مختصر خلافيات البيهقي

ابن فَرْح

الجزء 1

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْحَمد لله أَولا وآخرا وَالصَّلَاة على رَسُوله مُحَمَّد وَآله وَسلم كثيرا. ذكر مَا اخْتلف فِيهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا من كتاب الطَّهَارَة مِمَّا ورد فِيهِ خبر أَو أثر.

مسألة

(مَسْأَلَة (1) :) لَا يجوز إِزَالَة النَّجَاسَات بِمَا سوى المَاء من الْمَائِعَات وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز ويطهر بِهِ، وَأما أَسْفَل الْخُف إِذا أَصَابَته نَجَاسَة فدلكه بِالْأَرْضِ ثمَّ صلى فِيهِ فللشافعي فِيهِ قَولَانِ يُجزئهُ فِي أَحدهمَا، وَلَا يُجزئهُ فِي الآخر وَاحْتج أَصْحَابنَا بِحَدِيث أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهَا قَالَت: سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الثَّوْب يُصِيبهُ الدَّم من الْحَيْضَة فَقَالَ: لتحته ثمَّ لتقرضه بِالْمَاءِ ثمَّ لتنضحه

بِالْمَاءِ ثمَّ لتصلي فِيهِ. اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صِحَّته من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن فَاطِمَة بنت الْمُنْذر عَنْهَا وَرَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة عَن هِشَام وَقَالَ فِيهِ " حتيه ثمَّ اقرضيه بِالْمَاءِ ثمَّ رشيه وَصلي فِيهِ " وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابهم بقوله تَعَالَى: {وثيابك فطهر (4) } وَقد حصل ذَلِك بالمائعات وَلنَا عَنهُ أجوبة فَمِنْهَا امْتنَاع تنَاوله مَا تنازعنا فِيهِ، وَحمله عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَهُوَ ترجمان الْقُرْآن على غير ذَلِك فروى عَن عَطاء عَنهُ {وثيابك فطهر (4) } قَالَ: طهرهَا من الْإِثْم، وَأنْشد ابْن عَبَّاس:

وثيابك فطهر فأمره بتطهير ثيابه فكأن عبد الله استحسن ذلك من قوله قال إسحق فرفعت رأسي فقلت أعز الله الأمير كذب هذا على الله وعلى رسوله أخبرنا وكيع حدثنا سفيان عن

(إِنِّي بِحَمْد الله لَا ثوب فَاجر لبست ... وَلَا من غدرة أتقنع) وَرُوِيَ عَن إِسْحَق بن رَاهْوَيْةِ دخلت يَوْمًا على عبد الله بن طَاهِر وَإِذا عِنْده إِبْرَاهِيم بن أبي صَالح فَقَالَ عبد الله بن طَاهِر لإِبْرَاهِيم مَا تَقول: فِي غسل الثِّيَاب؟ فَرِيضَة هُوَ أم سنة؟ فَأَطْرَقَ سَاعَة ثمَّ رفع رَأسه أعز الله الْأَمِير غسل الثِّيَاب فَرِيضَة. فَقَالَ: لَهُ من أَيْن تَقول؟ قَالَ: من قَول الله عز وَجل لنَبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {وثيابك فطهر} فَأمره بتطهير ثِيَابه فَكَأَن عبد الله اسْتحْسنَ ذَلِك من قَوْله. قَالَ إِسْحَق: فَرفعت رَأْسِي فَقلت: أعز الله الْأَمِير، كذب هَذَا على الله وعَلى رَسُوله أخبرنَا وَكِيع حَدثنَا سُفْيَان عَن

فقالت إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر فقالت أم سلمة قال

إِسْرَائِيل عَن سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {وثيابك فطهر (4) } قