبَقَرةُ. 694 - عن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: انتهيتُ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نفْسي بيدِهِ، أو والذي لا إلَه غَيْرُه، أو كما حلف، ما مِن رجلٍ تكونُ له إِبلٌ أو بقرٌ أو غنمٌ لا يُؤدِّي حقَّها، إِلا أُتيَ بِهَا يومَ القيامةِ أعظمَ ما تكونُ وأسمنَهُ، تَطَؤُه بأخفافِها، وتَنطِحُه بِقُرونِها، كلَّما جازَت أُخراها، رُدَّت عليه أُولاها، حتى يُقضَى بينَ الناس". 237 - رواه بُكيْرٌ عن أبي صالحٍ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 46 - باب الزكاةِ على الأَقاربِ

_ 236 - هذا طرف حديث وصله المصنف في "ج 4/ 83 - النذور/2 - باب"، وسيأتي بإذن الله تعالى. (25) أي: لأرينكم غداً، (ما جاء اللهَ رجلٌ) رفع بفاعل جاء، و (اللهَ) نصب بجاء، وما مصدرية، أي: لأعرفن مجيء رجلٍ اللهَ. (ببقرة لها خوار) أي: لها صوت. (والجؤار): كالخوار في الوزن والمعنى، واستدل عليه المؤلف بالآية. 237 - قال الحافظ: ومراد البخاري بذلك موافقة هذه الرواية لحديث أبي ذر في ذكر البقر، لأن الحديثين مستويان في جميع ما وردا فيه، وقد أخرجه مسلم موصولاً من طريق بكير بهذا الإسناد مطولاً.

238 - وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لهُ أَجرانِ؛ أجرُ الْقرابةِ والصدقة". 695 - عن أَنس بن مالِك رضي الله عنه قال: كانَ أبو طَلحَةَ أكثرَ الأَنصارِ بالمدينةِ مالاً من نخلٍ، وكانَ أحبَّ أموالِه إليه بَيْرُحاءَ [قال: وكانت حَديقةً 3/ 192]، وكانت مُستقبِلةَ المسجدِ، وكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يدخُلُها [ويستظلُّ فيها]، ويشربُ من ماءٍ فيها طيِّبٍ، قال أنسٌ رضي الله عنه: فلمَّا أُنزلتْ هذِه الآيةُ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قامَ أبو طلحةَ إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله! إِنَّ الله تبارَكَ وتعالى يقولُ [في كتابه 3/ 66]: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وإِنَّ أَحبَّ أموالي إِليَّ بَيْرُحاءَ، وِإنها صدقةٌ لله أرجو بِرَّها وذُخرَها عندَ الله، فضعْها يا رسولَ الله! حيثُ أَراكَ الله، (وفي روايةٍ: حيث شئت) (26). قال: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "بَخْ (27) [يا أَبا طلحة!] ذلكَ مالٌ رابحٌ، ذلكَ مالٌ رابحٌ، (وفي روايةٍ: رائحٌ (28) في الموضعين، وفي أخرى: رائجٌ 5/ 170)، وقد سمعتُ ما قلتَ فيها، [قبلناه منك، وردَدْناه عليك]، وِإني أَرى أن تجعلها في الأَقربينَ"، فقال أبو

_ 238 - هذا طرف من حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود وصله المؤلف فيما يأتي قريباً برقم (699). (26) قلت: والأول أصح عندي. (27) بفتح الموحدة وسكون المعجمة كـ (هل) و (بل)، قاله الشارح. وقال الفيومي: (بَخْ): كلمة تقال عند الرضا بالشيء، وهي مبنية على الكسر والتنوين، وتخفف في الأكثر. (28) معناه: رائحٌ عليه أجرُه.

طلحَةَ: أفعلُ يا رسولَ الله. فقسَمَها أبو طلحةَ في أقاربِهِ وبني عمِّه. 239 - [قال: ومنهم منهم أُبَيٌّ وحسانُ، قال: وباع حسَّانُ حِصَّتَهُ منه من معاويةَ، فقيل له: تبيع صدقةَ أبي طلحةَ؟! فقال: ألا أبيع صاعاً من تمر بصاعٍ من دراهم! قال: وكانت تلك الحديقَةُ في موضع قصر بني حُدَيْلَةَ الذي بناه معاويةُ]. 696 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في أضحى أو فِطرٍ إلى المصلَّى، ثم انصرفَ، فوعَظَ الناسَ، وأمرَهم بالصدقةِ، فقال: "أيها الناسُ تصدَّقوا". فمرَّ على النساءِ، فقال: "يا معشرَ النساءِ تصدَّقنَ، فإني رأيتُكنَّ أكثرَ أهلِ النارِ". فقُلنَ: وبمَ ذلكَ يا رسول الله؟ قال: "تُكْثِرنَ اللَّعنَ، وتَكْفُرْنَ العشيرَ، مارأيتُ من ناقصاتِ عقلٍ ودينٍ أذهبَ للبِّ الرجلِ الحازمِ من إحداكُنَّ يا معشرَ النساءِ! ". [قُلنَ: وما نقصانُ ديننا وعقلِنا يا رسول الله؟ قال: "أليس شهادةُ المرأةِ مثل نصفِ شهادةِ الرجل؟ ". قلن: بلى، قال: "فذلك من نقصان عقلِها، أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم؟ ". قلن: بلى، قال: "فذلك من نقصان دينِها" 1/ 78]، ثم انصرفَ، فلمَّا صارَ إلى منزلِه، جاءَت زَينبُ امرأةُ ابنِ مسعودٍ تستأذنُ عليه، فقيل: يا رسول الله! هذه زينب. فقال: "أيُّ الزيانبِ؟ "، فقيل: امرأةُ ابنِ مسعودٍ. قال: "نعم، ائذَنوا لها". فأُذِنَ لها، قالت: يا نبيَّ الله! إنكَ أمرتَ اليوم بالصدقةِ، وكان عِندي حُليٌّ لي. فأرَدتُ أن أتصدَّقَ

_ 239 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، ولم يَصِلْها الحافظ.

47 - باب ليس على المسلم في فرسه صدقة

به، فزعَمَ ابن مسعودٍ أنه وولَدَه أحقُّ مَن تصدَّقْتُ بهِ عليهم. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " صدَق ابنُ مسعودٍ، زوجُكِ وولدُكِ أحَقُّ من تصدَّقتِ به عليهم". 47 - باب ليسَ على المسلم في فرسهِ صدقةٌ 697 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليسَ على المسلمِ في فرَسِهِ وغلامِهِ (وفي روايةٍ: عبدِه) صدقة". 48 - باب ليسَ على المسلمِ في عبدهِ صدقةٌ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المذكور آنفاً). 49 - باب الصدقةِ على اليتامى 698 - عن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جلسَ ذاتَ يومٍ على المِنبرِ، وجلسنا حولَهُ، فَقال: "إني ممَّا أخافُ عليكم من بَعدي، ما يُفتَحُ عليكم من (وفي روايةٍ: إن أكثرَ ما أخاف عليكم ما يُخْرِجُ الله من بركاتِ الأرض"، قيل: وما بركاتُ الأرض؟ قال: 7/ 173) "زهرةُ الدنيا وزينَتُها". فقال رجلٌ: يا رسولَ الله! أو يأتي الخيْرُ بالشرِّ؟ فسكَتَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقيل له: ما شأْنُكَ تُكلِّمُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يكلِّمُك؟ فرأينا أنه يُنزَلُ عليه، (وفي روايةٍ: فسكت عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، قلنا: يوحى إليه، وسكت الناس، كأن على رؤوسهم الطير 3/ 214)، قال: فمسَحَ عنه (وفي رواية: عن جَبينِه) الرُّحضاءَ (29)، فقال: "أين السائلُ [آنفاً]؟ - وكأنه حمِدَه،

_ (29) الرحضاء: العرق الكثير.

50 - باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر

فقال: -[أوَ خيرٌ هو (ثلاثاً؟)] إنه لا يأتي الخيْرُ بالشرِّ (وفي روايةٍ: إلا بالخير، إنَّ هذا المالَ خضرةٌ حُلْوَةٌ)، وإنَّ ممَّا يُنبتُ الربيعُ يَقتُلُ [حَبَطاً] (30)، أو يُلِمُّ [كلَّ ما أكَلَتْ]، إلا آكلةَ الخضراءِ أكلت حتى إذا امتدَّت خاصرتاها استقبلت عينَ الشمسِ فـ[اجترَّت و [ثَلَطَتْ (31) وبالت ورتَعتْ، (وفي روايةٍ: ثم عادت فأكلت) (32)، وإنَّ هذا المال خضِرةٌ حُلْوةٌ، فنعمَ صاحب المسلمِ] لمن أخذه بِحَقِّه،] ما أعطى منه المسكينَ، واليتيمَ، وابنَ السبيلِ. أو كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: مَن أخذه بحقِّه، ووضعه بحقِّه، فنعم المعونةُ هو)، وإنه من يأخذُه بغيرِ حقِّه كالذي يأكلُ ولا يشبَعُ، ويكونُ شهيداً عليهِ يوم القيامِة". 50 - باب الزكاةِ على الزوجِ والأيتامِ في الحَجرِ (33) 245 - قاله أبو سعيدٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 699 - عن زينبَ امرأةِ عبدِ الله قالت: كنتُ في المسجدِ، فرأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: "تصدَّقنَ ولوْ من حُلِيِّكُنَّ". وكانت زينبُ تُنفِقُ على عبدِ الله، وأيتامٍ في

_ (30) الحَبط: انتفاخ البطن من كثرة الأكل، يقال: حبطت الدابة تحبط حبطاً؛ إذا أصابت مرعى طيباً فأمعنت في الأكل حتى تنتفخ فتموت. (أو يلم) أي: يقرب من القتل. (31) أي: ألقت السرقين سهلاً رقيقا. (32) هذه الرواية عند المصنف في "الرقاق"، وهو الموضع المشار إليه أولاً، ومن العجيب أن الحافظ عزاها للدارقطني على أنها زيادة له وهي بين يديه في المتن! (33) بفتح الحاء وكسرها: حَجْر الإنسان، أي: حضنه وهو ما دون إبطه إلى الكشح. ويقال: هو في حجره: أي في كنفه وحمايته. 240 - يشير إلى حديثه المتقدم قريباً برقم (696).

51 - باب قول الله تعالى: {وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله}

حَجْرِها، فقالت لعبد الله: سَلْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُجْزىءُ عني أنْ أُنفِقَ عليكَ وعلى أيتامي في حَجْري من الصدقةِ؟ فقالَ: سَلي أنتِ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فانطلقتُ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فوجدتُ امرأةً من الأنصارِ على البابِ، حاجتُها مثلُ حاجتي، فمرَّ علينا بلال، فقلنا: سَلِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُجْزىءُ عني أن أُنفِقَ على زوْجي وأيتامٍ لي في حَجْري؟ وقلنا: لا تُخْبرْ بِنا، فدخلَ، فسألَه؟ فقالَ: "مَنْ هُما؟ ". قالَ: زينبُ، قالَ: "أَيُّ الزيانبِ؟ ". قالَ: امرأةُ عبدِ الله، قالَ: "نعمْ، ولها أَجرانِ؛ أَجرُ القرابةِ، وأَجرُ الصدقةِ". 51 - باب قولِ الله تعالى: {وَفي الرِّقابِ والْغَارِمينَ وَفي سَبيلِ الله} 285 - ويُذكَر عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: يُعتِقُ مِن زكاةِ مالِهِ، ويُعطي في الحجِّ. 286 - وقال الحسَنُ: إِنِ اشترَى أباهُ منَ الزكاةِ جازَ، ويُعطي في المجاهدينَ، والذي لم يحُجَّ، ثم تَلا: {إِنَّما الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ} الآية، في أيِّها أَعطيتَ أَجزأتْ. 241 - وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ خالداً احتبَسَ أَدراعَه في سبيل الله". 242 - ويُذكرُ عن أبي لاسٍ: حَمَلَنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على إِبلِ الصدقةِ للحجِّ.

_ 285 - وصله أبو عبيد في "الأموال" بسند جيد عنه. 286 - هذا صحيح عنه أخرج أوله ابن أبي شيبة. كذا في "الفتح". 241 - يأتي موصولاً في الباب. وسبق معلقاً برقم (230). 242 - وصله أحمد وغيره، قال الحافظ:"ورجاله ثقات؛ إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق، ولهذا توقف ابن المنذر في ثبوته".

52 - باب الاستعفاف عن المسألة

700 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: أَمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالصدقةِ، فقيلَ: مَنَعَ ابن جميلٍ وخالدُ بن الوليد وعباسُ ابن عبدِ المطلبِ (34)، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما يَنقِمُ ابنُ جميلٍ (35) إِلا أنه كانَ فقيراً فأغناهُ الله ورسولُه، وأَمَّا خالدٌ فإنكمْ تَظلِمون خالداً؛ قدِ احتَبَسَ أدراعَه وأعتُدَه (36) في سبيل الله، وأمَّا الْعباسُ بنُ عبدِ المطلبِ فعمُّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فهيَ عليه صدقة، ومثلُها معها". 52 - باب الاستعفافِ عن المسألةِ 701 - عن أبي سعيدٍ الخدْريِّ رضي الله عنه: أنَّ ناساً من الأَنصارِ، سألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعطاهم، ثم سألوهُ، فأَعطاهم، حتى نفِدَ ما عندَهُ، فقال [لهم حينَ نَفِدَ كلُّ شيءٍ أَنْفَقَ بيَديْهِ 7/ 183]: "ما يَكونُ عِندي من خيْرٍ فلنْ أَدَّخرَه عنكم، وَ [إِنه] مَن يستعفِفْ يُعفَّهُ الله، ومَن يستغنِ يُغنِهِ الله، ومَن يتصبَّرْ يصبِّرْهُ الله، وما أُعطيَ أحدٌ عطاءً خيْراً وأَوسَعَ منَ الصبرِ". 702 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:

_ (34) زاد أبو عبيد من طريق ابن أبي الزناد: "أن يعطوا الصدقة، قال: فخطب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذبَّ عن اثنين: العباس وخالد". (35) أي: ما ينبغي لابن جميل أن يكره وينكر شيئاً، إلا أنه كان فقيراً فصار غنياً بإغناء الله تعالى ورسوله، وهذا لا يوجب له ذلك فلا موجب للمنع، فينبغي أن يعطى. (36) جمع عتاد، كأزمن في جمع زمان. وما رواه الشارح فيه من كسر التاء تأباه اللغة.

"والذي نفْسي بيدِه، لأَنْ يأخُذَ أحدُكم حبْلَهُ، [ثم يَغْدو- أَحسِبُه قال:- إِلى الجبلِ 2/ 132] فيحتطِبَ [حُزمةً 3/ 9] على ظهرِهِ [فيبيعَ، فيأكلَ ويتصدقَ]، خيرٌ له من أنْ يأتيَ رجلاً فيسألَهُ، أعطاه أو منَعهُ". 703 - عن الزُّبيرِ بن العوَّام رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لأَنْ يأخذَ أحدُكم حبلَهُ (وفي روايةٍ: أحبُلَه 3/ 9) فيأتيَ بحُزمةِ الحطبِ على ظهرِه، فيبيعَها، فيكُفَّ الله بها وجهَهُ؛ خيرٌ لهُ من أنْ يسألَ الناسَ، أعطَوْهُ أو منعُوه". 704 - عن حكيم بنِ حزامٍ رضي الله عنه قال: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاني، ثم سألتُهُ فأعطاني، ثم سألتُه فأعطاني، ثم قال: "يا حكيمُ إِنَّ هذا المال خَضِرَةٌ حُلوةٌ، فمن أَخذَه بسخاوةِ (وفي روايةٍ: بطِيبِ 7/ 176) نفْسٍ، بُورِكَ له فيهِ، ومَن أخذَه بإشرافِ نفْسٍ (37)، لم يبارَكْ له فيه، وكانَ كالذي يأكلُ ولا يَشبَعُ، [و 4/ 58] اليدُ العُليا خيرٌ من اليدِ السُّفلى". فقال حكيمٌ: فقلتُ: يا رسولَ الله! والذي بعثَكَ بالحقِّ لا أرزَأُ (38) أحداً بعدَكَ شيئاً حتى أُفارقَ الدنيا. فكانَ أبو بكرٍ رضي الله عنه، يدعو حكيماً إلى (وفي روايةٍ: ليعطيه 3/ 189) العطاءَ، فيأبى أن يقبلَه منهُ. ثم إن عمرَ رضي الله عنه، دعاَهُ ليُعطيَهُ، فأبى أن يقبَلَ منه شيئاً، فقال: إني أشهدُكم [يا] مَعشرَ المسلمين على حكيمٍ أني أعرِضُ عليه حقَّه [الذي قسم الله له] من هذا الفَيءِ فيأبى أن يأخذَه. فلم يرزْأ حكيمٌ أحداً من الناسِ بعدَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم - حتى توُفيَ [رحمه الله].

_ (37) إشراف النفس: حرصها على شيء، وتطلعها إليه. (38) أي: لا أصيب أحداً بسؤاله شيئاً.

53 - باب من أعطاه الله شيئا من غير مسألة ولا إشراف نفس، {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم}

53 - باب مَن أعطاه الله شيئاً من غير مسألةٍ ولا إشراف نفسٍ، {وفي أمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسائِلِ وَالمحْرُومِ} (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عمر بن الخطاب الآتي في "ج 4/ 93 - الأحكام/17 - باب"). 54 - باب من سألَ الناسَ تكثُّراً (39) 705 - عن عبدِ الله بن عُمرَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يزالُ الرجلُ يسألُ الناسَ، حتى يأتيَ يومَ القيامةِ ليسَ في وَجههِ مُزعةُ لحمٍ (40) ". 55 - باب قولِ الله تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}، وكَمِ الغِنى (41)؟ 243 - وقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يجِدُ غِنىً يُغنيِهِ"، {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ (42) لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} إلى قوله {فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)} 706 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ليسَ المسكينُ الذي يَطوفُ على الناسِ ترُدُّه اللُّقمةُ واللُّقمتان، (وفي روايةٍ: الأُكلةُ والأُكلتان 2/ 131)، و [لا 5/ 164] التمرةُ والتمرتان، ولكنِ المسكينُ الذي لا يجِدُ غِنىً يُغنيهِ، ولا يُفطَنُ بهِ، فيُتصدَّقُ عليه، و [يستحيي أو] لا يقومُ فيَسألُ

_ (39) أي: مستكثراً المال بالسؤال لا يريد به سدّ الخلة. (40) أي: قطعة لحم، بل الوجه كله عظم. (41) يعني: أيّ: قدر من الغنى يحرم به السؤال، وكأنه استنبط من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولا يجد غنى يغنيه": أن ما يغني الإنسان- أي: يسدّ حاجته- كقوت اليوم، فهو غنى يحرم السؤال. 243 - يأتي بتمامه موصولاً في الباب. (42) أي منعهم الاشتغال بالجهاد في سبيل الله من الضرب في الأرض. أي: التجارة؛ لاشتغالهم به عن التكسب.

56 - باب خرص التمر

الناسَ [إلحافاً]، [يتَعفَّفُ، واقرؤا إن شئتم -يعني قوله تعالى-: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} ". 56 - باب خَرْصِ التمرِ (43) 707 - عن أبي حُمَيدٍ الساعديِّ رضي الله عنه قال: غزونا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - غزوةَ تَبوكَ، فلمَّا جاءَ واديَ الَقُرَى إذا امرأةٌ في حديقةٍ لها، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابِهِ: "اخرُصوا". وخرَصَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشَرةَ أوسُقٍ، فقال لها: "أحصي ما يَخرُجُ منْها". فلما أتَينا تَبوكَ، قالَ: "أمَا إنها ستهُبُّ الليلَةَ ريحٌ شديدةٌ، فلا يقُومَنَّ أحدٌ، ومن كانَ معَه بَعيرٌ فليَعْقِلْهُ". فعقَلناها، وهبَّت ريحٌ شديدةٌ، فقامَ رجلٌ فألقتْهُ بجبَلِ طيِّءٍ. وأهدى ملِكُ أيْلةَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بغلةً بيضاءَ، وكساهُ بُرداً، وكتَب له ببَحرهِمْ (44). فلما أتى واديَ القرى، قال للمرأةِ: "كم جاءَت حديقتُكِ؟ ". قالت: عشَرةَ أوسُقٍ، خرْصَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " إنِّي متعجِّلٌ إلى المدينةِ، فمن أرادَ منْكم أن يتعجَّلَ معي (45) فليتعجَّل". فلما أشرفَ على المدينةِ قال:

_ (43) أي: حزر ما على النخل من التمر وتخمينه. (44) أي: ببلدهم على البحر. والمعنى أنه أقرّه عليهم بما التزموه من الجزية. (45) أي: إني سالك الطريق القريبة، فمن أراد فليأت معي، يعني: ممن له اقتدار على ذلك دون بقية الجيش. "فتح".

57 - باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري

"هذه طابَةُ". فلمَّا رأى أُحُداً قال: "هذا جُبَيلٌ يُحبُّنا ونُحبُّه، ألا أخبرُكم بخيرِ دُورِ الأنصارِ؟ ". قالوا: بلى، قال: "دُورُ بني النجَّارِ، ثم دُورُ بني عبدِ الأشهلِ، ثم دورُ بني ساعدةَ، أو دورُ بني الحَارِثِ بن الخزرَجِ، (وفي روايةٍ بتقديم بني الحارث على بني ساعدةَ، والأولى أصح) وفي كلِّ دورِ الأَنصارِ -يعني خيْراً-". [فلَحِقْنا سعدَ بن عُبادةَ، فقال أَبو أُسَيْدٍ: ألم تَر أَن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم -، خيَّر الأنصارَ فجعلَنا أخيراً، فأدركَ سعدٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله! خُيِّر دورُ الأنصار، فجُعلْنا أخيراً، فقال: "أَوليس بِحسْبِكم أَن تكونوا من الخيار! " 3/ 224]. 244 - وفي روايةٍ معلقةٍ عن سهلٍ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُحُدٌ جبَلٌ يحبُّنا ونُحبُّه". وقال أَبو عبدُ الله: كلُّ بستانٍ عليه حائطٌ فهوَ حديقةٌ، وما لم يكنْ عليه حائطٌ لم يُقَلْ: حديقةٌ. 57 - باب العُشرِ فيما يُسقى من ماءِ السماءِ وبالماءِ الجاري 287 - ولم يَرَ عُمرُ بن عبدِ العزيزِ في العَسَلِ شيئاً. 708 - عن عبد الله (بن عمر) رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

_ 244 - هذا معلق عند المصنف، وصله علي بن خزيمة في "الفوائد". كما في "الفتح". 287 - وصله مالك وابن أبي شيبة بسندين صحيحين عنه. وروي عنه خلافه؛ ولا يصحّ عنه، وروي مرفوعاً، ولا يصحّ.

58 - باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة

"فيما سَقَتِ السماءُ والعيونُ، أو كانَ عَثَريّاً (46) العُشرُ، وما سُقيَ بالنَّضحِ نِصف العُشرِ". قال أبو عبدِ الله: هذا (47) تفسيرُ الأَولِ؛ لأَنه لم يوَقَّتْ في الأَولِ. يعني حديثَ ابن عُمرَ: "فيما سقَتِ السماءُ العشرُ"، وبيَّنَ في هذا ووقَّتَ، والزيادةُ مقبولةٌ، والمفسَّر يقضي على المبهَمِ إِذا رواهُ أهلُ الثَّبْتِ. 245 - كما روى الفضل بن عباسٍ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يصلِّ في الكعبةِ. 246 - وقال بلالٌ: قد صلَّى. فأُخِذَ بقولِ بلالٍ، وتُرِكَ قولُ الفضلِ. 58 - باب ليسَ فيما دونَ خمسةِ أوسُقٍ صدقة (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد الخدري المتقدم برقم 692). قال أبو عبدِ الله: هذا تفسيرُ الأَولِ (48)، إذ قال: "ليسَ فيما دونَ خمسةِ أوسُقٍ صدقةٌ"؟ لكوْنه لم يبيِّنْ، ويؤخذُ أبداً بالعِلمِ بما زادَ أهلُ الثَّبتِ أو بيَّنوا.

_ (46) ما يسقى بالسيل الجاري في حفر. وتسمى الحفرة: (عاثوراء) لتعثّر المار بها إذا لم يعلمها. وقوله: (وما سقي بالنضح) يعني: ما سقي من الآبار بالغرب أو بالسانية. (47) قلت: يعني حديث أبي سعيد المتقدم برقم (692)، ومراده أن حديث ابن عمر عام، وحديث أبي سعيد خاص فيخص به العام. وهذا ظاهر لمن أنصف. ثم إن المناسب لأسلوب التأليف أن يكون هذا الكلام بعد حديث أبي سعيد المشار إليه. وكذلك وقع في بعض نسخ الكتاب. راجع "الفتح". 245 - وصله أحمد (1/ 210 و 211 و 212) من طرق عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس عنه، ووصله المصنف فيما يأتي " 25 - الحج/54 - باب " من طريق أخرى عن ابن عباس لم يتعده. 246 - وصله المصنف في مواطن، وسيأتي في "ج 2/ 56 - الجهاد/127 - باب". (48) يعني حديث ابن عمر المتقدم برقم (708)، ولم يقع قول المصنف هذا هنا في نسخة "الفتح" وغيرها. وراجع التعليق المتقدم هنا برقم (47) أعلاه.

59 - باب أخذ صدقة التمر عند صرام النخل، وهل يترك الصبي فيمس تمر الصدقة؟

59 - باب أَخذِ صدقةِ التمرِ عندَ صِرامِ النخلِ (49)، وهلْ يُترَكُ الصبيُّ فَيَمَسَّ تمرَ الصدقةِ؟ 709 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُؤتى بالتمرِ عندَ صِرامِ النخلِ، فَيَجيءُ هذا بتمرهِ، وهذا من تمرِهِ، حتى يصيرَ عندَه كوْماً (50) من تمرٍ، فجعلَ الحسَنُ والحسَيْنُ رضي الله عنهما يلعبانِ بذلكَ التمر، فأَخذَ أحدُهما تمرةً فجعلهُ (51) في فيهِ، فنظَر إِليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، [فقال [بالفارسية 4/ 36]: "كِخِّ كِخِّ"؟ لِيَطْرَحَها 2/ 135]، فأَخرَجها مِن فيهِ، فقال: "أمَا علِمتَ أنَّ آلَ محمدٍ لا يَأكلونَ الصدقة؟ ". 60 - باب مَن باعَ ثمارَه أو نخلَه أو أرضَه أو زرْعَه وقد وجَبَ فيه العُشرُ أو الصدقةُ فأدَّى الزكاةَ من غيرِه، أو باعَ ثمارَه ولم تَجبْ فيهِ الصدقةُ 247 - وقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَبيعوا الثمَرةَ حتى يبدوَ صلاحُها". فلم يَحظُرِ الْبيعَ بعدَ الصلاحِ على أَحدٍ، ولم يخُصَّ مَن وَجَبَ عليهِ الزكاةُ ممن لم تَجبْ. 710 - عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما:

_ (49) أي: قطع التمر عنه. (50) بفتح الكاف، وروي ضمّها؛ وهو ما اجتمع كالبيدر. (51) أي: المأخوذ. 247 - وصله المصنف، وسيأتي في "ج 2/ 34 - البيوع/82 - باب" من حديث ابن عمر، وسنذكره هناك إن شاء الله؛ تبعاً لغيره، وبأتي هنا أيضاً موصولاً.

61 - باب هل يشتري صدقته؟ ولا بأس أن يشتري صدقته غيره

نَهى النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - عن بيعِ (وفي روايةٍ: قال: "لا تَبيعوا 3/ 31) الثمرةَ حتى يبدوَ صلاحُها"، [نهى البائع والمبتاعَ 3/ 34]، [ولا تَبيعوا الثمرَ بالتَّمْرِ]، وكانَ إِذا سُئِلَ عن صلاحِها؟ قال: "حتى تذهبَ عاهتُه (52) ". 61 - باب هل يشتري صدقتَه؟ ولا بأس أن يشتريَ صدقتَه غيرُهُ 248 - لأَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إِنما نَهى المتصدِّقَ خاصةً عن الشرَاءِ، ولم يَنْهَ غيرَه. 711 - عن عبدِ الله بن عُمَر رضي الله عنهما أنَّ عمرَ بن الخطاب تصدَّقَ بفرسٍ (وفي طريقٍ: حمل عليها رجلاً 3/ 197) في سبيل الله، [أعطاها لهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -]، فوجدَه يباعُ، فأرادَ أنْ يشتَريَهُ، ثم أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فاستأمرَه [أن يبتاعها]؟ فقال: " [لا تَبتعْها، و] لا تعُدْ في صَدَقَتِكَ". فبذلكَ كانَ ابنُ عُمَرَ رضي الله عنهما لا يترُكُ أن يَبتاعَ شيئاً تصدَّقَ به إِلا جعلَهُ صدقةً. 712 - عن عُمَرَ بن الخطابِ رضي الله عنه قال: حَملتُ (3) على فرَسٍ في سبيل الله؛ [فابتاعَه أو 4/ 18] فأضاعهُ الذي كانَ عندَه (54) فأردتُ أن أشتريَهُ [منه 3/ 143]، فظننتُ أنه يبيعُهُ برُخصٍ، فسألتُ [عن ذلك] النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -؟ فقال:

_ (52) أي: آفته، والتذكير باعتبار التمر. 248 - قلت: يشير بذلك إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر في حديث الباب: "لا تَعُدْ في صدقتك". (53) قال الحافظ: ظاهره أنه حَمَلَه عليه حملَ تمليكٍ ليجاهد به، إذ لو كان حَمْلَ تحبيس لم يجز بيعه. (54) أي: لم يحسن القيام عليه، وقصر في مؤنته وخدمته. وقيل: أي لم يعرف مقداره، فأراد بيعه بدون قيمته.

62 - باب ما يذكر في الصدقة للنبي - صلى الله عليه وسلم -

"لا تشترِ [هِ]، ولا تعُدْ في صدقتِكَ، وِإنْ أَعطاكَهُ بدرهَمٍ، فإِنَّ العائدَ في صدقتِهِ (وفي روايةٍ: هِبَتِهِ) كالعائِدِ (وفي روايةٍ: كالكلبِ يعودُ) فَي قَيْئِهِ". 62 - باب ما يذْكرُ في الصدقةِ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 709). 63 - باب الصَّدقةِ على مَوالي أَزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 713 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: وجَدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شاةً (وفي طريقٍ: مرَّ بعنْزٍ 6/ 231) مَيِّتَةٍ أُعطيَتْها موْلاةٌ لميمونةَ من الصدقةِ، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلاَّ انتفَعْتم بجِلدِها (وفي روايةٍ: هلا استَمْتَعْتُم بإِهابها؟ (*) " 2/ 40) قالوا، إنها ميْتةٌ، قال: " إِنما حَرُمَ أَكلُها". 64 - باب إِذا تحوَّلتِ الصدقةُ 714 - عن أمِّ عطيَّة الأَنصارية رضي الله عنها قالت: دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على عائشةَ رضي الله عنها، فقال: "هل عندَكم شيءٌ؟ ". فقالت: لا، إلا شيءٌ بَعثتْ به إلينا نُسَيبةُ (وفي روايةٍ: أمُّ عطيةَ 3/ 132) منَ الشاةِ الَّتِي بَعثتَ بها (وفي روايةٍ: بُعِثتْ إِليها) (55) منَ الصدقة، فقال:

_ (*) أي بعد دبغها، كما يدلُّ على ذلك أحاديث أخرى، وقد خرَّجت بعضها في "غاية المرام" (35/ 28)، وانظر "الإرواء" (1/ 76 - 79). (55) وهي الصواب.

65 - باب أخذ الصدقة من الأغنياء وترد في الفقراء حيث كانوا

" [هاتِ، فَـ 2/ 121] إِنها قد بلَغتْ مَحِلَّها". 715 - عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أتِيَ بلحْمٍ، [فقيل: 3/ 131] تُصُدِّقَ به على بَريرةَ، فقال: "هو عليها صدقةٌ، وهوَ لنا هديَّةٌ". 65 - باب أَخْذِ الصدقةِ من الأغنياء وترَدُّ في الفقراء حيثُ كانوا 716 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لمُعاذِ بن جبَلٍ حين بعثَه إِلى الْيمَنِ: "إِنكَ ستأتي قوماً أهلَ كتابٍ، فإذا جئتَهم فادْعُهمْ إِلى أنْ يشهَدوا أنْ لا إِله إلا الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله، (وفي روايةٍ: فليكن أولَ ما تدعوهم إليه عبادةُ الله 2/ 125، وفي أخرى: توحيدُ الله تعالى 8/ 164)، فإنْ همْ أطاعوا لكَ بذلكَ (وفي روايةٍ: فإِذا عرفوا الله)، فأَخْبرْهم أنَّ الله قد فرَضَ عليهمْ خمسَ صَلَواتٍ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، فإِن هُمْ أطاعوا لك بذلك (وفي روايةٍ: لذلك 2/ 108، وفي أخرى: فإِذا فعلوا الصلاةَ)، فأخْبِرْهم أَن الله قد فرَضَ عليهم صدقةً (وفي روايةٍ: زكاةَ أموالهم)، تُؤخذُ من أَغنيائِهم فَتُرَدُّ على فقرائِهمْ، فإِنْ هم أطاعوا لكَ بذلكَ (وفي روايةٍ: فإِذا أطاعوا بها) فإِياكَ وكرائمَ أموالِهم، واتَّقِ دعوةَ المظلومِ، فإِنه ليسَ بينَه (وفي روايةٍ: بينها 3/ 99) وبينَ الله حِجابٌ". [قال أبو عبد الله: طوَّعتْ: طاعتْ، وأَطاعتْ، لغةٌ. طِعتُ، وطُعتُ، وأَطعتُ 5/ 109].

66 - باب صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة،

66 - باب صلاةِ الإمامِ ودعائهِ لصاحبِ الصدقةِ، وقولهِ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} 717 - عن عبدِ الله بن أبي أَوفى-[وكانَ مِن أصحابِ الشجرةِ 5/ 65]- قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذا أتاهُ قومٌ بصدَقتِهِمْ، قال: "اللهمَّ صلِّ على آلِ فلانٍ (وفي روايةٍ: صلِّ عليهم) ". فأتاهُ أبي بصدَقتِهِ، فقال: "اللهمَّ صلِّ على آلِ أَبي أَوفى". 67 - باب ما يُستخرَجُ منَ البحرِ 288 - وقال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: ليسَ العنبرُ برِكَازٍ، هوَ شيءٌ دَسَرَهُ (57) البحرُ. 289 - وقال الحسَنُ: في العنبرِ واللّؤْلُؤ الخُمسُ. 249 - فإِنما جعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الرِّكازِ الخُمُسَ، ليسَ في الذي يُصابُ في الماءِ. 250 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أن رجلاً من بني إسرائيلَ سَأَلَ

_ (56) كذا الأصل، وفي نسخة "الفتح" وغيرها: (صلاتك) بالإفراد، وهي قراءة حمزة والكسائي وحفص (شارح). 288 - وصله الشافعي، وابن أبي شيبة وغيرهما بسند صحيح عنه. (57) أي: دفعه ورمى به إلى الساحل. 289 - وصله أبو عبيد في "الأموال". 249 - يأتي موصولاً في الذي بعده. 250 - هذا معلق هنا، وقد وصله مختصراً في "34 - البيوع/ 10 - باب"، وسيأتي بإذن الله تعالى هناك.

68 - باب في الركاز الخمس

بعض بني إسرائيلَ بأن يُسلِفَهُ ألفَ دينار، فدفعها إليه، فخَرَجَ في البحرِ، فلم يجد مركباً، فأخذ خشبةً فنقرها، فأدخل فيها ألفَ دينار فرمى بها في البحر، فخرج الرجل الذي كان أَسلَفَهُ، فإِذا بالخشبة، فأخذها لأهله حطباً (فذكر الحديث)، فلما نشرها وجد المال". 68 - باب في الرِّكازِ الخُمسُ 290 و 291 - وقال مالكٌ وابن إِدريسَ: الرِّكازُ دِفْنُ (58) الجاهليَّةِ، في قليلِهِ وكثيرِه الخُمسُ، وليسَ المعدِن بركاز. 251 - وقد قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - "في المعدِنِ جُبَارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمسُ". 292 - وأَخذَ عمرُ بن عبدِ العزيزِ منَ المعادن منْ كلِّ مئَتَيْنِ خَمسةً. 293 - وقال الحسَنُ: ما كانَ منْ رِكازٍ في أرض الحربِ ففيهِ الخُمسُ، وما كانَ في أرضِ السِّلمِ ففيهِ الزكاةُ، وإنْ وُجدتِ اللُّقَطةُ في أرضِ العدوِّ فَعَرِّفها، وِإنْ كانت مِنَ العدوِّ ففيها الخُمسُ.

_ 290 و 291 - أما قول مالك فوصله أبو عبيد في "الأموال" بسند صحيح عنه. وهو في "الموطأ" (1/ 245) دون قوله: "في قليله .. ". وأما قول ابن إدريس- وهو الإمام الشافعي على الأرجح- فوصله البيهقي بسند صحيح عنه دون الزيادة المذكورة. (58) بكسر الدال وسكوِن الفاء أي: الشيء المدفون. كذِبْح بمعنى مذبوح. وبالفتح مصدر أُريدَ به المفعول. 251 - يأتي موصولاً في الباب. 292 - وصله أبو عبيد في "الأموال". 293 - وصله ابن أبي شيبة.

69 - باب قول الله تعالى: {والعاملين عليها}، ومحاسبة المصدقين مع الإمام

294 - وقال بعضُ الناسِ: المعْدِنُ ركازٌ مِثلُ دَفْنِ الجاهليةِ، لأنه يقالُ: أَرْكزَ المعدِنُ؛ إِذا خرَجَ منه شيءٌ. قيلَ له: قد يقالُ لِمَنْ وُهِبَ له شيءٌ أو رَبِحَ ربحاً كثيراً أو كَثُرَ ثمرُهُ: أَرْكَزتَ. ثم ناقَضَ؛ وقال: لا بأسَ أن يَكتُمَه، ولا يؤدِّي الخُمسَ. 718 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "العَجْماءُ [جَرْحها، وفي طريقٍ: عَقْلُها 8/ 47] جُبَارٌ (59)، والبِئرُ جُبارٌ، والمعدِنُ جُبارٌ، وفي الرِّكازِ الخُمس". 69 - باب قولِ الله تعالى: {والعاملينَ عليها}، ومحاسبةِ المصدِّقينَ معَ الإمامِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي حميد الساعدي الآتي في "ج 4/ 83 - النذور/ 2 - باب"). 70 - باب استعمالِ إِبلِ الصدقةِ وأَلْبانِها لأَبناءِ السبيلِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس بن مالك المتقدم برقم 137). 71 - باب وَسمِ (60) الإمامِ إِبلَ الصَّدَقَةِ بيَدهِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس بن مالك الآتي في "ج 3/ 71 - العقيقة/ 1 - باب").

_ 294 - يعني: الإمام أبا حنيفة كما في "الفتح". (59) أي: البهيمة جرحها هدر كما هو المعروف. (60) الوسم: جعل السمة، وهي العلامة، واسم الآلة التي يكوى بها ويعلم.

72 - باب فرض صدقة الفطر

بسم الله الرحمن الرحيم 72 - باب فرضِ صدقةِ الفِطرِ 295 - 297 - ورأَى أبو العاليةِ وعطاءٌ وابنُ سِيرينَ صدقةَ الفِطرِ فريضةً. 719 - عن نافع عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما قال: فرَضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - زكاةَ الفِطْر صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، على العبدِ والحُرِّ، والذَّكرِ والأنثى، والصغيرِ والكبيرِ، منَ المسلمينَ، وأَمرَ بها أن تؤدَّى قبلَ خروجِ الناسِ إِلى الصلاةِ. [فعدَلَ الناسُ به نصفَ صاعٍ من بُرٍّ، فكان ابن عُمر يعطي التمرَ، فأعْوزَ (61) أَهلُ المدينة منَ التمرِ، فأعطى شعيراً. فكانَ ابنُ عُمرَ يُعطي عن الصغيرِ والكبيرِ، حتى إِنْ كانَ يُعطي عن بَنيَّ. وكانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنه يُعطيها الذينَ يَقبلونها، وكانوا يُعطُونَ قبلَ الفِطرِ بيومٍ أو يومَين 2/ 139]. 73 - باب صدقةِ الفطرِ على العبدِ وغيرهِ من المسلمينَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر الذي قبله). 74 - باب صدقةِ الفطرِ صاعٌ من شعير (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سعيد الآتي بعده). 75 - باب صدقةِ الفطرِ صاعٌ من طعام

_ 295 - 297 - وصله عن أبي العالية وابن سيرين ابنُ أبي شيبة. وعن عطاء عبدُ الرزاق. (61) أي: احتاج. ولأ بي ذر (فأُعْوِز) بضم الهمزة وكسر الواو.

76 - باب صدقة الفطر صاعا من تمر

720 - عن أبي سعيدٍ الخُدْريّ رضي الله عنه قال: كنَّا نُخرِجُ [في عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -2/ 139] زكاةَ الفِطرِ، صاعاً من طعامٍ، أو صاعاً من شعيرٍ، أو صاعاً من تمرٍ، أو صاعاً من أَقِطٍ (62)، أو صاعاً من زبيبٍ، (وفي روايةٍ: طعامٍ، وقال أبو سعيد: وكانَ طعامُنا الشعيرَ والزبيبَ والأَقِطَ والتمرَ). [فلما جاءَ معاويةُ، وجاءتِ السمراءُ (63)، قال: أُرَى مُدّاً من هذا يَعدِلُ مُدَّين 2/ 139]. 76 - باب صدقةِ الفطرِ صاعاً من تمرٍ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم قبل حديث). 77 - باب صاعٍ من زبيبٍ (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد الخدريمما المتقدم آنفاً). 78 - باب الصدقةِ قبلَ العيدِ 79 - باب صدقةِ الفطرِ على الحُرِّ والمملوكِ 298 - وقال الزُّهريُّ في المملوكِينَ للتجارةِ: يُزكَّى في التجارةِ، ويزكَّى في الفطرِ. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم قريباً برقم 719). 80 - باب صدقةِ الفطرِ على الصغيرِ والكبيرِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً).

_ (62) هو لبن جامد فيه زبدة. (63) أي: القمح الشامي. 298 - قال الحافظ: وصله ابن المنذر في "كتابه الكبير"، ولم أقف على إسناده، وذكر بعضه أبو عبيد في "الأموال".

25 - كتاب الحج

بسم الله الرحمن الرحيم 25 - كتَابُ الحج 1 - باب وجوبِ الحجِّ وفضلهِ، وقولِ الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} 721 - عن عبدِ الله بن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان الفضلُ رَديفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاءتِ امرأةٌ من خَثْعَمَ، فجعلَ الفضلُ يَنْظُرُ إليها، وتنظُرُ إليهِ، وجعلَ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - يَصرفُ وجهَ الفضلِ إلى الشِّقِّ الآخَرِ، فقالت: يا رسولَ الله! إنَّ فريضةَ الله على عبادهِ في الحجِّ؛ أَدركتْ أَبي شيخاً كبيراً، لا يَثْبُتُ على الراحلةِ؛ أَفأحُجُّ عنه؟ قالَ: "نعمْ". وذلكَ في حَجَّةِ الوَداعِ. 2 - باب قولِ الله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} {فِجاجاً}: الطرُقُ الواسعةُ. 722 - عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَركبُ راحلتَهُ بذِي الحُلَيْفةِ، ثم يُهلُّ حتى تَستويَ (وفي طريقٍ آخر: حين استَوتْ 2/ 148) به قائمةً. (وفي روايةٍ: كان إذا أَدخَلَ رجلَه في الغَرْزِ، واستوت به ناقتُه قائمةً أَهلّ من عند مسجد ذي الحُليْفةِ 3/ 219).

3 - باب الحج على الرحل

723 - عن جابرِ بن عبدِ الله رضي الله عنهما أنَّ إهلالَ (1) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن ذِي الحُليْفَةِ، حينَ استوتْ به راحلتُهُ. 252 و 253 - رواهُ أَنسٌ وابن عباس رضي الله عنهم. 3 - باب الحجِّ على الرّحْلِ 299 - وقالَ عُمرُ رضي الله عنه: شُدُّوا الرِّحالَ في الحجِّ، فإنه أحدُ الجهادَين. 724 - عن أَبي ثُمامةَ بن عبدِ الله بن أنس قال: حَجَّ أَنسٌ على رَحْلٍ، ولم يكنْ شَحِيحاً، وحدَّثَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حجَّ على رَحلٍ، وكانت زامِلَتَهُ (2). " (قلت: أسند فيه وعلق أيضاً طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 174). 4 - باب فضلِ الحجِّ المبرورِ 725 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: سُئلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الأَعمالِ أَفضلُ؟ قال: "إِيمَانٌ باللهِ ورسولِه". قيلَ: ثم ماذا؟ قال: "جهادٌ في سبيلِ الله". قيلَ: ثم ماذا؟ قال: "حجٌّ مبرور".

_ (9) الإهلال: رفع الصوت بالتلبية. 252 و 253 - أما حديث أنس فيأتي موصولاً هنا (27 - باب)، وحديث ابن عباس في (23 - باب). 299 - وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور بسند صحيح عنه. (2) قلت: صورته صورة المعلق، لكن وقع موصولاً في بعض روايات الكتاب، ووصله الإسماعيلي أيضاً. وقوله: (وكانت) أي: الراحلة التي ركبها. (زاملته) أي: حاملته وحاملة متاعه.

5 - باب فرض مواقيت الحج والعمرة

726 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن حَجَّ [هذا البيت 2/ 209] لله، فلم يَرفث، ولم يفسُق؛ رجَعَ كيومِ ولَدتْهُ أمُّه". 5 - باب فرضِ مواقيتِ الحجِّ والعُمرةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر الماضي برقم 87). 6 - باب قولِ الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَقْوَى} 727 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان أهلُ اليمَنِ يحُجُّونَ ولا يتزوَّدونَ، ويقولونَ: نحنُ المتوكِّلونَ، فإذا قدِموا مكةَ سألوا الناسَ، فأنزَلَ الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإن خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى}. 7 - باب مُهَلِّ أهلِ مكةَ للحجِّ والعُمرةِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي بعد باب). 8 - باب مِيقاتِ أهل المدينةِ ولا يُهلُّون قبلَ ذِي الحُلَيْفةِ (3) (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المشار إليه قبل بابين). 9 - باب مُهَلِّ أهلِ الشَّأْمِ

_ (3) قال الحافظ: "استنبط المصنف من إيراد الخبر بصيغة الخبر "يهل أهل المدينة .. " مع إرادة الأمر تعين ذلك. وأيضاً فلم ينقل عن أحد ممن حج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أحرم قبل ذي الحليفة، ولولا تعينُ الميقات لَبَادَرُوا إليه، لأنه يكون أشق فيكون أكثر أجراً". قلت: والأحاديث المروية في الحضّ على الإحرام من دويرة أهله أو من المسجد الأقصى لا يصح منها شيءٌ؛ كما هو مبين في كتابي "الأحاديث الضعيفة" (210 و 211)، وفيه بعدهما حديث آخر على نقيضهما!

10 - باب مهل أهل نجد

728 - عن ابن عباسٍ قال: وَقَّتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لأَهلِ المدينةِ ذا الحُلَيْفةِ، ولأَهلِ الشَّأْمِ الجُحْفَةَ، ولأَهلِ نَجدٍ قرْنَ المَنازلِ، ولأَهلِ اليَمنِ يَلَمْلَمَ، فهُنَّ لهنَّ، ولمنْ أتى عليهِنَّ من غيرِ أهلِهنِّ؛ لمِن كانَ يريدُ الحجَّ والعُمرةَ، فَمنْ كانَ دُونَهنَّ فمُهَلُّه من أهْلهِ، (وفي روايةٍ: فَمِن حيثُ أنشَأ)، وكذاكَ، حتى [إنَّ 2/ 143] أَهلَ مكةَ يُهِلّونَ منها. 10 - باب مُهَلِّ أهل نجدٍ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 11 - باب مُهَلِّ مَن كانَ دونَ المواقيتِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم آنفاً). 12 - باب مُهَلِّ أهلِ اليَمنِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 13 - باب ذاتُ عِرقٍ لأَهلِ العراقِ 729 - عن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما قال: لمَّا فُتحَ هذانِ المِصرانِ (4)، أَتَوْا عُمرَ فقالوا: يا أميرَ المؤمنينَ! إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حَدَّ لأَهلِ نجدٍ قَرناً. وهو جَوْرٌ عن طريقِنا، وإنَّا إنْ أرَدْنا (قَرْناً) شَقَّ علينا؟ قالَ: فانظُروا حَذْوَها من طريقِكم. فحَدَّ لهم ذاتَ عِرقٍ (5).

_ (4) يعني الكوفة والبصرة، وهما سرتا العراق، والمراد بفتحهما غلبة المسلمين على مكان أرضهما، وإلا فهما من تمصير المسلمين. (5) هذا اجتهاد من عمر، وقد وافق فيه السنة، فقد جاءت أحاديث مرفوعة تشهد له، يقوي بعضها =

15 - باب خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - على طريق الشجرة

15 - باب خروجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على طريقِ الشجرةِ 730 - عن عبدِ الله بن عُمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يخرج من طريق الشجرة، ويدخُل من طَرِيقِ المُعَرَّسِ، وأنَّ رسولَ الله كانَ إذا خرَجَ إلى مكةَ يصَلِّي في مسجدِ الشجرةِ، وإذا رجَعَ صلَّى بذي الحُليفة ببطن الوادي، وباتَ حتى يُصبح. 16 - باب قولِ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -: "العَقيقُ وادٍ مبارَكٌ" 731 - عن عُمرَ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بوادي العقيق (6) يقول: "أتاني الليلةَ آتٍ من ربِّي، فقالَ: صلِّ في هذا الوادي المبارَكِ، وقُلْ: عُمرةً في (وفي روايةٍ: عمرةً و 8/ 155) حَجَّةٍ". 732 - عن موسى بن عُقْبَةَ: حدثني سالمُ بن عبدِ الله (بن عُمر) رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه رُؤيَ (وفي روايةٍ: أُريَ 3/ 71) وهوَ مُعَرِّسٌ (7) بذي الحُلَيفةِ ببطن الوادي، قيلَ لهُ: إنكَ ببَطحاءَ مُبَارَكَةٍ. وقد أَناخَ بنا سالمٌ يتوخَّى

_ = بعضاً، كما قال الحافظ، بل جاء من طريق صحيح كما بينته في "حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -" (ص 52) من الطبعة الثالثة. وقوله: (وهو جور) أي: مائل عن طريقنا، وقوله: (حذوها) أي: محاذيها، و (ذات عرق): هو الحد بين نجد وتهامة. (6) هو بقرب البقيع، بينه وبين المدينة أربعة أميال. كما في "الفتح". وهو الذي ببطن وادي ذي الحليفة، وهو الأقرب منها، كما في "معجم البلدان". (7) التعريس: نزول المسافر ليستريح. و (التَّوَخي): القصد. و (المناخ): موضع الإناخة، وارتفاع (وسط) على أنه خبر ثالث.

17 - باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب

بالمُناخِ الذي كانَ عبدُ الله يُنيخُ [به]، يتحرَّى مُعرَّسَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهوَ أَسفلُ منَ المسجدِ الذي ببطنِ الوادي بينَهم وبينَ الطريقِ، وسَطٌ من ذلكَ. 17 - باب غَسْلِ الخَلُوقِ ثلاثَ مرَّاتٍ من الثيابِ (قلت: أسند فيه حديث يعلى الآتي في "26 - العمرة/10 - باب"). 18 - باب الطِّيبِ عندَ الإحرامِ، وما يَلبَسُ إذا أَرادَ أنْ يُحْرمَ، ويترجَّلُ (8) ويَدَّهِنُ 300 و 301 - وقالَ ابن عباسٍ رضي الله عنهما: يَشَمُّ المُحرِمُ الرَّيحانَ، وينظُرُ في المرآةِ، ويتداوى بما يأكُلُ: الزيتِ والسمنِ. 302 - وقالَ عطاءٌ: يتَخَتَّمُ ويَلبَسُ الهِمْيانَ (9). 303 - وطافَ ابن عمرَ رضي الله عنهما وهوَ مُحْرمٌ وقد حزَم على بَطنهِ بثوْبٍ. 354 - ولم تَرَ عائشة رضي الله عنها بالتُّبَّانِ (10) بأساً للذينَ يُرَحِّلونَ هوْدَجها.

_ (8) أي: يسرِّح شعره بالمشط. 300 و 301 - أما شمّ الريحان؛ فوصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. وأما النظر في المرآة؛ فوصله الثوري في "جامعه"، وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. 352 - وصله الدارقطني بإسناد فيه عنعنة ابن إسحاق. (9) (الهِمْيَان): كيس يشبه تكة السراويل، تجعل فيه الدنانير، ويشدّ على الوسط. 303 - وصله الإمام الشافعي رقم (949) بسند ضعيف عنه. 304 - وصله سعيد بن منصور من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها، كما في "الفتح". (10) التبّان شبه السراويل، يلبسه الملاحون، قصير بغير أكمام، يستر العورة المغلظة فقط.

733 - عن منصورٍ عن سعيدِ بن جُبَير قال: كانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يَدَّهِنُ بالزيتِ (11)، فذكرْتُهُ لإبراهيمَ (12) فقال: ما تَصنَعُ بقولِه؟! حدَّثَني الأَسودُ عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كأني أَنظرُ إلى (وفي طريقٍ: كنت أطيِّبُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -) [عند إحرامِه 7/ 61] [بأطيب ما يجدُ، حتى أجدَ 7/ 60] وبيصَ الطِّيبِ (13) في مفارقِ (وفي روايةٍ: مفرق 7/ 59) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ولحيتِه، وهو مُحْرمٌ.

_ (11) أي: عند الإحرام بشرط أن لا يكون مطيباً كما رواه الترمذي من طريق أخرى عن ابن عمر مرفوعاً، وسنده ضعيف، وأخرجه ابن أبي شيبة عنه موقوفاً، وهو أصح كما قال الحافظ، وفاته أنه عند المصنف أيضاً كما يأتي في "29 - باب". (12) أي: ذكرت لإبراهيم- وهو ابن يزيد النخعي- قول ابن عمر في ذلك، فقال إبراهيم: ما تصنع بقوله؟! ولم يقع في هذه الرواية قول ابن عمر المشار إليه، وإنما وقع ذلك في رواية أخرى تقدمت في "5 - الغسل /12 - باب" عن ابن عمر قال: ما أحب أن أصبح محرماً أنضخ طيباً. زاد مسلم: لأن أطّليَ بقطران أحب إلي من أن أفعل ذلك. وفيها إنكار عائشة عليه فراجعه. قال الحافظ: "وكان ابن عمر يتبع في ذلك أباه، فإنه كان يكره استدامة الطيب بعد الإحرام كما سيأتي، وكانت تنكر عليه ذلك، وقد روى سعيد بن منصور من طريق عبد الله بن عبد الله بن عمر أن عائشة كانت تقول: لا بأس بأن يمس الطيب عند الإحرام، قال: فدعوت رجلاً وأنا جالس بجنب ابن عمر- فأرسلته إليها، وقد علمت قولها، ولكن أحببت أن يسمعه أبي! فجاءني رسولي فقال: إن عائشة تقول: لا بأس بالطيب عند الإحرام، فأصب ما بدا لك. قال: فسكت ابن عمر. وكذا كان سالم بن عبد الله بن عمر يخالف أباه وجده في ذلك لحديث عائشة، قال ابن عيينة: أخبرنا عمرو بن دينار عن سالم أنه ذكر قول عمر في الطيب، ثم قال: قالت: عائشة .. : فذكر الحديث، قال سالم: سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع". أقول: وهكذا فليكن تحقيق الاتباع لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرحم الله أولئك الآباء الذين خلفوا أمثال هؤلاء الأبناء الذين يقدمون سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على اجتهاد آبائهم. فأين منهم هؤلاء الخلف الذين تتضح لهم السنة الصريحة في المسألة، ثم لا يتبعونها، ويؤثرون عليها تقليد المذهب أو الجمهور بحجة أنهم أعلم منا بالسنة، أفلم يكن عمر وابنه عبد الله أعلم من عبد الله وسالم ابني عبد الله بن عمر بالسنة بصورة عامة، فما الذي حملهما على مخالفة أبويهما؟ أهو اعتقادهما أنهما أعلم منهما؟ حاشاهما من ذلك، وإنما هو ثبوت السنة لديهما، وليس معنى ذلك عندهما أنهما أعلم من أبويهما في كل ما سواها. فهل للمقلدين أن يعتبروا بذلك، ويفردوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالاتباع؟ (13) وبيص الطيب: بريق أثره. و (المفرق): هو وسط الرأس، جمع تعميماً لجوانبه التي يفرق فيها.

19 - باب من أهل ملبدا

734 - عن عبدِ الرحمنِ بن القاسمِ [وكان أَفضلَ أهلِ زمانهِ 2/ 195] عنْ أبيهِ [وكان أَفضلَ أهلِ زمانه] عن عائشةَ رضي الله عنها زوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: كنتُ أُطيِّبُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -[وبَسَطَتْ يَدَيها]، [بيديَّ هاتين] [بذَريرةٍ في حَجة الوَداع 7/ 61] لإحرامهِ حينَ يُحْرمُ، ولحِلِّهِ [حين أحل] [بِمِنًى 7/ 60]، قبلَ أن يطوفَ بالبيتِ (وفي روايةٍ: قبل أن يفيض). 19 - باب مَن أَهلَّ مُلبِّداً 735 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُهلُّ ملَبِّداً (14) [يقول: (وفي طريقٍ: أن تلبية رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -2/ 147): "لبَّيكَ اللهمَّ لبيك، لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والمُلْكَ، لا شريك لك"، لا يزيد على هؤلاء الكلمات 7/ 59]. 20 - باب الإهلالِ عندَ مسجدِ ذي الحُلَيفةِ 736 - عن سالمِ بن عبدِ الله أنه سمعَ أباهُ يقولُ: مَا أَهَلَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من عندِ المسجد. يعني مسجدَ ذي الحُلَيفةِ. 21 - باب ما لا يَلبَسُ المحْرمُ من الثيابِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 88).

_ (14) و (التلبيد) هو إلزاق الشيء بعضه ببعض حتى يصير كاللبد. فمعنى ملبداً: ملزقاً شعر رأسه بنحو الصمغ؛ لينضم الشعر ويلتصق بعضه ببعض، احترازاً من تمعطه وتَقَمُّلِهِ، يفعله مَنْ يطول مكثه في الإحرام.

22 - باب الركوب والارتداف في الحج

22 - باب الركوبِ والارتدافِ في الحجِّ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس من الطريق الأخرى الآتي "94 - باب/ 788 - حديث"). 23 - باب ما يَلبَسُ المحْرمُ منَ الثيابِ والأَردِيةِ والأزُرِ (15) 355 - ولبسَتْ عائشةُ الثيابَ المعصفَرةَ وهي محْرمةٌ. 306 - وقالتْ: لا تَلَثَّمْ، ولا تتَبرْقَعْ، ولا تَلبَسْ ثوباً بِوَرْسٍ (16)، ولا زعفرانٍ. 307 - وقال جابرٌ: لا أَرى المعصفَرَ طِيباً. 308 - ولم تَرَ عائشةُ بأساً بالحُلِيِّ، والثوبِ الأَسودِ والمورَّدِ، والخُفِّ للمرأةِ. 309 - وقال إبراهيمُ: لا بأسَ أنْ يُبْدِلَ ثيابَهُ. 737 - عن عبدِ الله بنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: انطلق النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منَ المدينةِ بعدما ترجَّلَ وادَّهَنَ، ولبِسَ إزارَهُ ورداءَه، هوَ وأصحابُهُ، فلم يَنْهَ عن شيءٍ منَ

_ (15) بضم الزاي وإسكانها: جمع إزار، كخُمُر وخمار؛ وهو للنصف الأسفل. والأردية: جمع رداء؛ وهو للنصف الأعلى. 355 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنها. 356 - وصله البيهقي (5/ 47) دون التبرقع، وسنده صحيح. (16) الورس: نبت أصفر مثل نبات السمسم طيب الرائحة يصبغ به بين الصفرة والحمرة، أشهر طيب في بلاد اليمن. 307 - وصله الشافعي (969) بسند ضعيف عنه. 308 - وصله البيهقي (5/ 52) بسند فيه من لم يسَمَّ عنها دون ذكر الخف والمورّد. وأما الخف فوصله ابن شيبة عن ابن عمر. وأما المورّد- وهو ما صبغ على لون الورد- فسيأتي موصولاً في باب طواف النساء، في آخر حديث عطاء عن عائشة. 359 - وصله سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة.

24 - باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح

الأَردِيةِ والأزُرِ تُلبَسُ، إلا المزعفَرَةَ التي تُردَعُ على الجِلْدِ، فأَصبَحَ بِذِي الحُلَيْفةِ، رَكِبَ راحلَتَهُ حتى استوى على البيداءِ، أَهَلَّ هوَ وأصحابُهُ [بالحج 2/ 35]، وقلَّدَ بَدَنَتَهُ، وذلكَ لِخَمْسٍ بَقِينَ (وفي طريقٍ: لِصُبحِ رابعة) مِنْ ذي القَعدةِ، فقدِمَ مكةَ لأَربع ليالٍ (وفي طرَيقٍ: لِصُبحِ رابعة) خلَوْنَ مِنْ ذي الحَجَّة، فطافَ بالبيْتِ، وسعَى بينَ الصَّفا والمرْوَةِ، ولم يَحِلَّ مِنْ أَجلِ بُدْنِهِ (17)، لأَنهُ قلَّدَها، ثم نَزَلَ بأعلى مكةَ عندَ الحَجُونِ، وهوَ مُهِلٌّ بالحجِّ، ولم يَقرَبِ الكعبةَ بعدَ طوافهِ بها حتى رجَعَ من عرَفةَ، وأمرَ أصحابه أن يطَّوَّفوا بالبيت، وبينَ الصفا والمرْوة، ثم [يحلقوا، أو 2/ 189] يقصِّروا من رُؤُوسهم، ثم يَحِلّوا. (وفي الطريق الأخرى: فأمرهم أن يَجعَلوها عمرة)، وذلك لمن لم يكنْ معهُ بدَنةٌ قلَّدَها، ومَنْ كانت معَه امرأَتُه فهيَ له حلالٌ، والطيب والثيابُ. 24 - باب من باتَ بذي الحُلَيفَةِ حتى أصبحَ 254 - قَالَهُ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهُما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي بعد ثلاثة أبواب). 25 - باب رفعِ الصوتِ بالإهلالِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه آنفاً). 26 - باب التَّلبيَةِ

_ (17) بسكون الدال، وهي الإبل، سميت بذلك لعظم بدنها، وسيأتي في باب التحميد؛ جمعها على بدنات مثل قصبة وقصبات. و (الحجون) وزان (رسول): جبل مشرف بمكة مقبرة أهلها. 254 - وصله فيما تقدم (730).

27 - باب التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال عند الركوب على الدابة

738 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: إني لأَعلَمُ كيفَ كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يلَبِّي: "لَبَّيْكَ اللهمَّ لَببكَ، لَبَّيكَ لا شريكَ لكَ لبَّيكَ، إنَّ الحمدَ والنِّعمَةَ لكَ". 27 - باب التحميدِ والتَّسبيحِ والتكبيرِ قبلَ الإهلالِ عندَ الركوبِ على الدابَّةِ 739 - عن أَنسٍ رضي الله عنه قال: صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ونحنُ معهُ بالمدينةِ الظُّهرَ أربعاً، والعصرَ بذِي الحُلَيْفةِ رَكعتَينِ، ثم باتَ بها حتى أَصبحَ، [فصلى الصبح 2/ 186] ثم ركبَ [راحلتَه] حتى استوَتْ به على البَيداءِ، حمِدَ الله وسبَّحَ، وكبَّرَ، ثم أَهَلَّ بحجٍّ وعُمرةٍ، وأَهَلَّ الناسُ، [وسمعتُهم يَصرَخُون] بهما. (وفي روايةٍ عنه: كنتُ رَدِيفَ أَبي طلحةَ، وإنهم لَيَصْرخون بهما جميعاً: الحجِّ والعمرةِ 4/ 14)، فلما قَدِمنا [مَكَّةَ] أَمَرَ الناس فحَلُّوا، حتى كانَ يومُ التَّرويةِ أَهَلُّوا بالحجِّ، قال: ونَحرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَدَناتٍ (وفي روايةٍ: سَبْعَ بُدُنٍ) بيَدهِ قياماً، وذبَحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينةِ كَبشَينِ أَمْلَحَيْنِ [أقْرَنَين]. 28 - باب مَن أَهَلَّ حين استوَت به راحلَتُه (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 722). 29 - باب الإهلالِ مستقبِلَ القِبلةِ 255 - عن نافع قال: كان ابنُ عمرَ رضي الله عنهما إذا صلَّى بالغداةِ بذِي الحُلَيفَةِ أَمرَ

_ 255 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله أبو نعيم في"المستخرج".

30 - باب التلبية إذ انحدر في الوادي

براحلَتهِ فرُحِلَتْ، ثم رَكِبَ، فإذا استوتْ به استقبَلَ القبلةَ قائماً، ثم يلَبِّي حتى يبلُغَ المَحرَمَ، ثُم يُمسِكُ، حتى إذا جاءَ ذا طُوًى (18) بات به حتى يُصْبحَ، فإذا صلَّى الغداةَ اغتَسلَ، وزعَم أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فعلَ ذلكَ. 740 - عن نافعٍ قال: كانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما إذا أرادَ الخروجَ إلى مكةَ ادَّهَنَ بدُهْنٍ ليسَ له رائحةٌ طيِّبةٌ، ثم يأتي مسجدَ الحُلَيْفةِ، فيصَلي، ثم يَركبُ، وإذا استوَتْ به راحلتُهَ قائمةً أَحرَمَ، ثم قالَ: هكذا رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يفعَلُ. 30 - باب التلبيةِ إذ انحدَرَ في الوادي (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي في "ج 2/ 60 - الأنبياء/ 8 - باب"). 31 - باب كيفَ تُهلُّ الحائضُ والنُّفَساءُ؟ (أَهلَّ): تكَلَّمَ به، و (استَهلَلْنا) و (أَهلَلْنا الهِلالَ) كلُّهُ منَ الظهورِ، و (استهَلَّ المطَرُ): خرجَ منَ السحَابِ. {وما أُهِلَّ لغيرِ الله به}، وهو من استهلالِ الصبيِّ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 174). 32 - باب مَن أَهَلَّ في زمنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كإهلالِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 256 - قالهُ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 741 - عن أَنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: قَدِمَ عليٌّ رضي الله عنه على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - منَ اليمَنِ، فقال: "بما أَهلَلتَ؟ ". قالَ: بما أَهَلَّ به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ:

_ (18) بضم الطاء مقصوراً منوناً، واد معروف قرب مكة. 256 - وصله المصنف فيما يأتي "64 - المغازي/63 - باب".

33 - باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج}، {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}

"لوْلا أَنَّ مَعِيَ الهدْيَ لأَحلَلتُ". 742 - عن أبي موسى رضي الله عنه قال: بعثَني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى [أرضِ 5/ 109] قومـ[ـي]، باليمَنِ، فجئتُ وهو [مُنيخٌ 2/ 204] بالبطْحاءِ، فقالَ: ["أَحَجَجْتَ [يا عبدَ الله بن قيس؟ "]. قلت: نعم، قال 2/ 188:] "بما أَهللتَ؟ ". قلتُ: أَهللتُ (وفي روايةٍ: لبيك بإهلالٍ) كإهلالِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: " [أَحْسَنْتَ]، هلْ [سُقت] معكَ من هدْيٍ؟ ". قلتُ: لا، فأمرَني فطفتُ (وفي روايةٍ: قال: "انْطَلِقْ فَطُفْ) بالبيتِ وبالصَّفا والمرْوةِ"، ثم أَمرَني فأحللتُ. فأَتيتُ امرأةً من قوْمي، (وفي روايةٍ: مِن نساء بني قيس)، فمشَّتطَتْني أو غسَلَتْ رأسي، (وفي روايةٍ: فَفَلَتْ رأسي، ثم أَهلَلْتُ بالحجِّ، فكنت أُفتي به الناس حتى خلافةِ عُمرَ رضي الله عنه)، فقَدِم عُمرُ رضي الله عنه. [فذكرته له]، فقالَ: إنْ نأخُذْ بكتابِ الله؛ فإنهُ يأمرُنا بالتَّمامِ، قالَ تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وإنْ نأخُذْ بسُنَّةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنهُ لم يَحِلَّ حتى نَحرَ الهَدْيَ (19). 33 - باب قولِ الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}

_ (19) قلت: كأن عمر رضي الله عنه خفي عليه السبب الذي من أجله لم يحل عليه الصلاة والسلام وهو قوله: "لولا أن معي الهدي لأحللت"، كما خفي عليه أمره - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه الذين لم يسوقوا الهدي بفسخ الحج إلى العمرة كما يأتي قريباً في حديث ابن عباس (743) وما بعده.

34 - باب التمتع والإقران والإفراد بالحج، وفسخ الحج لمن لم يكن معه هدي

315 - وقالَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما: أشهُرُ الحجِّ؛ شوَّالٌ، وذو القَعدةِ، وعَشرٌ من ذِي الحِجَّةِ. 311 - وقال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: منَ السُّنَّةِ أنْ لا يُحْرِمَ بالحجِّ إلا في أشهُرِ الحجِّ. 312 - وكَرِهَ عثمانُ رضي الله عنه أنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسانَ أو كَرْمانَ. (قلت: أسند فيه طرفاً كبيراً من حديث عائشةَ المتقدم برقم 174). 34 - باب التمتعِ والإقرانِ والإفرادِ بالحجِّ، وفسْخِ الحجِّ لمَنْ لم يكنْ معهُ هَدْيٌ 743 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كانوا يَروْنَ أنَّ العُمرَةَ في أشهُرِ الحجِّ مِن أَفْجَرِ الفُجورِ في الأَرضِ، ويَجعلونَ المحرَّمَ صَفَراً، ويقولونَ: إذا برَأَ الدَّبَرْ، وعفاَ الأَثَرْ، وانسَلَخَ صَفَرْ، حَلَّت العُمرةُ لمَنِ اعتَمرْ. [قال: فـ 4/ 334] قدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه صَبيحةَ رابعةٍ مُهِلِّينَ بالحجِّ، فأمرَهمْ أنْ يجعَلوها عُمرةً، [إلا من كان معه الهديُ 2/ 35]. فتعاظَمَ ذلك عندَهم، فقالوا: يا رسولَ الله! أيُّ الحِلِّ (20)؟ قالَ: " [الـ] حِلّ كلُّهُ".

_ 310 - وصله الطبري، والدارقطني بسند صحيح عنه. 311 - وصله ابن خزيمة والدارقطني والحاكم بسند صحيح عنه، ويأتي مختصراً في آخر حديثه الآتي قريباً برقم (257) معلقاً. 312 - وصله سعيد بنِ منصور وعبد الرزاق وغيرهما من طرق عنه يقوي بعضها بعضاً كما قال الحافظ، وكل ما روي مرفوعاً في فضل الإحرام قبل الميقات، فلا يصح، انظر التعليق 3/ 8 - باب. (20) أي: هل هو الحل العام لكل ما حرم بالإحرام، حتى الجماع، أو حل خاص؟

744 - عن حَفْصةَ زوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: يا رسولَ الله! ما شأنُ الناس حَلُّوا بعُمرةٍ، ولم تَحْلِلْ أنتَ من عُمرتِكَ؟ (وفي روايةٍ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمرَ أزواجَه أن يَحلِلْنَ عامَ حَجةِ الوَداع، فقالت حفصة: فما يمنعك؟ 5/ 124) قالَ: "إني لبَّدتُ رأسي، وقلَّدتُ هَدْيي، فلا أَحِلُّ حتى أَنحرَ [هَدْييَ] (وفي روايةٍ: حتى أَحِلَّ من الحجِّ 2/ 182) ". 745 - عن أبي جَمرةَ نصر بنِ عِمرانَ الضُّبَعيِّ قال: تمتَّعتُ، فنهاني ناسٌ، فسألتُ ابنَ عباس رضي الله عنهما؟ فأمرني [بها، وسألتُه عن الهَدْي؟ فقال: فيها جزور أو بقرة أو شاة أو شِركٌ في دمٍ، وكأن ناساً كرهوها، فنمتُ 2/ 180]، فرأيتُ في المنامِ كأنَّ رجلاً يقولُ لي: حَجٌّ مبرورٌ وعُمرةٌ (وفي روايةٍ: ومُتْعةٌ) متقبَّلةٌ، فأَخبرتُ ابنَ عباسٍ فقال: [الله أكبرُ،]، سُنَّةُ النبيِّ (وفي روايةٍ: سنة أبي القاسم) - صلى الله عليه وسلم -. فقالَ لي: أَقِمْ عِندي، فأَجعلُ لكَ سَهماً من مالي. قالَ شُعبةُ (*): فقلتُ: لِمَ؟ فقالَ: للرُّؤيا التي رَأيتَ. 746 - عن أبي شِهابٍ قال: قدِمتُ متمتِّعاً مكةَ بعُمرةٍ، فدخَلنا قَبلَ التَّرويةِ بثلاثةِ أيامٍ، فقالَ لي أُناسٌ من أهلِ مكةَ: تَصيرُ الآنَ حَجَّتُكَ مكِّيَّةً (21)، فدخلتُ على عطاءٍ أَستفتيهِ؟ فقالَ: حدَّثني جابرُ بنُ عبدِ الله رضي الله عنهما أنهُ حَجَّ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ ساقَ البُدْنَ معهُ وقد أهَلُّوا (وفي طريقٍ: ونحن نقول: لبَّيك

_ (*) هو شعبة بن الحجاج شيخُ شيخ المصنف الراوي عن أبي جمرة. (21) معناه أنك تنشىء حجك منَ مكة كما ينشىء أهل مكة منها، فيفوتك فضل الإحرام من الميقات. قاله ابن بطال.

35 - باب من لبى بالحج وسماه

اللهمَّ، لبَّيك 2/ 153) بالحجِّ مفْرَداً، فقالَ لهمْ: "أَحِلّوا مِن إحرامِكم بطوَافِ البيتِ وبينَ الصَّفا والمَرْوةِ، وقصِّروا، ثم أَقِيموا حلالاً، حتى إذا كانَ يومُ التَّرْويَة فأَهِلّوا بالحجِّ، واجعَلوا التي قَدِمتُم بها مُتعةً". فقالوا: كيفَ نجعلُها مُتعةً وقد سمَّيْنا الحجَّ؟ فقالَ: "افعَلوا ما أَمرتُكم، فلوْلا أني سُقتُ الهدْيَ لفعلتُ مثلَ الذي أَمرتُكم، ولكنْ لا يَحِلُّ منِّي حرامٌ حتى يبلُغَ الهدْيُ مَحِلَّه". ففعَلوا. 747 - عن سعيدِ بن المسيَّبِ قال: اختلَفَ عليٌّ وعثمانُ رضي الله عنهما وهُما بعُسْفانَ في المُتعةِ، [وعثمانُ يَنهى عن المُتْعَةِ، وأن يَجْمَعَ بينهما 2/ 151]، فقالَ عليٌّ: ما تُريدُ إلى أن تَنهى عن أمرٍ فعَلَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟! قالَ: فلما رأَى ذلكَ عليٌّ أَهَلَّ بهِما جميعاً، [قال: ما كنتُ لأَدَعَ سنةَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لقولِ أَحدٍ]. 35 - باب مَن لبّى بالحجِّ وسمَّاهُ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم آنفاً). 36 - باب التمتُّعِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حدث عمران بن حصين الآتي في (ج 3/ 65 - تفسير البقرة/ 28 - باب"). 37 - باب قولِ الله تعالى: {ذلَكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ} 257 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنهُ سُئلَ عن متعةِ الحجِّ؟ فقالَ: أَهَلَّ المهاجرونَ

_ 257 - قلت، هذا معلق عند المصنف، وقد وصله الإسماعيلي، ووصله المصنف من طريق أخرى عن ابن عباس نحوه، وقد مضى (737).

38 - باب الاغتسال عند دخول مكة

والأنصار وأَزواجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -في حَجَّةِ الوَداعِ، وأهلَلْنا، فلما قَدِمْنا مكةَ قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعَلوا إهلالَكم بالحجِّ عمرةً؛ إلا مَن قلَّدَ الهدْيَ". طُفنا بالبيت وبالصَّفا والمرْوَةِ، وأتيْنا النساءَ، ولبِسْنا الثيابَ، وقالَ: "مَن قَلَّدَ الهدْيَ، فإنة لا يَحِلُّ لهُ حتى يبلُغَ الهدْي مَحِلَّهُ"، ثم أَمَرَنا عشيَّةَ التَّرْوَيةِ أنْ نُهلَّ بالحجِّ، فإذا فرَغْنا منَ المناسكِ جئنا؛ فطُفنا بالبيْتِ، وبالصَّفا والمرْوَةِ، فقدْ تَمَّ حجُّنا، وعلَينا الهدْيُ، كما قال تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}: إلى أَمْصارِكمْ، الشاة تَجْزي، فجَمَعوا نُسُكَيْنِ في عامٍ بينَ الحجِّ والعمرةِ، فإنَّ الله تعالى أَنزلَهُ في كتَابهِ، وسنَّهُ نبيُّهُ - صلى الله عليه وسلم -، وأباحَهُ للناسِ؛ غيْرَ أهلِ مكةَ، قالَ الله: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، وأَشهُرُ الحجِّ التي ذكَرَ الله تعالى: شوَّالٌ، وذو القَعدةِ، وذو الحِجَّةِ، فمنْ تمتَّعَ في هذه الأشهُرِ فعليهِ دمٌ أو صوْمٌ. وَ {الرَّفَث}: الجِماعُ، وَ {الفُسُوقُ}: المَعاصي، وَ {الجِدالُ}: المِرَاءُ. 38 - باب الاغتسالِ عندَ دخولِ مكةَ 748 - عن نافعٍ قال: كانَ ابنُ عمر رضي الله عنهما إذا دخَلَ أَدنَى الحَرمِ أَمسَكَ عن التَّلبيَةِ، ثم يبَيتُ بذِي طُوًى، ثم يصَلي بهِ الصُّبحَ، ويغتسِلُ، ويحدِّثُ أنَّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يفعلُ ذلكَ. 39 - باب دخولِ مكةَ نهاراً أو ليلاً، باتَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بذِي طُوًى حتى أَصبَحَ، ثم دخلَ مكةَ، وكانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يفعَلُهُ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم آنفاً).

40 - باب من أين يدخل مكة؟

40 - باب مِن أينَ يَدخُلُ مكةَ؟ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي بعده). 41 - باب مِن أينَ يخرُجُ مِن مكةَ؟ 749 - عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ (وفي روايةٍ: كانَ يدخلُ) مكةَ منْ كَدَاءٍ؛ منَ الثَّنِيَّةِ العُلْيا التي بالبَطْحاءِ ويخرُجُ منَ الثَّنِيَّةِ السُّفلى. قالَ أبو عبدِ الله: كانَ يقالُ: هوَ مسَدَّدٌ (22) كاسْمِهِ. قالَ أبو عبدِ الله: سمعتُ يحيَى بنَ مَعِينٍ يقولُ: سمعتُ يحيَى بنَ سعيدٍ يقول: لوْ أنَّ مسَدَّداً أَتيتُهُ في بيتهِ، فحدَّثتُهُ لاسْتَحقَّ ذلكَ، وما أُبالي كتُبي كانتْ عِندي أو عندَ مُسَدَّدٍ. 750 - عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ عامَ الفتحِ من (كَدَاءٍ [التي بـ 5/ 93]) أعلى مكةَ، [وخرَجَ مِن أسفلها] (وفي روايةٍ: من كُداً من أعلى مكة) (23). قالَ هشامٌ: وكانَ عُروةُ يدخُلُ على كِلْتَيْهِما، مِن (كَدَاءٍ) وَ (كُداً)، وأكثرُ ما يدخُلُ مِن (كَدَاءٍ)، وكانت أقرَبَهما إلى مَنزلهِ.

_ (22) قلت: هو ابن مسرهد البصري شيخ المصنف في هذا الحديث. (23) قلت: وهذه الرواية مقلوبة؛ كما قال الحافظ. قلت: وأشار إلى ذلك المؤلف بِسَوْقِهِ عدة روايات على خلافها.

42 - باب فضل مكة وبنيانها،

قالَ أبو عبدِ الله: (كَدَاءٌ) وَ (كُداً) موْضعان. 42 - باب فضلِ مكةَ وبُنيانِها، وقولهِ تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} 751 - عن جابر بن عبدِ الله رضي الله عنهما قال: لمَّا بُنيتِ الكعبةُ، ذهبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وعباسٌ ينقُلانِ الحِجارةَ [للكعبة وعليه إزار 1/ 96]، فقالَ [عَمُّه] العباسُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: [يا ابن أخي]! اجعلْ إزارَكَ على رَقبتِك (وفي روايةٍ: لو حللت إزارك فجعلت على مَنْكِبَيْكَ دون (وفي أخرى: يَقيك من 4/ 234) الحجارة. قال: فَحَلَّهُ، فجعله على مَنْكِبيه)، فخرَّ إلى الأَرضِ [مَغْشيّاً عليه]، وطمَحَتْ عيْناهُ (24) إلى السماءِ، [ثم أَفاق] فقالَ: أَرِني (وفي الرواية الأخرى: إزاري) إزاري، فشدَّهُ عليه [فما رؤي بعد ذلك عُرياناً - صلى الله عليه وسلم -]. 752 - عن الأَسوَد بن يزيدَ وغيره عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: (وفي روايةٍ عنه: قال لي ابن الزبير: كانت عائشةُ تُسِرُّ إليكَ كثيراً، فما حدثتْكَ في

_ (24) أي: شَخَصتا، فصار ينظر إلى فوق.

الكعبة؟ قلتُ: قالتْ لي: 1/ 40) سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الجَدْر (25) أمِنَ البيتِ هوَ؟ قالَ: "نعمْ". قلتُ: فما لهم لم يُدْخِلوهُ في البيتِ؟ قالَ: " [أَلم تَرَيْ] أنَّ قوْمَكِ [لمَّا بنَوُا الكعبةَ] قصَّرتْ بهم النفقةُ". قلتُ: فما شأنُ بابهِ مرتفعاً؟ قالَ: "فعلَ ذلكَ قومُكِ ليُدْخلوا مَن شاؤوا، ويَمنَعوا من شاؤوا". [فقلتُ: يا رسولَ الله! أَلا ترُدُّها على قواعدِ إبراهيمَ؟ قالَ:] " لوْلا أنَّ قومَكِ حديثٌ عهدُهم بالجاهلية [قال ابن الزبير: بكفرٍ] فأخافُ أنْ تُنكِرَ قلوبُهم أنْ أُدخلَ الجَدْرَ في البيتِ، وأنْ أُلصِقَ بابَهُ بالأرضِ [لفعلت]، (وفي طريقٍ: لأَمرتُ بالبيتِ فهُدِمَ، [ثم لبنَيتُه على أساس إبراهيمَ عليه الصلاةُ والسَلامُ]، فأَدخلتُ فيه ما أُخرجَ منه وأَلزقْتُه بالأَرضِ، وجعلتُ له بابَينِ، باباً شرقياً، وباباً (وفي روايةٍ: خلفاً [258 - يعني باباً]) غرْبياً، فبلَغتُ بهِ أساس إبراهيمَ". فذلكَ الذيْ حَمَلَ ابنَ الزُّبيرِ على هدمهِ). [فقالَ عبدُ الله [بن عُمر 5/ 150] رضي الله عنه: لئنْ كانت عائشةُ رضي الله عنها سمعتْ هذا منَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ ما أُرَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ترَكَ استلامَ الرُّكنَينِ اللَّذَينِ يلِيانِ الحِجْرَ (ْ2) إلا أنَّ البيتَ لم يُتَمَّمْ على قواعدِ إبراهيمَ]. قالَ يزيدُ (ابن رومان:) وشَهدتُ ابن الزبير حين هدَمهُ وبناهُ، وأَدخَلَ فيهِ منَ الحِجْر، وقد رأيتُ أساسَ إبراهيم حِجارةً كأَسنِمةِ الإبل. قالَ جَريرٌ: فقلتُ لهُ: أينَ موْضعُهُ؟ قالَ: أُريكَهُ الآنَ، فدخلتُ معهُ الحِجْر، فأشارَ إلى مكانٍ، فقالَ:

_ (25) بفتح الجيم: الحطيم، وكذلك (الحجر) - الآتي بعده- بالكسر. 258 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها أبو عوانة.

43 - باب فضل الحرم

ههُنا. قالَ جَريرٌ: فحزَرتُ (26) منَ الحِجْرِ ستَّةَ أَذرُعٍ، أوْ نحوَها. 43 - باب فضلِ الحرَمِ وقولهِ تعالى: {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، وقولهِ جلَّ ذِكرُه: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي في "28 - جزاء الصيد/ 9 - باب"). 44 - باب توْريثِ دُورِ مكةَ وبيعِها وشرائِها، وأنَّ الناسَ في مسجدِ الحرامِ سَواءٌ خاصةً؛ لقوْلِه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً (27) الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} (البادي): الطاري. (معكوفاً): محبوساً. 753 - عن أُسامةَ بن زيدٍ رضي الله عنه أنهُ قالَ: [زَمَنَ الفتح 5/ 92 (28) (وفي روايةٍ: في حَجَّتِه)، يا رسولَ الله! أينَ تَنْزلُ [غداً 4/ 33] في دارِكَ بمكةَ؟ فقال:

_ (26) الحزر: التقدير. شارح. (27) رفع على أنه خبر مقدم. و (العاكف) و (الباد) مبتدأ مؤخر. قاله الشارح. والقراءة عندنا {سواء} بالنصب على أنه مفعول ثانٍ لجعل. (28) لم يستحضر الحافظ هذه الزيادة عند شرح الحديث هنا. فذكرها من رواية زمعة بن صالح عن الزهري الذي مدار الحديث عليه بلفظ: يوم الفتح. وزمعة ضعيف! ثم جمع الحافظ بينها وبين الرواية التي بعدها بالحمل على تعدد القصة، ويؤيد الرواية الأولى حديث أبي هريرة الآتي.

45 - باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة

"وهلْ ترَكَ [لنا] عَقِيلٌ منْ رِبَاعٍ (29) أو دُورٍ (وفي روايةٍ: وهل ترَك لنا عقيلٌ منزلاً؟ "، ثم قال: "نحن نازلون غداً بخيف (30) بني كِنانة المحَصَّب، حيث قاسمتْ قريشٌ على الكفر". وذلك أن بني كنانة حالفت قريشاً على بني هاشم أن لا يبايعوهم ولا يؤووهم. قال الزهري: والخيف: الوادي). وكان عَقيلٌ وَرِثَ أَبا طالبٍ، هو وطالبٌ، ولم يَرِثْهُ جعفرٌ، ولا عليٌّ رضي الله عنهما شيئاً، لأنهما كانا مسْلِمَيْنِ، وكان عَقيلٌ وطالبٌ كافرَين، فكان عُمرُ بن الخطابِ رضي الله عنه يقولُ: لا يَرِثُ المؤمنُ الكافرَ. قالَ ابنُ شِهابٍ: وكانوا يتأوَّلونَ قولَ الله تعالى: {إنَّ الذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ في سَبيلِ الله وَالذِينَ آوَوْا ونَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} الآيةَ. 45 - باب نُزولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مكةَ 754 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منَ الغدِ يومَ النَّحرِ وهو بِمِنًى [حين أَرادَ قُدومَ مكةَ] (وفي روايةٍ: أراد حُنيناً 2/ 247): "نحنُ نازلونَ غداً [إن شاءَ الله تعالى] [إذا فتح الله 5/ 92] بخَيْفِ (31) بني كِنانةَ حيثُ تقاسَموا على الكفرِ". يعني ذلك المُحَصَّبَ، وذلك أَنَّ قرَيشاً وكِنانةَ

_ (29) بكسر الراء جمع (ربع): المحلة أو المنزل المشتمل على أبيات. (30) انظر شرحه في التعليق الآتي بعده. (31) (الخَيف) بفتح الخاء المعجمة: ما انحدر من الجبل وارتفع عن المسيل. والمراد به: المحصب. ومعنى (تقاسموا): تحالفوا كما سيظهر.

46 - باب قول الله تعالى: {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام

تحالفتْ على بَني هاشمٍ، وبَني عبدِ المطَّلبِ، أو بَني المطَّلبِ (259 - في روايةٍ معلقةٍ: وبَني المطلب- بدون شك-) أنْ لا يُناكِحوهمْ ولا يُبايعوهمْ، حتى يُسْلِموا إليهمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو عبدِ الله: بَني المطَّلبِ أَشبَهُ. 46 - باب قولِ الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}. الآية (قلت: لم يذكر فيه حديثا). 47 - باب قولِ الله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} 755 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - قال: " يخرِّبُ الكعبةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ (32) منَ الحبَشةِ".

_ 259 - وصلها ابن خزيمة، وأبو عوانة، وغيرهما، وهي عند أحمد (2/ 237) من الوجه الأول. وهو مما فات الحافظ. (32) ساق الرجل مؤنثة، تصغيرها (سويقة) كرجيلة، وفي سيقان الحبشة من الدقة ما يليق بالتصغير.

48 - باب كسوة الكعبة

756 - عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " لَيُحَجَّنَّ البَيت، ولَيُعْتَمَرَنَّ بعدَ خروجِ يَأْجُوجَ ومَأجوجَ". 260 - (وفي روايةٍ معلقةٍ) قال: "لا تقُومُ الساعةُ حتى لا يُحَجَّ البيتُ". والأولُ أَكثرُ. 48 - باب كِسوةِ الكعبةِ 757 - عن أَبي وائلٍ قال: جلستُ مع شَيْبةَ على الكُرْسيِّ في الكعبةِ، فقالَ: لقد جلَسَ هذا المجلسَ عُمرُ رضي الله عنه فقال: لقد هَممتُ أَنْ لا أَدَعَ فيها صفراءَ ولا بيضاءَ (33) إلا قسَمْتُه. [قلت: ما أنتَ بفاعلٍ. قال: لِمَ؟ 8/ 139]. قلتُ: إنَّ صاحبَيْكَ لم يَفعلا. قالَ: هُما المَرْآنِ أَقتدِي (وفي روايةٍ: يُقتدَى) بهما. 49 - باب هدمِ الكعبةِ 261 - قالت عائشةُ رضي الله عنها: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَغزُو جيشٌ الكعبةَ فيُخسَفُ بهمْ". 758 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

_ 260 - وصلها أحمد بسند صحيح، لكن المصنف رحمه الله تعالى أشار إلى أنها شاذة بترجيح الرواية الأولى عليها. ولكن يمكن الجمع- كما قال الحافظ- بين الروايتين فإنه لا يلزم من حج الناس بعد خروج يأجوج ومأجوج أن لا يمنع الحج في وقت ما عند قرب ظهور الساعة. (33) أي: ذهباً ولا فضةً من الكنز الذي بها؛ وهو ما كان يهدى إليها وكانوا يطرحونه في صندوق في البيت، فأراد سيدنا عمر أن يقسمه بين المسلمين. 261 - هذا طرف من حديث سيأتي موصولاً في "ج2/ 34 - البيوع/49 - باب/ 999 - حديث".

50 - باب ما ذكر في الحجر الأسود

"كأَني بهِ أَسودَ أَفْحَجَ (34)، يَقلَعُها حَجَراً حَجراً". 50 - باب ما ذُكرَ في الحجَرِ الأَسودِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عمر بن الخطاب الآتي قريباً برقم 762). 51 - باب إغلاقِ البيتِ، ويُصَلِّي في أيِّ نواحي البيتِ شاءَ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن عمر الآتي في "ج2/ 56 - الجهاد/ 127 - باب"). 52 - باب الصلاةِ في الكعبةِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 270). 53 - باب مَن لم يَدخلِ الكعبةَ 313 - وكانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يحُجُّ كثيراً ولا يَدخُلُ. (قلت: أسند فيه حديث ابن أَبي أَوْفَى الآتي "26 - العمرة 11/ - باب/ 833 - حديث "). 54 - باب مَن كبَّرَ في نواحي الكعبة 759 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قَدِمَ [مكةَ 5/ 93] أَبَى أَنْ يَدخُلَ البيتَ وفيهِ الآلِهةُ، فأَمَرَ بها فأُخرجت (وفي روايةٍ: فَمُحِيَتْ 4/ 111) فأخرجوا صورةَ إبراهيمَ وَإسْمَاعيلَ في أيْدِيهِما الأَزْلامُ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ (34) من (فَحَجَ) في مِشْيَتِهِ كمنع؛ إذا تدانى صدور قدميه وتباعد عقباه. كما في القاموس. 313 - وصله سفيانَ الثَوَري في "جامعه"، والفاكهي في "كتاب مكة" بسند صحيح عنه.

55 - باب كيف كان بدء الرمل؟

"قاتَلَهمُ الله، أَمَا والله [لَـ] قدْ عَلِموا أنَّهُما لم يَسْتَقْسِما بها قطُّ". (وفي طريقٍ: وجد فيه صورةَ إبراهيمَ، وصورةَ مريمَ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أمَالهم (30) فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورةٌ، هذا إبراهيم مُصَورٌ فما له يَسْتَقْسِم؟! ".) فدخَلَ البيتَ، فكبَّرَ في نواحيهِ [وخرج]، ولم يصلِّ فيه. 55 - باب كيفَ كانَ بَدءُ الرَّمَلِ (36)؟ 760 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قَدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[262 - لِعَامِه الذي استأمَنَ 5/ 86] وأصحابُه، فقال المشركونَ: إنهُ يَقدَمُ عليكم وقد وهَنَهمْ (37) حُمَّى يَثرِبَ. فأمَرهمُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَرمُلُوا الأَشواطَ الثلاثةَ، (263 - وفي روايةٍ قال: "ارمُلوا"؛ ليُرِيَ المشركين قوتَهم، والمشركون من قبل قُعَيقِعان)، وأنْ يَمشوا ما بيْنَ الرُّكنَينِ، ولم يَمنعْه أنْ يَأمُرَهم أنْ يَرْمُلُوا الأشواطَ كلَّها إلا الإبقاءُ عليهم (38). 56 - باب استلامِ الْحَجَرِ الأسود حين يَقدَمُ مكةَ أولَ ما يطوفُ، ويَرمُلُ ثلاثاً

_ (35) كذا، وفي رواية ابن عساكر وغيره:"أما هم". (36) الرمل في الطواف: هو أن يهزّ كتفيه في مشيته كالمتبختر بين الصفّين. 262 - هذه معلقة وصلها الإسماعيلي. (37) أي: أضعفهم. و (يثرب) اسم المدينة المنورة في الجاهلية. 263 - هذه الرواية معلقة عند المصنف، وقد وصلها أحمد (1/ 306)، والإسماعيلي وزادا: "فلما رملوا قالت قريش: ما وهنتهم"، وسنده جيد. ولأحمد (1/ 373) من طريق أخرى عن ابن عباس: والمشركون من قبل قعيقعان (جبل بمكة)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" ارملوا بالبيت ثلاثاً".وسنده جيد أيضاً. (38) أي: الرفق بهم.

57 - باب الرمل في الحج والعمرة

761 - عن عبدِ الله بن عُمر رضي الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ يَقدَمُ مكةَ [في الحَجّ [أ] 2/ 163] والعُمْرَةِ] إذا استلَم الرُّكنَ الأَسودَ أوَّلَ ما يطوفُ يخُبُّ ثلاثةَ أطوافٍ منَ السَّبعِ، [ويمشي أربعةً، [ثم سَجَدَ سَجْدتَين]. وأنه كان يَسعى بَطْنَ المسيل إذا طاف بين الصفا والمروةِ 2/ 163]. [فقلت لنافع: أكان عبد الله يمشي إذا بلغ الركن اليماني؟ قال: لا، إلا أن يزاحم على الركنِ؛ فإنه كان لا يدَعُه حتى يستلمَه 2/ 170]. 57 - باب الرَّمَلِ في الحجِّ والعُمرةِ 762 - عن أَسْلَمَ أنَّ عُمرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه قال للرُّكنِ، (وفي طريقٍ أخرى: أنه جاء إلى الحَجَرِ الأسودِ، فقَبَّلَهُ، فقال 2/ 160): أمَا والله إني لأَعلَمُ أنكَ حَجَرٌ، لا تضُرُّ ولا تَنْفَعُ، ولوْلا أني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - استَلَمْتُكَ. ما استَلَمْتُكَ. (وفيها: يقبِّلكَ ما قبَّلتك). فاستَلَمَهُ ثم قال: فما لنا والرَّمَلَ؟ إنما كنَّا راءَيْنا به المشركينَ وقد أَهلَكَهمُ الله؟ ثم قال: شيءٌ صنَعَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فلا نُحِبُّ أنْ نتركَهُ. 763 - عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما قال: ما ترَكتُ استلامَ هذينِ الرُّكنينِ في شدةٍ ولا رَخاءٍ، منذُ رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يستلِمُهُما. فقلتُ لنافعٍ: أكانَ ابنُ عُمرَ يَمشي بينَ الرُّكنيْنِ؟ قال: إنما كانَ يَمشي ليكُونَ أَيسرَ لاستلامهِ. 58 - باب استلامِ الرُّكنِ بالمِحْجَنِ (39)

_ (39) المحجن: عصا محنية الرأس.

59 - باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين

764 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: طافَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[بالبيتِ 2/ 166] في حَجَّة الوَداعِ على بَعير [هِ، وكان كلَّما أتى على الركنِ 6/ 175] يَستلمُ الركنَ، (وفي روايةٍ: أشار إليه) بمِحْجَنٍ [كان عندَه، وكبَّر 2/ 163]. 59 - باب مَن لم يَستلمْ إلا الركنينِ اليَمَانِيَّيْنِ 264 - عن أَبي الشَّعشاءِ أنه قال: ومَنْ (40) يتّقي شيئاً منَ البيتِ؟! وكانَ معاويةُ يَستلمُ الأركانَ. فقالَ لهُ ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: إنه لا يُستلَمُ هذانِ الرُّكنانِ. فقالَ: ليسَ شيءٌ منَ البيتِ مهجوراً. وكانَ ابنُ الزُّبير يَستلِمُهُنَّ كلَّهنَّ! 765 - عن سالمِ بن عبدِ الله عن أبيه رضي الله عنهما قال: لم أَرَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَستلمُ منَ البيتِ إلا الرُّكنيْنِ اليمانِيَينِ. 60 - باب تقبيلِ الحجَرِ 766 - عن الزبَيرِ بن عربيٍّ قال: سأَلَ رجلٌ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما عنِ استلامِ الحَجرِ؟ فقال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يستلِمُهُ ويقبِّلُه. قلتُ: أَرأَيتَ إن زُحِمتُ؟ أَرَأَيتَ إنْ غُلِبْتُ؟ قال: اجعلْ (أَرأَيتَ) باليمَنِ! رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يستلِمُهُ ويقبِّلُه.

_ 264 - هذا معلق عند المصنف. وقد وصله الجوزقي، وله طرق أخرى في "المسند" (1/ 217 و 246 و 232 و 372 و 4/ 94 و 98) وفي بعضها أن معاوية قال لابن عباس: "صدقت". لكن سنده ضعيف. (40) أي: لا ينبغي لأحد أن يتقي.

61 - باب من أشار إلى الركن إذا أتى عليه

61 - باب مَن أشارَ إلى الرُّكنِ إذَا أَتى عليه (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم آنفاً برقم 764). 62 - باب التكبيرِ عند الرُّكنِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 63 - باب مَن طافَ بالبيتِ إذا قَدِمَ مكةَ قبلَ أن يَرجعَ إلى بيتهِ ثم صلَّى ركعتيْنِ ثم خرجَ إلى الصَّفا 64 - باب طوافِ النساءِ معَ الرجالِ 767 - عن ابن جُريجٍ: أَخبرَنا عطاءٌ إذْ مَنَعَ ابنُ هشامٍ النساءَ الطوَافَ معَ الرجالِ قال: كيفَ تمنَعهُنَّ وقَد طافَ نساءُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - معَ الرجالِ؟ قلتُ: أَبَعْدَ الحِجابِ أو قبلُ؟ قال: إيْ لعَمْري لقد أَدركتُه بعدَ الحِجابِ. قلتُ: كيفَ يُخالِطْنَ الرجالَ؟ قال: لم يَكُنَّ يخالِطْنَ، كانت عائشةُ رضي الله عنها تطوفُ حَجْرةً (41) من الرجالِ لا تخالِطُهمْ. فقالتِ امرأةٌ: انطلقي نَستلمْ يا أُمَّ المؤمنينَ. قالت: عنْكِ. وأَبَتْ. فكُنَّ يخرُجْنَ متنكِّراتٍ بالليلِ، فيطُفْنَ معَ الرجالِ، ولكنَّهنَّ كنَّ إذا دَخلن البيتَ قُمنَ، حتى يدخُلْنَ، وأُخْرجَ الرجالُ، وكنتُ آتي عائشةَ أَنا وعُبيْدُ بنُ عُميْرٍ وهي مجاوِرةٌ (42) في جوْفِ ثَبِيرٍ، قلتُ: وما حِجابُها؟ قال: هي في قُبَّةٍ تُركيَّةٍ، لها غِشاءٌ، وما بينَنا وبينَها غيرُ ذلكَ، ورأَيتُ عليها دِرعاً مورَّداً. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أم سلمة المتقدم برقم 245).

_ (41) أي: ناحية محجورة. وقوله: (من الرجال): أي عنهم. (42) أي: مقيمة. و (ثبير): جبل عظيم بالمزدلفة.

65 - باب الكلام في الطواف

65 - باب الكلامِ في الطوافِ 768 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مرَّ وهو يَطوفُ بالكعبة بإنسانٍ ربَطَ يدَهُ. إلى إِنسانٍ بسَيْرٍ أو بخيْطٍ أو بشيءِ غيرِ ذلكَ (وفي روايةٍ: بإنسانٍ يقودُ إنساَناً بِخِزامةٍ في أَنفِه 7/ 234). فقطَعَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -بيدِهِ، ثم قالَ: " قُدْهُ بيَدِهِ". 66 - باب إذا رأَى سَيْراً أو شيئاً يُكرَهُ في الطوافِ قطعَه (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم آنفاً). 67 - باب لا يَطوفُ بالبيتِ عُريانٌ، ولا يَحجُّ مُشركٌ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة الآتي في "ج 3/ 65 - التفسير/9 - براءة/2 - باب"). 68 - باب إذا وقَفَ في الطوافِ 314 - وقال عطاءٌ فيمَن يطوف فتقامُ الصلاةُ أو يُدفَعُ عن مكانِه إذا سلَّمَ: يَرِجعُ إلى حيث قُطِعَ عليهِ [فيبني] (43). 315 و 316 - وَيُذْكَرُ نحوهُ عن ابنِ عمرَ وعبدِ الرحمنِ بن أَبي بَكْرٍ رضي الله عنهم. 69 - باب صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِسُبُوعهِ (44) ركعتيْن

_ 314 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه نحوه. (43) سقطت هذه الزيادة من نسختنا وهي ثابتة في بعض النسخ، منها نسخة "الفتح". 315 و 316 - وصله سعيد بن منصور عن جميل بن زيد عن ابن عمر نحوه. وجميل هذا ضعيف. ووصله عبد الرزاق بسند صحيح عن عبد الرحمن بن أبي بكر. (44) أي: لأشواطه السبعة في طوافه، يقال: طاف بالبيت أسبوعاً أي سبع مرات. وحذف الهمزة لغة قليلة.

70 - باب من لم يقرب الكعبة، ولم يطف حتى يخرج إلى عرفة، ويرجع بعد الطواف الأول

317 - وقال نافعٌ: كانَ ابن عُمرَ رضي الله عنهما يصَلي لكلِّ سُبُوعٍ ركعتين. 318 - وقال إِسْمَاعيلُ بن أُمَيَّةَ: قلتُ للزُّهريِّ: إِنَّ عطاءً يقولُ: تُجْزئُهُ المكتوبةُ من ركعتَي الطوَافِ. فقال: السُّنَّةُ أَفضل، لم يطفِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سُبُوعاً قطُّ إلا صلَّى رَكعتَينِ. 769 - عن عَمرِو [بن دينارٍ 2/ 170]: سأَلْنا ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما: أَيَقَعُ الرجلُ على امرأتِه في العُمرةِ قبلَ أنْ يَطوفَ بينَ الصَّفا والمرْوةِ؟ قال: قَدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[مكةَ 2/ 171]، فطافَ بالبيتِ سَبعاً، ثم صلَّى خلفَ المقامِ ركعتيْن، [ثم خرج عليه الصلاةُ والسلامُ إلى الصفا 2/ 166]، وطافَ بينَ الصَّفا والمرْوةِ [سبعاً 2/ 203]، وَ [قد] قالَ [الله تعالى]: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. 770 - قال: وسألتُ جابرَ بن عبدِ الله رضي الله عنهما فقال: لا يَقرُبِ امرأَتَه (وفي روايةٍ: لا يَقْرَبَنَّها) حتى يَطوفَ بينَ الصَّفا والمرْوةِ. 70 - باب مَن لم يقرُبِ الكعبةَ، ولم يَطُفْ حتى يخرجَ إلى عرَفةَ، ويَرجعَ بعدَ الطوَافِ الأول (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم برقم 737). 71 - باب مَن صلَّى ركعتَي الطوافِ خارجاً منَ المسجدِ 319 - وصلَّى عُمرُ رضي الله عنه خارجاً منَ الحرَمِ.

_ 317 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 318 - وصله ابن أبي شيبة عن إسماعيل مختصراً، ووصله عبد الرزاق عن معمر عن الزهري بتمامه وسنده صحيح. 319 - يأتي بمعناه قريباً برقم (321).

72 - باب من صلى ركعتي الطواف خلف المقام

(قلت: أسند فيه طرفا من حديث أم سلمة المتقدم برقم 245). 72 - باب مَن صلَّى ركعتَيِ الطوافِ خلفَ المقامِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم قبل بابين). 73 - باب الطوافِ بعدَ الصُّبح والعصرِ 320 - وكانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يصَلي ركعتَيِ الطوافِ ما لم تطلعِ الشمسُ. 321 - وطَافَ عُمرُ بعدَ صلاةِ الصبحِ، فرَكِبَ حتى صلَّى الرَّكعتيْنِ بذِي طوىً. 771 - عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ ناساً طافُوا بالبيتِ بعدَ صلاةِ الصبْحِ، ثم قعَدُوا إلى المُذَكِّر (45) حتى إذا طلَعَتِ الشمسُ قامُوا يُصلُّون! فقالت عائشةُ رضي الله عنها: قعَدُوا حتى إذا كانتِ الساعةُ التي تُكرهُ فيها الصلاةُ قاموا يُصلونَ! 772 - عن عبد العزيزِ بن رُفَيْعٍ قال: رأيت عبدَ الله بن الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما يَطوفُ بعدَ الفجرِ، ويصَلي ركعتيْن. قال عبدُ العزيزِ: ورأيتُ عبدَ الله بنَ الزُّبيرِ يصَلي ركعتيْن بعدَ العصرِ، ويُخْبرُ أنَّ عائشةَ رضي الله عنها حدَّثتْه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يدخُلْ بيْتَها إلا صلاَّهما. (ومن طريق عروة قال: قالت عائشة: يا ابن أخي ما تَرَك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - السجدتَين بعدَ العصرِعندي قَطُّ 1/ 146) (46).

_ 320 - وصله سعيد بن منصور بإسنادين صحيحين عنه. 321 - وصله مالك بسند صحيح عنه. (45) أي: الواعظ. (46) تقدم في "9 - المواقيت/33 - باب" من طريق أخرى عنها بأتم مما هنا.

74 - باب المريض يطوف راكبا

74 - باب المريضِ يَطوفُ راكباً 75 - باب سِقاية الحاجِّ 773 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جاءَ إلى السِّقايةِ فاستَسقى فقال العباسُ: يا فضلُ! اذهبْ إلى أُمِّكَ، فأْتِ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بشرابٍ من عندها، فقال: "اسقِني". قال: يا رسولَ الله! إنهم يجعلون أيدِيَهم فيهِ، قالَ: "اسقِني". فشَربَ منهُ، ثم أَتَى زمزَمَ وهمْ يَسقُون ويَعمَلُون فيها، فقال: "اعملُوا؛ فإِنكم على عملٍ صالحٍ". ثم قال: "لوْلا أنْ تُغلبُوا لنزَلتُ حتى أضَعَ الحبلَ على هذهِ -يعني عاتقَهُ- وأشار إلى عاتقه". 76 - باب ماجاءَ في زمزمَ 774 - عن عاصمٍ عن الشعبيِّ أنَّ ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما حدَّثهُ قال: سقَيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - من زمزمَ، فشَربَ وهو قائمٌ. قال عاصِمٌ: فحلَفَ عِكرمة: ما كانَ يومَئذٍ إلا على بَعيرٍ (47).

_ (47) قال الحافظ: "وعند أبي داود من طريق عكرمة عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف على بعيره، ثم أناخه بعد طوافه فصلى ركعتين. فلعله حينئذ شرب من زمزم قبل أن يعود إلى بعيره ويخرج إلى الصفا. بل هذا هو الذي يتعين المصير إليه، لأن عمدة عكرمة في إنكار كونه شرب قائماً إنما هو ما ثبت عنده إنه- صلى الله عليه وسلم - طاف على بعيره، وخرج إلى الصفا على بعيره وسعى كذلك، لكن لا بد من تخلل ركعتي الطواف بين ذلك وقد ثبت أنه صلاهما على الأرض، فما المانع من كونه شرب حينئذٍ من سقاية زمزم قائماً كما حفظه الشعبي عن ابن عباس؟ ". قلت: وشربه - صلى الله عليه وسلم - قائماً، لعله كان لشدة الزحام فقد ثبت النهي الشديد منه - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب قائماً. انظر "الأحاديث الصحيحة" المجلد الأول رقم (177).

77 - باب طواف القارن

77 - باب طوافِ القارنِ 78 - باب الطوَافِ على وُضوءٍ 775 - عن محمدِ بن عبدِ الرحمنِ بن نوْفلِ القرَشيِّ أنه سألَ عروةَ بن الزبَيرِ؟ فقال: قد حجَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبَرتْني عائشةُ (48) رضي الله عنها أنَّ أوَّلَ شيءٍ بدَأَ به حينَ قَدِمَ أنه توضَّأَ، ثم طافَ بالبيتِ، ثم لم تكنْ عُمرةٌ. ثم حجَّ أبو بكرٍ رضي الله عنه فكانَ أوَّلَ شيءٍ بَدأَ به الطوافُ بالبيتِ، ثم لم تكنْ عُمرةٌ. ثم عُمرُ رضي الله عنه مِثلَ ذلكَ. ثم حجَّ عثمانُ رضي الله عنه، فرأيتُه أوَّلُ شيءٍ بَدأَ بهِ الطوافُ بالبيتِ، ثم لم تكنْ عُمرةٌ. ثم معاويةُ، وعبدُ الله بن عُمرَ. ثُمَّ حجَجتُ معَ ابنِ الزبَيرِ فكانَ أوَّلَ شيءٍ بَدأَ به الطوافُ بالبيتِ، ثم لم تكنْ عُمرةٌ. ثم رأيت المهاجرينَ والأَنصارَ يفعلونَ ذلك. ثم لم تكنْ عُمرةٌ. ثم آخِرُ مَن رأيتُ فعلَ ذلك ابنُ عُمرَ، ثم لم ينقُضْها عُمرةً، وهذا ابنُ عُمرَ عندهم فلا يسألونهُ، ولا أحدٌ مِمَّنْ مضى ما كانوا يَبدؤُون بشيءٍ حينَ يَضعونَ أقدامَهم منَ الطوافِ بالبيتِ ثم لا يَحِلونَ، وقد رأيتُ أُمي وخالتي حين تَقدَمانِ لا تَبتدِئانِ بشيءٍ أوَّلَ منَ البيتِ تطُوفانِ به، ثم لا تَحِلاَّنِ، وقد أخبرَتْني أُمي أنها أهَلَّت هي وأختُها والزُّبيرُ وفلانٌ وفلانٌ بعُمرةٍ، فلما مسَحوا الرُّكنَ حَلُّوا.

_ (48) قال الحافظ: حذف البخاري صورة السؤال وجوابه، واقتصر على المرفوع منه، وقد ذكره مسلم من هذا الوجه، ولفظه: أن رجلاً من أهل العراق قال له: سل لي عروة بن الزبير عن رجل يهلُّ بالحج فإذا طاف يحل أم لا؟ فإن قال لك: لا يحل، فقل له: إن رجلاً يقول ذلك، قال: فسألته، قال: لا يحل من أهلَّ بالحج إلا بالحج، قال: فتصدى لي الرجل فحدثته فقال: فقل له، فإن رجلاً كان يخبر أن رسول لله - صلى الله عليه وسلم - قد فعل ذلك، وما شأن أسماء والزبير فعلا ذلك؟ قال: فجئته- أي عروة- فذكرت له ذلك، فقال: من هذا؟ فقلت: لا أوري- أي لا أعرف اسمه- قال: فما باله لا يأتيني بنفسه يسألني؟! أظنه عراقياً -يعني وهم يتعنتون في المسائل، قال: قد حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... وذكر الحديث.

79 - باب وجوب الصفا والمروة، وجعل من شعائر الله

79 - باب وُجوب الصفا والمروةِ، وجُعِلَ من شعائر الله 776 - عن عُروةَ قال: سألتُ عائشةَ رضي الله عنها [وأنا يومئذٍ حديثُ السن 2/ 203]، فقلتُ لها: أَرأيْتِ قولَ الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فواللَه ما على أَحدٍ جُناحٌ أنْ لا يَطوَّفَ بالصفا والمَرْوةِ، قالت: بئْسَ ما قُلْتَ يا ابنَ أختي! (وفي روايةٍ: كلا) إن هذه لو كانت كما أَوَّلتَها عليهِ كانت لا جُناحَ عليهِ أنْ لا يَتطوَّفَ بهما، ولكنَها أُنْزِلَتْ في [265 - رجال من 6/ 51] الأَنصارِ، كانوا [هم وغسانُ] قبْلَ أنْ يُسْلِموا يُهلُّونَ لِمَناةَ الطاغيةِ؟ التي كانوا يعبُدونَها عندَ المشلَّلِ، [ومناةُ صنم بين مكة والمدَينة] [حَذْوَ قَديدٍ]، فكانَ مَن أَهَلَّ يتحرَّجُ أنْ يَطوفَ بالصفا والمرْوةِ، فلمَّا أسلَموا سألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلكَ؟ قالوا: يا رسولَ الله! إنَّا كنَا نتحرَّجُ أنْ (وفي روايةٍ: كنا لا) نَطوفُ بينَ الصفا والمروَةِ [تعظيماً لِمَناةَ]؛ فأَنزلَ الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآيةَ. قالت عائشةُ رضي الله عنها: وقد سَنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الطوافَ بينهُما، فليسَ لأَحدٍ أنْ يَترُكَ الطوافَ (وفي روايةٍ: ما أَتمَّ الله حجَّ امرئٍ ولا عُمرتَهُ ما لم يطف) بينهُما. ثم أَخبرتُ أبا بكرِ بن

_ 265 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وكذا بعض ما بعدها، وصلها الطبري والطحاوي وغيرهما.

80 - باب ما جاء في السعي بين الصفا والمروة

عبدِ الرحمنِ، فقال: إنَّ هذا لعِلمٌ ما كنتُ سمعْتُه، ولقد سمِعتُ رجالاً من أهلِ العلم يَذكُرونَ، أنَّ الناس- إلا مَن ذكَرتْ عائشة- ممَّنْ كانَ يُهِلُّ بمناةَ كانوا يَطوفونَ كلُّهُم بالصفا والمَروةِ، فلمَّا ذكَر الله تعالى الطوافَ بالبيت، ولم يذكُرِ الصفا والمَروةَ في القرآنِ قالوا: يا رسولَ الله! كنَّا نَطوفُ بالصَّفا والمرْوَةِ، وإنَّ الله أَنزلَ الطوافَ بالبيتِ؛ فلَم يَذكرِ الصفا، فهلْ علينا مِن حرَجٍ أنْ نطَّوَّفَ بالصفا والَمرْوةِ؟ فأَنزلَ الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآَيةَ. قال أبو بكرٍ: فأَسمعُ هذه الآيةَ نزَلتْ في الفريقيْنِ كلَيْهِما، في الذينَ كانوا يتحرَّجونَ أنْ يطَّوَّفوا في الجاهليةِ بالصَّفا والمرْوةِ، والذين يطُوفونَ ثم تحرَّجوا أنْ يطَّوَّفوا بهما في الإسلامِ، من أَجل أنَّ الله تعالى أَمرَ بالطوَافِ بالبيتِ ولم يذكُرِ الصَّفا، حتى ذكَر ذلك بعدما ذكَر الطوَافَ بالبيتِ. 80 - باب ما جاءَ في السعيِ بينَ الصَّفا والمرْوةِ 322 - وقال ابن عُمرَ رضي الله عنهما: السعيُ من دارِ بَني عَبَّادٍ إلى زُقاقِ بَني أَبي حُسيْنٍ. 777 - عن عاصمٍ قال: قلتُ لأَنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه: أَكنتم تَكرَهونَ السَّعيَ بَيْنَ الصَّفا والمرْوةِ؟ قال: نعمْ؛ لأنها كانتْ من شعائرِ الجاهليةِ (وفي روايةٍ: كنا نُرى أنهما من أمرِ الجاهليةِ، فلما كان الإسلامُ أمسكنا عنهما 153/ 5). حتى أَنزَلَ الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.

_ 322 - وصله الفاكهي من طريقين عنه، زاد في أحدهما: (قال سفيان: هو بين هذين العلمين).

81 - باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، وإذا سعى على غير وضوء بين الصفا والمروة

778 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: إنما سعى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالبيتِ، وبينَ الصَّفا والمروةِ، ليُريَ المشركينَ قوَّتَه. 81 - باب تَقضي الحائضُ المناسكَ كلَّها إلا الطوافَ بالبيتِ، وإذا سعى على غيرِ وُضوءٍ بينَ الصَّفا والمرْوةِ 82 - باب الإهلالِ منَ البطحاءِ وغيرِها للمكِّيِّ وللحاجِّ إذا خرجَ إلى مِنىً 323 - وسُئل عطاءٌ عن المجاوِرِ يلبِّي بالحجِّ؟ قال: وكان ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يلبِّي يومَ التَّرويَةِ، إذا صلَّى واستوى على راحِلتِه. 266 - وقال عبدُ الملِكِ عن عطاءٍ عن جابرٍ رضي الله عنه: قدمْنا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأَحلَلْنا حتى يومِ التَّرويَةِ، وجعَلْنا مكةَ بظَهرٍ لبَّينا بالحجِّ. 267 - وقال أبو الزُّبَيرِ عن جابرٍ: أَهلَلنا منَ البطحاءِ. 268 - وقال عبَيدُ بن جُرَيجٍ لابنِ عُمرَ رضي الله عنهما: رأيتُكَ إذا كنتَ بمكةَ أَهلَّ الناسُ إذا رأَوُا الهلالَ ولم تُهلَّ أنتَ حَتَّى يومِ التَّرويَة؟ فقال: لم أَرَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُهلُّ حتى تنبعِثَ به راحلتُه.

_ 323 - وصله سعيد بن منصور عنه بلفظ: رأيت ابن عمر في المسجد فقيل له: قد رؤي الهلال- فذكر قصة فيها- فأمسك حتى كان يوم التروية، فأتى البطحاء، فلما استوت به راحلته أحرم. 266 - وصله مسلم (4/ 37) عنه، وهو ابن أبي سليمان. 267 - وصله مسلم أيضاً (4/ 36). 268 - وصله المصنف في "الطهارة" (109).

83 - باب أين يصلي الظهر يوم التروية؟

83 - باب أين يصَلي الظهرَ يومَ التَّرويَةِ؟ 779 - عن عبدِ العزيزِ بن رُفَيْعٍ قال: [خرجتُ إلى مِنًى يومَ التَّرويَةِ فلقِيتُ أَنساً رضي الله عنه ذاهباً على حمارٍ فَـ] قلتُ: أَخبِرْني بشيءٍ عقَلْتَه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أينَ صلَّى الظهرَ والعصرَ يومَ الترويَةِ؟ قال: بمنًى. قُلتُ: فأَينَ صلَّى العصرَ يومَ النَّفْرِ؟ قال: بالأَبطَحِ، ثم قال: افعلْ كما يَفعلُ أُمراؤُكَ. (وفي روايةٍ: انظر حيث يصلي أُمراؤك فصَلِّ). 84 - باب الصلاةِ بمنىً 85 - باب صوْم يومِ عرَفةَ 780 - عن أمِّ الفضْلِ: شكَّ الناس (وفي روايةٍ: تَمارَوْا 2/ 248) (وفي أخرى: اختلفوا عندها 2/ 174) يومَ (وفي روايةٍ: عشيَّةَ 6/ 248) عرَفَةَ في صوْمِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. [فقال بعضُهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائمٍ]. فبَعثتُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بشرابٍ (وفي روايةٍ: بقدَحِ لَبنٍ وهو واقف على بعيره)، [فأخذَ بيدهِ] فشربَهُ. 86 - باب التَّلبيةِ والتكبيرِ إذا غدا منْ مِنًى إلى عرفةَ 781 - عن محمدِ بن أبي بكرٍ الثَّقَفيِّ: أنه سألَ أَنسَ بن مالكٍ رضي الله عنه، وهُما غادِيان (49) من منىً إلى عرَفةَ [عن التلبية 2/ 7]: كيفَ كنتم تَصنعونَ في هذا اليومِ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال:

_ (49) أي: ذاهبان غدوة.

87 - باب التهجير بالرواح يوم عرفة

كان يُهلُّ مِنَّا المُهِلُّ (وفي روايةٍ: يلبِّي الملبِّي)، فلا ينكَرُ عليهِ، ويكبِّرُ منَّا المكبِّرُ، فلا يُنكَرُ عليهِ. 87 - باب التهْجيرِ (ِ50) بالرَّوَاحِ يومَ عرفة 782 - عن سالمٍ قال: كتَبَ عبدُ المَلكِ إلى الحَجَّاجِ؛ أنْ لا يُخالفَ ابنَ عُمرَ في الحجِّ. فجاءَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما وأنا معهُ يومَ عرفةَ حينَ زالتِ الشمسُ، فصاحَ عندَ سُرادِقِ الحَجاجِ: [أين هذا؟ 2/ 175] فخرجَ وعليهِ مِلحفةٌ معَصفَرةٌ، فقال: مالَكَ يا أبا عبدِ الرحمنِ؟ فقال: الرَّوَاحَ، إنْ كنتَ تريدُ السُّنَّةَ. قال: هذه الساعةَ؟ قال: نعمْ. قال: فأَنظِرْني حتى أُفِيضَ على رأسي [ماءً] ثم أخرُجَ. فنزلَ [ابنُ عُمر رضي الله عنهما] حتى خرَج الحَجاجُ، فسارَ بيْني وبيْنَ أَبي، فقلتُ: إنْ كنتَ تريدُ السُّنةَ [اليومَ] فاقصُرِ الخُطبةَ، وعجِّلِ الوقوفَ. فجعلَ ينظُرُ إلى عبدِ الله، فلمَّا رأَى ذلكَ عبدُ الله؟ قال: صدَقَ. 88 - باب الوقوفِ على الدابَّةِ بعرَفةَ (قلت: أسند فيه حديث أم الفضل المتقدم قريباً برقم 780). 89 - باب الجمعِ بينَ الصلاتَيْن بعرَفةَ 324 - وكان ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما إذا فاتتهُ الصلاة معَ الإمامِ جمَعَ بينَهما.

_ (50) التهجير: السير في الهاجرة وهي عند نصف النهار واشتداد الحر. 324 - قال الحافظ: وصله إبراهيم الحربي في "المناسك". قلت: وزاد في آخره: "في منزله" وسنده صحيح. ولم يرد هذا الأثر في "نسخة المناسك" التي قام على طبعها وتحقيقها صديقنا الفاضل الأستاذ أحمد الجاسر، والتي ترجح عنده أنها للحربي، والراجح عندي خلافه.

90 - باب قصر الخطبة بعرفة

269 - عن ابن شهاب قال: أخبرني سالم أنَّ الحجَّاجَ بن يوسفَ عامَ نزَلَ بابنِ الزُّبيْرِ رضي الله عنهما سألَ عبدَ الله كيفَ تصنعُ في الموْقفِ يومَ عرفةَ؟ فقال سالمٌ: إنْ كنتَ تريدُ السُّنةَ فهجِّرْ بالصلاةِ يومَ عرفةَ، فقالَ عبدُ الله بن عمرَ: صدَق، إنهم كانوا يَجمعونَ بين الظهرِ والعصرِ في السُّنَّةِ، فقلتُ لسالمٍ: أفَعلَ ذلك رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالَ سالمٌ: وهل يتَّبعون في ذلكَ إلا سُنَّتَهُ؟ 90 - باب قَصْرِ الخطبةِ بعرَفةَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم قريباً برقم 782). 91 - باب التعجيلِ إلى الموْقفِ (قلت: لم يذكر فيه شيئاً). 92 - باب الوقوفِ بعرفةَ 783 - عن جُبَيْرِ بن مُطْعِمٍ قال: أَضلَلْتُ بعيراً، فذهبت أَطلُبُه يومَ عرفةَ، فرأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - واقفاً بعرَفةَ، فقلتُ: هذا والله منَ الحُمْسِ (51)، فما شأنُه ههنا؟ 784 - عن هشامِ بن عُروةَ: قال عُروةُ: كان الناس يَطوفونَ في الجاهليةِ عُراةً؛ إلا الحُمْسَ (51) والحُمسُ قُريْشٌ؛ وما ولَدتْ، وكانتِ الحُمسُ يحتسِبونَ على الناسِ، يُعطي الرجلُ الرجلَ الثيابَ يَطوفُ فيها، وتُعطي المرأةُ المرأةَ الثيابَ تطوفُ

_ 269 - قلت: إسناده معلق عند المصنف، وقد وصله الإسماعيلي بسند صحيح، ووصله المصنف بنحوه في الباب الذي قبله بباب. (51) أي: من أهل الحرم. قال المجد: و (الحمس): الأمكنة الصلبة: جمع أحمس، وبه لقبت قريش.

93 - باب السير إذا دفع من عرفة

فيها، فمنْ لم تعطِهِ الحُمسُ طافَ بالبيتِ عُرياناً! وكان يُفِيضُ جماعةُ الناسِ من عرفاتٍ، وتُفيضُ الحُمسُ من جمْع، قال: وأَخبرَني أَبي عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ هذه الآيةَ نزَلتْ في الحُمسِ. (وفي روايةٍ: كانت قريشٌ ومن دان دينَها يقفون بالمزدلفة، وكانوا يسمَّوْن الحُمسَ، وكان سائرُ العربِ يقفون بعرفات، فلما جاء الإسلام أَمر الله نبيّه - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي عرفات ثم يقفَ بها، ثم يفيضَ منها؛ فذلك قوله تعالى 158/ 5): {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}، قال: كانوا يُفيضون من جمْعٍ، فدُفعوا إلى عرفاتٍ. 93 - باب السَّيرِ إذا دفَع من عرفةَ 785 - عن عُروةَ قال: سُئل أُسامةُ وأنا جالسٌ: كيفَ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَسيرُ في حَجةِ الوَداعِ حينَ دفَعَ؟ قال: كان يَسيرُ العَنَقَ (52)، فإذا وجَدَ فَجوةً نَصَّ. قال هشامٌ: وَ (النَّصُّ) فوقَ (العَنَقِ). (فَجوةٌ): متّسَعٌ، والجمعُ فجَواتٌ وفِجاءٌ، وكذلك رَكْوةٌ وركاءٌ. (مَناصٌ): ليسَ حين فِرارٍ. 94 - باب النزولِ بينَ عَرفةَ وجمْعٍ 786 - عن نافعٍ قال: كان عبدُ الله بنُ عُمرَ رضي الله عنهما يَجمعُ بينَ المغربِ والعشاءِ بجَمعٍ، غيْر أنه يمُرُّ بالشِّعبِ (53) الذي أَخذهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -،

_ (52) بفتحتين: سيرٌ بين الإبطاء والإسراع، وهو منصوب على المصدر. (53) هو الطريق بين الجبلين.

فيدخُلُ، فينتفِضُ (54) ويتوضَّأُ، ولا يُصَلِّي حتى يُصَلِّيَ بـ (جَمعٍ). 787 - عن كُرَيْبٍ موْلى ابنِ عباسٍ عن أسامةَ بن زيْدٍ رضي الله عنهما أنهُ قال: رَدِفتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -[حيثُ (55) أَفاضَ] من عرفاتٍ، فلما بلَغَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الشِّعبَ الأَيسرَ؛ الذي دُون المزدلِفةِ أَناخَ، فبالَ، ثم جَاءَ، فصبَبتُ عليهِ الوَضوءَ، [ولم يسبغ الوضوءَ 2/ 177]؛ توضَّأَ وُضوءاً خفيفاً، فقلتُ: الصلاةُ يا رسولَ الله؟ قال: "الصلاةُ أمامَكَ". فركبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أَتى المزدلفةَ، [نزل توضأ، فأسبغَ الوضوء، ثم أقيمت الصلاةُ 1/ 44]، فصلَّى [المغربَ، ثم أناخَ كلُّ إنسانٍ بعيرَه في منزِله، ثم أقيمت العِشاءُ، فصلَّى، ولم يُصلِّ بينهما]، ثم رَدِف الفضلُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - غَداةَ (جَمْع). 788 - قال كُرَيْبٌ: فأخبرَني عبدُ الله بن عباسٍ رضي الله عنهما عن الفضلِ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لم يزلْ يلبِّي حتى بلغَ الجمرةَ. (ومن طريقٍ آخر عنه: أن أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما كان رِدْفَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، من عرفةَ إلى المزدلفةِ، ثُم أَردَفَ الفضلَ من المزدلفةِ إلى منًى. قال: فكِلاهُما قالا: لَمْ يزَلِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يلبِّي حتى رمَى جمرةَ العقَبةِ (2/ 146).

_ (54) أي: يستجمر. (55) قال الحافظ: في رواية أبي الوقت: "حين"، وهي أولى، لأنها ظرف زمان، و"حيث" ظرف مكان.

95 - باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسكينة عند الإفاضة،

95 - باب أَمرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالسَّكِينةِ عندَ الإفاضةِ، وإشارتهِ إليهم بالسَّوْط 789 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه دفَعَ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ عرَفةَ، فسمعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وراءَهُ زجْراً شديداً، وضرباً للإبلِ، فأشارَ بسوْطهِ إليهمْ، وقال: "أيها الناس! عليكم بِالسَّكينةِ؛ فإنَّ البِرَّ ليسَ بالإيضاعِ". {أوْضعوا}: أَسرَعوا. {خِلالَكم}: منَ التخلُّلِ بينَكم. (وفجَّرْنا خلالَهما}: بيْنهما (56). 96 - باب الجمعِ بينَ الصلاتيْنِ بالمزدلفةِ (قلت: أسند فيه حديث أسامة المتقدم قريباً برقم 787). 97 - باب مَن جمَع بينَهما ولم يتطوَّع 790 - عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما قال: جمَع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينَ المغرب والعشاء بـ (جَمْعٍ)، كلُّ واحدةٍ منهما بإقامةٍ، ولم يسبِّحْ (57) بينهما، ولا على إثْر كلّ واحدةٍ منهما. 791 - عن أبي أيوبَ الأنصاريِّ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - جَمَع في حَجَّة الوَداعِ المغربَ والعِشاءَ بالمزدلِفة.

_ (56) قال الحافظ: وإنما ذكر البخاري هذا التقييد لمناسبة (أوضعوا) للفظ (الإيضاع)، ولما كان متعلق (أوضعوا) (الخلال) ذكر تفسيره تكثيراً للفائدة. (57) أي: لم يصلِّ نفلاً.

98 - باب من أذن وأقام لكل واحدة منهما

98 - باب مَن أذَّنَ وأقامَ لكلِّ واحدةٍ منهما 792 - عن عبدِ الرحمنِ بن يزيدَ قال: حجَّ عبدُ الله (ابن مسعود) رضي الله عنه، فأتيْنا المزدلفة حينَ الأذانِ بالعتَمةِ، أو قريباً من ذلكَ، فأمَرَ رجلاً فأذَّنَ وأقامَ، ثم صلَّى المغربَ، وصلَّى بعدها ركعتينِ (58)، ثم دعا بعَشائهِ فتعشَّى، ثم أَمَرَ - أُرَى رجلاً- فأذَّنَ، وأقامَ، قال عَمْرٌو: ولا أَعلمُ الشكّ إلا من زهيرٍ - ثم صلَّى العشاءَ ركعتين، فلما طلَعَ الفجرُ [صلى حينَ طَلَع الفجر، قائل يقول: طلَع الفجر، وقائل يقول: لم يطلع الفجرُ، ثم] قال: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان لا يصَلي هذه الساعةَ إلا هذه الصلاةَ في هذا المكانِ من هذا اليومِ (59). قال عبدُ الله (بن مسعود): هما صلاتان تُحوَّلانِ عن وقتِهِما، صلاةُ المغربِ بعدما يأتي الناسُ المزدلِفةَ، والفجرُ حينَ يبزُغُ الفجرُ، قال: رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله (وفي روايةٍ: ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاةً بغير ميقاتها؛ إلا صلاتيْن: جَمَعَ بين المغرب والعشاء، وصلى الفجر قبل ميقاتها 2/ 179) (وفي أخرى: ثم قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن هاتيْن الصلاتيْن حُوِّلتا عن وقتهما، في هذا المكانِ: المغربَ والعشاءَ، فلا يَقدَمُ الناسُ جمْعاً حتى يُعْتِموا (60)، وصلاةَ الفجرِ هذه الساعةَ. ثم وقفَ حتى أَسفرَ، ثم قال: لو أنَّ أميرَ المؤمنينَ أفاض الآنَ أصابَ السُّنَّةَ. فما أَدري

_ (58) أي: تطوعاً. (59) قلت: يعني أنه غلس بها جداً في المزدلفة هذا اليوم، وهذا هو المراد بقوله الآتي: "وصلى الفجر قبل ميقاتها"، فإنه في سائر الأيام كان يصليها في الغلس أيضاً، ولكن بعد أن يصلي سنة الفجر في بيته، ثم يخرج. على أن في إسناد الحديث أبا إسحاق السبيعي، وكان اختلط، وقد اضطرب في ضبط هذا الحديث كما أوضحته في "الضعيفة" (4835). (60) أي: يدخلوا في العتمة، وهو وقت العشاء الأخيرة.

99 - باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون، ويقدم إذا غاب القمر

أقَوْلُهُ كان أَسرعَ، أَم دفْعُ عثمانَ رضي الله عنه، فلم يَزلْ يلبِّي حتى رمَى جمرةَ العقَبةِ، يومَ النحْرِ). 99 - باب مَن قدَّم ضَعَفَةَ (61) أَهلِه بليْلٍ فيقفون بالمزدلِفة ويَدْعُونَ، ويُقَدِّمُ إذا غاب القمرُ 793 - عن سالمٍ قال: وكان عبدُ الله بن عُمرَ رضي الله عنهما يقَدِّمُ ضَعَفةَ أهلِه، فيقِفُون عندَ المشعَرِ الَحرامِ بالمزدلفةِ بليْلٍ، فيذكُرونَ الله عزَّ وجلَّ ما بدا لهم، ثم يَرجِعون قبلَ أنْ يَقفَ الإمامُ، وقبْل أنْ يَدفعَ (62)، فمنهم مَنْ يَقدَمُ مِنًى لصلاةِ الفجرِ، ومنْهم مَن يَقْدَمُ بعدَ ذلكَ، فإذا قَدِموا رمَوُا الجمرةَ وكان ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما يقول: أَرْخَصَ (63) في أولئكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. 794 - عن ابن عباس رضي الله عنهما يقول: أنا ممَّن قدَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ المزدلفةِ في ضَعَفةِ أهلهِ. (وفي روايةٍ: في الثَّقَلِ (64) 2/ 218) [من جمْعٍ بليْلٍ]. 795 - عن عبد الله مولى أسماء عن أَسماءَ أنها نزَلتْ ليلةً جمْعٍ عندَ المزدلفةِ، فقامتْ تصَلي، فصلَّتْ ساعةً، ثم قالت: يا بنيَّ! هل غابَ القمرُ؟ قلتُ:

_ (61) أي: ضعفاءهم العاجزين مثل الصبيان والنساء وأصحاب الأمراض. (62) أي: قبل أن يتقدم راجعاً إلى منى. (63) كذا وقع فيه (أرخص)، وفي بعض الروايات (رخّص) بالتشديد، وهو أظهر من حيث المعنى لأنه من "الترخيص" لا من "الرخص"؛ كذا في "الفتح". وأقول: لعل رمي من رمى منهم قبل طلوع الشمس لم يبلغه قوله - صلى الله عليه وسلم - لغلمان بني عبد المطلب: "لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس". وهو حديث صحيح مخرج في "الإرواء" (1076). وأما قول ابن عباس: بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أهله وأمرني أن أرمي قبل طلوع الفجر، فلا يثبت عنه، لأنه من رواية شعبة مولى ابن عباسى، وهو ضعيف لسوء حفظه. (64) يعني: متاع المسافر.

100 - باب من يصلي الفجر بجمع

لا، فصلَّتْ ساعةً، ثم قالتْ: هل غابَ القمرُ؟ قلتُ: نعمْ، قالتْ: فارتحِلوا، فارتحلْنا، ومضَيْنا حتى رمَتِ الجمرةَ، ثم رجَعتْ، فصلَّتِ الصبحَ في منزلِها، فقلتُ لها: ياهَنْتَاهْ (65)! ما أُرانا إلا قد غلَّسْنا، قالت: يا بُنيَّ! إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ للظُّعُنِ (66). 796 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: نزَلْنا المزدلفةَ فاستأذنَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سودةُ أنْ- تَدفَعَ قَبلَ حَطْمةِ الناس، وكانتِ امرأةً بطيئةً (وفي روايةٍ: ثقيلة ثَبْطةً (67)) فأَذِنَ لها، فدفَعَتْ قَبلَ حَطْمةِ الناسِ، وأَقَمنا حتى أصبَحنا نحنُ، ثم دَفعْنا بدفْعهِ، فلأَنْ أَكونَ استأذنتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كما استأذنتْ سوْدةُ أَحَبُّ إليَّ من مَفروحٍ بِه (68). 100 - باب مَن يصَلي الفجرَ بجمْعٍ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن مسعود المتقدم قريباً برقم 792). 101 - باب مَتى يُدْفَعُ من جمْعٍ؟

_ (65) أي: يا هذه. و (التغليس) ضد الإسفار لصلاة الفجر. (66) بضم الظاء المعجمة والعين المهملة ويجوز سكونها: جمع ظعينة، وهي المرأة في الهودج. (67) بسكون الموحدة أي: بطيئة الحركة، والثقيلة قيل إنه تفسير الثبطة تقدم عليه مدرجاً. وقوله: (قبل حطمة الناس) أي: قبل زحمتهم، لأن بعضهم يحطم بعضاً من الزحام. قلت: واعلم أنه ليس في الحديث التصريح بأن الإذن كان شاملاً للرمي قبل طلوع الشمس، فيحمل على الانصراف من المزدلفة قبيل الفجر، فهو المأذون به نصاً، وأما الرمي فهو اجتهاد منها معارض لنص آخر لم يبلغها، وهو حديث ابن عباس المتقدم آنفاً، ومن ألفاظه عند أبي داود وغيره قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدم ضعفاء أهله بغلس ويأمرهم، يعني لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس. فهذا نص في التفريق بين الانصراف من المزدلفة في الغلس، وبين الرمي قبل طلوع الشمس، فاحفظ هذا فإنه هام جداً. (68) أي: من كل شيءٍ يفرح به ويسر.

102 - باب التلبية والتكبير غداة النحر حين يرمي الجمرة والارتداف في السير

797 - عن عَمرِو بن ميْمونٍ قال: شهِدتُ عُمرَ رضي الله عنه صلى بـ (جَمْعٍ) الصبحَ ثم وقَفَ فقال: إنَّ المشركينَ كانوا لا يُفِيضونَ [من (جَمْعٍ) 4/ 235] حتى تطلعَ الشمسُ [على ثبيرٍ] ويقولون: أَشرِقْ ثَبيرُ! وِإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خالفَهم ثم أفاضَ (وفي روايةٍ: فأفاضَ) قبلَ أنْ تطلُعَ الشمسُ. 102 - باب التلبيةِ والتكبيرِ غداةَ النحرِ حينَ يرمي الجمرةَ والارتدافِ (69) في السيرِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 788). 103 - باب {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم برقم 745). 104 - باب ركوبِ البُدْنِ لقولِه: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ (70) فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}

_ (69) الارتداف: هو الركوب خلف الراكب. (70) أي: قائمات على ثلاث قوائم معقولة يدها اليسرى أو رجلها اليسرى.

105 - باب من ساق البدن معه

325 - قال مجاهدٌ: "سُمِّيَت {البدْنَ} لبُدْنِها. 326 - و {القانعُ}: السائلُ. و {المعتَرُّ}. الذي يَعتَرُّ بالبُدْنِ (71) من غنيٍّ أو فقيرٍ. 327 - و {شعائرُ الله}: استعظامُ البُدْنِ واستحسانها. 328 - و {العتيقِ}، عِتْقُهُ من الجبابرةِ". ويقال (72): {وجَبتْ}: سَقطت إلى الأَرضِ، ومنه وجَبَتِ الشمسُ. 798 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رأَى رجلاً يسوق بدنة، فقال: "اركبْها"، فقال: إنها بَدَنةٌ. فقال: "اركبْها". فقال: إنها بَدَنةٌ [يا رسول الله 3/ 191]! فقال: "اركبْها ويْلَكَ"، في الثالثةِ أو في الثانية. [فلقدْ رأيتُه راكبَها يُسايِر النبي - صلى الله عليه وسلم - والنَّعلُ في عُنقِها 2/ 184]. 799 - عن أَنسٍ رضي الله عنه مثله. (وفي روايةٍ: فقال في الثالثة أو الرابعة: "اركبها وَيْلك، أو ويحك" 3/ 191). 105 - باب مَن ساقَ البُدْنَ معهُ 800 - عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما قال: تمتَّعَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - في حَجةِ الوَداعِ بالعُمرةِ إلى الحجِّ، وأَهدى، فساقَ معهُ الهديَ من ذِي الحُليْفةِ، وبدأ رسولُ

_ 325 و 326 - وصلهما عبد بن حميد عنه. (71) أي: يطيف بهما متعرضاً لها. 327 و328 - وصلهما عبد بن حميد عنه. (72) قلت: هذا من كلام المصنف رحمه الله تعالى، وقد ذكر الحافظ أن الطبري أخرجه من طريقين عن مجاهد. وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق مقسم عن ابن عباس من قوله.

106 - باب من اشترى الهدي من الطريق

الله - صلى الله عليه وسلم - فأَهَلَّ بالعُمرةِ، ثم أهلَّ بالحجِّ، فتمتَّعَ الناسُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالعُمرة إلى الحجِّ، فكانَ منَ الناسِ مَن أَهدى، فساقَ الهدْيَ، ومنهمْ مَن لم يُهْدِ، فلمَّا قدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مكةَ، قال للناسِ: "مَن كانَ منْكم أَهدى فإنه لا يَحِلُّ لشيءٍ حَرُمَ منهُ حتى يَقضيَ حَجَّهُ، ومَن لم يكنْ منْكم أَهدى فليطُفْ بالبيتِ وبالصَفَا والمَرْوةِ، ولْيُقصِّرْ، ولْيَحلِلْ، ثم لْيهِلَّ بالحجِّ، فمن لم يَجدْ هَدْياً، فليصُمْ ثلاثةَ أيامٍ في الحجِّ، وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهله". فطافَ حينَ قَدِمَ مكةَ، واستلَمَ الرُّكن أوَّلَ شيءٍ، ثم خَبَّ ثلاثةَ أَطوافٍ، ومشى أربعاً، فركَعَ حينَ قضى طوافَهُ بالبيتِ عندَ المقامِ ركعتيْنِ، ثم سلَّمَ، فانصرفَ، فأَتى الصَّفا، فطافَ بالصَّفا والمرْوةِ سبعةَ أَطوافٍ، ثم لم يَحلِلْ مِنْ شيءٍ حَرُمَ منْهُ حتى قضى حَجَّهُ، ونحَرَ هَدْيَهُ يومَ النحرِ، وأَفاضَ، فطافَ بالبيتِ، ثم حَلَّ من كُلِّ شيءٍ حَرُمَ منه، وفَعلَ مثلَ ما فعلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مَنْ أَهدى وَساقَ الهدْيَ منَ الناسِ. 801 - وعن عائشةَ رضي الله عنها عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في تمتُّعِهِ بالعُمرةِ إلى الحجِّ، فتمتَّعَ الناسُ معهُ ... بمثْلهِ. 106 - باب منِ اشترَى الهدْيَ من الطريقِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر الآتي في "27 - المحصر/2 - باب"). 107 - باب مَن أَشعرَ وقلَّدَ بذي الحُليْفةِ ثم أَحرَمَ

108 - باب فتل القلائد للبدن والبقر

329 - وقال نافعٌ: كانَ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما إذا أَهدى منَ المدينةِ قلَّدَهُ، وأَشعرَه بذِي الحُليْفةِ، يَطعُنُ في شِقِّ سَنامهِ الأَيمنِ بالشَّفْرةِ (73)، ووَجهُها قِبَلَ القِبلةِ باركةً. 108 - باب فتْلِ القلائدِ للبدْنِ والبقَرِ 109 - باب إشعارِ البُدْنِ 270 - وقال عُروةُ عن المِسوَرِ رضي الله عنه: قلَّدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الهدْيَ، وأَشعرَهُ، وأَحرمَ بالعُمرةِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي بعده). 110 - باب مَن قلَّد القلائدَ بيدهِ 802 - عن عَمْرةَ بنتِ عبدِ الرحمنِ: أنَّ زيادَ بن أَبي سفيانَ كتبَ إلى عائشةَ رضي الله عنها أَنَّ عبدَ الله بنَ عباسٍ رضي الله عنهما قال: مَن أَهدى هدْياً حَرُمَ عليهِ ما يَحرُمُ على الحاجِّ حتى يُنحَرَ هَديُهُ. قالت عَمْرَةُ: فقالت عائشةُ رضي الله عنها: ليسَ كما قال ابنُ عباس رضي الله عنه، أَنا فتَلتُ قلائدَ هدْيِ رسولِ الله (وفي روايةٍ: قلائد الغَنَم للنبي) - صلى الله عليه وسلم -[من عِهْنٍ كان عندي] بيدَي، ثم قلّدَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -بيديْهِ، [وأَشعَرَها 2/ 182]، ثم بعَثَ بها معَ أبي [إلى البيتِ، وأقام بالمدينةِ] [حلالاً]، فلم يحْرُمْ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيءٌ أَحلَّهُ الله لهُ حتى

_ 329 - وصله مالك في" الموطأ" (342/ 1) عنه. وهو صحيح الإسناد. (73) الشفرة: السكين العظيم. وهذا الطعن هو الإشعار. وبروك البعير قعوده واستناخته. 270 - وصله المصنف فيما يأتي من"ج 2/ 54 - الشروط/15 - باب".

111 - باب تقليد الغنم

نُحِرَ الهَدْيُ. (وفي روايةٍ: كان يُهدي من المدينةِ، فأفتِلُ قلائدَ هدْيه، ثم لا يجتَنِبُ شيئاً مما يجتنِبُه المُحرِمُ)، (ومن طريق مسروقٍ: أنه أتى عائشةَ فقال لها: يا أمَّ المؤمنين! إنّ رجلاً يبعثُ بالهَدْيِ إلى الكعبةِ، ويجلسُ في المصر، فيوصي أن تُقَلَّدَ بَدَنَتُه، فلا يزال من ذلك اليوم مُحرماً حتى يَحِلَّ الناس؟ قال: فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب، فقالت: لقد كنتُ أفتِل قلائدَ هدي رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فيَبعَثُ هَدْيَه إلى الكعبةِ، فما يَحرُمُ عليه مما حلَّ للرجال من أهله حتى يرجعَ الناس 6/ 239). 111 - باب تقليدِ الغنَم (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الذي قبله). 112 - باب القلائدِ من العِهْن (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الذي قبله). 113 - باب تقليدِ النَّعلِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 788). 114 - باب الجِلالِ للبُدْنِ (74) 335 - وكان ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما لا يشُقُّ منَ الجِلالِ إلا موْضعَ السَّنامِ، وإذا نحرَها نزَعَ جِلالَها مخافةَ أنْ يُفْسِدَها الدَّمُ، ثم يتصدَّقُ بها.

_ (74) (الجلال) جمع (جُل)، وهو ما يوضع على ظهور الدواب. 335 - قلت: وصله مالك بسند صحيح عنه مختصراً، دون الاستثناء، وأخرجه البيهقي من طريق يحيى بن بكير عن مالك، وقال بعده: زاد فيه غيره عن مالك: "إلا موضع السنام" إلى آخره.

115 - باب من اشترى هديه من الطريق وقلدها

803 - عن عليٍّ رضي الله عنه قال: [أهدى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِائةَ بدنةٍ فـ 2/ 186] أمرَني (وفي روايةٍ: بعثني) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[فقمتُ على البُدْن، فأمرني - صلى الله عليه وسلم - أنْ أَتصدَّقَ بجِلالِ البُدْنِ التي نُحِرتْ، وبجلودِها؛ (وفي أخرى: فأمرني بلُحومها فقَسَمْتُها، ثم أمرني بِجِلالها فقسمتُها، ثم بجلودها فقسمتها)، [ولا أعطيَ عليها شيئاً في جِزارتِها]. 115 - باب مَن اشترى هديَهُ من الطريقِ وقَلَّدها (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي في "27 - المحصر/ 2 - باب"). 116 - باب ذبحِ الرجلِ البقرَ عن نسائِه من غيرِ أَمرِهنَّ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 174). 117 - باب النحْرِ في مَنحرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمِنًى 804 - عن نافعٍ أنَّ عبدَ الله رضي الله عنه كان يَنحرُ في المَنحرِ. قال عُبيدُ الله: [يعني 6/ 236] مَنحَرَ (75) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. (وفي روايةٍ عنه: أنَّ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما كان يَبعثُ بهَدْيِهِ من (جَمعٍ) من آخر الليلِ حتى يُدخَلَ به مَنحرُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - معَ حُجّاجٍ فيهِم الحُرُّ والمملوكُ). 118 - باب نَحرِ الإبلِ مقيَّدةً 805 - عن زيادِ بن جُبيْرٍ قال: رأيتُ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما أتى على

_ (75) يعني في موضع نحره - صلى الله عليه وسلم -، ومنى كلها منحر، والوجه في تخصيص منحره - صلى الله عليه وسلم - بيان شدة اتباع ابن عمر رضي الله تعالى عنهما للسنة.

119 - باب نحرالبدن قائمة

رجلٍ قد أناخَ بَدَنتَهُ يَنحرُها، قال: ابعثْها قِياماً مقيّدةً؛ سُنَّةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. 119 - باب نحرِالبُدْنِ قائمةً 271 - وقال ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما: سُنَّة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -. 331 - وقال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: {صَوَاف}: قِياماً. 120 - باب لا يُعطي الجزَّارَ من الهدْي شيئاً (قلت: أسند فيه حديث علي المتقدم قريباً برقم 803). 121 - باب يَتصدَّقُ بجلودِ الهدْيِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث علي المشار إليه آنفاً). 122 - باب يتصدَّقُ بجِلالِ البُدْن (قلت: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 123 - باب {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ. وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ. ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ

_ 271 - وصله في الباب قبله. 331 - وصله سفيان بن عيينة في "تفسيره"، وعنه سعيد بن منصور، وكذا عبد بن حميد بسند صحيح عنه.

124 - باب ما يأكل من البدن وما يتصدق

فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} (قلت: لم يذكر فيه شيئاً). 124 - باب ما يَأكلُ منَ البُدْنِ وما يتصدَّقُ 332 - وقال ابن عُمرَ رضي الله عنهما: لا يُؤكَلُ منْ جزاءِ الصيدِ والنَّذرِ، ويُؤكَلُ مما سِوى ذلكَ. 333 - وقال عطاءٌ: يأكلُ ويُطعِمُ منَ المُتعةِ (76). 806 - عن جابر بن عبدِ الله رضي الله عنهما قال: كنَّا لا نأكلُ منْ لحومِ بُدْنِنا فوقَ ثلاثِ مِنًى، فرخَّصَ لنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "كلُوا، وتزوَّدوا". فأكلْنا وتزوَّدنا. قلتُ لعطاءٍ: أقال: حتى جئنا المدينةَ؟ قال: لا (77) (وفي روايةٍ عنه: كنا نتزَوَّد لحومَ الأضاحي على عهدِ النبي - صلى الله عليه وسلم -إلى المدينةِ. وقال غير مرة: لحومَ الهَدْي 6/ 239). 125 - باب الذبحِ قبلَ الحلقِ 807 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: قال رجلٌ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: (وفي

_ 332 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه بمعناه. 333 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. (76) أي: من الهدي المسمى بدم التمتع. (77) وفي رواية مسلم "قال: نعم". قال الحافظ: "كذا وقع عنده بخلاف ما وقع عند البخاري"، وهو المحفوظ المعتمد عندي خلافاً للحافظ، لأسباب منها الرواية الآتية بعدها، وقد ذكرت الأسباب الأخرى مع طرق الحديث وشواهده، والتنبيه على ما يستفاد من الحديث لمعالجة تذمر الحجاج من ضياع لحوم الهدايا سدى في الأرض، كل ذلك في كتابي "حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - صفحة 87 - 88".

126 - باب من لبد رأسه عند الإحرام وحلق

روايةٍ: كان يُسأل يومَ النحر بمنى، فيقول: "لا حَرَجَ"، فسأله رجل فقال: 2/ 190) زُرتُ (78) قبلَ أنْ أَرميَ؟ [فأومأ بيده 1/ 29] قال: "لا حَرَجَ". قال [آخر 7/ 226]: حلقتُ قبلَ أن أَذبحَ؟ [فأومأ بيده] قال: "لا حَرجَ". قال [آخر]: ذبحتُ قبلَ أنْ أرميَ؟ قال: "لا حَرجَ". [قال: رمَيْتُ بعدما أمْسَيْتُ؟ (79) فقال: "لا حَرجَ"]. 272 - عن جابر رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (قلت: يعني نحوه). 126 - باب مَن لبَّدَ رأسَهُ عندَ الإحرامِ وحلَقَ (قلت: أسند فيه حديث حفصة المتقدم برقم 744). 127 - باب الحَلْقِ والتقصيرِ عندَ الإحلالِ 808 - عن عبدِ الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -[حَلَق [في حَجَّتِهِ] وطائفةٌ من أصحابه، وقَصَّرَ بعضُهم]؛ قال: " اللهمَّ ارحمِ المحلِّقينَ". قالوا: والمقصِّرينَ يا رسولَ الله؟ قال: "اللهمَّ ارحمِ المحلِّقين". قالوا: والمقصِّرين يا رسولَ الله؟ قال [273 - في الرابعة]:

_ (78) أي: طفت طواف الزيارة، ويسمى طواف الإفاضة. (79) أي: بعد الزوال، انظر "الفتح". 272 - هذا معلق عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله النسائي، والطحاوي، وابن حبان بسند صحيح عنه قبل حديث ابن عباس. 273 - قلت هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها مسلم.

128 - باب تقصير المتمتع بعد العمرة

"والمقصِّرينَ". 809 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ اغفِرْ للمحلِّقينَ". قالوا: وللمقصِّرينَ؟ قال: "اللهمَّ اغفرْ للمحلِّقينَ". قالوا: وللمقصِّرين؟ قال: "اللهم اغفرْ للمحلِّقينَ". قالوا: وللمقصِّرينَ؟ قالها ثلاثاً (80) قال: "وللمقصِّرين". 810 - عن معاويةَ رضي الله عنه قال: قصَّرتُ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بمِشْقَصٍ (81). 128 - باب تقصيرِ المتمتِّع بعدَ العُمرةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم برقم 737). 129 - باب الزيارةِ يومَ النَّحرِ 274 - وقال أبو الزبَيرِ عن عائشةَ وابنِ عباس رضي الله عنهم: أَخَّرَ النبيُّ الزيارةَ إلى الليلِ.

_ (80) أي قوله: "اللهم اغفر للمحلقين". (81) قلت: كان هذا في غير حجة الوداع، لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان فيها قارناً، ولم يحل إلا بعد النحر كما تقدم في حديث حفصة (744)، وبالحلق كما فى حديث ابن عمر (808)، وإنما كان هذا التقصير في بعض عُمَره - صلى الله عليه وسلم -، والراجح أنها عمرة الجعرانة. راجع "الفتح". و (المشقص) هو الطويل من النصال. 274 - وصله أبو داود وغيره عنه، وأبو الزبير مدلس وقد عنعنه، انظر "ضعيف أبي داود" (342).

130 - باب إذا رمى بعدما أمسى أو حلق قبل أن يذبح ناسيا أو جاهلا

275 - ويُذكرُ عن أبي حَسَّانَ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَزورُ البيتَ أيامَ مِنًى. 811 - عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما أنه طافَ طوَافاً واحداً ثم يَقيلُ، ثم يأتي مِنًى. يعني يومَ النحرِ. 276 - ورفعه في روايةٍ. 130 - باب إذا رَمى بعدما أَمسى أو حلَق قبلَ أن يَذبحَ ناسياً أو جاهلاً (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم قريباً برقم 807). 131 - باب الفتْيا على الدابَّةِ عندَ الجَمرةِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي المتقدم برقم 61). 132 - باب الخُطبةِ أيامَ مِنًى 812 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خطَبَ الناسَ يومَ النحرِ فقال: "يا أَيها الناسُ! أيُّ يومٍ هذا؟ ". قالوا: يومٌ حرامٌ. قال: "فأيُّ بلَدٍ هذا؟ ". قالوا: بلدٌ حرامٌ. قال: "فأيُّ شهرٍ هذا؟ ". قالوا: شهرٌ حرامٌ. قال:

_ 275 - وصله الطبراني بسند صحيح عنه، وله شاهد بسند صحيح عن طاوس مرسلاً. 276 - قلت: وصله ابن خزيمة، والإسماعيلي بسند صحيح عن ابن عمر.

133 - باب هل يبيت أصحاب السقاية أو غيرهم بمكة ليالي منى؟

"فإنَّ دماءَكم، وأموالَكم، وأعراضَكم، عليكم حرامٌ، كحُرمةِ يومِكم هذا، في بلدِكم هذا، في شهرِكم هذا". فأعادَها مِراراً، ثم رفعَ رأسَه فقال: "اللهمَّ هل بلَّغتُ؟ اللهمَّ هل بلَّغتُ؟ - قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهما: فوَالذي نفسي بيدِه إنها لوصيَّتُه إلى أُمَّتهِ - فليبلِّغِ الشاهدُ الغائبَ، لا تَرجِعوا (وفي روايةٍ: لا تَرْتَدُّوا 8/ 91) بَعدي كفَّاراً، يَضربُ (82) بعضُكم رقابَ بعضٍ". 133 - باب هل يَبيتُ أصحابُ السِّقايةِ أو غيرُهم بمكةَ لياليَ مِنًى؟ 813 - عن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما أنَّ العباسَ [بن عبد المطلب 2/ 167] رضي الله عنه استأذَنَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ليَبيتَ بمكةَ لياليَ مِنًى من أجلِ سِقايتهِ؟ فأَذِنَ (وفي روايةٍ: رَخَّصَ) لهُ. 134 - باب رميِ الجِمارِ 277 - وقال جابرٌ: رمى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ النحرِ ضُحىً، ورمى بعدَ ذلكَ بعدَ الزَّوالِ. 814 - عن وبَرَةَ قال: سألتُ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما: متَى أَرمي الجِمارَ؟ قال: إذا رمَى إمامُكَ فارْمِهْ، فأَعَدْتُ عليهِ المسألة، قال: كنَّا نتَحيَّنُ، فإذا زالتِ الشمسُ رمَيْنا.

_ (82) برفع (يضرب) جملة مستأنفة مبينة لقوله: (لا ترجعوا بعدي كفاراً)، ويجوز الجزم. انظر الشارح. 277 - وصله مسلم وغيره عنه. وهو مخرج في كتابي "حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -".

135 - باب رمي الجمار من بطن الوادي

135 - باب رميِ الجِمارِ من بطنِ الوادي (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن مسعود الآتي بعد بابين). 136 - باب رميِ الجِمارِ بسبعِ حَصَيَاتٍ 278 - ذكرَه ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 137 - باب مَن رمَى جمرةَ العَقَبةِ فجعَلَ البيتَ عن يسارهِ (قلت: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 138 - باب يكبِّرُ معَ كلِّ حَصاةٍ 279 - قالهُ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 815 - عن الأَعمش قال: سمعتُ الحَجَّاجَ يقولُ على المِنبرِ: السورةُ التي يُذكَرُ فيها "البَقَرَةُ"، والسورةُ التي يُذكَرُ فيها "آلُ عِمرانَ"، والسورةُ التي يُذكَرُ فيها "النِّساء". قال: فذكرتُ ذلكَ لإبراهيمَ، فقال: حدَّثني عبدُ الرحمنِ بنُ يزيدَ أنه كانَ معَ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه حينَ رَمى جمرةَ العقَبةِ، فاستَبطَنَ الواديَ، حتى إذا حاذى بالشجرةِ، اعتَرضَها، [فجعلَ البيتَ عن يسارِهِ، ومنًى عن يمينهِ، فرَمى بسبعِ حَصَياتٍ، يكَبِّرُ معَ كلِّ حَصاةٍ، ثم قال (وفي روايةٍ: فقلتُ: يا أبا عبدِ الرحمنِ إن ناساً يرمونها من فوقها، فقال): مِن ههنا- والذي لا إلَه غيْرُه- قامَ

_ 278 و 279 - هذه أطراف من حديث لابن عمر وصله المصنف فيما يأتي "140 - باب".

139 - باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف

(وفي روايةٍ: هكذا رمى) الذي أُنزلتْ عليهِ سورةُ {البَقَرةِ} - صلى الله عليه وسلم -. 139 - باب مَن رمَى جَمرةَ العَقَبةِ ولم يَقفْ 280 - قالهُ ابنُ عُمرَ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: لم يسند فيه حديثاً). 140 - باب إذا رمَى الجمرتيْنِ يقومُ ويُسْهِلُ (83) مستقبِلَ القِبلةِ 816 - عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما أنه كانَ يَرمي الجمرةَ الدُّنيا (84) [التي تَلِي مسجدَ مِنًى] بسبع حَصياتٍ، يكبِّرُ على إثْرِ كلِّ حَصاةٍ، ثم يتقدَّمُ حتى يُسْهِلَ، فيقومُ مستقبِلَ القِبلةِ، فيقومُ طويلاً، ويدعو، ويَرفعُ يديه، ثم يَرمي [الجمرةَ] الوسطى، (وفي روايةٍ ثانيةٍ: فيرميها بسبع حصياتٍ، يكبِّر كلما رمى بحصاةٍ)، ثم يأخذُ ذاتَ الشمالِ، فَيَسْتَهِلُ، ويقوم مستقبِلَ القِبلةِ، فيقومُ طويلاً، ويدعو، ويَرفعُ يديه، ويقومُ طويلاً، ثم يَرْمي جَمْرَةَ ذاتِ العَقَبةِ، من بطنِ الوادي [فيرميها بسبعِ حصياتٍ، يكبِّرُ عند كلِّ حصاةٍ]، ولا يَقف عندها، ثم ينصرفُ، فيقولُ: هكذا رأَيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يفعلُه. 141 - باب رفعِ اليديْنِ عندَ الجمرتيْنِ الدُّنيا والوسطى (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الذي قبله).

_ 280 - انظر التخريج السابق. (83) أي: يقصد السهل من الأرض، فينزل إليه من بطن الوادي بحيث لا يصيبه المتطاير من الحصى الذي يرمي به. (84) أي: القريبة إلى مسجد الخيف.

142 - باب الدعاء عند الجمرتين

142 - باب الدعاءِ عندَ الجمرتيْنِ (قلت: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 143 - باب الطِّيبِ بعدَ رميِ الجِمارِ والحلْقِ قبلَ الإفاضةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 734). 144 - باب طوَافِ الوَداعِ 817 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: أُمِرَ الناسُ أنْ يكُونَ آخرُ عهدِهم بالبيتِ؛ إلا أنهُ خُفِّفَ عن الحائضِ. 818 - عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظهرَ والعصرَ، والمغربَ والعشاء، ثم رقَدَ رقدةً بالمحَصَّبِ، ثم ركِبَ إلى البيتِ فطافَ به. 145 - باب إذا حاضتِ المرأةُ بعدما أفاضَتْ 819 - عن عِكرمةَ أنَّ أَهلَ المدينةِ سألوا ابنَ عباسٍ رضي الله عنهما عن امرأةٍ طافَت ثم حاضَت؟ قال لهم: تَنفِرُ، قالوا: لا نأخُذُ بقولِكَ، وندَعَ قولَ زيدٍ. قال: إذا قَدِمتُمُ المدينةَ فاسألوا. فقدموا المدينةَ فسألوا؟ فكانَ فيمَن سألوا أُمُّ سُلَيْمٍ. فذكَرتْ حديث صفيَّةَ (85).

_ (85) لم يخرّج المصنف حديث صفية من رواية أم سليم، وإنما من رواية عائشة رضي الله عنها، وقد مضى برقم (174)، ولذلك قال الحافظ: إن المؤلف اختصر حديث عكرمة هذا جداً بحيث لا يظهر المراد منه، إلا بتخريج بعض طرقه المبينة له. فمنها عن قتادة عن عكرمة نحوه، وفيه: فقال الأنصار: لا نتابعك يا ابن عباس وأنت تخالف زيداً. فقال: واسألوا صاحبتكم أم سليم، فقالت: حضت بعد ما طفت بالبيت يوم النحر، فأمرني رسول الله أن أنفر، وحاضت صفية فقالت لها عائشة: الخيبة لك، إنك لحابستنا. فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "مروها فلتنفر". أخرجه أحمد (6/ 431)، وسنده صحيح، وقد علق المصنف هذه الطريق عقب الحديث، ولكنه لم يذكر أي شيء من متنه، فلذلك لم أشر إليه في المتن.

146 - باب من صلى العصر يوم النفر بالأبطح

146 - باب مَن صلَّى العصرَ يومَ النفْرِ بالأَبطحِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 779). 147 - باب المُحَصَّبِ 820 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: إنَّما كانَ مَنزلٌ يَنزلُه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيكُونَ أَسمَحَ لخروجِه. تعني بالأَبطَحِ. 821 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: ليسَ التحْصيبُ بشيءٍ، إنَّما هوَ مَنزلٌ نزَلَهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. 148 - باب النزولِ بذِي طُوىً قَبلَ أنْ يدخُلَ مكةَ والنزولِ بالبطحاءِ التي بذِي الحُلَيفةِ إذا رجَعَ من مكةَ 822 - عن نافع أنَّ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما كانَ يَبيتُ بذِي طُوى بيْنَ الثَّنِيَّتَيْنِ، ثم يدخُلُ منَ الثَّنِيَّةِ التي بأعلى مكةَ، وكانَ إذا قدِمَ حاجّاً أو معتمراً لم يُنِخْ ناقتَهُ إلا عندَ باب المسجدِ، ثم يدخُلُ، فيَأتي الرُّكنَ الأَسودَ، فيَبدأ بهِ، ثمَّ يَطُوفُ سَبعاً، ثلاثاً سعْياً، وأربَعاً مشْياً، ثم يَنصرفُ فيصَلي سجدتيْنِ، ثمَّ يَنطلقُ قبلَ أنْ يَرجعَ إلى مَنْزلهِ، فيَطوف بينَ الصَّفا والمَروَةِ، وكانَ إذا صدَرَ عن الحجِّ أو العُمرةِ أَناخَ بالبَطحاءِ التي بذِي الحُليْفةِ التي كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُنِيخُ بها. 823 - عن خالد بن الحارِثِ قال: سُئلَ عُبَيدُ الله عن المحَصَّبِ؟ فحدَّثَنا عُبَيدُ الله عن نافعٍ قال: نزَلَ بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعُمرُ وابنُ عُمرَ. 824 - وَعن نافعٍ أنَّ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهما كانَ يصلِّي بها- يعني

149 - باب من نزل بذي طوى إذا رجع من مكة

المُحصَّبَ (86) - الظهرَ والعصرَ- أَحسِبُهُ قالَ- والمغربَ، قال خالدٌ: لا أَشُكُّ في العِشاءِ، ويَهجَعُ هَجْعةً، ويَذكُرُ ذلكَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 149 - باب مَن نزَلَ بذي طُوًى إذا رجَعَ من مكةَ 281 - عن نافعٍ عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما أنهُ إذا أَقبلَ باتَ بذِي طُوًى حتى إذا أَصبحَ دخَلَ، وإذا نفَرَ مَرَّ بذِي طُوًى وباتَ بها حتى يُصبحَ، وكانَ يَذكرُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يفعلُ ذلكَ. 150 - باب التجارةِ أيَّامَ الموْسِمِ والبيعِ في أسواقِ الجاهليَّةِ 825 - عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كانَ ذُو المَجَازِ وعُكَاظٌ [وَمِجَنَّةٌ 3/ 4] مَتجَرَ الناسِ (وفي روايةٍ: أسواقاً 5/ 158) في الجاهليَّةِ، فلمَّا جاءَ الإسلامُ كأنَّهم كَرِهُوا ذلكَ (وفي روايةٍ: تأثموا من التجارةِ فيها 3/ 15)، حتى نزَلتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}: في مَوَاسِمِ الحَجّ. [قرأَ ابن عباس كذا]. 151 - باب الادِّلاجِ (87) منَ المُحَصَّبِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 174).

_ (86) فسر الضمير المؤنث بالمذكر على إرادة البقعة، ولأن من أسمائها البطحاء. 281 - هذا معلق، وقد مرّ موصولاً "38 - باب" طرفه الأول. وأما الآخر فلم يوقف عليه موصولاً. (87) أي: السير في آخر الليل.

26 - كتاب العمرة

بسم الله الرحمن الرحيم 26 - كتَابُ العمرة (1) 1 - باب وجوبِ العُمرةِ وفَضْلِها 334 - وقال ابنُ عمر رضي الله عنهما: ليسَ أَحدٌ إلا وعلَيهِ حَجَّةٌ وعُمْرَةٌ. 335 - وقال ابنُ عباس رضي الله عنهما: إنها لَقَرينَتُها في كتابِ الله عزَّ وجلَّ: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}. 826 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه: أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - قال:

_ (1) الأصل: "باب العمرةِ. وجوبُ العمرة وفضلها". وفي نسخة "الفتح" وغيرها: "أبواب العمرة: باب وجوب العمرة وفضلها". ولأبي نعيم في "مستخرجه": "كتاب العمرة". 334 - وصله ابن خزيمة، والدارقطني (ص 282)، والحاكم (1/ 471)، والبيهقي (4/ 351) عنه بلفظ: "ليس من خلق الله أحدٌ إلاَّ عليه حجة وعمرة واجبتان (من استطاع إلى ذلك سبيلاً) فمن زاد بعدهما شيئاً فهو خير وتطوع". وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. وسكت عليه الحافظ في "الفتح". وروى البيهقي بإسناد صحيح أيضاً عنه أنه قال: "الحج والعمرة فريضتان". وروي مرفوعاً عن ابن عباس وغيره، ولا يصح كما هو مبين في "الأحاديث الضعيفة" (200 و 3520). 335 - وصله الشافعي، والبيهقي بسند صحيح عنه. (تنبيه): من أول الباب (105) من "كتاب الحج" إلى هنا ضاعت الأصول من بعض الطابعين، فاضطررت إلى استدراكها على عجل، فإن كان بدا شيءٌ من النقص أو الخلل فهذا عذرنا، والعذر عند كرام الناس مقبول.

2 - باب من اعتمر قبل الحج

"العُمرةُ إلى العُمرةِ كفَّارةٌ لمِا بينَهما، والحجُّ المبرورُ ليْسَ لهُ جزاءٌ إلا الجنَّة". 2 - باب من اعتَمرَ قبلَ الحجِّ 827 - عن عِكرمةَ بنِ خالدٍ أنه سألَ ابنَ عُمرَ رضي الله عنهُما عن العُمرةِ قبلَ الحجِّ؟ فقالَ: لا بأسَ. قال عِكرمة: قال ابنُ عُمرَ: اعتمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قبْلَ أن يحُجَّ. 3 - باب كم اعتمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ 828 - عن مجاهدٍ قال: دخلتُ أنا وعُروةُ بنُ الزُّبيْرِ المسجدَ فإذا عبدُ اللهِ ابنُ عُمرَ جالسٌ إلى حُجرةِ عائشةَ، وإذا أُناسٌ يُصَلُّون في المسجدِ صَلاةَ الضُّحى، قالَ: فسألناهُ عنْ صَلاتِهمْ؟ فقالَ: بِدْعةٌ (2)، ثم قالَ لهُ: كمِ اعتَمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: أربعٌ، إحداهُنَّ في رَجبٍ. فكرِهْنا أنْ نَرُدَّ عليهِ، قالَ: وسمِعنا استنانَ (3) عائشةَ أُمِّ المؤمنينَ في الحُجرةِ، فقالَ عُروةُ: يا أُمَّاهُ! أَلا تَسمعينَ ما يقولُ أبو عبدِ الرحمنِ؟ قالتْ: ما يقولُ؟ قالَ: يقولُ: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اعتَمرَ أربعَ عُمراتٍ، إحداهُنَّ في رَجبٍ. قالتْ: يَرحمُ الله أبا عبدِ الرحمنِ، ما اعتَمرَ عُمرةً إلا وهْوَ شاهِدُهُ، وما اعتَمرَ في رَجبٍ قطُّ.

_ (2) قلت: صلاة الضحى سنة ثابتة بقوله - صلى الله عليه وسلم - وفعله، كما تقدم في "19 - التهجد/33 - باب" "ص 279" وهو مما فات ابن عمر من السنن، وعليه قال عنه: بدعة. ويُحتمل أنه يعني ملازمتها وإظهارها في المساجد؛ والله أعلم. (3) أي: حِسَّ مرور السواك على أسنانها.

4 - باب عمرة في رمضان

829 - عن قَتادةَ سألتُ أَنساً رضي الله عنه: كم اعتَمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: [اعتمرَ] أَربعَ [عُمَرٍ، كلُّهن في ذي القعدة، إلا التي كانت مع حجَّته] عُمرَةً [من] الحُديْبيَةِ في ذي القعدةِ، حيثُ صدَّهُ المشركونَ، وعُمرةً منَ العامِ المقبلِ، في ذي القَعدةِ، حيثُ صالَحهمْ، وعُمرةَ الجِعْرَانةِ (4)، إذ قسَمَ غنيمةَ (وفي روايةٍ: غنائم 4/ 35) حُنيْنٍ، [وعُمرةً معَ حَجَّتِه]. قلتُ: كمْ حَجَّ؟ قالَ: واحدةً. 830 - عن أبي إسحاق قالَ: سألتُ مسروقاً وعَطاءً ومجاهداً؟ فقالوا: اعتَمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي القَعدةِ قبْلَ أنْ يَحُجَّ، وقالَ: سمعتُ البَرَاءَ بنَ عازبٍ رضي الله عنهُما يقولُ: اعتمَر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي القَعدةِ قبلَ أنْ يحُجَّ مرَّتيْنِ. 4 - باب عمرةٍ في رمضانَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي في "28 - جزاء الصيد/25 - باب"). 5 - باب العُمرة ليلةَ الحَصْبة وغيرِها (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 174). 6 - باب عُمرةِ التَّنعيمِ 831 - عن عبد الرحمنِ بنِ أبي بكرٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَهُ أنْ يُردِفَ عائشةَ، ويُعمِرَها منَ التَّنعيمِ.

_ (4) كذا الأصل بكسر الجيم وسكون العين، وفي نسخة "الفتح" بكسر العين وتشديد الراء، وهما روايتان جيدتان كما في "معجم البلدان"، وهي ما بين الطائف ومكة.

7 - باب الاعتمار بعد الحج بغير هدي

(قلت: أسند فيه حديث جابر الآتي "ج 4/ 94 - التمني/ 3 - باب"). 7 - باب الاعتمارِ بعدَ الحجِّ بغيرِ هَدْيٍ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 174). 8 - باب أَجرِ العُمرةِ على قدْرِ النَّصَبِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 9 - باب المعتمِرِ إذا طافَ طوافَ العُمرةِ ثم خرجَ هل يُجْزئُهُ من طواف الوَداعِ؟ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 10 - باب يَفعلُ في العُمرةِ ما يَفعلُ في الحجِّ 832 - عن يَعلى بنِ أميةَ أن رجلاً أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجِعْرانةِ [وعليهِ ثوبٌ وقد أظلّ به، معه فيه ناسٌ من أصحابهِ 5/ 103] (وفي روايةٍ: إذ جاءه أعرابي)، وعليه جُبَّةٌ، وعليهِ أثرُ الخَلُوقِ، أوْ قالَ: صُفرةٌ، (وفي روايةٍ: متضمِّخٌ بطيبٍ) فقالَ: كيفَ تأمرُني أنْ أَصنعَ في عُمرَتي؟ [282 - فسكت النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ساعةً]، فأنزَلَ الله على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: فجاءَه الوحيُ)، فسُتِرَ بثوْبٍ، وودِدْتُ أني قد رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وقد أُنْزلَ عليهِ الوحيُ، فقالَ عُمرُ: تعالَ، أَيَسُرُّكَ أنْ تنظُرَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقد أَنزلَ الله عليهِ الوحيَ؟ قلتُ: نعمْ، [فجاء يَعْلى وعلى رسول الله

_ 282 - هذه الزيادة والرواية بعدها هي عند المصنف معلقة، وهو من هذا الطريق المعلق مما لم يره الحافظ موصولاً.

11 - باب متى يحل المعتمر

ثوبٌ قد أُظلَّ به، فأدخلَ رأسَه] فرَفعَ طرفَ الثوبِ، فنظرتُ إليهِ، [فإذا النبي - صلى الله عليه وسلم - مُحْمرُّ الوجه]، لهُ غطيطٌ - وأَحسِبُه قالَ- كغطيطِ البَكر، [كذلك ساعةً]، فلما سُرِّيَ عنه، قال: "أينَ السائلُ عن العُمرةِ [آنفاً؟ ". فالتُمِسَ الرجل، فأُتي به، فقال:] "اخلعْ عنكَ الجُبَّةَ، واغسل أَثرَ الخَلوقِ عنكَ، وأَنْقِ الصُّفرةَ (وفي روايةٍ: أما الطيبُ الذي بك فاغسله ثلاثَ مراتٍ، وأما الجُبَّة فانزعها)، واصْنعْ في عُمرتِكَ كما تصنعُ في حَجِّكَ". [قلت لعطاء: أراد الإنقاءَ حين أمره أن يغسلَ ثلاث مرات؟ قال: نعم]. 11 - باب متى يَحِلُّ المعتمرُ 283 - وقال عطاءٌ عن جابرٍ رضي الله عنه: أمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابَهُ أنْ يجعلوها عُمرةً، ويطوفوا، ثم يقصِّروا، ويَحِلّوا. 833 - عن عبدِ الله بن أبي أَوْفى قال: [كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حين 3/ 69] اعتمرَ، واعتمرْنا معه، فلمَّا دخلَ مكةَ طافَ، وطُفنا معه، [وصلى، وصلينا] وأَتى (وفي روايةٍ: وسعى بين) الصفا والمرْوةِ، وأتيْناها معهُ، وكنَّا نستُرُه منْ أهلِ مكةَ أنْ يَرميَه أحدٌ (وفي روايةٍ: سترناه من غِلمان المشركين، ومنهم أن يؤذوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -5/ 86). فقالَ له صَاحبٌ لي: أكانَ دخلَ الكعبةَ؟ قال: لا، قالَ: فحدِّثنا ما قالَ لخديجةَ، قالَ:

_ 283 - هذا طرف من حديث سيأتي في الكتاب موصولاً "ج 4/ 94 - التمني/3 - باب".

12 - باب ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

"بشِّروا خديجةَ ببيتٍ منَ الجنةِ؛ مِنْ قَصَبٍ، لا صَخَبَ فيه ولا نصَبَ". 834 - عن عبدِ الله موْلى أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ أنه كانَ يسمعُ أسماءَ تقولُ كلما مرَّت بالحَجُونِ: صلَّى الله على محمَّدٍ، لقد نزلنا معهُ ههنا، ونحنُ يومئذٍ خِفافٌ (5) قليلٌ ظهْرُنا (6)، قليلةٌ أزوادُنا، فَاعتَمرتُ أنا وأُختي عائشةُ والزُّبَيْرُ، وفلانٌ، وفلانٌ، فلمَّا مسَحْنا البيتَ أَحللْنا، ثم أَهللْنا منَ العَشيِّ بالحجِّ. 12 - باب ما يقولُ إذا رجَعَ من الحجِّ أو العُمرةِ أو الغزوِ 835 - عن عبدِ الله بن عُمرَ رضي الله عنهما: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا قفَلَ من غَزوٍ أو حجٍّ أو عُمرةٍ؛ يكبِّرُ [كلما أوفى 4/ 16] على كلِّ شرَفٍ منَ الأرضِ (وفي طريقٍ: على ثَنيَّةٍ أو فَدْفَدٍ)، ثلاثَ تكبيراتٍ، ثم يقولُ: "لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ لهُ، لهُ الملكُ، ولهُ الحمدُ، وهوَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، آيبُونَ [إن شاءَ الله 5/ 39]، تائِبُونَ، عابدون، ساجدونَ، لربِّنا حامدُونَ، صدَقَ الله وعْدَه، ونصَرَ عبدَهُ، وهزَمَ الأحزابَ وحدَهُ". 13 - باب استقبالِ الحاجِّ القادِمِينَ (7)، والثلاثةِ على الدابَّةِ

_ (5) جمع خفيف، ولمسلم "خفاف الحقائب" جمع (حقيبة): ما احتقب الراكب خلفه من حوائجه في موضع الرديف. (6) (قليل ظهرنا): أي مراكبنا. (7) قوله القادمين: بكسر الميم وفتح النون بصيغة الجمع. ولأبي ذر: بفتح الميم بصيغة التثنية.

14 - باب القدوم بالغداة

836 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قالَ: لما قدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مكةَ (8)، استقبلَهُ (9) أُغَيْلِمَةُ (10) بني عبدِ المُطَّلبِ، فَحملَ واحداً بينَ يديهِ، وآخَرَ خلْفَهُ. (ومن طريق أيوبٍ قال: ذُكر الأشرُّ الثلاثة (11) عند عِكرمة، فقال: قال ابنُ عباسٍ: أَتى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقد حمل قُثَمَ بين يديه، والفضلَ خلفَه، أو قُثَم خلفه، والفضلَ بين يديه، فأيُّهمْ شرٌّ؟! أو أَيُّهمْ خير؟ 7/ 67 - 68). 14 - باب القُدومِ بالغَداةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 731). 15 - باب الدخولِ بالعَشيِّ 837 - عن أَنس رضي الله عنه قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَطرُقُ أهلَهُ (12)، كانَ لا يَدخُلُ إلا غُدْوَةً أو عَشيَّةً. 16 - باب لا يَطرُقُ أهلَهُ إذا بلَغَ المدينةَ 838 - عن جابرٍ رضي الله عنه قال: نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَطرُقَ أهلَهُ ليلاً،

_ (8) قال الحافظ: يعني في الفتح. ولم يذكر مستنده. (9) قوله: استقبله، وفي بعض النسخ: استقبلته. (10) تصغير (غلمة) وبكسر الغين المعجمة جمع غلام. (11) في بعض روايات الكتاب "شر" قال الحافظ: وقد جاءت أحاديث في النهي عن ركوب ثلاثة على دابة بأسانيد ضعيفة تراها في "الفتح"، والمراد بلفظ الأشر: الشر، لأن أفعل التفضيل لا يستعمل على هذه الصورة إلا نادراً. (12) أي: لا يأتيهم ليلاً إذا رجع من سفره.

17 - باب من أسرع ناقتة إذا بلغ المدينة

(وفي روايةٍ: كان يكره أن يأتي الرجل أهلَه طروقاً 6/ 161. ومن طريقٍ أخرى عنه قال: قال رسولُ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أطال أحدُكم الغَيْبَةَ فلا يطرقْ أهلَه ليلاً"). 17 - باب مَن أَسرعَ ناقتَة إذا بلغَ المدينةَ 839 - عن أَنسٍ رضي الله عنه قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدِمَ منْ سفَرٍ فأَبصرَ درَجاتِ (وفي روايةٍ: جُدُراتِ) المدينةِ (13) أَوْضَعَ ناقتَهُ، وإنْ كانت دابَّةً حرَّكَها [284 - مِن حُبِّها 2/ 224]. 18 - باب قولِ الله تعالى: {وَائْتوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} 840 - عن البَرَاءِ رضي الله عنه قال: نزَلتْ هذهِ الآيةُ فينا، كانتِ الأَنصارُ إذا حَجُّوا (وفي روايةٍ: إذا أَحرموا في الجاهليةِ 5/ 157) فجاؤُوا لم يَدخُلوا مِنْ قِبَلِ أبوابِ بيوتهِمْ، ولكنْ من ظهورِها، فجاءَ رجلٌ من الأَنصارِ، فدَخلَ من قِبَلِ بابهِ، فَكأَنهُ عُيِّرَ بذلكَ، فَنَزَلَتْ: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}.

_ (13) أي: طرقها المرتفعة. ويروى دوحات المدينة: أي شجرها العظام. 284 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف هنا، ووصلها في الموضع المشار إليه، ووصلها أحمد أيضاً.

19 - باب " السفر قطعة من العذاب"

19 - باب " السفَرُ قِطعةٌ منَ العذابِ" 841 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "السَّفَرُ قِطعةٌ منَ العذابِ، يَمنَعُ أَحدَكُم طعامَهُ وشرابَهُ ونومَهُ، فإذا قضَى نَهْمَتَه (14) فلْيعجِّلْ إلى أهلِه". 20 - باب المسافرِ إذا جَدَّ بهِ السَّيرُ يُعجِّلُ إلى أهلهِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 546).

_ (14) أي: رغبته وشهوته وحاجته.

27 - كتاب المحصر

بسم الله الرحمن الرحيم 27 - كتَابُ المُحْصَر 1 - باب المُحْصَرِ وجزاءِ الصَّيدِ، وقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} 336 - وقال عطاءٌ: الإحصارُ من كلِّ شيءٍ بِحَسَبهِ (1). قال أبو عبدِ الله: {حَصوراً}: لا يَأتي النساءَ. 2 - باب إذا أُحصِرَ المعتمِرُ 842 - عن نافعٍ أنَّ عُبيْدَ الله بنَ عبدِ الله، وسالم بنَ عبدِ الله أخبراهُ: أنَّهما كَلَّما عبدَ الله بنَ عُمر رَضي الله عنهُما ليالىَ نزَل الجيشُ (وفي روايةٍ: عامَ نزَل الحَجَّاجُ 2/ 168) بابن الزبير، (وفي أخرى: عامَ حجّةِ الحروريّة في عهد ابنِ الزبير رضي الله عنهما 2/ 184)، فقالا: لا يضُرُّكَ أنْ لا تَحُجَّ العامَ، [إن الناسَ كائنٌ بينهم قتالٌ، و] إنا نخافُ أنْ يحال بينك وبين البيت، (وفي روايةٍ: أنْ يصدوك [عن البيتِ، فلو أَقمتَ])، فقال: [إذَنْ أفعلُ كما فعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قال

_ 336 - وصله عبد بن حميد بسند صحيح عنه. (1) قوله: بحسبه، الذي في (اليونينية) "يَحْبِسُهُ" بفتح التحتية وسكون المهملة وكسر الموحدة بعدها سين مهملة، فلا يختص بِمَنْعِ العدو فقط؛ بل هو عام في كل حابس من عدو ومرض وغيرهما.

3 - باب الإحصار فى الحج

الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} 2/ 128]، خرَجنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -[عامَ الحديْبيَة 2/ 208]، [مُعتَمِرينَ 2/ 207] فحالَ كفَّارُ قريْشٍ دونَ البيتِ، فنحَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هَدْيَهُ (وفي روايةِ: بُدْنَه)، وحلَقَ رأسَه، وأُشْهدُكمْ أَني قدْ أوجَبتُ العُمرةَ إنْ شاءَ الله، أَنطلِقُ، فإنْ خُلِّيَ بيْني وبينَ البيتِ، طُفتُ، وإنْ حِيلَ بيْني وبينَه؛ فعلتُ كما فَعلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وأَنا معهُ، فأهَلَّ بالعُمرةِ مِنْ ذِي الحُليْفَةِ، ثمَّ سارَ ساعةً ثم (وفي روايةٍ: حتى إذا كانَ بظاهر البَيْداء) [أهَلَّ بالحجِّ والعمرة وَ] قالَ: إنما شأنُهُما (وفي روايةٍ: ما شأنُ الحجِّ والعمرةِ إلا) واحدٌ، أُشهدُكْم أَنِّي قد أوجَبتُ حَجَّةً معَ عُمْرَتي، فلم يَحِلَّ منهُما حتى حَلَّ يومَ النَّحرِ، وأَهدى [هدياً اشتراه بقَديدٍ، [حتى قدِمَ فطافَ بالبيتِ وبالصفا]، [فطافَ لهما طوافاً واحداً]، ولم يَزدْ على ذلك، فلم ينحرْ، وحَلَقَ، ورأى أن قد قضى طواف الحج والعُمرة بطوافه الأول، وقال ابن عُمرَ: كذلك فعلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -2/ 168] وكان يقولُ: لا يَحِلُّ حتى يطوف طوافاً واحداً يومَ يدخلُ مكةَ. (وفي روايةٍ عنه: قال أليسَ حسْبُكمْ سُنَّةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ إنْ حُبسَ أحدُكم عن الحجِّ؟ طافَ بالبيتِ وبالصَّفا والمَرْوةِ، ثم حَلَّ من كلِّ شيءٍ حتى يحُجَّ عاماً قابلاً، فيُهْديَ أويصومَ إنْ لم يَجدْ هَدْيا). 843 - قال ابنُ عباسٍ رضي الله عنهُما: قد أُحصِرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فحَلَقَ رأسَه، وجامَعَ نساءَهُ، ونَحرَ هَدْيَهُ، حتى اعتمَرَ عاماً قابلاً. 3 - باب الإحصارِ فى الحجِّ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم آنفا).

4 - باب النحر قبل الحلق في الحصر

4 - باب النحْرِ قبلَ الحلقِ في الحَصرِ 5 - باب مَن قالَ: ليس على المُحصَرِ بدَلٌ (2) 337 - وقال روْحٌ: عن شبلٍ عن ابنِ أبي نَجيحٍ عن مجاهدٍ عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: إنما البدَلُ على مَن نقَضَ حجَّه بالتلذُّذِ، فأمَّا مَن حبَسَه عُذرٌ أوْ غيرُ ذلكَ، فإنهُ يَحِلُّ ولا يَرجِعُ، وإذا كانَ معهُ هدْيٌ وهو مُحصَرٌ نحرَهُ إنْ كانَ لا يستطيعُ أنْ يَبعَثَ، وإن استطاعَ أن يبعَث بهِ لم يَحِلَّ حتى يبلُغَ الهدْيُ محلَّهُ. 338 - وقالَ مالك وغيرُه: "يَنحرُ هَديَهُ، ويَحلِقُ في أيِّ موْضعٍ كانَ، ولا قضاءَ عليهِ، لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَهُ بالحديْبيَةِ نَحرُوا، وحلَقوا، وحَلُّوا من كل شيءٍ قبلَ الطوافِ، وقبْلَ أنْ يصِلَ الهَدْيُ إلى البيت، ثم لم يُذكَرْ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ أحداً أنْ يَقضوا شيئاً، ولا يَعودوا لهُ". (والحُديْبيَةُ) خارجٌ منَ الحرَم. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم قريباً برقم 842). 6 - باب قوْلِ الله تعالى: {فمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَريضاً أَوْ بِه أَذًى مِنْ رَأسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَام أوْ صَدَقَةٍ أوْ نُسُكٍ}، وهوَ مخيَّرٌ؛ فأمَّا الصوْمُ فثلاثةُ أيامٍ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث كعب الآتي بعده).

_ (2) أي: قضاء لما أحصر فيه من حج أو عمرة. وقوله: إنما البدل: أي القضاء. (شارح). 337 - وصله إسحاق بن راهويه في "تفسيره" عن روح بهذا الإسناد، وهو صحيح. 338 - هو مذكور في "الموطأ" (1/ 329).

7 - باب قول الله تعالى: {أو صدقة}،

7 - باب قولِ الله تعالى: {أَوْ صَدَقَةٍ}، وهي إطعامُ سِتةِ مساكينَ 844 - عن عبدِ الرحمنِ بن أبي ليْلى أنَّ كعبَ بن عُجْرَة حدَّثه قال: وقَفَ عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالحُديْبيَةِ، [وأنا أوقدُ تحتَ القِدْرِ 7/ 8]، ورأسي يتهافتُ قَمْلاً (3) (وفي روايةٍ قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبيةِ، ونحن محرمون، قد حَصَرَنا المشركون، قال: وكانت لي وَفْرةٌ، فَجعَلتِ الهوامُّ تَسَّاقَط على وجهي، فمرَّ بي النبي - صلى الله عليه وسلم -) [فقال: ادنُ. فدنوت 7/ 235 - 236]، فقالَ: "يُؤْذيكَ هوامُّ [رأسِـ]ـكَ؟)). قلتُ: نعم، قال: "فاحلِقْ رأسَكَ"، أوْ قال: "احلِق"، [فدعا الحلاقَ، فَحَلَقَه]، [ولم يتَبين لهم أنهم يُحلون بها، وهم على طمعٍ أن يدخلوا مكةَ 2/ 209]، قالَ: فيَّ نزَلتْ هذهِ الآيةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} إلى آخرها، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "صُمْ ثلاثةَ أيامٍ، أوْ تصدَّقْ بفَرَقٍ (4) بيْنَ ستَّةِ [مساكينَ] أوِ انسُكْ بما تيسَّرَ". (وفي روايةٍ: "بَشاةٍ" وفي أخرى: "نُسَيكة". قال أيوب: لا أَدري بأي هذا بدأ 2/ 70). 8 - باب الإطعامُ في الفِديةِ نِصفُ صاعٍ ومن طريق عبدِ الله بن مَعقلٍ قال: جلستُ إلى كعبِ بنِ عُجْرةَ رضي الله عنه

_ (3) أي: يتساقط شيئاً فشيئاً. (شارح). (4) بفتحتين، وقد تُسكَّن الراء، وهو مكيال معروف بالمدينة، وهو ستة عشر رطلاً.

9 - باب النسك شاة

[في هذا المسجد -يعني مسجد الكوفة-5/ 158]، فَسَألتُهُ عن الفِديةِ؟ (وفي روايةِ: عن {فديةٌ من صيام}، فقال: نزَلتْ فيَّ خاصَّةً، وهي لكم عامَّةً، حُمِلتُ إلى رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - والقمْلُ يتناثرُ على وَجهي، فقالَ: "ما كنتُ أُرى (5) الوجَعَ بلَغَ بكَ ما أَرى، أَوْ ما كنتُ أُرى الجَهدَ بلَغَ بكَ ما أَرى، [أمَا] تجدُ شاةً؟ "، فقلتُ: لا، فقالَ: "صُمْ ثلاثةَ أيامٍ، أوْ أَطعمْ ستَّةَ مساكين؛ لكلِّ مسكينٍ، نِصفَ صاعٍ [مِن طعامٍ، واحلِق رأسَكَ] ". 9 - باب النسُكُ شاةٌ (قلت: أسند فيه حديث كعب المتقدم آنفاً). 10 - باب قوْلِ الله تعالى: {فَلا رَفَثَ} (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 726). 11 - باب قوْلِ الله عزَّ وجلَّ: {وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ في الحَجِّ} (قلت: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً).

_ (5) بضم الهمزة، أي: ما كنت أظن الوجع أو الجهد. على شك من الراوي: أي المشقة. (بلغ بك ما أرى) بفتح الهمزة: أي أبصر.

28 - كتاب جزاء الصيد

بسم الله الرحمن الرحيم 28 - كتَابُ جَزَاءِ الصَّيدِ 1 - باب جزاءِ الصَّيدِ ونحوهِ، وقوْلِ الله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ. أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} 339 و 345 - ولم ير ابنُ عباسٍ وأَنسٌ بالذَّبحِ (1) بأساً، وهوَ غيْرُ الصَّيدِ، نحوَ الإبلِ، والغنَمِ، والبقَرِ، والدَّجاج، والخيْلِ. يقال: {عَدْلٌ} مِثْلٌ، فإذا كُسِرَتْ {عِدلٌ}: فهو زِنَةُ ذلكَ. {قياماً}: قِواماً. {يَعدِلون}: يَجعلونَ عَدْلاً. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي قتادة الآتي بعده).

_ 339 و340 - أما أثر ابن عباس فوصله عبد الرزاق من طريق عكرمة عنه بمعناه. وأما أثر أنس فوصله ابن أبي شيبة من طريق الصباح البجلي عنه نحوه. قلت: والصباح هذا ضعيف؛ كما في (التقريب). (1) أي: بذبح المحرم؛ (وهو): أي الذبح (غير الصيد).

2 - باب إذا رأى المحرمون صيدا فضحكوا ففطن الحلال

2 - باب إذا رأى المُحرمونَ صيْداً فضحِكوا ففَطِنَ الحلالُ 845 - عن أبي قَتادة قال: انطلقنا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عام الحُديْبيَةِ [نحوَ مكةَ 6/ 202]، (وفي طريقٍ: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بـ (القاحةِ) (2)، من المدينة على ثلاثٍ 2/ 211)، فَأحرم أصحابُه ولم أُحرِمْ، (وفي روايةِ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -خرج حاجّاً (3)، فخرجوا معه، فَصَرَفَ طائفةً منهم فيهم أبو قتادة، فقال: خذوا ساحلَ البحرِ حتى نَلتَقيَ، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا، أحرموا كلُّهم إلا أبو قتَادةَ لم يُحرم). فأُنْبئنا بعدوٍّ بـ (غَيقَةَ) (4)، (وفي روايةٍ: وحُدِّث النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عَدوّاً يَغزُوه، فانْطلقَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -)، فَتَوَجَّهنا نحوهم. (وفي روايةٍ: كنت يوماً جالساً مع رجالٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في منزلٍ في طريق مكة، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أمامَنا، والقومُ مُحرمون، وأنا غيرُ مُحرمٍ 3/ 129)، فبَصُرَ أصحابي بحمارِ وحْشٍ، فجعل بعضُهم يضحكُ إلى بعضٍ، [وأنا مشغولٌ أخصف نَعلي، فلم يؤذِنُوني به، وأحبُّوا لو أني أَبْصَرْتُهُ]، فَنَظَرْتُ، (وفي روايةٍ: فالتَفَتُّ) فرأيتُه، [فقمت إلى فرسٍ [يقال له: الجرادةُ 3/ 216]، فأسرجته، ثم ركبتُ، ونسيتُ السوطَ والرُّمْحَ، فقلت لهم: ناولوني السوطَ والرمحَ، فقالوا: لا والله، لا نعينك عليه بشيءٍ [إنا مُحرمون]، فَغَضِبْتُ، فنَزَلْتُ، فأخذتُهما، ثم ركبتُ]، [ثم أتيتُ الحمارَ من وراء أَكمةٍ]، [وكنت رقّاءً على الجبالِ]، فحملت عليه الفرسَ، فطعنتُه فأثْبَتُّه (5) (وفي طريقٍ ثالثةٍ: فلم يكن إلا ذاكَ حتى عَقَرتُه

_ (2) اسم موضع بين مكة والمدينة على ثلاث مراحل. (3) أي: قاصداً للعمرة. (4) موضع بين الحرمين. (5) أي: جعلته ثابتاً في مكانه لا حراك به.

6/ 222)، فاستَعَنْتُهم، فأبوا أن يُعينُوني، (وفي طريقٍ: فَأَتَيْتُ إليهم، فَقُلْتُ لهم: قوموا فاحْتَمِلوا، قالوا: لا نَمسُّهُ، فحملته حتى جئتُ به) [أصحابي] [وقد مات] [فقال بعضُهم: كلوا، وقال بعضُهم: لا تأكلوا]، فأكلنا منه (وفي طريقٍ: فأكل منه بعضُ أصحابِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبى بَعضٌ 3/ 230)، [ثم إِنهم شكُّوا في أكلِهم إياه وهم حُرُمٌ]، [فَقُلْتُ: أنا أستوقِفُ لكم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -]، [فَرُحْنا وخبَّأتُ العَضُدَ معي]. ثم لحِقتُ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخشينا أن نُقْتَطَعَ (6)، [فطلبتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -]، أرفع (7) فَرَسي شأواً، وأسير عليه شأواً، فلقيت رجلاً من بني غِفارٍ في جوفِ الليلِ، فقلت: أين تركتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: تركتُه بـ (تَعْهِنَ) (8)، وهو قائلٌ السقيا، فلحقت برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتَيْتُه، فقلتُ: يا رسولَ الله! إن أصحابَكَ أَرْسَلُوا يَقرؤون عليكَ السلامَ ورحمةَ الله، وإنهم قد خشُوا أن يقتطعهم العدو، فانظُرْهم (وفي روايةٍ: فانتظرهم)، ففعل. فقلت: يا رسول الله! إنا اصَّدْنا (9) حمارَ وَحْشٍ، وإن عندنا منه فاضلةً، (وفي روايةٍ: فسألناه عن ذلك؟ فقال: "معكم منه شيءٌ؟ "، فقلتُ: نَعمْ، فناولْته العَضُدَ، فأكَلَها حتى نَفَّدَها، وهو مُحرِمٌ. وفي أخرى: فَحمَلْنا ما بقي من لحمِ

_ (6) أي: نصير مقطوعين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - منفصلين عنه لكونه سبقهم. (7) أي: أكلفه السير الشديد. (شأواً): أي تارة، وأسير بسهولة تارة. (8) عين ماء على ثلاثة أميال من (السقيا)، وهي قرية جامعة بين الحرمين. و (قائل) من القيلولة: أي تركته بـ (تعهن)، وفي عزمه أن يقيل بالسقيا، فأدركته فقلت: إلخ. (9) بهمزة وصل وتشديد الصاد. أصله (اصتدنا). ووقع في من "الفتح" وشرحه: "أصبت".

3 - باب لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد

الأتانِ، فلمّا أتوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسولَ الله! إنا كنا أحْرَمْنا، وقد كان أبو قتادة لم يُحرمْ، فرأينا حُمُرَ وحشٍ، فحمل عليها أبو قتادة، فعَقَرَ منها أتاناً، فنزلنا فأكلنا من لحمها، ثم قلنا: أنأكلَ لحم صيدٍ، ونحن محْرمون؟ فَحَمَلْنَا ما بقي من لحمها، قال: "أمِنكم أحدٌ أمرَهُ أن يحملَ عليها أو أشارَ إليها؟ ". قالوا: لا)، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحايه: " [إنما هي طُعمةٌ أطعمكموها الله]، [ف] كُلُوا [ما بقي من لحمها] "، وهم مُحْرِمون. 3 - باب لا يُعِينُ المحْرمُ الحلال في قتلِ الصَّيدِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي قتادة المتقدم آنفاً). 4 - باب لا يُشير المُحْرمُ إلى الصَّيدِ لكي يصطادَهُ الحلالُ (قلت: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 5 - باب إذا أَهدَى للمحْرمِ حماراً وحشياً حياً لم يَقبلْ 846 - عن الصَّعبِ بن جَثَّامةَ اللَّيْثي [وكان من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 3/ 136] أنهُ أَهدى لِرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حِماراً وحشيّاً، وهو بـ (الأبْواءِ) أو بـ (وَدَّانَ) (10) وهو محْرم، فرَدَّه عليه، فلما رأَى ما في وَجههِ قال: " [أما 3/ 130] إنا لم نرُدَّه إلا أَنَّا حُرُمٌ". (وفي روايةٍ: قال صعبٌ: فلما عرف في وجهي ردَّهُ هَديَّتي قال:

_ (10) (الأبواء) و (ودان) موضعان معروفان قريبان من (الجحفة)، والثاني أقرب إليها من الأول.

6 - باب ما يقتل المحرم من الدواب

"ليس بنا ردٌّ عليك، ولكنَّا حُرُمٌ"). 6 - باب ما يَقتلُ المُحْرمُ من الدوابِّ 847 - عن عبدِ الله بن عُمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خَمسٌ من الدوابِّ ليسَ على المُحْرمِ في قتلهِنَّ جُناحٌ [: العقربُ، والفأرةُ، والكلبُ العَقُورُ، والغراب، والحِدأَةُ 4/ 99] ". 848 - وعنه قال: قالت حفصةُ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "خمسٌ منَ الدوابِّ لا حرَجَ على مَن قتَلَهنَّ: الغرابُ، والحِدَأةُ، والفأرةُ، والعقربُ، والكلبُ العَقور". 849 - عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "خمسٌ منَ الدوابِّ كلُّهنَّ فاسقٌ، يَقتُلُهنَّ (11) في الحَرمِ: الغرابُ، والحِدَأَةُ، والعقربُ، والفأرةُ، والكلبُ العقورُ". 850 - عن عبدِ الله (ابن مسعود) رضي الله عنه قال: بينما نحنُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غارٍ بمِنًى؛ إذْ نزَلَ عليهِ {والمرسَلاتِ}، وإنَّهُ لَيتلوها، وإني لأَتلقَّاها مِن فيهِ، وإنَّ فاهُ لرَطْبٌ بها؛ إذْ وَثَبتْ علينا حيَّةٌ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اقتلوها". فابتدرناها، فذهبتْ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وُقِيَتْ شَرَّكُمْ، كما وُقِيتُم شرَّها".

_ (11) أي المرء. وروي (يُقْتَلْنَ) بضم أوله وفتح ثالثه وسكون رابعه من غير هاء. انظر الشارح.

7 - باب لا يعضد شجر الحرم

851 - عن عائشةَ رضي الله عنها زوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال للِوَزَغِ: "فوَيْسقٌ". ولم أَسمعهُ أَمرَ بقتلِه. قال أبو عبدِ الله: إنما أَردْنا بهذا أنَّ مِنًى منَ الحرَمِ، وأَنهم لم يَرَوْا بقتلِ الحيَّةِ بأساً. 7 - باب لا يُعْضَدُ (12) شَجَرُ الحَرَمِ (قلت: أسند فيه حديث أبي شريح العدوي المتقدم برقم 69). 285 - وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضيَ الله عَنْهما عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ". 8 - باب لا يُنَفَّرُ صَيْدُ الحَرَمِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي بعده). 9 - باب لا يَحِلُّ القِتَال بِمَكةَ 286 - وَقَالَ أبو شُرَيحٍ رضي الله عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " لا يَسْفِكُ بِها دَماً". 852 - عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ الله عنهما قال: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ افْتَتَحَ مَكةَ: "لا هِجْرَةَ، ولكن جهادٌ ونيَّةٌ، وإذا استُنْفِرتُمْ فَانْفِروا، فَإنّ هذا بلدٌ حَرَّمَ الله يومَ

_ (12) أي: لا يقطع. 28 - وصله في حديثه الآتي موصولاً قريباً (852). 286 - هو طرف من حديثه المتقدم برقم (69).

10 - باب الحجامة للمحرم

خلقَ السَّماوات والأرضَ، وهو حَرامٌ بحُرمةِ الله إلى يومِ القيامَةِ، وإنَّهُ لم يَحلَّ القتالُ فيهِ لأحدٍ قَبْلِي، [ولا لأحدٍ بعدي 2/ 95]، ولِم يَحِلَّ لي إلا ساعةً من نَهارٍ، فهو حرامٌ بِحُرمَةِ الله إلى يومِ القيَامَةِ؛ لا يُعضَدُ شوكهُ، ولا يُنَفَّرُ صَيدُهُ، ولا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ؛ إلا من عَرَّفَها، (وفي روايةٍ: إلا لِمُعَرِّفٍ 2/ 13، وفي أُخرى: إلا لِمُنشِدٍ 3/ 94). ولا يختَلى خَلاها". قال العباسُ: يا رسولَ الله! إلا الإذْخِرَ؟ فَإنَّهُ [لا بُد منهُ 5/ 98] لِقَيْنِهمْ ولبيوتِهمْ. (وفي طَريقٍ آخَرَ: فإنَّهُ لصَاغَتنا ولقبورِنا، وفي روايةٍ: ولسُقُف بيوتنا 3/ 13)، [فسكت، ثم] قالَ: "إلا الإذْخِرَ". [قال عِكرمةُ: هل تدري ما (يُنفَّرُ صيدُها)؟ هو أن تُنَحِّيَهُ من الظلِّ، وتنزلَ مكانَهُ]. 10 - باب الحِجَامَةِ للمُحْرِمِ 341 - و"كوى ابنُ عمرَ ابنَهُ وهو مُحْرِمٌ"، ويتداوى ما لم يكن فيه (13) طيبٌ. 853 - عن ابن بُحَينَةَ رضي الله عنهُ قال: احْتَجَمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مُحْرِمٌ، بـ (لَحْي جملٍ) (14) [من طريق مكة 7/ 15]، في وسَطِ رَأْسِهِ. 11 - باب تَزويجِ المُحْرِمِ 854 - عَن ابن عَباسٍ رضي الله عَنهُما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَ مَيمونَةَ وهو مُحْرِمٌ (15).

_ 341 - وصله سعيد بن منصور من طريق مجاهد عنه نحوه. وفيه تسمية الابن بـ (واقد). (13) أي: في الذي يتداوى به. (14) اسم موضع بين مكة والمدينة، وهو إلى المدينة أقرب. (15) كذا وقع في هذه الرواية. والصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهو حلال، ثبت ذلك عن جمع من الصحابة منهم ميمونة نفسها؛ كما حققته في "إرواء الغليل" رقم (1027).

12 - باب ما ينهى من الطيب للمحرم والمحرمة

12 - باب ما يُنهى من الطِّيبِ للمُحرِمِ والمُحرِمَةِ 342 - وقالت عائشةُ رضيَ الله عنها: لا تَلبَسُ المُحرمَةُ ثَوباً بِوَرْسٍ أَو زعفرانٍ. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 88). 13 - باب الاغتسالِ للمحرمِ 343 - وقالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عَنْهُمَا: يَدخُلُ المحرِمُ الحمَّامَ. 344 و 345 - ولم يَرَ ابنُ عُمرَ وعائشة بالحكِّ بَأساً. 855 - عن عبدِ الله بنِ حُنينٍ أَن عبدَ الله بنَ العباسِ والمِسوَرَ بنَ مَخرَمَةَ اختَلَفا بـ (الأَبواءِ)، فقالَ عبدُ الله بن عباسٍ: يَغسِلُ المحرِمُ رأْسَهُ. وقالَ المِسوَرُ: لا يَغسِلُ المحرِمُ رَأْسَهُ. فأرسلني عبدُ الله بن العباسِ إلى أبي أَيُّوبَ الأنصاريِّ، فَوجدتهُ يغتسلُ بينَ القَرنَينِ (16)، وهوَ يُسترُ بثوبٍ، فَسلَّمتُ عَلَيْهِ، فَقالَ: مَن هذا؟ فَقلْتُ: أَنا عبدُ الله بنُ حنينٍ، أَرسلني إليكَ عبد الله بنُ العباسِ أَسألُكَ: كيفَ كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسَهُ وهوَ مُحرِمٌ؟ فوَضَعَ "أَبو أَيُّوب يدهُ على الثوبِ فَطأطَأهُ؛ حتى بَدا لي رَأْسُهُ، ثمَّ قالَ لإنسانٍ يَصُبُّ عَلَيهِ: اصبُبْ. فَصَبَّ على رأْسِهِ، ثم حَرَّكَ رأْسَهُ بيدَيهِ، فَأقبَلَ بهما وأَدْبَرَ، وقالَ: هكذا رأيتهُ - صلى الله عليه وسلم - يَفعلُ.

_ 342 - وصله البيهقي في "السنن الكبرى" (5/ 47) بسند قوي، وقد ثبت من حديث ابن عمر مرفوعاً عند أبي داود وغيره. وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1603). 343 - وصله الدارقطني، والبيهقي بسند صحيح عنه. 344 و 345 - أما أثر عمر فوصله البيهقي (5/ 64) بسند حسن عنه. وأما أثر عائشة فوصله مالك بسند فيه جهالة، وعَنْهُ البيهقي. (16) أي: قرني البئر.

14 - باب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين

14 - باب لُبْسِ الخُفَّينِ للمحرمِ إذا لم يجدِ النَّعلينِ 856 - عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ و (في روايةٍ: خَطَبنا 2/ 216) بعرفاتٍ [فقالَ]: "من لم يجد النَّعلينِ، فَلْيَلْبَسِ الخفَّينِ، ومن لم يجدْ إزاراً؛ فَليلبسْ سَراويلَ للمحرمِ". 15 - باب إذا لم يَجدِ الإزارَ فَليَلْبَسِ السراويلَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم آنفاً). 16 - باب لُبْسِ السِّلاحِ للمحرِمِ 346 - وقال عِكرمةُ: إذا خَشيَ العدوَّ لبسَ السِّلاحَ وافتدى. ولم يُتابَع عَليهِ في الفديَةِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث البراء الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 43 - باب "). 17 - باب دُخولِ الحَرَمِ ومكَّةَ بِغَيرِ إحرامٍ 347 - وَدَخَلَ ابنُ عُمَرَ (17). وإنَّما أَمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإهلالِ لمن أَراد الحجَّ والعُمرَةَ، ولم يَذْكُرْ (18) للحطابين وغيرِهم.

_ 346 - قال الحافظ: لم أقف عليه موصولاً. 347 - وصله مالك في "الموطأ" بسند صحيح عنه. (17) أي مكة لما جاءه بقديد خبر الفتنة، وكان خرج منها فرجع إليها حلالاً. (شارح). (18) أي النبي عليه الصلاة والسلام. ولأبي الوقت: "ولم يذكره"؛ أي الإحرام لمن يتكرر دخوله كالحطابين والحشاشين والسقائين.

18 - باب إذا أحرم جاهلا وعليه قميص

857 - عن أَنسِ بنِ مالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رسول الله دخلَ عامَ الفَتحِ وعلى رْأسِهِ المِغْفَرُ (19)، فلما نَزَعَهُ جاءَ رجلٌ فقالَ: إنَّ ابنَ خَطَلٍ مُتعلقٌ بأستارِ الكعبةِ، فقالَ: "اقتلوهُ". [قال مالك: ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيما نرى والله أَعلم، يومئِذٍ محرماً 5/ 92]. 18 - باب إذا أَحرَمَ جاهلاً وعليهِ قَميصٌ 348 - وقالَ عَطاءٌ: إذا تَطَيَّبَ أَو لبسَ جاهلاً أَو ناسياً؛ فلا كفَّارةَ عليهِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث يعلى المتقدم برقم (833)، وطرفاً من حديثه الآخر الآتي في "ج 2/ 37 - الإجارة/ 5 - باب"). 19 - باب المحرِمِ يموتُ بِعَرَفَةَ. ولم يأمرِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يؤدَّى عنهُ بقيَّةُ الحجِّ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 614). 20 - باب سُنَّةِ المحرِمِ إذا ماتَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 21 - باب الحجِّ، والنُّذورُ عنِ المَيِّتِ، والرجلُ يحجُّ عنِ المرأَةِ

_ (19) زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس. 348 - وصله الطبراني في "الكبير".

22 - باب الحج عمن لا يستطيع الثبوت على الراحلة

858 - عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهُما أَن امرأةً منْ جُهينَةَ جاءَتْ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: إنَّ أُمي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فلم تَحجَّ حتى مَاتتْ، أفأَحُجُّ عنها؟ قالَ: "نَعمْ حُجِّي عنها". (وفي روايةٍ عنهُ قالَ: أَتى رجلٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ له: إنَّ أُختي (20) نَذَرَتْ أَنْ تَحجَّ، وإنَّها مَاتتْ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: 7/ 333) "أَرَأَيْتِ لو كانَ على أُمِّكِ دَينٌ أَكُنتِ قاضِيَتَـ[ـهُ؟ ". قالت: نعم، قالَ: "فـ 8/ 150، اقْضوا الله (21)، فالله أَحقُّ بالوفاءِ". 22 - باب الحجِّ عَمَّنْ لا يَستطيع الثبوتَ على الرَّاحِلةِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي في "ج 4/ 79 - الاستئذان/ 2 - باب"). 23 - باب حَجِّ المرأَةِ عَنِ الرَّجُلِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 24 - باب حَجِّ الصّبيانِ 859 - عَنِ السائِبِ بنِ يزيدَ قالَ: حُجَّ بي معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأَنا ابنُ سَبعِ سنين.

_ (20) أشار الحافظ إلى شذوذ هذا اللفظ في الرواية الثانية، فقال بعد أن ذكره: "فإن كان محفوظاً احتمل أن يكون كل من الأخ سأل عن أخته والبنت سألت عن أُمها". (21) أي: حق الله.

25 - باب حج النساء

(ومن طريقِ الجُعَيْدِ بنِ عبدِ الرحمنِ قال: سمعتُ عُمرَ بنَ عبدِ العزيزِ يقولُ للسائِبِ بنِ يزيدَ؛ وكانَ قد حُجَّ بهِ في ثَقَلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -) (22). 25 - باب حَجِّ النِّساءِ 860 - عن إبراهيمَ (بنِ عبدِ الرحمن بن عَوفٍ): أَذِنَ عُمَرُ رضي الله عنهُ لأزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّها، فَبعثَ مَعَهُنَّ عثمانَ بنَ عَفَّانَ وعبدَ الرحمنِ. 861 - عن عائشةَ أُمِّ المؤمنينَ رضيَ الله عَنها قالتْ: قُلتُ: يا رسول الله! [نرى الحجة أفضل العمل 2/ 141] أَلا نغزو ونجاهِدُ مَعَكُمْ؟ (وفي روايةٍ: سَأَلَهُ نساؤه عن الحج 3/ 221) فقالَ: " [لا]، لَكُنَّ أَحْسَنُ (في روايةٍ: أفضل) الجهادِ وأَجْمَلُهُ: الحجُّ، حَجٌّ مَبرورٌ (وفي الرواية الأخرى: نعمَ الجهادُ الحج) ". فقالتْ عائشةُ: فلا أَدَعُ الحجَّ بعدَ إذ سمعتُ هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 862 - عنِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُسافِرِ المرأَةُ إلا معَ ذي مَحرَمٍ، ولا يدخلْ عَليها رجلٌ، (وفي روايةٍ: لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأَةٍ 6/ 159) إلا ومعها مَحرَمٌ". فقالَ رجلٌ: يا رسولَ الله! إنِّي أُريدُ

_ (22) قال الحافظ: لم يذكر مقول عمر، ولا جواب السائب، وكأنه كان قد سأله عن قدر المد، فسيأتي في "الكفارات" بهذا الإسناد: كان الصاع على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مداً وثلثاً، فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز.

26 - باب من نذر المشي إلى الكعبة

أن أَخرُجَ في جيشٍ (وفي روايةٍ: اكتَتَبْتُ في غزوةِ 4/ 18) كَذا وكَذا، وامرأَتي تريدُ الحجَّ؟ فقال: "اخرُجْ معها. (وفي روايةٍ: اذهبْ فَحُجَّ مع امرأَتِكَ) ". 863 - عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما قال: لمَّا رجعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مِنْ حَجَّتِهِ قالَ لأُمِّ سِنانٍ الأنصاريةِ: "ما مَنَعَكِ منَ الحجِّ، (وفي روايةٍ: أَن تَحُجِّينَ) مَعنا؟ 2/ 200). قالتْ: [كانَ لنا ناضحٌ] فركبه] أَبو فلانٍ- تَعني زَوجَها [وابْنَها]- حَجَّ على أَحَدِهِما و [ترك] الآخَرَ يَسقي أرضاً لنا، قال: " [فإذا كان رمضانُ اعْتَمِري]؟ فَإنَّ عُمرةً في رمضان تَقضي حَجةً معي (23) ". 287 - عن جابرٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 26 - باب من نَذَرَ المشيَ إلى الكعبةِ 864 - عن أَنسٍ رضيَ الله عنهُ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رأَى شَيخاً يُهادى (24) (وفي

_ (23) كذا في. نسختنا من "الصحيح"، وكذلك في غير ما نسخة، وفي نسخة (أوربا) "حجة أو حجة معي"، وبهذا اللفظ عزاه النووي في "الرياض" للمتفق عليه وهي رواية الهروي لـ "الصحيح"، وهي رواية لمسلم (4/ 62)، والأخرى بلفظ: "تقضي حجة" دون شك، وما في النسخة له طريق آخر عن ابن عباس؛ صححه جمع منهم ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن العربي، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1737)، و"الإرواء" (1587). 287 - هذا معلق، وقد وصله أحمد، وابن ماجه بسند صحيح عنه به مرفوعاً دون القصة، وقوله: "معي"، وهي زيادة صحيحة، ولو لم يكن إلا ورودها في "الصحيح" لكفى، فكيف ولها شواهد مذكورة في "الإرواء" (1586). (24) أي: يمشي بينهما معتمداً عليهما.

روايةٍ: يمشي 8/ 234) بينَ ابنَيهِ، قال: "ما بالُ هذا؟ ". قالوا: نَذرَ أن يمشي، قالَ: "إنَّ الله عَن تَعذيبِ هذا نَفسَهُ لغنيٌّ"، أَمَرَهُ (25) أَن يَركبَ. 865 - عن عُقبةَ بنِ عامِرٍ قالَ: نَذرتْ أختي أَن تَمشيَ إلى بَيتِ الله، وأَمَرتني أَن أَسْتَفتيَ لها النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فاسْتَفتَيْتُهُ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "لِتَمشِ، ولتَرْكَبْ". قال: وكانَ أَبو الخيرِ لا يفارق عُقبَةَ.

_ (25) في رواية الكشميهني: "وأمره" بزيادة واو. قلت: وهي رواية مسلم (5/ 79). ورواية أحمد (3/ 114 و 235): "فأمره"، وفي أُخرى له (3/ 271): "فليركب".

29 - كتاب فضائل المدينة

بسم الله الرحمن الرحيم 29 - كتَابُ فضائلِ المدينةِ 1 - باب حَرمِ المدينةِ 866 - عن أَنَسٍ رضي الله عَنْهُ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذا إلى كَذا، لا يُقطَعُ شَجرُها، ولا يُحْدَثُ فيها حَدَثٌ (1)، مَن أَحْدث فيها حَدَثاً [أو آوى مُحْدِثاً 8/ 148]؛ فَعَلَيْهِ لَعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أَجمعينَ". 867 - عن أَبي هريرةَ رضيَ الله عنهُ [أَنَّهُ كانَ يقولُ: لَوْ رأَيتُ الظِّباءَ بالمدينَةِ تَرْتَعُ ما ذَعَرتُها (2)] قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "حُرِّمَ ما بينَ لابَتَي (3) المدينةِ على لِساني، (وفي طريقٍ: ما بينَ لابَتَيْها حرام) ". قالَ: وأَتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَني حارِثَةَ، فقالَ: "أَراكمْ يا بَني حَارثةَ، قدْ خَرَجتُمْ منَ الحَرَمِ". ثمَّ التَفتَ، فقالَ: "بل أَنتُمْ فيهِ".

_ (1) أي: لا يُعمل فيها عمل مخالف للكتاب والسنة. (2) أي: ما أفزعتها ونفرتها. وكنى بذلك عن عدم صيدها. (3) تثنية (لابة)، وهي الحرة: الأرض ذات الحجارة السود، والمدينة ما بين حرّتين عظيمتين إحداهما شرقية، والأخرى غربية.

2 - باب فضل المدينة وأنها تنفى الناس

2 - باب فَضلِ المدينَةِ وأَنَها تَنفىِ الناسَ 868 - عن أَبي هريرةَ رضيَ الله عنهُ قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ بِقريَةٍ تأكُلُ القُرى، يقولونَ: يَثربُ، وهيَ المدينةُ، تَنفي الناسَ كما يَنفي الكيرُ خَبَثَ الحديد". 3 - باب المدينَةِ طابَةُ (4) (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي حميد الساعدي المتقدم برقم 707). 4 - باب لابَتَيِ المدينَةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم قريباً في الباب الأول). 5 - باب مَن رَغِبَ عنِ المدينَةِ 869 - عن أَبي هريرةَ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "يتركونَ المدينَةَ على خَيرِ ما كانتْ، لا يغشاها إلا العَوافِ (5) - يريدُ عَوَافيَ السِّباعِ والطَّيرِ-، وآخِرُ مَن يُحشَرُ راعِيانِ مِن مُزَينَةَ، يريدانِ المدينَةَ، يَنعِقانِ بِغَنَمِها، فَيَجِدانِها وُحوشاً، حَتَّى إذا بَلَغَا ثِنِيَّةَ الوَداعِ خَرَّا على وُجوهِهما". 870 - عن سُفيانَ بنِ أَبي زهيرٍ رضيَ الله عنهُ أَنَّهُ قالَ: سَمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -يقولُ:

_ (4) طابة مبتدأ خبره محذوف، أي: من أسمائها طابة. (5) بإسقاط الياء؛ أي: الطوالب الأقوات. وقوله: (ينعقان): أي يصيحان.

6 - باب " الإيمان يأرز إلى المدينة "

"تُفتَحُ اليَمَنُ، فيأتي قَومٌ يَبُسُّونَ (6) فَيتحَمَّلونَ بأَهليهمْ وَمنْ أَطاعَهُمْ، والمدينَةُ خَيرٌ لَهُمْ لَو كانوا يَعلمونَ. وتُفتَحُ الشَّامُ، فَيأتي قَوْمٌ يَبُسُّونَ، فَيتحمَّلونَ بأَهليهمْ وَمن أَطاعَهمْ، والمدينةُ خَيرٌ لَهم لَو كانوا يَعلمونَ. وتُفتحُ العراقُ فَيأتي قَومٌ يَبُسُّونَ، فَيتحمَّلونَ بأهْليهمْ وَمن أَطَاعَهُمْ، والمدينةُ خَيرٌ لَهم لَو كانوا يَعلمونَ". 6 - باب " الإيمانُ يَأْرِزُ إلى المدينةِ " 871 - عن أَبي هُريرةَ رضي الله عنهُ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّ الإيمانَ لَيَأْرِزُ (7) إلى المدينةِ كما تَأْرِزُ الحيَّةُ إلى جُحرِها". 7 - باب إثْمِ مَنْ كادَ أَهْلَ المدينَةِ 872 - عن سَعدٍ رضيَ الله عنهُ قالَ: سَمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا يَكيدُ أَهْلَ المدينةِ أَحَدٌ إلا انْماعَ (8) كما يَنْماعُ المِلْحُ في الماءِ". 8 - باب آطامِ المدينةِ 873 - عن أُسامةَ رضيَ الله عنهُ قالَ: أَشرَفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أُطُمِ من آطامِ المدينةِ (9)، فقالَ: "هل تَرَونَ ما أَرى؟ ". [قالوا: لا، قالَ: "فـ 8/ 89] إني لأرى مَواقعَ الفِتن خِلالَ بُيوتِكُم؛ كَمواقعِ القَطْرِ".

_ (6) أي: يسوقون دوابهم إلى المدينة سوقاً ليناً. (7) أي: ينضم ويجتمع بعضه إلى بعض. (8) أي: ذاب. (9) يعني حصونها المبنية بالحجارة، وهي جمع (أُطُم) بضمتين.

9 - باب لا يدخل الدجال المدينة

9 - باب لا يَدخُلُ الدَّجالُ المدينَةَ 874 - عَن أَبي بَكرَةَ رضيَ الله عنهُ عنِ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَدخُلُ المدينةَ رُعبُ المسيحِ الدَّجالِ، [و 8/ 102] لَها يَومَئذٍ سَبعةُ أَبوابٍ، على كلِّ بابٍ مَلَكانِ". 875 - عَن أَبي هريرةَ رضيَ الله عَنه قالَ: قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. "على أَنْقابِ (10) المدينَةِ مَلائِكةٌ، لا يَدخُلها الطَّاعون ولا الدجالُ". 876 - عَن أَنَسِ بن مَالِكٍ رضيَ الله عنة عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لَيْسَ منْ بَلدٍ إلا سَيَطَؤهُ الدَّجالُ؛ إلا مَكةَ والمدينةَ، لَيسَ لهُ منْ نِقابِها نَقْبٌ، إلاَّ عَليهِ الملائكةُ صَافِّينَ يَحْرُسُونَها، [فلا يَقرَبُها الدَّجالُ ولا الطَّاعونُ إنْ شاءَ الله 8/ 103] "، (وفي روايةٍ: "يجيءُ الدَّجالُ حتى يَنزِلَ في ناحِيةِ المدينَةِ 8/ 102)، ثُمّ تَرْجُفُ المدينةُ بأَهلِها ثَلاثَ رَجَفاتٍ، فَيُخرِجُ الله كُلَّ كافِرٍ ومنافِقٍ". 877 - عَن أبي سعيدٍ الخُدريّ رضيَ الله عنهُ قالَ: حَدَّثنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[يوماً 8/ 103] حَديثاً طويلاً عَن الدَّجالِ، فكانَ فِيما حَدثَنا بهِ أَنْ قالَ: "يَأْتي الدجال وهوَ مُحَرَّمٌ عَليهِ أنْ يَدخلَ نِقابَ المدينَةِ، [ف] يَنزِلُ بَعضَ

_ (10) أي: على مداخلها، وهي أبوابها وفوهات طرقها؛ جمع نَقْب بفتح فسكون، وكذلك النقاب.

10 - باب المدينة تنفي الخبث

السِّباخِ (11) التي بالمدينَةِ، (وفي روايةٍ: تَلي المدينَةَ)، فَيَخرُجُ إليهِ يَومَئذٍ رجلٌ، هوَ خَيرُ النَّاسِ، أَو مِنْ خَيرِ النَّاسِ، فيقول: أشهدُ أَنَّكَ الدجَّالُ الذي حَدَّثَنا عنك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثَهُ، فَيقولُ الدَّجالُ: أَرَأَيتُـ[م] إنْ قَتَلتُ هذا ثمَّ أَحْيَيْتُهُ هَلْ تَشُكُّونَ في الأمْرِ؟ فَيقولونَ: لا. فَيَقتُلُهُ، ثمَ يُحييهِ، فَيقولُ حِينَ يُحييهِ: والله ما كنتُ [فيكَ] قَطُّ أَشدَّ بَصيرةً مِني اليومَ! فَيقولُ الدَّجالُ: أَقْتُلُهُ، (وفي روايةٍ: فيريدُ الدَّجالُ أنْ يَقتُلَهُ)، فَلا يُسَلَّطُ عَليهِ". 10 - باب المدينَةُ تَنفي الخَبَثَ 878 - عَن زيدِ بن ثابتٍ رضيَ الله عَنْه قالَ: لمَّا خَرَج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى أُحُدٍ، رَجعَ ناسٌ من أَصحابهِ [ممنْ خرجَ معهُ، وكانَ أَصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فرقتين 5/ 31]، فقالت فِرقَةٌ: نَقتُلُهُمْ. وقالتْ فِرقَةٌ: لا نَقتُلُهُمْ. فَنزلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ [وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا]}، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنها [طَيبَةُ 5/ 181]، تَنفي الرِّجالَ (وفي روايةٍ: الذُّنوبَ، وفي أُخرى: الخَبَثَ) (12)؛ كما تَنفي النَّارُ خَبَثَ الحديدِ، (وفي روايةٍ: الفِضَّةِ) ". 11 - باب كراهِيَةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُعْرى المدينَةُ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 346).

_ (11) جمع سبخة، وهي الأرض تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت شيئاً. (12) وهذه الرواية الأخيرة هي المحفوظة كما قال الحافظ.

12 - باب

12 - باب 879 - عن أَبي هُريرةَ رضيَ الله عنهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَا بَينَ بَيتي (13) وَمِنبري روضَةٌ من رياضِ الجنَّةِ، ومِنبري على حَوضي". 880 - عَن عائشةَ رضيَ الله عَنها قَالتْ: لمَّا قَدِمَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - المدينَةَ، وُعِكَ (14) أَبو بَكرٍ وبلالٌ [رضيَ الله عَنهُما، قالت: فدخلتُ عَليهما، فقلتُ: يا أَبَتِ! كيفَ تجدُكَ؟ ويا بلالُ! كيف تجدُكَ؟ قالت: 7/ 5]، فكانَ أَبو بكرٍ إذا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يَقولُ: كلُّ امْرِىءٍ مُصَبَّحٌ في أَهْلِهِ ... وَالموتُ أَدْنَى مِنْ شِراكِ نَعلِهِ وكان بلالٌ إذا أَقْلَعَ (15) عَنْهُ الحمَّى يَرفَعُ عَقيرتَهُ (16) يَقولُ: أَلا ليْتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً ... بوادٍ وَحَوْلي إذْخِرٌ وَجَليلُ وهل أَرِدَنْ يَوْماً مِياهَ مِجَنَّةٍ (17) ... وهَلْ يَبدُوَنْ لي شامَةٌ وَطَفيلُ

_ (13) قلت: وكذا في حديث عبد الله بن زيد المازني المتقدم (589)، وهو المحفوظ. ووقع في بعض الأحاديث خارج "الصحيحين": "قبري"، وهو غير محفوظ، وكأنه رواية بالمعنى، فإن القبر لم يكن موجوداً في حياته - صلى الله عليه وسلم - حتى يمكن التحديد به. (14) أي: حُمَّ. (15) (أقلع) أي: كفّ. (16) (عقيرته) أي: صوته. (17) بفتح الميم وكسرها وفتح الجيم والنون المشددة: موضع. و (شامة وطفيل): جبلان، كما أن الإذخر والجليل نبتان. ومعنى (يبدو): يظهر.

قال: اللهُمَّ العَنْ شَيْبَةَ بنَ رَبيعةَ وَعُتْبَةَ بنَ ربيعَةَ وَأُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ كما أَخْرَجونا من أَرضِنا إلى أَرضِ الوَباءِ. [قالت عائشةُ: فَجئْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -فأَ خبرتُهُ، فـ 4/ 264] قال: "اللَّهُمَّ حَبِّبْ إلَينا المدينَةَ، كحُبّنا مَكةَ أَو أَشَدَّ، اللهُمَّ بارِكْ لنا في صاعِنا، وفي مُدِّنا، وَصَحِّحْها لنا، وانْقُلْ حُمَّاهَا إلى الجُحْفَةِ". قَالتْ: وَقَدِمْنا المدينَةَ وهي أَوْبَأُ أَرضِ الله. قَالَتْ: فكانَ بُطحانُ يَجْري نَجْلاً. تَعني مَاءً آجِناً (18). 881 - عَن عُمرَ رضيَ الله عنهُ قالَ: اللهُمَّ ارزُقْني شَهادَةً في سَبيلِكَ، واجعَلْ مَوتِي في بَلَدِ رَسولِكَ - صلى الله عليه وسلم -

_ (18) يعني أن هذا الوادي كان يجري فيه الماء المتغير الذي من شأنه حدوث الأمراض عنه بإذنه تعالى.

30 - كتاب الصوم

بسم الله الرحمن الرحيم 30 - كتَاب الصَّومِ 1 - باب وُجُوبِ صَومِ رَمضانَ، وقَولِ الله تَعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 882 - عَنِ ابنِ عُمَرَ رضيَ الله عَنهُما قالَ: صَامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَاشوراءَ، وَأَمَرَ بصيِامِه. (وفي روايةٍ: قالَ: كانَ عاشوراءُ يَصومُهُ أَهلُ الجاهِليةِ 5/ 154)، فَلمَّا فُرِضَ رَمضانُ تُرِك. (وفي روايةٍ: قالَ: مَنْ شاءَ صَامَهُ، ومن شَاءَ لَمْ يَصُمهُ). وكانَ عَبدُ الله لا يَصومُهُ إلا أَنْ يُوافِقَ صَومَهُ. 2 - باب فَضْلِ الصَّومِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي قريباً في "9 - باب"). 3 - باب الصَّومُ كَفَّارةٌ (قلت: أسند فيه حديث حذيفة المتقدم برقم 280). 4 - باب الرَّيَّانِ للصَّائِمينَ 883 - عن سهلٍ رضيَ الله عنهُ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

5 - باب هل يقال: رمضان أو: شهر رمضان؟ ومن رأى ذلك كله واسعا

"إنَّ في الجنَّةِ [ثمانيةَ أَبوابٍ، فيها 4/ 88] بابٌ يقال لَه: الرَّيَّانُ، يدخُلُ منهُ الصَّائمونَ يومَ القيامَةِ، لا يدخُلُ منهُ أحَدٌ غَيرُهُمْ، يقالُ: أَينَ الصائمونَ؟ فيقومونَ، لا يدخُلُ منهُ أَحدٌ غَيرُهُمْ، فإذا دخلوا أُغلِقَ، فَلم يدخُلْ مِنْهُ أَحدٌ". 884 - عَنْ أَبي هُريرةَ رضيَ الله عنهُ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ [مِنْ شيءٍ مِنَ الأَشْياءِ 4/ 193] في سَبيلِ الله؛ نودِيَ مِنْ أَبوابِ الجنَّةِ: يا عَبدَ الله! هذا خَيرٌ، (وفي روايةٍ: دعاهُ خَزَنَةُ الجنَّةِ كلُّ خَزَنةِ بابٍ: أيْ فُلْ هَلُمَّ 3/ 213)، فَمنْ كانَ منْ أَهْلِ الصَّلاةِ دعِيَ مِنْ باب الصَّلاةِ، وَمَنْ كانَ منْ أَهْلِ الجِهادِ، دُعيَ مِنْ بابِ الجهادِ، ومنْ كانَ منْ أَهْلِ الصِّيامِ، دُعيَ مِنْ [بابِ الصِّيام و] بابِ الرَّيانِ، ومنْ كانَ منْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعيَ منْ بابِ الصَّدقةِ". فقالَ أبو بَكرٍ رضيَ الله عَنْهُ: بأَبي أَنْتَ وأُمي يا رسولَ الله! ما عَلى مَنْ دُعيَ مِنْ تِلكَ الأَبوابِ مِنْ ضَرورةٍ، فَهلْ يُدعى أَحَدٌ مِنْ تِلكَ الأَ بوابِ كلِّها؟ (وفي روايةٍ: يا رسولَ الله! ذاكَ الذي لا تَوى عليه)، فقال- صلى الله عليه وسلم -: "نَعم، وأَرجو أَنْ تكونَ منهم". 5 - باب هَلْ يقَالُ: رمضانُ أَو: شهرُ رمضانَ؟ ومَنْ رَأَى ذلك كلَّهُ واسِعاً (1) 288 - وقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "منْ صامَ رَمضانَ".

_ (1) واسعاً: أي جائزاً. 288 - وصله في الباب الذي يليه.

6 - باب من صام رمضان إيمانا واحتسابا ونية

289 - وقَالَ: "لا تَقَدَّموا رمَضانَ". 885 - عَنْ أَبي هُريرةَ رضيَ الله عَنْهُ قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا دَخَلَ رَمَضانُ فُتِحَتْ أَبوابُ السَّماءِ، (وفي روايةٍ: أبوابُ الجنةِ)، وَغُلِّقتْ أَبوابُ جَهَنَّمْ، وَسُلسِلَتِ الشَّياطينُ". 6 - باب مَنْ صامَ رَمَضانَ إيماناً وَاحْتِساباً وَنِيَّةً 290 - وقالتْ عائشةُ رضيَ الله عَنها عَنِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "يُبعَثُونَ عَلى نِيَّاتِهِمْ". (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 26). 7 - باب أجوَدُ مَا كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَكونُ في رَمَضانَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 4). 8 - باب مَنْ لَمْ يدَعْ قوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ بهِ في الصَّومِ 886 - عَن أَبي هُريرةَ رَضِيَ الله عَنْهُ قالَ: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ لم يَدَعْ قوْلَ الزُّورِ وَالعملَ بِه، والجهلَ، فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ في أَن يَدَعَ طَعامَهُ وشرابَهُ". 9 - باب هَل يَقولُ: إني صَائِمٌ إذا شُتِمَ؟

_ 289 - وصله المصنف من حديث أبي هريرة مرفوعاً نحوه بعد ثمانية أبواب. 290 - سيأتي بتمامه موصولاً في أوائل "البيوع".

10 - باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة

887 - عَن أَبي هريرةَ رضيَ الله عنهُ قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "قالَ الله (وفي طريقٍ: عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يرويهِ عَنْ رَبِّكمْ قالَ 8/ 212): كلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلا الصِّيامَ؛ فَإنَّهُ لي، (وفي طريقٍ: لكلِّ عَملٍ كَفَّارَةٌ، والصومُ لي 8/ 212)، وَأَنا أَجْزي بهِ، [يَدَعُ شَهوتَهُ وأَكلَه وَشُرْبَهُ من أَجلي 8/ 197]، [والحسنةُ بِعشرِ أَمْثالِها]، والصيامُ جُنَّةٌ (2)، وإذا كانَ يَوْمُ صَومِ أَحَدِكُمْ؛ فَلا يَرْفُثْ، ولا يَصْخَبْ، (وفي روايةٍ: ولا يَجْهَلْ 2/ 226)، فَإنْ سابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقلْ: إنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، [(مرَّتَينِ) 2/ 226]، والذي نَفْسُ محَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عندَ الله من ريحِ المِسْكِ، للصَّائِمِ فَرْحَتانِ يَفْرَحُهُما؛ إذا أَفْطَرَ فَرِحَ، وإذا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِح بِصَومِهِ". 10 - باب الصَّوْمِ لِمَنْ خَافَ عَلى نَفْسِهِ العُزوبَةَ (3) (قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود الآتي في "ج 3/ 67 - النكاح/2 - باب"). 11 - باب 291 - قَولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا رَأيْتُمُ الهلالَ فَصوموا، وإذا رَأيتُموهُ فَأَفْطِروا" 292 - وقَالَ صِلَةُ عَنْ عَمَّارٍ: مَنْ صامَ يَومَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصى أَبا القاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -.

_ (2) أي: وقاية. وقوله: (ولا يصخب): أي لا يصيح ولا يخاصم. (3) العزب: من لا زوج له، والاسم العزبة والعزوبة. 291 - هذه الترجمة لفظ مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً. ووصله المصنف في الباب بنحوه. 292 - وصله أبو داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم بسند رجاله موثقون إلى صلة. وصححه ابن خزيمة (1914)، وابن حبان (878)، وغيرهما. وله متابع عن عمار نحوه. أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 72) بسند صحيح؛ وله شاهد من وجه آخر عند ابن خزيمة (1912).

888 - عَنْ عبدِ الله بنِ عُمَرَ رضيَ الله عَنهُما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -ذكَرَ رَمَضانَ فَقَالَ: " [الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرونَ لَيلَةً] ". (وفي طرَيقٍ: "الشَّهْرُ هكذا، وَهكذا". وَخَنَسَ (4) الإبْهامَ في الثَّالِثَةِ)، (وفي روايةٍ: "الشَّهرُ هكذا، وهكذا، وهكذا"، يَعني ثلاثين، ثُمَّ قَالَ: "وهكذا، وهكذا، وهكذا"، يَعني تِسعاً وَعشرين، يَقولُ مَرَّةً: ثلاثين، ومَرَّةً تِسعاً وَعِشرين 6/ 177)، " [فـ] لا تَصومُوا حَتى تَرَوُا الهِلالَ، ولا تُفْطِروا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ، (وفي روايةٍ: فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِين) ". 889 - عَن أَبي هُريرَةَ رضيَ الله عَنْهُ قَالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَوْ قَالَ: قالَ أَبو القاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -: "صُوموا لِرُؤيَتِهِ، وَأَفْطِروا لِرُؤيَتِهِ، فَإنْ غبِّيَ (5) عَلَيْكُمْ، فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعبانَ ثلاثِينَ". 890 - عَنْ أمِّ سَلَمَةَ رضيَ الله عنها أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - آلى (6) من نِسائِهِ (وفي روايةٍ: حَلفَ لا يدخلُ على بعضِ أهْلِهِ 6/ 152) شَهراً، فَلمَّا مَضى تِسعةٌ وعِشرونَ يَوماً، غَدا [عَليهنَّ]، أَوْ راحَ، فقيلَ لَهُ: [يا نَبيَّ الله!] إنَّكَ حَلَفْتَ أنْ لا تَدْخلَ [عَلَيْهنَّ] شَهراً، فقالَ:

_ (4) قوله: (وخنس): أي قبض إصبعه الابهام. (5) قوله: (غبي) بهذا الضبط وبفتح الغين وكسر الباء، معناه خفي عليكم. كما في (الشارح). (6) قوله: (آلى من نسائه): أي حلف لا يدخل عليهن. (شارح).

12 - باب شهرا عيد لا ينقصان

"إنَّ الشَّهرَ يكونُ تِسعةً وَعشرينَ يَوماً". 12 - باب 293 - شَهرا عيدٍ لا يَنْقصانِ 349 - قَالَ أبو عبدِ الله: قالَ إسحاقُ: وَإنْ كانَ ناقِصاً فَهوَ تامٌّ (7)، وقَالَ مُحمَّدٌ (8): لا يَجْتَمعانِ كِلاهُما ناقِصٌ (9). 891 - عن أبي بَكْرَةَ رضيَ الله عنهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ " شَهرانِ لا يَنقصان؟ شَهرا عيدٍ: رمضانُ، وذو الحِجَّةِ". 13 - باب قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا نَكْتُبُ ولا نَحْسُبُ" 892 - عَنِ ابنِ عُمرَ رضيَ الله عَنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قالَ: "إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيةٌ؛ لا نكتُبُ ولا نَحْسُبُ، الشَّهرُ هكذا، وهكذا". يَعني مرَّةً تِسعةً وَعِشريْنَ، ومَرةً ثَلاثينَ. 14 - باب لا يَتَقدَّمَنَّ رَمَضانَ بِصومِ يَومٍ ولا يَومَينِ 893 - عن أَبي هُريرة رضيَ الله عَنهُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ:

_ 293 - هذا لفظ بعض حديث الباب عند الترمذي. 349 - إسحاق هذا هو ابن راهويه على الراجح مما ذكره الحافظ من الأقوال. راجع "مسائل المروزي- مخطوطة الظاهرية". (7) يعني في الفضيلة والأجر؛ وإن كان تسعة وعشرين. (8) هو البخاري المصنف. (9) يعني لا ينقصان معاً؛ إن كان أحدهما تسعاً وعشرين جاء الآخر ثلاثين ولا بد. وهذا على طريق الأغلب، وإلا فقد وقع ذلك نادراً. أفاده الحافظ.

15 - باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم

"لا يَتَقدَّمَنَّ أحَدُكُمْ رمضانَ بصومِ يَومٍ أوْ يَوَمينِ، إلاّ أنْ يَكونَ رجلٌ كانَ يَصومُ صَومَهُ فَلْيصُمْ ذلكَ اليومَ". 15 - باب قَولِ اللهِ جَلَّ ذِكرُهُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ (10) فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} 894 - عَنِ البَرَاءِ رضيَ الله عَنهُ قالَ: كانَ أَصْحابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كانَ الرَّجلُ صائماً؛ فَحَضَرَ الإفْطارُ فَنَامَ قَبْلَ أنْ يُفْطِرَ؛ لم يَأْكُلْ لَيْلَتَهُ ولا يَوْمَهُ حَتَّى يُمسيَ، وَأنَّ قَيْسَ بنَ صِرْمَةَ الأَنْصارِيَّ كانَ صائماً، فَلَمَّا حَضَرَ الإفْطارُ أَتَى امْرَأَتَهُ، فَقالَ لَها: أَعِنْدَكِ طَعامٌ؟ قَالَتْ: لا، وَلكنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ، وكان يَوْمَهُ يَعْمَلُ، فَغَلَبَتْهُ عَيناهُ، فجاءَتْهُ امْرَأتُهُ، فَلمَّا رَأَتْه قالَتْ: خَيْبَةً لكَ (11)، فَلمَّا انْتَصَفَ النَّهارُ غُشِيَ عَليهِ. فَذُكِرَ ذلك للنَّبيِّ- صلى الله عليه وسلم - فنزَلتْ هذهِ الآيةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} فَفَرحُوا بِها فَرحاً شَديداً، ونَزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ}. 16 - باب قَولِ الله تَعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}

_ (10) أي: تخونون (أنفسكم) بإتيان النساء الذي كان محرماً عليكم ليلة الصيام. (11) من الخيبة: الحرمان، يقال: خاب يخيب إذا لم ينل ما طلب.

17 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال"

294 - فيه البراء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 895 - عَنْ عَدِيّ بنِ حَاتِمٍ رضيَ الله عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} عَمَدْتُ إلى عِقالٍ أَسْوَدَ، وإلى عِقالٍ أَبْيَضَ، فجَعَلتُهُما تَحْتَ وِسَادَتي، فَجَعَلتُ أَنظُرُ في [بعضِ 5/ 156] اللَّيْلِ فَلا يَسْتَبينُ لي، فَغدوتُ عَلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَذكرتُ لهُ ذلكَ، فَقالَ: ["إن وسَادكَ إذاً لعريضٌ أن كان الخيطُ الأَبيضُ والأَسْودُ تحتَ وسادتكَ! "]. (وفي روايةٍ: قال: "إنَّكَ لعريضُ القفا إن أبصرتَ الخيطينِ"، ثُمَّ قالَ: "لا) إنَّما ذلكَ سَوادُ اللَّيْلِ، وبَياضُ النَّهارِ". 896 - عَنْ سَهلِ بنِ سَعدٍ قالَ: أُنْزِلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} ولمْ يَنْزِلْ {مِنَ الْفَجْرِ}، فَكانَ رجالٌ إذا أرادوا الصَّومَ، ربطَ أحدُهمْ في رجلِه الخيطَ الأَبيضَ. والخيطَ الأَسودَ، ولَمْ يزَلْ يأْكُل حَتَّى يَتَبينَ لَهُ رؤيَتُهُما، فأَنْزلَ الله بعدُ: {مِنَ الْفَجْرِ}، فَعلموا أنهُ إنَّما يَعني اللَّيلَ والنَّهارَ. 17 - باب 295 - قَولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " لا يَمنعنَّكمْ مِنْ سَحورِكْم أذانُ بلالٍ".

_ 294 - يريد الحديث الذي مضى قبله. 295 - مضى موصولاً في "10 - الأذان/13 - باب" من حديث ابن مسعود.

18 - باب تأخير السحور

897 - عنِ ابنِ عُمَرَ وعنْ عائشةَ رضيَ الله عَنها (12): أنَّ بلالاً كانَ يُؤذِّنُ بليلٍ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلوا واشربُوا حَتَّى يُؤذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكتومٍ؛ فَإنَّهُ لا يُؤذِّنُ حَتَّى يَطلُعَ الفَجرُ". قَالَ القاسِمُ: ولَمْ يَكُنْ بَينَ أذَانِهِما إلا أنْ يَرْقَى ذا، ويَنزِلَ ذا. 18 - باب تأْخيرِ السُّحورِ (13) (قلت: أسند فيه حديث سهلٍ المتقدم برقم 310). 19 - باب قَدرِ كَمْ بينَ السُّحور وصلاة الفجرِ؟ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 309). 20 - باب بَركةِ السُّحور من غير إيجابٍ 296 - لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَهُ واصلوا (14). ولم يُذكَرِ السُّحورُ. 898 - عن عبد الله بن عمرَ رضيَ الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - واصَل، فَواصَلَ الناسُ، فَشقَّ عليهم، فَنهاهمْ. قالوا: إنَّكَ تُواصلُ؟ قالَ:

_ (12) قلت: وهذا حديثها، وحديث ابن عمر تقدم في "10 - الأذان/ 11 - باب/329 - حديث"، ولذلك لم أعطه في هذه الطبعة إلا رقماً واحداً. وقول القاسم: "ولم يكن .. " وصله النسائي والطحاوي عنه عن عائشة. (13) كذا الأصل. وفي نسخة الحافظ "باب تعجيل السحور"، وقال ابن بطال: ولو ترجم له بـ "باب تأخير السحور" لكان حسناً. وتعقبه مغلطاي بأنه وجد في نسخة أخرى من البخاري "باب تأخير السحور". ولم أر ذلك في شيء من نسخ البخاري التي وقعت لنا. 296 - يشير إلى حديث ابن عمر المذكور في الباب، ومثله حديث أنس الآتي "48 - باب"، وحديث أبي هريرة بعده. (14) قوله: (واصلوا): أي في صومهم من غير إفطار الليل. (شارح).

21 - باب إذا نوى بالنهار صوما

"لستُ كَهيئتكمْ، (وفي روايةٍ: مثلَكم 2/ 242) إنِّي أظَل (وفي روايةٍ: أَبِيتُ) أُطعَمُ وَأُسْقَى". 899 - عن أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنهُ قالَ: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَسحَّروا فإن في السَّحورِ (15) بركة". 21 - باب إذا نَوى بالنهارِ صَوماً 350 - وقالتْ أمُّ الدَّرداءِ: كان أبو الدَّرداء يقولُ: عندَكُمْ طعامٌ؟ فإن قُلنا: لا، قال: فَإنِّي صَائمٌ يَومي هذا. 351 - 354 - فَعلَهث أبو طلَحَةَ، وأبو هريرة، وابنُ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةُ؛ رضيَ الله عنهمْ. 900 - عن سَلَمَةَ بنِ الأَكوعِ رضيَ الله عَنْهُ، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعثَ رجلاً يُنادي في النَّاسِ يومَ عاشُوراءَ، (وفي روايةٍ: قال لرجلٍ من أسْلَمَ: "أذِّنْ في قَومِكَ أو في الناسِ 8/ 136) أنَّ مَنْ [كانَ 2/ 251] أكلَ فَلْيُتِمَّ، أوْ فَلْيَصُمْ [بقيَّةَ يَومِهِ]، ومن لم يَأْكُلْ، فَلا يأْكُلْ. (وفي روايةٍ: فَليَصُمْ، فَإنَّ اليومَ يَومُ عاشوراءَ) ".

_ (15) بفتح السين: اسم لما يُتَسحر به، وبالضم الفعل. 350 - وصله ابن أبي شيبة، وعبد الرزاق من طرق عن أم الدرداء. فهو صحيح. 351 - 354 - أما أثر أبي طلحة؛ فوصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريقين عن أنس، فهو صحيح. وأما أثر أبي هريرة؛ فوصله البيهقي. وأما أثر ابن عباس؛ فوصله الطحاوي بسند جيد. وأما أثر حذيفة؛ فوصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة.

22 - باب الصائم يصبح جنبا

22 - باب الصَّائمِ يُصبحُ جُنُباً 901 و 902 - عن أبي بَكرِ بنِ عبدِ الرَّحمن قالَ: كنت أنا وأبي حينَ دَخلنا عَلى عائشةَ وأُمِّ سَلمةَ (وفي روايةٍ: عن أبي بكر بن عبدِ الرحمن بن الحارثِ بنِ هشام أنَّ أباه عبد الرحمن أخبر مروان أنَّ عائشة وأُمَّ سَلمةَ أخْبرتاهُ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُدْرِكُهُ الفجرُ وهو جُنُبٌ من [جماعِ 2/ 234] أهْله [من غير احتلامٍ]، ثمَّ يَغتسلُ ويصومُ). وقالَ مروانُ لِعبدِ الرحمن بنِ الحارثِ: أُقْسمُ بالله لَتُقَرِّعَنَّ (16) بها أَبا هريرة، ومروان يومئذٍ على المدينة. فقال أبو بكرٍ: فَكَرهَ ذلكَ عبد الرحمن، ثمَّ قُدِّرَ لنا أنْ نَجْتَمِعَ بذي الحُلَيْفَةِ، وكانَتْ لأَبي هُريرةَ هُنالكَ أرضٌ، فقالَ عبدُ الرَّحمنِ لأبي هُريرةَ: إنِّي ذاكِرٌ لكَ أمراً، ولولا مَروانُ أَقْسَمَ عَلَيَّ فيهِ لم أذْكُرْهُ لكَ، فَذَكرَ قولَ عائشةَ وَأمِّ سَلَمةَ. فقالَ: كذلكَ حَدَّثني الفضلُ بن عَبَّاسٍ، وهوَ أعْلَمُ. 297 - وقَالَ هَمَّامٌ وابنُ عَبدِ الله بنِ عُمَرَ عنْ أَبي هُريرة: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمر بالفِطْرِ. والأَوَّلُ أَسْنَدُ (17).

_ (16) من التقريع، وهو التعنيف. وروي (لَتُفزِعَنَّ): من الإفزاع، أي لتخوفن. 297 - همام هو ابن منبه، وقد وصله أحمد (4/ 312) بإسناده عنه عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "إذا نودي للصلاة: صلاة الصبح وأحدكم جنب فلا يصم يومئذٍ". وأما رواية ابن عبد الله بن عمر فوصلها عبد الرزاق. واختلف في اسمه كما في "الفتح"، وقد تابعهما جمع، منهم عبد الله بن عمر بن عبد القاري عنه. أخرجه عبد الرزاق (7399)، وأحمد (2/ 248). (17) أي أقوى. ويعني حديث عائشة وأم سلمة، وذلك لأن حديثهما جاء عنهما من طرق كثيرة جداً بمعنى واحد، حتى قال ابن عبد البر: إنه صح وتواتر. وأما أبو هريرة فأكثر رواياته عنه أنه يفتي به وجاء عنه من طريق هذين أنه كان يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد رجع أبو هريرة عن الفتوى بذلك. راجع إن شئت التفصيل "فتح الباري".

23 - باب المباشرة للصائم

23 - باب المُباشَرَةِ (18) للصَّائِمِ 355 - وقَالتْ عائشةُ رضيَ الله عنها: يَحْرُمُ عليهِ فرْجُها. 903 - عنْ عائشةَ رضيَ الله عنها قالتْ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُقَبِّلُ وَيُباشِر وهوَ صائمٌ، وكانَ أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِهِ (19). 356 - وقالَ ابن عباسٍ: {مَآرِبُ}: حاجات. 357 - وَقالَ طَاوُسٌ: {أُولي الإرْبَةِ}: الأَحَمقُ؛ لا حَاجَةَ له في النّساءِ. 24 - باب القُبْلَةِ للصَّائِمِ 358 - وقالَ جابِرُ بنُ زيدٍ: إنْ نَظَرَ فَأَمْنَى يُتِمُّ صَومَهُ. 904 - عَنْ عائشةَ رضي الله عنها قَالتْ: إنْ كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لَيُقَبِّلُ

_ (18) أي: بيان حكمها. وأصل المباشرة التقاء البشرتين، ويستعمل في الجماع، وليس مراداً بهذه الترجمة كما في "الفتح". قلت: وقد فسّرها بعض الجهال بالجماع، وبناء على جهله حكم على حديث الباب بأنه موضوع، في مقال نشر في مجلة "العربي" الكويتية، حشوه الكذب والزور. فإلى الله المشتكى. 355 - وصله الطحاوي وغيره بسند صحيح، كما بينته في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (221). (19) أي: حاجته، وهو بفتح الهمزة والراء وبالموحدة. ويروى بكسر الهمزة وسكون الراء: أي عضوه. والأول أشهر، وإلى ترجيحه أشار المصنف بما أورده من التفسير. 356 - وصله ابن أبي حاتم بسند فيه انقطاع. قلت: كان في الأصل (حاجة) بالإفراد، وهو غير متجانس مع اللفظة المفسرة (مآرب)، فإنها جمع، وما أثبتناه رواية لأبي ذر؛ على أنه قد روي: (مأرب) بالإفراد أيضاً. 357 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 358 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه.

25 - باب اغتسال الصائم

بعض أَزواجِهِ وهوَ صَائمٌ. ثمَ ضَحِكَتْ (20). 25 - باب اغتِسالِ الصّائمِ 359 - وَبَلَّ ابنُ عُمر رضيَ الله عنهما ثوبَاً (21) فَألقاهُ عليهِ وهوَ صائمٌ. 360 - ودَخَلَ الشَّعْبيُّ الحمَّامَ وهوَ صائمٌ. 361 - وقالَ ابْن عباسٍ: لا بَأْسَ أنْ يَتَطَعَّمَ القِدْرَ (22) أو الشيءَ. 362 - وقالَ الحسنُ: لا بَأْسَ بالمضمَضةِ والتَّبَرُدِ للصائمِ. 363 - وقالَ ابن مَسعودٍ: إذا كانَ صَومُ أحَدكمْ فَلْيُصْبحْ دهيناً مُتَرَجِّلاً. 364 - وقالَ أنَسٌ: إنَّ لي أبْزَناً (23) أَتَقَحَّم فيهِ وأنا صائمٌ.

_ (20) قال الحافظ: يحتمل ضحكها التعجب ممن خالف في هذا. وقيل: تعجبت من نفسها إذ تحدث بمثل هذا مما يستحيي من ذكر النساء مثله للرجال، ولكنها ألجاتها الضرورة في تبليغ العلم إلى ذكر ذلك، وقد يكون الضحك خجلاً لإخبارها عن نفسها بذلك، أو تنبيهاً على أنها صاحبة القصة؛ ليكون أبلغ في الثقة بها، أو سروراً بمكانها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبمنزلتها منه ومحبته لها. 359 - وصله المصنف في" التاريخ"، وابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن أبي عثمان أنه رأى ابن عمر يفعل ذلك. (21) أي: ندّاه بالماء للتبرد من عطش الصوم. 365 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. 361 - وصله ابن أبي شيبة، والبغوي في "الجعديات". قلت: وفيه شريك القاضي. (22) أي: أن يدخل الفم من طعام القدر أو من شيءٍ من المطعومات من غير بلع. 362 - وصله عبد الرزاق بمعناه. وأخرج مالك وأبو داود نحوه مرفوعاً. 363 - لم يخرجه الحافظ. 364 - وصله السرقسطي في "غريب الحديث". (23) أي: حوضاً من نحاس. (أتقحم): أي ألقي نفسي فيه.

26 - باب الصائم إذا أكل أو شرب ناسيا

298 - ويُذْكَرُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ استاكَ وهوَ صائمٌ. 365 - وقال ابنُ عُمر: يَستاكُ أوَّلَ النَّهارِ، وَآخِرَهُ. 366 - وقال عطاءٌ: إنِ ازْدَرَدَ (24) ريقَهُ لا أقول: يُفْطِرُ. 367 - وقال ابنُ سيرينَ: لا بَأْسَ بالسِّواكِ الرَّطْبِ. قيلَ: لهُ طَعْمٌ. قالَ: والماءُ له طَعْمٌ، تُمَضْمضُ بهِ. 368 - 370 - ولم يَرَ أَنَسٌ والحَسَنُ وإبراهِيمُ بالكُحْلِ للصائِمِ بأْسَاً. (قلت: أسند فيه حديث عائشة وأم سلمة المتقدم برقم 901 و 902). 26 - باب الصائِمُ إذا أَكلَ أو شَربَ ناسياً 371 - وقال عطاءٌ: إنِ اسْتَنثرَ فَدخلَ الماءُ في حلقِهِ؛ لا بأْسَ بهِ؛ إنْ لم يملِكْ. 372 - وقالَ الحسنُ: إنْ دخلَ حَلقَهُ الذُّبابُ فَلا شيءَ عليهِ.

_ 298 - لم يخرّجه الحافظ هنا. وقد وصله أحمد وغيره بسند ضعيف عن عامر بن ربيعة به. وسيذكره المصنف معلقاً عنه قريباً، وقد بينت علته، وخرجته في "الإرواء" رقم (68). 365 - وصله ابن أبي شيبة (3/ 47) بمعناه. 366 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. (24) الازدراد: الا بتلاع. 367 - وصله ابن أبي شيبة أيضاً. 368 - 375 - أما أثر أنس؛ فرواه الترمذي وضعفه عن أنس مرفوعاً. وأما الحسن، فوصله عبد الرزاق، وابن أبي شيبة (3/ 47) بسند صحيح عنه. وأما إبراهيم، فوصله سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وأبو داود من طرق عنه، فهو صحيح. 371 - وصله عبد الرزاق (7379)، وابن أبي شيبة (3/ 70) بسند صحيح. 372 - رواه ابن أبي شيبة (7/ 103) بإسناد صحيح عنه.

27 - باب السواك الرطب واليابس للصائم

373 و 374 - وقالَ الحسنُ ومُجاهدٌ: إنْ جامَعَ ناسِياً فَلا شيءَ عليه. 905 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنهُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا نَسيَ فأَكلَ وشربَ فَليُتِمَّ صَومَهُ، فإنما أطعَمَهُ الله وسَقاهُ". 27 - باب السِّواكِ الرَّطبِ واليابِسِ للصائمِ 299 - ويُذكرُ عن عامِرِ بنِ ربيعةَ قالَ: رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَستاكُ وهو صائمٌ ما لا أُحْصي أو أَعُدُّ. 300 - وقال أبو هُريرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " لَوْلا أنْ أشُقَّ على أُمَّتي لأَمَرْتُهُمْ بالسِّواكِ عند كلِّ وضوءٍ". 301 و 302 - ويروى نحوُهُ عن جابِرٍ، وزيدِ بنِ خالدٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ولم يَخُصَّ الصائمَ من غَيرِه. 303 - وقالتْ عائشةُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "السِّواك، مَطهَرَةٌ للفَمِ، مَرضاةٌ (25) للرَّبِّ".

_ 373 و 374 - وصله عبد الرزاق بإسنادين عنهما، وهو عن مجاهد صحيح. 299 - سبق نحوه مع تخريجه برقم (298). 300 - وصله النسائي وغيره بسند صحيح عنه. 301 و 302 - أما حديث جابر، فوصله أبو نعيم في "كتاب السواك" بسند حسن. وأما حديث يزيد بن خالد؛ فوصله أحمد وأصحاب السنن وغيرهم، وهو مخرج في المصدر السابق. 303 - وصله أحمد وغيره بسند صحيح، وهذا مخرج في "الإرواء" (65). (25) بفتح الميم فيهما، أي: سبب لطهارة الفم، وسبب لرضاء الرب.

28 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء". ولم يميز بين الصائم وغيره.

375 و 376 - وقالَ عطاءٌ وقَتادَةُ: يَبتلعُ ريقَهُ. (قلت: أسند فيه حديث عثمان المتقدم برقم 104). 28 - باب 304 - قَولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْشِقْ بمنْخِرِهِ (26) الماءَ". ولم يُمَيِّزْ بينَ الصَّائِمِ وغيرِهِ (27). 377 - وقال الحسن: لا بَأْسَ بالسَّعوطِ للصائمِ إنْ لم يَصِلْ إلى حَلقِهِ، ويَكتَحِلُ. 378 - وقال عطاءٌ: إنْ تَمَضْمَضَ ثُمَّ أَفْرَغَ ما في فِيهِ من الماءِ لا يضيرُهُ إنْ لم يَزْدَرِدْ ريقَهُ، وماذا بَقيَ في فيه؟ ولا يَمْضَغُ العِلْكَ، فَإنِ ازْدَرَدَ ريقَ العِلْكِ لا أقولُ: إنَهُ يُفْطِرُ، ولكنْ يُنْهى عنهُ، فإنِ اسْتَنْثَرَ فَدخَلَ الماءُ حَلقَهُ لا بَأْسَ، لأَنَّهُ لم يَمْلِكْ.

_ 375 و 376 - وصله سعيد بن منصورعن عطاء، وعبد بن حميد عن قتادة. 304 - وصله مسلم وأحمد (2/ 316) من حديث أبي هريرة. (26) (المنْخِرِ) بوزن المجلس: ثقب الأنف، وقد تكسر الميم إتباعاً للخاء. و (السعوط): ما يصب في الأنف من الدواء. (27) قلت: هذا قاله البخاري تفقهاً، وهو كذلك في أصل الاستنشاق، لكن ورد تمييز الصائم من غيره في المبالغة في ذلك كما رواه أصحاب السنن، وصححه ابن خزيمة وغيره من طريق عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: "بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً"، وكأن المصنف أشار بإيراد أثر الحسن عقبه إلى هذا التفصيل. كذا في (الفتح). قلت: وحديث عاصم المذكور صحيح خرجته في (صحيح أبي داود) (130)، و "الإرواء" (90). 377 - وصله ابن أبي شيبة نحوه. 378 - وصله سعيد بن منصور وعبد الرزاق. قلت: لكن عند عبد الرزاق (7487) زيادة: "قلت: فإن ازدرده وهو يقال له: إنه ينهى عن ذلك. قال: قد أفطر إذن، غير مرة يقول ذلك". وسنده صحيح.

29 - باب إذا جامع في رمضان

29 - باب إذا جَامَعَ في رمضانَ 305 - ويُذكرُ عن أبي هُريرةَ رَفَعَهُ: (من أَفْطرَ يوماً من رمضانَ من غير عُذرٍ ولا مرضٍ؛ لم يَقضهِ صيامُ الدَّهرِ وإنْ صامهُ". 379 - وبهِ قالَ ابنُ مسعودٍ. 385 - 386 - وقال سعيدُ بنُ المسَيَّبِ والشعبيُّ وابن جُبيرٍ وإبراهيمُ وقَتادَةُ وحَمَّادٌ: يَقضي يوماً مكانَهُ. 906 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالت: إنَّ رجلاً أتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: إنَّهُ احتَرَقَ. قال: "مالَكَ؟ ". قال: أَصَبْتُ أهلي في رمضانَ. فَأُتِي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِكْتَلٍ يُدعى العَرَقَ، فقال: "أَيْنَ المُحْتَرِقُ؟ ". قال: أنا، قال: "تَصَدَّقْ بهذا".

_ 305 - وصله أصحاب السنن بإسناد ضعيف؛ كما بينته في "تخريج الترغيب" (2/ 74). 379 - وصله البيهقي (4/ 228) من طريقين عنه. 380 - 386 - قلت: أما أثر سعيد؛ فوصله مسدد وغيره، ورواه عبد الرزاق (7469)، وابن أبي شيبة (3/ 105) بلفظ: "يصوم مكان كل يوم شهراً". وسنده صحيح. وأما أثر الشعبي؛ فأخرجه سعيد بن منصور وسنده صحيح أيضاً، وعبد الرزاق أيضاً (7476)، وابن أبي شيبة (3/ 105). وأما أثر ابن جبير -يعني سعيداً-، فوصله ابن أبي شيبة أيضاً وسنده صحيح. وأما أثر إبراهيم- وهو ابن يزيد النخعي- فوصله سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. وأما أثر قتادة؛ فوصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. وأما أثر حماد- وهو ابن أبي سليمان- فذكره عبد الرزاق عن أبي حنيفة عنه.

30 - باب إذا جامع في رمضان، ولم يكن له شيء فتصدق عليه؛ فليكفر

30 - باب إذا جَامَعَ في رمضانَ، ولم يكنْ له شيءٌ فَتُصُدِّقَ عليه؛ فَلْيُكَفِّرْ 907 - عن أبيْ هُريرةَ رضيَ الله عنهُ قال: بينما نحنُ جُلوسٌ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءَهُ رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله! هَلَكْتُ. قال "ما لَكَ؟ ". قال: وقعتُ على امْرأَتي وأنا صائمٌ [في رمضان]. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هلْ تَجِدُ رَقَبةً تُعْتِقُها؟ ". قالَ: لا. قال: "فهلْ تَسْتطيعُ أَنْ تصومَ شهرينِ مُتتابعَين؟ ". قال: لا [أستطيعُ 6/ 194]. فقال: "فهلْ تجدُ إطعامَ سِتَينَ مِسكيناً؟ ". قال: لا [أجد]. قال: " [اجلس". فجلس 7/ 236]، فمكثَ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فبينا نحنُ على ذلك أُتِيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: فجاءَ رجلٌ من الأَنصارِ 3/ 137) بعَرَقٍ فيهِ تَمرٌ،- والعَرَقُ المِكْتَلُ [الضخم] (وفي روايةٍ: الزَّبيلُ) - قال: "أينَ السائلُ؟ ". فقال: أنا، قال: "خذها فَتصدَّقْ بهِ". فقال الرَّجُلُ: أَعَلى أَفْقَرَ (وفي روايةٍ: أحوجَ) مِنِّي يا رسولَ الله! فَوَالله (وفي روايةٍ: فوالذي بعثكَ بالحقِ) ما بَينَ لابَتَيها (وفي روايةٍ: طُبَيَيِ (28) المدينةِ 7/ 111) (يُريدُ الحَرَّتَينِ) أَهْلُ بَيْتٍ أَفقرَ من أَهْلِ بَيتي، فَضحكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى بَدَتْ أَنيابُهُ (وفي روايةٍ: نواجذه 7/ 94)، ثُم قال: " [اذهب فَـ] أَطعِمهُ أهْلَكَ".

_ (28) أي: طرفيها.

31 - باب المجامع في رمضان هل يطعم أهله من الكفارة إذا كانوا محاويج؟

31 - باب المُجامعِ في رمضانَ هلْ يُطعِمُ أهْلَهُ من الكفَّارَةِ إذا كانوا مَحاويجَ؟ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة الذي قبله). 32 - باب الحِجامَةِ والقَيْءِ للصائمِ 908 - عن أبي هُريرة رضي الله عنهُ: إذا قاءَ فلا يُفطِرْ، إنَّما يُخْرِجُ ولا يولجُ. 387 - ويُذكر عن أَبي هريرة أَنَّهُ يُفطِرُ. والأَوَّلُ أصَحُّ. 388 و 389 - وقالَ ابنُ عباسٍ وعِكْرِمَةُ: الصَّومُ ممَّا دخلَ، وليس مما خرج. 390 - وكان ابن عمر رضي الله عنهما يحتجم وهو صائمٌ، ثُمَّ تَركهُ فكان يَحتجمُ بالليل. 391 - واحتجمَ أبو موسى ليلاً. 392 - 394 - ويُذكَرُ عن سعدٍ وزيدِ بن أرقَم وأمِّ سلمةَ: احتجموا صياماً. 395 - وقال بُكيرٌ: عن أُمِّ عَلقمة: كنا نَحتجمُ عند عائشةَ فلا نُنْهى.

_ 387 - قلت: لم أره موقوفاً عنه، وإنما مرفوعاً بلفظ: "من ذرعه القيء وهو صائم فليس عليه القضاء، وإن استقاء فليقض". وهو مخرّج في "الإرواء" (915). 388 و 389 - وصلَه ابن أبي شيبة. قلت: بإسنادين صحيحين عنهما (3/ 51/ 39). 390 - وصله مالك بإسناد صحيح عنه. 391 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه، والنسائي، والحاكم. 392 - 394 - أما أثر سعد فوصله مالك بسند منقطع. وأما أثر زيد؛ فوصله عبد الرزاق بسند ضعيف عنه. وأما أثر أم سلمة؛ فوصله ابن أبي شيبة بسند فيه من لم يسمَّ. ولذلك صدرها المصنف بصيغة التمريض. 395 - قلت: وصله المصنف في "التاريخ"؛ أم علقمة- واسمها مرجانة- مجهولة الحال.

33 - باب الصوم في السفر، والإفطار

306 - ويُروى عنِ الحسن عن غير واحدٍ مرفوعاً، فقال: "أَفطرَ الحاجِمُ والمحجومُ". 909 - عن الحسنِ مثلهُ. قيل لهُ: عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم. ثم قال: الله أعلمُ. 910 - عن ابن عباس رضي الله عنهما: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجمَ [في رأْسه 7/ 15] وهو مُحرِمٌ، [307 - من شقيقةٍ كانت بهِ]، (وفي طريقٍ: من وجعٍ كان به، بماءٍ يقالُ لهُ: لَحْيُ جَملٍ)، واحتجمَ وهو صائمٌ. 911 - عن شُعبةَ قالَ: سمعتُ ثابتاً البُنانيِّ يَسأَلُ أَنسَ بنَ مالك رضي الله عنهُ: أَكُنْتُمْ تَكرَهونَ الحِجامَة للصائمِ [308 - على عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -]؟ قال: لا، إلا من أَجْلِ الضَّعفِ. 33 - باب الصَّومِ في السَّفَرِ، والإفْطارِ 912 - عن عالُشة رضيَ الله عنها زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّ حمزَةَ بنَ عَمْروٍ الأَسْلَمِيَّ قالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: [يا رسولَ الله! إنِّي أَسْرُدُ (29) الصَّومَ]، أَأَصُومُ في السَّفَرِ؟ وكانَ كثيرَ الصِّيامِ، فقالَ:

_ 306 - وصله النسائي من طريق أبي حرة عن الحسن به. وقد اختلف على الحسن في إسناده كما بينه الحافظ في "الفتح". وقد صح الحديث من غير هذا الطريق عن غير ما واحد من الصحابة، وقد خرّجته في "الإرواء". لكن الحديث منسوخ وناسخه ليس هو حديث ابن عباس الآتي، وإنما حديث أبي سعيد الخدري قال: "أرخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحجامة للصائم". وهوصحيح أيضاً كما بينته هناك. 307 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وصلها الإسماعيلي. 308 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها ابن منده في "غرائب شعبة"؛ لكن باختلاف في إسناده، فراجع "الفتح". (29) أي: أتابعه.

34 - باب إذا صام أياما من رمضان ثم سافر

"إنْ شِئتَ فَصُمْ، وإنْ شِئْتَ فأَفْطِر". 34 - باب إذا صامَ أَياماً من رمضانَ ثم سافرَ (قلت: أسند فيه طرفًا من حديث ابن عباس الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 79 - باب"). 35 - باب 913 - عن أبي الدرداءِ رضي الله عنه قال: خرجنا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أسْفارهِ في يوم حارٍّ، حتى يَضعَ الرجلُ يده على رأسهِ من شدَّةِ الحَرِّ، وما فينا صائمٌ إلاَّ ما كان من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وابنِ رواحَةَ. 36 - باب قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لمنْ ظلّلَ عليهِ واشتدَّ الحرُّ: ليس من البِرِّ الصَّومُ في السَّفَر (30) 914 - عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضيَ الله عنهما قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ فرأَى زِحَاماً ورجُلاً قدْ ظُلِّلَ عَليهِ، فقالَ: "ما هذا؟ ". فقالوا: صائمٌ، فقال: "ليسَ منَ البِرِّ الصَّومُ في السَّفَرِ" (31). 37 - بْاب لم يَعِبْ أَصحابُ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - بَعضُهُمْ بعضاً في الصَّومِ والإفْطارِ

_ (30) قال الحافظ: أشار بهذه الترجمة إلى أن سبب قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس من البر الصيام في السفر" ما ذكر من المشقة، وأن من روى الحديث مجرداً، فقد اختصر القصة، وبما أشار إليه من اعتبار شدة المشقة يجمع بين حديث الباب والذي قبله. (31) قلت: وقد روى الحديث بلفظ "لَيْس من مْبرِّ مْصيامٌ في مْسَفَرِ". بقلب ال التعريف إلى الميم، وهو شاذ كما بينته في "الضعيفة" (1130).

38 - باب من أفطر في السفر ليراه الناس

915 - عن أَنسِ بنِ مالكٍ قال: كنَّا نُسافرُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلمْ يَعِبِ الصائمُ على المُفْطِرِ، ولا المفطرُ على الصائمِ. 38 - باب مَنْ أَفْطرَ في السَّفَرِ ليراهُ النَّاسُ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/49 - باب"). 39 - باب {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} 396 و 397 - قال ابنُ عُمرَ وسَلَمَةُ بنُ الأَكْوَعِ: نَسَخَتها: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. 309 - عن ابنِ أَبي ليْلى: حدَّثَنا أَصْحابُ مُحمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -: نَزلَ رمضانُ، فَشَقَّ عَليهم، فكانَ منْ أَطعمَ كلَّ يومٍ مِسكيناً تَركَ الصَّومَ مِمَّنْ يُطيقُهُ؛ ورُخِّص لهُمْ في ذلكَ، فَنَسَخَتْها: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}، فَأُمِروا بالصَّومِ. 916 - عنِ ابنِ عُمرَ رضيَ الله عنهُما [أَنَّهُ 5/ 155] قَرأ: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال: هيَ مَنسوخَةٌ.

_ 396 و 397 - وصله المصنف في آخر الباب عن ابن عمر. وأما سلمة فوصله في "ج 3/ 65 - تفسير البقرة/26 - باب". 309 - قلت: هو عند المصنف معلق، وقد وصله البيهقي في "سننه" (4/ 200)، وسنده صحيح، ووصله أبو داود أيضاً وغيره بنحوه، فانظر "صحيح أبي داود" (523).

40 - باب متى يقضى قضاء رمضان؟

40 - باب مَتى يُقضى قَضاءُ رمضانَ؟ 398 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: لا بَأْسَ أَنْ يُفَرِّقَ، لِقولِ الله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. 399 - وقالَ سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ في صَومِ العَشْرِ: لا يَصْلُحُ حتَّى يبدأَ برمَضانَ. 400 - وقال إبراهيمُ: إذا فَرَّطَ حتى جاءَ رمضانُ آخَرُ، يَصومُهُما ولم يَرَ عليهِ طعاماً. 401 - ويُذكرُ عن أبي هريرةَ مُرسلاً. 402 - وعنِ ابنِ عبَّاسٍ: "أنهُ يُطْعِمُ". ولم يَذكُرِ الله الإطعامَ، إنما قال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (32). 917 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالتْ: كانَ يكونُ عليَّ الصَّومُ من رمضانَ، فما أسْتطيعُ أنْ أَقْضِيَ إلا في شعبانَ. قال يحيى: الشُّغلُ (33) مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 41 - باب الحائِضِ تَتْرُك الصَّومَ والصَّلاةَ

_ 398 - وصله عبد الرزاق، والدارقطني بسند صحيح عنه. ورواه ابن أبي شيبة أيضاً (3/ 32). 399 - وصله ابن أبي شيبة بنحوه (3/ 74). قلت: بإسناد صحيح. 400 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. 401 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه موقوفاً. وهو المراد بقوله: "مرسلاً"، وهو اصطلاح خاص، فإن المرسل، إنما هو قول التابعي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. كما هو معلوم. 402 - وصله عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، والبيهقي بسند صحيح عنه. (32) هذا من كلام المصنف؛ قاله تفقهاً. (33) هو خبر مبتدأ محذوف تقديره: المانع لها الشغل. قلت: وليس فيه دليل لجواز تأخير القضاء لغير عذر شرعي؛ كما يدعي البعض، فتنبه.

42 - باب من مات وعليه صوم

403 - وقال أَبو الزِّناد: إنَّ السُّنَنَ ووجوهَ الحقِّ (34) لَتَأْتي كثيراً على خلافِ الرَّأْي، فما يَجدُ المسلمونَ بُدّاً مِن اتِّباعِها، مِن ذلكَ أن الحائضَ تقضي الصِّيامَ، ولا تقضي الصَّلاةَ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سعيد المتقدم برقم 696). 42 - باب مَنْ ماتَ وعليهِ صَومٌ 454 - وقال الحسنُ: إنْ صامَ عنهُ ثلاثُونَ رجلاً يوماً واحداً جازَ. 918 - عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ماتَ وعليهِ صيامٌ، صامَ عنهُ وليُّهُ". 919 - عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: جاءَ رجلٌ (310 - وفي روايةٍ: امرأَةٌ) إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: يا رسولَ الله! إنَّ أُمِّي (311 - وفي روايةٍ ثانيةٍ: أُختي) مَاتتْ وعليها صومُ شهرٍ، (وفيها: صومُ نَذر) (312 - وفي ثالثةٍ: صومُ خمسة عشر يوماً) فأَقضيهِ عنها؟ فقال: "نعمْ"؟ قال: " فَدَينُ الله أَحَقُّ أَنْ يُقضى". 43 - باب مَتى يَحِلُّ فِطرُ الصائِمِ؟

_ 403 - لم يخرّجه الحافظ. (34) (وجوه الحق): الأمور الشرعية. 404 - وصله الدارقطني في "كتاب الذبح" عنه. قلت: وسنده صحيح. 310 - هذه الرواية معلقة عند المصنف من طرق، وقد وصل بعضها مسلم وغيره كما خرّجته في "الصحيحة" برقم (1946). 311 - وهي معلقة أيضاً، وقد وصلها أحمد. 312 - وصلها ابن خزيمة، والحسن بن سفيان، وعنه البيهقي (3/ 256)، وفيها أبو حريز وفيه ضعف.

455 - وأَفْطَرَ أبو سعيد الخدري حين غابَ قُرصُ الشَّمسِ. 920 - عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنهُ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أَقْبلَ اللَّيلُ من ها هُنا، وأَدْبَرَ النهارُ من ها هُنا، وغَرَبَت الشَّمْسُ؛ فقدْ أَفْطرَ الصائم". 921 - عن عبد الله بنِ أَبي أوفى رضي الله عنهُ قال: كنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سفرٍ، وهو صائم (35)، فلما غَرَبَتِ الشمسُ قال لبعضِ القومِ: "يا فُلان! (36) قُمْ فَاجْدَحْ (37) لنا"، فقالَ: يا رسولَ الله! لو أَمْسَيتَ؟ (وفي روايةٍ: لو انتظرتَ حتى تُمسي، وفي أُخْرى: الشمسُ (38) 2/ 237) قالَ: "انْزِلْ فاجدَحْ لنا"، قال: يا رسولَ الله! فَلوْ أمْسَيت؟ (وفي روايةٍ: لو انتظرتَ حتى تُمسي، وفي أخرى: الشمسُ) قال: "انْزِلْ فَاجْدَحْ لنا". قال: إنَّ عليكَ نهاراً، قال: "انْزلْ فَاجْدَحْ لناْ". فنزلَ فجدحَ لهم [في الثالثة]، فشربَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (39)

_ 405 - وصله سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة (3/ 12) بسند صحيح. (35) زاد أحمد (4/ 380)، ومسلم: "في شهر رمضان". (36) في رواية أبي داود: "يا بلال". وسنده صحيح. 371) أي: اخلط السويق بالماء، أو اللبن بالماء وحركه لأفطر عليه. (38) قلت: كأنه يقول: الشمس لا يزال ضوؤها ظاهراً، فلو تمهلت قليلاً حتى يذهب، ويدخل الليلٍ، يشير إلى قوله تعالى: {أتمو الصيام إلى الليل}، كأنه كان يظن أن الليل لا يتحقق بعد غروب الشمس مباشرة، وإنما بعد إنتشار الظلام شرقاً وغرباً، فافهمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يكفي في ذلك أول الظلام من جهة المشرق، بعد غروب الشمس فوراً. قلت: وهذه فائدة هامة قد يجهلها كثير من الخاصة، فضلاً عن جماهير العامة، فعض عليها بالنواجذ. (39) زاد عبد الرزاق (4/ 226/ 7594): "وقال: ولو تراآها أحد على بعيره لرآها، يعني الشمس". وسنده صحيح على شرط الشيخين.

44 - باب يفطر بما تيسرعليه بالماء وغيره

[ثمَّ رمى (وفي روايةٍ: أوْمَأَ 6/ 176) بيده ها هُنا، وفي روايةٍ: وأَشار بإصْبِعهِ قِبَلَ المشْرِق] ثم قال: " إذا رأَيتُمُ الليلَ قدْ أَقبلَ من ها هُنا؟ فقدْ أَفطرَ الصَّائمُ". 44 - باب يُفْطِرُ بما تَيَسَّرَعليهِ بالماءِ وغيرهِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن أبي أوفى المتقدم آنفاً). 45 - باب تَعجيلِ الإفْطارِ 922 - عن سهل بنِ سَعدٍ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزالُ النَّاسُ بِخَيرٍ ما عَجَّلوا الفِطْرَ". 46 - باب إذا أَفْطرَ في رمضانَ ثُمَّ طَلعتِ الشَّمْسُ (40) 923 - عن أَسماءَ بنْتِ أَبي بكرٍ رضي الله عنهما قالتْ: أَفْطرنا على عهدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ غيمٍ، ثُمَّ طَلعتِ الشَّمسُ. قيلَ لِهشامٍ: فَأُمِروا بالقضاءِ؟ قالَ: بُدٌّ من قضاءٍ؟ 406 - وقالَ مَعْمَرٌ: سمعت هِشاماً: لا أَدْري أَقَضَوْا أَمْ لا؟ 47 - باب صَومِ الصِّبيانِ 407 - وقالَ عُمَرُ رضي الله عنهُ لِنَشوانَ (41) في رمضانَ: ويْلكَ؛ وَصِبيانُنا صيامٌ؟! فَضَرَبَهُ.

_ (40) أي: ظهرت: (شارح). 406 - وصله عبد بن حميد قال: أخبرنا معمر به. وهذا سند صحيح. 407 - وصله سعيد بن منصور، والبغوي في "الجعديات" بسند صحيح عنه. (41) النشوان: هو السكران الخفيف السكر. قوله: صِيام: أي صائمون، وروي: صُوّام، بضم الصاد وتشديد الواو.

48 - باب الوصال

924 - عن الرُّبَيِّعِّ بنْتِ مُعَوِّذٍ قالتْ: أَرسلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - غداةَ عاشوراءَ إلى قُرى الأَنْصارِ (42): "من أَصْبَحَ مُفْطِراً فَليُتِمَّ بَقيَّةَ يَومِهِ، ومنْ أصبحَ صائماً فَلْيَصُمْ". قالتْ: فكُنَّا نَصومهُ بعدُ، ونُصَوِّمُ صِبيانَنا، ونجعَلُ لَهُمُ اللُّعبةَ منَ العِهْنِ (43)، فإذا بَكى أَحَدُهُمْ على الطَّعامِ أَعْطَيناهُ ذاكَ حتى يكونَ عندَ الإفْطارِ. 48 - باب الوِصَالِ (44) ومَنْ قالَ: لَيْسَ في الليلِ صيامٌ، لقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} 313 - "ونَهى النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - عنة رحمةً لهمْ، وإبقاءً عليهمْ". وما يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ (45). 925 - عن أَنسٍ رضيَ الله عنهُ [قالَ: واصَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - آخرَ الشهرِ، وواصلَ ناسٌ من الناسِ، فبلغَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: "لو مُدَّ بي الشهرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالاً يَدَعُ المُتَعَمِّقونَ تَعمَّقَهُمْ 8/ 131] ". قال:

_ (42) قوله: الأنصار، زاد مسلم التي حول الدينة. (شارح). (43) الصوف المصبوغ كما يأتي، وإنما كانوا يعطونهم ذلك ليلتهوا به عن الطعام. (44) هو الترك في ليالي الصيام لما يفطر بالنهار بالقصد، والراجح أنه من خصوصياته - صلى الله عليه وسلم - كما في "الفتح"، فلا يجوز لغيره، إلا من السِّحر إلى السِّحر؛ لحديث أبي سعيد الآتي قريباً برقم (926)، وهو الذي رجحه ابن القيم في "زاد المعاد". 313 - وصله المصنف من حديث عائشة دون قوله: "وإبقاءً عليهم"؛ كما يأتي في الباب، وأما الزيادة فهي عند أبي داود وغيره عن رجل من الصحابة بسند صحيح. (45) هو المبالغة في تكلف ما لم يكلف به.

49 - باب التنكيل لمن أكثر الوصال

"لا تواصِلوا". قَالوا: إنكَ تُواصِلُ. قال: "لَسْتُ كأَحَدٍ مِنكُمْ (وفي روايةٍ: مثلكم)، إني أُطْعَمُ وأُسْقى". (وفي روايةٍ: "إني أَظَلُّ يطعِمُني ربي ويَسقيني") (46). 926 - عن أبي سَعِيدٍ رضي الله عنهُ أَنَّه سَمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا تُواصِلوا، فَأَيُّكُمْ إذا أَرادَ أنْ يُواصِلَ فَليواصِلْ حتى السَّحَرِ". قالوا: فَإنَّكَ تَواصِلُ يا رسولَ الله؟ قال: "إني لَستُ كَهَيئتِكُمْ، إني أَبيتُ لي مُطْعِمٌ يُطْعِمُني، وساقٍ يَسقينِ (47) ". 927 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: نَهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عنِ الوِصَال؛ رحمةً لَهُمْ، فَقالوا: إنَّكَ تُواصِلُ، قالَ: "إني لستُ كهيْئَتِكُمْ، إنِّي يُطعمُني ربي ويَسقين". 49 - باب التَنْكيلِ (48) لمنْ أَكْثَرَ الوِصَالَ 314 - رواهُ أَنَسٌ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 928 - عن أَبي هُريرةَ رضيَ الله عنهُ قال:

_ (46) اختلفوا في هذا الطعام والشراب هل هو حقيقي أم مجازي، وبكل قال بعضهم، ورجح الثاني ابن القيم، وقال: المراد به ما يغذيه الله بة من المعارف، وما يفيض على من له لذة مناجاته، وقرة عينه بقربه .. إلخ، وحكاه عنه الحافظ، وختم به البحث، فكأنه أشار به إلى أنه الأرجح عنده. والله أعلم. (47) قوله: (يسقين) بحذف الياء، وفي بعض الأصول بإثباتها. (من الشارح). (48) النكال: العقوبة. 314 - وصله في الباب قبله رقم (925).

50 - باب الوصال إلى السحر

"نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الوصالِ، (وفي طريقٍ: "إِيَّاكمُ والوصالَ،- مرتين-) في الصَّومِ"، فقالَ لهُ رجلٌ (وفي روايةٍ: رجالٌ 8/ 32) منَ المُسْلمينَ: إنَّكَ تُواصِلُ يا رسولَ الله! قال: "وأَيُّكُمْ مِثلي؟ إنِّي أَبيتُ يُطعِمُني ربي ويَسقينِ، [فاكْلَفُوا (49) من العملِ ما تُطيقونَ] ". فَلمَّا أَبوْا أَن يَنْتهوا عنِ الوِصالِ، واصَلَ بهم يوماً، ثمَّ يوماً، ثم رأَوا الهِلالَ، فقال: "لو تَأَخَّرَ لَزِدْتُكُمْ". كالتَّنكيلِ (وفي روايةٍ: كالمُنَكِّلِ 8/ 144) لهمْ، حينَ أَبَوْا أَنْ يَنْتَهوا. 50 - باب الوِصَالِ إلى السَّحَرِ (قلت: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم برقم 926). 51 - باب مَنْ أَقْسَمَ على أَخِيهِ لِيُفْطِرَ في التَّطوعِ ولم يَرَ عليهِ قضاءً إذا كانَ أَوْفَقَ لهُ 929 - عن أَبي جُحَيْفَةَ قال: آخَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينَ سلمانَ وأَبي الدَّرداءِ، فَرأي سلمانُ أَبا الدَّرداءِ، فرأَى أُمَّ الدَّرداءِ مُتَبَذِّلَةً، فقال لها: ما شَأْنُكِ؟ قالتْ: أخوكَ أبو الدَّرداءِ ليسَ لهُ حاجةٌ في الدُّنيا! فجاءَ أبو الدرداءِ، فصنعَ لهُ طعاماً، فقال (ِ50): كُلْ. قال: فإني صائمٌ. قال: ما أنا بآكِلٍ حتى تأْكُلَ، قال: فأَكلَ، فلمَّا كان الليلُ، ذهبَ أبو الدَّرداءِ يَقومُ، قال:

_ (49) أي: تكلفوا. (50) يعني سلمان. والمقول له أبو الدرداء.

52 - باب صوم شعبان

نَمْ، فنامَ، ثم ذهبَ يقومُ، فقال: نم، فلما كان من آخرِ الليلِ قال سلمانُ: قمِ الآنَ. فصَلّيا، فقال لهُ سلمانُ: إنَّ لِرَبِّكَ عليكَ حقّاً، ولِنفسِكَ عليكَ حقاً، ولأَهْلِكَ عليكَ حقاً، فأَعْطِ كُلَّ ذي حق حَقَّهُ. فَأَتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذكر ذلك له، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " صدقَ سلمانُ". [أبو جُحيفة: وهبٌ السُّوائي، يقالُ: وهبُ الخير 7/ 105]. 52 - باب صَومِ شعبانَ 930 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصومُ حتى نقولَ: لا يُفطِرُ، ويُفطِرُ حتى نقولَ: لا يصومُ، فما رأَيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - اسْتَكْمَلَ صيامَ شهرٍ إلا رمضانَ، وما رأَيتُهُ أكثرَ صياماً منهُ في شعبان. (وفي روايةٍ عنها قالت: لم يَكُنِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصومُ شهراً أكثرَ من شعبانَ؛ فإنَّهُ كانَ يصومُ شعبانَ كُلَّهُ، وكانَ يقولُ: "خُذوا منَ العمَلِ ما تُطيقونَ، فإنَّ الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا". وأَحَبُّ الصَّلاةِ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما دُووِمَ عليهِ؛ وإنْ قَلَّتْ، وكانَ إذا صَلَّى صلاةً داومَ عليها). 53 - باب ما يذكَرُ من صومِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وإفطارِهِ 931 - عن ابنِ عباسٍ قال:

54 - باب حق الضيف في الصوم

ما صامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شهراً كاملاً قَطُّ غير رمضانَ، ويصومُ حتى يقولَ القائِلُ: لا والله لا يُفطِرُ، ويُفْطِرُ حتى يقولَ القائِلُ: لا والله لا يَصومُ. 932 - عن حُمَيْدٍ قالَ: سألتُ أَنَساً رضيَ الله عنهُ عن صيامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: ما كُنتُ أُحِبُّ أَنْ أَراهُ من الشهرِ صائماً إلا رأَيتُهُ، ولا مُفْطراً إلا رأَيتُهُ، ولا منَ اللَّيلِ قائماً إلا رأيتُهُ، ولا نائماً إلا رأيتُهُ، ولا مَسِسْتُ خَزَّةً ولا حَريرةً (وفي طريقٍ: حريراً ولا ديباجاً 4/ 167) ألْيَنَ من كَفِّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا شَمِمتُ مِسكَةً [قطُّ] ولا عَبيرةً (وفي الطريقِ الأُخرى: أو عَرفاً قط) أَطيبَ رائِحَةً منْ رائحةِ (وفي الطريق الأخرى: من ريحٍ أو عَرف) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. 54 - باب حَقِّ الضيفِ في الصَّوم (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمرو الآتي في "ج 3/ 66 - فضائل القرآن/ 34 - باب"). 55 - باب حَقِّ الجسْمِ في الصَّومِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمرو المشار إليه آنفاً). 56 - باب صَومِ الدهْر (قلت: أسند فيه حديث ابن عمرو المشار إليه آنفاً). 57 - باب حَقِّ الأَهْلِ في الصَّومِ 315 - رواهُ أبو جُحَيفَةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ 315 - يشير إلى الحديث الذي تقدم موصولاً قريباً "51 - باب" رقم (929).

58 - باب صوم يوم وإفطار يوم

(قلت: أسند فيه حديث ابن عمرو المشار إليه آنفاً). 58 - باب صَومِ يَوْمٍ وإفْطارِ يَومٍ (قلت: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 59 - باب صَومِ داودَ عليهِ السلامُ (قلت: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 60 - باب صِيامِ أَيامِ البيضِ ثلاثَ عَشْرَةَ وأَرْبَع عشْرَةَ وخَمْسَ عَشْرَةَ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 582). 61 - باب من زارَ قوماً فلم يُفطِرْ عِندَهُمْ 933 - عن أَنَسٍ رضيَ الله عنهُ: دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بتَمرٍ وَسَمْنٍ، قال: "أَعِيدوا سَمْنَكُمْ في سِقائِهِ (51)، وَتَمْرَكُمْ في وعائِهِ؛ فَإنِّي صائِمٌ". ثمّ قامَ إلى ناحِيةٍ من البيْتِ فَصلّى غيرَ المكتوبَةِ، فَدعا لأُمِّ سُلَيْمٍ وأَهْلِ بَيتِها. فقالتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يا رسولَ الله! إنَّ لي خُوَيْصةً (52) قال: "ما هيَ؟ ". قالتْ: خادِمُكَ أَنَسٌ. فما تركَ خَيرَ آخِرَةً ولا دُنْيا إلا دعا لي بهِ: "اللَّهُمَّ ارزُقْهُ مالاً وولداً، وبارِكْ له". فإنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصارِ مالاً، وحَدَّثَتني

_ (51) بكسر السين: ظرف الماء من الجلد، وربما جعل فيه السمن والعسل. (52) بهذا الضبط تصغير خاصة، وهو مما اغتفر فيه التقاء الساكنين؛ أي: الذي يختص بخدمتك.

62 - باب الصوم آخر الشهر

ابْنَتي أُمَيْنَةُ أَنَّهُ دُفِنَ لِصُلبي (53) مَقْدَمَ حَجَّاجٍ البَصْرَةَ بِضْعٌ وعِشرُونَ ومائَةٌ. 62 - باب الصَّومِ آخرَ الشَّهرِ 934 - عن عمْرانَ بن حُصَينٍ رضي الله عنهُما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ سَألهُ أَوْ سأَلَ رجلاً وعِمرانُ يَسْمَعُ فقال: "يا أبا فُلانٍ! أَمَا صُمْتَ سَرَرَ (54) هذا الشَّهرِ؟ ". قال: أظُنُّهُ قال: يَعني رمضانَ. قال الرَّجُلُ: لا يا رسولَ الله، قال: "فإذا أَفْطَرْتَ (55) فَصُمْ يَومَينِ (56) ". لم يَقُلِ الصَّلْتُ: أظُنُّهُ يَعني رمضانَ. (316 - وفي روايةٍ: من سَرَرَ شعبان). 63 - باب صومِ يومِ الجُمُعَةِ، فإذا أصْبحَ صائماً يومَ الجُمعةِ، فَعليهِ أنْ يُفْطِرَ 935 - عن مُحَمدِ بنِ عَبَّادٍ قال: سَألتُ جابراً رضيَ الله عنهُ: نَهى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن صَومِ يومِ الجُمعةِ [317 - يعني أنْ يَنْفَرِدَ بِصَوْمِه]؟ قال: نعمْ.

_ (53) أي: غير أسباطي وأحفادي. (54) بفتح السين وكسرها، وحكى القاضي عياض ضمها، وهو والسرار من كل شهر آخره، لأن القمر يستسر فيه. كما في (الشارح). (55) زاد مسلم (3/ 168): "ورمضان". (56) زاد أيضاً: "مكانه". 316 - هذه الرواية معلقة، وقد وصلها أحمد، ومسلم، وهي أصح إسناداً من التي قبلها. وتلك مع أن راويها لم يجزم بها، بل قالها ظناً، فهي خطأ قطعاً، لأن رمضان يتعين صوم جميعه مما قال الخطابي وغيره. 317 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها النسائي بسند صحيح.

64 - باب هل يخص شيئا من الأيام؟

936 - عن أَبي هريرةَ رضيَ الله عنه قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يَصومَنَّ أَحَدُكمْ يومَ الجمعَةِ، إلاَّ يومَاً قَبلَهُ أَو بَعدَهُ". 937 - عن جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الحَارثِ رضيَ الله عنها، أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دخلَ عليها يومَ الجمعةِ؛ وهيَ صائمةٌ، فقالَ: "أَصُمْتِ أَمْسِ؟ ". قالتْ: لا، قالَ: "تُريدينَ أَنْ تَصومينَ غَداً؟ ". قالتْ: لا، قالَ: " فَأَفْطِري". [فَأَفْطَرَتْ]. 64 - باب هل يَخُصُّ شَيْئاً مِنَ الأَيَّامِ؟ 938 - عن عَلْقَمَةَ: قُلْتُ لِعائشةَ رضيَ الله تعالى عنها: [يا أُمَّ المؤمِنين! كيف كانَ عملُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ 7/ 182] هل كان يَخْتَصُّ من الأَيَّامِ شَيئاً؟ قالت: لا، كانَ عَمَلُهُ دِيمَةً (57) وأَيُّكُمْ يُطيق (وفي روايةٍ: يستطيعُ) ما كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُطيقُ (وفي روايةٍ: يَستطيع)؟ 65 - باب صَومِ يَومِ عَرَفَةَ 939 - عن مَيمونَةَ رضيَ الله عنها: أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا في صيامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ عَرَفَةَ؟ فَأَرْسَلَتْ إليهِ بِحِلابٍ (58) وهو واقِفٌ في الموقِفِ، فَشَرِبَ مِنهُ والنَّاسُ يَنظُرونَ.

_ (57) أي: دائماً. (58) بكسر الحاء المهملة وتخفيف اللام: الإناء الذي يحلب فيه اللبن، أو هو اللبن المحلوب.

66 - باب صوم يوم الفطر

66 - باب صَومِ يومِ الفِطْرِ 67 - باب الصومِ يَومَ النَّحْرِ 940 - عن أَبي هريرةَ رضيَ الله عنهُ قالَ: يُنهى عن صِيامَينِ وَبَيعَتَين: الفِطْرِ والنَّحرِ، والمُلامَسَةِ (59) والمُنابَذَةِ (60). 68 - باب صِيامِ أَيَّامِ التَّشْريقِ 941 - عن هِشامٍ قال: أخبرني أَبي: كانت عائشةُ رضيَ الله عنها تصومُ أيامَ مِنىً، وكانَ أَبوهَا يَصومُها (*). 942 و 943 - عن عائشةَ وعَنِ ابنِ عُمرَ رضيَ الله عَنْهم قالا: لم يرَخَّصْ في أَيامِ التَّشريقِ أَن يُصَمْنَ؛ إلا لِمنْ لم يَجِدِ الهَدْيَ. وفي روايةٍ عن ابنِ عُمر رضيَ الله عنهما قالَ:

_ (59) الملامسة: لمس الثوب لا ينظر إليه فينعقد البيع بلا خيار فيه، وكذا المنابذة من غير خيار الرؤية. (60) النهي عن الملامسة والمنابذة، قد مضى من طريق أخرى برقم (314) مصرحاً برفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما النهي عن صيامه، فلم أره في هذا الكتاب مرفوعاً صراحة، ولذلك لم أضمه إلى الطريق الماضية، وأعطيته رقماً خاصاً. (*) كذا الأصل، وهو رواية (كريمة) كما في "الفتح"، وعليه فالضمير لعائشة، وفاعل يصومها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، والضمير في (يصومها) لأيام التشريق، وفي نسخة "الفتح" وغيرها: "وكان أبوه يصومها" الضمير لهشام بن عروة، وفاعل يصومها هو عروة، ولم يرجح الحافظ شيئاً منهما، وعلى كل حال فالمراد صيامها من المتمتع الذي لم يجد الهدى، وإلا فقد صح نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن صيام أيام التشريق، وحديثه متواتر كما كنت حققته في "الإرواء" (4/ 128 - 131)، و"الصحيحة" (1282).

69 - باب صوم يوم عاشوراء

الصيام لِمَنْ تَمَتَّعَ بالعُمرةِ إلى الحجِّ إلى يومِ عَرَفةَ؛ فإن لم يَجد هَدْياً ولم يَصُمْ؛ صامَ أَيامَ مِنىً. وعن عائشةَ مِثْلَهُ. 69 - باب صَومِ يَوم عَاشُوراءَ 944 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالتْ: كانَ يوم عاشوراءَ تَصومُهُ قُرَيْشٌ في الجاهِلَيَّةِ، وكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصومُهُ، فَلما قَدمَ المدينَةَ صَامَهُ، وأَمَرَ بِصيامِهِ [قبلَ أن يُفْرَضَ رمضانُ، وكانَ يومَاً تُسْتَرُ فِيهِ الكعبةُ 2/ 159]، فَلما- فُرِضَ (وفي روايةٍ: نَزَل 5/ 155) رمضانُ؛ [كانَ رمضانُ الفريضةَ، و] تَركَ يومَ عاشُوراءَ، فَمن شاءَ صامَهُ، ومن شاء تَركَهُ. (وفي روايةٍ: حتى فُرِضَ رمضانُ، وقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من شاءَ فَلْيصُمْهُ، ومن شاءَ أَفْطَرَ" 2/ 226). 945 - عن حُميدِ بنِ عَبدِ الرحمنِ، أَنَّهُ سَمع مُعاويةَ بنَ أَبي سُفيانَ رضيَ الله عَنهُما يومَ عاشوراءَ عامَ حَجَّ؛ على المِنْبَرِ يَقولُ: يا أَهْلَ المدينَةِ! أَيْنَ عُلماؤُكُمْ؟ سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "هذا يَومُ عاشوراءَ، ولم يُكتَبْ عَليكمْ صِيامُهُ، وأَنا صائِمٌ، فَمنْ شاءَ فَليَصُمْ، ومن شاءَ فَليُفْطِرْ". 946 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهُما قالَ:

قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، فرأَى اليهودَ تَصومُ يومَ عاشوراءَ، فقالَ: "ما هذا؟ ". قالوا: هذا يومٌ صَالحٌ (وفي روايةٍ: عَظيمٌ 4/ 126)، هذا يَومٌ نَجَّى الله بَني إسرائِيلَ من عَدُوِّهِمْ (وفي روايةٍ: هو اليومُ الذي أَظْهر الله فيه موسى وبَني إسْرائيلَ على عدوِّهم)، فَصامَهُ مُوسى [شكراً لله]؛ [ونحنُ نَصومُهُ تَعْظيماً لهُ 4/ 269]، قال: "فَأَنا أَحَقُّ (وفي روايةٍ: نحن أَوْلى) بموسى مِنكُمْ". فَصامَهُ، وأَمَرَ بِصيامِهِ (وفي أُخرى: "أَنْتُمْ أَحَقُّ بموسى مِنهمْ، فَصوموا" 5/ 212). 947 - عن أَبي مُوسى رضيَ الله عنه قالَ: كانَ يومُ عاشوراءَ تَعُدُّهُ اليهودُ عيداً، (وفي روايةٍ قال: دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، وإذا أُناسٌ من اليهود يعظمونَ عاشوراءَ ويصومونَهُ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "نحنُ أَحَقُّ بِصومِهِ 4/ 269)، فَصوموهُ أَنْتُمْ". 948 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ الله عنهما قالَ: ما رأَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَرَّى صِيامَ يَومٍ فَضَّلهُ على غَيرهِ إلا هذا اليومَ، يومَ عاشوراءَ، وهذا الشهرَ. يَعني شهرَ رمضانَ.

31 - كتاب صلاة التراويح

بسم الله الرحمن الرحيم 31 - كتَابُ صلاة التراويح 1 - باب فَضلِ مَنْ قَامَ رمضانَ 949 - عن أبي هُريرةَ رضيَ الله عَنهُ، أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ قامَ رمضانَ إيماناً واحتِساباً؛ غُفِرَ لهُ ما تَقدَّمَ من ذنبه". قال ابن شِهابٍ: فتُوفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - والأَمْرُ على ذلكَ، ثمَّ كاَن الأَمْرُ على ذلك في خِلافَةِ أبي بكرٍ، وَصَدْراً من خِلافَةِ عُمَرَ رضيَ الله عنهما (1). 950 - عن عبدِ الرحمن بن عبدٍ (2) القارِيِّ، أَنَّهُ قالَ: خَرَجتُ معَ عُمَرَ بن الخطَّابِ رضيَ الله عنهُ لَيلةً في رمضانَ إلى المسجدِ، فإذا النَّاسُ أَوزاعٌ (3) مُتَفَرِّقُونَ؛ يُصلِّي الرَّجُلُ لِنَفسِهِ، ويُصلي الرّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاتِهَ الرَّهْطُ، فقالَ عُمرُ: إنِّي أَرى لَوْ جَمَعتُ هؤلاءِ على قارىءٍ واحِدٍ لكانَ أَمْثَلَ، ثمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ على أُبَيِّ بنِ

_ (1) قلت: هذا القدر من قول ابن شهاب مرسل. لكن طرفه الأول ثبت موصولاً، وقد مضى في آخر حديث عائشة رقم (3). (2) بتنوين (عبد)، (والقاريُّ) بتشديد الياء: نسبة إلى (قارةَ بنِ ديش) وكان عامل سيدنا عمر على بيت مال المسلمين. (3) جماعات، لا واحد له من لفظه.

كَعبٍ (4) ثُمَّ خَرَجْتُ مَعهُ لَيلَةً أُخرى، والنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصلاةِ قَارِئِهِمْ، قالَ عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هذهِ، والتي يَنامُونَ عَنها أَفْضَلُ مِنَ الَّتي يَقومُونَ. يُريدُ آخِرَ اللَّيلِ، وكانَ النَّاسُ يَقومُونَ أَوَّلَهُ.

_ (4) قلت: وأمره أن يصلي للناس إحدى عشرة ركعة. رواه مالك بسند صحيح غاية كما حققته في كتابي "صلاة التراويح" (صفحة 52 - 54)، وأثبتّ هناك أن كل ما روي عن عمر مما يخالفه فلا يصح إسناده، وكذلك ما يروى عن علي وابن مسعود رضي الله عنهم جميعاً، فكله ضعيف لا يصح كما تراه محققاً هناك.

32 - كتاب فضل ليلة القدر

بسم الله الرحمن الرحيم 32 - كتَابُ فضل ليلة القدر 1 - باب فَضْلِ لَيْلَةِ القَدْرِ وقَولِ الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} 408 - قالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: ما كانَ في القرآنِ {مَا أَدْراكَ} فَقدْ أَعْلَمَهُ، ومَا قالَ: {وما يُدْريكَ} فَإنَهُ لم يُعْلِمْهُ. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 26). 2 - باب التِماسِ لَيْلَةِ القَدْرِ في السَّبْعِ الأَواخِرِ 3 - باب تَحرِّي لَيْلَةِ القدرِ في الوِتْرِ مِنَ العَشْرِ الأَواخِرِ 318 - فِيهِ عُبادَةُ. 951 - عن عَائِشةَ قالتْ: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأَواخِرِ من رمضانَ، ويَقولُ:

_ 408 - وصله محمد بن يحيى بن أبي عمر في "كتاب الإيمان" له: حدثنا سفيان بن عيينة؛ فذكره. 318 - يشير إلى حديثه الآتي موصولاً في الباب التالي.

4 - باب رفع معرفة ليلة القدر لتلاحي الناس

"تَحَرَّوْا (وفي روايةٍ: التَمِسوا) لَيلَة القدرِ في [الوترِ؛ من] العَشرِ الأَواخِرِ من رمضانَ". 952 - عَنِ ابنِ عَباسٍ رضيَ الله عنهُما أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "التَمِسوهَا في العَشرِ الأَواخِرِ (1) من رمضانَ، لَيلَةَ القَدرِ؛ في تاسِعَةٍ تَبقَى (2)، في سابعةٍ تَبقى، في خامِسةٍ تَبقى". [يعني ليلةَ القدرِ 2/ 255]. 953 - عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: التَمِسوا في أَرْبَعٍ وَعِشرينَ (3). 4 - باب رَفْعِ مَعرِفَةِ لَيلَةِ القدْرِ لِتلاحِي النَّاسِ (4) 954 - عن عُبادَةَ بنِ الصامِتِ قالَ: خَرجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيُخْبِرَنا بِليلَةِ القدرِ، فَتلاحَى رجُلان مِنَ المسلمينَ، فقال: " [إني 1/ 18] خرجتُ لأُخْبِرَكُمْ بليلِة القدرِ، فَتلاحَى فُلانٌ وفُلانٌ، فَرُفِعَتْ، وعسى أَن يكونَ خَيراً لَكُمْ، فالتَمِسوها في التاسِعَةِ، والسابعةِ، والخَامِسةِ. (وفي روايةٍ: التمسوها في السبعِ، والتِسْعِ، (5) والخَمْسِ) ".

_ (1) زاد الحاكم وغيره من طريق أخرى عن ابن عباس مرفوعاً: "وتراً". (2) بدل من قوله: (في العشر الأواخر. وقوله: (تبقى): صفة. أي في ليلة إحدى وعشرين. وقوله: (في سابعة تبقى) معناه في ثلاث وعشرين. ومعنى ما بعده: في ليلة خمس وعشرين. (3) هذا موقوف، وقد رفعه أحمد وغيره، وهو مخرّج في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (رقم 1471). قال الحافظ: وقد استشكل هذا من قوله في الطريق الأخرى إنها في وتر، وأجيب بأن الجمع أن يحمل ما ورد مما ظاهره الشفع أن يكون باعتبار الابتداء بالعدد من آخر الشهر، فتكون ليلة الرابع والعشرين هي السابعة. (4) أي: لأجل مخاصمتهم. (5) قال الحافظ في "كتاب الإيمان" من "الفتح": "كذا في معظم الروايات، بتقديم (السبع) التي أولها =

5 - باب العمل في العشر الأواخر من رمضان

5 - باب العملِ في العَشْرِ الأَواخِرِ من رمضانَ 955 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالتْ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا دخَلَ العَشْرُ، شَدَّ مِئْزَرَهُ (6)، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ.

_ = السين على (التسع)؛ ففيه إشارة إلى أن رجاءها في السبع أقوى للاهتمام بتقديمه. ووقع عند أبي نعيم في "المستخرج " بتقديم (التسع) على ترتيب التدلي". قلت: وفاته أنها كذلك في رواية المصنف هنا كما ترى. ثم إن الحافظ رحمه الله نسي في شرحه لهذه الرواية هنا، ما ذكر هناك، فإنه ذكر هنا أن الرواية الأخرى هي عند المصنف في "الإيمان" بلفظ: "التمسوها" في التسع والسبع والخمس". يعني بتقديم (التسع) على (السبع) وعليه شرحه هنا. فكأنه اختلطت عليه رواية المصنف هنا برواية أبي نعيم التي ذكرها هناك. والمعصوم من عصمه الله تعالى. (6) أي اعتزل النساء. (تنبيه): أورد النووي هذا الحديث في موضعين من "رياض الصالحين"، وزاد في الأول منهما بعد قوله "ليله": "كله"، وعزاه للمتفق عليه، ولم أجد هذه الزيادة عند الشيخين ولا عند غيرهما، وقد أخرجه أبو داود وابن ماجه، وأحمد (6/ 41).

33 - كتاب الاعتكاف

بسم الله الرحمن الرحيم 33 - كتَابُ الاعتكاف 1 - باب الاعتِكافِ في العشر الأَواخرِ والاعْتِكافِ في المساجِدِ كُلِّها لِقولِهِ تَعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} 956 - عن عبدِ الله بنِ عُمرَ رضيَ الله عنهما قالَ: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَعتكفُ العَشْرَ الأَواخِرَ من رمضانَ. 957 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَعتكِفُ العشرَ الأَواخِرَ من رَمَضانَ؛ حَتى تَوفَّاهُ الله تَعالى، ثُمَّ اعْتكفَ أَزواجُهُ مِنْ بَعدِه. 2 - باب الحائِضِ تُرَجِّلُ المُعتَكِفَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 163). 3 - باب لا يَدْخُلُ البيْتَ إلاَّ لِحاجَةٍ 958 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: وإن كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ليُدْخِلُ عليَّ رَأْسَهُ وهو في المسجدِ، فَأُرَجِّلهُ، وكانَ

4 - باب غسل المعتكف

لا يَدخُلُ البيتَ إلا لِحاجَةٍ، إذا كانَ مُعتَكِفاً. 4 - باب غَسْلِ المُعْتَكِفِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 5 - باب الاعْتِكافِ لَيْلاً 959 - عنِ ابنِ عُمَرَ رضيَ الله عنهُما أَنَّ عُمَرَ [لمَّا قَفَلْنا من حُنين 5/ 100]، سألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: عنه عن عمر بن الخطاب أَنه 2/ 259) قالَ: [يا رسولَ الله! إنِّي] كُنتُ نَذَرْتُ في الجاهِليةِ أَنْ أَعتكِفَ لَيَلةً في المسجد الحرامِ؟ قالَ: "أَوْفِ بنَذْرِكَ. [فَاعتكفَ لَيلَةً 2/ 260] ". 6 - باب اعْتِكافِ النِّساءِ 960 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالتْ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعتَكِفُ في العشرِ الأَواخِرِ من (وفي روايةٍ: في كلِّ 2/ 259) رمضانَ، فَكُنتُ أَضْرِبُ لَهُ خباءً (1)، فَيُصَلِّي الصُّبحَ، ثُمَّ يَدْخُلُهُ [قالَ: فاسْتَأْذَنَتْهُ عائشةُ أَنْ تعتكفَ؟ فَأَذِنَ لها، فَضَرَبَتْ فيه قُبَّةً، فسمعتْ بها حفصةُ]، فاستأذَنَتْ عائشة أن تضرب خباءً؟ فأذنت لها، فَضرَبتْ خِباءً (وفي روايةٍ: قبةً). فَلمَّا رَأَتْه زَيْنبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِباءً آخَرَ، فَلمَّا أَصْبَحَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى الأَخْبيةَ (وفي روايةٍ: أَبصرَ أَربعَ قِبابٍ)، فقالَ: ما هذا؟ فَأُخْبرَ [خَبرَهُنَّ]، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (1) أي: خيمة من وبر أو صوف لا من شعر، وهو على عمودين أو ثلاثة.

7 - باب الأخبية في المسجد

" [ما حَمَلَهُنَّ على هذا؟] آلبِرَّ تُرَوْنَ (2) (وفي روايةٍ: تقولون) بِهِنَّ؟ [ما أَنا بمعتكفٍ 2/ 260] ". فَتَرَكَ الاعتكافَ ذلك الشهرَ، ثُمَّ اعتكفَ عشراً (وفي روايةٍ: في آخِرِ العَشرِ) من شوال. 7 - باب الأَخْبيَةِ في المسجد (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الذي قبله). 8 - باب هلْ يَخرجُ المُعتكِفُ لِحوائِجِهِ إلى بابِ المسجدِ 961 - عن صَفيَّةَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّها جَاءَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تَزورُهُ في اعْتكافِهِ في المسجدِ، في العشرِ الأَواخِرِ (وفي روايةٍ: الغوابرِ 7/ 124) من رمضانَ، [وعِندهُ أَزواجُهُ، فرُحْنَ 2/ 258]، فَتحدَّثَتْ عندهُ سَاعةً، ثم قامَتْ تَنقَلِبُ (3)، [فقالَ لِصفيةَ بنتِ حُيَيٍّ: لا تَعجلي حتى أَنصرفَ معكِ. وكانَ بيتُها في دار أسامة ابنِ زيدٍ 4/ 203]، فقامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعها يَقلِبُها، حتى إذا بلغتْ [قريباً من 4/ 45] بابِ المسجدِ [الذي] عندَ بابِ (وفي روايةٍ: مسكنِ) أُمِّ سَلمةَ [زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -]؛ مَرَّ [بهما] رجُلانِ من الأَنْصارِ، فَسلَّما على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: فَنظرا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أَجَازا وفي أُخرى: أسْرعا)، فقالَ لهما النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "على رِسْلِكُما (4) [تَعاليا]؛ إنَّما هيَ صَفيَّةُ بنتُ حُيَيّ". فَقالا: سبحانَ

_ (2) بهمزة الاستفهام على وجه الإنكار. أي: الطاعة تظنون؟ وهو معنى قوله في الرواية الأخرى: (تقولون)، وكان القياس أن يقال بلفظ جمع المؤنث، ولكن الخطاب للحاضرين الشاملين للنساء والرجال. كما في (الشارح). (3) أي: تنصرت راجعة إلى منزلها. وقوله: (يقلبها) أي: يرجعها ذاهباً معها. (4) أي مهلاً لا تعجلا في الذهاب. وقال الشارح: أي على هينتكما، فليس شيءٌ تكرهانه.

9 - باب الاعتكاف وخروج النبي - صلى الله عليه وسلم - صبيحة عشرين

الله يا رسولَ الله! وَكَبُرَ عَليهِما [ذلكَ]. فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشَّيطانَ يَبلُغُ من الإنْسانِ مَبلَغَ (وفي روايةٍ: يجري مِنِ ابنِ آدمَ مجرى) الدَّمِ، وإنِّي خَشيتُ أَنْ يَقْذِفَ في قُلوبِكُما [سُوءاً، أو قال:] شيئاً". [قلتُ لسفيان: أتَتْهُ ليلاً؟ قالَ: وَهَلْ هوَ إلا ليلاً 2/ 259]. 9 - باب الاعتكافِ وخُروجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صبيحَةَ عِشرينَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سعيد المتقدم برقم 423). 10 - باب اعْتكافِ المُسْتَحاضَةِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 170). 11 - باب زيارَةِ المرأَةِ زوجَها في اعتكافِهِ (قلت: أسند فيه حديث صفية المشار إليه آنفاً). 12 - هَلْ يَدْرأُ (5) المُعتَكِفُ عن نفسِهِ؟ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث صفية المشار إليه آنفاً). 13 - باب مَنْ خَرَج مِن اعْتكافِهِ عندَ الصُّبحِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سعيد المتقدم برقم 423). 14 - باب الاعتكافِ في شوَّال (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 960).

_ (5) الدرء: الدفع.

15 - باب من لم ير عليه صوما إذا اعتكف

15 - باب من لَمْ يَرَ عليهِ صَوماً إذا اعْتَكَفَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 959). 16 - باب إذا نَذَرَ في الجاهليةِ أَنْ يعتكفَ ثمَّ أَسْلَمَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 17 - باب الاعتكاف في العشرِ الأَوسَطِ من رمضانَ 962 - عن أَبي هريرةَ رضيَ الله عنهُ قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يعتكفُ في كلِّ رمضان عَشَرَةَ أَيَّامٍ؛ فلمَّا كانَ العامُ الذي قُبِضَ فيهِ اعْتكفَ عشرينَ يوماً. 18 - باب مَنْ أَرادَ أَنْ يَعتكفَ ثمَّ بدا لَهُ أنْ يَخْرُجَ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 960). 19 - باب المُعْتكف يُدْخِلُ رَأْسَهُ البَيْتَ للغَسْلِ (6) (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 163). انتهى المجلد الأول، ويليه المجلد الثاني، وأوله: "كتاب البيوع"

_ (6) بفتح الغين، ولأبي ذر بضمها. (شارح).

مختصر صحيح الإمام البخاري حوى جميع أحاديثه المرفوعة، والآثار الموقوفَة؛ الموصولة منهَا والمتعلّقة، معَ حذف الأسانيد والمكرّرات من المتون، وجَمع إليها الزوائد من الرويات المحذوفة، ووُضعت كل زيادة منها في مكانها المناسب لها من الأحاديث، بطريقة علمية لا مثيلَ لها فيما أعلم، جمعت كل فوائد"الصحيح" بإذن الله تعالي للعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمهُ الله تعالى الطبعة الشرعية الوحيدة المجلد الثاني مكتبة دار المعارف للنشر والتوزيع لصاحبها سعد بن عبد الرحمن الراشد الرياض

جميع الحقوق محفوظة للناشر، فلا يجوز نشر أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه أو تسجيله بأية وسيلة، أو تصويره أو ترجمته دون موافقة خطية مُسبقة من الناشر. الطبعة الأولي للطبعة الشرعية الجديدة 1422 هـ -2002م مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1422 هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر الألباني، محمد ناصر الدين مختصر صحيح الإمام البخاري.- الرياض. 739 ص،17،5 × 24 سم ردمك 3 - 24 - 858 - 9960 (مجموعة) X - 26 - 858 - 9960 (ج2) 1 - الحديث الصحيح أ- العنوان ديوى 235.1 2109/ 21 رقم الإيداع: 2109/ 21 ردمك: 3 - 24 - 858 - 9960 (مجموعة) X - 26 - 858 - 9960 (ج2) مكتبة المعارف للنشر والتوزيع هَاتف:4114535 - 4113350 فاكس:4112932 - صَ. بَ:3218 الريَاض الرمز البريدى 11471

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمدُ لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على نبيِّه الكريم، وعلى آله وصحبه الغرِّ الميامين، ومن اتَّبعهم بإحسان إلى يومِ الدين، {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}. أما بعد؛ فهذا هو المجلَّد الثاني من كتابى "مختصر صحيح البخاري" أزفُّه اليوم إلى القرَّاء الكرام في ثوبِه القشيب، وشكله الجميل، بعد ان حالت ظروفٌ عدَّةٌ عن المبادرة إلي طبعه، منها هجرتي من دمشق إلى عمَّان، وتأخُّر وصول مكتبتي إليَّ؛ وفيها أصول هذا "المختصر"، فلما تفضَّل اللهُ تبارك وتعالي، ويسَّر وصولها، وصارتِ الأصول في حَوْزتي، وقَيَّض الله له مَن يقومُ بحقِّه، ويُنْفِقُ ما يلزم علي طبعه، وهي "دار ابن القيِّم للنشر والتوزيع" بادرتُ إلى ذلك سائلاً الله تعالي العون والتوفيق. ولقد كان من شرطي علي"دار ابن القيم" أن يُصَفَّ الكتاب هنا في عمان بواسطة المكتبه الاسلامية؛ ليتسنَّى لي الإِشراف علي طريقة صفِّه؛ وتصحيح تجاربه، وكذلك كان، والحمد لله.

وإذا كان من الواجب شكر من صنع إلينا معروفاً؛ فلا بُدَّ لي من أن أشكر صهري نظام سكجها صاحب "المكتبة الِإسلامية/ عمان"، وكل موظَّفيهِ الذين أعانوني على تصحيح التجارب الأوَّلية، وكذلك أشكر الِإخوة في "مركز مكتبة الحسن لصف الكومبيوتر"؛ الذين قاموا بصفِّ وتنضيد الكتاب، وبخاصة الأخ عامر علي ياسين، فقد كانوا متجاوبين معنا إلى أبعد الحدود حتى يَخْرُجَ الكتاب سليماً من الأخطاء، والتي تكثُر عادة في الكتب المطبوعة، ومن العيوب الشكلية التي تغلِب على أكثر المطبوعات، وبخاصَّة أن هذا الكتاب فريد في بابه من حيث كثرة أنواع أرقامه وحروفه ودقَّة تنضيدها، فجزاهم الله جميعاً خير الجزاء. ثم إنَّه لا بدَّ لي من التنبيه هنا أنَّ ما جاء في التعليقات في هذا المجلَّد أو في غيره من شرحِ جملةٍ، أو بيانِ معنى غريبٍ، وغير ذلك؛ هو مما استفدتُه من التعليقات المطبوعة على النسخة الاستانبوليَّة من "صحيح البخاري"، التي هي الأصل لهذا "المختصر" المبارك إن شاء الله تعالى، ومن "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني، وما كان من التَّخريجات للأحاديث المعلَّقة والآثار الموقوفة؛ فهىِ منه جزاه الله خيراً؛ إلا ما نبَّهتُ عليه؛ فهو مني على قلَّته. واعلم أنَّ "صحيح البخاري" مع جلالته وتلقِّي العلماء له بالقَبول كما سبق ذكره في المقدمة؛ فإنه لم يسلم من النقد من بعض العلماء، وإن كان غالبه مجانباً للصواب؛ كما شرحه الحافظ ابن حجر في مقدمة "الفتح"، ومن أسباب ذلك أن الناقد يقف في نقده عند خصوص إسناد البخاري، وهو في هذه الحالة مصيب، ولكنه يكون مخطئاً حين لم يتجاوزه إلى غيره؛ كما فعل ابن حزم في الحديث الآتي برقم (974)، وفي حديث تحريم المعازف الآتي في "ج 3/ 74 - الأشربة/6 - باب"، ونحوه قوله (ص 134) في آخر الحديث (1109): "مَن قال أنا خيرٌ من

يونس بن متَّى؛ فقد كذب"؛ فإن فيه من هو كثير الخطإ، لكني قوَّيته بطريق أخرى؛ كما سترى. ومثله الحديث (1312): "إذا مرض العبد ... ". وهذه الطريقة في تقوية الحديث بالطرق قد جريتُ عليها في سائر كتبي، وبخاصة منها "سلسلة الأحاديث الصحيحة"، مع مراعاة الشرط المعروف في ذلك، وهو السَّلامة من متروك أو متَّهَم، وبذلك أنقذتُ مئات الأحاديث من الضَّعف الذي يقتضيهِ بعضُ أسانيدها؛ مثل كتابي "صحيح الجامع الصغير"، و"صحيح التَّرغيب والتَّرهيب"، و"صحيح سُنن ابن ماجه"، وسائر "السنن" الأربعة التي قام بطبعها صاحب المكتب الِإسلامي بتكليف من "مكتب التربية العربي لدول الخليج" دون علم منِّي، جعله يتصرَّف فيها تصرُّفاً كأنه المؤلِّف لها، وتلاعَبَ ببعض مقدِّماتها زيادةً ونقصاً حسبَ هواه، فأفسد بذلك كثيراً من عملي وتحقيقي، ولشرح ذلك مجالٌ آخر إن شاء الله تعالى. وهذه الطريقة قلَّ من يعرفها أو يطرقها من الناشئين في هذا العصر، بحيث إن أحدهم نادراً ما يُقوِّي حديثاً طُرُقُه ضعيفةٌ، كأنَّه لم يقرأ أو- على الأقل- لم يسمع بالحديث الذي يقول فيه التِّرمذيُّ: "حديث حسن"، وبتعريفه إيَّاه في آخر "سننه"! وبما يسمِّيه العلماء في علم الحديث بـ "الحديث الحسن لغيره"، فكم من أحاديتَ ضعَّفوها بجهلهم هذا!! وأكثر مَن يردُّ علينا في هذا المجال من هؤلاء. والله المستعانُ. أعودُ إلى أحاديث هذا "الصحيح"، فأقول: لا بُدَّ لي من كلمة حقٍّ أُبديها أداءً للأمانةِ العلميَّة، وتَبْرِئةً للذِّمَّة، وهي أنَّ الباحث الفقيه لا يسَعُهُ إلا أن يعتَرِفَ بحقيقةٍ علميَّة، عبَّر عنها الِإمام الشافعي رحمه

الله فيما رُوِيَ عنه من قوله: "أبى اللهُ أَن يَتِمَّ إلاَّ كتابُه". ولذلك أنكر العلماء بعض الكلمات وقعت خطأ من أحد الرواة في بعض الأحَاديث الصحيحة، فلا بأس من التَّذكير ببعضها على سبيل المثال: 1 - قولُه في حديث الأبرص والأقرع والأعمى الآتي برقم (1471): "بدا لله،! مكان الرواية الصَّحيحة: "أراد الله"؛ فإنَّ نسبة البداء لله تعالى لا يجوز؛ كما سيأتي في التَّعليق على الحديث هُناك، كيف لا وهي من عقائد اليهود عليهم لعائن الله. 2 - قولُه: "المُدهن"؛ مكان: "القائم" في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ القائم على حُدود الله والواقع فيها ... " الحديث (1143)؛ كما سيأتي بيانه هناك. 3 - قولُه في حديث الطاعون (1475): "فلا تخرُجوا [إلاّ]، فراراً منه". فقولُ الرَّاوي: [إلا] خطأ واضح؛ كما سيأتي. 4 - زيادة أحدهم في الحديث (984): "البيِّعان بالخيار ... [يختار ثلاث مرار] ". فقد نفى الحافظ (4/ 327 و334) ثبوتها؛ كما سيأتي الإشارة إلى ذلك هناك. 5 - قوله (ص 176) في حديث (1160) للعبد المملوك الصالح:

"والذي نفسي بيده؛ لولا الجهاد ... " إلخ. فإنه مُدْرَجٌ في الحديث، ليس من كلام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّما هو من كلام أبي هُريرة، فهو كحديثه المتقدِّم في المجلَّد الأوَّل برقم (90)، حيث زاد الراوي في آخره: "فمن استطاع منكُم أن يُطيلَ غُرَّتَه؛ فلْيَفْعَل". فإنه مُدْرَجٌ أيضاً؛ كما تقدَّم بيانُه هناك. 6 - ونحو ذلك ما تقدَّم في المجلَّد الأول (28 - جزاء الصيد/ 21 - باب): "أنَّ رجلًا قال: إنَّ أختي نذرتْ أن تَحُجَّ". وأنها روايةٌ شاذَّة عند الحافظ ابن حجر، والمحفوظ: "أن امرأة قالت: إن أمي نذرت ... الحديث". فراجعه هناك. ونحو ذلك الحديث الآتي برقم (1209)، فقد أعلَّه الِإسماعيلي بالانقطاع وأقره الحافظ مع بعض الإِشكالات على المتن ذكرها في "فتحه"، فليراجعه مَن شاء. ومثله الحديث المتقدم (28 - جزاء الصيد/ 11 - باب) عن ابن عباس: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تزوَّج ميمونةَ وهو محرمٌ". فإنَّ الأصحَّ أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوَّجها وهو حَلالٌ؛ كما تقدَّم أيضاً هناك. ومن هذا القبيل الحديث الآتي برقم (1050): "قالَ اللهُ: ثلاثةٌ أنا خصْمُهُم يومَ القيامة ... ".

فإنَّ في سنده راوياً مختَلَفاً فيه، والمتقرِّر أنه سيِّىء الحفظ، والبخاري نفسه أشار إلى أن رواية مَن روى عنه هذا الحديث لا تصحُّ، فراجِعْ كلامَه هناك فيما يأتي؛ لتكون على بصيرةٍ من دينك وحديثِ نبيِّك. ذكرتُ هذه النماذج من الأمثلة؛ ليكون القرَّاء على بصيرةٍ من دينِهم، وبيِّنةٍ من أحاديث نبيِّهِم؛ متأكِّدين من صحَّة الأثر السابق: "أبى الله أن يَتِمَّ إلا كِتابُه"، ولكي لا يَغْتَرُّوا أيضاً بما يكتُبه بعض المشاغبين علينا من جَهَلَة المقلِّدين والمذهبيِّين، الذين يَهْرِفون بما لا يَعْرِفون، ويقولون ما لا يعْلَمونَ، ويتجاهَلون ما يَعْرِفون، أمثال ذلك الحلبي الجائر أبو غدة؛ الكوثري الصغير، ومثيله ذاك المصري الخاسر محمود سعيد، ومَن نحا نحوَهُما، ويَجِدُ القرَّاء ردَّنا عليهِما في بعض المقدِّمات؛ مثل مقدِّمتي على "شرح العقيدة الطحاوية"، ومقدِّمتي لكتاب "آداب الزِّفاف في السنَّة المطهَّرة" (طبع المكتبة الِإسلامية- عمان)، ومقدِّمتي الجديدة لكتاب "مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري" بتحقيقي، وهو تحت الطبع، وسَيُنْشَر قريباً إنْ شاء الله بتعليقات وتحقيقات جديدة. وفي مقابل هؤلاء بعض الناس ممَّن لهم مشاركة في بعض العلوم، أو في الدعوة إلى الإِسلام- ولو بمفهومهم الخاص- يتجرَّؤونَ على ردِّ ما لا يُعْجِبُهُم من الأحاديث الصحيحة وتضعيفها، ولو كانت ممَّا تلَقَّتْهُ الأمَّةُ بالقَبول، لا اعتماداً منهُم على أُصول هذا العلم الشَّريف، وقواعده المعروفة عند المحدِّثين، أو لشبهةٍ عَرَضَتْ لهُم في بعضِ رُواتِها؛ فإنَّهُم لا علم لهُم بذلك، ولا يُقيمونَ لأهلِ المعرفةِ به والاختصاصِ وزناً، وإنَّما ينطَلِقون في ذلك من أهوائِهم، أومن ثقافاتِهم البعيدة عن الِإيمان الصحيح، القائم على الكتاب والسنة الصَّحيحة؛ تقليداً منهُم للمستَشْرِقين أعداء الدين، ومَن تشبَّهَ بهِم في ذلك من المُسْتَغْرِبين أمثال أبي رَيَّا

المصري، وعز الدِّين بليق اللُّبناني، والشيخ محمد الغزالي (1)، وغيرهم ممَّن ابتُلِيَت بهِم الأمَّة في العصر الحاضر بإنكار الأحاديث الصحيحة بأهوائهم، وبَلْبَلوا أفكار بعض المسلمين بشُبُهاتِهم. وقريبٌ من هؤلاء بعض المشتَغِلين بهذا العلم؛ إلا أنهم لغَلَبَة التعصُّب المذهبي عليهم، وتمكُّن الأهواء منهم؛ فإنَّهم في كثير من الأحيان يضعِّفون الأحاديثَ الصحيحة؛ كالشيخ الكوثري، وعبد الله الغُماري، وأخيه الشيخ أحمد، والشيخ إسماعيل الأنصاري، ومَن شاء الاطِّلاع على شيء من ذلك؛ فليرجِعْ إلى مقدِّمَتي على "شرح الطحاوية"، ومقدِّمتي لكتاب "آداب الزِّفاف في السنة المطهَّرة" وغيرها؛ يجد العجب العُجاب. واللهُ تَعالى هو المُستعان والمسؤول أن يحفظ السنة من أيدي الجاهِلين والعابِثين بها، والجاعِلين لها تَبَعاً للأهواء، وأن يُعَرِّفنا بقَدْر جُهُودِ سلف أئمَّتِنا في خدمتها، الذين وضعوا لنا أُصولاً وقواعد لمعرفةِ صحيحِها من سقيمِها، مَن التزمها؛ كان على المَحَجَّةِ البيضاء، ومَن حادَ عنها؛ ضلَّ ضلالاً بَعيداً. ورَحِمَ اللهُ الإمام البخاري، الذي كانَ لهُ السَّبْق في هذا المجال، فوضَعَ لنا كتابَه هذا "الصحيح"؛ مُنْقِياً إياه من الألوف المؤلَّفة من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فجزاه

_ (1) انظر ردِّي عليه في منهجه في تصحيحه للأحاديث وتضعيفها، الدَّالِّ على بَدء انحرافه، في مقدِّمتي على كتابه "فقه السيرة" (الطبعة الرابعة)، وفي تعليقي الآتي على الحديث (1157). ثم أعاد طبع "الفقه" في دمشق ببعض تعليقات له على كلمات لي في نقدي إياه، أكد بذلك انحرافه المذكور. ثم أفصح بكل ما عندَه منه في كتابه الأخير "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث"، هداه الله. ولمزيد من الفائدة راجع تعليقي على آخر الشبهة (2) من فصل (شبهات وجوابها) من الطبعة الجديدة لكتابي "صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - "، طبعة مكتبة المعارف/ الرياض، وبالله التوفيق.

الله عن الإسلام والمسلمين خيرَ الجزاء. وأشكره تعالى على أن وفَّقَني لخدمَتِه، وتقريبِهِ إلى النَّاس؛ باختصارِهِ بطريقةٍ علميَّةٍ دقيقةٍ ميسَّرةٍ، جَمَعَتْ كُلَّ أحاديثِهِ وفوائدهِ. والحمدُ للهِ الذي بِنِعْمَتِه تتمُّ الصَّالحات. و"سبحانَكَ اللهُمَّ، وبحمدكَ، أشهدُ أن لا إله إلا أنت، أستغفرُك وأتوب إليك". عمان 11 شوال 1410هـ محمد نصر الدّين الألباني

34 - كتاب البيوع

بسم الله الرحمن الرحيم 34 - كِتَابُ البُيُوعِ وقولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}، وقوله. {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ} 1 - بابُ ما جاءَ في قولِ اللهِ تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} وقوله: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} 964 - عن أبي هُريرَة رضي اللهُ عنه قال: إنَّكُم تَقولونَ: (وفي روايةٍ: تزعمون 8/ 158): إنَّ أبا هُريرةَ يُكْثِرُ الحديثَ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [واللهُ المَوْعِدُ 3/ 74]، وتقولونَ: ما بالُ المهاجرينَ والأنصارِ لا يُحَدِّثونَ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بمثْلِ حديثِ أبي هُريرَةَ؛ وإنَّ إخوتي من المهاجِرينَ كانَ يَشْغَلُهُم [الـ] صَفْقُ بالأسواقِ (1)، وكنتُ ألزَمُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على مِلْءِ (وفي روايةٍ: بشبعِ) بطني، فأشهَدُ إذا غابوا، وأحفظُ إذا نَسُوا، وكانَ يَشْغَلُ إخوتي من الأنصارِ عملُ (وفي

_ (1) المراد بالصَّفْقِ هنا: التبايع؛ لأنهم كانوا إذا تبايعوا تصافقوا بالأكفِّ أمارةً لانتزاع المبيع.

طريقٍ: القيامُ على) أموالِهم، وكنتُ امرأ مِسكيناً من مساكينِ الصُّفَّةِ، أعِي حينَ يَنْسَوْنَ، وقد قالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[يوماً] في حديثٍ يُحَدِّثُهُ: "إنَّهُ لن يَبْسُطَ أحدٌ ثَوْبَهُ حتى أقضِيَ مَقالَتي هذه، ثم يَجْمَعَ إليهِ ثوبَهُ، إلا وَعى ما أقولُ (وفي روايةٍ: ثم يجْمَعَهُ إلى صدرِه، فيَنْسى من مقالَتي شَيئاً أبداً) ". فبسَطْتُ نَمِرَةً (2) [ليس] عليَّ [ثوبٌ غيرُها]، حتى إذا قضى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مقالَتَهُ، جمعتُها إلى صدري، فـ[والذي بعثه بالحق] ما نسيتُ من مَقالَةِ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تلك مِن شيءٍ [إلى يومي هذا، والله؛ لولا آيتانِ في كِتابِ اللهِ ما حَدَّثتُكم شيئاً أبداً، [ثم يتلو 1/ 37]: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى-إلى قوله -الرَّحيم}]. (وفي طريقٍ أخرى عنهُ قالَ: قلتُ: يا رَسولَ اللهِ! إنِّي سمعتُ منكَ حَديثاً كثيراً، فأنْساهُ، قال - صلى الله عليه وسلم -: "ابسُطْ رداءَكَ"، فَبَسَطْتُهُ، فغَرَفَ بيدِهِ فيهِ، ثم قالَ: "ضُمَّهُ"، فَضَمَمْتُه، فما نَسيتُ حديثاً بعدُ 4/ 188). 965 - عن عبدِ الرحمن بنِ عوفٍ رضي اللهُ عنه: لما قَدِمْنا المدينَةَ آخَى رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بيني وبينَ سعدِ بنِ الربيع، فقالَ سعدُ بنُ الربيع: إنِّي أكثَرُ الأنصارِ مالَاَ، فأَقسِمُ لك نِصفَ مالي، وانظُرْ أيَّ زوجَتَيَّ هَوِيتَ (3) نَزَلْتُ لك عنها، [فسَمِّها لي أُطلِّقْها 4/ 222]، فإذا حَلَّتْ (وفي روايةٍ: فإذا انقضتْ عِدَّتُها) تَزَوَّجْتَها، قال: فقال عبد الرحمن: [بارك اللهُ لك في أهلِكَ ومالِكَ]، لا حاجةَ لي في ذلك، هل

_ (2) أي: كساءً ملوناً، كانه من النمر؛ لما فيه من سواد وبياض، وقال ثعلب: ثوب مخطط. (3) أي: أحببتَ.

مِن سُوقٍ فيهِ تِجارةٌ؟ قال: [فَدَلُّوهُ على] سوق [بني] قَيْنُقاعٍ، قال: فغدا إليهِ عبدُ الرحمن، فأتى بأقِطٍ (4) وسَمْنٍ، قال: ثمَّ تابَعَ الغُدُوَّ (5)، فما لَبِثَ أنْ جاءَ عبد الرحمن عليهِ أثَرُ صُفْرَةٍ (6)، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " [مَهْيَمْ] (7) تزوَّجتَ؟ "، قال: نعم. قال: "ومَن؟ "، قال: امْرَأَةً من الأنصارِ. قال: "كم سُقْتَ [إليها]؟ "، قال: زِنَةَ نَواةٍ من ذَهَبٍ، أو نَواةً من ذَهَبٍ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أوْلِمْ ولو بشاةٍ". 966 - عن أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قَدِمَ [علينا 6/ 142] عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ المدينة (وفي روايةٍ: لما قَدِموا المدينةَ، نزلَ المهاجرون على الأنصارٍ، فنزلَ عبدُ الرحمن بنُ عوفٍ على سعد بن الربيع 5/ 142)، فآخَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينه وبينَ سعدِ بنِ الربيعِ الأنصاريِّ، وكانَ سعْدٌ ذا غِنىً [وعندَه امرأتانِ 118/ 6]، فقال لعبدِ الرحمن: [قد عَلِمَتِ الأنصارُ أنِّي من أكثرِهم مالاً سـ 4/ 222] أُقاسِمُكَ مالي نِصفيْن، وأُزوِّجُكَ (وفي روايةٍ: ولي امرأتانِ، فانظُرْ أعجَبَهما إليكَ، فأطلِّقُها، حتى إذا حلَّت تزوجتَها). قال: باركَ اللهُ لك في أهلِكَ ومالِكَ، دُلُّوني على السوقِ، [فأتى السوقَ]، فما رجَعَ حتى استَفْضَلَ (8) أَقِطاً وسمناً، فأتى بهِ أهلَ منزلِهِ، فمكثنا

_ (4) الأقِطُ: لبن جامد معروف. (5) أي: الذهاب إلى السوق لتجارة. (6) أي: الطيب الذي استعمله عند الزفاف. (7) قال الجوهري: كلمة يستفهم بها، معناها: ما حالك وشأنك؟ (8) أي: ربحَ، وقوله: (فأتى به)؛ أي: بالذي استفضله.

2 - باب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات

يَسيراً، أو ما شاءَ اللهُ، فجاءَ، (وفي روايةٍ: فرآهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ أيَّامٍ)، وعليه وَضَرٌ (9) (وفي روايةٍ: أثرٌ 6/ 139) مِن صُفْرَةٍ، (وفي روايةٍ: بشاشةُ العرس 6/ 137)، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْيَمْ [يا عبد الرحمن؟ " 4/ 268] قالَ: يا رسولَ اللهِ! تَزَوجْتُ امرأةً مِن الأنصارِ، قال: "ما سُقْتَ إليها؟ "، قال: [زنةَ] نَواةً مِن ذَهَبٍ، أو وَزْنَ نَواةٍ من ذَهَبٍ، قال: " [بارَكَ اللهُ لك]، أوْلِمْ ولو بِشاةٍ". 2 - بابٌ الحلالُ بَيِّنٌ والحرامُ بيِّنٌ وبينَهما مُشَبَّهاتٌ (قلت: أسند فيه حديثَ النعمان المتقدم في "ج 1/ 2 - الإيمان/ 39 - باب رقم الحديث 38"). 3 - بابُ تفسيرِ المُشَبِّهاتِ 409 - وقال حسانُ بنُ أبي سِنانٍ: ما رأيتُ شَيئاً أهونَ مِن الوَرَعِ؛ دعْ ما يَريبُكَ إلى ما لا يَرِيبُكَ. 967 - عن عائِشةَ رضيَ اللهُ عنها قالَتْ: كان عُتْبَةُ بنُ أبي وقَّاصٍ عَهِدَ (10) إلي أخيهِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ؛ أنَّ ابْنَ وَليدَةِ زَمْعَةَ مِني، فَاقْبِضْهُ [إليك 8/ 9]، [وقالَ عُتبةُ: إنَّه ابني 5/ 91]، قالت: فلمَّا كانَ عامُ (وفي روايةٍ: فلما قَدِمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مكة في 5/ 96) الفَتْحِ أخذَهُ سعدُ بنُ أبي وَقَّاصٍ، وقال: ابنُ

_ (9) أي: لَطْخ من خلوقٍ أوطيبٍ له لونٌ، وذلك من قِبَلِ العروس اذا دخل على زوجته "نهاية". 409 - وصله أبو نعيم في "الحلية"، والشطر الثاني منه قد صح مرفوعاً، وهو مخرج عندي في "الروض النضير" (152)، و"الإرواء" (2074)، وغيرهما. (10) أي: أوصى، وقوله: (وليدة زمعة)، أي: جاريته.

أخي، قد [كان 3/ 187] عَهِدَ إليَّ فيهِ، فقامَ [إليه 8/ 116] عَبْدُ بن زمْعَةَ، فقال: [يا رسول اللهِ!] أخي، وابنُ وليدَةِ أبي، وُلِدَ على فراشِهِ، فتساوَقا (11) إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: اختصم سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ وعبدُ بنُ زمْعَةَ في غلامٍ 3/ 39)، فقالَ سعدٌ: [هذا] يا رسولَ اللهِ! ابنُ أخي [عتبةَ بن أبي وقَّاصٍ]، كان قد عَهِدَ إليَّ فيهِ [أنه ابْنُهُ (وفي روايةٍ: أوصاني أخي إذا قدمتُ أن أنظرَ ابنَ أمَةِ زَمْعَةَ فأقْبِضَهُ، فإنه ابني 3/ 91)، انظر إلى شَبَهِهِ]، فقال عبدُ بنُ زَمْعَةَ: [هذ]، أخي [يا رسولَ اللهِ!]، وابنُ وَليدَةِ أبي، وُلِدَ على فراشهِ، [فنظرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى شَبَهِهِ، فرأى شبهاً بيِّناً بعُتبة]، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هو لك، [هو أخوك 5/ 96] يا عَبْدُ بنَ زمْعَةَ! "، ثم قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الولدُ للفراشِ، وللعاهِرِ الحَجَرُ" (12). ثم قالَ لِسَوْدَةَ بنتِ زَمْعَةَ زوجِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "احْتَجِبي منهُ يا سَوْدَةُ! "؛ لِما رأى مِن شَبَهِهِ بعُتْبَةَ، فما رآها حتى لَقِيَ اللهَ [تعالى]، [وكانت سودةُ زوجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 3/ 120]، [وكان أبو هريرةَ يصيح بذلك] (13). 968 - عن عَدِيِّ بنِ حاتم رضي اللهُ عنهُ قالَ: سألتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن

_ (11) أي: فترافعا. (12) أي: وللزاني الخيبة. (13) أي: يعلن بهذا الحديث، وسيأتي عنه موصولاً مختصراً في "الفرائض" (8/ 9).

المِعْرَاض (14)؛ فقالَ: "إذاَ أصابَ بحَدِّهِ فَكُلْ، (وفي طريقٍ: كُلْ ما خَزَقَ 6/ 218)، وإذا أصابَ بِعَرْضِهِ، فَقَتَلَ، فلا تأْكُلْ؛ فإنَّه وَقِيذٌ" (15). [قلتُ: إنا قومٌ نَصِيدُ بهذهِ الكلابِ؟ فقال: "إذا أرسَلْتَ كِلابَكَ المُعَلَّمَةَ، وذكرتَ اسمَ اللهِ؛ فكُلْ ممَّا أمسَكْنَ عليكم. [قلت: وإنْ قَتَلْنَ؟ قال:] وإن قَتَلْنَ؛ [فإنَّ أخْذَ الكَلْبِ ذَكاةٌ 6/ 218]؛ إلا أن يأكلَ الكلبُ، [فلا تأكلْ]؛ فإني أخافُ أن يكونَ إنَّما أمْسَكَهُ على نفسهِ" 6/ 220]. قلتُ: يا رسولَ اللهِ! أُرْسِلُ كلبي وأُسَمِّي، فأجدُ معه على الصيدِ كلباً آخرَ لم أُسَمِّ عليهِ، ولا أدري أيُّهُما أخَذَ؟ قال: "لا تأكلْ، إنَّما سميْتَ على كلْبِكَ، ولم تُسَمِّ على الآخرِ. [وإن رَمَيْتَ الصيدَ فوجَدْتَه بعد يومٍ أو يومين ليس به إلا أثَرُ سهمِك فكُلْ، وإن وقَعَ في الماءِ فلا تأكلْ". 319 - وفي رواية معلقة عنه أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يَرمي الصيدَ، فَيَفْتَقِرُ (16) أثرَه اليومين والثلاثة، ثم يجده ميتاً، وفيه سهمه؟ قال: "يأكل إن شاءَ"].

_ (14) أي: سألتُهُ عن رمي الصيد بـ (المِعراض)؟ وهو السهم الذي لا ريش عليه، أو عصا رأسها محدَّدٌ. (15) أي: موقوذ، وهو المقتول بغير مُحَدَّدٍ من عصا أو حجر ونحوهما. 319 - وصلَه أبو داود بسند صحيح، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2542). (16) أي: يتبعُ فقارَه حتى يتمكَّن منه.

4 - باب ما يتنزه من الشبهات

4 - بابُ ما يُتَنَزَّهُ من الشُّبُهاتِ 969 - عن أنسٍ رضي اللهُ عنه قالَ: مرَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بتَمْرَةٍ مُسْقَطَةٍ [في الطريق 3/ 94]، فقالَ: "لولا [أنِّي أخافُ] أنْ تكونَ [من الـ] صدَقةِ لأكَلْتُها". 320 - وقال همَّامٌ: عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أجِدُ تَمرَةً ساقِطَةً على فراشي ... ". 5 - بابُ مَن لم يَرَ الوَساوِسَ ونحوَها مِن المُشَبَّهات 970 - عن عاثِشةَ رضيَ اللهُ عنها؛ أنَّ قوماً قالوا: يا رَسولَ اللهِ! إنَّ [هنا 8/ 170] قوماً يأتُوننا باللَّحمِ؛ لا ندري أذَكَروا اسمَ اللهِ عليهِ أمْ لا؟ فقالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "سَمُّوا اللهَ عليهِ وكُلُوهُ". [قالت: وكانوا حديثي عهدٍ بالكفرِ 6/ 226]. 6 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وإذا رَأوْا تِجارَةً أو لَهْواً انْفَضُّوا إليها} (قلت: أسند فيه حديث جابر المتقدم في "ج 1/ 11 - الجمعة/ 37 - باب/ رقم الحديث 479"). 7 - باب مَن لم يُبالِ مِن حيثُ كَسَبَ المالَ 971 - عن أبي هُريرة رضي اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

_ 320 - هذا معلق؛ وسيأتى بتمامه موصولاً في "45 - اللقطة/ 5 - باب".

8 - باب التجارة في البر وقوله: {رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله}

"يأتي على الناسِ زَمانٌ لا يُبالي المرءُ ما أخَذَ منهُ؛ أمِنَ الحَلالِ أم مِن الحرامَ؟ ". 8 - بابُ التجارةِ في البَرِّ وقولِهِ: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} 410 - وقال قَتَادةُ: كانَ القومُ يتَبايَعونَ ويَتَّجِرُونَ، ولكِنَّهُم إذا نابَهُم (17) حقٌّ من حقوقِ اللهِ؛ لم تُلْهِهِم تِجارةٌ ولا بَيْعٌ عن ذكرِ اللهِ، حتى يُؤَدُّوهُ إلى اللهِ. 972 و 973 - عن أبي المِنْهالِ قالَ: كنتُ أتَّجِر في الصَّرْفِ، فسَأَلْتُ البراءَ بنَ عازِبٍ وزَيْدَ بنَ أرقَمَ عن الصَّرْفِ؟ [فكُلُّ واحدٍ منهما يقولُ: هذا خيرٌ مني 3/ 31]، فقالا: (وفي روايةٍ: فكلاهما يقولُ:) كنا تاجِرَيْنِ على عَهْدِ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، (ومن طريقِ سُليمانَ بنِ أبي مسلمٍ قال: سألتُ أبا المِنهالِ عن الصَّرْفِ يداً بيدٍ؟ فقال: اشتريتُ أنا وشَريكٌ لي شيئاً يداً بيدٍ ونَسِيئةً، فجاءَنا البراءُ ابنُ عازِبٍ، فسألناهُ؟ فقال: فعلتُ أنا وشَريكي زيدُ بنُ أرقمَ 3/ 112 - 113)، فسألْنا رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الصَّرْفِ؟ فقال: "إنْ كانَ يداً بيدٍ (18)؛ فلا بأْسَ، وإنْ كانَ نَساءً (19)؛ فلا يصلُحُ (وفي روايةٍ: فَذَرْهُ 3/ 113) ".

_ 410 - قال الحافظ: "لم أقف عليه موصولاً عنه"، ثم أخرجه في "تغليق التعليق" (3/ 213) من رواية الخلال بسنده نحوه؛ إلا أنه قال: "لعله عن قتادة". (17) أي: عرض لهم. (18) أي: متقابضين في المجلس. (19) بفتح النون: أي متأخراً، ورُوي "نسيئاً".

9 - باب الخروج في التجارة

(وفي أخرى: نهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن بيعِ الذهبِ بالوَرِقِ دَيْناً). (وفي رواية أخرى عن أبي المِنْهَالِ عبدِ الرحمنِ بن مُطعِمٍ قال: باعَ شريكٌ لي دراهمَ في السوق نسيئةً [إلى الموسم، أو الحجِّ]، فقلتُ: سبحانَ اللهِ! أيَصلُحُ هذا؛! فقالَ: سبحانَ اللهِ! واللهِ لقدْ بعتُها في السوقِ، فما عابَهُ أحدٌ، فسألتُ البراءَ بنَ عازبٍ؟ فقال: قَدِمَ [علينا] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[المدينَةَ]، ونحن نَتَبايَعُ هذا البَيْعَ، فقال: "ما كان يداً بيدٍ؛ فليس به بأسٌ، وما كان نسيئةً؛ فلا يَصْلُحُ". والْقَ زيدَ بنَ أرقمَ فاسألْهُ؛ فإنَّه كان أعظَمَنا تجارَةً، فسألتُ زيدَ بن أرقم؟ فقال: مِثْلَهُ 4/ 268 - 269). 9 - بابُ الخروجِ في التجارةِ وقولِ اللهِ تعالى: {فاَنْتَشِروا في الأرضِ وابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللهِ} (قلت: أسند في حديث أبي سعيد الآتي في "79 - الاستئذان/ 13 - باب"). 10 - بابُ التجارة في البحرِ 411 - وقال مَطَرٌ: لا بأْسَ به (20)، وما ذَكَره الله في القرآنِ إلا بِحَقٍّ، ثم تلا: {وتَرَى الفلْكَ مَواخِرَ فيهِ ولِتَبْتَغوا مِن فَضْلِهِ}. و {الفُلْكُ}: السفن، الواحدُ والجمعُ سَواءٌ.

_ 411 - وصله ابن أبي حاتم عنه. (20) أي: بركوب البحر، وقوله: "وما ذكره الله"؛ أي: ركوب البحر.

11 - باب {وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها}،

412 - وقالَ مُجاهِدٌ: تَمْخَرُ (21) السُّفُنُ الرِّيحَ، ولا يَمْخَرُ الريحَ مِن السُّفُنِ؛ إلاَّ الفُلْكُ العِظامُ. 974 - عن أبي هُرَيرةَ رضيَ اللهُ عنهُ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِن بني إسرائيلَ خَرَجَ في البَحْرِ، فقضى حاجَتَهُ. وساقَ الحديث (*). 11 - بابٌ {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}، وقولُهُ جَلَّ ذكره: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} 413 - وقالَ قَتادةُ: كانَ القومُ يَتَّجِرونَ، ولكِنَّهم كانوا إذا نابَهُم حقٌّ مِن حقوقِ اللهِ؛ لم تُلْهِهِم تِجارَةٌ ولا بَيْعٌ عن ذكرِ اللهِ، حتى يؤدُّوهُ إلى اللهِ. (قلت: أسند فيه حديث جابر المشار إليه آنفاً "6 - باب"). 12 - باب قولِ اللهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} 13 - بابُ مَن أَحَبَّ البَسْطَ في الرِّزقِ

_ 412 - وصله الفريابي، وعبد بن حميد من وجه آخر. (21) أي: تَشُقُّ. وهنا روايات تعلم من الشارح. * هكذا أسنده هنا مختصراً، وتقدم معلقاً برقم (250) بأتم ممَّا هنا، وسيأتي بأتم منه في "39 - الكفالة/1 - باب" موصولاً. والمسند أعله ابن حزم في "المحلى" (8/ 119) بأنه من رواية عبد الله بن صالح، وهو ضعيف، وفاته أنه تابعه جماعة عند أحمد (2/ 348 - 349) والنسائي، وغيرهما، وفات المنذري في "الترغيب" (3/ 35)، وكذا الناجي في "عجالة الإملاء" (ق 166/ 1) أنه عند البخاري موصولٌ أيضاً! 413 - تقدم قريباً برقم (410) أنه أخرجه الخلاَّل مع الشكِّ في القائل.

14 - باب شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة

975 - عن أنَسِ بن مالكٍ رضي اللهُ عنه قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنْ سَرَّهُ (وفي روايةٍ: من أحَبَّ 7/ 72) أن يُبْسَطَ له [في] رزقِهِ، أويُنْسَأَ (22) لهُ في أثَرِهِ؛ فليَصِلْ رَحِمَهُ". 14 - بابُ شِراءِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئَةِ (23) 976 - عن الأعْمَشِ قال: ذَكَرنا عندَ إبراهيمَ الرَّهنَ في السَّلَمِ، فقال: [لا بأسَ به 3/ 34]: حدثني الأسْوَدُ عن عائشةَ رضي اللهُ عنها: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اشتَرى طعاماً من يَهُودِيٍّ إلى أجَلٍ [معلومٍ 3/ 46] (وفي روايةٍ: بنسيئةٍ 3/ 45)، ورَهَنَهُ دِرْعاً عن حَديدٍ. (وفي روايةٍ: توفِّيَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ودِرعُهُ مرهونةٌ عند يهوديٍّ بثلاثين صاعاً من شعيرٍ 3/ 231). 977 - عن أنَسٍ رضي اللهُ عنه أنَّه مشى إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بخُبْزِ شَعيرٍ،

_ (22) أي: يؤخر في أثره، أي: في بقية عمره. واعلم أن كلاًّ من البسط في الرزق والإطالة في العمر؛ إنما هو على ظاهره، من باب ربط المسبب بالسبب: كالإيمانِ ودخول الجنة، والكفر ودخول النار، وكل ذلك ينتهي إلى علمِ الله وقَدرهِ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "اعملوا؛ فكلٌّ ميسَّرٌ لما خُلِقَ له"، فكما أن دخول الجنة بالإيمان؛ فكذلك السعة في الرزق والإطالة في العمر، فكما أن الإيمان سبب لدخولها، ولا ينافي ما سبق في علم الله؛ فكذلك صلة الرحم سبب للبسط والإطالة، ولا تنافي ما سبق في علمه تعالى، فلا داعي لتأويل الحديث وحمله على المجاز، كما جرى عليه كثير من الشراح، فتنبه. (23) أي: بالأجل؛ وهي فعيلة.

15 - باب كسب الرجل وعمله بيده

وإهالَةٍ سَنِخَةٍ (24)، ولقد رَهَنَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دِرْعاً له بالمدينَةِ عندَ يَهوديٍّ، وأخَذَ منه شَعيراً لأهلِهِ، ولقد سَمِعْتُهُ (25) يقول: "ما أمْسَى عندَ آلِ محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - صاعُ بُرٍّ، ولا صاعُ حبٍّ، وإنَّ عندَه لَتِسْعَ نسوَةٍ". (وفي روايةٍ: "ما أصبحَ لآلِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - إلا صاعٌ ولا أَمْسى، وإنَّهم لَتِسْعَةُ أبياتٍ" 3/ 115). 15 - بابُ كَسْبِ الرَّجُلِ وعَمَلِهِ بيدِهِ 978 - عن عائِشةَ رضي اللهُ عنها قالت: لمَّا استُخْلِفَ أبو بكرٍ الصديقُ قال: لقد عَلِمَ قَوْمي أنَّ حِرْفَتي لم تَكُن تَعْجِزُ عن مَؤُنَةِ أهلي، وشُغِلْتُ بأمْرِ المسلمينَ، فسيأكلُ آلُ أبي بكرٍ من هذا المالِ، ويَحْتَرِفُ للمسلمين فيه. 979 - عن المِقدام رضيَ اللهُ عنه عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ما أكَلَ أحدٌ طعاماً قَطُّ خيراً مِن أن يَأكُلَ مِن عَمَلِ يَدِهِ، وإنَّ نبيَّ اللهِ داوُدَ عليهِ السلامُ كانَ يأكُلُ مِن عَمَلِ يَدِهِ". 980 - عن أبي هريرة عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أنَّ داودَ عليهِ السلامُ كان لا يأْكُلُ إلا مِن عَمَلِ يَدِهِ "

_ (24) أي: ألية متغيرة الرائحة من طول المكث، ورُوي "زنخة": بالزاي بدل السين؛ يقال: زنخ الدهن إذا تغير، فهو زنخ، وبابه طرب. (25) يعني: النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: قال ذلك لما رهن الدرع عند اليهوي؛ مظهراً للسبب في شرائه إلى أجل. "فتح".

16 - باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ومن طلب حقا؛ فليطلبه في عفاف

16 - بابُ السُّهولَةِ والسماحةِ في الشِّراءِ والبيعِ، ومَن طَلَبَ حقّاً؛ فَلْيَطْلُبْهُ في عَفافٍ 981 - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضيَ اللهِ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحاً إذا باعَ، وإذا اشْتَرى، وإذا اقْتَضى" (26). 17 - باب مَن أنْظَرَ مُوسِراً 982 - عن حذيفةَ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَلَقَّتِ (27) الملائِكَةُ رُوحَ رَجُلٍ مِمَّن كانَ قَبْلَكُم، قالوا: أَعَمِلْتَ من الخيرِ شيئاً؟ قال: [ما أعْلَمُ. قيل له: انظُرْ. قال: ما أعلمُ شيئاً غيرَ أني كنتُ أبايعُ الناسَ في الدنيا، ف 4/ 144]، كُنتُ آمُرُ فِتياني (28) أَن يُنْظِرُوا، ويَتَجاوَزوا عن المُوسِرِ، [فأُنْظِرُ الموسِرَ، وأتجاوَزُ عن المُعْسِرِ]. قال: فَتَجاوزوا عنه، (وفي روايةٍ: فغُفِرَ له 3/ 83، وفي أخرى: فأدخَلَهُ اللهُ الجنةَ 2/ 108) ". [قال أبو مسعودٍ: سمعتُهُ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -]. 18 - بابُ مَن أنْظَرَ مُعْسِراً 983 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "كانَ تاجرٌ يُدايِنُ النَّاسَ، فإذا رأى مُعْسِراً قال لفِتْيانِهِ: تجاوَزوا عنهُ، لعلَّ اللهَ

_ (26) أي: طلب قضاء حقه. (27) أي: استقبلت روحه عند الموت. (28) أي: خُدَّامي.

19 - باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا

أَن يَتَجَاوَزَ عنَّا، [فلقيَ اللهَ 4/ 152]، فتجاوَزَ اللهُ عنه". 19 - بابٌ إذا بَيَّنَ البَيِّعانِ (29) ولم يَكْتُما ونَصَحا 321 - ويذكَرُ عن العَدَّاءِ بنِ خالدٍ قال: كَتَبَ لي النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "هذا ما اشتَرَى مُحمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - من العَدَّاءِ بنِ خالدٍ، بَيْعُ المسلِمِ المسلِمَ، لا داءَ (30)، ولا خِبْثَةَ (31)، ولا غائِلَةَ" (32). 414 - وقال قتادة: الغائِلَةُ: الزِّنا، والسَّرِقةُ، والإباقُ. 415 - وقيل لإِبراهيم: إنَّ بعض النَّخَّاسينَ (33) يسَمِّي آرِيَّ (34) خُراسانَ وسِجِسْتانَ فيقول:

_ (29) البيِّعان: العاقدان، وبيانهما: عدم كتمهما شيئاً من عيب المبيع. 321 - وصله الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود وغيرهم، لكن وقع عندهم أن البائع النبي - صلى الله عليه وسلم - والمشتري العداء، عكس ما هنا، فقيل: إن الذي وقع هنا مقلوب، وقيل: هو صواب، وهو من الرواية بالمعنى؛ لأن (اشترى)، و (باع) بمعنى واحد، كذا في "الفتح". وجزم المصنف في "الحيل" (8/ 66) بنسبته للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال الحافظ هناك: "وسنده حسن، وله طرق إلى العداء". قلت: وهو مخرج في "أحاديث بيوع الموسوعة الفقهية". (30) أي: لا عيب، والمراد به الباطن، سواء ظهرمنه شيء أم لا. (31) أي: لا حرام. وروي:"ولا خيبة"، قال الشارح:" والظاهر أن تفسير قتادة يرجع إلى الخبثة والغائلة معاً. (32) أي: لا فجور. 414 - وصله ابن منده. 415 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. (33) أي: الدلالين. (34) كذا الأصل، قال عياض: وأظن أنه سقط من الأصل لفظة: "دوابهم".

20 - باب بيع الخلط من التمر

جاء أمس من خُراسانَ، جاءَ اليوم من سِجِسْتَانَ، فكرِهَهُ كراهَةً شديدةً. 416 - وقال عُقبَةُ بنُ عامرٍ: لا يَحِلُّ لامرىءٍ يَبيعُ سِلْعَةً يَعْلَم أنَّ بها داءً؛ إلاَّ أخْبَرهُ. 984 - عن حكيمِ بنِ حِزَامٍ رضي اللهُ عنه قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "البيِّعانِ بالخيارِ ما لم يَتَفَرَّقا- أو قالَ: حتى يتفَرَّقا-[قال همَّامٌ: وجَدْتُ في كتابي: يختار ثلاثَ مِرار 3/ 18] *، فإنْ صَدَقا وبَيَّنا بُورِكَ لهُما في بَيْعِهِما، وإن كتما وكذبا مُحِقَتْ (وفي روايةٍ: فعسى أن يَربحا ربحاً ويُمْحَقا) بركةُ بيعِهما". 20 - بابُ بَيعِ الخِلْطِ من التَّمْرِ 985 - عن أبي سعيد رضي اللهُ عنه قال: كُنَّا نُرزَقُ تَمْرَ الجَمْعِ، وهو الخِلْطُ من التَّمْرِ (35)، وكُنَّا نَبيعُ صاعَيْنِ بصاعٍ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صاعَيْنِ بصاعٍ، ولا دِرْهَمَيْنِ بدِرْهَمٍ". 21 - بابُ ما قيلَ في اللَّحَّامِ والجَزَّارِ (قلت- أسند فيه حديث أبي مسعود الآتي: "ج 3/ 70 - الأطعمة/ 53 - باب").

_ قلت: ويؤيده أنه في ابن أبي شيبة بلفظ: "اصطبل دوابه"، والآري: هو الاصطبل، وهو المفعول الأول لـ (يسمي)، وما بعده مفعوله الثاني، يعني أن ناساً من الدلالين وأصحاب الدواب يسمي أحدهم اصطبل دوابه (خراسان)، و (سجستان)! فيقول: جاء أمس من (خراسان)! جاء اليوم من (سجستان)! تدليساً على المشتري. 416 - كذا في الأصل موقوف، وقد وصله أحمد وغيره عنه مرفرعاً به، وإسناده حسن كما قال الحافظ، وهو مخرج في"أحاديث البيوع"، و"إرواء الغليل" (1321). *هذه الزيادة في ثبوتها نظر، تفرَّد بها همام، فراجع "الفتح". (35) هو التمرُ المجتمع من أنواع.

22 - باب ما يمحق الكذب والكتمان في البيع

22 - بابُ ما يَمْحَقُ الكَذِبُ والكِتْمانُ في البيعِ (قلت: أسند في حديث حكيم بن حزام المتقدم نريا برقم 984). 23 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (قلت: أسند في حديث أبي هريرة المتقدم برقم 971). 24 - بابُ آكِلِ الرِّبا وشاهِدِهِ وكاتِبِهِ وقولِهِ تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} 25 - بابُ مُوكِلِ (36) الرِّبا لقولِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ. وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} 417 - قال ابنُ عباسٍ: هذه آخِرُ آيةٍ نَزَلتْ على النبي - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث أبي جُحَيْفَة الآتي "ج 2/ 34 - البيوع 113/ - باب/ رقم الحديث 1053").

_ (36) أي: مطعمه. 417 - وصله المصنف فيما يأتي من "التفسير".

26 - باب {يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم}

26 - بابٌ {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} 986 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الحَلِفُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ، مَمْحَقَةٌ (37) للبَرَكَةِ". 27 - بابُ ما يُكْرَهُ مِنَ الحَلِفِ في البيعِ 987 - عن عبد اللهِ بن أبي أوفى رضي اللهُ عنه: أنَّ رجُلًا أقامَ سِلْعَةً وهو في السُّوقِ، فحَلفَ باللهِ لقد أعطَى بها ما لم يُعْطِ؛ لِيُوقِعَ فيها رَجُلاً مِن المُسْلِمينَ، فنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}. 28 - بابُ ما قيل في الصَّوَّاغِ 322 - وقال ابنُ عباسٍ رضي اللهُ عنهما: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُخْتَلَى خَلاها". وقالَ العباسُ: إلا الإذْخِرَ؛ فإنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وبُيوتِهِم. فقالَ: "إلاَّ الِإذْخِرَ". 29 - بابُ ذِكْرِ القَيْنِ والحَدَّادِ (قلت: أسند فيه حديث خباب الآتي "ج 2/ 37 - الإجارة / 15 - باب/ رقم الحديث 1066"). 30 - بابُ ذكْرِ الخَيَّاطِ

_ (37) قوله: "مَنْفقَة"، و"مَمْحَقَة"، بفتح الميم فيهما، وهما من الصيغ التي سميت سببيه؛ يعني: أن اليمين الكاذبة سبب لنفاق المتاع ورواجه، وسببٌ لذهاب بركته. 322 - وصله في "ج 1/ 28 - جزاء الصيد/ 9 - باب/ رقم الحديث 853".

31 - باب ذكر النساج

988 - عن أنسِ بن مالكٍ رضي اللهُ عنه يقولُ: إنَّ خَيَّاطاً (وفي طريقٍ: دَخَلْتُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على غلامٍ له خياطٍ 6/ 206)، دعا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لطعامٍ صنَعَهُ، قال أنَسُ بنُ مالكٍ رضي اللهُ عنه: فذهبتُ مع رسولِ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك الطعامِ، فقَرَّبَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خُبْزاً [مِن شعيرٍ 6/ 210]، ومَرَقاً فيهِ دُبَّاءٌ وقَديدٌ، (وفي الطريق الأخرى: فقَدَّمَ إليه قصعةً فيها ثريدٌ، قال: وأقبلَ على عملِه)، فرأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَتَبَّعُ الدُّبَّاءَ من حوالَيِ القَصْعَةِ [يأكلها]، [قال: فَجَعَلْتُ أتَتَبَّعُهُ فأضعُهُ بينَ يدَيْهِ]، قال: فلم أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبّاءَ من يَومئذٍ. 31 - بابُ ذكرِ النَّسَّاجِ (قلت. ذكر فيه حديث سهل بن سعد المتقدم في "ج 1/ 23 - الجنائز/ 28 - باب/ رقم الحديث 617"). 32 - بابُ النَّجَّارِ 989 - عن جابرِ بن عبد اللهِ رضي اللهُ عنهُما أنَّ امرأةً مِن الأنصارِ قالت (وفي رواية عنه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقومُ يومَ الجمعةِ إلى شجرةٍ أو نخلةٍ، (وفي طريق: كان المسجدُ مسقوفاً على جُذوعٍ من نخلٍ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خَطبَ يقومُ إلى جِذْعٍ منها)، فقالت امرأةٌ من الأنصارِ أو رجلٌ 4/ 173) لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول اللهِ! ألا أجعَلُ لك شيئاً تقعُدُ عليه، فإنَّ لي غلاماً نجَّاراً؟ قال: "إنْ شِئْتِ". فَعَمِلَتْ (وفي الرواية الأخرى: "إن شئتُم". فجعلوا) له المِنْبَرَ، فلمَّا كان يومُ الجُمُعَةِ، قعَدَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على المِنْبَرِ الذي صُنعَ، فصاحَتِ النَّخْلَةُ (38)

_ (38) المراد بالنخلة: الجذع.

33 - باب شراء الإمام الحوائج بنفسه

التي كان يَخْطُبُ عندَها [صياحَ الصَّبيِّ (وفي الطريق الأخرى: مثلَ أصواتِ العِشارِ، حتى نزل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فوضعَ يدَهُ عليه 1/ 220)]، حتى كادت أن تنشَقَّ، فنَزَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أخذها، فضمَّها إليهِ، فجَعَلَتْ تَئِنُّ أنينَ الصبيِّ الذي يُسَكَّتُ، حتى استَقَرَّتْ، قال. "بكت على ما كانت تسمعُ من الذِّكْرِ". 33 - بابُ شراءِ الإمامِ الحوائِجَ بنفسهِ 323 - وقال ابنُ عُمرَ رضيَ اللهُ عنهما: اشترى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جملاً مِن عُمرَ. 324 - وقال عبدُ الرحمن بنُ أبي بكرٍ رضي اللهُ عنهما: جاءَ مُشرِكٌ بغَنَمٍ، فاشتَرى النبي - صلى الله عليه وسلم - منهُ شاةً. 325 - واشترى من جابرٍ بعيراً. 34 - بابُ شِراءِ الدوابِّ والحمير، وإذا اشترى دابَّةً أو جَمَلاً وهُو عليهِ هَلْ يكونُ ذلك قَبْضاً قَبْلَ أنْ ينزِلَ؟ 326 - وقالَ ابنُ عُمَر رضي اللهُ عنهما: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعُمَرَ: "بِعْنِيْهِ". يعني: جملاً صَعْباً. 990 - عن جابرِ بنِ عبد اللهِ رضي اللهُ عنهما قال: كنتُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -

_ 323 - وصله المصنف فيما يأتي هنا "47 - باب". 324 - وصله المصنف فيما يأتي من "52 - الهبة/ 27 - باب". 325 - هو طرف من حديث ابن عمر المشار إلى موضع وصله آنفاً. 326 - وصله المؤلف فيما يأتي "47 - باب".

في غَزاةٍ [327 - بطريق تَبوكَ 3/ 174]، [فكنتُ على جَملٍ ثَفَالٍ (39) 3/ 63]، فأبطأ بي جَمَلي وأعيا، [إنما هو في آخرِ القوم]، فأتى عليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "جابرُ! ". فقلتُ: نعم. قال: "ما شأنُكَ؟ ". قلتُ: أبطأ عليَّ جملي وأعيا، فتخلَّفتُ، [قال: فتخلَّف رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 4/ 10]، فنزل يَحْجُنُهُ (40) بمِحْجَنِهِ، (وفي روايةٍ: قال: "أمعك قَضيبٌ؟ ". قلت: نعم. قال: "أعْطِنِيهِ". فأعطيْتُه)، [فزجره]، ثم قال: " [يا جابر! 3/ 218] اركب" (وفي طريق: استَمْسِك)، فركبتُ، [فوكزه (وفي طريق: فنَخَسَهُ 6/ 120) من خلفِه 3/ 87]، [فضربَه [بسوطه ضربةً، فوثب البعير مَكانَهُ]، فدعا له، فسارَ بسيرٍ ليسَ يَسيرُ مثلَهُ، (وفي طريق: فانطَلَقَ كأجْوَدِ ما أنت راءٍ من الإِبلِ)]، [فما زال بينَ يَدَيِ الإِبلِ، قُدَّامَها يسيرُ]، فلقد رأيتُه أكُفُّه عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [فقال لي: "كيف تَرَى بعيرَكَ؟ ". قالَ: قلتُ: بخيرٍ، قد أصابَتْهُ بَرَكَتُك]، [فلما دَنَونا من المدينةِ، أخذتُ أرتَحِلُ]، [فاسْتأْذنتُه]، [فقال: "ما يُعْجِلُك؟ (وفي طريقٍ: أين تريد؟) ". قلتُ: كنتُ حديثَ عهدٍ بعرسٍ

_ 327 - لم يخرجها الحافظ، واستظهر أن القصة في غزوة ذات الرقاع، فراجعه، ويشهد له رواية سالم بن أبي الجعد عن جابر بلفظ: "أقبلنا من مكةَ إلى المدينة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأعيى جملي ... " الحديث، أخرجه أبو يعلى (2/ 519)، وسنده صحيح، ووجه الشهادة أن ذات الرقاع في طريق الذاهب من المدينة إلى مكة، وليست في طريق الذاهب منها إلى تبوك، ولكن يشكل منه قوله: "من مكة"، فإنهم لم يصلوا إليها في هذه الغزوه؛ إلا أن يؤول من بعض طريق مكة، أو نحوه. ويقويه رواية وهب بن كيسان عن جابر: "خرجت مع رسول - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة (ذات الرقاع) من نخل على جمل لي ... "، فهذا كله يدل على ضعف هذه الرواية المعلقة، ومن جهل بعض الدكاترة أنه عزاها للصحيحين!! انظر كتابي "دفاع عن الحديث" (ص 84 - 85). (39) أي: بطيء السير. (40) بفتح أوله وسكون المهملة وضم الجيم، أي: يطعنه."فتح".

6/ 120]، قالَ: "تَزَوَّجْتَ؟ ". قلتُ: نعم. قالَ: "بِكْراً أم ثَيِّباً؟ ". قلتُ: بل ثيِّباً، (وفي طريق: تزوجتُ امرأةً قد خلا منها) (41). قال: "أفلا جاريةٌ تُلاعبُها وتلاعبُك، أوتضاحِكُها وتضاحِكُك؟ 7/ 163]، (وفي طريق: فقالَ: ما لك وللعذارى ولُعابِها؟) (42) ". قلتُ: إنَّ [أبي تُوُفِّيَ وتَرَك] لي [تسعَ بناتٍ كُنَّ لي تسعَ 5/ 32] أخواتٍ، [صغاراً، فكرهتُ أن أجْمَعَ إليهنَّ جاريةً خَرْقاءَ (43) مثلَهُنَّ]، فأحْبَبْتُ أن أتزوجَ امرأةً [قد جَرَّبَتْ، خلا منها]، تَجْمَعُهُنَّ، وتَمْشُطُهُنَّ، وتقومُ عليهنَّ، (وفي طريق: تُعَلِّمُهُنَ وتُؤدِّبُهُنَّ)، [قال: "أصبتَ]، [فبارك اللهُ عليك] "، [فأذِنَ لي]، قالَ: "أما إنك قادِمٌ؛ فإذا قَدِمْتَ فالكَيْسَ الكَيْسَ (44) [يا جابرُ! " يعني: الولد 6/ 161]. [قال: فلما ذهبنا لندخُلَ؛ قال: "أمْهِلُوا، حتى تدخُلوا ليلاً- أي: عِشاءً-؛ لكي تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ (45)،

_ (41) أي: كبرت، ومضى معظم عمرها. (42) قال الحافظ: ضبطه الأكثر بكسر اللام، وهو مصدر من الملاعبة أيضاً، ووقع في رواية المستملي بضم اللام، والمراد به الريق، وفيه إشارة إلى مص لسانها، ورشف شفتيها، وذلك يقع عند الملاعبة والتقبيل، وليس هو ببعيد، ثم أيده الحافظ بما لا يتسع المجال لذكره، فراجعه. (43) هي التي لا تحسن العمل، ولا تجربة لها. (44) في "النهاية": "قيل: أراد الجماع، فجعل طلب الولد عقلاً". قلت: الزيادة المذكورة بعده تؤيد هذا المعنى. (45) أي: المتفرقة الشعر.

وتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ (46) "]، ثم قال: "أتَبيعُ جَمَلَكَ؟ ". [قال: فاسْتَحْيَيْتُ، ولم يَكُنْ لنا ناضحٌ غيره]، [فقلتُ: بل هو لَكَ يا رَسولَ اللهِ! قالَ: " بِعْنِيهِ "]. قلتُ: نعم. [قالَ: "فَبِعْنِيهِ]؛ [قد أخذتُه بأربعةِ دنانيرَ، ولك ظهرهُ إلى المدينة] "، فاشتراهُ مني بأوقيةٍ [ذهَبٍ]، (وفي طريقٍ: بوَقِيَّتين ودرهم أو درهمين 4/ 41)، (328 - وفي أخرى معلقة: أحْسِبُهُ قال: بأربعِ أواقٍ. 329 - وفي أخرى معلقة: اشتراه بعشرين ديناراً. 330 - وفي أخرى معلَّقة أيضاً: بمائتي درهم) [على أن (331 - وفي طريق معلقة: شرط) لي فقارَ ظهرِهِ حتى أبلغَ المدينة]، (وفي طريقٍ: فاستثنيتُ حِملانَه إلى أهلي)، [فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - (صراراً) (47)، أمر ببقرة، فذُبِحت، فأكلوا منها". ثم قَدِمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قبلي، وقَدِمْتُ بالغداةِ [المدينةَ، فلقيَني خالي، فسألني عن البعيرِ؟ فأخبرْتُهُ بما صنعتُ فيه، (وفي طريقٍ: ببيع الجمل)، فلامني]، [فأخبرته بإعياءِ الجملِ، وبالذي كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - ووكْزِه إيَّاه]، فجئنا إلى المسجدِ، فوَجَدْتُه على باب المسجِدِ، (وفي طريق: فدخل المسجدَ في طوائِفَ

_ (46) وهي التي غاب عنها زوجها .. 328 - لم يخرجها الحافظ، وهي وما بعدها شاذة عند المصنف، والمحفوظ عنده الرواية التي قبلها: "أوقية ذهب"؛ كما سيأتي من كلامه في آخر الحديث، واعتمده الحافظ، فراجعه أن شئت. 329 - وصلها ابن ماجه. 330 - لم يقف عليها الحافظ. 331 - وصلها الطبراني والبيهقي. (47) موضع قريب من المدينة كما يأتي من كلام المؤلف عقب الحديث.

من أصحابِهِ)، قال: "آلآن قدمتَ؟ ". قلتُ: نعم. قالَ: "فَدَعْ جَمَلَكَ، فادْخُل، فصلِّ ركعتين"، فدخلت، فصلَّيتُ، (وفي طريق: فدخلتُ إليه، وعَقَلْتُ الجملَ في ناحيةِ البَلاطِ (48)، فقلت له: هذا جَمَلُكَ، فخرَجَ، فجَعَلَ يُطيفُ بالجملِ، ويقول: "الجملُ جَمَلُنا")، فأمرَ بلالاً أن يَزِنَ له أوقيةً، فوَزَنَ لي بلالٌ، فأرجح في الميزان، (وفي روايةٍ: قالَ: يا بلالُ! اقْضِهِ، وزِدْهُ، فأعطاه أربعة دنانير، وزاده قيراطاً. وفي طريقٍ: فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أواقٍ من ذهبٍ، فقال: "أعطوها جابراً")، فانطلقتُ حتى وَلَّيتُ، فقال: "ادْعُ لي جابراً"، قلت: الآن يَرُدُّ عليَّ الجمَلَ، ولم يكن شيءٌ أبغَضَ إليَّ منه! قال: " [ما كنتُ لآخذَ جملَكَ]، [فهومالُكَ]، [ثم قال: استوْفَيْتَ الثمنَ؟ ". قلت: نعم. قال:] "خُذْ جملَكَ، ولك ثَمَنُه"، أفأعطاني ثمنَ الجملِ، والجملَ، وسهمي مع القوم]، [قال جابرٌ: لا تفارِقُني زيادةُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فلم يكُنِ القيراطُ يفارِقُ جِرابَ جابرِ بن عبد اللهِ]، [فما زال منها شيءٌ حتى أصابَها أهلُ الشامِ يوم الحَرَّةِ 3/ 139]. [قال المغيرة: هذا في قضائنا حسن (49)، لا نرى به بأساً]. [(صِرارٌ): موضعٌ ناحيةً بالمدينة (50)]. [قال أبو عبد اللهِ: وقول الشعبي: "بوقيةٍ" أكثر. الاشْتِراطُ أكثرُ وأصَحُّ عندي.

_ (48) حجارة مفروشة كانت عند باب المسجد. (يُطيف بالجمل): أي: يلم به ويقاربه. (49) يعني: رد الجمل بعدما أعطاه الثمن. (50) قلت: وهو على ثلاثة أميال منها من جهة المشرق كما في "الفتح".

35 - باب الأسواق التي كانت في الجاهلية، فتبايع بها الناس في الإسلام

"بأربعة دنانير": وهذا يكون وقية على حساب الدينار بعشرة دراهم]. 35 - بابُ الأسواقِ التي كانتْ في الجاهليَّةِ، فتبايَعَ بها الناسُ في الإسلام (قلت. أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم "ج 1/ 25 - الحج/ 150 - باب / رقم الحديث 826") 36 - بابُ شراءِ الإِبلِ الهِيمِ (51) أو الأجْرَبِ؛ الهائِمُ: المخالِفُ للقصدِ في كل شيء 991 - قال عمرٌو: كان ها هنا رجلٌ اسمُهُ نَوَّاسٌ، وكانت عِنْدَه إبلٌ هيمٌ، فذهبَ ابنُ عُمَر رضي اللهُ عنهما، فاشترى تلك الإِبلَ مِن شريكٍ له، فجاء إليهِ شريكُهُ، فقال: بِعْنا تلك الإبلَ، فقالَ: مِمَّنْ بِعْتَها؟ قال: من شيخٍ، كذا وكذا، فقالَ: ويْحَكَ! ذاكَ واللهِ ابن عمر، فجاءَه، فقال: إنَّ شريكي باعك إبِلاً هيماً ولم يَعْرِفْكَ، قال: فاسْتَقْها (52)، قال: فلما ذَهَبَ يستاقُها؛ فقال: دعها، رضينا بقضاء رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، لا عدوى. 37 - بابُ بيعِ السلاحِ في الفتنَةِ وغيرِها 418 - وكَرِه عِمرانُ بنُ حُصَيْنٍ بيعَه في الفتنةِ.

_ (51) هي الإبل التي بها الهيام، وهو داء يشبه الاستسقاء، تشرب فلا تروى. (52) أي: إذا كان الأمر كما تقول فارتجعها، وعمرو: هو ابن دينار. 418 - وصله ابن عدي عنه. ورواه الطبراني من طريق أخرى مرفوعاً، وإسناده ضعيف، وهو مخرج عندى في "الإرواء" (1296).

38 - باب في العطار وبيع المسك

(قلت: أسندَ فيه طرفاً من حديث أبي قَتادة الآتي في "57 - الخمس/ 18 - باب"). 38 - بابٌ في العطَّارِ وبيعِ المِسْكِ 992 - عن أبي موسى رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ الجَلِيسِ الصالحِ والجَليسِ السُّوءِ؛ كمثَلِ صاحِبِ المسكِ، وكِيرِ (53) الحدَّادِ، لا يَعْدَمُكَ من صاحِبِ المِسْكِ؛ إما تشتريهِ، أو تَجِدُ ريحَهُ، وكيرُ الحدَّادِ، يُحرِقُ بدَنَكَ، أو ثوبَكَ، أو تَجِدُ منهُ ريحاً خَبيثَةً، (وفي روايةٍ: فحاملُ المِسكِ؛ إما أن يُحْذِيَكَ (54)، وإمَّا أن تبتاعَ منه، وإما أن تَجِدَ منه ريحاً طيبةً، ونافخُ الكِيرِ؛ إما أن يُحْرِقَ ثيابَكَ، وإما أن تجدَ ريحاً خبيثةً 6/ 231) ". 39 - بابُ ذِكْرِ الحَجَّامِ 993 - عن أنسِ بن مالكٍ رضي اللهُ عنه [أنه سئِلَ عن أجْرِ الحجَّام؟ ف 7/ 15] قال: حَجَمَ أبو طَيْبَةَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأمَرَ له بصاعٍ من تَمْرٍ، (وفي روايةٍ: وأعطاهُ صاعينِ من طعامٍ)، وأمرَ أهلَه أن يُخَفِّفوا [عنه 3/ 36] من خَراجِهِ، (وفي روايةٍ: وكلَّمَ مواليَهُ، فخفَّف عن غَلَّتِه أو ضَريبَتِهِ (55) 3/ 54).

_ (53) كير الحداد: موْقِدُه ومِنْفَخَتُه، وفي "النهاية": "الكِير بالكسر: كِيرُ الحدَّاد، وهو المبنيُّ من الطين، وقيل: الزِّقُّ الذي يُنْفَخُ به النار، والمَبنِيُّ: الكورُ". (54) أي: يعطيك وزناً ومعنى."فتح". (55) بفتح المعجمة، فعيلة بمعنى مفعولة، وهى ما يقدره السيد على عبده في كل يوم، ويقال لها: خراج، وغلة، وأجر. "فتح".

40 - باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنساء

(ومن طريقٍ أخرى: كان يحتَجِمُ، ولم يكنْ يظلِمُ أحداً أجْرَهُ). 994 - عن ابن عباسٍ رضي اللهُ عنهما، قال: احْتَجَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وأعْطَى الذي حَجَمَهُ [أجرَهُ واسْتَعَطَ 7/ 14]، ولو كان حراماً (وفي روايةٍ: ولو عَلم كراهيةً 3/ 54)؛ لم يُعْطِهِ. 40 - بابُ التِّجارَةِ فيما يُكْرَهُ لُبْسُهُ للرِّجالِ والنساءِ 995 - عن عائِشةَ أمِّ المؤمنين رضيَ اللهُ عنها أنها اشترتْ نُمْرُقَةً (56) فيها تَصاويرُ، (وفي روايةٍ: حَشَوْتُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - وسادةً فيها تماثيلُ، كأنها نُمْرُقَةٌ 4/ 82)، فلما رَآها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قامَ على البابِ، (وفي روايةٍ: بينَ البابيْنِ)، فلمْ يَدْخُلْهُ، فَعَرَفْت في وَجْهِهِ الكراهَةَ، (وفي لفظٍ: الكراهِيةَ 7/ 67)، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! أتُوبُ إلى اللهِ وإلى رسولهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ ماذا أذْنَبْتُ؟ فقالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ما بَالُ هذه النُّمرُقَةِ؟ ". قلتُ: اشتَرَيْتُها لك؛ لِتَقْعُدَ عليها، وتَوَسَّدَها، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " [أما عَلِمْتِ] أنَّ أصحابَ هذه الصُّوَرِ يومَ القيامَةِ يُعَذَّبونَ؟ فيُقالُ لهم: أَحْيُوا ماخَلَقْتُم". (وقال): "إنَّ البيتَ الذي فيهِ الصُّوَرُ لا تدخُلُهُ الملائِكَةُ". 41 - بابٌ صاحِبُ السِّلْعَةِ أحَقُّ بالسَّوْمِ (57) (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 48 - باب/ رقم الحديث 227).

_ (56) وسادة صغيرة. (57) يعني: أن صاحب المتاع أحق بذكر قدر معين للثمن.

42 - باب كم يجوز الخيار؟

42 - بابٌ كم يَجُوزُ الخِيارُ؟ 996 - عن ابن عُمَرَ رضي اللهُ عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن المُتَبايِعَيْنِ [كلُّ واحدٍ منهما 3/ 18] بالخِيارِ في بَيْعِهما [على صاحبه]؛ ما لم يَتَفَرَّقَا، أو يَكُونُ البيعُ خِياراً، (وفي روايةٍ: إذا تَبايَعَ الرَّجُلان فكُلُّ واحدٍ منهُما بالخيارِ؛ ما لم يتفرَّقا وكانا جميعاً، أو يُخَيِّرُ أحدُهُما الآخَرَ، فتَبايَعا على ذلك؛ فقد وَجَبَ البيع، وإن تَفَرَّقا بعد أن يتبايعا، ولم يترك واحدٌ منهما البَيْعَ؛ فقد وَجَبَ البيعُ)، (ومن طريق أخرى: كُلُّ بَيِّعَيْنِ لا بَيْعَ بينَهُما حتى يَتَفَرَّقا؛ إلا بَيْعَ الخيارِ) ". وقال نافعٌ: وكان ابنُ عُمَرَ إذا اشتَرى شيئاً يُعْجِبُهُ؛ فارَقَ صاحِبَهُ. 43 - بابٌ إذا لم يُوَقِّتْ في الخِيارِ؛ هَلْ يَجوزُ البَيْعُ؟ (قلتْ أشد فيه حديث ابن عمر المتقدم آنفاً). 44 - بابٌ البَيِّعانِ بالخِيارِ؛ ما لم يَتَفَرَّقا 419 - وبه قال ابنُ عمر. 420 - 424 - وشريحٌ، والشَّعْبِيُّ، وطاوسٌ، وعَطاءٌ، وابنُ أبي مُلَيْكَةَ. 45 - بابٌ إذا خَيَّرَ أحدُهُما صاحِبَهُ بعدَ البَيْعِ؛ فقد وَجَبَ البيع (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً).

_ 419 - وصله المصنف قبل بابين. 420 - 424 - وصله عن شريح والشعبي سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنهما، ووصله الإمام الشافعي في "الأم" بسندٍ صحيح عن طاوس، ووصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عن عطاء وابن أبي مليكة.

46 - باب إذا كان البائع بالخيار؛ هل يجوز البيع؟

46 - بابٌ إذا كان البائِعُ بالخِيارِ؛ هَلْ يَجوزُ البَيْعُ؟ 47 - بابٌ إذا اشترى شيئاً فَوَهَبَ مِن ساعَتِهِ قَبْلَ أن يَتَفَرَّقا، ولم يُنْكِرِ البائِعُ على المُشتري، أواشترى عبداً فأعْتَقَهُ 425 - وقال طاوس فيمَن يَشتَري السِّلْعَةَ على الرِّضا، ثم باعَها: وَجَبَتْ له، والرِّبْحُ له. 997 - عن ابن عُمَرَ رضي اللهُ عنهما قالَ: كُنَّا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فكُنْتُ على بَكْرٍ (58) صَعْبٍ (59) لعُمَرَ، فكان يَغْلِبُني، فيَتَقَدَّمُ أمامَ القومِ، فيَزْجُرُهُ عُمرُ، ويَرُدُّهُ، ثم يتَقَدَّمُ، فيزْجُرُه عُمرُ، ويَردُّهُ، (وفي روايةٍ: فكان يتقدَّمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فيقولُ أبوه: يا عبدَ اللهِ! لا يتقدَّمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أحدٌ 3/ 140)، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعُمَرَ: "بِعْنِيهِ". قالَ: هو لك يا رسولَ اللهِ! قالَ: "بِعْنِيهِ"، فباعَهُ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "هو لك يا عبدَ اللهِ بن عمرَ! تصْنَعُ بهِ ما شِئْتَ". 332 - عن عبد اللهِ بن عمر رضي اللهُ عنهما قال: بِعْتُ مِن أميرِ المؤمنين عُثمانَ مالاً بالوادي بمالٍ له بخيبَرَ، فلما تَبايَعْنا؛ رَجَعْتُ على عَقِبي، حتى خَرَجْتُ من بَيْتِه، خَشيَةَ أن يُرَادَّنِى البَيعَ، وكانتِ السُّنَّةُ أنَّ المُتبايِعَيْنِ بالخِيارِ؛ حتى يَتَفَرَّقا. قال عبد اللهِ: فلما وَجَبَ بيعي وَبَيْعُهُ؛ رَأَيْتُ أَنِّى قَدْ غَبَنْتُهُ بِأَنِّى سُقْتُهُ إِلَى أَرْضِ ثَمُودٍ بِثَلاَثِ

_ 425 - وصله سعيد بن منصور وعبد الرزاق بسند صحيح عنه. (58) و (59) ولد الناقة أول ما يركب، والصعب؛ أي: النفور. 332 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله الإسماعيلي وأبو نعيم والبيهقي بسند صحيح، وهو مخرج عندي في "بيوع الموسوعة الفقهية".

48 - باب ما يكره من الخداع في البيع

ليالٍ، وساقني إلى المدينةِ بثلاثِ ليالٍ. 48 - بابُ ما يُكْرَهُ من الخِداع في البيع 998 - عن عبد اللهِ بن عمرَ رضي اللهُ عنهما أَنَّ رَجُلاً ذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ يُخْدَعُ في البُيوعِ، فقالَ: "إذا بايَعْتَ فقُلْ: لا خِلابَةَ" (60)، [فكان الرجل يقوله 3/ 87]. 49 - بابُ ما ذُكِرَ في الأسواقِ 426 - وقال عبدُ الرحمن بنُ عَوْفٍ: لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ؛ قُلْتُ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعٍ. 427 - وقالَ أنسٌ: قالَ عبد الرحمن: دُلُّوني على السوقِ. 428 - وقالَ عُمَر: ألْهاني الصَّفْقُ بالأسواقِ. 999 - عن عائشة رضي اللهُ عنها قالت: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَغْزو جَيْشٌ الكَعْبَةَ، فإذا كانوا ببيداءَ مِن الأرْضِ؛ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وآخِرِهم". قالت: قلتُ: يا رسول اللهِ! كيف يُخْسَفُ باولِهم وآخِرِهم، وفيهم

_ (60) أي: لا خديعة. 426 - وصله المصنف فيما تقدم رقم (996). 427 - وصله المؤلف فيما تقدم رقم (997). 428 - وصله المؤلف في "الاعتصام"، وسيأتي في "79 - الاستئذان/ 13 - باب".

أسواقُهُم (61)، ومَن ليسَ منهُم؟! قال: "يُخْسَفُ بأولِهم وآخِرِهم، ثم يُبْعَثونَ على نِيَّاتهم". 1000 - عن أنس بن مالكٍ رضي اللهُ عنه قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في السُّوقِ، فقال (وفي روايةٍ: دعا) رجلٌ [بالبقيع]: يا أبا القاسم! فالتَفَتَ إليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: [لم أعْنِكَ]، إنَّما دَعَوْتُ هذا، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "سَمُّوا باسْمي، ولا تَكَنَّوْا بكُنيَتي". 1001 - عن أبي هريرة الدَّوْسِيِّ رضي اللهُ عنه قال: خَرَجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في طائفةِ النَّهارِ، لا يُكَلِّمُني، ولا أكَلِّمُه؛ حتى أتى سوقَ بني قَيْنُقاع، [فانصرفَ، فانصرفتُ 7/ 55] (*)، فجَلَسَ بفِناءِ بيتِ فاطمَةَ (62)، فقال: "أثَمَّ لُكَعُ؟ أثَمَّ لُكَعُ؟ [وفي روايةٍ: أين لُكَع؟ (ثلاثاً)، ادع الحسنَ بن علي] "، فحَبَسَتْه شيئاً، فظَنَنْتُ أنَّها تُلبِسُهُ سِخاباً، أوتُغَسِّلُهُ، فجاءَ يشتَدُّ [وفي عنقه السِّخاب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده

_ (61) أي: أهل أسواقهم الذين يبيعون ويشترون. (*) قلت: خفيت هذه الزيادة على الحافظ كما خفيت على الداودي الذي جزم بأن في الحديث سقطاً، وأيده الحافظ، ثم أثبت السقط من رواية مسلم (7/ 130) بلفظ: "حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف حتى أتى فاطمة". فأنت ترى أن الانصراف المذكور في رواية مسلم ثابت عند المصنف أيضاً! وهذا من الأمثلة الكثيرة التى تؤكد دقة هذا المختصر، وجمعه الزيادات والروايات في الحديث الواحد، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. (62) قوله: (فجلس بفناء بيت فاطمة) عطف على مقدر: أي: ثم رجع، فجلس، فسألها عن سيدنا الحسن. (فحبسته شيئاً)، أي: حيناً قليلاً. يقول الراوي: (فظننت أنها تلبسه سخاباً)، أي: قلادة من طيب أو تغسله.

50 - باب كراهية السخب في السوق

هكذا، فقالَ الحَسَنُ بيده هكذا]، حتى عانقهُ وقبَّلَهُ، وقال: "اللهمَّ! [إنِّي أحبُّهُ، فَـ] أَحْبِبهُ، وأحِبَّ مَن يُحِبُّهُ). [قال أبو هريرة: فما كان أحدٌ أحبَّ إليَّ من الحسن بن علي بعد ما قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما قال]. 1002 - عن عبيد اللهِ (*) أنه رأى نافِعَ بنَ جُبَير أوتر بركعةٍ. 50 - بابُ كراهِيَةِ السَّخَبِ (63) في السُّوقِ 1003 - عن عطاءِ بنِ يسارٍ قالَ: لقيتُ عبد اللهِ بنَ عمرو بن العاص رضي اللهُ عنهما؛ قلتُ: أخبِرني عن صِفةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في التوراة، قال: أجَلْ؛ واللهِ إنَّه لموصوفٌ في التَّوراةِ ببعضِ صفتِهِ في القرآنِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}، وحِرْزاً للأمِّيينَ، أنتَ عبدي ورَسُولي، سَميْتُكَ المُتَوَكِّل، ليس بفَظٍّ، ولا غليظٍ، ولا سَخَّابٍ في الأسواقِ، ولا يَدْفَعُ بالسَّيِّئةِ السَّيِّئةَ، ولكنْ يَعْفو ويَغْفِرُ (وفي روايةٍ: ويَصْفَحُ 6/ 45)، ولَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ حتَى يُقيمَ بهِ المِلَّةَ العَوْجاءَ، بأنْ يقولوا: لا إلهَ إلا اللهُ، ويَفْتَحَ بها (64) أعيُناً عُمياً، وآذاناً صُمّاً، وقُلوباً غُلفاً.

_ (*) هو ابن أبي يزيد المكي، مولى آل قارظ شيخ ابن عيينة في إسناد الحديث الذي قبله، وإنما ساقه المصنف هنا لبيان لقي عبيد الله لنافع بن جبير، فلا تضر العنعنة في الإسناد الذي قبله. أفاده الحافظ. (63) بالسين، وبالصاد بدلها؛ رفع الصوت بالخصام ونحوه. (64) أي: بكلمة التوحيد.

51 - باب الكيل على البائع والمعطي

333 - وقال سعيدٌ عن هِلالٍ عن عطاءٍ عن ابنِ سَلامٍ. (غُلْفٌ): كلُّ شيءٍ في غِلافٍ، وسَيْفٌ أغْلَفُ، وقَوْسٌ غَلفاءُ، ورَجُلٌ أغْلَفُ: إذا لم يَكُنْ مَختوناً. قالَهُ أبو عبد اللهِ. 51 - بابٌ الكَيْلُ على البائِعِ والمُعْطي لقولِ اللهِ تعالى: {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}؛ يعني: كالوا لَهُم، أو وَزَنوا لهم، كَقَوْلهِ: [يسْمَعونَكُم}: يسمعونَ لكُم 334 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اكْتالوا حتى تَسْتَوفوا". 335 - ويُذْكَرُ عن عثمان رضي اللهُ عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا بِعْتَ فكِلْ، وإذا ابْتَعْتَ فاكتَلْ". 1004 - عن عبد اللهِ بن عُمَر رضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن ابتاعَ طَعاماً؛ فلا يَبيعُهُ حتى يَستوفِيَهُ (ومن طريق آخر: حتى يَقبضَهُ 3/ 23) ". 1005 - عن جابرٍ رضي اللهُ عنه قالَ: تُوفيَ [أبي 3/ 171] عبد اللهِ بن

_ 333 - وصله الدارمي، ويعقوب بن سفيان في "تاريخه"، والطبراني، وغرض المؤلف من هذا التعليق بيان أن سعيداً- وهو ابن أبي هلال خالف راوي الرواية الأولى- وهو فليح بن أبي سليمان في تعيين الصحابي، فسماه هذا: عبد الله بن عمرو، وقال سعيد: ابن سلام. 334 - وصله النسائي وابن حبان من حديث طارق بن عبد الله المحاربى، مرفوعاً، وفيه قصة، وصححه ابن حزم. انظر: "أحاديث البيوع". 335 - وصله أحمد وابن ماجه والبزار والدارقطني من طريقين عنه، وهو مخرج في "أحاديث البيوع".

عمرو بن حَرامٍ [يومَ أحُدٍ شهيداً 3/ 84]، [وترك ستَّ بناتٍ3/ 199]، [وترك عليه دَيْناً] [ثلاثينَ وَسْقاً (65) لرَجُلٍ مِن اليهود، فاستنظره جابرٌ، فأبى أن يُنْظِرَه]، [فاشتَدَّ الغُرَماءُ في حقوقِهم]، [فعَرَضْتُ على غُرَمائِهِ أن يأخذوا التمرَ بما عليه، فأبَوْا، ولم يَرَوْا أنَّ فيه وفاءً]، فاستعنْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: فاستَشْفَعْتُ به) على غُرَمائِهِ أن يضعوا من دَيْنِه، فطلب النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فلم يَفْعَلوا (وفي روايةٍ: فقلت: إنَّ أبي [استُشهِدَ يومَ أحدٍ، و] ترك عليه ديناً [كثيراً]، وليس عندي إلا ما يُخرجُ نَخلُه، ولا يبلغُ ما يُخرِجُ سنينَ ما عليه، فانطلقْ معي لكيلا يُفْحِشَ عليَّ الغُرماءُ 4/ 172)، (وفي طريق ثانٍ: فسألهم أن يقبلوا ثَمَرَ حائِطي (66)، ويُحلِّلوا أبي، فأبوا، فلم يعطِهِم النبي - صلى الله عليه وسلم - حائطي، ولم يَكْسِرْهُ لهم، ولكن قال: "سأغدو عليك" 3/ 138)، فقال لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اذهب؛ فصَنِّفْ (وفي روايةٍ: فبَيْدِر) تمْرَكَ أصنافاً: العجوةَ (67) على حِدَةٍ، وعِذقَ (68) [ابن] زيدٍ على حِدةٍ، [والليِّنَ (69) على حدة، ثم أحْضِرْهم]، ثم أرسِلْ إليَّ [حتى آتِيَكَ] ". ففعَلْتُ، ثم أرسلتُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[فغدا علينا حين أصبحَ]، [ومعه أبو بكرٍ وعمرُ]، [فلما نَظَروا إليه؛ أُغْروا (70) بي تلك الساعة]، [فمشى حول

_ (65) مِكْيَلَةٌ معلومة، وهي حمل بعير، وهو ستون صاعاً بصاع النبي - صلى الله عليه وسلم -. "لسان العرب". (66) أي: بستاني. (67) هي ضرب من أجود التمر بالمدينة. (68) نوع من التمر رديء، والعَذَق: بفتح العين: النخلة، وبالكسر: العرجون. (69) هو اللون، وهو ما عدا العجوة، وقيل: هي الدقل، وهو رديء. (70) أي: لجوا في مطالبتي وألحوا.

بيدرٍ من بيادرِ التمرِ، فدعا، ثم آخر]، فجلس على أعلاه، أو في وسطِه، (وفي روايةٍ: فلما رأى ما يصنعون؛ أطاف حول أعظمِها بيدراً (ثلاث مرات)، ثم جَلَسَ عليه، ثم قال: "ادعُ أصحابَك": وفي رواية أخرى: (غرماءَكَ، فأوْفِهِم")، ثم قال: "كِلْ للقومِ"، فكِلْتُهم حتى أوفَيْتُهم الذي لهُم، وبقي تمري كأنه لم ينقُصْ منه شيءٌ (وفي روايةٍ: فما زال يكيلُ لهُم حتى أدَّى اللهُ أمانَة والدي، وأنا واللهِ راضٍ أن يؤدي اللهُ أمانة والدي، ولا أرجع إلى إخوتي بتمرةٍ، فسلِمَ واللهِ البيادِرُ كلُّها؛ حتى إني أنظرُ إلى البيدرِ الذي عليه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كأنه لم ينقُصْ منه تمرة واحدة)، (وفي طريق ثالثٍ: ثم قال لجابر: "جُدَّ له (71)، فأوفِ له الذي له"، فجَدَّه بعدما رَجَع رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأوفاه ثلاثين وَسْقاً، وفضلت له سبعةَ عشرَ وَسْقاً (وفي روايةٍ: ثلاثة عشر وسقاً: سبعةٌ عجوةٌ، وستةٌ لونٌ، أو ستةٌ عجوةٌ، وسبعةٌ لونٌ)، فجاءَ جابرٌ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ليخبره بالذي كان، فوجده يصلي العصرَ، (وفي الطريق الثالثة: المغربَ. 336 - وفيها معلقة: الظهرَ)، فلما انصرف أخبره بالفضل

_ (71) من" الجداد" بالفتح والكسر، وهو صرم النخل وقطع ثمرتها. 336 - لم يخرجها الحافظ، وقد وجدتها في "مسند أحمد" (3/ 398) في هذه القصة من طريق نبيح العنزي عن جابر مطولاً، وفيه أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جاءه وسط النهار ... وفيه: "فنظرت إلى السماء، فإذا الشمس قد دلكت (أي: زالت)؛ قال: الصلاة يا أبا بكر! فاندفعوا إلى المسجد. فقلت: قرِّبْ أوعيتك. فكِلْتُ له من تمره، فوفاه الله، وفضل لنا من التمر كذا وكذا. فجئت أسعى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجده، كأنه شرارة، فوجدتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قد صلى ... ". وإسناده صحيح. والدلوك وإن كان يُراد به الغروب أحياناً، فالسياق هنا يأباه، ويشهد أن المراد به زوالها عن وسط السماء، وهو وقت الظهر. على أن هذا المعنى هو الراجح عند العلماء في قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}، فانظر "تفسير البغوي"، و"تفسير ابن كثير"، و"لسان العرب".

[فضحكَ]، فقال: "أخبر ذلك ابن الخطاب"، فذهبَ جابرٌ إلى عُمرَ، فأخبرَهُ، فقال له عمر: لقد علمتُ حين مشى فيها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُبارَكَنَّ فيها، (وفي روايةٍ: فقال: "ائتِ أبا بكرٍ وعمرَ، فأخْبِرهما"، فقالا: لقد علمنا إذ صنع رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما صَنَعَ أن سيكون ذلك)، (وفي أخرى: ثم جئتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو جالسٌ، فأخبرتُه بذلك، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لعمرَ: "اسمَعْ- وهو جالسٌ - يا عمرُ! "، فقالَ عُمَرُ: ألاَّ يكون قد علِمنا أنك رسولُ اللهِ؟! واللهِ إنك لرسولُ اللهِ 3/ 138). (وفي طريق رابعة عنه قال: كان بالمدينة يهوديٌّ، وكان يُسْلِفُني في تمري إلى الجِذَاذِ (72)، وكانت لجابر الأرض التي بطريق رُومَة، فجَلَسَتْ (73)، فخلا عاماً، فجاءني اليهودي عند الجِذاذِ، ولم أجُدَّ منها شيئاً، فجعلتُ أستنظره إلى قابلٍ، فيأبى، فأُخبِرَ بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال لأصحابه: "امشوا نستنظر لجابرٍ من اليهوديِّ"، فجاؤوني في نخلي، فجعلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يكلِّم اليهودِيّ، فيقول: أبا القاسم! لا أنظِرُه، فلما رآهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قام فطاف في النخل، ثم جاءه، فكلَّمه، فأبى، فقمتُ، فجئتُ بقليل رُطَبٍ، فوضعتُه بين يدي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأكلَ (*)، ثم قال: "أين عريشُك يا جابرُ! "، فأخبرتُه، فقال: "افرش لي فيه"، ففَرَشْتُه، فدخلَ، فرقَدَ، ثم استيقظَ، فجئتُه بقبضةٍ أخرى، فأكلَ منها، ثم قام، فكلم اليهودي، فأبى

_ (72) بالجيم والذال المعجمة، وهو قطع العراجين، كما في "الفتح". (73) أي: الأرض، أي: تأخرت عن الإثمار. (فخلا) من الخلو، أي: تأخر السلف. (*) قلتُ: وفي رواية لأحمد (3/ 391) من طريق عمار بن أبي عمار عن جابر: قال: " ... ثم أتيناهم برطب وماء، فأكلوا وشربوا، ثم قال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه". وإسناده صحيح على شرط مسلم.

52 - باب مايستحب من الكيل

عليه، فقام في الرِّطاب في النخل الثانية ثم قالَ: "يا جابر! جُذَّ واقْضِ"، فوقف في الجَدادِ، فجَدَدْتُ منها ما قَضَيْتُه، وفَضَلَ منه، فخرجت حتى جئتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فبشّرتُه، فقال: "أشهدُ أني رسول اللهِ" 6/ 211). قال أبو عبد اللهِ 3/ 199: (أُغْرُوا بي): يعني هيّجوا بي، {فأغْرَيْنا بَيْنَهُم العَداوَةَ والبَغْضاءَ}. (عُروشٌ وعَريشٌ): بناء. 429 - وقالَ ابن عباس: (معروشات): ما يُعرش من الكروم وغير ذلك، يُقال: عروشها: أبنيتها. (فخلا): ليس عندي مقيداً. ثم قال محمد بن إسماعيل: (فجَلَّى): ليس فيه شك 6/ 211. 52 - بابُ مايُستَحبُّ مِن الكَيْلِ 1006 - عن المِقْدام بن مَعدي كَرِب رضي اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كيلوا طعامَكُم يُبارَكْ لكُم". 53 - بابُ بَرَكَةِ صاعِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ومُدِّهِ

_ 429 - قال الحافظ (8/ 215): وصله ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس. قلت: ووصله ابن جرير الطبري أيضاً في (تفسيره) (8/ 39) من هذا الوجه، لكنه قال: "عطاء الخراساني"، وعليه فهو منقطع ضعيف؛ لأن عطاء هذا لم ير ابن عباس، وفيه ضعف من قبل حفظه.

54 - باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة

337 - فيه عائشةُ رضي اللهُ عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 1007 - عن عبد اللهِ بن زيدٍ رضيَ اللهُ عنهُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ إبراهيمَ حرَّمَ مكَّةَ، ودعا لها، وحَرَّمْتُ المدينةَ، كما حرَّمَ إبراهيمُ مكةَ، ودعوتُ لها في مُدِّها، وصاعِها، مثلَ ما دعا إبراهيمُ لمكَّةَ". 54 - بابُ ما يُذْكَرُ في بيعِ الطعامِ والحُكْرَةِ (74) 1008 - عن عبد اللهِ بن عُمَرَ رضي اللهُ عنه قال: رأيتُ الذينَ يشترونَ الطعامَ مُجازَفَةً (75)؛ يُضْرَبون على عَهْدِ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يَبيعوه [في مكانهم 8/ 32]، حتى يُؤْوهُ إلى رحالِهِم. (وفي طريق: كانوا يَشْتَرونَ الطعامَ مِن الرُّكبانِ على عَهْدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فيَبْعَثُ عليهِم مَن يَمْنَعُهم أن يَبيعوه حيث اشتَرَوْهُ، حتى يَنْقُلُوهُ حيثُ يُباعُ الطعامُ 3/ 20). 1009 - عن ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما "أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يَبيعَ الرجُلُ طعاماً حتى يَستوْفِيَهُ"، (وفي روايةٍ: أمَّا الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو الطعامُ أن يُباعَ حتى يقبضَ، قال ابن عباس: ولا أحسِبُ كلَّ شيءٍ إلا مثله 3/ 23)، قلتُ لابن عباسٍ: كيف ذاك؟ قال: ذاكَ دراهِمُ بدراهِمَ، والطعامُ

_ 337 - يشير إلى حديثها المتقدم في "فضائل المدينة" برقم (914) موصولاً، وفيه: "اللهم بارك لنا في صاعنا وفي مدنا". (74) الحكرة: اسم من الاحتكار، ويكون في وقت الغلاء مع حاجة الناس. (75) أي: من غير كيل ولا وزن. قوله: "حَتَّى يؤووه إلى رحالِهم"، أي: ينقلوه إلى منازلهم: يعني البيع قبل القبض.

55 - باب بيع الطعام قبل أن يقبض، وبيع ما ليس عندك

مُرجأ (76). 55 - بابُ بَيْعِ الطعامِ قبلَ أنْ يُقْبَضَ، وبَيْع ما ليسَ عندَكَ 56 - بابُ مَن رأى إذا اشترى طعاماً جِزافاً (77) أن لا يبيعَه حتى يُؤويَهُ إلى رَحْلِهِ، والأدب في ذلك (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم آنفاً برقم 1009). 57 - بابٌ إذا اشترى متاعاً أو دابَّةً، فوضعه عند البائِعِ أو ماتَ قبل أنْ يُقْبَضَ 430 - وقال ابن عمر رضي اللهُ عنهما: ما أدركتِ الصَّفْقَةُ حياً مجموعاً فهو من المبتاعِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي "63 - المناقب/ 43 - باب"). 58 - بابٌ لا يَبيعُ على بَيْعِ أخيهِ، ولايَسومُ على سَوْمِ أخيهِ؛ حتى يأذَنَ لهُ أو يَتْرُكَ 1010 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: "نهى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يبيعَ (وفي روايةٍ: لا يَبيعُ 3/ 175) حاضِرٌ لبادٍ، (وفي طريق ثانٍ: نهى عن التَّلَقِّي، وأن يَبْتاعَ المهاجرُ للأعرابي 3/ 176)، ولا

_ (76) أي: مؤخر غير مقبوض. (77) الجزاف: هو المجازفة، وذكر الشارح تثليثَ الجيم. 430 - وصله الطحاوي (2/ 204)، والدارقطني؛ بسند صحيح.

59 - باب بيع المزايدة

تناجَشوا (78)، ولا يبيع الرجلُ (وفي الرواية الأخرى: ولا يزيدَنَّ) على بيعِ (وفي الطريق الأخرى: وأن يستامَ الرجُلُ على سَوْمِ) أخيه، ولا يَخْطِبُ [ـنَّ] على خِطبةِ أخيهِ، ولا تسألِ (وفي الطريق الأخرى: ونهى أن تشترط) المرأةُ، (وفي طريق ثالثٍ: لا يَحِلُّ لامرأة أن تسألَ 6/ 138) طلاقَ أختها؛ لتكْفَأ ما في إنائِها. (وفي طريق رابع: لتستفرغَ صَحْفَتَها، ولْتَنْكِحْ؛ فإنَّ [ما] لها ما قُدِّرَ لها 7/ 211) ". 59 - بابُ بَيْعِ المزايَدَةِ 431 - وقال عطاءٌ: أدركتُ الناسَ لا يَرَوْنَ بأساً بِبَيْعِ المغانِم فيمَنْ يَزيدُ. 1011 - عن جابر بنِ عبد اللهِ رضي اللهُ عنهما؛ أنَّ رجلاً أعتق غلاماً لهُ عن دُبُرٍ (79)، فاحتاجَ، فأخَذَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "مَن يشتريهِ مِنِّي؟ "، فاشتراهُ نُعَيْمُ بنُ عبد اللهِ بكذا وكذا، فدَفَعَهُ إليه. (وفي روايةٍ: باعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُدَبَّرَ 3/ 42). 60 - بابُ النَّجْشِ، ومَن قالَ: لا يجوزُ ذلك البيع 432 - وقالَ ابنُ أبي أوفى: "الناجِش آكلُ رباً خائِنٌ"، وهو خِداعٌ باطلٌ لا يَحِلُّ.

_ (78) من النجشِ، وهو أن يزيد في الثمنِ بلا رغبة، بل ليغرَّ غيره. 431 - وصله ابن أبي شيبة عنه نحوه. (79) أي: علق مالكه عتقه بموت مالكه، سمي بذلك لأن الموت دبر الحياة. 432 - وصله المؤلف في "الشهادات" (3/ 161)، وسيأتي في آخر حديث لابن أبي أوفى في "65 - التفسير/ 3 - باب- آل عمران/ 3 - باب".

61 - باب بيع الغرر وحبل الحبلة

338 - قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الخَديعَةُ في النارِ". 339 - و"مَن عمِلَ عملاً ليس عليهِ أمْرُنا فهو رَدٌّ". 1012 - عن ابن عمر رضيَ اللهُ عنهما قال: "نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن النَّجْشِ". 61 - بابُ بيعِ الغَرَرِ (80) وحَبَلِ الحَبَلَةِ 1013 - عن عبد اللهِ بن عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهما "أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى عنْ بيعِ حَبَلِ الحَبَلَةِ (81) "، وكان بَيْعاً يتبايَعُهُ أهلُ الجاهلِيَّةِ، كانَ الرجلُ يبتاعُ الجَذورَ إلى أن تُنْتَجَ النَّاقَةُ [ما في بطنِها 4/ 236]، ثم تُنْتَجَ التي في بطنها. 62 - بابُ بيعِ الملامَسَةِ (82)

_ 338 - وصله الطبراني وابن عدي وغيرهما من طرق عن غير واحد من الصحابة، وهو بمجموعها قوي كما بينته في "الأحاديث الصحيحة" (1057). 339 - وصله مسلم (5/ 132) من حديث عائشة مرفوعاً به، والمؤلف نحوه فيما يأتي "53 - الصلح/ 5 - باب". (80) بيع الغرر: شامل لبيع الآبق والمعدوم والمجهول وما لا يُقدر على تسليمه. وقوله: (وحَبَلَ الحَبَلَةِ) من عطف الخاص على العام، ولشهرته في الجاهلية أُفْرِدَ بالتنصيص عليه. (81) الحَبَل- بفتحتين-: الحمل. وحَبَل الحَبَلة: نتاج النتاج، وولد الجنين، والجَزور من الإبل؛ يقع على الذكر والأنثى، وغير الجزور كالجزور في الحكم. ومعنى (تنتج): تلد. وهو من الأفعال التي لم تسمع إلا مجهولة. (82) أي: لمس الثوب لا ينظر إليه.

63 - باب بيع المنابذة

340 - قال أنسٌ: نهى عنْهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. 63 - بابُ بيْعِ المنابَذَةِ (83) 341 - وقال أنسٌ: نهى عنهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. 64 - بابُ النَّهي للبائِع أن لا يُحَفِّلَ الإبلَ والبقَرَ والغَنَمَ وكلَّ مُحَفَّلةٍ (84)، و (المُصَرَّاةُ): التي صُرِّي لَبَنُها، وحُقِنَ فيه، وجُمِعَ، فلم يُحْلَبْ أياماً. وأصل (التَّصْريةِ): حَبْسُ الماء يقال منه: صَرَّيْت الماءَ. 1014 - عن عبد اللهِ بن مسعود رضي اللهُ عنه قال: مَن اشتَرى شاةً مُحَفَّلَةً فرَدَّها؛ فليَرُدَّ معها صاعاً، [قال: 3/ 28] "ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تُلَقَّى البُيوعُ". 1015 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَلَقَّوُا الرُّكبانَ، ولايَبيعُ بعضُكُم على بيعِ بعْضٍ، ولاتَناجَشوا، ولا يَبيعُ حاضِرٌ لِبادٍ (85)، ولا تُصَرُّوا [الِإبل و] الغنمَ، ومَن ابتاعَها؛ فهو بخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ بعدَ

_ 340 - يأتي حديثه بتمامه موصولاً "93 - باب". (83) أن يقول الرجل: أبق ما معك، وألقي إليك ما معي، يشتري كل واحد منهما من الآخر، لا يدري ما معه. 341 - هو طرف من حديثه المشار إليه آنفاً. (84) عطف على المفعول من عطف العام على الخاص، أي: وكل مصراة من شأنها أن تحفل، والتحفيل مثل التصرية، وفسرها المؤلف. (85) هو أن يقولَ الحاضر لمن يقدم من البادية بمتاع ليبيعه بسعر يومه: اتركه عندي؛ لأبيعه لك بأغلى. وقوله: "لا تُصَرُّوا"؛ بضم أوله وفتح ثانيه، بوزن (تزكوا)؛ يقال: صرَّى يصَرِّي تَصْرِيةً.

65 - باب إن شاء رد المصراة، وفي حلبتها صاع من تمر

أن يَحْتَلِبَها، إن رَضِيَها أمْسَكَها، وإن سَخِطَها ردَّها وصاعاً (وفي طريق: ففي حَلْبَتِها صاعٌ) مِن تمرٍ (342 - وفي روايةٍ: من طعامٍ، وهو بالخيارِ ثلاثاً، والتمرُ أكثر (86)). 65 - بابٌ إنْ شاءَ رَدَّ المُصَرَّاةَ، وفي حَلْبَتها صاعٌ مِن تَمْرٍ (قلت: أسند في حديث أبي هريرة السابق). 66 - بابُ بَيْعَ العبْدِ الزَّاني 433 - وقال شرَيْحٌ: إن شاءَ رَدَّ مِن الزِّنا 1016 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا زَنَتِ الأمةُ، فتَبَيَّنَ زِناها، فلْيَجْلِدْها [الحدَّ 3/ 42] ولا يُثَرِّبْ (87)، ثم إن زَنَتْ فليَجْلِدْها [الحدَّ] ولا يُثَرِّبْ، ثم إن زَنَتْ الثالثةَ، [فتبين زناها]؛ فليَبِعْها ولو بِحَبْلٍ مِن شَعَرٍ. (وفي روايةٍ: ولو بضَفيرٍ 3/ 125) ". 1017 و 1018 - عن أبي هريرة وزَيْد بن خالدٍ رضيَ اللهُ عنهما؛ أنَّ

_ 342 - هذه الرواية معلقة عند المصنف، وقد وصلها مسلم في "صحيحه" (5/ 6)، وهي من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة. (86) يعني أن الروايات الناصة على التمر أكثر عدداً من الروايات التي لم تنص عليه، أو أبدلته بذكر الطعام. قلت: فهي أرجح رواية ودراية، أما الروايةٍ: فلما ذكره المؤلف، وأما الدراية: فلأن رواية الطعام تبينها روايات التمر كما هو ظاهر. 433 - وصله سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه. (87) التثريب: التعيير والاستقصاء في اللوم.

67 - باب البيع والشراء مع النساء

رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن الأمَةِ إذا زنَتْ ولم تُحْصِنْ (88)؛ قال: "إنْ زَنَت فاجْلِدوها، ثم إنْ زَنَتْ فاجْلِدوها، ثم إن زَنَتْ فـ[اجلدوها، ثم 8/ 29] بيعوها، ولو بِضفير". قال ابن شِهاب: لا أدري بعدَ الثالثةِ أو الرابعة؟ 67 - بابُ البيعِ والشراءِ مع النساءِ 1019 - عن عبد اللهِ بن عُمرَ رضي اللهُ عنهما أنَّ عائشةَ رضي اللهُ عنها ساوَمَت بَريرةَ [لتعتقَها، فقال أهلها: [نبيعُكِها 3/ 29] على أنَّ ولاءَها لنا 3/ 127]، فخرج (89) إلى الصلاةِ، فلما جاءَ قالتْ: إنَّهُم أبَوْا أن يَبيعوها إلاَّ أن يشتَرطوا الولاءَ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ["لا يَمنعكِ ذلك، فـ] إنَّما الولاءُ لمَنْ أعتَقَ". قلت لنافعٍ: حراً كان زوْجُها أو عَبْداً؟ فقال: ما يُدْريني (*)؟ 68 - بابٌ هل يَبيعُ حاضرٌ لِبادٍ بغيرِ أجرٍ؟ وهل يُعينُه أو يَنْصَحُه؟ 343 - وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا استَنْصَحَ أحدُكم أخاهُ، فلْيَنْصَحْ لهُ".

_ (88) بكسر الصاد وفتحها، ويروى: (ولم تحض) من باب التفعيل، ذكره الشارح، ومعناه لم تعفّ. (89) يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -. (*) قلت: قد صح عن ابن عباس أنه كان عبداً، وسيأتي حديثه في "68 - الطلاق/ 15 - باب". 343 - وصله أحمد (4/ 259) عن رجل، وهو عنده (2/ 372 و 412) في حديث لأبي هريرة، ورواه مسلم، وراجع "الصحيحة" (1855).

69 - باب من كره أن يبيع حاضر لباد بأجر

434 - ورخص فيه عطاء (90). 1020 - عن ابن عباس رضي اللهُ عنهما قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَلَقَّوُا الرُّكبانَ، ولا يَبيعُ حاضِرٌ لِبادٍ". قال: قلتُ لابن عباس: ما قَوْلُهُ: "لا يبيعُ حاضِرٌ لِبادٍ"؟ قال: لا يكون له سِمْساراً (91). 69 - بابُ مَن كَرِهَ أن يَبيعَ حاضِرٌ لِبادٍ بأجْرٍ 1021 - عن عبد اللهِ بن عُمَرَ رضي اللهُ عنهما قالَ: "نهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يَبيعَ حاضِرٌ لِبادٍ". 435 - وبه قال ابن عباس. 70 - بابٌ لا يبيعُ حاضِرٌ لِبادٍ بالسَّمْسَرَةِ 436 و 437 - وكَرِهَهُ ابن سيرينَ، وإبراهيمُ للبائعِ والمُشْتَري. قال إبراهيمُ: إنَّ العربَ تقولُ: بِعْ لي ثَوْباً. وهي تعني: الشراء. 1022 - عن أنس بن مالك رضي اللهُ عنه قال:

_ 434 - وصله عبد الرزاق بإسناد جيد عنه. (90) أي: في هذا البيع، وهو أن يبيع حاضر لباد بغير أجرة. (91) أي: دلالاً بالأجرة. 435 - يعني حيث فسر ذلك بالسمسار؛ كما في الحديث الذي قبله. 436 و437 - أما ابن سيرين؛ فوصله أبو عوانة في "صحيحه" عنه، وأما إبراهيم النخعي فلم يقف عليه الحافظ.

71 - باب النهي عن تلقي الركبان، وأن بيعه مردود؛ لأن صاحبه عاص آثم إذا كان به عالما، وهو خداع في البيع، والخداع لا يجوز

"نُهينا أنْ يَبيعَ حاضِرٌ لِبادٍ". 71 - بابُ النَّهيِ عن تَلَقِّي الرُّكبانِ، وأنَّ بَيْعَهُ مَردودٌ؛ لأنَّ صاحِبَهُ عاصٍ آثمٌ إذا كان بهِ عالِماً، وهو خِداعٌ في البيع، والخداعُ لا يجوزُ 1023 - عن عبد اللهِ بن عُمر رضي اللهُ عنهما أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبيعُ بعضُكُم على بيعِ بعضٍ، ولا تَلَقَّوُا السِّلَعَ حتى يُهْبَطَ بها إلى السُّوقِ". (وفي رواية عنه قال: كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكبانَ [في أعلى السوقِ]، فنشترِي منهُم الطعامَ [في مكانهم]، فنَهانا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَبيعَهُ حتى يُبْلَغَ بهِ سوقُ الطعامِ (وفي روايةٍ: فنهاهم رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَبيعوهُ في مكانِهِ حتى يَنْقُلوهُ). قال أبو عبد اللهِ: هذا في أعلى السوقِ، ويُبَيِّنُه حديث عُبَيد اللهِ (*). 72 - بابُ مُنْتَهى التَّلَقِّي (قلت: أسند في حديث ابن عمر المتقدم في الباب السابق). 73 - بابٌ إذا اشترط شُروطاً في البَيْعِ لا تَحِلُّ 1024 - عن عائشة رضي اللهُ عنها قالت: جاءتني بَريرةُ فقالتْ: [إني 3/ 127] كاتَبْتُ أهْلي على تِسْعِ أواقٍ، في كل عامٍ وَقِيَّةٌ (344 - وفي رواية معلقةٍ:

_ (*) قلت: ساقه عقب هذا، وفيه الزيادتان المذكورتان فيه. 344 - وصلها الذهلي في "الزهريات"، وفيها أبو صالح كاتب الليث، وفيه ضعف، ولذلك قال الحافظ: "والمحفوظ الرواية الأولى".

وعليها خمسةُ أواقٍ نُجِّمَتْ عليها في خمس سنين 3/ 126)، فأعينيني، [ولم تكن قَضَتْ مِن كِتابَتها شيئاً 3/ 127]، فقلتُ-[ونَفِسَتْ فيها]-: إِنْ أَحَبَّ أهلُكِ أن أعُدَّها لهم [عَدَّةً] (وفي طريق: أَنْ أَصُبَّ لهُم ثَمَنَكِ صَبَّةً واحدةً)، [وأعتِقَكَ]، ويكون ولاؤك لي؛ فعلتُ، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم، فأبَوْا عليها، [وقالوا: إن شاءت أن تَحْتَسبَ عليك؛ فَلْتَفْعَلْ، ويكونَ ولاؤك لنا]، فجاءت من عندهم، ورسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ، فقالت: إني [قد 3/ 177] عَرَضْتُ ذلك عليهم، فأبَوْا إلا أنْ يكونَ الولاءُ لهم، فسمع [بذلك] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، [فسألني؟]، فأخبرتْ عائشةُ رضي اللهُ عنها النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "خذيها، (وفي روايةٍ: ابتاعي فأعتقي. وفي المعلَّقة: اشتريها فأعتقيها)، واشْتَرطي لهُم الوَلاءَ، (وفي طريقٍ: لو شِئْتِ شرَطْتيهِ لهُم 6/ 208)، فإنما الولاء لمن أعتق، (وفي طريق: لمن أعطى الوَرِقَ، وولي النعمة 8/ 11) ". [قالت عائشةُ]: ثم قامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في الناس [من العَشِيِّ 27/ 3] [على المنبر 1/ 117]، فحَمِدَ اللهَ تعالى، وأثنى عليه [بما هو أهله]، ثم قال: "أما بعدُ؛ ما بالُ رجالٍ يشترطونَ شُروطاً ليست في كِتاب اللهِ؟ ما كانَ مِن شرطٍ ليس في كتاب اللهِ؛ فهو باطلٌ، (وفي طريق: فليس له 3/ 184)، وإن كان مائةَ شرطٍ، قضاءُ اللهِ أحقُّ، وشرْطُ اللهِ أوثَقُ، [ما بالُ رجالٍ منكم يقول أحدُهُم: أعْتِقْ يا فلانُ! وليَ الولاءُ]، وإنما الولاءُ لمَن أعتقَ". [فدعاها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخَيَّرها مِن زَوْجِها، فقالت: لو أعطاني كذا وكذا ما ثَبَتُّ (وفي روايةٍ: ما بِتُّ) عنده، فاختارَتْ نَفْسَها 3/ 121].

74 - باب بيع التمر بالتمر

74 - بابُ بيعِ التَّمْرِ بالتَّمْرِ (قلتْ أسند في حديث عمر (*) الآتي بعد باب برقم 1025). 75 - بابُ بيعِ الزَّبيبِ بالزَّبيبِ والطَّعامِ بالطَّعامِ 76 - بابُ بيعِ الشعيرِ بالشَّعيرِ 1025 - عن مالكِ بن أوسٍ أنَّه التَمَسَ صَرْفاً بمائةِ دينارٍ، فدعاني طلحةُ ابن عبيد اللهِ، فتَراوَضنا (92) -حتى اصطَرَفَ مني، فأخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُها في يدهِ، ثم قال: حتى يأتِيَ خازني من الغابَةِ، وعُمَرُ يَسْمَعُ ذلك، فقال: واللهِ لا تُفارِقُهُ حتى تأخُذَ منه، قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الذَّهبُ بالذَّهبِ رِباً؛ إلا هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ رباً؛ إلا هاءَ وهاءَ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ رِباً؛ إلا هاءَ وهاءَ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ رباً؛ إلا هاءَ وهاءَ". 77 - بابُ بيعِ الذَّهَبِ بالذَّهَبِ

_ (*) وقع في نسختنا الاستانبولية: "ابن عمر رضي الله عنهما"! وكذا في نسخة المتن التي عليها شرح العسقلاني (طبع بولاق 4/ 315)، والنسخة التي عليها شرح القسطلاني (4/ 64)؛ خلافاً لشرح الأول منهما. فإنه قال تحت هذا الباب: "ورد فيه حديث عمر مختصراً، وسيأتي الكلام عليه بعد باب". وعلى الصواب جاء في "عمدة القاري" (5/ 530) متناً وشرحاً، وكذلك وقع في طبعة أوروبا من المتن (2/ 30)، ويؤيده أن الحديث من رواية مالك بن أوس، ولم يذكر الحافظ المزي هذه الرواية في "مسند ابن عمر" من كتابه "تحفة الأشراف"، ثم النابلسي في "ذخائر المواريث"، وإنما ذكراها في "مسند عمر" من روايته عنه، وهناك مؤيدات أخرى، وفيما ذكرنا كفاية لبيان خطإ ما في نسختنا وما وافقها، ولذلك لم أعط الحديث رقماً خاصاً، فتنبه! (92) أي: تجارينا في حديث البيع والشراء.

78 - باب بيع الفضة بالفضة

1026 - عن أبي بَكْرَةَ رضي اللهُ عنه قال: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَبيعوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ؛ إلا سَواءً بسواءٍ، والفضَّةَ بالفضَّةِ؛ إلا سَواءً بسواءٍ، وبيعوا الذَّهَبَ بالفضَّةِ، والفِضةَ بالذَّهبِ كيف شئتُمْ". 78 - بابُ بيعِ الفِضَّةِ بالفضَّةِ 1027 - عن عبد اللهِ بن عمرَ رضي اللهُ عنهما أنَّ أبا سعيدٍ حدَّثَهُ مثلَ ذلك (93) حديثاً عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فلَقِيَهُ عبد اللهِ بن عمر، فقال: يا أبا سعيد! ما هذا الذي تُحَدِّثُ عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال أبو سعيد: في الصَّرْفِ، سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "الذَّهَبُ بالذَّهَبِ؛ مثلاً بمثلٍ، والوَرِقُ (94) بالوَرِقِ؛ مثلاً بمثلٍ". (ومن طريق أخرى بلفظ: "لا تَبيعوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ؛ إلا مِثلاً بمِثْلٍ، ولا تُشِفُّوا (95) بعضَها على بعْضٍ، ولا تَبيعوا الوَرِقَ بالوَرِقِ؛ إلا مِثلاً بمثلٍ، ولا تُشِفُّوا بعضَها على بعضٍ، ولا تَبيعوا منها غائباً بناجِزٍ"). 79 - بابُ بَيْعِ الدِّينارِ بالدِّينارِ نَساءً (96)

_ (93) أي: مثل حديث عمر، أي: حديث عمر الماضي قريباً في قصة طلحة بن عبيد الله (1025) راجع "الفتح". (94) الورق: الفضة. (95) أي: لا تفضلوا. (96) أي: مؤجلاً.

80 - باب بيع الورق بالذهب نسيئة

1028 - عن أبي صالحٍ الزَّيات أنه سَمِعَ أبا سَعيدٍ الخُدْرِيَّ رضي اللهُ عنه يقول: "الدينارُ بالدِّينارِ، والدِّرْهَمُ بالدِّرْهَمِ". فقلتُ له: فإنَّ ابن عباسٍ لا يقولُهُ، فقال أبو سعيدٍ: سألتُهُ فقلتُ: سمِعْتَهُ مِن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو وَجدْتَهُ في كِتاب اللهِ تعالى؟ قال: كلُّ ذلك لا أقولُ، وأنتم أعلَمُ برسولِ اللهِ مِنِّي، ولكنِّي أخبَرنيَ أسامَةُ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا رِباً إلا في النَّسيئةِ" (*). 80 - بابُ بيعِ الورِقِ بالذَّهَبِ نَسيئةً (قلت: أسند فيه حديث البراء وزيد المتقدم هنا "8 - باب/ رقم الحديث 972 و 973"). 81 - بابُ بيع الذَّهَبِ بالوَرِقِ يداً بيدٍ (قلت: أسند فيه حديث أبي بكرة المتقدم قريباً "77 - باب/ رقم الحديث 1026"). 82 - بابُ بَيعِ المزابَنَةِ، وهي: بيعُ التَّمْر بالثَّمَرِ، وبيعُ الزَّبيبِ بالكَرْمِ، وبيعُ العَرايا 345 - قال أنَسٌ:

_ (5) قلت: زاد الطحاوي: "قال أبو سعيد: ونزع عنها ابن عباس". وسنده صحيح. ولهذه الزيادة طرق كثيرة، خرجتها في مسند أبي سعيد، ومسند ابن عباس من "أحاديث البيوع"، وفي بعضها قال ابن عباس: "فتركت رأيي إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح أيضاً. وانظر "الكامل" لابن عدي (3/ 1291). 345 - وصله المصنف فيما يأتي "93 - باب".

83 - باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة

"نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن المُزابَنَةِ والمُحاقَلَةِ" (97). عن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تَبيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ، ولا تَبِيْعُوا الثَّمَرَ بالتَّمْرِ" (*). 1029 - قال سالم: وأخبرني عبدُ اللهِ عن زيدِ بنِ ثابتٍ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّص بعد ذلك في بَيْعِ العَرِيَّةِ، بالرُّطَبِ أو بالتَّمْرِ، ولم يُرَخِّصْ في غيره. (وفي طريق: أَرخَصَ لصاحب العَرِيَّةِ أن يَبيعَها بخَرْصِها [كيلاً، قال موسى ابن عقبة: والعرايا: نخلاتٌ مَعلوماتٌ، تأتيها فتشتريها 3/ 33]). 1030 - عن أبي سعيد الخُدْريّ رضي اللهُ عنه "أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن المُزابَنَةِ، والمُحاقَلَةِ". والمُزابَنَةُ: اشتراءُ الثَّمَرِ بالتَّمْرِ في رُؤوسِ النَّخْلِ. 1031 - عن ابن عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما قال: "نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن المُحاقَلَةِ والمُزابَنَةِ". 83 - بابُ بَيْعِ الثَّمَرِ على رُؤوسِ النَّخْلِ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ 1032 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ في بَيْعِ العَرايا في خَمْسَةِ أوسُق (98)، أو دونَ خمسةِ أوسُقٍ.

_ (97) فسر الشارح المحاقلة ببيع الحنطة بسنبلها حنطة صافية من التبن. (*) قلت: هذا قد مضى (ج 1/ 24 - الزكاة/ 60 - باب/ رقم الحديث 709)، وإنما أعدته هنا خلافاً لشرطي في الكتاب؛ لارتباط ما بعده به كما هو ظاهر، ولذلك لم أعطه رقمه المتسلسل. (98) جمَع (وسق) بفتح الواو وسكون السين، وهو ستون صاعاً.

84 - باب تفسير العرايا

1033 - عن سهل بن أبي حَثْمَةَ "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن بَيْعِ الثَّمَرِ بالتَّمْرِ، ورَخَّصَ في العَرِيَّةِ أن تُباعَ بخَرْصِها، يأكُلُها أهلُها رُطَباً". وقال سُفيانُ مرةً أُخرى: إلا أنَّهُ رَخَّص، في العَرِيَّةِ، يَبيعُها أهلُها بخَرْصِها، يأكلونَها رُطَباً. قال: هو سَواءٌ (99). قال سُفيانُ: فقلتُ ليحيي وأنا غُلامٌ: إنَّ أهلَ مكَّةَ يقولون: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لهُم في بيعِ العَرايا. فقال: وما يُدْري أهلَ مكةَ؟ قلت: إنهم يَرْوونَهُ عن جابرٍ، فسَكَتَ. قال سُفيانُ: إنَّما أردْتُ أنَّ جابراً من أهلِ المدينَةِ. قيل لسُفيان: وليس فيهِ نَهْيٌ عنْ بَيْعِ الثّمَرِ حتى يَبدو صلاحُه؟ قالَ: لا. 84 - بابُ تفسيرِ العرايا 438 - وقال مالكٌ: العَرِيَّةُ أنْ يُعْرِيَ (100) الرَّجُلُ الرَّجُلَ نَخْلَةً، ثم يتأذَّى بدخولِهِ عليهِ، فرُخِّصَ لهُ أن يشتَرِيها منهُ بتَمْرٍ. 439 - وقال ابن إدريس: العَرِيَّةُ لا تَكونُ إلاَّ بالكَيْلِ مِن التَّمْرِ يداً بِيَدٍ لا يَكونُ بالجِزافِ. ومما يقويهِ:

_ (99) أي: المعنى واحد؛ والمقصود أن سفيان- وهو ابنُ عيينة- حدثهم به مرتين على لفظين، ومعناهما واحد. 438 - وصلَهُ ابن عبد البر من طريق ابن وهب عن مالك. (100) أي: يهب. 439 - ابن إدريس هذا هو الشافعي على ما جزم به المزي، ومال إليه الحافظ، وقد أخرجه الشافعي في "الأم" بمعناه.

85 - باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها

440 - قولُ سَهلِ بن أبي حَثْمَةَ بالأوسُقِ (101) المُوسَقَةِ. 441 - وقال ابنُ إسحاقَ- في حَديثِه عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ رضي اللهُ عنهما-: كانت العرايا أن يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في مالِهِ النَّخْلَةَ والنَّخْلَتَيْنِ. 442 - وقال يزيد عن سفيانَ بنِ حُسَيْنٍ: العَرايا: نَخْلٌ كانَت تُوهَبُ للمساكينِ، فلا يَسْتَطيعونَ أن ينتظروا بها، رُخِّصَ لهم أن يبيعوها بما شاؤوا مِن التَّمْرِ. (قلت. أسند فيه حديث زيد المتقدم "8 - باب/ رقم الحديث 972 و 973"). 85 - بابُ بيعِ الثِّمارِ قبلَ أن يَبْدوَ صلاحُها 346 - وقال الليثُ عن أبي الزِّنادِ: كانَ عُروَةُ بنُ الزُّبيرِ يُحَدِّثُ عنْ سهْلِ بن أبي حَثْمَةَ الأنصاريِّ من بني حارِثَةَ أنه حَدَّثَهُ عن زَيْدِ بن ثابت رضي اللهُ عنه قال: كان الناسُ في عهدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يبتاعونَ الثِّمارَ، فإذا جَدَّ (102) النَّاسُ، وحَضَرَ تقاضيهم؛ قالَ المُبتاعُ: إنَّه أصابَ

_ 440 - وصلَهُ الطبراني بإسناده عنه. (101) قوله: (الموسقة) للتأكيد كما في قولِهِ تعالى: {والقَناطِيرِ المُقَنْطَرةِ}. 441 - وصله أبو داود بإسناده عن ابن إسحاق؛ قال: فذكره نحوه. 442 - وصله أحمد عنه. 346 - قال الحافظ: "لم أره موصولاً من طريق الليث، وقد رواه سعيد بن منصور عن أبي الزناد عن أبيه نحو حديث الليث، ولكن بالإسناد الثاني دون الأول، وأخرجه أبو داود، والطحاوي من طريق يونس بن يزيد عن أبي الزناد بالإسناد الأول دون الثاني، وأخرجه البيهقي من طريق يونس بالإِسنادين معاً". قلت: ووصله أحمد أيضاً (5/ 181 و 190) بالإِسناد الثاني دون الأول، مختصراً ومطولاً، ووصله المصنف من طريق أخرى عن أبي الزناد عن عروة عن سهل به، لكنه لم يسق لفظه، وهو الآتي بعده. (102) أي: قطعوا. وروي: (فإذا جَذَّ الناس). و (تقاضيهم)، أي: طلبهم.

الثَّمَرَ الدُّمَّانُ (103)، أصابَهُ مُراضٌ، أصابَهُ قُشامٌ، عاهاتٌ (104) يحتَجُّونَ بها، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا كَثُرَتْ عندَهُ الخُصومَةُ في ذلك: "فإمَّا لا (105)؛ فلا تتبايَعوا حتى يَبْدُوَ صلاحُ الثَّمَرِ"؛ كالمشورَةِ (106) يُشيرُ بها لكثرَةِ خصومَتِهم. وأخبرني خارجَةُ (107) بن زيدِ بن ثابت أنَّ زيدَ بن ثابتٍ لم يَكُنْ يَبيعُ ثِمارَ أرْضِهِ حتى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا فيَتَبَيَّنُ (108) الأصفرُ من الأحمرِ. 1034 - عن زيد (*). 1535 - عن جابرِ بن عبد اللهِ رضيَ اللهِ عنهما قال: "نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[عن المخابَرَةِ، والمحاقَلَةِ، وعن المُزابَنَةِ، و3/ 81] أن

_ (103) بفتح الدال وضمها وتخفيف الميم: فساد الطلع، وتعفنه، وسواده. عياض في (المشارق). (104) أي: عيوب وآفات، وهو بيان لـ (الدمان) وعديله. (105) أصله: فإن لا تتركوا هذه المبايعة، فزيدت ما للتأكيد، وأدغمت النون في الميم، وحُذف الفعل. (106) فيه إيماء إلى أن النهيَ لم يكن عزيمة، وإنما كان مشورة. (107) القائل (وأخبرني) هو أبو الزناد. وقد وصله المؤلف بعده من طريق سهل، (وهو ابن أبي حَثْمَة، وله صحبة) عن زيد. (108) ضبط في النسخ الصحيحة برفع النون. (*) كذا ساق إسناده إلى زيد بن ثابت، ولم يسق متنه، وكأنه بنحو المعلق الذي قبله. قال الحافظ: "والغرض أن الطريق الأولى عن أبي الزناد ليست غريبة فردة". وأقول: لعل الأَوْلى أن يقال: الغرض تقوية الطريق الأولى المعلقة بهذه الطريق الأخرى المسندة، وقد فاتت هذه الطريق الحافظ المزي، فلم يذكرها في ترجمة سهل عن زيد من "تحفة الأشراف" (3/ 215 - 216)، وإنما ذكر الأولى فقط!

86 - باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحها

تُباعَ الثَّمرَةُ حتى تُشَقِّح". فقيل: وما (تُشَقِّحُ)؟ قال: تَحْمارُّ، وتَصْفارُّ، ويُؤكَلُ منها، (وفي طريق: حتى يبدوَ صلاحُها 2/ 134. وفي أخرى: حتى يَطيبَ، ولا يُباع شيءٌ منه إلا بالدينارِ والدرهمِ، إلا العَرايا 3/ 32). 86 - بابُ بَيْعِ النَّخْلِ قبلَ أنْ يَبْدُوَ صلاحُها (قلت: أسند في حديث أنس الآتي بعد). 87 - بابٌ إذا باعَ الثِّمارَ قبلَ أن يَبْدُو صلاحُها ثم أصابَتْهُ عاهَةٌ؛ فهو مِن البائِع 1036 - عن أنس بن مالكٍ رضيَ الله عنه "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعِ الثِّمارِ حتى تُزْهِيَ (وفي روايةٍ: تَزْهُوَ) ". فقيل له: وما تُزهي؟ قالَ: حتى تَحْمَرَّ. (وفي ثانية: حتى يبدو صلاحُها، وعن النخل حتى يَزْهُوَ. قيل: وما يزهو؟ قال: يَحْمارُّ أو يَصْفارُّ). فقال: أرأيتَ إذا مَنَعَ الله الثَّمَرَةَ بِمَ يأخُذُ (وفي ثالثة: يَسْتَحِلُّ 3/ 36) أحَدُكُم مالَ أخيه؟ 443 - عن ابن شهاب قال: لو أنَّ رجُلاً ابتاع ثمراً قَبْلَ أنْ يَبْدُوَ صَلاحُهُ، ثم أصابَتْهُ عاهَةٌ؛ كان ما أصابَهُ على رَبِّهِ؛ أخبرني سالمُ بن عبد الله عن ابنِ عُمَر رضيَ الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تتبايَعوا الثَّمَرَةَ حتى يَبْدُو صلاحُها، ولا تَبيعوا الثَّمَرَ بالتَّمْرِ".

_ 443 - وصله الذهلي في "الزهريات"، والمرفوع منه تقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 64 - باب / رقم الحديث 713" موصولاً أيضاً.

88 - باب شراء الطعام إلى أجل

88 - بابُ شِراءِ الطعامِ إلى أجَلٍ (قلت: أسند في حديث عائشة المتقدم هنا برقم 975). 89 - بابُ إذا أرادَ بَيْعَ تَمْرٍ بتَمْرٍ خيرٍ منهُ 1037 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرَيِّ وعن أبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - استعمَلَ رجُلاً على (347 - وفي رواية معلقة: بعث أخا بني عَدِيٍّ من الأنصار إلى 5/ 84) خَيبَرَ [فأمَّرَهُ عليها]، فجاءَه بتمرٍ جَنيبٍ (109)، فقال [له 8/ 157] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكُلُّ تمرِ خيبرَ هكذا؟ ". قال: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ! إنَّا لنأخُذُ (وفي روايةٍ: لنشتري) الصاعَ مِن هذا بالصاعين [من الجَمْعِ]، والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تفعَلْ [ولكن مثلاً بمثل، أو] بِعِ الجَمْعَ بالدَّراهِمِ، ثم ابْتَعْ بالدَّراهِمِ جَنيباً"، [وقال في الميزان مثلَ ذلك 3/ 61]. 90 - بابُ مَن باعَ نخلاً قد أُبِّرَتْ (110) أو أرضاً مزروعةً أو بإجارةٍ 1038 - عن نافعٍ مولى ابنِ عُمَرَ أنَّ أيَّما نخْلٍ (111) بِيعَت قد أُبِّرتْ لم يُذكَرِ

_ 347 - وصلها أبو عوانة والدارقطني بسند صحيح. (109) هو نوع جيد من أنواع التمر. و (الجَمْع): التمر الرديء. (110) التابير: التلقيح. وروي بالتخفيف. (111) وفي رواية أنه قالَ: "أيما نخلٍ". قلت: وتأتي مرفوعة في رواية في الحديث الذي بعده، وهو في"الإرواء" (1314).

91 - باب بيع الزرع بالطعام كيلا

الثَّمَرُ، فالثَّمَرُ للذي أبَّرَها، وكذلك العبدُ والحَرْثُ. سمَّى له نافع هؤلاء الثلاثةَ. 1039 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن باع نخلاً قد أُبِّرتْ؛ فثَمَرَتُها للبائِعِ، (وفي روايةٍ: أيُّما امرئ أبَّرَ نخلاً، ثم باع أصلَها؛ فللذي أبَّرَ ثمرُ النخلِ)؛ إلا أن يشترطَ المبتاع، [ومن ابتاع عبداً وله مالٌ؛ فماله للذي باعه؛ إلا أن يشترطَ المبتاع" 3/ 81]. 91 - بابُ بيعِ الزَّرْعِ بالطَّعامِ كَيْلاً 1040 - عن ابن عمر رضيَ الله عنهما قال: "نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنَةِ: أن يبيعَ ثمرَ حائِطِهِ، إنْ كانَ نَخلاً بتمرٍ (112) كيلاً، (وفي روايةٍ: أن يبيعَ الثَّمَرَ بكيلٍ: إن زاد فلي، وإن نقص فعليَّ 3/ 30)، وإنْ كانَ كرماً أن يَبيعَهُ بزبيبٍ كيلاً، أوكان زَرْعاً أن يبيعَهُ بكيلِ طعامٍ، ونَهى عن ذلك كُلِّهِ". 92 - بابُ بيعِ النَّخْلِ بأصلِهِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الذي قبله). 93 - بابُ بيعِ المُخاضَرَةِ (113) 1041 - عن أنسِ بن مالك رضي الله عنه قال:

_ (112) اسم كان ضمير عائد على الحائط. (113) المخاضرة: بيع الثمار والحبوب خضراً لم يبد صلاحها.

94 - باب بيع الجمار وأكله

"نَهَى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن المُحاقَلَةِ، والمُخاضَرَةِ، والملامَسَةِ، والمنابَذَةِ، والمزابَنَةِ". 94 - بابُ بيعِ الجُمَّارِ (114) وأَكْلِهِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي في "65 - التفسير/ 14 - سورة/ 2 - باب"). 95 - بابُ من أجرى أمرَ الأمصارِ على ما يتعارَفونَ بينَهُم في البُيوعِ، والِإجارَةِ، والمِكيالِ، والوَزْنِ، وسننِهِم، على نيَّاتِهم ومذاهِبِهِم المشهورة 444 - وقال شُريحٌ للغَزَّالينَ: سُنَّتُكُمْ (115) بينَكُم. 445 - وقال عبد الوهاب عن أيوب عن محمد: لا بأسَ العَشَرة بأحد عَشَرَ، ويأخُذُ للنَّفَقَةِ رِبحاً. 348 - وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِهِنْدٍ: "خُذي ما يَكفيكِ وولَدَكِ بالمعروفِ". وقال تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}. 446 - واكتَرَى الحَسَنُ من عبد الله بن مِرداسٍ حماراً؛ فقال: بِكَمْ؟ قال: بدانَقَيْنِ (116)،

_ (114) هو جمع جمارة. وهي قلب النخلة وشحمها. 444 - وصله سعيد بن منصور. (115) أي: عادتكم بينكم، أي: جائزة في معاملتكم. 445 - وصله ابن أبي شيبة عن عبد الوهاب هذا، وهو ابن عبد المجيد الثقفي. 348 - وصله المصنف في الباب. 446 - وصلَهُ سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. (116) الدانق: بفتح النون وكسرها: سدس الدينار والدرهم. "نهاية".

96 - باب بيع الشريك من شريكه

فرَكِبَهُ، ثمَّ جاءَ مرَّةً أُخرى؛ فقال: الحِمارَ الحِمارَ، فركِبَهُ، ولم يُشارِطْهُ، فبعث إليهِ بنصفِ دِرْهَمٍ. 1042 - عن عائشة رضيَ الله عنها: قالت هِنْدٌ [بنتُ عتبة 6/ 192] أمُّ معاويَةَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ أبا سفيانَ رَجُلٌ شَحيحٌ (وفي روايةٍ: مِسِّيكٌ 6/ 192)، [وليس يعطيني ما يكفيني وَوَلدي إلا ما أخذتُ منه وهو لا يَعْلَم 6/ 193]، فهل عليَّ جُناحٌ (وفي روايةٍ: حَرَجٌ) أن آخُذَ (وفي روايةٍ: وأحتاجُ أن آخُذَ 8/ 116) من مالِهِ سراً [ما يكفيني وبَنيَّ؟]؛ قال: "خذى أنتِ وبنوكِ ما يكفيكِ بالمعروفِ". 1043 - عن عائشةَ رضي الله عنها تقولُ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}؛ أُنْزِلَت في والي اليتيم الذي يقيم عليه، ويُصْلِحُ في مالِهِ، إنْ كان فقيراً أكلَ منهُ بالمَعْروفِ [مكان قيامه عليه 5/ 177] (وفي روايةٍ: أن يصيبَ من مالِه إذا كان محتاجاً بقدرِ مالِه بالمعروف 3/ 195). 96 - بابُ بيعِ الشَّريكِ مِن شريكِهِ 1044 - عن جابِرٍ رضي الله عنه قال: " [إنما 8/ 65] جَعَلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الشُّفَعَةَ (وفي روايةٍ: قضى بالشُّفعة) في كلِّ مالٍ لم (وفي روايةٍ: في كل ما لَمْ) يُقسَمْ، فإذا وَقَعَتِ الحُدودُ، وصُرِّفَتِ (117) الطُّرُقُ؛ فلا شُفْعَةَ". 97 - بابُ بيعِ الأرضِ والدُّورِ والعُروضِ مُشاعاً غيرَ مَقسومٍ (قلت: أسند فيه حديث جابر الذي قبله).

_ (117) بهذا الضبط، ويجوز التخفيف، وهكذا الآتية: أي: بينت مصارف الطرق وشوارعها.

98 - باب إذا اشترى شيئا لغيره بغير إذنه فرضي

98 - بابٌ إذا اشترى شيئاً لغيرِهِ بغيرِ إذنِهِ فَرَضِيَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتى "37 - الإجارة/ 12 - باب/ رقم الحديث 1065"). 99 - بابُ الشِّراءِ والبَيْعِ مع المشركينَ وأهلِ الحَرْبِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرٍ الآتي في "51 - الهبة/ 27 - باب/ رقم الحديث 1183"). 100 - بابُ شراءِ المَمْلوكِ مِن الحَرْبيِّ، وهِبَتِهِ، وعِتْقِه 349 - وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لسلمانَ: "كاتِبْ"، وكان حرّاً، فظَلموهُ، وباعُوهُ. 447 - 449 - وسُبِيَ عمَّارٌ، وصُهَيْبٌ، وبِلالٌ. وقال تَعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}. 1045 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " [لم يكذبْ إبراهيمُ عليه الصلاةُ والسلامُ إلاَّ ثلاثَ كَذَباتٍ، ثِنْتَينِ منهنَّ في

_ 349 - هو طرف من حديث طويل جداً في قصة إسلام سلمان رضي الله عنه. أخرجه أحمد وغيره بسند حسن. (447 - 449) قال الحافظ ما مختصره: أما قصة عمار؛ فما ظهر لي المراد منها؛ لأن عماراً كان عربياً عنسياً، ما وقع عليه سبي. وأما صهيب؛ فكان أبوه عاملاً لكسرى، فسبت الروم صهيباً لما غزت أهل فارس، فابتاعه منهم عبد الله بن جدعان. وأما بلال؛ فكان لأيتام أبي جهلٍ، فعذبَه، فبعث أبو بكرٍ رجلاً، فقال: اشتر لي بلالاً، فأعتقه. رواه مسدد في "مسنده". وانظر (62 - كتاب/ 23).

ذاتِ الله عزَّ وجلَّ؛ قوله: {إنِّي سَقيمٌ}، وقوله: {بلْ فَعَلَهُ كَبيرُهم هذا} و4/ 112] هاجَرَ إبراهيمُ عليهِ السلامُ بِسارَةَ (118)، فدَخَلَ بها قريةً فيها مَلِكٌ من الملوكِ، أو جَبَّارٌ مِن الجَبابِرةِ، فقيل: دَخَلَ إبراهيمُ بامرأةٍ هي مِن أحسَنِ النِّساءِ، فأرسَلَ إليهِ أن يا إبراهيمُ! مَن هذه التي معك؟ قال: أُختي. ثم رجع إليها، فقال: لا تُكَذَّبي حَديثي، فإنِّي أخبرتُهُم أنَّكِ أُختي، والله إنْ على [وجه] الأرضِ مؤمِنٌ غيري وغيرُك، فأرسَلَ بها إليهِ، فقامَ إليها (وفي روايةٍ: فلما دخلت عليه، ذَهَبَ يتناوَلُها)، فقامَتْ تَوَضَّأُ وتُصَلِّي؛ فقالت: اللهُمَّ! إنْ كُنْتُ آمَنْتُ بك وبرسُولِكَ، وأحصَنْتُ فَرْجي؛ إلا على زَوْجي؛ فلا تُسَلِّطْ عليَّ هذا الكافِرَ. فَغُطَّ (119) حتى رَكَضَ برِجْلِهِ (12)، (وفي روايةٍ: فأُخِذَ، فقال: ادعي الله لي ولا أضرُّكِ). قالت: اللهمَّ! إنْ يَمُتْ؛ يُقالُ؛ هي قَتَلَتْهُ، فأُرسِل (121)، ثم قامَ إليها [الثانية]، فقامت توضَّأُ وتُصَلِّي، وتقولُ: اللهُمَّ! إنْ كُنْتُ آمَنْتُ بكَ وبرسُولِكَ، وأحْصَنْتُ فَرْجي؛ إلا على زَوْجي؛ فلا تُسَلِّطْ عليَّ هذا الكافِرَ. فغُطَّ حتى رَكَضَ برِجْلِهِ، (وفي الرواية الأخرى: فأُخِذ مثلها، أو أشَدَّ، فقالَ: ادعي الله لي ولا أضُرُّكِ). فقالت: اللهمَّ! إنْ يَمُتْ؛ فيُقالَ: هي قَتَلَتْهُ، فأُرسِلَ في الثانية، أو في الثالثةِ، [فدعا بعض حَجَبَتِهِ]، فقال: واللهِ ما أرْسَلْتُم إليَّ إلاَّ شيطاناً، ارجِعوها إلى إبراهيم (عليه السلام)، وأعطُوها آجَرَ (وفي روايةٍ: هاجر)، فرَجَعَتْ إلى إبراهيمَ عليه السلام

_ (118) بتخفيف الراء، وقيل: بتشديدها؛ أي: سافر بها. (119) أي: أخذ بمجاري نفسه حتى سُمع له غطيط. (120) أي: حركها وضرب بها الأرض. (121) أي: أطلقَ الجبار مما عرض له.

101 - باب جلود الميتة قبل أن تدبغ

[وهو قائمٌ يصلي، فأومأ بيدهِ مَهيا؟]، فقالَتْ: أشَعَرْتَ أنَّ الله كَبَتَ (122) الكافِرَ، وأخْدَمَ وليدةً، (وفي الرواية الأخرى: قالت: ردَّ الله كيدَ الكافِرِ أو الفاجِرِ في نحره، وأخدم [ني 6/ 121] هاجَرَ. قال أبو هريرة: تلك أمُّكُم يا بني عبد (وفي روايةٍ: ماء) السماء!). 1046 - عن سَعْدٍ عنْ أبيهِ (إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف) قال عبدُ الرحمنِ بن عَوْفٍ رضي اللهُ عنه لصُهَيْبٍ: اتَّقِ اللهَ، ولا تَدَّعِ إلى غيرِ أبيكَ. فقال صهَيبٌ: ما يَسُرُّني أنَّ لي كذا وكذا، وأنِّي قلتُ ذلك، ولكنِّي سُرِقْتُ وأنا صبِيٌّ (123). 101 - بابُ جُلودِ المَيْتَةِ قبلَ أن تُدْبَغَ (قلت: أسندَ فيه حديث ابن عباس المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 63 - باب/ رقم الحديث 712"). 102 - بابُ قَتْلِ الخِنْزيرِ 350 - وقالَ جابِرٌ: حَرَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْعَ الخِنْزيرِ. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "60 - الأنبياء/ 47 - باب").

_ (122) أي: صرعَهُ لوجهه، أو أخزاه، أو ردَّهُ خائباً، أو أغاظه، وأذله. و (الوليدة): الجارية. و (مهيا): أي ما حالك أو شأنك؟ وفي روايةٍ: (مهيم)، والمعنى واحد. (123) قال الحافظ: كان صهيبٌ يقول: إنه ابن سنان بن مالك ... ويسوق نسباً ينتهي إلى النمر ابن قاسط، وإنَّ أمه من بني تميم، وكان لسانه أعجمياً؛ لأنه تربى بين الروم، فغلب عليه لسانه، ثم ذكر بعض الروايات التي تشهد لما ذكر، فليراجعه من شاء. 350 - وصله المصنف رحمه الله فيما يأتى قريباً "112 - باب".

103 - باب لا يذاب شحم الميتة، ولا يباع ودكه

103 - بابٌ لا يُذابُ شَحْمُ المَيْتَةِ، ولا يُباعُ ودكُه 351 - رواه جابرٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 1047 - عن ابن عباسٍ رضيَ الله عنهما قالَ: بَلَغَ عُمَرَ أنَّ فلاناً باعَ خمراً فقالَ: قاتلَ الله فلاناً؛ ألمْ يَعْلَمْ أنَّ رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "قاتَلَ (وفي روايةٍ: لَعَنَ 4/ 145) اللهُ اليهودَ؛ حُرِّمَتْ عليهِم الشُّحومُ، فجَمَلوها (124) فباعوها"؟ 1048 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "قاتَلَ الله يَهُودَ (125)؛ حُرِّمَتْ عليهِمُ الشُّحومُ، فباعوها، وأكَلوا أثمانَها. قال أبو عبد اللهِ: {قَاتَلَهُم اللهُ}: لَعَنَهُم، {قُتِلَ}: لُعِنَ {الَخرَّاصونَ} (126). 104 - بابُ بَيْعِ التَّصاويرِ التي ليسَ فيها رُوحٌ، وما يُكْرَهُ مِن ذلك 1049 - عن سعيدِ بنِ أبي الحَسَنِ قال: كُنْتُ عندَ ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما [وهم يسألونه، ولا يذكر النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -7/ 67]، إذ أتاهُ رجُلٌ فقال: يا أبا عبَّاسٍ! إني إنسانٌ؛ إنما مَعيشتي من صَنْعَةِ يَدي، وإني أصنَعُ هذه التصاويرَ، فقالَ ابنُ عباس: لا أُحَدِّثُكَ إلا ما سَمِعْتُ مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، سَمِعْتُهُ يَقولُ:

_ 351 - وصله المصنف بمعناه في الباب المشار إليه آنفاً. (124) أي: أذابوها. (125) هكذا بعدم الصرف؛ للعلمية والتأنيث، ويروى: (يهوداً) بالصرف، على إرادة الحي، وفي بعض الأصول: (قاتل الله اليهود). (126) الخراصون: الكذابون.

105 - باب تحريم التجارة في الخمر

"مَن صَوَّرَ صورةً [في الدنيا]؛ فإنَّ الله مُعَذِّبُه حتى (وفي طريق: كُلِّفَ يومَ القيامةِ أنْ) يَنْفُخَ فيها الرُّوحَ، وليس بنافخٍ فيها أبداً". فَرَبا الرَّجُلُ (127) ربوةً شديدةً، واصفرَّ وجهُهُ، فقالَ: وَيْحَكَ! إنْ أبَيْتَ إلاَّ تَصْنَع؛ فعليكَ بهذا الشَّجَرِ؛ كلِّ (128) شيء ليس فيه رُوحٌ. 105 - بابُ تحريمِ التجارةِ في الخمرِ 352 - وقال جابرٌ: حرَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الخمرِ. (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 73 - باب/ رقم الحديث 244"). 106 - بابُ إثمِ مَن باعَ حرًّاً 1050 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: (قالَ الله: ثلاثةٌ أنا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيامَةِ: رجُلٌ أعطى بي (129) ثم غدر، ورجلٌ باعَ حُرّاً، فأكَلَ ثمَنَهُ، ورجُلٌ استأْجَرَ أجيراً، فاستوفى منهُ، ولم يُعْطِهِ أجْرَهُ" (*).

_ (127) أي: أصابه الربو، وهو مرضٌ يعلو منه النفس، ويضيق الصدر، أو ذُعِر وامتلأ خوفاً، أو انتفخ. (128) كذا الأصل، بحذف واو العطف، وفي "مسلم": (واصنع الشجر وما لا نفس له) بإثبات الواو. 352 - وصله المصنف فيما يأتي قريباً "112 - باب". (129) أي: أعطى العهد باسمي، واليمين بي. (*) قلت: هذا الحديث تفرد به يحيى بن سُليم، وهو الطائفي، وقد اختلفوا فيه على ثلاثة مذاهب: فمنهم من وثقه؛ كابن معين، ومنهم من ضعفه مطلقاً؛ كأحمد وغيره، فقال: كتبتُ عنه سنة، فرأيته يخلط

107 - باب أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود ببيع أرضهم، ودمنهم حين أجلاهم

107 - بابُ أمرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - اليَهودَ ببَيْعِ أَرضِهم، ودِمَنِهم حين أجلاهُم 353 - فيه المَقْبُرِيُّ عن أبي هريرة. 108 - بابُ بيعِ العبيدِ والحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسيئةً 450 - واشْتَرى ابنُ عُمَرَ راحِلَةً بأرْبعَةِ أبعِرَةٍ مَضْمونَةٍ عليه، يُوفيها صاحِبَها بالرَّبَذَة. 451 - وقالَ ابنُ عباسٍ: قد يكونُ البَعيرُ خيراً من البَعيرينِ. 452 - واشترى رافع بنُ خَديجٍ بعيراً ببعيرين، فأعطاهُ أحدهما، وقال: آتيك بالآخرِ؛ غداً

_ = في الأحاديث، فتركته، وفيه شيء، ومنهم من ضعَّفه في روايته عن عبيد الله بن عمر العمري فقط؛ كالنسائي؛ قال: "ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر". وهذا الذي اعتمده الحافظ في" الفتح"، فقال: "والتحقيق أن الكلام فيه وقع في روايته عن عبِدالله بن عمر خاصة، وهذا الحديث من غير روايته". كذا قال، وهو خلاف ما جزم به في"التقريب"؛ قال: "صدوق سيء الحفظ". وهذا هو المعتمد عندي؛ لأن الذين جرَّحوه مطلقاً معهم زيادة علم على من ضعَّفه في روايته عن عبيد الله خاصة. وثمة مذهب رابع، وهو ما أفاده المؤلف في ترجمة عبد الرحمن بن نافع كما في "التهذيب" بقوله: "ما حدث الحميدي عن يحيى بن سليم فهو صحيح". فمفهومه أن ما حدث عنه غير الحميدي فهو غير صحيح، وهذا الحديث إنما أخرجه المؤلف من غير طريق الحميدي عنه، فلا أدري وجه التوفيق بين قوله هذا، وبين إخراجه حديثه هذا في "الصحيح". وراجع "إرواء الغليل" (1489). 353 - يشير إلى حديثه الآتي موصولاً "96 - الاعتصام/ 18 - باب". 450 - وصله مالك والشافعي بسند صحيح عنه. 451 - وصله الشافعي، وعنه البيهقي (5/ 287) وعبد الرزاق (14140) بسند صحيح. 452 - وصله عبد الرزاق (8/ 22/ 14141) بسند صحيح.

109 - باب بيع الرقيق

رَهْواً (130) إنْ شاءَ الله. 453 - وقالَ ابنُ المُسَيَّبِ: لا رِبا في الحَيوانِ؛ البعيرُ بالبعيرينِ، والشاةُ بالشاتينِ إلى أجلٍ. 454 - وقالَ ابنُ سيرينَ: لا بأسَ بعيرٌ ببعيرينِ نَسيئةً. (قلت: أسند في طرفاً من حديث أنس الآتي في "55 - الوصايا/ 25 - باب/ رقم الحديث 1234"). 109 - بابُ بَيْعَ الرَّقيقِ 1051 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّه بينما هو جالسٌ عند النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: يا رسولَ الله! إنَّا نُصيبُ سَبْياً، فنُحِبُّ الأثْمانَ، فكيفَ ترى في العَزْلِ؟ فقالَ: "أوَ إنَّكُم تَفْعَلونَ ذلك؟ لا عليكُم أنْ لا تَفْعَلوا ذلكمْ، فإنَّها ليستْ نَسَمَةٌ (131) كَتَبَ الله أنْ تَخْرُجَ إلا هي خارِجَةٌ". (وفي رواية: أصبنا سَبْياً، فكنا نَعْزِلُ، فسألنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: "أوَ إنَّكُم لَتَفْعَلونَ؟ (قالها ثلاثاً)؛ ما مِن نسمة كائنة إلى يومِ القيامَةِ إلا هي كائِنةٌ" 6/ 154). 110 - بابُ بَيْعِ المُدَبَّر (132)

_ (130) أي: سهلاً بلا شدة، ولا مماطلة. أو المراد أن المأتي به سيكون سهل السير غير خشن. 453 - وصله مالك بسند صحيح عنه، وعنه البيهقي (5/ 287) نحوه. 454 - وصله عبد الرزاق (8/ 23/ 14146) بسند صحيح. (131) بفتح النون والسين المهملة: نفس أو إنسان. (132) أي: الذي علق مالكه عتقه يموت مالكه.

111 - باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها؟

111 - بابٌ هل يُسافِرُ بالجارِيَةِ قبلَ أنْ يَسْتَبْرِئَها؟ 455 - ولم يرَ الحَسَنُ بأساً أنْ يُقَبِّلَها أو يُباشِرَها (133). 456 - وقالَ ابنُ عُمَرَ رضيَ الله عنهما: إذا وُهِبَتِ الوليدَةُ التي توطأْ، أو بِيعَتْ، أو عَتَقَتْ؛ فلْيُسْتَبْرأْ رحِمُها بحَيْضةٍ. 457 - ولا تُسْتَبرأْ العذراءُ. 458 - وقال عطاءٌ: لا بأسَ أنْ يُصيبَ مِن جاريَتِهِ الحامِلِ ما دُونَ الفَرْجِ. وقال الله تعالى: {إلا على أزواجِهِم أو ما مَلَكَتْ أيمانُهُم}. 112 - بابُ بيعِ المَيْتَةِ والأصنامِ 1052 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ عامَ الفتحِ وهو بمكَّةَ: "إنَّ الله ورسولَه حَرَّمَ بيعَ الخَمْرِ والمَيْتَةِ والخِنْزيرِ والأصنامِ". فقيلَ: يا رَسول اللهِ! أرأيتَ شُحومَ المَيْتَةِ؛ فإنَّها يُطْلى بها السُّفُنُ، ويُدْهَنُ بها الجُلودُ، ويَسْتَصْبِحُ (134) بها الناسُ؟ فقال:

_ 455 - وصلَهُ ابنُ أبي شيبة، وعبد الرزاق من طريقين عنه. (133) يعني: ما دون الفرج؛ كما في رواية عبد الرزاق. 456 - وصَلَهُ ابن أبي شيبة بسند ضعيف عنه. 457 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 458 - لم يخرجه الحافظ. (134) أي: يستضيئون بها في مصابيحهم.

113 - باب ثمن الكلب

"لا؛ هُو حَرامٌ". ثم قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "قاتَلَ الله اليَهودَ، إنَّ الله لمَّا حَرَّمَ [عليهِم 5/ 194] شُحومَها؛ جَمَلوهُ (135)، ثم باعُوهُ، فأكَلوا ثَمَنَهُ". 113 - بابُ ثَمَنِ الكلبِ 1053 - عن أبي مسعودٍ الأنصاري رضي الله عنه "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثَمَنِ الكَلْبِ، ومَهْرِ البَغِيِّ، وحُلْوانِ الكاهِنِ". 1054 - عن عَوْنِ بن أبي جُحَيْفَةَ قال: رأيتُ أبي اشترى حَجّاماً (136)، فسألتُهُ عن ذلك؟ فقال: "إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثَمَنِ الدَّمِ، وثَمَنِ الكَلْبِ، وكَسْبِ الأمَةِ (وفي روايةٍ: البَغِيِّ 7/ 67)، ولعَنَ الواشِمَةَ، والمُسْتَوْشمَةَ، وآكِلَ الرِّبا، وموكِلَهُ، ولَعَنَ المُصَوِّرِ [ينَ 6/ 188] ".

_ (135) قوله: جملوه، أي: أذابوا المذكور، واستخرجوا دهنه. (136) زاد هنا في رواية أبوي ذر والوقت عن الكشميهني: "فأمر بمحاجمه فكسرت"، وهذه الزيادة لا بدَّ منها، فإن السؤال في قوله: "فسألته عن ذلك" إنما هو عن سبب كسر المحاجم. قلت: والزيادة المذكورة عند أحمد (4/ 308، 309) بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

35 - كتاب السلم

بسم الله الرحمن الرحيم 35 - كتابُ السَّلَمِ 1 - بابُ السَّلَمِ في كَيْلٍ مَعْلومٍ 1055 - عن ابن عباس رضي الله عنهُما قالَ: قَدِمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المدينَةَ، والنَّاسُ يُسْلِفونَ في الثَّمَرِ؛ العامَ والعامَينِ - أو قال: عامَينِ، أو ثلاثةً (شك إسماعيل) - (وفي روايةٍ: السنتين، والثلاث؛ ولم يشك)، فقال: "مَن سَلَّفَ في تَمْرٍ؛ فَلْيُسْلِفْ (وفي طريق أخرى: أسلفوا في الثمارِ 3/ 46) في كيلٍ معلومٍ، ووزْنٍ مَعْلومٍ، [إلى أجلٍ مَعْلومٍ]). 2 - بابُ السَّلَمِ في وزنٍ مَعْلومٍ 3 - بابُ السَّلَمِ إلى مَن ليسَ عندَهُ أصلٌ 1056 - عن محمد بن أبي المُجالِد؛ قال: بَعَثَني عبدُ الله بن شَدادٍ وأبو بُرْدَةَ إلى عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما، فقالا: سَلْهُ؛ هل كانَ أصحابُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في عهدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْلِفونَ في الحِنْطَةِ؟ قال عبد الله: كُنَّا نُسْلِفُ [على عهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وعُمَرَ] نَبِيطَ (1) أهل الشامِ، (وفي روايةٍ: كنا نُصيب

_ (1) هم أهل الزراعة، وقيل: نصارى الشام الذين عمروها.

4 - باب السلم في النخل

المغانِمَ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان يأتينا أنْباطٌ من أنْباطِ الشام، فنُسْلِفُهُم 3/ 46) في الحِنْطَةِ والشَّعيرِ والزَّيْتِ (وفي روايةٍ: والزبيب) في كيلٍ مَعلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ. قلتُ: إلى مَن كان أصْلُهُ عندَهُ؟ قال: ما كُنَّا نسألُهُم عن ذلك. ثم بَعَثاني إلى عبد الرحمن بن أبْزى، فسألْتُهُ؟ فقالَ: كان أصحابُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يُسْلِفونَ على عَهْدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم نَسْألْهُم ألهُمْ حَرْثٌ أم لا؟ 4 - بابُ السَّلَمِ في النَّخْلِ 1057 - عن أبي البَخْتَرِي: سألتُ ابنَ عُمَرَ رضي الله عنهما عن السَّلَم في النَّخْلِ؟ فقال: "نهى النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيعِ الثَّمَرِحتى يَصْلُحَ، ونَهَى عن الوَرِقِ بالذَّهَبِ نَساءً بناجِزٍ". 1058 - وسألتُ ابن عباس [عن السَّلَمِ في النخلِ؟]، فقال: "نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن بيعِ النَّخْلِ حتى يأكُلَ، أويُؤْكَلَ، وحتى يُوزَنَ". قلتُ: وما يُوزَنُ؟ قال رجُلٌ عندَهُ: حتى يُحْزَرَ (وفي روايةٍ: يُحْرَز) (2). 5 - بابُ الكَفيلِ في السَّلَمِ (قلت: أسند في حديث عائشة المتقدم "34 - البيوع / 14 - باب/ رقم الحديث 976").

_ (2) بتقديم الراء على الزاي، أي: يحفظ، وفي الرواية الأولى: (يحزر) بتقديم الزاي على الراء، أي: يخرص، و (كلها)، أي: الكيل والوزن، والأكل والخرص كنايات عن ظهور صلاحها.

6 - باب الرهن في السلم

6 - بابُ الرَّهْنِ في السَّلَم (قلت: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 7 - بابُ السَّلَمِ إلى أجَلٍ مَعْلومٍ 459 - 462 - وبهِ قال: ابنُ عباسٍ، وأبو سعيدٍ، والأسوَد، والحَسَن. 463 - وقال ابنُ عُمَرَ: لا بأسَ في الطعامِ المَوْصوفِ بسِعْرٍ مَعْلومٍ، إلى أجلٍ مَعْلومٍ؛ ما لم يَكُ ذلك في زَرْعٍ لم يَبْدُ صَلاحُهُ. 8 - بابُ السَّلمِ إلى أن تُنْتَجَ الناقَةُ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "34 - البيوع/ 61 - باب/ رقم الحديث 1013").

_ 459 - 462 - فأما قوله: (ابن عباس)، فوصله الشافعي، وابن أبي شيبة من طريقين عنه، صحح أحدهما الحاكم (2/ 286)، وهو كما قال. وأما قوله: (أبي سعيد)، وهو الخدري؛ فوصله عبد الرزاق بسند جيد عنه، وأما قوله: (الأسود) - وهو ابن يزيد النخعي- فوصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. وأما قوله: (الحسن) - وهو البصري- فوصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. 463 - وصله الإمام مالك في "الموطأ" عن نافع عنه قال: لا بأسَ أن يسلف الرجل في الطعام الموصوف، فذكر مثله، وزاد: "أو ثمرة لم يبد صلاحها".

36 - كتاب الشفعة

بسم الله الرحمن الرحيم 36 - كتابُ الشُّفْعَةِ 1 - بابُ الشُّفْعَةِ فيما لم يُقْسَمْ، فإذا وَقَعَتِ الحُدودُ فلا شُفْعَةَ (قلت: أسند فيه حديث جابر المتقدم "34 - البيوع/ 96 - باب/ رقم الحديث 1044"). 2 - بابُ عَرضِ الشُّفْعَةِ على صاحِبِها قبلَ البيعِ 464 - وقال الحَكَمُ: إذا أَذِنَ له قبلَ البيعِ؛ فلا شُفعَةَ له. 465 - وقال الشَّعْبِيُّ: مَن بيعَتْ شُفْعَتُه وهو شاهِدٌ لا يُغَيِّرُها؛ فلا شُفْعَةَ لهُ. 1059 - عن عمرو بن الشَّريدِ قال: وقَفْتُ على سعدِ بنِ أبي وقَّاصٍ، فجاءَ المِسْوَرُ بن مَخْرَمَةَ، فوَضَعَ يدَهُ على إحدى (1) مَنْكِبَيَّ، إذ جاءَ أبو رافِع مولى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا سعدُ! ابتَعْ مِني بَيْتَيَّ في دارِكَ. (وفي روايةٍ: فقال أبو رافع للمِسْوَر: ألا تأمر هذا أن يشتري مني بَيْتَيَّ اللذَيْنِ في داري؟ 8/ 65) فقال سعدٌ: واللهِ ما أبتاعُهُما. فقال المِسْوَرُ: واللهِ لَتَبْتاعَنَّهُما. فقال سعدٌ: واللهِ لا أزيدُكَ على أربعةِ

_ 464 - وصله ابن أبي شيبة. 465 - وصله ابن أبي شيبة أيضاً. (1) بتأنيث (إحدى) وأنكره بعضهم؛ لأن المنكب مذكر، وفي نسخة الميدومي (أحد) بالتذكير، وهو بخط الحافظ الدمياطي كذلك.

3 - باب أي الجوار أقرب؟

آلافٍ منجَّمةٍ أو مقَطَّعةٍ. قال أبو رافع: لقد أُعطيتُ بها خمسَ مائةِ دينارٍ [فمنعتُه 8/ 65] و (وفي روايةٍ: عن ابن الشَّريدِ عن أبي رافع أنَّ سعداً ساومه بيتاً بأربعِ مائةِ مثقال، فقال:) لولا أنِّي سمعت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "الجارُ أحَقُّ بسَقَبِهِ" (2) ما أعطيتُكَها بأربعةِ آلافٍ، وأنا أُعْطَى بها خَمسَ مائةِ دينارٍ، فأعطاه إيَّاهُ. 3 - بابٌ أيُّ الجِوارِ أقرَبُ؟ 1060 - عن عائشةَ رضي الله عنها: قُلتُ: يا رسولَ الله! إنَّ لي جارَيْنِ؛ فإلى أيِّهِما أُهدي؟ قال: "إلى أقرَبِهِما مِنْكِ باباً".

_ (2) السقب: القرب، وكذلك الصقب بالصاد.

37 - كتاب الإجارة

بسم الله الرحمن الرحيم 37 - كتابُ الإِجارَةِ 1 - بابٌ في الِإجارةِ؛ استئجارِ الرجُلِ الصالحِ، وقولِ اللهِ تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}، والخازِنِ الأمينِ، ومَن لم يَسْتَعْمِلْ من أرادَه 2 - بابُ رَعْيِ الغَنَمِ على قَراريطَ 1061 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنهُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بَعَثَ الله نبياً إلاَّ رَعَى الغَنَمَ". فقالَ أصحابُهُ: وأنتَ؟ فقال: "نَعَمْ، كُنْتُ أرعاها على قَراريطَ لأهلِ مكَّةَ". 3 - بابُ استئْجارِ المشركين عندَ الضرورةِ، أو إذا لم يوجَدْ أهلُ الإِسلام 354 - وعامَلَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يهودَ خَيْبَرَ. (قلت. أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي في "63 - المناقب/ 43 - باب").

_ 354 - وصله فيما يأتي من "41 - المزارعة/ 17 - باب".

4 - باب إذا استأجر أجيرا ليعمل له بعد ثلاثة أيام، أو بعد شهر، أو بعد سنة؛ جاز،

4 - بابٌ إذا استأجَرَ أجيراً ليَعْمَل لهُ بعدَ ثلاثةِ أيامٍ، أو بعدَ شهرٍ، أو بعد سنةٍ؛ جاز، وهما على شرطِهِما الذي اشتَرطاهُ إذا جاءَ الأجَلُ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 5 - بابُ الأجيرِ في الغَزْوِ 1062 - عن يَعْلى بن أُمَيَّةَ رضيَ الله عنه قال: غَزَوْتُ مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - جيشَ العُسْرَةِ، فكان مِن أوثَقِ أعمالي في نفسي، فكان لي أجيرٌ، فقاتلَ إنساناً، فعضَّ أحدُهما إِصْبَعَ صاحِبِهِ، فانْتَزَعَ إصبَعَهُ، فأنْدَرَ (1) ثَنِيَّتَهُ، فسقَطَتْ، فانطلق إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأهْدَرَ ثنيَّتَهُ، وقال: "أفَيَدَعُ إصْبَعَهُ في فيكَ تَقْضَمُها- قال: أحسبهُ قال:- كما يَقْضَمُ الفَحْلُ؟! " 1063 - عن عبد الله بن أبي مُلَيْكَةَ عن جدِّه بمِثْلِ هذه الصفةِ؛ أنَّ رجُلاً عضَّ يدَ رَجُلٍ، فأنْدَرَ ثنِيَّتَهُ، فأهْدَرَها أبو بكرٍ رضيَ الله عنهُ. 6 - بابُ مَنِ استَأجَرَ أجيراً فبيَّنَ لهُ الأجَلَ، ولم يُبَيِّنِ العَمَلَ لقولِهِ: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} إلى قوله: {على ما نَقولُ وَكيلٌ} {يأجُرُ فلاناً}: يُعْطيهِ أجراً، ومنه في التَّعْزيةِ: {آجَركَ اللهُ} (2).

_ (1) أي: أسقط. و (الثنية) مقدم الأسنان. وقوله: (تقضمها) أي: تأكلها بأطراف أسنانك. (2) ضبطه القسطلاني بمد الهمزة تبعاً لليونينية، لكن الأقرب قصر الهمزة، فإن الظاهر أنه صيغة الماضي من يأجُر فلاناً، وهو بالقصر لا بالمد، والله تعالى أعلم.

7 - باب إذا استأجر أجيرا على أن يقيم حائطا يريد أن ينقض؛ جاز

7 - بابٌ إذا استأجَرَ أجيراً على أنْ يُقيمَ حائِطاً يُريدُ أنْ يَنْقَضَّ (3)؛ جازَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أُبيِّ بن كعب الآتى بتمامه في "65 - التفسير/ 18 - سورة/ 3 - باب"). 8 - بابُ الإِجارَةِ إلى نِصْفِ النَّهارِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم في "ج 1/ 9 - المواقيت/ 18 - باب/ رقم الحديث 298"). 9 - بابُ الإِجارةِ إلى صلاةِ العصرِ (قلت: أسندَ فيه حديث ابن عمر المشار إليهِ قبله). 10 - بابُ إثْمِ مَن مَنَعَ أجْرَ الأجيرِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الماضي في (34 - البيوع/ 106 - باب/ رقم الحديث 1050"). 11 - بابُ الإِجارَةِ من العصرِ إلى الليلِ 1064 - عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَثَلُ المُسْلِمينَ واليهودِ والنصارى؛ كَمَثَلِ رجُلٍ استأجَرَ قوماً يعملونَ له عملاً يوماً إلى الليلِ، على أجرٍ معلومٍ، فعَمِلوا لهُ إلى نصفِ النَّهارِ، فقالوا: لا حاجةَ لنا إلى أجْرِكَ الذي شَرَطْتَ لنا، وما عَمِلْنا باطلٌ، فقال لهُم: لا تَفْعَلوا! أكمِلوا بقيَّةَ عمَلِكُم، وخُذوا أجْرَكُم كامِلاً، فأبَوْا، وتَرَكوا، واستأجَرَ آخَرينَ بعدَهُم، فقال: أكمِلوا بقيَّةَ يومِكم هذا، ولكم الذي شَرَطْتُ لهم من الأجْرِ، فعملوا حتى

_ (3) ينقض: يسقط.

12 - باب من استأجر أجيرا فترك أجره فعمل فيه المستأجر، فزاد، أومن عمل في مال غيره فاستفضل

إذا كَانَ حينَ صلاةِ العصرِ؛ قالوا: لك (4)، ما عَمِلْنا باطِلٌ، ولك الأجرُ الذي جعلتَ لنا فيه. فقال لهم: أكمِلوا بقيَّةَ عَمَلِكُم، فإنَّ ما بقيَ من النهارِ شيءٌ يَسيرٌ، فأبَوا، واستأجَرَ قوماً أنْ يَعْمَلوا لهُ بقِيَّة يومِهم، فعَمِلوا بقيَّةَ يومِهِم؛ حتى غابتِ الشمسُ، واسْتَكْمَلوا أجْرَ الفريقينِ كليهما، فذلك مَثَلُهم، ومَثَلُ ما قَبِلوا مِن هذا النُّورِ (5) ". 12 - بابُ مَن استأجَرَ أجيراً فتَرَكَ أجرَهُ فعَمِلَ فيهِ المُسْتأجِرُ، فزادَ، أومَن عَمِلَ في مالِ غيرِه فاسْتَفْضَلَ 1065 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "انطلقَ ثلاثةُ رهْطٍ ممَّنْ كانَ قبلَكُم [يَمشونَ، فأصابَهُم المطرُ 3/ 37]، حتى أوَوُا المبيتَ إلى غارٍ [في جبلٍ 3/ 69]، فدخلوه، فانْحَدَرَتْ صخرةٌ من الجبلِ، فسدَّتْ عليهِم الغارَ، فقالوا: إنَّه لا يُنجيكم من هذه الصخرةِ إلا أن تَدْعوا الله بصالح أعمالِكم (وفي طريقٍ ثانٍ: بأفضلِ عملٍ عَمِلْتُموه، وفي رواية ثانية منها: إلا الصِّدْقُ، فليدعُ كلُّ رجلٍ منكم بما يعلم أنَّه قد صدقَ فيه 4/ 147. وفي ثالثة منها: فقالَ بعضُهم لبعضٍ: انظروا أعمالاً عملتموها صالحةً لله، فادعوا الله بها؛ لعلَّهُ يُفَرِّجها عنكم)، فقال رجلٌ منهم: اللهُمَّ! [إنه] كان لي أبوانِ شيخانِ كبيرانِ، [وصبيةٌ صغارٌ، أرعى عليهِم]، وكنتُ لا أغْبِقُ (6) قبلهما أهلاً ولا مالاً،

_ (4) أي: لك أجرك، و (ما عملنا باطل)، جملة مستأنفة، وعائد الموصول محذوف. (5) يعني: الكتاب والسنة. (6) هو من (الغبوق): شرب العشي، والمراد بقوله: (أهلاً) ما له من زوج وولد. و (مالاً) ما له من رقيق وخدم.

(وفي روايةٍ: فكنتُ أخرجُ فأرعى، ثم أجيءُ فأحلُبُ، فأجيءُ بالحِلاب، فآتي أبَوَيَّ، فيَشْرَبانِ، ثم أسقي الصبيةَ وأهلي وامرأتي، وفي أخرى: وكنتُ آتيهما كلَّ، ليلةٍ بلبنِ غنمٍ لي)، فنأى (7) بي في طلب شيء يوماً، فلمْ أُرِحْ عليهماحتى ناما، فحلبتُ لهما غَبوقهما [كما كنتُ أحلُب]، فوجدْتُهما نائمينِ، وكرهتُ أن أغْبِقَ قبلَهما أهلاً أو مالاً، [وأهلي وعيالي (وفي روايةٍ: والصِّبْيَةُ) يتضاغَوْنَ من الجوع] [عند رجلي]، فلبثتُ [عند رُؤوسِهما]، والقدَحُ على يديَّ أنتظرُ استيقاظهما (وفي روايةٍ: فلم يزل ذلك دأبي ودأبُهما)، حتى بَرَقَ الفجرُ، فاستيقظا فشرِبا غَبوقَهما، اللهمَّ! إن كنتَ [تَعْلَم أني] فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك، ففرِّجْ عنا ما نحن فيهِ مِن هذه الصخرةِ (وفي روايةٍ: فافْرُجْ عنا فُرْجَةً نرى منها السماء، قال:)، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروجَ (وفي روايةٍ: ففرج الله لهم فرجةً حتى يرونَ منها السماءُ 7/ 70)، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: وقال الآخَرُ: اللهُمَّ! [إن كنتَ تعلم] [أنه] كانت ليَ بنتُ عمٍّ، كانت أحبَّ الناسِ إليَّ (وفي روايةٍ: أحْبَبْتُها كأشدِّ ما يُحبذث الرجالُ النساءَ)، فأردْتُها (وفي روايةٍ: راوَدْتُها) عن (وفي أخرى: فطلبتُ منها. وفي لفظ: إليها) نفسِها، فامتَنَعَتْ مني، حتى ألَمَّتْ بها سَنَةٌ مِن السنين، فجاءتني [فقالت: لا تنالُ ذلك منها حتى تُعطيَها مائةَ دينارٍ، فسَعَيْتُ فيها (وفي روايةٍ: فبَغَيْتُ (*). وفي أخرى: فطلبتُها) حتى جَمَعْتُها]، فأعطيتُها عشرينَ ومائةَ دينارٍ على أن تُخَلِّيَ بيني وبين نفسِها، ففَعَلَتْ،

_ (7) أي: بَعُدَ. وفي رواية مسلم: "وأنه نأى بي ذات يومٍ الشجر". (*) ولفظ مسلم من الطريق المشار إليها: "فتعبت".

حتى إذا قَدَرْتُ عليها (وفي طريق: فلما وقعتُ بينَ رجْلَيْها)؛ قالت: [يا عبد الله!] لا أُحِلُّ لك أن (وفي الطريق المذكورة: اتَّقِ الله، ولا) تَفُضَّ الخاتَمَ إلا بحقِّهِ، فتَحرَّجْتُ من الوقوعِ عليها، فانصرفتُ عنها، وهي أحبُّ الناسِ إليَّ، وتركتُ الذهبَ الذي أعْطيْتُها، اللهُمَّ! [فـ] إن كنتَ [تعلمُ أني] [قد] فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهِكَ (وفي الطريق: مِن خَشْيَتِكَ)؛ فافرُجْ عنا ما نحنُ فيه (وفيها: فافْرُجْ عنها فُرْجَةً)، فانفرجَتْ [عنهم] الصخرةُ [حتى نظروا إلى السماءِ] (وفي الطريق الأخرى: ففَرَجَ عنهم الثُّلُثَيْنِ)؛ غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها. قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: وقالَ الثالثُ: اللهمَّ! [إنْ كنتَ تعلمُ] أني [كنتُ] استأجرتُ أجَراءَ فأعطيتُهُم أجرَهُم؛ غيرَ رجلٍ واحدٍ [عمل لي على فَرَقٍ من أرُزٍّ (وفي طريق: ذُرَةٍ)]، [فلمَّا قضى عمَلَهُ قالَ: أعطني حقي]، [فعَرَضْتُ عليه] [حقَّهُ، فـ] تَرَكَ الذي له [ورَغِبَ عنه]، وذَهَبَ، فثَمَّرْتُ أجرَهُ حتى كَثُرَتْ منه الأموالُ (وفي طريق: فعَمَدْتُ إلى ذلك الفَرَقِ، فزَرَعْتُه، حتى اشتريتُ منه بقراً وَراعِيَها)، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدَ الله! [اتَّقِ الله، ولا تَظْلِمْني، و] أدِّي إليَّ أجري، فقلتُ له: كلُّ ما ترى من أجرِك (وفي طريق: من ذلك الفَرَق) من الإِبل والبقرِ والغنمِ والرقيقِ (وفي طريق: فقلت: اذهب إلى ذلك البقر ورُعاتِها، فخُذْ)، فقال: يا عبدَ الله! [اتق الله، و] لا تَسْتَهْزىء بي، فقلتُ: إني لا أستَهْزِىء بك، [ولكنها لكَ]، [فخُذْ]، فأخَذَهُ كُلَّهُ، فاستاقَهُ، فلم يَتْرُكْ منهُ شيئاً، اللهمَّ! فإنْ كنتَ [تَعْلَمُ أني] فعلت ذلك ابتغاءَ وجهكَ، فافرُج عنا ما نحنُ فيه (وفي طريق: ما بقيَ)، فانْفَرَجَتِ الصخرةُ، فخرجوا يمشون".

13 - باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره ثم تصدق به، وأجرة الحمال

13 - بابُ من آجَرَ نفسَهُ ليَحْمِلَ على ظَهْرِهِ ثم تَصَدَّقَ بهِ، وأُجرَةِ الحَمَّالِ (قلت. أسند فيه حديث أبي مسعود السابق "ج 1/ 24 - الزكاة / 11 - باب/ رقم الحديث 678") 14 - بابُ أجْرِ السَّمْسَرةِ. 466 - 469 - ولم يَرَ ابنُ سيرينَ وعَطاءٌ وإبراهيمُ والحَسَنُ بأجْرِ السِّمْسارِ بأساً. 470 - وقال ابن عباس: لا بأسَ أنْ يَقولَ: بِعْ هذا الثوبَ، فما زاد على كذا وكذا فهو لك. 471 - وقالَ ابن سيرين: إذا قالَ: بِعْهُ بكذا، فما كان مِن رِبحٍ فهو لكَ، أو بيني وبينَك؛ فلا بأسَ به. 355 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "المسلمونَ عندَ شُروطِهِم". (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم "34 - البيع/ 68 - باب/ رقم الحديث 1020"). 15 - بابٌ هل يؤاجِرُ الرَّجُلُ نفسَهُ مِن مُشْرِكٍ في أرضِ الحربِ؟

_ 466 - 469 - أما ابن سيرين وإبراهيم- وهو النخعي- وعطاء: فوصله ابن أبي شيبة عنهم، وأما الحسن- وهو البصري- فلم يخرجه الحافظ. 470 - وصله ابن أبي شيبة بنحوه. 471 - وصله ابن أبي شيبة. 355 - وصله الترمذي وغيره من حديث عمرو بن عوف، وأبو داود، وغيره من حديث أبي هريرة، وهو حديث قوي بمجموع طرقه كما بينته في "إرواء الغليل" (1291).

16 - باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب

1066 - عن خَبَّابٍ رضيَ الله عنه قال: كُنْتُ رجُلاً قَيْناً (8) [بمكة 5/ 237] [في الجاهلية 3/ 13]، فعَمِلْتُ للعاصي بنِ وائلٍ [السهمي سيفاً]، فاجتَمَع لي عندَه [دَينٌ (وفي روايةٍ: دراهمُ 3/ 92)] (9)، فأتَيْتُهُ أتقاضاهُ، فقال: لا واللهِ! لا أقضيكَ حتى تَكْفُرَ بمحمدٍ، فقلتُ: أما واللهِ! حتى تَموتَ ثمَ تُبْعَثَ فلا (وفي روايةٍ: قلت: لا أكفرُ بمحمد - صلى الله عليه وسلم - حتى يُميتَك الله ثم يُحْيِيَكَ) (10). قال: وإني لميتٌ ثم مبعوثٌ [من بعد الموت؟! 5/ 238]، قُلتُ: نعم، قال: فإنه سَيكونُ لي ثَمَّ مالٌ، وولَدٌ، فأقضيكَ، فأنزل الله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}. [{أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا. كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا. وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا}]. 16 - بابُ ما يُعْطى في الرُّقْيَةِ على أحياءِ العرب بفاتحةِ الكتاب 356 - وقال ابن عباس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أحَقُّ ما أخَذْتُم عليهِ أجراً كتابُ الله". 472 - وقال الشعبيُّ: لا يَشْتَرِطُ المعَلِّمُ؛ إلا أنْ يُعطى شيئاً؛ فَلْيَقْبَلْهُ.

_ (8) أي: حداداً، وأشار المصنف إلى تفسيره بذلك فيما تقدم (34 - البيوع/ 29 - باب). والقين: الصانع أيضاً، ويطلق على العبد، والجارية: قينة. (9) قلت: خفيت هذه الرواية على بعض الشراح، فعزاها لأحمد دون المصنف، وهي عنده في الموضع المشار إليه. (10) مفهومه: أن يكفر حينئذ، لكنه لم يرد ذلك؛ لأن الكفر حينئذ لا يتصور، فكأنه قال: لا أكفر أبداً، والنكتة في تعبيره بالبعث تعيير العاص بأنه لا يؤمن. "فتح الباري". 356 - هذا طرف من حديث وصله المصنف فيما يأتي "76 - الطب/ 34 - باب" 472 - وصله ابن أبي شيبة.

473 - وقال الحكم: لم أسْمَعْ أحداً كرِهَ أجْرَ المُعَلِّمِ. 474 - وأعطى الحَسَنُ دراهِمَ عَشَرَةً. 475 - ولم يَرَ ابنُ سيرين بأجرِ القَسَّامِ (11) بأساً، وقال: كان يُقالُ: (السُّحْتُ): الرِّشْوة في الحُكْمِ. وكانوا يُعْطَونَ على الخَرْصِ. 1067 - عن أبي سعيدٍ رضي الله عنه قال: انْطَلَقَ نفَرٌ مِن أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سَفْرَةٍ سافَروها، حتى نَزَلوا على حَيٍّ من أحياءِ العرب، فاستَضافوهُم، فأبَوا أن يُضَيِّفوهُم، فلُدغَ سَيِّدُ ذلك الحَيِّ، فسَعَوْا لهُ بكل شيءٍ، لا ينفَعُهُ شيءٌ، فقال بعضُهم: لو أتيتُم هؤلاء الرهط الذينَ نَزَلوا، لعلَّهُ أن يكون عند بعضهم شيءٌ، فأتَوْهُم، فقالوا: يا أيُّها الرهطُ! إن سيدنا لُدِغ، وسعينا لهُ بكلِّ شيءٍ، لا ينفَعُهُ [شيء 7/ 25]، فهل عندَ أحدٍ منكُم منْ شيءٍ؟ (وفي طريق: فجاءت جاريةٌ فقالت: إنَّ سيِّدَ الحيِّ سليم، وإنَّ نَفَرَنا غَيبٌ، فهل منكم مِن راقٍ؟ 6/ 103)، فقال بعضُهم: نعم واللهِ؛ إني لأَرْقي، ولكن والله لقد استضفْناكُم، فلم تُضيفونا، فما أنا براقٍ لكُم حتى تَجْعَلوا لنا جُعلاً (12)، فصالَحوهُم على قَطيعٍ من الغنم (وفي الطريق الأخرى: فقام معها رجلٌ ما كُنَّا نَأبُنُهُ برُقْيَةٍ) (13)، فانطلَقَ [يجمَعُ بزاقه و

_ 473 - وصله البغوي في "الجعديات" بسند صحيح عنه. 474 - وصله ابن سعد في "الطبقات". 475 - وصله عبد بن حميد في "تفسيره" نحوه. قلت: وفي "مصنف ابن أبي شيبة" (7/ 40) عنه خلافه. (11) هو القاسم الذي يقسم المال بين ذوي الحقوق، ويأخذ عليه أجراً. (12) الجعل: ما يعطى على العمل. (13) أي: ما كنا نعلم أنه يرقي.

17 - باب ضريبة العبد، وتعاهد ضرائب الإماء

7/ 23] يَتْفِلُ عليهِ ويقرأُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، فكأنما نُشِطَ مِن عِقالٍ، فانطلق يمشي وما به قَلَبَةٌ (14)، قال: فأوْفوهُم جُعْلَهُم الذي صالَحُوهُم عليه (وفي الطريق الأخرى: فَرَقاهُ، فبَرَأ، فأمر له بثلاثين شاةً، وسقانا لبناً، فلما رجع قلنا: أكنتَ تُحْسِنُ رقيةً، أو كنتَ ترقي؟ قالَ: ما رقَيْتُه إلا بأم الكتاب)، فقالَ بعضُهم: اقْسِموا، فقال الذي رَقى: لا تَفْعَلوا حتى نأْتِيَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فنَذْكُرَ له الذي كان، فنَنْظُرَ ما يأمُرنا، فقدِموا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -[المدينة]، فذكروا له- فقال: "وما يُدريكَ أنها رُقيةٌ؟ "، ثم قال: "قد أصبْتُم، اقسِموا، واضربوا لي مَعَكُم سهماً"، فضحِكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. (وفي الطريق الأخرى: فضحك، وقال: "وما أدراكَ أنها رُقية"؟). 17 - بابُ ضريبةِ العَبْدِ (15)، وتَعاهُدِ ضرائبِ الإماءِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم في "34 - البيوع/ 39 - باب/ رقم الحديث 993"). 18 - بابُ خَراجِ الحَجَّامِ 19 - بابُ مَن كَلَّمَ مواليَ العبدِ أنْ يُخَفِّفوا عنهُ مِن خَراجِهِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المشار إليه آنفاً). 20 - بابُ كَسْبِ البَغِيِّ (16) والإِماءِ

_ (14) أي: علة. (15) ضريبة العبد: ما يقرره السيد علي عبده في كل يوم. (16) البغي: الزانية، والمراد بالإماء هنا بغاياهن.

21 - باب عسب الفحل

476 - وكَرِهَ ابراهيمُ أجرَ النَّائِحَةِ، والمُغَنِّيَةِ. وقول الله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. 477 - وقال مجاهد: {فتَياتِكُم}: إماءَكُم. 1068 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن كَسْبِ الِإماءِ". 21 - بابُ عَسْبِ الفَحْلِ (17) 1069 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن عَسْبِ الفَحْلِ". 22 - بابٌ إذا استَأجَرَ أرْضاً فماتَ أحَدُهُما 478 - وقال ابن سيرين: ليس لأهلِهِ أنْ يُخْرِجوهُ إلى تَمامِ الأجَلِ. 479 - 481 - وقال الحكمُ والحسن وإياسُ بن معاويةَ: تُمْضَى الإِجارةُ إلى أجَلِها.

_ 476 - وصله ابن أبي شيبة (7/ 9) وسنده صحيح. 477 - وصله ابن أبي حاتم، وعبد بن حميد، والطبري، والفريابي في "تفسيره". (17) العسب: كراء ضراب الفحل، وعسب الفحل أيضاً: ضرابه، وقيل: ماؤه كما في "مختار الصحاح". والظاهر أن النهي إنما هو عن أخذ الكراء للضِّراب لعدم تقوّمه. 478 - وصله ابن أبي شيبة عنه (7/ 276 - 277) وسنده صحيح. 479 - 481 - وصله ابن أبي شيبة عن الحسن، وإياس بن معاوية، وأما الحكم فلم يخرجه الحافظ. وأقول: الذي في "مصنفه" (7/ 267): "الحكم"؛ مكان (الحسن)، وأنه قال: "تنقص الإِجارة".

357 - وقال ابنُ عمرَ: أعطى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ بالشَّطْرِ (18)، فكان ذلك على عهدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكرٍ، وصَدْراً مِن خلافةِ عُمَرَ ولم يُذكَر أنَّ أبا بكرٍ وعُمَرَ جَدَّدا الإجارةَ بعدَما قُبِضَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي "41 - الحرث والمزارعة/ 17 - باب"). 358 - وقال عبيدُ الله عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ حتى أجلاهُم عُمَرُ.

_ 357 و 358 - هما طرفان من حديث وصله المصنف فيما يأتي "41 - المزارعة/ 17 - باب". (18) أي: بأن يكون النصف للذراع، والنصف له - صلى الله عليه وسلم -.

38 - [كتاب] الحوالات

بسم الله الرحمن الرحيم 38 - [كتابُ] الحَوالات 1 - بابٌ في الحَوالَةِ، وهل يَرْجِعُ في الحَوالَةِ؟ 482 و 483 - وقالَ الحَسنُ وقَتادَةُ: إذا كانَ يومَ أحالَ عليهِ مَلِيًّا (1)؛ جازَ. 484 - وقالَ ابنُ عباسٍ: يتخارَجُ الشَّريكانِ وأهلُ الميراثِ، فيأخُذُ هذا عَيْناً وهذا ديناً، فإنْ تَوِيَ (2) لأحدهما؛ لم يَرْجِعْ على صاحِبِهِ. 1070 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، فإذا أُتْبِعَ أحَدُكُم على مَلِيٍّ؛ فَلْيَتْبَعْ". 2 - بابٌ إذا أحالَ على مَلِيٍّ؛ فليْسَ له رَدٌّ (قلت: أسند فيه حديث أي هريرة الذي قبله). 3 - بابٌ إذا أحالَ دَيْنَ الميِّتِ على رَجُلٍ؛ جاز 1071 - عن سَلَمَة بنِ الأكوعِ رضي الله عنه قال: كُنَّا جُلوساً عندَ النبيِّ

_ 482 و 483 - أخرجه ابن أبي شيبة والأثرم بسند صحيح عنهما. (1) المليّ: الغني. 484 - وصله ابن أبي شيبة. (2) والتوى: الهلاك.

- صلى الله عليه وسلم - إذ أُتِيَ بجَنازةٍ، فقالوا: صَلِّ عليها. فقالَ: "هل عليه دينٌ؟ ". قالوا: لا. قال: "فهلْ تَرَكَ شيئاً؟ ". قالوا: لا، فصلَّى عليه. ثمَّ أُتِيَ بجنازةٍ أُخرى، فقالوا: يا رسولَ الله! صلِّ عليها. قال: "هل عليه دينٌ؟ ". قيل: نعم. قالَ: "فهل تَرَكَ شيئاً؟ ". قالو: ثلاثةَ دنانيرَ، فصلَّى عليها. ثم أُتِيَ بالثالثة، فقالوا: صلِّ عليها. قال: "هل تركَ شيئاً؟ ". قالوا: لا. قال: "فهل عليهِ دينٌ؟ ". قالوا: ثلاثةُ دنانيرَ. قال: "صلُّوا على صاحِبِكُم". قال أبو قتادة (3): صلِّ عليه يا رسولَ الله! وعليَّ دينُهُ، فصلى عليه.

_ (3) لفظ أحمد: فقال رجل من الأنصار يقال له: أبو قتادة. قلت: وردت هذه القصة عن أبي قتادة نفسه عند النسائي وغيره، وهي مخرجة في كتابي "أحكام الجنائز" (ص 85)، وفي أخرى لأحمد: "ثم أُتي بأخرى، فقال: هل ترك من دين؟. قالوا: لا. قال: هل ترك من شيء؟ قالوا: نعم؛ ثلاثة دنانير. قالَ: فقال بأصابعه ثلاث كيات". وإسناده صحيح. قلت: فهذا ميت رابع فيما يبدو، وهو رواية الإسماعيلي فيما أفاده الحافظ (4/ 383، 388)، فراجعه إن شئت.

39 - [كتاب الكفالة]

بسم الله الرحمن الرحيم 39 - [كِتابُ الكَفالَةِ] 1 - بابُ الكفالةِ في القَرْضِ والدُّيونِ بالأبدانِ وغيرها 485 - عن حمزةَ بنِ عَمْرٍو الأسلميّ؛ أنَّ عمرَ رضيَ الله عنه بعَثَهُ مُصَدِّقاً، فوقَعَ رجُلٌ على جاريةِ امرأتِهِ، فأخَذَ حمزةُ من الرَّجُلِ كفيلاً حتى قَدِمَ على عُمَرَ، وكان عُمر قد جَلَدَهُ مائةَ جَلْدَةٍ فصَدَّقهُم وعَذَرَهُ بالجهالةِ. 486 - وقال جريرٌ والأشعثُ لعبدِ الله بن مَسعودٍ في المُرْتَدِّينَ: اسْتَتِبْهُم، وكَفِّلْهُم. فتابوا وكَفَلَهُم عشائِرُهم. 487 - وقال حمَّادٌ: إذا تَكَفَّلَ بنفسٍ، فماتَ؛ فلا شيءَ عليهِ. وقال الحكمُ: يضْمَنُ. 359 - عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه عن رسول - صلى الله عليه وسلم -؛ أنَّه ذَكَرَ رَجُلاً من بني إسرائيلَ، سألَ بعضَ بني إسرائيلَ أن يُسْلِفَهُ ألفَ دينارٍ، فقال: ائتني بالشُّهَداءِ أُشْهِدُهُم. فقالَ: كَفى بالله شَهيداً. قالَ: فائْتِني بالكَفيلِ. قالَ: كَفى بالله كَفيلاً. قالَ: صَدَقْتَ، فدَفَعها إليه إلى أجلٍ مُسَمَّى، فخرَجَ

_ 485 - وصله الطحاوي بسند حسن عنه. 486 - وصله البيهقي. 487 - وصله الأثرم. 359 - هذا معلق، لكن وصله فيما تقدم مختصراً (34 - البيوع/ 10 - باب)، ورددنا هناك على ابن حزم تضعيفه إياه.

2 - باب قول الله تعالى: {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم}

في البحرِ، فقضى حاجَتَهُ؛ ثم التمسَ مَرْكَباً يَرْكَبُها يَقْدَمُ عليهِ؛ للأجَلِ الذي أجَّلَهُ، فلم يجد مركباً، فأخَذَ خَشَبَةً، فنَقَرها، فأدخَلَ فيها ألف دينارٍ 360 - و [كَتَب 7/ 135] صحيفةً منهُ إلى صاحِبِهِ [من فلانٍ إلى فلانٍ]، ثمَّ زَجَّجَ (1) موضِعَها، ثم أتى بها إلى البحرِ، فقال: اللهمَّ! إنَّك تَعْلَم أني كنت تَسَلَّفْتُ فلاناً ألفَ دينارٍ، فسألني كفيلاً، فقلتُ: كفى بالله كفيلاً، فرضِيَ بك، وسألني شَهيداً، فقلتُ: كفى بالله شهيداً، فرضيَ بكَ، وإنِّي جَهَدْتُ أنْ أجِدَ مَرْكباً أبعَثُ إليه الذي لهُ، فلم أقْدِرْ، وإني أستَودِعُكَها، فرمى بها في البحرِ، حتى ولَجَتْ فيه، ثم انصرفَ، وهو في ذلك يلْتَمِسُ مركباً يَخْرُجُ إلى بلدِهِ، فخَرَجَ الرجُلُ الذي كانَ أسْلَفَهُ ينظُرُ، لعَلَّ مَرْكباً قد جاءَ بمالِه، فإذا بالخَشَبَةِ التي فيها المالُ، فأخَذَها لأهلِهِ حطباً، فلمَّا نَشَرها، وجَدَ المالَ والصَّحيفةَ، ثمَّ قَدِمَ الذي كان أسْلَفَهُ، فأتى بالألفِ دينارٍ، فقالَ: والله ما زلتُ جاهداً في طَلَبِ مَرْكَبٍ لآتِيَكَ بمالِك، فما وجَدْتُ مركباً قبلَ الذي أتيتُ فيه. قال: هل كنتَ بعَثْتَ إليَّ بشيءٍ؟ قالَ: أُخْبِرُكَ أنِّي لم أجِدْ مَرْكباً قبل الذي جِئتُ فيه. قالَ: فإنَّ الله قد أدَّى عنكَ الذي بعثتَ في الخَشَبَةِ، فانصَرِفْ بالألف الدينارِ راشداً. 2 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} 1072 - عن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما: {ولِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ}؛ قالَ: وَرَثَةً، {والذينَ عَقَدَتْ أيْمانُكُم}؛ قال: كان المهاجرون لمَّا قَدِموا المدينةَ يَرِثُ

_ 360 - هذه الزيادة والتي بعدها معلقة أيضاً عند المصنف، وقد وصلها في "الأدب المفرد" بسند فيه ضعف. (1) أي: سوى موضع النقر وأصلحه.

3 - باب من تكفل عن ميت دينا؛ فليس له أن يرجع

المهاجرُ الأنصاريَّ، دون ذَوي رحِمِهِ للأخُوَّةِ التي آخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينهم، فلما نَزَلَتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}؛ نَسَخَتْ (2)، ثم قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إلا (وفي روايةٍ: مِن 5/ 179) النَّصْرِ (3)، والرِّفادةَ (*)، والنصيحةَ، وقد ذَهَبَ الميراثُ ويُوصى له. 1073 - عن عاصمٍ قالَ: قلتُ لأنس [بن مالك 7/ 92] رضي الله عنه: أبَلَغَكَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا حِلْفَ في الإِسلامِ"؟ فقال: قد حالفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين قُرَيش والأنصارِ في داري [التي بالمدينة 8/ 154] (4). 3 - بابُ مَن تَكَفَّلَ عن ميِّتٍ ديناً؛ فليس له أن يَرْجِعَ 488 - وبه قال الحسن. 4 - بابُ جِوارِ (5) أبي بكرٍ في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعَقْدِهِ

_ (2) يعني أن آية: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}، نُسخَتْ بآية: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}. (3) مستثنى من الأحكام المقدرة في الآية المنسوخة، أي: نسخت تلك الآية حكم نصيب الإرث، لا النصر وما بعده. (*) أي: المعاونة. (4) قلت: كان أنساً رضي الله عنه لم يبلغه الحديث المَسؤول عنه، وهو حديث صحيح، ولقد أحسن الإمام مسلم صنعاً حين عقَّب به على حديث أنس، وتمامه عنده (7/ 183): "وأيما حلف كان في الجاهلية، لم يزده الإسلام إلا شدة". والمراد بالحلف المنفي ما كانوا يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف، ولو كان ظالماً، ومن أخذ الثأر من القبيلة بسبب قتل واحد منها، ومن التوارث، ونحو ذلك. أما الحلف المثبت؛ فهو ما عدا ذلك من نصر المظلوم، ونحوه من الأمور المشروعة. 488 - لم يخرجه الحافظ. (5) الجِوار: بالكسر، ويجوز الضم: الأمان.

5 - باب الدين

(قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي "63 - مناقب الأنصار/ 43 - باب" وعلقه هنا بتمامه إلا قليلاً). 5 - بابُ الدَّيْنِ 1074 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤْتَى بالرَّجُلِ المُتَوَفَّى عليه الدَّيْنُ، فيسألُ: "هل ترك لدَيْنِهِ فضلاً؟ ". فإن حُدِّثَ أنَّه تَرَكَ لدينِه وفاءً صلَّى، وإلاَّ قال للمسلمين: "صلُّوا على صاحِبِكُم"، فلما فتَحَ الله عليه الفتوحَ؛ قال: "أنا أوْلى بالمؤمنينَ مِن أنفُسِهمِ، فمَن تُوُفِّي من المؤمنين، فترك ديناً [ولم يترك وفاءً 8/ 5]؛ فعليَّ قَضاؤهُ، ومن ترك مالاً؛ فلِوَرَثَتِه (وفي طريق ثانية: فمالُهُ لموالي العَصَبة 8/ 8)، [ومن ترك كلاًّ، [أو ضياعاً 8/ 8]؛ فإلينا 3/ 85]، (وفي الطريق الثانية: فأنا وَلِيُّه، فَلِأُدْعَى له. (الكَلُّ): العيال). (وفي طريق ثالثة: ما من مؤمنٍ إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إنْ شئتُم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}، فأيما مؤمن ماتَ وترك مالاً؛ فليرثْه عَصَبَتُهُ مَن كانوا، ومَن ترك دَيناً أو ضَياعاً؛ فليأتني، فأنا مولاه 3/ 85) ".

40 - كتاب الوكالة

بسم الله الرحمن الرحيم 40 - كتابُ الوَكالَةِ 1 - بابٌ في وَكالَةِ الشَّريكِ الشَّريكَ في القِسْمَةِ وغَيْرها 361 - وقد أشْرَكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علياً في هَدْيِهِ، ثمَّ أمَرَهُ بقِسْمَتها. 1075 - عن عقبةَ بنِ عامِرٍ رضيَ الله عنهُ؛ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أعطاهُ غَنَماً يَقسِمها على صحابتِهِ، فبقيَ عَتودٌ (1)، فذكَرَهُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ضَحِّ أنت [به 6/ 236] ". 2 - بابٌ إذا وَكَّلَ المسلمُ حَرْبياً في دار الحرب أو في دارِ الإِسلامِ؛ جازَ 1076 - عن عبد الرحمن بن عوفٍ رضي الله عنه قال: كاتَبْتُ أمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ كتاباً بأنْ يَحْفَظَني في صاغِيَتي (2) بمكة، وأحفَظَهُ في صاغِيَتِه بالمدينة، فلما ذَكَرْتُ

_ 361 - هذا ملفق من حديثين عند المصنف، فطرفه الأول؛ وصله من حديث ابن عباس، وسيأتي في "47 - الشركة/ 15 - باب"، والآخر وصله في "ج 1/ 25 - الحج/ 114 - باب" من حديث علي رقم (804). (1) وهو الصغير من المعز إذا قوي. (2) الصاغية: المال أو الحاشية أو الأهل، ومن يصغي إليه، أي: يميل.

3 - باب الوكالة في الصرف والميزان

الرحمن قال: لا أعرِفُ الرحمنَ، كاتِبْني باسمِكَ الذي كانَ في الجاهليةِ! فكاتَبْتُه عبدُ عمرٍو، فلما كانَ في يومِ بدرٍ؛ خَرَجْتُ إلى جبلٍ لأُحْرِزَهُ (3) حين نامَ الناسُ، فأبصَرَهُ بلالٌ، فخرَجَ حتى وَقَفَ على مَجْلِسٍ من الأنصارِ، فقالَ: أميَّةَ (4) بن خَلَفٍ؛ لا نَجَوْتُ إنْ نجا أميةُ، فخَرَجَ معه فريقٌ من الأنصارِ في آثارِنا، فلمَّا خَشيتُ أن يَلْحَقونا؛ خَلَّفْتُ لهُم ابنَهُ لِأَشغَلَهُم، فقَتلوهُ، ثم أبَوا حتى يَتْبعونا، وكانَ رجُلاً ثقيلاً، فلما أدوَكونا قلتُ له: ابرُكْ، فبَرَكَ، فألقيتُ عليه نفسي لأمْنَعَهُ، فتَخَلَّلوهُ بالسُّيوفِ مِن تحتي حتى قَتلوهُ، وأصابَ أحَدُهم رِجلي بسَيْفِهِ، وكانَ عبدُ الرحمن ابن عوفٍ يُرِينا ذلك الأثرَ في ظهرِ قدمِهِ. قال أبو عبد اللهِ: سَمعَ يوسُفُ صالحاً، وإبراهيمُ أباهُ (5). 3 - بابُ الوكالَةِ في الصَّرْفِ والميزانِ (6) 489 - وقد وَكَّلَ عُمَرُ وابنُ عمرَ في الصَّرْفِ. (قلت: ذكر في حديث أبي سعيد الخُدْري وأبي هريرة الماضي في "34 - البيوع/ 89 - باب/ رقم الحديث 1037")

_ (3) أي: لأحفظه، والضمير المنصوب لأمية. (4) منصوبُ مقدرٍ، أي: دونكم، أو الزموا، ولأبي ذر: "أميةُ بنُ خلف" بالرفع، أي: هذا أمية بن خلف. (5) يعني: عبد الرحمن بن عوف، وصالح هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ويوسف هو ابن الماجشون، وهذا لقبه، وهو يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة، سمع هذا الحديث من صالح، وهذا رواه عن أبيه إبراهيم، وهذا سمعه من أبيه عبد الرحمن، والشطر الأول من الحديث في "المستدرك" (3/ 307). (6) أراد بالميزان. الموزون. 489 - وصله عنهما سعيد بن منصور بإسنادين صحيحين.

4 - باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت أو شيئا يفسد؛ ذبح أو أصلح ما يخاف عليه الفساد

4 - بابٌ إذا أبصَرَ الراعي أو الوَكيلُ شاة تموتُ أو شيئاً يفْسُدُ؛ ذَبَحَ أو أصْلَحَ ما يَخافُ عليهِ الفسادَ 1077 - عن كعبِ بنِ مالكٍ أنَّه كانَت لهم غَنَمٌ تَرعى [بالجُبَيْلِ الذي بالسوقِ وهو 6/ 225] بـ (سَلْعٍ) (7)، فأبْصَرَتْ جاريةٌ لنا بشاةٍ من غَنَمِنا مَوْتاً، فكَسَرَتْ حجراً فذَبَحَتْها به، فقالَ لهم: لا تأكُلوا حتى أسألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أو أُرسِلَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من يسألُهُ، وأنَّه سألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذاك، أو أرسَلَ، فأمَرَهُ بأكْلِها. قال عُبيد الله: فيُعْجِبُني أنَّها أمَةٌ، وأنها ذَبَحَتْ. 5 - بابٌ وكالةُ الشاهِدِ والغائبِ جائزَةٌ 490 - وكتب عبد الله بن عَمرٍو إلى قَهرمانِهِ (8) وهو غائبٌ عنهُ أنْ يُزَكِّيَ عن أهلِهِ: الصغير والكبيرِ. 1078 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: كانَ لرَجُلٍ على النبي - صلى الله عليه وسلم - جَمَلٌ سِنٌّ (9) مِن الإِبلِ، فجاءَهُ يَتَقاضاهُ، [فأغْلَظَ، فهَمَّ بهِ أصحابُه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "دعوه؛ فإنَّ لصاحب الحَقِّ مقالاً"]، فقال: "أعطوه [سنّاً مثل سنِّه] "، فطلبوا سِنَّهُ، فلم يَجِدوا له إلا سِنّاً فوقها، [فقالوا: ما نَجِدُ إلا سِنّاً أفضل من سنه 3/ 83]، فقال:

_ (7) سلع: جبل بـ (طيبة). و (عبيد الله) هو ابن عمر العمري الثقة، وهو أحد رواة الحديث. 490 - لم يخرجه الحافظ. (8) أي: خازنه القائم بقضاء حوائجه. (أن يزكي) إلخ: أراد بها زكاة الفطر. (9) أي: له سن معين.

6 - باب الوكالة في قضاء الديون

["اشْتَروهُ فـ] أعطوهُ [إياه] "، فقالَ: أوْفَيْتَني، أوفى الله بك، (وفي روايةٍ: أوفاك الله)، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " [أعطوهُ، فـ] إنَّ خيارَكُم أحْسَنُكُم قضاءً". 6 - بابُ الوكالةِ في قضاءِ الدُّيونِ (قلت: أسندَ فيه حديث أبي هريرة الذي قبله). 7 - بابٌ إذا وَهَبَ شيئاً لِوَكيلٍ أوشفيعِ قومٍ؛ جاز 362 - لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لوَفْدِ هَوازِنَ حين سألوهُ المغانِمَ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " نصيبي لكُم". 1079 - عن عُرْوَةَ أنَّ مروانَ بن الحَكَمِ والمِسْوَرَ بن مَخْرَمَة أخبراهُ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قامَ حينَ جاءَهُ وفدُ هوازِنَ مُسلمينَ، فسألوهُ أنْ يَرُدَّ إليهِم أموالَهُم وسَبْيَهُم، فقالَ لهُم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " [إنَّ معيَ مَن تَرَوْنَ، و 3/ 121] أَحبُّ الحديث إليَّ أصدقُهُ، فاختاروا إحدى الطائِفتينِ؛ إما السبيَ، وإمَّا المالَ، وقد كنتُ استأنيتُ (10) بكُم"- وقد كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - انتظرهُم بضعَ عشرة ليلةً حين قفَلَ مِن الطائف- فلمَّا تبيَّنَ لهُم أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غيرُ رادٍّ إليهِم إلا إحدى الطائفتينِ؛ قالوا: فإنَّا نختارُ سبْيَنا، فقامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في المسلمين، فأثنى على الله بما هو أهلُهُ، ثم قالَ:

_ 362 - وصله ابن إسحاق في "المغازي" (4/ 489 - السيرة) بسند حسن عن ابن عمرو. (10) أي: انتظرت.

8 - باب إذا وكل رجل أن يعطي شيئا، ولم يبين كم يعطي، فأعطى على ما يتعارفه الناس

"أما بعدُ؛ فإنَّ إخوانَكُم هؤلاءِ قد جاؤونا تائِبينَ، وإني قد رأيتُ أن أرُدَّ إليهم سَبْيَهُم، فمنْ أحَبَّ منكُم أنْ يُطَيِّبَ (11) بذلك؛ فَلْيَفْعَل، ومن أحبَّ منكُم أنْ يكونَ على حَظِّهِ حتى نُعْطِيَهُ إيّاهُ مِن أوَّلِ ما يُفيءُ الله علينا؛ فليَفْعَلْ". فقالَ الناسُ: قد طَيَّبْنا ذلك لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: يا رسولَ اللهِ! 4/ 54) لهم، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّا لا نَدْري مَن أذِنَ مِنْكُم في ذلك ممَّنْ لم يأْذَنْ، فارْجِعوا حتى يَرْفَعوا (وفي روايةٍ: يرفعَ) إلينا عُرفاؤكُم (12) أمرَكُم"، فرَجَعَ الناسُ، فكَلَّمَهُم عُرفاؤهُم، ثمَّ رَجَعوا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبَروهُ أنَّهم قد طَيَّبوا وأذِنوا. 8 - بابٌ إذا وَكَّلَ رجُلٌ أنْ يُعْطِيَ شيئاً، ولم يُبَيِّنْ كم يُعطي، فأعطى على ما يتعارَفُهُ الناسُ (قلت: أسند فيه حديث جابر الماضي في "34 - البيوع/ 34 - باب/ رقم الحديث 990"). 9 - بابُ وكالَةِ المَرأةِ الإمامَ في النِّكاح (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل الآتي "66 - فضائل القرآن/ 22 - باب"). 10 - بابٌ إذا وَكَّلَ رَجُلاً فترك الوكيلُ شيئاً، فأجازَهُ المُوَكِّلُ؛ فهو جائِزٌ، بأنْ أقْرَضَهُ إلى أجَلٍ مُسمًّى؛ جاز

_ (11) قوله: (يُطَيِّب) بهذا الضبط، ورُوِيَ: (يطيب) من الثلاثي، والمعنى: هو الإعطاء مجاناً. (12) العرفاء: جمع عريف، وهو الذي يعرف أمور القوم، وهو النقيب، ودون الرئيس، وقوله: حتى يرفعوا بالواو على لغة أكلوني البراغيث.

363 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: وكَّلني رسولُ - صلى الله عليه وسلم - بحفْظِ زكاةِ رَمضانَ، فأتاني آتٍ، فجَعَلَ يَحْثو (13) من الطعامِ، فأخَذْتُه، وقلتُ: واللهِ لأرفَعَنَّكَ إلى رسولِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: إنِّي محتاجٌ، وعليَّ عِيالٌ، ولي حاجةٌ شديدةٌ، قال: فخَلَّيْتُ عنهُ، فأصبَحْتُ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا هريرة! ما فعَلَ أسيرُك البارِحَة"؟ قال: قلتُ: يا رسولَ الله! شكا حاجةً شديدةً، وعِيالاً، فرَحِمْتُه، فَخَلَّيْتُ سَبيلَهُ. قال: "أما إنَّه قد كَذَبَكَ، وسيعودُ". فعرفتُ أنَّه سَيعودُ؛ لقولِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّه سيعودُ"، فرصَدْتُه، فجاءَ يَحثو من الطعامِ، فأخذْتُه، فقلتُ: لأرفَعَنَّكَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: دَعْني، فإنِّي محتاجٌ، وعليَّ عِيالٌ، لا أعودُ، فرَحِمْتُه، فخَلَّيْتُ سبيلَهُ، فأصبَحْتُ، فقال لي رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا هُريرةَ! ما فَعَلَ أسيرُكَ"؟ قلتُ: يا رسولَ اللهِ! شكا حاجَةً شديدةً، وعيالاً، فرحمْتُه، فخَلَّيْتُ سبيلَهُ. قال: "أما إنَّهُ قد كَذَبَكَ، وسيعودُ". فرصَدْتُه الثالثةَ، فجاءَ يَحثو مِن الطعامِ، فأخَذْته، فقلْتُ: لأرفَعَنَّكَ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا آخرُ ثلاثِ مراتٍ، إنَّك تزْعُمُ لا تَعودُ، ثم تَعودُ! قالَ: دَعني أُعَلِّمُكَ كَلماتٍ، يَنْفَعْكَ الله بِها. قلتُ: ما هو؟ قالَ: إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فاقرأ آيةَ الكرسيِّ {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} حتى تَخْتِم الآية؛ فإنك لنْ يزالَ عليكَ مِن الله حافِظٌ، ولا يَقْرَبَنَّكَ شيطانٌ حتى تُصْبِحَ، فخَليْتُ سبيلَهُ، فأصبَحْتُ، فقالَ لي رسولُ الله: "ما فَعَلَ أسيرُك البارِحَةَ؟ ". قلتُ: يا رسولَ الله! زَعَمَ أنَّه يُعَلِّمُني كلماتٍ، ينفعُني الله بها، فخَلَّيْتُ سبيلَهُ. قالَ: "ما هِيَ؟ "، قلتُ: قالَ لي: إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ فاقرأ آيةَ الكرسيِّ مِن أوَّلِها؛ حتى تَخْتِم {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، وقالَ لي: لن يزالَ عليكَ من الله حافظٌ، ولا يَقربَكَ

_ 363 - هذا معلق، وقد وصله النسائي والإسماعيلي وأبو نعيم بسند صحيح. (13) أي: يأخذ بكفيه.

11 - باب إذا باع الوكيل شيئا فاسدا؛ فبيعه مردود

شيطانٌ حتى تُصْبِحَ- وكانوا أحرصَ شيءٍ على الخيرِ- فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنَّهُ قد صَدَقَكَ وهو كَذوبٌ. تَعلَمُ مَن تُخاطِبُ منذُ ثلاثِ ليالٍ يا أبا هُريرةَ؟ ". قال: لا. قال: "ذاكَ شيطانٌ". 11 - بابٌ إذا باعَ الوكيلُ شيئاً فاسِداً؛ فبَيْعُهُ مَردودٌ 1080 - عن أبي سعيد الخُدري رضيَ الله عنه قال: جاءَ بلالٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بتمرٍ بَرْنِيٍّ (14) فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مِن أينَ هذا؟ ". قال بِلالٌ: كان عندَنا تمرٌ رديءٌ، فبِعْتُ منه صاعَينِ بصاعٍ، ليُطْعِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "أوَّهْ، أوَّهْ، عينُ الرِّبا، عينُ الرِّبا، لا تفعل، ولكنْ إذا أردتَ أن تَشْتَرِي؛ فبِعِ التَّمْرَ ببيعٍ آخَرَ، ثم اشتَرِ بهِ" (15). 12 - بابُ الوَكالةِ في الوَقْفِ ونَفَقَتِهِ، وأنْ يُطْعِمَ صديقاً لهُ، ويأكُلَ بالمعروف (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عمر الآتي "55 - الوصايا/ 23 - باب").

_ (14) البَرْني: ضرب من التمر جيد. وقد جاء من طرق مرفوعة: "خير تمراتكم البرني، يذهب الداء، ولا داء فيه". وقد خرجته في "الصحيحة" (1844). (15) تقدم هذا الحديث (1045) من رواية أبي سعيد وأبي هريرة معاً، واللفظ هناك لأبي هريرة كما تقدم.

13 - باب الوكالة فى الحدود

13 - بابُ الوكالَةِ فى الحُدودِ 1081 - عن عُقْبَةَ الحارِثِ قالَ: جيءَ بالنُّعَيْمانِ أو ابنِ النُّعَيْمانِ شارباً (وفي روايةٍ: وهو سكران، وشَقَّ عليه 8/ 13 - 14)، فأمرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَن كانَ في البَيْتِ أن يَضْرِبوا، قالَ: فكنتُ أنا فيمَنْ ضَرَبَهُ، فَضَرَبْناهُ بالنِّعالِ والجَريدِ. 14 - بابُ الوكالَةِ في البُدْنِ وتَعاهُدِها (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "ج 1/ 25 - الحج/ 110 - باب/ رقم الحديث 803"). 15 - بابٌ إذا قالَ الرَّجُل لوَكيلِهِ ضَعْهُ حيثُ أراكَ الله. وقال الوكيلُ: قد سَمِعْتُ ما قُلْتَ (قلت: أسند فيه حديث أنس التقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 46 - باب/ رقم الحديث 694 "). 16 - بابُ وكالَةِ الأمينِ في الخِزانَةِ ونحوِها (قلت: أسند فيه حديث أبي موسي المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 27 - باب/ رقم الحديث 687").

41 - [كتاب] الحرث والمزارعة

بسم الله الرحمن الرحيم 41 - [كتابُ] الحَرْثِ والمُزارَعَةِ 1 - بابُ فضْلِ الزَّرْعِ والغَرْسِ إذا أُكِلَ منهُ، وقولِه تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ. أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ. لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطاماً} 1082 - عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غرساً، أو يَزْرَعُ زَرْعاً، فيأكُلُ منهُ طيْرٌ، أو إنسانٌ، أو بَهيمةٌ (وفي روايةٍ: دابةٌ 7/ 78)؛ إلا كانَ لهُ به صَدَقَةٌ". 2 - بابُ ما يُحذَرُ مِن عواقِبِ الاشتغالِ بآلَةِ الزَّرْعِ أومجاوَزَةِ الحَدِّ الذي أُمِرَ بهِ 1083 - عن أبي أُمامَةَ الباهِلِيِّ قالَ: -ورأى سِكَّةً (1) وشيئاً مِن آلةِ الحرثِ - فقالَ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا يدْخُلُ هذا بيتَ قومٍ إلا أُدْخِلَهُ الذُّلُّ" (2).

_ (1) هي الحديدة التي تُحرث بها الأرض. (2) قلت: لعله الذل المذكور في حديث: "إذا تبايعتُم بالعِينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل اللهِ؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"، وعليه؛ فحديث الترجمة محمول على من أداه الاشتغال بالزرع وآلته إلى إضاعة شيء من الواجب عليه؛ كالجهاد، =

3 - باب اقتناء الكلب للحرث

قال محمدٌ: واسم أبي أُمامةَ صُدَيُّ بنُ عَجْلانَ. 3 - بابُ اقتناءِ الكَلْبِ للحرثِ 1084 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أمْسَكَ كلباً فإنَّهُ يَنْقُصُ كلَّ يومٍ من عملهِ قيراطٌ؛ إلا كَلْبَ حرْثٍ، أو ماشيةٍ". 364 - (وفي طريق ثانية معلقة: "إلا كلبَ غنمٍ أو حَرْثٍ أو صيدٍ"). 365 - (وفي ثالثة معلقة: "كلب صَيْدٍ أو ماشيةٍ"). 1085 - عن السائبِ بن يزيد أنَّه سَمِعَ سفيانَ بن أبي زهير- رجلاً مِن أزْدِشَنُوءَةَ، وكانَ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: سمعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنِ اقْتَنى كلباً لا يُغني عنهُ زَرْعاً ولا ضَرْعاً؛ نَقَصَ كلَّ يومٍ من عَمَلِهِ قيراطٌ".

_ = وهو ما أشار إليه المصنف رحمه الله في الترجمة، فلله درُّهُ ما أفقهه، وراجع لهذا "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ ص 14 - 19). 364 - هذه الرواية معلقة، وقد وصلها أبو الشيخ الأصبهاني في "كتاب الترغيب" له كما في "الفتح"، ووصلها مسلم (5/ 38)، وأحمد (2/ 267 و 425) من طريقٍ أخرى عن أبي هريرة بلفظ: "إلا كلب ماشية أو صيد أو زرع". وفي رواية لمسلم وأحمد (2/ 473): "إلا كلب حرث أو ماشية"، وللرواية التي قبلها شاهد من حديث ابن عمر مرفوعاً. رواه مسلم وأحمد (2/ 27). 365 - وصلها أبو الشيخ أيضاً، ووصلها أحمد أيضاً (2/ 345) من طريق أخرى عن أبي هريرة بلفظ: " ... زرع ولا صيد ولا ماشية"، ولها شاهد من حديث ابن عمر مرفوعاً بلفظ الكتاب. أخرجه الدارمي (2/ 90)، وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

4 - باب استعمال البقر للحراثة

قلتُ: أنت سمِعْتَ هذا من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: إي ورَبِّ هذا المسجد. (وفي روايةٍ: هذه القِبْلَةِ 4/ 101). 4 - بابُ استعمالِ البقرِ للحراثةِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "60 - الأنبياء/ 50 - باب"). 5 - بابٌ إذا قالَ: اكْفِني مؤونَةَ النَّخْلِ أو غيرِهِ وتُشْرِكُني في الثَّمَرِ 1086 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالتِ الأنصارُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: اقسِمْ بينَنا وبين إخوانِنا النَّخيلَ. قال: "لا". فقالوا: تَكْفونا المؤونةَ، ونَشْرَكُكم في الثَّمَرَةِ؟ قالوا: سَمِعْنا وأطَعْنا. 6 - بابُ قطعِ الشَّجَرِ والنَّخْلِ 366 - وقالَ أنسٌ: أمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - النخلِ فقُطِعَ. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي في "64 - المغازي/ 14 - باب"). 7 - بابٌ (قلت: أسند فيه حديث رافع بن خديج الآتي بعد خمسةِ أبواب). 8 - بابُ المُزارَعَةِ بالشَّطْرِ ونحوهِ

_ 366 - هو قطعة من حديث بناء المسجد النبوي، وقد مضى موصولاً في "8 - الصلاة/ 48 - باب".

491 - وقالَ قيسُ بنُ مسلمٍ عن أبي جعفرٍ قال: ما بالمدينةِ أهلُ بيتِ هجرةٍ إلا يزرعونَ على الثُّلُثِ والرُّبُعِ. 492 - 501 - وزارَعَ عليٌّ، وسعدُ بن مالِكٍ، وعبد الله بن مسعود، وعمرُ بن عبد العزيز، والقاسم، وعروةُ بن الزبير، وآلُ أبي بكرٍ، وآلُ عمرَ، وآلُ عليٍّ، وابن سِيرين. 502 - وقال عبدُ الرحمن بنُ الأسودِ: كنتُ أشارِكُ عبد الرحمنِ بن يَزيدَ في الزَّرْعِ. 503 - وعامَلَ عمرُ الناسَ؛ على إنْ جاءَ عُمَرُ بالبَذْرِ من عندِهِ؛ فلهُ الشَّطْرُ، وإن جاؤوا بالبَذْرِ؛ فلهم كذا. 504 - وقال الحَسَنُ: لا بأسَ أن تَكونَ الأرضُ لأحَدِهِما فيُنْفِقانِ جميعاً، فما خَرَجَ فهو بينهما. 505 - ورأى ذلك الزُّهْرِيُّ.

_ 491 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 492 - 501 - أما أثر علي فوصله ابن أبي شيبة. وأما أثر ابن مسعود، وسعد بن مالك- وهو سعد بن أبي وقاص- فوصلهما ابن أبي شيبة أيضاً، وسعيد بن منصور. وأما أثر عمر بن عبد العزيز فوصله ابن أبي شيبة أيضاً. وأما أثر القاسم - وهو ابن محمد وابن سيرين - فوصله عبد الرزاق بسند صحيح عنهما. وأما أثر عروة، فوصله ابن أبي شيبة أيضاً. وأما أثر آل أبي بكر ومن ذُكر معهم، فوصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق أخرى عن أبي جعفر عنهم. 502 - وصله ابن أبي شيبة. 503 - وصله ابن أبي شيبة بسند منقطع عنه. 504 - وصله سعيد بن منصور بنحوه. 505 - وصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة بنحوه.

9 - باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة

506 - وقال الحسنُ: لا بأسَ أن يُجْتَنَى القُطْنُ على النِّصْفِ. 507 - 512 - وقالَ إبراهيمُ وابنُ سيرينَ وعطاءٌ والحكمُ والزُّهْريُّ وقتادةُ: لا بأسَ أن يعْطِيَ الثوبَ (3) بالثُّلُثِ أو الرُّبُعِ ونَحْوِهِ. 513 - وقال مَعْمَرٌ: لا بأسَ أن تكونَ الماشيةُ على الثُّلُثِ أو الرُّبُعِ إلى أجلٍ مسمًّى. (قلت: وأسند فيه حديث ابن عمر الآتي قريباً "17 - باب"). 9 - بابٌ إذا لم يَشْتَرِطِ السنينَ في المزارعَةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 10 - بابٌ 1087 - عن عَمرٍو: قلتُ لطاووسٍ: لو تركْتَ المُخابَرَةَ (4)؛ فإنَّهم يزعمون أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه، قال: أَيْ عَمْرُو! إني أُعطيهم وأُغنيهم، وإنَّ أعلمَهُم أخبرني- يعني: ابن عباسٍ رضىِ الله عنهما- أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -[خرج إلى أرضٍ تهتَزُّ

_ 506 - لم يخرجه الحافظ. 507 - 512 - أما قول إبراهيم فوصله أبو بكر الأثرم، وأما قول ابن سيرين فوصله ابن أبي شيبة، وأما أقوال الآخرين فوصلها ابن أبي شيبة. (3) أي: الغزل للنساج ينسجه، وإطلاق الثوب عليه من باب المجاز. ولأبي ذر عن الكشميهني والمستملي: (الثور). 513 - وصله عبد الرزاق عنه به. (4) المخابرة: أن يكونَ العمل في الأرضِ ببعض ما يخرج منها، والبذر من العامل. فإن كان من المالكِ فهي المزارعة، ومنهم من يجعلهما بمعنى واحد، وإليه أشار المؤلف رحمه الله بذكره حديث ابن عباس في هذا الباب، كما في "الفتح"، فراجعه.

11 - باب المزارعة مع اليهود

زرعاً، فقال: "لمن هذه؟ ". فقالوا: اكتراها فلان، فـ 3/ 145] لم يَنْهَ عنه، ولكن قال: "أنْ يَمْنَحَ أحدُكُم أخاهُ خيرٌ (وفي روايةٍ: أما إنَّه لو منحها إياه كان خيراً) لهُ مِن أن يأخُذَ عليه خراجاً (وفي روايةٍ: شيئاً 3/ 72، وفي أخرى: أجراً) معلوماً". 11 - بابُ المزارعةِ مع اليَهودِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 12 - بابُ ما يُكْرَهُ مِن الشُّروطِ في المزارَعَةِ 1088 - عن رافعٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: كُنَّا أكثَرَ أهلِ المدينةِ حقلاً (وفي روايةٍ: مُزدَرَعاً 3/ 68)، وكان أحدُنا يُكري أرضَهُ، فيقولُ: هذه القِطْعَةُ لي، وهذه لك، فربما أخرَجَتْ ذِهِ، ولم تُخْرِج ذِهِ، فنهاهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[عن ذلك (5)، ولم نُنْهَ عن الوَرِقِ 3/ 175، وفي روايةٍ: وأما الذهبُ والوَرِقُ (6)، فلم يكنْ يومئذٍ]. 13 - بابٌ إذا زرع بمالِ قومٍ بغيرِ إذنِهِم، وكان في ذلك صلاحٌ لهُم (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم في "37 - الإجارة/ 12 - باب/ رقم الحديث 1065").

_ (5) أي: يكري بهما، ولم يرد نفي وجودهما. (6) أي: لما فيه من الجهالة والغرر والمخاطرة، ولذلك لم ينههم عن الكراء بالوَرِقِ؛ لأنه لا غرر فيه، وبهذا فسره الإمام الليث بن سعد أحد رواة الحديث كما يأتي في (9 - باب/ رقم 1094).

14 - باب أوقاف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأرض الخراج، ومزارعتهم، ومعاملتهم

14 - بابُ أوقافِ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأرضِ الخَراجِ، ومزارَعَتِهم، ومُعامَلَتِهِم 367 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعُمَرَ: (تَصَدَّقْ بأصلِهِ، لا يُباعُ، ولكنْ ينفقُ ثمرُهُ"، فتَصَدَّقَ بهِ. (قلت: أسند في حديث عمر الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 40 - باب"). 15 - بابُ مَن أحيا أرضاً مَواتاً 514 - ورأى ذلك عليٌّ رضيَ الله عنه في أرضِ الخَرابِ بالكوفةِ. 515 - وقالَ عُمَرُ: مَن أحيا أرضاً ميتةً فهي له. 368 - ويروى عن عمرو (7) بن عوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "في غيرِ حقٍّ مسلمٍ، وليس لعِرْقٍ ظالمٍ (8) فيه حقٌّ". 369 - ويُرْوى فيه عن جابرٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ 367 - وصله المصنف في آخر "55 - الوصايا/ 22 - باب". 514 - لم يخرجه الحافظ. 515 - وصله مالك بسند صحيح عنه، وقد صح عن غيره مرفوعاً كما سيأتي. 368 - وصله إسحاق بن راهويه والبيهقي (6/ 142) بسند ضعيف، لكن الحديث صحيح بشواهده التي منها حديث جابر الآتي بعده. (7) الأصل "عُمَر وابن عوف"، وهو تصحيف كما قال الحافظ، وعمرو هذا هو ابن عوف بن زيد ابن مُلْحة أبو عبد الله المزني، صحابي مات في ولاية معاوية، وهو غير عمرو بن عوف الأنصاري البدري الآتي حديثه في "58 - الجزية/ 1 - باب". (8) كذا بالتنوين فيهما أي: من غرس غرساً في أرضِ غيره بغير إذنه، فليس له فيه حق. 369 - وصله أحمد وغيره بسند جيد عنه على اختلافٍ في إسناده كما شرحه الحافظ، وهو بمجموع طرقه صحيح بلا ريب، كما بينته في "الإرواء" (1548).

17 - باب إذا قال رب الأرض: أقرك ما أقرك الله، ولم يذكر أجلا معلوما؛ فهما على تراضيهما

1089 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أعْمَرَ أرضاً ليْسَتْ لأحَدٍ؛ فهو أحَقُّ". قال عُروةُ: قضى به عُمَرُ رضي الله عنه في خلافته. 17 - بابٌ إذا قالَ رَبُّ الأرضِ: أُقِرُّكَ ما أقَرَّكَ الله، ولم يَذْكُرْ أجلاً مَعلوماً؛ فهما على تراضيهما 1090 - عن ابن عُمَرَ أنَّ عُمَر بنَ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه أجلى اليهودَ والنَّصارى من أرضِ الحجازِ، وكانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لما ظهر على خيبرَ؛ أرادَ إخراجَ اليهودِ منها، وكانت الأرض حين ظَهرَ عليها لله ولرسولِه - صلى الله عليه وسلم - وللمسلمينَ، وأرادَ إخراجَ اليهودِ منها، فسألتِ اليهودُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لِيُقِرَّهُم بها [على 4/ 61] أنْ يَكْفُوا عملَها، ولهم نصفُ الثَّمَرِ، فقال لهُم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نُقِرُّكُم بها على ذلك ما شئنا"، فقَرُّوا (وفي روايةٍ: فأُقِرُّوا) بها حتى أجلاهم عمر إلى (تيماء) و (أريحاء). (وفي روايةٍ: عامَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبرَ بشطرِ ما يخرُجُ منها من ثمرٍ أو زرعٍ، فكان يعطي أزواجَه مائة وَسْقٍ، ثمانون وَسْقَ تمرٍ، وعشرونَ وَسْقَ شعير، فقسم عمرُ خيبرَ، فخيَّر أزواجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُقْطِعَ لهُنَّ من الماءِ والأرضِ، أو يمضيَ لهُنَّ، فمنهنَّ مَن اختارَ الأرضَ، ومنهنَّ مَن اختار الوَسقَ، وكانت عائشة اختارت الأرض 3/ 68). (وفي طريق: لمَّا فَدَعَ (9) أهلُ خيبرَ عبدَ الله بنَ عمر قامَ عمرُ خطيباً، فقالَ:

_ (9) الفدع- بفتحتين-: زوال المفصل، فدعت يداه: إذا أزيلتا من مفاصلهما.

18 - باب ما كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يواسي بعضهم بعضا في الزراعة والثمرة

إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ عامَلَ يهودَ خيبرَ على أموالِهِم، وقالَ: "نُقِرُّكُم ما أقرَّكُم الله"، وإنَّ عبدَ الله بن عُمر خرجَ إلى مالِهِ هُناك، فعُدِيَ عليهِ مِن الليلِ، ففُدِعَتْ يداهُ ورِجلاهُ، وليس لنا هناك عدُوٌّ غيرُهم، هم عَدُوُّنا وتُهَمتُنا (10)، وقد رأيتُ إجلاءَهم. فلما أجمَعَ عمرُ على ذلك، أتاه أحد بني الحُقَيْقِ، فقالَ: يا أمير المؤمنين! أتُخْرِجنا وقد أقَرَّنا محمد، وعاملنا على الأموالِ، وشَرَطَ ذلك لنا؛! فقال عمر: أظنَنْتَ أني نسيتُ قولَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيفَ بك إذا أُخْرِجْتَ من خيبرَ تَعْدو بكَ قَلوصُكَ (11) ليلةً بعد ليلةٍ؟ ". فقال: كانت هذه هُزَيْلَة مِن أبي القاسم! قالَ: كَذَبْتَ يا عدوَّ اللهِ! فأجلاهُم عمرُ، وأعطاهُم قيمةَ ما كانَ لهُم من الثَّمَرِ مالاً، وإبلاً، وعُروضاً من أقتابٍ، وحِبالٍ، وغير ذلك 3/ 177 - 178). 18 - بابُ ما كان أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُواسي بعضُهم بعضاً في الزراعةِ والثَّمَرَةِ 1091 - عن رافع بن خَديجِ بنِ رافعٍ عن عَمِّهِ ظُهَيْرِ بنِ رافعٍ؛ قال ظُهَيْرٌ: لقد نهانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمرٍ كانَ بِنا رافِقاً (12). قلتُ: ما قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فهو

_ (10) بضم المثناة وفح الهاء، ويجوز إسكانها، أي: الذين نتهمهم بذلك. (11) بفتح القاف وبالصاد المهملة: الناقة الصابرة على السير، وأشار - صلى الله عليه وسلم - إلى إخراجهم من خيبر، وكان ذلك من إخباره بالمغيبات قبل وقوعها. (12) أي: ذا رفق.

حَقٌّ. قالَ: دعاني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قال: "ما تَصْنَعونَ بمحاقِلِكُم؟ " (13). قلتُ: نُؤاجِرُها على الرُّبُع (14)، وعلى الأوسُقِ مِن التَّمرِ والشَّعيرِ. قالَ: "لا تَفْعَلوا؛ ازْرَعوها، أو أَزْرِعوها، أو أمْسِكوها". قال رافعٌ: قلتُ: سمعاً وطاعةً. 1092 - عن جابرٍ رضيَ الله عنه قال: [كانت لِرجالٍ منا فُضولُ أرَضينَ 3/ 145]، كانوا يَزْرعونَها (وفي روايةٍ: فقالوا: نؤاجرُهما)، بالثُّلُثِ والرُّبُعِ والنِّصْفِ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كانتْ لهُ أرضٌ فلْيَزْرَعْها، أو ليَمْنَحْها [أخاهُ]، فإنْ لم يَفْعَلْ؛ فلْيُمْسِكْ أرضَهُ". 370 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كانَتْ لهُ أرضٌ فلْيَزْرَعْها، أو ليمْنَحْها أخاهُ، فإنْ أبى فلْيُمْسِكْ أرضَهُ". 1093 - عن نافعٍ أنَّ ابنَ عمرَ رضيَ الله عنهما كان يُكري مزارِعَهُ على عَهْدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكرٍ، وعُمَر، وعُثمان، وصدراً من إمارَةِ معاويةَ، ثم حُدِّثَ

_ (13) أي: مزارعكم. (14) بضم الراء والموحدة وتسكن، ورُوي: (على الربَيْع) بتصغيره، و (على الربيع) بالتكبير، وهو النهرُ الصغير، أي: على الزرع الذي هو عليه كما في الشارح؛ قال: "والمعنى أنهم يكرون الأرض، ويشترطون لأنفسهم ما ينبت على النهر". 370 - هذا معلق عند المصنف، وصله مسلم (5/ 21).

19 - باب كراء الأرض بالذهب والفضة

عن رافعِ بن خَديجٍ "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كِراءِ المزارِعِ"، فذَهَبَ ابنُ عمرَ إلى رافعٍ، فذهبتُ معهُ، فسألهُ؟ فقال: "نهى عن كِراءِ المزارع". فقالَ ابنُ عُمَرَ: قد عَلِمْتَ أنَّا كُنَّا نُكْري مزارِعَنا على عَهْدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بما على الأربِعاءِ، وبشيءٍ من التِّبْنِ. [ثمَّ خَشِيَ عبدُ الله أن يكونَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد أحدَثَ في ذلك شيئاً لم يكُنْ يَعْلَمُهُ، فتركَ كِراءَ الأرضِ]. [قال الزهري: قلتُ لسالمٍ: فتُكْريها أنتَ؟ قال: نعم، إنَّ رافعاً أكثر على نفسِه]. 19 - بابُ كِراءِ الأرضِ بالذَّهَبِ والفِضَّةِ 516 - وقال ابن عباسٍ: إنَّ أمثَلَ ما أنتُم صانِعونَ أن تستأْجِروا الأرضَ البيضاءَ من السَّنَةِ إلى السَّنَةِ (15). 1094 - عن رافع بن خَديجٍ: حدَّثني عمَّاي [وكانا شهدا بدراً 5/ 18] أنهم كانوا يُكرونَ الأرضَ على عَهْدِ النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يَنْبُتُ على الأرْبِعاءِ، أو شيءٍ يستثنيه صاحبُ الأرض، فنهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقلتُ لرافعٍ: فكيف هي بالدينار والدِّرْهَمِ؟ فقال رافعٌ: ليس بها بأس بالدينارِ والدِّرْهَمِ. وقال الليثُ: اوكان الذي نُهِيَ عن ذلك ما لو نَظَرَ فيه ذَوو الفَهْمِ بالحلال والحرامِ لم يُجيزوه؛ لما فيه من المُخاطَرَةِ.

_ 516 - وصله الثوري في "جامعه"، والبيهقي في "سننه" بسند صحيح عنه. (15) زاد الثوري: ليس فيها شجر.

20 - باب

20 - بابٌ 1095 - عن أبي هُريرةَ رضيَ الله عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يوماً يُحَدِّثُ - وعنده رجلٌ من أهلِ البادية-: "أنَّ رجُلاً من أهلِ الجنةِ استأذَنَ ربَّه في الزَّرْعِ، فقالَ له: ألستَ فيما شِئْتَ؟ قالَ: بلى، ولكنِّي أحِبُّ أن أزْرَعَ، قالَ: فـ[أسرَعَ و] بذرَ (16)، فبادَرَ الطَّرْفَ نباتُه، واستواؤهُ، واسْتِحصادُهُ، [وتكويرُه 8/ 206]، فكانَ أمثالَ الجبالِ؛ فيقولُ الله تعالى: دُونَكَ يا ابنَ آدَمَ! فإنَّهُ لا يشبِعُكَ شيءٌ". فقالَ الأعرابى: واللهِ [يا رسولَ الله!] لا تجدُهُ إلا قرشياً أو أنصارياً؛ فإنَّهم أصحابُ زَرْعٍ، وأما نحنُ فلسنا بأصحابِ زرعٍ! فضَحِكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. 21 - بابُ ما جاءَ في الغَرْسِ

_ (16) أي: ألقى البذر على أرض (الجنة)، فبادر الطرف نباتُه، أي: لم يكن بين ذلك وبين نبات الزرع واستوائه ونجاز أمره كله إلا كلمح البصر، وكان حاصلَ ما زرعه أمثالُ الجبالِ.

42 - كتاب المساقاة

بسم الله الرحمن الرحيم 42 - كِتاب المساقاةِ 1 - بابٌ في الشِّرْب (1) وقولِ اللهِ تعالى: {وجَعَلْنا مِن الماءِ كُل شيءٍ حَيٍّ أفَلا يؤمِنونَ}، وقوله جل ذِكْرُهُ: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ. أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ. لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} (الأجاج): المُرُّ. (المُزْنُ): السَّحابُ. 2 - بابٌ في الشُّرْبِ (2)، ومَن رأى صَدَقَةَ الماءِ، وَهِبَتَهُ، ووصِيَّتَهُ جائِزةً، مقسوماً كانَ أو غيرَ مَقسومٍ 371 - وقالَ عُثمانُ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يَشتري بِئْرَ رُومَةَ فيكونَ دَلْوُهُ فيها كدِلاءِ المسلمين؟ "، فاشتراها عثمانُ رضي الله عنه. 3 - بابُ مَن قالَ إنَّ صاحبَ الماءِ أحقُّ بالماءِ حتى يَرْوَى

_ (1، 2) بكسر الشين المعجمة في الأول، وبضمها في الثاني على ضبط الشارح، والشرب بالكسر: النصيب من الماء، وبالضم: المصدر. 371 - وصله الترمذي، وابن خزيمة، وأحمد (1/ 74 - 75) بإسناد صحيح عنه، وقد علقه المصنف أيضاً فيما يأتي "55 - الوصايا/ 33 - باب/ رقم المعلق 447" من وجه آخر عنه أتم مما هنا بنحوه.

4 - باب من حفر بئرا في ملكه لم يضمن

372 - لقول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُمْنَعُ فَضْلُ الماءِ". 1096 - عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنهُ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَمْنَعوا فضلَ الماءِ؛ لِتَمْنَعوا (3) بهِ فَضْلَ الكلإِ". 4 - بابُ مَن حَفَرَ بئراً في مِلْكِهِ لم يَضْمَنْ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 68 - باب/ رقم الحديث 717"). 5 - بابُ الخُصومَةِ في البئرِ والقضاءِ فيها (قلتْ أسند فيه حديث ابن مسعود الآتي "83 - الأيمان/ 16 - باب"). 6 - بابُ إثمِ مَن مَنَعَ ابنَ السبيلِ من الماءِ 1097 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثةٌ [لا يكلِّمُهُم الله و 3/ 160] لا ينظرُ إليهم يومَ القيامةِ، ولا يزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: رجلٌ كانَ لهُ فضلُ ماءٍ بالطريقِ، فمنَعَهُ مِن ابنِ السبيلِ، [فيقولُ الله: اليومَ أمنَعُكَ فضلي كما منعتَ فضلَ ما لم تَعْمَلْ يدُك 3/ 78 (وفي روايةٍ: يداك 8/ 185)]، ورجلٌ بايَعَ إماماً، لا يُبايِعُهُ إلا لدنيا [هُ]، فإن أعطاه منها رَضِيَ،

_ 372 - وصله في الباب نحوه، ووصله مسلم (5/ 34) بلفظ الترجمة، ووصله البيهقي من حديث عائشة به في رواية له، وهو مع حديث أبي هريرة مخرج في "أحاديث البيوع". (3) اللام فيه لام العاقبة، كما هو الأمر في قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}.

7 - باب سكر الأنهار

وإنْ لم يُعْطِهِ منها سَخِطَ، (وفي روايةٍ: إن أعطاه ما يريد وفَّى له، وإلا لَمْ يَفِ لهُ)، ورجلٌ أقامَ سِلْعَتَهُ (وفي روايةٍ: ورجلٌ ساوَمَ رجُلاً بسِلْعَةٍ) بعدَ العصرِ، فقالَ: واللهِ الذي لا إله غيرُه، لقد أُعطيتُ بها كذا وكذا، (وفي روايةٍ: أكثر مما أُعطى) [وهو كاذب 8/ 185]، فصدَّقَهُ رجلٌ، [فأخَذَها]، ثم قرأ: {إنَّ الذينَ يَشْتَرونَ بعَهْدِ اللهِ وأيْمانِهِم ثَمناً قليلاً}. 7 - بابُ سَكْرِ الأنْهارِ (4) 1098 - عن عبدِ الله بن الزبير رضيَ الله عنهما أنَّ رجلاً من الأنصار [قد شَهِدَ بدراً 3/ 171] خاصمَ الزبيرَ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في شِراجِ الحَرَّةِ التي يَسقونَ بها النَّخْلَ، فقالَ الأنصاري: سَرِّحِ الماءَ يمُرُّ، فأبى عليهِ، فاختصما عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - للزُّبير: "اسقِ يا زبيرُ! -[فأمَرَهُ بالمعروفِ 3/ 77]-، ثمَّ أرْسِلِ الماءَ إلى جارِكَ". فغَضِبَ الأنصاريُّ، فقال: آنْ كان ابنَ عمَّتِك؟! فتلوَّن وجهُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قالَ: (اسْقِ يا زُبَيْرُ! ثم احْبِسِ الماءَ حتى يَرْجِعَ إلى (وفي روايةٍ: حتى يبلغ) الجَدْرِ" (5).

_ (4) أي: سدها. و (شراج الحرة): مسايل الماء بالمدينة، وإنما أضيفت إلى الحرة لكونها فيها. و (الحرة): موضع معروف بالمدينة. (5) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة هو (المسناة)، وهو ما وضع بين شربات النخل، كالجدار، وقيل: المراد بالحواجز التي تحبس الماءَ، وجزم به السهيلي.

8 - باب شرب الأعلى قبل الأسفل.

[فاستوعى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ حقَّه للزبير، وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قبلَ ذلك أشارَ على الزبيرِ برأيٍ سَعَةٍ لهُ وللأنصاريِّ، فلما أحْفَظَ الأنصاريُّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ استوعى للزبيرِ حَقَّهُ في صريحِ الحكمِ]، فقالَ الزبيرُ: واللهِ إني لأحْسِبُ هذه الآيةَ نزلت في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}. [قال ابن شِهابٍ: فقَدَّرَتِ الأنصارُ والناسُ قولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اسقِ ثم احبِسْ حتى يَرْجِعَ إلى الجَدْرِ"، وكان ذلك إلى الكَعْبين]. 8 - بابُ شربِ الأعلى قبلَ الأسفلِ. (قلتُ: أسند فيه مختصر الحديث الذي قبله). 9 - بابُ شُرْبِ الأعلى إلى الكَعْبينِ (قلت: أسند فيه الحديث الذي قبله). 10 - بابُ فَضْلِ سَقْيِ الماءِ 1099 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بَيْنا رجُلٌ [بطريقٍ 3/ 103] يمشي، فاشتدَّ عليه العطَشُ، فنزَلَ بئراً، فشرب منها، ثمَّ خَرَجَ، فإذا هو بكلبٍ يَلْهَثُ، يأكلُ الثَّرى من العَطَشِ، فقالَ [الرجلُ]: لقد بلغ هذا [الكلبَ من العطشِ] مثلُ الذي [كان] بلَغَ بي، [فنزل البئرَ]، فملأ خُفَّهُ، ثمَّ أمْسَكَهُ بفيهِ، ثمَّ رَقِيَ فسقى الكلبَ، فشَكَرَ الله له، فغَفَرَ لهُ (وفي روايةٍ: فأدخله الجنة 1/ 51) ". قالوا: يا رسولَ الله! وإنَّ لنا في البهائمِ [لـ] أجْراً؟ قال:

11 - باب من رأى أن صاحب الحوض أو القربة أحق بمائه

في كل [ذاتِ] كَبِدٍ رطبةٍ أجْرٌ". 11 - بابُ من رأى أن صاحِبَ الحَوْضِ أو القِربةِ أحَقُّ بمائِهِ 12 - بابٌ لا حِمى إلا للهِ ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - 1100 - عن الصَّعْبِ بنِ جَثَّامةَ قالَ: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا حِمى إلاَّ لله ولرسولِهِ". وقال (ابن شهاب): بلغنا أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حَمَى (النَّقيعَ) (6)، وأنَّ عُمَرَ حمى (السَّرَفَ) و (الرَّبَذَةَ). 13 - بابُ شُرْبِ النَّاسِ، وسَقْيِ الدَّوابِّ من الأنهارِ 1101 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنهُ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الخَيْلُ [لثلاثةٍ 3/ 217]: لرجُلٍ أجْرٌ، ولرجُلٍ سِترٌ، وعلى رَجُلٍ وِزْرٌ، فأمَّا [الرجل 8/ 158] الذي له أجرٌ؛ فرجُلٌ رَبَطَها في سبيل الله، فأطالَ بها (وفي روايةٍ: لها 4/ 188) في مَرْجٍ (7) أو رَوْضَةٍ، فما أصابَتْ في طِيَلِها ذلك من المَرْجِ أو الرَّوضَةِ كانت لهُ حسنات؛ ولو أنَّه انقطع طِيَلُها، فاستَنَّتْ، شَرفاً أو شَرَفَينِ (8) كانت

_ (6) (النقيع) و (السرف) و (الربذة): مواضع القرب من المدينة المنورة، وروي (الشرف) بالشين بدل السين. وأما (سَرِف) ككتف، فموضع قرب (تنعيم)، ولا يدخله حرف التعريف. (7) أي: أرض واسعة فيها كلا كثير، و (الطيل)، ويقال: (الطول): بالواو المفتوحة بدل الياء، الحبل الذي يربط به، ويطول لها لترعى. (8) أي: رفعت يديها شوطاً أو شوطين.

14 - باب بيع الحطب والكلإ

آثارُها وأرواثُها حسناتٍ له، ولو أنَّها مَرَّتْ بنهرٍ، فشَرِبَتْ منه، ولم يُرِدْ أن يَسْقِيَ [بها] كان ذلك حسناتٍ له، فهي لذلك أجْرٌ، ورجُلٌ ربطها تَغَنِّياً وتعفُّفاً، ثم لم يَنْسَ حقَّ اللهِ في رِقابِها ولا ظُهورِها؛ فهي لذلك سِترٌ، و [أما الرجلُ الذي هي عليه وِزْرٌ؛ فهو] رجلٌ رَبَطَها فخراً ورِياءً ونِواءً (9) لأهلِ الإِسلامِ، فهي على ذلك وِزرٌ". وسُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحُمُرِ؟ فقالَ: "ما أُنْزِلَ عليَّ فيها شيءٌ إلا هذه الآيةُ الجامِعَةُ الفاذَّةُ (10): {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. 14 - بابُ بيعِ الحَطَبِ والكَلإِ 15 - بابُ القَطائعِ (11) (أسند فيه حديث أنس الآتي في "58 - الجزية/ 4 - باب"). 16 - بابُ كتابةِ القطائع 373 - وقالَ الليثُ عن يحيى بنِ سعيدٍ عن أنسٍ رضي الله عنه: دَعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الأنصارَ لِيقْطِعَ لهم بالبَحْرَيْنِ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! إنْ فَعَلْتَ فاكْتُبْ لإِخوانِنا من قُرَيْشٍ بمثلها، فلم يَكُنْ ذلك عندَ النبيِّ فقال:

_ (9، 10) أي: عداوة. و (الفاذة): القليلة المثل، المنفردة في معناها. (11) جمع (قطيعة): وهي ما يخص به الإمام بعض الرعية من الأرض الموات، فيختص به ويصير أولى بإحيائه عمن لم يسبقه إلى إحيائه. 373 - لم يره الحافظ موصولاً من هذه الطريق، وإنما وصله المصنف فيما يأتي "58 - الجزية/ 4 - باب" من طريق أخرى عن يحيى بن سعيد.

17 - باب حلب الإبل على الماء

"ستَرَوْنَ بعدي أثَرَةً (12)؛ فاصْبِروا حتى تَلْقَوْني". 17 - بابُ حَلْبِ (13) الإِبلِ على الماءِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 3 - باب/ رقم الحديث 671"). 18 - بابُ الرَّجُلِ يكونُ لهُ مَمَرٌّ أو شِرْبٌ في حائطٍ أو نخلٍ 374 - قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن باعَ نخلاً بعد أن تُؤَبَّرَ؛ فثمَرَتُها للبائعِ". فللبائع المَمَرُّ والسَّقْيُ حتى يَرْفَعَ، وكذلك ربُّ العَرِيَّةِ. 1102 - عن رافع بن خَديجٍ وسهلِ بن أبي حَثْمَةَ "أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن المُزابَنَةِ: بيعِ الثَّمَرِ بالتَّمْرِ؛ إلا أصحابَ العرايا، فإنَّه أذِنَ لهُم (*) ".

_ (12) بفتح الهمزة والمثلثة، وبضم الأولى وسكون الأخرى، ويقال: بكسر الهمزة، وسكون المثلثة، وهو الاستئثار. (13) بفتح اللام ويجوز تسكينها، أي: استخراج ما في ضرعها من اللبن، وقوله: (على الماء)؛ أي: عند الماء يوم وروها. 374 - وصله المصنف فيما سبق "34 - البيوع/ 90 - باب/ رقم الحديث 1039". (*) قلت: هذا حديث رافع فيما يبدو، فقد سبق حديث سهل وحده بأتم منه (1094)، ولذلك أعطيت للحديث هنا رقماً واحداً، وحقه رقم آخر من أجلِ حديث سهل لولا أنه تقدم.

43 - كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس

بسم الله الرحمن الرحيم 43 - كتابُ الاسْتِقْراضِ وأداءِ الدُّيونِ والحَجْرِ والتَّفْليسِ 1 - بابُ مَن اشترى بالدَّيْنِ وليسَ عندَهُ ثَمَنُهُ أو ليس بحَضْرَتِه 2 - بابُ مَن أخَذَ أموالَ الناسِ يُريدُ أداءَها أو إِتلافَها 1103 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أخَذَ أموالَ الناسِ يُريدُ أداءَها؛ أدَّى اللهُ عنهُ، ومَن أخَذَ يُريدُ إِتلافَها؛ أتلَفَهُ الله". 3 - بابُ أداءِ الدُّيونِ، وقالَ الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} 1104 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لو كانَ لي مثلُ أحُدٍ ذهباً ما يَسُرُّني أنْ لا يَمُرَّ عليَّ ثلاثٌ وعندي منهُ شيءٌ؛ إلا شيءٌ أُرْصِدُهُ لدينٍ [عليَّ، أجِدُ مَن يَقْبَلُهُ 8/ 128] ". 4 - بابُ استِقْراضِ الإبلِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "40 - الوكالة/ 5 - باب/ رقم الحديث 1078").

5 - باب حسن التقاضي

5 - بابُ حُسْنِ التَّقاضي (قلت: أسند فيه حديث حذيفة المتقدم "34 - البيوع/ 17 - باب/ رقم الحديث 982). 6 - بابٌ هل يُعطى أكبرَ مِن سِنِّهِ؟ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المشار إليه آنفاً). 7 - بابُ حُسْنِ القَضاءِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المشار إليه آنفاً). 8 - بابٌ إذا قضى دونَ حقِّهِ أو حَلَّلَهُ؛ فهو جائِزٌ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث جابر الماضي في "34 - البيوع/ 51 - باب/ رقم الحديث 1005"). 9 - بابٌ إذا قاصَّ أو جازَفَهُ في الدَّيْنِ تمراً بتَمْرٍ أو غيرَهُ (قلت: أسند فيه حديث جابر المشار إليه آنفاً). 10 - بابُ مَن استعاذَ مِن الدَّيْنِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "ج 1/ 10 - الأذان/ 148 - باب/ رقم الحديث 432"). 11 - بابُ الصلاةِ على مَن تَرَكَ دَيْناً (قلت: أسند فيه طرفاً من حديثِ أبي هريرة المتقدم "39 - الكفالة/ 5 - باب/ رقم الحديث 1074"). 12 - بابٌ مَطْلُ (1) الغنيِّ ظُلْمٌ

_ (1) (المطل): تأخير الأداء، وكذا (اللي)، و (الواجد): المليء، أعني: القادر على قضاء دينه.

13 - باب لصاحب الحق مقال

(قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم "38 - الحوالات/ 1 - باب/ رقم الحديث1070"). 13 - بابٌ لصاحِبِ الحقِّ مقالٌ 375 - ويُذكَرُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَيُّ الواجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وعُقوبَتَهُ". 517 - قال سفيانُ: "عِرْضُهُ"؛ يقولُ: مَطَلْتَني. وعقوبتُه: الحَبْسُ. (قلت: أسندَ فيه حديث أبي هريرة المتقدم "40 - الوكالة/ 5 - باب/ رقم الحديث 1078"). 14 - بابٌ إذا وَجَدَ مالَهُ عند مُفْلِسٍ في البيعِ والقَرْضِ والوَديعَةِ؛ فهو أحقُّ به 518 - وقالَ الحسنُ: إذا أفْلَسَ وتَبَيَّنَ؛ لم يَجُزْ عِتْقُهُ، ولا بَيْعُهُ، ولا شراؤهُ. 519 - وقالَ سعيدُ بن المسيَّب: قضى عثمانُ: مَن اقتضى من حقِّه قبلَ أن يُفْلِسَ؛ فهو له، ومَن عَرَفَ متاعَهُ بعينيهِ؛ فهو أحقُّ به. 1105 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَن أدْرَكَ مالَهُ بعينِهِ عندَ رَجُلٍ أوإنسانٍ قد أفلَسَ؛ فهو أحقُّ بهِ مِن غيرهِ".

_ 375 - وصله أحمد وغيره من حديث الشَّريد بن أوسٍ الثقفي، وإسناده حسن؛ كما قال الحافظ، وهو مخرج في "المشكاة" (2919)، و"الإرواء" (1434). 517 - وصله البيهقي عقب حديث الشريد المتقدم. 518 - لم يخرجه الحافظ. 519 - وصله أبو عبيد في "الأموال"، والبيهقي بسند صحيح عنه.

15 - باب من أخر الغريم إلى الغد أو نحوه ولم ير ذلك مطلا

15 - بابُ من أخَّرَ الغريمَ إلى الغدِ أو نحوِهِ ولم يَرَ ذلك مَطْلاً 376 - وقال جابرٌ: اشتدَّ الغُرَماءُ في حقوقهِم في دَينِ أبي، فسألهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يَقْبَلوا ثمَر حائِطي، فأبَوْا، فلم يُعْطِهِمُ الحائطَ، ولم يَكْسِرْهُ لهُم، وقال: "سأغدو عليكَ غداً"، فغدا علينا حين أصبحَ، فدعا في ثمرِها بالبركةِ، فقضيتُهم. 16 - بابُ من باعَ مالَ المُفْلِسِ أو المُعْدِمِ فقَسَمَهُ بين الغرماءِ، أو أعطاهُ حتى يُنْفِقَ على نفسه 1106 - عن جابرِ بن عبد اللهِ رضي الله عنهما قالَ: أعتَقَ رَجُلٌ [من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - 7/ 118] [من الأنصار 7/ 238] غُلاماً لهُ عن دُبُرٍ [لم يكنْ لهُ مال غيرُه]، [فردَّهُ 3/ 90]، [فبلَغَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -7/ 238]، [فدعا به 3/ 120]، فقالَ: "مَن يشتَريهِ مني؟ ". فاشتراهُ نُعَيْمُ بنُ عبدِ الله [بنُ النَّحَّام] [بثمانِ مائةِ درهم]، فأخذ ثمَنَهُ، فدَفَعَهُ إليهِ. [قال: فسمعتُ جابراً يقولُ: عبداً قبطياً مات عام أول 8/ 57]. 17 - بابٌ إذا أقرضَهُ إلى أجلٍ مُسَمًّى أو أجَّلَهُ في البيعِ 520 - قالَ ابنُ عُمر في القرضِ إلى أجلٍ: لا بأسَ بهِ، وإنْ أُعْطِيَ أفْضَلَ من دراهِمِهِ؛ ما لم يشترطْ. 521 و 522 - وقال عطاءٌ، وعمرو بن دينار: هو إلى أجَلِهِ في القَرْضِ.

_ 376 - تقدم موصولاً في "34 - البيوع / 51 - باب/ رقم الحديث 1005". 520 - وصله ابن أبي شيبة. 521 و 522 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنهما.

18 - باب الشفاعة في وضع الدين

(قلت: علق في طرفاً من حديث أبي هريرة السابق معلقاً أيضاً "39 - الكفالة/ 1 - باب/ رقم الحديث 359"). 18 - بابُ الشَّفاعةِ في وَضْعِ الدَّيْن (قلت: أسند فيه حديث جابر السابق في "34 - البيوع/ 51 - باب/ رقم الحديث 1005"). 19 - بابُ ما يُنهى عن إضاعَةِ المالِ وقولِ اللهِ تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} و {إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}، وقالَ في قوله تعالى (2): {أَصَلَواتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ}، وقال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}، والحَجْرِ في ذلك، وما يُنْهى عنِ الخِداعِ 20 - بابٌ العبدُ راعٍ في مالِ سيِّدِهِ، ولا يَعْمَلُ إلا بإذنِهِ 1107 - عن عبد الله بن عُمَرَ رضيَ الله عنهما أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كُلُّّكُم راعٍ، و [كلُّكم 6/ 146] مسؤولٌ عن رَعِيَّتِه، فالإمامُ (وفي طريق: فالأميرُ الذي على الناسِ 3/ 125) راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والرَّجُل في أَهلِهِ راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه، والمرأةُ في بيتِ زوجها (وفي طريق: بَعْلِها وولدهِ) راعيةٌ، وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتِها، والخادمُ (وفي طريق: والعبدُ) في مالِ سيِّدِه راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعيَّتِه". قال: فسمعت هؤلاء مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وأحسِبُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "والرَّجُل في مالِ أبيهِ راعٍ، وهو مسؤولٌ عن رعِيَّتِه، [ألا] فكُلُّكُم راعٍ، وكُلُّكُم مسؤولٌ عن رعيَّتِه".

_ (2) ليس في بعض النسخ قوله: "في قوله تعالى"، ولعله أصح، وقوله: {أصلواتك}، كذا في النسخ، ومنها نسخة "الفتح"، والقراءة المعروفة: {أصلاتك} بالإِفراد.

44 - [كتاب] الخصومات

بسم الله الرحمن الرحيم 44 - [كتاب] الخُصوماتِ 1 - بابُ ما يُذكَرُ في الإِشْخاصِ (1) والخُصومَةِ بين المسلمِ واليهودِ 1108 - عن عبدِ اللهِ (بن مسعوِدٍ) قالَ: سمعتُ رجلاً قرأَ آيةً، سمعتُ مِن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خِلافَها، فأخذتُ بيدِه، فأتَيْتُ بهِ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [فأخبرتُه، فعرفتُ في وجهِه الكراهية 4/ 151]، فقالَ: "كِلاكُما مُحْسنٌ، [فـ] لا تَخْتَلفوا؛ فإنَّ مَن كان قبلَكُم اخْتَلَفوا فهَلَكوا". 1109 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قال: استَبَّ رجُلانِ؛ رجلٌ مِن المسلمينَ ورجلٌ من اليهودِ، قالَ المسلمُ: والذي اصطفى محمداً على العالمين [في قَسَمٍ يُقسِمُ به 4/ 131]، فقالَ اليهوديُّ: والذي اصطفى موسى على العالَمينَ، فرفعَ المسلمُ يده عندَ ذلك، فلَطَمَ وجْهَ اليهوديِّ، (وفي روايةٍ: بينما يهوديٌّ يَعْرِضُ سلعَتَهُ، أُعطِيَ بها شيئاً كرهه، فقالَ: لا والذي اصطفى موسى على البشرِ. فسمِعَهُ رجلٌ مِن الأنصارِ، فقامَ، فلطمَ وجْهَهُ، وقالَ: تقولُ: والذي اصطفى موسى على البشرِ والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين أظْهُرِنا؟! 4/ 133)، فذهب اليهوديُّ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخبَرَهُ بما كانَ من أمرِهِ وأمرِ المسلمِ، (وفي روايةٍ: فقالَ: أبا القاسمِ! إنَّ

_ (1) بكسر الهمزة: أي: إحضار الغريم من موضع إلى موضع.

لي ذمةً وعهداً، فما بالُ فلانٍ لطَمَ وجْهي؟!)، فدَعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُسْلِمَ، فسألهُ عن ذلك؟ (وفي الرواية الأخرى: فقالَ: لمَ لَطَمْتَ وجهَهُ؟!)، فأخبَرَهُ، فـ[غضبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى رُئي في وجهه، ثم] قال: "لا تُخَيِّروني على موسى، فإنَّ الناسَ يَصْعَقونَ (2) يومَ القيامَةِ (وفي روايةٍ: لا تُفضِّلوا بين أنبياءِ اللهِ، فإنَّه يُنْفَخُ في الصورِ، فيَصْعَقُ مَن في السماواتِ ومن في الأرضِ إلا مَن شاءَ الله)، فأَصْعَقُ معهم، [ثم يُنْفَخُ فيه أخرى]، فأكونُ أوَّلَ من يُفيقُ، فإذا موسى باطِشٌ [بـ] جانبِ (وفي روايةٍ: آخذٌ بـ) العرشِ، فلا أدري؛ أكان فيمَن صَعِقَ فأفاق قبلي، أو كانَ ممَّنِ استثنى الله؟ ". (وفي روايةٍ: فلا أدري أحوسِبَ بصعقته يوم الطورِ أم بُعث قبلي؟ ولا أقولُ: إنَّ أحداً أفضلُ (وفي طريق أخرى: لا ينبغي لعبدٍ أن يقولَ: أنا خيرٌ من يونسَ بنِ متَّى)، [مَن قالَ أنا خيرٌ مِن يونُسَ بنِ متَّى فقد كَذَبَ 5/ 185] (3). 1110 - عن أبي سعيدٍ الخُدْري رضي الله عنه قال: بينما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ، جاء يهوديٌّ، فقالَ: يا أبا القاسمِ! ضرَبَ وجهي رجُلٌ مِن أصحابكَ، فقالَ: "مَن؟ ". قالَ: رجلٌ مِن الأنصارِ. قالَ: "ادْعوهُ". فقالَ: "أضَرَبْتَهُ؟ (وفي روايةٍ: لِمَ لَطَمْتَ وجهَهُ؟ 5/ 196) ". قالَ: سَمِعْتُه بالسُّوقِ يَحْلِفُ: والذي اصطفى موسى على البشرِ. قلت: أيْ خبيثُ! على محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟! فأخذتني غضبةٌ،

_ (2) أي: يغمى عليهم من الفزع. (3) قلت: في إسناد هذه الروايةٍ: "فليح"، وهو: "ابن سليمان المدني"؛ قال الحافظ في "التقريب": "صدوق كثير الخطإ"، لكن له طريق آخر في "المسند" (3/ 450 - 451)، والترمذي وصححه (3240)، فهو به قوي.

2 - باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل وإن لم يكن حجرعليه الإمام

ضرَبْتُ وجهَهُ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُخَيِّروا [ني مِن] بين الأنبياء، فإنَّ الناسَ يَصْعَقونَ يومَ القيامَة، فأكونُ أوَّلَ من تَنْشَقُّ عنهُ الأرضُ، فإذا أنا بموسى آخِذٌ بقائمةٍ مِن قوائِمِ العَرْشِ، فلا أدري أكانَ فيمَنْ صَعِقَ أم حوسِبَ بصَعْقَةِ الأولى؟ (وفي روايةٍ: فلا أدري أفاق قبلي أم جُزِيَ بصعقةِ الطور؟) ". 2 - بابُ مَن رَدَّ أمرَ السَّفيهِ والضعيفِ العقلِ وإنْ لم يَكُنْ حَجَرَعليهِ الإِمامُ 377 - ويُذْكَر عن جابرٍ رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ على المُتَصَدِّقِ قبلَ النَّهْيِ ثم نهاه. 523 - وقالَ مالِكٌ: إذا كانَ لرَجُلٍ على رجُلٍ مالٌ، وله عبدٌ لا شيء له غيرُه، فأعتقه؛ لم يَجُزْ عِتْقُهُ، ومن باعَ على الضَّعيفِ ونحوه، فدفع ثمَنَهُ إليهِ، وأمَرَهُ بالإِصلاحِ والقيامِ بشأنِه، فإن أفسدَ بعدُ؛ مَنَعَهُ. 378 - لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن إضاعةِ المالِ.

_ 377 - وصله مسلم (رقم 997) وغيره من طريق الليث عن أبي الزبير عنه بنحوه؛ قال: "أعتق رجلٌ من بني عذرة عبداً له عن دبر، فبلغ ذلك رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: ألك مال غيره؟ فقال: لا. فقال: من يشتريه مني؛ فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمان مائة درهم فجاء بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدفعها إليه، ثم قالَ: ابدأ بنفسك فتصدق عليها، فإن فضل شيء فلأهلك، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك ... الحديث. وهو مخرج في "الإِرواء" (459 و 825)، وهو من الأحاديث الصحيحة التي ذكرها المؤلف رحمه الله بصيغة التمريض، وعلل ذلك الحافظ بأنه ليس على شرط البخاري. وقالَ: والبخاري لا يجزم غالباً إلا بما كان على شرطه! 523 - أخرجه ابن وهب في "موطئه" عنه. 378 - وصله المصنف في "81 - الرقائق 21/ - باب".

3 - باب كلام الخصوم بعضهم في بعض

379 - وقال للذي يُخْدَعُ في البَيْعِ: "إذا بَايَعْتَ فقُلْ: لا خِلابَةَ". ولم يأخُذِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مالَه. 3 - بابُ كلامِ الخُصومِ بعضِهم في بعضٍ 4 - بابُ إخراجِ أهلِ المعاصي والخُصومِ من البيوتِ بعد المعرفَةِ 524 - وقد أخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أبي بكرٍ حين ناحَتْ. (قلت: أسند في حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 29 - باب/ رقم الحديث 338"). 5 - بابُ دَعْوى الوَصِيِّ للميِّتِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "34 - البيوع/ 3 - باب/ رقم الحديث 967"). 6 - بابُ التَّوَثُّقِ ممَّنْ تُخشى مَعَرَّتُه 525 - وقيَّدَ ابنُ عباسٍ عِكْرِمَةَ على تعليمِ القرآنِ والسُّنَنِ والفرائِض. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "64 - المغازي/ 72 - باب"). 7 - بابُ الرَّبْطِ والحَبْسِ في الحَرَمِ

_ 379 - تقدم موصولاً في "43 - البيوع/ 48 - باب/ رقم الحديث 998". 524 - أخرجه ابن سعد في "الطبقات"، وإسحاق بن راهويه بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب، لكنه منقطع؛ لأن ابن المسيب لم يُدرك وفاة أبي بكر رضي الله عنه. 525 - وصله ابن سعد في "الطبقات" (5/ 287)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/ 326) بسند صحيح عن عكرمة؛ قال: كان ابن عباس يجعل في رجلي الكَبْل ... و (الكَبْل): القيد.

8 - باب الملازمة

526 - واشترى نافِعُ بنُ عبد الحَرْثِ داراً للسَّجْنِ (4) بمكَّةِ مِن صفوانَ بنِ أُمَيَّةَ على أنَّ عُمَرَ إنْ رضِيَ فالبيعُ بيعُهُ، وإنْ لم يرضَ عمرُ فلِصَفْوانَ أربعُ مائةٍ. 527 - وسَجَنَ ابنُ الزبيرِ بمكةَ. (قلت: وأسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المشار إليه آنفاً) بسم الله الرحمن الرحيم (5) 8 - باب المُلازمَةِ (قلت: أسند فيه حديث كعب المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 71 - باب/ رقم الحديث 242"). 9 - بابُ التَّقاضي (قلت: أسند فيه حديث خباب المتقدم "37 - الإجارة/ 15 - باب/ رقم الحديث 1066").

_ 526 - وصله عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، والبيهقي، من طرق عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن فروخ به، وعبد الرحمن هذا أشار الذهبي إلى أنه مجهول، لم يروعنه غير ابن دينار. (4) بفتح السين: مصدر سَجَنَ. 527 - وصله خليفة بن خياط في "تاريخه"، والفاكهي. (5) لم تثبت البسملة في نسخة الحافظ ابن حجر.

45 - كتاب اللقطة

بسم الله الرحمن الرحيم 45 - كِتابُ اللُّقَطَةِ 1 - بابٌ إذا أخْبَرَ ربُّ اللُّقَطَةِ بالعلامةِ دَفَعَ إليهِ 1111 - عن سُوَيْد بن غَفَلَة؛ قال: [كنت مع سلمانَ بن ربيعةَ وزيدِ بن صُوحانَ في غزاةٍ، فوجدْتُ سوطاً، فقالَ لي: ألقِهِ. قلتُ: لا، ولكنْ إن وجدتُ صاحِبَهُ؛ وإلاَّ اسْتَمتَعْتُ به، فلما رجَعْنا حَجَجْنا، فمَرَرْتُ بالمدينة فـ 3/ 95] لقيتُ (وفي روايةٍ: فسألتُ) أُبَيَّ بنَ كعبٍ رضي الله عنه؟ فقالَ: أخَذْتُ صُرَّةً مائةَ دينارٍ، فأتَيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: "عَرِّفْها حولاً"، فعرَّفْتُها، فلم أجِدْ مَن يعرِفُها، ثمَّ أتيتُه، فقالَ: "عَرِّفْها حَولاً"، فعرَّفْتُها، فلم أجِدْ، ثمَّ أتيتُه ثلاثاً، (وفي روايةٍ: الرابعة) (1)، فقال: "احفَظْ وِعاءَها، وعدَدها، ووِكاءَها، فإنْ جاءَ صاحِبُها؛ وإلا فاسْتَمْتِعْ بها"، فاستَمْتَعْتُ، [قالَ:] (2) فلقيتُه بعدُ بمكَّةَ، فقالَ: لا أدري، ثلاثةَ أحْوالٍ أو حَوْلاً واحداً؟

_ (1) قال الحافظ: هي رابعة باعتبار مجيئه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وثالثة باعتبار التعريف. (2) القائل شعبة، والذي قال: "لا أدري" هو شيخه سلمة بن كهيل الراوي عن سُوَيد بن غفلة، وقد رواه جماعة عن سلمة، وقالوا في حديثهم جميعاً: ثلاثة أحوالٍ، إلا حماد بن سلمة، فإن في حديثه "عامين أو ثلاثة"، راجع "الفتح".

2 - باب ضالة الإبل

2 - بابُ ضالَّةِ الإِبِلِ (قلت: أسند فيه حديث زيد الآتي بعد باب). 3 - بابُ ضالَّةِ الغَنَمِ (قلت: أسند فيه حديث زيد بن خالد الآتي). 4 - بابٌ إذا لم يوجَد صاحِبُ اللُّقَطَةِ بعدَ سنةٍ؛ فهي لمَن وجدَها 1112 - عن يزيدَ مولى المُنْبَعِثِ عن زيدِ بن خالدٍ رضي الله عنه قال: جاء رجلٌ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فسألَهُ عن اللُّقَطَةِ؟ فقال: "اعرِفْ عِفاصَها، ووِكاءَها، ثمَّ عَرِّفْها سَنةً، فإن جاءَ صاحبُها (وفي روايةٍ: فإن جاء أحدٌ يخبرُك بعِفاصِها ووِكائِها 3/ 96)؛ [فأدِّها إليه 3/ 95]؛ وإلاَّ فشأنَكَ بها (وفي روايةٍ: فاستَنْفِقْها) "، [وكانت وديعةً عنده، قال يحيى: فهذا الذي لا أدري أهو في الحديث، أم شيء من عنده؟] (3)، قالَ: فضالَّةُ الغنمِ؟ قال: " [خذْها، فإنما 6/ 174] هي لكَ، أو لأخيكَ، أو للذئبِ". قالَ: فضالَّةُ الإِبل؟ [فتمَعَّرَ وجهُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: فغضِبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى احمرَّت وجْنَتاه، أو احمرَّ وجهُهُ) فـ] قالَ: "مالك ولها؟! معَها سِقاؤها وحِذاؤها، تَرِدُ الماءَ، وتأكلُ (وفي روايةٍ: وتَرْعى

_ (3) يعني يزيد مولى المنبعث الراوي عن زيد بن خالد، ويحيي هو ابن سعيد الأنصاري، شك في رفع هذه الزيادة الخاصة، لكنه جزم برفعها عند مسلم وغيره، وأشار المصنف إلى رجحان رفعها بترجمته للحديث فيما يأتي بـ "8 - باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه؛ لأنها وديعة عنده".

5 - باب إذا وجد خشبة في البحر أو سوطا أو نحوه

1/ 31) الشَّجَرَ، [فذَرْها] حتى يَلْقاها ربُّها". 5 - بابٌ إذا وَجَدَ خَشَبةً في البحرِ أو سوْطاً أو نَحْوَهُ (قلت: علق فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم معلقاً أيضاً "39 - الكفالة/ 1 - باب/ رقم الحديث 359"). 6 - بابٌ إذا وَجَدَ تَمرةً في الطريقِ 1113 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إني لأنقلِبُ إلى أهلي، فأجِدُ التَّمْرَةَ ساقطةً على فِراشي، فأرفَعُها لآكُلَها، ثم أخشى أنْ تكونَ صدقةً فأُلقِيها". 7 - بابٌ كيفَ تُعرَّفُ لُقطةُ أهلِ مكةَ؟ 380 - وقال ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَها إلاَّ مَن عَرَّفَها (وفي روايةٍ: إلا لمُعَرِّفٍ) ". 8 - بابٌ لا تُحْتَلَبُ ماشيةُ أحدٍ بغيرِ إذنٍ 1114 - عن عبد اللهِ بنِ عُمَرَ رضيَ الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَحْلُبَنَّ أحدٌ ماشيةَ امرئٍ بغيرِ إذنِهِ، أيُحِبُّ أحدُكُم أن تُؤتَى مَشْرُبَتُهُ (4) فتُكسَرَ خِزانَتُهُ، فيُنْتَقَلَ طعامُهُ؟! فإنَّما تَخزُنُ لهم ضُروعُ مواشيهِم أطْعِماتِهِم، فلا يَحْلُبَنَّ أحدٌ ماشيةَ أحدٍ إلا بإذنِهِ".

_ 380 - هو طرف من حديثٍ وصله المؤلف فيما تقدم "28 - جزاء الصيد/ 9 - باب/ رقم الحديث 853". (4) بضم الراء وفتحها، أبي: موضعه المصون لما يخزن فيه.

9 - باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه؛ لأنها وديعة عنده

9 - بابٌ إذا جاءَ صاحِبُ اللُّقَطَةِ بعد سنةٍ ردَّها عليه؛ لأنها وديعةٌ عندَه (قلت: أسند فيه حديث زيد بن خالدٍ المتقدم قبل خمسة أبواب). 10 - بابٌ هل يأخُذُ اللُّقَطَةَ ولا يدَعُها تَضيعُ حتى لا يأخُذَها من لايَسْتَحِقُّ؟ (قلت: أسند فيه حديث أبيِّ بنِ كعبٍ المتقدم في الباب الأول). 11 - بابُ مَن عَرَّف اللُّقَطَةَ ولم يدْفَعْها إلى السلطانِ (قلت: أسند فيه حديث زيد المشار إليه قريباً). 12 - بابٌ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي بكرٍ الصديق الآتي "61 - المناقب/ 25 - باب").

46 - كتاب المظالم

بسم الله الرحمن الرحيم 46 - كتابُ المَظالِمِ 1 - [بابٌ] (1) في المَظالِمِ والغَصْبِ، وقولِ اللهِ تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ. مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ} (المُقْنِعُ) والمُقْمِحُ واحدٌ (2). 528 - وقال مجاهدٌ: {مُهْطِعينَ}: مُديمي النظرِ. 529 - ويُقال: مُسرعين {لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ} يعني: جُوفاً (3) لا عُقول لهم. {وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ.

_ (1) سقط من الأصل تبعاً لبعض الروايات. (2) يعني من جهة المعنى، وهو رفع الرأس وطأطأته أيضاً، ويُحتمل أن يراد الوجهان؛ أن يرفع رأسه ينظر، ثم يُطأطئه ذلاً وخضوعاً كما في "الفتح". 528 - وصله الفريابي. 529 - وفي بعض الروايات: وقال غيره: مسرعين. والمراد به أبو عبيدة، وكذا قاله في "المجاز"، واستشهد عليه. قال الحافظ: وهو قول قتادة، والمعروف في اللغة. (3) أي: خالية.

2 - باب قصاص المظالم

وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ. وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ. فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}. 2 - بابُ قِصاصِ المظالِمِ 1115 - عن أبي سعيد الخُدريِّ رضيَ الله عنه عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا خَلَصَ المؤمِنونَ من النارِ؛ حُبِسوا بقَنْطَرَةٍ بينَ الجنةِ والنارِ، فيَتَقاصُّونَ (وفي روايةٍ: فيُقَصُّ لبَعْضِهم من بعض 7/ 197) مظالمَ كانت بينَهم في الدنيا، حتى إذا نُقُّوا، وهُذِّبوا؛ أُذِنَ لهُم بدخولِ الجنةِ، فوالذي نفسُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - بيدِهِ؛ لأحدُهُم بمَسْكَنِهِ في الجنَّةِ أدَلُّ (وفي روايةٍ: أهدى) بمنزِلِهِ كان في الدنيا". 3 - بابُ قولِ الله تعالى: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} 1116 - عن صفوانَ بنِ مُحرِزٍ المازنيِّ قالَ: بينما أنا أمشي مع ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، آخِذٌ بيدِهِ، (وفي روايةٍ: بينا ابن عمر يطوفُ 5/ 214) إذْ عَرَضَ رجلٌ فقال: كيفَ سَمِعْتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -[يقول 8/ 203] في النَّجْوى (4)؟ فقالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنَّ الله يُدْني المؤمِنَ فيَضَعُ عليهِ كَنَفَهُ، ويستُرُهُ، فيقولُ: أتَعْرِفُ ذنْبَ كذا؟ أتعرِفُ ذنبَ كذا؟ فيقولُ: نعم أيْ ربِّ! حتى إذا قرَّرهُ بذُنوبِهِ، ورأى في نفسهِ أنَّه

_ (4) اسم من التناجي، وهو التَّسارّ، والمراد هنا ما يقع بين يدي الله وعبده يوم القيامة، وهو فضلٌ من الله تعالى، حيث يُدني عبده المؤمن، أي: يقربه، ويضع عليه كنفه؛ أي: ستره، ويستره عن أهل الموقف، ويُذكرُ له معاصيه سراً. قلت: وزاد المؤلف في آخر الحديث في "خلق الأفعال" (ص 82 - هندية): "قال ابن المبارك: (كنفه)؛ يعني: ستره".

4 - باب لا يظلم المسلم المسلم ولا يسلمه

هَلَكَ، قالَ: [إني 7/ 89] سَتَرْتُها عليكَ في الدنيا، وأنا أغفِرُها لكَ اليومَ، فيُعْطى كتابَ حسناتِه، وأما الكافِر والمنافقونَ؛ فيقولُ (وفي روايةٍ: فيُنادَى على رؤوسِ) الأشهاد: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} ". 4 - بابٌ لا يَظْلِمُ المسلمُ المسلمَ ولا يُسْلِمُهُ 1117 - عن عبدِ اللهِ بن عمرَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "المسلم أخو المسلمِ؛ لا يَظْلِمُهُ، ولا يُسْلِمُهُ (5)، ومَن كانَ في حاجَةِ أخيهِ؛ كان الله في حاجَتِه، ومَن فَرَّج عن مسلمٍ كُربةً؛ فرَّج الله عنهُ كُرْبةً مِن كرباتِ يومِ القيامَةِ، ومَن سَتَرَ مسلماً؛ ستره الله يومَ القيامَةِ". 5 - بابٌ أعِنْ أخاكَ ظالماً أو مَظلوماً 1118 - عن أنسٍ رضيَ الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "انْصُرْ أخاكَ ظالماً أو مَظْلوماً". قالوا. يا رسولَ الله! هذا ننصرُهُ مظلوماً، فكيفَ ننصُرُه ظالماً؟! قال: "تأخذُ فوقَ يديْهِ (وفي طريق: تحْجُزُهُ أو تَمْنَعُهُ من الظُّلْمِ، فإنَّ ذلك نصرُه 8/ 59) ". 6 - بابُ نصرِ المَظْلومِ 1119 - عن أبي موسى رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (5) أي: لا يتركُه مع من يؤذيه، بل يحميه من عدوه، يقال: "أسلمه" إذا خذله.

7 - باب الانتصار من الظالم

"المؤمِنُ للمؤمِنِ كالبُنْيانِ، يَشُدُّ بعضُهُ بعضاً"، وشَبَّكَ بينَ أصابِعِهِ. 7 - بابُ الانتصارِ من الظالِمِ لقوله جلَّ ذكرُهُ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}، {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ}. 530 - قالَ إبراهيمُ: كانوا يكرهونَ أن يُستذَلُّوا، فإذا قَدَروا عَفَوْا (*). 8 - بابُ عفوِ المظلومِ لقولِه تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا. وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ. وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} (**) 9 - بابٌ الظُّلمُ ظُلماتٌ يومَ القيامةِ 1120 - عن عبدِ الله بن عُمر رضيَ الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الظُّلْمُ ظُلُماتٌ يومَ القيامَةِ".

_ 530 - وصله عبد بن حميد وابن عيينة في "تفسيرهما". (*) لم يذكر المصنف فيه حديثاً مرفوعاً، لا موصولاً ولا معلقاً. (**) لم يذكر المصنف أيضاً فيه حديثاً، وقد روى أحمد (2/ 436) من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "ما من عبدٍ ظُلِمَ بمظلمة فيُغضي عنها لله عزَّ وجلَّ؛ إلا أعزه الله بها ونصره". وسنده جيد.

10 - باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم

10 - بابُ الاتِّقاءِ والحَذَرِ مِن دعوة المَظلوم (أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم في "ج 1/ 24 - الزكاة/ 65 - باب/ رقم الحديث 715"). 11 - بابُ مَن كانت لهُ مَظْلِمةٌ عندَ الرجُلِ فحَلَّلَهَا لهُ؛ هل يُبَيِّنُ مظلِمَتَهُ؟ 1121 - عن سعيدٍ المَقْبُرِيِّ عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كانت له (وفي روايةٍ: عنده 7/ 197) مظلمةٌ لأحدٍ مِن عِرْضِهِ، أو شيءٌ؛ فلْيَتَحَلَّلْهُ منهُ اليومَ، قبلَ أنْ لا يكونَ دينارٌ ولا دِرْهَمٌ، إنْ كانَ لهُ عَملٌ صالِحٌ أُخِذَ منهُ بقَدْرِ مَظلمَتِهِ، وإنْ لم يَكُنْ لهُ حسناتٌ أُخِذَ مِن سيئاتِ صاحِبِهِ، فحُمِلَ عليهِ". قال أبو عبدِ الله: قال إسماعيلُ بنُ أبي أوَيسٍ: إنما سُمِّيَ المقبُريُّ لأنَّه كان نزل ناحيةَ المقابِر. قال أبو عبد الله: وسعيدٌ المقبريُّ هو مولى بني ليثٍ، وهو سعيدُ بن أبي سعيدٍ، واسم أبي سعيد كيسانُ. 12 - بابٌ إذا حَلَّلَهُ مِن ظُلْمِهِ فلا رُجوعَ فيه (قلت: أسند فيه حديث عائشة الآتي في "67 - النكاح/ 96 - باب"). 13 - بابٌ إذا أذِنَ لهُ أو أحَلَّهُ ولم يُبَيِّنْ كم هُو (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث سهل الآتي "74 - الأشربة/ 29 - باب").

14 - باب إثم من ظلم شيئا من الأرض

14 - بابُ إثمِ مَن ظَلَمَ شيئاً من الأرضِ 1122 - عن محمدِ بن إبراهيمَ أنَّ أبا سلمَةَ حدَّثَهُ؛ أنَّهُ كانت بينَهُ وبينَ أُناسٍ خُصومَةٌ، فذكَرَ لعائشةَ رضيَ الله عنها، فقالت له: يا أبا سَلَمَةَ! اجتَنِبِ الأرض، فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن ظَلَمَ قِيْدَ شِبرٍ مِن الأرضِ؛ طُوِّقَهُ مِن سبعِ أَرَضينَ". 1123 - عن سالمٍ عن أبيهِ (ابن عمرَ) رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أخَذَ مِن الأرضِ شيئاً بغيرِ حَقِّهِ؛ خُسِفَ بهِ يومَ القيامَةِ إلى سَبعِ أرضينَ". قال أبو عبدِ الله: هذا الحديثُ ليس بخُراسانَ في كتابِ (6) ابن المباركِ، أملاه عليهم بالبَصرةِ. 15 - بابٌ إذا أذِنَ إنسانٌ لآخَرَ شيئاً؛ جازَ 1124 - عن جَبَلَة: كُنَّا بالمدينة في بعضِ أهل العراق، فأصابَنا سَنَةٌ، فكانَ ابنُ الزُّبيرِ يرزُقُنا التمرَ، فكانَ ابنُ عمرَ رضيَ الله عنهما يَمرُّ بنا [ونحن نأكلُ 6/ 212]، فيقولُ: [لا تَقْرُنوا، فـ] إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن الإقرانِ [بين التمرتينِ جميعاً 3/ 211]؛ إلا أنْ يستأذِنَ الرجلُ منكُم أخاهُ.

_ (6) وفي روايةٍ: "كُتُب"، وعليها نسخة الحافظ، وقال: "يعني أن ابن المبارك صنف كتبه بخراسان، وحدث بها هناك، وحملها عنه أهلها، وحدث في أسفاره بأحاديث من حفظه زائدة على ما في كتبه، هذا منها.

16 - باب قول الله تعالى: {وهو ألد الخصام}

[قال شعبةُ: الِإذنُ من قولِ ابن عمرَ] (7). 16 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وهُوَ ألَدُّ الخِصامِ} 1125 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّ أبْغَضَ الرِّجالِ إلى اللهِ الألَدُّ الخَصِمُ". 17 - بابُ إثمِ مَن خَاصَمَ في باطلٍ وهو يعلَمُهُ 1126 - عن أمِّ سلمَةَ رضيَ - صلى الله عليه وسلم - عنها زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ سَمِعَ [جَلَبةَ 8/ 117] خصومَةٍ ببابِ حُجْرَتِه، فخَرَجَ إليهِم، فقالَ: "إنَّما أنا بشرٌ، وإنَّه يأتيني الخَصمُ، فلعلَّ بعضَكُم أنْ يكونَ أبلغَ مِن بعضٍ، فأحْسِبُ أنَّه صدَقَ، فأَقْضِي له بذلك، فمَن قضيتُ لهُ بحَقِّ مسلمٍ؛ فإنَّما هي قطعةٌ مِن النارِ، فليأْخُذْها، أو فليَتْرُكها". 18 - بابٌ إذا خاصَمَ فَجَرَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمرو المتقدم "ج 1/ 2 - الأيمان/ 24 - باب/ رقم الحديث 25"). 19 - بابُ قِصاصِ المظلومِ إذا وَجَدَ مالَ ظالِمِهِ

_ (7) يعني أن قولَهُ: "إلا أن يستأذن .... " مدرج في الحديث، ليس من قوله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو من قولِ ابن عمر. لكن قد حقق الحافظ ابن حجر أن الأرجح أنه مرفوع من قوله - صلى الله عليه وسلم - لمجيئه مرفوعاً من طرق أخرى، فليراجعه من شاء.

20 - باب ما جاء في السقائف

531 - وقالَ ابنُ سِيْرينَ: يُقاصُّهُ (8)، وقرأ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}. (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "34 - البيوع/ 95 - باب/ رقم الحديث 1042"). 1127 - عن عقبةَ بن عامرٍ قالَ: قُلنا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: [يا رسولَ الله! 7/ 104] إنَّك تَبْعَثُنا فننزِلُ بقومٍ لا يَقْرُونا، فما ترى فيه؟ فقال لنا: "إن نَزَلْتُم بقومٍ فأمر [وا] لكم بما ينبغي للضيفِ؛ فاقْبَلوا، فإنْ لم يَفْعَلوا؛ فخُذوا منهُم حَقَّ الضيفِ [الذي ينبغي لهم] ". 20 - بابُ ما جاءَ في السَّقائفِ 381 - وجَلَسَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ في سقيفةِ بني ساعِدَةَ. 21 - بابٌ لا يمنَعُ جارٌ جارَهُ أنْ يَغْرِزَ خشبةً في جِدارِهِ 1128 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه أنَّ رسولَ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَمْنَعْ جارٌ جارَهُ أنْ يَغرِزَ خَشَبَةً (وفي طريق: خُشُبَهُ 6/ 250) في جدارِه". ثم يقولُ أبو هريرة: ما لي أراكُم عنها مُعْرِضينَ؟! واللهِ لأرمِيَنَّ بها بين أكتافِكُم. 22 - بابُ صَبِّ الخَمْرِ في الطريقِ

_ 531 - وصله عبدُ بنُ حميد في "تفسيره". (8) أي: يأخذ مثل ماله. 381 - هو طرفٌ من حديثٍ لسهل بن سعد الآتي في آخر "74 - الأشربة".

23 - باب أفنية الدور، والجلوس فيها، والجلوس على الصعدات

1129 - عن أنسٍ رضيَ الله عنه: كنتُ ساقيَ القومِ، (وفي طريق ثانية: كنتُ قائماً على الحي أسقيهم عمومتي، وأنا أصغرُهم 6/ 242)، (وفي طريق ثالثة: كنتُ أسقي أبا عُبيدة، وأبا طلحة، وأُبيَّ بنَ كعبٍ، [وأبا دُجانَةَ، وسُهَيْلَ بن البيضاءِ 6/ 245])، في منزلِ أبي طلحةَ، وكان خمرُهم يومئذٍ [هذا الذي يُسمُّونَهُ 5/ 189] الفَضِيخَ [وهو [زَهْوٌ (وفي طريق رابعة: خليطُ بُسْر) و] تمرٌ [8/ 134]، (وفي طريق: رُطَبٌ وبُسْرٌ 6/ 249)، فأمَرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - منادياً يُنادي: "ألا إنَّ الخمرَ قد حُرِّمَتْ". قالَ: فقالَ لي أبو طلحة: [اخرُجْ فانظر ما هذا الصوت؟ قال: فخرجتُ، فقلتُ: هذا منادٍ ينادي: "ألا إنَّ الخمرَ قد حُرِّمَت"، فقال لي: 5/ 190] اخرُجْ فأهْرِقْها (وفي الطريق الرابعة: قم إلى هذه الجرارِ فاكْسِرْها، قال أنسٌ: فقمتُ إلى مِهراسٍ لنا، فضَرَبْتُها بأسفلِه حتى انكسرت. وفي رواية خامسة: قالوا: أهرِق هذه القلالِ يا أنسُ!)، فخرجتُ فهَرَقْتُها، فجَرتْ في سِكَكِ المدينةِ، [قالَ: فما سألوا عنها، ولا راجعوها، بعد خبرِ الرَّجُلِ]. فقالَ بعض القومِ: قد قتل قومٌ (9)، وهي في بطونهم، فأنزلَ الله: {ليسَ على الذينَ آمَنوا وعَمِلوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فيما طَعِموا} الآية. 23 - بابُ أفنيةِ الدُّورِ، والجلوسِ فيها، والجُلوسِ على الصُّعُداتِ (10)

_ (9) أي: استشهدوا بأحدٍ وكانت في معدهم الخمر. (10) جمع صعد؛ بضمتين، وأيضاً جمع صعيد، كطريق وطرق وطرقات وزناً ومعنى.

24 - باب الآبار على الطرق إذا لم يتأذ بها

382 - وقالت عائشة: فابْتَنى أبو بكرٍ مسجداً بفِناءِ دارِهِ يصلي فيهِ، ويقرأُ القرآنَ، فيَتَقَصَّفُ (11) عليهِ نساءُ المُشركين وأبناؤهُم، يَعْجَبونَ منه، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ بمكَّةَ. 1130 - عن أبي سعيد الخُدري رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إياكُم والجُلوسَ على الطُّرُقاتِ". فقالوا: ما لنا بُدٌّ، إنَّما هيَ مجالِسنا نتحدَّثُ فيها. قال: "فإذا أبَيْتُم إلاَّ المجالِسَ (12)؛ فأعطوا الطَّريقَ حقَّها". قالوا: وما حَقُّ الطَّريقِ؟ قالَ: "غَضُّ البصرِ، وكفُّ الأذى، وردُّ السلامِ، وأمرٌ بالمعروفِ، ونهيٌ عن المنكَرِ". 24 - بابُ الآبارِ على الطرُقِ إذا لم يتأذَّ بها (قلت: أسند فيه حديثَ أبي هريرة المتقدم "42 - المساقاة/ 10 - باب/ رقم الحديث 1099"). 25 - بابُ إماطةِ الأذَى 383 - وقالَ أبو هُريرةَ رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:

_ 382 - هو طرف من حديث "الهجرة"، وسيأتي موصولاً في "63 - المناقب/ 73 - باب". (11) التقصف: الكسر، والمراد هنا المبالغة في بيان الازدحام عليه. (12) أي: إلا الجلوس. 383 - هو طرفٌ من حديث وصله المؤلف رحمه الله فيما يأتي "56 - الجهاد / 128 - باب".

26 - باب الغرفة والعلية المشرفة وغير المشرفة في السطوح وغيرها

"يُميطُ الأذى عن الطَّريقِ صدقَةٌ" (13). 26 - بابُ الغُرْفَةِ والعِلِّيَّةِ المُشْرِفَةِ وغيرِ المُشْرِفَةِ في السُّطوحِ وغيرها 1131 - عن عبد الله بن عباسٍ رضيَ الله عنهما قال: لم أزَلْ حريصاً على (وفي روايةٍ: لَبِثْتُ سنةً وأنا أريدُ 7/ 46) أن أسألَ عمرَ رضيَ الله عنه عن المرأتينِ من أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللتينِ قالَ الله لهُما: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، [فما أستطيع أن أسألَهُ هيْبَةً لهُ (وفي روايةٍ: فلم أجد لهُ موضعاً 6/ 71)، حتى خَرَج حاجّاً 6/ 69]، فحَجَجْتُ معهُ، [فلما رجعتُ وكُنَّا ببعضِ الطريقِ] (وفي روايةٍ: بِظهرانَ)، فعَدَلَ [إلى الأراكِ لحاجةٍ له]، وعدلْتُ معهُ بالإِداوَةِ، فتبرَّزَ [فوقفت له] حتى جاءَ، [فقال: أدْرِكْني بالوَضوءِ]، فسكَبْتُ على يديْهِ مِن الإِداوَةِ، فتوَضَّأَ [ورأيتُ موضعاً]، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنينَ! مَن المرأتانِ مِن أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - اللَّتانِ قالَ لهما: {إنْ تَتوبا إلى اللهِ}، فقالَ [ابنُ عباسٍ: فما أتْمَمْتُ كلامي حتى قالَ]: واعجَبي لكَ يا ابنَ عباسٍ! [تلكَ] عائشةُ وحفصَةُ. [قالَ: فقلتُ: واللهِ إنْ كنتُ لأريدُ أن أسألكَ عن هذا منذُ سنةٍ، فما أستطيعُ هيبةً لك. قالَ: فلا تَفْعَلْ. ما ظنَنْتَ أنَّ عندي مِن علمٍ فاسْألْني، فإنْ كانَ لي علمٌ؛ خبَّرْتُك به، قالَ: ثم قالَ عمرُ: واللُهِ إنْ كُنَّا في الجاهليةِ ما نَعُدُّ للنساءِ أمراً حتى أنزلَ الله فيهنَّ ما أنزَلَ، وقسمَ لهُنَّ ما قسم]، (وفي روايةٍ: فلما جاءَ الإِسلام، وذكرهنَّ الله، رأينا لهن بذلك علينا

_ (13) هو على حد قوله: "تسمع بالمُعَيْديّ".

حقاً من غير أن نُدْخِلَهُنَّ في شيءٍ مِن أمورِنا)، ثم استقبلَ عُمَرُ الحديثَ يسوقُهُ، فقالَ: إني كنتُ وجارٌ لي مِن الأنصارِ - صلى الله عليه وسلم - بني أميَّةَ بنِ زيدٍ - وهي (14) مِن عوالي المدينة- وكنَّا نتناوَبُ النزولَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فينزلُ هو يوماً، وأنْزِلُ يوماً، فإذا نزلتُ جئتُهُ مِن خبرِ ذلك اليومِ من الأمرِ (وفي روايةٍ: الوحي 1/ 31) وغيرِه، وإذا نزَلَ فعَلَ مثلَهُ، وكُنَّا- معشرَ قُريشٍ- نغلِبُ النساءَ، فلمَّا قَدِمنا على الأنصارِ إذا هم قومٌ تغلِبُهُم نِساؤهُم، فطَفِقَ نساؤنا يأخُذْنَ مِن أدبِ نساءِ الأنصارِ، [قالَ: فبينا أنا في أمرٍ أتأمَّرُه إذ قالتْ امرأتي: لو صنعتَ كذا وكذا] قالَ:] فصِحْتُ على امرأتي، فراجَعَتْني، فأنْكَرْتُ أن تُراجِعَني، [فقلتُ لها: ما لكِ ولما ها هنا، فيما تَكَلُّفُكِ في أمرٍ أريدُه؟!]، فقالت: ولم تُنْكِرُ أنْ أراجِعَكَ؟! فواللهِ إنَّ أزواجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ليُراجِعْنَهُ، وإنَّ إحداهُنَّ لَتَهجُرُهُ اليومَ حتى الليلِ (وفي روايةٍ: فقالت لي عجباً لك يا ابن الخطابِ! ما تُريد أن تراجعَ أنت، وإن ابنَتَك لتراجِع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يظلَّ يومَهُ غضبانَ!)، فأفزَعَني، فقلتُ [لها: قد 6/ 148] خابَتْ مَن فَعَلَ منهنَّ بعظيمٍ، ثم جمعْتُ عليَّ ثيابي، فدَخَلْتُ على حفصةَ، فقلتُ: أتغاضِبُ إحداكُنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اليومَ حتى الليلِ؟ فقالت: نعم. فقلتُ: خابَتْ وخَسِرَتْ. أفتأمَنُ (وفي روايةٍ: خِبْتِ وخسِرْتِ، أفَتَأمَنينَ) أنْ يغضَبَ الله لغَضَبِ رسولهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَهْلِكينَ؟! لا تستكثري على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا تُراجِعيهِ في شيءٍ، ولا تهجُريهِ، واسأليني ما بدا لكِ، ولا يَغُرَّنَّكِ أَنْ كانت جارَتُك هي أوضَأُ منكِ وأحبُّ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،

_ (14) أي: أمكنتهم.

(وفي روايةٍ: هذه التي أعجَبها حُسنُها حِبُّ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 6/ 155) - يُريدُ عائشةَ-[ثم خرجتُ حتى دخلتُ على أمِّ سلمة لقرابتي منها، فكلمتُها، فقالت أمُّ سلمة: عجباً لك يا ابنَ الخطاب! دخَلْتَ في كلِّ شيءٍ حتى تبتغي أن تدخُلَ بين رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وأزواجِهِ؟! فأخذتني واللُهِ أخذاً كَسَرَتْني عن بعض ما كنتُ أجِدُ، فخرجتُ من عندها]. [وكانَ مَن حولَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قد استقام له، فلم يبق إلا مَلِكُ غسان بالشامِ، كُنَّا نخافُ أن يأتينا]، وكُنَّا تَحَدَّثْنا أنَّ غسانَ تُنْعِلُ النِّعالَ لغزونا [فقد امتلأت صدورنا منه]، فنزلَ صاحبي [الأنصاري] يومَ نَوْبتِهِ، فرجَعَ عشاءً، فضربَ بابي ضرباً شديداً، وقال: أنائِمٌ (وفي روايةٍ: أثَمَّ) هُو؟ ففزعْتُ، فخرجتُ إليهِ، وقالَ: حَدَثَ أمرٌ عظيمٌ! قلتُ: ما هو؟ أجاءتْ غسانُ؟ قالَ: لا بلْ أعظمُ منهُ، وأطولُ (وفي روايةٍ: أهْوَلُ)، طَلَّقَ (وفي روايةٍ: اعتزَلَ) رسولُ اللُهِ - صلى الله عليه وسلم - نساءَهُ، قالَ: (وفي روايةٍ: فقلتُ:) قد خابَتْ حفصةُ وخَسِرَتْ، [قد] كنتُ أظنُّ أنَّ هذا يوشِكُ أنْ يكونَ، فجَمَعْتُ عليَّ ثيابي، فصليتُ صلاةَ الفجرِ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فدخَلَ مَشْرُبةً له [يرقى عليها بعَجَلَة] (15)، فاعتزلَ فيها، فدخلتُ على حفصةَ، فإذا هي تبكي، قلتُ: ما يُبكيكِ؟! أوَلم أكُنْ حَذَّرْتُكِ؟! أطلَّقَكُنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالتْ: لا أدري، هو ذا في المَشْرُبةِ، فخرجتُ، فجئتُ المنبرَ، فإذا حولَهُ رَهْطٌ يَبْكي بعضُهم، فجَلَسْتُ معهم قليلاً، ثمَّ غَلَبني ما أجِدُ، فجئتُ المَشْرُبَةَ التي هو فيها، فقلتُ لغلامٍ له أسودَ [على رأسِ الدرجة]: استأذِنْ لعُمَرَ، فدخَلَ، فكلَّمَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ

_ (15) أي: بدرجة، وروي (يُرقى) بالبناء للمفعول أيضاً. أي: يصعدُ، و (المشربة): الغرفة.

خَرَج، فقالَ: ذَكَرْتُكَ له فصَمَتَ، فانصرفتُ؛ حتى جلستُ مع الرَّهْطِ الذين عند المنبرِ، ثم غَلَبَني ما أجِدُ، فجئتُ، فذكر مثله، فجلستُ مع الرهط الذين عند المنبر، ثم غلبني ما أجد، فجئتُ الغلامَ، فقلتُ: استأذِنْ لعمرَ، فذكَرَ مثلَهُ، فلما ولَّيْتُ منصرفاً فإذا الغلامُ يدعوني، قال: أذِنَ لك رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فدَخَلْتُ عليهِ، فإذا هو مُضْطَجِعٌ على رمالِ حَصيرٍ، ليس بينَه وبينَه فراشٌ، قد أثَّرَ الرمالُ بجَنْبِهِ، مُتَّكِىءٌ على وسادَةٍ من أدَمٍ، حَشْوُها ليفٌ، فسلَّمْتُ عليه، ثم قلتُ وأنا قائمٌ: [يا رسولَ اللهِ! أ] طلَّقت نساءَكَ؟ فرفَعَ بصَرَهُ إليَّ، فقالَ: "لا"، [فقلتُ: الله أكْبَرُ]، ثم قلتُ وأنا قائمٌ أستأنِسُ: يا رسولَ الله! لو رأيتني وكُنَّا- معشرَ قريشٍ- نغلِبُ النساءَ، فلما قَدِمْنا [المدينةَ] على قومٍ (وفي روايةٍ: إذا قومٌ) تَغْلِبُهم نساؤهُم، فذَكَرَهُ، فتبسَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم قلتُ: لو رأيْتَني ودَخَلْتُ على حفصةَ فقلتُ [لها]: لا يَغُرَّنَّكِ أنْ كانت جارَتُك هي أوضأُ منكِ، وأحَبُّ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يريدُ عائشةَ- (وفي روايةٍ: فذكرت الذي قلتُ لحفصَةَ وأُمِّ سلمَةَ، والذي ردَّت عليَّ أمُّ سَلَمَةَ)، فتَبَسَّمَ [تبسِمةً] أُخرى، فجلسْتُ حين رأيتُهُ تبسَّمَ، ثم رفعتُ بصري في بيتِه، فواللهِ ما رأيت فيه شيئاً يَرُدُّ البصرَ، غيرَ أَهَبَةٍ (16) ثلاثةٍ [وإن عند رجليه قَرَظاً مَصْبُوباً]، فقلت: ادعُ الله فَلْيُوَسِّعْ على أُمَّتِكَ، فإنَّ فارِسَ والرومَ وُسِّع عليهم، وأُعْطوا الدنيا وهم لا يَعْبدونَ الله، [فجلسَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -]، وكانَ متكئاً، فقالَ: "أوَ في شكٍّ أنت يا ابنَ الخطابِ؟! [إنَّ] أولئك قومٌ عُجِّلَتْ لهُم طيِّباتُهم في

_ (16) جمع (إهاب): جلد غير مدبوغ. و (مصبوباً)، أي: مسكوباً. و (القرظ): شجر يدبغ به، وقيل: هو ورق السلم، يدبغ به الأدم، ومنه أديم مقروظ. كذا في "اللسان".

27 - باب من عقل بعيره على البلاط أو باب المسجد

الحياة الدنيا"، (وفي روايةٍ: فبكيتُ، فقالَ: "ما يبكيكَ؟! "، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! إنَّ كسرى وقيصرَ فيما هما فيه، وأنتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -!؟ فقالَ: "أما ترضى أن تكونَ لهم الدنيا ولنا الآخرةُ؟! ")، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! استغفر لي. فاعتزَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[نساءَه] من أجلِ ذلك الحديثِ حين أفْشَتْهُ حفصةُ إلى عائشةَ [تسعاً وعشرين ليلةً]، وكان قد قالَ: "ما أنا بداخلٍ عليهنَّ شهراً"، مِن شدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عليهِنَّ حين عاتَبَهُ الله، فلما مضت تسعٌ وعشرون، دَخَلَ على عائشةَ، فبدأ بها، فقالت له عائشةُ: [يا رسولَ الله!] إنَّك [كنت] أقسمتَ أن لا تَدْخُلَ علينا شهراً، وإنَّا أصبحنا لتسعٍ وعشرينَ ليلةً، أعُدُّها عَدّاً، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الشهرُ تسعٌ وعشرونَ"، وكان ذلك الشهرُ تسعٌ وعشرون (17). قالت عائشة: فأُنْزِلَتْ آية التَّخييرِ، فبدأ بي أوَّلَ امرأةٍ [من نسائِهِ]، فقالَ: "إنِّي ذاكرٌ لكِ أمراً، ولا عليكِ أنْ لا تَعْجَلي، حتى تستأمِري أبويكِ"، قالت: قد أعلمُ أنَّ أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقِهِ، ثم قالَ: "إنَّ الله [جلَّ ثناؤه]، قالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} ..... إلي قوله: {عَظِيمًا} ". قلتُ: أفي هذا أستأمِرُ أبويَّ؟! فإني أريدُ الله ورسولَهُ والدارَ الآخرةَ، [فاخترتُه]، ثمَّ خيَّرَ نساءَهُ [كُلهنَّ]، فقلنَ مثلَ ما قالت عائشة. 27 - بابُ من عَقَلَ بعيرَهُ على البَلاطِ (18) أو بابِ المسجدِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم "34 - البيوع/ 34 - باب/ رقم الحديث 990").

_ (17) هكذا بهذا الضبط، وفي روايةٍ: تسعاً وعشرين بالنصب. (18) البلاط: الحجارة المفروشة.

28 - باب الوقوف والبول عند سباطة قوم

28 - بابُ الوقوفِ والبَوْلِ عند سُباطةِ قومٍ (قلت: أسند فيه حديث حذيفة المتقدم "ج 1/ 4 - الوضوء/ 66 - باب/ رقم الحديث 134"). 29 - بابُ مَن أخذَ الغُصْنَ وما يُؤذي الناسَ في الطريق فرمى بهِ 1132 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "بينَما رجُلٌ يمشي بطريقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ [على الطريق 1/ 159]، فأخَذَهُ (وفي روايةٍ: فأخَّرَهُ)، فشكَرَ الله له، فغَفَرَ لهُ". 30 - بابٌ إذا اختَلَفوا في الطريق المِيتَاءِ (19)، وهي الرَّحبَةُ تكونُ بينَ الطريقِ، ثم يريدُ أهلُها البُنيانَ، فتُركَ منها الطريقُ سَبْعَةَ أذْرُعٍ 1133 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قالَ: "قضى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا تشاجَروا في الطريقِ الميتاءِ بسبعةِ أذرُعٍ". 31 - بابُ النُّهْبى بغيرِ إذنِ صاحِبِهِ 384 - وقال عُبادةُ: بايَعَنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن لا نَنْتَهِبَ. 1134 - عن عبدِ اللهِ بن يزيد الأنصاريَّ قالَ: "نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ النُّهْبى والمُثْلَةِ (20) ".

_ (19) هي أعظم الطرق، وهي التي يكثر مرورَ الناس بها. (الرحبة): الواسعة. 384 - هذا طرف من حديث وصله المصنف في "2 - الإيمان/ 10 - باب/ رقم 15". (20) النهبى: اسم الانتهاب كالنهبة، و (المثلة): العقوبة الفاحشة في الأعضاء كقطع الأنف أو الأذن.

32 - باب كسر الصليب وقتل الخنزير

1135 - عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَزْني الزاني حين يزني وهُو مؤمِنٌ، ولا يشرَبُ الخمرَ حين يشرَبُ وهو مؤمنٌ، ولا يسرِقُ حينَ يسْرِقُ وهو مؤمنٌ، ولا يَنْتَهِبُ نُهبةً [ذات شَرَفٍ 6/ 241] يرفعُ الناسُ إليهِ فيها أبصارَهُم حين ينتَهِبُها وهو مؤمن، [والتوبةُ معروضةٌ بعدُ" 8/ 21]. قالَ أبو عبدِ الله: تفسيرُهُ: أنْ يُنْزعَ منهُ. يريدُ: الإيمانَ (21). 32 - بابُ كَسْرِ الصليبِ وقَتْلِ الخنزيرِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "60 - الأنبياء/ 47 - باب"). 33 - بابٌ هل تُكْسَرُ الدِّنانُ التي فيها الخمرُ، أو تُخَرَّق الزِّقاقُ؟ فإنْ كَسَرَ صَنَماً أو صَليباً أو طُنْبوراً، أو ما لا يُنتَفَعُ بخشبِهِ 532 - وأُتِيَ شُريحٌ في طُنْبورٍ كُسِرَ، فلم يقضِ فيه بشيءٍ. 1136 - عن سَلَمَةِ بن الأكوعِ رضيَ الله عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رأى نيراناً تُوقَدُ يومَ خيبر، قالَ: "على ما توقَدُ هذه النيرانُ؟ ". قالوا: على الحُمُرِ الإنسيَّةِ. قال: "اكْسِروها، وأهْرِقوها". قالوا: ألا نُهْرِيقها ونغْسِلُها؟ قالَ: "اغْسِلوا".

_ (21) كذا الأصل: وفي طبعة بولاق: "نور الإيمان"، وعليه يدل شرح الحافظ، وعلقه المصنفُ في أول "86 - الحدود". 532 - وصله ابن أبي شيبة.

34 - باب من قاتل دون ماله

قال أبو عبد اللهِ: كان ابنُ أبي أُوَيسٍ يقولُ: (الحُمُرُ الأَنَسيَّةُ): بنصب الألف والنُّونِ (22). 34 - بابُ من قاتَلَ دونَ مالِهِ 1137 - عن عبدِ الله بنِ عمرٍو رضيَ الله عنهما قالَ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَن قُتِلَ دونَ مالِهِ؛ فهو شَهيدٌ". 35 - بابٌ إذا كَسَرَ قَصْعةً أوشيئاً لغيرهِ (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي في "67 - النكاح/ 108 - باب"). 36 - بابٌ إذا هَدَمَ حائِطاً؛ فليَبْنِ مِثْلَهُ (قلتْ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "60 - الأنبياء/ 46 - باب").

_ (22) فيه التعبير عن الفتح بالنصب، وعن الهمزة بالألف، وهو جائز عند المتقدمين، وإن كان الاصطلاح أخيراً قد استقر على خلافٍ، فلا يبادر إلى إنكاره. و (الأنسية): نسبة إلى (الأنس) بالفتح ضد الوحشية، تَقول: آنستُه أنسة وأنْساً بإسكان النون، والمشهور في الروايات بكسر الهمزة وسكون النون نسبة إلى (الإنس) أي: بني آدم؛ لأنها تألفهم، وهي ضد الوحشية. كما في "الفتح". قلت: ولعل في قول ابن أبي أويس هذا ما يؤيد من تكلم فيه من قبل حفظه، فتأمل!

47 - [كتاب الشركة]

بسم الله الرحمن الرحيم 47 - [كتابُ الشَّرِكَةِ] 1 - بابُ الشَّرِكةِ في الطعامِ والنِّهْدِ (1) والعُروضِ، وكيف قسِمَةُ ما يُكالُ ويُوزَنُ؛ مجازفةً أو قَبضةً قَبضةً، لمَّا (2) لم يرَ المسلمون في النِّهْدِ بأساً أن يأكُلَ هذا بعضاً وهذا بعضاً، وكذلك مجازفةُ الذَّهَبِ والفضةِ والقِرانِ في التَّمر 1138 - عن سَلَمَةَ رضيَ الله عنه قالَ: خَفَّتْ أزوادُ القومِ وأملَقوا (3)، فأتَوُا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في نَحْرِ إبلِهِمْ، فأذِنَ لهُم، فلَقِيَهُم عُمرُ، فأخبروهُ، فقالَ: ما بقاؤكُم بعدَ إبِلِكُم؟! فدخَلَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! ما بقاؤهُم بعدَ إبلِهم؛! فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "نادِ في الناسِ يأتُونَ بفَضْلِ أزْوادِهِم"، فبُسطَ لذلك نِطَعٌ (4)، وجَعَلوهُ على النِّطَعِ، فقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فدعا وبرَّكَ عليه، ثم دعاهم بأوعيتِهم، فاحتثى (5)

_ (1) بكسر النون وفتحها: إخراج القوم نفقاتهم على قدر عدد الرفقة. (2) بفتح اللام وتشديد الميم؛ كما في أصلين مقابلين على اليونينية، وقال الحافظ: وتبعه العيني: (لِما): بكسر اللام وتخفيف الميم. (3) أي: افتقروا. (4) بكسر النون وفتح الطاء، ويجوز فتح النون وسكون الطاء، فهي أربع لغات. (5) أي: أخذوا حثية حثية، وهي الأخذ بالكفين.

2 - باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة

الناسُ حتى فَرَغوا، ثم قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وأنِّي رسولُ اللهِ". 1139 - عن رافعِ بن خَديجٍ رضيَ الله عنه قالَ: كُنا نصلِّي مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - العصرَ، فننحَرُ جَزوراً، فتُقْسَمُ عشرَ قِسَمٍ، فنأكلُ لحماً نضِيجاً قبلَ أن تغرُبَ الشمسُ. 1140 - عن أبي موسى قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الأشعَرِيِّينَ إذا أرْمَلوا (6) في الغَزْوِ، أو قلَّ طعامُ عيالِهم بالمدينةِ، جَمَعوا ما كانَ عندهم في ثوبٍ واحدٍ، ثم اقْتَسَموهُ بينَهُم في إناءٍ واحدٍ بالسَّويَّةِ، فهُم مني، وأنا منهُم". 2 - بابُ ما كانَ من خليطَيْنِ فإنَّهما يتراجَعانِ بينَهما بالسَّويَّةِ في الصَّدَقَةِ (قلت: أسند فه طرفاً من حديث أبي بكر الصديق السابق "ج1/ 24 - الزكاة/ 40 - باب/ رقم الحديث 692"). 3 - بابُ قِسْمَةِ الغنمِ 1141 - عن رافعِ بن خديجٍ قالَ: كُنَّا مع النبيِّ بذي الحُلَيْفَةِ [من تِهامة 3/ 114] (7)، فأصابَ الناسَ جوعٌ، فأصابوا [من الغنائمِ 6/ 233] إبلاً

_ (6) ذهب زادهم ونفد. (7) بكسر التاء، وهي ما بين ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة، وما وراء ذلك فهو غور، و (نجد) ما بين العذيب إلى ذات عرق وإلى اليمامة وإلى جبلي طيء وإلى وجرة وإلى اليمن. و (ذات عرق) أول =

وغنماً، قالَ: وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في أُخرَياتِ القومِ، فعَجَلوا، وذَبَحوا، ونَصبوا القُدورَ، [فدُفِعَ إليهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -]، فأمرَ بالقُدورِ؛ فأُكْفِئَتْ (8)، ثم قَسَمَ، فعَدَلَ عشرةً من الغَنَمِ ببعيرٍ، فنَدَّ (9) منها بعيرٌ [من أوائلِ القومِ]، فطلبوهُ، فأعياهُم، وكانَ في القومِ خيلٌ يسيرةٌ، [فطلبوهُ، فأعياهم 4/ 37]، فأهوى [إليهِ] رجلٌ منهم بسهمٍ، فحبَسَهُ الله، ثمَّ قالَ: "إنَّ لهذه البهائمِ أوابدَ (10) كأوابدِ الوحش، فما غَلَبَكُم منها (وفي روايةٍ: فما نَدَّ عليكُم)؛ فاصنَعوا به هكذا". فقال رافعٌ: إنَّا نرجو أو نخاف [أن نلقى] العدوَّ غداً (وفي روايةٍ: إنا نكون في المغازي والأسفار، فنريدُ أن نذبَحَ)، وليست معنا مُدىً أفَنَذْبَحُ بالقصَبِ؟ قال: " [اعْجَلْ أو أرْني] (11) ما أنهَرَ الدَّمَ وذُكِر اسمُ اللُهِ عليهِ؛ فكُلوهُ ليس السِّنَّ والظُّفرَ، وسأُحدِّثُكُم عن ذلك، أما السِّنُّ؛ فعظمٌ، وأما الظُّفرُ؛ فمُدى الحَبَشةِ".

_ = تهامة إلى البحر، و (جدة) و (المدينة) لا تهامية ولا نجدية. ويقال: إن (مكة) من (تهامة)، كما أن (المدينة) من (نجد). كذا في "شرح القاموس". وذُكر في مادة (حلف) أن "ذو الحليفة" في هذا الحديث موضع بين (حاذة) و (ذات عرق)، فهو غير "ذو الحليفة" ميقات أهل المدينة، وذلك مما أفادته زيادة [من تهامة]. (8) أي: أميلَت ليفرغ ما فيها. يقالُ: كفأتُ الإناء وأكفأته إذا أملته، وإنما أكفئت لأن الأكل منها قبل القسمة إنما يباح في دار الحرب، وهم كانوا قد انتهوا إلى دار الإسلام كما في الشارح. (9) أي: هرب. (10) أوابد: أي: نوافر وشوارد، وقوله: "مدى" جمع مدية مثلث الميم: سكين. (11) ليست الياء ياء إضافة، بل لإشباع كسرة النون، ولأبي ذر (أرِنْ) بكسر الراء، وسكون النون، وهي بمعنى (اعجل)، أي: اعجل ذبحها لئلا تموت خنقاً، فإن الذبح إذا كان بغير حديد احتاج الذابح إلى خفة يد وسرعة.

4 - باب القران في التمر بين الشركاء حتى يستأذن أصحابه

4 - بابُ القِرانِ (12) في التمرِ بين الشُّرَكاءِ حتى يسْتأذِنَ أصحابَهُ 5 - بابُ تقويمِ الأشياءِ بين الشُّركاءِ بقيمةِ عدْلٍ 1142 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أعتَقَ شقيصاً من مملوكه؛ فعليهِ خَلاصُهُ في مالِهِ، [إنْ كان لهُ مالٌ 3/ 119]، فإن لم يكن له مالٌ قُوِّمَ المملوكُ [عليه] قيمةَ عدلٍ، ثم استُسعي غير مَشقوقٍ عليه". 6 - بابٌ هل يُقْرعُ في القِسمةِ والاستهامِ فيه (13) 1143 - عن النُّعمان بنِ بشيرٍ رضيَ الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَثَلُ القائِمِ على (وفي روايةٍ: مثلُ المُدْهِنِ في 3/ 164) (14) حدودِ اللهِ والواقعِ فيها كمثلِ قومٍ استهموا على سفينةٍ، فأصابَ بعضُهُم أعلاها، وبعضُهم أسفلَها، فكان الذين في أسفلها إذا استَقَوا مِن الماءِ مَرُّوا على مَن فوقَهُم [فتأذَّوا به]، فقالوا: لو أنَّا خَرَقْنا في نصيبنا خَرْقاً، ولم نُؤْذِ مَن فوقنا، فإن يتركوهم وما

_ (12) أي: تركه؛ كما يعلم من حديث الباب، وقد تقدم برقم (1124). (13) أي: في أخذ السهم، وهو النصيب والاستهام أيضاً: الاقتراع كالمساهمة. وقوله: (فيه)، أي: في الاقتسام المدلول عليه بالقسمهَ. قاله الشارح، وجواب هل محذوف، أي: نعم. (14) قلتُ: وهذه الرواية شاذة، والصوابُ الأولى؛ لأن المدهن والواقع: أي: مرتكبها في الحكم واحد، والقائم مقابله كما قال الحافظ، ويؤيده رواية أحمد بلفظ: "مثل القائم على حدود الله تعالى والمدهن فيها"، وسنده على شرط الشيخين، وفي أخرى له: " ... والواقعُ فيها أو المدهن"، وسنده صحيح أيضاً، فهاتان الروايتان تؤكدان أن المدهن والواقع مقابل القائم، فترجَّحت الرواية الأولى، والحديث مخرج في "الصحيحة" (69).

7 - باب شركة اليتيم وأهل الميراث

أرادوا؛ هَلَكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم؛ نَجَوا ونَجوا جميعاً. (وفي رواية: فتأذَّوْا به، فأخذ فأساً، فجعلَ ينقرُ أسفلَ السفينةِ، فأتوه، فقالوا: ما لك؟ قالَ: تأذَّيْتُم بي، ولا بدَّ لي من الماءِ، فإنْ أخذوا على يَدَيهِ أنْجَوْهُ ونَجَّوْا أنفسهم، وإن تركره أهلَكوه وأهلَكوا أنفُسَهُم) ". 7 - بابُ شَرِكَةِ اليتيمِ وأهلِ الميراثِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتى في "65 - التفسير/ 4 - النساء/ 1 - باب"). 8 - بابُ الشَّرِكةِ في الأرضينَ وغيرها (قلت: أسند فيه حديث جابر المتقدم "34 - البيوع/ 96 - باب/ رقم الحديث 1044 "). 9 - بابٌ إذا اقْتَسَمَ الشُّرَكاءُ الدُّورَ أو غيرَها؛ فليس لهم رجوعٌ ولا شُفْعَةٌ (قلت: أسند فيه حديث جابر المشار إليه آنفاً). 10 - بابُ الاشتراكِ في الذَّهَبِ والفضَّةِ وما يَكونُ فيه الصَّرْفُ (قلت: أسندَ فيه حديث البراء المتقدم "34 - البيوع/ 8 - باب/ رقم الحديث 972"). 11 - بابُ مُشاركةِ الذِّمِّي والمشركينَ في المزارَعَةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم "41 - الحرث/ 17 - باب/ رقم الحديث 1090"). 12 - بابُ قسمةِ الغنمِ والعَدْلِ فيها (قلت: أسند فيه حديث عقبة المتقدم "40 - الوكالة/ 1 - باب/ رقم الحديث 1075").

13 - باب الشركة في الطعام وغيره

13 - بابُ الشَّرِكَةِ في الطعامِ وغيرِه 533 - ويُذْكَرُ أنَّ رجلاً ساوَمَ شيئاً، فغَمَزَهُ آخَرُ، فرأى عُمَرُ أنَّ له شَرِكَةً. 1144 - عن زُهْرَةَ بنِ معبدٍ عن جَدِّهِ عبد الله بن هشامٍ، وكان قد أدرَكَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وذهَبتْ به أمُّهُ زينبُ بنتُ حُمَيْدٍ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسولَ اللهِ! بايِعْهُ. فقال: "هو صغيرٌ"، فمسحَ رأسهُ، ودعا له، [وكان يُضحي بالشاةِ الواحدةِ عن جميع أهله 8/ 124]. 1145 - وعن زُهرَةَ بنِ معبَدٍ أنَّه كان يخرُجُ به جدُّه عبد اللهِ بن هشامٍ إلى السوقِ، فيشتري الطعامَ، فيلقاهُ ابنُ عُمَرَ وابنُ الزبيرِ رضيَ الله عنهم، فيقولان له: اشْرَكْنا (15) فإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد دعا لك بالبركةِ، فيَشْرَكُهُم، فرُبَّما أصابَ الراحلةَ كما هي، فيَبْعَثُ بها إلى المنزل. 14 - بابُ الشَّرِكةِ في الرَّقيق 15 - بابُ الاشتراكِ في الهَديِ والبُدْنِ وإذا أشرَكَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ في هَدْيِهِ بعد ما أهدى 1146 - عن عطاءٍ عن جابرٍ (16)، وعن طاوس عن ابن عباس رضيَ الله

_ 533 - وصله سعيدُ بن منصور من طريق إياس بن معاوية أن عمر أبصر رجلاً ... وهذا مرسل. (15) بوصل الهمزة وفتح الراء، وبقطعها مفتوحة وكسر الراء، كما في الشارح. (16) قلتُ: مضى من حديث جابر وحده في "25 - الحج"، برقم (773) دون قصة علي، فالظاهر أن هذا لفظ ابن عباس، ولذلك أعطيته رقماً واحداً، ويحتمل أن يكون جابر قد روى أيضاً هذه القصة.

16 - باب من عدل عشرا من الغنم بجزور في القسم

عنهما قالَ: قَدِمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صُبْحَ رابعةٍ من ذي الحِجَّةِ، مُهِلِّينَ بالحج، لا يَخلِطُهُم شيءٌ، فلما قَدِمنا أمرَنا، فجعلناها عُمرةً [إلا مَن كان معه الهدي 2/ 35]، وأنْ نَحِلَّ إلى نسائِنا، ففَشَتْ في ذلك القالَةُ (17). قال عطاءٌ: فقالَ جابرٌ: فيروحُ أحدُنا إلى منىً وذَكَرُهُ يقطُر مَنِيّاً؟! فقال جابرٌ بكفِّه، فبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقام خطيباً، فقالَ: "بلغني أنَّ أقواماً يقولونَ كذا وكذا، واللهِ لأنا أبَرُّ وأتْقى للهِ منهُم، ولو أنِّي اسْتَقْبَلتُ من أمري ما استدبَرْتُ؛ ما أهدَيْتُ، ولولا أنَّ معي الهَدْيَ لأحْلَلْتُ". فقامَ سُراقَةُ بنُ مالِك بن جُعْشُمٍ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! هي لنا أو للأبدِ؟ فقال: "لا بل للأبدِ". قالَ: وجاءَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ، فقالَ أحدُهما: يقولُ: لبَّيْكَ بما أهلَّ بهِ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وقالَ الآخرُ: لبَّيْكَ بحَجَّةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأمَرَ (18) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُقيمَ على إحرامِهِ، وأشركَهُ في الهَدْيِ. 16 - بابُ مَن عَدَلَ عَشْراً مِن الغنَمِ بجَزورٍ في القَسْمِ (قلت: أسند فيه حديث رافع المتقدم في الكتاب "47 - الشركة/ 3 - باب/ رقم الحديث 1141").

_ (17) جمع القائل مثل (الباعة) في جمع (البائع). (18) هكذا بإسقاط ضمير النصب، ولأبي ذر فأمره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "شارح".

48 - كتاب الرهن

بسم الله الرحمن الرحيم 48 - كِتابُ الرَّهْنِ 1 - بابٌ في الرَّهنِ في الحَضَرِ وقولِهِ تعالى: {وإنْ كُنْتُم على سَفَرٍ ولم تَجِدوا كاتِباً فَرِهانٌ مقْبوضَةٌ} (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم "34 - البيوع / 14 - باب/ رقم الحديث 977"). 2 - بابُ مَن رَهَنَ دِرْعَهُ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديثِ أنس المتقدم والمشار إليه آنفاً). 3 - بابُ رَهْنِ السِّلاحِ (أسند فيه طرفاً من حديث جابر الآتي "64 - المغازي/ 15 - باب"). 4 - بابٌ الرَّهْنُ مَرْكوبٌ ومَحْلوبٌ 534 - وقال مغيرة عن إبراهيم: تُركَبُ الضالَّةُ بقَدْرِ عَلَفها، وتُحْلَبُ بقدرِ علفها. 535 - والرَّهْنُ مِثْلُهُ.

_ 534 و 535 - وصلهما سعيدُ بن منصور عن هشيم عن المغيرة عن إبراهيم بهما، والثاني منهما وصله حمادُ بن سلمة في "جامعه" عن حمادِ بن أبي سليمان عن إبراهيم بأوضح من هذا، ولفظه: "إذا ارتهن شاة شرب المرتهن من لبنها، بقدر ثمن علفها، فإن استفضل من اللبن بعد ثمن العلف، فهو ربا". قلت: وفيه نظر كما يأتي قريباً.

5 - باب الرهن عند اليهود وغيرهم

1147 - عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الرَّهْنُ يُركَبُ بنفقتِهِ إذا كان مرهوناً، ولبَنُ الدَّرِّ (1) يُشرَبُ بنفقتِه إذا كان مَرهوناً، وعلى الذي يركبُ ويشربُ النفقةُ". 5 - بابُ الرَّهْنِ عندَ اليهودِ وغيرهم (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم "34 - البيوع 14/ - باب/رقم الحديث 976"). 6 - بابٌ إذا اختلف الرَّاهِنُ والمُرْتَهِنُ ونحوُه، فالبَيِّنَةُ على المُدَّعي، واليمينُ على المُدَّعى عليه 1148 - عن ابن أبي مُلَيْكَةَ قال: كتبتُ إلى ابنِ عباس، فكتبَ إليَّ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قضى أنَّ اليمين على المُدَّعى عليه. (قلت: أسند في حديث ابن مسعود الآتي "83 - الأيمان/ 16 - باب").

_ (1) أي: من إضافة الشيء إلى نفسه لتغاير اللفظين، وتؤول الدر بالدَّارَّةِ، أي: ذات الضرع. وأقول: ظاهر الحديث خلاف الأثر المذكور في الباب، والتقدير الوارد فيه من غير الممكن تحقيقه، وبخاصة الركوب؛ كما لا يخفى على المتأمل، والحق أن النفقة مقابل الركوب والشرب قلَّ أو كثر، وهذا هو العدل الذي به تتحقَّق مصلحة المالك والمرتهن، وهو محض القياس الصحيح؛ كما حقَّقه ابن تيمية وابن القيم وغيرهما، وهو مذهب أحمد وإسحاق. فانظر: "مجموع الفتاوى" (20/ 260 - 261)، و"إعلام الموقعين"، و "فتح الباري".

49 - [كتاب العتق]

بسم الله الرحمن الرحيم 49 - [كِتابُ العِتْقِ] 1 - بابٌ في العِتْقِ وفضلِه، وقولهِ تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} 1149 - عن سعيد ابنِ مَرجانَةَ صاحبُ عليٍّ بنِ حُسينٍ قال: قالَ لي أبو هريرة رضيَ الله عنه: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّما رجُلٍ أعْتَقَ امرأ مسلماً؛ استنقَذَ الله بكلِّ عُضوٍ منه عُضواً منه مِن النارِ، [حتى فرْجَهُ بفرجهِ 7/ 237] ". قال سعيدُ ابنُ مَرجانَةَ: فانطلقتُ إلى علىٍّ بنِ حُسينٍ، فعَمَدَ عليُّ بنُ حسينٍ رضيَ الله عنهما إلى عبدٍ لهُ، قد أعطاهُ به عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ عشرةَ آلافِ درهمٍ، أو ألفَ دينارٍ، فأعتقَهُ. 2 - بابٌ أيُّ الرِّقابِ أفضلُ؟ 1150 - عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: [أيُّ العَمَلِ أفضلُ؟ قالَ: "إيمانٌ بالله، وجهادٌ في سبيلهِ". قلتُ: فأيُّ الرِّقابِ أفضلُ؟ قالَ:

3 - باب ما يستحب من العتاقة في الكسوف والآيات

"أغلاها ثمناً، وأنْفَسُها عند أهلِها". قلتُ: فإنْ لم أفعَل؟ قالَ: "تُعين ضائعاً (1)، أو تصنَعُ لأَخْرَقَ". قالَ: فإن لم أفعل؟ قالَ: "تَدَعُ الناسَ مِن الشرِّ، فإنَّها صَدَقةٌ تصَدَّق بها على نفسِك". 3 - بابُ ما يُسْتَحَبُّ من العَتاقَةِ في الكُسوفِ والآياتِ (قلت: أسندَ فيه طرفاً من حديث أسماء المتقدم "ج 1/ 4 - الوضوء/ 38 - باب/ رقم 116"). 4 - بابٌ إذا أعْتَقَ عبداً بينَ اثنينِ أو أمةً بينَ الشُّرَكاءِ 1151 - عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أعْتَقَ شِرْكاً لهُ في مَمْلوكٍ، فعليهِ عِتْقُهُ كُلِّهِ؛ إن كان له مالٌ يبلُغُ ثَمَنَهُ [يُقام قيمةَ عَدْلٍ، ويعطَى شركاؤه حِصَّتَهم، ويُخلَّى سبيلُ المُعْتَق 3/ 113]، فإنْ لم يَكُنْ له مالٌ يُقَوَّمُ عليه قيمةَ عَدْلٍ على المُعْتِقِ فأُعتِقَ منه ما أَعتَقَ (وفي روايةٍ: وإلا فقد عَتَق منه ما عَتَقَ)، (وفي أخرى عنه: أنَّه كان يُفتي في العبدِ أو الأمةِ يكونُ بين الشُّرَكاءِ فَيُعْتِقُ أحدُهُم نصيبَهُ منه، يقولُ: قد وَجَبَ عليه عِتْقُهُ كلِّه إذا كان للذي أعتَقَ مِن المالِ ما يبلُغُ (2)، يُقَوِّمُ من مالِهِ قيمةَ العَدْلِ، ويُدفَعُ إلى الشُّركاءِ أنْصِباؤهم، ويُخلَّى سبيلُ المُعتَقِ". يُخبر ذلك ابنُ عمرَ عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم -).

_ (1) بالصاد المعجمة لجميع رواة البخاري، وكذا هو في "مسلم"، والمعنى ضائعاً من فقرٍ أو عيال. وقال أبو علي الصدفي: والصواب (صانعاً) بالمهلة والنون. انتهى من "الفتح". وقد رَدَّ الحافظُ هذه الرواية، وقال: إنها لم تقع في شيءٍ من طرق "الصحيح" ... فراجعه، وبناءً عليه اعتمدت الرواية الأولى. (2) أي: قيمة نصيب شركائه، فحذف المفعول. (شارح).

5 - باب إذا أعتق نصيبا في عبد وليس له مال استسعي العبد غير مشقوق عليه على نحو الكتابة

5 - بابٌ إذا أعتَقَ نصيباً في عبدٍ وليس له مالٌ استُسْعِيَ العبدُ غيرَ مشقوقٍ عليه على نحو الكِتابةِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "47 - الشركة/ 5 - باب/ رقم الحديث 1142"). 6 - بابُ الخَطَإ والنِّسيانِ في العَتاقَةِ والطَّلاقِ ونحوهِ، ولا عَتاقَةَ إلاَ لوجهِ اللهِ تعالى 385 - وقال النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لكلِّ امرئٍ ما نوى". ولا نيةَ للنَّاسي والمُخْطِىء. 1152 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله تَجاوَزَ لي عن أُمَّتى ما وَسْوَسَتْ بهِ صُدورُها، [أو حَدَّثَتْ به أنفُسَها 7/ 225]؛ ما لمْ تَعْمَلْ [به] أوتكَلَّمْ" (3). 7 - بابٌ إذا قالَ لعبدِه هو للهِ ونوى العِتقَ، والإِشهادُ (4) بالعتقِ 1153 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه أنَّه لمَّا أقبلَ يريدُ الإِسلامَ، ومعهُ

_ 385 - هو طرف من حديث عمر المشهور، وقد مضى بتمامه في أول الكتاب (رقم الحديث 1) (3) أصله: أو تتكلم. (4) بالجر في الفرع وأصله، أي: باب الإشهاد، وهو مشكل لمكان التنوين. ولذا قال العيني: ومن جر (الإشهاد)؛ فقد جر ما لا يطيق حمله، وفي نسخة: والإشهادُ بالرفع، أي: وباب يذكر فيه الإشهاد. أفاده الشارح، وقال: وهو الوجه.

8 - باب أم الولد

غلامُهُ، ضلَّ كلُّ واحدٍ منهما من صاحِبِهِ، [فلما قَدِمْتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - بايعتُهُ،] فأقبلَ بعدَ ذلك وأبو هريرة جالسٌ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا هُريرةَ! هذا غُلامُكَ قد أتاكَ". فقال: أما إنِّي أُشهِدُكَ أنَّهُ حرٌّ [لوجهِ الله، فأعتقه]، قالَ- فهو حين يقولُ- (وفي روايةٍ: لما قدِمْتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قلتُ في الطريق): يا ليلةً من طُولِها وعَنائِها ... على أنَّها من دارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ 8 - بابُ أمِّ الولدِ 386 - قالَ أبو هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "من أشراط الساعةِ أنْ تَلِدَ الأمَةُ ربَّها". (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في أول "34 - البيوع/ 3 - باب/ رقم الحديث 967"). 9 - بابُ بَيْعِ المُدَبَّرِ (قلت: أسند في طرفاً من حديث جابر المتقدم "43 - الاستقراض/ 16 - باب/ رقم الحديث 1106"). 10 - بابُ بيْعَ الوَلاءِ وهِبَتِهِ 1154 - عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما يقولُ: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بَيْعِ الولاءِ وعن هِبَتِهِ".

_ 386 - هو طرف من حديث أبي هريرة الآتي موصولاً في "65 - التفسير/ 31 - السورة / 2 - باب".

11 - باب إذا أسر أخو الرجل أوعمه؛ هل يفادى إذا كان مشركا؟

11 - بابٌ إذا أُسِرَ أخو الرَّجُلِ أوعَمُّهُ؛ هل يُفادَى إذا كان مُشركاً؟ 387 - وقال أنسٌ: قالَ العباسُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: فادَيْتُ نفسي، وفاديتُ عَقيلاً. وكانَ عليٌّ لهُ نصيبٌ في تلك الغَنيمةِ التي أصابَ مِن أخيهِ عَقيلٍ وعمهِ عَبَّاسٍ (5). 1155 - عن أنسٍ رضيَ الله عنه أنَّ رجالاً مِن الأنصارِ استأذَنوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: [يا رسول اللهِ! 4/ 30]، ائذَنْ فلْنَتْرُكْ لابنِ أُخْتِنا عبّاسٍ فداءَهُ، فقالَ: " [واللهِ 5/ 19]، لا تَدَعونَ (وفي روايةٍ: لا تَذَرونَ) منه دِرْهماً". 12 - بابُ عِتْق المُشرِكِ 1156 - عن عروة أنَّ حكيمَ بن حِزامٍ رضيَ الله عنه أعتقَ في الجاهليةِ مائةَ رقبةٍ، وحمل على مائةِ بعيرٍ، فلمَّا أسلَم؛ حَمَل على مائةِ بعيرٍ، وأعتَقَ مائةَ رقبةٍ، قال: فسألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! أرأيتَ أشياءَ كنتُ أصنَعُها في الجاهليةِ، كنتُ أتحنَّث بها [من صدقةٍ، أو عَتاقةٍ، وصِلةِ رحمٍ 2/ 119]-يعني أتَبرَّرُ بها (6) -[فهل [لي] فيها من أجْرٍ؟] قال: فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أسْلَمْتَ على ماسَلَفَ لك مِن خيرٍ".

_ 387 - هو طرف من الحديث المتقدم معلقاً بتمامه في "8 - الصلاة / 42 - باب/ رقم الحديث 86"، وقد ذكرنا من وصله هناك. (5) قال الحافظُ: هو كلام المصنف ساقه مستدلاً به على أنَّه لا يعتق بذلك، أي: فلو كانَ الأخ ونحوه يعتق بمجرد الملك لعتق العباس وعقيل على علي في حصته من الغنيمة. (6) هو من تفسير هشام بن عروة راويه، كما ثبت عند مسلم والإسماعيلي، ومعناه: أطلب بها البر والإحسان إلى الناسِ والتقرب إلى الله تعالى.

13 - باب من ملك من العرب رقيقا،

13 - بابُ من مَلَكَ مِن العربِ رقيقاً، فوهَبَ، وباعَ، وجامَعَ، وفَدَى، وسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وقولِهِ تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} 1157 - عن ابنِ عَوْنٍ قالَ: كَتَبْتُ إلى نافعٍ، فكَتَبَ إليَّ (7) أنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم -

_ (7) قلتُ: ولفظ مسلم: "كتبتُ إلى نافعٍ أسأله عن الدعاء قبل القتال؟ قال: فكتب إليَّ: إنما كان ذلك في أول الإسلام، قد أغار رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ... "، وكذا رواه أبو داود (2633)، وأحمد (2/ 31 و 32 و 51)، وقالَ أبو داود: "هذا حديث نبيل، رواه ابن عون عن نافع، لم يشركه فيه أحد". قلتُ: ولكن ليس في الحديث أن بني المصطلق لم يكونوا قد بلغتهم الدعوة، كيف وهم من خزاعة، وكانوا بجوار المدينة، فقد بلغتهم الدعوة دون شك، كما قال الأُبِّي في "شرح مسلم" (5/ 45)، وما هذا الحديث عندي في المعنى إلا كحديث: "كان يغير عند صلاة الصبح، وكان يتسمع، فإذا سمع أذاناً أمسك وإلا أغار". رواه مسلم وغيره عن أنس. وسيأتي بنحوه عند المصنف برقم (1234)، وفي معناه أحاديث، وقد أشار أبو داود إلى ما ذكرته من المعنى بإيراده إياه مع حديث ابن عمر في "باب دعاء المشركين". وقد أفصح عن ذلك الإمام النووي بترجمته للحديث بقوله: "باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير تقدم الإعلام بالإِغارة". ولذلك فإني أقول: لقد أساء بعض المعاصرين من كُتَّاب "السيرة" بإقدامه على إنكاره لهذا الحديث (النبيل)، وتضعيفه إياه لمجرد أنه فَهِم منه أنه - صلى الله عليه وسلم - باغت القوم، وما عُرضت عليهم دعوة الإسلام، وليس في الحديث شيء من ذلك كما ترى، فما دام أنه قد صح عند أئمة الحديث، فيجب أن يُفسر وفق الأحاديث الأخرى المتضمنة للدعوة عند مباشرة القتال أو قبله، ولذلك فالكاتب المشار إليه، إنما يرد على فهمه للحديث، وهو به حري، والحديث نفسه في منجاة منه، وله من مثل هذا الرد الشيء الكثير، هو وأمثاله من الكتاب هدانا الله وإياهم، انظر مقدمة "فقه السيرة" للأستاذ الفاضل محمد الغزالي (ص 9 - 13 - الطبعة الثانية). ومثل هذا الحديث ما سيأتي في قصة فتح خيبر برقم (1234) أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتى قوماً بليلٍ؛ لم =

14 - باب فضل من أدب جاريته وعلمها

أغارَ على بني المصطلِقِ وهم غارُّونَ (8)، وأنعامُهُم تُسقى على الماءِ، فقتلَ مُقاتِلَتَهُم، وسبق ذَراريَّهُم، وأصابَ يومئذٍ جُوَيرِيَةَ، حدثني به عبد الله بن عمر، وكان في ذلك الجيش. 1158 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قالَ: ما زِلْتُ أُحِبُّ بني تميمٍ منذُ ثلاثٍ (9) سمعتُ مِن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ فيهم، سمعتُه يقولُ: "هُم أشَدُّ أُمَّتي على الدَّجَّالِ". وقالَ: وجاءت صدقاتُهم، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه صدقاتُ قومِنا". وكانت سَبيَّةٍ منهم عند عائشةَ، فقال: "أعْتِقيها فإنَّها مِن وَلَدِ إسماعيلَ". 14 - بابُ فضلِ من أدَّبَ جاريَتَهُ وعلَّمها (قلت: أسند في طرفاً من حديث أبي موسى السابق "ج 1/ 3 - العلم/ 32 - باب/ رقم الحديث 65"). 15 - بابُ 388 - قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ = يُغِرْ بهم حتى يصبحَ وينظر، فإنْ سمع أذاناً؛ كف عنهم، وإن لم يسمع أذاناً أغار عليهم. فلعل أولئك الكتاب يبادرون إلى إنكار هذا الحديث أيضاً؛ لمخالفته لجهلهم بالفقه الصحيح. نسأل الله السلامة. (8) أي: غافلون، يعني: آخذهم على غرة. (9) أي: من حين سمعت الخصال الثلاث. 388 - هو طرف من حديث أبي ذر، وصله المؤلف بنحوه في مواطن؛ هنا وفي غيره،

16 - باب العبد إذا أحسن عبادة ربه ونصح سيده

"العبيدُ إخوانُكم، فأطْعِموهم مما تأكلونَ". وقولِهِ تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا} (قلت: أسند فيه حدث أبي ذر الآتي "78 - الأدب / 44 - باب"). 16 - بابُ العبد إذا أحْسَنَ عِبادَةَ ربِّهِ ونصَح سيِّدَهُ 1159 - عن ابنِ عُمرَ رضيَ الله عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "العبدُ إذا نَصحَ سيِّدَهُ، وأحسَنَ عبادَةَ ربِّهِ؛ كانَ لهُ أجرُهُ مرَّتينِ". 1160 - عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "للعبدِ المملوكِ الصالح أجرانِ (ومن طريق أُخرى: نِعمَ ما لأحَدِهِم؛ يُحسِنُ عبادةَ ربِّه ويَنْصَحُ لسيِّدِه) "، والذي نفسي بيده (10) لولا الجِهادُ في سبيلِ الله، والحَجُّ، وبِرُّ أمي؛ لأحببتُ أنْ أموتَ وأنا مَمْلوكٌ" (*).

_ وسيأتي إن شاء الله تعالى في "78 - الأدب/ 44 - باب"، وقد وصله مسلم أيضاً (5/ 93)، ولفظه في هذه الفقرة المعلقة، كما علقه المصنف رحمه الله تعالى، وقد صح بألفاظٍ أخرى، فانظر "الصحيحة" (739 و740). (10) كذا وقع هنا، وفي "الأدب المفرد" للمصنف (208): " ... نفس أبي هريرة"، وكذا هو في "المسند" (2/ 331و 402) وهو المحفوظُ. وراجع له "فتح الباري". (5) الحديث مرفوع، دون قولِه: "فوالذي ... " فإنه مدرج من قول أبي هريرة كما حققه الحافظُ، وهو الثابت عند المصنف في "الأدب"، وأحمد، كما تقدم آنفاً.

17 - باب كراهية التطاول على الرقيق

17 - بابُ كراهيةِ التَّطاوُلِ على الرقيقِ وقوله: عبدي أو أَمَتي، وقالَ الله تعالى: {وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}، وقالَ: {عبداً مملوكاً}، {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ}، وقال: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} 389 - وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى سيِّدِكم". و {اذْكُرني عندَ ربِّكَ}: سيِّدِكَ. 390 - "ومَنْ سيِّدُكُم؟ ". 1161 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه يُحدِّثُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَقُلْ أحدُكُم: أطْعِمْ ربَّكَ، وَضِّىءْ ربَّكَ، اسقِ ربَّكَ، وليَقُلْ: سيِّدي، مَوْلاي (11)، ولا يَقُل أحدُكم: عبدي، أَمَتي، وليقُل: فتايَ، وفتاتي، وغُلامي". 18 - بابٌ إذا أتاهُ خادِمُهُ بطعامِهِ 1162 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ 389 - هو طرف من حديثٍ يأتي بتمامه في "56 - الجهاد / 168 - باب" من حديث أبي سعيد الخدري رضيَ الله عنه، وله شاهد عن عائشة بزيادة "فأنزلوه"، وإسناده جيد، راجع "الصحيحة" (67)، ولا تغترَّ بمن ضعَّفه من الناقدين بغير علم. 390 - هو طرف من حديث أخرجه المصنف في "الأدب المفرد" من حديث جابر مرفوعاً، وسنده صحيح، وتجد لفظه وتخريجه وشواهده في كتابي "الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير" (848). (11) ولأبي الوقت: "ومولاي" بإثبات الواو، وفيه جواز إطلاق المولى على السيد، وأما ما زاده مسلم وغيره في هذا الحديث: "ولا يقل أحدُكم: مولاي؛ فإن مولاكم الله، ولكن ليقل: سيدي"، فقد بين الحافظ أنها زيادة شاذة، فليراجعه من شاءَ، ثم حققتُ ذلك في "الصحيحة" (803).

19 - باب العبد راع في مال سيده

"إذا أتى أحَدَكُم خادِمُهُ بطعامِهِ، فإنْ لم يُجْلِسْهُ معهُ؛ فليناوِلْهُ لُقْمَةً أو لُقْمَتَيْنِ، أو أُكْلَةً أو أُكْلَتَيْنِ، فإنَّه وَلِيَ [حَرَّهُ و 6/ 214] عِلاجَهُ". 19 - باب العبدُ راعٍ في مال سيِّدِهِ 391 - ونَسَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المالَ إلى السَّيِّدِ. (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "43 - الاستقراض/ 20 - باب/ رقم الحديث 1107"). 20 - بابٌ إذا ضَرَبَ العبدَ؛ فليَجْتَنِبِ الوجْهَ 1163 - عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا قاتَلَ (12) أحَدُكُم، فلْيَجْتَنِبِ الوجْهَ".

_ 391 - يشير إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "والخادم (وفي روايةٍ: والعبدُ) في مالِ سيده راع ... " الحديث، وقد مضى بتمامه موصولاً في "43 - الاستقراض 20/ - باب/ رقم الحديث 1106". (12) أي: إذا ضرب؛ كما دلت عليه الترجمة، وورد بلفظ: "إذا ضرب أحدكم خادمه؛ فليتق الوجه"، وهو مخرج في "المشكاة" (3631) و"الصحيحة" (862)، وقد جاء تعليل ذلك في رواية لمسلم بلفظ: "فإن الله خلق آدم على صورته"؛ أي: صورة آدم نفسه، وليس هذا تأويلاً كما يظنُّ بعض الناس، وإنما هو من باب تفسير النص بالنص، وليس بالرأي، ففي رواية أخرى عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "خَلقَ الله آدم على صورته، طوله ستُّون ذراعاً ... " الحديث متفق عليه، وسيأتي في (79 - باب/ 1 - باب). ولا يجوز تفسيره بحديث ابن عمر: " ... على صورة الرحمن"، لأنه منكر لا يصحُّ، فيه أربع علل، ولذلك ضعَّفه ابن خزيمة وغيره ممَّن يرميهم أعداء السنة بالتجسيم! ولقد أساء جدّاً إلى السنة وإلى الحديث بعض المشايخ الذين ألَّفوا في تقويته، ممن ليس لهم سابقة معرفة واشتغال بهذا العلم الشريف؛ مثل ما سماه: "عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن"! وهو مطبوع؛ و"دفاع أهل السنة والإِيمان عن خلق آدم على صورة الرحمن"! ولعله لم يطبع، وغيرهما ممن كتب في تصحيح هذا الحديث المنكر. وتفصيل ذلك في "الضعيفة" (1176).

50 - [كتاب] المكاتب

بسم الله الرحمن الرحيم 50 - [كِتابُ] المُكاتَبِ 1 - بابُ إثمِ مَن قَذَفَ مَمْلوكَهُ (1) 2 - بابُ المُكَاتَبِ ونُجومِهِ في كلِّ سنةٍ (2) نَجمٌ وقوله: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}. 536 - وقالَ رَوْحٌ: عن ابنِ جُرَيْجٍ: قلتُ لعطاءٍ: أواجِبٌ عليَّ إذا علِمْتُ لهُ مالاً أنْ أُكاتِبَهُ؟ قالَ: ما أراهُ إلا واجباً. وقال [ـهُ] عمرو بنُ دينارٍ (3). قلتُ لعطاءٍ (4): تَأْثِرُهُ (5) عن أحدٍ؟ قال: لا. ثم

_ (1) كذا الأصل، ليس تحته حديث، ولا مناسبة له هنا، وهو بالكتاب الذي قبله أليق وأولى، وقد وجده الحافظ كذلك في رواية علي بن شبويه، فراجعه إن شئت. (2) نجم الكتابة: هو القدر المعين الذي يؤديه المكاتب في وقت معين، وجمعه نجوم، ومنه قوله الآتي: نجمت؛ أي: وزعت وفرقت. 536 - وصله إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" بسند صحيح عنه، وكذلك أخرجه عبد الرزاق والشافعي من وجهين آخرين عن ابن جريج. (3) هذا هو الصواب بزيادة الهاء، وقد وجده الحافظ في أصل معتمد من رواية النسفي عن البخاري. (4) القائل هو ابن جريج، وهو تمام رواية روح وهو ابن عبادة، وهو القائل فيما يأتي "ثم أخبرني ... ". (5) ولأبي ذر (أتأثره) بهمزة الاستفهام، أي: أترويه.

3 - باب ما يجوز من شروط المكاتب ومن اشترط شرطا ليس في كتاب الله

أخبرني أنَّ موسى بنَ أنسٍ أخبرهُ أنَّ سيرينَ سألَ أنساً المكاتَبَةَ، وكان كثيرَ المالِ، فأبى، فانطلَقَ إلى عُمَرَ رضيَ الله عنه، فقالَ: كاتِبْهُ، فأبى فضَرَبهُ بالدِّرَّةِ، ويتلو عُمَرُ: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}، فكاتَبَهُ. 3 - بابُ ما يَجوزُ مِن شُروطِ المُكاتَبِ ومَنِ اشتَرَطَ شَرْطاً ليس في كتابِ الله 392 - فيه ابن عُمرَ عن النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "34 - البيوع/ 73 - باب/ حديث 1024 "). 4 - بابُ استعانةِ المُكاتَبِ وسؤالِهِ الناسَ (قلت: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 5 - بابُ بيعِ المُكاتَبِ إذا رَضِيَ 537 - وقالت عائشةُ: هو عبدٌ ما بقي عليه شيءٌ. 538 - وقالَ زيد بنُ ثابت: ما بقيَ عليهِ دِرهمٌ. 539 - وقالَ ابنُ عمرَ: هو عبدٌ إن عاشَ، وإن ماتَ، وإنْ جنَى؛ ما بقيَ عليه شيءٌ. (قلت: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً).

_ 392 - يشير إلى الحديث الموصول المتقدم في "البيوع" برقم (1019). 537 - وصله ابن أبي شيبة وابن سعد نحوه. 538 - وصله الشافعي وسعيد بن منصور بسند صحيح. 539 - وصله مالك وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه.

6 - باب إذا قال المكاتب: اشتري وأعتقني، فاشتراه لذلك

6 - بابٌ إذا قالَ المُكاتَبُ: اشتري وأعتِقْني، فاشتراهُ لذلك 1164 - عن أبي أيمنَ قالَ: دخلْتُ على عائشة رضي الله عنها؛ فقلتُ: كنتُ لعُتبةَ بنِ أبي لهبٍ، وماتَ ووَرِثَني بَنوهُ، وإنَّهم باعوني مِن ابنِ أبي عَمرٍو، فأعْتَقَني ابنُ أبي عَمْرٍو واشْتَرَط بنو عُتبةَ الولاءَ، فقالتْ: دَخَلَتْ [عليّ 3/ 176]، بَرِيْرَةُ وهي مُكاتَبةٌ، فقالت [يا أمَّ المؤمنين!]، اشتريني، [فإن أهلي يَبيعوني،]، وأعْتِقيني. قالت: نعم. قالت: [إنّ أهلي] لا يَبيعوني حتى يشترِطوا وَلائي. فقالت: لا حاجةَ لي بذلك (وفي روايةٍ: فيكِ)، فسمعَ بذلك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أو بَلَغَهُ (6)، فذَكَرَ ذلك لعائشة [فقال: "ما شأنُ بريرةَ؟ "]، فذكرَتْ عائشة ما قالت لها، فقالَ: "اشتَريها وأَعْتِقيها، ودَعيهم يشترطون ما شاؤوا"، فاشتَرَتْها عائشةُ، فأعْتَقَتْها، واشتَرَط أهلُها الولاءَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الولاءُ لمَنْ أعتَقَ؛ وإنْ اشتَرَطوا مائةَ شرطٍ" (7).

_ (6) قلتُ: الصوابُ الأول، كما تقدم في الحديث المشار إليه آنفاً بلفظ: "ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس". (7) مضى الحديث كما سبقت الإشارة آنفاً من طريق أخرى عن عائشة، دون قصة أبي أيمن معها، ومن أجلها أعدت ذكرها هنا، مع إعطائه رقماً جديداً.

51 - كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها

بسم الله الرحمن الرحيم 51 - كتابُ الهِبَةِ وفَضْلِها والتَّحْريضِ عَلَيها 1165 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يا نساءُ (1) المسلماتُ! لا تَحْقِرَنَّ جارةٌ لجارَتِها؛ ولو فِرْسِنَ شاةٍ" (2). 1166 - عن عروة عن عائشة رضيَ الله عنها أنَّها قالَت لعُروةَ: ابنَ أُختي! إنْ كُنَّا لنَنْظُرُ إلى الهلالِ، ثم الهلالِ، ثم الهلالِ، ثلاثةِ أهِلَّةٍ في شهرينِ، وما أُوقِدَت في أبياتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نارٌ. فقلتُ: يا خالَةُ! ما كان يُعيشكُمْ؟ قالت: الأسودانِ: التمرُ والماءُ؛ إلاَّ أنَّهُ قد كانَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - جيرانٌ مِن الأنصارِ كانت لهُم مَنائِحُ (3)، وكانوا يَمْنَحون رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِن ألْبانِهِمْ فَيَسْقينا. 1 - بابُ القليلِ مِن الهبةِ 1167 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (1) بضم الهمزة؛ منادى مفرد معرف بالإقبال عليه. (المسلمات): صفة له فيرفع على اللفظ، وينصب على المحل. (2) الفرسن: عظم قليل اللحم، وهو للبعير موضع الحافر من الفرس، ويطلق على الشاة مجازاً، قاله الشارح. (3) جمع منيحة: وهي ناقة أو شاة تعطيها غيرك، يحتلبها، ثم يردها عليك، والمنحة بالكسر: العطية.

2 - باب من استوهب من أصحابه شيئا

"لو دُعِيتُ إلى ذِراعٍ أو كُراعٍ (4) لأجَبتُ، ولو أُهْديَ إليَّ ذِراعٌ أو كُراعٌ لَقبِلْتُ". 2 - بابُ من استَوْهَبَ مِن أصحابِهِ شيئاً 393 - وقالَ أبو سعيدٍ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اضْرِبوا لي مَعَكُم سَهماً". 3 - بابُ مَنِ اسْتَسْقَى (5) 394 - وقالَ سَهْلٌ: قال لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اسْقِني". 1168 - عن أنسٍ رضيَ الله عنه قالَ: أتانا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في دارِنا هذه، فاستسقى (6)، فحَلَبْنا له شاةً [داجناً 3/ 75] لنا، ثم شِبْتُهُ (7) من ماءِ بئرنا هذه، فأعطيتهُ، وأبو بكرٍ عن يساره، وعُمَرُ تُجاهَهُ، وأعرابيٌّ عن يمينِهِ، [فشربَ منه]،

_ (4) هو ما دون الركبة من الساق. 393 - هو طرف من حديث أبي سعيد الخدري المتقدم في "37 - الإجارة / 16 - باب/ رقم الحديث 1077". (5) أي: طلب من غيره ماء أو لبناً ليشربه. 394 - وصله في آخر "74 - الأشربة/ 30 - باب". (6) قلت: فيه دليل على بطلان دعوى البعض أن البدء به - صلى الله عليه وسلم - إنما كان لأنه كبير القوم، وهذه العلة مع أنها مما لا أصل له، فهي مصادمة لقول أنس: "اسْتَسْقى" في هذا الحديث، وقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث سهل: "اسقني". فتدبر. (7) بكسر المعجمة وضمها، أي: خلطت اللبن. (تجاهه) أي: مقابله.

4 - باب قبول هدية الصيد

فلما فرَغَ (وفي طريق: فلما نَزع القَدَحَ عن فيهِ)؛ قالَ عُمَرُ [- وخاف أن يعطيَهُ الأعرابيُّ-]: هذا أبو بكرٍ [يا رسولَ الله!]، فأَعْطَى الأعرابيَّ فَضْلَهُ، ثم قال: "الأيمَنونَ، الأيمَنونَ (وفي الطريق الأخرى: الأيمنُ، فالأيمنُ)، ألا فَيَمِّنوا". قال أنس: فهي سُنَةٌ، فهي سُنَةٌ؛ (ثلاث مراتٍ). 4 - بابُ قَبولِ هديَّةِ الصَّيْدِ 395 - وقَبِلَ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - من أبي قتادة عَضُدَ الصَّيْدِ. 1169 - عن أنسٍ رضيَ الله عنه قالَ: أنْفَجْنا (8) أرنباً بمَرِّ الظَّهْرانِ، فسعى القومُ، فَلَغَبوا، فأدْرَكْتُها، فأخذتُها (وفي رواية: فسعيتُ عليها حتى أخذتُها 6/ 222)، فأتيتُ بها أبا طلحة، فذَبَحها، وبعثَ بها إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بوَرِكِها - أو فَخِذَيْها، قالَ: فخِذَيْها، لا شك فيه- (وفي روايةٍ: بوركها وفخذيها)، فقَبِلَهُ، قلتُ: وأكَل منهُ؟ قالَ: وأكلَ منه. ثم قالَ بعدُ: قبِلَهُ. 5 - بابُ قَبولِ الهديَّةِ (9) (قلت: أسند فيه حديث الصعب السابقَ "ج 1/ 28 - جزاء الصيد/ 5 - باب/ رقم الحديث 847").

_ 395 - هو طرف من حديث أبي قتادة المتقدم (28 - جزاء الصيد/ 1 - باب/ رقم الحديث 846). (8) أي: أثرناه من موضعه. (بمر الظهران): موضع قريب من مكة. و (لغبوا) معناه: تعبوا. و (الورك): ما فوق الفخد. (9) كذا وقع مكرراً. وفي روايةٍ: "بابُ مَن قبل الهدية".

6 - باب قبول الهدية

6 - بابُ قَبولِ الهديَّةِ 1170 - عن ابن عباس رضيَ الله عنهما قالَ: أهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ خالةُ ابن عباسٍ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أقِطاً وسمناً وضَبّاً، [فدعا بهِنَّ 6/ 199]، فأكلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الأقِطِ والسَّمْنِ، وترَكَ الضَّبَّ تَقَذُّراً. قال ابن عباسٍ: فأُكِلَ على مائدةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ولو كانَ حراماً؛ ما أُكِلَ على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[ولا أمرَ بأكْلِهِنَّ]. 1171 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا أُتِيَ بطعامٍ سألَ عنهُ: أهدِيَّةٌ أم صدقةٌ؟ فإن قيل: صدقة؛ قال لأصحابه: "كُلوا"، ولم يأكلْ، وإن قيل: هدية؛ ضرَبَ بيدِهِ - صلى الله عليه وسلم - فأكل معهم. 7 - بابُ مَن أهْدَى إلى صاحبِهِ وتَحرَّى بعضَ نِسائهِ دونَ بعضٍ 1172 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها أنَّ نساءَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كُنَّ حِزْبَيْنِ، فحِزْبٌ فيه عائشةُ وحفصةُ وصفيةُ وسَودَةُ، والحِزْبُ الآخرُ أمُّ سَلَمَة وسائرُ نساءِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان المسلمون قد عَلِموا حُبَّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عائشةَ، فإذا كانت عند أحَدِهِم هديَّةٌ يُريدُ أن يُهديَها إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أخَّرَها، حتى إذا كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بيتِ عائشةَ، بعثَ صاحِبُ الهَديَّةِ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتِ عائشةَ (وفي رواية عنها: كان الناس يَتَحرَّوْنَ بهداياهم يومي)، [يبتغون بها- أو يبتغون بذلك- مرضاةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - 3/ 131]، فكلَّمَ حِزْبُ أمِّ سلمَة، فقلْنَ لها: [يا أمَّ سلمة! واللهِ إنَّ الناسَ يتحرَّوْنَ بهداياهم يومَ عائشة، وإنا نُريدُ الخيرَ كما تُريده

عائشة، ف 4/ 221]، كلمي رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُكَلِّمُ الناسَ، فيقولُ: مَن أرادَ أنْ يُهْدي إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هديَّةً فلِيُهْدِهِ حيث كان مِن نسائِه، فكلمَتْهُ أمُّ سلمةَ بما قلْنَ، فلمْ يقُلْ لها شيئاً (وفي روايةٍ: فأعرضَ عنها)، فسَألْنَها؟ فقالت: ما قالَ لي شيئاً، فقُلْنَ لها: فكلِّميهِ، قالت: فكلَّمَتْه حين دار إليها أيضاً، فلم يقل لها شيئاً، (وفي روايةٍ: قالت: فأعرضَ عني)، فَسَأَلْنَها؟ فقالت: ما قالَ لي شيئاً، فقُلْنَ لها: كَلِّميهِ حتى يُكَلِّمَكِ، فدارَ إليها فكلَّمَتْهُ، (قالت: فأعرض عني، فلمَّا كان في الثالثة ذكرتُ له)، فقال لها: " [يا أمَّ سَلَمَة!]، لا تؤذيني في عائشة، فإنَّ الوحيَ لم يأتِني وأنا في ثوبِ امرأةٍ إلا عائشةَ (وفي روايةٍ: فإنه واللهِ ما نَزَلَ عليَّ الوحيُ وأنا في لِحافِ امرأةٍ منكُنَّ غيرها) ". قالت: فقلتُ: أتوبُ إلى اللهِ مِن أذاكَ يا رسولَ اللهِ! ثم إنَّهُنَّ دَعَوْنَ فاطمةَ بنتَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأرْسَلَتْ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، (396 - وفي رواية معلقة: فاستأذنت فاطمة) تقولُ: إنَّ نساءَك يَنْشُدْنَكَ اللهَ العدلَ في بنتِ أبي بكرٍ، فكلمتْهُ، فقالَ: "يا بنيةُ! ألا تحِبِّينَ ما أُحِبُّ؟ ". قالت: بلى، فرجَعَتْ إليهنَّ، فأخْبَرَتْهُنَّ، فقُلْنَ ارْجِعي إليه، فأبَت أنْ ترْجِعَ، فأرسَلْنَ زينبَ بنتَ جحشٍ، فأتَتْهُ، فأغلَظَتْ، وقالت: إنَّ نساءَك يَنْشُدْنَك اللهَ العدلَ في بنتِ ابن أبي قُحافةَ، فرفَعَتْ صوتَها، حتى تناوَلَتْ عائِشةَ، وهي قاعِدةٌ، فسَبَّتْها، حتى إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيَنْظُرُ إلى عائشَةَ هل تَكَلَّمُ؟ قال: فتكَلَّمَتْ عائشةُ ترُدُّ على زَيْنَبَ، حتى أسْكَتَتْها، قالت: فنظَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى عائشةَ، وقالَ:

_ 396 - وصلها مسلم (7/ 135).

8 - باب ما لا يرد من الهدية

"إنَّها بنتُ أبي بكرٍ". 8 - بابُ ما لا يُرَدُّ من الهديَّةِ 1173 - عن عَزْرَةَ بنِ ثابتٍ الأنصاريِّ قالَ: حدَّثَني ثُمامةُ بنُ عبدِ الله قالَ: دخلتُ عليه، فناوَلَني طِيباً، قالَ: كان أنسٌ رضيَ الله عنه لا يَرُدُّ الطِّيبَ، قالَ: وزعمَ أنسٌ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان لا يَرُدُّ الطِّيبَ. 9 - بابُ مَن رأى الهِبَةَ الغائِبَةَ جائِزةً (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث المسور ومروان المتقدم في "40 - الوكالة/ 7 - باب/ رقم الحديث 1079"). 10 - بابُ المُكافَأةِ في الهِبَةِ 1174 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالت: "كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْبَلُ الهديَّةَ، ويُثيبُ عليها". 11 - بابُ الهبةِ للوَلَدِ، وإذا أعطَى بعضَ وَلَدِهِ شيئاً؛ لم يَجُزْ حتى يَعْدِلَ بينَهم، ويُعطيَ الآخرينَ مِثلَهُ، ولا يُشْهَدُ عليهِ 397 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اعدِلوا بينَ أولادِكُم في العطيَّةِ". وهل للوالدِ أن يَرْجِعَ في عطيَّتِه؟ وما يأكُلُ مِن مالِ ولدِهِ بالمعروفِ، ولا يتعدَّى.

_ 397 - قلتُ: هذا طرفٌ من حديث يأتي موصولاً في الباب بعده.

12 - باب الإشهاد في الهبة

398 - واشترى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من عُمَرَ بعيراً، ثمَّ أعطاهُ ابنَ عُمَرَ، وقال: " اصنَعْ بهِ ما شئتَ". (قلت: أسند فيه حديث النعمان بن بشير الآتي بعده). 12 - بابُ الإشهادِ في الهبةِ 1175 - عن عامرٍ قالَ: سمعتُ النُّعمانَ بنَ بشيرٍ رضيَ الله عنهما وهو على المنبرِ يقولُ: [سألتْ أمي أبي بعضَ المَوْهبةِ لي من مالِهِ، ثم بدا له، فـ 3/ 151] أعطاني عطِيَّةً، فقالت عَمْرَةُ بنتُ رواحةَ: لا أرْضى حتى تُشْهِد رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [فأخذَ بيدي وأنا غلامٌ،] فأتى [بي] رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: إني أعطيتُ (وفي روايةٍ: نَحَلْتُ) ابني من عَمْرَةَ بنتِ رواحةَ عطيَّةً، (وفي روايةٍ: غلاماً)، فأمَرَتْني أن أُشْهِدَكَ يا رسولَ اللهِ! قالَ: "أعطيتَ سائرَ ولَدِكَ مثلَ هذا؟ ". قال: لا، [قالَ: فأراه قالَ: "لا تُشْهِدْني (وفي روايةٍ: لا أشهَدُ) على جَوْرٍ]، (قال): فاتَّقوا الله واعدِلوا بينَ أولادِكُم، [(قالَ): فارْجِعْهُ] "، قالَ: فرَجَعَ، فرَدَّ عطِيَّتَهُ. 13 - بابُ هِبَةِ الرَّجُلِ لامرأتِه والمرأةِ لِزوجِها 540 - قالَ إبراهيمُ: جائزةٌ.

_ 398 - هو طرفٌ من حديث وصله المصنف فيه "34 - البيوع/ 47 - باب/ رقم الحديث 997". 540 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه.

14 - باب هبة المرأة لغير زوجها،

541 - وقالَ عُمَرُ بن عبدِ العزيز: لا يَرجِعانِ. 399 - واستأذَنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نساءَهُ في أن يُمَرَّضَ في بيتِ عائشةَ. 400 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "العائِدُ في هِبَتِهِ كالكلبِ يعودُ في قَيْئِهِ". 542 - وقال الزُّهْرِيُّ فيمن قالَ لامرأتِهِ: هَبي لي بعضَ صَداقِكِ أو كُلَّه، ثم لم يمْكُثْ إلا يسيراً حتى طلَّقها، فرجَعَتْ فيه؛ قالَ: يَرُدُّ إليها إنْ كان خَلَبَها (10)، وإن كانت أعطَتْهُ عن طيبِ نفسٍ، ليس في شيءٍ مِن أمرِهِ خديعةٌ؛ جازَ، قالَ الله تعالى: {فإنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا}. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 39 - باب/ رقم الحديث 351"). 14 - بابُ هبَةِ المرأةِ لغيرِ زوجِها، وعِتْقِها إذا كان لها زوجٌ فهو جائزٌ إذا لم تكُنْ سفيهةٌ، فإذا كانت سفيهةً لم يَجُزْ، قالَ الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} 1176 - عن أسماءَ رضيَ الله عنها قالت: قُلتُ: يا رسولَ الله! مالي مالٌ

_ 541 - وصله عبد الرزاق أيضاً عن عبد الرحمن بن زياد عنه، وابن زياد وهو ابن أنعُم الإِفريقي ضعيف. 399 - هو طرفٌ من حديث عائشة المتقدم برقم (366). 400 - هو طرف من حديث عمر بن الخطاب، وقد مضى موصولاً "ج 1/ 24 - الزكاة/ 61 - باب/ رقم الحديث: 711"، ويأتي هنا موصولاً نحوه من حديث ابن عباس "29 - باب". 542 - وصله ابن وهب بسند صحيح عنه. (10) أي: خدعها.

15 - باب بمن يبدأ بالهدية؟

إلا ما أدْخَلَ عليَّ الزُّبيرُ، فأتصدَّقُ (11)؟ قال: "تَصَدَّقي (ومن طريق أخرى: أنفقي، ولا تحصي، فيُحصي الله عليكِ. وفي روايةٍ: لا تُوكي فيُوكَى عليكِ 2/ 118)، [ارضَحي ما استَطَعْتِ 2/ 119]، ولا تُوعي فيُوعي [الله] عليكِ". 1177 - عن ميمونة بنتِ الحارِثِ رضيَ الله عنها؛ أنَّها أعتَقَتْ وليدةً، ولم تستأذِنِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا كانَ يومُها الذي يدورُ عليها فيهِ، قالتْ: أشعَرْتَ يا رسولَ اللهِ أنِّي أعتقتُ وليدَتي؟ قالَ:" أوَ فَعَلْتِ؟ ". قالت: نعم. قالَ: "أما إنَّكِ لو أعطَيْتِها أخوالَكِ كانَ أعظمَ لأجْرِكِ". 15 - بابٌ بمَنْ يُبدأُ بالهديَّةِ؟ 401 - عن كُرَيْبٍ أنَّ ميمونَةَ زوجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أعتقت وليدةً لها، فقالَ لها: "ولو وَصَلْتِ بعضَ أخوالِكِ؛ كانَ أعظمَ لأجرِكِ". (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم قبيل "37 - الإجارة"). 16 - بابُ مَن لم يَقْبَلِ الهديةَ لِعِلَّةٍ 543 - وقالَ عمرُ بنُ عبدِ العزيز: كانت الهديةُ في زمنِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - هديَّةً، واليومَ رِشوةً.

_ (11) ورويَ (أفأتصدق) بإثبات همزة الاستفهام كما في الشارح، والإيعاء: جمع الشيء في الوعاء، والإحصاء: مجاز عن التضييق لأن العد مستلزم له. وقوله: (لا توكي) أبي: لا تمنعي فيمنعك الله. و (الوكاء) هو الحبل الذي يشد به رأس القربة. 401 - وصله المصنف في "كتاب بر الوالدين" له، وهو مفرد، ووصله في الباب قبله بنحوه. 543 - وصله عبد الله بن أحمد في "الزهد" (ص 294)، وأبو نعيم (5/ 294) بأسانيد أحدها جيد، وابن سعد (5/ 377).

17 - باب إذا وهب هبة أو وعد، ثم مات قبل أن تصل إليه

17 - بابٌ إذا وَهَبَ هِبَةً أو وَعَدَ، ثمَّ ماتَ قبلَ أن تَصِلَ إليهِ 544 - وقالَ عَبيدَةُ: إنْ ماتَ وكانت فُصِلَتِ الهديَّةُ والمُهْدى له حَيٌّ؛ فهي لوَرَثَتِه، وإنْ لم تَكُنْ فُصِلَتْ؛ فهي لوَرَثَةِ الذي أهْدَى. 545 - وقالَ الحسنُ: أيُّهما ماتَ قبلُ فهي لورَثَةِ المُهدى له إذا قبضَهَا الرسولُ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث جابر الآتى بتمامه "57 - الخمس/ 15 - باب"). 18 - بابٌ كيف يُقْبَضُ العبدُ والمَتاعُ؟ 402 - وقالَ ابنُ عُمَرَ: كنتُ على بَكْرٍ صَعبٍ، فاشتراهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "هو لكَ يا عبدَ الله! ". 1178 - عن المِسْوَرِ بن مَخْرَمَةَ رضيَ الله عنهما أنَّه قالَ: قَسَمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أقبِيَةً، ولم يُعْطِ مخرَمَة منها شيئاً، (وفي روايةٍ: أُهدِيَتْ له أقبيةٌ من ديباجٍ مُزَرَّرة بالذهب، فقسمها في أُناسٍ من أصحابه، وعزلَ منها واحداً لمخرمةَ بنِ نوفل 4/ 51)، فقالَ [لي أبي 3/ 153] مخرَمةُ: يا بنيَّ! [403 - إنَّه بلغني أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدِمَتْ عليهِ أقبيَةٌ، فهو يقسمُها، فـ 7/ 50] انطلق بنا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، [عسى أن يعطِيَنا منها شيئاً]، فانطلقتُ معه، [فوجدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في منزله]، فقال [لي: يا بني!] ادخُلْ،

_ 544، 545 - لم يخرجهما الحافظ. 402 - هو طرف من حديث ابن عمر المتقدم "34 - البيوع/ 47 - باب/ رقم الحديث 997". 403 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف في "اللباس" عن الليث بن سعد، ووصله عنه هنا عن غيره بدون هذه الزيادة، وقد ذكر الحافظُ أن أحمد "وصله". قلت: في "المسند" (4/ 328) بنحوه. ورواية "الديباج"؛ قال الحافظ (10/ 529): "وإن كانت صورتها الإِرسال، لكن الحديث في الأصل موصول".

19 - باب إذا وهب هبة فقبضها الآخر ولم يقل: قبلت

فادعُهُ لي، [فأعْظَمْتُ ذلك، فقلتُ: أدعو لك رسولَ اللهِ؟! فقال: يا بُنَيَّ! إنَّه ليس بجبَّارٍ]، قالَ: فدَعَوْتُهُ لهُ، (وفي روايةٍ: فقامَ أبي على الباب، فتكلَّمَ، فعرَفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صوتَه)، فخرج إليه وعليه قَبَاءٌ منها [من ديباجٍ، مُزَرَّرٌ بالذهب] [وهو يريه محاسِنَه]، فقال: " [يا مَخْرَمَةُ (وفي روايةٍ: يا أبا المِسْور!] خَبَأْنا هذا لك (وفي روايةٍ: يا أبا المِسْوَر! خَبَأتُ هذا لك، يا أبا المسور! خَبَأتُ هذا لك"، وكان في خلقه شدَّةٌ)، [فأعطاهُ إياه]، قالَ: فنظر إليه، فقالَ: رضِيَ مَخرَمَةُ. 19 - بابٌ إذا وَهَبَ هبَةً فقبَضَها الآخرُ ولم يَقُلْ: قَبِلْتُ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 30 - الصوم/ 30 - باب/ رقم الحديث 908"). 20 - باب إذا وَهَبَ دَيناً على رَجُلٍ 546 - قالَ شُعبةُ عن الحَكَمِ: هو جائزٌ. 547 - ووَهَبَ الحسنُ بنُ عليٍّ عليهما السلام لرَجُلٍ دينَهُ. 404 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كانَ لهُ عليه حقٌّ فليُعْطِهِ، أولِيَتَحَلَّلْهُ منه".

_ 546 - وصله ابنُ أبي شيبة بسند صحيح عنه. 547 - قالَ الحافظُ: لم أقف على من وصله. 404 - وصله مسدد في "مسنده"، والمصنف في "46 - المظالم/ 10 - باب/ رقم الحديث 1151" عن أبي هريرة نحوه.

21 - باب هبة الواحد للجماعة

405 - فقالَ جابرٌ: قُتِلَ أبي وعليه دَينٌ، فسألَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - غرماءَهُ أن يقبلوا ثمَرَ حائطي ويحَلِّلوا أبي. (قلت: أسند فيه حديث جابر المتقدم "34 - البيوع/ 51 - باب/ رقم الحديث 1005 "). 21 - بابُ هِبَةِ الواحِدِ للجماعةِ 548 - وقالت أسماءُ للقاسِمِ بنِ محمد وابن أبي عتيق: وَرِثْتُ عن أُختي عائشةَ بالغابةِ، وقد أعطاني به معاويةُ، مائةَ ألفٍ، فهو لَكما. 22 - بابُ الهِبَةِ المقبوضةِ، وغيرِ المقبوضةِ، والمقسومَةِ، وغيرِ المقسومَةِ 406 - وقد وَهَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ لهَوازِنَ ما غنموا منهم، وهو غيرُ مقسومٍ. 23 - بابٌ إذا وَهَبَ جماعةٌ لقومٍ (قلتُ: أسند فيه حديث مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة المتقدم "40 - الوكالة/ 7 - باب/ رقم الحديث 1079"). 24 - بابُ مَن أُهدِيَ له هَدِيَّةٌ وعِنْدَهُ جُلساؤهُ؛ فهو أحَقُّ

_ 405 - هو طرفٌ من حديث جابر المتقدم برقم (1036). 548 - لم يخرجه الحافظ. 406 - هو طرف من حديث تقدم موصولاً في "40 - الوكالة/ 7 - باب/ رقم الحديث 1079"

25 - باب إذا وهب بعيرا لرجل وهو راكبه؛ فهو جائز

549 - ويُذْكَر عن ابنِ عباسٍ "أنَّ جلساءَهُ شُركاءَ"، ولم يَصِحَّ. (قلتُ: ذكر فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1078، وحديث ابن عمر المتقدم برقم 997). 25 - بابٌ إذا وَهَبَ بَعيراً لرَجُلٍ وهو راكِبُهُ؛ فهو جائزٌ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم "34 - البيوع/ 47 - باب/ رقم الحديث 997"). 26 - بابُ هديَّةِ ما يُكرَهُ لُبْسُها 1179 - عن ابن عُمَرَ رضيَ الله عنهما قالَ: أتى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيتَ فاطمةَ بنتِهِ، فلم يدخُلْ عليها، وجاءَ عليٌّ، فذكَرَتْ لهُ ذلك، فذكَرَهُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "إنِّي رأيتُ على بابها سِتراً مَوْشِيًّا (12)،- فقالَ-: ما لي وللدُّنيا؟! "، فأتاها عليٌّ، فذَكَرَ ذلك لها، فقالت: لِيَأْمُرْني فيه بما شاءَ، قالَ: "تُرْسِلُ به إلى فلانٍ أهلِ بيتٍ بهم حاجةٌ". 1180 - عن عليٍّ رضيَ الله عنه قالَ: أهدى إليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةً سِيَراءَ (13)،

_ 549 - وصله عبدُ بن حميد وغيره بسند ضعيف عنه مرفوعاً، وروي من وجوه أخرى عن غيره كلها ضعيفة، وبعضها أشد ضعفاً من بعض، وقد روي موقوفاً على ابن عباسٍ، وهو أصح كما قال البيهقي، ثم الحافظ، وقد خرجت طرقه، وفصلتُ علله في "الأحاديث الضعيفة" برقم (2254). (12) أي: مخططاً بألوان شتى، وليس سترُ الباب حراماً، لكنه - صلى الله عليه وسلم - كره لابنته ما كره لنفسه من تعجيل الطيبات، وهو نظير قوله لها لما سألته (خادماً): "ألا أدلك على خير من ذلك"، فعلمها الذكر عند النوم، وسيأتي "80 - الدعوات/ 5 - باب". (13) قلتُ: وكان أهداها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أكيدر دومة كما في مسلم (6/ 142)، وأحمد (1/ 130) عن علي، وهي نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور؛ كما في "النهاية".

27 - باب قبول الهدية من المشركين

فلَبِسْتُها، [فخرجتُ فيها 7/ 46]، فرأيتُ الغضبَ في وجهِهِ، فشقَقْتُها بين نسائي (14). 27 - بابُ قَبُولِ الهديَّةِ مِن المُشرِكينَ 407 - وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هاجَرَ ابراهيمُ عليه السلام بسارَةَ، فدَخَلَ قريةً فيها مَلِكٌ أو جبارٌ، فقال: أعطوها آجَرَ". 408 - وأُهديت للنبي - صلى الله عليه وسلم - شاةٌ فيها سُمٌّ. 409 - وقال أبو حُميدٍ: أهدى مَلِكُ أيْلَةَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بغْلَةً بيضاءَ وكَساهُ بُرداً، وكَتَبَ لهُ بِبَحْرِهِم (15). 1181 - عن أنسٍ رضيَ اللهْ عنه قالَ: أُهْدِيَ (410 - وفي روايةٍ: إنَّ أُكَيْدِرَ دُوْمَة (16) أهدَى) للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - جُبَّة سُنْدُسٍ، وكان ينهى عنِ الحريرِ، فعَجِبَ الناسُ منها،

_ (14) وفي رواية لمسلم: "خُمُراً بين الفواطم"، ولفظ أحمد (1/ 137)، "بين فاطمة وعمته"، وانظر "الفتح". 407 - هو طرف من حديث أبي هريرة المتقدم (1045)، و"آجر": "هاجر"؛ كما تقدم. 408 - ذكره موصولاً في الباب عن أنس. 409 - هو طرف من حديث أبي حميد الساعدي المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 56 - باب". (15) أي: أقره على أهلِ بلدهم، وكان بساحل البحر. 410 - هذه الرواية معلقة عند المصنف وقد وصلها أحمد (3/ 238)، ومسلم (7/ 151)، وله في "المسند" (3/ 121) طريق أخرى عن أنس، وفيها أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لبسها، وأنها كانت منسوجة بالذهب، وسنده حسن. (16) بضم الدال المهملة والمحدثون يفتحونها، وهي دومة الجندل، مدينة بالقرب من (تبوك)، وأكيدر صاحبها.

فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ، لمناديلُ سَعْدِ بنِ مُعاذٍ في الجنَّةِ أحسنُ من هذا". 1182 - عن أنسٍ بن مالك رضيَ الله عنه؛ أنَّ يهوديةً أتَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بشاةٍ مَسْمومةٍ، فأكلَ منها، فجيء بها، فقيلَ: ألا نقتُلُها؟! قالَ: "لا". قالَ: فما زِلْتُ أعْرِفُها في لَهَواتِ (17) رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. 1183 - عن عبدِ الرحمنِ بن أبي بكرٍ رضيَ الله عنهما قالَ: كُنا مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثينَ ومائةً، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "هل مع أحدٍ منكُمْ طَعامٌ؟ ". فإذا مع رجُلٍ صاعٌ مِن طعامٍ أو نَحْوهُ، فعُجِنَ، ثم جاءَ رجلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ (18) طويلٌ بغنمٍ يسوقُها، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " [أ6/ 198] بَيْعاً أم عَطِيَّةً، أوقالَ: أم هِبَةً؟ ". قالَ: لا، بل بَيْعٌ. فاشترى منهُ شاة، فصُنِعَتْ، وأمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بسوادِ (19) البطنِ أن يُشْوى، وايْمُ اللهِ ما في الثلاثينَ والمائة إلا وقد حَزَّ (20) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لهُ حُزَّةً من سوادِ بطنِها! إن كان شاهداً أعطاها إياه، وإنْ كان غائباً خَبَأَ [ها] لهُ، فجعلَ منها قَصعتينِ، فأكلوا أجمعونَ، وشَبِعْنا، ففضَلَتِ القَصْعَتانِ، (وفي روايةٍ: وفضل في القصعتين)، فحملناه على البعَيرِ، أو كما قالَ.

_ (17) جمع (لهاة): سقف الفم. (18) أي: طويل شعر الرأس ثائره. (19) وهو كبدها. (20) (حزَّ): أي قطع قطعة.

28 - باب الهدية للمشركين،

28 - بابُ الهديَّةِ للمُشْرِكينَ، وقولِ اللهِ تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} 1184 - عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضيَ الله عنهما قالت: قَدِمَتْ عليَّ أُمِّي [راغبةً 7/ 71] (21) وهي مشركةٌ في عهدِ [قريشٍ إذ عاهدوا 4/ 70] رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [ومُدَّتِهم مع أبيها] (22)، فاستفتيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قلتُ: إنَّ أُمي قَدِمَتْ وهي راغبةٌ، أفأصِلُ أمِّي" قالَ: "نَعَم؛ صِلِي أُمَّكِ". 411 - [قالَ ابن عُيَيْنَة: فأنزَلَ اللهُ تعالى فيها: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ}]. 29 - بابٌ لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يَرجِعَ في هِبَتِهِ وصَدَقَتِه 1185 - عن ابن عباسٍ رضيَ الله عنهما قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ليسَ لنا مَثَلُ السَّوْءِ؛ الذي يَعودُ (وفي طريق: العائِدُ) في هِبَتِهِ كالكلب [يقيءُ، ثُمَّ 3/ 135] يرجِعُ في قَيئِهِ".

_ (21) زاد أحمد (6/ 347): "يعني: محتاجة". وسنده صحيح. (22) كذا وقع في الأصل: "الجزية"، وكذلك وقع في "الأدب"، وجَزَمَ الحافظ بأنه تصحيف، والصواب: "مع ابنها"، والله أعلم. 411 - قلتُ: هذه الزيادة معضلة، وقد وصلها أحمد (4/ 4)، وابن جرير (28/ 47)، والحاكم (2/ 486)، وصححه، ووافقه الذهبي، وفيه مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير عن أبيه من جده، ومصعب لين الحديث.

30 - باب

30 - بابٌ 1186 - عن عبدِ اللهِ بن عُبيدِ اللهِ بن أبي ملَيْكَةَ أن بني صُهَيْبٍ مولى ابنِ جُدْعانَ ادعوا بيتينِ وحُجْرَةً؛ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى ذلك صُهَيباً، فقالَ مروانُ: مَن يشهَدُ لكُما (23) على ذلك؛ قالوا: ابنُ عُمَرَ، فدعاهُ، فشهِدَ لأعطى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صُهَيباً بيْتَيْنِ وحُجْرَةً، فقضى مروانُ بشهادتِه لهم. بسم الله الرحمن الرحيم (24) 31 - بابُ ما قيلَ في العُمْرى والرُّقْبَى (أعمَرْتُهُ الدار)، فهي عُمْرى: جعلتُها له. {اسْتَعْمَرَكُمْ فيها}: جَعَلَكُم عُماراً. 1187 - عن جابرٍ رضيَ الله عنه قالَ: "قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالعُمْرى أنها لمَنْ وُهِبَتْ لهُ". 1188 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "العُمْرى جائِزةً". 1189 - وعن جابرٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوَهُ (25).

_ (23) كذا، وفي رواية الإسماعيلي:"لكم". (24) ليست البسملة في نسخة الحافظ. (25) كذا الأصل، وفي نسخة الحافظ: "مثله"، بدل: "نحوه"، وقالَ: في رواية أبي ذر "نحوه"، بدل "مثله"، ثم ذكر أن مسلماً أخرجه بلفظ: "العمرى ميراث أهلها"، فلعل الأرجح "نحوه".

32 - باب من استعار من الناس الفرس

32 - بابُ مَنِ اسْتَعارَ مِن الناسِ الفَرَسَ 1190 - عن أنس قالَ: [كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أحسنَ الناسِ، وأشجعَ الناس، وأجودَ الناسِ، ولقد 3/ 209] كان فَزغَ بالمدينةِ [ليلةَ 3/ 228]، [سمعوا صوتاً 27/ 4]، فاستعارَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - فرساً من أي طلحَةَ [كان يقطِفُ، أو كان فيه قِطاف 9/ 213] (26) (وفي رواية: بطيئاً 4/ 10)، يقالُ له: المَندوبُ، فرَكِبَهُ [ثم خرجَ يركضُ وحْدَهُ، فركبَ الناسُ يركضونَ خلْفَهُ] [نحو الصوتِ]، فلما رَجَعَ [استقبَلَهُم [النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقدِ اسْتَبْرَأ الخبرَ، وهُو] على فَرَس عُرْي ما لهُ سَرْج، في عُنُقِه سيف]، قالَ: " [لم تُراعُوا، لم تُراعُوا]، ما رأينا مِن شيءٍ (وفي رواية: فزع 3/ 218)، وإن وجدناهُ لَبَحراً [يعني: الفرس] ". [وكان بعد ذلك لا يُجَارَى (وفي رواية: فما سُبِقَ بعد ذلك اليوم)]. 33 - بابُ الاستعارةِ للعَروسِ عندَ البِناءِ 1191 - عن أيمَنَ قالَ: دَخَلْتُ على عائشةَ رضيَ الله عنها وعليها دِرْعُ قِطرٍ (27)، ثمنُ خمسةِ دراهِم، فقالت: ارفَعْ بَصَرَكَ إلى جاريتي، انظُر إليها، فإنَها تُزهى (28) أن تَلْبَسَهُ في البيت، وقد كان لي منهنَّ دِرعٌ على عهدِ رسولِ اللهِ ي - صلى الله عليه وسلم -،

_ (26) أي: بطيء المشي مع تقارب الخطأ، والرواية الأخرى تفسره. (27) أي: قميص من برود اليمن غليظ، وروي درع قطن. (28) أي: تأنف أو تتكبر.

34 - باب فضل المنيحة

فما كانت امرأة تقَيَّن (29) بالمدينةِ إلا أرسَلَتْ إلي تستعيرة! 34 - بابُ فضلِ المَنِيْحةِ (30) 1192 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "نعمَ المَنيحة (وفي روايةٍ: الصدقة) اللقْحَةُ، الصفي مِنحةً، والشاةُ الصفِي تغدو بإناءٍ، وتَررح بإناءٍ". 1193 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: لمًا قَدِمَ المهاجِرونَ المدينةَ مِن مكةَ، وليس بأيديهم، -يعني شيئاً- وكانت الأنصارُ أهلَ الأرضِ والعَقارِ؛ فقاسَمَهم الأنصارُ على أن يُعطوهُم ثِمارَ أموالِهِم كل عام، ويكفوهُم العملَ والمؤونَةَ، وكانت أمه أم أنس أم سُلَيم، كانت أمَ عبدِا- الله بن أبي طلحةَ، فكانت أعطت أم أنس رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عِذاقاً (31)، فاعطاهُن النبي - صلى الله عليه وسلم - أم أيمنَ مولاتَة: أم أسامةَ بنِ زيد!، قالَ ابنُ شهابٍ: فاخبَرَني أنسُ بنُ مالكٍ أنَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فَرِغَ مِن قتل أهل خيبرَ فانصرفَ إلى المدينةِ؛ رد المهاجرون إلى الأنصارِ مَنائِحَهُمُ التي كانوا مَنَحوهم مِن ثمارِهِم، فرد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أمه عِذاقَها، وأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم أيمنَ مكانَهُن مِن حائِطِهِ.

_ (29) تقَينُ: أي: تزين لزفافها. (30) المنحة والمنيحة: تقدم تفسيرهما في هامش الحديث (1166)، و (اللقحة) ذات اللبن القريبة العهد بالولادة، و (الصفي): الكثيرة اللبن والأشهر استعمالها بغير هاء. (31) بكسر العين المهملة، ولأبي ذر بقحها في الموضعين، وهي: النخل.

35 - باب إذا قال: أخدمتك هذه الجارية على ما يتعارف الناس؛ فهو جائز

412 - (وفي رواية معلقة: من خالِصِهِ (32)). 1194 - عن عبدِ الله بن عمرٍ ورضيَ الله عنهما قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أربَعونَ خَصلةً، أعلاهُنً مَنِيحَةُ العنزِ، ما مِن عامِل يَعْمَلُ بخَصْلَةٍ منها رجاءَ ثوابِها وتَصديقَ موعودِها؛ إلا أدخَلَهُ اللهُ بها الجنةَ". قال حسانُ (33): فعَددنا ما دونَ مَنيحَةِ العَنْزِ، مِن ردَ السلامِ، وتشميتِ العاطسِ، وإماطةِ الأذى عن الطريقِ، ونحوه، فما استطعنا أن نَبْلُغَ خمس عشرةَ خَصْلةً. 35 - بابٌ إذا قالَ: أخدَمْتُكَ هذه الجاريةَ على ما يَتعارَفُ الناسُ؛ فهو جائزٌ. وقالَ بعضُ الناسِ: هذه عاريةٌ، وإنْ قالَ: كَسَوْتُكَ هذا الثوبَ؛ فهو هِبةٌ (قلت: أسندَ في طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم "34 - البيوع/ 100 - باب/ رقم الحديث 1045 "). 36 - بابا إذا حَمَلَ رجل على فَرَس؛ فهو كالعمْرى والصدقةِ، وقال بعضُ الناسِ: له أن يَرجِعَ فيها (قلت؛ أسند في حديث عمر المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 61 - باب/ رقم الحديث 711").

_ 412 - وصلها البرقاني في "المصافحة". (32) من خالص ماله. (33) هو ابن عطية المحاربي مولاهم راوي الحديث.

52 - كتاب الشهادات

بسم الله الرحمن الرحيم 52 - كتابُ الشَّهاداتِ 1 - بابُ ما جاءَ في البينةِ على المُدعي لقوله (1): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، وقوله تعالي: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}

_ (1) زاد أبو ذر: "تعالى".

2 - باب إذا عدل رجل أحدا فقال: لا نعلم إلا خيرا، أو قال: ما علمت إلا خيرا

2 - باب إذا عَدلَ رجُل أحداً فقالَ: لا نعلمُ إلا خيراً، أو قالَ: ما عَلِمْتُ إلا خيراً (قلت: أسند في طرفاً من حديث الإفك الاتي في "64 - المغازي/ 36 - باب"). 3 - بابُ شهادةِ المُخْتَبِي 550 - وأجازهُ عَمرو بنُ حُرَيثٍ؛ قال: وكذلك يُفعَلُ بالكاذب الفاجر. 551 - 554 - وقالَ الشعْبِى وابنُ سيرينَ وعطاء وقتادةُ: السمْعُ شهادة. 555 - وقالَ الحسنُ: يقولُ: لم يُشْهِدوني على شيءٍ، وإني سمعت كذا وكذا. 4 - بابٌ إذا شَهِدَ شاهد أو شهود بشيءٍ، فقال آخرون: ما علمنا ذلك؛ يُحْكَمُ بقولِ مَن شَهِدَ 413 - قالَ الحُميْدِي: هذا كما أخبر بلال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في الكعبة. 414 - وقالَ الفضلُ: لم يُصَلً. فأخذ الناسُ بشهادة بلال. كذلك إنْ شَهِدَ شاهدان أن لفُلان على فلانٍ ألف درهم، وشَهدَ آخران بألف وخمسِ مائه؛ يُقْضَى بالزيادةِ.

_ 550 - وصله سعيد بن منصورعنه، وفيه محمد بن عبد الله الثقفي وهو لين. 551 - 554 - أما قول الشعبي فوصله ابن أبي شيبة والبغوي في"الجعديات" بسندين عنه، وأما قول ابن سيرين؛ فوصله ابن أبي شيبة بسند جيد عنه نحوه، قال: شهادة الأعمى جائزة. وأما قولُ عطاء فوصلَهُ الكرابيسي في "أدب القضاء"، وأما قولُ قتادة فقد وعَدَ الحافظُ هنا بتخريجه في "باب شهادة الأعمى"، ثم نسي فلم يفعل، لكنه وصله في" التغليق" (3/ 375) من رواية الخلال نحوه. 555 - وصله ابن أبي شيبة عنه (6/ 497). قلت: وسنده صحيح. 413 و 414 - سبق ذكرهما مع من وصلهما في (ج1/ 24 - الزكاة/ 57 - باب/ رقم الحديثين معلقاً 247 و248".

5 - باب الشهداء العدول

(قلتُ: أسندَ فيه حديث عقبة الاتي "67 - النكاح/ 34 - باب"). 5 - بابُ الشُهداءِ العُدولِ وقولِ اللهِ تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} 1195 - عن عُمر بن الخطاب رضيَ الله عنه قالَ: إنَّ أناساً كانوا يُؤخَذونَ بالوحيِ في عهْدِ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وإنَ الوحيَ قد إنقطَعَ، وإنما ناخُذُكُم الآن بما ظَهَرَ لنا مِن أعمالِكُم، فمَن أظهرَ لنا خيراً أمِنَاهُ، وقربناه، وليسَ إلينا من سريرته شيء، الله يُحاسبُهُ في سريرتهِ، ومن أظهرَ لنا سوءاً لم نامَنْهُ، ولم نُصَدقْهُ، وإن قالَ: إن سريرته حَسَنَة. 6 - بابُ تَعْديلِ كَمْ يَجوزُ؟ (قلتُ: أسنَدَ فيه حديث أنس المتقدم"ج1/ 23 - الجنائز/ 85 - باب/ رقم الحديث 654 "). 7 - باب الشهادةِ على الأنسابِ والرضاعِ المستفيضِ والموتِ القديم 415 - وقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " أرْضَعَتْني وأبا سَلَمَةَ ثُوَيبةُ"، والتثبتِ فيه. 1196 - عن ابنِ عباس رضيَ الله عنهُما قالَ: [قيلَ للنبى - صلى الله عليه وسلم -: ألا تَتَزَوجُ ابنَةَ حمزَةَ؟ 6/ 125] قال:

_ 415 - هو طرف من حديث لأم حبيبة يأتي موصولاً "67 - النكاح/ 21 - باب".

8 - باب شهادة القاذف والسارق والزاني

"لا تَحِل لي، يَحْرُمُ مِن الرضاعِ ما يَحْرُمُ مِن النَسَبِ، هي بِنْتُ أخي مِن الرضاعَةِ". 1197 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها زَوْجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ عِندَها، وأنها سَمِعَتْ صوتَ رَجُل يستأذِنُ في بيتِ حَفْصَةَ (2)، فقالت عائشة: يا رسولَ اللهِ! هذا رَجُل يستأذِنُ في بيتِك؟ قالتْ: فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أراهُ فُلاناً" - لِعم حفصةَ مِن الرضاعِ- فقالت عائشةُ: لو كانَ فلان حياً- لِعَمها مِن الرضاعةِ- دَخَلَ علي؟ فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "نعم؛ إن الرضاعةَ تُحَرم ما يَحْرُمُ مِن الوِلادةِ". 8 - بابُ شهادةِ القاذِفِ والسارقِ والزاني وقولِ اللهِ تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} 556 - وجَلَدَ عمر أبا بَكْرَةَ، وشِبْلَ بنَ مَعبدٍ، ونافعاً بقَذْفِ المُغيرة، ثم استتابَهُم، وقالَ: مَن تابَ قَبِلْتُ شهادَتَهُ.

_ (2) هنا في الأصلِ زيادة نصها: "قالت عائشة رضيَ الله عنها: فقلت: يا رسولَ اللهِ أراه فلاناً؛ لعم حفصة من الرضاعة"، وقد ضُرب عليها في بعض نسخ الكتاب، وقالَ الحافظُ: "والصواب حذفها". قلتُ: ومن الدليل على ذلك أن الحديث أعاده المصنف في (فرض الخمس) بإسناده هناك دون الزيادة، وكذلك ساقه في "النكاح" (6/ 125) بإسناد آخر عن مالك به، وكذلك هو في "الموطأ" (2/ 113). 556 - وصله الشافعي في "الأم"، وابن جرير في "التفسير"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2/ 287) بسند صحيح عن سعيد بن المسيب عنه، وأخرجه الطحاوي من طريق أبي عثمان النهدي عنه دون قولهِ: "من تاب ..... "، وسنده صحيح.

557 - 567 وأجازهُ عبدُ الله بنُ عتبة، وعُمر بن عبد العزيز، وسعيد بن جُبير، وطاوسَ، ومجاهدَ، والشعْبِى، وعِكْرِمَةُ، والزهري، ومحاربُ بنُ دِثارٍ، وشُرَيح، ومعاويةُ بنُ قرة. 568 - وقالَ أبو الزنادِ: الأمرُ عندَنا بالمدينة: إذا رَجَعَ القاذِفُ عن قولهِ، فاستَغْفَرَ ربه؛ قُبِلَتْ شهادَتُه. 569 و 570 - وقالَ الشعْبِى وقتادةُ: إذا أكذبَ نفسَهُ جُلِدَ، وقُبِلَتْ شهادَته. 571 - وقال الثوري: إذا جُلِدَ العبدُ ثم أُعْتِقَ جازَتْ شهادَتُه، وإنْ اسْتُقْضِيَ المحدودُ فقضاياه جائزة. 572 - وقالَ بعض الناسِ: لاتجوزُ شهادةُ القاذف، وإنْ تابَ، ثم قالَ: لا يجوزُ نِكاحَ بغير

_ 557 - 567 - أما أثر عبد الله بن عتبة- وهو ابن مسعود- فوصله الطبري من طريق عمران بن عمير عنه، وعمران هذا لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (3/ 1/ 301) جرحاً ولا تعديلاً. وأما أثرُ عمر بن عبد العزيز فوصله عبد الرزاق والطبري والخلال عن عمران بن موسى عنه. وعمران هذا كسميه المتقدم لم يذكر فيه ابن أبي حاتم (3/ 1/ 301) جرحاً ولا تعديلاً. وأما أثر ابن جير فوصله الطبري بسند قوي. وأما أثر طاوس ومجاهد فوصله سعيد بن منصور والشافعي والطبري بسند صحيح. وأما أثر الشعبي فوصله الطبري والبغوي في "الجعديات". وأما عكرمه؛ فوصله البغوي. وأما الزهري فوصله ابن جرير من وجهين عنه. وأما محارب بن دثار وشريح ومعاوية بن قرة، فلم يوجد، بل روى ابن جرير بإسناد صحيح عن شريح أنه قال في القاذف: "يقبل الله توبتهُ، ولا أقبل شهادَتَه"، ثم رأيته قد وصله في "التغليق" (3/ 380 - 381) بسندين صحيحين عن. محارب وشريح. 568 - وصله سعيد بن منصور. 569، 570 - وصله الطبري عنهما مفرقاً، وابن أبي حاتم عن الشعبي نحوه. 571 - هو في "الجامع" له. 572 - هذا منقول عن أبي حنيفة، واحتجوا له بأحاديث لا تصح.

9 - باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد

شاهِدَيْنِ، فإنْ تَزَوجَ بشهادة محدودَيْنِ جاز، وإن تزوج بشهادة عبدَيْنِ لم يَجزْ. وأجازَ شهادةَ المحدودِ، والعبدِ، والأمَةِ؛ لِرُؤيةِ هِلال رمضان. وكيفَ تُعْرَفُ توبتهُ؟ 416 - وقد نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الزانيَ سنَةً. 417 - ونهى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن كلامِ كعبِ بنِ مالكٍ وصاحِبَيْهِ حتى مضى خَمسونَ ليلةً. 1198 - عن زيدِ بنِ خالدٍ رضيَ الله عنه عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَهُ أمَرَ (وفي روايةٍ: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يامُرُ 8/ 28) فيمن زنى ولم يُحْصِن بجلدِ مائةٍ، وتَغْريبِ عامً. 9 - باب لا يَشْهَدُ على شهادَةِ جَوْرٍ إذا أشْهِدَ 1199 - عن عمران بنِ حُصين رضيَ الله عنهما قالَ: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خيرُكُم (وفي روايةٍ: خيرُ أمتي 4/ 189) قَرْني، ثم الذينَ يَلونَهُم، ثم الذينَ يلونَهم". قال عمران: لا أدري أذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدُ قرنين أو ثلاثة؟ 1200 - قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن بعدَكم قوماً (وفي روايةٍ: ثم يجيءُ قومٌ 7/ 233) يَخونونَ ولا يؤتمنون، ويشهَدونَ ولا يُسْتَشْهدونَ، ويَنْذِرونَ ولا يَفونَ، ويظهرُ فيهمُ السمَنُ".

_ 416 - يأتي موصولاً آخر الباب. 417 - سيأتي موصولاً في "64 - المغازي/ 81 - باب".

10 - باب ما قيل في شهادة الزور

1201 - عن عبد اللهِ (ابنِ مسعود) رضيَ الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: (خيرُ الناسِ قَرْني، ثُم الذينَ يَلونَهُم، ثم الذينَ يَلونَهُم، ثُم يجيءُ [مِن بَعْدِهم 7/ 174] أقوام تَسْبِقُ شهادَةُ أحَدِهِمْ يَمينَهُ، ويَمينُهُ شَهادَتَهُ". قال إبراهيمُ: وكانوا يَضْرِبونَنا على الشهادَةِ والعَهْدِ (3) [ونحنُ صِغار 4/ 189]. 10 - بابُ ما قيلَ في شهادَةِ الزورِ؛ لقولِ اللةِ عزَّ وجلَّ: {والذينَ لا يَشْهَدونَ الزورَ}، وكِتْمانِ الشهادَةِ؛ لقولهِ: {ولا تَكْتُموا الشهادَةَ ومَنْ يكْتُمْها فإنهُ آثِم قَلْبُهُ والله بِما تَعْمَلونَ عَليم}، {تُلْوُوا}: ألْسِنَتَكُم بالشهادَةِ (4) 1202 - عن أبىِ بَكْرَةَ رضيَ الله عنهُ قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا انَبئكُم بأكبرِ الكبائرِ؛ (ثلاثاً) ". قالوا: بلى يا رسولَ الله! قالَ: "الإشراكُ باللهِ، وعُقوقُ الوالِدَيْنِ،- وجلس وكان مئكئاً فقالَ:- ألا أوشهادةُ الزور أ 8/ 48] وقولُ الزور". قالَ: فما زالَ يُكَررها حتى قُلنا: ليتَه سَكَتَ (وفي روالِة: فما زال يقولُها حتى قلتُ: لا يسكت). 11 - بابُ شهادةِ الأعمى، وأمرِهِ، ونكاحِهِ، وإنكاحِهِ، ومُبايعتِه، وقَبوله في التأذينِ وغيرهِ، وما يُعْرَفُ بالأصواتِ

_ (3) أي: على قولنا أشهد بالله، وعلي عهد الله ما كان كذا، وإنما كانوا يضربونهم لئلا يصير ذلك لهم عادة، فيحلفون في كل مايصلح وما لا يصلح. (4) يعني: أن قوله تعالى: {وأن تَلْووا} معناه ليّ اللسان عن الشهادةِ على وجهها.

573 - 577 - وأجاز شهادَتَهُ قاسمَ، والحسنُ، وابنُ سيرينَ، والزهري، وعطاء. 578 - وقالَ الشعبي: تجوزُ شهادته إذا كانَ عاقلاً. 579 - وقالَ الحَكَمُ: ربْ شيء تجوزُ فيه (5). 580 - وقالَ الزهري: أرأيتَ ابنَ عباس لو شهِدَ على شهادَة أكُنْتَ تَردهُ؟! 581 - وكانَ ابنُ عباس يَبْعَثُ رجلاً إذا غابَتِ الشمْسُ أفْطَرَ، ويسألُ عن الفجرِ؟ فإذا قيل: طَلَعَ؛ صلى رَكْعَتَينِ. 582 - وقالَ سُليمان بنُ يسار: استأذنتُ على عائشةَ رضيَ الله عنها، فعَرَفَتْ صوتي، قالت: سُليمانُ! ادخُلْ؛ فإنك مملوك؛ ما بَقِيَ عليك شيء (6). 583 - وأجازَ سَمُرَةُ بنُ جُندُب شهادَةَ امرأة مُنْتَقِبَةٍ. 1203 - عن عاثشةَ رضيَ الله عنها قالت: سَمعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يقرا [من

_ 573 - 577 - أما القاسم- وهو ابن محمد بن أبي بكر؛ أحد الفقهاء السبعة-؛ فوصله سعيد ابنُ منصور بسند صحيح عنه. وأما الحسن وابن سيرين؛ فوصله ابنُ أبي شيبة عنهما معاً. وأما الزهري؛ فوصله ابن أبي شيبة أيضاً. وأما عطاء فوصله الأثرم. 578 - وصله ابن أبي شيبة عنه بمعناه. 579 - وصله ابنُ أبي شيبة أيضاً. (5) يعني: شهادة الأعمى. 580 - وصله الكرابيسي. 581 - وصله عبد الرزاق. 582 - وصله ابن أبي شيبة وابن سعد. (6) أي: من مالِ الكتابةِ. 583 - لم يخرجه الحافظ.

12 - باب شهادة النساء وقوله تعالى: {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان}

الليل 6/ 111] في المسجدِ، فقالَ: [رَحِمَهُ الله؛ لَقَدَ أذْكَرَني كَذا وكَذا آيةً [كنتُ 6/ 110] أسقَطْتُهُن (وفي روايةٍ: انْسيتُها) من سورة كذا وكذا". 418 - وزادَ عبادُ بن عبدِ الله عن عائشةَ: تهجدَ النييّ - صلى الله عليه وسلم - في بيتي، فسَمعَ صوتَ عبادٍ (7) يصلي في المسجدِ، فقالَ: "يا عائشة! أصوت عبادٍ هذا؟ ". قلت: نعمْ. قالَ: "اللهُم! ارْحَمْ عباداً". 12 - بابُ شهادَةِ النساءِ وقولهِ تعالى: {فإنْ لم يَكونا رَجُلَيْنِ فرَجُل وامرأتانِ} (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سعيد المتقدم "ج/ 24 - الزكاة/ 46 - باب/ رقم الحديث 695 "). 13 - بابُ شهادَةِ الإماءِ والعبيدِ 584 - وقال أنس: شهادة العبدِ جائِزة إذا كان عدْلاً. 585 و 586 - وأجازَة شريِح، وزِرارة بن أوفى.

_ 418 - وصله أبو يعلى بسند فيه عنعنة محمد بن إسحاق. وعباد هو ابن عبد الله بن الزبير. (7) يعني: ابن بشر بن وقش. وظاهر صنيع المصنف أن الرجل المبهم في الرواية الموصولة هو عباد هذا. لكن جزم عبد الغني بن سعيد في "المبهمات" بأنه عبد الله بن زيد الأنصاري، وأيده الحافظ مبيناً أنهما قضيتان متغايرتان، فراجعه، فإنه خلاف صنيعه في "الإصابة" (2/ 254 - 255). 584 - وصله ابن أي شيبة. 585 و 586 - أما شريح فوصلة ابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، وسفيان بن عيينة في "جامعه" من طرق عنه، وأما زرارة بن أوفي- وهو قاضي البصرة-؛ فلم يقف عليه الحافظ.

14 - باب شهادة المرضعة

587 - وقال ابنُ سيرينَ: شهادتُهُ جائزة الْا العبدَ لسيدِه. 588 و 589 - وأجازه الحسنُ، وإبراهيمُ في الشيءِ التافه (8) 590 - وقالَ شُرَيح: كلكُم بنو عَبيد إماء. (قلتُ: أسند فيه حديث عقبة الآتي 675 - النكاح/ 24 - باب"). 14 - بابُ شهادةِ المرْضِعَةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من الحديثِ المشار إليه آنفاً). حَديثُ الإفْكِ 15 - باب تعديل النساء بعضِهِن بعضاً (قلت: أسند في حديث عائشة في الأفك، وسيأتي "64 - المغازي/ 36 - باب"). 16 - باب إذا زَكى رَجل رجلاً كفاه 591 - وقالَ أبو جميلة: وَجَدْتُ مَنْبوذاً (9)، فلما رآني عُمَرُ قالَ:"عسى الغويرُ أبؤساً"، كانْهُ

_ 587 - وصله عبد الله بن أحمد في" المسائل" بمعناه. 588 و 589 - وصله ابن أبي شيبة عنهما. (8) التافه: الحقير. 590 - وصله ابن أبي شيبة أيضاً. 591 - وصله البيهقي. (9) أي: لقيطاً، و (عسى ...) مثل يضرب فيما ظاهره السلامة، ويخشي منه الهلاك. وأصله أن أناساً دخلوا يبيتون في غار، فانهار عليهم، فاهلكهم، فالغوير مصغر غار، و (أبؤساً) منصوب على أنه خبر لـ (يكون) محذوفة.

17 - باب ما يكره من الإطناب في المدح، وليقل مايعلم

يَتهِمني. قال عَريفِي: إنه رجُل صالح. قالَ: كذلك؛ اذهبْ وعلينا نفقته. (قلتُ: أسند في حديث أبي بكرة الاتي "78 - الأدب/ 54 - باب"). 17 - بابُ ما يُكْرَهُ مِن الإطناب في المَدْحِ، ولْيَقُلْ مايَعْلَمُ 1204 - عن أبي موسى رضيَ الله عنهُ قالَ: سَمعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يُثني على رَجُل ويُطريهِ في مدْحِهِ، فقالَ: "أهْلَكْتُم أو قَطَعْتُم ظَهْرَ الرجُل". 18 - بابُ بُلوغِ الصبيانِ وشَهادَتِهم وقولِ الله تعالى: {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} 592 - وقال مُغيرةُ: "احتَلَمْت وأنا ابنُ ثنتي عشرة سنة". وبلوغِ النساءِ في الحَيْضِ؛ لقولهِ عزَّ وجلَّ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} إلى قولهِ: {أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُن}. 593 - وقال الحسنُ بنُ صالح: أدركْتُ جارَةً لنا جدةً بنت إحدى وعشرين. 1205 - عن ابنِ عُمَرَرضيَ الله عنهما أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَرَضَهُ يومَ احُدٍ، وهو ابنُ أربعَ عشرةَ سنةً، فلم يُجِزْني، ثم عَرَضَني يومَ الخَنْدَقِ، وأنا ابنُ خمسَ عشرةَ، فاجازَني. قالَ نافع: فَقَدِمْتُ على عُمَرَ بنِ عبد العزيز وهو خليفة، فحدثْتُه هذا الحديث، فقالَ: إن هذا لحَد بينَ الصغيرِ والكبيرِ، وكَتَبَ إلى عُمالِهِ أن يَفْرِضوا

_ 592 - لم يخرجه الحافظ. وبيض له في "تغليق العليق" (3/ 391). 593 - قال الحافظ: رويناه موصولاً في "المجالسة" للدينوري.

19 - باب سؤال الحاكم المدعي: هل لك بينة قبل اليمين؟

لمَنْ بَلَغَ خمس عشرةَ (10). 19 - باب سؤالِ الحاكمِ المدعي (11): هل لك بَينة قبلَ اليمين؟ (قلت: أسند في حديث ابن مسعود الآتي "81 - الأيمان/ 16 - باب "). 20 - باب اليمين على المدعي عليهِ في الأموالِ والحدودِ 419 - وقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "شاهِداكَ أو يَمينُهُ". 464 - عن ابنِ شُبرُمَةَ: كَلمَني أبو الزناد في شهادَةِ الشاهدِ ويمينِ المُدعي (12). فقلتُ: قالَ

_ (10) أي: يقدروا لهم رزقاً في ديوان الجندِ، وكانوا يفرقون بين المقاتلة وغيرهم في العطاء، وهو الرزق الذي يجمع في بيت المالِ، ويفرق على مستحقيه. (11) قوله: المدعي: بكسر العين وسكون التحتية، وفي اليونينية فتحها. (شارح). 419 - هو طرف من حديث ابن مسعود الآتي في الموضع المشار إليه آنفاً أعلاه. 594 - لم يخرجه الحافظ، وفي "التغليق" (30/ 392): "رواه سعيد بن منصور". (12) قلت: كان ابن شبرمة- وهو كوفي- يريد أن يقولَ: إن أبا الزناد- وهو مدني- احتج عليه في قبولِ يمين المدعي معَ الشاهِدِ الواحِدِ بحديث: " قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيمينٍ وشاهد"، وهو حديث صحيح، أخرجه مسلم وغيره، وله طرق كثيرة عن جمع من الصحابة، خرجتها في آخر "الإرواء"، فاحتج ابن شبرمة على أي الزناد، في مقابلة الحديث بالأية المذكورة. وليس ذلك بشيء كما يتبين للناظر في تمام الآية: {... ذلكم أقسَط عندَ اللهِ وأقْوَمُ للشهادَةِ وأدْنى إلاَّ تَرتابوا}، فقد دلت بصيغة التفضيل فيها على أن الأصل القسط، وقيام الشهادة، والبعد عن الريبة، قد يحصل بما هو دون ما ذكر فيها، فما هو؟ ليس إلا الشاهد واليمين كما في الحديث، فهو غير مناف لها، بل هو مبين لها، كما هو شان السنة مع القرآن. ومن شاء بسط الكلام في المسألة، والتثبت من صحة الحديث، وعدم معارضته للآية، مع الرد على الحنفية الذين ردوه بالأية، فليراجع كتاب "التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" (2/ 144 - 166)، وهو بحث نفيس جداً.

21 - باب إذا ادعى أوقذف؛ فله أن يلتمس البينة، وينطلق لطلب البينة

الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}. قلت: إذا كان يُكْتَفى بشهادَةِ شاهدٍ ويمين المدعي، فما يحتاجُ أن تذَكرَ إحداهما الأخرى، ما كانَ يُصنعُ بذكرِ هذه الأخرى (13)؟ (قلت: أسندَ فيه طرفاً من حديث ابنِ عباس الأتى "65 - التفسير/ 3 - آل عمران/ 3 - باب"). 21 - باب إذا ادعى أوقَذَفَ؛ فلهُ أنْ يَلْتَمِسَ البيِّنَةَ، وينْطلِقَ لطَلَبِ البَيِّنَةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الأتى "65 - التفسير/ 3 - السورة/ 3 - باب"). 22 - بابُ اليمينِ بعدَ العَصْرِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "42 - المساقاة/ 6 - باب/ رقم الحديث 1097 "). 23 - باب يَحْلِفُ المُدعى عليهِ حيثُما وَجَبَتْ عليهِ اليمينُ، ولا يُصْرَفُ من مَوْضع إلى غيرهِ 595 - قضى مروان باليمينِ على زيدِ بنِ ثابتٍ على المِنْبَرِ، فقالَ: أحْلِف له مكاني، فجعلَ زيدَ يحْلِف وأبى أنْ يَحْلِفَ على المِنْبَرِ، فجَعَلَ مروان يَعْجَب منه. 420 - وقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -:

_ (13) قال الإسماعيلي: الحاجة إلى إذكار إحداهما الأخرى، إنما هو فيما إذا شهدتا، وإن لم تشهدا قامت مقامهما يمين الطالب، ببيان السنة الثابتة ... إلخ كلامه، فراجعه في "الفتح". 595 - وصله مالك بسند صحيح نحوه. 420 - سبق قريباً مع بيان وصله.

24 - باب إذا تسارع قوم في اليمين

"شاهِداكَ أو يَمينُة"، فلم يَخص مكاناً دونَ مكانٍ. (قلتُ: أسند في طرفاً من حديث ابن مسعود المشار إليه آنفاً تحت "19 - باب"). 24 - بابٌ إذا تسارعً قوم في اليمينِ 1206 - عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عَرَضَ على قوم اليمينَ، فاسرَعوا، فامَرَ أن يُسهَمَ (14) بينَهُم في اليمينِ أيهُم يَحْلِفُ. 25 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} 26 - بابٌ كيف يُستَحْلَفُ؟ قالَ تعالى: {يَحْلفونَ باللهِ لكُم}، وقولُه عزَ وجل: {ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا}؛ يقالُ: باللهِ، وتاللهِ، وواللهِ 421 - وقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ورجل حَلَفَ بالله كاذباً بعدَ العصر". ولا يُحْلَفُ بغيرِ اللهِ. 27 - بابُ مَن أقامَ البَينَةَ بعدَ اليمينِ

_ (14) أي: يقرع بينهم في اليمين أيهم يحلف قبل الآخر. 421 - هو طرف من حديث أبي هريرة المشار إلى وصله قريباً "22 - باب".

28 - باب من أمر بإنجاز الوعد

422 - وقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لعل بعضَكُم ألْحَنُ بحُجتِه مِن بعض". 596 - 598 - وقالَ طاوس، وإبراهيمُ، وشُريح: البينَةُ العادِلةُ أحَق من اليمينِ الفاجِرَةِ. (قلت: أسندَ فيه حديث أم سلمة الآتي في "93 - الأحكام"). 28 - بابُ مَن أمَرَ بإنجازِ الوَعْدِ 599 - وفَعَلَهُ الحسنُ. وذكَرَ إسماعيلَ: {إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} (15). 600 - وقَضى ابنُ الأشوعِ بالوَعْدِ، وذَكَرَ ذلك عن سَمُرَةَ. 423 - وقالَ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ: سمعْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وذَكَرَ صِهْراً لهُ- قالَ: "وعَدَني، فوَفَى لي". قالَ أبو عبدِ اللهِ: ورأيتُ إسحاقَ بنَ إبراهيمَ يَحْتَج بحديثِ ابنِ أشْوَعَ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديثِ ابن عباس الطويل الآتي "56 - الجهاد/ 102 - باب").

_ 422 - هو قطعة من حديث أم سلمة الآتي في "93 - الأحكام/ 19 - باب". 596 - 598 - قال الحافظ: أما قول طاوس وإبراهيم فلم أقف عليهما موصولين. وأما قول شريح فوصله البغوي في"الجعديات". 599 - لم يخرجه الحافظ، وبيض له في" التغليق" (3/ 394). (15) كذا في نسختنا، وعليه رواية النسفي، وفي نسخة الحافظ: {واذكرْ في الكِتاب إسْماعيلَ إنه كانَ صادقَ الوَعْدِا} ولعله أصح. 600 - ذكره ابن راهويه في "تفسيره"، وبيض له في "التغليق"، لكنه وصل قضاء ابن الأشوع. 423 - وصله المصنف فيما يأتي من "57 - الخمس/ 5 - باب".

29 - باب

29 - باب 1207 - عن سعيد بن جبيرٍ قالَ: سألني يَهودي مِن أهلِ الحِيرةِ: أي الأجَلَيْنِ قَضَى موسى؟ قلتُ: لا أدري حتى أقْدَمَ على حَبْرِ العَرَب (16)، فاسالَهُ، فقدِمْتُ، فسالتُ ابنَ عباس؟ فقال: قضى أكثرَهُما وأطيبَهُما، إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا قالَ فَعَلَ. 30 - باب لا يُسأل أهْلُ الشرْكِ عن الشهادةِ وغيرِها 601 - وقالَ الشعْبِى: "لا تَجوزُ شهادَةُ اهلِ الملَلِ بعضِهِم على بعض"؛ لقوله تعالى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ}. 424 - وقال أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُصَدقوا أهلَ الكِتابِ، ولا تُكذبوهُم، و {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ} الآية". 1208 - عن ابن عباس رضيَ الله عنهما قال: يا مَعْشرَ المسلمينَ! كيف تسألون أهل الكِتاب وكتابُكُم الذي انزلَ على نبيهِ - صلى الله عليه وسلم - أحدَثُ الأخبارِ باللهِ؛ تقرؤونَهُ لم يُشَبْ، وقد حدَثكُم الله أن أهلَ الكتابِ بدلوا ما كَتَبَ الله، وغيروا بأيديهِم الكتابَ، فقالوا: {هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا}؛ أفلا يَنْهاكُم ما جاءَكُم من العلمِ عن مُساءلَتِهم؟ ولا واللهِ ما رأينا رجلاً منهُم قط يسألُكُم عن الذي انزِلَ عليكم.

_ (16) الحبر: فيه الكسر والفتح، والمراد به العالم الماهر. 601 - وصله سعيد بن منصوربسند صحيح عنه نحوه. 424 - وصله المصنفُ في "65 - التفسير/ 2 - سورة/ 11 - باب".

31 - باب القرعة في المشكلات، وقوله: {إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم}

31 - باب القُرْعَةِ في المُشْكِلاتِ، وقولهِ: {إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} 602 - وقالَ ابنُ عباس: اقتَرَعوا، فجَرتِ الأقلامُ مع الجِرْيةِ، وعالَ قلمً زَكريا الجِرْيةَ، فكَفَلَها زَكريا (17). وقولهِ: {فساهَمَ}: أقرعَ، {فكانَ مِن المُدْحَضينَ}: مِن المَسْهومينَ. 425 - وقالَ أبو هريرة: عَرَضَ النبي - صلى الله عليه وسلم - على قوم اليمينَ، فأسرعوا، فأمرَ أن يُسْهَمَ بينَهُم في اليمينِ؛ أيهُمْ يَحلِفُ.

_ 602 - وصله ابنُ جرير بمعناه. (17) والمعنى: أنهم اقترعوا على كفاله مريم أيهم يكفلها، فأخرج كل واحد منهم قلماً، وألقوها كلها في الماء، فجرت أقلام الجميع مع الجرية إلى أسفل، وارتفع قلم زكريا، فأخذها. "فتح". 425 - تقدم قريباً عند المصنف موصولاً "24 - باب/ رقم الحديث 1206".

53 - كتاب الصلح

بسم الله الرحمن الرحيم 53 - كتابُ الصُّلْحِ 1 - [بابُ] ما جاءَ في الِإصلاحَ بينَ الناسَ، وقولَ اللهِ تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}، وخُروجِ الِإمامِ إلى المواضعِ ليُصْلحَ بينَ الناسِ باصحابِه 1209 - عن أنسٍ رضيَ الله عنه قالَ: قيلَ للنبى - صلى الله عليه وسلم -: لو أتيتَ عبدَ اللهِ بنَ أبَى، فانطلَقَ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورَكِبَ حِماراً، فانطلَقَ المسلمونَ يَمشونَ معهُ، وهي أرض سَبِخَة، فلما أتاهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: إليكَ عني، واللهِ لقد آذاني نَتْنُ حمارِكَ! فقالَ رجل مِن الأنصارِ منهُم: والله لحِمارُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أطيَبُ ريحأً منكَ، فغَضِبَ لعبدِ اللهِ رجل مِن قومِهِ، فشَتما، فغَضِبَ لكل واحدٍ منهما أصحابُهُ، فكانَ بينَهما ضَرْب بالجريدِ، والنَعالِ، والأيْدِي، فبَلَغَنا أنَها انْزَلَتْ: {وإنْ طائِفَتانِ مِن المؤمِنينَ اقْتَتَلوا فأصْلِحوا بينَهُمَا} (1).

_ (1) قلتُ: هذا الحديث أعله الإسماعيلي بالانقطاع بين سليمان والد المعتمر، وبين أنس، وأقره الحافظ في "الفتح"، فراجعه، مع استشكال لابن بطال في نزول الآية المذكورة فيه في هذه القصة، مع أن المخاصمة وقعت بين من كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين أصحاب عبد الله بن أبي، وكانوا إذ ذاك كفاراً. وإشكال آخر من عند الحافظ نفسه، فراجعه.

2 - باب ليس الكاذب الذي بصلح بين الناس

2 - باب ليس الكاذِبُ الذي بُصْلحُ بينَ الناسِ 1210 - عن أُمُّ كلثوم بنتِ عقْبَة أنها سَمِعَتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "ليس الكَذابُ الذي يصْلح بينَ الناسِ؛ فينْمي (2) خيراً، أو يقولُ خيراً". 3 - باب قولِ الإمام لأصحابِهِ: اذْهبوا بنا نُصْلحُ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 48 - باب/ رقم الحديث 361"). 4 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (قلت: أسند فيه حديث عائشة الآتي "67 - النكاح/ 96 - باب "). 5 - بابٌ إذا اصطَلَحوا على صلْحِ جَوْرٍ فالصلْح مَرْدودٌ 1211 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالتْ: قال رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليسَ فيهِ؛ فهوَ رَد". 6 - بابٌ كيفَ نكتَبُ: هذا ما صالحَ فلان بنُ فلان وفلان بن فلان، ولم يَنْسُبْهُ إلى قَبيلَتِهِ أونَسَبِهِ؟ (قلت: أسند فيه حديث البراء الاتى" 64 - المغازي/ 5 - باب ").

_ (2) يُقال: نَمَيْت الحديث أنْميه؛ إذا بلغْتَة على وجه الإصلاح وطلب الخير.

7 - باب الصلح مع المشركين، فيه عن أبي سفيان (*)

7 - بابُ الصُلْحِ معَ المُشْرِكينَ، فيه عن أبي سفيان (*) 426 - وقالَ عَوف بنُ مالِكٍ عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ثُم تكونُ هدنه بينَكُم وبينَ بني الأصفرِ". 427 - وفيه سَهْل بنُ حنَيفٍ: "لقد رأيْتُنا يومَ أبي جندَل". 428 و 429 - وأسماءُ والمِسْوَرُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 1212 - عن ابنِ عُمَرَرضيَ الله عنهما أنَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - خرَجَ مُعْتَمراً، فحالَ كفارُ قريش بينَهُ وبينَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنَحَرَ هَدْيَهُ، وحَلَقَ رأسَهُ بالحُدَيْبِيَةِ، وقاضاهم على أن يَعْتَمِرَ العامَ المقبِلَ، ولا يَحْمِلَ سِلاحاً عليهم إلا سُيوفاً، ولا يُقيمَ بها إلا ما أحَبوا، فاعتمَرَ مِن العامِ المُقْبِلِ، فدَخَلَها كما كانَ صالَحَهُم، فلما [أنْ 5/ 85] أقامَ بها ثلاثاً، أمروهُ أن يَخْرُخ، فخَرَخ. 8 - بابُ الصلْحَ فيه الديَةِ 1213 - عن أنس أن الربيعَ [عفَتَه 5/ 154]- وهي ابنةُ النضْرِ- كَسَرَتْ ثَنِيةَ جاريةٍ، فطَلَبوا الأرْشَ، وطَلبوا العفوَ، (وفي روايةٍ: فطلبوا إليها العفوَ، فابَوْا،

_ (*) يشير إلى قول أبي سفيان في حديثه الطويل مع هرقل الآتي في "56 - الجهاد/ 102 - باب": "ونحن الآن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها". 426 - هذا طرف من حديث وصله فيما يأتي "58 - الجزية/ 15 - باب". 427 - سيأتي موصولاً بتمامه هناك (18 - باب). 428 و 429 - أما حديث أسماء فكأنه يشير إلى حديثها المتقدم في "51 - الهبة/ 28 - باب/ رقم الحديث 1184". وأما حديث المسور فسيأتي موصولاً في "54 - الشروط/ 15 - باب"

9 - باب

فعرضوا الأرْشَ)، فأبَوْا، فأتَوُا النبي - صلى الله عليه وسلم -[وأبَوْا إلا القِصاصَ]- فأمَرَهُم بالقِصاصِ، فقالَ أنسُ بنُ النَضْرِ: أتكْسَرُ ثنِيةُ الرُبيعِ يا رسولَ الله؟! لا؛ والذي بَعَثَكَ بالحَق لا تُكْسَرُ ثَنِيتُها. فقالَ: "يا أنَسُ! كِتابُ الله القِصاصُ (3) "، فرَضِيَ القومُ، وعَفَوْا، (وفي روايةٍ: وقبلوا الأرْشَ 5/ 188)، [وتَرَكوا القِصاصَ 3/ 205]، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِن عِبادِ اللهِ مَن لَو أقْسَمَ على اللهِ لأبَره". 9 - بابُ 430 - قولِ النبىً - صلى الله عليه وسلم - للحسنِ بنِ على رضيَ الله عنهما: "ابني هذا سيدَ، ولعل الله أنْ يُصْلحَ بهِ بينَ فئتينِ عظيمتينِ). وقولهِ جل ذكرُهُ: {فأصْلِحوا بَيْنَهما} 1214 - عن [إسرائيلَ 8/ 98] أبي موسى [(أنه) جاءَ إلى ابنِ شُبْرُمَةَ (4)، فقادَ: أدخلني على عيسى فأعِظَهُ، فكأنً ابن شُبْرُمَةَ خاف عليه، فلم يفعل]، قالَ: سمِعْتُ الحَسَنَ يقولُ: استقبلَ- واللهِ- الحسنُ بنُ عليَ معاويةَ بكتائِبَ أمثالِ الجبالِ، فقالَ عمرو بنُ العاصي: إني لأرى كتائبَ لا تُوَلي حتى تَقْتُلَ أقرانَها (وفي

_ (3) فائدة: قال أبو داود عقب الحديث: سمعت أحمد بن حنبل قيل له: كيف يقص من السن؟ قال: تُبَرد. والأرش: هي دية الجراحات. 430 - وصله المصنف رحمه الله تعالى في الباب. (4) هو عبد الله قاضي الكوفة في خلافة أبي جعفر، و (عيسى) هو ابنُ أخي أبي جعفر المنصور، وكان أميراً على الكوفة إذ ذاك.

10 - باب هل يشير الإمام بالصلح؟

روايةٍ: حتى تُدبرَ أخراها)، فقالَ لهُ معاوية:- وكان واللهِ خيرَ الرجُلَيْنِ-: أيْ عمرو! إنْ قَتَلَ هؤلاءِ هؤلاءِ، وهؤلاءِ هؤلاءِ، مَن لي بأمورِ الناسِ؟ مَن لي بنسائِهم؟ مَن لي بضَيْعَتِهم؟ [فقالَ: أنا]، فبعثَ إليه رَجلينِ مِن قُريش، من بني عبد شمس عبدَ الرحمن بن سَمُرَةَ، وعبدَ الله بنَ عامِر بن كُرَيْزٍ، فقالَ: اذهبا إلى هذا الرًجُل، فاعرِضا عليه، وقولا له، واطْلُبا إليه (5) (وفي روايةٍ: فقالَ عبدُ اللهِ بنُ عامرٍ وعبدُ الرحمن بنُ سمرة: نلقاه فنقولَ له الصلح)، فاتياهُ، فدخلا عليه، فتكلما، وقالا له، وطلبا إليه، فقالَ لهما الحسنُ بنُ على: إنَا بَنو عبدِ المطلبِ قد أصبنا مِن هذا المال، وإنً هذه الأمةَ قد عاثَتْ (6) في دمائِها، قالا: فإنه يَعْرِضُ عليك كذا وكذا، ويَطْلُبُ إليك، ويسألُكَ، قالَ: فمَن لي بهذا؟ قالا: نحن لكَ به، فما سألَهُما شيئاً إلا قالا نحنُ لك به، فصالَحَهُ، فقالَ الحسنُ: ولقد سَمِعْتُ أبا بكرةَ يقولُ: رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على المنبر [يَخْطُبُ]، والحسنُ بنُ علي إلى جنبهِ، وهو يُقبل على الناسِ مرة، وعليه أخرى، ويقول: "إنَّ ابني هذا سيدٌ، ولعل اللهَ أنْ يُصْلحَ بهِ بينَ فئتينِ عظيمتينِ مِن المسلمينَ". قال: قال لي على بنُ عبدِ الله: إنَما ثبتَ لنا سماعُ الحسنِ من أبي بكرةَ بهذا الحديث. 10 - بابٌ هل يُشيرُ الإمامُ بالصلْحِ؟

_ (5) أي: ليكن مطلوبكما مفوضاً إليه. (6) أي: اتسعت في القتل والإفساد، فلا تكف إلا بالمال، و (الحسن): هو البصري.

11 - باب فضل الإصلاح بين الناس والعدل بينهم

1215 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالتْ: سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوتَ خصوم بالبابِ، عاليةً أصواتهم، وإذا أحَدهما يَسْتَوْضغ (7) الأخرَ، ويَسْتَرفِقة في شيءٍ، وهو يقول: واللهِ لا أفعل، فخرج عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: "أينَ المُتَالي (8) على الله لا يَفْغلُ المعروفَ؟ ". فقالَ: أنا يا رسولَ الله! ولهُ أي ذلك أحَب. 11 - بابُ فضلِ الإصلاح بينَ الناسِ والعَدلِ بينَهُم (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة الآتي "56 - الجهاد/ 128 - باب"). 12 - باب إذا أشارَ الإمامُ بالصُّلْحِ، فأبى؛ حكمَ عليه بالحُكمِ البَينِ (قلت: أسند فيه حديث الزبير الماض في 421 - المسافاة/ 7 - باب/ رقم الحديث 1098 ") 13 - بابُ الصلْحِ بينَ الغُرَماء وأصحاب الميراثِ، والمُجازَفةِ في ذلك

_ (7) أي: يطلب منه الوضيعة، أي: الحطيطة من الدين. (8) أي: الحالف المبالغ في اليمين، وقوله: (وله)، أي: لخصمي ما أحب من وضع الدين والرفق.

14 - باب الصلح بالدين والعين

603 - وقالَ ابن عباس: لا بأسَ أن يتخارَجَ الشريكانِ؛ فيأخذَ هذا ديناً، وهذا عَيْناً، فإن تَوِيَ لأحدهما؛ لم يَرْجِعْ على صاحِبِهِ. (قلت: أسند فيه حديث جابر مع غرمائه المتقدم في "34 - البيوع/ 51 - باب/ رقم الحديث 1005") 14 - بابُ الصُلْحِ بالديْنِ والعينِ (قلتُ: أسندَ فيه حديث كعب المتقدم في 1/ 8 - الصلاة/ 71 - باب/ رقم الحديث 242").

_ 603 - وصله ابن أبي شيبة؛ كما تقدم في "38 - الحوالات/ 1 - باب".

54 - كتاب الشروط

بسم الله الرحمن الرحيم 54 - كتاب الشُّروطِ 1 - باب ما يَجوزُ مِن الشروطِ في الإسلام والأحكامِ والمُبايَعَةِ 2 - بابٌ إذا باعَ نخلًا قد أبًرَتْ (قلت: أسندَ فيه حديث ابن عمر المتقدم في"34 - البيوع / 90 - باب/ رقم الحديث 1039 "). 3 - باب الشروطِ في البيعِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "34 - البيوع/ 73 - باب/ رقم الحديث 1024 "). 4 - بابٌ إذا اشترَطَ البائعُ ظهرَ الدابةِ إلى مكانٍ مُسمى؛ جازَ (قلت: أسندَ في حديث جابر في "قصة جمله"، وقد مضى في "34 - البيوع/ 34 - باب/ رقم الحديث 990 "). 5 - باب الشروطِ في المعاملةِ 6 - باب الشروطِ في المَهْرِ عند عُقْدةِ النكاحِ 604 - وقالَ عمرُ: إن مقاطِعَ الحقوقِ عند الشروطِ، ولك ما شَرَطْتَ.

_ 604 - وصله ابن أبي شيبة وسعيدُ بن منصور.

7 - باب الشروط فى المزارعة

431 - وقال المسوَرُ: سَمِعتُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكرَ صِهراً لهُ، فاثنى عليه في مُصاهَرَتِه، فأحسَنَ، قالَ: "حدّثَني، وصدَقني، ووعَدَني، فوَفى لي". 1216 - عن عقبةَ بنِ عامرٍ قالَ: قالَ رسولُ - صلى الله عليه وسلم -: "أحق الشروطِ أن تُوفوا بهِ (وفي روايةٍ: أحقٌّ ما أوفيتُم من الشروطِ 6/ 138) ما اسْتَحْللْتُم بهِ الفُروجَ". 7 - بابُ الشروطِ فى المُزارَعَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث رافع المتقدم "41 - الحرث/ 12 - باب/ رقم الحديث 1088"). 8 - بابُ ما لا يَجوزُ مِن الشروطِ في النكاحِ (قلت: أسندَ فيه حديث أبي هريرة المتقدم "34 - البيوع/ 58 - باب/ رقم الحديث 1010"). 9 - بابُ الشروطِ التي لا تَحِل في الحُدودِ 1217 و 1218 - عن أبي هريرة وزيدِ بن خالدٍ الجُهَنِي رضيَ الله عنهما أنهما قالا: إنَّ رجُلاً من الأعرابِ أتى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[وهو جالس 8/ 28] فقالَ (وفي روايةٍ: أن رجلين اختصما إلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ أحدُهما 7/ 16): يا رسولَ اللهِ! أنْشُدُكَ الله إلا قضيتَ لي بكتابِ اللهِ، فقالَ الخصمُ الآخَرُ- وهو أفقهُ منه-: نعم (وفي روايةٍ: أجل)؛ فاقْضِ [يا رسولَ الله! 8/ 30] بينَنا بكتابِ اللهِ،

_ 431 - وصله المصنف فيما يأتي "57 - الخمس/ 5 - باب".

10 - باب ما يجوز من شروط المكاتب إذا رضي بالبيع على أن يعتق

وائذَنْ لي [أن أتكلمَ]، فقالَ رسولُ اللةِ - صلى الله عليه وسلم -: "قُلْ". قالَ: إن ابني كان عَسِيفاً على هذا، [قالَ مالكٌ: والعسيفُ: الأجيرُ]، فزنى بامْرَأتِه، وإني اخْبِرْتُ أنَ على ابني الرجْمَ، فافْتَدَيْتُ منه بمائةِ شاةٍ ووليدةٍ، فسألتُ أهلَ العلمِ؛ فأخبروني أنَما على ابني جلدُ مائة، وتغريبُ عام، وأن على امرأةِ هذا الرجْمَ، فقالَ رسولُ اللةِ - صلى الله عليه وسلم -: " [أما] والذي نفسي بيدهِ؛ لأقضيَن بينكما بكتابِ اللةِ؛ [أما] الوليدةُ والغنمُ [ف] رَد عليك، وعلى ابنِكَ جلدُ مائةٍ، وتغريبُ عام (وفي روايةٍ: وجَلَدَ ابنَهُ مائةً، وغربهُ عاماً)، اغدُ. يا انَيْسُ! إلى امرأةِ هذا، فإنِ اعتَرَفَتْ فارْجُمْها". قالَ: فغدا عليها، فاعترفت، فامَرَ بها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فرُجِمَتْ (وفي روايةٍ: فاعترفت، فرَجَمَها 8/ 34). 10 - بابُ ما يجوزُ مِن شروطِ المُكاتَبِ إذا رضيَ بالبيعِ على أن يُعْتَقَ (قلت: أسند في حديث عائشة في قصة بريرة المتقدم "50 - المكاتب/ 6 - باب/ رقم الحديث 1164"). 11 - بابُ الشروطِ في الطلاقِ 605 - 607 - وقالَ ابنُ المُسَيبِ، والحسنُ، وعطاء: إنْ بدأ بالطلاقِ أو أخرَ؛ فهو أحَق بشرطه. (قلت: أسند في حديث أبي هريرة الماضي في "34 - البيوع/ 58 - باب/ رقم الحديث 1010").

_ 605 - 607 - وصله عبد الرزاق من طريق قتادة عن ابن المسيب والحسن نحوه، وعن ابن جريج عن عطاء مثله.

12 - باب الشروط مع الناس بالقول

12 - بابُ الشروطِ معَ الناسِ بالقَوْلِ (قلت: أسند فه طرفاً من حديث أبيً بن كعب الآتي "65 - التفسير/ 18 - السورة/ 3 - باب"). 13 - بابُ الشروطِ في الولاءِ (قلت: أسند فيه قصة بريرة التقدمة في "34 - البيوع/ 73 - باب/ رقم الحديث 1024 "). 14 - باب إذا اشترَطَ في المُزارَعةِ: إذا شئتُ أخرجْتُكَ (قلت: أسند في حديث ابن عمر المتقدم " 41 - الحرث/ 17 - باب/ رقم الحديث 1090"). 15 - بابُ الشُروطِ في الجهادِ، والمصالَحَةِ مع أهلِ الحروبِ وكتابَةِ الشروطِ 1219 - عن عروة بن الزبير عن المِسْوَر بن مَخْرَمَة ومروانَ، يُصَدقُ كل واحدٍ منهما حديثَ صاحبِهِ، قالا: خرجَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[من المدينة 2/ 182] زمنَ الحُدَيْبِيَةِ [في بضعَ عشْرةَ مائةً من أصحابِه، فلما كان بذي الحُلَيْفةِ قَلدَ الهَدْيَ، وأشعره، وأحرَمَ منها 5/ 64] [بعمره، وبعثَ عيناً لهُ مِن خُزاعةَ، وسارَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كان بغدير (الأشطاطِ) (1)، أتاه عينُه، قالَ: إن قريشاً جَمعوا لك جموعاً، وقد جَمَعوا لكَ الأحابيشَ، وهم مقاتِلوكَ، وصادُّوك عن البيتِ ومانِعوك، فقالَ: " أشِيروا أيها الناسُ على، أتَرَوْنَ أن أميلَ إلى عيالِهِم وذَراري هؤلاءِ الذين يُريدونَ أن يَصُدونا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنْ يأتونا كانَ الله قد قَطَعَ عيناً من المشركينَ، وإلا

_ (1) موضع قريب من (عسفان) كما في رواية أحمد (4/ 328) و (عسفان) على مرحلتين من مكة، و (الأحابيش): الجماعة من الناس ليسوا من قبيلة واحدة.

تَرَكْناهُم مَحْروبينَ" (2). قالَ أبو بكرٍ: يا رسولَ اللهِ! خرجتَ عامِداً لهذا البيتِ، لا تريدُ قتلَ أحلإ، ولا ربَ أحدٍ، فتوجهْ لهُ، فمَن صذَنا عنهُ قاتَلْناهُ. قالَ: امضوا على اسم الله" 67/ 5] (3)، حتى كانوا ببعضِ الطريقِ، قالَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ، في خيل لقُريش طليعةً (4)، فخذوا ذات اليمين"، "فواللهِ ما شَعَرَ بهم خالد، حتى إذا هُم بقَتَرَةِ الجيشِ، فانْطَلَقَ يركضُ ذيراً لقريش، وسارَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان بالثنِيًةِ التي يُهْبَطُ عليهم منها، بَرَكَتْ هِ راحِلَتُهُ، فقالَ الناس: حَلْ حَلْ، فالَحًتْ، فقالوا: خَلأتِ القَصْواءُ (5)، خلأتِ لقَصواءُ، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما خَلأتِ القَصواءُ، وما ذاك لها بخُلُقٍ، ولكِنْ حَبَسَها حابِسُ الفيلِ"، ثم قلَ:" والذي نفسي بيدِهِ؛ لا يسألوني خُطةً (6) يُعَظمونَ فيها حُرُماتِ اللهِ؛ إلا

(2) أي: مسلوبين منهوبين. ولفظ أحمد: " ... تكن عنقاً قطعها الله". قال الحافظ: "والمراد أنه - صلى الله عليه وسلم - استشار أصحابه هل يخالف الذين نصروا قريش إلى مواضعهم، فيسبي أهلهم، فإن جاؤوا إلى نصرهم اشتغلوا بهم، وانفرد هو وأصحابه بقريش، وذلك المراد بقوله: "تكن عنقاً قطعها الله، فأشار عليه أبو بكر بترك القتال"، و (عنقاً) هكذا وقع في" المسند" (4/ 328). (3) زاد أحمد:" فراحوا". (4) بالنصب، ولأبي ذر: طليعة؛ بالرفع: وهو مقدمة الجيش، وقوله: (قترة): بفتح القاف والمثناة الفرقية، وسكنها في الفرع: غباره الأسود. (5) الخلأ: للإبل كالحران للخيل. (6) أي: خصلة. و (الثمد) أي: حفيرة فيها ماء مثمود، أي: قليل. وقوله: (قليل الماء): تأكيد =

أعطيْتُهُم إياها"، ثم زَجَرَها، فوثَبَتْ، قالَ: فعَدَلَ عنهم، حتى نَزَلَ باقصى الحديبية على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ، يتبرضة الناسُ تَبَرضاً، فلم يلَبثْهُ الناسُ حتى نَزَحوهُ، وشُكيَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - العَطَشُ، فانْتَرع سهماً مِن كِنانَتِه، ثم أمَرَهم أنْ يجعلوه فيهِ، فواللهِ ما زالَ يجيشُ لهُم بالري حتى صَدَروا عنه، فبينما هم كذلك إذ جاءَ بُدَيْل بن وَرقاءَ الخزاعيُ في نَفَرٍ مِن قومِهِ مِن خُزاعَةَ، وكانوا عَيْبَةَ (7) نُصْحِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِن أهلِ تِهامَةَ، فقالَ: إنَي تَرَكْتُ كَعْبَ بنَ لؤي، وعامِرَ بنَ لُؤَي، نَزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيةِ، ومعهم العوذُ المَطافيلُ (8)، وهُم مقاتِلوكَ، وصادوكَ عن البيتِ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنَا لَمْ نَجِىءْ لقتالِ أحدٍ، ولكنا جئنا معتمرينَ، وإنَ قريشاً قد نَهَكَتْهُم (9) الحربُ، وأضرت بهِم، فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مدةً ويُخَلوا بيني وبينَ الناسِ، فإنْ أظْهَرْ فإنْ شاؤوا أن يَدْخُلوا فيما دَخَلَ فيه الناسُ فعَلوا، وإلا فقد جَمُّوا (10)، وانْ هم أبَوا، فوالذي نفسي بيدِه؛ لأقاتِلَنَهُم على أمري هذا حتى تَنْفَرِدَ سالِفتي، ولينْفِذَنَ اللهُ أمرَهُ"، فقالَ بُدَيْلٌ: سابَلغُهُم ما تقول، قال: فانطلَقَ حتى أتى قريشاً، قالَ: إنا

_ = لدفع توهم ان يراد لغة من يقول: إن الثمد الماء الكثير. و (التبرض) جمع الماء بالكفين. وقوله: (فلم يُلْبِثْهُ الناس)، أي: لم يتركوه يلبث. (7) أي: موضع سرة وأمانته. (8) العوذ: جمع عائذ، أي: النوق الحديثات النتاج ذات اللبن. و (المطافيل): الأمهات التي معها اطفالها. (9) بفتح الهاء أو كسرها. أي: أضعفت قوتهم. (10) قوله: (قد جَموا) أي: استراحوا من جهد القتال، وجاء في رواية غير هذه: "وإن ظهر الناس علي، فذلك الذي يبغون". وقوله: (حتى تنفرد سالفتي)، أي: حتى تنفصل رقبتي عن بدني.

قد جِئناكُم مِن هذا الرجلِ، وسمعناهُ يقولُ لْولاً، فإنْ شئتُم أن نعرِضَهُ عليكُم فعلنا. فقالَ سفهاؤهم: لا حاجةَ لنا أن تُخبرنا عنه بشيء، وقالَ ذو الرأي منهم: هاتِ ما سَمِعْتَهُ يقولُ. قالَ: سَمِعْتُهُ يقولُ: كذا وكذا، فحدثَهُم بما قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقامَ عروةُ بن مسعود، فقالَ: أيْ قومِ! ألستُم بالوالِدِ؟ قالوا: بلى. قالَ: أولستُم بالولد؟ قالوا: بلى. قالَ: فهل تَتهِموني؛ قالوا: لا. قالَ: ألستُمْ تَعْلمونَ أني استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ (11)، فلما بَلحوا على جئتُكُم باهلي وولدي ومن أطاعني؟ قالوا: بلى. قالَ: فإن هذا قد عَرَضَ لكُم خُطةَ وُشْدٍ، اقبلوها، ودعوني آتيهِ. قالوا: ائتِه، فاتاهُ، فجَعَلَ يكلمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - نحواً مِن قولهِ لبُدَيْل، فقال عُرْوَةُ عندَ ذلك: أيْ محمد! أرأيتَ إنِ استأصَلتَ أمرَ قومكَ؛ هل سمِعْتَ بأحدٍ من العَرَب اجتاحَ (12) أهلَهُ قبلَكَ؟ وإنْ تكُنِ الأخرى؛ فإني واللهِ لا أرى وجوهاً، وإني لأرى أشواباً من الناسِ، خليقاً أن يَفِروا ويَدَعوكَ! فقالَ لهُ أبو بكرٍ رضيَ الله عنه: امصَصْ بِبَظْرِ اللأتِ؛ أنحنُ نَفِر عنهُ ونَدَعُهُ؟ فقالَ: مَن ذا؟ قالوا: أبو بكرٍ. قالَ: أما والذي نفسي بيدِه؛ لولا يد كانت لك عندي لم أجْزِكَ بها لأجَبْتُك، قالَ: وجَعَلَ يكلمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكُلما تَكَلمَ أخَذَ بلِحْيَتِه (13)، والمغيرةُ بنُ شعبةَ قائم على رأس النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعهُ السيفُ، وعليهِ

_ (11) أي: دعوتهم للقتال نصرة لكلم. و (عكاظ) غير منصرف، وقد يصرف. وقوله: (بلحوا): أي امتنعوا. و (خطة رشد): خصلة خير وصلاِح. (12) الاجتياح: الإهلاك. و (الأشواب): الأخلاط من الناس، كالأوشاب، والأوباش، والأمر بمص النظر من الشتوم الغليظة عند العرب. (13) قال الحافظ: كانت عادة العرب أن يتناول الرجل لحية من يكلمه، ولا سيما عند الملاطفة، =

المِغْفَرُ، فكُلما أهوى عُروةُ بيدِهِ إلى لحيةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ضرَبَ يدَهُ بنعل السيفِ (14)، وقالَ لهُ: أخرْ يَدَكَ عن لحيةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فرَفَعَ عُروةُ رأسهُ، فقالَ: مَن هذا؛ قالوا: المُغيرةُ بن شعبةَ، فقال: أيْ غُدَرُ (15)! ألستُ أسعى في غَدْرَتِكَ (16)، وكانَ المغيرةُ صَحِبَ قوماً في الجاهليةِ، فقَتَلَهُم، وأخَذَ أموالَهُم، ثم جاءَ، فأسلَمَ، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اما الِإسلامُ فاقبلُ، وأما المالُ فلستُ منه في شيء". ثم إنَّ عروةَ جَعَلَ يَرمُقُ أصحابَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعينَيْهِ، قالَ: فواللهِ ما تَنَخمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نخامةً، إلا وقعت في كفً رجُلٍ منهُم، فدَلَكَ بها وجهَهُ وجِلْدَهُ، وإذا أمرَهم ابْتَدروا أمرَهُ، وإذا تَوَضأ كادوا يَقْتَتِلونَ على وضوئهِ، وإذا تَكَلمَ خَفَضوا أصواتَهم عندَهُ، وما يُحِدونَ إليهِ النًظَرَ تعظيماً لهُ، فرَجَعَ عروةُ إلى أصحابِهِ، فقالَ: أي قومِ! واللهِ لَقَدْ وَفَدْتُ على المُلوكِ، ووَفَدْتُ على قَيصرَ، وكسرى، والنجاشي، واللهِ إنْ رأيتُ مَلِكاً قَط يُعَظمُهُ أصحابُهُ ما يُعَظَمُ أصحابُ محمدٍ محمداً، واللهِ إنْ تَنَخمَ نُخامةً (17) إلا وقعَتْ في كَفً رجُل منهم، فدَلَك بها وَجْهَهُ وجِلْدَهُ، وإذا

_ = وفي الغالب إنما يصنع ذلك النظير بالنظير، لكن كان - صلى الله عليه وسلم - يفضي لعروة عن ذلك استمالة له، وتأليفاً، والمغيرة يمنعه إجلالًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وتعظيماً. (14) هو ما يكون أسفل القراب من فضة أو غيرها. (15) (غُدَر) يعني: يا من فعله كله الغدر. (16) أي: ألست أسعى في دفع شر غدرتك، يشير عروة بهذا إلى ما وقع للمغيرة قبل إسلامه، وقتله ثلاثة عشر نفراً من ثقيف غدراً. انظر "الفتح". (17) قلت: فعلوا ذلك تبركا به - صلى الله عليه وسلم - وحباً له، وقد أقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه لحكمةٍ بالغة، ظهرت فيما يأتي من القصة، وقد جاءَ ما يُشْعِرُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرفهم عن ذلك في حادثة أخرى، كما حققتُه في بعض مؤلفاتي. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة" (2998).

أمَرَهُم ابتَدروا أمرَهُ، وإذا توضَأ كادوا يَقْتَتِلونَ على وَضوئهِ، وإذا تَكَلمَ خَفَضوا أصواتَهُم عندَهُ، وما يُحِدونَ النظرَ إليهِ تعظيماً لهُ، وإنَه قد عَرَضَ عليكُم خُطًةَ رُشْدٍ فاقْبَلوها، فقالَ رجُل من بني كنانَةَ: دعُوني آتيهِ، فقالوا: ائتِهِ، فلمَّا أشرَفَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِهِ، قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذا فلان، وهو من قوم يُعَظمونَ البُدْنَ، فابْعَثوها لهُ"، فبُعِثَتْ له، واستَقْبَلَهُ الناس يُلَبُّونَ، فلما رأى ذلك قالَ: سبحانَ اللهِ! ما ينبغي لهؤلاءِ أن يُصَدوا عن البيتِ، فلما رَجَعَ إلى أصحابِهِ، قالَ: رأيتُ البُدْنَ قد قُلدَتْ واشْعِرَتْ فما أرى أن يُصَدوا عن البيتِ، فقامَ رجُل منهم يُقالُ له: مِكْرَزُ بنُ حَفْص، فقالَ: دَعوني آتيهِ، فقالوا: ائْتِهِ. فلما أشرَفَ عليهم، قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذا مِكْرز، وهو رَجُل فاجِر"، فجعل يكلم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فبينما هو يُكَلمُهُ، إذ جاءَ سُهَيْلُ بنُ عَمرو،- قال مَعْمَر: فأخبرني أيُّوب عن عِكْرِمَةَ؛ أنَّه لما جاءَ سُهَيْلُ ابنُ عَمرو؛ قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لقد سَهُلَ لكُم مِن أمرِكُم (18) "- قالَ مَعْمَر: قالَ الزُهْرِيُّ في حديثه: فجاءَ سُهَيْلُ بنُ عمرو، فقال: هاتِ؛ اكتُبْ بينَنا وبينَكُم كتاباً، فدعا

_ (18) قلتُ: هذا من مرسل عكرمة، فليس هو على شرط "الصحيح"، وقد قال الحافظ: "ولم أقف على من وصله بذكر ابن عباس فيه، لكن له شاهد موصول عند ابن أبي شيبة من حديث سلمة بن الأكوع، وللطبراني نحوه من حديث عبد الله بن السائب". وحديث سلمة في "مصنف ابن أبي شيبة" (14/ 440)، رجاله ثقات غير مولى ابن عبيدة، وهو ضعيف، وفي إسناد الطبراني مؤمل بن وهب المخزومي؛ قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6/ 146): "تفرد عنه ابنه عبد الله، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح". وأقول: عبد الله بن المؤمل ضعيف، وأبوه مجهول، وبيانه في كتابي الجديد "تيسير انتفاع الخلان بكتاب ثقات ابن حبان" يسر الله تمامه ونشره.

النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الكاتِبَ، فقالَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم -: "اكْتُبْ: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم". قال سُهَيْلٌ: أما الرحمنُ؛ فواللهِ ما أدري ما هُو؛ ولكن اكتُبا باسمِكَ اللهُم، كما كُنْتَ تَكْتُبُ، فقالَ المسلمونَ: واللهِ لا نَكْتُبُها إلا بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكتب: باسمِكَ اللهُمً"، ثم قالَ: "هذا ما قاضى عليه محمد رسولُ اللهِ"، فقالَ سُهَيْل: واللهِ لو كُنًا نَعْلَمُ أنكَ رسولُ اللهِ ما صَدَدْناكَ عن البيتِ، ولا قاتَلْناكَ، ولكنْ اكتُبْ: محمدُ بنُ عبد اللهِ، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "واللهِ إنَي لَرسول اللهِ وإنْ كَذَبْتُموني، اكْتبْ محمدُ بنُ عبدِ الله"،- قال الزهْرِي: وذلك لقولهِ: "لا يسألوني خُطَةً يُعَظمونَ فيها حُرُماتِ اللهِ إلا أعطيتُهُم إياها"- فقالَ لهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على أن تُخَلوا بينَنا وبينَ البيتِ فنطوفَ بهِ"، فقال سهَيْل: واللهِ لا تَتَحَدثُ العَرَبُ أنًا اخِذْنا ضُغْطَةً، ولكن ذلك مِن العامِ المقبلِ، فكتَبَ، فقالَ سُهيل: وعلى أنَّه لا يأتيك منَا رَجُل- وإن كان على دينِك- إلا رَدَدْتَهُ إلينا، أوخَليْتَ بيننا وبينَهُ، فكَرِهَ المسلمونَ ذلك، وامْتَعَضوا منهُ 3/ 172]، قال المسلمونَ: سبحانَ الله! كيف يُرَد إلى المشركين وقد جاءَ مسلماً؛ [وأبى سهيل إلا ذلك، فكاتَبَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك]، فبينما هم كذلك إذ دَخَلَ أبو جَنْدَلِ بن سهيل بن عمرو، يَرْسُفُ في قيودِهِ، وقد خرجَ مِن أسفلِ مكة، حتى رمى بنفسِهِ بينَ أظهُرِ المسلمين، فقالَ سهيل: هذا يا محمدُ! أوَّلُ ما أقاضِيكَ عليه أن تَرُدهُ إلي، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لم نقضِ الكتابَ بعدُ"، قالَ: فواللهِ إذاً لم أصالِحْكَ على شيءٍ أبداً، قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فاجِزْهُ لي". قالَ: ما أنا بمُجيزِهِ لكَ، قال: "بلى؛ فافعل"، قالَ: ما أنا بفاعِلٍ، قالَ مِكْرَز: بل قد أجزناهُ لك، قالَ أبو جَنْدَل: أي معشرَ المسلمين! ارَد إلى المشركين وقد جئت مسلماً، ألا ترونَ ما قد لقيتُ؟ وكانَ قد عُذبَ عذاباً شديداً في اللهِ، [فرَد يومئذٍ أبا

جندلٍ. إلى أبيه سهيلِ بنِ عمرٍو، ولم يأتِه أحدٌ من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كانَ مُسْلِماً]، فقالَ عمرُ بنُ الخطاب: فأتيتُ نبى اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: ألستَ نبى اللهِ حقاً؟ قالَ: "بلى". قلتُ: ألسناَ على الحق وعَدُونا على الباطلِ؟ قالَ: "بلى". قلتُ: فلِمَ نعطي الدنية في دينِنا إذاً؟! قالَ: "إني رسولً اللهِ، ولست أعصيهِ، وهو ناصِري". قلتُ: أوليسَ كنتَ تًحدثُنا أنَا سنأتي البيت، فنطوفُ به؟. قالَ: "بلى؛ فأخبرتُك أنًا نأتيهِ العامَ؟ ". قالَ: قلتً: لا، قالَ: "فإنَكَ آتيهِ، ومُطوفٌ بهِ". قالَ: فأتيت أبا بكرٍ، فقلتً: يا أبا بكرٍ! أليس هذا نبيً اللهِ حقاً؟ قالَ: بلى. قلتُ: ألسنا على الحق وعَدونا على الباطلِ؟ قال: بلى. قلتُ: فلم نُعطي الدنيًةَ في ديننا إذاً؟ قالَ: أيها الرجلُ! إنَه لرسولً اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وليس يَعصي ربه، وهو ناصِرُهُ، فاسْتَمْسِكْ بغَرْزِه (19)، فواللهِ إنه على الحق. قلتُ: أليس كانَ يُحَدثُنا أنًا سنأتي البيتَ ونطوفُ بهِ؟ قال: بلى؛ أفأخبَرَكَ أنكَ تأتيهِ العامَ؟ قلت: لا. قالَ: فإنَكَ آتيهِ، ومُطوف بهِ. قال الزهْرِيُ: قال عمرُ: فعمِلْتُ لذلك أعمالاً (20). قالَ: فلما فَرغً مِن قضيةِ الكتاب، قالَ رسولً اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابِهِ: "قوموا فانْحَروا، ثم احْلِقوا". قالَ: فواللهِ ما قامَ منهم رجُلٌ حتى قالَ ذلك ثلاث مراتٍ، فلما لم يَقُمْ منهُم أحد؛ دخَلَ على أمَ سَلَمَة، فذكَرَ لها ما لَقِيَ من الناسِ، فقالت أمَ سلَمَةَ: يا نَبيً اللهِ! أتُحب ذلك؟

_ (19) الغرز للإبل بمنزلة الركب للفرس، والمراد به التمسك بأمره، وترك المخالفة له، كالذي يمسك بركب الفارس فلا يفارقه "فتح". (20) أي: من أنواع الحسنات مثل الصدقة والصوم والصلاة والعتق لتذهب عني سيء ما قلته يومئذ.

اخرُجْ، ثم لا تُكَلمْ أحداً منهم كلمةً حتى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدعُوَ حالِقَكَ، فيَحْلِقَكَ، فخَرَجَ، فلم يُكَلمْ أحداً منهُم حتى فَعَلَ ذلك؛ نَحَرَ بُدْنَهُ، ودعا حالِقَهُ فحَلقَهُ، فلما رأوا ذلك؛ قاموا فنحروا، وجَعَلَ بعضُهُم يحلِقُ بعضاً، حتى كادَ بعضُهم يقتلُ بعضاً غَماً. ثمَّ (وفي روايةٍ: ولم يأتِهِ أحدٌ مِن الرجالِ إلا رَدهُ في تلكَ المدةِ، وإن كانَ مسلماً، و) جاءَهُ نِسوةٌ مؤمِنات [مهاجِرات (21)، وكانت أم كلثوم بنتُ عقبة بن أبي مُعيط ممن خرج إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ، وهي عاتِق (22)، فجاءَ أهلُها يسألونَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يَرجِعَها إليهم، فلم يَرجعها إليهم،، فانزَلَ الله تعالى (وفي روايةٍ: لِما أنزَلَ اللهُ فيهِنَ): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} حتى بلغ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}، فطَلقَ عُمَرُ امرأتينِ- كانتا لهُ في الشَرْكِ، فتزَوجَ إحداهُما معاويةُ بنُ أبي سفيان، والأخرى صفوانُ بنُ أمية، ثم رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينةِ، فجاءَهُ أبو بَصيرٍ؛ رجل من قريش، وهو مسلم، فأرسلوا في طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، فقالوا: العَهْدَ الذي جعَلْتَ لنا، فدَفَعَهُ إلى الرجُلينِ، فخرجا بهِ، حتى بَلَغا (ذا الحُلَيْفَةِ)، فنزلوا يأكُلونَ من تمرٍ لهم، فقال أبو بصيرٍ لأحد الرجُلينِ: واللهِ إنَي لأرى سيفَكَ هذا يا فلانُ! جيداً، فاستَفَهُ الأخرُ، فقالَ: أجل، واللهِ إنَهُ لجَيد، لقد جَربتُ بهِ ثم جربتُ، فقالَ أبو بصيرٍ: أرِني أنظُرْ إليهِ، فامكَنَهُ منهُ، فضَرَبهُ حتى بَرَدَ (23)،

_ (21) ظاهره أنهن جئن مهاجرات إليه وهو بالحديبية، وليس كذلك، وإنما جئن إليه بعد في أثناء المدة، كما هو صريح الرواية الثانية. أفاده الحافظ. (22) أي: شابة أو أشرفت على البلوغ. (23) أي: مات.

وفر الآخرُ حتى أتى المدينةَ، فدخَلَ المسجِدَ يعدو، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حين رآه، لقد رأى هذا ذُعراً، فلما انْتَهى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: قُتِلَ واللهِ صاحبي، وإني لمقتول، فجاءَ أبو بصيرٍ، فقال: يا نبيً اللهِ! قد- والله- أوفَى الله ذِمتَكَ، قد رَدَدْتَني إليهم، ثم أنجاني الله منهُم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وَيْلُ أمه (24)، مِسْعَرُ حربِ، لو كان له أحَد"، فلما سَمِعَ ذلك، عَرَفَ أنَّه سَيَرُدهُ إليهم، فخرج حتى أَتى سيفَ البحر (25)، قالَ: ويَنْفَلِت منهم أبو جَندَل بنِ سُهيْلٍ، فلحق بأبي بصير، فجَعَلَ لا يَخْرُجُ من قريش رجُل قد أسلَمَ إلا لَحِقَ بأبي بصيرٍ، حتى اجتمعت منهم عِصابة، فواللهِ ما يسمعونَ بعِيرٍ خرجَتْ لقريشٍ إلى الشامِ إلا اعْتَرَضوا لها، فقَتَلوهُم، وأخذوا أموالَهُم، فأرَسَلَتْ قريش إلى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تُناشِدُه باللهِ والرحِم لما أرْسَلَ (26)، فمَن أتاهُ فهو آمِن، فأرسَلَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فانزَلَ الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} حتى بلغ: {الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}، وكانت حَمِيًتُهُم أنهم لم يُقِروا أنه نبيُ اللهِ، ولم يُقِروا ب {بسمِ اللهِ الرحْمنِ الرحيمِ}، وحالوا بينَهم وبينَ البيتِ.

_ (24) هي كلمة ذم تقولها العرب في المدح، ولا يقصدون معنى ما فيها من الذم؛ لأن الويل: الهلاك. (مسعر حرب): قال الحافظ: أصله من مسعر حرب، أي: يسعرها. قال الخطابي: كأنه يصفه بالاقدام في الحرب والتسعير لنارِها، (لو كان له أحد): أي ينصره ويعاضده ويناصره. وفيه إشارة إليه بالفرار لئلا يرده إلى المشركين. (25) أي: ساحله. (26) أي: ألا أرسل: يعني إليهم كما في رواية أحمد، أي: إلى أبي بصير وعصابته، وزاد ابن إسحاق في "السيرة" (3/ 338): "فآواهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقدموا عليه المدينة".

16 - باب الشروط في القرض

6432 - وقالَ عُقَيْل: عن الزهْرِي؛ قال عروةُ: فأخبرتني عائشةُ أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يَمْتَحِنُهُن [بهذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إلى {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، فمن أقر بهذا الشرط منهن قال لها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: قد بايعتُكِ؛ كلاماً يكَلمها به، واللهِ ما مست يدُهُ يدَ امرأةٍ قط في المبايعةِ، وما بايعهُن إلا بقولِهِ". 433 - وبَلَغَنا أنه لما أنزَلَ الله تعالى أنْ يَرُدوا إلى المشركينَ ما أنْفَقوا على مَن هاجَرَ مِن أزواجِهِم، وحَكَمَ على المسلمينَ أنْ لا يُمَسكوا بعِصَمِ الكوافِرِ؛ أن عمرَ طَلًقَ امرأتينِ: قُرَيْبَةَ بنتَ أبي أميةَ، وابنةَ جَرْوَلٍ الخُزاعِيَّ، فتزوجَ قرَيْبَةَ معاويةُ بنُ أبي سفيان، وتزوجَ الأخرى أبو جَهْم، فلما أبى الكفارُ أن يُقِروا بأداءِ ما أنفقَ المسلمونَ عدى أزواجِهِم؛ أنزَلَ الله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ}، والعقْبُ: ما يُؤدي المسلمونَ إلى مَن هاجَرَتِ امرأتُهُ مِن الكفارِ، فأمَرَ أن يُعْطَى مَن ذَهب لهُ زوج مِن المسلمين ما أنفَقَ مِن صداقِ نساءِ الكُفًارِ اللاتي هاجَرْنَ، وما نعلمُ أحداً مِن المهاجراتِ ارتدتْ بعد إيمانِها. وبلغنا أن أبا بَصير بن أسيدٍ الثقَفِي قَدِمَ على النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمناً مهاجراً في المدةِ، فكتَبَ الأخنس بنُ شريقٍ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسألهُ أبا بصيرٍ. فذَكَر الحديث. 16 - بابُ الشَروطِ في القَرْضِ 608 و 609 - وقالَ ابنُ عمرَ وعطاء رضي الله عنهما: إذا أجلَهُ في القرضِ؛ جازَ.

_ 432 - هذا معلق، وقد وصله المصنف في أول "الشروط"، واستغنيت عنه بالحديث (1219). 433 - هذا البلاغ من قول الزهري، وقد وصله ابن مردويه في "تفسيره". 608 و 609 - تقدم معلقاً عنهما بنحوه (43 - الاستقراض/ 17 - باب)، وذكرنا هناك من وصلهما.

17 - باب المكاتب وما لا يحل من الشروط التي تخالف كتاب الله

(قلت: علقَ فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم معلقاً آنفاً "39 - الكفاله/ 1 - باب/ رقم الحديث المعلق 359"). 17 - بابُ المُكاتَبِ وما لا يَحِل من الشروطِ التي تُخالِفُ كتابَ الله 610 - وقال جابرُ بن عبدِ الله رضيَ الله عنهما في المكاتَبِ: شروطم بينَهم. 611 - وقال ابن عمرَ أو عمر رضيَ الله عنهما:" كل شَرْطٍ خالَفَ كَتابَ اللهِ فهو باطل، وإنِ اشتَرَطَ مائةَ شَرطٍ". وقال أبو عبدِ الله: يُقال عن كليهما؛ عن عُمرَ، وابنِ عُمَرَ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة في قصة بريرة المتقدم " 34 - البيوع/ 73 - باب/ رقم الحديث 1024 "). 18 - بابُ ما يَجوزُ مِن الاشتراطِ، والثنيَا في الِإقرارِ، والشروطِ التي يتعارَفُها الناسُ بينَهم، وإذا قال: مائةً إلا واحدةً أو ثِنْتَينِ 612 - وقالَ ابن عونٍ عن ابن سيرين: قالَ رخل لِكَرِبهِ (27): أدخِلْ رِكابَكَ، فإنْ لم أرْحَلْ معكَ يومَ كذا وكذا؛ ذلك مائة دِرْهَم، فلم يخْرُجْ. فقال شُريح: مَن شَرَطَ على نفسِهِ طائعاْ غيرَ مكره؛ فهوعليه.

_ 610 - وصله سفيانُ الثوري في "كتاب الفرائض" له. 611 - لم يخرجه الحافظ هنا ولا في "التغليق". 612 - وصله سعيد بن منصور. (27) الكَرِي: المكاري.

19 - باب الشروط في الوقف

613 - وقالَ أيوبُ عن ابنِ سيرين: إن رجُلاً باعَ طعاماً، وقالَ: إنْ لم آتِك الأربعاءَ؛ فليس بيني وبينَك بيع، فلم يجِىء فقالَ شريح للمشتري: أنتَ أخْلَفْتَ، فقَضى عليه. (قلت: أسند في حديث أبي هريرة الأتي في "97 - التوحيد/ 12 - باب "). 19 - بابُ الشروطِ في الوَقْفِ (قلت: أسند في حديث ابن عمر الآتي "55 - الوصايا/ 23 - باب").

_ 613 - وصله سعيد بن منصور أيضاً.

55 - كتاب الوصايا

بسم الله الرحمن الرحيم 55 - كِتابُ الوَصايا 1 - بابُ الوصايا 434 - وقولِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - "وصيةُ الرجُلِ مكتوبة عندَهُ". وقولِ اللهِ تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ. فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. (جَنَفاً): ميلاً. (مُتَجانِف): مائل (1). 1220 - عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضيَ الله عنهما أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما حَق امرئٍ مسلم لهُ شيء يوصي فيه، يبيتُ ليلتينِ (2)؛ إلا وَوَصِيتُه

_ 434 - وصله في الباب بمعناه. (1) ضبط بالجر أيضاً على الحكاية، وروي بدل قوله: (مائل): (متمايل). (2) كان فيه حذفاً تقديره:" أن يبيت"، وهو كقوله تعالى: {ومِن آياتِه يريكمُ البَرْقَ}، أي: ليس حقه الببتوتة في حال إلا والحال أن الوصية مكتوبة عنده.

2 - باب أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا الناس

مَكتوبةٌ عندَه". 1221 - عن عمرو بنِ الحارِثِ خَتَنِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أخي جُوَيرِيةَ بنتِ الحارِثِ قالَ: ما تَرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عندَ موتهِ دِرْهَماً، ولا ديناراً، ولا عبداً، ولا أمَةً، ولا شيئاً؛ إلا بَغْلَتَهُ البيضاءَ [التي كان يركبُها 5/ 144]، وسلاحَهُ، وأرضاً [بخيبرَ 229/ 3] جعَلَها [لابنِ السبيلِ] صدقةً. 1222 - عن طلحةَ بنِ مُصَرفٍ قالَ: سألتُ عبدَ الله بنَ أبي أوفى رضيَ الله عنهما: هل كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أوصى؛ فقالَ: لا (3). فقلتُ: كيف كُتِبَ على الناسِ الوصيةُ أوامِروا بالوصيةِ [ولم يوصِ 6/ 107]؟! قالَ: أوْصى بكتابِ الله. 1223 - عنِ الأسودِ قالَ: ذكروا عندَ عائشةَ أنَ علياً رضيَ الله عنهما كانَ وصياً، فقالت: مَتى أوْصَى إليهِ، وقد كُنْتُ مُسْنِدَتَهُ إلى- صَدري- أو قالت: حَجْرِي؛- فدعا بالطًسْتِ، فلقد إنْخَنَثَ (4) في حَجْري، فما شَعَرْتُ أنَهُ قد ماتَ، فمتى أوصى إليهِ؛! 2 - بابٌ أن يَتْرُكَ وَرَثَتَهُ أغنياءَ خيرٌ مِن أن يَتَكَففوا الناسَ (قلتُ: أسندَ فيه حديث سعد المتقدم" ج 1/ 23 - الجنائز/ 36 - باب/ رقم الحديث 625").

_ (3) رواه ابن حبان بلفظ: "قال: ما ترك شيئاً يوصي فيه، قيل: فكيف أمر الناس بالوصية ولم يوص؛ قال: أوصى بكتاب الله". (4) أي: انثنى ومالَ. (فمتى أوصى إليه)، أي: بالخلافة التي يدعيها الشيعة، ووضعوا في ذلك أحاديث، وأما الوصية بغير الخلافة، فقد ورد فيها أحاديث ذكر أشياء منها الحافظ في "الفتح"، فراجعه إن شئت. ومن ذلك حديث ابن أبي أوفى الذي قبلَة.

3 - باب الوصية بالثلث

3 - بابُ الوَصِيةِ بالثلُثِ 614 - وقالَ الحَسَنُ: لا يَجوزُ للذمي وصية إلا الثلُثُ، وقال اللهُ تعالى: {وأنِ احْكُمْ بينَهُم بما أنزَلَ اللهُ}. 1224 - عن ابنِ عباس رضيَ الله عنهما قال: لو غَض (5) الناسُ إلى الربعَ؛ لأن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الثلُثُ، والثلُثُ كثير، أو كبير". 4 - باب قولِ الموصي لوصِيِّهِ: تَعاهَدْ وَلَدِي، وما يجوزُ للوَصِى مِن الدعوى (قلت: أسند في حديث سعد المتقدم" 34 - البيوع/ 3 - باب/ رقم الحديث 967"). 5 - بابٌ إذا أومَأ المريضُ برأسِهِ إشارةً بينَةً؛ جازت (قلت: أسند في حديث أنس الآتي "87 - الديات/ 4 - باب ") 6 - بابٌ 435 - " لا وَصِيةَ لوارِثٍ". 1225 - عن ابنِ عباس رضيَ الله عنهما قالَ: كانَ المالُ للوَلَدِ، وكانَتِ

_ 614 - لم يخرجه الحافظ. (5) أي: لو نقصوا من الثلثِ إلى الربع في الوصية كان أولى. 435 - هذا لفظُ حديث مرفوع، لم يخرجه المصنف، وهو صحيح، له طرق عن جمع من الصحابة، خرجتها في "إرواء الغليل" (1654).

7 - باب الصدقة عند الموت

الوصيةُ للوالِدَيْنِ، فنَسَخَ الله من ذلك ما أحب، فجَعَل للذكَرِ مثلَ حَظ الأنثَيَيْنِ، وجعَلَ للأبوينِ لكل واحدٍ منهما السدُسَ، وجَعَلَ للمرأةِ الثمنَ والرْبعَ، وللزوجِ الشًطْرَ والربعَ. 7 - بابُ الصدَقةِ عند الموتِ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم"ج 1/ 24 - الزكاة / 12 - باب/ رقم الحديث 679"). 8 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} 615 - 619 - ويُذكرُ أن شُريحاً، وعمرَ بن عبد العزيز، وطاوساً، وعطاء، وابن اذَينة؛ أجازوا إقرارَ المريضِ بِدَيْنٍ. 620 - وقالَ الحسن: أحق ما تَصَدقَ بهِ الرجل آخرَ يوم من الدنيا، وأولَ يوم من الأخرة. 621 و 622 - وقالَ إبراهيم والحَكَم: إذا أبرَأ الوارِثَ مِن الدين بَرِىءَ.

_ 615 - 619 - أما أثر شريح فوصله ابن أبي شيبة بنحوه، وفي سنده جابر الجعفي، وهو ضعيف. وأخرجه من طريقٍ أخرى أضعف من هذه، ولكن له إسناد أصح من هذا. وأما عمر بن عبد العزيز فلم أقف على من وصله عنه. وأما طاوس فوصله ابنُ أبي شيبة عنه، وفيه ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف. وأما عطاء فوصله ابن أبي شيبة أيضاً، ورجاله ثقات. وأما ابن أذينة، واسمه عبد الرحمن، وكان قاضي البصرة، تابعي ثقة، فوصله ابن أبي شيبة أيضاً بأسناد رجاله ثقات. 620 - وصله الدارمي بسند صحيح عنه. 621 و 622 - وصله ابن أبي شيبة عنهما.

623 - وأوصى رافع بن خديج أن لا تُكْشَفَ امرأتهُ الفَزَارِيةُ عما اغلِقَ عليه بابُها. 624 - وقالَ الحسنُ: إذا قالَ لمملوكِهِ عندَ الموتِ: كنت أعتقتُكَ؛ جازَ. 625 - وقال الشَعْبى: إذا قالتِ المرأةُ عندَ موتها: إن زوجي قضاني، وقَبَضْتُ منهُ؛ جازَ. 626 - وقإلَ بعضُ الناسِ: لا يجوزُ إقرارهُ لسؤ الظن بهِ للوَرَثَةِ، ثم استَحْسَنَ فقال: يجوز إقرارُهُ بالوديعَةِ، والبِضاعةِ، والمضاربةِ. 436 - وقد قال النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "اياكم والظن؛ فإن الظن أكذَبُ الحديثِ". 437 - ولا يَحِل مالُ المسلمين؛ لقولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "آية المنافِقِ: إذا ائتمِنَ خانَ". وقالَ اللهُ تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، فلم يَخص وارِثاً ولا غيرَهُ. 438 - فيه عبد الله بن عمروعن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسندَ في حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 2 - الإيمان/ 24 - باب/ رقم الحديث 24").

_ 623 - لم يقف عليه الحافظ موصولاً. 624 - لم يقف عليه الحافظ موصولاً أيضاً. 625 - لم يخرجه الحافظ. 626 - لينظر من هو هذا البعض؟ وظاهر شرح العيني أنه أبو حنيفة رحمه الله. 436 - سيأتي موصولاً "67 - النكاح/ 46 - باب". 437 - مضى موصولاً من حديث أبي هريرة في "ج 1/ 2 - الإيمان/ 24 - باب/ رقم الحديث 24". 438 - وصله في الباب المشار إليه آنفاً (25 - حديث).

9 - باب تأويل قول الله تعالى: {من بعد وصية يوصين بها أو دين}

9 - باب تأويلِ قولِ اللهِ تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} 439 - ويذكرُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالديْنِ قبلَ الوصيةِ. وقولهِ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، فأداءُ الأمانةُ أحَق مِن تَطَوُعِ الوصيةِ. 440 - وقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا صَدَقةَ إلا عن ظَهْرِ غِنى". 627 - وقالَ ابن عباس: لا يوصي العبدُ إلا بإذنِ أهلِهِ. 441 - وقالَ النبي: "العبدُ راع في مالِ سيدِهِ". 10 - بابٌ إذا وَقَفَ أو أوْصى لأقارِبهِ، ومَنِ الأقارب؟ 442 - وقالَ ثابِث: عن أنس قال النيى - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحةَ:

_ 439 - وصله أحمد والترمذي وغيرهما عن علي مرفوعاً، وسنده ضعيف. وهو مخرج في "الإرواء" (1665)، لكن ذكرت له هناك شاهداً قوياً. 440 - هو طرف حديث عن حكيم بن حزام، تقدم في "24 - الزكاة/ 20 - باب/ رقم الحديث 684". 627 - وصله ابن أبي شيبة. قلت: ليس عنده (11/ 189) الاستثناء، وهو عند عبد الرزاق (9/ 90). 441 - هو قطعة من حديث ابن عمر المتقدم في "ج 1/ 11 - الجمعة/ 11 - باب/ رقم الحديث 147 " معلقاً، وفي "43 - الاستقراض/ 20 - باب/ رقم الحديث 1107 " موصولاً. 442 - هو طرف من حديث وصله أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم، ووصله المصنف بنحوه =

" اجْعَلْها لفُقراءِ أقارِبِكَ"، فجَعَلَها لحسانَ، وأبى بن كعبٍ. 1226 - عن أنس مثلَ حديثِ ثابت قال: "اجعلها لفقراء قرابَتِكَ". قال أنس: فجعلها لحسانَ، وأبى بن كعبٍ، وكانا أقرب إِليه منَي، [ولم يجعل لي منها شيئاً 5/ 170]. وكانَ قرابةُ حسانَ وأبي من أبي طلحة- واسمه: زيدُ بنُ سهل بنِ الأسودِ بن حَرامِ بنِ عمرِو بنِ زيدِ مناةَ بنِ عديَ بن عمرو بن مالك بن النجارِ، وحسانُ: ابنُ (6) ثابتٍ بنِ المنذرِ بنِ حرام، فيجتَمِعانِ إلى حرام، وهو الأب الثالث، وحرام: ابنُ عمرِو بنِ زيدِ مَناةَ بنِ عديَ بنِ عمرِو بن مالكِ بنِ النجارِ، فهو يُجامعُ حسانَ وأبا طلحة، وأبى- إلى ستةِ آباءٍ إلى عمرِو بن مالك، وهو: أبى بن كعبِ بنِ قيسِ بنِ عُبيدِ بنِ زيدِ بنِ معاويةَ بنِ عمرِو بنِ مالكِ بنِ النجارِ، فعمرو بنُ مالكٍ يجمع حسانَ وأبا طَلْحَةَ وأبَياً (7). 628 - وقال بعضُهم: إذا أوصي لقرابتِه فهو إلى آبائه في الإسلامِ. 443 - وقالَ ابن عباس: لما نَزَلَتْ: {وأنذِرْ عَشيرَتَكَ الأقربين}؛ جَعَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يُنادي:

_ = من طريق أخرى عن أنس فيما مضى" 24 - الزكاة/ 46 - باب/ وقم الحديث 694 "، ووصله في الباب من طريق ثانية. (6) ترسم ألف (ابن) بحد (حسان) لأن (ابن) وقع خبراً لا صفة، وكذلك قوله: و (حرام: ابن عمرى، وقوله: (وأبى) بالرفع جملة مستانفة؛ أي: وأبي يجامعهما. (7) هذا من كلام الأنصاري شيخ البخاري كما استظهره الحافظ. 628 - هو أبو يوسف كما قال الحافظ. 443 - وصله المصنف في "65 - التفسير/ 26 - السورة/ 3 - باب".

11 - باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب؟

"يا بني فِهْرٍ! يا بني عَدي! "، لِبطونِ قريش. 444 - وقالَ أبو هريرة: لما نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}؛ قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا مَعْشَرَ قريش! ". 11 - بابٌ هلْ يَدْخُلُ النَساءُ والولدُ في الأقارِبِ؟ 1227 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قالَ: قامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حين أنزَلَ الله عزً وجلً: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}؛ قالَ: "يا معشَرَ قريشٍ! - أوكلمة نحوها- اشتروا أنفُسَكُم، لا اغْني عنكُم مِن اللهِ شيئاً، يا بَني عبدِ منافٍ! [اشتروا أنفُسَكُم، 4/ 161]، لا أغني عنكُم مِن اللهِ شيئاً، يا عباسُ بنَ عبدِ المطلِبِ! لا اغْني عنكَ مِن اللهِ شيئأ، ويا صفيةُ عمةَ رسولِ اللهِ! لا اغني عنكِ مِن اللهِ شيئأ، ويا فاطِمَةُ بنتَ محمَد- صلى الله عليه وسلم - سَلِيْني ما شئتِ من مالي، لا اغني عنكِ مِن اللهِ شيئاً. (وفي طريق: اشتريا أنفُسَكُما مِن اللهِ، لا أمْلِكُ لكُما مِن اللهِ شيئأ، سلاني من مالي ما شئتُما) ". 12 - بابٌ هل يَنْتَفعُ الواقِفُ بوَقْفِهِ؟ 629 - وقدِ اشْتَرَطَ عمَرُ: "لا جناحَ على مَن وَلِيَهُ أنْ ياكُلَ"، وقد يلي الواقف وغيرُه، وكذلك مَن جَعَلَ بَدَنةً أوشيئاً لله؛ فلهُ أن يَنْتَفعَ بها كما يَنْتَفغ غيرُه، وإن لم يَشْتَرِطْ. 13 - بابٌ إذا وَقَفَ شيئاً فلم يَدْفَعْهُ إلى غيرِهِ؛ فهو جائز

_ 444 - وصله المصنف في الباب الآتي. 629 - هو طرف من قصة وقف عمر، وتأتي بتمامها موصولة قريباً "23 - باب".

14 - باب إذا قال: داري صدقة لله، ولم يبين للفقراء أوغيرهم؛ فهو جائر، ويضعها في الأقربين أو حيث أراد

630 - لأن عمر رضيَ الله عنه أوقَفَ (8) وقالَ: "لا جُناحَ على مَن وِليَهُ أن يأكلَ"، ولم يَخُص أنْ وَلِيَهُ عمرُ أو غيرُه. 445 - قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة: "أرى أن تَجْعَلَها في الأقربين"، فقالَ: أفعلُ، فقَسَمَها في أقاربِهِ وبني عمه. 14 - باب إذا قالَ: داري صدقَة لله، ولم يُبَينْ للفقراءِ أوغيرِهِم؛ فهو جائر، ويَضَعُها في الأقربينَ أو حيثُ أرادَ 446 - قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طلحة حين قالَ: أحَب أموالي إلي بَيرحاءَ، وإنها صَدقة لله؛ فاجازَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك. 631 - وقالَ بعضُهم: لا يجوزُ حتى يبَينَ لمَنْ؟ والأول أصح. 15 - باب إذا قالَ: أرضي أو بُستاني صدقة عن أمي؛ فهو جائز، وإنْ لم يُبَينْ لمَنْ ذلك (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس. الأتي قريباً"20 - باب"). 16 - باب إذا تَصدقَ، أو أوقَفَ بعضَ مالِهِ، أو بعضَ رَقيقِهِ، أو دوابهِ؛ فهو جائز

_ 630 - هو طرف من قصة وقف عمر، وتأتي بتمامها موصولة قريبا" "23 - باب ". (8) أوقف لغة شاذة في وقف. 445 - هو قطعة من حديث أنس المتقدم في الزكاة، والمشار إليه آنفاً. 446 - هو قطعة من الحديث المشار اليه آنفاً. 631 - هو الإمام الشافعي كما يُستفاد من "الفتح".

17 - باب من تصدق إلى وكيله، ثم رد الوكيل إليه

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث كعب بن مالك الآتي "64 - المغازي/ 81 - باب "). 17 - بابُ مَن تَصَدقَ إلى وكيلِهِ، ثم رد الوكيلُ إليهِ (قلت: ذكر فيه حديث أنس في صورة التعليق، وقد تقدم مسنداً "ج 1/ 24 - الزكاة/ 46 - باب/ رقم الحديث 1694). 18 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} 1228 - عن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما قالَ: إن ناساً يَزْعُمونَ أن هذه الآيةَ نُسِخَتْ، ولا واللهِ ما نُسِخَتْ (وفي طريق أخرى: هي مُحْكَمَة وليست بمنسوخة 5/ 177)، ولكنها مما تهاونَ الناسُ، هما واليانِ، والٍ يرِثُ، وذاك الذي يَرْزُقُ، ووال لا يَرِثُ، فذاك الذي يقولُ بالمعروفِ، يقولُ: لا أملِكُ لك أنْ اعطِيَكَ. 19 - بابُ ما يُستَحَب لمَنْ يُتَوَفَى فجاة أن يَتَصَذقوا عنه، وقضاءِ النذورِ عن الميتِ 1229 - عن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما أنَ سعدَ بنَ عُبادةَ رضيَ الله عنهُ استَفْتَى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: إن أمي ماتت وعليها نَذْرٌ، [فتُوُفيَتْ قبلَ أن تَقضيَهُ 7/ 233]، فقالَ: "اقضِهِ عنها"، [فكانت سُنةً بعدُ].

20 - باب الإشهاد في الوقف والصدقة

20 - بابُ الِإشهادِ في الوَقْفِ والصدقَةِ 1230 - عن ابنِ عباس أنَ سعدَ بنَ عُبادةَ رضيَ الله عنه أخا بني ساعدةَ، توفيَتْ أمه وهوغائب [عنها 3/ 191]، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! إن أمي تُوُفيَتْ وأنا غائب عنها، فهَلْ يَنْفَعُها شيء إنْ تَصَدقْتُ به عنها؟ قالَ: "نعم". قالَ: فإني أشهِدكَ أنَ حائِطي المِخرافَ صدقة عليها. 21 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا. وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (قلت: أسند فيه حديث عائشة الأتي "65 - التفسير/ 4 - السورة/ 1 - باب"). 22 - بابُ قولِ الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6) لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا}. {حسيباً}: يعني: كافياً (9)، وما لِلوَصِى أنْ يعْمَلَ في مالِ اليتيمِ، وما يأكُلُ منهُ بقَدْرِ عُمالَتِه 1231 - عن ابن عُمَرَ رصْيَ الله عنهما أن عُمَرَ تَصَدقَ بمالٍ لهُ على عهدِ

_ (9) هنا في الأصل لفظ "باب"، فحذفته لأنه مقحم، ليس في نسخة الحافظ أو غيرها.

23 - باب قول الله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما

رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانَ يُقالُ لهُ: (ثَمْغ)، وكان نخلاً [بخيبر 3/ 185]، فقال عمر: يا رسولَ الله! إني استَفَدْتُ (وفي روايةٍ: أصبتُ) مالًا، وهو عندي نفيس (وفي روايةٍ: لم أصب مالاً قطُّ أنفَسَ عندي منه)، فاردْتُ أنْ أتصَدقَ به، [فكيف تأمُرُني بهِ؟ 3/ 196]، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تَصَدقْ باصلِهِ؛ لا يُباعُ، ولا يوهَبُ، ولا يُورَثُ، ولكِنْ يُنْفَقُ ثَمَرُهُ (وفي روايةٍ: إن شئتَ حبسْتَ أصلها، وتصدقْتَ بها) "، فتصدقَ به عمرُ [أنَّه لا يُباعُ أصلُها، ولا يوهَبُ، ولا يُورَثُ]، فصَدَقَتُه ذلك في سبيلِ اللهِ، وفي الرقاب، والمساكينِ، والضيفِ، وابن السبيلِ، ولذي القُربى، ولا جُناحَ. على من وَلِيَهُ أَن يأكُلَ منهُ بالمعروفِ، أو يُوكِلَ صَديقَهُ، غير مُتَمَول به، (وفي روايةٍ: غير متأثل مالاً) (10)، [فكانَ ابنُ عُمَرَ هو يلي صدقةَ عُمَرَ، يُهْدي للناسِ من أهلِ مكة، كان ينزلُ عليهم] (11). 23 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} 1232 - عن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "اجتَنِبوا السبْعَ الموبِقاتِ" (12)، قالوا: يا رسولَ الله! وما هُن؛ قالَ:

_ (10) هذه الرواية وقعت عند المصنف في موضعين من كتابه (3/ 65 و 185) منقطعة، وكذا في مسلم، لكن وصلها الإمام أحمد (2/ 12 - 13)، وسنده صحيح على شرط الشيخين. (11) هذه الزيادة منقطعة الإسناد أيضاً عند المصنف. (12) أي: المهلكات، (والتولي ...): الفرار عن القتالِ يوم ازدحام الطائفتين.

24 - باب قول الله تعالى: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم

"الشَرْكُ باللهِ، والسحْرُ، وقَتْلُ النَفْسِ التي حَرمَ الله إلا بالحق، وأكلُ الربا، وأكلُ مالِ اليتيمِ، والتَوَلي يومَ الزَحْفِ، وقَذْفُ المُحْصَناتِ المؤمِناتِ الغافلاتِ". 24 - باب قولِ اللهِ تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} {لأعْنَتَكُم}: لأحْرَجَكُم، وضَيقَ عليكُم. و {عَنَتْ}: خَضَعتْ. 1233 - عن نافع قالَ: ما رَد ابنُ عُمَرَ على أحدٍ وَصيةً. 632 - وكانَ ابن سيرينَ أحب الأشياءِ إليهِ في مالِ اليتيمِ أن يجتمعَ إليهِ نصحاؤهُ وأولياؤهُ، فيَنْطروا الذي هُو خيرَ لهُ. 633 - وكانَ طاوسً إذا سُئلَ عن شيءٍ مِن أمرِ اليتامى قرَأ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ}. 634 - وقالَ عطاء في يتامى الصغيرُ والكبير: ينْفِق الوَلي على كلِّ إنسانٍ بقَدْرِهِ من حِصتِهِ. 25 - باب استخدام اليتيمِ في السفَرِ والحَضَرِ إذا كانَ صلاحاً لهُ، ونَظَرِ الأمً أو زَوْجِها لليتيمِ 1234 - عن أنس رضيَ الله عنه قالَ: قدِمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، ليسَ لهُ خادم، (ف) [قالَ لأبي طلحةَ:

_ 632 - لم يقف الحافظ عليه موصولاً عنه. 633 - وصله سفيان بن عيينة في "تفسيره" بسند حسن عنه. 634 - وصله ابن أبي شيبة.

"التَمِسْ لي غلاماً مِن غِلْمانِكُم، يخْدُمُني حتى أخرُجَ إلى خيبرَ 3/ 224] "، فاخذَ أبو طلحة بيدي، فانطلق إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! إن أنساً غلام كَيس؛ فَلْيَخْدُمْكَ. [فخرج بي أبو طلحة مُردِفي وأنا غلام راهقْتُ الحُلُمَ، فكنتُ أخدمُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا نزلَ، فكنتُ أسمعُهُ كثيراً يقولُ: "اللهمً! إني أعوذُ بكَ مِن الهم والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والبُخْلِ والجُبْنِ، [والهَرمِ [وأرْذَلِ العُمُرِ 223/ 5]، وأعوذُ بك مِن عذابِ القبرِ، وأعوذُ بك مِن [فِتْنَةِ الدجالِ، و] فِتْنة المَحْيا والمَماتِ 7/ 159]، وضَلَعِ الديْنِ، وغَلَبَةِ الرجالِ"، ثم قدمنا خيبرَ [ليلاً، وكانَ إذا أتى (وفي روايةٍ: غزا 4/ 5) قوماً بليل؛ لم يغِرْ بِهِم حتى يُصْبِحَ 73/ 5]، [ويَنْظُرَ، فإنْ سَمعَ أذاناً كَفً عنهم، وإنْ لم يسمَعْ أذاناً أغارَ عليهم، قال: 1/ 151] [فصليْنا عندها (وفي روايةٍ: قريباً منها 5/ 73) صلاةَ الغداةِ بغَلَس، ف [لما لم يسمع أذاناً]، ركِبَ نبي اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وركِبَ أبو طلحةُ، وأنا رَديفُ أبي طلحة، فاجرى نبيُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في زُقاقِ خيبرَ، وإن رُكبتي لَتَمس فَخِذَ (وفي طريق: وإن قدمي لَتَمَسُ قَدَمَ) نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حَسَر (13) الِإزارَ

_ (13) هكذا وقعت هذه اللفظة عند المصنف (حَسَر) بفتح المهملتين، رواه عن شيخه يعقوب بن إبراهيم، وهو الدورقي، وهو ثقة حافظ، لكن خالفه زهير بن حرب، فقال: "وانحسر الإزار"، أخرجه مسلم (4/ 145 و 5/ 185) عنه، وهو- أعني زهيراً- ثقة ثبت، روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث. قلت: وهذه الرواية أرجح عندي، لمناسبتها للجري المذكور في الحديث من جهة، ولمتابعة الإمام أحمد عليها من جهة أخرى، فقال في "المسند" (3/ 101 - 102): ثنا اسماعيل: ثنا عبد العزيز عن أنس ... به. واسماعيل هذا هو ابن علية، وعليه دار الخلاف المذكور، فاتفاق أحمد مع زهير أطمن للنفس من مخالفة يعقوب إياهما، ولا سيما أنه قد رواه عنه الطبراني بلفظهما، فانظر "فتح الباري" (1/ 404). وأما نظر أنس إلى فخذه - صلى الله عليه وسلم -، فلعله من باب النظرة الأولى، التي لا يؤاخذ المرء بها.

عن فخذِهِ، حتى إني أنظرُ إلى بياضِ فَخِذَ نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما دَخَلَ القَرْيَةَ؛ [رفع يديه، و] قالَ: "الله أكبرُ [الله أكبرُ]، خَرِبتْ خيبرُ، إنا إذا نزلنا بساحةِ قوْم {فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ}، (قالها ثلاثاً) "، قال: وخَرَجَ القوم [يَسْعَوْنَ في السِّكَكِ 1/ 228] إلى أعمالِهِم، ف [لما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم -]، قالوا: محمدٌ، [واللهِ محمدٌ] (وفي روايةٍ: محمدٌ والخميسُ، محمدٌ والخميسُ) - قالَ عبد العزيز: وقالَ بعض أصحابنا: و (الخميس) يعني: الجيش-[فلَجؤوا إلى الحِصْنِ 4/ 15] [يسْعَوْنَ 4/ 188] قالَ: فأصبناها عَنْوةً 1/ 97 - 98] [فقتلَ النبي- صلى الله عليه وسلم - المقاتِلَةَ، وسَبَى الذُريةَ]؛ [وكانَ في السبْيِ صَفيةُ] [بنتُ حُيي بنِ أخْطَبَ]، [وأصَبْنا حُمُراً، فطَبَخْناها، فـ] [جاءَه جاءٍ، فقالَ: أكِلَتِ الحُمُرُ، فسكَتَ، ثم أتاه الثانية، فقال: أكلَتِ الحُمُرُ، فسكَتَ، ثم أتاهُ الثالثةَ فقالَ: افْنِيَتِ الخمُرُ، فأمرَ منادياً، فنادى في الناس: "إن الله ورسولَهُ يَنْهَياكُم عن لحومِ الحُمُرِ الأهليةِ، [فإنها رِجسٌ] "، فأكفِئتِ القدورُ [بما فيها 4/ 16] وإنها لَتَفورُ باللحْمِ]. [فلما فَتَحَ الله علية الحِصْنَ، ذُكِرَ له جمالُ صفيةَ، وقد قُتِلَ زوجُها، وكانت عروساً]، أفجُمِعَ السبْيُ، فجاء دحيةُ، فقالَ: يا نبى الله- صلى الله عليه وسلم - أعطني جاريةً مِن السبي. قالَ: "اذهب فخذ جاريةً"، فأخذ صفيةَ بنتَ حييَّ، فجاءَ رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا نبى اللهِ! أعطيتَ دِحْيةَ صفيةَ بنتَ حُييٍّ سيدَةَ قُرَيظَةَ والنَضيرِ، لا تصْلُحُ إِلا لكَ. قالَ: "ادعوه بها"، فجاءَ بها، فلما نَظَرَ إليها النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: "خُذْ جارِيَة من السبيِ غيرها"]، [فاصطفاها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لنفسه]، [قال: فأعْتَقَها النبيُّ

- صلى الله عليه وسلم -، وتزوجَها، فقالَ له ثابتٌ: يا أبا حمزةَ! ما أصْدَقَها؟ قالَ: نَفْسَها، أعْتَقَها وتزوجَها". [فخرجَ بها، حتى بَلَغْنا سد (الصهْباءِ) (14) حَلتْ: (وفي طريقٍ: جَهزَتْها له أمُّ سُلَيمٍ، فأهدَتْها لهُ مِن الليلِ)]، [فبنى بها]، [فاصبحَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَروساً، فقالَ: "من كان عنده شيءٌ؛ فليجىءْ به"، وبسط نِطْعاً [صغيراً]، فجعَلَ الرجلُ يجيءُ بالتمر، وجعل الرجُلُ يجيءُ بالسمن- قالَ: وأحسِبُه قد ذكر السويقَ- قالَ: فحَاسُوا حَيْساً]، [ثم قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: آذِنْ مَن حولَكَ"]، [فدَعَوْتُ رجالًا، فأكلوا]، [فكانت تلك وليمةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على صفية]، (وفي طريق: قال: أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بين خيبر والمدينة ثلاثاً يُبنى عليه بصفية بنتِ حُيي، فدَعَوْتُ المسلمين إلى وليمتِهِ، فما كان فيها من خبز ولا لحم [وما كان فيها إلا أن 5/ 77] أمرَ [بلالًا] بالأنطاعِ، [فبُسِطَتْ]، فألقي فيها من التمر والأقِطِ والسمن، فكانت وليمتَه، [ثم خرجنا إلى المدينة]، فقال المسلمون: إحدى أمهاتِ المؤمنين، أو مما ملكت يمينُه؛ فقالوا: إن حَجَبها (15) فهي من أمهاتِ المؤمنين، وإن لم يَحْجُبها فهي مما مَلَكَتْ يمينُه، فلما ارتحل وطَأ لها خلفَهُ، ومَد الحجابَ بينها وبين الناس 6/ 121، وفي طريق:

_ (14) الصهباء: موضع بينه وبين خيبر روحه. وقوله: (حلت): معناه: طهرت من حيضها، فحلت لزوجها أن يطأها. و (النطع): بساط يتخذُ من أديم. و (الحيس): تمر ينزع نواهُ ويدق مع أقط ويعجنان بالسمن، ثم يدلك باليد حتى يبقى كالثريد، وربما جعل معه سويق. (15) أي: في وجهها. وفي رواية لابن سعد: "وسترها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وحملها وراءه، وجعل رداءه على ظهرها ووجهها". انظر "حجاب المرأة المسلمة"، (ص 46)، وزاد مسلم في روايةٍ: "فعرفوا أنه قد تزوجها".

قالَ: فرأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَوي (16) لها وراءَهُ بعَباءةٍ، ثم يجلسُ عندَ بعيرِهِ، فيضَعُ ركبته، فتضعُ صفيةُ رجلها على رُكْبته حتى تركبَ، فسِرْنا)، [وأبوطلحةَ مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، [وإني لَرَديفُ أبي طلحة 7/ 68]، ومع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَفِيَّةُ مُرْدِفُها على راحلتِه، فلما كانوا ببعضِ الطريق؛ عَثَرتِ الناقة، فصُرِعَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - والمرأةُ، [فقلتُ: المرأةَ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها أمُكُم"]، وأن أبا طلحة قالَ: أحسب [قالَ 40/ 4]، اقتَحَمَ عن بعيرِه، فأتى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا نبيً اللهِ! جعلني اللهُ فداءَك، هل أصابَكَ مِنْ شيءٍ؛ قالَ: "لا، ولكن عليكم بالمرأة"، فألقى أبو طلحة ثوبه على وجهه، فقَصَدَ قصْدَها". فألقى ثوبه عليها، فقامت المرأةُ، فشَدً (وفي روايةٍ: فشَدَدْتُ) لهما على راحلتِهِما، فرَكِبا، فسارُوا 7/ 116]، [حتى إذا أشرفنا على المدينة نَظَرَ إلى أحُدٍ، فقالَ: "هذا جَبَلٌ يُحِبنا ونُحِبُّهُ"، ثم نَظَرَ إلى المدينة، فقال: " [إنَّ إبراهيمَ حَرمَ مكةَ، و 4/ 118] إني أحَرمُ ما بين لابَتَيْها، (وفي روايةٍ: جَبَلَيْها) بمثلِ ما حرم إبراهيمُ مكةَ، اللهم! بارِكْ لهم [في مِكْيالِهِم، وبارك 22/ 3] في مُدِّهِم وصاعِهِم]، [اللهمً! اجعل بالمدينةِ ضِعْفَيْ ما جعلْتَ بمكة من البركة 2/ 224] "، [حتى إذا كانوا بظهرِ المدينة، أو قالَ: أشرفوا على (وفي روايةٍ: فلما دنا أو رأى) المدينة قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "آيبون، تائِبون، عابِدون، لربنا حامدونَ"، فلم يزل يقولها حتى دخل المدينة]، قالَ: فخدمتُه في السفرِ والحضرِ [فواللهِ 46/ 8] ما قالَ لي لشيءٍ

_ (16) قال ابن الأثير: التحوية: أن تدير كساء حول صنام البعير، ثم تركبه، والاسم: الحوِية.

26 - باب إذا وقف أرضا ولم يبين الحدود؛ فهو جائز، وكذلك الصدقة

صنعتُه: لم صنعتَ هذا هكذا؟! ولا لشيء لم أصْنَعْهُ: لمَ لمْ تَصْنَعْ هذا هكذا؟! 26 - باب إذا وَقَفَ أرضاً ولم يُبَينِ الحُدودَ؛ فهو جائزٌ، وكذلك الصدقةُ 27 - باب إذا أوقَفَ جماعةٌ أرضاً مُشاعاً؛ فهو جائزٌ (قلت: أسند في طرفاً من حديث أنس المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 48 - باب/ رقم الحديث 227"). 28 - بابُ الوقفِ كيفَ يُكتَبُ؟ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم قريباً "22 - باب/ رقم الحديث 1231"). 29 - بابُ الوَقْفِ للغنى والفقيرِ والضيفِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 30 - بابُ وقفِ الأرضِ للمسجِدِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه قريباً). 31 - بابُ وقْفِ الدَّواب والكُراعِ (17) والعُروضِ والصامِتِ 635 - قالَ الزُهْريُ فيمَنْ جَعلَ ألفَ دينار في سبيلِ الله، ودَفَعَها إلى غلام لهُ تاجرٍ يَتْجُر (18)

_ (17) بضم الكاف (الخيل) من عطف الخاص على العام. و (الصامت): ضد الناطق، أي: النقدين: الذهب والفضة. 635 - وصله ابن وهب في "موطئه" بسند صحيح عنه. (18) ويتجر: بضم الجيم وتكسر.

32 - باب نفقة القيم للوقف

بها، وجَعَلَ ربحَة صدقة للمساكينِ والأقربين؛ هل للرجُل أن يأكلَ مِن ربحِ ذلك الألفِ شيئاً؟ وإن لم يكن جَعَلَ رِبحها صَدَقةً في المساكين؟ قالَ: ليس لهُ أن يأكلَ منها. 32 - بابُ نفقةِ القَيمِ للوَقْفِ 1235 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يقتَسِمْ وَرَثَتي ديناراً، ما تركتُ بعدَ نفقةِ نِسائي ومَؤونَةِ عاملي؛ فهو صدقة". (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المشار إليه قريباً). 33 - بابٌ إذا وَقَفَ أرضاً أو بئراً، واشترطَ لنفسهِ مَثْلَ دلاء المسلمين 636 - وأوقفَ أنس داراً، فكان إذا قدِم نزلَها. 637 - وتَصَدقَ الزبير بدورهِ وقالَ للمَرْدودَةِ (19) مِن بناتِه أن تَسْكُنَ غيرَ مُضِرةٍ، ولا مُضَر بها، فإن استغنتْ بزوج؛ فليس لها حق. 638 - وجَعَلَ ابن عمرَ نصيبَة من دارِ عُمَرَ سُكنى لَذَوِي الحاجةِ مِن آلِ عبدِ الله. 447 - عن أبي عبد الرحمنِ أن عثمانَ رضيَ الله عنه حيث حوصرَ أشرف علهِم، وقالَ:

_ 636 - وصله البيهقي. 637 - وصله الدارمي في "سننه" (2/ 427) بسند صحيح عنه. (19) أي: المطلقة. 638 - وصله ابن سعد. 447 - وصله الدارقطني والإسماعيلي وغيرهما كالترمذي والنسائي، وسنده صحيح.

34 - باب إذا قال. الواقف: لا نطلب ثمنه إلا إلى الله؛ فهو جائز

أنشدُكُمُ الله- ولا أنشدُ إلا أصحابَ النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ألستُم تعلمونَ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن حَفَرَ رُومَةَ فلة الجنَّةُ" فحفرتها؛ ألستم تعلمونَ أنه قالَ: (مَنْ جَهزَ جيش العُسْرَةِ؛ فلهُ الجنة"، فجهزْتهم؛ قال: فصدقوة بما قال. 639 - وقالَ عمر في وقفه: "لا جُناحَ على مَنْ ولِيَة أن يأكلَ، وقد يليه الواقِفُ وغيرة"، فهو واسِعَ لكل. 34 - باب إذا قالَ. الواقِفُ: لا نطلُبُ ثمَنَهُ إلا إلى اللهِ؛ فهو جائز (قلت: أسند في طرفاً من حديث أنس المتقدم في 1/ 8 - الصلاة/ 48 - باب/ رقم الحديث 227"). 35 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ. فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ. ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} {الأوْلَيانِ}: واحِدُهُما أولى، ومنهُ أولى به. {عُثِرَ}: اظْهِرَ. {أعْثَرْنا}: أظْهرنا.

_ 639 - هو قطعة من حديثه المتقدم قريباً "22 - باب/ رقم الحديث 1231 ".

36 - باب قضاء الوصى ديون الميت بغير محضر من الورثة

1236 - عن ابن عباس رضيَ الله عنهُما قَالَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ وَعَدِىِّ بْنِ بَدَّاءٍ فَمَاتَ السَّهْمِىُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا (20) مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا مِنْ ذَهَبٍ، فَأَحْلَفَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ فَقَالُوا ابْتَعْنَاهُ مِنْ تَمِيمٍ وَعَدِىٍّ. فَقَامَ رَجُلاَنِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، فَحَلَفَا لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ. قَالَ وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} 36 - باب قَضَاءِ الْوَصِىِّ دُيُونَ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الْوَرَثَةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم "34 - البيوع/ 51 - باب/ رقم الحديث 1005").

_ (20) أي: كأساً فيها خطوط طوال كالخوص، وهو ورق النخل.

56 - كتاب الجهاد والسير

بسم الله الرحمن الرحيم 56 - كتابُ الجِهادِ والسيَرِ 1 - باب فَضْلُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُمْ بِهِ) إِلَى قَوْلِهِ (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) 640 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْحُدُودُ الطَّاعَةُ. 1237 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قالَ: جاءَ رجُل إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: دُلني على عَمَل يَعْدِلُ الجهادَ. قالَ: "لا أجِدُهُ" (1). قال: "هل تستطيعُ إذا خَرَجَ المجاهِدُ أنْ تَدْخُلَ مسجِدَكَ فتقومَ ولا تفْتُرَ، وتصومَ ولا تُفْطِرَ؟ ". قالَ: ومَن يستطيعُ ذلك؟

_ 640 - وصله ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه. قلت: وكذلك وصلَهُ ابنُ جرير (11/ 29) عنه: {والحافظون لحدود اللهِ}: يعني القائمين على طاعة الله، وهو شرط اشترطه على أهل الجهاد؛ إذا وفوا الله بشرطه، وفي لهم شرطهم. وسنده منقطع. ثم رواه من طريق أخرى عنه، قالَ: القائمون على طاعة الله. (1) هذا جواب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقوله: " قال: هل ... " كلام مستأنف.

2 - باب أفضل الناس مؤمن يجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله

قال أبو هريرة: إنَّ فَرَسَ المجاهِدِ لَيَسْتَنُ (2) في طِوَلهِ، فيُكْتَبُ لهُ حسنات (3). 2 - باب أَفْضَلُ النَّاسِ مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِى سَبِيلِ اللهِ, وَقَوْلُهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِى جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}. 1238 - عن أَبَي سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ - رضى الله عنه - قَالَ قِيلَ (وفي روايةٍ: جاء أعرابي إلي النبيّ - صلى الله عليه وسلم -،فقال 7/ 188): يا رسول الله! أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ (وفي رواية) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ". قَالُوا ثُمَّ مَنْ قَالَ "مُؤْمِنٌ فِى شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِى (وفي روايةٍ: يعبد) اللَّهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ" 1239 - عن أبي هريرة قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَثَلُ المُجاهِدِ في سبيل الله- والله أعلَمُ بمَن يُجاهِدُ في سبيلِهِ- كمَثَلِ

_ (2) (اسْتِنَان الفَرَسِ): هو أن يرفع يديه ويطرحهما معاً، و (طِوَلُة): حَبْلُه المشدود به المُطَول له ليرعى وهو بيد صاحبه. (3) قلتُ: هكذا موقوفاً وقع في هذه الرواية، وكذلك هو في "مسند أحمد" (2/ 344)، وقد تقدم من رواية أخرى مرفوعاً، فانظر الحديث (1101). (4) الشعْبِ: هو ما انفرج بين الجبلين، والمراد به الموضع الخالي عن الناسِ للاعتزال فيه.

3 - باب الدعاء بالجهاد، والشهادة للرجال والنساء

الصائمِ القائِمِ، وتوَكَلَ (وفي طريق: تَكَفلَ) اللهُ للمجاهِدِ في سبيلِهِ [لا يُخْرِجُهُ [من بيتِه 8/ 190] إلا الجهادُ في سبيلِه، وتصديقُ كلماتِه] بأن يَتَوَفَاهُ أنْ يُدْخِلَهُ الجنَةَ، أو يَرْجِعَهُ [إلى مسكنِهِ الذي خَرَجَ منه] سالماً مع [ما نالَ من 8/ 188] أجرٍ أوغنيمةٍ. 3 - بابُ الدُعاء بالجِهادِ، والشهادَةِ للرجالِ والنِّساءِ 641 - وقالَ عُمرُ: ارزُقْني شهادَةً في بلدِ رسولكَ. 1240 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[إذا ذَهَبَ إلى قُباءٍ 7/ 140] يَدْخُلُ على أمَ حرامٍ بنتِ مِلحانَ، فتُطْعِمُهُ- وكانت أمُ حرامٍ تحتَ عُبادَةَ بنِ الصامت-، فدخل عليها رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[يوماً] [في بيتها 225/ 3]، فاطعَمَتْهُ، وجَعَلَتْ تَفْلِي رأسهُ؛ [قالت]: فنام رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم استيقظَ وهو يَضْحَك، قالتْ: فقلتُ: وما يُضْحِكُكَ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: "ناس مِن امًتي عُرِضوأ على غُزاةً في سبيلِ اللهِ، يَركبونَ ثَبَجَ (5) هذا البحرِ [الأخضرِ 3/ 213]، مُلوكاً على الأسِرةِ، أو مثلَ الملوكِ على الأسِرةِ- شك إسحاقُ-". قالت: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلَني منهُم، فدَعا لها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: قالَ: "اللهم! اجعلها منهم" 2/ 221. وفي طريق: فقالَ: "أنت معهُم" 3/ 225)، ثم وَضَعَ رأسَهُ، [فنامَ]، ثم استيقظَ وهو يضْحَكُ، فقلتُ:

_ 641 - وصله فيما تقدم آخر "ج1/ 29 - فضائل المدينة/ 12 - باب/ رقم الحديث 882". (5) وسطه، أو معظمه، أو هوله.

4 - باب درجات المجاهدين في سبيل الله

وما يُضْحِكُكَ يا رَسولَ اللهِ؛ قالَ: "ناسٌ مِن أمتي عُرِضوا على غُزاةً في سبيلِ الله" - كما قالَ في الأول (وفي روايةٍ: الأولى 73/ 8) - قالت: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! ادع اللهَ أنْ يجْعَلَني منهُم. قالَ: "أنتِ مِن الأوَّلينَ [ولستِ مِن الآخِرينَ 3/ 221] ". [فتزوجَ بها عُبادةُ بنُ الصامِت]، [فخرَجَتْ مع زوجِها عبادةَ بنِ الصامتِ غازياً أولَ ما رَكِبَ المسلمونَ البحرَ مع معاويةَ]، فرَكِبَتِ البحرَ [ع بنتِ قرظة] في زمنِ معاويةَ بنِ أبي سفيانَ (6)، [فلما انصرفوا مِن غَزْوِهِم قافِلينَ، فنَزلوا الشامَ، فقُربتْ إليها دابةٌ لتَرْكَبها]؛ فصُرِعَتْ عن دابتِها حين خرجَتْ مِن البحرِ، [فانْدَقَتْ عنُقُها]، فهَلَكَت. 4 - بابُ دَرَجاتِ المجاهِدينَ في سبيلِ اللهِ يُقالُ: هذه سبيلي، وهذا سبيلي. قال أبو عبدِ الله: {غُزاً}: واحِدُها غازٍ. {هُم درَجاتٌ}: لهم درَجاتٌ. 5 - بابُ الغَدْوَةِ والروْحَةِ في سبيلِ اللهِ، وقابُ قوْسِ أحَدِكُم مِن الجنَةِ 1241 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " [إن في الجنةِ لشجرةً يسيرُ الراكبُ في ظِلِّها مائةَ سنةٍ [لا يَقْطَعُها 6/ 57]، واقرؤوا إنْ شئتُم: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}.

_ (6) أي: زمان غزوه في البحر أيام خلافة عثمان رضي الله عنه.

6 - باب الحور العين وصفتهن

1242 - و [لَقاب قَوْسِ [أحدِكُم] في الجنَةِ خيرٌ مما تطلع عليهِ الشمسُ وتَغْرُبُ" 4/ 87]. 1243 - وقالَ: "لَغَدْوَةٌ أو رَوْحةٌ في سبيلِ اللهِ خيرٌ مما تَطْلُعُ عليهِ الشمس وتَغْرُبُ". 6 - باب الحُور العينِ وصِفَتِهِن يَحَارُ فيها الطَرْفُ، شديدة سوادِ العينِ، شديدةُ بياضِ العينِ. {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ}: أنْكَحناهُم. 1244 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ الله عنه عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِن عبدٍ يموت، لهُ عندَ اللهِ خيرٌ يَسُرةُ أنْ يَرْجِعَ إلى الدّنيا، وأن لهُ الدنيا وما فيها؛ إلّا الشهيدَ لما يرى مِن فضلِ الشهادَةِ، فإنَهُ يَسُرةُ أنْ يَرْجِعَ الى الدنيا، فيُقْتَلَ مرَّة أخرى". 1245 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَه قالَ: "لرَوْحَةٌ في سبيلِ اللهِ أو غَدْوَةٌ خير مِن الدنيا وما فيها، ولَقابُ قوسِ أحَدِكم من الجَنَةِ- أو موضِع قِيدٍ (7) (يعني: سوطَهُ) - (وفي روايةٍ: أوموضع قدمٍ 7/ 204) خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولو أنَ امرأة مِن أهلِ الجنَّةِ اطلَعَتْ إلى أهلِ الأرضِ؛

_ (7) شك الراوي هل قال: "قاب"،أو "قيد"؟ ومعناهما واحد وهو المقدار، لكن تفسيره للقيد بالسوطِ غير معروف؟ كما قال الحافظ، ورجح الرواية الأولى حديث أبي هريرة الذي قبله.

7 - باب تمني الشهادة

لأضاءَتْ ما بيْنَهُما، ولملأتْهُ ريحاً، ولَنَصِيفُها (8) على رأسِها خير من الدنيا وما فيها". 7 - بابُ تَمَنَي الشهادَةِ 8 - بابُ فضلِ مَن يُصْرَعُ في سبيلِ اللهِ فماتَ؛ فهو منهم، وقولِ الله تعالى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} {وَقَعَ}: وجَبَ. (قلتُ: أسندَ فيه حديث أم حرام المتقدم قريباً "3 - باب/ رقم الحديث 1240"). 9 - باب مَن يُنْكَبُ أويُطْعَنُ في سبيلِ الله 10 - بابُ مَن يُجْرَحُ في سبيلِ الله عزَوجل (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 4 - الوضوء/ 71 - باب/ رقم الحديث 139 "). 11 - بابُ قولِ الله تعالى: {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ}، والحربُ سِجال (9) (قلت: أسندَ فيه طرفاً من حديث أبي سفيان الآتي قريياً "102 - باب ").

_ (8) نَصِيفُها: خِمَارُها. (9) أي: تارة وتارة، ففي غلبة المسلمين يكون لهم الفتح، وفي غلبة المشركين يكون للمسلمين الشهادة.

12 - باب قول الله تعالى {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا}

12 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} 1246 - عن أنس رضيَ الله عنهُ قالَ: غابَ عمي أنسُ بنُ النَضْرِعن قتالِ بدرٍ، ففالَ: يا رسولَ اللهِ! غِبْتُ عن أوَّلِ قتالٍ قاتلْتَ المشركينَ، لَئِنِ اللهُ أشْهَدَني قتالَ المشركينَ ليَرَيَنَ اللهُ ما أصنعُ، فلما كانَ يومُ أحُدٍ، وانكَشَفَ المسلمونَ؛ قالَ: اللهم! إني أعتَذِرُ إليكَ مما صَنعَ هؤلاءِ- يعني: أصحابَهُ- وأبرأ إليكَ مما صَنَعَ هؤلاءِ- يعني: المشركين-، ثم تقدَّمَ [بسَيْفهِ 5/ 31]، فاستَقْبَلهُ سعدُ بنُ معاذٍ، فقالَ: [أين] يا سعدُ بنَ معاذٍ؟ الجَنةَ ورَب النًضْرِ، إني أجِدُ ريحَها مِن دونِ أحدٍ، [فمضى، فقُتِلَ،] قالَ سعدٌ: فما استَطَعْتُ يا رسولَ اللهِ! ما صَنَعَ، قالَ أنسٌ: فوَجَدْنا بهِ بِضعاً وثمانينَ ضربةً بالسيفِ، أو طَعْنةً برُمح، أو رَمْيةً بسَهْمٍ، ووجَدْناهُ قد قُتِلَ، وقد مَثلَ بهِ المُشرِكونَ، فما عَرَفَهُ أحدٌ إلا أخْتُهُ بِبَنانِهِ. قالَ أنسٌ: كُنا نرى أو نَظُنُ أنَ هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهِهِ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} إلى آخر الآية. 13 - باب عَمَلٌ صالح قبلَ القتالِ 642 - وقالَ أبو الدرْداءِ: إنما تُقاتِلونَ باعمالِكم. وقَوْلُهُ عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ

_ 642 - وصله ابن المبارك في "كتاب الجهاد" بأسناد رجاله ثقات عنه. ورواه الدينوري في "المجالسة" أتم منه بسند منقطع.

14 - باب من أتاه سهم غرب فقتله

اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} 1247 - عن البراءِ رضي الله عنه يقولُ: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل مقَنع بالحديدِ، فقالَ: يا رسولَ الله! اقاتِلُ واسْلِمُ. قالَ: "أسْلِم ثم قاتِلْ"، فاسلمَ، ثم قاتَلَ، فقُتِلَ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "عَمِلَ قليلًا، وأجِرَكثيراً". 14 - بابُ مَن أتاهُ سهْم غَرْب (10) فقَتَلَهُ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي "ج 3/ 81 - الرقاق/ 51 - باب"). بسم الله الرحمن الرحيم (11) 15 - بابُ مَن قاتَلَ لِتَكونَ كَلِمَةُ الله هي العُلْيا (قلت: أسند فيه حديث أبي موسي المتقدم "ج 1/ 3 - العلم/ 46 - باب/ رقم الحديث 81"). 16 - باب مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ} إِلَى قَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}. (قلت: أسند فيه حديث أي عبس المتقدم "ج 1/ 11 - الجمعة/ 17 - باب/ رقم الحديث 465").

_ (10) بهذا الضبط، وبإضافة سهم إلى غرب، مع فتح الراء، وهو ما جاء على غير قصد من راميه. كما في الشارح. (11) لم ترد البسملة في نسخة الحافظ.

17 - باب مسح الغبارعن الناس في سبيل الله

17 - بابُ مَسْحِ الغُبارِعن الناسِ في سبيلِ اللهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 63 - باب/ رقم الحديث 236"). 18 - باب الغُسْلِ بعدَ الحَرْبِ والغُبارِ 1248 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها أنً رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لمًا رَجَعَ يومَ الخَنْدَقِ، ووضَعَ السلاحَ، واغْتَسَلَ؛ فأتاهُ جبريلُ وقد عَصَبَ رأسَهُ الغُبارُ، فقالَ: وضعْتَ السلاحَ؛ فوالله ما وضعْتُهُ (وفي روايةٍ: ما وضعناه، فاخْرُجْ إليهم 5/ 49)، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فأينَ؟ "، قالَ: ها هُنا، وأومَا إلى بني قُريظةَ، قالتْ: فخَرَجَ إليهِم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. 19 - باب فَضْلِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى (وَلاَ تَحْسِبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَنْ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ). 1249 - عن جابر بنِ عبد الله رضيَ الله عنهما قالَ: اصطبَحَ ناس الخمرَ يومَ أحُدٍ، ثم قُتِلوا [مِن يومِهم جميعاً 5/ 189] شُهداءَ، [وذلك قبلَ تَحْريمِها]، فقيلَ لسُفيانَ: مِن آخِرِ ذلك اليومِ؟ قالَ: ليس هذا فيه (12).

_ (12) قوله: "فقيل لسفيان من آخر ذلك اليوم" أي: هل هذا اللفظ موجود في الحديث؟ فأنكر ذلك سفيان- وهو الثوري- مع أنه موجود في الرواية المشار إليها عند المصنف، وهي من طريق سفيان أيضاً. قال الحافظ: "فلعل سفيان كان نسيه، ثم تذكر".

20 - باب ظل الملائكة على الشهيد

20 - بابُ ظل الملائكةِ على الشهيدِ (قلت: أسند في حديث جابر المتقدم "ج 1/ 23 - الجنائز/ 3 - باب/ رقم الحديث 686"). 21 - باب تَمَنَي المجاهِدِ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُنيا 1250 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ما أحد يَدْخُلُ الجنةَ يُحِب أن يَرْجِعَ إلى الدُنيا وله ما على الأرضِ مِن شيءٍ؛ إلا الشهيدُ، يَتَمَنى أن يَرْجِعَ إلى الدنيا، فيُقْتَلَ عَشْرَ مراتٍ؛ لِمَا يَرَى مِن الكرامَةِ". 22 - بابٌ الجنةُ تحتَ بارِقَةِ السيوفِ 448 - وقال المغيرة بن شعبةَ: أخبرنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن رِسالةِ ربنا: "مَن فتِلَ منا صارَ إلى الجنةِ". 449 - وقالَ عمر للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أليس قتلانا في الجنةِ، وقتلاهم في النار؛ قالَ: (بلى). (قلت: أسند في طرفاً من حديث ابن أبي أوفى الآتي " 156 - باب "). 23 - باب مَن طَلَبَ الوَلَدَ للجهادِ

_ 448 - هو طرف من حديث طويل وصله المصنف فيما يأتي "58 - الجزية/ 1 - باب". 449 - هو طرف من حديث سهل بن حنيف في قصة الحديبية الآتي بتمامه موصولاً في "58 - الجزية/ 18 - باب"، وليس في "المغازي" كما ادعى الحافظ.

24 - باب الشجاعة في الحرب والجبن

450 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسولِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "قالَ سُليمانُ بنُ داودَ عليهما السلامُ: لأطوفَن اليلةَ على مائةِ امرأةٍ أو تِسع وتسعينَ، كُلهُن يأتي بفارِس يُجاهِدُ في سبيلِ الله. فقالَ له صاحِبُهُ: قلْ إنْ شاء الله. فلم يقُلْ: إن شاء الله، فلم يَحْمِلْ منهُن إلا امرأة واحدة، جاءت بِشِقً رجُل، والذي نفسُ محمدٍ بيده.؛ لو قالَ: إنْ شاء الله؛ لَجاهدوا في سبيلِ الله فرساناً أجْمعونَ". 24 - باب الشجاعَةِ في الحَرْبِ والجُبْنِ 25 - باب ما يُتَعَوذُ مِن الجُبْن 1251 - عن عمرِو بنِ مَيمونٍ الأودي قالَ: كان سعد يُعَلمُ بنيهِ هؤلاءِ الكَلماتِ؛ كما يُعَلمُ المُعَلمُ الغِلمانَ الكتابةَ (وفي روايةٍ: كان يأمُرُ بهؤلاء الخمس، ويُحَدثُهُن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -7/ 159)، ويقولُ: أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَتَعَوذُ منهُن دُبُرَ الصلاةِ: "اللهُم! إني أعوذُ بكَ [من البخلِ، وأعوذُ بكَ] مِن الجبنِ، وأعوذُ بكَ أن أرَدَّ إلى أرْذَلِ العُمُر، وأعوذ بكَ مِن فتنةِ الدنيا، وأعوذُ بك مِن عذابِ القبر"، فحدَثْتُ بهِ مُصعباً، فصَدقَهُ.

_ 450 - هذا معلق هنا، وقد وصله أبو نعيم في "المستخرج" من طريق يحيى بن بكير عن الليث- وهو ابن سعد- بإسناد المصنف عنه. قلتُ: ووصله أيضاً الطحاوي في "مشكل الآثار" (2/ 377) من طريق شعيب بن الليث به، وقد وصله المصنف رحمه الله في موضعين آخرين (4/ 136 و 7/ 220) من كتابه من طريق أخرى عن أبي هريرة به نحوه، وسيأتي في (ج 3/ 83 - الأيمان/ 3 - باب" من هذا المختصر.

26 - باب من حدث بمشاهده في الحرب

26 - بابُ مَن حَدّثَ بمشاهِدِهِ في الحربِ 643 - قالَة أبو عثمان عن سعدٍ. 1252 - عن السائبِ بنِ يزيدَ قالَ: صَحِبْتُ طلحةَ بنَ عُبَيْدِ الله، وسعداً، والمِقدادَ بنَ الأسودِ، وعبدَ الرحمنِ بنَ عوفٍ رضيَ الله عنهم، فما سمعت أحداً منهم يُحَدّثُ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ إلاَّ أني سَمِعْتُ طَلْحَةَ يُحَدّثُ عن يومِ احُدٍ. 27 - بابُ وُجوبِ النًفيرِ، وما يجِبُ مِن الجهادِ والنيةِ، وقولهِ: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ} الآيةَ، وقولهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} إلى قوله: {على كُل شيءٍ قدير} 644 - يذكَرُ عن ابنِ عباس: {انْفِروا ثباتٍ}: سَرايا مُتَفَرقينَ، يُقالُ: أحَد الثباتِ: ثبَةَ. 1253 - عن ابنِ عباس رضيَ الله عنهُما أنَ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ يومَ الفَتْحِ (وفي روايةٍ: فتحِ مكة 4/ 38): "لا هِجْرَةَ بعدَ الفَتْحِ؛ ولكنْ جِهاد ونِيًة، وإذا اسْتُنْفِرْتُم فانْفِروا".

_ 643 - يشير بذلك إلى ما سيأتي موصولاً في "ج 3/ 64 - المغازي/ 58 - باب" عن أبي عثمان قال: سمعت سعداً- وهو أول مَن رمى بسهم في سبيل الله- ... وقد روى هذا عنه غير أبي عثمان، وسيأتي موصولاَّ في "62 - الفضائل/ 15 - باب". 644 - وصله الطبري بسند منقطع عنه.

28 - باب الكافر يقتل المسلم، ثم يسلم، فيسدد بعد ويقتل

28 - باب الكافِر يَقْتل المسلمَ، ثم يسلِم، فيسَدَّد بعدُ ويقْتَلُ 1254 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يَضْحَكُ اللهُ إلى رجلَيْنِ، يقتُل أحدُهما الأخَر، يدخُلانِ الجنةَ، يقاتِل هذا في سبيلِ اللهِ، فيُقْتَلُ، ثم يتوبُ اللهُ على القاتِلِ، فَيُسْتَشْهَد". 1255 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: أتيت (وفي روايةٍ: 451 - بعَث رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أبانَ على سريةٍ من المدينةِ قِبَلَ نَجْدٍ، قالَ أبو هريرةَ: فقَدِمَ أبانُ وأصحابُه على 5/ 82) رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو بخَيْبَرَ بعد ما افتَتَحوها، [وإن حزَمَ خَيْلِهِم لَلِيف]، [فسَلمَ عليهِ]، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! أسْهِم لي (وفي روايةٍ: لا تَقْسِمْ لهم) (13)، فقالَ بعض بني سعيدِ ابنِ العاصِ: لا تُسْهِمْ له يا رسولَ اللهِ! فقال أبو هُريرْةَ: هذا قاتِلُ ابنِ قَوْقَل، فقالَ [أبانُ] بنُ سعيدِ بنِ العاصِ: واعَجَباً لِوَبرٍ (14) تَدَلَى علينا مِن قَدُومِ [إلـ] ضأنِ، (وفي روايةٍ: ضال) (15)! يَنْعَى على قتلَ رجُل مسلمٍ أكرَمَهُ الله على يَدَي، ولم يُهِنَي على يديهِ! قالَ: فلا أدري أسهَمَ لهُ أم لم يُسْهِم؟

_ 451 - هذه الرواية وما يأتي بعدها من الروايات كلها في رواية معلقة عند المصنف، وقد وصلها أبو داود وغيره بسند صحيح. (13) مجموع الروايتين يعطي أنه سأل لنفسه دون أبان، فكأنه قال: أسهم لي ولا تسهم له. (14) أي: دويبة تسمى غنم بني إسرائيل. و (تدلى): معناه انحدر. و (قَدوم ضان): اسم جبل في ارض دوس قوم أبي هريرة يحقره، وقوله: (ينعى عليً) إلخ: أي: يعيب. (15) كذا في هذه الرواية (ضال) باللام، وفي التي قبلها (ضان) بالنون، وقد فسر المؤلف (الضال) باللام، فقال كما يأتي: هو السدر البري، وكذا قال أهل اللغة: إنه السدر البري. ووقع في نسخة الصغاني: "الضال: سدرة البر". والرواية الأولى: "ضال" هي في بعض النسخ، وهو الصواب؛ كما في "الفتح".

29 - باب من اختار الغزو على الصوم

(وفي روايةٍ: فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبان! اجلس"، فلم يقسم لهم. قالَ أبو عبد الله: (الضال): السدْر. 29 - بابُ مَن اختارَ الغزوَ على الصومِ 1256 - عن أنسِ بن مالكٍ رضيَ الله عنه قال: كان أبو طلحة لا يصومُ على عهدِ النبي - صلى الله عليه وسلم -مِن أجلِ الغزوِ، فلما قُبِضَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لم أرَهُ مُفطراً إلا يومَ فِطْر أو أضْحى (16). 30 - باب الشهادَةُ سبع سِوى القتلِ 1257 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الشهداءُ خمسة: المَطْعونُ، والمَبْطونُ، والغَرِقُ، وصاحِبُ الهَدْم، والشهيدُ في سبيلِ الله". 31 - بابُ قولِ الله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ} إلى قوله: {غَفوراً رحيماً} 1258 - عن سهلِ بنِ سعدٍ الساعدي أنه قال: رأيتُ مَرْوانَ بنَ الحَكَمِ جالساً في المسجِد، فاقبلتُ حتى جلسْتُ إلى جنبِهِ، فأخْبَرَنا أن زيدَ بنَ ثابتٍ أخبرَهُ

_ (16) أي: فكان لا يصومهما، والمراد بيومِ الأضحى ما تشرع فيه الأضحية فيدخل أيام التشريق. كذا في "الفتح".

32 - باب الصبرعند القتال

أنً رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - أملى عليه: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، قال: فجاءَهُ ابنُ امً مَكْتوم، وهو يُمِلها على، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! لو أستطيعُ الجهادَ لجاهَدْتُ، وكانَ رَجُلًا أعمى، فانزَلَ اللهُ تعالى على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفَخِذُهُ على فَخِذي، فثَقُقتْ عليً حتى خِفْتُ أن تُرَض فخِذي، ثم سُري عنه، فانزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {غيرُ أولي الضًررِ}. 32 - بابُ الصبرِعند القتالِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن أبي أوفى الآتي "156 - باب"). 33 - بابُ التَحْريضِ على القتال، وقولِ اللهِ تعالى: {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} 1259 - عن أنس رضيَ الله عنه قالَ: خرَجَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى الخندقِ، فإذا المهاجِرونَ والأنصارُ يَحْفُرونَ [الخَنْدقَ حول المدينةِ، وينقلونَ الترابَ على مُتونهِم 5/ 45] في غَدأةٍ باردةٍ، فلم يكن لهم عَبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم مِن النصَبِ والجوعِ؛ قال: "اللهُمً! إن العَيْشَ عَيْشُ (وفي روايةٍ: اللهم! إن الخيرَ خيرُ 8/ 122) الآخرة، فاغْفِرْ (وفي روايةٍ: فاصْلحْ 4/ 225) للأنصارِ، (وفي أخرى: اللهم! لا عَيْشَ إلا عيشُ الآخرة، فاكْرِم الأنصارَ 4/ 8) والمهاجِرةَ ". فقالوا مُجِيبينَ لهُ: نحنُ الذينَ بايَعوا محمداً على الجهادِ (وفي طريق: الإسلام 5/ 45) ما بَقينا (وفي روايةٍ: حَيِيْنا) أبداً.

34 - باب حفر الخندق

{قالَ: يقولُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يُجيبُهم: "اللهُمَّ! إنه لا خيرَ إلا خيرُ الآخرة، فباركْ في الأنصارِ والمهاجِرة ". قالَ: يؤتونَ بملءِ كَفي من الشعيرِ، فيصنَعُ لهم بإهالةٍ (17) سَنِخَةً تُوضَعُ بين يَدَيِ القومِ، والقومُ جِياع، وهي بَشِعَة في الحَلْقِ، ولها ريح مُنْتِن]. 34 - بابُ حَفْرِ الخَنْدقِ 35 - بابُ مَن حَبَسَهُ العُذْرُ عن الغَزْوِ 36 - بابُ فضلِ الصومِ في سببلِ الله 1260 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قالَ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَن صامَ يوماً في سبيلِ الله؛ بَعدَ اللهُ وجْهَهُ عنِ النارِسبعينَ خريفاً" (18). 37 - بابُ فضلِ النفقةِ في سبيلِ اللهِ 38 - بابُ فضلِ مَن جَهزَ غازِياً أوخَلَفَهُ بخيرٍ 1261 - عن زيدِ بن خالدٍ رضي اللهُ عنه أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (17) أي: بودكة متغيرة الريح فاسدة الطعم. وفي "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 42): "هو كل ما يؤتدم به من الأدهان. قاله أبو زيد. وقال الخليل: (الإهالة): الألية تقطع ثم تذاب. و (السنخ): المتغير". (18) أي: سنة.

39 - باب التحنط عند القتال

"مَن جَهًزَ غازياً في سبيلِ الله؛ فقد غَزا، ومَن خَلَفَ غازياً في سبيلِ الله بخيرٍ؛ فقد غَزا". 1262 - عن أنس رضيَ الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَكُنْ يدْخُلُ بيتاً بالمدينةِ غيرَ بيتِ أمً سُلَيْم؛ إلا على أزواجِهِ، فقيلَ له؟! فقالَ: "إني أرْحَمُها، قُتِلَ أخوها معي (19) ". 39 - باب التَحَنُطِ عندَ القتالِ 1263 - عن موسى بن أنس قالَ- وذَكَرَ يومَ اليمامةِ-؛ قالَ: أتى أنسٌ ثابتَ بنَ قيس وقد حَسَرَ عن فَخِذَيْهِ، وهو يَتَحَنًطُ، فقالَ: يا عَم! ما يَحْبِسُكَ أنْ لا تَجيءَ؟ قالَ: الآن يا ابنَ أخي! وجَعَلَ يَتَحَنَطُ- يعني: من الحَنوطِ- ثم جاءَ فجَلَسَ، فذَكَرَ في الحديثِ انكشافاً (ْ2) مَن الناسِ، فقالَ: هكذا عن وُجوهِنا (21) حتى نُضارِبَ القومَ، ما هكذا كنا نفعلُ معَ رسوكِ الله - صلى الله عليه وسلم - (22)، بئسَ ما عَودْتُم أقرانَكُم (23).

_ (19) يعني: حرام بن ملحان الذي يأتي ذكره في غزوة بئر معونة "64 - المغازي/ 30 - باب". (معي): أي: مع عسكري، أو على أمري وطاعتي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يشهد معونة، وإنما أمرهم بالذهاب إليها. قاله الحافظ. (20) أي: انهزاماً. (21) أي: فسحوا لي حتى أقاتل. (22) أي: بل كان الصف لا ينحرف عن موضعه. (23) أي: عودتم نظراءكم في القوةِ من عدوكم الفرار منهم، حتى طمعوا فيكم، زاد في روايةٍ: "فتقدم فقاتل حتى قُتِلَ". أخرجه الإسماعيلي والحاكم (3/ 234)، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

40 - باب فضل الطليعة

40 - بابُ فَضْلِ الطليعَة "قلت: أسند فيه طرفاً من حديث جابر الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 31 - باب"). 41 - بابٌ هل يُبْعَثُ الطليعةُ وحدهُ؟ (قلت: أسند فيه حديث جابر المشار إليه آنفاً). 42 - بابُ سَفَرِ الاثنينِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن الحويرث الأتي "ج 3/ 95 - أخبار الآحاد/ 1 - باب"). 43 - بابٌ الخيلُ مَعقود في نَواصِيها إلخيرُ إلى يومِ القيامَةِ 1264 - عن عبد الله بن عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الخيلُ في نَواصِيها الخيرُ إلى يومِ القيامَةِ". 1265 - عن أنسَ بنِ مالكٍ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "البَرَكَةُ في نَواصي الخيلِ، (وفي روايةٍ: الخيلُ معقود في نواصيها الخيرُ 4/ 187) ". 44 - بابٌ الجهادُ ماض مع البَر والفاجِرِ؛ لقولِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الخيلُ مَعقود في نواصيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ" 1266 - عن عُروةَ [بنِ الجعدِ 3/ 215] البارِقي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الخيلُ مَعقود في نواصيها الخيرُ إلى يومِ القيامةِ؛ الأجْرُ والمَغْنَمُ (24) ".

_ (24) الأجر والمغنم: هما بدلان من الخير، أو خبر لمبتدأ محذوف، أي: هو الأجر والمغنم.

45 - باب من احتبس فرسا لقوله تعالى: {ومن رباط الخيل}

[قال (شبيب): وقد رأيتُ في دارِهِ سبعينَ فرساً 4/ 187]. 45 - بابُ مَن احتَبَسَ فرساً لقوله تعالى: {ومِنْ رِباطِ الخَيْلِ} 1267 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قالَ: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن احْتَبَسَ فرساً في سبيلِ اللهِ إيماناً باللهِ، وتصديقاً بوعْدهِ؛ فإن شِبَعَهُ، ورِيًة، ورَوْثَة، وبوْلَة في ميزانِه يومَ القيامةِ". 46 - بابُ اسمَ الفرسَ والحمار (25) 1268 - عن سهلِ (بنِ سعدٍ) قالَ: كان للنبى - صلى الله عليه وسلم - في حائطنا فرس يُقال له: اللُّحَيْفُ (26). 47 - بابُ ما يذْكَرُ مِن شؤمِ الفَرسِ 1269 - عن سهل بنِ سعدٍ الساعِدي رضيَ الله عنه أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنْ كانَ في شيءٍ (27)؛ ففي المرأةِ والفَرَسِ والمَسْكَنِ".

_ (25) أي: مشروعية تسميتهما باسماء تخصهما. (26) بهذا الضبط، وبوزن رَغِيف، سمي به لطول ذنبه، وفي الحديث ضعف بينته في "الضعيفة" (4226) (27) يعني: "الشؤم" كذا في رواية مسلم، وهي رواية لأحمد (5/ 335)، وكلهم- وفيهم المصنف- رووه من طريق مالك، وقد أخرجه هذا في "الموطأ" (3/ 140) بهذه الزيادة، وهي عند أحمد (5/ 338) من طريق أخرى عن مالك، دون أداة التفسير: (يعني). وكذلك أخرجه المصنف في "الأدب المفرد" (رقم 917)، وهو مخرج في "الصحيحة" (799)، وانظر (443).

48 - باب الخيل لثلاثة

48 - بابٌ الخيلُ لثلاثةٍ، وقولُهُ تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} (قلت: أسندَ في حديث أبي هريرة المتقدم في "42 - المساقاة/ 13 - باب/ رقم الحديث 1101") 49 - بابُ مَن ضَرَبَ دابًةَ غيرِهِ في الغزوِ (قلت: أسندَ فيه حديث جابر في قصةِ الجملِ المتقدم في "34 - البيوع/ 34 - باب/ رقم الحديث 990"). 50 - بابُ الرُكوبِ على الدابةِ الصعْبَةِ، والفُحُولَةِ مِن الخيلِ 645 - وقال راشِدُ بنُ سَعْدٍ: كان السلَفُ يَسْتَحِبونَ الفحولَةَ (28)؛ لأنها أجْرَى وأجْسَرُ. (قلت: أسند في حديث أنس المتقدم في "51 - الهبة/ 33 - باب/ رقم الحديث 1190"). 51 - بابُ سِهامِ الفَرَسِ 646 - وقالَ مالِك: يُسْهَمُ للخَيْلِ، والبَرَاذِيْنِ منها؛ لقوله تعالى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا}، ولا يسهَمُ لأكثرَ مِن فرس. (قلت: أسند في حديث ابن عمر الأتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 40 - باب ").

_ 645 - لم يخرجه الحافظ عنه، وكأنه لم يقف عليه، فقد أخرج عن عبد الله بن محيريز نحو هذا الأثر. (28) الفُحولة: جمع فحل كالفحول، والتاء فيه لتأكيد الجمع كما في الملائكة. و (البراذين): جمع البِرْذَوْن، وزان فرعون، وهو التركي من الخيل. 646 - ذكره في "الموطأ".

52 - باب من قاد دابة غيره في الحرب

52 - بابُ مَن قادَ دابَّةَ غيرِهِ في الحربِ 1270 - عن أبي إسحاق: قالَ رجُلٌ للبراءِ بنِ عازِبٍ رضي الله عنه: [يا أبا عُمارةَ! 3/ 220] أفَرَرْتُم عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يومَ حُنينٍ؟ قالَ [البراءُ- وأنا أسمعُ- 28/ 4]: لكن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لم يَفِرَّ، إنَّ هوازِنَ، [وبني نَصْرٍ]؛ كانوا (وفي روايةٍ: لا واللهِ، ما ولَّى النبيًّ - صلى الله عليه وسلم -، ولكن ولَّى سَرَعانُ الناس. وفي أخرى: ولكنه خرج شُبانُ أصحابِهِ وأخِفَّاؤهم حُسَّراً ليس بسلاح، فاتوا 3/ 233) قوماً رُماةً [ما يكادُ يسقطُ لهم سهمٌ]، وإنَّا لما لَقِيناهم حَمَلْنا عليهم، فانهزموا، فأقبلَ المسلمون على الغنائم، واسْتَقْبلونا بالسِّهامِ، [فرَشَقوهم رَشْقاً ما يكادونَ يُخْطِئون، فأقبلوا هنالك إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -]، فأمَّا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يَفِرَّ، فلقد رأيتُهُ وإنَّهُ لعلى بَغْلتِهِ البيضاءِ، وإنَّ أبا سُفيانَ أبنَ الحارثِ، آخِذٌ بلِجامِها، (وفي رِواية: بِزِمامِها. وفي روايةٍ: برأسِ بَغْلَتِهِ البيضاءِ 5/ 99)، [فلمَّا غَشِيَهُ المُشْرِكونَ؛ نَزَلَ، [واستَنْصَر] فجَعَلَ] يقولً: "أنا النبيًّ لا كَذِبْ، أنا ابنُ عبدِ المطلبْ"، [ثم صَفَّ أصحابَهُ]، [فما رُئِيَ من الناسِ يومئذ أشدَّ منه]. 53 - بابُ الرِّكابِ والغَرْزِ (29) للدَّابَّةِ (قلت: أسند في حديث ابن عمر المتقدم في "ج 1/ 25 - الحج/ 2 - باب/ رقم الحديث 721"). 54 - بابُ ركوبِ الفرسِ العُرْيِ

_ (29) الغرْز: الركاب المتخذ من الجلد.

55 - باب الفرس القطوف

(قلت: أسند في طرفاً من حديث أنس المتقدم في "51 - الهبة/ 33 - باب/ رقم الحديث 1190"). 55 - بابُ الفَرَسِ القَطُوفِ (قلتُ: أسند في حديث أنس المشار إليه آنفاً). 56 - بابُ السبْقِ بينَ الخيلِ (قلتُ: أسند في حديث ابن عمر الآتي بعد باب). 57 - بابُ إضْمارِ الخيلِ للسبق (قلت: أسند في حديث ابن عمر الآتي بعده). 58 - بابُ غايةِ السبْق للخيلِ المُضَمرَةِ 1271 - عن ابنِ عمر رضيَ الله عنهما قالَ: سابَقَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بينَ الخيلِ التي قد أضْمِرَتْ، فارسَلَها مِن الحَفْياءِ (30)، وكان أمَدُها ثَنِيةَ الوداعِ. فقلتُ لموسى: فكم كانَ بينَ ذلك؟ قالَ: ستةُ أميال أو سبعة (وفي روايةٍ: خمسة أميال أو ستة). وسابق بين الخيلِ التي لم تُضمرْ، فأرسلَها مِن ثنيةِ الوداعِ، وكانَ أمَدُها مسجِدَ بني زُرَيْقٍ. قلتُ: فكم بين ذلك؟ قالَ: مِيل أو نَحْوُهُ. وكانَ ابنُ عُمَرَ ممنْ سابَقَ فيها. [قال أبو عبد اللهِ: (أمَداً): غايةً. {فطالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ}]. 59 - بابُ ناقةِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -

_ (30) مكان خارج المدينة.

60 - باب الغزوعلى الحمير

452 - قالَ ابن عمرَ: أردف النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أسامَةَ على القَصْواءِ. 453 - وقالَ المِسْوَرُ: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما خَلأتِ القَصْواءُ". 1272 - عن أنس رضيَ الله عنه قالَ: كانَ للنبى - صلى الله عليه وسلم - ناقةٌ تُسَمَى: العَضْباءَ، [وكانت 7/ 190] لا تُسْبَقُ- قالَ حُمَيْدٌ: أو لا تكاد تُسبَقُ-، فجاءَ أعْرابي على قَعُود (31)، فسبَقَها، فشَق ذلك على المسلمين، حتى عَرَفَهُ (32)، [وقالوا: سُبِقَتِ العضباءُ!]، فقالَ: "حَق على اللهِ أنْ لا يَرْتَفعَ شيءٌ (وفي روايةٍ: إن حقاً على الله أنْ لا يَرْفَعَ شيئاً) من الدنيا إلا وَضَعَهُ". 454 - طَولَهُ موسى عن حمادٍ عن ثابتٍ عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 60 - بابُ الغزوِعلى الحميرِ (33)

_ 452 - هو طرف من حديث يأتي موصولاً هنا "127 - باب". 453 - هو طرف من حديث تقدم في "54 - الشروط/ 15 - باب/ رقم الحديث 1219 ". (31) بفتح القاف، وهو ما استحق الركوب من الإبل، وأقل ذلك أن يكون ابن سنتين إلى أن تدخل السادسة فيسمى جملاً، ولا يقال إلا للذكر. (32) قلتُ: يعني في وجوههم؛ كما في رواية أحمد (3/ 103):" فلما رأى ما في وجوههم"، وهذه الزيادة عزاها الحافظ للمصنف في "الرقاق"، وليس عنده إلا الزيادة الآتية. 454 - لم يخرجه الحافظ إلا من طريق أبي داود في أول "الأدب"، وليس سياقه باطوال مما هنا. (33) هكذا في الأصل، ليس فيه حديث، وهو رواية المستملي؛ قال الحافظ: وضم النسفي هذه الترجمة للتي بعدها، فقالَ: "باب الغزو على الحمير وبغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - البيضاء".

61 - باب بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - البيضاء

61 - بابُ بغلةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - البيضاءِ 455 - قالَهُ أنس. 456 - وقالَ أبو حُمَيْدٍ: أهْدَى مَلِك أيْلَةَ للنبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بغلةً يضاءَ. 62 - بابُ جهادِ النًساءِ (قلت: أسندَ في حديث عائشة المتقدم في" 25 - الحج/ 4 - باب/ رقم الحدث 862"). 63 - بابُ غزو المرأةِ في البحرِ (قلت: أسندَ في حديث أنس المقدم في "56 - الجهاد/ 3 - باب/ رقم الحديث 1240 "). 64 - بابُ حملِ الرجُلِ امرأتَهُ في الغزوِ دونَ بعضِ نسائِهِ (قلت: أسندَ في طرفاً من حديث عائشة في الإفك الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 36 - باب"). 65 - بابُ غزوةِ النساءِ وقتالِهِنَ معَ الرجالِ (قلت: أسندَ في حديث أنس الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 18 - باب"). 66 - بابُ حَمْلِ النساءِ القِرَبَ إلى الناسِ في الغَزْوِ 1273 - عن ثعلبةَ بنِ أبي مالكٍ قالَ: إنَّ عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه قَسَمَ مُروطاً بين نساء من نساءِ المدينة، فبقِيَ مِرْط جيد، فقالَ لهُ بعض مَن عنده:

_ 455 - يشير إلى حديثه الطويل في قصة حنين الآتية "64 - المغازي/ 58 - باب". 456 - وصله المصنف فيما تقدم من حديثه في "ج 1/ 24 - الزكاة/ 56 - باب/ رقم 706"

67 - باب مداواة النساء الجرحى في الغزو

يا أميرَ المؤمنين! أعطِ هذا ابنةَ رسولِ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - التي عندَك- يريدونَ: أمَ كلثوم بنتَ عليٍّ - فقالَ عمرُ: أمُ سَليطٍ أحَق [به منها 5/ 37]- وأبم سَليطٍ مِن نساءِ الأنْصارِ؛ ممَّنْ بايَعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال عمَرُ: فإنها كانت تَزْفِرُ لنا القِرَبَ يومَ أحُدٍ. قال أبو عبدِ اللهِ: (تَزْفِر): تَخِيطُ (34). 67 - بابُ مُداواةِ النَساءِ الجرحَى في الغَزْوِ (قلت: أسندَ فيه حديث الربيع الآتي بعده). 68 - بابُ رَد النساءِ الجَرحى والقَتلى 1274 - عن الربيعِ بنتِ مُعَوذ قالت: كنَا نَغْزو مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنَسْقي القومَ، ونُخدُمُهم، [ونُداوي الجَرْحى]، ونَرُد القَتْلى والجَرْحى إلى المدينةِ. 69 - بابُ نَزْعِ السهْمِ مِن البَدَنِ (قلت: أسندَ فيه طرفاً من حديث أبي موسى الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 57 - باب"). 70 - بابُ الحِراسةِ في الغَزْوِ في سبيلِ اللهِ 1275 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها قالت: كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - سَهِرَ (35)، فلما

_ (34) كذا قال، وتعقب بان هذا لا يعرف في اللغة، وإنما (الزفر): الحمل وزناً ومعنى، انظر "الفتح" (35) قلت: كذا وقع في هذه الرواية، ولم يبين زمان السهر، وظاهر أنه كان قبل القدوم ألى المدينة؛ للقول الآتي بعده، وكأنه من المقلوب، فقد أخرجه مسلم (7/ 124) بلفظ: "سهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدمه من المدينة ليلة، فقال ... "، وظاهره- كما قال الحافظ- أن السهر والقول معاً كانا بعد القدوم، وليس =

قَدِمَ المدينةَ (ومن طريق أخرى: أرِقَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلةٍ 8/ 129)؛ قال: "ليتَ رجلاً مِن أصحابي صالحاً يحْرسني الليلة"، إذ سَمِعْنا صوتَ سِلاح، فقالَ: "مَن هذا؟ ". فقالَ: أنا سعد بن أبي وقاص [يا رسولَ اللهِ]، جئت لأحْرسَكَ، ونامَ النبي - صلى الله عليه وسلم -[حتى سَمعْنا غَطِيطَة]. 1276 - عن أبي هريرة عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "تَعِسَ (36) عبد الدينارِ، وعبد الدرْهَمِ، وعبد الخَمِيصةِ، إنْ إعطِيَ رضِيَ، وإنْ لَمْ يعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وانْتَكَسَ، وإذا شِيكَ فلا انْتَقَشَ، طوبى لعبدٍ آخِذٍ بعِنانِ فرسِهِ في سبيلِ اللهِ، أشْعَثَ رأسة، مغبرةٍ قدماة، إنْ كان في الحِراسةِ كانَ في الحِراسَةِ، وانْ كانَ في الساقةِ كانَ في الساقَةِ، إنِ استاذَنَ لمْ يؤذَنْ له، وإنْ شَفَعَ لم يُشَفعْ". قال أبو عبدِ الله: (تَعْساً): كأنه يقول: فاتْعَسَهم الله. (طويى): فعْلَى مِن كل شيءٍ طيب، وهي ياء خولَتْ إلى الواوِ، وهيَ مِن يَطِيب.

_ = المراد بقدومه المدينة أول قدومه إليها من الهجرة؛ لأن عائشة إذ ذاك لم تكن عنده، ولا كان سعد أيضاً ممن سبق، وقد أخرجه أحمد (6/ 141) بزيادة بلفظ: " سهر ذات لية، وهي إلى جنبه ... ". (36) بكسر العين وفتحها: انكب على وجهه، أو بعد، أو هلك، أو شقي. قوله: (وانتكس): أي: عاوده المرض كما بدأ به، أو انقلب على رأسه، وهو دعاء عليه بالخَيبة. وقولى: (وإذا شيك فلا انتفش): أي: وإذا أصابه شوك فلا خرج بالمنقاش، يُقال: نقشت الشوك إذا استخرجته.

71 - باب فضل الخدمة في الغزو

71 - بابُ فضْلِ الخِدْمَةِ في الغَزْوِ 1277 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ الله عنه قالَ: صَحِبْتُ جَريرَ بنَ عبدِ الله، فكان يَخْدُمُني- وهو أكبرُ من أنس (37) - قالَ جرير: إني رأيتُ الأنصارَ يصنعونَ شيئاً (38) لا أجِدُ أحداً منهُم إلا أكرمْتُه. 1278 - عن أنس رضيَ الله عنه قالَ: كُنا مَعَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أكثَرُنا ظِلاً مَن يَسْتَظِل بكِسائِهِ، وأما الذينَ صاموا فلم يَعْمَلوا شيئاً، وأما الذين أفطروا فبَعَثوا الركابَ، وامتَهَنوا، وعالَجُوا (39)، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ذَهَبَ المُفْطِرونَ اليومَ بالأجْرِ". 72 - بابُ فضلِ مَن حَمَلَ مَتاعَ صاحِبِهِ في السفَرِ (قلت: أسندَ فيه حديث أبي هريرة الآتي 1285 - باب "). 73 - باب فضلِ رِباطِ يوم في سبيلِ اللهِ، وقولِ اللهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 1279 - عن سهلِ بنِ سَعْدٍ الساعدي رضيَ الله عنه أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "رِباطُ يوم في سبيلِ اللهِ خير مِن الدنيا وما عليها، ومَوْضِعُ سَوْطِ أحَدِكُم من الجنَّةِ خير مِن الدنيا وما عليها، والروحَة يَروحُها العبدُ في سبيلِ الله أو الغَدْوَةُ

_ (37) هذا مدرج من قول ثابت (راوي الحديث عن أنس)، وإلا فالأصل أن يقول: "وهو أكبر مني". (38) زاد مسلم: (برسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، شيئاً: أي: من التعظيم، وأبهم ذلك مبالغة في تكثير ذاك. (39) أي: خدموا الصائمين.

74 - باب من غزا بصبي للخدمة

خير مِن الدنيا وما عليها". 74 - بابُ مَن غَزا بصبي للخِدْمَةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم في"55 - الوصايا/ 25 - باب/ رقم الحديث 1234"). 75 - بابُ رُكوبِ البَحْرِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم حرام المتقدم " 3 - باب "). 76 - بابُ مَنِ استعانَ بالضعَفاءِ والصالِحينَ في الحَرْبِ 457 - وقالَ ابنُ عباس: أخبرني أبو سفيان: قالَ: قالَ لي قيصَرُ: سالتُكَ: آشرافُ النَّاسِ اتَبَعوهُ أم ضعفاؤهُم؟ فزعَمْتَ ضعفاءَهُم، وهم أتباعُ الرسلِ. 1280 - عن مُصعَبِ بنِ سعدٍ (40) قالَ: رأى سعد رضيَ الله عنه أنَّ لهُ فضلاً على مَن دونه، فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل تُنْصَرونَ وتُرْزَقونَ إلَاَ بِضُعَفائِكُم".

_ 457 - هو طرف من حديث ابن عباس الطويل في قصة أبي سفيان مع هرقل الآتي بتمامه في "102 - باب". (40) قلتُ: هذا صورته مرسل؛ لأن مصعباً لم يدرك زمان هذا القول، قال الحافظ: لكن هو محمول على أنه سمع ذلك من أبيه، وقد وقع التصريح من مصعب بالرواية له عن أبيه عند الإسماعيلي والنسائي. قلتُ: وهو عنده في "الجهاد" (2/ 65) وزاد:" بدعوتهم، وصلاتهم، وإخلاصهم". وَسنده صحيح.

77 - باب لا يقول: فلان شهيد

77 - بابٌ لا يَقولُ: فلان شهيد 458 - وقالَ أبو هريرة رضيَ الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: " اللهُ أعلَم بمَنْ يُجاهِد في سبيلِهِ، اللهُ أعلمُ بمَن يُكْلَم (41) في سبيلِهِ". 1281 - عن سهلِ بنِ سعد الساعدي رضيَ الله عنه أنً رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - التَقى هو والمشرِكونَ [في بعضِ مغازيهِ 5/ 76]، فاقْتَتَلُوا، فلمًاْ مالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى عَسْكَرِهِ، ومالَ الآخرونَ إلي عَسكَرِهِم، وفي أصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ لا يَدَعُ لهم (وفي روايةٍ: من المشركين) شاذّةً ولا فاذّةً (42) إلا اتبَعَها،. يضربها بسيفِهِ، [وكانَ مِن أعظمِ المسلمين غَناءً عنهم 7/ 187،]، فقالَ: [يا رسولَ اللهِ!] ما أجْزا منَا اليومَ أحدٌ كما أجْزا فلانٌ، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنَهُ مِن أهلِ النارِ! (وفي روايةٍ: من أحبً أن ينظرَ إلى رجل من أهلِ النارِ؛ فلينظُرْ إلى هذا) "، [فقالوا: أيُنا مِن أهلِ الجنةِ إنْ كانَ هذا مِن أهلِ النار؟] فقالَ رجلٌ مِن القومِ: [لأتبِعَنهُ،] أنا صاحِبُهُ، [فإذا أسرعَ وأبطأ كنتُ معه،] قالَ: فخرجَ معهُ، [وهو على تلك الحالِ، من أشد الناسِ على المشركين 7/ 212،]

_ 458 - وصله المصنف مفرقاً في موضعين، فطرفه الأول تقدم هنا "2 - باب"، والآخر تقدم في "ج 1/ 4 - الوضوء/ 71 - باب/ رقم الحديث 139". (41) أي: يُجرَح. (42) أي: التي تكون مع الجماعة ثم تفارقهم، والتي لم تكن قد اختلطت بهم أصلاً، أي: أنه لا يرى أحداً من المشركين إلا قتله، والتأنيث إما للمبالغة كعلامة، أوللنعت لمحذوف: أي: لا يترك لهم نسمة شاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، (فقال) أي: قاتل، (ما أجزأ) أي: ما أغنى، (فلان) أي: قزمان. (فقال رجل من القوم أنا صاحبه) أي: أصحبه وألازمه.

78 - باب التحريض على الرمي

كلما وقفَ وقفَ معه، وإذا أسرعَ أسرعَ معة، قالَ: فَجُرِحَ الرجُلُ جُرْحاً شديداً، فاستَعْجَلَ الموتَ، فوَضَعَ نَصْلَ (وفي روايةٍ: نصاب) سيفه في الأرضِ، وذُبابَهُ بينَ ثَدْيَيْهِ، ثم تحامَلَ على سيفِهِ، [حتى خَرَجَ مِن بينِ كَتِفَيْهِ]، فقتَلَ نفسَهُ، فخرج الرجلُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -[مُسْرِعاً]، فقالَ: أشهَدُ أنك رسولُ الله، قالَ: "وما ذاك؟ ". قالَ: الرجُلُ الذي ذكرتَ آنفاً أنَهُ مِن أهلِ النارِ، فاعظمَ الناسُ ذلك (وفي روايةٍ: قالَ: قلتَ لفلانٍ:" من أحبً أن ينظرَ إلى رجُل مِن أهلِ النار؛ فلينظُر إليهِ"، وكانَ مِن أعظمِنا غَناءً في المسلمينَ، فعَرَفْتُ أنهُ لا يموتُ على ذلك)، فقلتُ: أنا لَكُمْ بهِ، فخرجْتُ في طَلَبِهِ، ثم جُرِحَ جُرْحاً شديداً، فاسْتَعْجَلَ الموتَ، فوَضَعَ نصْلَ سيفهِ في الأرضِ، وذُبابَهُ بينَ ثَدْيَيْهِ، ثم تحامَلَ عليهِ، فقَتَلَ نفسَهُ، فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: "إن الرجُلَ لَيَعْمَلُ عملَ أهلِ الجنةِ فيما يبدو للناسِ؛ وهو مِن أهلِ النارِ، وإنَ الرجُلَ لَيَعْمَلُ عملَ أهلِ النارِ فيما يبدو للناسِ؛ وهو مِن أهلِ الجنًةِ، [وانما الأعمالُ بخَواتيمِها] ". 78 - بابُ التحْريضِ على الرمْيِ، وقولِ الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} 1282 - عن سَلَمةِ بنِ الأكوعِ رضي الله عنه قالَ: مَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على نَفَرٍ مِن أسْلَمَ يَنْتَضِلونَ (43) [بالسُّوقِ 3/ 156]، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (43) أي: يترامون للسبق.

79 - باب اللهو بالحراب ونحوها

"ارْمُوا بني اسماعيلَ! فإن أباكم كانَ رامِياً، ارمُوا وأنا مع بني فلانٍ". قالَ: فامسكَ أحدُ الفريقينِ بأيْديهِم، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:" ما لَكُم لا تَرْمونَ؟ ". قالوا: كيفَ نَرْمي وأنتَ معهُم؟! قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ارموا؛ فانا معكُم كُلكُم". 1283 - عن أبي اسَيْدٍ قالَ: قالَ [لنا 5/ 10] النبي - صلى الله عليه وسلم - يومَ بدرٍ حين صَفَفْنا لقريش وصَفوا لنا: "إذا أكْثَبُوكُم (44)؛ فعَلَيْكُم بالنبْلِ". 79 - بابُ اللهْوِ بالحرابِ ونحوِها 1284 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قالَ: بَيْنا الحَبَشَةُ يلعبون (45) عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[في المسجدِ] دَخَلَ عمرُ، فأهوى إلى الحصْباءِ، فحَصَبَهم بها، فقالَ: "دَعْهُم يا عُمَرُ! ". 80 - بابُ المِجنِّ، ومَن يتَتَرسُ بتُرْسِ صاحبه 1285 - عن أنسِ بن مالكٍ رضي الله عنه قال: كان أبو طلحةَ يَترِسُ مع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بتُرْس واحدٍ، وكانَ أبو طَلْحةَ حَسَن الرمْي، فكانَ إذا رمى، تَشرف (46)

_ (44) أي: قاربوكم ودنوا منكم. (45) يعني: بحرابهم، ولم يقع في هذه الرواية ذكر الحراب، وإنما وقع ذلك في حديث عائشة المتقدم في "ج 1/ 13 - العيدين/ 2 - باب/ رقم الحديث 488". (46) و (تَشرفَ): أي: تطلع عليه. ولأبي ذر: يشرف من الإشراف.

81 - باب الدرق

النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فينظرُ إلى موضِعِ نَبْلِهِ. 1286 - عن سهل قالَ: لماكُسِرَتْ بَيْضَةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على رأسهِ، وأدْمِيَ وجهُهُ، وكُسِرَتْ رَباعِيَتُهُ، وكان عليٌ يختلِفُ بالماءِ في المِجَن، وكانت فاطِمَةُ تَغْسِلُهُ، فلما رأتِ الدمَ يزيدُ على الماءِ كثْرَةً؛ عَمَدَتْ إلى حَصيرٍ، فاحْرَقتها، [حتى صارَ رماداً 3/ 229]، وألصَقَتْها على جُرْحِهِ، فرَقَا الدمُ. 81 - بابُ الدرَقِ (قلت: أسند فيه حديث عائشة التقدم "ج 1/ 13 - العيدين/ 2 - باب/ رقم الحديث 488 "). 82 - بابُ الحَمائلِ وتعليقِ السيْفِ بالعُنُقِ (قلت: أسندَ فيه حديث أنس المتقدم في (51 - الهبة/ 33 - باب/ رقم الحديث 1190 "). 83 - بابُ حِلْيَةِ السيوفِ 1287 - عن أبي أمامة قالَ: لقد فَتَحَ الفُتوحَ قومٌ ما كانَتْ حِلْيَةُ سيوفهِم الذَّهَبَ ولا الفضةَ، إنما كانت حِلْيَتُهُمُ العَلابي (47)، والأنُكَ، والحديدَ. 84 - بابُ مَن عَلقَ سيفَهُ بالشجَرِ في السفَرِعندَ القائِلَةِ 1288 - عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضيَ الله عنهما أنَّه غزا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

_ (47) جمع عِلباء بكسر العين: عَصَبَ في عنق البعير، يشقق، ثم يشد به أسفل جفن السيف وأعلاه، ويجعل في موضع الحلية منه، وقيل: هو ضرب من الرصاص. و (الآنك): الرصاص نفسه.

85 - باب لبس البيضة

قِبَلَ نجدٍ، فلما قَفَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ قَفَلَ معهُ، فادْرَكَتْهُم القائِلةُ في وادٍ كثيرِ العِضاهِ (48)، فنزلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وتفرق الناسُ [في العِضاهِ 3/ 230] يسْتَظِلونَ بالشجَرِ، فنزَلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تحت سَمُر (49)، [واستَظَلً بها 5/ 55]، وعَلقَ بها سيفَهُ، [ثم نام]. [قالَ جابر: 53/ 5] ونِمنا نومَةً (وفي روايةٍ: فاستَيْقَظَ وعندَهُ رجُل وهو لا يشعُرُ بهِ)؛ فإذا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدْعونا، [فجِئْنا]، وإذا عندَهُ أعْرابى [قاعد بينَ يديهِ]، فقالَ: "إنَّ هذا اختَرَطَ عليً سيفي وأنا نائم، فاستَيْقَظْتُ وهو [قائم على رأسي] في يَدِهِ صَلْتاً (50)، فقال [لي]: مَن يَمْنَعُكَ مني؟ فقلْتُ [له]: "الله (ثلاثاً) "، [فَشَامَ السيفَ (51)، فها هو ذا جالس،] "ولم يُعاقِبْهُ، وجَلَسَ. 85 - بابُ لُبْسِ البَيْضَةِ (قلت: أسند فيه حديث سهل المتقدم آنفاً "80 - باب/ رقم الحديث 1286 "). 86 - بابُ مَن لمْ يَرَكَسْرَ السلاحِ عندَ الموتِ (قلت: أسند فيه طرفاْ من حديث عمرو بن الحارث المتقدم "55 - الوصايا/ 1 - باب/ رقم الحديث 1221").

_ (48) هي شجر أم غيلان، وكل شجر له شوك. (49) هي ضرب من شجر الطلح. (50) أي: مجردًا عن غمده. (51) أي: غَمَدَهُ.

87 - باب تفرق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر

87 - بابُ تَفَرقِ الناس عن الإمامِ عندَ القائِلَةِ والاستظلال بالشَجَرِ (قلت: أسندَ فيه حديث جابر المتقدم آنفاً). 88 - بابُ ما قِيلَ فيه الرماح 459 - ويذكَر عن ابنِ عمرَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "جُعِلَ رِزْقي تحتَ ظِل رمحي، وجُعِلَ الذلةُ والصَّغارُ على مَن خالَفَ أمري". (قلت: أسند فيه حديث أبي قتادة المتقدم في "ج 1/ 28 - جزاء الصيدْ / 2 - باب/ رقم الحديث 846"). 89 - بابُ ما قيلَ في دِرْجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - والقميصِ في الحَرْبِ 460 - وقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أما خالد؛ فقدِ احْتَبَسَ أدْراعَهُ في سبيلِ الله". 1289 - عن ابنِ عباس رضيَ الله عنهُما قالَ: قالَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - وهو في قُبةٍ [يومَ بَدْرٍ 6/ 54]: "اللهم! إني أنْشُدُكَ عهدَكَ ووعْدَكَ، اللهمً! إنْ شئتَ لمْ (وفي روايةٍ: إن تشأ لا) تُعْبَد بعدَ اليومِ"، فأخَذَ أبو بكرٍ بيدِه، فقالَ: حَسْبُك يا رسولَ الله! فقد

_ 459 - وصله أحمد وغيره بسند حسن، وقد خرجته في "حجاب المرأة المسلمة" (ص 102)، و "الإرواء" (1256). 460 - هو طرف من حديث لأبي هريرة تقدم موصولاً في "ج 1/ 24 - الزكاة/ 51 - باب / رقم الحديث 699".

90 - باب الجبة في السفر والحرب

ألحَحْتَ على ربكَ، وهو [يَثِبُ] في الدًرْعِ، فخَرَجَ وهو يقولُ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ. بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}. 90 - بابُ الجُبةِ في السفَرِ والحربِ (قلت: أسندَ في طرفاً من حديث المغيرة المتقدم في "ج 1/ 8 - الصلاة/ 7 - باب/ رقم الحديث 198"). 91 - بابُ الحريرِ في الحَرْبِ 1290 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رَخصَ لعبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ والزبيرِ في قميص مِن حرير؛ مِن حِكة كانت بهما (وفي رواية عنه: أن عبد الرحمنِ بنَ عوفٍ والزُّبيرَ شَكَوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني: القَمْلَ- فارْخَصَ لهما في الحرير، فرأيتُهُ عليهِما في غزاة). 92 - بابُ ما يُذْكَرُ في السكينِ (قلت: أسند في حديث عمرو بن أمية الآتي"ج 3/ 70 - الأطعمة/ 20 - باب"). 93 - بابُ ما قيلَ في قتالَ الرومِ 1291 - عن عُمَيرِ بنِ الأسودِ العَنْسِيً أنه أتى عُبادَةَ بنَ الصامِتِ وهو نازِل في ساحِلِ حِمْصَ، وهو في بناء لهُ، ومعهُ أم حَرام، قالَ عُمَيْر: فحَدثتنا أمُّ حرام أنهاسَمِعَتْ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "أؤلُ جيش مِن أمتي يَغْزونَ البحرَ قد أوجَبوا"، قالت أم حرام: قلتُ: يا رسولَ الله! أنا فيهم؟ قالَ: "أنتِ فيهم"، ثم قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

94 - باب قتال اليهود

"أولُ جيشٍ مِن أمتي يغزونَ مدينةَ قيصَر 52) مَغفور لهُم"، فقلتُ: أنا فيهم يا رسولَ اللهِ؛ قالَ: "لا". 94 - باب قِتالَ اليهودِ 1292 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تَقومُ الساعَةُ حتى تُقاتِلوا اليهودَ؛ حتى يَقولَ الحجر وراءَهُ اليهودِيُ: يا مُسْلِمُ! هذا يَهودِي ورائِي؛ فاقْتُلْهُ". 95 - بابُ قتالَ التُرْكِ 1293 - عن عَمرِو بن تَغْلِبَ قالَ: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِن أشراطِ الساعَةِ أنْ تُقاتِلوا قوماً يَنْتَعِلونَ نِعالَ الشَعَرِ (53)، وإنَ مِن أشراطِ الساعَةِ أن تُقاتِلوا قوماً عِراضَ الوُجوه، كأنَ وجوهَهُم المَجانُ (54) المُطْرَقَةُ". 96 - بابُ قتالِ الذين يَنْتَعِلونَ الشَعَرَ

_ (52) يعني: القسطنطينية، وأول من غزاها جيش يزيد بن معاوية، وكان أميراً عليه سنة اثنتين وخمسين من الهجرة، وفي هذه الغزوة مات أبو أيوب الأنصاري، فأوصى أن يدفن عند باب القسطنطينية، وأن يعفى قبره، ففعل به ذلك، وأما اليوم فقبره ظاهر معروف- بزعمهم-، وكان الروم يستقون به! (53) بفتح العين وتسكن، أي: أنهم يجعلون نعالهم من حبال ضفِرَتْ من الشعر، وهم غير الترك الذين وصلوا في هذا الحديث وغيره بانهم عراض الوجوه ... (54) (المجان): التروس، جمع المِجن بكسر الميم، و (المُطرقة): هي التي ألبست الطراق، وهي جلدة تقدر على قدر الدرقة، وتلصق عليها. شَبه وجوههم بالترس لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها.

97 - باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته واستنصر

(قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي " ج 2/ 61 - المناقب/ 25 - باب "). 97 - بابُ مَن صَف أصحابَهُ عندَ الهزيمَةِ ونَزَلَ عن دابَّتِهِ واسْتَنْصَرَ (قلت: أسند فيه حديث البراء المتقدم "52 - باب/ رقم الحديث 1270 "). 98 - بابُ الدُعاء على المشركينَ بالهَزيمَةِ والزَلْزَلَةِ 99 - بابٌ هل يُرْشِدُ المُسْلِمُ أهلَ الكتابِ أويُعَلمُهُمُ الكِتابَ؟ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي بعد بابين "). 100 - بابُ الدُعاء للمشركينَ بالهُدَى لِيَتَألفهُم 1294 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قالَ: قَدِمَ طُفَيْلُ بنُ عمرٍ والدوْسِيُ وأصحابُهُ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! إنَّ دَوْساً [قد 7/ 165] عَصَتْ وأبَتْ، فادْعُ اللهَ عليها، فقيلَ: هَلَكَتْ دوْسٌ (وفي روايةٍ: فظنَ الناسُ أنَهُ يَدْعُو عليهِم 165/ 7)؛ قال: "اللهم! اهْدِ دَوْساً، وأتِ بهِم". 101 - بابُ دعْوَةِ اليهوديَ والنَصْرانِي، وعلى ما يُقاتَلونَ عليهِ (55)، وما كَتَبَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى كِسْرى وقَيْصَرَ، والدعْوَة قبلَ القتالِ 102 - بابُ دعاءِ النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام والنبوةِ، وأنْ لا يَتَخِذَ

_ (55) يشير إلى ما ذكر في حديث علي الآتي "143 - باب" من رواية سهل عنه:" أقاتلهم حتى يكونو مثلنا". وفيه أمره - صلى الله عليه وسلم - له بالنزول بساحتهم، ثم دعائهم إلى الإسلام، ثم القتال. أفاده الحافظ.

بعضُهُم بعضاً أرْباباً مِن دونِ اللهِ، وقولهِ تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ} إلى آخر الآية 1295 - عن عبدِ اللهِ بن عباس رضيَ اللهُ عنهما أنً رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ إلى قيصَر يدعوهُ إلى الإسلامِ، وبعَثَ بكتابِهِ إليهِ مع دِحْيَةَ الكَلْبي، وأمَرَهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يدفَعَهُ إلى عظيمِ بُصْرَى؛ ليَدْفَعَهُ إلى قيصَرَ، وكانَ قيصرُ لما كَشَفَ اللهُ عنهُ جنودَ فارِسَ؛ مشى مِن حِمْصَ إلى ايلِياءَ شُكْراً لِما أبْلاهُ اللهُ، فلما جاءَ قيصَرَ كِتابُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ حينَ قرأه: التَمِسوا لي ها هُنا أحداً مِن قومِه؛ لأسلَهُم عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. قالَ ابنُ عباس: فاخبرَني أبو سفيانَ بنُ حربٍ [من فِيهِ إلى في 5/ 167]؛ أنه كانَ بالشامِ في رجال مِن قريش قَدِموا تِجَاراً (56) في المُدةِ التي كانت بين رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وبين كفارِ قريش، قال أبو سفيان: فوَجَدَنا رسولُ قيصرَ ببعضِ الشامِ، فانْطَلَقَ بي وبأصحابي حتى قَدِمنا إيلياءَ، فاْدْخِلْنا عليه [في مَجْلِسِهِ 1/ 5]، فإذا هو جالس في مَجْلِسِ مُلْكِهِ، وعليهِ التاجُ، وإذا حولَهُ عُظماءُ الروم، [فأجْلِسْنا بين يديهِ]، [ثم دعاهم، ودعا تَرْجُمانَهُ] (57) فقالَ لتَرْجُمَانِهِ: سلْهُم أيهُم أقربُ نَسباً إلى هذا الرجُلِ الذي يزْعُمُ أنه نبي؟ قال أبو سفيان: فقلتُ: أنا أقرَبهم إليه نسباً. قالَ: ما قرابةُ ما بينَكَ وبينَة؟ فقلتُ: هو ابنُ عمي، وليس في الركْبِ يومئذٍ أحَد من بني عبدِ مناف غيري. فقالَ قيصرُ: أدْنُوه [مني]، وأمَرَ بأصحابي

_ (56) كذا الضبط هنا، وفي "فح الباري" "باب بدء الوحي": بالضم والتشديد أيضاً. (57) بكسر التاء، وقد تضم، وتشديد الجيم، جمع (تاجر).

فجُعِلوا خلفَ ظهري عندَ كَتِفي، ثم قالَ لِترجُمانِهِ: قُل لأصحابِهِ: إني سائلٌ هذا الرجُلَ عن الذي يَزْعُمُ أنَهُ نبى، فإن كَذَبَ فكَذَبوهُ. قالَ أبو سفيانَ: واللهِ لولا الحياءُ يومَئذٍ مِن أن يأثُرَ (58) أصحابي عني الكَذِبَ لكَذَبْتُه حين سألني عنه، ولكني استَحْيَيْتُ أن يأثُروا الكذبَ عني، فصَدَقْتُه، ثم [كان أولَ ما سألني عنه أن] قالَ لتَرْجُمانِه: قلْ لهُ: كيف نَسَبُ هذا الرجُلِ فيكُم؛ قلتُ: هو فينا ذو نَسَبٍ. قالَ: فهل قالَ هذا القولَ أحدٌ [قط] منكُم قبلَهُ؛ قلتُ: لا. فقالَ: [فهل] كنتُم تتهِمونَه على الكَذِب قبلَ أن يقولَ ما قالَ؟ قلتُ: لا. قالَ: فهل كانَ من آبائهِ مِن مَلِكٍ؟ قلتُ: لا. قالَ: فأشرافُ الناسِ يَتَبِعُونَهُ أم ضُعفاؤهُم؟ قلتُ: بل ضُعفاوهُم. قالَ: فيزيدونَ أو يَنْقُصونَ؛ قلتُ: بل يَزيدونَ. قالَ: فهل يرتدُّ أحَدٌ سَخْطَةً لدينِهِ بعد أن يَدْخُلَ فيه؟ قلتُ: لا. قالَ: فهلْ يَغْدِرُ؟ قلتُ: لا، ونحنُ الآنَ منهُ في مدةٍ، نحن نخافُ أن يَغْدِرَ (وفي روايةٍ: لا ندري ما هو فاعلٌ فيها) - قال أبو سفيانَ: ولم تُمْكِنَي كَلِمَةٌ ادْخِلُ فيها شيئاً أنتَقِصُهُ به لا أخافُ أن تؤثر عني غيرُها- قالَ: فهل قاتَلْتُموهُ وقاتَلَكُم؟ قلتُ: نعم. قالَ: فكيف كانت حَرْبهُ وحَرْبكُم؟ قلتُ: كانت دُوَلاً وسِجالاً؛ يُدال علينا المرة، ونُدالُ عليه الأخرى (وفي روايةٍ: ينالُ منا وننالُ منه). قالَ: فماذا يأمرُكُم؟ قالَ: يأمُرُنا أنْ نَعْبُدَ اللهَ وحدَهُ لا نُشْرِكُ به شيئاً، وينهانا عما كان يعبُدُ آباؤنا، ويأمُرُنا بالصلاةِ، والصدَقةِ (وفي روايةٍ: والصدْقِ)، والعَفافِ، [والصلةِ]، والوفاءِ بالعهْدِ، وأداءِ الأمانةِ. فقالَ لتَرْجُمانِهِ حين قلتُ ذلك لهُ: قلْ لهُ: إني سألْتُكَ عن نَسَبِهِ فيكُم؟ فزَعَمْتَ أنهُ ذو نَسَبٍ، وكذلك الرسلُ تُبْعَثُ في نَسَبَ قومِها، وسألتُكَ: هل قالَ أحدٌ منكُم هذا القولَ قبلَهُ؟ فزعمْتَ أنْ لا، فقلتُ: لو

_ (58) أي: ينقل.

كان أحَدٌ منكُم قالَ هذا القولَ قبلَهُ؛ قلتُ: رجُلٌ يَأتَم بقول قد قيلَ قبلَهُ! وسألتُكَ: هل كنتُمْ تَتَهِمونَهُ بالكَذِبِ قبلَ أن يقولَ ما قالَ؟ فزعمْتَ أنْ لا، فعَرَفْتُ أنهُ لم يكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ على الناسِ ويكذِبَ على اللهِ، وسألتُكَ: هل كانَ مِن آبائِهِ مِن مَلِكٍ؟ فزعمتَ أنْ لا، فقلتُ: لو كانَ مِن آبائِهِ مَلِكٌ؛ قلتُ: يطلُبُ مُلْكَ آبائِهِ! وسألتُكَ: أشرافُ الناسِ يَتبِعونَهُ أم ضُعفاؤهُم؟ فزَعَمْتَ أنَ ضعفاءَهُمُ اتَبَعوهُ، وهم أتباعُ الرسُلِ، وسألتُكَ: هل يزيدونَ أو يَنْقُصونَ؛ فزَعَمْتَ أنَهُم يزيدونَ، وكذلك [أمرُ] الِإيمانُ حتى يَتِم، وسألتُكَ: هل يَرْتَدُّ أحَدٌ سَخْطَةً لدينِهِ بعدَ أنْ يَدْخُلَ فيه؟ فزعَمْتَ أنْ لا، فكذلك الِإيمانُ حينَ تَخْلِطُ بَشاشَتُهُ القلوبَ لا يَسْخَطُهُ أحدٌ، وسألتُكَ: هل يَغْدِرُ؟ فزَعَمْتَ أنْ لا، وكذلك الرُسُلُ لا يَغْدِرونَ، وسألتُكَ: هل قاتَلْتُموهُ وقاتَلَكُم؟ فزَعَمْتَ أن قد فَعَلَ، وأنَّ حَرْبكُم وحَرْبهُ يكونُ دُوَلاً، ويُدالُ عليكُم المرة وتُدالُونَ عليهِ الأخْرى، وكذلك الرسُلُ تُبْتَلى، وتكون لها العاقِبَةُ، وسألتُكَ: بماذا يامُرُكُم؟ فزَعَمْتَ أنه يأمُرُكُم أنْ تَعْبُدوا اللهَ ولا تُشْرِكوا بهِ شيئاً، ويَنهاكُمْ عما كانَ يعبُدُ آباؤكُم، ويأمُرُكُم بالصلاةِ، والصًدَقَةِ (وفي روايةٍ: والصِّدْقِ)، والعَفافِ، والوفاءِ بالعهدِ، وأداءِ الأمانَة؛ قالَ: وهذه صفةُ النبيَّ، قد كنتُ أعلمُ أنه خارفيٌ، ولكن لم [أكُنْ] أظُنُ أنَهُ منكُم، وإن يَكُ ما قُلْتَ حقّاً؛ فيوشِكُ أنْ يَمْلِكَ موضِعَ قدميً هاتين، ولو أرْجو أنْ اخْلُصَ إليه لتَجَشمْتُ (59) لُقِيهُ، ولو كنتُ عندَهُ لغَسَلْتُ [عن] قدمَيْهِ. قالَ أبو سفيانَ: ثُمً دعا بكتابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[الذي بعَثَ بهِ دِحْيَةَ إلى عظيمِ بُصْرى، فدَفَعَهُ إلى هِرَقْلَ]، فقُرِىءَ، فإذا فيهِ:

_ (59) (التجَشم): التكلف، و (اللقِى): من المصادر التي على وزن فعول، كرُقِى ومُضيْ، وذكر الشارح رواية لقائِه أيضاً.

"بسمِ اللهِ الرحمن الرحيمِ، مِن محمدٍ عبد الله ورسوله إلى هرَقْلَ عظيم الرومِ، سلامٌ على مَن اتبَعَ الهُدى، أما بعد؛ فإني أدعوكَ بداعيةِ (60) (وفي روايةٍ: بدِعَايةِ) الإسلامِ؛ اسْلِمْ تَسْلَمْ، وأسْلِمْ يؤتكَ اللهُ أجْرَكَ مَرتينِ، فإنْ تَوَليتَ؛ ف [إنَّ] عليكَ إثمَ الأريسِيينَ (وفي روايةٍ: اليَرِسِيين (*))، و {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ". قالَ أبو سفيانَ: فلما أنْ قضى مقالَتَهُ، [وفَرغً من قراءةِ الكتابِ؛ كَثُرَ عنده الصخَبُ، و] عَلَتْ أصواتُ الذينَ حولَهُ من عظماءِ الروم، وكَثُرَ لَغَطُهُم (61)، فلا أدري ماذا قالوا؛ وأمِرَ بنا فأخْرِجْنا، فلما أنْ خَرَجْتُ مع أصحَابي وخَلَوْتُ بهِم؛ قلتُ لهم: لقد أمِرَ (62) أمرُ ابنِ أبي كَبْشةَ؛ هذا مَلِكُ بني الأصفرِ يخافُهُ. قالَ أبو سفيان: واللهِ ما زِلْتُ ذَلِيلاً مُستيقناً بأنَ أمْرَهُ سيظْهَرُ؛ حتى أدخَلَ اللهُ قَلبيَ الإسلامَ وأنا كارِهٌ. [وكانَ ابنُ الناطُورِ- صاحبُ إيلياء وهِرَقْلَ- اسْقِفَ على نصارى الشامِ يُحَدّثُ (63): أنَ هِرَقْلَ حين قَدِمَ إيلياءَ أصبحَ خَبِيثَ النفسِ، فقالَ بعضُ بطارِقَتِهِ:

_ (60) مصدر بمعنى الدعوة؛ كالعافية، وفي الرواية الأخرى:" بدعاية الإسلام"؛ أي: بدعوته، وهي كلمة الشهادة التي يُدْعى إليها أهل المللِ الكافرة. (5) جمع (أرِيسِي)، وهو منسوب إلى (أرِيس/ بوزن (فعيل)، وقد تقلب همزته ياء كما في الرواية التالية، وهي رواية أبي ذر والأصيلي وغيرهما هنا. يعني: في (بدء الوحي)، كما في" الفتح". (61) أي: صياحهم وشغبهم. (62) أي: كَبُرَ وعَظمَ. (63) قال الزهري في رواية أبي نعيم: "لقيته بدمشق زمن عبد الملك بن مروان". قال الحافظ:" وأظنه لم يتحمل عنه ذلك إلا بعد أن أسلم".

قد استنكرنا هيئتَكَ؟! قالَ ابنُ الناطورِ: وكانَ هِرَقْلُ حزاءً (64) ينظرُ في النجومِ، فقالَ لهم حين سألوه: إني رأيتُ الليلةَ حين نظرتُ في النجومِ مَلِكَ الخِتانِ قد ظَهَرَ (65)، فمن يختتِنُ مِن هذه الأمة (66)؛ قالوا: ليس يختتنُ إلا اليهودُ. فلا يهمنَكَ شأنُهم، واكتب إلى مدائنِ مُلكِكَ فَيَقْتُلُوا من فيهم من اليهودِ! فبينما هم على أمرِهِم؛ أُتِيَ هِرَقْلُ برجل أرْسَل به مَلِكُ غسانَ يخبرُ عن خبرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فلما اسْتَخْبَرَهُ هرقلُ؛ قال: اذهبوا فانْظُروا أمُخْتَتِنٌ هو أم لا؟ فنظروا إليه، فحدثو أنه مُخْتَتِنٌ، وسأله عن العرب؟ فقالَ: هم يَخْتَتِنونَ، فقالَ هِرَقْلُ: هذا مَلِكُ هذه الأمة (67) قد ظهر. ثم كتبَ هِرَقلُ إلى صاحبٍ له بِرُومِيَةَ (68)، وكان نَظِيرَهُ في العلم، وسار هِرقلُ إلى حِمْصَ، فلم يَرِمْ (69) حِمْص حتى أتاه كتابٌ مِن صاحبِهِ يوافقُ رَأي هِرَقْل علي خروجِ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه نبي، فاذِنَ هِرَقْلُ لعظماءِ الرومِ في دَسْكَرَةٍ (70) له بحمصَ،

_ (64) أي: كاهناً. (65) أي: غلب. (66) أي: من أهلِ هذا العصر. (67) يعني: العرب. (68) بالتخفيف، هي (روما) عاصمة إيطاليا اليوم. قال ياقوت: "وبها يسكن البابا الذي تطيعه الإفرنج، وهو لهم بمنزلة الإمام، متى خالفه أحدَ منهم كان عندهم مخطئاً، يستحق النفي والطرد والقتل، يحرم عليهم نساءهم وكلهم وشربهم، فلا يمكن لأحدٍ منهم مخالفته". قلت: وقد بشرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بفتحها في حديث خرجته في "الصحيحة" (4). (69) أى: لم يبرح من مكانِهِ. (70) هو القصر الذي حوله بيوت.

103 - باب من أراد غزوة فورى بغيرها، ومن أحب الخروج يوم الخميس

ثم أمَر بأبوابها فغُلقتْ، ثم اطلع، فقال: يا معشر الروم! هل لكم في الفلاح والرشدِ (71) [آخرَ الأبدِ]، وأن يَثْبُت مُلْكُكُم؛ فَتُبايِعوا هذا النبي؟ فحَاصُوا حَيصَةَ حُمُرِ الوحشِ (72) إلى الأبوابِ، فوجدوها قد غُلقَتْ! فلما رأى هرقلُ نفرتَهم، وأيِسَ من الإيمانِ؛ قالَ: رُدوهُم على، وقالَ: إني قلتُ مقالتي آنفاً أختَبِرُ بها شِدتَكُم على دِيْنِكُمْ، فقد رأيتُ [منكم الذي أحببتُ]، فسجدوا لهُ، ورضُوا عنه، فكان هذا آخر شأنِ هِرَقْلَ 1/ 6 - 7]. 1296 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أمِرْتُ أنْ أقاتلَ الناسَ حتى يَقولوا: لا الهَ إلا اللهُ، فمَن قالَ: لا الهَ إلا اللهُ؛ فقد عَصم مني نفسهُ ومالَهُ؛ إلا بحقَهِ، وحسابُهُ على اللهِ". 461 و 462 - رواه عُمَرُ وابنُ عمرَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 103 - بابُ من أرادَ غزوةً فَوَرى بغيرِها، ومَن أحَب الخروجَ يومَ الخميس

_ (71) بفتحتين كما قيده الحافظ، ووقع في متن شرحه: "والرْشد" بضم الراء، وسكون الشين المعجمة، وهوكذلك في الأصل. (72) أي: نفروا، وشبههم بالوحوش لأن نفرتها أشد من نفرة البهائم الإنسية، وشبههم بالحمر دون غيرها من الوحوش لمناسبة الجهلِ وعدم الفطنةِ، بل هم أضل. 461 و462 - أما حديث عمر؛ فوصله المصنف فيما تقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 1 - باب / رقم الحديث 640". وأما حديث ابن عمر؛ فوصله فيما مضى "ج 1/ 2 - الإيمان/ 16 - باب/ رقم الحديث 19"، وهو حديث متواتر كما حققته في "الصحيحة" (407).

104 - باب الخروج بعد الظهر

(قلت: أسند في طرفاً من حديث كعب الآتي "ج 3/ 64 - المنازي/ 81 - باب"). 104 - بابُ الخروجِ بعد الظهْرِ (قلت: أورد في مختصراً حديث أنس الماضي في "ج 1/ 25 - الحج/ 27 - باب/ رقم الحديث 738 "). 105 - بابُ الخروجِ آخِرَ الشهْرِ 463 - وقالَ كُرَيْب: عنِ ابنِ عباس رضيَ اللهُ عنهما: انْطَلَقَ النبي - صلى الله عليه وسلم - مِن المدينةِ لخَمس بقين من ذي القعدةِ، وقدِمَ مكةَ لأربعِ ليال خَلَوْنَ من ذي الحجة. (قلت: أسند في حديث عائشة المتقدم في " ج 1/ 6 - كتاب الحيض/ 17 - باب/ رقم الحديث 174"). 106 - بابُ الخروج في رمضان (قلت: أسندَ في طرفاً من حديث ابن عباس الآتي في آخر "ج 3/ 64 - المغازي"). 107 - بابُ التَودِيع 464 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنهُ قالَ: بَعَثَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بَعْثٍ، وقالَ لنا: "إنْ لقيتُم فُلاناً وفلاناً- لِرجُلَيْنِ من قريش سماهُما- فحرقوهُما بالنارِ"، قالَ: ثم أتيناهُ نُوَدعُهُ حين أردنا الخروجَ، فقالَ: "إني كنت أمرتُكُم أنْ تُحَرقوا فُلاناً وفلاناً بالنارِ، وإن النارَ لا يُعَذبُ بها إلا الله، فإن

_ 463 - وصله المصنف فيما تقدم "ج 1/ 25 - الحج/ 23 - باب ". 464 - هذا معلق عند المصنف هنا، وقد وصله النسائي والإسماعيلي عن ابن وهب بسنده عن عمرو به، ووصله المصنف فيما يأتي "149 - باب " من طريق الليث به. ومن هذا الوجه أخرجه أحمد (2/ 307 و 338 و 453)، والترمذي (2/ 387)، وصححه.

108 - باب السمع والطاعة للإمام

أخذتُموهُما فاقتلوهُما". 108 - بابُ السمْعِ والطاعةِ للِإمامِ 1297 - عن ابنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "السمْعُ والطاعةُ [على المرء المسلمِ فيما أحَب وكَرِهَ 8/ 105] حق ما لم يؤمَرْ بمَعْصِيَةٍ، فإذا أمِرَ بمعصيةٍ فلا سمعَ ولا طاعةَ". 109 - بابٌ يُقاتَلُ من وراءِ الِإمامِ، ويُتقَى بهِ 1298 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَن أطاعَني فقدْ أطاعَ اللهَ، ومَن عصاني فقد عصى اللهَ، ومَن يُطِعِ الأميرَ فقد أطاعَني، ومَن يَعْصِ الأميرَ فقد عَصاني، وإنَما الأمامُ جُنَة، يُقاتَلُ مِن ورائِهِ (73)، ويُتَقى بهِ، فإنْ أمَرَ بتقوى اللهِ وعَدَلَ؛ فإنَ لهُ بذلك أجراً، وإنْ قالَ بغيرِهِ؛ فإن عليهِ مِنهُ". 110 - بابُ البيعَةِ في الحَرْبِ أنْ لا يَفِروا، وقالَ بعضُهُم على الموتِ لقولهِ تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} 1299 - عن ابنِ عُمَرَرضيَ اللهُ عنهما قالَ: رَجَعْنا مِن العامِ المُقْبِلِ، فما اجْتَمَعَ منَا اثنانِ على الشجرةِ التي بايعنا تحتها، كانت رحمةً مِن اللهِ (74)، فسألتُ نافعاً: على أي شيءٍ بايَعَهُم؛ على الموتِ؛ قالَ: لا؛ بايَعَهُم على الصبرِ.

_ (73) أي: يتبع أمره ونهيه وتدبيره في القتالِ، ويمشي تابعاً إياه بحيث كان الإمام هو القدام. (74) انظر تفسيره في كتابي "تحذير الساجد" (ص 138)، الطبعة الثانية.

111 - باب عزم الإمام على الناس فيما يطيقون

1300 - عن عبدِ اللهِ بن زيدٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: لما كانَ زَمَنُ الحَرةِ، [والناسُ يبايِعونَ لعبدِ اللهِ بنِ حنظلةَ 5/ 65] أتاهُ آتٍ، فقالَ لهُ: إن ابنَ حنظلةَ يبايِعُ الناسَ على الموتِ. فقالَ: لا ابايِعُ على هذا أحداً بعد رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ [وكان شَهِدَ معه الحديبيةَ]. 1301 - عن سَلَمَةَ رضيَ اللهُ عنه قالَ: بايَعْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -[تحتَ الشجرةِ] [يومَ الحديبيةِ 8/ 123]، ثم عَدَلْتُ إلى ظلً الشجرةِ، فلما خَف الناسُ قالَ: [يا ابنَ الأكْوَعِ! ألا تُبايِعُ؟]. قالَ: قلتُ: قد بايَعْتُ يا رسولَ اللهِ! [في الأولِ]. قالَ: "وأيضاً"، فبايعتُهُ الثانية. فقلتُ لهُ: يا أبا مُسْلم! على أي شيءٍ كنتُم تبايِعونَ يومئذٍ؟ قالَ: على الموتِ. 111 - بابُ عَزْمِ الإمامِ على الناسِ فيما يُطِيقونَ 1302 - عن عبد اللهِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: لقد أتاني اليومَ رجُل، فسألني عن أمْرٍ ما دَرَيْتُ ما أرُد عليه، فقالَ: أرأيتَ رجُلاً مؤدِياً (75) نَشِيطاً، يخرُجُ مع أمرائنا في المغازي، فيعْزِمُ علينا في أشياءَ لا نُحْصيها؟ فقلتُ لهُ: واللهِ ما أدري ما أقولُ لك؛ إلا أنا كنا معَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعسى أن لا يَعْزِمَ علينا في أمْرٍ إلا مَرة حتى نَفْعَلَهُ، وان أحدَكُم لنْ يزالَ بخيرٍ ما اتقى اللهَ، وإذا شَك في نَفْسِهِ شيءٌ؛ سألَ رجُلاً، فشفاهُ منه، وأوشَكَ أن لا تَجِدُوهُ، والذي لا إلهَ إلا هو؛ ما أذكُرُ ما غَيرَ من الدنيا إلا كالثغْبِ (76) شُرِبَ صَفْوُهُ، وبقِيَ كَدَرُهُ.

_ (75) يعني: ذا أداة وسلاح. "لا نحصيها"؛ أي: لا نطيقها. و (عبد الله): هو ابن مسعود. (76) بفتح المثلثة وإسكان الغين المعجمة وقد تفتح: الماء المستنقع في الموضع المطمئن

112 - باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقاتل أول النهار؛ أخر القتال حتى تزول الشمس

112 - بابٌ كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقاتِلْ أولَ النهارِ؛ أخر القِتال حتى تزول الشمس (قلت: ذكر فيه حديث عبدِ الله بن أبي أوفى الآتي "156 - باب"). 113 - بابُ استِئْذانِ الرجل الإمام لقولهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ} إلى آخر الآية (قلت: أسند فيه حديث قصة جمل جابر المتقدم في أول "ج 2/ 34 - البيوع/ 34 - باب"). 114 - بابُ من غزا وهوحديثُ عَهْدٍ بعُرْسِهِ 465 - فيه جابر عن النبيّ. 115 - بابُ من اختارَ الغزوَ بعدَ البِناء 466 - فيه أبو هريرة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. 116 - بابُ مُبادرَةِ الإمامَ عندَ الفزَعِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج2/ 51 - الهبة/ 32 - باب"). 117 - بابُ السرْعةِ والركْضِ في الفَزع (قلت: أسند فيه حديث أنس المشار إليه آنفاً).

_ 465 - تقدم موصولاً في أول في 2/ 34 - البيوع/ 36 - باب". 466 - يشير إلى حديثه الآتي في "ج 2/ 57 - الحمس/ 8 - باب".

118 - باب الخروج فيه الفزع وحده

118 - بابُ الخروجَ فيه الفَزَع وحْدَهُ 119 - بابُ الجَعائِلِ (77) والحمْلانِ في السبيلِ 647 - وقالَ مجاهد: قلتُ لابنِ عُمَرَ: الغزوَ (78). قالَ: إني احب أن اعِينَكَ بطائفةٍ مِن مالي. قلتُ: أوْسَعَ اللهُ على. قالَ: إنَّ غِناكَ لكَ، وإني أحب أنْ يكونَ مِن مالي في هذا الوجه. 648 - وقالَ عُمَرُ: إنَّ ناساً يأخذونَ مِن هذا المالِ ليُجاهِدوا، ثم لا يُجاهِدونَ، فمَن فعَلَة فنحنُ أحق بمالِهِ؛ حتى نأخُذَ منة ما أخَذَ. 649 و 650 - وقالَ طاوس ومجاهِد: إذا دُفعَ إليكَ شيءٌ تخرُجُ بهِ في سبيلِ اللهِ؛ فاصْنَعْ بهِ ما شِئْتَ، وضَعْة عندَ أهْلِكَ. 120 - بابُ الأجيرِ 651 و 652 - وقالَ الحَسَنُ وابنُ سيرينَ: يُقْسَمُ للأجيرِ مِن المَغْنَمِ. 653 - وأخَذَ عطيةُ بنُ قيس فرساً على النصْفِ، فبَلَغَ سَهْمُ الفَرَسِ أرْبعَمائَةِ دينار، فأخَذَ مائتينِ، وأعطى صاحِبَهُ مائتينِ.

_ (77) جمع جعيلة: ما يجعله القاعد من الأجرة لمن يغزو عنه. والحملان مصدر كالحمل. 647 - وصله المصنف بمعناه فيما يأتي من"المغازي". كذا في "الفتح". (78) هو بالنصب على الإغراء، والتقدير: عليك الغزو، أو على حذف فعل أريد الغزو، وقيل: بالضم؛ أي: الغزو مرادي. 648 - وصله ابنُ أبي شيبة والمصنف في" التاريخ" بسند صحيح عنه. 649 و 650 - وصله ابن أبي شيبة بمعناه عنهما 651 و 652 - وصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة عنهما. 653 - لم يخرجه الحافظُ.

121 - باب ما قيل في لواء النبي - صلى الله عليه وسلم -

1303 - عن عطاءٍ عن صَفوانَ بنِ يَعلى عن أبيه رضيَ اللهُ عنه قالَ: غَزَوْتُ مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غزوةَ تبوكٍ (وفي روايةٍ: العُسْرَةَ 5/ 129)، فَحَمَلْتُ على بَكْرٍ، فهو أوثَقً أعمالي في نفسي، فاستأجرتُ أجيراً، فقاتَلَ رجُلاً، فعض أحدُهُما الآخرَ، [قال عطاء: فلقد أخبرني صفوانُ أيُهما عض الآخرَ، فَنَسِيتُهُ]، فانتزع [المعضوضُ] يدَهُ مِن فيهِ (وفي روايةٍ: مِن في العاض)، ونزَعَ ثَنِيًتَهُ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأهْدَرَها، فقالَ: "أيَدْفَعُ يَدَهُ إليكَ، فتَقْضَمَها كما يَقْضَمُ الفَحْلُ (وفي روايةٍ: أفيَدَعُ يدَهُ في فيكَ تقضَمُها كأنها في في فحلٍ يقضَمُها)؟! ". 121 - بابُ ما قيلَ في لِواءِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - 1304 - عن ثَعْلَبَةَ بنِ أبي مالِكٍ القُرَظِيً أنً قيسَ بنَ سَعْدٍ الأنصاريً رضيَ الله عنه- وكان صاحبَ لواءِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أرادَ الحَجً فرَجلَ (79). 1305 - عن سَلَمَةَ بنِ الأكوعٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: كانَ عليٌّ رضيَ اللهُ عنه تَخَلفَ عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في خيبرَ، وكان بهِ رَمَدٌ، فقالَ: أنا أتَخَلًفُ عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟! فخَرَجَ علي، فلَحِقَ بالنبى - صلى الله عليه وسلم -، فلما كانَ مساءُ الليلةِ التي فتحها في صباحِها؛ فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لأعطينً الرايةَ- أو قال: ليأخُذَن [الرايةَ 4/ 207]- غداً رجلٌ يُحِبُهُ اللهُ ورسولُهُ- أو قالَ: يُحِبُ اللهَ ورسولَهُ- يفتَحُ اللهُ عليهِ"، فإذا نحنُ بعليَ، وما نرجوهُ،

_ (79) أي: سرًح شعر رأسِهِ قبلَ أن يحرم بالحج.

122 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " نصرت بالرعب مسيرة شهر"

فقالوا: هذا عليٌّ، فأعطاهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ففتح اللهُ عليه. 122 - بابُ قولِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: " نُصِرْتُ بالرُّعْب مسيرةَ شهرٍ"، وقوله جل وعز: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} 467 - قالَ جابِر عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. 1306 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "بُعِثْتُ بجوامعِ (وفي طريقٍ: أعطيتُ مفاتيحَ 8/ 72) الكَلِمِ، ونُصِرْتُ بالرُّعْبِ، فبَيْنَا أنا نائم [البارحةَ، إذْ] أوتيتُ مفاتيحَ خزائنِ الأرضِ، فوُضِعَتْ في يدي". قال أبو هريرة: وقد ذَهَبَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأنتم تَنْتَثِلونَها (80) (وفي طريق: تَنْتَقِلُونَها). 123 - بابُ حَمْلِ الزادِ في الغَزْوِ، وقولِ اللهِ تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} 1307 - عن أسماءَ رضيَ اللهُ عنها قالتْ: صَنَعْتُ سُفْرَةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بيتِ أبي بكر، حينَ أرادَ أن يُهاجِرَ إلى المدينة، قالت: فلَمْ نَجِدْ لِسُفْرَته ولا لسقائِهِ ما نَرْبِطُهما بهِ، فقلتُ لأبي بكرٍ: واللهِ ما أجِدُ شيئاً أربِطُ بهِ إلا نِطاقي، قالَ:

_ 467 - يشير إلى حديثه المتقدم في "ج1/ 7 - التيمم/ 1 - باب". (80) أي: تستخرجونَ الأموالَ من مواضِعِها. يشير إلى أنه عليه الصلاة والسلام ذهب ولم ينل منها شيئاً.

124 - باب حمل الزاد على الرقاب

فشُقيهِ باثْنَيْنِ، فارْبِطيهِ بواحِدٍ السًقاءَ وبالاَخَرِ السفْرَةَ. ففعلَتْ، فلذلك سُميَتْ ذاتَ النَطاقَيْنِ. (ومن طريق وهب بن كيسان؛ قال: كانَ أهلُ الشامِ يُعَيرونَ ابنَ الزبيرِ، يقولونَ: يا ابنَ ذاتِ النطاقينِ! فقالتْ لهُ أسماءُ: يا بُنَى! إنَهم يُعَيرونَكَ بالنَطاقَيْنِ، هل تَدْري ما كانَ النَطاقانِ؛ إنَما كانَ نطاقي شققتُهُ نِصفينِ، فأوْكَيْتُ قِرْبةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بأحدِهما، وجعلتُ في سُفْرَتهِ آخَرَ، قالَ: فكانَ أهلُ الشامِ إذا عيروهُ بالنًطاقَيْنِ يقولُ: إِيهاً والِإلهِ؛ تلك شَكاة ظاهِرٌ عنكَ عارُها (81) 6/ 199). 124 - بابُ حَمْلِ الزَادِ على الرقابِ (قلتُ: أسندَ في طرفاً من حديثِ جابر الآتي " ج 3/ 64 - المغازي/ 67 - باب "). 125 - بابُ إردافِ المرأةِ خلْفَ أخيها 126 - بابُ الارْتِدافِ في الغَزْوِ والحَج (قلتْ أسند في طرفاً من حديث أنس المتقدم في" ج 1/ 25 - الحج/27 - باب "). 127 - بابُ الرًدْفِ على الحِمارِ

_ (81) قوله: "إيهاً" بهذا الضبط: كلمة تستعملُ في استدعاء الشيء. وقوله: (والإلهِ): قسم به جل وعلا. وقوله: "تلك .... " إلخ: كذا بإسقاط الواو من أولهِ، وهو عجز بيت لأبي ذُؤيب تمثيل به ابن الزبير، وتمامه: وعيرَني الواشون أني أحِبها ... وتلكَ شَكاة ظاهِرعنكَ عارها أي: مرتفع عنك عارها. و (الشكاة) بالفتح: معناها رفع الصوتِ بالقول القبيح.

128 - باب من أخذ بالركاب ونحوه

1308 - عن عبدِ اللهِ [بنِ عمر] رضيَ اللهُ عنه؛ أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أقبلَ يومَ الفتحِ مِن أعلى مكة على راحلتِهِ مُرْدِفاً أسامةَ بنَ زيدٍ، ومعه بلالٌ، ومعه عثمانُ بنُ طلحةَ مِن الحَجَبَةِ، حتى أناخَ في المسجِدِ [عند البيتِ 125/ 5]، فامَرَهُ أنْ يأتيَ بمفتاحِ البيتِ، ففتَحَ، ودخَلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[الكعبةَ 1/ 128]، ومعه أسامةُ وبلالٌ وعثمانُ [بنُ طلحةَ الحَجَبِي]، [ثم أغلقوا عليهِمُ البابَ]، فمكَثَ فيها نهاراً طويلاً، ثم خَرَج [ـوا 1/ 120] فاستَبَق الناسُ، وكانَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ أولَ من دَخَلَ فوجَدَ بلالاً وراءَ البابِ قائماً، فسالَهُ: أينَ صلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فاشارَ إلى المكانِ الذي صلى فيه: [بين العمودينِ اليمانيينِ 2/ 160] (وفي روايةٍ: بين الأسْطُوانتين)، (وفي طريق أخرى: الساريتَيْنِ اللتينِ على يسارِه إذا دخلتَ 1/ 104) (وفي روايةٍ: جعلَ عموداً عن يسارِهِ، وعموداً (وفي أخرى: عمودين) عن يمينِهِ، وثلاثةَ أعمدةٍ وراءَهُ، وكانَ البيتُ يومئذٍ على ستةِ أعمدة) [سطرينِ، صلى بين العَمودينِ من السطرِ المُقَدمِ، وجَعَلَ بابَ البيتِ خلفَ ظهرِهِ، واستقبلَ بوجهِهِ الذي يستقبِلُكَ حين تَلجُ البيتَ، بينَهُ وبينَ الجدارِ]، [ثم خَرَجَ فصلى في وجهِ الكعبةِ ركعتينِ]. قالَ عبدُ اللهِ: فَنَسِيْتُ أنْ أسالَهُ كم صلى من سجدةٍ (82)؟ [وعند المكان الذي صلى فيه مرْمَرَةُ حمراءُ] 128 - باب مَن أخَذَ بالركابِ ونحوِهِ 1309 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (82) قولة: "سجدة"؛ أي: ركعة.

129 - باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو

"كُلُّ سُلَامى مِن الناسِ عليهِ صَدَقَةٌ كلَّ يومٍ تَطْلُعُ فيهِ الشمسُ؛ يَعْدِلُ بينَ الاثنينِ صدقةٌ، ويُعينُ الرَّجُلَ على دابَّتِهِ، فيَحْمِلُ عليها أو يَرْفَعُ عليها متاعَهُ صدقةٌ، والكلمةُ الطيِّبةُ صدقةٌ، وكُلُّ خَطْوَةٍ يَخْطُوها إلى الصلاةِ صدقةٌ، ويُمِيطُ الأذى عن (وفي روايةٍ: ودَلُّ 3/ 224) الطريقِ صدقةٌ". 129 - بابُ السَّفَرِ بالمصاحِفِ إلى أرضِ العَدُوِّ 468 - وكذلك يُرْوى عن ابنِ عمرَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وقد سافَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ في أرضِ العدوِّ وهُم يَعْلَمونَ القُرآنَ. 1310 - عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يسافَر بالقُرآنِ إلى أرضِ العَدُوِّ (*). 130 - بابُ التكبيرِ عندَ الحَرْبِ (قلت: أسند فيه حديثَ أنس المتقدم في "ج 2/ 55 - الوصايا/ 26 - باب").

_ 468 - هذا معلق، ولم يسق لفظه، وقد وصله إسحاقُ بنُ راهويه في "مسنده" من طريق محمد بن بشر عن عبيد الله عن نافع عنه، ولفظه: "كرِهَ رسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يُسافَرَ بالقرآنِ إلى أرض العدوِّ؛ مخافة أن ينالَهُ العدو". وقال الدارقطني والبرقاني: "لم يروه بلفظ: "الكراهية" إلا محمد بن بشر، وتابعه ابن إسحاق عن نافع به. أخرجه أحمد (2/ 76) بلفظ: (سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن يُسافَر بالمصحف إلى أرض العدو) "، وليس فيه إلا عنعنة ابن إسحاق. (*) قلت: زاد أحمد (2/ 7 و 63) من طريق مالك عن نافع: "مخافة أن ينالَهُ العدو". ثم أخرجه (2/ 6 و 10 و 55) من طرق أخرى عن نافع به. وتابعه عبد الله بن دينار عن ابن عمر به. أخرجه أحمد (2/ 128)، وهو مخرج في "الإرواء" (1300 و2558).

131 - باب ما يكره من رفع الصوت في التكبير

131 - بابُ ما يُكْرَهُ مِن رَفْعِ الصَّوْتِ في التكبيرِ (قلت: أسندَ فيه حديث أبي موسي الأشعري الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 40 - باب"). 132 - بابُ التَّسبيحِ إذا هَبَطَ وادِياً 1311 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ عنهما قالَ: كُنَّا إذا صعِدْنا كَبَّرْنا، وإذا نَزَلْنا (وفي روايةٍ: تَصَوَّبنا) سَبَّحْنا. 133 - بابُ التكبير إذا علا شَرَفاً 134 - بابٌ يُكْتَبُ للمُسافِرِ ما كانَ يْعمَلُ في الإقامَةِ 1312 - عن إبراهيمَ أبي إسماعيلَ السَّكْسَكِيِّ؛ قالَ: سَمِعْتُ أبا بُرْدَةَ، واصطَحَبَ هو ويزيدُ بنُ أبي كَبْشَةَ في سَفَرٍ، فكانَ يزيَدُ يصومُ في السفرِ، فقالَ لهُ أبو بردَةَ: سَمِعْتُ أبا موسى مِراراً يقولُ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مَرِضَ العبدُ أو سافَرَ؛ كُتِبَ لهُ مِثْلُ ما كانَ يعْمَلُ مقيماً صحيحاً" (*). 135 - بابُ السَّيْرِ وحْدَهُ 1313 - عن ابنِ عُمَرَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لو يَعْلَمُ الناسُ ما في الوَحْدَةِ ما أعلَمُ؛ ما سارَ راكِبٌ بليلٍ وحْدَهُ". 136 - بابُ السُّرْعَةِ في السَّيْرِ

_ (*) قلت: في "السكسكي" ضعفٌ معروفٌ، لكن للحديث طريق آخر، وله شواهد كثيرة دون "السفر"، وهي مخرجة في "الروض" (1026 و 1029)، و"الإرواء" (560).

137 - باب إذا حمل على فرس فرآها تباع

469 - قالَ أبو حُمَيْدٍ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي مُتَعَجِّلٌ إلى المدينَةِ، فمَن أرادَ أن يَتَعَجَّلَ معي فَلْيُعَجِّلْ". 137 - بابٌ إذا حَمَلَ على فَرَسٍ فرآها تُباعُ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر وأبيه عمر المتقدمين في "ج1/ 24 - الزكاة/ 61 - باب"). 138 - بابُ الجهادِ بإذنِ الأبَوَينِ 1314 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضيَ اللهُ عنهما قالَ: جاءَ رجُلٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يستَأْذِنُهُ في الجهادِ، فقالَ: "أحَيٌّ والِداكَ؟ ". قالَ: نعم. قالَ: "فَفيهِما فجاهِدْ" (83). 139 - بابُ ما قيلَ في الجَرَسِ ونحْوِهِ في أعناقِ الإبلِ 1315 - عن أبي بشيرٍ الأنصاريِّ رضيَ اللهُ عنه أنَّه كانَ معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أسفارِه- قالَ عبدُ اللهِ (ابن أبي بكر بن حزم): حَسِبْتُ أنَّهُ قالَ:- والناسُ في مَبيتِهِم، فأرسَلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رسولاً: "لا تَبْقَيَنَّ في رَقَبَةِ بعيرٍ قِلادَةٌ مِن وَتَرٍ، أو قِلادَةٌ إلا قُطِعَتْ". 140 - بابُ مَنِ اكتُتِب في جيشٍ فخَرَجَتْ امرَأتُهُ حاجَّةً، وكانَ لهُ عُذْرٌ؛ هل يُؤْذَنُ لهُ؟

_ 469 - هو طرف من حديث سبق في "ج 1/ 24 - الزكاة/ 55 - باب". (83) أي: ففي تحصيلِ رضاهما فجاهد نفسك والشيطان وخالفهما.

141 - باب الجاسوس- (التجسس): التبحث-

(قلتً. أسندَ فيه حديث ابن عباس الماضي "ج 1/ 28 - جزاء الصيد/ 25 - باب"). 141 - بابُ الجاسُوسِ- (التَّجَسُّسُ): التَّبَحُّثُ- وقولِ اللهِ تعالى: {لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} (قلت. أسندَ فيه حديث علي الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 9 - باب"). 142 - بابُ الكِسْوَةِ للأُسارى 1316 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: لمَّا كانَ يومُ بدرٍ؛ أُتِيَ بأُسارى، وأُتِيَ بالعباسِ، ولم يكن عليه ثَوْبٌ، فنظرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لهُ قميصاً (84)، فوَجَدوا قميصَ عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ (85) عليه، فكَساهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إياهُ، فلذلكَ نَزعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَميصَهُ الذي ألْبَسَهُ. قالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: كانتْ لهُ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَدٌ، فأحَبَّ أنْ يكافِئَهُ. 143 - بابُ فَضْلِ مَن أسْلَمَ على يَدَيْهِ رَجُلٌ 1317 - عن سهلٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ خيبرَ: "لأعْطِيَنَّ [هذه 5/ 76] الرايَةَ غداً رجلاً يَفْتَحُ اللهُ على يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللهَ ورسولَهُ، ويحِبُّهُ اللهُ ورسولُهُ"، فباتَ الناسُ [يَدُوكُونَ] ليلَتَهُم؛ أيُّهُم يُعْطَى؟ فـ[لمَّا أصبَحَ الناسُ] غَدَوْا [على رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -] كُلُّهم يَرْجوهُ (وفي روايةٍ: يرجو أن يُعْطَى 4/ 5)، فقالَ: "أينَ عليُّ [بنُ أبي طالب]؟ ". فقيل: يشتكي عينيهِ،

_ (84) أي: نظرَ يطلب لأجلِ العباسِ قميصاً. (85) أي: يجيءُ على قدره.

144 - باب الأسارى في السلاسل

[قالَ: "فأرْسِلوا إليهِ"، فأُتِيَ به]، فبصَقَ في عينَيْهِ، ودعا لهُ، فبَرَأَ [مَكَانَهُ حتى] كأنْ لم يَكُنْ به وَجَعٌ، فأعطاهُ الرايةَ، فقالَ [عليٌّ: يا رسولَ اللهِ!] أقاتِلُهُم حتى يكونوا مِثْلَنا؟ فقالَ [عليه الصلاة والسلام]: "انْفُذْ على رِسْلِكَ حتى تَنْزِلَ بساحَتِهِم، ثمَّ ادعُهُم إلى الإِسلامِ، وأخْبِرْهُم بما يَجِبُ عليهِم [من حقِّ اللهِ فيهِ]، فواللهِ؛ لأنْ يَهْدِيَ اللهُ بكَ رَجُلاً [واحداً] خيرٌ لكَ مِن أن تكونَ لك حُمْرُ النَّعَمِ"، [ففُتحَ عليهِ] (*). 144 - بابُ الأُسارى في السلاسِلِ 1318 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "عَجِبَ اللهُ مِن قَوْمٍ يَدْخُلونَ الجنَّةَ في السَّلاسِلِ". 145 - بابُ فَضْلِ مَن أسْلَمَ مِن أهْلِ الكِتابَيْنِ (قلت: أسند فيه حديث أبي موسي المتقدم في "ج 1/ 3 - العلم/ 32 - باب/ رقم الحديث 65"). 146 - بابُ أهلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ (86)، فيُصابُ الوِلْدانُ والذَّرَارِيُّ (بَيَاتاً): ليلاً، (لَنُبَيِّتُنَّهُ) ليلاً، (بَيَّتَ) ليلاً 1319 - عن ابن عباس عن الصَّعْبِ بنِ جَثَّامَةَ رضيَ اللهُ عنهم قالَ: مَرَّ بي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بـ (الأبْوَاءِ)، أو بِـ (وَدَّانَ)، وسُئِلَ عن أهلِ الدارِ يُبَيَّتونَ مِن

_ (*) قلت: وتقدم نحوه من حديث سلمة بن الأكوع تحت الباب (121). (86) أي: يغار عليهم بالليل.

147 - باب قتل الصبيان في الحرب

المشْركينَ، فيُصابُ مِن نسائِهِم وذراريِّهم؟ قالَ: "هُمْ مِنهم"، وسمِعْتُهُ يقولُ: "لا حِمى إلاَّ للهِ ورسولهِ - صلى الله عليه وسلم -" (*). 147 - بابُ قَتْلِ الصِّبيانِ في الحَرْبِ 1320 - عن عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنه أنَّ امرأةً وُجِدَتْ في بعضِ مغازِي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مقتولةً، فأنكَرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: فنهي عن) قتلِ النساءِ والصِّبيانِ. 148 - بابُ قتْلِ النِّساءِ في الحَرْبِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الذي قبلَهُ). 149 - بابٌ لا يُعَذَّبُ بعذابِ اللهِ 1321 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّه قالَ: بَعَثَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بَعْثٍ، فقالَ: "إنْ وَجَدْتُم فلاناً وفلاناً فأحْرِقوهُما بالنارِ"، ثم قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حين أرَدْنا الخروجَ: "إني أمَرْتُكُم أن تُحَرِّقوا فلاناً وفلاناً، وإنَّ النارَ لا يُعَذِّبُ بها إلا اللهُ، فإنْ وَجَدْتُموهما فاقْتُلوهُما". 150 - بابٌ {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}

_ (*) مضى هذا الشطر الأخير "42 - كتاب المساقاة/ 12 - باب".

151 - باب هل للأسير أن يقتل ويخدع الذين أسروه حتى ينجو من الكفرة؟

470 - فيه حديثُ ثُمامَة، وقولُه عَزَّ وجلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى} الآية {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} الآية. (قلتُ: لم يذكر فيه حديثاً مسنداً). 151 - بابٌ هل للأسيرِ أن يَقْتُلَ ويَخْدَعَ الذين أَسَرُوهُ حتى يَنْجُوَ مِن الكَفرَةِ؟ 471 - فيه المِسْوَرُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 152 - بابٌ إذا حَرَّقَ المُشْرِكُ المُسْلِمَ؛ هل يُحَرَّقُ؟ (قلت: أسند فيه حديث أنس بن مالك المتقدم في (ج 1/ 4 - الوضوء/ 70 - باب/ رقم الحديث137). 153 - بابٌ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "ج 2/ 59 - بدء الخلق/ 16 - باب"). 154 - بابُ حَرْقِ الدُّورِ والنَّخيلِ

_ 470 - كانه يشير إلى قصة إسلام ثمامة بن أثالٍ الآتية في آخر "ج 2/ 64 - المغازي". (*) قلت: هكذا في الأصل: {تكون}؛ بتاء التأنيث، وكذلك وقع في "سيرة ابن هشام" (2/ 323)، وفي عدة روايات في "تفسير الطبري" (10/ 30 - 31 - طبع بولاق)، وهي قراءة أبي عمرو، وقرأ الباقون من السبعة والجمهور: {يكون} بالياء، على التذكير على المعنى؛ كما قال أبو حيان في "تفسيره" (4/ 518)، ولم يتنبه لهذا الأستاذ محمود شاكر في تعليقه على الطبري (14/ 59 - 63)، فوقعت في طبعته الروايات المشار إليها. 471 - يشير إلى حديثه الطويل في صلح الحديبية، وفيه قصة أبي بصير، وقد مضى بتمامه "ج 2/ 54 - الشروط/ 15 - باب").

155 - باب قتل النائم المشرك

155 - بابُ قتلِ النائِمِ المُشْرِكِ 156 - بابٌ لا تَمَنَّوْا لِقاءَ العَدُوِّ 1322 - عن سالمٍ أبي النَّضْرِ مولى عمرَ بنِ عبيدِ اللهِ- قالَ: كنتُ كاتباً لهُ- قالَ: كَتَبَ إليه عبدُ اللهِ بنُ أبي أوفى حين خَرَجَ إلى الحَروريةِ، فقرأتُهُ، فإذا فيه: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فيها العدوَّ (وفي روايةٍ: يومَ الأحزابِ 8/ 196) انتظَرَ حتى مالَتِ الشمسُ، ثم قامَ في الناسِ، فقالَ (وفي روايةٍ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -): "يا أيُّها الناسُ! لا تَمَنَّوْا لِقاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا اللهَ العافِيَةَ، فإذا لَقِيتُموهُم فاصْبِروا، واعْلَموا أنَّ الجنَّةَ تحتَ ظِلالِ السُّيوفِ"، ثم [دعا على الأحزابِ، فـ 7/ 164] قالَ: "اللهُمَّ! مُنْزِلَ الكِتابِ، ومُجْرِيَ السَّحابِ (وفي طريق: سريعَ الحسابِ)، وهازِمَ الأحزابِ! اهْزِمْهُم، [وزَلْزِلْهُم 3/ 234 (وفي روايةٍ: وزلْزل بهِم)]، وانْصُرْنا عليهِم". 472 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تَمَنَّوا لِقاءَ العدُوِّ، فإذا لَقِيتُموهُم فاصْبِروا". 157 - بابٌ الحَرْبُ خَدْعَةٌ 1323 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ 472 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله مسلم والنسائي والإسماعيلي وغيرهم.

158 - باب الكذب في الحرب

"هَلَكَ كِسرى، ثم لا يَكونُ كِسْرى بعدَهُ، وقَيْصَرُ لَيَهْلِكَنَّ، ثم لا يكونُ قيصرُ بعدَهُ (وفي طريق: إذا هَلَكَ كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هَلَكَ قيصرُ فلا قيصرَ بعدَهُ 4/ 182)، و [الذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ]؛ لَتُقْسَمَنَّ (وفي الطريق الأخرى: لَتُنْفَقَنَّ) كنوزُهُما في سبيلِ اللهِ". 1324 - وسَمَّى الحَرْبَ خَدْعَةً. 1325 - عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُما: قالَ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الحَرْبُ خَدْعَةٌ". 158 - بابُ الكَذِبِ في الحَرْبِ (قلت: أسندَ فيه حديث جابر في قتل كعب بنِ الأشرف الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/- 15 - باب"). 159 - بابُ الفَتْكِ بأهلِ الحَرْبِ (قلت: أسندَ فيه طرفاً من حديث جابر المشار إليه آنفاً). 160 - بابُ ما يَجوزُ مِن الاحتيالِ والحَذَرِ معَ مَن يَخْشى مَعَرَّتَهُ (87) 473 - عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّه قالَ: انطَلَقَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبَيُّ بنُ كعبٍ قِبَلَ ابنِ صيَّادٍ، فحُدِّثَ به في نخلٍ، فلمَّا دَخَلَ عليه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - النخلَ طَفِقَ يتَّقي بجُذوعِ

_ (87) (معرته): بفتح الميم والعين المهملة والراء المشددة والنصب على المفعولية. ولأبي ذر: تُخشى بضم أوله مبنيّاً للمجهول، ومعرتُه بالرفع نائباً عن الفاعل؛ أي: فساده وشره. 473 - هذا معلق هنا، وقد وصله المصنف فيما يأتي "178 - باب".

161 - باب الرجز في الحرب، ورفع الصوت في حفر الخندق

النخلِ، وابنُ صيَّادٍ في قطيفةٍ لهُ فيها رَمْرَمَةٌ (88)، فرأتْ أُمُّ ابنِ صيادٍ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا صافِ! هذا محمدٌ، فوثَبَ ابنُ صيادٍ، فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "لو تَرَكَتْهُ بيَّنَ". 161 - بابُ الرَّجَزِ في الحربِ، ورفع الصوتِ في حَفْرِ الخندقِ 474 - 476 - فيه سهلٌ وأنسٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيه يزيدُ عن سَلَمَة. 1326 - عن البراءِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الخندَق (وفي روايةٍ: الأحزابِ) وهو يَنْقُلُ الترابَ، حتى وارى [عنِّي 5/ 47] الترابُ شعرَ صدْرِهِ (وفي روايةٍ: بياضَ بطنِهِ 3/ 213. وفي أخرى: خى أَغْمَرَ بطنَهُ أو اغْبَرَّ بطنُهُ)، وكان رَجُلاً كثيرَ الشَّعَرِ، وهو يَرْتَجِزُ برَجَزِ عبدِ اللهِ بنِ رواحةَ: اللهُمَّ! لولا أنْتَ (وفي روايةٍ: واللهِ لولا اللهُ) ما اهْتَدَيْنا ولا تَصَدَّقْنا (وفي روايةٍ: ولا صُمْنا (89) 6/ 217) ولا صَلَّيْنا فأنْزِلَنْ سَكينَةً علينا ... وثَبِّتِ الأقدامَ إنْ لاقَيْنا إنَّ الأعداءَ (وفي روايةٍ: الأُلى، وفي أخرى: والمشركون) قد بَغَوْا علينا إذا (وفي روايةٍ: وإنْ) أرادوا فِتْنَةً أبَيْنا

_ (88) (رمرمة): صوت. 474 - 476 - أما حديث سهل فوصله في "ج 2/ 63 - مناقب الأنصار/ 9 - باب". وأما حديث أنس فوصله فيما تقدم "33 - باب". وأما حديث يزيد عن سلمة- وهو ابن الأكوع- فوصله في "ج 3/ 64 - المغازي/ 40 - باب". (89) كذا وقع في هذه الرواية، وما قبلها هو المحفوظ؛ كما قال الحافظ.

162 - باب من لا يثبت على الخيل

يرفع بها صوتَهُ: [أَبَيْنا أَبَيْنا،] (وفي روايةٍ: قالَ: ثم يَمُدُّ صوتَهُ بآخِرِها). 162 - بابُ مَن لا يَثْبُتُ على الخيلِ (قلت: أسند في طرفاً من حديث جرير الآتي "ج3/ 64 - المغازي/ 64 - باب"). 163 - بابُ دواءِ الجَرْحِ بإحراقِ الحَصِيرِ، وغَسْلِ المرأةِ عن أبيها الدَّمَ عن وجهِهِ، وحَمْلِ الماءِ في التُّرْسِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حدث سهل الآتي "ج3/ 64 - المغازي/ 26 - باب"). 164 - بابُ ما يُكْرَهُ من التَّنازُعِ والاختلافِ في الحَرْبِ، وعُقوبةِ مَن عصى إمامَهُ، وقالَ اللهُ تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} 654 - وقالَ قتادةُ: (الريحُ): الحرب. 1327 - عن البراءِ بنِ عازبٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: جَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على الرَّجَّالَةِ (وفي روايةٍ: الرُّماةِ 5/ 11) يومَ أُحُدٍ - وكانوا خمسين رجلاً- عبدَ اللهِ بنَ جُبَيْرٍ، فقال: "إنْ رأيْتُمونا تَخْطفُنا الطيرُ؛ فلا تَبْرَحوا مَكانَكُم هذا حتى أُرْسِلَ إليكُم، وإنْ رأيْتُمونا هَزَمْنا القَوْمَ وأَوْطَأْناهُم؛ فلا تَبْرَحوا حتى أُرْسِلَ إليكُم". (وفي روايةٍ: لقينا المشركين يومئذٍ، وأجلس النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جيشاً من الرماةِ، وأمَّر عليهم عبدَ اللهِ، وقالَ:

_ 654 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه نحوه.

"لا تَبْرحوا، إنْ رأيتُمونا ظهَرْنا عليهِم فلا تَبْرحوا، وإنْ رأيْتُموهم ظهروا علينا فلا تُعينونا" 5/ 29)، فهَزَموهُم. قالَ: فأنا واللهِ رأيتُ النساءَ يَشْتَدِدْنَ [في الجبلِ 5/ 29]، قد بَدَتْ خلاخِلُهُنَّ وأسْوُقُهُنَّ، رافِعاتٍ ثيابَهُنَّ، فقالَ أصحابُ عبدِ اللهِ بنِ جُبيرٍ: الغنيمةَ أَيْ قَوْمِ! الغنيمةَ، ظَهَرَ أصحابُكُم فما تَنْتَظِرون؟ فقالَ عبدُ اللهِ بنُ جُبَيْرٍ: أَنَسِيتُم ما قالَ لكُم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: واللهِ لنأتِيَنَّ الناسَ، فلَنُصِيبَنَّ مِن الغنيمَةِ، فلما أتَوْهُم (وفي روايةٍ: أبوا) صُرِفَتْ وجوهُهُم، فأقبلوا منهَزِمينَ، فذاك إذ يدعُوهُم الرسولُ في أُخْراهُم، فلم يَبْقَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - غيرُ اثْنَيْ عَشَرَ رجُلاً، فأصابوا منَّا سَبعينَ، وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ أصابَ من المشركينَ يوم بدرٍ أربعينَ ومائةً؛ سبعينَ أسيراً، وسبعين قتيلاً، [وأشرفَ أبو سفيان]، فقالَ أبو سفيان: أفي القومِ محمدٌ؟ (ثلاث مرات) فنهاهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُجيبوه. ثم قالَ: أفي القومِ ابنُ أبي قحافةَ؟ (ثلاث مرات) أقال: "لا تُجيبوهُ"،، ثم قالَ: أفي القوم ابنُ الخطاب؟ (ثلاث مرات)، ثم رَجَعَ إلى أصحابِهِ؟ فقالَ: أمَّا هؤلاء فقد قُتِلواَ، [فلو كانوا أَحياءً لأجابوا]، فما مَلَكَ عُمرُ نفسَهُ، فقال: كَذَبْتَ واللهِ يا عدوَّ اللهِ! إنَّ الذين عَدَدْتَ لأحياءٌ كُلُّهُم، وقد بَقِيَ لك ما يَسُوؤُكَ. قال [أبو سفيان]: يومٌ بيومِ بدْرٍ، والحربُ سِجالٌ، إنَّكُم سَتَجِدونَ في القومِ مُثْلَةً لم آمُرْ بها، ولم تَسُؤْني (90)، ثم أخذ يَرْتَجِزُ: اعْلُ هُبَلْ! اعْلُ هُبَلْ! قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (90) يعني: ما أمرت بتلك المثلة، وما كرهتها. وقوله: "اعلُ هُبَل! "؛ دعاء، معناه: علا حزبك يا هبل! و (هبل): اسم صنم كان في الكعبة. وقوله:" ألا تجيبوا له" بحذف النون بدون ناصب لغة فصيحة، ولأبي ذر: "ألا تجيبون".

165 - باب إذا فزعوا بالليل

"ألا تُجيبوا لهُ؟ ". قالوا: يا رسولَ اللهِ! ما نقولُ؟ قالَ: "قولوا: اللهُ أعْلى وأجَلُّ". قالَ: إنَّ لنا العُزَّى، ولا عُزَّى لكُم. فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تُجيبوا لهُ؟ ". قالَ: قالوا: يا رسولَ اللهِ! ما نقولُ؛ قالَ: "قولوا: اللهُ مولانا ولا مَوْلى لكُم". 165 - بابٌ إذا فَزِعوا بالليلِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم "32 - باب"). 166 - بابُ مَن رأى العدوَّ فنادى بأعلى صوتهِ: يا صَباحَاهُ! حتى يُسْمِعَ الناسَ (قلت: أسند فيه مختصر حديث سلمة الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 39 - باب"). 167 - بابُ مَن قالَ: خُذْها وأنا ابنُ فلانٍ 655 - وقالَ سَلَمَةُ: خُذْها وأنا ابنُ الأكْوَعِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث البراء المتقدم "52 - باب"). 168 - بابٌ إذا نَزَلَ العدُوُّ على حُكْمِ رَجُلٍ 1328 - عن أبي سعيدٍ الخُدري رضيَ اللهُ عنه قالَ: لما نَزَلَتْ بنو قُريظَةَ

_ 655 - هو قطعة من حديثه المشار إليه في الباب الذي قبله، لكنه بمعناه، وقد أخرجه مسلم بلفظه.

169 - باب قتل الأسير، وقتل الصبر

على حُكْمِ سعدِ [ابن معاذ 5/ 50] بعثَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[إلى سعدٍ]، وكانَ قريباً منه، فجاءَ على حمارٍ، فلما دَنا [من المسجدِ] (91) قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[للأنصار]: "قوموا إلى سيِّدكُم" (92)، فجاءَ فجَلَسَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ لهُ: " [يا سعدُ!] إنَّ هؤلاءِ نَزَلوا على حُكْمِكَ". قالَ: فإني أحْكُمُ أنْ تُقْتَلَ المقاتِلَةُ، وأنْ تُسْبَى (*) الذُّرِّيَّةُ (وفي روايةٍ: مقاتِلَتُهُم، وتُسْبَى ذَرارِيُّهُم 4/ 227). قال: "لقَدْ حَكَمْتَ فِيهِم بحُكْمِ المَلِكِ" (93). 169 - بابُ قتْلِ الأسيرِ (94)، وقَتْلِ الصَّبْرِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج1/ 28 - جزاء الصيد/ 17 - باب/ رقم الحديث 858"). 170 - بابٌ هل يستأسِرُ الرَّجُلَ؟ ومَن لم يستأسِرْ، ومَن رَكَعَ

_ (91) أي: الذي أعدَّه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أيام محاصرته لبني قريظة للصلاة فيه، وليس المراد المسجد النبوي بالمدينة كما توهم بعضهم. (92) قلتُ: زاد أحمد من حديث عائشة الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 32 - باب": "فأنزلوه". وإسناده جيد.، وقوَّاه الحافظ، وهو مخرَّج في "الصحيحة" (67). (*) في الأصل: "تُسبي"، ولعل الصواب ما أثبته؛ فإنه مطابق لرواية "الفتح"، ولما في الرواية الآتية، وفيها الزيادة الأولى، وهي من جهة أخرى متجانسة مع الفعل الذي قبله: "تُقتَل". (93) قوله: "الملِك" بكسر اللام؛ أي: بحكم الله. نُقِل عن القاضي عياض أن بعضهم ضبطه في البخاري بكسر اللام وفتحها. قال الشارح: "فإن صح الفتح، فالمراد به: جبريل". (94) قوله: "باب قتل الأسير، وقتل الصبر"، وللكشميهني: "باب قتل الأسير صبراً"، وهي أخصر، و (الصبر) لغة: الحبس، وإذا شُدَّت يدا رجلٍ وضُرِبتْ عُنقه يقال: قُتِلَ صبراً.

ركعتينِ عندَ القتلِ. 1329 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: بَعَثَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْناً (95)، [منهم خُبَيْبٌ الأنصاريُّ 8/ 170]، وأمَّرَ عليهِم عاصِمَ بنَ ثابتٍ الأنصاريَّ، [وهو 5/ 40] جَدُّ عاصِمِ بنِ عُمَرَ بنِ الخطابِ، فانطلقوا، حتى إذا كانوا بِـ (الهَدْأَةِ)، وهو بين عُسْفانَ ومكةَ، ذُكِروا لِحَيٍّ مِن هُذَيْلٍ يُقالُ لهُم: بنو لِحْيَانَ، فنفروا لهُم قريباً من مائَتَيْ رجُلٍ، كُلُّهُم رامٍ، فاقْتَصُّوا آثارَهُم، حتى وَجَدوا مأكَلَهُم تَمْراً تَزَوَّدوهُ مِن المدينةِ [في منزلٍ نزلوه 5/ 11]، فقالوا: هذا تَمْرُ يثربَ، فاقتصُّوا آثارَهُم، فلمَّا رآهُم عاصمٌ وأصحابُهُ لَجؤُوا إلى فَدْفَدٍ، وأحاطَ بهمُ القومُ، فقالوا لهُم: انزِلوا وأعطونا بأيدِيكُم، ولكم العهدُ والميثاقُ ولا نقتلُ منكم أحداً. قالَ عاصمُ بنُ ثابت أميرُ السريةِ: [أيها القومُ!] أمَّا أنا فواللهِ لا أنزِلُ اليَوْمَ في ذِمَّةِ كافرٍ، اللهُمَّ! أخْبِرْ عنَّا نَبيَّكَ - صلى الله عليه وسلم -، فرَمَوْهُم بالنَّبْلِ فقَتَلوا عاصِماً في سبعةِ [نفرٍ]، فنزَلَ إليهِم ثلاثةُ رَهْطٍ بالعهدِ والميثاقِ؛ منهم خُبيبٌ الأنصاريُّ، و [زيدُ] بنُ دَثِنَةَ، ورجلٌ آخَرُ، فلمَّا اسْتَمْكَنوا منهُم؛ أطلقوا أوتارَ قِسِيِّهِمِ، فأوْثَقوهُم [بها]، فقالَ الرجلُ الثالثُ: هذا أولُ الغَدْرِ، واللهِ لا أصْحَبُكُم، إنَّ [لي] في هؤلاء لأُسْوَةً- يريد: القتلى- فجَرَّروهُ، وعالجوهُ على أن يَصْحَبَهُم فأبى، فقَتَلوهُ، فانطلقوا بخُبَيْبٍ وابنِ دَثِنَةَ، حتى باعُوهُما بمكةَ بعد وَقْعَةِ بَدْرٍ، فابتاعَ خُبَيْباً بنو الحارِثِ بن عامِرِ بنِ نوفَلِ ابنِ عبدِ منافٍ، وكانَ خُبَيْبٌ هو قتَلَ الحارِثَ بنَ عامرٍ يومَ بدرٍ، فلَبِث خُبيبٌ عندَهم أسيراً [حتى أجْمَعوا قَتْلَهُ].

_ (95) أي: جاسوساً.

فأخبرني عُبيدُ اللهِ بنُ عِيَاضٍ أنَّ بنتَ الحارِثِ أخْبَرَتْهُ أنَّهُم حينَ اجْتَمعوا استعارَ منها موسى يَسْتَحِدُّ بها، فأعارَتْهُ، فأَخَذَ ابناً لي وأنا غافِلَةٌ حينَ أتاهُ، قالَتْ: فوَجَدْتُه مُجْلِسَهُ على فَخِذِهِ، والموسى بيدِهِ، ففَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ في وجهي، فقالَ: تَخْشَيْنَ أن أقْتُلَهُ؟ ما كنتُ لأفعَلَ ذلك [إن شاءَ اللهُ]. [قالت:] واللهِ ما رأيتُ أسيراً قطُّ خيراً من خُبَيْبٍ، واللهِ لقد وجَدْتُه يوماً يأكلُ مِن قِطفِ عِنَبٍ في يَدِهِ، وإنَّهُ لَمُوثَقٌ في الحديدِ، وما بمكةَ مِن ثَمَرٍ، وكانَت تقولُ: إنهُ لرِزْقٌ مِن اللهِ رَزَقَهُ خُبيباً. فلمَّا خَرَجوا مِن الحَرَمِ لِيقتُلوهُ في الحِلِّ؛ قالَ لهُم خُبَيْبٌ: ذَروني أرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فَتَركوهُ، فرَكَعَ ركعتين، ثم [انصرف إليهم، فـ] قالَ: لولا أنْ تَظُنُّوا أنَّ ما بي جَزعٌ لَطَوَّلْتُها، اللهُمَّ! أَحْصِهِم عَدَداً (96)، [واقْتُلْهُم بَدَداً (97)، ولا تُبْقِ منهُم أحداً، ثم أنشا يقولُ:] فلستُ أُبالي حينَ أُقْتَلُ مُسْلماً على أيِّ شِقٍّ (وفي روايةٍ: جَنْبٍ) كانَ للهِ مصْرَعي وذلكَ في ذاتِ الإلهِ وإنْ يَشأْ يُبارِكْ على أوصالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ (98) [ثم قامَ إليه أبو سَرْوَعَةَ عقبةُ بنُ الحارثِ] فقَتَلَهُ، فكانَ خُبيبٌ هو [أولُ مَنْ]

_ (96) أي: عمهم بالهلاك. (97) بفتح الموحدة: يعني: متفرقين، فلم يحل الحول ومنهم أحد حي. (98) جسد متقطع.

171 - باب فكاك الأسير

سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لكلِّ امرئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صبراً. فاستجابَ اللهُ لعاصمِ بنِ ثابتٍ يوم أُصِيبَ، فأخْبَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابَهُ خبرَهُم وما أُصيبوا، وبعَثَ ناسٌ مِن كُفَّارِ قُرَيْشٍ إلى عاصمٍ حينَ حُدِّثوا أنَّهُ قُتِلَ؛ لِيُؤتَوْا بشيءٍ منهُ يُعْرَفُ، وكانَ قد قَتَلَ رَجُلًا مِن عظمائِهِم يومَ بدرٍ، فبُعِثَ على عاصِمٍ مِثْلُ الظَّلَّةِ مِن الدَّبْرِ (99)، فحَمَتْهُ مِن رَسولهِم، فلم يَقْدِروا على أن يقطَعَ مِن لَحْمِهِ شيئاً. 171 - بابُ فَكاكِ الأسِيرِ 477 - فيه عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 172 - بابُ فِداءِ المشركينَ 478 - عن أنسٍ قالَ: أُتِيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -بمالٍ مِن البَحْرَيْنِ، فجاءَهُ العباسُ فقالَ: يا رسولَ اللهِ! أعطِني، فإنِّي فادَيْتُ نفسي، وفادَيْتُ عَقِيلاً. فقالَ: "خُذْ"، فأعطاهُ في ثَوْبِهِ. 173 - بابُ الحَربيِّ إذا دَخَلَ دارَ الإِسلامِ بغيرِ أمانٍ 1330 - عن سلمةَ بنِ الأكوعِ قالَ: أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عينٌ من المُشركينَ وهو

_ (99) ذكور النحل، أو الزنابير. وقوله: "فلم يقدروا على أن يقطع"، وروي: " أن يقطعوا". 477 - وصله فيه الباب وغيره، وسيأتي موصولاً "ج 3/ 67 - النكاح/ 72 - باب". 478 - هذا معلق هنا، وقد مضى بأتم منه معلقاً أيضاً مع بيان وصله في "8 - الصلاة/ 42 - باب".

174 - باب يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون

في سَفَرٍ، فجَلَسَ عندَ أصحابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثم انفْتَلَ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اطلُبوهُ واقْتُلوهُ"، فقَتَلَهُ، فنَفَّلَهُ سَلَبَهُ. 174 - بابٌ يُقاتَلُ عن أهلِ الذِّمَّةِ ولا يُسْتَرَقُّونَ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من قصة قتل عمر رضيَ اللهُ عنه الآتية "ج 2/ 63 - المناقب/ 9 - باب"، ولم يذكر فيه حديثاً مرفوعاً). 175 - بابُ جوائِزِ الوَفْدِ (100) 176 - بابٌ هل يُسْتَشْفَعُ إلى أهلِ الذِّمَّةِ ومُعامَلَتِهم؟ 1331 - عن ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما أنَّه قالَ: يوْمُ الخميسِ وما يومُ الخميس؟ ثم بكى حتى خَضَبَ (وفي روايةٍ: بَلَّ 4/ 66) دمعُهُ الحصباءَ، [قلت: يا ابنَ عباسٍ! ما يومُ الخميسِ؟]، فقالَ: [لما حُضِرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وفي البيتِ رِجالٌ]، [فيهم عمرُ بنُ الخطابِ 8/ 161]؛ اشتدَّ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجَعُهُ يومَ الخميسِ، فقالَ: "ائْتُوني بكتابٍ (وفي رواية: بكَتِفٍ) أكتُبْ لكُمْ كِتاباً لنْ تَضِلُّوا بعدَهُ أبداً"، فتنازَعوا، ولا ينبغي عندَ نبيٍّ تنازُعٌ، فقالوا: [أ] هَجَرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ [اسْتَفْهِمُوهُ، فذهبُوا يردون عليه، فـ 5/ 137]، قالَ: "دَعوني؛ فالذي أنا فيه خيرٌ مما تدعوني إليه".

_ (100) ذكر الشارح وقوع تأخير هذا الباب عن الباب الذي بعده؛ قالَ: "وهو أوجَهُ؛ لأن ما ساقه من الحديث مطابق لترجمة جوائز الوفد؛ لأنه قال فيه: وأجيزوا الوفد".

177 - باب التجمل للوفود

(وفي طريق: فقالَ بعضُهم (وفي روايةٍ: عمرُ 7/ 9): إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قد غَلَبَهُ الوَجَعُ، وعندَكُم القرآنُ، حسبُنا كتابُ اللهِ، فاختلفَ أهلُ البيتِ، واخْتَصَمُوا، فمنهم من يقولُ: قَرِّبوا يكتُبْ لكم كتاباً لا تِضِلُّوا بعده، ومنهم من يقولُ غيرَ ذلك، فلما أكثروا اللغوَ والاختلافَ؛ قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا [عني، ولا ينبغي عندي التنازعُ] "، فكان يقولُ ابنُ عباسٍ: إنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ ما حالَ بينَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وبينَ أنْ يكْتُبَ لهُم ذلك الكتابَ؛ لاختلافِهِم ولَغَطِهِم). وأوصى عندَ موتِهِ بثلاثٍ، [قالَ]: "أخْرِجوا المشركين مِن جزيرة العرب، وأَجِيْزُوا الوَفْدَ بنحوِ ما كنتُ أُجِيزُهُم"، [وسكتَ عنِ الثالثةِ، أو قالَ:] ونسيتُ الثالثة. [هذا من قولِ سليمانَ (الأحولِ)]. 656 - وقالَ يعقوبُ بنُ محمدٍ: سألتُ المغيرةَ بنَ عبدِ الرحمنِ عنْ جزيرةِ العرب؟ فقالَ: مكةُ والمدينةُ واليمامةُ واليمنُ (101). وقالَ يعقوبُ: و (العَرْجُ) (102): أوَّل تِهامة. 177 - بابُ التَّجَمُّلِ للوُفودِ (قلت: أسندَ في حديث ابن عمر المتقدم في "ج 1/ 11 - الجمعة/ 7 - باب/ رقم الحديث 455").

_ 656 - وصله إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" عن أحمد بن المعدل عنه. (101) قلت: هذا التفسير للجزيرة هو من باب تفسير المراد، وإلا فالجزيرة أعم من ذلك. قال الأصمعي: "جزيرة العرب ما بين أقصى عدن أبْيَنَ إلى ريف العراق طولاً، ومن جدّة وما والاها إلى أطراف الشام عرضاً". (102) موضع بين مكة والمدينة، وهو غير (العَرَج) الذي من الطائف.

178 - باب كيف يعرض الإسلام على الصبي؟

178 - بابٌ كيفَ يُعْرَضُ الإِسلامُ على الصبيِّ؟ 1332 - عن ابنِ عمر رضيَ اللهُ عنهما أنَّهُ أخبرَهُ أنَّ عُمَرَ انطلَقَ في رَهْطٍ مِن أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قِبَلَ ابنِ صيَّادٍ، حتى وجدوهُ يلعبُ مع الغِلْمانِ عندَ أُطُمِ بني مَغَالَةَ، وقد قارَبَ يومئذٍ ابنُ صيادٍ يحتَلِمُ، فلم يشعُرْ حتى ضَرَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ظهرَهُ بيدِهِ، ثم قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[لابنِ صيادٍ 2/ 96]: "أتشهدُ أني رسولُ اللهِ؟ "، فنظرَ إليهِ ابن صيَّادٍ، فقالَ: أشهَدُ أنَّكَ رسولُ الأمِّيينَ! فقالَ ابنُ صيادٍ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أتشهد أني رسولُ اللهِ؟ [فَرَفَضَهُ وَ] قالَ: "آمنتُ باللهِ ورُسُلِهِ"، قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ماذا ترى؟ "، قالَ ابنُ صيادٍ: يأتيني صادِقٌ وكاذِبٌ. قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "خُلِطَ عليكَ الأمرُ"، [ثم] قالَ [لهُ] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إني قد خَبَأْتُ لك خَبِيْئاً". قالَ ابنُ صيادٍ: هو الدُّخُّ (103). قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اخْسأْ، فلن تعدوَ قَدْرَكَ". قالَ عمر: يا رسولَ اللهِ! ائذَنْ لي فيه أضْرِبْ عُنُقَهُ. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " [دَعْهُ 7/ 215]؛ إنْ يَكُنْهُ فلنْ تُسَلَّطَ عليهِ، وإنْ لم يَكُنْهُ فلا خيرَ لكَ في قتلِهِ". 1333 - قالَ ابنُ عُمَرَ: انطلَقَ [بعدَ ذلكَ] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأُبَيُّ بنُ كعبٍ [الأنصاريُّ 7/ 114] يأتيانِ النخلَ الذي فيه ابنُ صيادٍ، حتى إذا دَخَلَ [رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -] النخلَ؛ طَفِقَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يتَّقي بِجُذُوعِ النَّخْلِ، وهو يَخْتِلُ أن يَسْمَعَ مِن ابنِ صيادٍ شيئاً قبلَ أنْ يراهُ، وابنُ صيادٍ مُضْطَجِعٌ على فراشهِ في قَطِيْفَةٍ له فيها رَمْزَةٌ -[أو

_ (103) وهو بعضُ ما خبأ له؛ أي: أضمره في نفسه الشريف من قوله عز من قائل: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}.

179 - باب

زَمْرَةٌ، وفي روايةٍ: رَمْرَمَةٌ]- فرأتْ أُمُّ ابنِ صيادٍ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يَتَّقي بجذوعِ النَّخْلِ، فقالَتْ لابنِ صيادٍ: أيْ صافِ! - وهُو اسْمُهُ-[هذا محمدٌ]، فثارَ (وفي روايةٍ: فتناهى 3/ 147) ابنُ صيادٍ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لو تَرَكَتْهُ بَينَ". 1334 - وقالَ ابنُ عُمَرَ: ثم قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الناسِ، فأثنى على اللهِ بما هو أهلُهُ، ثم ذَكَرَ الدَّجَّالَ، فقالَ: "إنِّي [لَـ 8/ 102] أُنْذِرُكُموهُ، وما مِن نبيٍّ إلا [و] قد أنْذَرَ [هُ] قومَهُ، لقد أنذَرَهُ نوحٌ قومَهُ، ولكن [ـي]، سأقولُ لكُم فيه قولاً لم يَقُلْهُ نبيٌّ لقومِهِ، تعلمونَ أنَّهُ أعورُ [عينِ اليمنى، كأنها عِنَبَةٌ طافِيةٌ، و [إنَّ اللهَ لا يَخْفَى عليكم 8/ 172]، إِنَّ اللهَ ليسَ بأعورَ"، [وأشارَ بيدِهِ إلى عينِهِ]. [قالَ أبو عبد اللهِ: (خَسَأْتُ الكَلْبَ): بَعّدْتَهُ. (خَاسِئِينَ): مُبْعَدِينَ 7/ 114]. 179 - بابُ 479 - قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لليهودِ: "أسْلِموا تَسْلَمُوا". 180 - بابٌ إذا أسْلَمَ قومٌ في دارِ الحربِ، ولهم مالٌ وأرضونَ؛ فهي لهم

_ 479 - يشير إلى الحديث الآتي موصولاً "ج 4/ 96 - الاعتصام/ 18 - باب".

181 - باب كتابة الإمام الناس

1335 - عن أسلمَ أنَّ عُمرَ بنَ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه استعملَ مولىً لهُ يُدْعى هُنَيّاً على الحِمَى (104)، فقالَ: يا هُنَيُّ! اضمُمْ جَناحَكَ عن المسلمينَ، واتَّقِ دعوةَ المظلومِ، فإنَّ دعوةَ المظلومِ مُستجابةٌ، وأدْخِلْ رَبَّ الصُّرَيْمَةِ (105)، ورَبَّ الغُنَيْمَةِ، وإيايَ ونَعَمَ ابنِ عوفٍ، ونَعَمَ ابنِ عفانَ، فإنهما إنْ تَهْلِكْ ماشيَتُهما يرجِعانِ إلى نخلٍ وزرعٍ، وإنَّ ربَّ الصُّرَيْمَة، وربَّ الغُنَيْمةِ؛ إنْ تهلِكْ ماشيَتُهما يَأْتنِي بِبَنِيهِ، فيقولُ: يا أميرَ المؤمنين! يا أميرَ المؤمنين! أفتارِكُهم أنا لا أبا لكَ؟! فالماءُ والكلأُ أيسرُ عليَّ مِن الذهَبِ والوَرِقِ، وايمُ اللهِ إنَّهُم لَيَرَوْنَ أنِّي قد ظَلَمْتُهم؛ إنَّها لَبِلادُهم، فقاتلوا عليها في الجاهليةِ، وأسلَموا عليها في الإِسلامِ، والذي نفسي بيدِهِ، لولا المالُ الذي أحمِلُ عليه في سبيلِ اللهِ؛ ما حَمَيْتُ عليهم مِنْ بلادِهِم شبراً. 181 - بابُ كتابةِ الإمامِ الناسَ 1336 - عن حذيفةَ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اكْتُبوا لي مَن تَلَفَّظَ بالإِسلامِ منَ الناسِ"، فكَتَبْنا لهُ ألفاً وخَمْسَمِائةٍ (وفي روايةٍ: فوجدناهم خَمْسَمِائةٍ. 480 - وفي أخرى معلقة: ما بينَ سِتِّمِائةٍ إلى سَبعِمِائةِ) رجُلٍ، فقلنا: نخافُ ونحنُ ألفٌ وخمسُمِائَةٍ (106)؟! فلقد رأيتُنا ابتُلِينَا؛ حتى إنَّ الرجلَ

_ (104) هو موضع يعينه الإمام لنحو نَعَمِ الصدقة ممنوعاً عن الغير. (105) هي القطيعة القليلة من الإبل. 480 - قلتُ: وهي معلقة عند المصنف، وقد وصلها مسلم وأحمد والنسائي وغيرهم، والرواية الأولى هي الراجحة كما بينه الحافظ. (106) أي: هل نخاف؟! وقوله: "وهو خائف"؛ أي: مع كثرة المسلمين، ولعله أشار إلى ما وقع =

182 - باب إن الله يؤيد الدين بالرجل الفاجر

لَيُصَلِّي وحدَهُ وهو خائفٌ. 182 - بابٌ إنَّ اللهَ يؤيِّدُ الدينَ بالرَّجُلِ الفاجِرِ 1337 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: شِهِدْنا معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[خيبرَ 5/ 74] فقالَ لرجلٍ ممن [معه] يَدَّعي الإسلامَ: "هذا مِن أهلِ النارِ"، فلما حضرَ القتالُ؛ قاتَل الرجلُ قِتالاً شديداً، فأصابتْهُ جِراحَةٌ (وفي روايةٍ: حتى كَثُرَتْ به الجِراحةُ)، [فأثْبَتَتْهُ 7/ 212]، فقيلَ (وفي روايةٍ: فجاءَ رجلٌ من أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ): يا رسولَ اللهِ! [أرأيتَ] الذي قُلْتَ: إنَّه من أهلِ النارِ، فإنَّه قد قاتَلَ اليومَ [في سبيلِ اللهِ] قتالاً شديداً، وقد ماتَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إلى النارِ"، قالَ: فكاد بعضُ الناسِ أن يرتابَ، فبينما هم على ذلك إذ قيلَ: إنَّهُ لم يَمُتْ، ولكنَّ به جِراحاً شديداً، فلما كانَ مِن الليلِ؛ لم يَصْبِرْ على الجراحِ، فقتَلَ نفسَهُ، فأُخْبِرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بذلك (وفي روايةٍ: فوجد الرجلُ ألمَ الجراحَةِ، فأهوى بيدِهِ إلى كِنانتِهِ، فاستخرجَ منها أسْهُماً، فنحَرَ بها نفسَهُ، فاشتدَّ رجالٌ من المسلمينَ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! صَدَّقَ اللهُ حديثَكَ، انتحرَ فلانٌ فقتَلَ نفسَهُ) فقال: "اللهُ أكبَرُ، أشهَدُ أنِّي عبدُ اللهِ ورسولُهُ"، ثم أمَرَ بلالاً، فنادى بالناسِ:

_ = في خلافة عثمان رضي الله عنه من ولاية بعض أمراء الكوفة؛ كالوليد بن عُقبة، حيث كان يؤخر الصلاة أو لا يقيمها على وجهها، فكان بعض الورعين يصلي وحده سرّاً، ثم يصلي معه خشية الفتنة. "الشارح".

183 - باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو

"إنَّه لا يَدْخُلُ الجنةَ إلا نفسٌ مسلِمةٌ، وإنَّ اللهَ لَيُؤيِّدُ هذا الدينَ بالرَّجُلِ الفاجِرِ". 183 - بابُ مَن تأمَّرَ في الحربِ مِن غيرِ إمْرَةٍ (107) إذا خافَ العدُوَّ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج1/ 23 - الجنانز/ 4 - باب/ رقم الحديث 608"). 184 - بابُ العَوْنِ بالمَدَدِ (قلت: أسندَ فيه طرفاً من حديث أنس الآتي في "ج3/ 64 - المغازى/ 30 - باب"). 185 - بابُ مَن غَلَبَ العَدُوَّ فأقامَ على عَرْصَتِهِم ثلاثاً (قلت: ذكر فيه طرفاً من حديث أبي طلحة الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 8 - باب"). 186 - بابُ مَن قسَمَ الغَنِيمَةَ في غَزْوِهِ وسَفَرِهِ 481 - وقالَ رافعٌ: كُنَّا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بذي الحُلَيْفَةِ، فأصبنا غنَماً وابلاً، فعَدَلَ عَشرَةً من الغنمِ ببعيرٍ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم في "ج 1/ 26 - العمرة/3 - باب/ رقم الحديث 830"). 187 - بابٌ إذا غَنِمَ المشركونَ مالَ المُسْلِمِ ثمَّ وجَدَهُ المُسْلِمُ 1338 - عن نافعٍ أنَّ عبداً لابنِ عُمرَ أبَقَ (108). فلَحِقَ بالرُّومِ، فظَهَرَ عليهِ

_ (107) قوله: "من غير إمرة"؛ أي: من غير تأمير الإمام وتفويضه إليه الأمر. 481 - هذا طرف من حديث لرافع تقدم موصولاً "ج 2/ 47 - الشركة/ 3 - باب". (108) أي: هرب.

188 - باب من تكلم بالفارسية والرطانة،

خالدُ بنُ الوليدِ، فرَدَّهُ على عبدِ اللهِ [482 - بعدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -]، وأنَّ فرساً لابنِ عمرَ عارَ فلَحِقَ بالرُّومِ، فظَهَر عليه، فردُّوهُ على عبدِ اللهِ [في زمنِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -]. قال أبو عبد اللهِ: (عار): مشتقٌّ مِن العَيْرِ، وهو حِمارُ وَحْشٍ؛ أي: هَرَبَ. (وفي رواية عنه: أنَّه كان على فرسٍ يومَ لَقِيَ المسلمونَ (*)، وأميرُ المسلمين يومئذٍ خالدُ بنُ الوليدِ، بعثهُ أبو بكرٍ، فأخَذَهُ العدوُّ، فلما هُزِمَ العدُوُّ رَدَّ خالدٌ فرَسَهُ). 188 - باب مَن تَكَلَّمَ بالفارسيَّةِ والرَّطانَةِ (109)، وقولهِ تعالى: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ}، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} 1339 - عن أمِّ خالدٍ بنتِ خالدِ بنِ سعيدٍ قالت: أتيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مع أبي، وعليَّ قميصٌ أصفرُ، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "سِنَهْ سِنَهْ". (قالَ عبدُ اللهِ (110): وهي بالحبشية: حَسَنَةٌ). قالت: فذهبتُ ألعبُ بخاتَمِ النبوةِ، فزَبرَني (111) أبي، قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "دَعْها"، ثمَّ قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أبْلي وأخْلِقي، ثمَّ أبلي وأخْلِقي، ثم أبْلي وأخْلِقي". قالَ عبدُ اللهِ: فَبَقِيتُ

_ 482 - هذ. الزيادة والتي بعدها وصلهما أبو داود، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2418). (*) زاد غير المصنف: "طيئاً وأسداً". أخرجه ابنُ أبي شيبة وأبو نعيم بسند صحيح. (109) بفتح الراء ويجوز كسرها، وهي التكلم بلسان العجم. (110) هو ابنُ المبارك الإمام. (111) نهرني.

189 - باب الغلول وقول الله تعالى: {ومن يغلل يأت بما غل}

حتى دَكَنَ (وفي روايةٍ: حتى ذَكَرَ. يعني: من بَقائِها 7/ 74). (وفي رواية عنها قالت: [قدمتُ مِن أرضِ الحبشةِ، وأنا جويرية، فـ 4/ 245] أُتِيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بثيابٍ فيها خَميصةٌ سوداءُ صغيرةٌ، فقالَ: "مَن ترونَ نكسو هذه؟ "، فسكت القوم، قالَ: "ائتوني بأمِّ خالد"، فأتي بها تُحْمَلُ، فأخَذَ الخَمِيصَةَ بيدِهِ، فألْبَسَها، وقالَ: (أبلي وأخلِقي [مرتينِ 48/ 7] "، وكانَ فيها علمٌ أخضرُ، أو أصفرُ [فجعلَ يمسحُ الأعلامَ، [ويشيرُ] بيدِهِ [إليَّ] ويقولُ:] "يا أمَّ خالدٍ! هذا سَنَاهْ". وسناهْ بالحبشية: حسن. [قالَ إسحاقُ (ابن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص): حدثتني امرأةٌ من أهلي أنها رأتْهُ على أُمِّ خالدٍ] 7/ 42). 189 - بابُ الغُلولِ وقولِ اللهِ تعالى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ} 1340 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قامَ فينا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فذَكَرَ الغُلولَ، فعظَّمَهُ، وعظَّمَ أمرَهُ؛ قالَ: "لا ألْقَيَنَّ أحدَكُمْ يومَ القيامَةِ على رقبتِهِ شاةٌ لها ثُغاءٌ (112)، على رقبَتِهِ فَرَسٌ له حَمْحَمَةٌ، يقولُ: يا رَسولَ اللهِ! أغِثْني، فأقول: لا أملِكُ لك شيئاً، قد أبلغتُك،

_ (112) (الثغاء): صوت الشاة. و (الرغاء): صوت البعير. و (الحمحمة): صوت الفرس إذا طلب علفه، وهو دون الصهيل. و (الصامت): الذهب أو الفضة. وقوله: "أو على رقبته رقاع": كذا بألف قبل الواو، وسقطا معاً لأبي ذر. والمراد بالرقاع نحو الثياب من العروض. قال السندي: وهذا لا ينافي حديث الشفاعة، وظاهر هذا أن الشفاعة في النجاة من النار لا في النجاةِ من الفضيحة.

190 - باب القليل من الغلول

وعلى رقبتِه بعيرٌ له رُغاءٌ؛ يقولُ: يا رسولَ اللهِ! أغِثْني، فأقول: لا أملِك لكَ شيئاً، قد أبلغتُكَ، وعلى رَقَبَتِهِ صامتٌ، فيقولُ: يا رسولَ اللهِ! أَغِثْني، فأَقولُ: لا أمْلِكُ لك شيئاً، قد أبلغْتُكَ، أو على رقبتِهِ رقاعٌ تخفِقُ، فيقولُ: يا رسول اللهِ! أغِثْني، فأقولُ: لا أملِكُ لك شيئاً، قد أبلغتُك". 190 - بابُ القليلِ من الغُلُولِ 483 - ولم يَذكُرْ عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ حَرَّقَ مَتاعَهُ. وهذا أصحُّ. 1341 - عن عبدِ اللهِ بن عَمْرٍو قالَ: كانَ على ثَقَلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ يُقالُ له: (كِرْكرَةٌ)، فماتَ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هو في النارِ"، فذهبوا ينظرُونَ إليهِ، فوجَدوا عباءَةً قد غَلَّها. قال أبو عبدِ اللهِ: قالَ ابنُ سلامٍ: (كَرْكَرَةُ)؛ يعني: بفتح الكافِ، وهو مضبوطٌ كذا. 191 - بابُ ما يُكْرَهُ من ذبحِ الإِبلِ والغَنَمِ في المغانِمِ (قلت: أسند فيه حديث رافع المتقدم في "ج 2/ 47 - الشركة/ 3 - باب"). 192 - بابُ البِشارَةِ في الفُتوحِ

_ 483 - كذا في أكثر روايات الكتاب، ووقع في بعضها: "ويُذكرُ عن عبد الله بن عمرو ... " إلخ. والمعنى واحد، والمراد أنه روي عن عبدِ الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنَّه حرق متاع الغال". ولم يصح. وهذا وصله أبو داود وغيره وسنده ضعيف. ولهذا رجح عليه المصنف حديث الباب بقوله: "وهذا أصح"، وهو مخرَّج في "ضعيف سنن أبي داود" (469 و470).

193 - باب ما يعطى للبشير

(قلتُ: أسندَ فيه طرفاً من حديث جرير الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 64 - باب"). 193 - بابُ ما يُعْطَى للبشيرِ 484 - وأعطَى كعبُ بنُ مالكٍ ثوبَينِ حينَ بُشِّرَ بالتوبةِ. 194 - بابٌ لا هِجْرَةَ بعدَ الفتْحِ 195 - بابٌ إذا اضْطُرَّ الرَّجُلُ إلى النظرِ في شعورِ أهلِ الذِّمَّةِ والمؤمِناتِ؛ إذا عَصَيْنَ اللهَ، وتجريدِهِنَّ (قلت: أسند فيه حديث علي بن أي طالب الآتي في أول "ج 3/ 64 - المغازي"). 196 - بابُ استقبالِ الغُزاةِ 1342 - عن ابنِ أبي مُلَيكَةَ: قالَ ابنُ الزبيرِ لابنِ جَعْفَرٍ رضيَ اللهُ عنهم: أتذكُرُ إذْ تَلَقَّيْنا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنا وأنتَ وابنُ عباسٍ؟ قالَ: نعم؛ فحَمَلَنا وتَرَكَكَ. 197 - بابُ ما يقولُ إذا رَجَعَ مِن الغَزْوِ 1343 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه أنَّهُ أقبلَ هو وأبو طلحةَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[مَقْفَلَهُ من عُسْفَانَ 4/ 39]، ومعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - صفِيَّةُ مُرْدِفُها على راحِلَتِه، فلما كانوا ببعضِ الطريق عَثَرَتِ الناقةُ، فصُرِعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - والمرأةُ، وإنَّ أبا طلحةَ- قال: أحْسِبُ قال:- اقْتَحَمَ عن بعيرِهِ، فأتى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يا نَبِيَّ اللهِ! جعلني

_ 484 - هو قطعة من حديثه الطويل في قصة تخلفه في غزوة تبوك، ويأتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 81 - باب".

198 - باب الصلاة إذا قدم من سفر

اللهُ فداءَكَ، هل أصابَكَ مِن شيءٍ؟ قالَ: "لا؛ ولكن عَلَيْكَ المرأةَ"، فألقى أبو طلحة ثوبَهُ على وجهِهِ، فقصَدَ قَصْدَها، فألقى ثوبَهُ عليها، فقامتِ المرأةُ، فشدَّ لهما على راحِلَتِهما، فرَكِبا [واكْتَنَفْنَا (113) رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -]، فساروا حتى إذا كانوا بظهرِ المدينةِ- أو قالَ: أشْرَفوا على المدينةِ- قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "آيِبونَ، تائِبونَ، عابِدونَ، لربِّنا حامِدونَ"، فلم يَزَلْ يقولُها حتى دَخَلَ المدينة (*). بسم الله الرحمن الرحيم (114) 198 - بابُ الصلاةِ إذا قَدِمَ مِن سَفَرٍ 199 - بابُ الطعامِ عندَ القُدومِ 657 - وكانَ ابنُ عُمَرَ يفْطِرُ (115) لمَنْ يَغْشاهُ.

_ (113) (الاكتناف): الإحاطة بالشيء. (*) تقدمت هذه القصة في آخر حديث أنس في (55 - الوصايا/ 25 - باب) بجميع زياداته الملتقطة من الكتاب، منها هذه القصة، لكن وقع هناك أنها كانت في رجوعه - صلى الله عليه وسلم - من خيبر، وهو الصواب، ووقع هنا " [مقفَلَه من عُسفان] "، و (عسفان) في طريق الذاهب إلى مكة، فظننتُ أنها قصة أخرى، ثم رأيتُ الحافظ في "الفتح" (6/ 193) نقل عن بعض الحفاظ أنها وهم، واستظهر الحافظ أنه لا مخالفة بينها وبين ما تقدم بتأويلٍ ذَكَرَه، والأقرب أنها وهم، ولو استقبلتُ من أمري ما استدبرت لما أوردت القصة هنا، ولكن هكذا قُدِّر. (114) لم تُذكر البسملة في نسخة الحافظ. 657 - هذا الأثر وصله إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" بنحوه. (115) أي: إذا قدم من سفر أيّاماً. (لمن يغشاه)؛ أي: لأجل من يغشاه للسلام عليه، والتهنئة بالقدوم.

57 - [كتاب الخمس]

بسم الله الرحمن الرحيم 57 - [كتابُ الخُمُسِ] 1 - بابُ فَرْضِ الخُمُسِ 1344 - عن عليٍّ قال: كانت لي شارفٌ (1) من نَصيبي من المَغْنَمِ يومَ بدرٍ، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أعطاني شارِفاً [أخرى 3/ 80] [مما أفاءَ اللهُ 5/ 16] من الخُمُسِ، فلما أردتُ أن أبْتَنِيَ بفاطمةَ بنتِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ واعدْتُ رجُلًا صَوَّاغاً من بني قَيْنُقاعَ أن يَرتحلَ معي، فنأتيَ بإذْخِرٍ أردتُ أن أبيعَهُ [من 3/ 13] الصَّوَّاغينَ، وأستعينَ به في وليمَةِ عُرْسِي، فبَيْنا أنا أجمعُ لِشارِفَيَّ متاعاً من الأقتاب (2) والغَرائرِ (3) والحِبالِ، وشارِفايَ مُناخانِ إلى جَنبِ حُجرةِ رجلٍ من الأنصارِ، [وحمزةُ بن عبدِ المطلبِ يَشْرَبُ في ذلك البيتِ معه قَيْنَةٌ (4)، فقالت: ألا يا حمزَ! للشُّرُفِ النِّوَاءِ (5)، فثارَ إليهما حمزةُ بالسيفِ، فجَبَّ أسْنِمَتَهُما، وبقر خَواصِرَهما، ثم أخذَ مِن أكبادِهِما، فذهبَ بها، قال عليٌّ: فـ 3/ 80] رَجَعْتُ حينَ

_ (1) مسنة من النوق. (2) مفردها: قتب: وهو إكاف البحير ورحله. (3) مفردها: غرارة بالكسر، شبه العِدل. (4) الجارية المغنية. (5) جمع ناوية، وهي الناقة السمينة.

جمعْتُ ما جمعتُ، فإذا [أنا] شارِفايَ قد أُجِبَّتْ (6) أسنِمَتُهما، وبُقِرت خواصِرُهما، وأُخِذَ مِن أكبادِهما، فلم أملِكْ عيْنَيَّ حين رأيتُ ذلك المنظرَ منهما، فقلتُ: مَن فعلَ هذا؟ فقالوا: فَعَلَ حمزةُ بنُ عبد المطلب، وهو في هذا البيت، في شَرْبٍ من الأنصارِ. فانطلقتُ، حتى أدْخُلَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وعندَهُ زيدُ بنُ حارثةَ، فعرَفَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في وَجْهي الذي لَقيتُ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما لكَ؟ "، فقلتُ: يا رسول اللهِ! ما رأيتُ كاليومِ قَطُّ، عدا حمزةُ على ناقَتَيَّ، فأجَبَّ أسْنِمَتَهُما، وبَقَرَ خواصِرَهُما، وها هو ذا في بيتٍ معه شَرْبٌ، فدعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - برِدائِهِ، فاَرْتَدى [به 7/ 36]، ثم انطلقَ يمشي، واتبَعْتُهُ أنا وزيدُ بنُ حارثةَ، حتى جاءَ البيتَ الذي فيه حمزةُ، فاستأذَنَ، فأذِنوا لهُم، فإذا هُم شَرْبٌ، فطَفِقَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يلومُ حمزةَ فيما فعَلَ، فإذا حمزةُ قد ثَمِلَ، محمَرَّةً عيناهُ، فنظرَ حمزةُ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم صَعَّدَ النَّظَرَ، فنظرَ إلى رُكبتِهِ، ثم صعَّدَ النظرَ، فنظرَ إلى سُرَّتِهِ، ثَمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ، فنظرَ إلى وجهِهِ، ثم قالَ حمزةُ: هل أنتُم إلا عبيدٌ لأبي؟ فعَرَفَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قد ثَمِلَ، فنَكَصَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على عَقِبَيْهِ القَهْقَرى، وخَرَجْنا معه، [وذلك قَبْلَ تحريمِ الخَمْرِ]. 1345 - عن عائشةَ أمِّ المؤمنين رضيَ اللهُ عنها أنَّ فاطمةَ عليها السلامُ ابنَةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سألَت أبا بكرٍ الصديقَ بعد وفاةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَقْسِمَ لها مِيْراثَها؛ ما تَرَكَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ممَّا أفاءَ اللهُ عليه (وفي روايةٍ: تطلُبُ صدقةَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - التي بـ (المدينة) و (فَدَكٍ)، وما بقيَ مِن خُمُسِ (خيبر) 4/ 210)، فقالَ لها

_ (6) الجَبُّ: الاستئصال في القطع.

(وفي روايةٍ: أن فاطمةَ والعباسَ عليهما السلام أَتَيا أبا بكرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيراثَهُما من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وهما حينئذٍ يطلُبانِ أرْضَيْهِما مِن (فَدَكٍ)، وسَهْمَهُما من (خيبرَ)، فقالَ لهما 7/ 3) أبو بكرٍ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا نُورَثُ، ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ، [إنما يأكلُ آلُ محمدٍ من هذا المال-[يعني: مالَ اللهِ- ليس لهم أن يزيدوا على المأكلِ] ". قال أبو بكر: واللهِ لا أدَعُ أمراً رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصنَعُهُ فيه إلا صنعْتُه]، فغَضِبَتْ فاطمةُ بنتُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فهَجَرَتْ أبا بكرٍ، [فلم تُكَلِّمْهُ]، فلم تَزَلْ مهاجِرَتَهُ حتى تُوُفِّيَتْ، وعاشَتْ بعدَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ستَّةَ أشْهُرٍ. [فلما تُوُفِّيَتْ دَفَنَها زوجُها عليٌّ ليلاً، ولم يُؤْذِنْ بها أبا بكرٍ، وصلَّى عليها، وكان لعليٍّ من الناس وَجْهٌ حياةَ فاطمةَ، فلما توفيتِ اسْتَنْكَرَ عليٌّ وُجوهَ الناسِ، فالتمَسَ مُصالحَةَ أبي بكرٍ ومُبايَعَتَهُ، ولم يكنْ يبايِعُ تلك الأشْهُرَ، فأرسلَ إلى أبي بكرٍ: أنِ ائْتِنا، ولا يَأْتِينَا أحدٌ معكَ؛ كراهيةً لِمَحْضَرِ عُمر، فقالَ عُمرُ: لا واللهِ؛ لا تَدْخُلُ عليهِم وحدَكَ، فقال أبو بكرٍ: وما عَسَيْتَهم أن يَفْعَلُوا بي، واللهِ لأتِيَنَّهُم، فدَخَلَ عليهم أبو بكرٍ، فتشهَّدَ عليٌّ، فقال: إنَّا قد عَرَفْنا [يا أبا بكر! 4/ 210] فَضْلَكَ وما أعطاك اللهُ، ولم نَنْفَسْ عليك خيراً ساقَهُ اللهُ إليك، ولكنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ علينا بالأمرِ، وكنا نرى لِقَرابَتِنا من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَصِيباً، حتى فاضت عينا أبي بكر، فلمَّا تكلَّمَ أبو بكرٍ قال: والذي نفسي بيدِهِ؛ لَقَرَابةُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أحَبُّ إليَّ أنْ أصِلَ مِن قرابتي، وأما الذي شَجَرَ بيني وبينكُم مِن هذه الأموالِ؛ فلم آلُ فيها عن الخيرِ، ولم أتركْ أمراً رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يصنَعُهُ فيها إلا صَنَعْتُه، فقال عليٌّ

لأبي بكرٍ: مَوْعِدُكَ العَشِيةَ للبيعَةِ. فلما صلى أبو بكرٍ الظُّهْرَ رقيَ المِنْبَرَ، فتشَهَّدَ، وذَكَرَ شأنَ عليٍّ، وتَخَلُّفَهُ عن البيعةِ، وعَذَرَهُ بالذي اعتذَرَ إليه، ثم استغْفَرَ، وتشهَّدَ عليٌّ، فعظَّمَ حَقَّ أبي بكرٍ، وحدَّثَ أنه لم يَحْمِلْهُ على الذي صَنَعَ نَفاسةً على أبي بكرٍ، ولا إنكاراً للذي فضَّلَهُ اللهُ به، ولكنَّا كنَّا نرى لنا في هذا الأمرِ نَصِيباً، فاستَبَدَّ علينا، فَوَجَدْنا في أنْفُسِنا. فسُرَّ بذلك المسلمون، وقالوا: أَصبْتَ، وكانَ المسلمون إلى عليٍّ قَرِيباً حينَ رَاجَعَ الأمرَ (7) بالمعروفِ 5/ 82 - 83]. قالت: وكانت فاطمةُ تسألُ أبا بكرٍ نصيبَها مما تَرَكَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من (خيبرَ) و (فَدَكٍ)، وصَدَقَتَه (8) بالمدينةِ، فأبَى أبو بكرٍ عليها ذلك، وقال: لستُ تاركاً شيئاً كان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْمَلُ بهِ إلا عَمِلْتُ به، فإنِّي أخشى إنْ تَرَكْتُ شيئاً من أمرِهِ أن أزيغَ. فأمَّا صَدَقَتُهُ بـ (المدينَةِ)، فدَفَعَها عُمَرُ إلى عليٍّ وعباسٍ، فأما (خيبرُ) و (فَدَكٌ) فأمْسَكهُما عمرُ، وقال: هما صدقةُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، كانتا لحقوقِه التي تَعْرُوهُ ونوائبِهِ، وأمرُهُما إلى مَن وَلِيَ الأمرَ. قال: فهما على ذلك إلى اليوم. قال أبو عبد اللهِ: (اعتراك): افْتَعَلْتَ (9) مِن عَرَوْته فأصبْته، ومنهُ يعروهُ واعتراني.

_ (7) أي: الدخول فيما دخل فيه الناس من المبايعة. (8) قوله: "صدقته" بالنصب، ويصح الجر؛ أي: نخل بني النضير، وكانت قريبة من المدينة. (9) كذا فيه، ولعله كان: افتعلك. وكذا وقع في "المجاز" لأبي عبيدة. "فتح".

1346 - عن ابن شِهابٍ عن مالِكِ بن أوسِ بن الحَدَثانِ- وكانَ محمدُ بنُ جُبَيرٍ ذكَرَ لي ذِكْراً من حَديثهِ ذلك- فانْطَلَقْتُ حتى أدْخُلَ على مالكِ بنِ أوسٍ، فسألتُه عن ذلك الحديث؟ فقال مالكٌ: بَيْنا أنا جالسٌ في أهلي حين مَتَعَ (10) النهارُ؛ إذا رسولُ عمرَ بنِ الخطابِ يأتِينِي، فقال: أجِبْ أميرَ المؤمنين، فانطَلَقْتُ معه حتى أَدْخُلَ على عمرَ، فإذا هو جالِسٌ على رِمالِ (11) سريرٍ، ليس بينَهُ وبينَهُ فِراشٌ، مُتَّكِىءٌ على وِسادةٍ من أَدَمٍ، فسَلَّمْتُ عليه، ثم جلسْتُ، فقالَ: يا مالِ (12)! إنَّهُ قدِمَ علينا من قومِكَ أهلُ أبياتٍ، وقد أمَرْتُ لهُم بِرَضْخٍ (13) فاقْبِضْهُ، فاقْسِمْهُ بينَهم، فقلتُ: يا أميرَ المؤمنين! لو أمرتَ بهِ غيري. قالَ: اقبِضْهُ أيَها المرءُ! فبَينا أنا جالِسٌ عنده؛ أتاهُ حاجِبُهُ (يَرْفا)، فقالَ: هل لك في عُثمانَ وعبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ والزُّبيرِ وسعدِ بن أبي وقاصٍ؛ يستأْذِنون؟ قالَ: نعم. فأذِنَ لهُم، فدَخَلوا، فسَلَّموا، وجَلَسوا، ثم جَلَسَ (يَرْفا) يَسيراً، ثم قالَ: هل لك في عليٍّ وعباسٍ؛ [يستأذِنانِ؟ 5/ 23] قالَ: نعم. فأذِنَ لهُما، فدخلا، فسَلَّما، فجَلَسا، فقالَ عباسٌ: يا أميرَ المؤينينَ! اقْضِ بيني وبين هذا [الظالِمِ، اسْتَبَّا 146/ 8] وهما يختَصِمانِ فيما أفاءَ اللهُ على رسوله - صلى الله عليه وسلم - من [مالِ] بني النضيرِ، فقال الرَّهْطُ؛ عُثمانُ وأصحابُهُ: يا أميرَ المؤمنين! اقْضِ

_ (10) أي: اشتدَّ حره. (11) بكسر الراء وقد تضم: ما ينسجُ من سعف النخل ونحوه. (12) كذا هو بالترخيم؛ أي: مالك. (13) أي: بعطية قليلة غير مقدرة.

بينَهما، وأرِحْ أحَدَهُما مِن الآخَرِ. فقالَ عمرُ: تَيْدَكُم (14) (وفي روايةٍ: اتَّئِدوا)، أنْشُدُكُم باللهِ الذي بإذنِهِ تقومُ السماءُ والأرضُ؛ هل تَعلمونَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا نُورَثُ، ما تَرَكْنا صَدَقَةٌ"؛ يريدُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: نفسَهُ؟ قالَ الرهطُ: قد قالَ ذلك. فأقبلَ عمرُ على عليٍّ وعباسٍ، فقالَ: أنْشُدَكُما اللهَ أتَعْلَمانِ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قد قالَ ذلك؟ قالا: قد قالَ ذلك. قالَ عمرُ: فإنِّي أُحَدِّثُكُم عن هذا الأمرِ: إنَّ اللهَ قد خَصَّ رسولَهُ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الفيءِ بشيءٍ لم يُعْطِهِ أحداً غيرَهُ، ثم قَرَأ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ [فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ 6/ 191]} إلى قوله: {قديرٌ}، فكانت هذه خالصةً لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [ثم] واللهِ ما احْتازَها دونَكُم، ولا استأثَرَ بها عليكُم، قد أعْطاكُمُوهُ، وبَثَّها فيكم حتى بقيَ منها هذا المال. (وفي روايةٍ: كانت أموالُ بني النضيرِ مما أفاءَ اللهُ على رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، مما لم يوجِفِ المسلمونَ عليهِ بخيلٍ ولارِكابٍ، فكانَتْ لِرَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خاصةً 6/ 58)، فكان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْفِقُ على أهلِهِ نَفَقَةَ (ومن طريق معمر: قال لي الثوريُّ: هل سمعتَ في الرجلِ يجمعُ لأهلهِ قوتَ سَنَتِهم، أو بعضَ السنةِ؟ قالَ معمر: فلم يَحْضُرْني، ثم ذكرتُ حديثاً حَدَّثَناه الزهريُّ عن مالك بن أوس عن عمرَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يبيعُ نخلَ بني النضيرِ، ويحبسُ لأهلِهِ قوتَ 6/ 190) سَنَتِهِم من هذا المالِ، ثم يأخُذُ ما بقيَ، فيجْعَلُهُ مَجْعَلَ مالِ اللهِ (وفي روايةٍ: ثم يجعلُ ما بَقِيَ في السلاحِ والكُراعِ عُدَّةً في سبيلِ اللهِ)، فعَمِلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بذلك حياتَهُ،

_ (14) أي: اصبروا وأمهلوا وعلى رسلِكم.

أنْشُدُكُم باللهِ هل تعلَمونَ ذلك؟ قالوا: نعم. ثم قال لعليٍّ وعباسٍ: أنْشُدُكُما باللهِ هل تعلمانِ ذلك؟ [قالا: نعم]. قالَ عمرُ: ثم تَوَفَّى اللهُ نَبِيَّهُ- صلى الله عليه وسلم -، فقالَ أبو بكرٍ: أنا وليُّ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقَبَضَها أبو بكرٍ، فعَمِلَ فيها بما عَمِلَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -، [وأنتُما حينئذٍ - وأقبَلَ على عليٍّ وعباسٍ- تَزْعُمانِ أنَّ أبا بكر [فيها] كذا وكذا]، واللهُ يعلَمُ إنَّه فيها لَصادِقٌ بارٌّ راشِدٌ تابِعٌ للحقِّ، ثم تَوَفَّى اللهُ أبا بكرٍ، فكُنْتُ (وفي روايةٍ: فقلتُ:) أنا وليّ [رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - و] أبي بكرٍ، فَقَبَضْتُها سنتينِ من إمارَتي، أعمَلُ فيها بما عَمِلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وما عَمِلَ فيها أبو بَكْر، واللهُ يَعْلَمُ إنَي فيها لَصادِقٌ بارٌّ راشِدٌ تابِعٌ للحقِّ، ثم جِئتُماني تُكَلِّماني [كلاكما]، وكَلِمَتُكُما [على كلمةٍ] واحدةٍ، وأمْرُكُما واحدٌ (وفي روايةٍ: جميعٌ)؛ جئْتَني يا عباسُ! تسألُني نَصيبَكَ مِن ابنِ أخيكَ، وجاءَني هذا- يريدُ: عليًّا- يُريدُ نَصيبَ امرأتِهِ من أبيها، فقلتُ لكُما: إن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا نُورَثُ، ما ترَكْنا صَدَقَةٌ"، فلما بدا لي أنْ أدْفَعَهُ إليكُما؛ قلتُ: إنْ شئْتُما دَفَعْتُها إليكُما على أنَّ عليكُما عهدَ اللهِ وميثاقَهُ لَتَعْمَلانِ فيها بما عَمِلَ فيها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وبما عَمِلَ فيها أبو بكرٍ، وبما عَمِلْتُ فيها منذُ وَلِيتُها، [وإلا فلا تُكَلِّماني فيها]، فقُلْتُما: ادفَعْها إلينا [بذلك]، فبذلكَ دَفَعْتُها إليكُما، فأنْشُدُكُم باللهِ هل دَفَعْتُها إليهِما بذلك؟ قالَ الرَّهْطُ: نعم. ثم أقبلَ على علىٍّ وعباسٍ، فقال: أنْشُدُكُما باللهِ هل دَفَعْتُها إليكُما بذلك؟ قالا: نعم. قال: [أ] فَتَلْتَمِسانِ منِّي قضاءً غيرَ ذلك؟ فواللهِ الذي بإذنِهِ تقومُ السماءُ والأرضُ؛ لا أقْضي فيها قضاءً غيرَ ذلك

2 - باب أداء الخمس من الدين

[حتى تقومَ الساعة 8/ 4]، فإنْ عَجَزْتُما عنها فادْفَعاها إليَّ؛ فإنِّي أكْفِيكُماها. 2 - بابٌ أداءُ الخُمُسِ من الدِّينِ (قلت: أسند في حديث ابن عباس في قدومِ وفدِ عبد القيس المتقدم في "ج 1/ 2 - الإيمان/ 40 - باب/ رقم الحديث 39"). 3 - بابُ نَفَقَةِ نساءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ وفاتِهِ 1347 - عن عائشةَ قالتْ: [لقد 7/ 179] تُوُفِّيَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وما في بيتي من شيءٍ يأكُلُهُ ذو كبدٍ إلا شَطْرُ (15) شعيرٍ في رَفٍّ لي، فأكلتُ منه حتى طالَ عليَّ، فكِلْتُهُ، ففَنِيَ. 4 - بابُ ما جاءَ في بيوتِ أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وما نُسِبَ من البيوتِ إليهنَّ، وقولِ اللهِ تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، و {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} 1348 - عن عبدِ اللهِ (ابن عمر) رضيَ اللهُ عنه قالَ: قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خطيباً [إلى جنبِ المنبرِ 8/ 95]، [وهو مستقبلٌ المشرقَ]، فأشار نحوَ مسكَنِ عائشَةَ (وفي طريق: وأشارَ إلى المشرِقِ 6/ 176)، فقالَ: "ها هُنا الفِتْنَةُ (وفي روايةٍ: ألا إنَّ الفتنَةَ ها هنا) (ثلاثاً)؛ مِن حيثُ يَطْلُعُ قرنُ الشيطانِ".

_ (15) أي: بعض شعير.

5 - باب ما ذكر من درع النبى - صلى الله عليه وسلم -،

5 - باب مَا ذُكِرَ مِنْ دِرْعِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وعصاهُ، وسيفِهِ، وقَدَحِهِ، وخاتَمِهِ، وما استعملَ الخلفاءُ بعدَهُ مِن ذلك؛ مما لم يُذْكَرْ قِسْمَتُهُ، ومِن شَعَرِهِ، ونَعْلِهِ، وآنيتِهِ؛ مما تَبَرَّكَ أصحابُهُ وغيرُهُم بعدَ وفاتِه 1349 - عن عيسى بن طَهمانَ قالَ: أَخْرَجَ إلينا أنسٌ نعليْنِ جَرْداوَيْنِ (16) لهما قِبالانِ، فحَدَّثَني ثابتٌ البُنَانِيُّ بَعْدُ عن أنسٍ أنَّهُما نَعْلا النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1350 - عن أبي بُردَةَ قالَ: أَخْرَجَتْ إلينا عائِشَةُ رضيَ اللهُ عنها كِساءً مُلَبَّداً، [وإزاراً غليظاً 7/ 41] [485 - مما يُصْنَعُ باليَمَنِ]، وقالت: في هذا نُزِعَ (وفي روايةٍ: قُبِضَ) روحُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1351 - عن عليٍّ بنِ حُسَيْنٍ أنَّهم حين قدِموا المدينَةَ من عندِ يزيدَ بنِ معاويةَ مَقْتَلَ حسينِ بنِ عليٍّ رحمةُ اللهِ عليه؛ لَقِيَهُ المِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ، فقالَ لهُ: هل لك إليَّ مِن حاجةٍ تأمُرُني بها؟ فقلتُ له: لا. فقالَ: فهل أنتَ مُعْطِيَّ سيفَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فإني أخافُ أن يَغْلِبَك القومُ عليه؟ وايْمُ اللهِ لئِنْ أعْطَيْتَنِيهِ لا يُخْلَصُ (17) إليهم أبداً حتى تُبْلَغَ نفسي، إنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ خَطَبَ ابنةَ أبي جهلٍ على فاطمةَ عليها السلامُ، [فسمِعَتْ بذلك فاطِمَةُ، فأتَتْ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَتْ: يَزْعُمُ قومُكَ أنكَ لا تغضَبُ لبناتِكَ، وهذا عليٌّ ناكحٌ بنتَ أبي جهلٍ

_ (16) تثنية جرداء، مؤنث الأجرد، أي: خلقين، بحيث لم يبق عليهما شعر. (قبالان): تثنية قبال، وهو زمام النعل، وهو السير الذي يكون بين الأصبعين. 480 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها مسلم. (17) أي: لا يصل السيف "إليهم"، ولابن عساكر: "إليه"؛. أي: لا يصل إلى السيف أحدٌ. "أبداً حتى تبلغ نفسي"، أي: تُقبَض روحي.

4/ 212]، فسَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يخْطُبُ الناسَ في ذلك على منبَرِهِ هذا، وأنا يومئذٍ محتَلِمٌ، فقالَ: ["إنَّ بني هشامِ بن المغيرةِ استأذَنوا في أنْ يُنْكِحوا ابنَتَهُم عليَّ بنَ أبي طالبٍ؛ فلا آذَنُ، ثم لا آذَنُ، ثم لا آذَنُ؛ إلا أن يُريدَ ابنُ أبي طالبٍ أن يُطَلِّقَ ابنتي، ويَنْكِحَ ابْنَتَهُم، فـ 6/ 158] إنَّ [ما] فاطِمَة [بَضْعَةٌ 4/ 219] مني، [يُرِيْبُنِي ما أَرَابَها، ويُؤْذِينِي ما آذاها]، [فمَنْ أغْضَبَها أغضَبَني 4/ 210]، وأنا أتَخَوَّفُ أنْ تُفْتَنَ في دينِها (وفي طريق: وإني أكرَهُ أنْ يسوءَها) ". ثم ذَكَرَ صِهراً لهُ من بني عبدِ شمسٍ، فأثنى عليهِ في مصاهَرَتهِ إيَّاهُ؛ قالَ (وفي روايةٍ: فسمعتُه حين تَشَهَّدَ يقولُ: "أما بعدُ؛ فإني أنْكَحْتُ أبا العاصِ بنَ الربيعِ، فَـ) حدَّثَني فصَدَقَني، ووعَدَني فوَفَى لي، وإني لَسْتُ أُحَرِّمُ حلالًا، ولا أُحِلُّ حَراماً، ولكِنْ واللهِ لا تَجْتَمِعُ بنتُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وبنتُ عَدُوِّ اللهِ [عند رجُلٍ واحدٍ] أبداً"، [فتركَ عليٌّ الخِطْبَةَ]. 1352 - عن ابنِ الحَنَفِيَّةِ قالَ: لو كانَ عليٌّ رضيَ اللهُ عنه ذاكِراً عثمانَ (18) رضيَ اللهُ عنه؛ ذكَرَهُ يومَ جاءَهُ ناسٌ، فَشَكَوْا سُعاةَ عُثمانَ، فقالَ لي علِيٌّ: [خُذْ هذا الكتابَ، فـ] اذهَبْ [به] إلى عثمانَ، فأخْبِرْهُ أنَّها صَدَقَةُ (19) رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،

_ (18) أي: بسوء. وقوله: "سعاة عثمان" أي: عماله على الزكاة. (19) " أنها"؛ أي: الصحيفة التي أرسل بها إلى عثمان. "صدقة رسول اللهِ"؛ أي: مكتوب فيها مصارف صدقة رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. "فمر سعاتك يحملون فيها"؛ أي: بما فيها. وقوله: "أغنها"؛ أي: اصرفها عنا.

6 - باب الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمساكين

فمُرْ سُعاتَكَ يعمَلونَ فيها، فأتَيْتُهُ بها، فقالَ: أغْنِها عنَّا، فأتيتُ بها عليًّا، فأخبرتُهُ، فقالَ: ضَعْها حيثُ أخَذْتَها. 6 - بابُ الدليلِ على أنَّ الخُمُسَ لنوائبِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والمساكينِ 486 - وإيثارِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أهلَ الصُّفَّةِ والأراملَ حينَ سألَتْهُ فاطمةُ - وشكَتْ إليه الطَّحْنَ والرَّحى- أنْ يُخْدِمَها مِن السبْيِ، فوكَلَها إلى اللهِ. (قلتُ: أسند فيه حديث علي بن أبي طالب في سؤال فاطمة خادماً الآتي "ج 4/ 80 - الدعوات/ 11 - باب"). 7 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} يعني: للرسولِ قَسْمُ ذلك. 487 - قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا قاسمٌ وخازِنٌ، والله يُعْطِي". 1353 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ قالَ: وُلِدَ لرَجُلٍ منا غلامٌ، فسمَّاهُ القاسِمَ (وفي روايةٍ: فأرادَ أن يسميه محمداً)، فقالتِ الأنصار: لا نَكْنيكَ أبا القاسمِ، ولا نُنعِمُكَ عيناً، فأتى [به] النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: أن الأنصاريَّ قالَ:

_ 486 - يشير إلى حديث عليٍّ المشار إليه في الباب. 487 - هذا طرف من حديث معاوية وصله المصنف فيما تقدم "ج 1/ 3 - العلم / 14 - باب" دون قوله: "وخازن"، وهذا في حديثٍ آخر لمعاوية، وصله مسلم (3/ 95)، وعزاهُ الحافظُ للمؤلف في "الاعتصام"، ولم أره فيه الآن إلا دون زيادة: "خازن"، والحديث مخرج في "الصحيحة" (983).

8 - باب

حملتُهُ على عُنقي)، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! وُلِدَ لي غلامٌ، فَسَمَّيْتُهُ القاسِمَ، فقالتِ الأنصارُ: لا نَكْنيكَ أبا القاسِمِ، ولا نُنْعِمُكَ عيناً (20) (وفي روايةٍ: ولا كرامةً 7/ 116)، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أحْسَنَتِ الأنصارُ، [تـ 4/ 163] سمّوا باسمي، ولا تَكَنَّوا بكُنيتي، فإنما أنا قاسمٌ (وفي روايةٍ: فإني إنما جعلتُ (وفي أخرى: بعثتُ) قاسماً أقسمُ بينَكُم)، [سَمِّ ابْنَكَ عبدَ الرحمنِ] ". 1354 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ما أُعطِيكُم، ولا أمْنَعُكُم، أنا قاسِمٌ، أضَعُ حيثُ أُمِرْتُ". 1355 - عن خَوْلَةَ الأنصاريةِ رضيَ اللهُ عنها قالت: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنَّ رجالًا يَتَخَوَّضونَ (21) في مالِ اللهِ بغيرِ حقٍّ، فلَهُمُ النارُ يومَ القيامَةِ". 8 - بابُ 488 - قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (20) أي: لا نكرمك ولا نقر عينك بذلك. (21) أي: يتصرفون. 488 - هو طرف من حديث جابر، وصله المصنف فيما تقدم من "7 - التيمم/ 1 - باب/ رقم الحديث 182" بتمامه، لكن بلفظ: "لي" بدل "لكم" في الموضعين. ولعل المصنف رحمه الله تعالى يشير إلى حديث آخر، فقد أخرج أحمد (5/ 256) عن أبي ذر مرفوعاً نحوه بلفظ: "وأحلت لأمتي الغنائم". وسنده صحيح.

9 - باب الغنيمة لمن شهد الوقعة

"أُحِلَّتْ لكم الغنائِمُ". وقالَ اللهُ تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ}، وهي للعامَّةِ حتى يُبَيِّنَهُ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم -. 1356 - عن جابرِ بنِ سَمُرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا هَلَكَ كِسْرى فلا كِسرى بعدَهُ، وإذا هَلَكَ قيصَرُ فلا قيصَرَ بعدَهُ، والذي نفسي بيدِهِ؛ لتُنْفَقَنَّ (22) كنوزُهُما في سبيلِ اللهِ". 1357 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "غزا نبيٌّ مِن الأنبياءِ، فقالَ لقومِهِ: لا يَتْبَعْني رجُلٌ مَلكَ بًضْعَ امرأةٍ وهو يُريدُ أنْ يَبْنِيَ بها ولمَّا يَبْنِ بها، ولا أحدٌ بَنَى بُيوتاً ولم يَرْفَعْ سُقوفَها، ولا أحدٌ اشترى غنماً (23) أو خَلِفاتٍ وهو ينتظِرُ وِلادَها، فغزا، فدنا من القريةِ صلاةَ العصرِ، أو قريباً من ذلك، فقالَ للشمسِ: إنك مأمورةٌ وأنا مأمورٌ، اللهمَّ! احْبسْها علينا، فحُبِسَتْ، حتى فَتَحَ اللهُ عليهِ، فجَمَعَ الغنائِمَ، فجاءت- يعني: النارَ- لَتأكُلَها، فلم تَطْعَمْها، فقالَ: إنَّ فيكُم غُلولاً، فلْيُبايِعْني مِن كلِّ قبيلةٍ رجلٌ، فلَزِقَتْ يدُ رجلٍ بيدِهِ، فقالَ: فيكُمُ الغُلولُ، فَلْيُبايِعْني قبيلتُكَ، فلَزِقَتْ يدُ رجُلَيْنِ أو ثلاثةٍ بيدِهِ، فقالَ: فيكُمُ الغُلولُ، فجاؤوا برأسٍ مثلِ رأسِ بقرةٍ من الذهب، فوضعوها، فجاءَتِ النارُ فأكَلَتْها، ثمً أحَلَّ اللهُ لنا الغنائمَ، رأى ضعفَنا وعجْزَنا فَأحَلَّها لنا". 9 - بابٌ الغَنِيمةُ لمَنْ شَهِدَ الوقعَةَ

_ (22) بفتح الفاء والقاف، أو بكسر الفاء وضم القاف، فكنوز رفع على الأول ونصب على الثاني. (23) أي: حوامل. و (خَلِفات): جمع خلِفة، وهي الحاملُ من النوق، وقد تطلق على غير النوق.

10 - باب من قاتل للمغنم؛ هل ينقص من أجره؟

(قلتُ: أسند في حديث عمر الآتى في 3/ 64 - المغازي/ 40 - باب"). 10 - بابُ مَنْ قاتَلَ للمَغْنَمِ؛ هل ينقُصُ من أجْرِهِ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي موسي المتقدم "ج 1/ 3 - العلم/ 46 - باب/ رقم الحديث 81"). 11 - بابُ قِسْمَةِ الإمامِ ما يَقْدَم عليهِ ويَخْبَأُ لمَنْ لم يَحْضُرْهُ أو غابَ عنه (قلتُ: ذكر في حديث المسور بن مَخْرَمة المتقدم "ج 2/ 51 - الهبة/ 18 - باب"). 12 - بابٌ كيف قَسَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قُرَيظَةَ والنَّضيرَ؟ وما أَعْطَى مِن ذلك في نوائِبِهِ (قلتُ: أسند في حديث أنس الآتي في "ج3/ 64 - المغازي/ 32 - باب"). 13 - بابُ بَرَكَةِ الغازي في مالِهِ حيّاً وميّتاً مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ووُلاةِ الأمْرِ 1358 - عن عبدِ اللهِ بنِ الزبيرِ قالَ: لما وقف الزُّبَيْرُ يومَ الجَمَلِ دعاني، فقمْتُ إلى جَنْبِهِ، فقالَ: يا بُنَيَّ! إنَّه لا يُقْتَلُ اليومَ إلا ظالمٌ أو مظلومٌ، وإني لا أُراني إلا سَأُقْتَلُ اليومَ مظلوماً، وإنَّ من أكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي، أفَتُرَى يُبقِي دَيْنُنا عِن مالِنا شيئاً؟ فقالَ: يا بُنَيَّ! بِعْ ما لَنا، فاقْض دَيْنِي، وأَوْصَى بالثُّلُثِ وثُلُثِهِ لِبنيهِ- يعني: عبدَ اللهِ ابنَ الزبير (24) - يقولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ، فإن فَضَلَ عِن مالِنا فضلٌ بعد قضاءِ الدَّيْنِ شيءٌ؛ فثُلُثُهُ لوَلَدِكَ.

_ (24) في بعض النسخ: "يعني: بني عبد الله".

قالَ هشامٌ: وكان بعضُ ولَدِ عبدِ اللهِ قد وَازَى (25) بعضَ بني الزُّبيرِ خُبَيْبٌ وعبادٌ، ولهُ يومئذٍ تسعةُ بنينَ، وتِسْعُ بناتٍ. قالَ عبدُ الله: فجَعَلَ يُوصيني بِدَيْنِهِ ويقولُ: يا بُنَيَّ! إنْ عَجَزْتَ عنه في شيءٍ فاسْتَعِنْ عليه مولايَ. قالَ: فواللهِ ما دَرَيْتُ ما أرادَ حتى قُلْتُ: يا أبتِ! من مولاك؟ قالَ: اللهُ. قالَ: فواللهِ ما وقعتُ في كُرْبةٍ مِن دَيْنِهِ إلا قلتُ: يا مولى الزُّبَيْرِ! اقْضِ عنه دينَهُ، فَيَقْضِيهِ، فقُتِلَ الزُّبيرُ رضيَ اللهُ عنه، ولم يَدَعْ دِيناراً ولا دِرْهَماً؛ إلا أَرَضِينَ منها الغابةُ، وإحدى عَشْرَةَ داراً بالمدينةِ، ودَارَيْنِ بالبصرةِ، وداراً بالكوفةِ وداراً بمصرَ، قالَ: وإنما كانَ دَيْنُهُ الذي عليه أنَّ الرجلَ كان يأتيهِ بالمالِ، فيَسْتَوْدِعُهُ إياهُ، فيقولُ الزبيرُ: لا؛ ولكنه سَلَفٌ؛ فإني أخشى عليه الضَّيْعَةَ. وما وَلِيَ إمارَةً قَطُّ، ولا جِبايَةَ خَرَاجٍ، ولا شيئاً؛ إلا أن يكونَ في غَزْوةٍ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أو مع أبي بكرٍ، وعمَرَ، وعثمانَ رضي اللهُ عنهم. قالَ عبداِللهِ بنُ الزبير: فحَسَبْتُ ما عليه مِن الديْنِ فوجدْتُهُ أَلْفَيْ ألفٍ ومائتي ألفٍ. قالَ: فَلَقِي حَكِيمُ بنُ حِزامٍ عبدَ اللهِ بنَ الزبير، فقالَ: يا ابنَ أخي! كم على أخي مِن الدَّيْنِ؟ فكَتَمَهُ، فقالَ: مائةُ ألفٍ. فقالَ حكيمٌ: واللهِ ما أرى أموالَكُم تَسَعُ لهذه. فقالَ لهُ عبدُ اللهِ: أفرأيتَكَ إن كانَتْ ألفَيْ ألفٍ ومائتي ألفٍ؟! قالَ: ما أراكُم تُطِيقونَ هذا، فإن عَجَزْتُم عن شيءٍ منهُ فاستَعينوا بي. قالَ: وكانَ الزبيرُ اشترى الغابَةَ بسبعينَ ومائةِ ألفٍ، فباعَها عبدُ اللهِ بألفِ ألفٍ وستِّمِائةِ ألفٍ، ثمَّ قامَ، فقالَ: مَن كان لهُ على الزبيرِ حقٌّ فَلْيوافِنا بالغابةِ، فأتاهُ

_ (25) أي: ساوى في السن.

14 - باب إذا بعث الإمام رسولا في حاجة، أو أمره بالمقام؛ هل يسهم له؟

عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ، وكانَ لهُ على الزبيرِ أَرْبَعُمِائةِ ألفٍ، فقالَ لعبدِ اللهِ: إنْ شئتُم تركْتُها لكُم. قالَ عبدُ اللهِ: لا. قالَ: فإنْ شتُم جعلتُموها فيما تُؤَخِّرُونَ إن أَخَّرْتُم. فقالَ عبدُ اللهِ: لا. قالَ: قالَ: فاقْطعوا لي قطعةً. فقالَ عبدُ اللهِ: لك من ها هنا إلى ها هنا. قالَ: فباعَ منها، فقضى دينَهُ، فأوفاهُ، وبقيَ منها أربعةُ أسهُمٍ ونصفٌ، فقَدِمَ على معاويةَ وعندَه عمرُو بنُ عثمانَ، والمنذرُ بنُ الزبيرِ، وابنُ زَمْعَةَ، فقالَ لهُ معاويةُ: كم قُوِّمَتِ الغابةُ؟ قالَ: كُلُّ سهمٍ مائةَ (26) ألفٍ. قالَ: كم بقيَ؟ قالَ: أربعةُ أسهُمٍ ونصفٌ. قالَ المنذرُ بنُ الزبيرِ: قد أخذتُ سهماً بمائةِ ألفٍ. قالَ عمرو بن عثمانَ: قد أخذتُ سهماً بمائةِ ألفٍ. وقالَ ابنُ زمعة: قد أخذتُ سهماً بمائةِ ألفٍ. فقالَ معاويةُ: كم بقيَ؟ فقالَ: سهمٌ ونصفٌ. قالَ: أخذتُه بخمسينَ ومائةِ ألفٍ. قالَ: وباعَ عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ نصيبَهُ مِن مُعاويةَ بسِتِّمِائةِ ألفٍ، فلما فرَغَ ابنُ الزُّبَيْرِ من قضاءِ دَيْنِهِ؛ قالَ بنو الزبيرِ: اقسِمْ بيننا ميراثَنا. قالَ: لا واللهِ؛ لا أقسِمُ بينَكُم حتى أنادِيَ بالموْسِمِ أربعَ سنينَ: ألا مَن كانَ لهُ على الزُّبيرِ دينٌ فليأتِنا فلْنَقْضِهِ. قالَ: فجَعَل كلَّ سنةٍ يُنادي بالموسِمِ، فلما مضى أربعُ سنينَ قسَمَ بينَهُم، قالَ: فكان للزبيرِ أربعُ نِسْوَةٍ، ورَفَعَ الثُّلُثَ، فأصابَ كلَّ امرأةٍ ألفُ ألفٍ ومائتا ألفٍ، فجميعُ مالِهِ خمسونَ ألفَ ألفٍ، ومائتا ألفٍ. 14 - بابٌ إذا بَعَثَ الإِمامُ رسولاً في حاجةٍ، أو أمَرَهُ بالمُقامِ؛ هل يُسْهَمُ لهُ؟

_ (26) بنصب مائة على نزع الخافض: أي: جاء كل سهم بمائة ألف.

15 - باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابنِ عمر الآتي "ج 2/ 63 - المناقب/ 8 - باب"). 15 - بابٌ ومِنَ الدليلِ على أنَّ الخُمُسَ لنَوائِبِ المسلمينَ 489 - ما سألَ هوازِنُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - برَضاعِهِ فيهم، فتحلَّل من المسلمين. 490 و 491 - وما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعِدُ الناسَ أن يُعْطِيَهُم مِن الفَيْءِ والأنفالِ مِن الخُمُسِ. 492 - وما أعطى الأنصارَ. 493 - وما أعطى جابرَ بنَ عبدِ اللهِ تمرَ خيبرَ. 1359 - عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَث سَرِيَّةً فيها عبدُ اللهِ بنُ عمر قِبَلَ نجدٍ، فغَنِمُوا إبلاً كثيراً، فكانَتْ سِهامُهُم اثْنَيْ عشَرَ بَعيراً، أو أحَدَ عَشَرَ بَعيراً، ونُفِّلوا بعيراً بعيراً، [فرجَعْنا بثلاثةَ عَشَرَ بعيراً 5/ 107]. 1360 - عن ابنِ عمر رضيَ اللهُ عنهما أنِّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُنَفِّلُ بعضَ

_ 489 - وصله فيما تقدم "ج 2/ 40 - الوكالة/ 7 - باب"، لكن ليس فيه: "برضاعة فيهم"، وإنما هو عند ابن إسحاق في "المغازي" بسند حسن عن ابن عمرو؛ كما تقدم هناك. 490 و 491 - أما حديث الوعدِ مِن الفيء؛ فيظهر من سياق حديث جابر الآتي في الباب موصولاً. وأما حديث الأنفال من الخمس؛ فهو في حديث المسور بن مخرمة الماضي "ج 2/ 40 - الوكاله/ 7 - باب". 492 - كأنه يشيرُ إلى حديث أنس الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 32 - باب". 493 - يشير إلى ما أخرجه أبو داود عنه، وظهر من سياقه أن حديث جابرٍ الذي ترجم به المصنف للباب طرف منه. كذا في "الفتح". وأقول: هو عند أبي داود (3632) من طريق ابن إسحاق عن وهب بن كيسان عن جابر، بلفظ: "إذا أتيت وكيلي؛ فخذ منه خمسة عشر وسقاً .... " الحديث. وابن إسحاق مدلس، ومع ذلك حسنه في "التلخيص" (3/ 51)! وسكت عنه في "التغليق" (3/ 476 - 477).

16 - باب ما من النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأسارى من غير أن يخمس

من يَبْعَثُ مِن السَّرايا لأنفُسِهِم خاصَّةً، سِوى قَسْمِ عامَّةِ الجيشِ. 1361 - عن جابرٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ [لي 3/ 137] رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لو قَدْ جاءَني مالُ البحرين لقد أعْطَيْتُكَ هكذا وهكذا وهكذا (ثلاثاً 5/ 121)، فلم يَجِىءْ حتى قُبضَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاءَ مالُ البَحْرَيْنِ [مِن قبَلِ العلاءِ بنِ الحَضْرَمي 3/ 163] أَمَرَ أبو بكرٍ منادياً فنادى: مَن كانَ لهُ عندَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دينٌ أو [كانت لهُ قِبَلَهُ] عِدَة؛ فلْيَأْتِنا، فأتَيْتُهُ، فقلتُ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[قد كانَ 4/ 65] قالَ لي كذا وكذا (وفي روايةٍ: وَعَدَنِي 3/ 137)، فحثا لي ثلاثاً- وجعَلَ سفيانُ يَحْثُو بكَفَّيْهِ جميعاً-[فأعطاني ألفاً وخَمْسَمائةٍ]، (وفي طريقٍ: فحثا لي حَثْيَةً، وقالَ: عُدَّها، فوجدتُها خَمْسَمائةٍ. قالَ: فَخُذْ مِثْلَها مرَّتينِ). وقالَ مَرَّةً: فأتيتُ أبا بكرٍ (وفي روايةٍ: قالَ جابرٌ: فلقيتُ أبا بكرٍ بعد ذلك)، فسألتُ فلم يُعْطِني، ثم أتيتُهُ فلم يُعْطِني، ثم أتيْتُهُ الثالثةَ فقلتُ: سألتُكَ فلم تُعطني، ثم سألْتُكَ فلم تُعْطِنِي، ثم سألتُكَ فلم تُعْطِني، فإما أن تُعْطِيَني وإما أن تَبْخَلَ عني. قالَ: قلتَ: تَبْخَلُ عليَّ؟! وأيُّ داءٍ أدْوَأُ مِن البُخْلِ؟! [قالها ثلاثاً]، ما مَنَعتُكَ من مرَّةٍ إِلا وأَنا أُريدُ أَنْ أُعطِيَكَ. 1362 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: بينَما رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ غنيمَةً بالجِعْرانَةِ؛ إذ قالَ لهُ رجلٌ: اعْدِلْ. فقال لهُ: "شَقِيتُ إنْ لَمْ أعْدِلْ". 16 - بابُ ما مَنَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على الأُسارَى من غيرِ أن يُخَمِّسَ

17 - باب ومن الدليل على أن الخمس للإمام، وأنه يعطي بعض قرابته دون بعض

1363 - عن جُبَيْرِ بنِ [مُطْعِمٍ] رضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ في أُسارى بدرٍ: "لو كانَ المُطْعِمُ بنُ عدَيٍّ حيّاً، ثمَّ كَلَّمني في هؤلاءِ النَّتْنَى (27)؛ لَتَرَكْتُهُم له". 17 - بابٌ ومِنَ الدليلِ على أنَّ الخُمُسَ للإِمامِ، وأنَّهُ يُعْطِي بعضَ قرابَتِه دونَ بعضٍ 494 - ما قسَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لبني المُطَّلِبِ وبني هاشمٍ من خُمُسِ خيبرَ. 658 - قالَ عمرُ بنُ عبدِ العزيز: لم يَعُمَّهم بذلك، ولم يَخُصَّ قريباً دون من [هو] أحوَجُ إليه (28)، وإن كانَ الذي أعطى لِمَا يَشكو إليهِ مِن الحاجَةِ، ولِمَا مَسَّتْهُم في جَنْبِهِ مِن قومِهِم وحُلفائِهم. 1364 - عن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ قالَ: مشيتُ أنا وعثمانُ بنُ عفانَ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ! أعطيتَ بني المُطَّلِبِ وتَرَكْتَنا و [إنما 4/ 155] نحنُ وهُم منك بمنزلةٍ واحدةٍ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما بنو المُطَّلِبِ وبنو هاشِمٍ شيءٌ واحِدٌ ".

_ (27) جمع نَتِن؛ كزَمن وزَمْنى، أو جمع نتين؛ كجريح وجرحى. 494 - يشير إلى حديث جبير بن مطعم الآتي في الباب. 658 - وصله عمر بن شبَّة في "أخبار المدينة" (1/ 212 - 217) مطولاً، وفيه عبد الملك ابن أيوب النميري، ولم أجد له ترجمة، والزيادة منه. (28) وفي روايةٍ: من هو أحوج إليه، وهو الظاهر.

18 - باب من لم يخمس الأسلاب، ومن قتل قتيلا فله سلبه من غير أن يخمس، وحكم الإمام فيه

[قال جُبَيْرٌ: ولم يَقْسِمِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لبَني عبدِ شمسٍ، وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئاً 5/ 79]. 659 - وقالَ ابنُ إسحاقَ: عبدُ شمسٍ وهاشمٌ والمُطَّلِبُ إخوةٌ لأمٍّ، وأمُّهُم عاتِكَةُ بنتُ مرَّةَ، وكانَ نوفلٌ أخاهُم لأبيهِم. 18 - بابُ مَن لم يُخَمِّسِ الأَسْلابَ، ومَنْ قَتَلَ قتيلًا فلهُ سَلَبُهُ مِن غيرِ أن يُخَمَّسَ، وحُكْمِ الإمامِ فيه 1365 - عن عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ قالَ: بينا أنا واقفٌ في الصَّفِّ يومَ بدرٍ، فنظرتُ عن يميني وشِمالي، فإذا أنا [عن يميني وعن يساري 5/ 11] بغُلامينِ مِن الأنصارِ حديثةٍ أسنانُهما، تمنَّيْتُ أن أكونَ بينَ أضلَعَ (29) منهما، [فكاني لم آمَنْ بمكانِهِما]، فغَمَزَني أحدُهُما، فقالَ [لي سراً من صاحِبهِ]: يا عَمِّ! هل تَعْرِفُ أبا جهلٍ؟ قلتُ: نعم؛ ما حاجتُكَ إليه يا ابنَ أخي؟ قالَ: أُخبِرْتُ أنَّه يَسُبُّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، والذي نفسي بيدِهِ؛ لئنْ رأيْتُهُ لا يفارِقُ سَوادي سوادَهُ حتى يموتَ الأعجلُ منَّا. فتَعَجَّبْتُ لذلك، فغَمَزَني الآخرُ، فقالَ لي مثلَها، [قال: فما سَرَّني أنِّي بينَ رجلينِ مكانَهُما]، فلم أنْشَبْ (30) أن نظرتُ إلى أبي جهلٍ يجولُ في الناسِ، قلتُ: ألا إنَّ هذا صاحِبُكُما الذي سألْتُماني، فابْتَدَراهُ بسَيْفَيْهِما، [فشَدَّا عليهِ مثلَ الصَّقْرَينِ]، فضَرَباهُ حتى قتَلاهُ، ثم انْصَرَفا إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأخبراهُ، فقالَ:

_ 659 - وصله المصنف في "التاريخ الصغير" (ص 5 - هندية). (29) أي: بين رجلين أقوى من الرجلين الذين كنت بينهما وأشد. "نهاية". (30) أي: فلم ألبث.

"أيُّكُما قتَلَهُ"؟. قالَ كُلُّ واحدٍ منهما: أنا قتَلْتُه. فقالَ: "هل مَسَحْتُما سَيْفَيْكُما؟ ". قالا: لا. فنَظَرَ في السيفينِ، فقالَ: "كِلاكُما قَتَلَهُ، سَلَبُهُ لمعاذِ بنِ عمرِو بنِ الجَموحِ" (*)، وكانا مُعاذَ ابنَ عفراءَ، ومعاذَ بنَ عمرِو بنِ الجَموحِ (وفي روايةٍ: وهما ابنا عفراءَ). 1366 - عن أبي قتادَةَ رضيَ اللهُ عنه قالَ: خَرَجْنا معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عامَ حُنَيْنٍ، فلمَّا التَقَيْنا كانَتْ للمسلمينَ جولَةٌ، فرأيتُ رجُلاً مِن المشركين [قد 5/ 100] علا رجُلاً من المسلمين (495 - وفي روايةٍ: نظرتُ إلى رجل من المسلمينَ يُقاتِلُ رجُلاً من المشركينَ، وآخرُ مِن المشركينَ يَخْتِلُهُ مِن ورائِهِ لِيَقْتُلَهُ، فأسرَعْتُ إلى الذي يَخْتِلُهُ)، فاسْتَدَرْتُ حتى أتَيْتُه من ورائهِ، حتى ضَرَبْتُه بالسَّيْفِ على حبلِ عاتِقِهِ، [فقطعتُ الدِّرْعَ] (وفي روايةٍ: فرفع يدَهُ ليَضْرِبَني، وأضربُ يدَهُ فقطعْتُها]، فأقبلَ عليَّ، فضَمَّني ضمَّةً وجَدْتُ منها ريحَ الموتِ، ثم أدْرَكَهُ الموتُ، فأرْسَلَني (وفي روايةٍ: حتى تَخَوَّفْتُ، ثم تَرَكَ فتَحَلَّل، ودفَعْتُه، ثم قتلْتُهُ، وانهزَمَ المسلمونَ، وانهَزَمْتُ معهم)، فلَحِقْتُ عمرَ بنَ الخطابِ، فقلتُ: ما بالُ الناسِ؟ قالَ: أَمْرُ اللهِ، ثمَّ إنَّ الناسَ رَجَعوا [إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -]، وجَلَسَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "مَن قَتَلَ قتيلاً لهُ عليهِ بيِّنَةٌ؛ فلهُ سَلَبُهُ"، فقمتُ [لألْتَمِسَ بيِّنةً على قَتِيلِي، فلم أرَ أحداً يَشْهَدُ لي 8/ 113]، فقلتُ: مَن يشهَدُ لي؟ ثم جَلَسْتُ، ثمَّ قالَ:

_ (*) قلت: وإنما خص السلب به لأنه كان هو الذي أثخن في القتل، وإن شاركه الآخر في الضرب والطعن. وانظر "الفتح". 495 - هذه الرواية وما بعدها من الروايات معلقة عند المصنف، وقد وصلها الإِسماعيلي.

19 - باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه

"مَن قتلَ قتيلاً لهُ عليهِ بيِّنَةٌ؛ فلهُ سَلَبُهُ"، فقمتُ فقلتُ: مَن يشهدُ لي؟ ثم جلستُ، ثم قالَ الثالثةَ: مثلَهُ، فقمتُ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (مالك يا أبا قتادةَ؟ "، فاقْتَصَصْتُ عليه القصةَ، فقالَ رجلٌ [من جُلسائِهِ]: صدقَ يا رسولَ اللهِ! وسَلَبُهُ عندي، فأرْضِهِ عني، فقالَ أبو بكرٍ الصديق رضيَ اللهُ عنه: لا ها (31) اللهِ؛ إذاً لا يَعْمِدُ إلى أَسَدٍ مِن أُسْدِ اللهِ يقاتِلُ عن اللهِ ورسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -[فـ] يُعْطِيكَ سَلَبَهُ (وفي روايةٍ: كلا، لا يُعْطِهِ أُصَيْبِغَ مِن قريشٍ ويَدَعُ أسَداً من أُسْدِ اللهِ يقاتِل عن اللهِ ورسولِهِ)، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "صَدَقَ، [فأعطِهِ]، فأعطاهُ (وفي روايةٍ: فأعطانيهِ. وفي أخرى: فقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فأدَّاهُ إليَّ 8/ 113)، فبِعْتُ الدِّرْعَ، فابتَعْتُ به مَخْرَفاً (32) (وفي روايةٍ: خرافاً) في بني سَلِمَةَ، فإنَّه لأوَّلُ مالٍ تَأثَّلْتُهُ في الإسلامِ. 19 - بابُ ما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعطي المؤلَّفَةَ قلوبُهُم وغيرَهُم من الخُمُسِ ونحوه 496 - رواهُ عبدُ اللهِ بنُ زيدٍ عن النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -. 1367 - عن نافِعٍ قالَ (*): وأصابَ عمرُ جاريتينِ مِن سَبْيِ حُنَيْنٍ

_ (31) بقطع الهمزة ووصلها، وكلاهما مع إثبات ألف (ها) وحذفها؛ كما في "القاموس"، و"المغني"، وغيرهما، فهي أربعة، والمعنى: لا واللهِ. (32) بفتح الميم وكسر الراء، وبفتحها؛ أي: بستاناً؛ لأنه يخترف منه التمر؛ أي: يجتنى. 496 - يشير إلى حديثه الطويل في قصة حنين، وسيأتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 58 - باب" إن شاء الله تعالى. (5) هكذا عند جميع رواة البخاري إلا الجرجاني، فقالَ: عن نافعٍ عن ابن عمر. قال الحافظ: "وهو وهم منه". قلتُ: وعليه فالحديث مرسل، وبه جزم الدارقطني، لكن وصله المصنف معلقاً كما يأتي بعده.

[497 - مِنَ الخُمُس]، فوَضَعَهُما في بعضِ بيوتِ مكةَ، قالَ: فمَنَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على سَبْيِ حُنينٍ، فجَعَلوا يسعَوْنَ في السِّكَكِ، فقالَ عمرُ: يا عبدَ اللهِ! انظُرْ ما هذا؟ فقالَ: مَنَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على السَّبْيِ، قالَ: اذهبْ فأرسلِ الجاريتينِ. قالَ نافعٌ: ولم يَعْتَمِرْ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من الجِعْرَانةِ، ولَوِ اعتَمَرَ لم يَخْفَ على عبدِ اللهِ. 1368 - عن جُبيرِ بنِ مُطْعِمٍ أنَّه بَيْنَا هو [يسيرُ 3/ 209] مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ومعهُ الناسُ مُقْبِلاً (وفي روايةٍ: مَقْفَلَهُ) من حُنَيْنٍ؛ عَلِقَتْ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الأعرابُ يسألونَهُ، حتى اضْطَرُّوهُ إلى سَمُرَةٍ، فخَطِفَتْ رداءَهُ، فوقفَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "أعْطوني رِدائِي، فلو كانَ [لي] عَدَدُ هذه العِضاهِ نَعَماً لَقَسَمْتُه بينَكُم، ثم لا تَجِدوني بَخيلاً، ولا كَذُوباً، ولا جَباناً". 1369 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: كنتُ أمشي مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعليهِ بُرْدٌ نَجْرانِيٌّ غليظُ الحاشيةِ، فأدْرَكَهُ أعرابيٌّ فجَذَبَهُ جَذْبَةً (وفي روايةٍ: فجَبَذَ بردائِهِ جَبْذَةً 7/ 94) شديدةً، حتى نظرتُ إلى صفحةِ عاتِقِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قد أثَّرَتْ بهِ حاشيةُ الرِّداءِ مِن شدَّةِ جذبَتِهِ (وفي روايةٍ: جَبْذَتِهِ)، ثم قالَ: مُرْ لي مِن مالِ اللهِ الذي عندك، فالْتَفَتَ إليه فضَحِكَ، ثم أمَرَ لهُ بعطاءٍ. 1370 - عن عبدِاللهِ (ابنِ مسعودٍ) رضيَ اللهُ عنه قالَ: لمَّا كانَ يومُ حُنَيْنٍ؛

_ 497 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف من رواية نافع عن ابن عمر، ولم يذكر الحافظ من وصلها.

20 - باب ما يصيب من الطعام في أرض الحرب

آثَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أُناساً في القِسْمَةِ، فأعْطَى الأقرعَ بنَ حابسٍ مائةً مِن الإبلِ، وأعطى عُيَيْنَةَ مثلَ ذلك، وأعطى أناساً مِن أشرافِ العربِ، فآَثَرَهُم يومئذٍ في القِسْمَةِ، قالَ رجلٌ [مِنَ الأنصارِ 5/ 105]: واللهِ إنَّ هذه القِسْمَةَ ما عُدِلَ فيها، وما أُرِيدَ بها وجهُ اللهِ فقلتُ: واللهِ لأخْبِرَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأتيتُهُ [وهو في أصحابِهِ 7/ 96]، فأخبَرْتُهُ (وفي روايةٍ: فسارَرْتُه)، [فتَغَيَّرَ (وفي روايةٍ: فتَمَعَّرَ 7/ 87. وفي أخرى: فغَضِبَ حتى رأيتُ الغَضَبَ في 4/ 130) وجهِهِ]، [حتى ودِدْتُ أني لم أكُنْ أخبَرْتُه]، فقالَ: "فمَنْ يَعْدِلُ إذا لمْ يَعْدِلِ اللهُ ورسولُهُ؟! رَحِمَ اللهُ موسى [لـ] قد أوذِيَ بأكثرَ مِن هذا فَصَبَرَ". 20 - بابُ ما يُصِيبُ مِن الطعامِ في أرضِ الحربِ 1371 - عن عبدِ اللهِ بن مُغَفَّلٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: كُنَّا محاصِرينَ قصرَ خيبرَ، فرمى إنسانٌ بجرابٍ فيه شَحْمٌ، فنَزَوْتُ لآخُذَهُ، فالتَفَتُّ، فإذا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فاسْتَحيَيْتُ منهُ. 1372 - عن ابنِ عمر قالَ: كُنَّا نُصيبُ في مَغازِينا العَسَلَ والعِنَبَ، فنأكُلُهُ ولا نَرْفَعُهُ. 1373 - عن الشيبانيِّ (33) قالَ: سمعتُ ابنَ أبي أوفى رضيَ اللهُ عنهما يقولُ: أصابَتْنا مجاعَةٌ لياليَ خيبرَ، فلما كانَ يومُ خيبرَ؛ وقعنا في الحُمُرِ الأهليَّةِ،

_ (33) هو سليمان بن سليمان؛ أبو إسحاق.

فانْتَحَرْنَاهَا، فلما غَلَتِ القدورُ-[قالَ: وبعضُها نَضِجَتْ 6/ 78]- نادى مُنادي رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أكْفِئوا القدورَ، فلا تَطْعَموا من لحومِ الحُمُرِ شيئاً". قال عبدُ اللهِ [بنُ أبي أوفى: فتحدثنا] فقلنا: إنَّما نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[عنها]؛ لأنها لم تُخَمَّسْ. قالَ: وقالَ آخرونَ: حَرَّمها البتَّةَ [لأنها كانت تأكلُ العَذِرَةَ]. وسألتُ (34) سعيدَ بنَ جُبَيْرٍ؟ فقالَ: حَرَّمَها البتَّةَ.

_ (34) القائل "وسألت": هو الشيباني.

58 - [كتاب الجزية]

بسم الله الرحمن الرحيم 58 - [كتابُ الجِزْيَةِ] 1 - بابُ الجِزْيةِ والمُوادَعَةِ مع أهلِ الذِّمَّةِ والحربِ، وقولِ اللهِ تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}: أذِلاَّءُ (1)، وما جاءَ في أخذِ الجزيةِ مِن اليهودِ والنصارى والمجوسِ والعَجَمِ 660 - وقالَ ابن أبي نَجيحٍ: قلتُ لمجاهِدٍ: ما شأنُ أهلِ الشَّأْمِ عليهِم أربعةُ دنانيرَ، وأهل اليمنِ عليهم دينارٌ؟! قالَ: جُعِلَ ذلك مِن قِبلِ اليَسارِ. 1374 - عن عَمْرٍو قالَ: كنتُ جالساً مع جابرِ بنِ زيدٍ وعمرِو بنِ أوسٍ، فحَدَّثَهُما بَجالَةُ (2) سنةَ سبعينَ عامَ حَجَّ مصعبُ بنُ الزبيرِ بأهلِ البصرةِ عندَ دَرَجِ زمزَمَ، قالَ: كنتُ كاتِباً لجَزْءِ بنِ معاويةَ عمِّ الأحنفِ، فأتانا كتابُ عمرَ بنِ الخطابِ قبلَ موتهِ بسنةٍ: فرِّقوا بينَ كلِّ ذي مَحْرَمٍ (3) من المجوسِ، ولم يكن عمرُ أخذَ

_ (1) هو تفسير: {وهُم صاغِرونَ}. 660 - وصله عبد الرزاق عنه به. وزاد بعد قوله: "أهل الشام": "من أهل الكتاب تؤخذ منهم الجزية"، وسنده صحيح. (2) هو ابن عَبدة، تميمي بصري تابعي شهير كبير. (3) أي: بينهما زوجية.

الجزيةَ من المجوسِ؛ حتى شَهِدَ عبدُ الرحمن بن عَوْفٍ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مَجوسِ هَجَرَ. 1375 - عن عمرِو بنِ عوفٍ الأنصاريِّ - وهو حليفٌ لبني عامرِ بنِ لُؤيٍّ، وكان شَهِدَ بدراً [مع النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -5/ 18]- أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ أبا عبيدَةَ بنَ الجراحِ إلى البَحْرَيْنِ يأتي بِجِزْيَتِها، وكانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - هو صالحَ أهلَ البحرينِ، وأمَّرَ عليهمُ العَلاءَ بنَ الحضرميِّ، فقدِمَ أبو عبيدَةَ بمالٍ من البحرينِ، فسَمِعَتِ الأنصارُ بقدومِ أبي عبيدةَ، فوافَتْ (وفي روايةٍ: فوافَوا 19/ 5) صلاةَ الصُّبحِ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما صلى بهمُ الفجرَ؛ انصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا له، فتَبَسَّمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآهُم، وقالَ: "أظُنُّكُم قد سَمِعْتُم أنَّ أبا عُبيدةَ قد جاءَ بشيءٍ؟ ". قالوا: أجلْ يا رسولَ اللهِ! قالَ: "فأبْشِروا، وأَمِّلُوا ما يَسُرُّكُم، فواللهِ لا الفقرَ أخشى عليكُم، ولكنْ أخشى عليكُم أنْ تُبْسَطَ عليكُم الدنيا كما بُسِطَتْ على مَن كانَ قبلَكُم، فتَنَافسُوها كما تَنافَسُوها، وتُهْلِكَكُم كما أهْلَكَتْهُم (وفي روايةٍ: وتُلْهِيَكُم كما ألْهَتْهُم 7/ 173) ". 1376 - عن جبيرِ بنِ حَيَّةَ قالَ: بعَثَ عمرُ الناسَ في أفناءِ الأمصارِ (4) يقاتِلونَ المشركينَ، فأسلَمَ الهُرْمُزانُ، فقالَ: إني مُسْتَشيرُكَ في مُغازِيَّ هذه؟ قالَ: نعم، مثَلُها ومثلُ مَن فيها مِن الناسِ مِن عدوِّ المسلمينَ مَثَلُ طائِرٍ له رأسٌ، ولهُ جَناحانِ، وله رِجلانِ، فإنْ كُسِرَ أحدُ الجناحينِ؛ نَهَضَتِ الرِّجلانِ بجَناحٍ والرأسُ،

_ (4) أي: مجموع البلاد الكبار.

فإنْ كُسِرَ الجَناحُ الآخرُ نهضتِ الرِّجلانِ والرأسُ، وإنْ شُدِخَ (5) الرأسُ ذهبَتِ الرِّجلانِ والجَناحانِ والرأسُ، فالرأسُ كِسرى، والجَناحِ قيصرُ، والجَناحُ الآخرُ فارسُ، فمُرِ المسلمينَ فَلْيَنْفِروا إلى كِسرى. قالَ: فَنَدَبَنا عمرُ، واستَعْمَلَ علينا النعمانَ بنَ مُقَرِّنٍ، حتى إذا كُنَّا بأرضِ العدوِّ، وخَرَجَ علينا عاملُ كسرى في أربعينَ ألفاً، فقامَ تَرْجُمانٌ (6) فقالَ: ليُكَلِّمْني رجلٌ منكُم. فقالَ المغيرةُ: سَلْ عما شئتَ. قالَ: ما أنتُم؟ قالَ: نحنُ أناس مِن العَرَبِ؛ كنَا في شقاءٍ شديدٍ، وبلاء شديد، نَمَصُ (7) الجِلْدَ والنَوى من الجوعِ، ونَلْبَسُ الوَبرَ والشَّعَرَ، ونعبُدُ الشَجَرَ والحَجَرَ، فبَيْنَا نحنُ كذلك؛ إذ بَعَثَ ربُّ السماواتِ وربُّ الأرَضِينَ - تعالى ذِكْرُهُ، وجَلَّتْ عَظَمَتُه - إلينا نَبيًّا من أنفُسِنا نَعْرِفُ أباهُ وأُمَّهُ، فأمَرَنا نبيُّنا رسولُ ربِّنا - صلى الله عليه وسلم - أن نُقاتِلَكُم، حتى تَعْبُدوا اللهَ وحدَهُ، أو تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ، وأخبَرَنا نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - عن رِسالَةِ ربِّنا أنَّهُ مَن قُتِلَ مِنَّا صارَ إلى الجنةِ، في نعيمٍ لم يُرَ مثلُها قَطُّ، ومَن بَقِيَ منا مَلَكَ رِقابَكُم. فقالَ النُّعمانُ (8): ربَّما أشهَدَكَ اللهُ مثلَها مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فلم يُنَدِّمْكَ ولم يُخْزِكَ، ولكنِّي شَهِدْتُ القتالَ معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ كانَ إذا لمْ يُقاتِلْ في أولِ النهارِ؛ انتظرَ حتى تَهُبَّ الأرْواحُ، وتَحْضُرَ الصَّلواتُ.

_ (5) الشدخ: الكسر. (6) بفتح أوله وضمه. (7) بفتح الميم في الفرع وأصله. (8) أي: مجيباً للمغيرة لمَّا أنكرَ عليه تأخير القتالِ، وأرادَ الاشتغالَ به أولَ النهارِ بعد الفراغِ من المكالمة مع الترجمان.

2 - باب إذا وادع الإمام ملك القرية؛ هل يكون ذلك لبقيتهم؟

2 - بابٌ إذا وادَعَ الإمامُ مَلِكَ القريةِ؛ هل يكونُ ذلك لبَقِيَّتِهِم؟ (قلت: أسند في طرفاً من حديث أبي حميد المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 55 - باب"). 3 - بابُ الوَصاةِ بأهلِ ذِمَّةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - و (الذِّمَّةُ): العهدُ. و (الإلُّ): القَرابةُ. (قلت: أسندَ في طرفاً من حديث قتل عُمر ووصيتِهِ الآتية "ج 2/ 63 - المناقب/ 9 - باب"). 4 - بابُ ما أقطَع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِن البَحْرَيْنِ، وما وَعَدَ مِن مالِ البحرينِ والجزيةِ (9)، ولِمَنْ يُقْسَمُ الفيءُ والجزيةُ 1377 - عن أنسٍ قالَ: دعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الأنصارَ ليكْتُبَ (وفي روايةٍ: يقْطَعَ 3/ 80) لهم بالبحرينِ، فقالوا: لا واللهِ حتى تَكْتُبَ (وفي الرواية الأخرى: تُقْطِعَ) لإخوانِنا من قريشٍ بمثلِها. فقالَ: "ذاكَ لهُم ما شاءَ اللهُ"، على ذلك يقولون له (498 - وفي روايةٍ: فلم يكن ذلك عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 3/ 80) قال: " [إمَّا لا 4/ 225]، فإنكم ستَرَوْنَ بعدي أثَرَةً، فاصْبِروا حتى تَلْقَوني، [ومَوْعِدُكم الحوضُ] ". 5 - بابُ إثمِ مَن قَتَلَ مُعاهَداً بغيرِ جُرْم

_ (9) انظر: "ج 2/ 57 - الخمس/ 15 - باب". 498 - هذه الرواية معلقة، ولم يجدها الحافظُ موصولة.

6 - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

1378 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضيَ اللهُ عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن قتَلَ [نَفْساً 8/ 47] معاهَداً (10) لَم يَرَحْ رائحةَ الجنةِ، وإنَّ ريحَها يُوجَدُ مِن مسيرةِ أربعينَ عاماً". 6 - بابُ إخراجِ اليهودِ مِن جزيرةِ العَرَبِ 499 - وقالَ عمرُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقِرُّكُم ما أقرَّكُمُ الله بهِ". 7 - بابٌ إذا غَدرَ المشركونَ بالمسلمينَ؛ هل يُعْفَى عنهم؟ (قلت: أسندَ فيه حديث أبي هريرة في الشاة المسمومة الآتي "ج 3/ 76 - الطب/ 55 - باب"). 8 - بابُ دعاءِ الإمامِ على مَن نَكَثَ عَهْداً (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس الآتي في "ج 4/ 64 - المغازي/ 30 - باب"). 9 - بابُ أمانِ النساءِ وجِوَارِهِنَّ (قلت: أسندَ فيه حديث أمِّ هانىء المتقدم "ج1/ 8 - الصلاة/ 4 - باب/ رقم الحديث 194"). 10 - بابٌ ذِمَّةُ المسلمين وجِوارُهُم واحدَةٌ، يسعى بها أدناهم

_ (10) بفتح الهاء؛ أي: ذميّاً بغير حق. وقوله: "يرح" بهذا الضبط، وحكي ضم أوله وكسر الراء، وفتح أوله وكسر ثانيه؛ أي: لم يشم. 499 - هو طرفٌ من قصة أهل خيبر من حديث ابن عمر، وقد مضى في "ج 2/ 41 - المزارعة/ 17 - باب".

11 - باب إذا قالوا: صبأنا، ولم يحسنوا: أسلمنا

(قلت: أسندَ فيه حديث علي الآتي "ج 4/ 96 - كتاب الاعتصام/ 5 - باب"). 11 - بابٌ إذا قالوا: صَبَأنا (11)، ولم يُحْسِنوا: أسْلَمْنا 500 - وقالَ ابنُ عمرَ: فجَعَلَ خالدٌ يقتُلُ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أبرأُ إليكَ ممَّا صَنَعَ خالِدٌ". 661 - وقالَ عمرُ: إذا قالَ: (مترَسْ) (12) فقد آمنَهُ؛ إنَّ اللهَ يعلمُ الألسنةَ كلَّها. 662 - وقالَ: تَكَلَّمْ، لا بأسَ. 12 - بابُ المُوادَعَةِ والمُصالَحَةِ معَ المشركينَ بالمالِ وغيرِهِ، وإثمِ مَن لم يَفِ بالعهدِ، وقولهِ: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (قلت: أسندَ فيه حديث سهل بن أبى حَثمَة الأْتي "ج 4/ 78 - الأدب/ 99 - باب"). 13 - بابُ فضلِ الوفاءِ بالعهدِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبى سفيان مع هرقل المتقدم " ج 2/ 56 - الجهاد/ 102 - باب").

_ (11) أي: خرجنا من ديننا إلى دينكم- يريدون: الإسلام- إلا أنهم لم يحسنوا أن يقولوا: "أسلمنا" جرياً منهم على لغتهم مِنْ تسميتهم مَنْ خرج من دينٍ إلى دينٍ صابئاً. 500 - هذا طرف من حديث طويل، وصله المؤلف فيما يأتي من "ج 3/ 64 - المغازي/ 60 - باب". 661 - وصله عبد الرزاق. (12) فارسية محرفة، معناه: لا تخف. 662 - وصله ابنُ أبي شيبة وغيره بسند صحيح عن أنس أن عمرَ قال ذلك للهرمزان في قصة إسلامه. انظر "مصنف ابن أبي شيبة" (13/ 19 - 24).

14 - باب هل يعفى عن الذمي إذا سحر؟

14 - بابٌ هل يُعْفَى عن الذِّمِّي إذا سَحَرَ؟ 501 - وقالَ يونسُ عن ابنِ شِهابٍ: سُئِلَ: أَعَلَى مَن سَحَرَ من أهلِ العهدِ قتلٌ؟ قالَ: بلغنا أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قد صُنعَ لهُ ذلك، فلم يقتُلْ مَن صنَعَهُ، وكانَ مِن أهلِ الكتابِ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة في قصة سحره - صلى الله عليه وسلم -، ويأتي في "ج4/ 76 - الطب/ 27 - باب"). 15 - بابُ ما يُحْذَرُ مِن الغَدْرِ، وقولهِ تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ} الآيةَ 1379 - عن عوفِ بنِ مالكٍ قالَ: أتَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في غزوةِ تَبوكَ وهو في قُبَّةٍ من أَدَمٍ، فقالَ: "اعْدُدْ سِتّاً بينَ يَدَيِ الساعةِ: مَوْتي، ثم فتحُ بيتِ المَقْدِسِ، ثم مُوتانٌ يأخذُ فيكُم كعُقاصِ الغَنَمِ (13)، ثم استِفاضَةُ المالِ؛ حتى يُعطَى الرَّجُلُ مائةَ دينارٍ فَيَظَلُّ ساخِطاً، ثمَّ فِتنةٌ لا يبقى بيتٌ مِن العَرَبِ إلا دَخَلَتْهُ، ثمَّ هُدنَةٌ تكونُ بينَكُم وبينَ بني الأصفرِ؛ فيَغْدِرونَ، فيأتونَكُم تحت ثمانينَ غايةً (14)، تحت كلِّ غايةٍ اثنا عَشَرَ ألفاً". 16 - بابٌ كيف يُنْبَذُ (15) إلى أهلِ العهدِ؟ وقولُهُ: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ

_ 501 - وصله ابن وهب في "جامعه" عنه. قلت: ورواه عبد الرزاق (6/ 65 و10/ 369) من طريق معمرعن الزهري عن ابن المسيب وعروة بن الزبير نحوه. (13) هو داء يأخذ الدوابَّ فيسيل من أنوفها شيءٌ فتموتُ فجأةً. (14) أي: راية؛ لأنها غاية المتبع إذا وقفت وقف، وإذا مشت تَبِعها. (15) أي: يطرح إليهم عهدهم.

17 - باب إثم من عاهد ثم غدر،

مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} الآيةَ (قلتُ: أسند في طرفاً من حديثِ أبي هريرة الآتي في "ج 3/ 65 - التفسير/ 9 - السورة/ 3 - باب "). 17 - بابُ إثمِ مَن عاهَدَ ثمَّ غَدَرَ، وقولهِ: {الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} 502 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: كيفَ أنتم إذا لم تَجْتَبُوا (16) ديناراً ولا دِرْهَماً؟! فقيلَ له: وكيف تَرَى ذلك كائناً يا أبا هريرة؟! قال: إي والذي نفسُ أبي هريرة بيدِهِ عن قولِ الصادقِ المصدوقِ. قالوا: عَمَّ ذلك؟ قالَ: تُنْتَهَكُ ذِمَّةُ اللهِ وذِمَّةُ رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فيَشُدُّ اللهُ عزَّ وجلَّ قلوبَ أهلِ الذِّمَّةِ، فَيَمْنَعُونَ ما في أيدِيهم. 18 - بابٌ 1380 - عن أبي وائلٍ قالَ: كُنَّا بصِفِّينَ (وفي رواية عنه: شهِدْتُ صفينَ، وبئستْ صِفُّونَ 8/ 148)، [فقالَ رجلٌ: ألم تَرَ إلى الذينَ يَدْعُونَ إلى كتاب اللهِ تعالى؛ فقالَ عليٌّ: نعم 6/ 45]، فقامَ سهلُ بنُ حُنَيْفٍ، فقالَ: أيُّها الناسُ! اتَّهِمُوا أنفُسَكُم، فإنَّا كنَّا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الحديبيةِ-[يعني: الصلح الذي كانَ بين النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والمشركين]- ولو نرى قِتالًا لقاتَلْنا (وفي رواية عنه: اتَّهِموا رأيَكُم [على دينِكُم 8/ 148]، [فلقد 5/ 70] رأيتُني يومَ أبي جَنْدَلٍ ولو أستطيعُ أنْ أرُدَّ أمرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَرَدَدْتهُ، وما وَضَعْنا أسيافَنا على عواتِقِنا لأمرٍ يُفظِعُنا إلا أسْهَلْنَ بنا إلى أمرٍ نعرِفُهُ غيرَ

_ 502 - هذا صورته صورة المعلق، وقد وصله أبو نعيم في "المستخرج". (16) من الجباية.

19 - باب المصالحة على ثلاثة أيام، أو وقت معلوم

أمرِنا هذا، [ما نَسُدُّ منها خُصْماً إلا انفجَرَ علينا خُصْمٌ، ما ندري كيف نأتي لهُ؟ 5/ 70])، فجاءَ عمرُ بنُ الخطاب فقالَ: يا رسولَ اللهِ! ألَسْنَا على الحقِّ وهُم على الباطلِ؟! فقالَ:" بَلى". فقالَ: أليس قَتلانا في الجنةِ وقتلاهُم في النارِ؟! قالَ: "بلى". قالَ: فعَلامَ نُعطي الدَّنِيَّةَ في دينِنا؟ أنَرْجِعُ ولمَّا يَحْكُمِ اللهُ بينَنا وبينَهُم؟ فقال: " [يا] ابنَ الخطاب! إنِّي رسولُ اللهِ، ولنْ يُضَيِّعَني اللهُ أبداً". فانطلَقَ عمرُ [متغيِّظاً، فلم يصبِرْ حتى جاءَ] إلى أبي بكرٍ، فقالَ لهُ مثلَ ما قالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: إنَّه رسولُ اللهِ، ولن يُضَيعَهُ اللهُ أبداً. فنَزَلَتْ سورةُ {الفتح}، فقرأها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على عُمَرَ إلى آخِرِها، فقالَ عمرُ: يا رسولَ اللهِ! أوَ فَتْحٌ هو؟! قالَ: "نعم". 19 - بابُ المصالَحَةِ على ثلاثةِ أيامٍ، أو وَقْتٍ معلومٍ (قلتُ: أسندَ فيه حديث البراء في صلح الحديبية الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 45 - باب"). 20 - بابُ الموادَعَةِ من غيرِ وقتٍ 503 - وقولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أُقِرُّكُم ما أقرَّكُم اللهُ بهِ". (قلتُ: لم يسق فيه حديثاً).

_ 503 - تقدم هذا مع وصله برقم (499).

21 - باب طرح جيف المشركين في البئر، ولا يؤخذ لهم ثمن

21 - بابُ طَرْحِ جِيَفِ المشركينَ في البئرِ، ولا يُؤخَذُ لهم ثَمَنٌ (قلت: أسندَ فيه حديث ابن مسعود في سلا الجزور المتقدم في "ج 1/ 4 - الوضوء/ 73 - باب/ رقم الحديث 141"). 22 - بابُ إثمِ الغادِر للبَرِّ والفاجِرِ 1381 و 1382 - عن عبدِ اللهِ وعن أنسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لكُلِّ غادِرٍ لواءٌ يومَ القيامَةِ- قال أحدُهما: يُنصَبُ. وقالَ الآخرُ: يُرَى - يومَ القيامَةِ، يُعْرَفُ بهِ".

59 - كتاب بدء الخلق

بسم الله الرحمن الرحيم 59 - كِتابُ بَدْءِ الخَلْقِ 1 - [بابُ] ما جاءَ في قولِ اللهِ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} 663 و 664 - قالَ الربيعُ بنُ خثَيْمٍ والحَسَنُ: كُلٌّ عليهِ هَيِّنٌ. (هَيْنٌ وهَيِّنٌ): مثلُ لَيْنٍ وليِّنٍ، ومَيْتٍ ومَيِّتٍ، وضَيْقٍ وضَيِّقٍ. (أفَعَيينا): أَفَأَعْيا علينا حينَ أنْشَأكُم وأنشأَ خلقَكُم. (لُغوبٌ): النَّصَبُ. (أطواراً): طوراً كذا، وطوراً كذا. (عدا طورَهُ)؛ أي: قدرَهُ. 1383 - عن عِمرانَ بنِ حُصَيْنٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: دخلتُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ وعَقَلْتُ ناقتي بالبابِ، فأتاهُ ناسٌ مِن بني تَميمٍ، فقالَ: "اقْبَلوا البُشْرى يا بَني تَميمٍ! ". قالوا: قد بشَّرْتَنا فأَعْطِنا (مرتين)، [فتغيَّرَ وجهُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -5/ 122]. ثمً دَخَلَ عليه ناسٌ مِن أهلِ اليمنِ، فقالَ:

_ 663 و 664 - أما أثر الربيع فوصله الطبري من طريق منذر الثوري عنه نحوه، وأما أثر الحسن فوصله الطبري أيضاً من طريق قتادة، أظنه عن الحسن، ولكن بلفظ: "وإعادته أهون عليه من بدئهِ، وكُلٌّ على اللهِ هينٌ). قال الحافظ: "وظاهرُ هذا اللفظ إبقاء صيغة أفعل على بابها".

2 - باب ما جاء في سبع أرضين،

"اقْبَلوا البُشرى يا أهلَ اليمنِ! إذْ لمْ يَقْبَلْها بَنُو تَميمٍ". قالوا: قَبِلْنا يا رسولَ اللهِ! قالوا: جئناك [لِنَتَفَقَّهَ في الدينِ، ولِـ 8/ 175] نسألَكَ عن هذا الأمرِ [ما كانَ،؛ قالَ: "كانَ اللهُ ولم يَكُنْ شيءٌ غيرُهُ (وفي روايةٍ: قَبْلَهُ)، وكانَ عرشُهُ على الماءِ، وكَتَبَ في الذِّكْرِ (1) كلَّ شيءٍ، و (وفي روايةٍ: ثم) خَلَقَ السماواتِ والأرضَ"، فنادى منادٍ: ذَهَبَتْ ناقَتُكَ يا ابنَ الحُصَيْنِ! فانْطَلَقْتُ، فإذا هي يَقطعُ دونَها السَّرابُ (2)، فواللهِ لوَدِدْتُ أني كُنْتُ تركْتُها [ولم أَقُمْ]. 504 - عن عمرَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قامَ فينا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخْبَرَنا عن بَدْءِ الخَلْقِ، حتى دَخَلَ أهلُ الجنةِ منازِلَهُم، وأهلُ النارِ منازِلَهُم، حَفِظَ ذلك مَن حَفِظَهُ، ونَسِيَهُ مَن نَسِيَهُ. 1384 - عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لمَّا قَضَى اللهُ الخَلْقَ؛ كَتَبَ في كتابِهِ (وفي طريقٍ: إنَّ اللهَ كَتَبَ كِتاباً قبلَ أنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ 8/ 216) [هو يكتُبُ على نفسِهِ 8/ 171]، فهو عندَهُ فوقَ العرشِ: إنَّ رَحْمَتي غَلَبَتْ (وفي طريق: سَبَقَتْ) غَضبي". 2 - باب ما جاءَ في سبعِ أرَضِينَ، وقولِ اللهِ تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ

_ (1) أي: في محل الذكر، وهو اللوح المحفوظ. (2) المعنى: فإذا هي يحول بيني وبين رؤيتها السراب. 504 - هو معلق عند المصنف، وقد وصله الطبراني وأبو نعيم وابن منده، وقال: "صحيح غريب تفرد به عيسى بن موسى"، قال الحافظ في "التقريب": "صدوق ربما أخطأ وربما دلَّس". قلت: وقد عنعنه.

3 - باب في النجوم

شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} (والسَّقْفِ المرفوعِ): السماءُ. (سَمْكَها): بناءَها. (الحُبُكُ): استواؤُها وحسنُها. (وأذِنَتْ): سمِعَتْ وأطاعَتْ. (وألقَتْ): أخْرَجَتْ ما فيها من الموتى. (وتَخَلَّتْ): عنهم. (طَحَاهَا): دحاها (3). (السَّاهِرةُ): وجهُ الأرضِ كان فيها الحيوانُ؛ نومُهُم وَسَهَرُهُم. 1385 - عن سعيدِ بنِ زيدِ بنِ عمرِو بنِ نُفيْلٍ أنَّه خاصَمَتْهُ أَرْوَى في حَقٍّ زَعَمَتْ أنَّه انْتَقَصَهُ لها إلى مروانَ، فقالَ سعيدٌ: أنا أنْتَقِصُ مِن حَقِّها شيئاً؟! أشْهَدُ لَسَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَن أَخَذَ شبراً مِن الأرْضِ ظُلماً؛ فإنَّه يُطَوَّقُهُ يومَ القيامَةِ مِن سَبْعِ أرضينَ". 505 - وفي رواية معلقة عنه: دخلتُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 3 - بابٌ في النُّجومِ 665 - وقالَ قتادةُ: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}: خَلَقَ هذه النجومَ لثلاثٍ: جَعَلَها زينةً للسماءِ، ورُجوماً للشياطينِ، وعلاماتٍ يُهْتَدى بها، فمَنْ تأوَّلَ بغيرِ ذلك أَخْطَأَ، وأضاعَ نصيبَهُ، وتَكَلَّفَ ما لا علمَ لهُ به. 666 - وقالَ ابنُ عباسٍ: (هَشِيْماً): متغيِّراً.

_ (3) أي: بسطها. 505 - هي معلقة، ولم يخرجها الحافظ. 665 - وصله عبد بنُ حميد. 666 - لم يجده الحافظ موصولاً عنه.

4 - باب صفة الشمس والقمر

667 - و (الأبُّ): ما يأكُلُ الأنعامُ. 668 - و (الأنامُ): الخَلْقُ. 669 - (بَرْزخٌ): حاجِبٌ. 670 - وقالَ مجاهدٌ: (ألفافاً): مُلْتَفَّةً. و (الغُلْبُ): المُلْتَفَّةُ. 671 - (فِراشاً): مِهاداً؛ كقولهِ: {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ}. 672 - (نكِداً): قليلاً. 4 - بابُ صِفَةِ الشمسِ والقَمَرِ (بحُسْبانٍ): 673 - قالَ مجاهد: كحُسبانِ الرَّحى (4). 674 - وقالَ غيرُه: بحِسابٍ ومنازِلَ لا يَعْدُوانِها. (حُسْبانٌ): جماعةُ الحسابِ، مثلُ: شِهابٍ وشُهبانٍ. (ضُحاها): ضَوْؤُها.

_ 667 - هو تفسير ابن عباس أيضاً، وصله ابن أبي حاتم. 668 - وصله ابن أبي حاتم أيضاً من طريق أخرى عن ابن عباس أيضاً، وفيه انقطاع. 669 - وصله ابنُ أبي حاتم من الوجه السابق عنه أيضاً. 670 - وصله عبدُ بنُ حميد عنه، وابن أبي حاتم عن ابن عباسٍ نحوه. 671 - هو قولُ قتادة والربيع بن أنس وصله الطبري عنهما. 672،- أخرجه ابن أبي حاتم عن السدي. 673 - وصله الفريابي في "تفسيره" عنه. (4) أي: يجريان على حساب الحركة الرحوية الدورية، وعلى وضعهما. 674 - قيل: هو ابنُ عباسٍ، وقد وصله الحربي والطبري عنه نحوه بإسناد صحيح.

(أن تُدْرِكَ القمر): لا يَسْتُرُ ضوءُ أحَدِهِما ضوءَ الآخر، ولا ينبغي لهُما ذلك. (سابِقُ النهار): يتطالَبانِ حَثِيْثَان. (نَسْلَخُ): نُخْرِجُ أحدَهما من الآخرِ، ونُجْرِي كلَّ واحدٍ منهما. (واهيةٌ): وَهْيُها: تَشَقُّقُها. (أرْجائِها): ما لم يَنْشَقَّ منها، فهي على حافَتَيْهِ، كقولك: على أرجاءِ البئرِ. (أغطَشَ) و (جَنَّ): أظلَمَ. 675 - وقالَ الحَسَنُ: (كُوِّرَتْ): تُكَوَّرُ حتى يذهَبَ ضوْؤُها. (والليلِ وما وَسَقَ): جَمَعَ مِن دابَّةٍ. (اتَّسَقَ): استوى. (بُروجاً): منازِلَ الشمسِ والقمرِ. (الحَرورُ): بالنهارِ مع الشمسِ. 676 - وقالَ ابنُ عباسٍ: (الحرورُ): بالليلِ، و (السَّمومُ): بالنهارِ. يُقالُ: (يُولجُ): يُكَوِّرُ. (وليجَةً): كلُّ شيءٍ أدخَلْتَهُ في شيء. 1386 - عن أبي ذرٍّ رضيَ اللهُ عنه قالَ: [كنتُ مع 5/ 30] النبي - صلى الله عليه وسلم -[في المسجدِ] حينَ غَرَبتِ الشمسُ، [فقال: "يا أبا ذرٍّ!] [هل 8/ 176] تدري أين تذهَبُ [هذهِ]؟ ". قلتُ: اللهُ ورسولُهُ أعلَمُ. قالَ: "فإنَّها تذهَبُ حتى تَسْجُدَ تحتَ العرشِ، فتستأذِنَ [في السجودِ]، فيؤذَنُ لها، ويُوشِكُ أنْ تَسْجُدَ فلا يُقْبَلُ منها، وتستأذِنَ فلا يُؤذَنُ لها؛ يقالُ لها: ارْجِعي مِن حيثُ جئتِ، فتطْلُعُ مِن مَغْرِبِها، فذلك قولُهُ تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ

_ 675 - وصله ابن أبي حاتم عنه. قال الحافظُ: "وكأن هذا كان يقوله قبل أن يسمعَ حديث أبي هريرة الآتي في الباب، وإلا فمعنى التكوير: اللف". 676 - لم يجده الحافظ.

5 - باب ما جاء في قوله تعالى: {وهو الذي يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته}

لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} ". (وفي روايةٍ: ثم قرأ: {ذلك مُسْتَقَرٌّ لَهَا} " في قراءة عبدِ اللهِ). (وفي رواية عنه قالَ: سألتُ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - عن قولهِ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا}؛ قال: "مستقرَّها تحت العَرْشِ"). 1387 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الشمسُ والقمرُ مُكَوَّرانِ يومَ القيامَةِ". 5 - بابُ ما جاءَ في قولهِ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ نُشُرًا (5) بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} (قاصِفاً): تقصِفُ كلَّ شيءٍ. (لواقِحَ): مَلاقِحَ مُلْقِحَةٌ. (إعصارٌ): ريحٌ عاصِفٌ تهُبُّ مِن الأرضِ إلى السماءِ كعمودٍ فيه نارٌ. (صِرٌّ): بردٌ. (نُشُراً): متفرِّقةً. 6 - بابُ ذِكرِ الملائكَةِ صلواتُ اللهِ عليهِم 506 - وقالَ أنسٌ: قالَ عبدُ اللهِ بنُ سَلامٍ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ جبريلَ عليه السلامُ عدوُّ اليهودِ مِن الملائكةِ.

_ (5) قوله؛ {نُشُراً}؛ بضم الشين: جمع ناشر على النسب؛ أي: ذات نشر من الطي؛ كـ (لابن) و (تامر)؛ كما في "تفسير البحر" (4/ 316)، والقراءة عندنا: {بُشْراً}. 506 - هذا طرف من حديث وصله المصنف فيما يأتي من "ج 2/ 63 - مناقب الأنصار/ 43 - باب".

7 - باب

677 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}: الملائكة. 1388 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في البيتِ المعمورِ (*). 1389 - عن البراءِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لحَسانَ: "اهْجُهُم - أو هاجِهِمْ - وجبريلُ معكَ". 507 و 508 - وروى أبو هريرةَ وفاطمةُ رضيَ اللهُ عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ جِبريلَ كانَ يعارِضُهُ القرآنَ. 7 - بابٌ 509 - " إذا قالَ أحدُكُم: آمينَ، والملائكةُ في السماء: آمينَ، فوافَقَتْ إحداهما الأخرى؛ غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبهِ". 1390 - عن بُسْرِ بنِ سعيدٍ أنَّ زيدَ بنَ خالدٍ الجهَنيَّ رضيَ الله عنه حدَّثَهُ، ومع بُسْرِ بنِ سعيدٍ عُبيدُ اللهِ الخَوْلانيُّ الذي كان في حَجْرِ ميمونةَ رضيَ الله عنها

_ 677 - وصله عبد الرزاق عنه. (*) هذا أورده عقب حديث أنس في الإسراء الآتي بتمامه في "ج 2/ 63 - مناقب الأنصار/ 40 - باب" ليُبيِّن أن من أدرج قصة البيت المعمور في حديث أنس فقد وهم، وإنما هو من حديث أبي هريرة، وهو الصوابُ؛ كما قالَ الحافظ، ورجح أن حديث ابن هريرة موصولٌ؛ خلافاً لمن زَعَمَ أنه معلق، ثم خرجه من رواية جمع عنه بلفظ: أنَّه رأى البيتَ المعمور يدخُلُهُ كلَّ يومٍ سبعون ألف ملك، ولا يعودون فيه. 507 و 508 - أما حديث أبي هريرة فوصله المصنف فيما يأتي "ج 3/ 66 - فضائل القرآن. / 7 - باب"، وأما حديث فاطمة فيأتي موصولاً أيضاً في "ج 4/ 78 - الأدب/ 43 - باب". 509 - قلتُ: هذه الترجمة حديث مرفوع مضى موصولاً "ج 1/ 10 - كتاب الأذان/ 110 - باب/ رقم الحديث 405"، وانظر "الفتح".

زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ حَدَّثَهُما زيدُ بنُ خالدٍ أنَّ أبا طلحةَ [صاحبَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وكان قد شهِدَ بدراً مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -5/ 15]- حَدَّثَهُ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تَدْخُلُ الملائكةُ بيتاً فيه [كلبٌ ولا] صورةٌ". [يريدُ: التماثيلَ التي فيها الأرواح]. قالَ بُسْرٌ: فمَرِضَ زيدُ بنُ خالدٍ، فعُدْناهُ، فإذا نحنُ في بيتِهِ بسِتْرٍ فيه تصاويرُ، فقلتُ لعبيدِ اللهِ الخولانيِّ: ألم يُحَدِّثْنا [زيدٌ] في التصاويرِ [يومَ الأولِ؟]، فقالَ [عُبيدُ اللهِ]: إنَّه قالَ: "إلا رَقْمٌ في ثوبٍ"، ألا سَمِعْتَهُ؟ قلتُ: لا. قالَ: بلى؛ قد ذَكَرَهُ (*). 1391 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّها قالت للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من يومِ أُحُدٍ؟ قالَ:

_ (*) أقول: من الظاهر أن الخولاني رحمه الله فهم من الاستثناء: "إلا رقمٌ في ثوب" أن (الرقم) الصورة ذات الروح، ولا دليل على ذلك، لأننا لم نجد في اللغة أن الصورة من معاني (الرقم)، ولئن سلمنا بصحة فهمه، فالحديث حينئذ مخالف للأحاديث الصحيحة الصريحة في تحريم ذلك؛ كحديث عائشة في النمرقة- وهي الوسادة- وحديثها في القرام- وهو الستارة- وسيأتيان في الكتاب، وحديثها أيضاً في امتناع دخول جبريل عليه السلام البيت الذي فيه ستر فيه صور، ورواه آخرون منهم ميمونة وأبو هريرة؛ كما تراه مخرجاً في "آداب الزفاف" (ص 196 - 198 - طبع المكتبة الإسلامية/ عمان). وإذا كان كذلك؛ فلا بد من التوفيق، وهو ما قاله النووي: أن المراد باستثناء الرقم في الثوب ما كانت الصورة فيه من غير ذوات الأرواح؛ كصورة الشجرة ونحوها. قال الحافظ (10/ 391) عقبه: "ويحتمل أن يكون ذلك قبل النهي؛ كما يدل عليه حديث أبي هريرة ... "؛ يعني: الذي أشرف إليه آنفاً. وهذا الحمل لا بد منه، لقاعدة: "الحاظر مقدم على المبيح"، فتنبه.

"لقد لَقِيتُ من قومِكِ ما لَقِيتُ، وكانَ أشدُّ ما لقيتُ منهُم يومَ العقبةِ؛ إذ عرضْتُ نفسي على ابنِ عبدِ يالِيلَ بنِ عبدِ كُلالٍ؛ فلم يُجِبْني إلى ما أردتُ، فانطلَقْتُ وأنا مهمومٌ على وجهي، فلم أسْتَفِقْ إلا وأنا بقَرْنِ الثَّعالِبِ (6)، فرفَعْتُ رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتْني، فنظرتُ، فإذا فيها جبريلُ، فناداني فقال: إنَّ اللهَ قد سَمعَ قولَ قومِكَ لكَ، وما رَدُّوا عليكَ، وقد بَعَثَ إليكَ مَلَكَ الجبالِ لِتَأْمُرَهُ بما شئتَ فيهم، فناداني مَلَكُ الجبالِ، فسلَّمَ عليَّ، ثم قالَ: يا محمدُ! فقالَ: ذلك فيما شِئتَ، إنْ شثتَ أنْ أُطْبِقَ عليهِم الأخْشَبَيْنِ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: بل أرجو أن يُخْرِجَ اللهُ مِن أصْلابِهِم مَن يعبُدُ اللهَ وحدَهُ لا يُشْرِكُ بهِ شيئاً". 1392 - عن أبي إسحاقَ الشيبانيِّ قالَ: سألتُ زِرَّ بنَ حُبَيْشٍ عن قولِ اللهِ تعالى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى. فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}؟ قالَ: حدثنا ابنُ مسعوِدٍ أنَّه رأى جبريلَ لهُ سِتُّمِائَةِ جَناحٍ. 1393 - عن عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنه: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}: قالَ: رأى رَفرَفاً أخضرَ سدَّ أُفُقَ السماءِ. 1394 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعا الرجلُ امرأتَهُ إلى فراشِهِ، فأبَتْ [أنْ تَجِيءَ 6/ 150]، فباتَ غضبانَ عليها (وفي طريق: إذا باتَتِ المرأةُ مهاجرةً فراشَ زوجِها)؛ لَعَنَتْها الملائِكَةُ حتى تُصْبِحَ". 1395 - عن ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (6) هو قرن المنازل: ميقات أهل نجد تلقاء أهل مكة على يوم وليلة أو واحد، خمسين ميلاً. ياقوت.

8 - باب ماجاء في صفة الجنة، وأنها مخلوقة

"رأيتُ ليلةَ أُسْرِيَ بي موسى رجُلاً آدَمَ (7) طُوَالاً، جَعْداً، كأنه من رجالِ شَنُوءَةَ، ورأيتُ عيسى رجلاً مَرْبُوعاً، مَرْبُوعَ الخَلْقِ، إلى الحُمْرَةِ والبياضِ، سَبْطَ الرأسِ، ورأيتُ مالِكاً خازِنَ النارِ، والدجالَ"؛ في آياتٍ أراهُنَّ اللهُ إيَّاهُ، {فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ}. 510 و 511 - قالَ أنسٌ وأبو بَكرةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " تَحْرُسُ الملائِكَةُ المدينَةَ من الدَّجَّالِ". 8 - بابُ ماجاءَ في صفةِ الجنةِ، وأنها مخلوقةٌ 678 - قالَ أبو العالية: (مُطَهَّرةٌ): من الحيضِ والبوْلِ والبُزاقِ. (كُلَّما رُزِقوا): أُتوا بشيءٍ ثم أُتوا بآخَرَ. (قالوا هذا الذي رُزِقنا مِن قبلُ): أُتِينا مِن قبلُ. (وأتوا بهِ متشابهاً): يُشْبِهُ بعضُهُ بعضاً، ويختَلِفُ في الطُّعومِ. (قُطوفُها): يَقْطِفونَ كيف شاؤوا. (دانيةٌ): قريبةٌ. (الأرائك): السُّرُرُ. 679 - وقال الحَسَنُ: (النَّضْرَةُ): في الوجوهِ، و (السرورُ): في القلبِ. 680 - وقالَ مجاهدٌ: (سلْسَبيلاً): حَديدةُ الجِرْيَةِ. (غَوْلٌ): وَجَعُ البَطْنِ. (يُنْزَفونَ): لا تَذْهَبُ عقولُهُم. 681 - وقالَ ابنُ عباسٍ: (دِهاقاً): مُمْتَلِئاً. (كَواعِبَ): نواهِدَ. (الرَّحيقُ): الخَمْرُ.

_ (7) الآدَمُ من الناسِ: الأسمرُ. 510 و 511 - وصلهما في "ج 1/ 29 - فضل المدينة/ 9 - باب". 678 - وصله ابن أبي حاتم عنه مفرقاً. 679 - وصله عبد بن حميد من طريق مبارك بن فضالة عنه. 680 - وصله سعيدُ بنُ منصور وعبد بن حميد عنه. 681 - وصله عبدُ بنُ حميد عنه.

(التَّسنيمُ): يعلو شرابَ أهلِ الجنَّةِ (8). (خِتامُهُ): طِينُهُ مِسْكٌ (9). (نَضَّاخَتانِ): فياضَتانِ (*). يقالُ: (مَوْضونَةٌ): منسوجةٌ؛ منه وَضِينُ الناقةِ (10). و (الكُوبُ): ما لا أُذُنَ له ولا عُروةَ. و (الأباريقُ): ذواتُ الآذانِ والعُرا. (عُرُباً): مُثَقَّلَةً (11)، واحِدُها عَرُوبٌ، مثلُ: صَبورٍ وصُبُرٍ، يُسَمِّيها أهل مكهً: العَرِبَةَ، وأهلُ المدينةِ: الغَنِجَةَ، وأهلُ العراقِ: الشَّكِلَةَ. 682 - وقالَ مجاهدٌ: (رَوْحٌ): جنةٌ ورَخاةٌ. و (الريحانُ): الرِّزْقُ. و (المَنْضُودُ): المَوْزُ. و (المَخْضُودُ): هو المُوقَرُ حَمْلاً، ويقالُ أيضاً: لا شَوْكَ له. و (العُرُبُ): المحَبَّباتُ إلى أزواجِهِنَّ. ويقالُ: (مَسْكوبٌ): جارٍ. و (فُرُشٍ مرفوعةٍ): بعضُها فوق بعضٍ. (لَغْواً): باطِلاً. (تأثيماً): كَذِباً. (أفنانٌ): أغصانٌ. و (جنى الجنَّتَيْنِ دانٍ): ما يُجْتَنى قريبٌ. (مُدْهامَّتانِ): سوداوانِ من الرِّيِّ. 1396 - عن عِمرانَ بنِ حصَيْنٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "اطَّلَعْتُ في الجنَّةِ، فرأيتُ أكثرَ أهلِها الفقراءَ، واطَّلَعْتُ في النارِ، فرأيتُ أكثر أهلِها النساءَ". [512 - وقالَ صخرٌ وحمادُ بنُ نَجيحٍ عن أبي رجاءٍ عن ابنِ عباسٍ] ..

_ (8) أي: شيء يعلو شرابهم، وهو- كما جاء في رواية- صرفٌ للمقربين، ويمزج لأصحاب اليمين. (9) والمراد ما يبقى آخر الإناء من الدردري مثلاً. (*) إلى هنا أثر ابن عباس، وما بعده لغيره؛ كما بينه الحافظ في "التغليق" (3/ 502). (10) هو كالحزام للسرج. (11) أي: مضمومة الراء. 682 - وصله الفريابي والبيهقي في "الشعب" وغيرهما بسند صحيح عنه. 512 - وصله النسائي وابن منده في "كتاب التوحيد" عنهما به، وأحمد (1/ 234) من طريق أخرى عن حماد بن نجيح وحده، وتابعه أيوب عن أبي رجاء العطاردي به. أخرجه أحمد (1 =

1397 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أوَّلُ زُمْرَةٍ تدخُلُ الجنةَ [صُورتُهم] على صورةِ القمرِ ليلةَ البدرِ، والذينَ على إثرِهِم كأشَدِّ كوكَبٍ [دُرِّيٍّ في السماءِ 4/ 102] إضاءَةً، قلوبُهُم على قلبِ رجُلٍ واحدٍ، [على صورةِ أبيهم آدمَ ستونَ ذراعاً في السماءِ]، لا اختِلافَ بينَهُم ولا تَباغُضَ، [ولا تَحاسُدَ]، لكُلِّ امرئٍ منهم زوجَتانِ [من الحورِ العينِ]، كُلُّ واحدةٍ منهما يُرَى مُخُّ ساقِها مِن وراءِ لحمِها (وفي روايةٍ: من وراءِ العظمِ واللحمِ)؛ مِن الحُسْنِ، يُسَبِّحونَ اللهَ بُكْرَةً وعشياً، لا يسْقَمونَ (وفي طريق: لا يَبُولُونَ 4/ 102)، ولا يَمْتَخِطُونَ، [ولاً يَتَغَوَّطُونَ]، ولا يَبْصُقونَ، آنيَتُهُم الذهبُ والفِضَّةُ، وأمشاطُهُم الذهبُ [والفضةُ]، وَقُودُ مَجامِرِهِم الأَلُوَّةُ-: [الأَنْجُوجُ: عُودُ الطِّيبِ]- ورَشْحُهُمُ المِسْكُ". 683 - وقالَ مجاهدٌ: (الإبْكارُ): أولُ الفجرِ. و (العَشِيُّ): مَيْلُ الشمس أنْ- أراه (12) - تَغْرُبَ. 1398 - عن سهلِ بنِ سعدٍ الساعديِّ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَوْضِعُ سَوْطٍ في الجنةِ خيرٌ من الدنيا وما فيها". 1399 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ =/ 359)، فيتلخص أن لأبي رجاء في هذا الحديث راويين من الصحابة: عمران بن حصين وعبد الله ابن عباس، وقد صححهما الترمذي وغيره. انظر: "الفتح" إن شئت. 683 - وصله عبد بنُ حميد والطبري عنه. (12) الأصل: "تراه"، والتصحيح من "الفتح".

9 - باب صفة أبواب الجنة

"إنَّ في الجنةِ لشجرةً يسيرُ الراكِبُ في ظِلِّها مائة عامٍ لا يقطعُها". 1400 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّ أهلَ الجنةِ يَتَراءَيُونَ أهلَ الغُرَفِ من فوقهِم، كما يتراءَيُونَ الكوكَبَ الدُّرِّيَّ الغابِرَ في الأفُقِ من المَشْرِقِ أو المَغْرِبِ، لِتَفْاضُلِ ما بينَهُم"، قالوا: يا رسولَ اللهِ! تلك منازِلُ الأنبياءِ لا يَبْلُغُها غيرُهم؛ قال: "بلى؛ والذي نفسي بيده؛ رجالٌ آمَنوا باللهِ وصَدَّقُوا المُرْسَلِيْنَ". 9 - بابُ صفةِ أبوابِ الجنةِ 513 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أنْفَقَ زوجَيْنِ؛ دُعِيَ مِن بابِ الجنةِ". 514 - فيه عُبادَةُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسندَ فيه طرفاً من حديث سهل المتقدم "ج1/ 30 - الصوم/4 - باب/ رقم الحديث 884"). 10 - بابُ صفةِ النارِ وأنَّها مخلوقةٌ (غَسَاقاً) (13)؛ يقالُ: غَسَقَتْ عينُهُ ويَغْسِقُ الجُرْحُ، وكأنَّ الغَسَاقَ والغَسَقَ واحدٌ. (غِسْلينٌ): كلُّ شيءٍ غَسَلْتَهُ فخَرَجَ منهُ شيءٌ فهوغِسْلينٌ؛ فِعْلينٌ من الغَسْلِ

_ 513 - وصله المصنف في حديث تقدم "ج1/ 30 - الصوم/ 4 - باب"، لكن بلفظ: "أبواب الجنة". 514 - كأنه يشيرُ إلى حديثه الآتي في "ج2/ 60 - الأنبياء/ 45 - باب". (13) كذا بالتخفيف في الموضعين، وفي التنزيل: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَساقٌ}؛ قُرئ بالتخفيف والتشديد، ومثله في {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}، والقراءة عندنا بالتشديد في السورتين.

من الجرْحِ والدَّبَرِ. 684 - وقالَ عِكْرَمَةُ: (حَصَبُ جهنم): حَطَبُ بالحبَشيَّةِ. وقالَ غيرُه: (حاصِباً): الريحُ العاصِفُ، و (الحاصِبُ): ما تَرْمي به الريحُ، ومنه (حَصَبُ جهنَّمَ): يُرمى به في جهنم، هم حَصَبُها. ويقالُ: (حَصَبَ في الأرضِ): ذَهَبَ. و (الحَصَبُ): مشتقٌّ من الحَصباءِ. (صَديدٌ): قَيْحٌ ودَمٌ. (خَبَتْ): طَفِئَتْ. (تُورُونَ): تَسْتَخرجونَ. (أوْرَيْتُ): أوقَدْتُ. (للمُقْوِينَ): للمسافرينَ (14). و (القِيُّ): القَفْرُ. 685 - وقالَ ابنُ عباسٍ: (صِراطِ الجحيمِ): سواءُ الجحيمِ، ووَسَطُ الجَحيمِ. (لَشَوْباً مِن حميمٍ): يُخْلَطُ طعامُهُم ويُساطُ بالحميمِ. (زفيرٌ وشهيقٌ): صوتٌ شديدٌ وصوتٌ ضعيفٌ. (وِرْداً): عِطَاشاً. (غَيًّا): خُسْراناً. 686 - وقالَ مجاهدٌ: (يُسْجَرونَ): توقَدُ بهم النارُ. (ونُحاسٌ): الصُّفْرُ يُصَبُّ على رؤوسهِم [يُعَذَّبونَ به 6/ 55]. يُقالُ: (ذوقوا): باشِروا وجَرِّبوا، وليس هذا من ذوقِ الفمِ. (مارِجٍ): خالِصٍ مِن النارِ. (مَرَجَ الأميرُ رعِيَّتَهُ): إذا خلاَّهُم يَعْدُو بعضُهُم على بعضٍ. (مَرِيْجٍ): مُلْتَبِسٍ. (مَرِجَ أمرُ الناس): اختلَطَ. (مَرَجَ البحرينِ)؛ مَرَجْتَ دابَّتَكَ: تركْتَها.

_ 684 - وصله ابن أبي حاتم عنه. (14) فأقوى معناه: صار فيه. فالمُقْوي: المسافر. وهذا الأثر لم يخرجه الحافظ هنا ولا في "التغليق". 685 - وصله الطبري من طرق عنه. 686 - وصله عبد بن حميد عنه.

1401 - عن أبي جَمْرَةَ الضُّبَعي قالَ: كنتُ أُجالِسُ ابنَ عباسٍ بمكة، فأخذَتْني الحُمَّى، فقالَ: ابْرُدْها عنكَ بماءِ زمزَمَ، فإنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الحُمَّى مِن فَيْحِ جَهَنَّمَ، فابْرُدها بالماءِ. أو قالَ: بماءِ زمزَم". شَكَّ همَّامٌ (*). 1402 - عن رافعِ بنِ خَديجٍ قالَ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: " الحُمَّى مِن فَورِ (وفي روايةٍ: فوحِ 7/ 20) جَهَنَّم، فابْرُدُوها عنكُم بالماءِ". 1403 - عن عائشة رضيَ اللهُ عنها عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الحُمَّى مِن فَيْحِ جَهَنَّمَ، فابْرُدوها بالماءِ". 1404 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -قالَ: "نارُكُم جُزْءٌ مِن سبعينَ جُزءاً من نارِ جهنَّمَ". قيل: يا رسولَ اللهِ! إنْ كانت لَكافيةً (15)! قال: "فُضِّلَتْ عليهِنَّ بتسْعَةٍ وستينَ جزءاً، كُلُّهُنَّ مثلُ حَرِّها". 1405 - عن أبي وائلٍ قالَ: قيلَ لأسامةَ: لو أتيتَ فلاناً (16) فكَلَّمْتَهُ، قالَ: إنَّكُم لَتَرَونَ أنِّي لا أُكَلِّمُهُ إلا أُسْمِعُكُم، إنِّي أُكَلِّمُه في السِّرِّ دونَ أنْ أفْتَحَ باباً لا أكونُ

_ (*) كذا في رواية المصنف، وفي رواية أحمد (1/ 191) وغيره من طريق عفان عن همام: "فأبردوها بماء زمزم" بدون شك، لكن في أحاديث أخرى تأتي هنا وفي "ج 3/ 76 - الطب/ 28 - باب": "بالماء" مطلقاً، فهذا أعم، وماء زمزم جزء منه، وراجع لها "الفتح- الطب". (15) يعني: أنَّ هذه النار لكافية في إحراق الكفار وتعذيب الفجار، فما الحاجة إلى نارٍ أشد حراً من هذه النار؟ (16) يعني: عثمان أمير المؤمنين؛ كما صرحت به رواية مسلم (8/ 224).

11 - باب صفة إبليس وجنوده

أوَّلَ مَن فتَحَهُ، ولا أقولُ لرجلٍ أنْ كانَ عليَّ أميراً: إنَّهُ خيرُ الناسِ؛ بعد شيءٍ سمِعْتُهُ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. قالوا: وما سَمِعْتَهُ يقولُ؟ قال: سمعْتُهُ يقولُ: "يُجاءُ بالرَّجُلِ يومَ القيامةِ، فيُلْقى في النارِ، فتَنْدَلِقُ أقْتابُهُ في النار (17)، فيدورُ كما يدورُ الحمارُ (وفي روايةٍ: فَيَطْحَنُ فيها كَطَحْنِ الحمارِ 8/ 97) برحاهُ، فيجتمع أهلُ النارِ عليهِ (وفي روايةٍ: فَيُطِيفُ به أهلُ النار)، فيقولونَ: أَيْ فلانُ! ما شأنُكَ؟ أليسَ كنتَ تأمُرُ بالمعروفِ، وتَنْهى عن المنكرِ؟! قالَ: [إني] كنتُ آمُرُكُم بالمعروفِ ولا آتيهِ، وأنهاكُم عن المنكَرِ وآتيهِ". 11 - بابُ صفةِ إبليسَ وجُنودِهِ 687 - وقالَ مجاهدٌ: (يُقْذَفونَ): يُرْمَوْنَ. (دُحوراً): مَطْرُودِينَ. (واصِبٌ): دائمٌ. 688 - وقالَ ابنُ عباسٍ: (مَدْحُوراً): مطروداً. يُقالُ: مَرِيداً: مُتَمَرِّداً. (بَتَّكَهُ): قَطَّعَهُ. (واسْتَفْزِزْ): استَخِفَّ. (بخيلِكَ): الفُرْسانُ (18). و (الرَّجْلُ): الرَّجَّالَةُ، واحِدُها راجِلٌ؛ مثلُ: صاحِبٍ وصَحْبٍ، وتاجِرٍ وتَجْرٍ. (لأحْتَنِكَنَّ): لأَسْتَأْصِلَنَّ. (قَرِينٌ): شيطانٌ. 1406 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (17) (الأقتاب): الأمعاء. و (الاندلاق): الخروج بسرعة. 687 - وصله عبد بن حميد عنه. 688 - وصله الطبري بسند منقطع عنه. (18) يعني: أن المراد بالخيل في قوله عز اسمه: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ}: الفرسان، وبالرجِل: الرجالة؛ أي: بفرسانك ورجالتك؛ إلا أن القراءة عندنا: {ورَجِلِكَ} بكسر الجيم؛ قيل: وهو مفرد بمعنى الجمع، فهو بمعنى المشاة.

"يأتي الشيطانُ أحدَكُم، فيقولُ: مَن خَلَقَ كذا؟ مَن خَلَقَ كذا؟ حتى يقولَ: مَن خَلَقَ ربَّكَ؟! فإذا بَلَغَهُ؛ فليَسْتَعِذْ باللهِ ولْيَنْتَهِ". 1407 - عن جابرٍ رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا اسْتَجْنَحَ الليلُ (19) - أو كانَ جُنْحُ الليلِ- فكُفُّوا صِبيانَكُم؛ فإنَّ الشياطينَ تنتشرُ (وفي روايةٍ: فإنَّ للجنِّ انتشاراً وخَطْفةً) حينئذٍ، فإذا ذَهَبَ ساعةٌ من العِشَاءِ؛ فحُلُّوهُم، وأغلِقْ بابَكَ (وفي روايةٍ: وأَجِيفُوا الأبوابَ 4/ 99)، واذكُرِ اسمَ اللهِ، وأَطْفِىءْ مِصْبَاحَكَ (وفي روايةٍ: أَطْفِئُوا المصابيحَ بالليلِ إذا رَقَدْتُم 7/ 143)، [فإن الفُوَيْسِقَةَ ربما جرَّتِ الفَتيلةَ، فأَحْرَقَتْ أهلَ البيتِ 7/ 143]، واذكُرِ اسمَ اللهِ، وأَوْكِ سِقاءَكَ، واذْكُرِ اسمَ اللهِ، [فإنَّ الشيطانَ لا يفتحُ باباً مغلقاً 4/ 98]، وخَمِّرْ إناءَكَ، واذكُرِ اسمَ اللهِ، ولو تَعْرُضُ عليه شيئاً". 1408 - عن سليمانَ بنِ صُرَدٍ قالَ: كُنْتُ جالساً مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ورَجُلانِ يَسْتبَّانِ، فأحَدُهما (وفي روايةٍ: وأحدُهما يَسُبُّ صاحِبَهُ مُغْضَباً 7/ 99) احمَرَّ وجهُهُ، وانْتَفَخَتْ أوداجُهُ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لأعلَمُ كَلِمَةً لو قالَها؛ [لـ] ذَهَبَ عنهُ ما يَجِدُ، لو قالَ: أعوذُ باللهِ مِن الشيطانِ [الرجيمِ]؛ ذهَبَ عنه ما يَجِدُ". فقالوا له: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ (وفي روايةٍ: فانطلَقَ إليه الرجلُ، فأخبَرَهُ بقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقالَ 7/ 84): تعوَّذْ باللهِ من الشيطانِ، فقالَ: [أتُرَى بي بأسٌ]، وهل بي جُنونٌ؟! [اذهبْ]. 1409 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (19) أي: أقبل ظلامه. و (جنح الليل): طائفة منه.

12 - باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم؛

"إذا استَيْقَظَ - أُراهُ (20) - أحدُكُم مِن منامِهِ، فتوضَّأَ؛ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثلاثاً، فإنَّ الشيطانَ يَبِيتُ على خَيْشومِهِ". 12 - بابُ ذِكْر الجِنِّ وثوابِهِم وعِقَابِهِم؛ لقولهِ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي} إلى قوله: {عمَّا يَعْمَلونَ} (بَخْساً): نقصاً. 689 - قالَ مجاهدٌ: {وجَعَلوا بينَهُ وبينَ الجِنَّةِ نَسباً}؛ قالَ كفارُ قريشٍ: الملائكةُ بناتُ اللهِ، وأمهاتُهُم بناتُ سَرَواتِ (21) الجِنِّ، قالَ اللهُ: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}؛ سَتُحْضَرُ للحسابِ. (جُنْدٌ مُحْضَرونَ): عند الحساب. (قلت: وأسندَ فيه حديث أبي سعيد الخدري في "ج 1/ 10 - الأذان/ 5 - باب/ رقم الحديث 323"). 13 - بابُ قولهِ عزَ وجَل: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ} إلى قولهِ: {أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (مَصْرِفاً): مَعْدِلًا. (صَرفنا)؛ أيْ: وَجَّهْنا. (قلت: لم يذكر المصنف في هذا الباب حديثاً). 14 - بابُ قولهِ تعالى: {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}

_ (25) أي: أظنه. 689 - وصله الفريابي عنه. (21) سروات الجن: ساداتهم.

690 - قال ابنُ عباسٍ: (الثُّعبانُ): الحَيَّةُ الذَّكَرُ منها. يُقالُ: الحَيَّاتُ أجناسٌ: الجانُّ، والأفاعي، والأساوِدُ. (آخِذٌ بناصِيَتِها): في مُلْكِهِ وسلطانِهِ. يُقالُ: (صافَّاتٍ): بُسُطٌ (22) أجنِحَتَهُنَّ. (يَقْبِضْنَ): يَضْرِبْنَ بأجْنِحَتِهِنَّ. 1410 - عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّهُ سَمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ على المنبرِ يقولُ: "اقْتُلوا الحَيَّاتِ، واقْتُلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ (23)، والأبْتَرَ، فإنَّهما يَطْمِسَانِ (24) البصرَ، ويَسْتَسْقِطانِ الحَبَلَ". قال عبدُ اللهِ: فبَيْنا أنا أطارِدُ حيةً لأقتُلَها؛ فناداني أبو لُبابَةَ: لا تَقْتُلها. فقلتُ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قد أمَرَ بقتلِ الحياتِ. قالَ: إنَه نهى بعد ذلك عن ذواتِ البيوتِ، وهي العوامِرُ (وفي طريق ثانية: جِنَّانِ (25) البيوتِ، فأمسِك عنها 4/ 99). (وفي طريق عنه: أنه كانَ يقتُلُ الحياتِ، ثم نهى؛ قالَ: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - هَدَمَ حائِطاً له، فوجَدَ فيه سِلْخَ حيةٍ، فقالَ: "انظُروا أينَ هو؟ "، فنظروا، فقالَ:

_ 690 - وصله ابن أبي حاتم عنه. (22) كذا وقع هنا، وسيأتي في "ج 3/ 65 - التفسير/ 67 - سورة الملك" من قول مجاهد: "بَسْطُ". (23) (ذو الطفية من الحية): ما على ظهره خطان أسودان. وطغى قلم الشارح، فعدل عن السواد إلى البياض. و (الأبتر): الذي لا ذنب له. والمراد بـ (الحَبَلِ): الجنين. (24) (طمس البصر): محو نوره. (25) بكسر الجيم وتشديد النون: جمع جانّ: وهو الحية البيضاء.

15 - باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال

"اقتلوه"، فكنتُ أقتُلُها لذلك، فلقيتُ أبا لُبابةَ، فأخبرني أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تَقْتُلوا الجِنَّانَ؛ إلا كُلَّ أبتَرَ ذي طُفْيَتَيْنِ؛ فإنه يُسْقِطُ الولدَ، ويُذْهِبُ البصرَ، فاقتُلوهُ"). 15 - بابٌ خيرُ مالِ المسلمِ غنمٌ يَتْبَعُ بها شَعَفَ الجبالِ 1411 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "رأسُ الكُفْرِ نحوَ المشرقِ، والفخرُ والخُيَلاءُ في أهلِ الخَيْلِ، والإِبلِ، والفَدَّادينَ أهلِ الوبَرِ، والسكينةُ في أهلِ الغنمِ، [والإِيمانُ يمانٍ، والحكمةُ يمانيةٌ 4/ 154] ". 1412 - عن عُقْبَةَ بنِ عمرٍو: أبي مسعودٍ قالَ: أشارَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بيدِهِ نحو اليمنِ، فقالَ: "الِإيمانُ يمانٍ، [من 4/ 154] ها هنا [جاءتِ الفِتَنُ- نحوَ المشرقِ] [مرتين 6/ 178]- ألا إنَّ القَسْوةَ [والجَفاءَ] وغِلَظَ القلوبِ في الفَدَّادين (26) [أهلِ الوبرِ]، عند أصولِ أذنابِ الإِبلِ [والبقر]، حيث يَطْلُعُ قرنا الشيطانِ، في ربيعةَ ومضرَ". [قالَ أبو عبدِ اللهِ: سُمِّيتِ اليمنُ؛ لأنها عن يمين الكعبة، والشأمُ عن يسارِ الكعبةِ، والمَشْأمَةُ: الميسرَةُ، واليدُ اليُسرى: الشُّؤْمَى، والجانبُ الأيسرُ: الأشْأَمُ]. 1413 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنً النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا سَمِعْتُم صياحَ الدِّيَكَةِ؛ فاسألوا اللهَ من فضلِهِ؛ فإنَّها رأتْ مَلَكاً، وإذا

_ (26) أي: الذين تعلو أصواتُهم في حروثهم ومواشيهم. وقيل: الرعاة والجَمَّالون.

16 - باب

سَمِعْتُم نهيقَ الحمارِ؛ فتعوَّذوا باللهِ من الشيطانِ؛ فإنَّه رأى شيطاناً". 1414 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِن بني إسرائيلَ لا يُدْرى ما فَعَلَتْ؟ وإني لا أُراها إلا الفأرَ، إذا وُضِعَ لها ألبانُ الإبلِ لم تشرَبْ، وإذا وضِعَ لها ألبانُ الشاءِ شَرِبَتْ (27) "، فحَدَّثْتُ كعباً، فقالَ: أنتَ سمعتَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُهُ؟ قلتُ: نعم؛ قالَ لي مِراراً (28)، فقلتُ: أفَأقْرَأُ التوراةَ (29)؟! 1415 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال للوَزَغِ: " الفُوَيْسِقُ". ولم أسمَعْهُ أمرَ بقتلِهِ، وزعَمَ سعدُ بنُ أبي وقاصٍ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بقتْلِهِ. 1416 - عن عائشة رضيَ اللهُ عنها قالت: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اقتُلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ (وفي روايةٍ: الأبترَ)؛ فإنه يَطْمِسُ البصرَ، ويُصيبُ الحَبَلَ". 16 - بابٌ 515 - ، إذا وَقَعَ الذُّبابُ في شرابِ أحَدِكم فَلْيَغمِسْهُ؛ فإنَّ في أحَدِ جَناحَيْهِ داءً، وفي الآخرِ شفاءً".

_ (27) لأنها حلال لبني إسرائيل كلحمها، بخلاف لحوم الإبل وألبانها؛ فإنها حرمت عليهم. (28) قوله: "قال لي"؛ يعني: أن كعباً قالَ له غير مرة: أنت سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم -. (29) هو استفهام استنكار، وفي رواية مسلم: "أفأنزلت التوراة علي؟! ". 515 - هذا طرف حديث يأتي موصولاً في "ج 4/ 76 - الطب/ 58 - باب"؛ لكن أفاد الحافظ أنه لا معنى لذكره هنا؛ لأنه يأتي في الباب بعده.

17 - باب

516 - و"خمسٌ مِن الدَّوابِّ فواسِقُ، يُقْتَلْنَ في الحَرَمِ". 1417 - عن عبدِ اللهِ قالَ: كُنَّا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غارٍ [بِمِنىً]، فنزَلَتْ: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفًا}، فإنَّا لنَتَلَقَّاها مِن فِيهِ، [وإنَّ فاهُ لَرَطبٌ بها]، إذ خَرَجَتْ حيةٌ مِن جُحْرِها، [فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "عليكُم؛ اقتُلوها"، قالَ: 6/ 78] فابْتَدَرْناها لِنَقْتُلَها، فسَبَقَتْنا، فدَخَلَتْ جُحْرَها، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " وُقِيَتْ شَرَّكُم كما وُقيتُم شَرَّها". 1418 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَهُ (30). 1419 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "نَزَلَ نبيٌّ مِن الأنبياءِ تحتَ شجرةٍ، فلَدَغَتْهُ نملةٌ، فأمَرَ بجَهازِهِ (31)، فأُخْرِجَ مِن تحتِها، ثم أمَرَ ببَيْتِها، فأُحْرِقَ بالنارِ، فأوحى اللهُ إليه: فهَلَّا نَمْلَةً واحِدَةً (وفي طريق: أنْ قَرَصَتْكَ نملَةٌ أحْرَقْتَ أمَّةً مِن الأممِ تُسَبِّح اللهَ؟! 4/ 22) ". 17 - بابٌ 517 - " إذا وَقَعَ الذُّبابُ في شَرابِ أحدِكُم؛ فَلْيَغْمِسْهُ؛ فإنَّ في إحدى جناحَيْهِ داءٌ، وفي

_ 516 - هذا طرف حديث لعائشة مضى في "ج 1/ 28 - جزاء الصيد/ 6 - باب". (30) أي: مثل حديث ابن عمر المذكور قبله في الأصل، وسيأتي إن شاء الله تعالى في آخر "60 - كتاب الأنبياء"؛ لأنه أتم سياقاً. (31) أي: متاعه. 517 - انظر: التعليق على الحديث المعلق (515).

الأخرى شِفاءً". 1420 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "غُفِرَ لامرأةٍ مُومِسَةٍ (32) (وفي روايةٍ: بَغِيٍّ من بَغَايا بني إسرائيلَ 4/ 148)، مَرَّتْ بكلبٍ على رأسِ رَكِيٍّ يَلْهَثُ، قالَ: كادَ يَقْتُلُهُ العطشُ، فنَزَعَتْ خُفِّها (وفي الرواية الأخرى: مُوقَها)، فأوثَقَتْهُ بخِمارِها، فنَزَعَتْ لهُ مِن الماءِ، [فسَقَتْهُ]، فغُفِرَ لها بذلك" (*). 1421 - عن عبدِ اللهِ بنِ عُمر رضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بقَتْلِ الكِلابِ.

_ (32) (المومسة): الزانية. و (الرَّكِيَّة): البئر قبل أن تُطوى. و (مُوقها)؛ أي: الخف. (*) تقدم برقم (1099)؛ لكن فيه أن الذي سقى الكلب رجل، وهنا أنها بغي، وقد قال الحافظ: "يحتمل تعدد القصة، وعلى هذا أعدته هنا"، وهو مخرج في "الصحيحة" (رقم 30).

[60 - كتاب أحاديث الأنبياء]

بسم الله الرحمن الرحيم [60 - كتابُ أحاديثِ الأنبياءِ] (1) 1 - بابُ خَلْقِ آدَمَ وذُرِّيَتِهِ (صلصالٍ): طينٌ خُلِطَ برَمْلٍ، فصَلْصَلَ كما يُصَلْصِلُ الفخَّارُ. ويقال: مُنْتِنٌ؛ يريدون به: صَلَّ. كما يقالُ: صَرَّ البابُ وصَرْصَرَ: عند الإغلاقِ، مثلُ: كَبْكَبْتُهُ؛ يعني: كَبَبْتُهُ. (فمَرَّتْ به): استمرَّ بها الحَمْلُ فأتَمَّتْهُ. (أن لا تسجدَ): أنْ تسجُدَ. 2 - بابُ (2) قولِ اللهِ تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} 691 - قالَ ابن عباسٍ: (لَمَّا عليها حافظٌ): إلاَّ عليها حافظٌ. 692 - (في كَبَدٍ): في شِدَّةِ خَلْقٍ.

_ (1) سقطت من الأصل. (2) لم يقع هذا اللفظ: "باب" في نسخة الحافظ، ووقع فيها بدلها "و"؛ أي: أن هذه الترجمة هي تمام الترجمة المذكورة في الباب الأول. 691 - وصله ابن أبي حاتم وزاد: "حافظ من الملائكة". 692 - وصله ابن عيينة في" تفسيره" بسند صحيح عنه.

693 - (وَرِياشاً): المالُ. وقالَ غيرُه: الرِّياشُ والرِّيشُ واحدٌ: وهو ما ظَهَرَ مَن اللباسِ. (ما تُمْنُونَ): النطْفَةُ في أرحامَ النساءِ. 694 - وقالَ مجاهِدٌ: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ}: النطفةُ في الإحْلِيلِ. 695 - كلُّ شيءٍ خَلَقَهُ فهو شَفْعٌ، السماءُ شفعٌ، و (الوِتْرُ): اللهُ عزَّ وجلَّ. (في أحسنِ تقويمٍ): في أحسنِ خَلْقٍ. (أسفلَ سافِلينَ): إلا مَن آمَنَ. (خُسْرٍ): ضلالٍ، ثم استثنى فقالَ: إلاَّ مَن آمَنَ. (لازبٍ): لازمٍ. (ننْشِئَكُم): في أي خلقٍ نشاءُ. (نُسَبِّح بحمدِكَ): نُعَظِّمُكَ. 696 - وقال أبو العالية: (فتلقَّى آدَمُ مِن ربِّه كلماتٍ): فهو قوله: {ربنا ظلمنا أنفسنا}. (فأزَلَّهُما): فاستَزَلَّهُما. و (يَتَسَنَّهْ): يتغيرْ. (آسنٍ): مُتَغَيِّرٍ. و (المَسْنُونُ): المتغير. (حَمَإٍ): جمع حمأةٍ، وهو الطين المتغير. (يَخْصِفانِ): أخْذُ الخِصافِ من وَرَقِ الجنةِ: يؤلِّفانِ الوَرَقَ ويخْصِفانِ بعضَهُ إلى بعضٍ. (سوآتِهِما): كناية عن فَرْجِهِما. (ومتاعٌ إلى حينٍ): ها هنا إلى يومِ القيامةِ، والحينُ عندَ العربِ من ساعةٍ إلى ما لا يُحصى عَدَدُهُ. (قبِيلُهُ): جِيلُهُ الذي هو منهُم.

_ 93 وصله ابنُ أبي حاتم بسند منقطع عنه. 694 - وصله الفريابي عنه، قال الحافظ: "ويعكر عليه أن بقية الآيات دالة على أن الضمير للإِنسان، ورجعه يوم القيامة؛ لقوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} إلخ". 695 - وصله الفريابي والطبري عن مجاهد أيضاً؛ قال: " كل خلق الله شفع: السماء والأرض، والبر والبحر، والجن والإنس، والشمس والقمر، ونحو هذا شفع، والوتر الله وحده". انظر: "الفتح". 696 - وصله الطبري بإسناد حسن.

3 - باب الأرواح جنود مجندة

1422 - عن عبدِ اللهِ: حدثنا رسوكُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادِقُ المصدوقُ-: "إنَّ أحَدَكُم يُجْمَعُ [خَلْقُهُ-4/ 48] في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يوماً [وأربعينَ ليلةً 8/ 188]، ثم يكونُ علقةً مثلَ ذلك، ثم يكونُ مُضْغَةً مثلَ ذلك، ثم يَبْعَثُ اللهُ إليه مَلَكاً، [فيؤمَرُ] بأربعِ كلماتٍ، [ويقالُ له: اكتبْ عملَهُ، ورِزْقَهُ، وأجَلَهُ، وشقيٌّ أو سعيدٌ]، فيَكْتُبُ عملَهُ، وأجَلَه، ورزقَهُ، وشقيٌّ أو سعيدٌ، ثم يُنْفَخُ فيه الروحُ، ف [واللهِ] إنَّ الرجُلَ [منكم] ليَعْمَلُ بعملِ أهلِ النارِ، حتى ما يكونُ بينَهُ وبينَها إلا ذِراعٌ، فيَسْبِقُ عليه الكتابُ، فيَعْمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجنةِ، فيدخُلُ الجنةَ، وإنَّ الرجُلَ لَيَعْمَلُ بعملِ أهلِ الجنةِ، حتى ما يكونُ بينَهُ وبينَها إلا ذِراعٌ، فيَسْبِقُ عليهِ الكتابُ، فيعْمَلُ بعَمَلِ أهلِ النارِ، فيدخُلُ النارَ". 1423 - وعنه رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُقْتَلُ نفسٌ ظُلماً إلا كانَ على ابنِ آدَمَ الأوَّلِ كِفْلٌ مِن دَمِها؛ لأنه أوَّلُ مَن سَنَّ القَتْلَ". 3 - بابٌ الأرواحُ جُنودٌ مُجَنَّدَةٌ 518 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالت: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "الأرواحُ جنودٌ مجنَّدَةٌ، فما تعارَفَ منها ائتلَفَ، وما تناكَرَ منها اختَلَفَ". (قلت: لم يُسْنِدْ فيهِ حديثاً موصولاً).

_ 518 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله في "الأدب المفرد" (900) من طريقين عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة. وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. ووصله هو ومسلم وأحمد وغيرهم من حديث أبي هريرة مرفوعاً به.

4 - باب قول الله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه}

4 - بابُ قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} 697 - قالَ ابنُ عباسٍ: (بادِيَ الرَّأْيِ): ما ظَهَرَ لنا. 698 - (أقْلِعي): أمْسِكي. (وفارَ التَّنُّور): نَبَعَ الماءُ. 699 - وقالَ عِكْرِمَةُ: وجْهُ الأرضِ (3). 700 - وقالَ مجاهدٌ: (الجُودِيُّ): جَبَلٌ بالجزيرة. (دَأْبٌ) (*): مِثْلٌ، حالٌ. {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ} إلى قوله: {مِن المُسْلِمينَ}. 5 - بابُ قولِ اللهِ تعالى (4): {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} إلى آخرِ السورةِ 1424 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أُحَدِّثُكُم حديثاً عن الدَّجَّالِ ما حَدَّثَ بهِ نبيٌّ قومَهُ؟ إنَّهُ أعْوَرُ، وإنَّه يَجِيءُ

_ 697 - وصله ابن أبي حاتم عنه. 698 - وصله ابن أبي حاتم أيضاً عنه، وسنده منقطع. 699 - وصله ابن جرير عنه. (3) يعني أن التنور وجه الأرض. 700 - وصله ابن أبي حاتم. (5) قوله: "دَأْبٌ: مِثْلٌ، حالٌ"، ولأبي ذرّ: "دَأْبٌ: حالٌ" بإسقاط "مِثل". (4) ليس في نسخة الحافظ قوله: "باب قوله الله تعالى"، فما بعده متصل بما في الباب قبله، فلهذا ولما سبق بيانه في الباب (2) اختلف ترقيم الأبواب هنا عن نسخة الحافظ في "الفتح" طبع الخطيب رحمه الله تعالى.

6 - باب {وإن إلياس لمن المرسلين.

معهُ بمثالِ الجنةِ والنارِ، فالَّتِي يقولُ: إنها الجنَّةُ هي النارُ، وإني أُنْذِرُكُم كما أنْذَرَ به نوحٌ قومَهُ". 6 - بابٌ {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ. أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ. اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ. فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ. إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ. وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} 701 - قالَ ابنُ عباس: يُذْكَرُ بخيرٍ؛ {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ. إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ}. 702 و 703 - يُذكَرُ عن ابنِ مسعودٍ وابنِ عباسٍ أنَّ إلياسَ هو إدريسُ. 7 - بابُ ذِكْرِ إدريسَ عليه السلامُ، وهو جَدُّ أبي نوحٍ، ويُقالُ: جَدُّ نوحٍ عليهما السلام، وقولِ اللهِ تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيّاً} 8 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ}، وقولهِ: {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} إلى قوله: {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ} 519 - فيه عن عطاءٍ وسليمانَ عن عائشةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

_ 701 - وصله ابن جرير بإسناد منقطع عنه. 702 و 703 - أما قول ابن مسعود فوصله عبد بن حميد وابن أبي حاتم بإسناد حسن عنه. وأما قول ابن عباس فوصله جويبر في "تفسيره" عنه، وإسناده ضعيف جداً. 519 - وصله المصنف في "59 - بدء الخلق/ 5 - باب" عن عطاءٍ - وهو ابن أي رباح- وفي "ج 3/ 65 - التفسير/ 46 - الأحقاف/ 2 - باب" عن سليمان - وهو ابن يسار- عنها، ولفظه أتم، وسيأتي هناك إن شاء الله تعالى.

9 - باب قصة يأجوج ومأجوج،

وقولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ}: شديدةٍ {عاتيةٍ}: 704 - قالَ ابنُ عُيينَةَ: عتَتْ على الخُزَّانِ. {سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}: متتابعةً {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}: أصولُها {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ}: بَقِيَّةٍ. 9 - بابُ قصةِ يأجوجَ ومأجوجَ، وقولِ اللهِ تعالى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ}، وقولِ اللهِ تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا. إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا}: طريقاً، إلى قوله: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ}: واحِدُها زُبْرَةٌ، وهي القِطَعُ {حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ}: 705 - يُقال عن ابنِ عباسٍ: الجَبَلَيْنِ. و (السُّدَّيْنِ): الجَبَلَيْنِ. (خَرْجاً): أَجْراً. {قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}: أَصْبُبْ عليهِ رَصَاصاً، ويقالُ: الحديدُ، ويقالُ: الصُّفْرُ: 706 - وقالَ ابنُ عباسٍ: النُّحَاسُ. (فما اسْطاعوا أنْ يَظْهَروهُ): يَعْلوهُ. (استطاعَ): استَفْعَلَ مِن أطَعْتُ له،

_ 704 - وصله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي في "تفسير ابن عيينة". 705 - وصله ابن أبي حاتم بإسناد منقطع عنه. 706 - وصله ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عنه.

فلذلك فُتِحَ أَسْطَاعَ يَسْطِيعُ، وقالَ بعضُهم: استطاعَ يَستطيعُ. {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا. قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ}: ألْزَقَهُ بالأرضِ، وناقةٌ دَكَّاءُ: لا سَنَامَ لها، والدَّكْدَاكُ من الأرضِ مِثْلُه حتى صَلُبَ من الأرضِ وتَلَبَّدَ. {وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا. وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ}، {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}. 707 - قالَ قتادةُ: (حَدَبٌ): أكَمَةٌ. 520 - قالَ رجلٌ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: رأيتُ السُّدَّ مِثْل البُرْدِ المُحَبَّرِ. قالَ: " [قد] (5) رأيتَهُ". 1425 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "فَتَحَ الله مِن رَدْمِ يأجُوجَ ومأجوجَ مثلَ هذه"، وعَقَدَ [وُهَيْبٌ 8/ 104] بيدِهِ تسعينَ. 1426 - عن أبي سعيدٍ الخُدري رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يقولُ الله تعالى [يومَ القيامةِ 5/ 241]: يا آدمُ! فيقولُ: لبيكَ وسعدَيْكَ، والخيرُ في يديْكَ. فيقولُ: أخْرِجْ بَعْثَ (وفي روايةٍ: فيُنَادَى بصوتٍ: إنَّ الله يأمُرُكَ

_ 707 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 520 - وصله ابنُ أبي عمر من طريق قتادة عن رجلٍ من أهل المدينة أنَّه قالَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - ... وزاد بعد قوله: "المحبر": "طريقة حمراء، وطريقة سوداء". وسكت الحافظُ عنه، وفيه عنعنة قتادة، ثم رأيتُ ابن كثير ذكره من رواية ابن جرير من الوجه المذكور؛ إلا أنه قالَ: عن قتادة قالَ: ذكر لنا أن رجلاً ... فظهرت له علة أخرى وهي الإرسال، كما وقع في الكتاب. (5) زيادةٍ من نسخة "الفتح".

10 - باب قول الله تعالى: {واتخذ الله إبراهيم خليلا}

أنْ تُخْرِجَ مِن ذُرَّيَّتِكَ بعثاً إلى 5/ 241) النارِ. قالَ: [يا ربِّ!] وما بَعْثُ النارِ؟ قالَ: مِن كُلِّ ألفٍ تِسْعَمائةٍ وتِسعةً وتسعينٍ. فعندهُ يَشِيبُ الصغيرُ، و {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} ". [فاشتدَّ ذلك عليهم، 7/ 196] [حتى تَغَيَّرَتْ وجوهُهم]، [فـ] قالوا: يا رسولَ اللهِ! وأيُّنا ذلك الواحدُ؟ قالَ: "أبْشِروا؛ فإنَّ منكُم رَجُلٌ (6) [واحدٌ]، ومن يأجوجَ ومأجوجَ ألفٌ (وفي روايةٍ: تِسْعَمِائةٍ وتسعةً وتسعينَ) ". ثم قالَ: "والذي نفسي بيدِهِ؛ إني أرجو أن تَكونوا رُبُعَ أهلِ الجنَّةِ"، فكبَّرنا، فقالَ: " [إنِّي لـ] أرجو أن تكونوا ثُلُثَ أهلِ الجنةِ"، فكَبَّرْنا، [حَمِدْنا اللهَ]، فقالَ: "أرجو أنْ تَكونوا نِصْفَ أهلِ الجنةِ"، فكبَّرنا، [وحمدنا الله]، فقالَ: "ما أنتُم في الناسِ إلا كالشَّعْرَةِ السَّوداءِ في جِلْدِ ثوْرٍ أبيضَ، أو كشَعْرَةٍ بيضاءَ في جِلْدِ ثورٍ أسودَ، [أو الرَّقْمَةِ في ذراعِ الحمار] ". 10 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}، وقولِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا}، وقولِهِ: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}: 708 - وقالَ أبو ميسرَةَ: الرحيمُ بلسانِ الحبشةِ.

_ (6) بالرفع على أنه مبتدأ مؤخر بتقدير ضمير الشأن في أنَّ؛ أي: فإنه منكم رجل. ولأبي ذر: "رجلاً" بالنصب، وهو ظاهر. 758 - وصله وكيع في "تفسيره" عنه، واسمه عمرو بن شرحبيل، ورواه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود بإسناد حسن.

1427 - عن ابنِ عباسٍ رضيَ الله عنهما [قالَ: قامَ فينا 7/ 195] (وفي روايةٍ: سمعتُ) النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -[يخطُبُ على المنبرِ، فـ] قالَ: " [يا أيُّها الناسُ! 5/ 191] إنكم تُحْشَرونَ حُفاةً، عُراةً، [مُشَاةً 7/ 195]، غُرْلاً (7)، ثم قرأ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}، [ثم قالَ: "ألا] و [إنَّ 7/ 195] أوَّلَ مَن يُكْسى يومَ القيامةِ إبراهيمُ، {ألا} وإنَّ أُناساً مِن أصحابي يُؤخَذُ بهم [ذاتَ اليمينِ، و 4/ 142] ذاتَ الشمالِ، فأقولُ: [يا رَبِّ!] أصحابي أصحابي (وفي روايةٍ: أُصَيْحَابِي) فيُقالُ: [إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك]، [لا تدري ما أحدثوا بعدك]، إنَّهم لم يزالوا مُرْتَدِّينَ على أعقابِهِم منذُ فارَقْتَهُم، فأقولُ كما قالَ العبدُ الصالحُ [عيسى ابن مريم]: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إلى قوله: {[الْعَزِيزُ] الْحَكِيمُ} ". [قال محمدُ بنُ يوسفَ الفِرَبرِيُّ: ذُكِرَ عن أبي عبدِ اللهِ عن قَبيصة قالَ: هُمُ المُرْتَدُّونَ الذين ارتدُّوا على عَهْدِ أبي بكرٍ، فقاتَلهُم أبو بكرٍ رضي الله عنه 4/ 143]. 1428 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يَلقى إبراهيمُ أباهُ آزَرَ يومَ القيامةِ، وعلى وجهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وغَبَرَةٌ، فيقولُ له إبراهيمُ: ألم أقل لك لا تَعْصِنِي؟! فيقولُ أبوهُ: فاليومَ لا أَعْصِيكَ. فيقولُ إبراهيمُ: يا ربِّ! إنك وعدْتَني أنْ لا تُخْزِيَني يومَ يُبْعَثونَ، فأيُّ خِزْيٍ أَخْزَى من أبي

_ (7) أي: قلفاً، فإن الغرلة كالقلفة؛ ما يقطعه الخاتن.

الأبْعَدِ (8)؟! فيقولُ اللهُ تعالى: إنِّي حَرَّمْتُ الجنَّةَ على الكافِرينَ، ثم يُقالُ: يا إبراهيمُ! ما تحت رِجْلَيْكَ؟ فينظرُ، فإذا هو بِذِيخٍ (9) مُلْتَطِخٍ، فَيُؤخَذُ بقوائِمِهِ، فيُلقى في النار". 1429 - عن مجاهدٍ أنَّه سَمِعَ ابنَ عباسٍ رضيَ الله عنهما- وذكروا له الدَّجَّالَ: بينَ عينَيْهِ مكتوبٌ: كافرٌ، أو كَ فَ رَ؟ - قالَ: لم أسْمَعْهُ [قالَ ذلك 7/ 59]، ولكنَّه قالَ: "أمَّا إبراهيمُ فانظروا إلى صاحِبِكُم، وأما موسى فجَعْدٌ آدَمُ، على جَمَلٍ أحمرَ مَخْطُومٍ بخُلْبَةٍ (10)، كأني أنظُرُ إليه [إذا 2/ 148] انحَدَرَ في الوادي [يُلبِّي] ". 1430 - عن أبي هريرة رضيَ الله عنه قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اخْتَتَنَ إبراهيمُ عليه السَّلامُ وهو ابنُ ثمانينَ سنةً بالقَدُومِ" [مخفَّفةً] (11)، (وفي روايةٍ: "بالقَدُّومِ" - وهو مَوْضِعٌ - مُشَدَّدٌ 7/ 144). 1431 - عن أمِّ شَرِيكٍ رضيَ الله عنها أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بقتلِ الوَزَغِ، وقالَ: "كانَ يَنْفُخُ على إبراهيمَ عليه السلامُ".

_ (8) أي: من رحمة الله تعالى. (9) هو ذَكَرُ ضبع كثير الشعر، والأنثى ذيخة. (10) أي: مزموم بليفة. (11) كذا، والراجح أنه اسم آلة النجار.

11 - باب (*) (يزفون): النسلان في المشي

11 - بابٌ (*) (يَزِفُّونَ): النَّسَلانُ في المَشْيِ 1432 - قالَ ابنُ عباسٍ: أوَّلُ ما اتَّخَذَ النساءُ المِنْطَقَ (12) مِن قِبَل أمِّ إسماعيلَ، اتَّخَذَتْ مِنْطَقاً لتُعَفِّيَ أَثَرَها على سارَةَ، ثم جاءَ (وفي روايةٍ: لمَّا كان بينَ إبراهيم وبين أهلِهِ ما كان؛ خَرَجَ 4/ 116) بها إبراهيمُ وبابنِها إسماعيلَ، وهي تُرْضِعُهُ، حتى [قَدِمَ مكةَ، فـ] وضَعَهُما عندَ البيتِ (13) عندَ دَوْحَةٍ فوقَ زمزمَ، في أعلى المسجدِ، وليس بمكةَ يومئذٍ أحدٌ، وليس بها ماءٌ، فوضَعَها هُنالِك، ووضَعَ عندَهُما جِراباً فيه تَمْرٌ، وسِقَاءً فيه (وفي روايةٍ: شَنَّةٌ فيها) ماءٌ، [فجَعَلَتْ أمُّ إسماعيلَ تشربُ من الشَّنَّةِ، فيَدِرُّ لَبَنُها على صَبِيِّها]، ثم قفَّى إبراهيمُ مُنْطَلِقاً [إلى أهلِهِ]، فتَبعَتْهُ أمُّ إسماعيلَ، [حتى لَمَّا بَلَغُوا كَدَاءَ؛ نَادَتْهُ مِن ورائهِ]، فقالت: يا إبراهيمُ! أيَنَ تَذْهَبُ وتترُكُنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنسٌ ولا شيءٌ؟! فقالت له ذلك مِراراً، وجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إليها (وفي روايةٍ: إلى مَنْ تترُكُنا؟ قالَ: إلى اللهِ)، فقالت لهُ: آللهُ الذي أمَرَكَ بهذا؟ قالَ: نعم. قالت: إذَنْ لا يُضَيِّعُنا، ثم رَجَعَتْ،

_ (*) بالتنوين من غير ذكر ترجمة، فهو كالفصل من سابقه، وعدمه أولى من وجوده، فإنَّ تعلق ما بعده بما قبله ظاهر؛ لأن قوله: "يزفون" أراد به قوله تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: {فأقْبَلوا إليهِ يزفونَ}؛ أي: يسرعون. فقوله: النَّسَلان في المشي تفسير له، على أن النَّسَلان معناه الإسراع في المشي، يُقالُ: نسل الماشي ينسل، من بابي ضرب ونصر، نَسْلاً ونَسَلاً ونَسَلاناً (بالتحريك في الأخيرين): إذا أسرع في مشيه كما في "القاموس " وغيره، قال تعالى: {إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ}، وفي الحديث: "عليكم بالنَّسَلانَ"، فضبط الشارح إياه بسكون السين ليس على ما ينبغي. (12) (المنطق): ما تشده المرأة في وسطها عند الشغل؛ لئلا تعثر في ذيلها، وقوله:" لتعفي أثرها على سارة"؛ أي لتخفيه عليها بالترائي لها بزي الخادمة. "قفى" معناه: ولَّى راجعاً إلى الشام. (13) قلتُ: أي عند المكان الذي بُني عليه البيت بعد، كما يدل عليه السياق، وكذلك قوله: "في أعلى المسجد"، أي: مكان المسجد.

فانطلَقَ إبراهيمُ، حتى إذا كانَ عندَ الثَّنِيَّةِ حيث لا يرونَهُ؛ استقبلَ بوجهِهِ البيتَ (14)، ثم دعا بهؤلاء الكلماتِ، ورَفَعَ يَدَيْهِ، فقالَ: {رَبَّنَا (15) إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ} حتى بلغ: {يَشْكُرُونَ}. وجَعَلَتْ أمُّ إسماعيلَ تُرْضِعُ إسماعيلَ، وتشرَبُ مِن ذلك الماءِ، [ويَدِرُّ لَبَنُها على صبيِّها]، حتى إذا نَفِدَ ما في السِّقاءِ، عَطِشَتْ، وعَطِشَ ابنُها، وجَعَلَتْ تنظرُ إليهِ يَتَلَوَّى، أو قالَ: يَتَلَبَّطُ. [قالت: لو ذهبتُ، فنظرتُ لَعَلِّي أُحِسُّ أحداً، قالَ:] فانطَلَقَتْ كراهيةَ أن تنظرَ إليه، فوَجَدَتِ الصفا أقربَ جبلٍ في الأرضِ يَلِيها، فقامت عليه، ثم استقبلَتِ الواديَ تنظرُ هل ترى أحداً؟ فلم تَرَ أحداً، فهَبَطَتْ مِن الصفا، حتى إذا بلغتِ الواديَ؛ رَفَعَتْ طرَفَ دِرْعِها، ثم سَعَتْ سعْيَ الإنسانِ المجهودِ (16) حتى جاوَزَتِ الواديَ، ثم أتتِ المروةَ، فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحداً؟ فلم تَرَ أحداً. [ثم قالت: لو ذهبتُ فنظرتُ ما فعَلَ؟ (تعني: الصبيَّ)، فذهبت، فنظرت، فإذا هو على حالِهِ؛ كأنَّه يَنْشَغُ للموتِ، فلم تُقِرُّها نفسُها، فقالت: لو ذهبتُ فنظرتُ لَعلِّي أُحِسُّ أحداً، فذهبت فصعِدَتِ الصفا، فَنَظَرَتْ ونَظَرَتْ، فلم تُحِسَّ أحداً]؛ ففعلتْ ذلك سبعَ مراتٍ.

_ (14) أي: موضع البيت. (15) هذه رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: {ربنا}، وهو الموافق للتلاوة. (16) أي: الذي أصابه الجهدُ، وهو الأمرُ المشق.

قال ابنُ عباسٍ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فذلك سعيُ الناسِ بينَهُما"، فلما أشرَفَتْ على المروةِ، سَمِعَتْ صوتاً، فقالت: صَهٍ (17) - تريدُ: نفسَها- ثمَّ تَسَمَّعتْ، فسَمِعَتْ أيضاً، فقالت: قد أسْمَعْتَ إنْ كانَ عندَكَ غَوَاثٌ (وفي روايةٍ: فقالت: أغِثْ إنْ كانَ عندك خيرٌ)، فإذا هي بالمَلَكِ (وفي روايةٍ: فإذا جبريلُ) عند موضِعِ زَمْزَمَ، فبَحَثَ بعَقِبِهِ [هكذا، وغَمَزَ عَقِبَهُ على الأرضِ]، حتى ظهَرَ الماءُ، [فدَهِشَتْ أمُّ إسماعيلَ]، فجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ، وتقولُ بيدها هكذا، وجَعَلَتْ تَغْرِفُ من الماءِ في سقائِها، وهو يفورُ بعدما تَغرِفُ. قال ابنُ عباسٍ: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَرْحَمُ اللهُ أمَّ إسماعيلَ، لو تَرَكَتْ زمزمَ- أو قالَ: لو لَمْ تَغْرِفْ مِن الماءِ (وفي روايةٍ: لولا أنها عَجِلَتْ) - لكانت زمزمُ عَيْناً مَعِيناً (وفي روايةٍ: لو تَرَكَتْهُ كانَ الماءُ ظاهراً) ". قالَ: فشَرِبَتْ [من الماءِ]، وأرْضَعَتْ ولَدَها (وفي روايةٍ: ويَدِرُّ لبنُها على صبيِّها)، فقالَ المَلَكُ: لا تَخافوا الضَّيْعَةَ، فإنَّ ها هنا بيتَ اللهِ يَبني (18) هذا الغلامُ وأبوهُ، فإنَّ اللهَ لا يُضَيِّعُ أهلَهُ. وكانَ البيتُ مرتفعاً من الأرضِ كالرابيةِ، تأتيهِ السُّيُولُ، فتأخذُ عن يمينِهِ وشمالِهِ. فكانت كذلك حتى مَرَّتْ بهِم رُفْقَةٌ مِن جُرْهُم- أو أهلُ بيتٍ من جُرهُم-

_ (17) أي: اسكتي. وقوله: "غِواث" بكسر الغين المعجمة. ولأبي ذر بضم الغين. وقال الحافظ ابن حجر: " (غَواث): بفتحها للأكثر". (18) قوله: "يبني" بحذف ضمير المفعول، وعند الإسماعيلي: "يبنيه" بإثباته.

مقبِلينَ مِن طريقِ كَدَاءَ (*)، فنزلوا في أسفلِ مكةَ، فرأوا طائراً عائِفاً (19)، فقالوا: إنَّ هذا الطائرَ لَيدورُ على ماءٍ، لعَهْدُنا بهذا الوادي وما فيه ماءٌ، فأرسلوا جَرِيّاً أو جَرِيَّينِ؛ فإذا هُم بالماءِ، فرَجَعوا، فأخبروهم بالماءِ، فأقبلوا، قالَ: وأمُّ إسماعيلَ عندَ الماء، فقالوا: أتأذنينَ لنا أن ننزِل عندَكِ؟ فقالت: نعم؛ ولكن لا حقَّ لكُم في الماءِ. قالوا: نعم. قال ابنُ عباسٍ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فألفى (20) ذلك أمَّ إسماعيلَ وهي تحبُّ الأُنْسَ، فنزلوا، وأرْسَلوا إلى أهليهِم، فنزلوا معهُم، حتى إذا كانَ بها أهلُ أبياتٍ منهم، وشبَّ الغلامُ، وتعلَّمَ العربيَّةَ منهم (21)، وأنْفَسَهُم وأعجَبَهُم حين شبَّ، فلما أدْرَكَ؛ زَوَّجوهُ امرأةً منهم، وماتت أمُّ إسماعيلَ. [ثم إنه بدا لإِبراهيم، فقالَ لأهْلِهِ: إني مُطَّلِعٌ تَرِكَتي، قال:] فجاء إبراهيمُ بعدما تَزَوَّجَ إسماعيلُ يُطالِعُ تَرِكَتَهُ، [فجاءَ فسلَّمَ]، فلم يجدْ إسماعيلَ، فسألَ امرأتَهُ

_ (*) قوله: "كداء" ويُروى "كدى" كهدى: وهما ثنيتان بمكة، ونص الفيومي على عدم صرف الأول للعلمية والتأنيث. (19) (عائفاً): حائماً. و (الجَرِيّ): الوكيل والرسول. (20) أي: وجد. "ذلك"؛ أي: الحي الجرهميّ. (21) فيه إشعار بان لسان أمه وأبيه لم يكن عربياً، وفيه تضعيف لقول من روى أنه أول من تكلم بالعربية إسماعيل، وقد وقع ذلك من حديث ابن عباس عند الحاكم (2/ 552 - 553) موقوفاً بسند واه، لكن روى الزبير بن بكار في "النسب" من حديث علي بإسناد قال الحافظ: حسن. قال: "أول من فتق الله لسانه بالعربية المبينه إسماعيل". قال الحافظ: "وبهذا القيد يجمع بين الخبرين، فتكون أوليته في ذلك بحسب الزيادة في البيان لا الأولية المطلقة". وقوله: "أَنْفَسَهُم"؛ أي: رَغَّبَهُم في نفسه ومصاهرته، فعل ماض من الِإنفاس، وهو الترغيب.

عنه؛ فقالت: خَرَجَ يبتَغي (وفي روايةٍ: ذهب يَصِيدُ) لنا، ثم سألَها عن عَيْشِهِم وهَيْئَتِهِم؟ فقالت: نحنُ بِشَرٍّ، نحن في ضِيقٍ وشِدَّةٍ، فشَكَتْ إليه، قالَ: فإذا جاءَ زوجُكِ، فَاقْرَئي عليه السلامَ، وقُولي لهُ: يُغَيِّرْ عتبةَ بابِهِ. فلما جاءَ إسماعيل؛ كأنَّه آنَسَ شيئاً، فقالَ: هل جاءَكُم مِن أحَدٍ؟ قالت: نعم؛ جاءنا شيخٌ كذا وكذا، فسألَنا عنك؟ فأخبرْتُهُ، وسألني: كيف عيشُنا؟ فأخبَرْتُهُ أنا في جَهْدٍ وشِدَّةٍ. قال: فهل أوصاكِ بشيءٍ؟ قالت: نعم؛ أمَرَني أن أقْرَأَ عليكَ السلامَ، ويقولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بابِكَ. قالَ: ذاكِ أبي، وقد أمرني أن أُفارِقَكِ، الْحَقِي بأهلِكِ، فطَلَّقَها، وتَزَوَّجَ منهم أُخرى. فلَبِثَ عنهُم إبراهيمُ ما شاءَ اللهُ، ثم [إنَّه بدا لابراهيمَ، فقالَ لأهلهِ: إني مُطَّلِعٌ تَرِكَتي. قالَ: فـ] أتاهُم بعدُ، فلم يَجِدْهُ، فدَخَلَ على امرأتِهِ، فسألها عنه؟ فقالت: خَرَجَ ببتغي (وفي روايةٍ: ذهب يَصِيدُ) لنا، [فقالت: ألا تَنْزِلُ فتَطْعَمَ وتشْرَبَ؟] قالَ: كيف أنتُم؟ وسألَها عن عَيْشِهِم وهيئتِهِم؟ فقالت: نحنُ بخيرٍ وسَعَةٍ، وأثْنَتْ على اللهِ عزَّ وجَلَّ، فقالَ: ما طعامُكُم؛ قالتِ: اللحمُ. قالَ: فما شرابُكُم؟ قالتِ: الماءُ. قالَ: اللهُمَّ! بارِكْ لهم في اللحمِ والماءِ". قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:" [بركةٌ بدعوةِ إبراهيمَ - صلى الله عليه وسلم -]، ولم يكن لهم يومئذٍ حَبُّ، ولو كانَ لهم دعا لهم فيه". قالَ: فهما لا يَخْلُو عليهِما أحدٌ بغيرِ مكةَ إلا لم يوافِقاهُ (22)، قال: فإذا جاءَ زوجُكِ، فاقْرَئِي عليهِ السلامَ، ومُرِيهِ يُثْبِتْ عتَبَةَ بابِهِ.

_ (22) يعني: ليس أحدٌ يخلو؛ أي: يعتمد ويداوم على اللحم والماء بغير مكة إلا اشتكى، أما في مكة المشرفة فلا، فإنهما يوافقانه فيها.

فلما جاءَ إسماعيلُ؛ قالَ: هل أتاكُم مِن أحدٍ؟ قالت: نعم؛ أتانا شيخٌ حَسَنُ الهيئةِ، وأثنَتْ عليه، فسألني عنك؟ فأخبرتُهُ، فسألني: كيف عَيْشُنا؟ فأخبرْتُهُ أنَّا بخيرٍ. قالَ: فأوصاكِ بشيءٍ؟ قالت: نعم؛ هو يقرأُ عليك السلامَ، ويأمُرُكَ أنْ تُثْبِتَ عتَبَةَ بابِكَ. قالَ: ذاكِ أبي، وأنتِ العَتَبَةُ، أمَرَني أنْ أُمْسِكَكِ. ثم لَبِثَ عنهُم ما شاء اللهُ، ثم جاءَ بعد ذلك، وإسماعيلُ يَبْري نَبْلاً (23) لهُ تحتَ دَوْحَةٍ قريباً من زمزمَ، فلما رآهُ قامَ إليه، فصنعا كما يَصنَعُ الوالِدُ بالوَلَدِ، والولدُ بالوالِدِ، ثم قالَ: يا إسماعيلُ! إنَّ اللهَ أمَرَني بأمرٍ. قالَ: فاصْنَعْ ما أمَرَكَ ربُّكَ. قالَ: وتُعِينُني؟ (وفي روايةٍ: إنَّه قد أمرني أن تُعينَني عليهِ) قالَ: وأُعِينُكَ. قالَ: فإنَّ اللهَ أمَرَني أنْ أبْنيَ [له] ها هنا بيتاً، وأشارَ إلى أكَمَةٍ مرتَفِعَةٍ على ما حولَها. قالَ: فعِنْدَ ذلك رَفَعا القواعِدَ مِن البيتِ، فجَعَلَ إسماعيلُ يأتي بالحجارَةِ، وإبراهيمُ يبني، حتى إذا ارتَفعَ البناءُ، [وضَعُفَ الشيخُ على نقلِ الحجارةِ]؛ جاء بهذا الحَجَرِ، فوضَعَهُ لهُ، فقامَ عليه وهو يبني، وإسماعيلُ يناوِلُهُ الحجارةَ، وهما يقولان: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. قالَ: فجعلا يَبْنِيانِ حتى يَدورا حولَ البيتِ، وهما يقولانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}. 1433 - عن أبي ذَرٍّ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ! أيُّ مسجدٍ وُضِعَ في الأرضِ أوَّلَ؟ قالَ: "المسجدُ الحرامُ". قالَ: قلتُ: ثم أيُّ؟ قالَ: "المسجِدُ الأقصى". قلتُ: كم كانَ بينَهُما؟ قالَ: "أربعونَ سنةً". ثم [قالَ: 4/ 136]

_ (23) النبل: السهم قبل أن يركب فيه نصله وريشه، وهو السهم العربي.

12 - باب {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين. إذ دخلوا عليه} الآية.

"أينَما (وفي روايةٍ: حيثما) أدْرَكَتْكَ الصلاةُ بعدُ فصَلِّهْ، فإنَّ الفضلَ فيه. (وفي روايةٍ: والأرضُ لك مسجدٌ) ". 1434 - عن عبدِ الرحمنِ بنِ أبي ليلى قالَ: لَقِيَني كعبُ بنُ عُجْرَةَ، فقالَ: ألا أُهْدِي لك هديَّةً سمعْتُها من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فقلتُ: بلى؛ فأهْدِها لي. فقالَ: [خرجَ علينا فـ 7/ 156] سَأَلْنَا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقلْنا: يارَسولَ اللهِ! كيفَ الصلاةُ عليكُم أهلَ البيتِ؟ فإنَّ اللهَ قد علَّمَنا كيف نُسَلِّمُ. قالَ: "قُولُوا: اللهُمَّ! صلِّ على محمدٍ، وعلى آلِ محمدٍ، كما صليتَ على إبراهيمَ، وعلى آلِ إبراهيمَ؛ إنَّك حميدٌ مجيدٌ. اللهُمَّ! بارِك على محمدٍ، وعلى آلِ محمدٍ، كما بارَكْتَ على إبراهيمَ، وآلِ إبراهيمَ؛ إنَّك حميدٌ مجيدٌ". 1435 - عن ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعَوِّذُ الحَسَنَ والحُسَيْنَ، ويقولُ: "إنَّ أباكُما كانَ يُعَوِّذُ بها إسماعيلَ وإسحاقَ: أعوذُ بكَلماتِ اللهِ التَّامَّةِ (24)، مِن كل شيطانٍ وهامًةٍ، ومِن كلِّ عينٍ لامَّةٍ". 12 - بابٌ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ. إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ} الآية. (لا تَوْجَلْ): لا تَخَفْ، {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} إلى قولهِ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} 1436 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (24) قوله: "التامة، وهامة، ولامة" بالتاء في الثلاثة، وبالهاء الساكنة. (الهامة): واحدة الهوام، ذوات السموم. و (العين اللامة): هي التي تصيب بسوء.

13 - باب

"نحنُ أحقُّ [بالشَّكِّ 5/ 163] مِن إبراهيمَ إذ قالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} (25)، ويَرْحَمُ اللهُ لوطاً، لقد كان يأوي (وفي طريق: يَغْفِرُ اللهُ لِلُوطٍ، إنْ كان لَيأوِي) إلى رُكْنٍ شديدٍ، ولو لَبِثْتُ في السجنِ طولَ ما لَبِثَ يوسُفُ، [ثم أتاني الداعي 4/ 122]؛ لأجَبْتُ الداعيَ". 13 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} (قلتُ: أسندَ فيه حديث سلمة بن الأكوع المتقدم "ج 2/ 56 - الجهاد/ 18 - باب"). 14 - بابُ قِصَّةِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ عليهما السلامُ 521 و 522 - فيه ابنُ عمرَ وأبو هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: لم يسند فيه حديثاً). 15 - بابٌ {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ} الآية 1437 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قيلَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: مَن أكْرَمُ الناسَ؟ قالَ:

_ (25) قوله: "إذ قال: {ربِّ ....} الآية"، عزاه الحافظ في "التعبير" للنسائي، فلم يستحضر تقدمها في هذا الموضع من "الصحيح"! 521 و 522 - كأنه يشير بحديث ابن عمر إلى ما يأتي قريباً "19 - باب"، وبحديث أبي هريرة إلى حديثه المذكور في الباب الذي يليه.

16 - باب {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون.

(أكْرَمُهُم أتْقاهُم [للهِ 4/ 122]. قالوا: يا نبيَّ اللهِ! ليس عن هذا نسألُكَ. قالَ: "فأكْرَمُ الناسِ يوسُفُ نَبيُّ اللهِ، ابنُ نبيِّ اللهِ، ابنِ نبيِّ اللهِ، ابنِ خليلِ اللهِ". قالوا: ليس عن هذا نسألُكَ. قالَ: "فعنْ معادِنِ العرَبِ تسألوني؟ ". قالوا: نعم. قالَ: " [تَجِدونَ الناسَ مَعادِنَ 4/ 154]، فخِيارُكُم في الجاهليَّةِ خيارُكُم في الإسلامِ؛ إذا فَقِهُوا". 16 - بابٌ {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ. أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ. فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ. فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ. وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1467). 17 - بابٌ {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ. قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} (برُكْنِهِ): بمن معه لأنَّهُم قُوّتُهُ. (تَرْكَنُوا): تَمِيلوا. (فأنْكَرَهُم) ونَكِرَهُم واستَنْكَرَهُم واحدٌ. (يُهرَعونَ): يُسرِعونَ. (دابِر): آخِرَ. (صَيْحةً): هلكةً. (للمُتَوَسِّمِينَ): للناظِرينَ (لَبِسبيلٍ): لَبِطَريقٍ. (قلت: أسند فيه حديث ابن مسعود الآتي "ج 3/ 65 - التفسير/ 54 - سورة/ 4 - باب"). 18 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا}،

{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} (الحِجْرُ) موضِعُ ثمودَ، وأمَّا (حَرْثٌ حِجْرٌ): حرامٌ (26)، وكل ممنوعٍ فهو حِجْرٌ محجورٌ، والحِجْرُ: كلُّ بناءٍ بَنَيْتَهُ، وما حَجَرْتَ عليه من الأرضِ فهو حِجْرٌ، ومنه سُمِّيَ حطيمُ البيتِ حِجراً، كأنَّهُ مشتقٌّ مِن مَحطومٍ، مثلُ: قتيلٍ من مَقْتولٍ، ويُقالُ للأنثى من الخيل: الحِجْرُ، ويُقالُ للعَقْلِ: حِجْرٌ وحِجَىً. وأما حَجْرُ اليمامةِ فهو مَنْزِلٌ. 1438 - عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لما نَزَلَ [أرضَ ثمودَ] (27): الحِجرَ في غزوةِ تبوكَ؛ أمَرَهُم أنْ لا يَشرَبوا مِن بئرِها، ولا يَسْتَقُوا منها، فقالوا: قد عَجَنَّا منها، واسْتَقَيْنا، فأمَرَهُم أنْ يَطْرَحوا ذلك العجينَ، ويُهْرِيقُوا (28) ذلك الماءَ، [وأنْ يَعْلِفُوا الإِبلَ العجينَ، وأمَرَهُم أن يَسْتَقُوا مِن البئرِ التي كان تَرِدُها الناقةُ]. 523 و 524 - ويُروى عن سَبْرَةَ بنِ مَعْبَدٍ وأبي الشَّمُوس أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بإلقاهِ الطعامِ.

_ (26) قوله: "حرامٌ"؛ أي: فمعنى هذا الحجر حرام. (27) وهي بين المدينة والشام. (28) أي: يريقوا. 523 و 524 - أما حديث سبرة بن معبد؛ فوصله أحمد والطبراني كما في "الفتح"، ولم أره في"مسند" أحمد. وأما حديث أبى الشموس؛ فوصله المؤلف في "الكنى". قلت: وسنده ضعيف. (تنبيه): وقع في الطبعة السلفية وغيرها: "الأدب المفرد"، وهو خطأ صححته من "التغليق" (4/ 20)، وليس الحديث في "الأدب"، وخفي هذا على المعلِّق على "التغليق"، فقال كلاماً غير مبيَّن! نصه: =

19 - باب {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت}

525 - وقالَ أبو ذَرٍّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن اعتَجَن بمائِهِ". 1439 - عن عبدِ اللهِ [بنِ عمرَ] أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما مَرَّ بالحِجْرِ قالَ: "لا تَدْخُلوا مساكِنَ الذينَ ظَلَموا أنْفُسَهُم (وفي طريق: هؤلاء المعَذَّبِينَ 5/ 135)؛ إلا أن تَكونوا باكينَ، [فإنْ لم تكونوا باكينَ؛ فلا تدخُلوا عليهِم 1/ 112]؛ أنْ يُصِيْبَكُمْ ما أصابَهُم"، ثم تَقَنَّعَ بردائِهِ وهو على الرَّحْلِ (وفي روايةٍ: ثم قَنَّعَ رأسهُ، وأسرَعَ السيرَ حتى أجازَ الوادي). 19 - بابٌ {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} 1445 - عن ابن عمرَ رضيَ اللهُ عنهما عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قالَ:

_ = "ملاحظَة: لم يقع لي في "الأدب المفرد" للبخاري، مما يوضح أنه في الكنى المفرد"!! ومن الظاهر من عزو الحافظ إلى هذا الكتاب: "الكنى المفرد" أنه كتاب آخر غير "الكنى" المطبوع في "الهند" على أنه جزء من "التاريخ الكبير" للبخاري؛ فإنه ليس في ترجمة أبي الشموس منه هذا الحديث، فهو مثل "الأدب المفرد" عن كتاب" الأدب" الذي في "صحيح البخاري". ثم اعلم أن هذا الباب (18) وقع في "فتح الباري" بعد الباب (6) من كتاب "60 - أحاديث الأنبياء"، وقد نبه على ذلك محب الدين الخطيب رحمه الله في طبعته (6/ 378)، وأما في "عمدة القاري" فوقع كما هنا، وفيه أيضاً: "الأدب المفرد"! فألقي في النفس أنه سبق قلم من الحافظ قلده عليه العيني؛ كما هي عادته في التخريج! والله أعلم. 525 - وصله البزار عنه بلفظ: "من اعتجن عجينة أو طبخ قدراً فليكبها ... " الحديث، وقالَ: "لا أعلمه إلا بهذا الإسناد". قلت: وفيه علي بن زيد - وهو ابن جدعان - ضعيف، عن عبد الله بن قدامة بن صخر، وليس له ذكر في كتب الرجال. انظر: "كشف الأستار" (2/ 355/ 1843).

20 - باب قول الله تعالى: {لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين}

"الكريمُ ابنُ الكريمِ، ابنِ الكريمِ، ابنِ الكريمِ؛ يوسُفُ بنُ يعقوبَ بنِ إسحاقَ (29) بنِ إبراهيمَ عليهِمُ السلامُ". 20 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} 21 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (ارْكُضْ): اضْرِبْ. (يَركُضونَ): يَعْدُونَ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبى هريرة المتقدم "ج1/ 5 - الغسل/ 20 - باب/ رقم الحديث157"). 22 - بابُ قولِ اللهِ: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا (30) وَكَانَ رَسُولًا نَبِيّاً. وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً}: كَلَّمَهُ {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} يُقالُ للواحِدِ والاثنينِ والجميعِ: [نجيٌّ] (31)، ويقال: (خَلَصوا نَجيّاً): اعتَزَلوا نجيّاً، والجميعُ: أَنْجِيَةٌ: يتناجَوْنَ. (تَلَقَّفُ) (32): تَلَقَّمُ.

_ (29) قلتُ: وأما زيادة: "ذبيح الله"؛ فلا تصح كما بينته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (رقم 334) (30) بصيغة اسم الفاعل، والقراءة عندنا: "مخلَصاً" بصيغة اسم المفعول. (31) زيادة من نسخة الحافظ. (32) بهذا الضبط، والقراءة عندنا: {تَلْقَفْ} بالتخفيف وبالجزم؛ جواباً للأمرِ من لَقِفَهُ كسَمِعَهُ: إذا تناوله بسرعة، سواء كان التناول بالفم أو باليد.

23 - باب

23 - بابٌ (33) {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} إلى {مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم "ج1/ 1 - كتاب بدء الوحي/ 1 - باب/ رقم الحديث 3"). 24 - بابُ قولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى. إِذْ رَأَى نَارًا} إلى قولهِ: {بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى}، {آنَسْتُ}: أبصرتُ {نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} الآية 709 - قالَ ابنُ عباسٍ: (المقدَّسُ): المبارَك. (طُوى): اسمُ الوادي. (سيرَتها): حالَتَها. و (النُّهَى): التُّقَى. (بمَلْكِنا): بأمْرِنا. (هَوَى): شَقِيَ. 710 - (فارِغاً): إلا مِن ذكرِ موسي. 711 - (رِدْأً): كي يُصَدِّقَني. ويقالُ: مُغِيثاً أو مُعيناً، (يبطُشُ) و (يبْطِشُ). (يأتَمِرون): يتشاورون. و (الجَذْوَةُ): قطعةٌ غليظةٌ مِن الخَشَبِ ليس لها لَهَبٌ، [و (الشهابُ): فيه لَهَبٌ 6/ 18]. (سَنَشُدُّ): سنُعِينُكَ، كلما عزَّزْتَ شيئاً فقد جَعَلْتَ لهُ عضُداً. وقال غيره: كلما لم يَنْطِقْ بحرفٍ، أو فيه تَمْتَمَةٌ أو فَأْفَأةٌ فهي (عُقْدَةٌ). (أَزْري):

_ (33) لم تقع لفظة: "باب" في نسخة الحافظ، ولعله الصواب. 709 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 710 - وصله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي في "ابن عيينة" من طريق عكرمة، والطبري من طريق سعيد بن جبير؛ كلاهما عن ابن عباس. 711 - وصله ابن أبي حاتم من الطريق المذكورة المنقطعة.

25 - باب قول الله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما}

ظهري. (فَيُسْحِتَكُم): فيُهْلِكَكُم. (المُثْلَى): تأنيث الأمْثَلِ، يقولُ بدينِكُم، يُقالُ: خُذِ الأمثل، خُذِ الأمثلَ. (ثم أْتُوا صَفّاً): يقالُ: هل أتيتَ الصفَّ اليوم؟ يعني: المُصَلَّى الذي يُصلَّى فيه. (فأوجَسَ): أضمرَ خَوْفاً، فذَهَبَتِ الواو من (خِيفةٍ) لكسرةِ الخاء. (في جُذُوعِ النخلِ): على جذوعِ. (خَطْبُكَ): بالُك. (مِساسَ): مصدرُ ماسَّهُ مِساساً. (لَنَنْسِفَنَّهُ): لنُذْرِيَنَّهُ. (الضَّحَاءُ) (34): الحَرُّ. (قُصِّيهِ): اتَّبِعِي أَثَرَهُ، وقد يكون أن يَقُصَّ الكلامَ؛ (نَحْنُ نَقُصُّ عليكَ). (عَن جُنُبٍ): عن بُعدٍ، وعن جَنَابةٍ، وعن اجتنابٍ؛ واحدٌ. 712 - قالَ مجاهدٌ: (على قَدَرٍ): مَوْعِدٍ. (لا تَنِيَا): لا تَضْعُفا. (يَبَساً): يابساً. (مِن زينةِ القومِ): الحُلِيِّ الذي استعاروا من آلِ فرعونَ. (فقَذَفْتُها): فقذفتُ بها: ألقَيْتُها. (ألقى): صَنَعَ. (فنَسِيَ): موسي. هم يقولونَهُ: أخطأ الرَّبُّ (30). (أَنْ لا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً): في العجلِ. (قلت: أسند في طرفاً من حديث مالك بن صمصة من الإسراء الآتي "ج 2/ 63 - المناقب/ 40 - باب"). 25 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 1441 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ليلةَ أُسْرِيَ بي [بإيلياءَ 5/ 224] رأيتُ موسى، وإذا رَجُلٌ ضَرْبٌ (36)، رَجِلُ.

_ (34) يعني قوله تعالى {وَإنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى}. 712 - وصله الفريابي عنه، ورواه الطبري من طريق أخرى عنه نحوه. (35) أي: السامري ومن تبعه يقولون: نَسِيَ موسى ربه؛ أي: أخطأ حيث لم يخبركم أن هذا إلهه. (عيني). (36) أي: خفيف اللحم. و (الرَّجِل) بكسر الجيم: السبط المسترسل الشعر غير جعده.

26 - باب قول الله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة

[الرأسِ]، كأنَّهُ مِن رجالِ شَنُوءَةَ، ورأيتُ عيسى، فإذا هو رجلٌ رَبْعَةٌ أحمَرُ، كأنَّما خَرَج من دِيمَاسٍ [- يعني: الحمام- ورأيتُ إبراهيمَ]، وأنا أشبهُ ولدِ إبراهيمَ به، ثم أُتِيتُ بإناءَيْنِ (وفي روايةٍ: بقَدَحَيْنِ) في أحدِهِما لبنٌ، وفي الآخرِ خمرٌ، فقالَ: اشرَبْ أيَّهُما شئتَ-[فنظرَ إليهما 6/ 240]- فأخذتُ اللبنَ، فَشَرِبْتُهُ، فقيلَ: أخذتَ الفِطْرَةَ (وفي رواية: قالَ جبريلُ: الحمدُ للهِ الذي هداك للفِطْرةِ)، أَما إِنَّك لو أخَذْتَ الخمرَ غَوَتْ أمَّتُك". 1442 - عن ابنِ عباسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[فيما يرويه عن ربِّهِ 8/ 213] قالَ: "لا يَنْبَغي لعبدٍ أنْ يقولَ: أنا خيرٌ مِن يونُسَ بنِ مَتَّى"، ونَسَبَهُ إلى أبيهِ. 1443 - وذكرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ أُسْرِيَ به، فقالَ: "موسى آدَمُ طُوَالٌ، كأنَّهُ مِن رجالَ شَنُوءَةَ"، وقالَ: "عيسى جَعْدٌ مَربوعٌ"، وذكر مالِكاً خازِنَ النَّارِ، وذكَرَ الدَّجَّالَ. 26 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ. وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} إلى قوله: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} يُقالُ: (دَكَّهُ): زَلْزَلَهُ. (فدُكَّتا): فدُكِكْنَ؛ جَعَلَ الجبالَ كالواحِدَةِ، كما قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا}، ولم يقل: كُنَّ (رتقاً): ملتَصقَتَيْنِ. (أُشْرِبُوا): ثوبٌ مُشْرَبٌ: مَصْبوغٌ.

27 - [باب] حديث الخضر مع موسى عليهما السلام

713 - قالَ ابنُ عباس: (انْبَجسَتْ): انفجَرَتْ. (وإذ نَتَقْنا الجبلَ): رَفَعْنا. 1444 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لولا بَنو إسرائيلَ لَم يَخْنَزِ اللحمُ، ولولا حَوَّاءُ لم تَخُنْ أُنْثى زوجَها الدهرَ". (طُوفانٌ) (37): من السَّيْلِ، يُقالُ للموتِ الكثير: طُوفانٌ. (القُمَّلُ): الحُمْنَانُ؛ يُشْبِهُ صغارَ الحَلَمِ (38). (حَقِيقٌ): حقٌّ. (سُقِطَ): كُلُّ مَن نَدِمَ فقد سُقِطَ في يدِهِ. 27 - [بابُ] حديث الخَضِرِ مع موسى عليهما السلامُ 1445 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّما سُمِّيَ الخَضِرُ أنَّه جَلَسَ على فَرْوةٍ بيضاءَ (39)، فإذا هي تَهْتَزُّ مِن خَلْفِهِ خَضراءَ". 28 - بابٌ 1446 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ موسى كانَ رجُلًا حَيِيّاً سِتِّيراً، لا يُرى من جِلْدِهِ شيءٌ استحياءً منه (وفي طريق: كانت بنو إسرائيل يغتسلون عُراةً؛ ينظرُ بعضُهم إلى بعضٍ، وكانَ موسى

_ 713 - وصلَهُ ابنُ أبي حاتم بسند منقطع عنه. (37) يعني: قوله تعالى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ}. (38) الحلم: القراد العظيم. (39) (الفروة): جلدة وجه الأرض، ووصفها بالبياض لخلوِّها عن النبات.

29 - باب {يعكفون على أصنام لهم}

يغتسل وحدَهُ 1/ 73)، فآذاهُ مَن آذاهُ مِن بني إسرائيلَ، فقالوا: [والله] ما يَسْتَتِرُ هذا التَّسَتُرَ إلا مِن عَيْبٍ بجِلْدِهِ؛ إمّا بَرَصٍ، وإما أُدْرَةٌ، وإما آفةٌ، وإنَّ اللهَ أراد أن يُبَرِّئَهُ مما قالوا لموسى، فخلا يوماً وحدَهُ، فوضَعَ ثيابَهُ على الحَجَرِ، ثمَّ اغْتَسَلَ، فلما فَرغَ؛ أقبَلَ إلى ثيابِهِ ليأخُذَها، وإنَّ الحَجَرَ عدا بثوبِهِ، فأخذَ موسى عصاهُ، وطَلَبَ الحَجَرَ، فجَعَلَ يقولُ: ثوبي حجرُ! ثوبي حَجَرُ! حتى انتهى إلى ملإٍ من بني إسرائيلَ، فرأوْهُ عُرْياناً أحسنَ ما خَلَقَ اللهُ، وأَبْرَأَهُ مما يقولونَ، وقامَ الحَجَرُ، فأخذَ ثوبَهُ فلَبِسهُ، وطَفِقَ بالحَجَرِ ضرباً بعصاهُ، فواللهِ إنَّ بالحجرِ لَنَدَباً (40) مِن أثَرِ ضَرْبِهِ؛ ثلاثاً أوَ أربعاً أو خمساً (وفي طريق: ستةً أو سبعةً)، فذلك قولُه [تعالى 6/ 28]: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} ". 29 - بابٌ {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} (مُتَبَّرٌ): خُسرانٌ. (ولِيُتَبِّروا): يُدَمِّروا. (ما عَلَوا): ما غَلَبوا. (قلتُ: أسند فيه حديث جابر الآتي "ج 3/ 70 - الأطعمة/ 50 - باب"). 30 - باب {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الآية 714 - قال أبو العاليةِ: (عوانٌ): النَّصَف بين البِكْرِ والهَرِمَةِ. (فاقِعٌ): صافٍ. (لا ذَلولٌ):

_ (40) (النَّدَبُ): كالأثر وزناً ومعنىً. 714 - وصله آدم بنُ أبي إياس في "تفسيره" بسند فيه ضعف عنه.

31 - باب وفاة موسى وذكره بعد

لم يُذِلَّها العملُ. (تُثِيرُ الأرضَ): ليست بذَلولٍ تُثيرُ الأرضَ، ولا تعملُ في الحَرْثِ. (مُسَلَّمَةٌ): من العيوبِ. (لا شِيَةَ): بياض. (صفراءُ): إن شئتَ سوداءُ، ويقالُ: صفراءُ؛ كقولهِ: {جِمالاتٌ صُفْرٌ} (41). (فادَّارَأْتُمْ): اختَلَفْتُم. (قلتُ: لم يسند فيه حديثاً). 31 - بابُ وفاةِ موسى وذِكْرِهِ بَعْدُ 32 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ} إلى قولِه: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} 1447 - عن أبي موسى رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كَمُلَ مِن الرِّجالِ كثيرٌ، ولم يكْمُلْ من النِّساءِ إلا آسيةُ امرأةُ فرعونَ، ومريمُ بنتُ عِمرانَ، وإنَّ فَضْلَ عائِشَةَ على النِّساءِ؛ كَفَضْلِ الثَّريدِ على سائِر الطعامِ". 33 - بابٌ {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى} الآية (لَتَنُوءُ): لَتُثْقِلُ. 715 - قالَ ابن عباسٍ: (أولي القوةِ): لا يَرْفَعُها العُصْبَةُ مِن الرجالِ. يقال: (الفَرِحِين): المَرِحِين.

_ (41) أي: سُودٌ. 715 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع.

34 - باب قول الله تعالى: {وإلى مدين أخاهم شعيبا}

(ويْكأنَّ اللهَ) مِثْلُ: {أَوَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}: يُوَسِّعُ عليه ويُضَيِّقُ. 34 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}: إلى أهلِ مَدْينَ؛ لأن (مَدْيَنَ) بلدٌ، ومِثْلُهُ: {واسألِ القريةَ}، {واسألِ العيرَ}؛ يعني: أهلَ القريةِ، وأهلَ العيرِ. {وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا}: لم يَلْتَفِتُوا إليه، يُقالُ: إذا لم يقضِ حاجَتَهُ ظَهَرْتَ حاجَتِي، وجعلْتَني ظِهْريّاً. قالَ: (الظِّهْرِيُّ): أنْ تأخُذَ معك دابّةً أو وِعاءً تَسْتَظْهِرُ به. (مكانَتُهُم) ومكانُهُم واحدٌ. (يَغْنَوْا): يَعِيشُوا. (يَأْيَسُ) (42): يَحْزَنُ. (آسى): أَحْزَنُ. 716 - وقالَ الحسنُ: {إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}: يستَهْزئون به. 717 - وقالَ مجاهِدٌ: (لَيْكَةُ): الأَيْكَةُ. (يومُ الظُّلَّةِ): إظلالُ العذابِ عليهم. (قلت: لم يسند فيه حديثاً). 35 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} إلى قولهِ: {وَهُوَ مُلِيمٌ}: 718 - قال مجاهدٌ: مُذْنِبٌ. (المَشْحُونُ): المُوقَرُ.

_ (42) بهذا الشكل ليس لفظاً قرآنياً، ومع ذلك لا يوافقه تفسيره، فكأن قلم الناسخ أبى أن يطاوعه، فكتبه مقلوباً من يأسى، كيأبى، من أسى إذا حزن، وبابه تعب، قال تعالى: {فلا تأْسَ} {فكَيْفَ آسى}. 716 - وصله ابن أبي حاتم. 717 - وصله ابنُ أبي حاتمٍ أيضاً. 718 - وصله ابن جرير.

36 - باب {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت}

{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} الآية {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ}: بوجْهِ الأرضِ {وَهُوَ سَقِيمٌ. وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ}: من غيرِ ذاتِ أصلٍ: الدُّبَّاءِ ونحوِه. {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ. فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}. {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ}: (كَظِيمٌ): وهو مَغْمُومٌ. 1448 - عن عبدِ اللهِ (ابنِ مسعوِد) رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَقولَنَّ أحَدُكُم إنِّي (وفي روايةٍ: ما ينبغي لأحدٍ أن يقولَ: أنا 5/ 185) خيرٌ مِن يونُسَ [بنِ مَتَّى] ". 36 - بابٌ {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ}: يَتَعَدَّوْنَ: يتجاوزون في السبت {إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا}: شوارِعَ، إلى قولِهِ: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (قلت: لم يسند في حديثاً). 37 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وآتيْنا داودَ زَبوراً} (الزُّبُرُ): الكُتُبُ، واحدها زَبُورٌ. (زَبَرْتُ): كتبتُ. {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}: 719 - قالَ مجاهِدٌ: سَبِّحي معهُ. {والطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}: الدُّروعَ {وَقَدِّرْ فِي

_ 719 - وصله الفريابي عنه.

38 - باب

السَّرْدِ}: المساميرِ والحَلَقِ ولا تُدِقَّ (43) المسمارَ فَيَتَسَلْسَلَ، ولا تُعْظِمْ فَيَفْصِمَ. {أَفرِغْ}: أَنْزِلْ (44). {بَسْطَةً}: زيادةً وفضلًا. {وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. 1449 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "خُفِّفَ على داودَ عليهِ السلامُ القرآنُ، فكانَ يأمُرُ بدَوابِّهِ فتُسْرَجُ، فيقرأُ القرآنَ قبل أن تُسْرَجَ دوابُّهُ، ولا يأكُلُ إلا مِن عمَلِ يدِهِ". 38 - بابٌ 526 - " أحَبُّ الصلاةِ إلى اللهِ صلاةُ داود وأحبُّ الصيامِ إلى اللهِ صيامُ داودَ؛ كانَ ينامُ نصفَ الليلِ، ويقومُ ثُلُثَهُ، وينامُ سُدُسَهُ، ويصومُ يوماً، ويُفْطِرُ يوماً". 527 - وهو قولُ عائشة: ما ألفاهُ السَّحرُ عندي إلا نائماً. 39 - بابٌ {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} إلى قوله: {وَفَصْلَ الخِطابِ}: 725 - قالَ مجاهدٌ: الفَهْمَ في القضاء.

_ (43) ويروى: "ولا ترقَّ" بالراء بدل الدال؛ أي: لا تجعل مسمار الدرع دقيقاً أو رقيقاً حتى يستمسك ولا يتسلسل تسلسل الماء، ولا تعظم المسمار حتى لا يكسر الحلقة، وهو معنى الفصم. (44) قال الحافظ: لم أعرف المراد من هذه الكلمة هنا. 526 - هذه الترجمة طرف من حديث لابن عَمْرو أسنده المصنف هنا، وسيأتي بتمامه في "ج 3/ 66 - فضائل القرآن/ 34 - باب". 527 - يشير إلى حديثها المتقدم موصولاً "ج1/ 19 - التهجد/7 - باب". 720 - وصله ابن أبي حاتم بسند ضعيف عنه نحوه.

40 - باب قول الله تعالى: {ووهبنا لداوود سليمان نعم العبد إنه أواب}

{وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ} إلى {وَلَا تُشْطِطْ}: لا تُسْرِف {وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ. إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً}: يقالُ للمرأةِ: نعجةٌ، ويقالُ لها أيضاً: شاةٌ {وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا} مِثْلُ: {وَكَفَّلَهَا} ضَمَّها (45). {وعَزَّني}: غَلَبَني، صارَ أعَزَّ مني، أعْزَزْتُه: جعلتُه عزيزاً {في الخِطابِ}: يُقالُ: المُحَاوَرَةُ {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ}: الشُّرَكاءِ {لَيَبْغِي} إلى قولهِ: {أنَّما فتَنَّاهُ}: 721 - قالَ ابنُ عباسٍ: اختَبَرْناهُ. 722 - وقرأ عمرُ: {فَتَّنَّاهُ}؛ بتشديد التاء. {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ}. 40 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}: الراجِعُ المنيبُ، وقولهِ: {هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}، وقولهِ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ}: أذَبْنا له عينَ الحديدِ {وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ

_ (45) التلاوة عندنا: {وكَفَّلَها} بالتشديد على أن الفاعل مقدر، وهو الرب عز اسمه وزكريا مفعول، وتتحقق المثلية على هذه القراءة فقط، فإنَّ الإكفال والتكفيل سيان، وأما على قراءة التخفيف؛ فلا مثلية؛ لأن الإكفال لا يماثل الكفالة، فحينئذ يكون قول المؤلف: "ضمَّها" منظوراً فيه، ويقى عليه أيضاً أن زكريا مرفوع ممدوداً على قراءة التخفيف، ليس إلا بخلافه على قراءة الشديد، فإنه يمد ويقصر، كما يعلم بالمراجعة إلى التفاسير، فلا أدري كيف سكت الشارح عن هذه كلها؟! 721 - وصله ابن جرير وابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 722 - لم يخرجها الحافظ، وإنما قال: "هي مذكورة في الشواذ".

{يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ. يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ}: 723 - قالَ مجاهِدٌ: بُنيانٌ ما دونَ القُصورِ. {وتَماثيلَ وجِفانٍ كالجَوَابِ}: كالحِياضِ للإِبِلِ. 724 - وقالَ ابنُ عباسٍ: كالجَوْبَةِ مِن الأرضِ. {وقُدورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ. فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ}: الأَرْضَةُ {تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ}: عصاهُ {فَلَمَّا خَرَّ} إلى قولِهِ: {الْمُهِينِ}. {حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}: من ذكر ربي. {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}: يَمْسَحُ أعرافَ الخيلِ وعَرَاقِيبَها. {الأصفادُ}: الوَثَاقُ. 725 - وقالَ مجاهِدٌ: {الصَّافِناتُ}: صَفَنَ الفَرَسُ: رَفَعَ إحدى رجليهِ حتى تكونَ على طَرَفِ الحافِرِ. {الجِيادُ}: السِّرَاعُ. {جَسَداً}: شَيطاناً. {رُخاءً}: طَيبةً. {حيثُ أصابَ}: حيثُ شاءَ. {فامْنُنْ}: أَعْطِ. {بغيرِ حِسابٍ}: بغير حَرَجٍ. 1450 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمِعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "كانتِ امرأتانِ مَعَهُما ابناهُما، جاءَ الذئبُ فذَهَبَ بابنِ إحداهُما، فقالت: صاحِبَتُها: إنَّما ذَهَبَ بابنِكِ، وقالتِ الأخرى: إنَّما ذَهَبَ بابنِكِ، فتحاكما إلى داودَ

_ 723 - وصله عبد بن حميد عنه. 724 - وصله ابن أبي حاتم عنه. 725 - وصله الفريابي عنه.

41 - باب قول الله تعالى: {ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله}

[عليه السلامُ 8/ 12]، فقضى بهِ للكُبرى، فخَرَجتا على سليمانَ بنِ داودَ عليهما السلامُ، فأخبَرَتاهُ، فقالَ: ائْتوني بالسِّكِّينِ؛ أشُقُّهُ بينَهُما! فقالتِ الصُّغْرى: لا تَفْعَلْ يرحَمُكَ اللهُ، هو ابنُها! فقضى بهِ للصُّغْرى". قال أبو هريرة رضيَ اللهُ عنه: واللهِ إنْ سَمِعْتُ بالسِّكِّينِ إلا يومئذٍ، وما كُنَّا نقولُ إلا المُدْيَةَ. 41 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ} إلى قوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ. وَلَا تُصَعِّرْ}: الإعراضُ بالوجْهِ 1451 - عن عبدِ اللهِ (ابنِ مسعودٍ) رضيَ اللهُ عنه قالَ: لمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}؛ شَقَّ ذلك على المسلمينَ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! أيُّنا لا يظلِمُ نفسَهُ؟ قالَ: "ليسَ ذلك؛ إنَّما هو الشِّرْكُ، ألمْ تَسْمَعوا ما قالَ لُقمانُ لابنِهِ وهو يَعِظُهُ: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}؟ (وفي روايةٍ: فنزلتْ: {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}) ". 42 - بابٌ {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ} الآيةِ، {فَعَزَّزْنا}: 726 - قالَ مجاهدٌ: شَدَّدْنا.

_ 726 - وصله الفريابي عنه.

43 - باب قول الله تعالى: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا.

727 - وقالَ ابن عباسٍ: {طائرُكُم}: مصائبُكُم. (قلتُ: لم يذكر المصنف في البابِ حديثاً مرفوعاً). 43 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا. إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً. قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا} إلى قولهِ: {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} 728 - قالَ ابنُ عباسٍ: مِثْلاً. يُقالُ: {رَضِيّاً}: مَرْضيّاً. {عِتِيّاً}: عَصِيّاً (46)، عتا يعتو. {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيّاً} إلى قولِهِ: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا}، ويُقالُ: صحيحاً. {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً}؛ (فأوحَى): فأشارَ. {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بقوَّةٍ} إلى قولِه: {وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}. (حَفِيّاً): لطيفاً. (عاقِراً): الذكر والأنثى سواءٌ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث مالك بن صعصعة في الإسراء الآتي "ج 2/ 63 - المناقب/ 39 - باب"). 44 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيّاً}، {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ}، {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} إلى قولِه: {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}:

_ 727 و 728 - وصلهما ابنُ أبي حاتم بسند منقطع عنه. (46) بهذا الضبط والصواب بالسين. يقال: عتا الشيخ يعتو عتياً، وعسا يعسو عسياً، إذا انتهى سنه وكبر، وشيخ عاتٍ وعاسٍ إذا صار إلى حالة اليبس والجفاف.

45 - باب {وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين.

729 - قالَ ابنُ عباسٍ: (وآلُ عمرانَ): المؤمِنون من آلِ إبراهيمَ وآلِ عمرانَ وآلِ ياسينَ وآلِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ}: وهم المؤمنون. ويقالُ: (آلُ يعقوبَ): أهلُ يعقوبَ، فإذا صَغَّرُوا آلَ ثم رَدُّوهُ إلى الأصلِ قالوا: أُهَيْلٌ. 1452 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه سمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "ما مِن بني آدَمَ مولودٌ [يُولَدُ 5/ 166] إلا يَمَسُّهُ الشيطانُ [في جَنْبَيْهِ بإِصْبَعِهِ 4/ 94] حينَ يُولَدُ، فيَسْتَهِلُّ صارِخاً مِن مَسِّ الشيطانِ [إياه]؛ غَيْرَ مريمَ وابنِها [عيسى، ذَهَبَ يطعَنُ، فطَعَنَ في الحجابِ] ". ثم يقولُ أبو هريرة: [واقرؤوا إنْ شئتُم:] {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}. 45 - بابٌ {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ. يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ. ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ}. يقالُ: (يَكْفُلُ): يَضُمُّ. (كَفَلَها): ضمَّها؛ مخففةً، ليس مِن كَفَالةِ الدُّيُونِ وشِبْهِهَا (47).

_ 729 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. (47) لا يخفى أنَّ الكفالة سواء كانت بالمالِ أو بالنفس من معنى الضم أيضاً، إذ هي ضم ذمة إلى=

46 - باب قول الله تعالى: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم} إلى قوله: {كن فيكون}

1453 - عن عليٍّ رضيَ اللهُ عنه قالَ: سمعت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "خيرُ نسائِها مَرْيَمُ ابنةُ عِمرانَ، وخيرُ نسائِها خديجَةُ". 46 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} إلى قوله: {كُنْ فَيكونُ} {يُبَشَرُكِ}، ويبْشُرُكِ واحد. (وَجِيهاً): شَرِيفاً. 730 - وقالَ إبراهيمُ: (المسيحُ): الصِّدِّيقُ. 731 - وقالَ مجاهدٌ: (الكهلُ): الحليم. و (الأكْمَهُ): مَن يُبصِرُ بالنهارِ، ولا يُبْصِرُ بالليلِ. وقالَ غيره: مَن يولدُ أعمى. 47 - [بابُ] قولهِ عزَّ وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}. 732 - قالَ أبو عبيدٍ: (كَلِمَتُهُ): كن فكان. وقالَ غيرُه: {وروحٌ منه}،: أحياهُ فجَعَلَهُ روحاً، {ولا تقولوا ثلاثةٌ}.

_ = ذمة في المطالبة، نعم فرق بين فاعليهما، ف (الكفيل): الضامن، و (الكافل): هو الذي يعول إنساناً، وبعضهم لا يفرق بينهما في الفاعل أيضاً. 730 - وصله سفيان الثوري في "تفسيره" بسند صحيح عنه، وهو إِبراهيم بن يزيد النخعي. 731 - وصله الفريابي عنه. 732 - هو أبو عبيد القاسم بن سلام.

48 - باب {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها}

1454 - عن عُبادةَ رضيَ اللهُ عنه عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن شَهِدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ لهُ، وأنَّ محمداً عبدُهُ ورَسولُه، وأنَّ عيسى عبدُ اللهِ ورسولُه وكَلِمَتُه ألْقاها إلى مريمَ وروح منهُ، والجَنَّةُ حق، والنارُ حقٌّ؛ أدخَلَهُ اللهُ [مِن أبوابِ] الجنَّةِ [الثمانيةِ أيهَا شاءَ] على ما كانَ مِن العَمَلِ". 48 - بابٌ {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا} - (فَنَبَذْناهُ): ألْقيناهُ-: اعتزَلَتْ. {شَرْقيًّا}: مما يلي الشرقَ. {فَأجَاءَها}: أفْعَلْتُ من جِئْتُ، ويقال: أَلْجَأَها: اضطَرها. {تَسَّاقِطْ} (48): تَسْقُطْ. {قَصِيًّا}؛ قَاصِياً. {فَرياً}: عظيماً. 733 - قالَ ابنُ عباس: {نِسْياً} (*): لم أكن شيئاً. وقالَ غيرهُ: (النسْيُ): الحقيرُ. 734 - وقال أبو وائِل: عَلِمَتْ مَريمُ أنَّ التَّقِي ذو نُهْيَةٍ حينَ قالت: {إنْ كنْتَ تَقِياً}. 735 - عن البراءِ: {سَرِياً}: نهر صغير بالسُّرْيَانيةِ. 1455 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لمْ يَتَكَلمْ في المهدِ إلا ثلاثةٌ: عيسى.

_ (48) بتشديد السين، أصله تتساقط، وتلاوتنا: {تُساقط} بضم أوله من الرباعي. 733 - وصله ابنُ جرير عنه. (*) قوله: {نِسْياً} بكسر النون، والتلاوة: {نَسْياً} بفتحها. 734 - وصله عبد بن حُميد عنه. 735 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله ابن أبي حاتم والحاكم بسند صحيح عنه.

وكانَ في بني إسرائيلَ رجل يُقالُ لهُ: جُرَيْجٌ، كانَ يُصلي، جاءَتْهُ أمهُ، فدَعَتْهُ [وهو في صَوْمَعةٍ 2/ 60]، فقالَ: أجِيبُها أو أصلِّي؟ (وفي طريق أخرى: اللهمَّ! أمي وصلاتي. قالت: يا جُرَيْجُ! قالَ: اللهمَّ! أمي وصلاتي)، [ثم أَتَتْهُ] [قالت: يا جُرَيْجُ! قالَ: اللهُم أمي وصلاتي] [فأبى أن يُجِيبَها 3/ 108]، فقالَتِ: اللهُمَّ! لا تُمِتْهُ حتى تُرِيَهُ وجوهَ المُومِساتِ، وكانَ جريجٌ في صومعَتِهِ، [فقالتِ امرأةٌ] [راعيةٌ ترعى الغَنَمَ:] [لأفتِنَنَ جُريجاً]، فتعرَّضَتْ لهُ، فكلمَتْهُ، فأبى، فأتَتْ راعِياً، فأمْكَنَتْهُ مِن نفسِها، فوَلَدَتْ غُلاماً، [فقيلَ لها: ممن هذا الولدُ؟]، فقالت: {هو} من جُرَيْج، فأتَوهُ، فكَسَروا صَوْمَعَتَهُ، وأنزلوهُ، وسَبُّوهُ، فتوضأ وصلَّى، ثم أتى الغلامَ، فقالَ: [أين هذه التي تَزْعُمُ أنَّ ولدَها لي؟! قالَ:] مَن أبوكَ يا غُلامُ؟ فقالَ: الراعِي. قالوا: نبني صومَعَتَكَ مِن ذَهَبٍ؟ قالَ: لا؛ إلا مِن طِينٍ. وكانَتِ امرأة تُرْضعُ ابْناً لها من بني إسرائيلَ، فمرَّ بها رَجُل راكِب، ذو شارَةٍ (49)، فقالتِ: اللهُمَّ! اجعَلِ ابني مثلَه، فترَكَ ثديَها، وأقبلَ على الراكبِ فقالَ: اللهُمَّ! لا تَجْعَلْني مثلَه، ثم أقبلَ على ثَدْيِها يَمَصهُ -قالَ أبو هريرة رضيَ اللهُ عنه: كأني أنظرُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَمَصُّ أصْبُعَهُ- ثم مُرَّ بأَمةٍ [تُجَرَّر ويُلْعَبُ بها 4/ 148]، فقالتِ: اللهُمَّ! لا تَجْعَلِ ابني مثلَ هذه، فتركَ ثَدْيَها فقالَ: اللهُمَّ! اجْعَلْني مثلَها، فقالَتْ: لمَ ذاك؟ فقالَ: [أمَّا]، الراكِبُ؛ [فإنه كافرٌ] جبَّارٌ من الجبابِرَةِ، و [أمَّا] هذه الأمَةُ؛ [فإنَّهم] يقولون [لها]: سرَقْتِ، [وتقولُ: حَسْبِيَ اللهُ، ويقولون:] زَنيتِ، [وتقولُ: حَسْبِيَ اللهُ]، ولم تفعَلْ".

_ (49) أي: ذو هيئة حسنة.

1456 - قالَ عبدُ اللهِ (ابن عمر): ذَكَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يوماً بينَ ظهرَيِ الناسِ المسيحَ الدجالَ، فقالَ: "إِنَّ اللهَ ليسَ بأعْوَرَ، ألا إِنَّ المسيحَ الدجالَ أعورُ العينِ اليمنى، كأن عينَهُ عِنَبَةٌ طافِيَةٌ، [أحمرُ، جَسِيمٌ، جَعْدُ الرأسِ] "، [قالَ: لا واللهِ! ما قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لعيسى: أحمر. ولكن قالَ]: "وأراني الليلةَ عند الكعبةِ في المنامِ [أطوفُ]، فإذا رجلٌ آدمُ كأحسنِ ما يُرَى من أُدْمِ الرجالِ، [له لِمَّةٌ كأحسنِ ما أنت راءٍ من اللِّمَمِ 7/ 58] تَضْربُ لِمَّتُهُ بينَ مَنْكبيْهِ، رَجِلُ (وفي طريق: سَبِطُ) الشعرِ، يَقْطرُ (وفي طريق: يَنْظفُ 8/ 79) رأسُهُ ماءً، واضعاً يدَيْهِ على مَنْكِبَيْ رجلين، وهو يطوفُ بالبيتِ، فقلتُ: مَن هذا؟ فقالوا: هذا المسيحُ ابنُ مريم، ثم رأيتُ رَجُلاً وراءَهُ جَعْداً قَطَطاً (50) (وفي روايةٍ: فذهبتُ ألتفتُ، فإذا رجلٌ أحمرُ، جَسِيمٌ، جَعْدُ الرأسِ) أعورُ عينِ اليمنى، [كانها عِنَبَةٌ طافية 8/ 72]، كَأشْبَهِ مَنْ رأيتُ بابنِ قَطَنٍ -[قال الزُهرِي: رجلٌ [من بني المصطَلِقِ] من خُزاعة، هَلَكَ في الجاهليةِ]- واضعاً يديهِ على مَنْكِبَيْ رَجلٍ، يطوفُ بالبيتِ، فقلتُ: مَن هذا؟ قالوا: المسيحُ الدجالُ". (وفي طريق ثالثة عنه؛ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "رأيتُ عيسى وموسى وإبراهيمَ، فأما عيسى فأحمرُ، جَعْدٌ، عريضُ الصَّدْرِ، وأما موسى فآدَمُ؛ جَسِيم، سَبْط، كأنَّه من رجال الزُّطِّ") (51).

_ (50) بفتح الطاء وكسرها: شديد جعودة الشعر. (51) في حديث ابن عباسٍ المتقدم "ج 2/ 60 - الأنبياء/ 10 - باب" قال: "أما إبراهيم فانظروا=

49 - باب نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام

1457 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أوْلى الناسِ بعيسى ابنِ مريمَ في الدنيا والآخرة [ليس بيني وبينَه نبيٌّ]، والأنبياءُ إخوة (وفي طريق: أولادٌ) لِعَلاَّتٍ (52)، أمهاتُهم شتَّى، ودينُهم واحدٌ". 1458 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "رأى عيسى ابنُ مريمَ رجلًا يَسْرِقُ، فقالَ له: أسَرَقْتَ؟ قالَ: كلا والذي لا إله إلا هو. فقالَ عيسى: آمنتُ باللهِ، وكذَّبْتُ عيني". 49 - بابُ نزولِ عيسى ابنِ مريمَ عليهما السلامُ 1459 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيدِهِ؛ لَيُوشِكَنَّ أنْ (وفي رواية: لا تقومُ الساعةُ حتى 3/ 107) ينزِلَ فيكُم ابنُ مريمَ حَكَماً عدْلًا (وفي روايةٍ: مُقْسطاً 3/ 40)، فيكْسِرَ الصليبَ، ويَقْتُلَ الخِنْزيرَ، ويَضَعَ الجِزْيَةَ، ويَفِيضَ المالُ حتى لا يقبلَهُ أحدٌ، حتى تكونَ السجدةُ الواحدةُ خيراً من الدنيا وما فيها". ثم يقول أبو هريرة رضي اللهُ عنه: واقْرَؤُوا إنْ شِئْتُم: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}. 1460 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

_ = إلى صاحبكم"، ومثله في حديث أبي هريرة المتقدم "25 - باب"، وفيه أن عيسى أحمر. و" الزُّطُّ": جنس من السودان، أو نوع من الهنود طوال الأجساد. (52) بفتح المهملة: الضرائر، وأصله: أن من تزوج امرأةً ثم تزوج أخرى؛ كأنه علَّ منها. و (العلل): الشرب بعد الشرب.

50 - باب ما ذكر عن بني إسرائيل

"كيفَ أنْتُم إذا نَزَلَ ابنُ مريَمَ فيكُم وإمامُكُم مِنْكُم" (53). بسم الله الرحمن الرحيم 50 - بابُ ما ذُكِرَ عن بني إسرائيل 1461 و 1462 - عن رِبعيِّ بنِ حِراش قالَ: قالَ عقبةُ بنُ عمرٍو لحُذيفةَ: ألا تُحَدِّثُنا ما سمعتَ من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: إني سمعتُهُ يقولُ: "إنَّ مع الدَّجال إذا خَرَج ماءً وناراً، فأما الذي يَرَى الناسُ أنَّها النارُ؛ فماءٌ بارِدٌ، وأما الذي يَرَى الناسُ أنَّه ماءٌ بارِدٌ؛ فنارٌ تُحْرِقُ، فمَن أدْرَكَ ذلك منكُم؛ فلْيَقَعْ في الذي يرى أنَّها نارٌ؛ فإنَّهُ عَذْب بارِدٌ".

_ (53) زاد مسلم (1/ 94 - 95): (قال ابن أبي ذئب: أتدري ما أمكم منكم؛ قلتُ: تخبرني. قالَ: أمكم بكتاب ربكم وسنة نبيكم". قلتُ في تعليقي على "مختصر مسلم" للمنذري، رقم الحديث (2060): "هذا صريحٌ في أن عيسى عليه السلام يحكم بشرعنا، ويقضي بالكتاب والسنة، لا بغيرهما من الإنجيل أو الفقه الحنفي". قلت: فاستغلَّ هذا بعض متعصبة الحنفية، فأشاع بين الناسِ أنني طعنت في المذهب الحنفي! والحق أنني أشرتُ بذلك إلى الرد على بعض متعصبتهم من أهل العلم عندهم؛ الذين صرحوا بأن عيسى عليه السلام سيحكم بالمذهب الحنفي! وهذا شائع في بعض البلاد الأعجمية. قال الشيخ البرزنجي في "الاشاعة لأشراط الساعة": "وقع لبعض جهلة الحنفية أنه ادعى أن كلًّا من عيسى والمهدي يقلد مذهب الإمام أبي حنيفة. ووقفت للشيخ علي القاري على تأليف سماه: "المشرب الوردي في مذهب المهدي" نقل فيه هذا القول، ورد عليه رداً مشبعاً، وجَهلَهُ". قال العلامة صديق حسن خان في "الإذإعة" (ص 163): "وهذا القول مردود في حق آحاد الأمة المحمدية، فكيف في حق النبي والإمام ... ؟! ".

1463 و 1464 - (قال حذيفةُ:) وسمعتُهُ يقولُ: "إنَّ رجُلًا [كان ممَّنْ قبلَكُم يُسيءُ الطنَّ بعَمَلِهِ 7/ 185] حضرَهُ الموتُ، فلما يَئِسَ من الحياةِ أوصى أهلَهُ؛ إذا أنا مُتُّ؛ فاجْمِعوا لي حَطَباً كثيراً، وأوقِدوا فيه ناراً، حتى إذا أكَلَتْ لحمي، وخَلَصَتْ إلى عظمي، فامتَحَشَتْ (54) فخُذوها فاطْحَنوها، ثم انظروا يوماً راحاً (55) فاذْرُوهُ في اليَمِّ، ففعلوا، فجَمَعَهُ [اللهُ 4/ 151]، فقالَ له: لِمَ فَعَلْتَ ذلك؛ قالَ: مِن خَشْيَتِكَ (وفي روايةٍ: ما حملني عليه إلا مخافَتُكَ)، فغَفَرَ اللهُ له". قال عقبةُ بنُ عمرو: وأنا سمعتهُ يقولُ ذلك، وكانَ نبَّاشاً. 1464 - عن أبي حازمٍ قالَ: قاعَدْتُ أبا هريرة رضيَ اللهُ عنه خمسَ سنينَ، فسمعْتُه يحدثُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "كانت بنو إسرائيل تَسُوسُهُمُ الأنبياءُ، كلَّما هَلَكَ نبيٌّ خَلَفَهُ نبيٌّ، وإنَه لا نبيَّ بعدي، وسيكَونُ خلفاءُ فَيَكْثُرُونَ". قالوا: فما تأمُرُنا؟ قالَ: "فُوا ببيعةِ الأولِ فالأولِ، اعطُوهُم حقَّهُم، فإنَّ اللهَ سائِلُهم عما استَرْعاهُم". 1466 - عن أبي سعيد رضيَ الله عنه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لَتَتَّبِعُنَ سَنَنَ مَن [كانَ 8/ 151] قبلَكم شِبراً بشِبْرٍ، وذِراعاً بذراعٍ، حتى لو سلَكُوا جُحْر ضبٍّ لَسَلَكْتُموهُ". قلْنا: يا رسولَ اللهِ! اليهودَ والنَّصارى؟ قالَ:

_ (54) بهذا الضبط، ولأبي ذر بضم التاء وكسر الحاء؛ أي: احترقت. (55) أي: كثير الريح.

حديث أبرص وأقرع وأعمى في بني إسرائيل

"فَمَنْ؟! ". 1467 - عن عائشة رضيَ اللهُ عنها أنها كانت تكرَهُ أنْ يَجْعَلَ المُصَلِّي يَدَهُ في خاصِرَتِهِ، وتقولُ: إنَّ اليهودَ تفْعَلُهُ. 1468 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "بَلِّغوا عني ولو آيةً، وحَدِّثوا عن بني إسرائيلَ ولا حَرَج، ومَن كَذَبَ عليَّ متَعَمِّداً؛ فلْيَتَبَوَّأ مَقْعَدَهُ مِن النارِ". 1469 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ اليهودَ والنَّصارى لا يَصْبُغونَ؛ فخالِفوهُم". 1470 - عن الحَسَنِ قالَ: حدثنا جُنْدَبُ بنُ عبدِ اللهِ في هذا المسجدِ، وما نَسِينا منذ حدثنا، وما نخشى أن يكونَ جُنْدَبٌ كَذَبَ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كانَ فيمَنْ كانَ قبلَكُم رجلٌ بهِ جُرْحٌ، فجَزِعَ، فأخَذَ سِكِّيناً فحَز (56) بها يَدَهُ، فما رَقَأَ الدمُ حتى ماتَ؛ قالَ اللهُ تعالى: بادَرَني عبدي بنفسِهِ؛ حَرَّمْتُ عليه الجنةَ". حديثُ أبرصَ وأقرعَ وأعمى في بني إسرائيلَ 1471 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّه سَمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:

_ (56) (حز): قطع. (رقأ): انقطع. والحديث من رواية الحسن عن جندب سماعاً منه كما ترى، ففيه ردّ على من نفى سماعه منه، فراجع لهذا "الصحيحة " (3013).

"إنَّ ثلاثةً في بني إسرائيلَ أبرَصَ وأعمى وأقرعَ؛ بدا للهِ (وفي روايةٍ: أرادَ اللهُ 7/ 223) (57) عزَّ وجلَّ أنْ يَبْتَلِيَهُم، فبَعَثَ إِليْهِمْ مَلَكاً، فأتى الأبرصَ فقالَ: أيُّ شيءٍ أحبُّ إليك؟ قالَ: لونٌ حَسَنٌ، وجِلْدٌ حَسَنٌ، قد قَذِرَني الناسُ. قالَ: فمَسَحَهُ، فذَهَبَ عنهُ، فأُعْطيَ لوناً حسناً، وجِلداً حسناً. فقالَ: أيُّ المالِ أحبُّ إليك؟ قالَ: الِإبلُ -أو قالَ: البقرُ. هو (58) شَكَّ في ذلك إِنَّ الأبرصَ والأقرعَ قالَ أحدُهما: الِإبلُ، وقالَ الآخرُ: البقرُ -فأُعْطِيَ ناقةً عُشراءَ (59)، فقالَ: يبارَكُ لك فيها. وأتى الأقرعَ فقالَ: أيُّ شيءٍ أحبُّ إليك؟ قالَ: شعرٌ حَسَنٌ، ويذهبُ عني هذا، قد قَذِرَني الناسُ. قالَ: فمَسَحَهُ، فذَهَبَ، وأُعطِيَ شعراً حسناً. قالَ: فأيُّ المالِ أحب إليكَ؟ قالَ: البقرُ. قالَ: فأعطاهُ بقرةً حامِلاً، وقالَ: يُبارَكُ لك فيها. وأتى الأعمى فقالَ: أيُّ شيءٍ أحَب إليكَ؟ قالَ: يَرُدُّ اللهُ إلي بَصَري، فأبْصِرُ به الناسَ. قالَ: فمَسَحَهُ، فردَّ اللهُ إليه بصَرَهُ. قالَ: فأيُّ المالِ أحب إليكَ؟ قالَ: الغنم. فأعطاهُ شاةً والداً.

_ (57) قلت: وهي رواية مسلم، وهذا هو المحفوط، وفي إسناد الأولى: (عبد الله بن رجاء)، وهو الغداني، وفي حفظه كلام. قال الحافظ في "التقريب": "صدوق، يهم قليلاً". ونسبة البداء إلى الله لا يجوز. ومال الحافظ إلى أن الرواية الأولى من تغيير الرواة، وظني أنه من الغداني كما ألمحت إليه، والرواية المحفوظة لم يستحضرها الحافظ أنها عند المصنف، فعزاها لمسلم وحده! (58) يعني: إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أحد رواته كما في رواية مسلم. وقوله: "إن الأبرص" بفتح الهمزة وكسرها. (59) هي الحامل التي أتى عليها في حملها عشرة أشهر من يوم طرَقها الفحل.

فأنْتِجَ هذانِ (60)، ووَلَّدَ هذا، فكانَ لهذا وادٍ مِن إبل، ولهذا وادٍ مِن بقرٍ، ولهذا وادٍ مِن الغنمِ. ثم إنَّه أتى الأبرصَ في صُورَتِهِ وهيئتِهِ (61)، فقالَ: رجل مسكين، تَقَطَّعَتْ بِي الحِبالُ في سفري، فلا بلاغَ [لي] اليومَ إلا باللهِ ثمَّ بكَ، أسألك بالذي أعطاكَ اللونَ الحَسَنَ، والجلدَ الحَسَنَ، والمالَ بَعيراً أتَبَلَّغُ عليه في سفري. فقالَ له: إنَّ الحقوقَ كثيرة. فقالَ له: كأني أعْرِفُكَ، ألَمْ تَكُنْ أبرصَ يَقْذَرُكَ الناسُ، فقيراً فأعطاكَ اللهُ؟ فقالَ: لقد ورِثْتُ لِكابِرٍ عن كابِرٍ! فقالَ: إنْ كنتَ كاذِباً فصَيَّرَكَ اللهُ إلى ما كُنْتَ. وأتى الأقرعَ في صورتِهِ وهيئتِهِ، فقالَ لهُ مثلَ ما قالَ لهذا، فرَدَّ عليه مثلَ ما رَدَّ عليه هذا! فقالَ: إنْ كُنْتَ كاذِباً فصَيَّرَكَ اللهُ إلى ما كنتَ. وأتى الأعمى في صُورتِه، فقالَ رجل مسكين، وابنُ سبيلٍ، وتقطَّعَتْ بِي الحِبالُ في سفري، فلا بلاغَ اليومَ إلا باللهِ ثمَّ بكَ، أسألُكَ بالذي رَدَّ عليك بصرَكَ شاةً أتَبَلَّغُ بها في سفري. فقالَ: قد كنتُ أعمى، فرَدَّ اللهُ بصري، وفقيراً، فقد أغناني، فخُذْ ما شئتَ، فواللهِ لا أجْهَدُكَ اليومَ بشيءٍ أخذتَهُ للهِ (62). فقالَ: أمْسِكْ مالَكَ، فإنَّما ابتُليتُم، فقد رضيَ اللهُ عنكَ، وسَخِطَ على صاحِبَيْكَ".

_ (60) أي: صاحبا الِإبل والبقر، و (هذا)؛ أي: صاحب الغنم. قوله: "من الغنم"، ولأبي ذر: "من غنم". (61) أي: في الصورة التي كان عليها لما اجتمع به وهو أبرص. (62) أي: لا أشق عليك في رد شيء تطلبُهُ مني أو تأخذه.

51 - باب {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم}

51 - بابُ {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ} (الكَهْفُ): الفَتْحُ في الجبلِ. و (الرَّقِيمُ): الكتابُ، (مَرْقُومٌ): مَكتوب مِن الرَّقْمِ. {وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ}: ألْهمناهم صبراً. [شَطَطاً]: إفراطاً. (الوَصِيدُ): الفِناءُ، وجَمْعُهُ: وصائِدُ ووُصُدٌ، ويقالُ: (الوَصِيدُ): البابُ، (مُؤصَدَة): مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البابَ وأوصَدَ. {بَعَثْناهُم}: أحْيَيْناهُم. {أزكى}: أكثرُ رَيْعاً. (فَضَرَبَ اللهُ على آذانِهِم): فناموا. {رَجْماً بالغيبِ}: لم يَسْتَبِنْ. 736 - وقالَ مجاهد: {تَقْرِضُهُم}: تَتْرُكُهُم. (قلتُ: أسند في حديث ابن عمر في قصة نفر الغار المتقدم "ج 2/ 37 - الإجارة/ 12 - باب"). 52 - بابٌ 1472 - عن أبي سعيدٍ رضيَ اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "كانَ في بني إسرائيلَ رجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وتسعينَ إنساناً (63)، ثمَّ خَرَجَ يسألُ (64)،

_ 736 - يأتي في "ج 2/ 65 - التفسير/ 18 - سورة الكهف". (63) قلت: زاد أحمد (3/ 20): "ثم عرضت له التوبة". وسنده صحيح. واعلم أن هذا الحديث من أصح الأحاديث التي تتحدَّث عن بني إسرائيل والعجائب التي وقعت فيهم؛ لأنه من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي لا ينطق عن الهوى أولاً، ولأنه مما قد صح إسناده عنه بذلك ثانياً، فهو وأمثاله مما يشمله -ولا شك- عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - المتقدِّم قريباً (1468): " ... وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ..... "، وهذا القدر منه قد صحَّ من طرق عنه - صلى الله عليه وسلم -؛ كما هو مخرَّج في "الضعيفة" (3482) لمناسبة اقتضت ذلك. (64) أي: عن أعلم أهل الأرض؛ كما في رواية مسلم. وقوله: "فناء" بنون ومد وبعد الألف همزة؛ أي: مال.

فأتى راهِبًا فسألَهُ، فقالَ لهُ: هل مِن توبةٍ؟ قالَ: لا. فقَتَلَهُ، فجَعَلَ يسألُ، فقالَ لهُ رجلٌ: ائتِ قريةَ كذا وكذا، فأدْرَكَهُ الموتُ، فَنَاءَ بصدْرِهِ نَحْوَها، فاخْتَصَمَتْ فيه ملائكَةُ الرحمةِ وملائكةُ العذابِ، فأوحى اللهُ إلى هذه أنْ تَقَرَّبي، وأوحى إلى هذه أنْ تباعَدي، وقالَ: قِيْسُوا ما بينَهُما، فوُجِدَ إلى هذه أقرَبَ بشبرٍ، فغُفِرَ لهُ" (65). 1473 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: صلى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الصُّبْحِ، ثم أقبلَ على الناسِ، فقالَ: "بينا رجُلٌ يَسوقُ بقرةً إذ رَكِبَها (وفي روايةٍ: قد حَمَلَ عليها 4/ 192)، فضَرَبها، [فالتفَتَتْ إليه، فكَلمَتْهُ]، فقالَتْ: إنَّا لَم نُخْلَقْ لهذا، إنما خُلِقْنا للحَرْثِ"، فقالَ الناسُ: سبحانَ اللهِ! بقرةٌ تَكَلمُ! فقالَ: "فإني أُومِنُ بهذا؛ أنا، وأبو بكرٍ، وعُمَرُ" -وما هما ثَمَّ- "وبينَما رجُلٌ (وفي طريق: راع) في غنمِهِ، إذ عدا [عليهِ] الذئبُ، فذَهَب منها بشاةٍ، فطَلَبَ [ـه الراعي]، حتى كأنه استنقذَها منه، [فالتفتَ إليه الذئبُ]، فقالَ لهُ: هذا استَنْقَذْتَها مني، فمن لها يومَ السَّبُعِ، يومَ لا راعيَ لها غيري؟ "، فقالَ الناسُ: سبحانَ اللهِ! ذئبٌ يتَكَلَّمُ! قالَ: "فإنى أومِن بهذا أنا وأبو بكرٍ وعمرُ"، وما هما ثَمَّ (وفي روايةٍ: قالَ أبو سلمة: وما هما يومئذٍ في القومَ). 1474 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اشترى رجلٌ مِن رجل عَقَاراً لهُ، فوَجَدَ الرجلُ الذي اشترى العَقارَ في عَقارِهِ

_ (65) قد جاء في مسلم (كتاب التوبة/ 8 - باب)، وأحمد (3/ 20) بأتم مما هنا، فانظر "الصحيحة" (2640).

جَرَّةً فيها ذهبٌ، فقالَ لهُ الذي اشترى العَقارَ: خُذْ ذَهَبَكَ مني، إنما اشترَيْتُ منكَ الأرضَ، ولم أبْتَعْ منكَ الذهبَ، وقال الذي لهُ الأرضُ: إنما بعْتُك، الأرضَ وما فيها، فتحاكما إلى رجلٍ، فقالَ الذي تَحاكَما إليهِ: ألَكُما وَلَدٌ؟ قالَ أحدُهما: لي غلامٌ، وقالَ الآخرُ: لي جارِيةٌ. قالَ: أنْكِحوا الغلامَ الجاريةَ، وأنْفِقوا على أنْفُسِهِما منه (66)، وتَصَدَّقا". 1475 - عن عامرِ بنِ سَعْدِ بنِ أبي وقاصٍ عن أبيهِ أنه سَمِعَهُ يسألُ أسامَةَ ابنَ زيدٍ: ماذا سمعتَ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في الطاعونِ؟ فقالَ أسامةُ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الطاعونُ (وفي روايةٍ: الوَجَعُ 8/ 64) رِجْسٌ (وفي روايةٍ: رجز أو عذاب) أرْسِلَ على طائِفَةٍ من بني إسرائيلَ -أو على مَن كانَ قبلَكُم- (وفي روايةٍ: عُذِّبَ به بعضُ الأمَمِ، ثم بَقِيَ منه بَقِيةٌ، فيذهبُ المرةَ، ويأتِي الأخرى)، فإذا سمعتُم به بأرضٍ؛ فلا تَقْدَمُوا عليهِ، وإذا وَقَعَ بأرضٍ وأنتُم بها فلا تَخْرُجوا [إلاَّ] (67) فِراراً منه.

_ (66) قلتُ: وفي رواية مسلم (5/ 133): "وأنفقا على أنفسكما منه". ورواية المصنف أوجه كما قال الحافظ، وهي رواية "المسند" أيضاً (2/ 316)، وثلاثتهم أخرجوه من طريق واحد: طريق عبد الرزاق. ورواه ابن ماجه (2/ 103 - 104) من طريق آخر عن أبي هريرة بلفظ: "فأنكحا الغلام والجارية ولينفقا على أنفسهما منه، وليتصدقا"، فهذا يؤيد ما قال الحافظ؛ لكن في سنده حيان بن بسطام، لم يرو عنه غير ابنه سليمان. (67) ثبتت هذه الزيادة في رواية أبي النضر عند المصنف وغيره، وهي مفسدة للمعنى كما هو ظاهر، وقد تكلف بعضهم في توجيهها بما تراهُ مشروحاً في "الفتح"، فراجعه إن شئت.

(وفي طريق حبيب بن أبي ثابت: سمعتُ إبراهيم بن سعد ... فقلتُ: أنت سمعتَهُ يُحَدِّثُ سعداً ولا يُنْكِرُهُ؟ قالَ: نَعَمْ 7/ 20 - 21). 1476 - عن عاثشةَ زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: سألتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الطاعونِ؟ فأخبَرَني: "أنَّه [كانَ 7/ 22] عذاب [اً] يبعَثُهُ اللهُ على من يشاءُ، وأن اللهَ جَعَلَهُ رحمةً للمؤمنينَ، ليس مِن أحَدٍ يقعُ الطاعونُ، فيَمْكُثُ في بلدِهِ، صابراً مُحْتَسِباً، يَعْلَمُ أنَّهُ لا يُصِيبُهُ إلا ما كَتَب اللهُ لهُ؛ إلا كانَ لهُ مثلُ أجرِ شهيدٍ". 1477 - عن عبد اللهِ (ابن مسعود) قالَ: كأني أنظُرُ إلى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْكي نبيًّا من الأنبياءِ ضَرَبهُ قومُهُ، فأدْمَوْهُ، وهو يَمْسَحُ الدمَ عن وجْهِهِ (68)، ويقولُ: "اللهُم (وفي روايةٍ: رب 8/ 51)! اغْفِرْ لقومي فإنهُم لا يَعْلَمونَ". 1478 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "كانَ رجلٌ يُسْرِفُ على نفسِهِ (وفي طريق: لم يعملْ خيرًا قطٌّ 8/ 199)، فلما حَضَرَهُ الموتُ قال لبنيهِ: إذا أنا مُتُّ، فأحْرِقوني، ثم اطْحَنُوني، ثم ذَرُّوني في الريحِ (وفي طريق: واذروا نصفَهُ في البَر، ونصفَهُ في البحر)، فواللهِ لئِنْ قَدَرَ عليّ

_ (68) ورواه أحمد (1/ 427 و 406) بإسناد آخر حسن عن ابن مسعود قال: لما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنائم حنين بالجعرانة ازدحموا عليه، فقالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن عبداً من عبادِ الله بعثه الله إلى قومه، فضربوه، وشجوه. قالَ: فجعل يمسح الدم عن جبهته، ويقول: رب! اغفر لقومي إنهم لا يعلمون". قال عبد الله: كأني أنظر إلى رسولِ الله يمسح الدم عن جبهته، يحكي الرجل، ويقول "رب! اغفر لقومي إنهم لا يعلمون".

ربي (69) لَيُعَذِّبَنِّي عذاباً ما عَذَّبَهُ أحداً [من العالمينَ]، فلما ماتَ فُعِلَ به ذلك، فأمَرَ اللهُ تعالى الأرض فقالَ: اجمَعي ما فيكِ منه، ففَعَلَتْ (وفي طريقٍ: فأمرَ اللهُ البحرَ فجَمَعَ ما فيه، وأمرَ البرَّ فجَمَعَ ما فيه)، فإذا هو قائمٌ، فقالَ: ما حَمَلَكَ على ما صنعتَ؟ قالَ: يا ربِّ! خشيَتُكَ حَمَلَتْني، [وأنتَ اعْلَمُ]، فغَفَرَ لهُ". 528 - وقالَ غيرُه: "مخافَتُكَ يا ربِّ! ".

_ (69) قاله في حال دهشته وغلبة الخوف عليه؛ كما رجحه الحافظ. 528 - هذا معلق كما ترى، فقال الحافظ: "الغير المذكور هو عبد الرزاق، كذا رواه عن معمر بلفظ: "خشيتك" بدل "مخافتك"! وأخرجه أحمد عن عبد الرزاق بهذا"! كذا قال، وقد انقلب عليه الأمر، فإن هذا التعليق منه علقه على هذا الحديث المعلق عند المصنف بلفظ: "وقال غيره: مخافتك يا رب! "، فانقلب على الحافظ رحمه الله، فقال في "شرحه": " (وقال غيره: خشيتك)، الغير المذكور هو عبد الرزاق ... ". ثم إنني لم أر الحديث في "المسند" باللفظ الذي ذكره الحافظ، ولا بلفظ المصنف، وإنما بلفظ: "خشيتك يا رب! أو مخافتك"، هكذا هو في "المسند" (2/ 269) على الشك: ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر ... وكذلك رواه مسلم (8/ 97 - 98). وعليه؛ فيحتمل عندي أن يكون الغير المشار إليه عند المصنف ليس هو عبد الرزاق، وإنما هو غير أبي هريرة من الأصحاب، مثل حذيفة رضي الله عنه، فقد رواه المصنف عنه في "81 - الرقائق/ 24 - باب" بلفظ: "مخافتك"، لكن في رواية أخرى له بلفظ: "خشيتك"، كما تقدم هنا (رقم 1496)، أو أبي سعيد الخدري، فقد رواه المصنف عنه، لكن على الشك أيضاً بلفظ: "قال: مخافتك أو فرق منك"؛ كما سيأتي في "ج 4/ 97 - التوحيد/ 35 - باب". وأخرجه أحمد (1/ 5) عن أبي بكر الصديق بلفظ: "مخافتك" دون التشكك، وإسناده جيد، وصححه جماعة كما تراه في "تخريج السنة" (812). وأخرجه (1/ 398) من حديث ابن مسعود به. وإسنادهما حسن. وكذلك أخرجه (4/ 447 و 5/ 3) عن معاوية بن حيدة، وإسناده جيد.

1479 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمر رضيَ اللهُ عنهما أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "عُذِّبَتِ امرأةً في هِرَّة سَجَنَتْها حتى ماتت، فدَخَلَتْ فيها النارَ، لا هي أطْعَمَتْها، ولا سَقَتْها؛ إذْ حَبَسَتْها، ولا هيَ تَرَكَتْها (وفي روايةٍ: فقالَ (70) -واللهُ أعلمُ-: لا أنتِ أطْعَمْتِيها، ولا سَقَيْتِيها حين حَبَسْتِيها، ولا أنتِ أرْسَلْتِيها 3/ 77) تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأرْضِ" (71). 1480 - عن ابن عمر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "بينما رجلٌ يَجُرُّ إزارَهُ مِن الخُيَلاءِ خُسِفَ بهِ، فهو يَتَجَلْجَلُ (72) في الأرضِ إلى يومَ القيامَةِ".

_ =قلت: فيحتمل أن يكون المصنف أراد بـ "الغير" أحد هؤلاء الصحابة. ويحتمل أنه أراد غير تابعي الحديث الراوي للحديث عند. عن أبي هريرة، وهو حميد بن عبد الرحمن، فقد رواه أبو رافع عن أبي هريرة، وغير واحد عن الحسن وابن سيرين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - به. هكذا أخرجه أحمد (2/ 304)، وسنده صحيح على شرط مسلم. (70) أي: خازن النار. وفي رواية الدارمي (2/ 331): "فقيل". (71) بإشباع كسر التاء في الكل، وفي رواية الحموي: "أطعمتها" بدون إشباع. و (خشاش الأرض): حشراتها. (72) أي: يسيخ مع اضطراب شديد. (تنبيه) في هذا الحديث تحريم جر الثوب خيلاء، ولا خلاف في ذلك، وأما إذا لم يكن خيلاء؟ فيتوهم كثيرٌ من الكتاب المعاصرين من الأزهريين وغيرهم أنه لا بأس به، وليس كذلك، بل هو مذموم على كل حال؛ كما قال ابن عبد البر، ولا سيما إذا كان من أهل العلم؛ لحديث أبي هريرة الآتي (77 - اللباس): "ما أسفل الكعبين من الإزار فهو في النار"، وله شواهد مخرَّجة معه في "الصحيحة" (ج 5/ رقم 2037)، وهو تحت الطبع، ورد ابن عبد البر على من احتجَّ بحديث أبي بكر الآتي (1559) بأنه كان لا يتعمَّد. فراجع "التمهيد" (3/ 244 - 249).

61 - [كتاب] المناقب

بسم الله الرحمن الرحيم 61 - [كتابُ] المناقِبِ 1 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}، وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، وما يُنْهى عن دعوى الجاهليةِ (الشَعوبُ): النَّسَبُ البعيدُ. و (القبائلُ): دونَ ذلك. 1481 - عن ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما: {وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}؛ قالَ: (الشعوبُ): القبائلُ العِظَامُ، و (القبائلُ): البُطُونُ. 1482 - عن كُلَيْب [بنِ وائل] حدثتني رَبيبةُ النبي - صلى الله عليه وسلم -وأظنُها زينبَ [ابنةَ أبي سلمةَ]- قالتْ: "نهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن الدباءِ، والحَنْتَمِ، والمُقَيَّرِ (1)، والمُزَفّتِ". وقلتُ لها: أخبريني؛ النبي - صلى الله عليه وسلم - مِمَّنْ كانَ؟ مِن مُضَرَ كانَ؟ قالت: فمِمنْ كانَ إلا مِن مُضَرّ؟! كانَ مِن وَلَدِ النَّضْرِ بنِ كِنانةَ. 1483 - عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (1) أي: المطلي بالقار، وهو (الزفت)، فيكون قوله: "والمزفت" تكراراً، ولذلك قال الحافظ: "هو خطأ، والصواب: (النقير)؛ يعني: بدل (المقير) ". وهو واضح؛ لئلا يلزم منه التكرار إذا ذكر المزفت. قلتُ: وعلى الصواب جاء في حديث ابن عباس المتقدم (ج 1/ 2 - الإيمان/ 40 - باب".

3 - باب مناقب قريش

"تَجِدونَ [مِنْ 4/ 174] خيرِ الناسِ في هذا الشأنِ (2) (وفي روايةٍ: الأمرِ) أشدَّهُم له كراهيةً [حتى يقعَ فيه] ". 1484 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الناسُ تَبَعٌ لقريش في هذا الشانِ؛ مُسْلِمُهُم تَبَعٌ لمُسْلِمِهِم، وكافِرُهم تَبَعٌ لكافِرِهِم". 3 - بابُ مناقِب قريش 1485 - عن الزُّهْري قال: كان محمدُ بنُ جبيرِ بنِ مُطْعِم يُحَدِّثُ أنهُ بلَغَ معاويةَ وهو عندَهُ في وَفْدٍ من قريش أن عبدَ اللهِ بن عمرو بنِ العاصِ يُحَدِّثُ: أنه سيكونُ مَلكٌ من قَحْطان، فغضبَ معاويةُ فقامَ، فأثنى على اللهِ بما هو أهلُهُ، ثمَّ قالَ: أمَّا بعدُ؛ فإنه بلَغَني أن رجالًا منكُم يتحدثون أحاديثَ ليست في كتاب اللهِ، ولا تُؤثرُ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأولئكَ جُهَّالُكُم، فإياكُم والأمَاني التي تُضلُّ أهلها! فإني سمعتُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنَّ هذا الأمرَ في قريشٍ، لا يُعادِيهِم أحدٌ إلا كَبَّهُ اللهُ على وجْهِهِ؛ ما أقاموا الدينَ". 1486 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قُرَيْشٌ، والأنصارُ، وجُهَيْنَةُ، ومُزَينَةُ، وأسْلَمُ، وأشْجعُ، وغِفارُ؛ مَواليّ (3)،

_ (2) أي: في الولاية؛ خلافة أو إمارة. (3) أي: أنصاري.

4 - باب نزل القرآن بلسان قريش

لَيس لهم مَوْلى دونَ اللهِ ورسولهِ". 1487 - عن عُروةَ بنِ الزبيرِ قالَ: كانَ عبدُ اللهِ بنُ الزُبيرِ أحب البشرِ إلى عائشةَ بعدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وكان أبرَّ الناس بها، وكانَتْ لا تُمْسِكُ شيئاً مما جاءَها من رِزْقِ اللهِ تَصَدَّقَتْ، فقالَ ابنُ الزبير: ينبغي أن يؤخَذَ على يَدَيْها. فقالَت: أيؤخَذُ على يَدَيَّ؟! عليَّ نَذْرٌ إنْ كَلَّمْتُهُ. فاسْتَشْفَعَ إليها برجالٍ من قريش، وبأخوالِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خاصةً، فَامْتَنَعَتْ، فقال له الزُّهْرِيونَ أخوالُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -منهم عبدُ الرحمنِ بنُ الأسودِ بنِ عبدِ يَغوثَ، والمِسْوَرُ بنُ مَخْرَمَةَ-: إذا استأذَنا فاقْتَحِمِ الحجابَ، ففَعَلَ، فأرسلَ إليها بعشْرِ رقابٍ، فأعْتَقَتْهُم، ثم لم تَزَلْ تُعْتِقُهُم حتى بَلَغَتْ أربعينَ، وقالت: وَدِدْت أني جعلْتُ حينَ حَلَفْتُ عَمَلاً أعْمَلُهُ (4)، فَأفْرغُ منه. 4 - بابٌ نَزَلَ القرآنُ بلسانِ قريشٍ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس الآتي "ج 3/ 66 - فضائل القرآن/ 3 - باب"). 5 - بابُ نِسْبةِ اليَمَنِ إلى إسماعيلَ؛ منهم أسْلَمُ بنُ أفْصَى بنِ حارثَةَ ابنِ عَمرِو بنِ عامرٍ مِن خُزاعَةَ (قلت: أسند فيه حديث سلمة المتقدم "ج 2/ 56 - الجهاد/ 78 - باب"). 6 - بابٌ 1488 - عن أبي ذرٍّ رضيَ اللهُ عنه أنه سَمعَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:

_ (4) أي: عملاً معيناً لا نذراً مطلقاً، لكي أطمئن عند الإيفاء، وهو مفعول جعلت.

7 - باب ذكر أسلم وغفار ومزينة وجهينة وأشجع

"ليس مِن رَجُلٍ ادَّعى لغير أبيه، وهو يَعْلَمُهُ؛ إلا كَفَرَ، ومَنِ ادَّعى قوماً ليس لهُ فيهم نسب؛ فَلْيَتَبَوَّأ مقعَدَهُ مِن النارِ". 1489 - عن واثِلَةَ (*) بنِ الأسْقَعِ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أعظمِ الفِرَى (5) أنْ يَدَّعي الرجُلُ إلى غيرِ أبيهِ، أو يُرِيَ عَيْنَهُ ما لم تَرَ، أو يقولَ على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما لَم يَقُلْ". 7 - بابُ ذِكْرِ أسلَمَ وغِفَارَ ومُزَيْنَةَ وجُهَيْنَةَ وأشْجَعَ 1490 - عن عبدِ اللهِ (ابن عمر) أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ على المِنْبَرِ: "غِفارُ غَفَرَ اللهُ لها، وأسلَمُ سالَمَها اللهُ، وعُصَيةُ عَصَتِ اللهَ ورسولَهُ". 1491 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أسْلَمُ سالَمَها اللهُ، وغِفارُ غَفَرَ اللهُ لها". 1492 - عن أبي بكرةَ أنَّ الأقْرعَ بنَ حابِس قالَ للنبى - صلى الله عليه وسلم -: إنما تابَعَك سُرَّاقُ الحَجيجِ؛ مِن أسْلَمَ، وغِفارَ، ومُزَيْنَةَ، وجُهَيْنَةَ. قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرأيتُ [ـم] إنْ كانَ أسلَمُ، وغِفارُ، ومُزيْنَةُ، وجُهَيْنَةُ خيراً من بني تميم، ومن بني عامرِ [بنِ صَعْصَعَةَ]، و [بني] أسَدٍ، و [بني عبدِ اللهِ بنِ] غَطَفان؟ ". [فقالَ رجُلٌ:] خابوا وخسِروا (6). قالَ:

_ (*) الأصل: (واثلة) بالهمزة، والتصحيح من نسخة "الفتح" وكتب الرجال. (5) جمع فرية، وهي الكذب. (6) وفي "مسلم" (7/ 180): "فقالوا: يا رسول اللهِ! فقد خابوا وخسروا".

8 - باب ابن أخت القوم ومولى القوم منهم

"نعم"، قالَ: "والذي نفسي بيدِهِ؛ إنَّهُم لخيرٌ (7) منهم". 1493 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ (8): "أسْلَمُ، وغِفارُ، وشيء مِن مُزَيْنَةَ وجُهَيْنَةَ -أو قال: شيءٌ مِن جهينَةَ أو مُزَيْنَةَ- خير عند اللهِ -أو قالَ: يومَ القيامةِ- من أسدٍ، وتميمٍ، وهوازِن، وغَطَفانَ". 8 - بابٌ ابنُ أخْتِ القومِ ومولى القومِ منهم 1494 - عن أنسٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: دعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الأنصارَ فقالَ: "هل فيكُم أحد مِن غيرِكُم؟ ". قالوا: لا؛ إلا ابنُ أخْتٍ لنا. فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ابنُ أُختِ (وفي روايةٍ: مَوْلَى 7/ 11) القومِ منهُم، [أو من أنفُسِهِم] ". 9 - بابُ قِصَّةِ زمزَمَ (*) 1495 - عن أبي جَمْرَةَ قالَ: قال لنا ابنُ عباس: ألا أُخْبِرُكُم بإسلام أبي ذَرٍّ؟ قالَ: قلنا: بلى. قالَ: قالَ أبو ذَر: كنتُ رجلاً مِن غِفارَ، فبَلَغَنا أن رَجُلًا قد خَرَجَ بمكةَ، يَزْعُمُ أنَّه نبي، فقلتُ لأخي: انْطَلِقْ إلى هذا الرجلِ كَلِّمْهُ، و (في

_ (7) وفي (مسلم): "لأخير". وكذا في نسخة "فتح الباري"، وقالَ: "كذا فيه بوزن أفعل، وهي لغة قليلة الاستعمال، والمشهورة: "لخير منهم"، وثبت كذلك في رواية الترمذي". قلت: وكذا في رواية لأحمد (5/ 39). (8) كذا فيه بحذف فاعل (قال) الثاني، والمراد به النبي - صلى الله عليه وسلم -، راجع "الفتح". (*) في بعض روايات الكتاب: "باب قصة إسلام أبي ذر الغفاري"، وهو الأنسب لسياق الحديث؛ لكن هذا الباب قد أفرده المؤلف فيما يأتي "63 - مناقب الأنصار"، وانظر "الفتح".

طريق: اركب إلى هذا الوادي، فاعلمْ لي علمَ هذا الرجلِ الذي يزعمُ أنَّهُ يأتيه الخبرُ من السماءِ، واسمعْ مِن قولهِ، ثم 4/ 241) ائتِني بخَبَرِهِ، فانطلَقَ [الأخُ]، فلَقِيَهُ، ثم رَجَعَ، فقلتُ: ما عندَكَ؟ فقالَ: واللهِ؛ لقد رأيتُ رجلًا يأمُرُ بالخيرِ، وينهى عن الشَّرِّ (وفي الطريق الأخرى: رأيتُهُ يأمُرُ بمكارِمِ الأخلاقِ، وكلاماً ما هو بالشِّعْر، فقلتُ لهُ: لم تَشْفِني مِن الخبرِ، فأخذتُ جِراباً وعصاً (وفي الطريق الأخرى: شَنَّةً فيها ماء)، ثم أقبلتُ إلى مكةَ، فجعَلْتُ لا أعرِفُهُ، أكرَهُ أن أسأل عنهُ، وأشرَبُ من ماءِ زمزَمَ، وأكونُ في المسجِدِ (زاد في الطريق الأخرى: حتى أدْرَكَهُ بَعْضُ الليلِ). قالَ: فمَرَّ بي علي، فقالَ: كانَ الرجُلَ غريب؟ قالَ: قلتُ: نعم. قالَ: فانطَلِقْ إلى المنزِلِ. قالَ: فانطلقتُ معهُ، لا يسألُني عن شيءٍ، ولا أخْبِرُهُ، فلمَّا أصبحتُ؛ غدَوْتُ إلى المسجدِ لأسالَ عنهُ، وليس أحدٌ يُخْبِرُني عنه بشيءٍ (وفي الطريق الأخرى: ثم احتَمَلَ قِربتهُ وزادَهُ إلى المسجِدِ، وظل ذلك اليومَ وَلا يراهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى أمسى، فعادَ إلى مَضْجَعِهِ). قالَ: فمَر بي علي، فقالَ: أما نالَ (9) للرجلِ [أنْ] يعرِفَ منزِلَهُ بَعْدُ؟ قالَ: قلتُ: لا. قالَ: فانطَلِقْ معي. قالَ: [فأقامَهُ، فذهَبَ بهِ معه، لا يسألُ واحد منهما صاحِبَهُ عن شيءٍ، حتى إذا كانَ يومُ الثالثِ؛ فعادَ على على مِثْلِ ذلك، فأقامَ معهُ]، فقالَ: [ألا تُحَدثُنِي] ما أمرُكَ وما أقْدَمَكَ هذه البلدةَ؟ قالَ: قلتُ لهُ: إنْ كَتَمْتَ عليَّ أخبَرْتُكَ. قالَ: فإني أفعلُ. قالَ: قلتُ له: بَلَغَنا أنَّه قد خَرَجَ ها هُنا

_ (9) أي: أما حان؟ يُقالُ: "نالَ له" بمعنى: "آن له".

10 - باب ذكر قحطان

رجل يزعم أنهُ نبي، فأرسلت أخي لِيُكَلِّمَهُ، فرَجَعَ ولم يَشْفِني مِن الخَبَرِ، فأردت أن ألقاهُ، فقالَ لهُ: أما إنَّكَ قد رُشِدْتَ، هذا وَجْهي إليهِ (وفي الطريق الأخري: قالَ: فإنَّه حق، وهو رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أصبحتَ) فاتبعْني، ادْخُلْ حيثُ أدخُلُ، فإني إنْ رأيتُ أحداً أخافُهُ عليكَ قمت إلى الحائِطِ، كَأني أصْلحُ نعلي (وفي الطريق الأخرى: كأني أرِيقُ الماءَ)، وامْضِ أنتَ، فمضى ومضيتُ معهُ، حتى دَخَلَ ودخَلْتُ معهُ على النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ لهُ: اعْرِضْ علي الأسلامَ، فعَرَضهُ، فأسلَمْت مكاني، فقالَ لي: "يا أبا ذرٍّ! اكتُمْ هذا الأمرَ، وارْجِعْ إلى بلَدِكَ، [فأخبِرهُم حتى يأتِيَكَ أمري]، فإذا بَلَغَكَ ظهورُنا فأقبِلْ"، فقلت: والذي بعَثَكَ بالحَق؛ لأصْرخَن بها بينَ أظهُرِهِم، فجاءَ إلى المسجدِ وقريش فيه، فقالَ: يا معشرَ قريش! إني أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُه، فقالوا: قوموا إلى هذا الصابِئِ، فقاموا، فضُرِبتُ لأموتَ، فأدْرَكَني العباسُ، فأكب عليّ، ثم أقبلَ عليهِم، فقالَ: ويلَكُم! تقْتُلونَ رجُلًا مِن غفارَ، ومَتْجَرُكُم ومَمَركُم [إلى الشامِ] على غِفارَ؟! فأقْلَعوا عني، فلما أنْ أصْبَحْتُ الغَدَ رَجَعتُ، فقلْتُ مثلَ ما قلتُ بالأمْسِ، فقالوا: قُومُوا إِلى هذا الصَّابِئِ، فصُنعَ مِثْلُ ما صُنعَ بالأمْسِ، وأدْرَكَني العباسُ، فأكب عليَّ، وقالَ مثلَ مقالَتِهِ بالأمسِ، قالَ: فكانَ هذا أوَّلَ إسلام أبي ذَرٍّ رحِمَهُ اللهُ. 10 - بابُ ذِكْرِ قَحْطَانَ 1496 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

11 - باب ما ينهى من دعوى الجاهلية

"لا تقومُ الساعةُ حتى يَخْرُجَ رَجُل مِن قحطانَ يَسوقُ الناسَ بعَصاهُ". 11 - بابُ ما يُنْهى مِن دَعْوى الجاهليةِ 1497 - عن جابرٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: غَزَوْنا معَ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد ثابَ (10) معهُ ناس مِن المهاجرينَ حتى كَثُروا، وكانَ مِن المهاجرينَ رَجُل لَعَّابٌ (11)، فَكَسَعَ أنصارياً، فغَضِبَ الأنصاريُ غضباً شديداً، حتى تداعَوْا، وقالَ الأنصاري: يا لَلأنْصارِ! وقالَ المهاجريَّ: يا لَلْمُهاجِرينَ! [فسَمعَ ذاكَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -6/ 65]، فخَرَجَ، فقالَ: "ما بالُ دَعوى أهلِ الجاهليةِ؟! "، ثم قالَ: "ما شأنُهم؟ "، فاْخْبِرَ بكسعَةِ المهاجريِّ الأنصاريَّ. قالَ: فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دَعوها (12)؛ فإنها خَبيثة (وفي روايةٍ: مُنْتِنَة) ". وقالَ عبدُ اللهِ بنُ أبي ابنُ سَلُولَ: أقد تَدَاعَوْا علينا {لَئِنْ رَجَعْنا إلى المدينَةِ لَيُخْرِجَنَ الأعز منها الأذل}، [فبَلَغَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقامَ عمرُ] فقالَ: ألا تقتُلُ يا رسولَ اللهِ هذا الخبيثَ (وفي روايةٍ: دعني يا رسولَ اللهِ! أضْرِبْ عنقَ هذا المنافقِ 6/ 67): لعبدِ اللهِ. فقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: " [دعْهُ]؛ لا يَتَحَدث الناس أنَّهُ (وفي روايةٍ: أن محمداً) كانَ يقتُلُ أصحابَهُ".

_ (10) أي: اجتمع. (11) أي: مزاح. وقوله: (فكسع)؛ يقال: (كسعه) إذا ضرب دبره؛ إما بيده أو بصدر قدمه؛ كما في "القاموس". (12) يعني: دعوى الجاهلية.

12 - باب قصة خزاعة

[وكانت الأنصارُ أكثرَ من المهاجرينَ حين قدموا المدينة، ثم إنَّ المهاجرين كثروا بعد]. 12 - بابُ قِصَّةِ خُزاعَةَ 1498 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "عَمرُو بنُ لُحَيِّ بنِ قَمْعَةَ بنِ خِنْدَفَ أبو خُزاعَةَ". 13 - بابُ جَهْلِ العربِ (13) 1499 - عن ابنِ عباس رضيَ اللهُ عنهما قالَ: إذا سَرَّكَ أنْ تَعْلَمَ جهْلَ العربِ، فاقرأ ما فوقَ الثلاثينَ ومائةٍ في سورةِ {الأنعام}: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} إلى قوله: {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} 14 - باب مَن انْتَسَبَ إلى آبائهِ في الِإسلامِ والجاهليةِ 529 و 530 - وقالَ ابن عمرَ وأبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الكريمَ ابنَ الكريمِ ابن الكريمِ ابنِ الكريمِ! يوسفُ بن يَعْقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ خليلِ اللهِ". 531 - وقالَ البراة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:

_ (13) الأصل: "باب قصة زمزم وجهل العرب"، وهو رواية، وفي أخرى ما أثبتنا، وهو أولى! إذ لم يجرِ في حديث الباب ذكر زمزم كما قال الحافظ. وأيضاً فقد مضى "باب قصة زمزم" قريباً. 529 و 530 - وصلهما المصنف فيما تقدم "ج 2/ 60 - الأنبياء / 15 و 19 - باب". 531 - وصله المصنف فيما تقدم "ج 2/ 56 - الجهاد/ 52 - باب".

15 - باب قصة الحبش

"أنا ابنُ عبدِ المُطلِبِ". 15 - بابُ قصةِ الحَبَشِ 532 - وقولَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا بني أرْفِدَةَ! ". 16 - بابُ مَن أحب أنْ لا يُسَب نَسَبُهُ. 1500 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالتْ: استأذَنَ حسانُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في هِجاءِ المُشْرِكينَ، قالَ: "كَيف بِنَسَبي؟! "، فقالَ حسانُ: لَأسُلَّنَّكَ منهُم كما تُسَل الشعْرَةُ مِن العجينِ. 1501 - وعن عروةَ قالَ: ذهبتُ أسُبُّ حسانَ عند عاثشةَ، فقالَتْ: لا تَسُبَّهُ؛ فإنه كانَ يُنافحُ عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم -. قالَ أبو الهيثم: (نَفَحَتِ الدابَّةُ): إذا رَمَحَتْ بحوافِرِها، و (نَفَحَهُ بالسيفِ): إذا تناوَلَهُ مِن بعيدٍ. 17 - بابُ ما جاءَ في أسماءِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وقولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ}، وقولهِ عزَّ وجلَّ: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ}، وقوله: {مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}

_ 532 - وصله فيما تقدم "ج 1/ 13 - العيدين/ 2 - باب".

18 - باب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -

1502 - عن جُبيرِ بنِ مُطْعِم رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " [إن 6/ 62] لي خَمْسَةَ أسماءٍ؛ أنا محمد، وأحمدُ، وأنا الماحي الذي يمحو اللهُ بِي الكفرَ، وأنا الحاشِرُ الذي يُحْشَرُ الناسُ على قَدَمِي، وأنا العاقِبُ". 1503 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تَعْجَبونَ كيفَ يَصْرِفُ اللهُ عني شتْمَ قُرَيْشٍ ولَعْنَهُم؟! يَشْتِمُونَ مُذَمماً، ويَلْعَنونَ مُذَمماً، وأنا محمدٌ". 18 - بابُ خاتِمِ النبيِّينَ - صلى الله عليه وسلم - 1504 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: قالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلي ومَثَلُ الأنبياءِ كرَجُل بني داراً، فأكْمَلَها وأحسَنَها؛ إلا مَوْضِعَ لَبِنَةٍ، فجَعَلَ الناسُ يدخُلونَها، ويَتَعَجَّبونَ ويقولونَ: لولا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ". 1505 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إن مَثَلي ومَثَلَ الأنبياءِ مِن قبلي كَمَثَلِ رَجُل بني بيتاَّ، فأحْسَنَهُ وأجْمَلَهُ؛ إلا موضِعَ لَبِنَةٍ من زاويةٍ، فجَعَلَ الناسُ يَطوفون بهِ، ويَعْجَبونَ لهُ، ويقولونَ: هَلَّا وُضِعتْ هذه اللبِنَةُ، قالَ: فأنا اللَّبِنَةُ، وأنا خاتَمُ النبِيِّينَ" (*).

_ (*) هذا الحديث رواه مسلم أيضاً، وهو مخرج في "فقه السيرة" (ص 141)، وقد عزاه ابن أبي العز في "شرح الطحاوية" (ص 141 - بتحقيقي) إلى الشيخين بلفظ: "فطاف به النظار؛ يتعجبون من حسن بنائه"، وهو وهم، وإنما رواه ابن عساكر بهذا اللفظ؛ كما بينت هناك، فلم يعجب توهيمي هذا للشارح الشيخ اسماعيل الأنصاري، فدافع عن الشارح دفاعاً غريباً؛ بتكلف بارد، وجعجعة لا طحن فيها؛ كما هي عادته، وقد رددت عليه في مقدمة المجلد الأول من "الضعيفة" (الطبعة الجديدة).=

19 - باب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -

19 - بابُ وفاةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - 1506 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تُوُفيَ وهو ابنُ ثلاث وستينَ. 20 - بابُ كُنْيَةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - 1507 - عن أبي هريرة يقولُ: قالَ أبو القاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -: "سَموا باسْمِي، ولا تَكْتَنُوا بكُنْيَتي". 21 - بابٌ 1508 - عن الجُعَيْدِ بن عبدِ الرحمن قالَ: رأيتُ السائِبَ بنَ يزيدَ ابنَ أربع وتسعينَ جلداً معْتَدِلاً، فقالَ: قدْ عَلِمْتُ ما مُتِّعْتُ به سمعي وبصري إلا بدعاءِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، إن خالتي ذهبت بي إليه، فقالت: يا رسولَ اللهِ! إنَّ ابنَ أُختي شاكٍ (وفي روايةٍ: وَقَعَ. وفي أخرى: وَجِعَ 7/ 10)، فادْعُ اللهَ، قالَ: [فمسح رأسي، ودعا لي بالبركةِ، وتوضأ، فشَرِبتُ مِن وَضوئهِ، ثم قمتُ خلفَ ظهرِه، فنظرتُ إلى خاتَمِ [النبوَّة] بينَ كتِفَيْهِ [مِثْلَ زِرِّ الحَجَلَةِ]. قالَ [محمد] بنُ عبيدِ اللهِ (14): (الحُجْلَةُ): مِن حُجَلِ الفَرَسِ الذي بين

_ =ثم وجدته في "شرح السنة" للبغوي (13/ 200 - 201/ 3620). ومن العجيب أن المعلق على "شرح الطحاوية" طبع مؤسسة الرسالة نقل تنبيهي المذكور بالحرف؛ دون أن يعزوه إلي! ثم لما عزا الحديث بلفظ الشيخين لغيرهما -ومنهم البغوي بالرقم المذكور- غفل عن كونه عنده بلفظ ابن عساكر! وهذا من شؤم التهافت على التخريج دون التحقيق. (14) هو شيخ المصنف رحمه الله، وفي تفسيره المذكور نظر، والأقرب ما جزم به الترمذي أن المراد بـ (الحجلة): الطير المعروف، وبـ (زرها): بيضها.

22 - باب خاتم النبوة

عَينَيهِ]. 22 - بابُ خاتَمَ النبوَّة (قلت: أسند في حديث الجعيد المذكور آنفاً). 23 - بابُ صفةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - 1509 - عن عقْبَةَ بنِ الحارِثِ قالَ: صلى أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه العصرَ، ثم خَرَجَ يمشي، فرأى الحَسَنَ يَلْعب مَعَ الصِّبيانِ، فحَمَلَهُ على عاتِقهِ، وقالَ: بأبي شَبِيهٌ بالنبى، لا (وفي روايةٍ: ليس 4/ 217) شبيهٌ بعليٍّ. وعليٌّ يضحَك. 1510 - عن أبي جُحَيْفةَ رضيَ اللهُ عنه قالَ: رأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانَ الحسنُ بنُ علي عليهما السلامُ يُشْبِهُهُ، قلتُ لأبي جُحَيْفةَ: صِفْهُ لي. قالَ: كانَ أبيض قد شَمِطَ، وأمَرَ لنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بثلاثَ عَشْرَةَ قَلُوصاً (15). قالَ: فَقُبضَ النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلَ أنْ نَقْبِضَها. 1511 - عن وَهْبٍ: أبي جُحَيْفَةَ السُّوائِيِّ قالَ: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ورأيتُ بياضاً من تحتِ شَفَتِهِ السفْلى: العَنْفَقَةَ. 1512 - عن حَرِيْزِ بنِ عثمانَ أنَّه سألَ عبدَ اللهِ بنَ بُسْرٍ صاحِبَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: أرأيتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - كانَ شيخاً؟ قالَ: كانَ في عَنْفَقَتِه شَعَراتٌ بِيضٌ. 1513 - عن ربيعةَ بنِ أبي عبدِ الرحمنِ قالَ: سمعتُ أنسَ بنَ مالكٍ يَصِفُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: كانَ رَبْعَةً مِن القومِ، ليس بالطويلِ [البائنِ]، ولا بالقصيرِ، أزهرَ

_ (15) القلوص: الأنثى من الإبل.

اللونِ، ليس بأبيضَ أمْهَقَ، ولا آدَمَ، ليس بجَعْد قَطَطٍ، ولا سَبْطٍ، [يَضْرِبُ شعرُه مَنْكِبَيْهِ (وفي طريق: بين أذنيهِ وعاتقهِ 7/ 58)]، رَجِل (16)، أُنزِلَ عليه (وفي روايةٍ: بَعَثَهُ اللهُ) وهو ابنُ أربعين [سنةً]، فلَبِثَ بمكةَ عَشْرَ سنينَ يُنْزَلُ عليه، وبالمدينةِ عَشْرَ سنينَ، [وتَوَفَّاهُ اللهُ على رأسِ ستينَ سنةً 7/ 57]، وليس في رأسهِ ولِحْيَتِهِ عِشرونَ شعرةً بيضاءَ. قالَ ربيعة: فرأيتُ شَعَراً من شعَرِهِ، فإذا هو أحمرُ، فسألتُ؟ فقيل: احْمَرَّ مِن الطِّيْبِ. 1514 - عن البراءِ قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أحْسَنَ الناسِ وَجْهاً، وأحْسَنَهُ خَلْقاً، ليس بالطويلِ البائنِ، ولا بالقصيرِ. 1515 - عن قتادةَ قالَ: سألتُ أنساً: هَلْ خَضَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: لا (17)؛ إنَّما كانَ شيء في صُدْغَيْهِ. 1516 - عن أبي إسحاقَ عن البراءِ بنِ عازبٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَرْبوعاً، بعيدَ ما بينَ المَنْكِبَيْنِ، لهُ شَعَرٌ يَبْلُغُ شَحْمَةَ أذُنَيْهِ (533 - وفي رواية معلقة: إلى مَنْكِبَيْهِ. وفي أخرى: لَتَضْرب قريباً من مَنْكِبَيهِ 7/ 57)، [وقد 7/ 48] رأيتُهُ في

_ (16) بكسر الجيم، ومنهم من يسكنها؛ أي: متسرح، وهو مرفوع على الاستئناف؛ أي: هو رجِل، ووقع عند الأصيلي بالخفض، وهو وهم؛ لأنه يصير معطوفاً على المنفي؛ كما قال الحافظ. (17) قلتُ: ثبت عن أم سلمة خلافه كما يأتي في "ج 4/ 77 - اللباس/ 66 - باب"، والمثبت مقدم على النافي. 533 - هذه الرواية المعلقة طريقها طريق الحديث الذي قبل هذا بحديث، لكنه اختصرها. والتي بعدها وصله يعقوب بن سفيان.

حُلَّةٍ حمراءَ، لم أرَ شيئاً قط أحسنَ منه. [قال أبو إسحاقَ: سمعتُهُ يحدثه غيرَ مرَّةٍ؛ ما حَدّثَ به قَطُّ إلا ضَحِكَ]. 1517 - عن أبي إسحاق قالَ: سُئِلَ البراءُ: أكانَ وجهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلَ السيفِ؟ قالَ: لا؛ بل مثلَ القمرِ. 1518 - عن أبي هريرة أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "بُعِثْتُ مِن خيرِ قرونِ بني آدَمَ قرناً فقَرْناً، حتى كنتُ مِن القَرْنِ الذي كنتُ فيه". 1519 - عنِ ابنِ عباس رضيَ اللهُ عنهما أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَسْدِلُ (18) شعرَهُ، وكانَ المشركونَ يَفْرُقونَ رؤوسَهُم، فكانَ أهلُ الكتابِ يَسْدِلونَ رؤوسَهم، وكان رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ موافقةَ أهلِ الكتابِ فيما لم يؤمَرْ فيه بشيءٍ، ثم فَرَقَ (19) رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رأسَهُ. 1520 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِي رضيَ اللهُ عنه قالَ: كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ حياءً مِن العذراءِ في خِدْرِها، [وإذا كَرِهَ شيئاً عُرِفَ في وجْهِهِ]. 1521 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: ما عابَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - طعاماً قطُّ، إنِ اشتَهاهُ أكَلَهُ، وإلا تَرَكَهُ. 1522 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُحَدِّثُ حديثاً لو عَدَّهُ العادُّ لأحصاهُ.

_ (18) أي: يرسل شعر ناصيته على جبهته، وقوله: "يفرُقون": بكسر الراء وضمها. (19) أي: ألقى شعر رأسهِ إلى جانبي رأسه، فلم يترك منه شيئاً على جبهته.

24 - باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - تنام عينه ولا ينام قلبه

534 - وفي رواية معلقة عنها: أنها قالت: ألا يُعجبُك أبو فلانٍ؟ جاءَ فجلس إلى جانبِ حُجْرَتي، يُحدِّثُ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يُسمِعُني ذلك، وكنتُ أُسبحُ، فقام قبل أن أقضي سُبحَتي، ولو أدركتهُ لرَدَدت عليه؛ أن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لم يَكنْ يَسرُدُ الحديثَ كَسَرْدِكِم. 24 - بابٌ كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - تنامُ عينُهُ ولا ينامُ قلبُهُ 535 - رواه سعيد بن مِيناءَ عن جابرٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. 25 - بابُ علاماتِ النبوَّة في الإسلام 1523 - عن أنس رضيَ اللهُ عنه قالَ: أُتِيَ النبي - صلى الله عليه وسلم - بإناءٍ وهو ب (الزَّوْرَاءِ) (20)، فَوَضَعَ يدَهُ في الإناءِ، فجَعَلَ الماءُ يَنْبُعُ مِن بينِ أصابِعِهِ، فتوضأ القومُ، قالَ قتادةُ: قلتُ لأنسٍ: كم كنتُم؟ قالَ ثَلاَثمِاثةٍ، أو زُهاءَ ثلاثمِائةٍ. 1524 - عن أنسِ بنِ مالك رضيَ اللهُ عنه قالَ: خَرَجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ مخارِجِهِ، ومعه ناس مِن أصحابِهِ، فانطَلَقوا يسيرونَ، فحَضَرتِ الصلاةُ، ولم يَجِدوا ماء يتوضؤون، فـ[دعا بإناءٍ من ماء، ف 1/ 58] انطلَقَ رجل مِن القومِ، فجاءَ بقَدَح [رَحْراحٍ، فيه شيءٌ] من ماءٍ يسيبر، فأخذَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ، ثم مَدَّ أصابعَهُ الأربَعَ على القَدَحِ (وفي طريق: فوضعَ أصابعَهُ فيه، قالَ أنس: فجعلتُ أنظرُ إلى الماءِ ينبُعُ مِن بين أصابعِهِ)، ثم قالَ:

_ 534 - قلتُ: وصلها أحمد (6/ 118 و 157)، ومسلم (7/ 167). 535 - وصله المصنف فيما يأتي من "ج 4/ 96 - الاعتصام/ 3 - باب". (20) موضع بالمدينة قرب المسجد.

"قوموا فتوضؤوا"، فتَوَضأ القوْمُ حتى بَلَغوا فيما يُريدونَ مِن الوضوء، وكانوا سبعينَ أو نحوَهُ (وفي الطريقِ الأخرى: فحزرتُ مَن توضأ منه ما بين السبعينَ إلى الثمانين). 1525 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: عَطِشَ الناسُ يومَ الحديبِيَةِ [وقد حضرتِ العصرُ 6/ 252]، والنبى - صلى الله عليه وسلم - بينَ يدَيْهِ رَكْوَة (21)، فتوضأ [منها 5/ 63]، فجَهَشَ (22) (وفي روايةٍ: ثم أقبلَ) الناسُ نحوَهُ، فقالَ: "ما لكُم؟ "، قالوا: ليس عندنا ماءٌ نتوضأ [به] ولا نشرَبُ؛ إلا ما بين يَدَيك، فوضَعَ يدَهُ في الركْوَة، [وفَرَّج أصابعهُ]، فجَعَل الماءُ يثورُ (وفي روايةٍ: يفورُ من) بين أصابِعِهِ كأمثالِ العيونِ، [ثم قالَ: "حَيَّ على أهل الوضوءِ! البركةُ مِن اللهِ"]، [قالَ:] فشَرِبْنَا وتوضأنا (وفي روايةٍ: فجعَلْتُ لا آلو ما جعلتُ في بطني منه، فعلمتُ أنه بركة)، قلتُ: كم كنتُم؟ قالَ: لو كُنا مائة ألفٍ لكفانا؛ كنا خَمس عَشْرَةَ مائةٍ. 1526 - عن أنسِ بنِ مالكٍ يقولُ: قالَ أبو طلحةَ لأم سُلَيم: لقد سَمِعْتُ صوت رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَعِيفاً، أعرِف فيه الجوعَ، فهلْ عندَكِ من شيءٍ؟ قالت: نعم، فأخرَجَتْ أقراصاً من شعيرٍ، ثم أخرَجَتْ خِماراً لها، فلَفَّتِ الخُبْزَ ببعضهِ، ثم دسَّتهُ (23) تحت يدي (وفي روايةٍ: ثوبي 6/ 197)، ولاثَتْني (وفي روايةٍ: ورَدتني)

_ (21) بتثليث الراء: إناء صغير من جلد يشرب فيه. (22) أي: أسرعوا إلى الماء متهيئين لأخذه. (23) أي: أخفته تحت إبطي، وقوله: "لاثتني ببعضه"؛ أي: لفتنى ببعض الخمار على رأسي اتقاه الحر.

بِبَعْضِهِ، ثم أرسلَتْني إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. قالَ: فذهبت به، فوجدت رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في المسجدِ ومعهُ الناس، فقمتُ عليهم، فقالَ لي رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أأرْسَلَك أبو طلحة؟ ". فقلت: نعم. قالَ: "بطعام؟ ". قلت: نعم. فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لمَن معه: "قوموا"، فانطلق [ـوا 7/ 231]، وانطلقت بينَ أيدِيهم حتى جئتُ أبا طلحة، فأخبرْتُهُ، فقالَ أبو طلحة: يا أمِّ سُلَيم! قد جاءَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالناسِ، وليس عندنا [من الطعامِ] ما نُطْعِمهُم، فقالت: الله ورسولهُ أعلم. فانطلقَ أبو طلحة، حتى لَقِيَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأقبلَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبو طلحة معه [حتى دخلا]، فقالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلمّ [ـي] يا أمِّ سُليم! ما عندكِ"، فأتَتْ بذلك الخُبْزِ، فأمَرَ به رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَفُتّ، وعَصرَتْ [عليه] أم سُلَيم عُكَّةً [لها]، فأدَمَتْهُ (24)، ثم قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فيه ما شاءَ اللهُ أن يقولَ، ثم قالَ: "ائذَنْ لِعَشَرَةٍ"، فأذِنَ لهم، فأكلوا حتى شَبِعوا، ثم خرجوا، ثم قالَ: "ائذَنْ لِعَشَرةٍ"، فأذِنَ لهُم، فأكلوا حتى شَبِعوا، ثم خرجوا، ثم قالَ: "ائذن لعَشَرَةٍ"، فأذنَ لهُم، فأكلوا حتى شَبِعوا، ثم خَرَجوا، ثم قالَ: "ائذن لعَشَرَةٍ"، فأكلَ القومُ كلُّهم حتى شبِعوا، والقومُ ثمانون رجلًا (25).

_ (24) (عكة) بضم العين: إناء من جلد يجعل فيه السمن والعسل. وقوله: "فأدمته"؛ أي: جعلته إداماً للمفتوت، ويجوز في همزته المد. (25) قلتُ: لأنس حديث آخر فيه قصة تشبه هذه، وهي قصة أخرى تختلف عن هذه في بعض فصولها، تأتي في "ج 3/ 70 - الأطعمة/ 48 - باب".

1527 - عن عبد اللهِ قالَ: كنا نَعُدُّ الأياتِ بَرَكَةً، وأنتُم تعُدُّونَها تخويفاً، كُنا مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَر، فقَلَّ الماءُ، فقالَ: "اطْلُبوا فَضْلَةً مِن ماءٍ". فجاؤوا بإناءٍ فيهِ ماءٌ قليلٌ، فأدخَلَ يدَهُ في الإناءِ ثم قالَ: "حَيَّ على الطَّهُورِ المُبَارَكِ، والبركةُ من اللهِ". فلقد رأيتُ الماءَ ينبُعُ من بينِ أصابِعِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولقد كنَّا نسْمَع تسبيحَ الطعامَ وهو يُؤكَلُ. 1528 - عن عبد الرحمنِ بن أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنهما أن أصحابَ الصُّفَّةِ كانوا أُناساً فقراءَ، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ مرَّة: "مَن كانَ عندَه طعامُ اثنينِ فلْيَذْهَبْ بثالِثٍ، ومَن كانَ عندَهُ طعامُ أربعةٍ فلْيَذْهَبْ بخامِس، أو سادِسٍ" -أو كما قالَ- وأنَّ أبا بكرٍ جاءَ بثلاثةٍ، وانطلق النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَشَرَةٍ، وأبو بكرٍ ثلاثةً، قالَ: فهو أنا، وأبي، وأمي، ولا أدري هل قالَ: امرأتي وخادِمي بين بيتِنا وبين بيتِ أبي بكرٍ؟ [فقال لعبدِ الرحمن: دونَكَ أضيافَكَ، فإني منطلقَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فافْرغ مِن قِراهم قبلَ أن أجيءَ 7/ 105]. [فانطلق عبد الرحمن، فأتاهم بما عنده، فقالَ: اطعَموا. فقالوا: أينَ ربُّ منزِلنا؟ قالَ: اطعَموا. قالوا: ما نحن بآكلينَ حتى يجيءَ ربُّ منزِلنا. قالَ: اقبلوا عنا قِراكُم؛ فإنه إنْ جاءَ ولم تَطْعَموا لَنَلْقَيَنَّ منه، فأبوا، فعرفتُ أنه يجِدُ عليَّ]. وإنَ أبا بكرٍ تعشَّى عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم لبثَ حتى صلى العشاءَ، ثم رَجَعَ، فَلَبِثَ حتى تعشَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فجاءَ بعدما مضى مِن الليلِ ما شاءَ اللهُ.

قالت لهُ امرأتُهُ: [و 1/ 149] ما حَبَسَكَ عن أضيافِكَ -أو [قالَ:] ضيفِكَ-؟ قالَ: أوَ [مَا] عَشَّيتِهِم؟ قالت: أبَوْا حتى تجيءَ، قد عَرَضوا عليهم فغَلبوهُم. فذهبتُ [أنا]، فاختبأتُ، [فقالَ: يا عبدَ الرحمن! فسكت. ثم قالَ: يا عبدَ الرحمن! فسكتُّ]. فقالَ: يا غُنْثَرُ (26)! فجَدَّعَ وسبَّ، [أقسمتُ عليكَ إنْ كنتَ تسمعُ صوتي لَمَّا جئتَ، فخرجتُ، فقلتُ: سَلْ أضيافَكَ. فقالوا: صَدَقَ، أتانا بهِ]، [فحَلَفَتِ المرأةُ لا تَطْعَمُهُ حتى يطْعَمَهُ 7/ 105]، وقالَ: [فإنَّما انتظرتموني]، كُلوا [لا هنيئاً!]، وقالَ: [واللهِ] لا أطعمُهُ [الليلة] أبداً، [فقال الآخرون: واللهِ لا نَطْعَمُهُ حتى تَطْعَمَهُ! قالَ: لم أرَ في الشرِّ كالليلةِ، وَيْلَكُم ما أنتم؟! لم لا تقبلونَ عنا قراكُم؟! هاتِ طعامَكَ، فجاءَهُ، فوضعَ يدَهُ، فقالَ: بسمِ اللهِ، الأولى للشيطانِ، فأكلَ وأكلوا". قالَ: واْيمُ اللهِ ما كنا نأخذُ مِن اللُّقْمَةِ إلا رَبا مِن أسفَلِها أكثرُ منها حتى شَبِعوا، وصارتْ أكثرَ مما كانت قبلَ [ذلك]، فنظرَ [إليها] أبو بكرٍ، فإذا شيءٌ (وفي روايةٍ: فإذا هي كما هي 1/ 150) أو أكثرُ! [فـ] قالَ لامرأتِهِ: يا أختَ بني فِراسٍ! [ما هذا؟] قالت: لا وقُرَّةِ عَيْنِي؛ لهي الآنَ أكثرُ مما قبلُ بثلاثِ مراتٍ. فأكلَ منها أبو بكرٍ، وقالَ: إنما كانَ [ذلك من] الشيطانِ -يعني: يمينَهُ- ثم أكلَ منها لُقْمَةً، ثم حَمَلَها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأصْبَحَتْ عندَهُ، [فَذَكَر أنَّه أكلَ منها]، وكانَ بيننا وبينَ قوم عهد، فمضى الأجَلُ، فَعَرَّفْنا اثنا (27) عَشَرَ رجُلًا، معَ كُلِّ رجُلٍ

_ (26) أي: يا جاهل. (27) بألف على لغة من يجعل المثنى كالمقصور في أحوالهِ، وفي رواية مسلم: "اثني عشر"، وهو ظاهر؛ أي: جعلناهم عرفاء نقباءَ على بقية أصحابهم. وفي نسخة العيني: "ففَرَّقَنا" بفتح القاف من التفريق=

منهم أناسٌ، اللهُ أعلمُ كم مع كلَّ رجل؟ غيرَ أنه بعَثَ معهُم، قالَ: أكَلوا منها أجْمَعونَ -أو كما قال- وغيرُهم يقولُ: فتفَرقْنا. 1529 - عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما: كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ إلى جِذْع، فلما اتَّخَذَ المنبَرَ تَحَوَّلَ إليهِ، فحَنَّ الجِذعَّ، فأتاهُ فمَسَحَ يدَهُ عليهِ. 1530 - عن قيسٍ قالَ: أتينا أبا هريرة رضيَ اللهُ عنه، فقالَ: صَحِبْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثَ سنينَ، لم أكنْ في سِنيِّ أحرَصَ على أن أعِيَ الحديثَ مِنِّي فيهِن، سمعْتُهُ يقولُ -وقال هكذا بيدِهِ-: "بينَ يَدَيِ الساعةِ تقاتِلونَ قوماً نعالُهُم الشعَرُ، وهو هذا البارِزُ (28) "، وقالَ سفيانُ مَرة: وهم أهلُ البازِرِ. (وفي طريقٍ عنه: عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تقومُ الساعةُ حتى تقاتِلوا قوماً نِعالُهُم الشَّعَرُ، و [لا تقومُ الساعةُ 3/ 223] حتى تقاتِلوا التُّزْكَ (وفي طريق ثالثة: خُوزاً وكَرْمَانَ من الأعاجِمِ)؛ صِغارَ الأعينِ، حُمْرَ الوجوِه، ذُلفَ (29) (وفي طريق: فُطْسَ) الأنُوفِ، كأنَّ وجوهَهُم المَجانُّ المُطْرَقَةُ".

_ = على أن يكون الضمير المرفوع فيه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، و (نا) مفعوله. (28) بتقديم الراء المفتوحة وتكسر على الزاي المعجمة؛ يعني: البارزين لقتال أهل الإسلام، وقيل: "أهل البازر": بتقديم الزاي المفتوحة وتكسر على الراء المهملة، والمعروف الأول. (29) (ذلف الأنف) ذلفًا من باب تعب: قصر، وصغر، فالرجل أذلف، والأنثى ذلفاء، والجمع ذلف مثل أحمر وحمراء وحمر؛ كذا في "المصباح"، و (الفطوسة): تطأ من قصبة الأنف، وانتشارها، والصفة أفطس في الرجل، وفطساء في المرأة، والجمع فطس، كذلف، وهى الرواية الآتية.

1531 - "وليأتِيَنَّ على أحدِكُم زَمانٌ؛ لأنْ يراني أحبُّ إليهِ مِن أنْ يكونَ لهُ مثلُ أهلِهِ ومالِهِ"). 1532 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: سمعتُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "تُقاتِلُكُم (وفي روايةٍ: تقاتِلونَ 3/ 232) اليهود، فتُسَلَّطونَ عليهِم، حتى [يَخْتَبِئَ أحدُهم وراءَ الحَجَرِ، ف 3/ 232، يقولُ الحجرُ: يا مُسْلِمُ! هذا يهوديٌّ وَرَائِي فاقْتُلْهُ" (30). 1533 - عن عدىَّ بنِ حاتم قالَ: بَيْنَا أنا عندَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاهُ رجُل، فشكا إليهِ الفاقَةَ (وفي روايةٍ: العَيْلَةَ 2/ 113)، ثم أتاهُ آخر، فشكا إليه قطعَ السبيلِ، فقال: "يا عَدىُّ! هل رأيتَ الحِيرةَ؟ "، قلتُ: لم أَرَهَا وقد أنْبِئْتُ عنها. قالَ: "فإنْ طالتْ بكَ حياةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِيْنَةَ ترْتَحِلُ مِن الحِيرةِ حتى تطوفَ بالكعبةِ [بغير خفيرٍ]، لا تخافُ أحداً إلا اللهَ"، قلتُ فيما بيني وبين نفسي: فأيْنَ دُعَّارُ طَيِّءٍ (31) الذينَ قد سَعَّروا البلادَ. "ولَئِنْ طالَتْ بكَ حياةٌ لَتُفْتَحَنَّ كنوزُ كِسرى"، قلتُ: كسرى بن هُرْمُزَ؟! قالَ:

_ (30) قلت: هذا يكون بعد خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام كما في بعض الأحاديث الصحيحة، وفي بعضها أن ذلك بعد قتل عيسى للدجال، وانهزام اليهود، فلا علاقة لهذا الحديث بالحرب التي قامت بين العرب واليهود في رمضان سنة 1393 هـ، ولا حظَّ للعرب في مثلِ هذا التسليط حتى ينصروا دين الله، ويقاتلوا من أجلِهِ! (31) أي: قطاع الطريق من هذا الحي الذين أوقدوا نار الفتنة في البلاد.

"كِسْرى بنِ هُرْمُزَ". "ولَئنْ طالتْ بكَ حياةٌ لتَرَيَنَّ الرجُلَ يُخْرِج في مِلْءَ كَفِّهِ مِن ذَهَب أو فِضةٍ، يَطْلُبُ مَن يقبَلُهُ منهُ (وفي روايةٍ: فإنَّ الساعةَ لا تقومُ حتى يطوفَ أحدُكُم بصدقتِهِ)، فلا يجِدُ أحداً يقبَلُهُ منه، ولَيَلْقَيَنَّ اللهَ أحدُكُم يومَ يلقاهُ (وفي طريق: ما منكم من أحدٍ إلا وسيكلِّمه اللهُ يومَ القيامةِ 7/ 198)، وليسَ بينَهُ وبينَهُ تَرْجُمانٌ يُتَرْجِمُ لهُ، [ولا حِجابٌ يَحْجُبُهُ 8/ 185]، فيَقولَنَّ: ألم أَبْعَثْ إليكَ رسولاً فَيُبَلِّغَكَ؟ فيقولُ: بلى. فيقولُ: ألم أُعطِكَ مالًا وأفْضِلْ عليك؟ فيقولُ: بلى. فينظرُ عن يمينِهِ فلا يرى إلا جهَنَّمَ، وينظرُ عن يسارِهِ فلا يرى إلا جَهَنمَ (وفي طرَيق: فينظرُ أيمَنَ منهُ فلا يرى إلا ما قَدمَ من عملِهِ، وينظرُ أشأمَ منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظرُ بينَ يديهِ فلا يرى إلا النارَ تِلقاءَ وجهِه 8/ 202) ". قالَ عديٌّ: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقولُ (وفي طريقٍ: ذَكَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - النارَ، فتَعَوَّذَ منها، وأشاحَ بوجههِ، ثم ذكرَ النارَ، فتَعَوَّذ منها، وأشاحَ بوجْهِهِ [ثلاثاً]-قال شعبةُ: أما مرتين فلا أشكُّ-[حتى ظَنَنا أنه ينظرُ إليها]، ثم قالَ 7/ 79): "اتَّقوا (وفي طريق: فمَن استطاعَ منكُم أنْ يَتقِيَ) النارَ ولو بِشِقَّةِ تَمْرَةٍ، فمن لم يجِدْ شِقةَ تمرةٍ؛ فبكلمةٍ طيبةٍ". قال عديَّ: فرأيتُ الظعينَةَ ترتَحِلُ مِن الحِيرةِ حتى تطوفَ بالكعبةِ لا تخافُ إلا اللهَ، وكُنْتُ فيمَن افتَتَحَ كنوزَ كِسرى بن هُرْمُزَ، ولَئِنْ طالت بكم حياةٌ لَتَرَوُنَّ ما قالَ النبي أبو القاسمِ - صلى الله عليه وسلم -؛ يُخْرِجُ ملءَ كَفهِ. 1534 - عن زينب بنتِ جحش أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عليها [يوماً 8/ 104]

فزِعاً (وفي روايةٍ: استيقظ النبي - صلى الله عليه وسلم - من النومِ مُحْمَرًا وجْهُهُ 8/ 88) يقولُ: "لا إلهَ إلا اللهُ، ويلٌ للعَرَبِ مِن شرٍّ قد اقتَرَبَ! فُتحَ اليومَ مِن رَدمِ يأجوجَ ومأجوجَ مثلُ هذا"، وحَلَّق بإصبَعِهِ [الإبهامٍ]، وبالتي تليها (وفي روايةٍ: وعَقَدَ سفيان تسعينَ أو مائةً)، فقالت زينبُ: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! أنَهْلِكُ وفينا الصالِحونَ؟! قالَ: "نعم؛ إذا كَثُرَ الخَبَثُ". 1535 - عن أبي صَعْصَعَةَ عن أبي سعيد الخدري رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ لي: إنَّي أراكَ تُحِبُّ الغَنَمَ وتتخِذُها، فأصْلِحْها وأصْلحْ رُعامَها (32)؛ فإني سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: ([يوشِكُ أنْ 1/ 10] يأتيَ على الناسِ زَمانٌ تكونُ الغَنَمُ فيهِ خيرَ مالِ المُسْلِمِ، يَتْبَعُ بها شَعَفَ الجِبالِ (33) -أو سَعَفَ الجبالِ- في مواقعِ القَطْرِ؛ يَفِرُّ بدينِهِ مِن الفِتَنِ". 1536 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ستَكونُ فِتَنٌ؛ القاعِد فيها خير مِن القائِمِ، والقائِمُ فيها خيرٌ مِن الماشي، والماشي فيها خير مِن الساعي، ومَن يُشْرِفْ (34) لها تَسْتَشْرِفْهُ، ومَن وَجَدَ مَلجأ أو

_ (32) بضم الراء وتخفيف العين المهملتين: ماء يسيل من أنوفها، وفي نسخة: "رغامها"، بالغين المعجمة: وهو التراب، فكأنه قال فى الأول: داوِ مرضها، وفي الثانى: أصلح مرابضها. (33) (شعف الجبال): رؤوسها. و (السعف): بالسين المهملة جرائد النخل، ولا معنى له هنا. (34) وفى رواية: "ومن تشرف"؛ أي: من تطلع لها دعته إلى الوقوع فيها.

مَعاذاً فَلْيَعُذْ بهِ". 1537 - عن نَوْفَلِ بنِ معاويةَ مِثْلَ حديثِ أبي هريرةَ هذا؛ إلا أنه زاد: "مِنَ الصلاةِ صلاةٌ (35)؛ مَن فاتَتْهُ فكأنَّما وُتِرَ (36) أهلَهُ ومالَهُ". 1538 - عن ابنِ مسعودٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "سَتكونُ أثَرَةٌ (37) وأُمورٌ تُنْكِرونَها"، قالوا: يا رسولَ اللهِ! فما تأْمُرُنا؟ قالَ: "تؤدُّونَ الحقَّ الذي عليكُم، وتسألونَ اللهَ الذي لكُم". 1539 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يُهْلِكُ الناسَ هذا الحَيُّ مِن قُريشٍ" قالوا: فما تأمُرُنا؟ قالَ: "لو أنَّ الناسَ اعْتَزَلوهُم". 1540 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عنِ النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تقومُ الساعةُ حتى يَقْتَتِلَ فِئتانِ، فيكونُ بينَهُما مَقْتَلَةٌ عظيمةٌ، دعْواهُما واحدةٌ".

_ (35) هي صلاة العصر، فقد أخرجه النسائي من طريق أخرى عن نوفل بن معاوية: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكره. وزاد: فقالَ ابن عمر: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "هي صلاة العصر". انظر "التعليق الرغيب" (1/ 169). (36) أي: نقص هو أهله وماله وسلبهما، فبقي بلا أهل ومال، وروي فيهما الرفع، والأكثر على النصب. (37) بفتح الهمزة والمثلثة، وبضمها وسكون المثلثة؛ كما في "الشرح". ومعناها: الاستبداد والاختصاص بالأموال فيما حقه الاشتراك.

1541 - "ولا تقومُ الساعةُ حتى يُبْعَثَ دجَّالونَ كذَّابونَ، قريباً مِن ثَلاثِيْنَ؛ كلُّهُم يزْعُمُ أنه رسولُ اللهِ". 1542 - عن خبَّابِ بنِ الأرَتِّ قالَ: شَكَوْنا إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظلِّ الكعبةِ -[وقد لقينا من المشركينَ شدةً 4/ 238]- قلنا لهُ: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا؟! ألا تدعُو اللهَ لنا؟! [فقَعَدَ وهو مُحْمَرٌّ وجهُهُ، فـ] قالَ: " [قد 8/ 56] كانَ الرجُلُ فيمَنْ قبلَكُم يُحْفَرُ لهُ في الأرضِ، فيُجْعَلُ فيه، فيُجاءُ بالمِيشارِ (وفي روايةٍ: المِنشار)، فيوضعُ على [مَفْرِق] رأسهِ، فيُشَقُّ باثنتينِ، وما يصُدُّهُ ذلك عن دينِهِ، ويُمْشَطُ بأمْشاطِ الحَديدِ ما دُونَ لَحْمِهِ مِن عَظْم أوْ عَصَبٍ، وما يَصُدُّهُ ذلك عنْ دِينِهِ، واللهِ لَيُتِمَّنَّ [اللهُ] هذا الأمرَ، حتى يسيرَ الراكِبُ مِن صنعاءَ إلى حَضْرَموتَ؛ لا يخافُ إلا اللهَ أو الذئبَ على غنمهِ، ولكنَّكُم تستعجلونَ". 1543 - عن أنسِ بنِ مالك رضيَ اللهُ عنه أن النبي - رضي الله عنه - افتَقَدَ ثابتَ بنَ قيس، فقالَ رجلٌ: يا رسولَ اللهِ! أنا أعلمُ لك عِلْمَهُ، فأتاهُ، فوجَدَهُ جالساً في بيتِه، مُنَكِّساً رأسَهُ، فقالَ: ما شأنُكَ؟ فقالَ: شَرٌّ؛ كانَ يرفَعُ صوتَهُ (38) فوقَ صوتِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد حَبِطَ عملُهُ، وهو مِن أهل النارِ، فأتى الرجُلُ [النبي - صلى الله عليه وسلم - 6/ 46]، فأخبَرَهُ أنهُ قالَ كذا وكذا، فقالَ موسى بنُ أنسٍ (39): فرَجَعَ [إليه] المرَّةَ الآخِرَةَ ببشارَةٍ

_ (38) فيه عدول عن التكلم إلى الغيبة. (39) هو راوي الحديث عن أنسٍ، وظاهره أن باقى الحديث مرسل، لكن أخرجه مسلم متصلًا؛ كما في "الفتح".

عظيمةٍ، فقالَ: "اذهَبْ إليهِ فقُلْ لهُ: إنَّكَ لستَ مِن أهل النار، ولكن [ـك] مِن أهلِ الجنةِ". 1544 - عن البراءِ بنِ عازِبٍ قالَ: جاءَ أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه إلى أبي في منزِلهِ، فاشترى منه رَحْلاً [بثلاَثةَ عَشَرَ درهماً 4/ 189]، فقالَ لعازِبٍ: ابعَثِ ابنَكَ يحْمِلُهُ معي، [فقالَ عازِبٌ: لا؛ حتى تُحَدِّثَنا كيف صنعتَ أنت ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حين خرجْتُما مِن مكةَ، والمشركون يطلبونَكُم]؟ قالَ: فَحَمَلْتُهُ معهُ، وخَرَجَ أبي ينْتَقِدُ ثمنَهُ، فقالَ له أبي: يا أبا بكرٍ! حدِّثْني كيف صنعتما حين سَرَيْتَ مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: نعم؛ [أَّخِذَ علينا بالرَّصَدِ، فخرجنا فـ 4/ 262] أسْرَينا ليلَتَنا ومِن الغَدِ حتى قامَ قائِم الظهيرةِ، وخلا الطريقُ، لا يَمُرُّ فيه أحَدٌ، [فرَمَيْتُ ببصري؛ هل أرى مِن ظلٍّ فآوي إليهِ]؟ فرُفِعَتْ لنا صخرةٌ طويلةٌ، لها [شيءٌ من 4/ 262]؛ ظِلٍّ، لم تأتِ عليه الشمسُ، فنَزَلْنا عندَهُ، وسَوَّيْتُ للنبي - صلى الله عليه وسلم - مكاناً بيدي ينامُ عليه، وبَسَطْتُ فيه فروةً [معي]، وقلت: نَمْ يا رسولَ اللهِ! وأنا أنفُضُ لك ما حَوْلَكَ، فنامَ، وخَرَجْتُ أنفُضُ ما حولَهُ (وفي روايةٍ: ثم انطلقتُ أنظرُ ما حولي؛ هل أرى من الطلبِ أحداً؟) فإذا أنا براعٍ مقبل بِغَنَمِهِ إلى الصخرةِ، يريدُ منها مثلَ الذي أردنا، فقلتُ: لمَنْ أنتَ يا غُلامُ؟ فقالَ: لرَجُل مِن أهل المدينةِ -أو مكةَ- (وفي روايةٍ: من قريش، فسمَّاهُ، فعَرَفتُه 3/ 96)، قلت: أفي غَنَمِكَ لبنٌ؟ قالَ: نعم. قلتُ: أفتَحْلُبُ؟ قالَ: نعم. [فأمَرْتُه]، فأخذَ شاةً، فقلتُ: انْفضِ الضَّرْعَ مِن الترابِ والشَّعَرِ

والقَذَى، [ثم أمرتُهُ أنْ يَنْفُضَ كَفَّيْهِ، فقالَ: هكذا]، قالَ: فرأيتُ البراءَ يضرِبُ إحدى يَدَيْهِ على الأخرى ينفُضُ، فحَلَبَ في قَعْبٍ (40) كُثْبَةً مِن لَبَنٍ، ومعي إداوَةٌ [من ماءٍ عليها خِرقةٌ قد روَّاتُها لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -]، حملْتُها للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْتوي منها؛ يَشْرَبُ ويتوضأ. فأتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكَرِهْتُ أن أُوقِظَهُ، فوافَقْتُهُ حينَ استيقَطَ، فصبَبْتُ من الماءِ على اللبنِ حتى بَرَدَ أسفَلُهُ، فقلتُ: اشْرَبْ يا رسولَ اللهِ! قالَ: فشَرِبَ حتى رَضِيْتُ، ثم قالَ: "ألم يانِ للرحيلِ؟ "، قلتُ: بلى، قالَ: فارْتَحَلْنا بعدما مالتِ الشمس [الطلبُ في أثرِنا]، واتَّبَعَنَا سراقةً بنُ مالِكٍ، فقلتُ: أُتِينا يا رسولَ اللهِ! فقالَ: "لا تَحْزَنْ إن اللهَ مَعَنا"، فدعا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فارْتَطَمَتْ (41) (وفي روايةٍ: فساخت 4/ 259) به فرسُهُ إلى بَطْنِها، أُرَى في جَلَدٍ مِن الأرض -شكَّ زهيرٌ- فقالَ: إني أُراكُما قد دعوتُما عليَّ، فادْعُوَا لي، فاللهُ لكُما أنْ أرُدَّ عنكُما الطَّلَبَ (وفي روايةٍ: ادعُ اللهَ لي ولا أضُرُّك)، فدعا لهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فنَجا، فجَعَلَ لا يَلقى أحداً إلا قالَ: كَفَيْتُكُم ما هنا، فلا يَلْقى أحداً إلا رَدَّهُ. قالَ: ووَفَى لنا. [قالَ البراءُ: فدخلتُ مع أبي بكرٍ على أهلِهِ، فإذا عائشةُ ابنتهُ مضطجِعَةٌ قد أصابَها حُمَّى، فرأيتُ أباها فقبَّلَ خدَّها، وقالَ: كيف أنتِ يا بُنَيَّةُ؟ 4/ 262].

_ (40) هو القدح من الخشب. وقوله: "كثبة": أي: شيئًا قليلاً. (41) أي: غاصت به قوائمها. "في جلد"؛ أي: صلب من الأرض. قوله: "فالله لكما: مبتدأ وخبر؛ أي: ناصر لكم وحافظكما. وقوله: "أن أردَّ"؛ أي: لأن أردَّ.

1545 - عن أنسٍ رضىِ اللهُ عنه أنَّه قالَ: كان رجلٌ نصرانيًّا، فأسْلَمَ، وقرأ {البقرةَ} و {آلَ عِمْرانَ}، فكانَ يكتُبُ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فعادَ نصرانياً، فكانَ يقولُ: ما يَدْري محمد إلا ما كَتَبْتُ لهُ، فأماتَهُ اللهُ، فدَفَنُوهُ، فأصبَحَ وقد لَفَظَتْهُ الأرضُ، فقالوا: هذا فِعْلُ محمدٍ وأصحابِهِ، لما هَرَبَ منهم نَبَشوا عن صاحِبِنا، فألْقَوهُ، فحَفَروا لهُ، فأعمَقوا، فأصبَحَ وقد لَفَظَتْهُ الأرضُ، فقالوا: هذا فعلُ محمدٍ وأصحابِهِ، نبَشوا عن صاحِبِنا لما هَرَبَ منهم، فألْقَوهُ خارِجَ القبرِ، فحَفَروا لهُ، فأعمَقوا لهُ في الأرضِ ما اسْتطاعوا، فأصْبَحَ قد لَفَظَتْهُ الأرضُ، فعَلِموا أنَّه ليس مِن الناسَ، فألْقَوْهُ. 1546 - عن أبىِ موسى أُراهُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "رأيتُ في المنامِ أنِّي أُهاجِرُ من مكةَ إلى أرضٍ بها نخلٌ، فذَهَبَ وَهَلي (42) إلى أنها اليمامةُ أو هَجَرُ، فإذا هي المدينةُ: يثرِبُ، ورأيتُ في رُؤيايَ هذه أني هَزَزْتُ سيفاً، فانْقَطَع صدرُهُ، فإذا هو ما أُصيبَ من المؤمِنينَ يومَ أُحُدٍ، ثم هززتُهُ بأخرى، فعادَ أحسَنَ ما كانَ، فإذا هُو ما جاءَ اللهُ بهِ مِن الفَتْحِ واجتِماعِ المؤمِنينَ، ورأيتُ فيها بَقَراً، واللهُ خيرٌ، فإذا هُمُ المؤمنونَ يومَ أُحُدٍ، وإذا الخيرُ ما جاءَ اللهُ من الخيرِ وثوابِ الصِّدْقِ الذي آتانا اللهُ بعد يومِ بدرٍ". 1547 - عن جابرٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "هل لَكُم مِن أنْمَاطٍ (43)؟ "، قلتُ: وأنَّى يكونُ لنا الأنماطُ؟! قالَ:

_ (42) (الوهل): الوهم. (43) جمع (نَمَط) بفتحات: وهو بساط له خمل رقيق.

"أما إنَّهُ سَيكونُ لكُمُ الأنماطُ"، فأنا أقولُ لها -يعني: امرأتَهُ- أخِّرِي عنَّا أنماطَكِ، فتقولُ: ألم يقُلِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّها سَتكونُ لكُمُ الأنماطُ"، فأدَعُها. 1548 - عن عبدِ اللهِ (ابن عمر) رضيَ اللهُ عنه أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "رأيتُ الناسَ مجتمعينَ في صَعيدٍ (وفي روايةٍ: أرِيتُ في المنامِ أني أنْزِعُ بِدَلْو بَكرَةٍ على قَليبٍ 4/ 198)، فقامَ أبو بكرٍ، [فأخَذَ الدّلْوَ 8/ 78]، فنَزَعَ ذَنوبًا (44) أو ذَنوبينَ، وفي بعضِ نَزْعِهِ ضَعْفٌ، واللهُ يَغْفِرُ لهُ، ثم أخذها عمرُ [بنُ الخطابِ]، [من يدِ أبي بكرٍ 4/ 197]، فاستحالَتْ بيدِهِ غَرْباً، فلم أرَ عَبْقَرباً في الناسِ يَفْرِي (45) فَرِيَّهُ، [فنزع]، حتى [رَوِيَ الناسُ و] ضَرَبَ الناسُ [حولَهُ]، بعَطَنٍ (46). [قالَ وَهبٌ: (العَطَنُ): مَبْرَكُ الإِبلِ، يقولُ: حتى رَوِيَتِ الإبلُ فأناخَتْ]. [قال ابن جُبَيْر: (العَبْقَرِيُّ): عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ. وقال يحيى (47): (الزرَابِيُّ): الطَّنَافِسُ، لها خَمَلٌ رقيق، مَبْثُوثَةٌ]. 536 - وقالَ أبو هريرةَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: [ننَزَعَ أبو بكرٍ ذَنُوبُينِ].

_ (44) أي: دلواً مملوءاً ماءً من كبارِ الدلاء. و (الغرب): أكبر منه. (45) أي: يقطع قطعة، وأصله التخفيف، كالرمي، والفري بالتشديد من قولهم: "هو يفري الفريُّ"؛ أي: يأتي بالعجب في عمله؛ كما في "القاموس". (46) أي: وجدوا مناخًا واستراحوا، والعَطَنُ للإبل كالوطن للناس. (47) هو ابن زياد الفراء، ذكر ذلك في كتاب "معاني القرآن" له. 536 - وصله المصنف في "ج 4/ 91 - التعبير/ 29 - باب".

26 - باب قول الله تعالى: {يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}

1549 - عن أبي عثمانَ قالَ: أُنْبِئْتُ أن جبريلَ عليه السلامُ أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وعندَهُ أمُّ سلمَةَ، فجَعَلَ يُحَدِّثُ، ثم قامَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأمِّ سَلَمَةَ: "مَن هذا؟ " -أو كما قال- قالَ: قالتْ: هذا دِحْيَةُ. قالت أمُّ سَلَمَةَ: ايمُ اللهِ؛ ما حَسِبْتُهُ إلا إياهُ، حتى سَمِعْتُ خُطبةَ نبيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ عن جبريلَ -أو كما قالَ- قالَ: فقلتُ لأبي عثمانَ: ممنْ سمعتَ هذا؟ قالَ: من أسامَةَ بنِ زيدٍ. بسم الله الرحم الرحيم 26 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} 1550 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمر رضيَ اللهُ عنهما أن اليهودَ جاؤُوا إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فذَكَروا لهُ أن رجلًا منهم وامرأةً زنَيَا، فقالَ لهُم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ["كيفَ تفعَلونَ بمَن زنى مِنْكُم؟. قالوا: نُحَمُّمُهما (48)، ونَضْرِبُهما (وفي روايةٍ: نُسَخِّمُ وجوهَهُما، ونُخْزِيهِما 8/ 213)، فقالَ: 5/ 170]: "ما تَجِدونَ في التوراةِ في شأنِ الرجْمِ؟ ". فقالوا: نَفْضَحُهُم، ويُجْلَدونَ. (وفي طريقٍ: قالوا: إن أحبارَنا أحْدَثُوا تَحْمِيْمَ الوجهِ، والتَّجْبِيَةِ (49) 8/ 22. وفي

_ (48) أي: نسود بـ (الحميم)، وهو الفحم، وهو المراد من قوله في الرواية الأخرى: "نسخم". (49) هى أن يُحمل الزانِيان على حمار، وتُقابل أقفيتهما، ويطاف بهما. "فتح". قلتُ: في إسناد هذه الطريق خالد بن مخلد، وهو القطواني، وفي حفظه ضعف، وله مناكير كما في "الميزان"، وإني لأخشى أن يكون ما وقع فيها من اعتراف اليهود بالإحداث من مناكيره؛ لأنه لا يتفق ذلك مع تكذيب عبد الله بن سلام إياهم، اللهم إلا أن يكون اعترافهم وقع بعد أن أقيمت الحجة عليهم من=

27 - باب سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية؛ فأراهم انشقاق القمر

روايةٍ: لا نجدُ فيها شيئاً). فقالَ عبد اللهِ بنُ سَلاَمٍ: كَذبْتُم، إنَّ فيها الرجم، [فأْتُوا بالتَّوراةِ فاتْلُوها إن كُنْتُم صادِقينَ]، فأتَوْا بالتوراةِ، فَنَشرُوهَا، فوضعَ أحدُهُم يدَهُ (وفي روايةٍ: فوضع مِدْرَاسُها الذي يُدَرَّسُها (وفي أخرى: فقالوا لرجل (50) يرضون: يا أعورُ! اقرأْ. فقرأ حتى انتهى إلى موضِعِها، فوضعَ (كفهُ) على آيةِ الرجمِ، [فطَفِقَ]، يقرأُ ما قبلها وما بعدها، [ولَا يقرأُ آيةَ الرجمِ]، فقالَ له عبدُ اللهِ بنُ سَلام: ارفع يَدَكَ، فرفَع يدَهُ، فإذا فيها آيةُ الرجمِ [تلوحُ]، ف [قال: ما هذهِ؟! فلما رَأُوا ذلك]؛ قالوا: صَدَقَ يا محمدُ! فيها آيةُ الرجمِ، [ولكنا نُكاتِمُهُ بينَنا]، فأمرَ بهما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فرُجِما [قريباً من حيث توضعُ الجنائِزُ عندَ المسجدِ 2/ 90]. قالَ عبدُ اللهِ [بنُ عمرَ]: فرأيتُ الرجلَ يجْنَأُ (51) (وفي روايةٍ: يَحْني 8/ 30) على المرأة؛ يَقِيها الحجارةَ. 27 - بابُ سؤال المشركينَ أن يُرِيَهُم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - آيةً؛ فأراهُمُ انْشِقاقَ القمرِ 1551 - عن أنسٍ أن أهلَ مكةَ سألوا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُريَهُم آيةً؛ فأراهُم انشقاقَ القَمَرِ [فِرقتينِ 6/ 53]، [حتى رأوْا حِرَاءَ بينَهُما 4/ 243].

_ =التوراة، ولكن سياقه للحديث يأبى ذلك؛ لأن الاعتراف وقع جوابًا لقوله عليه الصلاة والسلام: "ما تجدون فى التوراة ... ؟). (50) اسمه عبد الله بن صوريا؛ كما وقع عند الطبري. (51) أي: يكب. وقوله في الرواية الأخرى: "يحني"؛ أي: يعطف.

1552 - عن ابنِ عباس رضيَ اللهُ عنهما أن القَمَرَ انشقَّ في زمانِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. 1553 - عن أنسٍ رضيَ اللهُ عنه أن رجلينِ من أصحابِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يكون (537 - وفي طريق معلقة أنَّهما أسَيْدُ بنُ حُضيرٍ، وعبَّادُ بنُ بِشرٍ 4/ 228) خَرَجا من عندِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ليلةٍ مظلِمَةٍ، ومَعَهُما مثلُ المِصْباحَيْنِ يُضيئانِ بينَ أيدِيهِما، فلما افْتَرقا صارَ مع كلِّ واحدٍ منها واحِدٌ، حتى أتى أهْلَهُ. 1554 - عن عُرْوَةَ (ابن الجعدِ البارِقي) أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ديناراً يشتري لهُ به شاةً -[قالَ سفيانُ: كأنها أُضْحِيةٌ]- فاشْترى لهُ به شاتينَ، فباعَ إحداهُما بدينارٍ، وجاءَهُ بدينارٍ وشاةٍ، فدعا لهُ بالبَرَكَةِ في بيعِهِ، وكانَ لو اشترى الترابَ لَرَبِحَ فيه.

_ 537 - وصلها أحمد (3/ 190 و 272)، والحاكم (3/ 288) وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، فأصابا.

62 - [كتاب فضائل الصحابة]

بسم الله الرحمن الرحيم 62 - [كتابُ فضائِل الصحابةِ] 1 - بابُ فضائِلِ أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومَن صَحِبَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رآه (1) مِن المسلمينَ؛ فهو مِن أصحابِهِ 1555 - عن أبي سعيد الخدري قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي على الناسِ زمان، فيغْزو فِئامٌ (2) مِن الناسِ، فيقولونَ: فيكُم مَن صاحَبَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقولون لهم: نعم. فَيُفْتَحُ لهم، ثم يأتي على الناسِ زمان، فيغزو فئامٌ من الناسِ، فيُقالُ: هل فيكُم مَن صاحَبَ أصحابَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقولونَ: نعم. فَيُفْتَحُ لهم، ثم يأتي على الناسِ زمانٌ، فيغزو فِئامٌ من الناسِ، فيقال: هل فيكُم مَن صاحَبَ مَن صاحَبَ أصحابَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فيقولونَ: نعم. فيُفْتَحُ لهم". 2 - بابُ مناقبِ المهاجرينَ وفضلِهِم؛ منهم أبو بكرٍ عبدُ اللهِ بنُ أبي قُحافَةَ التُّيْميُّ رضيَ اللهُ عنه، وقولِ اللهِ تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ

_ (1) ينبغني أن يراد بالرؤية اللقاء؛ ليعمَّ الأعمى. (2) أي: جماعة، لا واحد له من لفظِهِ.

3 - باب

أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، وقال: {إلا تَنْصُروهُ فقَدْ نَصَرَهُ اللهُ} إلى قوله: {إن اللهَ مَعَنا} 538 - 540 - قالت عائشة وأبو سعيدٍ وابنُ عباس رضيَ الله عنهم: وكانَ أبو بكرٍ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فى الغار. 3 - بابُ 541 - قولِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "سُدُّوا الأبوابَ إلا بابَ أبي بكرٍ"؛ قالهُ ابن عباس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أسند فيه حديث أبى سعيد الخدري المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 80 - باب/ رقم الحديث 246"). 4 - بابُ فضلِ أبي بكرٍ بعد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 1556 - عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما قال: كُنَّا نُخَيِّرُ بينَ الناسِ في زمنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فُنَخَيِّرُ أبا بكرٍ (وفي روايةٍ: لا نَعْدِلُ بأبي بكرٍ أحداً 4/ 203)، ثم عمرَ

_ 538 - 540 - أما حديث عائشة؛ فوصله فيما يأتي (ج 2/ 63 - مناقب الأنصار/ 43 - باب". وأما حديث أبي سعيد؛ فأخرجه ابن حبان في قصة بعث أبي بكرٍ إلى الحج، وفيه: فقالَ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنت أخي وصاحبي في الغار" , ذكر الحافظ، ولم أره في "الموارد"، وهذا القدر منه رواه الترمذي (3671) من حديث ابن عمر، وأحمد (4/ 4) من حديث ابن الزبير، فهو حديث صحيح. وأما حديث ابن عباس؛ فسيأتى موصولاً في "ج 2/ 65 - التفسير/ 9 - السورة/ 8 - باب". 541 - هذا طرف من حديث ابن عباس المتقدم موصولاً في "ج ا/ 8 - الصلاة/ 80 - باب".

5 - باب

ابنَ الخطابِ، ثم عثمانَ بنَ عفان رضيَ اللهُ عنهم، [ثم نتركُ أصحابَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لا نفاضِلُ بينَهُم]. 5 - بابُ 542 - قولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. "لو كنْتُ مُتخِذاً خليلًا"؛ قاله أبو سعيد. 1557 - عن عبدِ اللهِ بنِ أبي مُلَيْكَةَ قالَ: كَتَبَ أهلُ الكوفةِ إلى ابنِ الزبيْرِ في الجَدَّ؛ فقالَ: أما الذي قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لو كُنْتُ مُتَّخِذاً من هذه الأمةِ خليلًا لاتَخَذْتُهُ"؛ أنزَلَهُ أباً. يعني: أبا بكرٍ. 6 - بابُ 1558 - عن عمرِو بنِ العاصِ رضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَهُ على جيشِ ذاتِ السلاسلِ، فأتَيْتُهُ، فقلتُ: أىُّ الناسِ أحب إليكَ؟ قالَ: "عائِشةُ". فقلتُ: مِن الرجالِ؟ فقالَ: "أبوها". فقلتُ: ثمَّ من؟ قالَ: "ثم عمرُ بنُ الخطابِ"، فعَدَّ رجالًا، [فسكتُّ مخافةَ أنْ يجْعَلَني في آخِرِهِم 5/ 113]. 1559 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن جَرَّ ثوبه خُيَلاءَ؛ لم ينْظُرِ اللهُ إليهِ يومَ القيامَةِ". فقالَ أبو بكرٍ: إنَّ أحدَ شِقَّيْ ثوبي يَسْتَرْخي؛ إلاَّ أنْ أتعاهَدَ ذلك منهُ. فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنكَ لستَ تَصْنَعُ ذلك خُيَلاءَ".

_ 542 - وصله المصنف فى "ج 1/ 8 - الصلاة/ 80 - باب/ رقم الحديث 246".

قالَ موسى: فقلتُ لسالمٍ: أذكَرَ عبدُ اللهِ: مَن جرَّ إزارَهُ؟ قالَ: لم أسْمَعْهُ ذكَرَ إلا ثوبه (وفي طريق أخرى: فقلتُ لمحارب: أذكَرَ إزارَهُ؟ قالَ: ما خَصَّ إزاراً ولا قَمِيصاً 7/ 35). 1560 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ماتَ وأبو بكرٍ بِـ (السُّنْحِ) (3) -قال إسماعيل: يعني بِـ (العالِيَةِ) (4) - فقامَ عمرُ يقولُ: واللهِ ما ماتَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. قالت: وقالَ عمرُ: واللهِ ما كانَ يقعُ في نفسي إلا ذاكَ، ولَيَبْعَثَنَّهُ اللهُ، فلَيَقْطَعَن أيْديَ رجال وأرجُلَهُم (5). فجاء أبو بكرٍ [على فرسٍ مِن مسكنه بِـ (السُّنْحِ)، حتى نزلَ فدخلَ المسجدَ، فلم يكلمِ الناسَ حتى دخَلَ على عائشةَ، فتيممَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو مُغَشًّى بثوبِ حَبِرَةٍ 5/ 142 - 143]، فكَشَفَ عن [وجهِ]، رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [ثم أكَبَّ عليه 2/ 70] فقَبَّلَهُ [وبكى]، فقالَ: بأبي أنت وأمي [يا نبَّى اللهِ!]، طِبْتَ حيًّا ومَيِّتًا، واللهِ الذي نفسي بيدِهِ؛ لا يُذِيقُكَ اللهُ المَوْتَتَيْنِ (وفي روايةٍ: موتتينِ) (6) أبداً، [أما المَوتَةُ التي كُتِبَتْ عليك؛ فقد مُتَّها].

_ (3) موضع بالعوالي، كان الصديق رضي الله عنه تزوجَ من هناك. (4) (العالية) و (العوالي): أماكن بأعلى أراضي المدينة من جهة نجد. (5) يعني: قائلين بموته عليه الصلاة والسلام. (6) قال الحافظ: "أشار بذلك إلى الرد على من زعم أنه سيحيا فيقطع أيدي رجال؛ لأنه لو صح ذلك للزم أن يموتَ موتة أخرى، فأخبرَ أنه أكرم على اللهِ من أن يجمّعَ عليه موتتين كما جمعهما على غيره؛ كالذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف".

ثم خَرَجَ، فقالَ: أيُّها الحالِفُ! على رِسْلِكَ. فلما تكَلّمَ أبو بكرٍ؛ جَلَسَ عمرُ، فحَمِدَ اللهَ أبو بكرٍ، وأثنى عليهِ، وقالَ: ألا مَن كانَ يعبدُ محمداً فإنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - قد ماتَ، ومَن كانَ يعبد اللهَ فإنَّ اللهَ حيٌّ لا يموتُ، وقالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}، وقالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}. قالَ: فنَشَجَ (7) الناسُ يبكونَ (8). قالَ: واجتَمَعَتِ الأنصارُ إلى سعدِ بنِ عُبادُةَ في سَقِيفَةِ بني ساعدَةَ، فقالوا: منَّا أميرٌ ومنكُم أميرٌ، فذهَبَ إليهم أبو بكرٍ الصديقُ، وعمرُ بنُ الخطابِ، وأبو عبيدةَ ابنُ الجراحِ، فذَهَبَ عمرُ يتكلمُ، فأسكَتَهُ أبو بكرٍ، وكانَ عمرُ يقولُ: واللهِ ما أردتُ بذلك إلا أني قد هيأتُ كلاماً قد أعجَبَني، خَشِيتُ أن لا يَبْلُغَهُ أبو بكرٍ. ثم تكلم أبو بكرٍ، فتكلَّمَ أبلغَ الناسِ، فقالَ في كلامِهِ: نحنُ الأمراءُ، وأنتُم الوزراءُ، فقالَ حُبَابُ بنُ المُنذرِ: لا واللهِ لا نفعَلُ، منا أميرٌ ومنكم أميرٌ، فقالَ أبو بكرٍ. لا؛ ولكنا الأمراءُ، وأنتُم الوزراءُ، هُمْ أوسطُ العربِ داراً، وأعرّبهُم أحساباً، فبايِعُوا عُمَرَ بنَ الخطاب، أو أبا عبيدةَ بنَ الجراح. فقالَ عمر: بل نُبايِعُكَ أنتَ، فأنتَ سيِّدُنا، وخيرُنا، وأحَبُّنا إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فأخذ عمرُ بيدِهِ، فبايَعَهُ، وبايَعَهُ الناسُ، فقال قائل: قتَلْتُمْ (9) سعدَ بنَ عبادةَ.

_ (7) نشج الباكي: (إذا غصَّ بالبكاء في حلقه من غير انتحاب، أوهو بكاء معه صوت. (8) هنا زيادة من حديث ابن عباس مضى برقم (604). (9) هو كناية عن الإعراض والخذلان. وقول عمر: "قتله الله": دعاء عليه لعدم نصرتهِ للحقِّ، وتخلفه عن مبايعة الصديق رضوان الله عليهم.

فقالَ عمرُ: قَتَلهُّ الله. 543 - [قالت عائشةُ: فما كانت من خُطْبَتِهِما مِن خُطبةٍ إلا نفعَ اللهُ بها، لقد خَوَّفَ عمرُ الناسَ، وإن فيهم لَنفاقاً، فرَدِّهُم اللهُ بذلك، ثم لقد بصَّرَ أبو بكر الناسَ الهَدى، وعَرفَهُم الحقَّ الذي عليهم، وخَرَجوا به (10) يتلونَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إلى: {الشَّاكِرِينَ}]. 1561 - عن محمدِ ابنِ الحنفيَّةِ قالَ: قلتُ لأبي: أيُّ الناسِ خيُر بعدَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: أبو بكرٍ. قلتُ: ثم مَن؟ قالَ: ثُمَّ عمرُ. وخشيتُ أن يقولَ: عثمانُ؛ قلتُ: ثم أنتَ؟ قالَ: ما أنا إلا رجل من المسلمينَ. 1562 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَسُبُّوا أصحابي؛ فلو أنَّ أحدَكُم أنْفَقَ مثلَ أُحُدٍ ذهبًا؛ ما بَلَغَ مُدَّ أحدِهِم ولا نَصِيْفَهُ (11) ". 1563 - عن أبي موسى الأشعريِّ: أنَّه توضَّأ في بيتِهِ، ثم خَرَجَ، فقلتُ: لألْزَمَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولأكونَنَّ معه يومي هذا. قالَ: فجاءَ المسجدَ، فسألَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: خَرَجَ ووجَّهَ ها هنا. فخرجتُ على إثْرِهِ أسألُ عنهُ، حتى دَخَلَ بئرَ أَرِيسٍ (12) [في حائطٍ من حِيطانِ المدينة، وفي يدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عودٌ يضرِبُ بهِ بينَ

_ 543 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها الطبراني في "مسند الشاميين". (10) أي: بسبب قوله وتلاوته ما ذكر. (11) أي: نصفه. (12) بئر بستان بقرب قباء.

الماءِ والطينِ 7/ 123]، فجلستُ عندَ البابِ، وبابُها مِن جَرِيدٍ، [وأمرني بحفظِ بابِ الحائطِ 4/ 202]، حتى قضى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حاجَتَهُ، فتوضأ، فقمتُ إليهِ، فإذا هو جالسٌ على بئرِ أَرِيسٍ، وتَوَسَّطَ قُفَّها (*)، وكشفَ عن ساقَيْهِ، ودَلَّاهُما في البئرِ (وفي طريق: قدِ انكَشَفَ عن ركْبَتَيْهِ أو رُكْبَتِهِ)، فسلمتُ عليه، ثم انصرفتُ، فجلستُ عندَ البابِ، فقلتُ: لأكونَنَّ بَوَّابَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اليومَ. فجاءَ أبو بكرٍ. [يستأذنُ عليه ليدخُلَ 8/ 96]، فدَفَعَ البابَ، فقلتُ: من هذا؟ فقالَ: أبو بكرٍ. فقلتُ: على رِسْلِكَ [حتى أستأذنَ لك، فوقَفَ] , ثم ذهبتُ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ! هذا أبو بكر يستأذنُ (عليكَ)]؟ فقالَ: {ائذَنْ لهُ، وبَشَرْهُ بالجنةِ}. فأقبلتُ حتى قلتُ لأبي بكرٍ: ادْخُلْ، رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشرُكَ بالجنةِ، [فَحَمِدَ اللهَ 4/ 201]، فدخَلَ أبو بكرٍ، فجَلَسَ عن يَمينِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ في القُفِّ، ودَلَّى رِجْلَيْهِ في البئرِ -كما صَنَعَ النبَّيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ساقَيْهِ، [ودلاَّهُما في البئرِ]، ثم رجعتُ فجَلَسْتُ، وقد تركتُ أخي يتوضَّأ ويَلْحَقُني، فقلتُ: إنْ يُرِدِ اللهُ بفلانٍ خيراً -يريدُ: أخاهُ- يأتِ بهِ، فإذا إنسانٌ يُتحَرِّكُ البابَ، فقلتُ: مَن هذا؟ فقالَ: عمرُ بنُ الخطابِ. فقلتُ: على رِسْلِكَ [حتى أستأذنَ لك]، ثم جئتُ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فسلمتُ عليهِ، فقلتُ: هذا عمرُ بنُ الخطابِ يستأذِنُ؟ فقالَ: [ائذَنْ لهُ، وبَشِّرْهُ بالجنةِ". فجئتُ، فقلتُ له: ادْخُلْ، وبَشَّرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنةِ، [فَحَمِدَ اللهَ]، فدَخَلَ، فجَلَسَ معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في القُفِّ عن يسارِهِ،

_ (*) (قفها): حافتها.

[فكَشَفَ عن ساقيهِ]، ودَلَّى رِجْلَيْهِ في البئرِ، [فامتلأ القُفُّ فلم يكن فيه مجلسٌ]، ثم رجعْتُ فجلستُ، فقلتُ: إنْ يُرِدِ اللهُ بفلانٍ خيراً يأتِ به، فجاءَ إنسان يُحَرِّكُ البابَ، فقلتُ: مَن هذا؟ فقالَ: عثمانُ بنُ عفَّانَ. فقلتُ: على رِسْلِكَ [حتى استأذنَ لك]، فجئتُ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فأخبرتُهُ، ف [سكَتَ هُنَيةً]، [وكانَ مُتَّكِئاً فجَلَسَ]، [ثم] قالَ: [ائذَنْ لهُ، وبشِّرْهُ بالجنةِ على بَلْوَى تُصِيبُهُ". فجئتُهُ، فقلتُ لهُ: ادْخُلْ، وبَشَّرَكَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالجنةِ على بلوى تُصيبُكَ، [فحَمِدَ اللهَ، ثم قال: اللهُ المستعانُ] , فدَخَلَ، فوجَدَ القُفَّ قد مُلِئَ، [فتحولَ حتى جاءَ]، فجلَسَ وُجاهَهُ منَ الشِّقِّ الآخَرِ، [فلما دَخَلَ عثمانُ غطَّاهُما]. قالَ شَرِيك: قالَ سعيدُ بنُ المسيَّبِ: فأوَّلْتُها قُبورَهُم [اجتَمَعَتْ ها هنا، وانفردَ عثمان]. 1564 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَعِدَ أُحُداً وأبو بكرٍ، وعُمَرُ، وعُثمانُ، فرَجَفَ بهِم، [فضَرَبَهُ برِجْلِهِ 4/ 200]، فقالَ: "اثْبُتْ أحُدُ! فإنَّما عليكَ نبيُّ، وصِدِّيقٌ، وشَهيدانِ". 1565 - عن ابنِ عباسٍ قالَ: إني لواقِفٌ في قومٍ، فدَعَوُا اللهَ لعمرَ بنِ الخطابِ، وقد وُضِعَ على سريرِهِ؛ إذا رجُلٌ من خلفي، قد وَضَعَ مِرْفَقَهُ على مَنْكِبي، يقولُ: رَحِمَكَ اللهُ! [ما خَلَّفْتَ أحداً أحبَّ إليَّ أنْ ألقى اللهَ بمثلِ عمَلِهِ منكَ، وايْمُ اللهِ 4/ 199]، إنْ كنتُ لأرجو أنْ يَجْعَلَكَ اللهُ مع صاحِبَيْكَ؛ لأني كثيراً ما كنتُ أسمعُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:

7 - باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشى العدوي رضي الله عنه

"كنتُ وأبو بكرٍ وعُمَرُ، وفعلتُ وأبو بكرٍ وعمرُ، وانطلقتُ (وفي روايةٍ: ذهبتُ أنا وأبو بكرٍ وعمرُ، ودخلتُ أنا وأبو بكرٍ وعمرُ، وخرجتُ أنا) وأبو بكر وعمرُ)، فإنْ كنتُ لأرجو أنْ يَجْعَلَكَ اللهُ معَهُما، فالتَفَتُّ فإذا هو عليُّ بنُ أبي طالب. 7 - بابُ مناقِبِ عمرَ بنِ الخطابِ أبي حَفْص القُرَشِى العَدَوِيِّ رضيَ اللهُ عنه 1566 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "رأيتُني دخلتُ الجنةَ؛ فإذا أنا بالرُّمَيصاءِ امرأةِ أبي طلحَةَ، وسمعْتُ خَشْفَةً (13)، فقلتُ: مَن هذا؟ فقالَ: هذا بلالٌ، ورأيتُ قصراً [من ذهبٍ 8/ 79]، بفنائهِ جاريةٌ، فقلتُ: لمَنْ هذا؟ فقال [ـوا]: لعُمَرَ [بنِ الخطابِ 6/ 157]، فأردْتُ أنْ أدْخُلَهُ فأنظُرَ إليهِ، فذكَرْتُ غَيْرَتَكَ (وفي روايةٍ: فلم يَمْنَعْنِي إلا علمي بِغَيْرَتكَ) ". فقالَ عمرُ: بأبي [أنت]، وأمي يا رسولَ اللهِ! أَ [وَ]، عليكَ أغَارُ؟ 1567 - عن سعدِ بنِ أبي وقاصٍ قالَ: استأذنَ عمرُ بنُ الخطابِ على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وعندَهُ نِسْوةٌ مِن قريشٍ، يُكَلِّمْنَهُ (وفي رواية: يسألْنَهُ 7/ 93)، ويَسْتَكْثِرْنَهُ، عالِيَةً أصواتُهُنَ على صوِتهِ، فلما استأذَنَ عمرُ بنُ الخطابِ؛ قُمْنَ فبادَرْنَ الحجابَ، فأذِنَ لهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فدَخَلَ عمرُ ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يضحَكُ، فقالَ عمرُ: أضحَكَ اللهُ سِنَّكَ يا رسولَ اللهِ! [بأبي أنت وأمي 7/ 93]، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم:

_ (13) أي: صوتاً ليس شديداً، وهو حركة وقع القدم.

"عَجِبْتُ مِن هؤلاءِ اللَّاتي كُنَّ عندي، فلما سَمِعْنَ صوتَكَ ابتَدَرْنَ الحِجابَ"! فقالَ عمرُ: فأنتَ أحقُّ أن يَهَبْنَ يا رسولَ اللهِ! ثم [أقبلَ عليهِنَّ، ف] قالَ: يا عَدُوَّاتِ أنْفُسِهِن! أتَهَبْنَني ولا تَهَبْنَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -! فقُلْنَ: نعم؛ أنتَ أَفَظُّ وأغلظُ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِيهاً (وفي روايةٍ: إيهٍ) (14) يا ابنَ الخطابِ! والذي نفسي بيدهِ؛ ما لَقِيَكَ الشيطانُ سالِكاً فجاً قَطُّ؛ إلا سَلَك فجاً غيرَ فجِّكَ". 1568 - عن أسلَمَ قالَ: سألَني ابنُ عمرَ عن بعضِ شأنِهِ؟ -يعني: عُمَرَ- فأخبرْتُهُ، فقالَ: ما رأيتُ أحداً قطُّ -بعدَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من حينَ قُبِضَ- كانَ أجَدَّ وأجودَ حتى انتهى من عُمَرَ بنِ الخطابِ (15). 1569 - عن أنس رضيَ اللهُ عنه أنَّ رجلًا [من أهلِ الباديةِ 7/ 112] (وفي طريق: بينما أنا والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خارجانِ من المسجد، فَلَقِيَنَا رجلٌ عندَ سُدَّةِ المسجدِ، ف 8/ 108) سألَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن الساعةِ؛ فقالَ: متى الساعةُ [قائمةٌ]؟ قالَ: " [ويْلك!، وماذا أعْدَدْتَ لها؟ ". [فكأنَّ الرجلَ استكانَ، ثم]، قالَ: لا شيءَ؛ إلا أني (وفي طريق: ما أعددتُ لها من كثيرِ صلاةٍ ولا صومٍ ولا صدقةٍ، ولكني 7/ 113) أُحِبُّ اللهَ ورسولَهُ - صلى الله عليه وسلم -. فقالَ: (أنتَ معَ مَن أحبَبْتَ). [فقلنا: ونحنُ كذلك؟ قالَ: "نعم"].

_ (14) معنى اللفظ الأول: لا تبتدئنا بحديثٍ، ومعنى الثاني: زدنا حديثاً ما شئتَ. (15) أي: إلى آخر عمره.

قالَ أنسٌ: فما فَرِحْنا [يومئذ]، بشيءٍ فرَحَنا بقولِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنتَ معَ مَنْ أحبَبْتَ"، [فمَرَّ غلامٌ للمغيرةِ -وكانَ مِن أقراني- فقالَ: "إنْ أُخِّرَ هذا فلن يُدْرِكَهُ الهَرَمُ حتى تقومَ الساعةُ"] (16). قالَ أنسٌ: فأنا أحِب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبا بكرٍ، وعمرَ، وأرجو أنْ أكونَ معَهُم بحُبِّي إياهُم، وإنْ لم أعْمَلْ بمثلِ أعمالِهِم. 1570 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لقد كانَ فيما قبلَكُم مِن الأُمَمِ (544 - وفي روايةٍ معلقةٍ: من بني إسرائيلَ) مُحَدَّثُونَ (وفيها: يُكَلَّمُونَ من غيرِ أن يكونوا أنبياءَ)، فإنْ يَكُنْ في أمَّتي أحدٌ؛ فإنهُ عمرُ [بنُ الخطابِ 4/ 149] ". 737 - قالَ ابنُ عباس رضيَ اللهُ عنهما: ما مِن نَبيٍّ ولا مُحَدَّثٍ. 1571 - عن المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ قالَ: لما طُعِنَ عمرُ جعل يألَمُ، فقالَ لهُ ابنُ عباس -وكأنَّهُ يُجَزِّعُهُ (17) -: يا أميرَ المؤمنينَ! ولئنْ كانَ ذاكَ؛ لقد صَحِبْتَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأحْسَنْتَ صحبتَهُ، ثم فارَقْتَهُ وهو عنك راضٍ، ثم صَحِبْتَ أبا بكرٍ، فأحسنْتَ صحبَتَهُ، ثم فارَقْتَهُ وهو عنكَ راضٍ، ثم صَحِبْتَ صَحَبَتَهُم (18)، فَأحْسَنْتَ

_ (16) يعني: ساعة المخاطبين, بدليل رواية الباوردي بلفظ: "لا يبقى منكم عين تطرف"، فهو بمعنى الحديث المتقدم (78): "لا يبقى ممن هو [اليوم]، على ظهر الأرض أحدٌ". 544 - وصلها الإسماعيلي وأبو نعيم في (مستخرجيهما). 737 - وصله عبد بن حميد بإسناد صحيح عنه. (17) أي: يزيل جزعه. (18) جمع صاحب، والظاهر أصحابهما.

8 - باب مناقب عثمان بن عفان أبي عمرو القرشي رضي الله عنه

صُحْبَتَهُم، ولئنْ فارَقْتَهُم؛ لتُفارِقَنَّهُم وهم عنكَ راضونَ. قالَ: أمَّا ما ذكرتَ من صحبةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ورضاهُ؛ فإنما ذاك مَنٌّ مِنَ اللهِ تعالى مَنَّ بهِ عليَّ، وأما ما ذَكَرْتَ مِن صحبةِ أبي بكرٍ ورضاهُ؛ فإنما ذلك مَنٌّ مِنَ اللهِ جل ذِكْرُهُ مَنَّ به عليّ، وأما ما ترى مِن جَزَعي؛ فهو مِن أجلِكَ وأجْلِ أصحابكَ، واللهِ لو أنَّ لي طِلاع (19) الأرضِ ذهباً؛ لافْتَدَيْتُ بهِ مِن عذاب اللهِ عزَّ وجَلَّ قَبل أنْ أراهُ. 545 - عن ابنِ عباسٍ: دخلتُ على عمرَ بهذا. 8 - بابُ مناقِبِ عثمانَ بنِ عفانَ أبي عمرٍو القُرَشيِّ رضيَ اللهُ عنه 546 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (مَن يحْفِرُ بئرَ رُومَةَ فلةُ الجنةُ)، فحَفَرَها عثمانُ. وقالَ: "مَن جَهزَ جيشَ العُسْرَةِ فلهُ الجنةُ"، فجهزَهُ عثمانُ. 1572 - عن عُثمانَ بنِ مَوْهِب قالَ: جاءَ رجلٌ مِن أهلِ مصرَ حَجَّ البيتَ، فرأى قوماً جُلوساً، فقالَ: مَن هؤلاءِ القومُ (وفي روايةٍ: القعودُ 5/ 34)؟ قالَ: هؤلاء قريشٌ. قالَ: فمَنِ الشيخُ فيهم؟ قالوا: عبدُ اللهِ بنُ عمرَ. [فأتاهُ، ف] قالَ: يا ابنَ عمرَ! إني سائِلُكَ عن شيءٍ فحَدِّثْني عنهُ، [أنشُدُكَ بحرمةِ هذا البيتِ]؛ هل تعلم

_ (19) (طلاع الأرض)؛ أي: ملؤها. 545 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله الإسماعيلي. 546 - ذكره المصنف في آخر "ج 2/ 55 - الوصايا" بأتم مما هنا، وقد ذكرنا من وصله هناك.

9 - باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان، وفيه مقتل عمر رضي الله عنهما

أنَّ عثمانَ فرَّ يومَ أُحُدٍ؟ قالَ: نعم. فقالَ: [ف]، تعلمُ أنهُ تَغَيَّبَ عن بدرٍ ولم يَشْهَدْ؟ قالَ: نعم. قالَ: هل تَعْلَمُ أنهُ تغيَّبَ عن بَيْعةِ الرضوانِ فلم يشهَدْها؟ قالَ: نعم. قالَ: اللهُ أكبرُ! قالَ ابنُ عمرَ: تعالَ [لأخبِرَكَ، ول]، أُبَيِّنَ لك [عما سألتني عنه]؛ أما فِرارُهُ يومَ أحُدٍ؛ فأشهَدُ أنَّ اللهَ عفا عنه، وغَفَرَ لهُ، وأما تَغَيُّبُهُ عن بدرٍ؛ فإنَّهُ كان تحته بنتُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وكانت مريضةً، فقالَ له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ لك أجرَ رجلٍ ممَّنْ شَهِدَ بدراً وسَهْمَهُ"، وأما تَغَيُّبُهُ عن بيعةِ الرضوانِ؛ فلو كانَ أحدٌ أعَزَّ بِبطنِ مكةَ مِن عثمانَ؛ لبعَثَهُ مكانَهُ، فبعَثَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عثمانَ، وكانت بيعةُ الرضوانِ بعدما ذَهَبَ عثمانُ إلى مكةَ، فقالَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - بيدهِ اليُمنى: "هذه يدُ عثمانَ"، فضرَب بها على يدِهِ، فقالَ: "هذه لعثمانَ". فقالَ لهُ ابنُ عمرَ: اذهَبْ بها الآنَ معكَ. 9 - بابُ قصةِ البيعةِ والاتفاقِ على عثمانَ بنِ عفانَ، وفيه مقتلُ عمر رضيَ اللهُ عنهما 1573 - عن عمرِو بنِ ميمونٍ قالَ: رأيتُ عمرَ بنَ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه قبلَ أن يُصابَ بأيامٍ بالمدينةِ، وقفَ على حذيفةَ بنِ اليمانِ وعثمانَ بنِ حُنَيْفٍ؛ قالَ: كيف فَعَلْتُما؟ أتخافانِ أن تكونا قد حَمَّلْتُما الأرضَ (20) ما لا تُطِيقُ؟ قالا: حَمَّلْناها أمراً هي له مُطِيقَةٌ، ما فيها كبيرُ فَضْلٍ. قالَ: انْظُرا أنْ تكونا حَمَّلْتُما

_ (20) يعني: أرض السواد، وكان عمرُ بعثهما يضربان عليها الخراج، وعلى أهلها الجزية.

الأرضَ ما لا تطيقُ. قالَ: قالا: لا. فقالَ عمرُ: لئِنْ سَلَّمَني اللهُ تعالى لأدَعَنَّ أرامِلَ أهْلِ العراقِ لا يَحْتَجْنَ إلى رجلٍ بعدي أبداً. قالَ: فما أتَتْ عليه إلا رابعةٌ حتى أصِيبَ. قالَ: (فيه لقائمٌ ما بيني وبينَهُ إلا عبدُ اللهِ بنُ عباس غداةَ أصِيْبَ، وكانَ إذا مَرَّ بينَ الصفَّيْن قالَ: استَوُوا، حتى إذا لم يَرَ فيهن خللًا؛ تقدَّمَ، فكبَّر، وربما قرأ سورةَ {يوسف} أو {النّحل} أو نحوَ ذلك في الركعةِ الأولى، حتى يجتَمعَ الناسُ فما هُو إلا أنْ كَبَّرَ، فسَمِعْتُه يقولُ: قتَلَني -أو أكَلَني- الكلبُ؛ حين طَعَنَهُ، فطارَ العِلْجَ بسِكِّيني ذات طَرَفَيْنِ، لا يَمُرُّ على أحدٍ يميناً ولا شِمالاً إلا طعَنَهُ، حتى طَعَنَ ثلاثةَ عَشَرَ رجلاً، ماتَ منهم سبعةٌ، فلما رأى ذلك رجلٌ مِن المسلمين؛ طَرَحَ عليه بُرْنُساً، فلما ظَن العِلْجُ أنهُ مأخوذٌ؛ نَحَرَ نفسهُ. وتناولَ عمرُ يدَ عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ فقَدمَهُ، فمَن يلي عمرَ فقد رأى الذي أرى، وأما نواحي المسجدِ؛ فإنهُم لا يدرونَ؛ غيرَ أنهُم قد فقَدُوا صوتَ عُمَرَ، وهم يقولونَ: سبحانَ اللهِ! سُبحانَ اللهِ! فصلى بهِم عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ صلاةً خفيفةً، فلما انْصَرَفوا؛ قالَ: يا ابنَ عباسٍ! انظُرْ مَن قتَلَني؟ فجالَ ساعةً، ثم جاءَ فقالَ: غُلامُ المُغيرةِ. قالَ: الصَّنَعُ (21)؟ قالَ: نعم. قال: قاتَلَهُ اللهُ، لقد أَمَرْت بهِ معروفاً، الحمدُ للهِ الذي لم يجعَلْ مِيتَتي بيدِ رجلٍ يَدَّعِي الِإسلامَ، قد كنتَ أنتَ وأبوكَ تُحِبَّانِ أن تَكْثُرَ العُلوجُ بالمدينةِ! -وكانَ العباسُ أكثرَهُم رَقِيقاً- فقالَ: إنْ شئتَ فعلتُ -أي: إن شئتَ قتلنا (22) - قالَ: كذبتَ؛ بعدما تَكَلَّموا بلسانِكُم، وصَلَّوْا

_ (21) بفتحتين: الصانع الحاذق في صناعتهِ. (22) أي: من بالمدينة من العلوج.

قِبْلَتَكُم، وحَجُّوا حَجَّكُم! فاحْتُمِلَ إلى بيتِهِ، فانطَلَقْنا معه، وكانَ الناسَ لم تُصِبْهُم مصيبة قبلَ يومئذٍ، فقائِلٌ يقولُ: لا بأس. وقائل يقولُ: أخافُ عليهِ. فأتِيَ بنبيذٍ، فشَرِبَهُ، فخَرَجَ من جَوْفِهِ، ثم أُتِيَ بلبنٍ، فشَرِبَهُ، فخَرَجَ مِن جُرْحِهِ، فعَلِموا أنهُ مَيت، فدَخَلْنا عليه، وجاءَ الناسُ يُثْنُونَ عليهِ، وجاءَ رجلٌ شابٌ، فقالَ: أبْشِرْ يا أمير المؤمنينَ! ببُشْرى اللهِ لك؛ من صحْبَةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وقِدَمٍ (23) في الإسلامِ ما قد عَلِمْتَ، ثم وَلِيتَ فعَدَلْتَ، ثم شهادةٌ. قالَ: وَدِدْتُ أنَّ ذلك كَفافٌ لا عَلَيَّ ولا لي. فلما أدْبَرَ؛ إذا إزارُهُ يمسُّ الأرضَ، قالَ: رُدُّوا عليَّ الغلامَ. قالَ: ابنَ أخي! ارْفَعْ ثوبكَ؛ فإنه أبْقى لثوبِكَ، وأتْقى لرَبِّكَ. يا عبدَ اللهِ بنَ عمرَ! انْظُرْ ماذا عليَّ مِن الدَّيْن؟ فحَسَبُوهُ، فوجدُوهُ ستةً وثمانينَ ألفًا أو نَحْوَهُ. قالَ: إنْ وَفَى لهُ مالُ آلِ عمرَ (24) فأدِّهِ مِن أموالِهِم، وإلا فسَلْ في بني عدِىِّ بنِ كعبٍ، فإنْ لم تَفِ أموالهُم؛ فسلْ في قريشٍ، ولا تَعْدُهُم إلى غيرِهِم، فأدِّ عني هذا المال. انطلِقْ إلى عائِشَةَ أمِّ المؤمنين، فقلْ: يقرأ عليكِ عمرُ السلامَ، ولا تَقُلْ: أميرُ المؤمنينَ، فإنِّي لستُ اليومَ للمؤمنينَ أميراً، وقُل: يستأذِنُ عمرُ بنُ الخطابِ أنْ يُدْفَنَ معَ صاحِبَيْهِ. فسَلَّمَ واسْتأذَنَ، ثم دَخلَ عليها، فوَجَدها قاعِدةً تَبْكي، فقالَ: يقرأُ عليكِ عمرُ بنُ الخطابِ السلامَ، ويستأذنُ أنْ يُدْفَنَ مع صاحِبَيْه. فقالت: كنْتُ

_ (23) بفتح القاف؛ أي: فضل. ولأبي ذر: "وقِدَم" بكسر القاف؛ أي: سبق. (24) يريد: نفسه. و (بني عدي): هم البطن الذي هو منهم. و (قريش): قبيلته.

أريدُهُ لنفسي، ولأُوثِرَنَّه بهِ اليومَ على نفسي (وفي طريق: قالَ: وكانَ الرجلُ إذا أرسلَ إليها من الصحابةِ قالت: لا واللهِ؛ لا أوثرهُم بأحدٍ أبداً 8/ 153) (25). فلما أقبلَ؛ قيلَ: هذا عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ قد جاءَ. قالَ: ارْفَعوني، فأسنَدَهُ رجل إليه، فقالَ: ما لَدَيْكَ؟ قالَ: الذي تُحِبُّ يا أميرَ المؤمنينَ! أذِنَتْ [لك 2/ 107]. قالَ: الحمدُ للهِ، ما كانَ مِن شيءٍ أهمَّ إلي مِن ذلك [المَضْجِعِ]، فإذا أنا قَضَيْتُ فاحْمِلوني، ثم سَلِّمُ [ـوا]، فقُلْ: يستأذِنُ عمرُ بنُ الخطاب، فإنْ أذِنَتْ لي فأدْخِلُوني، وإنْ ردَّتْني [ف 4/ 107]، رُدُّوني إلى مقابِرِ المسلمينَ. وجاءت أمُّ المؤمنينَ حفصةُ، والنساءُ تسيرُ معها، فلما رأيْناها قُمْنا، فوَلَجَتْ عليه، فبكَت عندَه ساعة، واستأذَنَ الرجالُ، فوَلَجَتْ داخِلًا (26) لهُم، فسَمِعْنا بكاءَها مِن الداخِلِ؛ فقالوا: أوْصِ [نا]، يا أميرَ المؤمنينَ! استَخْلِفْ. قالَ: ما أجِدُ أحَقَّ بهذا الأمرِ مِن هؤلاءِ النفَرِ -أو الرهطِ- الذينَ تُوُفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهُم راضٍ، [فمَن اسْتَخْلَفُوا بعدي فهو الخليفةُ، فاسْمَعُوا لهُ وأطِيعُوا] .. فسمَّى: عليًّا، وعثمانَ، والزبيرَ، وطلحةَ، وسعداً، وعبدَ الرحمن، وقالَ: يَشْهَدُكُم (27) عبدُ اللهِ بنُ عمر، وليس لهُ مِن الأمر شيءٌ -كهيئَةِ التعزيةِ لهُ- فإنْ أصابَتِ الإمْرَةُ سعداً فهو ذاك، وإلا فَلْيَسْتَعِنْ بهِ أيُّكُم ما أُمِّرَ، فإني لم أعْزِلْهُ عن عجزٍ ولا خيانةٍ.

_ (25) قال ابنُ التين: (كذا وقع، والصواب: لا أوثر أحداً بهم أبداً". قال الحافظ: (وكأنه يقولُ: إنه مقلوب. وهو كذلك". (26) أي: مدخلًا لأهلها. (27) بسكون الدال وضمها، أي: يحضركم. وقوله: "كهيئة التعزية له"؛ أي: كهيئة التصبير له عن طلب الخلافة.

وقالَ: أُوْصي الخليفةَ مِن بعدي بالمهاجرينَ الأولِينَ؛ أن يَعْرِفَ لهُم حقَّهُم، و [أن]، يحفظَ لهُم حُرْمَتَهُم، وأُوْصِيهِ بالأنصارِ خيراً؛ الذينَ تَبَوَّؤا الدارَ والإيمانَ مِن قَبْلِهِم (وفي روايةٍ: من قبلِ أن يهاجرَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - 6/ 59)؛ أنْ يُقْبَلَ مِن محسِنِهِم، وأن يُعْفَى عن مُسِيئِهم، وأوصيهِ بأهلِ الأمصارِ خيراً؛ فإنَّهُم رِدْءُ الإسلامِ، وجُباةُ المالِ، وغَيْظُ العدوِّ، وأنْ لا يُؤخَذَ منهم إلا فَضْلُهُم عن رِضاهُم، وأوصيهِ بالأعراب خيراً؛ فإنهُم أصلُ العربِ، ومادةُ الِإسلامِ؛ أنْ يؤْخَذَ مِن حواشي أموالِهم (28)، وتُرَدَّ على فقرائِهِم، وأوصيهِ بذمَّةِ اللهِ وذمَّةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنْ يُوفَى لهم بعهدِهِم، وأنْ يُقاتَلَ مِن ورائِهِم (29)، و [أن]، لا يُكَلَّفُوا إلا (وفي روايةٍ: فوق) طاقَتِهم (ومن طريق آخر: أُوصيكُم بذمةِ اللهِ، فإنه ذِمَّةُ نبيِّكم، ورزقُ عِيَالِكُم 4/ 64). فلما قُبِضَ خرجتا به، فانطلَقْنا نمشي، فسلَّمَ عبدُ اللهِ بنُ عمرَ؛ قالَ: يستأذِنُ عمرُ بنُ الخطابِ. قالت: أدْخِلوهُ، فأُدْخِلَ، فوُضِعَ هنالك مع صاحِبَيْهِ. فلما فُرِغَ مِن دفْنِهِ اجْتَمَعَ هؤلاءِ الرَّهْطُ، فقالَ عبدُ الرحمنِ: اجْعَلوا أمرَكُم إلى ثلاثةٍ منكُم. فقالَ الزبير: قد جعَلْتُ أمري إلى عليٍّ. فقالَ طلحةُ: قد جعلتُ أمري إلى عثمانَ. وقالَ سعدٌ: قد جعلت أمري إلى عبدِ الرحمنِ بنِ عوفٍ. فقالَ عبد الرحمنِ: أيُّكُما تَبَرّأَ من هذا الأمرِ فنجعَلُهُ إليهِ؟ واللهُ عليه (30) والِإسلامُ، لَيَنْظُرَنَّ أفضَلَهُم في نفسِهِ. فأُسْكِتَ الشيخانِ، فقالَ عبدُ الحمنِ: أفتَجْعَلونَهُ إلي واللهُ

_ (28) أي: التي ليست بخيار. (29) أي: إذا قصدهم عدو لهم. (30) أي: رقيب عليه.

10 - باب مناقب على بن أبي طالب القرشى الهاشمى أبي الحسن رضي الله عنه

عليَّ أنْ آلُوَ (*) عن أفضَلِكم؟ قالا: نعم. فَأخَذَ بيدِ أحدِهِما (31)، فقالَ: لكَ قرابةٌ مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، والقَدَم في الإسلام ما قدْ علِمْتَ، فاللهُ عليكَ لَئِنْ أمَّرْتكَ لَتَعْدِلَن، ولَئِنْ أمَّرْتُ عثمانَ لتَسْمَعَنَّ ولتُطِيْعُنَّ. ثم خَلَا بالآخَرِ، فقالَ لهُ مثلَ ذلك، فلما أخذَ الميثاقَ؛ قالَ: ارفَعْ يدَكَ يا عثمانُ! فبايَعَهُ، وبايَعَ لهُ عليٌّ، وَوَلَجَ أهلُ الدارِ فبايَعوهُ. 10 - بابُ مناقِبِ علىِّ بنِ أبي طالبٍ القُرَشىِّ الهاشِمِىِّ أبي الحسنِ رضيَ اللهُ عنه 547 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعلي: "أنتَ مني وأنا منكَ". 548 - وقالَ عمرُ: توفِّيَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو عنه راضٍ. 1574 - عن أبي حازم أنَّ رجلاً جاءَ إلى سهلِ بنِ سعدٍ، فقالَ: هذا فلانٌ -لأميرِ المدينةِ (32) - يدعُو عليًّا عندَ المنبرِ. قالَ: فيقولُ ماذا؟ قالَ: يقولُ لهُ: أبو ترابٍ. فضحِكَ؛ قالَ: واللهِ ما سمَّاهُ إلا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وما كان لهُ اسمٌ أحَبَّ إليهِ منه،

_ (*) أي: لا أقصر. (31) هو علي رضي الله عنه كما يدل عليه السياق، وصرحت بذلك رواية ابن أبي شيبة. 547 - هو طرف من حديث للبراء بن عازب يأتي موصلاً في "ج 3/ 64 - المغازي/ 45 - باب". 548 - هو قطعة من الحديث الموصول قبله. (32) عني: أمير المدينة، وهو مروان.

[وإن كانَ لَيَفْرَحُ أن يُدْعَى بها 7/ 119]. فاسْتَطْعَمْتُ الحديثَ سهلاً (33)، وقلتُ: يا أبا عباسٍ! كيف؟ قالَ: دَخَلَ عليُّ على فاطِمَةَ، ثم خَرَجَ، فاضطَجَعَ [إلى الجدار] في المسجدِ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أينَ ابن عمِّكِ؟ ". قالت: [كانَ بيني وبينَه شئٌ فغاضَبَني، فخرجَ، فلم يَقِلْ عندي، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لإنسانٍ: "انظُرْ أينَ هُوَ؟ " فجاءَ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! هُوَ 7/ 140]، في المسجدِ [راقِدٌ]، [في الجدار]، فخَرَجَ إليهِ [يَتْبَعُهُ]، فوجَدَ رداءَهُ قد سقطَ عن ظهرِهِ، وخَلَصَ الترابُ إلى ظهوِهِ، فجعَلَ يمسحُ الترابَ عن ظهوِهِ، فيقولُ: "اجْلِسْ يا أبا تُراب! " (مرتين). 1575 - عن سَعْدِ بنِ عُبيدةَ قالَ: جاءَ رجلٌ (34) إلى ابنِ عُمَرَ، فسألَهُ عن عثمانَ؟ فذَكَرَ عن محاسِنِ عمَلِهِ؟ قالَ: لعلَّ ذاكَ يَسُوؤُكَ؟ قالَ: نعم. قالَ: فأَرْغَمَ اللهُ بأنفِكَ. ثم سألَهُ عن عليٍّ؟ فذَكَرَ محاسِنَ عملِهِ؛ قالَ: هو ذاكَ بيتُه؛ أوسطُ بيوتِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. ثم قالَ: لعلَّ ذاكَ يَسوؤُك؟ قالَ الرجلُ: أجَلْ. قالَ: فَأرْغَمَ اللهُ بأنفِكَ، انطَلِقْ فاجْهَدْ عليَّ جَهْدَكَ (35). 1576 - عن عليٍّ رضيَ اللهُ عنه قالَ: اقْضُوا كما كنتُم تَقْضُونَ؛ فإني أكرَهُ الاختلافَ؛ حتى يكونَ للناسِ جماعةٌ، أو أموتُ كما ماتَ أصحابي. فكانَ ابنُ سيرينَ يرى أنَّ عامَّةَ ما يُرْوَى على عليِّ الكَذِبُ.

_ (33) أي: سألته عن الحديث وإتمام القصة؛ استعير الذوق المعنوي للذوق الحسي. (34) هو نافع بنُ الأزرق من الخوارج. (35) قوله: "فاجهد علي جهدك"؛ أي: افعل في حقي ما تقدر عليه.

11 - باب مناقب جعفر بن أبي طالب الهاشمى رضي الله عنه

11 - بابُ مناقِبِ جعفرِ بنِ أبي طالبٍ الهاشمىِّ رضِيَ اللهُ عنه 549 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أشْبَهْتَ خَلْقي وخُلُقي". 1577 - عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه: إنَّ الناسَ كانوا يقولونَ: أكثرَ أبو هريرةَ، [فلقِيتُ رجلًا، فقلتُ: بما قرأَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - البارحَةَ في العَتَمَةِ؟ فقالَ: لا أدري! فقلتُ: لم تشهدْها؟ قالَ: بلى. قلتُ: لكنْ أنا أدري، قرأ سورةَ كذا وكذا 2/ 65]، وإني كنتُ ألزَمُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشِبَعِ بطني؛ حتى (وفي روايةٍ: حينَ 3/ 208) لا آكُلُ الخَمِيرُ، ولا ألبَسُ الحَبِيرَ، ولا يَخْدُمُني فلانٌ، ولا فلانةٌ، وكنتُ أُلْصِقُ بطني بالحصباءِ من الجوعِ، وإنْ كُنْتُ لأسْتَقْرِئُ الرجلَ الآيةَ هي معي؛ كي ينْقَلِبَ بي فيُطْعِمَني، وكانَ أخْيَرَ (وفي روايةٍ: خيرَ) الناسِ للمسكينِ جعفرُ بنُ أبي طالِبٍ، كانَ ينقَلِبُ بنا فيُطْعِمُنا ما كان في بيتِه، حتى إنْ كانَ لَيُخْرِجُ إلينا العُكَّةَ (36) التي ليس فيها شيءٌ، فيشُقُّها فنَلْعَقُ ما فيها! 1578 - عن الشَّعْبِيِّ أنَّ ابنَ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما كانَ إذا سلَّمَ على ابنِ جعفرٍ قالَ: السلامُ عليكَ يا ابنَ ذي الجَناحينِ! قال أبو عبدِ اللهِ: (الجَناحانِ): كُلُّ ناحيَتَيْنِ (37).

_ 549 - وصله المصنف في حديث البراءِ بنِ عازب المشار إليه آنفاً (547). (36) (العكة): وعاء السمن. (37) قلتُ: كأنه يريد بهذا حمل الجناحين في قولِ ابن عمر على المعنوي دون الحسي؛ كما قال الحافظ: "والأصل حمله على الحسي إلا لقرينة، ولا قرينة هنا"! كيف وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قالَ: "رأيتُ جعفرَ بن أبي طالب يطير في الجنة مع الملائكة بجناحين"؟! وهو حديث صحيح بمجموع=

12 - [باب]، ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه

12 - [بابُ]، ذكرِ العباسِ بنِ عبدِ المطلب رضيَ اللهُ عنه (قلت: ذكر في حديث أنس المتقدم في "ج 1/ 15 - الاستسقاء/ 3 - باب/ رقم 511"). 13 - بابُ مناقِبِ قَرابةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ومَنْقَبَةِ فاطمةَ عليها السَّلامُ بنتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - 550 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - "فاطمةُ سيدةُ نِساءِ أهلِ الجنةِ". 1579 - عن أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: ارْقبُوا (38) محمداً - صلى الله عليه وسلم - في أهل بيتِهِ. 14 - بابُ مناقبِ الزُّبيرِ بنِ العوامِ رضيَ اللهُ عنه 551 - وقالَ ابن عباسٍ: هو حَوارِىُّ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -. 738 - وسُمِّيَ الحواريُّونَ لبياضِ ثيابِهِم. 1580 - عن مَرْوانَ بنِ الحَكَمِ قالَ: أصابَ عثمانَ بنَ عفانَ رضيَ اللهُ

_ =طرقه كما بينتُه في "الصحيحة" (1226)، وحسن الحافظُ هنا إسنادَ أحدِهما، بل الأقرب أن ابن عمر رضي الله عنه يشير إلى هذا الحديث بقولِهِ المذكور. 550 - هو طرف من حديث عائشة، وصله المصنف في مواطن، وسيأتي "ج 4/ 79 - الاستئذان/ 43 - باب". (38) أي: احفظوا. 551 - هو طرف من حديث يأتي موصولاً في "ج 3/ 65 - التفسير/ 9 - السورة/ 8 - باب". 738 - وصله ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن ابن عباس، وزاد: "أنهم كانوا صيادين".

15 - باب ذكر طلحة بن عبيد الله

عنه رُعافٌ شديدٌ سنةَ الرّعافِ (39)، حتى حُبَسَهُ عن الحَجِّ، وأوصى، فدخَلَ عليه رجلٌ مِن قريشٍ؛ قالَ: استَخْلِفْ. قالَ: وقالوهُ؟ قالَ: نعم. قالَ: ومَن؟ فسَكَتَ، فدَخَلَ عليهِ رجلٌ آخَرُ -أحْسِبُهُ الحارِثَ- فقالَ: اسْتَخْلِفْ. فقالَ عثمانُ: وقالوا؟ فقالَ: نعم. قالَ: ومَن هو؟ فسكَتَ، قالَ: فلعَلَّهُم قالوا: الزبير؟ قالَ: نعم. قالَ: أما والذي نفسي بيدِهِ؛ إنَّهُ لخيرُهُم ما علِمْتُ، وإنْ كانَ لأحَبَّهُم إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: أما واللهِ إنَّكُم لتَعْلَمونَ أنَّهُ خيرُكم. ثلاثاً). 1581 - عن عبدِ اللهِ بنِ الزبيرِ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: كنتُ يومَ الأحزابِ جُعِلْتُ أنا وعُمرُ بنُ أبي سلَمَةَ في النساءِ، فنظرتُ فإذا أنا بالزبير على فرسِهِ يختلِفُ إلى بَنِي قُرَيْظَةَ، مرتيْنِ أو ثَلاثاً، فَلَمَّا رَجَعْتُ قلتُ: يَا أبَتِ! رَأيْتُكَ تَخْتَلِفُ؟ قالَ: أوَهَلْ رأيتَنْي يا بُنَيَّ؟ قلتُ: نعم. قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَن يأتِ بني قُرَيْظَةَ فيأتِيني بخبَرِهِم؟ ". فانطَلَقْتُ، فلما رجعتُ جمعَ لي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بينَ أبويْهِ، فقالَ: "فداكَ أبي وأُمي". 15 - بابُ ذكرِ طلحةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ 552 - وقالَ عمرُ: تُوُفِّي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وهو عنه راضٍ. 1582 - عن أبي عثمانَ قالَ: لم يَبْقَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ تلكَ الأيامِ

_ (39) (سنة الرعاف): سنة إحدى وثلاثين، وكان للناسِ فيها رعاف كثير. 552 - هو طرف من الحديث المتقدم برقم (1573).

16 - باب مناقب سعد بن أبي وقاص الزهري، وبنو زهرة أخوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو سعد بن مالك

التي قاتَلَ فيهِنَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غيرُ طلحَةَ وسعدٍ. عن حَدِيثِهِما (40). 1583 - عن قيسِ بنِ أبي حازِمٍ قالَ: رأيتُ يدَ طلحةَ التي وَقَى بها النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قد شَلَّتْ (41) [يَوْمَ أُحُدٍ 5/ 33]. 16 - بابُ مناقِبِ سعدِ بنِ أبي وقاصٍ الزُّهْرِيِّ، وبَنو زُهْرَةَ أخوالُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو سعدُ بنُ مالِكٍ 1584 - عن سعدٍ قالَ: [لقد 5/ 33]، جَمَعَ لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أبَوَيْهِ [كِلَيْهِمَا] يومَ أُحُدٍ. [يريدُ: حينَ قالَ: "فداكَ أبي وأمي" وهو يُقاتِلُ". (وفي روايةٍ عنه: نَثَلَ لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كِنانَتَهُ يومَ أُحُدٍ، فقالَ: "ارْمَ فداكَ أبي وأُمي" 5/ 32). 1585 - عن سعدِ بنِ أبي وقاص قالَ: ما أسْلَمَ أحد إلاَّ في اليومِ الذي أسلمتُ فيه، ولقد مَكَثْتُ سبعةَ أيام وإني لثُلُثُ الإسلامِ (42). 1586 - وعنه رضيَ اللهُ عنه قالَ: إنِّي لأوَّلُ العربِ رَمَى بسهمٍ في سبيلِ اللهِ، وكنا نَغْزُو مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: رأيتُني سابعَ سبعةٍ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 6/ 204) وما لنا طعامُ إلا وَرَقُ الشجرِ (وفي روايةٍ: ورقُ الحُبْلَةِ (43) وهذا السَّمُرُ

_ (40) يعني: أنهما حدثا بذلك، وفي "فوائد أبي بكر بن المقرئ" عن سليمان والد المعتمر: فقلتُ لأبي عثمان: ما علمك بذلك؟ قالَ: هما أخبراني بذلك. (41) بفتح المعجمة واللام المشددة؛ أي: نقصت وبطل عملها. (42) أي. ثالث من أسلم بحسب اعتقاده، وإلا فهو سابع سبعة في الواقع. (43) ثمر السَّمُر، يشبه اللوبياء، وقيل: هو ثمر العِضاه.

17 - باب ذكر أصهار النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ منهم أبو العاص بن الربيع

7/ 180)، حتى إنَّ أحدَنا ليَضَعُ كما يَضَعُ البعيرُ أو الشاةُ (44) ما لَهُ خِلْطٌ، ثم أصبَحَتْ بنو أَسَدٍ تُعزِّرُني على الِإسلامِ (45)! لقد خِبْتُ إذاً وضلَّ عملي. وكانوا وشَوْا بهِ إلى عمرَ؛ قالوا: لا يُحْسِنُ يُصَلِّي. 17 - بابُ ذِكْرِ أصْهارِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ منهم أبو العاصِ بنُ الربيع (قلتُ: ذكر في حديث المسور بن مخرمة المتقدم "57 - الخمس 5 - باب/ رقم الحديث 1351"). 18 - بابُ مناقِبِ زيدِ بنِ حارثَهَ مولى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 553 - وقالَ البراءُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "أنتَ أخونا ومولانا". 1587 - عن عبدِ اللهِ بن عمر رضيَ اللهُ عنهما قالَ: بعثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثاً، وأمَّرَ عليهِم أسامَةَ بنَ زيدٍ، فطَعَنَ بعض الناسِ في إمارَتِه، [فقامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 7/ 217]، فقالَ: " [قد بلغني أنكم قلتُم في أسامةَ، و 5/ 145، إنْ تَطْعُنُوا في إمارَتِهِ؛ فقد كنتُم تَطْعُنُونَ في إمارَةِ أبيهِ من قَبْلِ [ـهِ 8/ 117] واْيْمُ اللهِ إنْ كانَ لَخَلِيقاً للِإمارَةِ، وإنْ كانَ لَمِنْ أحَبِّ الناسِ إليَّ، وإنَّ هذا لمِنْ أحب الناسِ إليَّ بعدَهُ".

_ (44) أي: عند قضاء الحاجة مثل البعر؛ ليبسه وعدم الغذاء المألوف. وقوله: "ماله خِلْطٌ" بكسر الخاء وسكون اللام؛ أي: لا يختلط بعضه ببعض لجفافه. (45) أي: تؤذيني، والمعنى: تعلمني الصلاة أو تعيرني بأني لا أحسنها، وبنو أسند كانوا ممن شكى سعداً لعمر في القصة المتقدمة في "ج 1/ 10 - الأذان/ 94 - باب". 553 - وصله المصنف في حديث البراء المشار إليه قريباً تحت "11 - باب".

19 - باب ذكر أسامة بن زيد

19 - بابُ ذِكْر أسامَةَ بنِ زيدٍ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة في قصة المخزومية التى سرقت الآتي "ج 4/ 86 - الحدود/ 12 - باب). 20 - بابٌ 1588 - عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ قالَ: نَظَرَ ابنُ عمر يوماً -وهو في المسجدِ- إلى رجلٍ يسْحَبُ ثيابهُ في ناحيةٍ مِنَ المسجدِ، فقالَ: انْظُرْ مَن هذا؟ لَيْتَ هذا عندي (46)! قالَ له إنسانٌ: أما تعرِفُ هذا يا أبا عبد الرحمنِ؟ هذا محمدُ بنُ أسامَةَ. قالَ: فَطَأْطَأ ابنُ عمرَ رأسهُ، ونَقَرَ بيديْهِ في الأرْضِ، ثم قال: لو رآهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحبَّهُ. 1589 - عن حرملة مولى أسامَةَ بنِ زيد بينما هو معَ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ؛ إذ دَخلَ الحَجَّاجُ بنُ أيمنَ [ابن أمِّ أيمنَ -وكانَ أيمنُ ابنُ أمِّ أيمنَ أخا أسامةَ بنِ زيدٍ لأمِّهِ، وهو رجلٌ من الأنصارِ]- فلم يُتِمَّ ركوعَهُ، ولا سُجودَهُ، فقالَ: أعِدْ. فلما وَلَّى، قالَ لي ابنُ عمرَ: من هذا؟ قلتُ: الحجاجُ بنُ أيمنَ ابنِ أمِّ أيمَنَ. فقالَ ابنُ عمرَ: لو رأى هذا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأحَبَّهُ. فذكَرَ حُبَّهُ، وما وَلَدَتْهُ أم أيمَنَ، [وكانت حاضِنَةَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -]. 21 - بابُ مناقِبِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما 1590 - عن حفصةَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ لها:

_ (46) أي: قريباً مني حتى أنصحه وأعظه.

22 - باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما

"إنَّ عبدَ اللهِ رجلٌ صالحٌ؛ [لو كانَ يُكْثِرُ الصلاةَ من اللَّيلِ 8/ 80 - 81] " (47). 22 - بابُ مناقبِ عمارٍ وحذيفةَ رضيَ اللهُ عنهما 1591 - عن علقمةَ قالَ: قَدِمتُ الشَّامَ -[في نَفَرٍ من أصحابِ عبدِ اللهِ 6/ 84]-[على أبي الدرداءِ]، [فدَخَل [ـتُ] المسجدَ]، فصليتُ ركعتينِ، ثم قلتُ: اللهم! يسرْ لي جَلِيساً صالحاً، فأتيتُ قوماً فجلستُ إليهم، [فسمعَ بنا أبو الدرداءِ]، [فطلبهم فوجدهم] فإذا شَيْخٌ قد جاء حتى جلسَ إلى جَنْبي، قلتُ: مَن هذا؟ قالوا: أبو الدرداءِ، فقلتُ: إني دعوتُ اللهَ أن يُيَسِّرَ لي جليساً صالحاً، فيَسَّرَكَ لي، قالَ: ممن أنت؟ فقلتُ: من أهلِ الكوفةِ. قالَ: أوليسَ عندَكم ابنُ أم عَبْدٍ: صاحبُ النَّعْلَيْنِ، والوِسَادِ، والمِطْهَرة؟ (وفي روايةٍ: صاحبُ السِّواكِ، والوِسادِ؟ يعني: ابنَ مسعود 7/ 139 - 140)، [قال: بلى. قالَ:] [أَ] وَ [لَمْ يكُن 4/ 318]، فيكم الذي أجارَه اللهُ من الشيطانِ على لسانِ نبيه - صلى الله عليه وسلم -؟ [يعني: عماراً. قلتُ: بلى. قالَ:] أوَلَيْسَ فيكم صاحبُ سرِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الذي لا يعلمُ أحدٌ غيرُه؟ [يعني: حُذيفةَ. قالَ: قلتُ: بلى]، ثم قال: [أفيكم من يقرأُ [على قراءةِ عبدِ اللهِ]؟ فقلنا: نعم؛ [كلُّنا]، قال: فأيُّكُم أقرأْ (وفي روايةٍ: يَحْفَظُ)؟ فأشارُوا إليَّ، فقالَ:] كيف يقرأ عبدُ اللهِ (وفي روايةٍ: كيف سمعتَهُ يقرأُ): {والليل إذا يَغْشَى}؟ فقرأتُ عليه: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3)} [الليل: 1 - 3]، قالَ: [آنتَ سمعتَها من في صاحِبِكَ؟ قلتُ: نعم. قال:] [ما زال بي

_ (47) هذا الحديث سيأتي من حديث ابن عمر "ج 4/ 91 - التعبير/ 35 - باب"، ولما كان هذا من حديث حفصة؛ أوردته، وأعطيتُهُ رقمه.

23 - باب مناقب أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

هؤلاء حتى كادوا يَسْتَنْزِلُوني عن شيءٍ سمعتُه من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -]، واللهِ لقد أقْرَأْنِيها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من فيهِ إلى فيِّ، [وهؤلاءِ يُرِيْدُوني على أنْ أَقرأَ: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} واللهِ لا أُتابِعُهم]. 23 - بابُ مناقِبِ أبي عبيدةَ بنِ الجَرَّاحِ رضيَ اللهُ عنه 1592 - عن أنسِ بنِ مالكٍ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لكُل أمَّةٍ أمِينٌ، وإنَّ أمينَنا أيتُها الأمةُ! أبو عبيدةَ بنُ الجَرَّاحِ". 24 - بابُ ذكرِ مُصْعَبِ بنِ عُمَيْرٍ (48) 25 - بابُ مناقِبِ الحسنِ والحسينِ رضيَ اللهُ عنهما 554 - قالَ نافعُ بنُ جبيرٍ: عن أبي هريرة عانَقَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الحسنَ. 1593 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ: أُتِىَ عبيدُ اللهِ بنُ زيادٍ برأسِ الحسينِ بنِ علىٍّ، فجُعِلَ في طَسْتٍ، فجعلَ يَنْكُتُ، وقالَ في حُسْنِهِ شيئًا، فقالَ أنسٌ: كانَ أشبَهَهُم برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وكانَ مَخْضُوباً بالوَسْمَةِ (49). 1594 - عن البَراءِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: رأيتُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - والحسنُ بنُ عليٍّ

_ (48) كذا الأصل لم يترجم له بحديث، وقد مضى من فضائله فى "ج 1/ 23 - الجنائز/ 25 - باب" أنه لما استشهد لم يوجد له ما يكفن فيه، وانظر الحديث الآتي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 28 - باب". 554 - هو طرف من حديث تقدم موصولاً في "ج 2/ 34 - البيوع/ 49 - باب". (49) يعني: الحسين. (الوسمة): نبت يختضبُ به يميل إلى سوادٍ.

26 - باب مناقب بلال بن رباح مولى أبي بكر رضي الله عنهما

على عاتِقِهِ- يقولُ: "اللهُم! إنِّي أُحِبُّهُ فأحِبَّهُ". 1595 - عن أنسٍ قالَ: لمْ يَكُنْ أحدٌ أشبَهَ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِن الحسنِ بنِ عليٍّ. 1596 - عن ابنِ أبي نُعْمَ: سمعتُ عبدَ اللهِ بنَ عمرَ وسألَهُ [رجلٌ 7/ 74] عن المُحْرِمِ -قالَ شعبةُ: أحْسِبُهُ- يَقْتُلُ الذُبابَ (50)؟ (وفي روايةٍ: عن دمِ البعوضِ؟) فقالَ: ممَّن أنتَ؟ فقالَ: من أهلِ العراقِ. قالَ: انظروا إلى هذا يسألني عن دمِ البعوضِ؟) فقالَ: أهلُ العراقِ يسألونَ عن الذُّبابِ وقد قَتَلوا ابنَ ابنةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -! وقالَ (وفي الروايةِ الأخرى: وسمعتُ) النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "هما رَيْحانَتايَ مِنَ الدُّنْيا". 26 - بابُ مناقِبِ بلالِ بنِ رباحٍ مولى أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنهما 555 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " سمعت دَفَّ (51) نَعْلَيْكَ بينَ يدَىَّ في الجنةِ". 1597 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: كانَ عمرُ يقولُ: أبو بكرٍ سيدُنا، وأعتَقَ سيدَنا. يعني: بلالًا.

_ (50) أي: سأل رجلٌ من أهل العراق ابن عمر عن محرم قتل ذباباً ماذا يلزمه؟ 555 - هو طرف من حديث لأبي هريرة تقدم موصولاً في "ج 1/ 19 - التهجد/ 17 - باب" (51) أي: خفقهما.

27 - باب ذكر ابن عباس رضي الله عنهما

1598 - عن قيسٍ أن بلالًا قالَ لأبي بكرٍ: إنْ كُنْتَ إنما اشتَرَيْتَني لنفسِكَ فأمْسِكْني، وإنْ كنتَ إنَّما اشتَرَيْتَني للهِ؛ فدَعْني وعمَلَ اللهِ. 27 - بابُ ذكرِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما (قلت: أسند فيه حديث ابن عباسٍ المتقدم "ج 1/ 3 - العلم/ 18 - باب/ الحديث رقم 57"). 28 - بابُ مناقبِ خالدِ بنِ الوليدِ رضيَ اللهُ عنه (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج 1/ 23 - الجنائز/ 4 - باب/ الحديث رقم 608"). 29 - بابُ مناقِبِ سالِمٍ مولى أبىِ حذيفةَ رضيَ اللهُ عنه 1599 - عن مسروقٍ قالَ: ذُكِرَ عبدُ اللهِ عندَ عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، فقالَ: ذاكَ رجلٌ لا أزال أحِبّهُ بعدَما سمعتُ رسولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "استقرِئوا القرآنَ من أربعةٍ: من عبدِ اللهِ بنِ مسعود -فبدأَ بهِ- وسالمٍ مولى أبي حُذيفةَ، وأبىِّ بنِ كعبٍ، ومعاذِ بنِ جبلٍ". قالَ: لا أدري بدأ بأُبَيِّ أو بمعاذٍ؟ 30 - بابُ مناقِبِ عبدِ اللهِ بنِ مسعود رضيَ اللهُ عنه 1600 - عن عبدِ الرحمنِ بنِ يزيدَ قالَ: سَألْنا حُذيفَةَ عن رجلٍ قريبِ السَّمْتِ والهَدْيِ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حتى نأخذَ عنه؟ فقالَ: ما أعرِفُ أحداً أقربَ سَمْتاً (52)، وهَدْياً، ودَلاًّ بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - منِ ابنِ أُم عَبْدٍ. 1601 - عن أبي موسى الأشعرىِّ قالَ: قدِمْتُ أنا وأخي منَ اليمنِ، فمَكَثْنا

_ (52) أي: خشوعاً. و (هدياً)؛ أي: طريقة. و (دلاًّ)؛ أي: سيرةً وحالةً وهيئةً.

31 - باب ذكر معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

حِيناً ما نُرَى إلا أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مسعود [وأمَّهُ 5/ 121] من أهلِ بيتِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لِما نَرَى مِن دخولهِ، ودخولِ أمِّهِ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: من كثرةِ دخولهِم ولُزُومِهِم له). 31 - بابُ ذِكْرِ (53) معاويةَ بنِ أبي سفيانَ رضيَ اللهُ عنه 1602 - عن ابنِ أبي مُلَيْكَةَ قالَ: أوتَرَ معاويةُ بعدَ العشاءِ بركعةٍ، وعنده موليً لابنِ عباسٍ، فأتى ابنَ عباسٍ؟ فقالَ: دَعْهُ؛ فإنَّهُ قد صَحِبَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. (وفي روايه عنه: قيلَ لابنِ عباسٍ: هل لكَ في أميرِ المؤمنينَ معاويةَ؛ فإنَّه ما أوتَرَ إلا بواحدَةً؟ قالَ: إنَّه فَقِيهٌ). 32 - بابُ مناقِبِ فاطمةَ رضيَ اللهُ عنها 556 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فاطمةُ سيدةُ نساءِ أهلِ الجنةِ".

_ (53) تنبيه: قال الحافظ ما ملخصه: "عبر المصنف رحمه الله تعالى في هذه الترجمة بقوله: "ذكر"، ولم يقل: "فضيلة"، ولا "منقبة"؛ لكون الفضيلة لا تؤخذ من حديث الباب، وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة، لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه -شيخ البخاري- والنسائي وغيرهما). وأقول: قد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال فى معاوية - رضي الله عنه -: "اللهم! اجعله هادياً مهديًّا، واهدِه، واهدِ به". ثبت ذلك من طرق خرجتها في "الصحيحة" (1969). 556 - هو طرف من حديث عائشة وصله المصنف في مواطن، وسيأتى في "ج 4/ 79 - الاستئذان/ 43 - باب".

33 - باب فضل عائشة رضي الله عنها

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث المسور المتقدم "ج 2/ 57 - الخميس/ 5 - باب"). 33 - بابُ فضلِ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها 1603 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "فضلُ عائشةَ على النساءِ كفضلِ الثريدِ على الطعامِ".

63 - [كتاب مناقب الأنصار]

بسم الله الرحمن الرحيم 63 - [كتابُ مناقِبِ الأنصارِ] 1 - بابُ مناقِبِ الأنصارِ، وقولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا}، {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} 1604 - عن غَيْلانَ بنِ جريرٍ قالَ: قلتُ لأنسٍ: أرأيتَ اسمَ الأنصارِ كنتُم تُسَمَّوْنَ بهِ أم سماكُمُ اللهُ؟ قال: بل سمَّانا اللهُ. كُنَا ندخُلُ على أنسٍ فيُحَدِّثُنا مناقبَ الأنصارِ ومشاهِدَهُم، ويُقْبِل علىَّ -أو على رجُلٍ من الأزْدِ- فيقولُ: فعَلَ قومُكَ يومَ كذا وكذا كذا وكذا، [وفَعَلَ يومُكَ كذا وكذا يومَ كذا وكذا 4/ 236]. 1605 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالت: كانَ يومُ (بُعَاثَ) (1) يوماً قدَّمَهُ اللهُ لرسولهِ - صلى الله عليه وسلم -[المدينَةَ 4/ 265]، وقد افتَرَقَ مَلُؤهُم، وقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُم (2)، وجُرِّحُوا، فقَدمهُ اللهُ لرسولِهِ في دخولهِم في الِإسلامِ.

_ (1) غير مصروف للتأنيث والعلمية؛ لأنه اسم بقعة بقرب (يثرب)، وقع فيها حرب بين الأوس والخزرج. (2) أي: خيارهم وأشرافهم. وقوله: "في دخولهم"؛ أي: لأجل دخولهم.

2 - باب

2 - بابُ 557 - قولَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لولا الهجرةُ لكنتُ من الأنصارِ". قالَهُ عبد اللهِ بنُ زيدٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1606 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو قالَ أبو القاسِم - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنَّ الأنصارَ سَلَكوا وادياً أو شِعْباً (3)؛ لَسَلَكتُ في وادي الأنصارِ، ولولا الهجرةُ لكنْتُ امْرَأً مِن الأنصارِ". فقال أبو هريرةَ: ما ظَلَمَ -بأبي وأمي- آوَوْهُ؛ ونَصَرُوهُ. أو كلمةً أُخرى. 3 - بابُ إخَاءِ النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - بينَ المهاجرينَ والأنصارِ 4 - بابُ حُبِّ الأنصارِ مِن الإيمانِ 1607 - عن البراءِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أو قالَ: قالَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "الأنصارُ لا يُحِبُّهُم إلا مؤمِنٌ، ولا يُبْغِضُهُم إلا مُنافِقٌ، فمنْ أحَبَّهُم أحبَّهُ اللهُ، ومَن أبغَضَهُم أبغَضَهُ الله". 5 - بابُ قولِ النبىِّ للأنصارِ: "أنتُم أحبُّ الناسِ إلي"

_ 557 - هذا طرف حديث يأتي موصولاً في "ج 3/ 64 - المغازي/ 58 - باب". (3) بالكسر: ما انفرج بين جبلين، أو الطريق في الجبل. وقوله: "ما ظلم"؛ يعني: ما وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا القول في غير موضعه -أفديه بأبي وأمي- فإن الأنصار آووه وواسوه.

6 - باب أتباع الأنصار

1608 - عن أنس رضيَ اللهُ عنه قالَ: رأى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - النساءَ والصبيانَ مقبلينَ من عُرُسٍ، فقامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُمْثِلًا (4) (وفي روايةٍ: مُمْتَناً 6/ 144)، فقالَ: "اللهُم! أنتُم من أحبَّ الناسِ إليَّ". قالها ثلاثَ مرَّاتٍ. 1609 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: جاءتِ امرأةٌ مِن الأنصارِ إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ومعها صبيٌّ لها، فكَلَّمَها (وفي روايةٍ: فخلا بها 6/ 159) رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: "والذي نفسي بيدِهِ؛ إنَّكُم أحبُّ الناسِ إليَّ". أقالها [7/ 221]، مرتينِ (وفي روايةٍ: ثلاثَ مراتٍ). 6 - بابُ أتباعِ الأنصارِ 1610 - عن زيدِ بنِ أرقمَ: قالتِ الأنصارُ: يا رسولَ اللهِ! لِكُلِّ نبي أتباعٌ، وإنا قدِ اتَّبَعْناكَ، فادْعُ اللهَ أن يجعلَ أتباعَنا منا، فدعا به (وفي روايةٍ: "اللهُمَّ! اجعلْ أَتْبَاعَهم منهم")، فَنَمَيْتُ ذلك إلى ابنِ أبي ليلى؛ قالَ: قد زعمَ ذلك زيدٌ. [قالَ شعبةٌ: أظنُّهُ زيدَ بنَ أرْقَمَ] ". 7 - بابُ فضلِ دُورِ الأنصارِ

_ (4) بضم الميم والأولى، وإسكان الثانية، وكسر المثلثة وفتحها؛ أي: منتصبا قائماً. وفي حاشية الفرع وأصله: بضم الميم الأولى، وفتح الثانية، وتشديد المثلثة مفتوحة؛ أي: مكلفًا نفسه ذلك. وفي روايةٍ: "ممتنًّا" من الامتنان. وفي "الفتح": بضم أوله وسكون ثانيه وكسر المثناة بعدها نون؛ أي: طويلاً. أو هو من المنة عليهم، فيكون بالتشديد.

8 - باب

1611 - عن أبي أُسَيْدٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: "خيرُ دورِ الأنصارِ بنو النجارِ، ثم بنو عبدِ الأشهَل، ثم بنو الحارِثِ بنِ خَزْرَجٍ، ثم بنو سَاعِدَةَ"، [ثم قالَ بيدهِ، فقبَضَ أصابِعَهُ، ثم بَسَطَهُنِّ كالرامي بيدِهِ، ثم قالَ: 6/ 177] "وفي كلِّ دورِ الأنصارِ خيرٌ". فقالَ سعدُ [بنُ عبادةَ -وكانَ ذا قَدَمٍ في الِإسلامِ 4/ 228]: ما أَرَى (5) النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلا قد فَضَّلَ علينا. فقيل [له]،: قد فضَّلَكُم على [ناسٍ] كثيرٍ. 8 - بابُ 558 - قولِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - للأنصارِ: "اصْبِرُوا حتى تَلْقَوْني على الحوضِ". قالَة عبدُ اللهِ بنُ زيدٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1612 - عن أُسَيْدِ بنِ حُضَيْر رضيَ اللهُ عنه؛ أنَّ رجلًا من الأنصارِ قالَ: يا رسولَ اللهِ! ألا تَسْتَعْمِلُني كما اسْتَعْمَلْتَ فلاناً؟ قالَ: " [إنكم 8/ 88] سَتَلْقَوْنَ بعدي أُثرَةً؛ فاصبِرُوا حتى تَلْقَوْني على الحوضِ". 9 - بابُ دعاءِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أصلحِ الأنْصارَ والمُهاجِرةِ" (قلتُ: أسند في أيضاً حديث أنس المتقدم "ج 2/ 56 - الجهاد/ 33 - باب"). 1613 - عن سهل قالَ: جاءنا رسولُ اللهُ - صلى الله عليه وسلم - ونحنُ نحفِرُ (وفي روايةٍ:

_ (5) بفتح الهمزة ويجرز الضم، بمعنى الظن. 558 - هو طرف من حديث عبد الله بن زيد المشار إلى موضع وصله آنفاً (2 - باب).

10 - باب {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}

وهُوَ يَحْفِرُ 7/ 170) الخندقَ، وننقُلُ الترابَ على أكتادِنا (6)، [ويَمُرُّ بنا]، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ! لا عَيْشَ إلا عيشُ الآخِرَةِ، فاغْفِرْ للمهاجرينَ والأنصارِ (وفي روايةٍ: للأنصارِ والمُهَاجِرَةِ". 10 - بابٌ {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} 1614 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه أنَّ رجلًا أتَى النبيّ- صلى الله عليه وسلم -[فقالَ: يا رسولَ اللهِ! أصابني الجَهْدُ 6/ 59]، فبعَثَ إلى نسائِهِ، فقلنَ: ما معنا إلا الماءُ. فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يَضُمُّ -أو يُضِيْفُ- هذا [هذه الليلةَ]؟ ". فقالَ رجلٌ من الأنصارِ: أنا [يا رسولَ اللهِ!]، فانطلَقَ بهِ إلى امرأتِهِ، فقالَ: أكْرِمي ضيفَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ [لا تَدَّخِرِيهِ شيئاً]. فقالَتْ: [واللهِ] ما عندنا إلا قوتُ صِبياني. فقالَ: هَيِّئي طعامَكِ، وأصْبِحي (7) سِراجَكِ، ونَوِّمي صِبيانَكِ إذا أرادُوا عَشاءً، [وتعالَيْ فأطْفِئي السراجَ، ونَطْوِي بُطونَنا الليلةَ". فَهَيِّأَتْ طعامَها، وأصْبَحَتْ سراجَها، ونَوَّمَتْ صِبيانَها، ثم قامَتْ كأنَّها تُصْلحُ سراجَها فأطْفَاتْهُ، فجعلا يُرِيَانِهِ أنهما يأكلانِ، فباتا طاويَيْنِ (8)، فلما أصبحَ غدا إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ:

_ (6) أي: على أصولِ أعناقنا، وروي: "على أكبادنا" بالباء بدل التاء؛ أي: على جنوبنا مما يلي الكبد. (7) أي: أوقديه. وفي نسخة "وأصلحي" باللام بدل الباء؛ كما في الشارح. (8) أي: جائعين.

11 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقبلوا من محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم"

"ضحِكَ اللهُ الليلةَ -أو عَجِبَ- مِن فَعالِكُما". فأنزَلَ اللهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. 11 - بابُ قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اقْبَلُوا مِن مُحْسِنِهِمْ، وتجاوَزُوا عن مُسِيْئِهِم" 1615 - عن أنسِ بنِ مالكٍ قالَ: مَرَّ أبو بكرٍ والعباسُ رضي اللهُ عنهما بمجلس من مجالِسِ الأنصارِ وهم يَبكونَ، فقالَ (9): ما يُبْكِيكُم؟ قالوا: ذكَرْنا مَجْلِسَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - منَّا (0ا). فدَخَل على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخْبَرَهُ بذلك. قالَ: فخَرَجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقد عَصَبَ على رأسِهِ حاشيَةَ بُرْدٍ، قالَ: فصَعِدَ المِنْبَرَ -ولم يصْعَدْهُ بعد ذلك اليومِ- فحَمِدَ اللهَ، وأثنى عليهِ، ثم قالَ: "أُوْصِيْكُمْ بالأنصارِ؛ فإنَّهُم كَرِشي وعَيْبَتي (11)، وقد قَضَوُا الذي عليهم، وبَقِيَ الذي لهم، [والناسُ سيكثُرونَ، ويَقِلُّونَ]، فاقْبَلُوا من محْسِنِهِم، وتجاوَزُوا عن مُسِيْئِهم". 12 - بابُ مناقبِ سعدِ بنِ معاذٍ رضيَ اللهُ عنهُ 1616 - عن البراءِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: أهْدِيَتْ لِلنَبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةُ (وفي روايةٍ: سَرَقَةُ 7/ 220) حريرٍ، فجعلَ أصحابُهُ [يتداوَلُونها بينَهُم , و] يَمَسُّونَها، ويَعْجَبُونَ مِن

_ (9) استظهر الحافظ أنه العباس، وكذلك قوله: "فدخل": هو العباس. (10) أي: الذي كانوا يجلسونه معه، وكانَ ذلك في مرضِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فخشوا أن يموت من مرضه، فيفقدوا مجلسه، فبكوا حزناً على فوات ذلك. "الفتح". (11) أي: موضع سري وأمانتي.

13 - باب منقبة أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما

[حُسْنِها و]، لِينِها، فقال: "أتعجبونَ من لينِ هذه؟ ". [قالوا: نعم يا رسولَ اللهِ! قالَ. "والذي نفسي بيدهِ]؛ لمناديلُ سعدِ بنِ معاذٍ [في الجنةِ 7/ 45]، خيرٌ منها أو ألينُ (وفي روايةٍ: أفضلُ 4/ 87) ". 559 - رواه قتادة والزهري سمعا أنس بنَ مالكٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1617 - عن جابرٍ رضيَ الله عنه: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "اهتزَّ العرشُ لموتِ سعدِ بنِ معاذٍ". [فقالَ رجلٌ لجابرٍ: فإنَّ البراءَ يقولُ: اهتزً السريرُ. فقالَ: إنَّه كانَ بينَ هذينَ الحَيَّيْنِ ضغائِنُ (12)، سمعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "اهتزَّ عرشُ الرحمنِ لموتِ سعدِ بنِ معاذٍ"]. 13 - بابُ مَنْقَبَةِ أسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ وعبادِ بنِ بِشْرٍ رضيَ اللهُ عنهما (قلت: أسندَ فيه حديث أنس المتقدم (ج 2/ 61 - المناقب/ 27 - باب").

_ 559 - أما طريق قتادة فوصلها المصنف فيما تقدم ج 2/ 51 - الهبة/ 27 - باب". وأما طريق الزهري فوصلها الطبراني وغيره، وسيأتى ذكر لفظه "ج 4/ 77 - اللباس/ 26 - باب". ووهم الحافظ هنا، فذكر أن المصنف وصلها أيضاً هناك، وإنما علقها كما سترى. ووصله أحمد (3/ 121 - 122) من وجه ثالث عن أنس، وفيه أن أنساً لما ذكر سعداً بكى وأكثر البكاء، فقالَ: رحمة الله على سعد، كان من أعظم الناس وأطولهم. وفيه أن الجنة من ديباج منسوج فيه الذهب، وأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لبسها، وصعد كذلك على المنبر. وسنده حسن. (12) أي: الأوس والخزرج.

14 - باب مناقب معاذ بن جبل رضي الله عنه

14 - بابُ مناقبِ معاذِ بنِ جَبَل رضيَ الله عنه (قلت: أسندَ فيه حديث ابن عمر والمتقدم "ج 2/ 62 - الفضائل/ 28 - باب"). 15 - [بابُ]، مَنْقَبَةِ سعدِ بنِ عُبادَةَ رضيَ الله عنه 560 - وقالت عائشةُ: وكانَ قَبْلَ ذلك رجلاً صالحاً. (قلت: أسند فيه حديث أبي أسَيْد الماض قريبًا "7 - باب"). 16 - بابُ مناقِبِ أبَيِّ بنِ كعبٍ رضيَ الله عنه 17 - بابُ مناقبِ زَيْدِ بنِ ثابتٍ 1618 - عن أنس رضيَ الله عنه: جَمَعَ القرآنَ على عهدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أربعةٌ؛ كلُّهُم من الأنصارِ: أُبَىٌّ، ومعاذُ بن جبلٍ، وأبو زيدٍ، وزيدُ بنُ ثابتٍ. قلتُ لأنسٍ: مَن أبو زيدٍ؟ قالَ: أحدُ عُمومَتي، [ماتَ ولم يتركْ عَقِباً، وكانَ بدريًّا 5/ 14]، [ونحن وَرِثْناهُ 6/ 103]. 18 - بابُ مناقِبِ أبي طلحةَ رضيَ اللهُ عنه (قلت: أسند فيه حديث أنس الآتي (ج 2/ 64 - المغازي/ 18 - باب"). 19 - بابُ مناقبِ عبدِ اللهِ بنِ سَلَام رضيَ الله عنه 1619 - عن سعدِ بنِ أبي وقاصٍ قالَ: ما سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ لأحدٍ

_ 560 - هذا طرف من حديث الإِفك الطويل، وسيأتي بتمامه موصولاً في "ج 3/ 64 - المغازي/ 36 - باب".

يمشي على الأرضِ إنَّه مِن أهلِ الجنةِ إلا لعبدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ. قالَ: وفيه نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} الآيةَ. قالَ: لا أدري؛ قالَ مالكٌ الآيةَ أو في الحديثِ (13)؟ 1620 - عن قيسِ بنِ عُبادٍ قالَ: كنتُ جالساً في مسجدِ المدينةِ؛ [في حَلْقةٍ فيها سعدُ بنُ مالكٍ وابنُ عمر 8/ 75]، فدَخَلَ رجلٌ على وجهِهِ أَثَرُ الخشوعِ، فقالوا: هذا رجلٌ مِن أهلِ الجنةِ، فصلى ركعتينِ تَجَوَّزَ فيهما، ثم خَرَجَ، وَتَبِعْتُهُ فقلتُ: إنَّك حينَ دخلتَ المسجدَ؛ قالوا: هذا رجلٌ مِن أهلِ الجنةِ. قالَ: [سبحانَ اللهِ!]، واللهِ ما ينبغي لأحدٍ أن يقولَ ما لا يعلمُ، وسأحَدِّثُكَ لِمَ ذاك؟ رأيتُ رُؤيا على عهدِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقصَصْتُها عليه، ورأيتُ كأني في رَوْضةٍ -ذكرَ مِن سَعَتِها وخُضْرَتِها- وَسطَها عمودٌ مِن حديدٍ، أسفلُهُ في الأرضِ، وأعلاهُ في السماءِ، في أعلاهُ عُرْوَةٌ، فقيلَ لي: ارْقَهْ. قلتُ: لا أستطيعُ، فأتاني مِنْصَفٌ -[والمِنْصَفُ: الوَصيْفُ (14)]- (وفي روايةٍ: وَصِيْفٌ مكانَ مِنْصَفٌ)، فرَفَعَ ثيابي من خلفي، فرَقِيْتُ حتى كنتُ في أعلاها، فأخذتُ بالعُرْوَةِ، فقيلَ لي: استَمْسِكْ، فاستَيْقَظْتُ وإنها لفي يدي، فقصصتُها على النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "تلكَ الروضةُ [روضةُ 8/ 76] الِإسلامِ، وذلك العمودُ عمودُ الإسلامِ,

_ (13) أي: لا أدري، هل قال مالك: إن نزولَ الآية في هذه القصة من قبل نفسه أو هو بهذا الإسناد؟ وقد استظهر الحافظ أنها مدرجة من هذا الوجه؛ إلا أنها قد جاءت من طرق أخرى عن ابن عباس وغيره؛ مما يؤكد أن الآية نزلت في عبد الله بن سلام، فراجعه إن شئت. (14) (الوصيف): الخادم الصغير.

20 - باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - خديجة، وفضلها رضي الله تعالى عنها

وتلكِ العروةُ [العروةُ]، الوثقى، فأنتَ [لا تزالُ مُستَمْسِكاً]، على الِإسلامِ حتى تموت". وذاكَ الرجلُ عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ. 1621 - عن أبي بُردَةَ قالَ: أتَيْتُ المدينةَ فلَقِيتُ عبدَ اللهِ بنَ سلامٍ، فقالَ: ألا تجيءُ فأطْعِمَكَ سَوِيقاً وتمراً، وتدخُلَ في بيتٍ؟ (وفي روايةٍ: انطَلِقْ إلى المنزِلِ فَأسْقِيَكَ في قدحٍ شَرِبَ فيه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وتصلَّي في مسجدٍ صلى فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فانطلقتُ معه، فسقاني سَوِيقاً، وأطْعَمَنِي تمراً، وَصَلَّيْت في مسجدِهِ 8/ 154)، ثم قالَ: إنكَ بأرضٍ الرِّبا بِها فاشٍ، إذا كانَ لك على رجلٍ حقٌّ، فَأهْدَى إليكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أو حِمْلَ شعيرٍ، أو حِمْلَ قَتٍّ (15)؛ فلا تأْخُذْهُ؛ فإنه رباً. 20 - بابُ تَزْوِيجِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خديجةَ، وفضلِها رضي اللهُ تعالى عنها 1622 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: أتى جبريلُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: يا رسولَ اللهِ! هذه خديجةُ، قد أتَتْ معها إناءٌ فيهِ إدامٌ، أو طعامٌ، أو شرابٌ، فإذا هي أتَتْكَ؛ فَاقْرَأْ عليها السلامَ مِن ربِّها ومنِّي، وبَشِّرْها ببَيْتٍ في الجنةِ مِن قصَبٍ؛ لا صَخَبَ فيهِ ولا نَصَبَ (16). 561 - عن عائشة رضيَ اللهُ عنها قالت: استأذَنَتْ هالة بنتُ خُوَيْلِدٍ -أن أختُ خديجةَ- على

_ (15) (القت): نوع من علف الدواب. (16) أي: لا صياح فيه ولا تعب. 561 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله مسلم وأبو عوانة، ووصله أحمد (6/ 118=

21 - باب ذكر جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَرَفَ استِئْذانَ خديجةَ (17)، فارتاعَ لذلكَ، فقالَ: "اللهُم! هالةَ". قالت: فغِرْتُ، فقلتُ: ما تذكُرُ مِن عجوزٍ من عجائِزِ قريش حمراءِ الشِّدقَيْنِ، هَلَكَتْ في الدهرِ، قد أبدَلَكَ الله خيراً منها! 21 - بابُ ذِكْرِ جريرِ بنِ عبدِ اللهِ البَجَلِيِّ رضيَ اللهُ عنه (قلت: أسند في حديث جرير الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 64 - باب"). 22 - بابُ ذكْرِ حذيفةَ بنِ اليمانِ العَبْسِيِّ رضيَ اللهُ عنه (قلتُ: أسندَ في حديث عائشة الآتي "ج 3/ 64 - المغازي/ 19 - باب"). 23 - بابُ ذِكْرِ هِنْدِ بنتِ عتبةَ بنِ ربيعةَ رضيَ اللهُ عنها 1623 - عن عائشة رضيَ اللهُ عنها قالت: جاءَت هندُ بنتُ عتبةَ [بنِ ربيعة 8/ 109]؛ قالت: يا رسولَ اللهِ! ما كانَ على ظهرِ الأرضِ مِن أهلِ خِباءٍ أحَبَّ إلي أنْ يَذِلُّوا مِن أهلِ خِبائِكَ، ثم ما أصبحَ اليومَ على ظهرِ الأرضِ أهلُ خِباءٍ أحبُّ إلي أن يَعِزوا مِن أهلِ خِبائِكَ. قالَ:

_ = و 150 و 154) من طرق أخرى عنها نحوه. وزاد في آخره: "قالت: فتمعر وجهه تمعراً ما كنت أراه إلا عند نزول الوحي، أو عند المخيلة، حتى ينظرَ أرحمةٌ أم عذابُ؟ ". وسنده جيد. وفي أخرى: قال: "ما أبدلني الله عزَّ وجلَّ خيراً منها؛ قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عزَّ وجلَّ ولدها إذ حرمني أولاد النساء". سكت عليه الحافظ، وفيه مجالد بن سعيد، وليس بالقوي؛ كما قال في "التقريب". (17) أي: صفة استئذانها لمشابهة صوت أختها بصوتها." فارتاع لذلك"؛ أي: فزع وتغير. وفي بعض الروايات: "فارتاح"؛ أي: اهتز لذلك سروراً، فقال: "اللهم! اجعلها هالة". قوله: "حمراء الشدقين": كناية عن سقوط أسنانها، وبدو حمرة لثاتها من الكبر.

24 - باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل

"وأيضاً والذي نفسي بيدِهِ". 24 - بابُ حديثِ زيدِ بنِ عمرِو بنِ نُفَيْلٍ 1624 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَ زيدَ بنَ عمرِو بنِ نفيلٍ بأسفلِ بَلْدَحٍ (18)؛ قبلَ أنْ يَنْزلَ على النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - الوحيُ، فقُدِّمَتْ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سُفْرةٌ، فأبى أن يأكلَ منها، ثم قالَ زيدٌ (وفي روايةٍ: فقدَّم إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سُفْرَةً فيها لحم، فأبى أن يأكلَ منها، ثم قالَ 6/ 225) (19): إني لستُ آكُلُ مما تَذْبَحُونَ على أنصابِكُم (5)، ولا آكُلُ إلا ما ذُكِرَ اسمُ اللهِ عليهِ، وأنَّ زيدَ بنَ عمرٍو كانَ يَعِيبُ على قريش ذبائِحَهُم، ويقولُ: الشاةُ خَلَقَها اللهُ، وأنزَلَ لها من السماءِ إلماءَ، وأنبَتَ لها مِن الأرضِ، ثم تَذْبَحُونَها على غيرِ اسمِ اللهِ! إنكاراً لذلك، وإعظاماً لهُ. 1625 - عن ابنِ عمر أنَّ زيدَ بنَ عمرِو بنِ نُفَيل خَرَجَ إلى الشامِ يسألُ عن

_ (18) وادٍ قبل مكة، أو جبل بطريق جدة؛ كما في "القاموس"، وفيه الصرف وعدمه. (19) قلتُ: هذا اختلاف شديد بين الروايتين؛ قال الحافظ: "وجمع ابن المنير بين هذا الاختلاف بأن القوم الذين كانوا هناك قدموا السفرة للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقدمها لزيد مخاطباً لأولئك القوم ما قال". قلتُ: والرواية الأولى في سندها فضيل بن سليمان النميري، وفيه ضعف. قال في "الخلاصة": "قال أبو زرعة: لين. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. ووثقه ابن حبان". وقد خالفه عبد العزيز بن المختار عند المصنف، ووهيب ان خالد، وزهير -وهو ابن معاوية- عند أحمد (2/ 68 و89 و 127)؛ ثلاثتهم بالرواية الأخرى. فهي المحفوظة. (*) هي أحجار كانت حول الكعبة؛ يذبحون عليها الأصنام.

الدينِ، ويَتَّبِعُهُ (20)، فلقِيَ عالماً من اليهودِ فسألَهُ عن دينِهم؟ فقالَ: (إني لَعَلَّي أنْ أدِينَ دينَكُم، فأخبِرْني. فقالَ: لا تكونُ على دينِنا حتى تأخُذَ بنصيبكُ مِن غَضَب اللهِ. قالَ زيدٌ: ما أَفِر إلا مِن غضبِ اللهِ، ولا أحْمِلُ من غضبِ اللهِ شَيئاً أبداً؛ وأنَا أستطيعُهُ، فهل تدُلُّني على غيرِهِ؟ قالَ: ما أعلَمُهُ إلا أنْ يكونَ حَنِيفاً. قالَ زيدٌ: وما الحَنِيفُ؟ قالَ: دينُ إبراهيمَ؛ لم يكن يهودياً ولا نصرانياً، ولا يعبدُ إلا اللهَ. فخرَجَ زيدٌ، فلقيَ عالِماً من النصارى، فذكَرَ مِثْلَهُ، فقالَ: لنْ تكونَ على دينِنا حتى تأخُذَ بِنَصِيبكُ مِن لعنةِ اللهِ. قالَ: ما أفِرُّ إلا مِن لعنةِ اللهِ، ولا أحمِلُ من لعنةِ اللهِ ولا من غَضَبِهِ شيئاً أبداً؛ وأنا أستطيعُ، فهل تَدُلُّني على غيرِهِ؟ قالَ: ما أعلَمُهُ إلا أن يكونَ حَنِيفاً. قالَ: وما الحَنِيفُ؟ قالَ: دينُ إبراهيمَ؛ لم يكن يهوديًّا ولا نصرانيًّا، ولا يعبدُ إلا اللهَ. فلما رأى زيدٌ قولَهُم في إبراهيمَ عليه السلام؛ خَرَجَ، فلمَّا بَرَزَ (21) رفعَ يَدَيْهِ، فقالَ: اللهُم! إني أُشْهِدُكَ أنَّي على دينِ إبراهيمَ. 562 - عن أسماءَ بنتِ أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنها قالتْ: رأيتُ زيدَ بنَ عمرِو بنِ نُفَيْل قائماً، مُسْنِدًا ظهرَه إلى الكعبةِ؛ يقولُ: يا معاشِرَ قريشٍ! واللهِ ما منكم على دينِ إبراهيمَ غيري. وكان

_ (20) من الاتِّباع بالتشديد، هذا ما جرى عليه شرح العيني، وأما ما جرى عليه شرح القسطلاني فبسكون الفوقية؛ قالا: "ويروى: (ويبتغيه) من الابتغاء، وهو الطلب"، ولعله الأصح. (21) أي: ظهر خارجاً عن أرضهم. 562 - هذا معلق عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله ابن إسحاق وأبو بكر بن أبي داود فيه "حديث زغبة"، والنساني، وأبو نعيم فيه "المستخرج" من طرق عن هشام بن عروة عن أبيه عنها. وسنده صحيح.

25 - باب بنيان الكعبة

يُحيِيِ المَوْؤُدَةَ؛ يقول للرجل -إذا أراد أن يقتُلَ ابنتهُ-: لا تقْتُلْها، أنا أكْفيكَها مَؤُنَتَها، ليأخُذُها، فإذا تَرَعرَعتْ قالَ لأبيها: إنْ شئتَ دفعتُها إليك، وإنْ شئتَ كفيْتُك مؤُنتَها. 25 - بابُ بنيانِ الكعبةِ 1626 - عن عمرِو بنِ دينارٍ وعُبيدِ اللهِ بنِ أبي يزيدَ؛ قالا: لم يكنْ على عهدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حولَ البيتِ حائطٌ، كانوا يُصَلُّونَ حولَ البيتِ حتى كانَ عمرُ، فبنى حولَهُ حائِطاً. قالَ عبيدُ اللهِ: جَدْرُهُ قصير؛ فبناهُ ابنُ الزبيرِ (22). 26 - بابُ أيامِ الجاهليةِ 1627 - عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ عن أبيهِ عن جدِّهِ قالَ: جاءَ سيلٌ في الجاهليةِ، فكسا ما بينَ الجَبَلَيْنِ. قالَ سفيانُ: ويقولُ: إنَّ هذا الحديثَ لهُ شأنَّ (23). 1628 - عن قيسِ بن أبي حازِمٍ قالَ: دخَلَ أبو بكرٍ على امرأةٍ مِن أحْمَسَ يُقالُ لها: زينبُ، فرآها لا تَكَلَمُ، فقالَ: ما لها لا تَكَلَّمُ؟ قالوا: حَجَّتْ مُصْمِتَةً (24). قالَ لها: تكَلَّمي؛ فإنَّ هذا لا يَحِلُّ، هذا مِن عملِ الجاهليةِ. فتكَلَّمَتْ، فقالَتْ: مَن أنتَ؟ قالَ: امْرُؤٌ مِن المهاجرينَ. قالت: أيُّ المهاجرينَ؟ قال: من قريشٍ. قالت: من أيِّ قريشٍ أنتَ؟ قالَ: إنَّكِ لَسَؤُلٌ، أنا أبو بكرٍ. قالت: ما بقاؤُنا على

_ (22) هذا القدر من الحديث: "فبناه ابن الزبير" هو الموصول منه، وسائره مرسل؛ لأن عمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي يزيد من أصاغر التابعين. وقوله: "فبناه ابن الزبير"؛ أي: مرتفعاً طويلاً. (23) أي: قصة. فراجع "الفتح". (24) اسم فاعل من أصمت، بمعنى: صمت؛ أي: ساكتة.

هذا الأمرِ الصالحِ الذي جاءَ اللهُ بهِ بَعْدَ الجاهليةِ؟ قالَ: بقاؤُكُمْ عليه ما اسْتَقامَتْ بكُم أئِمَّتُكُم. قالت: وما الأئمَّةُ؟ قالَ: أمَا كانَ لقومِكِ رُؤوسُ وأشرافُ يأمُرُونَهُم فيُطِيعُونَهُم؟ قالت: بلى. قالَ: فهم أولئكَ على الناسِ. 1629 - عن ابنِ عمر رضيَ اللهُ عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ألا مَن كانَ حالِفاً فلا يَحْلِفْ إلا باللهِ"، فكانت قريش تحلِفُ بآبائِها، فقالَ: "لا تَحْلِفوا بآبائِكُم". 1630 - عن عبدِ الرحمنِ بنِ القاسم؛ أنَّ القاسمَ كان يمشي بين يَدَيِ الجَنازَةِ، ولا يقومُ لها، ويخبرُ عن عائشة قالت: كانَ أهلُ الجاهليةِ يَقُومُونَ لها، يقولونَ إذا رَأَوْها: كُنتِ في أهلِكِ ما أنتِ. (مرتينِ). 1631 - عن عِكْرَمَةَ: (وكأساً دِهاقاً)؛ قالَ: مَلْأى مُتَتابِعةً. قالَ: وقال ابنُ عباسٍ: سمعتُ أبي يقولُ في الجاهليةِ: اسقِنا كأساً دِهاقاً (25). 1632 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "أصْدَقُ كَلِمةٍ (وفي روايةٍ: بَيْتٍ 7/ 187) قالها الشاعرُ كلِمةُ لَبِيْدٍ: ألا كُلُّ شَيْءٍ ما خَلا اللهَ باطِلُ (*)

_ (25) أي: وقع سماعي لذلك منه في الجاهلية، والمراد بها جاهلية نسبية لا المطلقة؛ لأن ابن عباس لم يدرك ما قبل البعثة، بل لم يولد إلا بعد البعث بنحو عمر سنين، فكأنه أراد أنه سمع العباس يقول ذلك قبل أن يسلم. "فتح". (*) قلت: أما الزيادة المشهورة: "وكل نعيم لا محالة زائل"؛ فهي من حيث المعنى باطلة؛ فإن=

27 - [باب] القسامة في الجاهلية

وكادَ أُميةُ بنُ أبي الصَّلْتِ أنْ يُسْلِمَ". 1633 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالت: كان لأبي بكرٍ غلامُ يُخْرِجُ له الخَرَاجَ (26)، وكانَ أبو بكرٍ يأكلُ مِن خَراجِهِ، فجاءَ يوماً بشيءٍ، فأكل منه أبو بكرٍ، فقال له الغلامُ: تدري ما هذا؟ فقال أبو بكرٍ: وما هو؟ قالَ: كنتُ تكَهَّنْتُ لإنسانٍ في الجاهليةِ، وما أحْسِنُ الكِهانَةَ؛ إلا أني خَدَعْتُه، فلَقِيَني، فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلتَ منه. فأدخَلَ أبو بكرٍ يدَهُ، فقاءَ كُلَّ شيءٍ في بطنِهِ. 27 - [بابٌ] القَسَامَةُ في الجَاهِلِيَّةِ 1634 - عنِ ابنِ عباس رضي اللهُ عنهما قالَ: إنَّ أوَّلَ قَسامَةٍ كانَتْ في الجاهليةِ لَفِينا بني هاشمٍ؛ كانَ رجل مِن بني هاشمٍ استَأْجَرَهُ رجلٌ من قريشٍ من فخِذٍ أُخرى، فانْطَلَقَ معهُ في إبلهِ، فمرَّ رجلٌ بهِ مِن بني هاشمٍ قدِ انقطَعَتْ عُرْوةُ جُوَالِقِهِ، فقالَ: أَغِثْني بعِقالٍ أشُدُّ بهِ عُرْوةَ جُوَالِقي؛ لا تَنْفِرُ الإبلُ. فأعطاهُ عِقالًا، فشدَّ بهِ عُرْوةَ جُوالِقِهِ، فلمَّا نَزَلُوا؛ عُقِلَتِ الإبلُ إلاَّ بَعيراً واحداً، فقالَ الذي استأْجرَهُ: ما شأْنُ هذا البعيرِ لمْ يُعْقَلْ مِن بين الإبلِ؟ قالَ: ليسَ لهُ عِقالٌ، قالَ: فأينَ عِقالُهُ؟ قالَ (27): فحَذَفَهُ بعصاً كانَ فيها أَجَلُهُ، فمر بهِ رجلٌ مِن أهلِ اليمنِ،

_ =نعيم الجنة لا يزول؛ كما قال عثمان بن مظعون رضي الله عنه في قصة له مع لبيد ذكرها الحافظ في "الفتح"، ومن جهل بعضهم أنه ألحقها بالحديث، ودسها علىّ في كتابي "صحيح الجامع" (الطبعة الجديدة)، ولا أصل لها ألبتة في شيء من طرق الحديث؛ كما بيَّنته في بعض المواضع. (26) أي: يعطيه كل يوم ما عيَّنَه وضربه عليه من كسبه. (27) كذا في النسخ، وفيه حذف يدل عليه سياق الكلام، وقد بيَّنته رواية الفاكهي:=

فقالَ: أتَشْهَدُ المَوْسِمَ؟ قالَ: ما أشْهَدُ، وربَّما شَهِدْتُه. قالَ: هلْ أنتَ مُبْلغٌ عنِّي رسالةً مرَّةً من الدَّهْرِ؟ قالَ: نعم. قالَ: فكُنْتُ إذا أنتَ شهِدْتَ الموسمَ فنادِ: يا آلَ قريشٍ! فإذا أَجابُوكَ فنادِ: يا آلَ بني هاشم! فإنْ أجابوكَ فاسألْ عن أبي طالبٍ، فأخْبِرْهُ أنَّ فلاناً قتَلَني في عِقالٍ، وماتَ المُسْتَأجَرُ. فلما قَدِمَ الذي استأجَرَهُ؛ أتاهُ أبو طالبٍ، فقالَ: ما فعَلَ صاحِبُنا؟ قالَ: مَرِضَ، فأحْسَنْتُ القيامَ عليهِ، فَوَليتُ دَفْنَهُ. قالَ: قدْ كانَ أهلَ ذاكَ منكَ. فمَكَثَ حِيْناً، ثَمَّ إنَّ الرجلَ الذي أَوْصَى إليهِ أنْ يُبْلغَ عنهُ وافَى المَوْسِمَ، فقالَ: يا آلَ قريشٍ! قالوا: هذه قريشٌ. قالَ: يا آلَ بني هاشِم! قالو!: هذهِ بنو هاشمٍ. قالَ: أينَ أبو طالبٍ؟ قالوا: هذا أبو طالبٍ. قالَ: أمَرني فلانٌ أنْ أبْلِغَكَ رسالةً؛ أنَّ فلاناً قَتَلَهُ في عِقالٍ. فأَتاهُ أبو طالبٍ، فقالَ لهُ: اخْتَرْ منَّا إِحدى ثلاثٍ: إنْ شِئْتَ أَنْ تُؤدِّيَ مائةً مِن الِإبلِ؛ فإنَّكَ قَتَلْتَ صاحِبَنا، وِإِنْ شِئْتَ حَلَفَ خمسونَ مِن قومِكَ إِنَّك لم تَقْتُلْهُ، فإِنْ أَبَيْتَ قَتَلْناكَ بهِ، فأتى قومَهُ، فقالوا: نَحْلِفُ، فأَتَتْهُ امرأةٌ مِن بني هاشمٍ، كانَتْ تحتَ رجُلٍ منهُم قدْ وَلَدَت لهُ، فقالتْ: يا أَبا طالب! أُحِبُّ أن تُجِيزَ ابني (28) هذا برجلٍ مِن الخمسينَ، ولا تَصْبُرْ يَمينَهُ حيثُ تُصْبَرُ الأيمانُ، ففَعَلَ، فأَتاهُ رجلٌ منهُم فقالَ: يا أبا طالبٍ! أَرَدتَ خمسينَ رجلاً أنْ يَحْلِفوا مكانَ مائةٍ من الابلِ،

_ ="فقال: مر بي رجل من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه، واستغاث بي، فأعطيته". (فحذفه)؛ أي: رماه. (28) أي: تهبه ما يلزمه من اليمين. (ولا تصبر يمينه): أصل الصبر: الحبس والمنع، ومعناه في الأيمان: الإلزام. تقول: صبرته؛ أي: ألزمته أن يحلف بأعظم الأيمان؛ حتى لا يسعه أن يحلف. (حيث تصبر الأيمان)؛ أي: بين الركن والمقام.

يُصِيبُ كل رجلٍ بَعِيرانِ، هذانِ بعيرانِ فاقْبَلْهُما عنِّي، ولا تَصْبُرْ يَميني حيثُ تُصْبَرُ الأيمانُ. فقَبِلَهُما، وجاءَ ثمانيةٌ وأرْبَعونَ فحَلَفُوا، قالَ ابنُ عباسٍ: فوالّذي نَفْسي بيدِهِ؛ ما حالَ الحَوْلُ ومِن الثمانيةِ وأربعينَ عينٌ تَطْرِفُ. 563 - عنِ ابنِ عباس قالَ: ليسَ السَّعْىُ (29) ببَطنِ الوادي بينَ له الصَّفا والمروةِ سُنَّةً؛ إنما كانَ أهلُ الجاهليَّةِ يَسْعَوْنَها، ويقولونَ: لا نُجِيْرُ البطحاءَ إلا شَدًّا. 1635 - عن ابنِ عباس رضيَ اللهُ عنهما يقولُ: يا أيها الناسُ! اسْمَعُوا مني ما أقولُ لكُم، وأَسْمِعُوني ما تَقولُونَ، ولا تَذْهَبُوا فتقولُوا: قالَ ابنُ عباسٍ، قالَ ابنُ عباسٍ؛ مَن طافَ بالبيْتِ؛ فلْيَطُفْ مِن وَراءِ الحِجْرِ، ولا تَقولُوا: الحَطيمَ؛ فإنَّ الرجلَ في الجاهليةِ كانَ يحْلِفُ فيُلْقِي (30) سَوْطَهُ أو نعْلَهُ أو قوسَهُ. 1636 - عن عمرِو بنِ ميمونٍ قالَ: رأيتُ في الجاهليَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عليها قِرَدَةٌ، قدْ زَنَتْ، فرَجَمُوها، فرَجَمْتُها معَهُم (31).

_ 563 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله الإسماعيلي بسند صحيح عنه. (29) يعني: شدة المشي، ولم يردَّ أصل السعي. (لا نجيرٌ)؛ أي: لا نقطع. (البطحاء)؛ أي: مسيل الوادي. (إلا شدًّا)؛ أي: إلا بالعدو الشديد. (30) أي: بعد أن يحلف علامة لعقد حلفه، فسموه بالحطيم لذلك؛ لكونه يحطم أمتعتهم، فعيل بمعنى فاعل. (31) قلت: هذا أثر منكر؛ إذ كيف يمكن لإنسان أن يعلم أن القردة تتزوج، وأن من خلقهم المحافظة على العرض، فمن خان قتلوه؟ ثم هب أن ذلك أمر واقع بينها، فمن أين علم عمرو بن ميمون أن رجم القردة إنما كان لأنها زنت؟! وأنا أظنُّ أن الآفة من شيخ المصنف نعيم بن حماد؛ فإنه ضعيف متهم، أو من عنعنة هشيم؛ فإنه كان مدلسًا، لكن ذكر ابن عبد البر في" الاستيعاب" (3/ 1205) أنه رواه عباد بن العوام أيضاً عن حصين=

28 - باب مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - محمد بن عبد الله

1637 - عن ابن عباسٍ رضي اللهُ عنهما قالَ: خِلالٌ مِن خِلالِ الجاهلِيَّةِ: الطَّعْنُ في الأنْسابِ، والنِّياحَةُ، ونَسِيَ الثالثةَ. قالَ سفيانُ: ويقولونَ: إنَّها الِاسْتِسْقاءُ بالأنْواءِ (32). 28 - بابُ مَبْعَثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشمِ بنِ عبدِ منافِ بنِ قُصَىِّ بنِ كِلابِ بنِ مُرَّةَ بنِ كعبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غالبِ بنِ فِهْرِ ابن مالكِ بنِ النَّضْرِ بنِ كِنانةَ بنِ خُزَيْمَةَ بنِ مُدْرِكَةَ بنِ إلياسِ بنِ مضرَ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدِّ ابن عَدْنانَ 1638 - عن ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قالَ: أُنْزِلَ على (وفي روايةٍ: بُعِثَ 4/ 253) رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو ابنُ أربعينَ [سنةً]، فمكَثَ [بمكةَ] ثلاثَ عَشْرةَ سنة [يُوْحَى إليهِ]، ثمَّ أُمِرَ بالهجرَةِ، فهاجَرَ إلى المدينَةِ، فمكَثَ بها عَشْرَ سنينَ، ثم تُوفِّيَ - صلى الله عليه وسلم -[وهو ابنُ ثلاثٍ وستينَ]. 29 - بابُ ما لَقِيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُهُ مِن المشركينَ بمكَّةَ 1639 - عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قال: أمَرَني عبدُ الرحمنِ بنُ أبْزَى قالَ: سَلِ

_ =كما رواه هشيم مختصراً. قلتُ: وعباد هذا ثقة من رجال الشيخين، وتابعه عيسى بن حطان عن عمرو بن ميمون به مطولاً. أخرجه الإسماعيلي. وعيسى هذا وثقه العجلي، وابن حبان، وروايته مفصلة تبعد النكارة الظاهرة من رواية نعيم المختصرة، وقد مال الحافظ إلى تقويتها؛ خلافاً لابن عبد البر. والله أعلم (32) قد جاء هذا مرفوعاً من حديث أنس، فذكر هذه الخصال الثلاثة. أخرجه أبو يعلى بإسناد قوي. وقد صح من طرق أخرى بزيادة عليها. فراجع "الصحيحة" (734 و 735).

ابنَ عباسٍ عن هاتينِ الآيتينِ ما أَمْرُهُما: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ} [33]، {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدُا}؟ [النساء: 93] فسألتُ ابنَ عباسٍ؟ فقالَ: لمَّا أُنْزِلَتِ التي في {الْفُرْقَانَ}؛ قالَ مُشْرِكُو أهلِ مكةَ: فقدْ قَتَلْنا النَّفْسَ التي حرَّمَ اللهُ، ودَعَوْنا معَ اللهِ إلهاً آخَرَ، وقدْ أتَيْنا الفواحِشَ، فأنْزَلَ اللهُ: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ} الآيةَ، فهذه لأولئك، وأمَّا التي في {النساءِ}؛ الرجلُ إذا عَرَفَ الإسلامَ وشرائِعَهُ، ثم قَتَلَ؛ فجزاؤُهُ جَهَنمُ خالداً فيها. فذكرتُهُ لمجاهِدٍ، فقالَ: إلاَّ مَن نَدِمَ. (وفي روايةٍ: آيةٌ اخْتَلَفَ فيها أهلُ الكوفةِ، فرحَلْتُ فيها إلى ابنِ عباسٍ، فسألتُهُ عنها؟ فقالَ: نَزَلَتْ هذه الآيةُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدُا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} هي آخرُ ما نزَلَ، وما نَسَخَها شيءٌ 5/ 182. وفي أخرى: عنه عن قولهِ تعالى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}؛ قال: لا تَوْبَةَ لهُ. وعن قولهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهُا آخَرَ} قالَ: كانتْ هذه في الجاهليةِ. وفي أخرى: نزلتْ في أهلِ الشركِ. وفي أخرى: هذه مكيةٌ نسَخَتْها آيةٌ مدنيَّةٌ التي في {سُورةِ النساءِ} 6/ 15) (34).

_ (33) قال الحافظ: "كذا وقع في الرواية، والذي في التلاوة: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}؛ هكذا في {سورة الفرقان}، وهي التي ذكرت في بقية الحديث، فتعين أنها المراد في أوله". (34) قلتُ: ذكر له ابن كثير طريقاً أُخري، ثم قال: "وقد رُوي هذا عن ابن عباس من طرق كثيرة". قلتُ: لكن قد صح عنه خلافه، فروى المصنف في "الأدب المفرد" (رقم 4) من طريق عطاء بن يسار عنه أنه أتاه رجل، فقال: إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني، وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه، فغرت عليها، فقتلتها، فهل لي من توبة؟ قال: أمك حية؟ قال: لا. قال: تب إلى الله عزَّ وجلَّ، وتقرَّب إليه ما استطعت.=

30 - باب إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه

1640 - عن عروةَ بنِ الزُبيرِ قالَ: سألتُ ابنَ عمرو بنِ العاصِ؛ قلتُ: أَخْبِرْني بأشَدِّ شيءٍ صنَعَهُ المُشْرِكونَ بالنبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: بَيْنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي في حِجْرِ (وفي روايةٍ: فِناءِ 6/ 34) الكعبةِ؛ إذْ أقبلَ عُقبةُ بنُ أبي مُعَيْطٍ، ف [أَخذَ بمَنْكِبِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - و] وَضَعَ (وفي روايةٍ: وَلَوَى) ثوبَه في عُنُقِهِ، فخَنَقَهُ [بهِ 4/ 197]، خَنْقاً شديداً، فأقبَلَ أبو بكرٍ حتى أَخذَ بمَنْكِبِهِ، ودَفَعَهُ عنِ النَبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، [وَ] قالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ]} الآيةَ؟ 30 - بابُ إسلامِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضيَ اللهُ عنهُ 1641 - عن عمارِ بنِ ياسرٍ قالَ: رأيتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وما معَهُ إلا خَمْسَةُ أعْبُدٍ، وامْرَأَتانِ، وأبو بكرٍ. 31 - بابُ إسلامِ سعدٍ رضي اللهُ عنه (قلتُ: أسند في حديث سعد المتقدم "ج 2/ 62 - الفضائل/ 16 - باب"). 32 - بابُ ذِكْرِ الجِنِّ، وقولِ اللهِ تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}

_ = فذهبتُ فسألتُ ابن عباس: لم سألته عن حياة أمه؟ فقال: إني لا أعلم عملاً أقرب إلى الله عزَّ وجلَّ من بر الوالدة. وإسناده صحيح على شرط الشيخين. فهذا يدل على أن توبة القاتل مقبولة؛ وإلا لما أمره بها، فالظاهر أنه رجع عن القول بعدم قبولها، وهذا هو اللائق به؛ لصريح قوله تعالى: {... ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، وغيره من الأدلة. راجع "تفسير ابن كثير"، و "الفتح"، وغيرهما.

33 - باب إسلام أبى ذر الغفارى - رضي الله عنه -

1642 - عن عبدِ الرحمنِ (ابنِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ) قالَ: سألتُ مَسْروقاً: مَن آذنَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالجِنِّ ليلَةَ اسْتَمَعُوا القُرآن؟ فقَالَ: حدَّثَني أبوكَ -يعني: عبدَ الله- أنَّه آذنَتْ بهِم شَجَرَةٌ. 1643 - عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه أنهُ كانَ يحْمِلُ معَ النبيِّ إداوَةً لوُضُوئِهِ وحاجَتِهِ، فبَيْنما هُو يَتْبَعُهُ بها، [فكانَ لا يَلْتَفِتُ، فدَنوْتُ منهُ 1/ 47]؛ فقالَ: "مَن هذا؟ ". فقالَ: أنا أبو هريرةَ. فقالَ: "ابْغِني أحْجاراً أسْتَنْفِضْ بها (35)، ولا تَأتِني بعَظْمٍ ولا برَّوْثَةٍ"، فأتيتُهُ بأحجارٍ أحْمِلُها في طرفِ ثوبي، حتى وضعتُها إلى جَنْبِهِ، ثم انصَرَفْتُ، [فلما قضى (36) أتْبَعَهُ بهِنَّ]، حتى إذا فرغَ؛ مَشَيْتُ معهُ، فقلتُ: ما بالُ العَظْمِ والرَّوْثَةِ؟ قالَ: "هُما من طعامِ الجِنِّ، وإنَّهُ أَتاني وفْدُ جِنِّ نَصيبينَ -ونِعْمَ الجِنُّ- فسألوني الزَّادَ، فدَعَوْتُ اللهَ لهُم أنْ لا يَمُرُّوا بعَظْم ولا رَوْثَةٍ إلا. وَجَدوا عليها طَعاماً". 33 - بابُ إسلام أبى ذُرِّ الغِفارى - رضي الله عنه - (قلت: أسند في حديث ابن عباس المتقدم "ج2/ 61 - المناقب/ 9 - باب/ الحديث رقم 1495"). 34 - بابُ إسلامِ سعيدِ بنِ زيدٍ رضي اللهُ عنه 1644 - عن سعيدِ بنِ زيدِ بنِ عمرِو بنِ نفيل قالَ في مسجدِ الكوفة: واللهِ

_ (35) أي: اطلب لي احجاراً أسْتَنجِ بها. (36) أي: حاجته. (أتبعه)؛ أي: ألحقه، وكنى بذلك عن الاستنجاء.

35 - باب إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

لقدْ رأَيْتُني وإنَّ عُمرَ لمُوِثقي (37) على الِإسلامِ [أنا وأُخْتَهُ 4/ 243]، قبلَ أنْ يُسْلِمَ عُمرُ، ولو أنَّ أُحُداً ارْفَضَّ (38) (وفيِ روايةٍ: انقَضَّ) للذي صَنَعْتُم بعُثمانَ لكانَ مَحْقُوقاً أنْ يَرْفَضَّ (وفي روايةٍ: يَنْفَضَّ 8/ 56). 35 - بابُ إسلامِ عُمرَ بنِ الخطَابِ رضي اللهُ عنه 1645 - عن عبدِ اللهِ بنِ مسعود رضي اللهُ عنه قال: ما زِلْنا أعزَّة منذُ أسْلَمَ عُمرُ. 1646 - عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قالَ: بينَما هو في الدَّارِ خائفاً (وفي طريقٍ أخرى عنه: لمَّا أسْلَمَ عُمرُ؛ اجتَمَعَ الناسُ عندَ دارهِ، وقالوا: صَبَأَ عُمرُ! وأنا غُلامٌ فوقَ ظهرِ بيتي)؛ إذ جاءَهُ العاصِ بنُ وائلٍ السهميُّ أبو عمرٍو، عليهِ حُلَّةُ حِبَرةٍ، وقصيصٌ مكفوفٌ (*) بحريرٍ -وهو من بني سَهْمٍ، وهُم حُلفاؤُنا في الجاهليةِ- فقالَ له: ما بالُك؟ قالَ: زعَمَ قومُك أنَّهُم سَيَقْتُلونَني أنْ أسْلَمْتُ. قالَ: لا سبيلَ إليكَ. بعدَ أنْ قالَها (39) أَمِنْتُ، فخَرَجَ العاصِ، فلقِيَ الناسَ قدْ سالَ بهِمُ الوادي، فقالَ: أينَ تُريدونَ؟ فقالوا: نُريدُ هذا ابنَ الخطَّابِ الذي صبأَ، [فقالَ: قدْ صبأَ عُمَرُ، فما

_ (37) أي: ربطه بسبب إسلامه إهانة له، وإلزامًا بالرجوع عن الإسلام. (38) أي: زال من مكانه. (انقض)؛ أي: سقط. (*) مكفوف): مخيط. (39) قوله: "بعد أن قالها": ظرف لفعل محذوف، وهو: فقال عمر رضي الله عنه بعد أن قالها -أي: بعد مقالة العاص له: "لا سبيل إليك"-: أمنتُ. فقوله: "أمنتُ": من كلام سيدنا عمر؛ أي: زال خوفي؛ لأن العاص كان مطاعاً في قومه، وهو والد عمرو بن العاص. قوله: "قد سال بهم الوادي"؛ أي: امتلأ. وقوله: "فكَّر الناس"؛ أي: رجعوا.

ذاكَ؟ فأَنا لهُ- جارٌ]، قال: لا سبيلَ إليهِ. فكَرَّ النَّاسُ، [فقلتُ: مَن هذا الرجلُ؟ قالَ: العاصِ بنُ وائلٍ]. 1647 - عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قال: ما سمعتُ عُمرَ لشيءٍ قطُّ يقول: إنِّي لأظُنُّهُ كَذا؛ إلا كانَ كما يَظُنُّ، بَيْنَما عمرُ جالسٌ؛ إذ مر بهِ رجلٌ جميلٌ، فقالَ عمرُ: لقدْ أخطأَ ظنِّي، أوْ إنَّ هذا على دينهِ في الجاهليةِ، أوْ لقدْ كانَ كاهِنَهُم، علىَّ الرَّجُلَ (40)، فدُعِيَ له، فقالَ لهُ ذلك، فقالَ: ما رأيتُ كاليومِ اسْتُقْبِلَ بهِ رجلٌ مسلمٌ! قالَ: فإني أعْزمُ عليكَ إلا ما أخْبَرْتَني. قالَ: كنتُ كاهِنَهُم. قالَ: فما أعْجَبُ ما جاءَتْكَ بهِ جَنِّيَّتُكَ؛ قالَ: بَيْنَما أنا يوماً في السُّوقِ؛ جاءَتْني أعْرِفُ فيها الفزَعَ، فقالتْ: ألمْ تَرَ الجِنَّ وإبْلاسَها (41)، ويأسَها من بعدِ إنْكاسِها، ولُحوقَها بالقِلاصِ وأحْلاسِها؟ قالَ عُمر: صدَقَ، بينَما أنا عندَ آلهَتِهِم؛ إذْ جاءَ رجلٌ بعِجْلٍ فذَبَحَهُ، فصرخَ بهِ صارخٌ، لمْ أسمَعْ صارخاً قطُّ أسند صوتاً منه، يقولُ: يا جَلِيحْ! أمر نَجِيحْ، رجلٌ فَصِيحْ! يقولُ: لا إلهَ إلا أنتَ. فوثَبَ القومُ، قلتُ: لا أبْرَحُ حتى أعْلَمَ ما وراءَ هذا؟ ثم نادى: يا جَلِيحْ! أمرٌ نَجيحْ , رجلٌ فَصِيحْ، يقولُ: لا إلهَ إلا

_ (40) أي: أحضروه إلىَّ. (41) أي: صيرورتها مثل إبليس حائرهُ بائراً. وقوله: "من بعد إنكَاسها"؛ أي: من بعد انقلابها على رأسها، ويروى: "من بعد إيناسها"؛ أي: بعد أن كانت تأنس إلى ما تسمع. (ولحوقها) بالنصب عطفاً على "إبلاسها"، أو بالجر عطفاً على "إنكاسها"، أي: ولحوق الجن. (بالقلاص): جمع قلوص: الناقة الشابة. و (أحلاسها): جمع حلس، وهو كساء يجعل تحت رحل الإبل على ظهورها، ويروى بدل الشطر الأخير: "ورحلها العيس بأحلاسها"، والعيس -بكسر العين-: الإبل، والمراد بيان ظهور النبيّ العربي - صلى الله عليه وسلم -، ومتابعة الجن للعرب، إذ هو رسول الثقلين. (الجليح): الوقح، المكاشف بالعداوة. و (النجيح): من النجاح، وهو الظفر بالبغية.

36 - باب انشقاق القمر

اللهُ. فقمْتُ، فما نَشِبْنا أنْ قيلَ: هذا نبىُّ. 36 - بابُ انشقاقِ القَمَرِ 37 - بابُ هِجْرَةِ الحَبَشَةِ 564 - وقالتْ عائشة: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أُرِيتُ دار هجرَتِكم ذاتَ نخل بينَ لابَتَيْنِ (42)، فهاجَرَ من هاجَرَ قِبَلَ المدينةِ، ورجَعَ عامةُ مَن كانَ هاجَرَ بأرضِ الحبشةِ إلى المدينَةِ. 565 و 566 - فيه عن أبي موسى وأسماءَ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. 1648 - عن عبيدِ اللهِ بنِ عديِّ بنِ الخِيَارِ أنَّ المِسْوَرَ بنَ مخرَمَةَ وعبدَ الرحمنِ بنَ الأسوَدِ بنِ عبدِ يَغُوثَ قالا لهُ: ما يَمْنَعُكَ أنْ تُكَلِّمَ خالَكَ عُثمانَ في أخيهِ الوليدِ بنِ عُقبَةَ (43)، وكانَ أكثَرَ الناسُ فيما فَعَلَ بهِ. قال عُبيدُ اللهِ: فانتَصَبْتُ لعُثمانَ حينَ خرجَ إلى الصلاةِ، فقلْتُ لهُ: إن لي إليكَ حاجةً، وهيَ نَصِيحة. فقالَ: أيها المرءُ! أعوذُ باللهِ منكَ. فانصرفتُ، فلما

_ 564 - وصله المؤلف فيما يأتي قريباً في حديثها الطويل في الهجرة "45 - باب". (42) تثنية لابة، وهي الحرّة ذات الحجارة السود. 565 و 566 - أما حديث أبي موسي؛ فوصله في آخر الباب، وأما حديث أسماء؛ فسيأتي في حديث آخر لأبي موسي في "ج 3/ 64 - المغازي/ 40 - باب". (43) هو أخو عثمان لأمه، وكان شاباً سيئ السيرة، صلى بالناس الصبح أربعًا، ثم التفت إليهم، وقال: أزيدكم؟! وقصته في ذلك مشهورة من رواية الثقات؛ كما قال ابن عبد البر في "الاستيعاب"، والحافظ في "الإصابة"، وقد رواه الإمام أحمد وغيره كمسلم، لكنه قال: "الصبح ركعتين"، وهو مخرج في "الإرواء" (8/ 48/ 2380).

قَضَيْتُ الصلاةَ؛ جلستُ إلى المِسْوَرِ وإلى ابنِ عبدِ يَغوثَ، فحدَّثْتُهما بالذي قلتُ لعُثمانَ وقالَ لي، فقالا: قدْ قَضَيْتَ الذي كانَ عليكَ. فبينَما أنا جالسُ معهما؛ إذْ جاءَني رسولُ عثمانَ، فقالا لي: قدِ ابْتَلاكَ اللهُ. فانطلَقْتُ، حتى دخلتُ عليهِ، فقالَ: ما نَصِيحَتُكَ التي ذكرتَ آنفاً؟ قالَ: فتشهَّدْتُ، ثم قلتُ: إنَّ اللهَ بعثَ محمداً - صلى الله عليه وسلم -، وأنزَلَ عليهِ الكتابَ، وكنتَ ممَّنِ استجابَ للهِ ورسولهِ - صلى الله عليه وسلم -، وآمَنْتَ بهِ، وهاجَرْتَ الهِجْرَتينِ الأوليَيْنِ، وصَحِبْتَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ورأَيتَ هَدْيَهُ، وقد أكثَرَ الناسُ في شأْنِ الوليدِ بنِ عُقبةَ، فحَقٌ عليكَ أنْ تُقِيمَ عليهِ الحَدَّ. فقال لي: يا ابنَ أخي! أدرَكْتَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ: قلتُ: لا؛ ولكنْ قدْ خَلَصَ إليَّ مِن علمهِ ما خَلَصَ إلى العذراءِ في سِتْرِها. قالَ: فتشهَّدَ عثمانُ، فقالَ: إنَّ اللهَ قدْ بعَثَ محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالحقَّ، وأنْزَلَ عليهِ الكتابَ، وكنتُ ممَّن استجابَ للهِ ورسولهِ- صلى الله عليه وسلم -، وآمَنْتُ بما بُعِثَ بهِ محمدٌ، وهاجرتُ الهِجْرَتينِ الأوليَيْنِ كما قلتَ، وصحِبْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وبايَعْتُهُ، [ونِلْتُ صِهْرَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 4/ 265]، [ف 4/ 203]، واللهِ ما عصَيْتُه ولا غَشَشْتُه حتى توفَّاه اللهُ، ثَمَّ اسْتَخْلَفَ اللهُ أبا بكرٍ، فواللهِ ما عَصَيْته ولا غَشَشْتُهُ، ثمَّ اسْتُخْلِفَ عمرُ، فواللهِ ما عصيْتُه ولا غَشَشْتُهُ، ثم اسْتُخْلِفْتُ؛ أفلَيْسَ لي عليكُم [مِن الحقَّ 4/ 203]، مِثْلُ الذي كانَ لهُم عليَّ؟! قالَ (وفي روايةٍ: قلتُ): بلى. قالَ: فما هذه الأحاديثُ التي تبْلُغُني عنكُم؟! فأمَّا ما ذكرْتَ من شأنِ الوليدِ بنِ عُقبةَ؛ فسنأْخُذُ فيهِ إنْ شاءَ اللهُ بالحَقِّ. قالَ: فجَلَدَ الوليدَ أرْبعينَ جَلْدَةً، وأمَرَ عليَاً أنْ يَجْلِدَهُ [فجَلَدَهُ ثمانينَ]، وكانَ هو يَجْلِدُهُ.

38 - باب موت النجاشى

قال أبو عبدِ اللهِ: {بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ}: ما ابْتُليتُم بهِ من شدَّةٍ، وفي موضعٍ: (البلاءُ): الِابْتِلاءُ والتَّمْحِيصُ، مِن بَلَوْتُهُ ومَحَّصْتُه؛ أي: استَخْرَجْتُ ما عندَهُ. (يبْلُو): يخْتَبِرُ. {مُبْتَليكُم}: مُخْتبِرُكُم. وأمَّا قولُهُ: (بلاءٌ عظيمُ): النِّعَمُ، وهي من (أبْليْتُهُ)، وتلكَ مِنَ (ابْتَلَيْتُهُ) (44). 38 - باب مَوْتُ النَّجَاشِىِّ 39 - بابُ تَقاسُمِ المُشْركينَ (45) على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 40 - بابُ قصَّةِ أبي طالبٍ 1649 - عنِ العباسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ رضي اللهُ عنه قال للنبىِّ - صلى الله عليه وسلم -: ما أغْنَيْت عن عمِّك (وفي روايةٍ: هل نفَعْتَ أبا طالبٍ بشيءٍ 7/ 121)؟ فواللهِ [إنَّه] كانَ يحُوطُك، ويَغْضَبُ لك! قالَ: "هُو في ضَحْضاحٍ (*) من نارٍ، ولولا أنا لكانَ في الدَّرْكِ الأسفَلِ مِن النَّارِ). 1650 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ أنه سمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وذُكِرَ عِنْدَهُ عمُّهُ، فقالَ: "لعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شفاعَتي يومَ القِيامَةِ، فيُجْعَلُ في ضَحْضاحٍ مِن النَّارِ يَبْلُغُ كعبيهِ، يغْلِي منهُ [أُمُّ]، دِماغِهِ".

_ (44) من أبليته؛ إذا أنعمت عليه. (شارح). (45) أي: تحالفهم. (*) (ضحضاح): قريب القعر.

41 - باب حديث الإسراء، وقول الله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى}

41 - بابُ حديثِ الإسراء، وقولِ اللهِ تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} 1651 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما أنَّه سمعَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "لمَّا كَذَّبَني قريشٌ [567 - حينَ أُسْرِيَ بي إلى بيتِ المَقْدِسِ 5/ 224]؛ قمتُ في الحِجْرِ، فجَلا اللهُ لي بيتَ المَقْدِسِ، فطَفِقْتُ أُخْبِرُهُم عن آياتِهِ وأنا أَنْظُرُ إليهِ". 42 - بابُ المِعْراجِ 1652 - عن أنسِ بن مالكٍ عن مالكِ بنِ صَعْصَعَةَ رضي اللهُ عنهما أنَّ نبى اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حدَّثَهُم عن ليلةَ أُسرِيَ بهِ؛ قالَ: "بَينما أنا في الحَطيمِ -وربَّما قالَ (46): في الحِجْرِ- مُضْطَجِعاً [بينَ النائمِ واليَقْظانِ 4/ 77] (47)؛ إذ أتاني آتٍ" (وفي روايةٍ: وذكر -يعني:- رجلًا بين الرجلين) (48)، فقدَّ -قالَ: وسمعْتُهُ يقولُ: "فشَقَّ (49) - ما بينِ هذه إلى هذهِ"، فقلتُ

_ 567 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها الذهلي في "الزهريات"، وسند صحيح. (46) يعني: قتادة، فهو الذي شك: هل قال عليه الصلاة والسلام: "الحطيم" أو "الحجر"؟ كما بينته رواية أحمد، وهما بمعنى واحد. (47) هذا محمول على ابتداء الحال؛ كما قال الحافظ، ثم لما خرج به إلى باب المسجد، فأركبه البراق؛ استمر في يقظته. (48) قال الحافظ: "المراد بالرجلين حمزة وجعفر، وأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان نائماً بينهما". (49) في رواية أحمد: قال قتادة: وربما سمعت أنساً يقول: "فشق".

للجارودِ (50) -وهو إلى جَنْي-: ما يَعْنِي بهِ؟ قالَ: مِن ثُغْرةٍ نحرِهِ إلى شِعْرِته، وسمعتُهُ يقولُ: "مِن قَصِّهِ (51) إلى شِعْرَته (وفي روايةٍ: من النَّحْرِ إلى مَرَاقِّ البطنِ)، فاستَخْرَجَ قلبي، ثمَّ أتِيْتُ بطَسْتٍ من ذهَبٍ مملوءَةٍ [حكمةً و] إيماناً، فغُسِلَ [بماءِ زمزَمَ]، قلبي، ثم حُشِيَ (وفي روايةٍ: ثم مُلِئَ حكمةً وإيمانًا)، ثمَّ أُعِيْدَ، ثمَّ أُتِيتُ بدابَّةٍ دونَ البغلِ، وفوقَ الحِمارِ، أبيضَ" -فقالَ له الجارودُ: هو البُراقُ يا أبا حمزَةَ؟ قالَ أنسٌ: نعم؛ يضعُ خَطْوَهُ عندَ أقْصى طَرْفِهِ- "فَحُمِلْتُ عليهِ، فانطلقَ بي جبريلُ حتَّى أتى السماءَ الدُّنيا، فاسْتَفتَحَ، فقيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ. قيلَ: ومَن معكَ؟ قال: محمدٌ قيلَ: وقدْ أُرْسِلَ إليه؟ قالَ: نعم. قيلَ: مرحباً بهِ، فنِعمَ المجيءُ جاء. ففَتَحَ، فلما خلَصْتُ فإذا فيها آدَمُ، فقالَ: هذا أبوكَ آدمُ فسلِّم عليهِ، فسلَّمتُ عليهِ فردَّ السلامَ، ثم قالَ: مرحباً بالِابْنِ الصالحِ والنبىِّ الصالحِ. ثمَّ صَعِدَ (*) حتى أتى السماءَ الثانيةَ، فاستَفْتَحَ، قيلَ: من هذا؟ قالَ: جبريلُ. قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: محمدٌ. قيلَ: وقدْ أُرسلَ إليه؟ قالَ: نعم. قيلَ: مرحباً بهِ، فنعمَ المجيءُ جاءَ. ففَتَحَ، فلمَّا خَلَصْتُ إذا يحيى وعيسى، وهما ابنا الخالةِ، قال: هذا يحيى وعيسى فسلِّم عليهما، فسلَّمْتُ فردَّا، ثمَّ قالا: مرحباً بالأخِ الصالحِ والنبىِّ الصالحِ.

_ (50) قال الحافظ: "لم أر من نسبه من الرواة، ولعله ابن أبي سبرة البصري -صاحب أنس- فقد أخرج له أبو داود من روايته عن أنس حديثاً غير هذا". قلت: وهو فيه استقبال القبة في أول إحرامه - صلى الله عليه وسلم - بالتطوع في السفر وهو راكب، وهو مخرج فى "صحيح أبي داود" (1010). (51) أي: رأس صدره. (*) قوله: "ثم صعد"، ولأبي ذر: "صعد بي". (شارح).

ثمَّ صعِدَ بي إلى السماءِ الثالثةِ، فاسْتَفْتَحَ، قيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ. قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: محمدٌ قيلَ: وقدْ أُرسلَ إليه؟ قالَ: نعم. قيلَ: مرحباً بهِ، فنعمَ المجيءُ جاءَ. فَفُتحَ، فلما خَلَصْتُ إذا يوسُفُ، قالَ: هذا يوسفُ فسلِّم عليهِ، فسلَّمتُ عليه فردَّ، ثم قالَ: مرحباً بالأخِ الصالحِ والنبىِّ الصالحِ. ثمَّ صعِدَ بي حتى أتى السماءَ الرابعَةَ، فاسْتَفتَحَ، قيلَ: من هذا؟ قالَ: جبريلُ. قيلَ: ومَن معكَ قالَ: محمد. قيلَ: وقدْ أُرسلَ اليهِ؟ قالَ: نعم. قيلَ: مرحباً بهِ، فنعمَ المجيءُ جاءَ. فَفُتحَ، فلمَّا خَلَصْتُ إلى إدريسَ؛ قالَ: هذا إدريسُ فسلِّمْ عليهِ، فسلَّمْتُ عليهِ فردَّ، ثمَّ قالَ: مرحباً بالأخِ الصالحِ والنبىِّ الصالحِ. ثم صَعِدَ بي حتَّى أتى السماءَ الخامسةَ، فاسْتَفْتَحَ، قيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ. قيلَ: ومن معكَ؟ قالَ: محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قيلَ: وقدْ أُرْسلَ إليه؟ قالَ: نعم. قيلَ: مرحباً بهِ، فنعمَ المجيءُ جاءَ. فلمَّا خَلَصْتُ فإذا هارونُ، قالَ: هذا هارونُ فسلِّمْ عليهِ فسلَّمتُ عليهِ فردَّ. ثمَّ قال: مرحباً بالأخِ الصالحِ والنبىِّ الصالحِ. ثمَّ صعِدَ بي حتى أتى السماءَ السادسةَ، فاسْتَفْتَحَ، قيلَ: مَن هذا؟ قالَ: جبريلُ. قيلَ: مَن معكَ؟ قالَ: محمدٌ قيلَ: وقدْ أُرسِلَ اليهِ؟ قالَ: نعم. قالَ: مرحباً بهِ، فنعمَ المجيءُ جاءَ. فلما خلصتُ فإذا موسى، قالَ: هذا موسى فسلِّم عليهِ، فسلَّمتُ عليه فردَّ، ثم قالَ: مرحباً بالأخِ الصالحِ والنبىِّ الصالحِ، فلمَّا تجاوَزْتُ بكى، قيلَ له: ما يُبْكِيكَ؟ قالَ: أَبْكي لأنَّ غُلاماً بُعِثَ بعدي يدْخُلُ الجنَّةَ مِن أُمَّتِهِ أكثرُ ممن يدخُلُها مِن أُمَّتي. ثمَّ صعِدَ بي إلى السماءِ السابعَةِ، فاسْتَفْتَحَ جبريلُ، قيلَ: من هذا؟ قالَ:

جبريلُ. قيلَ: ومَن معكَ؟ قالَ: محمدٌ. قيلَ: وقدْ بُعِثَ إليهِ؟ قالَ: نعم. قالَ. مرحباً بهِ، فنعمَ المجيءُ جاءَ. فلمَّا خلَصْتُ فإذا إبراهيمُ، قالَ: هذا أبوكَ فسلَّمْ عليهِ، قالَ: فسلَّمْتُ عليهِ فردَّ السلامَ، قالَ: مرحباً بالابنِ الصالحِ والنبيِّ الصالحَ. ثم رُفِعَت لي سِدرَةُ المُنْتَهى، فإذا نبِقُها مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ، وإذا ورقُها مثلُ آذانِ الفِيَلَةِ، قالَ: هذه سِدْرَةُ المُنْتَهى، وإذا أربعةُ أنهارٍ؛ نهرانِ باطِنانِ، ونهرانِ ظاهِرانِ، فقلتُ: ما هذانِ يا جبريلُ؟ قالَ: أمّا الباطِنانِ؛ فنهرانِ في الجنَّةِ، وأما الظَّاهِرانِ؛ فالنيلُ والفراتُ، ثمَّ رُفِعَ لي البيتُ المعمورُ، [فسأَلْتُ جبريل؟ فقالَ: هذا البيتُ المعمورُ، يصلي فيهِ كلَّ يومٍ سبعونَ ألفَ مَلَكٍ، إذا خَرَجوا لم يعودُوا إليهِ، آخِرَ ما عليْهِم] (52). ثم أُتيتُ بإناءٍ من خمرٍ، وإناءٍ من لَبَنٍ، وإناءٍ من عَسَل، فأخَذْت اللبنَ، فقالَ: هي الفطرَةُ، أنتَ عليها وأمَّتُك. ثم فُرِضَتْ علىَّ الصلواتُ؛ خمسينَ صلاةً كلَّ يومٍ، فرجَعْتُ، فمَرَرْتُ على موسى، فقالَ: بما أُمِرْتَ؟ قالَ: أُمِرْتُ بخمسينَ صلاةً كلَّ يومٍ. قالَ: إنَّ أُمَّتَكَ لا تستطيعُ خمسينَ صلاةً كلَّ يومٍ، وإنِّي واللهِ قدْ جَرَّبْتُ الناسَ قبلَكَ، وعالجْتُ بني إسرائيلَ أشدَّ المعالَجِةِ، فارْجِعْ إلى ربِّكَ، فاسْأَلْهُ التخفيفَ لأمَّتِكَ. فرجعْتُ،

_ (52) وقعت هذه الزيادة في بعض روايات الحديث عند المصنف وغيره، وذكرها في حديث أنس وهم من بعض الرواة، والصواب أنه من حديث أبي هريرة كما تقدم بيانه في "ج 2/ 59 - الأنبياء/ 6 - باب".

43 - باب وفود الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، وبيعة العقبة

فوضَعَ عنِّي عشْراً، فرجعتُ إلى موسى، فقالَ مِثْلَهُ، فرجَعْتُ، فوضْعَ عنِّي عشْراً، فرجَعْتُ إلى موسى، فقالَ مِثْلَهُ، فرجَعْتُ، فوضعَ عنِّي عشْراً، فرجَعْتُ إلى موسى، فقالَ مِثْلَهُ، فرجَعْتُ، فأْمِرْتُ بعشْرِ صلواتٍ كلَّ يومٍ، فرجَعْتُ، فقالَ مِثْلَهُ، فرجَعْتُ، فأُمِرْتُ بخمسِ صلواتٍ كلَّ يوَّمٍ، فرجَعْتُ إلى موسى، فقالَ: بما أُمِرْتَ؟ قلتُ: أُمِرْتُ بخمْسِ صلواتٍ كلَّ يوم، قالَ: إنَّ أُمَّتَكَ لا تستطيعُ خمسَ صلوات كلَّ يومٍ، وإنِّي قد جَرَّبْتُ الناسَ قبلَكَ، وعالَجْتُ بَني إسرائيلَ أشدَّ المعالَجَةِ، فارْجِعْ إلى ربِّكَ، فاسألْهُ التخفيفَ لأمِّتِكَ. قالَ: سألْتُ ربِّى حتَّى اسْتَحْيَيْتُ، ولكنْ أرْضَى وأُسَلِّمُ. قالَ: فلمَّا جاوَزْتُ ناداني منادٍ: أمْضَيْتُ فَرِيضَتي، وخَفَفْتُ عن عبادي، و [أَجْزِي الحَسَنَةَ عَشْراً]. 1653 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - في قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}؛ قَالَ: هِىَ رُؤْيَا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ أُسْرِىَ بِهِ إلى بيت المقدس. قال {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ}؛ قالَ هى شجرة الزّقُّوم. 43 - بابُ وُفودِ الأنصارِ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمكَّةَ، وبيعَةِ العَقَبَةِ 1654 - عن جابر بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما قالَ: شَهِدَ بي خالايَ العَقَبَةَ. (ومن طريقٍ أُخرى عنه: أنا وأبي وخالي مِن أصحابِ العقَبَةِ). 568 - قالَ أبو عبدِ اللهِ: قالَ ابنُ عُيينَة: أحَدُهُما البراءُ بنُ مَعْرور.

_ 568 - وصله الإسماعيلي. قلت: وإسناده صحيح، وقد ساقه الحافظ في "التغليق" (4/ 93).

44 - باب تزويج النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة، وقدومها المدينة، وبنائه بها

44 - بابُ تزويجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عائشةَ، وقُدُومِها المدينةَ، وبنائهِ بها 1655 - عن عائشةَ رضىِ اللهُ عنها قالت: تزَوَّجَني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأنا بنتُ ستِّ سنينَ، فقَدِمْنا المدينَةَ، فنَزَلْنا في بني الحارِثِ بنِ خَزْرجٍ , فوُعِكْتُ، فتمَرَّق (53) شَعَري، فوَفَى جُمَيْمَة، فأتَتْني أمِّي أمِّ رُومانَ، وإنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ، ومعي صواحِبُ لي، فصرَخَتْ بي، فأتَيْتُها لا أدْري ما تُريدُ بِي، فأخَذتْ بيدِي حتَّى أوْقَفَتْني على بابِ الدَّارِ، وإنِّي لأنْهَجُ، حتى سَكَنَ بعضُ نَفَسي، ثم أخَذَتْ شيئاً من ماءٍ فمَسَحَتْ بهِ وجْهي ورأْسي، ثم أدخَلَتني الدَّارَ، فإذا نسوة من الأنصارِ في البيتِ، فقلْنَ: على الخيرِ والبركَةِ، وعلى خيرِ طائرٍ، فأسْلَمَتْني إليهِنَّ، فأصْلَحْنَ مِن شَأْني، فلمْ يَرُعْني إلَّا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ضُحىً، فأسْلَمْنَني إليهِ، وأنا يومئذٍ بنتُ تسعَ سنينَ. 1656 - عن هشامٍ عن أبيهِ (عُروةَ) (54) قالَ: تُوُفَّيتْ خديجَةُ قبلَ مَخْرَجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينةِ بثلاثِ سنينَ، فلَبِثَ سنتينِ أوْ قريباً مِن ذلك، ونَكَحَ عائشةَ وهي بنتُ ستِّ سنينَ، ثمَّ بَنى بها وهيَ بنتُ تسعِ سنينَ. [قال هشامٌ: وأْنبِئت أنها كانت عندَه تسعَ سنينَ 6/ 134]

_ (53) بالراء المهملة؛ أي: انتتف، ورُويَ: "فتمزق" بالزاي؛ أي: انقطع. وقوله: "فوفى"؛ أي: كثر، وفيه حذف تقديره: ثم فصلت من (الوعك) -وهو الحمى- فتربى شعري فكثر. وقوله: "جميمة" بالرفع على الفاعلية، وروي بالنصب: وهي مصغر جُمة -بضم الجيم- من شعر الرأس؛ ما سقط على المنكبين. قوله: "لأنهج" بفتح الهمزة والهاء، وبضم الهمزة وكسر الهاء؛ أي: أتنفس نفساً عالياً من الإعياء. وقوله: "على خير طائر"؛ أي: على خير حظ ونصيب. (54) قال الحافظ: "هذا صورته مرسل، لكنه لما كان من رواية عروة مع كثرة خبرته بأحوال عائشة؛ يحمل على أنه حمله عنها".

45 - باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة

45 - بابُ هِجْرةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِهِ إلى المدينةِ 569 و 570 - وقال عبدُ اللهِ بن زيدٍ وأبو هريرةَ رضي الله عنهما عنِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لولا الهِجْرَة لكنتُ امْرَأ مِن الأنصارِ". 571 - وقالَ أبو موسى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "رأيتُ في المنامِ أنِّي أهاجِرُ مِن مكةَ إلى أرضٍ بها نَخلٌ، فذَهَبَ وَهَلِي (*) إلى أنها اليمامةُ أو هَجَرُ، فإذا هِي المدينةُ: يَثْرِبُ". 1657 - عن عطاءِ بنِ أبي رباحٍ قالَ: زُرْتُ عائشةَ معَ عُبيدِ بنِ عُميرٍ الليثيِّ، [وهي مُجاوِرَةٌ بثَبِيْرٍ 4/ 38]، فسأَلْناها عنِ الهجرَةِ؟ فقالتْ: لا هجرةَ اليومَ (وفي روايةٍ: انقطعَتِ الهِجْرَةُ منذُ فَتَحَ اللهُ على نبيهِ - صلى الله عليه وسلم - مكةَ)، كانَ المؤمِنونَ يفِرُّ أحدُهُم بدينِهِ إلى اللهِ تعالى، وإلى رسولهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ مخافَةَ أنْ يُفْتَنَ عليهِ، فأمَّا اليومَ؛ فقدْ أظْهَرَ اللهُ الإسلامَ، واليومَ يعْبُدُ ربَّهُ حيثُ شاءَ، ولكِنْ جهادٌ ونيَّةٌ. 1658 - عن عائشةَ رضي اللهُ عنها زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: لم أعْقِلْ أبَوَىَّ قَطُّ إلاَّ وهُما يَدِينانِ الدِّينَ، ولم يَمُرَّ علينا يومٌ إلا يأتِينا فيهِ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - طرفَيِ النَهارِ؛ بُكْرَةً وعَشِيَّةً، فلما ابْتُلِيَ المسلمونَ؛ [هاجرَ إلى الحبشةِ رجالٌ مِن المسلمينَ، و 7/ 39]، خَرَجَ أبو بكرٍ مهاجراً نحوَ أرضِ الحبشةِ، حتَّى بلَغَ (بَرْكَ

_ 569 و 570 - أما حديث عبد الله بن زيد؛ فوصله المصنف فيما يأتي من "ج 3/ 64 - المغازي/ 58 - باب"، وأما حديث أبي هريرة؛ فمضى موصولاً هنا " 2 - باب". 571 - وصله المصنف فيما تقدم "61 - المناقب/ 25 - باب"، وكذا ابن حبان (6242 - الِإحسان). (*) قوله: "وَهَلي"؛ أي: ظني.

الغِمادِ) (55) لَقِيَهُ ابنُ الدَّغِنَةِ -وهو سيدُ (القارَةِ) - فقالَ: أينَ تريدُ يا أبا بكرٍ؟ فقالَ أبو بكرٍ: أخْرَجَني قومي، فأُرِيدُ أنْ أسِيْحَ في الأرضِ، وأعبدَ ربِّي، فقالَ ابنُ الدَّغِنةِ: فإنَّ مِثْلَكَ يا أبا بكرٍ! لا يَخْرُجُ ولا يُخْرَجُ، إنَّك تَكْسِبُ المَعْدُومَ (56)، وتَصِلُ الرَّحِمَ، وتحْمِلُ الكَلِّ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ على نوائِبِ الحقِّ، فأنا لكَ جارٌ ارْجِعْ واعْبُدْ ربَّكَ ببلدِكَ. فرجَعَ، وارْتَحَلَ معهُ ابنُ الدَّغِنةِ. فطافَ ابنُ الدَّغِنةِ عَشِيَّة في أشرافِ [كُفَّارِ 3/ 58]، قريشٍ، فقالَ لهُم: إنَّ أبا بكرٍ لا يَخْرُجُ مِثْلُهُ، ولا يُخْرَجُ، أتُخْرِجونَ رجلًا يَكْسِبُ المَعْدُومَ، ويصِلُ الرحمَ، ويحْمِلُ الكَلَّ، ويَقْرِي الضَّيْفَ، ويُعِيْنُ على نوائِبِ الحقِّ؟! فلمْ تُكذِّبْ قريشٌ بجِوارِ ابنِ الدَّغِنةِ، [وآمَنُوا أبا بكرٍ]، وقالوا لابن الدَّغِنةِ: مُرْ أبا بكرٍ فلْيَعْبُدْ ربّهُ في دارهِ، فليُصَلِّ فيها، ولْيقرأْ مَا شاءَ، ولا يُؤذِينا بذَلكَ، ولا يَسْتَعْلِنُ بهِ؛ فإنا نخْشى أنْ يَفْتِنَ نساءَنا وأبناءَنا. فقالَ ذلك ابنُ الدَّغِنةِ لأبي بكرٍ، فلَبِثَ أبو بكرٍ بذلك يعبُدُ ربَّه في داره، ولا يَسْتَعْلِنُ بصلاتِه، ولا يقرأُ في غيرِ دارِهِ. ثمَّ بدا لأبي بكرٍ فابْتَنى مسجداً بفِناءِ دارِهِ، [وبَرَزَ]، وكانَ يُصَلِّي فيهِ، ويقرأُ القرآنَ، فيَنْقَذِفُ (وفي روايةٍ: فيَتَقَصَّفُ. وفي أخرى: فيَقِفُ 1/ 122) عليهِ نساءُ المشركينَ وأبناؤُهُم، وهُم يَعْجَبُونَ منهُ، وينظُرونَ إليهِ، وكانَ أبو بكر رجلًا بكَّاءً، لا يملِكُ عينَيْهِ إذا قرأَ القرآنَ، فأفْزعَ ذلكَ أشرافَ قريش مِن المشركينَ، فأَرْسَلوا إلى

_ (55) موضع على خمس ليال من مكة إلى جهة اليمن. و (القارة): قبيلة مشهورة من بني الهُونِ -بالضم- ابن خزيمة. (56) أي: تعطي الناس مما لا يجدونه عند غيرك. وقوله: "وتحمل الكلَّ"؛ أي: وتعين من لا يستقل بأمره.

ابنِ الدَّغِنَةِ، فقَدِمَ عليهِم، فقالوا [لهُ]: إنَّا كُنا أجَرْنا أبا بكرٍ بجِوارِكَ، على أنْ يَعْبُدَ ربَّهُ في دارِهِ، فقدْ جاوَزَ ذلكَ، فابْتَنَى مسجداً بفِناءِ دارِهِ، فأعلنَ بالصلاةِ والقراءَةِ فيهِ، وإنَّا قدْ خَشِينا أنْ يَفْتِنَ نساءَنا وأبناءَنا، فانْهَهُ، فإنْ أحَبَّ أنْ يقتَصِرَ على أنْ يعْبُدَ ربَّهُ في دارِهِ؛ فعَلَ، وإنْ أبى إلاَّ أن يُعْلِنَ بذلكَ؛ فَسَلْهُ أنْ يَرُدَّ إليكَ ذمَّتَكَ، فإنَا قدْ كَرِهْنا أنْ نُخْفِرَكَ (57)، ولسنا مُقِرِّينَ لأبي بكرٍ الاِسْتِعْلانَ. قالتْ عائشةُ: فأتى ابنُ الدَّغِنَةِ إلى أبي بكرٍ، فقالَ: قدْ عَلِمْتَ الذي عاقَدْتُ لك عليهِ، فإمَّا أنْ تَقْتَصِرَ على ذلك؛ وإمَّا أنْ تَرْجِعَ إليَّ ذِمَّتى، فإنِّي لا أُحِبُّ أنْ تسْمَعَ العربُ أَنِّي أُخْفِرتُ في رجلٍ عقَدْتُ له. فقالَ أبو بكرٍ: فإنِّي أرُدُّ إليكَ جِوارَكَ، وأرْضى بجِوارِ اللهِ عزَّ وجلَّ. والنبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ بمكَّةَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للمسلمينَ: "إنَّي أُرِيتُ دارَ هجرَتكُم ذاتَ نخلٍ بينَ لابتَيْنِ". وهما الحَرَّتانِ (58). فهاجَرَ مَن هاجَرَ قِبَلَ المدينةِ [حينَ ذكَرَ ذلكَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ورجَعَ عامَّةُ مَن كانَ هاجَرَ بأرضِ الحَبَشَةِ إلى المدينَةِ، وتجَهَّزَ أبو بكرٍ [مهاجراً]، قِبَلَ المدينةِ، فقالَ لهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "على رِسْلِكَ؛ فإنِّي أرْجُو أنْ يُؤْذَنَ لي". فقالَ أبو بكرٍ: وهلْ تَرْجو ذلك بأبي أنتَ؟ (وفي روايةٍ: قالتْ: اسْتأْذَنَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أبو بكرٍ في الخروجِ حينَ اشْتَدَّ عليهِ

_ (57) (الإخفار): نقض العهد. (58) هذا مدرج في الخبر، وهو من تفسير الزهري. "فتح". قلت: وهذه الرؤيا استدركها الحاكم (3/ 3 - 4) فوهم! وهي غير الرؤيا المتقدمة أول الباب.

الأذَى، فقالَ لهُ: "أقِمْ". فقالَ: يا رسولَ اللهِ! أتَطْمَعُ أنْ يُؤذَنَ لكَ؛ 5/ 43) قالَ: "نعم". فحَبَسَ أبو بكرٍ نفسَهُ على رسولِ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - لِيَصْحَبَهُ، وعَلَفَ راحِلَتَيْنِ كانَتا عندَهُ ورَقَ السَّمُرِ- وهو الخَبَطُ- أربعَةَ أشْهُرٍ. قالتْ عائشةُ: فبَيْنَما نحنُ يوماً جلوسٌ في بيتِ أبي بكرٍ في نَحْرِ الظَّهيرةِ (وفي روايةٍ: لَقَلَّ يومٌ كانَ يأتي على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ يأْتي فيهِ بيتَ أبي بكرٍ أَحَدَ طَرَفَيِ النَّهارِ، فلما أُذِنَ له بالخروجِ إلى المدينةِ؛ لمْ يَرُعْنا إلا وقدْ أُتانا ظُهراً، فَ 2/ 23 - 24) قالَ قائلٌ لأبي بكرٍ: هذا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[مُقبلاً]، مُتَقَنِّعاً في ساعةٍ لمْ يَكُنْ يأْتينا فيها، فقالَ أبو بكرٍ: فداءٌ له أبي وأُمي، واللهِ ما جاءَ بهِ في هذهِ الساعةِ إلاَّ أمرٌ [حَدَثَ]. قالتْ: فجاءَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فاسْتَأذَنَ، فأذِنَ لهُ، فدَخَلَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[حينَ دَخَلَ] لأبي بكرٍ: "أخْرِجْ مَن عندَكَ". فقالَ أبو بكرٍ: [يا رسولَ اللهِ!، إنَّما هُم أهلُكَ (وفي روايةٍ: إنَّما هُما ابْنَتَايَ. يعني: عائشةَ وأسماءَ) بأبي أنتَ يا رسولَ اللهِ! قالَ: "فإنِّي (وفي روايةٍ: أَشعَرْتَ أَنَّهُ) قدْ أُذِنَ لي في الخُروجِ؟ ". فقالَ أبو بكرٍ: الصَّحابَةَ (وفي روايةٍ: الصُّحْبَةَ) بأبي أنتَ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "نعمْ". قالَ أبو بكرٍ: فخُذْ بأبي أنتَ يا رسولَ اللهِ! إحدى راحِلَتَىَّ هاتينِ، [قدْ كُنْتُ أعْدَدْتُهما للخُروجِ]. قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " [قدْ أخَذْتُها] بالثَّمَنِ"، [فأعْطَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إحداهما، وهي الجَدْعاءُ] (59). قالتْ عائشةُ: فجَهَّزْناهُما أَحَثَّ الجِهازِ (60)، وصَنَعْنا لهُما سُفرةً في جِرابٍ،

_ (59) خفيت هذه الزيادة على الحافظ، فعزاها لابن حبان! وهي عنده (6246 - الإحسان) في رواية. (60) أي: أسرعه. و (الجهاز) بفح الجيم وكسرها: ما يحتاج إليه في السفر ونحوه.

فقَطَعتْ أسماءُ بنتُ أبى بكرٍ قِطْعَةً مِن نِطاقِها، فرَبَطَت (وفي روايةٍ: فأَوْكَتْ) بهِ على فَمِ الجِرابِ؛ فبذلك سُمِّيتْ ذاتَ النِّطاقِ (61). قالتْ: [فرَكبا، فانْطَلَقا]، ثم لحِقَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ بغارٍ في جبلٍ [يقالُ لهُ:] ثَوْرٌ، فكَمَنَا فيهِ ثلاثَ ليالٍ، يَبِيْتُ عندَهُما عبدُ اللهِ بنُ أبي بكرٍ، وهو غُلامٌ شابٌ ثَقِفٌ لَقِنٌ، فيُدْلِجُ (62) مِن عندِهِما بسَحَرٍ، فيُصْبِحُ معَ قريشٍ بمكةَ كبائِتٍ، فلا يسمعُ أمْراً يُكْتادانِ (وفي روايةٍ: يُكادانِ) بهِ إلا وَعَاهُ، حتى يأتيَهُما بخَبَرِ ذلك حينَ يخْتَلِطُ الظَّلامُ، ويَرْعى عليهما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ مولى أبي بكرٍ (وفي روايةٍ: كانَ غُلاماً لعبدِ اللهِ بنِ الطُّفَيْلِ بنِ سَخْبَرَةَ، أخو عائشةَ لأمَها، وكانتْ لأبي بكرٍ) مِنْحَةٌ مِن غَنَم، ف [كانَ]، يُرِيحُها عليهِما حينَ تذهَبُ ساعةٌ مِن العِشاءِ، فيَبِيْتانِ في رِسْلٍ، وهو لَبَنُ مِنْحَتِهما، ورَضِيفُهما، حتى يَنعِقَ بها عامرُبنُ فُهَيْرَةَ بغَلَسٍ، يفْعَلُ ذلكَ في كُلِّ ليلةٍ مِن تلكَ الليالي الثلاثِ. واستأْجَرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ رجُلاً مِن بني الدِّيلِ، وهو من بني عبدِ بنِ عَدِىِّ؛ هادياً خِرّيتاً -والخِرِّيتُ: الماهرُ بالهِدايةِ- قذ غَمَسَ حِلْفاً (63) في آلِ

_ (61) قوله: (ذات النطاق) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: "ذات النطاقين" بالتثنيه؛ كذا في (الشارح). و (النطاق): إزار فيه تكة تلبسه النساء. قوله: "ثقف" بهذا الضبط، وتسكن القاف، وتفتح: حاذق. و (لقن): سريع الفهم. (62) أي: يخرج. قال الشارح: "ولأبي ذرٍّ": "فيدّلج" بتشديد الدال"، وهو الأحسن، وهو الذي عليه شرح العينيّ، فإن الخروج في آخر الليل هو الادّلاج بالتشديد. وقوله: "كبائت"؛ أي: كالذي يبيت بمكة لشدة رجوعه بغلس، وهو ظلام آخر الليل. قوله: "يكتادان": يفتعلان من الكيد، مبنيٌّ للمفعول. قوله: "ورضيفهما" مجرور عطفاً على المضاف إليه، ومرفوع عطفاً على قوله: "وهو لبن"، وهو الموضوع فيه الحجارة المحماة لينعقد وتزول رخاوته. قوله: "حتى ينعق بها"؛ أي: يصيح بالغنم. (63) أي: غمس يده في شيء فيه تلوين؛ تأكيداً لحلفه على عادتهم في التحالف.

العاصِ بنِ وائلٍ السَّهْميِّ، وهو على دينِ كفارِ قريش، فأَمِناهُ، فدَفَعا إليهِ راحِلَتَيْهِما، وواعَداهُ غارَ ثَوْرٍ بعدَ ثلاثِ ليالٍ براحِلَتَيْهِما صُبْحَ ثلاثٍ، وانْطَلَقَ معهُما عامِرُ بنُ فُهَيْرَةَ [يُعْقِبَانِهِ]، والدَّليلُ، فأَخذَ بهِم طريقَ السواحِلِ [حتى قَدِما المدينَةَ، فقُتِلَ عامرُ بنُ فُهَيْرةَ يومَ بئرِ مَعُونَةَ]. [(تُرِيحُونَ): بالعَشِيِّ. (تَسْرَحُونَ): بالغَداةِ 4/ 190] (64). 1659 - عن سُراقَةَ بنِ جُعْشُمٍ قالَ: جاءَنا رسولُ كُفَّارِ قريشٍ؛ يَجْعَلونَ في رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبى بكرٍ دِيَةً؛ كُلِّ واحدٍ منهُما (65)؛ مَن قتلَهُ أو أسَرةُ، فبَيْنَما أنا جالسٌ في مَجْلِسٍ مِن مجالِسِ قومي بَني مُدْلجٍ؛ أقبلَ رجُلٌ منهُم، حتّى قامَ علينا ونحنُ جلوسٌ، فقالَ: يا سُراقةُ! إنِّي قد رأَيْتُ آنفاً أسودةً بالسَّاحِلِ، أُراها محمَّداً وأصْحابَهُ. قالَ سُراقَةُ: فعَرَفْتُ أنَّهم هُم، فقُلتُ لهُ: إنَّهُم ليسوا بهِمْ، ولكنَّكَ رأَيْتَ فُلاناً وفلاناً انطلَقوا بأَعْيُنِنا يَبْتَغونَ ضالَّةً لهُم، ثمَّ لَبِثْتُ في المجلسِ ساعةً، ثمَّ قمتُ فدَخَلْتُ، فأمَرْتُ جارِيتي أنْ تَخْرُجَ بفَرَسي -وهيَ مِن وراءِ أكَمَةٍ- فتَحْبِسَها عليَّ، وأخَذْتُ رُمْحي فخَرَجْتُ به مِن ظهرِ البيتِ، فحَطَطْتُ بزُجِّهِ الأرضَ، وخَفَضْتُ عالِيَهُ (66) حتَّى أتَيْت فرَسي فركِبْتُها، فرفَعْتُها تُقَرِّب بي، حتَّى دنَوْتُ

_ (64) كانت هذه الزيادة في الأصل عقب حديث البراء المتقدم (1544)، فنقلته إلى هنا، فإنه يحمل هذه اللفظة؛ بخلاف حديث البراء، فليس لها فيه ذكر؛ كما قال الحافظ. (65) أي: مائة من الِإبل؛ كما في رواية موسى بن عقبة عن الزهري. (66) وكل ذلك لِإخفاء أمره حتى لا يتبعه أحد، فيشركه في الجعالة. قوله: "فحططت بزجه الأرض"؛ أي: أمكنت أسفل الرمح من الأرض. قوله: "فرفعتها"؛ أي: أسرعت بها السير، وروي بتشديد الفاء. و (التقريب): ضرب من الِإسراع؛ دون العدو، وفوق العادة.

منهُم، فعَثَرَت بي فَرَسي، فخَرَرْتُ عنها، فقمْتُ، فأهْوَيْتُ يدي إلى كِنانَتي، فاسْتَخْرَجْتُ منها الأزْلامَ، فاسْتَقْسَمْتُ بها أضُرُّهُم أمْ لا؟ فخَرَجَ الذي أكْرَهُ، فرَكِبْتُ فرَسي، وعصَيْتُ الأزْلامَ، تُقَرِّبُ بي، حتَّى إذا سمِعْتُ قراءَةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يَلْتَفِتُ، وأبو بكر يُكْثِرُ الِالْتِفاتَ؛ ساخَتْ يَدا فرَسي في الأرضِ حتَّى بَلَغَتا الركْبَتَيْنِ (67)، فخَرَرْتُ عنها، ثمَّ زَجَرْتُها، فنَهَضْتُ، فلمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يدَيها، فلمَّا استَوَتْ قائمةً؛ إذا لأثَرِ يدَيْها عُثَانٌ (68)، ساطعٌ في السماءِ مثلُ الدُّخانِ، فاسْتَقْسَمْتُ بالأزْلامِ، فخَرَجَ الذي أكْرَهُ، فنادَيْتُهم بالأمانِ، فوَقَفُوا، فرَكِبْتُ فرسي حتَّى جِئْتُهم، ووقَعَ في نَفْسي حينَ لَقِيتُ ما لَقِيتُ مِن الحَبْسِ عنهُم؛ أنْ سَيَظْهَرُ أمرُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ لهُ: إنَّ قومَكَ قدْ جَعَلوا فيكَ الدِّيَةَ، وأخْبَرتُهم أخبارَ ما يُريدُ الناسُ بهِم، وعَرَضْت عليهِمُ الزَّادَ والمتاعَ، فلمْ يَرْزَآني (69)، ولم يسأَلاني إلَّا أنْ قالَ: "أخْفِ عنَّا"، فسألتُهُ أنْ يَكْتُبَ لي كتابَ أمْنٍ، فأَمَرَ عامرَ بنَ فُهَيْرَةَ فكَتَبَ في وُقْعَةٍ مِن أَديمٍ، ثمَّ مضى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (70).

_ (67) قلت: فيه دليل علىَّ أن ركبتي الفرس في مقدمتيه، وكذلك كلَّ ذوات الأربع؛ كالبعير، وقد خفيت هذه الحقيقة على بعض العلماء؛ كابن القيم الله تعالى، فسوَّد صفحات في بيان خطإ قول الراوي في الحديث الصحيح: "إذا سجد أحدكم؛ فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه). فزعم أنه مقلوب، وأن الصواب: "فيضع ركبتيه قبل يديه"، وأنكر قول من يقول "إن ركبتي البعير في مقدمتيه", مع أنه معروف في كتب اللغة؛ مثل "القاموس" وغيره وفي الاستعمال العربي؛ كهذا النص الصحيح. والعصمة لرسول الله- صلى الله عليه وسلم -. (68) أي: دخان من غير نار، وروي بدله: "غبار"، وهو مبتدأ، خبره قوله: "لأثر يديها"، و"إذا": كلمة مفاجأة، وهي جواب لمَّا. وقوله: "ساطع"؛ أي: منتشر مرتفع. (69) أي: لم يأخذا ولم ينقصا من الزاد والمتاع الذي معي شيئاً. (أديم)؛ أي: جلد مدبوغ. (70) هذا الحديث مما استدركه الحاكم (3/ 6 - 7)، وهو وهم.

1660 - عن عُروةَ بنِ الزبيرِ (71) أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَ الزبيرَ في رَكْبٍ مِن المسلمينَ؛ كانوا تِجَاراً قافلينَ مِن الشامِ، فكَسا الزُّبيرُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكرٍ ثيابَ بَياضٍ، وسمِعَ المسلمونَ بالمدينةِ مَخْرَجَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِن مكَّةَ، فكانوا يَغْدُونَ كلَّ غداةٍ إلى الحَرَّةِ، فيَنْتَظِرونَهُ حتى يَرُدَّهُم حرُّ الظهيرةِ، فانْقَلبوا يوماً بعدَ ما أطالوا انْتِظارَهُم، فلمَّا أووْا إلى بيوتهم؛ أوْفى (*) رجلٌ من يهودَ على أُطُمٍ مِن آطامِهِم لأمرٍ ينظُرُ إليهِ، فبَصُرَ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابِهِ مُبَيَّضِينَ، يَزولُ بهِمُ السَّرابُ (72)، فلم يملِك اليهودِىُّ أنْ قالَ بأعْلى صوتهِ: يا مَعاشِرَ العربِ! هذا جَدُّكُم الذي تَنْتَظِرونَ. فثارَ المسلمونَ إلى السِّلاحِ، فتَلَقَّوْا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بظَهْرِ الحَرَّةِ، فعَدَلَ بهِم ذاتَ اليمينِ، حتَّى نزلَ بهِمْ في بَني عمرِو بنِ عوفٍ (73)، وذلك يومَ الاثنينِ مِن شهرِ ربيعٍ الأولِ، فقامَ أبو بكرٍ للنَّاسِ، وجلَسَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صامِتاً، فطَفِقَ مَن جاءَ مِن الأنصار ممَّنْ لمْ يَرَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَيِّى أبا بكرٍ، حتَّى أصابَتِ الشمسُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأَقبَلَ أبو بكرٍ حتَّى ظَلَّلَ عليهِ بردائِهِ، فعَرَفَ النَّاسُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عندَ ذلك. فلَبِثَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - في بني عمرِو بنِ عوفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ ليلةً، وأُسِّسَ المسجِدُ الذي أُسِّس على التُّقوى، وصلَّى فيهِ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ رَكِبَ راحِلَتَهُ،

_ (71) صورته مرسل؛ لكن وصله الحاكم (3/ 11) عن عروة أنه سمع الزبير به. (5) أي: طلع. و (أُطُم): حصن. (72) أي: يزول السراب عن النظر بسبب عروضهم له. وقوله: "هذا جدُّكم"؛ أي: حظكم، وصاحب دولتكم الذي تتوقعونه. كذا في "العيني". (73) ومنازل بني عمرو ب (قباء)، وهي على فرسخ من المسجد النبوي. أفاده العيني. قوله: "للناس"؛ أي: يتلقاهم.

فسارَ يمشي معهُ الناسُ، حتَّى برَكَتْ عندَ مَسْجِدِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينةِ، وهو يُصَلِّي فيهِ يوميذٍ رجالٌ مِن المسلمينَ، وكانَ مِرْبَداً (74) للتَّمْرِ لسُهَيْلٍ وسَهْلٍ: غُلامينِ يتيمينِ في حَجْرِ أسعَدَ بنِ زُرارةَ، فقالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ بَرَكَتْ بهِ راحلَتُةُ: "هذا إنْ شاءَ الله المَنْزِلُ"، ثمَّ دعا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الغلامينِ، فَساومَهُما بالمِرْبَدِ؛ ليتَّخِذَهُ مسجداً، فقالا: بل نَهَبُهُ لكَ يا رسولَ اللهِ! فأبى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَقْبَلَهُ منهُما هِبَةً؛ حتى ابْتاعَهُ منهُما، ثمَّ بناهُ مسجداً، وطَفِقَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْقُلُ معَهُمُ اللَّبِنَ في بُنْيانِهِ، ويقول: "هذا الحِمَالُ (75) لا حِمالُ خَيْبَر ... هذا أبَرُّ رَبَّنا! وأَطْهَرْ" ويقول: "اللهُمَّ! إنَّ الأجرَ أجْرُ الآخِرَهْ ... فارْحَمِ الأنصارَ والمُهاجِرَهْ" فتَمَثَّلَ بشعرِ رجلٍ مِن المسلمينَ لمْ يسَمَّ لي. قالَ ابنُ شِهابٍ: ولمْ يَبْلُغنا في الأحاديثِ أنَّ رسولَ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - تمثَّلَ ببيتِ شعرٍ تامٍّ غيرَ هذا البيتِ. 739 - وقالَ ابن عباس: أسماءُ: ذاتُ النِّطاقِ. 1661 - عن أسماءَ رضي اللهُ عنها أنَّها حَمَلَتْ بعبدِ اللهِ بنِ الزبيرِ [بمكَّةَ

_ (74) (المربد): الموضع الذي يجفف فيه التمر. (75) أي: هذا المحمول الذي نحمله أطيب من محمول الناس الذي يحملونه من خيبر من التمر والزبيب. 739 - وصله المصنف في حديث لابن عباس يأتي في "ج 3/ 65 - التفسير/ 9 - السورة /8 - باب".

6/ 216]، قالتْ: فخَرَجْتُ وأنا مُتِمٌّ (76)، فأتَيْتُ المدينةَ، فنَزَلْتُ بِ (قُبَاءٍ)، فوَلَدْتُه بِ (قُبَاءٍ)، ثم أتَيْتُ بهِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فوَضَعْتُهُ في حَجْرِهِ، ثم دَعا بتَمْرةٍ فمَضَغَها، ثمَّ تَفَلَ في فيهِ، فكانَ أوَّلَ شيءٍ دَخَلَ جوفَهُ رِيقُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم حَنَّكَهُ بِتَمْرةٍ (وفي روايةٍ: فأخذَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - تمرةً فَلَاكَها، ثم أَدْخَلها في فيهِ)، ثمَّ دَعا لهُ وبرَّكَ عليهِ، وكانَ أولَ مولودٍ وُلِدَ في الِإسلامِ، [فَفَرِحُوا بهِ فرحاً شديداً؛ لأنَّهُم قيل لهم: إنَّ اليهودَ قدْ سَحَرَتْكُم، فلا يولَدُ لكُم". 1662 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنهُ قالَ: أقبلَ نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينةِ وهو مُرْدِفٌ أبا بكرٍ، وأبو بكرٍ شيخ (77) يُعْرَفُ، ونبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شاب لا يُعْرَفُ، قالَ: فَيَلْقى الرجلُ أبا بكرٍ، فيقولُ: يا أبا بكرٍ! مَن هذا الرجلُ الذي بينَ يديْكَ؟ فيقولُ: هذا الرجلُ يَهْدِيْني السَّبيلَ. قالَ: فيَحْسِبُ الحاسِبُ أنَّهُ إنَّما يعني الطريقَ، وإنَّما يعني: سبيلَ الخيرِ، فالْتَفَتَ أبو بكرٍ فإذا هو بفارِسٍ قدْ لَحِقَهُم، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! هذا فارسٌ قدْ لَحِقَ بنا، فالْتَفَتَ نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "اللهُمَّ! اصْرَعْهُ"، فصَرَعَهُ الفرسُ، ثمَّ قامَتْ تُحَمْحِمُ (78)، فقالَ: يا نبيَّ اللهِ! مُرني بمَ شئت. فقالَ: "فقِفْ مكانَكَ؛ لا تَتْرُكَنَّ أحداً يَلْحَقُ بنا"، قالَ: فكانَ أوَّلَ النهارِ جاهداً على نبيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وكانَ آخر النهارِ مَسْلحَةً لهُ.

_ (76) أي: قد أتممت مدة الحمل الغالبة، وهي تسعة أشهر. (77) قد أسرع إليه الشيب في لحيته الكريمة. (يعرف)؛ لتردده إليهم للتجارة. (شاب): ليس في لحيته الشريفة شيب، وكان أسنَّ من الصديق. (لايعرف)؛ لعدم تردده إليهم. (78) و (الحمحمة): صوت الفرص عند الشعير.

فنزلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جانبَ الحرَّةِ، ثمَّ بعَثَ إلى الأنصارِ، فجاؤُوا إلى نبيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ فسلَّمُوا عليهِما، وقالوا: اركَبا آمِنَيْنِ مُطاعَيْنِ. فركِبَ نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر، وحَفُّوا دونَهما بالسِّلاحِ (79)، فقيلَ في المدينةِ: جاءَ نبي اللهِ، جاءَ نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. فأشْرَفُوا ينظُرُونَ، ويقولونَ: جاءَ نبيُّ اللهِ، فأقبلَ يسيرُ حتَّى نزَلَ جانبَ دار أبي أيوبَ. فإنَّهُ ليُحَدِّثُ أهلَهُ؛ إذ سمِعَ بهِ عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ، وهو في نخلٍ لأهلِهِ يَخْتَرِفُ لهُم (80)، فعَجِلَ أنْ يَضَعَ الذي يَخْتَرِفُ لهُم فيها، فجاءَ وهيَ معهُ، فسَمعَ مِن نبيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم رجَعَ إلى أهلِهِ. فقالَ نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أيُّ بيوتِ أهلِنا أقْرَبُ؟ "، فقالَ أبو أيوبَ: أنا يا نبيَّ اللهِ! هذهِ داري وهذا بابي. قالَ: "فانْطَلِقْ، فَهْيَ (*) لنا مَقِيْلاً"، قالَ: قُوما على بركَةِ اللهِ تعالى. فلمَّا جاءَ نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ جاءَ عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ [يسأَلُهُ عنْ أشياءَ؟ فقالَ: إنِّي سائِلُكَ عن ثلاثٍ لا يعْلَمُهُنَّ إلا نبيُّ: ما أَوَّلُ أشراطِ الساعَةِ؟ وما أَوَّلُ طعامٍ يأكُلُهُ أهلُ الجنَّةِ؛ وما بالُ الولَدِ يَنْزِعُ إلى أبيهِ أوْ إلى أمِّهِ؟ (وفي روايةٍ: ومن أىِّ شيءٍ يَنْزِعُ

_ (79) أي: أحدقوهما. (80) أي: يجتني لهم. (*) قوله: "فَهْيَ لنا": بسكون الهاء، والذي في (اليونينية): بفتحها وتشديد التحتية بحدها همزة ساكنة. (شارح).

إلى أخوالِهِ؟ 4/ 102). قالَ: "أخْبَرَني بهِ جبريلُ آنفاً"، قالَ ابنُ سلامٍ: [نعمْ]؛ ذاكَ عدُوُّ اليهودِ مِن الملائكةِ، أفقرأ هذهِ الأيةَ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} 5/ 148]؛ قال: "أمَّا أوَّلُ أشْراطِ الساعةِ؛ فنارٌ تَحْشُرُهُم (وفي روايةٍ: الناسَ) من المشرقِ إلى المَغْرِبِ، وأما أوَّلُ طعامٍ يأْكُلُهُ أهلُ الجنةِ؛ فَزِيَادَةُ كَبِدِ الحُوتِ، وأمَّا [الشَّبَهُ في] الولدِ؛ فإذا سبَقَ ماءُ الرجلِ ماءَ المرأةِ؛ نَزعَ الولدَ، وإذا سَبَقَ ماءُ المرأةِ ماءَ الرجُلِ؛ نَزَعَتِ الوَلَدَ (وفي روايةٍ: فإنَّ الرجلَ إذا غَشِيَ المرأةَ، فسَبَقَها ماؤُهُ؛ كانَ الشَّبَهُ لهُ، وإذا سَبَقَ ماؤُها؛ كانَ الشَّبَهُ لها) 4/ 268]، فقالَ: أشهَدُ [أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأشْهَدُ، أنك رسولُ اللهِ، وأنكَ جئت بحَق، [ثُمَّ قالَ: يا رسولَ اللهِ! إنَّ اليهودَ قومٌ بُهْتٌ، إنْ عَلِمُوا بإسْلامي قبلَ أنْ تَسْألَهُم؛ بَهَتُوني عندكَ 4/ 103]، وقدْ عَلِمَتْ يهودُ أنِّي سيِّدُهم وابنُ سيِّدِهم، وأَعْلَمُهُم وابنُ أعْلَمِهم، فادْعُهم، فاسْألهُم عنِّي قبلَ أنْ يَعْلَمُوا أنِّي قدْ أسْلَمْتُ، فإنَّهُم إنْ يَعْلَمُوا أنِّي قدْ أسْلَمْتُ؛ قالوا فِيَّ ما ليسَ فِيَّ. فأرْسَلَ نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، [ودخَلَ عبدُ اللهِ البيتَ]، فأَقْبَلُوا فدَخَلوا عليهِ، فقالَ لهُم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يا معشَرَ اليهودِ! ويْلَكُمُ اتقوا اللهَ، فواللهِ الذي لا إلهَ إلا هو؛ إنكُم لَتَعْلَمونَ أنِّي رسولُ اللهِ حقًّا، وأنِّي جِئْتُكُم بحقِّ، فأَسْلِموا". قالوا: ما نَعْلَمُهُ. قالوا للنِّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالها ثلاثَ مِرارٍ. قالَ: "فأيُّ رجُلٍ فيكُم عبدُ اللهِ بنُ سَلَامٍ؟ ". قالوا: ذاكَ سيِّدُنا وابنُ سيِّدِنا،

وأعْلَمُنا وابنُ أعْلَمِنا، [وأخْيَرُنا وابنُ أخْيَرِنا، وأفضَلُنا وابنُ أفْضَلِنا]. قالَ: "أَفرَأَيْتُم إنْ أسْلَمَ؟ ". قالوا: حاشى للهِ؛ ما كانَ لِيُسْلِمَ. قالَ: "أفَرَأَيْتُم إنْ أسْلَم؟ ". قالوا: حاشى للهِ؛ ما كانَ لِيُسْلِمَ. قالَ: "أفَرَأَيْتُم إنْ أسْلَمَ؟ ". قالوا: حاشى للهِ؛ ما كانَ لِيُسْلِمَ (وفي روايةٍ: أعاذهُ اللهُ مِن ذلك. في الموضعينِ). قالَ: "يا ابنَ سَلَامٍ! اخْرُجْ عليهِم"، فخَرَجَ [عبدُ اللهِ إليهِم، فقالَ: أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهَدُ أنَّ محمداً رسولُ اللهِ. فقالوا: شَرُّنا وابنُ شرِّنا، ووَقَعُوا فيهِ!]، فقالَ: يا معشرَ اليهودِ! اتَقُوا اللهَ، فواللهِ الذي لا إلهَ إلا هو؛ إنَّكُم لَتَعْلَمونَ أنَّهُ رسولُ اللهِ، وأنَّه جاءَ بحَقٍّ. فقالوا لهُ: كَذَبْتَ (وفي الروايةِ الأُخرى: قالوا: شَرُّنا وابنُ شرِّنا، وانْتَقَصُوهُ. قالَ: فهذا الذي كنتُ أخافُ يا رسولَ اللهِ!)، فأخْرَجَهُم رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. 1663 - عنِ ابنِ عُمرَ عن عمرَ بنِ الخطَابِ رضي اللهُ عنه قالَ: كَانَ فَرَضَ لِلْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ فِى أَرْبَعَةٍ، وَفَرَضَ لاِبْنِ عُمَرَ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَخَمْسَمِائَةٍ فَقِيلَ لَهُ: هُوَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، فَلِمَ نَقَصْتَهُ مِنْ أَرْبَعَةِ آلاَفٍ؟ قَالَ: إِنَّمَا هَاجَرَ بِهِ أَبَوَاهُ. يَقُولُ لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ. 1664 و 1665 - عن أبي بُردةَ بنِ أبي موسى الأشعريِّ قال: قالَ لي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: هَلْ تَدْرِى مَا قَالَ أَبِى لأَبِيكَ؟ قَالَ قُلْتُ: لَا. قَالَ: فَإِنَّ أَبِى قَالَ لأَبِيكَ: يَا أَبَا مُوسَى، هَلْ يَسُرُّكَ إِسْلاَمُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهِجْرَتُنَا مَعَهُ، وَجِهَادُنَا مَعَهُ، وَعَمَلُنَا كُلُّهُ مَعَهُ، بَرَدَ لَنَا (81)، وَأَنَّ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدَهُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا؛ رَأْسًا

_ (81) أي: ثبت لنا سالمًا.

بِرَأْسٍ؟ فَقَالَ أَبِي: لاَ وَاللَّهِ؛ قَدْ جَاهَدْنَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَصَلَّيْنَا، وَصُمْنَا، وَعَمِلْنَا خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَسْلَمَ عَلَى أَيْدِينَا بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَإِنَّا لَنَرْجُو ذَلِكَ. فَقَالَ أَبِي: لَكِنِّى أَنَا -وَالَّذِى نَفْسُ عُمَرَ بِيَدِهِ- لَوَدِدْتُ أَنَّ ذَلِكَ بَرَدَ لَنَا، وَأَنَّ كُلَّ شَىْءٍ عَمِلْنَاهُ بَعْدُ نَجَوْنَا مِنْهُ كَفَافًا؛ رَأْسًا بِرَأْسٍ. فَقُلْتُ: إِنَّ أَبَاكَ -وَاللَّهِ- خَيْرٌ مِنْ أَبِي. 1666 - عن أبي عثمانَ النَّهْدْىِّ قالَ: سمِعْتُ ابنَ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما إِذَا قِيلَ لَهُ: هَاجَرَ قَبْلَ أَبِيهِ؛ يَغْضَبُ (82). قَالَ: وَقَدِمْتُ أَنَا وَعُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَجَدْنَاهُ قَائِلاً، فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ، فَأَرْسَلَنِى عُمَرُ، وَقَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ هَلِ اسْتَيْقَظَ؟ فَأَتَيْتُهُ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَبَايَعْتُهُ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ إِلَى عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ، فَانْطَلَقْنَا إِلَيْهِ نُهَرْوِلُ هَرْوَلَةً، حَتَّى دَخَلَ عَلَيْهِ فَبَايَعَهُ ثُمَّ بَايَعْتُهُ. 1667 - عَنْ أَنَسٍ خَادِمِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَلَيْسَ فِى أَصْحَابِهِ أَشْمَطُ (83) غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ (572 - وفى روايةٍ معلقةٍ: فكان أسنَّ أصحابة أبو بكرٍ)، فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. [حتى قَنَأ لَوْنُها]. 1668 - عن عائشةَ أنَّ أبا بكرٍ رضىِ اللهُ عنه تزوَّجَ امرأةً مِن كَلْبٍ يُقالُ لها:

_ (82) يعني؛ أنه لم يهاجر إلا صحبة أبيه كما تقدم. (83) هو من خالط شعره الأسود بياض. وقوله: "فغلفها" بتشديد اللام وتخفيفها، والمعنى: فلطخ لحيته وسترها بالحناء والكتم؛ كما في (الشارح). وقوله: "قنأ":أي: اشتدت حمرتها. 572 - هذه الرواية وصلها الإسماعيلي. قلت: وإسناده صحيح، وقد ساقه في "التغليق" (4/ 97).

46 - باب مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة

أُمُّ بَكْرٍ، فَلَمَّا هَاجَرَ أَبُو بَكْرٍ طَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا ابْنُ عَمِّهَا هَذَا الشَّاعِرُ الَّذِى قَالَ هَذِهِ الْقَصِيدَةَ، رَثَى كُفَّارَ قُرَيْشٍ: وماذا بالقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنَ الشِّيْزَى (84) تُزَيَّنُ بالسَّنامِ وماذا بالقَليبِ قَليبِ بَدْرٍ ... مِن القَيْناتِ (85) والشَّرْبِ الكِرامِ تُحيِّى بالسَّلامَةِ أُمُّ بَكْرٍ ... وهَلْ لي بَعْدَ قَوْمي مِن سَلامِ يُحَدِّثُنا الرسَّولُ بأنْ سَنَحْيا ... وكَيْفَ حياةُ أصْداءٍ وهَامِ 46 - بابُ مَقْدَمِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصْحابِهِ المدينةَ 1669 - عن البراءِ بنِ عازبٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ (86) عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وكانا يُقْرِئانِ الناسَ، فقَدِمَ بلالٌ، وسعدٌ، وعمِّارُ ابنُ ياسر، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِى عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَدِمَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَىْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، حَتَّى جَعَلَ الإِمَاءُ يَقُلْنَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ (وفى روايةٍ: تعلَّمْتُ 6/ 101) {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} فِى سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ. 47 - بابُ إقَامَةِ المهاجِرِ بمكَّةَ بعدَ قضاءِ نُسُكِهِ

_ (84) أي: من أصحاب الجفان والقصاع للطعام المعمولة من شجر يسمى شيزى، (المزينة) -تلك الجفان-: بلحوم السنام. و (القليب): البئر التي لم تطو. (85) وقوله: "من القينات"؛ أي: من أصحاب المغنيات. و"الشرب الكرام"؛ أي: الندامى الذين يجتمعون للشرب. و"الصدى": الذي هو واحد الأصداء، طير تنقب إليه روح الِإنسان عند موته على زعمهم في الجاهلية، وكذا الهامة. (86) زاد الحاكم (2/ 626): "المدينة من المهاجرين".

48 - باب من أين أرخوا إلى التاريخ؟

1670 - عن الزُهْرِيِّ قالَ: سمِعْتُ عُمرَ بنَ عبدِ العزيزِ يَسْأَلُ السَّائِبَ بْنَ أُخْتِ النَّمِرِ: مَا سَمِعْتَ فِى سُكْنَى مَكَّةَ؟ قَالَ سَمِعْتُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «ثَلاَثٌ (87) لِلْمُهَاجِرِ بَعْدَ الصَّدَرِ». 48 - بابٌ مِن أَيْنَ أرَّخُوا إلى التَّاريْخَ؟ 1671 - عن سهْلِ بنِ سعدٍ قالَ: ما عَدُّوا مِن مَبْعَثِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - ولا مِن وفاتِهِ، ما عَدُّوا إِلا مِن مَقْدَمِهِ المدينَةَ. 49 - بابُ قولِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُم! أمْضِ لأصْحابي هِجْرَتَهُم"، ومَرْثيَتِهِ لمَن ماتَ بمَكَّةَ (قلت: أسند فيه حديث سعد بن أبي وقاص المتقدم "ج 1/ 23 - الجنائز/ 36 - باب/ رقم الحديث 625). 50 - بابٌ كيفَ آخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينَ أصْحابِهِ؟ 573 - وقالَ عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ: آخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيني وبينَ سعد بنِ الرَّبيعِ لمَّا قدِمْنا المدينَةَ. 574 - وقالَ أبو جُحَيْفَةَ: آخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينَ سلمانَ وأَبي الدَّرداءِ. 52 - بابُ لإتيانِ اليهودِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ قَدِمَ المدينةَ

_ (87) أي: ثلاث ليال بعد طواف الصدر. 573 - هو طرف من حديث تقدم موصولاً في أوائل "البيوع" (1241). 574 - هو طرف من حديث تقدم أيضاً برقم (1200).

53 - باب إسلام سلمان الفارسى رضي الله عنه

{هادُوا}: صارُوا يَهودَ، وأما قولُهُ: {هُدْنا}: تُبْنا، (هائِدٌ): تائبٌ. 1672 - عن أبي هُريرةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لو آمَنَ بي عَشَرَةٌ مِن اليهودِ؛ لآمَنَ بي اليهودُ". 53 - بابُ إسلامِ سلمانَ الفارسىِّ رضيَ اللهُ عنه 1673 - عن سلمانَ الفارسيِّ أَنَّه تداوَلَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِن ربٍّ إلى ربٍّ (88). 1674 - عن سلمانَ رضي اللهُ عنه يقولُ: أنا مِنْ (رامَ هُرْمُزَ) (89). 1675 - عن سلمانَ قالَ: فَتْرَةٌ بَيْنَ عيسى ومحمدٍ صلى اللهُ عليهما وَسلَّمَ ستُّمِائةِ سنةٍ. انتهى المجلد الثاني بفضل الله تعالى وحسن توفيقه من "مختصر صحيح البخاري". ويليه إن شاء الله تعالى المجلد الثالث، وأوله: "64 - كتاب المغازي".

_ (88) أي: تداولته الأيدي من مالك إلى مالك، وكان حرًّا، فظلموه، وباعوه، وذلك لمَّا هرب من أبيه لطلب الحق، والقصة معروفة. (89) مدينة معروفة بأرض فارس، بقرب عراق العرب.

مُختَصَر صَحِيحُ الإِمَامِ البُخَارِي حَوى جَميع أحاديثه المرفوعة، وَالآثَار الموقوفَة؛ الموصولة منها والمعلّقة، مَع حَذف الأسانيد والمكرّرات من المتون، وجَمع إليها الزوائد من الرويات المحذوفة، ووُضعت كل زيادة منها في مكانها المناسِب لها من الأحاديث، بطريقة علمية لا مثيلَ لها فيما أعلم؛ جمعت كل فوائِد "الصحيح" بإذن الله تعالي للعلَّامَة المحَدِّث محمَّد نَاصر الدِّين الأَلبَاني رحمهُ اللهُ تَعَالى الطّبعَة الشَّرعيَّة الوَحيدَة المجَلّد الثَاني مكتَبة المَعارف للنَّشر وَالتوزيعْ لِصَاحبَها سَعد بن عَبْد الرحمن الراشِد الريَاض

جميع الحقوق محفوظة للناشر، فلا يجوز نشر أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه أو تجيله بأية وسيلة، أو تصويره. أو ترجمته دون موافقة خطية مُسبقة من الناشر. الطَّبعَة الأولى للطبعَة الشرعيَّة الجَديدَة 1422هـ - 2002 م (ح) مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1422 هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر الألباني، محمد ناصر الدين مختصر صحيح الإمام البخاري.- الرياض. 739 ص، 17،5 × 24 سم ردمك 3 - 24 - 858 - 9960 (مجموعة) X-26 - 858 - 9960 (ج2) 1 - الحديث الصحيح أ- العنوان ديوي 235.1 2109/ 21 رقم الإيداع: 2109/ 21 ردمك 3 - 24 - 858 - 9960 (مجموعة) X- 26 - 858 - 9960 (ج2) مَكتَبة المعَارف للنّشر وَالتوزيع هَاتف: 4114535 - 4113350 فاكس: 4112932 - ص. ب: 3218 الريَاض الرمز البريدى 11471

بِسم الله الرَّحمَن الرَّحيمِ المقَدمة إن الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} أما بعد. فإن خير الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثة بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وكلَّ ضلالة في النار. هذا هو المجلد الثالث من كتابي "مختصر صحيح البخاري"، يأتي اليوم لاحقاً

لسابقَيْه؛ المجلد الأول والثاني، بعد مرور خمس سنوات تقريباً على صدور الثاني منهما، ولقد كنا نأمل أن يَتْبَعه سريعاً، ورغم حرصنا على ذلك، فقد حالت دون ذلك ظروفٌ وأسباب، ما نملك بعدها إلا أن نقول: {لكلِّ أجلٍ كتاب}، {وكل شيء عنده بمقدار}، {وما تشاؤون إلا أن يشاءَ الله}. وأودّ أن أذكرَ هنا أن هذا المجلد يقابلُه الجزءان الخامسُ والسادسُ من أصله "صحيح البخاري" -طبعة استانبول، وهو يضم أحدَ عشرَ كتاباً فقهياً من كتبه الهامة، يبدأ بـ (كتاب المغازي)، وينتهي ب (كتاب الأشربة). ويلاحظ القارئ الكريم في هذا المجلد قلةَ عددِ الكتبِ الفقهية فيه، إذا ما قورنت بما جاء منها في المجلد الأول والمجلد الثاني، حيث كان عددُها في الأول ثلاثةً وثلاثين كتاباً، وفي الثاني ثلاثينَ كتاباً، بينما عددها في هذا المجلد كما أسلفنا أحدَ عشرَ كتاباً، وذلك بسبب اتساع مادتها، فقد استوعب كتابان منها فقط ثلثي المجلد وهما (كتاب المغازي) و (كتاب تفسير القرآن)، فشمل الأولُ ربعَ المجلد تقريباً، والثاني نصفه إلا قليلاً. هذا، وقد يتميز هذا المجلد بكثرة الآثار المعلقة فيه، حيث بلغ عددها (534) أثراً، مقابل (330) في المجلد الثاني، و (408) في المجلد الأول، وغالب تلك الآثار في (كتاب التفسير)، يسوقها لتفسير بعض الآيات أو شيء من مفرداتها، وقد يكون فيها ما هو موضع نظر من حيث إسنادها أو متنها، كأثر سعيد بن جبير (754)، وأثر ابن عباس (790) على سبيل المثال. وعددُ الأحاديث المسندة (543) حديثاً، وقد يكون فيها بعض الموقوفات، مثل الأحاديث (1690 و 1699 و1855).

وعدد الأحاديث المعلقة (128) حديثاً، وقد تيسر لي وصلُ أكثرها، ويغلب عليها الصحة والحمد لله. وبمناسبة ذكر (كتاب التفسير)، فنلفت النظر إلى أننا رأينا أن نحصر المفردات الواردة بنص القرآن الكريم بين الهلالين المعروفين {}، بخلاف الألفاظ الأخرى فنجعلها بين هلالين عاديين ()، ولو كان أصله في القرآن الكريم، مثل قوله الآتي في أول سورة البقرة: (صبغةٌ) هكذا جاءت في الكتاب بالضم، وهو يشير إلى قوله تعالى: {صبغةَ الله ومن أحسنُ من الله صبغةً} بالفتح فيها، ونحوها قوله في المكان نفسه: (الوَلاية) بفتح الواو، فإنه ذكرها تفسيراً لقوله تعالى: {يسومونكم}، فيرجى الانتباه لهذا الاصطلاح الدقيق، ويعود الفضل فيه إلى ابنتي أم عبد الله، بارك الله فيها وفي ذريتها. وإن مما ينبغي أن يذكر أن التعليقات، وإن كان أكثرها من "الفتح" وغيره، فبعضها هي من عندي، وفيها فوائد ينبغي اقتناصها، كالتعليق على الحديث (1689)، والحديث (1777) وغيرها مما سيشار إليه في الفهرس إن شاء الله. يحسن هنا أن أذكّر القارئ الكريم أنه لتمام الاستفادة من هذا المختصر لا بد من الرجوع إلى مقدمة المجلد الأول والثاني للاطلاع على منهجي في الاختصار والتعليق، ليكون على بينة أثناء بحثه وتقصّيه لحاجته منه؛ كيما يتيسر له الوصول إلى بغيته. وفي الختام لا بُد لي أن أشكر كلَّ من ساعدني في تدقيق وتصحيح ومراجعة تجارب هذا المجلد، وبخاصة ابنتي أُنَيْسة (أم عبد الله) جزاهم الله خيراً.

ولاحقاً لمَّا كنت ذكرته في مقدمة المجلد الثاني فقد قامت المكتبة الإسلامية في عمّان بالإشراف على صف هذا الكتاب، ومتابعة تصحيح تجاربه وإخراجه بهذه الصورة، فجزى الله صاحبها والعاملين فيها كلَّ خير. وأخيراً ... أسأل الله العلي القدير أن يزيد المسلمين انتفاعاً بهذا الكتاب العظيم، ومختصره المفيد، وأن ييسر اكتمالَه بصدور مجلده الرابع والأخير، حتى تقرَّ العين، وتطمئن النفس؛ أنْ قد ثبّتْنا -بفضل الله ومنّه- مَعْلَماً هاماً على درب هدي الإسلام وتيسير سُبله للمسلمين، مردِفين فيه ومتممين لمَّا سلكه الإمام البخاري رحمه الله، وأثابه عنا وعن المسلمين أجزل الثواب، وأن يبارك لنا في أوقاتنا لإتمام ما ييسره الله لنا من مشروعنا القديم "تقريب السنة بين يدي الأمة"، إنه سميع مجيب، وعلى كلَّ شيء قدير. وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. عمان 7 محرم 1416 محمد ناصر الدين الألباني

64 - كتاب المغازي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم 64 - كِتابُ المَغازي 1 - بابُ غَزوةِ العُشَيْرَةِ أوِ العُسَيْرَةِ 575 - وقال ابنُ إسحاقَ: أولُ ما غَزَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (الأبواءَ)، ثُم (بُوَاطَةَ)، ثم (العُشَيْرَةَ). 1676 - عن أبي إسحاقَ: كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقِيلَ لَهُ (وفي روايةٍ: سألتُ زيدَ بنَ أرقم 5/ 126): كَمْ غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةٍ؟ قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ. قِيلَ: كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ؟ قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ. قُلْتُ: فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ؟ قَالَ: الْعُسَيْرَةُ أَوِ الْعُشَيْرُ. فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ، فَقَالَ: الْعُشَيْرُ، [وأنه حَجَّ بعدما هاجرَ حَجَّةً واحدةً -لم يَحُجَّ بعدَها-: حَجَّةَ الوداعِ. قال أبو إسحاقَ: وبمكةَ أخرى] (1). 2 - بابُ ذِكْرِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ يُقْتَل ببَدْرٍ 1677 - عن عمرو بنِ ميمونٍ أنَّه سمعَ عبدَ اللهِ بنَ مسعود رضي اللهُ عنه حدَّث عن سعدِ بنِ معاذٍ أنه قال: كانَ صديقاً لأمَيَّةَ بنِ خَلَفٍ [بنِ أبي صفوانَ]، وكانَ أُميةُ إذا [انطلقَ إلى الشامِ، ف 4/ 184] مرَّ بالمدينةِ؛ نزلَ على سعدٍ، فكانَ

_ 575 - ذكره في كتابه "المغازي". (1) قول أبي إسحاق هذا لا مفهوم له، فقد حج قبل هجرته عدة حجج، بل قال الحافظ: "لا أرْتاب أنه ترك الحج وهو بمكة قط".

سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ؛ نَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ؛ انْطَلَقَ سَعْدٌ مُعْتَمِرًا، فَنَزَلَ عَلَى أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ، فَقَالَ لأُمَيَّةَ انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ. [فقالَ أميةُ لسعدٍ: انْتَظِرْ حتَّى إذا انْتَصَفَ النهارُ , وغَفَلَ الناسُ , انطلَقْت فطفْتَ]. فخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، فَلَقِيَهُمَا أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ! مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَقَالَ: هَذَا سَعْدٌ. فَقَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: أَلاَ أَرَاكَ تَطُوفُ بِمَكَّةَ آمِنًا وَقَدْ آوَيْتُمُ الصُّبَاةَ (2)، وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَنْصُرُونَهُمْ وَتُعِينُونَهُمْ؟! أَمَا وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنَّكَ مَعَ أَبِى صَفْوَانَ؛ مَا رَجَعْتَ إِلَى أَهْلِكَ سَالِمًا. فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ -وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْه- (وفى روايةٍ: فتَلاحَيا بينهما ... ثم قال سعدٌ): أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِى هَذَا (وفي روايةٍ: أنْ أطوف بالبيت) لأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ؛ طَرِيقَكَ عَلَى الْمَدِينَةِ (وفي روايةٍ: مَتْجَرَك بالشامِ). فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ (وفي روايةٍ: فجَعَلَ أميةُ يقولُ لسعدٍ): لاَ تَرْفَعْ صَوْتَكَ يَا سَعْدُ! عَلَى أَبِى الْحَكَمِ سَيِّدِ أَهْلِ الْوَادِى. [وجَعَلَ يمسكه، فغَضبَ سعدٌ]، فَقَالَ: دَعْنَا عَنْكَ يَا أُمَيَّةُ، فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ. [قالَ: إياىَ؟ قالَ: نعم. قالَ: واللهِ ما يكذِبُ محمدٌ إذا حدَّثَ]. قَالَ: بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِى. فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا، فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّةُ إِلَى أَهْلِهِ؛ قَالَ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ! أَلَمْ تَرَىْ مَا قَالَ لِي [أخي اليَثْرِبِىُّ] سَعْدٌ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ قَاتِلِىَّ، فَقُلْتُ لَهُ: بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِى. [قالَتْ: فواللهِ ما يكذبُ محمدٌ]. فَقَالَ أُمَيَّةُ: وَاللَّهِ لاَ أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ؛ اسْتَنْفَرَ أَبُو جَهْلٍ النَّاسَ قَالَ أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ! [قالتْ لهُ

_ (2) كأنه جمع الصابي غير مهموز، كقاض وقضاة؛ كما في "تاج العروس"، وأصله الهمز، يقال: (صبأ) كـ (منع): إذا خرج من دين إلى دين، وكانت العرب تسمي المسلمين الصباة؛ لخروجهم من دين قريش إلى الإِسلام.

3 - باب قصة غزوة بدر، وقول الله تعالى: {ولقد نصركم الله ببدر

امرأتُه: أما ذكرْتَ ما قالَهُ لك أخوكَ اليثِرِبيُّ؟] فَكَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ، فَأَتَاهُ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ! إِنَّكَ مَتَى مَا يَرَاكَ النَّاسُ قَدْ تَخَلَّفْتَ وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِى؛ تَخَلَّفُوا مَعَكَ [فَسِرْ يوماً أو يومينِ]. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أَبُو جَهْلٍ حَتَّى قَالَ: أَمَّا إِذْ غَلَبْتَنِي؛ فَوَاللَّهِ لأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ يَا أُمَّ صَفْوَانَ! جَهِّزِينِي. فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا صَفْوَانَ! وَقَدْ نَسِيتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِىُّ؟ قَالَ: لاَ، مَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلاَّ قَرِيبًا. [فسار معهم يومين]، فَلَمَّا خَرَجَ أُمَيَّةُ؛ أَخَذَ لاَ يَنْزِلُ مَنْزِلاً إِلاَّ عَقَلَ بَعِيرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ حَتَّى قَتَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِبَدْرٍ. 3 - بابُ قصَّةِ غزوةِ بدرٍ، وقولِ اللهِ تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ} 576 - وقالَ وحْشِيٌّ: قتلَ حمزَةُ طُعَيْمَةَ بنَ عديِّ بنِ الخِيارِ (3) يومَ بدرٍ. وقولهِ تعالى: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ}. (الشَّوْكَةُ): الحَدُّ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث كعب الآتي هنا "81 - باب").

_ 576 - وصله المؤلف في قصة قتل حمزة الآتية "24 - باب". (3) كذا وقع فيه: "ابن الخيار"، وهو وهم، وصوابه: "ابن نوفل".

4 - باب قول الله تعالى: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم

4 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * إِذْ يُغَشِّيكُمُ (4) النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ * إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} 1678 - عنِ ابْنَ مَسْعُودٍ قالَ: شَهِدْتُ مِنَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ مَشْهَدًا؛ لأَنْ أَكُونَ صَاحِبَهُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا عُدِلَ بِهِ: أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -[يومَ بدرٍ 5/ 187] وهو يَدْعُو عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ [يا سولَ اللهِ! إنَّا] لاَ نَقُولُ [لك] كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى [لموسى]: {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا [إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ]}، وَلَكِنَّا نُقَاتِلُ عَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ، وَبَيْنَ يَدَيْكَ، وَخَلْفَكَ. فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ؛ يَعْنِى قَوْلَهُ. (وفي روايةٍ: ولكنِ امضِ ونحنُ معكَ. فكأنَهُ سُرِّيَ عن رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -). 5 - بابٌ 1679 - عنِ ابنِ عباسٍ قال: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} عن بدْرٍ، والخارِجونَ إلى بدْرٍ.

_ (4) التلاوة: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ} بالتشديد ونصب النعاس، والضمير لله عزَّ وجلَّ؛ أي: يغطيكموه.

6 - باب عدة أصحاب بدر

6 - بابُ عِدَّةِ أصحابِ بدْرٍ 1680 - عن البراءِ قالَ: اسْتُصْغِرْتُ أنا وابنُ عُمَرَ يومَ بدْرٍ، وكانَ المُهاجِرونَ يومَ بدْرٍ نَيِّفاً على سِتِّينَ (5)، والأنصارُ نَيِّفاً وأربَعينَ ومائتَيْنِ. 1681 - عنِ البَراءِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: حدَّثَني أصحابُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ممَّنْ شَهِدَ بدراً -أنَّهُم كانوا عِدَّةَ أصحابِ طالوتَ الذينَ جَازُوا معَهُ النَّهْرَ؛ بِضْعَةَ عَشَرَ وثلاثَمِائةٍ. قالَ البراءُ: لا واللهِ ما جاوَزَ معهُ النَّهْرَ إلا مؤمِنٌ. 7 - بابُ دعاءُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على كُفَّارِ قريشٍ: شَيْبةَ، وعُتبةَ، والوليدِ، وأبي جهلِ بنِ هشامٍ، وهَلاكِهِم 8 - بابُ قتْلِ أبي جهلٍ 1682 - عن أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ بَدْرٍ: "مَنْ يَنْظُرُ مَا فَعَلَ أَبُو جَهْلٍ؟ ". فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ، فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ، [وبهِ رَمَقٌ] , فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: آنْتَ أَبَا جَهْلٍ؟ -[قالَ سلمانُ: هكذا قالَها أنسٌ؛ قال: آنت أبا جَهْلٍ؟ 5/ 20]- قَالَ: وَهَلْ فَوْقَ (وفى طريقٍ: أَعْمْدُ مِنْ) (6) رَجُلٍ قَتَلَهُ قَوْمُهُ، أَوْ قَالَ: قَتَلْتُمُوهُ (وفى راويةٍ: فلو غَيْرُ أَكَّارٍ (7) قَتَلَني 5/ 20).

_ (5) أي: زائدًا عليه. (6) أي: أشرف، ومن معاني العمود: السيد؛ كما في "القاموس" وغيره. (7) و (الأكَّار): الزَّرَّاع.

1683 - عن قيسِ بنِ عُبَادٍ عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي اللهُ عنه أنَّه قال: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَىِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ: وَفِيهِمْ أُنْزِلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ}؛ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ تَبَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةُ، وَعَلِىٌّ، وعُبَيْدَةَ بْنُ الْحَارِثِ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةُ بْنُ ربيعَةَ، وَالْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ. 1684 - عن قيسٍ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُقْسِمُ قَسَمًا: إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِى رَبِّهِمْ} نَزَلَتْ فِى [هؤلاء الرَّهطِ السَّتةِ] [من قُريشٍ] الَّذِينَ بَرَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: حَمْزَةَ، وَعَلِىٍّ، وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَعُتْبَةَ، وَشَيْبَةَ ابْنَىْ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ. 1685 - عن أبي إسحاقَ: سألَ رجُلٌ البَراءَ -وأنا أسمَعُ- قال: أشَهِدَ عليٌّ بدراً؟ قالَ: وبارَزَ وظاهَرَ. 1686 - عن عُروةَ قالَ: وَقَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِينَ قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ: يَا عُرْوَةُ! هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا فِيهِ؟ قُلْتُ: فَلَّةٌ فُلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ: صَدَقْتَ (بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ)، ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى عُرْوَةَ. قَالَ هِشَامٌ: فَأَقَمْنَاهُ (*) بَيْنَنَا ثَلاَثَةَ آلاَفٍ، وَأَخَذَهُ بَعْضُنَا، وَلَوَدِدْتُ أَنِّى كُنْتُ أَخَذْتُهُ. 1687 - عن هشامٍ عن أبيهِ (عُروةَ) قالَ: كانَ سيفُ الزُّبَيْرِ مُحَلَّى بفِضَّةٍ. قالَ هشامٌ: وكانَ سيفُ عُروةَ مُحَلَّى بفِضةٍ. 1688 - عن عُروةَ أنَّ أصحابَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالوا للزُّبيرِ يومَ [وَقْعَةِ

_ (*) أي: قَوَّمْنَاهُ.

4/ 211] الْيَرْمُوكِ: أَلاَ تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ؟ فَقَالَ: إِنِّى إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ (8)! فَقَالُوا: لاَ نَفْعَلُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ، فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ! ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلاً، فَأَخَذُوا بِلِجَامِهِ، فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ، بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ. قَالَ عُرْوَةُ: كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِى فِى تِلْكَ الضَّرَبَاتِ، أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ. قَالَ عُرْوَةُ: وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهْوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَكَّلَ بِهِ رَجُلاً. 1689 - عن أبي طَلْحَةَ أنَّ نبيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلاً مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِى طَوِىٍّ (9) مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ، خَبِيثٍ مُخْبِثٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ؛ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَى، وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَالُوا: مَا نُرَى يَنْطَلِقُ إِلاَّ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةِ الرَّكِىِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ: «يَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، وَيَا فُلاَنُ بْنَ فُلاَنٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟». قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لاَ أَرْوَاحَ لَهَا (10)؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (8) أي: ألا تحمل على المشركين فنحمل معك عليهم؟ فقال: إني إن فعلتُ ذلك أخلفتُم. (9) (بئر مطوية)؛ أي: مبنية بالحجارة. (خبيث): غير طيب. (مخبث): من أخبث، إذا اتخذ أصحاباً خبثاً، و (أطواء): جمع طويّ، وقياسه: أطوياء. و (الرَّكيّ): البئر قبل أن تُطوى. قالوا: فكأنها كانت مطوية، ثم استهدمت فصارت كالرَّكيّ. (10) قلتُ: زاد أحمد (3/ 287) من طريق أخرى عن أنس بلفظ: "فسمع عمر صوته، فقال: يا رسول الله! أتناديهم بعد ثلاث؟ وهل يسمعون؟ يقول الله عزَّ وجلَّ: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}! فقال: والذي نفسي بيده؛ ما أنتم بأسمع منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا". وإسناده صحيح على شرط مسلم، وقد عزاه الحافظ هنا لأحمد ومسلم معاً، ولم أره عنده بهذا التمام، وإنما أخرجه (8/ 163 - 164) =

«وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ». قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّهُ حَتَّى أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا، وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا. 1690 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما {الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا}؛ قَالَ: هُمْ وَاللَّهِ كُفَّارُ قُرَيْشٍ. قَالَ عَمْرٌو: هُمْ قُرَيْشٌ، وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - نِعْمَةُ اللَّهِ، {وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ}؛ قَالَ: النَّارَ يَوْمَ بَدْرٍ. 1691 - عن عُروةَ قالَ: ذُكِرَ عندَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها أنَّ ابنَ عمرَ رفع إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الميِّتَ يُعَذَّبُ في قبرِهِ بِبُكاءِ أهلِهِ". فقالَتْ: إنَّما قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

_ =باختصار. (فائدة): شاع عند المتأخرين استدلالهم بمناداة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لموتى المشركين في هذه الحادثة على أن الموتى يسمعون، وبعضهم يتَّخِذ ذلك ذريعة ليتوصل إلى إباحة ما يفعله كثير من الجهال من الاستغاثة بالأولياء والصالحين عند الشدائد مِن دونِ الله تعالى، ولست أريد الآن أن أثبت أن هذه الاستغاثة إنما هي الشرك بعينه؛ فإن الأدلة على ذلك من الكتاب والسنة كثيرة معروفة عند من يعرف التوحيد الخالص، ولكني أردتُ إزالة شبهة الاستدلال المذكور من بعض الأذهان المؤمنة، فأقول: من الملاحظ أن عمر نفسه رضي الله عنه قد استدل بنفس الآية التي استدلت السيدة عائشة على أن الموتى لا يسمعون، وهي قوله تعالى: {إنك لا تُسْمعُ المَوْتى}، والذين يذهبون إلى أن الموتى يسمعون -مع أنهم لا دليل عندهم- فإنهم يلزمهم ليس فقط تخطئة عائشة رضي الله عنها؛ بل وتخطئة عمر أيضاً، ومثل هذه التخطئة من أصعب الأمور؛ لأنها تخطئة بدون حجة أولاً؛ ولأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد أقر عمر على استدلاله المذكور ثانياً، وهذا لا يجوز، لا يقال: إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قال لهم: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم"؛ فقد رد عليه؛ لأننا نقول: إنه لم يرد على عمر أصل استدلاله بالآية، أو بالأحرى فهمه للآية، وإنما رد عليه تطبيق هذا الأصل على هذه الجزئية، فكأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول له: فهمك للآية صحيح، ولكن هذه الجزئية لا تشملها الآية؛ لأن الله تعالى أحياهم فأسمعهم؛ كما قال قتادة. ويراجع لهذا مقدمتي لكتاب، "الآيات البينات" للشيخ نعمان الآلوسي بتحقيقي وتخريجي.

9 - باب فضل من شهد بدرا

"إنَّهُ لَيُعَذَّبُ بخطيئَتِهِ وذَنْبِهِ، وإنّ أهْلَهُ لَيَبْكونَ عليهِ الآنَ". 1692 - قالَت: وذاكَ مِثلُ قولهِ (*): إن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قامَ على القَليبِ، وفيهِ قَتْلى بدْرٍ مِن المُشْركينَ، فقالَ لهُم: ["هلْ وَجَدْتُم ما وَعَدَ ربُكُم حقّا؟ ". [فقيلَ لهُ: أتَدعو أمواتاً؟! فقالَ: "ما أنتُم بأسْمَعَ منهُم" 2/ 101]، ثم قالَ:] "إنّهُم [الآنَ] لَيَسْمَعونَ ما أقولُ، [ولكنْ لا يُجِيْبُونَ] "! إنما قالَ: "إنّهُم الآن لَيَعْلَمونَ أنّ ما كُنْتُ أقولُ لهُم [هو الـ] حَقُّ"، ثمَّ قرأت: {إنَّكَ لا تُسْمعُ المَوْتى} [حتى قرأتِ الآيةَ:] {وما أنْتَ بِمُسْمعٍ مَنْ في القَبورِ}، تقولُ: حينَ تَبَوُّؤا مقاعِدَهُم مِنَ النَّارِ. 9 - بابُ فَضْلِ مَن شَهِدَ بدراً 1693 - عنْ أبي عبدِ الرَّحمنِ السُّلَمِيِّ [-وَكَانَ عُثْمَانِيًّا- قَالَ: لـ[حِبَّانَ 8/ 54] ابن عَطِيَّةَ -وَكَانَ عَلَوِيًّا-: إِنِّى لأَعْلَمُ مَا الَّذِى جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ 4/ 38 - 39] بَعَثَنِى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[أنا] , وأبا مَرْثَدٍ (وفى طريقٍ: والمقدادَ)، والزُّبَيْرَ، وكُلُّنا فارسُ؛ قَالَ: «انطَلِقوا حتى تأْتوا رَوْضَةَ خاخٍ (وفى روايةٍ: حاجٍ)، فإنَّ بِهَا امْرَأَةً (وفي الطريق الأخرى: ظَعِيْنَةً) (11) منَ المُشْرِكينَ، معها كِتابٌ من حاطِبِ بن أبي بَلْتَعَةَ إلى المشركينَ, [فخُذوهُ منها"، فانْطَلَقْنا تَعادَى بنا خَيْلُنا 4/ 19]، [قالَ:

_ (*) تعني ابن عمر رضي الله عنهما. (11) الظعينة: المرأة في الهودج. و (تعادى)، أي: تجري، وأصله تتعادى.

7/ 1134] فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، [وكانَ كَتَبَةُ إلى أهلِ مكَّةَ بمسيرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم] , فَقُلْنَا: [أخْرجي] الْكِتَابُ [الذي معكِ]. فَقَالَتْ: مَا مَعَنَا [مِن] كِتَابٍ. فَأَنَخْنَا [بها بعيرَ] ها، فَالْتَمَسْنَا [في رحَلِها]، فَلَمْ نَرَ كِتَابًا، فَقُلْنَا: مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، [والذى يُحْلَفُ بهِ]؛ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ، أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ (وفى الطريق الأُخرى: أو لَنُلْقِيَنَّ الثِّياب)، فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ؛ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا (12) -وَهْىَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ- فَأَخْرَجَتْهُ (وفى الطريق الأُخرى: مِن عِقاصِها) (13)، فَانْطَلَقْنَا بِهَا (وفى روايةٍ بهِ) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (وفى الطريقِ الأخرى: فأَتَيْنا بهِ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -, فإذا فيه: مِن حاطِبِ بنِ أبي بلتَعَةَ إلى إلى أُناسٍ مِن المُشْركينَ مِن أهلِ مكَّةَ؛ يُخْبِرُهُم ببعضِ أمرِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -)، فقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا حَمَلَكَ [يا حاطِبٌ!] عَلَى مَا صَنَعْتَ؟». قَالَ: حَاطِبٌ: وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لاَ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، [وما غيَّرْتُ ولا بدَّلْتُ] , أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِي وَمَالِي، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ (وفي الطريق الأخرى: يا رسولَ اللهِ! لا تَعْجَلْ عليَّ, إنِّي كُنْتُ امْرَأُ مُلْصَقاً (14) في قريشٍ, ولم أكُنْ مِن أنْفُسِها, وكانَ مَن معكَ من المهاجِرينَ لهُم قَراباتٌ بمكَّةَ يَحْمونَ بها أهْلِيهِم وأموالَهُم, فأحْبَبْتُ -إذْ فاتَني ذلكَ مِن النَّسَبِ فيهِم- أنْ أتَّخِذَ

_ (12) أي: معقد إزارها. (13) أي: شعرها المضفور. (14) (الملصق): هو الرجل المقيم في الحي، وليس منهم بنسب.

10 - باب

عندَهُم يداً يَحْمُونَ بها قَرابَتي، وما فَعَلْتُ كُفْراً ولا ارْتِداداً، ولا رِضىً بالكُفْرِ بعد الإسلامِ)، فَقَالَ [رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لقد] صَدَقَ [كُمْ]، وَلاَ تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا». [قَالَ: فعادَ عُمَرُ] , فقال: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَدَعْنِى فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: «أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ؟». فَقَالَ: «[وما يُدريكَ؟] لَعَلَّ اللَّهَ [أنْ يكونَ] اطَّلَعَ على أَهْلِ بَدْرٍ؛ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ؛ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» -[فهذا الذي جَرَّأه]- فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ، وَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، [فأنْزَلَ اللهُ السورَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} إلى قولِهِ: {فقدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} 5/ 89". [قال سفيانُ: وأيُّ إسنادٍ هذا؟] (15). [قالَ أبو عبد اللهِ: (خاخٍ) أصحُّ، و (حاجٍ) تصحيفٌ، وهو موضِعٌ]. 10 - بابٌ 577 - وقالَ كعبُ بنُ مالكٍ: ذَكَروا مُرَارَةَ بنَ الرَّبيعِ العَمْريَّ، وهِلالَ بنَ أميَّةَ الواقِفِيَّ؛ رجلينِ صالِحَيْنِ قد شَهِدا بدراً. 1694 - عن نافعٍ أنَّ ابنَ عُمرَ رضيَ اللهُ عنهُما ذُكِرَ له أنَّ سعيدَ بنَ زيدِ

_ (15) أي: عجباً لجلالة رجاله، وصريح اتصاله، ويعني به الطريق الأخرى، وهي عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي رضي الله عنه. 577 - هذا طرف من حديث كعب الطويل في قصة توبته، ويأتي بتمامه "81 - باب".

11 - باب شهود الملائكة بدرا

ابن عمرِو بنِ نُفَيْلٍ -وكان بدريًّا- مرِضَ في يومِ جُمُعَةٍ، فرَكِبَ إليهِ بعدَ أنْ تعالى النَّهارُ، واقْتَرَبَتِ الجُمُعَةُ، وتَرَكَ الجُمُعَةَ. 578 - عن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِىِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ، فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَنْ مَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ اسْتَفْتَتْهُ؟ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ -وَهْوَ مِنْ بَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَىٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا- فَتُوُفِّىَ عَنْهَا فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهْىَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا؛ تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ -رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَبْدِ الدَّارِ- فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ؛ تُرَجِّينَ النِّكَاحَ؟! فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ. قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ؛ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِى حِينَ أَمْسَيْتُ، وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَأَفْتَانِى بِأَنِّى قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِى، وَأَمَرَنِى بِالتَّزَوُّجِ؛ إِنْ بَدَا لِي. 579 - عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمنِ بنِ ثَوْبانَ مَوْلى بني عامِرِ بنِ لُؤَيٍّ أنَّ محمدَ بنَ إياسِ بنِ البُكَيْرِ -وكانَ أبوُه شهِدَ بدراً- أخْبَرَهُ (16). 11 - بابُ شُهودِ الملائكَةِ بدراً

_ 578 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله قاسم بن أصبغ في "مصنفه"، وفيه عبد الله بن صالح؛ كما ذكر الحافظ، ويمكن عندي اعتباره موصولاً بما قبله، وهو حديث ابن عمر؛ فإنه أسنده بقوله: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث عن يحيى ... إلخ، وقال عقبه: وقال الليث: حدثني ... فذكر إسناده إلى عبد الله ... والله أعلم، وقد وصله المصنف "ج 3/ 68 - الطلاق/ 38 - باب "مختصراً. 579 - هذا معلق أيضاً، وقد وصله المصنف في "التاريخ الكبير"، وفيه ابن صالح أيضاً. (16) كذا الأصل، لم يذكر الخبر؛ لأن موضع الشاهد قد ذكره، وهو قوله: "وكان أبوه شهد بدرًا" والخبر في المطلقة البتة قبل الدخول أنها لا تحل في قول أبي هريرة وغيره من الصحابة. وقد أخرجه الحافظ في "التغليق" (4/ 103 - 104).

12 - باب

1695 - عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِيهِ -وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، [وكان رافعٌ مِن أهلِ العقية, فَكان يقولُ لابنِهِ: ما يَسُرُّني أنِّي شهدْتُ بدراً بالعقبة]- قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ" أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلاَئِكَةِ. 1696 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ يومَ بدرٍ (وفي روايةٍ: أحُدٍ 5/ 29) (17): "هذا جبريلُ آخِذٌ برأسِ فرسِهِ، عليهِ أدَاةُ الحَرْبِ". 12 - بابٌ 1697 - عن أبي سعيدِ بنِ مالكٍ الخُدْرِيِّ رضي اللهُ عنه [أنه كان غائباً، ف 6/ 239] قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا مِنْ لُحُومِ الأَضْحَى، فَقَالَ: [أخِّرُوهُ] , مَا أَنَا بِآكِلِهِ حَتَّى أَسْأَلَ، فَانْطَلَقَ إِلَى أَخِيهِ لأُمِّهِ -وَكَانَ بَدْرِيًّا- قَتَادَة (*) بْنِ النُّعْمَانِ (وفي روايةٍ: أبا قتادة) (18)، فَسَأَلَهُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ نَقْضٌ لِمَا كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْهُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الأَضْحَى بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. 1698 - عن هشامِ بنِ عروةَ عن أبيه قالَ: قالَ الزُّبيرُ: لَقِيتُ يومَ بدرٍ عُبيدةَ ابنَ سعيدِ بنِ العاصِ وهو مُدَجَّجٌ (**) لا يُرى منهُ إلا عيناهُ، وهو يُكَنَّى: أبو ذاتِ

_ (17) قلتُ: وهذه الرواية وهم على البخاري كما حققه الحافظ، والمعروف: "يوم بدر". (*) قوله: "قَتادةَ" بالنصب لفعل محذوف؛ أي: أعني قتادةَ. ويجوز الرفع؛ خبر مبتدإ محذوف؛ أي: هو قتادةُ. والجر بدلاً من "أخيه". (18) كذا في هذه الرواية، وهي وهم، والصواب الأولى؛ كما بينه الحافظ، فراجعه إن شئت في الأضاحي. (**) أي: مغطى بالسلاح.

الْكَرِشِ، فَقَالَ: أَنَا أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ. فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالْعَنَزَةِ، فَطَعَنْتُهُ فِى عَيْنِهِ، فَمَاتَ. قَالَ هِشَامٌ: فَأُخْبِرْتُ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ: لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِى عَلَيْهِ، ثُمَّ تَمَطَّأْتُ، فَكَانَ الْجَهْدَ أَنْ نَزَعْتُهَا، وَقَدِ انْثَنَى طَرَفَاهَا. قَالَ عُرْوَةُ: فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ؛ سَأَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ؛ أَخَذَهَا، ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا، فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ؛ وَقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِىٍّ، فَطَلَبَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ. 1699 - عن ابنِ مَعْقِلٍ (19) أنَّ علياً رضي اللهُ عنه كبَّرَ على سهلِ بنِ حُنَيْفٍ (20)، فقال: إنَّه شهِدَ بدراً. 1700 - عن عبدِ اللهِ بن عمر رضي اللهُ عنهما أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِىِّ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ -قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، قَالَ: سَأَنْظُرُ فِى أَمْرِى، فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ، [ثم لَقِيني 6/ 130]، فَقَالَ: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِى هَذَا. قالَ عمرُ: فلَقِيت أبا بكرٍ [الصديق]، فقلتُ: إنْ شئتَ

_ (19) هو عبد الله بن معقل المزني الكوفي. (20) يعني ست تكبيرات صلاة الجنازة؛ كما جاء مصرحًا به في رواية جمع من الأئمة؛ منهم أحمد في "مسائل أبي داود"، والطحاوي، وله عنده طريق أخرى عن علي، فراجع كتابي "أحكام الجنائز" (ص 113).

أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّى عَلَى عُثْمَان (21)، فَلَبِثْتُ لَيَالِىَ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَىَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَىَّ حَفْصَةَ، فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ [شيئاً]؟ قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِى أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ؛ إِلاَّ أَنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. 1701 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الْبَدْرِىِّ رضى الله عنه -[ولَقِيتُةُ وهو يطوفُ بالبيتِ 6/ 113]-قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الآيَتَانِ (22) مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ؛ مَنْ قَرَأَهُمَا فِى لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ». قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَلَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ وَهْوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُهُ؟ فَحَدَّثَنِيهِ. 1702 - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ -وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ بَنِى عَدِىٍّ، وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ -وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا- وَهُوَ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ رضى الله عنهم. 1703 - عن عبدِ اللهِ بنِ شدَّادِ بنِ الهادِ اللَّيْثِيِّ قالَ: رأيت رِفاعَةَ بنَ رافعٍ الأنصاريَّ، وكانَ شَهِدَ بدراً. 1704 - عنِ المِقدادِ بنِ عمرٍو الكِنْدِيِّ -وكان حليفاً لبني زُهْرَةَ، وكان ممَّن شهد بدراً مع رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قالَ: يا رسولَ اللهِ! أرأيتَ إنْ لَقِيتُ رجلًا مِن

_ (21) أي: فكان غضبي على أبي بكر أشد منه على عثمان. (22) هما قوله تعالى: {آمن الرسول ...} إلى آخر السورة، آخر أولاهما: {وإليكَ المصير}، وأول ثانيتهما: {لا يكلِّف الله ...}.

الْكُفَّارِ, فَاقْتَتَلْنَا، فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَىَّ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعَهَا، ثُمَّ لاَذَ مِنِّى بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ؛ آقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تَقْتُلْهُ». فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَىَّ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تَقْتُلْهُ؛ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ، وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِى قَالَ». 1705 - عن قيسٍ: كانَ عطاءُ البدريِّينَ خمسةَ آلافٍ، خمسةَ آلافٍ، وقالَ عمر: لأفضِّلَنَّهُم على مَن بعدَهم. 580 - عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ: وقَعَتِ الفِتْنَةُ الأولى -يعني: مقتَلَ عثمانَ- فلم تُبْقِ مِن أصحابِ بدرٍ أحداً، ثمَّ وقعَتِ الفتنة الثانيةُ -يعني: الحَرَّةَ- فلم تُبْقِ مِن أصحابِ الحُدَيْبِيَةِ أحداً، ثم وقَعتِ الثالِثَةُ، فلم تَرْتَفعْ وللناسِ طَباخٌ (23). 1706 - عنِ ابنِ شِهابٍ قالَ: هذه مغازي رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -فذكرَ الحديثَ- فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو يُلْقِيْهِم: "هل وجَدْتُم ما وعَدَكُم ربُّكُم حقًّا؟ ". فجميع مَن شَهِدَ بدراً من قريشِ ممَّن ضُرِبَ له بسهمِهِ أحدٌ وثمانونَ رجلاً، وكانَ عُروة بنُ الزُّبيرِ يقول: قالَ الزُّبيرُ: قَسِمَتْ سُهْمانهُم، فكانوا مائةً، واللهُ أَعْلَمُ. 1707 - عنِ الزُّبيرِ قال: ضُرِبَتْ يومَ بدرٍ للمُهاجِرينَ بمائةِ سهمٍ.

_ 580 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله أبو نعم في "المستخرج" بسند صحيح عن سعيد نحوه. (23) أي: قوة.

13 - باب تسمية من سمي من أهل بدر في "الجامع" الذي وضعه أبو عبد الله على حروف المعجم

13 - بابُ تَسْمِيَةِ مَن سُمِّيَ مِن أهلِ بدرٍ في "الجامعِ" الذي وضعَهُ أبو عبدِ اللهِ على حروفِ المُعْجَمِ: 1 - النبيُّ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الهاشميُّ - صلى الله عليه وسلم -. 2 - أبو بكر الصِّدِّيقُ. 3 - ثم عُمَرُ. 4 - ثم عثمانُ. 5 - ثم عليٌّ. 6 - ثم إياسُ بنُ البُكَيْرِ. 7 - بِلالُ بنُ رباحٍ مولى أبي بكرٍ الصديقِ القرشيِّ. 8 - حمزةُ بنُ عبد المطَّلب الهاشِميُّ. 9 - حاطِبُ بنُ أبي بَلْتَعَةَ حليفٌ لقريشٍ. 10 - أبو حُذيفةَ بنُ عتبةَ بنِ ربيعةَ القُرشيُّ. 11 - حارثةُ بنُ الرَّبيعِ الأنصاريُّ؛ قُتِلَ يومَ بدرٍ، وهو حارثةُ بنُ سُراقةَ، كان في النَّظَّارةِ (24). 12 - خُبَيبُ بنُ عديٍّ الأنصاريُّ. 13 - خُنَيْسُ بنُ حُذافَةَ السَّهْمِيُّ. 14 - رِفاعةُ بنُ رافعٍ الأنصاريُّ. 15 - رِفاعةُ بنُ عبدِ المنذرِ. 16 - أبو لُبابةَ الأنصاريُّ.

_ (24) (النظارة): هم الذين لم يخرجوا لقتال.

17 - الزُّبيرُ بنُ العَوَّامِ القرشيُّ. 18 - زيدُ بنُ سهلٍ. 19 - أبو طلحَةَ الأنصارىُّ. 20 - أبو زيدٍ الأنصارىُّ. 21 - سعدُ بنُ مالكٍ الزُّهْرِىُّ. 22 - سعدُ بنُ خَوْلَةَ القرشيُّ. 23 - سعيدُ بنُ زَيْدِ بنِ عَمرِو بنِ نُفَيْلٍ القرشيُّ. 24 - سهلُ بنُ حُنَيْفٍ الأنصارىُّ. 25 - ظُهَيرُ بنُ رافعٍ الأنْصارىُّ (*). 26 - وأخوهُ. 27 - عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ الهُذَليُّ. 28 - عُتبةُ بنُ مسعوِدٍ الهُذَليُّ. 290 - عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ الزُّهْريُّ. 30 - عُبيدةُ بنُ الحارثِ القرشيُّ. 31 - عُبادَةُ بنُ الصامِتِ الأنصاريُّ. 32 - عَمرُو بنُ عوفٍ حليفُ بني عامرِ بنِ لُؤيٍّ. 33 - عُقبةُ بنُ عمرٍو الأنصاريُّ. 34 - عامرُ بنُ ربيعةَ العَنْزِيُّ. 35 - عاصِمُ بنُ ثابتٍ الأنصاريُّ.

_ (*) تقدم ذكره في "41 - المزارعة/ 18 - باب"، وأنه عم رافع بن خديج، وأنه شهد بدراً هو وأخوه، ولم يسمه البخاري، واسمه (مُظهر).

14 - باب حديث بني النضير، ومخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم في دية الرجلين، وما أرادوا من الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم

36 - عُويمُ بنُ ساعِدَةَ الأنصاريُّ. 37 - عِتبان بنُ مالكٍ الأنصاريُّ. 38 - قُدامةُ بنُ مَظْعونٍ. 39 - قتادَةُ بنُ النُّعمانِ الأنصاريُّ. 40 - مُعاذُ بنُ عمرِو بنِ الجَمُوحِ. 41 - مُعَوِّذُ ابنُ عَفْراءَ. 42 - وأخوهُ. 43 - مالِكُ بنُ رَبيعَةَ أبو أُسَيْدٍ الأنصاريُّ. 44 - مُرَارةُ بنُ الرَّبيعَ الأنصاريُّ. 45 - مَعْنُ بنُ عَدِيِّ الأنصاريُّ. 46 - مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المطلِبِ بنِ عبدِ منافٍ. 47 - مِقْدادُ بنُ عمرٍو الكِنْدِيُّ حَليفُ بني زُهْرَةَ. 48 - هِلالُ بنُ أميَّةَ الأنصاريُّ. رضي اللهُ عنهم. 14 - بابُ حديثِ بني النَّضيرِ، ومَخْرَجِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إليهم في دِيَةِ الرجُلينِ، وما أرادُوا مِنَ الغَدْرِ برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم 581 - قالَ الزهْريُّ: عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ: كانَتْ على رأْسِ ستَّةِ أشهُرٍ مِن وقعةِ بدرٍ قبلَ أُحُدٍ، وقولِ اللهِ تعالى: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا}

_ 581 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه مرسلًا.

582 - وجعلَهُ ابنُ إسحاقَ بعد بئرِ مَعُونَةَ وأحُدٍ. 1708 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: حَارَبَتِ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ، فَأَجْلَى بَنِى النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلاَدَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ إِلاَّ بَعْضَهُمْ؛ لَحِقُوا بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ: بَنِى قَيْنُقَاعَ -وَهُمْ رَهْطُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ- وَيَهُودَ بَنِى حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ. 1709 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ [وقطعَ , وهى (البُوَيْرَةُ) (25) فنزلَ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ [وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ 6/ 58]}؛ قَالَ: وَلَهَا يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ: وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِى لُؤَىٍّ ... حَرِيقٌ بِـ (الْبُوَيْرَةِ) مُسْتَطِيرُ قَالَ: فَأَجَابَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ (26): أَدَامَ اللَّهُ ذَلِكَ مِنْ صَنِيعٍ ... وَحَرَّقَ فِى نَوَاحِيهَا السَّعِيرُ سَتَعْلَمُ أَيُّنَا مِنْهَا بِنُزْهٍ ... وَتَعْلَمُ أَيَّ أَرْضَيْنَا تَضِيرُ 1710 - قالَ (الزُّهْريُّ): فحدَّثْت هذا الحديثَ (27) عُروةَ بنَ الزُّبيرِ، فقالَ:

_ 582 - كذا هو في "المغازي" لابن إسحاق مجزوماً به. (25) موضع نخل بني النضير بقرب المدينة المنورة. (26) أي: داعياً على المسلمين، فإنه إذ ذاك لم يكن مسلماً. (بنزه): ببعد. وروي: "أرضينا" بالتثنية: مراده بهما مكة والمدينة المشرفتان. (تضير): تتضرر. (27) يعني: الحديث المتقدم "57 - الخمس/ 1 - باب/ رقم الحديث 1346" عن ابن شهاب الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان.

15 - باب قتل كعب بن الأشرف

صَدَقَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ؛ أَنَا سَمِعْتُ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَقُولُ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عُثْمَانَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ؛ يَسْأَلْنَهُ ثُمُنَهُنَّ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكُنْتُ أَنَا أَرُدُّهُنَّ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: أَلاَ تَتَّقِينَ اللَّهَ؟ أَلَمْ تَعْلَمْنَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ: «لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ -يُرِيدُ بِذَلِكَ: نَفْسَهُ- إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - في هَذَا الْمَالِ» (28)؟ فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ. قَالَ: فَكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِىٍّ، مَنَعَهَا عَلِىٌّ عَبَّاسًا، فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ، ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِىٍّ، ثُمَّ بِيَدِ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ؛ كِلاَهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلاَنِهَا، ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، وَهْىَ صَدَقَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا. 15 - بابُ قتلِ كَعْبِ بنِ الَأشْرَفِ 1711 - عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما - يَقُولُ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ آذَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ [- صلى الله عليه وسلم -؟» 3/ 115] "، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَأْذَنْ لِي أَنْ أَقُولَ شَيْئًا. قَالَ: «قُلْ». فَأَتَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ -[يعني: النبيَّ - صلى الله عليه وسلم 4/ 24]- قدْ سَأَلَنَا صَدَقَةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَنَّانَا (29)، وَإِنِّى قَدْ أَتَيْتُكَ أَسْتَسْلِفُكَ. قَالَ: وَأَيْضًا وَاللَّهِ لَتَمَلُّنَّهُ. قَالَ: إِنَّا قَدِ اتَّبَعْنَاهُ، فَلَا نُحِبُّ أَنْ نَدَعَهُ حَتَّى نَنْظُرَ إِلَى أَىِّ شَيءٍ يَصِيرُ شَأْنُهُ، وَقَدْ أَرَدْنَا أَنْ تُسْلِفَنَا وَسْقَّا أَوْ وَسْقَيْنِ. فَقَالَ: نَعَمِ؛ ارْهَنُونِى. قَالُوا أَىَّ شَيءٍ تُرِيدُ؟ قَالَ: ارْهَنُونِي نِسَاءَكُمْ. قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ نِسَاءَنَا وَأَنْتَ أَجْمَلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: فارْهَنُونِي أَبْنَاءَكُمْ. قَالُوا: كَيْفَ نَرْهَنُكَ أَبْنَاءَنَا فَيُسَبُّ

_ (28) أي: يُعْطَوْن منه ما يكفيهم في جملة من يأكل منه؛ لا على وجه الميراث لهم بخصوصهم. (29) أي: أوقعنا في العناء والمشقة.

أَحَدُهُمْ، فَيُقَالُ: رُهِنَ بِوَسْقٍ أَوْ وَسْقَيْنِ! هَذَا عَارٌ عَلَيْنَا، وَلَكِنَّا نَرْهَنُكَ اللأْمَة (30) -قَالَ سُفْيَانُ يَعْنِي: السِّلاَحَ- فَوَاعَدَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ، فَجَاءَهُ لَيْلًا وَمَعَهُ أَبُو نَائِلَةَ، وَهْوَ أَخُو كَعْبٍ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْحِصْنِ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَأَخِى أَبُو نَائِلَةَ. وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو (31): قَالَتْ: أَسْمَعُ صَوْتًا كَأَنَّهُ يَقْطُرُ مِنْهُ الدَّمُ. قَالَ: إِنَّمَا هُوَ أَخِى مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ وَرَضِيعِى أَبُو نَائِلَةَ، إِنَّ الْكَرِيمَ لَوْ دُعِىَ إِلَى طَعْنَةٍ بِلَيْلٍ لأَجَابَ. قَالَ: وَيُدْخِلُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ مَعَهُ رَجُلَيْنِ -قِيلَ لِسُفْيَانَ: سَمَّاهُمْ عَمْرٌو؟ قَالَ: سَمَّى بَعْضَهُمْ، قَالَ عَمْرٌو: جَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: أَبُو عَبْسِ بْنُ جَبْرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَوْسٍ، وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ -قَالَ عَمْرٌو: وَجَاءَ مَعَهُ بِرَجُلَيْنِ، فَقَالَ: إِذَا مَا جَاءَ؛ فَإِنِّي قَائِلٌ بِشَعَرِه (32)، فَأَشَمُّهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمُونِي اسْتَمْكَنْتُ مِنْ رَأْسِهِ؛ فَدُونَكُمْ فَاضْرِبُوهُ. وَقَالَ مَرَّةً: ثُمَّ أُشِمُّكُمْ- فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ مُتَوَشِّحًا وَهْوَ يَنْفَحُ مِنْهُ رِيحُ الطِّيبِ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ رِيحًا! -أَىْ: أَطْيَبَ- وَقَالَ غَيْرُ عَمْرٍو: قَالَ: عِنْدِى أَعْطَرُ نِسَاءِ الْعَرَبِ، وَأَكْمَلُ الْعَرَبِ. قَالَ عَمْرٌو: فَقَالَ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَشَمَّ رَأْسَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَشَمَّهُ، ثُمَّ أَشَمَّ أَصْحَابَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَأْذَنُ لِي (33) قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا اسْتَمْكَنَ مِنْهُ؛ قَالَ: دُونَكُمْ. فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَتَوًا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرُوهُ.

_ (30) بالهمزة وإبدالها ألفاً: الدرع، وتفسيرها بالسلاح من إطلاق اسم الكل على البعض. (31) هو عمرو بن دينار راويه عن جابر، رواه عنه سفيان، وهو ابن عيينة، وهذا الغير الذي أبهمه سفيان في هذه القصة هو العبسي، وأنه حدثه بذلك عن عكرمة مرسلاً؛ كما في "الفتح". (32) أي: آخذ به. وروي: "مائل بشعره". قوله: "ينفح" بفتح الفاء وكسرها؛ أي: يفوح. (33) أي: أن أشم رأسك، فهذا استئذان منه مرة ثانية.

16 - باب قتل أبي رافع عبد الله بن أبي الحقيق، ويقال: سلام ابن أبي الحقيق، كان بـ (خيبر)، ويقال: في حصن له بأرض الحجاز

16 - بابُ قتلِ أبي رافعٍ عبدِ اللهِ بنِ أبي الحُقَيْقِ، ويُقالُ: سلَامُ ابنُ أبي الحُقَيْقِ، كانَ بـ (خَيْبَرَ)، ويُقالُ: في حِصنٍ لهُ بأرضِ الحجازِ 583 - وقالَ الزُّهْرِيُّ: هو بعدَ كعبِ بنِ الأشرفِ. 1712 - عنِ البراءِ بنِ عازبٍ قالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَبِى رَافِعٍ الْيَهُودِىِّ رِجَالاً مِنَ الأَنْصَارِ (وفى روايةٍ: عبدَ اللهِ بنَ عَتيكٍ وعبدَ اللهِ بنَ عُتبةَ فى ناسٍ معهُم)، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَيُعِينُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِى حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ -وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ (34) - فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لأَصْحَابِهِ: اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ، فَإِنِّى مُنْطَلِقٌ، وَمُتَلَطِّفٌ لِلْبَوَّابِ، لَعَلِّي أَنْ أَدْخُلَ. فَأَقْبَلَ حَتَّى دَنَا مِنَ الْبَابِ، ثُمَّ تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِى حَاجَةً، وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ، فَإِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ. فَدَخَلْتُ، فَكَمَنْتُ [فى مَرْبطِ حِمار عندَ بابِ الحِصينِ 5/ 28]، فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ؛ أَغْلَقَ الْبَابَ، [ثمَّ إنهم فَقَدُوا حِماراَ لهُم , فخَرَجُوا [بقَبَسٍ] يَطْلُبُونَهُ, فخرجت فيمَن خرجَ؛ أُريهمْ أنّنى أطلُبُه معهم , فوجَدُوا الحمار , فدخَلُوا , ودخَلْتُ , وأغْلَقوا بابَ الحِصنِ ليلاَ 4/ 23] , ثُمَّ عَلَّقَ الأَغَالِيقَ (وفى روايةٍ: المفاتيحَ) عَلَى وَتَدٍ (وفى روايةٍ: في كَوَّةٍ حيثُ أراها , فلما ناموا)؛ قَالَ: فَقُمْتُ إِلَى الأَقَالِيدِ (وفى روايةٍ المفاتيحِ)، فَأَخَذْتُهَا، فَفَتَحْتُ الْبَابَ، [قالَ: قلتُ: إنّ نَذِرَ بي القومُ؛ انطلَقْتُ على مَهَلٍ]، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُسْمَرُ عِنْدَهُ، وَكَانَ فِى عَلاَلِىَّ لَه (35)، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ (وفي روايةٍ: فتَعَشّوْا عندَ

_ 583 - وصله يعقوب ابن سفيان في "تاريخه". (34) أي: رجعوا بمواشيهم. (35) جمع (علية) كذرِّيَّة: وهي الغرفة. وقوله: "نذروا بي"؛ أي: علموا بي. وقوله: "فأضربه":=

أَبِى رَافِعٍ، وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتِ الأَصْوَاتُ، وَلاَ أَسْمَعُ حَرَكَةً)؛ صَعِدْتُ إِلَيْهِ [في سُلَّمٍ]، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُ عَلَىَّ مِنْ دَاخِلٍ، قُلْتُ: إِنِ الْقَوْمُ نَذِرُوا بِى؛ لَمْ يَخْلُصُوا إِلَىَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ. فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِى بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسْطَ عِيَالِهِ، لاَ أَدْرِى أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ؟ فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ! قَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ، فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ وَأَنَا دَهِشٌ، فَمَا أَغْنَيْتُ شَيْئًا، وَصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ، فَأَمْكُثُ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ [كأنِّى مُغيثٌ]، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ؟! -[وغَيَّرْتُ صوتى]- فَقَالَ: [ما لَك] لأُمِّكَ الْوَيْلُ! [قلتُ: ما شأنُكَ؟ قال: لا أدرى مَن دَخَلَ عليَّ؟] إنَّ رجلاً في البيتِ ضربَني قَبْلُ بالسيفِ. قالَ: فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً أَثْخَنَتْهُ، وَلَمْ أَقْتُلْهُ، [فَصَاحَ، وَقَامَ أَهْلُهُ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ، وَغَيَّرْتُ صَوْتِى كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ، فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ]، ثُمَّ وَضَعْتُ ظُبَةَ السَّيْفِ فِى بَطْنِهِ، حَتَّى أَخَذَ فِى ظَهْرِهِ (وفي روايةٍ: حتى قَرَعَ (وفى أخرى: سمعتُ صوتَ) العظمَ , فَعَرَفْتُ أَنِّى قَتَلْتُهُ، [ثمَّ خرجْتُ وأنا دهِشٌ] , فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا بَابًا، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ، فَوَضَعْتُ رِجْلِى، وَأَنَا أُرَى أَنِّى قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَوَقَعْتُ فِى لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِى، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ، فَقُلْتُ: لاَ أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ؟ (وفي روايةٍ: حتى أسمَعَ النَّاعِيَةَ)، فلمَّا صاحَ الدِّيكُ؛ قامَ النَّاعِى عَلَى السُّورِ، فَقَالَ: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِى، فَقُلْتُ: النَّجَاءَ! فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ

_ =مقتضى الظاهر فضربته، عدل عنه مبالغة لاستحضار صورة الحال، وكذا الكلام في قوله: "فأمكث". وقوله: "أثخنته"؛ أي: الضربة، وفي بعض النسخ: "أثخنته" بصيغة التكلم؛ أي: بالغت في جراحته. وقوله: "النجاء"؛ أي: أسرِعوا.

17 - باب غزوة أحد

(وفي روايةٍ: ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِى أَحْجُلُ، فَقُلْتُ: انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِنِّى لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِى وَجْهِ الصُّبْحِ؛ صَعِدَ النَّاعِيَةُ, فَقَالَ: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ. قَالَ: فَقُمْتُ أَمْشِى مَا بِى قَلَبَةٌ) (36)، فانَتَهيْتُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -, فحدثتُه (وفي روايةٍ: فَأَدْرَكْتُ أَصْحَابِى قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَشَّرْتُهُ)، فقالَ لي: "ابسُطْ رِجْلَكَ"، فبسطتُ رِجْلي، فَمَسَحَها، فكأنَّها لم أشْتَكِها قطُّ. 17 - بابُ غزوةِ أحدٍ وقولِ اللهِ تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} , وقولِه جلَّ ذكرهُ: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ. وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ. أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ. وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} , وقولِهِ: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ}: تستأصِلونَهم قتلاً {بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} , وقولِه تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} الآية 1713 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما قال: قالَ رجلٌ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ أحدٍ: أرأيتَ إنْ قُتِلْتُ؛ فأينَ أنا؟ قالَ: "في الجنَّةِ"، فَألْقَى تَمَراتٍ في يدهِ، ثم قاتَلَ حتى قُتِلَ.

_ (36) علَّة.

18 - باب {إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون}

18 - بابٌ {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} 1714 - عن سعدِ بنِ أبي وَقَاص رضي اللهُ عنه قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ، وَمَعَهُ رَجُلاَنِ [بشمالِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - ويمينِهِ 7/ 43]، يُقَاتِلاَنِ عَنْهُ -عَلَيْهِمَا ثِيَابٌ بِيضٌ- كَأَشَدِّ الْقِتَالِ، مَا رَأَيْتُهُمَا قَبْلُ وَلاَ بَعْدُ. 1715 - عن عليٍّ رضي اللهُ عنه قالَ: مَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَمَعُ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ غَيْرَ لسَعْد بن مالكٍ (وفي روايةٍ: ما سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُفَدِّي أحداً غيرَ سعدٍ 7/ 116] , فإنِّي سمعْتُهُ يقولُ يومَ أحُدٍ: "يا سعدُ! ارمِ فِداكَ أبي وأمِّي". 1716 - عن أنسٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ؛ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَبُو طَلْحَةَ بَيْنَ يَدَىِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُجَوِّبٌ (37) عَلَيْهِ بِحَجَفَةٍ لَهُ، وَكَانَ أَبُو طَلْحَةَ رَجُلاً رَامِيًا شَدِيدَ النَّزْعِ، كَسَرَ يَوْمَئِذٍ قَوْسَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، وَكَانَ الرَّجُلُ يَمُرُّ مَعَهُ بِجَعْبَةٍ مِنَ النَّبْلِ، فَيَقُولُ "انْثُرْهَا لأَبِى طَلْحَةَ". قَالَ: وَيُشْرِفُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَى الْقَوْمِ، فَيَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى لاَ تُشْرِفْ؛ يُصِيبُكَ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ الْقَوْمِ، نَحْرِى دُونَ نَحْرِكَ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ، وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا (38)، تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا، [ثم 3/ 222] تُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِ الْقَوْمِ، ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلآنِهَا، ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهِ فِى أَفْوَاهِ الْقَوْمِ،

_ (37) أي: مترس. (عليه): يستره. (بجحفة)؛ أي: بترس من جلد. فوله: "يصيبك"؛ أي: فهو يصيبك، ورُوي: "يصبْك" بالجزم. (38) أي: خلاخيل سيقانهما. (تنقزان القرب)، أي: تحملانها.

19 - باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم}

وَلَقَدْ وقعَ السيفُ مِن يَدَيْ (39) أبي طلحةَ؛ إمَّا مرتينِ وإمَّا ثلاثاً. 1717 - عَنْ عَائِشَةَ - رضيَ الله عنها - قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ؛ هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ [هزيمةً تُعرَفُ فيهم 7/ 226]، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ: أَىْ عِبَادَ اللَّهِ! أُخْرَاكُمْ. فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ، فَاجْتَلَدَتْ (40) هِىَ وَأُخْرَاهُمْ , فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ [بنُ اليمانِ]، فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ، فَقَالَ: أَىْ عِبَادَ اللَّهِ! أَبِى أَبِى. قَالَ: قَالَتْ: فَوَاللَّهِ مَا احْتَجَزُوا (41) حَتَّى قَتَلُوهُ , فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ فِى حُذَيْفَةَ [منه 8/ 41] بَقِيَّةُ [وفى روايةٍ: منها بقيةُ 4/ 232] خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عزَّ وجلَّ , [قَالَ: وَقَدْ كَانَ انْهَزَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِفِ 8/ 39]. (بَصُرْتُ): عَلِمْتُ مِنَ الْبَصِيرَةِ فِى الأَمْرِ، و (أَبْصَرْتُ): مِنْ بَصَرِ الْعَيْنِ، وَيُقَالُ: بَصُرْتُ وَأَبْصَرْتُ وَاحِدٌ. 19 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ}

_ (39) كذا في بعض النسخ، وفي نسخة الحافظ: "يد" بلفظ الِإفراد، ولعله الصواب؛ لموافقته لحديث أبي طلحة الآتي بعد حديث. (40) أي: اقتتلت مع أخراهم، وهم يظنون أنهم من العدو؛ كذا في "الفتح"، وهو أصح من قول بعض الشراح: "أي: تقوت أولاهم بأخراهم"؛ لأنه مؤيد بحديث ابن عباس في قصة الرماة، وتركهم لمواطنهم، وفيه: "فدخلوا في العسكر ينهبون، وقد التقت صفوف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو كذا -وشبك بين أصابع يديه- والتبسوا، فضرب بعضهم بعضاً، وقتل من المسلمين ناس كثير ... " الحديث. أخرجه أحمد (1/ 287 - 288)، وصححه الحاكم (2/ 297)، ووافقه الذهبي، وسنده حسن، وسكت عليه الحافظ. (41) ما انفصلوا عنه.

20 - باب {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم والله خبير بما تعملون}

20 - بابٌ {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} {تُصْعِدونَ}: تذهَبونَ. أصْعَدَ وصَعِدَ فوق البيتِ 21 - بابٌ {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} 1718 - عن أبي طلحةَ رضي اللهُ عنهما قال: [غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِى مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ؛ قَالَ: فـ 5/ 171] كُنْتُ فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاسُ حَتَّى سَقَطَ سَيْفِى مِنْ يَدِى مِرَارًا؛ يَسْقُطُ وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ فَآخُذُهُ. 22 - بابٌ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} 584 - قال حُمَيْدٌ وثابت عن أنسٍ: شُجَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ أُحُدٍ فقالَ: "كيفَ يُفْلحُ قومٌ شَجُّوا نبيَّهُم؟ "، فنزَلَتْ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}.

_ 584 - وصله أحمد (3/ 99 و 178 و 201 و 206 و 253 و 288) من الوجهين عن أنس، ووصله مسلم عن ثابت.

23 - باب ذكر أم سليط

1719 - عن ابن عمرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ مِنَ الرَّكْعَةِ الأخِيرَةِ مِنَ [صلاةِ 8/ 155] الْفَجْرِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ! الْعَنْ فُلاَنًا، وَفُلاَنًا، وَفُلاَنًا». (وفي روايةٍ عن سالمٍ قال: كان يدعو على صَفوانَ بنِ أميَّةَ، وسُهَيْلِ بنِ عمرٍو، والحارثِ بنِ هشامٍ) (42) بعدما يقولُ: "سمعَ اللهُ لمَن حَمِدَهُ، ربَّنا! ولكَ الحمدُ"، فأنزلَ اللهُ عزَّ وجل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} إلى قوله: {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}. 23 - بابُ ذِكْرِ أُمِّ سَلِيْطٍ (قلت: أسند فيه حديث ثعلبة بن أبي مالك المتقدم "ج 2/ 56 - الجهاد/ 66 - باب"). 24 - بابُ قتلِ حمزَةَ 1720 - عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا حِمْصَ؛ قَالَ لِي عُبَيْدُ اللَّهِ بنُ عدىٍّ: هَلْ لَكَ فِى وَحْشِىٍّ؛ نَسْأَلُهُ عَنْ قَتْلِ حَمْزَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ -وَكَانَ وَحْشِىٌّ يَسْكُنُ حِمْصَ- فَسَأَلْنَا عَنْهُ؟ فَقِيلَ لَنَا: هُوَ ذَاكَ فِى ظِلِّ قَصْرِهِ، كَأَنَّهُ حَمِيتٌ (43)، قَال: فَجِئْنَا حَتَّى وَقَفْنَا عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ، فَسَلَّمْنَا فَرَدَّ السَّلاَمَ -قَالَ: وَعُبَيْدُ اللَّهِ مُعْتَجِرٌ بِعِمَامَتِهِ، مَا يَرَى وَحْشِىٌّ إِلاَّ عَيْنَيْهِ وَرِجْلَيْهِ- فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: يَا وَحْشِىُّ! أَتَعْرِفُنِى؟ قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ:

_ (42) قلتُ: هذه الرواية مرسلة كما هو ظاهر , والثلاثة الذين سماهم سالم؛ أسلموا يوم الفتح , ولعل هذا هو السر في نزول الآية: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ}؛ كما قال الحافظ. (43) أي: زق كبير للسمن، يشبه به الرجل السمين. و (الاعتجار): لف العمامة على الرأس من غير تحنيك. وقوله: (استرضع له): أي: أطلب له من يرضعه.

لاَ وَاللَّهِ؛ إِلاَّ أَنِّى أَعْلَمُ أَنَّ عَدِىَّ بْنَ الْخِيَارِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا: أُمُّ قِتَالٍ بِنْتُ أَبِى الْعِيصِ، فَوَلَدَتْ لَهُ غُلاَمًا بِمَكَّةَ، فَكُنْتُ أَسْتَرْضِعُ لَهُ، فَحَمَلْتُ ذَلِكَ الْغُلاَمَ مَعَ أُمِّهِ، فَنَاوَلْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَكَأَنِّى نَظَرْتُ إِلَى قَدَمَيْكَ (44) , قَالَ: فَكَشَفَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ وَجْهِهِ , ثُمَّ قَالَ: أَلاَ تُخْبِرُنَا بِقَتْلِ حَمْزَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ؛ إِنَّ حَمْزَةَ قَتَلَ طُعَيْمَةَ بْنَ عَدِىِّ بْنِ الْخِيَارِ بِبَدْرٍ، فَقَالَ لِي مَوْلاَىَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ: إِنْ قَتَلْتَ حَمْزَةَ بِعَمِّى فَأَنْتَ حُرٌّ، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ خَرَجَ النَّاسُ عَامَ عَيْنَيْنِ - (وَعَيْنَيْنِ): جَبَلٌ بِحِيَالِ أُحُدٍ، بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَادٍ- خَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ إِلَى الْقِتَالِ، فَلَمَّا اصْطَفُّوا لِلْقِتَالِ خَرَجَ سِبَاعٌ (45) , فَقَالَ: هَلْ مِنْ مُبَارِزٍ؟ قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيْهِ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ: يَا سِبَاعُ! يَا ابْنَ أُمِّ أَنْمَارٍ مُقَطِّعَةِ الْبُظُورِ (46)!، أَتُحَادُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم؟! قَالَ: ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ , فَكَانَ كَأَمْسِ الذَّاهِبِ، قَالَ: وَكَمَنْتُ (*) لِحَمْزَةَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنِّى رَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِى، فَأَضَعُهَا فِى ثُنَّتِهِ (47) حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ وَرِكَيْهِ، قَالَ: فَكَانَ ذَاكَ الْعَهْدَ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ؛ رَجَعْتُ مَعَهُمْ، فَأَقَمْتُ بِمَكَّةَ حَتَّى فَشَا فِيهَا الإِسْلاَمُ، ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَى الطَّائِفِ، فَأَرْسَلُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولاً، فَقِيلَ لِي: إِنَّهُ لاَ يَهِيجُ الرُّسُلَ, قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَهُمْ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا رَآنِى؛ قَالَ:

_ (44) يعني: أنه شبه قدميه بقدم الغلام الذي حمله، فكان هو هو، وبين الرؤيتين قريب من خمسين سنة، فدل ذلك على ذكاء مفرط، ومعرفة تامة بالقيافة. "فتح". (45) هو سِبَاعُ بنُ عبدِ العُزَّى الخُزَاعِي. (46) العرب تطلق هذا اللفظ في معرض الشتم، يعني: يا ابن ختانة! أتعادي الله ورسوله وتعاندهما؟ (*) (الكمون): الاستخفاء. (47) أي: فوضعتها في عانته، وقوله: "فكان ذاك العهد به": كناية عن موته. وقوله: "إنه لا يهيج الرسل"؛ أي: لا ينالهم منه مكروه.

25 - باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد

«آنْتَ وَحْشِىٌ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «أَنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟». قُلْتُ: قدْ كَانَ مِنَ الأَمْرِ مَا بَلَغَكَ. قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّى؟». قَالَ: فَخَرَجْتُ. فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ؛ قُلْتُ: لأَخْرُجَنَّ إِلَى مُسَيْلِمَةَ؛ لَعَلِّي أَقْتُلُهُ، فَأُكَافِئَ بِهِ حَمْزَةَ, قَالَ: فَخَرَجْتُ مَعَ النَّاسِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ، فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِى ثَلْمَةِ جِدَارٍ (48)، كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقُ، ثَائِرُ الرَّأْسِ, قَالَ: فَرَمَيْتُهُ بِحَرْبَتِى، فَأَضَعُهَا بَيْنَ ثَدْيَيْهِ حَتَّى خَرَجَتْ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ , قَالَ: وَوَثَبَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ عَلَى هَامَتِهِ. 1721 - عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ قالَ: فقالَتْ جارِيةٌ على ظهرِ بيتٍ: وَا أميرَ المؤمِنينَ (49)! قتَلَهُ العَبْدُ الأسْوَدُ! 25 - بابُ ما أصابَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - من الجِراحِ يومَ أحُدٍ 1722 - عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ فَعَلُوا بِنَبِيِّهِ -يُشِيرُ إِلَى رَبَاعِيَتِهِ- اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَبِيلِ اللَّهِ".

_ (48) أي: خلل جدار. (أوْرَق): لونه كالرماد. (49) في هذا القول نظر؛ لأن مسيلمة كان يدعى أنه نبي مرسل من الله، وكانوا يقولون: "يا رسول الله"، و"نبي الله"، والتلقيب بـ: "أمير المؤمنين" حدث بعد ذلك، وأول من لقب به عمر، وذلك بعد قتل مسيلمة بمدة. فليتأمل. ويحتمل أن تكون الجارية أطلقت عليه (الأمير باعتبار أن أمر أصحابه كان إليه، وأطلقت على أصحابه بالمؤمنين باعتبار إيمانهم به، ولم تقصد إلى تلقيبه بذلك. والله أعلم. كذا في "الفتح"، وما ذكره احتمالاً هو الظاهر، والله أعلم.

26 - باب

1723 - عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَبِيلِ اللَّهِ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ نَبِىِّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم (50). 26 - بابٌ 1724 - عَنْ أَبِى حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ وَهْوَ يُسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -[وَمَا بَيْنِى وَبَيْنَهُ أَحَدٌ: بِأَىِّ شَىْءٍ دُووِىَ؟ 1/ 66] (وفي روايةٍ عنه: اخْتَلَفَ النَّاسُ؛ بِأَىِّ شَىْءٍ دُووِىَ جُرْحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ؟ فَسَأَلُوا سَهْلَ بنَ سعدٍ السَّاعِدِىَّر-وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ بَقِىَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمَدِينَةِ- 6/ 162]، فَقَالَ: [وَمَا بَقِىَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى]، أما وَاللَّهِ إِنِّى لأَعْرِفُ مَنْ كَانَ يَغْسِلُ جُرْحَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَنْ كَانَ يَسْكُبُ الْمَاءَ، وَبِمَا دُووِىَ، قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ - بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَغْسِلُهُ (وفي روايةٍ: تغْسِلُ الدَّمَ عن وجْهِهِ) , وَعَلِىٌّ بنُ أبي طالبٍ يَسْكُبُ الْمَاءَ بِالْمِجَنِّ (51)، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لاَ يَزِيدُ الدَّمَ إِلاَّ كَثْرَةً؛ أَخَذَتْ قِطْعَةً مِنْ حَصِيرٍ، فَأَحْرَقَتْهَا، وَأَلْصَقَتْهَا (وفى روايةٍ: فحُرَّقَ, فحشِىَ بهِ جُرْحُهُ) , فاستَمْسَكَ الدَّمُ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَئِذٍ، وَجُرِحَ وَجْهُهُ، وَكُسِرَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ. 27 - بابٌ {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} 1720 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها: {الذينَ اسْتَجابوا للهِ والرَّسولِ مِن

_ (50) قلت: الشطر الثاني منه أخرجه أحمد والحاكم في قصة الرماة المشار إليها قريباً عن ابن عباس مصرحاً برفعه، وقال الحافظ: "حديثه وحديث أبي هريرة من مراسيل الصحابة، فإنهما لم يشهدا الوقعة، فكأنهما حملاها عمن شهدها، أو سمعاها من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك". (51) (المجن): هو الترس.

28 - باب من قتل من المسلمين يوم أحد؛ منهم: حمزة بن عبد المطلب، واليمان، وأنس بن النضر، ومصعب بن عمير

مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ}؛ قالتْ لعُروةَ: يا ابنَ أُختي! كانَ أبوكَ منهُم؛ الزُّبيرُ، وأبو بكرٍ، لمَّا أصابَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما أصابَ يومَ أُحُدٍ، وانصرَفَ المشرِكونَ؛ خافَ أنْ يَرْجِعوا، قالَ: "مَن يذْهَبُ في إثرِهِمْ". فانْتَدَبَ (*) منهُم سبعونَ رجلاً؛ قالَ: كانَ فيهِم أبو بكرٍ والزُّبيرُ. 28 - بابُ مَن قُتِلَ مِن المسلمينَ يومَ أُحدٍ؛ منهم: حمزةُ بنُ عبدِ المطلبِ، واليَمانُ، وأنسُ بنُ النَّضْرِ، ومُصْعَبُ بنُ عُميرٍ 1726 - عن قتادَةَ قالَ: ما نعلمُ حيًّا مِن أحياءِ العرب أكثرَ شهيداً أعزَّ يومَ القيامَةِ مِن الأنصارِ، قالَ قتادَةُ: وحدَّثنا أنسُ بنُ مالكٍ أنَّه قُتِلَ منهُم يومَ أُحُدٍ سبعونَ، ويومَ بئرِ مَعُونَةَ سبعونَ، ويومَ اليمامَةِ سبعونَ، قالَ: وكانَ بئرُ مَعُونَةَ على عهدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ويومَ اليمامَةِ على عهدِ أبي بكرٍ؛ يومَ مسيْلِمَةَ الكذابِ. 1727 - عن شَقِيقٍ [قالَ: عُدْنا خَبَّاباً 4/ 252]، رضيَ اللهُ عنه [فـ]، قالَ: هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ونحنُّ نَبْتَغي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجب أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى أو ذهَبَ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا؛ كانَ مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ولم يتْرُكْ إلا نَمِرَةً (وفى روايةٍ: فَلَمْ نَجِدْ لهُ ما نُكَفِّنُهُ إلا برُدةً 2/ 78] كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ؛ خَرَجَتْ رِجْلاَهُ، وإِذَا غُطَّيَ بها رِجْلَيْهِ (52)؛ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ: لَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم: «غَطُّوا بِهَا رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلِيهِ [شيئاً من] الإِذْخِرَ". أَوْ قَالَ: "أَلْقُوا عَلَى رِجْليِه [شيئاً] مِنَ الإِذْخِرِ».

_ (*) (فانتدب): فأجاب. (52) ولأبي ذر: "رجلاه" بالألف بدل الياء، وهو أوجه.

29 - باب "أحد يحبنا ونحبه"

ومنَّا مَن أيْنَعَتْ لهُ ثمرتُهُ، فهو يَهْدِبُها. 29 - بابٌ "أُحُدُ يُحِبُّنا ونحبُّهُ" 585 - قالَه عبَّاس بن سهل عن أبي حُمَيْدٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 30 - بابُ غَزْوَةِ الرَّجِيعِ، ورِعْلٍ وذَكوانَ وبئرِ مَعُونَةَ، وحديثِ عَضَلٍ والقارَةِ وعاصِمِ بنِ ثابتٍ وخُبَيبٍ وأصحابِهِ 586 - قالَ ابن اسحاقَ: حدَّثَنا عاصِمُ بن عمرَ أنَّها بعدَ أُحُدٍ. 1728 - عن جابرٍ قالَ: الذي قَتَلَ خُبَيْباً هُو أبو سَرْوَعَةَ (53). 1729 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه أنَّ رِعْلًا وذَكْوانَ وعُصَيَّةَ وبَني لِحْيَانَ استَمَدُّوا رسولَ - صلى الله عليه وسلم - على عدُوٍّ (وفي روايةٍ: فَزَعَمُوا أنَهم قد أسلَمُوا واستَمَدُّوه على قومِهِم 4/ 35)، [وكانَ بينَهُم وبينَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عهدٌ 2/ 14] [قِبَلهُم، فظهَرَ هؤلاءِ الذينَ كانَ بينَهُم وبينَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عهدٌ 5/ 44] (54)،

_ 585 - هو طرف من حديث له وصله المصنف فيما تقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 56 - باب"، ووصله أحمد أيضاً (5/ 424 - 425)، وكذا مسلم (4/ 123 - 124)، ولقد أبعد الحافظ النجعة، فقال: "وصله البزار في "الزكاة" مطولاً"؛ لكني أظن أن قوله: "البزار" محرف من "المؤلف"؛ فإنه مطول هناك. والله أعلم. 586 - قلت: هو في "السيرة" لابن إسحاق (3/ 160 - ابن هشام)، وهو مرسل؛ لأن عاصم بن عمر -وهو ابن قتادة- تابعي، ثقة، عالم بالمغازي. (53) وقد تُضَمُّ الراء، هو أخو عقبة بن الحارث الصحابي. (54) ليس المراد منه بواضح، وقد ساقه الإسماعيلي بسند البخاري بلفظ: "إلى قوم من المشركين، فقتلهم قوم مشركون دون أولئك، وكان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد". قال الحافظ: "فظهر أن الذين كان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العهد غير الذين قتلوا المسلمين".

فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ [راكِباً] مِنَ الأَنْصَارِ، كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ في زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ، [فَعَرَضَ لَهُمْ حَيَّانِ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ: رِعْلٌ وَذَكْوَانُ، فَقَالَ الْقَوْمُ: وَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَرَدْنَا، إِنَّمَا نَحْنُ مُجْتَازُونَ في حَاجَةٍ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - 5/ 41] , [وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ خَيَّرَ بَيْنَ ثَلاَثِ خِصَالٍ, فَقَالَ: يَكُونُ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ، وَلِى أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونُ خَلِيفَتَكَ، أَوْ أَغْزُوكَ بِأَهْلِ غَطَفَانَ بِأَلْفٍ وَأَلْفٍ، فَطُعِنَ عَامِرٌ في بَيْتِ أُمِّ فُلاَنٍ، فَقَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْرِ في بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ آلِ فُلاَنٍ, ائْتُونِي بِفَرَسِى, فَمَاتَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ، فَانْطَلَقَ حَرَامٌ أَخُو أُمِّ سُلَيْمٍ -وهُوَ رَجُلٌ أَعْرَجُ- وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي فُلاَنٍ قَالَ: كُونَا قَرِيبًا [مِنِّي] حَتَّى آتِيَهُمْ، فَإِنْ آمَنُونِي؛ كُنْتُمْ قريباً، وَإِنْ قَتَلُونِي أَتَيْتُمْ أَصْحَابَكُمْ , [فتقدَّمَ] , فَقَالَ: أَتُؤْمِنُونِي أُبَلِّغْ رِسَالَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم؟ [فأمَّنُوهُ] , فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ ,وَأَوْمَؤُوا إِلَى رَجُلٍ، فَأَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ فَطَعَنَهُ حَتَّى أَنْفَذَهُ بِالرُّمْحِ, [قال أنسُ: لَمَّا طُعِنَ حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ -وَكَانَ خَالَهُ- قَالَ: بِالدَّمِ هَكَذَا، فَنَضَحَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ، ثُمَّ] قَالَ: اللهُ أَكبَرُ , فُزْتُ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. [ثم مالُوا على بقيَّةِ أصحابِةِ] , فلُحِقَ الرجُلُ , فقُتِلُوا كلُّهم] , وَغَدَرُوا بِهِمْ؛ [غيْرَ الأَعْرَجِ كَانَ في رَأْسِ جَبَلٍ] , [فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ - النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُمْ قَدْ لَقُوا رَبَّهُمْ، فَرَضِىَ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ]، فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو في [صلاةِ] الصُّبح (وفي طريقٍ: فدعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاثينَ (وفي أخرى: أربعينَ) صباحاً) عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ؛ عَلَى رِعْلٍ، وَذَكْوَانَ، و [بَنى] عُصَيَّةَ , وَبَنِي لَحْيَانَ [الَّذِينَ عَصَوًا اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم] , [وَذَلِكَ بَدْءُ الْقُنُوتِ، وَمَا كُنَّا نَقْنُتُ] , [فَمَا رَأَيْتُهُ وَجَدَ عَلَى أَحَدٍ مَا وَجَدَ عَلَيْهِمْ 4/ 67. وفي روايةٍ: فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَزِنَ حُزْنًا قَطُّ أَشَدَّ مِنْهُ 2/ 84] , قالَ أنسٌ: فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا (وفي طريقٍ: فأنزَلَ اللهُ تعالى علينا قرآناً كِتاباً) , ثُمِّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ (وفي طريقٍ: ثم كان مِن المنسوخِ): [ألا] بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا

31 - باب غزوة الخندق: وهي الأحزاب

أنّا قد لَقِينا ربَّنا فرضِيَ عنَّا وأرْضانا (وفي طريقٍ: ورَضِينا عنهُ 5/ 44). 1730 - عن عُروةَ قالَ: لَمَّا قُتِلَ الَّذِينَ بِبِئْرِ مَعُونَةَ , وَأُسِرَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِىُّ؛ قَالَ: لَهُ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ: مَنْ هَذَا؟ فَأَشَارَ إِلَى قَتِيلٍ، فَقَالَ: لَهُ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ: هَذَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ. فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ؛ حَتَّى إِنِّى لأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الأَرْضِ، ثُمَّ وُضِعَ , فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرُهُمْ، فَنَعَاهُمْ، فَقَالَ: «إِنَّ أَصْحَابَكُمْ قَدْ أُصِيبُوا، وَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ، فَقَالُوا رَبَّنَا! أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا رَضِينَا عَنْكَ، وَرَضِيتَ عَنَّا"، فَأَخْبَرَهُمْ عَنْهُمْ، وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ عُرْوَةُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ الصَّلْتِ -فَسُمِّىَ عُرْوَةُ بِهِ- وَمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو؛ سُمِّىَ بِهِ مُنْذِرًا (55). 31 - بابُ غزوةِ الخندقِ: وهي الأحزابُ 587 - قالَ موسى بن عقبةَ: كانَتْ في شوَّالٍ سنةَ أربَعٍ. 1731 - عن جابرٍ رضي اللهُ عنه قالَ: إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ , فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ، فَجَاءُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ (56) عَرَضَتْ فِى الْخَنْدَقِ، فقالَ:

_ (55) هذا مرسل عند المصنف، وقد وقع عند الِإسماعيلي والبيهقي في "الدلائل" موصولاً في حديث الهجرة، قالَ الحافظ: "والصواب ما وقع في الصحيح". قلت: وحديث الهجرة مضى موصولاً في "63 - مناقب الأنصار/ 45 - باب/ رقم 1659"، وفيه ذكر لعامر بن فهيرة. قوله: "فسمي عروة به "؛ يعني: أن الزبير بن العوام لمَّا وُلِدَ له عروة؛ سماه باسم عروة بن أسماء المذكور، قوله: "ومنذر بن عمرو"؛ أي: وأصيب أيضاً فيهم منذر بن عمر، فسمى الزبير ولده منذراً -أخا عروة بن الزبير- باسم منذر بن عمرو المذكور؛ للتفاؤل باسم مَن رضي الله عنهم ورضوا عنه. أفاده العيني. 587 - هكذا ذكره ابن عقبة في "مغازيه". (56) قطعة صلبة من الأرض لا يعمل فيها المعول.

«أَنَا نَازِلٌ» , ثُمَّ قَامَ وَبَطْنُهُ مَعْصُوبٌ بِحَجَرٍ، وَلَبِثْنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاَ نَذُوقُ ذَوَاقَّا، فَأَخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمِعْوَلَ، فَضَرَبَ، فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ -أَوْ أَهْيَمَ (57) - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيْتِ. [فانْكَفَأتُ] , فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى: رَأَيْتُ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا (وفي طريق: خَمْصاً شديداً) مَا كَانَ فِى ذَلِكَ صَبْرٌ، فَعِنْدَكِ شَىْءٌ؟ قَالَتْ: عِنْدِى شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ (وفي طريقٍ: بُهَيْمَةٌ داجِنٌ) , فَذَبَحْتُ الْعَنَاقَ، وَطَحَنَتِ الشَّعِيرَ، [فَفَرغَتْ إلى فراغى]، حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِى الْبُرْمَةِ (58)، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْعَجِينُ قَدِ انْكَسَرَ، وَالْبُرْمَةُ بَيْنَ الأَثَافِىِّ، قَدْ كَادَتْ أَنْ تَنْضَجَ، [فَقَالَتْ: لاَ تَفْضَحْنِى بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَنْ مَعَهُ. فَجِئْتُهُ، فَسَارَرْتُهُ] , فَقُلْتُ: [يا رسولَ اللهِ!] طُعَيِّمٌ لِي (وفي طريقٍ: ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنْتُ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كانَ عندَنا) , فَقُمْ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَرَجُلٌ أَوْ رَجُلاَنِ (وفى طريقٍ: نَفَرٌ) , قالَ: كَمْ هُوَ؟ فَذَكَرْتُ لَهُ. قَالَ: «كَثِيرٌ طَيِّبٌ». قَالَ: «قُلْ لَهَا: لاَ تَنْزِعُ الْبُرْمَةَ وَلاَ الْخُبْزَ مِنَ التَّنُّورِ (وفى طريقٍ: ولا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُم) حَتَّى آتِىَ» , [فَصَاحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ! إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ سُؤرًا فَحَىَّ هَلاً بِكُمْ»] , فَقَامَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ، [وجاءَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ]، فَلَمَّا دَخَلَ (جابرٌ) عَلَى امْرَأَتِهِ؛ قَالَ: وَيْحَكِ! جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمَنْ مَعَهُمْ. [فقالَتْ: بِكَ وبِكَ] (59)، قَالَتْ: هَلْ سَأَلَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ؛ [قد فعلتُ الذي قُلتِ]، فَقَالَ: «ادْخُلُوا، وَلاَ

_ (57) أي: فصار المضروب رملًا سائلًا. (58) هي القدر من الحجر، والجمع: برم؛ مثل: غرفة وغرف. و (الأثفية): الحجر توضع عليه القدر، والجمع: أثافيّ، وهي ثلاثة. (59) متعلق بمحذوف؛ أي: فعل الله بك كذا، وفعل الله بك كذا. قالته لمَّا رأت كثرة الناس، وقلة الطعام.

تَضَاغَطُوا» (60) , [فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا، فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: «ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِى (61) وَاقْدَحِى مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلاَ تُنْزِلُوهَا] "، فَجَعَلَ يَكْسِرُ الْخُبْزَ، وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، وَيُخَمِّرُ الْبُرْمَةَ وَالتَّنُّورَ إِذَا أَخَذَ مِنْهُ، وَيُقَرِّبُ إِلَى أَصْحَابِهِ، ثُمَّ يَنْزِعُ، فَلَمْ يَزَلْ يَكْسِرُ الْخُبْزَ وَيَغْرِفُ حَتَّى شَبِعُوا، [وهم ألفٌ] وَبَقِىَ بَقِيَّةٌ. قَالَ: «كُلِى هَذَا، وَأَهْدِي؛ فَإِنَّ النَّاسَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ" (وفى روايةٍ: فأقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ (*) كَمَا هِىَ، وَإِنَّ عَجِينَنا ليُخْبَزُ كما هو). 1732 - عن عائشة رضيَ اللهُ عنها: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}؛ قالت: كانَ ذاكَ يومَ الخَنْدَقِ. 1733 - عنِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: أوَّلُ يومٍ شهِدْتُةُ يومُ الخندقِ. 1734 - عنِ ابنِ عُمرَ قالَ: دخلتُ على حفصةَ ونَسْوَاتُها (740 - وفي روايةٍ

_ (60) أي: لا تزدحموا. (61) أي: فلتخبز عندي، وفي بعض النسخ: "معك"، وهو الأحسن. (واقدحي)؛ أي: اغرفي، يقالُ: قدح من المرق إذا غرف منه، والمغرفة تسمى المقدحة. (*) (تغط): تفور. 740 - وصلها محمد بن قدامة الجوهري في كتاب "أخبار الخوارج"، وهي الصواب؛ أي: ذوائبها.

معلقةٍ: ونَوْسَاتُها) تَنْطِفُ (62). قلتُ: قَدْ كَانَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ مَا تَرَيْنَ (63)، فَلَمْ يُجْعَلْ لِي مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ. فَقَالَتِ الْحَقْ؛ فَإِنَّهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ، وَأَخْشَى أَنْ يَكُونَ فِى احْتِبَاسِكَ عَنْهُمْ فُرْقَةٌ. فَلَمْ تَدَعْهُ حَتَّى ذَهَبَ، فَلَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ؛ خَطَبَ مُعَاوِيَةُ، قَالَ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِى هَذَا الأَمْرِ؛ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ، فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيه (64). قَالَ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ: فَهَلاَّ أَجَبْتَهُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَلَلْتُ حُبْوَتِى (65)، وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَمْعِ، وَتَسْفِكُ الدَّمَ، وَيُحْمَلُ عَنِّى غَيْرُ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِى الْجِنَانِ. قَالَ حَبِيبٌ: حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ. 1735 - عن سُليمانَ بنِ صُرَدٍ قالَ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ حين أَجْلَى الأحزابُ عنهُ (66): "الآنَ نَغْزُوهُم ولا يَغْزُونَنا، نحنُ نَسِيرُ إليهِم". 1736 - عن عليٍّ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قالَ يومَ الخندَقِ (وفي روايةٍ: يومَ

_ (62) بكسر الطاء المهملة وتضم؛ أي: تقطر؛ يعني: أنها كانت اغتسلت. و (نسواتها): بفتح النون والمهملة. قال الخطابي: كذا وقع، وليس بشيء، وإنما هو "نوساتها"؛ أي: ذوائبها، وهي جمع "نوسة"، والمراد أن ذوائبها كانت تنوس؛ أي: تتحرك." فتح". (63) مراده بذلك ما وقع بين علي ومعاوية من القتال في صفين يوم اجتماع الناس على الحكومة بينهم فيما اختلفوا فيه. (64) زاد عبد الرزاق: يُعَرِّض بابن عمر. (60) (الحبوة): ثوب يلقى على الظهر، ويربط طرفاه على الساقين بعد ضمهما، يفعله المقعي، وإذا أراد القيام يحله. (66) أي: حين تفرقوا، يقال: جلا القوم عن الموضع، ومنه جلواً وجلاءً، وأجلوا: إذا تفرقوا؛ كما في "القاموس"، وضبطه العيني بالبناء للمفعول؛ أي: أُرْجِعوا بصنيع الله سبحانه لرسوله.

32 - باب مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب، ومخرجه إلى بني قريظة، ومحاصرته إياهم

الأحزابِ 3/ 233): "ملأ اللهُ عليهِم بيوتَهُم وقُبورَهُم ناراً؛ كما شَغَلونا عن الصلاةِ الوسطى حتَّى غابَتِ الشمسُ، [وهي صلاةُ العصرِ 7/ 165] ". 1737 - عن جابرٍ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ: «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟». فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟». فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا. ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ». فَقَالَ: الزُّبَيْرُ أَنَا. ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ لِكُلِّ نَبِىٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِىَّ الزُّبَيْرُ» [بنُ العوَّامِ 3/ 215] ". قال سفيانُ: (الحواريُّ): الناصِرُ 4/ 17]. 1738 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ، أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَغَلَبَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلاَ شَىْءَ بَعْدَهُ». 32 - بابُ مَرْجِعِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِن الأحزابِ، ومَخْرَجِهِ إلى بَني قُرَيظةَ، ومُحاصَرَتهِ إيَّاهُم 1739 - عن أنسٍ رضيَ اللهُ عنه قال: كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى الْغُبَارِ سَاطِعًا فِى زُقَاقِ (وفى روايةٍ: سِكَّةِ 4/ 80) بَنِى غَنْمٍ مَوْكِبِ جِبْرِيلَ (67) حِينَ سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ. 1740 - عن أنسٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: كانَ الرَّجُلُ يجعَلُ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -

_ (67) قلتُ: ولفظ أحمد (3/ 213): " ... إلى غبار موكب جبريل ساطعاً في سكة بني غنم".

النَّخَلاَتِ؛ حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ، [فكانَ بعدَ ذلك يّرُدُّ عليهم 4/ 52]، وَإِنَّ أَهْلِى أَمَرُونِى أَنْ آتِىَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَسْأَلَهُ الَّذِينَ كَانُوا أَعْطَوْهُ أَوْ بَعْضَهُ، وَكَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِى عُنُقِى تَقُولُ: كَلاَّ وَالَّذِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ؛ لاَ يُعْطِيكَهُمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهَا -أَوْ كَمَا قَالَتْ- وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لَكِ كَذَا». وَتَقُولُ: كَلاَّ وَاللَّهِ. حَتَّى أَعْطَاهَا -حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ:- «عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ». أو كَما قالَ. 1741 - عن عائشةَ - رضي الله عنه - قالتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: حِبَّانُ ابْنُ الْعَرِقَةِ؛ رَمَاهُ فِى الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْمَةً فِى الْمَسْجِدِ؛ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْخَنْدَقِ؛ وَضَعَ السِّلاَحَ، وَاغْتَسَلَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَهْوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ، فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتَ السِّلاَحَ؟! وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ، اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «فَأَيْن؟». فَأَشَارَ إِلَى بَنِى قُرَيْظَةَ. فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَرَدَّ الْحُكْمَ إِلَى سَعْدٍ؛ قَالَ: إِنِّى أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ، وَأَنْ تُسْبَى النِّسَاءُ وَالذُّرِّيَّةُ، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ. قالَ سَعْدٌ: اللَّهُمّ! إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَخْرَجُوهُ [مِن قريشٍ 4/ 253] , اللَّهُمَّ! فَإِنِّى أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِىَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَىْءٌ؛ فَأَبْقِنِى لَهُ حَتَّى أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ فَافْجُرْهَا (68) اجْعَلْ مَوْتَتِى فِيهَا، فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ، فَلَمْ يَرُعْهُمْ -وَفِى الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِى غِفَارٍ- إِلاَّ الدَّمُ يَسِيلُ

_ (68) أي: جراحته وقد كادت أن تبرأ. قوله: "فانفجرت من لبته"؛ أي: من موضع القلادة من صدره. قوله: "فمات منها"؛ أى: من تلك الجراحة.

33 - باب غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة محارب

إليهِم، فقالوا: يا أهلَ الخيمةِ! ما هذا الذي يأتينا مِن قِبَلِكُمْ؟ فإذا سعدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دماً، فماتَ منها رضي اللهُ عنهُ. 1742 - عنِ البراءِ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَمعّ [يومَ قريظةَ] (69) لحسَّانَ: "اهجُهُمْ -أو هاجِهِم- و (588 - وفي روايةٍ معلقةٍ: اهْجُ المشركينَ؛ فإنَّ) جبريلُ معكَ". 33 - بابُ غزوةِ ذاتِ الرِّقاعِ، وهي غزوةُ مُحارِبِ (70) خَصَفَةَ مِن بني ثعلبَةَ مِن غَطَفانَ، فنزَلَ (نَخْلاً) وهيَ بعدَ خيبرَ؛ لأنَّ أبا موسى جاءَ بعدَ خيبرَ 1743 - عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهُما أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بأصحابِهِ في الخوفِ في غزوةِ السابعةِ: غزوةِ ذاتِ الرِّقاعِ (*). 589 - وعنهُ قالَ: صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بهِمْ يومَ مُحارِبٍ وثَعْلَبَةَ.

_ (69) هذه الزيادة وقعت في الأصل في صلب الرواية الموصولة، ويبدو أنها خطأ من الطابع، فإنها لم ترد في بعض النسخ الأخرى، وعلى ذلك جرى الحافظ في "شرحه". 588 - وصلها هي والزيادة السابقة النسائي، وإسناده على شرط البخاري؛ كما قال الحافظ. (70) (محارب): جماعة من العرب يتميز بالِإضافة بعضها من بعض. (نخلًا): مكان من المدينة على يومين. (*) هذا الحديث معلق في نسختنا، وموصول في رواية أبي ذرّ للكتاب، وقد وصله السراج كما في "الفتح"، وأبو نعيم أيضاً كما في "التغليق" (4/ 114). 589 - هذا معلق، ووصله سعيد بن منصور والطبري، وسيأتي مختصراً قريباً برقم (595) بتخريج آخر.

590 - (وفي طريقٍ أخرى عنه): خَرَجَ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - إلى ذاتِ الرقاعِ مِن (نَخْلٍ)، فَلَقِىَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ، فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ، وَأَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَصَلَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَىِ الْخَوْفِ. 591 - وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْقَرَدِ. 1744 - عن أبي موسى رضيَ اللهُ عنه قالَ: خرجْنا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزاةٍ، ونحنُ في ستةِ نَفَرٍ، بينَنا بعيرٌ نَعْتَقِبُهُ (71)، فنَقِبَتْ أقدامُنا، ونَقِبَتْ قَدَمايَ، وسَقَطَتْ أظْفاري، فكُنَّا نَلُفُّ على أرْجُلِنا الخِرَقَ، فسُمِّيَتْ: غَزوةَ ذاتِ الرِّقاعِ؛ لِمَا كنَّا نَعْصِبُ مِنَ الخِرَقِ على أرجُلِنا. وحدَّثَ أبو موسى بهذا الحديث، ثمَّ كَرِهَ ذلك؛ قالَ: ما كنتُ أصْنَعُ بأنْ أذْكُرَهُ. كأنَّه كَرِهَ أنْ يكونَ شيءٌ مِن عملِهِ أفشاهُ. 1745 - عمَّنْ (72) شهِدَ معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يومَ ذاتِ الرِّقاعِ؛ صَلَّى صَلاَةَ الْخَوْفِ؛ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ وُجَاهَ (73) الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِى مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وُجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى، فَصَلَّى بِهِمِ الرَّكْعَةَ الَّتِى بَقِيَتْ مِنْ صَلاَتِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ سَلَّمَ بِهِم.

_ 590 - علقه أيضاً من طريق ابن إسحاق بسنده الصحيح عنه، ولكن الحافظ ذكر أنه لم يره هكذا في شيء من كتب المغازي ولا في غيرها، وإنما ذكره ابن إسحاق معضلاً بدون إسناد! فراجعه. 591 - وصله المصنف فيما يأتي "39 - باب". (71) (الاعتقاب): التناوب في الركوب. قوله: "فنقبت"؛ أي: رقت وتخرقت، وذلك لمشيهم حفاة. (72) هو على الراجح خَوَّات بن جبير؛ كما جزم به النووي وبينه الحافظ. (73) أي: محاذيهم ومواجههم، والوجاه بكسر الواو وضمها. "عيني".

592 - (وفي روايةٍ معلقةٍ): عن أبي الزبيرِ عن جابرٍ قالَ: كنا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بـ (نَخْلٍ)، فذكَرَ صلاةَ الخوفِ، قالَ مالكٌ: وذلكَ أحسن ما سمعْت في صلاةِ الخوفِ. 593 - عنِ القاسمِ بنِ محمدٍ: صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في غزوةِ بني أنْمارٍ. 1746 - عن سهلِ بنِ أبي حَثْمَةَ [عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -] قالَ: "يَقُومُ الإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ، وُجُوهُهُمْ إِلَى الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً، وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِى مَكَانِهِمْ، ثُمَّ يَذْهَبُ هَؤُلاَءِ إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ، فَيَجيءُ أُولَئِكَ، فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً، فَلَهُ ثِنْتَانِ، ثُمَّ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ]. 594 - عن جابرٍ قالَ: كُنَّا مع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بذاتِ الرِّقاعِ، فإذا أتَيْنا على شجرَةٍ ظليلَةٍ؛ تَرَكناها للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فجاءَ رجلٌ مِن المشركينَ، وسيفُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - معلّقُ بالشجرةِ، فاخْتَرَطَهُ، فقالَ له: تَخافُني؟ فقالَ: "لا". قالَ: فمَن يمنَعُكَ منِّي؟ قالَ: "اللهُ". فتهدَّدَهُ أصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأقيمَتِ الصلاةُ، فصلَّى بطائفةٍ ركعتينِ، ثمَّ تأخَرُوا، وصلَّى بالطائفةِ الأخرى ركعتينِ، وكانَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أربعٌ، وللقومِ ركعتينِ. 595 - (وفي أخرى): اسمُ الرَّجُلِ: غَوْرَثُ بنُ الحارثِ، وقاتَلَ فيها محارِبَ خَصَفَةَ.

_ 592 - وصله الطبري وغيره، وفيه نظر يأتي بيانه قريباً. 593 - هذا معلق، وقد وصله المؤلف في "تاريخه"، وإسناده حسن مرسل. 594 - هذا معلق عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله مسلم، وطرفه الأول قد مضى موصولاً في (56 - الجهاد/ 77 - باب/ رقم الحديث 1288) " بأتم منه. 595 - وصله مسدد والحربي عن جابر. قلت: وكذا ابن حبان (2872 - الإحسان)، وسنده صحيح.

34 - باب غزوة بني المصطلق من خزاعة: وهي غزوة المريسيع

596 - (ومن طريقٍ أخرى معلقةٍ عنه): كنَّا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ب (نَخْلٍ) فصلَّى الخوفَ. 597 - وقالَ أبو هريرةَ: صلَّيتُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - غزوةَ نجدٍ صلاةَ الخوفِ. وإنَّما جاءَ أبو هريرةَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أيامَ خيبرَ. 34 - بابُ غزوةِ بني المُصْطَلِقِ مِن خُزاعَةَ: وهي غزوةُ المُرَيْسِيعِ 598 - قالَ ابنُ إسحاقَ: وذلك سنةَ ستٍّ. 599 - وقالَ موسى بنُ عُقبةَ: سنةَ أربعٍ. 600 - وقالَ النعمانُ بنُ راشدٍ عن الزُّهْرِيِّ: كانَ حديثً الِإفكِ في غزوةِ المُرَيْسِيْعِ. 1747 - عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَرَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ, فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْعَزْلِ؟ قَالَ: أَبُو سَعِيدٍ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ بَنِى الْمُصْطَلِقِ، فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْىِ الْعَرَبِ، فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ ,

_ 596 - هذا معلق عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله الطيالسي (724 - ترتيبه)، وأحمد (3/ 374)، وكذا مسلم (2/ 213)؛ لكن ليس عنده ذكر (نخل)، وفيه عندهم جميعاً أنه صلي بأصحابه ركعتين فقط، يسجد الصف الأول معه أولاً، فلما قاموا سجد الصف الثاني، ثم تأخر الصف الأول، وتقدم الثاني فقاموا مقام الأول ... وهذه كيفية غير كيفية الصلاة في "ذات الرقاع"، فدل ذلك على أنهما قصتان وقعتا في غزوتين؛ إحداهما غزوة محارب وثعلبة بذات الرقاع، والأخرى غزوة عُسفان ب (نَخْلٍ)؛ كما حققه الحافظ. 597 - وصله أبو داود والطحاوي وابن حبان. قلت: وابن خزيمة أيضاً، ولم أره عند ابن حبان باللفظ المذكور، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1169). 598 - كذا هو في "مغازي ابن إسحاق". 599 - كذا ذكره المصنف، وكأنه سبق قلم؛ أراد أن يكتب سنة خمس فكتب سنة أربع. انظر "الفتح". 600 - وصله الجوزقاني والبيهقي في "الدلائل".

35 - باب غزوة أنمار

وَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ، وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ (وفى راويةٍ: فأرادُوا أنْ يستَمْتِعُوا بهِنَّ ولا يَحْمِلْنَ 8/ 172) , وقُلْنَا: نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ؟! فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ؟ (وفي روايةٍ: جَاءَ رَجُلٌ مِنِ الأَنْصَارِ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا نُصِيبُ سَبْيًا، وَنُحِبُّ الْمَالَ؛ كَيْفَ تَرَى فِى الْعَزْلِ؟ 7/ 211) فَقَالَ: «مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لاَ تَفْعَلُوا (وفى أخرى: أوَ إنَّكُم لَتَفْعَلونَ [ذلك]؟ -قالها ثلاثاً- 6/ 154) , [فإنه] مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلاَّ وَهْىَ كَائِنَةٌ (ومن طريق أُخرى عنه: ليسَ نفسٌ مخلوقةٌ إلا اللهُ خالِقُها) ". 35 - بابُ غزوةِ أنْمارٍ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم "ج 1/ 18 - التقصير/ 7 - باب"). 36 - بابُ حديثِ الِإفكِ و (الإِفْكُ): بمنزلةِ النِّجْسِ والنَّجَسِ، يُقالُ: إِفْكُهُم، وأَفْكُهُم، وأَفَكُهُم، فمَن قالَ: أَفَكَهُم؛ يقولُ: صرَفَهُم عنِ الِإيمانِ وكذَّبَهُم؛ كما قالَ: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} يُصْرَفُ عنهُ مَن صُرِفَ. 1748 - عن عَائِشَةُ - رضي الله عنه - زوجِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيُّهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا؛ خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهُ، [وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبْتَغِى بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم 3/ 135] , قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِى، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِى هَوْدَجِى، وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا

فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ، وَقَفَلَ، [و6/ 5] دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قافِلينَ؛ آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِى أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ، فَلَمَسْتُ صَدْرِى، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ (ظَفَارِ) (74) (وفي روايةٍ: أَظفارٍ 3/ 154) قدِ انقطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِى , فَحَبَسَنِى ابْتِغَاؤُهُ، قَالَتْ: وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يُرَحِّلُونِى، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِى، فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِى الَّذِى كُنْتُ أَرْكَبُ عَلَيْهِ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّى فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا لَمْ يَهْبُلْنَ (75) وَلَمْ يَغْشَهُنَّ (وفى روايةٍ: يُثقِلهُنَّ) اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ الْقَوْمُ خِفَّةَ الْهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ وَحَمَلُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الْجَمَلَ، فَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِى بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ، وَلَيْسَ بِهَا مِنْهُمْ دَاعٍ وَلاَ مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِى الَّذِى كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِى فَيَرْجِعُونَ إِلَىَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِى مَنْزِلِى؛ غَلَبَتْنِى عَيْنِى فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِىُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِى، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَعَرَفَنِى حِينَ رَآنِى، وَكَانَ رَآنِى قَبْلَ الْحِجَابِ (*)، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِى، فَخَمَّرْتُ وَجْهِى بِجِلْبَابِى، وَاللَّهِ

_ (74) كحضار: مدينة باليمن. (75) أي: لم يهبلهن اللحم؛ كما في بعض الروايات التي ذكرها الشارح العيني، يقال: (هبله اللحم): إذا كثر عليه، وركبا بعضه بعضاً. و (العلقة): القليل. (تيممت): قصدت. (*) تعني: قبل نزول آية الحجاب: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}. واعلم أن (الحجاب) في هذه الآية غير (الجلباب) في آية سورة النور؛ فالأول والمرأة في بيتها تتستر بأي حاجز منفصل عنها؛ كالستارة المعلقة أو الباب ونحوه؛ فهو كقوله تعالى: {فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا}، وأما الجلباب؛ فهو الثوب الذي تلتحف به المرأة إذا خرجت من دارها؛ فتنبه لهذا؛ فإن كثيراً ممن كتبوا في هذا الموضوع خلطوا بين (الحجاب) و (الجلباب)، وقد فرقت عائشة بينهما كما ترى.

مَا تَكَلَّمْنَا بِكَلِمَةٍ , وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، وَهَوَى حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدِهَا، فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِى الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ [بعدَما نزلوا 6/ 6] مُوغِرِين (76) (وفي روايةٍ: مُعَرِّسِينَ) (77) فِى نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، وَهُمْ نُزُولٌ قَالَتْ: فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَ الإِفْكِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ: ابْنَ سَلُولَ. قَالَ: عُرْوَةُ أُخْبِرْتُ أَنَّهُ كَانَ يُشَاعُ وَيُتَحَدَّثُ بِهِ عِنْدَهُ، فَيُقِرُّهُ وَيَسْتَمِعُهُ وَيَسْتَوْشِيهِ. وَقَالَ عُرْوَةُ أَيْضًا: لَمْ يُسَمَّ مِنْ أَهْلِ الإِفْكِ أَيْضًا إِلاَّ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَمِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فِى نَاسٍ آخَرِينَ لاَ عِلْمَ لِي بِهِمْ؛ غَيْرَ أَنَّهُمْ عُصْبَةٌ كَمَا قَالَ: اللَّهُ تَعَالَى، وَإِنَّ كُبْرَ (78) ذَلِكَ يُقَالُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ. قَالَ عُرْوَةُ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَكْرَهُ أَنْ يُسَبَّ عِنْدَهَا حَسَّانُ، وَتَقُولُ: إنَّه الذي قالَ: فإنَّ أبي ووالِدَهُ وعِرْضي ... لعِرْضِ مُحَمَّدٍ مِنْكُمْ وِقاءُ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ (79) حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِى قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَىْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهْوَ يَرِيبُنِى فِى وَجَعِى أَنِّى لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اللُّطْفَ الَّذِى كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِى (وفي

_ (76) أي: داخلين في الوغرة، وهي شدة الحر، وعبر بلفظ الجمع موضع التثنية. (77) قلت: ولعلها خطأ. (78) بضم الكاف وكسرها؛ أي: وإن متولى معظمه. (79) أي: مرضت. (يفيضون): يخوضون. (يريبني): يوهمني؛ من رابه وأرابه؛ إذا أوهمه وشككه. (اللطف): الرفق، وروي بفتحتين. (نقهت): بفتح القاف وكسرها؛ أي: أفقت من المرض.

روايةٍ: أمْرَض) , إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَلِكَ [الذى] يَرِيبُنِى، وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّر، حَتَّى خَرَجْتُ حِينَ نَقَهْتُ، فَخَرَجْتُ مَعَ أُمِّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ، وَكَانَ مُتَبَرَّزَنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الْكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا. قَالَتْ: وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِى الْبَرِّيَّةِ [أو فى التَّبرُّز] (وفي روايةٍ: التَّنزُّهِ) قِبَلَ الْغَائِطِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، قَالَتْ: فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ -وَهْىَ ابْنَةُ أَبِى رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ خَالَةُ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ- فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِى، حِينَ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِى مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ (80) مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ: لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ؛ أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا؟! (601 - وفي روايةٍ معلقةٍ: أَىْ أُمِّ تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟! وَسَكَتَتْ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَقُلْتُ: لَهَا: أتَسُبِّينَ ابْنَكِ؟! ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ. فَانْتَهَرْتُهَا 6/ 11)، فَقَالَتْ: أَىْ هَنْتَاه (81)! وَلَمْ تَسْمَعِى مَا قَالَ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: مَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِى بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ (وفى المعلقة: فقاَلتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلاَّ فِيكِ! فَقُلْتُ: فِى أَىِّ شَأْنِى؟ قَالَتْ: فَنَقَرَتْ (82) لِي الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ: وَقَدْ كَانَ هَذَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَاللَّهِ. فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى كَأَنَّ الَّذِى خَرَجْتُ لَهُ لاَ أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلاً وَلاَ كَثِيرًا)، قَالَتْ: فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِى، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِى؛ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ:

_ (80) بكسر العين وفتحها؛ أي: كبِّ لوجهه. 601 - هذه الرواية وكثير مما يأتي بعدها معلقة عند المصنف، وقد وصلها الِإمام أحمد (6/ 59 - 61)، وسنده صحيح على شرط الشيخين. (81) قوله: "أي هنتاه! " بهذا الضبط، وقد تفتح النون، وأما الهاء الأخيرة، فتضم وتسكن، وهذه اللفظة تختص بالنداء؛ ومعناه: يا هذه! (82) بنون وقاف ثقيلة؛ أي: شرحته، ولبعضهم: بموحدة وقاف خفيفة؛ أي: أعلمتنيه.

كَيْفَ تِيكُمْ؟ فَقُلْتُ لَهُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِىَ أَبَوَىَّ؟ قَالَتْ: و [أنا حينئذٍ] أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الْخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، [فجئتُ أَبَوَيَّ] , فَقُلْتُ لأُمِّى: يَا أُمَّتَاهُ! مَاذَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟! (وفى المعلقة: فَأَرْسَلَ مَعِى الْغُلاَمَ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ، فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِى السُّفْلِ، وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَقَالَتْ أُمِّى: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا، وَذَكَرْتُ لَهَا الْحَدِيثَ، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مِثْلَ مَا بَلَغَ مِنِّى) قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ! هَوِّنِى عَلَيْكِ (وفى روايةٍ: على نفسِكِ الشأنَ)، فَوَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً (83) عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا [و] لَهَا ضَرَائِرُ إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا (وفى المعلقة: إِلاَّ حَسَدْنَهَا، وَقِيلَ فِيهَا، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّى)، قَالَتْ: فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَوَلَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟! قَالَتْ: [قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِى؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قُلْتُ: وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ: نَعَمْ؛ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَاسْتَعْبَرْتُ، وَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِى وَهْوَ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ، فَقَالَ لأُمِّى: مَا شَأْنُهَا؟ قَالَتْ: بَلَغَهَا الَّذِى ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ؛ قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ أَىْ بُنَيَّةُ! إِلاَّ رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ، فَرَجَعْتُ]، فَبَكَيْتُ (وفى روايةٍ: فبِتُّ) تِلْكَ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِى. قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ -حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ- يَسْأَلُهُمَا؟ وَيَسْتَشِيرُهُمَا فِى فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ؛ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالَّذِى يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِى يَعْلَمُ لَهُمْ فِى نَفْسِهِ [من الوُدِّ]، فَقَالَ أُسَامَةُ: أَهْلَكَ، وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا. وَأَمَّا عَلِىٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. قَالَتْ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَرِيرَةَ، فَقَالَ: أَىْ بَرِيرَةُ! هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ؟ قَالَتْ لَهُ

_ (83) (وضيئة)؛ أي: حسنة جميلة. قوله: "إلا كثرن" ويروى: "أكثرن"؛ أي: القول الرديء عليها. قوله: "لا يرفأ"؛ أي: لا ينقطع.

بَرِيرَةُ: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ؛ مَا رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا (وفي المعلقةِ: عَيْباً) قَطُّ أَغْمِصُهُ (84)؛ غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِى الدَّاجِنُ (85) فَتَأْكُلُهُ، [وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اصْدُقِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ (86)، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ]. قالتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ يَوْمِهِ، فَاسْتَعْذَرَ (87) مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وهو على المنبر, فقال: «يا معشرَ المسلمينَ! مَنْ يَعْذِرُنِى مِنْ رَجُلٍ قد بَلَغَنِى عنهُ أَذَاهُ فِى أَهْلِى؟ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ خَيْرًا (وفى روايةٍ: ما تُشِيرُونَ عليَّ في قومٍ يسبّونَ أهلى؟ 8/ 163]، وَلقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِى إِلاَّ مَعِى». (وفي روايةٍ معلقةٍ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِىَّ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ؛ أَشِيرُوا عَلَىَّ فِى أُنَاسٍ أَبَنُوا (88) أَهْلِى، وَايْمُ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِى مِنْ سُوءٍ [قط]، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ؟ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَلاَ يَدْخُلُ بَيْتِى قَطُّ إِلاَّ وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلاَ غِبْتُ فِى سَفَرٍ إِلاَّ غَابَ مَعِى»)، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ [الأنصارىُّ] أخو بنى عبدِ الأشْهِلِ ,

_ (84) أي: أعيبها به. (85) (الدَّاجِن): ما يألف البيوت من الشاء والحمام ونحوه، والجمع: دواجن. (86) أي: صرحوا لها بالأمر. (87) فاستعذر؛ أي: قال: من يعذرني؛ ومعناه: من يقوم بعذري إن كافأته على قبح فعاله ولا يلومني؛ أو من ينصرني؟ (88) أي: اتهموا.

فَقَالَ: أَنَا [وَاللَّهِ] يا رسولّ اللهِ! أَعْذِرُكَ [مِنْهُ]، فإِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الْخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ. قَالَتْ: فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ -وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بِنْتَ عَمِّهِ مِنْ فَخِذِهِ، وَهْوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهْوَ سَيِّدُ الْخَزْرَجِ، قَالَتْ: وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ -فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ؛ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، وَلَوْ كَانَ مِنْ رَهْطِكَ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ يُقْتَلَ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ -وَهْوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدٍ- فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ؛ [والله] لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ. قَالَتْ: فَثَارَ (وفى روايةٍ: فتثاور) الْحَيَّانِ: الأَوْسُ، وَالْخَزْرَجُ؛ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا [فى المسجِدِ , وما عَلِمْتُ]، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ، [فنزلَ]، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَسَكَتَ. قَالَتْ: فَبَكَيْتُ يَوْمِى ذَلِكَ كُلَّهُ، لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ. قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَاىَ عِنْدِى، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا, لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى إِنِّى لأَظُنُّ (وفى روايةٍ: يظنَّانِ) أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِى، قالتْ: فَبَيْنَا أَبَوَاىَ جَالِسَانِ عِنْدِى، وَأَنَا أَبْكِى؛ فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَىَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِى مَعِى، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ؛ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْنَا [وقد صلَّى العصر] , [وقدِ اكْتَنَفَنى أبواىَ عن يميني وعن شِمالى] , فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِى مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِى شَأْنِى بِشَىْءٍ، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم (وفى المعلقةِ: فَحَمِدَ اللهَ وأَثنَى عليهِ) حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ؛ يَا عَائِشَةُ! إِنَّهُ [قد] بلغنى عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً؛

فسيبرِّئُكِ اللهُ، وإنْ كنتِ ألْمَمْتِ بذنبٍ؛ فاسْتَغْفِري اللهَ وتُوبي إليهِ، فإنَّ العبدَ إذا اعتَرَفَ [بذنبهِ]، ثمَّ تابَ؛ تابَ اللهُ عليهِ". قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَقَالَتَهُ؛ قَلَصَ دَمْعِى (89) حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، [فقلتُ: أَلاَ تَسْتَحِى مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا؟ فَوَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَالْتَفَتُّ] , فَقُلْتُ لأَبِى: أَجِبْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِّى فِيمَا قَالَ, فَقَالَ أَبِى: وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقُلْتُ لأُمِّى: أَجِيبِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا قَالَ, قَالَتْ أُمِّي: وَاللَّهِ مَا أَدْرِى مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. [قالتْ:] [فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ؛ تَشَهَّدْتُ، فَحَمِدْتُ اللَّهَ تعالى، وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ] , فَقُلْتُ -وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لاَ أَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرًا-: [أمَّا بعدُ؛ فـ] إِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ (وفي روايةٍ: علمتُ أنَّكم) سَمِعْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ حَتَّى اسْتَقَرَّ فِى أَنْفُسِكُمْ، وَصَدَّقْتُمْ بِه, فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّى بَرِيئَةٌ -[واللهُ يعلمُ أنِّى بريئةٌ]- لاَ تُصَدِّقُونِى، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ -وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى مِنْهُ بَرِيئَةٌ- لَتُصَدِّقُنِّى (وفى المعلقة: لَتَقولُنَّ: قد باءَتْ بهِ على نفسها) , فَوَاللَّهِ لاَ أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلاً -[والتَمَسْتُ اسْمَ يعقوبَ فلم أقدِرْ عليهِ]- إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ حِينَ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} ثُمَّ تَحَوَّلْتُ (90)، وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّى حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِى بِبَرَاءَتِى، وَلَكِنْ وَاللَّهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللَّهَ تعالى مُنْزِلٌ فِى شَأْنِى وَحْيًا يُتْلَى، [و] لَشَأْنِى فِى نَفْسِى كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ فِىَّ بِأَمْرٍ [يُتْلَى]، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِى اللَّهُ بِهَا, فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَجْلِسَهُ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ

_ (89) أي: انقطع. (90) تعني: بوجهها إلى الجدار؛ كما في رواية.

عليهِ [مِن ساعتهِ، فسَكَتْنا]، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ (91)، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ الْعَرَقِ مِثْلُ الْجُمَانِ، وَهْوَ فِى يَوْمٍ شَاتٍ؛ مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّىَ (92) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَضْحَكُ، [وهو يمْسَحَ جبينَهُ] , فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: " [أبشرى] يا عائشةُ! أمّا (وفى روايةٍ: احمدى) اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ", قَالَتْ: [وكنتُ أشدَّ ما كنتُ غضباً]، فَقَالَتْ لِي أُمِّى: قُومِى إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: لاَ وَاللَّهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، [وَلاَ أَحْمَدُ، ولا أحمَدُكُما] , فَإِنِّى لاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ [الَّذِى أَنْزَلَ بَرَاءَتِى، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ، وَلاَ غَيَّرْتُمُوهُ] , قَالَتْ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العَشْرَ الآياتِ [كلَّها 8/ 214]. ثم (وفي روايةٍ: فلمَّا) أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا فِى بَرَاءَتِى؛ قَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ-: وَاللَّهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِى قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} [إلى آخر الآية؛ يعنى: أبا بكر {وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ} يعنى: مِسْطَحاً] إلى قوله: {[أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ] غَفُورٌ رَحِيمٌ} , قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَاللَّهِ؛ إِنِّى لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِى كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ وَاللَّهِ لاَ أَنْزِعُهَا عَنْهُ أَبَدًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِى، فَقَالَ: لِزَيْنَبَ: «مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟». فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَحْمِى سَمْعِى وَبَصَرِى؛

_ (91) (البرحاء): الشدة. و (التحدر): الانصباب والنزول، وروي: "لينحدر". و (الجمان):اللؤلؤ. (92) (فسري)؛ أي: فكشف وأزيل.

وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهْىَ الَّتِى كَانَتْ تُسَامِينِى (93) مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ , [فلمْ تَقُلْ إلا خيراً] , قَالَتْ: وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا (94)، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ [مِن أصحاب الإفكِ] , [وَكَانَ الَّذِى يَتَكَلَّمُ فِيهِ مِسْطَحٌ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ، وَهْوَ الَّذِى كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ، وَهْوَ الَّذِى تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ، هُوَ وَحَمْنَةُ]. قالتْ عائشةُ: واللهِ إنَّ الرجُلَ الذي قيلَ لهُ ما قيلَ لَيقولُ: سُبحانَ اللهِ! فوالذي نفسي بيدِهِ؛ ما كَشَفْتُ مِن كَنَفِ أُنْثى (*) قطُّ. قالتْ: ثمَّ قُتِلَ بعدَ ذلكَ [شهيداً] في سبيلِ اللهِ. 1749 - عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ: قَالَ لِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ؟ قُلْتُ: لاَ؛ وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِى رَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِكِ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ لَهُمَا: كَانَ عَلِىٌّ مُسَلِّمًا (95) فِى شَأْنِهَا. فراجَعُوهُ , فلمْ يَرْجِع (96) , وقالَ: مسلِّماً بلا شكِّ فيه وعليهِ , وكانَ في أصلِ العَتيقِ كذلك.

_ (93) أي: تضاهيني وتفاخرني بجمالها. (94) أي: تتعصب لها، وتحكي ما قال أهل الإفك؛ لتنخفض منزلة عائشة، وتعلو مرتبة أختها زينب. (*) قوله: (من كنف أنثى)؛ أي: من سترها، وهو كناية عن عدم مقاربته النساء، وقد روي أنه كان حصوراً. (95) قوله: "مسلماً" بكسر اللام المشددة؛ أي: ساكتاً، وللحموي: "مسلَمًا" بفتح اللام: من السلامة من الخوض فيه، ولابن السكن والنسفي: "مسيئًا". (96) المراجعة في ذلك وقعت مع هشام بن يوسف شيخ شيخ البخاري؛ فيما يظن الحافظ. فراجعه.

1750 - عن مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ قَالَ: حَدَّثَتْنِى أُمُّ رُومَانَ وَهْىَ أُمُّ عَائِشَةَ -رضى الله عنها- (وفى روايةٍ عنه قال: سألتُ أمَّ رومان -وهى أمُّ عائشةَ- عمَّا قيلَ فيها؛ ما قيلَ؟ 4/ 123) قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا قَاعِدَةٌ أَنَا وَعَائِشَةُ؛ إِذْ وَلَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَتْ: فَعَلَ اللَّهُ بِفُلاَنٍ، وَفَعَلَ بفلانٍ , فَقَالَتْ أُمُّ رُومَانَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَت: ابْنِى فِيمَنْ حَدَّثَ الْحَدِيثَ (وفى روايةٍ: إنَّه نَمَى ذِكْرَ الحديثِ) قَالَتْ [عائشةُ]: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: كَذَا وَكَذَا. قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا (97)، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ (98)، فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، فَغَطَّيْتُهَا، فَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «مَا شَأْنُ هَذِهِ؟». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَخَذَتْهَا الْحُمَّى بِنَافِضٍ. قَالَ: «فَلَعَلَّ فِى حَدِيثٍ تُحُدِّثَ [بِهِ] (99)؟». قَالَتْ: نَعَمْ. فَقَعَدَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُونِى، وَلَئِنْ قُلْتُ لاَ تَعْذِرُونِى (100)، مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ: {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}. قَالَتْ: وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَهَا , قَالَتْ: بِحَمْدِ اللَّهِ لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ، وَلاَ بِحَمْدِكَ. 1751 - عن عائشة - رضي اللهُ عنها - كانَتْ تقرأُ: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ

_ (97) (تنبيه): هذا يخالف بظاهره ما تقدم من حديث عائشة أن الخبر بلغها من أم مسطح. قال الحافظ: "وطريق الجمع بينهما أنها سمعت ذلك أولاً من أم مسطح , ثم ذهبت لبيت أمها لتستيقن الخبر منها , فأخبرتها أمها بالأمر مجملاً كما مضى من قولها: هونى عليك"، وما أشبه ذلك , ثم دخلت عليها الأنصارية , فأخبرتها بمثل ذلك بحضرة أمها , فقوي عندها القطع بوقوع ذلك". (98) أي: برعدة. (99) زيادة من متن "الفتح". (100) أي: لا تقبلون مني العذر.

بِأَلْسِنَتِكُمْ} (101)، وتقولُ: (الوَلْقُ): الكَذِبُ. قالَ ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: وكانَتْ أعلَمُ مِن غيرِها بذلكَ؛ لأنّهُ نَزَلَ فيها. 1752 - عن عُروةَ قالَ: ذهبتُ أسُبُّ (وفي روايةٍ: سبَبْتُ) حسانَ عندَ عائشةَ -[وكانَ ممَّنْ كَثَّرَ عليها]- فقالتْ: لا تَسُبَّهُ؛ فإنَّه كانَ يُنافحُ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم. قَالَتْ عَائِشَةُ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى هِجَاءِ الْمُشْرِكِينَ؛ قَالَ: «كَيْفَ بِنَسَبِى؟!». قَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ. 1753 - عن مسروقٍ قالَ: دَخَلْنا على عائشةَ رضيَ اللهُ عنها وعندَها حسَّانُ ابنُ ثابتٍ يُنْشِدُها شعراً؛ يُشَبِّبُ بأبياتٍ لهُ، وقالَ: حَصَانٌ (102) رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِل فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ! قَالَ: مَسْرُوقٌ: فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَأْذَنِيني لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}؟! فقالتْ: وأيُّ عذابٍ أشدُّ مِن العَمى؟! قالتْ لهُ: إنَّه كانَ يُنافحُ -أو يُهماجِي- عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

_ (101) من ولق الرجل إذا كذب؛ قال الحافظ: "لكن القراءة المشهورة بفتح اللام وتشديد القاف من التلقِّي، وإحدى التاءين فيه محذوفة". (102) قوله: "حصان"؛ أي: عفيفة. (رزان)؛ أي: صاحبة الوقار. (ما تزن)؛ أي: ما تتهم. (بريبة)؛ أي: بتهمة. (غرثى)؛ أي: جائعة من لحوم العفيفات؛ يعني: لا تغتاب الناس. قوله: "وأي عذاب أشد من العمى"؛ أي: على فرض شمول الآية لحسان، وإلا فهي في ابن أبيٍّ كما مر.

37 - باب غزوة الحديبية، وقول الله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} الآية

37 - بابُ غزوةِ الحُدَيْبِيَةِ، وقولِ الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عنِ المؤمِنينَ إذْ يُبايِعونَكَ تحتَ الشَّجَرَةِ} الآية 1754 - عنِ البراءِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الْفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؛ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِئَةً [أو أَكْثَرَ]، وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا (103)، فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَتَاهَا، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ [ها , فأُتِىَ بهِ , فبصَق] , فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَضْمَضَ، وَدَعَا، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا (وفى روايةٍ: ومَجَّ) فيها , [ثم قالَ: "دعوها ساعة"] , فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ, ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا. 1755 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهما قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: «أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ». وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ (104)، وَلَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ الْيَوْمَ؛ لأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ. 602 - عن عبدِ اللهِ بنِ أبي أوْفى رضيَ الله عنهما: كانَ أصحابُ الشَّجَرَةِ ألفاً وثلاثَمائةٍ،

_ (103) وروي: "فنزفناها"، والنزف والنزح واحد: وهو أخذ الماء شيئاً فشيئًا. و (الركاب): الإبل التى يسار عليها. (104) كذا في هذا الحديث، وفي حديث مضى "61 - المناقب/ 25 - باب/ رقم الحديث 1525" من طريق أخرى عن جابر أنهم كانوا خمس عشرة مئة، وفي حديث عبد الله بن أبي أوفى الآتي أنهم كانوا ألفاً وثلاثمائة، والجمع أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، فمن قال ألفاً وخمسمائة جبر الكسر، ومن قال ألفاً وأربعمائة ألغاه. وأما قول ابن أبي أوفى ألفاً وثلاثمائة فيمكن حمله على ما اطلع هو عليه، واطلع غيره على زيادة لم يطلع هو عليهم، وزيادة الثقة مقبولة. انظر "الفتح". 602 - هذا صورته صورة المعلق، وقد وصله مسلم (6/ 26).

وكانَتْ (أسْلَمُ) (105) ثُمُنَ المُهاجرينَ. 1756 - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - إِلَى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! هَلَكَ زَوْجِى وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَاللَّهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا (106)، وَلاَ لَهُمْ زَرْعٌ وَلاَ ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءَ الْغِفَارِىِّ، وَقَدْ شَهِدَ أَبِى الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ، وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ, ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ (107) كَانَ مَرْبُوطًا فِى الدَّارِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ، مَلأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَادِيهِ: فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللَّهُ بِخَيْرٍ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَكْثَرْتَ لَهَا. قَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ؛ وَاللَّهِ إِنِّى لأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا قَدْ حَاصَرَا حِصْنُا زَمَانًا، فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِىءُ سُهْمَانَهُمَا (108) فِيهِ. 1757 - عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: انْطَلَقْتُ حَاجًّا، فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ (109)؛ قُلْتُ: مَا هَذَا الْمَسْجِدُ؟ قَالُوا: هَذِهِ الشَّجَرَةُ حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْعَةَ الرُّضْوَانِ. فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ, [فضحك] , فَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنِى

_ (105) (أسلم): اسم قبيلة. (106) أي: ما يقدرون على الطبخ؛ إما لصغرهم، أو لعدم وجدانهم ما يطبخونه حتى (الكراع): وهو ما دون الكعب من الشاة. (ولا لهم زرع)؛ أي: نبات. (ولا ضرع)؛ أي: نَعَم يحلبونه. و (الضبع) هنا: السنة المجدبة الشديدة. (107) يعني: شديد الظهر، قويًّا على الرحلة. (108) أي: نطلب الفيء من (سهمانهما)؛ أي: من أنصبائهما، وهو جمع سهم، وهو النصيب. (109) زاد الإسماعيلي: "في مسجد الشجرة".

أَبِى أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحْتَ الشَّجَرَةِ؛ قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ نَسِينَاهَا، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا (وفى روايةٍ: فعُمِّيَتْ علينا)، فَقَالَ سَعِيدٌ: إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَعْلَمُوهَا، وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ؟! فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ؟! (110) 1758 - عن سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ -قَالَ: كُنَّا نُصَلِّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْجُمُعَةَ، ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ. 1759 - عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقِيتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ - رضى الله عنهما - فَقُلْتُ له: طُوبَى لَكَ؛ صَحِبْتَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَبَايَعْتَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِى! إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثْنَا بَعْدَهُ! 1760 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينُا}؛ قَالَ: الْحُدَيْبِيَةُ. قَالَ أَصْحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا؛ فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}. قَالَ شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ, فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قَتَادَةَ , ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ: أَمَّا {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ}؛ فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا؛ فَعَنْ عِكْرِمَةَ. 1761 - عن زَاهِرٍ الأَسْلَمِىِّ -وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ- قَالَ: إِنِّى لأُوقِدُ تَحْتَ الْقِدْرِ بِلُحُومِ الْحُمُرِ (111)؛ إِذْ نَادَى مُنَادِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ". 1762 - وَعَنْ مَجْزَأَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ؛ اسْمُهُ: أُهْبَانُ

_ (110) أي: منهم. قاله متهكمًا. (111) يعني يوم خيبر؛ كما في الأحاديث الأخرى الآتية قريباً في "40 - باب غزوة خيبر".

ابْنُ أَوْسٍ، وَكَانَ اشْتَكَى رُكْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا سَجَدَ؛ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتِهِ وِسَادَةً. 1763 - عَنْ أَبِى جَمْرَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِذَ (*) بْنَ عَمْرٍو رضى الله عنه -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ- هَلْ يُنْقَضُ الْوِتْرُ؟ قَالَ: إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِهِ؛ فَلاَ تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ. 1764 - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ (112) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسِيرُ فِى بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَىْءٍ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ سَأَلَهُ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ؟ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ! نَزَرْتَ (113) رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ. قَالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِى، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِىَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِى، قَالَ: فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِىَّ قُرْآنٌ، وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَلَّمْتُ [عَلَيْهِ 6/ 44] , فَقَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَىَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِىَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينُا}. 1765 - عن عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ}.

_ (*) الأصل: (عائد) بالدال المهملة، وهو خطأ. (112) قال الحافظ: "صورته مرسل، ولكن بقيته تدل على أنه عن عمر؛ لقوله في أثنائه: قال عمر: فحركت بعيري .. ". (113) أي: ألححتُ عليه.

38 - باب قصة عكل وعرينة

1766 - وعن عمِّه (يعني: الزُّهرىَّ) قالَ: بلَغَنا حينَ أمَرَ اللهُ رسولَهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرُدَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ ... فذَكَرَهُ بطولِةِ (114). 1767 - عَنْ نَافِعٍ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ عُمَرُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ إِلَى فَرَسٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يَأْتِى بِهِ؛ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايِعُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَعُمَرُ لاَ يَدْرِى بِذَلِكَ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الْفَرَسِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ، وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ (115) لِلْقِتَالِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُبَايِعُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ فَذَهَبَ مَعَهُ حَتَّى بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَهِىَ الَّتِى يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ. 603 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، تَفَرَّقُوا فِى ظِلاَلِ الشَّجَرِ، فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! انْظُرْ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَدْ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ، فَبَايَعَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ، فَخَرَجَ فَبَايَعَ. 38 - بابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وعُرَيْنَةَ 39 - بابُ غزوةِ ذاتِ قَرَدٍ، وهيَ الغزوةُ التي أغارُوا على لِقاحِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قبلَ خيبرَ بثلاثٍ

_ (114) هذا مرسل، وقد مضى موصولاً بتمامه عن الزهري: أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان في (ج 2/ 54 - الشروط/ 15 - باب". (115) أي: يلبس لأمته؛ أي: درعه. 603 - هذا صورته صورة المعلق، وقد وصله الإسماعيلي بسند صحيح عنه.

40 - باب غزوة خيبر

1768 - عن سَلَمَةَ بنِ الأكوعِ قالَ: خَرَجْتُ [مِنَ الْمَدِينَةِ ذَاهِبًا نَحْوَ الْغَابَةِ 4/ 27]، قبلَ أنْ يؤَذَّنَ بالأولى (116) , وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْعَى بِذِى قَرَدٍ , [حتى إذا كنتُ بثَنيةِ الغابةِ] قَالَ: فَلَقِيَنِى غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ [قلتُ: ويحَكَ ما بكَ؟!] , فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم. قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ [وفَزَارةُ] , قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلاَثَ صَرَخَاتٍ: يَا صَبَاحَاهْ! قَالَ: فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَىِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِى حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ، وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ الْمَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِى -وَكُنْتُ رَامِيًا- وَأَقُولُ: (أَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ ... الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ) (117) وَأَرْتَجِزُ، حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ [قبلَ أن يَشْرَبُوا]، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً، [فَأَقْبَلْتُ بها أَسُوقُها] , قَالَ: وَجَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالنَّاسُ , فَقُلْتُ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ! قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ (وفى روايةٍ: إنَّ القومَ عِطاشٌ , وإنِّي أعْجَلْتُهُم أنْ يَشْرَبُوا سِقْيَهُم) , فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ , فَقَالَ: «يَا ابْنَ الأَكْوَعِ! مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ (118) , [إنَّ القومَ يُقْرَوْنَ فى قومِهِم]»، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا، وَيُرْدِفُنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ. 40 - بابُ غزوةِ خيبرَ 1769 - عن سلمةَ بنِ الأكوعِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: خرجْنا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -

_ (116) أي: بالصلاة الأولى، وهى صلاة الفجر. (لقاح): نجمع لقحة، وهي الناقة ذات اللبن. (117) أي: يوم هلاك اللئام. كذا فسروه. (118) أي: قدرت عليهم، فارفق بهم، ولا تأخذهم بالشدة. (يقرون): من القرى، وهي الضيافة.

إلى خيبرَ، فسِرْنا ليلًا، فقالَ رجلٌ مِن القومِ لعامِر [بنِ الأكوعِ 7/ 107]: يا عامِرُ! ألا تُسْمِعُنا مِن هُنَيْهَاتِكَ (119)؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ [يذَكِّرُ] يَقُولُ: اللَّهُمَّ! لَوْلاَ أَنْتَ (وفى روايةٍ: تا اللهِ لولا اللهُ) مَا اهْتَدَيْنَا وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا (وفى روايةٍ: اقْتَفَيْنا) ... وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْناَ ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا (120) وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟». قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ. قَالَ: «يَرْحَمُهُ اللَّهُ». قَالَ رَجُلٌ (121) مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ (122) يَا نَبِىَّ اللَّهِ!، لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ! فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ , حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شديدةٌ , ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِى فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانُا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَىِّ شَىْءٍ تُوقِدُونَ؟». قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ. قَالَ: «عَلَى أَىِّ لَحْمٍ؟». قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ. قَالَ: النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم

_ (119) أي: من أراجيزك،، ويُروى: "من هنياتك"، بتشديد التحتية. (120) أي: إذا دُعينا إلى غير الحق امتنعنا. وروي: "أتينا" بالفوفية بدل الموحدة؛ أي: إذا دُعينا إلى الحق جئنا. (121) وفي "المسند" (4/ 52) من طريق أخرى: "قالَ: غفر لك ربك، قالَ: وما استغفر لإنسان قط يخصه إلا استشهد، فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال". وسنده حسن. قال الحافظ: "وبهذه الزيادة ظهر السر في قول الرجل: لولا أمتعتنا به". (122) يعني: أنه يرزق الشهادة بدعائك له، ووجبت الجنة فضلاً من ربه.

«أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا». فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: «أَوْ ذَاكَ». فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ؛ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِىٍّ لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ (123) فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ، فَمَاتَ مِنْهُ , قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا؛ قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -[شاحِباً] وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِى , [فـ] قالَ [لى]: "ما لَكَ؟ ". قلتُ: فدَاك أبي وأمي، زَعمُوا أنَّ عامرًا حَبِطَ عَملُهُ! قالَ: ["مَن قالَه؟ ". قلتُ: قالَه فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، وَأُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ الأَنْصَارِىُّ، فَقَالَ] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ [اثنينِ 8/ 41]، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِىٌّ مَشَى (وفى روايةٍ: نَشأَ) بِهَا مِثْلَهُ (124) (وفى روايةٍ: وأى قتلٍ يَزيدُه عليهِ؟) ". 1770 - عن أبي موسى الأشعريِّ قَالَ: لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ -أَوْ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (125) - أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ (وفى راويةٍ: فَجَعَلْنَا لاَ نَصْعَدُ شَرَفًا، وَلاَ نَعْلُو شَرَفًا، وَلاَ نَهْبِطُ فِى وَادٍ, إِلاَّ رَفَعْنَا أَصْوَاتَنَا) بِالتَّكْبِيرِ (وفى روايةٍ: فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ؛ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا 4/ 16): اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ , [قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم على بَغلَتِهِ 7/ 169] , [قالَ: فدَنا منَّا - صلى الله عليه وسلم] , فقالَ:

_ (123) أي: حده. قوله: "عين ركبة عامر"؛ أي: رأس ركبته. (124) أي: قلَّ من العرب من مشى مثله بهذه الخصلة الحميدة التي هي الجهاد في سبيل الله مع الجهد والجد. هذا؛ وعلى روايةٍ: (نشأ) بدل (مشى) يعود ضمير (بها) إلى أرض المدينة. (125) يعني: من خيبر إلى المدينة. قالَ الحافظ: "هذا السياق يوهم أن ذلك وقع وهم ذاهبون إلى خيبر، وليس كذلك، بل إنما وقع ذلك حال رجوعهم؛ لأن أبا موسى إنما قدم بعد فتح خيبر مع جعفر؛ كما سيأتي في الباب من حديثه (بعد سبعة أحاديث) واضحاً، وعلى هذا؛ ففي السياق حذف تقديره: لمَّا توجه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى خيبر فحاصَرَها، ففتَحَها، ففرغ، فرجع؛ أشرف الناس ... إلخ".

«[يا أيُّها النَّاسُ!] ارْبَعُوا (126) عَلَى أَنْفُسِكُمْ، [فـ] إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ (وفى روايةٍ: ولكن 7/ 162) تدْعُونَ سَمِيعًا [بصيراً 8/ 168] قَرِيبًا، وَهْوَ مَعَكُمْ (وفى روايةٍ: إنَّه سميعٌ قريبٌ) "، وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَمِعَنِى وَأَنَا أَقُولُ [فى نفسى]: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ، فَقَالَ لِي: «يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ!». قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ». قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! فِدَاكَ أَبِى وَأُمِّى. قال: "لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ". 1771 - عن يزيدَ بنِ أبي عُبيدٍ قالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِى سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ! مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ قَالَ: هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِى يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ: النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَفَثَ فِيهِ (127) ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ. 1772 - عن أبي عمرانَ قالَ: نظرَ أنسٌ إلى النَّاسِ يومَ الجُمْعَةِ، فرأى طَيالِسَةً (128)، فقالَ: كأنَّهُمُ الساعَةَ يهودُ خيبَرَ! 1773 - عنِ ابنِ عمرَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نهى يومَ خيْبَرَ عن أكلِ الثَّوْمِ، وعن لحومِ الحُمُرِ الأهْلِيَّةِ. 1774 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما قالَ: "نهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يومَ خيبَرَ عن لحومِ الحُمُرِ الأهليةِ، ورَخَّصَ في [لحومِ

_ (126) بكسر الهمزة عند الابتداء، وتوصل في الدرج؛ أي: ارفقوا. (127) أي: في موضع الضربة، و (النفث): فوق النفخ، ودون التفل بريق خفيف. (128) (الطيالسة): جمع الطيلسان، وهو من لباس العجم.

6/ 229] الخيلِ". 1775 - عنِ البراءِ وعبدِ اللهِ بنِ أبي أوْفى أنَّهم كانوا معَ النبيِّ, فَأَصَابُوا حُمُرًا، فَطَبَخُوهَا، فَنَادَى مُنَادِى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم: "أَكْفِئُوا الْقُدُورَ"، (ومن طريق أخرى عنِ البراءِ قالَ: أَمَرَنَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنْ نُلْقِىَ الْحُمُرَ الأَهْلِيَّةَ؛ نِيئَةً وَنَضِيجَةً، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ بَعْدُ). 1776 - عنِ ابنِ عباسٍ قالَ: لاَ أَدْرِى أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ؛ فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ (129) أو حَرَّمَهُ فِى يَوْمِ خَيْبَرَ؟ لَحْمَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ (130)؟ 1777 - عنِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: قسَمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يومَ خَيْبَرَ للفرَسِ سهمَيْنِ، وللرَّاجِلِ (وفي روايةٍ: ولصاحِبِهِ 3/ 218) سَهْماً (131).

_ (129) (الحمولة): هي التي يحمل عليها الناس، أعمُّ من الركوبة. (130) فيه دليل على أن ابن عباس رجع عن القول بإباحة الحمر الأهلية؛ كما سيأتي عنه في "ج 3/ 72 - الذبائح/ 27 - باب"، وهذا هو المفروض فيه بعد أن يبلغه النص، وهذا هو الواجب على المقلدة , فلعلهم يفعلون. (131) كذا وقع في هذه الرواية، وعند مسلم: "وللرجل"؛ أي: صاحب الفرس. وهذه الرواية هي الصواب؛ لموافقتها للرواية الأخرى في الكتاب، وتفسير نافع للحديث لا يتفق إلا معها؛ لأنه صرح أن للفارس ثلاثة أسهم؛ يعني: سهمان من أجل فرسه، وسهم من أجله هو، وهذا هو الذي يلتقي مع تمام تفسيره: "فإن لم يكن له فرس؛ فله سهم". وأما على الرواية الأولى؛ فالمعنى: للفارس سهمان؛ أحدهما له، والآخر للفرس، وللراجل -يعني: الذي لا فرس له- سهم واحد. ومما لا شك فيه أن ما اتفق عليه الشيخان أصح مما تفرَّد به أحدهما، لا سيما مع المخالفة؛ كما هو الشأن هنا، فكيف وقد تضافرت الروايات الصحيحة عن ابن عمر وغيره من الصحابة على رفق الرواية الصحيحة؛ كما حققه الشيخ اليماني رحمه الله تعالى في "التنكيل"، وأطال النفس في ذلك جدَّا -جزاه الله خيراً- (2/ 65 - 76)، وبها أخذ الجمهور.=

فسَّرَهُ نافع فقالَ: إذا كانَ معَ الرَّجُلِ فرسٌ؛ فلهُ ثلاثةُ أسْهُمٍ، فإنْ لم يَكُنْ له فرسٌ؛ فلهُ سَهْمٌ. 1778 - عن أبي موسى رضيَ اللهُ عنه قالَ: بَلَغَنا مَخْرَجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ونحنُ باليمنِ، فخَرَجْنا مهاجرينَ إليهِ أنا وأخَوانِ لي، أنا أصغَرُهم، أحدُهما أبو بُرْدَةَ، والآخرُ أبو رُهْمٍ، إمَّا قال [في 4/ 55] بِضْعٍ؛ وإمَّا قالَ في ثلاثةٍ وخمسينَ؛ أوِ اثْنَيْنِ وخمسينَ رجلًا مِن قومي، فرَكِبْنا سفينةً، فالْقَتْنا سفينَتُنا إلى النَّجاشِيِّ بالحبشةِ، فوافَقْنا جعفَرَ بنَ أبي طالبٍ [وأصحابَهُ عندَه، فقالَ جعفرٌ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بعَثَنا ها هُنا، وأمَرَنا بالِإقامَةِ، فأَقِيْمُوا معَنا]، فأقَمْنا معهُ حتَّى قدِمْناً جميعاً، فوافَقْنا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ افْتَتَحَ خيبرَ، [فأسْهَمَ لنا -أو قالَ: فأعْطانا منها- وما قسَمَ لأحدٍ غابَ عن فَتْحِ خيبرَ منها شيئاً؛ إلا لِمَنْ شهِدَ معهُ؛ إلا أصحابَ سفينَتِنا مع جعفرٍ وأصحابهِ، قسمَ لهُم معهُم]. - وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا -يَعْنِى لأَهْلِ السَّفِينَةِ-: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ -وَهْىَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا- عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زَائِرَةً -وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِىِّ فِيمَنْ هَاجَرَ- فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ. قَالَ عُمَرُ: آلْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ؟ آلْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ (132)؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ. قَالَ:

_ =وأما الحنفية؛ فأخذوا بالرواية الشاذة، وبروايات أخرى بمعناها، وكلها ضعيفة منكرة؛ كما تراه محققاً في المصدر المذكور، فقالوا: للفارس سهمان: سهم له، وسهم لفرسه، وللراجل سهم. ومن غرائب الرأي ما حكوه عن أبي حنيفة أنه قال: "أنا لا أجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن! " ودافع عنه الكوثري كعادته بكل تكلف وتعسف. فيقال للحنفية: فكيف جعلتم المؤمن مثل البهيمة حين حكمتم لكل منهما بسهم؟! هذا من بركات الرأي! (132) البحر قد يحرك لمكان حرف الحلق.

سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْكُمْ. فَغَضِبَتْ, وَقَالَتْ: كَلاَّ وَاللَّهِ؛ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِى دَارِ -أَوْ فِى أَرْضِ- الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِى اللَّهِ وَفِى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَايْمُ اللَّهِ لاَ أَطْعَمُ طَعَامًا وَلاَ أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَسْأَلُهُ، وَاللَّهِ لاَ أَكْذِبُ، وَلاَ أَزِيغُ، وَلاَ أَزِيدُ عَلَيْهِ. 1779 - فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ! إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: «فَمَا قُلْتِ لَهُ؟». قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: «لَيْسَ بِأَحَقَّ بِى مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ! هِجْرَتَانِ». قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِى أَرْسَالاً يَسْأَلُونِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ؟ مَا مِنَ الدُّنْيَا شَىْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلاَ أَعْظَمُ فِى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّى. 1780 - عن أبي موسى: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّى لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ (133)؛ إِذَا لَقِىَ الْخَيْلَ -أَوْ قَالَ: الْعَدُوَّ- قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِى

_ (133) صفة لرجل منهم، وقيل: اسم علم.

يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ". 1781 - عن أَبي هُريرةَ رضي اللهُ عنه قالَ: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلاَ فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا الْبَقَرَ وَالإِبِلَ، وَالْمَتَاعَ، وَالْحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى وَادِى الْقُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِى الضِّبَابِ (وفى روايةٍ: الضُّبَيْبِ؛ يقالُ له: رِفاعةُ بنُ زيدٍ 7/ 235]، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ (134)، حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ الْعَبْدَ، [فقَتَلَهُ] , فَقَالَ: النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ (وفى روايةٍ: الجَنَّةُ). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «بَلَى (وفى روايةٍ: كلاَّ) وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِى أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ؛ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا». فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشِرَاكٍ -أَوْ بِشِرَاكَيْنِ-[إلى النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -]، فَقَالَ: هَذَا شَىْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "شِرَاكٌ -أَوْ شِرَاكَانِ- مِنْ نَارٍ". 1782 - عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: أمَا والذي نفسي بيدِهِ؛ لولا أنْ أتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّاناً (135) ليسَ لهُم شيءٌ؛ ما فُتِحَتْ عليَّ قريةٌ إلا قَسَمْتُها [بين أهلِها 3/ 70]؛ كما قَسَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خيبَرَ، ولكِنِّي أتْرُكُها خِزانةً لهُم يَقْتَسِمونَها. 1783 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالتْ: لمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ؛ قلنا: الآنَ

_ (134) هو سهم لا يُدرى من أين أتى؟ وقيل: هو الحائد عن قصده. (135) (ببَّان) مفسر بما بعده، والمعنى: لولا أن أتركهم فقراء معدومين لا شيء لهم؛ أي: متساوين في الفقر."فتح".

41 - باب استعمال النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل خيبر

نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ. 1784 - عنِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: ما شَبِعْنا حتَّى فَتَحْنا خيبَرَ. 41 - بابُ استعمالِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على أهلِ خيْبَرَ 42 - بابُ معامَلَةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أهلَ خيْبَرَ 43 - بابُ الشَّاةِ التي سُمَّتْ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بخيبَرَ 604 - رواة عروةُ عن عائشةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 44 - بابُ غزوةِ زيدِ بنِ حارثةَ (قلتُ: سند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج 2/ 62 - الفضائل/ 17 - باب"). 45 - بابُ عُمْرةِ القضاءِ 605 - ذكَرَهُ أنسُ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1785 - عَنِ الْبَرَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - في ذِى الْقَعْدَةِ؛ فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّام , فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ؛ كَتَبُوا (وفى روايةٍ: قالَ: فأحذَ يكتُبُ الشرطَ بينَهُم علىٌّ

_ 604 - قال الحافظ: "لعله يشير إلى الحديث الذي ذكره في "الوفاة النبوية" معلقاً أيضاً، وسيأتى ذكره هناك". قلتُ: وقد ساق متنه هناك، فراجعه مع التخريج "85 - باب". 605 - وصله عبد الرزاق، وعنه النسائي (2/ 32) وغيره بسند صحيح عنه؛ قالَ: دخل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مكة في عمرة القضاء، وابن رواحة بين يديه يقول: خلوا بني الكفار! عن سبيله ... الحديث.

ابنُ أبي طالبٍ، فكتبَ 4/ 71): هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ. قَالُوا: لاَ نُقِرُّ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، [ولَبايَعْناكَ] (وفي روايةٍ: لا تَكْتُبْ: محمدٌ رسولُ اللهِ، لو كنتَ رسولاً لم نُقاتِلْكَ 3/ 167)، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. فَقَالَ: «أَنَا [واللهِ] رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا [واللهِ] محمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ». ثُمَّ قَالَ: لِعَلِىٍّ: «امْحُ: رَسُولَ اللَّهِ». قَالَ: عَلِىٌّ: لاَ وَاللَّهِ لاَ أَمْحُوكَ أَبَدًا. فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ [قالَ: "فَأَرِنيهِ". قالَ: فَأَراهُ إيَّاهُ , فمَحَاهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيدِهِ] , فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , [وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ , و] لاَ يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلاَحَ إِلاَّ السَّيْفَ فِى الْقِرَابِ (وفى روايةٍ: وَلاَ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ بِجُلْبانِ السِّلاَحِ. فَسَأَلُوهُ: مَا جُلْبانِ السِّلاَحِ؟ فَقَالَ: الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ). (606 - وفي أخرى معلقةٍ عنه قالَ: صَالَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَشْيَاءَ: عَلَى أَنَّ مَنْ أَتَاهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ رَدَّهُ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَاهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَرُدُّوهُ، وَعَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا مِنْ قَابِلٍ، وَيُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، وَلاَ يَدْخُلَهَا إِلاَّ بِجُلْبانِ السِّلاَحِ: السَّيْفِ، وَالْقَوْسِ، وَنَحْوِهِ. فَجَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَحْجُلُ (136) فِى قُيُودِهِ، فَرَدَّهُ إِلَيْهِمْ) , وَأَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ؛ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لاَ يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا؛ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا (وفى روايةٍ:

_ 606 - وصلها أبو عوانة في "صحيحه"، والإسماعيلي، والبيهقي (9/ 226)، وفي سنده أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، وهو صدوق سيئ الحفظ؛ كما قال الحافظ؛ لكن له عند البيهقي شاهد من حديث مروان، والمسور بن مخرمة بإسناد حسن. (136) أي: يمشي مثل الحجلة: الطير الذي يرفع رجلاً ويضع أخرى؛ لأن المقيد لا يمكنه أن ينقل رجليه معاً.

46 - باب غزوة موتة من أرض الشأم

ولا يَدْعُوَ منهم أحداً)، فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ, أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ , [فذَكَرَ ذلك لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - , فقالَ: "نعم"] , فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ تُنَادِى: يَا عَمِّ! يَا عَمِّ! فَتَنَاوَلَهَا عَلِىٌّ فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ. حَمَلَتْهَا (137) فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِىٌّ , وَزَيْدٌ، وَجَعْفَرٌ؛ قَالَ عَلِىٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا، وَهْىَ بِنْتُ عَمِّى. وَقَالَ جَعْفَرٌ: هي ابْنَةُ عَمِّى، وَخَالَتُهَا تَحْتِى. وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِى. فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ». وَقَالَ لِعَلِىٍّ: "أَنْتَ مِنِّى وَأَنَا مِنْكَ " وقال لجعفرٍ: "أشْبَهْتَ خَلْقِي وخُلُقي". وقال لزيدٍ: "أنتَ أخُونا ومَوْلانا". وقالَ عليٌّ: ألا تتزوَّجُ بنتَ حمزةَ؟ قالَ: "إنَها ابنةُ أخي مِنَ الرَّضاعَةِ". 1786 - عنِ ابنِ عباس رضي اللهُ عنهما قالَ: تزوَّجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ميمونَةَ [607 - في عُمْرةِ القَضَاءِ]، وهو مُحْرِمٌ، وبَنى بها وهو حلالٌ، وماتت بـ (سَرِفَ). 46 - بابُ غزوةِ مُوتَةَ مِن أرضِ الشأْمِ 1787 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضيَ الله عنهما قالَ: أَمَّرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غزوَةِ مُوتَةَ زيدَ بنَ حارثةَ، فقالَ رسولُ اللهِّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (137) كذا للأكثر بصيغة الفعل الماضي، وكأن الفاء سقطت. قال الحافظ: "وقد ثبتت في رواية النسائي من الوجه الذي أخرجه منه البخاري". 607 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف من طريق ابن إسحاق، وهو موصول في "السيرة" لابن إسحاق، وإسناده جيد.

47 - باب بعث النبى - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرقات من جهينة

"إنْ قُتِلَ زيدٌ فجعفرٌ، وإنْ قُتِلَ جعفرٌ فعبدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ". قالَ عبدُ اللهِ: كنتُ فيهِم في تلكَ الغزوةِ، فالْتَمَسْنا جعفرَ بنَ أبي طالبٍ، فوجدناهُ في القَتْلى، ووجَدْنا ما في جسدهِ (وفي روايةٍ: فعَدَدْتُ بهِ) بِضْعًا وتسعينَ مِن طعنةٍ، [وضَربةٍ]، ورَمْيةٍ. 1788 - عن خالدِ بنِ الوليدِ قالَ: لقدِ انقطَعَتْ (وفي روايةٍ: دُقَّ) في يَدي يومَ مُوتَةَ تِسعَةُ أسيافٍ، فما بَقِيَ في يَدِي إلاَّ (وفي روايةٍ: وصَبَرَتْ في يَدِي) صَفِيْحَةٌ يَمَانِيَةٌ (138). 1789 - عن النعمانِ بنِ بشيرٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: أُغْمِىَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِى: وَاجَبَلاَهْ، وَاكَذَا، وَاكَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ, فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلاَّ قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ (139)؟! [فلما ماتَ؛ لم تَبْكِ عليهِ]. 47 - بابُ بَعْثِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - أسامةَ بنَ زيدٍ إلى الحُرَقاتِ (140) مِن جُهَيْنَةَ 1790 - عن سَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ قالَ: غَزَوْتُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْعَ غَزَواتٍ، [فذكرَ خيبرَ، والحُديبيَةَ، ويومَ حُنينٍ، ويومَ القَرَدِ. قالَ يزيدُ: ونسيتُ بقيَّتَهُم] (141)،

_ (138) (الصفيحة): السيف العريض. (139) استفهام على سبيل الِإنكار، يريد به نهيها عن البكاء عليه؛ كما في (الشارح). (140) ضبطه الشارح بضم الحاء والراء، والحال أن الراء مفتوحة في المفرد، وهو: الحُرَقَة؛ وِزان هُمَزَة ولُمَزة، قالوا: وهي قبيلة من جُهينة، سميت بذلك؛ لأن أباهم حرق قوماً بالقتل، وبالغ في ذلك، والجمع فيه باعتبار بطون تلك القبيلة. (141) كذا، وعلى الهامش: الصواب روايةٍ: "بقيتها"، أو "بقيتهن".

48 - باب غزوة الفتح، وما بعث به حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي - صلى الله عليه وسلم.

وخرجتُ فيما يَبْعَثُ مِن البُعُوثِ تِسْعَ غزواتٍ، مرةً علينا أبو بكرٍ؛ ومرةً علينا أُسامَةُ. (وفي روايةٍ عنه: غزوتُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تسعَ غَزَواتٍ، وغَزَوْتُ معَ ابنِ حارثةَ؛ استَعْمَلَهُ علينا). 48 - بابُ غزوةِ الفتحِ، وما بعثَ بهِ حاطِبُ بنُ أبي بَلْتَعَةَ إلى أهلِ مكةَ يُخْبِرُهُم بغَزْوِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم. 49 - بابُ غزوةِ الفتحِ في رَمضانَ 1791 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ [عَامَ الْفَتْحِ] فِى رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَةِ [إلى حُنَيْنٍ (وفى روايةٍ: مكَّةَ 2/ 238)]، وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ، فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ؛ يَصُومُ وَيَصُومُونَ (وفى روايةٍ: وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ؛ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ)، حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ -وَهْوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ-[فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ؛ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ -أَوْ مَاءٍ- فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ، أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ (وفى روايةٍ: فرَفَعَهُ إلى يديْهِ 2/ 238)] , [فشَرِبَ نهاراً؛ ليُريَهُ الناسَ؟ فـ] أفْطَرَ , [ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ الْمُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ: أَفْطِرُوا] , [فأفْطَرَ النَّاسُ] , [فَلَمْ يَزَلْ مُفْطِرًا حَتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ (وفى روايةٍ: حتى قَدِمَ مكَّةَ)] , [وكانَ ابنُ عباسٍ يقولُ: [قد]، صامَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في السفرِ وأفطَرَ، فمَن شاءَ صامَ، ومَن شاءَ أفطَرَ]. قَالَ الزُّهْرِىُّ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الآخِرُ فَالآخِرُ. (وفي روايةٍ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزا غزوةَ الفتحِ في رمضانَ. قالَ (الزهريُّ): وسمعتُ ابنَ المسيَّبِ يقولُ مِثْلَ ذلك).

50 - باب أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - الراية يوم الفتح؟

50 - بابٌ أينَ رَكَزَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الرايَةَ يومَ الفتْحِ؟ 1792 - عن هشامٍ عن أبيهِ (142) قالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا؛ خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ؛ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ؟ لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ. فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِى عَمْرٍو. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ , فَلَمَّا سَارَ؛ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الْخَيْلِ (143) حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ , فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِى سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ , قَالَ: يَا عَبَّاسُ! مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَذِهِ غِفَارٌ. قَالَ: مَا لِي وَلِغِفَارٍ (144). ثمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّتْ سُلَيْمٌ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الأَنْصَارُ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؛ مَعَهُ الرَّايَةُ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ! الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ (145)، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا

_ (142) هكذا أورده مرسلاً، ولم أره في شيء من الطرق عن عروة موصولاً، ومقصود البخاري منه ما ترجم به، وهو آخر الحديث، فإنه موصول عن عروة عن نافع بن جبير عن العباس بن عبد المطلب والزبير ابن العوام. كذا في "الفتح". (143) أي: ازدحامها، وفي روايةٍ: "خطم الجبل" بالخاء المعجمة؛ أي: أنف الجبل، وهي رواية ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي. (144) (غفار): فيه الصرف وعدمه. (145) قوله: "اليوم يوم الملحمة"؛ أي: يوم حرب لا يوجد منه مخلص. (الذمار): ما يلزمك حفظه وحمايته؛ كما في "القاموس"؛ أي: هذا يوم يلزمك فيه حفظي وحمايتي، وفسره الشراح بالهلاك، وهو معنى الدمار؛ بفتح المهملة، فليحرر.

عَبَّاسُ! حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ. ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ، وَهْىَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ، فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَبِى سُفْيَانَ؛ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: «مَا قَالَ؟». قَالَ: قَال كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: «كَذَبَ سَعْدٌ؛ وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ»، قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ. قَالَ عُرْوَةُ: وَأَخْبَرَنِى نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ! هَا هُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ؟ قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ؛ مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ كُدًى، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدٍ يَوْمَئِذٍ رَجُلاَنِ؛ حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ, وَكُرْزُ بْنُ جَابِرٍ الْفِهْرِىُّ. 1793 - عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ [وهى تسيرُ بهِ 5/ 112]، وَهْوَ يَقْرَأُ {سُورَةَ الْفَتْحِ} [قراءةً ليِّنَةً, وهو] يُرَجِّعُ. [قالَ: ثم قرأَ معاويةُ يُحكي قراءَةَ ابن مُغَفَّلٍ] , وقَالَ: لَوْلاَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِى لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ [ابْنُ مُغَفَّلٍ , يَحْكِى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ؟ قَالَ: ءا ءا ءا (ثَلاَثَ مَرَّاتٍ) 8/ 213]. 1794 - عن عبدِ اللهِ [بنِ مسعودٍ 3/ 108]، قالَ: دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مكةَ يومَ الفتحِ، وحولَ البيتِ ستونَ وثلاثُمِائةِ نُصُبٍ (146)، فجَعَلَ يَطْعُنُها بِعُوِب في يدهِ، و [جعلَ]، يقولُ: " {جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطِلُ}، {جاءَ الحَقُّ وما يُبْدِئُ البَاطلُ وما يُعِيدُ} ".

_ (146) هي واحدة الأنصاب، وهو ما يُنصب للعبادة من دون الله جل وعلا.

51 - باب دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - من أعلى مكة

51 - بابُ دخولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِن أعلى مكةَ 52 - بابُ مَنْزِلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الفتحِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم هانئ المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 4 - باب"). 54 - بابُ مُقامِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمكةَ زمَنَ الفتحِ 55 - بابٌ 1795 - عن الزُّهْرِىِّ عَنْ سُنَيْنٍ أَبِى جَمِيلَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَنَحْنُ مَعَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: وَزَعَمَ أَبُو جَمِيلَةَ أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم، وَخَرَجَ مَعَهُ عَامَ الْفَتْحِ. 1796 - عَنْ أيوبَ عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلِمَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو قِلاَبَةَ (147): أَلاَ تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ؟ قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ؟ فَقَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ، فَنَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ؟ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ؛ أَوْحَى إِلَيْهِ -أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا- فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلاَمَ، وَكَأَنَّمَا يُغْرَى فِى صَدْرِى , وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمِ الْفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهْوَ نَبِىٌّ صَادِقٌ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ؛ بَادَرَ (148) كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِى قَوْمِى بِإِسْلاَمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ؛ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا، فَقَالَ: "صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِى حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا كَذَا فِى حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ

_ (147) هو مقول أيوب. قوله: "بما"؛ أي: بموضع ننزل به. قوله: "يُغْرَى"؛ أي: يلصق بالغراء. (تلوم): أصلة تتلوم؛ أي: تنتظر. (148) (بادر) و (بدر): كلاهما بمعنى أسرع.

الصَّلاَةُ؛ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنُا». فَنَظَرُوا، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنُا مِنِّى؛ لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَىَّ بُرْدَةٌ؛ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّى، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْحَىِّ: أَلاَ تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ؟ فَاشْتَرَوْا، فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَىْءٍ فَرَحِى بِذَلِكَ الْقَمِيصِ. 1797 - عن مجاشِعِ [بنِ مسعود]، قالَ: أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بأخي [أبي مَعْبَدٍ]، [مجالدٍ] لِتبايِعَةُ بنِ مسعودٍ 4/ 38] بعدَ الفتحِ، فقلتُ: يا رَسولَ اللهِ! جِئْتُك بأخي [مجالدٍ]، لِتبايِعَهُ على الهجرةِ. قالَ: "ذهبَ أهْلُ الهجرةِ بما فيها (وفي روايةٍ: لا هجرةَ بعدَ فتْحِ مكَّةَ) ". فقلتُ: على أيِّ شيءٍ تُبايعُةُ؟ قالَ: "أبايِعُهُ على الِإسلامِ، والِإيمانِ، والجهادِ". فَلَقِيتُ أبا مَعْبَدٍ بعدُ -وكانَ أكبَرَهُما- فسألتُهُ؟ فقالَ: صدَقَ مُجاشِعٌ. 1798 - عن مجاهدٍ: قلتُ لابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما: إنِّي أريدُ أنْ أهاجِرَ إلى الشأْمِ. قالَ: لا هجرةَ [بعدَ الفتحِ 4/ 253]؛ ولكنْ جهادٌ، فانْطَلِقْ، فاعْرِضْ (149) نفسَكَ، فإنْ وجَدْتَ شيئًا وإلا رجعْتَ. 608 - (وفي روايةٍ معلقةٍ عنه قالَ): لا هِجْرَةَ اليومَ أو بعدَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. مِثْلَهُ. 1799 - عن مجاهدٍ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قامَ يومَ الفتحِ، فقالَ:

_ (149) كذا بهمزة الوصل، وإن قال الشارح: بهمزة القطع. قوله: "فإن وجدت شيئاً"؛ أي: من الجهاد والقدرة عليه؛ فهو المطلوب. 608 - وصلها الإسماعيلي.

56 - باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم

"إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهْىَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِى، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِى، وَلَمْ تَحْلِلْ لِي إِلاَّ سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ، لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ». فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: إِلاَّ الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَإِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَالْبُيُوتِ، فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ: «إِلاَّ الإِذْخِرَ؛ فَإِنَّهُ حَلاَلٌ» (150). 609 - رواه أبو هريرةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 56 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ} إلى قولِهِ: {غَفورٌ رَحيمٌ} 1800 - عن إسماعيلَ (ابن أبي خالدٍ) قالَ: رأيتُ بِيَدِ ابنِ أبي أَوْفَى ضَرْبَةً؟ قالَ: ضُرِبْتُها معَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ حنينٍ. قلتُ: شَهِدْتَ حُنَيْناً؟ قالَ: قبلَ ذلك. 57 - بابُ غَزاةِ أوْطَاسٍ 1801 - عن أبي موسى رضيَ اللهُ عنه قالَ: لمَّا فرَغَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من حُنَيْنٍ؛

_ (150) هذا مرسل، فهو ليس على شرط المسند الصحيح، وإنما ذكره؛ لأنه أتبعه بالموصول من طريق عكرمة عن ابن عباس، قال: بمثل هذا، أو نحو هذا. وقد مضى لفظه في آخر" ج 1/ 25 - الحج/ 135 - باب". 609 - وصله في (ج 1/ 3 - العلم/ 40 - باب/ رقم الحديث 75" عنه، وهو في خطبة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عام فتح مكة في تحريم مكة، نحو حديث مجاهد الذي قبله.

بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِىَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ، وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ. قَالَ أَبُو مُوسَى: وَبَعَثَنِى مَعَ أَبِى عَامِرٍ، فَرُمِىَ أَبُو عَامِرٍ فِى رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ جُشَمِىٌّ بِسَهْمٍ فَأَثْبَتَهُ فِى رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا عَمّ! مَنْ رَمَاكَ؟ فَأَشَارَ إِلَى أَبِى مُوسَى (151) , فَقَالَ: ذَاكَ قَاتِلِى الَّذِى رَمَانِى. فَقَصَدْتُ لَهُ فَلَحِقْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِى وَلَّى، فَاتَّبَعْتُهُ، وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ: أَلاَ تَسْتَحِى؟! أَلاَ تَثْبُتُ؟! فَكَفَّ , فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ، فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ لأَبِى عَامِرٍ: قَتَلَ اللَّهُ صَاحِبَكَ. قَالَ: فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ. فَنَزَعْتُهُ، فَنَزَا مِنْهُ الْمَاءُ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِى! أَقْرِئِ النَّبِيَّ السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لِي. وَاسْتَخْلَفَنِى أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ، فَمَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ مَاتَ، فَرَجَعْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ (152) وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ في بِظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِى عَامِرٍ، وَقَالَ: قُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لِي. فَدَعَا بِمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِى عَامِرٍ»، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمّ! اجْعَلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ». فَقُلْتُ: وَلِى فَاسْتَغْفِرْ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ! اغْفِرْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيمًا». قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: إِحْدَاهُمَا لأَبِى عَامِرٍ، وَالأُخْرَى لأَبِى مُوسَى.

_ (151) يقوله أبو موسى معبراً عن نفسه بالغيبة. (152) بهذا الضبط، ولأبي ذرٍّ: "مُرَمَّلٍ" بفتح الراء والميم الثانية المشددة؛ أي: منسوج بحبل ونحوه.

58 - باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان

58 - بابُ غزوةِ الطائفِ في شوالٍ سنةَ ثمانٍ 610 - قالَةُ موسى بنُ عُقْبَةَ. 1802 - عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ: دَخَلَ عَلَىَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِى [الـ] مُخَنَّثٌ [هِيتٌ] , فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لـ[أخي أمِّ سلمةَ 6/ 159] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا؛ فعليكَ بابنَةِ (وفي روايةٍ: فإني أدُلُّكَ على بنتِ 7/ 55] غَيْلانَ؛ فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُنَّ»، [وَهْوَ مُحَاصِرٌ الطَّائِفَ يَوْمَئِذٍ]. [قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ)؛ يَعْنِى: أَرْبَعَ عُكَنِ بَطْنِهَا، فَهْىَ تُقْبِلُ بِهِنَّ. وَقَوْلُهُ: (وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ)؛ يَعْنِى: أَطْرَافَ هَذِهِ الْعُكَنِ الأَرْبَعةِ؛ لأَنَّهَا مُحِيطَةٌ بِالْجَنْبَيْنِ حَتَّى لَحِقَتْ , وَإِنَّمَا قَالَ: "بِثَمَانٍ". وَلَمْ يَقُلْ: "بِثَمَانِيَةٍ" -وَوَاحِدُ الأَطْرَافِ طَرَفٌ، وَهْوَ ذَكَرٌ- لأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: "ثَمَانِيَةَ أَطْرَافٍ" 7/ 56]. 1803 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمروٍ قالَ: لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الطَّائِفَ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا؛ قَالَ: «إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ»، فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: نَذْهَبُ وَلاَ نَفْتَحُهُ! وَقَالَ مَرَّةً: "نَقْفُلُ" (وفي روايةٍ: فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: لاَ نَبْرَحُ أَوْ نَفْتَحَهَا 7/ 93) , فَقَالَ: [النبيُّ - صلى الله عليه وسلم: "فـ] اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ» , [قالَ:] فَغَدَوْا, فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ (وفي روايةٍ: فَقَاتَلُوهُمْ قِتَالاً شَدِيدًا، وَكَثُرَ فِيهِمُ الْجِرَاحَاتُ) , فَقَالَ:

_ 610 - ذكره في "مغازيه".

قافِلونَ غداً إنْ شاءَ اللهُ"، فأعجَبَهُم (وفي روايةٍ: فسكتوا)، فضَحِكَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم. وقالَ سفيانُ مرةً: فتبسَّمَ. 1804 - عن عاصمٍ قالَ: سمعتُ أبا عثمانَ قالَ: سمعتُ سعداً -وهو أوَّلُ مَن رمى بسهمٍ في سبيلِ اللهِ- وأبا بكرةَ -وكانَ تَسَوَّرَ حصنَ الطائفِ (153) في أُناسٍ فجاءَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالا: سمعْنا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنِ ادَّعَى إلى غيرِ أبيهِ وهُو يَعْلَمُ؛ فالجَنَّةُ عليهِ حرامٌ". (وفي روايةٍ: فذكرتُهُ لأبي بَكْرَةَ فقالَ: وأنا سَمِعَتْهُ أذُنايَ وَوَعَاهُ قلبي مِن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 8/ 12). 611 - (وفي روايةٍ معلقةٍ: قالَ عاصمٌ: قلتُ: لقدْ شَهِدَ عندَكَ رجُلانِ حَسْبُكَ بهِما. قالَ: أجَلْ؛ أمَّا أحدُهُما؛ فأوَّلُ مَن رَمَى بسهْمٍ في سبيلِ اللهِ، وأمَّا الآخَرُ؛ فنَزَلَ إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثالِثَ ثلاثةٍ وعشرينَ مِنَ الطائِفِ). 1805 - عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه: قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ نَازِلٌ بـ (الْجِعْرَانَةِ) بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْرَابِىٌّ، فَقَالَ: أَلاَ تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِى؟ فَقَالَ: لَهُ «أَبْشِرْ». فَقَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَىَّ مِنْ أَبْشِرْ. فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِى مُوسَى وَبِلاَلٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ , فَقَالَ: «رَدَّ الْبُشْرَى، فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا». قَالاَ: قَبِلْنَا. ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ، وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا،

_ (153) أى: صعد إلى أعلاه , ثم تدلى منه ببكرة , فكنى أبا بكرة لذلك؛ كما فى الطبرانى بسند لا لا بأس به عنه. "فتح". 611 - وصلها عبد الرزاق، وسنده صحيح.

وأبْشِرا، فأخذَا القَدَحَ، ففَعَلا، فنادَتْ أمُّ سَلَمَةَ مِن وراءِ السِّتْرِ: أنْ أفْضِلا لأمِّكُما، فأفْضَلا لها منهُ طائفةً. 1806 - عن عبدِ اللهِ بنِ زيدِ بنِ عاصمٍ قالَ: لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ؛ قَسَمَ فِى النَّاسِ فِى الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا (154) إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، فَخَطَبَهُمْ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِى؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللَّهُ بِى؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ بِى؟»، كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ: «مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم؟». قَالَ: كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ: «لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا، أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رِحَالِكُمْ؟! لَوْلاَ الْهِجْرَةُ، لَكُنْتُ امْرَأُ مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا؛ لَسَلَكْتُ وَادِىَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِى أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِى عَلَى الْحَوْضِ». 1807 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ؛ أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمْ بِنَعَمِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَمَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةُ آلاَفٍ وَمِنَ الطُّلَقَاءِ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِىَ وَحْدَهُ، فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا، الْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ فقالَ: "يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! ". قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! [وسَعْدَيْكَ، لبَّيْكَ 5/ 105]

_ (154) أي: حزنوا. وقوله: "وعالة"؛ أى: فقراء لا مال لكم. و (الشعار): هو الثوب الذى يلي الجلد. و (الدثار): ما يجعل فوق الشعار؛ أى: أنهم بطانته وخاصته. وقوله: "أثرة" بهذا الضبط , وبضم الهمزة وسكون المثلثة؛ أى يستأثر عليكم بما لكم فيه اشتراك من الاستحقاق.

59 - باب السرية التي قبل نجد

أَبْشِرْ , نَحْنُ مَعَكَ [بينَ يديكَ] , ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ!». قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ. وَهْوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، فَنَزَلَ , فَقَالَ: «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، فَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِى الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: [واللهِ إنَّ هذا لَهُوَ العَجَبُ! 4/ 211] إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةٌ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَيُعْطَى الْغَنِيمَةَ غَيْرُنَا! (وفى طريق أخرى عنهُ: أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ، فَطَفِقَ يُعْطِى رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنَ الإِبِلِ , فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللَّهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِى قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا , وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ! 4/ 59)، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِى قُبَّةٍ، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكُمْ؟» , فَسَكَتُوا. فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ! أَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟». قَالُوا بَلَى. فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: "لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا [أَوْ شِعْبًا] , وسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْباً؛ لأخَذْتُ (وفى طريق: لَسَلَكْتُ. وفى أخرى: لاخْتَرْتُ) [وادىَ الأنصارِ و] شِعْبَ الأنصارِ". فقالَ هشامٌ: يا أبا حمزةَ (155)! وأنتَ شاهِدٌ ذاك؟ قالَ: وأينَ أَغِيبُ عنهُ؟. 59 - بابُ السَّرِيَّةِ التي قِبَلَ نجْدٍ 60 - بابُ بعثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خالدَ بنَ الوليدِ إلى بني جَذِيمَةَ 1808 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ قالَ: بعَثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خالدَ بنَ الوليدِ إلى بني

_ (155) أبو حمزة كنية أنس.

61 - باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي، ويقال: إنها سرية الأنصار

جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ, فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا، صَبَأْنَا. فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ؛ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِى، وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِى أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرْنَاهُ لهُ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ، فَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ" (مرتين). 61 - بابُ سَرِيَّةِ عبدِ اللهِ بنِ حُذافَةَ السَّهْمِيِّ وعلقَمَةَ بنِ مُجَزِّزٍ المُدْلِجِيِّ، ويُقالُ: إنَّها سَرِيَّةُ الأنصارِ 1809 - عن عَلِىٍّ - رضى الله عنه - قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً، فَاسْتَعْمَلَ عليها رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ [8/ 106] , فَقَالَ: أَلَيْسَ [قد] أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُطِيعُونِى؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا. فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا. فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا، وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ النَّارِ. فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، (156) , فَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: [للذينَ أرادوا أنْ يَدْخُلوها 8/ 135]: "لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" [وقالَ للآخَرينَ: "لا طاعَةَ فى معصيةٍ؛ إنَّما] الطَّاعَةُ فِى الْمَعْرُوفِ". 62 - [بابُ]، بَعْثِ أبي موسى ومُعاذٍ إلى اليَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوداعِ 1810 - عن عمرِو بنِ ميمونٍ أنَّ معاذاً رضي اللهُ عنه لمَّا قَدِمَ اليَمَنَ صلَّى

_ (156) بفتح الميم وتكسر: أنطفأ لهبها

63 - [باب] بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع

بِهِمُ الصُّبْحَ , فَقَرَأَ: [{سورةَ النَّساءِ} , فلما قالَ]: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ. 63 - [بابُ] بَعْثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ وخالدِ بنِ الوليدِ رضيَ اللهُ عنهما إلى اليمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوَداعِ 1811 - عن البراءِ رضي اللهُ عنه: بعَثَنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - معَ خالِدِ بنِ الوليدِ إِلَى الْيَمَنِ , قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ مَكَانَهُ، فَقَالَ: "مُرْ أَصْحَابَ خَالِدٍ؛ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ فَلْيُعَقِّبْ (157)، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقْبِلْ"، فَكُنْتُ فِيمَنْ عَقَّبَ مَعَهُ، قَالَ: فَغَنِمْتُ أَوَاقٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ. 1812 - عن بُرَيْدَةَ رضى اللهُ عنه قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الْخُمُسَ، وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا (158)، وَقَدِ اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلاَ تَرَى إِلَى هَذَا؟ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «يَا بُرَيْدَةُ! أَتُبْغِضُ عَلِيًّا». فَقُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: «لاَ تُبْغِضْهُ؛ فَإِنَّ لَهُ فِى الْخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ". 1813 - عن أبى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قالَ: بَعَثَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الْيَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِى أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ (159)، لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا، قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ [الفّزَارىَّ 4/ 108]، وَأَقْرَعَ

_ (157) أي: يرجع معك إلى اليمن بعد أن رجع منه خالد. (158) أي: لظني أنه غل من الخمس جازيةً وطئها واغتسل منها، ولا غلول، وفيه جواز التسري على بنت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (159) مدبوغ بالقرظ. قوله: "لم تحصل"؛ أي: لم تخلص.

ابْنِ حَابِسٍ [الحَنْظَلِىِّ ثم المُجاشِعِىَّ] , وَزَيْدِ الْخَيْلِ [الطائِيِّ ثم أَحَدِ بني نَيْهانَ]، وَالرَّابِعُ: إِمَّا عَلْقَمَةُ [بنُ عُلاثةَ العامِريُّ ثم أحدُ بنى كِلابٍ]؛ وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ. قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «أَلاَ تَأْمَنُونِى وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِى السَّمَاءِ؛ يَأْتِينِى خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً؟!». 612 - (وفي روايةٍ معلقةٍ: فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ؛ قَالُوا يُعْطِى صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا؟! قَالَ: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ"). قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الْجَبْهَةِ (وفي روايةٍ: ناتِئُ الجَبِينِ)، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اتَّقِ اللَّهَ. قَالَ: "وَيْلَكَ! أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِىَ اللَّهَ (وفى روايةٍ: مَن يُطِعِ اللهَ إذا عَصَيْتُ)؟!. قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ: خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: "لاَ؛ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّى", فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِى قَلْبِهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّى لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ قُلُوبَ النَّاسِ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ". قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهْوَ مُقَفٍّ (160) فَقَالَ:

_ 612 - قلت: هذه معلقة، ومنها الزيادات التي قبلها، والرواية التي بعدها والزيادة التي قبلها، وهي عند المصنف موصولة في "تفسير براءة"، ولكن باختصار كثير، وقد وصلها أيضاً أبو داود وغيره بأتم منه، وقد خرجتها في "تخريج السنة" (910). (160) أي: مولٍّ قفاه. قوله: "من ضئضىء"، وروي: "من صئصىء" بالصاد بدل الضاد؛ أي: من نسل هذا.

"إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، [ثُمَّ لاَ يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ (161) 8/ 218] [يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ]، لَئِنْ [أَنَا] أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثمودَ (وفى روايةٍ: عَادٍ)]. [قِيلَ: مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: «سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ (162). أَوْ قَالَ: التَّسْبِيدُ»]. (ومن طريقٍ أخرى عنه قالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَقْسِمُ قَسْمًا؛ إذْ أَتَاهُ ذُو (وفى روايةٍ: عبدُ اللهِ بنُ ذي 8/ 52) الْخُوَيْصِرَةِ، وَهْوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى تَمِيمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! اعْدِلْ. فَقَالَ: «وَيْلَكَ! وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ؟! قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ». فَقَالَ عُمَرُ (163): يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: «دَعْهُ؛ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا (ومن طريقِ أَبِى سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ، فَسَأَلاَهُ عَنِ الْحَرُورِيَّةِ: أَسَمِعْتَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: لاَ أَدْرِى مَا الْحَرُورِيَّةُ؟ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: يَخْرُجُ فِى هَذِهِ الأُمَّةِ -وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا- قَوْمٌ) [من قِبَلِ المشرِقِ] يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، [وعمَلَكم معَ عَمَلِهِمْ 6/ 115]، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ (وفى طريقٍ: حُلوقَهُم)، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ , [فـ] ينظرُ [الرَّامي] إلى

_ (161) (الفُوق): موضع الوتر من السهم. (162) (التحليق): إزالة الشعر. و (التسبيد): اسئصاله. (163) لا ينافيه قوله في الطريق الأولى: "قال خالد بن الوليد"؛ لاحتمال أن يكون كلَّ منهما سأل ذلك؛ كما قال الحافظ.

نَصْلِهِ (164) فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ - (وَهْوَ قِدْحُهُ) - فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ (165) فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ (وفى طريق: فَيَتَمَارَى فى الفُوقَة (166)؛ هلْ عَلِقَ بها مِن الدَّمِ شئً؟) آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ؛ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْىِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ (167) تَدَرْدَرُ , وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ". قَالَ: أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّى سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ، فَأُتِىَ بِهِ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِى نَعَتَهُ 4/ 179). [قالَ: فنَزَلَتْ فيهِ: {ومِنْهُم مَنْ يَلْمِزُكَ في الصَّدَقاتِ} 8/ 53]. 1814 - عن بَكْرٍ البصريِّ أَنَّهُ ذَكَرَ لاِبْنِ عُمَرَ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، فَقَالَ: أَهَلَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَجِّ، وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ؛ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْىٌ فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً»، وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَدْىٌ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ مِنَ الْيَمَنِ حَاجًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «بِمَ أَهْلَلْتَ؟ فَإِنَّ معنا أهْلَكَ". قالَ: أهلَلْتُ بما أهلَّ بهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. قالَ: "فأمْسِكْ؛ فإنَّ معَنا هَدْياً".

_ (164) أي: حديدته. و (رصافه): أوتاره. و (نضيه): قدحه؛ يعني: عوده. (165) أرياشه التي عليه؛ أي: ينظر إلى هذه الأشياء، فلا يَرى في واحد منها أثر السهم. "قد سبق الفرث": هو ما يجتمع في الكرش "والدم": بحيث لم يتعلق به منهما شيء، وخرجا بعده. (166) هي موضع الوتر من السهم. (167) هي القطعة من اللحم. و (تدردر)، معناه: تتحرك؛ تذهب وتجيء، أصله: (تتدردر).

64 - [باب]، غزوة ذي الخلصة

64 - [بابُ]، غزوَةِ ذي الخَلَصَةِ 1815 - عن جريرٍ قالَ: قالَ لي رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ألا تُريحُني مِن ذي الخَلَصَةِ؟ ". فقلتُ: بلى، فانطلقْتُ في خمسينَ ومائةِ فارسٍ مِن أحْمَسَ (168) [مِن قومي 7/ 152]، وكانوا أصحابَ خيلٍ، وكنتُ لا أثْبُتُ على الخيلِ، فذكرتُ ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: ما حَجَبَني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - منذُ أسْلَمْتُ، ولا رآني إلا تبسَّمَ في وجهي، ولقد شَكَوْتُ إليهِ أنِّي لا أثْبُتُ على الخيلِ 4/ 25 - 26)، فضرَبَ يَدَهُ على (وفي روايةٍ: فصكَّ في 7/ 152) صَدْري حتَّى رأيتُ أثَرَيَدِهِ (وفي روايةٍ: أصابِعِهِ 4/ 22) في صدري، فقالَ: "اللهُمَّ! ثَبِّتْهُ واجْعَلْهُ هادياً مهديًّا". قالَ: فما وقعْتُ عن فرسٍ بعدُ. قالَ: وَكَانَ ذُو الْخَلَصَةِ بَيْتًا بِالْيَمَنِ لِخَثْعَمَ وَبَجِيلَةَ، فِيهِ نُصُبٌ يُعْبَدُ، يُقَالُ لَهُ: الْكَعْبَةُ [اليَمانِيِةُ , والكعبةُ الشامِيَّةُ 4/ 111]، قَالَ: فَأَتَاهَا, فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ، وَكَسَرَهَا , [قالَ: وقَتَلْنا مَن وَجَدْنا عندَهُ]. قالَ: وَلَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ الْيَمَنَ , كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلاَمِ, فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ [رَسُولِ] (169) اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَا هُنَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ يَضْرِبُ بِهَا إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ فَقَالَ: لَتَكْسِرَنَّهَا وَلَتَشْهَداً (170) أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؛ أَوْ لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ. فَكَسَرَهَا وَشَهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلاً مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى: أَبَا أَرْطَاةَ

_ (168) أحمس أخو بجيلة، وهي جرير. (169) زيادة من متن "الفتح". (170) بتنوين الدال، ولأبي ذر عن الحموي والكشميهني: "ولْتشهدنَّ" بسكون اللام وبعد الدال نون توكيد ثقيلة.

65 - [باب]، غزوة ذات السلاسل

إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ؛ مَا جِئْتُ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ (171). قَالَ: فَبَرَّكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ. 65 - [بابُ]، غَزْوةِ ذاتِ السَّلاسِلِ 613 - وهيَ غزوةُ لَخْمٍ وجُذامَ. قالَهُ إسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ. 614 - وقالَ ابنُ إسحاقَ عن يزيدَ عن عُروةَ: هي بلادُ بَلِيِّ وعُذْرَةَ وبَني القَيْنِ. (قلتُ: أسند فيه حديث عمرو بن العاص المتقدم "ج 2/ 62 - الفضائل/ 6 - باب"). 66 - [بابُ]، ذَهابِ جريرٍ إلى اليمنِ 1816 - عن جريرٍ قالَ: كنتُ بالبَحْرِ (172)، فَلَقِيتُ رجلينِ مِن أهلِ اليمنِ: ذَا كَلاَعٍ وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَهُ ذُو عَمْرٍو: لَئِنْ كَانَ الَّذِى تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ؛ لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلاَثٍ (173). وَأَقْبَلاَ مَعِى، حَتَّى إِذَا كُنَّا فِى بَعْضِ الطَّرِيقِ؛ رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ الْمَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ؟ فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَالنَّاسُ صَالِحُونَ. فَقَالاَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا، وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَرَجَعَا إِلَى الْيَمَنِ , فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ

_ (171) أي: سوداء من التحريق؛ كالجمل الأجرب إذا طلي بالقطران. 613 و 614 - لم يوصلهما الحافظ. وانظر "سيرة ابن هشام" (4/ 298). (172) في نسخة الحافظ وغيرها "باليمن" بدل "بالبحر". (173) أراد أنه مات منذ ثلاثة أيام، قال الحافظ: "وهذا قاله ذو عمرٍو عن اطلاع من الكتب القديمة؛ لأن اليمن كان أقام بها جماعة من اليهود، فدخل كثير من أهل اليمن في دينهم، وتعلموا منهم، وذلك بيِّنٌ في قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ لما بعثه إلى اليمن: إنك ستأتي قوماً أهل كتاب".

67 - [باب]، غزوة سيف البحر، وهم يتلقون عيرا لقريش، وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

بِحَدِيثِهِمْ، قَالَ: أَفَلاَ جِئْتَ بِهِمْ؟ فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ قَالَ لِي ذُو عَمْرٍو: يَا جَرِيرُ! إِنَّ لِكَ عَلَىَّ كَرَامَةً، وَإِنِّى مُخْبِرُكَ خَبَرًا؛ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ! لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ؛ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِى آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ؛ كَانُوا مُلُوكًا، يَغْضَبُونَ غَضَبَ الْمُلُوكِ، وَيَرْضَوْنَ رِضَا الْمُلُوكِ. 67 - [بابُ]، غَزْوةِ سِيفِ البحرِ (174)، وهم يَتَلَقَّوْنَ عِيراً لقريشٍ، وأميرُهُم أبو عبيدةَ بنُ الجراحِ رضيَ اللهُ عنه 1817 - عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قالَ: بعَثنا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[ونحنُ 4/ 14] ثَلاَثَمِائَةِ رَاكِبٍ [قِبَلَ الساحِلِ] , [نَحْمِلُ زَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا]، أَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، نَرْصُدُ عِيرَ [اً لِ 6/ 223] قُرَيْشٍ، فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْر, [حتى إذا كُنَّا ببعضِ الطريقِ؛ فَنِيَ الزادُ 1/ 109] فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ، فَسُمِّىَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ، [فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ الْجَيْشِ، فَجُمِعَ ذلك كلُّهُ , فَكَانَ مِزْوَدَىْ تَمْرٍ، فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلٌ قَلِيلٌ، حَتَّى فَنِىَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلاَّ تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: مَا تُغْنِى عَنْكُمْ تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ. قال:] فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا: الْعَنْبَرُ (وفي روايةٍ: فإذا حوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ) , [ميِّتٌ لم نَرَ مثلَهُ] , [قال أبو عُبيدَةَ: كُلُوا] , فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ (وفى روايةٍ: فأكل منهُ ذلك الجيشُ ثمانيَ عشرةَ ليلةً؛ [ما أحْبَبْنا]) , وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ (175) حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا (وفى روايةٍ: صَلَحَتْ) أَجْسَامُنَا , فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا

_ (174) (سيف البحر): ساحله. وهو بكسر السين. (175) أي: من شحمه. (حتى ثابت)، أي: رجعت. (الجزائر) هنا: جمع جزور، وهو البعير ذكراً كانَ أو أنثى.

68 - [باب] حج أبي بكر بالناس في سنة تسع

مِنْ أَضْلاَعِهِ، فَنَصَبَهُ (وفي روايةٍ: ضِلَعَيْنِ مِن أضلاعِهِ، فنُصِبا، ثم أمرَ براحِلَةٍ فرُحِلَتْ، ثمَّ مرَّتْ تحتَهما، فلمْ تُصِبْهُما)، فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ مَعَهُ. قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ، فَنَصَبَهُ، وَأَخَذَ رَجُلاً (*) وَبَعِيرًا، فَمَرَّ [الرَّاكِبُ] تَحْتَه. قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَ [فينا] رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ , [فلما اشتدَّ الجوعُ]؛ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ. (ومن طريق أخرى: عن قيسِ بِنِ سعدٍ قالَ لأبيهِ: كُنْتُ فِى الْجَيْشِ، فَجَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ. قَالَ: نَحَرْتُ , قَالَ: ثُمَّ جَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ. قَالَ: نَحَرْتُ , قَالَ: ثُمَّ جَاعُوا. قَالَ: انْحَرْ. قَالَ: نَحَرْتُ، ثُمَّ جَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ. قَالَ: نُهِيتُ) [فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ؛ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "كُلُوا رِزْقَّا أَخْرَجَهُ اللَّهُ، أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ", فَآتَاهُ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَه]. 68 - [بابُ] حَجِّ أبي بكرٍ بالناسِ في سنةِ تسعٍ 1818 - عنِ البراءِ رضي اللهُ عنه قالَ: آخِرُ سورةٍ نَزَلَتْ كاملةً {براءَةُ}، وآخرُ سورةٍ نزلتْ خاتِمَةُ {سورةِ النِّساءِ}: {يَسْتَفْتونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ في الكَلالَةِ}. 69 - [بابُ] وَفْدِ بني تَميمٍ (قلتُ: أسند في حديث عمران المتقدم "ج 2/ 59 - بده الخلق/ 1 - باب").

_ (*) الأصل: (رَحْلاً)!

70 - باب

70 - بابٌ 615 - قالَ ابن إسحاقَ: غزوةُ عُيَيْنَةَ بنِ حِصْنِ بنِ حُذَيْفَةَ بنِ بدرٍ بني العَنْبَرِ، مِن بني تميمٍ، بعثهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليهم، فأغارَ وأصابَ منهم ناساً، وسَبَى منهُم نساءً. 71 - بابُ وفْدِ عبدِ القَيْسِ 72 - بابُ وفدِ بني حَنيفةَ، وحديثِ ثُمامَةَ بنِ أُثَالٍ 1819 - عن أبي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِى حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ؛ [سيدُ أهلِ اليمامَةِ 3/ 91] , فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِى الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟». فَقَالَ: عِنْدِى خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ!، إِنْ تَقْتُلْنِى؛ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ؛ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ؛ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ. فتُركَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ». فَقَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ؛ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ. فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟». قَالَ: عِنْدِى مَا قُلْتُ لَكَ. فَقَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» , فَانْطَلَقَ إِلَى نَجْلٍ (176) قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ! وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ

_ 615 - لم يخرجه الحافظ، وهو في "السيرة" (4/ 296). (176) أي: إلى ماء مستنقع، وفي نسخة: "إلى نخل" بالخاء المعجمة. قلتُ: وهي رواية ابن خزيمة في "صحيحه" (252)، وفي أخرى له: "إلى حائط أبي طلحة"، وسنده صحيح على شرط الشيخين.

أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَىَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَىَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَىَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلاَدِ إِلَىَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِى وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ؛ قَالَ: لَهُ قَائِلٌ؛ صَبَوْتَ؟ قَالَ: لاَ واللهِ، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ وَاللَّهِ لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم. 1820 - عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهُما قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -[المدينَةَ، فنزلَ في دارِ بنتِ الحارِثِ، وكانَ تحتَهُ بنتُ الحارثِ بنِ كُرَيْزٍ، وهي أمُّ عبدِ اللهِ بنِ عامرٍ 5/ 119]، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ مِنْ بَعْدِهِ؛ تَبِعْتُهُ. وَقَدِمَهَا فِى بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ [وهو الذي يُقالُ لهُ: خطيبُ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم]، وَفِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِى أَصْحَابِهِ، [فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ: إِنْ شِئْتَ خَلَّيناَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الأَمْرِ، ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ] (177) , فَقَالَ: [النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -]: "لَوْ سَأَلْتَنِى هَذِهِ الْقِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهَا، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللَّهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللَّهُ (178)، وَإِنِّى لأَرَاكَ الَّذِى أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ [بنُ قيسٍ وسـ] يُجِيبُكَ عَنِّى"، ثم انْصَرَفَ عنهُ. 1821 - قالَ ابنُ عباسٍ: فسألْتُ عن قولِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّكَ أَرَى

_ (177) الأصل: "خليت بيننا"، وكأنه مقلوب، والمثبت من متن "الفتح". (178) أى: ليهلكنك.

73 - [باب] قصة الأسود العنسي

الذي أُرِيتُ فيهِ ما رأيْتُ"؟ فَأَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ؛ رَأَيْتُ فِى يَدَىَّ سِوَارَيْنِ (وفي طريقٍ: أُتِيتُ بخزائِنِ الأرضِ، فوُضعَ في كَفِّي سَوارانِ 5/ 119) مِنْ ذَهَبٍ، فـ[كَبُرَا عليَّ , وَ 8/ 82] أَهَمَّنِى شَأْنُهُمَا، (وفي طريقٍ أخرى: ففَظِعْتُهُما وكَرِهْتُهُما 8/ 81)، فَأُوحِىَ إِلَىَّ فِى الْمَنَامِ: أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِى، [فكانَ 4/ 182] أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىَّ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةَ [الْكَذَّابَ صَاحِبَ الْيَمَامَةِ]، (وفي طريقٍ: فأوَّلْتُهُما الكذَّابَيْنِ اللذينِ أنا بينَهُما: صاحِبَ صنعاءَ، وصاحِبَ اليَمامَةِ"، [فقالَ عُبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ: أحدُهما العَنْسِيُّ الذي قَتَلَهُ فيروزُ باليمنِ، والآخَرُ مُسَيْلِمَةُ]). 1822 - عن أبي رجاءٍ العُطَارِدِيِّ قالَ: كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ، فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ؛ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا؛ جَمَعْنَا جُثْوَةً (179) مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُفْنَا بِهِ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ؛ قُلْنَا: مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ، فَلاَ نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ، وَلاَ سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ؛ إِلاَّ نَزَعْنَاهُ، وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ. 1823 - وعنه قالَ: كنتُ يومَ بُعِثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - غلاماً، أرْعَى الإِبِلَ على أهْلي، فلمَّا سَمِعْنا بخُروجِهِ؛ فرَرْنا إلى النَّارِ؛ إلى مُسَيْلِمَةَ الكذابِ. 73 - [بابُ] قِصَّةِ الأسْوَدِ العَنْسِيِّ 74 - بابُ قصَّةِ أهلِ نَجْرانَ

_ (179) أي: قطعة.

75 - [باب] قصة عمان والبحرين

1824 - عن حُذَيْفَةَ قالَ: جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدَانِ أَنْ يُلاَعِنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لاَ تَفْعَلْ؛ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلاَعَنَّا؛ لاَ نُفْلِحُ نَحْنُ وَلاَ عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا. قَالاَ: إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا، وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً أَمِينًا، وَلاَ تَبْعَثْ مَعَنَا إِلاَّ أَمِينًا. فَقَالَ: «لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ»، فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ!» , فَلَمَّا قَامَ؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ» , [فبعَثَ أبا عبيدَةَ بنَ الجرَّاحِ]. 75 - [بابُ] قِصَّةِ عُمانَ والبَحْرَيْنِ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم "ج 2/ 57 - الخمس/ 15 - باب"). 76 - بابُ قُدومِ الأشْعَرِيِّينَ وأهلِ اليَمَنِ 616 - وقالَ أبو موسى عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "هُم منِّي وأنا منهُم". 1825 - عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ (180) أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الإِيمَانُ هَا هُنَا -وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ- وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِى الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ؛ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ: رَبِيعَةَ وَمُضَرَ». 1826 - عن أبي هُريرةَ رضي اللهُ عنه عن النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ 616 - هو طرف من حديثه المتقدم في "ج 2/ 47 - الشركة/ 1 - باب". (180) هو عقبة بن عمرو البدري الأنصاري رضي الله تعالى عنه. و (الفدَّادين): هم الذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم.

77 - [باب] قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي

"أتاكُم أهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أرَقُّ أفْئِدَةً، وأليَنُ قلوباً، الِإيمانُ (وفي طريقٍ: الفِقْهُ) يمانٍ، والحِكْمَةُ يَمانِيَةٌ، والفخرُ والخُيَلاءُ في أصحابِ الإبِلِ، والسَّكينَةُ والوَقارُ في أهْلِ الغَنَمِ، [والفتْنَةُ ها هُنا، ها هُنا يَطْلُعُ قرْنُ الشَّيطانِ] ". 1827 - عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَجَاءَ خَبَّابٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! أَيَسْتَطِيعُ هَؤُلاَءِ الشَّبَابُ أَنْ يَقْرَءُوا كَمَا تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ أَمَرْتُ (181) بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ عَلَيْكَ. قَالَ: أَجَلْ. قَالَ: اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ! فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ -أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ-: أَتَأْمُرُ عَلْقَمَةَ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ (182)! فَقَرَأْتُ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ {سُورَةِ مَرْيَمَ}، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: قَدْ أَحْسَنَ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلاَّ وَهُوَ يَقْرَؤُهُ. ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ، وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الْخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَىَّ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَأَلْقَاهُ. 77 - [بابُ] قصَّةِ دَوْسٍ والطُّفَيْلِ بنِ عمرٍو الدَّوْسيِّ 78 - بابُ قِصَّةِ وفْدِ طيَّئٍ وحديثِ عدِيِّ بنِ حاتمٍ 1828 - عَنْ عَدِىِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ فِى وَفْدٍ، فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلاً رَجُلاً، وَيُسَمِّيهِمْ، فَقُلْتُ: أَمَا تَعْرِفُنِى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ!؟ قَالَ: بَلَى؛ أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا. فَقَالَ عَدِىٌّ: فَلاَ أُبَالِى إِذًا.

_ (181) بتاء الخطاب أو التكلم. (182) قال الحافظ: "كأنه يشير إلى ثناء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على النخع؛ لأن علقمة نخعي، وإلى ذم بني أسد، وزياد بن حدير أسدي", وانظر الحديث (1492 و 1493).

79 - باب حجة الوداع

79 - بابُ حَجَّة الوَداعِ 1829 - عنِ ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِى عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ؛ فَقَدْ حَلَّ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ قَالَ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، وَمِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا فِى حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فقُلْتُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ (183)، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قَبْلُ وَبَعْدُ. 1830 - عنِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ بِحَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَلاَ نَدْرِى مَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ؟ ف [وقفَ 2/ 192] [بمِنىَّ] [يومَ النَّحْرِ بينَ الجمراتِ , فى الحجةِ التي حَجَّ , و] حَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَأَطْنَبَ فِى ذِكْرِهِ، وَقَالَ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ مِنْ نَبِىٍّ؛ إِلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ؛ أَنْذَرَهُ نُوحٌ، وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ، فَمَا خَفِىَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ؛ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ (ثَلاَثًا)، إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ عَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، [أَتَدْرُونَ أَىُّ يَوْمٍ هَذَا؟». قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فقَالَ: «فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ، أَفَتَدْرُونَ أَىُّ بَلَدٍ هَذَا؟». قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «بَلَدٌ حَرَامٌ، أفَتَدْرُونَ أَىُّ شَهْرٍ هَذَا». قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «شَهْرٌ حَرَامٌ»]. (وفى روايةٍ: "أَلاَ أَىُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟». قَالُوا أَلاَ شَهْرُنَا هَذَا. قَالَ: «أَلاَ أَىُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً». قَالُوا: أَلاَ بَلَدُنَا هَذَا. قَالَ: «أَلاَ أَىُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟». قَالُوا: أَلاَ يَوْمُنَا هَذَا. قال: 8/ 15 - 16) "أَلاَ إِنَّ اللَّهَ [تبارَكَ وتعالى قدْ] حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ [وأعراضَكُم؛

_ (183) أي: الوقوف بعرفة.

إلا بحقِّها]؛ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ! اشْهَدْ (ثَلاَثًا). وَيْلَكُمْ -أَوْ: وَيْحَكُمُ! - انْظُرُوا؛ لاَ تَرْجِعُوا (وفي روايةٍ: لا ترْجِعُنَّ) بَعْدِى كُفَّارًا؛ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ". [617 - وقالَ: "هذا يومُ الحجِّ الأكبرِ"، فطَفِقَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "اللهُمَّ! اشْهَدْ"، وودَّعَ الناسَ، فقالوا: هذه حجةُ الوداعِ] 1831 - عن أبي بكرةَ [قالَ: خَطَبَنا 2/ 191] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[يومَ النحرِ] [قعَدَ على بعيرِهِ , وَأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ -أَوْ بِزِمَامِهِ- ثم 1/ 24] قَالَ: " [إنَّ 5/ 204] الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ (وفي روايةٍ: كهيئتِه) يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا؛ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ؛ ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقَعَدَةِ، وَذُو الْحَجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ (184)، الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، [ألا تَدْرُون 8/ 91] أَىُّ شَهْرٍ هَذَا؟». قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ: «أَلَيْسَ ذَا الْحَجَّةِ». قُلْنَا: بَلَى. قَالَ: «فَأَىُّ بَلَدٍ هَذَا». قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ؟». قُلْنَا بَلَى. قَالَ: «فَأَىُّ يَوْمٍ هَذَا؟». قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: «أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟». قُلْنَا بَلَى. قالَ:

_ 617 - هذه الزيادة والأولى والثالثة المتقدمتين في أول الحديث كلها عند المصنف في رواية واحدة معلقة، وقد وصلها أبو داود وابن ماجه والطبراني بسند صحيح. (184) أضافه إلى مضر؛ لأنها كانت تحافظ على تحريمه أشد من محافظة سائر العرب، ولم يكن يستحله أحد من العرب.

80 - باب غزوة تبوك: وهي غزوة العسرة

"فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وأعراضَكُمْ [وأبشارَكُمٍ] عَلَيْكُمْ حَرَامٌ؛ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، [إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟». قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: «اللَّهُمَّ! اشْهَدْ]، وسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِى ضُلاَّلاً (وفى روايةٍ: كفَّاراً)؛ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ (وفى روايةٍ: فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوْعى مِن سامعٍ) "، [فكانَ كذلك] , فَكَانَ مُحَمَّدٌ [بنُ سِيرِينَ] إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ: صَدَقَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. ثُمَّ قَالَ: أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟ (مَرَّتَيْنِ). [فَلَمَّا كَانَ يَوْمَ حُرِّقَ ابْنُ الْحَضْرَمِىِّ، حِينَ حَرَّقَهُ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ؛ قَالَ: أَشْرِفُوا عَلَى أَبِى بَكْرَةَ. فَقَالُوا: هَذَا أَبُو بَكْرَةَ يَرَاكَ. قال أبو بكرةَ: لَوْ دَخَلُوا عَلَىَّ مَا بَهَشْتُ (185) بِقَصَبَةٍ 8/ 91]. 80 - بابُ غزوةِ تبوكَ: وهيَ غزوةُ العُسْرَةِ 1832 - عن سعدٍ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خرجَ إلى تَبوكَ، واسْتَخْلَفَ عليًّا , فقالَ: أتُخَلِّفُني في الصبيانِ والنساءِ؟ قال: "ألَا (وفي روايةٍ: أمَا 4/ 208) تَرْضى أنْ تكونَ مِنَي بمنزلَةِ هارونَ مِن موسى؛ إلاَّ أنَّهُ ليسَ نبيُّ بعدي؟ ". 81 - بابُ حديثِ كعبِ بن مالكٍ، وقولِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وعلى الثَّلاثَةِ الذينَ خُلِّفُوا}

_ (185) أي: ما مددت يدي إليها وتناولتها لأدفع بها عني؛ لأني لا أرى قتال المسلمين؛ فكيف أقاتلهم بسلاح؟!

1833 - عن عبدِ اللهِ بنِ كعبِ بنِ مالكٍ -وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِىَ- قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حينَ تَخَلَّفَ عن قصةِ تبوكَ؛ قالَ كعبٌ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى غَزْوَةٍ غَزَاهَا؛ إِلاَّ فِى غَزْوَةِ تَبُوك (وفي روايةٍ: غزوةِ العُسْرَةِ 5/ 209)؛ غَيْرَ أَنِّى كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِى غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا , إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِى النَّاسِ مِنْهَا. كَانَ مِنْ خَبَرِى؛ أَنِّى لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِى تِلْكَ الْغَزْاةِ، وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِى قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِى تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (وفى روايةٍ: كان رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قلَّما 4/ 6) يُرِيدُ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الْغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى حَرٍّ شَدِيدٍ , وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا، وَمَفَازًا، وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ؛ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ (وفى روايةٍ: عدُوِّهِم)، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِى يُرِيدُ. [قالَ: خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ (وفى روايةٍ: لقلَّما كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ إِذَا خَرَجَ فِى سَفَرٍ إِلاَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ)]، وَالْمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَثِيرٌ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ (يُرِيدُ: الدِّيوَانَ)، قَالَ كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ إِلاَّ ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ (186)

_ (186) أي: لا يظهر تغيبه لكثرة الجيش.

مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللَّهِ. وَغَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تِلْكَ الْغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَىْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِى نَفْسِى: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ , فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِى حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الْجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِى شَيْئًا، فَقُلْتُ أَتَجَهَّزُ: بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ بِى حَتَّى أَسْرَعُوا, وَتَفَارَطَ الْغَزْوُ (187)، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ -وَلَيْتَنِى فَعَلْتُ- فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِى النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَطُفْتُ فِيهِمْ؛ أَحْزَنَنِى أَنِّى لاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلاً مَغْمُوصًا (188) عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ , فَقَالَ -وَهْوَ جَالِسٌ فِى الْقَوْمِ بِتَبُوكَ-: «مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟». فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ!، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ، وَنَظَرُهُ فِى عِطْفَيْهِ. فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَمَا قُلْتَ، وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِى أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلاً؛ حَضَرَنِى هَمِّى، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الْكَذِبَ، وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا؟ وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِى رَأْىٍ مِنْ أَهْلِى، فَلَمَّا قِيلَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا؛ زَاحَ عَنِّى الْبَاطِلُ ,

_ (187) أي: فات وسبق. و (الفرط): السبق. (188) أي: متهماً به، مطعونًا عليه في دينه. قوله: "حبسه برداه"؛ أي: لباساه. (ونظره)؛ أي: وحبسه نظره. (في عطفيه)؛ أي: في جانبيه، وهو إشارة إلى إعجابه بنفسه ولباسه.

وَعَرَفْتُ أَنِّى لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَىْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ. وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَادِمًا، [وكانَ قلَّما يَقْدَمُ مِن سفرٍ سافَرَهُ إلا ضُحىً]، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ؛ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ [قبلَ أنْ يجلسَ 4/ 40]، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ؛ جَاءَهُ الْمُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ، وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلاَنِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَجِئْتُهُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ؛ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: «تَعَالَ»، فجئتُ أمشي حتى جلستُ بين يديه، فقالَ لي: "مَا خَلَّفَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟». فَقُلْتُ: بَلَى؛ إِنِّى وَاللَّهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا؛ لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً، وَلَكِنِّى وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ الْيَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّى؛ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَىَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَىَّ فِيهِ؛ إِنِّى لأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللَّهِ، لاَ وَاللَّهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَاللَّهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّى حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَّا هَذَا؛ فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِيكَ». فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ، فَاتَّبَعُونِى، فَقَالُوا لِي: وَاللَّهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ الْمُتَخَلِّفُونَ , قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَكَ، فَوَاللَّهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِى (189) حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبُ نَفْسِى، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِىَ

_ (189) (التأنيب): اللوم العنيف.

هَذَا مَعِى أَحَدٌ؟ قَالُوا نَعَمْ؛ رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ. فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ الْعَمْرِىُّ، وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِىُّ. فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ، قَدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِمَا إِسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي. وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ (190) مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ وَتَغَيَّرُوا لَنَا، حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِى نَفْسِى الأَرْضُ، فَمَا هِىَ الَّتِى أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، [حَتَّى طَالَ عَلَىَّ الأَمْرُ، وَمَا مِنْ شَىْءٍ أَهَمُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فَلاَ يُصَلِّى عَلَىَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكُونَ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، فَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلاَ يُصَلِّى عَلَىَّ]. فَأَمَّا صَاحِبَاىَ؛ فَاسْتَكَانَا، وَقَعَدَا فِى بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا؛ فَكُنْتُ أَشَبَّ الْقَوْمِ، وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ فِى الأَسْوَاقِ، وَلاَ يُكَلِّمُنِى أَحَدٌ، وَآتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهْوَ فِى مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَأَقُولُ فِى نَفْسِى: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ عَلَىَّ أَمْ لاَ؟ ثُمَّ أُصَلِّى قَرِيبًا مِنْهُ، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِى أَقْبَلَ إِلَىَّ، وَإِذَا الْتَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّى، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَىَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ؛ مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ (191) جِدَارَ حَائِطِ أَبِى قَتَادَةَ -وَهْوَ ابْنُ عَمِّى، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَىَّ- فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا رَدَّ عَلَىَّ السَّلاَمَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ! أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ؛ هَلْ تَعْلَمُنِى أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ، فَنَشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ، فَنَشَدْتُهُ. فَقَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. فَفَاضَتْ عَيْنَاىَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الْجِدَارَ (192)

_ (190) بالرفع، وهو في موضع نصب على الاختصاص، أي: مخصصين بذلك دون بقية الناس. (191) أي: دخلت بستان أبي قتادة بالتسور؛ أي: بالصعود على سوره. (192) أي: علوته للخروج من الحائط.

قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِى بِسُوقِ الْمَدِينَةِ؛ إِذَا نَبَطِىٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّأْمِ، مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ؛ يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ؟ فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا جَاءَنِى؛ دَفَعَ إِلَىَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِى أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ (193)، فَالْحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ. فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَلاَءِ. فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ، فَسَجَرْتُهُ بِهَا. حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الْخَمْسِينَ؛ إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْتِينِى، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ. فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لاَ؛ بَلِ اعْتَزِلْهَا، وَلاَ تَقْرَبْهَا. وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَىَّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِى: الْحَقِى بِأَهْلِكِ، فَتَكُونِى عِنْدَهُمْ حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ فِى هَذَا الأَمْرِ. قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ، لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: «لاَ؛ وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ». قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَىْءٍ، وَاللَّهِ مَا زَالَ يَبْكِى مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا. فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِى: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ. فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا يُدْرِينِى مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً، مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَمْسِينَ لَيْلَةً، مِنْ حِينِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم

_ (193) قوله: "بدار هوان ولا مضيعة"؛ أي: بدار صغار وضياع. و (مضيعة): كمرحلة وكمعيشة لغتان. وقوله: "نواسك": مضارع مجزوم من المواساة.

عَنْ كَلاَمِنَا، [فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَنَا عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَقِىَ الثُّلُثُ الآخِرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ -وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِى شَأْنِى، مَعْنِيَّةً فِى أَمْرِى -فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: يَا أُمَّ سَلَمَةَ! تِيبَ عَلَى كَعْبٍ». قَالَتْ: أَفَلاَ أُرْسِلُ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ؟ قَالَ: إِذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ فَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ]، فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاَةَ الْفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الْحَالِ الَّتِى ذَكَرَ اللَّهُ؛ قَدْ ضَاقَتْ عَلَىَّ نَفْسِى، وَضَاقَتْ عَلَىَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ؛ سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى (194) عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ! قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَىَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ إِلَىَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَأَوْفَى عَلَى الْجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الْفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِى الَّذِى سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِى؛ نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَىَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ، وَاللَّهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ، فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَتَلَقَّانِى النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِى بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ. قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَىَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِى وَهَنَّانِى، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَىَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -وَهْوَ يَبْرُقُ

_ (194) أي: أشرف. و (سلع): جبل قرب المدينة.

وَجْهُهُ مِنَ السُّرُور: «أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قَالَ: قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: «لاَ؛ بَلْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ»، وكانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ , وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ، فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِى صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قُلْتُ: فَإِنِّى أُمْسِكُ سَهْمِى الَّذِى بِخَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ إِنَّمَا نَجَّانِى بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِى أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقَّا مَا بَقِيتُ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللَّهُ (195) في صِدْقِ الْحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِى، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى يَوْمِى هَذَا كَذِبًا, وَإِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِى اللَّهُ فِيمَا بَقِيتُ. وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ والأنْصارِ} إلى قَوْلِهِ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، فَوَاللَّهِ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ -بَعْدَ أَنْ هَدَانِى لِلإِسْلاَمِ- أَعْظَمَ فِى نَفْسِى مِنْ صِدْقِى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أَنْ لاَ أَكُونَ (196) كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللَّهَ تعالى قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الْوَحْىَ شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {[يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ

_ (195) أي: أنعم عليه. (196) أي: أن أكون، ف (لا) زائدة. وقوله: "فأهلك": عطف عليه؛ أي: فأن أهلكَ. قوله: "شر ما قال لأحد"؛ أي: شر القول الكائن لأحد من الناس.

82 - [باب] نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجر

عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}] {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ} إلى قولِهِ: {فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}. قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}، وَلَيْسَ الَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنِ الْغَزْوِ؛ إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا، وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ، وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَبِلَ مِنْهُ. 82 - [بابُ] نُزولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الحِجْرَ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم في "ج 2/ 60 - الأنبياء/ 18 - باب"). 83 - بابٌ 1834 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رجَعَ مِن غزوةِ تبوكَ، فدَنا مِن المدينَةِ، فقالَ: "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا، وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا؛ إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: «وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؛ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ». 84 - [بابُ] كِتابِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى كِسْرى وقيصَرَ 1835 - عن أبي بَكْرَةَ قالَ: لقد نَفَعَني اللهُ بكلمةٍ سمعْتُها مِن رسولِ اللهُ أيامَ الجملِ بعدَما كِدْتُ أنْ ألْحَقَ بأصحابِ الجملِ (197) فأقاتِلَ معهُم (وفي

_ (197) المراد بهم العسكر الذين كانوا مع عائشة رضي الله عنها.

85 - باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته، وقول الله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون * ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}

روايةٍ: لَقَدْ نَفَعَنِى اللَّهُ بِكَلِمَةٍ أَيَّامَ الْجَمَلِ 8/ 97)، قالَ: لمَّا بَلَغَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أهلَ فارسَ قد مَلَّكُوا عليهِم بنتَ كِسْرى؛ قالَ: "لنْ يُفْلحَ قومٌ وَلَّوْا أمرَهُمُ امرأةً". 1836 - عنِ السائبِ: أذْكُرُ أنِّي خَرَجْتُ معَ الصِّبيانِ نتلقَّى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلى ثَنِيَّةِ الوداعِ (198)؛ مَقْدَمَهُ مِن غزوةِ تبوكَ. 85 - بابُ مَرَضِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ووفاتِهِ، وقولِ اللهِ تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} 618 - قالتْ عائشةُ رضي اللهُ عنها: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ في مرضِهِ الذي ماتَ فيهِ: "يا عائشةُ! ما أزالُ أجِدُ ألَمَ الطعامِ (199) الذي أكَلْتُ بخيَبَر، فهذا أوانُّ وجَدْتُ انقِطاعَ أبهَري مِن ذلك السُّمِّ". 1837 - عن عائشةَ رضي اللهُ عنها: [أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يسألُ في

_ (198) في "معجم البلدان": (وهي ثنية مشرفة على المدينة، يطؤها من يريد مكة". كذا قال، وظاهر الحديث يرده، ويدل على أنها شمال المدينة بينها وبين تبوك، وبه جزم ابن القيم في "الزاد" (3/ 13)، فقالَ: "إنما هي من ناحية الشام، لا يراها القادم من مكة إلى المدينة، ولا يمر بها إلا إذا توجَّه إلى الشام". ونسب الحافظ إلى ابن القيم ما يوافق ما في "المعجم"، ويخالف ما نقلته عنه؛ فلا أدري أوهم الحافظ أم هو قول آخر لابن القيم؟ وقد تكلف الحافظ في توجيهه، فراجعه إن شئت. 618 - هذا معلق عند المصنف، وقد وصله البزار والحاكم والإسماعيلي، وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي (3/ 58)، وله شواهد مرسلة؛ منها عن أبي سلمة عند الدارمي (1/ 32 - 33)، وآخر موصول عند أحمد (6/ 18) عن أم مبشر. (199) أي: أحس الألم في جوفي بسبب الطعام. و (الأبهر): عرق مستبطن بالظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه.

مرضهِ الذي ماتَ فيه (وفي طريقٍ: لمَّا كانَ في مرضهِ؛ جعَلَ يَدورُ في نِسائِهِ 4/ 220) يقولُ: "أينَ أنا غداً؟ أينَ أنا غداً؟ أينَ أنا غداً؟ " يريدُ: يومَ (وفي طريقٍ: حرصاً على بيتِ) عائشةَ، [قالتْ عائشةُ: فلمَّا كانَ يومي؛ سكَنَ] (200)، فأَذِنَ لهُ أزواجُهُ يكونُ حيثُ يشاءُ، فكانَ في بيتِ عائشةَ حتى ماتَ عندَها. قالتْ عائشةُ: 5/ 142] دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِى، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ (وفى طريقٍ: جَرِيدةٌ رطبةٌ) يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ (201) رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَصَرَهُ (وفى طريقٍ: فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ، [فقلتُ لهُ: أعطِنى هذا السواكَ يا عبدَ الرحمنِ! فأعطانِيةِ] , فَتَنَاوَلْتُهُ , [فقَضَمْتُهُ] , فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ أَنْ نَعَمْ 5/ 141)، فَأخذتُ السِّوَاكَ فَقَصَمْتُهُ (202) (وفي روايةٍ: فقَضِمْتُهُ , ثم مَضَغْتُهُ) , (وفى روايةٍ: فَلَيَّنْتُهُ) وطَيَّبْتُهُ (203) , ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ , [ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا فَسَقَطَتْ يَدُهُ، أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ] , [و [كانَ 7/ 192] بينَ يديهِ رَكوَةُ (204) أو عُلْبَةٌ -يشكُّ عمرُ- فيها ماءٌ , فجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ في الماءِ, فيمسحُ بهما وجْهَهُ , يقولُ:

_ (200) أى: سكت عن ذلك القول , وهذه الزيادة تشعر بأن إذن أزواجه - صلى الله عليه وسلم - له كان بعد أن صار إلى يومها , وبهذا جمع ابن التين , واستحسنه الحافظ. (201) أى: مد نظره إليه. (202) أى: قطعته لإزالة المكان الذى تسوك به عبد الرحمن , وهو بالصاد المهملة , وفى الرواية الآتية: (فقضمته) بالضاد المعجمة؛ أى مضغته بأطراف أسناني. (203) أى: بالماء. قال الحافظ: "ويحتمل أن يكون طيبته تأكيداً لـ (لينته) ". (204) (الركوة): إناء للماء من جلد خاصة. و (العلبة): من الخشب.

"لا إلهَ إلا اللهُ، إنَّ للموتِ سَكَراتٍ"]، [وكانتْ إحْدانا تُعَوِّذُهُ بدُعاءٍ إذا مَرضَ، فذَهَبْتُ أعَوِّذُهُ فرَفَعَ رأسَهُ إِلى السَّماءِ] (وفي روايةٍ: كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَيَنْفُثُ، [ومَسَحَ عنهُ بيدِهِ] , فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ؛ كُنْتُ أَقْرَأُ (وفي روايةٍ: أنْفُثُ 7/ 22) عليه [بِهِنَّ] , وأمسَحُ [عنهُ] بيَدِهِ رَجاءَ بَرَكَتِها 6/ 105 - 106) , [فسألتُ الزُّهْرِىَّ: كيفَ يَنْفُثُ؟ قالَ: يَنْفُثُ على يدَيْهِ , ثمَّ يَمْسَحُ بهِما وجْهَهُ]. فما عَدا أنْ فرَغَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (205)؛ رفَعَ يَدَهُ , أو إصْبَعَهُ (وفي طريقٍ: نصبَ يدهُ , ثم [619 - شَخَصَ بَصَرُ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - 4/ 194] [وأصْغَتْ إليهِ قبلَ أنْ يموتَ , وهو مسندٌ إلىَّ ظهره , [وأخذَتْهُ بُحَّةٌ 5/ 138] [شديدةٌ 5/ 181] , يقول: {معَ الذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} , اللهمَّ! اغْفرْ لى , وارْحَمْنى , وألْحِقني بـ] الرفيقِ الأعلى (ثلاثاً) ". (وفي طريقٍ: قالت: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ -وهو صحيحُ-: "إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِىٌّ [قَطُّ] حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرُ" , فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ -وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِى- غُشِىَ عَلَيْهِ [ساعةً 7/ 155]، ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ: «اللَّهُمَّ! [في] الرَّفِيقَ الأَعْلَى». فَقُلْتُ: إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا. وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهْوَ صَحِيحٌ، قَالَتْ: فَكَانَ [ـتْ تلكَ] آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا [النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قولُهُ]: «اللَّهُمَّ! الرَّفِيقَ الأَعْلَى» 5/ 144) ثمَّ ثم قَضى , [ومالَتْ يَدُهُ]. وكانَتْ تقولُ: [إنَّ مِن نِعَمِ الله عليَّ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -] ماتَ [فى بيتى ,

_ (205) يعني: من الاستنان، وهو الاستياك. 619 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها الطبراني في "مسند الشاميين".

وفي يومِي] [الذي كانَ يَدورُ عليَّ فيهِ] , ورأسُهُ بين حاقِنَتي (206) وذاقِنَتي (وفي روايةٍ: بينَ سَحْري ونَحْري، وأنَّ اللهَ جَمَعَ بينَ رِيقِي ورِيقِهِ عندَ موتِهِ)، [في آخِرِ يومٍ من الدُّنيا، وأوَّلِ يومٍ مِن الآَخِرَةِ] , [فَلاَ أَكْرَهُ شِدَّةَ الْمَوْتِ لأَحَدٍ أَبَدًا بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم 5/ 140]. 1838 - عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنه - خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى وَجَعِهِ الَّذِى تُوُفِّىَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا حَسَنٍ! كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا. فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ: [ألا تراهُ؟ 7/ 136] أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ عَبْدُ الْعَصَا، وَإِنِّى وَاللَّهِ لأُرَى (207) رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا , إِنِّى لأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، [فـ] اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ؟ إِنْ كَانَ فِينَا؛ عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِى غَيْرِنَا؛ عَلِمْنَاهُ (وفي روايةٍ: آمرناه)، فَأَوْصَى بِنَا. فَقَالَ عَلِىٌّ: إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَنَعَنَاهَا؛ لاَ يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ [أبدًا]، وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أَسْأَلُهَا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[أبداً]. 1839 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ!، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ؛ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -؛ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَىٌّ لاَ يَمُوتُ؛ قَالَ: اللَّهُ تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ

_ (206) (الحاقنة): ما سفل من الذقن. و (الذاقنة): ما علا منه. و (السحر): بين الثديين. و (النحر): موضع القلادة من الصدر. (207) أي: لأظُنُّ.

86 - باب آخر ما تكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم

خَلَتْ مِن قبلِهِ الرُّسُلُ} إلى قوِله: {الشاكِرينَ}. وقالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إِلاَّ يَتْلُوهَا. 1840 - عَنِ الزُّهْرِيَّ قالَ: فَأَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ قالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاَهَا، فَعَقِرْتُ (208) حَتَّى مَا تُقِلُّنِى رِجْلاَىَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاَهَا: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ. 1841 - عن أنسٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ (209)، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ -: وَا كَرْبَ أَبَاهُ! فَقَالَ: لَهَا: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ (210) , فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهْ! أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ! مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ، يَا أَبَتَاهْ! إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. فَلَمَّا دُفِنَ؛ قَالَتْ فَاطِمَةُ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ -: يَا أَنَسُ! أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم التُّرابَ؟! 86 - بابُ آخِرِ ما تكلَّمَ بهِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم قريباً "85 - باب"). 87 - بابُ وفاةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم 1842 - عن عائشةَ وابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُم أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَبِثَ بمكةَ

_ (208) بهذا الضبط؛ أي: دهشت وتحيرت، وقوله: "ما تقلني"؛ أي: ما تحملني. (209) أي: الثقل، يتغشاه؛ أي: يغشى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شيئاً فشيئاً. (210) قال الحافظ: "وهذا يدل على أنها لم ترفع صوتها بذلك؛ وإلا لكانَ يَنْهاها".

89 - باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد رضي الله عنهما في مرضه الذي توفي فيه

عشرَ سنينَ (211) يُنْزَلُ عليهِ القرآنُ، وبالمدينَةِ عشراً. 89 - بابُ بَعْثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أسامَةَ بنَ زيدٍ رضي اللهُ عنهما في مرضِهِ الذي تُوُفِّيَ فيهِ 90 - بابٌ 1843 - عن أبي الخيرِ عنِ الصُّنَابِحِيِّ أنَّه قالَ لهُ: مَتَى هَاجَرْتَ؟ قَالَ: خَرَجْنَا مِنَ الْيَمَنِ مُهَاجِرِينَ، فَقَدِمْنَا الْجُحْفَةَ، فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ، فَقُلْتُ لَهُ: الْخَبَرَ (212) فَقَالَ: دَفَنَّا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُنْذُ خَمْسٍ. قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ؛ أَخْبَرَنِى بِلاَلٌ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ فِى السَّبْعِ؛ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ. 91 - بابٌ كَم غَزا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم؟ 1844 - عنِ البراءِ رضيَ اللهُ عنه قالَ: غَزَوْتُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خمسَ عَشْرَةَ. 1845 - عن بُرَيْدَةَ قالَ: غَزا معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ستَّ عَشْرَةَ غزوةً.

_ (211) تقدم من حديث ابن عباس وحده (ج 2/ 1638) وفيه: "فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة". (212) بالنصب بفعل مقدر؛ أي: هات الخبر ..

65 - كتاب تفسير القرآن

بسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 65 - كِتابُ تفسيرِ القرآنِ {الرَّحمن الرَّحيمُ}: اسمانِ مِنَ الرَّحْمَةِ، الرَّحيمُ والرَّاحِمُ بمعنىً واحدٍ؛ كالعليمِ والعالمِ. 1 - بابُ ما جاءَ في فاتِحَةِ الكِتابِ وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْكِتَابِ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِى الْمَصَاحِفِ، وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِى الصَّلاَةِ. و (الدِّينُ): الْجَزَاءُ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؛ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: (بِالدِّينِ): بِالْحِسَابِ. {مَدِينِينَ}: مُحَاسَبِينَ. و1846 - عَنْ أَبِى سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّى فِى الْمَسْجِدِ , [فمرَّ بى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 5/ 199]، فَدَعَانِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ أُجِبْهُ، [حتىَّ صلَّيْتُ , ثم أَتَيْتُهُ , فقالَ "ما مَنَعَكَ أنْ تأتِىَ؟ "]، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّى كُنْتُ أُصَلِّى. فَقَالَ: «أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {[يا أيُّها الذينَ آمنوا] اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}؟ , ثُمَّ قَالَ لِي: "لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِى الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ"، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ؛ قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ: «لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِىَ أَعْظَمُ

2 - باب {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}

سورةٍ في القرآنِ؟ ". قالَ: " {الحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ} هيَ السَّبْعُ المَثاني والقرآنُ العظيمُ الذي أوتِيتُهُ". 2 - بابُ {غَيْرِ المَغْضوبِ عليهِمْ ولا الضَّالِّينَ} 2 - سورةُ {البقرةِ} بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحيمِ 1 - [بابٌ] (1) {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} (2) 2 - بابٌ 741 - قالَ مجاهِدٌ: {إلى شَياطِينِهِمْ}: أصْحابِهِمْ مِن المنافِقينَ والمشركينَ. {مُحيطٌ بالكافِرينَ}: اللهُ جامِعُهُم. (صِبْغَةٌ): دِينٌ. {على الخاشِعينَ}: على المؤمنينَ حقًّا. 742 - قالَ مجاهِدٌ: {بقوةٍ}: يَعْمَلُ بما فيهِ. 743 - وقالَ أبو العالِيَةِ: {مَرَضٌ}: شكٌّ. {وما خَلْفَها}: عِبْرةٌ لمَن بقِيَ. 744 - {لا شِيَةَ}: لا بَياضَ.

_ (1) كذا الأصل ليس فيه لفظ: "باب"، وكذلك هو في كثير من الآيات الآتية في هذه السورة وغيرها؛ خلافاً لنسخة "الفتح"، فهي كلها مصدرة فيها باللفظ المذكور، فاقتضى التنبيه. (2) قوله: {وعلَّمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلَّها}، وعند العيني زيادة: "باب قول الله تعالى". 741 و742 - وصلهما عبد بن حميد. 743 - وصله ابن أبي حاتَم بسند ضعيف عنه. 744 - وصله آدم بن أبي إياس بسند ضعيف عن أبي العالية.

3 - [باب] قوله تعالى: {فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون}

وقالَ غيرُه: {يَسُومُونَكُم}: يُولُونَكُم؛ (الوَلايَةُ) مفتوحةً: مصدَرُ الوَلاءِ، وهي الرُّبوبيَّةُ، وإذا كُسِرَتِ الواوُ فهي الإمارَةُ. وقالَ بعضُهم: الحُبُوبُ التي تُؤكَلُ كلُّها (فُومٌ). 745 - وقالَ قَتادةُ: {فَبَاؤُوا}: فانْقَلَبُوا. وقالَ غيرُهُ: {يَسْتَفْتِحونَ}: يَسْتَنْصِرونَ. {شَرَوْا}: باعُوا. {راعِنا}: مِنَ الرُّعُونَةِ (3)، إذا أرادوا أنْ يُحَمِّقوا إنساناً؛ قالوا: راعناً. {إلا تَجْزِي}: لا تُغْنِي. {خُطُواتِ}: مِنَ الخَطْوِ، والمعنى آثارَهُ. 3 - [بابُ] قولهِ تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا للهِ أنْداداً وأنْتُم تَعْلَمونَ} 1847 - عن عبدِ اللهِ (ابن مسعودٍ) قالَ: سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم: أيُّ الذَّنْبِ أعظَمُ عندَ اللهِ؟ قالَ: "أنْ تَجْعَلَ (وفي روايةٍ: تَدْعُوَ 8/ 34) للهِ ندًّا وهو خَلَقَكَ". قلتُ: إنَّ ذلك لعظيمٌ، قلتُ: ثمَّ أيٌّ؟ قالَ: "وأنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ؛ تَخافُ أنْ يَطْعَمَ معكَ". قلتُ: ثمَّ أيٌّ؟ قالَ: "أنْ تُزانِيَ حَلِيلةَ جارِكَ". [فأنزلَ اللهُ تصديقَها (وفي روايةٍ: تصديقاً لقولِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 6/ 14): {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضاعَفْ لهُ العذابُ} الآيةَ]. 4 - {بابُ} قولهِ تعالى: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}

_ 745 - وصله عبد بن حميد عنه. (3) لا يخفى أن "راعنا" من المراعاة، ولا يظهر فيه معنى الرعونة؛ إلا على قراءة "راعناً" بالتنوين؛ كما تراه في تمام نقل المصنف رحمه الله.

5 - باب {وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين}

746 - وقالَ مجاهد: (المَنُّ): صَمْغَةٌ. و {السَّلْوى}: الطَّيْرُ. 5 - بابٌ {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} {رَغَداً}: واسعٌ كثيرٌ. 6 - [بابُ] قولهِ: {مَنْ كانَ عدُوَّا لجِبْريلَ} 747 - وقالَ عِكْرِمَةُ: (جَبْرَ، ومِيكَ، وسَرَافِ): عَبْدُ. (إِيلَ): اللهُ (4). 7 - بابُ قولهِ: {ما نَنْسَخْ مِن آيةٍ أوْ نَنْسَأْها} 1848 - عن عُمَرُ - رضى الله عنه - قَالَ: أَقْرَؤُنَا أُبَىٌّ، وَأَقْضَانَا عَلِىٌّ، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِن قولِ (وفى روايةٍ: لَحْنِ 6/ 103) أُبَىٍّ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ: لاَ أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَأْهَا}. 8 - بابٌ {وقالوا اتَّخَذَ اللهُ ولَداً سُبْحانَهُ} 1849 - عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما عنِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "قَالَ اللَّهُ: كَذَّبَنِى ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاىَ؛ فَزَعَمَ أَنِّى لاَ أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ! وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ؛ فَقَوْلُهُ: لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِى أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا! ".

_ 746 - وصله الفريابي وعبد بن حميد بسند صحيح عنه. 747 - وصله الطبري عنه. (4) يعني: أن معنى جبرائيل وميكائيل وإسرافيل: عبد الله.

9 - باب {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}

9 - بابٌ {وَاتِّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى} {مَثابَةً}؛ يَثُوبُونَ: يَرْجِعُونَ. (قلتُ: أسند فيه حديث عمر المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 32 - باب"). 10 - [بابُ] قولهِ تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (القواعِدُ): أساسُهُ، واحدتُها قاعدةٌ. و {القواعِدُ مِن النِّساءِ}: واحدُها قاعدٌ (5). (قلتُ: أسند فيهِ حديث عائشة المتقدم "ج 1/ 25 - الحج/ 42 - باب"). 11 - بابٌ {قُولُوا آمَنَّا باللهِ وما أنْزِلَ إِلَيْنا} 1850 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَءُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ، وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ، و {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا [وَمَا أُنْزِلَ إليكُم} " الآيَةَ 8/ 160]. 12 - [بابٌ] {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم "ج 1/ 2 - الإيمان/ 30 - باب").

_ (5) بلا هاء كالحائض؛ لأن القاعد في مقابلة الحائض هي التي قعدت عن الحيض، فهي من الأسماء المخصوصة بالنساء؛ كالطالق ونحوه.

13 - {باب} {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}

13 - {بابٌ} {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} 1851 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضي الله عنه - قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «يُدْعَى نُوحٌ [وأمَّتُهُ 4/ 105] يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ! فَيَقُولُ [الله تعالى]: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. [أىْ ربِّ]! فَيُقَالُ لأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: [لا]؛ مَا أَتَانَا (وفي راويةٍ: ما جاءَنا 8/ 156) مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ [لنوحٍ]: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - وَأُمَّتُهُ , فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ , {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} , فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}. [قالَ]: و (الْوَسَطُ): الْعَدْلُ. 14 - [بابٌ] {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 32 - باب"). 15 - بابٌ {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} 1852 - عن أنسٍ رضي اللهُ تعالى عنه قالَ: لمْ يَبْقَ ممَّنْ صلَّى القِبْلَتَيْنِ غيري. 16 - [بابٌ] {ولَئِنْ أتَيْتَ الَّذِينَ أوتُوا الكِتابَ بِكُلِّ آيةٍ ما تَبِعُوا

17 - {باب} {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق}

قِبْلَتَكَ} إلى قولهِ: {إنَّكَ إذاً لَمِنَ الظّالِمينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 17 - {بابٌ} {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقَّا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ} إلى قولِهِ: {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 18 - [بابٌ] {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قديرٌ} (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم "ج 1/ 2 - الِإيمان/ 30 - باب"). 19 - [بابٌ] {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} {شَطْرَ} هُ: تِلْقاءَهُ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 20 - [بابٌ] {ومِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجِدِ الحَرامِ وحيثُما كُنْتُم فَوَلُّوا وُجُوهَكُم شَطْرَهُ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 21 - [بابٌ] {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} (شَعائِرُ): علاماتٌ، واحِدَتُها شَعيرةٌ.

22 - باب قوله: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا}

748 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (الصَّفْوَانُ): الْحَجَرُ. وَيُقَالُ: الْحِجَارَةُ الْمُلْسُ الَّتِى لاَ تُنْبِتُ شَيْئًا، وَالْوَاحِدَةُ: صَفْوَانَةٌ؛ بِمَعْنَى {الصَّفَا}، وَالصَّفَا لِلْجَمِيعِ. 22 - بابُ قولهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا}: أضْداداً؛ واحِدُها نِدٌّ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم "ج 1/ 23 - الجنائز/ 1 - باب"). 23 - [بابٌ] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} إلى قوله: {عَذابُ أليمٌ} {عُفِيَ}: تُرِكَ. 1853 - عن ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قالَ: كَانَ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِى الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِىَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَىْءٌ}: فـ (الْعَفْوُ): أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِى الْعَمْدِ {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ}: يَتَّبِعُ (وفى روايةٍ: يطلبُ 8/ 39) بِالْمَعْرُوفِ , وَيُؤَدِّى بِإِحْسَانٍ {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}: مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ. 24 - بابٌ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}

_ 748 - وصله الطبري بسند منقطع عنه.

25 - باب قوله: {أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر

1854 - عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ الأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ (6)، فَقَالَ: الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ! فَقَالَ: كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ؛ تُرِكَ، فَادْنُ فَكُلْ. 25 - بابُ قولهِ: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 749 - وقالَ عطاءٌ: يُفْطِرُ مِنَ المرضِ كلِّه؛ كما قالَ اللهُ تعالى. 750 و 751 - وَقَالَ الْحَسَنُ وَإِبْرَاهِيمُ فِى الْمُرْضِعِ وَالْحَامِلِ: إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا؛ تُفْطِرَانِ، ثُمَّ تَقْضِيَانِ. وَأَمَّا الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ؛ 752 - فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ؛ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، خُبْزًا وَلَحْمًا، وَأَفْطَرَ. قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ: {يُطِيْقُونَهُ} , وَهْوَ أَكْثَرُ. 1855 - عن عطاءٍ سَمعَ ابنَ عباسٍ يقرأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ (7) فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}؛ قَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ؛ هُوَ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَالْمَرْأَةُ

_ (6) أي: يأكل. 749 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 750 و 751 - أما أثر الحسن -وهو البصري- فوصله عبد بن حميد من طريقين عنه. وأما أثر إبراهيم -وهو النخعي- فوصله عبد بن حميد أيضاً من طريق أبي معشر عنه. 752 - وصله عبد بن حميد من طريق النضر بن أنس، ومحمد بن هشام بن ملاس في "فوائده" من طريق حميد؛ كلاهما عنه به نحوه. (7) أي: يكلفون إطاقته.

26 - [باب] {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}

الكبيرَةُ؛ لا يستطيعانِ أنْ يَصوما، فليُطْعِمانِ مكانَ كلِّ يومٍ مسكيناً. 26 - [بابٌ] {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} 1856 - عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَنْ سَلَمَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}؛ كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِىَ (8)؛ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِى بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا. قالَ أبو عبدِ اللهِ: مات بُكَيْرٌ قبل يَزِيدَ. 27 - [بابٌ] {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} 1857 - عنِ البراءِ رضيَ اللهُ تعالى عنه: لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ؛ كَانُوا لاَ يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}. 28 - بابُ قولهِ تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} إلى قولِهِ: {يَتَقونَ} (العاكِفُ): المُقِيمُ. 29 - [بابٌ] {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}

_ (8) أي: فعل.

30 - [باب] {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين}

30 - [بابٌ] {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي "ج 3/ 65 - التفسير/ 8 - سورة/ 6 - باب/ رقم الحديث 1909"). 620 - وفي روايةٍ معلقةٍ: عَنْ نَافِعٍ أَنَّ رَجُلاً أَتَى ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا، وَتَعْتَمِرَ عَامًا، وَتَتْرُكَ الْجِهَادَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللَّهُ فِيهِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِى بُنِىَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالصَّلاَةِ الْخَمْسِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ. قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! أَلاَ تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ فِى كِتَابِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}، {قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}؟ قَالَ: فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِى دِينِهِ؛ إِمَّا قَتَلُوهُ؛ وَإِمَّا يُعَذِّبُوهُ؛ حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ، فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ. قالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِى عَلِىٍّ وَعُثْمَانَ؟ قَالَ: أَمَّا عُثْمَانُ؛ فَكَأَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ (9)، وَأَمَّا أَنْتُمْ؛ فَكَرِهْتُمْ أَنْ تَعْفُوا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِىٌّ؛ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَخَتَنُهُ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ فَقَالَ:- هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ. 31 - بابُ قولهِ: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195)} (التَّهْلُكَةِ) والهلاك واحدٌ.

_ 620 - هذه الرواية في صورة التعليق، ولم يخرجها الحافظ، وقد وصلها المصنف فيما يأتي "ج 3/ 65 - التفسير/ 8 - سورة/ 6 - باب/ رقم الحديث 1909" باختصار. (9) لفظ الجلالة اسم كان، وخبرها (عفا)، ويجوز نصبها اسم كأن التشبيهية، والعفو عن فراره يوم أُحُد حيث قال تبارك وتعالى: {ولقد عَفا عنكم}.

32 - [باب] {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه}

1858 - عن حُذَيْفَةَ: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}؛ قالَ: نزلَتْ في النَّفَقَة (10). 32 - [بابٌ] {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بهِ أذىً مِن رأسِهِ} (قلتُ: أسند فيه حديث كعب بن عجرة المتقدم "ج 1/ 27 - المحصر/ 7 - باب"). 33 - [بابٌ] {فَمَنْ تَمَتَّعَ بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ} 1859 - عن عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ رضي اللهُ عنه قالَ: نَزَلَتْ آيةُ المُتْعَةِ في كِتابِ اللهِ، ففَعَلْناها معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يُنْزَلْ قرآن يُحَرِّمُهُ، ولمْ يَنْهَ عنها حتَّى ماتَ، قالَ رجل برأْيِهِ ما شاءَ. قالَ محمدٌ (11): يُقالُ: إنَّهُ عُمَرُ. 34 - [بابٌ] {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} 35 - بابٌ {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "ج 1/ 25 - الحج/ 92 - باب"). 1860 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: تَطَوَّفُ الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلاَلاً حَتَّى يُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا رَكِبَ إِلَى عَرَفَةَ؛ فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنَ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ أَوِ الْغَنَمِ

_ (10) أي: في ترك النفقة في سبيل الله، ولحديث حذيفة هذا شاهد مفسر عند أبي داود وغيره بسند صحيح؛ كما بينته في "الأحاديث الصحيحة" (13)، وقد عزاه الحافظ هنا لمسلم فوهم. (11) هو المصنف رحمه الله تعالى. ويؤيده ما في آخر الحديث عند مسلم (4/ 47): "يعني: عمر".

36 - [باب] {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار}

مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ (12) أَىَّ ذَلِكَ شَاءَ؛ غَيْرَ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ؛ فَعَلَيْهِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِى الْحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ؛ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَنْطَلِقْ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَاتٍ مِنْ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلاَمُ، ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ إِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا، حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا الَّذِى يُتَبَرَّرُ فِيهِ، ثُمَّ لِيَذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا، أَوْ أَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا، ثُمَّ أَفِيضُوا، فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} حَتَّى تَرْمُوا الْجَمْرَةَ. 36 - [بابٌ] {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي في "ج 4/ 80 - الدعوات/ 56 - باب"). 37 - [بابٌ] {وهُو ألَدُّ الخِصامِ} 753 - وقالَ عطاءٌ": (النَّسْلُ): الحَيَوَانُ. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "ج 2/ 46 - المظالم/ 15 - باب"). 38 - [بابٌ] {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ

_ (12) هذا جزاء الشرط؛ أي: فَفِدْيَتهُ ما تيسر، وقوله: "غير إن لم يتيسر"، وللأصيلي: "غير أنه لم يتيسر"؛ من " الشارح". قوله: "جمعاً"؛ أي: المزدلفة. 753 - وصله الطبري (3995) عن ابن جريج قالَ: قلتُ لعطاء: {يُهلك الحرث والنسل}؟ قالَ: (الحرث): الزرع. و (النسل): من الناس والأنعام. قالَ: يقتل نسل الناس والأنعام. قالَ: وقال مجاهد: يبتغي في الأرض هلاك الحرث -نبات الأرض- والنسل من كلَّ شيء من الحيوان. وسنده جيد.

39 - باب {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم} الآية

خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ} إلى {قريبٌ} 1861 - عنِ ابن أَبِى مُلَيْكَةَ قالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} خَفِيفَةً ذَهَبَ بِهَا هُنَاكَ (13)، وَتَلاَ: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} , فَلَقِيتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَعَاذَ اللَّهِ! وَاللَّهِ مَا وَعَدَ اللَّهُ رَسُولَهُ مِنْ شَىْءٍ قَطُّ إِلاَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلِ الْبَلاَءُ بِالرُّسُلِ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَكُونَ مَنْ مَعَهُمْ يُكَذِّبُونَهُمْ، فَكَانَتْ تَقْرَؤُهَا: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا} (14) مُثَقَّلَةً. 39 - بابٌ {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ} الآيةَ 1862 - عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ - رضى الله عنهما - إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ؛ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا (15)، فَقَرَأَ {سُورَةَ الْبَقَرَةِ}، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ قَالَ: تَدْرِى فِيمَا أُنْزِلَتْ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَ: أُنْزِلَتْ فِى كَذَا وَكَذَا , ثُمَّ مَضَى (16) (وفى روايةٍ: عنه عنِ ابنِ عمرَ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}؛ قالَ: يأتِيها

_ (13) أي: ذهب ابن عباس بهذه الآية إلى التي في سورة البقرة، يعني: فهم من هذه الآية ما فهم من تلك الآية؛ لكون الاستفهام في {متى نصر الله} للاستبطاء. أفاده العيني. (14) تعني من قبل أتباعهم المؤمنين. انظر حديثها الآتي بتفصيل "65 - التفسير/ 12 - سورة/ 6 - باب/ رقم الحديث 1923". (15) أي: أمسكت المصحف وهو يقرأ عن ظهر قلب. (16) هكذا أورده مبهماً لمكان الآية والتفسير، وقد بين الآية في الرواية الأخرى دون التفسير، وقد جاءت روايات عدة عنه مفسرة لمراده، أنه يأتيها في الدبر! وقد أفاض الحافظ في سرد هذه الروايات مع تخريجها، وهي بمجموعها تضطر الواقف عليها إلى أن هذا التفسير ثابت عن ابن عمر رضي الله عنه، ولكنه=

40 - باب {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تغضلوهن أن ينكحن أزوأجهن}

في (17)). 1863 - عن جابرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا؛ جَاءَ الْوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ). 40 - بابٌ {وإذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فبَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فلا تَغضُلُوهُنَّ أنْ يَنْكِحْنَ أزوأجَهُنَّ} 41 - [بابٌ] {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} {يَعْفُونَ}: يَهَبْنَ. 1864 - قَالَ: ابْنُ الزُّبَيْرِ قال: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: [هذه الآيةُ التي في {البقرةِ} 5/ 163]: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا)؛ قَالَ: (18) قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى , فَلِمَ تَكْتُبُهَا أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: (وفي روايةٍ: فلم تَكْتُبُها؟ قال: تَدَعُها) يَا ابْنَ أَخِي، لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ (19) مِنْ مَكَانِهِ.

_ =معارَض بتوهيم ابن عباس إياه , وأن الآية نزلت فى إتيانها فى الفرج من الخلف , ويشهد له حديث جابر الآتي فى الكتاب , والأحاديث الصريحة فى تحريم إتيان المرأة فى دبرها , وفيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر , وقد خرجت طائفة منها فى "آداب الزفاف" (ص101 - 106) , بل ثبت عن ابن عمر نفسه ما يوافقها , فأما أن يكون رجع عن ذلك التفسير؛ أو أنه وهم عليه من بعض الرواة -وهو اللائق به رضى الله عنه- فانظر المصدر المذكور (ص 101 / طبع المكتبة الإسلامية - عمان). (17) بحذف المجرور، وهو الظرف؛ أي: في الدبر، قيل: وأسقط المؤلف ذلك لاستنكاره. (18) يعني: ابن الزبير. (19) أي: من المصحف.

1865 - عن مجاهدٍ: {والذينَ يُتَوَفَّوْنَ منكُم ويَذَرُونَ أزواجاً}؛ قالَ: كَانَتْ هَذِهِ الْعِدَّةُ تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِى أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ}. قَالَ: جَعَلَ اللَّهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِى وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} , فَالْعِدَّةُ كَمَا هِىَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ. 1866 - وقالَ عطاءٌ: قالَ ابنُ عباسٍ: نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ}. قَالَ: عَطَاءٌ: إِنْ شَاءَتِ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهَا، وَسَكَنَتْ فِى وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ}. قَالَ عَطَاءٌ: ثُمَّ جَاءَ الْمِيرَاثُ فَنَسَخَ السُّكْنَى، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلاَ سُكْنَى لَهَا. 1867 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى، فَذَكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ فِى شَأْنِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ (20)، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَلَكِنَّ عَمَّهُ (21) كَانَ لاَ يَقُولُ ذَلِكَ (22)!

_ (20) قلتُ: وفيه أن المتوفى زوجها إذا وضعت تعتد بأقرب الأجلين , وقد مضى حديث عبد الله ابن عتبة عنها معلقا مفصلاً برقم (578) , ويأتى له شاهد من حديث أم سلمة الآتي "65 - كتاب التفسير / 65 - سورة / 1 - باب". (21) يعني: عبد الله بن مسعود. (22) قال الحافظ: "كذا نقل عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه، والمشهور عن ابن مسعود أنه كان يقول خلاف ما نقله ابن أبي ليلى، فلعله كان يقول ذلك ثم رجع، أو وهم الناقل عنه".

42 - باب {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}

قُلْتُ: إِنِّى لَجَرِىءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى رَجُلٍ فِى جَانِبِ الْكُوفَةِ , وَرَفَعَ صَوْتَهُ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ، فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ -أَوْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ- قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهْىَ حَامِلٌ؟ فَقَالَ: قَالَ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلاَ تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ؟ لَنَزَلَتْ {سُورَةُ النِّسَاءِ} الْقُصْرَى (23) بَعْدَ الطُّولَى. 42 - بابٌ {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (قلتُ: أسند فه حديث علي المتقدم "64 - المغازي/ 31 - باب"). 43 - بابٌ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}؛ أي: مُطِيعِينَ 44 - [بابُ] {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} 754 - وقالَ ابنُ جُبيرٍ: " {كُرْسِيُّهُ}: عِلْمُهُ". يقالُ: {بَسْطَةً}: زيادةً وفضلاً. {أفْرِغْ}: أَنْزِلْ. {ولا يَؤُدُهُ}: لا يُثْقِلُهُ، (آدَني): أثْقَلَني، و (الآدُ) و (الأيْدُ): القُوَّةُ. (السِّنَةُ): نُعاسٌ. {يَتَسَنَّهْ}: يَتَغَيَّرْ. {فَبُهِتَ}: ذَهَبَتْ حُجَّتُهُ. {خاويةٌ}: لا أَنِيسَ فيها. (عُروشُها): أبْنِيَتُها. {نُنْشِرها}: نُخْرِجُها. {إعصارٌ}: رِيحٌ عاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأرْضِ إلى السماءِ كعمود فيهِ نارٌ.

_ (23) هي {سورة الطلاق}. 754 - وصله سفيان الثوري في "تفسيره" بإسناد صحيح عنه، ورواه غيره عنه عن ابن عباس موقوفاً، وروي مرفوعاً. قال الحافظ: "والموقوف أشبه". وصح عن ابن عباس وأبي موسى أن الكرسي موضع القدمين، وقد أخرجتهما في كتابي "مختصر العلو"، وهذا التفسير عن ابن جبير غريب؛ كما قال الحافظ.

45 - [باب] {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا}

755 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {صَلْداً}: ليسَ عليهِ شيءٌ. 756 - وقالَ عِكْرِمَةُ: {وابِلٌ}: مطرٌ شديد. (الطَّلُّ): النَّدى، وهذا مَثَلُ عملِ المؤمِنِ. {يَتَسَنَّهْ}: يتغَيَّر. 1868 - عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَةِ الْخَوْفِ؛ قَالَ: يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُصَلِّى بِهِمِ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، فَإِذَا صَلَّوْا الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً؛ اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا، وَلاَ يُسَلِّمُونَ، وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا، فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الإِمَامُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، فَيُصَلُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الإِمَامُ، فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ؛ صَلَّوْا رِجَالاً قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، أَوْ رُكْبَانًا، مُسْتَقْبِلِى الْقِبْلَةِ، أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا، قَالَ نَافِعٌ: لاَ أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم. 45 - [بابٌ] {وَالَّذين يُتَوَفَّوْنَ منكُمْ ويَذَرُونَ أزْوَاجاً} (قلتُ: أسند في حديث ابن الزبير المتقدم "1864"). 46 - [بابٌ] {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} {فصُرْهُنَّ}: قَطِّعْهُنَّ. (قلتُ: أسند في حديث أبي هريرة المتقدم "60 - الأنبياه/ 12 - باب").

_ 755 - وصله ابن جرير بإسناد منقطع عنه. لكن رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر عنه نحوه. 756 - وصله عبد بن حميد دون قوله: {يتسنَّه}: يتغير"، فهذا ذكره ابن أبي حاتم عنه.

47 - باب قوله: {أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات}

47 - بابُ قولهِ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} 1869 - عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ - رضى الله عنه - يَوْمًا لأَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم: فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ)؟ قَالُوا: اللَّهُ أَعْلَمُ. فَغَضِبَ عُمَرُ، فَقَالَ: قُولُوا: نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِى نَفْسِى مِنْهَا شَىْءٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! قَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ أَخِى! قُلْ وَلاَ تَحْقِرْ نَفْسَكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثَلاً لِعَمَلٍ. قَالَ عُمَرُ: أَىُّ عَمَلٍ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِعَمَلٍ. قَالَ عُمَرُ: لِرَجُلٍ غَنِىٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ لَهُ الشَّيْطَانَ، فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِى حَتَّى أَغْرَقَ (24) أَعْمَالَهُ. 48 - [بابٌ] {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} يُقالُ: ألحَفَ عليَّ، وألَحَّ عليَّ، وأحْفاني بالمسألَةِ. {فَيُحْفِكمْ}: يُجْهِدُكُمْ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 54 - باب"). 49 - [بابٌ] {وأحَلَّ اللهُ البَيْعَ وحَرَّمَ الرِّبا} (المَسُّ): الجُنُونُ. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "ج1/ 8 - الصلاة/ 73 - باب"). 50 - [بابٌ] {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا}: يُذْهِبُهُ

_ (24) (أغرق)؛ أي: أضاع.

51 - [باب] {فأذنوا بحرب من الله ورسوله}: فأعلموا

51 - [بابٌ] {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}: فأعْلَموا (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 52 - [بابٌ] {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 53 - بابٌ {واتَّقُوا يَوماً تُرْجَعُونَ فيهِ إلى اللهِ} 1870 - عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قالَ: آخِرُ آيةٍ نَزَلَتْ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - آيةُ الرِّبا. 54 - بابٌ {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي بعده). 55 - بابٌ {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} 757 - وقالَ ابن عباسٍ: "إصْراً": عهْداً. ويُقالُ: {غُفْرانَكَ}: مَغْفِرَتَكَ، فاغْفِرْ لَنا. 1871 - عن مَرْوانَ الأصفَرِ عن رجلٍ من أصحاب رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ -أحسِبُهُ (وفي روايةٍ: وهو) ابنُ عُمرَ-: {وإنْ تُبْدُوا ما فيَ أنْفُسِكُمْ أوْ تُخْفُوهُ}؛ قالَ: [قدْ] نَسَخَتْها الآيةُ التي بعدَها.

_ 757 - وصله الطبري بسند منقطع عنه.

3 - سورة {آل عمران}

3 - سورةُ {آلِ عِمْرانَ} {تُقاةً} و (تقيَّةً) واحدةٌ. {صِرٌّ}: بَرْدٌ. {شَفا حُفْرَةٍ}: مِثْلُ شَفَا الرَّكِيَّةِ، وَهْوَ حَرْفُهَا. {تُبَوِّئُ}: تَتَّخِذُ مُعَسْكَرًا، (الْمُسَوَّمُ): الَّذِى لَهُ سِيمَاءٌ بِعَلاَمَةٍ أَوْ بِصُوفَةٍ، أَوْ بِمَا كَانَ. {رِبِّيُّونَ}: الْجَمِيعُ، وَالْوَاحِدُ رِبِّىٌّ. {تَحُسُّونَهُمْ}: تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلاً. {غُزًّا}: وَاحِدُهَا غَازٍ. {سَنَكْتُبُ}: سَنَحْفَظُ. {نُزُلاً}: ثَوَابًا، وَيَجُوزُ: وَمُنْزَلٌ (25) مِنْ عِنْدِ اللَّهِ كَقَوْلِكَ: أَنْزَلْتُهُ. 758 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَالْخَيْلُ الْمُسَوَّمَةُ}:الْمُطَهَّمَةُ (26) الحِسَانُ. 759 - قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {وحَصوراً}: لا يأتي النساءَ. 765 - وقالَ عِكْرِمَةُ: {مِن فَوْرِهِم}: مِن غَضَبِهِم يومَ بدرٍ. 761 - وقالَ مجاهدٌ: {يُخْرجُ الحَيَّ}: النُّطفةُ تَخْرُجُ مَيِّتَةً، ويَخْرُجُ منها الحيُّ. (الإبْكَارُ): أوَّلُ الفجرِ. (والعَشِيُّ): مَيْلُ الشمسِ -أرَاهُ- إلى أنْ تَغْرُبَ. 1 - بابٌ {منهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ} 762 - وقالَ مجاهدٌ: الحلالُ والحرامُ.

_ (25) الواو مقحمة، والآية: {خالدينَ فيها نُزُلاً مِن عندِ اللهِ}. 758 - وصله الثوري في "تفسيره" بإسناد صحيح عنه. (26) (المُطَهَّمُ): التام كل شيء منه على حِدَتِهِ، فهو بارع الجمال. 759 - وصله الثوري أيضاً بإسناد صحيح عنه. 760 - وصله الطبري (7771) بإسناد صحيح عنه. 761 - وصله عبد بن حميد. 762 - وصله عبد بن حميد أيضاً.

2 - [باب] {وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}

{وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}: يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ}، وَكَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ}، وَكَقَوْلِهِ تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدُى}. {زَيْغٌ}: شَكٌّ. {ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ}: الْمُشْتَبِهَاتِ. {وَالرَّاسِخُونَ}: يَعْلَمُونَ {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}. 1872 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ الآيَةَ: {هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ}؛ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ؛ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ؛ فَاحْذَرُوهُمْ". 2 - [بابٌ] {وإنِّي أُعِيذُها بكَ وذُرِّيَّتَها مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 2/ 60 - الأنبياء/ 43 - باب"). 3 - بابٌ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ}: لا خَيْرَ {لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}: مُؤْلِمٌ، مُوجِعٌ مِنَ الألَمِ، وهو في موضِعِ (مُفْعِلٍ). 1873 - عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى أَوْفَى - رضى الله عنهما - أَنَّ رَجُلاً أَقَامَ سِلْعَةً فِى السُّوقِ، فَحَلَفَ فِيهَا: لَقَدْ أَعْطَى (27) بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهِ؛ لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلاً مِنَ

_ (27) بهذا الضبط، ويجوز ضم الهمزة وكسر الطاء.

4 - باب {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله}

الْمُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. [وقالَ ابنُ أبي أوفى: الناجشُ آكِلُ رباً خائنٌ 3/ 161]. 1874 - عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ (28) فِى بَيْتٍ -أَوْ فِى الْحُجْرَةِ- فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفًى (29) فِى كَفِّهَا، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ» , ذَكِّرُوهَا بِاللَّهِ، وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ}، فَذَكَّرُوهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ». 4 - بابٌ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ} {سواءٍ}: قَصْدٍ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سفيان الطويل في قصته مع هرقل، وكتاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إليه يدعو إليه يدعوه إلى الإسلام، وقد تقدَّم "ج2/ 56 - الجهاد /102 - باب"). 5 - بابُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} إلى: {بِهِ عَلِيمٌ}

_ (28) الخرز في الجلد كالخياطة في الثوب، وبابه (ضرب) و (قتل). (29) (الإِشفى): آلة الخرز للإسكاف، ينون على أنه (إفعل)، ولا ينون على أنه (فعلى) كذكرى، والجمع: (الأشافي)، تقول: مواعظه لقلوب الأولياء أشاف، وفي أكباد الأعداء أشاف، الأول جمع جمع الشفاء.

6 - باب {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين}

(قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 45 - باب"). 6 - بابٌ {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج2/ 61 - المناقب/ 26 - باب"). 7 - بابٌ {كُنْتُم خيرَ أُمَّةِ أُخْرِجَتْ للنَّاسِ} 1875 - عن أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه -: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}؛ قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِى السَّلاَسِلِ فِى أَعْنَاقِهِمْ حَتَّى يَدْخُلُوا فِى الإِسْلاَمِ (30). 8 - بابٌ {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} 1876 - عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما قالَ: فِينَا نَزَلَتْ: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}؛ قَالَ: نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ: بَنُو حَارِثَةَ , وَبَنُو سَلِمَةَ، وَمَا نُحِبُّ -وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: وَمَا يَسُرُّنِى- أَنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ لِقَوْلِ اللَّهِ: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}. 9 - بابٌ {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} 10 - بابُ قولِهِ: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ}، وهو تأنيثُ آخِرِكُم (31)

_ (30) مضى مرفوعاً" 56 - الجهاد/ 144 - باب" دون الآية وتفسيرها. (31) يريد في الدلالة على معنى التأخر؛ أي: في ساقتكم وجماعتكم المتأخرة؛ كما في قوله عزَّ من قائل: {وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ}؛ أي: المتقدمة للمتأخرة، وإلا فالآخر بكسر الخاء تأنيثه آخرة، والأخرى تأنيث آخر بفتحها، وهو ظاهر.

11 - باب قوله: {أمنة نعاسا}

763 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {إحْدى الحُسْنَيَيْنِ}: فَتْحاً أو شهادَةً. 11 - بابُ قولِهِ: {أمَنَةً نُعَاساً} (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم "64 - المغازي/ 22 - باب"). 12 - بابُ قولِهِ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ} {القَرْحُ}: الجِراحُ. {اسْتَجابُوا}: أجَابُوا، {يَسْتجِيْبُ}: يُجيبُ. 13 - بابٌ {إنَّ النَّاسَ قدْ جَمَعُوا لكُم} الآيةَ 1877 - عنِ ابنِ عباسٍ: {حَسْبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ}: قالَها إبراهيمُ عليهِ السلام حينَ أُلقِيَ في النارِ، وقالها محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - حينَ قالوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}. (وفي روايةٍ عنه قالَ: كانَ آخرَ قولِ إبراهيمَ حينَ أُلْقِيَ في النَّارِ: حسبِيَ اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ) (32).

_ 763 - وصله ابن أبي حاتم بإسناد منقطع عنه. (32) قلت: وقد روي مرفوعاً عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ولا يصح، والصحيح موقوف كما رواه المصنف رحمه الله، ومن أجل كونه روي مرفوعاً؛ خرجته في "الضعيفة"، وقد توهم بعض من لا علم عنده من حكمي عليه بالوضع في "ضعيف الجامع الصغير" أنني عنيت به الموقوف أيضاً، وجهل أو تجاهل عن إقراري فيه لقول الخطيب: "أن الموقوف هو المحفوظ"، ولعله لا يعلم أن كلمة "محفوظ" هنا يعني: "صحيح"! فيتلخص من ذلك أن الموضوع إنما هو المرفوع فقط، وأما الموقوف فصحيح. ويؤيده أن موضوع "الجامع الصغير" إنما هو في الأحاديث المرفوعة.

14 - باب {ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم

14 - بابٌ {وَلَا تَحْسَبَنَّ (33) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} {سيُطَوَّقونَ}: كقولكَ: طَوَّقْتُهُ بِطَوْقٍ. 15 - بابٌ {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} 1878 - عن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكِبَ على حِمارٍ على [إكافٍ عليه 4/ 14] قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وأردَفَ أسامةَ بنَ زيدٍ وراءَهُ؛ يعودُ سعدَ بنَ عُبادَةَ في بَني الحارِثِ بنِ الخَزْرَجِ، [وذلك 7/ 132] قبلَ وقعَةِ بدرٍ. قَالَ: حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ بْنُ سَلُولَ -وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ- فَإِذَا فِى الْمَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ: عَبَدَةِ الأَوْثَانِ، وَالْيَهُودِ، وَالْمُسْلِمِينَ (34)، وَفِى الْمَجْلِسِ (وفي روايةٍ: وفي المسلمينَ 7/ 120) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ؛ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ , ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ [له] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ بْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا الْمَرْءُ! إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا، فَلاَ تُؤْذِينَا (وفى روايةٍ: فلا تُؤْذِنا) بِهِ فِى مَجْلِسِنَا، [و] ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فَقَالَ:

_ (33) قوله: {ولا تحسبن}، وقُرِئَ: {ولا يحْسَبَنَّ} بالياء؛ كما يأتي قبيل الباب الآتي. (34) كذا الأصل بذكر المسلمين مرة ثانية، وقد سقطت من رواية مسلم، وكذا في رواية المصنف الآتية.

عبدُ اللهِ بنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَاغْشَنَا بِهِ فِى مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ؛ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ (35) , فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهُم، حَتَّى سَكَنُوا. ثمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - دَابَّتَهُ فَسَارَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا سَعْدُ! أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ -يُرِيدُ: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ- قَالَ كَذَا وَكَذَا». قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! [بأبي أنْتَ]؛ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ؛ لَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالْحَقِّ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ، [و] لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ (وفى روايةٍ: البَحْرَةِ) عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ، فَيُعَصِّبُونَهُ بِالْعِصَابَةِ (36)، فَلَمَّا أَبَى (وفى روايةٍ: ردَّ) اللَّهُ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ اللَّهُ؛ شَرِقَ (37) بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ ما رَأَيْتَ. فعَفا عنهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم. وَكَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ؛ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الآيَةَ، وَقَالَ اللهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} إلى آخرهِ الآيةِ. وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَأَوَّلُ الْعَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ؛ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَدْرًا، فَقَتَلَ اللَّهُ بِهِ [مَنْ قتَلَ مِنْ] صَنَادِيدِ [الـ] كفَّارِ [وسادَةِ] قريشٍ ,

_ (35) أي: قاربوا أن يثب بعضهم على بعض، فيقتتلوا. و (البُحَيْرَة) أو (البَحْرة): المدينة. (36) أي: فيعممونه بعمامة الملوك. (37) أي: غُصَّ بهِ، وهو كناية عن الحسد.

16 - باب {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا}

[فَقَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ مَنْصُورِينَ غَانِمِينَ , مَعَهُمْ أُسَارَى مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفَّارِ وَسَادَةِ قُرَيْشٍ]؛ قَالَ ابْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وعَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ. فَبَايِعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإِسْلاَمِ، فَأَسْلَمُوا. 16 - بابٌ {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} 1879 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه -؛ أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْغَزْوِ؛ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}. 1880 - عن عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ [وحْمَيدَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بن عوفٍ] أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ! إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِىَ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ مُعَذَّبًا، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ؟ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَهُودَ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَىْءٍ؟ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ (38) بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: {يَفْرَحُونَ بِمَا أُوتُوا (39) وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}.

_ (38) أي: طلبوا أن يحمدهم. (39) أي: أعطوا؛ أي: من العلم الذي كتموه. وفي رواية أكثر رواة "الصحيح": {أتوا}: بمعنى جاؤوا؛ أي: بالذي فعلوه. قال الحافظ: "وهو أولى لموافقته التلاوة المشهورة، على أن الأولى قراءة السلمي وسعيد بن جبير". ولأبي ذر: {بما أتَوْا} بلفظ القرآن.

17 - باب قوله: {إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}

17 - بابُ قولِهِ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} (قلتُ: أسند فيهِ طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم "ج 1/ 4 - الوضوء/ 5 - باب"). 18 - بابٌ {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 19 - بابٌ {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 20 - بابٌ {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ} الآيةَ 4 - سورةُ {النِّساء} 764 - قالَ ابن عباسٍ: {يَسْتَنْكِفْ}: يَسْتَكْبِرْ. 765 - (قِواماً) (40): قِوامُكُم مِن معايِشِكُم.

_ 764 - وصله ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عنه. 765 - هذا عن ابن عباس أيضاً، وصله ابن أبي حاتم والطبري بسند منقطع عنه. (40) أراد به تفسير قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا}؛ قيل: ولعدم قصده التلاوة حذف الكلمة القرآنية، وأشار إلى تفسيرها، يقال: هذا قوام أمرك، وقيامه؛ أي: ما يقوم به أمرك.

1 - باب {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى}

766 - {لهُنَّ سَبيلاً}؛ يعني: الرَّجْمَ للثَّيِّبِ، والجَلْدَ للبِكْرِ. 767 - وقالَ غيرُهُ: {مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ}؛ يعني: اثنتينِ، وثلاثاً، وأربعاً، ولا تُجاوِزُ العربُ رُباعَ. 1 - بابٌ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} 1881 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ رَجُلاً كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ فَنَكَحَهَا (41)، وَكَانَ لَهَا عَذْقٌ (42)، وَكَانَ يُمْسِكُهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ شَىْءٌ، فَنَزَلَتْ فِيهِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى}. أَحْسِبُهُ قَالَ: كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِى ذَلِكَ الْعَذْقِ وَفِى مَالِهِ. (في روايةٍ: عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وفى روايةٍ: قالَ لها: يا أُمَّتهاهُ! 6/ 135): {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِى الْيَتَامَى [فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} 6/ 116]؟ فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِى! هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِى حَجْرِ وَلِيِّهَا، تَشْرَكُهُ فِى مَالِهِ [حتى فى العَذْقِ 5/ 184] ,

_ 766 - وصله عبد بن حميد عن ابن عباس أيضاً بسند صحيح. 767 - هو أبو عبيدة كما في "الفتح". (41) كذا في هذه الرواية أنها نزلت في شخص معين، والمعروف التعميم؛ كما في الرواية الآتية، وفيها شيء آخر، وهو قوله: "فكان لها عذق، فكان يمسكها عليه"، فإن هذا نزل في التي يرغب عن نكاحها، وأما التي يرغب في نكاحها؛ فهي التي يعجبه مالها وجمالها، فلا يزوجها لغيره، ويريد أن يتزوجها بدون صداق مثلها. "فتح". (42) بفتح العين؛ أي: نخلة. (وكان): الرجل. (يمسكها)؛ أي: اليتيمة. (عليه)؛ أي: لأجل العذق.

وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، [وهو أَوْلَى بها 6/ 133] , فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا [على مالها , ويُسِئُ صُحْبَتَها , ولا يَعْدِلُ فى مالِها 6/ 124] بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِى صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيَهَا (43) مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ (وفى أخرى: بأدنى من سُنَّةِ نسائِها 3/ 193)، فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا لَهُنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِى [إكمالِ] الصَّدَاقِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ، [مَثْنى , وثُلاثَ, ورُباعَ] , [وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلاً، فَيَشْرَكُهُ فِى مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ، فَيَعْضُلَهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} 5/ 184]. قَالَت عَائِشَةُ: وَإِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِى النِّسَاءِ). قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِى آيَةٍ أُخْرَى: {[وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ 6/ 133] وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}: رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ. قَالَتْ: فَنُهُوا (44) أَنْ يَنْكِحُوا عَمَّنْ رَغِبُوا فِى مَالِهِ وَجَمَالِهِ فِى يَتَامَى النِّسَاءِ إِلاَّ بِالْقِسْطِ؛ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلاَتِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ). (وفى روايةٍ ثانيةٍ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا؛ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا؛ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا، وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى فِى الصَّدَاقِ 6/ 136).

_ (43) معطوف على معمول بغير؛ يعني: يريد أن يتزوجها بغير أن يعطيها مثل ما يعطيها غيره؛ أي: ممن يرغب في نكاحها سواه. (44) أي: نهوا عن نكاح المرغوب فيها لمالها وجمالها؛ لأجل زهدهم وعدم رغبتهم فيها إذا كانت قليلة المال والجمال؛ فينبغي أن يكون نكاح الغنية الجميلة ونكاح الفقيرة الدميمة على السواء في العدل.

2 - باب {ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا}

2 - بابٌ {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} {وبِداراً}: مُبادَرَةً. {أعْتَدْنا}: أعْدَدْنا؛ أفْعَلْنا مِن العتادِ. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "ج 2/ 34 - البيوع/ 95 - باب"). 3 - بابٌ {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم "ج 2/ 55 - الوصايا/ 18 - باب"). 4 - بابٌ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ} (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم "ج 1/ 4 - الوضوء/ 46 - باب"). 5 - بابٌ {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} 1882 - عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: كَانَ الْمَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ، وَالثُّلُثَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ، وَالرُّبُعَ، وَلِلزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ. 6 - بابٌ {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} الآيةَ 768 - ويُذكَرُ عنِ ابنِ عباسٍ: {لا تَعْضُلُوهُنَّ}: لا تَقْهَرُوهُنَّ.

_ 768 - وصله الطبري وابن أبي حاتم بسند منقطع عنه.

7 - باب {ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون} الآية

769 - {حُوباً}: إثْماً. 770 - {تَعُولُوا}: تَمِيْلُوا. 771 - {نِحْلَةً}: (النِّحْلَةُ): المَهْرُ. 1883 - عن ابنِ عباسٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}؛ قَالَ: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ؛ كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ، إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، فَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِى ذَلِكَ. 7 - بابٌ {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} الآيةَ 772 - وَقَالَ مَعْمَرٌ {مَوَالِىَ}: أَوْلِيَاءَ وَرَثَةً. {عَاقَدَتْ أيْمانُكُم}: هُوَ مَوْلَى الْيَمِينِ، وَهْوَ الْحَلِيفُ. وَالْمَوْلَى أَيْضًا: ابْنُ الْعَمِّ. وَالْمَوْلَى: الْمُنْعِمُ الْمُعْتِقُ. وَالْمَوْلَى: الْمُعْتَقُ. وَالْمَوْلَى: الْمَلِيكُ. وَالْمَوْلَى: مَوْلًى فِى الدِّينِ. 8 - بابٌ {إنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ}؛ يعني: زِنَةَ ذَرَّةٍ (قلتُ: أسند فيه حديث أبى سعيد الخدري الآتي "ج4/ 97 - التوحيد/ 24 - باب"). 9 - بابٌ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}

_ 769 - وصله ابن أبي حاتم بإسناد صحيح عن ابن عباس. 770 - وصله سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن ابن عباس، وأبو بكر الآجري في "فوائده" بإسناد آخر صحيح أيضاً عنه. 771 - وصله الطبري وابن أبي حاتم بسند منقطع عن ابن عباس. 772 - ذكره أبو عبيدة في "المجاز" عن معمر بن المثنى.

10 - باب قوله: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط}

(المُخْتالُ) والخَتَّالُ واحدٌ. {نَطْمِسَ وُجُوهاً}: نُسَوِّيها حتى تَعُودَ كَأقْفَائِهِم، (طَمَسَ الكتابَ): مَحَاهُ. {سَعيرًا}: وقُوداً. 1884 - عن عبدِ اللهِ (ابن مسعوِد) قالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اقْرَأْ عَلَىَّ». قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ: «[نَعَمْ 6/ 113]؛ فَإِنِّى أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِى». [قالَ 6/ 114]: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ {سُورَةَ النِّسَاءِ}، حَتَّى [إذا] بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}؛ قالَ [لى]: «أَمْسِكْ» (وفي روايةٍ: "حسْبُكَ الآن"، فالْتَفَتُّ إليهِ) , فإذا عَيْناهُ تَذْرِفانِ. 10 - بابُ قولهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} {صَعِيداً}: وجْهَ الأرضِ. 773 - وقالَ جابرٌ: كَانَتِ الطَّوَاغِيتُ الَّتِى يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا: فِى جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ، وَفِى أَسْلَمَ وَاحِدٌ، وَفِى كُلِّ حَىٍّ وَاحِدٌ؛ كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ. 774 - وقالَ عمرُ: (الجِبْتُ): السِّحْرُ. و (الطَّاغوتُ): الشيطانُ. 775 - وقالَ عِكْرِمَةُ: (الجِبْتُ) بلسانِ الحَبَشَةِ: شيطانٌ. و (الطَّاغوتُ): الكاهِنُ.

_ 773 - وصله ابن أبي حاتم من طريق وهب بن منبه قال: سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت؟ فذكر مثله، وزاد: "وفي هلالٍ واحدٌ". 774 - وصله عبد بن حميد في "تفسيره"، ومسدد في "مسنده"، وعبد الرحمن بن رسته في "كتاب الإيمان" بإسناد قوي عنه. 775 - وصله عبد بن حميد بإسناد صحيح عنه.

11 - [باب] {أولي الأمر منكم}: ذوي الأمر

11 - [بابُ] {أُولِي الأمْرِ مِنْكُم}: ذَوِي الأمْرِ 1885 - عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما -: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ}؛ قَالَ: نَزَلَتْ فِى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِىٍّ؛ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى سَرِيَّةٍ. 12 - بابٌ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} 13 - بابٌ {فأُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في آخر "ج 3/ 64 - المغازى/ 85 - باب"). 14 - [بابُ] قوِلهِ: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ} الآيةَ 1886 - عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ أنَّ ابنَ عباسٍ تَلَا: {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ}؛ قالَ: كنتُ أنا وأمِّي ممَّنْ عَذَرَ اللهُ (وفي روايةٍ: مِنَ المُسْتَضْعَفينَ). 776 - ويُذْكَر عنِ ابنِ عباس: {حَصِرَتْ}: ضاقَتْ. {تَلْوُوا}: ألْسِنَتَكم بالشهادةِ. وقالَ غيرُهُ: (المُراغَمُ): المُهاجَرُ. (راغَمْتُ): هاجَرْتُ قَوْمي. {مَوْقُوتاً}: مُوَقتًا وَقَّتَهُ عليهِم. 15 - [بابٌ] {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} 777 - قالَ ابنُ عباسٍ: بدَّدَهُم. {فِئةٌ}: جماعةٌ.

_ 776 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 777 - وصله الطبري (10061) بسند ضعيف عنه بلفظ: "ردهم".

16 - باب {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به}

(قلتُ: أسند فيه حديث زيد بن ثابت المتقدم "ج 1/ 29 - فضل المدينة/ 11 - باب"). 16 - بابٌ {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ}؛ أيْ: أَفْشَوْهُ. {يَسْتَنْبِطُونَهُ}: يَسْتَخْرِجُونَهُ. {حَسِيبًا}: كَافِيًا. {إِلاَّ إِنَاثًا}؛ يعنى: الْمَوَاتَ؛ حَجَرًا أَوْ مَدَرًا، وَمَا أَشْبَهَهُ. {مَرِيدًا}: مُتَمَرِّدًا. {فَلَيُبَتِّكُنَّ}: بَتَّكَهُ: قَطَّعَهُ. {قِيلاً} وَقَوْلاً؛ وَاحِدٌ {طُبِعَ}: خُتِمَ (45). 17 - بابٌ {ومَنْ يَقْتُلْ مُؤمِناً مُتَعَمِّداً فجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم "ج 2/ 63 - المناقب/ 29 - باب/ رقم الحديث 1639"). 18 - بابٌ {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}؛ السِّلْمُ والسَّلَمُ والسَّلامُ واحدٌ 1887 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}؛ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ فِى غُنَيْمَةٍ لَهُ، فَلَحِقَهُ الْمُسْلِمُونَ , فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِى ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ: {عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}: تِلْكَ الْغُنَيْمَةُ. قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السَّلاَمَ (46). 19 - بابٌ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} 1888 - عنِ البراءِ قالَ: لمَّا نَزَلَتْ: {لا يَسْتَوي القَاعِدونَ مِنَ المؤمِنينَ}؛

_ (45) قلت: لم يذكر تحت هذا الباب شيئاً آخر. (46) وقرأ نافع وابن عامر وحمزة: {السَّلَم} بفتحتين، وقرأ عاصم بن أبي النجود {السَّلْم}: بكسر المهملة، وقرأ الباقون مثل قراءة ابن عباس. انظر تعليقي على "صحيح كشف الأستار"/ النساء.

20 - باب {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم

قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ادْعُوا فُلاَنًا (وفي روايةٍ: زَيْداً 6/ 100) ", فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ -أَوِ الْكَتِفُ- فَقَالَ: "اكْتُبْ: {لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ} "، [فكَتَبَها 3/ 211]، وَخَلْفَ [ظهْرِ] النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ [الأعمى] , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا ضَرِيرٌ (وفى روايةٍ: فما تأمُرُنِى؟ فإني رجلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ) , فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا: {لاَ يَسْتَوِى الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِى الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ}. 20 - بابٌ {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} الآيةَ 1889 - عن مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ قَالَ: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ بَعْثٌ (47) فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَنَهَانِى عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْىِ (48)، ثمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ الْمُشْرِكِينَ، يُكَثِّرُونَ سَوَادَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَأْتِى السَّهْمُ فَيُرْمَى بِهِ، فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ ظَالِمِى أَنْفُسِهِمْ} الآيَةَ.

_ (47) أي: جيش، والمعنى أنهم ألزموا بإخراج جيش لقتال أهل الشام، وكان ذلك في خلافة عبد الله بن الزبير على مكة. (48) قال الحافظ: "فيه دلالة على براءة عكرمة مما ينسب إليه من رأي الخوارج؛ لأنه بالغ في النهي عن قتال المسلمين، وتكثير سواد من يقاتلهم"، وقد أشار في "التقريب" إلى هذه التبرئة بقوله: "ثقة ثبت عالم بالتفسير، لم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا يثبت عنه بدعة".

21 - [باب] {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا}

21 - [بابٌ] {إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم قريباً " 14 - باب"). 22 - بابُ قولهِ: {فأولئكَ عَسَى اللهُ أنْ يَعْفُوَ عنهُم} الآيةَ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة في القنوتِ في النازلةِ المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 127 - باب"). 23 - بابُ قولهِ: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ} 1890 - عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهُما: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى}؛ قالَ: عبدُ الرحمنِ بقُ عوفٍ كانَ جَرِيحاً. 24 - بابُ قولهِ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} 25 - [بابٌ] {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} 778 - وقالَ ابن عباس: (شِقاقٌ): تَفاسُدٌ. {وأُحْضِرَتِ الأنْفُسُ الشُّحَّ}: هواهُ في الشيءِ يَحْرِص عليهِ. 779 - {كالمُعَلَّقَةِ}: لا هي أيِّمٌ، ولا ذاتُ زوجٍ.

_ 778 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 779 - وصله ابن أبي حاتم بسند صحيح عنه.

26 - [باب] {إن المنافقين في الدرك الأسفل}

780 - {نُشُوزاً}: بُغْضاً. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة الآتي "67 - النكاح/ 96 - باب"). 26 - [بابٌ] {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ} 781 - وقالَ ابن عباسٍ: أسْفَلِ النَّارِ. 782 - {نَفَقاً}: سَرَبًا. 1891 - عَنِ الأَسْوَدِ قَالَ: كُنَّا فِى حَلْقَةِ عَبْدِ اللَّهِ، فَجَاءَ حُذَيْفَةُ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ! قَالَ الأَسْوَدُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِى الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} , فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللَّهِ، وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِى نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ، فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ، فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَرَمَانِى (49) بِالْحَصَى، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ! لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ، ثُمَّ تَابُوا، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. 27 - بابٌ قولُهُ: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} إلى قولهِ: {يونُسَ وهارونَ وسُلَيمانَ} 28 - بابٌ {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ}

_ 780 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 781 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 782 - وصله ابن أبي حاتم. (49) أي: قال الأسود: رماني حذيفة بن اليمان بالحصا؛ أي: ليستدعيني إليه.

5 - تفسير سورة {المائدة} (*)

و (الكَلالَةُ): مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أبٌ أوِ ابْنٌ، وهو مصدرٌ مِن تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ (50). 1892 - عنِ البراءِ رضي اللهُ عنه قالَ: آخِرُ سورةٍ نَزَلَتْ {بَراءَةٌ}، وآخِرُ آيةٍ نَزَلَتْ [خاتمةُ سورةِ {النِّساءِ} 8/ 8]: {يَسْتَفْتونَكَ [قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ في الكَلالَةِ]}. 5 - تفسيرُ سورة {المائدةِ} (*) بسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرحيمِ {حُرُمٌ}: واحِدُها حرامٌ. {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُم}: بنَقْضِهِم. {التي كَتَبَ اللهُ}: جَعَلَ اللهُ. {تَبُوءَ}: تَحْمِلَ. {دائِرةٌ}: دَوْلَةٌ. وقالَ غيرُه: (الِإغراءُ): التَّسْلِيطُ. {أجُورَهُنَّ}: مُهُورَهُنَّ. {المُهَيْمِنُ}: الأمينُ (51): القرآنُ أمينٌ على كُلِّ كتابٍ قَبْلَهُ. 783 - قالَ سفيان: ما في القرآنِ آيةٌ أشدُّ عليَّ مِن: {لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ}.

_ (50) أي: تطرفه، كأنه أخذ طرفيه من جهة الوالد والولد وليس له منهما أحد. (*) كان الأصل "باب تفسير سورة المائدة"، ولما كان شاذًّا عن استعمال المؤلف فيما تقدم ويأتي من السور؛ ظننت أنه من تصرف النساخ فحذفت لفظة: "باب"، وكان من الممكن قلب ذلك بجعل "باب" بعد قوله: "تفسير ... "، فيكون "باب" بين يدي الآثار التي من عادته أن يفتتح بها الأبواب؛ كما وقع في شرحه "فتح الباري"، ولكني رأيت حذفه بالكلية؛ لأن إبقاءه يخالف عادته أيضاً؛ كما سيأتي بيانه تحت (14 - سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام). (51) سيأتي في أول "66 - فضائل القرآن" معزوًّا لابن عباس. 783 - لم يقف الحافظ على من وصله.

1 - باب قوله: {اليوم أكملت لكم دينكم}

{مَخْمَصةٌ}: مَجَاعةٌ. {مَن أَحْيَاها}؛ يعني: مَن حرَّمَ قتْلَها إلا بحقٍّ؛ حَيِيَ الناسُ منهُ جميعاً. {شِرْعَةً ومِنْهاجاً}: سبيلاً وسُنَّةً. {فإنْ عُثِرَ}: ظهَرَ. {الأوْلَيانِ}: واحِدُهُمِا أوْلَى. 1 - بابُ قولهِ: {اليومَ أكْمَلْتُ لكُمْ دينَكُمْ} 784 - وقالَ ابنُ عباس: {مَخْمَصَة}: مجاعَةٌ. 2 - بابُ قولِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} {تَيَمَّمُوا}: تَعَمَّدُوا. {آمِّينَ}: عامِدِينَ، أمَّمْتُ وتَيَمَّمْتُ واحدٌ. 785 - 788 - وقالَ ابنُ عباس: {لَمَسْتُم} , و {تَمَسُّوهنَّ}، و {واللاَّتي دَخَلْتُم بهِنَّ}، و (الِإفضاءُ): النِّكاحُ. (قلتُ: أسند في حديث عائشة المتقدم "ج 1/ 7 - التيمم/ 1 - باب"). 3 - بابُ قولِهِ: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}

_ 784 - وصله ابن أبي حاتم. قلت: وكذا الطبري في "تفسيره" (11114) بسند ضعيف منقطع عنه. 785 - 788 - أما قوله: "لمستم"؛ فوصله ابن أبي حاتم بسند صحيح عنه، ووصله عبد الرزاق وإسماعيل القاضي من طريقين آخرين عنه. وأما قوله: "تمسوهن"؛ فوصله ابن أبي حاتم أيضاً. وأما قوله: "دخلتم بهن"؛ فوصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه؛ لكن له طريق أخرى تأتي. وأما قوله: "و (الإفضاء): النكاح"؛ فوصله ابن أبي حاتم من طريق بكر المزني عنه. وروى عبد بن حميد من طريق عكرمة عنه قال: "الملامسة، والمباشرة، والِإفضاء، والرفث، والغشيان، والجماع؛ كله: النكاح، ولكن الله يكني". ورواه عبد الرزاق نحوه، وإسناده صحيح، وقد علقه المصنف فيما يأتي من "67 - النكاح/ 26 - باب".

4 - باب {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا} إلى قوله: {أو ينفوا من الأرض}

(قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم 649 - المغازي/ 4 - باب"). 4 - بابٌ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} إلى قولهِ: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (المحاربةُ للهِ): الكفرُ بهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي "ج4/ 87 - الديات/ 21 - باب"، وقصة القوم -وهم العرنيون- تقدمت في "ج1/ 4 - الوضوء/ 70 - باب/ رقم الحديث 137"). 5 - بابُ قولهِ: {والجُرُوحَ قِصَاصٌ} 6 - بابٌ {يا أيُّها الرَّسولُ بَلِّغْ ما أنْزِلَ إليكَ مِن ربِّكَ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي "65 - التفسير/ 53 - سورة/ 1 - باب"). 7 - بابُ قولهِ: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ باللَّغْوِ في أيْمانِكُمْ} 1893 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها: أُنْزِلَتْ هذه الآيةُ: {لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ باللَّغْوِ في أيْمانِكُم} في قولِ الرَّجُلِ: لا واللهِ، وبلى واللهِ. 8 - بابُ قولهِ: {يا أيُّها الذينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أحَلَّ اللهُ لكُم} 1894 - عن عبدِ اللهِ (ابن مسعوِد) رضي اللهُ تعالى عنه قالَ: كُنَّا نَغْزُو معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وليس معَنا نِساءٌ، فقُلْنا: ألا نَخْتَصِي؟ فنَهانا عن ذلكَ (52)، فرَخَّصَ لنا بعدَ ذلكَ أنْ نَتَزَوَّجَ المرأةَ بالثَّوْبِ، ثمَّ قرأَ [علينا 6/ 119]:

_ (52) أي: ألا نفعل الخصاء؟ وهو الشق على الأنثيين وانتزاعهما.

9 - باب قوله: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان}

" {يا أيُّها الذينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لكُم} ". 9 - بابُ قولهِ: {إنَّما الخَمْرُ والمَيْسِرُ والأنْصَابُ والأزْلاَمُ رِجْسٌ مِن عَمَلِ الشَّيطانِ} 789 - وقالَ ابنُ عباس: {الأزْلامُ}: القِداحُ يَقْتَسِمُونَ بها في الأمُورِ (35). و (النُّصُبُ): أنْصابٌ يَذْبَحون عليها. وقالَ غيرُه: (الزَّلَمُ): القِدْحُ لا رِيشَ له، وهو واحدُ الأزْلامِ. و (الِاسْتِقْسَامُ): أنْ يُجِيلَ القِداحَ؛ فإنْ نَهَتْهُ انتهى، وإنْ أمَرَتْهُ فعَلَ ما تأمُرُة. (يُجِيل): يُدِيرُ، وقد أعْلَمُوا القِداحَ أعْلَاماً بِضرُوبٍ يَسْتَقْسِمُونَ بها، وفعَلْتُ منه: (قسمْتُ)، و (القسُومُ): المصدرُ. 1895 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ؛ وَإِنَّ فِى الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ لَخَمْسَةَ أَشْرِبَةٍ (54)، مَا فِيهَا شَرَابُ الْعِنَبِ (وفي روايةٍ: حُرِّمتِ الخمرُ وما بالمدينَةِ منها شيءٌ 6/ 241). 1896 - وعن جابرٍ قالَ: صَبَّحَ (55) (وفي روايةٍ: اصْطَبَحَ 5/ 30) أناسٌ غَداةَ أُحُدٍ الخَمْرَ، فقُتِلوا مِن يومِهم جميعاً شُهداءَ، وذلك قبلَ تَحْرِيمِها.

_ 789 - وصله ابن أبي حاتم من طريق عطاء عنه. (53) القداح كانت سبعة موضوعة في جوف الكعبة عند هبل أعظم أصنامهم، مكتوب على ستتها وسابعها غفل؛ أي: ليس عليه شيء، فهذا معنى قوله: "وقد أعلموا القداح أعلاماً بضروب"، فعلى واحد: أمرنى ربي، وعلى الآخر: نهاني ربي، وعلى آخر: واحد منكم، وعلى آخر: من غيركم، وعلى آخر: ملصق، وعلى آخر: العقل. أفاده الشارح القسطلاني. وقوله: "غُفْل" بضم الغين وسكون الفاء، والمشهور أنها ثلاثة: آمر، وناه، وغفل؛ يقوم بها سدنة البيت , وربما كان مع الرجل زلمان وضعهما في قرابه، فإذا أراد الاستقسام أخرج أحدهما. (54) أي: شراب العسل والتمر والحنطة والشعير والذرة. (55) أي: شربوا الخمر صبوحاً بالغداة، والمعروف في هذا المعنى: (اصطبح).

10 - باب {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} إلى قوله: {والله يحب المحسنين}

10 - بابٌ {ليسَ على الذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فيما طَعِمُوا} إلى قولهِ: {واللهُ يُحِبُّ المُحْسِنينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج 2/ 46 - المظالم/ 21 - باب"). 11 - بابُ قولهِ: {لا تَسْألُوا عنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لكُمْ تَسؤكُم} 1897 - عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما قالَ: كانَ قومٌ يسألونَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - استهزاءً؛ فيقولُ الرجلُ: مَن أبي؟ ويقولُ الرجُلُ تَضِلُّ ناقَتُهُ: أينَ ناقتي؟ فأنْزَلَ اللهُ فيهِمْ هذه الآيةَ: {يا أيُّها الذينَ آمَنُوا لا تَسْألُوا عنْ أشْياءَ إنْ تُبْدَ لكُمْ تَسُؤْكُمْ} حتى فرغَ مِن الآيةِ كُلِّها. 12 - بابٌ {ما جَعَلَ اللهُ مِن بَحِيرَةٍ ولا سَائِبَةٍ ولا وَصِيلَةٍ ولا حامٍ} و {إذْ قالَ اللهُ}: يقولُ: قالَ اللهُ، و {إذْ} ها هنا صِلةٌ. (المائدَةُ): أصْلُها مفعولَةٌ؛ كعِيشةٍ راضيةٍ، وتَطْلِيقةٍ بائِنَةٍ، والمعنى: مِيدَ بها صاحِبُها (56) مِن خيرٍ؛ يُقالُ: مادَنِي يَمِيدُني. 790 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {مُتَوَفِّيكَ}: مُمِيتُكَ.

_ (56) يعني: امتير بها؛ لأن ماده يميده لغة في ماره يميره من الميرة، وهي الطعام. 790 - لم يخرجه الحافظ، وكأنه شغله عن ذلك قوله: "وهذه اللفظة إنما هي في {سورة آل عمران}، فكان بعض الرواة ظنها من {سورة المائدة}، فكتبها فيها، أو ذكرها المصنف هنا لمناسبة قوله في هذه السورة: {فلما توفَّيتَني كنتَ أنتَ الرقيبَ} ". وقد وصله ابن أبي حاتم كما ذكر في "التغليق" (4/ 206) من طريق علي عن ابن عباس. قلت: وإسناده منقطع وضعيف. قلتُ: وقد أخرجه ابن جرير (7141) من طريق عبد الله بن صالح: حدثني معاوية عن علي عنه. وهذا سند ضعيف؛ علي -وهو ابن أبي طلحة- لم يسمع من ابن عباس، وعبد الله بن صالح=

13 - باب {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد}

1898 - عن سعيدِ بنِ المسَيَّبِ قال: (البَحِيرَةُ): التي يُمْنَعُ دَرُّها (57) للطَّواغيتِ، فلا يَحْلُبُها أحدٌ مِنَ الناسِ. و (السائِبَةُ): كانوا يُسَيِّبُونَها لآلِهَتِهِم، لا يُحْمَلُ عليها شيءٌ. قالَ: وقالَ أبو هريرةَ: قالَ (وفي روايةٍ: سمعْتُ) رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "رأيْتُ عَمْرَو بنَ عامرٍ الخُزاعيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ (58) في النَّارِ؛ كانَ أوَّلَ مَن سيَّبَ السوائِبَ". و (الوَصِيلَةُ): الناقةُ البِكْرُ؛ تُبَكِّرُ في أوَّلِ نَتَاجِ الِإبِلِ، ثمَّ تُثَنِّي بعدُ بأُنْثَى، وكانوا يُسَيِّبُونَهم لطواغِيتِهم؛ أنْ وصَلَتْ إحْداهُما بالأخرى ليس بينهما ذَكَرٌ. و (الحامُ): فَحْلُ الإِبلِ، يَضْرِبُ الضِّرابَ المَعْدُودَ، فإذا قَضَى ضِرابَهُ؛ وَدَعُوهُ للطواغيتِ، وأَعْفَوْهُ مِنَ الحَمْلِ، فلمْ يُحْمَلْ عليهِ شيءٌ، وسَمَّوْهُ: الحامِيَ. 13 - بابٌ {وكنْتُ عليهِمْ شَهيداً ما دُمْتُ فيهِم فلمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أنْتَ الرقيبَ عليهِمْ وأنْتَ على كُل شيءٍ شهِيدٌ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم "ج 2/ 60 - الأنبياء/ 10 - باب").

_ =فيه ضعف، ومن طريق علي رواه ابن أبي حاتم وابن المنذر؛ كما في "الدر المنثور" (2/ 36). ثم صوَّب ابن جرير أن معنى (متوفيك): قابضك من الأرض حيَّا، ورافعك إلي، وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه العظيم: "الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح"، وهو الذي يتفق مع الأحاديث المتواترة في نزوله عليه السلام في آخر الزمان. (57) أي: لبنها لأجل الأصنام. وقوله: "والوصيلة ... " إلخ، هو بقية تفسير سعيد بن المسيب؛ كما حققه الحافظ. (58) أي: أمعاءه. وقوله: "يسيبونهم"، ولأبي ذر: "يسيبونها". قوله: "أن وصلت"؛ أي: من أجل أن ... إلخ، ويجوز كسر الهمزة. قوله: "وَدَعوه" بالتخفيف، ولأبي ذر: "ودَّعوهُ" بالتشديد؛ أي: تركوه لأجل الطواغيت.

14 - باب قوله: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}

14 - بابُ قولهِ: {إنْ تُعَذِّبْهُمْ فإنَّهُم عِبادُكَ وإنْ تَغْفِرْ لهُمْ فإنَّك أنْتَ العزيزُ الحكيمُ} {قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 6 - سورةُ {الأنْعَامَ} بسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 791 - قالَ ابنُ عباسٍ: {ثُمَّ لمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُم}: مَعْذِرَتُهُم. {مَعْرُوشاتٍ}: ما يُعْرَشُ مِن الكَرْم وغيرِ ذلك. {حَمُولةً}: ما يُحْمَلُ عليها. {ولَلَبَسْنا}: لشَبَّهْنا. {وَيَنْأوْنَ}: يتباعَدُونَ. {تُبْسَلَ}: تُفْضَحَ. {أُبْسِلُوا}: أُفْضِحُوا. {باسِطُوا أيْدِيهِم}: {البَسْطُ): الضَّرْبُ. {استَكْثَرْتُم}: أضْلَلْتُم كثيراً. {ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ}: جَعَلوا للهِ مِن ثمراتِهِم ومالِهم نَصِيباً، وللشيطانِ والأوثانِ نَصِيباً. {أَكِنَّةً}: واحِدُها كِنانٌ. {أمَّا اشتَمَلَتْ}؛ يعني: هل تَشْتَمِلُ إلاَّ على ذكرٍ أوْ أُنْثى؟! فَلِمَ تُحَرِّمُونَ بعضاً وتُحِلُّونَ بعضاً؟! {مَسْفُوحاً}: مُهْراقاً. {صَدَفَ}: أعْرَضَ. {أُبْلِسُوا}: أُوِيسُوا. {أبْسِلُوا}: أُسْلِمُوا. {سَرْمَداً}: دائماً. {اسْتَهْوَتْهُ}: أضلَّتْهُ. {تَمْتَرُونَ}: تَشُكُّونَ. {وَقْراً}: صَمَمٌ، وأمَّا (الوِقْرُ)؛ فإنَّه الحِمْلُ. {أساطيرُ}: واحدُها أُسْطُورَةٌ وإسْطَارةٌ: وهي التُّرَّهَاتُ. {البأساءُ}: مِنَ البأْس، ويكونُ منَ البُؤْسِ. {جَهْرَةً}: مُعايَنةً. (الصُّوَرُ): جماعةُ صُورةٍ؛ كقوله: سورةٌ وسُورٌ. {مَلَكُوتَ}:

_ 791 - وصله ابن أبي حاتم من طريق عطاء عنه.

1 - باب {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو}

مُلْكَ؛ مِثْلُ: رَهَبُوتٍ خيرٌ مِن رَحَموتٍ، وتقولُ: تُرْهَبُ خيرٌ مِن أن تُرْحَمَ. {جَنَّ}: أظلَمَ. {تعالى}: علا. {وإنْ تَعْدِلْ}: تُقْسِطْ. {لا يُقْبَلْ منها}: في ذلك اليومِ. يقالُ: على اللهِ {حُسْبانُهُ}: أيْ حِسابُهُ. ويُقالُ: {حُسْباناً}: مَرامِيَ. و {رُجُوماً}: للشياطينِ. {مُسْتَقَرٌّ}: في الصُّلْبِ. {ومُسْتَوْدعٌ}: في الرَّحْمِ. (القِنْوُ): العِذْقُ، والِاثْنَانِ قِنْوانِ، والجماعةُ أيضاً قِنوانٌ؛ مِثْلُ صِنْوٍ وصِنْوَانٍ. 1 - بابٌ {وعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغيبِ لا يَعْلَمُها إلا هُوَ} {قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج 1/ 15 - الاستسقاء/ 28 - باب"). 2 - بابُ قولهِ: {قُلْ هُوَ القادِرُ على أنْ يَبْعَثَ عليكُمْ عذاباً مِن فوقِكُمْ أو مِن تحتِ أرْجُلِكُم} {يَلْبِسَكُم}: يَخْلِطَكُم؛ مِنَ الِالْتِباسِ. {يَلْبِسُوا}: يَخْلِطُوا. {شِيَعاً}: فِرَقاً. 1899 - عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ)؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ»، قَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}؛ قَالَ: "أَعُوذُ بِوَجْهِكَ"، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: "هذا (وفي روايةٍ: هاتانِ 8/ 150) أهْوَنُ، أو هذا أيْسَرُ". 3 - بابُ {ولمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُم بظُلْمٍ} {قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن مسعود المتقدَّم "ج 2/ 60 - الأنبياء/ 41 - باب"). 4 - بابُ قولهِ: {ويُونُسَ ولُوطاً وكُلًّا فضَلْنا على العالَمينَ}

5 - باب قوله: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}

5 - بابُ قولهِ: {أولئكَ الذينَ هَدَى اللهُ فبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ} 6 - بابُ قولهِ: {وعلى الذينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ومِنَ البَقَرِ والغَنَمِ حَرمْنا عليهِمْ شُحُومَهُمَا} الآيةَ 792 - وقالَ ابنُ عباس: {كُلَّ ذي ظُفُرٍ}: البعيرُ والنَّعامةُ. {الحَوَايا}: المَبْعَرُ. وقالَ غيرُهُ: {هادُوا}: صارُوا يهوداً، وأما قولهُ: {هُدْنا}: تبْنا. {هائدٌ}: تائبٌ. (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم "ج2/ 34 - البيوع/ 112 - باب"). 7 - بابُ قولهِ: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} 1900 - عن عمرٍ وعن أبي وائلٍ عن عبدِ اللهِ [بنِ مسعوِد 6/ 156] رضي اللهُ تعالى عنه قالَ: "لا أحدَ أغيرُ مِنَ اللهِ، ولذلكَ حرَّمَ الفواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ، ولا شيءَ (وفي روايةٍ: ولا أحَدَ 5/ 196) أحبُّ إليهِ المدحُ مِنَ اللهِ، ولذلك مَدَحَ نفسَه". قلتُ: سمعتَهُ مِن عبدِ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ. قلتُ: ورفعَهُ؟ قالَ: نَعَمْ. {وَكِيلٌ}: حَفِيظٌ ومُحِيطٌ به. {قُبُلًا}: جمعُ قَبِيلٍ، والمعنى: أنَّه ضُرُوبٌ للعذابِ، كلُّ ضَرْبٍ منها قَبِيلٌ. {زُخْرُفَ القولِ}: كُلُّ شيءٍ حَسَّنْتَهُ وَوَشَّيْتَهُ (59) -وهو باطلٌ- فهو زُخْرفٌ. {وحَرْثٌ حِجْرٌ}: حرامٌ، وكلُّ ممنوعٍ فهو حِجْرٌ مَحْجُورٌ، و (الحِجْرُ): كل بناءٍ بَنَيْتَه، ويقالُ للأُنثى من الخيلِ: حِجْرٌ، ويُقالُ للعقلِ: حِجْرٌ وحِجىً. وأما (الحِجْرُ): فموضعُ ثمودَ، وما حَجَّرْتَ عليه مِنَ

_ 792 - وصله ابن جرير بسند منقطع عنه. (59) (التوشية): التزيين.

8 - باب قوله: {هلم شهداءكم}

الأرضِ فهو حِجرٌ، ومنه سُمِّي حَطِيمُ البيتِ: حِجْراً، كأنه مُشْتَقٌّ من مَحْطُومٍ؛ مِثْلُ: قَتِيلٍ من مَقتُولٍ، وأمَّا (حَجرُ اليَمَامةِ): فهو مَنْزِلٌ. 8 - بابُ قولهِ: {هَلُمَّ شُهَداءَكُم} لغةُ أهلِ الحِجازِ: {هَلُمَّ} للواحد، والِاثْنينِ، والجَمعِ (6). 9 - بابٌ {لا يَنْفَعُ نفساً إيمانُها} 1901 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: "لا تَقومُ الساعَةُ حتَّى تَطْلُعَ الشمسُ مِن مغرِبِها، فإذا طَلَعَتْ ورآها الناسُ؛ آمَنُوا أجْمَعُونَ، وذلك حِينَ {لا يَنْفُعُ نَفْساً إيمانُها [لمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أو كَسَبَتْ في إيمانِها خيراً} 8/ 101] ". 7 - سورة {الأعرافِ} 793 - قالَ ابنُ عباسٍ: {ورِيَاشاً}: المالُ. 794 - {إنَّه لا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ}: في الدُّعاء وفي غيرِهِ. {عَفَوْا}: كَثُرُوا وكَثُرَتْ أموالُهُم. {الفتَّاحُ} هو: القاضِي. {افْتَحْ بينَنا}: اقْضِ بينَنا. {نَتَقْنا الجَبَلَ}: رَفَعْنا. {انْبَجَسَتْ}: انفجَرَتْ. {مُتَبَّرٌ}: خُسْرانٌ. {آسَى}: أحْزَنُ. {تَأْسَ}:

_ (60) قلت: لم يذكر تحت هذا الباب شيئًا آخر. نعم فيه في نسخة "الفتح" الحديث الأول من الباب الآتي. 793 - وصله ابن جرير بسند منقطع عنه. 794 - وصله ابن جرير أيضاً. وما بعده لم يخرجه الحافظ، فيراجع له "الدر المنثور"، و"تغليق التعليق" (4/ 214).

1 - [باب] {إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن}

تَحْزَنْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ}: يَقَالُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ. {يَخْصِفَانِ} أَخَذَا الْخِصَافَ مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الْوَرَقَ، يَخْصِفَانِ الْوَرَقَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ. {سَوْآتِهِمَا}: كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجَيْهِمَا. {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}: هو هَاهُنَا إِلَى يومِ الْقِيَامَةِ، و (الْحِينُ) عِنْدَ الْعَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَا لاَ يُحْصَى عَدَدُهَا. (الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ) وَاحِدٌ: وَهْوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ. {قَبِيلُهُ}: جِيلُهُ الَّذِى هُوَ مِنْهُمْ. {ادَّارَكُوا}: اجْتَمَعُوا، وَمَشَاقُّ (61) الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهُمْ يُسَمَّى (سُمُومًا) وَاحِدُهَا (سَمٌّ): وَهْىَ عَيْنَاهُ , وَمَنْخِرَاهُ, وَفَمُهُ, وَأُذُنَاهُ, وَدُبُرُهُ , وَإِحْلِيلُهُ. (غَوَاشٍ): مَا غُشُّوا بِهِ. {نُشُرًا}: مُتَفَرِّقَةً. {نَكِدًا}: قَلِيلاً. {يَغْنَوْا}: يَعِيشُوا {حَقِيقٌ}: حَقٌّ. {اسْتَرْهَبُوهُمْ}: مِنَ الرَّهْبَةِ. {تَلَقَّفُ}: تَلْقَّمُ. {طَائِرُهُمْ}: حَظُّهُمْ. {طُوفَانٌ}: مِنَ السَّيْلِ وَيُقَالُ لِلْمَوْتِ الْكَثِيرِ: الطُّوفَانُ. {الْقُمَّلُ}: الْحَمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الْحَلَمِ. (عُرُوشٌ) وَعَرِيشٌ: بِنَاءٌ. {سُقِطَ}: كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِى يَدِهِ. (الأَسْبَاطُ): قَبَائِلُ بَنِى إِسْرَائِيلَ. {يَعْدُونَ فِى السَّبْتِ}: يَتَعَدَّوْنَ لَهُ؛ يُجَاوِزُونَ. (تَعْدُ) تُجَاوِزْ. {شُرَّعًا} شَوَارِعَ. {بَئِيسٍ}: شَدِيدٍ، {أَخْلَدَ إلى الأرضِ}: قَعَدَ وَتَقَاعَسَ. {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ}؛ أي: نَأْتِيهِمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا}. {مِنْ جِنَّةٍ}: مِنْ جُنُونٍ. {أيَّانَ مُرْساها}: متى خُروجُها؟ {فَمَرَّتْ بِهِ}: اسْتَمَرَّ بِهَا الْحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ. {يَنْزَغَنَّكَ}: يَسْتَخِفَّنَّكَ. {طَيْفٌ}: مُلِمٌّ بِهِ لَمَمٌ وَيُقَالُ: طَائِفٌ وَهْوَ وَاحِدٌ. {يَمُدُّونَهُمْ}: يُزَيِّنُونَ. {وَخِيفَةً}: خَوْفًا {وَخُفْيَةً}: مِنَ الإِخْفَاءِ، و (الآصَالُ): وَاحِدُهَا أَصِيلٌ, مَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى الْمَغْرِبِ كَقَوْلِكَ: بُكْرَةً وَأَصِيلاً. 1 - [بابٌ] {إنَّما حَرَّمَ ربِّيَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ}

_ (61) وفي بعض النسخ: "ومسام الإنسان"، وهي بمعناه. وقوله: {نُشُراً}؛ التلاوة: {بُشْراً} بضم الباء وسكون الشين. وقوله: {تَلَقَّفُ}؛ التلاوة: {تَلْقَفُ} من الثلاثي.

2 - [باب] {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه

2 - [بابٌ] {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقَّا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} 795 - قالَ ابنُ عباس: {أَرِني}: أَعْطِني. 1902 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ وَجْهِى. قَالَ: «ادْعُوهُ». فَدَعَوْهُ، قَالَ: «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟». قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّى مَرَرْتُ بِالْيَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ! فَقُلْتُ: وَعَلَى مُحَمَّدٍ؟! وَأَخَذَتْنِى غَضْبَةٌ، فَلَطَمْتُهُ. قَالَ: «لاَ تُخَيِّرُونِى مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ (62) يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِى أَفَاقَ قَبْلِى أَمْ جُزِىَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ». 3 - [بابٌ] {المَنَّ والسَّلْوَى} {قلتُ: أسند فيه حديث سعيد بن زيد الآتي في "ج 14/ 76 - الطب/ 20 - باب"). 4 - بابٌ {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ

_ 795 - وصله ابن جرير بسند منقطع عنه. {62} أي: يغشى عليهم. وقوله: "أم جُزِيَ"؛ ولأبي ذر: "أم جوزي".

الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} 1903 - عن أبي الدَّرْدَاءِ قالَ: كَانَتْ بَيْنَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ، فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِى وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -[آخذاً بِطَرَفِ ثوبِه حتى أبْدَى عن رُكْبَتِهِ 4/ 192] , فَقَالَ: أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ , فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ» (63) , [فَسَلَّمَ وَقَالَ: يا رسولَ اللهِ! إِنِّى كَانَ بَيْنِى وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَىْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي، فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: «يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ!». ثَلاَثًا] قَالَ: وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، [فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِى بَكْرٍ، فَسَأَلَ: أَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ؟ فَقَالُوا: لاَ]. فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ، وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، [فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَمَعَّرُ (*)]، وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْخَبَرَ , قَالَ: أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم [حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ] وَجَعَلَ يَقُولُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! لأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ [مرتينِ] , فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِى؟ هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِى؟ -[مرتين]- إِنِّى قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلْتُمْ كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ , [وَوَاسَانِي بنفسِهِ ومالِه"، فما أُوذِيَ بعدَها].

_ (63) يأتي من المؤلف تفسيره. وقال الشارح: أي: خاصم، وغاضب، وحاقد. (*) أي: تذهب نضارته من الغضب، ولأبي ذرّ: "يتمغر" بالغين المعجمة.

5 - باب قوله: {حطة}

5 - بابُ قولِهِ: {حِطَّةٌ} 1904 - عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قَالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: "قِيلَ لِبَني إسرائيلَ: {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ}، فبَدَّلوا، فدَخَلُوا يَزْحَفُونَ على أسْتاهِهِمْ، وقالوا: حَبَّةٌ في شَعَرَةٍ". 6 - بابُ {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (العُرْفُ): المَعْرُوفُ. 1905 - عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ -كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا- فَقَالَ عُيَيْنَةُ لاِبْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِى! لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ، فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ. قَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: هِىْ (64) يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ (65)، وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ. فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، وَإِنَّ هَذَا مِنَ الْجَاهِلِينَ. وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ. 1906 - عن عبدِ اللهِ بنِ الزُبيرِ: {خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ}؛ قالَ: ما أنزَلَ

_ {64} بكسر الهاء وسكون الياء: كلمة تهديد، وقيل: هي ضمير، وهناك محذوف؛ أي: هي داهية. {65} أي: العطاء الكثير.

8 - سورة {الأنفال}

اللهُ إلا في (621 - وفي روايةٍ معلقةٍ: أمَرَ اللهُ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - أنْ يأخُذَ العفْوَ مِن) أخلاقِ الناسِ. 8 - سورةُ {الأنْفَالِ} بسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرحيمِ 1 - [بابُ] قولهِ: {يَسْأَلونَكَ عنِ الأنفالِ قلِ الأنْفالُ للهِ والرَّسولِ فاتَّقُوا اللهَ وأصْلِحُوا ذاتَ بينِكُم} 796 - قالَ ابنُ عباسٍ: {الأنفالُ}: المَغانِمُ. 797 - قالَ قتادة: {رِيحُكُم}: الحربُ. يُقالُ: {نافلةٌ}: عَطِيَّةٌ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي "65 - التفسير/ 59 - الحشر/ 1 - باب"). (الشَّوْكَةُ): الْحَدُّ. {مُرْدِفِينَ}: فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ، رَدِفَنِى وَأَرْدَفَنِى: جَاءَ بَعْدِى. {ذُوقُوا}: بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَوْقِ الْفَمِ. {فَيَرْكُمَهُ}: يَجْمَعُهُ. {شَرِّدْ}: فَرِّقْ. {وَإِنْ جَنَحُوا}: طَلَبُوا. {السِّلمُ} والسَّلْمُ والسَّلامُ

_ 621 - لم يخرجها الحافظ، وهي عند المصنف من طريق أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن الزبير، وقد وصله أبو داود في "الأدب - باب التجاوز في الأمر" من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام به. وسنده على شرط المصنف، ووصله في "الأدب المفرد" (244) من طريق أبي معاوية: حدثنا هشام عن وهب بن كيسان قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول على المنبر: {خُذِ العَفْوَ وأْمُرْ بالعُرْفِ وأعْرِضْ عنِ الجاهِلينَ}، قالَ: والله ما أمر أن تؤخذ إلا من أخلاق الناس، والله لآخذنها منهم ما صحبتهم. وسنده صحيح أيضاً. 796 - وصله ابن جرير بسند منقطع عنه. 797 - وصله ابن جرير (16167) بسند صحيح عنه قال: {وتذهَبَ ريحُكُم}، قالَ: ريح الحرب.

2 - [باب] {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون}

واحدٌ. {يُثْخِنَ}: يغْلِبَ. 798 - وقالَ مجاهِدٌ: {مُكَاءً}: إدخالُ أصابعِهم في أفْواهِهِم. و {تَصْدِيَةً}: الصَّفِيرُ. {لِيُثْبِتُوكَ}: ليَحْبِسُوكَ. 2 - [بابٌ] {إنَّ شَرَّ الدَّوابِّ عِندَ اللهِ الصُّمُّ البُكْمُ الذينَ لا يَعْقِلونَ} 1907 - عنِ ابنِ عباسٍ: {إنَّ شَرَّ الدَّوابِّ عندَ اللهِ الصُّمُّ البُكْمُ الذينَ لا يَعْقِلونَ}؛ قالَ: همْ نَفَرٌ مِن بني عبدِ الدارِ. 3 - [بابٌ] {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} {اسْتَجِيبُوا}: أجِيبُوا. {لِما يُحْيِيكُم}: يُصْلِحُكُمْ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد بن المعلى المتقدم في أول "التفسير/ 1 - باب"). 4 - بابُ قولهِ: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} 799 - قالَ ابن عُيينَةَ: ما سمَّى اللهُ تعالى مطراً في القرآنِ إلا عذاباً (66)، وتُسَمِّيهِ العربُ:

_ 798 - وصله ابن حميد والفريابي عنه. قلت: الصحيح عنه بلفظ: "والتصدية: التصفيق". هكذا أخرجه عنه الطبري (9/ 158) بأسانيد صحيحة، وفي بعضها عنه عن ابن عباس، وهو المعروف في التفسير واللغة. 799 - كذا في "تفسير ابن عيينة" رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه. (66) فيه نظر؛ لأن المطر جاء في القرآن بمعنى الغيث في قوله تعالى: {إنْ كان بكم أذىً من مطرٍ}، فإن المراد به هنا الغيث قطعاً؛ كما قال الحافظ وغيره.

5 - باب قوله: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}

الغيثَ، وهو قولُهُ تعالى: {وهُو الذي يُنْزِلُ الغَيْثَ مِن بعْدِ ما قَنَطُوا}. 1908 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنه: قالَ أبو جهْلٍ: اللهُمَّ! إنْ كانَ هذا هو الحَقَّ مِن عندِكَ فأمْطِرْ علينا حِجارَةً مِن السَّماءِ أوِ ائْتِنا بعذابٍ أليمٍ. فنزلتْ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. وما لَهُم أنْ لا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وهُم يَصُدُّونَ عنِ المسجِدِ الحرامِ} الآيةَ. 5 - بابُ قولهِ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} 6 - [بابٌ] {وقاتِلوهُم حتَّى لا تَكونَ فِتْنَةٌ ويكونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ} 1909 - عن نافعٍ عنِ ابنِ عُمرَ رضي اللهُ عنهما أنَّ رجلًا جاءَهُ فقالَ: [622 - يا أبا عبدِ الرحمنِ! ما حَمَلَكَ على أنْ تَحُجَّ عاماً، وتَعْتَمِرَ عاماً، وتترُكَ الجهادَ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وقدْ علمْتَ ما رغَّبَ اللهُ فيهِ؟ قالَ: يا ابنَ أخي! بُنِيَ الِإسلامُ على خمسٍ: إِيمَانٍ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالصَّلاَةِ الْخَمْسِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ. قالَ: 5/ 157] يا أبا عبدِ الرحمنِ! ألا تسمَعُ ما ذكرَ اللهُ في كتابِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا [فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ]}؛ فما يَمْنَعُكَ أنْ لا تُقاتِلَ (67) كما ذكرَ اللهُ في كتابه؟! فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِى! أَغْتَرُّ بِهَذِهِ الآيَةِ وَلاَ أُقَاتِلُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَغْتَرَّ بِهَذِهِ الآيَةِ الَّتِى يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} إِلَى آخِرِهَا. قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ (وفى روايةٍ

_ 622 - هذه الزيادة صورتها عند المؤلف صورة التعليق؛ لأنه علقها على شيخه عثمان بن صالح، ولم يوصلها الحافظ. وقد تقدمت بتمامها (ص 133/ 620). (67) (لا) زائدة؛ كما في قوله تعالى: {ما منعكَ أنْ لا تَسْجُدَ}.

7 - باب {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم

عنه: أَتَاهُ رَجُلاَنِ فِى فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ (68)، فَقَالاَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَنَعُوا (69) وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ وَصَاحِبُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ فَقَالَ: يَمْنَعُنِى أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِى. فَقَالا: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ): {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ كَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِى دِينِهِ؛ إِمَّا يَقْتُلُوهُ؛ وَإِمَّا يُوثِقُوهُ (وفى روايةٍ: يُعَذِّبُوهُ)، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ، فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ [وَكَانَ الدِّينُ لِلَّهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللَّهِ]. فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ؛ قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِى عَلِىٍّ وَعُثْمَانَ؟ قَالَ: ابْنُ عُمَرَ: مَا قَوْلِى فِى عَلِىٍّ وَعُثْمَانَ؟ أَمَّا عُثْمَانُ؛ فَكَانَ اللَّهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ، [وأمَّا أنتُم]؛ فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِىٌّ؛ فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَخَتَنُهُ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ- وَهَذِهِ ابْنَتُهُ -أَوْ بِنْتُهُ- (وفي روايةٍ: هذا بَيْتُهُ) حَيْثُ تَرَوْنَ. (ومن طريقِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا -أَوْ إِلَيْنَا- ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ تَرَى فِى قِتَالِ الْفِتْنَةِ؟ فَقَالَ: وَهَلْ تَدْرِى مَا الْفِتْنَةُ؟ كَانَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى الْمُلْكِ). 7 - بابٌ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ}

_ (68) وفي رواية: "عام حجة الحرورية"، وفي أخرى: "عام نزل الحجاج". انظر الحديث (1114). (69) أى: ما ترى من الاختلاف، ولغير الكشميهني: "ضُيِّعُوا"؛ بمعجمة مضمومة، فتحتية مشدَّدة مكسورة.

8 - [باب] {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} الآية

8 - [بابٌ] {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عنكُم وعَلِمَ أنَّ فيكُمْ ضَعْفاً} الآيةَ 1910 - عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما قالَ: لمَّا نَزَلَتْ: {إنْ يَكُنْ منكُم عشرونَ صابِرونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}؛ شقَّ ذلك على المسلمينَ؛ حينَ فُرِضَ عليهِمْ أنْ لا يَفِرَّ واحدٌ من عَشَرِةٍ، فجاءَ التَّخفيفُ، فقالَ: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}؛ قالَ: فلمَّا خَفَفَ اللهُ عنهُم مِنَ العِدَّةِ؛ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بقَدَرِما خُفِّفَ عنهُم. [قالَ سفيانُ: وقالَ ابنُ شُبْرُمةَ: وأُرَى الأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عنِ المُنْكَرِ مِثْلَ هذا]. 9 - سورةُ {بَراءَةَ} {وَلِيجَةً}: كُلُّ شَيْءٍ أَدْخَلْتَهُ فِى شَيْءٍ. {الشُّقَّةُ}: السَّفَرُ، (الْخَبَالُ): الْفَسَادُ، و (الْخَبَالُ) الْمَوْتُ. {وَلاَ تَفْتِنِّى}: لاَ تُوَبِّخْنِى. {كَرْهًا} وَكُرْهًا وَاحِدٌ. {مُدَّخَلاً}: يُدْخَلُونَ فِيهِ. {يَجْمَحُونَ}: يُسْرِعُونَ. {وَالْمُؤْتَفِكَاتِ} (70)؛ ائْتَفَكَتْ: انْقَلَبَتْ بِهَا الأَرْضُ. {أَهْوَى}: أَلْقَاهُ فِى هُوَّةٍ. {عَدْنٍ}: خُلْدٍ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ؛ أَىْ: أَقَمْتُ، وَمِنْهُ: مَعْدِنٌ، وَيُقَالُ: فِى مَعْدِنِ صِدْقٍ: فِى مَنْبِتِ صِدْقٍ. (الْخَوَالِفُ): الْخَالِفُ الَّذِى خَلَفَنِى فَقَعَدَ بَعْدِى، وَمِنْهُ: "يَخْلُفُهُ فِى الْغَابِرِينَ" (71)، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّسَاءُ مِنَ الْخَالِفَةِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعَ الذُّكُورِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَلَى

_ (70) هي قرى قوم لوط، انقلبت بها الأرض، فصار عاليها سافلها، وقوله: {أهْوى}؛ من قوله سبحانه: {والمؤتَفِكَةَ أهوى} في {سورة النجم}، و {الهوة}: المكان العميق. {71} قلت: في حديث أم سلمة في دعائه - صلى الله عليه وسلم - لأبي سلمة: "وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين ... ". رواه مسلم (3/ 38) وغيره.

1 - باب قوله: {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين}

تَقْدِيرِ جَمْعِهِ إِلاَّ حَرْفَانِ: فَارِسٌ وَفَوَارِسُ، وَهَالِكٌ وَهَوَالِكُ. {الْخَيْرَاتُ}: وَاحِدُهَا خَيْرَةٌ وَهْىَ الْفَوَاضِلُ. {مُرْجَئُونَ}: مُؤَخَّرُونَ. (الشَّفَا): شَفِيرٌ , وَهْوَ حَدُّهُ , و (الْجُرُفُ): مَا تَجَرَّفَ مِنَ السُّيُولِ وَالأَوْدِيَةِ. {هَارٍ}: هَائِرٍ. {لأَوَّاهٌ}: شَفَقَّا وَفَرَقَّا، وَقَالَ الشاعرُ: إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا (*) بِلَيْلٍ ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الْحَزِينِ يُقالُ: (تَهَوَّرَتِ البئرُ): إذا انْهَدَمَتْ، وَانْهَارَ مِثْلُهُ. 1 - بابُ قولهِ: {براءَةٌ مِنَ اللهِ ورسولهِ إلى الذينَ عاهَدْتم مِن المُشْرِكينَ} {أَذانٌ}: إعلامٌ. 800 - وقالَ ابنُ عباس: {أُذُنُ}: يُصَدِّقُ. {تُطَهِّرُهُم وتُزَكِّيهِم بها} ونَحْوُها كثيرٌ، و (الزكاةُ): الطاعةُ والِإخلاصُ. {لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ}: لا يَشْهَدُونَ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ. {يُضاهِئُونَ}: يُشْبِهُونَ. (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم هنا "65 - التفسير/ 4 - سورة/ 22 - باب"). 2 - بابُ قولهِ: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ}

_ (*) قوله: "أرحلها"؛ من رحلت الناقة أرحلها: إذا شددت الرحل على ظهرها. 800 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه به نحوه بلفظ: {قل أذن خير لكم يؤمن بالله}، يعني: يصدق بالله. قال الحافظ: "وظهر أن (يصدق): تفسير {يؤمن}، لا تفسير {أذن}؛ كما يفهمه صنيع المصنف حيث اختصره.

3 - باب قوله: {وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر

(سِيحُوا): سِيرُوا. 1911 - عن أبي هريرة رضي اللهُ عنه قَالَ: بَعَثَنِى أَبُو بَكْرٍ -فِى تِلْكَ الْحَجَّةِ [التي أمَّرهُ عليها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ حَجَّةِ الوَداع 2/ 164]- فِى مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ؛ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى أَنْ لاَ يَحُجَّ [ـنَّ 5/ 203] (وفى روايةٍ: ألاَ لا يَحُجُّ) بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ. [وَيَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ: يَوْمُ النَّحْرِ، وَإِنَّمَا قِيلَ: الأَكْبَرُ؛ مِنْ أَجْلِ قَوْلِ النَّاسِ الْحَجُّ الأَصْغَرُ. فَنَبَذَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى النَّاسِ فِى ذَلِكَ الْعَامِ، فَلَمْ يَحُجَّ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الَّذِى حَجَّ فِيهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُشْرِكٌ 4/ 69]. (وفى روايةٍ: فَكَانَ حُمَيْدٌ يَقُولُ: يَوْمُ النَّحْرِ: يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ؛ مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِى هُرَيْرَةَ). قَالَ: حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بـ {بَرَاءَةَ}. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِىٌّ يَوْمَ النَّحْرِ فِى أَهْلِ مِنُى بـ {بَرَاءَةَ}، وَأَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَان. 3 - بابُ قولهِ: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (آذَنَهُم): أعْلَمَهُم. (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة الذي قبله).

4 - [باب] {إلا الذين عاهدتم من المشركين}

4 - [بابٌ] {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} {قلت: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً}. 5 - بابٌ {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ} 1912 - عن زَيْدِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ, فَقَالَ: مَا بَقِىَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الآيَةِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ، وَلاَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ. فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ: إِنَّكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -! تُخْبِرُونَا فَلاَ نَدْرِى؛ فَمَا بَالُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَبْقُرُونَ (72) بُيُوتَنَا، وَيَسْرِقُونَ أَعْلاَقَنَا؟ قَالَ: أُولَئِكَ الْفُسَّاقُ، أَجَلْ؛ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ؛ أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَوْ شَرِبَ الْمَاءَ الْبَارِدَ؛ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ. 6 - بابُ قولهِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} 7 - بابُ قولهِ عزَّ وجلَّ: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (قلتُ: علق فيه حديث ابن عمر، وقد مضى في "ج 1/ 24 - الزكاة/ 3 - باب"). 8 - بابُ قولهِ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} {القَيِّمُ}: هو القائِمُ. (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي بكرة المتقدم "64 - المغازي/ 79 - باب").

_ (72) أي: يفتحون، أو ينقبون. [أعلاقنا]؛ أي: نفائس أموالنا.

9 - باب قوله: {ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا}

9 - بابُ قولهِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}: ناصِرُنا. (السَّكِينَةُ): فَعِيلةٌ مِنَ السُّكُونِ. 1913 - عن أبي بكرٍ رضيَ اللهُ عنه قَالَ: كنتُ معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الغارِ، فرأيتُ آثارَ المشركينَ (وفي روايةٍ): فرفَعْتُ رأسي، فإذا أنا بأقدامِ القومِ، فـ 4/ 263) قلتُ: يا رسولَ اللهِ! لو أنَّ أحَدَهُم رفعُ قدَمَهُ؛ رآنا (وفي روايةٍ: نظرَ تحتَ قدمِهِ؛ لأبصرَنا 4/ 190)؛ قالَ: " [اسكُتْ يا أبا بكرٍ!] ما ظنُّكَ باثنينِ اللهُ ثالِثُهما؟ ". 1914 - عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهما أنَّه قالَ -حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ (73) - قُلْتُ: أَبُوهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ. (وفي روايةٍ: عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ -وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَىْءٌ- قَالَ: فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتُحِلُّ حَرَمَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ! إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِى أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ، وَإِنِّى وَاللَّهِ لاَ أُحِلُّهُ أَبَدًا. قَالَ: قَالَ النَّاسُ: بَايِعْ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ. فَقُلْتُ: وَأَيْنَ بِهَذَا الأَمْرِ عَنْهُ (74)، أَمَّا أَبُوهُ فَحَوَارِىُّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -يُرِيدُ: الزُّبَيْرَ- وَأَمَّا جَدُّهُ فَصَاحِبُ الْغَارِ -يُرِيدُ: أَبَا بَكْرٍ- وَأمَّا أُمُّهُ فَذَاتُ النِّطَاقِ -يُرِيدُ: أَسْمَاءَ- وَأَمَّا خَالَتُهُ فَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ -يُرِيدُ: عَائِشَةَ- وَأَمَّا عَمَّتُهُ فَزَوْجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم

_ (73) أي: بسبب امتناع ابن عباس من مبايعة ابن الزبير بالخلافة؛ حتى يجتمع الناس عليه؛ كما بينه الحافظ. (74) أراد بهذا الأمر الخلافة؛ يعني: أنه مستحق لذلك؛ لما له من المناقب المذكورة.

10 - باب قوله: {والمؤلفة قلوبهم}

-يُرِيدُ: خَدِيجَةَ- وَأَمَّا عَمَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَدَّتُهُ -يُرِيدُ: صَفِيَّةَ- ثُمَّ عَفِيفٌ فِى الإِسْلاَمِ، قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ، وَاللَّهِ (75) إِنْ وَصَلُونِى وَصَلُونِى مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ رَبُّونِى رَبَّنِى أَكْفَاءٌ كِرَامٌ، فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ، وَالأُسَامَاتِ، وَالْحُمَيْدَاتِ -يُرِيدُ: أَبْطُنًا مِنْ بَنِى أَسَدٍ بَنِى تُوَيْتٍ (76)، وَبَنِى أُسَامَةَ , وَبَنِى أَسَدٍ- إِنَّ ابْنَ أَبِى الْعَاصِ بَرَزَ يَمْشِى الْقُدَمِيَّةَ (77) - يَعْنِى: عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ -وَإِنَّهُ لَوَّى ذَنَبَهُ. يَعْنِى: ابْنَ الزُّبَيْرِ). (ومن طريقٍ أخرى: عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ: دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَلاَ تَعْجَبُونَ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ؟ قَامَ فِى أَمْرِهِ هَذَا؛ فَقُلْتُ: لأُحَاسِبَنَّ نَفْسِى لَهُ (78) مَا حَاسَبْتُهَا لأَبِى بَكْرٍ وَلاَ لِعُمَرَ، وَلَهُمَا كَانَا أَوْلَى بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْهُ، وَقُلْتُ: ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِى بَكْرٍ، وَابْنُ أَخِى خَدِيجَةَ، وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ، فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّى، وَلاَ يُرِيدُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّى أَعْرِضُ هَذَا مِنْ نَفْسِى فَيَدَعُهُ، وَمَا أُرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا، وَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ؛ لأَنْ يَرُبَّنِى بَنُو عَمِّى أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِى غَيْرُهُمْ). 10 - بابُ قولهِ: {والمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم}

_ (75) زاد أبو خيثمة في "تاريخه": "وتركت بني عمي، إن وصلوني ... "؛ أي: بنو أمية. (وصلوني من قريب)؛ أي: بسبب القرابة. (وإن ربُّوني)؛ أي: كانوا عليَّ أمراء. (ربُّوني أكفاء)؛ أي: أمثال، واحدها: كفء. (كرام)؛ أي: في أحسابهم؛ يعني: أنه مع ذلك أذعن لابن الزبير، وترك بني عمه، فآثر ابن الزبير عليه غيره من البطون التي ذكرها. (76) كذا، والصواب "يريد: أبطناً من بني تُوَيْت بن أسد". راجع "الفتح". (77) مشية التبختر، وهو مثل؛ يريد أنه ركب معالي الأمور، وتقدم في الشرف والفضل على أصحابه، قوله: "وإنه لوى ذنبه" بتشديد الواو، وتخفف؛ يعني: تخلف عن معالي الأمور. (78) أي: لأناقشنها في معونته ونصحه. (ولا يريد ذلك)، أي: لا يريد أن أكون من خاصيته. وقوله: "أني أعرض"؛ أي: أظهر (هذا) الخضوع (من نفسي) له (فيدعه)؛ أي: يتركه ولا يرضى به مني. (وما أراه يريد خيراً)؛ أي: لا يريد أن يصنع بي خيراً.

11 - باب قوله: {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين}

801 - قالَ مجاهدٌ: يتألَّفُهُم بالعَطِيَّةِ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سعيد المتقدم "64 - المغازي/ 63 - باب/ رقم الحديث 1813"). 11 - بابُ قولهِ: {الذينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المؤمِنِينَ} {يلمِزونَ}: يَعِيبُونَ. و {جُهْدَهم}، و {جَهْدَهُم}: طاقَتَهُم. 12 - بابُ قولهِ: {اسْتَغْفِرْ لهُم أوْ لا تَسْتَغْفِرْ لهُم إنْ تسْتَغْفِرْ لهُم سبعينَ مَرَّةً فلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لهُم} 13 - بابُ قولهِ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} (قلت: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج 1/ 23 - الجنائز/ 22 - باب"). 14 - بابُ قولهِ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (قلت: أسند فيه طرفاً مِن حديث ابن مالك المتقدم "64 - المغازي / 81 - باب/ رقم الحديث 1833"). 15 - بابُ قولهِ: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ} إلى قولهِ: {الفاسِقينَ} (79)

_ 801 - وصله الفريابي بسند صحيح عنه. (79) كذا الأصل، واتصل فيه قوله: {الفاسقين} بقوله: {وآخرون اعترفوا ...}، فظهرا كأنهما آية واحدة، وليس كذلك، بل هما آيتان، رقم الأولى (96) والأخرى (102)، ولم يذكر تحت هذا الباب شيئاً آخر.

16 - [باب] {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا

16 - [بابٌ] {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سمرة الآتي "ج4/ 91 - التعبير/ 48 - باب"). 17 - بابُ قولهِ: {ما كانَ للنِّبيِّ والذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا للمُشْرِكينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث سعيد بن المسيب عن أبيه المتقدم "ج 1/ 23 - الجنائز/ 80 - باب"). 18 - بابُ قولهِ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ تَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (قلتُ: أسند فيه حديث توبة كعب المتقدم "64 - المغازى / 81 - باب"). 19 - بابٌ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث كعب المشار إليه آنفاً). 20 - بابُ قولهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}: مِن الرَّأْفَةِ 1915 - عن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىِّ - رضى الله عنه -وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الْوَحْىَ- قَالَ: أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِى فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ (80) يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِالنَّاسِ (وفي روايةٍ: بقُرَّاءِ

_ (80) أي: اشتدَّ وكَثُرَ.

القرآنِ 6/ 98)، وإنِّي أخْشَى أنْ يَسْتَحِرَّ القتلُ بالقُرَّاءِ في المواطِنِ [كُلَّها 8/ 119]، فيذهَبَ كثيرٌ مِن القرآنِ؛ إلَّا أنْ تَجْمَعُوهُ، وإنِّي لأرَى أنْ تَجْمَعَ [وفي روايةٍ: أنْ تأْمُرَ بجمعِ) القرآنِ. قَالَ: أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِى فِيهِ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِى، وَرَأَيْتُ [فى ذلك] الَّذِى رَأَى عُمَرُ. قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لاَ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، وَلاَ نَتَّهِمُكَ، [وقد] كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْىَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ، فَاجْمَعْهُ. فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِى نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَىَّ مِمَّا أَمَرَنِى بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ، قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ (وفى روايةٍ: يُراجِعُني, وفى أُخرى: فلمْ يَزَلْ يحُثُّ مراجَعَتى) حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِى لِلَّذِى شَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ، [ورأيتُ فى ذلكَ الذى رَأَيَا] , فَقُمْتُ فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ، أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ، وَالأَكْتَافِ (وفي روايةٍ: اللِّخَافِ) وَالْعُسُبِ (81) , وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ [آخرِ] سُورَةِ {التَّوْبَةِ} آيَتَيْنِ مَعَ [أبي] خُزَيْمَةَ (وفي روايةٍ: خزيمةَ أو أبي خزيمةَ) (82) الأَنْصَارِىِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} إِلَى آخِرِهِمَا (وفى روايةٍ: حتى خاتمةِ {بَرَاءَةَ}) , [فألْحَقْتُها في سُورَتِها] , وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِى جُمِعَ فِيهَا الْقُرْآنُ عِنْدَ أَبِى بَكْرٍ [حياتَهُ] حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ [حياتَهُ] حَتَّى

_ (81) جمع عسيب: وهو جريد النخل. (82) قلت: والراجح -كما حققه الحافظ- أنه أبو خزيمة. وأما خزيمة الأنصاري؛ فقد وجد عنده زيد بن ثابت آية أخرى من {سورة الأحزاب}؛ كما سيأتي "66 - فضائل القرآن/ 3 - باب"، فالتبس الأمر على بعض الرواة، والتحقيق هو هذا.

10 - سورة {يونس}

توفَّاهُ اللهُ، ثم عندَ حفصةَ بنتِ عمرَ. [قالَ محمدُ بنُ عُبيدِ اللهِ: (اللِّخافُ)؛ يعني: الخَزَفَ]. 10 - سورةُ {يونُسَ} بِسْمَ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 802 - وقالَ ابن عباسٍ: {فاختَلَطَ}: فنبتَ بالماءِ مِن كُلِّ لونٍ. 1 - [بابٌ] {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ} 803 - وقالَ زيدُ بنُ أسلَمَ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ}: محمدٌ - صلى الله عليه وسلم. 804 - وقالَ مجاهدٌ: خيرٌ. يُقَالُ: {تِلْكَ آيَاتُ}؛ يَعْنِى: هَذِهِ أَعْلاَمُ الْقُرْآنِ. وَمِثْلُهُ: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِى الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}؛ الْمَعْنَى: بِكُمْ. {دَعْوَاهُمْ}: دُعَاؤُهُمْ. {أُحِيطَ بِهِمْ}: دَنَوْا مِنَ الْهَلَكَةِ، {أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}. {فَاتَّبَعَهُمْ} و {أَتْبَعَهُمْ} وَاحِدٌ. {عَدْوًا} مِنَ الْعُدْوَانِ (83).

_ 802 - وصله ابن جرير. 803 - وصله ابن جرير أيضاً. 804 - وصله الفريابي بسند صحيح عنه. وهو في "تفسير مجاهد" المطبوع (ص 291) بلفظ: "يعني: أن لهم خيراً عند ربهم". واعلم أن هذا التفسير يرويه عبد الرحمن بن الحسن بن ... عبيد الهمذاني، وهو كذاب؛ كما في "الميزان"، فكان من الواجب على الذين قاموا على طبعه والتقديم له أن ينبِّهوا على ذلك تذمماً! (83) أي: لأجل البغي والعدوان. قوله: "لأُهلك"! بضم همزة (أُهلك)، ودال (دُعىِ)، ولأبي ذر بفتحهما.

2 - [باب] {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا

805 - وقالَ مجاهد: {يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ}: قولُ الِإنسانِ لولَدِهِ ومالِهِ إذا غَضِبَ: اللهم! لا تُبارِكْ فيهِ والْعَنْهُ. {لَقُضِيَ إليهِمْ أجَلُهُم}: لأهْلِكَ مَن دُعِيَ عليهِ ولأمَاتَهُ. {للذينَ أحْسَنُوا الحُسْنى}: مِثْلُها حُسْنى. {وزيادةٌ}: مَغْفرةٌ. 806 - وقالَ غيرُهُ: النَّظَرُ إلى وجهِهِ. (الكِبْرِياءُ): المُلْكُ. 2 - [بابٌ] {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} {نُنْجِيكَ}: نُلْقِيكَ على نَجْوةٍ مِنَ الأرضِ، وهو النَّشَزُ: المكانُ المرتفعُ. 11 - سورةُ {هُودٍ} بسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 807 - قالَ ابنُ عباسٍ: {عَصِيبٌ}: شديدٌ. {لا جَرَمَ}: بَلَى. وقالَ غيرُهُ: {وحاقَ}: نزلَ، {يَحِيقُ}: يَنْزِلُ. {يَؤُسٌ}: فَعُولٌ مِن يَئِسْتُ.

_ 805 - وصله الفريابي وعبد بن حميد عنه. 806 - وصله الطبري عن قتادة به، ويؤيد هذا التفسير ما أخرجه مسلم مرفوعاً من حديث صهيب رضي الله عنه بلفظ: "إذا دخل أهل الجنة الجنة؛ يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجينا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم عزَّ وجلَّ"، وهو مخرج في "ظلال الجنة في تخريج كتاب السنة" (472). 807 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه.

1 - [باب] {ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين}

808 - وقالَ مجاهد: {تَبْتَئِسْ}: تَحْزَنْ. {يَثْنُونَ صُدُورَهُم}: شَكُّ وامْتِرَاءٌ في الحقِّ. {ليَسْتَخْفُوا منهُ}: مِنَ اللهِ إنِ اسْتَطاعُوا. 809 - وقالَ أبو مَيْسَرَةَ: {الأوَّاهُ}: الرَّحِيمُ بالحبشيَّةِ. 810 - وقالَ ابنُ عباس: {بادِئَ الرَّأْيِ}: ما ظِهَرَ لنا. 811 - وقالَ مجاهدَ: (الجُودِيُّ}: جبلَ بالجزيرةِ. 812 - وقالَ الحسنُ: {إنَّك لأنْتَ الحليمُ}: يستهْزِئونَ بهِ. 813 - وقالَ ابنُ عباس: {أقْلِعِي}: أمْسِكِي. 814 - {عَصِيبٌ}: شديدٌ. 815 - {لا جَرَمَ}: بَلَى. 816 - {وفارَ التَّنُّورُ}: نبَعَ الماءُ. 817 - وقالَ عكرمَةُ: وجهُ الأرضِ. 1 - [بابٌ] {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ}

_ 808 - وصله الطبري. 809 - سبق في "60 - كتاب الأنبياء/ 10 - باب". 810 - وصله ابن أبي حاتم. 811 - وصله ابن أبي حاتم أيضاً. 812 - لم يخرجه الحافظ. 813 - وصله ابن أبي حاتمٍ بسند منقطع عنه، وقد مضت هذه الآثار في "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء" عند الرقم المشار إليه آنفًا. 814 و 815 - تقدما قريباً. 816 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عن ابن عباس. 817 - وصله ابن جرير.

2 - باب قوله: {وكان عرشه على الماء}

{يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [وقالَ غيرُهُ: {وحاقَ}: نزلَ، {يَحِيقُ}: يَنْزِلُ. {يَؤسٌ}: فعولٌ مِن يَئِسْتُ. وقالَ مجاهدٌ: {تَبْتَئِسْ}: تحزَنْ. {يَثْنُونَ صُدورَهُم}: شكٌّ وامْتِراءٌ في الحقِّ. {لِيَسْتَخْفُوا منهُ}: مِنَ اللهِ إنِ اسْتطاعُوا] (84). 1916 - عن محمدِ بنِ عَبَّادِ بنِ جعفرِ أنَّ ابنَ عباسٍ قرأ: {ألَا إنَّهُم تَثْنَوْني صُدورُهُم}. قلتُ: يا أبا العبَّاسِ! ما {تَثْنَوْني (85) صُدُورُهُم}؟ قالَ: كانَ الرجُلُ يُجامعُ امرأتَهُ فيَسْتَحِي، أوْ يَتَخَلَّى فيَسْتَحِي، فنزلتْ: {ألا إنَّهُم يَثْنُونَ صُدُورَهُم} (ومن طريقِ عَمْرٍو: {ألا إنَّهُم يَثْنُونَ (86) صُدُورَهُم ليَسْتَخْفُوا منهُ ألَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيابَهُم}). 818 - وقالَ غيرُهُ عنِ ابنِ عباسٍ: {يَسْتَغْشُونَ}: يُغَطُّونَ رُؤُوسهُم. {سِيءَ بهِم}: ساءَ ظنُّه بقومِهِ. {وضاقَ بهِم}: بأضيافِهِ. {بقِطْعٍ مِن الليلِ}: بسوادٍ. 819 - {إليهِ أُنِيبُ}: أرْجِعُ. 2 - بابُ قولهِ: {وكانَ عَرْشُهُ على الماءِ}

_ (84) ما بين المعكوفتين ثابت في الأصل، مع أنه تقدم كله بالحرف قريباً. (85) بالمثناة الفوقية، وسكون المثلثة، وفتح النون، وسكون الواو، وكسر النون، بعدها ياء على وزن (تفعوعل)، وهو بناء مبالغة كـ (اعشوشب)، لكن جعل الفعل لي (الصدور). (86) بالمثناة التحتية وبنون آخره، و {صدورهم} بالنصب على المفعولية، وهي قراءة الجمهور كما في "الفتح". 818 - يعود الضمير إلى عمرو بن دينار الذي روى الحديث عن ابن عباس، وقد وصله الطبري بسند منقطع عنه. 819 - هذا ليس عن ابن عباس كما يوهمه السياق، وإنما هو عن مجاهد؛ كما هو ثابت عند بعض رواة "الصحيح"، وقد وصله عبد بن حميد عن مجاهد به.

1917 - عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "قالَ اللهُ عزَّ وجلَّ: أَنْفِقْ [يا ابنَ آدَمَ! 6/ 189] أُنْفِقْ عليكَ". 1918 - وقالَ: "يَدُ (وفي روايةٍ: يَمِينُ 8/ 175) اللهِ مَلْأَى لا يَغِيضُها (87) نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ (88) الليلَ والنَّهارَ". 1919 - وقالَ: "أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ (وفي روايةٍ: السماوات 8/ 175) وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِى يَدِهِ، (وفي روايةٍ: يَمِينِهِ) وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ [الأخرى] الْمِيزَانُ: [الفَيْضُ أوِ القَبْضُ] , يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ». {اعْتَرَاكَ}: افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ؛ أَىْ: أَصَبْتُهُ، وَمِنْهُ: يَعْرُوهُ , وَاعْتَرَانِى. {آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}؛ أَىْ: فِى مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ. (عَنِيدٌ) وَعَنُودٌ وَعَانِدٌ وَاحِدٌ: هُوَ تَأْكِيدُ التَّجَبُّرِ. {ويقولُ الأشهادُ}: واحِدُهُ شاهدٌ؛ مِثْلُ: صاحبٍ وأصحابٍ. {اسْتَعْمَرَكُمْ}: جَعَلَكُمْ عُمَّارًا، أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهْىَ عُمْرَى: جَعَلْتُهَا لَهُ. {نَكِرَهُم}، وأنكَرَهُم، واستَنْكَرهم واحدٌ. {حَمِيدٌ مَجِيدٌ}: كأنَّه فعِيلٌ مِن ماجدٍ. (محمودٌ): مِن حَمِدَ. (سِجِّيل): الشديدُ الكبيرُ، (سِجِّيلِّ) و (سِجِّينُ)، واللامُ والنونُ أْخْتانِ، وقالَ تَميمُ بنُ مُقبِلٍ:

_ (87) أي: لا ينقصها. (88) (سحاء)؛ أي: هطلاء، وروي: "سحًّا" بالتنوين؛ أي: دائمة الصبّ. قوله: "افتعلت" صوابه: "افتعلك". قوله: "ملكه" بضم الميم وكسرها، من الشارح. قوله: "من حَمِد" وفي نسخة: "من حُمِدَ" مبنيًّا للمجهول.

3 - [باب] {وإلى مدين أخاهم شعيبا}

وَرَجْلَةٍ (89) يَضْرِبُونَ البَيْضَ ضاحِيَةً ... ضَرْباً تَوَاصَى بهِ الأبطالُ سِجِّيناً 3 - [بابٌ] {وإلى مَدْيَنَ أخاهُم شُعَيْباً}: أي: إلى أهلِ مَدْيَنَ؛ لأن مَدْينَ بلدٌ، ومِثْلُهُ: {واسألِ القربَةَ}، {واسألِ العِيرَ}؛ يعني: أهلَ القريةِ والعِيرِ. {وراءَكُم ظِهْرِيًّا}: يقولُ: لم تَلْتَفِتُوا إليهِ، ويُقالُ إذا لمْ يَقْضِ الرجلُ حاجتَهُ: ظَهَرْتَ بحاجتي، وجَعَلْتَني ظِهْرِيًّا، و (الظِّهْرِيُّ) ها هنا: أنْ تأخُذَ معكَ دابَّةً أو وِعاءً تَسْتَظْهِرُ بهِ. {وأرَاذِلُنا}: سُقَاطُنا. {وإجْرامي}: هو مصدرٌ من أجْرَمْتُ، وبعضُهم يقولُ: جَرَمْتُ. {الفُلْكُ}، والفَلَكُ واحدٌ: وهي السَّفِيْنَةُ والسُّفُنُ. {مُجْراها}: مَدْفَعُها، وهو مصدرُ أجْرَيْت. و {أرْسَيْتُ}: حَبَسْتُ، ويُقْرأُ: {مَرْساها}: من رَسَتْ هِيَ، و {مَجْراها}: من جَرَتْ هي. و {مُجْرِيها}، و {مُرْسِيها}: مِن فُعِلَ بها. {الراسِيَاتُ}: ثابِتَاتٌ. 4 - بابُ قولهِ: {ويقولُ الأشهادُ هؤلاءِ الذينَ كَذَبُوا على ربِّهِمْ ألا لعنَةُ اللهِ على الظالِمينَ} واحدُ (الأشهادِ): شاهدٌ؛ مثلُ: صاحبٍ وأصحابٍ. (قلتُ: أسند في حديث ابن عمر المتقدم في "ج 2/ 46 - مظالم/ 2 - باب"). 5 - بابُ قولهِ: {وكذلكَ أَخْذُ ربِّكَ إذا أخَذَ القُرَى وهِي ظالمةٌ إنَّ أخْذَهُ أليمٌ شديدٌ}

_ (89) أي: وربّ رجلة: جمع راجل خلاف فارس. قوله: "البيض" بفتح الموحدة: جمع بيضة، وهي الخوذة؛ أي: يضربون مواضع البيض، وهي الرؤوس، وفي نسخة: "البيض" بكسر الموحدة: جمع أبيض، وهو السيف؛ أي: يضربون بالبيض على نزع الخافض. قوله: "ضاحية"؛ أي: في وقت الضحوة، أو ظاهرة. قوله: "تواصى": أصله: تتواصى. و (الأبطال): الشجعان. (سِجِّيناً)؛ أي: شديداً.

6 - باب قوله: {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل

{الرِّفْدُ المَرْفودُ}: العونُ المُعينُ، (رَفَدْتُهُ): أَعَنْتُهُ. {تَرْكَنُوا}: تَمِيلُوا. {فلولا كانَ}: فهَلاَّ كانَ. {أُتْرِفُوا}: أُهْلِكُوا. 820 - وقالَ ابنُ عباس: {زَفِيرٌ وشَهِيقٌ}: شديدٌ، وصوتٌ ضعيفٌ. 1920 - عن أبي موسى رضيَ اللهُ تعالى عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ لَيُمْلِي (90) للظالِمِ؛ حتَّى إذا أخَذَهُ لمْ يُفْلِتْهُ"، قالَ: ثمَّ قرأَ: " {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} ". 6 - بابُ قولهِ: {وأقمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النهارِ وزُلَفاً مِنَ الليلِ إنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلكَ ذِكْرى للذَّاكِرينَ} {وزُلَفاً}: ساعاتٍ بعدَ ساعاتٍ، ومنه سُمِّيَتِ: {المُزْدَلِفَةُ}، {الزُّلَفُ}: مَنْزِلَةٌ بعدَ مَنْزِلَةٍ. وأمَّا {زُلْفَى}؛ فمَصْدَرٌ مِنَ القُرْبَى، {ازْدَلَفُوا}: اجْتَمَعُوا، {أزْلَفْنا}: جَمَعْنا. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم "ج 1/ 9 - المواقيت/ 4 - باب"}. 12 - سورة {يوسُفَ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 821 - وقالَ فُضَيْلٌ عن حصَيْنٍ عن مجاهدٍ: {مُتْكاً} (91): الأُتْرُجُّ. قالَ فضيلٌ: {الأُتْرُجُّ}

_ 820 - تقدم في "ج2/ 59 - بدء الخلق/ 10 - باب"، وأنه وصله الطبري. (90) قوله: "ليملي"؛ أي: ليمهل. وقوله: "لم يفلته"؛ أي: لم يخلصه. 821 - وصله مسدد في "المسند" بسند صحيح عنه. وقول فضيل وحده وصله ابن أبي حاتم بسند ضعيف عنه، وقد نفى المؤلف هذا التفسير كما يأتي قريباً، وناقشه في ذلك الحافظ، فراجعه. (91) بضم الميم، وسكون الفوقية، وتنوين الكاف من غير همز في المواضع الثلاثة، وهي قراءة.

بالحبشية: مُتْكاً. 822 - وقالَ ابنُ عُيينَةَ عن رجلٍ عن مجاهدٍ: {مُتْكاً}: كلُّ شيءٍ قُطِعَ بالسِّكِّينِ. 823 - وقالَ قتادةُ: {لَذُو عِلْمٍ}: عاملٌ بما عَلِمَ. 824 - وقالَ ابنُ جُبيرٍ: (صُواعٌ): مَكُّوكُ الفارسيِّ الذي يَلْتَقِي طَرَفَاهُ، كانَتْ تشرَبُ بهِ الأعاجِمُ. 825 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {تُفَنِّدُونِ}: تُجَهِّلُونِ. 826 - وقالَ غيرُه: (غَيابَةٌ): كُلُّ شيءٍ غَيَّبَ عنكَ شيئاً فهو غَيَابةٌ. و (الجُبُّ): الرَّكِيَّةُ التي لم تُطْوَ. {وبِمُؤْمِنٍ لنا}: بمصدِّقٍ. {أشُدَّهُ}: قَبْلَ أنْ يأخُذَ في النُّقصانِ، يُقالُ: بلغَ أشُدَّهُ، وبَلَغُوا أشُدَّهُم، وقالَ بعضُهم: واحِدُها شَدٌّ. و (المُتَّكَأُ): ما اتَّكَأْتَ عليهِ لشرابٍ أو لِحَديثٍ أو لطعامٍ، وأَبطَلَ الذي قالَ: الأُتْرُجُّ، وليس في كلامِ العربِ الأُتْرُجُّ، فلمَّا احْتُجَّ عليهِم بأنه المُتَّكأُ مِن نَمَارِقَ؛ فَرُّوا إلى شَرٍّ منهُ، فقالوا: إنَّما هو (المُتْكُ) ساكنةَ التاءِ، وإنَّما (المُتْكُ): طَرَفُ البَظْرِ (*)، ومِن ذلك قيلَ لها: مَتْكاءُ، وابنُ المَتْكاءِ، فإنْ كانَ ثَمَّ أُتْرُجٌّ؛ فإنَّه بعدَ المُتَّكَإ (92). {شَغَفَها}: يُقالُ: بلغَ إلى شِغافِها، وهو غِلافُ قَلْبِها، وأمَّا

_ 822 - رواه سعيد بن عبد الرحمن المخزومي في "تفسير ابن عيينة" عنه. 823 - وصله ابن أبي حاتم بسند صحيح عنه. 824 - وصله ابن أبي حاتم وغيره بسند صحيح. 825 - وصله ابن أبي حاتم، وابن مردويه. 826 - "غيره": هو أبو عبيدة. (*) (البظر): موضع الختان من المرأة. (92) (تنبيه): (مُتْكاً) بضم أوله وسكون ثانيه وبالتنوين على المفعولية، هو الذي فسره مجاهد وغيره=

1 - باب قوله: {ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق}

شَعَفَهَا فَمِنَ الْمَشْعُوفِ {أَصْبُ}: أَمِيلُ. {أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ}: مَا لاَ تَأْوِيلَ لَهُ، و (الضِّغْثُ): مِلْءُ الْيَدِ مِنْ حَشِيشٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَمِنْهُ: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} لاَ مِنْ قَوْلِهِ: {أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ} وَاحِدُهَا ضِغْثٌ. {نَمِيرُ}: مِنَ الْمِيرَةِ. {وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ}: مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ. {آوَى إِلَيْهِ}: ضَمَّ إِلَيْهِ. (السِّقَايَةُ): مِكْيَالٌ. {اسْتَيْأَسُوا}: يَئِسّوا. {ولاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ}: مَعْنَاهُ الرَّجَاءُ. {خَلَصُوا نَجِيَّا}: اعْتَرَفُوا (93) نجِيًّا , والجمعُ: أَنْجِيَةٌ , يتناجَوْنَ , الواحَدُ: نجِيُّ , والاِثْنانِ والجمعُ: نجِىُّ وأَنْجِيَةُ. {تَفْتَأُ}: لاَ تَزَالُ. {حَرَضًا}: مُحْرَضًا يُذِيبُكَ الْهَمُّ. {تَحَسَّسُوا}: تَخَبَّرُوا. {مُزْجَاةٌ}: قَلِيلَةٍ {غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ}: عَامَّةٌ مُجَلِّلَةٌ. 1 - بابُ قولهِ: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/ 19 - باب"). 2 - بابُ قولهِ: {لقدْ كانَ في يوسُفَ وإخْوَتهِ آياتٌ للسَّائِلينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/ 15 - باب"). 3 - بابُ قولهِ: {قالَ بلْ سَوَّلَتْ لكُمْ أنْفُسُكُمْ أمراً فصبرٌ جميلٌ}

_ = بالأترج أو غيره، وهي قراءة، وأما القراءة المشهورة؛ فهو ما يُتَّكأ عليه من وسادة وغيرها؛ كما جرت به عادة الأكابر عند الضيافة. قال الحافظ: "وبهذا التقرير لا يكون بين النقلين تعارض". (93) كذا في رواية عن المصنف, وفي أخرى عنه: "اعتزلوا"، وهو الصواب كما قال الحافظ.

4 - باب قوله: {وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك}

{سَوَّلَتْ}: زَيَّنَتْ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث الإفك، وقد مضى "64 - المغازي/ 36 - باب/ رقم الحديث 1748"). 4 - بابُ قولِهِ: {وَرَاوَدَتْهُ التي هُو في بيتِها عن نفسِهِ وغَلَّقَتِ الأبوابَ وقالتْ هَيْتَ لكَ} 827 - وقالَ عِكرِمَةُ: {هَيْتَ لكَ} بالحَوْرانيَّةِ: هلُمَّ. 828 - وقالَ ابنُ جبيرٍ: تَعالَهْ. 1921 - عن عبدِ اللهِ بنِ مسعود: {قالَتْ هَيْتَ لكَ}؛ قالَ: وإنَّما نَقْرَؤُها كما عُلِّمْناها. {مَثْواهُ}: مُقامُهُ. {وألْفَيَا}: وجَدَا، {ألْفَوْا آباءَهُم}، {ألْفَيْنا}. 1922 - وعنِ ابنِ مسعودِ: {بلْ عَجِبْتُ (94) ويَسْخَرونَ}. 5 - بابُ قولهِ: {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ. قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ}

_ 827 - وصله عبد بن حميد عنه. 828 - وصله الطبري وأبو الشيخ. (94) بالضم؛ قراءة ابن مسعود، وضمير المتكلم يعود إلى الله تبارك وتعالى على ما هو المعتمد، وبه جزم سعيد بن جبير وغيره. انظر، "الفتح". وإضافة العجب إلى الله تعالى ثابتة في غير ما حديث واحد؛ من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم: "عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل"، وقد مضى "56 - الجهاد/ 144 - باب" فإذا ثبت حمل على ما يليق به تعالى دون تأويل أو تشبيه.

6 - باب قوله: {حتى إذا استيأس الرسل}

و {حاشَ} , و (حاشا): تَنْزِيهٌ واستثناءٌ. {حَصْحَصَ}: وَضَحَ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/ 12 - باب"). 6 - بابُ قولهِ: {حتَّى إذا اسْتَيْأسَ الرُّسُلُ} 1923 - عنْ عُروةَ بنِ الزبيرِ عن عائشةَ رضي اللهُ تعالى عنها قالتْ له وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ}؛ قَالَ: قُلْتُ: أَ {كُذِبُوا} أَمْ {كُذِّبُوا}؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: {كُذِّبُوا}. قُلْتُ: فَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ , فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ؟ قَالَتْ: أَجَلْ لَعَمْرِى {يا عُرَيَّةُ! 4/ 123] لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ. فَقُلْتُ لَهَا: [لَعَلَّها] {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا] [مخفَّفةً]؟ قَالَتْ: مَعَاذَ اللَّهِ (95)! لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا. قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الآيَةُ؟ قَالَتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَصَدَّقُوهُمْ، فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْبَلاَءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ حَتَّى اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ. [قالَ أبو عبدِ اللهِ: {اسْتَيْأسُوا}: افْتَعَلُوا مِن يَئِسْتُ منهُ، من {يوسفَ}: {لا تَيْأسُوا مِن رَوْحِ اللهِ}؛ معناهُ: الرَّجاءُ 4/ 123].

_ (95) هذا ظاهر في أنها أنكرت القراءة بالتخفيف بناء على أن الضمير للرسل، وليس كذلك، بل الضمير يرجع إلى المرسل إليهم، ولا معنى لإنكار القراءة بذلك بعد ثبوتها؛ كما حققه الحافظ في "الفتح"، وقال: "ولعلها لم يبلغها ممن يرجع إليه في ذلك، وقد قرأ بها أئمة الكوفة من القراء، ووافقهم من الحجازيين أبو جعفر بن القعقاع، وهي قراءة ابن مسعود وابن عباس وأبي عبد الرحمن السلمي وآخرين".

13 - سورة {الرعد}

13 - سورةُ {الرَّعْدِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 829 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ}: مَثَلُ الْمُشْرِكِ الَّذِى عَبَدَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا غَيْرَهُ؛ كَمَثَلِ الْعَطْشَانِ الَّذِى يَنْظُرُ إِلَى خَيَالِهِ فِى الْمَاءِ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ وَلاَ يَقْدِرُ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {سَخَّرَ}: ذَلَّلَ. {مُتَجَاوِرَاتٌ}: مُتَدَانِيَاتٌ. {الْمَثُلاَتُ}: وَاحِدُهَا: مَثُلَةٌ، وَهْىَ الأَشْبَاهُ وَالأَمْثَالُ، وَقَالَ: {إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا}. {بِمِقْدَارٍ}: بِقَدَرٍ. {مُعَقِّبَاتٌ}: مَلاَئِكَةٌ حَفَظَةٌ تُعَقِّبُ الأُولَى مِنْهَا الأُخْرَى، وَمِنْهُ قِيلَ: الْعَقِيبُ. يُقَالُ: عَقَّبْتُ فِى أَثَرِهِ. (الْمِحَالُ): الْعُقُوبَةُ. {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ}: لِيَقْبِضَ عَلَى الْمَاءِ. {رَابِيًا}: مِنْ رَبَا يَرْبُو. {أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مثلُهُ}: الْمَتَاعُ مَا تَمَتَّعْتَ بِهِ. {جُفَاءً}: (أَجْفَأَتِ الْقِدْرُ): إِذَا غَلَتْ، فَعَلاَهَا الزَّبَدُ ثُمَّ تَسْكُنُ فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلاَ مَنْفَعَةٍ، فَكَذَلِكَ يُمَيِّزُ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ. {الْمِهَادُ}: الْفِرَاشُ. {يَدْرَءُونَ}: يَدْفَعُونَ , دَرَأْتُهُ عنَّي: دَفَعْتُهُ. {سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ}؛ أَىْ: يَقُولُونَ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ. {وَإِلَيْهِ مَتَابِ}: تَوْبَتِى. {أَفَلَمْ يَيْأَسْ} (96): لَمْ يَتَبَيَّنْ. {قَارِعَةٌ}: دَاهِيَةٌ. {فَأَمْلَيْتُ}: أَطَلْتُ مِنَ الْمَلِىِّ وَالْمُلاَوَةُ، وَمِنْهُ {مَلِيًّا}، وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الأَرْضِ: مَلًى مِنَ الأَرْضِ. {أَشَقُّ}: أَشَدُّ مِنَ الْمَشَقَّةِ. (مُعَقِّبٌ): مُغَيِّرٌ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُتَجَاوِرَاتٌ}: طَيِّبُهَا، وَخَبِيثُها السِّباخُ. {صِنْوَانٌ}: النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِى أَصْلٍ وَاحِدٍ. {وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}: وحْدَهَا. {بِمَاءٍ وَاحِدٍ}: كَصَالِحِ بَنِى آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ؛ أَبُوهُمْ وَاحِدٌ. {السَّحَابُ الثِّقَالُ}: الَّذِى فِيهِ الْمَاءُ. {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ}: يَدْعُو الْمَاءَ بِلِسَانِهِ وَيُشِيرُ إِلَيْهِ فَلاَ يَأْتِيهِ أَبَدًا.

_ 829 - وصله ابن جرير وابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. [96] قلت: نص الآية مع تفسيرها من "ابن كثير": {أفلم ييأس الذين آمنوا}؛ أي: من إيمان جميع الخلق، ويعلموا ويتبينوا {أنْ لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً}.

1 - باب قوله: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام}

{سالَتْ أودِيَةٌ بقَدَرِها}: تَمْلأُ بطنَ وادٍ. {زَبَداً رابِياً}: زَبَدُ السيلِ. [{زَبَدٌ مِثْلُهُ}] [97]: خَبَثُ الحديدِ والحِلْيَةِ. 1 - بابُ قولهِ: {اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أنْثَى وما تَغِيضُ الأرْحامُ} {غِيضَ}: نُقِصَ. (قلتُ: أسند في حديث ابن عمر المشار إليه قريباً "6 - سورة/ 1 - باب"). 14 - سورةُ {إبْراهيم} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ (*) 830 - قالَ ابنُ عباس: {هادٍ}: داعٍ.

_ (97) سقطت من الأصل، واستدركتها من نسخة "الفتح". (*) هنا في الأصل بعد البسملة: "باب"، ولما كان ليس من عادة المؤلف رحمه الله عقد "باب" بين يدي الآثار التي يسوقها لي أول تفسير كل سورة؛ فقد رأيت حذفه، وبخاصة أنه لم يرد في نسخة "فتح الباري"، وقد تتبعت بصورة خاصة السور التي لم يقع فيها هذه اللفظة: "باب"؛ فوجدت أكثرها كـ سورة {إبراهيم} هذه ليس تحتها حديث، وهي: (29 - العنكبوت) و (35 - الملائكة) و (51 - الذاريات) و (57 - الحديد) و (58 - المجادلة) و (64 - التغابن) و (67 - تبارك) و (69 - الحاقة) و (70 - سأل سائل) و (73 - المزمل) و (76 - هل أتى) و (81 - إذا الشمس) و (82 - الانفطار) و (85 - البروج) و (86 - الطارق) و (88 - الغاشية) و (89 - الفجر) و (90 - لا أقسم) و (94 - ألم نشرح) و (97 - إنا أنزلناه) و (100 - العاديات) و (107 - أرأيت) و (109 - الكافرون). ومثلها سور وقع تحتها حديث واحد، ومع ذلك لم يبوب لها، وهي: (80 - عبس) و (83 - المطففين) و (113 و114 - المعوذتين). 830 - وصله الطبري بسند منقطع.

1 - باب قوله: {كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين}

831 - وقالَ مجاهِدٌ: (صَدِيدٌ): قَيْحٌ ودَمٌ. 832 - وقالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: {اذْكُروا نعْمَةَ اللهِ عليكُم}: أيادِيَ اللهِ عندَكُم وأيَّامَهُ (98). 833 - وقال مجاهدٌ: {مِنْ كُلِّ ما سألْتُمُوهُ}: رَغِبْتُم إليهِ فيهِ. 834 - {يَبْغُونَها عِوَجاً}: يَلْتَمِسُونَ لها عِوَجاً. {وإذْ تأذَّنَ ربُّكُم}: أعْلَمَكُم: آذَنَكُم (99). {رَدُّوا أيْديَهُمْ في أفْواهِهِمْ}: هذا مَثَل: كَفُّوا عمَّا أُمِرُوا بهِ. {مَقَامِى}: حَيْثُ يُقِيمُهُ اللَّهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. {مِنْ وَرَائِهِ}: قُدَّامِهِ. {لَكُمْ تَبَعًا}: وَاحِدُهَا تَابِعٌ؛ مِثْلُ: غَيَبٍ وَغَائِبٍ. {بِمُصْرِخِكُمْ}: اسْتَصْرَخَنِى: اسْتَغَاثَنِى , يَسْتَصْرِخُهُ مِنَ الصُّرَاخِ. {وَلاَ خِلاَلَ}: مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ خِلاَلاً، وَيَجُوزُ أَيْضًا جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلاَلٍ. {اجْتُثَّتْ}: اسْتُؤْصِلَتْ. 1 - بابُ قولهِ: {كَشَجَرَة طَيِّبَةٍ أصْلُها ثابتٌ وفَرْعُها في السَّماءِ تُؤْتِيِ أُكُلَها كُلَّ حينٍ} 1924 - عَنِ ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ تعالى عنهما قالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [وهو يأكُلُ جُمَّارَ 3/ 36] [نَخْلَةٍ 6/ 211] , فَقَالَ: "أَخْبِرُونِى بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ أَوْ كَالرَّجُلِ الْمُسْلِمِ (وفى طريقٍ: إنَّ مِنَ الشجرِ لَما بَرَكَتُهُ كبرَكَةِ المسلمِ)؛ لاَ يَتَحَاتُّ (وفى روايةٍ: لا يَسْقُطُ 1/ 22) وَرَقُهَا، وَلاَ، وَلاَ، وَلاَ، تُؤْتِى أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ [بإذْنِ ربِّها 7/ 106]؛ [ما هى؟ ". فوقعَ الناسُ فى شجرِ

_ 831 - وصله الفريابي. 832 - وصله الطبري وغيره عنه. (98) أي: وقائعه التي وقعت على الأمم السالفة. 833 - وصله الفريابي عنه. 834 - وصله عبد بن حميد عن مجاهد أيضاً. (99) كذا للأكثر، ولأبي ذر: "أعلمكم ربكم".

2 - باب {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت}

البَوَادِي] (وفي طريقٍ: فقالَ القومُ: هي شجرةُ كذا، هي شجرةُ كذا 7/ 100) قالَ ابنُ عمرَ: فوقعَ في نَفْسي أنَّها النَّخْلَةُ، [فأردْتُ أنْ أقولَ: هي النخلةُ يا رسولَ اللهِ! ثمَّ الْتَفَتُّ، فإذا أنا عاشِرُ عشَرَة أنا أَحْدَثُهُم]، ورأيتُ أبا بكرٍ وعمرَ لا يتكلَّمانِ، فكرِهْتُ (وفي روايةٍ: فاسْتَحْيَيْتُ) أنْ أتكَلَّمَ، فلمَّا لَمْ يقولُوا شيئاً [قالوا: حدِّثْنا ما هي يا رسولَ اللهِ؟] قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: "هي النَّخْلَةُ". فلمَّا قُمْنا؛ قلتُ لعُمَرَ: يا أَبَتَاهْ! واللهِ لقدْ كانَ وقعَ في نفسي أنَّها النَّخْلَةُ. فقالَ: ما منعَكَ أنْ تَكَلَّمَ؟ قالَ: لم أَرَكُم تَكَلَّمُونَ، فكرِهْتُ أنْ أتَكَلَّمَ، أو أقولَ شيئاً. قالَ عمرُ: لأنْ تكونَ قُلْتَها أحَبُّ إليَّ مِن [أنْ يكونَ لي 1/ 42] كَذا وكَذا. 2 - بابٌ {يُثَبِّتُ اللهُ الذينَ آمَنُوا بالقولِ الثابِتِ} (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم "ج 1/ 23 - الجنانز/ 86 - باب"). 3 - بابٌ {ألمْ تَرَ إلى الذينَ بَدَّلُوا نعْمَةَ اللهِ كُفْراً}: ألمْ تعلَمْ؛ كقولهِ: {ألمْ تَرَ كيفَ}، {ألمْ تَرَ إلى الذينَ خَرَجُوا}. {البَوَارُ}: الهلاكُ؛ بارَ، يَبُورُ، بَوْراً، {قوماً بُوراً}: هالِكينَ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم "64 - المغازي/ 8 - باب/ رقم الحديث 1690"). 15 - سورةُ {الحِجْرِ} 835 - وقالَ مجاهدٌ: {صِراطٌ عليَّ مُستَقيمٌ}: الحقُ يرجِعُ إلى اللهِ، وعليهِ طريقُهُ.

_ 835 - وصله الطبري من طرق عنه.

1 - [باب] {إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين}

{لَبِإِمامٍ مُبينٍ}: على الطَّريقِ. 836 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {لَعَمْرُكَ}: لعَيْشُكَ. {قومٌ مُنْكَرونَ}: أنكَرَهُم لوطٌ. وقالَ غيرُهُ: {كتابٌ معلومٌ}: أجَلٌ. {لَوْمَا تَأْتِينا}: هَلَّا تَأتِينا. {شِيَعٌ}: أُمَمٌ، وللأولياءِ أيضاً شِيَعٌ (100). 837 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {يُهْرَعُونَ}: مُسْرِعِينَ. {للمُتَوَسِّمِينَ}: للناظِرينَ. {سُكِّرَتْ}: غُشِّيَتْ. {بُرُوجاً}: منازِلَ للشمسِ والقمرِ. {لَواقِحَ}: مَلاقحَ مُلْقِحَةً (101). {حَمَإٍ}: جماعَةُ حَمْأَةٍ، وهُوَ الطينُ المُتَغَيِّرُ. و (المَسْنُونُ): المَصْبُوبُ. {تَوْجَلْ}: تَخَفْ. {دابِرَ}: آخرَ. {لبإمامٍ مُبينٍ}: {الِإمامُ}: كلُّ ما ائْتَمَمْتَ واهْتَدَيْتَ بهِ. {الصَّيْحَةُ}: الهَلَكَةُ. 1 - [بابٌ] {إلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ} 1925 - عن أبي هريرةَ يَبْلُغُ بهِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا قَضَى اللهُ الأمرَ في السماءِ؛ ضَرَبَتِ الملائِكَةُ بأجْنَحَتِها خُضْعاناً (102)

_ 836 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. (100) أي: يقال لهم: شيع. 837 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. (101) فسر اللواقح بقوله: "ملاقح"، ثم أشار بأنه جمع ملقحة. (102) أي: خاضعين. (لقوله)؛ أي: قول الله تبارك وتعالى، وفي حديث ابن مسعود: "إذا تكلم الله بالوحي؛ سمع أهل السماء الدنيا صلصلة كجر السلسلة على الصفا ... " الحديث، وهو مخرج في "الصحيحة" (1293). وقوله: "كالسلسلة"، أي: كصوتها. وقوله: "ينفذهم ذلك"؛ أي: ينفذ الله القول إليهم. (فإذا فزع)؛ أي: أزيل الخوف.

لقولِهِ، كالسَّلْسِلَةِ على صَفْوانٍ -قالَ عليٌّ (103): وقالَ غيرُه: صَفَوانٍ- يَنْفُذُهُم ذلك، فإذا فُزِّعَ عن قُلوبهِمْ قالوا: ماذا قالَ ربُّكُم؟ قالوا للذي قالَ: الحقَّ، وهوَ العلىُّ الكبيرُ، فيسمَعُها مُسْتَرِقُو السمْعِ، ومُسْتَرِقُو السمْعِ هكذا واحدٌ فوقَ آخَرَ -ووصفَ سفيانُ بيدِهِ، وفرَّجَ بينَ أصابِعِ يدِهِ اليُمْنى؛ نَصَبَها بعضَها فوقَ بعضٍ- فربَّما أدْرَكَ الشِّهابُ المستمعَ قبلَ أنْ يرمِيَ بها (104) إلى صاحِبِهِ، فيُحْرِقُّهُ، وربَّما لم يُدْرِكْهُ حتى يَرْمِيَ بها إلى الذي يَلِيهِ، إلى الذي هو أسفلَ منهُ، حتى يُلْقُوها إلى الأرضِ -وربَّما قالَ سفيانُ: حتى تنتَهِيَ إلى الأرضِ- فتُلْقَى على فمِ الساحِرِ [والكاهِنِ]، فَيَكْذِبُ معها مائةَ كَذْبَةٍ، فَيَصْدُقُ، فَيَقُولُونَ: ألمْ يُخْبِرْنا يومَ كذا وكذا: يكونُ كذا وكذا، فوجَدْناهُ حقًّا؟ للكَلِمَةِ التي سُمِعَتْ مِنَ السماءِ". [قلتُ لسفيانَ: إنَّ إنساناً روى عنكَ عن عمرٍو عن عكرِمَةَ عن أبي هريرةَ ويرفعُهُ أنَّه قرأ: [فُرِّغَ] (105)؟ قالَ سفيانُ: هكذا قرأَ عمرٌو؛ فلا أدْري سَمِعَهُ هكذا

_ (103) هو ابن عبد الله المديني شيخ المصنف فيه. وقوله: "غيره"؛ يعني: غير سفيان بن عيينة. قلت: والظاهر أن الخلاف بين سفيان وغيره، والخلاف بينهما هو في زيادة: "ينفذهم ذلك"، فلم يذكرها سفيان وذكرها غيره، ويحتمل أن الخلاف إنما هو في ضبط فاء قوله: "صفوان"، فسفيان ذكرها بالسكون، وغيره بالفتح، وقوَّى هذا الاحتمال الحافظ في "الفتح"؛ لثبوت تلك الزيادة في رواية عن سفيان. والله أعلم. (104) أي: بالكلمة. قوله: "فيحرقه" بالنصب عطفاً على السابق، ولأبي ذر بالرفع. قوله: "فيصدق"، ولأبي ذر: "فيصدْق"- مبنيًّا للمفعول- الساحر في كذباته. (105) قوله: {أنه قرأ (فرغ)} بالراء والغين. وقوله: "فلا أدري سمعه هكذا أم لا؟ "؛ أي: سمعه من عكرمة أو قرأها كذلك من قبل نفسه؛ بناء على أنها قراءته. وقول سفيان: وهي قراءتنا"؛ يريد: نفسه ومَن تابعه. قال الحافظ: "وهذه القراءة رويت أيضاً عن الحسن وقتادة ومجاهد، والقراءة المشهورة بالزاي والعين المهملة".

2 - باب قوله: {ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين}

أمْ لا؟ قالَ سفيانُ: وهي قِرَاءَتُنا]. 2 - بابُ قولهِ: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المقدم "ج 2/ 60 - الأنبياء/ 18 - باب"). 3 - بابُ قولهِ: {ولقدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ المَثانِي والقُرآنَ العظيمَ} 1926 - عن أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: «أُمُّ الْقُرْآنِ هِىَ السَّبْعُ الْمَثَانِى وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ». 4 - [بابُ] قولهِ: {الذينَ جَعَلُوا القُرآنَ عِضِينَ} {المُقْتَسِمينَ}: الذينَ حَلَفُوا (106)، ومنهُ: {لا أُقْسِمُ}؛ أي: أُقْسِمُ، وتُقْرأُ: {لأُقْسِمُ}. {قاسَمَهُما}: حَلَفَ لهُما، ولمْ يحْلِفَا لهُ. 838 - وقالَ مجاهدٌ: {تقاسَموا}: تحالَفُوا. 1927 - عنِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ تعالى عنهما: {[كَما أَنْزَلْنا على المُقْتَسِمينَ.] الذينَ جَعَلوا القرآنَ عِضينَ}؛ قالَ: هُمْ أهلُ الكِتابِ (وفي روايةٍ: اليهودُ والنصارى) (107) جَزَّؤوهُ أجْزاءً؛ فآَمَنُوا ببعْضِهِ وكَفَرُوا ببعضِهِ.

_ (106) كذا وقد تعقبه الحافظ فقال: "قلت: هكذا جعل {المقتسمين} من القسم بمعنى الحلف، والمعروف أنه من القسمة، وبه جزم الطبري، وسياق الكلام يدل عليه. وأما قوله: "ومنه: {لا أقسم} ... " إلخ؛ فليس كذلك؛ أي: فليس هو من الاقتسام، بل هو من القسم". 838 - وصله الفريابي عنه. (107) قلت: ورواه الحاكم (2/ 355) عن ابن عباس في قوله عزَّ وجلَّ: {كما أنزلنا على المقتسمين. الذين جعلوا القرآن عضين}؛ قال: {المقتسمون}: اليهود والنصارى، وقوله: {جعلوا القرآن =

5 - باب قوله: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}

5 - بابُ قولِهِ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} 839 - قالَ سالِمٌ: {اليقينُ}: الموتُ. (قلتُ: لم يسنِدْ فيهِ حديثاً). 16 - سورةُ {النَّحْلِ} بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ {رُوحُ القُدُسِ}: جِبريلُ، {نَزَلَ بهِ الرُّوحُ الأمينُ}. {في ضَيْقٍ}: يقالُ: أَمْرٌ ضَيْقٌ، وضَيِّقٌ؛ مثلُ: هَيْنٍ وهَيِّنٍ، ولَيْنٍ ولَيِّنٍ، ومَيْتٍ ومَيِّتٍ. 840 - قالَ ابن عباسٍ: {تَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ}: تَتَهَيَّأُ. 841 - {سُبُلَ ربِّكِ ذُلُلًا}: لا يَتَوَعَّرُ عليها مكانٌ سَلَكَتْةُ. 842 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {في تَقَلُّبِهِمْ}: اختلافِهِم.

_ =عضين}، قال: آمنوا ببعض وكفروا ببعض. وقال: "صحيح على شرط الشيخين"، وفاته أن البخاري أخرجه كما ترى، وبه تعقبه الذهبي. 839 - وصله الفريابي وعبد بن حميد عن سالم بن أبي الجعد به. 840 - قوله: "تتهيأ" كذا فيه، والصواب: "تميل "؛ كما قال الحافظ، وعلى الصواب مضى في "ج1/ 9 - مواقيت الصلاة/ 10 - باب/ رقم الأثر 131"، وتقدم تخريجه هناك، وقد رواه الطبري أيضاً (14/ 79). وقوله: {تتفيأ}: بتاء التأنيث قراءة أبي عمرو وغيره، وباقي السبعة (يتفيأ) بالياء كما في "البحر المحيط". 841 - وصله الطبري عن مجاهد. 842 - وصله الطبري بسند منقطع عنه.

843 - وقالَ مجاهدٌ: {تَمِيدُ}: تَكَفَّأُ. {مُفْرَطُونَ}: مَنْسِيُّونَ. وقالَ غيرُةُ: {فإذا قرأْتَ القرآنَ فاسْتَعِذْ باللهِ}: هذا مُقَدَّمٌ ومؤَخَّرُ، وذلك أنَّ الِاسْتِعَاذةَ قبلَ القراءَةِ، ومعناها: الِاعْتِصام باللهِ. 844 - وقالَ ابن عباس: " {تُسِيمُونَ}: تَرْعَوْنَ. 845 - {شاكِلَتِهِ}: ناحيتِهِ". {قَصْدُ السَّبِيلِ}: الْبَيَانُ (الدِّفْءُ): مَا اسْتَدْفَأْتَ. {تُرِيحُونَ}: بِالْعَشِىِّ. {وَتَسْرَحُونَ}: بِالْغَدَاةِ. {بِشِقِّ}؛ يَعْنِى: الْمَشَقَّةَ. {عَلَى تَخَوُّفٍ}: تَنَقُّصٍ. {الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً}: وَهْىَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، كَذَلِكَ النَّعَمُ، (الأَنْعَامِ): جَمَاعَةُ النَّعَمِ. {أَكْناناً}: واحِدُها: كِنُّ؛ مِثْلُ: حِمْلٍ وأحْمالٍ. {سَرَابِيلَ}: قُمُصٌ {تَقِيكُمُ الْحَرَّ}. وَأَمَّا {سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ}؛ فَإِنَّهَا الدُّرُوعُ. {دَخَلاً بَيْنَكُمْ}: كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَصِحَّ فَهْوَ دَخَلٌ. 846 - قالَ ابنُ عباس: {حَفَدَةً}: من ولَدِ الرجلِ. {السَّكَرُ}: ما حُرِّمَ مِن ثَمَرَتها. و (الرِّزْقُ الحَسَنُ): ما أحَلَّ الله. 847 - وقالَ ابن عُيَيْنَةَ عن صدَقَةَ (108) {أَنْكَاثاً}: هي خَرْقاءً؛ كانَتْ إذا أبْرَمَتْ غَزْلَها نَقَضَتْهُ.

_ 843 - وصله الفريابي. 844 - وصله الطبري من طرق عنه. 845 - وصله الطبري بسند منقطع عنه أيضاً. 846 - وصله الطبري بسند صحيح عنه نحوه. 847 - وصله ابن أبي حاتم والطبري عن صدقة عن السدي به نحوه. (108) هو صدقة بن عبد الله بن كثير القارئ أبو الهذيل صاحب مجاهد؛ كما حققه الحافظ في "الفتح"، وقال: "فيستدرك على من صنف في رجال البخاري، فإن الجميع أغفلوه".

1 - باب قوله تعالى: {ومنكم من يرد إلى أرذل العمر}

848 - وقالَ ابنُ مسعودٍ: {الأُمَّةُ}: مُعَلِّمُ الخيرِ. و (القانِتُ): المُطِيعُ. 1 - بابُ قولهِ تعالى: {ومنكُمْ مَن يُرَدُّ إلى أرْذَلِ العُمُرِ} (قلتُ: أسند فيهِ طرفاً من حديث أنس المتقدم "ج 2/ 55 - الوصايا/ 25 - باب"}. 17 - سُورةُ {بَني إسرائيلَ} 1 - [بابٌ] [قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود الآتي في أول "21 - {الأنبياء} "). 849 - {فَسَيُنْغِضُونَ إليكَ رُؤُسَهُم}؛ قالَ ابنُ عباسٍ: يهُزُّونَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: نَغَضَتْ سِنُّكَ؛ أَيْ: تَحَرَّكَتْ. {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ}: أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ، وَالْقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ: {وَقَضَى رَبُّكَ}: أَمَرَ رَبُّكَ، وَمِنْهُ الْحُكْمُ: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ}، وَمِنْهُ الْخَلْقُ {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ}. {نَفِيرًا}: مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ. {وَلِيُتَبِّرُوا}: يُدَمِّرُوا مَا عَلَوْا. {حَصِيرًا}: مَحْبِسًا مَحْصَرًا. {حَقَّ}: وَجَبَ {مَيْسُورًا}: لَيِّنًا. {خِطْئًا}: إِثْمًا، وَهْوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتُ، وَالْخَطَأُ مَفْتُوحٌ مَصْدَرُهُ مِنَ الإِثْمِ، خَطِئْتُ: بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ. {تَخْرِقَ}: تَقْطَعَ. {وَإِذْ هُمْ نَجْوَى}: مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا؛ وَالْمَعْنَى: يَتَنَاجَوْنَ. {رُفَاتًا}: حُطَامًا. {وَاسْتَفْزِزْ} اسْتَخِفَّ بِخَيْلِكَ الْفُرْسَانِ. (والرِّجْلُ) (109): الرَّجَّالَهُ، واحِدُها راجِلٌ؛ مثلُ: صاحبٍ

_ 848 - وصله الفريابي وعبد الرزاق والحاكم، وقال (2/ 358): "صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. وله عند الحاكم (2/ 361) طريق أخرى. 849 - وصله الطبري من طرق عنه. (109) بفتح الراء، وسكون الجيم، يريد قوله تعالى: {وأجْلِبْ عليهِمْ بخيلِكَ ورَجْلِكَ}؛ كذا في الشارح، والتلاوة: {ورَجِلِكَ} بكسر الجيم.

2 - باب قوله: {أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام}

وَصَحْبٍ، وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ. {حَاصِبًا}: الرِّيحُ الْعَاصِفُ، و (الْحَاصِبُ): أَيْضًا مَا تَرْمِى بِهِ الرِّيحُ , وَمِنْهُ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ}: يُرْمَى بِهِ فِى جَهَنَّمَ، وَهْوَ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ: حَصَبَ فِى الأَرْضِ: ذَهَبَ، و (الْحَصَبُ): مُشْتَقٌّ مِنَ الْحَصْبَاءِ: الْحِجَارَةِ. {تَارَةً}: مَرَّةً، وَجَمَاعَتُهُ: تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ. {لأَحْتَنِكَنَّ}: لأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ, يُقَالُ: احْتَنَكَ فُلاَنٌ مَا عِنْدَ فُلاَنٍ مِنْ عِلْمٍ: اسْتَقْصَاهُ. {طَائِرَهُ}: حَظُّهُ. 850 - قالَ ابنُ عباسٍ: كلُّ سلطانٍ في القرآنِ فهو حُجَّةٌ. {وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ}: لم يحالِفْ أحَداً. 2 - بابُ قولهِ: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} {قاصِفاً}: ريحٌ تَقْصِفُ كلَّ شيءٍ. {كَرَّمْنا}، وأكرَمْنا واحدٌ. {ضِعْفَ الحياةِ}: عذابَ الحياةِ، وعذابَ المماتِ. {خِلافَكَ} وخَلْفَكَ سَوَاءٌ. {وَنَأى}: تباعَدَ. {شاكِلَتِهِ}: ناحيتِهِ، وهي مِن شَكْلِهِ. {صَرَّفْنا}: وجَّهْنا. {قَبِيلًا}: مُعايَنَةً ومقابَلَةً، وقيلَ: (القابِلَةُ)؛ لأنَها مُقابِلَتُها، وتَقْبَلُ ولدَها. {خَشْيَةَ الِإنفاقِ}: أنْفَقَ الرجلُ: أمْلَقَ، ونَفِقَ الشيءٌ: ذهَبَ. {قَتُوراً}: مُقَتِّراً. {للأذقانِ}: مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ، والواحِدُ ذَقَنٌ. 851 - وقالَ مجاهدٌ: {مَوْفُوراً}: وافِراً. {تَبِيعاً}: ثائِراً. 852 - وقالَ ابنُ عباس: نَصِيراً. {خَبَتْ}: طَفِئَتْ. 853 - وقالَ ابنُ عباسٍ: {لا تُبَذِّرْ}: لا تُنفِقْ في الباطِلِ. {ابْتِغاءَ رحمةٍ}: رِزْقٍ.

_ 850 - وصله ابن عيينة في "تفسيره" بإسناد صحيح على شرط "الصحيح". 851 - وصله الطبري. 852 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 853 - وصله الطبري بسند ضعيف منقطع.

3 - باب قوله: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها} الآية

{مَثْبُوراً}: مَلْعُوناً. {لا تَقْفُ}: لا تَقُلْ. {فَجَاسُوا}: تَيَمَّمُوا. {يُزْجِي الفُلْكَ}: يُجْرِي الفُلْكَ. {يَخِرُّونَ للأذْقانِ}: للوجوِه. 3 - بابُ قولهِ: {وإذا أرَدْنا أنْ نُهْلِكَ قريةً أمَرْنا مُتْرَفِيها} الآيةَ 1928 - عن عبدِ اللهِ قالَ: كُنَّا نقولُ للحَيِّ إذا كَثُرُوا في الجاهليةِ: أمَرَ بَنُو فلانٍ. 4 - بابٌ {ذُرِّيَّةَ مَن حَمَلْنا معَ نوحٍ إنَّهُ كانَ عبداً شَكوراً} 1929 - عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه قالَ: [كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى دَعْوَةٍ، فـ 4/ 105] أُتِىَ بلحمٍ, فَرُفِعَ (110) إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، ثمَّ قالَ: "أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يُجْمَعُ [اللهُ] النَّاسُ: الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِى، وَيَنْفُذُهُمُ الْبَصَرُ (وفى روايةٍ: فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ)، وَتَدْنُو [منهُمُ] الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ وَلاَ يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ [بعضُ] النَّاسِ: أَلاَ تَرَوْنَ [إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ؛ إلى] مَا قَدْ بَلَغَكُمْ؟ أَلاَ تَنْظُرُونَ [إلى] مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ. فَيَأْتُونَ آدَمَ عليه السلامُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: [يا آدَمُ!] أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ, خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ , وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ الْمَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، [وَأَسْكَنَكَ الْجَنَّةَ]؛ اشْفَعْ

_ (110) صوابه: "فرفعت" كما في الشارح، قوله: "فنهس"؛ أي: أخذ منها بأطراف أسنانه، ولأبي ذر: "فنهش منها نهشة" بالمعجمة؛ أي: بأضراسه أو بجميع أسنانه.

وفي روايةٍ: ألا تَشْفَعُ) لَنَا إِلَى رَبِّكَ؟ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِى عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ. فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ! إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللَّهُ عَبْدًا شَكُورًا؛ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؛ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ [ألا تَرى إلى ما بَلَغَنا؟] , فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِى، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ. فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ! أَنْتَ نَبِىُّ اللَّهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ؛ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؛ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ, وَإِنِّى قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ -فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِى الْحَدِيثِ (111) -, نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى. فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى! أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَضَّلَكَ اللَّهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ؛ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؛ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّى قَدْ

_ (111) قال الحافظ: "يشير إلى أن مَن دون أبي حيان اختصر ذلك". وأبو حيان هو الراوي له عن أبي زرعة عن أبي هريرة، وقد رواه عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة به نحوه، وزاد في قصة إبراهيم فقال: "وذكر قوله في الكوكب: {هذا ربي}، وقوله لآلهتهم: {بل فعله كبيرهم هذا} , وقوله: {إني سقيم} ". رواه مسلم {1/ 129}.

5 - باب قوله: {وآتينا داود زبورا}

قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى. فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى! أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا؛ اشْفَعْ لَنَا إلى ربِّك؛ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ الْيَوْمَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ -وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا- نَفْسِى نَفْسِى نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم -، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ! أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؛ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ؛ أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَأَنْطَلِقُ، فَآتِى تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّى عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَىَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِى، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ , وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِى، فَأَقُولُ: أُمَّتِى يَا رَبِّ! أُمَّتِى يَا رَبِّ! فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ! أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْبَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ" ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ؛ إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى". 5 - بابُ قولهِ: {وآتيْنا داودَ زَبُوراً} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/ 37 - باب").

6 - باب {قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا}

6 - بابٌ {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا} 1930 - عن عبدِ اللهِ (ابن مسعود) [في هذه الآيةِ:] {[قُلِ ادْعُوا الذينَ زَعَمْتُم (*)، [مِن دونِهِ فلا يَمْلِكونَ كشفَ الضُّرِّ عنكُم ولا تَحْوِيلًا. أولئكَ] [الذينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ] إلى ربِّهِمُ الوَسِيلَةَ} قالَ: كانَ ناسٌ مِنَ الإنسِ يَعْبُدونَ ناساً مِن الجِنِّ، فأسلَمَ الجِنُّ، وتمسكَ هؤلاء بدينِهم. 7 - بابٌ {أولئكَ الذينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى ربِّهِمُ الوَسِيلَةَ} والآيةَ 8 - بابٌ {وما جَعَلْنا الرُّؤْيا التي أرَيْناكَ إلا فِتْنَةً للنَّاسِ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم "ج 2/ 63 - مناقب الأنصار/ 42 - باب/ رقم الحديث 1653"}. 9 - بابُ قولهِ: {إنَّ قُرآنَ الفجْرِ كانَ مَشْهوداً} 854 - قالَ مجاهِدٌ: صلاةَ الفجرِ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 31 - باب"). 10 - بابُ قولهِ: {عَسَى أنْ يَبْعَثَكَ ربُّكَ مقاماً مَحْموداً} 1931 - عنِ ابنِ عمر رضي اللهُ عنهما قالَ: إنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يومَ القيامَةِ جُثاً (112) , كُلُّ أمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّها، يقولونَ: يا فُلانُ! اشْفَعْ؛ حتَّى تَنْتَهِيَ الشفاعَةُ إلى

_ (*) هذه الزيادة معلقة عند المصنف رحمه الله تعالى، ولم يخرجها الحافظ، وقد وصلها الحاكم (2/ 362)، وقال: "صحيح الإسناد"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. 854 - وصله الطبري عنه. (112) أي: جماعات.

11 - باب {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}

النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، [623 - فيشفَعُ لِيُقْضَى بينَ الخلقِ، فيمشي حتى يأخذَ بحلقَةِ البابِ 2/ 130]. (ومن طريقٍ أُخرى: إنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ؛ اسْتَغَاثُوا بِآدَمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -)، فذلكَ يومَ يبعَثُهُ اللهُ المَقامَ المَحمودَ، [يحْمَدُهُ أهلُ الجمعِ كلُّهُم]. 11 - بابٌ {وقُلْ جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطلُ إنَّ الباطلَ كانَ زهوقاً} {يَزْهَقُ}: يَهْلِكُ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم "64 - المغازي/ 50 - باب/ رقم الحديث 1794"). 12 - بابٌ {ويَسْألونَكَ عنِ الرُّوحَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم "ج 1/ 3 - العلم/ 48 - باب/ رقم الحديث 82"). 13 - بابٌ {ولا تَجْهَرْ بصلاتِكَ ولا تُخافِتْ بها} 1932 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - فِى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا}؛ قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُخْتَفٍ (وفى روايةٍ: مُتَوَارٍ 8/ 196) بِمَكَّةَ، كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ؛ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ؛ سَبُّوا الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ}؛ أَىْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ الْمُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا الْقُرْآنَ، {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا}: عَنْ أَصْحَابِكَ؛ فَلاَ تُسْمِعُهُمْ، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}: [أسْمِعْهُم ولا تَجْهَرْ حتى يأْخُذُوا عنكَ القرآنَ].

_ 623 - هذه الزيادة والتي بعدها معلقة عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله البزار وابن منده في "الإيمان"، وإسناده صحيح.

18 - سورة {الكهف}

18 - سورةُ {الكَهْفِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 855 - وقال مجاهدٌ: {تَقْرِضُهُم}: تَتْرُكُهُم. {وكانَ لهُ ثُمُرٌ} (113): ذهبٌ وفضةٌ. وقالَ غيرُهُ: جماعَةُ الثَّمَرِ. {باخِعٌ}: مُهْلِكٌ. {أسَفاً}: نَدَماً. {الكهفُ}: الفتحُ في الجبلِ. و {الرَّقيمُ}: الكتابُ، {مَرْقومٌ}: مَكْتوبٌ؛ مِنَ الرَّقْمِ. {رَبَطْنا على قُلوِبهِمْ}: ألْهَمْناهم صبراً، {لولا أنْ رَبَطْنا على قَلْبِها}. {شَطَطاً}: إفْراطاً. {الوَصِيدُ}: الفِناءُ، جمعهُ: وصائِدُ ووُصُدٌ، ويُقالُ: الوَصِيدُ: البابُ، {مُؤصَدَةٌ}: مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البابَ وأوصَدَ. {بَعَثْناهُم}: أحْيَيْناهُم. {أزْكَى}: أكْثَرُ، ويُقالُ: أحَلُّ، ويُقالُ: أكثرُ رَيْعاً. 856 - قالَ ابنُ عباس: {أُكُلَها ولمْ تَظْلِمْ}: لم تَنْقُصْ. 857 - وقالَ سعيدٌ عنِ ابنِ عباسٍ: {الرَّقِيمُ}: اللَّوْحُ مِن رَصَاصٍ، كتَبَ عامِلُهم أسماءَهُم ثمَّ طرَحَهُ في خِزانَتِهِ، فضرَبَ اللهُ على آذانِهِم، فناموا. وقالَ غيرُهُ: (وَألَتْ}، (تَئِلُ): تَنْجُو. 858 - وقالَ مجاهدٌ: {مَوْئِلًا}: مَحْرِزاً. {لا يستَطيعونَ سمعاً}: لا يَعْقِلُونَ.

_ 855 - وصله الفريابي عنه. (113) بضمتين؛ قراءة أبي عمرو والباقين سوى عاصم، فإنه قرأها بفتحتين؛ كما في "الفتح". 856 - وصله ابن أبي حاتم، وأكثر هذه الألفاظ مضت "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/ 51 - باب". 857 - لم يخرجه الحافظ. 858 - وصله الفريابي.

1 - باب قوله: {وكان الإنسان أكثر شيء جدلا}

1 - بابُ قولهِ: {وكانَ الِإنسانُ أكثرَ شيءٍ جَدَلًا} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث علي الآتي "ج 4/ 96 - الاعتصام/ 18 - باب"). {رَجْماً بالغيبِ}: لمْ يَسْتَبِنْ. يُقالُ: {فُرُطاً}: نَدَماً. {سُرادِقُها}: مِثْلُ السُّرادِقِ، والحُجْرةِ التي تُطِيفُ بالفَسَاطِيطِ. {ويُحَاوِرُهُ}: منَ المُحَاوَرَةِ. {لكِنَّا هو اللهُ ربِّي}؛ أي: لكنْ أنا هو اللهُ ربِّي، ثم حَذَفَ الألِفَ، وأدْغَمَ إحدى النُّونَيْنِ في الأخرى. {وفجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً}: يقولُ: بينَهُما نَهَراً. {زَلَقاً}: لا يَثْبُتُ فيهِ قَدَمٌ. {هُنالِكَ الوَلايَةُ}: مصدرُ الوَلْيِ. {عُقُباً} و: عاقبةً، وعُقْبَى، وعُقْبةً واحدٌ، وهي الآخِرَةُ. (قِبَلاً)، و {قَبُلاَ}، و (قَبَلًا): اسْتِئْنافاً. {لِيُدْحِضُوا}: لِيُزِيلُوا، (الدَّحْضُ): الزَّلَقُ. 2 - بابٌ {وإذْ قالَ موسى لِفَتَاهُ لا أبْرَحُ حتى أبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أوْ أمْضيَ حُقُباً}: زماناً، وجمْعُهُ أَحْقابٌ. 1933 - عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ قالَ: [إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى بَيْتِهِ إذْ قالَ: سَلَوني 5/ 232]، قلت: [أيْ أبا عباسٍ! جعَلَني اللهُ فداكَ]؛ إنَّ [بِالْكُوفَةِ رَجُلًا قَاصًّا يُقَالُ لَهُ:] نَوْفًا الْبَكَالِىَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الْخَضِرِ لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ بَنِى إِسْرَائِيلَ , [إنّما هو موسى آخرُ 1/ 38] , قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: [قدْ] كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ؛ حَدَّثَنِى أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم يقولُ: "إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ (وفى روايةٍ: ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا حَتَّى إِذَا فَاضَتِ الْعُيُونُ، وَرَقَّتِ الْقُلُوبُ؛ وَلَّى، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ, فَقَالَ: أَىْ رَسُولَ

اللهِ) أيُّ الناسِ أعلَمُ؟ فقالَ: أنا [أعلَمُ]. فعَتَبَ اللهُ عليهِ إذْ لمْ يَرُدَّ العلمَ إليهِ، فأوْحى اللهُ إليهِ: [بَلَى 5/ 234]؛ إنَّ لي عبداً [مِن عِبادي]، بمَجْمَعِ البحرين هو أعلَمُ منكَ. قالَ موسى: يا ربِّ! فكيفَ لي بهِ؟ (وفي روايةٍ: اجعلْ لي عَلَماً أَعْلَمُ ذلكَ منهُ)، قالَ: تأخُذُ معكَ حُوتاً، فتجْعَلُهُ في مِكْتَلٍ (وفي روايةٍ: خذْ نُوناً مَيِّتاً، حيثُ يُنْفَخُ فيهِ الرُّوحُ)، فَحَيْثُما فقدْتَ الحُوتَ فَهُوَ ثمَّ. فأخَذَ حُوتاً، فجَعَلَهُ في مِكْتَلٍ، ثمَّ انطلَقَ، وانطَلَقَ معهُ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بنِ نُونٍ، [فقالَ لِفتاهُ: لا أُكَلِّفُكَ إلا أنْ تُخْبِرَني بحيثُ يفارِقُكَ الحُوتُ. قالَ: ما كَلَّفْتَ كثيراً. فذلكَ قولُهُ جلَّ ذِكْرُهُ: {وإذْ قالَ موسى لِفَتَاهُ}؛ حتى إذا أتَيَا الصخرةَ؛ [فَنَزَلاَ عندَها، قالَ: فـ] وضعَا رُؤوسَهُما، فناما [في ظِلِّ (الـ) صخرةِ في مكانٍ ثَرْيانَ]-[وفي حديثِ غيرِ عمرٍو: قالَ:- وفي أصلِ الصَّخْرَةِ عينٌ يُقالُ لها: الحَياةُ، لا يُصِيبُ مِن مائِها شيءٌ إلا حَيِيَ، فأصابَ الحُوتُ مِن ماءِ تلكَ العينِ، قالَ: فتَحَرَّكَ 5/ 234]، واضطَرَبَ (وفي روايةٍ: تَضَرَّبَ) الحوتُ في المِكْتَلِ، فخَرَجَ منهُ، فسقطَ في البَحْرِ، فاتَّخَذَ سبيلَهُ في البحْرِ سَرَباً، وأمْسَكَ اللهُ عن الحُوتِ جِرْيةَ الماءِ، فصارَ عليهِ مِثْلَ الطَّاقِ (وفي روايةٍ: كأنَّ أَثَرَهُ في جُحْرٍ. وحلَّقَ بينَ إِبْهَامَيْهِ واللتينِ تَلِيَانِهِما)، [وموسى نائمٌ، فقالَ فَتَاهُ: لا أُوقِظُهُ]، فلمَّا استَيْقَظَ؛ نَسِيَ صاحِبُهُ أنْ يُخْبِرَهُ بالحوتِ، فانْطَلَقا [يَمْشِيَانِ 4/ 127] بَقيَّةَ يومِهما وليلَتِهما، حتَّى إذا كانَ مِن الغدِ؛ قالَ موسى لفتاهُ: {آتِنا غَدَاءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً}. قالَ: ولم يَجِدْ موسى النَّصَبَ حتى جاوَزَ المكانَ الذي أمَرَ اللهُ بهِ، فقالَ لهُ فَتاهُ: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا}.

[قالَ: فوجَدَا في البحرِ كالطَّاقِ ممَرَّ الحوتِ]. قالَ: فكانَ للحوتِ سَرَباً، ولموسى وَلِفَتَاهُ عجباً، فقالَ موسى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا}. قالَ: رجَعا يَقُصَّانِ آثارَهُما حتى انْتَهَيا إلى الصخرَةِ، فإذا رجلٌ (وفي روايةٍ: فَوَجَدَا خَضِرا) [على طِنْفِسَةٍ خضراءَ على كبدِ البحرِ] مُسَجًّى ثوباً، [قد جَعَلَ طرَفَهُ تحتَ رجليهِ، وطرفهُ تحتَ رأسِهِ]، فسلَّمَ عليهِ موسى، [فكشَفَ عنْ وجهِهِ]، فقالَ الخضِرُ: وأنَّى بأرضِكَ السَّلامُ؟ [من أنت؟] قالَ: أنا موسى. قالَ: موسى بني إسرائيلَ؛ قالَ: نعم. [قالَ: فما شأنُكَ؟ قالَ:] أتَيْتُكَ لتُعَلِّمَني {ممَّا عُلِّمْتَ رَشَداً}. [قالَ: أمَا يَكْفِيكَ أنَّ التوراةَ بيدَيْكَ، وأنَّ الوحيَ يأتِيكَ؟] {قالَ إنَّكَ لنْ تستطيعَ مَعِيَ صَبْراً. [وكيفَ تَصْبِرُ على ما لَمْ تُحِطْ بهِ خُبْراً]}؟ يا موسى! إنِّي على علمٍ مِن علمِ اللهِ علَّمَنِيهِ لا تَعْلَمُهُ أنتَ، وأنتَ على علمٍ مِن علمِ اللهِ علَّمَكَ اللهُ لا أعلَمُهُ. فقالَ موسى: {سَتَجِدُني إنْ شاءَ اللهُ صابراً ولا أعْصِي لكَ أمْراً}. فقالَ لهُ الخَضِرُ: {فإنِ اتَّبَعْتَني فلا تسأَلْني عن شيءٍ حتَّى أُحْدِثَ لكَ منهُ ذِكْراً}. فانْطَلَقا يَمْشِيَانِ على ساحِلِ البحرِ، [ليس لهما سفينةٌ]، فمرَّت [بهما] سفينةٌ، فكلَّمُوهُم أنْ يَحْمِلُوهُم، فعَرفُوا الخَضِرَ، [فقالوا: عبدُ اللهِ الصالحُ، لا نَحْمِلُهُ بِأجْرٍ}، فَحَمَلُوهُ بغيرِ نَوْلٍ -[يقولُ: بغيرِ أجْرٍ]- فلمَّا رَكِبا في السفينةِ؛ [وَجَدَا مَعَابِرَ صِغاراً تحمِلُ أهلَ هذا الساحِلِ إلى أهلِ هذا الساحِلِ الآخرِ، فـ] لمْ يَفْجَأْ [موسى] إلا والخَضِرُ قدْ [أخَذَ الفأسَ، فـ] قلَعَ لَوْحاً مِن أَلْواحِ السفينَةِ بِالقَدُومِ [وفي روايةٍ: فخَرَقَها، وَوَتَدَ فيها وَتِداً]، فقالَ لهُ موسى: [ما صَنَعْتَ؟!]

قومٌ حَمَلُونا بغيرِ نَوْلٍ؛ عَمَدتَ إلى سفينَتِهِمْ فخَرَقْتَها، {[أخَرَقْتَها] لتُغْرِقَ أهلَها لقدْ جئتَ شيئاً إمْراً} -[قالَ مجاهدٌ: مُنكَراً]- {قالَ ألمْ أقُلْ إنَّكَ لنْ تستطيعَ معيَ صَبْراً. قالَ لا تُؤاخِذْني بما نَسِيتُ ولا تُرْهِقْني مِن أمْرِي عُسْراً} ". قالَ: وقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: "وكانَتِ الأولى من موسى نِسياناً، [والوُسْطى شَرْطاً، والثالثةُ عَمْداَ] ". قالَ: "وجاءَ عُصْفورٌ فوقعَ على حرفِ السفينَةِ، فنقَرَ [بمِنْقارِهِ]، في البحرِ نَقْرَةً [أو نَقْرَتينِ]، فقالَ لهُ الخَضِرُ: [واللهِ] ما [نَقَص] عِلْمِي وعِلْمُكَ [وعِلْمُ الخَلائقِ] مِن [وفي روايةٍ: في جَنْبِ] علمِ اللهِ إلا مِثْلُ ما نَقَصَ هذا العُصْفُورُ [بِمِنْقارِهِ]، مِن هذا البحرِ. ثمَّ خَرَجا مِنَ السفينةِ، فَبَيْنَا هُما يَمْشِيَانِ على الساحِلِ؛ إذْ أبصَرَ الخَضِرُ غُلاماً [كافراً ظَرِيفاً]، يلعبُ مع الغِلْمانِ، فأخَذَ الخَضِرُ رأسَهُ بيَدِهِ، فاقْتَلَعَهُ بيدهِ [هكذا -وأوْمَأَ سفيانُ بأطرافِ أصابِعِهِ، كأنَّهُ يَقْطِفُ شيئاَ-] [وفي روايةٍ: فأضْجَعَهُ، ثم ذَبَحَهُ بالسِّكِّينِ] فَقَتَلَهُ، فقالَ لهُ موسى: {أقَتَلْتَ نفساً زاكِيَةً (وفي روايةٍ: زَكِيَّةً) بغيرِ نفسٍ} [لم تَعْمَلْ بالحِنْثِ -وكان ابنُ عباسٍ قرأَها: {زكيَّة} (زاكِيَةً: مُسْلِمَةً، كقولك: غُلاماً زاكِياَ) -] {لقدْ جِئْتَ شيئاً نُكْراً. قالَ ألمْ أقُلْ لكَ إنَّكَ لنْ تستطيعَ معيَ صَبْراً}. قالَ: وهذا أشدُّ مِنَ الأولى. {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا. فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} -قالَ: مائلٌ- فقامَ الخَضِرُ فأقامَهُ بيدهِ [هكذا -وأشارَ سفيانُ كأنَّهُ يمسحُ شيئاً إلى فوق-] [فاستَقامَ]، فقالَ موسى: قومٌ أتَيْناهُم فلم يُطْعِمُونا ولمْ يُضَيِّفُونا، [عَمَدْتَ إلى حائطِهِمْ]! لو شئتَ

3 - باب قوله: {فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا}

لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا -[قالَ سعيدٌ (114) أجراً نأْكُلُهُ. {وكانَ وراءَهُم} - وكانَ أمامَهُم، قرأها ابنُ عباسٍ: {أمامَهُم مَلِكٌ}، يَزْعُمُونَ عن غيرِ سعيدٍ أنَّه هُدَدُ بنُ بُدَدٍ، الغلامُ المقتولُ اسمهُ- يزعُمونَ -:جَيْسُورٌ- {ملِكٌ يأخُذُ كُلَّ سفينَةٍ غَصْباً} , فأرَدْتُ إذا هيَ مرَّتْ بهِ أنْ يَدَعَها لعَيْبِها، فإذا جاوَزُوا أصْلَحُوها، فانْتَفَعُوا بها، ومنهم مَن يقولُ: سَدُّوها بقارُورةٍ، ومنهُم مَن يقولُ: بالقارِ. {كانَ أبواهُ مؤمِنينِ}، وكانَ كافِراً {فَخَشِينا أنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وكُفْراً}: أنْ يَحْمِلَهُما حُبُّهُ على أن يُتابعاهُ على دينِهِ، {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا}؛ لقولهِ: {أقَتَلْتَ نفساً زَكِيَّةً}، {وأقْرَبَ رُحْماً}: هما بهِ أرْحَمُ منهما بالأوَّلِ الذي قتلَ خَضِرٌ. وزعَمَ غيرُ سعيدٍ أنَّهما أُبْدِلا جاريةً، وأما داودُ بنُ أبي عاصمٍ؛ فقالَ عن غيرِ واحدٍ: إنَّها جاريةٌ 5/ 233 - 234]-قالَ: {هذا فِراقُ بيني وبينِكَ} إلى قولهِ: {ذلكَ تَأْوِيلُ ما لمْ تَسْطِعْ عليهِ صبراً} "، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: " [يرحَمُ اللهُ موسى، لَـ] وَدِدْنا أنَّ موسى كانَ صَبَرَ حتى يَقُصَّ اللهُ علينا مِن خَبَرِهِما". قالَ سعيدُ بنُ جُبيرٍ: فكانَ ابنُ عباسٍ يقرأ: {وكانَ أمامَهُم ملِكٌ يأخُذُ كُلَّ سفينَةٍ صالِحَةٍ غَصْباً}، وكانَ يقرأُ: {وأمَّا الغُلامُ فكانَ كافرًا وكانَ أبواهُ مؤمِنينِ}. 3 - بابُ قولهِ: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً}: مذْهباً، يَسْرُبُ: يسْلُكُ، ومنهُ: {وسارِبٌ بالنَّهارِ}.

_ (114) هو ابن جبير.

4 - باب قوله: {فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا. قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت}

4 - بابُ قولهِ: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ} {صُنْعاً}: عَمَلاً. {حِوَلاً}: تَحَوُّلاً. {قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا}. {إمْراً}، و {نُكْراً}: داهِيةً. {يَنْقَضَّ}: يَنْقاضُ (115) كما ينقاضُ السِّنُّ. (لَتَخِذْتَ) و (اتخَذْتَ) واحدٌ. {رُحْماً}: مِنَ الرُّحْمِ، وهي أشدُّ مبالغةً مِنَ الرَّحْمَةِ، ونظُنُّ أنه مِنَ الرَّحِيمِ، وتُدْعَى مكةُ أمَّ رُحْمٍ؛ أيِ: الرَّحمةُ تَنْزِلُ بها. 5 - بابُ قولهِ: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} 1934 - عن مصعبٍ قالَ: سألتُ أَبِي: {قُلْ هلْ نُنَبِّئُكُم بالأخْسَرِينَ أعْمالًا}؛ هُمُ الحَرُورِيَّةُ؛ قالَ: لا؛ هُمُ اليهودُ والنَّصارى؛ أما اليهودُ فكذَبوا محمداً - صلى الله عليه وسلم، وأما النَّصارى كَفَرُوا بالجنةِ، وقالوا: لا طعامَ فيها ولا شرابَ، والحَرُورِيَّةُ: الذينَ يَنْقُضُونَ عهدَ اللهِ مِن بعدِ ميثاقِهِ، وكانَ سعدٌ يُسَمِّيهِمُ: الفاسِقينَ. 6 - بابٌ {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} الآية 1935 - عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم قالَ: "إنَّه لَيَأْتِي الرجلُ العظيمُ السَّمِينُ يومَ القيامَةِ لا يَزِنُ عندَ اللهِ جَناحَ بَعوضَةٍ"، وقالَ: "اقْرَؤُوا: {فَلا نُقِيمُ لهُم يَومَ القِيامَةِ وَزْناً} ".

_ (115) قوله: "ينقاض كما ينقاض السن": بتخفيف الضاد فيهما، ولأبي ذر بالتشديد فيهما، وقوله: "السن"، ولأبي ذر: "الشيء"، ومعنى {ينقض}: ينكسر، و (ينقاض): ينقطع من أصله؛ كما في (الشارح).

19 - {كهيعص}

19 - {كهيعصَ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 859 - قالَ ابنُ عباسٍ: {أسْمِعْ بهِم وأَبْصِرْ}: اللهُ يقولُهُ، وَهُمُ اليومَ لا يَسْمَعُونَ ولا يُبْصِرُونَ. {في ضلالٍ مُبينٍ}؛ يعني: قولَهُ: {أسْمعْ بهِم وأبْصِرْ}: الكفارُ يومئذٍ أسْمَعُ شيءٍ وأَبْصَرُهُ {لأرْجُمَنكَ}: لأشْتِمَنَّكَ. 860 - {ورِئْياً}: مَنْظَراً. 861 - وقالَ أبو وائلٍ: علمَتْ مريمُ أن التقيَّ ذو نُهْيَةٍ حتى قالتْ: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا}. 862 - وقالَ ابنُ عُيينَةَ: {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}: تُزْعِجُهُم إلى المعاصي إزْعاجاً. 863 - وقالَ مجاهد: {إدًّا}: عِوَجاً. 864 - قالَ ابنُ عباسٍ: {وِرْداً}: عِطَاشاً. 865 - {أَثَاثاً}: مالًا. {إدًّا}: قولاً عظيماً. {رِكْزاً}: صوتاً. وقالَ غيرُه: {غَيًّا}: خُسْراناً. {بُكِيًّا}: جماعةُ باكٍ. {صِلِيًّا}: صَلِيَ يَصْلَى. {نَدِيًّا}، و {النَّادي} واحدٌ: مَجْلِساً.

_ 859 - وصله ابن أبي حاتم. 860 - وصله الطبري بسند منقطع عنه. 861 - وصله عبد بن حميد كما تقدم في "ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/ 48 - باب". 862 - كذا ذكره سفيان بن عيينة في "تفسيره". 863 - وصله الفريابي. 864 و 865 - وصلهما ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه.

1 - [باب] {وأنذرهم يوم الحسرة}

1 - [بابٌ] {وأنْذِرْهُم يومَ الحَسْرَةِ} 1936 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي اللهُ عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: "يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ, فَيُنَادِى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! فَيَشْرَئِبُّونَ (116) وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ؛ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِى: يَا أَهْلَ النَّارِ! فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ! خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ" ثُمَّ قَرَأَ: " {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الأَمْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ}: وَهَؤُلاَءِ فِى غَفْلَةٍ: أَهْلُ الدُّنْيَا {وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} ". 2 - بابُ قولهِ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} 1937 - عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لجبريلَ: "ما يَمْنَعُكَ أنْ تَزُورَنا أكْثَرَ ممَّا تَزُورُنا؟ ". [قالَ]: فنزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} [إلى آخرِ الآيةِ. قالَ: هذا كانَ الجوابَ لمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم 8/ 188]. 3 - بابُ قولهِ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} (قلتُ: أسند في حديث خبَّاب المتقدم "ج2/ 37 - الإجارة/ 15 - باب"). 4 - [بابُ] قولهِ: {أطَّلَعَ الغَيْبَ أمِ اتَّخَذَ عندَ الرَّحمنِ عَهْداً} (قلتُ: أسند في الحديث المشار إليه آنفاً).

_ (116) أي: يمدون أعناقهم ويرفعون رؤوسهم.

5 - [باب] {كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا}

5 - [بابٌ] {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا} (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً}. 6 - [بابُ] قولهِ عزَّ وجلَّ: {ونَرِثُهُ ما يقولُ ويَأْتِينا فَرْداً} 866 - وقالَ ابن عباسٍ: {الجِبالُ هَدًّا}: هَدْماً. (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفًا). 20 - {طه} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 867 و 868 - قالَ ابنُ جُبيرٍ والضَّحَّاكُ: بالنَّبَطِيَّةِ {طه}: يا رجلُ! 869 - وقالَ مجاهدٌ: {أَلْقَى}: صَنَعَ. يُقالُ: كلُّ ما لمْ ينطِقْ بحرفٍ أو فيه تَمْتَمَةٌ أو فَأْفَأةٌ فهي (عُقْدةٌ). {أَزْرِي}: ظَهْري. {فيَسْحَتَكُم} (117): يُهْلِكَكُم. {المُثْلَى}: تأنيثُ الأمْثَلِ، يقولُ: بدينِكم، يقالُ: خذِ المُثْلى، خُذِ

_ 866 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 867 و 868 - أما قول ابن جبير -وهو سعيد- فوصله البغوي في "الجعديات"، وابن أبي شيبة في "المصنف". وأما قول الضحاك -وهو ابن مزاحم- فوصله الطبري. وروى الحاكم (2/ 378) بسند صحيح عن ابن عباس في قوله عزَّ وجلَّ: {طه}؛ قال: هو كقولك: يا محمد! بلسان الحبش. 869 - وصله الفريابي. (117) قلت: كذا بفتح الياء والحاء، من (سَحَتَ) ثلاثيًّا، وهي قراءة لبعض السبعة، وقرأ الباقون {فَيُسْحِتكم} بضم الياء وكسر الحاء من (أسحت) رباعيًّا كما في "البحر المحيط" (6/ 254).

الأَمْثَلَ. {ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}: يُقَالُ: هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ الْيَوْمَ؟ يَعْنِى: الْمُصَلَّى الَّذِى يُصَلَّى فِيهِ. {فَأَوْجَسَ}: أَضْمَرَ خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الْوَاوُ مِنْ (خِيفَةً) لِكَسْرَةِ الْخَاءِ. {فِى جُذُوعِ}؛ أى: على جذوع النخل. {خَطْبُكَ}: بَالُكَ. {مِسَاسَ}: مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا. {لَنَنْسِفَنَّهُ}: لَنُذْرِيَنَّهُ. {قاعاً}: يعلوه الماءُ. و (الصَّفْصَفُ): المُسْتَوِي مِنَ الأرضِ. 870 - وقَالَ مُجَاهِدٌ: {أوْزاراً}: أثقالًا. {مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}: الْحُلِىِّ الَّذِى اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ. {فقذَفْتُها}: فالقيْتُها. {ألْقَى}: صنَعَ. {فَنَسِيَ} (118): موسى، هم يقولونَه: أخطأ الرَّبُّ. {لا يَرْجِعُ إليهِم قولاً}: العِجْلُ. {هَمْساً}: حِسُّ الأقدامِ. {حَشَرْتَني أعمى}: عن حُجَّتي. {وقد كنتُ بَصِيراً}: في الدُّنيا (119). 871 - قالَ ابنُ عباس: {بِقَبَسٍ}: ضَلُّوا الطريقَ، وكانوا شاتِينَ، فقالَ: إنْ لمْ أجِدْ عليها مَن يَهْدِي الطريقَ آتِكُم بنارٍ تُوقدُونَ. 872 - وقالَ ابنُ عُيينَةَ: {أمْثَلُهُم طريقةً}: أعْدَلُهُم. 873 - وقالَ ابنُ عباس: {هَضْماً}: لا يُظْلَمُ، فيُهْضَمُ مِن حَسناتِه. {عِوَجاً}: وادِياً. {ولا أمْتاً}: رابِيةً. {سِيرَتَها}: حالَتَها الأولى. {ضَنْكاً}: الشَّقاءُ: (*). {مكاناً سُوًى}: مَنْصَفٌ

_ 870 - وصله الفريابي. (118) قوله: "هم يقولونه"؟ أي: السامري ومن تبعه يقولون: "نسي موسى ربه"؟ أي: أخطأ حيث لم يخبركم أن هذا إلهه. (عيني). (119) أي: بحجتي، يريد أنه كانت له حجة بزعمه في الدنيا، فلما كوشف بأمر الآخرة؛ بطلت، ولم يهتد إلى حجة حق. 871 - وصله ابن عيينة بسند صحيح عنه. 872 - كذا هو في "تفسير ابن عيينة". 873 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عن ابن عباس. (*) هنا جمل تقدمت في (ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/ 22 - باب) حذفتها اختصاراً.

1 - باب قوله: {واصطنعتك لنفسي}

بينَهُم. {على قَدَرٍ}: مَوْعِدٍ. {لا تَنِيَا}: لا تَضْعُفا. {يَفْرُطَ}: عُقُوبةً. 1 - بابُ قولِهِ: {واصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "ج 4/ 82 - القدر/ 10 - باب"). 2 - [بابٌ] {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم "ج 1/ 30 - الصيام/ 69 - باب"). 3 - بابُ قولهِ: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "ج 4/ 82 - القدر/ 10 - باب". 21 - سورة {الأنْبِياءِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1938 - عن عبدِ اللهِ (ابن مسعود) قالَ: {بني إسرائيلَ} (120) و {الكهفُ} و {مريمُ} و {طه} و {الأنبياءُ} هُنَّ مِنَ العِتَاقِ (121) الأْوَلِ، وهنَّ مِن تِلادِي (122).

_ (120) قوله: {بني إسرائيل} فيه حذف المضاف، وإبقاء المضاف إليه على حاله؛ أي: {سورة بني إسرائيل}، و {الكهف} بالرفع؛ أي: والثاني: {الكهف}، فهو خبر مبتدإ محذوف. (121) (العتاق): جمع العتيق، وهو ما بلغ الغاية في الجودة. و (التلاد): ما كان قديماً. (122) أي: من أول ما أخذته وتعلمته بمكة. و (التالد): المال القديم الذي وُلد عندك، وهو نقيض الطارف. "نهاية".

874 - وقالَ قتادةُ: {جُذاذاً}: قطَّعَهُنَّ. 875 - وقالَ الحسنُ: {في فَلَكٍ}: مِثْلِ فَلَكَةِ المِغْزَلِ. 876 - {يَسْبَحونَ}: يَدُورُونَ. 877 - قالَ ابنُ عباسٍ: {نَفَشَتْ}: رَعَتْ. 878 - {يُصْحَبُونَ}: يُمْنَعُونَ. 879 - {أمَّتُكُم أمَّةً واحدةً}: قالَ: دِيْنُكم دِينٌ واحدٌ. 880 - وقالَ عكرِمَةُ: {حَصَبُ}: حَطَبُ بالحبشيةِ. وقالَ غيرُهُ: {أَحَسُّوا}: تَوَقَّعُوهُ، مِن أحْسَسْتُ. {خامِدينَ}: هامِدِينَ (123). {حَصِيدٌ}: مُسْتَأصَلٌ، يقعُ على الواحدِ والِاثنينِ والجميعِ. {لا يَسْتَحْسِرُونَ}: لا يُعْيُونَ (124)، ومنهُ حَسِيرٌ، وحَسَرْتُ بَعِيري. {عَمِيقٍ}: بَعيدٍ. {نُكِسُوا}: رُدُّوا. {صَنْعَةَ لَبُوسٍ}: الدُّرُوعُ. {تَقَطَّعُوا أمْرَهُم}: اخْتَلَفُوا. (الحَسِيسُ)، والحِسُّ، والجَرْسُ، والهَمْسُ واحدٌ: وهو مِنَ الصَّوْتِ الخَفِيِّ.

_ 874 - وصله الطبري. 875 - وصله ابن عيينة بسند صحيح عنه. 876 - وصله ابن المنذر بسند منقطع عن ابن عباس. 877 - وصله ابن أبي حاتم عنه به، وزاد: "ليلاً"، وقد ثبتت هذه الزيادة عند بعض رواة "الصحيح". 878 - وصله ابن المنذر بسند منقطع عنه. 879 - وصله الطبري وابن المنذر عن قتادة. 880 - وصله ابن أبي حاتم. (123) (همدت النار): طفئت. (124) قوله: "لا يُعْيون": مضبوط بوجهين: ضم الياءين، وفتحهما؛ كما في الشارح. وأما قول العيني: "الصواب الفتح؛ لأن الِإعياء يكون من الغير"؛ فليس بصواب، فإن (أعييت) يُستعمل لازماً ومتعدياً. انظر: "المصباح المنير".

1 - باب {كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا}

{آذَنَّاكَ}: أعْلَمْناكَ. {آذَنْتُكُم}: إذا أعْلَمْتَهُ، فأنتَ وهو على سواءٍ لمْ تَغْدِرْ. 881 - وقالَ مجاهد: {لعلَّكُم تُسْألُونَ}: تُفْهَمُونَ. {ارْتَضَى}: رَضِيَ. {التَّماثِيلُ}: الأصنامُ. {السِّجِلّ}: الصَّحِيفَةُ. 1 - بابٌ {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم"ج 2/ 60 - أحاديث الأنبياء/ 10 - باب"). 22 - سورةُ {الحَجِّ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 882 - وقالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: {المُخْبِتِينَ}: المُطْمَئِنِّينَ. 883 - وقالَ ابنُ عباسٍ في: {إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ}: إذا حدَّث أَلْقَى الشيطانُ

_ 881 - وصله الفريابي عنه. 882 - هو كذلك في "تفسير ابن عيينة"؛ لكن أسنده عن ابن أبي نجيح عن مجاهد. 883 - وصله الطبري بسند منقطع عنه. (تنبيه): قد رُوي عن ابن عباس وغيره أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قرأ: {والنجم} فلما بلغ: {أفرأيتم اللات والعزى. ومناة الثالثة الأخرى}؛ ألقى الشيطان على لسانه: "تلك الغرانيق العلى. وإن شفاعتهن لترتجى". فقال المشركون: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم. فسجد وسجدوا، فنزلت هذه الآية: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته ...} الآية، فاعلم أن هذه القصة لم ترد من طريق صحيح تقوم به الحجة، وكل طرقها واهية، وبعضها أشد ضعفاً من بعض؛ بل هي من حيث المعنى موضوعة باطلة، لا يجوز نسبتها إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم -وإن مال إلى ثبوتها بعض الأكابر؛ منهم الحافظ ابن حجر- وقد بسطت القول في ذلك في رسالتي "نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق"، فراجعها، فإنها فريدة في بابها.

1 - باب {وترى الناس سكارى}

في حَديثهِ، فيُبْطِلُ اللهُ ما يُلْقِي الشيطانُ، ويُحْكِمُ آياتِهِ. ويقالُ: {أُمْنِيَّتِهِ}: قراءَتُهُ. {إلاَّ أمانِىَّ}: يَقْرَؤُونَ ولا يَكْتُبُونَ. 884 - وقالَ مجاهدٌ: {مَشِيدٍ}: بالقَصَّةِ. وقال غيرُه: {يَسْطُونَ}: يَفْرُطُونَ مِنَ السَّطْوَة. ويُقالُ: يَسْطُونَ: يَبْطُشُونَ. {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ}: أُلْهِمُوا. {وهُدُوا إلى صِراطِ الحميدِ}: الإسلامُ. 885 - وقالَ ابنُ عباس: " {بسَبَبٍ}: بحبلٍ إلى سقفِ البيتِ". {تَذْهَلُ}: تُشْغَلُ. 1 - بابٌ {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} (قلتُ: أسند في حديث أبي سعيد المتقدم "ج 2/ 60 - الأنبياء/ 9 - باب"). 2 - بابٌ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ}: شَكٍّ {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة} إلى قولهِ: {ذلكَ هُو الضَّلالُ البعيدُ} {أتْرَفْناهُم}: وَسَّعْناهُم. 1939 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ}؛ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ الْمَدِينَةَ؛ فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلاَمًا، وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ؛ قَالَ: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ. وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ، وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ؛ قَالَ: هَذَا دِينُ سُوءٍ. 3 - بابُ قولهِ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}

_ 884 - وصله الطبري عنه، وزاد: "يعني: الجص". 885 - وصله عبد بن حميد عنه به، وزاد: "فليختنق به".

23 - سورة {المؤمنين}

23 - سورَةُ {المؤمِنينَ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 886 - قالَ ابنُ عُيَيْنَةَ: {سبْعَ طرائِقَ}: سبعَ سمواتٍ. {لَها سابِقونَ}: سبَقَتْ لهُم السعادةُ. {قُلوبُهُم وَجِلَةٌ}: خائِفينَ. 887 - قالَ ابنُ عباس: {هَيْهاتَ هَيْهاتَ}: بَعِيدٌ بَعِيدٌ. {فاسْأَلِ العادِّينَ}: الملائِكَةَ. {لَناكِبُونَ}: لعادِلُونَ. {كالِحُونَ}: عابِسُونَ. وقالَ غيرُهُ: {مِنْ سُلالَةٍ}: الوَلَدُ. و {النُّطْفَةُ}: السُّلالَةُ. و {الجِنَّةُ}، والجُنُونُ واحدٌ. و {الغُثاءُ}: الزَّبَدُ، وما ارتَفَعَ عنِ الماءِ، وما لا يُنْتَفَعُ بهِ. {يَجْأَرُونَ}: يرفَعونَ أصواتَهُم كما تجْأَرُ البَقَرَةُ. {على أعْقابِكُم}: رجَعَ على عَقِبَيْهِ. {سامِراً}: مِنَ السَّمَرِ، والجميعُ: السُّمَّارُ، و (السامرُ) ها هُنا في موضعِ الجَمْعِ. {تُسْحَرُونَ}: تَعْمَوْنَ مِنَ السِّحْرِ. (قلت): لم يذكر فيه حديثاً). 24 - سُورَةُ {النُّورِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم {مِنْ خِلالِهِ}: مِن بينِ أَضعافِ السَّحابِ. {سَنا بَرْقِهِ}: وهُو الضِّياءُ.

_ 886 - هو في "تفسير ابن عيينة". والتفسير الذي بعده وصله الطبري بالجملة الأولى، وابن أبي حاتم بالجملة الأخرى بسند منقطع عن ابن عباس. 887 - وصله الطبري بإسناد منقطع عنه؛ لكن تفسير {العادين} بالملائكة هو عن عن مجاهد، وصله الطبري؛ كما حققه الحافظ.

{مُذْعِنينَ}: يُقالُ للمُسْتَخْذي (125): مُذْعِنٌ. {أَشْتاتاً}، وشَتّى، وشَتاتٌ، وشَتُّ: واحدٌ. 888 - وقالَ ابنُ عباس: {سُورَةٌ أنْزَلْناها} (261): بَيَّنَّاها. وقالَ غيرُه: سُمِّيَ (القُرآنُ) لجَماعَةِ السُّوَرِ، وسُمِّيَتِ (السُّورَةُ) لأنها مَقْطوعةٌ مِن الأخْرى، فلمَّا قُرِنَ بعضها إِلى بَعض؛ سُمي قُرآناً. 889 - وقالَ سعدُ بنُ عِياضٍ الثُّمالِيُّ: (المِشْكاةُ): الكُوَّةُ بِلسانِ الحَبَشة. وقولُهُ تعالى: {إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرْآنَهُ}: تأليفَ بعضِهِ إلى بعضٍ. {فَإذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}: فإِذا جَمَعْناهُ وأَلَّفْناهُ {فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}، أي: ما جُمعَ فيه فاعْمَلْ بما أمركَ، وانْتَهِ عمَّا نهاكَ اللهُ. ويُقالُ: ليسَ لشِعْرِهِ قُرْآنٌ، أي: تأليفُ. وسُمِّىَ {الفُرْقانَ}، لأنَّه يُفرِّقُ بينَ الحقِّ والباطِلِ. ويُقالُ للمرأةِ: ما قَرَأتْ بِسَلًا قَطُّ؛ أي: لم تَجْمَعْ في بطنِها ولداً. وقالَ: {فَرَّضْناها}: أنْزَلْنا فيها فَرائِضَ مُخْتَلِفَةً، ومَنْ قَرَأَ {فَرَضْناها} يقول: فَرَضْنا عليكم وعلى مَنْ بَعْدَكمْ. 890 - قالَ مجاهِدٌ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا}: لمْ يَدْروا لِما بِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ. 891 - وقالَ الشَعْبِيُّ: {أُولي الِإرْبَةِ}: مَنْ لَيْس له إرْبٌ. 892 - وقالَ مجاهِدٌ: لا يُهِمُّهُ إِلَاَّ بَطْنُهُ، ولاَ يُخافُ على النِّساءِ.

_ (125) (المستخذي): الخاضع. 888 - وصله الطبري بسند منقطع عنه. (126) كذا الأصل. قال عياض: "كذا في النسخ، والصواب: {أنزلناها وفرضناها}: بيَّنَّاها، ف {بيَّنَّاها} تفسير {فرضناها} ". ذكره في "الفتح" وأيده. 889 - وصله ابن شاهين عنه. 890 - وصله الطبري. 891 - وصله الطبري أيضاً. 892 - وصله الطبري أيضاً.

1 - باب قوله عز وجل: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين}

893 - وقال طاوسٌ: هو الأحْمَقُ الَّذي لا حاجَةَ لهُ في النِّساءِ. 1 - بابُ قولهِ عزَّ وجلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث سهل الآتي (68 - الطلاق/ 28 - باب"). 2 - بابٌ {والخَامِسَةٌ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكاذِبينَ} (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 3 - بابٌ {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} 1940 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ: النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم: "الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِى ظَهْرِكَ (127) ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلاً؛ يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ؟! فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلمُّ يَقُولُ: «الْبَيِّنَةَ وَإِلاَّ حَدٌّ فِى ظَهْرِكَ». فَقَالَ: هِلاَلٌ: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ؛ إِنِّى لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِى مِنَ الْحَدِّ. فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} , فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ

_ 893 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. (127) أي: أتحضرُ البينةَ أو يقع حدٌّ في ظهرك؟

{إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}، فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ هِلاَلٌ فَشَهِدَ؛ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ؛ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟». ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ، وَنَكَصَتْ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لاَ أَفْضَحُ قَوْمِى سَائِرَ الْيَوْمِ. فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَبْصِرُوهَا؛ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ الْعَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ (128)، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ؛ فَهْوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ». فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ؛ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ». (ومِن طريقٍ أخرى عن ابنِ عباسٍ: أَنَّهُ ذُكِرَ التَّلاَعُنُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ عَدِىٍّ فِى ذَلِكَ قَوْلاً، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يَشْكُو إِلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، فَقَالَ عَاصِمٌ: مَا ابْتُلِيتُ بِهَذَا [الأمرِ 6/ 181] إِلاَّ لِقَوْلِى. فَذَهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى وَجَدَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مُصْفَرًّا، قَلِيلَ اللَّحْمِ سَبْطَ الشَّعَرِ، وَكَانَ الَّذِى ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ خَدْلاً (129)، آدَمَ، كَثِيرَ اللَّحْمِ , [جَعْداً قَططاً] , فَقَالَ: النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ! بَيِّنْ». فَجَاءَتْ (وفى روايةٍ: فوَضَعَتْ) شَبِيهًا بِالرَّجُلِ الَّذِى ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَهُ [عِنْدِها 8/ 33]، فَلاَعَنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُمَا. قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِى الْمَجْلِسِ: هِىَ الَّتِى قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " لَوْ رَجَمْتُ أَحَدًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ؛ [لـ] رَجَمْتُ

_ (128) أي: غليظهما. (129) وهو الممتلئ الضخم.

4 - باب قوله: {والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين}

هذِهِ»؟ فَقَالَ: لاَ؛ تِلْكَ امْرَأَةٌ كَانَتْ تُظْهِرُ فِى الإِسْلاَمِ السُّوءَ 6/ 180). 4 - بابُ قولهِ: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} 1941 - عنِ ابنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُما أَنَّ رَجُلاً رَمَى امْرَأَتَهُ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِى زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَلاَعَنَا كَمَا قَالَ اللَّهُ، (ومن طريقِ سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قالَ: قلت لابنِ عُمَرَ: رَجُلٌ [مِنَ الأنصارِ 6/ 181] قَذَفَ (وفي روايةٍ: لاعَنَ) امْرَأَتهُ؟ فقالَ [باصْبَعَيْهِ -وَفَرَّقَ سُفْيَانُ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى-: و] فَرَّقَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَخَوَىْ بَنِى الْعَجْلاَنِ، وَقَالَ: " [حِسابُكُما على الله 6/ 181]، اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ؛ فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ ". فأَبَيَا، فقالَ: "اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكما كاذِبٌ؛ فهَلْ مِنْكما تائِبٌ؛". فأَبَيَا، فقالَ: "اللهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكما كاذِبٌ؛ فَهَلْ مِنْكما تائِبٌ". فأَبَيَا، ففَرَّقَ بينَهُما، قالَ: " [لا سَبيلَ لكَ عليْها] ". قالَ: قالَ الرَّجُلُ: مالي؟ قالَ: "لا مالَ لَكَ؛ إِنْ كنْتَ صادِقاً فَقَدْ دَخَلْتَ بِها (وفي روايةٍ: فَهُو بِما اسْتَحْلَلْتَ مِنْ فَرْجِها)، وِانْ كنْتَ كاذِباً؛ فهُوَ أبْعَدُ مِنكَ" 6/ 180). ثمَّ قَضَى بالوَلَدِ للمَرأَةِ، وفرَّقَ المُتلاعِنَيْنِ. 5 - بابُ قَوْلهِ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (أفَّاكٌ): كَذَّابٌ.

6 - باب {لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا} إلى قوله: {الكاذبون}

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم فيه (الإفك) برقم 1748). 6 - بابٌ {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} إلى قوله: {الكَاذِبونَ} 7 - بابُ قَوْلهِ: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} 894 - وقالَ مجاهِدٌ: {تَلَقَّوْنَهُ}: يَرْويهِ بَعْضُكُمْ عنْ بَعْض. {تُفيضونَ}: تَقولونَ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أم رومان أم عائشة المتقدم في (الإفك) برقم 1750). 8 - بابٌ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} 9 - بابٌ {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} 1942 - عنِ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ: اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ -قَبْلَ مَوْتِهَا- عَلَى عَائِشَةَ وَهْىَ مَغْلُوبَةٌ. قَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِىَ عَلَىَّ. فَقِيلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ. قَالَتِ: ائْذَنُوا لَهُ. فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ الله. قَالَ: [يا أمَّ المؤمنين! 4/ 220] فَأَنْتِ بِخَيْرٍ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ-؛ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ، [تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ

_ 894 - وصله الفريابي عنه.

10 - باب قوله: {يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا} الآية.

صِدْقٍ (130)؛ على رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وعلى أَبي بَكْرٍ]. وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلاَفَهُ (131)، فَقَالَتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَأَثْنَى عَلَىَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّى كُنْتُ نِسْيًا (132) مَنْسِيًّا. 10 - بابُ قَوْلهِ: {يَعِظُكُمُ اللهُ أنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبداً} الآية. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة في (الإفك) المشار إليه قريباً}. 11 - بابٌ {وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ واللهُ عَليمٌ حَكيمٌ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً}. 12 - بابٌ {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}. {تَشيع}: تَظْهَرُ. {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 13 - بابٌ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}

_ (130) (الفرط): السابق إلى الماء، والمنزل كالفارط. و (الصدق): الصادق، والإضافة من الموصوف لصفته؛ كما في (الشارح). وقوله: "على رسول الله ... " إلخ: بدل؛ يعني: أنهما قد سبقاك وهيّآ لك المنزل في الجنة، وأنت تلحقينهما؛ فافرحي بذلك. (131) أي: على عائشة بعد خروج ابن عباس؛ فتخالفا في الدخول والخروج؛ ذهاباً وإياباً. (132) النِّسْي؛ بالكسر: ما نسي، وقيل: هو التافه الحقير؛ كذا في "المصباح"، وقراءتنا بالفتح.

25 - سورة {الفرقان}

1943 - عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - كَانَتْ تَقُولُ: 895 - [يَرْحَمُ اللهُ نِساءَ المُهاجراتِ الأُوَلَ ,] لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}؛ أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا (وفي روايةٍ: شقَقْنَ مُروطَهُنَّ) مِنْ قِبَلِ الْحَوَاشِى فَاخْتَمَرْنَ بِهَا. 25 - سُورَةُ {الفُرْقانِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ 896 - قَالَابْنُ عَبَّاسٍ: {هَبَاءً مَنْثُورًا}: مَا تَسْفِى (133) بِهِ الرِّيحُ. {مَدَّ الظِّلَّ}: مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ. {سَاكِنًا}: دَائِمًا. {عَلَيْهِ دَلِيلاً}: طُلُوعُ الشَّمْسِ. {خِلْفَةً}: مَنْ فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، أَوْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ. 897 - وقالَ الحسنُ: {هَبْ لَنا مِنْ أزْواجِنا}: في طاعَةِ اللهِ، وَمَا شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَرَى حَبِيبَهُ فِى طَاعَةِ اللَّهِ. 898 - وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: {ثُبوراً}: وَيْلاً.

_ 895 - هذه الزيادة والرواية بعدها صورتها عند المؤلف صورة المعلَّق، وقد وصلها ابن المنذر وابن مردويه وغيرهما. 896 - وصله ابن جرير. (133) أي: تذريه وترميه، وقوله: "على الخزان"؛ يعني: الذين هم على الريح فخرجت بلا كيل ولا وزن. 897 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. 898 - وصله ابن المنذر بسند منقطع عنه.

1 - باب قوله: {الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا}

وَقَالَ غَيْرُهُ: (السَّعِيرُ): مُذَكَّرٌ، وَالتَّسَعُّرُ وَالاِضْطِرَامُ: التَّوَقُّدُ الشَّدِيدُ. {تُمْلَى عَلَيْهِ}: تُقْرَأُ عَلَيْهِ؛ مِنْ: أَمْلَيْتُ وَأَمْلَلْتُ، (الرَّسُّ): الْمَعْدِنُ، جَمْعُهُ رِسَاسٌ. {مَا يَعْبَأُ}: يُقَالُ: مَا عَبَأْتُ بِهِ شَيْئًا: لاَ يُعْتَدُّ بِهِ. {غَرَامًا}: هَلاَكًا. 899 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَعَتَوْا}: طَغَوْا. 900 - وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {عَاتِيَةٍ}: عَتَتْ عَلى الْخُزَّانِ. 1 - بابُ قولِهِ: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا} 1944 - عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي اللهُ عنهُ أنَّ رجُلًا قالَ: يا نبى اللهِ! [كيفَ 7/ 194] يُحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: "أَلَيْسَ الَّذِى أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِى الدُّنْيَا قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ". قَالَ: قَتَادَةُ بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا. 2 - بابُ قَوْلهِ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}: العُقوبَةَ 3 - بابٌ {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} 4 - بابٌ {فَسَوْفَ يَكونُ لِزاماً}: هَلَكَةً (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن مسعود الآتي بعد سورتين).

_ 899 - وصله عبد بن حميد. 900 - كذا في "تفسيره".

26 - سورة {الشعراء}

26 - سُورَةُ {الشُّعَراءِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 901 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَعْبَثُونَ}: تَبْنُونَ. {هَضِيمٌ}: يَتَفَتَّتُ إِذَا مُسَّ. {مُسَحَّرِينَ}: الْمَسْحُورِينَ". " (اللَّيْكَةُ) (*) وَالأَيْكَةُ: جَمْعُ أَيْكَةٍ (134)، وَهْىَ جَمْعُ شَجَرٍ. {يَوْمِ الظُّلَّةِ}: إِظْلاَلُ الْعَذَابِ إِيَّاهُمْ. {مَوْزُونٍ}: مَعْلُومٍ. {كَالطَّوْدِ}: الْجَبَلِ". وقالَ غَيْرُهُ: {لشِّرْذِمَةُ}: الشِّرْذِمَةُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ. {في السَّاجِدِينَ}: الْمُصَلِّينَ. 902 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}: كَأَنَّكُمْ. {الرِّيعُ}: الأَيْفَاعُ مِنَ الأَرْضِ , وَجَمْعُهُ رِيعَةٌ وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُ الرِّيَعَةِ، {مَصَانِعَ}: كُلُّ بِنَاءٍ فَهْوَ مَصْنَعَةٌ. {فَرِهِينَ}: مَرِحِينَ. {فَارِهِينَ} بِمَعْنَاهُ، وَيُقَالُ: {فَارِهِينَ}: حَاذِقِينَ. {تَعْثَوْا}: هو أَشَدُّ الْفَسَادِ، عَاثَ يَعِيثُ عَيْثًا. {الْجِبِلَّةُ}: الْخَلْقُ، جُبِلَ: خُلِقَ، وَمِنْهُ جُبُلًا وَجِبِلًا وَجُبْلاً، يَعْنِي: الْخَلْقَ (135) , قالَه ابنُ عبَّاسٍ (136).

_ 901 - وصله الفريابي عنه. (*) الأصل (ليكة)، والتصحيح من "الفتح" وغيره. (134) قال العيني: "كذا في النسخ، وهو غير صحيح، والصواب أن يُقال: والليكة والأيكة مفرد أيك، أو يقال: جمعها أيك" اهـ. وأفاد أن الأحسن في العبارة تفسير الأيكة بالغيضة، ثم تفسير الغيضة بجماعة الشجر اهـ. 902 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. (135) أراد به تفسير ما في سورة {يس}، وذكر ثلاث قراءات لا نقرؤها نحن، وإنما التلاوة عندنا {جِبِلاًّ} بكسرتين مع تشديد اللام. اهـ كتب الكلّ مصححه. (136) قال الحافظ: "كذا لأبي ذر، وليس عند غيره: "قال ابن عباس"، وهو أولى؛ فإن هذا كله كلام أبي عبيدة".

1 - باب {ولا تخزني يوم يبعثون}

1 - بابٌ {ولا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثونَ} 624 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - رَأَى أَبَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ الْغَبَرَةُ وَالْقَتَرَةُ»؛ الْغَبَرَةُ هِىَ الْقَتَرَةُ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المعلق فيه وقد تقدم موصولاً برقم 1428). 2 - بابُ قَوْلِهِ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ. واخْفِضْ جَناحَكَ}: أَلِنْ جانِبَكَ. 1945 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ 6/ 94]؛ صَعِدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الصَّفَا [ذاتَ يومٍ 6/ 17] [فهَتَفَ: يا صَباحاهُ! فقالوا: مَن هذا؟] فَجَعَلَ يُنَادِى: يَا بَنِى فِهْرٍ! يَا بَنِى عَدِىٍّ! لِبُطُونِ قُرَيْشٍ (وفى روايةٍ: يدعوهم قبائلَ قبائلَ 4/ 161) حَتَّى اجْتَمَعُوا (وفى روايةٍ: فاجْتَمَعَتْ إليهِ قُريِشٌ 6/ 95)، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولاً لِيَنْظُرَ مَا هُوَ؟ فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ [قالوا: مالك؟] فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالْوَادِى [تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ] تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ (وفي روايةٍ: أنّ العدوَّ مُصبحكم أو مُمْسيكُم) أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِىَّ؟: قَالُوا نَعَمْ؛ مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقَّا (وفى روايةٍ: قالوا: بلى). قَالَ: فَإِنِّى نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ. فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ [عليهِ لعنةُ اللهِ 2/ 108]: تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ [ثمَّ قامَ] , فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ وَتَبَّ [وقد تبَّ -هكذا قرأَها الأعمَشُ يومئذٍ]. مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ} [إلى آخِرِها].

_ 624 - هذا معلَّق، وصله النسائي، وإسناده صحيح.

27 - [النمل}

27 - [النَّمْلُ} {الخَبْءُ}: ما خَبَأْتَ. {لا قِبَلَ}: لا طاقَةَ. {الصَّرْحُ}: كُلُّ مِلاطٍ (137) اتُّخذَ مِن القَواريرِ، والصَّرْحُ: القَصْرُ، وجماعته (138) صُروحٌ. 903 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: {وَلَها عَرْشٌ}: سَريرٌ. {كَريمٌ}: حُسْنُ الصَّنْعَةِ وغلاءُ الثَّمَنِ. {مُسْلِمينَ}: طائِعينَ. {رَدِفَ}: اقْتَرَبَ. {جامِدَةً}: قائِمةً. {أوْزِعْني}: اجْعَلْني. 904 - وقالَ مجاهدٌ: {نَكِّروا}: غَيَّروا. {وأوِتينا العِلْمَ}: يقولُه سُليمانُ. (الصَّرْحُ): بِرْكَةُ ماءٍ ضَرَبَ عليها سُليمانُ قواريرَ ألْبَسَها إيَّاهُ". (قلتُ: لم يذكر فيه حديثاً). 28 - {القصَصُ} {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}: إِلاَّ مُلْكَهُ (139)، ويُقالُ: إِلَّا ما أريدَ بهِ وَجْهُ اللهِ.

_ (137) بميم مكسورة: الطين الذي يجعل بين ساقي البناء. و (الساق): كل صف من اللبن، وهو المدماك؛ كما في "اللسان"، وروي: "بلاط"؛ بالباء المفتوحة بدل الميم المكسورة، وهو ما تكسى به الأرض من حجارة أو رخام. (138) الأصوب: وجمعه. "عيني". 953 - وصله الطبري. 904 - وصله الطبري أيضاً. (139) كذا الأصل. قال الحافظ: "في رواية النسفي: "وقال معمر ... " فذكره. ومعمر هذا هو أبو عبيدة بن المثنى، وهذا كلامه في كتابه "مجاز القرآن"، لكن بلفظ: "إلا هو"، وكذا نقله الطبري عن بعض أهل العربية، وكذا ذكره الفرّاء".

1 - باب قوله: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء}

905 - وقالَ مُجاهِدٌ: {الأنْباءُ}: الحُجَجُ. 1 - بابُ قولهِ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}. {قُصِّيهِ}: اتَبعي أَثَرَهُ، وقد يكون أَنْ يَقصَّ الكَلامَ، {نَحْنُ نَقصُّ عَلَيْكَ}. {عَنْ جُنُبٍ}: عن بُعْدٍ، عنْ جَنابَةٍ واحِدٌ، وعنِ اجْتِنابٍ أيْضًا. {يَأْتُمِرونَ}: يَتشاوَرونَ. (العُدْوانُ) والعداءُ والتَّعَدِّي واحدٌ. {مَقْبوحينَ}: مُهْلَكينَ. {وَصَّلْنا}: بيَّنَاهُ وأتْممناهُ. {يُجْبى}: يُجْلَبُ. {بَطِرَتْ}: أشِرَتْ. {فِي أُمِّهَا رَسُولًا}: أُمِّ القرى مَكَّةَ وما حَوْلَها. {تُكِنُّ}: تُخْفي، أَكْنَنْت الشَيءَ أَخفَيْتُه، وكَنَنْتُه: أخْفَيْته وأظهَرْتُه. {وَيكأَنَّ اللهَ}: مِثْلُ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ ويَقْدِرُ}: يوسِّعُ عليهِ ويُضيِّقُ عليهِ. 2 - بابٌ {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} 1946 - عنِ ابنِ عَباسٍ: {لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ}: إِلى مَكَّةَ. 29 - {العَنْكبوتُ} 906 - قالَ مجاهدٌ: {مسْتَبْصِرينَ}: ضَلَلَةً. وقالَ غَيْرُهُ: {الحَيَوانُ} والحَيُّ واحِدٌ. {فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ}: عَلِم اللهُ ذلك، إنَّما هي بمنزِلَةِ فَلَيَمِيزُ اللهُ، كقوله: {لِيَمِيزَ اللهُ الخَبيثَ}. {أثْقالًا مَعَ أثْقالِهِمْ}: أوْزاراً معَ أوْزارِهِم. (قلتُ: ولم يذكر فيه حديثًا).

_ 905 - وصله الطبري. 906 - وصله ابن أبي حاتم، وروى عن قتادة قال: "كانوا مستبصرين في ضلالتهم معجبين بها".

30 - {الم غلبت الروم}

30 - {الم غُلِبَتِ الرُّومُ} {فَلا يَرْبُو}: مَن أعْطى يَبْتَغي أَفضَلَ فلا أجْرَ لهُ فيها. 907 - قَالَ مُجَاهِدٌ: " {يُحْبَرُونَ}: يُنَعَّمُونَ. {يَمْهَدُونَ}: يُسَوُّونَ الْمَضَاجِعَ. {الْوَدْقُ}: الْمَطَرُ". 908 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}: فِى الآلِهَةِ وَفِيه (140): تَخَافُونَهُمْ أَنْ يَرِثُوكُمْ كَمَا يَرِثُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. {يَصَّدَّعُونَ}: يَتَفَرَّقُونَ، {فَاصْدَعْ} (141). وَقَالَ غَيْرُهُ: {ضُعْفٌ} وَضَعْفٌ لُغَتَانِ. 909 - وقالَ مجاهِدٌ: {السُّوءى}: الِإساءَةُ جَزاءُ المُسيئينَ. 1947 - عنْ مَسروقٍ قالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِى كِنْدَةَ فَقَالَ: يَجِىءُ دُخَانٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ الْمُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، يَأْخُذُ الْمُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ. فَفَزِعْنَا، فَأَتَيْتُ [عبدَ اللهِ] ابْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ مُتَّكِئاً، فَغَضِبَ، فَجَلَسَ فَقَالَ: [يا أيُّها النّاسُ! 6/ 132] مَنْ عَلِمَ [شَيْئاً] فَلْيَقُلْ [بهِ]، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: اللَّهُ أَعْلَمُ؛ فَإِنَّ مِنَ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ: لاَ أَعْلَمُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم (وفي روايةٍ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ محمَّداً - صلى الله عليه وسلم - وقالَ): {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}

_ 907 - وصله الفريابي. 908 - وصله الطبري. (140) يعني: الله تعالى؛ أي أن المثل لله والأصنام، فالله المالك، والأصنام مملوكة، والمملوك لا يساوي المالك. (141) أي: فرق بين الحق والباطل بدعائك إلى الله، وافصل بينهما. 909 - وصله الفريابي.

وَإِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَأُوا عَنِ الإِسْلاَمِ [وفى روايةٍ: لمَّا غَلَبوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -[كذَّبوهُ] واسْتَعْصَوا عليهِ) , فَدَعَا عَلَيْهِمِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَيْهِمْ (وفى روايةٍ: اكْفِنيهِمْ 5/ 217] بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ (وفي روايةٍ: قَحْطٌ وجَهْدٌ) [حَصَّتْ كُلَّ شيءٍ] حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وأكَلوا المَيْتَةَ [والجِيَفَ 2/ 15]، (وفي روايةٍ: الجُلودَ) والعِظامَ، ويَرى الرَّجُلُ ما بينَ السَّماءِ والأرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخانِ [مِن الجَهْدِ والجوعِ]، فجاءَهُ أَبو سُفْيانَ، فقالَ: يا مُحَمَّدُ! جِئْتَ تأْمُرُنا بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وإِنَّ قومَكَ قدْ هَلَكوا؛ فادْعُ اللهَ [أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُم، فدَعا، ثمَّ قالَ: تَعودوا بعدَ هذا 6/ 41]، فقرَأَ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ. [يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}، قالَ: فدَعَوْا: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ. أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ. ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ. إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ] عَائِدُونَ} [قال عبدُ اللهِ]: أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابُ الآخِرَةِ إِذَا جَاءَ [قالَ: فأُتِىَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقيلَ: يا رسولَ اللهِ! اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ؛ فَإِنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ. قَالَ: لِمُضَرَ؟! إِنَّكَ لَجَرِىءٌ! فَاسْتَسْقَى، فَسُقُوا [الْغَيْثَ وأَطْبَقَتْ عَلَيْهِمْ سَبْعًا، وَشَكَا النَّاسُ كَثْرَةَ الْمَطَرِ] وأُنَزِلَتْ {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [قال: فَكَشَفَ] , ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ (وفى روايةٍ: فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى حَالِهِمْ حِينَ أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ) [فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ يَوْمَ بَدْرٍ]؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (وفى روايةٍ: فأَنْزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ): {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى [إِنَّا مُنْتَقِمُونَ]} , [قالَ] يَوْمَ بَدْرٍ, و {لِزَامًا} يَوْمَ بَدْرٍ؛ {الم * غُلِبَتِ الرُّومُ} إِلَى {سَيَغْلِبُونَ} , وَالرُّومُ قَدْ مَضَى [وفي روايةٍ: فقدْ مَضى الدُّخانُ والبَطْشَةُ واللِّزامُ والقَمَرُ، (وفي روايةٍ: الرُّومُ)، (وفي أخرى: قال عبدُ اللهِ: خَمْسٌ قدْ مَضَيْنَ: الدُّخانُ، والقمرُ، والرُّومُ، والبَطْشَةُ، واللِّزامُ، {فَسَوْفَ يَكون لِزاماً} 6/ 15 - 16).

1 - باب {لا تبديل لخلق الله}: لدين الله، {خلق الأولين}: دين الأولين. و (الفطرة): الإسلام.

1 - بابٌ {لَا تَبْديلَ لِخَلْقِ اللهِ}: لِدينِ اللهِ، {خُلُقُ الْأَوَّلِينَ}: دِينُ الأوَّلينَ. و (الفِطْرَةُ): الإسلامُ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم في "23 - كتاب/ 79 - باب"). 31 - {لُقْمانُ} بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ 1 - بابٌ {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} 2 - بابُ قولهِ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} 1948 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: الإِسْلاَمُ: أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ، وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِىَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ؛ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ رَبَّتَهَا، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا كَانَ الْحُفَاةُ الْعُرَاةُ رُءُوسَ النَّاسِ؛

32 - {تنزيل السجدة}

فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا؛ فِى خَمْسٍ لا يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الأَرْحَامِ}. ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: «رُدُّوا عَلَىَّ». فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوا، فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَقَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ". [قالَ أبو عبدِ اللهِ: جَعَلَ ذلكَ كُلَّهُ مِن الإيمانِ 1/ 18]. 32 - {تَنْزيلُ السَّجدَةِ} 910 - وقالَ مُجاهدٌ: {مَهِينٍ}: ضَعيفٍ، نُطْفَةُ الرَّجُلِ. {ضَلَلْنا}: هَلَكْنا". 911 - وقالَ ابن عباس: {الجُرُزُ}: التي لَا تُمْطَرُ إلاَّ مَطَراً لا يُغني عنها شَيْئاً، {نَهْدِ}: نُبَيِّنُ". 1 - بابُ قولهِ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} 1949 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنْ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْراً, بَلْهَ ما أُطْلِعْتُمْ عليهِ (142) , ثمَّ قرأَ (وفى روايةٍ: قال أبو هريرة: اقرؤوا إنْ شِئْتُم): {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}. 625 - وفي روايةٍ معلَّقةٍ: عنْ أبي صالحٍ: قَرَأ أبو هُرَيْرَةَ: {قُرَّاتِ}.

_ 910 - وصله ابن أبي حاتم. 911 - وصله الطبري من طريق مجاهد عنه. (142) أي: دع الذي اطلعتم عليه جانباً. 625 - وصله أبو عبيد القاسم بن سلام في "فضائل القرآن"، وهو عند مسلم (8/ 143) باللفظ الأول {قُرَّة}.

33 - {الأحزاب}

33 - {الأحْزابُ} 912 - وقالَ مُجاهِدٌ: {صَياصِيهِمْ}: قُصورُهُمْ. 1 - بابٌ {النَّبِيُّ أَوْلى بالمُؤْمِنينَ مِنْ أَنْفسِهِمْ} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1074). 2 - بابٌ {ادْعوهُمْ لآبائِهِمْ هوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ} 1950 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلاَّ زَيْدَ ابْنَ مُحَمَّدٍ حَتَّى نَزَلَ الْقُرْآنُ: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}. 3 - بابٌ {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} {نَحْبَهُ}: عَهْدَهُ. {أَقْطارِها}: جوانِبُها. {الفِتْنَةَ لآتَوْها}: لأعْطَوْها. 4 - بابُ قولِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} 913 - وقالَ مَعْمَرٌ: " (التَّبَرُّجُ): أن تُخْرِجَ محاسِنَها. {سُنَّةَ اللهِ}: اسْتَنَّها: جَعَلَها" (143). 5 - بابُ قولِهِ: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ

_ 912 - وصله الفريابي. 913 - معمر هذا هو ابن المثنى أبو عبيدة، ذكره في "كتاب المجاز"، وليس هو معمر بن راشد كما توهم البعض. (143) فزاد أبو عبيدة: "سُنَّته".

6 - باب قوله: {وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه}

أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} 914 - وقالَ قَتادَةُ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}: القُرْآنُ والسُّنَةُ. 626 - عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ بَدَأَ بِى، فَقَالَ: «إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا؛ فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِى (144) حَتَّى تَسْتَأْمِرِى أَبَوَيْكِ». قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} إِلَى {أَجْرًا عَظِيمًا}. قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَفِى أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَىَّ؛ فَإِنِّى أُرِيدُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ؟ قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ مَا فَعَلْتُ. 6 - بابُ قولهِ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} 7 - بابُ قولهِ: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}

_ 914 - وصله ابن أبي حاتم. 626 - علقه المصنف على الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عنها. وقد وصله الذهلي عن أبي صالح عن الليث به. وأخرجه ابن جرير والنسائي والِإسماعيلي من رواية ابن وهب عن يونس كذلك، فهو إسناد صحيح، وتابعه شعيب عن الزهري به، أخرجه المصنف في الباب الذي قبله، وللزهري فيه إسناد آخر، أخرجه المصنف في "46 - المظالم" في آخر حديث ابن عباس عن عمر في قصة المرأتين اللتين تظاهرتا، وقد مضى هناك بتمامه "25 - باب". (144) أي: لا بأس عليك في عدم العجلة.

915 - قالَ ابنُ عبَّاسٍ: {تُرْجي}: تُؤَخِّرُ، {أَرْجِهِ} (145): أَخِّرْهُ. 1951 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ (146) عَلَى اللاَّتِى وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَقُولُ: أَتَهَبُ الْمَرْأَةُ (وفى روايةٍ: كَانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ مِنَ اللاَّئِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَا تَسْتَحِى الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ) نَفْسَهَا [لِلرَّجُلِ] , فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ}؛ قُلْتُ: مَا أُرَى رَبَّكَ إِلاَّ يُسَارِعُ فِى هَوَاكَ. 1952 - عَنْ مُعَاذَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَسْتَأْذِنُ فِى يَوْمِ الْمَرْأَةِ مِنَّا بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِى إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ} , فَقُلْتُ لَهَا: مَا كُنْتِ تَقُولِينَ؟ قَالَتْ: كُنْتُ أَقُولُ لَهُ: إِنْ كَانَ ذَاكَ إِلَىَّ؛ فَإِنِّى لاَ أُرِيدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ أُوثِرَ عَلَيْكَ أَحَدًا (147).

_ 915 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. (145) "ضبط في الأصل المطبوع بسكون الهاء كما هو التلاوة؛ إلا أن المناسب لتفسير البخاري ما ضبطناه، وبه قرئ" أهـ مصححه. كذا في الهامش. (146) أي: أعيب عليهن لأن من غار: عاب. ويدل عليه قولها: "أتهب المرأة نفسها"، ويؤيده ما ذكره الشارح من طريق آخر: "كانت تعيّر اللاتي" الحديث. كذا على الهامش. قلت: ويؤيده أيضاً ما في الرواية الآتية: "أما تستحي المرأة أن تهب ... ". (147) قال المؤلف عقبه: "تابعه عباد بن عباد سمع عاصماً". قلت: عاصم هو الأحول، وهو الراوي عن معاذة، وهذه المتابعة قال الحافظ: "وصلها ابن مردويه في "تفسيره" من طريق يحيى بن معين عن عباد بن عباد". ولقد أبعد النجعة، وقد وصلها أبو داود في "سننه" عن ابن معين مباشرة مقروناً بمحمد بن عيسى قالا: ثنا عباد بن عباد عن عاصم به، ووصله مسلم والبيهقي من طريقين أخريين عن عباد به، وعند البيهقي تصريح عباد بالتحديث، والحديث مخرَّج في "صحيح أبي داود" (1853).

8 - باب قوله: {لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام

8 - بابُ قَوْلِهِ: {لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِى مِنْكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} , يُقَالُ: {إِنَاهُ}: إِدْرَاكُهُ، أَنَى يَأْنِى أَنَاةً. {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}: إِذَا وَصَفْتَ صِفَةَ الْمُؤَنَّثِ قُلْتَ: قَرِيبَةً، وَإِذَا جَعَلْتَهُ ظَرْفًا وَبَدَلاً وَلَمْ تُرِدِ الصِّفَةَ نَزَعْتَ الْهَاءَ مِنَ الْمُؤَنَّثِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُهَا فِى الْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى. 1953 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ [بنتُ زَمْعَةَ ليلاَ 6/ 159] بَعْدَ مَا ضُرِبَ الْحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ [فعَرَفها] فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ! أَمَا وَاللَّهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِى كَيْفَ تَخْرُجِينَ. قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِى، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى، وَفِى يَدِهِ عَرْقٌ، فَدَخَلَتْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّى خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِى، فَقَالَ لِي عُمَرُ كَذَا وَكَذَا. قَالَتْ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ، وَإِنَّ الْعَرْقَ فِى يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ [قال هشام: تعني البَراز 1/ 46] (148).

_ (148) تقدمت هذه القصة (1/ 46) مع اختلاف؛ ففيها هناك أن آية الحجاب نزلت بعد خروج سودة، فجمع الحافظ بينهما بأن المراد بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني. والحاصل أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي، حتى صرَّح بقوله له عليه الصلاة والسلام: احجب نساءك، وأكَّد ذلك، إلى أن نزلت آية الحجاب، ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلًا، ولو كنَّ مستترات، فبالغ في ذلك، فمُنع منه، وأُذن لهن في الخروج لحاجتهن دفعاً للمشقة ورفعاً للحرج.

9 - باب قوله: {إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليما.

9 - بابُ قَوْلِهِ: {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا. لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِى آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} 1954 - عنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِى الْقُعَيْسِ؛ [عمَّي مِنَ الرَّضاعةِ 6/ 160] بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ، فَقُلْتُ: لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا الْقُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ، [فَقَالَ: أَتَحْتَجِبِينَ مِنِّى وَأَنَا عَمُّكِ؟! فَقُلْتُ: وَكَيْفَ ذَلِكَ قَالَ: أَرْضَعَتْكِ امْرَأَةُ أَخِى بِلَبَنِ أَخِى3/ 149] , فَدَخَلَ عَلَىَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِى الْقُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِينَ (149) عَمُّكِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِى، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِى امْرَأَةُ أَبِى الْقُعَيْسِ، فَقَالَ: [صَدَقَ أَفْلَحُ] , ائْذَنِى لَهُ؛ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ. قَالَ عُرْوَةُ: فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ. 10 - بابُ قولهِ: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} 916 - قالَ أبو العالِيَةِ: صلاةُ اللهِ: ثَناؤهُ عليهِ عندَ المَلائِكَةِ، وصَلاةُ الملائكَةِ: الدُّعاءُ.

_ (149) بالرفع على إهمال (أنْ) الناصبة حملًا على (ما) أختها لاشتراكهما في المصدرية، ولأبي ذر: "أن تأذني"؛ بحذف النون للنصب. وقوله: "عمك" بالنصب على المفعولية، أو بالرفع؛ أي: هو عمك. اهـ من الشارح. 916 - وصله ابن أبي حاتم بسند ضعيف عنه.

11 - باب قوله: {لا تكونوا كالذين آذوا موسى}

917 - قالَ ابنُ عبَّاسٍ: {يُصَلُّونَ}: يُبَرَّكونَ، {لَنُغْرِيَنَّكَ}: لَنُسَلَّطَنَّكَ. 11 - بابُ قولهِ: {لَا تَكونوا كَالَّذينَ آذَوْا مُوسى} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1446). 34 - {سَبَأ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ يُقَالُ: {مُعَاجِزِينَ}: مُسَابِقِينَ , {بِمُعْجِزِينَ}: بِفَائِتِينَ , {مُعَاجِزِينَ}: مُغَالِبِينَ. {مُعاجِزِىَّ}: مُسابِقيَّ. {سَبَقُوا}: فَاتُوا {لاَ يُعْجِزُونَ}: لاَ يَفُوتُونَ. {يَسْبِقُونَا}: يُعْجِزُونَا. قَوْلُهُ: {بِمُعْجِزِينَ}: بِفَائِتِينَ. وَمَعْنَى {مُعَاجِزِينَ}: مُغَالِبِينَ؛ يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ. {مِعْشَارٌ}: عُشْرٌ. {الأُكُلُ}: الثَّمَرُ. {بَاعِدْ}: وَبَعِّدْ وَاحِدٌ. 918 - وقالَ مُجاهِدٌ: {لَا يَعْزُبُ}: لا يَغيبُ. (العَرِمُ): السَّدُّ؛ ماءٌ أحمرُ أَرْسَلَهُ في السَّدِّ فشقَّهُ وهَدَمَهُ وحَفَرَ الوادِيَ، فارْتَفَعَتا (150) عنِ الجَنْبَيْنِ وغابَ عنهُما الماءُ فيَبِسَتا، ولم يكنِ الماءُ الأحْمَرُ منَ السَّدِّ، ولكِنْ كانَ عذاباً أرْسَلَهُ اللهُ عليهِم من حيثُ شاءَ.

_ 917 - وصله الطبري بسند منقطع عنه. 918 - وصله الفريابي. (150) أي: الجنتان؛ يعني: أنهما انتفتا وزالتا عن مكانيهما، وتكلف الشراح هنا بما ليس يغني عنهم شيئاً. و (المسنَّاة): حائط يبنى في وجه الماء، ويسمى السد؛ كما في "المصباح". كذا على الهامش.

1 - باب {حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}

919 - وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلٍ: (الْعَرِمُ): الْمُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: (الْعَرِمُ): الْوَادِى. (السَّابِغَاتُ) الدُّرُوعُ. 920 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُجَازَى}: يُعَاقَبُ. {أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ}: بِطَاعَةِ اللَّهِ. {مَثْنَى وَفُرَادَى}: وَاحِدٌ وَاثْنَيْنِ. {التَّنَاوُشُ}: الرَّدُّ مِنَ الآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا. {وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}: مِنْ مَالٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ زَهْرَةٍ. {بِأَشْيَاعِهِمْ}: بِأَمْثَالِهِمْ. 921 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْجَوَابِ}: كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ. {الْخَمْطُ}: الأَرَاكُ. (وَالأَثَلُ): الطَّرْفَاءُ. (الْعَرِمُ): الشَّدِيدُ. 1 - بابٌ {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} (قلتُ: أسند في حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1925). 2 - بابٌ {إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} (قلتُ: أسند في حديث ابن عباس المتقدم برقم 1945). 35 - {المَلائِكةُ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 922 - قالَ مُجاهِدٌ: (القِطْمير): لِفافَةُ النَّواةِ. {مُثْقَلَةً}: مثَقَّلَةٌ.

_ 919 - وصله سعيد بن منصور بسند ضعيف عنه. 920 - وصله ابن أبي حاتم. 921 - وصله ابن أبي حاتم. 922 - وصله الفريابي.

36 - سورة {يس}

وقالَ غيرُه: {الحَرُورُ}: بالنَّهارِ معَ الشَّمْسِ. 923 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: {الحَرورُ}: باللَّيلِ، و (السَّمومُ): بالنَّهارِ. 924 - {وغَرابِيبُ سُودٌ}: أشدُّ سَوادٍ الغِرْبيبُ (151). 36 - سُورَةُ {يسَ} 925 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {فَعَزَّزْنَا}: شَدَّدْنَا. {يَا حَسْرَةٌ عَلَى الْعِبَادِ}: وكَانَ حَسْرَةً عَلَيْهِمُ اسْتِهْزَاؤُهُمْ بِالرُّسُلِ. {أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ}: لاَ يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآخَرِ , وَلاَ يَنْبَغِى لَهُمَا ذَلِكَ. {سَابِقُ النَّهَارِ}: يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَيْنِ. {نَسْلَخُ}: نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، وَيَجْرِى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. {منْ مِثْلِهِ} مِنَ الأَنْعَامِ. {فَكِهُونَ} (152): مُعْجَبُونَ. {جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}: عِنْدَ الْحِسَابِ". 926 - وَيُذْكَرُ عَنْ عِكْرِمَةَ: (الْمَشْحُونِ): الْمُوقَرُ. 927 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {طَائِرُكُمْ}: مَصَائِبُكُمْ. {يَنْسِلُونَ}: يَخْرُجُونَ. {مَرْقَدِنَا}: مَخْرَجِنَا. {أَحْصَيْنَاهُ}: حَفِظْنَاهُ. (مَكَانَتُهُمْ): وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ.

_ 923 - لم يجده الحافظ كما سبق في "بدء الخلق" (4/ 75). 924 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عن ابن عباس أيضاً. (151) كذا في متن الشارح، وفي نسخة العيني "الغربيب: الشديد السواد"، وهو الصواب، كذا على الهامش. 925 - وصله الفريابي. (152) القراءة عندنا: {فاكهون}. 926 - قال الحافظ: "تقدم مثله في (أحاديث الأنبياء)، وروى الطبري بسند حسن عن ابن عباس مثله". 927 - قال الحافظ: "تقدم في (أحاديث الأنبياء)، وللطبري من وجه آخر عن ابن عباس قال: {طائركم}: أعمالكم".

1 - باب قوله: {والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم}

1 - بابُ قولهِ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي ذر المتقدم برقم 1386). 37 - سورةُ {الصَّافاتِ} 928 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}: مِنْ كُلِّ مَكَانٍ. {وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ}: يُرْمَوْنَ. {وَاصِبٌ}: دَائِمٌ. (لاَزِبٌ): لاَزِمٌ. {تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ}؛ يَعْنِى: الْحَقَّ, الْكُفَّارُ تَقُولُهُ لِلشَّيْطَانِ (153). {غَوْلٌ}: وَجَعُ بَطْنٍ. {يُنْزَفُونَ}: لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ. {قَرِينٌ}: شَيْطَانٌ. {يُهْرَعُونَ}: كَهَيْئَةِ الْهَرْوَلَةِ. {يَزِفُّونَ}: النَّسَلاَنُ (154) في الْمَشْىِ. {وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا}: قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: الْمَلاَئِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الْجِنِّ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}: سَتُحْضَرُ لِلْحِسَابِ. 929 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}: الْمَلاَئِكَةُ. {صِرَاطِ الْجَحِيمِ}: سَوَاءِ الْجَحِيمِ , وَوَسَطِ الْجَحِيمِ. {لَشَوْبًا}: يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ وَيُسَاطُ بِالْحَمِيمِ. {مَدْحُورًا}: مَطْرُودًا. {بَيْضٌ مَكْنُونٌ}: اللُّؤْلُؤُ الْمَكْنُونُ. {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ في الآخِرِينَ}: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ. {يَسْتَسْخِرُونَ}: يَسْخَرُونَ. {بَعْلاً}: رَبًّا. {الأسْبابُ}: السَّماءُ.

_ 928 - وصله عبد بن حميد كما تقدم في "البدء". (153) في نسخة الحافظ: "الشياطين". (154) الِإسراع مع تقارب الخطا، وهو دون السعي. 929 - وصله الطبري، وقوله: "ويساط" أي: يخلط بالحميم؛ أي: بالماء الحار.

1 - باب قوله: {وإن يونس لمن المرسلين}

1 - بابُ قولهِ: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} 38 - سورةُ {صَ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1955 - عَنِ الْعَوَّامِ قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ {ص}؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ (وفى روايةٍ: أفي {ص} سجدةَ 5/ 194)؟ فَقَالَ: [نعمْ]؛ أَوَمَا تَقْرَأُ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}؟ فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَقْتَدِىَ بِهِ، فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم، [وكان ابنُ عبَّاسٍ يسجُدُ فيها]. {عُجَابٌ}: عَجِيبٌ. (الْقِطُّ): الصَّحِيفَةُ، هُوَ هَا هُنَا صَحِيفَةُ الْحَسَنَاتِ. 930 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فِى عِزَّةٍ}: مُعَازِّينَ. {الْمِلَّةِ الآخِرَةِ}: مِلَّةُ قُرَيْشٍ. (الاِخْتِلاَقُ): الْكَذِبُ. {الأَسْبَابُ}: طُرُقُ السَّمَاءِ فِى أَبْوَابِهَا. {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ}: يَعْنِى قُرَيْشًا. {أُولَئِكَ الأَحْزَابُ}: الْقُرُونُ الْمَاضِيَةُ. {فَوَاقٍ}: رُجُوعٍ (155). {قِطَّنَا} عَذَابَنَا". 931 - {اتَّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيًّا}: أَحَطْنَا بِهِمْ (156) {أَتْرَابٌ}: أَمْثَالٌ.

_ 930 - وصله الفريابي. (155) يريد قوله تعالى: {ما لَها مِن فَواق}، والمعنى: ليس لهم إقامة ولا رجوع إلى الدنيا. رواه ابن أبي حاتم عن السدي. 931 - وصله ابن أبي حاتم عن مجاهد بلفظ: "أخطأناهم أم في النار لا نعلم مكانهم". (156) كذا وقع، ولعله: "أخطأناهم"، وحذف مع ذلك القول الذي هذا تفسيره، وهو: {أم زاغت عنهم الأبصار}. أفاده الحافظ.

1 - باب قوله: {هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب}

932 - وقالَ ابنُ عباس: {الأيْدُ}: القُوَّةُ في العبادَةِ. (الأبْصارُ): البصرُ في أمْرِ اللهِ. {حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}: مِن ذِكْرِ. {طَفِقَ مَسْحاً}: يمسَحُ أَعْرافَ الخَيْلِ وعراقِيبَها. {ألأصْفادِ}: الوَثاقِ. 1 - بابُ قولهِ: {هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم في "21 - كتاب/ 10 - باب"). 39 - سورةُ {الزُّمَر} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 933 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {يَتَّقِى بِوَجْهِهِ}: يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ فِى النَّارِ، وَهْوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِى النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِى آمِنًا يَوْمَ القِيَامَةِ}. {ذِى عِوَجٍ}: لَبْسٍ. {وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ}: مَثَلٌ لآلِهَتِهِمِ الْبَاطِلِ وَالإِلَهِ الْحَقِّ. {وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}: بِالأَوْثَانِ. {خَوَّلْنَا}: أَعْطَيْنَا. {وَالَّذِى جَاءَ بِالصِّدْقِ}: الْقُرْآنُ. {وَصَدَّقَ بِهِ}: الْمُؤْمِنُ يَجِىءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: هَذَا الَّذِى أَعْطَيْتَنِى عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ. {مُتَشَاكِسُونَ}: الرَّجُلُ الشَّكِسُ الْعَسِرُ لاَ يَرْضَى بِالإِنْصَافِ. {وَرَجُلاً سَلْمًا} , وَيُقَالُ (سَالِمًا): صَالِحًا. {اشْمَأَزَّتْ}: نَفَرَتْ. {بِمَفَازَتِهِمْ}: مِنَ الْفَوْزِ. {حَافِّينَ}: أَطَافُوا بِهِ مُطِيفِينَ بِحِفَافَيْهِ (157) بِجَوَانِبِهِ. {مُتَشَابِهًا}: ليسَ مِن

_ 932 - وصله الطبري بسند منقطع عنه. 933 - وصله الفريابي. (157) بكسر الحاء المهملة: تثنية حفاف، وهو الجانب.

1 - باب قوله: {يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم}

الاشتِباهِ، ولكنْ يُشْبِهُ بعضهُ بعضاً في التَّصْديقِ. 1 - بابُ قولِهِ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} 1956 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِى تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً. فَنَزَلَ: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ} , وَنَزَلَ: {قُلْ يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}. 2 - بابُ قولهِ: {ومَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ} 1957 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ (وفي روايةٍ: أن يهودياً جاءَ 8/ 174) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّا نَجِدُ أَنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ (وفي روايةٍ: يُمْسِكُ، وفي ثالثةٍ: يَضَعُ 8/ 187، وفي رابعةٍ: إِنَّهُ إِذا كانَ يومُ القِيامَةِ؛ جَعَلَ 8/ 202) السَّمَوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ [والأنْهارَ] عَلَى إِصْبَعٍ، وَالْمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الْخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، [ثُمَّ يَهُزُّهُنَّ] [بيَدِهِ] فَيَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ [أَنَا الْمَلِكُ]. فَضَحِكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ [تعجُّباً و] (158) تَصْدِيقًّا لِقَوْلِ الْحَبْرِ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - {وَمَا

_ (158) قلت: هذه الزيادة عند المصنف في موضعين من "التوحيد"، علقه في أحدهما، ووصله في الموضع الآخر، وخفي هذا على الحافظ، فإنه لما شرح الحديث في الموضع الأول عَزا الرواية المعلقة لمسلم موصولاً، ثم ذكر لها رواية أخرى له، وهي التي وصلها المصنف أيضاً! وهما عند مسلم (8/ 125)، وطعن الكوثري فيها بغير حق، كعادته في أحاديث الصفات.

3 - باب قوله: {والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}

قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} [إلى قولِهِ {يُشْرِكُونَ}]. 3 - بابُ قولهِ: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} 1958 - عن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «يَقْبِضُ اللَّهُ الأَرْضَ، وَيَطْوِى السَّمَوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟». 4 - بابُ قولهِ: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} 40 - سورة {المُؤْمِن} 934 - قَالَ مُجَاهِدٌ: " {حم}: مَجَازُهَا مَجَازُ (159) أَوَائِلِ السُّوَرِ". وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ اسْمٌ (160) لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِى أَوْفَى الْعَبْسِىِّ: يُذَكِّرُنِى (حَامِيمَ) وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ ... فَهَلاَّ تَلاَ (حَامِيمَ) قَبْلَ التَّقَدُّمِ الطَّوْلُ: التَّفَضُّلُ. {دَاخِرِينَ}: خَاضِعِينَ. 935 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {إِلَى النَّجَاةِ}: الإِيمَانِ. {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ}: يَعْنِى الْوَثَنَ. {يُسْجَرُونَ}: تُوقَدُ بِهِمِ النَّارُ. {تَمْرَحُونَ}: تَبْطَرُونَ.

_ 934 - وصله الطبري عنه نحوه. (159) يعني: التأويل؛ أي: تأويل {حَم} تأويل أوائل السور. (160) يعني: من أسماء القرآن. رواه عبد الرزاق بسند صحيح عن قتادة. 935 - وصله الفريابي.

41 - سورة {حم السجدة}

936 - وَكَانَ الْعَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطُ النَّاسَ؟ قَالَ: وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {يَا عِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} , وَيَقُولُ: {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}؟! وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِكُمْ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَمُنْذِرًا بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمرو المتقدم برقم 1640). 41 - سورَةُ {حَم السَّجْدَةِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 937 - وقالَ طَاوُسٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " (ائْتِيَا طَوْعًا): أَعْطِيَا. {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}: أَعْطَيْنَا. 1959 - عَنْ سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّى أَجِدُ فِى الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَىَّ. قَالَ: {فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ} , {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} , {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا}. {رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}؛ فَقَدْ كَتَمُوا فِى هَذِهِ الآيَةِ، وَقَالَ: {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} إِلَى قَوْلِهِ: {دَحَاهَا}، فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ} إِلَى: {طَائِعِينَ} , فَذَكَرَ فِى هَذِهِ خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ، وَقَالَ تعالى: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} , {عَزِيزًا} , {حَكِيمًا} , {سَمِيعًا} , {بَصِيرًا}؛

_ 936 - لم يخرجه الحافظ. 937 - وصله الطبري وابن أبي حاتم بإسناد على شرط البخاري في الصحة.

فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى! فَقَالَ: {فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ} فِى النَّفْخَةِ الأُولَى، ثُمَّ يُنْفَخُ فِى الصُّورِ {فَصَعِقَ مَنْ فِى السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِى الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ} فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ فِى النَّفْخَةِ الآخِرَةِ {أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}. وَأَمَّا قَوْلُهُ {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}. {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللَّهَ}؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلاَصِ ذُنُوبَهُمْ، وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا نَقُولُ: لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَخَتَمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللَّهَ لاَ يُكْتَمُ حَدِيثًا, وَعِنْدَهُ {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآيَةَ، و {خَلَقَ الأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ}، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ، فَسَوَّاهُنَّ فِى يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ، وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى، وَخَلَقَ الْجِبَالَ، وَالْجِمَالَ، وَالآكَامَ، وَمَا بَيْنَهُمَا فِى يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {دَحَاهَا}، وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ الأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ} فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَخُلِقَتِ السَّمَوَاتُ فِى يَوْمَيْنِ. {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا} سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ، أَىْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلاَّ أَصَابَ بِهِ الَّذِى أَرَادَ، فَلاَ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. 938 - وقَالَ مُجَاهِدٌ: " {مَمْنُونٍ}: مَحْسُوبٍ. {أَقْوَاتَهَا}: أَرْزَاقَهَا. {فِى كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا}: مِمَّا أَمَرَ بِهِ. {نَحِسَاتٍ}: مَشَائِيمَ (161)، {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ} (162): قَرَنَّاهُمْ بِهِمْ. {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ}: عِنْدَ الْمَوْتِ. {اهْتَزَّتْ}: بِالنَّبَاتِ. {وَرَبَتْ}: ارْتَفَعَتْ". وَقَالَ غَيْرُهُ (*): {مِنْ أَكْمَامِهَا}: حِينَ تَطْلُعُ. {لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}: بِعَمَلِى؛ أى: أَنَا مَحْقُوقٌ بِهَذَا.

_ 938 - وصله الفريابي. (161) حقه (مشائيم)؛ لأنه جمع مشؤوم، والأنْسَبُ (مشؤومات). (162) أي: شياطين؛ كما في رواية الفريابي عنه. (*) كذا الأصل، وقد جاء التفسير المذكور عن مجاهد نفسه من تفسير مجاهد المطبوع (ص 572). وقوله: (محقوق)؛ أي: أنا مستحق له وهو حقي وصل إليَّ.=

1 - باب قوله: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون}

بِهَذَا. {سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}: قَدَّرَهَا سَوَاءً. {فَهَدَيْنَاهُمْ}: دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ؛ كَقَوْلِهِ: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} , وَكَقَوْلِهِ: {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} , (وَالْهُدَى) الَّذِى هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. {يُوزَعُونَ}: يُكَفَّوْنَ. {مِنْ أَكْمَامِهَا}: قِشْرُ الْكُفُرَّى هِىَ الْكُمُّ. وقالَ غيرُه: ويُقالُ للعِنَبِ إِذا خَرَجَ أيْضاً: كافورٌ وكُفُرَّى. {وَلِىٌّ حَمِيمٌ}: الْقَرِيبُ. {مِنْ مَحِيصٍ}: حَاصَ عنهُ: حَادَ. {مِرْيَةٍ}: وَمُرْيَةٍ: وَاحِدٌ؛ أَىِ: امْتِرَاءٌ. 939 - وقَالَ مُجَاهِدٌ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}: الْوَعِيدُ. 940 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: {بالَّتي هِيَ أَحْسَنُ}: الصَّبرُ عندَ الغَضَبِ، والعَفْوُ عندَ الِإساءَةِ، فإذا فَعَلوهُ عَصَمَهُمُ اللهُ وخَضَعَ لهُمْ عَدُوُهُم {كَأنَّهُ وَلِيٌّ حَميمٌ}. 1 - بابُ قولهِ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود الآتي في الباب التالى). 2 - بابٌ {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 1960 - عنْ عبدِ اللهِ (ابنِ مسعود) رضيَ اللهُ عنهُ؛ قالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ قُرَشِيَّانِ و [خَتَنٌ لهُما 6/ 36] ثَقَفِىٌّ أَوْ ثَقَفِيَّانِ و [خَتَنٌ لهُما] قُرَشِىٌّ , كَثِيرَةٌ شَحْمُ

_ =وقوله: (أسعدناه)؛ كذا في متن العيني، والشارح وجد في نسخته بدل السين الصاد، فأكثر السواد في تأويل الإصعاد، والله سبحانه يهدي من يشاء إلى السداد، وهو ولي الِإرشاد والإسعاد. 939 - وصله عبد بن حميد وعبد الرزاق من وجوه ثلاثة عنه. 940 - وصله الطبري بسند منقطع عنه.

3 - باب قوله: {فإن يصبروا فالنار مثوى لهم} الآية

بُطُونِهِمْ , قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ , فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا، وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا. وَقَالَ الآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا؛ فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ} الآيَةَ (*). 3 - بابُ قولِهِ: {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} الآية (قلتُ: أسند فيه الحديث الذي قبله مُحيلاً عليه فيه لفظه بنحوه). 42 - {حم عسق} 941 - وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " {عَقِيمًا}: لاَ تَلِدُ. {رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}: الْقُرْآنُ". 942 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ}: نَسْلٌ بَعْدَ نَسْلٍ. {لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا}: لاَ خُصُومَةَ. {طَرْفٍ خَفِىٍّ}: ذَلِيلٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ}: يَتَحَرَّكْنَ وَلاَ يَجْرِينَ فِى الْبَحْرِ. {شَرَعُوا}: ابْتَدَعُوا. 1 - بابُ قولِهِ: {إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} 1961 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ تعالى عنهُما أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى}؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:

_ (*) قلت: زاد أحمد (1/ 381 و426 و442)، والترمذي (3246) بإسناد "الصحيحين": "إلى قوله: {فأصبحتم من الخاسرين} "، وكذلك رواه أحمد أيضاً بإسناد آخر على شرطهما (1/ 408 و443 - 444)، وبهذه الزيادة يظهر مناسبة الترجمة للحديث، والله الموفق. 941 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 942 - وصله الفريابي عنه.

43 - {حم الزخرف}

عَجِلْتَ، إِنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِن قُريشٍ إِلَّا كانَ لهُ فيهِمْ قَرابَةٌ. فقالَ (وفي روايةٍ: فَنَزَلَتْ 4/ 154} (163)؛ إِلاَّ أَنْ تَصِلُوا ما بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ منَ القَرابَةِ. 43 - {حم الزُّخْرُف} 943 - وقال مجاهدٌ: {عَلَى أُمَّةٍ}: على إمامٍ. {وَقِيلِهِ (164) يَا رَبِّ}: تَفْسِيرُهُ: أَيَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهم ولا نَجواهُم ولا نَسْمَعُ قِيلَهُم. 944 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " {وَلَوْلاَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}: لَوْلاَ أَنْ جَعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ كُفَّارًا؛ لَجَعَلْتُ لِبُيُوتِ الْكُفَّارِ سَقْفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ مِنْ فِضَّةٍ -وَهْىَ دَرَجٌ- وَسُرُرُ فِضَّةٍ. {مُقْرِنِينَ}: مُطِيقِينَ. {آسَفُونَا}: أَسْخَطُونَا". {يَعْشُ}: يَعْمى. 945 - قَالَ مُجَاهِدٌ: " {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ}؛ أَىْ: تُكَذِّبُونَ بِالْقُرْآنِ ثُمَّ لاَ تُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ. {وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ}: سُنَّةُ الأَوَّلِينَ. {مُقْرِنِينَ}؛ يَعْنِى: الإِبِلَ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ. {يَنْشَأُ فِى الْحِلْيَةِ}: الْجَوَارِى جَعَلْتُمُوهُنَّ لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا؛ فَكَيْفَ تَحْكُمُونَ؟! {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا

_ (163) يعني: الآية المتقدمة، وقوله: "إلا أن ... " تفسير لها. 943 - وصله عبد بن حميد عنه بلفظ: "على ملة". (164) التلاوة: {وَقيلِهِ}؛ بكسر اللام. 944 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. قوله: (الولا أن جعل)؛ كذا بلفظ الماضي في متن الشارح، وعند العيني: "لولا أن أجعل". 945 - وصله الفريابي كله إلا تفسير (في عقبه)؛ فهو عند عبد بن حميد؛ كما أفاده الحافظ. قوله: "ينشأ"، التلاوة: (يُنَشْأ) من التَّفعيل. (تنبيه): قرأ (ينشأ) بفتح أوله مخففاً الجمهور، وقرأ حمزة والكسائي وحفص بضم أوله مثقلًا، والجحدري مثله مخففاً. كذا في الفتح.

1 - باب قوله: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون}

عَبَدْنَاهُمْ} يَعْنُونَ: الأَوْثَانَ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ}: الأَوْثَانُ؛ إِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ. {فِى عَقِبِهِ}: وَلَدِهِ. {مُقْتَرِنِينَ}: يَمْشُونَ مَعًا. {سَلَفًا}: قَوْمُ فِرْعَوْنَ سَلَفًا لِكُفَّارِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. {وَمَثَلاً}: عِبْرَةً. {يَصِدُّونَ}: يَضِجُّونَ. {مُبْرِمُونَ}: مُجْمِعُونَ. {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}: أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ" (165). {إِنَّنِى بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}: الْعَرَبُ تَقُولُ: نَحْنُ مِنْكَ الْبَرَاءُ وَالْخَلاَءُ، وَالْوَاحِدُ وَالاِثْنَانِ وَالْجَمِيعُ مِنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ يُقَالُ فِيهِ: بَرَاءٌ؛ لأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَلَوْ قَالَ بَرِىءٌ؛ لَقِيلَ فِى الاِثْنَيْنِ: بَرِيئَانِ وَفِى الْجَمِيعِ: بَرِيئُونَ. 946 - وقَرَأَ عبدُ اللهِ: {إِنَّني بَريءٌ}؛ بالياءِ. و (الزُّخْرُفُ): الذَّهَبُ. {مَلاَئِكَةً يَخْلُفُونَ}: يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. 1 - بابُ قولِهِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ} 1962 - عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ عَلَى الْمِنْبَرِ: " {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ -[قالَ سُفيانُ: في قراءةِ عبدِ اللهِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِ} 4/ 83]- لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} ". 947 - وقالَ قَتادَة: {مَثَلاً للآخِرينَ}: عِظَةً لمَنْ بعْدَهُم. وقالَ غيرةُ: {مُقْرِنينَ}: ضابِطينَ، يُقالُ: فلانٌ مُقْرِنٌ لِفُلانٍ، ضابِطٌ لهُ. و (الأكوابُ): الأباريقُ التي لا خَراطيمَ لها.

_ (165) كذا الأصل، لم يعزه لأحد، بل ظاهره أنه من قول مجاهد، لكن في نسخة الحافظ: "وقال غيره". 946 - وصله الفضل ابن شاذان في كتاب "القراءات". 947 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه.

2 - باب {أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين}

948 - وَقَالَ قَتَادَةُ: {فِى أُمِّ الْكِتَابِ}: جُمْلَةِ الْكِتَابِ , أَصْلِ الْكِتَابِ. {أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}؛ أَىْ: مَا كَانَ فَأَنَا أَوَّلُ الأَنِفِينَ (166)، وَهُمَا لُغَتَانِ؛ رَجُلٌ عَابِدٌ وَعَبِدٌ. 949 - وقَرَأ عبدُ اللهِ (167): {وقالَ الرَّسولُ: يا رَبِّ}، ويُقالُ: {أوَّلُ العابِدينَ}: الجاحِدينَ مِنْ عَبِدَ يَعْبَد. 2 - بابٌ {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} مُشْرِكِينَ، وَاللَّهِ؛ لَوْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ رُفِعَ حَيْثُ رَدَّهُ أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ لَهَلَكُوا (168). {فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ}: عُقوبَةُ الأوَّلينَ. {جُزْءاً}: عِدْلاً. 44 - {الدُّخانُ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 950 - وقالَ مُجاهِدٌ: " {رَهْواً}: طريقاً يابِساً. {عَلى العالَمينَ}: على مَنْ بينَ ظَهْرَيْهِ.

_ 948 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. (166) أي: المستنكفين، وهذا هو تفسير العابدين؛ لأنه هنا مشتق من عبِد بكسر الباء إذا أنف واشتدت أنفته، وقوله: (وهما)؛ أي: عابد وعبد. 949 - لم يخرجه الحافظ، وإنما قال: تقدمت الِإشارة إلى إسناد قراءة عبد الله، وهو ابن مسعود، ولم أر ذلك. (167) يعني: ابن مسعود: {وقالَ الرسولُ يا ربِّ} موضع {وقيلِهِ يا رب}، وكانَ ينبغي أن يذكر هذا عند قوله: {وقيله يا رب} على ما لا يخفى اهـ عيني. (168) وصله ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة به، وزاد: "ولكن الله عاد عليهم بعائدته ورحمته، فكرره عليهم، ودعاهم إليه". 950 - وصله الفريابي.

1 - باب {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين}

{فَاعْتِلُوهُ}: ادْفَعُوهُ. {وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ}: أَنْكَحْنَاهُمْ حُورًا عِينًا يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ". {تَرْجُمُونِ}: الْقَتْلُ {ورَهْوًا}: سَاكِنًا. 951 - وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: {كالمُهْلِ}: أَسْوَدُ كمُهْلِ الزَّيْتِ. وقالَ غيرُهُ: {تُبَّعٍ}: ملوكُ اليمنِ، كلُّ واحدٍ منهُم يسمَّى تُبَّعاً؛ لأنه يَتْبَعُ صاحِبَهُ، والظِّلُّ يُسَمَى تُبَّعاً لأنَّه يَتْبَعُ الشَمْسَ. 1 - بابٌ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} 952 - قالَ قَتادَةُ: {فَارْتَقِبْ}: فَانْتَظِرْ. (قلتُ: أسند في طرفاً من حديث ابن مسعود المتقدم 1947). 2 - بابٌ {يَغْشى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَليمٌ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المشار إليه آنفاً). 3 - بابُ قولهِ تعالى: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المشار إليه آنفاً). 4 - بابٌ {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى وقَدْ جاءَهُمْ رَسولٌ مُبينٌ}: الذُّكْرُ والذَكرى واحدٌ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المشار إليه آنفاً).

_ (169) في نسخة الحافظ: (ويقال: لأن)، وقال: سقط (ويقال) لغير أبي ذر، فصار كأنه من كلام مجاهد. 951 - وصله ابن أبي حاتم بسند ضعيف عنه. 952 - وصله عبد بن حميد بسند صحيح عنه.

5 - باب {ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون}

5 - بابٌ {ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وقَالوا مُعَلَّمٌ مَجْنونٌ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المشار إليه آنفاً). 45 - سورةُ {الجاثِيَةِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيم {جاثِيَةً}: مُسْتَوْفِزينَ (170) على الرُّكَبِ. 953 - وقالَ مُجاهِدٌ: {نَسْتَنْسِخ}: نَكْتُبُ. {نَنْساكُمْ}: نَتْرُكْكُمْ. 1 - بابٌ {وَمَا يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ} الآية. 1963 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه -؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِى ابْنُ آدَمَ؛ يَسُبُّ الدَّهْرَ، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِى الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ». 46 - {الأحْقافُ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 954 - وقالَ مُجاهِد: {تُفيضونَ}: تَقولونَ. وقالَ بعْضُهُم: أثَرَةٌ وأُثْرَةٌ و {أثارَةٌ}: بقيَّةُ عِلْمٍ.

_ (170) استوفز في قعدته: إذا قعد قعوداً منتصباً غير مطمئن من الخوف. 953 - وصله ابن أبي حاتم عنه نحوه. 954 - وصله الطبري.

1 - باب {والذي قال لوالديه أف لكما

955 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}: لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَرَأَيْتُمْ}: هَذِهِ الأَلِفُ (171)؛ إِنَّمَا هِىَ تَوَعُّدٌ , إِنْ صَحَّ مَا تَدَّعُونَ لاَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ: {أَرَأَيْتُمْ} بِرُؤْيَةِ الْعَيْنِ؛ إِنَّمَا هُوَ أَتَعْلَمُونَ أَبَلَغَكُمْ أَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ خَلَقُوا شَيْئًا؟! 1 - بابٌ {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ} 1964 - عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ؛ قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الْحِجَازِ، اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ، فَخَطَبَ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ لِكَىْ يُبَايِعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى بَكْرٍ شَيْئًا، فَقَالَ: خُذُوهُ. فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عليهِ, فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّ هَذَا الَّذِى أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ {وَالَّذِى قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِى}. فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ؛ إِلاَّ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عُذْرِى. 2 - بابُ قَوْلهِ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} 956 - قالَ ابن عباسِ: {عارِضٌ}: السَّحابُ.

_ 955 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. (171) يعني: همزة الاستفهام في قوله تعالى: {قل أرأيتم إن كان من عند الله}. 956 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه، وأخرج الطبري بسند ضعيف عنه قال: "الريح إذا أثارت سحاباً قالوا: هذا عارض}.

47 - {الذين كفروا}

1965 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ. قَالَتْ: وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ فِى وَجْهِهِ (وفى طريقٍ: إِذَا رَأَى مَخِيلَةً فِى السَّمَاءِ أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، وَدَخَلَ وَخَرَجَ، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَإِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ سُرِّىَ عَنْهُ، فَعَرَّفَتْهُ عَائِشَةُ ذَلِكَ 4/ 76)؛ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ! النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْغَيْمَ فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْمَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِى وَجْهِكَ الْكَرَاهِيَةُ؟ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ! مَا يُؤْمِنِّى أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ، عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ الْعَذَابَ فَقَالُوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} (وفى الطريق الأخرى: فقالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا أَدْرِى، لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمٌ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ} الآية»). 47 - {الَّذينَ كفَروا} (172) {أَوْزارَها}: آثامَها حتَّى لا يَبْقى إِلَّا مُسْلِمٌ. {عَرَّفَها}: بَيَّنَها. 957 - وقالَ مجاهِدٌ: " {مَوْلى الَّذينَ آمَنوا}: ولِيُّهُم. {عَزَمَ الأمْرُ}: جدَّ الأمْرُ. {فَلا تَهِنوا}: لا تَضْعُفوا". 958 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: "أضْغانَهُمْ}: حَسَدَهُم. {آسِنٍ}: مُتَغَيِّرٍ". 1 - بابٌ {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}

_ (172) وفي نسخة الحافظ والعيني: "سورة {محمد} صلى الله عليه وسلم"، وهي رواية أبى ذر. 957 - وصله الطبري. 958 - وصله ابن أبي حاتم.

48 - سورة {الفتح}

1966 - عنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ؛ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ؟ قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ: [نَعَمْ 7/ 72] , أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ! قَالَ: فَذَاكِ (وفى روايةٍ: فهو لَكِ)». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: [ثمَّ قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم] (وفى طريقٍ: إِنَّ الرَّحِمَ شَجَنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ) اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِى الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}. 48 - سورةُ {الفَتْحَ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 959 - قالَ مُجاهِدٌ: {بُوراً}: هالِكينَ. 965 - وقالَ مُجاهِدٌ: {سِيماهمْ في وُجوهِهِمْ}: السَّحْنَةُ (173). 961 - وَقَالَ مَنْصُورٌ عَنْ مُجَاهِدٍ: التَّوَاضُعُ. {شَطْأَهُ}: فِرَاخَهُ. {فَاسْتَغْلَظَ}: غَلُظَ. {سُوقِهِ}: السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ. وَيُقَالُ: {دَائِرَةُ السَّوْءِ}: كَقَوْلِكَ: رَجُلُ السَّوْءِ. و (دَائِرةُ

_ 959 - وصله الطبري. 960 - وصله ابن أبي حاتم. (173) السَّحنة: لين البشرة والنعمة، وهي مفتوحة السين، وقد تكسر، ويُقال: السحناء أيضاً. 961 - وصله علي بن المديني بسند صحيح عنه.

1 - باب {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}

السُّوءِ): العَذابُ. {يُعَزِّرُوهُ}: يَنْصُروهُ. {شَطْأَهُ}: شَطْءُ السُّنْبُلِ، تُنْبِتُ الحَبَّةُ عَشْراً أو ثَمانياً وسَبْعاً، فَيَقْوى بَعْضه ببعْضٍ، فذاكَ قولُهُ تعالى: {فَآزَرَهُ}: قوَّاهُ، ولو كانَتْ واحِدَةً؛ لَمْ تَقُمْ على ساقٍ، وهوَ مَثَلُ ضَرَبَهُ اللهُ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ , ثمَّ قَوَّاهُ بِأصحابِهِ كما قَوَّى الحَبَّةَ بِما يَنْبُتُ مِنها. 1 - بابٌ {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبيناً} 2 - بابُ قولهِ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا} (قلتُ: أسند فيه حديث المغيرة المتقدم في "ج 1/ 19 - كتاب/ 6 - باب"). 1967 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟! قَالَ: «أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا؟». فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ. 3 - بابٌ {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمرو المتقدم برقم 1003). 4 - بابٌ {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ} 1968 - عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ سورة {الكَهْفِ}، وَفَرَسٌ لَهُ مَرْبُوطٌ [بِشَطَنَيْنِ 6/ 104] (174) في الدَّارِ، [فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو] , فَجَعَلَ [فرَسُهُ] يَنْفِرُ، [فسَلَّمَ 4/ 180] , فَخَرَجَ

_ (174) أي: حبلين، وإنما شدَّه بشطنين لقوته وشدته.

5 - باب قوله: {إذ يبايعونك تحت الشجرة}

الرَّجُلُ فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، وَجَعَلَ [فَرَسُهُ] يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ؛ ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: " [اقْرَأْ فُلاُنُ؛ فـ] تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالْقُرْآنِ. 5 - بابُ قولهِ: {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} 1969 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِىِّ إِنِّى مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ: "نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَذْفِ (175) , [وقالَ: إِنَّهُ لا يَقتُلُ الصَّيْد، ولا يَنْكَأْ العَدُوَّ، وإنَّهُ يَفْقَأُ العَينَ، ويكسِرُ السِّنَّ 7/ 24]. 1970 - وعنهُ في البَوْلِ في المُغْتَسَلِ (176). 49 - {الحُجُراتُ} بِسْمَ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ 962 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ تُقَدِّمُوا}: لاَ تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَقْضِىَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ. {امْتَحَنَ}: أَخْلَصَ. {تَنَابَزُوا}: يُدْعَى بِالْكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ. {يَلِتْكُمْ}: يَنْقُصْكُمْ. {أَلَتْنَا}: نَقَصْنَا".

_ (175) هو الرمي بالحصى من الإصبعين. (176) قلت: كذا لم يذكر المصنف لفظه لأنه لم يقصده، وإنما قصد ذكر سنده؛ لأنه وقع فيه التصريح بسماع تابعيه عقبة بن صهبان من عبد الله بن مغفل، وهو الراوي عنه الحديث الأول، وقد أخرج حديث المغتسل أصحاب السنن وغيرهم بلفظ: "لا يبولنّ أحدكم في مستحمَّه ثم يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه"، وفي سنده انقطاع بيَّنته في "المشكاة" (353) وفي "ضعيف أبي داود" (26)، لكن في النهي عن البول في المغتسل حديث آخر صحيح مخرج في "صحيح أبي داود" (21). 962 - وصله عبد بن حميد والهروي في "ذم الكلام" الجملة الأولى منه.

1 - باب {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} الآية. {تشعرون}: تعلمون، ومنه الشاعر.

1 - بابٌ {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية. {تَشْعُرونَ}: تَعْلَمونَ، ومنهُ الشَّاعِرُ. 1971 - عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ: كَادَ الْخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا: أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ (وفى روايةٍ: أبو بكرٍ وعمرُ 8/ 145) -رضى الله عنهما-، رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ (وفى رواية عنه: أنَّ عبد الله بنَ الزُّبير أخبرَهُم أنَّه 5/ 116) قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِى تَمِيمٍ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِى بَنِى مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ -قَالَ: نَافِعٌ (177): لاَ أَحْفَظُ اسْمَهُ- (وفى روايةٍ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ الْقَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدٍ بن زُرارةَ. فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ). فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِى. قَالَ: مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ. فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِى ذَلِكَ، فأَنْزَلَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} (وفي روايةٍ: فنَزَلَتْ في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} حَتى انْقَضَت) الآيةَ. قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَمَا كَانَ عُمَرُ [بعدُ] يُسْمِعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ (وفى روايةٍ: إِذَا حَدَّثَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بِحَدِيثٍ حَدَّثَهُ كَأَخِى السِّرَارِ، لَمْ يُسْمِعْهُ) حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ. وَلَمْ يَذْكُرْ (178) ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ؛ يَعْنِى أَبَا بَكْرٍ. 2 - بابٌ {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن الزبير السابق).

_ (177) هو ابن عمر بن عبد الله الجمحي المكي، وهو الراوي عن ابن أبي مليكة. (178) قوله -أي عبد الله بن الزبير-: "عن أبيه"؛ يريد جده لأمه، ولذا أتى بالعناية.

3 - باب قوله: {ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم}

3 - بابُ قولهِ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} (كذا لم يذكر فيه شيئاً). 50 - سورةُ {ق} {رَجْعٌ بَعيدٌ}: رَدٌّ. {فروجٍ}: فُتوقٍ، واحِدُها فَرْجٌ. {مِنْ حَبْلِ الوَريدِ}: وَريداهُ في حَلْقِهِ. 963 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ}: مِنْ عِظَامِهِمْ، {تَبْصِرَةً}: بَصِيرَةً. {حَبَّ الْحَصِيدِ}: الْحِنْطَةُ. {بَاسِقَاتٍ}: الطِّوَالُ. {وَقَالَ قَرِينُهُ}: الشَّيْطَانُ الَّذِى قُيِّضَ لَهُ. {فَنَقَّبُوا}: ضَرَبُوا (179). {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}: لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ. {رَقِيبٌ عَتِيدٌ}: رَصَدٌ. {سَائِقٌ وَشَهِيدٌ}: الْمَلَكَانِ، كَاتِبٌ وَشَهِيدٌ، شَاهِدٌ بِالْقَلْبِ. (لُغُوبٍ) النَّصَبُ". وَقَالَ غَيْرُهُ: {نَضِيدٌ} الْكُفُرَّى مَا دَامَ فِى أَكْمَامِهِ، وَمَعْنَاهُ: مَنْضُودٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ فَلَيْسَ بِنَضِيدٍ. {فِى أَدْبَارِ النُّجُومِ} {وَأَدْبَارِ السُّجُودِ}: كَانَ عَاصِمٌ يَفْتَحُ الَّتِى فِى {ق}، وَيَكْسِرُ الَّتِى فِى {الطُّورِ} (180)، وَيُكْسَرَانِ جَمِيعًا وَيُنْصَبَانِ. 964 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَوْمَ الْخُرُوجِ}: يَخْرُجُونَ مِنَ الْقُبُورِ. 1 - بابُ قولِهِ: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}

_ 963 - وصله الفريابي. (179) بمعنى: طافوا في البلاد حذر الموت. (180) قال الحافظ في "الفتح": والكسر مصدر أدبر يدبر إدباراً، ورجح الطبري الفتح فيها". 964 - صله ابن أبي حاتم.

2 - باب {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب}

1972 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «تَحَاجَّتِ (وفى روايةٍ ثانٍ: اخْتَصَمَتِ 8/ 186) الْجَنَّةُ وَالنَّارُ [إلى ربِّهِما] , فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالْمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الْجَنَّةُ: مَا لِي [مالى] لاَ يَدْخُلُنِى إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ؟ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِى أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِى، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِى، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ (وفى طريقٍ ثالثٍ): يُقالُ لجَهَنَّمَ: هَلِ امْتَلأتِ) [فتقول: هل مِنْ مَزيدٍ (ثلاثًا)]، فَلاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ [الرَّبُّ تبارك وتعالى] رِجْلَهُ (وفى طريقٍ ثالثٍ: قَدَمَهُ) [عَلَيها. وفى طريقٍ: فيها] , فتَقُولُ: قَطْ، قَط، [قَطْ]، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلاَ يَظْلِمُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ (وفى طريقٍ: النَّارُ) (181)؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقَّا». 2 - بابٌ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ} 1973 - عنْ مُجاهِدٍ قالَ ابنُ عبَّاس: أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ في أَدْبارِ الصَّلواتِ كُلِّها؛ يعْني قَوْلَه: {وأَدْبارَ السُّجودِ}. 51 - {والذَّارِياتِ} 965 - قالَ عليٌّ عليهِ السلامُ: {الذَّارِياتُ}: الرِّياحُ. وقالَ غيرُهُ: {تَذْرُوهُ}: تُفَرِّقُهُ. {وَفي

_ (181) وهو خطأ من بعض الرواة، وبه جزم ابن القيم، واحتج عليه بما تراه في "زاد المعاد" (كتاب الصلاة/ فصل السجود)، وقد جزم جماعة من الأئمة أن هذا اللفظ مقلوب، وأنكره البلقيني كما في "الفتح". ومن هذا ونحوه تعلم جهل الذين يقولون: كل ما في البخاري صحيح؛ فاللهم هداك. 965 - وصله ابن عيينة في "تفسيره" والفريابي من طريقين عن أبي الطفيل عنه.

52 - سورة {والطور}

أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}: تَأُكُلُ وتَشْرَبُ في مَدْخَلٍ واحدٍ، ويَخْرُجُ مِن موضِعَيْنِ. {فَراغَ}: فرجَعَ. {فَصَكَّتْ}: فَجَمَعَتْ أَصَابِعَهَا فَضَرَبَتْ بهِ جَبْهَتَهَا. و {الرَّمِيمُ}: نَبَاتُ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ. {لَمُوسِعُونَ}؛ أَىْ: لَذُو سَعَةٍ، وَكَذَلِكَ: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ}: يَعْنِى: الْقَوِىَّ. {زَوْجَيْنِ}: الذَّكَرَ وَالأُنْثَى، وَاخْتِلاَفُ الأَلْوَانِ، حُلْوٌ وَحَامِضٌ، فَهُمَا زَوْجَانِ. {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}: مِنَ اللَّهِ إِلَيْهِ. {إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}: مَا خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الْفَرِيقَيْنِ إِلاَّ لِيُوَحِّدُونِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَلَقَهُمْ لِيَفْعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ، وَتَرَكَ بَعْضٌ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ الْقَدَرِ، و (الذَّنُوبُ): الدَّلْوُ الْعَظِيمُ. 966 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ذَنُوبًا}: سَبِيلاً. {صَرَّةً}: صَيْحَةٍ. {الْعَقِيمُ}: الَّتِى لاَ تَلِدُ". 967 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: و (الْحُبُكُ): اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا. 968 - {فِى غَمْرَةٍ}: فِى ضَلاَلَتِهِمْ يَتَمَادَوْنَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَوَاصَوْا}: تَوَاطَئُوا. وَقَالَ غيرُهُ: {مُسَوَّمَةً}: مُعَلَّمَةً , مِنَ السِّيمَا. {قُتِلَ الإنْسانُ}: لُعِنَ. 52 - سُورةُ {والطُّورِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ 969 - وقالَ قَتادَةُ: {مَسْطورٍ}: مَكتوبٍ.

_ 966 - وصله الفريابي بلفظ: "سجلًا"، وكذا في نسخة العيني: "سجلًا"؛ قال: "والسجل؛ بفتح السين وسكون الجيم هو الدلو الممتلئ ماءً، ثم استعمل في الحظ والنصيب" اهـ، وهو الأصوب. 967 - وصله الفريابي والطبري بسند صحيح عنه. 968 - وصله ابن أبي حاتم والطبري بسند منقطع عنه. 969 - وصله المصنف في كتاب "خلق أفعال العباد".

53 - سورة {والنجم}

970 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: (الطُّورُ): الْجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ. {رَقٍّ مَنْشُورٍ}: صَحِيفَةٍ. {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ}: سَمَاءٌ. {الْمَسْجُورِ}: الْمُوقَدِ. 971 - وَقَالَ الْحَسَنُ: (تُسْجَرُ): حَتَّى يَذْهَبَ مَاؤُهَا فَلاَ يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةٌ. 972 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلَتْنَاهُمْ}: نَقَصْنَا. وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَمُورُ}: تَدُورُ. {أَحْلاَمُهُمْ}: الْعُقُولُ. 973 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْبَرُّ}: اللَّطِيفُ. {كِسْفًا}: قِطْعًا. {الْمَنُونُ}: الْمَوْتُ". 974 - وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَتَنَازَعُونَ}: يَتَعَاطَوْنَ. 53 - سُورَةَ {وَالنَّجْمِ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 975 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ذُو مِرَّةٍ}: ذُو قُوَّةٍ. {قَابَ قَوْسَيْنِ}: حَيْثُ الْوَتَرُ مِنَ الْقَوْسِ. {ضِيزَى}: عَوْجَاءُ. {وَأَكْدَى}: قَطَعَ عَطَاءَهُ. {رَبُّ الشِّعْرَى}: هُوَ مِرْزَمُ الْجَوْزَاءِ. {الَّذِى وَفَّى}: وَفَّى مَا فُرِضَ عَلَيْهِ. {أَزِفَتِ الآزِفَةُ}: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ. {سَامِدُونَ}: الْبَرْطَمَةُ". 976 - وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَتَغَنَّوْنَ بِالْحِمْيَرِيَّةِ.

_ 970 - وصله الفريابي. 971 - وصله الطبري. 972 - وصله عبد بن حميد كما تقدم (6/ 46). 973 - وصله ابن أبي حاتم الطرف الأول منه، والطبري سائره؛ بسند منقطع عنه. 974 - هو قول أبي عبيدة عنه، وصله ابن المنذر عنه. 975 - وصله الفريابي كله عن مجاهد؛ إلا أنه قال: "قوة جبريل". 976 - وصله الفريابي أيضاً.

977 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: {أَفَتُمَارُونَهُ}: أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَمَنْ قَرَأَ: {أَفَتَمْرُونَهُ}؛ يَعْنِى: أَفَتَجْحَدُونَهُ. {مَا زَاغَ الْبَصَرُ}: بَصَرُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. {وَمَا طَغَى}: وَلاَ جَاوَزَ مَا رَأَى. {فَتَمَارَوْا}: كَذَّبُوا. 978 - وَقَالَ الْحَسَنُ: (إِذَا هَوَى): غَابَ. 979 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (أَغْنَى وَأَقْنَى): أَعْطَى فَأَرْضَى. 1974 - عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ - رضى الله عنها -: يَا أُمَّتَاهْ! هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعَرِى مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلاَثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ، مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} , وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ؛ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} (وفي روايةٍ: (لا يَعْلَمُ الغَيْبَ إِلَّا اللهُ) 8/ 166)، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ [شَيئاً مِمَا أنْزِلَ إِليهِ 5/ 188} [مِنَ الوَحْي 8/ 210]؛ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ، {يَا أيُّها الرسولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالاَتِهِ]} الآية. [قالَ: قلت: فإنَّ قَوْلَهُ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى. فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}. قالَتْ:] ولكنَّهُ [قَدْ 4/ 83] رَأَى جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - (وفى روايةٍ: ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِى صُورَةِ الرَّجُلِ، وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ) فِى صُورَتِهِ [الَّتِى هِىَ صُورَتُهُ فَسَدَّ الأُفُقَ]؛ مَرَّتَيْنِ.

_ 977 - وصله سعيد بن منصور بسند رجاله ثقات. 978 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 979 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه.

1 - باب {فكان قاب قوسين أو أدنى} حيث الوتر من القوس.

1 - بابٌ {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} حيثُ الوَتَرُ مِنَ القَوْسِ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1392). 2 - بابُ قولِهِ: {فَأَوْحَى إِلى عَبْدِهِ مَا أَوْحى} (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 3 - بابٌ {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 4 - بابٌ {أَفَرَأَيتُمُ اللَّاتَ والعُزَّى} 1975 - عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهما في قولِهِ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى}: كَانَ اللَّاَتُ رَجُلاً يَلُتُّ سَوِيقَ الْحَاجِّ. 1976 - عنْ أَبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَلَفَ [منكُم 7/ 97] , فَقَالَ فِى حَلِفِهِ: وَاللاَّتِ وَالْعُزَّى؛ فَلْيَقُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ. وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ؛ فَلْيَتَصَدَّقْ». 5 - بابٌ {وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرى} (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "25 - كتاب/ 79 - باب"). 6 - بابٌ {فاسْجُدُوا للهِ واعْبُدوا} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم في "17 - كتاب/ 4 - باب").

54 - سورة {اقتربت الساعة}

54 - سورَةُ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 980 - قَالَ مُجَاهِدٌ: {مُسْتَمِرٌّ}: ذَاهِبٌ. {مُزْدَجَرٌ}: مُتَنَاهٍ. {وَازْدُجِرَ}: فَاسْتُطِيرَ جُنُونًا. {دُسُرٍ}: أَضْلاَعُ السَّفِينَةِ، {لِمَنْ كَانَ كُفِرَ}: يَقُولُ: كُفِرَ لَهُ جَزَاءً مِنَ اللَّهِ. {مُحْتَضَرٌ}: يَحْضُرُونَ الْمَاءَ". 981 - وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {مُهْطِعِينَ}: النَّسَلاَنُ: الْخَبَبُ السِّرَاعُ. وقالَ غيرُهُ: {فَتَعاطى}: فَعاطَها بيَدِه فعَقَرَها. {المُحْتَظِرِ}: كَحِظارٍ مِنَ الشَّجَرِ مُحْتَرِقٍ. {ازْدُجِرَ}: افْتُعِلَ، مِنْ زَجَرْتُ. {كُفِرَ}: فَعَلْنَا بِهِ وَبِهِمْ مَا فَعَلْنَا جَزَاءً لِمَا صُنِعَ بِنُوحٍ وَأَصْحَابِهِ. {مُسْتَقِرٌّ}: عَذَابٌ حَقٌّ، يُقَالُ: (الأَشَرُ) الْمَرَحُ وَالتَّجَبُّرُ. 1 - بابٌ {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا} 1977 - عن عبدِ اللهِ [ابنِ مسعود] قالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم [بِمِنى. (627 - وفى روايةٍ معلَّقة: بمكَّةَ 4/ 243)]، فصارَ فِرْقَتَيْنِ [فِرْقَةً فوقَ الجَبَلِ، وفِرْقَةً دونَهُ]. فقالَ لنا: اشْهَدوا، اشْهَدوا. 2 - بابٌ {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ. وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}

_ 980 - وصله الفريابي. 981 - وصله ابن أبي حاتم بسند ضعيف عنه. 627 - هذه الرواية قد وصلها الطيالسي وغيره، ولا تعارض بينها وبين التي قبلها؛ لأن مني من مكة. أفاده الحافظ.

3 - باب {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}

982 - قالَ قَتادَةُ: أبْقى اللهُ سَفينَةَ نوحٍ حتَّى أدْرَكَها أوائِل هذهِ الأمَّةِ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود الآتي بعده). 3 - بابٌ {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} 983 - وقالَ مجاهدٌ: {يَسَّرْنا}: هَوَّنَّا قِراءَتَهُ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود الآتي بعده). 4 - بابٌ {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ. فَكَيْفَ كانَ عَذابِي ونُذُرِ} 1978 - عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً سَأَلَ الأَسْوَدَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أَوْ (مُذَكِّرٍ)؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ يَقْرَؤُهَا {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} قَالَ: وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَؤُهَا (وفي روايةٍ: قَرَأْتُ على النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ). فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم 6/ 53] [مِثْلَ قراءةِ العامَّةِ 4/ 106]: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} دَالاً. 5 - بابٌ {فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ. وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث الذي قبله). 6 - بابٌ {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ. فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ} (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً).

_ 982 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه وزاد: "على الجودي"، وأخرجه ابن أبي حاتم نحوه. 983 - وصله الفريابي.

7 - باب {ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر}

7 - بابٌ {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (قلتُ: أسند في الحديث المشار إليه آنفاً). 8 - بابُ قولهِ: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1289). 9 - بابُ قولهِ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} يعني: مِنَ المَرارَةِ. 1979 - عن يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ قَالَ: إِنِّى عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - بِمَكَّةَ، وَإِنِّى لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}. 55 - سورةُ {الرَّحْمن} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 984 - وقالَ غيرُ مجاهِدٍ: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ}: يُرِيدُ: لِسَانَ الْمِيزَانِ، و (الْعَصْفُ): بَقْلُ الزَّرْعِ إِذَا قُطِعَ مِنْهُ شَىْءٌ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ؛ فَذَلِكَ الْعَصْفُ. (وَالرَّيْحَانُ): فى كلامِ العربِ: الرِّزْقُ. و {الرَّيْحَانُ}: رزْقُهُ. {وَالْحَبُّ}: الَّذِى يُؤْكَلُ مِنْهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: و (الْعَصْفُ): يُرِيدُ الْمَأْكُولَ مِنَ الْحَبِّ، (وَالرَّيْحَانُ): النَّضِيجُ الَّذِى لَمْ يُؤْكَلْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: (الْعَصْفُ): وَرَقُ الْحِنْطَةِ.

_ 984 - وصله الفريابي كما تقدم في "بدء الخلق".

985 - وقالَ الضَّحَّاكُ: (العَصْفُ): التِّبْنُ. 986 - وقالَ أبو مالِكٍ: (العَصْفُ): أَوَّلُ ما يَنْبُتُ، تُسَمِّيهِ النَّبَطُ هَبُوراً. 987 - وقالَ مجاهدٌ: (العَصْفُ): وَرَقُ الحِنْطَةِ. و (الرَّيْحانُ): الرِّزْق. و (المارِجُ): اللَّهَبُ الأصْفَرُ والأخْضَرُ الذي يعلو النَّارَ إذا أُوقِدَتْ. وقالَ بعضُهُمْ عنْ مُجاهدٍ: {رَبُّ المَشْرِقَيْنِ}: لِلشَّمْسِ في الشَّتاءِ مَشْرِقٌ، ومَشْرِقٌ في الصَّيْفِ. {وَرَبُّ المَغْرِبينِ}: مَغْرِبُها في الشَّتاءِ والصَّيْفِ. {لَا يَبْغِيانِ}: لا يَخْتَلِطانِ. {المُنْشآتُ}: ما رفُع قِلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ، فأَمَّا ما لمْ يُرْفَعْ قِلْعُهُ فَلَيْسَ بمُنْشَأةٍ" (183). وقالَ مجاهِدٌ: {كَالفَخَّارِ} كَما يُصْنَعُ الفَخَّارُ. (الشُّواظُ): لَهَب مِنْ نارٍ". 988 - {خافَ مَقامَ رَبِّهِ}: يَهُمُّ بالمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ اللهَ عزَّ وجَلَّ فيَتْرُكُها (184). 989 - {مُدْهامَّتانِ}: سَوْداوانِ مِن الرَّيَّ". {صَلْصالٍ}: طِينٍ خُلِطَ بِرَمْل فَصَلْصَلَ ما يُصَلْصِلُ الفَخَّارُ، ويُقالُ: مُنْتِنٌ؛ يُريدُونَ بهِ صَلَّ (185)، يُقالُ: صَلْصالٌ كما يُقالُ: صَرَّ البابُ عِنْدَ الِإغْلاقِ وصَرْصَرَ، مِثْلُ كَبْكَبْتُهُ؛ يعْني: كَبَبْتُهُ. {فاكِهَةٌ ونَخْلٌ ورُمَّانٌ}: قالَ بعضُهُم: ليسَ الرُّمَّانُ والنَّخْلُ بالفاكِهَةِ، وأمَّا العَرَبُ؛ فإنَّها تَعُدُّها فاكهَةً؛ كقولهِ عزَّ وجلَّ: {حافِظوا عَلى الصَّلَواتِ والصَّلاةِ الوُسْطى}، فأمَرَهُمْ بالمُحافَظَةِ على كلِّ

_ 985 - وصله ابن المنذر عنه، وأخرجه ابن أبي حاتم بسند منقطع عن ابن عباس مثله. 986 - وصله عبد بن حميد عنه، وهو أبو مالك الغفاري، تابعي ثقة. 987 - وصله الفريابي. (183) قوله: "فليس بمنشأة"، ولأبي ذر: "بمنشآت". شارح. 988 - وصله الفريابي وعبد الرزاق عن مجاهد نحوه. (184) ثبت بعد قوله: "فيتركها" في "اليونينية": " (الشواظ): لهب من نار". شارح. 989 - وصله الفريابي عنه. (185) قوله: "يريدون به صل": اللحم يصل بالكسر صلولاً: أنتن. شارح.

1 - باب قوله: {ومن دونهما جنتان}

الصَّلواتِ، ثمَّ أعادَ العَصْرَ تَشْديداً لَها كَما أعيدَ النَّخْلُ والرُّمَّانُ، ومِثْلُها: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} , ثمَّ قالَ: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} , وقد، ذَكَرَهُمْ في أوَّلِ قولهِ: {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ}. وقالَ غيرُه: {أفْنانٍ}: أغْصانٍ. {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ}: ما يُجْتَنى قَريبٌ. 990 - وقالَ الحسنُ: {فَبِأَيَ آلاءِ}: نِعَمِهِ. 991 - وقالَ قَتادَةُ: {رَبَّكُما تُكَذِّبانِ}؛ يعني: الجِنَّ والِإنْسَ. 992 - وقالَ أبو الدَّرْداءِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُو في شَأْنٍ}؛ يغفِرُ ذَنْباً، ويَكْشِفُ كَرْباً، ويَرْفَعُ قَوْماً، ويَضَعُ آخَرينَ. 993 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: {ذُو الجَلالِ}: ذو العَظَمَةِ. وقالَ غيرهُ: (مَارِجٌ): خالِصٍ مِنَ النَّارِ، يُقالُ: مَرَجَ الأمير رعيَّتَةُ: إِذا خَلَاَّهُم يَعْدو بَعْضُهُم على بعضٍ، مَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ. (مَريجٌ): مُلْتَبِسٌ. {مَرَجَ}: اخْتَلَطَ البَحْرانِ، مِنْ مَرَجْتَ دابَّتَكَ: تَرْكَتَها. {سَنَفْرُغُ لَكُمْ}: سَنُحَاسِبُكُمْ، لاَ يَشْغَلُهُ شَىْءٌ عَنْ شَيْءٍ , وَهْوَ مَعْرُوفٌ فِى كَلاَمِ الْعَرَبِ , يُقَالُ: لأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ وَمَا بِهِ شُغْلٌ يَقُولُ: لآخُذَنَّكَ عَلَى غِرَّتِكَ. 1 - بابُ قولهِ: {ومِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث الآتي). 2 - بابٌ {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ}

_ 990 - وصله الطبري. 991 - وصله ابن أبي حاتم عنه. 992 - وصله البيهقي في "الشعب" عنه موقوفاً، ووصله المصنف في "التاريخ"، وابن ماجه وغيرهما عنه مرفوعاً. 993 - وصله ابن أبي حاتم بسند فيه انقطاع.

56 - {الواقعة}

994 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: {حُورِّ}: سُودُ الحَدَقِ. 995 - وقالَ مجاهِدٌ: {مَقْصوراتٌ}: مَحْبوساتٌ، قُصِرَ طَرْفُهُنَّ وأَنْفُسُهُنَّ على أَزْواجِهِنَّ. {قاصِراتٌ}: لا يَبغينَ غيرَ أَزْواجِهِنَّ. 1980 - عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ (وفى روايةٍ: طولُها في السماءِ ثلاثونَ 4/ 86) ميلاً , فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ , جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ؛ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذا (وفى راويةٍ: من ذَهَبٍ)؛ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِى جَنَّةِ عَدْنٍ». 56 - {الواقِعَةُ} بِسْمَ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ 996 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {رُجَّتْ}: زُلْزِلَتْ. {بُسَّتْ}: فُتَّتْ , لُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّوِيقُ، {ثُلَّةٌ}: أُمَّةٌ. {يَحْمُومٍ}: دُخَانٌ أَسْوَدُ. {يُصِرُّونَ}: يُدِيمُونَ. {الْهِيمُ}: الإِبِلُ الظِّمَاءُ. {لَمُغْرَمُونَ}: لَمُلْزَمُونَ. {وَرَيْحَانٌ}: الرِّزْقُ. {وَنَنْشَئَكُمْ}: فِى أَىِّ خَلْقٍ نَشَاءُ. وقالَ غيرُهُ: {تَفَكَّهونَ}: تَعْجَبونَ. وَقَالَ فِى {خَافِضَةٌ}: لِقَوْمٍ إِلَى النَّارِ، وَ {رَافِعَةٌ}: إِلَى الْجَنَّةِ، {مُتْرَفينَ}: مُتَمَتَّعينَ.

_ 994 - وصله ابن المنذر. 995 - وصله الفريابي. 996 - وصله الفريابى.

1 - باب قوله: {وظل ممدود}

{مَدِينينَ}: مُحاسَبينَ. {ما تُمْنونَ}: هِيَ النُّطْفَةُ في أرْحامِ النِّساءِ. {للْمُقْوِينَ}: للمُسافِرينَ. {القِىُّ}: القَفْرُ. {بِمواقعِ النُّجومِ}: بمُحْكَمِ القُرْآنِ، ويُقالُ: بِمَسْقِطِ النُّجومِ إذا سَقَطْنَ، ومواقعُ ومَوْقعٌ واحدُ. {مُدْهِنونَ}: مكذِّبونَ، مثلُ: {لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنونَ}. {فَسلامٌ لَكَ}؛ أي: مُسَلَّمُ لكَ إنَّكَ مِنْ أصحابِ اليَمينِ، وأُلغِيَتْ (إنَّ)، وهو معناها، كما تقول: أَنتَ مُصَدَّقٌ مُسافِرٌ عنْ قَليلٍ، إذا كانَ قدْ قالَ: إنَّي مُسافِرٌ عنْ قَليلٍ، وقدْ يكونُ كالدُّعاءِ لهُ؛ كقولِكَ: فَسَقْياً مِنَ الرَّجالِ، إنْ رفَعْتَ السَّلامَ فهو مِن الدُّعاءِ. {تُورُونَ}: تَسْتَخْرِجونَ، أوْرَيْتُ: أوْقَدْتُ. {لَغْواً}: باطِلاً. {تَأْثيماً}: كَذِباً. 1 - بابُ قَوْلهِ: {وظِلٍّ مَمْدُودٍ} 1981 - عن أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه يبلغ به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ في الجنَّة شجرةً يسيرُ الراكبُ في ظلِّها مئةَ عامٍ لا يقطعُها، واقرأوا إنْ شئْتُم: {وظلٍّ ممدود} ". 57 - {الحَديدُ} بِسَّمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 997 - قالَ مجاهِدٌ: " {وَجَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفينَ}: مُعَمَّرينَ فيهِ. {مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}: مِنَ الضَّلالَةِ إلى الهُدى. {وَمَنافعٌ للنَّاسِ}: جُنَّةٌ وسِلاحُ". {مَوْلاَكُمْ}: أَوْلَى بِكُمْ. {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ}: لِيَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ , يُقَالُ: {الظَّاهِرُ}: عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، و {الْبَاطِنُ}: عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا. {أَنْظِرُونَا} (186): انْتَظِرُونَا.

_ 997 - وصله الفريابي. (186) بقطع الهمزة مفتوحة وكسر الظاء، وهي قراءة حمزة.

58 - {المجادلة}

58 - {المُجادَلَةُ} 998 - وقالَ مُجاهِدٌ: {يُحادُّونَ}: يُشاقُّونَ اللهَ. {كُبِتُوا}: أُخْزِيُوا مِنَ الخِزْيِ. {اسْتَحْوَذَ}: غلَبَ. 59 - {الحَشْرُ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1 - بابٌ (الجَلاءُ): الإخْراجُ مِنْ أرْضٍ إِلى أَرْضٍ. 1982 - عن سعيدِ بنُ جُبَيْرٍ قالَ: قلتُ لابنِ عبَّاسٍ: سورةُ {التَّوْبَةِ}؟ قالَ: {التَّوْبَةُ} هيَ الفاضِحَةُ، ما زالَتْ تَنْزِلُ ومِنْهُمْ ومِنْهُم حتَّى ظنُّوا أنَّها لمْ تُبْقِ أحداً مِنْهُم إِلَّا ذُكِرَ فيها. قالَ: قلتُ: سورةُ {الأنْفالِ}؟ قال: نَزَلَتْ في بَدْرٍ. قالَ: قُلْتُ: سورةُ {الحَشْرِ}؟ قالَ: نَزَلَتْ في بَني (وفي روايةٍ: قلْ: سورةُ بني 5/ 22) النَّضيرِ. 2 - بابُ قولِهِ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}: نَخْلَةٍ مَا لَمْ تَكُنْ عَجْوَةً أَوْ بَرْنِيَّةً. 3 - بابٌ {مَا أفاءَ اللهُ على رسولهِ} (قلتُ: أسند فيه حديث عمر المتقدم ج 2/ رقم 1346).

_ 998 - وصله الفريابي.

4 - باب {وما آتاكم الرسول فخذوه}

4 - بابٌ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} 1983 - عن عبدِ اللهِ قالَ: لعَنَ اللهُ الواشِماتِ (187)، والمُوتَشِماتِ (وفي روايةٍ: والمُسْتَوْشِماتِ 7/ 62)، والمُتَنَمِّصاتِ، والمُتَفَلِّجاتِ للحُسْنِ، المُغَيِّراتِ خَلْقَ اللهِ. فبَلَغَ ذلك امْرأةً مِنْ بَني أسَدٍ، يُقالُ لها: أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِى أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ. فَقَالَ وَمَا لِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ هُوَ فِى كِتَابِ اللَّهِ؟! فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ. فقالَ: [واللهِ 7/ 63] لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ؛ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟ قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ. قَالَتْ: فَإِنِّى أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ. قَالَ: فَاذْهَبِى فَانْظُرِى، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا (188)، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعَتْنَا. (وفي روايةٍ عنه رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: لعَنَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الواصِلَةَ) (189). 5 - بابٌ {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عمر المتقدم برقم 1573).

_ (187) (الوشم): غرز إبرة في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة حتى يسيل منه الدم، ثم يحشى ذلك الموضع بكحل أو نيل، ففاعل هذا واشمة، والمفعول بها موشومة وموتشمة، فإن طلبت فعل ذلك؛ فهي مستوشمة. و (التنمص): إزالة الشعر من الوجه مأخوذ من المنماص، وهو المنقاش. و (التفلج): برد الأسنان والثنايا والرباعيات بالمبرد. (188) أي: من الذي ظنت أن زوج ابن مسعود تفعله. (189) هي التي تصل شعرها بآخر تكثره به. اهـ من الشارح. قلت: والشعر المستعار الذي هو في صورة القلنسوة تضعه المرأة اليوم مما يسمى ب (الباروكة)، منهيٌّ عنه من باب أولى؛ لأنه أشد تغييراً لخلق الله كما هو ظاهر.

6 - باب قوله: {ويؤثرون على أنفسهم} الآية.

6 - بابُ قوله: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآية. (الخَصاصَةُ): الفاقَةُ. {المُفْلِحونَ}: الفائِزونَ بِالخُلود. (الفلاحُ): البقاءُ. (حَيَّ على الفَلاحِ): عَجِّلْ. 999 - وقالَ الحَسَنُ: {حاجَةً}: حَسَداً. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "63 - المناقب/ 10 - باب"). 60 - {المُمْتَحِنَةُ} 1000 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً}: لاَ تُعَذِّبْنَا بِأَيْدِيهِمْ فَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَؤُلاَءِ عَلَى الْحَقِّ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا". 1001 - {بِعِصَمِ الكَوافِرِ}: أُمِرَ أَصحابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بفراقِ نِسائِهِمْ؛ كُنَّ كوافِرَ بمَكَّةَ. 1 - بابٌ {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} (قلتُ: أسند فيه حديث علي المتقدم برقم 1693). 2 - بابٌ {إِذا جاءَكُمُ المؤمِناتُ مُهاجِراتٍ} (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة الآتي "68 - كتاب الطلاق/ 19 - باب".

_ 999 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه، والمحاملي في الثاني من "الأمالي" بسند آخر عنه. 1000 - وصله الفريابي وعبد بن حميد والطبري بسند صحيح عنه، وأخرجه الحاكم عنه عن ابن عباس، فزاد ابن عباس، وهي زيادة شاذة لا تصح كما رجحه الحافظ. 1001 - وصله الفريابي عنه.

3 - باب {إذا جاءك المؤمنات يبايعنك}

3 - بابٌ {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} 1984 - عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَرَأَ عَلَيْنَا أَنْ: {لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا} , وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ [منَّا 8/ 125] يَدَهَا (190) , فَقَالَتْ: أَسْعَدَتْنِى فُلاَنَةُ (191) , [وَأَنا] أُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا. فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئًا (192) , فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ فَبَايَعَهَا [فَمَا وَفَتْ مِنَّا امْرَأَةٌ غَيْرَ خَمْسِ نِسْوَةٍ: أُمِّ سُلَيْمٍ، وَأُمِّ الْعَلاَءِ، وَابْنَةِ أَبِى سَبْرَةَ امْرَأَةِ مُعَاذٍ، وَامْرَأَتَيْنِ، أَوِ ابْنَةُ أَبِى سَبْرَةَ وَامْرَأَةِ مُعَاذٍ وَامْرَأَةٍ أُخْرَى 2/ 86]. 1985 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ في قولِهِ: {ولا يَعْصِينَكَ في مَعْروفٍ}؛ قالَ: إِنما هُوَ شَرْطٌ شَرَطَهُ اللهُ للنِّساءِ.

_ (190) يعني: عند المبايعة، بعد أن مدتها لمبايعته - صلى الله عليه وسلم؛ فقد كانت المبايعة بمد الأيدي، وليس بالمصافحة كما يتوهم البعض من المعاصرين، ففي رواية أخرى عن أم عطية في هذه القصة: "فمد يده - صلى الله عليه وسلم من خارج البيت، ومددنا أيدينا من داخل البيت"، رواه ابن حبان وغيره، وله شاهد يقويه خرجته في "الصحيحة" تحت الحديث (539)، ومما يؤيد ذلك أن النساء في هذه القصة قلن للنبي - صلى الله عليه وسلم -: هلم نبايعك. قال سفيان: تعني: صافحنا. وفي روايةٍ: قلنا: يا رسول الله! ألا تصافحنا؟ وإسنادها صحيح. زاد في أخرى: "ولم يصافح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منا امرأة"، وفي هذه القصة قال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أصافح النساء". انظر الحديث المشار إلى رقمه آنفاً. (191) أي: قامت معي في نياحة على ميت لي في الجاهلية، فلا بد أن أسعدها أنا. وقد حقق الحافظ رحمه الله تعالى أن إذن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لها بذلك إنما كان قبل تحريم النياحة، فراجعه إن شئت الزيادة. (192) كذا في رواية المصنف، وهي من رواية حفصة بنت سيرين عن أم عطية، لكن في رواية مسلم (3/ 46) عنها: "فقلت: يا رسول الله! إلا آل فلان؛ فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية، فلا بدَّ لي من أن أسعدهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إلا آل فلان". ويؤيدها رواية محمد بن سيرين عن أم عطية بلفظ: "اذهبي فأسعديها"، رواه النسائي (2/ 183 - 184)، وسنده صحيح.

61 - سورة {الصف}

61 - سورةُ {الصَّفِّ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1002 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَنْ أَنْصَارِى إِلَى اللَّهِ}: مَنْ يَتَّبِعُنِى إِلَى اللَّهِ. 1003 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَرْصُوصٌ}: مُلْصَقٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: بِالرَّصَاصِ. 1 - بابُ قولهِ تعالى: {مِنْ بَعْدي اسمُهُ أَحْمَدُ} (قلتُ: أسند فيه حديث جبير بن مطعم المتقدم برقم 1502). 62 - سورةُ {الجُمُعَةِ} 1 - باب قَوْلُهُ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} 1004 - وَقَرَأَ عُمَرُ: {فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}. 1986 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}. قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا، وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِىُّ، وَضَعَ رَسُولُ

_ 1002 - وصله الفريابي. 1003 - وصله ابن أبي حاتم. 1004 - وصله الطبري وسعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه.

2 - باب {وإذا رأوا تجارة}

اللهِ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا؛ لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاَءِ». 2 - بابٌ {وإذا رَأوْا تِجارَةً} (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم في "11 - كتاب/ 37 - باب"}. 63 - سورَةُ {المُنافِقينَ} 1 - بابُ قَوْلِهِ: {إذا جاءَكَ المُنافِقونَ قَالوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسولُ اللهِ} إِلى {لَكاذِبونَ} (قلتُ: أسند فيه حديث زيد بن أرقم الآتي بعد). 2 - بابٌ {اتَّخَذوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً}: يَجْتَنُّونَ بها. 1987 - عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ - رضى الله عنه - قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَمِّى [في غَزاةٍ 6/ 63] (وفى روايةٍ: خرَجْنا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ أصابَ الناسَ فيهِ شدَّةٌ)، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ: {لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا [مِنْ حَوْلِهِ 6/ 63]} , وَقَالَ أَيْضًا: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} , فَذَكَرَ عَمِّى لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، [فدَعاني , فحدَّثْتُهُ] [فلامَنى الأنْصارُ] , فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَىٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا [ذلك] (وفي روايةٍ: فَسَأَلَهُ فاجْتَهَدَ يَمينَهُ ما فَعَلَ 6/ 65] , [قالوا: كذب زيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 6/ 65]، فَصَدَّقَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَكَذَّبَنِى، فَأَصَابَنِى هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِى مِثْلُهُ [قَطُّ] , فَجَلَسْتُ فِى بَيْتى , [فقالَ لي عمِّي: ما أردْتَ إِلى أنْ كَذَّبَكَ

3 - باب قوله: {ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون}

رسولُ اللهِ ومَقَتَكَ؟!]، [فنِمْتُ]، فأنْزلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {إِذا جَاءَكَ المُنافِقونَ} إِلى قوْلهِ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ} إلى قولهِ: {لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْها الأذَلَّ}، فأَرْسَلَ إليَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم، [فأَتَيْتُهُ]، فقَرَأَها عليَّ، ثمَّ قالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ صَدَّقَكَ [يا زيدُ]! [فَدَعَاهُمُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ , فَلَوَّوْا رُءُوسَهُمْ] , وَقَوْلُهُ: {خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ}؛ قَالَ: كَانُوا رِجَالاً أَجْمَلَ شَيْءٍ]. 3 - بابُ قَوْلهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} (قلتُ: أسند فيه الحديث الذي قبله). 4 - بابٌ {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (قلتُ: أسند فيه الحديث الذي قبله). 5 - بابُ قولهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}: حرَّكوا , اسْتَهْزَؤُوا بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم، وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفيفِ مِنْ (لَوَيْتُ). (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 6 - بابُ قولِهِ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1497).

7 - باب قوله: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا} ويتفرقوا {ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون}

7 - بابُ قَوْلهِ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} ويَتَفَرَّقوا {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ} 1988 - عن أَنَسِ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالْحَرَّةِ , فَكَتَبَ إِلَىَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ -وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِي- يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ، وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، -وَشَكَّ ابْنُ الْفَضْلِ- فِى أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، فَسَأَلَ أَنَسًا بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ؟ فَقَالَ: هُوَ الَّذِى يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هَذَا الَّذِى أَوْفَى اللَّهُ لَهُ بِأُذُنِهِ (193). 8 - بابٌ {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1497). 64 - سُورةُ {التَّغابُنِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1005 - وقالَ عَلْقَمَةُ عنْ عبدِ اللهِ [ابن مسعود]: " {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}: هو الَّذى إذا أصابَتْهُ مُصيبَةٌ رَضِيَ بِها وعَرَفَ أنَّها مِنَ اللهِ".

_ (193) أي: يسمعه، وهو بضم الهمزة والذال المعجمة، ويجوز فتحها؛ أي: أظهر صدقه فيما أعلَمَ به، والمعنى: أوفى صدقه. 1005 - وصله البرقاني عنه عن عبد الله، ووصله عبد الرزاق والفريابي والطبري عنه، لم يذكر عبد الله.

65 - سورة {الطلاق}

1006 - وقالَ مُجاهِدٌ: " {التَّغابُنُ}: غَبْنُ أهْلِ الجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ. {إنِ ارْتبتُمْ}: إِنْ لَمْ تَعْلَموا أَتَحيضُ أمْ لا تَحيضُ، فاللَاَّئي قَعَدْنَ عَنِ المَحيضِ واللَّائي لَمْ يَحِضْنَ بَعْدُ فَعِدَّتُهُن ثَلاثةُ أشْهُرٍ". 65 - سورةُ {الطَّلاقِ} 1007 - [وقالَ مُجاهِدٌ] (194): " {وَبالَ أمْرِها}: جزاءَ أمْرِها". (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي "68 - الطلاق/ 43 - باب"). 1 - بابٌ {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}. {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ}: وَاحِدُهَا ذَاتُ حَمْلٍ. 1989 - عنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: أَفْتِنِى فِى امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الأَجَلَيْنِ. قُلْتُ أَنَا: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِى -يَعْنِى أَبَا سَلَمَةَ-، فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلاَمَهُ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا؟ فَقَالَتْ: قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهْىَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ، فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ [بنُ بَعْكَك] فيمَنْ خَطَبها [فَأَبَتْ أَنْ تَنْكِحَهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ؛ مَا يَصْلُحُ أَنْ تَنْكِحِيهِ حَتَّى تَعْتَدِّى آخِرَ الأَجَلَيْنِ , فَمَكَثَتْ قَرِيبًا مِنْ عَشْرِ لَيَالٍ، ثُمَّ جَاءَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: انْكِحِى

_ 1006 - وصله الفريابي وعبد بن حميد. 1007 - وصله عبد بن حميد. (194) سقطت من الأصل، واستدركتها من "الفتح".

66 - سورة {التحريم}

6/ 182] (195). 628 - عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنْتُ فِى حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ، فَذَكَرَ آخِرَ الأَجَلَيْنِ , فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ. قَالَ: فَضَمَّزَ (196) لِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ. قَالَ مُحَمَّدٌ: فَفَطِنْتُ لَهُ , فَقُلْتُ: إِنِّى إِذًا لَجَرِىءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهْوَ فِى نَاحِيَةِ الْكُوفَةِ، فَاسْتَحْيَى، وَقَالَ: لَكِنَّ عَمَّهُ لَمْ يَقُلْ ذَاكَ، فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ، فَسَأَلْتُهُ؟ فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِى حَدِيثَ سُبَيْعَةَ، فَقُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (197) فِيهَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلاَ تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ؟ لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}. 66 - سورةُ {التَّحْريمِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1 - بابٌ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}

_ (195) قلت: وقد مضى الحديث عن سبيعة نفسها معلقاً بأتم مما هنا (رقم 578)، وانظر التعليق عليه. 628 - هذا صورته صورة المعلق عند المصنف، وقد وصله الطبراني والبيهقي، وقد مضى موصولاً (5/ 161) من طريق أخرى عن محمد، وهو ابن سيرين. (196) أي: عض شفته غمزاً كما في الشارح، وروي: "فضَمَّزَني"؛ بالتشديد وزيادة النون بدل اللام؛ أي: أسكتني، وهو أشبه الروايات على ما ذكره العيني. قوله: "فاستحى" إلخ: المستحيي ابن أبي ليلى، كما أن المستدرك هو أيضاً. وأما قوله: "فلقيت"؛ فمن مقول محمد بن سيرين على ما أفاده الشارح القسطلاني. (197) هو ابن مسعود رضي الله عنه.

2 - باب {تبتغي مرضاة أزواجك}، {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم}

1990 - عن ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: في الحَرامِ يُكَفِّرُ (وفي روايةٍ: إِذا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ ليسَ بشيءٍ 6/ 166). وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة الآتي في "68 - الطلاق/ 7 - باب"). 2 - بابٌ {تَبْتَغي مَرْضاةَ أَزْواجِكَ}، {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (قلتُ: أسند فيه حديث عمر الطويل في اعتزاله نساءَه، وقد مضى). 3 - بابٌ {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} 629 - فيه عائشة عنِ النَّبىِّ - صلى الله عليه وسلم. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عمر المشار إليه آنفاً). 4 - بابُ قولِهِ: {إِنْ تَتُوبا إِلى اللهِ فَقَدْ صَغَت قُلوبُكُما}: صَغَوْتُ وَأَصْغَيْتُ: مِلْتُ. {لِتَصْغى}: لِتَميلَ. {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}: عوْنٌ {تَظاهَرونَ}: تَعاوَنُونَ 1008 - وقالَ مجاهدٌ: " {قُوا أَنْفسَكمْ وأَهْليكمْ}: أَوْصوا أَنْفُسَكم وأَهْليكُمْ بتَقْوَى اللهِ

_ 629 - يشير إلى حديثها المشار إليه قبل باب. 1008 - وصله الفريابي.

5 - باب قوله: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا}

وَأَدِّبُوهُمْ". (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عمر المشار إليه آنفاً). 5 - بابُ قَوْلِهِ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} (قلتُ: أسندَ فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم في "ج 1/ 8 - كتاب/ 32 - باب"). 67 - سُورَةُ {تَبارَكَ الَّذي بِيَدِهِ المُلْكُ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ (التَّفَاوُتُ): الاِخْتِلاَفُ، وَالتَّفَاوُتُ وَالتَّفَوُّتُ وَاحِدٌ. {تَمَيَّزُ}: تَقَطَّعُ. {مَنَاكِبِهَا}: جَوَانِبِهَا. {تَدَّعُونَ}: وَتَدْعُونَ مِثْلُ {تَذَّكَّرُونَ} وَتَذْكُرُونَ. {وَيَقْبِضْنَ}: يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ. 1009 - وقالَ مُجَاهِدٌ: {صَافَّاتٍ}: بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ، {وَنُفُورٍ}: الْكُفُورُ". 68 - سُورَةُ {ن وَالْقَلَمِ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1010 - وَقالَ ابنُ عَباس: " {يَتَخافَتُونَ}: يَنْتَجُونَ السِّرارَ وَالكَلامَ الخَفِىَّ".

_ 1009 - وصله الفريابي. 1010 - يأتي في التوحيد.

1 - باب {عتل بعد ذلك زنيم}

1011 - وَقالَ قَتادَةُ: " {حَرْدٍ} جِدٍّ في أنْفُسِهِمْ". 1012 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: {لَضَالُّونَ}: أَضْلَلْنا مكانَ جَنَّتِنا". وَقَالَ غَيْرُهُ: {كَالصَّرِيمِ}: كَالصُّبْحِ انْصَرَمَ مِنَ اللَّيْلِ، وَاللَّيْلِ انْصَرَمَ مِنَ النَّهَارِ، وَهْوَ أَيْضًا كُلُّ رَمْلَةٍ انْصَرَمَتْ مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ. و (الصَّرِيمُ) أَيْضًا: الْمَصْرُومُ؛ مِثْلُ قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ. 1 - بابٌ {عُتُلٍّ بَعْدَ ذلكَ زَنيمٍ} 1991 - عنِ ابنِ عَبَّاس رضيَ اللهُ عَنْهُما: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} [القلم: 13]؛ قالَ: "رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ زَنَمَةٌ مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ" (198). 1992 - عن حارِثَةَ بنِ وَهْبٍ الخُزاعيُّ؛ قالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "ألا أخْبرُكُمْ بِأهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ (199) (وفي روايةٍ: مُتَضاعِفٍ 7/ 90)، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ؟ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ". 2 - بابٌ {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سعيد الآتي في "97 - التوحيد/ 24 - باب").

_ 1011 - وَصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه نحوه. 1012 - وصله ابن أبي حاتم. (198) هي هنة مدلاة في حلق الشاة كالملحقة بها. "نهاية". (199) بكسر العين؛ أي: متواضع خامل، وبفتحها؛ أي: الذي يستضعفه الناس ويحتقرونه. و (الجوَّاظ): الشديد الصوت في الشر.

69 - سورة {الحاقة}

69 - سورةُ {الحَاقَّةِ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}: يُرِيدُ فِيهَا الرِّضَا. {الْقَاضِيَةَ}: الْمَوْتَةَ الأُولَى الَّتِى مُتُّهَا ثُمَّ أُحْيَى (*) بَعْدَهَا. {مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}: أَحَدٌ يَكُونُ لِلْجَمْعِ وَلِلْوَاحِدِ. 1013 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (الْوَتِينَ) نِيَاطُ الْقَلْبِ. 1014 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {طَغَى}: كَثُرَ. وَيُقَالُ: {بِالطَّاغِيَةِ}: بِطُغْيَانِهِمْ، وَيُقَالُ: طَغَتْ عَلَى الْخَزَّانِ كَمَا طَغَى الْمَاءُ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ. 70 - سُورَةُ {سَألَ سَائِلٌ} (الْفَصِيلَةُ): أَصْغَرُ آبَائِهِ الْقُرْبَى، إِلَيْهِ يَنْتَمِى مَنِ انْتَمَى. {لِلشَّوَى}: الْيَدَانِ وَالرِّجْلاَنِ وَالأَطْرَافُ وَجِلْدَةُ الرَّأْسِ، يُقَالُ لَهَا: شَوَاةٌ، وَمَا كَانَ غَيْرَ مَقْتَلٍ فَهُوَ شَوًى. و (الْعِزُونَ): الْجَمَاعَاتُ، وَوَاحِدُهَا عِزَّةٌ.

_ (*) وفي رواية أبي ذر: "لم أحيَ بعدها"، وهو الأصح كما في "الفتح". 1013 - وصله الفريابي والأشجعي والحاكم (2/ 501)، وقال: "صحيح الإِسناد"، ووافقه الذهبي، ثم الحافظ. ورواه ابن أبي حاتم من طريق أخرى منقطعة عنه. 1014 - رواه ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه.

71 - سورة {إنا أرسلنا}

71 - سُورَةُ {إِنَّا أرْسَلْنا} {أَطْوَارًا}: طَوْرًا كَذَا , وَطَوْرًا كَذَا، يُقَالُ: عَدَا طَوْرَهُ. أَىْ: قَدْرَهُ، و (الْكُبَّارُ) أَشَدُّ مِنَ الْكُبَارِ، وَكَذَلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ، لأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً، و (كُبَّارٌ الْكَبِيرُ)، و (كُبَارًا) أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ، وَحُسَانٌ مُخَفَّفٌ، وَجُمَالٌ مُخَفَّفٌ، {دَيَّارًا}: مِنْ دَوْرٍ، وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنَ الدَّوَرَان. 1015 - كَمَا قَرَأَ عُمَرُ: {الْحَىُّ الْقَيَّامُ}: وَهْىَ مِنْ (قُمْتُ). وَقَالَ غَيْرُهُ: {دَيَّارًا}: أَحَدًا. {تَبَارًا}: هَلاَكًا. 1016 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مِدْرَارًا}: يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا". 1017 - {وَقاراً}: عَظَمَةً. 1 - بابٌ {وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ} 1993 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما: صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِى كَانَتْ فِى قَوْمِ نُوحٍ فِى الْعَرَبِ بَعْدُ، أَمَّا (وُدٌّ) كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَأَمَّا (سُوَاعٌ) كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا (يَغُوثُ) فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لِبَنِى غُطَيْفٍ بِالْجُوُفِ (200) عِنْدَ سَبَأَ، وَأَمَّا (يَعُوقُ) فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا (نَسْرٌ) فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لآلِ ذِى الْكَلاَعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا

_ 1015 - مضى ذكر من وصله (2/ 42). 1016 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 1017 - وصله سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عنه أيضاً. (200) هو المطمئن من الأرض، أو واد باليمن، ولأبي ذر عن الكشميهني: "بالجرف"؛ بضم الجيم والراء، أفاده العينيّ.

72 - سورة {قل أوحي إلي}

إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِى كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ؛ عُبِدَتْ. 72 - سُورَةُ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} 1018 - قالَ ابن عباس: " {لِبَداً}: أعْواناً". 1994 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ [إلى قومِهِمْ 1/ 187] فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالَ: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلاَّ مَا [وفي روايةٍ: شيءٌ] حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِى حَدَثَ؟ فَانْطَلَقُوا، فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِى حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ؟ قَالَ: فَانْطَلَقَ [أولئك] الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم [وهُو] بِنَخْلَةَ، وَهْوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهْوَ يُصَلِّى بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الْفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ تَسَمَّعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا الَّذِى حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ [حينَ] رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا. يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم: {قُلْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ}، وَإِنَّمَا أُوحِىَ إِلَيْهِ قَوْلُ الْجِنِّ (201).

_ 1018 - هو عند الترمذي في آخر حديث ابن عباس المذكور في هذا الباب، ووصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عن ابن عباس هكذا. (201) قلت: هذا الحديث مما استدركه الحاكم (2/ 503) على الشيخين، فوهم على المصنف؛ لأنه قد أخرجه كما ترى، بل وسياقه أتم من سياق الحاكم!

73 - سورة {المزمل}

73 - سُورَةُ {الْمُزَّمِّلِ} 1019 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَتَبَتَّلْ}: أَخْلِصْ". 1020 - وَقَالَ الْحَسَنُ: {أَنْكَالاً}: قُيُودًا. {مُنْفَطِرٌ بِهِ}: مُثْقَلَةٌ بِهِ". 1021 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " {كَثِيبًا مَهِيلاً}: الرَّمْلُ السَّائِلُ". 1022 - {وَبِيلاً}: شَدِيدًا. 74 - سُورَةُ {الْمُدَّثِّرِ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 1023 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَسِيرٌ}: شَدِيدٌ. 1024 - {قَسْوَرَةٍ}: رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ". 1025 - وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ "الأَسَدُ". وَكُلُّ شَدِيدٍ قَسْوَرَةٌ. {مُسْتَنْفِرَةٌ}: نَافِرَةٌ مَذْعُورَةٌ.

_ 1019 - وصله الفريابي وغيره، وتقدم في "قيام الليل". 1020 - وصله عبد بن حميد والطبري. 1021 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه، ورواه الحاكم (2/ 505 - 506) من طريق أخرى عنه نحوه وصححه، ورده الذهبي بأن فيه شبيب بن شيبة؛ ضعَّفوه. 1022 - وصله الطبري بسند منقطع عنه. 1023 - وصله ابن أبي حاتم عنه. 1024 - وصله سفيان بن عيينة عنه أيضاً، وسنده صحيح. 1025 - وصله عبد بن حميد والبزار.

1 - باب قوله {قم فأنذر}

1995 - عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ: سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}. قُلْتُ: يَقُولُونَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ}. فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما عَنْ ذَلِكَ، وَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ الَّذِى قُلْتَ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ قَالَ: «جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِى هَبَطْتُ، [فاسْتَبْطَنْتُ الوادى 6/ 75] , فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ عَنْ شِمَالِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ أَمَامِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ خَلْفِى فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَرَأَيْتُ شَيْئًا، (ومن طريق أخرى عن أَبي سَلَمَةَ ابنِ عبدِ الرحمنِ عنهُ قالَ [رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم 6/ 89]: وهُو يحَدِّث عن فَتْرَةِ الوَحْيِ، فقالَ فى حديثِهِ: بَيْنَما أَنَا أَمْشِى سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ 1/ 4) فرفعتُ رأسي (وفى روايةٍ: بَصَرِى قِبَلَ السَّمَاءِ , فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِى جَاءَنِى بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِىٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجُئِثْتُ (202) (وفى روايةٍ أخرى: فَرُعِبْتُ مِنْهُ , حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ 6/ 75 - 76) , فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلْتُ: دَثِّرُونِى (وفى روايةٍ: زَمِّلوني زَمِّلوني) وَصُبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا، قَالَ: فَدَثَّرُونِى , (وفى روايةٍ: فزَمَّلوني) , وَصَبُّوا عَلَىَّ مَاءً بَارِدًا , فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ. قُمْ فَأَنْذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ. [وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ. وَالرُّجْزَ (*) فَاهْجُرْ]} [قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلاةُ] , [قالَ أَبو سَلَمَة: (والرِّجْزُ): الَأوْثانُ [التي كانَ أَهْلُ الجاهِلِيَّةِ يَعْبُدونَ، قالَ] ثُمَّ حَمِيَ الوَحْيُ وتَتابَعَ]. 1 - بابُ قولِهِ {قُمْ فَأَنْذِرْ}

_ (202) على صيغة المجهول، من (الجأث)، وهو الفزع، والرواية الأخرى تفسره. (*) و (الرِّجز) بالكسر، وهو العذاب كما يأتي في الباب (5)، وقرأ حفص عن عاصم بضم الراء. قال أبو عبيدة: هما بمعنى، ويروى عن مجاهد والحسن بالضم: اسم الصنم، وبالكسر: اسم العذاب؛ كما في "الفتح".

2 - باب {وربك فكبر}

(قلتُ: أسند فيه حديث جابر الذي قبله). 2 - بابٌ {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المشار إليه آنفاً). 3 - بابٌ {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المشار إليه آنفاً). 4 - بابٌ {وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ}؛ يُقال: الرِّجْزُ والرِّجْسُ: العَذابُ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المشار إليه آنفاً). 75 - سُوَرةُ {الْقِيَامَةِ} 1 - بابُ قَوْلِهِ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} 1026 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {سُدًى}: هَمَلاً. {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ}: سَوْفَ أَتُوبُ، سَوْفَ أَعْمَلُ. {لاَ وَزَرَ}: لاَ حِصْنَ. 2 - بابٌ {إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقرْآنَهُ} 3 - بابٌ {فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} 1027 - قالَ ابنُ عَباسٍ: " {قَرَأْناهُ}: بَيَّنَّاهُ. {فاتَّبِعْ}: اعْمَلْ بهِ".

_ 1026 - وصله الطبري بسند ضعيف عنه. 1027 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه، وسيأتي في الباب عن ابن عباس تفسيره بشيء آخر.

76 - سورة {هل أتى على الإنسان}

1996 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى قَوْلِهِ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}؛ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ عليهِ بِالْوَحْىِ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ [ووصَفَ سُفْيانُ (203): يُريدُ أَنْ يَحْفَظَهُ] [يَخْشى أَنْ يَتَفَلَّتَ منهُ] فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، [فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أُحَرِّكُهُمَا لَكَ كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحَرِّكُهُمَا، فَقَالَ سَعِيدٌ أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ 8/ 208] , فَأَنْزَلَ اللَّهُ الآيَةَ الَّتِى فِى {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}. قَالَ: عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِى صَدْرِكَ، {وَقُرْآنَهُ}: [أَنْ تَقْرَأَهُ] , {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} [يَقُولُ: أُنْزلَ عليهِ] {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} [قال 1/ 4]: فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ [لهُ وأَنْصِتْ] {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}: عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ. قَالَ: فَكَانَ [رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بعدَ ذلك] إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ (وفى روايةٍ: استَمَعَ)، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللَّهُ (وفى روايةٍ: كما أَقْرَأَهُ). {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}: تَوَعُّدٌ. 76 - سُورَةُ {هَلْ أَتى عَلى الِإنْسانِ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يُقالُ: معناهُ: أَتى على الِإنْسانِ. و {هَلْ}: تكون جَحْداً، وتكونُ خَبَراً، وهذا مِنَ الخَبَرِ، يقولُ: كانَ شيئاً فَلَمْ يكنْ مَذْكوراً، وذلكَ مِن حينِ خَلَقَهُ مِن طينٍ،

_ (203) أي: كيفية التحريك، وقوله: "يريد" إلخ: بيان لِإرادته عليه السلام بهذا التحريك حفظ القرآن.

77 - {والمرسلات}

إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ. {أَمْشَاجٍ}: الأَخْلاَطُ , مَاءُ الْمَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ , الدَّمُ وَالْعَلَقَةُ، وَيُقَالُ إِذَا خُلِطَ: مَشِيجٌ؛ كَقَوْلِكَ لهُ: خَلِيطٌ، وَمَمْشُوجٌ؛ مِثْلُ مَخْلُوطٍ، وَيُقَالَ: {سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً} , وَلَمْ يُجْزْهُ (204) بَعْضُهُمْ، {مُسْتَطِيرًا}: مُمْتَدًّا الْبَلاَءُ , و (الْقَمْطَرِيرُ): الشَّدِيدُ، يُقَالَ: يَوْمٌ قَمْطَرِيرٌ، وَيَوْمٌ قُمَاطِرٌ، و (الْعَبُوسُ) و (الْقَمْطَرِيرُ) وَالْقُمَاطِرُ وَالْعَصِيبُ: أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الأَيَّامِ فِى الْبَلاَءِ. 1028 - وَقَالَ مَعْمَرٌ: " {أَسْرَهُمْ}: شِدَّةُ الْخَلْقِ، وَكُلُّ شَيْءٍ شَدَدْتَهُ مِنْ قَتَبٍ فَهْوَ مَأْسُورٌ". 77 - {والمُرْسَلاتِ} 1029 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {جِمَالاَتٌ}: حِبَالٌ". 1030 - {ارْكَعُوا}: صَلُّوا. {لاَ يَرْكَعُونَ}: لاَ يُصَلُّونَ. 1031 - وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لاَ يَنْطِقُونَ} , {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} , {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ}؟ فَقَالَ: "إِنَّهُ ذُو أَلْوَانٍ، مَرَّةً يَنْطِقُونَ، وَمَرَّةً يُخْتَمُ عَلَيْهِمْ".

_ (204) أي: لم يجز التنوين بعضهم، كذا في الشارح، وفي العيني: "ولم يجره بعضهم"؛ بالراء بدل الزاي؛ من الإجراء، أراد به: لم يصرف بعضهم {سَلاسِلَ}؛ قال: "وهذا على الاصطلاح القديم، يقولون: اسم مجرى واسم غير مجرى؛ يعنون: اسم مصروف واسم لا ينصرف" اهـ. 1028 - قال الحافظ: "ومعمر المذكور هو أبو عبيدة معمر بن المثنى، ولفظه: {أسرهم}: شدة خلقهم، ويقال للفرس: شديد الأسر؛ أي: شديد الخلق، وكل شيء" إلى آخر كلامه. 1029 - وصله الفريابي. 1030 - وصله ابن أبي حاتم. 1031 - وصله المصنف فيما تقدم (6/ 35)، وأخرجه عبد بن حميد من طريق أخرى عنه نحوه.

1 - [باب]

1 - [بابٌ] (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم في "59 - كتاب/ 16 - باب/ 1417"). 2 - بابُ قولِهِ: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي) 3 - بابُ قولهِ: {كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} 1997 - عنِ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما: {تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ} (205)؛ قال: كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الْخَشَبَةِ [بِقِصَرِ] ثَلاَثَةَ أَذْرُعٍ وَفَوْقَ ذَلِكَ [أَوْ أَقَلَّ]، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ، فَنُسَمِّيهِ الْقَصَرَ، {كَأَنَّهُ جِمَالاَتٌ صُفْرٌ}: حِبَالُ السُّفْنِ تُجْمَعُ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ. 4 - بابٌ {هذا يَوْمُ لا يَنْطِقونَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المشار إليه آنفاً). 78 - سُورَةُ {عَمَّ يَتَساءَلونَ} 1032 - قالَ مجاهِدٌ: " {لَا يَرْجُونَ حِساباً}: لا يَخافونَهٌ. {لَا يَمْلِكونَ مِنْة خِطاباً}: لا

_ (205) بفتح القاف والصاد، وهي قراءة ابن عباس والحسن، جمع (قصرة) بالفتح: أعناق الِإبل والنخل وأصول الشجر. وقوله: "بقصر"؛ بكسر الموحدة والقاف وفتح الصاد، وبالِإضافة إلى ثلاثة أذرع؛ أي: بقدر ثلاثة أذرع، كذا في العيني، وهو أحسن الضبوط التي ذكرها الشارح، ثم الغالب في الذراع التأنيث. قوله: "للشتاء"؛ أي: لأجل الشتاء والاستسخان به. 1032 - وصله الفريابي.

1 - باب {يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا}: زمرا.

يُكَلِّمُونَهُ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ. {صَواباً}: حَقًّا في الدُّنيا وعَمِلَ بهِ". 1033 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: {وَهَّاجاً}: مُضِيئاً. وقالَ غيرُه: {غَسَّاقاً} (206): غَسَقَتْ عَيْنُه، ويَغْسِقُ الجُرْحُ: يَسيلُ، كأنَّ الغَسَاقَ والغَسيقَ واحِدٌ. {عَطاءً حِساباً}: جَزاءً كافِياً، أعْطاني ما أحْسَبَني؛ أي: كَفاني. 1 - بابٌ {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا}: زُمَراً. 1998 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ». قَالَ: [ـوا: يا أَبا هُريرةَ 6/ 34] أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ. قَالَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ. قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ. قَالَ: «ثُمَّ يُنَزِّلُ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً. فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ، لَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَىْءٌ إِلاَّ يَبْلَى؛ إِلاَّ عَظْمًا وَاحِدًا، وَهْوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». 79 - سُورَةُ {النَّازِعاتِ} 1034 - وقالَ مجاهِدٌ: " {الآيةَ الكُبْرى}: عصاهُ ويَدُهُ". يُقالُ: (النَّاخِرةُ) و (النَّخِرَةُ): سَواءٌ , مِثْلُ الطَّامعِ والطَّمعِ، والباخِلِ والبَخيلِ. وقالَ بعضُهُمُ: (النَّخِرَةُ): البالِيَةُ، و (النَّاخِرَةُ): العَظْمُ المُجَوَّفُ الذي تَمُرُّ فيهِ الرِّيحُ فَيَنْخَرُ.

_ 1033 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. (206) الغساق: البارد المنتن، يخفف ويشدد؛ كما في العيني عن الجوهري، وقراءتنا بالتشديد، وفي "نوابغ الكلم": "ما للغساق من حميم، غير غساق وحميم"، كذا، وفي نسخة العيني: "إلى" الجارّة بدل الموصول. قال: "يعني أن ابن عباس فسر الحافرة بقوله: "إلى أمرنا الأول"؛ أي: إلى الحالة الأولى، يعني: الحياة" اهـ، ويلتئم على هذا أول الكلام مع آخره اهـ. 1034 - وصله الفريابي.

80 - سورة {عبس}

1035 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: " (الحَافِرَةُ): التي أمْرُنا الأوَّلُ إلى الحياةِ". وقالَ غَيْرُهُ: {أيَّانَ مُرْساها}: مَتى مُنْتَهاها، وَمُرْسَى السَّفينةِ حيثُ تَنْتَهِي. 1999 - عن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رضيَ اللهُ عنهُ؛ قال: رأَيْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ (وفي روايةٍ: يُشيرُ 7/ 190) بإِصْبَعَيْهِ هكذا، [فَيمُدُّ بهما] بالوُسْطى والَّتي تَلي الإبْهامَ: "بُعِثْتُ والسَّاعَةَ كَهاتَيْنِ". {الطَّامَّةُ}: تَطُمُّ على كُلِّ شَيءٍ. 80 - سُورَةُ {عَبَسَ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {عَبَسَ}: كَلَحَ وَأَعْرَضَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُطَهَّرَةٍ}: لاَ يَمَسُّهَا {إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ}: وَهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا}: جَعَلَ الْمَلاَئِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً لأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ، فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لِمَنْ حَمَلَهَا أَيْضًا. {سَفَرَةٍ}: الْمَلاَئِكَةُ , وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ، سَفَرْتُ: أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، وَجُعِلَتِ الْمَلاَئِكَةُ إِذَا نَزَلَتْ بِوَحْىِ اللَّهِ وَتَأْدِيَتِهِ كَالسَّفِيرِ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ الْقَوْمِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَصَدَّى}: تَغَافَلَ عَنْهُ. 1036 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {لَمَّا يَقْضِ}: لاَ يَقْضِ (207) أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ".

_ 1035 - وصله ابن جرير بإسناد منقطع عنه. 1036 - وصله الفريابي عنه بلفظ: "لا يقضي أحد أبداً ما افترض عليه". (207) كذا في المتنين اللذين عند الشارحين، وفي الأصل المطبوع: "لا يقضي"، بالياء، ولعله الصواب. قوله: "ثبت"؛ هكذا ضبطه الشارح، وفي العيني: "أثبتت على قلوبهم الخطايا حتى غمرتها".

81 - سورة {إذا الشمس كورت}

1037 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {تَرْهَقُهَا}: تَغْشَاهَا شِدَّةٌ. {مُسْفِرَةٌ}: مُشْرِقَةٌ. 1038 - {بِأَيْدِى سَفَرَةٍ} , وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَةٍ. {أَسْفَارًا}: كُتُبًا. {تَلَهَّى}: تَشَاغَلَ، يُقَالُ: وَاحِدُ الأَسْفَارِ سِفْرٌ. 2000 - عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ، وَمَثَلُ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهْوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهْوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، فَلَهُ أَجْرَانِ». 81 - سُورةُ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ {انْكَدَرَتْ}: انْتَثَرَتْ. 1039 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " (الْمَسْجُورُ): الْمَمْلُوءُ". وَقَالَ غَيْرُهُ: {سُجِّرَتْ}: أُفْضِيَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا. و (الْخُنَّسُ): تَخْنِسُ فِى مُجْرَاهَا تَرْجِعُ. و (تَكْنِسُ): تَسْتَتِرُ كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاءُ {تَنَفَّسَ}: ارْتَفَعَ النَّهَارُ. و (الظَّنِينُ): الْمُتَّهَمُ, و (الضَّنِينُ) (208) يَضَنُّ بِهِ.

_ 1037 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. 1038 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع. 1039 - وصله إبراهيم الحربي والطبري عنه بلفظ: "الموقد"، وأما المملوء؛ فهو تفسير أبي عبيدة. (208) قال الحافظ: "أشار إلى القراءتين، فمن قرأها بالظاء المشالة؛ فمعناها: ليس عنهم، ومن قرأها بالساقطة؛ فمعناها البخيل".

82 - سورة {إذا السماء انفطرت}

1040 - وَقَالَ عُمَرُ: {النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}: يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ - رضي الله عنه -: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}. {عَسْعَسَ}: أَدْبَرَ. 82 - سُورَةُ {إِذا السَّماءُ انْفَطَرَتْ} بِسْمَ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1041 - وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: {فُجِّرَتْ}: فَاضَتْ. وَقَرَأَ الأَعْمَشُ وَعَاصِمٌ: (فَعَدَلَكَ) بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ بِالتَّشْدِيدِ، وَأَرَادَ مُعْتَدِلَ الْخَلْقِ , وَمَنْ خَفَّفَ يَعْنِى فِى أَىِّ صُورَةٍ شَاءَ، إِمَّا حَسَنٌ، وَإِمَّا قَبِيحٌ وَطَوِيلٌ وَقَصِيرٌ. 83 - سُورَةُ {وَيْلٌ للمُطَفِّفينَ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1042 - وقالَ مجاهِدٌ: " {بَلْ رانَ}: ثَبْتُ الخَطايا. {ثُوِّبَ}: جوزِيَ". وقالَ غيرُهُ: (المُطَفِّفُ): لا يُوَفِّي غيرَهُ.

_ 1040 - وصله عبد بن حميد وأبو نعيم، ورواه الحاكم (2/ 515 - 516) نحوه وصححه، ووافقه الذهبي ثم العسقلاني. 1041 - وصله عبد بن حميد بسند صحيح عنه، ورواه عبد الرزاق أتم منه. قال الحافظ: "والمنقول عن الربيع: {فجرت}؛ بتخفيف الجيم، وهو اللائق بتفسيره المذكور". 1042 - وصله الفريابي.

1 - باب {يوم يقوم الناس لرب العالمين}

1 - بابٌ {يوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمينَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي "81 - الرقاق/ 46 - باب"). 84 - سُورَةُ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} 1043 - قَالَ مُجَاهِدٌ: " {كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ}: يَأْخُذُ كِتَابَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ. {وَسَقَ}: جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ. {ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ}: لاَ يَرْجِعَ إِلَيْنَا". 1 - بابٌ {فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسيراً} (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "ج 1/ 3 - كتاب/ 37 - باب"). 2 - بابٌ {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقَّا عَنْ طَبَقٍ} 2001 - قالَ ابنُ عبَّاسٍ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقَّا عَنْ طَبَقٍ}: حالاً بعدَ حالٍ. قالَ: هذا نَبِيُّكمْ - صلى الله عليه وسلم (209). 85 - سُورَةُ {البُرُوجِ} 1044 - قالَ مجاهِدٌ: " (الْأُخْدُودُ): شَقٌّ في الأرضِ. {فَتَنُوا}: عَذَّبوا".

_ 1043 - وصله الفريابي. (209) أي: الخطاب في {لتركبنَّ} للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو على قراءة فتح الباء الموحدة، وأصل: (الطبق): الشدة، والمراد بها هنا ما يقع من الشدائد يوم القيامة. قاله الحافظ. وانظر التعليق على هذا الحديث في "صحيح كشف الأستار". 1044 - وصله الفريابي.

86 - سورة {الطارق}

1045 - وقالَ ابنُ عَباسٍ: " (الوَدُودُ): الحَبيبُ. (المَجيدُ): الكَريمُ". 86 - سُورَةُ {الطَّارِقِ} هو النَّجْمُ، وما أَتاكَ ليلاً فهُوَ (طارِقٌ). {النَّجْمُ الثاقِبُ}: المُضيءُ. 1046 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {ذَاتِ الرَّجْعِ}: سَحَابٌ يَرْجِعُ بِالْمَطَرِ. {ذَاتِ الصَّدْعِ}: تَتَصَدَّعُ بِالنَّبَاتِ". 1047 - وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: " {لَقَوْلٌ فَصْلٌ}: لَحَقُّ. {لَمَّا عَلَيْها حَافِظٌ}: إِلاَّ عَلَيْها حَافِظٌ". 87 - سُورَةُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلى} 1548 - وقالَ مجاهدٌ: " {قَدَّرَ فَهَدَى}: قَدَّرَ للإنسانِ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، {وهَدَى}: الأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا". 2002 - عَنِ الْبَرَاءِ - رضى الله عنه - قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَجَعَلاَ يُقْرِئَانِنَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ وَبِلاَلٌ وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِى عِشْرِينَ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَىْءٍ فَرَحَهُمْ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلاَئِدَ وَالصِّبْيَانَ يَقُولُونَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ جَاءَ، فَمَا جَاءَ حَتَّى قَرَأْتُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} فِى سُوَرٍ مِثْلِهَا.

_ 1045 - وصله الطبري بسند منقطع عنه. 1046 - وصله الفريابي. 1047 - وصله ابن أبي حاتم بسند صحيح عنه. 1048 - وصله الطبري عنه.

88 - {هل أتاك حديث الغاشية}

88 - {هَلْ أَتاكَ حَديثُ الغاشِيَةِ} 1049 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}: النَّصَارَى". 1050 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {عَيْنٍ آنِيَةٍ} بَلَغَ إِنَاهَا وَحَانَ شُرْبُهَا. {حَمِيمٍ آنٍ}: بَلَغَ إِنَاهُ. {لاَ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً}: شَتْمًا". (الضَّرِيعُ): نَبْتٌ يُقَالَ لَهُ: الشِّبْرِقُ، تُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ: الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ، وَهْوَ سَمٌّ. {بِمُسَيْطِرٍ}: بِمُسَلَّطٍ، وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ. 1051 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " {إِيَابَهُمْ}: مَرْجِعَهُمْ". 89 - سُورَةُ {والفَجْرِ} 1052 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: (الْوَتْرُ): اللَّهُ. {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ}: الْقَدِيمَةِ. و (الْعِمَادُ): أَهْلُ عَمُودٍ لاَ يُقِيمُونَ. {سَوْطَ عَذَابٍ}: الَّذِى عُذِّبُوا بِهِ. {أَكْلًا لَمًّا}: السَّفُّ. و {جَمًّا}: الْكَثِيرُ". وَقَالَ غَيْرُهُ: {سَوْطَ عَذَابٍ}: كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الْعَذَابِ يَدْخُلُ فِيهِ السَّوْطُ. {لَبِالْمِرْصَادِ}: إِلَيْهِ الْمَصِيرُ. {تَحَاضُّونَ}: تُحَافِظُونَ، و (تَحُضُّونَ): تَأْمُرُونَ بِإِطْعَامِهِ. {الْمُطْمَئِنَّةُ}: الْمُصَدِّقَةُ بِالثَّوَابِ. 1053 - وَقَالَ الْحَسَنُ: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ}: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْضَهَا؛ اطْمَأَنَّتْ

_ 1049 - وصله ابن أبي حاتم بإسنادين عنه أحدهما حسن. 1050 - وصله الفريابي. 1051 - وصله ابن المنذر عنه. 1052 - وصله الفريابي، وليس في نسخة "الفتح": " {الوتر}: الله"، ولعله الصواب، فقد ثبت في آخر قوله المتقدم في "بدء الخلق" (ص 101)، وقد أفاده المصنف هنا عقب هذا. 1053 - وصله ابن أبي حاتم، أخرجه مفرقاً.

90 - {لا أقسم}

إِلَى اللَّهِ، وَاطْمَأَنَّ اللَّهُ إِلَيْهَا، وَرَضِيَتْ عَنِ اللَّهِ، وَرَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا، فَأَمَرَ بِقَبْضِ رُوحِهَا، وَأَدْخَلَهَا اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَجَعَلَهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: {جَابُوا}: نَقَبُوا , مِنْ جِيبَ الْقَمِيصُ: قُطِعَ لَهُ جَيْبٌ، يَجُوبُ الْفَلاَةَ: يَقْطَعُهَا. {لَمًّا}: لَمَمْتُهُ أَجْمَعَ: أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِ. 90 - {لا أُقْسِمُ} 1054 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِهَذَا الْبَلَدِ}: مَكَّةَ لَيْسَ عَلَيْكَ مَا عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ. {وَوَالِدٍ}: آدَمَ. {وَمَا وَلَدَ} {لُبَدًا}: كَثِيرًا. و {النَّجْدَيْنِ}: الْخَيْرُ وَالشَّرُّ. {مَسْغَبَةٍ}: مَجَاعَةٍ. {مَتْرَبَةٍ}: السَّاقِطُ فِى التُّرَابِ". يُقَالُ: {فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ}: فَلَمْ يَقْتَحِمِ الْعَقَبَةَ فِى الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ الْعَقَبَةَ فَقَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ. فَكُّ رَقَبَةٍ. أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَةٍ}. {فِي كَبَدٍ}: شِدَّةٍ. 91 - سُورَةُ {والشَّمْسِ وضُحاها} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 1055 - وقالَ مجاهِدٌ: " {ضُحاها}: ضَوْؤُها. {إِذا تَلاها}: تَبِعَها. و {طَحاها}:

_ 1054 - وصله الفريابي عنه، وأخرجه الحاكم (2/ 523) عنه عن ابن عباس بعضه نحوه، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وزاد بعد قوله: {وما وَلَد}: "ولده"، وروى عن ابن مسعود: {وهديناه النجدين}؛ قال: الخير والشر. وصححه، ووافقه الذهبي، وسنده حسن، وأخرجه الطبراني. 1055 - وصله الطبري عنه، والحاكم (2/ 524) عنه عن ابن عباس نحوه، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، ووصل الفريابي الجملة الأخيرة منه.

92 - سورة {والليل إذا يغشى}

دَحاها. {دَسَّاهَا}: أَغْوَاهَا. {فَألْهَمَها}: عَرَّفها الشَّقاءَ والسَّعادَةَ". وقالَ مجاهدٌ: " {بِطَغْواها}: بِمعاصيها. {وَلا يَخافُ عُقْباها}: عُقْبى أحَدٍ". 2003 - عنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ , وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِى عَقَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «{إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا}: انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ مَنِيعٌ فِى رَهْطِهِ مِثْلُ أَبِى زَمْعَةَ [عمِّ الزُّبير بنِ العَوَّامِ] , وَذَكَرَ النِّسَاءَ فَقَالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ يَجْلِدُ (وفي روايةٍ: لا يجلِدْ أحَدُكُمُ 6/ 153) امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ (وفي روايةٍ: الفَحْلِ 7/ 83) (210)، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا (وفي روايةٍ: يُعانِقُها) مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ، ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِى ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ (وفي روايةٍ: نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَضْحَكَ الرَّجلُ ممَّا يَخْرجُ مِنَ الَأنْفُسِ)، وَقَالَ: لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ؟! 92 - سُورَةُ {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1056 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِالْحُسْنَى}: بِالْخَلَفِ" (211). 1057 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَرَدَّى}: مَاتَ. و {تَلَظَّى}: تَوَهَّجُ".

_ (210) قلت: وأكثر الرواة على الرواية الأولى. 1056 - وصله ابن أبي حاتم عنه، وإسناده صحيح. (211) أي: وكذب ما وعده الله تعالى للمعطي من الخلف عن إعطائه والعوض عن إنفاقه، وقوله: توهَّج"؛ أي: تتوقَّد. 1057 - وصله الفريابي.

1 - باب {والنهار إذا تجلى}

1058 - وَقَرأ عُبَيْدُ بنُ عُميرٍ: {تَتَلَظَّى}. 1 - بابٌ {والنَّهارِ إِذا تَجَلَّى} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي الدرداء المتقدم برقم 1591). 2 - بابٌ {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ والأنْثى} (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 3 - بابُ قَوْلِهِ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطى واتَّقَى} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عليٌّ المتقدم في "23 - كتاب/ 82 - باب"). 4 - {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} 5 - بابٌ {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 6 - بابُ قَوْلهِ: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 7 - بابُ قَوْلهِ: {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 8 - بابٌ {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}

_ 1058 - وصله سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه.

93 - سورة {والضحى}

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 93 - سُورَةُ {والضُّحَى} بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ 1059 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {إِذَا سَجَى}: اسْتَوَى". وَقَالَ غَيْرُهُ: أَظْلَمَ وَسَكَنَ. {عَائِلاً}: ذُو عِيَالٍ. 1 - بابٌ {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} 2004 - عن جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ - رضى الله عنه - قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ , فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ! إِنِّى لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ (وفي روايةٍ: ما أُرى صاحِبَكَ إِلَّا أَبْطَأَك) , لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالضُّحَى. وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى. مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}. 2 - بابُ قَوْلهِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}: تُقْرَأُ بالتَّشديدِ وبالتَّخفيفِ؛ بمعنىَّ واحدٍ: ما تَرَكَكَ رَبُّكَ. 1060 - وقالَ ابن عبَّاسٍ: "ما تَرَكَكَ، وما أبْغَضَكَ".

_ 1059 - وصله الفريابي. 1060 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه.

94 - سورة {ألم نشرح لك}

94 - سُورَةُ {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ} بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ 1061 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وِزْرَكَ}: فِى الْجَاهِلِيَّةِ. {أَنْقَضَ}: أَثْقَلَ". 1062 - {مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} , قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: "أَىْ: مَعَ ذَلِكَ الْعُسْرِ يُسْرًا آخَرَ؛ كَقَوْلِهِ: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} , وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ". 1063 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَانْصَبْ}: فِى حَاجَتِكَ إِلَى رَبِّكَ". 1064 - وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}: شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ. 95 - سُورَةُ {والتِّينِ} 1065 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِى يَأْكُلُ النَّاسُ. يُقَالُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ}: فَمَا الَّذِى يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ؟ كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ؟!

_ 1061 - وصله الفريابي. 1062 - لم يخرجه الحافظ، ولعله في "تفسيره"؛ أعني: ابن عيينة، وقوله: "لن يغلب عسر يسرين"، قد روى مرفوعاً، وقد خرجته في "الضعيفة" رقم (4342). 1063 - وصله ابن المبارك في "الزهد" بسند صحيح عنه. 1064 - وصله ابن مردويه بسند ضعيف عنه. 1065 - وصله الفريابي عنه، والحاكم (2/ 528) عنه عن ابن عباس، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق آخر عنه.

96 - سورة {اقرأ باسم ربك الذي خلق}

96 - سُورَةُ {اقْرَأْ بِاسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ} 1066 - عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: اكْتُبْ فِى الْمُصْحَفِ فِى أَوَّلِ الإِمَامِ (212) {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا. 1067 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {نَادِيَهُ}: عَشِيرَتَهُ. {الزَّبَانِيَةَ}: الْمَلاَئِكَةَ". 1068 - وقَالَ مَعْمَرٌ: {الرُّجْعَى}: الْمَرْجِعُ. {لَنَسْفَعَنْ}: لَنَأْخُذَنْ , وَلَنَسْفَعَنْ بِالنُّونِ , وَهْىَ الْخَفِيفَةُ، سَفَعْتُ بِيَدِهِ: أَخَذْتُ. 1 - بابٌ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة الطويل المتقدم برقم 2). 2 - بابُ قَوْلهِ: {خَلَقَ الِإنْسانَ مِنْ عَلَقٍ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 3 - بابُ قَوْلهِ: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 4 - بابٌ {الَّذي عَلَّمَ بالقَلَمِ}

_ 1066 - هذا صورته صورة المعلق عند المصنف، وقد وصله ابن الضريس في "فضائل القرآن"، وسنده صحيح. (212) أي: أم الكتاب. 1067 - وصله الفريابي. 1068 - ذكره في كتاب "المجاز" نحوه.

5 - باب قوله تعالى: {كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية. ناصية كاذبة خاطئة}

(قلتُ: أسند فيه جملة من الحديث المشار إليه آنفاً). 5 - بابُ قَوْلهِ تعالى: {كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ. نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ} 2005 - عنِ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ؛ لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «لَوْ فَعَلَهُ لأَخَذَتْهُ الْمَلاَئِكَةُ». 97 - سورَةُ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ} يُقالُ: (المَطْلَعُ): هو الطُّلُوعُ، والمَطْلعُ: المَوْضِعُ الَّذي يُطْلَعُ منهُ. {أَنْزَلْناهُ}: الهاءُ كنايَةً عن القُرْآنِ. {إِنَّا أَنْزَلْناهُ}: مَخْرَجَ (213) الجَميعِ، والمُنْزِلُ هوَ اللهُ تعالى، والعربُ تَؤَكِّدُ فِعْلَ الواحِدِ فتَجْعَلُهُ بلَفْظِ الجَميعِ؛ ليكونَ أَثْبَتَ وأوْكَدَ. 98 - سُورَةُ {لمْ يَكُنْ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ {مُنْفَكَينَ}: زائِلينَ. {قَيِّمَةً}: القائِمَةُ. {دِينُ القَيِّمَةِ}: أَضافَ الدِّينَ إلى المُؤنثِ.

_ (213) أي: خرج مخرج. شارح.

99 - {إذا زلزلت الأرض زلزالها}

2006 - عَنْ أَنَسِ - رضى الله عنه قَالَ: النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُبَىٍّ: «إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ (وفى روايةٍ: أَنْ أُقْرِئَكَ) القُرْآنَ. قَالَ أُبَىٌّ: آللَّهُ سَمَّانِى لَكَ؟ قَالَ: اللَّهُ سَمَّاكَ. [قالَ: وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ] , فَجَعَلَ أُبَىٌّ يَبْكِى (وفى روايةٍ: فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ) ". قَالَ قَتَادَةُ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}. 99 - {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} قَوْلِهِ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}: يُقَالُ: أَوْحَى لَهَا، أَوْحَى إِلَيْهَا، وَوَحَى لَهَا، وَوَحَى إِلَيْهَا: وَاحِدٌ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1101). 1 - بابٌ {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} (قلتُ: أسند فيه الطرف الأخير من الحديث الذي قبله). 100 - {والعَادِياتِ} 1069 - وقالَ مجاهدٌ: " (الكَنُودُ): الكَفُورُ. يُقالُ: {فَأثَرْنَ بِهِ نَقْعاً}: رَفَعْنَ بهِ غُباراً. {لِحُبِّ الخَيْرِ}: مِن أجْلِ حُبِّ الخَيْرِ. {لَشديدٌ}: لَبَخيلٌ، ويُقالُ للبَخيلِ: شَديدٌ. {حُصِّلَ}: مُيِّزَ.

_ 1069 - وصله الفريابي.

101 - سورة {القارعة}

101 - سُورَةُ {القارِعَةِ} {كَالفَراشِ المَبْثُوثِ}: كَغَوْغاءِ الجَرادِ، يَرْكَبُ بَعْضهُ بَعْضاً، كذلكَ النَّاسُ يَجُول بَعْضهُم في بَعْضٍ. {كالعِهْنِ}: كألوانِ العِهْنِ. 1070 - وقرأَ عبدُ اللهِ: {كَالصُّوفِ}. 102 - سُورَةُ {ألْهاكُمْ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 1071 - وقالَ ابنُ عَبَّاسِ: " {التَّكاثُرُ}: مِنَ الأمْوالِ والأوْلادِ". 103 - سُورَةُ {والعَصْرِ} 1072 - وقالَ يَحْيى: "الدَّهْرُ، أقْسَمَ بهِ". 104 - سُورَةُ {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {الحُطَمَةُ}: اسمُ النَّارِ، مِثْل (سَقَرَ) و (لَظى).

_ 1070 - لم يخرجه الحافظ، وإنما ذكر أنه من قول الفراء. 1071 - وصله ابن المنذر. 1072 - ذكره يحيى، وهو ابن زياد الفراء، في "معاني القرآن".

105 - {ألم تر}

105 - {أَلَمْ تَرَ} 1073 - قَالَ مُجَاهِدٌ: " {ألَمْ ترَ}: ألَمْ تَعْلَم". 1074 - قَالَ مُجَاهِدٌ: " {أَبَابِيلَ}: مُتَتَابِعَةً مُجْتَمِعَةً". 1075 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مِنْ سِجِّيلٍ}: "هِىَ سَنْكِ وَكِلْ" (214). 106 - {لِإيلافِ قُرَيْشٍ} 1076 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {لإِيلاَفِ}: أَلِفُوا ذَلِكَ، فَلاَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِى الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. {وَآمَنَهُمْ} مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ فِى حَرَمِهِمْ". 1077 - قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: " {لإِيلاَفِ}: لِنِعْمَتِى عَلَى قُرَيْشٍ" (215).

_ 1073 - قال الحافظ: "كذا للمستملي، ولغير أبي ذر: {ألم تر}: ألم تعلم"، لم يذكر مجاهداً، وهو الصواب؛ فإنه ليس من تفسير مجاهد. 1074 - وصله الفريابي. 1075 - وصله الطبري وابن أبي حاتم. (214) كلمتان فارسيتان عربيتهما: حجر وطين، والقاعدة في المتعاطفين عندهم أن يلفظ الأول بضمة في الآخر دلالة على العطف من غير تلفظ بالعاطف؛ إلا أن الشارح وكذا العيني ضبطا الكاف التي هي آخر الكلمة الأولى بالكسر، والكسرة في لغتهم علامة الِإضافة، تلحق المضاف، فيلزم إسقاط الواو من البين حتى يكون المعنى: حجر الطين، على أن تكون الإضافة بيانية، وجاء في التنزيل: {حجارة من طين}. مصححهُ. 1076 - لم يخرجه الحافظ، وإنما قال: وأخرج ابن مردويه من أوله إلى قوله: {والصيف} من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس. 1077 - هو كذلك في "تفسير ابن عيينة"، ولابن أبي حاتم عن ابن عباس مثله. (215) هذا القول وقع في الأصل في أول السورة الآتية، وكذلك وقع في نسخة الحافظ، وأما هو؛ فشرحها في هذه السورة على الصواب.

107 - {أرأيت}

107 - {أَرَأَيْتَ} 1078 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يَدُعُّ}: يَدْفَعُ عَنْ حَقِّهِ، يُقَالُ: هُوَ مِنْ دَعَعْتُ. {يُدَعُّونَ}: يُدْفَعُونَ. {سَاهُونَ}: لاَهُونَ". و {الْمَاعُونَ}: الْمَعْرُوفَ كُلُّهُ. وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: (الْمَاعُونُ): الْمَاءُ. 1079 - وَقَالَ عِكْرِمَةُ: "أَعْلاَهَا الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ، وَأَدْنَاهَا: عَارِيَّةُ الْمَتَاعِ". 108 - سُورةُ {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} 1080 - وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: " {شانِئَكَ}: عَدُوَّكَ". (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي في آخر "81 - الرقاق/ 54 - باب"). 2007 - عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَ: سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}؟ قَالَتْ: نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم -، شَاطِئَاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ. 109 - سُورَةُ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} يُقَالُ: {لَكُمْ دِينُكُمْ}: الْكُفْرُ. {وَلِىَ دِينِ}: الإِسْلاَمُ، وَلَمْ يَقُلْ: دِينِى؛ لأَنَّ الآيَاتِ بِالنُّونِ، فَحُذِفَتِ الْيَاءُ؛ كَمَا قَالَ: {يَهْدِينِ} وَ {يَشْفِينِ}.

_ 1078 - وصله الطبري عنه. 1079 - وصله سعيد بن منصور عنه، وروى الحاكم (2/ 536) عن ابن عباس قال: "الماعون العارية"، وصححه على شرطهما، ووافقه الذهبي. 1080 - وصله ابن مردويه بسند منقطع عنه.

110 - سورة {إذا جاء نصر الله والفتح}

وَقَالَ غَيْرُهُ: {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}: الآنَ، وَلاَ أُجِيبُكُمْ فِيمَا بَقِىَ مِنْ عُمُرِى. {وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}: وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا}. 110 - سُورَةُ {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 1 - بابٌ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "ج 1/ 10 - كتاب/ 122 - باب"). 2 - بابٌ {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} 3 - بابُ قَوْلهِ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}: تَوَّابٌ على العِبادِ، والتَّوَّابُ مِن النَّاسِ: التَائِبُ مِنَ الذَّنْبِ. 2008 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِى مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِى نَفْسِهِ، فَقَالَ [لهُ عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ 4/ 183]: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ. فَدَعَا [هُم] ذَاتَ يَوْمٍ فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ، [قالَ:] فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِى يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ [منِّى]. قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرُهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، (وفى روايةٍ: فَتْحُ المَدائِنِ والقُصورِ [وقال بَعْضُهُمْ: لا نَدْري] , وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لاَ. قَالَ: فَمَا تَقُولُ: قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم , [نُعِيَتْ إليهِ نَفْسُهُ] ,

111 - سورة {تبت يدا أبي لهب وتب}

أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}: [فَتْحُ مَكَّةَ]: وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ , {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} , فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَقُولُ. 111 - سُورَةُ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ (تَبابٌ): خُسْرانٌ. (تَتْبيبٌ): تَدْميرٌ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المقدم برقم 1945). 1 - بابُ قَوْلهِ: {سَيَصْلى نَاراً ذاتَ لَهَبٍ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفًا). 2 - بابٌ {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} 1081 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: " {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}: تَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ". {فِى جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} , يُقَالُ: مِنْ مَسَدٍ لِيفِ الْمُقْلِ (216)، وَهْىَ السِّلْسِلَةُ الَّتِى فِى النَّارِ.

_ 1081 - وصله الفريابي. (216) والمسد: حبل من ليف أو ليف المُقْل، أو من أي شيء كان. اهـ "قاموس". والمُقْل: حبل الدوم، والدوم شجرة تشبه النخلة. اهـ من "لسان العرب".

112 - سورة {قل هو الله أحد}

112 - سُورَةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ يُقالُ: لا يُنَوَّنُ {أَحَدٌ}؛ أَيْ: واحِدٌ. 2009 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: قَالَ اللهُ تعالى: كَذَّبَنِى ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِى وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّاىَ؛ فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِى كَمَا بَدَأَنِى، وَلَيْسَ أَوَّلُ الْخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَىَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّاىَ؛ فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ، وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْواً أَحَدٌ». 1 - بابُ قَوْلهِ: {الله الصَّمَدُ}، والعربُ تُسَمِّي أَشْرافَها الصَّمَدَ. 1082 - قالَ أبو وائِلٍ: هوَ السَّيَّدُ الَّذي انْتَهى سُؤْدَدُةُ (217). 2 - بابٌ {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}: كُفُواً وكَفيئاً وكِفاءً واحِدٌ. 113 - سُورَةُ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفلَقِ} بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحيمِ 1083 - وقالَ مجاهِدٌ: " (الفَلَقُ): الصُّبْحُ".

_ 1082 - وصله الفريابي عنه. (217) السودد: هو المجد والشرف. ويقال: السؤدد بالهمز؛ كقنفذ. 1083 - وصله الفريابي عنه.

114 - سورة {قل أعوذ برب الناس}

1084 - و {غَاسِقٍ}: اللَّيْلُ. {إِذَا وَقَبَ}: غُرُوبُ الشَّمْسِ, يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ. {وَقَبَ}: إِذَا دَخَلَ فِى كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ. 114 - سُورَةُ {قُلْ أَعوذُ برَبِّ النَّاسِ} 1085 - وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الْوَسْوَاسِ}: إِذَا وُلِدَ خَنَسَهُ الشَّيْطَانُ، فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَهَبَ، وَإِذَا لَمْ يُذْكَرِ اللَّهُ ثَبَتَ عَلَى قَلْبِهِ. 2010 - عَنْ زِرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ [عنِ المُعَوَّذتَينِ]؛ قلتُ: أَبَا الْمُنْذِرِ! إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا (218)؟ فَقَالَ أُبَىٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ لِي: قِيلَ لِي، فَقُلْتُ، قَالَ: (219): فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم.

_ 1084 - وصله الطبري عنه أيضاً. 1085 - وصله الطبري والحاكم بإسناد ضعيف، كما قال الحافظ، وتصحيح الحاكم (2/ 541) إياه مردود، وإن وافقه الذهبي، وذكر له الحافظ طرقاً أخرى ضعيفة. (218) كذا للمصنف، قد بينته رواية أحمد (5/ 130) بلفظ: "يحكّهما من المصحف"، وسنده صحيح. وانظر التعليق على هذه السورة من كتابي الجديد "صحيح كشف الأستار" يسر الله نشره بمنه وكرمه. (219) وفي رواية أحمد (5/ 129): فقال (أبيّ): أشهد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبرني أن جبريل عليه السلام قال: {قل أعوذ برب الفلق}، فقلتها، فقال: {قل أعوذ برب الناس}، فقلتها ... وسنده جيد.

66 - كتاب فضائل القرآن

بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحيم 66 - كتابُ فَضائلِ القُرْآنِ 1 - بابٌ كيفَ نُزولُ الوَحْيَ؟ وأوَّلُ ما نَزَلَ. 1086 - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الْمُهَيْمِنُ}: الأَمِينُ: الْقُرْآنُ , أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ. 2011 - عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ , فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ سَلَمَةَ: مَنْ هَذَا؟ أَوْ كَمَا قَالَ: قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ. فَلَمَّا قَامَ قَالَتْ: وَاللَّهِ؛ مَا حَسِبْتُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ , حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ، أَوْ كَمَا قَالَ. قُلْتُ لأَبِى عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. 2012 - عنْ أبي هُريرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ؛ قالَ: قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِىٌّ إِلاَّ أُعْطِىَ [مِنَ الآياتِ 8/ 138] مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَىَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". 2013 - عنْ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ - رضى الله عنه -: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - الوَحْيَ قَبْلَ وَفَاتِهِ , حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الْوَحْىُ، ثُمَّ تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ.

_ 1086 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه، وقد سبق ذكره في {المائدة} غير منسوب إليه.

2 - باب نزل القرآن بلسان قريش والعرب، {قرآنا عربيا}، {بلسان عربى مبين}

2 - بابٌ نَزَلَ القُرْآنُ بلِسانِ قُرَيْشٍ والعَرَب، {قُرْآناً عَرَبِيًّا}، {بِلِسانٍ عَرَبِىِّ مُبينٍ} 3 - بابُ جَمْعِ القُرْانِ 2014 - عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ يُغَازِى أَهْلَ الشَّأْمِ فِى فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ (1) وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِى الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِى الْكِتَابِ اخْتِلاَفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِى إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِى الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ. فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِى الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِى شَيْءٍ مِنَ (وفى روايةٍ: فى عَرَبيَّةٍ من عَرَبيَّةِ 6/ 97) القُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ؛ فَإِنَّمَا نَزَلَ [القُرْآنُ] بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا [ذلك 4/ 156] , حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِى الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، فأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِى كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.

_ (1) بكسر الهمزة وتفتح وسكون الراء وكسر الميم والنون بينهما تحتية ساكنة وبعد النون تحتية أخرى مخففة وقد تثقل. شارح. وقوله: "أذربيجان": بهذا الضبط، والأشهر عند العجم: (آذربايجان)؛ كما في العيني عن الكرمانىّ. وقوله (في نهاية الحديث): "أن يحرق"، وفي نسخة العيني أن يخرق بالخاء المعجمة؛ قال: "وهو رواية الأكثرين".

4 - باب كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم

2015 - عن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنَ [سورةِ 3/ 206] (الأَحْزَابِ) حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا، فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِىِّ [الَّذِى جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ] {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ]} , فَأَلْحَقْنَاهَا فِى سُورَتِهَا فِى الْمُصْحَفِ. 4 - بابُ كاتِبِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم 5 - بابٌ أُنْزِلَ القُرْآنُ على سَبْعَةِ أحْرُفٍ 2016 - عنِ ابْنَ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَقْرَأَنِى جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ، فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِى، حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ». 2017 - عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ [بنِ حزامٍ 3/ 90] يَقْرَأُ سُورَةَ {الْفُرْقَانِ} فِى حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ؛ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِى الصَّلاَةِ، فَتَصَبَّرْتُ (وفى روايةٍ: فَانْتَظَرْتُهُ 6/ 111) حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَّبْتُهُ (2) بِرِدَائِهِ , فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِى سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقُلْتُ: [لَهُ]: كَذَبْتَ , فَ [وَاللهِ] إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: [يا رَسُولَ اللهِ!] إِنِّى سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ

(2) قوله: "فلبَّبته"؛ أي: جمعت عليه رداءَه عند لبَّته؛ لئلا ينفلت مني، وروي: "فلببته"؛ بالتخفيف اهـ. من الشارح.

6 - باب تأليف القرآن

{الْفُرْقَانِ} عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ [ها] يَا هِشَامُ! فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِى سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ. ثُمَّ قَالَ [رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - 8/ 215]: اقْرَأْ يَا عُمَرُ! فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِى أَقْرَأَنِى [ها]، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، [ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -]: "إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ". 6 - بابُ تَأْليفِ القُرْآنِ 2018 - قَالَ يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ: إِنِّى عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضى الله عنها -؛ إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِىٌّ، فَقَالَ: أَىُّ الْكَفَنِ خَيْرٌ؟ قَالَتْ: وَيْحَكَ! وَمَا يَضُرُّكَ؟! قَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! أَرِينِى مُصْحَفَكِ. قَالَتْ: لِمَ؟ قَالَ: لَعَلِّي أُوَلِّفُ الْقُرْآنَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ. قَالَتْ: وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ؟! إنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ الْمُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ؛ نَزَلَ الْحَلاَلُ وَالْحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لاَ تَشْرَبُوا الْخَمْرَ؛ لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الْخَمْرَ أَبَدًا! وَلَوْ نَزَلَ: لاَ تَزْنُوا! لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الزِّنَى أَبَدًا! لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَإِنِّى لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} , وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ {الْبَقَرَةِ} و {النِّسَاءِ} إِلاَّ وَأَنَا عِنْدَهُ. قَالَ: فَأَخْرَجَتْ لَهُ الْمُصْحَفَ، فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آىَ السُّوَرِ. 7 - بابٌ كانَ جِبريلُ يَعْرِضُ القرآنَ على النبىِّ - صلى الله عليه وسلم 630 - وَقَالَ مَسْرُوقٌ: عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنه - عَنْ فَاطِمَةَ - عَلَيْهَا السَّلاَمُ: أَسَرَّ إِلَىَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ جِبْرِيلَ يُعَارِضُنِى بِالْقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ عَارَضَنِى الْعَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِى».

_ 630 - هذا طرف من حديث تقدم موصولاً (4/ 183).

8 - باب القراء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم

2019 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِى الْعَامِ الَّذِى قُبِضَ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا، فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِى الْعَامِ الَّذِى قُبِضَ. 8 - بابُ القُراءِ مِنْ أَصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم 2020 - عنْ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ؛ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَاللَّهِ؛ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ. قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِى الْحِلَقِ، أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ، فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ. 2021 - عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنَّا بِحِمْصَ , فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ {يُوسُفَ}، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ! قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم , فَقَالَ: أَحْسَنْتَ. وَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ, فَقَالَ: أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَشْرَبَ الْخَمْرَ؟! فَضَرَبَهُ الْحَدَّ. 2022 - عَنْ عَبْدِ اللهِ (ابنِ مَسْعُودٍ) رَضيَ اللهُ عنهُ؛ قالَ: وَاللَّهِ الَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ؛ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّى بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ؛ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ. 9 - بابُ فاتِحَةِ الكِتابِ 10 - بابُ فَضْلِ {البَقَرَةِ}

11 - باب فضل {الكهف}

11 - بابُ فَضْلِ {الكَهْفِ} (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم برقم 1968). 12 - بابُ فَضْلِ سُورَةِ {الفَتْحِ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1764). 13 - بابُ فَضْلِ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} 631 - فيهِ عَمْرَةُ عن عائِشَةَ عنِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم. 2023 - عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ (632 - في روايةٍ مُعَلَّقةٍ: أخْبَرني أخي قَتادَةُ بنُ النُّعمانِ أنَّ رَجُلاً قامَ في زَمَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأْ مِنَ السَّحَرِ): {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُهَا (وفي الرواية الأخرَى: لا يَزيدُ عَلَيْها) , فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا (3)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ؛ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ». 2024 - عنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ؛ قالَ: قالَ النَبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابِهِ: "أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِى لَيْلَةٍ؟»، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ , وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «(اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ) ثُلُثُ الْقُرْآنِ».

_ 631 - يشير إلى حديثها الآتي موصولاً في أول "97 - التوحيد". 632 - وصلها النسائي والِإسماعيلي بسند صحيح. (3) أي: يعدّ أنها قليلة.

14 - باب فضل المعوذات

14 - بابُ فضْلِ المُعَوِّذاتِ 2025 - عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ؛ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ , [فلمَّا اشْتَكى كانَ يَأْمُرني أَنْ أَفْعَلَ ذلكَ. قالَ يُونسُ: كُنْتُ أَرَى ابنَ شِهابٍ يَصْنَعُ ذلِكَ إِذا أَوى إِلى فِراشِهِ 7/ 25] (4). 15 - بابُ نُزولِ السَّكينَةِ والمَلائِكَةِ عِنْدَ قِراءَةِ القُرْآنِ 633 - عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ {الْبَقَرَةِ}، وَفَرَسُهُ مَرْبُوطٌ عِنْدَهُ؛ إِذْ جَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ، فَسَكَتَتْ، فَقَرَأَ فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَتِ الْفَرَسُ، ثُمَّ قَرَأَ، فَجَالَتِ الْفَرَسُ، فَانْصَرَفَ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ، فَلَمَّا اجْتَرَّهُ (5)؛ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى مَا يَرَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ؛ حَدَّثَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ! اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ (6)! قَالَ: فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِى، فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى إِلَى السَّمَاءِ؛ فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ الْمَصَابِيحِ، فَخَرَجَتْ حَتَّى لاَ أَرَاهَا. قَالَ: وَتَدْرِى مَا ذَاكَ؟ قَالَ: لاَ. قَالَ: تِلْكَ الْمَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ.

_ (4) تقدم الحديث مختصراً فى "الوفاة النبوية" (5/ 139). 633 - وصله أبو عبيد في "فضائل القرآن" بسند صحيح. (5) أي: جر أسيد ابنه يحيى من المكان الذي هو فيه حتى لا يطأه الفرس. (6) أي: كان ينبغي أن تستمر على قراءتك.

16 - باب من قال: لم يترك النبى - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدفتين

16 - بابُ مَنْ قالَ: لمْ يَتْرُكِ النَّبىُّ - صلى الله عليه وسلم - إلَّا ما بَيْنَ الدَّفَتَيْنِ 2026 - عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما، فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: مَا تَرَكَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. قَالَ: وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ فَسَأَلْنَاهُ؟ فَقَالَ: مَا تَرَكَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ. 17 - بابُ فَضْلِ القُرْانِ على سائرِ الكَلامِ 18 - بابُ الوَصاةِ بِكِتابِ اللهِ عزَّ وجَلَّ (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن أبي أوفى المتقدم برقم 1222). 19 - بابُ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ (7) وقَوْلهِ تَعالى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي فيه "97 - التوحيد/ 52"). 20 - بابُ اغْتِباطِ صاحِبِ القرْآنِ 2027 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ؛ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ، فَقَالَ: لَيْتَنِى أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ فُلاَنٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً، فَهْوَ يُهْلِكُهُ فِى الْحَقِّ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِى أُوتِيتُ مِثْلَ مَا

_ (7) هذه الترجمة لفظ حديث أورده المصنف في (97 - التوحيد/ 44) من حديث أبي هريرة، وسيأتي هناك بيان ما فيه من الوهم. وانظر: "صفة الصلاة" (125/ مكتبة المعارف).

21 - باب (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)

أُوتِيَ فُلانٌ، فعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ". 21 - بابٌ (خَيْرُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وعَلَّمَهُ) 2028 - عَنْ عُثْمَانَ - رضي الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: خَيْرُكُمْ (وفي روايةٍ: إنَّ أَفْضَلَكُمْ) مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ. قَالَ: وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ في إِمْرَةِ عُثْمَانَ حَتَّى كَانَ الْحَجَّاجُ؛ قَالَ: (8) وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِى هَذَا. 22 - بابُ القِراءَةِ عنْ ظَهْرِ القَلْبِ 2029 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم (وفي روايةٍ: إِنِّي لَفي القَوْمِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ قامَتِ امْرَأَةٌ 6/ 138) فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! جِئْتُ لأَهَبَ لَكَ نَفْسِى [فَرَ (*) فيها رَأْيَكَ] , فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ (9)، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ [فقامَتْ طَويلًا 6/ 135] [فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتْ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ، فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتِ الثَّالِثَةَ فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ] , [فقالَ: ما لي اليومَ في النِّساءِ مِنْ حاجةٍ 6/ 136]، فَلَمَّا رَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا؛ جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا. فقَالَ لَهُ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيءٍ [تُصْدِقُها]؟ فقَالَ: لا واللهِ يا رَسُولَ اللهِ! قَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا. [قالَ: أَعْطِها ثَوْباً. قالَ: لا أَجِدُ]. قَالَ: انْظُرْ (وفي روايةٍ:

_ (8) أى: أبو عبد الرحمن كما فى رواية أحمد. (*) (رَ) فعل أمر من (رأى): بمعنى انظُر. (9) تصعيد النظر: رفعه , وتصويبه: خفضه.

23 - باب استذكار القران وتعاهده

اذْهَبْ فالْتَمِسْ 7/ 52) وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ , فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِى -قَالَ: سَهْلٌ مَا لَهُ رِدَاءٌ- فَلَهَا نِصْفُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؛ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَىْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَىْءٌ؟ فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ، ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ، فَدُعِىَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: «مَاذَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ قالَ (وفى روايةٍ: أَمَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيءٌ؟ 8/ 175): مَعِى سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا؛ عَدَّهَا (وفى روايةٍ: سَمَّاها). قَالَ: أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: اذْهَبْ؛ فَقَدْ مَلَّكْتُكَها (وفي راويةٍ: أَنْكَحْتُكَها، وفي أُخْرَى: زَوَّجْناكَها) بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ. 23 - بابُ اسْتِذْكارِ القُرْانِ وتَعاهُدِهِ 2030 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ (10) إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ». 2031 - عَنْ عبدِ اللهِ (ابنِ مَسْعُودٍ) قالَ: قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: "بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ [هُوَ 6/ 110] نُسِّىَ، وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ". 2032 - عنْ أبي مُوسى عنِ النَّبى - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (10) بهذا الضبط، أو بتشديد القاف مع فتح العين؛ أي: المشدودة بالعقال، وهو الحبل الذي يشد في ركبة البعير.

24 - باب القراءة على الدابة

"تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ، فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ؛ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإِبِلِ فِى عُقُلِهَا». 24 - بابُ القِراءَةِ عَلى الدَّابَّةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عبد الله بن مغفل المتقدم برقم 1793). 25 - بابُ تَعْليمَ الصِّبيانِ القُرْآنَ 2033 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِنَّ الَّذِى تَدْعُونَهُ الْمُفَصَّلَ هُوَ الْمُحْكَمُ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ قَرَأْتُ الْمُحْكَمَ (وفي رِوايةٍ عَنْهُ: جَمَعْتُ المُحْكَمَ في عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم. فَقُلْتُ: لَهُ: وما المُحْكَمُ؟ قالَ: المُفَصَّلُ}. 26 - بابُ نِسْيانِ القُرْآنِ، وَهَلْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيةَ كَذا وكَذا، وَقَوْلِ اللهِ تَعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} 27 - بابُ مَنْ لَمْ يَرَ بَأْساً أنْ يَقُولَ: سُورَةُ {البَقَرَةِ}، وَسُورَةُ كَذا وكَذا. 28 - بابُ التَّرْتيل في القِراءَةِ وَقَوْلهِ تَعالى: {وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتيلاً}، وَقَوْلهِ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} ومَا يُكْرَهُ (11) أَنْ يُهَذَّ كَهَذِّ الشِّعْرِ، {فِيها يُفْرَقُ} يُفَصَّلُ. 1087 - قالَ ابنُ عبَّاسٍ: " {فَرَقْناهُ}: فَصَّلْناهُ".

_ (11) أي: وبيان كراهة الهذّ، وهو سرعة القراءة بغير تأمُّل كما ينشد الشعر. 1087 - وصله ابن جريج بسند منقطع عنه.

29 - باب مد القراءة

29 - بابُ مَدِّ القِراءَةِ 2034 - عَنْ قَتادَةَ قالَ: سُئِلَ (وفي رِوايةٍ عَنْهُ قالَ: سَألْتُ) أنَس [بن مالكٍ]: كَيْفَ كانَتْ قِراءَةُ النَّبىِّ - صلى الله عليه وسلم؟ فَقالَ: كانَتْ مَدًّا، ثُمّ قَرَأَ {بِسْمِ اللهِ الرحْمنِ الرحيمِ}؛ يَمُدُّ بِـ {بِسْمِ اللَّهِ}، وَيَمُدُّ بِـ {الرَّحْمَنِ}، وَيَمُدُّ بِـ {الرَّحِيمِ}. 30 - بابُ التَّرْجيعِ (12) (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن مغفل المتقدم برقم 1793). 31 - بابُ حُسْنِ الصَوْتِ بِالقِراءَةِ 2035 - عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ: «يَا أَبَا مُوسَى! لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ». 32 - بابُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْتَمِعَ الْقُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1884). 33 - بابُ قَوْلِ المُقْرِئِ للقارِئِ: حَسْبُكَ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المشار إليه آنفاً). 34 - بابٌ في كَمْ يَقْرَأُ القُرْآنَ وَقَوْلُ اللهِ تَعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} 2036 - عَنْ سُفْيانَ: قالَ لي ابنُ شُبْرُمَةَ: نَظَرْتُ كَمْ يَكْفي الرَّجُلَ مِنَ

_ (12) الترجيع هو تقارب ضروب الحركات في القراءة، وأصله الترديد، يعني: ترديد الصوت في الحلق.

القُرْآنِ؟ فَلَمْ أَجِدْ سُورَةً أَقَلَّ مِنْ ثَلاثِ آياتٍ، فَقُلْتُ: لا يَنْبَغي لَأحَدٍ أنْ يَقْرَأَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاثِ آياتٍ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1701). 2037 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: أَنْكَحَنِى أَبِى امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ، فَكَانَ (13) يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ، فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا، فَتَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ، لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُذْ أَتَيْنَاهُ. فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ؛ ذَكَرَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: الْقَنِى بِهِ, فَلَقِيتُهُ بَعْدُ، [فَدَخَلَ عَلَىَّ، فَأَلْقَيْتُ لَهُ وِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، فَجَلَسَ عَلَى الأَرْضِ، وَصَارَتِ الْوِسَادَةُ بَيْنِى وَبَيْنَهُ 2/ 246]، فَقَالَ [لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: يا عبدَ اللهِ! أَلَمْ أُخْبَرْ أَنكَ تَصومُ النَّهارَ (وفي طريقٍ: الدَّهْرَ 2/ 246] وتَقومُ اللَّيْلَ؟ فقلت: بلى يا رسولَ اللهِ! [بِأَبي أَنْتَ وأَمِّي]، قالَ 2/ 245): كَيْفَ تَصُومُ؟ قَالَ: كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: وَكَيْفَ تَخْتِمُ (وفي طريقٍ: في كمْ تَقْرَأُ القُرْآنَ)؟ قَالَ: كُلَّ لَيْلَةٍ. [قالَ: فلا تَفْعَلْ]؛ فإنَّك لا تَستطيعُ ذلك]؛ [إِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ لَهُ الْعَيْنُ (14) , وَنَفِهَتْ لَهُ النَّفْسُ، لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ (وفى روايةٍ: الأَبَدَ (مرَّتينِ)] , [فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ , فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا (وفي روايةٍ: حَظًّا)، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ [لنَفْسِكَ و] لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا , وِإن لِزَويركَ عليكَ حَقاً]، صمْ (وفي طريقٍ: [وإنَّكَ عسى أَنْ يَطولَ بِكَ عُمُرٌ 7/ 103] وإنَّ بِحَسْبكَ أَنْ تَصومَ) في كلِّ شَهْرٍ ثلاثةَ [أَيَّامٍ] في الجُمُعَةِ، [فإِنَّ لكَ بكلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمثالِها، فإِنَّ ذلكَ [مثلُ]، صيامِ الدَّهْرِ كلِّهِ. [قالَ:] فشدَّدْتُ، فشدِّدَ عليَّ]. قالَ: قلت: [يا رَسُولَ

_ (13) يعني: أباه عمرو بن العاص رضي الله عنه. (14) أي: غارت وضعف بصرها. و (نفهت)؛ أي: تعبت وكلَّت.

اللهِ! إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً]، [إِنِّي]، أطيقُ أكْثَرَ (وفي روايةٍ: أَفْضَل) مِنْ ذلكَ. قالَ: أَفْطِرْ يوْمَيْنِ، وصُمْ يوماً. قالَ: قلتُ: [إِنِّي]، أُطيقُ أَكْثَرَ (وفي روايةٍ: أَفْضَلَ) مِن ذلكَ. قالَ: صُمْ أَفْضَلَ الصَوْمِ، صَوْمَ [نبىِّ اللهِ] داودَ [عليهِ السلامُ، ولا تَزِدْ عليهِ. فقلتُ: وما كانَ صِيامُ نَبيَّ اللهِ داودَ عليهِ السلامُ؟ قالَ: نِصْفَ الدَّهْرِ]، صيامُ يومٍ، وإفْطارُ يومٍ (وفي طريقٍ: كانَ يَصُومُ يوماً ويُفْطِرُ يوماً (15)، ولا يَفِرُّ إِذا لاقَى. قالَ: مَنْ لي بهذهِ يا نَبِىِّ اللهِ؟)، [فقلتُ: إِنِّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِن ذلكَ. فقالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: لا أَفْضَلَ مِنْ ذلك]. (وفي طريقٍ: أَحَبُّ الصَّلاةِ إِلى اللهِ صَلاةُ داودَ عليهِ السَّلامُ، وأَحَبُّ الصِّيامِ إِلى اللهِ صيامُ داودَ، وكانَ يَنامُ نِصْفَ الليلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وينامُ سُدُسَهُ 2/ 44)، [فقالَ:] اقْرَإِ [القُرْآنَ 6/ 114] في [كلِّ]، شهرٍ. [قلتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً]، (وفي روايةٍ: إِنَّي أُطِيقُ أَكْثَرَ). [حتَّى قالَ:] اقْرَأْ في كُلِّ سَبْعِ لَيالٍ مَرَّةً، [ولا تَزِدْ على ذلكَ]، [فما زالَ حتَّى قالَ: في ثلاثٍ]، [وكانَ عبدُ اللهِ يَقُولُ بَعْدَما كَبُرَ:] فَلَيْتَني قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وذاك أنِّي كَبِرْتُ، وضَعُفْتُ، فكانَ يقرأُ على بعضِ أَهْلِهِ السُّبُعَ مِنَ القرْآنِ بالنَّهارِ، والَّذي يقرؤهُ مِنَ النَّهار، والَّذي يقرؤهُ يعْرِضُهُ مِنَ النَّهارِ؛ ليكونَ أخَفَّ عليهِ باللَّيْلِ، وإذا أَرادَ أَنْ يَتَقَوَّى؛ أَفْطَرَ أَيَّاماً وأَحْصى وصامَ مِثْلَهُنَّ كَراهِيَةَ أَنْ يَتْرُكَ شيئاً فارَقَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عليهِ. قالَ أَبو عبدِ اللهِ: وقالَ بعضُهُمْ: في ثَلاثٍ، وفي خَمْسٍ، وأَكثَرُهُمْ على سبعُ.

_ (15) قلت: وزاد أحمد (2/ 200/201) , النسائي (1/ 325): "وكان إذا وعد لم يخلف"، وهي زيادة منكرة؛ لأنه تفرد بها محمد بن إسحاق صاحب السيرة، مع كونه مدلساً، وقد عنعنه.

35 - باب البكاء عند قراءة القران

35 - بابُ البُكاءِ عندَ قِراءَةِ القُرْانِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1884). 36 - بابُ مَنْ رايى بِقراءَةِ القرْآنِ أَو تَأَكَّلَ بِهِ أَوْ فَخَرَ بهِ (*) 37 - بابٌ اقْرَؤوا القُرْآنَ ما ائتَلَفَتْ قُلوبُكُمْ 2038 - عنْ أَبي عِمْرانَ الجَوْنىِّ عنْ جُنْدُبِ بنِ عبدِ اللهِ [البَجَلِىِّ 8/ 161] عنِ النَّبىِّ - صلى الله عليه وسلم قالَ: "اقْرَؤوا القُرْآنَ ما ائْتَلَفَتْ [عليهِ] قُلوبُكُمْ، فإِذا اخْتَلَفْتُمْ؛ فَقومُوا عنْهُ". 1088 - وفي روايةٍ معلَّقةٍ عنْ أَبي عِمْرانَ: سَمِعْتُ جُنْدُباً قَوْلَهُ. 1089 - وفي أخرى: عنْ عبدِ اللهِ بنِ الصَّامِتِ عنْ عُمَرَ قَوْلَهُ. وجُنْدُبٌ أصَحُّ وأكْثَرُ (16).

_ (*) قلت: يشير المؤلف رحمه الله إلى بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في الباب، ولكنها ليست من شرطه، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تعلموا القرآن، وسلوا الله به الجنة؛ قبل أن يتعلمه قوم يسألون به الدنيا؛ فإن القرآن يتعلمه ثلاثة: رجل يباهي به، ورجل يستأكل به، ورجل يقرؤه لله". رواه ابن نصر وغيره، وهو مخرج في "الصحيحة" (258)، وفي النهى عن التآكل به والاستكثار به أحاديث أخرى مخرجة فيه (259 و260 و3053)، ولقد تحقق ما أخبر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ولا حول ولا قوة إلا بالله. 1088 - وصله الإسماعيلي. 1089 - وصله النسائي وأبو عبيد. (16) أي: أصح إسناداً وأكثر طرقاً. قال الحافظ: "وهو كما قال؛ فإن الجم الغفير رووه عن أبي عمران عن جندب؛ إلا أنهم اختلفوا عليه في رفعه ووقفه، والذين رفعوه ثقات حفاظ؛ فالحكم لهم، وأما الرواية الأخيرة الموقوفة على عمر فشاذة".

67 - كتاب النكاح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 67 - كِتابُ النِّكاحِ 1 - بابُ التَّرْغيبِ في النِّكاحِ لِقَوْلهِ تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ} 2039 - عنْ أَنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا أُخْبِرُوا، كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا؛ فَإِنِّى أُصَلِّى اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ (1) رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا وَاللَّهِ؛ إِنِّى لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِى؛ فَلَيْسَ مِنِّى».

_ (1) زاد في نسخة "الفتح": "إليهم". قلت: وهذه الرواية صريحة في أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - واجههم بالِإنكار، وهي من رواية حميد الطويل: أنه سمع أنس بن مالك، وخالفه ثابت فقال: فبلغ ذلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا". أخرجه مسلم (4/ 129)، والنسائي (2/ 70)، وأحمد (3/ 241 و259 وه28)، وجمع الحافظ بين الروايتين بأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - منع من ذلك عموماً جهراً مع عدم تعيينهم، وخصوصاً فيما بينه وبينهم؛ رفقاً بهم، وستراً لهم. وهو جمع حسن. والله أعلم.

2 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من استطاع منكم الباءة؛ فليتزوج؛

2 - بابُ قَوْلِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنِ اسْتطاعَ مِنْكُمُ الباءَةَ؛ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ لأنَّهَا أغَضُّ للبَصَرِ، وأَحْصَنُ للفَرْجِ"، وهَلْ يَتَزَوَّجُ مَنْ لا أرَبَ لهُ في النِّكاحِ؟ 2040 - عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ , فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنُى، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَخَلَيَا، فَقَالَ عُثْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ! فِى أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا تُذَكِّرُكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا؛ أَشَارَ إِلَىَّ، فَقَالَ: يَا عَلْقَمَةُ! فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهْوَ يَقُولُ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ؛ لقد [كُنَّا معَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شَباباً , لا نَجِدُ شَيْئاً , فـ] قَالَ لَنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ؛ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ [فإنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ , وأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ] , وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؛ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». 3 - بابُ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْبَاءَةَ؛ فَلْيَصُمْ (قلتُ: أسند تحته الحديث الذي قبله). 4 - بابُ كَثْرَةِ النِّساءِ 2041 - عن عَطاءٍ قالَ: حَضَرْنا معَ ابنِ عَبَّاسٍ جَنازَةَ مَيْمونَةَ بـ (سَرِفَ)، فقالَ ابنُ عبَّاسٍ: هذهِ زَوْجَةُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم، فإِذا رَفَعْتمْ نَعْشها؛ فَلا تُزَعْزِعُوها، وَلا تُزَلْزِلُوها، وَارْفُقُوا؛ فَإنَّهُ كانَ عِنْدَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تِسْعٌ، كانَ يَقْسِمُ لِثَمانٍ , ولا يَقْسِمُ لِواحِدَةٍ. 2042 - عن سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قالَ: قالَ لي ابنُ عبَّاسٍ: هلْ تَزَوَّجْتَ؟ قلت: لا. قالَ: فتَزَوَّجْ؛ فإنَّ خَيْرَ هذهِ الأمَّةِ (2) أكْثَرُها نِساءً.

_ (2) قوله: "خير هذه الأمة"؛ يعني: النبيّ الأكرم - صلى الله عليه وسلم.

5 - باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى

5 - بابٌ مَنْ هاجَرَ أوْ عَمِلَ خَيْراً لِتَزْويجِ امْرَأَةٍ فلَهُ مَا نَوى (قلتُ: أسند فيه حديث عمر المتقدم في أول الكتاب برقم 1). 6 - بابُ تَزْويجِ المُعْسِرِ الَّذي مَعَهُ القُرْآنُ والِإسْلامُ 634 - فيهِ سَهْلٌ عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم. 7 - بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لَأخِيهِ: انْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ شِئْتَ حتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْها. 635 - رواهُ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ. 8 - بابُ ما يُكْرَهُ مِنَ التَّبَتُّلِ والخِصاءِ 2043 - عنْ سَعْدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ قالَ: [لقدْ] رَدَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على عُثْمانَ ابنِ مظْعُونٍ التَّبَتُّلَ (3)، ولوْ أَذِنَ لهُ لَاخْتَصَيْنا. 636 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّى رَجُلٌ شَابٌّ، وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِى الْعَنَتَ، وَلاَ أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ، فَسَكَتَ عَنِّى، ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّى، ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّى، ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاَقٍ، فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ».

_ 634 - يشير إلى حديثه المتقدم موصولاً (6/ 109). 635 - يشير إلى حديثه المتقدم في أول "34 - البيوع". (3) المراد بالتبتل المنهي عنه في الحديث الانقطاع عن النساء وترك التزوج، وأما معنى قوله تعالى: {وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا}؛ فالمراد به الانقطاع إليه والتعبد، لا ترك التزويج. 636 - صورته صورة المعلق، وقد وصله الفريابي في "كتاب القدر"، والجوزقي في "الجمع بين الصحيحين"، والِإسماعيلي، وأبو نعيم، وإسناده صحيح.

9 - باب نكاح الأبكار

9 - بابُ نِكاحِ الأبْكارِ 637 - وقالَ ابنُ أبي مُلَيْكَةَ: قالَ ابنُ عبَّاسٍ لعائِشَةَ: لمْ يَنْكِحِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكْراً غَيْرَكِ. 2044 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -؛ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ (4) قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرَةً لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِى أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: فِى الَّذِى لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا. تَعْنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا. 10 - بابُ الثَّيِّباتِ 638 - وقالتْ أمُّ حَبيبةَ: قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: "لا تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَناتِكُنَّ ولا أَخَواتِكُنَّ". 11 - بابُ تَزويجِ الصِّغارِ مِنَ الكِبارِ 2045 - عن عُرْوَةَ (5) أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ عائِشَةَ إِلى أَبي بَكْرٍ، فقالَ لهُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّما أَنا أخُوكَ، فقالَ:

_ 637 - هو طرف من حديث تقدم فيه الكتاب موصولاً "65 - التفسير/ 24 - سورة/ 9 - باب". (4) كذا في بعض روايات الكتاب، ولأبي ذر "شجراً" بصيغة الجمع، قال الحافظ: "وهو أصوب؛ لقوله بعد: "في أيها"؛ أي: في أي الشجر، ولو أراد الموضعين؛ لقال: في أيهما". 638 - يأتي موصولاً بعد عشرة أبواب. (5) هو ابن الزبير، وأمه أسماء بنت أبى بكر أخت عائشة، وعليه فظاهره الِإرسال، وبه أعله البعض، وأجاب عنه الحافظ بأنه من رواية عروة في قصة وقعت لخالته عائشة وجده لأمه أبي بكر، فالظاهر أنه حمل ذلك عن خالته عائشة أو أمه أسماء.

12 - باب إلى من ينكح؟ وأي النساء خير؟ وما يستحب أن يتخير لنطفه من غير إيجاب

"أنْتَ أخي في دينِ اللهِ وكِتابِهِ، وهِيَ لي حَلالٌ". 12 - بابٌ إِلى مَنْ يَنْكِحُ؟ وأَيُّ النِّساءِ خَيْرٌ؟ وما يُسْتَحَبُّ أنْ يَتَخَيَّرَ لِنُطَفِهِ مِنْ غَيْرِ إِيجابٍ (6) 2046 - عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم قالَ: "خَيْرُ نِساءٍ رَكِبْنَ الِإبِلَ صالِحُو نِساءِ قرَيْشٍ، أَحْناهُ على وَلَدٍ في صِغَرِهِ، وأرْعاهُ على زَوْجٍ في ذاتِ يَدِهِ". 639 - [يَقُولُ أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه على إثر ذلك: وَلَمْ تَرْكَبْ مَرْيَمُ بنتُ عِمْرانَ بَعيراً قَطُّ 4/ 139]. 13 - بابُ اتِّخاذِ السَّرارِي، ومَنْ أَعْتَقَ جارِيَتَهُ ثمَّ تَزَوَّجَها 14 - بابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الأمَةِ صَداقَها (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 1234). 15 - بابُ تَزْويجِ المُعْسِرِ لقَوْلهِ تعالى: {إِنْ يَكونوا فقَراءَ يُغْنِهِمُ الله مِنْ فَضْلِهِ} (قلتُ: أسند فيه حديث سهل المتقدم برقم 2028). 16 - بابُ الأَكْفاءِ في الدِّينِ وقَوْلهِ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}

_ (6) قيد الجميع؛ يعني: أن المذكور هنا من باب الاستحباب، لا من باب الِإيجاب. 639 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها مسلم والِإسماعيلي.

2047 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ -وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَبَنَّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهْوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلاً فِى الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَوَالِيكُمْ}، فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ، كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِى الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِىِّ ثُمَّ الْعَامِرِىِّ، وَهْىَ امْرَأَةُ أَبِى حُذَيْفَةَ بنِ عُتْبَةَ - النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَذَكَرَ الْحَديث (7). 2048 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ؛ لاَ أَجِدُنِى إِلاَّ وَجِعَةً. فَقَالَ لَهَا: حُجِّى وَاشْتَرِطِى، قُولِى: اللَّهُمَّ مَحِلِّى (8) حَيْثُ حَبَسْتَنِى، وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ. 2049 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا؛ فَاظْفَرْ بِذَاتِ

_ (7) ساق بقيته البرقاني وأبو داود: "فكيف ترى؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: أرضعيه، فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة، فبذلك كانت عائشة تأمر بنات إخوانها وبنات أخواتها أن يرضعن مَن أحبَّت عائشة أن يراها ويدخل عليها، وإن كان كبيراً، خمس رضعات، ثم يدخل عليها، وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتى يرضع في المهد، وقلن لعائشة: والله ما ندري؛ لعلَّها رخصة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسالم دون الناس. وسنده جيد على شرط البخاري، وقد اختار العمل بالحديث شيخ الإِسلام ابن تيمية، فقال في "اختياراته": "ورضاع الكبير تنتشر به الحرمة بحيث لا يحتشمون منه للحاجة، وهو مذهب عائشة وعطاء والليث وداود". (8) أي: مكان تحلُّلي من الِإحرام.

17 - باب الأكفاء في المال وتزويج المقل المثرية

الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ". 2050 - عنْ سَهْلٍ [بنِ سعدٍ السَّاعديِّ 7/ 178] قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ في هَذَا؟ قَالُوا: (وفي راويةٍ: فقالَ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَفِ النّاسِ: هذا والله) حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ. قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ في هَذَا؟ قَالُوا (وفي الروايةِ الأُخْرَى: فقالَ: يا رَسُولَ اللهِ! هذا رَجلٌ مِنْ فُقَراءِ المسلمينَ, هذا) حَرِىٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ [لِقَوْلِهِ]. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا. 17 - بابُ الأَكْفاءِ في المالِ وتَزْويجِ المُقِلِّ المُثْرِيَةَ (قلتُ: أسند في حديث عائشة المتقدم برقم 1881). 18 - بابُ ما يُتَّقى مِنْ شؤْمِ المَرْأَةِ، وَقَوْلهِ تَعالى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ} 2051 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «[لا عَدْوى , ولا طِيَرَةَ , و7/ 27] إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِى شَيْءٍ؛ فَفِى الدَّارِ , وَالْمَرْأَةِ , وَالْفَرَسِ». 2052 - عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِى فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ». 19 - بابُ الحُرَّةِ تَحْتَ العَبْدِ

20 - باب لا يتزوج أكثر من أربع؛ لقوله تعالى: (مثنى وثلاث ورباع)

2053 - عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قالَتْ: كانَتْ في بَريرةَ ثلاثُ سُنَنٍ: [إِحدى السُّنن أَنَّها أ6/ 171]، عَتَقَتْ (9) فَخُيِّرَتْ [في أَنْ تَقَرَّ تَحْتَ زَوْجِها أَوْ تُفارِقَهُ 6/ 201] (10). وقالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: الوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم [بَيْتَ عائِشَةَ] وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ [تَفُورُ بلَحمٍ]، [فَدَعا بالغَداءِ] , فَقَرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ , فَقَالَ: لَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ [فيها لَحْمٌ؟]. فَقِيلَ: [بَلى يا رَسُولَ اللهِ! ولكنَّه] لَحْمٌ تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ [فَأُهْدَتْهُ لَنا]، وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ. قَالَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ. 20 - بابٌ لاَ يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ؛ (20) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) 1090 - وَقَالَ عَلِىُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: يَعْنِى: مَثْنَى أَوْ ثُلاَثَ أَوْ رُبَاعَ، وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُولِى أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}؛ يَعْنِى: مَثْنَى أَوْ ثُلاَثَ أَوْ رُبَاعَ. 21 - بابٌ {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِى أَرْضَعْنَكُمْ} , وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ 2054 - عن أُمِّ حبيبَةَ بنتِ أَبي سُفْيانَ قالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ! انْكِحْ أُخْتي

_ (9) قد أصاب الشارح في ضبطه هذه الكلمة بفتحات؛ فإن العيني قال على صيغة المجهول؛ أي: أعتقتها عائشة رضي الله عنها اهـ. وهو خطأ لغةً؛ فإن الثلاثي لازم لا يبنى منه المجهول، ولا يُقال: عبد معتوق، نص عليه الفيومي اهـ مصححه كذا على الهامش. (10) مضت قصتها مفصلة (3/ 29). 1090 - لم يخرجه الحافظ.

22 - باب من قال: لا رضاع بعد حولين؛ لقوله تعالى: {حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}، وما يحرم من قليل الرضاع وكثيره

بِنْتَ أَبِى سُفْيَانَ (وفي روايةٍ: هلْ لكَ فى بنتِ أَبى سُفْيانَ؟ قالَ: فأَفْعَلُ ماذا؟ قلتُ: تَنْكِحُ 6/ 127). فَقَالَ: أَوَ تُحِبِّينَ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ (11)، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِى فِى خَيْرٍ أُخْتِى. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لِي». قُلْتُ: [يا رَسُولَ اللهِ! 6/ 128] فَـ[ـوَاللهِ]ـإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ [دُرَّةَ] بِنْتَ أَبِى سَلَمَةَ. قَالَ: بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَقَالَ: [فَوَاللهِ] لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِى فِى حَجْرِى مَا حَلَّتْ لِي؛ إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِى مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِى وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَىَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ. قَالَ: عُرْوَةُ وَثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لأَبِى لَهَبٍ، كَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ (12) , قَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ خَيْراً , غَيْرَ أَنِّى سُقِيتُ فِى هَذِهِ بِعَتَاقَتِى ثُوَيْبَةَ. 22 - بابُ مَنْ قالَ: لا رَضاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ؛ لِقَوْلهِ تَعالى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}، وما يُحَرِّمُ مِنْ قَليلِ الرَّضاعِ وكَثيرِهِ 2055 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ , [قالَ: يا عائِشَةُ! مَنْ هذا؟ 3/ 150] فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَخِى [مِنَ الرَّضاعَةِ]. فَقَالَ: انْظُرْنَ مَن إِخْوَانُكُنَّ؛ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ الْمَجَاعَةِ.

_ (11) قال في "النهاية": "المخلية التي تخلو بزوجها وتنفرد به وليس من قولهم امرأة مخلية إذا خلت من الزوج" اهـ. (12) قوله: "بشر حيبة"؛ أي: على أسوأ حالة، يقال: بات الرجل بحيبة سوء؛ أي: بحالة رديئة، ووقع عند المستملي: بفتح الخاء المعجمة؛ أي: في حالة خائبة من كل خير. قلت: وهذه رؤيا منامية، لا يعتمد عليها، ولا سيما ورائيها مجهول لم يسمَّ، وعروة لم يدركه.

23 - باب لبن الفحل

23 - بابُ لبَنِ الفَحْلِ (13) (قلتُ: أسند في حديث عائشة المتقدم برقم 1954). 24 - بابُ شَهادَةِ المُرْضِعَةِ 2056 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً (وفى روايةٍ: أُمَّ يَحْيىَ بنتَ أبي إِهابٍ [بن عَزيزٍ 1/ 30] 3/ 153) , فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ (وفى راويةٍ: أَمَةٌ) سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: [إنِّي قدْ] أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (وفى روايةٍ: فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِى، وَلاَ أَخْبَرْتِنِى، [فَأرْسَلَ إِلى آلِ أَبي إِهابٍ، يَسْألُهُمْ، فَقالُوا: ما عَلِمْنا أَرَضَعَتْ صاحِبتَنا 3/ 148]، فرَكِبْتُ إِلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم بِالمدينةِ)، فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ بِنْتَ فُلاَنٍ، فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ لِي: إِنِّى قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، وهِيَ كاذِبةٌ، فَأَعْرَضَ عنهُ، فَأتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، قلتُ: إنَّها كاذِبَةٌ، [وتَبَسَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم 3/ 4]، قالَ: كيفَ بِها وقدْ زَعَمَتْ أَنَّها قَدْ أَرْضَعَتْكُما (وفي روايةٍ: كَيْفَ وَقَدْ قيلَ؟!). دَعْها عَنْكَ [أوْ نحوَه]، وأشارَ إِسماعيلُ بإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابةِ والوُسْطى يَحْكي أَيُّوبَ (14) [ففارَقَها عُقْبَةُ، وَنَكَحَتْ زَوْجاً غَيْرَه]. 25 - بابُ مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ وَقَوْلهِ تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ}

_ (13) أي: الرجل، ونسبة اللبن إليه مجاز؛ لكونه سبباً فيه؛ يعني: هل يثبت حرمة الرضاع بينه وبين الرضيع أم لا؟ أفاده الشارح. (14) يعني: أن إسماعيل الراوي أشار بإصبعيه حكاية أيوب السختياني في إشارته بهما إلى الزوجين، حيث يحكي فعل النبيّ صلى الله عليه وسلم، فحكى ذلك كل راوٍ لمن دونه، وحمل الشارح هذه الإشارة على الفعل باليد والقول باللسان، وهو بعيد.

إلى آخِرِ الآيَةِ 1091 - وقالَ أنسٌ: {والمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ}: ذواتُ الأزواجِ الحَرائِرُ حَرامٌ. {إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}: لا يَرَى بأْساً أنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِه، وقالَ: {ولا تَنْكِحُوا المُشْرِكاتِ حتَّى يؤمِنَّ}. 1092 - وقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: ما زادَ على أرْبَعٍ فَهُو حَرامٌ؛ كأُمِّهِ وابنَتِهِ وأُخْتِهِ. 2057 - عنِ ابنِ عَبَّاسُ: حُرِّمَ مِنَ النِّسَبِ سَبْعٌ، ومِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ، ثُمَّ قرَأَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أمَّهاتُكُمْ} الآيةَ. 1093 - وجَمَعَ عبدُ اللهِ بنُ جَعْفَرٍ بينَ ابنَةِ عليٍّ وامْرأةِ عَلِىٍّ. 1094 - وقالَ ابنُ سِيرينَ: لا بأْسَ بهِ. 1095 - وكَرِهَهُ الحَسَنُ بنُ مَرَّةً، ثمَّ قالَ: لا بَأْسَ بهِ. 1096 - وجَمَعَ الحَسَنُ بنُ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ في لَيْلَةٍ. 1097 - وكَرِهَهُ جابِرُ بنُ زَيْدٍ للقَطيعَةِ، وَلَيْسَ فيهِ تَحْريمٌ؛ لِقَوْلهِ تعالى: {وأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَراءَ ذلكُمْ}. 1098 - وقالَ عِكْرِمَةُ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: إِذا زَنى بأُخْتِ امْرأَتِهِ لمْ تَحْرُمْ عليهِ امْرأَتُهُ.

_ 1091 - وصله إِسماعيل القاضي في كتاب "أحكام القرآن" بسند صحيح عنه. 1092 - وصله الفريابي وعبد بن حميد بسند صحيح عنه. 1093 - وصله البغوي في "الجعديات" وسعيد بن منصور من طريقين عنه. 1094 - وصله سعيد بن منصور عنه بسند صحيح. 1095 - وصله أبو عبيد في "كتاب النكاح" والدارقطني. 1096 - وصله عبد الرزاق وأبو عبيد. 1097 - وصله أبو عبيد عنه. 1098 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه.

1099 - ويُرْوى عنْ يَحْيى الكِنْدِيِّ عنِ الشَّعْبِىِّ وأَبي جَعْفَرٍ فيمَنْ يَلْعَبُ بالصَّبِىِّ: إنْ أدْخَلَهُ فيهِ فلا يَتَزَوَّجَنَّ أُمَّهُ. وَيَحْيى هذا غَيْرُ مَعْرُوفٍ , وَلَمْ يُتابَعْ عَلَيْهِ. 1100 - وقالَ عِكْرِمَةُ: عنِ ابنِ عبَّاسٍ: إذا زَنى بِها (15) لا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأتُهُ. 1101 - ويُذْكَرُ عنْ أبي نَصْرٍ: أنَّ ابنَ عبَّاسٍ حَرَّمَهُ، وأبو نَصْرٍ هذا لمْ يُعْرَفْ سَماعُهُ عَنِ ابنِ عبَّاسٍ. 1102 - 1105 - ويُرْوَى عنْ عِمرانَ بنِ حُصَيْنٍ، وجابِرِ بنِ زَيْدٍ، والحَسَنِ، وَبَعْضِ أهْلِ العِراقِ؛ قالَ: يَحْرُمُ عَلَيْهِ. 1106 - وقالَ أبو هُرَيْرَةَ: لا يَحْرُمُ حتَّى يُلْزِقَ بالأرْضِ؛ يعني: يُجامعَ. 1107 - 1109 - وجَوَّزَهُ ابنُ المُسَيَّبِ، وعُرْوَةُ، والزُّهْرِيُّ.

_ 1099 - وصله وكيع في "مصنفه" بسند صحيح عنه، لكن يحيى لا يحتج به كما بينه المصنف. 1100 - وصله البيهقي بسند صحيح عنه. (15) أي: بأم امرأته. (شارح). 1101 - وصله الثوري في "جامعه"، وأبو نصر هو الأسدي، مجهول، كما في "التقريب"، تبعاً لضعفاء الذهبي، وأما أبو زرعة فوثقه. 1102 - 1105 - أما قول عمران؛ فوصله عبد الرزاق، وقال الحافظ: "ولا بأس بِإسناده"، كذا قال، وهو من رواية الحسن عنه! وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق قتادة عنه، وهو منقطع، وأما قول جابر بن زيد والحسن؛ فوصله ابن أبي شيبة، وأما قوله: "وبعض أهل العراق"؛ فلعله عني به الثوري؛ فإنه ممَّن قال بذلك من أهل العراق، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. 1106 - لم يخرجه الحافظ. 1107 - 1109 - وصله عبد الرزاق عنهم.

26 - باب {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن}

1110 - وقال الزُّهْرِيُّ: قالَ عَلِىٌّ: لا يَحْرُمُ، وهذا مُرْسَلٌ (16). 26 - بابٌ {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} 1111 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: الدُّخُولُ، والمَسِيسُ، واللِّماسُ: هوَ الجِماعُ، ومَنْ قالَ: بَناتُ وَلَدِها مِنْ بَناتِهِ في التَّحْرِيمِ. 640 - لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّ حَبِيبَةَ: لاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلا أَخَواتِكُنَّ، وَكَذَلِكَ حَلاَئِلُ وَلَدِ الأَبْنَاءِ هُنَّ حَلاَئِلُ (17)، وَهَلْ تُسَمَّى الرَّبِيبَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِهِ. 641 - وَدَفَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَبِيبَةً لَهُ إِلَى مَنْ يَكْفُلُهَا. 642 - وَسَمَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ابْنَ ابْنَتِهِ ابْنًا. 27 - بابٌ {وأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} (قلتُ: أسند فيه حديث أم حبيبة المتقدم برقم 2054). 28 - بابٌ لا تُنْكَحُ المَرْأَةُ عَلى عَمَّتِها

_ 1110 - وصله البيهقي. (16) يعني: منقطع، بل معضل. 1111 - تقدم ذكر من وصله في (5 - المائدة/ 3 - باب). 640 - تقدم موصولاً في الحديث (2054). (17) أي: مثلهن في التحريم. 641 - هذا طرف من حديث وصله البزار والحكم من طريق أبي إسحاق عن فروة بن نوفل الأشجعي عن أبيه نحوه. قلت: وأبو إسحاق مدلس مختلط، وعنه رواه أحمد أيضاً (5/ 456)، وله عنه رواية أخرى باللفظ المذكور أعلاه؛ فعزوه إليه أولى، نسبه إليه ابن كثير في "التفسير" وفي "جامع المسانيد" (12/ 245)، وهو مما سقط من "المسند" المطبوع. 642 - يشير إلى قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحسن بن علي: "إن ابني هذا سيد"، وقد مضى موصولاً.

29 - باب الشغار

2058 - عَنْ جابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: نَهى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ تُنْكَحَ المَرْأةُ عَلى عَمَّتِها أَوْ خالَتِها. 643 - وقالَ داودُ وابنُ عَوْنٍ عنِ الشَّعْبىِّ عنْ أَبي هُرَيْرَةَ. 2059 - عنِ الزُّهْرِيِّ قالَ: حَدَّثَني قَبيصَةُ بنُ ذُؤَيْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: نَهَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُنْكَحَ المَرأةُ على عَمَّتِها، وَالمرْأَةُ وخالَتُها، فَنُرى خالَةَ أَبيها بتِلْكَ المَنْزِلَةِ؛ لأنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَني عنْ عائِشَةَ قالَتْ: حَرِّموا مِنَ الرَّضاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ. 29 - بابُ الشِّغارِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر الآتي "90 - الحيل/ 4 - باب"). 30 - بابٌ هَلْ للمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ نَفْسَها لأَحَدٍ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1951). 31 - بابُ نِكاحِ المُحْرِمِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم فيه "64 - المغازى / 46 - باب").

_ 643 - وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وأبو داود والترمذي وصححه وابن الجارود وغيرهم من طريق داود، وهو ابن أبي هند، عن الشعبي به، وزاد: "ولا العمة على بنت أخيها، ولا الخالة على بنت أختها، ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى"، وهو مخرج في "الِإرواء" (1882) و"صحيح أبي داود" (1802)، وأما رواية ابن عون؛ فوصلها النسائي فيما ذكره الحافظ مختصراً نحو حديث جابر، وروى البيهقي (7/ 166) طرفاً آخر منه بلفظ: "نهى أن يتزوج الرجل يعني المرأة على ابنة أخيها أو ابنة أختها".

32 - باب نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة آخرا

32 - بابُ نَهْيِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عنْ نِكاحِ المُتْعَةِ آخِراً 2060 - عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِىٍّ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [قيلَ لَهُ: إِنَّ ابنَ عَبَّاسٍ لا يَرَى بمُتْعَةِ النِّساءِ بَأْساً، فـ 8/ 61]، قالَ لِابنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُتْعَةِ، وَعَنْ [أَكْلِ 5/ 78]، لُحُومِ الحُمُرِ الأهلِيَّةِ زَمَنَ خَيْبَرَ. 2061 - عَنْ أبي جَمْرَةَ؛ قالَ: سَمِعْتُ ابنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ النِّساءِ؟ فَرَخَّصَ، فَقالَ لَهُ مَوْلىً لَهُ: إِنَّمَا ذلِكَ في الحالِ الشَّديدِ وفي النِّساءِ قِلَّةٌ أَوْ نَحْوَهُ؟ فقالَ ابنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ (18). 2062 و 2063 - عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ وسَلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ قالا: كُنَّا في جَيْشٍ، فأتانا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: "إِنَّه قدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تسْتَمْتِعوا فاسْتَمْتِعوا". 644 - وفي روايةٍ معلَّقةٍ: عن سلمةَ بنِ الأكْوَعِ عنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: "أيُّما رَجُلٍ وامْرَأةٍ تَوافَقا فعِشْرَةُ ما بينَهُما ثَلاثُ لَيالٍ، فَإنْ أحَبَّا أنْ يَتزايَدا أوْ يَتَتارَكا؛ تَتاركا"، فَما أدْري أشَيءٌ كانَ لَنا خاصَّةً أمْ لِلنَّاسِ عامَّةً؟ قال أبو عبدِ اللهِ: وبَيَّنَهُ عَلِيٌّ عنِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم

_ (18) قلت: فيه دليل على أن ابن عباس لا يقول بإباحة المتعة مطلقاً كما تقول الشيعة، وقد ذكر الحافظ هنا أخباراً عدة عن ابن عباس تتفق مع هذا؛ فليراجعها مَن شاء. وعلى ذلك يجب أن تحمل ما يخالفه من الأخبار المطلقة عنه في الإباحة، وليس في جملة ما ورد عنه في ذلك ما يمكن من القول بأنه رجع عن الإباحة إلى التحريم مطلقاً كما هو مذهب الجماهير. واعلم أنه ليس هناك نصٌّ في أن المتعة كانت قبل النسخ مباحة إباحة مطلقة، بل الأحاديث صريحة بأنها كانت في الغزو، ثم إن رواية أبي جمرة هذه قد أنكر بعضهم أن يكون المصنف أخرجها! فراجع إن شئت "التلخيص" (3/ 158). 644 - وصله الطبراني والإسماعيلي وأبو نعيم، وإسناده صحيح.

33 - باب عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح

أنَّهُ مَنْسوخٌ. 33 - بابُ عَرْضِ المَرْأَةِ نَفْسَها على الرَّجُلِ الصَّالحِ 2064 - عن ثابِتِ البُنانِيِّ قالَ: كُنْتُ عندَ أَنَسٍ، وعِنْدَهُ ابْنَةٌ لهُ، قالَ أَنَسٌ: جاءَتِ امْرَأَةٌ إِلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعْرِضُ عليهِ نَفْسَها. قالَتْ: يا رسولَ اللهِ! أَلَكَ بي حاجَةٌ؟ فقالَتْ بِنْتُ أنَسٍ: ما أَقَلَّ حَياءَها؟ وا سَوْأَتاهْ! وا سَوْأَتاهْ! قالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رِغِبَتْ في النبيِّ - صلى الله عليه وسلم، فعَرَضَتْ عليهِ نَفْسَها. 34 - بابُ عَرْضِ الِإنسانِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ على أَهْلِ الخَيْرِ 35 - بابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ولا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أكْنَنْتُمْ في أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ} الآيةَ إِلى قَوْلهِ: {غَفُورٌ حَلِيمٌ}، {أكْنَنْتُم}: أَضْمَرْتُم، وَكُلُّ شَيْءٍ صُنْتَهُ وأَضْمَرْتَهُ فهُوَ مَكْنونٌ. 2065 - عنِ ابنِ عَبَّاسٍ: {فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ}؛ يَقُولُ: إنِّي أُرِيدُ التَّزويجَ، ولَوَدِدْتُ أَنَّهُ تَيَسَّرُ لي امْرأةٌ صالِحَةٌ. 1112 - وقالَ القاسِمُ: يَقُولُ: إنَّكِ عَلَيَّ كَريمةٌ، وإنِّي فيكِ لَراغِبٌ، وإِنَّ اللهَ لَسائِقٌ إِلَيْكِ خَيْراً، أوْ نَحْوَ هذا. 1113 - وقالَ عطاءٌ: يُعَرِّضُ ولا يَبوحُ (19)، يَقولُ: إِنَّ لي حاجَةً، وأَبْشِري، وأَنْتِ بحَمْدِ اللهِ نَافِقَةٌ، وتَقولُ هِيَ: قَدْ أسْمَعُ ما تَقُولُ، ولا تَعِدُ شَيْئاً، ولا يُواعِدُ وَلِيُّها بغَيْرِ عِلْمِها، وإنْ واعَدَتْ رَجُلًا

_ 1112 - وصله مالك بسند صحيح عنه. 1113 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه مفرقاً. (19) أي: لا يصرح، وقوله: "نافقة"؛ أي: رائجة.

36 - باب النظر إلى المرأة قبل التزويج

في عِدَّتِها، ثمَّ نَكَحَها بَعْدُ؛ لمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُما. 1114 - وقالَ الحَسَنُ: {لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا}: الزِّنى. 1115 - ويُذْكَرُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: {الكِتابُ أَجَلَهُ}: تَنْقَضِي العِدَّةُ. 36 - بابُ النَّظَرِ إِلى المَرْأَةِ قَبْلَ التَّزويجِ 37 - بابُ مَن قالَ: 645 - " لا نِكاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ"؛ لِقَوْلِ اللهِ تَعالى: {فَلا تَعْضُلوهُنَّ}، فدَخَلَ فيهِ الثَّيِّبُ وكذلكَ البِكْرُ، وقالَ: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَينَ حتَّى يُؤْمِنوا}، وقالَ: و {أنْكِحُوا الأَيامَى مِنْكُمْ}. 2066 - عَنْ عائِشةَ زَوْجِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ النِّكاحَ في الجاهِلِيَّةِ كانَ على أَربَعَةِ أَنْحاءٍ: فنِكاحٌ مِنها نِكاحُ النَّاسِ اليومَ، يخْطُبُ الرَّجُلُ إِلى الرَّجُلِ ولِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُها (20) ثمَّ يَنْكِحُها. ونِكاحٌ آخَرُ: كانَ الرَّجُلُ يَقولُ لامْرَأَتِهِ إِذا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِها: أَرْسِلي إِلى فُلانٍ فَاسْتَبْضِعي مِنْهُ، ويَعْتَزِلُها زَوْجُها، ولا يَمَسُّها أَبداً، حتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُها مِنْ ذلِكَ

_ 1114 - وصله عبد بن حميد عنه. 1115 - وصله الطبري بسند منقطع عنه. 645 - هذا لفظ حديث، روي عن جمع من الصحابة، وليس فيها شيء على شرط المصنف رحمه الله تعالى، ولكنه استنبط حكمه بدقيق فقهه من الآيات والأحاديث التي ساقها، ثم هو إلى ذلك يرتقي بمجموع طرقه إلى درجة الصحة، وقد خرجت قسماً طيباً منها في "إرواء الغليل" (1840 - 1845). (20) الإصداق: تعيين الصداق وتسميته. و (الطمث): الحيض. و (الاستبضاع): طلب المباضعة، وهي الجماع.

الرَّجُلِ الذي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فإذا تَبَيَّنَ حَمْلُها أَصابَها زَوْجُها إِذا أَحَبَّ، وإنَّما يَفْعَلُ ذلِكَ رَغْبَةً في نَجابَةِ الوَلَدِ، فكانَ هذا النِّكاحُ نِكاحَ الاسْتِبْضاعِ. وَنِكَاحٌ آخَرُ: يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى الْمَرْأَةِ؛ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ لَيَالٍ (21) بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ، وَقَدْ وَلَدْتُ؛ فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ! تُسَمِّى مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ. ونِكاحُ الرَّابِعِ (22): يَجْتَمعُ النَّاسُ الكَثيرُ، فيَدْخُلونَ على المَرْأَةِ، لا تَمْتَنِعُ مِمَّنْ جاءَها، وهُنَّ البَغايا، كُنَّ يَنْصِبْنَ على أَبوابِهِنَّ راياتٍ تَكونُ عَلَماً، فَمَنْ أَرْدَاهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فإذا حَمَلَتْ إِحْداهُنَّ، وَوَضعَتْ حَمْلَها، جُمِعُوا لها، ودَعَوْا لَهُمُ القافَةَ، ثمَّ أَلْحَقوا وَلَدَها بالَّذي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَ بهِ، ودُعِيَ ابْنُهُ، لا يَمْتَنعُ مِنْ ذلك، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ، هَدَمَ نِكَاحَ الْجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ؛ إِلاَّ نِكَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ. 2067 - عنِ الحَسَنِ قالَ: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} قالَ: حَدَّثَنِى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ. قَالَ: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ، فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، جَاءَ يَخْطُبُهَا (وفى روايةٍ: فَحَمِىَ مَعْقِلٌ مِن ذلك أَنَفاً 6/ 184) , فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ، وَفَرَشْتُكَ، وَأَكْرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا! لاَ وَاللَّهِ؛ لاَ تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلاً لاَ بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنَّ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ: {[وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ 6/ 184] فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [إلى آخِرِ

_ (21) ومر عليها ليال، وفي بعض النسخ: "ليالي"؛ بإثبات الياء وفتحها. (22) قوله: "ونكاح الرابع"؛ بالإضافة؛ أي: ونكاح النوع الرابع، وهو من إضافة الشيء لنفسه على رأي الكوفيين. (شارح).

38 - باب إذا كان الولي هو الخاطب

الآية، فَدَعاهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَرأ عليهِ]، فَقُلْتُ: الآنَ أَفْعَلُ يا رَسُولَ اللهِ! قالَ: [فَتَرَكَ الحَمِيَّةَ واسْتَقادَ لأمْرِ اللهِ]، فزَوَّجَها إيَّاهُ. 38 - بابٌ إِذا كانَ الوَليُّ هُوَ الخاطِبَ 1116 - وَخَطَبَ المُغيرةُ بنُ شعْبَةَ امْرَأَةً هُوَ أوْلى النَّاسِ بِها، فأمَرَ رَجُلًا فَزَوَّجَهُ. 1117 - وقالَ عَبْدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ لأمِّ حَكيمٍ بنتِ قارِظٍ: أتَجْعَلينَ أمْرَكِ إِليَّ؟ قالتْ: نعمْ. فقالَ: قد تَزَوَّجْتُكِ. 1118 - وقالَ عطاءٌ: "ليُشْهِدْ أَنِّي قَدْ نَكَحْتُكِ (23)، أو لِيَأْمُرْ رجلاً مِن عَشيرَتها". 646 - وقالَ سهْلٌ: قالتِ امْرَأةٌ لِلنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَهَبُ لَكَ نَفْسي، فَقالَ رَجُلٌ: يا رَسُولَ اللهِ! إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِها حَاجَةٌ فَزَوِّجْنيها. 39 - بابُ إِنْكاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغارَ لِقَوْلهِ تَعالى: {وَاللَّاءِ لَمْ يَحِضْنَ}، فجَعَلَ عِدَّتَها ثَلاثةَ أشْهُرٍ قبْلَ البُلوغِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1656).

_ 1116 - وصله وكيع في "مصنفه" وعنه البيهقي وسعيد بن منصور. 1117 - وصله ابن سعد. 1118 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. (23) المفهوم من كلام الشارح أن عطاء بن أبي رباح قاله في امرأة خطبها ابن عم لها لا رَجُلَ لها غيره. قال حين سألوه عنها: "فلتشهد أن فلاناً خطبها، وإني أشهدكم أني قد نكحته"، أو تفوض الأمر إلى الولي الأبعد، وهو معنى قوله بعد هذا: "أو ليأمر رجلًا من عشيرتها"، والكلام جرى على التذكير في ضبط الشارح، ونحن أتينا البيوت من أبوابها، مصحح كذا على الهامش. 646 - هذا طرف من الحديث المتقدم موصولاً (6/ 109، برقم 2029).

40 - باب تزويج الأب ابنته من الإمام

40 - بابُ تَزْويجِ الأبِ ابْنَتَهُ مِنَ الِإمامِ 647 - وقالَ عُمَرُ: خَطَبَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِليَّ حَفْصَةَ، فأَنْكَحْتُهُ. (قلتُ: أسند في حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 41 - بابٌ السُّلطانُ وَلِيُّ 648 - بِقَوْلِ النَّبىِّ - صلى الله عليه وسلم: "زَوَّجْناكَها بِما مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ". 42 - بابٌ لا يُنْكِحُ الأبُ وغيْرُهُ البِكْرَ والثَّيِّبَ إِلَاَّ بِرِضاها 2068 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبىَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تُنْكَحُ الَأيِّمُ حتَّى تُسْتَأْمَرَ، ولا تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ". قالوا: يا رَسولَ اللهِ! وكيْفَ إِذْنُها. قالَ: أنْ تَسْكُتَ. 43 - بابٌ إذا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وهِيَ كارِهَةٌ؛ فَنكاحُهُ مَرْدودٌ (قلتُ: أسند في حديث الخنساء بنت خذام الآتي في "ج 3/ 89 - كتاب/ 11 - باب"). 44 - بابُ تَزْويجِ اليَتيمَةِ لقَوْلهِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا}، وإِذا قالَ للوَلِيِّ: زَوَّجْني فُلانَةَ، فمَكَثَ سَاعَةً، أوْ قالَ: ما مَعَكَ؟ فقالَ: مَعي كَذا وكَذا، أَوْ لَبِثا ثمَّ قالَ: زَوَّجْتُكَها؛ فهُوَ جائزٌ 649 - فيهِ سهلٌ عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم.

_ 647 - هذا طرف من حديث تقدم موصولاً (1972). 648 - هو طرف من الواهبة نفسها، وقد مضى موصولاً بتمامه (6/ 109، برقم 2029). 649 - يشير إلى الحديث المتقدم (6/ 109).

45 - باب إذا قال الخاطب للولي: زوجني فلانة، فقال: قد زوجتك بكذا وكذا؛ جاز النكاح، وإن لم يقل للزوج: أرضيت أو قبلت؟

45 - بابٌ إِذا قالَ الخاطِبُ للوَلِيِّ: زَوِّجْني فُلانَةَ، فقالَ: قدْ زَوَّجْتُكَ بِكذا وكَذا؛ جازَ النِّكاحُ، وإنْ لَمْ يَقُلْ للزَّوْجِ: أَرَضيتَ أوْ قَبِلْتَ؟ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل المتقدم برقم 2029). 46 - بابٌ لا يَخْطُبُ على خِطْبَةِ أَخيهِ حتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَدَعَ 2069 - عنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما كانَ يَقُولُ: نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبيعَ (وفي روايةٍ: لا يَبِعْ 3/ 24) بَعْضُكُمْ عَلى بَيْعِ بَعْضٍ، ولا يَخْطُبُ الرَّجُلُ على خِطْبَةِ أَخيهِ؛ حتَّى يَتْرُكَ الخاطِبُ قَبْلَهُ أوْ يَأذَنَ لَهُ الخَاطِبُ. 2070 - عنِ أبي هُرَيْرَةَ يَأْثُرُ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إِيَّاكُمْ والظَّنَّ؛ فإِنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحَسَّسُوا (24)، [ولا تَحاسدوا 7/ 89]، ولا تَباغَضوا، [ولا تَدابَروا]، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إِخْواناً، ولا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلى خِطْبَةِ أَخيهِ؛ حتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ [25]. 47 - بابُ تَفْسيرِ تَرْكِ الخِطْبَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن عمر المتقدم برقم 1700).

_ (24) إحدى الكلمتين بالجيم، والأخرى بالحاء المهملة، وفي كل منهما حذف إحدى التاءين تخفيفاً، وكذا في بقية المناهي التي في حديث الباب، والأصل: "تتحسَّسوا". قال الخطابي: معناه: لا تبحثوا عن عيوب الناس، ولا تتَّبعوها، وأصل هذه الكلمة التي بالمهملة من الحاسة إحدى الحواس الخمس، وبالجيم من الجس بمعنى اختبار الشيء باليد، وهي إحدى الحواس، فتكون التي بالحاء أعم. "الفتح" (10/ 482). (25) الظاهر أن المغيا محذوف هنا وفي الترجمة، وتقدير الكلام: لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، بل ينتظر حتى ينكح أو يترك (مصححه) هامش.

48 - باب الخطبة

48 - بابُ الخُطْبَةِ (26) (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر الثاني في "76 - الطب/ 51 - باب"). 49 - بابُ ضَرْبِ الدُّفِّ في النِّكاحِ والوَليمَةِ 2071 - قَالَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ: جَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَدَخَلَ حِينَ بُنِىَ عَليَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِى كَمَجْلِسِكَ مِنِّى، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ، وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِى (وفى روايةٍ: آبائِهِنَّ 5/ 15) يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِىٌّ يَعْلَمُ مَا فِى غَدٍ. فَقَالَ: دَعِى هَذِهِ، وَقُولِى بِالَّذِى كُنْتِ تَقُولِينَ. 50 - بابُ قَوْلِ اللهِ تَعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}، وكَثْرَةِ المَهْرِ، وأَدْنى مَا يَجوزُ مِنَ الصَّداقِ، وَقَوْلهِ تَعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}، وَقَوْله جلَّ ذِكْرُهُ: {أَوْ تَفْرِضوا لَهُنَّ} 650 - وقالَ سهْلٌ: قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَوْ خاتَماً مِنْ حَديدٍ". 51 - بابُ التَزْويجِ على القُرْآنِ وبِغَيْرِ صَداقٍ (قلتُ: أسند فيه حديث سهل المشار إليه آنفاً). 52 - بابُ المَهْرِ بالعرُوضِ وخاتَمٍ مِنْ حَديدٍ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل المشار إليه آنفاً). 53 - بابُ الشُّروطِ في النِّكاحِ (27)

_ (26) بضمّ الخاء يعني عند العقد، كلاهما "العيني". 650 - هو طرف من حديث مضى موصولاً (6/ 109, برقم 2029). (27) هذا الباب فيه أثر عن عمر، وحديث معلق، وآخر موصول، وقد مضى ذلك كله في، "الشرط"=

54 - باب الشروط التي لا تحل في النكاح

54 - بابُ الشُّروطِ الَّتي لا تَحِلُّ في النِّكاحِ 1119 - وقالَ ابنُ مَسْعودٍ: لا تَشْتَرِطِ المَرْأةُ طَلاقَ أُخْتِها. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1010). 55 - بابُ الصُّفْرَةِ للمُتَزَوِّجِ 651 - وَرَواهُ عبدُ الرحمنِ بن عَوْفٍ عنِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عبد الرحمن بن عوف المتقدم في أول "34 - البيوع"). 57 - بابٌ كَيْفَ يُدْعى للمُتَزَوِّجِ؟ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عبد الرحمن المشار إليه آنفاً). 58 - بابُ الدُّعاءِ للنِّساءِ اللَّاتي يُهْدينَ العَروسَ وللعَروسِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المقدم برقم 1655). 59 - بابُ مَنْ أَحَبَّ البِناءَ قَبْلَ الغَزْوِ

_ = (3/ 175). 1119 - لم يخرجه الحافظ، فقال: "كذا أورده معلقاً عن ابن مسعود، وسأبين أن هذا اللفظ بعينه وقع في بعض طرق الحديث المرفوع عن أبي هريرة، ولعله لما لم يقع له اللفظ مرفوعاً أشار إليه في المعلق؛ إيذاناً بأن المعنى واحد". كذا قال، وقد سها رحمه الله، فإن اللفظ المشار إليه قد أخرجه المصنف رحمه الله في "الشروط" من طريق أخرى عن أبي هريرة، كما كنت أشرت إليه في متن الحديث في أول "34 - البيوع"، وهذا اللفظ عزاه الحافظ للِإسماعيلي والبيهقي، وفاته أيضاً أنه عند أحمد (2/ 311 و512). 651 - وصله المصنف في أول "34 - البيوع".

60 - باب من بنى بامرأة وهي بنت تسع سنين

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1357). 60 - بابُ مَنْ بَنى بامْرَأَةٍ وهِيَ بِنْت تِسْعِ سِنينَ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المقدم برقم 1656). 61 - بابُ البِناءِ في السَّفَرِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 1234). 62 - بابُ البِناءِ بالنَّهارِ بغَيْرِ مَرْكَبٍ ولا نِيرانٍ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المقدم برقم 1655). 63 - بابُ الأنْماطِ ونَحْوِها للنِّساءِ (قلت: ذكر فيه حديث جابر المتقدم برقم 1547). 64 - بابُ النِّسْوَةِ اللَّاتي يُهْدينَ المَرْأَةَ إِلى زَوْجِها 2072 - عَنْ عائِشَةَ أَنَّها زَفَّتِ امْرَأَةً إِلى رَجُلٍ مِنَ الأنْصارِ، فقالَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم: "يا عائِشَةُ! ما كانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟ فإِنَّ الأنْصارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ". 65 - بابُ الهَدِيَّةِ للعَروسِ 652 - وقالَ إِبْراهيمُ: عَنْ أبي عُثمانَ -واسْمُه الجَعْدُ- عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ قالَ: مَرَّ بِنا في

_ 652 - قيل: إن النسائي وصله. قال الحافظ: "ولم أقف على ذلك، وقد وصله المصنف من طريق أخرى عن أنس، ويأتى سياقه بعد بابين".

66 - باب استعارة الثياب للعروس وغيرها

مَسْجِدِ بَنِى رِفَاعَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ (28) أُمِّ سُلَيْمٍ دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَرُوسًا بِزَيْنَبَ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ سُلَيْمٍ: لَوْ أَهْدَيْنَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هَدِيَّةً، فَقُلْتُ لَهَا: افْعَلِى. فَعَمَدَتْ إِلَى تَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً فِى بُرْمَةٍ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا مَعِى إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: ضَعْهَا، ثُمَّ أَمَرَنِى فَقَالَ: ادْعُ لِي رِجَالاً سَمَّاهُمْ، وَادْعُ لِي مَنْ لَقِيتَ، قَالَ: فَفَعَلْتُ الَّذِى أَمَرَنِى، فَرَجَعْتُ، فَإِذَا الْبَيْتُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى تِلْكَ الْحَيْسَةِ، وَتَكَلَّمَ بِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً، يَأْكُلُونَ مِنْهُ، وَيَقُولُ لَهُمُ: اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ، قَالَ: حَتَّى تَصَدَّعُوا (29) كُلُّهُمْ عَنْهَا، فَخَرَجَ مِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ، وَبَقِىَ نَفَرٌ يَتَحَدَّثُونَ. قَالَ: وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَ الْحُجُرَاتِ، وَخَرَجْتُ فِى إِثْرِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا. فَرَجَعَ فَدَخَلَ الْبَيْتَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ، وَإِنِّى لَفِى الْحُجْرَةِ، وَهْوَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِى مِنْكُمْ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ}. قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: قَالَ أَنَسٌ: إِنَّهُ خَدَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ. 66 - بابُ استِعارَةِ الثِّيابِ لِلعَروسِ وغيْرِها (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم في "ج 1/ 7 - كتاب/1 - باب"). 67 - بابُ ما يَقولُ الرَّجُلُ إِذا أَتَى أَهْلَهُ 2073 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: قالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم: "أَما لَوْ أَنَ أَحَدَهُمْ يَقولُ حينَ يَأْتي أَهْلَهُ: بِسْم اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي (وفي

_ (28) جمع جنبة، وهي الناحية. (29) قوله: "تصدَّعوا"؛ أي: تفرَّقوا. (شارح).

68 - باب الوليمة حق

روايةٍ: جَنِّبْنا 4/ 91) الشَّيْطانَ، وجَنِّبِ الشَّيْطانَ ما رَزَقْتَنا، ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُما في ذلك أَوْ قُضِيَ وَلَدٌ لمْ يَضُرَّهُ [الـ] شَيْطانٌ أَبداً، [ولَمْ يُسَلَّطْ عليه 4/ 94]. 68 - بابٌ الوَليمَةُ حَقٌّ 653 - وقالَ عبدُ الرحمنِ بنُ عَوْفٍ: قالَ لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أوْلِمْ ولوْ بِشاةٍ". 2074 - عنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ أنَّهُ كانَ ابنَ عَشْرِ سِنينَ، مَقْدَمَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المَدينَةَ، فَكَانَ أُمَّهَاتِى (30) يُوَاظِبْنَنِى عَلَى خِدْمَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّىَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، [وقد كانَ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنى عنهُ 7/ 128] , وَكَانَ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ فِى مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِزَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، (وفي طريق: لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أَصْبَحَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا الْقَوْمَ , [فَأَرْسَلَنِى، فَدَعَوْتُ رِجَالاً إِلَى الطَّعَامِ 6/ 143] [بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ 6/ 215] , [فَيَجِيءُ قَوْمٌ، فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِىءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ! مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَالَ: ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ 6/ 25] [قالَ: فَأشْبَعَ النَّاسَ خُبْزاً ولَحْماً 6/ 26 وفي طريقٍ: ما أوْلَمَ النَّبىُّ - صلى الله عليه وسلم - على شَيْءٍ مِنْ نِسائِهِ ما أوْلَمَ عَلى زَيْنَبَ، أَوْلَمَ بِشاةٍ]، فأصابوا مِنَ الطَّعامِ، [ثَمَّ جَلَسُّوا

_ 653 - هذا طرف حديث وصله المصنف في أول "34 - البيوع" كما سبقت الإشارة إليه قريباً، وهذه الترجمة لفظ حديث أحمد وغيره من حديث عثمان، وله شواهد. (30) يعني أمه وخالته ومن في معناهما، وقوله: "يواظبنني"؛ أي: يحرضنني، وروي: "يواطئنني"؛ أي: يوافقنني. قوله: "في مبتنى رسول الله"؛ أي: في زمان ابتنائه ودخوله عليه الصلاة والسلام.

يَتَحَدَّثُونَ, وإذاَ هُوَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ، فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ قَامَ مَنْ قَامَ] , ثُمَّ خَرَجُوا وَبَقِىَ [ثَلاَثَةُ] رَهْطٍ [يَتَحَدَّثُونَ فِى الْبَيْتِ] عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَطالوا المُكثَ , [قالَ: وجَعَلْتُ أَغْتَمُّ] , فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَجَ، [إِلَى حُجَرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ] , وَخَرَجْتُ مَعَهُ لِكَىْ يَخْرُجُوا فَمَشَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمَشَيْتُ، حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ [بابِ 6/ 215] حُجْرَةِ عَائِشَةَ، [فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللهِ، فقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ، بارَكَ اللهُ لَكَ، فَتَقَرَّى (31) حُجَرَ نِسائِه كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَما يَقُولُ لِعَائِشَةَ، ويَقُلْنَ لَهُ كَما قَالَتْ عَائِشَةُ 6/ 25]، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ حتَّى إِذا دَخَلَ على زَيْنَبَ، فإِذا هُمْ جُلوسٌ [يتَحَدَّثونَ]، (وفي طريقٍ: رأى رَجُلَيْنِ جَرى بهما الحَديث) لَمْ يَقوموا، [وكانَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم شَديدَ الحَياءِ]، فرَجَعَ النَّبىُّ - صلى الله عليه وسلم -[مُنْطَلِقاً نَحْوَ حُجْرَةِ عائِشَةَ] ورَجَعْتُ مَعَهُ [الثانِيَةَ]، حَتَّى إِذا بَلَغَ عَتَبَةَ [بابِ 6/ 215] حُجْرَةِ عائِشَةَ، وَظَن أَنَهُمْ خَرَجوا، فرَجَعَ، ورَجَعْتُ مَعَهُ، فإِذا هُمْ قَدْ خَرَجوا، (وفي الطَريقِ الأخْرَى: فَلمَّا رأى الرَّجُلانِ نَبىَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجَعَ عنْ بَيْتِهِ؛ وَثَبا مُسْرعينَ، [فما أَدْري أَخْبَرْتُهُ أَو أُخْبِرَ أَنَّ القَوْمَ خَرَجوا، فَرَجَعَ حتَّى إِذا وَضَعَ رِجْلَهُ في أُسْكُفَةِ البابِ داخِلَةً وأخْرَى خارِجَةً]) [فذَهَبْتُ أَدْخُلُ]، [وِإنِّي لَفي الحُجْرَةِ]، فَضَرَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْني وَبينَهُ بِالسِّتْرِ (وفي طريقٍ: الحجابَ)، وأُنْزِلَ [آيةُ] الحِجابِ: [{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} ... إِلى قَوْلهِ: {مِنْ وَراءِ حِجابٍ}].

_ (31) أي: تتبع. قوله: "شديد الحياء"، ولذا لم يواجههم بالأمر بالخروج، بل تشاغل بالسلام على أمهات المؤمنين ليفطنوا لمراده.

69 - باب الوليمة ولو بشاة

69 - بابُ الوَليمَةِ وَلَوْ بِشاةٍ 70 - بابُ مَنْ أوْلَمَ على بَعْضِ نِسائِهِ أكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ (قلت: أسند في طرفاً من حديث أنس المتقدم آنفاً). 71 - بابُ مَنْ أوْلَمَ بِأقَلَّ مِنْ شاةٍ 2075 - عنْ صَفِيَّةَ بنْتِ شَيْبَةَ قالَتْ: أَوْلَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلى بَعْضِ نِسَائِهِ بمُدَّيْنِ مِنْ شَعيرٍ. 72 - بابُ حَقِّ إِجابةِ الوَليمَةِ، وَالدَّعْوَةِ، ومَنْ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ونَحْوَهُ، ولمْ يُوَقِّتِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا ولا يَوْمَيْنِ 2076 - عَنْ أبي مُوسى عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "فُكُّوا العانِيَ، [([قالَ سُفْيانُ 6/ 195]: يَعْني الأسيرَ)، وأطْعِموا الجَائِعَ 4/ 30]، وأَجيبوا الدَّاعِيَ، وَعُودوا المَرِيضَ". 73 - بابٌ مَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصى اللهَ ورَسولَهُ 2077 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ كانَ يَقولُ: "شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ؛ يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ، وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ؛ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صلى الله عليه وسلم -". 74 - بابُ مَنْ أَجابَ إِلى كُراعٍ 2078 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

75 - باب إجابة الداعى في العرس وغيرها

"لو دُعيتُ إلى كُراعٍ (32) لأجَبْتُ، ولوْ أُهْدِيَ إِليَّ ذِراعٌ؛ لقَبِلْت". 75 - بابُ إِجابَةِ الدَّاعِى في العُرْسِ وغيرها 2079 - عنْ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا، (وفي روايةٍ: إِذا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلى الوَليمَةِ فلْيَأْتِها 6/ 143]. قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْتِى الدَّعْوَةَ فِى الْعُرْسِ وَغَيْرِ الْعُرْسِ وَهْوَ صَائِمٌ". 76 - بابُ ذَهَابِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِلَى الْعُرْسِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1608). 77 - بابٌ هَلْ يَرْجِعُ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا فِى الدَّعْوَةِ 1120 - وَرَأَى ابْنُ مَسْعُودٍ صُورَةً فِى الْبَيْتِ فَرَجَعَ. 1121 - وَدَعَا ابْنُ عُمَرَ أَبَا أَيُّوبَ، فَرَأَى فِى الْبَيْتِ سِتْرًا عَلَى الْجِدَارِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: غَلَبَنَا

_ (32) هو مستدق الساق من الرجل، ومن حد الرسغ إلى اليد، وهو من البقر بمنزلة الوظف من الفرس والبعير. 1120 - كذا الأصل: "ابن مسعود". قال الحافظ: "كذا في رواية المستملي وغيره، وفي رواية الباقين: "أبو مسعود"، والأول تصحيف فيما أظن، فإنني لم أو الأثر المعلق إلا عن أبي مسعود عقبة بن عمر، وأخرجه البيهقي، وسنده صحيح". قلت: وقد سقت لفظه في "آداب الزفاف" (ص 165 - طبعة المكتبة الإسلامية). 1121 - وصله أحمد في "كتاب الورع"، ومسدد في "مسنده"، ومن طريق الطبراني وابن عساكر بسند جيد؛ كما في "آداب الزفاف" (ص 201 - طبعة المكتبة الإسلامية)، وسقت لفظه هناك.

78 - باب قيام المرأة على الرجال فى العرس وخدمتهم بالنفس

عَلَيْهِ النِّسَاءُ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْهِ، فَلَمْ أَكُنْ أَخْشَى عَلَيْكَ، وَاللَّهِ؛ لاَ أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا، فَرَجَعَ. 2080 - عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُمْرُقَةً (33) فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ عَلَى الْبَابِ، فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِى وَجْهِهِ الْكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَا بَالُ هَذِهِ النِّمْرِقَةِ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا (43). فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ. وَقَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِى فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ". 78 - بابُ قِيَامِ الْمَرْأَةِ عَلَى الرِّجَالِ فِى الْعُرْسِ وَخِدْمَتِهِمْ بِالنَّفْسِ 2081 - عَنْ سَهْلٍ [بنِ سَعْدٍ 6/ 143] قالَ: لمَّا عَرَّسَ (35) أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِىُّ؛ دَعَا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابَهُ [في عُرْسِهِ]، فَمَا صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، وَلاَ قَرَّبَهُ

_ (33) بضم النون والراء وبالكسر لغة، وهي الوسادة الصغيرة. قلت: وفي الحديث دليل على أنه لا يجوز اقتناء الصور ولو ممتهنة، وأنها تمنع من دخول الملائكة، وهو الراجح عندي؛ لمَّا ذكرت في "آداب الزفاف" (ص 162 - 164 - طبعة المكتبة الِإسلامية)، وجمعت هناك بينه وبين حديث القرام الآتي في "77 - الباب/ 91 - باب" فراجعه. (34) أي: ولتتوسدها. (35) أي: اتخذ عروساً، والتور: القدح، وقوله: "من الليل": متعلق بقوله: "بلَّت"، وهو من البلل، و"أماثته": مرسته بيدها. قوله: "النقيع": وهو ما ينقع من تمرٍ في ماء لتخرج حلاوته. اهـ من الشارح.

79 - باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس

إِلَيْهِمْ؛ إِلاَّ امْرَأَتهُ أُمُّ أُسَيْدٍ، بَلَّتْ (وفي روايةٍ: فكانَتْ امرأَتُهُ [يَوْمئذٍ] خادِمَهُمْ، وهِيَ العَرُوسُ. قالَ سَهْلٌ: أَتَدْرُونَ ما سَقَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ أنْقَعَتْ لهُ 6/ 243) تَمَراتٍ في تَوْرٍ مِن حِجارةٍ مِنَ اللَّيْلِ، [حتَّى أصْبَحَ عليهِ 7/ 230]، فَلَمَّا فَرَغَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الطَّعامِ؛ أَماثَتْهُ لهُ، فَسَقَتْهُ [إِيَّاه]، تُتْحِفُهُ بذلِكَ. 79 - بابُ النَّقيعِ والشَّرابِ الَّذي لا يُسْكِرُ في العُرْسِ {قلت: أسند فيه الحديث الذي قبلَه). 80 - بابُ المُدارَاةِ معَ النِّساءِ 654 - وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّمَا الْمَرْأَةُ كَالضِّلَعِ". (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث الذي بعدَه). 81 - بابُ الوَصاةِ بالنِّساءِ 2082 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النَّبىِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ؛ فَلا يُؤذي جارَهُ، وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ؛ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ (وفي طريقٍ: المَرْأَةُ كَالضِّلَعِ: إِنْ أقَمْتَها كَسَرْتَها، وإِنِ استَمْتَعْتَ بها استَمْتَعْتَ بها وَفيها عِوجٌ)، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّساءِ خَيْراً". 2083 - عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: كُنَّا نَتَّقي الكَلامَ والانْبِساطَ

_ 654 - وصله المصنف في الباب دون لفظ: "إنما"، ووصله الإسماعيلي من الوجه الذي أخرجه منه البخاري بـ "إنما" فيه هذا اللفظ في أوله. قلت: وقد ثبتت هذه اللفظة عند أحمد أيضاً (2/ 449 و530)، وأحد إسناديه صحيح.

82 - باب {قوا أنفسكم وأهليكم نارا}

إِلَى نِسَائِنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَيْبَةَ أَنْ يُنْزَلَ فِينَا شَيْءٌ، فَلَمَّا تُوُفِّىَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - تَكَلَّمْنَا وَانْبَسَطْنَا. 82 - بابٌ {قُوا أَنْفُسَكُمْ وأهْليكُمْ نَاراً} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1107). 83 - بابُ حُسْنِ المُعاشَرَةِ معَ الأهْلِ 2084 - عَنْ عائِشَةَ قالَتْ (36): جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا. قَالَتِ الأُولَى: زَوْجِى لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ (37) عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ، لاَ سَهْلٌ فَيُرْتَقَى، وَلاَ سَمِينٌ فَيُنْتَقَلُ. قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِى لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّى أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ. قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِى الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ. قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِى كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لاَ حَرٌّ، وَلاَ قُرٌّ، وَلاَ مَخَافَةَ، وَلاَ سَآمَةَ.

_ (36) قد جاء الحديث مرفوعاً إلي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في بعض طرقه الصحيحة، كما قال الحافظ، فراجعه؛ فقد أفاض في تخريجه وبيان طرقه، ولذلك أوردته في "صحيح الجامع الصغير". (37) أي: شديد الهزال. (العشنق): الطويل المذموم. قوله: "فهد"؛ أي: فعل فعل الفهد، وهو حيوان متنوم. وقوله: "أسد"؛ أي: فعل فعل الأسد. وقوله: "اشتف"؛ أي: استقصى ما في الِإناء، وروي: "استف"؛ بالسين، وهو بمعناه. وقوله: "التف"؛ أي: في ثيابه وحده. و"غياياء": من الغي، وهو الخيبة. و"عياياء": من العي، وهو العجز. و"طباقاء": هو المطبقة عليه الأمور حقًّا. و"المزهر": العود، وضربه فرحاً بالضيفان. وقوله: "أناس": من النوس، وهو الحركة من كلِّ شيء متدل.

قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِى إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ. قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِى إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلاَ يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ. قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِى غَيَايَاءُ -أَوْ عَيَايَاءُ- طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ أَوْ جَمَعَ كُلاًّ لَكِ. قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِى الْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ. قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِى رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِ. قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِى مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلاَتُ الْمَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ. قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِى أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِىٍّ أُذُنَىَّ، وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَىَّ، وَبَجَّحَنِى (38) فَبَجِحَتْ إِلَىَّ نَفْسِى، وَجَدَنِى فِى أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ (39)، فَجَعَلَنِى فِى أَهْلِ صَهِيلٍ (40) وَأَطِيطٍ وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ

_ (38) قوله: "وبجحني"؛ أي: عظمني، وروي بالتشديد. (39) قوله: "بشق"، قيل: هو اسم موضع، والأصل فيه فتح الشين، وقيل: بمعنى المشقة. (40) (صهيل): صوت خيل، و (أطيط): صوت إبل من ثقل حملها. و (دائس): هو الذي يدوس الزرع في بيدره. و (منقّ): هو الذي ينقيه من التبن. وقوله: (فأتقنَّح) أو (فأتقمَّح) كما يأتي؛ أي: أشرب حتى أروى. وقوله: (عكومها)؛ أي: غرائرها التي تجمع فيها أمتعتها، وهو جمع عكم، كجلد وجلود. وقوله: (رداح)؛ بكسر الراء وفتحها؛ أي: كثيرة الحشو، وهو جمع رادح؛ أي: ثقيل، وهذا إذا كان بالكسر، وأما إذا كان بالفتح؛ فيقدر المبتدأ؛ أي: عكومها كلها رداح. و (بيت فساح): بالفتح: واسع. وقوله: (ومضجعه) إلخ: أي: هو صغير الجسم يضطجع في محل يسع سل السيف. و (الجفرة): هي الأنثى من ولد المعز. وفي (التبثيث) من المبالغة ما ليس في البث، وهو الِإفشاء، كالنَّثِّ، وروي: لا تنثّ. وقوله: =

أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ [قَالَ أَبو عبدِ اللهِ: 655 - وقالَ بعضُهُمْ: فَأَتَقَمَّحُ؛ بالميم، وهذا أصحُّ]. أُمُّ أَبِى زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِى زَرْعٍ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ. ابْنُ أَبِى زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِى زَرْعٍ؟ مَضْجِعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ. بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِى زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا. جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِى زَرْعٍ؟ لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلاَ تَمْلأُ (656 - وفي روايةٍ معلَّقةٍ: ولا تُعَشِّشُ (41)) بَيْتَنا تَعْشيشاً. قالتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ (42) تُمْخَضُ، فَلَقِىَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِى، وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلاً سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا (43)، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَىَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِى مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وَقَالَ: كُلِى أُمَّ زَرْعٍ، وَمِيرِى أَهْلَكِ. قَالَتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ؛ مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِى زَرْعٍ. قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِى زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ» {44}.

_ = (ولا تنقث)، وضبط بالتخفيف، من الباب الأول؛ أي: لا تسرع في زادنا بالخيانة. وقوله: (ولا تملأ) إلخ؛ أي: لا تترك الكناسة في البيت مفرقة كعش الطائر. 655 - وصله بهذا اللفظ النسائي وأبو يعلى وابن حبان وغيرهم. 656 - وصله مسلم، ولكنه لم يسق لفظه. (41) ولا تعشش بيتنا تعشيشاً، وضبط بالغين من الغش، وهو ضد الخالص. (42) و (الأوطاب): جمع وطب، بفتح أوله، وهو وعاء اللبن. (43) وقوله: (شرِيًّا)؛ أي: فائقًا في السير. وقوله: (من كلِّ رائحة)؛ أي: من كلِّ ما يروح من النعم. (زوجاً)؛ أي: اثنين. (44) ظاهر هذا السياق أن المرفوع من الحديث إنما هو الجملة الأخيرة منه، والباقي موقوف، ولكن=

84 - باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها

84 - بابُ مَوْعِظَةِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ لِحالِ زَوْجِها (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس عن عمر في قصة اعتزاله - صلى الله عليه وسلم - نساءه المتقدم برقم 1131). 85 - بابُ صَوْمِ الْمَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا تَطَوُّعًا (قلت: أسند فيه حديث أبى هريرة الآتي بعد باب). 86 - بابٌ إِذَا بَاتَتِ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا (قلتُ: أسند فيه حديث أبى هريرة المتقدم برقم 1394). 87 - بابٌ لاَ تَأْذَنُ الْمَرْأَةُ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا لأَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ 2085 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا (وفي طريقٍ: بَعْلُها) شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِى بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ إِمْرِةٍ؛ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ (وفي طريقٍ: فَلَهُ نِصْفُ أجْرِهِ 3/ 8) ". 88 - بابٌ 2086 - عَنْ أُسامَةَ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ وَأَصْحَابُ الْجَدِّ (45) مَحْبُوسُونَ؛ غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابِ النَّارِ، فَإِذَا

_ =الحافظ حقق أن جميعه مرفوع، فراجعه إن شئت. ومن أجل ذلك أوردته في كتابي "صحيح الجامع الصغير وزيادته". (45) أي: الغنى محبوسون على باب الجنة للحساب.

89 - باب كفران العشير، وهو الزوج، وهو الخليط، من المعاشرة

عامَّةُ مَنْ دَخَلَها النِّساءُ". 89 - بابُ كُفْرانِ العَشيرِ، وهُوَ الزَّوْجُ، وهُوَ الخَليطُ، مِنَ المُعاشَرَةِ 657 - فيهِ عنْ أبي سعيدٍ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 90 - بابٌ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ 658 - قالَهُ أبو جُحيْفَةَ عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمرو المتقدم برقم 2036). 91 - بابٌ الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا 92 - بابُ قَوْلِ اللهِ تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، إِلى قَوْلهِ: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم في "ج 1/ 8 - كتاب/ 18 - باب"). 93 - بابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - نِسَاءَهُ فِى غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ 659 - ويُذْكَرُ عنْ مُعاويَةَ بنِ حَيْدَةَ رَفَعَهُ: غَيْرَ أَنْ لا تُهْجَرَ إلاَّ في البَيْتِ، والأوَّلُ أصَحُّ (46)

_ 657 - تقدم موصولاً في "24 - الزكاة/ 46 - باب/ 695". 658 - وهو طرف من حديثه في قصة سلمان وأبي الدرداء، مضى موصولاً في "30 - الصوم/ 51 - باب/ 930". 659 - هذا طرف من حديث طويل، أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما بسند حسن، وهو مخرج في "آداب الزفاف" (ص 112 - طبعة المكتبة الإسلامية). (46) يعني حديث أنس المشار إليه في الباب قبله، وهو في هجره - صلى الله عليه وسلم - نساءه شهراً في مشربة له؛ يعني أنه أصح من حديث معاوية بن حيدة. قال الحافظ: "وهو كذلك، ولكن يمكن الجمع بينهما كما=

94 - باب ما يكره من ضرب النساء وقوله: "واضربوهن ضربا غير مبرح".

94 - بابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ وَقَوْلِهِ: "وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ" (47). 95 - بابٌ لا تُطِيعُ المَرْأة زَوْجَها في مَعْصِيَةٍ 2087 - عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا، [وأنَّها مَرِضَتْ 7/ 62]، فَتَمَعَّطَ (48) شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِى أَنْ أَصِلَ فِى شَعَرِهَا، فَقَالَ: لا؛ إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ الْمُوصِلاَتُ (49)، (وفي روايةٍ: لَعَنَ اللهُ الواصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ). 96 - بابٌ {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} 2088 - عَنْ عائشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}؛ قَالَتْ: هِىَ الْمَرْأَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لاَ يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا، (وفي روايةٍ: يَرى من امْرَأَتِهِ ما لايُعْجبُهُ كِبْراً أَوْ غَيْره 3/ 167)، فَيُرِيدُ طَلاَقَهَا، وَيَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا، تَقُولُ لَهُ: أَمْسِكْنِى وَلاَ تُطَلِّقْنِى ثُمَّ تَزَوَّجْ غَيْرِى، فَأَنْتَ فِى حِلٍّ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَىَّ، وَالْقِسْمَةِ لِي، [قالتْ: فلا بأْسَ إِذا تَراضَيا]؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا

_ =سأذكره"، ثم ذكر ما ملخصه أن كلاًّ من الهجر في البيت وخارجه جائز، وأنه يختلف باختلاف الأحوال، فربما كان الهجران في البيوت أسند من الهجران في غيره، وبالعكس، بل الغالب أن الهجران في غير البيوت آلم للنفوس، وخصوصاً النساء؛ لضعف نفوسهن. (47) أي: غير شديد الأذى. (48) أي: تناثر وانتتف من أصله. (49) قوله: "الموصلات". كذا في ضبط القسطلاني، وضبطه العيني بفتح الواو؛ أي: مع تشديد الصاد مفتوحة ومكسورة، وكذا في "الفتح".

97 - باب العزل

أَنْ يُصْلِحَا (50) بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}. 97 - بابُ العَزْلِ 2089 - عَنْ جابِرٍ قالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ. 98 - بابُ الْقُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا 2090 - عَنْ عائِشَةَ أَنَّ النَبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلاَ تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِى وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ تَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ؟ فَقَالَتْ: بَلَى. فَرَكِبَتْ، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا، وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ، وَتَقُولُ: يَا رَبِّ! سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِى، وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا. 99 - بابُ الْمَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا مِنْ زَوْجِهَا لِضَرَّتِهَا وَكَيْفَ يُقْسِمُ ذَلِكَ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في أول حديث الِإفك برقم 1748). 100 - بابُ الْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ، {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ {وَاسِعًا حَكِيمًا} (قلت: لم يذكر فيه حديثاً). 101 - بابٌ إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي بعده).

_ (50) التلاوة: {أن يُصْلِحا}.

102 - باب إذا تزوج الثيب على البكر

102 - بابٌ إِذا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ على البِكْرِ 2091 - عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ؛ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ؛ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا، ثُمَّ قَسَمَ. قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ: إِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 103 - بابُ مَنْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِى غُسْلٍ وَاحِدٍ (قلتُ: أسند في حديث أنس المتقدم في "ج1/ 5 - كتاب/ 12 - باب"). 104 - بابُ دُخُولِ الرَّجُلِ على نِسائِهِ في اليَوْمِ (قلتُ: أسند في طرفاً من حديث عائشة الآتي "68 - الطلاق" قُبيل "8 - باب"). 105 - بابٌ إِذَا اسْتَأْذَنَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ فِى أَنْ يُمَرَّضَ فِى بَيْتِ بَعْضِهِنَّ فَأَذِنَّ لَهُ (قلتُ: أسند في طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 1837). 106 - بابُ حُبِّ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ (قلتُ: أسند في طرفاً من حديث عمر المتقدم برقم 1131). 107 - بابُ الْمُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يَنَلْ وَمَا يُنْهَى مِنِ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ 2092 - عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِى غَيْرَ الَّذِى يُعْطِينِى؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلاَبِسِ ثَوْبَىْ زُورٍ".

108 - باب الغيرة

108 - بابُ الغَيْرَةِ 660 - وَقَالَ وَرَّادٌ عَنِ الْمُغِيرَةِ: قَالَ: سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفِحٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى". 2093 - عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لاَ شَىْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ». 2094 - عنْ أَبَي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ (وفي روايةٍ: سمِعَ) النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ أَنْ يَأْتِىَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ". 2095 - عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ - رضى الله عنهما - قَالَتْ: تَزَوَّجَنِى الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِى الأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَلاَ مَمْلُوكٍ وَلاَ شَيْءٍ غَيْرَ نَاضِحٍ (52)، وَغَيْرَ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ، وَأَسْتَقِى الْمَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ، وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ، الَّتِى أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -[661 - مِنْ أموالِ بَني النَّضير 4/ 61]، عَلَى رَأْسِى،

_ 660 - وصله المصنف فيما يأتي من "التوحيد" بأتم منه (8/ 174). (51) أي: غير ضارب بعرضه للزجر والِإرهاب، بل بحده للقتل والهلاك. (52) بعير يستقى عليه. قوله: "وأخرز غربه"؛ أي: وأخيط دلوه. 661 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف عن عروة مرسلاً، ولم يخرجها، ولا تكلم عليها الحافظ.

109 - باب غيرة النساء ووجدهن.

وَهْىَ مِنِّى عَلَى ثُلُثَىْ فَرْسَخٍ (53)، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِى، فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَعَانِى، ثُمَّ قَالَ: إِخْ إِخْ؛ لِيَحْمِلَنِى خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّى قَدِ اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ، فَقُلْتُ: لَقِيَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى رَأْسِى النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ، وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ؛ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَىَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَىَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ يَكْفِينِى سِيَاسَةَ الْفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِى. 2096 - عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ [معَ خادمٍ 3/ 108] بِصَحْفَةٍ (وفي روايةٍ: بقَصْعَةٍ) فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِى النَّبِيُّ فِى بَيْتِهَا يَدَ الْخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ، فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِى كَانَ فِى الصَّحْفَةِ وَيَقُولُ: [كُلوا]، غَارَتْ أُمُّكُمْ، ثُمَّ حَبَسَ الْخَادِمَ [والقَصْعَةَ] حَتَّى [فَرَغوا، فـ] أُتِىَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِى كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ الْمَكْسُورَةَ فِى بَيْتِ الَّتِى كَسَرَتْ فيهِ. 109 - بابُ غَيْرَةِ النِّساءِ وَوَجْدِهِنَّ (54). 2097 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنِّى لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً وَإِذَا كُنْتِ عَلَىَّ غَضْبَى. قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ [يا رَسُولَ الله 7/ 91]؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّى رَاضِيَةً؛ فَإِنَّكِ تَقُولِين: لا

_ (53) الفرسخ: ثلاثة أميال، أو ثمانية كيلومترات تقريباً. (54) أي: غضبهن من أزواجهن.

110 - باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف

(وفي روايةٍ: بَلَى) وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى (وفي روايةٍ: ساخِطَةً)؛ قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ. قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ. 110 - بابُ ذَبِّ الرَّجُلِ عَنِ ابْنَتِهِ في الْغَيْرَةِ وَالإِنْصَافِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً مِن حديث المسور بن مخرمة المتقدم برقم 1351). 111 - بابٌ يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ 662 - وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَتَرَى الرَّجُلَ الْوَاحِدَ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً؛ يَلُذْنَ بِهِ مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ". 2098 - عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِى (وفي روايةٍ: بَعْدِي 1/ 28)، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ [: لا تَقوُلُ الساعَةُ، وإمَّا قالَ 8/ 20]: إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُرْفَعَ (وفي روايةٍ: يَقِلَّ) الْعِلْمُ، وَيَكْثُرَ الْجَهْلُ، وَيَكْثُرَ (وفي روايةٍ: وَيَظْهَرَ الجهل وَيَظْهَر) الزِّنَى، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الْخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً الْقَيِّمُ الْوَاحِدُ. 112 - بابٌ لا يَخْلُوَنَّ رجُلٌ بامْرَأةٍ إِلَّا ذُو مَحْرَم، والدُّخولُ عَلَى المُغِيبَةِ (55) 2099 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَرَأَيْتَ

_ 662 - تقدم موصولاً في "ج 1/ 24 - كتاب الزكاة / 10 - باب". (55) هي المرأة التي غاب عنها زوجها لسفر أو غيره.

113 - باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس

الْحَمْوَ؟ قَالَ: الْحَمْوُ الْمَوْتُ". 113 - بابُ مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1609). 114 - بابُ مَا يُنْهَى مِنْ دُخُولِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْمَرْأَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم سلمة المتقدم برقم 1802). 115 - بابُ نَظَرِ المَرأةِ إِلى الحَبَش ونَحْوِهِمْ مِنْ غَيْرِ رِيبةٍ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "ج 1/ 13 - كتاب/ 2 - باب"). 116 - بابُ خُروجِ النِّساءِ لحَوائِجِهِنَّ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1953). 117 - بابُ اسْتِئْذَانِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِى الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم في "ج 1/ 10 - كتاب/ 161 - باب"). 118 - بابُ مَا يَحِلُّ مِنَ الدُّخُولِ وَالنَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ فِى الرَّضَاعِ (56) (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1954). 119 - بابٌ لا تُباشِرِ المَرأةُ المَرْأَةَ فَتَنْعَتَها لِزَوْجِها

_ (56) أي: في وجود الرضاع بين الداخل والمدخول إليها.

120 - باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائي (*)

2100 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تُبَاشِرِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا". 120 - بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي (*) (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "83 - الأيمان/ 3 - باب"). 121 - بابٌ لا يَطْرُقُ أهْلَهُ لَيْلَاً (57) إِذا أطالَ الغَيْبَةَ؛ مَخافَةَ أنْ يُخَوِّنَهُمْ أوْ يَلْتَمِسَ عَثَراتِهِم (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم في "ج1/ 26 - كتاب/ 16 - باب"). 122 - بابُ طَلَبِ الوَلَدِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث جابر في قصة الجمل المتقدم برقم 990). 123 - بابُ تَسْتَحِدُّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطُ الشَّعِثَةُ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث الذي قبله). 124 - بابٌ {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} (قلتُ: أسند فيه حديث سهل المتقدم برقم 1724).

_ (*) الأصل: (نسائه). (57) تأكيد للطروق؛ فإنه الإتيان ليلًا كما في حديث الباب، أو هو الإتيان على غفلة. وقوله: "مخافة أن يخونهم"؛ أي: لأجل خوف نسبته إياهم إلى الخيانة.

125 - باب (والذين لم يبلغوا الحلم منكم)

125 - بابٌ (وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ) (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم في "13 - كتاب/ 18 - باب"). 126 - بابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: هَلْ أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ، وَطَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فِى الْخَاصِرَةِ عِنْدَ الْعِتَابِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم في "7 - كتاب/ 1 - باب").

68 - كتاب الطلاق

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 68 - كتابُ الطَّلاقِ 1 - بابُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}. {أَحْصَيْنَاهُ}: حَفِظْنَاهُ وَعَدَدْنَاهُ، وَطَلاَقُ السُّنَّةِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَيُشْهِدُ شَاهِدَيْنِ (1). (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي "43 - باب"). 2 - بابٌ إِذَا طُلِّقَتِ الْحَائِضُ يُعْتَدُّ بِذَلِكَ الطَّلاَقِ (2). (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 3 - بابُ مَنْ طَلَّقَ، وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلاَقِ 2101 - عنِ الأَوْزَاعِىِّ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِىَّ: أَىُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ ابْنَةَ الْجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَدَنَا مِنْهَا؛ قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ لَهَا: لَقَدْ

_ (1) قال الحافظ: "مأخوذ من قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، وهو واضح، وكأنه لمح بما أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان نفر من المهاجرين يطلقون لغير عدة، ويراجعون بغير شهود، فنزلت". (2) أي: يعتبر ذلك الطلاق.

4 - باب من أجاز طلاق الثلاث؛ لقول الله تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}.

عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الْحَقِى بِأَهْلِكِ. 2102 - عَنْ أَبِى أُسَيْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ يُقَالُ لَهُ الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ، فَجَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اجْلِسُوا هَا هُنَا، وَدَخَلَ وَقَدْ أُتِىَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِى بَيْتٍ فِى نَخْلٍ، فِى بَيْتٍ أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا؛ حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قَالَ: هَبِى نَفْسَكِ لِي. قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ الْمَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ (3)؟ قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ. فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ. فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ. ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَيْدٍ! اكْسُهَا رَازِقِيَّتَيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا. (663 - وفي روايةٍ معلقةٍ عَنْ سَهْلٍ عَنْ وَأَبِى أُسَيْدٍ قَالا: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ؛ بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ). 4 - بابُ مَنْ أَجَازَ طَلاَقَ الثَّلاَثِ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}. 1122 - وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِى مَرِيضٍ طَلَّقَ: لاَ أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَةً. 1123 - وَقَالَ الشَّعْبِىُّ: تَرِثُهُ.

_ (3) بضم السين المهملة، يقال للواحد من الرعية والجمع، وأما أهل السوق؛ فالواحد منهم سوقي. 663 - وصلها أبو نعيم فيه "المستخرج". 1122 - وصله الشافعي وعبد الرزاق. 1123 - وصله سعيد بن منصور.

5 - باب من خير نساءه، وقول الله تعالى: {قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا}.

1124 - وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ. تَزَوَّجُ إِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ الآخَرُ؟ فَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ. 5 - بابُ مَنْ خَيَّرَ نِسَاءَهُ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}. 2103 - عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الْخِيَرَةِ؟ فَقَالَتْ: خَيَّرَنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، [فَاخْتَرْنَا اللَّهَ وَرَسُولَهُ]، أَفَكَانَ طَلاَقَّا؟ (وفي روايةٍ: فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا شَيْئًا). قَالَ مَسْرُوقٌ: لاَ أُبَالِى أَخَيَّرْتُهَا وَاحِدَةً أَوْ مِئَةً بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِى. 6 - بابٌ إِذَا قَالَ: فَارَقْتُكِ، أَوْ سَرَّحْتُكِ، أَوِ الْخَلِيَّةُ، أَوِ الْبَرِيَّةُ، أَوْ مَا عُنِىَ بِهِ الطَّلاَقُ؛ فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ، وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}، وَقَالَ: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، وَقَالَ: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}. 664 - وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِى بِفِرَاقِهِ. 7 - بابُ مَنْ قالَ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرامٌ 1125 - وَقَالَ الْحَسَنُ: نِيَّتُهُ. وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: إِذَا طَلَّقَ ثَلاَثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، فَسَمَّوْهُ حَرَامًا بِالطَّلاَقِ وَالْفِرَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالَّذِى يُحَرِّمُ الطَّعَامَ؛ لأَنَّهُ لاَ يُقَالُ لِطَعَامِ الْحِلِّ: حَرَامٌ، وَيُقَالُ

_ 1124 - وصله سعيد أيضاً، وظاهر ما في الكتاب أن الخطاب دار بين الشعبي وابن شبرمة، لكن الذي في "سنن سعيد بن منصور" أنه كان مع غيره. 664 - هو طرف من حديث التخيير، وقد مضى موصولاً، (1391) (3/ 103). 1125 - وصله عبد الرزاق والبيهقي وغيرهما، وانظر قول ابن عباس في ذلك في أول "66 - سورة التحريم".

8 - باب {لم تحرم ما أحل الله لك}

لِلْمُطَلَّقَةِ: حَرَامٌ، وَقَالَ فِى الطَّلاَقِ ثَلاَثًا: لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. 665 - وَقَالَ اللَّيْثُ: عَنْ نَافِعٍ قالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلاَثًا؟ قَالَ: لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَنِى بِهَذَا (4)، فَإِنْ طَلَّقْتَهَا ثَلاَثًا؛ حَرُمَتْ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ (5). 8 - بابٌ {لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ} 2104 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها -: إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً، فَتَوَاصَيْتُ (وفي روايةٍ: فتواطَأْتُ 6/ 68) أَنَا وَحَفْصَةُ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -؛ فَلْتَقُلْ: إِنِّى أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: لاَ؛ بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ، [وَقَدْ حَلَفْتُ، لا تُخْبِري بذلِكِ أَحَداً]، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إِلَى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا}؛ لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً. 2105 - عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ الْعَسَلَ وَ [يُحِبُّ 8/ 63] الْحَلْوَاءَ، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ،

_ 665 - هذا معلق كما ترى، وقد وصله أحمد (2/ 124): ثنا يونس: ثنا ليث به. وساق في أوله قصة تطليق ابن عمر لزوجته في عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي الآتية في "43 - باب"، ووصله مسلم أيضاً (4/ 179) من طريق أخرى عن ليث به، ووصله أبو القاسم البغوي في "جزء أبي الجهم العلاء بن موسى الباهلي" عنه عن الليث كما ذكر الحافظ، وذكر أن رواية مسلم ليست تامة، والظاهر أنه يعني أنه ليس فيها قوله: "عمن طلق ثلاثاً"، وإلا فلا اختصار فيها. ورواية أحمد كذلك. (4) يشير إلى ما أمره - صلى الله عليه وسلم - من ارتجاع امرأته في آخر الحديث، ولم يرد ابن عمر أنه أمره أن يطلق امرأته مرة أو مرتين، وإنما هو كلام ابن عمر، ففصَّل لسائله حال المطلق. أفاده الحافظ. (5) زاد أحمد ومسلم: "وعصيت الله تعالى فيما أمرك من طلاق امرأتك".

9 - باب لا طلاق قبل النكاح، وقول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات

فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَاحْتَبَسَ [عِنْدها] أَكْثَرَ [مِن] مَا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَغِرْتُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةً مِنْ عَسَلٍ، فَسَقَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا وَاللَّهِ؛ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ. فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ [إذا دَخَل عليكِ فـ] إِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَإِذَا دَنَا مِنْكِ فَقُولِى [لهُ: يا رَسُولَ اللهِ!] أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: لاَ، فَقُولِى لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِى أَجِدُ مِنْكَ؟ -[وكانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يشتَدُّ عليهِ أَنْ يوجَدَ منهُ الريحُ]-؛ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِى لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ (6)، وَسَأَقُولُ ذَلِكَ، وَقُولِى أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَاكِ [فلمَّا دَخَلَ على سَوْدَةَ]؛ قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَامَ عَلَى الْبَابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَادِئَهُ بِمَا أَمَرْتِنِى بِهِ فَرَقَّا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا [رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -] مِنْهَا؛ قَالَتْ لَهُ سَوْدَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ: لا. قَالَتْ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِى أَجِدُ مِنْكَ؟ قَالَ: سَقَتْنِى حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقَالَتْ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ الْعُرْفُطَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَىَّ قُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ؛ قَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى حَفْصَةَ؛ قَالَتْ [لهُ]: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلاَ أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ. قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَاللَّهِ (وفي روايةٍ: سُبْحانَ اللهِ) لَقَدْ حَرَمْنَاهُ. قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِى (7). 9 - بابٌ لاَ طَلاَقَ قَبْلَ النِّكَاحِ، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ

_ (6) أي: رعت نحل هذا العسل الذي شربته شجرَ العرفط الذي صمغه المغافير. و (العرفط): شجر الطلح. (7) اعلم أن هذه القصة هي غير التي قبلها كما هو ظاهر من وجوه واضحة؛ منها أن آية التحريم لم تذكر في هذه، وإنما في التي قبلها، وراجع التفصيل في "الفتح".

10 - باب إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه أختي؛ فلا شيء عليه

عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً} 1126 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: جَعَلَ اللهُ الطَّلاقَ بعدَ النِّكاحِ. 1127 - 1150 - وَيُرْوَى فِى ذَلِكَ عَنْ عَلِىٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَشُرَيْحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَطَاووسٍ، وَالْحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، وَالشَّعْبِىِّ؛ أَنَّهَا لاَ تَطْلُقُ. 10 - بابٌ إِذا قالَ لامْرَأَتِهِ وهوَ مُكْرَهٌ: هذِهِ أخْتي؛ فلا شيْءَ عليهِ 666 - قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: قالَ إبْراهيمُ لسارَةَ: هذهِ أخْتي، وذلك في ذاتِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ. 11 - بابُ الطَلاقِ في الِإغْلاقِ، وَالْكُرْهِ (8)، وَالسَّكْرَانِ، وَالْمَجْنُونِ، وَأَمْرِهِمَا، وَالْغَلَطِ، وَالنِّسْيَانِ فِى الطَّلاَقِ، وَالشِّرْكِ 667 - لقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.

_ 1126 - هذا طرف من أثر أخرجه أحمد فيما رواه عنه حرب من "مسائله" من طريق عكرمة عنه، وقال: "وسنده جيد"، وأخرجه الحاكم نحوه. 1127 - 1150 - خرج هذه الآثار كلها الحافظ ابن حجر غير أثر أبان بن عثمان، فلم يقف على إسناده، وأكثرها صحيحة الأسانيد، وفي معناها حديث: "لا طلاق قبل نكاح"، وهو صحيح بمجموع طرقه، وهو مخرج في "الِإرواء" (2070). 666 - هو طرف من حديث تقدم موصولاً برقم (1045). (8) هو في النسخ بضم الكاف وسكون الراء كما في "الفتح"، ووقع في الأصل: "والمكره"، وهو محتمل كما أفاده الحافظ. 667 - تقدم موصولاً في أول الكتاب.

1101 - وَتَلاَ الشَّعْبِىُّ: {لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، وَمَا لاَ يَجُوزُ مَنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ. 668 - وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلَّذِى أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ "أَبِكَ جُنُونٌ؟ ". 669 - وَقَالَ عَلِىٌّ: بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَىَّ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَلُومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ قَدْ ثَمِلَ، مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِى؟ فَعَرَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ. 1152 - وَقَالَ عُثْمَانُ: لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلاَ لِسَكْرَانَ طَلاَقٌ. 1153 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلاَقُ السَّكْرَانِ وَالْمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ. 1154 - وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: لاَ يَجُوزُ طَلاَقُ الْمُوَسْوِسِ. 1155 - وقالَ عطاءٌ: إذا بَدَأَ بالطَّلاقِ فَلَهُ شرْطُهُ. 1156 - وَقَالَ نَافِعٌ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ. 1157 - وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِيمَنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا؛ فَامْرَأَتِى طَالِقٌ ثَلاَثًا: يُسْأَلُ عَمَّا قَالَ وعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ بِتِلْكَ الْيَمِينِ؟ فَإِنْ سَمَّى أَجَلاً أَرَادَهُ وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ جُعِلَ ذَلِكَ فِى دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ.

_ 1151 - وصله هناد بن السري الصغير في "فوائده" عنه بمعناه. 668 - هذا طرف من حديث أبي هريرة الآتي في الباب موصولاً. 669 - هو طرف من حديث الشارفين المتقدم (1344). 1152 - وصله ابن أبي شيبة وأبو زرعة في "تاريخ دمشق" بسند صحيح عنه. 1153 - وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور. 1154 - 1156 - لم يخرجها الحافظ. 1157 - أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عنه.

1158 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنْ قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيكِ نِيَّتُهُ، وَطَلاَقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانِهِم. 1159 - وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا قَالَ: إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا، يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، فَإِنِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَقَدْ بَانَتْ منهُ. 1160 - وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا قَالَ: الْحَقِى بِأَهْلِكِ؛ نِيَّتُهُ. 1161 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الطَّلاَقُ عَنْ وَطَرٍ (9)، وَالْعَتَاقُ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ. 1162 - وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: إِنْ قَالَ: مَا أَنْتِ بِإمْرَأَتِى؛ نِيَّتُهُ، وَإِنْ نَوَى طَلاَقَّا؛ فَهْوَ مَا نَوَى. 1163 - وَقَالَ عَلِىٌّ [لِعُمَرَ 8/ 21]: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الْقَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِىِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ؟ 1164 - وَقَالَ عَلِىٌّ: وَكُلُّ الطَّلاَقِ جَائِزٌ إِلاَّ طَلاَقَ الْمَعْتُوهِ. 1165 - وقَالَ قَتَادَةُ:: إِذَا طَلَّقَ فِى نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ. 2106 - عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّهِ الَّذِى أَعْرَضَ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ

_ 1158 - وصله ابن أبي شيبة عنه، وهو صحيح. 1159 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. 1160 - وصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق أخرى عنه نحوه. 1161 - لم يخرجه الحافظ. (9) أي: عن حاجة، فلا يطلق الرجل إلا عند الحاجة؛ كالنشوز. 1162 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. 1163 - وصله البغوي في "الجعديات" بسند صحيح عنه، ورواه أبو داود والنسائي وابن حبان عنه مرفوعاً، وهو مخرج في "الِإرواء" (297 و 2103). 1164 - وصله البغوي وسعيد بن منصور بسند صحيح عنه، وروي مرفوعاً عن أبي هريرة. 1165 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه.

12 - باب الخلع وكيف الطلاق فيه وقول الله تعالى: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله}

شهاداتٍ، فدَعاهُ فقالَ: هلْ بِكَ جُنونٌ؟ [قالَ: لا. قالَ 8/ 22] هلْ أحْصَنْتَ (10)؟ قالَ: نعمْ، فأَمَرَ بهِ أَنْ يُرْجمَ بِالْمُصَلَّى [قالَ جابرٌ: [فـ] كنتُ فيمَنْ رَجَمَهُ فرَجَمْناهُ بِالْمُصَلَّى بالمدينَةِ] [فقالَ لهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خيراً وصلَّى عليهِ. لم يَقُلْ يونُسُ وابنُ جُرَيْجٍ عنِ الزُّهريِّ: فصلَّى عليهِ (11)]، فلمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجارَةُ جَمَزَ (وفي روايةٍ: هَرَبَ. وفي أخرى: فرَّ 8/ 22) حتَّى أدْرِكَ بالحَرَّةِ فَقُتِلَ. 2107 - عن أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى الْمَسْجِدِ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه! إِنَّ الأَخِرَ (12) قَدْ زَنَى؛ يَعْنِى: نَفْسَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ الأَخِرَ قَدْ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِى أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لَهُ الرَّابِعَةَ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ دَعَاهُ، فَقَالَ: هَلْ (وفي روايةٍ: أ8/ 22) بِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لاَ [يا رسولَ اللهِ! 8/ 24] [قالَ: فهَلْ أَحْصَنْتَ؟ قالَ: نعم 8/ 22] [يا رسول الله!] فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ. 12 - بابُ الْخُلْعِ وَكَيْفَ الطَّلاَقُ فِيهِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أنْ يَخافا أَنْ لا يُقيما حُدودَ اللهِ}

_ (10) بفتح أوله وثالثه أو بضم الأول وكسر الثالث؛ أي: هل تزوجت قط. قوله: "أذلقته"؛ أي: أصابته الحجارة بحدها وآلمته. (11) يشير المصنف إلى أن هذه الزيادة: "فصلى عليه" شاذة، وقد فصل ذلك الحافظ فراجعه إن شئت -وهي زيادة معلقة-. (12) بهذا الضبط ومد الهمزة خطأ، وكذا فتح الخاء؛ أي: المتأخر عن السعادة المدبر المنحوس.

1166 - وَأَجَازَ عُمَرُ الْخُلْعَ دُونَ السُّلْطَانِ (13). 1167 - وَأَجَازَ عُثْمَانُ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا (14). 1168 - وَقَالَ طَاوُسٌ: {إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَنْ لاَ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} فِيمَا افْتُرِضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِى الْعِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ، وَلَمْ يَقُلْ (15) قَوْلَ السُّفَهَاءِ لاَ يَحِلُّ حَتَّى تَقُولَ: لاَ أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ. 2108 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ [أُخْتَ عبدِاللهِ بنِ أُبَيٍّ] امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ [إِلى] مَا أَعْتُبُ (16) (وفي روايةٍ: أنقِمُ) عَلَيْهِ فِى خُلُقٍ وَلاَ دِينٍ، وَلَكِنِّى [لا أُطيقُهُ] [إِلاَّ أَنِّي] أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِى الإِسْلاَمِ (17)، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ. قَالَتْ: نَعَمْ، [فردَّتْها] [عليهِ و] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً [ففارَقها]. قالَ أبو عبدِ اللهِ: لا يُتابَعُ فيهِ عنِ ابنِ عبَّاسٍ (18).

_ 1166 - وصله ابن أبي شيبة. (13) أي: بغير إذنه. 1167 - وصله ابن بشران في "الأمالي"، والبيهقي بسند حسن عنه. (14) المعنى أن المختلعة إذا افتدت نفسها من زوجها بجميع ما تملك كان له أن يأخذ ما دون عقاص شعرها، وهو الخيط الذي تعقص به أطراف رأسها. 1168 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. (15) أي: طاوس "قول السفهاء" القائلين: إنه "لا يحل" الخلع "حتى تقول" الزوجة: "لا أغتسل لك من جنابة"؛ تريد منعه من وطئها. (16) (أعتب)؛ بضم الفوقية وكسرها، وفي روايةٍ: "ما أعيب" اهـ. (لا أطيقه): أي: بغضاً؛ كما في رواية الِإسماعيلي، وذلك لأنه دميم الخلقة كما في بعض الأحاديث. (17) أي: أكره إن أقمت عنده أن أقع فيما يقتضي الكفر. (18) قلت: يعني أن الأرجح عدم ذكر ابن عباس فيه، فالحديث مرسل، لكن قد جاء الحديث=

13 - باب الشقاق، وهل يشير بالخلع عند الضرورة، وقوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها}

13 - بابُ الشِّقاقِ، وَهَلْ يُشِيرُ بِالْخُلْعِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} (قلتُ: أسند فيه حديث المسور المتقدم برقم 1351). 14 - بابٌ لا يكونُ بَيْعُ الأمَةِ طَلاقاً (19) (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2053). 15 - بابُ خِيارِ الأمَةِ تحتَ العَبْدِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي بعده). 16 - بابُ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى زَوْجِ بَرِيرَةَ 2109 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا [أَسْوَدَ] [لِبَني فُلانٍ] يُقَالُ لَهُ مُغِيثٌ، كَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا [في سِكَكِ المَدينَةِ] يَبْكِى [عليها] وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِعَبَّاسٍ: يَا عَبَّاسُ! أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: لَوْ رَاجَعْتِهِ (20). قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! تَأْمُرُنِى؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ. قَالَتْ لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ. 17 - بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}

_ = موصولاً من طريق أخرى، وقد ذكره المصنف أيضاً، وقد أشار الحافظ إلى ترجيح الموصول، وهو اللائق بهذا الكتاب. (19) أي: المزوجة. (طلاقاً): ولأبي ذر: "طلاقها". (20) قوله: "راجعتيه" بمثناة تحتية بعد الفوقية، وفي "اليونينية" بحذف الياء. قاله الشارح.

18 - باب نكاح من أسلم من المشركات وعدتهن

2110 - عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنْ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ: "رَبُّهَا عِيسَى"! وَهْوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ. 18 - بابُ نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ الْمُشْرِكَاتِ وَعِدَّتِهِنَّ 2111 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ (21) مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُؤْمِنِينَ: كَانُوا مُشْرِكِى أَهْلِ حَرْبٍ، يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِى أَهْلِ عَهْدٍ؛ لاَ يُقَاتِلُهُمْ وَلاَ يُقَاتِلُونَهُ، وَكَانَ إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ، وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ، وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ مِثْلَ. 1169 - حَدِيثِ مُجَاهِدٍ: وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلِ الْعَهْدِ؛ لَمْ يُرَدُّوا، وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ. 2112 - وعنهُ: كَانَتْ قَرِيبَةُ بِنْتُ أَبِى أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ، وَكَانَتْ أُمُّ الْحَكَمِ ابْنَةُ أَبِى سُفْيَانَ تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ الْفِهْرِىِّ، فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِىُّ. 19 - بابٌ إِذَا أَسْلَمَتِ الْمُشْرِكَةُ أَوِ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الذِّمِّىِّ أَوِ الْحَرْبِىِّ

_ (21) وهما ما ذكره بقوله: "كانوا مشركي أهل حرب ومشركي أهل عهد"، وروي: "أهل عقد". 1169 - وصله عبد بن حميد عنه في قوله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ}؛ أي: إن أصبتم مغنماً من قريش فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثلما أنفقوا عوضاً.

1170 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا أَسْلَمَتِ النَّصْرَانِيَّةُ قَبْلَ زَوْجِهَا بِسَاعَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ. 1171 - عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ: سُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ أَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا فِى الْعِدَّةِ أَهِىَ امْرَأَتُهُ؟ قَالَ: لاَ؛ إِلاَّ أَنْ تَشَاءَ هِىَ؛ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَصَدَاقٍ. 1172 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا أَسْلَمَ فِى الْعِدَّةِ يَتَزَوَّجُهَا، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}. 1173 و 1174 - وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ فِى مَجُوسِيَّيْنِ أَسْلَمَا: هُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَأَبَى الآخَرُ؛ بَانَتْ، لاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا. 1175 - وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: امْرَأَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ جَاءَتْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ أَيُعَاوَضُ (22) زَوْجُهَا مِنْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا}؟ قَالَ: لاَ؛ إِنَّمَا كَانَ ذَاكَ بَيْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ أَهْلِ الْعَهْدِ. 1176 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَذَا كُلُّهُ فِى صُلْحٍ بَيْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبَيْنَ قُرَيْشٍ. 2113 - عنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: كَانَتِ الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْتَحِنُهُنَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ

_ 1170 - وصله ابن أبي شيبة عنه نحوه. 1171 - وصله ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عطاء بمعناه. 1172 - وصله الطبري. 1173 و 1174 - أما أثر الحسن؛ فوصله ابن أبي شيبة بسندين صحيحين عنه نحوه، وأما أثر قتادة؛ فوصله أيضاً بسند صحيح عنه. 1175 - وصله عبد الرزاق، وهو صحيح عنه. (22) وروي: "أيعاض"؛ أي: أيعطى. 1176 - وصله ابن أبي حاتم عنه.

20 - باب قول الله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا} رجعوا {فإن الله غفور رحيم. وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم}

بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ [كلاماً، 6/ 61] لاَ وَاللَّهِ؛ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ [إلاَّ امرأَةَّ يَملِكُها] [في المبايعةِ]؛ غَيْرَ أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالْكَلاَمِ، وَاللَّهِ؛ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النِّسَاءِ إِلاَّ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: قَدْ بَايَعْتُكُنَّ، كَلاَمًا. 20 - بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا} رجَعوا {فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} 2114 - عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضى الله عنهما كَانَ يَقُولُ فِى الإِيلاَءِ الَّذِى سَمَّى اللَّهُ تعالى: لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إِلاَّ أَنْ يُمْسِكَ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَعْزِمَ بِالطَّلاَقِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. 2115 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ حَتَّى يُطَلِّقَ. 1177 - 1192 - وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِىٍّ، وَأَبِى الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَاثْنَىْ عَشَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ 1177 - 1192 - أما قول عثمان؛ فوصله الشافعي وابن أبي شيبة وعبد الرزاق بإسناد منقطع عنه، وأخرجه إسماعيل القاضي في "الأحكام" من وجه آخر منقطع أيضاً عنه. وأما قول علي؛ فوصله الشافعي وابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. وأما قول أبي الدرداء؛ فوصله ابن أبي شيبة وإسماعيل القاضي بسند صحيح عنه. وأما قول عائشة؛ فوصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنها. وأما الرواية بذلك عن اثني عشر رجلًا من الصحابة؛ فأخرجها المصنف في "التاريخ".

21 - باب حكم المفقود فى أهله وماله

21 - بابُ حُكْمِ الْمَفْقُودِ فِى أَهْلِهِ وَمَالِهِ 1193 - وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: إِذَا فُقِدَ فِى الصَّفِّ عِنْدَ الْقِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً. 1194 - وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جَارِيَةً، وَالْتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً، فَلَمْ يَجِدْهُ، وَفُقِدَ فَأَخَذَ يُعْطِى الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ عَنْ فُلاَنٍ فإنْ أَبى فُلانٌ فَلي وَعَلَىَّ. وَقَالَ: هَكَذَا فَافْعَلُوا بِاللُّقَطَةِ. 1195 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ نحوَهُ. 1196 - وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِى الأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكَانُهُ: لاَ تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ، وَلاَ يُقْسَمُ مَالُهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ؛ فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ الْمَفْقُودِ. (قلتُ: أسند فيه زيد بن خالد المتقدم رقم 1112). 22 - بابُ الظِّهَارِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِى تُجَادِلُكَ فِى زَوْجِهَا} إِلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}. 2116 - عن مالكٍ أَنَّهُ سأَلَ ابنَ شِهابٍ عنْ ظِهارِ العَبْدِ؟ فقالَ: نَحْوُ ظِهارِ الحُرِّ. قالَ مالكٌ: وصِيامُ العَبْدِ شَهْرانِ. 1197 - وقالَ الحسنُ بنُ الحُرِّ: ظِهارُ الحُرِّ والعبدِ مِنَ الحُرَّةِ والأمةِ سواءٌ.

_ 1193 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 1194 - وصله سفيان بن عيينة في "جامعه" وسعيد بن منصور بسند جيد عنه. 1195 - وصله سعيد بن منصور، وكذا دعلج في "مسند ابن عباس"، وسنده صحيح. 1196 - وصله ابن أبي شيبة من وجهين عنه نحوه دون قوله: "فإذا انقطع ... ". قال الحافظ: مذهب الزهري في امرأة المفقود أنها تربص أربع سنين، وقد أخرجه عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة عن عمر. 1197 - كذا للأكثر: "الحر"، وفي رواية أبي ذر عن المستملي: "حي"، ولعل هذا هو الصواب، فقد وصله الطحاوي في كتاب "اختلاف العلماء" عن الحسن بن حي، وهو الحسن بن صالح بن صالح بن حي، واسم حي حيان، كوفي ثقة فقيه عابد من طبقة سفيان الثوري.

23 - باب الإشارة فى الطلاق والأمور

1198 - وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ فَلَيْسَ بِشَىْءٍ؛ إِنَّمَا الظِّهَارُ مِنَ النِّسَاءِ. وَفِى الْعَرَبِيَّةِ: (لِمَا قَالُوا)؛ أَىْ: فِيمَا قَالُوا (23)، وَفِى بَعْضِ مَا قَالُوا، وَهَذَا أَوْلَى؛ لأَنَّ اللَّهَ تعالى لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْمُنْكَرِ وَقَوْلِ الزُّورِ (24). 23 - بابُ الإِشَارَةِ فِى الطَّلاَقِ وَالأُمُورِ 670 - وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ قَالَ: النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ يُعَذِّبُ اللَّهُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا، فَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ". 671 - وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: أَشَارَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَىَّ؛ أَىْ: خُذِ النِّصْفَ. 672 - وَقَالَتْ أَسْمَاءُ: صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْكُسُوفِ، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى الشَّمْسِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا وَهْىَ تُصَلِّى: أَنْ نَعَمْ. 673 - وَقَالَ أَنَسٌ: أَوْمَأَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ إِلَى أَبِى بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ. 674 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْمَأَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِهِ: لاَ حَرَجَ.

_ 1198 - وصله إسماعيل القاضي بسند لا بأس به، وجاء أيضاً عن مجاهد مثله، أخرجه سعيد بن منصور. (23) أي: يستعمل في كلام العرب: "عاد لكذا"؛ بمعنى: أعاد فيه وأبطله، وقوله: "وفي بعض ما قالوا"؛ أي: يأتي بفعل ينقض قوله الأول. (24) قال الحافظ: "مراده الرد على مَن زعم أن شرط العود هنا أن يقع بالقول، وهو إعادة لفظ الظهار، فأشار إلى هذا القول، وجزم بأنه مرجوح، وإن كان هو ظاهر الآية، وهو قول أهل الظاهر. 670 - تقدم موصولاً في "الجنائز". 671 - هذا طرف من حديث تقدم موصولاً في "ج1/ 8 - كتاب الصلاة/ 71 - باب". 672 - هذا طرف من حديث لها مضى موصولاً (1/ 54). 673 - هو طرف من حديث مضى موصولاً عنه (1/ 166). 674 - مضى "ج 1/ 25 - كتاب / 125 - باب".

675 - وقالَ أبو قَتادَةَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ: "أَحَدٌ مِنْكُمْ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟ ". قَالُوا: لا. قالَ " فَكُلُوا". 676 - قَالَتْ زَيْنَبُ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فُتِحَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ وهَذِهِ". وَعَقَدَ تِسْعِينَ. 677 - عنْ أنسِ بنِ مالكٍ قالَ: عَدَا يَهُودِىٌّ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى جَارِيَةٍ، فَأَخَذَ أَوْضَاحًا (25) كَانَتْ عَلَيْهَا، وَرَضَخَ رَأْسَهَا، فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْىَ فِى آخِرِ رَمَقٍ، وَقَدْ أُصْمِتَتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قَتَلَكِ؟ فلان؟ " لِغَيْرِ الَّذِى قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَنْ لاَ. قَالَ: فَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِى قَتَلَهَا؟ فَأَشَارَتْ أَنْ لاَ. فَقَالَ: "فَفُلاَن؟ " لقاتِلها، فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. 678 - عنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ، عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ (وفي روايةٍ: جُنَّتان 2/ 121) مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ لَدُنْ ثَدْيَيْهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ؛ فَلاَ يُنْفِقُ شَيْئًا إِلاَّ مَادَّتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ، وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا الْبَخِيلُ، فَلاَ يُرِيدُ يُنْفِقُ؛ إِلاَّ لَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا، فَهْوَ يُوسِعُهَا ولا

_ 675 - هذا طرف من حديث مضى موصولاً (2/ 211). 676 - هذا طرف من حديثها المتقدم موصولاً برقم 1534. 677 - وصله أبو نعيم في "المستخرج"، وسيأتي موصولاً عند المصنف في "الديات" (8/ 37) نحوه. (25) أي: حلياً من الدراهم الصحاح، وقوله: "رضخ"؛ أي: كسر، و"الرمق": النفس وزناً ومعنًى. قوله: "وقد أصمتت"؛ أي: اعتقل لسانها. 678 - هذا معلق عند المصنف رحمه الله، ولم يقع للحافظ موصولاً، وقد وصله المصنف من طريق أخرى عن أبي هريرة مرفوعاً نحوه، وقد مضى (2/ 121).

24 - باب اللعان وقول الله تعالى: {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم}

تَتَّسِعُ، وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى حَلْقِهِ". 24 - باب اللِّعَانِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}، فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ مَعْرُوفٍ؛ فَهْوَ كَالْمُتَكَلِّمِ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أَجَازَ الإِشَارَةَ فِى الْفَرَائِضِ (26)، وَهْوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيًّا}. 1199 - وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {إِلاَّ رَمْزًا}: إِلاَّ إِشَارَةً. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لاَ حَدَّ وَلاَ لِعَانَ (27)، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ الطَّلاَقَ بِكِتَابٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ جَائِزٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ الطَّلاَقِ وَالْقَذْفِ فَرْقٌ، فَإِنْ قَالَ: الْقَذْفُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِكَلاَمٍ. قِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ الطَّلاَقُ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِكَلاَمٍ، وَإِلاَّ بَطَلَ الطَّلاَقُ وَالْقَذْفُ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ، وَكَذَلِكَ الأَصَمُّ يُلاَعِنُ. 1200 و 1201 - وَقَالَ الشَّعْبِىُّ وَقَتَادَةُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ؛ تَبِينُ مِنْهُ بإِشَارَتِه. 1202 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: الأَخْرَسُ إِذَا كَتَبَ الطَّلاَقَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ. 1203 - وَقَالَ حَمَّادٌ: الأَخْرَسُ وَالأَصَمُّ إِنْ قَالَ بِرَأْسِهِ جَازَ.

_ (26) أي في الأمور المفروضة كما في الصلاة فإن العاجز عن غير الإشارة يصلي بالإشارة. 1199 - وصله عبد بن حميد وأبو حذيفة في "تفسير سفيان الثوري" عن الضحاك بن مزاحم به نحوه. (27) أي: بالإشارة من الأخرس وغيره. 1200 و 1201 - وصله ابن أبي شيبة عن الشعبي نحوه، وأما أثر قتادة فلم يخرجه الحافظ. 1202 - وصله ابن أبي شيبة عنه. 1203 - هو حماد بن أبي سليمان، شيخ أبي حنيفة، ولم يخرجه الحافظ عنه.

25 - باب إذا عرض بنفى الولد

2117 - عنْ سهلٍ [بنِ سعدٍ 7/ 76] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِى الْجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا". 25 - بابٌ إِذَا عَرَّضَ بِنَفْىِ الْوَلَدِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "96 - الاعتصام/ 12 - باب"). 26 - بابُ إِحْلاَفِ الْمُلاَعِنِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 1941). 27 - بابٌ يَبْدَأُ الرَّجُلُ بِالتَّلاَعُنِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم برقم 1940). 28 - بابُ اللِّعَانِ وَمَنْ طَلَّقَ بَعْدَ اللِّعَانِ 2118 - عن سَهْلِ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِىَّ أَنَّ عُوَيْمِرًا الْعَجْلاَنِىَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِىٍّ الأَنْصَارِىِّ [وكان سيِّدَ بني عَجْلان 6/ 3]، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِمُ! أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ [رسول الله - صلى الله عليه وسلم -] عَنْ ذَلِكَ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ؛ جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا عَاصِمُ! مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ: لَمْ تَأْتِنِى بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَسْأَلَةَ الَّتِى سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللَّهِ؛ لاَ أَنْتَهِى حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ [وقد أَنْزَلَ اللهُ تعالى

القُرْآنَ خَلْفَ عاصمٍ 8/ 46] حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسَطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: قَدْ أَنْزِلَ [اللهُ] فِيكَ [قُرآناً] وَفِى صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا، [فأمَرَهما رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بالملاعَنَةِ بما سمَّى الله كتابِهِ]. قَالَ سَهْلٌ: [فتَقَدَّما]، فَتَلاَعَنَا [في المسجد 1/ 109] وَأَنَا [شاهِدٌ] مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلاَعُنِهِمَا؛ قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - (28)، [ففارَقَها عندَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: ذاكَ تفريقٌ بينَ كُلِّ مُتلاعِنَيْنِ]- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ [تِلْكَ

_ (28) استدل المصنف رحمه الله تعالى في الباب المتقدم (3) بقوله: "فطلقها ثلاثاً ... " لمن أجاز طلاق الثلاث مجموعة، وقد تعقب بأن المفارقة في الملاعنة إنما وقعت بنفس اللعان، فلم يصادف تطليقه إياها ثلاثاً موقعاً. قال الحافظ: "وأجيب بأن الاحتجاج به من كون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليه إيقاع الثلاث مجموعة، فلو كان ممنوعاً لأنكره ولوقعت الفرقة بنفس اللعان". قلت: ولا يخفى على الفقيه المنصف ضعف هذا الجواب؛ لأن عدم إنكاره - صلى الله عليه وسلم - إنما هو في اللعان الذي به وقعت الفرقة، فالطلاق في هذه الحالة لا تأثير له، حتى ولو كان طلقة واحدة مشروعة، فالدعوى أعم من الدليل، فهي فاسدة. قال ابن القيم في "الزاد" (4/ 83): "لأن هذا النكاح لم يبقَ سبيلٌ إلى بقائه ودوامه، بل هو واجب الإزالة، ومؤبد التحريم، فالطلاق الثلاث مؤكد لمقصود اللعان ومقرر له، فما من غايته أن يحرمها عليه حتى تنكح زوجاً غيره، وفرقة اللعان تحرمها عليه على الأبد، ولا يلزم من نفوذ الطلاق في نكاح قد صار مستحق التحريم على التأبيد نفوذه في نكاح قائم مطلوب البقاء والدوام، ولهذا لو طلقها في هذا الحال وهي حائض أو نفساء، أو في طهر جامعها فيه؛ لم يكن عاصياً؛ لأن هذا النكاح مطلوب الإزالة مؤبد التحريم". قلت: وأما ما وقع عند أبي داود من طريق عياض بن عبد الله الفهري عن ابن شهاب عن سهل قال: "فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"؛ فهو منكر؛ لأن الفهري هذا لا يحتج به إذا تفرَّد، قال أبو حاتم: "ليس بالقوي"، وقال الحافظ في "التقريب": "فيه لين".

29 - باب التلاعن في المسجد

6/ 165] (29) سُنَّةَ [لِمَنْ كانَ بعْدَهُما في] المُتلاعِنَيْنِ (30)، [وكانَتْ حامِلاً، وكانَ ابنُها يُدْعى لأمِّهِ. قالَ: ثمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ في مِيراثِها أنَّها تَرِثُهُ ويَرِثُ مِنها ما فَرَضَ اللهُ لهُ -قالَ سهْلُ بنُ سعدٍ السَّاعِدِيِّ في هذا الحَديثِ: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: إِنْ جاءَتْ بهِ أحْمَرَ (وفي روايةٍ: أُحَيْمَرَ) قَصيراً كأنَّهُ وَحَرَةٌ (31)، فلا أراها إِلاَّ قَدْ صَدَقَتْ وكَذَبَ عليها، وإِنْ جاءَتْ بهِ أسْوَدَ (وفي روايةٍ: أسْحَمَ) أعْيَنَ (32)، ذا ألْيَتَيْنِ (وفي روايةٍ: أدْعَجَ العَيْنَيْنِ عظيمَ الألْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقينِ) فلا أُراهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ عليها، فجاءَتْ بهِ على المَكْروهِ من ذلك]. 29 - بابُ التَّلاعُنِ في المسجِدِ 30 - بابُ قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: لو كُنْتُ راجِماً بغَيْرِ بَيِّنَةٍ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1940). 31 - بابُ صَداقِ المُلاعَنَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1941). 32 - بابُ قَوْلِ الإِمَامِ لِلْمُتَلاَعِنَيْنِ: إِنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ

_ (29) هذه الزيادة عزاها الحافظ هنا لأبي داود فقط، مع أنها عند المصنف أيضاً في المكان المشار إليه. (30) وفي رواية لأبي داود والبيهقي عن سهل قال: "فمضت السُّنةُ بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما، ثم لا يجتمعان أبداً"، وإسناده صحيح، وله شواهد ذكرتها في "الصحيحة" (2465). (31) دويبة تترامى على الطعام واللحم فتفسده، وهي من نوع الوزغ. (32) بلفظ (أفعل) الصفة؛ أي: واسع العين. عيني. قوله: "خدلج الساقين"؛ أي: عظيمهما.

33 - باب التفريق بين المتلاعنين

مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفًا). 33 - بابُ التَّفريقِ بينَ المُتلاعِنَيْنِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 34 - بابٌ يُلْحَقُ الولَدُ بالمُلاعَنَةِ (قلتُ: أسند فيه ما أشرت إليه آنفاً). 35 - بابُ قولِ الإمامِ: اللهُمَّ بيِّنْ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه قريباً). 36 - بابٌ إِذا طَلَّقَها ثلاثاً ثمَّ تَزَوَّجَتْ بعدَ العِدَّةِ: زوجاً غَيْرَهُ فلمْ يَمَسَّها (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي في "77 - اللباس/ 6 - باب"). 37 - بابٌ {وَاللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ} 1204 - قالَ مُجاهِدٌ: إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا يَحِضْنَ أَوْ لاَ يَحِضْنَ، وَاللاَّئِى قَعَدْنَ عَنِ الْحَيْضِ، وَاللاَّئِى لَمْ يَحِضْنَ؛ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ. 38 - بابٌ {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} 2119 - عن عُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ عنْ أَبيهِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلى ابنِ الأرْقَمِ أَنْ يَسْأَلَ

_ 1204 - وصله الفريابي.

39 - باب قول الله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء}

سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ كَيْفَ أَفْتَاهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: أَفْتَانِى إِذَا وَضَعْتُ أَنْ أَنْكِحَ. 2120 - عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةَ نُفِسَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِلَيَالٍ، فَجَاءَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَاسْتَأْذَنَتْهُ أَنْ تَنْكِحَ، فَأَذِنَ لَهَا، فَنَكَحَتْ. 39 - بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} 1205 - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ فِيمَنْ تَزَوَّجَ فِى الْعِدَّةِ فَحَاضَتْ عِنْدَهُ ثَلاَثَ حِيَضٍ: بَانَتْ مِنَ الأَوَّلِ، وَلاَ تَحْتَسِبُ بِهِ لِمَنْ بَعْدَهُ، وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: تَحْتَسِبُ. وَهَذَا أَحَبُّ إِلَى سُفْيَانَ، يَعْنِى قَوْلَ الزُّهْرِىِّ. 1206 - وَقَالَ مَعْمَرٌ: يُقَالُ: (أَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ): إِذَا دَنَا حَيْضُهَا. و (أَقْرَأَتْ) إِذَا دَنَا طُهْرُهَا. وَيُقَالُ: (مَا قَرَأَتْ بِسَلًى قَطُّ) (33)، إِذَا لَمْ تَجْمَعْ وَلَدًا فِى بَطْنِهَا. 40 - بابُ قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَقَوْلِهِ عزَّ وجَلَّ: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا. أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} إِلَى قَوْلِهِ {بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}. 2121 و 2122 - عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وسُلَيْمانَ بنِ يسارٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ

_ 1205 - وصله ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 190) بسندين صحيحين عنهما، دون قوله: "وهذا أحب"، ولعله من قول المصنف. 1206 - معمر هو أبو عبيدة بن المثنى. (33) و (السلى): وزان الحصى، الذي يكون فيه الولد، والجمع أسلاء؛ مثل: سبب وأسباب. كذا في "المصباح"، وهو بالألف في الشرح المطبوع.

سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، فَانْتَقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (34)، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَرْوَانَ وَهْوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ: اتَّقِ اللَّهَ وَارْدُدْهَا إِلَى بَيْتِهَا. قَالَ: مَرْوَانُ -فِى حَدِيثِ سُلَيْمَانَ-: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَكَمِ غَلَبَنِى، وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: أَوَمَا بَلَغَكِ شَأْنُ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ؟ قَالَتْ: لاَ يَضُرُّكَ أَنْ لاَ تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ، (وفي روايةٍ قالتْ: ما لِفاطِمَةَ؟ ألا تَتَّقي الله؟ يعني: في قولِها: لا سُكْنى ولا نفَقَةَ) (35). فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ: إِنْ كَانَ بِكِ شَرٌّ (36)؛ فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ. وفي أُخْرى عنِ القاسِمِ قالَ: قالَ عُروةُ بنُ الزبيرِ لعائِشَةَ: أَلَمْ تَرَيْنَ إِلَى فُلاَنَةَ بِنْتِ الْحَكَمِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ألْبَتَّةَ فَخَرَجَتْ؟ فَقَالَتْ: بِئْسَ مَا صَنَعَتْ. قَالَ: أَلَمْ تَسْمَعِى قَوْلَ (37) فَاطِمَةَ؟ قَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا خَيْرٌ فِى ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ. (وفي أُخرى: أَنَّ عائِشَةَ أنْكَرَتْ ذلك على فاطِمَةَ). 679 - وفي أخرى معلَّقةٍ عنهُ: عَابَتْ عَائِشَةُ أَشَدَّ الْعَيْبِ وَقَالَتْ: إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِى مَكَانٍ وَحِشٍ، فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ (34) أي: نقلها أبوها من مسكنها الذي طلقت فيه. (35) قلت: وعروة من رواة هذا الحديث عن عائشة؛ كما في الرواية الآتية، ومع ذلك فقد ثبت عنه أنه خالفها في النفقة؛ فقد روى ابن أبي شيبة (5/ 150) بسند صحيح عن هشام بن عروة عن أبيه قال: سألته عن الرجل يطلق امرأته ألبتة لها من نفقة؟ قال: لا نفقة لها. (36) أي: إن كان عندك أن سبب خروج فاطمة ما وقع بينها وبين أقارب زوجها من الشر؛ فهذا السبب موجود، ولذلك قال: فحسبك ما بين هذين من الشر. وهذا مصير من مروان إلى الرجوع عن ردِّ خبر فاطمة؛ فقد كان أنكر ذلك على فاطمة كما أخرجه النسائي. كذا في "الفتح". (37) الأصل: "في قول". 679 - وصله أبو داود بسند حسن، وله شاهد من حديث فاطمة نفسها.

41 - باب المطلقة إذا خشى عليها فى مسكن زوجها أن يقتحم عليها أو تبذو على أهلها بفاحشة.

41 - بابُ الْمُطَلَّقَةِ إِذَا خُشِىَ عَلَيْهَا فِى مَسْكَنِ زَوْجِهَا أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيْهَا (38) أَوْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِهَا بِفَاحِشَةٍ. 42 - بابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى أَرْحَامِهِنَّ} مِنَ الْحَيْضِ وَالْحَبَلِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "6 - كتاب/ 17 - باب"). 43 - بابٌ {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}. (45) فِى الْعِدَّةِ، وَكَيْفَ يُرَاجِعُ (39) الْمَرْأَةَ إِذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث معقل بن يسار المتقدم برقم 2066). 2123 - عن نافعٍ (ومن طريقِ يونُسَ بنِ جُبيرٍ قالَ: قلتُ لابنِ عُمَرَ: رجلٌ طلَّقَ امْرَاَتهُ وهِيَ حائضٌ؟ فقالَ: تعرف ابنَ عُمَرَ؟ 6/ 164) إِنَّ [عبدَ اللهِ 6/ 163] ابنَ عُمَرَ بنِ الخَطَابِ رضيَ اللهُ عنهُما طلَّقَ امْرَأَةً لهُ وهِيَ حائضٌ تَطْليقَةً واحِدَةً [على عَهْدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -]، فـ[تغيَّظَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ 6/ 67] أمَرَهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُراجِعَها، ثمَّ يُمْسِكَها حتَّى تَطْهُرَ، ثمَّ تَحيضَ عندَهُ حَيْضةً أُخْرى، ثمَّ يُمْهِلَها حتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضِها، فإِنْ أرادَ أَنْ يُطلِّقَها فلْيُطلِّقَها حينَ تَطْهُرُ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يجامِعَها، فتِلْكَ العِدَّةُ التي أَمَرَ اللهُ أَنْ يُطَلِّقَ لها النِّساءُ، [قلتُ: فهل عَدَّ ذلك طلاقاً (وفي روايةٍ: أَفَتَعْتَدُّ بتلكَ التَّطليقَةِ؟ وفي طريقٍ ثانيةٍ: تُحْتَسَبُ؟). قالَ (40):

_ (38) الاقتحام: هو الهجوم على الشخص من غير إذن، والبذاء هو القول الفاحش كما في "العيني". (39) قوله: "وكيف يراجع"؛ أي: الرجل. وفي العيني: "وكيف تراجع المرأة"؛ بالبناء للمفعول. (40) زاد أحمد (2/ 43): "نعم".

44 - باب مراجعة الحائض

أَرأَيْتَ إِنْ عَجَزَ واسْتَحْمَقَ] (وفي ثالثةٍ: أتُحْتَسَبُ؟ قالَ: فمَهْ؟) (41) (وفي رابعةٍ: قالَ ابنُ عُمَرَ: حُسِبَتْ عليَّ بتطليقةٍ" (42))، وكانَ عبدُ اللهِ إِذا سُئِلَ عنْ ذلكَ قالَ لأحَدِهِمْ: إِنْ كُنْتَ طلَّقْتَها ثلاثاً فقدْ حَرُمَتْ عليْكَ حتَّى تَنْكِحَ زوجاً غيرَهُ. 44 - بابُ مُرَاجَعَةِ الْحَائِضِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم آنفاً). 45 - بابٌ تُحِدُّ (43) المُتَوَفَّى عنها زوْجُها أَربَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشراً 1207 - وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: "لاَ أَرَى أَنْ تَقْرَبَ الصَّبِيَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا الطِّيبَ"، لأَنَّ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ. 2124 - 2126 - عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِى سَلَمَةَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ الثَّلاَثَةَ: قَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ تُوُفِّىَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ فَدَعَتْ (وفي روايةٍ: لما نَعْيُ أبي سُفيانَ مِنَ الشَّامِ؛ دَعَتْ 2/ 78 - 79) أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ فِيهِ صُفْرَةٌ؛ خَلُوقٌ أَوْ غَيْرُهُ [في اليومِ الثالث 2/ 79]، فَدَهَنَتْ مِنْهُ جَارِيَةً، ثُمَّ مَسَّتْ بِعَارِضَيْهَا [وذِراعَيْها]، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ؛ مَا لِي

_ (41) أصله: "فما"، وهو استفهام فيه اكتفاء؛ أي: فما يكون إن لم تحتسب، ويحتمل أن تكون الهاء أصلية، وهي كلمة تقال للزجر؛ أي: كف عن هذا الكلام؛ فإنه لا بدَّ من وقوع الطلاق بذلك. "فتح". (42) قلت: ولفظ مسلم (4/ 181): "فراجعتها، وحَسَبْتُ لها التطليقة التي طلقتها". ونحوه عند أحمد (2/ 130). وفي رواية لمسلم من طريق عبيد الله قال: "قلت لنافع: ما صنعت التطليقة؟ قال: واحدة أعتد بها". (43) الإحداد: ترك المرأة الزينة لموت زوجها، وكذلك الحداد بالكسر من الثلاثي. قوله: "صفرة خلوق": بهذا الضبط، بإضافة صفرة لتاليه مع جر أو غيره كما في الشارح. 1207 - وصله ابن وهب في "موطئه" بسند صحيح عنه.

بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ؛ غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ [فإنَّها تحدُّ عليه] أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. قَالَتْ زَيْنَبُ: فَدَخَلْتُ عَلَى زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّىَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بِطِيبٍ، فَمَسَّتْ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ؛ غَيْرَ أَنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ: لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ؛ إِلاَّ عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. فقَالَتْ زَيْنَبُ: وَسَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ (44) عَيْنُهَا، (وفي رواية: فخشوا على عينيها 6/ 186) أَفَتَكْحُلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ [تَكَحَّلُ] (مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا)؛ كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لاَ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ فِي الجَاهِلِيَّةِ تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ». قَالَ حُمَيْدٌ: فَقُلْتُ لِزَيْنَبَ، وَمَا تَرْمِي بِالْبَعْرَةِ عَلَى رَأْسِ الحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا تُوُفِّىَ عَنْهَا زَوْجُهَا؛ دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ، ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ حِمَارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَائِرٍ، فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَىْءٍ إِلاَّ مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِى، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ (وفي روايةٍ مرفوعاً: قد كانت إِحداكُنَّ تَمْكُثُ في شرِّ أحْلاسِها أو شَرِّ بيتِها، فإذا كانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ ببَعْرَةٍ، فلا حتَّي تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أشْهُرٍ وعَشْرٌ). سُئِلَ مَالِكٌ رحمهُ اللهُ: مَا تَفْتَضُّ بِهِ؟ قَالَ: تَمْسَحُ بِهِ جِلْدَهَا.

_ (44) قوله: "وقد اشتكت عينها"؛ بالرفع على الفاعلية بإسناد مجازي، وروي بالنصب على المفعولية؛ كما في الشارح، والفاعل مستتر؛ أي: المرأة اهـ.

46 - باب الكحل للحادة

46 - بابُ الْكُحْلِ لِلْحَادَّةِ 47 - بابُ الْقُسْطِ (45) لِلْحَادَّةِ عِنْدَ الطُّهْرِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم عطية المتقدم في "6 - كتاب/ 13 - باب"). 48 - بابٌ تَلْبَسُ الْحَادَّةُ ثِيَابَ الْعَصْبِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم عطية المشار اليهِ آنفاً). 49 - بابٌ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إِلَى قَوْلِهِ: {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} 50 - بابُ مَهْرِ الْبَغِىِّ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ 1208 - وَقَالَ الْحَسَنُ: إِذَا تَزَوَّجَ مُحَرَّمَةً وَهْوَ لاَ يَشْعُرُ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَهَا مَا أَخَذَتْ، وَلَيْسَ لَهَا غَيْرُهُ. ثُمَّ قَالَ: بَعْدُ: لَهَا صَدَاقُهَا. 51 - بابُ الْمَهْرِ لِلْمَدْخُولِ عَلَيْهَا، وَكَيْفَ الدُّخُولُ، أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْمَسِيسِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1941). 52 - بابُ الْمُتْعَةِ لِلَّتِى لَمْ يُفْرَضْ لَهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} إِلَى قَوْلِهِ {إِنَّ

_ (45) بضم القاف: بخور معروف عندهم، ويُقال: الكست؛ بالكاف والتاء بدل القاف والطاء. 1208 - وصله ابن أبي شيبة بإسناد رجاله ثقات عنه إلى قوله: "غيره"، وبسند آخر فيه ضعف عنه نحوه، وقال: "لها صداقها".

اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، وَقَوْلِهِ: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ. كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، وَلَمْ يَذْكُرِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمُلاَعَنَةِ مُتْعَةً حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً).

69 - كتاب النفقات

بسمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 69 - كِتابُ النَّفَقاتِ 1 - بابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ، {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ. فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} 1209 - وَقَالَ الْحَسَنُ: (الْعَفْوُ) الْفَضْلُ. 2127 - عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ [البدريِّ 5/ 17] عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال: "إِذَا أَنْفَقَ الْمُسْلِمُ نَفَقَةً عَلَى أَهْلِهِ وَهْوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً". 2128 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ: النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "السَّاعِى عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ، الصَّائِمِ النَّهَارَ (وفي روايةٍ: وأَحسبه قالَ -يشكُّ القَعْنَبِىُّ- كالقائمِ لا يَفْتُرُ، وكالصائمِ لا يُفْطِرُ 7/ 77). 2 - بابُ وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الأَهْلِ وَالْعِيَالِ 2129 - عنْ أَبي هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ

_ 1209 - وصله عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في "زيادات الزهد" بسند صحيح عنه، وهو البصري، وزاد: "ولا لوم على الكفاف".

3 - باب حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله، وكيف نفقات العيال؟

مَا تَرَكَ غِنًى (وفي طريقٍ: خيرُ الصَّدقةِ ما كان عنْ ظهر غِنىً 2/ 117) (1)، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ. تَقُولُ الْمَرْأَةُ: إِمَّا أَنْ تُطْعِمَنِى، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَنِى، وَيَقُولُ الْعَبْدُ: أَطْعِمْنِى وَاسْتَعْمِلْنِى، وَيَقُولُ الاِبْنُ: أَطْعِمْنِى، إِلَى مَنْ تَدَعُنِى؟ فَقَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ! سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: لاَ؛ هَذَا مِنْ كِيسِ أَبِى هُرَيْرَةَ (2). 3 - بابُ حَبْسِ نَفَقَةِ الرَّجُلِ قُوتَ سَنَةٍ عَلَى أَهْلِهِ، وَكَيْفَ نَفَقَاتُ الْعِيَالِ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث مالك بن أوس المتقدم برقم 1346). 4 - بابٌ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَالْوَالِدَاتُ (3) يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} إِلَى قَوْلِهِ {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وَقَالَ: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا}، وَقَالَ: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى. لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}. 1210 - وقالَ الزُّهْرِىُّ: "نَهَى اللَّهُ أَنْ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا، وَذَلِكَ أَنْ تَقُولَ الْوَالِدَةُ:

_ (1) أي: ما يبقى عقبه غنًى يكون كالظاهر لصاحبه يستند إليه ويعتمد عليه، سواء كان غنى اليد أو غنى القلب. كذا عن بعض الأفاضل. (2) يعني: قوله: "تقول المرأة: إما ... إلخ"؛ فهذا ليس من الحديث المرفوع؛ خلافاً لما وقع في "الزيادة على الجامع الصغير" للسيوطي، وتبعه النبهاني في "الفتح الكبير"، حيث جعله من تمام الحديث معزوًّا للمصنف كما نبَّهت عليه في كتابي "صحيح الجامع الصغير" (رقم 1125). (3) المراد بالوالدات هنا المتبوئات المطلقات عند أكثر المفسرين، وأجمع العلماء على أن أجرة الرضاع على الزوج إذا خرجت المطلقة من العدَّة. ذكره في "الفتح". 1210 - وصله ابن وهب في "جامعه" وابن جرير بسند صحيح عنه.

5 - باب نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها ونفقة الولد

لَسْتُ مُرْضِعَتَهُ، وَهْىَ أَمْثَلُ لَهُ غِذَاءً، وَأَشْفَقُ عَلَيْهِ، وَأَرْفَقُ بِهِ مِنْ غَيْرِهَا، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْبَى بَعْدَ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ نَفْسِهِ مَا جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْمَوْلُودِ لَهُ أَنْ يُضَارَّ بِوَلَدِهِ وَالِدَتَهُ، فَيَمْنَعَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ ضِرَارًا لَهَا إِلَى غَيْرِهَا، فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَسْتَرْضِعَا عَنْ طِيبِ نَفْسِ الْوَالِدِ وَالْوَالِدَةِ، {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ". {فِصالُهُ}: فِطامُه. 5 - بابُ نَفَقَةِ الْمَرْأَةِ إِذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَنَفَقَةِ الْوَلَدِ 6 - بابُ عَمَلِ المَرْأةِ في بيتِ زوجِها (قلتُ: أسند فيه حديث علي الآتي في "80 - الدعوات/ 11 - باب"). 7 - بابُ خادِمِ المَرْأةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عليٍّ المشار إليه آنفًا). 8 - بابُ خِدْمَةِ الرَّجُلَ فيه أَهْلِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "10 - كتاب/ 44 - باب"). 9 - بابٌ إِذَا لَمْ يُنْفِقِ الرَّجُلُ؛ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا بِالْمَعْرُوفِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1042). 10 - بابُ حِفْظِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِى ذَاتِ يَدِهِ وَالنَّفَقَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 2046).

11 - باب كسوة المرأة بالمعروف

680 و681 - ويُذْكَرُ عنْ مُعاويَةَ وابنِ عبَّاسٍ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 11 - بابُ كِسْوَةِ المَرْأةِ بالمَعروفِ (قلتُ: أسند فيه حديث علي المتقدم برقم 1181). 12 - بابُ عَوْنِ المرأَةِ زوجَها في وَلَدِه (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم برقم 990). 13 - بابُ نَفَقَةِ المُعْسِرِ على أَهْلِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم في "30 - كتاب/ 30 - باب"). 14 - بابٌ {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} وَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْهُ شَىْءٌ، {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} إِلَى قَوْلِهِ: {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} 2130 - عن أمِّ سلمةَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ! هل لي من أَجْرٍ في بَني أَبي سَلَمَةَ أَنْ أُنْفِقَ عليهِم ولَسْتُ بتارِكَتِهِمْ هكذا وهكذا؛ إِنَّما هُمْ بَنِيَّ. قالَ:

_ 680 و 681 - وصلهما أحمد في "المسند" (5/ 101 و 1/ 318 - 319) بإسنادين عنهما، وإسناد الأول منهما جيد، وفي إسناد ابن عباس شهر بن حوشب، وهو سيئ الحفظ، فقول الحافظ: "وسنده حسن" غير حسن، لا سيما وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب امرأة من قومه يقال لها سودة، وكان لها خمسة صبيان أو ستة من بعل لها مات، فقالت له: ما يمنعني منك أن لا تكون أحب البرية إليَّ؛ إلا أني أكرمك أن تضغو هذه الصبية عند رأسك. فقال لها: فذكر الحديث. فقوله: "سودة" منكر، فقد ثبت فيه حديث الباب أنها أم هانئ بنت أبي طالب، أخرجه مسلم كما ذكر الحافظ بنفسه وجمعه بين الحديثين بان أم هانئ لعلها كانت تلقب "سودة"، ويحتمل أن تكون امرأة أخرى. قلت: فهذا الجمع لا مبرر له؛ لأن شرطه أن يكون الحديثان من قسم المقبول كلما ذكره الحافظ نفسه فيه "شرح النخبة".

15 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: من ترك كلا أو ضياعا فإلي

"نعمْ؛ [أنْفِقي عليهِم، فـ 2/ 128]، لكَ أَجْرُ ما أَنْفَقْتِ عليهِمْ". 15 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ تَرَكَ كَلاًّ (4) أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1074). 16 - بابُ الْمَرَاضِعِ مِنَ الْمَوَالِيَاتِ (5) وَغَيْرِهِنَّ (قلتُ: أسند فيه حديث أم حبيبة المقدم برقم 2054).

_ (4) قوله: "كَلاًّ"؛ أي: ثقلًا من دَيْنٍ ونحوه. وقوله: "أو ضياع"؛ أي: من لا يستقلّ بنفسه، ولو خلى وطبعه لكان في معرض الهلاك. اهـ من الشارح. (5) قوله من المواليات، جمع مولاة، وهي الأمة، وكانوا في أول أمرهم يكرهون رضاع الإماء، ويحبون العربيّات، طلباً لنجابة الولد، فأراهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قد رضع من غير العرب، وأن رضاع الإماء لا يهجن. اهـ من العيني.

70 - كتاب الأطعمة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 70 - كتابُ الأَطْعِمَةِ 1 - بابُ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}. وَقَوْلِهِ: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ}، وَقَوْلِهِ: {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} 2131 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ طَعَامٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى قُبِضَ. 2 - بابُ التَّسميةِ على الطَّعام والَأكْلِ باليَمينِ 2132 - عنْ عُمَرَ بْنَ أَبِى سَلَمَةَ [وهوُ ابنُ أُمِّ سَلَمَة زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -] قالَ: كُنْتُ غُلاَمًا فِى حَجْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -[وفي روايةٍ: أُتِيَ بطعامٍ ومعهُ ربيبُهُ عمرُ بنُ أبي سَلَمَةَ]، وَكَانَتْ يَدِى تَطِيشُ فِى (وفي روايةٍ: فجعلتُ آكُلُ من نواحي) الصَّحْفَةِ (1)، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا غُلاَمُ! سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ". فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِى بَعْدُ. 3 - بابُ الأَكْلِ مِمَّا يَلِيهِ

_ (1) أي: تتحرك في نواحي الصحفة، ولا تقتصر على موضع واحد، والصحفة ما يشبع خمسة، والقصعة ما يشبع عشرة اهـ. عيني.

4 - باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منة كراهية

682 - وَقَالَ أَنَسٌ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ". 4 - بابُ مَنْ تَتَبَّعَ حَوالَي القَصْعَةِ معَ صاحِبِهِ إِذا لَمْ يَعْرِفْ مِنْة كَراهِيَةً (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم في "ج 2/ رقم 988"). 5 - بابُ التَّيَمُّنِ فِى الأَكْلِ وَغَيْرِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "4 - كتاب/ 31 - باب"). 6 - بابُ مَنْ أَكَلَ حتَّى شَبِعَ 2133 - عن عائشةَ رضيَ الله عنها: تُوُفِّىَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ شَبِعْنَا مِنَ الأَسْوَدَيْنِ التَّمْرِ وَالْمَاءِ. 7 - بابٌ {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَج وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} (قلتُ: أسند فيه حديث سويد بن النعمان المتقدم فيه "4 - كتاب/ 53 - باب"). 8 - بابُ الْخُبْزِ الْمُرَقَّقِ وَالأَكْلِ عَلَى الخِوَانِ (2) وَالسُّفْرَةِ 2134 - عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ خَبَّازٌ لَهُ، فَقَالَ: مَا أَكَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خُبْزًا مُرَقَّقَّا، وَلاَ شَاةً مَسْمُوطَةً (3) حَتَّى لَقِىَ اللَّهَ. (وفي رواية عنه قال: كنَّا نأْتي

_ 682 - هو طرف من حديث مضى بتمامه معلقاً برقم (509). (2) قوله: "الخوان" بكسر الخاء، وهو المشهور، وجاء ضمها اهـ. من العيني بحذف، وسنكتب من "القاموس". (3) وهي التي أزيل شعرها بعد الذبح بالماء المسخن، وإنما يصنع ذلك في الصغيرة الطرية غالباً،=

9 - باب السويق

أَنَسَ بنَ مالكٍ وخبَّازُهُ قائمٌ، وقالَ: كُلوا، فما أعْلَمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رأى رَغيفاً مرقَّقاً حتَّى لَحِقَ باللهِ، ولا رَأى شاةً سَميطاً بعينِه قَطُّ 7/ 171، وفي أُخرى قالَ: ما عَلِمْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أكَلَ على سُكُرُّجَةٍ قَطُّ، ولا خُبِزَ لهُ مُرَقَّقٌ قَطُّ، ولا أكَلَ على خُوانٍ قَطُّ. قيلَ لِقَتادَةَ: فعَلى ما كَانوا يَأْكُلونَ؟ قالَ: عَلى السُّفَرِ) (4). 9 - بابُ السَّوِيقِ (قلتُ: أسند فيه حديث سويد المشار إليه آنفاً). 10 - بابُ ما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يَأْكُلُ حتَّى يُسَمَّى لهُ فيَعْلَمُ ما هُو؟ 2135 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنَّ خالِدَ بنَ الوَليدِ الَّذي يُقالُ لهُ سيفُ اللهِ أخْبَرَهُ أنَّهُ دَخَلَ معَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على مَيْمونَةَ، وهِيَ خالَتُهُ وخالَةُ ابنِ عبَّاسٍ، فوَجَدَ عِنْدَها ضَبًّا مَحْنوذاً (وفي روايةٍ: مَشْويًّا 6/ 201] قَدِمَتْ بهِ أُخْتُها حُفَيْدَةُ بنتُ الحَارِثِ مِن نجْدٍ، فقدَّمَتِ الضَّبَّ لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وكانَ قَلَّما يُقَدِّمُ يَدَهُ لِطعامٍ حتَّى يُحَدَّثَ بهِ، ويُسَمَّى لهُ، فأَهْوى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ إلى الضَّبِّ [لِيَأْكُلَ]، فقالَتِ امْرَأَةُ مِن النِّسوةِ الحُضورِ: أخْبِرْنَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ما قَدَّمْتُنَّ لهُ [، فقالوا: 6/ 232] هو الضَّبُّ يا رسولَ اللهِ! فرَفَعَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عنِ الضَّبِّ، فقالَ خالِدُ بنُ الوَليدِ: أحرامٌ الضَّبُّ يا رسولَ اللهِ؟ قالَ: لا، ولكِنْ لمْ يَكُنْ بأرْضِ قَوْمي، فأجِدُني

_ ="وهو فعل المترفين. قوله: "سكرجة" بهذا الضبط، وقيل الصواب في الراء الفتح، قصاع صغار كانت العجم تستعملها في الكوامخ وما أشبهها على الموائد حول الأطعمة للتشهي والهضم؛ كما في العيني. و (الخوان) كغراب وكتاب: ما يؤكل عليه الطعام اهـ "قاموس". (4) جمع سفرة، وهي الجلدة التي يوضع عليها الطعام، وهي في الأصل طعام يتَّخذه المسافر، وأكثر ما يحمل في جلد مستدير، فنقل اسم الطعام إلى الجلد وسمي به، كما سمِّيت المزادة راوية، وغير ذلك من الأسماء المنقولة؛ كما في "النهاية".

11 - باب (طعام الواحد يكفي الاثنين)

أَعَافُهُ (5). قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَزَزْتُهُ (وفي روايةٍ: فاجْتَرَرْتُةُ) فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ إِلَىَّ. 11 - بابٌ (طعامُ الواحِدِ يَكْفي الاثنَيْنِ) 2136 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "طَعَامُ الاِثْنَيْنِ كَافِى الثَّلاَثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلاَثَةِ كَافِى الأَرْبَعَةِ". 12 - بابٌ المُؤْمِنُ يأْكُلُ في مِعىً واحِدٍ 683 - فيهِ أَبو هُريرةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2137 - عن نافعٍ قالَ: كانَ ابنُ عُمَرَ لا يأْكُلُ حتَّى يُؤتَى بمِسكينٍ يأْكُلُ معهُ، فأدْخَلْتُ رجُلًا يأْكُلُ معهُ، فأَكَلَ كَثيراً، فقالَ: يا نافعُ! لا تُدْخِلْ هذا عَلَىَّ، سمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: المُؤْمِنُ يَأْكُلُ في مِعىً (6) واحِدٍ، والكافِرُ يأكُلُ في سَبْعَةِ أَمْعاءٍ. (ومن طريق عَمْرٍو قالَ: كانَ أَبو نَهيكٍ رَجُلًا أَكُولاً، فقالَ لهُ ابنُ عُمَرَ: إِنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِنَّ الكافِرَ يَأْكُلُ في سَبْعَةِ أَمْعاءٍ". فقالَ: فأَنا أُومِنُ باللهِ ورسولِهِ). 2138 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَأْكُلُ أَكْلاً كَثِيرًا، فَأَسْلَمَ فَكَانَ يَأْكُلُ

_ (5) أي: أجد نفسي. وقوله: "أعافه"؛ أي: أكرهه، يُقال: عاف الرجل الطعام والشراب يعافه من بابُ تعب عيافة بالكسر: إذا كرهه، فالطعام معيف؛ كما في "المصباح". قوله: "فاجتززته": هكذا بالزاي المكررة كما في الشارح، وفي الرواية الأخرى: "فاجتررته" بالراء المكررة. 683 - يأتي بتمامه موصولاً في الباب. (6) (المعي): المصران، وقصره أشهر من المد، وجمعه أمعاء؛ مثل: عنب وأعناب، وجمع الممدود أمعية؛ مثل حمار وأحمرة. اهـ "مصباح".

13 - باب الأكل متكئا

أَكْلاً قَلِيلاً، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَأْكُلُ فِى مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرَ يَأْكُلُ فِى سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ". 13 - بابُ الأكْلَ مُتَّكِئاً 2139 - عن أَبي جُحَيْفَةَ قالَ: كُنْتُ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالَ لرجُلٍ عندَهُ: "لا آكُلُ وأنا مُتَّكيءٌ (وفي روايةٍ: إِنِّي لا آكُلُ مُتَّكئاً) ". 14 - بابُ الشِّواءِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}؛ أَىْ مَشْوِىٍّ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث خالد بن الوليد المتقدم قريباً). 15 - بابُ الخَزيرَةِ 1211 - قالَ النَّضْرُ: الخَزيرَةُ مِنَ النُّخالَةِ، والحريرَةُ مِنَ اللَّبنِ (قلتُ: أسند فيه حديث عتبان بن مالك المتقدم في "8 - كتاب/ 46 - باب"). 16 - بابُ الأقِطِ 684 - وَقَالَ حُمَيْدٌ: سَمِعْتُ أَنَسًا: بَنَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِصَفِيَّةَ، فَأَلْقَى التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ. 685 - وقالَ عَمْرُو بنُ أبى عَمْرٍو: عنْ أنَسٍ: صَنَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْساً. 2140 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: أهْدَتْ خالَتي إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ضِباباً وأَقِطاً ولَبناً، فوُضِعَ الضَّبُّ على مائدَتِهِ، فلو كانَ حَراماً؛ لم يُوضَعْ،

_ 1211 - هو النضر بن شميل النحوي اللغوي المحدث المشهور، ولم يصلْه الحافظ. 684 و 685 - هذان طرفان من حديث أنس المتقدم في (ج 2/ 1234).

17 - باب السلق والشعير

وشَرِبَ اللَّبَنَ، وأكَلَ الأقِطَ. 17 - بابُ السِّلْقِ والشَّعيرِ (قلتُ: أسند فيه حديث سهل بن سعد المتقدم في "11 - كتاب/ 39 - باب"). 18 - بابُ النَّهْسِ (7) وانْتِشالِ اللَّحْمِ 2141 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: انْتَشَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَرْقَّا مِنْ قِدْرٍ، فَأَكَلَ (وفي روايةٍ: تَعَرَّقَ [كتفَ شاةٍ 1/ 59])، ثمَّ [قَامَ فَـ] صَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. 19 - بابُ تعرُّقِ العَضُدِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي قتادة المتقدم فيه "28 - كتاب/ 1 - باب"). 20 - بابُ قَطْعِ اللَّحْمِ بالسِّكينِ 2142 - عن عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْتَزُّ (8) مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِى يَدِهِ، [فأَكَلَ منها 6/ 206] فَدُعِىَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِى يَحْتَزُّ بِهَا، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. 21 - بابٌ ما عابَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - طعاماً 2143 - عنْ أَبي هُرَيرَةَ قالَ: ما عابَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - طَعاماً قطُّ، إِنِ اشْتَهاهُ أكَلَهُ، وِإِنْ كَرِهَهُ تَرَكَهُ.

_ (7) بالسين المهملة، هو القبض على اللحم بالفم وإزالته من العظم بعد (الانتشال) وهو استخراجه من المرق قبل نضجه، واسم ذلك اللحم النشيل. أفاده الشارح. قال: وروي "النهش"؛ بالشين المعجمة. (8) أي: يقطع اللحم بالسكين.

22 - باب النفخ في الشعير

22 - بابُ النَّفْخِ في الشَّعيرِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل الآتي بعده). 23 - بابُ مَا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ يَأْكُلُونَ 2144 - عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ فَقُلْتُ: هَلْ أَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِىَّ (9)؟ فَقَالَ سَهْلٌ: مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِىَّ مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ (وفي طريقٍ عنه أَنه سأَلَ سهْلاً: هل رأَيْتُم في زمانِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - النَّقِيَّ؟ قال: لا). قَالَ: فَقُلْتُ: هَلْ كَانَتْ لَكُمْ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَنَاخِلُ؟ قَالَ: مَا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُنْخُلاً مِنْ حِينَ ابْتَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ. قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ غَيْرَ مَنْخُولٍ؟ قَالَ: كُنَّا نَطْحَنُهُ وَنَنْفُخُهُ، فَيَطِيرُ مَا طَارَ، وَمَا بَقِىَ ثَرَّيْنَاهُ (10) فَأَكَلْنَاهُ. 2145 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه -: أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ (11)، فَدَعَوْهُ فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ؛ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنَ الْخُبْزِ الشَّعِيرِ. 24 - بابُ التَّلبينَةِ (12)

_ (9) يعني: الخبز الحواري، وهو الذي نخل مرة بعد مرة. (10) أي: نديناه وليَّنَّاه بالماء. شارح. (11) أي: مشوية. (12) حسو رقيق يتخذ من الدقيق واللبن، أو من الدقيق، أو من النخالة، وقد يجعل فيه العسل، سميت بذلك تشبيهاً لها باللبن لبياضها ورقتها. اهـ شارح. والحسو على فعول طعام معروف، وكذلك الحساء بالفتح والمد، تقول: شربت حساء وحسواً.

25 - باب الثريد

2146 - عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ مِنْ أَهْلِهَا، فَاجْتَمَعَ لِذَلِكَ النِّسَاءُ ثُمَّ تَفَرَّقْنَ؛ إِلاَّ أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا؛ أَمَرَتْ بِبُرْمَةٍ مِنْ تَلْبِينَةٍ، فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ، فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَتْ (وفي روايةٍ: أنها كانتْ تأمُرُ بالتَّلبينِ للمريض وللمحزون علي الهالِكِ [وتقولُ: هُوَ البَغيضُ النَّافِعُ]، وكانتْ تقولُ: 7/ 14) كُلْنَ مِنْهَا؛ فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " [إِنَّ] التَّلْبِينَةَ مَجَمَّةٌ (13) لِفُؤَادِ الْمَرِيضِ، تَذْهَبُ بِبَعْضِ الْحُزْنِ". 25 - بابُ الثريدِ 26 - بابُ شاةٍ مَسْموطةٍ والكَتِفِ والجَنْبِ 27 - بابُ ما كانَ السَّلَفُ يدَّخِرونَ في بيوتهِمْ وأسْفارِهِمْ مِنَ الطَّعامِ واللَّحْمِ وغيرِه 686 و 687 - وقالتْ عائشةُ وأسْماءُ: صنَعْنا للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ سُفْرةً (14). 2147 - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَنَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الأَضَاحِىِّ فَوْقَ ثَلاَثٍ؟ قَالَتْ: مَا فَعَلَهُ إِلاَّ فِى عَامٍ جَاعَ النَّاسُ فِيهِ، فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ الْغَنِىُّ الْفَقِيرَ (وفي طريقٍ: قالت: الضَّحِيَّةُ، كنَّا نُمَلِّحُ منهُ،

_ (13) أي: مريحة، وهو بهذا الضبط من الصيغ التي تفيد معنى السبب؛ كالمبخلة والمجبنة والمطهرة، وأجاز الشارح ضبطه بصيغة اسم الفاعل من باب الِإفعال، وهو رواية أيضاً على ما ذكره العيني اهـ. 686 و 687 - أما قول عائشة فتقدم موصولاً في حديثها في الهجرة (4/ 256)، وأما قول أسماء فوصله آنفاً (2134). (14) انظر التعليق (14) في الحديث المتقدم برقم (2134).

28 - باب الحيس

فَنَقْدَمُ بهِ إلي النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالمدينةِ، فقالَ: لا تَأْكُلوا إلَّا ثلاثةَ أَيَّامٍ، وليستْ بعزيمةٍ، ولكنْ أَرادَ أنْ يُطعِمَ منه، واللهُ أَعلمُ 6/ 239)، وَإِنْ كُنَّا لَنَرْفَعُ الْكُرَاعَ فَنَأْكُلُهُ بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ، قِيلَ: مَا اضْطَرَّكُمْ إِلَيْهِ؟ فَضَحِكَتْ، قَالَتْ: مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -[منذُ قَدِمَ المدينَةَ 6/ 205] مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ. 28 - بابُ الحَيْسِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 1234). 29 - بابُ الَأكْلِ في إِناءٍ مُفَضَّضٍ 2148 - عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِى لَيْلَى: أَنَّهُمْ كَانُوا عِنْدَ حُذَيْفَةَ [بالمدائِنِ 6/ 251]، فاسْتَسْقى، فسقاهُ مَجوسيُّ (وفي روايةٍ: دِهْقانٌ بقَدَحِ فِضَّةٍ)، فلما وَضَعَ القَدَحَ في يدِهِ؛ رماهُ بهِ، وقالَ: لولا أَنِّي نَهَيْتُهُ غيرَ مَرَّةٍ ولا مَرَّتينِ، كأَنَّهُ يَقولُ: لمْ أفْعَلْ هذا، ولكِنِّي سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: لا تَلْبَسوا الحَريرَ، ولا الدِّيباجَ (وفي روايةٍ: نهانا أنْ ... وعن لبسِ الحَرير والدِّيباجِ، وأَنْ نَجْلِسَ عليهِ 7/ 45)، ولا تَشْرَبوا في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَةِ، ولا تَأكُلوا في صِحافِها؛ فإِنَّها لهُمْ في الدُّنْيا ولنا في الآخِرَةِ. 30 - بابُ ذِكْرِ الطَّعامَ 2149 - عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى يَقْرَأُ الْقُرْآنَ [وَيُعْمَلُ بهِ 6/ 115] كَمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِى لاَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ [ويُعملُ بهِ 6/ 115] كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، لاَ رِيحَ لَهَا، وَطَعْمُهَا حُلْوٌ (وفي روايةٍ: طيِّبُ)، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ (وفي

31 - باب الأدم

روايةٍ في الموضعينِ: الفاجِرِ 6/ 107) الَّذي يقرأُ القُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحانَةِ؛ ريحُها طيِّبٌ، وطَعْمها مُرٌّ، ومَثَلُ المنافِقِ الَّذي لا يَقْرأُ القرْآنَ كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ، ليسَ لها ريحٌ (وفي روايةٍ: ريحُها مُرٌّ) وطعمُها مُرٌّ". 31 - بابُ الأُدْمَ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2052). 32 - بابُ الحلواءِ والعَسَلِ 33 - بابُ الدُّبَّاءِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المقدم برقم 988). 34 - بابُ الرَّجُلِ يتَكَلَّفُ الطَّعامَ لِإخوانِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي مسعود الأنصاري الآتي في "57 - باب"). 35 - بابُ مَن أَضافَ رجُلاً إِلى طعامٍ وأقْبَلَ هُوَ على عَملِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 988). 36 - بابُ المَرَقِ (قلتُ: أسند فيه الحديث الذي قبله). 37 - بابُ القَديدِ 38 - بابُ مَن ناوَلَ أوْ قَدَّمَ إلى صاحِبِهِ على المائِدَةِ شيئاً

39 - باب الرطب بالقثاء

1212 - قالَ: وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: لاَ بَأْسَ أَنْ يُنَاوِلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلاَ يُنَاوِلُ مِنْ هَذِهِ الْمَائِدَةِ إِلَى مَائِدَةٍ أُخْرَى. 39 - بابُ الرُّطَبِ بالقِثَّاءِ 2150 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِى طَالِبٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ. 40 - بابٌ 2151 - عَنْ أَبِى عُثْمَانَ قَالَ: تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلاَثًا؛ يُصَلِّى هَذَا ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -[يومًا 6/ 204] بَيْنِ أَصْحَابِهِ تَمْرًا، [فأَعْطى كُلَّ إِنْسانٍ سَبْعَ تَمْراتٍ]، فَأَصَابَنِى [مِنْهُ] سَبْعُ (وفي روايةٍ: خَمْسُ) تَمَراتٍ، إِحْداهُنَّ حَشَفَةٌ، [فلمْ يَكُنْ فيهِنَّ تَمْرَةٌ أعْجَبُ إِلىَّ منها، شدَّت في مَضاغي (وفي روايةٍ: هي أشدُّهنَّ لضرسي)]. 41 - بابُ الرُّطَبِ وَالتَّمْرِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تَسَّاقَطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} 42 - بابُ أكْلَ الجُمَّارِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1924).

_ 1212 - هذا موصول عن ابن المبارك في "كتاب البر والصلة" له، وكتاب "البر" هذا منه نسخة في ظاهرية دمشق، ولدي نسخة منقولة عنها، ولكني لم أر هذا القول فيها، وسيأتي في الكتاب "57 - باب" من قول المصنف نفسه.

43 - باب العجوة

43 - بابُ الْعَجْوَةِ 2152 - عن سَعْدٍ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَصَبَّحَ (15) كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ لَمْ يَضُرُّهُ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ [إِلى اللَّيلِ 7/ 31] سَمٌّ وَلاَ سِحْرُ". 44 - بابُ القِرانِ فيه التَّمْرِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1124). 45 - بابُ القِثَّاءِ (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن جعفر المتقدم برقم 2150). 46 - بابُ بَرَكَةِ النَّخْلِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1924). 47 - بابُ جَمْعِ اللَّوْنَيْنِ أَو الطَّعامَيْنِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن جعفر المشار إليه قبل باب). 48 - بابُ مَنْ أَدْخَلَ الضِّيفَانَ عَشَرَةً عَشَرَةً، وَالْجُلُوسِ عَلَى الطَّعَامِ عَشَرَةً عَشَرَةً 2153 - عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ أُمَّهُ عَمَدَتْ إِلَى مُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ جَشَّتْهُ (16)

_ (15) قوله: "من تصبح"؛ أي: أكل صباحاً قبل أن يأكل شيئاً. قوله: "تمراث عجوة" بتنوينهما مجرورين، فالثاني عطف بيان وينصب على التمييز، ولأبي ذر "تمرات عجوة" بالإضافة. (16) أي: طحنته طحناً جريشاً غير ناعم، والخطيفة لبن يذر عليه الدقيق ثم يطبخ فيلعقه الناس ويختطفونه بسرعة.

49 - باب ما يكره من الثوم والبقول

وَجَعَلَتْ مِنْهُ خَطِيفَةً، وَعَصَرَتْ عُكَّةً عِنْدَهَا، ثُمَّ بَعَثَتْنِى إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَتَيْتُهُ وَهْوَ فِى أَصْحَابِهِ فَدَعَوْتُهُ، قَالَ: وَمَنْ مَعِى؟ فَجِئْتُ فَقُلْتُ: إِنَّهُ يَقُولُ، وَمَنْ مَعِى؟ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّمَا هُوَ شَىْءٌ صَنَعَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَدَخَلَ، فَجِىءَ بِهِ، وَقَالَ: أَدْخِلْ عَلَىَّ عَشَرَةً، فَدَخَلُوا، فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ: أَدْخِلْ عَلَىَّ عَشَرَةً، فَدَخَلُوا فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، ثُمَّ قَالَ: أَدْخِلْ عَلَىَّ عَشَرَةً، حَتَّى عَدَّ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أَكَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَامَ، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ هَلْ نَقَصَ مِنْهَا شَىْءٌ؟ 49 - بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الثُّومِ وَالْبُقُولِ 688 - فِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 50 - باب الْكَبَاثِ، وَهْوَ ثَمَرُ (17) الأَرَاكِ 2154 - عن جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْنِى الْكَبَاثَ، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالأَسْوَدِ مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ أَيْطَبُ (*). فَقَال [ـوا 4/ 130]: أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَهَلْ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ [وقدْ] رَعَاهَا؟ 51 - بابُ الْمَضْمَضَةِ بَعْدَ الطَّعَامِ (قلت: ذكر فيه حديث سويد بن النعمان الماضي في "4 - كتاب/ 53 - باب"). 52 - بابُ لَعْقِ الأَصَابِعِ وَمَصِّهَا قَبْلَ أَنْ تُمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ 2155 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ 688 - يشير إلى حديثه المتقدم موصولاً في "ج 1/ 10 - كتاب الأذان/ 159 - باب". (17) الأصل: "تمر"، والتصويب من "الفتح"، وفي "النهاية": هو النضيج من ثمر الأراك، وقال بعضهم: يشبه التين، يأكله الناس والإبل والغنم. (*) كذا الأصل، وهو لغة بمعنى (أطيب)، وهو مقلوبه، كما قالوا: جذب وجبذ. "فتح".

53 - باب المنديل

"إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ؛ فَلاَ يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا". 53 - بابُ المِنْديلِ 2156 - عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما -: أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ؟ فَقَالَ: لاَ؛ قَدْ كُنَّا زَمَانَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ إِلاَّ قَلِيلاً، فَإِذَا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ؛ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ إِلاَّ أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا، ثُمَّ نُصَلِّى وَلاَ نَتَوَضَّأُ. 54 - بابُ ما يقولُ إِذا فَرَغَ مِنْ طَعامِهِ 2157 - عَنْ أَبِى أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ -وَقَالَ مَرَّةً: إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ-؛ قَالَ: [الحمدُ للهِ كَثيراً طيباً مُباركاً فيه]، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى كَفَانَا، وَأَرْوَانَا؛ غَيْرَ مَكْفِىٍّ وَلاَ مَكْفُورٍ. وَقَالَ مَرَّةً: لَكَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا غَيْرَ مَكْفِىٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ وَلاَ مُسْتَغْنُى [عنهُ] رَبَّنَا. 55 - بابُ الأَكلَ معَ الخادِمَ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1162). 56 - بابٌ الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ 689 - فيهِ عنْ أبي هُريرةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 57 - بابُ الرَّجُلِ يُدْعى إِلى طَعام فَيقولُ: وهذا مَعي.

_ 689 - وصله المصنف في "التاريخ" والحاكم وغيرهما عنه بإسناد جيد، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة" (655).

58 - باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه.

1213 - وَقَالَ أَنَسٌ: إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مُسْلِمٍ لاَ يُتَّهَمُ؛ فَكُلْ مِنْ طَعَامِهِ، وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ. 2158 - عَنْ أَبُو مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىُّ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ، وَكَانَ لَهُ غُلاَمٌ لَحَّامٌ، (وفي روايةٍ: قصَّابُ 3/ 10)، فأَتَى النَّبىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ فِى أَصْحَابِهِ، فَعَرَفَ الْجُوعَ فِى وَجْهِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَهَبَ إِلَى غُلاَمِهِ اللَّحَّامِ، فَقَالَ: اصْنَعْ لِي طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً، لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَامِسَ خَمْسَةٍ؛ [فإنِّي قد عَرَفْتُ في وجههِ الجُوعَ]، فَصَنَعَ لَهُ طُعَيِّمًا، ثُمَّ أَتَاهُ فَدَعَاهُ، فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: يَا أَبَا شُعَيْبٍ! إِنَّ رَجُلاً تَبِعَنَا، فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ، وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ. قَالَ: لاَ بَلْ أَذِنْتُ لَهُ. (قالَ محمَّدُ بنُ إِسْماعيلَ (المؤلِّف): إِذا كانَ القومُ على المائدَةِ، ليس لهُمْ أنْ يُناوِلوا مِن مائدةٍ إِلى مائدةٍ أُخْرى، ولكنْ يُناوِل بعضُهم بعضاً في تلك المائدةِ أَوْ يَدَعُوا 6/ 209). 58 - بابٌ إِذا حَضَرَ العَشاءُ فلا يَعْجَلْ عن عَشائِهِ. 59 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {فإِذا طَعِمْتمْ فانْتَشِروا} (قلت: ذكر فيه حديث أنس المتقدم برقم 2074).

_ 1213 - وصله ابن أبي شيبة من طريق عمير الأنصاري عنه، وفي معناه حديث مرفوع عن أبي هريرة رضي الله عنه بنحوه، وصححه الحاكم وغيره، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة" (628).

71 - كتاب العقيقة

بِسْمَ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 71 - كِتابُ العَقيقَةِ 1 - بابُ تَسْمِيَةِ المَوْلودِ غَداةَ يولَدُ لِمِنْ يَعُقَّ عنهُ (1)، وتحنيكِهِ 2159 - عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ: وُلِدَ لِي غُلاَمٌ، فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إِلَىَّ، وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِى مُوسَى. 2160 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: كَانَ ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ يَشْتَكِى، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقُبِضَ الصَّبِىُّ، [فلمَّا رأَتْ امْرَاتة أنَّهُ قد ماتَ؛ هيأَتْ شيئاً، ونَحَّتْهُ في جانِبِ البَيْتِ 2/ 84]، فلمَّا رَجَعَ أبو طَلْحَةَ قالَ: ما فَعَلَ ابني؟ قالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هُوَ أَسْكَنُ ما كانَ (وفي طريقٍ: قدْ هَدَأتْ نفسُهُ، وأرْجو أَنْ يكونَ قدِ استَراحَ، وظَنَّ أَبو طَلحَةَ أنَّها صَادِقَةٌ)، فقرَّبَتْ إِليهِ العَشاءَ، فتَعَشَّى، ثمَّ أَصابَ منها، فلمَّا فَرَغَ (وفي الطريق الأخرى: قالَ: فباتَ، فلمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ، فلمَّا أَرادَ أنْ يَخْرُجَ؛ أعْلَمَتْهُ أنَّهُ قدْ ماتَ) قالتْ: وارِ الصَّبِىَّ، فلما أصْبَحَ أبو طَلْحَةَ؛ أتى

_ (1) فيه إشارة لطيفة إلى أنَّ مَن لم يعق عنه لا يؤخر تسميته إلى السابع كما وقع في قصة إبراهيم بن أبي موسى وعبد الله بن أبي طلحة وكذلك إبراهيم ابن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله بن الزبير؛ فإنه لم ينقل أنه عُقَّ عن أحد منهم، ومن أريدَ أن يُعَقَّ عنه تؤخر تسميته إلى السابع كما ثبت في أحاديث أخرى خرجتها في "الإرواء" (1151). قال الحافظ: "وهو جمع لطيف، لم أره لغير البخاري".

2 - باب إماطة الأذى عن الصبى في العقيقة

رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي الطريق الأخرى: فصلَّى معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأَخْبَرَهُ [بِما كانَ مِنها]، فقالَ: أَعْرَسْتُمُ (2) الليلةَ؟ قالَ: نعمْ. قالَ: اللهُمَّ بارِكْ لهُما في ليلَتِهِما (3)، فَوَلَدَتْ غُلاماً. قالَ لي أَبو طَلْحَةَ: احْفَظْهُ (4) حتَّى تَأْتِيَ بهِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأَتى بهِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، (ومن طريقٍ أخرى: لمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُليمٍ قالَتْ لي: يا أَنَسُ! انْظُرْ هذا الغُلامَ، فلا يُصيبَنَّ شيئاً حتَّى تَغْدو بهِ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَنِّكهُ، فغَدَوْت بهِ، فإِذا هُو في حائطٍ) (وفي روايةٍ: في مِرْبدٍ لهُ 6/ 232) [وعليهِ خَميصةٌ حُريْثيَّةٌ]، أفرأَيتُه، [في يدهِ المَيْسَم، يَسِمُ إِبِلَ الصَدَقَةِ 2/ 138] (وفي الطريق الأخرى: وهُو يَسِمُ الظَّهْرَ الَّذي قَدِم عليهِ في الفَتْحِ) (وفي طريقٍ ثالثة: شاةً حسِبْتُهُ قالَ: في آذانِها)، وأَرْسَلَتْ معهُ بتَمراتٍ، فأَخَذَه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: أَمَعَهُ شيءٌ؟ قالوا: نعمْ؛ تَمَراتٌ، فأَخَذَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فمَضَغَها، ثمَّ أَخَذَ مِن فيهِ فجَعَلَها في في الصَّبىَّ وحَنَّكَهُ به، وسَمّاهُ عَبْدَ اللهِ. 2 - بابُ إِماطَةِ الأذى عنِ الصَّبِى في العَقيقةِ 2161 - عنْ سَلْمانَ بنِ عامرٍ [690 - الصَّبِّيِّ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -] قالَ: "مَعَ الغُلامِ عَقيقةٌ؛ [691 - فأهْريقُوا عنهُ دَماً، وأميطُوا عنهُ الأذى] ".

_ (2) قوله: "أعرستم": استفهام محذوف الأداة، وهو من قولهم: أعرس الرجل: إذا دخل بامرأته، والمراد هنا الوطء، فسماه إعراساً؛ لأنه من توابع الإعراس. اهـ شارح. وروي "أعرستم" بهمزة الاستفهام من التعريس، وهو لغة في الِإعراس؛ كما في العيني. (3) قوله: "في ليلتهما": لم يوجد في بعض النسخ، حتى في الأصل المطبوع مع موجوديته في متن الشارح. (4) قوله: "احفظه"، وفي نسخة العيني: "احفظيه"، وما هنا أولى؛ كما في الشارح. 690 - وصله أحمد والترمذي والنسائي. 691 - هذه الزيادة صورتها عند المصنف صورة المعلق، وقد وصله الطحاوي، وهو مخرج في "الإرواء" (1157).

3 - باب الفرع

2162 - عنْ حَبيبِ بنِ الشَّهيدِ قالَ: أَمَرَني ابنُ سيرينَ أَنْ أَسْأَلَ الحَسَنَ: مِمَّنْ سَمِعَ حَديثَ العَقيقةِ، فسَأَلْتُهُ؟ فقالَ: مِنْ سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ (5). 3 - بابُ الفَرَعِ (ذكر فيه الحديث الآتي بعده). 4 - بابُ العَتيرَةِ 2163 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لاَ فَرَعَ وَلاَ عَتِيرَةَ". قَالَ: وَالْفَرَعُ أَوَّلُ نِتَاجٍ كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ، وَالْعَتِيرَةُ فِى رَجَبٍ.

_ (5) قلت: لفظ الحديث المشار إليه: "الغلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه يوم السابع، ويحلق رأسه، ويسمى"، أخرجه أصحاب "السنن" من رواية قتادة عن الحسن عن سمرة، وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وهو مخرج في المصدر السابق.

72 - كتاب الذباح والصيد

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 72 - كِتابُ الذَّباحِ والصَّيْدِ 1 - بابُ التَّسميةِ على الصَّيْدِ، وقولِ اللهِ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ}، إلى قولهِ: {فَلا تَخْشَوْهُمْ واخْشَوْنِ}، وقولهِ تَعالى: {يَا أيُّها الذينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْديكُمْ ورِماحُكُم} الآية، وقولهِ جلَّ ذِكْرُهُ: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهيمَةُ الأنْعامِ إلاَّ مَا يُتْلى عَلَيْكُمْ} إلى قولهِ: {فَلا تَخْشَوْهُمْ واخْشَوْنِ} 1214 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " (الْعُقُودُ): الْعُهُودُ، مَا أُحِلَّ وَحُرِّمَ. {إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ}: الْخِنْزِيرُ. {يَجْرِمَنَّكُمْ}: يَحْمِلَنَّكُمْ. {شَنَآنُ}: عَدَاوَةُ. {الْمُنْخَنِقَةُ}: تُخْنَقُ فَتَمُوتُ. {الْمَوْقُوذَةُ}: تُضْرَبُ بِالْخَشَبِ يُوقِذُهَا فَتَمُوتُ. {وَالْمُتَرَدِّيَةُ}: تَتَرَدَّى مِنَ الْجَبَلِ. {وَالنَّطِيحَةُ}: تُنْطَحُ الشَّاةُ فَمَا أَدْرَكْتَهُ يَتَحَرَّكُ بِذَنَبِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَاذْبَحْ وَكُلْ". (قلتُ: أسند فيه حديث عدي المتقدم برقم 968). 2 - بابُ صَيْدِ المِعْراضِ (1)

_ 1214 - وصله ابن أبي حاتم إلى قوله: "عداوة"، وما بعده وصله البيهقي، كلاهما عن علي ابن أبي طلحة عنه، وهذا منقطع. (1) قال النووي: "المعراض: خشبة ثقيلة أو عصاً في طرفها حديدة، وقد تكون بغير حديدة". وقال في "القاموس": "سهم بلا ريش، دقيق الطرفين، غليظ الوسط، يصيب بعرضه دون حدِّه" اهـ.

3 - باب ما أصاب المعراض بعرضه

1215 - وقالَ ابنُ عُمَرَ في المقتولَةِ بالبُنْدُقَةِ (2): تلكَ الموقوذَةُ. 1216 - 1221 - وَكَرِهَهُ سالمٌ، والقاسمُ، ومجاهِدٌ، وإِبراهيمُ، وعَطاءٌ، والحَسَنُ. 1222 - وكَرِهَ الحسنُ رَمْيَ البُنْدُقَةِ في القُرى والأمْصارِ، ولا يَرى بهِ بأْساً فيما سواهُ. (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 3 - بابُ ما أصابَ المِعْراضُ بعَرْضِهِ (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 4 - بابُ صَيْدِ القَوْسِ 1223 و 1224 - وقالَ الحسنُ وإبراهيمُ: إذا ضَرَبَ صَيْداً فبانَ منهُ يدٌ أو رجلٌ؛ لا يَأكُلُ الَّذي بانَ، ولا يأكُلُ سائِرَهُ. 1225 - وقالَ إبراهيمُ: إذا ضَرَبْتَ عُنُقَهُ أو وَسَطَهُ؛ فكُلْهُ.

_ 1215 - وصله البيهقي بسند فيه ضعف. (2) قال الحافظ: "معروفة" تتخذ من طين وتيبس فيرمى بها". 1216 - 1221 - أما أثر سالم، وهو ابن عبد الله بن عمر، والقاسم، وهو ابن محمد بن أبي بكر الصديق؛ فوصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنهما به. وأما مجاهد؛ فأخرجه ابن أبي شيبة أيضاً من وجهين عنه. وأما إبراهيم، وهو النخعي؛ فوصله ابن أبي شيبة عنه. وأما الحسن، وهو البصري؛ فوصله ابن أبي شيبة أيضاً بسند صحيح عنه. 1222 - بيض له الحافظ. 1223 و 1224 - أما أثر الحسن؛ فوصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. وأما أثر إبراهيم فرويناه من روايته لا من رأيه، لكنه لم يتعقبه، فكأنه رضيه، رواه ابن أبي شيبة عنه عن علقمة به نحوه. 1225 - لم يخرجه الحافظ.

5 - باب الخذف والبندقة.

1226 - وَقَالَ الأَعْمَشُ عَنْ زَيْدٍ اسْتَعْصَى عَلَى رَجُلٍ مِنْ آلِ عَبْدِ اللَّهِ حِمَارٌ (3)، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَضْرِبُوهُ حَيْثُ تَيَسَّرَ، دَعُوا مَا سَقَطَ مِنْهُ، وَكُلُوهُ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبى ثعلبة الآتي "10 - باب"). 5 - باب الْخَذْفِ وَالْبُنْدُقَةِ (4). 2164 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَخْذِفُ، فَقَالَ لَهُ: لاَ تَخْذِفْ! فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْخَذْفِ، أَوْ كَانَ يَكْرَهُ الْخَذْفَ، وَقَالَ: "إِنَّهُ لاَ يُصَادُ بِهِ صَيْدٌ، وَلاَ يُنْكَأُ بِهِ عَدُوٌّ، وَلَكِنَّهَا قَدْ تَكْسِرُ السِّنَّ، وَتَفْقَأُ الْعَيْنَ" ثُمَّ رَآهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَخْذِفُ، فَقَالَ لَهُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْخَذْفِ، أَوْ كَرِهَ الخَذْفَ وَأَنْتَ تَخْذِفُ! لاَ أُكَلِّمُكَ كَذَا وَكَذَا. 6 - بابُ مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَيْسَ بِكَلْبِ صَيْدٍ أَوْ مَاشِيَةٍ 2165 - عنْ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ قالَ: سمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا إِلاَّ كَلْبٌ ضَارٍ (5) لِصَيْدٍ أَوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ؛ فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ

_ 1226 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عن زيد، وهو ابن وهب. (3) أي: وحشي. (4) الخذف: الرمي بطرفي الإبهام والسبابة، والبندق: المأكول، معروف، والبندق أيضاً: ما يعمل من الطين ويرمى به، الواحدة بندقة، وجمع الجمع البنادق اهـ من "المصباح". قوله: "ولا ينكأ"؛ قال الفيومي: نكأت في العدوِّ نكأ، من باب: نفع، لغة في نكيت فيه أنكى من باب رمى، والاسم النكاية بالكسر إذا قتلت وأثخنت. اهـ مصححه. (5) قوله: "كلب ضار"؛ بتنوين كلب، مع الرفع، وضار بلا ياء، صفة لكلب، وبنصب كلب مضافاً لضار إضافة موصوف لصفته للبيان؛ كشجر الأراك، أو ضار صفة للرجل الصائد؛ أي: إلا كلب الرجل المعتاد للصيد، كما في الشارح.

7 - باب إذا أكل الكلب، وقوله تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين}

كُل يومٍ قِيراطانِ". 7 - بابٌ إِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}: الصَّوَائِدُ وَالْكَوَاسِبُ، {اجْتَرَحُوا}: اكْتَسَبُوا. {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ {سَرِيعُ الْحِسَابِ}. 1227 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنْ أَكَلَ الْكَلْبُ فَقَدْ أَفْسَدَهُ، إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ} فَتُضْرَبُ وَتُعَلَّمُ حَتَّى يَتْرُكَ. 1228 - وَكَرِهَهُ ابْنُ عُمَرَ، وَقَالَ عَطَاءٌ: إِنْ شَرِبَ الدَّمَ وَلَمْ يَأْكُلْ؛ فَكُلْ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عدي المشار إليه قريباً). 8 - بابُ الصَّيْدِ إِذَا غَابَ عَنْهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 9 - بابُ إِذَا وَجَدَ مَعَ الصَّيْدِ كَلْبًا آخَرَ (قلتُ: أسند فيه حديث عدي المشار إليه آنفاً). 10 - بابُ مَا جَاءَ في التَّصَيُّدِ 2166 - عنْ أَبي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِىَّ - رضي الله عنه - قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ؛ أَهْلِ الْكِتَابِ، نَأْكُلُ في آنِيَتِهِمْ، وَأَرْضِ

_ 1227 - وصله سعيد بن منصور من طريقين عنه. 1228 - وصله ابن أبي شيبة.

11 - باب التصيد على الجبال

صيدٍ، أصيدُ بقَوْسِي، وأصِيدُ بِكَلْبي المُعلَّمِ، والَّذي ليسَ مُعلَّماً، فأخْبِرْني: ما الَّذي يَحِلُّ لنا مِنْ ذلك؟ فقالَ: أَمَّا ما ذَكَرْتَ أنَّكَ بأرْضِ قومٍ؛ أهْلِ الكِتابِ، تَأْكُلُ في آنِيَتِهِمْ، فإنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهمْ؛ فلا تَأْكُلوا فيها، وإِنْ لمْ تَجِدوا؛ فاغْسِلوها، ثمَّ كُلوا فيها، وأمَّا ما ذَكَرْتَ أَنَّكَ بأرْضِ صَيْدٍ، فما صِدْتَ بقوسِكَ؛ فاذْكُرِ اسمَ اللهِ ثمَّ كُلْ، وما صِدْتَ بكَلْبِكَ المُعَلَّم؛ فاذْكُرِ اسمَ اللهِ ثمَّ كُلْ، وما صِدْتَ بكَلْبِكَ الَّذي ليسَ مُعلَّماً، فأدْرَكْتَ ذَكاتَهُ؛ فَكُلْ. 11 - بابُ التَصَيُّدِ على الجِبالِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي قتادة المتقدم في "28 - كتاب/ 2 - باب"). 12 - بابُ قولِ اللهِ تعالى: {أحِل لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ} 1229 - وقالَ عمرُ: صيْدُهُ ما اصْطيدَ، وطعامُهُ ما رَمى بهِ. 1230 - وقالَ أبو بكرٍ: الطَّافي حَلالٌ. 1231 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: طعامُهُ مَيْتَتُهُ؛ إلَاَ ما قَذِرْتَ منها. 1232 - والجِرِّيُّ (6) لا تَأْكُلُهُ اليَهودُ، ونحنُ نَأكُلُه.

_ 1229 - وصله المصنف في "التاريخ" وعبد بن حميد بسند ضعيف عنه. 1230 - وصله ابن أبي شيبة والطحاوي والدارقطني. 1231 - وصله الطبري. 1232 - وصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن عباس أيضاً نحوه، وإسناده صحيح على شرط الشيخين. (6) كذا في ضبط الشارح، وضبطه العيني بفتح الجيم، ثم نقل عن عياض مجيء كسرها أيضاً، قال: وهو من السمك ما لا قشر له. اهـ.

1233 - وقالَ شُريحٌ صاحِبُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ شيءٍ في البحرِ مذبوحٌ". وقالَ عطاءٌ: "أمَّا الطَّيرُ فأرى أنْ يَذْبَحَهُ". 1234 - وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: صَيْدُ الأَنْهَارِ وَقِلاَتِ (7) السَّيْلِ أَصَيْدُ بَحْرٍ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ تَلاَ: {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا}. 1235 - وَرَكِبَ الحسنُ عليهِ السلامُ على سرجٍ مِن جُلودِ كِلابِ الماءِ. 1236 - وقالَ الشَّعبيُّ: لو أنَّ أهْلي أكلوا الضَّفادعَ؛ لأطعَمْتهُمْ. 1237 - ولمْ يرَ الحسنُ بالسُّلَحْفاةِ بأْساً. 1238 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: كُلْ مِن صَيدِ البحرِ نَصرانِيٌّ أوْ يَهوديُّ أو مجوسىٍّ (8). 1239 - وقالَ أبو الدَّرْداءِ في المُرْيِ (9): ذَبَحَ الخَمْرَ النَّينانُ والشَّمْسُ. (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1817).

_ 1233 - وصله المصنف في "التاريخ" وابن منده في "المعرفة". 1234 - وصله عبد الرزاق في "التفسير"، وهو صحيح الإسناد. (7) جمع (قَلْت)، وهي النقرة التي تكون في الصخرة يستنقع فيها الماء، وأراد ما ساق السيل من الماء وبقي في الغدير وكان فيه حيتان. اهـ "عيني". 1235 - لم يخرجه الحافظ. 1236 - لم يخرجه الحافظ. 1237 - وصله ابن أبي شيبة من طريقين عنه. 1238 - وصله البيهقي بسند فيه ضعف. (8) أي: صاده نصراني ... كما في رواية البيهقي. 1239 - وصله إبراهيم الحربي عنه. (9) بهذا الضبط، وضبطه أهل اللغة بتشديد الراء والياء، كأنه منسوب إلى المرارة، وهو كما قال العيني، يعمل بالشام، يؤخذ الخمر، فيجعل فيها الملح والسمك، ويوضع في الشمس، فيتغير عن طعم الخمر. اهـ. فكأنه ذكاة لها تحلها، وهو مغنى قوله: "ذبح الخمر" الخ، والنينان: جمع النون، وهو كالحوت والحيتان في الوزن والمعنى (مصحح).

13 - باب أكل الجراد

13 - بابُ أَكْلَ الجَرادِ 2167 - عن ابنِ أَبي أوْفى رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: غَزَوْنا معَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سبعَ غَزَواتٍ أَوْ سِتًّا، كُنَّا نَأْكُلُ مَعَهُ الْجَرَادَ. 692 - (وفي روايةٍ معلَّقة: سبعَ غَزواتٍ). 14 - بابُ آنِيَةِ المَجوسِ والمَيْتَةِ 15 - بابُ التَّسْمِيَةِ على الذبيحَةِ ومَنْ تَرَكَ مُتَعَمِّداً 1240 - قالَ ابنُ عبَّاسٍ: "مَنْ نَسِيَ، فلا بأْسَ". وقالَ اللهُ تعالى: {ولا تَأْكُلوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عليهِ دهِانَّهُ لَفِسْقٌ)، والنَّاسي لا يُسمَّى فاسِقاً، وقولُهُ: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}. (قلتُ: أسند فيه حديث رافع بن خديج المتقدم برقم 1141). 16 - بابُ مَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَالأَصْنَامِ (قلت: ذكر فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1624). 17 - بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: فَلْيَذْبَحْ عَلَى اسْمِ اللَّهِ 2168 - عن جُنْدَبِ بنِ سُفيانَ البَجَلِيِّ قالَ: ضحَّيْنا مَعَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أُضْحِيَّةً ذاتَ يومٍ (وفي روايةٍ: يومَ النَّحْرِ 6/ 238)، فإِذا أُناسٌ قدْ ذَبَحوا ضَحاياهُم

_ 692 - وصله أحمد (4/ 353) والدارمي والترمذي، وكذلك وصله أحمد أيضاً (4/ 357) من طريق شعبة، وزاد عن ابن أبي أوفى: "لا بأس به، وقال: غزوت ... ". 1240 - وصله الدارقطني بسند صحيح عنه نحوه.

18 - باب ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد

قبلَ الصَّلاةِ، فلمَّا انْصَرَفَ رآهُمُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُمْ قدْ ذَبَحوا قبلَ الصلاةِ، فقالَ: مَنْ ذَبَحَ قبلَ الصَّلاةِ فليَذْبَحْ مكانَها أُخْرى، ومَن كانَ لمْ يَذْبَحْ حتَّى صَلَّيْنا فليَذْبَحْ على اسمَ اللهِ. 18 - بابُ ما أنْهَرَ الدَّمَ مِنَ القَصَبِ والمَرْوَةِ والحَديدِ 19 - بابُ ذَبيحَةِ المرْأةِ والأمَةِ 2169 - عن مُعاذِ بن سعدٍ أو سَعْدِ بنِ مُعاذٍ أخْبَرَهُ أنَّ جارِيَةً لكَعْبِ بنِ مالِكٍ كانتْ تَرْعى غَنَماً بسَلْعٍ، فَأُصيبَتْ شاةُ منها، فأَدْرَكَتْها، فذَبَحَتْها بحَجَرٍ، فسُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالَ: كُلوها. 20 - بابٌ لا يُذَكَّى بالسِّنِّ والعظمِ والظُّفُرِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث رافع بن خديج المتقدم برقم 1141). 21 - بابُ ذبيحَةِ الأعرابِ ونحوِهِمْ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 970). 22 - بابُ ذبائِحِ أَهْلِ الكِتابِ وشُحومِها مِنْ أهْلِ الحَرْب وغيرِهِمْ، وقولهِ تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} 1241 - وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: لاَ بَأْسَ بِذَبِيحَةِ نَصَارِى الْعَرَبِ، وَإِنْ سَمِعْتَهُ يُسَمِّى لِغَيْرِ اللَّهِ؛ فَلاَ تَأْكُلْ، وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْهُ؛ فَقَدْ أَحَلَّهُ اللَّهُ وَعَلِمَ كُفْرَهُمْ.

_ 1241 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه نحوه.

23 - باب ما ند من البهائم فهو بمنزلة الوحش

1242 - ويُذْكَرُ عنْ على نَحْوُهُ. 1243 و 1244 - وقالَ الحسنُ وإِبراهيمُ: لا بأْسَ بذَبيحَةِ الأقْلَفِ. 1240 - وقالَ ابنُ عباس: طعامُهُم ذَبائِحُهُم. 23 - بابُ مَا نَدَّ مِنَ الْبَهَائِمِ فَهْوَ بِمَنْزِلَةِ الْوَحْشِ 1246 - وَأَجَازَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ. 1247 و 1248 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: "مَا أَعْجَزَكَ مِنَ الْبَهَائِمِ مِمَّا فِى يَدَيْكَ فَهْوَ كَالصَّيْدِ"، وَفِى بَعِيرٍ تَرَدَّى فِى بِئْرٍ: "مِنْ حَيْثُ قَدَرْتَ عَلَيْهِ؛ فَذَكِّهِ". 1249 - 1251 - ورأى ذلك على وابنُ عُمَرَ وعائشةُ. (قلت: ذكر في حديث رافع بن خديج المتقدم برقم 1141).

_ 1242 - قال الحافظ: لم أقف على من وصله، وكأنه لا يصح عنه، ولذلك ذكره بصيغة التمريض، بل قد جاء عن علي من وجه آخر صحيح المنع من ذبائح بعض نصارى العرب، أخرجه الشافعي وعبد الرزاق عنه، قال: "لا تأكلوا ذبائح نصارى بني تغلب؛ فإنهم لم يتمسَّكوا من دينهم إلا بشرب الخمر". قلت: ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي (9/ 284)، وإسناده صحيح غاية. 1243 و 1244 - أما أثر الحسن؛ فأخرجه عبد الرزاق بسند منقطع عنه، وأما أثر إبراهيم -وهو النخعي- فأخرجه أبو بكر الخلال. 1245 - وصله البيهقى بشد منقطع عنه. 1246 - يشير إلى ما تقدم برقم (1236). 1247 و 1248 - هما أثران عن ابن عباس، أخرج الأول ابن أبي شيبة، وأخرج الثاني عبد الرزاق. 1249 - 1251 - أما أثر على؛ فوصله ابن أبي شيبة من طريق أبي راشد السلماني عنه، وفيه قصة. وأما أثر ابن عمر؛ فوصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. وأما أثر عائشة فلم نقف عليه.

24 - باب النحر والذبح

24 - بابُ النَّحْرِ والذَّبْحِ 1252 - وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ: لاَ ذَبْحَ وَلاَ نَحَرَ إِلاَّ فِى الْمَذْبَحِ وَالْمَنْحَرِ. قُلْتُ: أَيَجْزِى مَا يُذْبَحُ أَنْ أَنْحَرَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَكَرَ اللَّهُ ذَبْحَ الْبَقَرَةِ، فَإِنْ ذَبَحْتَ شَيْئًا يُنْحَرُ؛ جَازَ، وَالنَّحْرُ أَحَبُّ إِلَىَّ، وَالذَّبْحُ قَطْعُ الأَوْدَاجِ. قُلْتُ: فَيُخَلِّفُ الأَوْدَاجَ حَتَّى يَقْطَعَ النِّخَاعَ؟ قَالَ: لاَ إِخَالُ، وَأَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ نَهَى عَنِ النَّخْعِ، يَقُولُ: "يَقْطَعُ مَا دُونَ الْعَظْمِ، ثُمَّ يَدَعُ حَتَّى تَمُوتَ"، وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} وَقَالَ: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}. 1253 - وقالَ سعيدُ بنُ جُبَيْرٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ: الذَّكَاةُ فِى الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ. 1254 - 1256 - وقالَ ابنُ عُمَرَ وابنُ عبَّاسٍ وأَنَسٌ: إِذَا قَطَعَ الرَّأْسَ فَلاَ بَأْسَ. 2170 - عن أَسْماءَ رضيَ اللهُ عنها قالتْ: ذَبَحْنا (وفي روايةٍ: نَحَرْنا) على عهدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فرساً ونحنُ بالمدينةِ، فأكَلْناهُ. 25 - بابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْمُثْلَةِ (10) وَالْمَصْبُورَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ 2171 - عن هشامِ بنِ زَيْدٍ قالَ: دَخَلْتُ معَ أنَسٍ على الحَكَمِ بنِ أيُّوبَ،

_ 1252 - وصله عبد الرزاق عنه منقطعاً. 1253 - وصله سعيد بن منصور والبيهقي عنه، وسنده صحيح، وأخرجه سفيان في "جامعه" عن عمر مثله، وجاء مرفوعاً من وجهٍ واهٍ. 1254 - 1256 - أما أثر ابن عمر؛ فوصله أبو موسى الزمن عنه. وأما أثر ابن عباس؛ فوصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه نحوه. وأما أثر أنس؛ فوصله ابن أبي شيبة أيضاً من طريق عبيد الله بن أبي بكر بن أنس أن جزارًا لأنس ذبح دجاجة، فاضطربت، فذبحها من قفاها، فأطار رأسها، فأراد طرحها، فأمرهم أنس بأكلها. (10) المثلة: قتل أطراف الحيوان أو بعضها وهو حي. و (المصبورة): الدابة التي تحبس حية لتقتل بالرمي. و (المجثمة): التي تربط وتجعل غرضاً للرمي.

26 - باب الدجاج

فَرَأَى غِلْمَانًا أَوْ فِتْيَانًا نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا، فَقَالَ أَنَسٌ: نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ. 2172 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَغُلاَمٌ مِنْ بَنِي يَحْيَى رَابِطٌ دَجَاجَةً يَرْمِيهَا، فَمَشَى إِلَيْهَا ابْنُ عُمَرَ حَتَّى حَلَّهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ بِهَا وَبِالْغُلاَمِ مَعَهُ، فَقَالَ: ازْجُرُوا غُلاَمَكُمْ عَنْ أَنْ يَصْبِرَ هَذَا الطَّيْرَ لِلْقَتْلِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ تُصْبَرَ بَهِيمَةٌ أَوْ غَيْرُهَا لِلْقَتْلِ. (وفي طريقِ سعيدِ بن جُبَيْرٍ قالَ: كنتُ عندَ ابنِ عُمَرَ، فمرُّوا بفِتْيَةٍ أو بِنَفَرٍ نَصبُوا دَجاجَةً يرمونَها، فلمَّا رأَوُا ابنَ عُمَر تَفَرَّقوا عنها، وقالَ ابنُ عُمَرَ: مَنْ فعَلَ هذا؟ إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لعَنَ مَنْ فَعَلَ هذا). 693 - (وفي روايةٍ معلَّقة بلفظ: لَعَنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ). 2173 - عنِ ابنِ عبَّاس عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (11). 2174 - عنْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ نَهَى عَنِ النُّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ. 26 - بابُ الدَّجاجِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي موسي الآتي "84 - كفارات/ 10 - باب"). 27 - بابُ لُحومِ الخَيْلِ

_ 693 - وصله البيهقي كما في "الفتح"، ووصله النسائي (2/ 210)، والدارمي (2/ 83) من طريق أخرى عن شعبة: حدثني المنهال بن عمرو: سمعت سعيد بن جبير به. وسنده صحيح. (11) يعني بالحديث الذي قبله، لكن بنحوه؛ فقد ساقه المؤلف في "التاريخ"، ولفظه: "لا تتَّخذوا شيئاً فيه الروح غرضاً"، وكذا أخرجه مسلم (6/ 73)، وأحمد (1/ 216 و273 و274 و280 و285 و340 و345)، وغيرهما.

28 - باب لحوم الحمر الأنسية

28 - بابُ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَنْسِيَّةِ (12) 694 - فيه عن سَلَمَةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2175 - عن أبي ثَعْلَبَةَ قالَ: حرَّمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لُحومَ الحُمُرِ الأهْليَّةِ. 695 - (وفي روايةٍ معلَّقةٍ: نهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن كُلِّ ذي نابٍ مِنَ السَّباعِ). 2176 - عن عَمْرٍو قالَ: قلتُ لجابرِ بنِ زيدٍ: يزعُمونَ أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عنْ حُمُرِ الأهْليَّةِ؟ فقالَ: قدْ كانَ يقولُ ذاكَ الحَكَمُ بنُ عَمْرٍو الغِفاريُّ عندَنا بالبَصْرَة، ولكنْ أبى ذاكَ البحرُ ابنُ عبَّاسٍ، وقرأَ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} (13). 29 - بابُ أَكْلِ كُلِّ ذي نابٍ مِنَ السَّباعِ 30 - بابُ جُلودِ المَيْتَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم في "54 - كتاب/ 63 - باب"). 31 - بابُ المِسْكِ

_ (12) بفتحتين، والمشهور بكسر ثم سكون، ضد الوحشية. (شارح). 694 - تقدم موصولاً في حديث طويل (5/ 72). 695 - قلت: وصله المصنف في الباب الآتي، وفي آخر "76 - الطب"، وسيأتي هناك إن شاء الله تعالى. (13) قلت: لعل هذا القول من ابن عباس كان قبل أن يبلغه نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الإنسية من حديث علي رضي الله عنه كما مضى (6/ 129)، فلما بلغه ذلك رجع عنه، ولكنه تردَّد بين أن يكون التحريم لذاته، أو لعلة الحاجة إليها؛ كما تقدم "64/ المغازي/ 40 - باب"، ولا شك أن الأول هو الصواب؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيها: "إنها رجس"، كما في حديث أنس المتقدم برقم (1234).

32 - باب الأرنب

32 - بابُ الأرْنَبِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1169). 33 - بابُ الضَّبِّ 2177 - عنِ ابنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُما قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الضَّبُّ لستُ آكُلُهُ ولا أُحَرِّمُهُ". 34 - بابٌ إِذا وَقَعَتِ الفَأْرَةُ في السَّمْنِ الجامِدِ أو الذَّائِبِ 2178 - عَنِ الزُّهْرِىِّ: عَنِ الدَّابَّةِ (14) تَمُوتُ فِى الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَهْوَ جَامِدٌ أَوْ غَيْرُ جَامِدٍ الفَأْرَةِ أَوْ غيرِها قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِفَأْرَةٍ مَاتَتْ فِى سَمْنٍ، فَأَمَرَ بِمَا قَرُبَ مِنْهَا فَطُرِحَ، ثُمَّ أُكِلَ، عَنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (15). 35 - بابُ الْوَسْمِ وَالْعَلَمِ فِى الصُّورَةِ 2179 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ تُعْلَمَ الصُّورَةُ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُضْرَبَ [الصُّورةُ]. 36 - بابٌ إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ غَنِيمَةً، فَذَبَحَ بَعْضُهُمْ غَنَمًا أَوْ إِبِلاً بِغَيْرِ أَمْرِ أَصْحَابِهِمْ؛ لَمْ تُؤْكَلْ 696 - لحديثِ رافعٍ عنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ (14) أي أنه سئل عن حكمها إذا ماتت في الزيت ونحوه. (15) يعني عن ابن عباس عن ميمونة مرفوعاً، وقد مضى في "الطهارة" (1/ 64)، وفيه دليل على أن قول معمر عن الزهري في الحديث: "جامداً" غير محفوظ؛ لأن الزهري نفسه لم يفرق بين الجامد وغيره، ولو كان ثابتاً في حديثه؛ لم يخالفه إن شاء الله تعالى. 696 - يعني حديثه المتقدم (3/ 110). وانظر المعلق الذي بعده.

37 - باب إذا ند بعير لقوم، فرماه بعضهم بسهم فقتله، فأراد إصلاحهم؛ فهو جائز.

1257 و 1258 - وَقَالَ طَاوُسٌ وَعِكْرِمَةُ في ذَبِيحَةِ السَّارِقِ: اطْرَحُوهُ. (قلتُ: أسند فيه حديث رافع الذي أشار إليه، وقد تقدم برقم 1141). 37 - بابٌ إِذَا نَدَّ بَعِيرٌ لِقَوْمٍ، فَرَمَاهُ بَعْضُهُمْ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، فَأَرَادَ إِصْلاَحَهُمْ (16)؛ فَهْوَ جَائِزٌ. 696 - لخبرِ رافعٍ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث رافع المشار إليه آنفاً). 38 - بابُ أَكْلِ الْمُضْطَرِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ}، وَقَالَ: {فَمَنِ اضْطُرَّ في مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} وَقَوْلُهُ: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ * وَمَا لَكُمْ أَنْ لاَ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فُصِّلَ لَكُمْ مَا حُرِّمَ (17) عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} وقوله جلَّ وعلا: {قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقَّا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ

_ 1257 و 1258 - وصله عبد الرزاق من حديثهما بلفظ: إنهما سئلا عن ذلك؟ فكرهاها ونهيا عنها. (16) أي صلاح القوم أصحاب الإبل لا إفساده عليهم، ولأبي ذر: "صلاحه" بالإفراد؛ أي: صلاح البعير، وكلاهما بغير همز، وفي "الفتح": "إصلاحهم" و"إصلاحه " بالهمز فيهما. (17) التلاوة عندنا بالبناء للفاعل في الفعلين.

وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} 1259 - قالَ ابنُ عبَّاسٍ: مُهَراقاً (18)، وقالَ: {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلاَلاً طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ. إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).

_ 1259 - وصله الطبراني بإسناد منقطع عنه. (18) أي: قصر ابن عباس المسفوح بالمهراق، وضبط في الأصل المطبوع بسكون الهاء، وهي مفتوحة، نص عليه الفيوميّ.

73 - كتاب الأضاحي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ 73 - كتابُ الأَضاحي 1 - بابُ سُنَّةِ الأضْحِيَةِ 1260 - وقالَ ابن عُمَرَ: هِىَ سُنَّةٌ وَمَعْرُوفٌ. 2 - بابُ قِسْمَةِ الِإمامِ الَأضاحِى بينَ النَّاسِ (قلتُ: أسند في حديث عقبة بن عامر الجهني المتقدم برقم 1075). 3 - بابُ الأُضْحِيَّةِ لِلْمُسَافِرِ وَالنِّسَاءِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "6 - كتاب/ 17 - باب"). 4 - بابُ مَا يُشْتَهَى مِنَ اللَّحْمِ يَوْمَ النَّحْرِ 2180 - عن أنَسِ بنِ مالكٍ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ: "مَنْ كانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاةِ فَلْيُعِدْ؛ [فإنَّما ذَبَحَ لنَفْسِهِ، ومَن ذَبَحَ بعدَ الصَّلاةِ فقدْ تَمَّ نُسُكُهُ وأصابَ سُنَّةَ المسلمينَ 6/ 234] "، فقامَ رجُلٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ! إنَّ هذا يومٌ يُشْتَهى فيهِ اللَّحْمُ، وذَكَرَ [هَنَةً مِنْ 6/ 238] جيرانِهِ، [فكأنَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -

_ 1260 - وصله حماد بن سلمة في "مصنفه" بسند جيد عنه.

5 - باب من قال: الأضحى يوم النحر

عَذَرَهُ]، وعِنْدي [697 - عَناقُ 6/ 237] جَذَعَةٍ خيرٌ من شاتَى لَحْمٍ، فرخَّصَ لهُ [النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -]، في ذلك، فلا أَدْرِي أبَلَغَتِ الرُّخْصَةُ مَنْ سواهُ أمْ لا؟ ثم انْكَفَأ النبيُّ إلى كَبْشَيْنِ [أقْرَنينِ أمْلَحَيْنِ 6/ 236]، [فرأَيتُهُ واضِعاً قَدَمَهُ على صَفاحِهِما؛ يسمِّي ويُكَبِّرُ 6/ 237]، فذَبَحَهُما [بيده]، وقامَ النَّاسُ إلى غُنَيْمَةٍ فَتَوَزَّعوها (1) أوْ قالَ: فتَجَزَّعوها (وفي روايةٍ: فَذَبَحُوها). 5 - بابُ مَنْ قَالَ: الأَضْحَى يَوْمُ النَّحْرِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي بكرة المتقدم برقم 1831). 6 - بابُ الأَضْحَى وَالْمَنْحَرِ بِالْمُصَلَّى 2181 - عنِ ابنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يذْبَحُ ويَنْحَرُ بِالْمُصَلَّى 7 - بابٌ فِى أُضْحِيَّةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ 698 - أَقْرَنَيْنِ، وَيُذْكَرُ سَمِينَيْنِ. 699 - وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلٍ قَالَ: كُنَّا نُسَمِّنُ الأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ،

_ 697 - هذه الزيادة معلقة عند المصنف، وقد وصلها مسلم، ولكنه لم يسق لفظها. (1) وزعت المال توزيعاً: قسمته أقساماً، وتوزَّعناه: اقتسمناه. كذا في "المصباح"، وقوله: "فتجزعوها"؛ أي: اقتسموها حصصاً من الجزع، وهو القطع؛ كما في "لسان العرب". 698 - هو في بعض طرق حديث أنس الآتي في الباب، لكن عند غير المصنف أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، وأشار إلى أنه ليس بمحفوظ، وذكر له شاهداً من حديث عائشة أو أبي هريرة، وفي سنده عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو مختلف فيه كما قال الحافظ. 699 - وصله أبو نعيم في "المستخرج" من طريق أحمد بن حنبل بإسناده عنه بلفظ: "كان=

8 - باب

وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسَمِّنُونَ. 2182 - عن أنَسِ بنِ مالكٍ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ، وَأَنَا أُضَحِّى بِكَبْشَيْنِ. 8 - بابُ 700 - قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأبي بُرْدَةَ: "ضحِّ بالجَذَعِ مِنَ المَعْزِ، ولنْ تَجْزِيَ عنْ أحَدٍ بعْدَكَ". (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم في "13 - كتاب/5 - باب"). 9 - بابُ مَنْ ذَبَحَ الأضاحِيَ بيَدِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم قريباً برقم 2180). 10 - بابُ مَن ذَبَحَ ضَحِيَّةَ غيرِهِ 1261 - وأَعانَ رجُلٌ ابنَ عُمَرَ في بَدَنَتِه. 1262 - وأَمَرَ أبو موسى بَناتِهِ أنْ يُضَحِّينَ بأيْديهِنَّ. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "6 - كتاب/ 17 - باب"). 11 - بابُ الذَّبْحِ بَعْدَ الصَّلاَةِ

_ = المسلمون يشتري أحدهم الأضحية فيسمنها ويذبحها في آخر ذي الحجة". قال أحمد: هذا الحديث عجيب. قلت: وسنده صحيح. لكن قوله: "آخر" غريب، والله أعلم. 700 - مضى موصولاً بتمامه في "ج 1/ 13 - كتاب/ 5 - باب". 1261 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 1262 - وصله الحاكم وغيره، وسنده صحيح.

12 - باب من ذبح قبل الصلاة أعاد

(قلتُ: أسند فيه حديث البراء المشار إليه قريباً). 12 - بابُ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلاَةِ أَعَادَ 13 - بابُ وَضْعِ الْقَدَمِ عَلَى صَفْحِ الذَّبِيحَةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه قريباً). 14 - بابُ التَّكْبِيرِ عِنْدَ الذَّبْحِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المشار إليه آنفاً). 15 - بابٌ إِذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ لِيُذْبَحَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَىْءٌ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم في "25 - كتاب/ 110 - باب"). 16 - بابُ مَا يُؤْكَلُ مِنْ لُحُومِ الأَضَاحِىِّ وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا 2183 - عنْ سلَمَةَ بنِ الأكْوَعِ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فلا يُصْبِحَنَّ بعدَ ثالثةٍ وفي بيتِهِ منهُ شيءٌ، فلمَّا كانَ العامُ المُقْبِلُ قالوا: يا رسولَ اللهِ! نفعَلُ كما فَعَلْنا العامَ الماضيَ؟ قالَ: كُلوا، وأَطْعِموا، وادَّخِروا؛ فإِنَّ ذلكَ العامَ كانَ بالنَّاسِ جَهْدٌ، فأرَدْتُ أنْ تُعينوا فيها. 2184 - عن أبي عُبَيْدٍ مَوْلى ابنِ أَزْهَرَ أنَّهُ شهِدَ العيدَ يومَ الأضْحى معَ عُمَرَ ابن الخطَّابِ رضي اللهُ عنهُ، فصَلَّى قبلَ الخُطْبَةِ، ثمَّ خَطَبَ النَّاسَ، فقالَ: يا أيُّها النَّاَسُ! إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قدْ نَهاكُمْ عنْ صيامِ هذينِ العِيدينِ، أمَّا أحَدُهُما؛ فَيَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صيامِكُمْ، وأما الآخَرُ فيوْم تَأْكُلونَ نُسُكَكُمْ. 2185 - قالَ أبو عُبَيْدٍ: ثمَّ شَهِدْتُ معَ عُثمانَ بنِ عَفَّان، فكانَ ذلك يومَ

الجُمُعَةِ، فصلَّى قبلَ الخُطْبَةِ، ثمَّ خَطَبَ فقالَ: يا أيُّها النَّاسُ! إِنَّ هذا يومٌ قدِ اجْتَمَعَ لكُمْ فيهِ عيدانِ، فمَنْ أحَبَّ أنْ يَنْتَظِرَ الجُمُعَةَ مِنْ أهْلِ العوالي؛ فليَنْتَظِرْ، ومَنْ أَحَب أن يَرْجِعَ؛ فقدْ أَذِنْتُ لهُ. 2186 - قالَ أَبو عُبيدٍ: ثمَّ شَهِدْتُهُ معَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ، فصلَّى قبلَ الخُطْبَةِ، ثمَّ خَطَبُ النَّاسَ، فقالَ: إِنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهاكُمْ أنْ تَأْكُلوا لُحومَ نُسُكِكُمْ فوقَ ثلاثٍ. 2187 - عنْ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُما: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلوا مِنَ الأَضاحي ثلاثاً"، وكانَ عبدُ اللهِ يأْكُلُ بالزَّيْتِ (2) حينَ ينْفِرُ منْ مِنىً مِنْ أجْلِ لُحومِ الهَدْيِ.

_ (2) أي: الخبز، وقوله: "من أجل لحوم الهدي"؛ أي: احترازاً عنها.

74 - كتاب الأشربة

بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحيم 74 - كِتابُ الأشْرِبَةِ 1 - بابُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 2188 - عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عنهُما أَن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ شَربَ الخَمْرَ في الدُّنْيا، ثمَّ لمْ يَتُبْ مِنْها؛ حُرِمَها في الأخرةِ". 2 - بابٌ الخَمْرُ مِنَ العِنَبِ 2189 - عنْ أنَسٍ قالَ: حُرِّمَتْ علَينا الخَمْرُ حينَ حُرِّمَت وما نَجِدُ -يعْني بالمَدينَةِ- خَمْرَ الأعْنابِ إِلاَّ قَليلاً، وعامَّةُ خَمْرنا البُسْرُ والتَّمْرُ. 3 - بابٌ نَزَلَ تَحْريمُ الخَمْرِ وهِيَ مِن البُسْرُ والتَمْرُ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1129). 4 - بابٌ الخَمْرُ مِنَ العَسَلِ وهُوَ البِتْعُ 1263 - وقالَ مَعْنٌ: سأَلْتُ مالِكَ بنَ أنَسٍ عنِ الفُقَّاعِ (1) فقالَ: إذا لمْ يُسْكِرْ؛ فلا بأْسَ بهِ.

_ 1263 - معن: هو ابن عيسى القزاز، وهذا الأثر ذكره في "الموطأ" رواية عن مالك. (1) الفقّاع: شراب يتخذ من الزبيب المدقوق.

5 - باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب

1264 - وَقَالَ ابْنُ الدَّرَاوَرْدِىِّ: سَأَلْنَا عَنْهُ؟ فَقَالُوا لاَ يُسْكِرُ، لاَ بَأْسَ بِهِ. 2190 - عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها قالتْ: سُئِلَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عنِ البِتْعِ -وهُو نَبيذُ العَسَلِ، وكانَ أَهْلُ اليَمنِ يَشْرَبونَهُ-؟ فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ شَرابٍ أسْكَرَ فَهُوَ حَرامُ". 2191 - عنْ أنَسِ بنِ مالكٍ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لاَ تَنْتَبِذُوا فِى الدُّبَّاءِ وَلاَ فِى الْمُزَفَّتِ". وكانَ أبو هُريرةَ يُلْحِقُ معهُما الحَنْتَمَ والنَّقيرَ (2). 5 - بابُ ما جاءَ في أنَّ الخَمْرَ ما خامَرَ العَقْلَ مِنَ الشَّرابِ 2192 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: خَطَبَ (وفي روايةٍ: سمعتُ 8/ 154) عُمَرُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: [أمَّا بعدُ أَيُّها النَّاسُ 5/ 189]؛ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهْىَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: الْعِنَبِ (وفي روايةٍ: الزَّبيب)، وَالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ، وَثَلاَثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا: الْجَدُّ، وَالْكَلاَلَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا. قَالَ: قُلْتُ يَا أَبَا عَمْرٍو! فَشَىْءٌ يُصْنَعُ بِالسِّنْدِ مِنَ الرُّزِّ؟ قَالَ: ذَاكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ قَالَ: عَلَى عَهْدِ عُمَرَ. 6 - بابُ ما جاءَ فيمَنْ يستَحِلُّ الخَمْرَ ويُسمِّيهِ بغيرِ اسمِه

_ 1264 - وهذا من رواية معن عنه أيضاً. (2) هذا منقطع عند المصنف؛ لأنه من قول الزهري، ولم يدرك أبا هريرة، وهو إنما ذكره تبعاً للحديث الذي قبله؛ فإنه من رواية الزهري: حدثني أنس ... وكان أبو هريرة ... وقد وصله مسلم من طريق أخرى عن الزهري عن أبي سلمة عنه موقوفاً، ومن طريق أخرى عنه مرفوعاً.

7 - باب الانتباذ في الأوعية والتور

701 - عن عبدِ الرحمنِ بنِ غَنَمٍ الأشعَرِيِّ قالَ: حدَّثني أبو عامِرٍ أو أبو مالكٍ الأشعرِيُّ -واللهِ ما كَذَبَني- سَمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِى أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ، وَالْحَرِيرَ، وَالْخَمْرَ، وَالْمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ لِحَاجَةٍ، فَيَقُولُوا: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا، فَيُبَيِّتُهُمُ اللَّهُ، وَيَضَعُ الْعَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". 7 - بابُ الانتِباذِ في الأوْعِيَةِ والتَّوْرِ (قلتُ: أسند فيه حديث سهل الساعدي المتقدم برقم 2081). 8 - بابُ تَرْخيصِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الأوْعِيَةِ والظُّروفِ بعْدَ النَّهْيِ 2193 - عَنْ جَابِرٍ - رضى الله عنه - قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الظُّرُوفِ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: إِنَّهُ لاَ بُدَّ لَنَا مِنْهَا. قَالَ: "فَلاَ إِذًا". 2194 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضى الله عنهما - قَالَ: لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الأَسْقِيَةِ؛ قِيلَ لِلنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ سِقَاءً، فَرَخَّصَ لَهُمْ فِى الْجَرِّ غَيْرِ الْمُزَفَّتِ. 2195 - عن عليٍّ رضيَ اللهُ عنهُ؛ قالَ: نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الدُّبَّاءِ والمُزَفَّتِ. 2196 - عنْ إِبْراهيمَ: قلتُ للأسوَدِ: هلْ سَألْتَ عائشةَ أُمَّ المؤمنينَ عمَّا

_ 701 - هذا صورته صورة المعلق، وقد وصله جمع منهم الإسماعيلي وأبو نعيم في "مستخرجيهما" والطبراني في "المعجم الكبير"، وهو حديث صحيح، وقد أعله ابن حزم بما لا يقدح؛ كما بينته في "الأحاديث الصحيحة" (رقم 91)، وفي رسالة خاصة لي في تحريم الملاهي والرد على ابن حزم ومقلديه، وهي تحت الطبع.

9 - باب نقيع التمر ما لم يسكر

يُكْرَهُ أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ! عَمَّا نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُنْتَبَذَ فِيهِ؟ قَالَتْ: نَهَانَا فِى ذَلِكَ أَهْلَ الْبَيْتِ أَنْ نَنْتَبِذَ فِى الدُّبَّاءِ، وَالْمُزَفَّتِ. قُلْتُ: أَمَا ذَكَرْتِ الْجَرَّ وَالْحَنْتَمَ؟ قَالَ: إِنَّمَا أُحَدِّثُكَ مَا سَمِعْتُ، أُحَدِّثُ مَا لَمْ أَسْمَعْ؟! 2197 - عنْ عبدِ اللهِ بنِ أَبي أوْفى رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الجَرِّ الَأخْضَرِ. قلتُ: أَنَشْرَبُ في الأبْيَضِ؟ قالَ: لا. 9 - بابُ نَقيعِ التَّمْرِ ما لَمْ يُسْكِرْ (قلتُ: أسند فيه حديث سهل المشار إليه آنفاً). 10 - بابُ الباذَقِ (3) ومَنْ نَهى عنْ كُلِّ مُسْكِرٍ مِنَ الأشْربَةِ 1265 - 1267 - ورأى عُمَرُ وأبو عُبيدَةَ ومُعاذٌ شُرْبَ الطِّلاءِ على الثُّلُثِ. 1268 و 1269 - وشَرِبَ البَراءُ وأبو جُحَيْفَةَ على النِّصْفِ. 1270 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: اشْرَبِ العَصيرَ ما دامَ طَرِيًّا. 1271 - وقالَ عمرُ: وَجَدْتُ مِن عُبيدِ اللهِ ريحَ شَرابٍ وأَنا سائلٌ عنهُ، فإنْ كانَ يُسْكِرُ؛ جَلَدْتُهُ.

_ (3) قال في "المصباح": "الباذق: بفتح الذال: ما طُبخ من عصير العنب أدنى طبخ، فصار شديداً، وهو مسكر، ويُقال: هو معرّب". اهـ. والطلاء: ما طُبخ منه حتى ذهب ثلثاه، وقع في كافات ابن سكرة مقصوراً. اهـ مصححه. 1265 - 1267 - أما أثر عمر؛ فوصله مالك في "الموطأ" وسعيد بن منصور والنسائي بأسانيد صحيحة عنه. وأما أثر أبي عبيدة -وهو ابن الجراح- ومعاذ -وهو ابن جبل-؛ فأخرجه مسلم الكجي وسعيد ابن منصور وابن أبي شيبة عن قتادة عنهما. 1268 و 1269 - وصلهما ابن أبي شيبة بإسنادين عنهما. 1270 - وصله النسائي. 1271 - وصله مالك بسند صحيح عنه به، وزاد: "فجلده عمر الحد تامًّا". ورواه سعيد بن=

11 - باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرا، وأن لا يجعل إدامين فى إدام.

2198 - عَنْ أَبِى الْجُوَيْرِيَةِ؛ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْبَاذَقِ؟ فَقَالَ: سَبَقَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - الْبَاذَقَ، فَمَا أَسْكَرَ فَهْوَ حَرَامٌ. قَالَ: الشَّرَابُ الْحَلاَلُ الطَّيِّبُ. قَالَ: لَيْسَ بَعْدَ الْحَلاَلِ الطَّيِّبِ إِلاَّ الْحَرَامُ الْخَبِيثُ. 11 - بابُ مَنْ رَأَى أَنْ لاَ يَخْلِطَ الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ إِذَا كَانَ مُسْكِرًا، وَأَنْ لاَ يَجْعَلَ إِدَامَيْنِ فِى إِدَامٍ. 2199 - عن جابرٍ قالَ: نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الزَّبيبِ، والتَّمْرِ، والبُسْرِ، والرُّطَبِ. 2200 - عن أبي قَتادَةَ قالَ: نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ التَّمْرِ وَالزَّهْوِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، وَلْيُنْبَذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ. 12 - بابُ شُرْبِ اللَّبَنِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ) 2201 - عَنْ جَابِرٍ - رضيَ اللهُ عنهُ - قَالَ: جَاءَ أَبُو حُمَيْدٍ -رجُلٌ مِنَ الأَنْصارِ- مِنَ النَّقِيعِ بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا خَمَّرْتَهُ (4)؟ وَلَوْ أَنْ تَعْرُضَ عَلَيْهِ عُودًا".

_ =منصور أيضاً. وفيه إشارة إلى أن الجلد إنما كان على الشرب للمسكر لا على أنه سكر؛ ففيه ردٌّ لما رواه الدارقطني وغيره عن عمر أنه قال لمن شرب من إداوته: "إنما جلدناك على السكر لا على الشرب"، وفي سنده جهالة، وقد استدل به بعض المعاصرين لمذهب أبي حنيفة، والله المستعان. (4) أى: هلا غطيته ولو بنصب العود عليه عرضاً.

13 - باب استغذاب الماء

702 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "رُفِعْتُ إِلَى السِّدْرَةِ، فَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ؛ نَهَرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ، فَأَمَّا الظَّاهِرَانِ؛ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ، وَأَمَّا الْبَاطِنَانِ؛ فَنَهَرَانِ فِى الْجَنَّةِ، فَأُتِيتُ بِثَلاَثَةِ أَقْدَاحٍ: قَدَحٌ فِيهِ لَبَنٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ عَسَلٌ، وَقَدَحٌ فِيهِ خَمْرٌ، فَأَخَذْتُ الَّذِى فِيهِ اللَّبَنُ، فَشَرِبْتُ، فَقِيلَ لِي: أَصَبْتَ الْفِطْرَةَ أَنْتَ وَأُمَّتُكَ". 13 - بابُ اسْتِغذابِ الماءِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم في "24 - كتاب/ 46 - باب"). 14 - بابُ شَوْبِ اللَّبَنِ بِالْمَاءِ 15 - بابُ شَرَابِ الْحَلْوَاءِ وَالْعَسَلِ 1272 - وَقَالَ الزُّهْرِىُّ: لاَ يَحِلُّ شُرْبُ بَوْلِ النَّاسِ لِشِدَّةٍ تَنْزِلُ؛ لأَنَّهُ رِجْسٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ}. 1273 - وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِى السَّكَرِ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ شِفَاءَكُمْ فِيمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ. 16 - بابُ الشُّرْبِ قَائِمًا 2202 - عَنْ عَلِىٍّ - رضيَ اللهُ عنهُ - أَنَّهُ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ قَعَدَ فِى حَوَائِجِ النَّاسِ فِى [بابِ] رَحَبَةِ الْكُوفَةِ، حَتَّى حَضَرَتْ صَلاَةُ الْعَصْرِ، ثُمَّ أُتِىَ بِمَاءٍ فَشَرِبَ، وَغَسَلَ

_ 702 - هذا معلق، وقد وصله أبو عوانة والإسماعيلي والطبراني في "الصغير". 1272 - وصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. 1273 - وصله أحمد في "الأشربة"، وابن أبي شيبة، والطبراني في "الكبير" بسند صحيح عنه، وروي من حديث أم سلمة مرفوعاً، أخرجه أبو يعلى، وصححه ابن حبان (1397)، وفي سنده حسان بن مخارق، وهو مجهول الحال، وهو مخرج في "الصحيحة" (1633).

17 - باب من شرب وهو واقف على بعيره

وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَذَكَرَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَهُ وَهْوَ قَائِمٌ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ قَائِمًا، وَإِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ (5). 17 - بابُ مَن شَرِبَ وهُو واقِفٌ على بعيرِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم الفضل بنت الحارث المتقدم في "25 - كتاب/ 85 - باب"). 18 - بابٌ الأيمَنَ فالَأيْمَنَ في الشُرْبِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1168). 19 - بابٌ هل يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ مَنْ عَنْ يَمينِهِ في الشُّرْبِ ليُعْطِي الأكْبَرَ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل بن سعد الآتي قريباً برقم 2209). 20 - بابُ الكَرْعِ في الحَوْضِ 2203 - عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُما: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ على رَجُلٍ مِنَ الأنْصارِ، ومعهُ صاحِبٌ لهُ، فسلَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وصاحِبُهُ، فردَّ الرجُلُ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ! بأَبي أنْتَ وأمِّي، وهِيَ ساعةٌ حارَّةٌ، وهُوَ يُحَوِّلُ في حائِطٍ لهُ؛ يَعنْي: الماءَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنْ كانَ عِنْدَكَ ماءٌ باتَ في شَنَّةٍ وإلاَّ كَرَعْنا، والرَّجُلُ يحوِّلُ الماءَ في حائط [ـهِ، قالَ 6/ 247] فقالَ الرجُلُ: يا رسولَ اللهِ! عندي ماءٌ باتَ في شَنَّةٍ، [فانْطَلِقْ

_ (5) قلت: لعلَّ علياً رضي الله عنه لم تبلغه أحاديث النهي عن الشرب قائماً، وهي صريحة في ذلك، لا تقبل التأويل، وأقل ما تدل عليه الكراهة، وظاهرها التحريم؛ إلا لعذر، وعليه تُحمل أحاديث شربه - صلى الله عليه وسلم - قائماً. انظر: "الأحاديث الصحيحة" (177).

21 - باب خدمة الصغار الكبار

إِلى العَريشِ. قالَ] فانْطَلَقَ [بهِما] إِلى العريشِ، فسَكَبَ في قَدَحٍ ماءً، ثمَّ حَلَبَ عليهِ مِنْ داجِنٍ لهُ، فشَرِبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ أعادَ، فشَرِبَ الرجُلُ الَّذي جاءَ معهُ". 21 - بابُ خِدْمَةِ الصِّغارِ الكِبارَ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1129). 22 - بابُ تَغْطِيَةِ الِإناءِ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 2201). 23 - بابُ اخْتِناثِ الأَسقِيَةِ 2204 - عنْ أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: نَهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: سمعتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى) عنِ اخْتِناثِ الأَسْقِيَةِ؛ يعْني: أَنْ تُكْسَرَ (6) أفْواهُها فيُشْرَبَ مِنها. 24 - بابُ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ السِّقاءِ 2205 - عن أَبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُشْرَبَ مِنْ في (وفي روايةٍ: فمِ القِرْبَةِ أَو) السِّقاءِ. 2206 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: نَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الشُّرْب مِن في السِّقاءِ. 25 - بابُ التَّنَفُّسَ فيه الإناءِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي قتادة المتقدم في "4 - كتاب/ 18 - باب").

_ (6) المراد بكسرها: ثنيها لا كسرها حقيقة ولا إبانتها.

26 - باب الشرب بنفسين أو ثلاثة

26 - بابُ الشُّرْبِ بنَفَسَيْنِ أوْ ثلاثةٍ 2207 - عنْ ثُمامَةَ بنِ عبدِ اللهِ قالَ: كانَ أنَسٌ يَتَنَفَّسُ في الِإناءِ مرَّتينِ أوْ ثلاثاً، وزَعَمَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يتَنَفسُ ثلاثاً. 27 - بابُ الشُّرْبِ في آنيةِ الذَّهَبِ (قلتُ: أسند فيه حديث حذيفة المتقدم برقم 2147). 28 - بابُ آنيةِ الفِضَّةِ 2208 - عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "الَّذِى يَشْرَبُ فِى إِنَاءِ الْفِضَّةِ؛ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ (7) فِى بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ". 29 - بابُ الشُّرْبِ في الأَقداحِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم الفضل المتقدم في "25 - كتاب/ 85 - باب"). 30 - بابُ الشُّرْبِ مِن قَدَحِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وآنِيَتِهِ 703 - وقالَ أَبو بُرْدَةَ: قالَ لي عبدُ اللهِ بنُ سلامٍ: أَلا أَسْقيكَ في قَدَحٍ شَرِبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فيهِ. 2209 - عن سهلِ بنِ سعدٍ رضيَ اللهُ عنهُ قالَ: ذُكِرَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - امْرأةُ مِنَ العَرَبِ، فأَمَرَ أَبا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ أَنْ يُرْسِلَ إِليها، فأَرْسَلَ إِليها، فقَدِمَتْ فنَزَلَتْ في أُجُمِ (8) بَني ساعِدَةَ، فخَرَجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتَّى جاءَها، فدَخَلَ عليها، فإِذا امْرأةٌ مُنَكِّسَةٌ

_ (7) أي: يجرعها جرعاً متواتراً له صوت كجرجرة البعير. 703 - هو طرف حديث مضى موصولاً برقم (1621). (8) الأجم: بناء يشبه القصر، وهو من حصون المدينة، والجمع آجام، مثل: أطم وآطام. اهـ "عيني".

رَأْسَها، فلمَّا كلَّمَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: أَعوذُ باللهِ مِنْكَ. فقالَ: قدْ أَعَذْتُكِ مِنِّي. فقالُوا لها: أتَدْرينَ مَنْ هذا؟ قالتْ: لا. قالوا: هذا رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جاءَ لِيَخْطُبَكِ. قالتْ: كُنْتُ أَنا أَشْقى مِنْ ذلكَ (9)، فأقْبَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ حتَّى جَلَسَ في سقِيفَةِ بني ساعِدَةَ هُوَ وأَصْحابُهُ، ثمَّ قالَ: أَسْقِنا يا سَهْلُ! فخَرَجْتُ لهُمْ بهذا القَدَحِ، فأسْقَيْتُهُمْ فيهِ (وفي روايةٍ: فشَرِبَ - صلى الله عليه وسلم - منهُ، وعن يمينِهِ غُلامٌ، أصْغَرُ القومِ، والأشياخُ عن يسارِهِ، فقالَ: يا غُلامُ! أَتَأْذَنُ لي أَنْ أُعطِيَهُ الأَشْياخَ؟ قالَ: [لا واللهِ 3/ 139]، ما كنتُ لأوثِرَ بِفَضْلي (وفي أخرى: بنَصيبي 3/ 138) مِنْكَ أحداً يا رسولَ اللهِ! فأَعْطاهُ إِيَّاهُ 3/ 74)، (وفي الأخرى: فَتَلَّهُ في يَدِهِ) (10)، فأَخْرَجَ لنا سهْلٌ ذلكَ القَدَحَ، فشَرِبْنَا منهُ. قالَ: ثمَّ اسْتَوْهَبَهُ عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ بعدَ ذلكَ، فوَهَبَهُ لهُ. 2210 - عن عاصمٍ الأحْوَلِ قالَ: رأَيْتُ قدَحَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عندَ أَنَسِ بنِ مالكٍ [وشَرِبْتُ فيهِ 4/ 47]، وكانَ قدِ انْصَدَعَ فسَلْسَلَهُ بفضةٍ [مكانَ الثَّقْبِ] (11). قالَ: وهُو قَدَحٌ جيِّدٌ عَريضٌ (12) مِن نُضارٍ. قالَ: قالَ أنَسٌ: لقدْ سَقَيْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في هذا القَدَحِ أكْثَرَ مِن كذا وكذا.

_ (9) ليس أفعل التفضيل هنا على بابه، وإنما مرادها إثبات الشقاء لها لما فاتها من التزوّج برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (10) أي: دفعه. واعلم أن هذا الحديث كحديث أنس المتقدم برقم (3/ 130) في بطلان دعوى أن البدء به - صلى الله عليه وسلم - إنما كان لأنه كبير القوم؛ فإن فيه أيضاً أن ذلك إنما كان لأنه طلب السقيا، ولذلك؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما صار هو الساقي؛ أعطى أصغر القوم، ولم يعط أحد الأشياخ، وأما حديث: "كان إذا سقى قال: ابدؤوا بالكبير"؛ فهو محمول على ما إذا كانوا جالسين بين يديه كلهم، أو عن يساره؛ كما بينته في "الصحيحة" (2471). (11) هو الصدع. (12) هو الذي ليس بمتطاول، بل يكون طوله أقصر من عمقه. (من نضار)؛ أي: الخالص من العود.

31 - باب شرب البركة والماء المبارك

قالَ: وقالَ ابنُ سيرينَ: إِنَّهُ كانَ فيهِ حَلْقَةٌ مِن حديدٍ، فأَرادَ أَنَسٌ أَنْ يَجْعَلَ مَكانَها حَلْقَةً مِنْ ذَهَبٍ أوْ فِضَّةٍ، فقالَ لهُ أَبو طَلْحَةَ: لا تُغَيِّرَنَّ شيئاً صَنَعَهُ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فتَرَكَهُ. 31 - بابُ شرْبِ البَرَكَةِ والماءِ المبارَكِ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1525). انتهى المجلد الثالث بفضل الله وحسن توفيقه من "مختصر صحيح البخاري". ويليه إن شاء الله المجلد الرابع، وهو الأخير، وأوله: "75 - كتاب المرضى والطب"

مُخْتَصَر صَحِيحُ الإِمَامِ البُخَارِي حَوي جَميع أحاديثه المرفوعة، والآثار الموقوفَة؛ الموصولة منهَا والمعلَقة، مَعَ حَذف الأسانيد والمكرّرات مِن المتون، وجَمع إليها الزوائد من الروايات المحذوفة، ووُضعَت كل زيادة منها في مكانها المناسِب لها من الأحاديث، بطريقة علمية لا مثيلَ لها فيما أعلم؛ جمعت كل فؤائِد "الصحيح" بإذن الله تعالى للعَلَّامَة المحَدِّث محَمَّد نَاصِر الدِّين الأَلبَاني رَحمَهُ الله تَعَالى الطّبعَة الشَّرعيَّة الوَحيدَة المجَلّد الثالث مكتَبة المَعارف للنَّشْر والتوزيع لِصَاحبهَا سَعد بن عَبْد الرحمن الراشِد الريَاض

جميع الحقوق محفوظة للناشر، فلا يجوز نشر أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه أو تسجيله بأية وسيلة، أو تصويره أو ترجمته دون موافقة خطية مُسبقة من الناشر. الطبعَة الأولى للِطبعَة الشرعيَّة الوَحيدَة 1422 هـ - 2002 م (ح) مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، 1422 هـ فهرسة مكتبة الملك فهد الوطنية أثناء النشر الألباني، محمد ناصر الدين مختصر صحيح الإمام البخاري. - الرياض. 624 ص، 17.5 × 24 سم ردمك 3 - 24 - 858 - 9960 (مجموعة) 8 - 27 - 858 - 9960 (ج3) 1 - الحديث الصحيح أ-العنوان ديوي 235.1 2109/ 21 رقم الإيداع: 2109/ 21 ردمك: 3 - 24 - 858 - 9960 (مجموعة) 8 - 27 - 858 - 9960 (ج3) مكتَبة المَعارف للنشر وَالتوزيع هَاتف: 4114535 - 4113350 فاكس 4112932 - ص. ب: 3281 الريَاض الرمز البريدي 11471

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة إن الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا، وسيئات أعمالِنا، من يهْدِه الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادي له، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لَا شريك له، وأشَهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه. أما بعد؛ فلقد كان من العسير على أن أكتبَ مقدمةً لهذا المجلد الأخير من "مختصر صحيح الإمام البخاري"؛ لأسباب عديدة قد يظلُّ كثيرٌ منها طيّ الفكر وفي مكنون النفس، كنتُ أرجو أن يكتبَها مَن هو أهلُها؛ ليختم بها عمله العلمي النادر في هذا الكتاب العظيم؛ أصحَ الكتب بعد كتاب الله عزّ وجلّ، وليرى أمله يتحقق أمامه كاملاً؛ يختمُه بنفسه، ويمهرُه بتوقيعه، ولكن {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}. والحمد لله على كلَّ حال. رحل الوالد الحبيب وأنا أعلم أن في باله أفكاراً عديدة ينوي كتابتها في المقدمة (1)؛ فضلاً عن ملاحظاته العلمية التي تفرضها الحاجةُ وقتَ صياغة المقدمة؛ كما كان يفعل دائماً في مقدماته ... ولقد كنتُ سجلتُ رؤوس أقلام في ورقة عنونْتُها: (أفكار لمقدمة المجلد الرابع)، كنتُ أضيف إليها ما أجده لازمًا ومفيداً ذكرُه في المقدمة أثناء عملي في تصحيح التجارب، حتى تجمّع لديّ فيها الكثير؛ احتفظتُ بها منتظرة ذاك اليوم الذي يعزم فيه الوالد الحبيب أن يكتب مقدمته، فيجد الأفكار جاهزةً، فيفرح لما جمعتُه، ويسّرتُ له تناوله؛ لأخفف عنه عبء البحث والتقاط الفوائد والأفكار الهامة؛ حرصاً على وقته وجهده أن يصرفَه فيما أستطيع أن أقوم أنا به، ثم أترك الأمر له هو فيفتح الله عليه بما شاء من فضله ومنّه. لقد طالت مدة إعداد هذا المجلد لأسباب عديدة خارجة عن إرادتنا، مما أخّر صدوره وصدور المجلد الثالث الذي قبله والطبعة الجديدة للمجلد الأول، ولكنه {أمر قد قُدِر}، فقد مرت سنوات على استلامي لهذا المجلد لإعداده، وتراوح الأمر بين توقف واستمرار في العمل وعلى فترات متباينة ... ولهذا التأخير قصة أوجزُها قدر المستطاع: كنا قد أتممنا الإعداد النهائي للمجلد الثالث للطبع أوائل سنة 1416هـ، ثم بدأنا العمل في هذا المجلد الرابع، مضينا في العمل بضعة شهور، وأنجزنا منه خلالها تصحيح بعض التجارب، وكنت دوماً أرجع إلى والدي بأسئلتي وملاحظاتي، إلى أن كانت مرحلة عرض التجربة ما قبل الأخيرة على الوالد للاطلاع عليها، وفي هذه المرحلة عادةً يعيد النظر مجدداً في كل شيء تقريباً، وكان لي فيها أيضاً أسئلة واستفسارات، وملاحظات واقتراحات، ولكنه

_ (1) من ذلك الردُّ على الذين ينتقدون اختصار الكتب -سيما الأمَّات-، وبيان خطأ هذا الانتقاد، وانظر للفائدة "مختصر صحيح مسلم"/ مقدمة المحقق (ص 23 و 24/ طبعة المعارف).

كان مشغولاً بما تحت يده فطلب التأجيل فترة، فبادرت لإعداد الفهرس الخاص بهذا المجلد، ثم صنعت الفهارس التفصيلية العامة التي أشار عليّ الوالد بها، وأنهيتُ ما أَوكل إليّ، منتظرة تقديمه له ليبدي ملاحظاته وتوجيهاته، ومن ثَم موافقته. في تلك الأثناء طُرح مشروع البدء بإعداد بقية مجلدات "صحيح الترغيب والترهيب" و "ضعيفه" للطبع، فبدا للوالد رحمه الله إعادة النظر مجدَّداً في تحقيقه لهما لأسباب ذكرها في مقدمتيهما، فانكبّ على ذلك باذلاً كلَّ جهده، صارفاً جلَّ وقته، حتى كان له ذلك، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وقد تطلّب هذا الأمر التوقف عن متابعة العمل في "مختصر البخاري"، واستلامي "صحيح الترغيب" و"ضعيفه" بتحقيقه الجديد من الوالد تِباعاً، والانصراف إلى تنسيقه، وتصحيح تجاربه، ثم إعداد فهارسه ... ومرت بضع سنين ... كنت حريصة جداً على أن يكتمل "مختصر البخاري" بفهارسه كلها تحت إشراف الوالد ومتابعته؛ ليحقق أمنيته؛ إلا أن الله عزَّ وجلَّ شاء أن يدخل الوالد فترة مرضه الأخير، وتراوحت بين شدة ويسر، لكن الله أنعم عليه أنه لم ينقطع عن نشاطه العلمي إلا فترات قصيرة؛ وبين ترددي وعلمي بحاله من الضعف والمرض، وانشغاله بما تحت يده من "السلسلتين" وغيرهما؛ عرضتُ عليه أن يطّلع على فهرس الأبواب والأحاديث لهذا المجلد فاعتذر موكِلاً الأمر إليّ، فارتدَدْتُ أمنّي النفس بفرصة أخرى تكون أفضل. ولم تأتَ هذه الفرصة ... قدَرُ الله وما شاء فعل ... ولا حول ولا قوة إلا بالله. عدتُ لألملم شتات نفسي، وأجمع أوراقي ... أحسستُ بثقل المسؤولية .. لا يزال أمامي شوط بعيد، والأمانة بين يدي .. من يجيب عن أسئلتي؟ من يبين لي استفساراتي؟ من ينظر في اقتراحاتي فيقبلها مغتبطاً شاكراً، أو يردّها -بالحق- لا مجاملًا ولا محابياً؟ مَن ... ومَن ... ؟! أفتقدُك يا أبت في اليوم مرات ومرات ... فأحزن لفراقك، وأسعد بذكراك ... ولما كان "أمر المؤمن كله خير" فقد قدّر الله لي أن أتولى العمل فيه بالكامل، على النهج الذي يريده والدي ويُرضيه -إن شاء الله-، وأن أجتهد وأبذل أقصى ما أستطيع .. ولم يكن العمل سهلاً .. ، ولكنّه يسير على من يسّره الله عليه. كان لي في "صحيح البخاري" نفسه، وفي "فتح الباري" نِعْمَ العون والمرجع، وفي آثار والدي وكتبه المختلفة -وبخاصة هذا "المختصر"-، وتوجيهاته الخير الكبير؛ أسألها فتجيبني، وتُبين لي ما عسُر عليّ فهمه، وتجلّي لي ما أشكل علي من أسئلة واستفسارات، وقبل كل ذلك كان الله لي نِعْمَ المولى ونعم النصير. ولو كان الأمر بيدي، والوقت مُلكي؛ لزدت الكتاب خدمةً وإتقاناً، ولكن لا بد له من

نهاية، فكان هذا ما استطعتُ إنجازه، فإن أصبتُ فذلك من فضل الله عليّ ثم بفضل تعليم والدي وتوجيهه لي، وإن أخطأتُ فمن نفسي .. ، وأرجو من الله المغفرة، ثم من إخواني المعذرة. ... واعلم أخي القارئ الكريم، أن هذا المجلد الأخير من كتاب "مختصر صحيح الإمام البخاري"، يقابله من أصله الجزآن السابع والثامن من طبعة إستانبول التي اعتمدها الوالد -رحمه الله- في "مختصره" هذا، وهو يضم ثلاثة وعشرين كتاباً فقهياً يبدأ بـ (75 - كتاب المرضى)، وينتهي ب (97 - كتاب التوحيد)، تندرج تحتها أبواب عديدة تمثل سعة علم البخاري، ودقة فقهه. وقد بلغ عدد الأحاديث المسندة المرفوعة فيه (542) حديثاً، فيها بعض الموقوفات مثل الأحاديث (2265 و 2234 و 2274) -ويمكن تتبّع الكثير منها في "فهرس الآثار المسندة"-، والأحاديث المعلقة المرفوعة (205) أحاديث، والآثار المعلقة (188) أثراً. ومما يجدر ذكره هنا أن هذا المجلد كان مقرراً له أن تُلحق في آخره الفهارس العامة المختلفة للمجلدات الأربعة، ولكن آثرنا فصلها في مجلد مستقل بعدما تبين لنا اتساع مادتها بشكل لا يمكن معه ضمها إلى المجلد، وفي هذا فوائد لا تخفى. هذا ومن أهم الملاحظات التي كنت دونتها لتقديمها للوالد لدراستها عددٌ من الأحاديث المكررة تبينت لي -دون تتبّع- أثناء عملي في تصحيح التجارب المختلفة، والمراجعة في المجلدات الأربعة، فما كان منها في المجلد الرابع أطلعتُ الوالد عليها في التجارب الأولى؛ فحذفها (1)، أما ما كان منها في بقية المجلدات؛ فلم يتيسر لي عرضها عليه لما ذكرت آنفاً؛ وإني أضعها بين يدي القراء والدارسين والمهتمين، وها هي مرتبة أزواجاً: (20 = 725، 62 = 518، 225 = 1526، 237 = 989، 407 = 419، 501 = 2180، 502 = 2168، 559 = 2004، 616 = 646، 621 = 1691، 649 = 1886، 672 = 1340، 685 = 704، 850 = 1417، 995 = 2080، 1051 = 1747، 1110 = 1902، 1412 = 1825، 1500 = 1752، 1501 = 1752، 1669 = 2002، 1818 = 1892). وأنبّه هنا على أحاديث وقع تكرارُها مُتعمَّداً؛ لسبب خاص بها مبين في الحاشية، كالأحاديث: (89 = 342، 98 = 1953، 709 = قُبيل 1029، 1037 = 1080، 1094 = 1102، 773 = 1146)، وأخرى تبدو لأول وهلة أنها مكررة وهي ليست كذلك، كالأحاديث: (109 = 1523 = 1524، 1526 = 2153)، وغيرها، وقد أُشير إليها أيضاً في الحاشية.

_ (1) ثم وجدت فيه فيما بعد الأحاديث (2331، 2355، 2701)، وهي مكرر الأحاديث (687، 1600، 1905) على التوالي.

وهناك بعض الأمور التي يَحسُن بالقارئ أن يأخذها بعين الاعتبار عند دراسته ومراجعته في هذا المختصر، أبدأُها بالدعاء أن يجزي الله خيراً كل من ساعدنا في هذا العمل، وصبر معنا، ثم أقول: 1 - ضرورة الرجوع إلى مقدمات المجلدات السابقة -وبخاصة مقدمة الطبعة الأولى للمجلد الأول-؛ لتيسير الاستفادة من هذا الكتاب، وفهم منهج الشّيخ الوالد في الاختصار والتعليق، والاطلاع على غير ذلك من الأمور التي تعين على الوصول إلى حاجة القارئ أو المراجع؛ كما ذكر الوالد رحمه الله في مقدمة المجلد الثالث (ص 5). 2 - أرقام الأحاديث المعزوة إلى المجلد الأول تجري على طبعته الجديدة - طبعة المعارف. 3 - سيجد القارئ اختلافاً لم يُشَر إليه في بعض الألفاظ بين ما في هذا المجلد وبين ما قد يكون تحت يده من نسخ أو طبعات "صحيح الإمام البخاري"، أو عما في "الفتح"، لا سيما في بعض نصوص الأبواب، فليكن القارئ على ذكر من أن ذلك مطابق لطبعة إستانبول -أصل هذا "المختصر"-، ولقد آثرتُ عدم تصحيحها لأن هذا يتطلب إقحام التنبيه والتعليق عليها، وهذا ما لم أسلكه في هذا المجلد، وهاكم مثالين عليها: (5 - باب إلقاء النذرِ العبدَ إلى القدر/ ص 174)، و (8 - باب كراهيةِ التمني لقاء العدو/ ص 308)، فهي في "الفتح" وغيره: (باب إلقاء العبدِ النذرَ إلى القدر) و (بابُ كراهيةِ تمني لقاء العدو). 4 - الاستفادة من الفهارس المختلفة في المجلد الخامس الخاص بها، والاطلاع على مقدمته؛ لتيسير اهتداء القارئ إلى حاجته؛ بالإضافة إلى الاستعانة بالفهرس الخاص بكل مجلد. وأخيراً .. أودّع آخر عمل لي عملتُ به مع والدي، ولست -إن شاء الله- بمودّعة، وعزائي أني أستروحُ أنسامَ روحه بين جنائن علمه وفقهه وأفكاره، وأستنصتُ صدى صوته بين أفيائها، وأتنسّم شذا أنفاسه بين سطور كتاباته، وأتلمس بصماته على صفحات كتبه وأوراقه مشفقة أن تشوه بصماتي تراكماتِها على زواياها، وعزائي أن له في ذاكرتي مشكاةً هو مصباحُها تضيء حياتي ... مضى أستاذنا ونبراسنا .. العالِمُ العامل، العاملُ العالِم، الداعيةُ المجاهد، الصابرُ الجَلْد ... مضى الصامتُ في فِكر، المتأمّلُ في سَبْر، الشامخُ في يَسْر، المحدّثُ في أَسْر ... اللهم اغفر له بعدد ما خطّت يمينه من كلمات وحروف، وغفرانك أوسع، واجزه من الحسنات أضعافه، وفضلك أكبر ... إنك أنت السميع المجيب. و"سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك". عمان 1 محرم 1422 هـ الموافق 25 آذار 2001 م أُنَيسة محمد ناصر الدين الألباني أم عبد الله

75 - كتاب المرضى

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 75 - كتاب المرْضَى 1 - بابُ مَا جَاء في كَفَّارَةِ المَرَضِ، وَقوْلِ اللهِ تعالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} 2211 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالتْ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَاِ منْ مُصِيبَةٍ تُصيبُ المُسْلِمَ؛ إِلا كَفَّرَ اللهُ بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُهَا". 2212 و 2213 - عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ وعن أَبي هُريرَة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ما يُصيبُ المسلمَ من نَصبٍ، وَلا وَصَبٍ، وَلا هَمٍّ ولا حَزَنٍ، ولا أذىً، ولا غَمٍّ، حتَّى الشوْكَةِ يُشَاكُها؛ إلا كَفَّر اللهُ بِها من خَطاَياهُ". 2214 - عن كَعْبٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مثَلُ المُؤْمِنِ كالخَامَةِ من الزَّرعِ، تُفَيّئُها الرِّيحُ (1) مَرَّةً، وَتَعْدِلُها مَرَّةً، وَمَثَلُ

_ (1) أي: تميلها. وقوله: (وتعدلها) بهذا الضبط في الشرحين أي: ترفعها، قال العيني: وروي: (وتعدّلها) يعني من التعديل كما في الأصل المطبوع. و (الأَرْزَة): واحد الأرز، وهو شجر مخضر شتاءً وصيفاً يسمى نوع منه صنوبراً من أجل ثمره، والأرز لا يحمل شيئاً، ولكنه يستخرج من أعجازه وعروقه الزفت، ويستصبح بخشبه كما يستصبح بالشمع، يكبر جداً ولا يتأصل. (فينجعف) أي ينقلع بمرة واحدة كأنما اجتث من فوق الأرض. اهـ مصحح.

2 - باب شدة المرض

المُنَافِقِ كَالأَرْزَةِ، لا تَزالُ حتى يكُونَ انْجِعَافُهَا مرَّةً وَاحِدَةً". 2215 - عن أبي هريرة قال: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "من يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ منْهُ". 2 - بابُ شِدَّةِ المرَضِ 2216 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: مَا رَأَيتُ أَحداً أَشدَّ عَلَيْهِ الوَجَعُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 3 - باب أَشَدُّ النَّاسِ بَلاَءً الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ 2217 - عن عبدِ الله قالَ: دَخَلْتُ عَلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -[في مَرَضِهِ، فَمَسَسْتُه 7/ 7] [بيدي] وَهْوَ يُوعَكُ [وعْكاً شَدِيداً]، فقلتُ: يا رسول الله! إِنّكَ توعَكُ وَعْكاً شَديداً، قال: "أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَما يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ". قُلْتُ: ذلِكَ أنَّ لَكَ أَجْرينِ، قالَ: "أجل؛ ذَلكَ كذلِكَ، مَا منْ مُسْلمٍ يُصيبُهُ أذىً؛ شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَها (وفي روايةٍ: فَمَرضٌ فما سواه)؛ إلا كَفَّرَ اللهُ (وفي روايةٍ: حطَّ الله) بِها سَيِّئَاتِهِ كَما تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَها". 4 - بابُ وُجُوبِ عِيَادَةِ المريضِ 5 - بابُ عِيادَةِ المُغْمَى عَليْهِ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 119/ ج 1).

6 - باب فضل من يصرع من الريح

6 - بابُ فَضْل مَنْ يُصْرَعُ من الرِّيحِ 2218 - عن عَطَاءِ بْن أَبِى رَبَاحٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ فقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ: إِنِّى أُصْرَعُ، وَإِنِّى أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي. قَالَ: "إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ". فَقالتْ: أصْبِرُ، فقالتْ: إنِّي أَتَكَشَّفُ، فادْعُ اللهَ أَنْ لا أَتَكَشَّفَ، فدَعَا لَها. 2219 - عن عَطَاءٍ أَنَّهُ رَأَى أُمَّ زُفَرَ تِلْكَ امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ سَوْدَاءُ عَلَى سِتْرِ الْكَعْبَةِ (2). 7 - بابُ فَضْلِ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ 2220 - عن أنسِ بن مَالِكٍ رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إِنَّ اللَّهَ تَعالى قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ، فَصَبَرَ؛ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ". يُرِيدُ عَيْنَيه. 8 - بابُ عِيَادَةِ النِّساءِ الرِّجَالَ 1274 - وَعَادتْ أُمُّ الدَّرْداءِ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ المسْجِدِ مِنَ الأنْصارِ.

_ (2) كذا وقع في "الصحيح"، ووقع في "الأدب المفرد" (رقم 506) من هذا الوجه بلفظ: "سلم الكعبة"، ولعل الأول أصح، بدليل ما روى البزار من وجه أخر عن ابن عباس نحوه، وفيه: "فكانت ... تأتي أستار الكعبة، فتتعلق بها". 1274 - وصله المصنف في "الأدب المفرد" (530)، وفي "التاريخ" (2443) عن الحارث بن عبد الله الأنصاري عنها، ورجاله ثقات؛ غير الأنصاري هذا فروى عنه ثقتان، ولم يوثقه غير ابن حبان، فحديثه يحتمل التحسين، ولعله لذلك سكت عليه الحافظ. والله أعلم.

9 - باب عيادة الصبيان

9 - باب عِيادَةِ الصِّبْيانِ (قلتُ: أسند فيه حديث أسامة بن زيد المتقدم برقم 619/ ج 1). 10 - باب عِيَادَةِ الأَعْرابِ 2221 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِىٍّ يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ قَالَ لَهُ: "لاَ بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعالى"، قَالَ: قُلْتَ: طَهُورٌ! كَلاَّ؛ بَلْ هِىَ حُمَّى تَفُورُ، -أَوْ تَثُورُ (3) - عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ [كَيْما 7/ 7]، تُزِيرُهُ الْقُبُورَ! فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فَنَعَمْ إِذًا". 11 - بابُ عِيَادَةِ المشْرِكِ 704 - وقالَ سَعِيدُ بنُ المسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا حُضِرَ أبُو طَالِبٍ، جاءَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 648/ ج 1). 12 - بابُ إِذا عادَ مرِيضاً فَحَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلّى بِهِمْ جَمَاعَةً (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 363/ ج 1). 13 - بابُ وَضْعِ اليَدِ على المريضِ 14 - بابُ مَا يُقالُ لِلمَريضِ، وَمَا يُجِيبُ 15 - بابُ عِيادَةِ المريضِ رَاكِباً وَمَاشِياً وَرِدْفاً على الحِمَارِ

_ (3) شك من الراوي، ومعناهما واحد، أي تغلي ويظهر حرّها. 704 - مضى موصولاً في "23 - الجنائز" رقم (652).

16 - باب قول المريض: إنى وجع، أو: وا رأساه، أو: اشتد بى الوجع، وقول أيوب: (أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين).

16 - باب قَوْلِ الْمَرِيضِ: إِنِّى وَجِعٌ، أَوْ: وَا رَأْسَاهْ، أَو: اشْتَدَّ بِى الْوَجَعُ، وَقَوْلِ أَيُّوبَ: (أَنِّى مَسَّنِىَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). 2222 - عن الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَا رَأْسَاهْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "ذَاكِ لَوْ كَانَ وَأَنَا حَىٌّ، فَأَسْتَغْفِرُ لَكِ وَأَدْعُو لَكِ". فَقَالَتْ عَائِشَةُ: وَا ثُكْلِيَاهْ (4)، وَاللَّهِ إِنِّى لأَظُنُّكَ تُحِبُّ مَوْتِي، وَلَوْ كَانَ ذَاكَ لَظَلِلْتَ آخِرَ يَوْمِكَ مُعَرِّسًا بِبَعْضِ أَزْوَاجِكَ! فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " [بَلْ 8/ 126] أَنَا وَا رَأْسَاهْ! لَقَدْ هَمَمْتُ -أَوْ أَرَدْتُ- أَنْ أُرْسِلَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ وَابْنِهِ، وَأَعْهَدَ؛ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُونَ أَوْ يَتَمَنَّى الْمُتَمَنُّونَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَأْبَى اللَّهُ وَيَدْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ، أَوْ يَدْفَعُ اللَّهُ وَيَأْبَى الْمُؤْمِنُونَ". 17 - باب قَوْلِ المَرِيضِ: قُومُوا عَنِّي (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1331/ ج 2). 18 - باب مَنْ ذَهَبَ بِالصَّبِىِّ الْمَرِيضِ لِيُدْعَى لَهُ (قلتُ: أسند فيه حديث السائب بن يزيد المتقدم برقم 1508/ ج 2). 19 - بابُ تَمَنِّي المرِيْضِ المَوْتَ 2223 - عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى خَبَّابٍ نَعُودُهُ، وَقَدِ اكْتَوَى [يومئذ 7/ 147] سَبْعَ كَيَّاتٍ [في بطنه]-[وهو يبني حائطاً له] (*) -، فَقَالَ: إِنَّ

_ (4) (الثُّكل) بالضم: الموت والهلاك وفقدان الحبيب أو الولد. كما في "القاموس". وهذا لا يراد به حقيقته، بل هو كلام يجري على ألسنتهم عند إصابة مكروه أو توقعه. (*) هذه الزيادة عند المصنف بالرقم المذكور آنفاً، وقد خفيت على الحافظ فعزاها في "الفتح" (10/ 129) للإمام أحمد، فأبعد النجعة.

20 - باب دعاء العائد للمريض

أَصْحابَنَا الذينَ سَلَفُوا مَضَوا وَلَمْ تَنْقُصْهُمُ الدُّنْيا [شيئاً 7/ 174]، وَإِنَّا أَصَبْنَا [من الدنيا] [من بعدهم] مَا لا نَجِدُ لَهُ مَوْضعَاً (5) إِلا التُّرَابَ، ولَوْلا أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَ بِالموْتِ لَدَعَوْتُ بِهِ، ثَمَّ أَتَيْنَاهُ مَرَّةً أُخْرى وَهْوَ يَبْنِي حَائِطاً لَهُ، فَقالَ: إِنَّ المسْلِمَ يُؤْجَرُ في كُلِّ شيءٍ يُنفقُه إلا في شَيءٍ يَجْعَلُهُ في هَذا التُّرَابِ (6). 2224 - عن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه قالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "لا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الموْتَ، إمَّا مُحْسِناً فَلَعَلَّه أَنْ يَزْدادَ خَيْراً، وإمَّا مُسِيئاً فَلَعَلَّهُ أنْ يَسْتَعْتِبَ" (7). 20 - بابُ دُعَاءِ العَائِدِ للمَرِيضِ 705 - وَقَالَتْ عَائِشَةُ بِنْتُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا". (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة الآتي "76 - الطب/ 38 - بابُ رقم 2248"). 21 - بابُ وُضُوءِ العَائِدِ للمَرِيضِ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 119/ ج 1). 22 - بابُ مَنْ دَعَا بِرَفْعِ الوَبَاءِ وَالحُمَّى (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 880/ ج 1). ...

_ (5) أي: مصرفاً نصرفه فيه. (إلا التراب): يعني البنيان. (6) كذا الأصل موقوف، وقد أخرجه الطبراني مرفوعاً، لكن في إسناده عمر بن إسماعيل بن مجالد، وقد كذبه ابن معين كما في "الفتح"، لكن قد جاء من غير طريق كما حققته في "المشكاة" (5182) التخريج الثاني و"الصحيحة" (2831). (7) أي: يطلب العتبى، وهو الرضا، يقال: استعتبته فأعتبني: أي استرضيته فأرضاني، قال تعالى: {وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين}. 705 - مضى موصولا "ج 1/ 23 - الجنائز/ 36 - باب".

76 - كتاب الطب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 76 - كتاب الطِّبِّ 1 - باب "مَا أَنزَلَ اللهُ دَاءً إِلا أَنزَلَ لَهُ شِفاءً" 2225 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ما أَنزَلَ الله دَاءً إلا أَنزَلَ لَهُ شِفَاءً". 2 - باب هَلْ يُدَاوِي الرَّجُلُ المرأَةَ، والمرأَةُ الرَّجُلَ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث الربيّع بنت معوّذ المتقدم برقم 1274/ ج 2). 3 - باب الشِّفاءُ فِي ثَلاثٍ 2226 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عَنهما - عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الشِّفَاءُ فِى ثَلاَثَةٍ؛ فِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةٍ بِنَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِى عَنِ الْكَىِّ". 4 - بابُ الدَّوَاءِ بِالعَسَلِ، وَقَوْلِ الله تَعالَى: (فِيهِ شِفَاءٌ للنَّاسِ) 2227 - عن جَابِرِ بنِ عبد الله رضي الله عنهما قالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنْ كَانَ في شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ (وفي روايةٍ: شفاءٌ 7/ 16) ففِي شَرْطَةِ مِحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةِ عَسَلٍ، أَوْ لَذْعَةٍ بِنَارٍ (1) تُوَافِقُ الدَّاءَ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ".

_ (1) لذعَته النار لذعاً؛ من باب نفع: أحرقته. اهـ "مصباح". وفي "الفتح": (اللذع): هو الخفيف من حرق النار.

5 - باب الدواء بألبان الإبل

(ومن طريق أخرى: أن جابرَ بنَ عبدِ الله رضي اللهُ عنهما عاد المقَنَّعَ (2)، ثم قال: لا أبرح حتى تحتجم، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن فيه شفاءً" 7/ 15). 2228 - عَنْ أَبِي سَعِيد: أَنَّ رَجُلاً أَتَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ (وفي روايةٍ: إن أخي اسْتَطْلَقَ بَطْنُه 7/ 18)، فقالَ: "اسْقِهِ عَسَلاً". ثُمَّ أَتَى الثانِيَةَ، فَقالَ: "اسْقِهِ عَسَلاً". ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ؛ فَقالَ: "اسْقِهِ عَسَلاً"، ثُمَّ أَتَاهُ؛ فَقَالَ: [إني] فَعَلْتُ، [فلم يَزِدْهُ إلا استطلاقاً]، فَقالَ: "صَدَقَ اللهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلاً"، فَسَقَاهُ، فَبَرَأَ. 5 - باب الدَّوَاءِ بِأَلْبَانِ الإِبِلِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 137/ ج 1). 6 - باب الدَّوَاءِ بأَبوَالِ الإِبِلِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 7 - باب الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ 2229 - عَنْ خَالِدِ بنِ سَعْدٍ قالَ: خَرَجْنَا وَمَعَنَا غالِبُ بْنُ أَبْجَرَ، فَمَرِضَ في الطريقِ، فَقَدِمْنَا المديِنَةَ وَهْوَ مَرِيضٌ، فَعَادَهُ ابنُ أَبِي عَتِيقٍ (3)، فقال لنا: عَليكم بهذهِ

_ (2) هو ابن سنان؛ تابعي، لا أعرفه إلا في هذا الحديث. كذا في "الفتح". (3) هو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وهو معدود في الصحابة؛ لأنه ولد في عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وآباؤه صحابة مشهورون.

8 - باب التلبينة للمريض

الحُبَيْبَةِ السَّوْداءِ، فَخُذوا مِنها خمساً أو سَبعاً، فَاسْحَقُوهَا ثُمَّ اقْطُروهَا في أَنْفِهِ بِقَطَرَاتِ زَيْتٍ، في هَذا الجَانِبِ، وَفي هَذا الجَانِبِ، فَإِنَّ عائِشَةَ رضي الله عنها حَدَّثَتْنِي: أَنَّهَاَ سَمِعَت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "إِنَّ هَذِهِ الحَبَّةَ السَّوْدَاءَ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، إلا مِنَ السَّامِ". قلتُ: وَمَا السَّامُ؟ قالَ: الموْتُ. 2230 - عَنْ أبي سلمةَ وسعيدِ بن المسيبِ: أن أبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَخبرَهُمَا أَنَّهُ سَمعَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "في الحَبَّةِ السَّوْداءِ شِفاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، إلا السَّام". قالَ ابْنُ شِهَابٍ: والسَّامُ: الموْتُ، وَالحَبَّةُ السَّوْدَاءُ: الشُّونيزُ. 8 - بابُ التَّلْبِينَةِ للمَرِيضِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2146/ ج 3). 9 - باب السَّعُوطِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 994/ ج 2). 10 - باب السُّعُوطِ (4) بِالقُسْطِ الهِنْدِيِّ والبَحْرِيِّ، وَهُوَ الكُسْتُ، مِثْلُ الكَافُورِ وَالقَافُورِ، مِثلُ (كُشِطَتْ) وَ (قُشِطَتْ): نُزِعَتْ. 1275 - وَقَرَأ عبدُ الله: (قُشِطت).

_ (4) ضبط الشارح (السُّعوط) هنا بالضم، وسابقاً بالفتح، وهو بالفتح دواء يصب في الأنف، وبالضم مصدر كما في "المصباح". اهـ مصحح. 1275 - لم يخرجه الحافظ، وإنما قال: لم تشتهر هذه القراءة. ثم ذكر أن سلف البخاري في ذكر هذه القراءة الفَرَّاء في كتاب "معاني القرآن".

11 - باب أي ساعة يحتجم؟

2231 - عَنْ أْمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعُودِ الْهِنْدِىِّ، فَإِنَّ فِيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ. يُسْتَعَطُ بِهِ مِنَ الْعُذْرَةِ (5)، وَيُلَدُّ بِهِ مِنْ ذَاتِ الْجَنْبِ". 11 - باب أَيَّ سَاعَةٍ يَحتَجِمُ؟ 1276 - واحتجَمَ أبو مُوسَى لَيْلاً. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 910/ ج 1). 12 - باب الحَجْمِ في السَّفَرِ والإِحْرَامِ 706 - قَالَهُ ابْنُ بُحَيْنَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 13 - باب الحِجَامَةِ مِنَ الدَّاءِ 2232 - عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه؛ أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِنَّ أَمْثَلَ مَا تَدَاويتُمْ بِهِ الحِجَامَةُ وَالقُسْطُ البَحْرِيُّ"، وَقالَ: "لا تُعَذِّبُوا صِبْيِانَكُمْ بالغمزِ مِنَ العُذْرَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالقُسْطِ". 14 - باب الحِجَامَةِ عَلَى الرأْسِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن بُحبنة المتقدم برقم 853/ ج 1). 15 - باب الحَجْمِ مِنَ الشَّقيقَةِ (6) والصُّدَاعِ

_ (5) (العُذرة): وجع في الحلقَ. (ويلدُّ) معناه: يصب في أحد جانبي الفم. 1276 - تقدم ذكر من وصله في "ج 1/ 30 - الصوم/ 32 - باب / 391 - أثر". 706 - يشير إلى حديثه المتقدم موصولاً (برقم 853/ ج 1). (6) (الشقيقة): هي وجع في أحد شقّي الرأس، فقوله: (والصداع) من عطف العام على الخاص.

16 - باب الحلق من الأذى

16 - باب الحَلْقِ مِنَ الأَذَى (قلتُ: أسند فيه حديث كعب بن عجرة المتقدم برقم 844/ ج 1). 17 - باب مَنِ اكْتَوى أَوْ كوى غَيْرَهُ، وَفَضْلِ مَنْ لَمْ يَكْتَوِ 18 - باب الإثْمِدِ والكُحْلِ مِنَ الرَّمَدِ 707 - فيهِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ. (قلتُ: أسند فيه حديث أم سلمة المتقدم برقم 2126/ ج 3). 19 - باب الجُذَامِ 708 - عن أبي هُرِيرَةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَلاَ هَامَةَ (7) وَلاَ صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ". 20 - بابُ المنُّ شِفَاء للْعَيْنِ 2233 - عن سَعيدِ بْنِ زَيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاء لِلْعَيْنِ". 21 - باب اللَّدُودِ (8)

_ 707 - يشير إلى حديث أم عطية مرفوعاً: "لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحدُّ فوق ثلاث إلا على زوج، فإنها لا تكتحِلُ". وقد مضى في الكتاب موصولاً برقم (172/ ج 1). 708 - هذا صورته في الكتاب صورة المعلق، وقد وصله أبو نعيم. (7) بتخفيف الميم: اسم طائر كانت إذا سقطت على دار أحدهم يرى أنها ناعية له نفسه أو بعض أهله، وقيل: إن روح القتيل الذي لا يؤخذ بثأره تصير هامة تزقو وتقول: اسقوني اسقوني، فإذا أدرك بثأره طار. وقوله: (ولا صفر)؛ كانت العرب تزعم أن في البطن حيَّة يقال لها: الصفر تصيب الإنسان إذا جاع وتؤذيه، وقيل: أراد به النسيء، وهو تأخير المحرم إلى صفر. اهـ من القسطلاني مع العيني، ويأتي من المؤلف باب لا صفر، وهو داء يأخذ البطن. اهـ مصححه. (8) هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض "فتح".

23 - باب العذرة

2234 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه قَبَّلَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مَيِّتٌ. 2235 - وَقالتْ عَائشَةُ: لَدَدْنَاهُ فِى مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لاَ تَلُدُّونِي، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: "أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي؟ ". قُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّواءِ، فَقالَ: "لا يَبْقَى فيِ البَيْتِ أَحَدٌ إلا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ، إِلا الْعَبَّاسُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ". 2236 - عَنْ أُمِّ قَيْسٍ [بنت محصَن الأسدية: أسدَ خزيمة، وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعْنَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وهي أخت عكاشة 7/ 18]، قالتْ: دَخَلْتُ بابْنٍ لِي عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ أَعْلَقْتُ (وفي روايةٍ: عَلَّقَتْ 7/ 19) (9) عَلَيْهِ مِنَ الْعُذرَةِ، فَقالَ: " [اتقوا الله] عَلَى مَا تَدْغَرْنَ أوْلادَكُنَّ بِهَذا العِلاقِ؟! عَلَيْكُنَّ بَهَذا العُودِ الهِنْديِّ؛ فَإِن فيهِ سَبْعَةَ أَشْفِيَةٍ، منْها ذاتُ الجَنْبِ، يُسْعَطُ مِنَ العُذْرَةِ، وَيُلَدُّ مِنْ ذاتِ الجَنْبِ". [يريد الكُسْتَ، [يعني القسط، قال: وهي لغة]، وهو العود الهندي]، فَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقولُ: بَيَّنَ لَنَا اثْنَيْنِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا خمْسَةً، قُلْتُ لِسُفْيانَ: فَإِنَّ مَعْمَراً يَقولُ: أعْلَقْتُ عَلَيْهِ؟ قالَ: لَمْ يَحفَظْ، إِنَّما قالَ: أَعْلَقْتُ عَنْهُ، حَفِظْتُهُ من فِي الزُّهْرِيِّ، ووصفَ سفيانُ الغلامَ يُحَنَّكُ بالإصبع، وَأدخلَ سُفيانُ في حَنَكِهِ. إنِّما يَعني رَفْعَ حَنَكهِ بإصبعهِ، ولم يَقُلْ: أَعلِقُوا عَنْهُ شَيئاً. 23 - باب العُذْرَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم قيس المتقدم آنفاً).

_ (9) (الإعلاق): هو معالجة عذرة الصبي ورفعها بالإصبع. و (العذرة): وجع الحلق. و (الدغر): رفع لهاة المعذور، وأصله الدفع.

24 - باب دواء المبطون

24 - باب دواءِ المَبطُون (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم قريباً برقم 2228). 25 - باب "لا صَفَرَ"، وَهو دَاءٌ يأخذُ البَطْنَ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "53 - باب"). 26 - باب ذاتِ الجَنْبِ 2237 - عن أنسٍ: أن أبا طلْحةَ وأنسَ بن النَّضرِ كَوياهُ، وَكَوَاهُ أبو طَلحةَ بيدِهِ. 709 - عن أنَسِ بن مالكٍ قالَ: أَذنَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأهلِ بَيْتٍ من الأنصارِ أن يَرقوا من الحُمّةِ وَالأُذُنِ (10). قالَ أنس: كُوِيْتُ من ذاتِ الجَنْبِ ورسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حيٌّ، وشَهِدَني أبو طَلْحةَ، وأنسُ بن النَّضْر، وَزيدُ بن ثابتٍ، وأبو طلحةَ كَواني. 27 - باب حَرْقِ الحَصِيرِ لِيُسَدَّ به الدّمُ (قلتُ: أسند فيه حديث سهل بن سعد المتقدم برقم 1724/ ج 3). 28 - باب الحُمَّى من فَيْحِ (11) جَهَنَّم 2238 - عن ابن عُمرَ رضي الله عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الحُمَّى من فَيْحِ جهنَّمَ، فأَطْفئوها (وفي روايةٍ: فأبردوها 4/ 90) بالماء".

_ 709 - هذا معلق عند المصنف، من طريق عباد بن منصور، وهو ضعيف، وقد وصله عنه أبو يعلى والإسماعيلي والبزار أيضاً مفرقاً. (10) أي: من وجع الأذن. كما في (الشارح). و (الحمة): تقدم أنها سمّ كل شيء يلدغ أو يلسع، وهي من الأسماء المنقوصة. اهـ مصحح. (11) (الفيح) و (الفوح) و (الفور) بمعنى واحد؛ والمراد: سطوع حرها ووهجه.

29 - باب من خرج من أرض لا تلائمه

قال نافعٌ: وكان عبدُ الله يقولُ: اكْشِفْ عنّا الرِّجزَ (12). 2239 - عن فاطمةَ بنتِ المنْذرِ: أن أسماءَ بنتَ أبي بكرٍ رضي الله عنهما كانت إذا أُتِيَتْ بالمرأةِ قدْ حُمَّتْ تَدْعو لها، أخذتِ الماءَ فصبَّتْهُ بينها وبين جيْبِهَا. قالت: وكان رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يأمرُنا أن نَبْرُدَها بالماء. 29 - باب من خرج من أرضٍ لا تُلائِمُهُ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 137 ج/ 1). 30 - باب ما يُذكرُ في الطَّاعونِ 2240 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - خَرَجَ إِلَى الشَّامِ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِسَرْغَ (13) لَقِيَهُ أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ؛ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأَصْحَابُهُ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِأَرْضِ الشَّامِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ادْعُ لِي الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَدَعَاهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَاخْتَلَفُوا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَدْ خَرَجْنا لأَمْرٍ، وَلاَ نَرَى أَنْ نَرْجِعَ عَنْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَكَ بَقِيَّةُ النَّاسِ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلاَ نَرَى أَنْ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ. فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّى، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي الأَنْصَارَ. فَدَعَوْتُهُمْ، فَاسْتَشَارَهُمْ، فَسَلَكُوا سَبِيلَ الْمُهَاجِرِينَ، وَاخْتَلَفُوا كَاخْتِلاَفِهِمْ. فَقَالَ: ارْتَفِعُوا عَنِّى، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي مَنْ كَانَ هَاهُنَا مِنْ مَشْيَخَةِ قُرَيْشٍ؛ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْفَتْحِ. فَدَعَوْتُهُمْ، فَلَمْ يَخْتَلِفْ مِنْهُمْ عَلَيْهِ رَجُلاَنِ، فَقَالُوا: نَرَى أَنْ تَرجِعَ بِالنَّاسِ وَلاَ تُقْدِمَهُمْ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ.

_ (12) أي العذاب، ولا شك أن الحمى نوع منه. (13) يجوز فيه الصرف وعدمه، وهي قرية بوادي تبوك. كما في (الشارح).

31 - باب أجر الصابر في الطاعون

فنادى عُمرُ في الناسِ: إنَّي مُصَبِّحٌ على ظَهْرٍ، فأَصْبَحُوا عليه، قال أبو عبيدة ابن الجراحِ: أفِراراً من قَدَر الله؟ فقال عُمرُ: لو غيرك قالها يا أبا عُبيدةَ! نعم، نَفِرُّ من قَدَر الله إلى قَدَر اللهِ، أَرأَيْتَ لو كان لَكَ إِبِلٌ هَبَطَتْ وادياً له عُدْوَتانِ، إحداهما خَصِبةٌ، والأخرى جدْبَةٌ، أَليسَ إن رعَيْتَ الخَصِبَةَ رَعيتها بقدرِ الله، وإن رعيتَ الجَدْبَةَ رعيتها بقدرِ الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عَوْف -وكان مُتَغَيِّباً في بعضِ حاجتهِ- فقال: إن عندي في هذا علماً. سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "إِذا سَمِعْتُمْ بِهِ بأرضٍ فلا تَقْدَمُوا عَليهِ، وِإذا وَقَع بأرضٍ وأَنتُمْ بِها فلا تَخْرُجُوا فِراراً مِنْهُ". قال: فَحَمِدَ اللهَ عمرُ، ثم انصرفَ. (وفي طريق أخرى: فرجع عمر من سَرْغٍ 8/ 64). 2241 - عن حفصة بنتِ سِيرينَ قالت: قال لي أَنسُ بنُ مَالك رضي الله عنه: يحْيى (14) بِمَا ماتَ؟ قُلتُ: من الطَّاعونِ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "الطَّاعونُ شَهادةٌ لِكُلِّ مُسلمٍ". 31 - بابُ أَجرِ الصَّابِرِ في الطَّاعونِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1476/ ج 2). 32 - بابُ الرُّقى بالقرآن والمعوِّذات (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2025/ ج 3).

_ (14) هو ابن سيرين أخو حفصة بنت سيرين.

33 - باب الرقى بفاتحة الكتاب

33 - باب الرُّقى بِفاتحةِ الكِتابِ 710 - ويُذْكرُ عن ابن عباس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم برقم 1067/ ج 2). 34 - بابُ الشّرْطِ في الرُّقْيَةِ بِقَطْيعٍ من الغَنَمِ 2242 - عن ابن عباسٍ: أنَّ نَفَراً من أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَرُّوا بِماءٍ فيِهِمْ لَدِيغٌ، أو سَليمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رجلٌ من أهْلِ الماءِ، فقالَ: هلْ فيكُمْ مِن راقٍ؟ إنَّ في الماءِ رجلاً لدِيغاً، أَو سَليماً، فانطلق رجلٌ منهم، فَقَرأ بِفاتحةِ الكتابِ على شَاءٍ، فَبَرأَ، فجاءَ بالشَّاءِ إلى أصحابِهِ، فَكَرِهوا ذلك، وقالُوا: أَخذْتَ على كتابِ الله أَجراً، حتى قَدِموا المدينة فقالوا: يا رسولَ الله: أَخَذَ على كتابِ الله أَجراً، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أَحقَّ ما أَخْذتُم عليهِ أجراً كتابُ الله". 35 - باب رُقْيَةِ العَيْنِ 2243 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: أَمرَني رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أَوْ أَمَرَ أَن يُسْتَرقَى من العَيْنِ. 2244 - عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى في بَيتِها جَارِيَةً في وَجْهِهَا سَفْعَةٌ (15)، فقال:

_ 710 - قلت: يشير إلى الحديث الآتي موصولاً عنه في الباب الذي يليه. (15) بفتح السين المهملة وتضم، وهي الصفرة والشحوب في الوجه. كما في العيني.

36 - باب "العين حق"

"اسْتَرْقُوا لها؛ فإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ". 36 - باب "العَيْنُ حَقٌّ" 2245 - عَن أَبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "العَيْنُ حقٌّ". وَنَهى عنِ الوَشْمِ. 37 - بابُ رُقْيَةِ الحَيَّةِ والعَقْرَبِ 2246 - عن الأسْودِ قال: سَأَلْتُ عائشة عن الرُّقْيَةِ من الحُمَّةِ؛ فقالت: رَخَّصَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الرُّقْيَةَ من كُلِّ ذِي حُمَّةٍ. 38 - بابُ رُقْيَةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 2247 - عن عبد العزيز قالَ: دَخَلْتُ أنا وثَابتٌ على أنسِ بن مالكٍ، فَقالَ ثابِتٌ: يا أَبا حمزَةَ! اشْتَكَيْتُ، فَقال أَنس: ألا أَرْقِيَكَ بِرُقْيَةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ بلَى، قالَ: "اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، مُذْهِبَ الْبَاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِىَ إِلاَّ أَنْتَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا". 2248 - عن عائشةَ رضي الله عنها: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُعَوِّذُ بَعْضَ أَهْلِهِ، يَمْسَحُ بِيَدِهِ اليُمْنَى ويقول (وفي روايةٍ: كان إذا أتى مريضاً، أو أُتي به إليه قال 7/ 11): "اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ، أَذْهِبِ الْبَاسَ (16)، اشْفِهِ، وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا". (وفي روايةٍ: كان يَرْقي يَقولُ:

_ (16) قوله: (الباس) بغير همزة للمؤاخاة. و (سقماً) بفتحتين، ويجوز ضم ثم إسكان. اهـ من الشارح.

39 - باب النفث في الرقية

"امْسَحِ الْبَاسَ، رَبَّ الناس: بِيَدِكَ الشِّفاءُ. لا كاشِفَ لَهُ إلا أَنتَ"). 2249 - عن عائشةَ قالتْ: كان رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - يقولُ [للمريض] في الرُّقْيَةِ: "بِسْمِ الله، تُرْبَةُ أَرْضِنَا، وَرِيقَةُ (وفي روايةٍ: بريقة) بَعْضِنَا، يُشْفَى سَقيمُنا، بإِذْنِ رَبّنا". 39 - باب النَّفْثِ في الرُّقْيَةِ 40 - باب مَسْحِ الرَّاقِي الوَجَعَ بِيَدِهِ اليُمْنى (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم قريباً برقم 2248). 41 - باب في المَرْأَةِ تَرْقي الرَّجُلَ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2025/ ج 3). 42 - باب مَنْ لَمْ يَرْقِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي "81 - الرقاق/ 50 - باب"). 43 - بابُ الطِّيَرَةِ 2250 - عن أبي هريرة قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "لا طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ". قالوا: وما الْفَأْلُ [يا رسول اللهِ]؟ قال: "الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أحَدُكُمْ". 44 - بابُ الفأْلِ

45 - باب "لا هامة"

45 - بابُ "لا هامَةَ" (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي "53 - باب"). 46 - بابُ الكِهَانَةِ 2251 - عن أَبي هُريرةَ: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى في امرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ اقْتَتَلَتَا، فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرى بِحَجَرٍ، فَأَصَابَ بَطْنَهَا وَهِيَ حامِلٌ، فَقَتَلَتْ وَلَدَها الَّذِي في بَطْنِها، فَاخْتَصموا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ مَا في بَطْنِها غُرَّةٌ عَبدٌ أَو أَمَةٌ، فَقَال وَليُّ المَرْأَةِ الَّتي غَرِمَتْ: كَيْفَ أَغْرَمُ يا رَسولَ اللهِ! من لا شَرِبَ ولا أَكَلَ، ولا نَطَقَ ولا اسْتَهَلَّ، فَمِثلُ ذلك بَطَلَ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّمَا هذا من إِخْوانِ الكُهّانِ"، [ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغُرَّة تُوُفِّيَتْ، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ميراثها لبنيها وزوجها، وأن العَقْلَ (وفي روايةٍ: دية المرأة) على عَصَبَتِها (وفي الرواية الأخرى: على عاقلتها)]. 47 - بابُ السِّحْرِ، وَقَولِ اللهِ تعالى: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ)، وَقَوْلِه تَعالَى: (وَلا يُفْلحُ السَّاحِرُ حيْثُ أَتَى)، وقولِهِ: (أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ)، وقوله: (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى) هو، وقولِهِ: (وَمِنْ شَرِّ النَّفَاثاتِ في الْعُقَدِ).

و (النفَّاثاتُ): السَّواحِرُ، (تُسْحَرُونَ): تُعَمَّوْنَ. 2252 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: سَحَرَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ من بني زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ: لَبيدُ بنُ الأَعْصَمِ، حتَّى كانَ رسولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم - يُخَيَّلُ إِليْهِ أَنَّهُ كانَ يَفْعَلُ الشَّيءَ وَما فَعَلَهُ (وفي روايةٍ: حتى كان يرى أنه يأتي النساء، ولا يأتيهنّ (وفي روايةٍ: أهله، ولا يأتي 7/ 88). قال سفيان: وهذا أشدُّ ما يكون من السحر إذا كان كذا 7/ 29)، حَتَّى إِذا كان ذاتَ يومٍ، أَو ذاتَ ليلةٍ، وَهْوَ عِندِي لَكِنَّهُ دَعَا [الله] وَدَعا [هـ]، ثمَّ قالَ: "يا عائشةُ! أَشَعَرْتِ أَنَّ اللهَ أَفْتَانِي فيما اسْتَفْتَيْتُهُ فيه؟ ". [قلت: وما ذاك يا رسول الله؛ قال:] "أَتَانِي رَجُلانِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسي، وَالآخَرُ عندَ رِجْلَيَّ، فقال أَحَدُهُما لصاحِبِهِ (وفي روايةٍ: الذي عند رجليَّ للذي عند رأسي): مَا وَجَعُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَ: مَطْبُوبٌ (18) [يعني مسحوراً] قالَ: مَنْ طبَّهُ؟ قالَ: لبيدُ بنُ الأَعْصَمِ [اليهودي] [رجل من بني زُريق، حلف ليهود؛ كان منافقاً] قالَ: في أَيِّ شيء؟ قالَ: في مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ (وفي روايةٍ: ومشاقة) وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلَةٍ ذَكَرٍ، قالَ: وأَينَ هُوَ؟ قالَ: [تحت رعوفةٍ] (19) في بِئْرِ ذَرْوَانَ (20)، [وذروان في بني زريق 7/ 164] "، فَأَتَاهَا رسولُ اللهِ

_ (18) (المطبوب): المسحور. و (المشط): الآلة التي يسرح بها شعر الرأس واللحية، و (المشاطة): ما يخرج من الشعر عند التسريح كما هو مذكور في المتن، و (المشاقة) ما يتقطع من الكتان، و (جُف الطلع): الغشاء الذي يكون عليه. (19) وكذا في "المسند" (6/ 63)، وهي صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت تكون ناتئة هناك، فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقي عليها. وقيل: هي حجر يكون على رأس البئر يقوم المستقي عليه. "نهاية". (20) (بئر ذروان): بئر كانت بالمدينة.

48 - باب الشرك والسحر من الموبقات

- صلى الله عليه وسلم - في نَاسٍ مِنْ أَصحابِهِ [فقال: "هذه البئر التي أريتُها"]، فجاء [إلى عائشة]، فقال: "يا عائشة! [والله لـ] كأَنَّ ماءَها نُقَاعَةُ الحِنّاءِ (21)، و [لـ] كأَنَّ رُؤُوسَ نَخْلِها رؤُوسُ الشَّياطِينِ"، قلتُ: يا رسولَ اللهِ! أَفلا اسْتَخْرَجْتَهُ؟ (وفي روايةٍ: فهلا تعني تَنَشَّرْتَ) قال: " [لا، أمّا أنا] قد عَافاني اللهُ [وشفاني]، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثَوِّرَ (وفي روايةٍ: أثير) على [أحد من] الناس فِيهِ شرًّا"، فأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. يُقالُ: (المُشَاطَةُ): مَا يَخْرُجُ مِن الشَّعَرِ إِذا مُشِطَ. وَ (المُشَاقَةُ): مِن مُشَاقَةِ الكَتَّانِ. 48 - بابُ الشِّركُ وَالسحرُ مِنَ الموبِقاتِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1232/ ج 2). 49 - بابُ هَلْ يُسْتَخْرَجُ السِّحْرُ؟ 1277 - وقالَ قَتَادَةُ: قلْتُ لسَعِيد بن المُسَيَّب: رَجُلٌ بهِ طِبٌّ (22) أَوْ يُؤخَّذُ عن امرأَتِهِ؛ أَيُحَلُّ عنْهُ أَوْ يُنْشَرُ (23)؟ قال: لا بأْسَ بِهِ؛ إِنَّما يُرِيدُونَ بِهِ الإصْلاحَ، فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ، فَلَمْ يُنْهَ عَنْه. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة الذي قبله).

_ (21) وقوله: (نقاعة الحناء): يعني أن ماء هذه البئر لونه أحمر كلون الماء الذي ينقع فيه الحناء. و (التثوير) و (الإثارة) كلاهما بمعنى واحد. اهـ. 1277 - أخرجه الأثرم في "كتاب السنن"، والطبري في "التهذيب" من طرق عن قتادة به نحوه. وزاد الطبري: قال قتادة: وكان يكره ذلك؛ يقول: لا يعلم ذلك إلا ساحر. قلت: وهذا أرجح عندي من قول سعيد، إلا أن يحمل على الرقى المشروعة. (22) أي: سحر، سمَّي طباً تفاؤلاً. و (التأخيذُ): الحبس عن النساء. (23) قوله: (أو ينشر) بهذا الضبط وبفتح النون وتشديد المعجمة كما في (الشارح)، والذي عند العيني هو الثاني. و (النُّشرة) بالضم: الرقية التي يحل بها عقد الرجل عن مباشرة امرأته.

50 - باب السحر

50 - باب السِّحرِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 51 - باب "إِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْراً" 2253 - عن عبدِ اللهِ بن عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما: أَنَّه قَدِمَ رَجُلانِ مِنَ المَشْرِقِ فَخَطَبا، فَعَجِبَ النَّاسُ لِبَيانِهِما، فَقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِن مِنْ البَيَانِ لَسِحراً، أَوْ إِنَّ بَعْضَ البَيَانِ سِحْرٌ". 52 - باب الدواءِ بالعَجْوَةِ للسِّحْرِ (قلتُ: أسند فيه حديث سعد المتقدم برقم 2152/ ج 3). 53 - باب "لا هَامَةَ" 2254 - عن أَبي سَلَمةَ عن أَبي هُريرَةَ رضي الله عنهُ قالَ: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا عَدْوَى [ولا طِيَرَةَ 7/ 27] ولا صَفَرَ ولا هامَةَ". فَقالَ أَعْرابيٌّ: يا رسولَ الله! فما بَالُ الإِبِلِ تَكونُ في الرَّمْلِ كأَنَها الظِّباء فَيُخَالِطُهَا البَعيرُ الأَجْرَبُ فَيُجرِبُهَا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فَمَن أعْدَى الأَوَّلَ؟! ". 2255 - وعَن أَبي سَلَمةَ سَمعَ أَبا هُرَيْرَةَ بَعْدُ يقُولُ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ (24) على مُصحٍّ". (وفي روايةٍ: "لا توردوا الممرضَ على المُصحّ").

_ (24) (الممرض): الذي له إبل مرضى، و (المصحّ): الذي له إبل صحاح.

54 - باب "لا عدوى"

وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأَوَّلِ، قُلْنَا: أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ لَا عَدْوَى؟ فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِىَ حَدِيثًا غَيْرَهُ. 54 - باب "لا عَدْوَى" 2256 - عَنْ أَنَسِ بن مالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا عَدْوَى، وَلا طِيَرةَ، وَيُعْجِبُنِي الفَأْلُ [الصالح 7/ 27] ". قالوا: وَمَا الفَأْلُ؟ قالَ: "كَلِمَةٌ طيَّبَةُ (وفي روايةٍ: الكلمةُ الحسنةُ) ". 55 - باب مَا يُذْكَرُ في سُمِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 711 - رَوَاهُ عُرْوَةُ عن عائِشَةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2257 - عَنِ أَبي هُريرةَ أَنّه قالَ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ، أُهْدِيَتْ لِرَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - شَاةٌ فيها سُمُّ، فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "اجْمَعُوا لي مَنْ كانَ هَاهُنا مِنَ اليَهودِ"، فَجمعُوا لَهُ، فَقالَ لَهُمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنِّي سَائِلُكمْ عن شَيْء، فَهَلْ أَنْتُمْ صَادِقيَّ عَنْه؟ "، فَقالوا: نَعَمْ يَا أَبَا القَاسِمِ! فقالَ لَهُمْ رسولُ الله: "مَنْ أَبُوكُمْ؟ ". قالوا: أَبُونَا فُلانٌ، فقالَ رسولُ الله: "كَذَبْتُمْ، بَلْ أَبُوكُمْ فُلانٌ"، فَقالوا: صَدَقْتَ وَبَررْتَ. فقالَ: "هَلْ أَنْتُمْ صَادِقيَّ عن شَيْءٍ إِنْ سأَلْتُكُمْ عَنْه؟ "، فَقالوا: نَعَمْ يا أَبا القاسِمِ!

_ 711 - يشير إلى حديثها المتقدم قريباً برقم (2253).

56 - باب شرب السم والدواء به، وبما يخاف منه، والخبيث

وَإنْ كَذَبْنَاكَ عَرَفْتَ كَذِبَنا كَمَا عَرَفْتَهُ في أَبِينَا، فَقالَ لَهُمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أهلُ النار؟ "، فقالوا: نكون فيها يسيراً ثم تخلفوننا فيها، فقالَ لَهُم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اخْسَؤوا فِيها، واللهِ لا نَخْلُفُكُمْ فيها أَبَداً". ثُمَّ قالَ لَهُمْ: "فَهَلْ أَنْتُمْ صادِقيَّ عن شَيْءٍ إِنْ سَألتُكُمْ عَنْهُ؟ ". قالوا: نَعَم، فَقالَ: "هَلْ جَعَلْتُمْ في هَذِهِ الشَّاةِ سُمًّا؟ "، فَقالوا: نَعَمْ، فقالَ: "ما حَمَلَكُمْ على ذلكَ؟ "، فَقالوا: أَرَدْنَا: إِنْ كُنْتَ كَذَّاباً نَسْتَريحُ مِنْكَ، وَإنْ كُنْتَ نَبِيًّا لَمْ يَضُرَّكَ. 56 - بابُ شُرْبِ السُّمِّ والدَّوَاءِ بِهِ، وَبِما يُخَافُ مِنْهُ، وَالخَبيثِ 2258 - عَن أبي هُريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهْوَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ، يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ فِى يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِى يَدِهِ يَجَأُ (25) بِهَا فِى بَطْنِهِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا". (ومن طريق أُخرى عنه بلفظ: "الذي يَخْنقُ نفسهُ يَخْنُقُها في النار، والذي يَطْعُنُها يَطعُنُها في النار" 2/ 100).

_ (25) (وجأته أوجؤه) مهموز، من باب نفع، وربما حذفت الواو في المضارع؛ فقيل: يجأ، كما قيل: يسع ويطأ ويهب، وذلك إذا ضربته بسكين ونحوه في أي موضع كان. كذا في "المصباح"، فقوله: (يجأ) بهذا الرسم لا كما ضبطه الشراح من رسمهم الهمزة بعد الألف.

57 - باب ألبان الأتن

57 - بابُ أَلْبَانِ الأُتُنِ 2259 - عَنِ الزُّهْرِيِّ عن أبي إدريسَ الخَوْلانِيِّ عن أبي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه قالَ: نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن أَكْل كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السَّبُعِ. قالَ الزُّهرِيُّ: وَلَمْ أَسْمَعْهُ حَتَّى أَتيتُ الشَّامَ. (712 - وَزَادَ في رواية معلَّقةٍ عن ابْنِ شِهابٍ قالَ: وَسَألتُهُ هَلْ نَتَوَضَّأُ، أَوْ نَشْرَبُ أَلبانَ الأُتُنِ (26)؛ أَوْ مَرارَةَ السَّبُعِ؟ أَوْ أَبوَالَ الإِبِلِ؟ قالَ: قَدْ كانَ المُسْلِمونَ يَتَداوَونَ بِها، فَلا يَرَوْنَ بذلك بَأْساً، فَأَمَّا أَلْبانُ الأُتُنِ، فقد بَلَغَنا أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُحُومِها، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عن أَلْبانِها أَمْرٌ وَلا نَهْيٌ، وَأَمَّا مَرارَةُ السَّبُعِ؛ قالَ ابنُ شِهابٍ: أَخْبَرَنِي أبُو إِدْريس الخَوْلانِيُّ: أَنَّ أَبا ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ أَخْبَرَهُ، فذكر الحديث). 58 - بابُ "إِذا وَقَعَ الذُّبابُ في الإِنَاءِ" 2260 - عن أَبي هُريرَةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِذا وَقَعَ الذُّبَابُ في إِناءِ (وفي روايةٍ: شراب 4/ 100) أَحَدِكُمْ؛ فَلْيَغْمِسْهُ كلَّهُ، ثُمَّ لْيَطْرَحْهُ، فَإِنَّ في أَحَدِ جَنَاحَيْهِ شِفَاءً، وَفي الآخَرِ دَاءً".

_ 712 - وصلها الذهلي في "الزهريات"، وأوردها أبو نعيم في "المستخرج". (26) جمع الأتان: الأنثى من الحمير، وجمع القلة: (آتن)، مثل عناق وأعنق، وجمع الكثرة: (أُتُن) بضمتين. اهـ من "المصباح".

77 - كتاب اللباس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 77 - كتاب اللباس 1 - باب قَوْلِ اللهِ تَعالَى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ) 713 - وَقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا وَتَصَدَّقُوا فِى غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلاَ مَخِيلَةٍ". 1278 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: كُلْ ما شِئْت، وَالْبَسْ مَا شِئْتَ مَا خَطِئَتْكَ اثْنَتَانِ (1) سَرَفُ أَوْ مَخِيلَةٌ. 2 - باب مَنْ جرَّ إِزارَهُ مِنْ غيْرِ خُيَلاءَ 3 - باب التَّشْمِيرِ في الثِّيابِ (قلتُ: أسند فيه مختصر حديث أبي جحيفة المتقدم برقم 204/ ج 1). 4 - باب "مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ فَهْوَ في النَّارِ" 2261 - عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ 713 - وصله الطيالسي والحارث بن أبي أسامة في "مسنديهما"، وابن أبي الدنيا في "كتاب الشكر" من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعاً. وسنده حسن. وأخرج الترمذي وابن ماجه بعضه. 1278 - وصله ابن أبي شبية في "مصنفه" بسند صحيح عنه، وقد روي مرفوعاً. (1) أي: مدة عدم إصابة الخصلتين إياك، وهما الإسراف والتكبر، يقال: اختال الرجل وبه خيلاء، وهو الكبر والإعجاب.

5 - باب من جر ثوبه من الخيلاء

"ما أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفي النَّارِ". 5 - باب مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلاءِ 2262 - عن أبي هُريرَةَ أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَنْظُرُ اللهُ يَوْمَ القِيامَةِ إِلى مَنْ جَرَّ إِزارَهُ بَطَراً". 2263 - عن أَبي هُريرَةَ قالَ: قالَ النبيُّ أَوْ قالَ أَبُو القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -: "بَيْنَما رَجُلٌ يَمْشي في حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ (2) جُمَّتَهُ؛ إِذْ خَسَفَ اللهُ بِهِ، فَهْوَ يَتَجَلْجَلُ إِلى يَوْمِ القِيَامَةِ". 6 - بابُ الإِزَارِ المُهَدَّبِ (3) 1279 - 1282 - وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَبي بَكْرِ بْنِ مُحمَّدٍ، وَحَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، وَمعَاوِيَةَ ابنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَر أَنَّهُمْ لَبِسُوا ثِيابَاً مُهَدَّبَةً. 2264 - عن عائشة رضي اللهُ عنها زَوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: جاءتِ امرأَةُ رِفَاعَةَ القُرَظيِّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَنَا جالِسَةٌ، وَعِنْدَهُ أَبو بَكْرٍ (وفي طريق: قالت عائشة: وعليها خِمارٌ أَخْضَرُ، فشكت إِليها، وأرَتْها خضرةً بجلدها، فلما جاء رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -والنساءُ ينصُرُ بعضُهُنَّ بعضاً- قالت عائشة: ما رأيت مثل ما يلقى

_ (2) (الترجيل): التسريح. و (الجمَّة) من شعر الرأس: ما تدلَّى منه على المنكبين. وقوله: (يتجلجل): أي يتحرك ويسوخ في الأرض. (3) المهدَّب: الذي له هُدَب، وهو كغُرف: جمع هدبة وزان غرفة، وهُدْبة الثوب طرته. 1279 - 1282 - هذه الآثار لم تقع للحافظ موصولة إلا أثر حمزة بن أبي أسيد، فوصله ابن سعد من طريق سلمة بن ميمون مولى أبي أسيد عنه نحوه.

7 - باب الأردية

المؤمنات، لَجِلْدُها أشدُّ خُضرةً من ثوبها. قال: وسمع (4) أنها قد أتت رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فجاء ومعه ابنان من غيرها 7/ 43)، فقالتْ: يا رَسولَ الله! إِنِّي كُنْتُ تحتَ رفاعَةَ فَطَلَّقَنِي، فَبَتَّ طَلاقي، (وفي روايةٍ: فطلقها آخر ثلاث تطليقات 7/ 93)، فتَزَوَّجَتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرحمن بنَ الزُّبيرِ [فدخل بي 6/ 166]، وِإنَّهُ والله مَا مَعَهُ يا رَسولَ الله! إلا مِثْلُ هذِهِ الهُدْبَةِ، وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ جِلْبَابِها [فلم يَقْرَبني إلا هَنَةً واحِدَةً، لَم يصلْ مني إلى شيءٍ]، [فلم يلبث أن طلقها]، [فقال: كَذَبَتْ واللهِ يا رسول الله، إني لأَنفُضها نَفْضَ الأديم، ولكنها ناشزٌ تريد رفاعة. قال: وأبصر معه ابنين، فقَال: "بنوكَ هؤلاء؟ ". قال: نعم، قال: "هذا الذي تزعُمين ما تزعُمين، فواللهِ لهم [أشبه به من الغراب بالغراب"]، فَسَمِعَ خَالِدُ بْنُ سَعيدِ [بنِ العاص] قَوْلَها -وَهْوَ بِالبابِ (وفي روايةٍ: بباب الحُجْرَةِ) لَمْ يُؤْذنْ لَهُ- قالتْ: فَقالَ خالِدٌ (وفي روايةٍ: فطفق خالد ينادي أبا بكر): يا أَبا بَكْرٍ! أَلا تَنْهَى (وفي روايةٍ: تزجُر) هذِهِ عَمّا تَجْهَرُ بِهِ عِنْدَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فلا والله مَا يَزِيدُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على التَّبَسُمِ، فَقالَ لَها رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَعَلَّكِ تُرِيدينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلى رِفَاعَة؟ لا [تحلِّين لزوجك الأول] حَتّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ، وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ"، فَصَارَ سُنَّةً بَعْدُ (5). 7 - بابُ الأَرْدِيَةِ 714 - وَقالَ أَنَسٌ: جَبَذَ أَعْرَابيٌّ رِداءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ (4) يعني زوجها عبد الرحمن بن الزبير. (5) أي: هذه القضية سنة. أي: قال الحافظ: شريعة، وهو من كلام الزهري فيما أحسب. 714 - وصله المصنف فيما مضى (ج2 / برقم 1369).

8 - باب لبس القميص، وقول الله تعالى حكاية عن يوسف: (اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا)

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث علي المتقدم برقم 1344/ ج 2). 8 - باب لُبْسِ القَمِيصِ، وَقَوْلِ اللهِ تعالى حِكَايَةً عَنْ يوسُفَ: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً) 9 - باب جَيْبِ القَمِيصِ مِنْ عِنْدِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 690/ ج 1). 10 - باب مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الكُمَّيْنِ في السَّفَرِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث المغيرة المتقدم برقم 198/ ج 1). 11 - باب لُبْسِ جُبَّةً الصُّوفِ في الغَزْوِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث المغيرة المشار إليه آنفاً). 12 - باب القَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَريرٍ، وَهْوَ القَبَاءُ. وَيُقالُ: هُوَ الَّذي لَهُ شَقٌّ مِنْ خَلْفِهِ 13 - باب البَرانِسِ 2265 - عن سليمان التيميّ قالَ: رَأَيْتُ على أَنَسٍ بُرْنُساً أَصْفَرَ مِنْ خَزٍّ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 88/ ج 1). 14 - باب السَّرَاوِيلِ 15 - باب العَمَائِم (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً).

16 - باب التقنع

16 - باب التَّقَنُّعِ (6) 715 - وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَرَجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْماءُ. 716 - وَقالَ أَنَسٌ: عَصَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على رَأْسِهِ حاشِيَةَ بُرْدٍ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم في الهجرة برقم 1658/ ج 2). 17 - باب المِغْفَرِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 857/ ج 1). 18 - باب البُرُودِ وَالحِبَرَةِ وَالشَّمْلَةِ 717 - وقالَ خَبَّابٌ: شَكَوْنَا إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهْوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ. 2266 - عن أبي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتي زُمْرَةٌ، هِيَ سَبْعُونَ أَلْفاً، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ القَمَرِ [لَيْلَةَ البدرِ 7/ 199] "، فقامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ، قالَ: ادْعُ اللهَ لي يَا رَسولَ اللهِ! أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقالَ: "اللهمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُم"، ثُمَ قامَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ فقالَ: يا رسولَ اللهِ! ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُم، فَقَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (6) هو تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره. (عيني). 715 - تقدم بتمامه موصولاً "ج 1/ رقم 472". 716 - تقدم بتمامه موصولاً "ج 2/ رقم 1615". 717 - تقدم موصولاً بتمامه "ج 2/ رقم 1542".

19 - باب الأكسية والخمائص

"سَبَقَكَ عُكَّاشَةُ". 2267 - عن أَنَسِ بْنِ مالِكِ رضي اللهُ عنه قالَ: كانَ أَحَبُّ الثِّيابِ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَلْبسَها الحِبَرَةَ. 2268 - عَنْ عائشةَ رضي اللهُ عنها زَوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ. 19 - باب الأَكْسِيَةِ وَالخَمائِصِ 20 - باب اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ 2269 - عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ قالَ: نَهَى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ، نَهَى عنِ الْمُلامَسَةِ وَالمُنابَذَةِ في البَيْعِ. وَالمُلامَسَةُ: لَمْسُ الرَّجُلِ ثَوْبَ الآخَرِ بِيَدِهِ، باللَّيْلِ أَوْ بالنَّهارِ، وَلا يُقَلِّبُهُ إِلا بِذَاكَ. وَالمُنَابَذَةُ: أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ بِثَوْبِهِ، ويَنْبِذُ الآخَرُ ثَوْبَهُ، وَيَكُونُ ذلكَ بَيْعَهُمَا عَنْ غَيْرِ نَظَرٍ ولا تَراضٍ. وَاللِّبْسَتَيْنِ: اشْتِمالُ الصَّمَّاءِ، والصَّمَّاءُ: أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى أَحَدِ عَاتِقَيْهِ فَيَبْدُوَ أَحَدُ شِقَّيْهِ لَيْسَ عَلَيْهِ ثوْبٌ. واللِّبْسَةُ الأُخْرَى: احْتِباؤُهُ بِثَوْبِهِ وَهْوَ جالِسٌ، لَيْسَ عَلى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ.

21 - باب الاحتباء في ثوب واحد

21 - باب الاحْتِبَاءِ في ثَوْب واحِدٍ 22 - باب الخَميِصَةِ السوْداءِ 23 - باب ثِيابِ الخُضْرِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2264). 24 - باب الثِّيابِ البيضِ 2270 - عن أبي ذَرٍّ قالَ: أَتَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ، وَهْوَ نَائِمٌ (7)، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدْ اسْتَيْقَظ (8)، فَقالَ: "ما مِنْ عَبْدٍ قالَ: لا إِلهَ إلا اللهُ، ثُمَّ مَاتَ على ذلكَ إلا دَخَلَ الجَنَّةَ". قُلْتُ: وإنْ زَنَى وَإنْ سَرَقَ؟ قالَ: "وِإنْ زَنَى، وِإنْ سَرَق". قُلْتُ: وإن زَنَى وَإنْ سَرَقَ؟ قالَ: "وَإِنْ زَنَى، وِإنْ سَرَقَ". قُلْتُ: وِإنْ زَنَى وإنْ سَرَقَ؟ قالَ: "وِإنْ زَنَى وِإنْ سَرَقَ، على رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرّ (9) ". وكانَ أَبو ذَرٍّ إِذا حَدَّثَ بِهَذا قالَ: وِإنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ.

_ (7) قلت: فيه اختصار بينَتْه رواية أحمد (5/ 166)، ولفظه: " ... أبيض، فإذا هو نائم، ثم أتيته أحدثه فإذا هو نائم، ... ". (8) زاد أحمد: "فجلست إليه". (9) زاد أحمد: "قال: فخرج أبو ذرّ يجرّ إزاره وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر". قلت: وهذه القصة هي غير قصة أبي ذر الآتية في "81 - الرقاق/ 12 - باب" كما يظهر بأدنى تأمل.

25 - باب لبس الحرير وافتراشه للرجال وقدر ما يجوز منه

قالَ أَبو عبد اللهِ: هذا عِنْدَ المَوْتِ أَوْ قَبْلَهُ إِذا تابَ ونَدِمَ وقالَ: لا إِلهَ إلا اللهُ؛ غُفِرَ لَهُ (10). 25 - باب لُبْسِ الحَرِيرِ وَافْتِرَاشِهِ للرِّجَالِ وَقَدْرِ ما يَجُوزُ مِنْهُ 2271 - عن أَبي عُثْمانَ النَّهْدِيّ قالَ: أَتَانا كِتابُ عُمَرَ، وَنَحْنُ مَعَ عُتْبَةَ بنِ فَرْقَدٍ بِأَذْرَبيجانَ؛ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ [لُبْس] الحَرِيرِ، إِلا هَكذا، وَأَشارَ [النبيّ - صلى الله عليه وسلم -] بِإِصْبَعَيْهِ اللَّتَيْنِ تُلِيَانِ الإبْهَامَ، [وَأَشَارَ أَبُو عُثْمَانَ بِإِصْبَعَيْهِ المُسَبِّحَةِ وَالوُسْطى]. قالَ: فيمَا عَلِمْنَا إِنَّه يَعْني الأَعْلامَ. (ومن طريق ابْن الزُّبَيْرِ قالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقولُ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ لَبِسَ الحَريرَ في الدُّنْيا، لَمْ يَلْبَسْهُ في الآخِرَةِ"). (ومن طريق عِمْرانَ بْنِ حِطَّانَ (11): قالَ: سَألْتُ عائِشَة عَنِ الحَرِيرِ؟ فقالتِ: ائْتِ ابْنَ عَبَّاسٍ فَسَلْهُ، قالَ: فَسَأَلْتُهُ، فَقالَ: سَلِ ابْنَ عُمَرَ، قالَ: فَسَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقالَ: أَخْبَرَني أَبُو حَفْصٍ -يَعْني عُمَرَ بْنَ الخَطابِ- أَن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّمَا يَلْبَسُ الحَرِيرَ في الدُّنْيا مَنْ لا خَلاقَ لهُ في الآخِرَة". فَقُلْتُ: صَدَقَ،

_ (10) قال الحافظ: "وأما من تلبَّس بالذنوب المذكورة، ومات من غير توبة؛ فظاهر الحديث أنه أيضاً داخل في ذلك، لكن مذهب أهل السنة أنه في مشيئة الله تعالى، ويدل عليه حديث عبادة بن الصامت الماضي في "2 - كتاب الإيمان/ 10 - باب/ 15 - حديث"، فإن فيه: (ومن أتى شيئاً من ذلك فلم يعاقب به فأمره إلى الله تعالى، إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه) ". (11) عمران بن حطان من رؤساء الخوارج وشعرائهم وهو الذي مدح ابن ملجم الشقي قاتل سيدنا عليّ بالأبيات المشهورة، قال بعضهم: إنما أخرج له البخاري على قاعدته في تخريج أحاديث المبتاع إذا كان صادق اللهجة متديِّناً.

26 - باب مس الحرير من غير لبس

وَمَا كَذَبَ أَبُو حَفْصٍ على رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -). 2272 - عن عبد العزيزِ بنُ صُهَيْبٍ قالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ -قالَ شُعْبَةُ: فَقُلْتُ: أَعَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: شَدِيداً (12) - عن النبيِّ: "مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنْيا، فَلَنْ يَلْبَسَهُ في الآخِرَةِ". 2273 - عَنْ ثَابِتٍ قالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَخْطُبُ يَقُولُ: قالَ مُحمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ لَبِسَ الحَرِيرَ في الدُّنيا لَمْ (13) يَلْبَسْهُ في الآخرَةِ". 26 - باب مَسِّ الحَريرِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ 718 - وَيُرْوَى فيه عن الزُّبَيْدِيِّ عن الزُّهْريِّ عن أَنسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم برقم 1616/ ج 2). 27 - باب افْتِراشِ الحَرِيرِ

_ (12) أي: أحفظه حفظاً شديدًا. (13) كذا الأصل، وفي نسخة "الفتح": "لن"، وأشار إلى إمكان كون حديث ابن الزبير أن يكون سمعه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بدون واسطة عمر، لأن في جميع الطرق عن عمر بلفظ "لم". وابن الزبير قد حفظ من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عدة أحاديث. ثم ذكر بعضها. 718 - وصله عن الزبيدي الطبراني في "المعجم الكبير"، وتمام في "فوائده" بسند صحيح عن أنس قال: أهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - حلة من إستبرق، فجعل ناس يلمسونها بأيديهم ويتعجبون منها، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "تعجبكم هذه، فوالله لمناديل سعدٍ في الجنة أحسن منها". ووصله أحمد (3/ 238) من طريق عاصم بن عمر بن قتادة عن أنس، وإسناده حسن. وعلَّقه المصنف فيما تقدم "63 - المناقب/ 12 - باب"، ومن طريق قتادة أيضاً عن أنس، وقد ذكرت هناك أن الشيخين وصلاه من هذا الوجه. ووصله أحمد (3/ 121 - 122) من وجه رابع عن أنس. وسنده حسن. وقد ذكرت بعض زياداتها فيما تقدم هناك.

28 - باب لبس القسي

1283 - وَقالَ عَبِيدَةً: هُوَ كَلُبْسِهِ. (قلتُ: أسند فيه حديث حذيفة المتقدم برقم 2148/ ج 3). 28 - باب لُبْسِ القَسِّيِّ 1284 - وَقالَ عَاصِمٌ عَنْ أَبي بُرْدَة: قالَ: قُلتُ لِعَليٍّ: ما الْقَسِّيَّةُ؟ قالَ: ثِيابٌ أَتَتْنا مِنَ الشَّامِ أَوْ مِنْ مِصْرَ، مُضَلَّعَةٌ فِيها حَرير، فيها أَمْثالُ الأُتْرُنْجِ، والمِيثَرَةُ كَانَتِ النِّساءُ تَصْنَعُهُ لِبُعُولَتِهِنَّ مِثْلَ الْقَطَائِفِ يُصَفِّرْنها. 1285 - وَقَالَ جَرير: عن يَزيدَ في حَدِيثِهِ: الْقَسِّيَّةً: ثِيابٌ مُضَلَّعَةٌ يُجَاءُ بِها مِنْ مِصْر، فيها الْحَريرُ، والميثَرَةُ: جُلُودُ السِّبَاعِ. قالَ أَبو عبد الله: عاصِمٌ أَكْثَرُ وأَصَحُّ في الْمِيثَرَةِ (14). (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث البراء المتقدم برقم 603/ ج 1). 29 - باب ما يُرَخَّصُ للرِّجالِ مِنَ الحريرِ لِلْحِكَّةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 1290/ ج 2). 30 - باب الحَريرِ للنِّساءِ 2274 - عن الزهري أخبرني أَنسُ بنُ مالِكٍ؛ أَنَّهُ رَأَى عَلى أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ

_ 1283 - وصله الحارث بن أبي أسامة عنه، وهو ابن عمروٍ السلماني. 1284 - هذا طرف من حديث وصله مسلم، والمحاملي في "أماليه". 1285 - هو طرف أيضاً من حديث وصله الحربي من "غريب الحديث". (14) يعني رواية عاصم في تفسير (الميثرة) أكثر طرقاً، وأصحّ من رواية يزيد.

31 - باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتجوز من اللباس والبسط

رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بُرْدَ حَرِيرٍ سِيَرَاءَ (15). 31 - باب ما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَجَوَّزُ مِنَ اللِّباسِ وَالْبُسْطِ 32 - باب ما يُدْعَى لِمَنْ لَبِسَ ثَوبَاً جَديداً (قلتُ: أسند فيه حديث أم خالد المتقدم برقم 1339/ ج 2). 33 - باب التَّزَعْفُرِ للرِّجالِ 2275 - عن أنسٍ قالَ: نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ. 34 - باب الثَّوْبِ المُزَعْفَرِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 88/ ج 1). 35 - باب الثَّوْبِ الأَحْمَرِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث البراء المتقدم برقم 1516/ ج 2). 36 - باب الميثَرَةِ الحَمْرَاءِ (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم برقم 603/ ج 1). 37 - باب النِّعالِ السِّبْتِيَّةِ وَغيرِهَا 38 - باب يَبْدَأُ بالنَّعْلِ اليُمْنَى (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 108/ ج 1). 39 - باب يَنْزِعُ نَعْلَ اليُسْرَى

_ (15) نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور.

40 - باب لا يمشي في نعل واحد

2276 - عَنْ أَبي هُريرَةَ رضي اللهُ عنه أَن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِذَا تَنَعَّلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِاليَمِينِ، وَإذا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمالِ؛ لِتَكُنِ اليُمْنَى أوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ". 40 - باب لا يَمْشِي في نَعْلٍ وَاحِدٍ 2277 - عَنْ أَبي هُرَيرةَ رضي اللهُ عنه أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَمْشِي أَحَدُكُمْ في نَعْلٍ واحِدَةٍ، لِيُحْفِهِمَا جَمِيعاً، أَو لِيُنْعِلْهُمَا". 41 - باب قِبَالانِ (16) في نَعْلٍ، وَمَنْ رَأَى قِبَالاً وَاحِداً واسِعاً (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1349/ ج 2). 42 - باب القُبَّةِ الحَمْراءِ مِنْ أَدَمٍ 43 - باب الجُلُوسِ على الحُصُرِ وَنَحْوِهِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 383/ ج 1). 44 - باب المُزَرَّرِ بِالذَّهَبِ (قلت: علَّق فيه حديث المسور الذي تقدم موصولاً برقم 1178/ ج 2). 45 - باب خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ 2278 - عن أَبي هُريرَة رضي اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (16) و (القبال): زمام النعل، وهو السِّير الذي يكون بين الإصبعين.

46 - باب خاتم الفضة

أَنَّهُ نَهَى عَنْ خَاتِمِ الذَّهَبِ. 46 - باب خاتِمِ الفِضَّةِ 2279 - عن ابْنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ خَاتِمًا مِنْ ذَهَبٍ، و [كان يلبسه، فيـ 7/ 222] جعَلُ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي [باطن] كَفِّهِ، [ولا أَحْسِبه إلا قال: في اليمنى] [إذا لبسه 7/ 53] وَنَقَشَ فيهِ: مُحَمَّدٌ رسولُ اللهِ، فَاتَّخَذَ النَّاسُ مِثلَهُ (وفي طريق: خواتيمَ من ذهب 8/ 144)، فَلَمَّا رَآهُمْ قَدِ اتَّخَذُوها رَمَى بِهِ، وَقالَ: "لا ألْبَسُهُ أَبَداً"، (وفي روايةٍ: فاصطنع الناس خواتيمَ من ذهب، فَرَقِيَ المنبر، فحمد اللهَ، وأثنى عليه، فقال: "إني كنت اصْطَنَعْتُهُ، [وأَجْعَلُ فَصَّه من داخل]، وإني [واللهِ] لا أَلْبَسهُ [أبداً] "، فنَبَذَه، فنبذ الناسُ)، ثُمَّ اتَّخَذَ خاتَماً مِنْ فِضَّةٍ، [وكان في يدِهِ 7/ 53] فَاتَّخَذَ الناسُ خَواتِيمَ الفِضَّةِ. قالَ ابْنُ عُمَرَ: فَلَبِسَ الخَاتَمَ بَعْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَبو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ عُثمانُ، حَتَّى وَقَعَ [بعد] مِنْ عُثْمانَ في بِئرِ أَرِيسٍ (17). 47 - باب 2280 - عَنْ أَنَسِ بْن مَالِك رضي اللهُ عنه: أَنَّهُ رَأَى في يَدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

_ (17) حديقة بالقرب من مسجد قباء، ينصرف ولا ينصرف والأصح الصرف. قاله العيني، وقال القسطلاني: الأصح المنع، فليُنظر.

48 - باب فص الخاتم

خَاتَماً مِنْ وَرِقٍ (18) يَوْمًا وَاحِداً، ثُمَّ إِنَّ الناسَ اصْطَنَعُوا الخَوَاتِيمَ مِنْ وَرِق، ولَبِسُوها، فَطرَحَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمَهُ، فَطَرَحَ النَّاسُ خَواتيمَهُمْ. 48 - باب فَصِّ الخاتَمِ 2281 - عن أَنَسٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ خاتَمُهُ مِنْ فِضَّةٍ، وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ. 49 - باب خَاتَمِ الحَدِيدِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل بن سعد المتقدم برقم 2029/ ج 3). 50 - باب نَقْشِ الخاتَمِ 2282 - عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عنه: أَنَّ نبيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَرادَ أَنْ يَكْتُبَ إِلى رَهْطٍ أَوْ أُنَاسٍ مِنَ الأعَاجِمِ (وفي روايةٍ: الروم 3/ 235)، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لا يَقْبَلُونَ (وفي روايةٍ: لن يقرؤوا 7/ 53) كِتَاباً إِلا عَلَيْهِ خَاتَمٌ، (وفي روايةٍ: إلا أن يكون مختوماً)، فاتَّخذَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَماً مِنْ فِضَّةٍ نَقْشُهُ مُحَمَّدٌ رسولُ اللهِ [وقال: "إني اتخذتُ خاتَماً من وَرِقٍ، ونقشتُ فيه محمد رسول الله، فلا ينقشنَّ أحدٌ على نقشه"]، فَكَأنِّي بِوَبِيصِ أَوْ بِبَصِيصِ الخَاتَم، (وفي روايةٍ: كأَني انظر إلى بياضه 1/ 24) في إِصْبَعِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَو فِي كَفِّهِ (وفي طريق: قال: فإني لأرى

_ (18) قلت: كذا وقع في هذا الحديث، وهو وَهْم، لأن المعروف أن الخاتم الذي طرحه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بسبب اتخاذ الناس مثله إنما هو خاتم الذهب كما صرح به في حديث ابن عمر الذي قبله. وقد قال المحدثون: إن الوهم من ابن شهاب راويهِ عن أنس، ومنهم من تأوله بتآويل لا تخلو من تكلف، فانظرها في "الفتح" إن شئت. وراجع لزيادة بيان ما جاء تحت الحديث (2975) من "الصحيحة".

51 - باب الخاتم في الخنصر

بريقَهُ في خِنْصَرِهِ). [قال أنس: كانَ خَاتَمُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في يَدِهِ، وَفي يَدِ أَبي بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَفي يَدِ عُمَرَ بَعْدَ أَبي بَكْرٍ، فَلَمَّا كانَ عُثْمانُ جَلَسَ عَلى بِئْرِ أَرِيسٍ، قالَ: فأَخْرَجَ الخاتَمَ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِهِ فَسَقَط، قالَ: فَاخْتَلَفْنا ثلاثَةَ أَيامٍ مَعَ عُثْمان (19)، فَنَنْزَحُ الْبِئْرَ، فَلَمْ نَجِدْهُ]. 51 - باب الخَاتَم في الخِنْصَرِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم آنفاً). 52 - باب اتِّخَاذِ الخَاتَمِ لِيُخْتَمَ بِهِ الشَّيءُ أَوْ لِيُكْتَبَ بِهِ إِلى أَهلِ الكِتابِ وَغَيْرِهِمْ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المشار إليه آنفاً). 53 - باب مَنْ جَعَلَ فَصَّ الخَاتَمِ شي بَطْنِ كَفِّهِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم قريباً). 54 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَنْقُشْ على نَقْشِ خَاتَمِهِ" (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المشار إليه قريباً). 55 - باب هَلْ يُجْعَلُ نَقْشُ الخَاتَمِ ثلاثَةَ أَسْطُرٍ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم "50 - باب"). 56 - باب الخَاتَمِ لِلنِّسَاءِ

_ (19) أي: في الذهاب والرجوع والنزول إلى البئر والطلوع منها.

57 - باب القلائد والسخاب للنساء، يعني قلادة من طيب وسك

1285/ 2 - وَكانَ عَلَى عائِشَةَ خَوَاتِيمُ ذَهَبٍ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم برقم 498/ ج 1). 57 - باب القَلائِدِ والسِّخَابِ للنِّساءِ، يَعْنِي قِلادَةً مِنْ طِيبٍ وَسُكٍّ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 58 - باب اسْتِعارَةِ القَلائِدِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 181/ ج 1). 59 - باب القُرطِ (20) للنِّساءِ 720 - وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُنَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلى آذانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 498/ ج 1). 60 - باب السِّخَابِ لِلصِّبيَانِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1001/ ج 2). 61 - باب المُتَشَبِّهينَ بِالنِّسَاءِ وَالمُتَشَبِّهَاتِ بالرِّجالِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس الآتي بعده). 62 - باب إِخْراجِ المُتَشَبِّهِينَ بِالنِّساءِ مِنَ البُيُوتِ 2283 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قالَ: لَعَنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُخَنَّثين مِنَ الرِّجالِ

_ 1285/ 2 - وصله ابن سعد في "الطبقات"، لكن وقع في متنه اختلاف كما بينته في "آداب الزفاف" (ص 260 و 262/ المكتبة الإسلامية). (20) هو ما يحلى به الأذن، ويعلق غالباً في شحمتها. 720 - هذا طرف من حديثه الذي تقدم موصولاً في "ج 1/ 13 - العيدين/ 19 - باب".

63 - باب قص الشارب

والمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّساءِ (وفي روايةٍ: المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال)، وَقالَ: "أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ". قالَ فأَخْرَجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فُلانَاً، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلانَاً. 63 - باب قَصِّ الشَّارِبِ 1286 - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُحْفِي شَارِبَهُ حَتَّى يُنْظَرَ إلى بَيَاضِ الجِلْدِ. 1287 - وَيأْخُذُ هَذَيْنِ. يَعْنِي بَيْن الشَّارِبِ وَاللِّحْيَةِ. 2284 - عَنْ أَبِي هُريرَةَ رِوَايَةً (21): (وفي روايةٍ عنه. سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول:)

_ 1286 - قال الحافظ: وصله أبو بكر الأثرم من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال: رأيت ابن عمر يحفي شاربه حتى لا يترك منه شيئًا. وأخرج الطبري من طريق عبد الله بن أبي عثمان: رأيت ابن عمر يأخذ من شاربه أعلاه وأسفله، وهذا يردّ تأويل من تأوَّلَ في أثر ابن عمر أن المراد به إزالة ما على طرف الشفة فقط. قلت: لكن عمر بن أبي سلمة ضعيف، وعبد الله بن أبي عثمان روى عنه شعبة وغيره كما في "الجرح والتعديل" (2/ 2/ 113)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، لكن أخرجه الطحاوي في "شرح الآثار" (2/ 334) من طرق أخرى عنه، أحدها صحيح، بلفظ الإحفاء، زاد في طريقين منها: "كان ينتفه". وروى البيهقي في "سننه" (1/ 151) عن شرحبيل بن مسلم الخولاني: أنه رأى خمسة من الصحابة يقصّون شواربهم مع طرف الشفة. وسماهم؛ منهم أبو أمامة، والمقدام بن معد يكرب. وسنده صحيح. 1287 - ذكره رزين في "جامعه" من طريق نافع عن ابن عمر. وأخرج البيهقي نحوه، كذا في "الفتح". (21) هي كناية عن قول الراوي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو نحوه.

64 - باب تقليم الأظفار

"الفِطْرَةُ خَمسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: الخِتَانُ، والاسْتِحْدادُ، ونَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأَظْفارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ". 64 - باب تَقْلِيمِ الأظْفارِ 2285 - عن نافع عنِ ابْنِ عُمَرَ رضي اللهُ عَنْهُما أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مِنَ الفِطْرَةِ: حَلْقُ العَانَةِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفارِ، وَقَصُّ الشَّارِب". 2286 - عن نافع عن ابنِ عُمَرَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "خالِفُوا المُشْرِكينَ؛ وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا (22) الشَّوَارِبَ". (وفي روايةٍ: "انْهَكُوا الشَّوَارِبَ، وأَعْفُوا اللِّحَى"). وَكانَ ابْنُ عُمَرَ إِذا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ علَى لِحْيَتِهِ فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ (23). 65 - باب إِعْفاءِ اللِّحَى (عَفَوْا): كَثُرُوا وكَثُرَتْ أموالُهُمْ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث الذي قبله).

_ (22) قوله: (وأحفوا) بقطع الهمزة من الرباعي، وحكى ابن دريد: حفا شاربه يحفوه من الثلاثي، فعلى هذا هي همزة وصل أي: استقصوا قصها. اهـ. قوله: (انهكوا الشوارب): أي بالغوا في قصها. اهـ (شارح). (23) أثر ابن عمر هذا أخرجه مالك أيضاً في "الموطأ" (1/ 353) عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق في حج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه. وقد روى أبو داود وغيره عن مروان بن سالم المفقع: رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكفّ. لكن مروان هذا ليس بالمشهور. وراجع للفائدة ما جاء تحت الحديث (2355) من "الضعيفة"؛ فإنه هام. تنبيه: إيراد المصنف لهذا الحديث تحت هذا الباب فيه نظر، وهو بالباب التالي أولى، وانظر "الفتح" حيث أفاد الحافظ تفسيرات محتملة. والله أعلم.

66 - باب ما يذكر في الشيب

66 - باب مَا يُذْكَرُ في الشَّيْبِ 2287 - عَنْ ثابِتٍ قالَ: سُئِلَ أَنَسٌ (ومن طريق محمد بن سيرين قال: سألت أنساً) عنْ خِضَابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقالَ: إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ ما يَخْضِبُ، لَوْ شئتُ أَنْ أَعُدَّ شَمَطاتِهِ في لِحْيَتِهِ (24). 2288 - عَنْ عُثْمانَ بْنِ عبدِ اللهِ بنِ مَوْهَبٍ قالَ: أَرْسَلَنِي أَهْلِي إِلى أمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِقَدَحٍ مِنْ ماءٍ -وَقَبَضَ إسْرائِيلُ ثلاثَ أَصابعَ (25) - مِنْ فِضَّةٍ (26) فيه شَعَرٌ مِنْ شَعَرِ النبَيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ إِذا أَصابَ الإِنسانَ عَيْنٌ أَوْ شَيْءٌ بَعَثَ إِلَيْها مِخْضَبَهُ. فَاطَّلَعْمتُ في الجُّلْجُلِ (27) فَرأيْتُ شَعَراتٍ حُمْراً. (ومن طريق أخرى عنه قالَ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَأَخرَجَتْ إِلَيْنا شَعَرَاً مِنْ شَعَرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَخْضُوباً) (28). 67 - بابُ الخِضابِ 6289 - عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (24) جواب لو محذوف، أي: لعدَدْتُّها؛ وذلك لقلتها. و (الشمطات): الشيب. (25) يشير إلى صغر القدح. (26) في العبارة سقط من رواة البخاري، وهو قوله: "فجاءت بجلجل"، وبه ينتظم الكلام كما في "الفتح". (27) (الجلجل): ظرف يشبه الجرس يوضع فيه ما يراد صيانته. (28) زاد أحمد (6/ 296 و 319 و 322): "بالحناء والكتم". وسنده على شرط الشيخين. وهذا أولى من قول أنس أنه لم يخضب كما تقدم "ج 2/ 61 - المناقب / 23 - باب / 1515 - حديث".

68 - باب الجعد

"إِنَّ اليَهُودَ والنَّصارَى لا يَصْبُغُونَ؛ فَخَالِفُوهُم". 68 - باب الجَعْدِ 2290 - عن أَنَسٍ رَضِيَ الله عنه قالَ: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ اليَدينِ وَالقَدَمَيْنِ، لَمْ أَرَ قَبْلَهُ ولا بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَكانَ بَسْطَ الكَفَّيْنِ. (وفي رواية عنه أَوْ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ القَدَمَيْنِ، حَسَنَ الوَجْهِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ). 721 - وفي رواية معلَّقة عَن أنسٍ: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَثْنَ القدمَيْنِ والكفينِ. 722 - وَفي أُخْرى عنه أَوْ عن جَابِرِ بنِ عبدِ الله: كانَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ضَخْمَ الكَفَّيْنِ وَالقَدَمَيْنِ، لَمْ أَرَ بَعْدَهُ شَبيهاً لَهُ. 69 - باب التَّلبيدِ 2291 - عن عُمَرَ رضي الله عنه قال: مَنْ ضَفرَ (29) فليَحْلِقْ، ولا تَشَبَّهُوا بالتَّلبيدِ. وكانَ ابنُ عُمَرَ يَقولُ: لقَد رَأَيْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُلَبِّداً.

_ 721 - وصلها الإسماعيلي ويعقوب بن سفيان. وأخرجه الترمذي والحاكم وصححاه من حديث علي رضي الله عنه، وله طرق عنه في "المسند" (1/ 89 و 96 و 101 و 116 و 116 - 117 و 127 و 134 و 151). 722 - وصله البيهقي في "الدلائل"، وفيه أبو هلال، واسمه محمد بن سليم الراسبي، وهو صدوق، لكنه قد ضعف من قبل حفظه، قال الحافظ: "فلا تأثير لشكِّهِ أيضاً". (29) بالفاء الخفيفة والثقيلة: نسج الشعر عريضاً، ومنه الضفيرة.

70 - باب الفرق

70 - باب الفَرْقِ 71 - باب الذَّوائبِ 72 - باب القَزَعِ (30) 2292 - عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ حَفْصٍ أَنَّ عمرَ بنَ نافعٍ أَخْبَرَهُ عَنْ نَافعٍ مَوْلَى عبد اللهِ: أَنّهُ سَمعَ ابنَ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما يَقولُ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَى عَنِ القَزَعِ. قالَ عُبَيْدُ اللهِ: قُلْتُ: وَمَا القَزَعُ؟ فَأَشارَ لَنا عُبيدُ اللهِ قالَ: إِذا حَلَقَ الصَّبِيَّ وَتَرَكَ هَاهُنا شَعَرَةً، وَهَاهُنا، وَهَاهُنا، فأشارَ لنا عبيدُ الله إلى ناصيتِهِ وجانِبَيْ رَأسِهِ. قيلَ لِعُبَيْد اللهِ: فالجاريةُ والغُلامُ؟ قال: لا أدري، هكذا قال: الصبىُّ. قال عُبيدُ اللهِ: وعاوَدْتُهُ، فَقالَ: أَمّا القُصَّةُ (31) والقَفَا لِلْغُلامِ فَلا بَأْسَ بِهِما، وَلَكِنِ القَزَعُ أَنْ يُتْرَكَ بِناصيَتِهِ شَعَرٌ، وَلَيْسَ في رأسِهِ غَيْرُهُ، وَكَذلِكَ شِقُّ رأسِهِ هذا وهَذا. 73 - باب تَطْييبِ المرْأَةِ زَوْجَهَا بِيَدَيْها (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم رقم 734/ ج 1). 74 - باب الطِّيبِ في الرَّأسِ وَاللِّحْيَةَ (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً).

_ (30) جمع قزعة، وهي القطعة من السَّحَاب، وسمى شعر الرأس إذا حلق بعضه وترك بعضه قزعاً تشبيهاً بالسحاب المتفرِّق. (31) المراد بها هنا: شعر الصدغين، والمراد ب (القفا): شعر القفا، والحاصل منه أن القزع مخصوص بشعر الرأس، وليس شعر الصدغين، والقفا من الرأس. كذا في "الفتح".

75 - باب الامتشاط

75 - باب الامْتِشَاطِ (قلتُ: أسند فيه حديث سهل الآتي في "79 - الاستئذان / 11 - باب"). 76 - باب تَرْجيلِ الحَائِضِ زَوْجَها 77 - باب التَّرْجيلِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم / 108 ج1). 78 - باب ماَ يُذْكَرُ في المِسْكِ (قلت: فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 887/ ج1). 79 - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الطِّيبَ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 734/ ج1) 80 - باب مَنْ لَمْ يَرُدَّ الطِّيبَ 2293 - عن ثمامة بن عبد الله عن أَنسٍ رضي الله عنه: أَنَّهُ كانَ لا يَردُّ الطِّيبَ، وَزَعَمَ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يَرُدُّ الطِّيبَ. 81 - باب الذَّريرةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 82 - باب المُتَفَلِّجَاتِ للحُسْنِ (قلت: أسند فيه حديث عبد الله بن مسعود المتقدم برقم 1983/ ج 3). 83 - باب وَصْلِ الشَّعَرِ 2294 - عَنْ حُمَيْدِ بن عبد الرحمن بن عَوْفٍ أَنَّهُ سَمعَ مُعاوِيَةَ بنَ أبي سُفيان عامَ حَجَّ وَهُوَ على المِنْبَرِ وَهْوَ يَقولُ -وتناوَلَ قُصَّةً مِنْ شَعَرٍ كانَتْ بِيَدِ

حَرَسِىٍّ (32) -: [يا أهل المدينة 4/ 149] أَينَ عُلَماؤُكُمْ؟ سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهى عن مِثْلِ هَذِهِ، ويَقُولُ: "إِنَّما هَلَكَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ حينَ اتَّخَذَ هذِهِ نِساؤُهُمْ". (ومن طريق سعيد بن المُسَيَّبِ قالَ: قَدِمَ مُعاوِيَةُ [بن أبي سفيان 4/ 153] المَدِينَةَ آخِرَ قَدْمَةٍ قَدِمَها، فَخَطَبَنا، فَأَخْرَجَ كُبَّةً مِنْ شَعَرٍ، قالَ: ما كُنْتُ أَرَى [أن] أَحَداً يَفْعَلُ هذا غَيْرَ الَيَهودِ، إِنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سَمَّاهُ: (الزُّورَ). يَعْنِي الواصِلَةَ (وفي روايةٍ: الوصال) في الشَّعَرِ). 723 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ والمُسْتَوْصِلَةَ، والوَاشِمَةَ والمُسْتَوشِمَةَ" 2295 - عن أَسْماءَ بِنْتِ أَبي بَكْرٍ رضي اللهُ عنهما؛ أَنَّ امرأَةً جاءَتْ إلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: إِنِّي أَنْكَحْتُ ابْنَتِي، ثُمَّ أَصابَها شَكْوَى (33) (وفي روايةٍ:

_ (32) والحارس جمعه: حرس وحراس، مثل: خادم وخدم وخدام، وحرس السلطان: أعوانه، جعل علماً على الجمع، ولا يستعمل له واحد من لفظه، ولذا نسب إلى الجمع، فقيل: حرسي. انظر "المصباح". 723 - هذا في الكتاب صورته صورة المعلق، فإنه قال: "وقال ابن أبي شيبة ... "، وقد أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف" و"المسند" بإسناده في الكتاب، ووصله أبو نعيم في "المستخرج" من طريقه، وأخرجه الإسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة بإسناد الكتاب أيضاً، وعثمان هذا أخو أبي بكر، وكلاهما من شيوخ المصنف، فالله أعلم أيهما أراد، وقد تابعهما الإمام أحمد في "المسند" (2/ 339)، وفي إسناده فليح، وهو ابن سليمان، وفي حفظه ضعف، لكن له طريق آخر عن أبي هريرة في الوشم يأتي برقم (2297)، ومضى له فيه طريق ثالث "76 - الطب/ 36 - باب". (33) قوله: (ثم أصابها شكوى) أي: مرض.

84 - باب المتنمصات

الحَصْبَة 7/ 63) فَتَمَرَّقَ (34) رْأسُها، وَزَوْجُها يَسْتَحِثُّنِي بِهَا أَفَأَصِلُ رَأْسَها؟ فَسَبَّ (وفي طريق: لَعَنَ) رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الوَاصِلةَ والمُسْتَوْصِلَة. 2296 - عن نافع عن ابنِ عُمَرَ رضي اللهُ عَنهُما أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَعَنَ اللهُ الوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ، وَالوَاشِمَةَ والمُسْتَوْشِمَةَ، (وفي روايةٍ: والمُوتَشِمَةَ 7/ 63) ". قالَ نافعٌ: الوَشْمُ في اللِّثَةِ (35). 84 - باب المُتَنَمِّصاتِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1983/ ج 3). 85 - باب المَوْصُولَةِ 86 - باب الوَاشِمَةِ 87 - باب المُسْتَوْشِمَةِ 2297 - عن أَبي هُريرَة رضي اللهُ عنه قالَ: أُتِيَ عُمرُ بامْرَأَةٍ تَشِمُ، فَقَامَ فقالَ: أَنْشُدُكُمْ بالله! مَنْ سَمعَ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الوَشْمِ؟ فقالَ أَبو هُريرَةَ: فَقُمْتُ فَقُلْتُ: يا أَميرَ الُمَؤْمِنينَ! أَنا سَمِعْتُ، قالَ: ما سَمِعْتَ؟ قالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ:

_ (34) قوله: (فتمرق) بالراء المشدودة من (المروق): وهو خروج الشعر من موضعه، أو من المرق وهو نتف الصوف، ورُوي: (فانمرق)، و (فتمزق)؛ كما في العيني. (35) (اللثة): ما حول الأسنان من اللحم، ومراده أنه قد يقع فيها، ولم يرد الحصر.

88 - باب التصاوير

"لا تَشِمْنَ، وَلا تَسْتَوْشِمْنَ". 88 - باب التَّصاويرِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي طلحة المتقدم برقم 1390/ ج 2). 89 - باب عَذابِ المُصَوّرِينَ يَوْمَ القِيامَةِ 2298 - عَنْ مُسْلِمٍ قال: كُنَّا مع مَسْروقٍ في دارِ يسارِ بنِ نُمَيْرٍ، فَرَأَى في صُفَّتِهِ تَمَاثيلَ، فَقالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ (36) قالَ: سَمَعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- يَقولُ: "إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذاباً عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القِيامَةِ المُصَوِّرونَ". 2299 - عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهُما أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِن الَّذِينَ يَصْنَعُونَ هَذِهِ الصُّوَرَ يُعَذَّبونَ يَوْمَ القِيامَةِ، [و 8/ 218] يُقالُ لَهُمْ: أَحْيوا مَا خَلَقْتُمْ". 90 - باب نَقْضِ الصُّوَرِ 2300 - عَن عائشةَ رضي اللهُ عنها: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكنْ يَتْرُكُ في بَيْتِهِ شَيْئاً فِيهِ تَصَاليبُ (37) إلا نَقَضَهُ. 2301 - عن أبي زُرْعَةَ قال: دَخَلْتُ مَعَ أَبي هُرَيرةَ داراً بالمدِينَةِ، فَرَأَى في أَعْلاها مُصَوِّراً يُصَوِّرُ، فَقالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: " [قال اللهُ عزَّ وجل: 8/ 218] وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي، فَلْيَخْلُقوا حَبَّةً، ولْيَخْلُقوا ذَرَّةً".

_ (36) هو ابن مسعود. (37) جمع صليب.

91 - باب ما وطئ من التصاوير

2302 - ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ (38) مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ حتَّى بَلَغَ إِبْطَهُ، فَقُلتُ: يا أبا هُريرَةَ: أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ (39) مِنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: مُنْتَهَى الحِلْيَةِ (40). 91 - باب ما وُطِئَ مِنَ التَّصاوِيرِ 2303 - عن عائشة رضي اللهُ عنها: قَدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ سَفَرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ بِقِرامٍ (41) لي عَلى سَهْوَةٍ (42) لي فِيها (وفي طريق: علّقْتُ (43) دُرنوكاً فيه" (44) تَمَاثِيلُ (45)، فَلَمَّا رَآهُ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[تَلَوَّن وَجْهُهُ، ثم تناول الستر فـ 7/ 98] هَتَكَهُ، (وفي الطريق الأُخرى: فأمَرَني أَنْ أَنْزِعَهُ، فَنَزَعْتُه)، وقالَ: " [مِن] أشدّ النَّاسِ عَذَابَاً يومَ القِيامَةِ الَّذينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ (وفي روايةٍ: الذين يصَوِّرون هذه الصور) ". قالتْ: فَجَعَلْناهُ وِسَادَةٍ أَوْ وِسادَتَيْنِ. (وفي روايةٍ: فاتخذتُ منه نمرُقَتَين، فكانتا في البيت يجلس عليهما 3/ 108)

_ (38) هو إناء كالطست. (39) يعني تبليغ الماء إلى الأبط. (40) وقوله: (منتهى الحلية) أي: ذاك منتهى الحلية العبر عنها بالتحجيل. (41) قوله: (بقرام)؛ قال في "المصباح": القرام مثال كتاب: الستر الرقيق، وبعضهم يزيد: وفيه رقم ونقوش. والمقرم وزان مقود، والمقرمة بالهاء أيضاً مثله اهـ. (42) وقوله: (سهوة)، وهي الصفة تكون بين يدي البيوت، وقيل: الكوة، وقيل: الرف، وقيل: هو بيت صغير منحدر في الأرض شبيه بالخزانة الصغيرة. (43) زاد مسلم (6/ 158)، وأحمد (6/ 85 و 208): "على بابي". (44) زاد مسلم وأحمد: "فيه الخيل ذوات الأجنحة". قال الخطابي: "والدرنوك: ثوب غليظ له خمل، إذا فرش فهو بساطٌ، وإذا علّق فهو ستر". (45) قوله: (فيها تماثيل) كذا، وفي بعض نسخ المتن (فيه تماثيل)، وهو أظهر لأن مرجع الضمير قرام.

92 - باب من كره القعود على الصور

92 - باب مَنْ كَرِهَ القُعُودَ على الصُّوَرِ 93 - باب كَرَاهِيَةِ الصَّلاةِ في التَّصَاويرِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 202/ ج 1). 94 - باب لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتَاً فيه صُورَةٌ 2304 - عنِ ابنِ عُمَرَ قالَ: وَعَدَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جِبْرِيلُ، فَرَاثَ (46) عَلَيْهِ، حَتَّى اشْتَدَّ عَلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَخَرَجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَقِيَهُ، فَشَكَا إِلَيْهِ ما وَجَدَ، فَقالَ لَهُ: "إِنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتَاً فيهِ صُورَةٌ وَلا كلبٌ". 95 - باب مَنْ لَمْ يَدْخُل بَيْتاً فيهِ صُورَةٌ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 995/ ج 2). 96 - باب مَنْ لَعَنَ المُصَوِّرَ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي ججفة المتقدم برقم 1054/ ج 2). 97 - باب مَنْ صَوَّرَ صُورَةً كُلِّفَ يَوْمَ القِيامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فيها الرُّوحَ ولَيْسَ بِنَافخٍ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1049/ ج 2) 98 - باب الارتدافِ على الدَّابَّةِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1878/ ج 3).

_ (46) أي: أبطأ.

99 - باب الثلاثة على الدابة

99 - باب الثلاثةِ على الدابَّةِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 836/ ج 1). 100 - باب حَمْلِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ غَيْرَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ 1288 - وَقالَ بَعْضُهُمْ: صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِ الدَّابَّةِ إِلا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً). 101 - باب إرْدَافِ الرَّجُلِ خَلْفَ الرَّجُلِ (قلتُ: أسند فيه حديث معاذ الآتي في "81 - الرقاق / 35 - باب"). 102 - باب إرْدافِ المرأَةِ خَلْفَ الرَّجُلِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1234/ ج 2). 103 - باب الاسْتِلْقاءِ وَوَضْعِ الرِّجْلِ عَلى الأُخْرى (قلتُ: أسند فيه حديث عباد بن تميم عن عمه المتقدم برقم 251/ ج 1). ...

_ 1288 - هذا البعض هو الشعبي؛ وصله ابن أبي شيبة عنه. وقد صح مرفوعاً من حديث بريدة رضي الله عنه. أخرجه أحمد وغيره. وهو مخرج في "الإرواء" (487)، و"المشكاة" (3918).

78 - كتاب الأدب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 78 - كتاب الأدب 1 - باب البِرِّ والصِّلَةِ، وقولِ اللهِ تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ} (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن مسعود المتقدم برقم 282/ ج 1). 2 - باب " مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ " 2305 - عن أبي هُرَيرةَ رضي اللهُ عنه قالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسولَ اللهِ! مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قالَ: "أُمُّكَ"، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: "أُمُّكَ"، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: "أُمُّكَ"، قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: "ثُمَّ أَبُوكَ". 3 - باب لا يُجَاهِدُ إلا بإِذْنِ الأَبَوَيْنِ (قلت: ذكر فيه حديث ابن عمرو المتقدم برقم 1314/ ج 2). 4 - باب لا يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ 2306 - عن عبد اللهِ بنِ عَمْروٍ رضي اللهُ عنهما قالَ: قالَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ". قِيلَ: يَا رَسولَ اللَهِ! وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قالَ:

5 - باب إجابة دعاء من بر والديه

"يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبا الرَّجُلِ، فيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيسُبُّ أُمَّهُ، [فيسُبُّ أُمَّهُ] (1) ". 5 - باب إِجابَةِ دُعَاءِ مَنْ بَرَّ والدَيْهِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1065/ ج 2). 6 - باب "عُقوقُ الوالِدَيْنِ مِنَ الكَبَائِرِ" 724 - قالَهُ ابنُ عَمْروٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2307 - عن أَنَسِ بن مَالِكٍ رضي اللهُ عنه قالَ: ذَكَرَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الكَبَائِرَ، أَوْ سُئِلَ عَنِ الكَبائِرِ؟ فقال: "الشِّرْكُ بِاللهِ، وَقَتْلُ النَّفسِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ"، فَقالَ: "أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ " قالَ: "قوْلُ الزُّورِ، أوْ قالَ: شَهَادَةُ الزُّورِ". قالَ: شُعْبَةُ: وَأَكثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قالَ: "شَهَادَةُ الزُّورِ". 7 - باب صِلَةِ الوَالِدِ المُشْرِكِ (قلتُ: أسند فيه حديث أسماء بنت أبي بكر المتقدم برقم 1184/ ج 2) 8 - باب صلَةِ المَرْأَةِ أُمَّها ولَها زَوْجُ

_ (1) زيادة من نسخة "الفتح" (10/ 403)، وهي ثابتة في رواية مسلم وأبي عوانة (1/ 55) وغيرهم. وهو مخرج في "التعليق الرغيب" (3/ 221). 724 - يشير إلى حديثه الآتي موصولاً في "88 - الاستتابة / 1 - باب".

9 - باب صلة الأخ المشرك

9 - باب صِلَةِ الأخِ المُشرِكِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 455/ ج 2). 10 - باب فَضْلِ صِلَةِ الرَّحمِ 2308 - عَنْ أَبي أَيُّوبَ الأَنْصارِيَّ رَضيَ اللهُ عنه: أَنَّ رَجُلاً قالَ: يا رَسولَ اللهِ! أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، فَقالَ القَوْمُ: ما لَهُ مَا لَهُ؟ فَقَالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَرَبٌ (2) مَا لَهُ"، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَعْبُدُ اللهَ لا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمُ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، ذَرْهَا". قال: كَأَنَّهُ كانَ عَلى رَاحِلَتِهِ. 11 - باب إِثْمِ القاطع 2309 - عَنْ جُبَيْرِ بن مُطعِمٍ أَنَّهُ سَمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطعٌ (3) ". 12 - باب مَنْ بُسِطَ لَهُ في الرِّزْقِ بِصِلَةِ الرَّحِم 2310 - عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي اللهُ عنه أَنَّه قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُول: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ (4)؛ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".

_ (2) أي: له حاجة. (3) زاد الصنف في "الأدب المفرد" (رقم 64)، ومسلم (8/ 8): "رحم". (4) قوله: (في أثره) أي: أجله. اهـ (شارح).

13 - باب من وصل وصله الله

13 - باب مَنْ وَصَلَ وَصَلَهُ اللهُ 2311 - عَنْ عائِشَةَ رضي اللهُ عنها زَوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الرَّحِمُ شِجْنَةٌ، فَمَنْ وَصَلَها وَصَلْتُهُ، وَمَنْ قَطَعَها قَطَعْتُهُ". 14 - باب يَبُلُّ الرَّحِمَ بِبِلالِهَا 2312 - عن عَمرِو بْنِ العاصِ قال: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - جِهَاراً غَيْرَ سِرٍّ يَقولُ: "إِنَّ آلَ أَبي (6) -قال عمرٌو (7): في كِتابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بَياضٌ- لَيْسُوا بِأَوْلِيائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالحُ المُؤْمِنينَ". 725 - [وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّها بِبِلالِها. يَعْنِي: أَصِلُهَا بِصِلَتِها]. قال أَبو عَبْدِ الله: (بِبِلاهَا) كَذا وَقَعَ، وَ (بِبِلالِها) أَجْوَدُ وأصحُّ، وَ (بِبِلاهَا) لا أَعْرِفُ لَهُ وَجْهاً.

_ (5) بكسر الشين، ويجوز فتحها وضمها. وأصله عروق الشجر المشتبكة. اهـ (شارح). (6) يعني: آل أبي طالب، والمراد بهذا النفي من لم يُسْلم منهم، فهو من إطلاق الكل وإرادة الجزء. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون المراد بآل أبي طالب أبو طالب نفسه، وهو إطلاق سائغ كقوله في أبي موسى: "إنه أوتي مزماراً من مزامير آل داود". وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "آل أبي أوفى"، وخصّه بالذكر مبالغة في الانتفاء ممن لم يسلم لكونه عمه وشقيق أبيه .. (7) قلت: هو ابن عباس شيخ المصنف في هذا الحديث. 725 - هذه الزيادة عند المصنف معلّقة، وقد وصلها في كتابه "البر والصلة"، والإسماعيلي في مستخرجه من طريق محمد بن عبد الواحد بن عنبسة، ولم أعرفه. وقد جاءت هذه الزيادة من رواية أبي هريرة في حديث له. أخرجه مسلم (1/ 133)، وأحمد (2/ 360 و 519).

15 - باب ليس الواصل بالمكافئ

15 - باب لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئ 2313 - عن عبدِ الله بْنِ عَمْروٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لَيْسَ الوَاصِلُ بالمُكَافِئ، وَلَكِنِ الواصِلُ الَّذي إِذا قَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها". 16 - باب مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ في الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ (قلتُ: أسند فيه حديث حكيم بن حزام المتقدم برقم 1156/ ج 2). 17 - باب مَنْ تَرَكَ صِبْيَةَ غَيْرِهِ حَتَّى تَلْعَبَ بِهِ، أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَازَحَها. (قلتُ: أسند فيه حديث أم خالد المتقدم برقم 1339/ ج 2). 18 - باب رَحْمَةِ الولَدِ وَتَقْبِيلِهِ وَمُعَانَقَتِهِ 726 - وَقالَ ثابِتٌ: عَنْ أَنَسٍ: أَخَذَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِبْراهيمَ فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ. 2314 - عن عائشةَ زَوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: جاءَتْنِي امرأَةٌ مَعَهَا ابْنَتانِ تَسأَلُنِي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدي [شيئاً 2/ 115] غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَعْطَيْتُها [إِياها]، فَقَسَمَتْها بَيْنَ ابْنَتَيْها، [ولم تأكل منها]، ثمَّ قامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[علينا]، فَحَدَّثْتُهُ، فقالَ: "مَنْ يَلي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئاً، فأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ؛ كُنَّ لَهُ سِتْراً مِنَ النَّارِ". 2315 - عن أَبي هُرَيْرَة رضي اللهُ عنه قال: قَبَّلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الحَسَنَ بنَ علىّ، وَعِنْدَهُ الأَقرَعُ بْنُ حابِس التميميُّ جالِساً، فَقالَ الأَقْرَعُ: إِنَّ لي عَشَرَةً مِنَ الولَدِ

_ 726 - هو طرف حديث تقدم موصولاً في "ج 1/ 23 - الجنائز/ برقم 627".

19 - باب جعل الله الرحمة مائة جزء

مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أَحَداً، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ثُمَّ قالَ: "مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرحمُ". 2316 - عَنْ عائِشَةَ رضي اللهُ عنها قالتْ: جاءَ أَعْرابِيٌّ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: تُقَبِّلُون الصِّبْيانَ؟! فَمَا نُقبِّلُهُمْ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ؟! ". 2317 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي اللهُ عنه قالَ: قَدِمَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْيٌ، فَإِذا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ تَحْلُبُ ثَدْيَها تَسْقِي، إذا وَجَدَتْ صَبِيًّا في السَّبْيِ أَخَذتهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِها وَأَرْضَعَتْهُ، فَقالَ لَنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَتُرَوْنَ هذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا في النَّارِ؟ "، قُلْنا: لا، وَهْيَ تَقدِرُ على أَنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقالَ: "اللهُ أَرْحَمُ بَعِبَادِهِ مِنْ هذِهِ بِولَدِها". 19 - باب جَعَلَ اللهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ 2318 - عن أَبي هُريرَة قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ يَقولُ: "جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، (وفي روايةٍ: إن الله خلقَ الرحمةَ يومَ خَلَقَها مِائَةَ رحمةٍ 7/ 183)، فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وتِسْعِينَ جُزْءاً (وفي روايةٍ: رحمة)، وَأَنزَلَ في الأرضِ جُزْءاً واحداً (وفي روايةٍ: رحمةً واحدةً)، فَمِن ذَلِكَ الجُزْءِ تَتَرَاحَمُ الخَلْقُ، حتى تَرْفَعَ الفَرَسُ حافِرَهَا عَنْ ولَدِهَا خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ، [فلو يَعْلَم الكافرُ

20 - باب قتل الولد خشية أن يأكل معه

بكلِّ الذي عندَ الله من الرحمة لم يَيْأَس من الجنة. ولو يعلمُ المؤمنُ بكلِّ الذي عند الله من العذابِ لم يأمَنْ من النارِ 7/ 183] ". 20 - باب قَتْلِ الوَلَدِ خَشْيَةَ أَنْ يَأكُلَ مَعَهُ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1847/ ج 3). 21 - باب وَضْعِ الصَّبِيِّ في الحِجْرِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 132/ ج 1). 22 - باب وَضْعِ الصَّبِيِّ عَلى الفَخِذِ 2319 - عَنْ أُسَامَة بْنِ زَيْدٍ رضيَ الله عنهما: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَأْخُذُنِي فَيُقْعِدُني على فَخِذِهِ، وَيُقْعِدُ الحَسَنَ على فَخِذِهِ الأُخرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُما، ثُمَّ يقولُ: "اللَّهمَّ ارْحَمْهُمَا؛ فإِنِّي أَرْحَمُهُمَا، (وفي روايةٍ: أحبَّهُما فإنِّي أُحِبُّهما 4/ 214) ". 23 - باب حُسْنُ العَهْدِ مِنَ الإِيمانِ (8) 2320 - عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: ما غِرْتُ على امْرَأَةٍ ما غِرْتُ عَلَى خَديجَة، [وما رأَيتُها 4/ 231]، وَلَقَدْ

_ (8) قلت: هذه الترجمة طرف حديث ترويه عائشة أيضاً، وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في عجوز رحب بها: "إنها كانت تأتينا زمن خديجة، وإن حُسْنَ العهد من الإيمان". رواه الحاكم، وهو مخرج في "الصحيحة" تحت الحديث رقم (216).

24 - باب فضل من يعول يتيما

هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَني بِثَلاثِ سِنينَ- لِما كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا (وفي روايةٍ: لكثرةِ ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها، وثنائِه عليها 6/ 158)، ولقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ أَنْ يُبَشِّرَها بِبيْتٍ في الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ، وَإنْ كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لَيَذْبَحُ الشَّاةَ، [ثم يقطِّعُها أعضاءً]، ثُمَّ يُهْدِي في خُلَّتِها مِنْها [ما يَسَعُهُنَّ]، (وفي روايةٍ: ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلتُ له: كأنه لم يكن في الدنيا إلا خدِيجةَ! فيقول: "إنَّها كانتْ، وكانتْ، وكانَ لي منها ولدٌ"). 24 - باب فَضْلِ مَنْ يَعُولُ يَتِيماً (قلتُ: أسند فيه حديث سهل بن سعد المتقدم برقم 2117/ ج 3). 25 - باب السَّاعِي على الأَرْمَلَةِ 2321 - عَنْ صَفْوانَ بْنِ سُلَيْمٍ يَرْفَعُهُ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "السَّاعِي على الأَرْمَلَةِ وَالمِسكينِ كالمُجاهِدِ في سَبيلِ الله، أَو كالَّذي يَصُومُ النَّهارَ، ويَقُومُ اللَّيْلَ" (9). 26 - باب السَّاعِي على المِسْكِينِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 2128/ ج 3). 27 - باب رَحْمَةِ النَّاسِ بِالبَهائِمِ 2322 - عن أبي هُرَيْرَةَ قالَ: قامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في صَلاةٍ، وَقُمْنا مَعَهُ،

_ (9) هذا مرسل، وليس من شرط "الصحيح"، وإنما أورده لأنه أتبعه بطريق أخرى موصولاً عن أبي هريرة، وقد مضى "ج 3/ 69 - النفقات/ برقم 2128".

28 - باب الوصاءة بالجار، وقول الله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} إلى قوله: {مختالا فخورا}

فَقَالَ أَعْرابيٌّ وَهْوَ في الصَّلاةِ: اللَّهُمَّ ارحَمْنِي وَمُحَمَّداً، ولا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَداً! فَلَمَّا سَلَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ للأَعْرابِيِّ: "لَقَدْ حَجَّرْتَ (10) وَاسِعاً". يُريدُ رَحْمَةَ اللهِ. 2323 - عن النُّعْمانِ بْنِ بَشِيرٍ يقولُ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَرَى المؤْمِنينَ في تَراحُمِهِم، وَتَوَادِّهِمْ، وَتَعَاطُفِهِم، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إِذا اشْتَكَى عُضْواً؛ تَدَاعَى لَهُ سائِرُ جَسَدِهِ بالسّهَرِ والحُمَّى". 2324 - عن جَريرِ بنِ عبدِ الله عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ. (وفي طريق: لا يرحمُ اللهُ من لا يرحمُ الناسَ 8/ 165) ". 28 - باب الوَصاءَةِ بالجَارِ، وَقَوْلِ الله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} إِلى قولِهِ: {مُخْتالاً فَخُوراً} 2325 - عن عائِشَةَ رضي اللهُ عنها عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ؛ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّه سَيُوَرِّثُهُ". 2326 - عنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: مثله. 29 - بابُ إِثْمِ مَنْ لا يَأْمَنُ جارُهُ بوائِقَهُ (11).

_ (10) أي: ضيَّقت. (11) جمع بائقة، وهي الغائلة.

30 - باب لا تحقرن جارة لجارتها

(يُوبِقْهُنَّ): يُهْلِكهُنَّ، (مَوْبِقاً): مَهْلِكاً. 2327 - عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "واللهِ لا يُؤْمِنُ، واللهِ لا يُؤْمِنُ، وَاللهِ لا يُؤْمِنُ". قيلَ: وَمَنْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: "الَّذِي لا يأْمَنُ جارُهُ بَوائِقَهُ". 727 - عَنْ أَبي هُريرَةَ. يعني مثله. 30 - باب لا تَحْقِرَنَّ جارَةٌ لِجَارَتِها (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1165/ ج 2). 31 - باب مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ 2328 - عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ العَدَوِيِّ قالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ، [ووعاه قلبي 7/ 184]، حِينَ تَكَلَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقالَ: "مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بالله واليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ جَائِزَتَهُ"، قِيلَ: وَمَا جائِزَتُهُ يا رَسولِ اللهِ؟ فَقَالَ: "يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثلاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كانَ وَرَاءَ ذلكَ فَهْوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ، [ولا

_ 727 - قلت: هذا علَّقه المصنف، يشير بذلك إلى أن الرواة اختلفوا في صحابيّ هذا الحديث. فمنهم من قال فيه: عن أبي شريح. ومنهم من قال: عن أبي هريرة. وصنيع المصنف يقتضي تصحيح الوجهين كما قال الحافظ. وقد وصل حديث أبي هريرة أحمد (2/ 288 و 336)، والحاكم (4/ 165)، وزاد: "قالوا: فما بوائقه يا رسول الله؟ قال: شره". وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وأخرجه مسلم (1/ 49)، وأحمد (2/ 372 - 373) من طريق أخرى عنه مرفوعاً بلفظ: "لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه".

32 - باب حق الجوار في قرب الأبواب

يحلُّ له أن يثويَ عنده حتى يُحرجَه 7/ 104]، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خيْراً أَو لِيَصْمِتْ (وفي روايةٍ: ليسكت) ". 32 - باب حَقِّ الجِوَارِ في قُرْبِ الأَبْوَاب (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1060/ ج 2). 33 - باب "كُلُّ مَعْرُوف صَدَقَةٌ" 2329 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي اللهُ عنهما عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ". 34 - باب طِيبِ الكَلامِ 728 - وَقالَ أَبُو هُريرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الكَلِمَةُ الطيِّبَةُ صَدَقَةُ". 35 - باب الرِّفْقِ في الأَمْرِ كُلِّه 2330 - عن عائِشَةَ رضي الله عَنْها زَوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ اليَهُودِ على رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقالوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، [قال: "وعليكم" 7/ 166]. قالَتْ عائِشَةُ: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: وَعَلَيْكُمُ السَّامُ واللَّعْنَة، [ولعنكم الله، وَغَضِبَ اللهُ عليكم 7/ 81]، قالتْ: فَقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْلاً (وفي روايةٍ: ما لك؟ 3/ 234) يَا عائشةُ! [عَلَيْكِ بالرِّفْق]، إِنَّ اللهَ

_ 728 - هذا طرف من حديث لأبي هريرة تقدم بتمامه موصولاً "ج 2/ برقم 1309".

36 - باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضا

[رَفيقٌ 8/ 51] يُحِبُّ الرِّفقَ في الأمْرِ كُلِّهِ، [وإياكِ والعُنفَ والفُحشَ"، قالت:] فَقُلتُ: يَا رَسولَ اللهِ! [أ7/ 133] وَلَمْ تَسْمَع مَا قالُوا؟ قالَ رَسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " [ف] قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ (وفي طريق: رَدَدْتُ عَليهم، فيستَجابُ لي فيهم، ولا يستجابُ لهم فيَّ) ". 36 - باب تَعَاوُنِ المُؤْمِنينَ بَعْضِهِم بَعْضاً 37 - بابُ قَوْلِ اللهِ تَعالى: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا). (كِفْلٌ): نَصِيبٌ. 1289 - قالَ أبُو مُوسَى: (كِفْلَيْنِ): أَجْرينِ، بِالحَبَشِيَّةِ. 2331 - عن أَبي مُوسَى عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ: كانَ إِذا أَتاهُ السَّائلُ أَوْ صاحِبُ الحَاجَةِ [أَقْبَلَ عَلَيْنا بِوَجْهِهِ فـ 7/ 80] قالَ: "اشْفَعُوا فلتُؤْجروا، ولْيَقْضِ الله على لِسانِ رسوله ما شَاء". 38 - باب لَمْ يَكُنِ النَّبيُّ فَاحِشًا ولا مُتَفَحِّشًا (12) 2332 - عن مَسْرُوقٍ قالَ: دَخَلْنا على عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ حينَ قَدِمَ مَعَ مُعاوِيَة

_ 1289 - وصله ابن أبي حاتم عنه، وهو الأشعري الصحابي الجليل. (12) أي: لا بالطبع، ولا بالتكلّف.

إِلى الكُوفَةِ، فَذَكَرَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ فاحِشًا، وَلا مُتَفَحِّشاً، وَقالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِنْ أخْيَرِكُمْ (وفي روايةٍ: خِيارِكُم 4/ 166، وفي أخرى: أَحَبِّكم إليّ 4/ 218) أَحْسَنَكُمْ خُلُقاً". 2333 - عن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضِى اللهُ عَنْهُ قال: لَمْ يَكُنِ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَبَّاباً، وَلا فَحَّاشاً، وَلا لَعَّاناً، كانَ يَقُولُ لأَحَدِنا عِنْدَ المعْتِبةِ (13): "ما لَهُ؟! تَرِبَ جَبِينُهُ". 2334 - عن عائشةَ: أَنَّ رَجُلاً اسْتَأْذَنَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[فقال: "ائذنوا لهُ" 7/ 86]، فَلَمَّا رَآهُ قال: "بِئْسَ أَخُو العَشِيرَةِ، وبِئْسَ ابْنُ العَشيرَةِ"، فَلَمَّا جَلَسَ تَطَلَقَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في وَجْهِهِ، وانْبَسَطَ إِلَيْه (وفي روايةٍ: ألان له الكلام)، فَلَمَّا انْطَلَقَ الرَّجُلُ (14) قالتْ لَهُ عائِشَةُ: يا رَسولَ اللهِ! حينَ رأَيتَ الرَّجُلَ قُلْتَ لَهُ كَذا وكَذا، ثُمَّ تَطلّقْتَ في وَجْهِهِ وانْبَسَطْتَ إِلَيْهِ؟ فَقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (13) أي: عند الموجدة والسخط. (14) زاد المصنف في "الأدب المفرد" (338)، وأحمد (6/ 158) من طريق أخرى عنها: "فاستأذن رجل آخر، فقال: "نِعْمَ ابنُ أخي العشيرة"، فلما دخل لم ينبسط إليه كما انبسط إلى الآخر، ولم يهشّ له كما هشّ، فلما خرجَ قلت: ... " الحديث. سكت عنه الحافظ، وفيه فليح بن سليمان الخزاعي، وقد قال في "التقريب": "صدوق كثير الخطأ". قلت: فمثله لا يحتج به إذا زاد على الثقات، وإذا تفرَّد فزيادته منكرة.

39 - باب حسن الخلق، والسخاء، وما يكره من البخل

"يا عائِشَةُ! مَتَى عَهِدْتِنِي فَحَّاشاً؟ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقاءَ شَرِّه، (وفي روايةٍ: فُحْشِهِ) ". 39 - باب حُسْنِ الخُلقِ، وَالسَّخَاءِ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ البُخْلِ 729 - وَقالَ ابْنُ عَباسٍ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضانَ. 730 - وَقالَ أَبو ذَرّ لَمَّا بَلَغَهُ مَبْعَثُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ قالَ لأَخيهِ: ارْكبْ إلى هذا الوادِي، فَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ، فَرَجَعَ فَقالَ: رأيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكارِمِ الأَخْلاقِ. 2335 - عن جابِرٍ رضي اللهُ عنه قال: مَا سُئلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَيءٍ قَطُّ فَقالَ: "لا". 2336 - عن أَنَسٍ رضي اللهُ عنه قالَ: خَدَمْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ سِنِينَ، فَمَا قالَ لي: "أُفٍّ"، وَلا: "لِمَ صَنَعْتَ؟ "، وَلا: "أَلا صَنَعْتَ؟ ". 40 - باب كَيْفَ يَكُونُ الرَّجُلُ في أَهْلِهِ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 358/ ج 1). 41 - باب المِقَةِ (15) مِنَ الله 2337 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ 729 - هذا طرف من حديثه المتقدم في أول الكتاب برقم (4). 730 - مضى موصولاً في قصة إسلام أبي ذر رضي الله عنه "ج 2/ برقم 1495". (15) هي: المحبة.

42 - باب الحب في الله

"إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِى أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا، فَأَحِبُّوهُ. فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِى أَهْلِ الأَرْضِ" (16). 42 - باب الحُبِّ في اللهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 13/ ج 1). 43 - بابُ قَوْلِ اللهِ تَعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ) إلى قَوْلِهِ: (فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) 44 - باب مَا يُنْهَى مِنَ السِّبَابِ وَاللَّعْنِ 2338 - عَنْ أَبِى ذَرٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "لَا يَرْمِي رَجُلٌ رَجُلاً بِالْفُسُوقِ، وَلاَ يَرْمِيهِ بِالْكُفْرِ؛ إِلاَّ ارْتَدَّتْ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ كَذَلِكَ". 2339 - عَنْ أَبِي قلابَةَ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ -وَكَانَ مِنْ أَصْحابِ (وفي روايةٍ: بايع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تحت 5/ 66) الشَّجَرَة- حَدَّثَهُ أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى مِلَّةٍ (وفي روايةٍ: بملَّةٍ 2/ 99) غَيْرِ الإِسْلامِ [كاذباً متعمداً] فَهْوَ كَمَا قالَ". 2340 - "وَلَيْسَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَذْرٌ فيما لا يَمْلِكُ".

_ (16) قلت: وزاد أحمد (2/ 267) وغيره من طريق أخرى عنه بلفظ: "وإذا أبغض فمثل ذلك"، وسنده صحيح، وهو مخرج في "سلسلة الأحاديث الضعيفة " رقم (2207).

2341 - "وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ (وفي روايةٍ: بحديدة) في الدُّنْيا؛ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ [في نار جهنم] ". 2342 - "وَمَنْ لَعَنَ مُؤْمِناً؛ فَهْوَ كَقَتْلِهِ". 2343 - "ومنْ قَذَفَ مُؤمِناً بِكُفرٍ؛ فَهْوَ كَقَتْلِهِ". 2344 - عَنِ المَعْرُورِ قالَ: رَأَيتُ [أَبا ذرّ بالربذةِ 1/ 13] عَلَيْهِ بُرْداً، وَعَلى غُلامِهِ بُرْداً، فَقُلْتُ: لَوْ أَخَذْتَ هذا فَلَبِسْتَهُ كانَتْ حُلَّةً، وَأَعْطَيْتَهُ ثَوْبًا آخَر، (وفي روايةٍ: حُلَّةً، وعلى غلامِه حلةً، فسألته عن ذلك؟) فَقالَ: كانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ كَلامٌ (وفي روايةٍ: سابَبْتُ رَجُلاً، فَعَيَّرْتُهُ بأُمِّه)، وَكَانَتْ أمُّهُ أَعْجَمِيَّةً، فَنِلْتُ مِنْها، فَذَكَرَنِي (وفي روايةٍ: فشكاني 3/ 123) إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ لِي: "أَسابَبْتَ فُلاناً؟ ". فَقُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: "أَفَنِلْتَ مِنْ (وفي روايةٍ: أعَيَّرْتَهُ بـ) أُمِّهِ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: "إِنكَ امرُؤٌ فيكَ جاهِلِيَّةٌ". قُلْتُ على حِينِ سَاعَتِي: هذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ؟ قالَ: "نَعَمْ، هُمْ إِخْوَانُكُمْ [خولكم]، جَعَلَهُمُ اللهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمنْ جَعَلَ اللهُ أخاهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَليُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلا يُكَلِّفْهُ مِنَ العَمَلِ ما يَغْلِبُهُ، فإِن كَلَّفَهُ ما يَغْلِبُهُ فَلْيُعِنْهُ عَلَيْه".

45 - باب ما يجوز من ذكر الناس؛ نحو قولهم: الطويل، والقصير

45 - باب مَا يَجوزُ مِنْ ذِكْرِ النَّاسِ؛ نَحْوِ قَوْلِهِم: الطَّوِيلُ، والقَصِيرُ 731 - وَقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يَقُولُ ذُو اليَدينِ؟ "، وَمَا لا يُرَادُ بِهِ شَيْنُ الرَّجُلِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 88 - باب/ 255 - حديث"). 46 - باب الغِيْبَةِ، وَقَوْلِ الله تَعَالى: (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ واتَّقُوا اللهَ إِن اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمُ) 47 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ دُورِ الأَنْصارِ" (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي أسيد المتقدم برقم 1611/ ج 2). 48 - باب مَا يَجوزُ مِنَ اغْتِيابِ أَهْلِ الفَسَادِ والرِّيَبِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2334). 49 - باب النَّمِيمَةُ مِنَ الكَبائِرِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 129/ ج 1). 50 - باب ما يُكْرَهُ مِنَ النَّمِيمَةِ، وَقَوْلِهِ تَعالَى: (هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ)، و (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةً لُمَزَةً) (يَهْمِزُ) وَ (يَلْمِزُ): يَعِيبُ. 2345 - عَنْ هَمَّامٍ قالَ: كُنَّا مَعَ حُذَيْفَةَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَجُلاً يَرْفَعُ الحَدِيثَ إِلى عُثْمَانَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ (17) ".

_ 731 - هو طرف من حديث ذي اليدين المتقدم موصولاً بتمامه (ج 1/ برقم 255). (17) أي: نمّام.

51 - باب قول الله تعالى: {واجتنبوا قول الزور}

(قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 886/ ج 1). 51 - باب قَوْلِ اللهِ تعالى: {وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} 52 - باب مَا قِيلَ في ذِي الوَجْهَيْنِ 2346 - عَنْ أَبي هُريرَةَ رضي اللهُ عنه قال: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَجِدُ [ونَ 4/ 154] مِنْ شَرِّ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ اللهِ ذا الوَجْهَيْنِ؛ الَّذي يأْتِي هَؤُلاءِ بِوَجْهٍ، [ويأتي 4/ 154] هَؤُلاءِ بِوَجهَ". 53 - باب مَنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِما يُقالُ فِيهِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1370/ ج 2). 54 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ التَّمادُحِ 2347 - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ: أَنَّ رَجُلاً ذُكِرَ عِنْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأَثْنَى عَلَيْه رَجُلٌ خَيْراً، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - "وَيْحَكَ (وفي روايةٍ: وَيْلَكَ 3/ 158)! قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبكَ [ويْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صاحبك 3/ 158]-يَقولُهُ مِراراً- (وفي روايةٍ: ثلاثاً 7/ 111)، إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مادِحًا [أَخَاه] لا مَحَالَةَ، فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ [فُلاناً] كَذا وَكَذا، -إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ- وَحَسِيبُهُ اللهُ، وَلا يُزَكِّي (وفي روايةٍ: ولا أُزَكِّي 7/ 111) على اللهِ أَحَداً". 55 - باب مَنْ أَثْنَى عَلَى أَخِيهِ بِمَا يَعْلَمُ 732 - وَقَالَ سَعْدٌ: مَا سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ لأَحَد يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؛ إلا لِعَبْدِ اللهِ بنِ سَلام. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1559/ ج 2).

_ 732 - تقدم موصولاً (ج 2/ برقم 1619).

56 - باب قول الله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)، وقوله: (إنما بغيكم على أنفسكم)، وقوله: (ثم بغي عليه لينصرنه الله)، وترك إثارة الشر على مسلم أو كافر

56 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالى: (إنَّ اللهَ يأْمُرُ بالعَدْلِ والإِحْسانِ وِإيْتاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)، وقَوْلِهِ: (إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ)، وقَوْلِهِ: (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ)، وَتَرْكِ إِثَارَةِ الشَّرِّ على مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2252). 57 - باب ما يُنْهَى عَنِ التَّحَاسُدِ وَالتَّدابُرِ، وَقَوْلِهِ تعالى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذا حَسَدَ) 2348 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ رَضِيَ الله عنه: أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تَبَاغَضُوا، وَلا تحَاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وَكُونُوا عِبادَ اللهِ إِخْواناً، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثلاثَةِ أَيّامٍ، (وفي روايةٍ: ثلاثِ ليالٍ 7/ 91) ". 58 - باب (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا) (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هرَيرة المتقدم برقم 2070/ ج 3). 59 - باب مَا يَكُونُ مِنَ الظَّنِّ 2349 - عَنْ عائِشَةَ قالتْ: [دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْماً، وَقَالَ: "يَا عائِشَةُ!] مَا أَظُنُّ فُلاناً وَفُلاناً يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا [الَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ] شَيْئاً". قال اللَّيثُ: كَانا رَجُلَيْنِ مِنَ المُنَافِقينَ.

60 - باب ستر المؤمن على نفسه

60 - باب سَتْرِ المُؤْمِنِ عَلَى نَفْسِهِ 2350 - عَنْ أبي هُرَيْرَة قَالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "كُلُّ أُمَّتِي مُعَافىً إلا المُجاهِرُونَ (18)، وِإنَّ مِنَ المُجاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ باللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرهُ اللهُ؛ فيَقُولَ: يا فُلانُ! عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذا، وَقَدْ باتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ". 61 - باب الكِبْرِ 1290 - وَقَالَ مُجاهِدٌ: (ثانِيَ عِطْفِهِ): مُسْتَكْبِرًا في نَفْسِهِ، (عِطْفِهِ): رَقَبَتِهِ. (قلتُ: أسند فيه حديث حارثة بن وهب المتقدم برقم 1992/ ج 3). 733 - عن أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: كانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ. 62 - باب الهِجْرَةِ 734 - وَقَوْلِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثً" 2351 - عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الطُّفَيْلِ -هُوَ ابْنُ الحَارِثِ وَهو ابْنُ أَخِي عائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأُمِّها-: أَنَّ عَائِشَةَ حُدِّثَتْ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قالَ في بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطتْهُ عائِشَةُ:

_ (18) كذا بالرفع عند الشارح، وفي نسخة العيني (إلا المجاهرين) بالنصب، وهو الصواب. اهـ. 1290 - وصله الفريابي عنه قال في قوله تعالى: (ثاني عطفه)؛ قال: رقبته. وأخرج ابن أبي حاتم بسند منقطع عن ابن عباس في قوله: (ثاني عطفه)، قال: مستكبراً في نفسه. 733 - هذا معلَّق، وقد وصله أحمد (3/ 98) بسند صحيح، ووصله هو (3/ 174 و 215 - 216) وابن ماجه (زهد - 16) من طريق أخرى عن أنس نحوه. 734 - وصله المصنف في حديث الباب.

وَاللهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عائِشَةُ، أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْها، فَقالتْ: أَهُوَ قالَ هذا؟ قالوا: نعم. قالتْ: هُوَ للهِ عَليَّ نَذْرٌ أَنْ لا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَداً، فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا حينَ طَالَتِ الهِجْرَةُ، فَقالتْ: لا وَاللهِ، لا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَداً، وَلا أَتَحَنَّثُ إِلى نَذْرِي، فَلَمَّا طالَ ذَلِكَ عَلَى ابن الزُّبَيْر كَلَّمَ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرحمن بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغوثَ؛ وَهُمَا مِنْ بَني زُهْرَةَ، وَقالَ لَهُمَا: أَنْشُدُكُما بِاللهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عائِشَةَ؛ فإِنَّها لا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي، فَأَقْبَلَ بِهِ المِسْوَرُ وعبدُ الرحمن مُشْتَمِلَيْنِ بأَرْدِيَتِهِما، حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عائِشَةَ، فَقالا: السَّلامُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ، أَنَدْخُلُ؟ قالتْ عائِشَةُ: ادْخُلُوا. قالُوا: كُلُّنَا؟ قالتْ: نَعَم، ادْخُلُوا كُلُّكُمْ، وَلا تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا، دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْر الحِجَابَ، فَاْعْتَنَقَ عائِشَةَ، وَطَفِقَ يُنَاشِدُها وَيَبْكِي، وَطَفِقَ المِسْوَرُ وعبدُ الرَّحْمن يُناشِدَانِها إلا مَا كَلَّمَتْهُ وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقَولانِ: إِن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ الهِجْرَةِ؛ فإِنَّهُ: "لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخاهُ فَوْقَ ثلاثِ لَيالٍ"، فَلَمَّا أَكْثَروا عَلى عائِشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْريجِ، طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُما وَتَبْكِي، وَتَقُولُ: إِنِّي نَذَرْتُ والنَّذْرُ شَديدٌ، فَلَمْ يَزَالا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتِ ابْنَ الزُّبَيْر، وَأَعْتَقَتْ في نَذْرِها ذلكَ أَرْبَعينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَها بَعْدَ ذلك فَتَبْكِي حَتى تَبُلَّ دُمُوعُها خِمَارَها. 2352 - عَنْ أَبي أَيُّوب الأَنْصارِيِّ أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَحلُّ لِرَجُلٍ (وفي روايةٍ: لمسلم 7/ 128) أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيالٍ،

63 - باب ما يجوز من الهجران لمن عصى

يَلْتَقِيانِ، فَيُعْرِضُ (وفي روايةٍ: فيصُدُّ) هَذا، وَيُعْرِضُ هَذا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بالسَّلامِ". 63 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الهِجْرانِ لِمَنْ عَصَى 735 - وَقالَ كَعْبٌ حِينَ تَخَلَّفَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ونَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المُسْلِمِينَ عَنْ كَلامِنا، وَذَكَرَ خَمْسِينَ لَيْلَةً. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2097/ ج 3). 64 - باب هَلْ يَزُورُ صَاحِبَهُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ بُكْرَةً وَعَشِيًّا؟ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 1657/ ج 2). 65 - باب الزِّيارَةِ، وَمَنْ زَارَ قَوْماً فَطَعِمَ عِنْدَهُمْ 736 - وَزَارَ سَلْمانُ أَبا الدَّرْداءِ في عَهْدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَكَلَ عِنْدَهُ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 354/ ج 1). 66 - باب مَنْ تَجَمَّلَ لِلْوُفُودِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 455/ ج 1). 67 - باب الإِخَاءِ وَالحِلْفِ 737 - وَقالَ أَبو جُحيْفَةَ: آخَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمانَ وَأَبِي الدَّرْداءِ. 738 - وَقَال عَبْد الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف: لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ آخَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنِي وَبَينَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ. 68 - باب التَّبَسُّمِ والضَّحِكِ

_ 735 - هذا طرف من حديثه الطويل، وقد مضى بتمامه موصولاً "ج 3/ رقم 1833". 736 - هو طرف من حديث لأبي جحيفة تقدم موصولاً "30 - الصوم/51 - باب". 737 - تقدم موصولاً في الموضع الذي أشرِت إليه آنفًا. 738 - هذا طرف من حديث تقدم موصولًا "ج 2/ برقم 965".

69 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}، وما ينهى عن الكذب

739 - وَقالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْها السَّلامُ: أَسَرَّ إِلَيَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَضَحِكْتُ. 1291 - وَقالَ ابْنُ عَبَّاس: إِنَّ اللهَ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى. 2353 - عَنْ عَائِشَةَ رضِىِ الله عنها قالتْ: مَا رَأَيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضاحِكاً (19)؛ حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّما كانَ يَتَبَسَّمُ (*). 69 - باب قَوْلِ الله تعالى: {يا أَيُّها الّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، وَمَا يُنْهَى عَنِ الكَذِبِ 2354 - عَنْ عبْدِ الله رضي الله عنه عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدي إلى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجورَ يَهْدِي إِلى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّاباً". 70 - باب في الهَدْيِ الصَّالحِ 2355 - عَن حُذَيْفَةَ قالَ: إِنَّ أَشْبَهَ دَلًّا (20) وسَمْتاً وَهَدْيًا بِرَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -

_ 739 - هو طرف من حديث لعائشة عن فاطمة عليها السلام؛ سيأتي بتمامه برقم (2410). 1291 - هذا طرف من حديث لابن عباس تقدم موصولاً (ج1/ برقم 621). (19) قوله: (ضاحكاً) أي: من جهة الضحك، وروي (ضحكاً). كما في (الشارح). (*) تقدم هذا الحديث بأتم مما هنا (ج 3/ برقم 1965)، ورأينا الإبقاء عليه هنا لزيادة: "مستجمعاً"، وكان فاتنا ضمها هناك. (20) (الدلّ): قريب المعنى من الهدي، وهما من السكينة والوقار في الهيئة والمنظر والشمائل. و (الهدي): هو السيرة. و (السمت): الطريق والمقصد وهيئة أهل الخير.

71 - باب الصبر على الأذى، وقول الله تعالى: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}

لَابْنُ أُمِّ عَبْدٍ، مِنْ حِينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ إِلى أَنْ يَرْجعَ إِلَيْهِ، لا نَدْرِي مَا يَصْنَعُ في أَهْلِهِ إِذَا خَلا. 71 - باب الصَّبْرِ على الأَذَى، وَقَوْلِ اللهِ تعالى: {إِنّما يُوَفَّى الصَّابِرونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ} 72 - باب مَنْ لَمْ يُوَاجِهِ النَّاسَ بالعِتَابِ 2356 - قالت عائِشَةُ: صَنَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً، فَرَخَّصَ (وفي روايةٍ: تَرَخَّصَ 8/ 145) فِيهِ، فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ، فَبَلَغَ ذلكَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَخَطَبَ، فَحَمِدَ اللهَ، ثُمَّ قال: "ما بالُ أقوامٍ يَتَنَزَّهُونَ عنِ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ؟! فَوَاللهِ إِنِّي لأَعْلَمُهُمْ بِاللهِ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً". 2357 - عَنْ أَبِي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَشَدَّ حَياءً مِنَ العَذْراءِ في خِدْرِهَا، فَإِذا رَأَى شَيْئاً يَكْرَهُهُ عَرَفْناهُ في وَجْهِهِ. 73 - باب مَنْ كَفَّرَ أَخاهُ مِنْ غَيرِ تَأوِيلٍ؛ فَهْوَ كَما قالَ 2358 - عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِذا قالَ الرَّجُلُ لأَخِيهِ: يا كَافرُ؛ فَقَدْ بَاءَ بِهِ (21) أَحَدُهُمَا". 2359 - عَنْ عبد اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي اللهُ عنهما أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:

_ (21) به: أي: بالكفر.

74 - باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولا أو جاهلا

"أَيُّمَا رَجُلٍ قالَ لأَخِيهِ: يا كافِرُ؛ فَقَدْ بَاءَ بِهَا (22) أَحَدُهُما". 74 - باب مَنْ لَمْ يَرَ إِكْفَارَ مَنْ قالَ ذلكَ متأولاً أَوْ جَاهِلاً 740 - وَقالَ عُمَرُ لِحاطِبٍ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، فَقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَما يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللهَ قدِ اطَّلَعَ إِلى أَهْلِ بدرٍ، فَقالَ: قَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ". 2360 - عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أنه (وفي روايةٍ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 7/ 221) أدرك عمرَ بْنَ الخَطَّابِ [وهو يسير] في رَكْبٍ، وَهْوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَنَاداهُمْ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا إِنَّ اللهَ يَنْهَاكُمْ أنْ (وفي طريق: لا 8/ 170) تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كانَ حالِفاً؛ فَلْيَحْلِفْ بالله، وإلا فَلْيَصْمُتْ". 75 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الغَضَبِ والشِّدَّةِ لأَمْرِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَقالَ اللهُ تعالى: {جَاهِدِ الكُفَّارَ والمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِم) 2361 - عَنْ زَيْدِ بْنِ ثابِتٍ رضي الله عنه قالَ: احْتَجَرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حُجَيْرَةً مُخصَّفَةً (23) أَوْ حَصِيراً [في رمضان 1/ 178] فَخَرَجَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي إِلَيْها، فَتَتَبَّعَ إِلَيْهِ رِجَالٌ [من أَصْحَابِهِ]، وَجَاؤُا يُصَلُّونَ

_ (22) أي: بالكلمة (شارح). 740 - هذا طرف من حديث علي في قصة حاطب بن أبي بلتعة، وقد مضى موصولاً "ج 3/ برقم 1693". (23) أي: معمولة من سعف، ويروى (بخصفة).اهـ عيني.

76 - باب الحذر من الغضب؛ لقول الله تعالى: {والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون) و {الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}

بِصَلاتهِ، ثُمَّ جاؤُا لَيْلَةً فَحَضَروا، [فلما عَلِمَ بهم جَعَلَ يَقْعُدُ]، وَأَبْطَأَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُمْ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ، [فظنوا أنه قد نامَ 8/ 142]، فرَفَعُوا أَصْواتَهُمْ، (وفي روايةٍ: فجعل بعضهم يتنحنحُ ليخرجَ إليهم)، وَحَصَبُوا البَابَ (24)، فَخَرَجَ إِلَيْهِم مُغْضَبًا، فَقالَ لَهُمْ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا زالَ بِكُمْ صَنِيعُكُمْ (وفي روايةٍ: قد عرفتُ الذي رأيتُ من صنيعكم)، حتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُكْتَبُ عَلَيْكُم، [ولو كُتِبَ عليكم ما قُمْتُم به]، فَعَلَيْكُمْ [أَيها الناس!] بالصَّلاةِ في بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ خَيْرَ (وفي روايةٍ: أفضل) صَلاةِ المَرْءِ في بَيْتِهِ إِلا الصَّلاةَ المَكْتُوبَةَ". 76 - باب الحَذَرِ مِنَ الْغَضَبِ؛ لِقَولِ الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) و {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} 2362 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ (25)، إِنَّما الشَّدِيدُ الَّذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ". 2363 - عنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلاً قالَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَوْصِنِي. قالَ: "لا تَغْضَبْ"، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: "لا تَغْضَبْ".

_ (24) قوله: (وحصبوا الباب): أي رموه بالحصباء، وهي الحصاة الصغيرة. (25) (الشديد): القوي. و (الصرعة): هو الذي يصرع الرجال بقوته، وهو من أبنية المبالغة.

77 - باب الحياء

77 - باب الحَيَاءِ 2364 - عَنْ أَبي السَّوَّارِ العَدَويِّ قالَ: سَمِعْتُ عِمْرانَ بْنَ حُصَيْنٍ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الحَيَاءُ لا يأْتي إِلا بِخَيْرٍ"، فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: مَكْتُوبٌ في الحِكْمَةِ: إِنَّ مِنَ الحَيَاءِ وَقَاراً، وَإنَّ مِنَ الحَيَاءِ سَكِينَةً، فَقالَ لَهُ عِمْرانُ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَتُحَدِّثُني عَنْ صَحِيفَتِكَ؟! 78 - باب "إِذا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَعْ مَا شِئْتَ" 2365 - عن أَبي مَسْعودٍ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولى: إِذا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ". 79 - باب ما لا يُسْتَحْيَا مِنَ الحَقِّ لِلتَّفَقُّهِ في الدِّينِ 80 - باب 741 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا". 742 - وَكانَ يُحِبُّ التَّخْفيفَ وَالْيُسْرَ عَلَى النَّاسِ

_ 741 - مضى موصولاً من حديث أنس "ج 1/ برقم 52". 742 - وصله أحمد (6/ 33 و 86 و 168) من حديث عائشة قالت: " ... وكان يحب ما خفّ على الناس"، ومضى في الكتاب بنحوه برقم (317/ ج 1).

81 - باب الانبساط إلى الناس وقال ابن مسعود: "خالط الناس، ودينك لا تكلمنه "، والدعابة مع الأهل

2366 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّها قالت: ما خُيِّرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إلا أَخَذَ (وفي روايةٍ: اختار 8/ 16) أَيسَرَهُمَا؛ مَا لَمْ يَكُنْ إِثْماً، فَإِنْ كانَ إِثْمًا؛ كانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَ [الله] ما انْتَقَمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِنَفْسِهِ في شَيْءٍ [يؤتى إليه] قَطُّ؛ إِلا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ بِها للهِ. 81 - باب الانْبِسَاطِ إِلى النَّاسِ 1292 - وَقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: "خَالِطِ النَّاسَ، وَدِينَك لا تَكْلِمَنَّهُ (26) "، وَالدُّعَابَةِ مَعَ الأَهْلِ 2367 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالتْ: كُنْتُ ألعَبُ بالبَنَاتِ عنْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وكانَ لي صَواحِبُ يَلْعَبْنَ مَعِي، فَكانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذا دَخَلَ يَتَقَمَّعْنَ مِنْهُ (27)، فَيُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ، فَيَلْعَبْنَ معي. 82 - باب المُدَاراةِ مَعَ النَّاسِ 1293 - وَيُذْكَرُ عَنْ أَبي الدَّرْدَاءِ: إِنَّا لَنَكْشِرُ في وُجُوهِ أَقْوامٍ، وَإنَّ قُلوبَنا لَتَلْعَنُهُمْ. 83 - باب "لا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ" 1294 - وَقالَ مُعَاوَيةُ: لا حَكِيمَ إلا ذو تَجْرُبَةٍ.

_ 1292 - وصله الطبراني في "المعجم الكبير". (26) أي: لا تكلمنّ دينك، ويجوز الرفع، مبتدأ خبره لا تكلمنه. وقوله: (والدعابة) عطف على الانبساط، وهي الملاطفة في القول. (27) أي: يتغيَّبْن. قوله: (فيسربهنّ) من التسريب وهو الإرسال. 1293 - وصله ابن أبي الدنيا وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث"، والدينوري في "المجالسة". 1294 - وصله المصنف في "الأدب المفرد" (565)، وابن أبي شيبة في "المصنف" بسند صحيح عنه. وأخرجه المصنف وغيره من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً وموقوفاً وإسناده ضعيف.

84 - باب حق الضيف

2368 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قالَ: "لا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ واحِدُ مَرَّتَيْن". 84 - باب حَقِّ الضَّيْفِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عبد الله بن عمرو المتقدم برقم 2037/ ج 3). 85 - باب إِكْرامِ الضَّيْف وَخِدْمَتِهِ إِيَّاهُ بنَفْسِهِ وَقَوْلِه: (ضَيْفِ إِبْراهيمَ المُكْرَمِينَ) قالَ أَبو عبد الله: هُوَ زَوْرٌ، وَهَؤُلاءِ زَوْرٌ وضَيْفٌ، ومَعْناهُ: أَضْيَافُهُ وَزُوَّارُهُ (28)؛ لأَنَّها مَصْدرٌ مِثْلُ قَوْمٌ رِضاً، وَعَدْلٌ، وَيُقالُ: ماءٌ غَوْرٌ، وبئرٌ غَوْرٌ، وَمَاآنِ غَوْرٌ، وَمِياهٌ غَوْرٌ. وَيُقَالُ: الغَوْرُ الغائِرُ: لا تَنَالُهُ الدِّلاءُ، كُلُّ شيْءً غُرْتَ فيهِ فَهْوَ مَغَارَةٌ. (تَزَاوَرُ): تَمِيل مِنَ الزَّوَرِ، وَالأَزْوَرُ: الأَمْيَلُ. 2369 - عَنْ أَبي هُريرَةَ عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤذِ جَارَهُ، (وفي طريق: فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ". 86 - باب صُنْعِ الطَّعَامِ وَالتَّكَلّفِ للضَّيْفِ

_ (28) أي: معنى هؤلاء زور وضيف: هؤلاء زواره وأضيافه. قوله: (من الزوَر) هو بفتح الواو بمعنى الميل، كما نبَّهَ عليه العيني، فقد غلط من ضبطها بالسكون.

87 - باب ما يكره من الغضب والجزع عند الضيف

(قلتُ: أسند فيه حديث أبي جحيفة المتقدم برقم 929/ ج 1). 87 - باب مَا يُكرَهُ مِنَ الغَضَبِ والجزَعِ عِنْدَ الضَّيْفِ (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الرحمن بن أبي بكر المتقدم برقم 1528/ ج 2). 88 - باب قَوْلِ الضَّيْفِ لِصَاحِبِهِ: وَاللَهِ لا آكُلُ حتَّى تأْكُلَ 743 - فِيهِ حَدِيثُ أَبي جُحَيْفَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الرحمن بن أبي بكر المشار إليه آنفاً). 89 - باب إِكْرامِ الكَبِيرِ وَيَبْدَأُ الأَكْبَرُ بالكَلامِ وَالسُّؤَالِ 2370 و 2371 - عَنْ رافعِ بْنِ خَدِيجٍ وَسَهْلِ بْنِ أَبي حَثْمَةَ (وفي روايةٍ: عن سهل بن أبي حَثْمَةَ ورجال من كبراء قومِهَ 8/ 119) أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ أَنَّ عَبد الله بْنَ سَهْلٍ وَمُحيِّصَةَ بنَ مسعودٍ أتيا خيبرَ، [وهي يومئذٍ صلحٌ 4/ 67] [من جهد أصابهم 8/ 119]، فَتَفَرَّقا في النَّخْلِ، فَقُتِلَ عبدُ الله بْنُ سَهْلٍ، (وفي روايةٍ: فأتى محيصة عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلًا فدفنه)، (وفي روايةٍ: فأُخبِرَ محيّصةُ أنّ عبدَ الله قُتِلَ وطُرِحَ في فقيرٍ أو عينٍ، فأتى يهودَ فقال: أنتم والله قَتَلْتُموه. قالوا: ما قَتَلْناه والله، [ولا علمنا قاتلاً 8/ 42]، ثم قَدِمَ المدينةَ)، [ثم أقبل حتى قدم على قومِهِ فذكر لهم]، فَجاءَ عبد الرحمن بْنُ سَهْلٍ وَحُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعودٍ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَتَكَلَّمُوا في أَمْرِ صاحِبِهِمْ، فَبَدَأَ عَبْدُ الرحمن [ليتكلَّمَ، وهو الذي كَان بخيبر]، وَكَانَ أَصْغَرَ القَوْمِ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كَبِّر الكُبْرَ (29) (وفي روايةٍ: كبِّر، كبِّر) ".

_ 743 - مضى موصولاً في "ج 1/ 30 - الصيام/ برقم 929". (29) جمع الأكبر، أي: قدِّم الأكبر للتكلم. (عيني).

90 - باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء، وما يكره منه، وقوله تعالى: {والشعراء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم فى كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون).

-قال يَحْيَى: يعني لِيَلِيَ الكَلامَ الأَكْبَرُ-، [فسكَتَ]، فَتَكَلَّموا في أَمْرِ صاحِبِهِمْ، [فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِما أَن يَدُوا (30) صاحبَكم، وإِما أن يُوذَنُوا بِحَرْب"، فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم به، فَكُتِبَ: ما قتلناهُ]، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -[لحويِّصة ومحيِّصة وعبد الرحمن]: ["تأتونَ بالبَيِّنَةِ على من قَتَلَه؟ ". قالوا: ما لنا بينة، قال:] "أَتَسْتَحِقُّونَ [دَمَ] قَتِيلَكُمْ -أَو قال صاحِبَكُمْ- بأَيْمانِ خَمْسينَ مِنْكُمْ؟ "، قالوا: يا رَسولَ اللهِ! أَمْرٌ لَمْ نَرَهُ (وفي روايةٍ: وكيف نحلف ولم نشهد، ولم نَرَ؟ (قالَ: "فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ في أَيمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ"، قَالوا: يا رسول اللهِ! [كيف نأخذ أيمان] قَوْمٌ كُفَّارٌ؟ [فكره رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يُبطِل دمَهُ 8/ 42]، فَوَداهُمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ قِبَلِهِ [مائةً من إبِل الصدَقَةِ] [حتى أدخلت الدار]، قالَ سَهْلٌ: فَأَدْرَكْتُ نَاقَةً مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ، فَدَخَلَتْ مِرْبَداً لَهُمْ فَرَكَضَتْنِي بِرِجْلِها. 90 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ الشِّعْرِ وَالرِّجْزِ وَالْحُدَاءِ، وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ، وَقَوْلِهِ تَعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِى كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ). 1295 - قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: في كُلِّ لَغْوٍ يَخوضُونَ.

_ (30) أي: يعطوا ديته. قال في النهاية: "وَدَيْتُ القتيل أي: أدِيَهُ ديةً، إذا أعطيت ديته. وَاديته أي: أخذت ديته، والهاء فيها عوض عن الواو المحذوفة، وجمعها: ديات". 1295 - وصله ابن أبي حاتم والطبري بسند منقطع عنه.

91 - باب هجاء المشركين

2372 - عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رسولَ اللهِ قالَ: "إِنَّ مِنَ الشِّعْرِ حِكْمَةً". 2373 - عن جُنْدُب [بن سفيان 3/ 204] قالَ: بَيْنَمَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْشِي، إِذْ أَصابَهُ حَجَرٌ، فَعَثَرَ، (وفي روايةٍ: كان في بعض المشاهد)، فَدَمِيَتْ إِصْبَعُهُ، فَقالَ: "هَلْ أنْتِ إِلا إِصْبَعٌ دَمِيتِ ... وَفي سَبيلِ اللهِ مَا لَقِيتِ". 2374 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي اللهُ عنه قالَ: أَتَى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - علَى بَعْضِ نِسائِهِ [في مسير (وفي طريق: سفرٍ] له 7/ 121] وَمَعَهُنَّ أُمُّ سُلَيْم [في الثقل 7/ 119]، [وكان [معه 7/ 111] غلام [له أسود] يحدُو (وفي روايةٍ: يسوق) بهنَّ، يقال له: أنجشة]، [وكان حسن الصوت]، فحدى]، فَقَال: "وَيْحَكَ يا أَنْجَشَةُ (وفي روايةٍ: أنجشَ!) رُويدَكَ سَوْقًا (وفي روايةٍ: سوقك)، (وفي روايةٍ: ارفُق) بالقَوَاريرِ"، (وفي طريق: "لا تكسر القوارير". قال قتادة: يعني ضعفة النساء). قالَ أَبُو قلابَةَ: فَتَكَلَّمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِكَلِمَةٍ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا بَعْضُكُمْ لَعِبْتُموها عَلَيْه قَوْلُهُ: "سَوْقَكَ بِالقَوَارِيرِ". 91 - باب هِجاءِ المُشْرِكِينَ 92 - باب مَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الغَالِبَ عَلى الإِنسانِ الشِّعْرُ حَتَّى يَصُدَّهُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَالعِلْمِ والقُرْآنِ 2375 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لأَنْ يَمْتَلِئ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَن يَمْتَلِئَ شِعْراً". 2376 - عَنْ أَبِي هُريرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ رَجُلٍ قَيحاً يَرِيهِ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْراً".

93 - باب قول النبى - صلى الله عليه وسلم -: "تربت يمينك" و"عقرى حلقى"

93 - باب قَوْلِ النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَرِبَتْ يَمِينُكِ" وَ"عَقرْى حَلْقَى" 94 - باب مَا جَاءَ في: زَعَمُوا (قلتُ: أسند فيه حديث أم هانئ المتقدم برقم / 194/ ج 1). 95 - باب ما جاءَ في قولِ الرَّجُلِ: ويلَكَ 96 - باب عَلامَةِ حُبِّ الله عَزَّ وجَلَّ؛ لقَوْلِه تَعَالى: (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) 2377 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْن مَسْعُودٍ رضي اللهُ عنه: جاءَ رَجُلٌ إِلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يا رَسولَ اللهِ! كَيفَ تَقولُ في رَجُلٍ أَحَبَّ قَوْماً وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِمْ؟ فقالَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ". 2378 - عَنْ أَبي مُوسَى قالَ: قيلَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: الرَّجُلُ يُحِبُّ القَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ؟ قالَ: "المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ". 97 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ للرَّجُلِ: اخْسَأْ 2379 - عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لابْنِ صَائِدٍ: "قَدْ خَبَأْتُ (31) لَكَ خَبِيئاً، فَمَا هُوَ؟ "، قالَ: الدُّخُّ، قالَ: "اخْسَأْ".

_ (31) أي أضمرت، و (الخبيء): هو الشيء المضمر المخبوء وكان - صلى الله عليه وسلم - قد أضمر له: (يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ). قوله: (قال: الدخ) أراد أن يقول: الدخان، فلم يستطع أن يتمها على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم من الجن. (قوله: اخسأ) هو في الأصل زجر للكلب وإبعاد له، ثم استعمل في كل من قال أو فعل ما لا ينبغي: أي: اسكت صاغراً مطروداً، وفي التنزيل العزيز: (اخسأوا فيها).

98 - باب قول الرجل: مرحبا

قالَ أبو عبد اللهِ: خَسَأتُ الكَلْبَ: بَعَّدْتُهُ. (خَاسِئِينَ): مُبْعَدِينَ. 98 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: مَرْحَباً 744 - وَقالتْ عائشَةُ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِفاطِمَةَ عَلَيْها السَّلامُ: "مَرْحَباً باِبْنَتي". 745 - وقالتْ أُمُّ هانئ: جِئْتُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: "مرحباً بأمِّ هَانِئٍ". 99 - باب مَا يُدْعَى النَّاسُ بِآبائِهِمْ 2380 - عَنِ ابنِ عُمَرَ أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إِنَّ الغَادِر يُنْصَبُ (وفي طريق: يُرْفَعُ) لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيُقَالُ: هذِهِ غَدْرَةُ فُلانِ بْنِ فُلانٍ". 100 - باب لا يَقُلْ: خَبُثَتْ نَفْسِي 2381 - عَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي، ولكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسي (32) ". 2382 - عَنْ أَبي أُمَامَة بنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِي". 101 - باب لا تَسُبُّوا الدّهْرَ

_ 744 - هذا طرف من حديث يأتي موصولاً في "79 - الاستئذان/ 43 - باب". 745 - هذا طرف من حديث تقدم موصولاً في "ج 1/ 8 - الصلاة برقم 194". (32) لقست وخبثت واحد في المعنى، ولكنه كره لفظ الخبث. كذا في الشرح.

102 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الكرم قلب المؤمن"

(قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1963/ ج 3). 2383 - عَنْ أَبي هرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تُسَمُّوا العِنَبَ (وفي طريق: يقولون:) الكَرْمَ (33)، [إِنَّمَا الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ]، ولا تَقُولُوا: خيْبَةَ الدَّهْرِ، فإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْرُ". 102 - باب 746 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّما الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنَ" (34) 747 - وَقَدْ قالَ: "إِنَّما المُفْلِسُ الَّذي يُفْلِسُ يَوْمَ الْقِيامَةِ". 748 - كَقَوْلِهِ: "إِنَّمَا الصُّرَعَةُ الذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ". 749 - كَقَوْلِهِ: "لا مُلْكَ إلا للهِ"، فَوَصَفَهُ بِانْتِهاءِ المُلْكِ، ثُمَّ ذَكَرَ المُلُوكَ أَيْضاً، فقالَ: (إِنَّ المُلُوكَ إِذَا دَخَلوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا)

_ (33) نهى عن تسمية العنب كرماً لتأكيد تحريم الخمر، لأن في التسمية به تقريراً لما كانوا يتوهمونه من تكريم شاربها. 746 - وصله المصنف في آخر هذا الباب من طريق أخرى عن أبي هريرة، وأشرنا إليه في آخر الباب الذي قبله. (34) أي: لا يقولون: الكرم قلب المؤمن، ويقولون: الكرم شجر العنب. 747 - وصله مسلم وغيره كابن حبان والترمذي، وصححه؛ من حديث أبي هريرة، وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (847). 748 - وصله المصنف في "الأدب المفرد" برقم (155) بسند صحيح عن ابن مسعود. ووصله مسلم أيضاً. وقد مضى من حديث أبي هريرة بنحوه "76 - باب". 749 - هو طرف من حديث أبي هريرة الآتي "114 - باب" في رواية عنه، وسأذكر هناك من خرجها. وأخرج أحمد (5/ 272) عن أبي همام الشعباني قال: حدثني رجل من خثعم قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك .. الحديث وفيه: "إن الله أعطاني الليلة الكنزين، كنز فارس والروم، وأمدني فيه بالملوك ملوك حمير الأحمرين، ولا مُلك إلا لله ... " الحديث.

103 - باب قول الرجل: فداك أبي وأمي

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة الذي قبله). 103 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي 750 - فِيهِ الزُّبَيْرُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث علي المتقدم برقم 1715/ ج 3). 104 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: جَعَلَنِي اللهُ فِداءَكَ 751 - وقالَ أَبو بَكْرٍ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: فَدَيناكَ بِآبائنَا وأُمَّهَاتِنا. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 1234/ ج 2). 105 - باب أَحَبِّ الأَسْمَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث جابر المتقدم برقم 1353/ ج 2). 106 - باب 752 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - "سَمُّوا بِاسْمِي، وَلا تَكْتَنوا بِكُنْيَتِي" قالَهُ أَنَسٌ عَنِ النبِّي - صلى الله عليه وسلم -. 107 - باب اسْمِ الحَزْنِ (قلتُ: أسند فيه حديث سعيد بن المسيب عن أبيه الآتي بعدَه). 108 - باب تَحْوِيلِ الاسْمِ إِلى اسْمٍ أَحْسَنَ مِنْهُ 2384 - عَنْ سَهْلٍ قالَ: أُتِيَ بِالمُنْذِرِ بْنِ أَبي أُسَيْدٍ إِلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ

_ 750 - يشير إلى الحديث المتقدم عن عبد الله بن الزبير برقم (1581/ ج 2). 751 - هو طرف من حديث أبي سعيد الخدري مضى موصولاً بتمامه (ج1/ برقم 246). 752 - مضى موصولاً "ج 2/ 34 - البيوع / 49 - باب / 1000 - حديث".

109 - باب من سمى بأسماء الأنبياء

وُلِدَ، فَوَضَعَهُ عَلَى فخِذِهِ، وَأَبو أُسَيْدٍ جاِلسٌ، فَلَهَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِشَيْءٍ بَيْنَ يدَيْهِ، فَأَمَرَ أَبُو أُسَيْدٍ بابْنِهِ فاحْتُمِلَ مِن فَخِذِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فاسْتَفَاقَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ: "أينَ الصَّبِىُّ؟ "، فَقالَ أَبو أُسَيْدٍ: قَلَبْنَاهُ يا رَسولَ الله، قالَ: "ما اسْمُهُ؟ "، قالَ: فُلانٌ، قالَ: "وَلَكِنِ اسْمُهُ المُنْذِرُ"، فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ المُنْذِرَ. 2385 - عَنْ أَبي هُريرَة؛ أَنَّ زَينَبَ كانَ اسْمُها بَرَّةَ، فَقيلَ: تُزَكِّي نَفْسَها، فَسَمَّاها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - زينَبَ. 2386 - عن سَعيد بْنِ المسَيَّبِ (ومن طريق أخرى: عنه عن أبيه عن جدّه) أَنَّ جَدَّهُ حَزْناً قَدِمَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما اسْمُكَ؟ ". قالَ: اسْمِي حَزْنٌ، قالَ: "بلْ أنْتَ سَهْلٌ"، قالَ: ما أَنَا بِمُغَيِّرٍ اسماً سَمَّانيهِ أَبي. قال ابنُ المُسَيَّبِ: فما زالَتْ فِينَا الحُزُونَةُ (35) بَعدُ. 109 - بابُ مَنْ سَمَّى بأَسْماءِ الأَنْبِياءِ 753 - وَقالَ أَنَسٌ: قَبَّلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِبْراهيمَ. يعني ابْنَهُ. 2387 - عن إِسْماعيلَ: قُلْتُ لابْنِ أبي أَوْفَى: رَأَيتَ إِبْراهيمَ ابْنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قالَ: ماتَ صَغِيراً، ولَوْ قُضِيَ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - نبيُّ عاشَ ابْنُهُ،

_ (35) (الحزونة) الصعوبة. اهـ (شارح). 753 - تقدم موصولاً في "الجنائز" (ج 1/ برقم 627).

110 - باب تسمية الوليد

وَلَكِنْ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ. 2388 - عن أَبي مُوسى قالَ: وُلِدَ لي غُلامُ، فَأَتَيْتُ بِهِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَمَّاهُ إِبْراهيمَ، فَحَنَّكَهُ بِتَمْرَةٍ، وَدَعا لَهُ بِالبَرَكَةِ، وَدَفَعَهُ إليَّ، وَكانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبي موسَى. 110 - باب تسْمِيَةِ الوَليدِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أَبي هريرة المتقدم برقم 420/ ج 1). 111 - باب مَنْ دَعَا صاحِبَهُ فَنَقَصَ مِنَ اسْمِهِ حَرْفاً 754 - وَقالَ أبُو حازِمٍ: عَنْ أَبي هُريرَة رَضِيَ الله عنه: قالَ لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا أَبا هرٍّ". 112 - باب الكُنْيَةِ للصَّبِيِّ وَقَبْلَ أَنْ يُولَدَ للرَّجُلِ 2389 - عَنْ أَنَسٍ قالَ: كانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً، وَكانَ لي أَخٌ يِقالُ لَهُ: أَبُو عُمَيْرٍ، قالَ: أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ (36)، وَكانَ إِذا جاءَ قالَ (وفي طريق: إنْ كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليُخَالِطُنا، حتى يقول لأخٍ لي صغيرٍ 7/ 102): "يا أَبا عُمَيْرٍ! ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ "، نُغَرٌ كانَ يَلْعَبُ بِهِ، فَرُبَّما حَضَرَ الصَّلاةَ وهُوَ في بَيْتِنا، فَيأْمُرُ بالبِسَاطِ الَّذِي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ، ثمَّ يَقُومُ وَنَقومُ خَلْفَهُ، فَيُصَلِّي بِنا. 113 - باب التَّكَنِّي بِأَبِي تُرَابٍ، وَإن كانَتْ لَهُ كُنْيَةُ أُخْرى

_ 754 - هذا طرف من حديث وصله المصنف رحمه الله في "الأطعمة" (6/ 196)، لكن وقع هناك: "يا أبا هريرة" بدون ترخيم، فربطت ما بين هنا وهناك بما يقتضي أن الصواب مرخماً. وسيأتي هكذا من طريق أخرى عنه في قصة أخرى في "81 - الرقاق/ 17 - باب". (36) أحسبه فطيماً. (النغر): طير صغير كالعصافير حمر المناقير. (عيني).

114 - باب أبغض الأسماء إلى الله

(قلتُ: أسند فيه حديث سهل بن سعد المتقدم برقم 1574/ ج 2). 114 - باب أبْغَضِ الأسْمَاءِ إلى اللهِ 2390 - عَنْ أَبي هُريرَة قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَخْنَى (37) (وفي طريق: أَخْنَغ) الأَسْماءِ يَومَ القِيامَةِ عِنْدَ اللهِ، رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلاكِ" (38). قالَ سُفْيانُ: يَقولُ غَيْرُه: تَفْسِيرُهُ شَاهَانْ شاهْ (39). 115 - باب كُنْيَةُ المُشْرِكِ 755 - وَقالَ مِسْوَرٌ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إلا أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبي طالِبٍ". 116 - باب المَعَارِيضُ (40) مَنْدُوحَةٌ عَنِ الكَذِبِ 756 - وَقَالَ إِسْحاقُ: سَمِعْتُ أَنَساً: ماتَ ابْنٌ لأَبي طَلْحَةَ، فَقَالَ: كَيْفَ الغُلامُ؟ قالتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: هدَأَ نَفَسُهُ، وأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَراحَ، وَظَنَّ أَنَّها صادِقَةٌ. 117 - باب قَولِ الرَّجُلِ للشَّيءِ: ليْسَ بِشيءٍ، وهْوَ ينْوي أنَّهُ ليْسَ بحقٍّ

_ (37) قوله: (أخنى): أي: أفحش. (أخنع): أي: أذلّ وأوضع. (38) قلت: زاد أحمد (2/ 492) من طريق أخرى عنه: "لا مُلك إلا لله". وعنده من طريق ثالثة (2/ 315): "لا مَلِك إلا الله عزَّ وجلَّ". وهي رواية لمسلم (6/ 174)، وفي أخرى له: "لا مالك إلا الله". (39) مراده كما قال الحافظ أن لفظ "شاهان شاه" كان قد كثر التسمية به في ذلك العصر، فنبّه سفيان على أن الاسم الذي ورد الخبر بذمه لا ينحصر في "ملك الأملاك"، بل كل ما أدى معناه بأي لسان كان فهو مراد بالذم، ويؤيد ذلك أنه وقع عند الترمذي: "مثل شاهان شاه". 755 - هذا طرف من حديث تقدم موصولاً في "ج 2/ 57 - الخمس برقم 1351". (40) جمع معراض من التعريض، وهو خلاف التصريح من القول، وهو التورية بالشيء عن الشيء. ومعنى (مندوحة): متسعة، يعني أن المعاريض يستغني بها الرجل عن الاضطرار إلى الكذب. 756 - هو طرف من حديث طويل تقدم موصولًا في "ج 3/ 71 - العقيقة/ 1 - باب".

118 - باب رفع البصر إلى السماء، وقوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعت)

757 - وقال ابنُ عبَّاس: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - للقَبرَيْن: "يُعذَّبانِ بِلا كبير، وإنَّهُ لكبيرٌ". 2391 - قالتْ عَائشةُ: سَألَ أُناسٌ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الكُهَّانِ؟ فقالَ لَهُم رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليْسُوا بشَيءٍ". قالوا: يا رسوَلَ الله! فإنَّهُم يُحَدِّثُون أحياناً بالشَّيء يَكُونُ حَقاً، فَقَالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تِلكَ الكلمةُ مِنَ الحقِّ، يَخْطفُهَا الجنِّيُّ، فيَقُرُّهَا (وفي روايةٍ: فيُقَرْقِرُها (41) 8/ 218) في أُذنِ وَلِيِّه قَرَّ (وفي روايةِ: كقرقرة) الدَّجاجَةِ". (وفي روايةٍ: "إن الملائكةَ تنزلُ في العنانِ -وهو السَّحابُ- فتذكُرُ الأمر قُضيَ في السماء (وفي روايةٍ: 758 - تتحدثُ في العنان -والعنان: الغمام- بالأمر يكون في الأرض 4/ 94)، فتستَرِقُ الشياطينُ السَّمْعَ فَتَسمعُهُ، فتوحيه إلى الكُهَّانِ 4/ 79)، (وفي أخرى: فتَقُرُّها في أُذُنِ الكاهِنِ، كما تُقَرُّ القارورةُ)، فيخلطونَ فيها أكثر من مائةِ كَذْبَةٍ [مِنْ عِنْدِ أنفسِهِم] ". 118 - باب رَفعِ البَصَرِ إلى السَّمَاءِ، وَقَولِهِ تَعَالَى: (أفَلاَ يَنْظرُونَ إلى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَت * وإلىَ السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ) 759 - عَنْ عَائِشَةَ: رَفَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - رأسَهُ إلى السَّمَاءِ.

_ 757 - هذا طرف من حديث تقدم موصولاً في "ج1/ 4 - الوضوء/ 57 - باب". (41) قوله: (فيقرها) بهذا الضبط عند الشارح، وبفتح القاف عند العيني: أي يصوت بها. 758 - وصلها أبو نعيم في "المستخرج" من طريق أبى صالح كاتب الليث بن سعد عنه بسنده عن أبي الأسود عن عروة عنها، ووصلها بنحوه في "ج 2/ 59 - بدء الخلق/ 6 - باب" من طريق أخرى عن الليث عن شيخ آخر به عنه، وهي المذكورة مشاراً إلى عزوها (4/ 79). 759 - هو طرف من حديث تقدم موصولاً في "ج 3/ برقم 1837".

119 - باب نكت العود في الماء والطين

119 - باب نَكْتِ العُودِ في الماءِ وَالطّينِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي موسى المتقدم برقم 1563/ ج 2). 120 - باب الرَّجُلِ يَنْكُتُ الشَّيءَ بِيدِهِ في الأرْضِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث علي المتقدم "ج 1/ 23 - الجنائز/ 82 - باب"). 121 - باب التَّكْبيرِ وَالتَّسْبيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ 760 - وَقَالَ عُمَرُ: قُلْتُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: طَلَّقْتَ نِساءَكَ؟ قَالَ: "لا". قُلْتُ: الله أَكْبَرُ. 122 - باب النَّهْي عَنِ الخَذْفِ (41) (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن مغفل المتقدم برقم 1969/ ج 3). 123 - باب الحمْدِ لِلعَاطِسِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي قريباً). 124 - باب تَشْمِيتِ العَاطِسِ إذَا حَمِدَ الله 761 - فيِهِ أبُو هُريرَةَ. (قَلت: أسند فيه حديث البراء المتقدم "ج 1/ 23 - الجنائز/ 2 - باب"). 125 - باب مَا يُسَتحَبُّ مِنَ العُطَاسِ، ومَا يُكْرَهُ مِنَ التثَاؤُبِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي بعد بابين).

_ 760 - هو طرف من حديث طويل عن ابن عباس تقدم موصولاً "ج 2/ 46 - المظالم/ 26 - باب". (41) خَذَفْتُ الحصاة ونحوها خذفاً؛ من باب ضرب: رميتُها بطرفي الإبهام والسبابة. 761 - يشير إلى حديثه الآتي "126 - باب".

126 - باب إذا عطس كيف يشمت؟

126 - باب إذَا عَطَسَ كيْفَ يُشَمَّتُ؟ 2392 - عَنْ أبِي هُرَيرةَ رَضيَ الله عَنْهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إذا عَطَسَ أحَدُكُم فَلْيَقُل: الحمدُ لله، وليقُلْ لَهُ أخُوهُ أوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ الله، فَإِذا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ الله، فَلْيقُل: يَهْديكمُ الله وَيُصْلِحُ بالَكُم". 127 - باب لَا يُشَمَّتُ العاطِسُ إذا لم يَحْمَدِ اللهَ 2393 - عن أنسٍ رَضي الله عنهُ يقولُ: عَطَسَ رَجُلانِ عِنْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَشَمَّتَ أحدَهُمَا، ولَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ الله! شَمَّتَّ هَذَا، وَلَمْ تُشَمِّتْني، قَالَ: "إنَّ هَذَا حَمِدَ الله، وَلَمْ تَحْمدِ الله". 128 - باب إذَا تَثَاوَبَ فَليَضع يَدَهُ عَلىَ فِيهِ 2394 - عَنْ أَبي هُرَيرةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إنَّ الله يُحِبُّ العُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللهَ؛ كَانَ حقاً عَلى كُلِّ مُسْلِم سَمِعُهُ أن يَقُولَ لَهُ: يَرْحمُكَ اللهُ، (وفي روايةٍ: أن يشمِّتَه)، وَأمَّا التَّثَاؤُبُ؛ فَإنَّمَا هُو مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإذَا تَثَاوَبَ أحَدُكُم فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإنَّ أحَدَكُم إذَا تَثَاءَبَ، (وفي روايةٍ: إذا قال: ها) ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ".

79 - كتاب الاستئذان

بسم الله الرحمن الرحيم 79 - كتاب الاستئذان 1 - باب بَدْءِ السَّلام 2395 - عَن أبي هُريرةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "خَلقَ اللهُ آدَم علَى صُورتهِ، [و 4/ 102] طولُهُ سِتُّون ذِراعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قالَ: اذهَبْ فَسَلِّم على أُولئكَ النّفرِ مِنَ الملائكَةِ جُلوسٌ، فاستَمع ما يحيُّونَكَ؛ فإنّهَا تحيَّتُك، وتحيّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فَقالَ: السَّلامُ عليكُم، فقالُوا: السّلامُ عليكَ ورَحمَةُ الله، فزادُوهُ: "ورَحمَةُ الله"، فكلُّ مَنْ يدْخُلُ الجنَّةَ على صُورةِ آدم، فَلم يزلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حتَّى الآن". 2 - باب قولِ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (29)} 1296 - وقَالَ سَعيدُ بنُ أبي الحَسَنِ لِلْحَسَنِ: إنَّ نِسَاءَ العَجَمِ يَكْشِفْنَ صُدُورَهُنَّ ورُؤُوسَهُنَّ؟

_ 1296 - لم يخرجه الحافظ.

قَالَ: اصْرِف بَصَرَكَ عَنْهُنَّ؛ قَوْلُ (1) الله عَزَّ وَجَلَّ: (قُلْ لِلمُؤْمِنين يَغُضُّوا مِنْ أبْصَارِهِم وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُم}. 1297 - وَقَالَ قَتَادَةُ: عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُمْ، (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ). {خَائِنَةَ الأَعْيُنِ}؛ مِنَ النَّظَرِ إِلَى مَا نُهِىَ عَنْهُ. 1298 - وَقَالَ الزُّهْرِىُّ فِى النَّظَرِ إِلَى الَّتِى لَمْ تَحِضْ مِنَ النِّسَاءِ: لَا يَصْلُحُ النَّظَرُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهُنَّ؛ مِمَّنْ يُشْتَهَى النَّظَرُ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً. 1299 - وَكَرِهَ عَطَاءٌ النَّظَرَ إِلَى الْجَوَارِى يُبَعْنَ بِمَكَّةَ إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَشْتَرِىَ. 2396 - عن عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ يَوْمَ النَّحْرِ خَلْفَهُ عَلَى عَجُزِ رَاحِلَتِهِ، وَكَانَ الْفَضْلُ رَجُلاً وَضِيئًا، فَوَقَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلنَّاسِ يُفْتِيهِمْ، وَأَقْبَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ وَضِيئَةٌ، تَسْتَفْتِى رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، [وتنظر إليه 2/ 218]، وَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا، فَالْتَفَتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَالفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، فَأَخْلَفَ بِيَدِهِ (2)، فَأَخَذَ بِذَقَنِ الْفَضْلِ، فَعَدَلَ وَجْهَهُ عَنِ النَّظَرِ إِلَيْهَا (وفي روايةٍ: فجعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يصرفُ وجهَ الفضلِ إلى الشقِّ الآخر)، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ فِى الْحَجِّ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِى شَيْخًا كَبِيرًا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِىَ (وفي روايةٍ: لا يَثْبت) عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ

_ (1) وفي روايةٍ: يقول. 1297 - وصله ابن أبي حاتم. 1298 - لم يخرجه الحافظ. 1299 - وصله ابن أبي شيبة، والفاكهي في "كتاب مكة" بسند صحيح عنه. (2) أي: مدَّها إلى خلفه.

3 - باب السلام اسم من أسماء الله تعالى، (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)

يَقْضِي عَنْهُ أنْ أُحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: "نَعم"، [وذلك في حجة الوداع]. 3 - باب السَّلامُ اسمٌ مِنْ أسماءِ الله تعالى (3)، (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 147 - باب"). 4 - باب تَسْلِيم القليلِ عَلَى الكَثيرِ 2397 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يُسَلِّمُ الصَّغيرُ عَلى الكَبيرِ (وفي طريق: الراكبُ على الماشي)، والمارُّ على القاعِدِ، والقَلِيلُ على الكَثيرِ". 5 - باب تَسليمِ الرَّاكِبِ عَلى الماشي (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم آنفاً). 6 - باب تَسْليمِ الماشي على القَاعِدِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم آنفاً). 7 - باب تَسْليمِ الصَّغيرِ على الكَبيرِ (قلت: علَّق فيه حديث أبي هريرة الذي تقدم موصولاً آنفاً). 8 - باب إفْشَاءِ السَّلامِ (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم برقم "ج 1/ 23 - الجنائز/2 - باب").

_ (3) هذه الترجمة قطعة من حديث أخرجه المصنف في "الأدب المفرد" من حديث أنس بسند جيد، وهو مخرَّج في "الصحيحة" (1894).

9 - باب السلام للمعرفة وغير المعرفة

9 - باب السَّلامِ لِلمعرِفَةِ وغيرِ المَعْرِفَةِ (4) 10 - باب آيةِ الحِجَابِ 11 - باب الاستِئْذَانُ مِنْ أجلِ البَصَرِ 2398 - عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: اطَّلَعَ رَجُلٌ مِنْ جُحْرٍ في [باب 8/ 45] حُجَرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَمعُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مِدْرىً يَحُكُّ بِهِ رَأسَهُ، فَقَالَ: "لَوْ أعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعْنتُ بِهِ في عَينِكَ، إنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئذانُ مِنْ أجْلِ البَصَر". 12 - باب زِنَا الجوَارِح دُونَ الفرْجِ 2399 - عَنِ ابن عَبَّاسٍ قالَ: مَا رأيْتُ شَيْئاً أشبَهَ باللَّمَمِ مِمَّا قالَ أبُو هُرَيرَةَ عَن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله كَتَبَ عَلَى ابنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا أدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَة، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وزِنَا اللِّسَانِ المنطِقُ، والنَّفْسُ تَمنَّى وتَشْتَهي، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ". 13 - باب التَّسليمِ وَالاستِئْذَانِ ثَلاَثاً 2400 - عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدريِّ قال: كُنْتُ في مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ

_ (4) أي: على من تعرف ومن لا تعرف، فاللام كما في قول الملك العلام: (ويَخِرُّون للأذقان).

14 - باب إذا دعي الرجل فجاء، هل يستأذن؟

الأَنْصَارِ، إذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأنَّهُ مَذْعُورٌ، فَقَالَ: اسْتأْذَنْتُ عَلَى عُمَرَ ثَلاثًا فَلْم يُؤْذَنْ لي، [وكأنه كان مشغولاً 3/ 6]، فَرَجَعْتُ [فَفَرغَ عمرُ، فقال: ألم أسْمَع صوتَ عبدِ الله بن قيسٍ؟ ائذنوا له، قيل: قد رجع، فدعاه]، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ (وفي روايةٍ: مَا حملك على ما صنعتَ؟ 8/ 157)، قُلْتُ: اسْتَأذَنْتُ ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي، فَرَجَعْتُ، وَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اسْتَأْذَنَ أحَدُكُم ثَلاثًا فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، فَلْيَرْجعْ"، فَقَالَ: والله لَتُقيمَنَّ عَليْهِ بَيِّنَةً [أو لأفعلَنَّ بك، فانطلق إلى مجلسٍ من الأنصارِ] [فسألهم:] أمِنْكُمْ أحَدٌ سَمِعَهُ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ أبي بْنُ كَعْبٍ: وَاللهِ لا يَقُومُ مَعَكَ إلا أصْغَرُ القَوْمِ، فَكُنْتُ أَصْغَرَ القوم فقُمْتُ مَعَهُ، فأخْبَرْتُ عُمَرَ أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ، [فقال عمر: أَخَفِيَ عليَّ [هذا] من أمرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟! ألْهَاني الصَّفْقُ بالأسواق. يعني الخروجَ إلى تجارة]. 14 - باب إذَا دُعِيَ الرَّجُلُ فَجَاءَ، هَلْ يَسْتَأْذِنُ؟ 762 - عَنْ أبي هُريرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "هُوَ إذْنُهُ". (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "81 - الرقاق/16 - باب"). 15 - باب التَّسْليمِ عَلى الصِّبْيانِ 2401 - عَنْ أنسِ بْنِ مَالِكٍ رَضي الله عَنْهُ: أنَّهُ مَرَّ عَلَى صِبْيَانٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَقَالَ: كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُهُ.

_ 762 - هذا معلَّق عند المصنف، وقد وصله في "الأدب المفرد"، وأبو داود في "السنن"، وغيرهما بسند صحيح عنه. مرفوعاً بلفظ: "إذا دعي أحدكم، فجاء مع الرسول؛ فهو إذنه"، وهو مخرَّج في "إرواء الغليل" (1955).

16 - باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال

16 - باب تَسْليمِ الرِّجَالِ على النِّسَاءِ، وَالنِّسَاءِ عَلى الرِّجَالِ 2402 - عَنْ عَائِشَةَ رَضي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[يَوماً 4/ 220]: "يَا عَائشَةُ! (وفي روايةٍ: يا عائشُ!) هَذَا جَبريِلُ يَقْرأُ عَلَيْكِ (وفي روايةٍ: يُقرِئُكِ) السَّلامَ"، قَالتْ: قُلتُ: وَعَليْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ الله [وبركاته 4/ 220]، ترَى مَا لا نَرَى. تُريِدُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -. 17 - باب إذَا قَالَ: مَنْ ذَا؟ فقَالَ: أنَا 2403 - عَن جَابِرٍ رَضي الله عَنْهُ قالَ: أَتَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في دَيْنٍ كَانَ عَلى أبي، فَدَقَقْتُ البَابَ. فَقَالَ: "مَنْ ذَا؟ "، فَقُلْتُ: أنَا، فَقَالَ: "أنَاَ أنَا"! كأَنَّهُ كَرِهَهَا. 18 - باب مَنْ رَدَّ فَقَالَ: عَلَيْكَ السَّلامُ 763 - وَقَالَتْ عَائشَةُ: وَعَليْهِ السَّلامُ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ. 764 - وَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "رَدَّ الملائِكَةُ عَلى آدَمَ: السَّلامُ عَليْكَ وَرَحَمَةُ الله". 2404 - عَنْ أبي هُريرَةَ رَضي الله عَنْهُ: أنَّ رَجُلاً دَخَلَ المسْجِدَ وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ في نَاحيةِ المسْجِدِ، فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ 763 - هذا طرف من حديثها المتقدم قبل حديث. 764 - هذا طرف من الحديث المتقدم في "79 - الاستئذان/ 1 - باب".

19 - باب إذا قال: فلان يقرئك السلام

"وَعَليْك السَّلامُ؛ ارجعْ فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَرَجعَ فَصَلَّى، ثُمِّ جَاءَ فَسَلَّمَ، فَقَالَ: "وَعَليْكَ السَّلاَمُ؛ فَارجِع فَصَلِّ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ"، فَقَال في الثَّانية أوْ في الَّتي بَعْدَهَا: [والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فـ 1/ 184] عَلِّمْني يَا رَسُولَ الله! فَقَالَ: "إذَا قُمْتَ إلى الصَّلاةِ فَأسْبغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقرأ مَا تَيسَّرَ مَعَك مِنَ القُرآن، ثُمَّ ارْكعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعاً، ثُمَّ ارْفَعْ [رأسك 7/ 226] حتَّى تسْتَويَ قائمًا، ثُمَّ اسجُدْ حَتَّى تَطْمَئِن سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعَ حَتَّى [تستويَ و] تَطْمَئِنَّ جَالِساً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً (وفي روايةٍ: حتى تستويَ قائماً) (5)، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ في صَلاتِكَ كُلِّهَا". 19 - باب إذَا قالَ: فُلانٌ يُقْرِئُكَ السَّلامَ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "16 - باب"). 20 - باب التَّسْليمِ في مَجْلِسٍ فيهِ أخْلاطٌ من المُسْلِمينَ والمُشْرِكِينَ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أسامة بن زيد المتقدم برقم 1878/ج 3). 21 - باب مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى مَن اقْتَرَفَ ذَنْباً، وَمَنْ لَمْ يَرُدَّ سَلامَهُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ تَوْبَتُهُ، وَإلى مَتَى تَتَبَيّنُ تَوبَةُ العَاصي؟

_ (5) وهذه الرواية أشار البخاري إلى ترجيحها على التي قبلها، وتلك لو صحَّت لدلَّت على وجوب جلسة الاستراحة، بل وعلى الاطمئنان فيها. وهذا ما لا يقول به أحد من أهل العلم.

22 - باب كيف يرد على أهل الذمة السلام؟

1300 - وَقَالَ عَبْدُ الله بنُ عَمْروٍ: لا تُسَلِّمُوا عَلَى شَرَبَةِ الخَمْرِ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث كعب بن مالك الطويل المتقدم برقم 1833/ ج 3). 22 - باب كَيْفَ يُرَدُّ علَى أهْلِ الذمَّةِ السَّلامُ؟ 2405 - عَنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضي الله عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إذا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودُ فَإنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُم: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقُلْ: وَعَليْكَ". 23 - باب مَنْ نَظَرَ في كِتَابِ مَنْ يُحْذَرُ عَلى المسْلِمينَ لِيَسْتبينَ أمْرُهُ (قلتُ: أسند فيه حديث علي المتقدم برقم 1693/ ج 3). 24 - باب كَيْفَ يُكْتَبُ الكِتَابُ إلى أَهْلِ الكِتَابِ؟ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سفيان الطويل المتقدم برقم 1295/ ج 2). 25 - باب بِمَنْ يُبْدَأُ في الكِتَابِ؟ 26 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "قُومُوا إلى سَيِّدِكُم" (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم برقم 1328/ ج 2). 27 - باب المُصَافَحَةِ 765 - وَقَالَ ابْن مَسْعُودٍ: عَلَّمَني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - التَّشَهُّدَ وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ. 766 - وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: دَخَلْتُ المسْجِدَ، فَإذَا بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ إليَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيدِ الله يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَني، وَهَنَّانِي.

_ 1300 - وصله المؤلف في "الأدب المفرد" (1017) بسند ضعيف عنه؛ فيه عبد الله بن زحر، قال الذهبي في "المغني": "مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب". 765 - وصله المصنف بعد باب. 766 - هذا طرف من قصة كعب بن مالك الطويل في غزوة تبوك في قصة توبته "ج 3/ 64 - المغازي / 81 - باب/ 1833 - حديث".

28 - باب الأخذ باليدين

2406 - عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: قُلْتُ لأنَسٍ: أكَانَتِ المصَافَحَةُ في أَصْحَابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ. 28 - باب الأخْذِ بِاليَدَيْنِ 1301 - وَصَافَحَ حَمَّادُ بْنُ زيدٍ ابْنَ المبارَكِ بِيَدَيْهِ. 2407 - عن ابْنِ مَسْعُودٍ قالَ: عَلَّمَني رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ -التَّشهُّدَ، كَمَا يُعلِّمُني السُّورَةَ مِنَ القُرآنِ: التَّحيَّاتُ لله، وَالصَّلَوَاتُ، وَالطَّيِّباتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلى عِبَادِ الله الصَّالِحينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا الله، وأَشْهَدُ أنَّ مُحمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَهْوَ بَيْنَ ظَهْرانَيْنَا (6)، فَلَمَّا قُبِضَ قُلْنَا: السَّلاَمُ -يَعْني- عَلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 29 - باب المعَانَقَةِ، وَقَوْلِ الرَّجُلِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1838/ ج 3). 30 - باب مَنْ أجَابَ بِـ "لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ" 31 - باب لا يُقيِمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 466/ ج 1).

_ 1301 - وصله غنجار في "تاريخ بخارى"، والمصنف في "التاريخ" (1/ 1/ 342 - 343) عن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة الجعفي: رأى حماد بن زيد .. به. وفي ثبوته نظر؛ لأن إسماعيل هذا -وهو والد المصنف- لم أر من وثَّقه، وفي ترجمته ذكره المصنف، ولم يذكر فيه جرحًا ولا توثيقاً. (6) يعني: بين ظهري المتقدم والمتأخر منا: أي: كائن بيننا.

32 - باب (إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا) الآية

32 - باب (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ (7) فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا) الآيَة (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج 1/ 11 - الجمعة/ 19 - باب"). 33 - باب مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ أَوْ بَيْتِهِ وَلَمْ يَسْتَأْذِنْ أَصْحَابَهُ، أوْ تَهَيَّأَ للقيامِ لِيَقُومَ النَّاسُ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس بن مالك المتقدم برقم 2074/ ج 3). 34 - باب الاحتبَاءِ باليَدِ، وَهْوَ القُرْفُصَاءُ 2408 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: رَأيْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بِفِنَاءِ الكعْبَةِ مُحْتَبياً بِيَدِهِ هَكَذَا. 35 - باب مَنِ اتَّكَأَ بَيْنَ يَدَيْ أصْحَابِهِ 767 - وَقَالَ خَبَّابٌ: أَتَيْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ مُتَوَسَّدٌ بُرْدَةً (8)، قُلْتُ: أَلاَ تَدْعُو الله؟ فَقَعَدَ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي بكرة المتقدم برقم 1202/ ج 2). 36 - باب مَنْ أسْرَعَ في مَشْيِهِ لِحَاجَةٍ أوْ قَصْدٍ (9)

_ (7) قوله: (في المجلس)؛ التلاوة: (في المجالس). مصححه. 767 - هذا طرف من حديث له مضى موصولاً برقم (1542// ج 2). (8) متوسّد ببرده. (9) قوله: (أو قصد): أي: لأمر مقصود. (شارح).

37 - باب السرير

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عقبة بن الحارث المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 157 - باب"). 37 - باب السَّرِيرِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "ج 8/ 1 - الصلاة/102 - باب"). 38 - باب مَنْ أُلقِيَ لَهُ وِسَادَةٌ 39 - باب القَائِلَةِ بَعْدَ الجُمْعَةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل المتقدم "ج 1/ 11 - الجمعة/ 39 - باب"). 40 - باب القَائِلةِ في المسَجِدِ (قلتُ: أسند فيه حديث سهل بن سعد المتقدم برقم 1574/ ج 2). 41 - باب مَنْ زَارَ قَوْماً فَقَالَ (10) عِنْدَهُمْ 2409 - عَنْ أَنَسٍ: أنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ كَانَتْ تَبْسُطُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نِطَعاً، فَيَقيِلُ عِنْدَهَا عَلى ذَلِكَ النِّطَعِ، قَالَ: فَإِذَا نَامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أخَذَتْ مِنْ عَرَقِهِ وَشَعَرِهِ (11) فَجَمعَتْهُ في قَارورَةٍ، ثُمَّ جَمَعَتْهُ في سُكٍّ (12)، قالَ: فَلَمَّا حَضَرَ أَنسَ بنَ مَالِكٍ الوَفَاةُ، أَوْصَى أن يُجْعَلَ في حَنُوطِهِ مِنْ ذَلِكَ السُّكِّ. قَال: فَجُعِلَ في حَنُوطِهِ. 42 - باب الجُلُوسِ كَيْفَما تَيسَّرَ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم برقم 2269).

_ (10) من القيلولة. (11) ليس عند مسلم ذكر الشعر. وقد استغرب الحافظ وروده في هذه القصة، ثم اْفاد أن المراد أنها لما أخذت العرق وقت القيلولة أضافته إلى الشعر الذي عندها. لا أنها أخذت من شعره لما نام. قلت: فذكر الشعر في هذا الحديث مدرج من قصة أخرى وقعت في حجة الوداع لما حلق النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شعره بمنى في حجة الوداع. (12) بالضم؛ نوع من الطيب. اهـ مصباح.

43 - باب من ناجى بين يدي الناس ولم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به

43 - باب مَنْ نَاجَى بَيْنَ يَدَيِ النَّاسِ وَلَمْ يُخْبِرْ بِسِرِّ صَاحبِهِ، فَإِذَا مَاتَ أخبرَ بهِ 2410 - عن عَائِشَةَ أُمّ المُؤْمنينَ قَالَتْ: إنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهُ جَميعاً، لَمْ تُغَادِر مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ تَمْشي، لا وَالله مَا تَخْفَى مَشيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ؛ قَالَ: "مَرْحَباً بابْنتي"، ثُمَّ أجْلَسَهَا عَنْ يَمينِهِ أوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَديداً، [فقلتُ لها: لِمَ تبكين؟ 4/ 183]، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، إذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَقلْتُ لَهَا أنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالسِّرِّ مِنْ بَينِنَا ثُمَّ أنْتِ تَبْكينَ (وفي روايةٍ: فقلت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقربَ من حُزنٍ)، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَألْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟ قَالَت: مَا كُنْتُ لأُفْشِي علَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوفِّيَ قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أخْبَرْتِني، قالَتْ: أمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فأَخْبَرَتْني؛ قَالَتْ: أمَّا حين سَارَّني في الأمْرِ الأوَّلِ، فَإنَّهُ أخبَرَني: "أنَّ جِبْريل كَانَ يُعَارضُهُ بالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإنَّهُ قَدْ عَارَضَني بِهِ العَامَ مَرَّتين، وَلا أرَى الأجَلَ إلا قَدِ اقترَب، فَاتَّقي الله واصبِري، فإنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أنا لكِ، [وإنّك أولُ أهلِ بيتي لحاقاً بي] ". قَالتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذي رَأيْتِ، فَلَمَّا رَأى جَزَعِي سَارَّني الثَّانِيَةَ؛ قَالَ: "يا فاطِمَةُ! ألاَ تَرْضَيْنَ أنْ تَكُوني سَيِّدَةَ نِسَاءِ المؤمِنينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ (وفي روايةٍ: أو نساءِ أهلِ الجنةِ؟ "، فضحكتُ لذلك).

44 - باب الاستلقاء

44 - باب الاسْتِلْقَاءِ (قلتُ: أسند فيه حديث عباد بن تميم عن عمه المتقدم "ج 1/ 8 - الصلاة/ 85 - باب"). 45 - باب "لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ"، وَقَولُهُ تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى} إلىَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَعَلى اللهِ فَلْيتَوَكَّلِ المؤْمِنُونَ)، وَقَولُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} إلى قَوْلِهِ: (وَالله خَبيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) 2411 - عَنَ عَبْدِ الله (بنِ عمرَ) رَضي الله عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذَا كَانُوا ثَلاَثَةٌ فَلاَ يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ". 46 - باب حِفْظِ السِّرِّ 2412 - عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قالَ: أسَرَّ إليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - سِرًّا، فَمَا أخْبَرْتُ بِهِ أحَدًا بَعْدَهُ، وَلَقَدْ سَأَلتْني أُمُّ سُلَيمٍ، فَمَا أخبَرْتُهَا بِهِ. 47 - باب إذا كَانُوا أكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةٍ فَلا بأْسَ بالمسَارَّةِ والمنَاجَاةِ 2413 - عَنْ عَبْدِ الله (بن مسعود) رَضي الله عَنْهُ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كُنْتُمْ ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجَى رَجُلانِ دُونَ الآخَرِ حَتَّى تَخْتَلِطُوا بالنَّاسِ أجْلَ (13) أنْ يُحزِنَهُ".

_ (13) أي: من أجل.

48 - باب طول النجوى

48 - باب طُولِ النَّجْوَى (وَإِذْ هُمْ نَجْوَى)، مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالمعنَى: يَتَنَاجَوْنَ. (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج1/ 10 - الأذان/ 28 - باب"). 49 - باب لا تُتْرَكُ النَّارُ في البيتِ عِندَ النَّومِ 2414 - عَنِ ابنِ عمرَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لَا تَتْرُكُوا النَّارَ في بُيُوتِكُم حينَ تَنَامُونَ". 2415 - عنْ أبي مُوسى رَضي الله عَنْهُ قَالَ: احْتَرَقَ بيتٌ بالمدِينَةِ عَلى أهلِهِ مِنَ اللَّيلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهمُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "إنَّ هذِهِ النَّارَ إنَّما هِيَ عَدُوٌّ لَكُم، فإذَا نِمْتُمْ فأطْفئُوهَا عَنْكُم". 50 - باب إغلاَقِ الأبْوابِ باللَّيْلِ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1407/ ج 2). 51 - باب الخِتَانِ بَعْدَ الكِبَرِ وَنَتْفِ الإبْطِ 2416 - عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِثلُ مَنْ أنْتَ حينَ قُبِضَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: أَنَا يَومَئِذٍ مَخْتُونٌ، (768 - وفي روايةٍ: خَتِينٌ). قالَ: وَكَانُوا لا يَخْتِنُون الرَّجُلَ حَتَّى يُدْرِكَ.

_ 768 - هذه الرواية معلَّقة عند المصنف، وقد وصلها الإسماعيلي.

52 - باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله، ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، وقوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله)

52 - باب كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ إذَا شَغَلَهُ عَنْ طَاعَةِ اللهِ، ومَنْ قَالَ لِصَاحبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، وَقَوْلُهُ تَعَالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَري لَهْوَ الحديثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبيلِ الله) (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1976/ ج 3). 53 - باب مَا جَاءَ في البِنَاءِ 769 - قَالَ أَبُو هُرِيرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ إِذَا تَطَاوَلَ رِعَاءُ الْبَهْمِ فِى الْبُنْيَانِ". 2417 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: رَأَيْتُنِى مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَنَيْتُ بِيَدِى بَيْتًا يُكِنُّنِى مِنَ الْمَطَرِ، وَيُظِلُّنِى مِنَ الشَّمْسِ، مَا أَعَانَنِى عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. 2418 - عن ابنِ عُمَرَ: وَالله مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ، وَلا غَرَسْتُ نَخْلَةً مُنْذُ قُبِضَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ سُفيانُ: فَذَكَرْتُهُ لِبَعْضِ أهلِهِ، قَالَ: وَالله لَقد بَنى. قالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ: فَلَعَلَّهُ قَال قَبْلَ أنْ يَبْنِيَ. ...

_ 769 - تقدم موصولاً مطولاً (ج 3/ برقم 1948).

80 - كتاب الدعوات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 80 - كتاب الدعوات 1 - باب قَوْلُهُ: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)، ولكلِّ نبىٍّ دَعْوةٌ مُسْتَجابةٌ 2419 - عَنْ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لِكُلِّ نبيٍّ دَعْوةٌ يَدْعُو بِها، وَأُريدُ [إن شاء الله 8/ 193] أنْ أَخْتَبِئَ دَعوَتي شفاعةً لأُمّتي في الآخرةِ". 770 - عَن أنسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "كُلُّ نَبِىٍّ سَأَلَ سُؤْلاً -أَوْ قَالَ: لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ قَدْ دَعَا بِهَا- فَاسْتُجِيبَ، فَجَعَلْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ". 2 - باب أَفضلِ الاستغفارِ، وقَولِهِ تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)، (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)

_ 770 - هذا معلّق عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله مسلم وابن منده في "كتاب الإيمان"، ووقع في بعض روايات الكتاب موصولاً.

3 - باب استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم والليلة

2420 - عن شَدّادِ بنِ أوْسٍ رضيَ اللهُ عنهُ عنِ النّبي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى، لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، خَلَقْتَنِى وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ، وَأَبُوءُ [لَكَ 7/ 150] بِذَنْبِى، اغْفِرْ لِي؛ فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي؛ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؛ فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ". 3 - باب اسْتِغْفارِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في اليومِ والليلةِ 2421 - قالَ أبو هُريرَةَ: سَمِعْتُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "واللهِ إنِّي لأسْتغفِرُ اللهَ وأَتوبُ في اليومِ أكْثرَ مِنْ سَبعين مرَّةً". 4 - باب التَّوْبةِ 1302 - قالَ قتادة: {تُوبُوا إلى الله تَوْبةً نَصُوحاً}: الصّادقةَ النّاصِحةَ. 2422 - عن عَبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ حَديثَان: أَحدُهُما عنِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - والآخرُ عَنْ نَفْسِه (1) قالَ:

_ 1302 - وصله عبد بن حميد عنه. (1) قلت: هكذا وقعت الرواية في هذا "الصحيح"؛ ليس فيها بيان المرفوع من الموقوف، وقد وجدت البيان في رواية هنّاد في "الزهد" (2/ 448/ 888)، وعنه الترمذي (2499 - 2500) عن شيخه أبي معاوية بإسناد "الصحيحين"، فساقه بتمامه مبيناً الموقوف من المرفوع، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لله أفرح ... " الحديث، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وعلقه المؤلف على أبي معاوية، ولكنه لم يَسُقْ لفظه. وبه روى النسائي في "الكبرى" (4/ 415)، وابن حبان (2/ 8/ 617 - الإحسان) المرفوع منه. ورواه البغوي في "شرح السنة" (5/ 85 - 86) بتمامه من طريق أخرى. وكذا البيهقي في "سننه" (10/ 188 - 189) من طريق أبي أسامة بإسنادهما، لكنه قدم المرفوع على الموقوف، وعلقه البخاري أيضاً، ولم يسق لفظه، وروى مسلم (8/ 92) المرفوع منه.

5 - باب الضجع على الشق الأيمن

إنَّ المُؤمِنَ يَرى ذُنُوبَه كأنَّه قاعِدٌ تحتَ جَبَلٍ يَخاف أنْ يَقع عَلَيهِ، وإنَّ الفاجرَ يَرى ذُنُوبَهُ كَذُبابٍ مرَّ على أنْفِه، فقال بهِ هكذا (2). قال أبو شهابِ بيده فوْق أنفِهِ. 2423 - ثُمَّ قالَ: "لله أَفْرحُ بِتوْبةِ عبدِه مِنْ رجُلٍ نَزَل مَنْزِلاً وبه (3) مَهْلَكَةٌ، وَمَعهُ رَاحِلتُهُ، عَلَيْها طَعامُهُ وَشَرابُهُ، فَوَضعَ رْأسَهُ فنام نَوْمَةً، فاسْتَيقظَ وقدْ ذَهَبتْ راحلتُهُ، حتّى اشْتَدّ عليهِ الحَرُّ والعَطشُ أوْ ما شاء الله، قال: أَرجعُ إلى مكاني، فرجعَ فنامَ نوْمةً، ثم رفع رأسه، فإذا راحلتُه عِنده" (4). 2424 - عَنْ أَنسٍ رَضيَ الله عنهُ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الله أَفْرحُ بِتوبة عبْدهِ مِنْ أَحدِكُمْ سَقَطَ على بَعيرِهِ؛ وقد أَضَلَّهُ في أرْضِ فلاةٍ (5) ". 5 - باب الضَّجْعِ على الشِّقِّ الأَيمنِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 557/ ج 1). 6 - باب إذا باتَ طاهراً (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم برقم 143/ ج1، ويأتي "9 - باب" وفيه الدعاء من فعله - صلى الله عليه وسلم -).

_ (2) أي: نحاه بيده، وهو من إطلاق القول على الفعل. (3) كذا في روايات الكتاب. وفي رواية الإسماعيلي عن أبي شهاب -شيخ شيخ البخاري- بسند المؤلف في الحديث بلفظ: "بِدَويَّةٍ"، وكذا في جميع الروايات خارج البخاري؛ عند مسلم وأصحاب السنن والمسانيد وغيرهم، و (الدوية) هيَ القفر والمفازة. (مهلكة) أي: يهلك من حصل بها. (4) هذا هو المرفوع، والذي قبله هو الموقوف كما جزم به النووي والعسقلاني وغيرهما. (5) أي: مفازة ليس فيها ما يؤكل ولا ما يشرب. اهـ (شارح).

7 - باب ما يقول إذا نام؟

7 - باب ما يقولُ إذا نامَ؟ 8 - باب وَضْعِ اليدِ اليُمْنى تحتَ الخَدِّ الأيمنِ 2425 - عَنْ حُذَيْفَةَ رَضي الله عَنْهُ قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أخذَ مضجَعَهُ مِنَ اللَّيلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحت خدِّه، ثُمَ يَقُولُ: "اللهُمَّ بِاسْمِكَ أَموتُ وأَحيا"، وإذا استَيْقظَ قال: "الحمدُ لله الذي أَحْيانا بَعْدما أَماتنا وإليه النُّشور". [(تُنشِرُها) (6) تُخْرِجُها]. 9 - باب النَّوْمِ على الشِّقِّ الأَيْمنِ 2426 - عَنِ البَراءِ بنِ عازبٍ قالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أوى إلى فِراشِهِ نَامَ على شِقِّه الأَيمَنِ، ثُمَّ قالَ: "اللهُمَّ أَسْلمتُ نَفْسي إليْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إليْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْري إليْكَ، وأَلْجَأْتُ ظَهْري إليْكَ؛ رَغْبَةً وَرَهبَةً إليْكَ، لا مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجا مِنْكَ إلا إليْكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الّذي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبيِّكَ الذي أَرْسلْتَ". وقالَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ قالهُنَّ ثُمَّ ماتَ تَحْتَ لَيْلَتِه ماتَ على الفِطْرةِ" (7). (اسْترْهَبوهُمْ): مِن الرَّهْبة.

_ (6) بالتاء الفوقية، والذي في القرآن: (ننشرها) بالنون. (7) مضى هذا الدعاء من أمره - صلى الله عليه وسلم - في "ج 1/ 4 - الوضوء/ 79 - باب".

10 - باب الدعاء إذا انتبه بالليل

(مَلَكُوتٌ): مُلْكٌ، مَثَلُ رَهَبُوتٌ خَيْرٌ مِنْ رَحَموتٍ، تَقُولُ: تَرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أن تَرْحمَ. 10 - باب الدُّعاءِ إذا انْتبهَ باللَّيْلِ 11 - باب التَّكْبيرِ والتَّسْبيحِ عِنْدَ المنامِ 2427 - عَنْ عَلىّ: أنَّ فاطمة علَيْها السَّلام شَكَتْ ما تَلْقى في يَدِها مِنَ الرَّحى [مما تَطْحن، فَبَلَغها أن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أُتيَ بسَبْيٍ 4/ 48]، فَأَتَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تَسْألهُ خَادِماً، فلم تَجِدْهُ، فَذَكَرَتْ ذلك لِعائشةَ، فلمّا جاءَ [النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -4/ 208] أَخْبَرَتْهُ [بمجيء فاطمة]، قال: فجاءَنا وَقَدْ أَخَذْنا مَضاجِعَنا، فذهبتُ [لـ] أَقُومَ، فقال: "مَكانَكَ"، (وفي روايةٍ: فذهبنا لنقوم، فقال: "على مكانكما")، فَجَلسَ بَيْنَنا، حتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْه على صَدْري (وفي روايةٍ: بطني 6/ 193)، فقالَ: "ألا أدلُّكما على ما هُو خَيْرٌ لَكُما مِنْ خادِم؟ إذاَ أَوَيْتُما إلى فِراشِكُما، أو أخذتما مضاجعَكما، فكبِّرا [الله] ثلاثاً (في روايةٍ: أربعاً) وثلاثين، وسَبِّحا ثلاثاً وثلاثين، واحْمَدا ثلاثاً وثلاثين، فَهَذا خَيْرٌ لَكُما مِنْ خادِمٍ"، [فما تركتُهُنَّ بَعدُ. قيل: ولا ليلةَ صِفِّينَ؟ قال: ولا ليلةَ صِفينَ 6/ 193]. 12 - باب التَّعوُّذِ والقِراءَةِ عِنْدَ المنامِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم ج 3/ 64 - المغازي/ 85 - باب"). 13 - باب

14 - باب الدعاء نصف الفيل

2428 - عَنْ أَبِي هُريْرَة قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِذاَ أَوَى أَحَدُكُمْ إلى فِراشِهِ، فَلْيَنْفُضْ فِراشَهُ بِداخِلَةِ إزَارِهِ، (وفي روايةٍ: فلينفضه بصَنِفَةِ ثوبه ثلاث مرات 8/ 169)، فَإِنّه لا يَدْري ما خَلَفَهُ عَلَيه، ثُمَّ يَقولُ: بِاسْمِكَ رَبّي وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إنْ أمْسَكْتَ نَفْسي فَارْحَمْها، (وفي روايةٍ: فاغفر لها)، وَإنْ أَرْسَلْتَها فاحْفظها بما تحْفظُ به الصَّالحين". 14 - باب الدُّعاءِ نِصْفَ الفَيْلِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 19 - التهجد/ 14 - باب"). 15 - باب الدُّعاءِ عِنْدَ الخَلاءِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج1/ 4 - الوضوء/ 9 - باب"). 16 - باب ما يَقولُ إذا أَصْبَحَ؟ 2429 - عَنْ أَبي ذَرٍّ رَضِيَ الله عَنْهُ قالَ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أَخذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قال: "اللهُمَّ باسْمِكَ أموتُ وأحيا، (وفي روايةٍ: نموت ونحيا) "، فإذا اسْتَيْقظَ قال: "الحمدُ لله الذي أَحْيانا بعدَما أَماتَنا، وِإليهِ النُّشُورُ". 17 - باب الدُّعاءِ في الصَّلاةِ 2430 - عَنْ عائِشَةَ: (ولا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ ولا تُخافِتْ بِها)؛ أُنْزِلَتْ في الدُّعاءِ.

18 - باب الدعاء بعد الصلاة

18 - باب الدُّعاءِ بعْدَ الصَّلاةِ 19 - باب قَوْلِ الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}، وَمَنْ خَصَّ أَخاهُ بالدُّعاءِ دُونَ نفسهِ. 771 - وقالَ أبو موسى: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ اغْفِرْ لِعُبيْدٍ أبي عامِرٍ، اللَّهُمَ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ". 20 - باب ما يُكْرَهُ مِنَ السَّجْعِ في الدُّعاءِ 2431 - عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قال: حَدِّثِ النَّاسَ كُلَّ جُمُعَةٍ مَرَّةً، فإِنْ أَبَيْتَ فَمَرَّتَيْنِ، فَإِنْ أكْثَرْتَ فَثَلاثَ مِرارٍ، ولا تُمِلَّ النّاسَ هذا القُرآنَ، ولا أُلْفِينَّكَ تأْتي القَوْمَ وَهُمْ في حَديثٍ مِنْ حَديثِهِم، فَتَقُصُّ عَلَيْهِم فَتَقْطَعُ عَلَيْهِمْ حَدِيثَهُم، فَتُمِلُّهُمْ، ولكِنْ أَنْصِتْ، فإِذا أَمَرُوكَ فَحدِّثْهُم وهُمْ يَشتَهونَهُ، فَانْظُرِ السَّجْعَ مِنَ الدُّعَاءِ فَاجْتَنِبْهُ، فَإنِّي عَهِدْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وأَصْحابَهُ لا يَفْعَلُونَ إلا ذلك. يَعْني: لا يَفْعلُونَ إلا ذلك الاجْتناب. 21 - باب لِيَعْزِمِ المسألةَ؛ فإنَّهُ لا مُكْرِهَ لَهُ 2432 - عَنْ أبي هُريرةَ رضِيَ الله عنْهُ أنّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُم: اللهُمَّ اغْفِر لي إنْ شِئْتَ، اللهُمَّ ارْحمني إنْ شِئْت، [ارزُقني إنْ شئتَ، و 8/ 193] لِيَعْزِمِ المسألةَ؛ فإنَّه [يفعل ما يشاء]؛ لا مُكْرِهَ لَهُ".

_ 771 - هذا طرف من حديث لأبي موسى مضى موصولاً في "ج 3 برقم 1801"

22 - باب يستجاب للعبد ما لم يعجل

22 - باب يُسْتجابُ لِلْعَبْدِ ما لَمْ يَعْجَلْ 2433 - عَنْ أبي هُرَيرة أنّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يُسْتَجابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، يقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجبْ لي". 23 - باب رَفْعِ الأيْدي في الدُّعاءِ 772 - وَقالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ: دَعَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَأَيتُ بياضَ إِبْطَيْه. 773 - وقال ابْنُ عُمَرَ: رَفع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ إِنِّي أَبْرأُ إليْكَ مِمّا صَنعَ خالدٌ". 774 - عن أَنَسٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: رَفَعَ يَدَيهِ حَتّى رَأَيتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ. 24 - باب الدُّعاءِ غَيْرَ مُسْتَقْبلِ القِبْلَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم "ج 1/ 11 - الجمعة/ 34 - باب"). 25 - باب الدُّعاءِ مُسْتقبِلَ القِبْلَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن زيد المتقدم "ج 1/ 19 - الاستسقاء/ 4 - باب"). 26 - باب دَعْوةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِخادِمِهِ بِطُولِ العُمْرِ (8)، وبِكثْرةِ مالِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي قريباً " 48 - باب").

_ 772 - هذا طرف من حديثه المشار إليه آنفاً. 773 - هذا طرف من قصة غزوة بني جذيمة، وقد مضت في (ج 3/ برقم 1808). 774 - هذا معلّق، وقد مضى موصولًا في "ج 1/ برقم 514". (8) قلت: يشير المؤلف إلى بعض طرق الحديث التي فيها دعاؤه - صلى الله عليه وسلم - لأنس بطول العمر. أخرجه في "الأدب المفرد" (653)، وقد خرجته في "الصحيحة" (2241 و 2541).

27 - باب الدعاء عند الكرب

27 - باب الدُّعاءِ عِنْدَ الكَرْبِ 2434 - عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقولُ (وفي روايةٍ: يدعو بهن 8/ 178) عِنْدَ الكَرْبِ: "لا إله إلا اللهُ العَظيمُ (وفي روايةٍ: العليم 8/ 177) الحليمُ، لا إله إلا اللهُ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ، لا إله إلا اللهُ رَبُّ السماواتِ، وَرَبُّ الأرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ الكَريمِ". 28 - باب التَّعوُّذِ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ 2435 - عَنْ أبي هُريرة قَالَ: كانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَعوَّذُ، (وفي روايةٍ: قال: "تعوذوا 7/ 215) مِنْ جَهْدِ (9) البلاءِ، ودرَكِ (10) الشَّقاءِ، وَسُوءِ القضاءِ، وشماتَةِ الأعْداءِ". قالَ سُفْيانُ: الحديثُ ثلاثٌ، زِدْتُ أنا واحِدةً، لا أدْري أَيَّتُهُنَّ هِيَ (11). 29 - باب دُعاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: اللهُمَّ الرَّفيقَ الأعلى (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "ج 3/ 64 - المغازي/ 85 - باب"). 30 - باب الدُّعاءِ بالموْتِ والحياةِ 2436 - عَنْ أَنَسٍ رَضيَ الله عنه قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ (9) (الجَهد) بفتح الجيم وضمها: المشقة. (10) (الدرَك) بفتح الراء، وقد تسكن: هو الإدراك واللحوق. اهـ من "شرح العيني". (11) جاء في رواية عن سفيان أنها "شماتة الأعداء". واعتمدها الحافظ، وقال: "وعرف من ذلك يقين الخصلة المزيدة".

31 - باب الدعاء للصبيان بالبركة، ومسح رؤوسهم

"لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِى مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِى إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي. (وفي طريق أخرى عنه قال: لولا أني سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تتمنوا الموت"، لتمنيت 7/ 130). 31 - باب الدُّعاءِ للصِّبْيانِ بالبَرَكة، ومَسْحِ رُؤوسِهِمْ 775 - وقال أبو موسَى: وُلِدَ لي غُلامٌ، ودَعَا لَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالبَرَكةِ. 2437 - عَنِ الزُّهْريِّ: أَخْبرني عَبْدُ اللهِ بنُ ثَعْلَبَة بنِ صُعَيْرٍ -وكانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَسَحَ عَنْهُ (*) (776 - وفي رواية معلقة: مَسَح وجْهَهُ عامَ الفتح 5/ 95) - أَنهُ رأى سعْدَ بن أبي وقاصٍ يوترُ بركعةٍ. 32 - باب الصَّلاةِ على النَّبىِّ - صلى الله عليه وسلم - 2438 - عَنْ أبي سَعيد الخُدْريِّ قال: قُلْنا: يا رسُولَ الله! هَذا السَّلامُ عَلَيْكَ، فَكَيْف نُصلِّي [عليك؟ 6/ 27] قالَ: "قُولُوا: اللهُمَّ ثم صَلِّ على مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورسُولِكَ، كما صَلَّيْتَ على [آل] إبْراهيمَ، وبارِكْ على مُحمّدٍ و [على] اَلِ مُحمَّدٍ، كَما باركتَ على إبْراهيمَ وآل إبراهيمَ".

_ 775 - هذا طرف من حديث تقدم موصولاً في "ج 3/ برقم 2159". (*) في "الفتح": عينه. 776 - وصلها المصنف في "التاريخ الصغير"، وفيه عبد الله بن صالح، وفيه ضعف من قبل حفظه.

33 - باب هل يصلى على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ وقول الله تعالى: (وصل عليهم إن صلواتك سكن لهم)

33 - باب هَلْ يُصَلَّى على غَيْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ وقَوْلُ الله تَعالى: (وصَلِّ عَلَيْهم إنَّ صلَواتِك (12) سَكنٌ لهُمْ) 2439 - عَنْ أبي حُمَيْدٍ السَّاعديّ أَنَّهُم قالوا: يا رسول الله! كيْف نُصلِّي عَلَيْكَ؟ قال: "قُولوا: اللهُمَّ صَلِّ على مُحمَّدٍ وأَزْواجِه وذُرِّيتِه، كما صَلَّيتَ على آلِ إبْراهيم، وبارك على محمدٍ وأزواجِهِ وذُرِّيَّتهِ كما بَارَكتَ آلَ إبْراهيمَ، إنَّك حَميدُ مَجيدٌ". 34 - باب 777 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ آذَيْتُهُ فاجْعَلْهُ لَه زَكاةً ورَحْمةً" 2440 - عَنْ أبي هُرَيرة رضِيَ الله عنهُ: أنَّهُ سَمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "اللهمّ! فَأَيُّما مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ؛ فاجْعَلْ ذلك لهُ قُرْبةً إليْكَ يَوْمَ القِيامَةِ" (13). 35 - باب التَّعوُّذِ مِنَ الفِتَنِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي "96 - الاعتصام/ 3 - باب"). 36 - باب التَّعوُّذِ مِنْ عَذاَبِ الرِّجالِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 1234/ ج 2). 37 - باب التَّعوُّذِ مِنْ عَذابِ القَبْرِ

_ (12) قوله: (صلواتك)، كذا بالجمع في نسخة القسطلاني، وبالتوحيد في نسخة العيني، وهو التلاوة. 777 - هو طرف من حديث أبي هريرة الآتي في الباب موصولاً بنحوه. وقد أخرجه مسلم (برقم 89 - 93)، وأحمد (2/ 243 و 317 و 390 و 449 و 493) من طرق عنه بألفاظ متقاربة أقربها إلى هذا: "اللهم فإنما أنا بشر، فأيّما مسلم لعنتُه أو آذيتُه فاجعلها له زكاة ورحمة". رواه أحمد (2/ 390) بسند صحيح على شرط الشيخين. (13) وأخرجه مسلم (93) بأتم منه، ولفظه: "اللهم إني اتخذت عندك عهداً لن تخلفَنيه، فأيّما مؤمن سببتُه أو جلدتهُ، فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة".

38 - باب التعوذ من البخل

(قلتُ: أسند فيه حديث أم خالد المتقدم "ج 1/ 23 - الجنائز/ 87 - باب"). 38 - باب التَّعوُّذِ مِنَ البُخْلِ 2441 - عَنْ عائِشَةَ قالتْ: دَخَلَتْ عليَّ عَجُوزانِ مِنْ عُجُزِ يَهودِ المدينةِ فقالتا لي: [أعاذكِ الله من عذابِ القبرِ 2/ 102]، إنَّ أهْلَ القُبورِ يُعذَّبُونَ في قُبورِهمْ، فَكذَّبْتُهما، ولم أُنعِم (14) أنْ أُصدِّقَهمَا، فَخرجتا، ودَخلَ عليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسولَ الله! إنّ عَجوزَيْنِ .. وذَكَرْتُ لَهُ، فقالَ: "صَدَقتا، إِنَّهُم يُعَذَّبُونَ عَذاباً تسْمَعُهُ البَهائِمُ كلُّها". فما رأَيْتُهُ بَعْدُ في صَلاةٍ إلا تَعَوَّذ مِنْ عذابِ القَبْرِ. 39 - باب التَعوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ المحيا والمماتِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1234/ ج 2). 40 - باب التَّعوُّذِ من المأْثَمِ والمَغْرَمِ 2442 - عَنْ عائِشةَ رضي الله عنها أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ: "اللهُمَّ إنِّي أَعوذُ بِكَ من الكسَلِ، والهَرَمِ، والمأْثَمِ، والمغْرمِ، ومِنْ فِتْنةِ القَبْرِ، وعَذابِ القَبْرِ، ومِنْ فِتْنةِ النّارِ، وَعَذابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنةِ الغِنى، وَأَعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وأَعوذُ بك مِنْ فِتنةِ المسيحِ الدَّجالِ. اللهمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطايايَ بِماءِ الثَّلْجِ والبَرَدِ، ونَقِّ قَلْبي مِنَ الخطايا كما نَقَّيتَ (في روايةٍ: يُنَقَّى 7/ 161) الثَّوْبُ الأبْيَضُ من الدَّنسِ، وباعِدْ بَيْني وبَيْنَ خَطايايَ كما باعَدْتَ بَيْنَ المشْرِقِ والمَغْربِ".

_ (14) قولها: (ولم أنعم) أي: ولم أحسن. اهـ (شارح).

41 - باب الاستعاذة من الجبن والكسل

41 - باب الاسْتِعاذَةِ مِنَ الجُبْنِ والكَسَل (كُسالى) وكَسالى واحِدٌ. (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المشار إليه آنفاً). 42 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ البُخْلِ (البُخْلُ) والبَخَلُ واحدٌ، مِثْلُ الحُزْنِ والحَزَنِ. (قلتُ: أسند فيه حديث سعد بن أبي وقاص المتقدم برقم 1251/ ج 2). 43 - باب التَّعوُّذِ مِنْ أَرْذَلِ العُمُرِ (أراذِلُنا): أسْقاطُنا. (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المشار إليه آنفاً برقم 1234/ ج 2). 44 - باب الدُّعاءِ بِرَفْعِ الوَباءِ والوَجَعِ 45 - باب الاسْتِعاذَةِ مِنْ أَرْذَلِ العُمُرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدُّنيا، وفِتْنةِ النَّارِ 46 - باب الاسْتِعاذَةِ مِنْ فِتْنَةِ الغِنَى (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الماضي قريباً "40 - باب"). 47 - باب التَّعوُّذِ مِنْ فِتْنَةِ الفَقْرِ (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 48 - باب الدُّعاءِ بِكَثْرَةِ المالِ والوَلَدِ معَ البَرَكةِ

49 - باب الدعاء بكثرة الولد مع البركة

2443 - عَنْ أنَسٍ عَنْ أُمِّ سُليمٍ أنَّها قالتْ (وفي رواية عنه قال: قالت أمي 7/ 154): يا رَسُولَ الله! أنَسٌ خادِمُكَ، ادْعُ اللهَ لَهُ، قالَ: "اللهُمَّ أَكْثِرْ مالَهُ وَوَلَدهُ، وبارِكْ لَهُ فيما أَعْطَيْتَهُ". 49 - باب الدُّعاءِ بِكَثْرةِ الوَلَدِ مع البَرَكةِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم المذكور آنفاً). 50 - باب الدُّعاءِ عِنْدَ الاِسْتِخارةِ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 579/ ج 1). 51 - باب الدُّعاءِ عِنْدَ الوُضوءِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي موسى المتقدم برقم 1801/ ج 3). 52 - باب الدُّعاءِ إذا عَلا عَقَبةً (قلتُ: أسند فيه حديث أبي موسى المتقدم برقم 1770/ ج 3). 53 - باب الدُّعاءِ إذا هبَطَ وادِياً 778 - فيه حَديثُ جابِرٍ رضي اللهُ عَنْهُ. (قلت: لم يسند فيه حديثاً). 54 - باب الدُّعاءِ إذا أرادَ سَفَراً أوْ رَجَعَ 779 - فيهِ يَحْيى بنُ أبي إسْحاقَ عن أنسٍ.

_ 778 - يشير إلى حديثه المتقدم في "الجهاد" موصولاً (ج 2/ برقم 1311). 779 - يشير إلى الحديث المتقدم في "الجهاد" موصولاً (ج 2/ برقم 1343).

55 - باب الدعاء للمتزوج

(قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج 1/ 26 - العمرة/ 12 - باب") 55 - باب الدُّعاءِ لِلْمُتَزوِّجِ 56 - باب ما يَقُولُ إذا أتى أهْلَهُ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 2073/ ج 3). 57 - باب قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: " (رَبَّنا آتِنا في الدُّنْيا حسنةً) " 2444 - عَنْ أنسٍ قالَ: كانَ أكْثَرُ دُعاءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ آتِنا في الدُّنيا حسنةً، وفي الآخرةِ حسنةً، وقِنا عذابَ النَّارِ". 58 - باب التَّعوُّذِ مِنْ فِتْنةِ الدُّنْيا (قلتُ: أسند فيه حديث سعد المتقدم برقم 1251/ ج 2) 59 - باب تكْريرِ الدُّعاءِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2252). 60 - باب الدُّعاءِ على المشْرِكينَ 780 - وقالَ ابنُ مسْعودٍ: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهم بسبْعٍ كَسَبْعِ يوسُفَ". 781 - وقال: "اللهُمَّ عَلَيْكَ بأبي جهْلٍ". 782 - وقال ابْنُ عُمَر: دَعاَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الصَّلاةِ: "اللهُمَّ العَنْ فُلاناً وَفُلاناً"، حتَّى أَنْزَلَ الله عزَّ وجلَّ: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ).

_ 780 - هذا طرف من حديث تقدم موصولاً في "التفسير" (ج 3/ برقم 1947). 781 - هذا طرف من حديث تقدم موصولاً في "ج1/ 4 - الوضوء/ 73 - باب". 782 - تقدم موصولاً في "غزوة أحد" (ج3 / برقم 1719).

61 - باب الدعاء للمشركين

61 - باب الدُّعاءِ لِلمُشْرِكينَ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1294/ ج 2). 62 - باب 783 - قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ اغْفِر لي ما قدَّمتُ، وما أخرْتُ" 2445 - عنْ أبي مُوسى عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ كانَ يَدْعو بهذا الدُّعاءِ: "ربِّ اغْفِر لي خَطيئَتي، وجَهْلِي، وِإسْرافِي في أَمْري كُلِّهِ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنّي، اللهُمّ اغْفِر لي خَطايايَ، وعَمْدي، وَجَهْلي، (وفي روايةٍ: جدّي)، وهَزْلِي، وكُلُّ ذَلكَ عِنْدي، اللهُمَّ اغْفِر لي ما قَدَّمْتُ وما أَخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أَعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤخِّرُ، وأنت على كُلِّ شيءٍ قديرٌ". 63 - باب الدُّعاءِ في السَّاعَةِ التي في يَوْمِ الجُمُعَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 11 - الجمعة/ 36 - باب"). 64 - باب 784 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يُسْتَجابُ لَنا في اليَهودِ، ولا يُسْتَجابُ لَهُمْ فِينا" (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "78 - الأدب/ 35 - باب"). 65 - باب التَّأمينِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 111 - باب").

_ 783 - هو طرف من الحديث الموصول في الباب. 784 - هو طرف من حديث عائشة تقدم موصولاً "78 - الأدب/ 35 - باب".

66 - باب فضل التهليل

66 - باب فَضْلِ التَّهْليلِ 2446 - عنْ أبي هُرَيْرةَ رَضي الله عنهُ: أنَّ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قال: لا إله إلا الله، وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، ولَهُ الحَمْدُ، وَهْوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قديرٌ؛ في يَوْم مائةَ مرّةٍ؛ كانتْ لهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقابٍ، وكُتِبَتْ لَهُ مائةُ حَسَنةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مائَةُ سَيِّئةٍ، وَكانتْ لَهُ حِرْزاً مِنَ الشَّيْطانِ يَوْمَهُ ذلك، حَتّى يُمْسِي، ولَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بأَفْضلَ مِمَّا جاءَ، إلا رَجُلٌ عَمِلَ أكْثرَ مِنْه". 2447 - عَنْ عَمْرو بن مَيْمونٍ قال: "مَنْ قال عشْراً؛ كانَ كمَنْ أعتقَ رقَبةً (15) مِنْ وَلَدِ إسْماعيلَ". (وفي روايةٍ: عَنِ الشَّعْبىِّ عَنْ ربيعِ بن خُثَيْمٍ مِثْلَه. فَقُلْتُ: لِلرَّبيع: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فقال: مِنْ عَمْرِو بن مَيْمونٍ، فأَتَيْتُ عَمْرَو بن مَيْمونٍ، فَقُلْتُ: مِمَّنْ سَمِعْتَهُ؟ فقال: مِنَ ابْنِ أبي لَيْلى، فأَتيتُ ابنَ أبي ليْلى، فقُلتُ: مِمَّنْ سَمِعتَه؟ فقال: مِنْ أبي أيُّوبَ الأَنْصاريِّ يُحَدِّثُهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -). 785 - عن عَمْرِو بن مَيْمُونٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُود قولَهُ.

_ (15) كذا وقع في رواية المصنف رحمة الله عليه، ووقع في رواية مسلم الآتية: "أربعة أنفس"، وهي المحفوظة في حديث أبي أيوب هذا، ثم إن الحديث اختصره المصنف رحمه الله تعالى، وساقه مسلم بتمامه (2693)، ولفظه: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير؛ عشر مرات؛ كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل". وعمرو بن ميمون تابعي ثقة كبير مخضرم، أدرك الجاهلية، وظاهر أنه موقوف عليه، لكن الرواية الآتية تبيّن أنه مسند مرفوع عن أبي أيوب رضي الله عنه. وقد اختلف الرواة في إسناده اختلافاً كثيراً بينه المصنف بذكر روايات عدة معلقة، ثم رجح رواية عمرو بن ميمون هذه المسندة كما يؤخذ من شرح الحافظ. 785 - صورته صورة المعلق، وقد وصله النسائي وغيره.

67 - باب فضل التسبيح

786 - ورَواهُ أبو مُحَمَّدٍ الحَضْرَميُّ عنْ أبي أيُّوبَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "كان كمَنْ أَعْتَقَ رَقَبةً مِنْ وَلَدِ اِسْماعيلَ". قالَ أبُو عَبْدِ الله: والصَّحِيحُ قَوْلُ عَمْرٍو. وقالَ الحافِظُ أَبُو ذَرٍّ الهَرَويُّ: صَوابُهُ عُمَرَ، وَهْوَ ابْنُ أبي زَائِدَةَ (16). 67 - باب فَضْلِ التَّسبيحِ 2448 - عَنْ أبي هُريرَةَ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قالَ: سُبْحانَ اللهِ وبِحَمدِهِ في يَوْم مِائَةَ مرَّةٍ؛ حُطَّتْ (17) خَطاياهُ، وإنْ كانَتْ مِثْل زَبَدِ البَحْرِ". 68 - باب فضْلِ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ 2449 - عَنْ أَبي مُوسى رَضِيَ الله عَنْهُ قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلُ الَّذي يَذْكُرُ رَبَّهُ والَّذي لا يَذْكُرُ؛ مَثَلُ الحيِّ والميِّتِ" (18). 2450 - عَنْ أَبي هُريرَةَ قال: قالَ رسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ للهِ ملائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فإذا وَجَدُوا قَوْماً

_ 786 - هذه الرواية معلقة، وقد وصلها أحمد (5/ 414 - 415)، والحضرمي لا يعرف، وروايته منكرة لمخالفتها لرواية عمرو الثقة. (16) قلت: يعني الذي روى الرواية المسندة عن أبي أيوب الأنصاري. (17) قوله: (حطت خطاياه)، وفي الشرح المطبوع: (حطت عنه خطاياه). (18) كذا رواه المصنف رحمه الله تعالى، وخالفه جماعة من الأئمة منهم مسلم في "صحيحه" (779) فرووه بلفظ: "مثل البيت الذي يذكر الله فيه، والبيت الذي لا يذكر الله فيه؛ مثل الحي والميت"، وهو المحفوظ. فراجع "الفتح" إن شئت.

69 - باب قول: لا حول ولا قوة إلا بالله

يَذْكُرُونَ اللهَ تَنادَوْا: هَلُمُّوا إلى حَاجَتِكُمْ، قال: فَيَحُفُّونَهُمْ بأَجْنِحَتِهِمْ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، قالَ: فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُم -عَزَّ وجلَّ- وَهْوَ أَعْلَمُ مِنْهُم-: ما يَقولُ عِبادي؟ قالُوا: يقولونَ: يُسَبِّحونَكَ، ويُكبِّرونَكَ، ويَحْمَدونَكَ، ويُمَجِّدونك، قال: فيقُولُ: هَلْ رأَوْني؟ قالَ: فَيَقُولونَ: لا والله ما رَأَوْكَ، قالَ: فيقُولُ: كَيْفَ لَوْ رأَوْني؟ قالَ: يَقُولونَ: لَوْ رَأَوْك كانُوا أَشَدَّ لكَ عِبادَةً، وأَشَدَّ لَكَ تَمْجيداً، وأَكْثَر لكَ تَسْبيحاً، قال: يَقُولُ: فَما يَسْأَلُوني؟ قالَ: يَسْأَلُونَكَ الجنةَ، قال: يَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْها؟ قالَ: يَقُولونَ: لا والله ياربِّ! ما رأَوْها، قال: يقُولُ: فَكَيْف لوْ أَنَّهمْ رأوْها؟ قالَ: يقولونَ: لَو أنَّهمْ رأوْها كانُوا أشدَّ عليْها حرصاً، وأشدَّ لها طلباً، وأعظمَ فيها رغْبةً، قال: فَمِمَّ يَتعوَّذُونَ؟ قال: يقُولونَ: مِنَ النّارِ، قال: يَقولُ: وهَلْ رَأَوْها؟ قال: يَقُولون: لا واللهِ ما رأوْها، قال: يقولُ: فكيفَ لوْ رأوْها؟ قال: يقولون: لوْ رأوها كانوا أشدَّ منها فِراراً، وأَشدَّ لها مَخافةً، قال: فيقولُ: فأُشْهِدُكم أنِّي قد غَفَرْتُ لَهُم، قال: يقُول ملكٌ مِنَ الملائِكَةِ: فيهمْ فلانٌ لَيْسَ مِنهم، إنَّما جاءَ لِحاجةٍ، قالَ: هُمُ الجُلَساءُ لا يَشْقى بِهِمْ جَليسُهُمْ". 69 - باب قوْلِ: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا باللهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي موسى المتقدم برقم 1770/ ج 3). 70 - باب للهِ عزَّ وجلَّ مائةُ اسْمٍ غيْرَ واحِدِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي " 97 - التوحيد/ 12 - باب"). 71 - باب الموْعِظَةِ ساعَةً بعْدَ ساعةٍ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم "ج1/ 3 - العلم/ 13 - باب").

81 - كتاب الرقاق

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 81 - كتاب الرقاق 1 - باب ما جاء في الصِّحَّةِ والفَراغ، و"لا عَيْشَ إلا عَيْشُ الآخِرةِ" 2451 - عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رضي الله عنهُما قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "نِعمتانِ مغْبونٌ فيهما كَثيرٌ مِن النّاس: الصِّحَّةُ والفَراغُ". 2 - باب مَثَلِ الدُّنْيا في الآخرةِ، وقوْلِهِ تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)} 2452 - عَنْ سَهْلِ [بنِ سعدٍ رضي الله عنه 3/ 202] قالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَوْضعُ سَوْطٍ في الجَنَّة خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وما فيها، ولَغَدوةٌ في سبيلِ اللهِ أوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيا وما فيها". 3 - باب قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُنْ في الدُّنْيا كأَنَّكَ غَريبٌ أَوْ عابِرُ سبيلٍ" 2453 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضي الله عنْهما قال: أَخذ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبي فقال:

4 - باب في الأمل وطوله، وقول الله تعالى: {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور)، (بمزحزحه): بمباعده، وقوله: (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون)

"كُنْ في الدُّنْيا كأنَّكَ غريبٌ، أو عابِرُ سبيلٍ" (1). وكانَ ابْنُ عُمَرَ يقُولُ: إِذا أَمْسيْتَ فلا تَنْتَظِر الصَّباحَ، وِإذا أَصْبحْتَ فلا تَنْتَظِر المساءَ، وخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لمرضكَ، وَمِنْ حياتكَ لموتِكَ. 4 - باب في الأَملِ وَطُولِه، وقوْلِ الله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الجنَّةَ فقدْ فاز وما الحياةُ الدُّنْيا إلا مَتاعُ الغُرورِ)، (بِمُزَحْزِحِهِ): بِمُباعِدِهِ، وقَوْلِهِ: (ذَرْهُمْ يأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا ويُلْهِهِمُ الأملُ فسوْفَ يعلمون) 1303 - وقال عليُّ: ارْتحَلَتِ الدنيا مُدبرةً، وارْتحَلَتِ الآخرةُ مُقْبلةً، ولكلِّ واحدة منهما بَنُونَ، فكُونوا مِنْ أبناءِ الآخرةِ، ولا تكونوا مِن أبناءِ الدُّنيا، فإنَّ اليومَ عملٌ ولا حِسابَ، وغداً حسابٌ ولا عَمَلَ. 2454 - عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضي الله عَنْه قال: خَطَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خطاً مُرَبَّعاً، وَخَطَّ خطًّا في الوسَطِ خارِجاً مِنْهُ، وخَطَّ خُطَطاً صِغاراً إلى هذا الذي في الوَسَطِ، مِنْ جانِبِه الذي في الوَسطِ، وقال: "هذا الإنْسانُ، وهذا أجُلُهُ مُحيطٌ بِهِ، أو قد أحاطَ به، وهذا الذي هُو خارجٌ

_ (1) قلت: وقد أعلَّ بعض الأئمة إسناد هذا الحديث بالعنعنة، ولم يستطع الحافظ دفعه، ولكنه قال: "وللحديث طريق أخرى عند النسائي عن ابن عمر مرفوعاً، وهذا مما يقوي الحديث المذكور، لأن رواته من رجال الصحيح، وإن كان اختلف في سماع عبدة من ابن عمر". قلت: وكذلك أخرجه أحمد (2/ 132) وزاد في أوله: "اعبد الله كأنك تراه وكن ... "، وسنده صحيح، والاختلاف المذكور، لم يتعرض الحافظ لذكره في "التهذيب"، بل ذكر عن أحمد أن عبدة لقي ابن عمر في الشام. والله أعلم. 1303 - وصله ابن أبي شيبة في "المصنف"، وابن المبارك في "الزهد"، وأبو نعيم في "الحلية" بسند مجهول عنه مرفوعاً، وروي مرفوعاً عنه وعن غيره.

5 - باب من بلغ ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر؛ لقوله: (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير)

أملُهُ، وهذه الخُطط الصِّغارُ: الأعْراضُ، فإِنْ أَخْطأهُ هذا نهَشَهُ هذا، وإنْ أَخْطأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا". 2455 - عَنْ أنسِ بنِ مالِك قال: خطَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطوطاً، فقال: "هذا الأمَلُ، وهذا أَجَلُهُ، فَبَيْنَما هُو كذلك إذْ جاءَهُ الخطُّ الأقرَبُ". 5 - باب مَن بلغَ سِتِّينَ سنةً فقدْ أَعْذَرَ اللهُ إليْهِ في العُمُرِ؛ لِقَوله: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ) 2456 - عَنْ أبي هُرَيْرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أَعْذَرَ اللهُ (2) إلى امْرئٍ أخَّرَ أَجَلَهُ حَتّى بلَّغَهُ ستِّينَ سنةً". 2457 - عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: سَمعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لا يَزالُ قلْبُ الكبيرِ شاباً في اثْنَتَيْنِ: في حبِّ الدُّنْيا، وطولِ الأملِ". 2458 - عنْ أنسِ بنِ مالِكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَكْبَرُ (3) ابن آدمَ، ويكْبرُ (3) معَهُ اثْنانِ: حُبُّ المالِ، وطُولُ العمرِ". 6 - باب العَملِ الذي يُبْتغى بهِ وجْهُ اللهِ تعالى 787 - فيهِ سَعْدٌ.

_ (2) الإعذار: إزالة العذر، والمعنى أنه لم يبق له اعتذار، كأن يقول: لو مدّ لي في الأجل لفعلت ما أُمِرْتُ به. (3) بفتح الموحدة في الأول، وبه وبالضم في الثاني؛ كما في (الشارح). لكن الشائع فيما عدا كبر السن هو الضم. 787 - يشير إلى حديثه المتقدم موصولاً في "ج1/ 23 - الجنائز/ 36 - باب"، وفيه: "إنك لن تخلف فتعمل عملاً صالحاً [تبتغي به وجه الله]؛ إلا ازددت به درجة ورفعة".

7 - باب ما يحذر من زهرة الدنيا والتنافس فيها

2459 - عَنْ أبي هُريرةَ أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَقولُ الله تَعالى: مَا لِعَبْدي المؤمِنِ عِنْدي جَزَاءٌ إذا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِن أهْلِ الدُّنْيا، ثُمّ احْتَسَبَهُ؛ إلا الجنَّةُ". 7 - باب مَا يُحْذَرُ مِنْ زَهْرةِ الدُّنْيا والتَّنافُسِ فيها 8 - باب قوْلِ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ) جَمْعُهُ سُعُرٌ 1304 - قالَ مُجاهِدٌ: (الغَرورُ): الشَّيْطانُ. (قلتُ: أسند فيه حديث عثمان المتقدم برقم 104/ ج 1). 9 - باب ذَهابِ الصَّالِحينَ، ويُقالُ: الذِّهابُ: المطَرُ 2460 - عنْ مِرْداسٍ الأَسْلَمىِّ -[وكان من أصحاب الشجرة 5/ 63]- قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يذْهبُ الصَّالحونَ الأوَّلُ فالأوَّلُ، ويبْقى حُفالةٌ كَحُفالَةِ (4) الشَّعيرِ أو التَّمْرِ، لا يُباليهِمُ اللهُ بالةً (5) (وفي روايةٍ: لا يعبأ الله بهم شيئاً) ". قالَ أبُو عَبْدِ الله: يُقالُ: حُفَالة وَحُثَالةٌ. 10 - باب ما يُتَّقى مِنْ فِتْنةِ المالِ، وقوْلِ الله تعالى: {إِنَّما أَمْوالُكُمْ وأَوْلادُكُمْ فِتْنة}

_ 1304 - وصله الفريابي بسند صحيح عنه. (4) (الحفالة): الرديء الساقط عند الغربلة. (5) وقوله: (لا يباليهم الله بالة) أي: لا يرفع الله لهم قدراً، ولا يقيم لهم وزناً.

2461 - سَمِعْتُ ابْنَ عبّاسٍ يَقُولُ: سمِعْتُ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "لَوْ أنَّ لابْنِ آدَمَ مِثْلَ وادٍ مالاً، لأَحبَّ أنَّ لهُ إليْه مِثلَهُ، وَ [ولوْ كانَ لابْنِ آدَمَ وادِيانِ مِنْ مالٍ لابْتغى ثالِثاً، و] لا يَمْلأُ عَيْنَ (وفي روايةٍ: جوفَ) ابْنِ آدَمَ إلا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللهُ على مَنْ تابَ" (*). قال ابنُ عبّاسٍ: فلا أَدْري مِنَ القُرآنِ هُوَ أَمْ لا؟ قال (عطاء): وَسَمِعْتُ ابْنَ الزُّبيْرِ يَقُولُ ذلك على المِنْبَرِ. 2462 - عَنْ عَبَّاسِ بنِ سَهْلِ بنِ سَعْد قال: سمِعْتُ ابْنَ الزُّبَيْر على المِنْبَر بِمَكَّةَ في خُطْبتهِ يقُولُ: يا أيُّها الناسُ إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يقولُ: "لَوْ أنَّ ابْنَ آدمَ أُعْطِيَ وادِياً مَلأً مِنْ ذهبٍ؛ أحبَّ إليْهِ ثانِياً، وَلَوْ أُعْطِيَ ثانياً؛ أَحَبَّ إليه ثالثاً، ولا يَسُدُّ جوْفَ ابنِ آدمَ إلا التُّرابُ، ويَتُوبُ اللهُ على مَنْ تابَ". 2463 - عن أَنَسِ بنِ مالِك أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لوْ أنَّ لابْنِ آدَمَ وادياً مِنْ ذهبٍ؛ أحبَّ أنْ يكونَ لهُ وادِيانِ، ولنْ يَمْلأَ فاهُ إلا التُّرابُ، ويتُوبُ اللهُ على منْ تابَ". 2464 - عَنْ أُبَىٍّ قال: كُنّا نَرى (6) هذا مِنَ القُرآنِ، حَتّى نَزَلَتْ: (ألهاكُمُ التَّكاثُر) (7).

_ (*) هذا الحديث متواتر عندي كما بينت في "الصحيحة" (2907 - 2912)، وقول ابن عباس: فلا أدري .. إلخ، فيه إشعار بأن هناك آيات منسوخة التلاوة، وهذا الحديث منها كما جاء في أكثر من حديث، وذلك من قول عبد الله بن أبي أوفى الآتي: كنا نَرى ... بالفتح على الراجح. وراجع "الصحيحة". (6) قوله: (نَرى) بفتح النون أي: نعتقد، ولأبي ذر (نُرى) بضمها أي: نظن. (شارح). (7) قلت: هذا الحديث من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبيّ. ففيه رد على من يظن أن البخاري لم يحتج بحماد بن سلمة، وعلى البيهقي في قوله: إن البخاري تركه! فتنبه.

11 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هذا المال خضرة حلوة"، وقال الله تعالى: {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا}.

11 - باب 788 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "هذا المالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ"، وقالَ الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. 1305 - قال عُمَرُ: اللهُمَّ إنَّا لا نسْتَطيعُ إلا أنْ نَفْرَحَ بما زَيَّنْتَهُ لنا، اللهُمَّ إني أسْأَلُكَ أنْ أُنفِقَهُ في حَقَّهِ. (قلتُ: أسند فيه مختصر حديث حكيم بن حزام المتقدم برقم 704/ ج 1). 12 - باب ما قدَّمَ مِنْ مالِهِ فهوَ لهُ 2465 - عن عبْدِ اللهِ (بن مسعودٍ): قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟ ". قالُوا: يا رَسُولَ الله! مَا مِنّا أحَدٌ إلا مالُهُ أَحَبُّ إليه، قال: "فإنَّ مالَهُ ما قدّمَ، ومالُ (8) وارثِهِ ما أخَّرَ". 13 - باب "المُكْثِرونَ هُمُ المُقِلُّونَ"، وقَوْلُهُ تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) 2466 - عَنْ أبي ذَرٍّ رَضيَ الله عنهُ قالَ: خَرَجْتُ ليْلَةً مِنَ الليالي، فإذا

_ 788 - هو طرف من حديث حكيم بن حزام، وقد مضى موصولاً في "ج1/ 24 - الزكاة /52 - باب". ومن حديث أبي سعيد فيه "49 - باب". 1305 - وصله الدارقطني في "غرائب مالك" بإسناد منقطع عنه، وآخر موصول لكنه ضعيف. (8) قوله: (ومال) بالرفع في اليونينية وغيرها. (شارح).

رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمْشي وَحْدَهُ، وَلَيْسَ مَعَهُ إِنْسانٌ، قال: فظنَنْتُ أَنَّهُ يَكْرَهُ أنْ يَمْشيَ مَعَهُ أَحَدٌ، قال: فَجَعَلْتُ أَمْشي في ظلِّ القَمر، فالتَفَتَ فرَآني، فقالَ: "مَنْ هذا؟ ". قُلْتُ: أَبُو ذرٍّ، جَعَلَني الله فِداءَكَ، قال: "يا أبا ذرٍّ تَعالَهْ" (9)، قال: فَمَشَيْتُ مَعَهُ ساعَةً [في حَرَّةِ المدينَةِ، فَاسْتَقْبَلَنا أُحُدٌ، فقال: "يا أَبا ذَرٍّ! ". قُلْتُ: لَبِّيْكَ يا رسُولَ الله! قال: "ما يَسُرُّني أنَّ عِنْدي مِثْلَ أُحُدٍ هذا (وفي روايةٍ: أنه تحوّل لي 3/ 82) ذَهَباً تَمضي عليَّ ثالِثةٌ وعِنْدِي مِنهُ دِينارٌ، إلا شَيْئاً أرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إلا أنْ أَقولَ به في عِبادِ اللهِ هَكذا، وهكذا، وهكذا". عَنْ يمينهِ، وعن شمالهِ، ومِنْ خَلْفِهِ، ثُم مشى] [وأرانا بيدهِ، ثم قالَ: "يا أبا ذرٍّ"، قلت: لبيك وسعديك يا رسول الله! 7/ 137]، فقال: "إنَّ المكْثرين هُمُ المُقِلُّونَ (وفي روايةٍ: الأقلون) يوْم القِيامَةِ، إلا مَنْ أَعْطاهُ اللهُ خيْراً، فَنَفَحَ (10) فيه يَمينَهُ، وشِمالَهُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ، وَوَراءَهُ، وَعَمِلَ فيهِ خَيْراً، [وقليلٌ ما هم 7/ 177] "، قال: فمَشَيْتُ مَعَهُ ساعَةً فَقَال لي: "اجْلِسْ هاهُنا [لا تبْرَح] "، قال: فأجلَسَني في قاعٍ (11) حَولَهُ حِجارةٌ، فقالَ لي: "اجْلِس هاهُنا حتَّى أرجعَ إليكَ (وفي روايةٍ: مكانك، لا تبرك حتى آتيكَ) ".

_ (9) قوله: (تعاله) بهاء السكت، ولأبي ذر (تعال) بإسقاطها. (شارح). (10) قوله: (فنفح فيه) أي: أعطى. (11) قوله: (في قاع) أي: أرض سهلة مطمئنة انفرجت عنها الجبال. اهـ شارح.

قالَ: فانْطَلَقَ في الحرَّةِ [في سواد الليل] حَتَّى لا أراهُ، [فسمعت صوتاً قد ارتفع، فتخوَّفت أن يكون قد عَرَضَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأردتُ أن آتيهُ، فذكرت قوله لي: "لا تبرح حتى آتيك"، فلم أَبْرَحْ] فَلَبِثَ عَنِّي، فأَطالَ اللَّبْثَ (12)، ثُمَّ إني سمِعتُهُ وهو مُقْبِلٌ، وهو يقولُ: "وِإنْ سرقَ، وِإنْ زنَى"، قال: فلما جاءَ لمْ أَصْبِرْ حَتَّى قُلْتُ: يا نبيَّ الله! جعلني اللهُ فِداءَكَ! مَنْ تُكَلِّمُ في جانب الحَرّةِ، ما سمعتُ أَحَداً يَرْجعُ إليْكَ شَيْئاً؟ [لقد سمعتُ صوتاً، تخوفتُ، فذكرتُ له، فقال: "وهل سمعته؟ ". قلت: نعم.] قالَ: "ذلِكَ جِبْريلُ عليْهِ السَّلامُ، عَرَضَ لي في جانب الحرَّةِ؛ قال: بَشِّرْ أُمَّتَكَ أنَّهُ مَنْ ماتَ لا يُشْرِكُ بالله شيئاً دَخَلَ الجنَّةَ، قُلْتُ: يا جِبْريلُ! (وفي روايةٍ: قلت: يا رسولَ الله!) وإنْ سرَقَ وإنْ زَنى؛ قال: نعمْ، قال: قُلْت: وإنْ سرق وإن زَنى؟ قال: نعمْ، قُلْت: وإنْ سرق وإنْ زَنى؟ قال: "نَعمْ، وإنْ شَربَ الخمْرَ". 2467 - [عن أبي الدرداء نحوه 7/ 137] (13). قالَ أبُو عَبْدِ الله: حَديثُ أبي صالحٍ عَنْ أبي الدَّرْداءِ مُرْسَلٌ لا يَصحُّ، إنِّما أَرَدْنا للمَعرفةِ (14)، والصحيحُ حَديثُ أبي ذَرٍّ.

_ (12) قوله: (اللبث) بفتح اللام وضمها. (شارح). (13) قلت: وأخرجه أحمد أيضاً (6/ 447) مثله، إلا أن فيه: "وإن رغم أنف أبي الدرداء". وسنده صحيح، وإعلال المصنف إياه بالإرسال -ويعني الانقطاع- الظاهر أنه على قاعدته في اشتراط الملاقاة، وعدم الاكتفاء بالمعاصرة؛ خلافاً للجمهور، وكأنه لذلك لم يذكروا في ترجمة أبي صالح -واسمه ذكوان- قول البخاري الآتي أنه مرسل. ومما يشهد لصحته أنه تابعه عطاء بن يسار عن أبي الدرداء، وإن أعله المصنف بالإرسال أيضاً، فقد ثبت سماعه منه عند جمع كما يأتي. (14) أي: لنعرف أنه قد روي عنه، لا لأنه يحتج به.

14 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا"

789 - قيلَ لأبي عَبْدِ الله: حديثُ عَطَاءِ بن يَسارٍ عنْ أبي الدَّرْداء؟ قال: مُرْسَلٌ أيْضاً، لا يَصِحُّ، والصَّحيحُ حديثُ أبي ذرٍّ، وقال: اضرِبُوا على حديث أبي الدَّرداءِ هذا (15)؛ إِذا ماتَ قال: لا إله إلا الله عِنْدَ الموْتِ. 14 - باب قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا" (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي ذر المذكور آنفاً). 15 - باب الغِنى غِنى النَّفْسِ، وقوْلُ الله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ) إلى قولِه تعالى: {مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ) 1306 - قال ابْنُ عُييْنةَ: لمْ يعْمَلُوها، لا بُدَّ مِنْ أن يعْملُوها. 2468 - عَنْ أبي هُريرةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لَيْسَ الغنِي عنْ كثْرَةِ العَرَضِ، ولكنَّ الغِنَى غِنى النَّفْسِ". 16 - باب فضْلِ الفَقْر 17 - باب كيْفَ كان عيْشُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأصْحابِهِ وتَخلِّيهمْ مِنَ الدُّنيا؟

_ 789 - وصله النسائي، وابن أبي حاتم في "التفسير"، والطبراني في "المعجم"، والبيهقي في "الشعب"، وقد وقع التصريح بسماع عطاء بن يسار له من أبي الدرداء عندهم جميعاً إلا النسائي، قال الحافظ: قال البيهقي: حديث أبي الدرداء هذا غير حديث أبي ذر، وإن كان فيه بعض معناه. قال الحافظ: وهما قصتان متغايرتان، وإن اشتركتا في المعنى الأخير، وهو سؤال الصحابي بقوله: "وإن زنى، وإن سرق"، واشتركتا أيضاً في قوله: "وإن رغم". (15) قلت: يعني قوله في الحديث: "من مات لا يشرك ... إلخ". إنما هو إذا مات. 1306 - لم يخرجه الحافظ.

2469 - عن أبي هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: آللَّهِ الَّذِى لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ، إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الْحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الْجُوعِ، وَلَقَدْ [أصابني جَهدٌ شديدٌ، فـ 6/ 196] قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِم الذِى يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِى، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِى عُمَرُ [بن الخطاب] فَسَأَلْتُهُ عَنْ (وفي طريق: فَاستَقْرَأْتُهُ) آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِيُشْبِعَنِى، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ، (وفي الطريق الأخري: فدخل داره، وفتحها عليَّ (16)، فمشَيْتُ غير بعيد، فخَرَرْتُ لوجهي من الجهدِ والجوع)، ثُمَّ مَرَّ بِى أَبُو الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي الطريق الأخرى: فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمٌ علي رأسي)، فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِى، وَعَرَفَ مَا فِى نَفْسِى، وَمَا فِى وَجْهِى، ثُمَّ قَالَ: "أَبَا هِرٍّ! ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "الْحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي". قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلاَمِ، لَا يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ، وَلاَ عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَأَصَابَ مِنْهَا، وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا،

_ (16) أي: قرأها علي، وأفهمني إياها. (17) هو القدح الكبير.

فَسَاءَنِي ذَلِكَ فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ في أَهْلِ الصُّفَّةِ! كُنْتُ أَحَقَّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِي، فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ؟ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ، فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا، فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ قَالَ: "يَا أَبَا هِرٍّ! ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "خُذْ فَأَعْطِهِمْ"، قَالَ: فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَىَّ الْقَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ رَوِىَ الْقَوْمُ كُلُّهُم، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إِلَىَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: "أَبَا هِرٍّ! ". قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ"، قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "اقْعُدْ فَاشْرَبْ". فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ. فَقَالَ: ["عُد فـ] اشْرَبْ [يا أبا هريرة! "، فَعُدْتُ] فَشَرِبْتُ [ثم قال: "عُدْ"، فعدتُ فشربت حتى استوى بطني فصار كالقِدْح (18)]، فَمَا زَالَ يَقُولُ: "اشْرَبْ"؛ حَتَّى قُلْتُ: لَا وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا. قَالَ: "فَأَرِنِى"، فَأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى، وَشَرِبَ الْفَضْلَةَ. [قال: فلقيتُ عمرَ، وذكرتُ له الذي كان من أمري، وقلت له: تولّى اللهُ ذلك من كانَ أحق به منك يا عُمر! والله لقد استقرأتُكَ الآية، ولأَنا أقرأُ لها منك! قال عمر: والله لأَنْ أكونَ أدخلتُكَ أحبُّ إليِّ من أن يكونَ لي مثل حُمْرِ النَّعَم].

_ (18) أي: كالسهم الذي لا ريش له في الاستواء.

18 - باب القصد والمداومة على العمل

2470 - عن عائِشةَ رضي الله عنها قالتْ: ما أكَلَ آلُ مُحمّدٍ - صلى الله عليه وسلم - أَكْلَتيْنِ (19) في يوْمٍ إلا إحْداهما تَمْرٌ. 2471 - عَنْ عائِشةَ قالتْ: كان فِراشُ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أدَمٍ، وَحشْوُهُ مِنْ ليفٍ (20). 2472 - عَنْ عائِشةَ رضي الله عَنْها قالتْ: كانَ يأْتِي علينا الشَّهْرُ ما نُوقدُ فيه تاراً، إنَّما هُوَ التَّمْرُ والماءُ، إلا أنْ نُؤْتَى بِاللُّحَيْمِ (21). 2473 - عَنْ أبي هُريرَةَ رضي الله عنهُ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اللَهُمَّ ارْزقْ (22) آلَ مُحَمَّدٍ قُوتاً". 18 - باب القَصدِ والمداوَمَةِ على العَمَلِ 2474 - عَنْ أبي هُريرة رضي الله عَنْهُ قال: قال رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَنْ يُنَجِّيَ أحَداً مِنْكمْ عَمَلُهُ"، (وفي طريق: "لن يُدخِلَ أحداً عملهُ الجنةَ" 7/ 10)، قالُوا: ولا أنت يا رسُولَ الله؟ قال: "ولا أنا، إلا أنْ يتغمَّدني الله بـ[فضلٍ و] رحْمةٍ، [ف] سَدِّدُوا وقارِبُوا،

_ (19) قوله: (أكلتين) بفتح الهمزة وضمها. عيني. (20) قوله: (من أدم)، وهو جلد مدبوغ. وفي بعض الروايات: (وحشوه ليف). أفاده الشارح. (21) قوله: (باللحيم) بالتصغير للتقليل، ويروى: (باللحم). (22) كذا رواه المصنف رحمه الله تعالى، وأخرجه مسلم والترمذي وابن ماجه -كلهم في الزهد- بلفظ: "اللهم اجعل رزق ... "، وهو المعتمد كما قال الحافظ.

19 - باب الرجاء مع الخوف

واغْدُوا ورُوحُوا، وشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ (23)، والقصْدَ القصْدَ تبْلُغُوا". 2475 - عَنْ عائِشَةَ أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "سدِّدُوا وقارِبُوا [وأبْشِرُوا] وَاعْلَمُوا أنْ لنْ يُدْخِلَ أَحَدَكُم عَمَلُهُ الجنَّةَ". [قالوا: ولا أنْتَ يا رسُولَ الله؟ قالَ: "ولا أنا؛ إلا أنْ يَتَغَمَّدَني الله بِمَغْفِرَةٍ ورَحْمةٍ]، وأنَّ أَحبَّ الأَعْمالِ أدومُها إلى الله (24) وإنْ قَلَّ". 1307 - وقالَ مُجاهِدُ: (سديداً) سَداداً: صِدقاً. 19 - باب الرَّجاءِ مَعَ الخَوْفِ 1308 - وقالَ سُفْيانُ: ما في القُرَآنِ آيةٌ أشدُّ عليَّ مِنْ (لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 2318). 20 - باب الصَّبْر عَنْ مَحارِم اللهِ، (إِنَّما يُوفّى الصابِرون أَجْرَهُمْ بِغَيْر حِسابٍ) 1309 - وقال عُمَرُ: وَجَدْنا خَيْرَ عَيْشِنا بالصَّبْرِ.

_ (23) (الدلجة): سير الليل، وقوله: (القصد القصد) نصب على الإغراء: أي: الزموا الطريق الوسط المعتدل. (24) قوله: (إلى الله) مقدم على قوله: (أدومها) في بعض النسخ. 1307 - وصله الطبري والفريابي. 1308 - مضى في (ج3/ التفسير/5 - المائدة 783 - أثر"، وأنه لم يقف الحافظ عليه. 1309 - وصله أحمد في "الزهد"، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" بسند صحيح عن مجاهد قال: قال عمر. وابن المبارك في "الزهد" من وجه آخر عن مجاهد به. وأخرجه الحاكم من رواية مجاهد عن سعيد بن المسيب عن عمر.

21 - باب (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)

21 - باب (وَمَنْ يتوكَّلْ على اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) 1310 - قالَ الرَّبيعُ بنُ خُثَيْمٍ: مِنْ كُلِّ ما ضاقَ على النَّاس. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي برقم 2509). 22 - باب ما يُكرَهُ مِنْ قيلَ وقالَ 2476 - عَنْ ورّادٍ كاتِبِ المغيرَةِ بْنِ شُعْبةَ: أنَّ مُعاوِيةَ كتبَ إلى المغيرةِ: أنِ اكْتُبْ إليَّ بحديثٍ سمعتَهُ مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (وفي روايةٍ: ما سمعت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يقول خلف الصلاة 7/ 214). قال: فكتَبَ إليْه المغيرَةُ (وفي روايةٍ: قال: أملى عليَّ المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية 1/ 205): إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ عِنْدَ انْصِرافِهِ مِنَ الصَّلاةِ (وفي روايةٍ: في دبر كل صلاةٍ مكتوبةٍ [إذا سلم 7/ 151]): "لا إلهَ إلا الله، وَحْدَهُ لا شَريكَ لهُ، له المُلْكُ، ولَهُ الحَمْدُ، وهُو على كُلِّ شيءٍ قدير (ثلاث مرات)، [اللهم لا مانعَ لما أعطيتَ، ولا معطي لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ". [790 - قال: ثم وفدْتُ بعدُ إلى معاوية فسمعته يأمر الناس بذلك القول]. 2477 - قالَ: [وكتَبَ إليه أنه 8/ 143] وكانَ يَنْهى عَنْ قيلَ وقالَ، وكثْرةِ السُّؤالِ، وِإضاعَةِ المالِ، و [كان ينهى عن] مَنْعٍ وهاتِ (25)، وعُقوقِ الأُمَّهاتِ، ووَأْدِ البَناتِ، (وفي روايةٍ: قال:

_ 1310 - وصله الطبراني وابن أبي حاتم. 790 - هذا معلق، وقد وصله أحمد ومسلم. (25) قوله: (ومنع وهات) أي: حرم عليكم منعُ ما عليكم إعطاؤه، وطلبُ ما ليس لكم أخذه. اهـ عيني.

23 - باب حفظ اللسان، 791 - وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت"، وقول الله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)

"إن الله حرَّم عليكم عقوقَ الأمهاتِ، ووأدَ البناتِ، ومنعَ وهاتِ، وكَرِهَ لكم قيلَ وقالَ، وكثرةَ السؤالِ، وإضاعةَ المالِ" 3/ 87). 1311 - [وقال الحسن: جدٌّ: غنى]. 23 - باب حِفْظِ اللِّسانِ، 791 - وقوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كانَ يُؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ فلْيقُل خيْراً أو ليصمتْ"، وقوْلِ الله تعالى: {ما يَلْفِظُ من قولٍ إلا لَديهِ رَقيبٌ عَتيدٌ) 2478 - عَنْ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ عَنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ يَضْمَنْ (وفي روايةٍ: تَوَكَّل 8/ 20) لي ما بيْن لَحْيَيْهِ، وما بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ (وفي روايةٍ: توكَّلتُ له بالجنةِ"). 2479 - عن أبي هريرةَ سمعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن العبد لَيَتَكلَّمُ بالكلمةِ ما يتبينُ فيها، يزلُّ بها في النارِ أبعدَ ما بينَ المشرقين". 2480 - عنْ أبي هُريرةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ العبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالكلمةِ مِنْ رِضْوانِ الله، لا يُلْقي لها بالاً، يرْفَعُ الله بِها

_ 1311 - وصله ابن أبي حاتم وعبد بن حميد من طريقين عن الحسن في قوله تعالى: {وأنه تعالى جَدُّ ربنا)؛ قال: غنى ربنا. 791 - هو طرف من حديث تقدم موصولاً "78 - الأدب/ 85 - باب".

24 - باب البكاء من خشية الله

دَرَجاتٍ، وإنَّ العبْدَ ليتَكلَّمُ بالكَلِمةِ مِنْ سَخَطِ الله، لا يُلْقي لَها بالاً يَهْوي بِها في جَهَنَّم" (26). 24 - باب البُكاءِ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 36 - باب"). 25 - باب الخَوْفِ مِنَ اللهِ 26 - باب الانْتِهاءِ عَنِ المعاصي 2481 - عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنْهُ أنَّهُ سَمعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إنَّما مَثَلي ومثَلُ النَّاسِ كمثلِ رجُلٍ اسْتوقَدَ ناراً، فلمّا أضاءتْ ما حَوْلَهُ، جَعَل الفراشُ وهذه الدَّوابُّ التي تقعُ في النَّارَ يقَعْنَ فيها، فجَعَلَ الرَّجلُ ينْزِعُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ، فيَقْتَحِمْنَ فيها، فأَنا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَهُمْ يَقْتَحِمُونَ فيها". 27 - باب قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ تَعلمونَ ما أَعْلَمُ لَضحِكْتُم قليلاً، ولبَكَيْتُم كثيراً" 2482 - عن أبي هُريرةَ رضي الله عنهُ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لوْ تَعلَمونَ ما أعْلمُ، لضَحِكْتُم قليلاً، ولبكيتُم كثيراً".

_ (26) قلت: هذا الحديث في سنده عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار بسنده عن أبي هريرة، وعبد الرحمن ضعفه الجمهور من الحفاظ المتقدمين والمتأخرين، ومنهم الذهبي والعسقلاني، وقد خالفه الإمام مالك في "موطئه" فرواه عن أبيه عبد الله بن دينار، مخالفاً للفظه ولإسناده، أوقفه على أبي هريرة مرفوعاً بلفظ آخر مخالف للفظه، وتجد تفصيل هذا الإجمال في كتابي "الضعيفة" (1299)، وكأنه لذلك قال الأصبهاني في "ترغيبه": "حديث غريب".

28 - باب حجبت النار بالشهوات

28 - باب حُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهواتِ 2483 - عَنْ أبي هُريرةَ أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "حُجِبَتِ النَّارُ بالشَّهَواتِ، وحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالمكارِهِ". 29 - باب "الجنَّةُ أقربُ إلى أحدِكم من شِراكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذلك" 2484 - عَنْ عبْدِ اللهِ (بن مسعود) رضي الله عنه قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الجَنَّةُ أقْربُ إلى أحَدِكُمْ مِنْ شِراكِ نعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذلك". 30 - باب لِيَنْظُرْ إلى مَنْ هُو أسْفلَ مِنْهُ، ولا يَنْظُرْ إلى مَنْ هُو فوقَهُ 2485 - عن أبي هُريرةَ عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نظرَ أحدُكُمْ إلى مَنْ فُضِّلَ عليهِ في المالِ والخَلْقِ، فليَنْظُرْ إلى مَنْ هُوَ أسفَلَ مِنهُ (27) ". 31 - باب مَنْ هَمَّ بِحسنةٍ أوْ بِسَيِّئةٍ 2486 - عَنِ ابْنِ عبّاسٍ رضي الله عنهُما عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يَرْوي عنْ ربِّهِ عزَّ وجلَّ قال: قال: "إن الله كَتَب الحسناتِ والسَّيِّئاتِ، ثُم بيَّنَ ذلكَ، فمنْ همَّ بِحَسَنةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كَتَبَها اللهُ لَهُ عِندَهُ حَسَنَةً كامِلةً، فإنْ هُوَ همَّ بِها فَعَمِلَها كتَبَها اللهُ لَهُ عِندَهُ

_ (27) زاد مسلم: "فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم".

32 - باب ما يتقى من محقرات الذنوب

عَشَرَ حَسَناتٍ، إلى سبْعمائةِ ضعفٍ، إلى أضعافٍ كثيرةٍ، ومَنْ همَّ بِسيِّئةٍ فَلَمْ يَعْملْها كَتَبَها الله لَهُ عِندهُ حَسَنةً كامِلَةً، فَإنْ هُوَ هَمَّ بها فَعمِلها كتبها الله لهُ سيِّئةً واحدةً". 32 - باب ما يُتِّقى مِنْ مُحقَّراتِ الذُّنوبِ 2487 - عَنْ أنَسٍ رضي الله عنهُ قال: إنَّكُمْ لتَعمَلُونَ أعْمالاً هي أدقُّ في أَعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إنْ كُنَّا نَعُدُّ (28) على عَهْدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الموبِقاتِ (29). قال أبُو عبْدِ اللهِ: يَعْني بِذلك المهْلِكاتِ. 33 - باب "الأعْمالُ بالخواتيمِ"، وما يُخافُ مِنْها (قلتُ: أسند فيه طرفًا من حديث سهل بن سعد المتقدم برقم 1281/ ج 2). 34 - باب العُزْلةُ راحَةٌ مِنْ خُلاَّطِ السَّوْءِ (30) 35 - باب رَفْعِ الأمانَةِ 2488 - عن حُذَيْفَةَ قال: حَدَّثَنا رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَديثَيْنِ، رأَيتُ أَحَدَهُما، وأَنا أَنْتَظِرُ الآخرَ، حَدَّثَنا: "أنَّ الأمانةَ نَزَلتْ في جَذْرِ قُلوبِ الرِّجالِ، [ونزل القرآن: 8/ 139]، ثُمَّ عَلِمُوا مِن القُرآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا منَ السُّنَّةِ". وحَدَّثَنا عنْ رَفْعِها قالَ:

_ (28) قوله: (إن كنا نعدّ)، وفي العينيّ: (نعدها). قال: وعند الأكثرين: (لنعدها). (29) قوله: (الموبقات)، قال العينيّ: وفي رواية الأكثرين: (من الموبقات). (30) قوله: (خُلاّط السوء) بهذا الضبط؛ جمع خليط، وهو جمع غريب، ويجوز أن يكون خلاط بكسر الخاء وتخفيف اللام مصدراً من المفاعلة وسين السوء مضمومة في بعض النسخ، ونص الشارح ما تراه.

36 - باب الرياء والسمعة

"ينامُ الرُّجُلُ النَّوْمةَ فَتُقْبَضُ الأمانةُ مِنْ قلْبِهِ، فَيَظلُّ أثَرُها مثل أثر الوَكْتِ، ثم ينامُ النَّومةَ فتُقْبضُ، فيبْقى أثَرُها مِثْلَ المَجْلِ، كَجَمْرٍ دحْرَجْتَهُ على رِجْلِكَ فَنَفِطَ (31)، فتراهُ مُنْتَبِراً، ولَيْس فيه شيءٌ، فَيُصْبحُ النَّاسُ يتبايَعونَ، فلا يَكادُ أحَدٌ يُؤدِّي الأمانَةَ، فيُقالُ: إنَّ في بَني فُلانٍ رَجُلاً أميناً، ويُقالُ لِلرَّجلِ: ما أعْقَلَه! وما أظرفه! وما أجْلدهُ! وما في قلْبِه مِثْقالُ حبَّةِ خَرْدلٍ مِنْ إيمانٍ". وَلَقد أتى عليَّ زمانٌ، وَما أُبالي أيُّكُمْ بايَعْتُ، لَئِنْ كان مُسْلِماً، ردَّهُ عَلَيَّ الإسْلامُ، وإنْ كان نصْرانياً ردَّهُ عليَّ ساعيهِ، فأمّا اليومَ فما كُنْتُ أُبايعُ إلا فُلاناً وفُلاناً. 2489 - قالَ الأصْمَعىُّ وأبو عَمْروٍ وغَيْرُهُما: (جَذْرُ قُلُوبِ الرِّجال): الجَذْرُ: الأصْلُ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وَ (الوَكْتُ): أَثَرُ الشَّيءِ اليَسيرُ مِنْهُ. وَ (المَجْلُ): أَثَرُ العملِ في الكَفِّ إذا غَلُظَ. 2490 - عن عَبْدِ الله بن عُمر رضي الله عَنْهما قال: سَمِعْتُ رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يقُول: "إنَّما النَّاسُ كالإبِلِ المائةِ، لا تكادُ تَجِدُ فيها راحِلَةً". 36 - باب الرِّياءِ والسُّمْعَةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث جندب الآتي "93 - الأحكام/ 9 - باب").

_ (31) قوله: (فنفط) إلخ، التذكير باعتبار معنى العضو في الرجل. كما في العيني.

37 - باب من جاهد نفسه في طاعة الله

37 - باب مَنْ جاهَدَ نَفْسَهُ في طاعةِ اللهِ 2491 - عَنْ مُعاذِ بنِ جَبَل (32) رضي الله عنْهُ قال: بَيْنما أنا رديفُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -[على حمارٍ يقال له: عُفَير 3/ 216] (33)، لَيْسَ بَيْني وبَيْنَهُ إلا آخِرةُ الرَّحْلِ، فقال: "يا مُعاذُ! ". قُلْتُ: لبَّيْك يا رسول الله وسَعديك! ثُمّ سار ساعةً، ثُمَّ قال: "يا مُعاذُ! ". قُلتُ: لبَّيْك رسولَ الله وسعدَيْك! ثُمَّ سارَ ساعةً، ثُمَّ قال: "يا مُعاذُ بن جبَل! ". قلتُ: لبَّيْك رسولَ الله وسعدَيْك! قال: "هَلْ تَدْري ما حقُّ الله على عِباده؟ ". قُلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: "حقُّ الله على عِباده أن يعْبُدوه ولا يُشْرِكوا به شيئاً". ثُم سار ساعةً، ثُمَّ قال: "يا مُعاذُ بن جبلٍ! ". قُلتُ: لبَّيْك رسول الله وسعديك! قال: "هلْ تَدري ما حقُّ العِبادِ على اللهِ إذا فعلُوهُ؟ ". قُلتُ: الله ورسوله أعلم، قال:

_ (32) انظر التعليق رقم (22) تحت الحديث (84) من المجلد الأول. (33) قلت: هذه الزيادة عند المصنف من طريق أخرى عن معاذ. وفيها أبو إسحاق، وهو السبيعي، واسمه عمرو بن عبد الله، وفيه اختلاط وتدليس، وقد عنعنه، وكذا رواه مسلم (1/ 43) معنعناً بالزيادة، وأحمد (5/ 228) بدونها، ولقد كدت أميل إلى شذوذها لما ذكرت من حاله، ولأن زيادته مباينة لقوله في الطريق الأولى، وهي أصح: "آخرة الرحل"، فإنه كالنص على أن مركوبه - صلى الله عليه وسلم - كان بعيراً، لأن "الرحل" خاص به كالسرج للفرس، ويؤيده أن في طريق أخرى عن معاذ بلفظ: "على جمل أحمر". رواه أحمد (5/ 234)، لهذا كله كدت أميل إلى شذوذها لولا أني رأيت للحديث طريقين آخرين في "المسند" (5/ 228 و 234) مثل رواية أبي إسحاق؛ دون تسمية الحمار إلا في طريق ثالثة (5/ 238)، ففيها التسمية أيضاً، وسند الأول منهما صحيح، فتوقفت إلى أن رأيت الحافظ قد ذكر في "العلم" أن (الرحل) أكثر ما يستعمل للبعير، فأفأدنا أنه قد يستعمل للحمار، فيه يزول الإشكال، إلا رواية الجمل الأحمر، والجواب أن فيها علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف، وفي الطريق الأخرى شهر بن حوشب، وهو ضعيف أيضاً، فلا يعارض بمثلهما الروايات الصحيحة.

38 - باب التواضع

"حقُّ العِبادِ على اللهِ أنْ لا يُعَذِّبَهُم"، [فقلت: يا رسول الله! أفلا أبشِّر بهِ الناسَ؟ قال: "لا تُبشِّرهُم فيتّكِلوُا"]. 38 - باب التَّواضُعِ 2492 - عنْ أبي هُريرةَ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ قال: مَنْ عادَى لي وليًّا فقدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تقرِّبَ إليَّ عَبْدي بِشيءٍ أحبَّ إليَّ مِمَّا افْترضتُ عليْه، وما يزالُ عَبْدي يَتَقَرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحبَّه، فَإذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ بِهِ، وبَصَرَهُ الَّذي يبْصِرُ بِهِ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بِهَا، ورِجْلَهُ التي يَمْشي بِهَا، وإنْ سَأَلَني لأعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتعَاذَنِي لأعيذَنَّهُ، ومَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيءٍ أنَا فَاعِلُهُ؛ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المؤْمِنِ، يَكْرَهُ الموْتَ، وأنَا أكْرَهُ مَسَاءتَهُ" (34). 39 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "بُعِثْتُ أنَا وَالسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ"، (ومَا أمْرُ الساعةِ إلا كَلَمْحِ البَصَرِ أَوْ هُوَ أقْرَبُ إنَّ الله عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ) 2493 - عَنْ أنسٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "بُعِثْتُ وَالسَّاعَةَ كَهَاتينِ".

_ (34) قلت: في إسناد هذا الحديث رجلان يُتكلم فيهما، لكن له طرق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلاً كما قال الحافظ، وقد خرجت طائفة منها وحققت القول فيها بما يؤيد ما قاله الحافظ، فراجع ذلك إن شئت في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1640).

40 - باب (*) "من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه"

2494 - عَنْ أبي هُرَيرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "بُعِثْتُ أنَا والسَّاعَةُ كَهَاتيَنِ. يَعْني إصْبَعَينِ". 40 - باب (*) "مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ" 2495 - عَنْ عُبَادَةَ بْن الصَّامِتِ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، ومَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ". قَالَتْ عَائِشَةُ أو بَعْضُ أَزْوَاجِهِ (35): إنَّا لنَكْرَهُ الموتَ، قَالَ: "لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ المؤمِنَ إذَا حَضَرَهُ الموتُ بُشِّرَ برِضوانِ اللهِ وَكَرَامتِهِ، فَلَيْسَ شَيءٌ أحَبَّ إلَيْهِ مِمَّا أمَامَهُ، فَأحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، وَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وإنَّ الكافِرَ إذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيءٌ أكرَهَ إليْهِ مِمَّا أمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ". 792 - عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2496 - عَنْ أبي مُوسَى عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ اللهِ، أحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ، كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ". 42 - باب سَكَراتِ الموْتِ

_ (*) انظر مقدمة الطبعة الأولى للمجلد الأول ص 13 لتفسير حذف الباب (41). (35) قلت: بل هي عائشة نفسها كما في حديثها المخرج عند مسلم وغيره، وقد علقه المصنف كما يأتي. 792 - وصله مسلم (ذكر - 15)، وأحمد (6/ 44 و 55 و 207 و 218 و 236).

43 - باب نفخ الصور

2497 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأعرَابِ جفَاةً (36) يأتُونَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَسْألُونَهُ مَتَى السَّاعَةُ؟ فَكانَ يَنْظرُ إلى أصْغَرِهِم، فَيَقُولُ: "إنْ يَعِشْ هَذَا لا يُدْرِكْهُ الهَرَمُ، حتَّى تقُومَ عَليْكُمْ سَاعتُكم". قالَ هِشَامٌ: يَعْني مَوْتَهُمْ. 2498 - عَنْ أبي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعىٍّ الأنْصَارِيِّ أنَّهُ كَانَ يُحَدِّث أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُرَّ عَلَيْهِ بِجنازَةٍ، فَقَالَ: "مُسْتَريحٌ وَمُسْتَراحٌ مِنْهُ". قَالُوا: يَا رسُولَ الله! مَا المسْتَريحُ، وَالمُسْتَراحُ مِنْهُ؟ قالَ: "العَبْدُ المؤمِنُ يَسْتريحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيا وأذَاهَا، إلى رحمة الله عَزَّ وجَلَّ، وَالعبدُ الفَاجِرُ يَسْتريحُ مِنْهُ العِبَادُ، وَالبِلادُ، والشَّجَرُ، وَالدَّوَابُّ". 2499 - عن أنسِ بنِ مَالِكٍ قالَ: قَالَ: رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَتْبَعُ الْمَيِّتَ ثَلاَثَةٌ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ، وَيَبْقَى مَعَهُ وَاحِدٌ؛ يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ". 43 - باب نَفْخِ الصُّورِ 1312 - قَالَ مُجَاهِدٌ: (الصُّورُ): كَهيئَةِ البُوقِ. (زَجْرَةٌ): صَيْحَةٌ.

_ (36) قوله: (جفاة) بالجيم والنصب في اليونينة؛ خبر كان، ولأبي ذر: (حفاة) بالحاء المهملة والرفع لعدم اعتنائهم بالملابس. اهـ (شارح). 1312 - وصله الفريابي عنه.

44 - باب يقبض الله الأرض

1313 - وَقال ابْنُ عَبَّاسٍ: (النَّاقُورُ): الصُّورُ. (الرَّاجِفَةُ): النَّفْخَةُ الأولى. وَ (الرَّادِفَةُ): النَّفْخةُ الثَّانِيَة. 44 - باب يَقبِضُ اللهُ الأرْضَ 793 - رَوَاهُ نَافعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2500 - عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْريِّ قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تكُونُ الأرْضُ يَوْمَ القيامَةِ خُبْزَةً واحِدَةً، يَتَكَفَّؤُها الجبَّارُ بَيدِهِ، كما يَكْفَأُ أحَدُكُم خُبْزَتَهُ في السَّفَرِ، نُزُلاً لأهْلِ الجنَّة". فأتَى رَجُلٌ مِنَ اليهُودِ، فَقَالَ: بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَليْكَ يا أبا القَاسِمِ! ألا أُخبِرُكَ بِنُزُلُ أهلِ الجنَّة يَوْمَ القيامَةِ؟ قالَ: "بَلىَ"، قَالَ: تَكُونُ الأرْضُ خُبْزَةً واحِدَةً، كَمَا قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَظَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليْنَا، ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَواجِذُهُ، ثُمَّ قالَ (37): ألاَ أخْبِرُكَ بإدَامِهِم؟ قَالَ: إدَامُهُمْ بالامٌ ونُونٌ، قَالُوا: ومَا هَذا؟ قَالَ: ثَورٌ وَنُونٌ، يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِما سَبْعُونَ ألْفًا. 2501 - عن سَهْلِ بن سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القيامَة عَلى أرْضٍ بَيْضاءَ عَفْراءَ (38) كَقُرصَةِ نِقىٍّ". قَالَ: سَهْلٌ أوْ غَيرهُ: لَيْسَ فيهَا مَعْلَمٌ لأحدٍ.

_ 1313 - وصله الطبري وابن أبي حاتم بسند منقطع عنه موقوفاً. وأخرجه أحمد (1/ 326) وغيره بسند ضعيف عنه مرفوعاً نحوه، وقد خرجته في "الصحيحة" (1078 و 1079). 793 - يشير إلى حديثه الآتي موصولاً في "97 - التوحيد / 19 - باب". (37) قوله: (ثم قال) أي: اليهوديّ. (شارح). (38) أي: ليس بياضها بالناصع. وقوله: (كقرصة نقىّ) أي: خبز نقيّ.

45 - باب كيف الحشر

45 - باب كَيْفَ الحشْرُ 2502 - عَنْ أبي هُريرَةَ رَضي الله عَنْهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يُحْشَرُ النَّاسُ عَلىَ ثَلاث طَرَائِق؛ رَاغبِينَ رَاهِبيَنَ، واثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ، وَثَلاثَةٌ عَلىَ بَعيرٍ، وَأَربَعَةٌ عَلَى بَعيرٍ، وَعَشَرَةٌ عَلىَ بَعيرٍ، وَيَحْشُرُ بِقيَّتَهُمُ النَّارُ، تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا، وتَبيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتُصْبحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا، وَتُمْسِي مَعَهم حَيْثُ أمْسَوْا". 2503 - عن عَائِشَةَ قَالتْ: قَالَ رَسَولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تُحْشَرُونَ حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلاً". قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُم إلىَ بَعْض؟ فَقَالَ: "الأَمْرُ أشَدُّ مِنْ أن يُهِمَّهم ذَاكِ". 2504 - عَنْ عَبْدِ الله (بن مسعود) قَالَ: كُنَّا مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في (وفي روايةٍ: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضيف ظهره إلى 7/ 220) قُبَّةٍ [من أدَم يمانٍ]، فقَالَ [لأصحابه]: "أتَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا رُبُعَ أهْلِ الجنَّةِ؟ ". قُلنَا: نَعَمْ (وفي روايةٍ: بلى) قَالَ: "تَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أهْلِ الجنَّةِ؟ ". قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: "أتَرْضَوْنَ أنْ تَكُونُوا شَطْرَ أهْلِ الجنَّةِ؟ ". قُلْنَا: نَعَمْ، قال: "وَالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لأرْجُو أنْ تَكُونُوا نِصْفَ أهْلِ الجَنَّةِ، وَذَلِك أنَّ

46 - باب قوله عز وجل: (إن زلزلة الساعة شيء عظيم)، (أزفت الآزفة)، (اقتربت الساعة)

الجَنَّةَ لا يَدْخُلُهَا إلا نَفْسٌ مُسْلِمةٌ، وَمَا أنْتُمْ في أهْلِ الشِّرْكِ إلا كالشَّعْرَةِ البيضاءِ في جِلْدِ الثَّورِ الأسْوَدِ، أوْ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ في جِلْدِ الثورِ الأَحْمَرِ". 2505 - عَنْ أبي هُرَيرَةَ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ القِيامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءى (39) ذُرِّيَّتُهُ، فَيُقَالُ: هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعديْكَ! فَيقُولُ: أخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، فَيقُولُ: يَارَبِّ! كَمْ أُخْرِجُ؟ فَيَقُولُ: أَخْرِج مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعينَ"، فَقَالُوا: يَا رَسولَ الله! إذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائةٍ تِسْعَةٌ وَتسْعُونَ، فَمَاذا يَبْقَى مِنَّا؟ قَالَ: "إنَّ أُمَّتي في الأُمَمِ كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ في الثَّورِ الأسْوَدِ". 46 - باب قَولِهِ عزَّ وَجَلَّ: (إنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيءٌ عَظيم)، (أَزَفَتِ الآزِفَةُ)، (اقتَرَبَتِ السَّاعَةُ) (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم برقم 1426/ ج 2). 47 - باب قَولِ الله تَعَالى: (ألاَ يَظُنُّ أُولئِكَ أنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَومٍ عَظيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ) 1314 - وَقَالَ ابْنُ عَباسٍ: (وتَقَطعَتْ بِهِمُ الأسْبَابُ)، قَالَ: الوُصُلاتُ (40) في الدُّنْيَا.

_ (39) قوله: (فتراءى) يقال: تراءى لي أي: ظهر وتصدى لأن أراه. (عيني). 1314 - وصله عبد بن حميد والطبري وابن أبي حاتم بسند ضعيف عنه نحوه بالمعنى. (40) قوله: (الوُصُلات) بضم الواو والصاد المهملة وفتحها وسكونها: التي كانت بينهم في الدنيا. اهـ (الشارح).

48 - باب القصاص يوم القيامة، وهي (الحاقة)؛ لأن فيها الثواب وحواق الأمور، (الحقة) و (الحاقة) واحد، و (القارعة) و (الغاشية) و (الصاخة). و (التغابن): غبن أهل الجنة أهل النار

2506 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ الله عَنْهُمَا عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) قَالَ: "يَقُومُ أحَدُهُم في رشْحِهِ (41) إلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ". 2507 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضَي الله عَنْهُ أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ القَيامَةِ، حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُم في الأرْضِ سَبْعيِنَ ذِراعاً، وَيُلْجمُهم حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُم". 48 - باب القِصَاصِ يَوْمَ القيَامَةِ، وَهْيَ (الحَاقَّةُ)؛ لأَنَّ فيهَا الثَّوابَ وَحَواقَّ الأُمُورِ، (الحَقَّةُ) وَ (الحَاقَّةُ) وَاحِدٌ، وَ (القَارِعَة) وَ (الغَاشِيَةُ) وَ (الصَّاخَّةُ). وَ (التَّغَابُنُ): غَبْنُ أهْلِ الجنَّةِ أهْلَ النَّارِ 2508 - عن عَبْدِ اللهِ (بن مسعودٍ): قَالَ: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ بِالدِّمَاءِ". 49 - باب مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ عُذِّبَ 50 - باب يَدْخُلُ الجَنَّةَ سَبْعُونَ ألْفاً بِغَيْرِ حِسَابٍ 2509 - [عن عامرٍ عن عمرانَ بن حُصَينٍ رضي الله عنهما قال: لا رقية إلا من عينٍ أو حُمَّةٍ، فذكرته لِـ 7/ 16] سَعيدِ بْنِ جُبَيرٍ، فَقَالَ: حَدَثَني ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ:

_ (41) أي: في عرقه، شبه برشح الإناء لكونه يخرج من البدن شيئاً فشيئاً. اهـ (الشارح).

[خرج علينا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يوماً فـ 7/ 26] قَالَ: "عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَأَخَذَ النبيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ (42)، وَالنبيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ (وفي روايةٍ: الرّهْطُ)، وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ العَشَرَةُ، وَالنبيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الخَمْسةُ، وَالنبىُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فَإذَا سَوَادٌ كَثيِرٌ [سَدَّ الأفقَ]، قُلْتُ: يَا جِبريِلُ! هَؤُلاءِ أُمَّتي؟ قَالَ: لا، [هذا موسى وقومَهُ]، وَلكِنِ انْظُرْ إلى الأُفُقِ (وفي روايةٍ: انظر هاهنا وهاهنا في آفاق السماء)، فَنَظَرتُ، فَإذَا سَوَادٌ كَثيرٌ [قد ملأ الأفق]. قَالَ: هَؤلاءِ أُمَّتُكَ، وَهَؤُلاَءِ سَبْعُونَ ألْفاً قُدَّامَهُمْ [يدخلون الجنة]، لا حِسَابَ عَلَيْهِم وَلا عَذَابَ، (وفي روايةٍ: ثم دخل ولم يُبَيّنْ لهم، فأفاض القوم، وقالوا: نحن الذين آمنا باللهِ واتَّبَعْنا رسولَه، فنحن هم، أو أولادنا (وفي أخرى: أما نحن فولدنا في الشِّرك، ولكنا آمنا بالله ورسولِهِ، ولكن هؤلاء أبناؤنا) الذين ولدوا في الإسلام، فإنا ولدنا في الجاهلية، فبلغ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فخرج، فـ) قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كانُوا لا يَكْتَوُونَ، وَلا يَسْترقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ". فَقَامَ إليْهِ عُكَّاشَةُ بْنُ محصَنٍ، فَقَالَ: ادْعُ الله أنْ يَجْعَلَني مِنْهُم، قَالَ: "اللهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُم"، ثم قامَ إليْهِ رَجُلٌ آخرُ قالَ: ادعُ الله أنْ يَجْعَلَني مِنهُم. (وفي روايةٍ: فقال: أمنهم أنا يا رسول الله؟ قال: "نعم"، فقام آخر فقال: أمنهم أنا؟) قَالَ: "سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ".

_ (42) (الأمة): العدد الكثير. و (النفر): اسم جامع يقع على جماعة الرجال خاصة ما بين الثلاثة إلى العشرة.

51 - باب صفة الجنة والنار

2510 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يُقَالُ لأهْلِ الجنَّةِ: خُلُودٌ لَا مَوْتَ، وَلأهْلِ النَّارِ: خُلُودٌ لَا مَوْتَ". 51 - باب صِفَةِ الجَنَّةِ وَالنارِ 794 - وَقَالَ أبُو سَعيدٍ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أوَّلُ طَعَامٍ يَأكلُهُ أهْلُ الجَنَّةِ زِيادَةُ كَبِدِ خوف". (عَدْنٍ): خُلْدٍ، عَدَنْتُ بِأرْضٍ: أَقَمْتُ، وَمِنْهُ المعدِنُ. (في مَعْدنِ صِدْقٍ): في مَنْبِتِ صِدْقٍ. 2511 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا صَارَ أهْلُ الجَنَّةِ إلى الجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إلى النَّارِ، جِيءَ بالموْتِ، حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يُذبَحُ، ثُمَ يُنَادي مُنَادٍ: يَا أهْلَ الجَنَّةِ! لا مَوْتَ، يَا أَهْلَ النَّارِ! لا مَوْتَ، فَيَزْدادُ أهْلُ الجنَّةِ فَرَحًا إلى فَرَحِهِمْ، وَيَزدَادُ أهْلُ النَّارِ حُزْنًا إلى حُزْنِهِمْ". 2512 - عَنْ أبي هُرَيرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَا بَيْنَ مَنْكِبَيِ الكافِرِ مَسيرَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ لِلرَّاكِبِ المسْرعِ". 2513 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّ في الجنَّةِ لَشَجَرَةً يَسيرُ الرَّاكِبُ في ظِلِّها مِائَةَ عَامٍ لا يَقْطَعُهَا".

_ 794 - وصله فيما تقدم "44 - باب" عنه بمعناه، ولكنه وصله أيضاً من حديث لأنس بلفظه، وقد مضى "ج 2/ برقم 1662".

2514 - عن أبي سعيدٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ في الجنَّةِ لشجرةً يسيرُ الراكبُ الجوادَ المضمَّرَ السَّريعَ مِائةَ عامٍ ما يقطعُها". 2515 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أنّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَيَدْخُلَنَّ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتي سَبْعُونَ أَوْ سَبْعُمِائَةِ ألفٍ -لا يَدْري أَبُو حَازِمٍ أيُّهُمَا قَالَ:- مُتَماسِكونَ، آخِذٌ بَعْضُهُم بَعْضاً، لا يَدْخُلُ أَوَّلُهُم حتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وَجُوهُهُم عَلَى صُورَةِ (وفي روايةٍ: ضوءِ 7/ 199) القَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ". 2516 - عَنْ سَهْلٍ وأبي سعيدٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ الْغُرَفَ فِى الْجَنَّةِ؛ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ فِى السَّمَاءِ (زاد أبو سعيد: كَما تَرَاءَوْنَ الكَوْكَبَ الغَارِبَ في الأُفُقِ الشَّرْقِيِّ وَالغَرْبىِّ) ". 2517 - عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضيَ الله عَنْهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يقُولُ اللهُ تَعَالَى لأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ القيَامَةِ: لَوْ أنَّ لَكَ مَا في الأرْضِ مِنْ شَيءٍ، أكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أرَدْتُ مِنْكَ أهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ في صُلْبِ آدَمَ؟ أنْ لا تُشْرِكَ بي شَيئاً، فَأَبَيْتَ إلا أنْ تُشْرِكَ بي". 2518 - عَنْ جَابِرٍ رَضيَ الله عَنْهُ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يَخْرُجُ (43) مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ كَأَنَّهُمُ الثَّعَارِيرُ". قُلُتُ: مَا الثَّعارِيرُ؟ قَالَ: الضَّغَابِيسُ.

_ (43) أي: قوم؛ كما صرَّحت رواية مسلم وأحمد (3/ 326 و 379). و (الثعارير) و (الضغابيس): صغار القثاء.

2519 - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ [لـ] رَجُلٌ [تُوضَعُ] عَلَى أَخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ، يَغْلِى مِنْهُمَا دِمَاغُهُ، كَمَا يَغْلِى الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ". 2520 - عن عمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضي الله عَنْهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَدْخُلُونَ الجنَّةَ، يُسَمَّوْنَ: الجَهَنَّمِيِّينَ". 2521 - عَنْ أنَسٍ: أنَّ [أمَّ الربيع بنتَ البراء، وهي 3/ 206] أُمُّ حَارِثَةَ [بن سُراقة] (44) أَتَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ هَلَكَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ [وهو غلامٌ 7/ 200]، أَصَابَهُ غَرْبُ سَهْمٍ، (وفي روايةٍ: سهمٌ غربٌ) (45)، فقالَتْ: يَا رَسولَ الله! قدْ عَلِمْتَ مَوْقعَ حَارِثةَ مِنْ قَلبي، فإنْ كَانَ في الجنَّةِ لَمْ أبْكِ عَليْهِ، (وفي روايةٍ: صبرتُ [واحتسبت]،) وَإلا سَوْفَ ترى مَا أصْنَعُ، (وفي روايةٍ: اجتهدْتُ عليه في البكاء)، فقالَ لَهَا: " [يا أم حارثة] [أوَ] هَبِلْتِ (46)؟ أجنّةٌ وَاحِدَةٌ هي؟ إنَّهَا جِنان كَثيرةٌ [في الجنة]، وَإنَّهُ في الفردوْسِ الأعلَى". 2522 - عَنْ أبي هُريرَةَ قَالَ: قَالَ: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (44) هذا هو المعتمد، وقوله قبله: "أم الربيع بنت البراء" وهم نبّهَ عليه غير واحد، فراجع "الفتح". (45) أي: لا يُدرى من رماه. (46) قوله: (أو هبلت؟) أي: أَفَقدتِ عقلكِ.

52 - باب الصراط جسر جهنم

"لا يَدْخُلُ أحَدٌ الجَنَّةَ إلا أُرِيَ مقعَدَهُ مِنَ النَّارِ (47) لَوْ أسَاءَ؛ لِيزْدَادَ شُكْراً، وَلا يَدْخُلُ النَّارَ أحَدٌ إلا أُرِيَ مَقْعدَهُ مِنَ الجنَّةِ لوْ أحْسَنَ؛ لِيَكُونَ عَلَيْهِ حَسْرَةً". 2523 - عَنْ عَبْدِ الله (بن مسعود) رَضيَ اللهُ عَنْهُ: قَالَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّي لأعْلَمُ آخِرَ أهْلِ النَّارِ خُرُوجاً مِنْهَا، وَآخِرَ أهْلِ الجنَّةِ دُخُولاً: رَجُلٌ يخْرُجُ مِنَ النَّارِ كَبْوًا، (وفي روايةٍ: حَبْواً 8/ 202)، فَيَقُولُ الله: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجنَّةَ، فَيَأتيهَا، فَيُخَيَّلُ إليْهِ أنَّهَا مَلأى، فَيَرْجعُ فَيَقُولُ: يَارَبِّ! وَجَدْتُهَا مَلأى، فَيقولُ: اذْهَبْ فادْخُلِ الجَنَّةَ، فَيُخَيَّلُ إليْهِ أنَّهَا مَلأى، فَيَأتيهَا، فَيرْجعُ فَيقُولُ: يَارَبِّ! وَجَدْتُهَا مَلأىَ، فَيَقُولُ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ؛ فَإنَّ لَكَ مِثلَ الدُّنْيا وَعَشَرَةَ أمْثَالِهَا، أو إنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أمْثَالِ الدُّنيَا، فَيقُولُ: تَسْخَرُ مِنِّي، أوْ تَضْحَكُ مِنِّي وَأَنْتَ المَلِكُ؟! ". فَلَقدْ رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَحِكَ حتَّى بَدَتْ نوَاجِذُهُ. وكَانَ يُقَالُ: ذَلِكَ أَدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً. 52 - باب الصِّرَاطُ جِسْرُ جَهَنَّمَ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "97 - التوحيد/24 - باب"). 53 - باب في الحوضِ، وَقَولِ الله تَعَالَى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ) 795 - وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَيْدٍ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (47) وقع عند ابن ماجه بسند صحيح من طريق آخر عن أبي هريرة أن ذلك يقع عند المسألة في القبر، وفيه "فيفرج له فرجة قبَلَ النارِ، فينظر إليها، فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله". ومضى نحوه "ج1/ 23 - الجنائز /67 - باب" من حديثَ أنس. 795 - مضى موصولاً "ج 3/ برقم 1806".

"اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوني عَلى الحوْضِ". 796 - عَنْ حُذَيفَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2524 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضي الله عَنْهما عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "أَمَامَكُم حَوْضٌ كَمَا بَيْنَ جَرْبَاءَ (48) وَأَذْرُحَ". 2525 - عن أبي بشرٍ وعطاءِ بنِ السائبِ عن سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضي الله عَنْهُمَا قالَ: (الكَوْثَر): الخَيْرُ الكثيرُ الَّذي أعْطَاهُ الله إيَّاهُ. قالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعيدٍ: إنَّ أُنَاساً يَزْعُمُونَ أنَّهُ نَهرٌ في الجَنَّةِ، فَقَالَ سَعيدٌ: النَّهَرُ الَّذي في الجنَّةِ مِنَ الخيرِ الذي أَعْطَاهُ الله إيَّاهُ (49). 2526 - عن عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْروٍ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "حَوْضي مَسيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلاَ يَظْمَأُ أبَداً". 2527 - عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضيَ الله عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إنَّ قَدْرَ حَوْضي كَمَا بَيْنَ أيْلَةَ وَصَنْعَاء مِنَ اليَمَنِ، وإنَّ فِيهِ مِنَ الأبَارِيقِ

_ 796 - هذا معلّق عند المصنف، وقد وصله مسلم. (48) بالمد أو القصر: قرية بالشأم، وكذا (أذرح)، قالوا والمسافة بينهما لا تزيد على رمية سهم، وعلى تقدير صحته فتوفيق هذه الرواية مع روايةٍ: "حوضي مسيرة شهر"، وروايةٍ: "إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء" مشكل؛ اللهم إلا أن يقال: إن في الحديث حذفاً تقديره: "كما بين مقامي وبين جربى وأذرح" كما في حديث لأبي هريرة. فراجع "فتح الباري". (49) قلت: وأخرجه الحاكم (2/ 537)، وقال: "صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي! وقد وهِمَا في استدراكه على المصنف رحمه الله، لا سيما ولفظه أتم من لفظ "المستدرك"!

كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ". 2528 - عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي روايةٍ: قال: لما عرج بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء 6/ 92)، قَالَ: "بَيْنَمَا أنَا أَسيِرُ في الجنَّةِ، إذَا أنَا بِنَهَرٍ حَافَّتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلْتُ: مَا هَذا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذي أَعْطَاكَ رَبُّكَ، فَإذَا طِينُهُ أوْ طِيبُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ". 2529 - عَنْ أَنَسٍ رَضي الله عَنْهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ نَاسٌ مِنْ أصْحَابي الحَوْضَ، حَتَّى إذا عَرَفْتُهُم اخْتُلِجُوا دُونِي، فَأَقولُ: أَصْحَابي! فَيقُولُ: لَا تَدْري مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ". 2530 - عن أبي حَازِم عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي فَرَطُكُمْ علَى الحوْضِ، مَنْ مَرَّ عَلَيَّ شَرِب، وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أبَداً، لَيَرِدَنَّ عَلَيّ أقْوَامٌ أعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفوني، ثُمَّ يُحَالُ بَيْني وَبَيْنَهُمْ". 2531 - قَالَ أَبُو حَازِمٍ: فَسَمِعَني النُّعْمَانُ بْنُ أبي عَيَّاشٍ، فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعتَ مِنْ سَهْلٍ؟ فَقُلْتُ: نعَمْ، فَقَالَ: أشْهَدُ على أبي سَعيدٍ الخُدْرَيِّ لَسَمعْتهُ وَهُوَ يَزيدُ فيها: "فَأَقُولُ: إنَّهُم مِنِّي، فَيُقَالُ: إنَّكَ لا تَدْري مَا أحْدثُوا بَعْدَكَ، فَأقُولُ: سُحْقًا، سُحْقاً لِمَنْ غَيَّرَ بَعْدي". 1315 - وَقَالَ ابْنُ عبَّاسٍ: (سُحْقًا): بُعْداً. يُقالُ: سَحيقٌ: بَعِيدٌ، سَحَقَهُ وَأسْحَقَهُ: أبْعَدَهُ.

_ 1315 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه.

97 - عَنْ أبي هُريرَةَ أنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "يَرِدُ عَليَّ يَوْمَ القيَامَةِ رَهْطٌ مِنْ أصحَابي فَيُجلَوْنَ (50)، (798 - وفي رواية معلقة: فَيُحَلَّؤُونَ) عن الحوْضِ، فأقُولُ: يَارَبِّ! أصْحَابي، فَيقُولُ: إنَّكَ لا عِلْمَ لكَ بِمَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ، إنَّهُمُ ارْتَدُّوا على أدْبَارِهُم القهْقَرى". 2532 - عَن ابن المُسيَّب أنَّهُ كان يُحدِّثُ عن أصْحَابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يَرِدُ عليَّ الحوضَ رِجَالٌ مِنْ أصحَابي فيُحَلَّؤُونَ عَنْهُ. فأقولُ: يَارَبَّ! أصْحَابي، فيَقُولُ: إنَّكَ لا عِلْمَ لَكَ بِمَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ؛ إنَّهُم ارتَدُّوا على أدبَارِهِمُ القهقرى". 2533 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "بَيْنَا أنَا قَائِمٌ، فَإذا زُمْرَةٌ، حَتَّى إذا عَرَفْتُهم خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بيني وبينهم، فَقَالَ: هَلُمَّ (وفي طريق: والذي نفسي بيده لأذُودَنَّ رجَالاً عن حوضي، كما تُذَادُ الغريبةُ من الإِبلِ عن الحوضِ 3/ 78) (51)، فَقُلتُ: أينَ؟ قَالَ: إلى النَّارِ وَاللهِ، قُلْتُ: وَمَا شَأْنُهُم؟ قَالَ: إنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلى أدْبارِهِمُ القَهْقَرى. ثمَّ إذا زُمْرَةٌ حَتَّى

_ 797 - هذا معلق عند المصنف، ووصله أبو عوانة، وهو عند المصنف موصول من طريقين آخرين عن أبي هريرة، ويأتي بعد حديث نحوه. (50) أي: يصرفون، وفي الرواية الآتية: (فيُحَلَّؤون) بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام بعدها همزة مضمومة فواو: أي يطردون. 798 - لم يخرجها الحافظ. (51) تنبيه: هذه الطريق بهذا اللفظ، لم يستحضره الحافظ عند الكلام على أحاديث الباب، فعزاه لمسلم وقال: "لم يخرجه البخاري مع كثرة ما أخرج من الأحاديث في ذكر الحوض"!

إذَا عَرَفْتُهُم خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيني وَبَيْنِهِم؛ فَقَالَ: هَلُمَّ، قُلْتُ: أيْنَ؟ قَالَ: إلى النَّارِ واللهِ، قُلْتُ: مَا شَأْنُهُم؟ قَالَ: إنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلى أدْبَارِهِمُ القَهْقَرى. فَلاَ أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُم إلا مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ (52) ". 2534 - عن جُنْدُبٍ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "أنا فَرَطُكُم عَلى الحوْضِ". 2535 - عن حَارِثة بْنِ وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وَذَكَرَ الحوْضَ، فَقَالَ: "كَمَا بَيْنَ المدِينَةِ وَصَنْعَاءَ". 799 و 800 - عَنْ حَارِثَةَ سَمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَوْلَهُ: "حَوْضُهُ مَا بينَ صَنْعاءَ وَالمدينَةِ"، فقال لَهُ المسْتَوْرِدُ: ألمْ تَسْمَعْهُ قَالَ: "الأواني"؟ قَالَ: لا، قالَ المسْتَوْرِدُ: "تُرَى فِيه الآنِيَةُ مِثْلَ الكوَاكبِ". 2536 - عن نافعِ بنِ عمرَ قالَ: حدثني ابنُ أبي مُلَيْكَةَ عَنْ أسْمَاءَ بِنْتِ أبي بَكْرٍ رَضي الله عنْهُما قَالَتَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّي عَلى الحَوْضِ حتَّى أَنْظُرَ (53) مَنْ يَرِدُ عَلَيَّ مِنْكُمْ، وَسَيُؤْخَذُ ناسٌ مِنْ

_ (52) أي: ضوالّ الإبل، أو الإبل بلا راعٍ، ولا يقال ذلك في الغنم. قاله الشارح. 799 و 800 - هذا معلق عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله مسلم. (53) قوله: (أنظر) بالرفع، ولأبي ذر بالنصب. كذا في (الشارح)، واقتصر العيني على النصب.

دُوني، فَأَقُولُ: يَارَبِّ! مِنِّي ومِنْ أُمَّتي! فَيُقَالُ: هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ؟ وَاللهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلى أعْقَابِهِم، (وفي روايةٍ: فيقول: لا تدري، مَشَوا على القهقرى 8/ 86) ". فَكان ابْنُ أبي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ! إنَّا نَعُوذُ بِكَ أنْ نَرْجعَ عَلى أعْقَابِنَا، أو نُفْتَنَ عَنْ دينِنا. (أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ): تَرْجِعُونَ على العَقِبِ.

82 - كتاب القدر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 82 - كتاب القَدَرِ 2537 - عَنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِيَ الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "وكَّلَ الله [عزَّ وجلَّ 1/ 82] بالرَّحِمِ مَلَكاً، فيقُولُ: أيْ ربِّ! نُطْفَةٌ، أيْ ربِّ! عَلَقَةٌ، أيْ رَبِّ! مُضْغَةٌ، فإِذا أراد الله أنْ يَقْضيَ خَلْقَها قال: أيْ ربِّ! ذَكرٌ أم أُنثى؟ أشقيُّ أمْ سعيدٌ؟ فما الرِّزقُ؟ فما الأجلُ؟ فَيُكْتَبُ كذلك في بَطْنِ أُمِّهِ". 1 - باب جَفَّ القَلمُ على عِلْمِ اللهِ، وقَوْلُهُ: (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ) 801 - وقال أبُو هُريرَةَ: قال لي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "جَفَّ القَلَمُ بِما أَنْتَ لاقٍ". 1316 - قال ابنُ عَبَّاسٍ: (لها سابِقُون): سبَقَتْ لَهُمُ السَّعادةُ. 2538 - عنْ عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ قال: قال رَجُلٌ: يا رسُول الله! أَيُعْرَفُ أهْلُ الجَنَّةِ مِنْ أهْلِ النَّارِ؟ قال: "نَعم"، قال: فلِمَ (وفي روايةٍ: فيما 8/ 215) يَعملُ العامِلونَ؟ قال: "كُلٌّ يَعْمَلُ لِما خُلِقَ لَهُ -أوْ لِما يُسِّرَ لَهُ-". (وفي روايةٍ: "كلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلِق له").

_ 801 - تقدم معلقاً بأتم مما هنا "ج3 / برقم 636 - معلّق"، وذكرنا من وصله هناك. 1316 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه.

2 - باب "الله أعلم بما كانوا عاملين"

2 - باب "اللهُ أعلَمُ بِما كانُوا عامِلينَ" 3 - باب (وكانَ أمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) 2539 - عَنْ حُذيفةَ رضي الله عنه قال: لقدْ خَطَبَنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خُطْبَةً ما تَركَ فيها شَيْئاً إلى قِيامِ السَّاعَةِ إلا ذَكَرَهُ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ، إنْ كُنْتُ لأَرى الشَّيءَ قدْ نَسيتُ، فأَعْرِفُ ما يَعْرِفُ الرَّجُلُ (1) إِذا غَابَ عَنهُ، فَرَآهُ فَعَرَفَهُ (2). 4 - باب "العَمَلُ بالخَواتيمِ" 5 - باب إلْقاءِ النَّذْرِ العبدَ إلى القَدَرِ 6 - باب لَا حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي موسى المتقدم برقم 1770/ ج 3). 7 - باب "المعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ" (3) (عاصِمٌ): مانعٌ 1317 - قالَ مُجاهِدٌ: (سُدًّا) (4) عَنِ الحقِّ يَتَرَدَّدُونَ في الضَّلالَةِ. (دسَّاها): أَغْواها. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي سعيد الخدري الآتي "93 - الأحكام/ 42 - باب").

_ (1) قوله: (ما يعرف الرجل)، وفي نسخة: (كما يعرف الرجل) أي: الرجلَ، فحذف المفعول، وفي رواية بإثباته. اهـ شارح. (2) قلت: هذا الحديث مما استدركه الحاكم (4/ 487) على المصنف، فوهم. (3) هذا طرف من حديث وصله المصنف في الباب، وسيأتي في "93 - الأحكام/ 41 - باب". 1317 - وصله ابن أبي حاتم وعبد بن حميد؛ دون تفسير (دساها)، فهذا وصله الفريابي بسند صحيح عنه. (4) قوله: (سداً) بالألف بعد الدال المنونة من غير تشديد، وبالتشديد والألف، أفاده (الشارح)، وكلا=

8 - باب (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون)، (أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن)، (ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا)

8 - باب (وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ)، (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ)، (وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا) 1318 - عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ: و (حِرْمٌ) بالحبشيَّة: وجَب. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم في "79 - الاستئذان/ 12 - باب") 9 - باب (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدِّم برقم 1653/ ج 2). 10 - باب تحاجَّ آدمُ ومُوسى عِنْد اللهِ عزَّ وجلَّ 2540 - أبو هُرَيْرةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "احتجّ (وفي طريق: الْتَقى 5/ 239) آدَمُ وَمُوسى، فَقَالَ لهُ مُوسى: يا آدَمُ! أنْتَ أبُونا خَيَّبْتَنَا، وَأخْرَجْتَنا (وفي طريق أخرى: أنت آدمُ الذي أَخْرَجَتْكَ خطيئتُكَ 4/ 131)، (وفي طريق: أنت الذي أشْقَيْتَ الناسَ وأخرجتَهم) مِنَ الجَنَّةِ [بذنبك 5/ 239]، قالَ له آدم: يا مُوسى! (وفي الطريق الأخرى: أنت موسى الذي) اصْطَفاكَ اللهُ [برسالاته و] بِكلامِهِ، [واصطفاكَ لنفسه]، وخَطَّ لكَ بِيَدِهِ (وفي طريق: وأنزل عليك التوراة؟ قال: نعم، قال: فوجدتَها كُتِبَ عليَّ قبل أن يخلقَني؟ قال: نعم [قال:]) أَتلومُني على أَمْرٍ قَدَّرَ الله [أو كتبه] علَىَّ قبْلَ أنْ

_ = الضبطين غير خال عن خلل؛ فإن صحيح الأول سدى كهدى، وصحيح الثاني سدًّا كهدًّا، قال تعالى: (أيحسب الإنسان أن يترك سدى)، وقال: (وجعلنا من بين أيديهم سداً). مصحح. 1318 - هذا الأثر معلق عند المصنف رحمه الله تعالى، ولم يقف الحافظ عليه موصولاً بهذا اللفظ عنه، نعم وصله الطبري وعبد بن حميد وابن أبي حاتم بسند صحيح عن عكرمة عنه؛ دون قوله: "بالحبشية"، ومن طريق عن عكرمة: (وحِرْمٌ): وجب بالحبشية.

11 - باب لا مانع لما أعطى الله

يخْلُقَني بأَرْبَعينَ سنةً؟! [فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:] فَحجَّ آدَمُ مُوسى (ثلاثاً) ". 11 - باب لا مانعَ لِما أَعْطَى اللهُ (قلتُ: أسند فيه حديث المغيرة المتقدم برقم 2476). 12 - باب مَنْ تَعَوَّذَ بِاللَّهِ مِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ). (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم في "80 - الدعوات/ 28 - باب"). 13 - باب (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) 2541 - عَنْ عبْدِ الله (بنِ عمرَ) قال: كثيراً (وفي روايةٍ: أكثَرُ 8/ 169) ما كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَحْلِفُ (وفي روايةٍ: كانت يمين النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - 7/ 217): "لا ومُقلِّبِ القُلُوبِ". 14 - باب (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا): قضَى 1319 - قال مُجاهِدٌ: (بِفاتنين): بِمُضلّين، إلا منْ كتب الله أنه يصْلى الجَحيم. (قَدَّرَ فَهَدَى): قدَّرَ الشَّقاءَ والسَّعادَةَ، وهَدَى الأَنْعامَ لِمراتِعها. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1476/ ج 2). 15 - باب (وما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أنْ هدانا الله)، (لوْ أنَّ اللهَ هَداني لَكُنْتُ مِنَ المتقينَ) (قلتُ: أسند فيه حديث البراء المتقدم برقم 1326/ ج 2). ...

_ 1319 - وصله عبد بن حميد عنه.

83 - كتاب الأيمان والنذور

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 83 - كتاب الأَيمان والنُّذُورِ 1 - باب قولُ اللهِ تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)} 2542 - عَنْ عائِشةَ أنَّ أبا بَكْرٍ لمْ يكُنْ يَحْنَثُ في يَمينٍ قطُّ، حَتَّى أنْزَلَ الله كَفَّارَة اليمينِ، وقال: لا أَحْلِفُ على يَمين فَرَأَيْتُ غَيْرَها خيْراً مِنْها؛ إلا أَتيْتُ الذي هُوَ خَيْرٌ، وكَفَّرْتُ عَنْ يَميني، (وفي روايةٍ: إلا قبلتُ رخصةَ الله، وفعلتُ الذي هو خير 5/ 188). 2543 - عن عبْدِ الرَّحْمَنِ بن سَمُرَةَ قال: قال [لي 8/ 106] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا عبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ سَمُرَةَ! لا تَسْألِ الإِمارَةَ؛ فإنَّكَ إنْ أُوتِيتَها عَنْ مسأَلةٍ؛ وُكِلْتَ إليْها، وإنْ أُوتِيتَها مِنْ غيرِ مسألةٍ، أُعِنْتَ عَلَيْها، وِإذا حَلَفْتَ على يَمينٍ فرَأَيْتَ غَيْرَها خَيْراً مِنْها؛ فَكَفِّرْ عَنْ يَمينِك، وائْتِ الذي هُوَ خَيْرٌ".

2 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وايم الله"

2544 - عن أبي هُريرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "واللهِ لأَن يَلَجَّ أحَدُكُمْ بيمينهِ في أَهْلهِ آثَمُ لهُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أن يُعْطَى كفّارتَهُ التي افْتَرضَ اللهُ عَليْهِ". (وفي طريق بلفظ: "مَنِ اسْتَلجَّ في أهْلِهِ بِيَمينٍ، فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْماً، لِيَبَرَّ (1). يَعْنِي الكَفّارَةَ"). 2 - باب قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "وايْمُ اللهِ" (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1587/ ج 2). 3 - باب كيْفَ كانَتْ يَمينُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ 802 - وقالَ سَعْدٌ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "والَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ". 803 - وقالَ أبُو قَتادَة: قالَ أبُو بكرٍ عِنْد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: لا ها اللهِ إذاً. يُقالُ: واللهِ، وبِاللهِ، وتاللهِ. 2545 - عن عبْدِ اللهِ بنِ هشامٍ قال: كُنّا مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهْوَ آخِذٌ بيدِ عُمَرَ بنِ الخطّابِ، فقال له عُمرُ: يا رسولَ الله! لأَنتَ أحبُّ إليَّ مِنْ كُلِّ شيءٍ؛ إلا مِنْ نَفْسي، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ: "لا والذي نَفْسي بِيده، حتى أكونَ أحبَّ إليْكَ مِنْ نَفْسِكَ"، فقالَ لهُ عُمَرُ:

_ (1) بلفظ أمر الغائب من البر والإبرار، يعني ليفعل البر. أي: الخير بترك اللجاج، يعني: ليعط الكفارة. 802 - هو طرف من حديث مضى برقم (1567/ ج 2). 803 - هذا طرف من حديث تقدم في "ج2/ 57 - الخمس برقم 1366".

فإِنَّهُ الآنَ واللهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إليَّ مِنْ نَفْسِي، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الآن يا عُمَرُ! ". 2546 - عنْ أَبي حُميْد السَّاعِديِّ: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسْتعملَ عاملاً [من الأسْد (وفي روايةٍ: الأزْد 4/ 136) على صدقاتِ بني سُليم، يدعى ابنَ اللُّتْبيَّة 2/ 137 (وفي روايةٍ: ابن الأتَبيَّة)] فجاءَهُ العَامِلُ حينَ فَرَغَ مِنْ عَمَلِه [وحاسَبَه 8/ 121]، فقال: يا رسُولَ الله! هذا لكُمْ، وهذا أُهْديَ لي، فقال لهُ: "أفَلا قَعَدْتَ في بيْتِ أَبيكَ وأُمِّكَ فنَظَرْتَ (2) أيُهْدَى لك أم لا [إن كنت صادقاً؟! 8/ 66]، ثُم قام رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَشيَّةً بَعْدَ الصَّلاةِ، [فخطب الناس 8/ 121]، فتَشَهَّدَ، وأَثْنَى على الله بِما هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قال: "أمّا بَعْدُ؛ فما بالُ العامِلِ نَسْتَعْمِلُهُ [على أمورٍ مما وَلاني الله]، فيأتينا فيَقولُ: هَذا مِنْ عَمَلِكُم، وهذا أُهْدِيَ لي؟ أَفَلا قَعَدَ في بيْتِ أبيهِ وأُمِّهِ فَنَظَرَ هَلْ يُهْدى لَهُ أمْ لا؟ فوَالذي نَفْسُ مُحمّدٍ بِيَدِه، لا يَغُلُّ (3) أَحدُكُمْ مِنها شيئاً [بغير حقه] إلا جاء بِهِ يَوْمَ القِيامَةِ يَحْمِلُهُ على عُنُقِهِ، إنْ كانَ بعيراً جاءَ بِهِ لَهُ رُغاءٌ (4)، وإنْ كانَتْ بَقَرةً جاء بها لها خُوارٌ، (وفي روايةٍ: جؤار 8/ 115) وإنْ كانَتْ شاةً جاءَ بِها تَيْعَرُ، [اللهم] فقد بلَّغْتُ [اللهم هل بلغت (ثلاثاً)] ". فقالَ أبُو حُمَيْدٍ: ثُمَّ رَفَع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ حتّى إنَّا لنَنْظُرُ إلى عُفْرَةِ إبْطَيْهِ (5). قالَ أبُو حُمَيْدٍ: [بصر

_ (2) قوله: (فنظرت) ضبط في الأصل المطبوع بضم التاء. والصواب ما هاهنا. اهـ مصححه. (3) قوله: (لا يغلّ) أي: لا يخون. اهـ. (4) (الرغاء): صوت البعير، والخوار: صوت البقر، واليعار: صوت الشاة. (5) (العفرة): البياض الذي فيه شيء كلون الأرض.

عيني، وسمع أذني]، وقَدْ سَمعَ ذلِكَ مَعي زَيْدُ بنُ ثابِت من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَلُوه. [(خوار): صوت. و (الجؤار) من (تجأرون) كصوت البقرة 8/ 115]. 2547 - عَن أبي هُرَيْرَةَ قال: قال أبُو القاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيدِهِ لَوْ تَعْلَمُون ما أَعْلمُ، لَبَكَيْتُم كَثيراً، ولَضَحِكْتُم قليلاً". 2548 - عَن أبي ذَرٍّ قال: انْتَهَيْتُ إليْه وهو يقولُ في ظِلِّ الكعبةِ: "هُمُ الأَخْسَرونَ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، هُمُ الأَخْسَرونَ وربِّ الكَعْبةِ". قُلْتُ: ما شأْنِي؟ أيُرى فِيَّ شيءٌ، ما شأْني؟ فَجَلَسْتُ إليْهِ وهْوَ يَقُولُ، فما اسْتطَعْتُ أنْ أَسْكُت، وتَغَشَّاني ما شاءَ اللهُ، فقُلْتُ: مَنْ هُمْ بأبي أنتَ وأُمِّي يا رسولَ الله؟! قال: "الأَكْثَرون أَمْوالاً؛ إلا مَنْ قالَ هكذا، وهَكذا، وهَكذا". 2549 - عَن أَبي هُريرةَ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال سُلَيْمانُ [بن داود 4/ 136]: لأَطُوفَنَّ الَّليْلةَ على تِسْعينَ (وفي رواية سبعين) امْرأةً، كُلُهُنَّ تأتي بِفارِس يُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ، فقال لهُ صاحِبُهُ (وفي طريق: الملك: قل 6/ 160) إنْ شاءَ الله، فَلَمْ يقُلْ: إنْ شاء الله، [ونسي]، فطافَ عَلَيْهِنَّ جميعاً، فلم تَحْمِلْ مِنْهنَّ إلا امْرأةٌ واحدةٌ، جاءَتْ بِشِقِّ رجلٍ، (وفي طريق: غلام 7/ 238، وفي أخرى: نصف إنسان)، وَايْمُ الذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدهِ لَوْ قال: إِنْ شاءَ اللهُ، لَجاهدُوا في سبيلِ اللهِ فُرْساناً أَجْمعونَ".

4 - باب لا تحلفوا بآبائكم

[تسعين أصح]. 4 - باب لا تَحْلِفُوا بآبائِكُمْ 2550 - عن عُمَرَ قالَ: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ ينْهاكُم أنْ تَحْلِفُوا بِآبائِكُمْ". قال عُمَرُ: فَو الله ما حَلَفْتُ بِها مُنْذُ سَمِعْتُ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ذاكِراً (6)، ولا آثِراً. 1320 - قالَ مُجاهِدٌ: (أوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ): يَأْثُرُ عِلْماً. 5 - باب لا يُحْلَفُ باللات والعُزَّى ولا بِالطَّواغيتِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1976/ ج 3). 6 - باب مَنْ حَلَفَ على الشَّيءِ وإنْ لمْ يُحَلَّفْ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 2279). 7 - باب مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى مِلَّةِ الإِسْلاَمِ (7) 804 - وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ حَلَفَ بِاللاَّتِ وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ". وَلَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى الْكُفْرِ.

_ (6) أي: قائلًا لها من قِبَلِ نفسي. قوله: (ولا آثراً) أي: ولا حاكياً لها عن غيري ناقلاً عنه. 1320 - وصله الفريابي عنه بلفظ: "أحد يأثر علماً". قال الحافظ: فكأنه سقط "أحد" من أصل البخاري. (7) قوله: (سوى الإسلام)، وفي بعض النسخ زيادة ملة، يعني كأن يقول: إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصرانى. اهـ. 804 - مضى موصولاً "ج3 / برقم 1976".

8 - باب لا يقول: ما شاء الله وشئت، وهل يقول: أنا بالله، ثم بك؟

8 - باب لا يَقُولُ: ما شاءَ الله وشِئْتَ (8)، وهَلْ يقولُ: أنا باللهِ، ثُمَّ بِكَ؟ (قلت: علَّق فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم مسنداً " برقم 1471/ ج 2). 9 - باب قوْلِ اللهِ تَعالى: (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ) 805 - وقالَ ابنُ عباسٍ: قال أبُو بَكْرٍ: فَوَ اللهِ يا رسُولَ الله! لتُحَدِّثَنِّي بالذي أَخْطَأْتُ في الرُّؤْيا، قال: "لا تُقْسِمْ". 10 - باب إذا قال: أشْهَدُ باللهِ، أوْ شَهِدْتُ بِاللهِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1201/ ج 2). 11 - باب عَهْدِ اللهِ عزَّ وجَلَّ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود الآتي "17 - باب"). 12 - باب الحلفِ بِعِزَّةِ اللهِ وصِفاتِهِ وكَلِماتِهِ 806 - وقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ". 807 - وقالَ أَبُو هُريرَة عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَبْقَى رَجُلٌ بَيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، فيقُولُ: يا رَبِّ! اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، لا وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكَ غَيْرَها". 808 - وقالَ أَبُو سَعيدٍ: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله: لَكَ ذَلِكَ وعَشَرَةُ أمْثالِهِ".

_ (8) قوله: (وشئت) بفتح التاء وضمها على صيغتي الخاطب والمتكلم من الماضي. كما في الشارح. 805 - هذا طرف من حديث طويل يأتي في "91 - التعبير/ 47 - باب". 806 - هذا طرف من حديث يأتي موصولاً في "97 - التوحيد/ 7 - باب". 807 و 808 - يأتي موصولاً عنهما في حديث طويل "97 - التوحيد/ 24 - باب".

13 - باب قول الرجل: لعمر الله

809 - وقالَ أَيُّوبُ: وَعِزَّتِكَ لا غِنَى لي عَنْ بَرَكَتِكَ. (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي "97 - التوحيد/ 7 - باب"). 13 - باب قوْلِ الرَّجُلِ: لَعَمْرُ اللهِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث الإفك المتقدم برقم 1748/ ج3). 14 - باب (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1893/ ج3). 15 - باب إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا فِى الأَيْمَانِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}، وَ (قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ) 810 - رَواهُ أَيُّوبُ عَنِ ابْنِ سِيرينَ عنْ أنَسٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 16 - باب اليَمينِ الغَمُوسِ، (وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (دَخَلاً): مَكْراً وَخِيانَةً. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عبد الله بن عمرو الآتي "88 - استتابة المرتدين /1 - باب"). 17 - باب قَوْلِ اللهِ تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

_ 809 - هو طرف من حديث مضى موصولاً في "ج1/ 5 - الغسل/ 20 - باب". 810 - وصله المصنف فيما تقدم من "ج3/ 73 - الأضاحي برقم 2180".

ولا يُزَكّيهِمْ ولَهُم عَذابٌ أليمٌ)، وقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: (وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)، وقولِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: (ولا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللهِ ثَمَناً قليلاً إنَّ ما عنْدَ الله هُوَ خَيْرٌ لكمْ إن كُنْتُم تَعْلَمونَ * وأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إذا عاهَدْتُمْ ولا تَنْقُضُوا الأَيْمانَ بعْدَ تَوْكيدِها وقَدْ جعلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُم كَفيلاً) 2551 - عَنْ عَبْدِ اللهِ (بن مسعود) رضيَ اللهُ عنْهُ قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ على يمينِ صَبْرٍ (9) (وفي روايةٍ: كاذبةٍ لـ 7/ 224) يَقْتَطعُ بِها مالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، [هو عليها فاجر 3/ 75]؛ لَقِيَ اللهَ وَهْوَ عليْه غضْبانُ"، فأَنْزَلَ اللهُ تَصْديقَ ذلكَ: (إنَّ الذينَ يَشْتَرونَ بِعَهْدِ الله وَأَيْمانِهِم ثَمَناً قليلاً)، إلى آخِرِ الآية، فدَخلَ الأشْعثُ بنُ قَيْسٍ فقالَ: ما حدَّثَكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمن؟ فقالُوا: كذا وَكذ ا، قال: [صدَقَ، 3/ 116] فيَّ [واللهِ] أُنْزِلَتْ، كانَتْ لي بِئْرٌ في أَرْضِ ابْنِ عمٍّ لي، فَأَتَيْتُ (وفي روايةٍ: كان بيني وبين رجل من اليهود أرض، فجحدني، فقدّمتُه إلى 3/ 90) رسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال [لي]: "بَيِّنَتُكَ (وفي روايةٍ: شاهداك 3/ 160) أوْ يَمينُهُ"، (وفي روايةٍ: فقال لي: "شهودُك". قلت: ما لي شهود. قال: "فيمينه". وفي أخرى: فقال لليهودي: "احلف". قال:) فَقُلْتُ: إذاً يَحْلِفُ (10) عَلَيْها [ولا يبالي] يا رسُولَ الله! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ (9) قوله: (يمين صبر) بإضافة يمين لصبر وبتنوين يمين، و (الصبر): الحبس، والمراد إلزام الحاكم بها. كما في الشارح. (10) قوله: (إذاً يحلف) فيه الرفع والنصب. كما في (الشارح).

18 - باب اليمين فيما لا يملك، وفي المعصية، وفي الغضب

"مَنْ حَلَفَ على يَمين صَبْرٍ، وهو فيها فاجِرٌ يقْتطعُ (وفي روايةٍ: يستحقُّ) بِها مالَ امْرئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ القِيامَةِ وهو عليه غَضْبانُ". 18 - باب اليَمينِ فيما لا يَمْلِكُ، وفي المعْصِيَةِ، وفي الغَضَبِ 19 - باب إذا قالَ: واللهِ لا أتَكَلَّمُ اليوْمَ؛ فصَلّى، أوْ قرأَ، أوْ سبَّحَ، أوْ كبَّرَ، أوْ حمِدَ، أوْ هلَّلَ؟ فهْوَ على نِيَّتِهِ (11) 811 - وقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْضَلُ الكَلامِ أرْبَعٌ: سُبْحانَ اللهِ، والحمْدُ للهِ، ولا إله إلا اللهُ، واللهُ أكبرُ". 812 - وقال أَبُو سُفْيانَ: كَتَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى هِرَقْلَ: " (تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) ". 1321 - وقالَ مُجاهِد: كَلِمَةُ التَّقْوى: لا إله إلا الله. 20 - باب مَنْ حَلَفَ أنْ لا يدْخُلَ على أهْلِهِ شهْراً، وكانَ الشَّهرُ تِسْعاً وعِشْرينَ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 205/ ج 1).

_ (11) قوله: (فهو على نيته) أي: فإن قصد التعميم حنث، وإلا فلا. اهـ. 811 - وصله النسائي من حديث أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعاً بلفظه. 812 - هذا طرف ذكره بالمعنى من الحديث الطويل عن ابن عباس، وقد مضى موصولاً برقم (1295/ ج 2). 1321 - وصله عبد بن حميد عنه، وقد جاء مرفوعاً من أحاديث جماعة من الصحابة، فانظر "الفتح".

21 - باب إذا حلف أن لا يشرب نبيذا فشرب طلاء أو سكرا أو عصيرا؛ لم يحنث في قول بعض الناس، وليست هذه بأنبذة عنده

21 - باب إذا حَلَفَ أنْ لا يَشْرَبَ نَبيذاً فشَرِبَ طِلاءً أوْ سَكَراً أو عَصيراً؛ لمْ يحْنَثْ في قَولِ بَعْض النَّاس، وليْسَتْ هذه بأنْبِذَةٍ عِنْدَهُ 2552 - عَنْ سَوْدَةَ زوْجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالتْ: ماتَتْ لنا شاةٌ فَدَبَغْنا مَسْكَهَا (12)، ثُمَّ ما زِلْنا نَنْبُذُ فيهِ، حَتَّى صارَتْ شَنًّا (13). 22 - باب إذا حَلَفَ أنْ لا يأتَدِمَ، فأَكَلَ تَمْراً بِخُبْزٍ، وما يكون مِنْه الأُدْمُ 23 - باب النيَّةِ في الأَيْمانِ (قلتُ: أسند فيه حديث عمر بن الخطاب المتقدم برقم1/ ج 1). 24 - باب إذا أَهْدَى مالَهُ على وجْهِ النَّذرِ والتَّوْبَةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث كعب بن مالك الطويل المتقدم برقم 1833/ ج 3). 25 - باب إذا حَرَّمَ طَعامَهُ، وقولُهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ)، وقوله: (لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2105/ ج 3). 26 - باب الوَفاءِ بِالنَّذْرِ، وقَوْلِهِ تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} 2553 - عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهُما قال: أوَلَمْ يُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ؟ إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - (وفي طريق: نَهَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن النَّذْرِ، 7/ 213) قالَ:

_ (12) (المسك): الجلد، والجمع: مسوك، مثل: فلس وفلوس. (13) و (الشن): الجلد البالي كما في "المصباح"، وفسّر في الشرح بالقربة الخلقة.

27 - باب إثم من لا يفي بالنذر

"إِنَّ النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا، وَلاَ يُؤَخِّرُ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِالنَّذْرِ مِنَ الْبَخِيلِ". 2554 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يأتي ابْنَ آدمَ النَّذْرُ بِشَيءٍ لَمْ يَكُنْ قُدِّرَ (وفي طريق: لم يكن قد قدَّرته 7/ 213) لَهُ، ولَكِنْ يُلقيهِ النَّذْرُ إلى القَدَرِ، قدْ قُدِّرَ (وفي طريق: وقد قدَّرتهُ) لَهُ، فَيَسْتَخْرِجُ اللهُ بِهِ مِنَ البَخيلِ، فيُؤتِي (14) عَليْهِ ما لم يَكُن يُؤتي عليهِ من قبلُ". 27 - باب إِثْمِ مَنْ لا يَفي بالنَّذْرِ 28 - باب النَّذْرِ في الطَّاعة (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) 2555 - عَنْ عائِشةَ رضي الله عنها عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ نَذَرَ أنْ يُطيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ". 29 - باب إِذا نَذَرَ أوْ حَلَفَ أنْ لا يُكَلِّمَ إنْساناً في الجاهِليَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج 1/ 33 - الاعتكاف/ 5 - باب"). 30 - باب مَنْ ماتَ وعليْهِ نَذْرٌ 1322 - وَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأةً جَعَلَتْ أُمُّها على نَفْسِها صلاةً بِقُباءٍ، فقال: صلِّي عنْها. 1323 - وقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ.

_ (14) أي: فيعطي وزناً ومعنى، (عليه) أي: البخل، يعني بسببه. 1322 - لم يخرجه الحافظ. 1323 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح.

31 - باب النذر فيما لا يملك وفي معصية

31 - باب النَّذْرِ فيما لا يَمْلِكُ وفي معْصِيَةٍ 2556 - عنِ ابْنِ عبَّاسٍ قال: بَيْنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ؟ فَقَالُوا: أَبُو إِسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلاَ يَقْعُدَ، وَلاَ يَسْتَظِلَّ، وَلاَ يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ". 32 - باب مَنْ نَذَرَ أنْ يَصُومَ أَيّاماً فَوافقَ النَّحْرَ أو الفِطْرَ 2557 - عن حَكيمِ بنِ أبي حُرَّةَ الأسْلَميِّ أنَّهُ سَمع عبْدَ الله بن عُمَرَ رضي الله عَنْهُما سُئِلَ عنْ رَجُلٍ نَذَرَ أنْ لا يأْتِيَ عليْهِ يومٌ إلا صامَ، فوافقَ يومَ أضْحى أوْ فِطْرٍ، فقالَ: لقد كانَ لكُمْ في رسولِ اللهِ أُسْوَةٌ حسنةٌ، لمْ يكنْ يصومُ يوْمَ الأضحى والفِطْر، ولا يَرى صيامَهُما. (وفي رواية عنْ زِيادِ بْنِ جُبيْرٍ قال: كُنْتُ معَ ابْنِ عُمَر، فسأله رجُلٌ، فقال: نَذَرْتُ أنْ أصومَ كلَّ يوْمِ ثلاثاء أوْ أرْبِعاء ما عِشْتُ، فوافقْتُ هذا اليوْمَ يوْمَ النَّحرِ، فقال: أمرَ اللهُ بِوَفاءِ النَّذْر، ونُهِيْنا (وفي روايةٍ: ونَهى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - 2/ 249) أنْ نَصُومَ يوْمَ النَّحْرِ، فَأَعاد عليْه، فقال مِثْلَهُ لا يَزيدُ عليْه).

33 - باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة؟

33 - باب هلْ يَدْخلُ في الأَيْمانِ والنُّذُورِ الأرضُ والغنمُ والزُّروعُ والأمتعةُ؟ 813 - وقال ابنُ عُمرَ: قال عُمرُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أصبتُ أرْضاً لم أُصِبْ مالاً قطُّ أنفسَ منهُ، قال: "إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ (15) أصلَهَا، وتصدَّقْتَ بِها". 814 - وقالَ أبو طَلْحةَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَحَبُّ أَموالي إلي بَيْرُحاءَ. لِحائِطٍ لَهُ مُسْتَقْبِلَةَ المسْجدِ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1781/ ج 3). ...

_ 813 - تقدم موصولاً "ج 2/ برقم 1231". (15) قوله: (حبست) بالتخفيف وفي "اليونينية" بالتشديد أي: وقفت. اهـ (شارح). 814 - تقدم موصولاً "ج1/ 24 - الزكاة/ 46 - باب".

84 - كتاب كفارات الأيمان

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 84 - كتاب (1) كَفَّارَاتِ الأَيْمَانِ 1 - وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) 815 - وَما أَمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ نَزَلتْ: (فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) 1324 - 1326 - ويُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وعَطاءٍ وعِكْرمَةَ: ما كانَ في القُرآنِ أوْ .. أَوْ .. ، فَصاحِبُهُ بِالخِيارِ. 816 - وقدْ خيَّرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كَعْباً في الفِدْيةِ. (قلت: أسند فيه حديث كعب بن عجرة المتقدم "ج 1/ 27 - المحصر/ 7 - باب"). 2 - باب قوْلِهِ تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}. متَى تَجِبُ الكفَّارةُ على الغَنِيِّ والفَقيرِ؟ (قلت: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج1/ 30 - الصوم/ 30 - باب").

_ (1) الأصل: (باب)، وفي نسخة: (كتاب)، وعليها شرح الحافظ العسقلاني. 815 - يشير إلى حديث كعب بن عجرة المتقدم (ج 1/ 27 - المحصر/ 7 - باب". 1324 - 1326 - أما أثر ابن عباس؛ فوصله الثوري في "تفسيره" بسند ضعيف عنه. وأما أثر عطاء؛ فوصله ابن عيينة في "تفسيره" والطبري بسند صحيح عنه. وأما أثر عكرمة؛ فوصله الطبري أيضاً. 816 - هو حديثه المشار إليه آنفاً.

3 - باب من أعان المعسر في الكفارة

3 - باب منْ أَعانَ المعْسِرَ في الكَفّارةِ (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 4 - باب يُعْطِي في الكَفَّارَةِ عَشَرَة مساكينَ قريباً كان أوْ بعيداً (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 5 - باب صاعِ المدينةِ، ومُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وبَركتهِ، وما توارثَ أهْلُ المدينةِ مِنْ ذلكَ قَرْناً بعد قَرْنٍ 2558 - عنَ السَّائِبِ بنِ يَزيدَ قال: كانَ الصَّاعُ على عَهْدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُدًّا أو ثُلُثاً بِمُدِّكُمُ اليَوْمَ، فَزِيدَ فيه في زمن عُمرَ بنِ عبْدِ العزيز (2). 2559 - عنْ نافع قال: كانَ ابنُ عُمرَ يُعْطي زكاةَ رَمَضانَ بِمُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المُدِّ الأوَّلِ، وفي كفارةِ اليمين بِمُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قالَ أبُو قُتَيبة: قال لنا مالِكٌ: مُدُّنا أعْظمُ مِنْ مُدِّكُم، ولا نَرى الفَضْلَ إلا في مُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وقالَ لي مالِكٌ: لوْ جاءَكُمْ أَميرٌ فَضَربَ مُدًّا أَصْغَرَ مِنْ مُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَيِّ شَيْءٍ كُنْتُمْ تُعْطُونَ؟ قُلْتُ: كُنَّا نُعْطِي بِمُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: أفلا تَرى أنَّ الأمْرَ إنَّما يَعُودُ إلى مُدِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ 6 - باب قوْلِ اللهِ تعالى: {أوْ تحْريرُ رقبةٍ}، وأيُّ الرِّقابِ أَزْكى؟

_ (2) قلت: قال الحافظ: زاد الإسماعيلي من هذا الوجه: قال السائب: وقد حُج بي في ثقل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأنا غلام. قلت: وهذه الزيادة رواها المصنف فيما تقدم "ج 1/ 28 - جزاء الصيد/ 24 باب".

7 - باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة، وعتق ولد الزنا

(قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1149/ ج 2). 7 - باب عِتْقِ المُدَبَّرِ وأُمِّ الولَدِ والمُكاتِبِ في الكَفَّارَةِ، وعِتْقِ ولَدِ الزِّنا 1327 - وقال طاوُسٌ: يُجْزِئُ المُدَبَّرُ وأُمُّ الولدِ. (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1106/ ج 2). 8 - باب إذا أَعْتَقَ عبْداً بَيْنَهُ وبَيْنَ آخَرَ (لم يذكر فيه حديثاً). 9 - باب إذا أَعْتَقَ في الكَفَّارَةِ لِمَنْ يكُونُ ولاؤُهُ؟ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 1024/ ج 2). 10 - باب الاسْتِثْناءِ في الأَيْمانِ 11 - باب الكَفَّارةِ قبْل الحِنْثِ وبَعْدَهُ 2560 - عنْ زَهْدَمِ الجَرْمِيِّ قال: كُنَّا عِنْد أبي مُوسى [الأشعري 7/ 222]، وكانَ بَيْننا وبينَ هذا الحيِّ (3) مِنْ جَرْمٍ [وُدٌّ، و 8/ 217] إِخاءٌ، وَمَعْروفٌ، قال: فقُدِّمَ [إليه] طعامٌ، قال: وقُدِّم في طَعامِهِ لَحْمُ دجاجٍ، قال: وفي القومِ رجلٌ [جالس 6/ 229] مِنْ بَني تَيْمِ اللهِ أحْمَرُ، كأنَّه مَوْلىً، [فَدعاه إليه] قال: فلمْ يَدْنُ [من

_ 1327 - وصله ابن أبي شيبة. (3) قوله: (وكان بيننا وبين هذا الحيّ) إلى قوله: (أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) من كلام زهدم مع تخلل بعض القول عن أبي موسى رضي الله عنه لا يخفى على الناظر المتأمل ذلك. اهـ عيني.

طعامه]، فقال له أبو موسى: ادْنُ! فإنِّي قدْ رأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يأْكُلُ مِنْهُ، قال: إنِّي رأَيْتُهُ يأكُلُ شَيْئاً قَذِرْتُهُ، فحَلَفْتُ أنْ لا أَطْعَمَهُ أبداً، فقال: ادْنُ أُخْبِرْكَ عنْ ذلك، (وفي روايةٍ: عن يمينك): أتَيْنا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في رَهْطٍ من الأشْعَرِيّينَ أسْتَحْمِلُهُ، وَهْوَ يَقْسِمُ نَعَماً مِنْ نَعَمِ الصَّدَقةِ، -قال: أيُّوبُ: أحْسِبُهُ- قال: [فوافقته] وهْوَ غَضْبانُ، قال: "والله لا أَحْمِلُكُمْ، وما عنْدي ما أَحْمِلُكم [عليه 7/ 216] "، قالَ: فانْطَلَقْنا، [ثم لبثنا ما شَاء الله 7/ 238]، فأُتيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِنَهَبٍ [من] إبلٍ، [فسأل عنا]، فقيلَ (وفي روايةٍ: فقال): "أَيْنَ هؤُلاءِ الأَشْعَريُّون، أَيْنَ هؤلاءِ الأشْعَرِيُّون؟ "، فأَتَيْنا فأَمَر لنا بِخمْسِ (وفي روايةٍ: بثلاثة 7/ 238) ذَوْدٍ غُرِّ الذُّرى، قال: فانْدَفَعْنا، فقُلْتُ لأصْحابي: أَتَيْنا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَسْتَحمِلُهُ، فحَلَفَ أنْ لا يحْمِلَنا، ثُمَّ أرْسلَ إِليْنا فَحَمَلنا، نسِيَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمينَهُ، والله لَئِن تَغَفَّلنا رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمينَهُ لا نُفْلحُ أبداً، ارْجِعُوا بِنا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلْنُذكِّرْهُ يَمينَهُ، فرَجَعْنا [إليه]، فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ! [إنا] أَتَيْناكَ نَسْتَحْمِلُك، فَحَلَفْتَ أنْ لا تَحْمِلَنا، [وما عندك ما تَحمِلنا]، ثُمَّ حَمَلْتَنا، فَظَنَنَّا، أوْ فَعَرفْنا أنَّك نسيتَ يمينكَ، قالَ: " [أجلْ، ولكن 5/ 122] انْطلِقُوا [ما أنا حملْتُكُم]، فَإِنَّما حَمَلَكُمُ اللهُ، إنِّي واللهِ إنْ شاءَ اللهُ لا أَحْلِفُ على يمينٍ، فَأَرى غيْرَها خَيْراً مِنْها؛ إلا أتيتُ الذي هُوَ خيْرٌ، وَتَحَلَّلْتُها (وفي روايةٍ: وكفّرتُ عن يميني) ". (وفي طريق أخرى عنه قال: أرسلني أصحابي إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أسأله

الحُملانَ لهُم (4)، إذ هم معه في جيْشِ العُسْرةِ، وهي غَزْوة تَبوك، فقلْتُ: يا نبي الله! إن أصحابي أرسلُوني إليك لتحْمِلَهم، فقال: "والله لا أحملُكم على شيءٍ، [ما عندي ما أحْمِلُكم 7/ 238] "، ووافَقْتُه وهو غضبانُ ولا أشعرُ، ورجعتُ حزيناً من مَنْع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومن مخافةِ أنْ يكونَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَدَ في نفسِهِ عليَّ، فرجعتُ إلى أصحابي، فأخبرتُهمُ الذي قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فلم أَلْبَثْ إلا سُوَيْعةً إذ سمعتُ بلالاً ينادي: أيْ عبدَ الله بنَ قيس! فأجبتُه، فقال: أَجِبْ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يدعوكَ، فلما أتيتُهُ قال: "جذ هذين القَرِينين (5)، وهذين القرينين (6) -لستةِ أَبْعِرَةٍ ابتاعَهُنَّ حينئِذٍ من سعدٍ- فانْطَلِقْ بهنَّ إلى أصحابك، فقُلْ: إنَّ اللهَ، أو قالَ: إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحْمِلُكُم علي هؤلاءِ فاركَبُوهُنّ"، فانطلقتُ إليهم بهنَّ، فقلتُ: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَحمِلُكم على هؤلاء، ولكني واللهِ لا أدَعُكُمْ حتى ينطلقَ معي بعضُكم إلى مَنْ سمِعَ مقالةَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لا تظنوا أَنِّي حَدَّثْتُكم شيئاً لم يقُلْهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا لي: إنك عندنا لمُصدَّقٌ، ولَنَفعَلَنَّ ما أحْببتَ، فانْطلقَ أبو موسى بنفرٍ منهم حتى أتَوُا الذين سمعوا قولَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - منْعَه إياهم، ثم إعطاءَهُم بعدُ، فحدَّثُوهم بمثلِ ما حدَّثهم به أبو موسى 5/ 129). ...

_ (4) أي: الشيء الذي يركبون عليه ويحملهم. (5) أي: الجملين المشدودين. (6) لعله قال: هذين القرينين ثلاثاً، فذكر الراوي مرتين اختصاراً.

85 - كتاب الفرائض

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 85 - كتاب الفرائِضِ 1 - باب قَوْلِ الله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)} (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم "ج 1/ 4 - الوضوء/ 46 - باب"). 2 - باب تَعليمِ الفرَائِضِ 1328 - وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: تَعلَّمُوا قَبْلَ الظَّانِّينَ. يَعْني: الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بالظَّنِّ.

_ 1328 - قال الحافظ: لم أظفر به موصولاً.

3 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نورث ما تركنا صدقة"

3 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ" 2561 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنَّ أزواجَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حينَ تُوُفِّيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَرَدْنَ أنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إلى أبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيراثَهُنَّ، فَقالتْ عَائِشَةُ: ألَيْسَ قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نُورَثُ، مَا تَركْنَا صَدَقَةٌ". 4 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأَهلِهِ" (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1074/ ج 2). 5 - باب مِيراثِ الولَدِ مِنْ أَبيهِ وَأُمِّهِ 1329 - وَقالَ زيدُ بْنُ ثَابتٍ: إذَا تَرَكَ رَجُلٌ أوِ امْرَأةٌ بِنْتاً فَلَهَا النِّصْفُ، وإن كَانَتَا اثنَتَيْنِ أوْ أكَثرَ فَلَهُنَّ الثُّلُثَانِ، وَإن كَانَ مَعَهُنَّ ذَكَرٌ بُدِئَ بَمنْ شَرِكَهُمْ (1)، فَيُؤْتَى فَرِيضَتَهُ، فَمَا بَقي فَللِذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. 2562 - عَنْ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنها عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ألْحِقُوا الفَرَائِضَ بأهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهْوَ لأَوْلَى رَجُلٍ (2) ذَكَرٍ".

_ 1329 - وصله سعيد بن منصور بسند حسن عنه به سواء، إلا أنه قال بعد قوله: "وإن كان فيهن ذكر فلا فريضة لأحد منهن، ويبدأ بمن شركهم فيعطى فريضته، فما تبقى بعد ذلك فللذكر مثل حظ الأنثيين، قال ابن بطال: قوله: "وإن كان معهن ذكر"، يريد إن كان مع البنات أخ من أبيهن، وكان معهم غيرهن ممن له فرض سمى كالأب مثلاً. قال: ولذلك قال: "شركهم"، ولم يقل "شركهن"، فيعطى الأب مثلاً فرضه، ويقسم ما بقي بين الابن والبنات (للذكر مثل حظ الأنثيين). قال: وهذا تأويل حديث الباب، وهو قوله: "ألحقوا الفرائض بأهلها". (1) أي: بمن شرك البنات والذكر، فغلب التذكير على التأنيث. اهـ عيني. (2) أي: لأقربه. وفائدة قوله: (ذكر) بعد (رجل) التنبيه على سبب الاستحقاق، وهو الذكورة المقابلة للأنوثة، والرجل قد يراد به مقابل الصبي.

6 - باب ميراث البنات

6 - باب مِيراثِ البنَاتِ 2563 - عَن الأسْودِ بْنِ يَزيدَ قالَ: أتَانَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ باليَمَنِ مُعَلِّماً وَأمِيراً، فَسأْلنَاهُ عَنْ رَجُلٍ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ ابْنَتَهُ وَأُخْتَهُ؟ (وفي روايةٍ: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -8/ 7)، فأعطى الابْنَةَ النِّصْفَ، والأُخْتَ النِّصْفَ. 7 - باب مِيراثِ ابنِ الاِبْنِ إذَا لَمْ يَكُنِ ابْنٌ 1330 - وَقالَ زَيْدٌ: وَلَدُ الأبْنَاءِ بِمنْزلَةِ الْوَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُم وَلَدٌ ذَكَرٌ، ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ، وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ، يَرِثُونَ كَمَا يَرثُونَ، ويَحْجُبونَ كَمَا يَحْجُبونَ، وَلاَ يَرِثُ وَلَدُ الابْنِ مَعَ الاِبْنِ. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم قريباً). 8 - باب مِيراثِ ابنَةِ ابنٍ مَعَ ابنَةٍ 2564 - عن هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيل قالَ: سُئِلَ أبُو مُوسَى عِنَ ابْنَةٍ وَابْنَةِ ابْنٍ وَأُخْتٍ؟ فَقال: للاِبْنَةِ النِّصْفُ، وَللأُخْتِ النِّصْفُ، وَأْتِ ابْنَ مَسْعُودٍ؛ فَسَيُتابِعُني، فَسُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأُخْبِرَ بِقَوْلِ أَبي مُوسَى، فَقالَ: لَقَدْ ضَلَلْتُ إذاً وَمَا أنَا مِنَ المُهْتَدِينَ، أَقْضي فَيِهَا بِمَا قَضَى [أو قال: قال 8/ 7] النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "للاِبْنَةِ النَّصْفُ، وَلاِبْنَةِ الاِبْنِ السُّدُسُ؛ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَللأخْتِ". فَأتَيْنَا أبَا مُوسَى، فَأَخْبَرْنَاهُ بِقَولِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقالَ: لَا تَسْأَلُوني مَادَامَ هَذَا الحَبْرُ (1) فِيكُمْ.

_ 1330 - وصله سعيد بن منصور بسند حسن عنه. (1) (الحبر): العالم، والمشهور فيه كسر الحاء، يسمى باسم الحبر الذي يكتب به، وهو المداد، وإليه نسب كعب التابعي، ويجمع على أحبار، مثل أجل وآجال، قال في "المصباح": والفتحُ لغةٌ فيه فيجمع على حبور مثل فلس وفلوس. والرواية هنا الفتح لا غير؛ نصّ عليه العيني.

9 - باب ميراث الجد مع الأب والإخوة

9 - باب مِيراثِ الجَدِّ مَعَ الأَبِ وَالإخْوَةِ 1331 - 1333 - وَقالَ أبُو بَكرٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ: الجَدُّ أبٌ. 1334 - وَقَرأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (يَا بَني آدَمَ)، (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ). وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ أحَداً خَالَفَ أبَا بَكْرٍ في زَمَانِهِ وَأَصْحَابُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُتَوَافِرُونَ. 1335 - وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَرِثُني ابْنُ ابني دُونَ إخْوَتي، وَلاَ أَرِثُ أَنَا ابْنَ ابْني. 1336 - 1339 - وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وابنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدٍ أَقَاويِلُ مُخْتَلِفَةٌ. 10 - باب مِيراثِ الزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ وَغَيرِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1882/ ج 3). 11 - باب مِيرَاثِ الْمَرْأَةِ وَالزَّوْجِ مَعَ الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "76 - الطب/ 46 - باب"). 12 - باب مِيرَاثِ الأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَةٌ

_ 1331 - 1333 - أما قول أبي بكر؛ فوصله الدارمي بسندين صحيحين عنه. وأما قول ابن عباس؛ فأخرجه ابن نصر المروزي في "كتاب الفرائض". وأما قول ابن الزبير؛ فتقدم في (ج 2/ برقم 1557) موصولاً بمعناه. 1334 - أما احتجاج ابن عباس بقوله تعالى: {يا بني آدم}، فأخرجه الدارمي وابن نصر. وأما احتجاجه بقوله تعالى: {واتبعت ملة آبائي}؛ فوصله سعيد بن منصور. 1335 - وصله سعيد بن منصور. 1336 - 1339 - أخرجها الدرامي وابن أبي شيبة والدارقطني والطحاوي والبيهقي وغيرهم، ويطول الكلام جداً لو أردنا تخريجها وسوق ألفاظها المختلفة، فراجعها في "الفتح" إن شئت.

13 - باب ميراث الأخوات والإخوة

13 - باب مِيراثِ الأَخَواتِ وَالإخْوَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم "ج 1/ 4 - الوضوء/ 46 - باب"). 14 - باب {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)} 15 - باب ابْنَي عَمٍّ أَحَدُهما أَخٌ للأُمِّ والآخَرُ زَوْجٌ 1340 - وَقالَ عَليٌّ: للزَّوْجِ النِّصْفُ، وللأخِ مِنَ الأمِّ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ بَيْنهُمَا نِصْفَانِ. 16 - باب ذَوِي الأَرْحَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1072/ ج 2). 17 - باب مِيراثِ المُلاعَنَةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 1941/ ج 3). 18 - باب الْوَلَدُ لِلفِراشِ حُرَّةً كَانَتْ أوْ أمَةً 19 - باب "الوَلاءُ لِمنْ أَعْتَقَ"، وَميرَاثُ اللَّقِيطِ 1341 - وَقَالَ عُمَرُ: اللَّقِيطُ حُرٌّ.

_ 1340 - وصله سعيد بن منصور عنه. 1341 - مضى ذكرُ من وصله في "ج2/ 52 - الشهادات بأتم منه مع/ 16 - باب".

20 - باب ميراث السائبة

(قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 1024/ ج 2). 20 - باب مِيراثِ السَّائِبَةِ (4) 2565 - عَنْ عَبْدِ اللهِ (بن مسعود) قالَ: إِنَّ أَهْلَ الإِسْلاَمِ لا يُسَيِّبُونَ، وَإِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُونَ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المشار إليه آنفاً). 21 - باب إِثْمِ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ مَوَاليهِ 22 - باب إذَا أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ 1342 - وَكَانَ الحسَنُ لا يَرَى لَهُ وَلايَةً. 817 - وَقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الوَلاءُ لِمنْ أعْتَقَ". 818 - وَيُذْكَرُ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ رَفَعَهُ؛ قَالَ: "هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ". وَاخْتَلَفُوا فِى صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ. 23 - باب مَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الوَلاءِ

_ (4) (السائبة): هو العبد الذي يعتق على أن لا ولاء لأحد عليه؛ بأن يقول له سيده عند الإعتاق: أعتقتك سائبة، أو أنت حرّ سائبة، فلا يكون لمعتقه عليه ولاء، فيضع ماله حيث شاء، والتسييب منهي عنه في النوق وغير النوق. 1342 - وصله سفيان الثوري في "جامعه" بسند صحيح. 817 - مضى موصولاً من حديث ابن عمر (ج 2/ برقم 1019)، ومن حديث عائشة (ج 2/ برقم 1024). 818 - وصله أبو داود وغيره بسند ضعيف كما بينته في "الإرواء".

24 - باب مولى القوم من أنفسهم، وابن الأخت منهم

24 - باب مَوْلَى القَوْمِ مِنْ أنْفُسِهِمْ، وَابْنُ الأُخْتِ مِنْهُمْ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1494/ ج 2). 25 - باب مِيراثِ الأَسِيرِ 1343 - قالَ: وَكَانَ شُرَيْحٌ يُوَرِّثُ الأَسِير في أَيْدي العَدُوِّ، وَيَقولُ: هُوَ أَحْوَجُ إليْهِ. 1344 - وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبدِ العَزيزِ: أجِزْ وَصِيَّةَ الأَسِير، وَعَتَاقَهُ، وَمَا صَنَعَ في مَالِهِ، مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ دينِهِ، فَإنَّمَا هُوَ مَالُهُ، يَصْنَعُ فيهِ مَا يَشَاءُ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1074/ ج 2). 26 - باب لا يَرثُ المسْلِمُ الكَافِرَ وَلا الكافِرُ المسْلِمَ، وَإذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أنْ يُقْسَمَ الميراثُ فَلا مِيراثَ لَهُ 2566 - عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يَرِثُ المسْلِمُ الكَافِرَ، ولا الكَافِرُ المسْلِمَ، (وفي روايةٍ: "المؤمن" في الموضعين 5/ 92) ". 27 - باب مِيراثِ العَبْدِ النَّصْرَانى وَمُكَاتَبِ (5) النَّصْرَانيِّ، وَإثمِ مَنِ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ (قلت: لم يذكر فيه حديثاً).

_ 1343 - وصله ابن شيبة والدارمي بسند صحيح عنه. 1344 - وصله عبد الرزاق والدارمي بسند جيد عنه. (5) وفي نسخة: "المكاتب النصراني".

28 - باب من ادعى أخا أو ابن أخ

28 - باب مَنِ ادَّعَى أَخًا أَوِ ابْنَ أَخٍ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 967/ ج 2). 29 - باب مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ 2567 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكمْ، فَمَنْ رَغَبِ عَنْ أَبِيهِ فَهْوَ كُفْرٌ". 30 - باب إذَا ادَّعَتِ المرْأَةُ ابْناً (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1450/ ج 2). 31 - باب القَائِفِ 2568 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالتْ: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُوراً، تَبْرُقُ أسَاريرُ وَجْهِهِ، فقالَ: "أَلمْ تَرَيْ (وفي روايةٍ: ألم تسمعي ما قال المدْلجي لزيد وأسامة؟ 4/ 166) أنَّ مُجَزِّزاً (6) [المدلجي دخل عليَّ فـ] نَظَرَ آنِفاً إلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ [مضطجعان 4/ 213]، [وعليهما قطيفةً قد غَطَّيا رؤوسَهما، وَبَدَتْ أقدامُهما]، فقالَ: إنَّ هَذِهِ الأقْدَامِ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ". ...

_ (6) قوله: (إن مجزّزاً) هو ابن الأعور بن جعدة المدلجي، سمي به لأنه كان يجزّ ناصية الأسير في الجاهلية. أفاده الشارح.

86 - كتاب الحدود، وما يحذر من الحدود

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 86 - كتاب الحدود، وما يحذر من الحدود 1 - باب لا يُشْرَبُ الخَمْرُ، 1345 - وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُنْزَعُ مِنْهُ نُورُ الإِيمانِ في الزِّنَا (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1135/ ج 2). 2 - باب مَا جَاءَ في ضَرْبِ شَارِبِ الخَمْرِ 2569 - عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ في الخَمْرِ بِالجَرِيدِ والنِّعَالِ. وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أرْبَعِينَ. 3 - باب مَنْ أمَرَ بِضَرْبِ الحَدِّ في البَيْتِ (قلتُ: أسند فيه حديث عقبة بن الحارث المتقدم برقم 1081/ ج 2). 4 - باب الضَّرْبِ بالجَرِيدِ وَالنِّعَالِ 2570 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: أُتِيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ

_ 1345 - وصله ابن أبي شيبة في "الإيمان" (رقم 72 و 94 - بتحقيقي) بإسنادين عنه موقوفاً، أحدهما حسن. وقد جاء مرفوعاً من حديث أبي هريرة نحوه، وهو مخرج في "تخريج المشكاة" (60)، و "الأحاديث الصحيحة" (509)، وسيأتي في "20 - باب"، في آخر حديث ابن عباس المرفوع موقوفاً عليه نحوه.

5 - باب ما يكره من لعن شارب الخمر، وأنه ليس بخارج من الملة

(وفي روايةٍ: بسكران، فـ 8/ 15) قالَ: "اضْرِبُوهُ"، قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: فَمِنَّا الضَّارِبُ بَيَدِهِ، و [منا] الضَّارِبُ بِنعْلِهِ، و [منا] الضَّارِبُ بثَوبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قالَ بَعْضُ القَوْمِ: أَخْزاكَ اللهُ، قالَ: "لَا تَقُولُوا هَكَذَا، لا تُعينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ". (وفي روايةٍ: "لا تكونوا عَون الشيطان على أخيكم"). 2571 - عن عَليِّ بْنِ أبي طَالِبٍ رضي الله عنه قالَ: مَا كُنْتُ لأُقيِمَ حدًّا عَلىَ أحَدٍ فَيَمُوتَ، فَأجِدَ في نَفْسي، إلا صَاحِبَ الخَمْرِ، فَإنَّهُ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ، وَذَلِكَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسُنَّهُ. 2572 - عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزيدَ قالَ: كنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ علَى عَهْدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَإمْرَةِ أبي بَكْرٍ، وَصَدْراً مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِليْهِ بأَيْدِينَا، وَنِعَالِنَا، وأَرْدِيَتنا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعينَ، حتَّى إذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ. 5 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ لَعْنِ شَارِبِ الخَمْرِ، وَأنَّهُ لَيْسَ بِخَارجٍ مِنَ المِلَّةِ 2573 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: أنَّ رَجُلاً كَانَ عَلَى عَهْدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ اسْمُه عَبْدَ الله، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِماراً، وَكَانَ يُضْحِكُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ جَلَدَهُ في الشَّرَابِ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْماً، فَأمَرَ بِهِ فَجُلِدِ، فَقالَ رَجلٌ مِنَ القوْمِ: اللَّهُمَّ العَنْهُ، مَا أكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ! فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

6 - باب السارق حين يسرق

"لا تَلْعَنُوهُ، فَوَ الله مَا عَلِمْتُ (1) أَنَّهُ يُحبُّ اللهَ ورَسولَهُ". 6 - باب السَّارقِ حينَ يَسْرِقُ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس الآتي قريباً "20 - باب"). 7 - باب لَعْنِ السَّارِقِ إذا لَمْ يُسَمَّ 2574 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لَعَنَ اللهُ السَّارِقَ يسْرِقُ البَيْضَةَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ، وَيَسْرِقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يَدُهُ". قالَ الأَعْمَشُ: كَانُوا يَرَوْنَ أنَّهُ بَيْضُ الحَدِيدِ، وَالحَبْلُ كَانُوا يَرَوْنَ أنَّهُ مِنْهَا مَا يَسْوَى دَرَاهِمَ. 8 - باب الحُدُودُ كَفَّارَةٌ (قلتُ: أسند فيه حديث عبادة بن الصامت المتقدم "ج 1/ 2 - الإيمان/ 10 - باب"). 9 - باب ظَهْرُ المُؤْمِنِ حِمىً إلا في حَدٍّ أوْ حَقٍّ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "64 - المغازي/ 79 - باب"). 10 - باب إقَامَةِ الحُدُودِ، وَالانْتِقَامِ لِحُرُمَاتِ اللهِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم "78 - الأدب/ 80 - باب"). 11 - باب إقَامَةِ الحُدُودِ عَلى الشَّرِيفِ وَالوَضِيعِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة الآتي بعده).

_ (1) أي: الذي علمت أنه، بفتح همزة (أن)، واسمها: الضمير، وخبرها: يحب الله ورسوله، وأن مع اسمها وخبرها سدّت مسدّ مفعولَيْ علمت.

12 - باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان

12 - باب كَرَاهِيةِ الشَّفَاعَةِ في الحَدِّ إذَا رُفعَ إلى السُّلْطَانِ 2575 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمُ، (وفي روايةٍ: أهمَّهم شأن 4/ 150) المرْأَةُ المخزوميَّةُ التي سَرَقَتْ [في غَزوْةِ الفَتْحِ 3/ 150]، [ففزع قَومُها إلى أسامةَ بنِ زيدٍ يَسْتَشْفِعُونه 5/ 97]، فقالوا: [و] من يُكَلِّمُ [فيها] رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ وَمَنْ يَجْتَرئُ عَلَيْهِ إلا أُسَامَةُ [بن زيد] حِبُّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فَكَلَّمَ [أسامةُ] رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، [فتلوَّنَ وجهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،] فَقالَ: "أَتَشْفَعُ في حَدّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟ ". [قال أسامة: استغفر لي يا رسولَ اللهِ، فلما كانَ العَشيُّ] قَامَ فَخَطَبَ، فَقالَ: " [أما بعد] يا أَيُّهَا النَّاسُ! إنَّمَا ضَلَّ (وفي روايةٍ: هَلَكَ) مَنْ قَبْلَكُمْ أنَّهُمْ (وفي روايةٍ: إن بني إسرائيل 4/ 213) كَانُوا إذَا سَرَقَ [فيهم] الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإذَا سَرَقَ الضَّعِيفُ فيْهم أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وايْمُ اللهِ؛ لَوْ أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعَ مُحَمَّدٌ يَدَهَا، [فأُتِيَ بها رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، تْم أَمرَ فقُطِعَتْ يدُها. قالت عائشةُ: فحسُنَتْ توبتُها، وتزوجت، وكانَتْ تأتي بعدَ ذلك، فأرفعُ حاجتَها إلى رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -]. 13 - باب قَوْلِ الله تَعالَى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)، وَفي كَمْ يُقْطَعُ؟ 1346 - وَقَطَعَ عَلِيٌّ مِنَ الكَفِّ.

_ 1346 - وصله الدارقطني.

14 - باب توبة السارق

1347 - وَقالَ قَتَادَة في امْرَأَةٍ سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ شمَالُهَا: لَيْسَ إلا ذَلِكَ. 2576 - عنْ عَائِشَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ في رُبْعِ دِينَارٍ [فَصَاعِداً] ". (وفي طريق عَنْهَا قَالتْ: لَمْ [تَكُنْ] تُقْطَعُ يَدُ [الـ] سَّارِقِ عَلَى عَهْدِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في أدْنَى مِنْ ثَمنِ المِجَنِّ؛ تُرْسٍ أوْ حَجَفَةٍ، وَكانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَا ثمَنٍ). 2577 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قَطَعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَ سَارِقٍ في مِجَنٍّ ثَمَنُهُ (وفي روايةٍ: قيمته) ثَلاثَةُ دَرَاهِمَ. 14 - باب تَوْبَةِ السَّارِقِ قالَ أَبو عَبْدِ اللهِ: إذَا تَابَ السَّارِقُ بَعْدَ مَا قُطِعَ يَدُهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وكُلُّ مَحْدُودٍ كذلِكَ؛ إذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهادَتُهُ. 15 - باب المحاربينَ من أهل الكفرِ والردةِ، وَقَوْلِ اللهِ تَعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم "ج1/ 4 - الوضوء/ 70 - باب"). 16 - باب لَمْ يَحْسِمِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمحَاربينَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى هَلَكُوا. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً).

_ 1347 - وصله أحمد في "تاريخه".

17 - باب لم يسق المرتدون المحاربون حتى ماتوا

17 - باب لَمْ يُسْقَ المُرْتَدُّونَ المُحَارِبُونَ حَتَّى مَاتُوا (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 18 - باب سَمْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أعْيُنَ المُحارِبِينَ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من الحديث المشار إليه آنفاً). 19 - باب فَضْلِ مَنْ تَرَكَ الفَوَاحِشَ 20 - باب إثْمِ الزُّنَاةِ؛ قَوْلُ الله تَعالى: (وَلَا يَزْنُونَ)، (وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً) 2578 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَزْنِي العَبْدُ (وفي رواية: الزاني 8/ 15) حينَ يَزْني وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حينَ يَسْرِقُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ حينَ يَشْرَبُ وَهْوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَقْتُلُ وَهْوَ مُؤمِنٌ". قالَ عِكْرِمَةُ: قُلتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ يُنْزَعُ مِنْهُ الإيَمَانُ؟ قالَ: هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ ثُمَّ أخْرَجَهَا، فَإنْ تَابَ عَادَ إليْهِ هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. 21 - باب رَجْمِ المُحْصَنِ 1348 - وَقالَ الحَسَنُ: مَنْ زَنَى بأُخْتِهِ حَدُّهُ حَدُّ الزَّاني. 2579 - عَنْ عَليّ رضي الله عنه؛ حِينَ رَجَمَ المرأَةَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَقالَ: قَدْ رَجَمْتُهَا بِسُنَّةِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

_ 1348 - وصله ابن أبي شيبة عنه نحوه.

22 - باب لا يرجم المجنون والمجنونة

2580 - عَنِ الشَّيْبَانِيِّ قالَ: سَألتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى: هَلْ رَجَمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (2)؟ قالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: قَبْلَ سُورَةِ (النُّورِ)، أَمْ بَعْدُ؟ قالَ: لا أَدْرِي. [وقال بعضهم: (المائدة) (3)، والأول أصح 30/ 8]. 22 - باب لا يُرْجَمُ المَجْنُونُ وَالمجْنُونَةُ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 2107/ ج 3). 23 - باب لِلْعاهِرِ الحَجَرُ 2581 - عن أبي هُرَيرَةَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ (وفي روايةٍ: لصاحب الفراش 8/ 9)، وَلِلْعاهِرِ الحَجَرُ". 24 - باب الرَّجْمِ في الْبَلاطِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1550/ ج 2). 25 - باب الرَّجْمِ بالمُصَلَّى (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 2106/ ج 3). 26 - باب مَنْ أصَابَ ذَنْباً دُونَ الحَدِّ فَأخبَرَ الإمَامَ؛ فَلاَ عُقُوبَةَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّوبَةِ إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِياً

_ (2) يعني يهودياً ويهودية، كما في رواية أحمد. (3) يعني أن بعض الرواة لهذا الحديث قال: (المائدة). مكان (النور). (والأول أصح): يعني قول من قال: (النور).

1349 - قالَ عَطَاءٌ: لَمْ يُعَاقبْهُ (4) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. 1350 - وَقالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَلَمْ يُعَاقِبِ الَّذي جَامَعَ في رَمَضَانَ (5). 1351 - وَلمْ يُعَاقِبْ (6) عُمَرُ صَاحِبَ الظَّبْيِ. 819 - وَفيهِ عَنْ أَبي عُثْمانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلت: أشد فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 907/ ج 1). 820 - عَنْ عَائِشَةَ: أَتَى رَجُلٌ النبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الْمَسْجِدِ قَالَ: احْتَرَقْتُ. قَالَ: "مِمَّ ذَاكَ؟ ". قَالَ: وَقَعْتُ بِامْرَأَتِى فِى رَمَضَانَ. قَالَ: لَهُ: "تَصَدَّقْ". قَالَ: مَا عِنْدِى شَىْءٌ، فَجَلَسَ، فَأَتَاهُ إِنْسَانٌ يَسُوقُ حِمَارًا وَمَعَهُ طَعَامٌ -قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا أَدْرِى مَا هُوَ- إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "أَيْنَ الْمُحْتَرِقُ". فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا، قَالَ: "خُذْ هَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ"، قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنِّى؟ مَا لأَهْلِى طَعَامٌ! قَالَ: "فَكُلُوهُ". قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: الْحَدِيثُ الأَوَّلُ (7) أَبْيَنُ؛ قَوْلُهُ: "أَطْعِمْ أَهْلَكَ".

_ 1349 و 1350 - لم يخرجهما الحافظ. (4) قلت: يعني الذي أخبر أنه وقع في معصية بلا مهلة حتى صلى معه، فأخبره بأن صلاته كفَّرت ذنبه. "فتح"، يشير إلى حديث أنس الآتي تحت "27 - باب". (5) تقدم حديثه في "ج 1/ 30 - الصيام/ 30 - باب". 1351 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. (6) قوله: (ولم يعاقب عمر صاحب الظبي) أي: على اصطياده محرِماً، وإنما أمره بالجزاء. 819 - وصله المؤلف في "ج 1/ 9 - مواقيت الصلاة/ 4 - باب". 820 - وصله المصنف في "التاريخ الصغير"، وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد. وقد صح موصولاً من طريق أخرى عن عائشة مختصراً، وقد مضى "ج 1/ 30 - الصيام /29 - باب". (7) قلت: يشير إلى حديث أبي هريرة المسند في الباب والمتقدم في "ج1/ برقم 907".

27 - باب إذا أقر بالحد ولم يبين، هل للإمام أن يستر عليه؟

27 - باب إذَا أقَرَّ بالحدِّ وَلَمْ يُبَيِّنْ، هَلْ للإمَامِ أنْ يَسْتُر عَلَيْهِ؟ 2582 - عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِك رضي الله عنه قالَ: كنْتُ عِنْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقالَ: يَا رسولَ الله! إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فأَقِمْهُ عَلَىَّ، قالَ: وَلَمْ يَسْألْهُ عَنْهُ. قالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَصَلَّى مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمَّا قَضَى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاةَ، قامَ إليهِ الرَّجُلُ فقالَ: يَا رسولَ الله! إنِّي أصَبْتُ حَدًّا، فَأقِمْ فيَّ كِتَابَ اللهِ، قالَ: "أليْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟ ". قالَ: نَعَمْ، قالَ: "فَإن اللهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ، أوْ قَالَ: حَدَّكَ". 28 - باب هَلْ يَقُولُ الإمَامُ للمُقِرِّ: لَعَلَّكَ لَمَسْتَ أوْ غَمَزْتَ؟ 2583 - عَنِ ابْنِ عبَّاس رضي الله عنهما قالَ: لَمَّا أَتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ: "لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ؟ ". قَالَ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: "أَنِكْتَهَا؟ "؛ لَا يَكْنِى، قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ أَمَرَ بِرَجْمِهِ. 29 - باب سُؤَالِ الإمَامِ للْمُقِرِّ: هَلْ أَحْصَنْتَ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 2107/ ج 3). 30 - باب الاعْتِرَافِ بالزِّنَا

31 - باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت

31 - باب رَجْمِ الْحُبْلَى مِنَ الزِّنَا إِذَا أَحْصَنَتْ 2584 - عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَ: كُنْتُ أُقْرِئُ رِجَالاً مِنَ المهاجرين، مِنْهُم عَبْدُ الرحْمَنِ بْنُ عَوفٍ، فبيْنمَا أنَا في مَنزلِهِ بمنىً، وَهْوَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ في آخر حَجَّةٍ حَجَّهَا، إذْ رَجَعَ إليَّ عَبْدُ الرَّحْمَن، فقالَ: لَوْ رَأَيتَ رَجُلاً أتَى أمِيرَ المؤْمِنينَ اليومَ، فَقالَ: يَا أمِيرَ المؤمِنينَ! هَلْ لَكَ في فُلاَنٍ؟ يَقولُ: لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلاناً، فَوَ اللهِ مَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبي بَكْرٍ إلا فَلْتَةً (8) فتمَّتْ. فَغَضِبَ عُمَرُ، ثُمَّ قالَ: إنِّي إن شَاءَ اللهُ لَقَائمٌ العَشِيَّةَ في النَّاسِ، فمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلاءِ الذيِنَ يُرِيدُونَ أنْ يَغْصِبُوهُمْ أُمُورَهُم. قَالَ عَبْدُ الرحْمَنِ: فُقلْتُ: يَا أميرَ المؤْمِنينَ! لَا تْفَعلْ، فَإنَّ الموسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وغَوْغاءَهُم؛ فَإنَّهُم هُمُ الذينَ يَغلبُونَ عَلى قُربكَ حَين تَقُومُ في النَّاس، وَأنَا أخشَى أنْ تَقُومَ فَتَقولَ مَقَالةً يُطَيِّرُهَا (9) عَنْكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ، وَأنْ لا يَعُوهَا، وَأنْ لا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِها، فَأمْهِلْ (وفي روايةٍ: وإني أرى أن تُمهِلَ 4/ 265) حَتَّى تَقْدَمَ المدِينَةَ، فَإِنَّهَا دَارُ الهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ، فَتَخْلُصَ بِأَهْلِ الفِقْهِ وَأشرَافِ النَّاسِ [وذوي رأيهم] (وفي روايةٍ: بأصحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار 8/ 152)، فَتقولَ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّناً، فَيَعِي أَهْلُ الْعِلْمِ مَقَالَتَكَ، وَيَضعُونَها عَلَى مَواضعِهَا، فَقالَ عُمَرُ: أمَا واللهِ إنْ شَاءَ اللهُ لأقُومَنَّ بِذَلِكَ أوَّلَ مَقَامٍ أَقُومُهُ بالمدِينَةِ.

_ (8) أى: فجأة، أي: من غير تدبّر. (9) بضم أوله؛ من أطار الشيء إذا أطلقه. (وأن لا يعوها): أن لا يعرفوا المراد منها.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِى عَقِبِ ذِى الْحِجَّةِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَجَّلْنَا الرَّوَاحَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، حَتَّى أَجِدَ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ جَالِسًا إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ، فَجَلَسْتُ حَوْلَهُ تَمَسُّ رُكْبَتِى رُكْبَتَهُ، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ خَرَجَ عُمَرُ ابنُ الخَطَّابِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ مُقْبِلاً قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ: لَيَقُولَنَّ الْعَشِيَّةَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ، فَأَنْكَرَ عَلَىَّ، وَقَالَ: مَا عَسَيْتَ أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْ قَبْلَهُ، فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ، قَامَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنِّى قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا، لَا أَدْرِى لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَىْ أَجَلِي، فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعْقِلَهَا فَلاَ أُحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَىَّ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - بِالْحَقِّ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَرَأْنَاهَا (10)، وَعَقَلْنَاهَا، وَوَعَيْنَاهَا، فَلِذا رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِى كِتَابِ اللَّهِ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ (11)، وَالرَّجْمُ فِى كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ، أَوْ الاِعْتِرَافُ. 2585 - ثُمَّ إنَّا كُنَّا نَقْرأُ فِيما نَقْرأُ مِنْ كِتَابِ اللهِ: أنْ لا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ،

_ (10) زاد الإسماعيلي وغيره: "وقد قرأناها: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) "، ولها شواهد كثيرة عن جمع من الصحابة. فراجع لها "الفتح"، و"الصحيحة" (2913). (11) أي: في الآية المذكورة التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها. قال الحافظ: "وقد وقع ما خشيه عمر أيضًا، فأنكر الرجمَ طائفةٌ من الخوارج وبعض المعتزلة".

فَإنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أنْ تَرغَبُوا عْنَ آبائِكُم، أوْ إنَّ كُفْراً بِكُمْ أنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبائِكُم. 2586 - ألا ثُمَّ إنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا تُطْرُونِي كَمَا أُطْرِيَ (وفي روايةٍ: أطرت النصارى 4/ 142) عِيسى بْن مَرْيَمَ، [فإنما أنا عبدُه، فـ] قُولُوا: عَبْدُ اللهِ ورسولُهُ". 2587 - ثُمَّ إنَّهُ بَلَغَني أنَّ قَائِلاً مِنْكُمْ يَقولُ: وَاللهِ لَوْ مَاتَ عُمَرُ بايَعْتُ فُلانًا، فَلا يَغْتَرَّنَّ امرُؤٌ أنْ يَقولَ: إنَّمَا كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً وَتَمَّتْ، أَلا وَإنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ، وَلَكِنَّ اللهَ وَقَى شَرَّهَا، وَلَيْسَ مِنْكُمْ مَنْ تُقْطَعُ الأَعْنَاقُ إلَيْهِ مِثْلُ أَبي بَكْرٍ، مَنْ بَايَعَ رَجُلاً عَنْ غَيرِ مَشُورَةٍ مِنَ المسْلِمينَ فَلا يُبَايَعُ هُوَ وَلا الَّذي بَايَعَهُ تَغِرَّةً أنْ يُقْتَلا (12). 2588 - وَإِنَّهُ قَدْ كَانَ مِنْ خَبَرِنَا حِينَ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الأَنْصَارَ خَالَفُونَا، وَاجْتَمَعُوا بِأَسْرِهِمْ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، وَخَالَفَ عَنَّا عَلِىٌّ وَالزُّبَيْرُ وَمَنْ مَعَهُمَا، وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِى بَكْرٍ، فَقُلْتُ لأَبِى بَكْرٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ! انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلاَءِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَانْطَلَقْنَا نُرِيدُهُمْ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْهُمْ، لَقِيَنَا رَجُلاَنِ مِنْهُمْ صَالِحَانِ [شهدا بدراً، فحدثتُ عروةَ بن الزبير، فقال: هما عُوَيْم بن ساعدة ومعن ابن عَدي 5/ 20]، فَذَكَرَا مَا تَمَالَى (13) عَلَيْهِ الْقَوْمُ، فَقَالاَ: أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ؟ فَقُلْنَا: نُرِيدُ إِخْوَانَنَا هَؤُلاَءِ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالاَ: لَا عَلَيْكُمْ أنْ لَا

_ (12) يقال: غرر نفسه تغريراً وتغرة؛ إذا عرضها للهلاك، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره: خوف تغرة أن يقتلا، أي: خوف وقوعهما في القتل. (13) ولأبي ذر (تمالأ) بالهمز، أي: اتفق. اهـ (شارح).

تَقْرَبُوهُمُ، اقْضُوا أَمْرَكُمْ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فِى سَقِيفَةِ بَنِى سَاعِدَةَ، فَإِذَا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ: مَا لَهُ؟ قَالُوا: يُوعَكُ (14)، فَلَمَّا جَلَسْنَا قَلِيلاً، تَشَهَّدَ خَطِيبُهُمْ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ، وَكَتِيبَةُ الإِسْلاَمِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ (15)، وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ، فَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا (16) مِنْ أَصْلِنَا، وَأَنْ يَحْضُنُونَا مِنَ الأَمْرِ. فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، وَكُنْتُ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِى، أُرِيدُ أَنْ أُقَدِّمَهَا بَيْنَ يَدَىْ أَبِى بَكْرٍ، وَكُنْتُ أُدَارِى مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ (17)، فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكَ. فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ، فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَكَانَ هُوَ أَحْلَمَ مِنِّى وَأَوْقَرَ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِى فِى تَزْوِيرِى إِلاَّ قَالَ فِى بَدِيهَتِهِ مِثْلَهَا أَوْ أَفْضَلَ مِنْهَا حَتَّى سَكَتَ، فَقَالَ: مَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ لَهُ أَهْلٌ، وَلَنْ يُعْرَفَ هَذَا الأَمْرُ إِلاَّ لِهَذَا الْحَىِّ مِنْ قُرَيْشٍ، هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا، وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ، فَأَخَذَ بِيَدِى وَبِيَدِ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَهْوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا، فَلَمْ أَكْرَهْ مِمَّا قَالَ: غَيْرَهَا، كَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِى لَا يُقَرِّبُنِى ذَلِكَ مِنْ إِثْمٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ، اللَّهُمَّ إِلاَّ أَنْ تُسَوِّلَ إِلَىَّ نَفْسِى عِنْدَ الْمَوْتِ شَيْئًا لَا

_ (14) قوله: (يوعك) أي: محموم. (15) قوله: (رهط) أي: قليل بالنسبة إلينا. قوله: (دفت دافة) أي: سارت رفقة قليلة من مكة إلينا. (16) قوله: (أن يختزلونا) أي: أن يقطعونا: وقوله: (يحضنونا) يقال: حضنه عن الأمر أخرجه في ناحية عنه واستبدَّ به. (17) قوله: (أداري) أصله الهمز؛ أي: أدفع منه بعض ما يعتريه من الحدَّة.

32 - باب البكران يجلدان وينفيان، (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة

أَجِدُهُ الآنَ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ، مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! فَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ، حَتَّى فَرِقْتُ مِنَ الاِخْتِلاَفِ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ! فَبَسَطَ يَدَهُ، فَبَايَعْتُهُ، وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ، ثُمَّ بَايَعَتْهُ الأَنْصَارُ، وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقُلْتُ: قَتَلَ اللَّهُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، قَالَ عُمَرُ: وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا وَجَدْنَا فِيمَا حَضَرْنَا مِنْ أَمْرٍ أَقْوَى مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِى بَكْرٍ، خَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ وَلَمْ تَكُنْ بَيْعَةٌ أَنْ يُبَايِعُوا رَجُلاً مِنْهُمْ بَعْدَنَا، فَإِمَّا بَايَعْنَاهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى، وَإِمَّا نُخَالِفُهُمْ فَيَكُونُ فَسَادٌ، فَمَنْ بَايَعَ رَجُلاً عَلَى غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَلاَ يُتَابَعُ (18) هُوَ وَلاَ الَّذِي بَايَعَهُ تَغِرَّةَ أَنْ يُقْتَلاَ. 32 - باب البِكْرَانِ يُجْلَدَانِ وَيُنْفَيَانِ، (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) 1352 - قالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: (رَأْفَةٌ) (19) إقَامَةُ الحدُودِ. 2589 - عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ غَرَّبَ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تِلْكَ السُّنَّةُ.

_ (18) قوله: (فلا يتابع) بالجزم على النهي، وفي "اليونينية" بالرفع. اهـ (شارح). 1352 - أخرجه ابن عيينة نفسه في "تفسيره". (19) رأفة في إقامة الحدود.

33 - باب نفي أهل المعاصي والمخنثين

(قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1217/ ج 2). 33 - باب نَفْيِ أهْلِ المعَاصي وَالمخنَّثينَ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم "77 - اللباس/ 62 - باب"). 34 - باب مَنْ أَمَرَ غَيْرَ الإمَامِ بإقَامَةِ الحَدِّ غَائِباً عَنْهُ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة وزيد بن خالد المتقدم برقم 1217 و 1218/ ج 2). 35 - باب قَولِ الله تعالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)} (قلت: لم يذكر فيه حديثاً). 36 - باب إِذَا زَنَتِ الأَمَةُ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة وزيد بن خالد المتقدم برقم 1017 و 1018/ ج 2). 37 - باب لا يُثَرَّبُ على الأَمَةِ إذَا زَنَتْ وَلا تُنْفَى (قلت: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً). 38 - باب أَحْكَامِ أهْلِ الذِّمَّةِ وإحْصَانِهمْ إذَا زَنَوْا وَرُفِعُوا إلى الإمَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1550/ ج 2).

39 - باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنا عند الحاكم والناس، هل على الحاكم أن يبعث إليها فيسألها عما رميت به؟

39 - باب إذَا رَمَى امْرَأتَهُ أوِ امْرأَةَ غَيْرِهِ بالزِّنَا عِنْدَ الحَاكِمِ والنَّاسِ، هَلْ عَلَى الحَاكِمِ أنْ يَبْعَثَ إليْهَا فيَسْألَهَا عَمَّا رُمِيَتْ بِهِ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة وزيد المشار إليه قريباً). 40 - باب مَنْ أدَّبَ أهْلَهُ أوْ غَيْرَهُ دُونَ السُّلْطَانِ (2) 821 - وقَالَ أبُو سَعيد: عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا صَلَّى فَأَرَادَ أحَدٌ أنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلْيَدْفَعْهُ، فَإنْ أبَى فَلْيُقَاتِلْهُ". وَفَعَلَهُ أبُو سَعِيدٍ. 41 - باب مَنْ رَأَى مَعَ امرأتِهِ رَجُلاً فَقَتَلَهُ (قلتُ: أسند فيه حديث المغيرة الآتي "97 - التوحيد/ 20 - باب"). 42 - باب مَا جَاءَ في التَّعْرِيضِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "96 - الاعتصام/ 12 - باب"). 43 - باب كَمِ التَّعزيرُ وَالأدَبُ؟ 2590 - عن أبي بُرْدَةَ الأنْصَارِيِّ قالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لَا تَجْلِدُوا (وفي روايةٍ: لا عقوبةَ) (21) فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْواطٍ؛ إلا في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله". 44 - باب مَنْ أظهَرَ الفَاحِشَةَ وَاللَّطخ والتُّهْمَةَ بِغيرِ بيِّنَةٍ

_ (20) قوله: (دون السلطان)، وفي متن الشرح المطبوع: (دون إذن السلطان). 821 - مضى موصولاً في "ج1/ 8 - الصلاة/ سترة المصلي / 100 - باب". (21) قلت: في إسنادها فضيل بن سليمان؛ وفي حفظه ضعف.

45 - باب رمي المحصنات، وقول الله عز وجل: {والذين يرمون المحصنات

45 - باب رَمْيِ المحصَنَاتِ، وَقَوْلِ الله عَزَّ وجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}، {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23)} [النور: 23]، وَقَوْلِ الله: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا) الآيَةَ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1232/ ج 2). 46 - باب قَذْفِ العَبيدِ 2591 - عَنْ أَبي هُرَيرَةَ رضيَ اللهُ عنه قالَ: سَمِعتُ أَبَا القَاسمِ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ وَهْوَ بَرِيءٌ مِمَّا قالَ؛ جُلِدَ يَوْمَ القيامَةِ؛ إلا أنْ يَكُونَ كَمَا قالَ". 47 - باب هَلْ يأمُرُ الإمَامُ رَجُلاً فَيَضْرِبُ الحَدَّ غَائِباً عَنْهُ؟ وَقَدْ فَعَلَهُ عُمَرُ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة وزيد المشار إليه قريباً "36 - باب"). ***

87 - كتاب الديات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 87 - كتاب الدِّيَاتِ 1 - باب قَوْلِ الله تَعَالَى: (وَمَنْ يَقْتلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) 2592 - عِنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَنْ يَزَالَ المُؤمِنُ في فُسْحَةٍ مِنْ دينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً". 2593 - عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ قالَ: إنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأمُورِ الَّتي لا مَخْرَجَ لِمَنْ أوْقَعَ نَفْسَهُ فيهَا سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بغيْرِ حِلِّهِ. 822 - عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْمقدَادِ: إِذَا كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِى إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ فَقَتَلْتَهُ، فَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِى إِيمَانَكَ بِمَّكَةَ مِنْ قَبْلُ". 2 - باب قَوْلِ الله تَعالَى: (وَمَنْ أَحْيَاهَا) 1353 - قالَ ابْن عَبَّاسٍ: مَنْ حَرَّمَ قَتْلَهَا إلا بِحقٍّ، فَكَأنَّمَا أحْيَا النَّاسَ جَميعاً.

_ 822 - هذ امعلق، وقد وصله البزار، والدارقطني في "الأفراد"، والطبراني في "الكبير" عن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد عنه. وقال الدارقطني: "تفرّد به حبيب، وتفرّد به أبو بكر عنه". قال الحافظ: "قد تابع أبا بكر سفيان الثوري لكنه أرسله". أخرجه ابن أبي شيبة والطبري من طريقين عنه". قلت: أبو بكر بن علي هذا لم يروِ عنه غير اثنين، ولم يوثقه أحد، وقال الحافظ: "مقبول". 1353 - وصله ابن أبي حاتم.

823 و 824 - رَوَاهُ أَبُو بَكْرَةَ، وابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2594 - عَنْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ - رضى الله عنهما - قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْحُرَقَةِ (1) مِنْ جُهَيْنَةَ، قَالَ: فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ، فَهَزَمْنَاهُمْ، قَالَ: وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، قَالَ: فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، قَالَ: فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِىُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِى حَتَّى قَتَلْتُهُ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا، بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: فَقَالَ لِي: "يَا أُسَامَةُ! أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟! ". قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا، قَالَ: "أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ؟! ". قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّى لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. 2595 - عَنْ عَبْدِ اللهِ (بنِ عمرَ) رضي الله عنه عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا". 825 - رَوَاهُ أَبُو مُوسَى عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ 823 و 824 - يريد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترجعوا بعدي كفاراً ... "، أما حديث ابن عباس؛ فقد مضى موصولاً في "ج1 / برقم 812". وأما حديث أبي بكرة؛ فمضى في "المغازي ج 3/ برقم 1831". (1) قبيلة من جهينة، سموا بذلك لوقعة كانت بينهم وبين بني مرة بن عوف، فأحرقوهم بالسهام لكثرة من قتل منهم. 825 - يشير إلى حديثه الآتي في "92 - الفتن/ 7 - باب".

3 - باب قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى

3 - باب قَوْلِ الله تَعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (قلت: لم يسند فيه حديثاً). 4 - باب سُؤالِ القَاتِل حَتَّى يُقِرَّ، وَالإقْرارِ في الحُدُودِ (قلتُ: أسند فيه الحديث الآتي). 5 - باب إذَا قَتَلَ بِحَجَرٍ أوْ بِعَصاً 2596 - عَن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ (2) بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: فَرَمَاهَا يَهُودِىٌّ بِحَجَرٍ، قَالَ: فَجِىءَ بِهَا إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَبِهَا رَمَقٌ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "فُلاَنٌ قَتَلَكِ؟ "، فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَأَعَادَ عَلَيْهَا قَالَ: "فُلاَنٌ قَتَلَكِ؟ "، فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَقَالَ لَهَا فِى الثَّالِثَةِ: "فُلاَنٌ قَتَلَكِ؟ "، فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا، فَدَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَتَلَهُ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ. (وفي روايةٍ: فجيء به، فلم يزل حتى اعْترفَ، فأمرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَرُضَّ رأسُه بالحجارة 3/ 187 - 188). 6 - باب قَوْلِ الله تَعالى: (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) 2597 - عَنْ عَبْدِ الله (بن مسعود) قالَ: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ (2) (أوضاح): حلي الفضة.

7 - باب من أقاد بالحجر

"لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ يَشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إلا اللهُ، وَأَنِّي رسولُ اللهِ إلا بإحْدَى ثَلاَثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّاني، وَالْمَارِقُ مِنَ الدِّينِ؛ التَّارِكُ الجَمَاعَة". 7 - باب مَنْ أقَادَ بالحَجَرِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم آنفاً). 8 - باب مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهْوَ بخَيْرِ النَّظَرَيْنِ 9 - باب مَنْ طَلَبَ دَمَ امْرِئٍ بِغيرِ حَقٍّ 2598 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنَّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "أبْغَضُ النَّاسِ إلى اللهِ ثلاثَةٌ: مُلحِدٌ في الحَرَمِ، وَمُبْتَغٍ في الإسْلاَمِ سُنَّةَ الجاهِليَّةِ، ومُطلِبُ دَمِ امْرِئٍ بغَيرِ حَقٍّ؛ لِيُهريقَ دَمَهُ". 10 - باب العَفْوِ في الخَطَأ بَعْدَ الموْتِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1717/ ج 3). 11 - باب قَوْلِ اللَهِ تَعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)} (قلت: لم يذكر فيه حديثاً).

12 - باب إذا أقر بالقتل مرة قتل به

12 - باب إذا أقَرَّ بالقَتْلِ مَرَّةً قُتِلَ بِهِ (قلت: أسند فيه حديث أنس المشار إليه قريباً). 13 - باب قَتْلِ الرَّجُلِ بالمرأةِ (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المشار إليه آنفاً). 14 - باب القِصاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ في الجِرَاحَاتِ وَقالَ أهْلُ العِلْمِ: يُقْتَلُ الرَّجُلُ بالمرأةِ. 1354 - وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ: تُقَادُ المرْأةُ مِنَ الرَّجُلِ في كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَهَا مِنَ الجراحِ. 1355 - 1357 - وَبِهِ قالَ عُمَرُ بْن عَبْدِ العَزيزِ وَإبْرَاهيمُ وَأَبُو الزِّنَادِ عَنْ أصْحَابِهِ. 826 - وَجَرحَتْ أُخْتُ الرُّبَيِّعِ إنْسَاناً فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "القِصَاصُّ". (قلت: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم "76 - الطب/ 21 - باب"). 15 - باب مَنْ أخَذَ حَقَّهُ أو اقْتَصَّ دُونَ السُّلْطَانِ

_ 1354 - وصله سعيد بن منصور من طريق النخعي قال: كان فيما جاء به عروة البارقي إلى شريح من عند عمر قال: جرح الرجال والنساء والأثر به سواء. وسنده صحيح. 1355 - 1347 - أما أثر عمر؛ فوصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه نحوه. وأما أثر إبراهيم؛ وهو النخعي؛ فتقدم في أثر عمر الذي قبله. وأما أثر أبي الزناد؛ فوصله البيهقي بسند جيد عنه. 826 - وصله مسلم في "صحيحه"، والراجح أن هذه القصة هي غير قصة الربيّع نفسها المتقدمة في "الصلح" (ج 2/ برقم 1213) لتغايرهما من وجوه.

16 - باب إذا مات في الزحام أو قتل

16 - باب إذَا مَاتَ في الزِّحَامِ أو قُتِلَ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1717/ ج 3). 17 - باب إذَا قَتَلَ نَفْسَهُ خَطَأً فَلا دِيَةَ لَهُ (3) (قلتُ: أسند فيه حديث سلمة المتقدم برقم 1769/ ج 3). 18 - باب إذَا عضَّ رَجُلاً فَوَقعَتْ ثَنَايَاهُ 2599 - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَينٍ: أنَّ رَجُلاً عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فَمِهِ، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَاخْتَصَمُوا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ: "يَعَضُّ أحَدُكُمْ أخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الفحْلُ! لا دِيَةَ لَكَ". 19 - باب السِّنُّ بِالسِّنِّ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 1213/ ج 2). 20 - باب دِيَةِ الأصَابعِ 2600 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "هذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ. يَعْني الخِنْصَرَ والإبْهَامَ". 21 - باب إذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ، هَلْ يُعَاقَبُ أوْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ؟

_ (3) أي: لا على عاقلته ولا على غيرها؛ خلافاً لمن قال: له على عاقلته الدية، فإن عاش فهي له عليهم، وإن مات فهي لورثته، وحديث الباب حجة عليهم، وقيد الخطأ لمكان هذا الخلاف، وإلا فكذلك الانتحار لا دية فيه على أحد، وقد أجمعوا على أنه لو قطع طرفاً من أطرافه عمداً أو خطأ لا يجب فيه شيء. "فتح".

1358 - وَقالَ مُطَرِّفٌ عَنِ الشَّعْبِىِّ؟ في رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ عَلىٌّ، ثُمَّ جَاءا بآخَرَ وَقالا: أخْطَأنَا (4)، فأبْطَلَ شَهادَتَهُما، وَأُخِذَا بِدِيَةِ الأوَّلِ، وَقالَ: لَوْ عَلِمْتُ أنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطعْتُكُمَا. 2601 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أنَّ غُلاَمًا قُتِلَ غِيَلةً، فَقالَ عُمَرُ: لَوْ اشْتَرَكَ فيها أهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ. 1359 - وَقالَ مُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبيهِ: إنَّ أَرْبَعَةً قَتَلُوا صَبيًّا. فقالَ عُمَرُ مِثْلَهُ. 1360 - 1363 - وَأقَادَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلىٌّ وَسُويدُ بْنُ مُقَرِّنٍ مِنْ لَطْمَةٍ. 1364 - وأقَادَ عُمَرُ مِنْ ضَرْبَةٍ بالدِّرَّةِ. 1365 - وأقَادَ عَلىٌّ مِنْ ثَلاَثَةِ أسْوَاطٍ. 1366 - واقْتَصَّ شُرَيْحٌ مِنْ سَوْطٍ وخُموشٍ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم "76 - الطب/21 - باب").

_ 1358 - وصله الشافعي بسند صحيح عنه. (4) قوله: (وقالا: أخطأنا) أي: على الرجل الأول، وإنما السارق هو هذا. 1359 - وصله ابن وهب وعنه الطحاوي والبيهقي. 1360 - 1363 - أما أثر أبي بكر وهو الصديق؛ فوصله ابن أبي شيبة. وأما أثر ابن الزبير؛ فوصله ابن أبي شيبة ومسدد بسند صحيح عنه. وأما أثر علي وسويد؛ فوصله ابن أبي شيبة. 1364 - وصله مالك وعبد الرزاق بسند ضعيف عنه. 1365 - وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور. 1366 - وصله ابن سعد وسعيد بن منصور بسند صحيح عنه.

22 - باب القسامة

22 - باب القَسَامَةِ (5) 827 - وَقالَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "شَاهِدَاكَ أوْ يَمينُهُ". 1367 - وَقالَ ابْنُ أَبي مُلَيْكَةَ: لَمْ يُقِدْ بهَا مُعَاوَيةَ. 1368 - وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزيز إلى عَديِّ بْنِ أرْطَاةَ -وَكَانَ أمَّرَهُ عَلَى البَصْرَةِ- في قَتيلٍ وُجِدَ عَنْدَ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ السَّمَّانِين: إنْ وَجَدَ أصْحَابُهُ بَيِّنةً، وإلا فَلاَ تَظْلِمِ النَّاسَ، فَإنَّ هَذَا لَا يُقْضَى فيه إلى يَوْمِ القيامَةِ. 2602 - عَنْ [سلمانَ 5/ 187] أَبي رَجَاءٍ مِنْ آل أبي قِلابَةَ [وكان معه بالشام 5/ 71]، حَدَّثَنِي أَبُو قِلابَةَ: أنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ أبْرَزَ سَرِيرَهُ يَوْماً للنَّاسِ، ثُمَّ أذِنَ لهُمْ، فَدَخَلُوا، فَقالَ: مَا تَقُولُونَ في [هذه] القَسَامَةِ؟ قَالُوا: نَقولُ: القَسَامَةُ القَوَدُ بِهَا حَقٌّ، وَقَدْ أقَادَتْ بِهَا الخُلَفَاءُ [قبلك، قال: وأبو قلابة خلف سريره 5/ 71] قالَ لي: مَا تَقُولُ يَا أبَا قِلابَةَ؟ وَنَصَبَني للنَّاس، فَقُلْتُ: يَا أمِيرَ المؤمِنينَ! عِنْدَكَ رُؤُوسُ الأجْنَادِ، وَأشَرَافُ العَرَبِ، أرَأيْتَ لَوْ أنَّ خَمْسِينَ مِنْهُم شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بدمَشْقَ أنَّهُ قَدْ زَنَى؛ لَمْ يَرَوْهُ،

_ (5) (القسامة) بالفتح: اليمين، كالقسم، وحقيقتها أن يقسم من أولياء الدم خمسون نفراً على استحقاقهم دم صاحبهم إذا وجدوه قتيلاً بين قوم لم يعرف قاتله، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يميناً، ولا يكون فيهم صبي ولا امرأة ولا مجنون ولا عبد، يقسم بها المتهَمون على نفي القتل عنهم، فإن حلف المدعون استحقوا الدية، وإن حلف المتهمون لم تلزم الدية. كذا في "النهاية". 827 - مضى موصولاً في "83 - الأيمان/ 17 - باب". 1367 - وصله حماد بن سلمة في "مصنفه" عنه، وإسناده صحيح. 1368 - وصله سعيد بن منصور وابن المنذر، وهو أثر صحيح كما قال الحافظ.

أكَنْتَ تَرْجُمُهُ؟ قالَ: لا. قُلْتُ: أَرأيْتَ لَوْ أنَّ خَمسينَ مِنْهُم شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِحمْصَ أنَّهُ سَرَقَ أكُنْتَ تَقْطَعُهُ؛ وَلَمْ يَرَوْهُ؟ قالَ: لا. قُلْتُ: فَوَ اللهِ مَا قَتَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَحَداً قَطُّ إلا في إحْدَى ثَلاثِ خِصَالٍ: رَجُلٌ قَتَل بِجَرِيرةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ، أوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إحْصَانٍ، أوْ رَجُلٌ حَارَبَ الله ورَسولهُ، وارْتَدَّ عَنِ الإسْلامِ. فَقالَ القَوْمُ (وفي روايةٍ: فقالَ عَنْبَسَةُ) (6): أوَ لَيْسَ قَدَ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَطَعَ في السَّرَقِ، وَسَمَرَ الأعْيُنَ، ثُمَّ نَبَذَهُمْ في الشَّمْسِ؟ فَقُلْتُ: أنَا أُحَدِّثُكُم حَدِيثَ أنَسٍ: حَدَّثَني أنَسٌ: أنَّ نَفَراً مِنْ عُكْلٍ ثَمانِيَةً قَدِمُوا عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَبَايَعُوهُ عَلَى الإسْلاَمِ، فَاسْتوخمُوا الأرْضَ، فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُم، فَشَكَوْا ذَلِكَ إلى رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "أفَلا تَخرُجُونَ مَعَ رَاعينا في إبلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ ألبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا؟ ". قالُوا: بَلَى، فَخَرَجُوا، فَشَرِبُوا مِنْ ألبَانِهَا وَأبْوَالِهَا، فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعيَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَأَطْرَدُوا (7) النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَرْسَلَ في آثَارِهِمْ، فَأُدْرِكُوا، فجيءَ بِهمْ، فَأمَرَ بِهِم، فَقُطِّعَتْ أيْدِيهِم، وَأرْجُلُهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنُهم، ثمَّ نَبذَهُمْ في الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا (8). قُلْتُ: وَأيُّ شَيءٍ أَشَدُ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلاءِ؟ ارْتَدُّوا عَنِ الإسْلامِ، وَقَتَلُوا،

_ (6) هو ابن سعيد كما يأتي. (7) بهذا الضبط وبتشديد الطاء أي: ساقوا الإبل. اهـ من (الشارح). (8) مضى حديث أنس بزياداته "ج1/ 4 - الوضوء/ 70 - باب".

وَسَرَقُوا، فَقالَ عَنْبسَةُ بْنُ سَعِيدٍ: وَالله إنْ سَمِعْتُ كالْيَومِ قَطُّ، فَقُلْتُ: أتَرُدُّ عَلَىَّ حَدِيثي يَا عَنْبَسةُ؟ قالَ: لا، وَلَكِنْ جِئتَ بالحديثِ عَلَى وَجْهِهِ، وَاللهِ لَا يَزَالُ هَذَا الجُنْدُ بَخيرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ [ومثل هذا 5/ 188] بَيْنَ أَظْهُرِهمْ. قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ في هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، دَخَلَ عَلَيْه نَفَرٌ مِنَ الأَنْصارِ، فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنهم بَيْنَ أيْدِيهِم، فَقُتِلَ، فَخَرجُوا بَعْدَهُ، فإذا هُمْ بِصَاحِبِهم يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ (9)، فَرَجَعُوا إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقالُوا: يَا رسولَ الله! صَاحِبُنَا كَانَ يَتَحَدَّثُ مَعَنَا، فَخَرَجَ بيْنَ أيْدِينا، فَإذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ في الدَّمِ، فَخَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ: "بِمَنْ تَظُنُّونَ أوْ تَرَوْنَ قَتلَهُ؟ ". قالُوا: نَرَى أنَّ اليَهُودَ قَتَلَتْهُ، فَأَرْسَلَ إلى اليَهُودِ فَدَعَاهُمْ، فَقالَ: "آنتُمْ قَتَلْتُم هَذَا؟ ". قَالُوا: لا، قالَ: "أَتَرْضَوْنَ نَفَلَ (10) خَمْسينَ منَ اليَهُودِ مَا قَتَلُوهُ؟ "، فَقالُوا: مَا يُبَالُونَ أنْ يَقْتُلُونَا أَجْمَعينَ، ثُمَّ يَنْتَفِلُونَ! قالَ: "أَفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بأيْمَانِ خَمْسينَ منْكُم؟ ". قَالُوا: مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ، فَوَدَاهُ مِن عندِه. (*) قُلْتُ (11): وَقَدْ كانَتْ هُذَيلٌ خَلَعُوا خليعاً (12) لَهُم في الجَاهِلِيَّةِ، فَطَرقَ أهْلَ

_ (9) أي: يضطرب فيتمرغ في دمه. (10) بفتح النون والفاء، وبالفتح والسكون، ومعناه: الحلف، وأصله النفي، وسمي اليمين في القسامة نفلاً لأن القصاص ينفى بها. (*) وقد مضت هذه القصة في "78 - الأدب/ 89 - باب"، من حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة. (11) هذا من قول أبي قلابة، وهي قصة موصولة بالسند المذكور إلى أبي قلابة؛ لكنها مرسلة لأن أبا قلابة لم يدرك عمر. (12) (خليعاً): فعيل بمعنى مفعول، يقال: تخالع القوم إذا نقضوا الحلف. فإذا فعلوا ذلك لم يطالبوا بجنايته، فكأنهم خلعوا اليمين التي كانوا لبسوها معه، ومنه سمي الأمير إذا عزل: خليعاً ومخلوعاً. "فتح".

23 - باب من اطلع في بيت قوم ففقؤا عينه فلا دية له

بَيْتٍ مِنَ اليَمَنِ بالبَطْحَاءِ، فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُم، فَحَذَفَهُ بالسَّيْفِ فَقَتَلَهُ، فَجَاءتْ هُذَيْلٌ فَأخَذُوا اليَمَانِىَّ، فَرَفَعُوهُ إلى عُمَرَ بالموْسِمِ، وَقالُوا: قَتَلَ صَاحِبَنَا، فَقالَ: إنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ، فَقالَ: يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ، قالَ: فَأقْسَمَ مِنْهُم تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلاً، وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنَ الشَّامِ، فَسَألُوهُ أنْ يُقْسِمَ، فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بأَلْفِ دِرهَم، فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلاً آخَرَ، فَدَفَعَهُ إلى أخِي المقْتُولِ: فَقُرِنَتْ يَدُهُ بَيدِهِ، قَالُوا: فَانْطَلقْنَا وَالخَمسونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إذَا كَانُوا بِ (نخلَةَ) (13) أَخَذَتْهُمُ السَّمَاءُ فَدَخَلُوا في غَارٍ فيِ الجَبَلِ، فانْهَجَمَ الغَارُ عَلَى الخَمْسِينَ الَّذِينَ أقْسَمُوا فَمَاتُوا جَمِيعاً، وَأُفلِتَ القَرينَانِ، واتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِي المقْتُول، فَعَاشَ حَوْلاً، ثُمَّ مَاتَ. قُلتُ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الملِكِ بْنُ مَرْوَانَ أقَادَ رَجُلاً بالقَسَامَةِ، ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ، فَأَمَرَ بالخمْسِينَ الَّذيِنَ أقسَمُوا فَمُحُوا مِنَ الدِّيوانِ، وَسَيَّرَهُمْ إلى الشَّامِ. 23 - باب مَنِ اطَّلَعَ في بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَؤًا عَيْنَهُ فَلا دِيَةَ لَهُ 2603 - عَنْ أنَسٍ رضي الله عنه: أنَّ رَجُلاً اطَّلَعَ من جُحْرٍ (14) في [بعض 7/ 130] حُجَرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَامَ إِلَيْهِ [النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -] بِمشْقَصٍ (15) أوْ بِمَشَاقِصَ، وَجَعَلَ (وفي روايةٍ: فكأني انظر إليه) يَخْتِلُهُ (16) لِيَطْعُنَهُ.

_ (13) (بنخلة): موضع على ليلة من مكة. (السماء) أي: المطر. (14) قوله: (من جحر) كذا بتقديم الجيم على الحاء، أي: من شق، وفي نسخة العيني: من حجر، بتقديم الحاء المكسورة على الجيم الساكنة؛ قال: وهو الحائط. اهـ. (15) (المشقص): النصل العريض، أو السهم الذي فيه ذلك. اهـ عيني. (16) قوله: (يختله) أي: يستغفله ويأتيه من حيث لا يراه. كذا فسروه، والاستغفال مستبعد منه - صلى الله عليه وسلم -، والحديث غير مطابق للترجمة، فلعل الرواية ما سيأتي. اهـ مصحح.

24 - باب العاقلة

2604 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ أبُو القَاسِم - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ أنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ [في بيتكَ 8/ 40] بِغَيرِ إذْنٍ، فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ؛ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ". 24 - باب العَاقِلَةِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث علي الآتي في "96 - الاعتصام/ 6 - باب"). 25 - باب جَنِينِ المرأَةِ 26 - باب جَنينِ المرْأةِ، وأنَّ العَقْلَ علَى الوَالِدِ وَعَصَبَةِ الوَالِدِ، لا عَلَى الْوَلَدِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "76 - الطب/ 46 - باب"). 27 - باب مَنِ اسْتَعَانَ عَبْداً أَوْ صَبِيًّا 1369 - وَيُذْكَرُ أنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بَعَثَتْ إلى مُعَلِّمِ الْكُتَّابِ: ابْعَثْ إِلَىَّ غِلْمَانًا يَنْفُشُونَ صُوفًا، وَلاَ تَبْعَثْ إِلَيَّ حُرًّا. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أنس المتقدم برقم 1234/ ج). 28 - باب "المعْدِنُ جُبَارٌ، وَالبِئرُ جُبَارٌ" (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 24 - الزكاة/ 68 - باب"). 29 - باب "العَجْمَاء جُبَارٌ"

_ 1369 - وصله الثوري في "جامعه"، وعبد الرزاق في "مصنفه" عنه بإسناد منقطع.

30 - باب إثم من قتل ذميا بغير جرم

1370 - وَقالَ ابْنُ سِيرِينَ: كَانُوا لا يُضَمِّنُونَ مِنَ النَّفْحَةِ (17)، وَيُضَمِّنونَ مِنْ رَدِّ العِنَانِ (18). 1371 - وَقالَ حَمَّادٌ: لَا تُضْمَنُ النَّفْحَةُ إلا أنْ يَنْخُسَ إنسَانٌ الدَّابَّةَ. 1372 - وَقالَ شُرَيْحٌ: لا يُضْمَنُ مَا عاقَبَتْ أنْ يَضْرِبَهَا، فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا. 1373 - وَقالَ الحَكَمُ وَحَمَادٌ: إذَا سَاقَ المُكَارِي حِمَاراً عَلَيْهِ امْرَأةٌ فَتَخِرُّ؛ لا شَيءَ عَلَيْهِ. 1374 - وَقالَ الشَّعْبِيُّ: إذَا سَاقَ دَابَّةً فَأَتْعَبَهَا، فَهْوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ، وَإنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرسِّلاً لَمْ يَضْمَنْ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المشار إليه آنفاً). 30 - باب إثْمِ مَنْ قَتَلَ ذِمِّيًّا بغَيْرِ جُرْمٍ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمرو المتقدم برقم 1378/ ج 2).

_ 1370 - وصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه. ووصله ابن أبي شيبة من وجه آخر عنه. (17) أي: الضربة بالرِّجل. يقال: نفحت الدابة إذا ضربت برجلها. "فتح". (18) (العنان): هو ما يوضع في فم الدابة ليصرّفها الراكب كما يختار، والمعنى: أن الدابة إذا كانت مركوبة فَلَفَتَ الراكب عنانها، فأصابت برجلها شيئاً؛ ضمنه الراكب، وإذا ضربت برجلها من غير أن يكون له في ذلك تسبب لم يضمن. "فتح". 1371 - وصل بعضه ابن أبي شيبة من طريق شعبة: سألت الحكم عن رجل واقف على دابته فضربت برجلها؟ فقال: يضمن، وقال حماد: لا يضمن. 1372 - وصله ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور. 1373 - لم يخرجه الحافظ. 1374 - وصله سعيد بن منصور وابن أبي شيبة.

31 - باب "لا يقتل المسلم بالكافر"

31 - باب "لَا يُقْتَلُ المسْلِمُ بالكَافِرِ" (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث علي المشار إليه قريباً "24 - باب"). 32 - باب إذَا لَطَمَ المسْلِمُ يَهُودِياً عِنْدَ الغَضَبِ 828 - رَوَاهُ أَبُو هُريرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم برقم 1109/ ج 2).

_ 828 - مضى موصولاً (ج2 /برقم 1109).

88 - كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 88 - كتاب اسْتِتابَةِ المرْتدِّينَ والمعانِدينَ وقِتالِهم 1 - باب إثْمِ مَنْ أَشْرَكَ بالله، وَعُقُوبَتِهِ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ، قالَ اللهُ تَعالى: (إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) وَ (لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ) 2605 - عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْروٍ رضي الله عنهما قالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ: يَا رسولَ الله! مَا الكَبَائِرُ؟ قالَ: "الإشْرَاكُ بِالله"، قالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: "ثُمَّ عُقُوقُ الوَالِدينِ"، قالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قالَ: " [وقتل النفس، و 7/ 228] اليَمِينُ الغَمُوسُ". قُلتُ: وَمَا اليَمِينُ الغَمُوسُ؟ قالَ: "الذِي يَقتَطعُ مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فيهَا كَاذِبٌ". 2606 - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله! أَنُؤاخَذُ بَما عَمِلْنَا في الجَاهِلِيَّةِ؟ قالَ:

2 - باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم

"مَنْ أَحْسَنَ في الإسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ في الجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أسَاءَ فِي الاسْلاَمِ أُخِذَ بالأوَّلِ وَالآخِرِ". 2 - باب حُكْمِ المرْتَدِّ وَالمرْتَدَّةِ وَاسْتِتَابَتِهِم (1) 1375 - 1377 - وَقالَ ابْنُ عُمَرَ وَالزهْرِيُّ وَإبْرَاهِيمُ: تُقْتَلُ المرْتَدَّةُ. وَقَالَ اللهُ تَعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)} وَقالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقَّا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ). وَقالَ: (إن الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا ليَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً). وَقالَ: (مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ

_ (1) قوله: (واستتابتهم) أفاد الشراح أن هذا اللفظ مقدم في رواية أبي ذر على قوله: (وقال ابن عمر)، وهو الأظهر. 1375 - 1377 - أما قول ابن عمر؛ فوصله ابن أبي شيبة. وأما قول الزهري وإبراهيم -وهو النخعي-؛ فوصله عبد الرزاق.

عَلَى المؤْمِنينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ)، {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (108) لَا جَرَمَ} -يقول: حقًّا (2) - {أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ (109)}، إلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ}. {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} 2607 - عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِزَنَادِقَةٍ فَأحْرَقَهُم، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقالَ: لَوْ كُنْتُ أنَا لَمْ أُحْرِقْهُم؛ لِنَهْيِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُعذِّبُوا بِعَذَابِ اللهِ"، وَلَقَتَلْتُهُم؛ لِقوْلِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -. "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". 2608 - عَنْ أَبي مُوسَى قالَ: أَقْبَلْتُ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ومَعي رَجُلاَنِ مِنَ الأَشعَرِيِّينَ، أَحَدهُمَا عَنْ يَميني، وَالآخَرُ عَنْ يَسَارِي، وَرسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَاكُ، (وفي روايةٍ: يَسْتَنُّ بسواكٍ بيدهِ، يقول: أُعْ أُعْ، والسواكُ في فِيهِ كأنه يتهوَّعُ 1/ 66)، فَكِلاهُمَا سَأَلَ (وفي روايةٍ: فقال أحد الرجلين: أمِّرنا يا رسول الله، وقال

_ (2) قوله: (يقول حقاً) هذه الزيادة غير موجودة في بعض النسخ مع وجودها في أكثرها، وهي في الشرح المطبوع خارجة عن عداد المتن.

الآخر مثلَهُ 8/ 107)، فَقالَ: "يَا أَبَا مُوسَى، أَوْ يَا عَبْدَ الله بْنَ قيْس! " (3)، قالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ! مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا في أَنْفُسِهِما، وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ العَمَلَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إلى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ، فَقالَ: "لَنْ -أَوْ لا- نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ، (وفي روايةٍ: إنا لا نُوَلِّي هذا مَن سألَه، ولا من حرص عليه)، وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى -أَوْ يَا عَبْدَ الله ابْنَ قَيْس- إلى اليَمَنِ"، ثُمَّ أَتْبَعَهُ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، [قال: وَبَعَثَ كلَّ واحد منهما على مِخْلافٍ، قالَ: واليمن مخلافان، ثم قالَ: "يَسِّرا ولا تُعَسِّرا، وبشِّرا ولا تُنَفِّرا 5/ 108]، [وتَطاوعَا ولا تختلِفَا 4/ 26] "، [فقالَ أبو موسى: يا نبىَّ الله! إنَّ أرضَنا بها شرابٌ من الشعيرِ: المزرُ، وشرابٌ من العسلِ: البتعُ]-[فقلتُ لأبي بُردةَ: ما البَتْعُ؟ قال: نبيذُ العسلِ، والمزرُ: نبيذُ الشعير]-[فقال: "كلُّ مسكرٍ حرامٌ"]. [فانطلقَ كلُّ واحدٍ منهما إلى عَملهِ. قالَ: وكانَ كلُّ واحدٍ منهما إذا سارَ في أرضِه، وكانَ قريباً من صاحبِه، أحدثَ بهِ عهداً، فسلَّم عليه (وفي روايةٍ: وضربَ فسطاطاً، فجعلا يتزاوران)، فسارَ معاذٌ في أرضِه قريباً من صاحبه أبي موسى، فجاءَ يسيرُ على بغلَتِه حتى انْتهى إليه، وإذا هو جالسٌ، وقد اجتمع إليه الناسُ]، فَألقَى لَهُ وِسَادَةً، قالَ: انْزِلْ، وَإذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ مُوثَقٌ [قد جُمِعَتْ يداهُ إلى عُنُقِهِ، فـ]

_ (3) زاد مسلم وأبو داود: "ما تقول؟ ".

3 - باب قتل من أبى قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة

قالَ [له معاذٌ: يا عبدَ الله بن قيس!] مَا (وفي روايةٍ: أيَّمَ) هَذَا؟ قالَ: كَانَ يَهُوديًّا فَأَسْلَمَ، ثُمَّ تَهوَّدَ، (وفي روايةٍ: ارتدَّ، فقال معاذ: لأضرب عنقه) قالَ: اجْلِسْ، قَالَ: لا أجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ؛ قَضَاءُ الله وَرسولِه، (ثلاثَ مَرَّاتٍ)، فَأمَرَ بِهِ فَقُتِلَ. ثُمَّ [نزل، فـ] تَذَاكَرَا قِيَامَ اللَّيْلِ، فَقالَ أحَدُهُمَا: أمَّا أنَا فَأقُومُ وَأنَامُ (وفي روايةٍ: فقال: يا عبدَ الله! كيفَ تقرأُ القرآنَ؟ قال: [قائماً، وقاعداً، وعلى راحلَتِه،] أتفوَّقُه تَفَوُّقًا (4). قال: فكيفَ تقرأُ أنْتَ يا معاذُ؟ قال: أنامُ أولَ اللّيلِ، فأقومُ وقد قضيتُ جزئي من النومِ، فأقرأُ ما كَتَبَ اللهُ لي)، وَأرْجُو في نَوْمَتي، مَا أَرْجُو في قَوْمَتِي. 3 - باب قَتْلِ مَنْ أَبَى قَبُولَ الفَرَائِضِ وَمَا نُسِبُوا إلى الرِّدَّةِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 671/ ج 1). 4 - باب إذَا عَرَّضَ الذِّمِّيُّ وَغَيْرُهُ بِسَبِّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولمْ يُصَرِّحْ، نَحْوَ قَوْلِهِ: السَّامُ عَلَيْكَ 2609 - عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قالَ: مَرَّ يَهودِيٌّ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ: السَّامُ عَلَيْكَ! فَقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَعَلَيْكَ"، فَقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَتَدْرُونَ مَا يَقولُ؟ قالَ: السَّامُ عَلَيْكَ". قَالوا: يَا رسولَ الله! أَلاَ نَقْتُلُهُ؟ قالَ:

_ (4) معنى قراءة القرآن، أي: لا أقرأ وِرْدي منه دفعة واحدة، ولكن أقرأه شيئاً بعد شيء في ليلي ونهاري، مأخوذ من فواق الناقة، لأنها تحلب ثم تراح حتى تدر ثم تحلب. "نهاية".

5 - باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم، وقول الله تعالى: (وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون)

"لا، إذَا سَلَّمَ عَلَيكم أهْلُ الكِتَابَ فَقولُوا: وَعَليْكم". 5 - باب قَتْلِ الخَوَارِجِ وَالملْحِدِينَ بَعْدَ إقَامَةِ الحجَّةِ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلِ الله تَعالَى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) 1378 - وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ (5) شِرَارَ خَلْقِ اللهِ، وَقالَ: إنَّهُمُ انْطَلَقُوا إلى آياتٍ نَزَلَتْ في الْكُفَّارِ، فَجَعَلُوهَا عَلى المُؤمِنينَ. 2610 - عن عَليّ رضي الله عنهُ: إذَا حَدَّثْتكم عَنْ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حَدِيثاً، فَوَ اللهِ لأنْ أَخِرَّ مِنَ السَّمَاءِ أَحَبُّ إليَّ مِنْ أنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإذَا حَدَّثْتُكمْ فِيمَا بَيْني وَبَيْنَكمْ فَإنَّ الحَرْبَ خُدْعَةٌ، وَإنِّي سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ في آخِرِ الزَّمَانِ، حُدَّاثُ (وفي روايةٍ: حُدَثَاءُ 6/ 115) الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قوْلِ البَرِيَّةِ، لَا يُجَاوزُ إيَمانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّميَّةِ، فَأيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتلُوهُمْ، فَإنَّ في قَتْلِهِمْ أجْراً لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ". 2611 - عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ، وَذَكَرَ الحَرُوريِّةَ فَقالَ: قَال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلاَمِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ".

_ 1378 - وصله الطبري في "مسند علي" من "تهذيب الآثار" بسند صحيح عنه. (5) يعني الخوارج.

6 - باب من ترك قتال الخوارج للتألف، وأن لا ينفر الناس عنه

6 - باب مَنْ تَرَكَ قتَالَ الخَوَارِجِ لِلتَّأَلُّفِ، وَأَنْ لا يَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُ 2612 - عن يُسَيْرِ بْنِ عَمروٍ قال: قُلْتُ لِسهلِ بْنِ حُنَيْفٍ: هَلْ سَمِعْتَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ في الخَوَارِجِ شَيْئاً؟ قالَ: سَمِعْتُهُ يَقولُ -وأَهْوَى بِيَدِهِ قِبَلَ العِرَاقِ-: "يَخْرُجُ مِنْهُ قَوْمٌ يَقْرَؤُونَ القُرآنَ، لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُم، يَمْرُقُونَ مِنَ الإسْلامِ، مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ". 7 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ" (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "92 - الفتن/ 26 - باب"). 8 - باب مَا جَاءَ في المُتأَوِّلِينَ * * *

89 - كتاب الإكراه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 89 - كتاب الإكراه وَقَوْلِ اللهِ تَعالَى: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، وَقالَ: (إلا أنْ تَتَّقُوا مِنْهمْ تُقَاةً)، وَهْيَ تَقِيَّةٌ، وَقالَ: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ)، إلى قَوْلِهِ: (وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا)، فَعَذَرَ اللهُ المسْتَضْعَفينَ الَّذينَ لا يَمْتنِعُونَ مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ، وَالمكْرَهُ لا يَكُونُ إلا مُسْتَضْعَفاً غَيْرَ مُمْتَنعٍ مِنْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ. 1379 - وَقالَ الحَسَنُ: التَّقِيَّةُ إلى يَومِ القِيَامَةِ. 1380 - وَقالَ ابْنُ عَباسٍ فَيمنْ يُكْرِهُهُ اللُّصُوصُ، فَيُطَلِّقُ: لَيْسَ بشَيءٍ. 1381 - 1384 - وَبِهِ قالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَالشَّعْبِيُّ وَالحَسَنُ.

_ 1379 - وصله عبد بن حميد وابن أبي شيبة عنه. 1380 - وصله ابن أبي شيبة عنه. وأخرج عبد الرزاق عنه مختصراً بلفظ: "كان لا يرى طلاق المكره شيئاً". وسنده صحيح. 1381 - 1384 - أما قول ابن عمر وابن الزبير فأخرجهما الحميدي في "جامعه"، وعنه البيهقي. وأما قول الشعبي؛ فوصله عبد الرزاق بسند صحيح عنه. وأما قول الحسن؛ فوصله سعيد بن منصور بسند صحيح عنه.

1 - باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر

829 - وَقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "الأعْمَالُ بِالنِّيَّةِ". (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم (ج 1/ 10 - الأذان/ 127 - باب"). 1 - باب مَنِ اخْتَارَ الضَّرْبَ وَالقَتْلَ وَالهَوَانَ عَلَى الكُفْرِ 2 - باب في بَيْعِ المكْرَهِ وَنَحْوِهِ في الحَق وَغَيْرِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "96 - الاعتصام/ 19 - باب"). 3 - باب لَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُكْرَهِ، (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) 2613 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عَنْهَا قَالْت: قُلتُ: يَا رسولُ الله! يُسْتَأْمَرُ النَّسَاءُ في أبضَاعِهِنَّ؟ قالَ: "نَعَمْ". قُلْتُ: فَإنَّ البِكْرَ تُسْتَأمَرُ فَتَسْتَحِي (1)، فَتَسْكُتُ؟ قالَ: "سُكَاتُهَا إذْنُها". (وفي روايةٍ: "رضاها صَمْتُها" 6/ 135). 4 - باب إذَا أُكْرِهَ حَتَّى وَهَبَ عَبْداً أوْ بَاعَهُ؛ لَمْ يَجُزْ وَقالَ بَعْضُ النَّاسِ: فَإنْ نَذَرَ المشتَرِي (2) فيه نَذْراً فَهْوَ جَائِزٌ بِزَعْمِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ دَبَّرَهُ.

_ 829 - وصله المصنف في أول الكتاب. (1) قوله: (فتستحي) بكسر الحاء، ولأبي ذر سكونها وزيادة ياء أخرى لغتان بمعنى. اهـ شارح. (2) قوله: (فإن نذر المشتري) إلخ يعني: لو تصرف فيه تصرفاً لا يقبل النقض، كالعتق والتدبير ينفذ=

5 - باب من الإكراه. كره وكره واحد

(قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1106/ ج 2). 5 - باب مِنَ الإكْرَاهِ. كَرْهٌ وَكُرْهٌ وَاحِدٌ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1883/ ج 3). 6 - باب إذَا اسْتُكْرِهَتِ المرأَةُ عَلَى الزِّنَا فَلا حَدَّ عَلَيْهَا في قَوْلِهِ تَعالَى: (وَمَن يُكْرِهْهُنَّ فَإنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إكرَاهِهِنَّ غَفَورٌ رَحيمٌ) 1385 - عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ أَبي عُبَيْدٍ: أنَّ عَبْداً مِنْ رَقيقِ الإمَارَةِ (3) وَقَعَ عَلَى وليدَةٍ مِنَ الخُمُسِ، فَاسْتَكْرَهَهَا حَتَّى اقتَضَّهَا، فَجَلَدَهُ عُمَرُ الحَدَّ وَنَفَاهُ، ولَمْ يَجْلِدِ الوَليدَةَ مِنْ أجْلِ أنَّهُ اسْتَكْرَهَها. 1386 - قالَ الزُّهْريُّ في الأَمَةِ البِكْرِ يَفْتَرِعُهَا الحُرُّ، يُقيمُ ذَلِكَ الحَكَمُ مِنَ الأَمَةِ العَذْرَاءِ بِقدْرِ قيمتِهَا، وَيُجْلَدُ، وَلَيْسَ في الأَمَةِ الثَّيِّبِ في قَضَاءِ الأئِمَّةِ غُرْمٌ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ الحَدُّ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1045/ ج 2). 7 - باب يَمينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ أنَّهُ أخُوهُ إذَا خَافَ عَلَيْهِ القَتْلَ أوْ نَحْوَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ يَخَافُ، فَإنَّهُ يَذُبُّ عَنْهُ الظَّالِمَ وَيُقَاتِلُ دُونَهُ وَلا يَخْذُلُهُ، فَإنْ

_ = وتلزمه القيمة، فإنه تعارض فيه حقان كل منهما حق العبد، فصار اعتبار ما يمكن استدراكه منهما أرجح، وهو حق البائع دون حق المشتري، فإنه لا يمكن استدراكه لعدم إمكان الفسخ (فارجع البصر هل ترى من فطور). مصححه. 1385 - وصله أبو القاسم البغوي بسند فيه العلاء بن موسى، وهو ابن عطية الباهلي، ولم أجد له ترجمة. (3) أي: من مال الخليفة عمر رضي الله عنه. اهـ. قوله (اقتضها) بالقاف أي: أزال بكارتها: والقِضَة بكسر القاف: عذرة البكر. 1386 - لم يخرجه الحافظ.

قَاتَلَ دُونَ المظْلُومِ فَلا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلا قِصَاصَ، وَإنْ قيلَ لَهُ: لَتَشْرَبَنَّ الخَمْرَ، أوْ لَتَأكُلَنَّ الميْتَةَ، أوْ لَتَبِيعَنَّ عَبْدَكَ، أوْ تُقِرُّ بِدَيْنٍ، أوْ تَهَبُ هِبَةً، أوْ تَحُلُّ عُقْدَةً، أوْ لَنَقْتُلنَّ أبَاكَ، أوْ أخَاكَ في الإسْلامِ -وَسِعَهُ ذَلِكَ 830 - لِقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "المسْلِمُ أخُو المسْلِمِ". وَقالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَوْ قِيلَ لَهُ: لَتشْرَبَنَّ الخَمْرَ، أوْ لَتأْكُلَنَّ الميْتَةَ، أو لَنَقْتُلَنَّ ابنَكَ أوْ أَبَاكَ. أوْ ذا رَحِمٍ مُحَرَّمٍ -لَمْ يَسَعْهُ؛ لأنَّ هَذَا لَيْسَ بِمضْطَرٍّ، ثُمَّ نَاقضَ فقَالَ: إنْ قيلَ لَهُ: لَنَقْتُلَنَّ أبَاكَ أو اِبنَكَ، أوْ لَتَبِيعَنَّ هَذَا العَبْدَ، أوْ تُقِرُّ بِدَيْنٍ، أوْ تَهَبُ- يَلْزَمُهُ في القيَاسِ، وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ، وَنَقولُ: البَيْعُ وَالهِبَةُ وَكُلُّ عُقْدَةٍ في ذَلِكَ بَاطِلٌ. فَرَّقُوا بَينَ كُلِّ ذيَ رَحِمٍ مُحَرَّمٍ وَغَيْرِهِ بَغيْرِ كِتَابٍ وَلا سُنَّةٍ. 831 - وَقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "قَالَ: إبْرَاهيمُ لامْرأتهِ: هَذِهِ أُخْتِي. وَذَلِكَ في اللهِ". 1387 - وَقالَ النَّخَعِي: إذَا كَانَ المُسْتَحْلِفُ ظَالِمًا؛ فَنِيَّةُ الحَالِفِ، وَإنْ كَانَ مَظْلُوماً؛ فَنِيَّةُ المسْتَحْلف. * * *

_ 830 - وصله المصنف فيما تقدم (1117/ ج 2). 831 - هذا طرف من قصة إبراهيم وسارة عليهما السلام مع الجبار، وقد مضى موصولاً برقم (1045/ ج 2). 1387 - وصله محمد بن الحسن في "الآثار"، وابن أبي شيبة بسند حسن عنه.

90 - كتاب الحيل

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 90 - كتاب الحِيَلِ 1 - باب في تَرْكِ الحِيَلِ، وَإنَّ لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى في الأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا (قلتُ: أسند فيه حديث عمر المتقدم في أول الكتاب). 2 - باب في الصَّلاةِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج1/ 4 - الوضوء/ 2 - باب"). 3 - باب في الزَّكَاةِ وَأنْ لا يُفَرَّقَ بَيْنَ مُجْتَمعٍ، وَلا يُجْمَعَ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إذَا بَلَغَتِ الإبِلُ عشْرِينَ فَفِيها أرْبَعُ شِيَاهٍ، فَإِنْ وَهَبَهَا قَبْلَ الحَوْلِ أوْ بَاعَهَا فِرَاراً واحْتِيَالاً لإسْقَاطِ الزَّكَاةِ فَلا شَيءَ عَلَيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أتلَفَهَا فَمَاتَ فَلاَ شَيءَ في مَالِهِ. 4 - باب الحِيلَةِ في النِّكَاحِ 2614 - عَنْ عُبيدِ الله: حَدَّثَني نَافعٌ عن عَبْدِ الله (بن عمر) رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الشِّغَارِ. قُلْتُ لِنَافعٍ: مَا الشِّغَارُ؟ قالَ: يَنْكحُ اِبْنَةَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ اِبْنَتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ،

5 - باب ما يكره من الاحتيال في البيوع، ولا يمنع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ.

وَيَنْكحُ أُخْتَ الرَّجُلِ وَيُنْكِحُهُ أُخْتَهُ بِغَيْرِ صَدَاقٍ (*) وَقالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنِ احْتَالَ حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَى الشِّغَارِ فَهْوَ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. وَقالَ في المُتْعَةِ: النِّكَاحُ فَاسِدٌ وَالشَّرطُ بَاطِلٌ. وَقالَ بَعْضُهُم: المتعَةُ وَالشِّغَارُ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. (قلتُ: أسند فيه حديث علي المتقدم برقم 2060/ ج 3). وَقالَ بَعْضُ النَّاسِ: إن احْتَالَ حَتَّى تَمَتَّعَ؛ فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ. وَقالَ بَعْضُهُمُ: النِّكَاحُ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. 5 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الاحْتِيَالِ في البُيُوعِ، وَلاَ يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ فَضْلُ الْكَلأ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1096/ ج 2). 6 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَاجُشِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 1012/ ج 2). 7 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الخِدَاعِ في البُيُوعِ 1388 - وَقالَ أَيُّوبُ: يُخَادِعُونَ اللهَ كَمَا يُخَادِعُونَ آدَمِيًّا. لَوْ أَتَوُا الأمْرَ عِيَاناً كَانَ أَهْوَنَ عَلَيَّ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 1381/ ج 2).

_ (*) أورد المصنف هذا التفسير في "النكاح/ باب الشغار" بعد حديث ابن عمر دون قوله: "قلت لنافع"، ورجح الحافظ في "الفتح" كون هذا التفسير مرفوعاً. والله اْعلم. 1388 - وصله وكيع في "مصنفه" بسند صحيح عنه، وهو أيوب السختياني.

8 - باب ما ينهى من الاحتيال للولى فى اليتيمة المرغوبة، وأن لا يكمل صداقها

8 - باب مَا يُنْهَى مِنَ الاِحْتِيَالِ لِلْوَلِىِّ فِى الْيَتِيمَةِ الْمَرْغُوبَةِ، وَأَنْ لَا يُكَمِّلَ صَدَاقَهَا (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1881/ج 3). 9 - باب إِذَا غَصَبَ جَارِيَةً فَزَعَمَ أَنَّهَا مَاتَتْ، فَقُضِىَ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ الْمَيِّتَةِ، ثُمَّ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا؛ فَهْىَ لَهُ، وَتُرَدُّ الْقِيمَةُ، وَلاَ تَكُونُ الْقِيمَةُ ثَمَنًا. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الْجَارِيَةُ لِلْغَاصِبِ لأَخْذِهِ الْقِيمَةَ، وَفِى هَذَا احْتِيَالٌ لِمَنِ اشْتَهَى، جَارِيَةَ رَجُلٍ لَا يَبِيعُهَا فَغَصَبَهَا، وَاعْتَلَّ بِأَنَّهَا مَاتَتْ، حَتَّى يَأْخُذَ رَبُّهَا قِيمَتَهَا، فَيَطِيبُ لِلْغَاصِبِ جَارِيَةَ غَيْرِهِ! 832 - قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أمْوَالُكُم عَلَيْكُم حَرَامٌ". 833 - وَ "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القيَامَةِ". (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1381/ ج 2). 11 - باب (*) فِى النِّكَاحِ وَقَال بَعْضُ النَّاسِ: إنْ لَمْ تُسْتَأْذَنِ البِكْرُ وَلَمْ تُزَوَّجْ، فَاحْتَالَ رَجُلٌ فَأقَامَ شَاهِدَي زُورٍ أنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا، فأثْبَتَ القَاضي نِكَاحَهَا، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ، فَلا بأسَ أنْ يَطَأَهَا، وَهْوَ تَزويجٌ صَحيحٌ! 2615 - عَنِ القَاسِمِ: أَنَّ امرأةً مِن وَلَدِ جَعْفَرٍ تَخَوَّفَتْ أن يُزَوِّجَهَا وَلِيُّهَا وَهي

_ 832 - هذا طرف من حديث وصله المصنف فيما مضى (ج 3/ برقم 1831). 833 - وصله المصنف فيما تقدم (ج 2/ برقم 1381). (*) انظر مقدمة الطبعة الأولى للمجلد الأول ص 13 لتفسير حذف الباب (10).

12 - باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر، وما نزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك

كَارِهَةٌ، فَأَرْسَلتْ إلى شيخَيْنِ مِنَ الأنصَارِ عَبْدِ الرَّحمَنِ وَمُجَمِّع ابنَيْ جَارِيَة، قَالا: فَلا تخشَيْنَ، فإنَّ خنْسَاءَ بِنْتَ خِذامٍ [الأنصارية 6/ 135] أَنْكَحَها أبُوهَا وَهْيَ كَارِهَةٌ، [وهي ثيب]، فَرَدَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكِ (وفي روايةٍ: نكاحَه). وَقالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنِ احْتَالَ إنسَانٌ بِشَاهدَي زُورٍ عَلَى تَزْويج امْرَأةٍ ثَيِّبٍ بِأَمْرِهَا، فَأَثْبَتَ القَاضي نِكَاحَهَا إِيَّاهُ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوّجْهَا قَطُّ، فَإنَّهُ يَسَعُهُ هَذَا النِّكَاحُ، وَلا بَأسَ بالمُقامِ لَهُ مَعَهَا! وَقالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنْ هَوِيَ رَجُلٌ جَارِيَةً يَتيمَةً أو بِكْراً فَأَبَتْ، فَاحْتَالَ فَجَاءَ بِشَاهِدَي زُورٍ عَلَى أنَّهُ تَزَوَّجَهَا، فَأدْرَكَتْ، فَرَضيَتِ اليتيمَةُ، فَقَبِل القَاضي شَهَادَةَ الزُّورِ، وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ بِبُطلاَنِ ذَلِكَ؛ حَلَّ لَهُ الوَطءُ! 12 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ احْتِيَالِ المرأَةِ مَعَ الزَّوْجِ وَالضَّرَائِرِ، ومَا نَزَلَ عَلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في ذَلِكَ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 2105/ ج 3). 13 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الاحْتيالِ في الفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ 14 - باب في الهِبَةِ وَالشُّفْعَةِ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إنْ وَهَبَ هِبَةً ألْفَ دِرْهَم أوْ أكثَرَ، حَتَّى مَكَثَ عِنْدَهُ سِنين، وَاحْتَالَ في ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ الوَاهِبُ فيهَا فَلا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا! فَخَالَف الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - في الهِبَةِ، وَأسْقَطَ الزكَاةَ. وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: الشُّفْعَةُ للجِوَارِ ثُمَّ عَمَدَ إلى مَا شَدَّدَهُ فَأبْطَلَهُ، وَقالَ: إنِ اشْتَرَى دَاراً فَخَافَ أنْ يَأخُذَهَا الجَارُ بِالشُّفْعَةِ، فَاشْتَرى سَهْماً مِنْ مَائَةِ سَهْمٍ

15 - باب احتيال العامل ليهدى له

ثمَّ اشتَرَى البَاقي وَكَانَ للجَارِ الشُّفْعَةُ في السَّهْمِ الأَوَّلِ، وَلاَ شُفْعَةَ لَهُ في بَاقي الدَّارِ، وَلَهُ أنْ يَحْتَالَ في ذَلِكَ. وَقالَ بَعْضُ النَّاسِ: إذَا أرَادَ أنْ يبِيعَ الشُّفْعَةَ فَلَهُ أنْ يَحْتَالَ حَتَّى يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ؛ فَيَهَبُ البائعُ لِلمُشَترِي الدَّارَ وَيَحُدُّهَا وَيَدْفَعُها إليْه، وَيُعوِّضُهُ المشْتَرِي ألْفَ دِرْهَمٍ، فَلاَ يَكُونُ لِلشَّفيعِ فيهَا شُفْعَةٌ! وَقالَ بَعْضُ النَّاسِ: إن اشْتَرَى نَصِيبَ دَارٍ، فَأرَادَ أنْ يُبْطِلَ الشُّفْعَةَ، وَهَبَ لابنِهِ الصَّغير، وَلا يَكُونُ عَلَيْهِ يَمِينٌ! 15 - باب احْتِيَالِ العَامِلِ ليُهْدى لَهُ وَقالَ بعْضُ النَّاسِ: إن اشْتَرَى دَاراً بِعشْرِينَ ألْفَ دِرهَمٍ، فَلا بأسَ أنْ يَحْتَالَ حَتَّى يَشْتَرِيَ الدَّارَ بِعشْرِينَ ألْفَ درْهَمٍ، وَيَنْقُدَهُ تِسْعَةَ آلافِ دِرهَمٍ، وَتِسْعمائَةِ درهَم وَتِسْعَةً وَتِسعينَ، وَيَنقُدَهُ دِينَاراً بِمَا بَقي مِنَ العِشْرِينَ الألْفَ، فَإنْ طَلَبَ الشَّفيعُ أخْذَهَا بِعشْرِينَ ألفَ دِرهَمِ، وَإلا فلا سَبيلَ لَهُ عَلَى الدَّارِ، فإن اسْتُحِقتِ الدَّارُ رَجَعَ المشْتَري على البَائع بِمَا دَفَعَ إليْهِ، وَهْوَ تِسْعَةُ آلافِ دِرهَمٍ وَتِسْعمائَةٍ وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا وَدينَارٌ؛ لأنَّ البَيعَ حينَ اسْتُحِقَّ انتَقَضَ الصَّرْفُ في الدِّينارِ، فَإنْ وَجَدَ بهذِهِ الدَّارِ عَيْباً وَلَمْ تُسْتَحَقَّ؛ فَإنَّهُ يَرُدُهَا عَلَيه بعشْرِينَ ألْفَ دِرهَمٍ! قالَ: فَأَجَازَ هَذَا الخِدَاعَ بَيْنَ المسْلِمينَ. 834 - وَقالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " [بيع المسلم] (1) لا دَاءَ، وَلا خِبْثَةَ، وَلا غَائِلَةَ".

_ 834 - تقدم الحديث بأتم مما هنا في "ج 2/ 34 - البيوع/ 19 - باب"، وذكرنا من وصله هناك. (1) زيادة من نسخة "الفتح"، وهي ثابتة فيما تقدم.

91 - كتاب التعبير

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 91 - كتاب التَّعْبِيرِ 1 - باب أوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الوَحْيِ الرُّؤيَا الصَّالِحَةُ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 3/ ج1). 1389 - قالَ ابْنُ عَباسٍ: (فَالِقُ الإصْبَاحِ): ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهَارِ، وَضَوءُ القَمَرِ باللَّيْلِ. 2 - باب رُؤيا الصَّالحِينَ، وَقَوْلِهِ تَعالَى: (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا) 2616 - عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ (وفي طريق: رؤيا المؤمن 8/ 27) جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ". 3 - باب الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ 2617 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْريِّ أَنَّهُ سَمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ اللَّهِ، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا، وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا،

_ 1389 - وصله الطبري بسند منقطع عنه.

4 - باب الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة

وَلا يَذْكُرْهَا لأحَدٍ، فَإنَّهَا لا تَضُرُّهُ". 4 - باب الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ 2618 - عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "رُؤْيَا المؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وأرْبَعينَ جُزْءاً مِنَ النّبُوَّةِ". 2619 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ". 5 - باب المبَشِّرَاتِ 2620 - عن أبي هُريرَةَ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الْمُبَشِّرَاتُ". قالُوا: وَمَا المُبَشِّراتُ؟ قالَ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ". 6 - باب رُؤْيَا يُوسُفَ، وَقَولِهِ تَعالَى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6)} وَقَولِهِ تَعالى: {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ

7 - باب رؤيا إبراهيم وقوله تعالى: {فلما بلغ معه السعي

الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) قالَ أَبُو عَبْدِ الله: فَاطِرٌ، وَالبَدِيعُ، وَالمبُتَدعُ، وَالبَارِئُ، وَالخَالِقُ؛ وَاحِدٌ، مِنَ البَدْءِ (1) بادِئَةٍ. (قلت: لم يذكر فيه حديثاً). 7 - باب رُؤْيَا إبْرَاهِيمَ وَقَولُهُ تَعالىَ: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ: يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105)} 1390 - قالَ مُجَاهِدٌ: (أَسْلَمَا): سَلَّمَا مَا أُمِرا بِهِ، (وَتَلَّهُ): وَضَعَ وَجْهَهُ بالأَرْضِ. (قلت: لم يذكر فيه حديثاً). 8 - باب التَّوَاطُؤِ عَلَى الرُّؤْيَا (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر الآتي "35 - باب"). 9 - باب رُؤْيَا أهْلِ السُّجُونِ وَالفَسَادِ وَالشِّرْكِ لِقَوْلِهِ تَعالَى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ. قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا. وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا

_ (1) وفي بعض النسخ بواو بدل الهمزة، وهو أوجه، لأنه يريد تفسير قوله: (وجاء بكم من البدو)، ومثله قوله: (بادئَةٍ): أي: جاء بكم من البادية، أو مراده أن فاطر معناه: البادئ؛ من (البدء) أي: الابتداء، أي: بادئ الخلق بمعنى فاطر. اهـ من (الشارح). 1390 - وصله الفريابي في "تفسيره" بسند صحيح عنه.

يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ (وَقَالَ الفُضَيْلُ لِبَعْضِ الأَتْبَاعِ: يَا عَبْدَ اللهِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ) خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ}.

10 - باب من رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام

(وَادَّكَرَ): افَتَعَلَ مِنْ ذَكَرَ، (أُمَّةٍ): قَرْنٍ، وَيُقْرَأُ (أَمَهٍ) (2): نِسْيَانٍ. 1391 - وَقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (يَعْصِرُونَ): الأَعْنَابَ وَالدُّهْنَ. (تُحْصِنُونَ): تَحْرُسُونَ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1436/ ج 2). 10 - باب مَنْ رَأَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في المَنَامِ 2621 - عَنْ أبَي هُرَيْرَةَ قالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "مَنْ رَآنِي في المنَامِ فَسَيَرَانِي في اليَقَظَةِ، وَلا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بي (وفي طريق: فقد رآني، فإن الشيطانَ لا يتمثَّلُ [في 1/ 136] صورتي 7/ 118) ". قالَ أبو عبدِ اللهِ: 1392 - قالَ ابْنُ سِيرينَ: إذَا رَآهُ في صُورَتِهِ. (3) 2622 - عَنْ أَنَسٍ رَضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ رَآني في المَنامِ فَقدْ رَآني؛ فَإنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ بِي". 2623 - عن أبي قَتَادَة رضي الله عنه قال: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -

_ (2) رويت هذه القراءة عن جماعة كما قال الطبري، ثم رواها بسند صحيح عن ابن عباس، وفيه: وتفسيرها بعد نسيان. 1391 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطعٍ عنه. 1392 - وصله إسماعيل القاضي، ومن طريقه الحافظ، وقال: وسنده صحيح، ووجدت له ما يؤيده ... ثم نقل عن الحاكم بإسناده عن ابن عباس نحوه. (3) قلت: وهذا هو الصواب، لقوله: "من رآني"، ومن رآه في غير صورته فلم يره، كما هو ظاهر، وقد حقق في ذلك الإمام الشاطبي في كتابه "الاعتصام"، فليراجع.

11 - باب رؤيا الليل

"مَنْ رَآني فَقَدْ رَأَى الحَقَّ". 2624 - عَنْ أَبي سَعيدٍ الخُدْريِّ سَمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنْ رَآنِي فَقَدْ رَأَى الحَقَّ؛ فَإنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَكَوَّنُني". 11 - باب رُؤْيَا اللَّيْلِ 835 - رَوَاهُ سَمُرَةُ. 12 - باب الرُّؤْيَا بِالنَّهَارِ 1393 - وَقالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سيرينَ: رُؤْيَا النَّهَارِ مِثْلُ رُؤْيَا اللَّيْلِ. (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم "برقم 1240/ ج 2"). 13 - باب رُؤْيَا النِّسَاءِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم العلاء المتقدم "ج1/ 23 - الجنائز/ 3 - باب"). 14 - باب "الحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ"، فَإذَا حَلَمَ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ وَلْيَستَعِذْ بالله عَزَّ وَجَلَّ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي قتادة الآتي "46 - باب"). 15 - باب اللَّبَنِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج1/ 3 - العلم/ 23 - باب").

_ 835 - يأتى موصولاً "48 - باب". 1393 - وصله علي بن أبي طالب القيرواني في "كتاب التعبير" له من طريق مسعدة بن اليسع عن عبد الله بن عون به.

16 - باب إذا جرى اللبن في أطرافه أو أظافيره

16 - باب إذَا جَرَى اللَّبَنُ في أطْرَافِهِ أوْ أَظَافِيرِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المشار إليه آنفاً). 17 - باب القَمِيصِ في المنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم برقم "ج 1/ 2 - الإيمان/ 14 - باب"). 18 - باب جَرِّ القَمِيصِ في المنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المشار إليه آنفاً). 19 - باب الخُضَرِ في المنَامِ وَالرَّوْضَةِ الخَضْراءِ (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن سلام المتقدم برقم 1620/ ج 2). 20 - باب كَشْفِ المرأَةِ في المنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة الآتي بعده). 21 - باب ثِيَابِ الحَرِيرِ في المنَامِ 2625 - عَنْ عَائِشَةَ قَالتْ: قالَ [لها 4/ 252] رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُرِيتُكِ قَبْلَ أنْ أَتَزَوَّجَكِ مَرَّتَيْن: رَأَيْتُ الملَكَ يَحْمِلُكِ في سَرقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، [فقال لي: هذه امرأتك 6/ 131]، فَقُلْتُ: لَهُ: اكْشِفْ، فَكَشَفَ [عن وجهِكِ الثوبَ] فإذا هِيَ أنْتِ، فَقْلتُ: إنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِندِ الله يُمْضِهِ، ثُمَّ أُرِيتُكِ يَحْمِلُكِ في سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ فَقْلْتُ: اكْشِفْ فَكَشَفَ فَإذَا هيَ أَنْتِ، فَقُلْتُ: إنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ الله يُمْضِهِ". 22 - باب المفَاتِيحِ في اليَدِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي في "96 - الاعتصام/ 1 - باب").

23 - باب التعليق بالعروة والحلقة

23 - باب التَّعْليقِ بالعُرْوَةِ وَالحَلْقَةِ (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن سلام المشار إليه آنفاً). 24 - باب عَمُودِ الفُسْطَاطِ تَحْتَ وِسَادَتِهِ (قلت: لم يذكر فيه حديثاً). 25 - باب الإِسْتَبْرقِ، وَدخولِ الجنَّةِ في المنامِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي "35 - باب"). 26 - باب القَيْدِ في الْمنَامِ 2626 - عن أبي هُريرَةَ قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا اقْتَربَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ تَكْذِبُ رُؤْيَا المؤْمِنِ، وَرُؤْيَا المؤمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعين جُزْءاً مِنَ النُّبُوَّةِ. وَمَا كَان مِنَ النُّبُوَّةِ فَإنَّهُ لا يَكْذِبُ". قالَ مُحَمَّدُ بن سيرين: وَأنَا أَقُولُ هَذِهِ (4). قالَ (5): وَكَانَ يُقالُ: "الرُّؤْيَا ثَلاَثٌ: حَدِيثُ النَّفْسِ، وَتَخْوِيفُ الشَّيْطَانِ، وَبُشْرَى مِنَ اللهِ، فَمْنَ رَأَى شَيئاً يَكْرَهُهُ فَلاَ يَقُصُّهُ عَلَى أحَدٍ، وَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ". قالَ: وَكَانَ يُكْرَهُ الغُلُّ في النَّوْمِ، وَكَانَ يُعْجِبُهُمْ القَيْدُ. وَيُقالُ: القيْدُ ثباتٌ في

_ (4) قلت: يشير إلى قوله: "وما كان من النبوة فإنه لا يكذب". (5) قائل (قال) هو ابن سيرين، وأبهم القائل في هذه الرواية، وهو أبو هريرة، وقد رفعه بعض الرواة ووقفه بعضهم، وقد أخرجه مسلم وغيره مرفوعاً.

27 - باب العين الجارية في المنام

الدِّينِ، وَأدْرَجَهُ بَعْضُهُمْ كُلَّهُ في الحَدِيثِ (6)، وَحَدِيثُ عَوْفٍ أَبْيَنُ (7). 836 - وَقالَ يُونُسُ: لَا أَحْسِبُهُ إلا عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في القَيْدِ. قالَ أَبُو عَبْدِ الله: لَا تكُونُ الأَغْلالُ إلا في الأَعْنَاقِ. 27 - باب العَيْنِ الجَارِيَةِ في المنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث أم العلاء المتقدم برقم " ج1/ 23 - الجنائز/ 3 - باب"). 28 - باب نَزْعِ المَاءِ مِنَ البئرِ حَتَّى يَرْوَى النَّاسُ 837 - رَوَاهُ أبُوَ هُريرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الآتي بعده). 29 - باب نَزْعِ الذَّنُوبِ (8) وَالذَّنُوبَيْنِ مِنَ البِئْرِ بِضَعْفٍ 2627 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "بَيْنَا أنَا نائِمٌ، رَأَيْتُنِي عَلَى قَليبٍ، وَعَلَيْهَا دَلْوٌ، فَنَزَعْتُ مِنْهَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أبي قُحافَةَ [لِيُريحَني]، فَنَزعَ مِنْهَا ذَنُوباً أو ذَنُوبَيْنِ، (وفي طريق: ذنوبين بدون شك)، وَفي نَزْعِهِ ضَعْفٌ، والله يَغْفِرُ لَهُ [ضعفه 4/ 193]، ثُمَّ

_ (6) يعني: جعله كلُّه مرفوعاً. (7) أي: حديث فصل المرفوع من الموقوف. ولا سيما تصريحه بقول ابن سيرين: "وأنا أقول هذه"، فإنه دال على الاختصاص، بخلاف ما قال فيه: (وكان يقال)، فإن فيها الاحتمال؛ بخلاف أول الحديث، فإنه صرح برفعه. راجع "الفتح" (ج 11/ 408 - 409). وعوف هو ابن أبي جميلة البصري، وهو راوي الحديث عن محمد بن سيرين. 836 - وصله البزار. 837 - وصله المصنف في الباب الذي بعده. (8) (الذَّنوب): بفتح الذال: الدلو الممتلئ.

30 - باب الاستراحة في المنام

اسْتَحَالتْ غَرْباً (9)، فَأَخَذَهَا عُمَرُ بْن الخَطَّابِ، فَلم أرَ عَبْقَرياً (10) مِنَ النَّاسِ يَنْزعُ نَزْعَ عُمَرَ بن الخَطَّابِ، حَتى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ (11)، (وفي طريق: فَلمْ يَزَلْ يَنْزِعُ حتَّى توَلَّى النَّاسُ وَالحَوْضُ يَتَفجَّرُ) ". 30 - باب الاستراحَةِ في المنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الذي قبله). 31 - باب القَصْرِ في المنَامِ 2628 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -[إذ 4/ 86] قالَ: "بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى فِى الْجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، قُلْتُ: لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا". قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ [وهو في المجلس 6/ 157] ثُمَّ قالَ: أَعَلَيْكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رسولَ اللهِ أَغَارُ؟ 32 - باب الوُضُوءِ في المنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة الذي قبله). 33 - باب الطَّوَافِ بالكَعْبَةِ في المنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1456/ ج 2).

_ (9) (غرباً): (الغرب) الدلو العظيمة المتخذة من جلود البقر. (10) (العبقري): هو الكامل الحاذق في عمله وقوله. (11) أي: رويت إبلهم حتى بركت وأقامت مكانها.

34 - باب إذا أعطى فضله غيره في النوم

34 - باب إذَا أعْطَى فَضْلَهُ غَيْرَهُ في النَّوْمِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "ج1/ 3 - العلم/ 23 - باب"). 35 - باب الأمْنِ وَذَهَابِ الرَّوْعِ في المنَامِ 2629 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: إنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَقُولُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا شَاءَ اللَّهُ، وَأَنَا غُلاَمٌ حَدِيثُ السِّنِّ، وَبَيْتِى الْمَسْجِدُ قَبْلَ أَنْ أَنْكِحَ، (وفي رواية عنه: أنه كان ينام وهو شاب أعزب لا أهلَ له في مسجد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 1/ 114)، فَقُلْتُ فِى نَفْسِى: لَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَرَأَيْتَ مِثْلَ مَا يَرَى هَؤُلاَءِ، (وفي طريق: فتمنَّيتُ أن أري رؤيا فأقصَّها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - 2/ 42)، فَلَمَّا اضْطَجَعْتُ لَيْلَةً قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِىَّ خَيْرًا فَأَرِنِى رُؤْيَا، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَنِى مَلَكَانِ (وفي روايةٍ: رأيت علي عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كأن بيدي قطعة إستبرقٍ (وفي أخري: سَرَقَةً من حرير 8/ 76)، فكأني لا أريد مكاناً من الجنة إلا طارت [بي] إليه، ورأيت كأنّ اثنين أتياني 2/ 50)، فِى يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْمَعَةٌ (12) مِنْ حَدِيدٍ، يُقْبِلاَ بِى إِلَى جَهَنَّمَ، وَأَنَا بَيْنَهُمَا أَدْعُو اللَّهَ: اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ جَهَنَّمَ، ثُمَّ أُرَانِى لَقِيَنِى مَلَكٌ فِى يَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ: [خلِّيا عنه]، لَنْ تُرَاعَ، نِعْمَ الرَّجُلُ أَنْتَ؛ لَوْ تُكْثِرُ الصَّلاَةَ [من الليل]، فَانْطَلَقُوا بِى حَتَّى وَقَفُوا عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا هِيَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ، لَهُ قُرُونٌ كَقَرْنِ الْبِئْرِ (13)، بَيْنَ كُلِّ قَرْنَيْنِ مَلَكٌ

_ (12) هي كالسوط من حديد رأسها معوج. (13) (قرون البئر): جوانبها التي تبنى من حجارة توضع عليها الخشبة التي تعلق فيها البكرة، والعادة لكل بئر قرنان. اهـ شرح.

36 - باب الأخذ على اليمين في النوم

بِيَدِهِ مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ، وَأَرَى فِيهَا رِجَالاً مُعَلَّقِينَ بِالسَّلاَسِلِ، رُءُوسُهُمْ أَسْفَلَهُمْ، عَرَفْتُ فِيهَا رِجَالاً مِنْ قُرَيْشٍ، [فجعلتُ أقول: أعوذ بالله من النار]، فَانْصَرَفُوا بِى عَنْ ذَاتِ الْيَمِينِ، فـ[ـلما أَصْبَحْتُ] قَصَصْتُهَا عَلَى حَفْصَةَ، فَقَصَّتْهَا حَفْصَةُ (وفي روايةٍ: فقصَّتْ حَفْصَةُ إحْدَى رُؤْياي) عَلَى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ عَبْدَ اللهِ رَجُلٌ صَالحٌ"، (وفي روايةٍ: "نِعْمَ الرجلُ عبدُ الله لو كان يصلي من الليل"، وكانوا لا يزالون يقصُّون على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الرؤيا أنها في الليلة السابعة، (وفي طريق: أن أناساً أُروا ليلة القدر في السبع الأواخر. وأن أناساً أُروها في 8/ 70) العشرِ الأواخرِ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أرى رؤياكُم قد تواطَتْ في العشرِ الأواخرِ. فَمَنْ كان مُتَحَرِّيها فَلْيَتَحَرَّها من العشر (وفي الأخرى: في السبع) الأواخر"). فَقالَ نَافعٌ: لَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاةَ، (وفي الطريق الأخرى: فكان [عَبدُ الله] بعدُ لا ينام من الليل إلا قليلاً). 36 - باب الأَخْذِ عَلَى اليَمينِ في النَّوْمِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر الذي قبله). 37 - باب القَدَحِ في النَّومِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم ج 1/ 3 - العلم/ 23 - باب").

38 - باب إذا طار الشيء فى المنام

38 - باب إِذَا طَارَ الشَّيْءُ فِى الْمَنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1821/ ج 3). 39 - باب إذَا رَأَى بَقَراً تُنْحَرُ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي موسى المتقدم برقم 1546/ ج 2). 40 - باب النَّفْخِ في الْمنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1821/ ج 3). 41 - باب إذا رَأَى أنهُ أخرَجَ الشَّيءَ مِنْ كُورَةٍ فَأَسْكَنَهُ مَوْضِعاً آخَرَ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر الآتي بعده). 42 - باب المرْأَةِ السَّوْدَاءِ 2630 - عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ في رُؤْيَا النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في المدِينَةِ: "رَأَيْتُ -[كأن] امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأسِ خَرَجَتْ مِنَ المدِينَةِ حَتَّى نَزَلَتْ بمهْيَعَةَ، فَتَأوَّلْتُهَا أنَّ وَبَاءَ المدينَةِ نُقِلَ إلى مَهْيَعَةَ. وَهْيَ الجُحْفَةُ". 43 - باب المرْأةِ الثَّائِرَةِ الرَّأْسِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر الذي قبله). 44 - باب إذَا هَزَّ سَيْفًا في المنَامِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي موسى المتقدم برقم 1546/ ج 2). 45 - باب مَنْ كَذَبَ في حُلُمِهِ

46 - باب إذا رأى ما يكره فلا يخبر بها، ولا يذكرها

2631 - عَنِ ابْن عَبَّاسٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلُمٍ لَمْ يَرَهُ؛ كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ، وَلَنْ يَفْعَلَ. وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ، صُبَّ فِى أُذُنِهِ الآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً؛ عُذِّبِ وَكُلِّفَ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ". 2632 - (وفي روايةٍ: عن ابن عباسٍ قوله 8/ 83). 1394 - عَنْ أبي هُريرَةَ قَوْلَهُ: مَنْ صَوَّرَ ... وَمَنْ تَحَلَّمَ ... وَمَنِ اسْتَمَعَ ... 2633 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مِنْ أفْرَى الفِرَى أنْ يُريَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ". 46 - باب إذَا رَأَى مَا يُكْرَهُ فَلا يُخْبِرْ بِهَا، وَلا يَذْكُرْهَا 2634 - عن أبي سَلَمَةَ قال: لَقَدْ كُنْتُ أرَى الرؤْيَا فَتُمْرِضُنِي (وفي طريق: أَثقَلَ عليَّ من الجبلِ 7/ 25)، حَتَّى سَمِعْتُ أبَا قَتَادَةَ يَقولُ: وَأنَا كُنْتُ لأَرَى الرؤْيَا تُمْرِضُني حَتّى سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "الرؤْيَا الحَسَنَةُ (وفي طريق: الصالحةُ 4/ 95) مِنَ الله، [والحُلُمُ (*) من الشيطان]، فَإذَا رَأى أَحَدُكُمْ مَا يُحبُّ فَلاَ يُحدِّثْ بِهِ إلا مَنْ يُحِبُّ، وَإذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ، (وفي الطريق الأخرى: حُلُماً يخافُهُ)؛ فَلْيَتَعَوَّذْ باللهِ مِنْ شَرِّهَا، وَمِنْ شَرِّ

_ 1394 - وصله الإسماعيلي، لكنه لم يذكر سوى قوله: "من تحلّم". ويشير المصنف بهذا التعليق وغيره إلى أن الرواة اختلفوا فيه على عكرمة، فمنهم من قال: عنه عن ابن عباس مرفوعاً، ومنهم من أوقفه عليه، ومنهم من قال عنه عن أبي هريرة موقوفاً، وذهب الحافظ إلى أن الحديث عند عكرمة عن ابن عباس وأبي هريرة معاً. (*) بضم وسكون اللام، وهو ما يراه في المنام من الشر، وما يحصل له من الفزع.

47 - باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب

الشَّيْطَانِ، وليَتْفُلْ ثَلاثاً، (وفي طريق: فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات) وَلا يُحَدِّثْ بِهَا أحَداً؛ فَإنّهَا لَنْ تُضرَّهُ، [وإن الشيطان لا يتزايا بي 7/ 72] ". 47 - باب مَنْ لَمْ يَرَ الرُؤْيَا لأوَّلِ عَابِرٍ إذا لَم يُصِبْ 2635 - عَنِ ابنَ عَبَّاس رضي الله عنهما؛ أَنَّ رَجُلاً أتَى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقالَ: إنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ في المنَامِ ظُلَّةً تَنْطِفُ (14) السَّمْنَ وَالعسَلَ، فَأرَى النَّاسَ يَتَكفَّفُونَ مِنها، فالمسْتَكثِرُ والمسْتَقِلُّ، وَإذَا سَبَبٌ وَاصِلٌ مِنَ الأرْضِ إلى السَّمَاءِ، فَأَرَاكَ أَخَذتَ بِهِ فَعَلَوْتَ، ثُمَّ أخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخرُ فَعلا بِهِ، ثُمَّ أخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَعَلا بِهِ، ثُمَّ أخَذَ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فانقطَعَ، ثُمَّ وُصِلَ، فَقالَ أبُو بَكْرٍ: يَا رسولَ الله! بِأَبي أنْتَ، وَالله لَتَدَعَنِّي فأعْبُرَهَا. فَقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اعبُرْ". قالَ: أمَّا الظُّلَّةُ فَالإسلامُ، وَأمَّا الذي يَنْطُفُ مِن العَسَلِ وَالسَّمْنِ فَالقُرآنُ؛ حَلاوتُهُ تَنْطُفُ، فالمسْتَكْثِرُ مِنَ القُرآنِ وَالمسْتَقِلُّ، وَأمَّا السَّبَبُ الوَاصِلُ مِنَ السَّمَاءِ إلى الأرْضِ فَالحَقُّ الذِي أنْتَ عَلَيْهِ تأخُذُ بِهِ فَيُعْلِيكَ الله، ثُمَّ يَأخُذُ بِهِ رَجُلٌ مِنْ بَعْدِكَ فَيَعْلُو بِهِ، ثُمَّ يأخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فَيعلُو بِهِ، ثُمَّ يأخُذُ بِهِ رَجُلٌ آخَرُ فينقَطعُ بِهِ، ثُمَّ يُوصَلُ لَهُ فَيعلُو بِهِ، فأخْبرْني يَا رسولَ الله! بأَبي أنْتَ أصَبْتُ أم أخْطأتُ؟ قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أصَبْتَ بَعْضًا، وَأخْطَأتَ بَعْضاً". قالَ: فَوَ اللهِ يَا رسولَ الله! لَتُحَدِّثَنِّي بالَّذِي أخْطَأْتُ. قالَ: "لا تُقْسِمْ".

_ (14) أي: تقطر.

48 - باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح

48 - باب تَعْبيرِ الرُّؤْيَا بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ 2636 - عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ رضي الله عنهُ قالَ: كَانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا يُكْثِرُ أنْ يَقولَ لأصْحَابِهِ (وفي روايةٍ: كان إذا صلى صلاةً أقبل علينا بوجهه، فقال 2/ 104): "هَلْ رأى أحَدٌ مِنْكُم [الليلة] مِنْ رُؤْيَا؟ "، قالَ: فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ الله أنْ يَقُصَّ، (وفي روايةٍ: فإن رأى أحد قَصَّها، فيقول ما شاء الله، فسألَنا يوماً، فقال: "هل رأى أحد منكم رؤيا؟ ". قلنا: لا)، وَإنَّهُ قالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: "إنَّهُ أتَاني اللَّيْلَةَ آتيانِ (وفي روايةٍ: قال: لكني رأيتُ الليلةَ رجُلَين أتَيَاني) وَإنَّهُما ابْتَعثاني، وإنَّهُمَا قَالا لي: انْطَلِقْ [فأخذا بَيدي]، وَإنَّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا [فأخرجاني إلى الأرض المقدسةِ]، وَإنَّا أتيْنَا عَلى رجلٍ مُضْطجِع، وَإذَا آخرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِ [فِهرٍ أو] صَخْرَةٍ، وَإذَا هُوَ يَهْوي بِالصَّخْرَةِ لِرَأسِهِ، فَيَثْلَغُ (15) (وفي روايةٍ: فَيَشْدَخُ به)، رأسَهُ، فَيَتَهَدْهَدُ (16) الحَجَرُ هَاهُنَا، فَيَتْبعُ الحَجَرَ، فَيَأخُذُهُ، فَلا يَرْجعُ إليْهِ حَتّى يَصِحَّ رَأسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيفعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ المرَّةَ الأُولى. قالَ: قُلْتُ لَهما: سُبْحَانَ الله! مَا هَذَانِ؟ قالَ: قالا لي: انْطلِقِ انْطَلِقْ. فانْطَلقْنَا، فَأتَينْا عَلى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفاهُ، وَإذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بـ[يده] كَلُّوبٌ

_ (15) قوله: (فيثلغ) أي: يشدخ، والشدخ: كسر الشيء الأجوف. (16) وقوله: (فيتهدهد) أي: فيتدحرج. اهـ. قسطلاني.

مِنْ حَدِيدٍ، وَإذَا هُوَ يَأتي أحَدَ شِقَّي وَجْهِهِ، فَيُشَرْشِرُ (17) شِدْقَهُ إلى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إلى قَفَاهُ. وَعَينَهُ إلى قَفَاهُ -قالَ: وَرُبَّمَا قالَ أبُو رَجَاءٍ: فَيَشُقُّ- قالَ: ثُمَّ يَتَحوَّلُ إلى الجَانِبِ الآخَرِ، فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغُ من ذلكَ الجانبِ حتى يصحَّ (وفي روايةٍ: يلتئم) ذَلِكَ الجَانِبُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيفعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ المرَّةَ الأولَى. قالَ: قُلْتُ: سبْحَان الله! مَا هَذَانِ؟ قالَ: قَالا لي: انْطَلِقِ، انْطَلِقْ. فَانطَلقنا، فَأتَيْنَا علَى [ثِقَبٍ] مِثْلِ التَّنُّورِ [أعلاه ضيِّقٌ، وأسفله واسعُ، يتوقَّدُ تحتَه ناراً]، قالَ: فَأحْسِبُ أنَّهُ كَانَ يَقولُ: فَإذَا فيه لَغَط وَأُصْوَاتُ، قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فيه، فَإذَا فيه رِجَال وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإذَا هُمْ يَأتِيهم لَهَبٌ مِنْ أسَفَلَ مِنْهم، [فإذَا اقْتَربَ ارتفعوا حتى كادَ أن يخرجوا، فإذا خمدَتْ رجعوا فيها]، فَإذا أتاهُم ذلِكَ اللَّهَبُ ضَوضَوْا (18). قالَ: قَلْتُ لَهُما: مَا هَؤلاءِ؟ قالَ: قالا لي: انْطلِق، انْطلِق. فَانْطَلَقْنا، فَأتَيْنَا علَىَ نَهَرٍ -حَسِبْتُ أنَّهَ كَان يَقولُ- أحمَرَ مِثْل الدَّمِ، وَإذَا في النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ وَإذَا علَى شَطِّ النَّهرِ رَجُلٌ [قائم]، قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثيرةً، وَإذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسبَحُ مَا يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأتي ذَلِكَ الذي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهِ الحجارَة، فَيفغَرُ لَهُ (19) فَاهُ، فَيُلْقِمُهُ حَجَراً، فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجعُ إليْهِ، كُلَّمَا رَجَعَ

_ (17) قوله: (فيشرشر شدقه) أي: يقطعه، و (الشدق) جانب الفم. اهـ عيني. (18) قوله: (ضوضوا) كذا بغير همز أي: صاحوا. (19) قوله: (فيفغر له فاه) أي: فيفتح له فمه.

إليْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ، فألْقمَهُ حَجَراً. قالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَانِ؟ قَال: قالا لي: انْطَلِق، انْطَلِقْ. فَانَطَلَقْنَا، فَأَتَينَا علَى رَجُلٍ كريهِ المَرْآةِ (20)، كَأكْرَهِ مَا أنْتَ رَاءٍ رَجُلاً مَرْآةً، وَإذَا عِنْدَهُ نَارٌ يحُشُّهَا (21) وَيَسْعى حَوْلَها. قَال: قُلْتُ لَهما: مَا هَذَا؟ قَالَ: قَالا لي: انْطَلِقِ، انطلقْ. فَانْطَلَقْنَا، فَأَتَيْنَا عَلى رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ (22) [خضراءَ فيها شجرةٌ] فيِها من كُلِّ نَوْرِ الرَّبيع، وَإذَا بَيْنَ ظَهْرَي الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَويلٌ، لا أكادُ أرَى رْأسَهُ طُولاً في السَّمَاءِ، وَإذَا حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أكثَرِ وِلدَانٍ رَأيْتُهُم قَطُّ. قالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَذَا؟ مَا هَؤُلاءِ؟ قَالَ: قالا لي: انْطَلِقِ، انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا، فَانْتَهَيْنَا إلى رَوْضَةٍ عَظيمَةٍ، لَمْ أرَ رَوْضَةً قَطُّ أعْظَمَ منْهَا، وَلا أحْسَنَ، [فيها رجالٌ شيوخٌ، وشبابٌ، ونساءٌ، وصبيانٌ]، قَالَ: قالا لي: ارْقَ (23) فيها. قالَ: فَارْتَقَيْنَا فِيهَا، فَانْتَهَيْنَا إلى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّة بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَأتَيْنَا بَابَ المدِينَةِ. فاسْتفْتَحْنَا، فَفُتِحَ لَنَا، فَدَخَلْنَاهَا (وفي روايةٍ: فأدخلاني داراً هي أحسنُ وأفضلُ، فيها شيوخٌ وشبابٌ)، فَتَلَقَّانَا فيها رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسنِ مَا أنْتَ رَاءٍ، وَشَطرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنتَ رَاءٍ، قَالَ: قالا لَهُم: اذْهَبُوا فَقَعُوا في ذَلِكَ النَّهَرِ، قَالَ:

_ (20) كريه المرآة: المنظر. (21) قوله: (يحشُّها) أي: يحركها. (22) قوله: (معتمة) أي: كثيرة النبات طويلته. اهـ. (23) قوله: (ارقَ)؛ في نسخة العيني: (ارقَه) بهاء السكت.

وَإذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْري كَأَنَّ مَاءَهُ المحضُ في البَياضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إليْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُم، فَصَارُوا في أَحْسَنِ صُورَةٍ. قَالَ: قالا لي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ، [فارفع رأسَكَ]، قَالَ: [فرفعت رأسي]، فَسَما بَصَرِي صُعُداً، فَإذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ البَيْضَاءِ، قَالَ: قَالا لي: هَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: بَارَكَ الله فيكُمَا، ذَرَاني فأَدْخُلَهُ، قَالا: أمَّا الآنَ فَلا، وَأنْتَ دَاخِلُهُ (وفي روايةٍ: قالا: إنه بقيَ لكَ عمرٌ لم تستَكْمِلْهُ، فلو استكملْتَ أتيتَ منزِلَكَ). قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: فَإنِّي قَدْ رَآَيتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَباً، فَمَا هَذَا الذي رَأَيْتُ؟ قَالَ: قَالا لي: أمَا إنَّا سَنُخْبِرُكَ: أمَّا الرَّجُلُ الأَوَّلُ الَّذي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثلَغُ (وفي الرواية الأخرى: يشدَخ) رَأسُهُ بالحجَرِ، فَإنَّهُ الرَّجُلُ يَأخُذُ القُرآنَ فَيَرْفُضُه (24)، وَيَنَامُ عَنِ الصَّلاةِ المكْتُوبَةِ. (وفي الرواية الأخرى: فرجلٌ علّمَه الله القرآنَ، فنامَ عنه بالليل، ولم يَعْملْ فيه بالنهارِ، يُفْعَلُ به إلى يومِ القيامةِ). وَأمَّا الرَّجُل الذي أتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إلى قَفاهُ، وَمَنْخِرُهُ إلى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إلى قَفَاهُ، فَإنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الكَذبَةَ [فتُحْمَلُ عنه حتى] تبْلُغَ الآفَاقَ، [فيُصْنَعُ به ما رأيت إلى يومِ القيامةِ].

_ (24) قوله: (فيرفضه) بكسر الفاء، وقيل بضمها أي: يتركه، ولما رفضَ أشرفَ الأشياء وهو القرآن؛ عوقب في أشرف أعضائه. اهـ عيني.

وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ في مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَاني. وَأمَّا الرَّجُلُ الَّذي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَح في النَّهَرِ، وَيُلقَمُ الحَجَرَ، فَإنَّهُ آكِلُ الرِّبَا. وَأَمَّا الرَّجلُ الكَريهُ المَرآةِ، الَّذي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا، وَيَسْعَى حَوْلَهَا، فَإنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ. وَأَمَّا الرَّجُلُ الطويلُ الَّذي في الرَّوْضَةِ، فَإنَّهُ إبْرَاهِيمُ - صلى الله عليه وسلم -. وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذينَ حَوْلَهُ، فَكُلُّ مَوْلُودٍ مَاتَ عَلى الفِطْرَةِ". قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ المسْلِمينَ: يَا رَسُولَ الله! وَأَوْلادُ المشْركينَ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وَأوْلاَدُ المُشْرِكينَ". "وَأمَّا القَوْمُ الَّذينَ كَانوا شَطْرٌ مِنْهُم حَسَناً، وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحاً، فَإنَّهُم قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئاً؛ تَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُمْ. [والدارُ الأولى التي دخلت؛ دارُ عامةِ المؤمنين، وأما هذه الدارُ فدارُ الشهداءِ، وأنا جبريلُ. وهذا ميكائيلُ] ".

92 - كتاب الفتن

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 92 - كتاب الفتن 1 - باب مَا جَاءَ في قَوْلِ الله تَعالَى: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)، وَمَا كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُحَذِّرُ مِنَ الفِتَنِ 2637 - عن عَبْدِ الله (بنِ مسعودٍ) قال: قَال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوضِ، [و 7/ 206] لَيُرْفَعَنَّ إليَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حتَّى إذَا أَهْويتُ لأُنَاوِلَهُمُ اخْتُلِجُوا دُوني، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ! أَصْحَابِي! فَيَقُولُ: [إنك] لا تَدْري مَا أحْدَثُوا بَعْدَكَ". 2 - باب قَوْل النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "سَتَروْنَ بَعْدي أمُوراً تُنْكِرُونَهَا" 838 - وَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ زيدٍ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلى الحوْضِ". 2638 - عن ابْن عَبَّاسٍ رَضي الله عَنْهُمَا عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ رَأَى مِنْ أَميرِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ؛ فَإنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجمَاعَةَ شبْراً فَمَاتَ؛ إلا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً".

_ 838 - هو طرف حديث مضى موصولاً في (ج 3/ برقم 1806).

3 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء"

2639 - عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أبي أُمَيَّةَ قَالَ: دخَلْنَا عَلى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَهْوَ مَريضٌ، فَقُلْنَا: أَصْلَحَكَ اللهُ، حَدِّثْ بِحَدِيثٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: دَعَانَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْنَا، فَقَالَ فِيما أخَذَ عَلَيْنَا أنْ بَايَعَنَا: عَلى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ في مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأنْ لا نُنَارِع الأمْرَ أَهْلَهُ، إلا أنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً (1)، عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرهَانٌ [وأن نقومَ أو نقولَ بالحقِّ حيثما كنا، لا نخافُ في اللهِ لومةَ لائمٍ 8/ 122]. 3 - باب 839 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "هلاكُ أُمَّتي عَلَى يَدَيْ أُغَيْلِمَةٍ سُفَهَاءَ" 2640 - عن عَمْرِو بنِ يحيى بنِ سَعيدِ بْنِ عمْرِو بنِ سَعيدٍ قَالَ: أَخْبَرَني جَدّي قَالَ: كُنْتُ جَالِساً مَعَ أَبي هُرَيْرَةَ في مَسْجدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالمَدِينَةِ، وَمَعَنَا مَرْوَانُ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ المصْدُوقَ يَقُولُ: "هَلَكَةُ أُمَّتي عَلىَ يَدَي غِلْمَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ". فَقَالَ مَرْوَانُ: لَعْنَةُ الله عَلَيْهِمْ غِلْمَةً، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَوْ شِئْتُ أنْ أَقُولَ: بَني فُلانٍ وَبني فُلانٍ، لَفَعَلْتُ. فَكُنْتُ أَخْرُجُ مَعَ جَدّي إلى بَني مَرْوَانَ حِينَ مَلَكُوا بِالشَّأْمِ، فَإذَا رَآهُمْ غِلْمَاناً أحْدَاثاً قَالَ: لَنَا: عَسَى هَؤُلاءِ أَنْ يَكُونُوا مِنْهُمْ، قُلْنَا: أَنْتَ أَعْلَمُ.

_ (1) قوله: (بواحاً) أي: ظاهراً بادياً. 839 - وصله المصنف في الباب من حديث أبي هريرة دون قوله: "سفهاء"، وقد ثبت عند أحمد (2/ 288 و 299 و 328 و 485) من طريق أخرى عنه.

4 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ويل للعرب من شر قد اقترب"

4 - باب 840 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ" 5 - باب ظُهُورِ الفِتَنِ 2641 و 2642 - عن شَقِيقٍ قَالَ: جَلَسَ عَبْدُ الله وَأَبُو مُوسَى فَتَحَدَّثَا، فَقَالَ أَبُو مُوسَى [الأشعري] [841 - لِعَبْدِ اللهِ: تَعْلَمُ الأَيَّامَ الَّتي ذَكَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أيَّامَ الهَرْجِ]، (وفي روايةٍ: فقالا:) قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ أَيَّامًا يُرْفَعُ فِيهَا الْعِلْمُ، وَيَنْزِلُ فِيهَا الجَهْلُ، وَيَكْثُرُ فِيهَا الهَرْجُ، وَالهَرْجُ [بِلِسَانِ الحَبَشَةِ]: القَتْلُ". (وفي روايةٍ: عَنْ أَبي وائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ -وَأَحْسِبُهُ رَفَعَهُ- قَالَ: "بَيْنَ يَدَيِ السَّاعةِ أيَّامُ الهَرْجِ، يَزُولُ العِلْمُ، وَيَظْهَرُ فِيهَا الجَهْلُ"). قَالَ أبُوَ مُوسَى: وَالهَرْجُ: القَتْلُ بِلِسَانِ الحبَشَةِ (3). 842 - قالَ ابْنُ مسعُود: سِمعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أحْيَاءٌ".

_ 840 - وصله المصنف في الباب، وقد مضى (ج 2/ برقم 1534). 841 - وصله الطبراني. (3) قوله: (والهرج بلسان الحبشة: القتل). قال القاضي عياض: هذا وهم من بعض الرواة؛ فإنها عربية صحيحة. 842 - وصله ابن خزيمة في "صحيحه" (788)، وأحمد وغيرهما بسند حسن عنه. وهو مخرج في "تحذير الساجد" (ص 25 - 26 - الطبعة الثانية).

6 - باب لا يأتي زمان إلا الذي بعدة شر منه

6 - باب لا يَأْتِي زَمَانٌ إلا الذي بَعْدَة شَرٌّ مِنْهُ 2643 - عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيّ قالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَشَكَوْنَا إليْهِ مَا نَلْقَى مِنَ الحَجَّاجِ، فَقَالَ: اصْبِرُوا: "فَإنَّهُ لَا يَأتِي عَلَيْكمْ زَمَانٌ إلا الَّذي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ، حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكمْ". سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُم - صلى الله عليه وسلم -. 7 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا" 2644 - عَنْ أَبي مُوسَى عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا". 2645 - عَن أبي هُريرةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يُشيرُ أَحدُكُمْ عَلَى أَخيهِ بِالسِّلاحِ، فَإنَّهُ لا يَدْرِي لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ في يَدِهِ، فَيَقَعُ في حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ". 8 - باب 843 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّاراً؛ يَضْرِبُ بَعْضُكُم رِقَابَ بَعْضٍ" 9 - باب تَكُون فِتْنَةٌ القَاعِدُ فيِهَا خَيْرٌ مِنَ القَائِمِ

_ 843 - هذا حديث متواتر عندي؛ فقد وصله المصنف من حديث عبد الله بن عمر وأبي بكرة، وقد مضيا في "المغازي" (ج 3/ برقم 1830 و 1831)، ومن حديث ابن عباس، وقد مضى في (ج 1/ 25 - الحج/ 132 - باب"، وجرير، وقد مضى في "العلم/ 44 - باب".

10 - باب "إذا التقى المسلمان بسيفيهما"

(قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1536/ ج 2). 10 - باب "إذَا الْتَقَى المُسْلِمانِ بِسَيْفَيْهِمَا" (قلتُ: أسند فيه حديث أبي بكرة المتقدم "ج 1/ 2 - الإيمان/ 22 - باب"). 11 - باب كَيْفَ الأمْرُ إذَا لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ؟ 2646 - عن حُذَيفَةَ بْنِ اليمَانِ قالَ: كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الخيْرِ؟ وَكُنْتُ أسْأَلُهُ عَنِ (وفي طريق: تعلَّمَ أصحابي الخير، وتعلَّمتُ 4/ 178) الشَّرّ؛ مَخَافةَ أنْ يُدْرِكَني، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّة وَشَرٍّ، فَجاءَنَا اللهُ بِهَذَا الخيْرِ، فَهلْ بَعْدَ هَذَا الخيرِ مِنْ شَرّ؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَفيِهِ دَخَنٌ (4) "، قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: "قَوْمٌ يَهْدُونَ بَغَيْر هَدْيٍ، تَعْرِفُ مِنْهُم وَتُنْكِرُ (5) ". قُلْتُ: فَهلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرّ؟ قَالَ: "نَعَمْ، دُعاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا". قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله! صِفهُمْ لَنَا، قَالَ:

_ (4) أي: ليس خيراً خالصاً، بل فيه كدورة؛ بمنزلة الدخان من النار. (5) قوله: (تعرف منهم وتنكر) أي: الخير والشر. اهـ.

12 - باب من كره أن يكثر سواد الفتن والظلم

"هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا (6)، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسنتِنَا". قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إنْ أَدْرَكَني ذَلِكَ؟ قَالَ: "تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإمَامَهُمْ". قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إمَامٌ؟ قَالَ: "فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ (7) بِأصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوتُ وَأَنْتَ عَلى ذَلِكَ". 12 - باب مَنْ كَرِهَ أنْ يُكَثِّرَ سَوَادَ الفِتَنِ وَالظُّلْمِ (قلت: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1889/ ج 3). 13 - باب إذَا بَقِيَ في حُثَالَةٍ مِنَ النَّاسِ (قلت: أسند فيه حديث حذيفة المتقدم "81 - الرقاق/ 35 - باب"). 14 - باب التَّعَرُّبِ في الفِتْنَةِ 2647 - عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ؛ أنَّهُ دَخَلَ عَلَى الحَجَّاجِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ الأَكْوَعِ! ارْتَدَدْتَ عَلىَ عَقِبَيْكَ؛ تَعَرَّبْتَ؟ (8) قَالَ: لا، وَلَكنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَذِنَ لي في البَدْوِ.

_ (6) قوله: (من جلدتنا) أي: من قومنا، ومن أهل لساننا وملتنا. (7) قوله: (ولو أن تعض ...) الخ، أي: ولو كان الاعتزال من تلك الفرق بالعض فلا تعدل عنه، وهو كناية عن مكابدة المشقة. (8) (التعرب): الإقامة في البادية والسكنى مع الأعراب.

15 - باب التعوذ من الفتن

2648 - وَعَنْ يَزِيد بْن أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمانُ بْنُ عَفَّانَ خَرَجَ سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ إلى الرَّبَذَةِ، وَتَزَوَّجَ هُناكَ امْرَأَةً، وَولَدَتْ لَهُ أوْلاداً، فَلمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى أَقْبَلَ قبلَ أنْ يَمُوتَ بِلَيَالٍ، فَنَزَلَ المَدِينَةَ. 15 - باب التَّعَوُّذِ مِنَ الفِتَنِ (قلتُ: أسند فيه حديث أنس الآتي في "96 - الاعتصام/ 3 - باب"). 16 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الفِتْنَةُ مِنْ قِبَلِ المَشْرِقِ" 2649 - عَنْ سَعيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ، فَرَجَوْنَا أنْ يُحَدِّثَنَا حَديثاً حَسَناً، قَالَ: فَبَادَرَنَا إليْهِ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أبَا عَبْدِ الرَّحمَنِ! حَدِّثْنَا عَنِ القِتَالِ في الفِتْنَةِ؛ وَالله يَقُولُ: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ)، فَقَالَ: هَل تَدْري مَا الفِتْنَةُ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ؟ إنَّمَا كان مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - يُقاتِلُ المشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ في دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتالِكُمْ عَلَى المُلْكِ. 17 - باب الفِتْنَةِ التَي تَمُوجُ كَمَوْج البَحْرِ 1395 - وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ: كانُوا يَسْتَحِبُّونَ أنْ يَتَمَثَّلُوا بِهَذِهِ الأبْيَاتِ عنْدَ الفِتَنِ؛ قَالَ: امْرُؤُ القَيْسِ:

_ 1395 - وصله المصنف في "التاريخ الصغير" بسند صحيح عنه.

18 - باب

الحرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً ... تَسْعَى بِزينَتِها لِكُلِّ جَهُولِ حَتَّى إذَا اشْتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا ... وَلَّتْ عَجُوزاً غَيْرَ ذَاتِ حَليلِ شَمطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنُهَا وَتَغَيَّرَتْ ... مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبيلِ 18 - باب 2650 - عن أبي مَرْيَمَ عَبْدِ الله بنِ زِيَادٍ الأَسَدِيِّ قَالَ: لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إلى البَصْرَةِ، بَعَثَ عَليٌّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، وَحَسَنَ ابْنَ عليّ [إلى الكوفة ليستنفرهم 4/ 220]، فَقَدِمَا عَلَيْنَا الكُوفَةَ، فَصَعِدَا المنْبَرَ، فَكَانَ الحَسَنُ بْنُ عَليٍّ فَوْقَ المِنبَرِ؛ في أعْلاهُ، وَقَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنَ الحَسَنِ، فَاجْتَمَعْنَا إلَيْهِ، فَسَمِعْتُ عَمَّاراً يَقُولُ: إنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إلى البَصْرَة، وَوَاللهِ إنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ الله تَبَارَكَ وَتعَالَى ابْتَلاَكُمْ لِيَعْلَمَ إيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ؟ 19 - باب 2651 - عن أبي وَائِلٍ قال: دَخَلَ أبُو مُوسَى وَأَبُو مَسْعُودٍ عَلى عَمَّارٍ حَيْثُ بَعَثَهُ عَليٌّ إلى أهْلِ الكُوفَةِ يَسْتنفِرهُمْ، فَقَالا: مَا رَأَيْنَاكَ أَتَيْتَ أمْراً أَكْرَهَ عِنْدَنَا (وفي روايةٍ: فَقَالَ أَبُو مَسْعُود: مَا مِن أَصْحَابِكَ أحَدٌ إلا لَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ فِيهِ غَيْرَكَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْكَ شَيْئاً مُنْذُ صَحِبْتَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْيَبَ عِنْدي) من إسراعك (وفي روايةٍ: اسْتِسْراعِكَ) في هَذَا الأَمرِ مُنْذُ أَسْلَمْتَ. فَقَالَ عَمَّارٌ: مَا رَأَيْتُ مِنْكُمَا مُنْذُ أَسْلَمْتُمَا أَمْراً أَكْرَهَ عِنْدي مِنْ

20 - باب إذا أنزل الله بقوم عذابا

إِبْطَائِكُمَا عَنْ هَذَا الأَمْرِ، وَكَسَاهُما (10) حُلَّةً حُلَّةً، ثُمَّ رَاحُوا إلى المسْجِدِ. (وفي روايةٍ: فَقالَ أَبُو مَسْعُود -وَكَانَ مُوسِراً-: يَا غُلامُ! هَاتِ حُلَّتَيْنِ، فَأَعْطَى إحْدَاهُمَا أَبَا مُوسَى، وَالأُخْرَى عَمَّاراً، وَقالَ: رُوحَا فيهِ إلى الجُمُعَةِ). 20 - باب إذَا أَنْزَلَ اللهُ بِقَوْمٍ عَذَاباً 2652 - عن ابْنِ عُمَرَ رَضي الله عَنْهُما قال: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا أنْزَلَ الله بِقَوْمٍ عَذَاباً أَصَابَ العَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهمْ، ثُمَّ بُعِثُوا عَلى أَعْمَالِهِم". 21 - باب 844 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلىٍّ: "إنَّ ابْني هَذَا لَسَيِّدٌ، وَلَعَلَّ الله أنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ المسْلِمِينَ" 2653 - عن حَرْمَلَة مَوْلى أُسَامَةَ قَالَ: أَرْسَلَني أُسَامَةُ إلى عَلِيٍّ، وَقَالَ: إنَّهُ سَيَسْألُكَ الآنَ فَيَقُولُ: مَا خَلَّفَ صَاحِبَكَ (11)؟ فَقُلْ لَهُ: يَقُولُ لَكَ: لَوْ كُنْتَ في شِدْقِ الأَسَدِ لأَحْبَبْتُ أنْ أكُونَ مَعَكَ فيهِ، وَلَكِنْ هَذَا أمْرٌ لَمْ أرَهُ، فَلَمْ يُعْطِنِي شَيْئاً، فَذَهَبْتُ إلى حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَابْنِ جَعْفَرٍ، فَأوْقَرُوا لي رَاحِلَتي.

_ (10) قوله: (وكساهما) أي: أبو مسعود كما صرّح به في الرواية اللاحقة: اهـ (شارح). 844 - وصله المصنف فيما مضى (ج 2/ 1214). (11) أي: ما السبب في تخلفه عن مساعدتي، وقد كان أسامة تخلّف عن عليّ رضي الله عنهما في وقعة الجمل وصفين.

22 - باب إذا قال عند قوم شيئا ثم خرج فقال بخلافه

22 - باب إذَا قَالَ عَنْدَ قَوْمٍ شَيْئاً ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ بِخِلافِهِ 2654 - عَنْ نَافِع قَالَ: لَمَّا خَلَعَ أهْلُ المدينَةِ يزيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَمَعَ ابْنُ عُمَرَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقُولُ: "يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ القيَامَةِ [لِغَدْرَتهِ 4/ 72] [يُعرَفُ به 8/ 62] " (*)، وَإنَّا قَدْ بَايَعْنَا هَذَا الرَّجُلَ عَلى بَيْعِ الله وَرَسُولِهِ، وَإنِّي لا أَعْلَمُ غَدْراً أَعْظَمَ مِنْ أنْ يُبَايَعَ رَجُلٌ عَلَى بَيْع اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُنْصَبَ لَهُ القِتَالُ، وَإنِّي لا أَعْلَمُ أحَداً مِنْكُم خَلَعَهُ وَلا بَايَعَ في هَذَا الأَمْرِ إلا كَانَتِ الفَيْصَلَ بَيْني وَبَيْنَهُ. 2655 - عَنْ أَبي المِنْهَالِ قَالَ: لَمَّا كَانَ ابْنُ زِيَادٍ وَمَرْوَانُ بالشَّأْمِ، وَوَثَبَ ابْنُ الزُّبيرِ بِمَكَّةَ، وَوَثَبَ القُرَّاءُ بِالبَصْرَةِ (12)، فَانْطَلَقْتُ مَعَ أَبي إلى أَبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ في دَارِهِ، وَهْوَ جَالِسٌ في ظِلِّ عُلِّيَّةٍ لَهُ مِنْ قَصَبٍ، فَجَلَسْنَا إلَيْهِ، فَأَنْشَأَ أَبي يَسْتَطْعِمُهُ الحدِيثَ (13)، فَقَالَ: يَا أبَا بَرْزَةَ! ألا تَرَى مَا وَقَع فِيهِ النَّاسُ؟ فَأوَّلُ شَيء سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ: إنِّي احْتَسَبْتُ عِنْدَ الله أنِّي أَصْبَحْتُ سَاخِطاً عَلى أحْيَاءِ قُرَيْشٍ، إنَّكُم يَا مَعْشَرَ العَرَبِ كُنْتُمْ عَلى الحالِ الذي عَلِمْتُمْ مِنَ الذِّلَّةِ، وَالقِلَّةِ، وَالضَّلالَةِ، وإنَّ اللهَ أَنقَذَكُمْ بالإسْلامِ، وَبمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَلَغَ بِكُمْ مَا تَرَوْنَ، وَهَذهِ الدُّنْيَا التي أَفْسَدَتْ

_ (*) تقدمت هذه الفقرة من الحديث (ج2/ 1381 و 1382) من حديث عبد الله، وهو ابن عمر مقروناً مع أنس. (12) يريد الخوارج، وكانوا قد ثاروا بالبصرة بعد خروج ابن زياد، ورئيسهم نافع بن الأزرق، ثم خرجوا إلى الأهواز. "فتح". (13) أي: يطلبه منه. اهـ.

23 - باب لا تقوم الساعة حتى يغبط أهل القبور

بَيْنَكُمْ، إنَّ ذَاكَ الَّذي بالشّأْمِ (14)؛ وَالله إنْ يُقاتِلُ إلا عَلى الدُّنْيَا، وإنَّ هؤلاءِ الَّذين بَيْنَ أظْهُرِكُمْ؛ وَاللهِ إنْ يُقَاتِلُونَ إلا عَلىَ الدُّنْيَا، وَإنَّ ذَاكَ الَّذي بِمَكَّةَ؛ وَاللهِ إنْ يُقَاتِلُ إلا عَلى الدُّنْيَا. 2656 - عَنْ حُذَيفَةَ بْنِ اليَمَان قَالَ: إنَّ المُنَافِقينَ اليَوْمَ شَرٌّ مِنْهُمْ عَلى عَهْدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ كانُوا يَوْمَئِذٍ يُسِرُّونَ، وَاليَوْمَ يَجْهَرُونَ. 2657 - وعنه قالَ: إنَّمَا كَانَ النِّفَاقُ عَلىَ عَهْدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأمَّا اليَوْمَ فَإنَّمَا هُوَ الكُفْرُ بَعْدَ الإِيمَانِ. 23 - باب لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُغْبَطَ أهْلُ القُبُورِ 2658 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ: يَا لَيْتَني مَكانَهُ". 24 - باب تَغَيُّرِ الزَّمَانِ حَتَّى يَعْبُدُوا الأوْثَانَ 2659 - عن أبي هُرَيْرَةَ رَضي الله عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ ألْيَاتُ نِسَاءِ دَوْس عَلى ذِي الخَلَصَةِ".

_ (14) أراد بالذي بالشأم مروان بن الحكم، وأراد بالذين بين أظهركم القراء، وأراد بالذي بمكة ابن الزبير. كما في الشرح.

25 - باب خروج النار

وَذُو الخَلَصَةِ طَاغِيةُ دَوْسٍ الَّتي كَانُوا يَعْبُدُونَ في الجَاهِلِيَّةِ. 25 - باب خُرُوجِ النَّارِ 845 - وَقَالَ أنَسٌ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إلى المغْرِبِ" 2660 - عن أبي هُريرَةَ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتى تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ أرْضِ الحِجازِ تُضِيءُ أَعْنَاقَ الإبِلِ بِبُصْرَى". 2661 - عَن أَبي هُريرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُوشِكُ الفُرَاتُ أنْ يَحْسِرَ عَنْ كَنْزٍ (وفي طريق: جبلٍ) مِنْ ذَهَبٍ، فَمَنْ حَضَرَهُ، فَلاَ يَأخُذْ مِنْهُ شَيْئاً". 26 - باب 2662 - عَنْ أَبي هُريرَةَ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ (15)، تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظيمَةٌ، دَعْوَتُهُمَا (وفي رواية: دعواهما 8/ 53) وَاحِدَةٌ (16).

_ 845 - مضى موصولاً في حديثه الطويل (ج 2/ برقم 1662). (15) مضى هذا الحديث دون هذه اللفظة في (ج 2/ برقم 1541)، وقد رأينا الإبقاء عليه هنا لهذه الفائدة. (16) قال الحافظ: (12/ 303): "زاد الطبري: عن أبي سعيد: فبينما هم كذلك إذ مرقت مارقة يقتلها أولى الطائفتين بالحق". قلت: وهو في مسلم (3/ 113)، وأبي داود (2667)، وأحمد (3/ 32، 48) نحوه.

27 - باب ذكر الدجال

2663 - وَحَتَّى يُقْبَضَ العِلْمُ، [ويظهر الجهل 1/ 29]، [وينقص العمل، ويلقى الشح 8/ 89]، وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَتَظْهَرَ الفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الهَرْجُ، وَهْوَ القَتْلُ. (وفي طريق: قيل: يا رسول الله! وما الهَرْجُ؟ فقال هكذا بيدِهِ فَحَرَّفَها، كأنه يريدُ القتل) (17). 2664 - وَحَتَّى يَكْثُرَ فيكُمُ المَالُ، فَيَفيضَ، حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ المالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ، وَحَتَّى يَعْرِضَهُ فَيَقُولَ الَّذي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ: لا أَرَبَ لي بِهِ. 2665 - ولتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلاَنِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا، فَلا يَتبَايَعَانِهِ وَلا يَطوِيَانِهِ. 2666 - وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ (18) فَلا يَطْعَمُهُ. 2667 - وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهْوَ يُليطُ (19) حَوْضَهُ فَلا يَسْقي فيهِ. 2668 - وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إلى فيهِ فَلا يَطْعَمُهَا". 27 - باب ذِكْرِ الدَّجَّالِ 2669 - عن المغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: مَا سَأَلَ أحَدٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عنِ الدَّجَّالِ مَا سَأَلْتُهُ، وَإنَّهُ قَالَ: لي: "مَا يَضُرُكَ منْهُ؟ ".

_ (17) مضى هذا الحديث (ج1 / برقم 62)، وقد رأينا إثباته هنا لزيادات أخرى لم تكن موجودة ثمة. (18) هي الناقة القريبة العهد بالنتاج. (19) أي: يصلح حوضه بالطين والمدر.

28 - باب لا يدخل الدجال المدينة

قُلْتُ: لأنَّهُمْ يَقُولُونَ إنَّ مَعَهُ جَبَلَ خُبْزٍ وَنَهَرَ مَاءٍ، قالَ: "هُوَ أهْوَنُ عَلى الله مِنْ ذَلِكَ". 2670 - عَنْ أَنَسٍ رَضيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا بَعَثَ [اللهُ من 8/ 172] نبيٍّ إلا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأعْوَرَ الكَذَّابَ، ألا إنَّهُ أعْوَرُ، وَإنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بأَعْوَرَ، وَإنَّ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ: كَافِرٌ". 846 و 847 - فيه أَبُو هُرَيرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. 28 - باب لا يَدْخُلُ الدَّجَّالُ المدينَةَ 29 - باب يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ * * *

_ 846 و 847 - أما حديث أبي هريرة؛ فوصله فيما تقدم من "أحاديث الأنبياء/ ج 2/ برقم 1424"، وأما حديث ابن عباس؛ فوصله في "بدء الخلق/ ج 2/ برقم 1395".

93 - كتاب الأحكام

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 93 - كتاب الأحْكَامِ 1 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} 2 - باب الأُمَراءُ مِنْ قُرَيْشٍ 2671 - عن ابْنِ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَزَالُ هَذَا الأَمْرُ في قُرَيْشٍ، مَا بَقيَ مِنْهُمُ اثْنَانِ". 3 - باب أَجْرِ مَنْ قَضَى بالحِكْمَةِ لِقَولِهِ تَعَالَى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم "ج1/ 3 - العلم/ 16 - باب"). 4 - باب السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ للإمَامِ مَا لَم تَكُنْ مَعْصِيَةً 5 - باب مَنْ لَمْ يَسْألِ الإمَارَةَ أعانَهُ اللهُ (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الرحمن بن سمرة المتقدم "83 - الأيمان والنذور/ 1 - باب"). 6 - باب مَنْ سَأَلَ الإمَارَةَ وُكِلَ إِلَيْهَا (قلتُ: أسند فيه الحديث المشار إليه آنفاً).

7 - باب ما يكره من الحرص على الإمارة

7 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الحِرْصِ عَلَى الإمَارَةِ 2672 - عَنْ أَبي هُريرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الإمَارَةِ، وَسَتَكونُ نَدَامَةً يَوْمَ القِيَامَةِ، فَنِعْمَ (1) المرْضِعَةُ، وَبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ (2) ". 848 - ومن طريق أخرى عَنْ أَبي هُريرَةَ قَولَهُ. 8 - باب مَنْ اسْتُرْعِيَ (3) رَعِيَّةً فَلمْ يَنْصَحْ 2673 - عَنِ الحَسَنِ: أنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ زِيَادٍ عَادَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ في مَرَضِهِ الَّذي مَاتَ فِيهِ، (وفي رواية عنه؛ قال: أتينا معقل بن يسار نعوده، فدخل عبيد الله)، فَقَالَ لَهُ مَعْقِلٌ: إنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثاً سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللهُ رَعيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا (4) بِنَصيحَةٍ، [فيموت وهو غاشٌّ لهم]، إلا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ".

_ (1) كذا في رواية المصنف، وفي رواية النسائي وأحمد: "فنعمت"، وعليها أكثر الطرق. انظر "الصحيحة" (2530). (2) المخصوصان محذوفان، أي: هي، يعني أن الإمارة نِعْمَ أوّلُها وبئسَ آخرُها. 848 - صورته صورة المعلق، ولم يوصله الحافظ، ولكنه قال: إن الرواية التي قبلها هي المعتمدة، لأن راويها أتقن، وقد زاد الرفعَ، ورواية الوقف هذه المعلقة لا تعارضها، لأن الراوي قد ينشط فيسند، وقد لا ينشط فيوقف. (3) قوله: (من استُرعي) أي: من استرعاه الله واستحفظه. اهـ. (4) أي: فلم يحفظها، ولم يتعهد أمرها. اهـ (شارح).

9 - باب من شاق شق الله عليه

9 - باب مَنْ شَاقَّ شَقَّ الله عَلَيْهِ 2674 - عَنْ طَريفٍ أَبي تَميمَةَ قَالَ: شَهِدْتُ صَفْوَانَ وَجُنْدُباً وَأَصْحَابَهُ وَهْوَ يُوصيهِمْ، فَقَالُوا: هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - شَيْئاً؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ الله بِهِ، [ومن يرائي يرائي الله به 7/ 189] يَوْمَ القِيَامَةِ، قَالَ: وَمَنْ يُشَاقِقْ يَشْقُقِ الله عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ". فَقَالُوا: أَوْصِنَا، فَقَالَ: "إن أوَّلَ مَا يُنْتِنُ مِنَ الإنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أنْ لَا يَأْكُل إلا طَيِّباً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنِ اسْتَطَاعَ أنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اْلجَنَّةِ مِلءُ (5) كَفِّهِ مِنْ دَمٍ أهْرَاقَهُ فَلْيَفْعَلْ" (6). قُلْتُ لأَبي عَبْدِ الله (7): مَنْ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ جُنْدُبٌ؟ قَالَ: نعَمْ، جُنْدُبٌ. 10 - باب القَضَاءِ وَالفُتْيا في الطَّرِيقِ 1396 - وَقَضَى يَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ في الطَّريق. 1397 - وَقَضَى الشَّعْبِىُّ عَلَى بَابِ دَارِهِ. (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 1569/ ج 2).

_ (5) قوله: (ملء) بغير حرف الجر، ورفع ملء على أنه فاعل بفعل محذوف دل عليه المتقدم، أي: يحول بينه وبين الجنة ملء كفّ، ولأبي ذرٍّ عن الحموي والمستملي: بملء كفه. (شارح). (6) ظاهره الوقف، وقد روي بسياق آخر يحتمل الرفع عند الطبراني. راجع "الفتح". (7) القائل: "قلت" هو الفربري الراوي لهذا "الصحيح" عن البخاري. وأبو عبد الله هو المصنف نفسه. 1396 - وصله ابن سعد في "الطبقات"، والمصنف في "التاريخ". 1397 - وصله ابن سعد أيضاً.

11 - باب ما ذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له بواب

11 - باب مَا ذُكِرَ أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَّابٌ 2675 - عَنْ أَنسِ بنِ مَالِك يَقُولُ لامْرأةٍ مِنْ أهْلِهِ: تَعْرفين فُلاَنَةَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: فَإنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِها وَهْيَ تَبْكي عِنْدَ قبْرٍ، فَقَالَ: "اتَّقي الله وَاصْبرِي! "، فَقَالَتْ: إليْكَ عَنِّي فَإنَّكَ خِلوٌ مِنْ (وفي روايةٍ: لم تُصَبْ بـ 2/ 79) مُصيبَتي، [ولم تعرفه]، قَالَ: فَجاوَزَهَا وَمَضَى، فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ، فَقَالَ: مَا قَالَ لَكِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ: مَا عَرَفْتُهُ، قَالَ: إنَّهُ لَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: فَجَاءَتْ إلى بَابِهِ، فَلَمْ تَجِدْ عليه بَوَّاباً (وفي روايةٍ: بَوَّابِين)، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! وَالله مَا عَرَفْتُكَ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن الصَّبرَ عِنْدَ أَوَّلِ صَدْمَةٍ". (وفي روايةٍ: "إنما الصبرُ عند الصدمة الأولى"). 12 - باب الحاكِم يَحْكُمُ بالقَتْلِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دُونَ الإمَامِ الذي فَوْقَهُ 2676 - عَنْ أَنَسٍ: أنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ (8) كَانَ يَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بَمِنْزِلَةِ صَاحِبِ الشُّرَطِ مِنَ الأميرِ. 13 - باب هَلْ يَقْضي الحَاكِمُ أَوْ يُفْتي وَهْوَ غَضْبَانُ 2677 - عن عَبْدِ الرَّحْمَن بْنِ أَبي بَكْرَةَ قَالَ:

_ (8) قلت: هو ابن عبادة الأنصاري كما في رواية أبي زيد المروزي. قال الحافظ: "وهو الأنصاري الخزرجي الذي كان والده رئيس الخزرج، وصنيع الترمذي يوهم أنه قيس بن سعد بن معاذ، فإنه أخرج حديث الباب في مناقب سعد بن معاذ، فلا يغتر بذلك".

14 - باب من رأى للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس إذا لم يخف الظنون والتهمة

كَتَبَ أَبُو بَكْرَةَ (9) إلى ابْنِهِ -وَكَانَ بِسِجِسْتَانَ-: بأنْ لا تَقضي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَأَنْتَ غَضْبَانُ؛ فَإنِّي سَمعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "لا يَقْضِيَنَّ حَكَمٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهْوَ غَضْبَانُ". 14 - باب مَنْ رَأَى لِلْقاضي أنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ في أمْرِ النَّاسِ إذَا لَمْ يَخَفِ الظُّنُونَ وَالتُّهَمَةَ 849 - كَمَا قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِهنْدٍ: "خُذي مَا يَكْفيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمعرُوفِ"، وَذَلِكَ إذَا كَانَ أَمْرٌ مَشْهُورٌ. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1623/ ج 2). 15 - باب الشَّهَادَةِ عَلَى الخطِّ المخْتُومِ، وَمَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا يَضيقُ عَلَيْهِمْ، وَكِتَابِ الحَاكِم إلى عُمَّالِهِ وَالقَاضي إلى القَاضي وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: كِتَابُ الحَاكِم جَائزٌ إلا في الحُدُودِ. ثُمَّ قَالَ: إنْ كَانَ القَتْلُ خَطَأً فَهو جَائِزٌ؛ لأنَّ هَذَا مَالٌ بِزَعْمِهِ. وَإنَّمَا صَارَ مَالاً بَعْدَ أنْ ثَبَتَ القَتْلُ، فَالخْطَأُ وَالعَمْدُ وَاحِدٌ. 1398 - وَقَدْ كَتَبَ عُمَرُ إلى عَامِلِهِ في الحُدُودِ.

_ (9) أي أمر بالكتابة، والكاتب هو عبد الرحمن بن أبي بكرة، والمكتوب إليه هو عبيد الله بن أبي بكرة كما يستفاد من رواية مسلم. انظر "الفتح". 849 - وصله المصنف فيما مضى (ج 2/ برقم 1042). 1398 - وصله عبد الرزاق بإسناد صحيح، وفيه قصة.

1399 - وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزيِزِ في سِنِّ كُسِرَتْ. 1400 - وَقَالَ إبْرَاهِيمُ: كِتَابُ القَاضي إلى القَاضي جَائِزٌ، إذَا عَرَفَ الكِتَابَ وَالخاتَمَ. 1401 - وَكَانَ الشَّعْبيُّ يُجِيزُ الكِتَابَ المخْتُومَ بِمَا فِيهِ مِنَ الْقَاضي. 1402 - وَيُرْوى عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ. 1403 - وَقالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ الثَّقَفِيُّ: شَهِدْتُ عَبْدَ الملِكِ بْنَ يَعْلَى قَاضي البَصْرَةِ، وَإيَاسَ بْنَ مُعَاويَةَ، وَالحَسَنَ، وَثُمامَةَ بْنَ عَبْدِ الله بْنِ أَنَسٍ، وَبِلالَ بْنَ أَبي بُرْدَةَ، وَعَبْدَ الله بْنَ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيُّ، وَعَامِرَ بن عَبيدَةَ، وَعَبَّادَ بْنَ مَنْصُورٍ -يُجِيزُونَ كُتُبَ الْقضَاةِ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنَ الشُّهُودِ، فَإنْ قَالَ الَّذي جِيءَ عَلَيْهِ بالكِتَابِ: إنَّهُ زُورٌ. قيلَ لَهُ: اذْهَبْ فَالتَمِسِ المَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ، وَأوَّلُ مَنْ سَأَلَ عَلَى كِتَابِ القاضي البَيِّنَةَ ابْنُ أبي لَيْلَى وَسَوَّارُ بْنُ عَبْدِ الله. 2678 - عن عُبَيْدِ الله بْنِ مُحْرِزٍ: جِئْتُ بِكِتَابٍ مِنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ قَاضي البَصْرَةِ، وَأقمْتُ عِنْدَهُ البَيِّنَةَ أنَّ لي عِنْدَ فُلانٍ كَذَا وَكَذَا، وَهْوَ بالكُوفَةِ، وَجِئْتُ بِهِ القَاسِمَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فأَجَازَهُ.

_ 1399 - وصله أبو بكر الخلال في "كتاب القصاص والديات". 1400 - وصله ابن أبي شيبة بسند صحيح عنه. 1401 - وصله ابن أبي شيبة أيضاً. 1402 - لم يقف عليه الحافظ. 1403 - وصله وكيع عنه.

16 - باب متى يستوجب الرجل القضاء؟

1404 و 1405 - وَكَرِهَ الحَسَنُ وَأَبُو قِلاَبَةَ أنْ يَشْهَدَ عَلى وَصِيَّةٍ حَتَّى يَعْلَمَ ما فيهَا، لأنَّهُ لا يَدْري لَعَلَّ فِيهَا جَوْراً. 850 - وَقَدْ كَتَبَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى أهْلِ خَيْبَرَ: "إمَّا أنْ تَدُوا صَاحِبَكُمْ، وإمَّا أنْ تُؤْذِنُوا بحرْبُ". 1406 - وَقَالَ الزُّهْرِيُّ في شَهَادَةٍ عَلى المرْأةِ مِنْ ورَاءِ السِّتْرِ: إنْ عَرَفْتَهَا فَاشْهَدْ، وإلا فَلا تَشْهَدْ. 16 - باب مَتَى يَسْتَوجِبُ الرَّجُلُ القَضَاءَ؟ 1407 - وَقَالَ الحَسَنُ: أَخَذَ اللهُ عَلَى الحُكَّامِ أنْ لَا يَتَّبِعُوا الهَوَى، ولا يَخْشَوُا النَّاسَ، وَلا يَشْتَرُوا بآيَاتي ثَمَناً قَليلاً، ثُمَّ قَرأَ: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)}، وَقَرأَ: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} - {بِمَا اسْتُحْفِظُوا}:

_ 1404 و 1405 - أما أثر الحسن وهو البصري؛ فوصله الدارمي وسعيد بن منصور نحوه. وأما أثر أبي قلابة؛ فوصله ابن أبي شيبة ويعقوب ابن سفيان. 850 - هذا طرف من حديث سهلٍ بن أبي حثمة في قصة حويصة ومحيصة، وقتل عبد الله بن سهل بخيبر، وقد مضى موصولا بتمامه في "78 - الأدب/ 89 - باب". 1406 - وصله ابن أبي شيبة. 1407 - وصله ابن أبي شيبة، وأبو نعيم في "الحلية" بسند حسن.

17 - باب رزق الحكام والعاملين عليها

اسْتُودِعُوا مِنْ كِتَابِ الله (10) -، وَقَرَأَ: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا)، فَحَمِدَ سُلَيْمَانَ، وَلَمْ يَلُمْ دَاوُدَ، وَلَوْلا مَا ذَكَرَ الله مِنْ أَمْرِ هَذَيْنِ لَرَأيْتُ أنَّ القُضَاةَ هَلَكُوا، فَإنَّهُ أثنَى عَلى هَذَا بِعلْمِهِ، وَعَذَرَ هَذَا بِاجْتِهَادِهِ. 1408 - وَقَالَ مُزَاحِمُ بْنُ زُفَرَ: قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العَزيزِ: خَمْسٌ إذَا أَخْطَأَ القَاضي مِنْهُنَّ خَصْلَةً كانَتْ فيهِ وَصْمَةٌ: أنْ يَكُونَ فَهِماً، حَليماً، عَفيفاً، صَليباً، عَالِماً، سَؤُلاً عَنِ العِلْمِ. (قلت: لم يسند فيه حديثاً). 17 - باب رِزْقِ الحُكَّامِ وَالعَامِلِينَ عَلَيْهَا 1409 - وَكَانَ شُرَيْحٌ القَاضي يَأْخُذُ عَلَى القَضَاءِ أجْراً. 1410 - وَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَأْكُلُ الوَصِيُّ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ (11). 1411 و 1412 - وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. 2679 - عن عَبْدِ الله بْنِ السَّعْدِيِّ: أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ في خلافَتِهِ، فَقَالَ لَهُ

_ (10) ثبت هذا للمستملي، وهو تفسير أبي عبيدة. "فتح". 1408 - وصله سعيد بن منصور، وابن سعد في "الطبقات" بسند صحيح. 1409 - وصله عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وفيه مجالد بن سعيد؛ وليس بالقوي. 1410 - وصله ابن أبي شيبة. (11) بضم العين: أجرة العمل، وبفتحها: نفس العمل. 1411 و 1412 - أما أثر أبي بكر؛ فقد وصله المصنف في أوائل "البيوع"، وقد مضى برقم (978/ ج2). وأما أثر عمر؛ فوصله ابن أبي شيبة وابن سعد بسند صحيح عنه؛ قال: إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة قيم اليتيم؛ إن استغنيت عنه تركت وإن افتقرت إليه أكلت بالمعروف.

18 - باب من قضى ولاعن في المسجد

عُمَرُ: ألمْ أُحَدَّثْ أنَّكَ تلي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ (12) أعْمَالاً، فَإذَا أُعْطيتَ العُمَالَةَ كَرِهْتَها؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ عُمَرُ: مَا تريدُ إلى ذَلِكَ؟ قُلْتُ: إنَّ لي أَفْرَاساً وَأَعْبُداً، وَأنَا بِخَيْرٍ، وَأُريِدُ أنْ تَكونَ عُمَالَتي صَدَقَةً عَلى المسْلِمينَ، قَالَ عُمَرُ: لَا تَفْعَلْ، فَإنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذي أَرَدْتَ، وَكَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُعْطيني العَطَاءَ فَأقُولُ: أَعْطِهِ أفْقَرَ إلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أعْطَاني مَرَّةً مَالاً فَقُلْتُ: أعْطِهِ [من هو] أَفْقَرَ إلَيْه مِنِّي، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "خُذْة فَتَمَوَّلْهُ، وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذا المالِ، وَأنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ، وَلا سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وإلا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ". 18 - باب مَنْ قَضَى وَلاعَنَ في المسْجِدِ 1413 - وَلاعَنَ عُمَرُ عِنْدَ مِنْبَرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 1414 - 1416 - وَقَضَى شُريْحٌ وَالشَّعْبِيُّ وَيَحْيَى بْنُ يَعْمَرَ في المسْجِدِ. 1417 - وَقَضَى مَرْوَانُ عَلى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ باليَمينِ عِنْدَ المِنْبَرِ.

_ (12) أي: الولايات من إمرةٍ وقضاءٍ ونحوهما. 1413 - لم يخرجه الحافظ. 1414 - 1416 - أما أثر شريح؛ فوصله ابن أبي شيبة وابن سعد. وأما أثر الشعبي؛ فوصله سفيان في "جامعه" بسند صحيح. وأما أثر ابن يعمر؛ فوصله ابن أبي شيبة. 1417 - هذا طرف من أثر مضى في "ج 2/ 52 - الشهادات/ 23 - باب/ 595 - أثر"، بتمامه، وذكرنا هناك أنه وصله مالك بسند صحيح.

19 - باب من حكم في المسجد حتى إذا أتى على حد أمر أن يخرج من المسجد فيقام

1418 و 1419 - وَكَانَ الحَسَنُ وَزُرَارَةُ بْنُ أوْفَى يَقْضِيانِ في الرَّحَبَةَ خَارِجًا مِنَ المسْجِدِ. (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل المتقدم برقم 2118/ ج 3). 19 - باب مَنْ حَكَمَ في المسجِدِ حَتَّى إذَا أَتَى عَلَى حدٍّ أمَرَ أنْ يُخْرَجَ مِنَ المسْجِدِ فَيُقَامَ 1420 - وَقَالَ عُمَرُ: أَخْرِجَاهُ مِنَ المسْجِدِ. 1421 - وَيُذْكَرُ عَنْ عليٍّ نحوُهُ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 2107/ ج 3). 20 - باب مَوْعِظَةِ الإمَامِ للخُصُومِ 2680 - عَنْ أمِّ سَلَمَةَ رَضي الله عَنْهَا: أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إنَّمَا أنا بَشَرٌ، وَإنكُمْ تَخْتَصِمُونَ إليَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكُونَ أَلحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَأَقْضِي [له 8/ 62] نَحْو مَا أَسْمعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخيهِ شَيْئاً [بقولهِ 3/ 162]، فَلا يَأْخُذْهُ، فَإنَّمَا أقْطَعُ لَهُ قِطعَةً مِنَ النَّارِ". 21 - باب الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الحَاكِم في وَلايَتِهِ القَضَاءَ أوْ قَبْلَ ذَلِكَ للخَصْمِ

_ 1418 و 1419 - وصله ابن أبي شيبة من طريق المثنى بن سعيد قال: رأيت الحسن وزرارة ابن أبي أوفى يقضيان في المسجد. 1420 - وصله ابن أبي شيبة وعبد الرزاق بسند صحيح على شرط الشيخين. 1421 - وصله ابن أبي شيبة بسند فيه مقال.

1422 - وَقَالَ شُرَيْحٌ القَاضي -وَسَأَلهُ إنْسَانٌ الشَّهَادَةَ فَقَالَ-: ائْتِ الأميرَ حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ. 1423 - وَقالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: لَوْ رَأَيْتَ رَجُلاً عَلى حدِّ زِناً أوْ سَرِقَةٍ وَأنْتَ أَميرٌ؟ فَقَالَ: شَهَادَتُكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنَ المسْلمِينَ. قَالَ: صَدَقْتَ. 1424 - قَالَ عُمَرُ: لَوْلا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ في كِتَابِ اللهِ؛ لَكَتَبتُ آيَةَ الرَّجْمِ بيدي. 851 - وَأقَرَّ مَاعِزٌ عِنْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِالزِّنَا أَرْبَعاً، فأمَرَ بِرَجْمِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ. 1425 - وَقَالَ حَمَّادٌ: إذَا أقَرَّ مَرَّةً عنْدَ الحَاكِمِ رُجِمَ، وَقَالَ الحَكَمُ: أَرْبَعاً. وَقَالَ أهْلُ الحِجَازِ: الحَاكِمُ لا يَقْضي بِعِلْمِهِ، شَهِدَ بِذلكَ في ولايَتِهِ أوْ قَبْلَهَا، وَلوْ أقَرَّ خَصْمٌ عِنْدَهُ لآخَرَ بِحَقٍّ في مَجْلِسِ القَضَاءِ؛ فَإنَّهُ لا يَقْضي عَلَيْهِ في قَوْلِ بَعْضِهِمْ، حَتَّى يَدْعُوَ بِشاهِدَيْنِ فَيُحْضِرَهُما إقْرَارَهُ. وَقَالَ بَعْضُ أهْلِ العِرَاقِ: مَا سَمعَ أوْ رَآهُ في مَجْلِسِ القَضَاء قَضَى بِهِ، وَمَا كَانَ في غَيْرِهِ لَمْ يَقْضِ إلا بِشَاهِدَيْنِ.

_ 1422 - وصله سفيان الثوري في "جامعه" بسند صحيح عنه. 1423 - وِصله الثوري أيضاً بسند صحيح عن عكرمة، لكنه منقطع؛ لأن عكرمة لم يدرك عبد الرحمن فضلاً عن عمر. 1424 - هذا طرف من حديث أخرجه مالك في "الموطأ" بسند صحيح عن سعيد بن المسيب عن عمر، وفي سماع سعيد من عمر خلاف. 851 - هذا طرف من حديث أبي هريرة المتقدم موصولاً (ج 3/ برقم 2107). 1425 - وصله ابن أبي شيبة.

22 - باب أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا

وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ يَقْضي بِهِ؛ لأنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإنَّمَا يُرَادُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَعْرِفَةُ الحَقِّ، فَعِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنَ الشَّهَادةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْضي بِعلْمِهِ في الأموالِ، وَلا يَقْضي في غَيْرِهَا. وَقَال القَاسِمُ: لا يَنْبَغي للِحَاكِم أنْ يُمْضِيَ قَضَاءً بِعِلْمِهِ دُونَ عِلْمِ غَيْرِهِ، مَعَ أنَّ عِلْمَهُ أكْثَرُ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ فيه تَعرُّضاً لِتُهَمَةِ (13) نَفْسِهِ عِنْدَ المسْلِمين، وإيقَاعاً لَهُمْ في الظُّنُونِ. 852 - وَقدْ كَرِهَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الظّنَّ فَقَالَ: "إنَّمَا هَذِهِ صَفِيَّةُ". 22 - باب أَمْرِ الوَالي إذَا وَجَّهَ أمِيرَيْنِ إلى مَوْضعٍ أنْ يَتَطَاوَعَا وَلا يَتَعَاصَيا (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث أبي موسى المتقدم "88 - استتابة المرتدين/ 3 - باب"). 23 - باب إجَابَةِ الحَاكِمِ الدَّعْوَةَ 1426 - وَقَدْ أجَابَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ عَبْداً للمُغيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي موسى المتقدم برقم 2076/ ج 3).

_ (13) (التُّهَمَة): وزان رُطَبَة، والسكون لغة حكاها الفارابي، وأصل التاء واو. اهـ مصباح. 852 - هو طرف من الحديث الذي وصله المصنف، وقد مضى في "ج1/ 33 - الاعتكاف/ 8 - باب". 1426 - وصله ابن صاعد في "الفوائد"، وفي "زوائد البر والصلة" لابن المبارك بسند صحيح عنه.

24 - باب هدايا العمال

24 - باب هَدَايَا العُمَّالِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي حميد الساعدي المتقدم "83 - الأيمان والنذور/ 3 - باب"). 25 - باب اسْتقْضَاءِ الموَالي وَاسْتِعْمَالِهِمْ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 54 - باب"). 26 - باب العُرَفاءِ (14) للِنَّاسِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة المتقدم برقم 1079/ ج 2). 27 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ ثَنَاءِ السُّلْطَانِ، وَإذَا خَرَجَ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ 2681 - عن زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ: قَالَ أُنَاسٌ لابْنِ عُمَرَ: إنَّا نَدْخُلُ عَلَى سُلْطَانِنَا فَنَقُولُ لَهُمْ خِلاَفَ مَا نَتَكَلَّمُ إذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِمْ؟ قَالَ: كُنَّا نَعدُّهَا نِفَاقًا. 28 - باب القَضَاءِ عَلى الغَائِبِ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عائشة المتقدم برقم 1623/ ج 2). 29 - باب مَنْ قُضِيَ لَهُ بِحَقِّ أَخيهِ فَلا يَأْخُذْهُ؛ فَإنَّ قَضَاءَ الحَاكِمِ لا يُحِلُّ حَرَامًاً، وَلا يُحَرِّمُ حَلالاً 30 - باب الحُكْمِ في البِئْرِ وَنَحْوِهَا (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن مسعود المتقدم "83 - الأيمان والنذور/ 16 - باب").

_ (14) جمع (عريف)، وهو القائم بأمر طائفة من الناس، وسمي به لأنه يتعرف أمورهم حتى يعرّف بها من فوقه عند الحاجة لذلك.

31 - باب القضاء في كثير المال وقليله

31 - باب القَضَاءِ في كَثيرِ المَالِ وَقَليلِهِ 1427 - وَقَالَ ابْنُ عُيينَةَ عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ: القَضَاءُ في قَليلِ المالِ وَكثيرِهِ سَوَاءٌ. (قلتُ: أسند فيه حديث أم سلمة المتقدم برقم 1126/ ج 2). 32 - باب بَيْعِ الإمَامِ عَلى النَّاسِ أمْوَالَهُمْ وَضِيَاعَهُمْ 853 - وَقَدْ بَاعَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُدَبَّراً مِنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ. (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1106/ ج 2). 33 - باب مَنْ لَمْ يَكْتَرِثْ بِطَعْنِ مَنْ لا يَعْلَمُ في الأُمَرَاءِ حَدِيثاً (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1587/ ج 2). 34 - باب الألَدِّ الخَصِمِ، وَهْوَ الدَّائمُ في الخُصُومَةِ. (لُدًّا): عُوجاً. (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1125/ ج 2). 35 - باب إذَا قَضَى الحَاكِمُ بِجَوْرٍ أوْ خِلافِ أهْلِ العِلْمِ؛ فَهْوَ رَدٌّ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم برقم 1808/ ج 3). 36 - باب الإمَامِ يَأتي قَوْماً فَيُصْلحُ بَيْنَهُمْ (قلتُ: أسند فيه حديث سهل المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/48 - باب").

_ 1427 - لم يقع للحافظ موصولاً. 853 - هو طرف من حديث جابر، مضى موصولاً (ج 2/ برقم 1106).

37 - باب يستحب للكاتب أن يكون أمينا عاقلا

37 - باب يُسْتَحَبُّ للكَاتِبِ أنْ يَكُونَ أمِيناً عَاقِلاً (قلتُ: أسند فيه حديث زيد المتقدم برقم 1915/ ج 3). 38 - باب كِتَابِ الحَاكِمِ إلى عُمَّالِهِ، وَالقَاضي إلى أُمَنائِهِ (قلتُ: أسند فيه حديث سهل بن أبي حثمة المتقدم "78 - الأدب/ 89 - باب"). 39 - باب هَلْ يَجُوزُ للحَاكِم أنْ يَبْعَثَ رَجُلاً وَحدَهُ للِنَّظَرِ في الأُمُورِ؟ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة وزيد المتقدم برقم 1217 و 1218/ ج 2). 40 - باب تَرْجَمَةِ الحُكَّامِ، وَهَلْ يَجُوزُ تُرْجُمَانٌ (15) وَاحِدٌ؟ 854 - وَقَالَ خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ زيدِ بْنِ ثَابِتٍ: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَهُ أنْ يَتَعَلَّمَ كِتَابَ اليَهُودِ، حَتَّى كَتَبْتُ للنبىِّ - صلى الله عليه وسلم - كُتُبَهُ، وَأقْرأْتُهُ كتُبَهُمْ إذَا كَتَبُوا إلَيْهِ. 1428 - وَقالَ عُمَرُ وَعِنْدَهُ عَليٌّ وَعبْدُ الرَّحمَنِ وَعُثْمَانُ: مَاذَا تَقُولُ هَذِهِ؟ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَاطِبٍ: فَقُلْتُ: تُخْبِرُكَ بِصَاحِبِها الَّذي صَنَعَ بِها. 855 - وَقَالَ أَبُو جَمْرَةَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ.

_ (15) قوله: (ترجمان) بفتح الفوقية وضمها. كذا في الشارح. وقال الفيومي: وفيه لغات أجودها فتح التاء وضم الجيم والثانية ضمهما والثالثة فتحهما. اهـ. 854 - وصله المصنف في "التاريخ"، وأبو داود، والترمذي وصححه، وأحمد وغيرهم بسند حسن عنه، وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (187). 1428 - وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور بسند صحيح عنه. 855 - هذا طرف من حديث مضى بتمامه موصولاً "ج1/ 2 - الإيمان/ 40 - باب".

41 - باب محاسبة الإمام عماله

وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا بُدَّ لِلحَاكِمِ مِنْ مُترْجِمَيْنِ (16). (قلتُ: أسند فيه طرفًا من حديث ابن عباس المتقدم برقم 1996/ ج 3). 41 - باب محَاسَبَةِ الإمَامِ عُمَّالَهُ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي حميد الساعدي المتقدم برقم "83 - الأيمان والنذور/ 3 - باب"). 42 - باب بِطَانَةِ الإمَامِ وَأهْلِ مَشُورَتهِ (البِطَانَةُ): الدُّخَلاءُ (17). 2682 - عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْريِّ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نبيٍّ، وَلا اسْتَخْلَفَ مِنْ خَليفَةٍ؛ إلاَّ كَانَتْ لَهُ بِطَانَتَانِ؛ بِطَانَةٌ تأْمُرُهُ بِالمعْرُوفِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، وَبِطَانَةٌ تَأمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ، فالمعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللهُ تَعَالى". 856 - وفي رواية معلقة: عن أَبي سَعيدٍ قَوْلَهُ. 857 - وفي أخرى معلقة: عن أَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 858 - وفي أخرى معلقة أيضاً: عَنْ أَبي أَيُّوبَ قَالَ: سَمعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ (16) قوله: (مترجمين) ضبطه الشارح أولاً بكسر الميم بصيغة الجمع، ثم قال: وروي بفتح الميم بصيغة التثنية وهو المعتمد. اهـ. (17) جمع (دخيل)، وهو الذي يدخل على الرئيس في مكان خلوته، ويفضي إليه بسره، ويصدقه فيما يخبر به، مما يخفى عليه من أمر رعيته، ويعمل بمقتضاه. "فتح". 856 - وصلها الذهلي في "حديث الزهري" وعلي بن محمد الجكّاني في "فوائده". 857 - وصلها أحمد وابن حبان والحاكم والإسماعيلي. 858 - وصلها النسائي والإسماعيلي. واعلم أن المصنف رحمه الله تعالى أشار بتعليق=

43 - باب كيف يبايع الإمام الناس؟

43 - باب كَيْفَ يُبَايعُ الإمَامُ النَّاسَ؟ 2683 - عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رَضيَ الله عَنْهُمَا قَالَ: كُنَّا إذَا بَايَعْنَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا: "فيمَا اسْتَطَعْتَ". (وفي روايةٍ: عِن عَبْدِ الله بْن دينارٍ قَالَ: لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ عَبْدَ الملِكِ، كَتَبَ إليْهِ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ: إلى عَبْدِ الله عَبْدِ الملِكِ أَميرِ المؤْمنينَ؛ إنِّي أُقِرُّ بالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِعَبْدِ الله عَبْدِ الملِكِ أَميرِ المؤْمِنين، عَلَى سُنَّةِ اللهَ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فيما اسْتَطَعْتُ، وَإنَّ بَنِيَّ قد أَقَرُّوا بِذَلِكَ). 2684 - عن المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ: أنَّ الرَّهْطَ الَّذينَ وَلاّهُمْ عمرُ اجْتَمعُوا فَتَشَاوَرُوا، قَالَ: لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَسْتُ بِالَّذي أُنافِسُكُم عَلى هَذَا الأمْرِ (18)، وَلَكِنَّكُمْ إنْ شِئْتُمُ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُم، فَجَعَلُوا ذَلِكَ إلى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا

_ =هذه الروايات الثلاث أن الرواة اختلفوا على الزهري في إسناد هذا الحديث، فمنهم من قال: عنه عن أبي سلمة عن أبي سعيد مرفوعاً، كما في الرواية الأولى الموصولة. ومنهم من قال: عنه به موقوفاً كما في الرواية الثانية المعلقة. ومنهم من قال: عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً، كما في الرواية الثالثة. وأشار المصنف رحمه الله تعالى إلى ترجيح الرواية الأولى بوصله إياها وتقديمها على غيرها. لكن الزهري تابعه عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة؛ أخرجه المصنف في "الأدب المفرد"، فهذا يرجح الرواية الثالثة، وبالجملة فالحديث مرفوع قطعاً لأن الموقوف في حكمه، ولعل كلًا من إسنادَيِ الزهري محفوظ، لأنه إمام حافظ، فليس بكثير عليه أن يكون لديه إسنادان كلاهما صحيح؛ أحدهما عنه عن أبي سلمة عن أبي سعيد، والآخر عنه عن أبي سلمة عن أبي هريرة، ولعله مما يؤيد هذا أن غير الزهري رواه عن أبي سلمة عن أبي أيوب أيضاً كما في الرواية المعلقة الثالثة. والله أعلم. (18) أي: أنازعكم فيه، إذ ليس لي في الاستقلال بالخلافة رغبة. اهـ عيني.

عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَمْرَهُمْ، فَمَالَ النَّاسُ عَلى عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَتَّى مَا أَرَى أحَداً مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُوَلئِكَ الرَّهْطَ، وَلا يَطَأُ عَقِبَهُ، ومالَ النَّاسُ عَلى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَاليَ، حَتَّى إذا كَانَتِ اللَّيْلَةُ التي أَصْبَحْنَا مِنْهَا، فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ. قَالَ المِسْوَرُ: طَرقني عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَضَرَبَ البَابَ حَتَّى اسْتَيْقَظْتُ، فَقَالَ: أرَاكَ نَائِمًا، فَوَ الله مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِكَبيرِ نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ الزُّبَيْرَ وَسَعْداً، فَدَعَوْتُهمَا لَهُ فَشَاوَرَهُمَا، ثُمَّ دَعَاني، فَقَالَ: ادْعُ لي عَلِيًّا، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاه حَتَّى ابْهَارَّ (19) اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ علىٌّ مِنْ عِنْدِهِ، وَهْوَ عَلى طَمَعٍ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَليٍّ شَيْئاً، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لي عُثْمَانَ، فَدَعَوْتُهُ، فنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا المُؤَذِّنُ بِالصُّبحِ، فَلَمَّا صَلَّى لِلنَّاس الصُّبْحَ، وَاجْتَمعَ أُوَلئِكَ الرَّهْطُ عِنْدَ المِنْبرِ، فَأرْسَلَ إلى مَنْ كَانَ حَاضِراً مِنَ المهَاجِرينَ وَالأنْصَارِ، وَأرْسَلَ إلى أُمَرَاءِ الأجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوا تِلْكَ الحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: أمَّا بَعْدُ يَا عَليُّ! إنِّي قَدْ نَظَرتُ في أمْرِ النَّاسِ، فَلمْ أرَهُمْ يَعْدِلُونَ (20) بِعُثْمَانَ، فَلا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفسِكَ سَبِيلاً. فَقَالَ: أُبايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ الله وَرَسُولِهِ وَالخليفَتَينِ مِنْ بَعْدِهِ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ الرحمنِ، وَبَايَعَهُ النَّاسُ المُهَاجرونَ وَالأنْصَارُ، وأُمَرَاءُ الأَجْنَادِ، وَالمُسْلِمُون.

_ (19) قوله: (ابهارَّ) أي: انتصف. (20) قوله: (فلم أرهم يعدلون بعثمان) أي: لا يجعلون له مساوياً، بل يرجحونه على غيره.

44 - باب من بايع مرتين

44 - باب مَنْ بَايَعَ مَرَّتَيْن (قلتُ: أسند فيه مختصر حديث سلمة المتقدم برقم 1302/ج 2). 45 - باب بَيْعَةِ الأعْرَابِ (قلتُ: أسند فيه مختصر حديث جابر الآتي قريباً). 46 - باب بَيْعَةِ الصغير (قلتُ: أسند فيه حديث عبد الله بن هشام المتقدم برقم 1144/ ج 2). 47 - باب مَنْ بَايَعَ ثُمَّ اسْتَقَالَ البَيْعَةَ 2685 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله [السَّلمي 8/ 151]: أَنَّ أعْرَابياً بَايَعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الإسْلامِ، فَأَصَابَ الأعْرَابِيَّ وَعْكٌ بالمدينَةِ، فَأتَى الأعْرَابى [من الغد 2/ 223] [محموماً 8/ 125] إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! أقِلْنِي بَيْعَتي، فَأَبَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: أَقِلني بَيْعَتي، فأبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقالَ: أقِلْني بَيْعَتي، فَأبَى، فَخَرَجَ الأعْرَابيُّ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّمَا المدينَةُ كَالكِيرِ تَنْفي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا". 48 - باب مَنْ بَايَعَ رَجُلًا لا يُبَايِعُهُ إلا للِدُّنيا (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1097/ ج 2). 49 - باب بَيْعَةِ النِّسَاءِ

50 - باب من نكث بيعة، وقوله تعالى: {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما}

859 - رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - 50 - باب مَنْ نَكَثَ بَيْعَةً، وَقَوْلِهِ تَعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)} (قلتُ: أسند فيه مختصر حديث جابر المتقدم آنفاً). 51 - باب الاستِخْلافِ 2686 - عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ قالَ: قيل لِعُمَرَ: أَلا تَسْتَخْلِفُ؟ قَالَ: إنْ أسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ من هُوَ خَيْرٌ مِنِّي؛ أبُو بَكرٍ، وإنْ أتْرُكْ فَقَدَ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي؛ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. فَأثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ: رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ، وَدِدْتُ أنِّي نَجَوْتُ مِنْهَا كَفَافاً، لا لي وَلا عَلىَّ، لا أتَحمَّلُهَا حَياً وَمَيتاً. 2687 - عن أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضي الله عَنْهُ: أنَّهُ سَمعَ خُطبةَ عُمَرَ الآخِرَةَ (21) حِينَ [بايع المسلمون أبا بكر، و 8/ 138] جَلَسَ عَلى المِنْبرِ (وفي روايةٍ: منبر رسول

_ 859 - قال الحافظ: "كأنه يريد ما تقدم في "العيدين" عن .. ابن عباس: شهدت الفطر .. ". قلت: يعني الحديث المتقدم في "العيدين" (ج1 / برقم 499)، ويحتمل أنه يريد حديثه الآخر المتقدم في "التفسير" (ج 3/ برقم 1985). (21) قوله: (الآخرة): صفة خطبة، أي: غير خطبته الأولى التي خطبها يوم الوفاة، وقال فيها: إن محمداً لم يمت. اهـ.

الله - صلى الله عليه وسلم -)، وَذَلِكَ الغَدَ مِنْ يَوْمٍ تُوُفِّيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَتَشَهَّدَ، وَأبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لا يَتَكَلَّمُ، قالَ: كُنْتُ أرْجُو أنْ يَعيشَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يَدْبُرَنَا (22)، يُريدُ بذَلِكَ أن يَكُونَ آخِرَهُمْ، فَإنْ يَكُ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ مَاتَ، فَإنَّ اللهَ تَعَالَى [اختار لرسولِهِ - صلى الله عليه وسلم - الذي عندَه على الذي عندَكم، و] قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أظْهُرِكُمْ نُوراً تَهْتَدُونَ بِهِ؛ [هذا الكتاب الذي] هَدَى اللهُ [به] مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم -، [فخذوا به تَهتدوا، وإنما هَدَى اللهُ بهِ رسولَهُ]، وَإنَّ أبَا بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ثَانِيَ اثْنَيْنِ، فَإنَّهُ أوْلى المسْلمينَ بأمُورِكُمْ، فَقُومُوا فَبَايِعُوُهُ. وَكَانَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ في سَقيفَةِ بَني سَاعِدَةَ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ العَامَّةِ عَلى المنْبَرِ. قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ لأبي بَكْرٍ يَوْمَئذٍ: اصْعَدِ المنْبرَ، فَلمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى صَعِدَ المنبَرَ، فَبَايَعَهُ النَّاسُ عَامَّةً. 2688 - عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِم قَالَ: أتَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأةٌ، فَكَلَّمَتْهُ في شَيءٍ، فَأمَرَهَا أنْ تَرْجعَ إليْهِ، قَالتْ: يا رَسُولَ الله! أرَأيتَ إنْ جِئْتُ وَلَمْ أجِدْكَ، كَأنَّهَا تُريِدُ الموْتَ، قَالَ: "إنْ لَمْ تَجديني فَأْتِي أبَا بَكْرٍ". 2689 - عَنْ أبي بَكْرٍ رَضي الله عَنْهُ قَالَ لِوَفْدِ بُزَاخَةَ:

_ (22) قوله: (يدبرنا) أي: يموت بعدنا.

52 - باب

تَتْبَعُونَ أذْنَابَ الإبِلِ، حَتَّى يُرِيَ اللهُ خَلِيفَةَ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالمهَاجِرِينَ أمْراً يَغْدُونَكُمْ بِهِ. 52 - باب 2690 - عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرةَ قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "يَكونَ اثْنَا عَشَرَ أَميراً"، فَقَالَ كَلَمِةً لَمْ أَسْمَعْهَا، فَقالَ أَبي: إنَّهُ قَالَ: "كلُّهُمْ مِنْ قُريشٍ". 53 - باب إخْرَاجِ الخصُومِ وَأهْلِ الرِّيَبِ مِنَ البُيُوتِ بَعْدَ المعْرِفَةِ 1429 - وَقَدْ أخرَجَ عُمَرُ أُخْت أبي بَكْرٍ حينَ نَاحَتْ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 10 - الأذان/ 29 - باب"). 54 - باب هَلْ للإمامِ أنْ يَمْنَعَ المجرِمينَ وأهْلَ المعْصِيَةِ مِنَ الكَلامِ مَعَهُ وَالزِّيَارَةِ وَنَحْوِهِ؟ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث كعب بن مالك المتقدم برقم 1833/ ج 3). * * *

_ 1429 - تقدم هذا الأثر مع بيان من وصله في مثل هذا الباب في "ج 2/ 44 - الخصومات/ 4 - باب/ 524 - أثر".

94 - كتاب التمني

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 94 - كتاب التَّمَنِّي 1 - باب مَا جَاءَ في التمنِّي، ومَنْ تَمَنَّى الشَّهَادَةَ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج1/ 2 - الأيمان/ 26 - باب"). 2 - باب تَمَنِّي الخَيْرِ، وَقَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كَانَ لي أُحُدٌ ذَهَباً" (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 2/ 43 - الاستقراض/ 3 - باب"). 3 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْري مَا اسْتَدْبَرْتُ" 2691 - عَنْ عَطاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَلَبَّينا بالحَجِّ [خالصاً ليس من عُمرة 8/ 161]، وَقدِمْنَا مَكَّةَ لأربَعٍ خَلَوْنَ (وفي روايةٍ: صُبح رَابعةٍ مضت) مِنْ ذي الحِجَّةِ، فَأمَرَنَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَطُوفَ بالبيْتِ، وَبالصَّفَا وَالمرْوَةِ، وَأن نَجْعَلَهَا عُمْرَةً، ولْنَحِلَّ (وفي روايةٍ: ثم يقصروا، ويحلّوا 2/ 171)، [وقال: "أحِلُّوا، وأصيبوا من النساء". قال جابر: ولم يَعْزِمْ عليهم، ولكن أحلّهُنَّ لهم]؛ إلا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدٍ مِنَّا هَدْيٌ غيرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطلحَةَ، وَجَاءَ عَليٌّ مِنَ اليَمَنِ مَعَهُ الهَدْيُ، فَقَالَ: أَهلَلْتُ بِمَا أهَلَّ بِهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، [قال:

"فاهْدِهِ، وامكُثْ حَراماً كما أنت"، قال: وأهدى له عليّ هدياً 5/ 111]، فَقَالُوا: أَنَنْطَلِقُ إلى مِنًى وَذَكَرُ أحَدِنَا يَقْطُرُ (وفي روايةٍ: لما لم يكُن بيننا وبينَ عرفَةَ إلا خمسٌ أمرنا أن نحِلَّ إلى نسائنا، فنأتي عرفة تقطرُ مذاكيرُنا) [منياً؟! [قال: ويقول جابرٌ بيده هكذا، وحرَّكها!]، فبلغ ذلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم -]، [فقام، فقال: "قد علمتُم أني أتقاكُم لله، وأصدقُكُم، وأبَرُّكُمْ"، و] قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لَوِ اسْتقْبَلْتُ مِنْ أمْري مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلا أنَّ مَعِيَ الهَدْي لَحَللتُ [كما تُحلُّون، فحلُّوا"، فَحَلَلْنا، وسَمِعنا، وأطعنا] (1). قالَ: وَلَقِيَهُ سُرَاقَةُ [بنُ مالكِ بنُ جعشم 2/ 201] وَهْوَ يَرْمي جَمْرَةَ العَقَبَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! ألَنَا هَذِهِ خَاصَّةً؟ قالَ: "لا، بلْ للأبَدِ". قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ قَدِمَتْ مَكَّةَ وهي حَائِضٌ، فَأَمَرَهَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ تَنْسُكَ المنَاسِكَ كُلَّهَا؛ غَيْرَ أنَّهَا لا تَطُوفُ وَلا تُصَلِّي، حَتَّى تَطْهُرَ، [فنسَكَتْ المناسِكَ كلَّها؛ غير أنها لم تَطُفْ بالبيتِ، فلما طهُرَتْ طافَتْ بالبيتِ]. فَلَمَّا نَزلُوا البَطْحَاءَ قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ الله! أَتَنْطَلقُونَ بِحَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ وَأنْطَلِقُ بِحَجَّةٍ؟ قَالَ: ثُمَّ أمَرَ عَبْدَ الرحْمَنِ بْنَ أَبي بَكْرٍ الصِّدّيقِ أنْ يَنْطَلِقَ مَعَهَا إلى التَّنْعيمِ، فَاعْتَمَرتْ عُمْرَةً في ذي الحِجَّةِ، بَعْدَ أيَّامِ الحَجِّ.

_ (1) إلى هنا تقدم الحديث بنحوه في "25 الحج/ 34 - باب" من طريق أبي شهاب عن عطاء.

4 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليت كذا وكذا"

4 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْتَ كَذَا وَكَذَا" (قلتُ: أسند فيه حديث عائشة المتقدم برقم 1275/ ج 2). 5 - باب تَمَنِّي القُرْآنِ وَالعِلْمِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 2027/ ج 3). 6 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّمَنِّي، {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)} 7 - باب قَوْلِ الرَّجُلِ: لَوْلا اللهُ مَا اهْتَدينَا (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث البراء المتقدم برقم 1326/ ج 2). 8 - باب كَرَاهِيَةِ التَّمَنِّي لِقَاءَ العَدُوُّ (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث عبد الله بن أبي أوفى المتقدم برقم 1322/ ج 2). 9 - باب مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّو، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) * * *

95 - كتاب أخبار الآحاد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 95 - كتاب أَخْبَارِ الآحَادِ 1 - باب مَا جَاءَ في إجَازَةِ خَبَرِ الوَاحِدِ الصَّدُوقِ في الأذَانِ، وَالصَّلاَةِ، وَالصَّوْمِ، وَالفَرَائِضِ، وَالأَحْكَامِ، وَقَوْلِ الله تَعَالَى: (فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)، وَيُسَمَّى الرَّجُلُ طَائِفَةً؛ لِقَوْلِهِ تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}، فَلَوِ اقْتَتَلَ رَجُلانِ دَخَلا في مَعْنَى الآيةِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}، وَكَيْفَ بَعَثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَراءَهُ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ؟ فَإنْ سَهَا أحَدٌ مِنْهُمْ رُدَّ إلى السُّنَّةِ 2692 - عن مَالِكِ بْنِ الحويرِثِ قَالَ: أَتَيْنَا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ [نحواً مِنْ 1/ 167] عِشْريِنَ لَيْلَةً، وَكَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -[رحيماً 1/ 155] رَفيقاً، فَلَمَّا ظَنَّ أنَّا قَدِ اشْتَهَيْنَا أهْلَنَا، أَوْ قَدِ اشْتَقْنَا، سَألَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا بَعْدَنَا؟ فَأخْبرْنَاهُ، قَالَ: "ارْجِعُوا إلى أهْليكُمْ، فَأَقيمُوا فيهمْ، وَعَلِّمُوهُمْ، وَمُرُوهُمْ [فَلْيُصَلُّوا صلاةَ كذا في حينِ كذا، وصلاةَ كذا في حينِ كذا 1/ 167]، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُوني أُصَلِّي، فَإذَاْ حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فليُؤَذِّنْ لَكُمْ أحَدُكُمْ، ولْيَؤمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ".

2 - باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبير طليعة وحده

(وفي روايةٍ عنه قالَ: انصرفْتُ من عندِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ لنا -أنا وصاحب لي-: " [إذا أنتُما خرجْتُما فـ 1/ 155] أَذِّنَا، و (وفي روايةٍ: ثم) أقيما، وليؤمَّكُما أكبرُكُما 3/ 215"). 2 - باب بَعْثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الزُّبَيْرَ طَلِيعَةً وَحْدَهُ (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1737/ ج 3). 3 - باب قَوْلِ الله تعالَى: (لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبيِّ إلا أن يُؤْذَنَ لَكُمْ)، فَإذَا أذِنَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ 4 - باب مَا كَانَ يَبْعَثُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الأُمَرَاءِ وَالرُّسُلِ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ 860 - وَقَالَ ابْنُ عَباسٍ: بَعَثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دِحْيَةَ الْكَلْبِى بِكتَابِهِ إلى عَظيمِ بُصْرى أنْ يَدْفَعَهُ إلى قيْصَرَ. 5 - باب 861 - وَصَاةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وُفُودَ العَرَبِ أنْ يُبلِّغُوا مَنْ وَرَاءَهُمْ -قَالَهُ مَالِكُ بْنُ الحُويرِثِ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 39/ ج 1). 6 - باب خَبَرِ المرْأَةِ الوَاحِدَةِ

_ 860 - هو طرف من الحديث الطويل المذكور في "الجهاد" (ج 2/ برقم 1295). 861 - يشير إلى حديث مالك المتقدم قريباً "1 - باب".

2693 - عَنْ تَوْبَةَ العَنْبَرِيِّ قَالَ: قالَ لي الشَّعْبِيُّ: أرَأَيتَ حَدِيثَ الحَسَنِ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَقَاعَدْتُ ابْنَ عُمَرَ قَريباً مِنْ سَنَتَيْنِ أوْ سَنَةٍ وَنِصْفٍ، فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - غَيْرَ هَذَا؟ قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيهِمْ سَعْدٌ، فَذَهَبُوا يَأْكُلُون مِن لَحْمٍ، فَنَادتهُمُ امْرَأَةٌ مِنْ بَعْضِ أزْوَاجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: إنْهُ لَحْمُ ضَبٍّ، فَأمْسَكُوا، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُوا وَاطْعَمُوا؛ فإنَّهُ حَلاَلٌ، أوْ قَالَ: لا بَأسَ بِهِ -شَكَّ فيهِ- ولَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَعَامي".

96 - كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 96 - كتابُ الاعْتِصَام بالكتابِ والسُّنَّةِ 2694 - عن أبي بَرْزَةَ قَالَ: إنَّ الله يُغْنِيكُمْ -أَوْ نَعَشَكُمْ (1) - بالإسْلامِ، وَبِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. قَالَ أَبُو عَبْدِ الله: وَقَعَ هُنَا (يُغْنيكُمْ)، وَإِنَّمَا هُوَ (نَعَشَكُمْ)، يُنْظَرُ في أَصْلِ "كِتَابِ الاعْتِصَامِ" (2). 1 - باب قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "بُعثْتُ بِجَوامِع الكَلِمِ" 2695 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "بُعِثْتُ بِجَوامعِ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أنَا نَائِمٌ رَأيْتُني أُتيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأرْضِ، فَوُضِعَتْ في يَدي". قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْتُمْ تَلغَثُونَهَا (3)، أو تَرغَثُونَهَا. أوْ كَلِمِةً تُشْبِهُهَا.

_ (1) قوله: (نعشكم) أي: رفعكم. (2) قال الحافظ: "فيه إشارة إلى أنه صنف "كتاب الاعتصام" مفرداً، وكتب منه هنا ما يليق بشرطه في هذا الكتاب، كما صنع في "كتاب الأدب المفرد"، فلما رأى هذه اللفظة مغايرة لما عنده أنه الصواب، أحال على مراجعة ذلك الأصل، وكأنه كان في هذه الحالة غائباً عنه، فأمر بمراجعته، وأن يصلح منه. (3) أي: تأكلونها، من (اللغيث)، وهو طعام يغش بالشعير. ويروى (ترغثونها) أي: ترضعونها؛ يعني: الدنيا، من رَغَثَ الجديُ أمه؛ إذا رضعها.

2 - باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقول الله تعالى: (واجعلنا للمتقين إماما)

[قال محمد: وبلغني أن جوامِعَ الكَلِمِ: أن اللهَ يجمعُ الأمورَ الكثيرةَ التي كانتْ تُكْتَبُ في الكتبِ قَبْلَهُ في الأمرِ الواحِدِ والأَمْرَيْنِ، أو نحوِ ذلكَ 8/ 76]. 2 - باب الاقْتِدَاءِ بِسُنَنِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَقَوْلِ الله تَعَالى: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إمَاماً) 1430 - قَال أَئمَّةً نَقْتَدي بِمَنْ قَبْلَنَا، وَيَقْتَدي بِنا مَنْ بَعْدَنَا. 1431 - وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثَلاَثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسي وَلإخْوَاني: هَذِهِ السُّنَّةُ أن يَتَعَلَّمُوهَا وَيَسْألُوا عَنْهَا، وَالقُرْآنُ أنْ يَتَفَهَّمُوهُ وَيَسْألُوا عَنْهُ، وَيَدَعُوا النَّاسَ إلا مِنْ خَيْرٍ. 2696 - قَالَ عَبْدُ الله (بن مسعود): إنَّ أحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ، وَأحْسَنَ الهَدْيِ (4) هَدْيُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَإنَّ مَا تُوعَدُونَ لاَتٍ، وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ. 2697 - عَنْ أَبي هُريرَةَ أن رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "كُلُّ أُمّتي يَدْخُلُونَ الجنَّةَ إلا مَنْ أَبَى". قَالُوا: يَا رَسولُ الله! وَمَنْ يَأبَى؟ قَالَ: "مَنْ أطَاعَني دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمنْ عَصَانِي فَقَدْ أبَى".

_ 1430 - قوله: "قال" أي: مجاهد. أخرجه الفريابي والطبري وغيرهما من طريقه بهذا اللفظ بسند صحيح، وأخرجه ابن أبي حاتم من طريقه بسند صحيح أيضاً. 1431 - وصله ابن نصر المروزي في "كتاب السنة"، والجوزقي من طريقه، واللالكائي في "كتاب السنة" من طريقين عنه. (4) قال الشارح: (الهدي) بفتح الدال وسكون الدال: السمت والطريقة والسيرة.

2698 - عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قالَ: جَاءَتْ مَلاَئِكَةٌ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ نَائِمٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: إنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلاً، فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلاً، فَقَالَ بَعْضُهُم: إنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَاراً، وَجَعَلَ فيها مَأْدُبَةً، وَبَعَثَ دَاعِياً، فَمَنْ أجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ، وَأكَلَ مِنَ المأْدُبَةِ، وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّاعيَ لَمْ يَدْخُلِ الدَّارَ، وَلَمْ يأكُلْ مِن المأْدُبَةِ، فَقالُوا: أوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا، فَقَالَ بَعْضُهُم: إنَّهُ نَائِمٌ، وَقَالَ بَعْضُهُم: إن العَيْنَ نَائِمَةٌ، وَالقَلْبَ يَقْظَانُ، فَقَالُوا: فَالدَّارُ الجَنَّةُ، وَالدَّاعي مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، فَمَنْ أطَاعَ مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ أطَاعَ الله، وَمَنْ عَصَى مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمُحَمَّدٌ فَرَّقَ (5) بَيْنَ النَّاسِ. 862 - وفي رواية معلقة عَنْ جَابِرٍ: خَرَجَ عَلَيْنَا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ...

_ (5) بتشديد الراء أي: فارق بين المطيع والعاصي، ويروى (فرق) بسكونها على المصدر وبتنوين القاف؛ وصف به للمبالغة. 862 - وصله الترمذي والإسماعيلي وأبو نعيم، وقال الترمذي: "حديث مرسل، سعيد ابن أبي هلال لم يدرك جابر بن عبد الله". قال الحافظ: "وفائدة إيراد البخاري له رفع التوهم عمن يظن أن الطريق التي قبلها موقوفة، لأنه لم يصرح برفع ذلك إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فأتى بهذه الطريق لتصريحها. ثم قال الترمذي: وجاء من غير وجه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بإسناد أصح من هذا". قلت: ثم قوّى الحافظ هذه الرواية المرسلة -أي المنقطعة- بحديث ربيعة الجرشي عند الطبراني، فإنه بنحو سياقه، وسنده جيد.

2699 - عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: يَا مَعْشَرَ القُرَّاءِ! اسْتَقِيمُوا، فَقَدْ سُبِقْتُمْ سَبْقاً بَعِيداً، فَإنْ أخَذْتُمْ يَميناً وَشِمَالاً، لَقدْ ضَللتُمْ ضَلالاً بَعيداً. 2700 - عنْ أَبي مُوسَى عَن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إنَّمَا مَثَلي وَمَثَلُ مَا بَعَثَني الله بِهِ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى قَوماً، فَقَالَ: يَا قَوْمِ! إنِّي رَأيْتُ الجَيْشَ بَعيْنَيَّ، وَإنِّي أنَا النَّذِيرُ العريانُ، فَالنَّجَاءَ [النجاءَ 7/ 186]، فَأطَاعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَأدْلَجُوا، فَانْطَلَقُوا عَلَى مَهَلِهِمْ فَنَجَوْا، وَكَذَّبَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فَأصْبَحُوا مَكانَهُمْ، فَصَبَّحَهُمُ الجيْشُ فَأهْلَكَهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ أطَاعَني فَاتَّبَعَ مَا جِئْتُ بِهِ، وَمثَلُ مَنْ عَصَاني وَكَذَّبَ بِمَا جِئْتُ بِهِ مِنَ الحقِّ". 2701 - عن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ الله عَنْهُما قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيفَةَ بنِ بَدْرٍ، فَنَزلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الحُرِّ بْنِ قَيْسِ ابْنِ حِصْنٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذين يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجْلِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ، كُهُولاً كانُوا أوْ شُبَّاناً، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أخِيهِ: يَا ابْنَ أخِي! هَلْ لَكَ وَجْهٌ (6) عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ فَتَسْتأْذِنَ لِي عَلَيْهِ؟ قَالَ: سَأَسْتَأذِنُ لَكَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأذَنَ لِعُيَيْنَةَ، فَلَمَا دَخَلَ قَالَ: يَا ابْنَ الخَطَّابِ! وَالله مَا تُعْطِينَا الجَزْلَ (7)، وَمَا تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِأنْ يَقَعَ بِهِ (8)، فَقَالَ الحُرُّ: يَا أمِيرَ المؤْمِنينَ! إنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأعْرِضْ عَنِ

_ (6) أي: وجاهة ومنزلة. (7) قوله: (الجزل) أي: الكثير (8) قوله: (همّ بأن يقع به) أي: قصد أن يبالغ في ضربه.

3 - باب ما يكره من كثرة السؤال، وتكلف ما لا يعنيه، وقوله تعالى: (لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)

الجَاهِلِينَ)، وَإنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلينَ، فَوَ اللهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافاً عِنْدَ كِتَابِ اللهِ. 2702 - عَنْ أَبي هُريرَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "دَعُوني مَا تَرَكْتُكُمْ، إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلافِهِمْ عَلى أنْبِيائِهِم، فَإذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شيءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإذَا أمَرْتُكُمْ بِأمْرٍ فَأْتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ". 3 - باب مَا يُكْرَهُ مِنْ كَثْرَةِ السُّؤَالِ، وَتَكَلُّفِ مَا لا يَعْنيهِ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) 2703 - عن سَعْدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إنَّ أعْظَمَ المسْلمينَ جُرْماً مَنْ سَأَلَ عَنْ شَيءٍ لَمْ يُحَرَّمْ، فَحُرِّمَ مِنْ أجْلِ مسألَتِهِ". 2704 - عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فقالَ: نُهينَا عَنِ التَّكَلُّفِ (9). 2705 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالكٍ رَضيَ الله عَنْهُ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ [ذات يوم 8/ 94] حينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، فَلَمَّا سَلَّمَ [سألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أحفَوْه المسألة، فغضبَ، فـ 7/ 157] قَامَ عَلى المنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، وذَكَرَ أنَّ بَيْنَ

_ (9) وأخرجه عبد بن حميد وأبو نعيم في "المستخرج" بإسناد المصنف أتم منه، ولفظه: "عن أنسٍ: كنا عند عمر وعليه قميصٍ في ظهرِه أربع رقاع، فقرأ (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)، فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها، فما الأَب؟ ثم قال: قد نهينا عن التكلّف".

يَدَيْهَا أمُوراً عِظَاماً (وفي طريق: خَطَبَ خُطْبَةً ما سمعتُ مثلَها قَطُّ، قال: "لو تعلمون ما أعلمُ لضَحِكْتُم قليلاً، ولبكيتم كثيراً". قال: فغطى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجوههم، لهم حَنين 5/ 190)، ثُمَ قَالَ: "مَنْ أحَبَّ أنْ يَسْألَ عنْ شَيءٍ فَلْيسأل عَنْهُ، فَوَ اللهِ لا تَسْأَلُوني عَنْ شَيءٍ إلا أخبَرْتُكُمْ بِهِ، مَا دُمْتُ في مَقَامِي هَذَا". قَالَ أنَسٌ: فَأكْثَرَ النَّاسُ البُكَاءَ (وفي طريق: فجعلتُ أنظر يميناً وشمالاً: فإذا كلُّ رجلٍ لافٌّ رأسَه في ثوبهِ يبكي)، [863 - وقال: "عائذاً- أو قال: أعوذ باللهِ من سوء الفتنْ"]، وَأكْثَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَقُولَ: "سَلُونِي"، فَقالَ أنَسٌ: فَقَامَ إليْهِ رَجُلٌ فَقالَ: أيْنَ مَدْخَلي يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: "النَّارُ"، فَقَامَ عَبْدُ الله بْنُ حُذَافَةَ [السهمي 1/ 136] (وفي طريق: فإذا رجَلٌ كانَ إذا لاحى الرجالَ يُدْعَى لغيرِ أبيه)، فَقَالَ: مَنْ أَبي يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "أَبُوكَ حُذَافَةُ". قَالَ: ثُمَّ أكْثَرَ أنْ يَقُولَ: "سَلُوني"، فَبَركَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ (10) فَقَالَ: رَضينَا باللهِ رَبًّا، وَبالإسْلاَمِ ديناً، وَبُمحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - رَسُولاً (وفي روايةٍ: نبياً)، [نعوذ باللهِ من سوء -وفي طريق: شرِّ- الفتنِ 8/ 95]، قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ قَالَ عُمَرُ ذَلِكَ، [فنزلتْ هذه الآيةُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ)]. ثُمَّ قَالَ: رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:

_ 863 - وصلها أبو نعيم في "المستخرج". (10) قلت: تعبير عربي نسيه كثير من العرب أنفسهم، وهو أن البروك إنما يكون على الركبتين، فتأول الكثير منهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلا يبرك كما يبرك البعير" بأن البعير يبرك على يديه، مع مخالفة هذا التأويل لتمام الحديث "وليضع يديه قبل ركبتيه"، فادعى بعضهم أنه مقلوب! ظلمات بعضها فوق بعض، كما نسوا ما ذكره ابن القيم أن عمر كان إذا سجد برك على ركبتيه كما يبرك البعير!

4 - باب الاقتداء بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -

"أوْلَى (11)، وَالذي نَفْسِي بيَدِهِ لَقَد عُرِضَتْ عَلَيَّ (وفي طريق: صُوِّرت لي) الجنَّةُ وَالنَّارُ آنِفاً في عُرْضِ هَذَا (وفي طريق: حتى رأيتُهُما وراءَ) الحَائِطِ، وَأنَا أُصَلِّي، فَلَمْ أرَ كَاليَوْمِ [قط] في الخيْرِ وَالشَّرِّ". 2706 - عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَنْ يَبْرَحَ النَّاسُ يَتَسَاءلونَ حَتَّى يَقُولُوا: هَذَا اللهُ خَالِقُ كُل شَيءٍ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ ". 4 - باب الاِقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "77 - اللباس/ 46 - باب"). 5 - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ (12) والتَّنَازُعِ في العِلْمِ والغُلُوِّ في الدِّينِ والبِدَعِ؛ لِقَولِهِ تَعَالَى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ (171)} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم "ج 1/ 30 - الصوم/ 49 - باب"). 2707 - عن إبْرَاهيمَ التَّيْمِيّ: حَدَّثني أبي قَالَ: خَطبَنَا عَليٌّ رَضي الله عَنْهُ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرِّ، وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَقَالَ: واللهِ مَا عِنْدَنَا مِنْ كتَابٍ يُقْرَأ إلا كِتَابُ الله، وَمَا في هَذِهِ الصَّحيفَةِ، فَنَشَرَهَا، فَإذَا فِيهَا [أَشياءُ من الجراحاتِ و 8/ 10] أسْنَانُ الَإبِلِ، وَإذَا فِيهَا:

_ (11) قوله: (أولى) لم يثبت في بعض النسخ، وهو أولى، وذكر الشارح أن معناه: أو لا ترضون، يعني: رضيتم أو لا قال: وكتبت بالياء في أكثر النسخ. اهـ مصحح. (12) أي: التشدد في الأمر حتى يتجاوز الحدّ فيه. اهـ (شارح).

"المدينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ (وفي روايةٍ: عائر (13) 2/ 221) إلى كَذَا (وفي روايةٍ: ثور)، فَمَنْ أحْدَثَ فِيهَا حَدَثاً (14) [أو آوى مُحْدِثاً 8/ 10]، فَعَلَيْه لَعْنَةُ اللهِ، وَالملائِكَةِ، وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ [يومَ القيامةِ] صَرْفاً (15)، وَلا عَدْلاً"، وَإذَا فِيهِ: "ذِمَّةُ المسْلِمينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ، فَمَنْ أخْفَرَ مُسْلِماً، فَعَليْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالملائِكَةِ، وَالنَّاسِ أجْمَعينَ، لا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ [يومَ القيامةِ] صَرْفاً، وَلا عَدْلاً"، وإذَا فِيها: "مَنْ وَالى قَوْماً بَغَيْرِ إذْنِ مَوَاليه، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ، وَالملائِكَةِ، والنَّاسِ أَجْمَعينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ [يومَ القيامةِ] صَرفاً، وَلا عَدْلاً". [قال أبو عبد الله: (عدل): فداء]. (ومن طريق أبي جُحَيْفَةَ قال: سألتُ علياً رضيَ اللهُ عنه: هل عندَكُم شيءٌ ما ليسَ في القرآنِ؟ وقال [ابن عُيَيْنَةَ 8/ 47] مَرّةً: ما ليسَ عندَ الناسِ؟ فقالَ: والذي فَلَقَ الحبّ، وبرأ النسمة؛ ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا فهماً يُعطى رجلٌ [مسلمٌ 1/ 36] في كتابِهِ، وما في [هذه] الصحيفَةِ، قلت: وما في [هذه]

_ (13) هو جبل بالمدينة المنورة. وفي "معجم البلدان": عير جبلان أحمران من عن يمينك وأنت ببطن العقيق تريد مكة. و (ثور) هنا جبل صغير خلف أُحد من جهة الشمال، إلى العمرة بتدوير، كما حققه بعض العلماء. فراجع "الفتح". (14) أي: بدعة أو ظلماً. قوله: (فمن أخفر) أي: نقض عهده. قوله: (من والى قوماً) أي: نسب نفسه إليهم كانتمائه إلى غير أبيه أو انتمائه إلى غير معتقه، وذلك لما فيه من كفر النعمة، وتضييع حقوق الإرث والولاء، وقطع الرحم ونحوه، ولفظ (بغير إذن مواليه) ليس لتقييد الحكم به، وإنما هو إيراد الكلام على ما هو الغالب. (15) (الصرف): الفريضة، و (العدل): النافلة. وقيل بالعكس. اهـ عيني.

6 - باب إثم من آوى محدثا

الصحيفة؟ قال: العقلُ، وفكاكُ الأسير، وأن لا يقتلَ مسلمٌ بكافرٍ 8/ 45). 6 - باب إثْمِ مَنْ آوَى مُحْدِثاً 864 - رَوَاهُ عَلِيٌّ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قلتُ: أسند فيه حديث أنس المتقدم برقم 866/ ج 1). 7 - باب مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْىِ وَتَكَلُّفِ الْقِيَاسِ. (وَلاَ تَقْفُ) لَا تَقُلْ (مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) 8 - باب مَا كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُسْأَلُ مِمَّا لَمْ يُنْزَلْ عَلَيْهِ الْوَحْيُ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِى، أَوْ لَمْ يُجِبْ حَتَّى يُنْزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ، وَلَمْ يَقُلْ بِرَأْىٍ وَلاَ قِيَاسٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) 865 - وَقَالَ ابْن مَسْعُودٍ: سُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الرُّوحِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ. (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم "ج1/ 4 - الوضوء/ 46 - باب"). 9 - باب تَعْليمِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّتَهُ مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، لَيْسَ بِرْأيٍ وَلا تَمثِيلٍ 2708 و 2709 - عَنْ أَبي سَعِيدٍ [وأبي هريرة 1/ 34] (16): جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله! ذَهَبَ الرِّجَالُ بِحَديثِكَ

_ 864 - يشير إلى حديثه المتقدم آنفاً "5 - باب". 865 - وصله فيما تقدم "ج1/ 3 - العلم/ 48 - باب". (16) لم يسق المصنف لفظ أبي هريرة بتمامه، وكذلك صنع مسلم، وقد أخرجه أحمد عنه بنحو حديث أبي سعيد، وفيه أنه قال لهن: "موعدكن بيت فلان". وهو مخرج في "الصحيحة" برقم (2680).

10 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق يقاتلون"، وهم أهل العلم

(وفي روايةٍ: قال النساء: غَلَبَنا عليكَ الرجالُ)، فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْماً نَأْتِيكَ فِيهِ، تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمكَ اللهُ، فَقَالَ: "اجْتَمِعْنَ في يَوْمِ كَذَا وَكَذَا، في مَكَانِ كَذَا وَكَذَا"، فَاجْتَمَعْنَ، فَأتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: [لهنَّ]: "مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَديهَا مِنْ وَلَدِهَا ثَلاثَةً [قال أبو هريرة: لم يبلغوا الحِنْثَ] (17) إلا كَانَ لَهَا حِجَاباً مِنَ النَّارِ"، فَقَالتِ امْرَأةٌ مِنْهُنّ: يَا رَسُولَ اللهِ! اثْنَيْنِ؟ قَالَ: فَأعَادتها مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: "واثْنَيْنِ، واثْنَيْنِ، واثْنَيْنِ". 10 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ تَزَالُ طَائفَةٌ مِنْ أُمَّتي ظَاهِرينَ عَلَى الحَقِّ يُقَاتِلُونَ"، وَهُمْ أهْلُ العِلْمِ (18) 2710 - عَنِ المغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتي ظَاهِرينَ [على الناسِ 8/ 189] حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ". 11 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: (أوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1899/ ج 3).

_ (17) هذه الزيادة ظاهرها الوقف، ولكنها في حكم الرفع كما لا يخفى، ويؤيده أن المصنف علقها كما مضى بيانه في "ج1/ 23 - الجنائز/ 6 - باب". (18) يعني أهل الحديث، وبه فسره جماعة من الأئمة كابن المديني شيخ المصنف، ويزيد بن هارون وأحمد بن حنبل وغيرهم. انظر تخريجي لهذا الحديث في "الأحاديث الصحيحة" (270).

12 - باب من شبه أصلا معلوما بأصل مبين قد بين الله حكمهما ليفهم السائل

12 - باب مَنْ شَبَّهَ أصْلاً مَعْلُوماً بأصْلٍ مُبَيَّنٍ قَدْ بَيَّنَ اللهُ حُكْمَهُمَا لِيفْهَمَ السَّائِلُ 2711 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ: أنَّ أَعْرَابِياً أتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إنَّ امْرَأتي ولَدَتْ غُلاَماً أَسْوَدَ، وإنِّي أَنْكَرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ لَكَ مِنْ إبِلٍ؟ ". قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "فَمَا ألْوَانُهَا؟ ". قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: "هَلْ فيها مِنْ أوْرَقَ؟ ". قَالَ: إنَّ فيها لَوُرْقاً، قالَ: "فَأنَّى تُرَى (19) ذَلِكَ جَاءَهَا؟ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! [لعله 6/ 178] عِرْقٌ نَزَعَهَا (وفي روايةٍ: أراه عِرْقٌ نزعه 8/ 31) قَالَ: "وَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ". وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ في الانْتِفَاءِ مِنْهُ. 13 - باب مَا جَاءَ في اجْتِهَادِ القُضَاةِ بِمَا أنْزَلَ اللهُ تَعَالَى لِقَولِهِ: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) 866 - وَمَدَحَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَاحبَ الحِكْمَةِ حينَ يَقْضي بِها وَيُعَلِّمها وَلا يَتَكلَّفُ مِنْ قِبَلِهِ، وَمُشَاوَرَةِ الخُلَفَاءِ، وَسُؤَالِهِمْ أهْلَ العِلْمِ. 2712 - عَنِ المغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخطَّابِ عَنْ إمْلاصِ (20)

_ (19) قوله: (ترى) بفتح الفوقية أو بضمها أي: تظن. (شارح). 866 - يشير إلى حديث ابن مسعود المتقدم في "ج1/ 3 - العلم/ 16 - باب". (20) (الإملاص): إلقاء المرأة الجنين ميتاً. اهـ عيني.

14 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لتتبعن سنن من كان قبلكم"

المرْأَةِ؟ -وَهْيِ الَّتي يُضْرَبُ بَطْنُهَا فَتُلْقِي جَنيناً-، فقالَ: أَيُّكُمْ سَمعَ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيهِ شَيْئاً؟ فَقُلْتُ: (وفي روايةٍ: أن عمر نَشدَ (وفي أخرى: استشارَ) الناسَ: مَنْ سَمِعَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قضى في السقط؟ فقال المغيرة 8/ 45): أنَا، فَقَالَ: مَا هُوَ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "فيهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أوْ أمَةٌ". فَقَالَ: لا تَبْرَحْ حَتَّى تَجِيئَني بالمخْرَجِ فيمَا قُلْتَ، فَخَرجْتُ. فَوَجَدتُ مُحَمَّدَ ابْنَ مَسْلَمَةَ، فَجئْتُ بِهِ، فَشَهِدَ مَعي أنَّهُ سَمِعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "فِيهِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أوْ أمَةٌ". 14 - باب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ (21) مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ" 2713 - عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضي الله عَنْهُ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لا تَقَومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَأْخُذَ أُمَّتي بِأخْذِ القُرُونِ قَبْلَهَا، شِبْراً بَشِبْرٍ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ". فَقيلَ: يَا رَسُولَ الله! كَفَارِسَ وَالرُّومِ؟ فَقَالَ: "وَمَنِ النَّاسُ إلا أولئِكَ؟ ". 15 - باب إِثْمِ مَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ، أَوْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً، لِقَولِ اللهِ تعَالَى: (وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) الآيةَ (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1423/ ج 2). 16 - باب مَا ذَكَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَحَضَّ عَلَى اتِّفَاقِ أهْلِ العِلْمِ، وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الحَرَمَانِ: مَكَّةُ وَالمدِينَةُ، وَمَا كَانَ بِهَا مِنْ مَشَاهِدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالمهَاجِرِينَ

_ (21) قوله: (سنن من كان قبلكم) أي: طريقتهم.

17 - باب قول الله تعالى: (ليس لك من الأمر شيء)

وَالأنْصَارِ، وَمُصَلَّى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَالمِنْبَرِ، وَالقَبْرِ 2714 - عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبي هُرَيْرَةَ، وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ (22) مِنْ كَتَّانٍ، فَتَمَخَّطَ، فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ، أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَمَخَّطُ في الكَتَّانِ! لقد رَأيْتُني وِإنِّي لأخِرُّ فيما بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشياً عَلَيَّ، فَيَجِيءُ الجَائي فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِي، وَيُرَى أنِّي مَجْنُونٌ، ومَا بي جُنُونٌ، ما بِي إلا الجُوعُ. 2715 - عن السَّائِبِ بْنِ يَزيِدَ: سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ خَطيباً عَلى مِنْبَرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (23). 17 - باب قَوْلِ الله تَعَالَى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيءٌ) (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عمر المتقدم برقم 1719/ ج 3). 18 - باب قَوْلهِ تعَالَى: (وَكَانَ الإنْسَانُ أكْثَرَ شَيءٍ جَدَلاً)، وَقَوْلهِ تَعَالَى: (وَلا تُجَادِلُوا أهْلَ الكِتَابِ إلا بِالَّتي هِيَ أحْسَنُ) 2716 - عن عَليِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ رَضيَ الله عَنْهُ قَالَ: إنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلامُ بِنْتَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -[ليلةً 8/ 190]، فَقَالَ لَهُمْ: "ألا تُصَلُّونَ؟ "، فَقَالَ عَليٌّ: فَقُلتُ: يَا رَسُولَ الله! إنَّمَا أنْفُسُنَا بِيَدِ اللهِ، فَإذَا شَاءَ أنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ قَالَ: لَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجعْ إليْهِ شَيْئاً، ثُمَّ سَمِعَهُ وَهْوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَهْوَ يَقولُ:

_ (22) (ممشقان): أي: مصبوغان بالمشق؛ بكسر الميم وسكون الشين، وهو الطين الأحمر. اهـ عيني. (23) تمامه عند أبي عبيد في "الأموال": "يقول: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤدَه ... " الحديث.

19 - باب قول الله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا)، وما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلزوم الجماعة؛ وهم أهل العلم

" (وَكَانَ الإنْسَانُ أكْثَرَ شَيء جَدَلاً) ". قالَ أبُو عَبْدِ الله: يُقَالُ ما أتَاكَ لَيْلاً فَهْوَ طَارِقٌ. وَيُقَالُ: (الطَّارِقُ): النَّجمُ، وَ (الثَّاقِبُ): المضيءُ. يُقَالُ: اثْقُبْ (24) نَارَكَ للمُوقِدِ. 2717 - عَنْ أَبي هُريرَةَ: بَيْنَا نَحْنُ في المسْجِدِ [إذ 8/ 57] خَرَجَ [علينا] رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقَالَ: "انْطَلِقُوا إلى يَهُودَ"، فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ المِدْرَاسِ، فَقَامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَادَاهُمْ؛ فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ يَهُودَ! أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا". فَقَالُوا: بَلَّغْتَ يَا أَبا القَاسِمِ! قال: فقال لهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "ذلك (20) أُريد، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا"، فقالوا: قد بلَّغْتَ يا أبا القاسمِ! فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ذَلِكَ أُريِدُ"، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: "اعْلَمُوا أنَّمَا الأرْضُ للهِ وَرَسُولِهِ، وَإنِّي أُريدُ أنْ أجْليَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئاً فَلْيَبِعهُ، وَإلا فَاعْلَمُوا أنَّمَا الأرْضُ للهِ وَرَسُولِهِ". 19 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)، وَمَا أمَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلُزومِ الجَماعَةِ؛ وَهُمْ أهْلُ العِلمِ (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد المتقدم برقم 1851/ ج 3).

_ (24) قوله: (اثقب): أمر من الثقب، وهو متعدٍ من باب نصر. كما في العيني. وقال القسطلاني: بكسر القاف، وسكت عن ضبط الهمزة. اهـ. (25) قوله: (ذلك) أي: إقراركم بالتبليغ. (شارح).

20 - باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ -خلاف الرسول- من غير علم؛ فحكمه مردود

20 - باب إذَا اجْتَهَدَ العَامِلُ أوِ الحَاكِمُ فَأخْطَأَ -خِلافَ الرَّسُولِ- مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ؛ فَحُكْمُهُ مَرْدودٌ 867 - لِقَولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْس عَلَيْهِ أمْرُنا؛ فَهْوَ رَدٌّ". (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد وأبي هريرة المتقدم برقم 1037/ ج 2). 21 - باب أَجْرِ الحَاكِمِ إذَا اجْتَهَدَ فَأصَابَ أوْ أخْطَأَ 2718 - عنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ أنَّه سَمعَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقولُ: "إذَا حَكَم الحَاكِمُ (26) فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أصَابَ؛ فَلَهُ أجْرَانِ، وَإذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثمَّ أخْطَأَ، فَلَهُ أجْرٌ". 2719 - عن أبي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ (27). 868 - وفي رواية معلقة عَنْ أَبي سَلَمَةَ عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَهُ. 22 - باب الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ: إِنَّ أَحْكَامَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَتْ ظَاهِرَةً، وَمَا كَانَ يَغِيبُ بَعْضُهُمْ مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأُمُورِ الإِسْلاَمِ.

_ 867 - مضى معلقاً في "ج2/ 34 - البيوع/ 60 - باب/ 339 - معلق"، وذكرنا هناك من وصله. (26) أي: أراد أن يحكم. (27) يريد: بمثل حديث عمرو بن العاص. 868 - يشير المصنف رحمه الله تعالى بهذه الرواية إلى أنه اختلف على أبي سلمة؛ فرواه بعضهم عنه هكذا مرسلاً، وبعضهم عنه عن أبي هريرة كما في الرواية التي قبلها، وأشار الحافظ إلى ترجيحها.

23 - باب من رأى ترك النكير من النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة، لا من غير الرسول

23 - باب مَنْ رَأى تَرْكَ النَّكِيرِ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حُجَّةً، لا مِنْ غيْرِ الرَسُولِ 2720 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المنْكَدِرِ قَالَ: رَأيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَحْلِفُ باللهِ: إنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ. قُلْتُ: تَحْلِفُ باللهِ؟ قَالَ: إنّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى دلِكَ عِنْدَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلمْ يُنْكِرْهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -. 24 - باب الأَحْكَامِ الَّتي تُعْرَفُ بالدَّلائِلِ، وَكَيْفَ مَعْنَى الدَّلالَة وَتَفْسيرُهَا؟ 869 - وَقَدْ أخْبَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أمْرَ الخَيْلِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ سُئِلَ عَنِ الحُمُرِ؟ فَدَلَّهُمْ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه). 870 - وسُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الضَّبِّ؟ فَقَالَ: "لا آكلُهُ وَلا أُحَرِّمُه". 871 - وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الضَّبُّ، فاسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ. 2721 - عِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الحارث بْنِ حَزْنٍ أهْدَتْ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَمْناً، وَأقِطاً، وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأُكِلْنَ عَلَى مائِدتِه،

_ 869 - يشير إلى حديث أبي هريرة المتقدم موصولاً في "المساقاة" ج 2/ برقم 1101. 870 - وصله المصنف في "الذبائح" وقد مضى (ج 3/ برقم 2177) نحوه. 871 - يشير إلى حديث ابن عباس الآتي في الباب، وقد مضى من روايته عن خالد بن الوليد ج 3/ برقم 2135 بأتم منه، لكن ليس فيه موضع الشاهد.

25 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء"

فَتَرَكَهُنَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كَالمُتَقَذِّرِ لَهُ، وَلَوْ كُنَّ حَرَاماً مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَلا أمَرَ بِأَكْلِهِنَّ. 25 - باب قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَسأَلُوا أهْلَ الكِتَابِ عَنْ شَيءٍ" (28) 2722 - عن حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمعَ مُعَاويَةَ يُحَدِّثُ رَهْطاً مِنْ قُرَيْشٍ بالمدِينَةِ، وَذَكَرَ كَعْبَ الأحْبَارِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ مِنْ أصْدَقِ هَؤُلاءِ المحدِّثينَ الَّذينَ يُحَدِّثُونَ عنْ أهْلِ الكِتَابِ، وَإنْ كُنَّا مَعَ ذَلِكَ لَنَبْلُو (29) عَلَيْهِ الكَذِبَ. 26 - باب كَرَاهِيَةِ الخِلافِ 27 - باب نَهْيُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى التَّحْريمِ؛ إلا مَا تُعْرَفُ إباحَتُهُ، وَكَذَلِكَ أمْرُهُ 872 - نَحْوُ قَوْلِهِ حينَ أحَلُّوا: "أصِيبُوا مِنَ النَّسَاءِ"، وَقَالَ جَابِرٌ: وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَيْهِمْ، وَلَكنْ أَحَلَّهنَّ لَهُمْ. 873 - وَقَالَتْ أُمُّ عَطيَّةَ: نُهينَا عَنِ اتِّبَاعِ الجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا.

_ (28) هذه الترجمة لفظ حديث أخرجه أحمد وغيره من حديث جابر نحوه، وهو حديث حسن بمجموع شواهده كما بينته في "الإرواء" (6/ 34). (29) أي: يقع بعض ما يخبرنا به بخلاف ما يخبرنا به، لا أنه يتعمد الكذب، وإلا فقد كان كعب من أخيار الأحبار؛ كما قال ابن الجوزي. راجع "الفتح". 872 - هو طرف من حديث جابر المتقدم "94 - التمني/ 3 - باب". 873 - مضى موصلًا في "ج1/ 6 - الحيض/ 13 - باب".

28 - باب قول الله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}، {وشاورهم في الأمر}، وأن المشاورة قبل العزم والتبين؛ لقوله تعالى: {فإذا عزمت فتوكل على الله}، فإذا عزم الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يكن لبشر التقدم على الله ورسوله

28 - باب قَوْلِ الله تَعَالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}، {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، وَأنَّ المشَاوَرَةَ قَبْلَ العَزْمِ وَالتَّبَيُّنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}، فَإذَا عَزَمَ الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ 874 - وَشَاوَرَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ في المُقَامِ وَالخُرُوجِ، فَرأَوْا لَهُ الخروجَ، فلمّا لَبِسَ لامَتَهُ (30) وَعَزَمَ قَالُوا: أقِمْ، فَلَمْ يَمِلْ إليْهِمْ بَعْدَ العَزْمِ، وَقَالَ: "لا يَنْبَغِي لِنَبيٍّ يَلْبَسُ لامَتَهُ فَيَضَعُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ". 875 - وَشَاوَرَ عَلياً وَأُسَامَةَ فيمَا رَمَى بِهِ أهْلُ الإفْكِ عَائِشَةَ، فَسَمعَ مِنْهُمَا حَتَّى نَزَلَ القُرْآنُ، فَجَلَدَ الرَّامينَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلى تَنَازُعِهِمْ، وَلَكِنْ حَكَمَ بِمَا أمَرَهُ الله. وَكَانَتِ الأئِمَّةُ بَعْدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَشيرُونَ الأُمَنَاءَ مِنْ أهلِ العِلْمِ في الأمُورِ المبَاحَةِ؛ ليَأخُذُوا بأسْهَلِهَا، فَإذَا وَضَحَ الكِتَابُ أوِ السُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إلى غَيْرِهِ اقْتِدَاءً بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

_ 874 - وصله الحاكم بسند حسن عن ابن عباس كما قال الحافظ، وهو عندي صحيح لأن له شاهداً من حديث جابر، وهو مخرج في "تخريج فقه السيرة" (معركة أحد). (30) قوله: (لامته) بغير همزة أي: درعه، وروي: (لأْمته) بهمزة ساكنة كما في الشارح. 875 - هذا طرف من حديث عائشة الطويل في قصة الإفك، وقد مضى في "المغازي" (ج 3/ برقم 1748) دون قوله: "فجلد الرامين"، فلم يقع في شيء من طرقه في "الصحيحين" ولا أحدهما، وهو عند أحمد وأصحاب السنن من رواية محمد بن إسحاق بسنده عنهما، وحسنه الترمذي، وصرح ابن إسحاق بالتحديث في بعض طرقه كما قال الحافظ أيضاً.

876 - وَرَأَى أبُو بكْرٍ قِتَالَ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ وَقدْ قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إلَهَ إلا الله، فَإذَا قَالُوا: لا إلَهَ إلا الله عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ؛ إلا بِحَقّها". فَقَالَ أَبُو بكْرٍ: وَالله لأقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -. ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ عُمَرُ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو بَكْرٍ إلى مَشُورةٍ إذْ كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في الَّذينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلاةِ والزَّكَاةِ، وَأَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ. 877 - وَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ". 1432 - وَكَانَ القُرَّاءُ أصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ كُهُولاً كَانُوا أوْ شُبَّاناً، وَكَانَ وَقَّافاً عِنْدَ كِتَابِ الله عَزَّ وجَلَّ. * * *

_ 876 - يشير إلى حديث أبي هريرة المتقدم موصولاً في "ج 1/ 24 - الزكاة/ 1 - باب". 877 - مضى موصولاً من حديث ابن عباس في "88 - استتابة المرتدين/ 2 - باب" 1432 - هذا طرف من حديث ابن عباس الموقوف في قصة عيينة بن حصن مع عمر رضي الله عنه، وقد مضى قريباً "96 - الاعتصام/ 2 - باب".

97 - كتاب التوحيد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ 97 - كتاب التَّوحِيْدِ 1 - باب مَا جَاءَ فِى دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى 2723 - عنْ عائِشةَ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعثَ رجُلاً على سَريَّةٍ (1)، وكانَ يقرأُ لأصْحابه في صلاته، فَيخْتِمُ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، فلمّا رَجعُوا ذَكَرُوا ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "سَلُوهُ: لأيِّ شيءٍ يَصْنع ذلك؟ "، فسألوه، فقال: لأنَّها صفةُ الرحمن، وأنا أُحِبُّ أن أَقْرأ بها، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَخْبِروهُ أنَّ اللهَ يُحِبُّهُ". 2 - باب قَوْلِ الله تبارك وتعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} 3 - باب قوْلِ الله تعالى: {إِنا (2) الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} 2724 - عَنْ أبي مُوسى الأشْعَريِّ قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ (1) قوله: (على سرية) أي: أميراً عليهم. اهـ عيني. (2) كذا الأصل، والتلاوة المشهورة: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ}، وعليه أكثر النسخ من الكتاب، وفي بعضها: (إني أنا الرزاق)، وهي قراءة ابن مسعود، وانظر "الفتح".

4 - باب قول الله تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا}

"ما أحدٌ أصبَرَ (3) على أَذىً سمعَهُ مِنَ اللهِ، [إنهم 7/ 96] يدَّعُونَ لهُ الولدَ، ثُمَّ يُعافيهم، ويرْزُقُهم". 4 - باب قَوْلِ الله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} و {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}، و {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}، {وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ}، {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ} 1433 - قالَ يَحْيى بنُ زِيادٍ: {الظَّاهرُ} عَلى كُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، و {الباطنُ} على كل شيءٍ عِلْماً. 5 - باب قوْلِ اللهِ تعالى: {السَّلامُ المؤمِنُ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن مسعود المتقدم ج1/ 10 - الأذان/ 147 - باب"). 6 - باب قوْلِ الله تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ} 878 - فيه ابنُ عمرَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 2725 - عنْ أَبي هريرةَ عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ يوْمَ القِيامةِ، ويَطْوي السَّماءَ بيمينهِ، ثُمَّ يقُولُ: أنا الملِكُ. أَينَ مُلوكُ الأرضِ؟ ".

_ (3) قوله: (أصبر) أفعل التفضيل؛ خبر ما، وضبط بالرفع. وقوله: (من الله) صلة لـ (أصبر). اهـ. 1433 - ذكره يحيى بن زياد -وهو الفراء النحوي المشهور- في كتابه "معاني القرآن". 878 - وصله فيما يأتي "19 - باب".

7 - باب قول الله تعالى: {وهو العزيز الحكيم}، {سبحان ربك رب العزة عما يصفون}، {ولله العزة ولرسوله}، ومن حلف بعزة الله وصفاته

7 - باب قَوْلِ الله تعالى: {وَهو العزيزُ الحكيمُ}، {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ}، {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ}، ومَنْ حَلَفَ بِعِزَّةِ اللَهِ وصِفاتِهِ 879 - وقالَ أنسٌ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "تَقُولُ جَهَنَّمُ: قَطْ قَطْ (4) وعِزَّتكَ". 880 - وقالَ أَبُو هُرَيْرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَبْقى رَجُلٌ بيْنَ الجَنَّة والنَّار، آخِرُ أهْلِ النّارِ دُخُولاً الجنَّةَ، فيقولُ: ربِّ اصْرف وَجْهي عن النَّار، لا وَعِزَّتِكَ لا أسْأَلُك غَيْرَهَا". قالَ أبُو سَعيدٍ: إنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال الله عزَّ وجلَّ: لكَ ذلك وعَشَرةُ أَمْثالِهِ". 881 - وقالَ أيُّوبُ: "وَعِزَّتِكَ لا غِنَى بي عنْ بركتِكَ". 2726 - عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يقولُ: "أعوذُ بِعِزَّتِكَ، الذي لا إله إلا أنْتَ، الذي لا يَمُوتُ، والجِنُّ والإنْسُ يَمُوتونَ". 2727 - عنْ أَنسٍ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزالُ (وفي روايةٍ: لا تزالُ جهنمُ 7/ 225) يُلْقى فيها، وتَقُول: (هَلْ

_ 879 - وصله في الباب. (4) بفتح القاف وكسر الطاء أو سكونها فيهما: أي: حسب. اهـ (شارح). 880 - هو طرف من حديث طويل يأتي موصولاً "24 - باب"، وقول أبي سعيد هو من تمام الحديث كما سيأتي هناك. 881 - هو طرف من حديث أبي هريرة المتقدم في "ج1/ 5 - الغسل/ 20 - باب".

8 - باب قول الله تعالى: {وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق}

مِنْ مَزِيدٍ}، حَتَّى يَضَعَ فيها ربُّ العالمين (وفي روايةٍ: ربُّ العزة) قدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُها إلى بعضٍ، ثُم تَقولُ: قَدْ قَدْ (5) بِعِزَّتِكَ (وفي أخرى: قَطْ قَطْ وعِزَّتك) وكَرَمِكَ، ولا تَزالُ الجَنَّةُ تَفْضُلُ حتَّى يُنْشِئَ اللهُ لَها خَلْقاً، فيُسْكِنَهُم فَضْلَ الجنَّةِ". 8 - باب قَوْلِ اللهِ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 556/ ج 1). 9 - باب (وكانَ اللهُ سَميعاً بَصيراً) 882 - عَنْ عائِشَةَ قالت: الحمدُ للهِ الذي وَسعَ سَمْعُهُ الأَصْواتَ، فَأَنْزَلَ الله تعالى على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}. 10 - باب قَوْلِ اللهِ تعالى: {قُلْ هُوَ القادِرُ} (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم "ج1/ 19 - التهجد/ 25 - باب") 11 - باب مُقَلِّبِ القُلُوبِ، وقَوْلِ الله تعالى: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عمر المتقدم "82 - القدر/ 13 - باب").

_ (5) قوله: (قد) روي بسكون الدال وكسرها، وهو اسم مرادف لـ (قَطْ) أي: حسب. اهـ عيني. 882 - هذا معلق عند المصنف رحمه الله تعالى، وقد وصله أحمد (6/ 46) وغيره بسند صحيح عنها، وتمام حديثها: "لقد جاءت المجادلةُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكلِّمه في ناحية البيت، ما أسمع ما تقول، فأنزل الله تعالى ... ".

12 - باب "إن لله مائة اسم إلا واحدا"

12 - باب "إنَّ لله مائَةَ اسْمٍ إلا واحِداً" 1434 - قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ذُو الجَلالِ}: العَظَمَةِ. {البَرُّ}: اللطيفُ 2728 - عَنْ أَبِي هُرَيْرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إنَّ للهِ تِسْعَةً وتِسْعينَ اسْماً، مائَةً إلا واحِداً، مَنْ أَحْصاها (وفي روايةٍ: لا يحفظُها أحدٌ إلا 7/ 169) دَخَلَ الجنَّةَ، [وهو وترٌ يحبُّ الوترَ] ". {أَحْصَيْنَاهُ}: حَفِظْناهُ. 13 - باب السُّؤالِ بأَسْماءِ اللهِ تعالى والاسْتِعاذَةِ بِها 14 - باب ما يُذْكَرُ في الذَّاتِ والنُّعُوتِ وأَسامي اللهِ 1435 - وقالَ خُبَيْبٌ: وذلك في ذاتِ الإلهِ، فَذَكَرَ الذَّاتَ باسْمهِ تعالى. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1329/ ج 2). 15 - باب قوْلِ الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}، وقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} 2729 - عَنْ أبي هُريرةَ رضيَ الله عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يقُولُ اللهُ تعالى: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدي بي، وأَنا معه إذا ذَكَرَني، فإنْ ذَكَرَني في نفْسِهِ ذكرتُهُ في نَفْسي، وِإنْ ذَكَرَني في مَلأٍ ذَكرتُهُ في مَلأٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ

_ 1434 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. وقد مضى بعضه في "ج 3/ برقم 973 - أثر". 1435 - هو طرف من حديث مضى موصولاً (ج 2/ برقم 1329).

16 - باب قول الله تعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه}

إِليَّ بِشِبْرٍ، تَقَرَّبتُ إليْهِ ذِراعاً، وإِنْ تَقَرَّب إليَّ ذِراعاً تَقَربتُ إليهِ باعاً، وإنْ أَتاني يَمْشي أَتيتُهُ هَرْوَلَةً". 16 - باب قوْلِ الله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (قلتُ: أسند فيه حديث جابر المتقدم برقم 1899/ ج 3). 17 - باب قَوْلِ الله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}: تُعذَّى، وقوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} 18 - باب قَوْلِ الله: {هُوَ (6) الخالقُ البارئُ المصَوِّرُ} (قلتُ: أسند فيه حديث أبي سعيد الخدري المتقدم برقم 1747/ج 3) 19 - باب قوْلِ الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} 2730 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضي الله عنهما عنْ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قال: "إنَّ اللهَ يَقْبِضُ يَوْمَ القِيامَةِ الأرْضَ، وتكونُ السَّماواتُ بِيَمينِهِ، ثُمَّ يقولُ: أنا الملكُ". 20 - باب قوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا شَخْصَ أغْيَرُ من اللهِ" 2731 - عن المغيرةِ قال: قال سَعْدُ بنُ عُبادة: لوْ رَأَيْتُ رَجُلاً معَ امْرأَتي لَضَربتُهُ بالسَّيف غيْر مُصْفَحٍ (7)، فَبَلَغَ ذلكَ رسولَ الله

_ (6) كذا الأصل، والآية: {هو الله الخالق البارئ المصور}. (7) قوله: (مصفح) بهذا الضبط عند العيني، وبفتح الصاد والفاء المشددة عند القسطلاني، قال: وبسكون الصاد وتخفيف الفاء وهو الذي في اليونينية، أي: غير ضارب بعرضه، بل بحده. اهـ.

21 - باب {قل أي شيء أكبر شهادة}، وسمى الله تعالى نفسه شيئا: {قل الله}

- صلى الله عليه وسلم -، فقال: " [أ 8/ 31] تَعْجبونَ منْ غَيْرةِ سعْدٍ! واللهِ لأنا أغْيَرُ مِنْهُ، واللهُ أغْيَرُ مِنِّي، ومِنْ أجْلِ غَيْرَةِ اللهِ حرَّم الفواحِشَ، ما ظَهَر مِنها وما بَطَنَ، ولا أحَدَ أحَبَّ إليْه العُذْرُ مِنَ اللهِ، وَمِنْ أجْل ذلكَ بَعَثَ المبَشِّرينَ والمنْذِرينَ، ولا أحَدَ أحَبُّ إليْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللهِ، وَمِنْ أجْلِ ذلِكَ وَعَدَ الله الجَنَّةَ". 883 - (وفي رواية معلقة: "لا شَخْصَ أغْيَرُ مِن اللهِ"). 21 - باب {قُلْ أيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شهادةً}، وسَمَّى الله تَعالى نَفْسَهُ شَيْئاً: {قُلِ اللهُ} (8) 884 - وَسَمَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - القُرآنَ شيئاً. وهوَ صِفةٌ منْ صِفاتِ الله، وقالَ: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث سهل المتقدم برقم 2029/ ج 3) 22 - باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}، {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}

_ 883 - وصلها مسلم (1/ 214) بلفظ: " ... وما بطن، ولا شخصَ أغيرُ من الله، ولا شخص أحب إليه العذر من الله، من أجل ذلك ... ولا شخص أحب إليه المدحة ... ". ووصله الدارمي وأبو عوانة والبيهقي في "الأسماء" (ص 287)، وتقدم موصولاً في (ج 3/ 2093) بلفظ: "لا شيء ... ". (8) كذا وقع في بعض روايات الكتاب، وفي أخرى "باب {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ}، فسمى الله تعالى نفسه شيئاً". قال الحافظ: وهذا أولى. 884 - يشير إلى حديث سهل بن سعد المتقدم (ج 3/ برقم 2029).

1436 - قالَ أبُو العالية: {اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}: ارْتَفَعَ. {فَسَوَّاهُنَّ}: خَلَقَهُنَّ. 1437 - وقالَ مُجاهِدٌ: {اسْتوى}: عَلا على العَرْشِ. 1438 - وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: {المجيدُ}: الكَريم. وَ {الوَدُودُ}: الحَبيبُ. يُقالُ: حَميدٌ: مَجيدٌ كَأَنَّهُ فَعيلٌ مِنْ ماجدٍ، مَحْمودٌ مِنْ حميدٍ (9). 2732 - عنْ أنسٍ قال: جاءَ زَيْدُ بنُ حارِثَة يَشْكُو، فجَعَلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "اتَّقِ اللهَ وَأمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ"، (وفي رواية عنه: أن هذه الآية {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ [وتخشي الناس]} نزلت في شأن زينب ابنة جحش وزيد بن حارثة 6/ 23). قالتْ عائِشةُ (10): لَوْ كانَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كاتِماً شَيْئاً، لَكَتَمَ هذه. قال: فكانت زيْنب تَفْخَرُ على أَزْواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، تَقُولُ: زوّجكُنَّ أهاليكُنَّ، وَزَوَّجَني اللهُ تعالى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سماواتٍ.

_ 1436 - وصله الطبري من طريق أبي جعفر الرازي عنه به.؛ إلا أنه قال: "فقضاهن" بدل "فسواهن"، وهو الصواب المعتمد كما في "الفتح". قال: وقوله في الكتاب: "فسواهن" تغيير. 1437 - وصله الفريابي عنه. 1438 - وصله ابن أبي حاتم بسند منقطع عنه. (9) قال الحافظ: "أصل هذا قول أبي عبيدة في "كتاب المجاز". راجع "الفتح". (10) كذا الأصل، وهو كذلك في بعض النسخ الأخرى. وفي نسخة "الفتح": "قال أنس"، وكذلك نقله الحافظ في "الشرح" (8/ 523)، وقال هنا: "لم أره في غير هذا الموضع موصولاً عن أنس". قلت: والمعروف أنه من حديث عائشة. كذلك أخرجه أحمد (6/ 241 و 266)، ومسلم (1/ 110)، فلعل المصنف علَّقه عنها.

23 - باب قول الله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه}، وقوله جل ذكره: {إليه يصعد الكلم الطيب}

2733 - عنْ أبي هُرَيْرَة عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "مَنْ آمَنَ باللهِ ورَسُولِهِ، وأقامَ الصَّلاةَ، وصامَ رَمَضان؛ كان حقاً على اللهِ أنْ يُدْخِلَهُ الجنَّةَ، هاجَرَ في سبيل الله أَوْ جَلَس في أَرْضِهِ التي وُلِدَ فيها". قالوا: يا رسولَ الله! أفَلا نُنَبِّئُ (وفي روايةٍ: نُبَشِّرُ 3/ 202) النَّاسَ بِذلكَ؟ قالَ: "إنَّ في الجنَّةِ مائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّها الله لِلْمُجاهِدين في سبيله، كُلُّ درجتينِ ما بيْنَهُما كما بيْنَ السَّماءِ والأَرْضِ، فإذا سأَلْتُمُ الله فَسَلُوهُ الفِرْدَوْسَ؛ فإِنَّه أوْسَطُ الجَنَّةِ، وأَعْلى الجنَّةِ، وفوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهارُ الجَنَّةِ". 23 - باب قَوْلِ اللهِ تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ}، وَقوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} 885 - وقالَ أبُو جَمْرَةَ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: بَلَغَ أبا ذرٍّ مَبْعَثُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالَ لأخيه: اعْلم لي عِلْمَ هذا الرجلِ الذي يزعمُ أنَّه يأتيهِ الخَبَرُ من السَّماءِ. 1439 - وقال مُجاهِدٌ: العملُ الصَّالحُ يَرْفَعُ (الكلمَ الطَّيِّبَ). يُقالُ (10): {ذِي الْمَعَارِجِ}: الملائِكَةُ تَعْرُجُ إلى اللهِ.

_ 885 - هذا طرف من حديث إسلام أبي ذر مضى موصولاً (ج 2/ برقم 1495). 1439 - وصله الفريابي. (10) وهو قول الفراء. "فتح".

24 - باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}

886 - عنْ أبي هُرَيْرَة قالَ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَصَدَّق بِعِدْلِ (11) تمرةٍ من كَسْبٍ طَيِّبٍ -ولا يَصْعَدُ إلى الله إلا الطيِّبُ (12) - فإِنَّ الله يتقبَّلُها بيمينِهِ، ثُمَّ يُرَبِّيها لِصاحِبِه كما يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ (13)، حتى تكونَ مِثْلَ الجبلِ". 24 - باب قوْلِ الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 2734 - عنْ أبي هُريرةَ: أنَّ النَّاس قالُوا: يا رسُولَ الله! هَلْ نَرى ربَّنا يوْم القِيامَة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَلْ تُضارُّونَ (وفي روايةٍ: تمارون 1/ 195) في القمرِ ليْلةَ البَدْرِ [ليس دونَه سحابٌ]؟ ". قالوا: لا يا رسولَ الله، قال: "فَهَلْ تُضارُّون (وفي روايةٍ: تمارون) في الشَّمسِ لَيْسَ دُونَها سَحابٌ؟ ". قالوا: لا يا رسولَ الله. قال: "فإنَّكُمْ تَروْنَهُ كذلك. يجْمَعُ اللهُ النَّاسَ يوْم القِيامةِ، فيقول: مَنْ كان يَعْبُدُ شيئاً فَلْيَتْبَعْهُ، فَيَتْبَعُ منْ كانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ، وَيَتْبَعُ مَنْ كان يَعبُدُ القَمَرَ القَمَرَ، ويتْبَعُ مَنْ كانَ يَعْبُدُ الطَّواغيتَ الطَّواغيتَ، وتبقَى هذه الأمَّةُ فيها مُنافِقُوها،

_ 886 - هذا عند المؤلف صورته صورة المعلق، وقد وصله أبو بكر الجوزقي في "الجمع بين الصحيحين"، وأبو عوانة في "صحيحه" كما قال الحافظ، وقد وصله أحمد أيضاً (2/ 331) من طريق أخرى عن أبي هريرة، وهي معلقة عند المصنف أيضاً، وقد مضى موصولاً "ج1/ 24 - الزكاة/ 8 - باب" بنحوه. (11) قوله: (بعدل) بفتح العين وكسرها: ما يعادلها في قيمتها. اهـ شرح. (12) في الطريق المتقدمة الموصولة "24 - الزكاة/ 8 - باب": "ولا يقبل الله إلا الطيب"، وجمع بينهما أحمد في رواية بلفظ: "ولا يقبل الله إلا طيباً، ولا يصعد السماء إلا طيب". وسنده جيد. (13) قوله: (فَلُوّه)، (الفَلُوّ) وزان عدوّ: هو المهر يفصل عن أمه، والمهر بضم الميم: ولد الخيل.

فيَأْتيهمُ اللهُ [في غيرِ الصورةِ التي يعرفونَ 7/ 205]، فيَقُولُ: أنا ربُّكُم، فيقُولونَ: [نعوَذُ باللهِ منك]، هذا مكانُنا حَتَّى يأْتينا ربُّنا، فَإِذا جَاءَنا رَبُّنا عَرَفْناهُ، فيأْتيهمُ اللهُ في صُورَتِهِ التي يَعْرِفُونَ، فيقولُ: أنا ربُّكُمْ، فَيَقُولونَ: أنْتَ ربُّنا، فيَتْبَعُونَهُ، ويُضْرَبُ الصِّراطُ بيْنَ ظَهْرَيْ (14) جهنَّمَ، فأكونُ أنا وأُمَّتي أوَّلَ من يُجيزُها (15) [من الرسلِ بأمَّتِهِ]، ولا يتكلَّمُ يَوْمئذٍ [أحدٌ] إلا الرُّسُلُ، وَدَعْوى (وفي روايةٍ: وكلامُ) الرُّسُلِ يَوْمئِذ: اللهمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، وَفي جَهَنَّمَ كلاليبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدانِ، هَلْ رَأَيْتُم [شوك] السَّعْدانِ؟ قالُوا: نَعَمْ يا رسولَ الله! قالَ: فَإِنَّها مثلُ شَوْكِ السَّعْدانِ، غَيْرَ أنَّه لا يَعْلمُ قَدْرَ عِظَمِها إلا الله، [فـ] تَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمالِهمْ، فَمِنْهُمُ الموبَقُ بعَمَلِهِ، وَمِنْهُمُ المُخَرْدَلُ، أو المُجازى، أو نحوه، ثُمَّ يتجلَّى (وفي روايةٍ: ينجو)، حَتَّى إِذا فرغ اللهُ مِنَ القضاءِ بيْنَ العِبادِ، وأَرادَ أنْ يُخْرِجَ بِرَحْمتِهِ مَنْ أرادَ [أن يُخْرجَ] مِنْ أهْلِ النَّارِ، أمَرَ الملائِكَةَ أنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كان لا يُشْرِكُ بالله شيْئاً، (وفي روايةٍ: من كان يعبدُ الله) مِمَّن أرادَ الله أنْ يرْحَمَهُ، مِمَّنْ [كان] يَشهدُ أنْ لا إله إلا الله، [فيُخْرِجُونَهم] فَيَعْرِفُونَهُم في النّارِ بِأَثَرِ السُّجودِ، تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إلا أَثَرَ السجُودِ، حرَّمَ اللهُ على النَّارِ أنْ تأَكُلَ [من ابن آدم] أَثَرَ السُّجودِ، فَيَخْرُجونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امتُحِشُوا، فيُصَبُّ عَلَيْهِم [ماءٌ يقال له:] ماءُ الحياةِ، فيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَميل السَّيْلِ (16)، ثُمَّ يَفْرُغُ اللهُ مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ العِبادِ، ويَبْقى رجُلٌ [بين الجنة

_ (14) قوله: (بين ظهري جهنم) أي: على وسطها، ويروى: (بين ظهراني جهنم). ذكره البدر العيني. و (الصراط) جسر ممدود على متن جهنم أحدُّ من السيف، وأدق من الشعر يمر عليه الناس كلهم. اهـ. (15) قوله: (من يجيزها) أي: يجوزها، يقال: أجزت الوادي وجزته، لغتان، وفي رواية المستملي: (أول من يجيء). اهـ عيني. (16) قوله: (كما تنبت الحبة في حميل السيل): تشبيه في سرعة النبات وطراوته وحسنه، والمراد أن الغثاء الذي يحمله السيل تكون فيه الحبة وهي من بزور الصحراء، فتقع في جانب الوادي فتصبح من يومها نابتة.

والنار] مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ على النَّارِ، هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّار دُخُولاً الجنَّةَ، فيقولُ: أيْ ربِّ! اصْرِفْ وَجْهي عَنِ النَّارِ؛ فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَني (17) ريحُها، وَأَحْرَقَني ذَكاؤُها، فَيَدْعُو اللهَ بِما شاءَ أنْ يَدْعُوهُ، ثُمَّ يقولُ الله: هَلْ عَسَيْتَ إنْ أُعْطِيتَ ذلك أنْ تسْأَلنَي غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لا وعِزَّتِكَ لا أسْأَلُك غَيْرَهُ، وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَواثيقَ ما شاءَ، فَيَصْرِفُ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذا أَقْبَلَ [به] على الجَنَّةِ وَرآها (وفي روايةٍ: رأى بهجتها)، سكَتَ ما شاءَ الله أنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يقولُ: أيْ رَبِّ قدِّمْني إلى بابِ الجَنَّةِ، فيقُولُ اللهُ له: ألَسْتَ قدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَواثيقَك أنْ لا تَسْأَلَني غَيْرَ الذي أُعْطِيتَ أبَداً؟ ويْلَكَ يا ابْنَ آدَمَ! ما أَغْدَرَكَ (18)! فيقُولُ: أيْ رَبِّ! وَيَدْعُو الله (وفي روايةٍ: فيقول: يا ربِّ! لا أكون أشقى خَلْقِكَ)، حتَّى يقولَ: هلْ عَسيْتَ إنْ أُعْطيتَ ذلك أنْ تسْألَ غَيْرَهُ؟ فيقول: لا وعِزَّتِك لا أسْألُكُ غَيْرَهُ، وَيُعطي ما شاء مِنْ عُهُودٍ ومواثيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إلى باب الجنَّة، فإذا قام إلى باب الجنَّةِ انفهقتْ (19) لَهُ الجنَّةُ، فرَأى ما فيها مِنَ الحَبْرَةِ (20) والسُّرورِ، فَيَسْكُتُ، ما شاءَ الله أنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يقولُ: أيْ رَبِّ! أدْخِلْني الجنَّة، فيقُولُ الله: ألَسْتَ قدْ أعْطَيتَ عُهُودَك ومواثيقك أنْ لا تسْألَ غيْر ما أُعْطيْتَ؟ فيَقولُ: ويْلَكَ يا ابْن آدم! ما أغْدَرَكَ! فيقول: أيْ ربِّ! لا أَكُونَنَّ أشْقى خَلْقِكَ، فلا يَزالُ يَدْعُو حَتَّى يضحكَ اللهُ منه، فإذا ضحِكَ منه قال له: ادْخل الجنّة، فإذا دخلَها قالَ اللهُ له: تَمَنَّهْ، فسَأَلَ ربَّهُ وتَمَنّى، حتى إنّ الله ليُذَكِّرُهُ يقُولُ: [زد من كذا وكذا] كذا وكذا، حتَّى [إذا] انْقَطَعتْ بِهِ الأمانيُّ قال الله [تعالى]: ذلِكَ لكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ".

_ (17) قوله: (قد قشبني) أي: آذاني وأهلكني. اهـ. (18) قوله: (ما أغدرك) فعل التعجب من الغدر، وهو ترك الوفاء بالعهد. (19) قوله: (انفهقت) أي: انفتحت واتسعت. اهـ. (20) قوله: (من الحبرة) أي: سعة العيش، ورواية مسلم: (من الخير). اهـ.

قالَ عَطَاءُ بنُ يَزيدَ: وأَبُو سَعيدٍ الخُدْرِيُّ [جالس] مَعَ أبي هُرَيْرَةَ لا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئاً، حَتَّى إِذا حَدَّثَ أبُو هُرَيْرَةَ أنَّ الله تَبارَكَ وَتَعالى قالَ: ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قالَ أبُو سَعيد الخُدْريُّ: وَعَشَرةُ أَمْثالِهِ مَعَهُ يا أبا هُرَيْرَة! قالَ أبُو هُرَيْرَة: ما حَفِظْتُ إلا قَوْلَهُ: ذلك لك، وَمِثلُهُ مَعَهُ. قالَ أبُو سَعيدٍ الخُدْريُّ: أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قَوْله: "ذلك لك، وعشرةُ أمْثالِهِ". قال أبو هريرة: فذلكَ الرَّجلُ آخِرُ أهْل الجَنَّةِ دخولاً الجنَّة (21). 2735 - عنْ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ قال: قُلْنا: يا رسُول الله! هلْ نَرى رَبَّنا يوْمَ القِيامة؟ قال: "هلْ تُضارُّونَ في رُؤْيةِ الشَّمسِ والقَمَرِ إِذا كانتْ صَحْواً؟ ". (وفي روايةٍ: "نعم، هل تضارّون في رؤية الشمس بالظهيرة ضوء ليس فيها سحابٌ؟ ". قالوا: لا، قال: "وهل تضارّون في رؤيةِ القمرِ ليلةَ البدرِ ضوء ليسَ فيها سحابٌ؟ 5/ 179 "). قُلْنا: لا، قال: "فَإِنَّكُمْ لا تُضارُّونَ في رُؤْيةِ رَبِّكُمْ يَوْمَئذٍ إلا كما تُضارُّونَ في رُؤْيتِهما"، ثُم قال:

_ (21) قلت: في حديث أبي بكر الصديق الطويل في الشفاعة أن هذا الرجل هو الذي أوصى بَنِيهِ أن يحرقوه إذا مات، وقد تقدمت قصته من حديث حذيفة في (ج 2/ برقم 1463)، وتأتي قريباً من حديث أبي سعيد "35 - باب".

" [إذا كانَ يومُ القيامَةِ] يُنادِي مُنادٍ: لِيَذْهَبْ كلُّ قوْمٍ إلى ما كانوا يَعْبُدُون، فيَذْهبُ أَصْحابُ الصَّليبِ معَ صَليبِهِمْ، وَأَصْحابُ الأَوْثانِ مَعَ أوْثانِهِمْ، وَأَصحاب كُلِّ آلِهةٍ مع آلِهَتِهم، [فلا يبقى مَنْ كانَ يعبُدُ غيرَ اللهِ مِنَ الأصْنامِ والأنْصَابِ إلا يتساقطون في النارِ]، حتى يبْقى مَنْ كانَ يَعْبُدُ الله مِنْ بَرّ أَوْ فاجِرٍ، وَغُبَّراتٍ (22) مِنْ أهْلِ الكِتابِ، ثُمَّ يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ تُعْرَضُ كأَنَّها سَرابٌ [يَحْطِمُ بعضُها بعضًا]، فيُقالُ لِلْيَهُودِ: ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَا نَعْبُدُ عُزَيْرَ بنَ اللهِ، فيُقال: كَذَبْتُم، لم يكنْ للهِ (وفي روايةٍ: ما اتخذَ اللهُ مِنْ) صاحِبةٌ ولا ولَدٍ، فما تُريدون؟ قالوا: [عطشنا]، نُرِيدُ أنْ تَسْقِيَنا، فيُقالُ: اشْربُوا، فيَتَساقَطُون في جَهَنَّم، ثُمَّ يُقالُ لِلنَّصارى: ما كُنْتُم تَعْبدون؟ فيَقُولونَ: كُنَّا نَعْبُدُ المسيحَ بنَ الله، فَيُقالُ: كَذَبْتُم لم يكنْ للهِ (وفي روايةٍ: ما اتخذ الله من) صاحِبة ولا ولد، فما تُرِيدُون؟ فيقُولون: [عطشنا] نُريدُ أنْ تَسْقِيَنا، فيُقالُ: اشْرَبُوا، فَيَتَساقَطُون، حَتَّى يَبْقى من كانَ يعبدُ اللهَ من بَرٍّ أو فاجرٍ، فيُقالُ لهم: ما يَحْبِسُكُم وقد ذهب الناسُ؟ فيقولون: فارقناهم ونحن أحْوجُ مِنا إليهِ (23) اليومَ، وإنّا سمعنا مُناديا يُنادي: لِيلْحَقْ كلُّ قومٍ بما كانوا يعبدون، وإنّما

_ (22) أي: بقايا، جمع غُبَّر: جمع غابر. اهـ. (23) كذا الأصل بضمير الإفراد في جميع النسخ، ولا مرجع له على نسختنا الاستانبولية، قال: "ولفظ الحديث في "تفسير سورة النساء": (قالوا: فارقنا الناس في الدنيا على أفقر ما كنا إليهم) "-كما قال المعلق-. قلت: وهذا المعنى واضح، وإسناده أصح منه هنا، فإن فيه (سعيد بن أبي هلال)، وكان اختلط، لكن قد رواه من طريقه ابنُ منده في "الإيمان" (3/ 779 - 780) بلفظ: "قد فارقناهم ونحن أحوج إليهم منا اليوم"، وهذا قريب من اللفظ المذكور، ولكني أخشى أن يكون من تصحيح بعض النساخ، أو المعلق؛ كما فعل ابن حبان، فإنه رواه أيضاً من طريقه (7333) دون قوله: "ونحن أحوج إليهم منا اليوم"، فأظن أنه تعمد حذفها لما فيها من الإشكال، ولعل مسلماً لم يسق لفظ سعيد بن أبي هلال بتمامه لهذا الإشكال. والله أعلم.

ننتظر ربَّنا، قال: فيأتيهم الجبّار في صورةٍ غيرِ صورتهِ التي رأوه فيها أوّل مرَّةٍ، فيقول: أنا ربُّكم، فيقولون: أنت ربُّنا (وفي روايةٍ: فيقولون: لا نشرك بالله شيئاً "مرتين أو ثلاثاً")، فلا يُكَلِّمُهُ إلا الأنبياءُ، فيقولُ: هل بينَكُم وبينَهُ آيةٌ تَعرفونَه؟ فيقولون: السَّاقُ، فيكشِفُ [ربُّنا 6/ 72] عن ساقِهِ، فيسْجُدُ له كل مؤمنٍ [ومؤمنةٍ]، ويبقى مَنْ كانَ يسجدُ رياءً وسمعةً، فيذهب كَيْما يسجدَ، فيعودُ ظهرهُ طَبَقاً واحداً، ثم يُؤتى بالجِسرِ (24) فيُجْعَلُ بين ظهريْ جَهنَّمَ، قُلْنا: يا رسول الله! وما الجسْرُ؟ قال: مَدْحَضَةٌ مَزِلَّةٌ، عليه خطاطيفُ (25)، وكلاليبُ، وحسكةٌ مُفلطحةٌ (26)، لها شوْكةٌ عُقيفاءُ (27)، تكون بنجْدٍ، يُقال لها: السَّعْدان، المؤمن عليها كالطَّرْفِ، وكالبرقِ، وكالريحِ، وكأجاويدِ الخيلَ والرِّكابِ، فناجِ مُسَلَّمٌ، وناجِ مَخْدوشٌ، ومكدُوسٌ (28) في نار جهنَّمَ، حتى يَمُرَّ آخِرُهم يُسْحَبُ سَحْباً، فما أنتم بأَشدَّ لي مُناشَدةً في الحقِّ قد تبيَّنَ لكم مِنَ المؤمنِ يوْمئذٍ للجبَّارِ، وإذا رأَوْا أنَّهم قد نجوا في إخوانهم، يقولون: ربَّنا إخوانُنا الذين كانوا يُصَلُّونَ معنا، ويصومونَ معنا، ويعْملون معنا، فَيَقُولُ الله تعالى: اذْهَبُوا؛ فمَنْ وجدتم في قلبه مثقالَ دينارٍ من إيمانٍ فأخرِجُوهُ، ويُحَرِّمُ الله صُوَرَهُم على النارِ، فيأْتُونَهُم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمِه، وإلى أنصافِ ساقيهِ، فَيُخْرِجُونَ

_ (24) قوله: (بالجسر) بفتح الجيم وكسرها حكاهما ابن السكيت والجوهري، كذا في شرح العيني. (25) قوله: (خطاطيف) جمع خطاف وزان خفاش وهو الحديدة المعوجة كالكلوب، وزان، (تنور) الذي هو واحدة الكلاليب. وحسكة شوكة صلبة. (26) قوله: (مفلطحة) أي: عريضة وروي: (مطلفحة)، والأول هو المعروف. (27) وقوله: (عقيفاء) هي المنعطفة المعوجة، ويروى: عقيفة. (28) قوله: (ومكدوس) أي: مصروع، ويروى بالشين المعجمة أي: مدفوع مطرود، ويروى: (مكردس) من كردست الدواب إذا ركب بعضها بعضاً. اهـ من العيني بتصرف في العبارة.

25 - باب ما جاء في قول الله تعالى: {إن رحمت الله قريب من المحسنين}

من عَرَفُوا، ثُمَّ يَعُودونَ، فيقولُ: اذْهَبُوا، فمن وجدتم في قلبهِ مثقالَ نصفِ دينارٍ فأخرِجوه، فيخرجون من عَرَفوا، ثم يعودون، فيقُول: اذْهبُوا، فمن وجدتُمْ في قَلْبِهِ مِثْقالَ ذَرَّةٍ من إيمان فأَخْرِجُوه، فيُخرِجونَ من عرفوا" -قال أبو سعيدٍ: فإن لمْ تُصدِّقُوا فَاقْرؤُا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا} - فيشْفَعُ النَّبيونَ، والملائكةُ، والمؤمنونَ، فيقول الجبَّارُ: بَقِيَتْ شفاعتي، فيقبضُ قبْضةً من النار فَيُخْرِجُ أقواناً، (وفي روايةٍ: إذا دخلَ أهلُ الجنةِ الجنةَ، وأهلُ النارِ النارَ، يقولُ الله: مَنْ كانَ في قلبهِ مثقال حبَّة من خردل من إيمان فأخْرِجوه، فيخرجون 7/ 202) قد امْتُحِشُوا (وفي روايةٍ: اسْوَدُّوا 1/ 11) [وعادوا حُمَماً]، فيُلْقَون في نَهْرٍ بأفواهِ (29) الجنَّةِ، يُقال له: ماءُ الحياةِ، فيَنْبُتُون في حافتَيْهِ كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَيْل، قد رأيتُموها إلى جانبِ الصَّخْرةِ، إلى جانبِ الشَّجرةِ، فما كان إلى الشمسِ منها كان أَخْضَرَ، وما كان منها إلى الظِّلِّ كان أبْيضَ، (وفي روايةٍ: ألم تروا أنها تنبتُ صفراءَ مُلْتَويةً)، فيخرُجونَ كأنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ، فَيُجْعَلُ في رقابهم الخواتيمُ، فيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، فيقولُ أهلُ الجنَّةِ: هؤُلاءِ عُتَقَاءُ الرَّحمنِ، أَدْخَلهُمُ الجنَّةَ بغيرِ عملٍ عملُوه، ولا خيْرٍ قدَّمُوهُ، فيُقالُ لَهُمْ: لكم ما رأيتُم، ومِثلُهُ مَعَهُ". 25 - باب ما جاء في قَوْلِ اللهِ تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} 2736 - عن أنسٍ رضي اللهُ عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

_ (29) قوله: (بأفواه الجنة) أي: بأوائلها، جمع فوهة كترهة على غير قياس، يقال: فوهة الطريق، وفوهة الزقاق، وفوهة النهر. كما في "المصباح المنير".

26 - باب قول الله تعالى: {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا}

"لَيُصيبَنَّ أقْواماً سَفْعٌ من النارِ، بذنُوبٍ أصابُوها عقوبةً، ثم يُدْخِلُهُمُ اللهُ الجنَّةَ بِفَضْلِ رحمتهِ، يُقالُ لهم: الجَهنَّمِيُّونَ (وفي روايةٍ: فيسميهم أهلُ الجنةِ الجهنميين 7/ 202) ". 26 - باب قوْلِ الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1957/ ج 3). 27 - باب ما جاءَ في تَخْليقِ السَّماواتِ والأَرْضِ وغيرها من الخلائق وهو فعلُ الربِّ تبارك وتعالى وأمْرُهُ، فالربُّ بِصفاتِهِ وفعلِهِ وأمْرِهِ، وهْو الخالِقُ، هُوَ المُكَوِّنُ غيْرُ مخلوقٍ، وما كانَ بفعلِه وأمرِهِ وتخليقِه وتكوينِه فهو مفعولٌ ومخلوقٌ ومكوَّنٌ (30). (قلتُ: أسند فيه طرفاً من حديث ابن عباس المتقدم "ج1/ 4 - الوضوء/ 5 - باب").

_ (30) قلت: يشير الإمام البخاري رحمه الله تعالى إلى مسألة دقيقة من علم التوحيد، وهي أن الفعل غير المفعول، والخلق غير المخلوق، ولذلك قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في "اجتماع الجيوش الإسلامية" تعليقاً على هذا الباب (ص 94): "وهذه الترجمة من أدلِّ شيء على دقة علمه، ورسوخه في معرفة الله تعالى، وأسمائه وصفاته. وهذه الترجمة فصل في مسألة الفعل والمفعول، وقيام أفعال الرب عزَّ وجلَّ به، وأنها غير مخلوقة، وأن الخلوق هو المنفصل عنه الكائن بفعله وأمره وتكوينه، ففصّل النزاع بهذه الترجمة أحسن فصل، وأبينه وأوضحه، إذ فرق بين الفعل والمفعول، وما يقوم بالرب سبحانه، وما لا يقوم به، وبين أفعاله تعالى كصفاته داخلة في مسمى اسمه، ليست منفصلة خارجة مكَّونة، بل بها يقع التكوين، فجزاه الله سبحانه عن الإسلام والسنة، بل جزاهما عنه أفضل الجزاء. وهذا الذي ذكره في هذه الترجمة هو قول أهل السنة، وهو المأثور عن سلف الأمة، وصرَّح به في "كتاب خلق أفعال العباد"، وجعله قول العلماء مطلقاً، ولم يذكر فيه نزاعاً إلا الجهمية، وذكره البغوي إجماعاً من أهل السنة، وصرَّح البخاري في هذه الترجمة بأن كلام الله تعالى غير مخلوق، وأن أفعاله وصفاته غير مخلوقة" اهـ.

28 - باب {ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين}

28 - باب {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} 29 - باب قولِ الله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 30 - باب قوْلِ الله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}، {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} {سخَّرَ}: ذَلَّل. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1239/ ج 2). 31 - باب في المشيئةِ والإرادةِ {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}، وقولِ الله تعالى: {تُؤْتِي الملكَ منْ تشاءُ}، {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا}، {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} 887 - قالَ سَعيدُ بنُ المسَيَّبِ عن أبيه: نزلتْ في أبي طالبٍ. {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}

_ 887 - تقدم موصولاً في "ج1/ 23 - الجنائز/ 80 - باب".

32 - باب قوله تعالى: {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير}، ولم يقل: ماذا خلق ربكم، وقال جل ذكره: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه}

2737 - عنْ أنسٍ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا دعوتُمُ اللهَ فاعْزِمُوا في الدُّعاءِ، ولا يَقُولَنَّ أحدُكم: [اللهم 8/ 153] إنْ شِئْتَ فأعْطِني، فإنَّ اللهَ لا مُسْتكْرِهَ له (31) ". 2738 - عَنْ أبي هُريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَثَلُ المؤْمِنِ كَمَثَلِ خامَةِ الزَّرعِ، يَفِيءُ (32) وَرَقُهُ، مِنْ حيْثُ أتَتْها الرّيحُ تُكَفِّئُها، فإذا سكَنَتِ اعْتدَلَتْ، وكذلكَ المؤْمِنُ يُكَفَّأُ بالبَلاءِ، ومَثَلُ الكافرِ كَمَثَلِ الأرْزَةِ، صمَّاءُ مُعْتَدلةٌ، حتَّى يَقْصِمَها اللهُ إذا شاءَ". 32 - باب قوْلِهِ تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}، ولم يَقُلْ: ماذا خلق ربُّكُم، وقال جلَّ ذِكْرُهُ: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} 1440 - وقالَ مَسْرُوق: عنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: إذا تَكَلَّمَ اللهُ بِالوحيِ سمع أهْلُ السَّماواتِ شَيْئاً، فإذا فُزِّعَ عنْ قُلُوبهم وَسَكَن الصَّوْتُ، عَرَفُوا أنَّه الحقُّ مِنْ رَبِّكُم، وَنادَوْا: ماذا قال ربُّكُمْ؟ قالُوا: الحَقَّ.

_ (31) أي: أنه يوهم إمكان إعطائه على غير المشيئة، وليس بعد المشيئة إلا الإكراه، والله لا مكره له. (32) أي: يتحول ويرجع. قوله: (تكفئها) أي: تقلبها وتحولها. قوله: (الأرزة) شجر الصنوبر. قوله: (صماء) أي: صلبة، ليست بجوفاء ولا رخوة. قوله: (يقصمها) أي: يكسرها. 1440 - وصله المصنف في "خلق أفعال العباد"، والبيهقي في "الأسماء والصفات"، وغيرهما بسند صحيح عنه. وأخرجه هو وأبو داود وابن خزيمة في "صحيحه" عنه مرفوعاً، وهو مخرج في "الأحاديث الصحيحة" (1293)، وهو في كتابي "صحيح الجامع الصغير" برقم (449).

33 - باب كلام الرب مع جبريل ونداء الله الملائكة

888 - ويُذْكَرُ عن جابرٍ عن عبْد الله بن أُنَيْسٍ قال: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "يَحْشُرُ اللهُ العِبادَ فيناديهمْ بِصوْتٍ يسمعه من بَعُدَ كما يَسْمَعُهُ من قَرُبَ: أنا الملكُ، أنا الدَّيَّانُ". 33 - باب كلامِ الرَّبِّ مع جبْريلَ ونِداءِ اللهِ الملائكةَ 1441 - وقال معمرٌ: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} أي: يُلْقَى عليْكَ، وتلقَّاهُ أنتَ؛ أيْ: تأْخُذُهُ عنْهُ، ومِثْلُهُ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}. 34 - باب قول الله تعالى: {أنْزلَهُ بعلمِهِ والملائكَةُ يشهدُونَ} 1442 - قال مُجاهِدٌ: {يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ}: بيْنَ السَّماءِ السَّابعةِ والأَرْضِ السابعةِ (33). 35 - باب قولِ الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}، {لَقَوْلٌ فصْل}: حَقٌّ، {وما هُوَ بِالهَزْلِ}: باللَّعبِ 2739 - عَنْ أبي هُريرةَ أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يقول اللهُ: إذا أرادَ عبْدي أنْ يعملَ سَيِّئَةً فلا تكْتُبوها عليه حتى يعمَلَها، فإِنْ عمِلَها فاكْتُبُوها بِمِثْلِها، وإنْ تَرَكَها مِنْ أجْلي فاكْتُبُوها لَهُ حَسَنَةً، وإذا أرادَ أنْ

_ 888 - تقدم ذكر من وصله في "ج1/ 3 - العلم/ 20 - باب"، ومقصوده بهذا المعلق أن النداء المذكور فيه يستحيل أن يكون مخلوقاً، فإن المخلوق لا يقول: أنا الملك، أنا الديان. فالمنادي بذلك هو الله عزَّ وجلَّ القائل: أنا الملك، أنا الديان. كذا في "الجيوش الإسلامية" (ص 94). 1441 - ذكره معمر -وهو ابن المثنى أبو عبيدة اللغوي- في "كتاب المجاز" له. 1442 - وصله الفريابي والطبري عنه نحوه. (33) قال ابن القيم: يدل على أصلين: فوقية الربِّ تعالى، وتكلّمه بالقرآن.

يَعْمل حسنةً فلَمْ يعْمَلْها فاكتُبُوها له حسنةً، فإنْ عَمِلَها فاكْتُبُوها له بعشْرِ أمْثالها، إلى سَبْعِمِائَةٍ". 2740 - عنْ أبي هُرَيْرةَ أنَّ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قالَ اللهُ: إذا أحَبَّ عَبْدِي لِقائي أحْبَبْتُ لِقاءَهُ، وإذا كرِهَ لِقَائي كَرِهْتُ لِقاءَهُ". 2741 - عن أبي هُرَيْرةَ قالَ: سَمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ عبْداً أصابَ ذَنْباً -وَرُبَّما قال: أَذْنَبَ ذَنْباً- فقال: ربِّ! أَذْنَبْتُ ذَنْباً، ورُبَّما قالَ: أصَبْتُ، فاغْفِرْ (34)، فقالَ ربُّهُ: أَعَلِمَ عبْدي أنّ له رباً يَغْفِرُ الذَّنبَ، ويأخذُ به؟! غفرتُ لِعَبْدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أصابَ ذنباً أوْ أذنب ذنباً، فقال: ربِّ أذْنبتُ أو أَصَبْتُ آخرَ، فَاغْفِرْهُ، فقالَ: أَعَلِمَ عبْدي أنَّ له رباً يَغْفِرُ الذَّنبَ، ويأخذُ به؟ غَفَرْتُ لِعَبْدي، ثُمَّ مكثَ ما شاءَ الله، ثُمَّ أَذْنبَ ذَنْباً، ورُبَّما قال: أصابَ ذَنْباً، فقال: ربِّ أَصَبْتُ، أوْ قال: أَذْنبتُ آخرَ، فاغْفِرهُ لي، فقال: أَعَلِمَ عبدي أنَّ له ربًّا يَغْفِرُ الذَّنبَ ويأخذُ به؟ غَفَرْتُ لِعَبْدي (ثلاثاً)، فَلْيَعْمَلْ ما شاءَ". 2742 - عَنْ أبي سعيد عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنَّه ذَكَر رَجُلاً فيمن [كان 7/ 185] سَلَفَ -أوْ فيمن كان قبْلكم- قال كلمةً (35) (وفي روايةٍ: رغَسه الله 4/ 151) يعني

_ (34) قوله: (فاغفر) أي: ذنبي، ولأبي ذر (فاغفره)، وللكشميهني (فاغفر لي). اهـ من (شارح). (35) قلت: لعل هذه الكلمة هي ما في الرواية التي بعدها "رغسه" لأنها التي تقبل التفسير بقوله: "يعني .... ".

36 - باب كلام الرب عز وجل يوم القيامة مع الأنبياء وغيرهم

أعطاه الله مالاً وولداً، فلما حَضَرت الوَفاةُ قال لِبَنيه: أيَّ أبٍ (36) كُنْتُ لكم؟ قالوا: خَيْرَ أبٍ، قال: فإِنَّه لم يَبْتَئِرْ (37)، أو لم يبْتئزْ -[فسرها قتادة: لم يدَّخر 7/ 185]- عِنْدَ الله (وفي روايةٍ: لم أعمل) خَيْراً [قط]، وإنْ يَقْدِرِ اللهُ عَلَيْه (وفي روايةٍ: وإن يَقْدَم على الله) يُعَذِّبْهُ، فانْظُروا إذا مُتُّ فأحْرِقُوني، حتى إذا صِرْتُ فحْماً فاسْحَقُوني، أوْ قال: فاسْحكوني، (وفي روايةٍ: فاسهكوني)، فإذا كانَ يوْمُ ريحٍ عاصفٍ فأذْرُوني (38) فيها، فقال نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فأَخذَ مواثيقهُم على ذلك وربِّي، ففعَلُوا، ثُمَّ أذْرَوْهُ في يَوْمٍ عاصِفٍ، فقال الله عزَّ وجلَّ: كُنْ، فإذا هو رجلٌ قائِمٌ، قال اللهُ: أيْ عَبْدي! ما حملك على أن فعلتَ ما فعلتَ؟ قال: مخافتُكَ، أوْ فرَقٌ مِنْك (وفي روايةٍ: مخافتُك -دون شك- 4/ 151) (39)، قالَ: فما تلافاهُ أنْ رحِمَهُ [اللهُ] عِنْدَها. وقال مرَّةً أُخْرى: فَما تَلافاهُ (40) غَيْرُها (وفي روايةٍ: فتلقاه برحمته) ". 2743 - فَحَدَّثْتُ بِهِ أبَا عُثْمانَ فقال: سَمِعْتُ هذا مِنْ سلْمانَ؛ غيْرَ أنَّه زاد فيه: [فاذروني] في البَحْرِ. أوْ كما حَدَّثَ. 36 - باب كلامِ الرَّبِّ عزَّ وجلَّ يَوْمَ القِيامَةِ مَعَ الأنْبِياءِ وَغَيْرِهِمْ 2744 - عن أنسٍ رضيَ اللهُ عنه قالَ: سمِعْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:

_ (36) قوله: (أي أب) بنصب أيّ، ويجوز رفعه وخير أب الأجود نصب خير ويجوز رفعه أفاده الشارح. (37) قوله: (لم يبتئر) أي: لم يدخر. والمعروف في هذا المعنى هو الابتئار بالراء كما في الشارح. (38) قوله: (فأذروني) كذا بقطع الهمزة هنا يقال ذرا الريح الشيء وأذرته: أطارته وأذهبته كما في الشارح. (39) وكذلك رواه أحمد (3/ 13 و 17) من رواية عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه. (40) قوله: (فما تلافاه) أي: فما تداركه إلا أن رجه.

"إذا كانَ يوْمُ القِيامَةِ شُفِّعْتُ، فقلتُ: يا ربِّ! أَدخِلِ الجنَّةَ من كان في قلبِهِ خرْدَلةٌ، فيدخُلُون، ثُمَّ أقولُ: أدْخِلِ الجنَّةَ مَنْ كان في قلبِهِ أدْنى شيءٍ"، فقال أنَسٌ: كأَنّي أنظرُ إلى أصابعِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. 2745 - عن مَعْبدِ بنِ هلالٍ العنزي قال: اجتمعنا ناسٌ من أهل البصرةِ، فذهبْنا إلى أنسِ بنِ مالكٍ، وذهبْنا معنا بثابتٍ إليه يسألُهُ لنا عن حديثِ الشفاعةِ؟ فإذا هُوَ في قصرِهِ، فوافقْنا يُصلّي الضُّحى، فاستأْذَنَّا، فأذِنَ لنا، وهو قاعدٌ على فراشه، فقُلْنا لثابتٍ: لا تسأَلْهُ عن شيءٍ أوّلَ مِنْ حديثِ الشفاعةِ، فقالَ: يا أبا حَمزةَ! هؤُلاءِ إخوانُكَ من أهلِ البصرةِ جاؤوك يسألونَكَ عن حديث الشفاعةِ؟ فقال: حدثَنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان يومُ القيامة ماجَ الناسُ بعضُهُم في بعضٍ، (وفي طريق: يجمعُ الله المؤمنين يومَ القيامةِ [حتى يُهِمّوا بذلك 8/ 183] فيقولونَ: لو استَشْفَعْنا إلى ربِّنا حتى يريحَنا مِنْ مكانِنا هذا 8/ 172)، فيأتُونَ آدَمَ فيقولون: [أما ترى الناسَ؟ [أنت آدمُ أبو البشرِ 8/ 203] (وفي روايةٍ: أبو الناسِ 5/ 147)، خلقَكَ اللهُ بيدِهِ [وأسكَنَكَ جَنَّتَه] وأسجد لكَ ملائكتَهُ، وعلَّمك أسماءَ كلِّ شيءٍ]، [ف] اشْفعْ لنا إلى ربِّكَ [حتى يريحَنا من مكانِنا هذا]، فيقولُ: لستُ لها -[ويذكُرُ خطيئَتةُ التي أصابَ: أكلَهُ من الشجرةِ، وقد نُهِيَ عنها، [فيستحي]- ولكن ائتوا نوحاً، [فإنَّه] أولُ نبيٍ (وفي روايةٍ: رسولٍ) بعثَه اللهُ تعالى إلى أهلِ الأرضِ، فيأتون نوحاً، فيقولُ: لَستُ هناكُم -ويذكُرُ خطيئتَه التي أصابَ: سؤالَه ربَّه بغيرِ علمٍ-

[فيستحي، فيقول:]، ولكن عليكم بإبراهيم، فإنّه خليلُ الرحمنِ، فيأتون إبراهيمَ، فيقول: لستُ لها، [ويَذْكُرُ [لهم] ثلاثَ كلماتٍ كَذَبَهُنَّ] ولكن عليكم بموسى؛ فإنه كليمُ الله، (وفي طريق: ائتوا موسى: عبداً آتاهُ الله التوراةَ وكلَّمَه [تكليماً]، وقرَّبَه نجياً، قال:) فيأتُونَ موسى، فيقولُ: لسْتُ لَها، [ويذكرُ لهم خطيئَته التي أصابَ]: [قتلَ النَّفْسِ بغيرِ نفسٍ، فيستحي من ربِّه، فيقولُ:] ولكنْ عليكُمْ بعيسى، فإنه [عبدُ الله ورسولُهُ، و] روحُ اللهِ وكلمتُهُ، [قال:] فيأتون عيسى، فيقولُ: لستُ لها، ولكنْ عليكم بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، (وفي طريق: ائتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم -: عبداً غفر الله له ما تَقَدَّمَ من ذنبِهِ وما تأخرَ) فيأتوني، [فأنْطَلِقُ]، فأستأذِنُ على ربِّي [في دارِه] فيؤْذَنْ لي [عليه] (41) ويلهِمُني محامدَ أحمده بها -لا تحضُرُني الآن-، فأحمَدُه بتلك المحامِدِ، (وفي طريق: فإذا رأيتُ ربِّي وقعتُ) له

_ (41) قلت: هذه الزيادة والتي قبلها صورتها عند المصنف صورة تعليق، فإنه قال: وقال حجاج بن منهال: حدثنا همام بن يحيى: حدثنا قتادة عن أنس. قال الحافظ (11/ 365): "كذا عند الجميع، إلا في رواية أبي زيد المروزي عن الفربري؛ فقال فيها: حدثنا حجاج. وقد وصله الإسماعيلي من طريق إسحاق بن إبراهيم، وأبو نعيم من طريق محمد بن أسلم الطوسي قالا: حدثنا حجاج ابن منهال فذكره بطوله". وتابعهم عفان: ثنا همام به. أخرجه أحمد (3/ 244). قلت: وأنا في شك كبير في ثبوت ذكر (الدار) في هذا الحديث، لأنه قد رواه جمع من الثقات عن قتادة به، بدون هذه الزيادة، منهم سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي عند المصنف (5/ 146)، ومسلم (1/ 125)، وأحمد (3/ 116) عن سعيد وحده، وأبو عوانة عند المصنف أيضاً (7/ 203)، ومسلم (1/ 123)، فهؤلاء ثلاثة من الثقات خالفوا همام بن يحيى، فلم يذكروا هذه الزيادة، فهي شاذة، لا سيما وهو -أعني هماماً- قد تكلم فيه بعضهم من قبل حفظه؛ كما أشار إلى ذلك الحافظ بقوله في "التقريب": "ثقة ربما وهم". ومما يؤكد وهمه في هذه الزيادة رواية معبد بن هلال العنزي هذه، فإنه لم يذكرها أيضاً. والله أعلم. نعم قال الحافظ الذهبي في "العلو" عقب رواية همام هذه: "وأخرجه أبو أحمد العسال في "كتاب المعرفة" بإسناد قوي عن ثابت عن أنس، وفيه (فآتي باب الجنة، فيفتح لي، فآتي ربي تبارك وتعالى وهو على كرسيه أو سريره فأَخِرّ له ساجداً)، وذكر الحديث".

ساجداً، [فيدَعُني ما شاءَ اللهُ أنْ يَدَعَني]، فيقالُ (وفي طريق: فيقولُ): يا مُحمدُ! ارفعْ رأسَكَ، وقلْ يُسْمَعْ لكَ، وسَلْ تُعط، واشفعْ تُشَفَّعْ، [قال: فأرفعُ رأسي]، فأقولُ: يا ربِّ! أُمتي أُمتي، فيقولُ: انطلقْ فأَخْرِجْ مَنْ كانَ في قلبِهِ أدنى أدنى مِثْقالَ حبَّة مِنْ خردلٍ مِنْ إيمان فأَخْرِجْهُ من النارِ، فأنطلقُ فأفعلُ [فأُدْخلُهم الجنة، ثم أرجعُ فأقول: يا ربِّ ما بقيَ في النارِ إلا من حَبَسَهُ القرآنُ، ووجبَ عليه الخلودُ]. [قال أبو عبد الله: "إلا من حَبَسَه القرآنُ"، يعني قولَ الله تعالى: {خالدين فيها}]. فَلَمَّا خَرَجْنا مِنْ عِنْدِ أنسٍ قُلْتُ لِبَعْضِ أَصْحابِنا: لَوْ مَرَرْنا بالحسن، وهو متوارٍ (42) في مَنْزِلِ أبي خَليفةَ بِما حَدَّثنا أنسُ بن مالكٍ، فأتَيناهُ فسلَّمْنا عليه، فأَذِن لنا، فَقُلنا له: يا أبا سعيدٍ! جِئْناك من عند أخيكَ أنسِ بنِ مالكٍ، فلم نرَ مثل ما حدَّثنا في الشَّفاعةِ، فقال: هيهِ (43)، فحَدَّثْناهُ بالحديث، فانْتهى إلى هذا الموْضع، فقال: هيه، فقُلْنا: لَمْ يَزِدْ لنا على هذا، فقال: لقدْ حَدَّثني وهْوَ جميعٌ (44) مُنْذ عِشرين سنة، فلا أدْري أنسيَ، أم كرِهَ أن تتَّكِلُوا، قُلْنا: يا أبا سعيدٍ! فَحَدَّثْنا، فَضَحِكَ وقال: خُلِقَ الإنسانُ عجولاً، ما ذَكَرْتُهُ إلا وأنا أُريدُ أنْ أُحَدَّثَكُمْ: حَدَّثَني كما حَدَّثكم به؛ قال: "ثُمَّ أَعودُ الرَّابعةَ فأحمدهُ بتلك، ثم أخِرُّ له ساجِداً، فيُقالُ: يا مُحَمَّدُ! ارْفَعْ

_ (42) قوله: (وهو متوارٍ) يعني: خوفاً من الحجاج. (43) قوله: (هيه) كلمة استزادة، أي: زِدْ وامْضِ بالحديث. اهـ. (44) قولهِ: (وهو جميع) أي: مجتمع العقل، غير كبير السن.

37 - باب قوله: {وكلم الله موسى تكليما}

رأْسَكَ، وقُلْ يُسْمعْ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يا ربِّ! ائْذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله (45)، فيقُولُ: وعِزَّتي، وجلالي، وكبْرِيائي، وعَظَمَتي، لأُخْرِجَنَّ مِنْها مَن قال: لا إله إلا الله". 37 - باب قوْلِهِ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} 2746 - عنْ شريكِ بنِ عبْدِ الله أنَّه قال: سَمِعْتُ ابن مالكٍ يقول: ليْلة أُسْريَ بِرَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مسْجِدِ الكعْبةِ، إنَّه جاءَهُ ثلاثةُ نفرٍ قبْلَ أنْ يوحى إليْه، وهْو نائِمٌ (46) في المسْجدِ الحرامِ، فقال أوَّلُهُم: أَيُّهُمْ هُوَ؟ (47) فقال أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهم، فقال آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ، فَكانَتْ تِلْكَ اللَّيْلة، فَلَمْ يَرَهُم حتى أَتَوهُ ليْلةً أخرى فيما يرى قلبه، و [النبيّ - صلى الله عليه وسلم - 4/ 168] تنامُ عينُهُ ولا ينامُ قَلْبُهُ، وكذلك الأنْبِياءُ تنامُ أَعْيُنُهم ولا تنام قُلُوبُهُم، فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ حَتى احْتَمَلُوهُ، فوَضَعُوهُ عِنْد بِئْرِ زمزم، فَتَوَلاه منهم جبريل، فشقَّ جبريل ما بين نَحْرِه إلى لَبَّتِهِ، حتَّى فرغَ مِنْ صدْرِهِ وجَوْفِهِ، فغسله مِن ماءِ زمزم بيده، حتَّى أنْقى جوْفَهُ، ثُمَّ أُتي بِطَسْتٍ مِن ذهبٍ، فيه تَوْرٌ من ذهبٍ، مَحْشُوًّا إيماناً وحِكْمةً، فحشا به صدْرَهُ ولَغاديده -يعْني عُروقَ حلْقِه-، ثُمَّ أطْبقه.

_ (45) قوله: (من قال لا إله إلا الله) أي: مع محمد رسول الله. (46) قلت: قوله هنا: "قبل أن يوحى إليه وهو نائم"، وقوله في الصفحة الآتية: "ودنا الجبار رب العزة فتدلى"، وقوله في آخره:! واستيقظ وهو في المسجد الحرام"؛ كل ذلك مما عده العلماء من أغلاط شريك بن عبد الله هذا، وهو ابن أبي نمر. انظر (ص 186) من "تخريج شرح العقيدة الطحاوية" الطبعة الثالثة، والمقدمة الملحقة بها ص (3). (47) فيه إشعار بأنه كان نائماً بين جماعة أقلهم اثنان، وقد جاء أنه كان نائماً معه حينئذٍ حمزة بن عبد المطلب عمه، وجعفر بن أبي طالب ابن عمه. "فتح".

ثم عرج به إلى السماءِ الدنيا، فضربَ باباً من أبوابها، فناداهُ أهلُ السماءِ: مَنْ هذا؟ فقالَ: جبريلُ، قالُوا: وَمَنْ معك؟ قال: معيَ مُحَمَّد، قال: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: نعم، قالوا: فمرحباً به وأهْلاً، فيَسْتبْشرُ به أهلُ السماءِ، لا يعلمُ أهْل السماءِ بما يُريد اللهُ به في الأرضِ حتّى يُعْلِمَهُم، فوجد في السماء الدُّنْيا آدمَ، فقال لهُ جِبْريلُ: هذا أبُوكَ، فسَلِّم عليه، فسلَّمَ عليه، وردَّ عليه آدمُ، فقال: مرْحباً وأهْلاً يا بُنيَّ، نِعْمَ الابْنُ أنْتَ، فإذا هُو في السَّماءِ الدُّنيا بنهرين يطَّردان، فقال: ما هذان النَّهران يا جِبْريل؟ قالَ: هذان النّيلُ والفُراتُ، عُنْصرهما، ثُمَّ مضَى به في السَّماءِ، فإذا هُوَ بِنَهَرٍ آخرَ، عليْهِ قصْرٌ من لؤْلؤٍ وزبرْجدٍ، فضرب يده فإذا هو مسْكٌ، قال: ما هذا يا جبْريلُ؟ قال: هذا الكوْثر الذي خبأ لك ربُّكَ. ثم عَرَجَ إلى السَّماءِ الثانيةِ، فقالتِ الملائكةُ له مثلَ ما قالتْ له الأولى: مَنْ هذا؟ قال: جِبْريلُ، قالوا: ومن معك؟ قال: محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: نعم، قالوا: مرْحباً به وأهْلاً. ثم عرَج به إلى السماءِ الثالثةِ، وقالُوا لهُ مثْلَ ما قالتِ الأولى والثَّانيةُ. ثُمَّ عَرَجَ به إلى الرَّابعةِ، فقالوا له مِثْلَ ذلك. ثُمَّ عرج به إلى الخامسةِ، فقالُوا لهُ مثْل ذلك. ثُمَّ عرج به إلى السَّادسةِ، فقالُوا له مثل ذلك. ثم عرج به إلى السماءِ السابعة، فقالُوا له مثلَ ذلكَ، كُلُّ سماءٍ فيها أنْبِياءُ قد سمّاهم، فأوْعيْتُ منهم إدْريسَ في الثَّانية، وهارُون في الرَّابِعة، وآخَرَ في الخامِسة لَمْ

أحْفظِ اسْمَهُ، وإبْراهيمَ في السَّادِسَةِ، وَمُوسى في السَّابعة بتفْضيلِ كلامِ اللهِ، فقالَ موسى: ربِّ لمْ أَظُنَّ أنْ يُرْفَعَ عليَّ أحدٌ. ثُمَّ عَلا به فوق ذلك بما لا يعْلَمُهُ إلا اللهُ، حتى جاءَ سِدرةَ المنتهى، ودنا الجبَّارُ ربُّ العِزَّةِ (48) فتَدَلَّى، حتَّى كانَ مِنْهُ قابَ قوْسين أو أدْنى، فأَوْحى اللهُ فيما أوْحى خَمْسينَ صلاةً على أُمَّتِك كل يوْمٍ وليْلةٍ. ثُمَّ هَبَطَ حتَّى بلغ موسى، فاحْتبسَه موسى، فقال: يا محمدُ! ماذا عَهِدَ إليكَ ربُّكَ؟ قال: عهِدَ إليَّ خَمْسين صلاةً كلَّ يوْمٍ وليْلةٍ، قال: إنَّ أُمَّتَكَ لا تسْتطيعُ ذلك، فارْجع فليُخَفِّفْ عَنْك ربُّك وعَنهم، فالْتفَتَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى جِبْريلَ، كأنَّهُ يسْتَشيرُهُ في ذلك، فأشارَ إليه جبْريلُ أنْ: نعم إن شِئْتَ، فعلا به إلى الجبَّارِ، فقال: وهْو مكانَهُ (49): يا ربِّ! خَفَّفْ عَنَّا؛ فإنَّ أُمَّتي لا تَسْتطيعُ هذا، فَوَضعَ عنه عشر صلواتٍ. ثُمَّ رجع إلى موسى، فاحْتَبَسَهُ، فلَمْ يزل يُرَدِّدُهُ موسى إلى ربِّه، حتَّى صارتْ إلى خمْسِ صلواتٍ. ثُمَّ احْتَبَسَهُ موسى عِنْد الخمْسِ، فقال: يا مُحمَّدُ! والله لقدْ راوَدْتُ بني إسْرائيل قومي على أَدنى من هذا فَضَعُفُوا، فتركوهُ، فأُمَّتُكَ أضْعفُ أجْساداً، وقُلُوباً، وأبْداناً، وأبْصاراً، وأَسْماعاً، فارْجعْ فلْيُخَفِّفْ عَنْكَ ربُّكَ، كُلَّ ذلك يلْتَفِتُ

_ (48) انظر التعليق السابق. (49) قلت: في ثبوت ذكر المكان هنا نظر؛ لما سبق بيانه في التعليق السابق، وراجع تعليقي عليه في "تخريج شرح الطحاوية" (ص 148 - الطبعة الرابعة).

38 - باب كلام الرب مع أهل الجنة

النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى جِبْريلَ ليُشيرَ عليه، ولا يكرَهُ ذلك جِبْريلُ، فرفعه عِنْدَ الخامسة، فقال: يا ربِّ! إنَّ أُمَّتي ضُعَفاءُ، أجسادُهُمْ، وقلوبُهُم، وأسماعُهُم، وأبدانُهُم، فخفِّفْ عنَّا. فقال الجبَّارُ: يا محمَّدُ! قال: لبَّيْك وسعديكَ، قال: إنَّه لا يُبدَّلُ القوْلُ لديَّ، كما فَرَضْتُ عليْكَ في أُمِّ الكِتاب، قال: فكُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أمْثالها، فهي خمْسونَ في أمِّ الكتاب، وهي خمْسٌ عليْكَ. فرجع إلى مُوسى، فقال: كيْفَ فعلتَ؟ فقال: خَفَّفَ عنَّا، أعْطانا بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثالِها، قالَ مُوسى: قَدْ واللهِ راودتُ بني إسْرائيلَ على أدْنى مِنْ ذلك فتركُوهُ، ارْجع إلى ربِّك فليخفِّف عنك أيْضاً، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: يا مُوسى! قد والله اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي مِمَّا اخْتَلَفْتُ إليْهِ، قال: فاهْبِطْ بِسْمِ الله". قال: واسْتَيْقَظَ وَهْوَ في المسجدِ الحرامِ (50). 38 - باب كلام الرَّبِّ مع أهْلِ الجنَّةِ 2747 - عنْ أبي سَعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنهُ قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله يَقُولُ لأهلِ الجَنَّةِ: يا أهْلَ الجَنَّة! فَيَقُولون: لبَّيْكَ ربَّنا وسعْدَيكَ، والخَيْرُ في يَدَيْكَ، فيَقُولُ: هَلْ رضيتُم؟ فيقُولُونَ: وَما لنا لا نَرْضى يا ربَّ! وَقَدْ أعطيتنا ما لمْ تُعْطِ أحداً مِنْ خَلْقِكَ، فيقُولُ: ألا أُعْطيكُم أَفْضلَ مِنْ ذلك؟ فَيَقُولونَ: يا ربِّ! وأَيُّ شَيءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذلك؟ فيَقُولُ: أَحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْواني، فلا أَسْخَطُ عليْكُم بَعْدَهُ أبداً".

_ (50) انظر التعليق المشار إليه آنفاً.

39 - باب ذكر الله بالأمر، وذكر العباد بالدعاء والتضرع، والرسالة والإبلاغ؛ لقوله تعالى: {فاذكرونى أذكركم}،

39 - باب ذِكْرِ اللَّهِ بِالأَمْرِ، وَذِكْرِ الْعِبَادِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ، وَالرِّسَالَةِ وَالإِبْلاَغِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ}، {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ: يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِى وَتَذْكِيرِى بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَىَّ وَلاَ تُنْظِرُونِ (71) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (غُمَّةٌ): هَمٌّ وَضيقٌ. 1443 - قالَ مُجاهدٌ: {اقضُوا إليَّ}: ما في أنْفُسِكُم. يُقالُ: (افْرُق): اقْضِ (51). 1444 - وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ}، إِنْسَانٌ يَأْتِيهِ فَيَسْتَمِعُ مَا يَقُولُ، وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَهْوَ آمِنٌ حَتَّى يَأْتِيَهُ فَيَسْمَعَ كَلاَمَ اللَّهِ، وَحَتَّى يَبْلُغَ مَأْمَنَهُ حَيْثُ جَاءَ. {النَّبَأُ الْعَظِيمُ}: الْقُرْآنُ. {صَوَابًا} حَقًّا فِى الدُّنْيَا وَعَمَلٌ بِهِ. (قلت: لم يذكر فيه حديثاً). 40 - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}، وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ)، وَقَوْلِهِ (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ

_ 1443 - وصله الفريابي. (51) أراد به تفسير قوله تعالى في سورة المائدة: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}، ذكره هنا لمناسبة قوله: {ثم اقضوا}. 1444 - وصله الفريابي أيضاً.

41 - باب قول الله تعالى: {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون}

اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}، {وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} 1445 - وقال عِكْرِمةُ: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ} وَ {مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، فذلك إيمانُهُمْ، وهُمْ يعبُدون غيْرهُ، وما ذُكِرَ في خلْقِ أفعال العِباد واكْتِسابِهِمْ، بقولِهِ تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا}. 1446 - وقال مُجاهِدٌ: {مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ}: بِالرِّسالَةِ والعذابِ. {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ}: المبَلِّغينَ المؤدّين مِنَ الرُّسُلِ. {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}: عِنْدَنا. 1447 - {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ}: القُرآنُ. {وَصَدَّقَ بِهِ}: المؤْمِنُ يَقُولُ يَوْمَ القِيامَةِ: هذا الذي أعْطَيْتَني عَمِلْتُ بِما فيه. (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1847/ ج 3). 41 - باب قَوْلِ الله تعالى: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم برقم 1960/ ج 3). 42 - باب قوْلِ الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، وَ {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ}، وَقَوْلِهِ تعالى: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}، وأنَّ حَدَثَهُ لا يُشْبِهُ حَدَثَ المَخْلُوقين، لِقَوْلِهِ تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}

_ 1445 - وصله الطبري من طريقين عنه. 1446 - وصله الفريابي أيضاً. 1447 - وصله الطبري عن مجاهد أيضاً.

43 - باب قول الله تعالى: {لا تحرك به لسانك}، وفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث ينزل عليه الوحي

889 - وقالَ ابْنُ مَسْعُودٍ عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله عزَّ وجلَّ ليُحْدِثُ من أمْرِهِ ما يَشاءُ، وإنَّ مِمَّا أحْدَثَ أنْ لا تكلَّموا في الصَّلاةِ". 43 - باب قوْلِ الله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ}، وفِعْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ يُنْزَلُ عليْهِ الوَحْيُ 890 - وقالَ أبُو هُريرَة عَنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "قالَ الله تَعالى: أنا معَ عَبْدي حَيْثُ ما ذَكَرَني، وتَحَرَّكَتْ بي شَفَتاهُ". (قلتُ: أسند فيه حديث ابن عباس المتقدم برقم 1996/ ج 3). 44 - باب قوْلِ الله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (13) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} {يَتَخافَتُونَ}: يَتَسارُّونَ. 2748 - عَنْ أبي هُريرَةَ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليْسَ مِنَّا مَن لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرآنِ" (52).

_ 889 - وصله أبو داود والنسائي بإسناد حسن عنه، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (857). 890 - هذا طرف من حديث وصله المصنف في كتابه "خلق أفعال العباد"، وأحمد، وغيرهما. (52) قلت: هذا المتن صحيح بلا ريب، ولكن من حديث سعد بن أبي وقاص، لا من حديث أبي هريرة كما وقع في هذا الكتاب، فإنه خطأ عليه من بعض رواته كما جزم به غير واحد من الأئمة، وبينوا أن متن حديث أبي هريرة إنما هو بلفظ: "ما أَذنَ الله لشيءٍ ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن، يجهر به". كما أخرجه الشيخان وغيرهما عنه، وسيأتي قريبًا تحت "52 - باب"، وراجع تحقيق هذا وتفصيله في كتابي "صفة صلاة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، (ص 124 - 127/ مكتبة المعارف)، فإنه نفيس جداً؛ قد لا تراه في غيره.

45 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل والنهار، ورجل يقول: لو أوتيت مثل ما أوتى هذا فعلت كما يفعل"،

891 - وَزَادَ غَيْرُهُ: "يَجْهَرُ بِهِ". 45 - باب 892 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهْوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَرَجُلٌ يَقُولُ: لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِىَ هَذَا فَعَلْتُ كَمَا يَفْعَلُ"، فبيَّن الله أنَّ قيامه بالكتاب هو فعله، وقال: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ}، وقال جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} 2749 - عن عبدِ اللهِ بنِ عمرَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا حَسَدَ إلا في اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتاهُ الله القُرآنَ، فَهْوَ يَتْلُوهُ آناءَ اللّيْل وآناءَ النَّهارِ، ورجُلٌ آتاهُ الله مالاً، فهْو ينفقه آناء اللّيل وآناء النَّهارِ". 46 - باب قَوْلِ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (53) 1448 - وقال الزُّهْريُّ: مِنَ الله عزَّ وجلَّ الرِّسالة، وعلى رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - البَلاغُ، وعَلَيْنا التَّسْليمُ، وقالَ: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ}، وقال تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي}

_ 891 - هذه الزيادة وصلها المؤلف فيما يأتي قريباً، والغير المشار إليه هو محمد بن إبراهيم التيمي كما أفاده الحافظ، وهو الراوي للحديث الآتي عند أبي سلمة عن أبي هريرة. 892 - هو طرف من حديث لأبي هريرة مضى موصولاً في "التفسير" (ج 3/ برقم 2027)، ونحوه حديث ابن عمر في الباب. (53) التلاوة: {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}. 1448 - وصله الحميدي في "النوادر"، وابن أبي عاصم في "كتاب الأدب" بسند صحيح عنه.

47 - باب قول الله تعالى: {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها}

893 - وقالَ (54) كَعْبُ بنُ مالِكٍ حينَ تَخَلَّفَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: {وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ}. 1449 - وقالتْ عائِشَةُ: إذا أَعْجَبَكَ حُسْنُ عَمَلِ امْرئِ فقُل: {اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}، ولا يَسْتَخِفنَّك أحدٌ. 1450 - وقالَ مَعْمرٌ: {ذَلِكَ الْكِتَابُ}: هذا القُرآنُ. {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}: بيانٌ ودلالةٌ، كَقَوْلِهِ تعالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ}: هَذاَ حُكْمُ الله. {لا رَيْبَ}: لا شَكَّ. {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ}: يَعْني هذه أعْلامُ القُرآنِ وَمِثْلُهُ، {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} يَعْني: بِكُمْ. 894 - وقال أنسٌ: بَعَثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خالَهُ (55) حَراماً إلى قَوْمِهِ وقال: أتؤْمِنُوني أُبلِّغُ رِسالَةَ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فجَعَل يُحَدِّثُهُمْ. 47 - باب قوْلِ اللهِ تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} 895 - وقوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:

_ 893 - مضى موصولاً في حديثه الطويل في قصة تخلفه عن تبوك وتوبته (ج3 / برقم 1833). (54) أي: قرأ. 1449 - وصله المصنف في "خلق أفعال العباد" وابن أبي حاتم بسند صحيح. 1450 - ذكره معمر وهو ابن المثنى اللغوي في كتابه "مجاز القرآن". 894 - هذا طرف من حديث وصله المصنف في "المغازي" (ج3 / برقم 1729). (55) قوله: (خاله) أي: خال أنس وهو حرام بن ملحان. اهـ. 895 - هو طرف من حديث لابن عمر رضي الله عنهما، وقد تقدم في "ج1/ 9 - المواقيت/ 18 - باب".

"أُعْطِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا بِهَا، وَأُعْطِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ". 1451 - وقال أبو رزين: {يتْلُونَهُ}: يتَّبِعُونَهُ ويَعْمَلُون به حقَّ عَمَلِه. يُقال (56): يُتْلى: يُقْرَأ. حَسَنُ التِّلاوةِ: حَسَنُ القِراءَةَ لِلْقُرآنِ. {لَا يَمَسُّهُ}: لا يجدُ طَعْمَهُ ونَفْعَهُ إلا مَنْ آمَنَ بِالقُرْآنِ، وَلا يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إلا الموقِن، لِقَوْله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}. 896 - وسَمَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الإسْلامَ والإيمانَ عملاً. 897 - قال أبُو هُرَيْرة: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِبِلالٍ: "أَخْبرني بأرجى عمل عملته في الإسْلام؟ ". قال: ما عملْتُ عملاً أرْجى عِنْدي أنِّي لمْ أتَطَهَّر إلا صَلَّيْتُ.

_ 1451 - وصله سفيان الثوري في "تفسيره" عن أبي رزين، وهو مسعود بن مالك الأسدي الكوفي، وهو ثقة فاضل من كبار التابعين، مات سنة (85). (56) هو كلام أبي عبيدة في "كتاب المجاز"، في قوله تعالى: {أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}: يقرأ عليهم، وفي قوله: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ}، ما كنت تقرأ كتاباً قبل القرآن. "فتح". 896 - يشير إلى حديث أبي هريرة في سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام المتقدم في "التفسير" (ج 3/ برقم 1948). 897 - هو طرف من حديث مضى في "ج 1/ 19 - التهجد/ 17 - باب".

48 - باب وسمى النبي الصلاة عملا

898 - وسُئِلَ: أيُّ العملِ أَفْضَلُ؟ قالَ: "إيمانٌ بالله ورسُوله، ثُمَّ الجِهادُ، ثُمَّ حَجٌّ مبرور". (قلتُ: أسند فيه مختصر حديث ابن عمر المتقدم برقم 299/ ج 1). 48 - باب 899 - وسمَّى النبيُّ الصَّلاةَ عملاً 900 - قالَ: "لا صلاة لِمَنْ لَمْ يقْرَأْ بفاتحة الكتابِ". (قلتُ: أسند فيه حديث ابن مسعود المتقدم (ج 1/ 9 - المواقيت/ 5 - باب"). 49 - باب قوْلِ الله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا} {هَلُوعاً}: ضَجُوراً (57) (قلتُ: أسند فيه حديث عمرو بن تغلب المتقدم "ج 1/ 11 - الجمعة/ 28 - باب"). 50 - باب ذِكْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ورِوايته عن ربِّه

_ 898 - مضى موصولاً من حديث أبي هريرة في "ج 1/ 2 - الإيمان/ 17 - باب". 899 - يشير إلى حديث ابن مسعود: سألت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة .. " الحديث، وقد مضى في "ج 1/ 9 - المواقيت/ 5 - باب". 900 - مضى موصولاً من حديث عبادة بن الصامت في "ج1/ 10 - الأذان/ 94 - باب". (57) وقعت هذه اللفظة المفسِّرة (ضجوراً) مكررة في الأصل عقب قوله في الآية: {هلوعاً}، فحذفتها، ولا سيما أنها لم تثبت في بعض النسخ.

51 - باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها؛ لقول الله تعالى: {فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين}

2750 - عنْ أنسٍ رضي الله عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يرْويه عنْ ربِّه [عزَّ وجلَّ] قال: "إذا تَقَرَّبَ العَبْدُ إليَّ شِبْراً، تقربتُ إليهِ ذراعاً، وإذا تقرَّبَ مِني ذِراعاً، تَقَرَّبْتُ مِنْهُ باعاً (85)، وإِذا أتاني مَشْياً، أتَيْتُهُ هَرْولةً (59) ". 51 - باب مَا يَجُوزُ مِنْ تَفْسِيرِ التَّوْرَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 901 - وقالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أخْبَرَني أبُو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ أنَّ هِرَقْلَ دعا ترجمانه، ثُمَّ دَعا بِكتابِ النبيِّ فقرأه: "بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، مِنْ مُحمدٍ عبْدِ الله ورسوله إلى هِرَقْلَ: و {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية. 52 - باب 902 - قَوْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "الماهِرُ بِالقُرآنِ مَعَ الكِرامِ البَرَرة". و903 - "زَيِّنُوا القُرآنَ بِأصْواتِكُمْ" 2751 - عنْ أبي هُرَيرة سمع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ:

_ (58) (الباع): مسافة ما بين الكفين إذا بسطتهما يميناً وشمالاً، و (البوع) بمعناه. اهـ. (59) قوله: (هرولة) أي: مسرعاً. 901 - هذا طرف من الحديث الطويل الذي تقدم موصولاً في "الجهاد" (ج 2/ برقم 1295). 902 - مضى موصولاً من حديث عائشة في "التفسير ج 3/ برقم 2000". 903 - وصله المصنف في "خلق أفعال العباد"، وأحمد، وأبو داود، وغيرهم بسند صحيح عن البراء بن عازب مرفوعاً. وقد خرجته في "الصحيحة" (771)، و"صحيح أبي داود" (1320).

53 - باب قول الله تعالى: {فاقرءوا ما تيسر من القرآن}

"ما أذِنَ الله لِشيءٍ ما أذِنَ لِنبيٍّ حسنِ الصَّوْتِ (60) [يتغنّى 6/ 107] بِالقُرآنِ؛ يَجْهَرُ بهِ". [قال سفيان: تفسيره: يتغنَّى به] (61). 53 - باب قوْلِ الله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} (قلتُ: أسند فيه حديث عمر المتقدم برقم 2017/ ج 3). 54 - باب قوْلِ الله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} 904 - وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كُلٌّ مُيسَّرٌ لِما خُلِقَ له" يُقالُ: مُيَسَّرٌ: مُهيَّأٌ. 1452 - وقال مطَرٌ الورَّاقُ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}، قال: هَلْ مِن طالب عِلْمِ فيُعانَ عليْهِ؟ 55 - باب قوْلِ اللهِ تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ}، {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}

_ (60) قلت: قوله: "حسن الصوت" لم تَرد في رواية المؤلف في "فضائل القرآن"، ولذلك أثرتُ روايته هنا على روايته هناك، ولم يتنبه الحافظ في شرحه لهذا الحديث هناك أن هذه الزيادة عند المصنف، فعزاها لمسلم والطبري! (61) قلت: هذا التفسير لم يرتضه الشافعي وغيره من الأئمة كما تراه مبسوطاً في "الشرح"، وذلك لوجوهٍ كثيرةٍ، منها قوله في الحديث: "حسن الصوت، يجهر به"، ولو كان معناه الاستغناء لم يكن لذكر الصوت والجهر معنى، ومنها أن في الحديث الماضي "44 - باب": "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، فإنه لو أراد الاستغناء لقال: "لم يستغن". فالحق الذي لا ريب فيه أن معنى "يتغنى" هنا: تحسين الصوت، ويؤيده قوله - صلى الله عليه وسلم -: "زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً". 904 - هو طرف من حديث علي المتقدم في "ج1/ 23 - الجنائز/ 82 - باب"، وهو رواية في حديث عمران المتقدم في أول "82 - القدر". 1452 - وصله الفريابي وابن أبي عاصم في "العلم" عنه.

1453 - قال قتادةُ: مَكْتُوبٌ. 1454 - {يَسْطُرونَ}: يَخُطُّونَ. 1455 - {فِي أُمِّ الْكِتَابِ}: جُمْلَةِ الكتابِ، وأصْلِهِ. 1456 - {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ}: ما يتكلَّمُ مِنْ شَيءٍ إلا كُتِبَ عَلَيْهِ. 1457 - وقالَ ابْنُ عبَّاسٍ: يُكْتَبُ الخَيْرُ والشَّرُّ، 1458 - {يُحَرِّفُونَ}: يُزِيلُونَ. وَلَيْس أحدٌ يُزيلُ لفظ كتابٍ من كتب الله عزَّ وجل ولكنَّهُم {يُحَرِّفونه}: يتأَوَّلُونَهُ على غيْرِ تأويلهِ (62).

_ 1453 - وصله المصنف في "خلق أفعال العباد" بسند صحيح عنه، ووصله عبد بن حميد وعبد الرزاق من طريق أخرى عنه. 1454 - أورده عبد بن حميد عن قتادة. 1455 - وصله أبو داود في "كتاب الناسخ والمنسوخ" عنه. 1456 - وصله ابن أبي حاتم عنه. 1457 - وصله الطبري وابن أبي حاتم. 1458 - قال الحافظ: "لم أر هذا موصولاً من كلام ابن عباس من وجه ثابت، مع أن الذي قبله من كلامه، وكذا الذي بعده، وهو قوله: " (دراستهم): تلاوتهم"، وما بعده. أخرج جميع ذلك ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقد تقدم في "42 - باب قوله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} " عن ابن عباس ما يخالف ما ذكرنا، وهو تفسير {يُحَرِّفُونَ} بقوله: يزيلون". قلت: أثر ابن عباس الذي أشار إليه الحافظ حذف لغرض الاختصار، وقد تقدم "ج 2/ 52 - الشهادات/ 30 - باب/ 1208 - حديث". (62) هذا من كلام البخاري، ذيَّل به تفسير ابن عباس، ويحتمل أن يكون بقية كلام ابن عباس في تفسير الآية. كذا في "الفتح". قلت: ويرجح الأول أن الصحيح عن ابن عباس خلافه كما تقدمت الإشارة إليه آنفاً، وما قاله البخاري أحد الأقوال في تفسير الآية، وأرجحها أن التغيير والتبديل وقع في اليسير منها، ومعظمها باق على حاله، وهو الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية كما قال الحافظ في "الفتح".

56 - باب قول الله تعالى: {والله خلقكم وما تعملون}

1459 - {دراسَتُهُمْ}: تِلاوَتُهُمْ. {واعيَةٌ}: حَافِظَةٌ. {وتَعِيَها}: تَحْفَظُها. {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ} يَعْني أهْلَ مَكَّةَ. {ومَنْ بَلَغَ} هذا القُراَنُ فهْوَ له نذيرٌ. (قلتُ: أسند فيه حديث أبي هريرة المتقدم برقم 1384/ ج2). 56 - باب قوْلِ الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}، {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}، 905 - و"يُقالُ لِلْمُصَوَّرين: أحْيُوا ما خَلَقْتُم"، {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 1460 - قال ابْنُ عُيَيْنةَ: بيَّن اللهُ الخلقَ من الأَمْرِ بقولهِ تعالى: {ألا لَهُ الخلقُ والأمرُ} وسمَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الإيمانَ عملاً. 906 و 907 - قالَ أبُو ذَرٍّ وأَبُو هريرةَ: سُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الأعْمالِ أفْضَلُ؟ قال: "إيمانٌ باللهِ وجِهادٌ في سبيلهِ". وقال: {جزاءً بِما كانوا يعملون}.

_ 1459 - وصله ابن أبي حاتم عن ابن عباس كما تقدم آنفاً، وسنده منقطع. 905 - هو طرف من حديث ابن عمر، وقد مضى موصولاً في "77 - اللباس 89/ - باب"، ومن حديث عائشة، وقد مضى موصولاً أيضاً في "البيوع" (ج 3/ برقم 995). 1460 - وصله ابن أبي حاتم في "كتاب الرد على الجهمية" عنه. 906 و 907 - أما حديث أبي هريرة؛ فقد مضت الإشارة إلى وصله تحت "47 - باب/ 898 - معلق". وأما حديث أبي ذر؛ فوصله في "العتق ج2 / برقم 1150".

57 - باب قراءة الفاجر والمنافق، وأصواتهم وتلاوتهم لا تجاوز حناجرهم

908 - وقال وَفْدُ عبْدِ القَيْسِ لِلنبيٍّ - صلى الله عليه وسلم -: مُرْنا بِجُمَلٍ من الأمر إن عملْنا بها دخلنا الجنَّة. فَأَمَرَهم بالإيمان، والشَّهادةِ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ"، فجعل ذلِكَ كُلَّهُ عَمَلاً. 57 - باب قِرَاءَةِ الْفَاجِرِ وَالْمُنَافِقِ، وَأَصْوَاتُهُمْ وَتِلاَوَتُهُمْ لَا تُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ 58 - باب قوْلِ اللهِ تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}، وأنَّ أعْمالَ بني آدَمَ وقَوْلَهُمْ يُوزَنُ 1461 - وقال مُجاهدٌ: {القُسْطاسُ}: العَدْلُ بالرُّومِيَّةِ. ويُقالُ: (القِسْطُ) مصْدرُ (المُقْسِط)، وهو العادِلُ، وأمّا (القاسط) فهو الجائرُ. 2752 - عنْ أبي هُريرةَ رضيَ اللهُ عنه قالَ: قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "كَلِمتانِ حبيبتان إلى الرّحمنِ، خفيفتانِ على اللَّسانِ، ثقيلتانِ في الميزانِ: سُبْحانَ اللهِ وبِحَمْدِهِ، سُبحانَ اللهِ العظيمِ". * * * انتهى تسويد هذا المختصر المبارك إن شاء الله تعالى في مجالس عديدة أولها بتاريخ السادس من ربيع الأول سنة (1390) وآخرها بعد عشاء الثامن والعشرين من شهر ذي الحجة سنة (1390) من هجرة سيد المرسلين، عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم. ثم انتهى إعداده للطبع أول نهار الاثنين السابع من ربيع الآخر سنة (1394) يسّر الله تمام طبعه بمنّه وكرمه. * * *

_ 908 - هو طرف من حديث ابن عباس المتقدم "ج1/ 2 - الإيمان/ 40 - باب". 1461 - وصله الفريابي عنه، وفيه رجل لم يسم.

§1/1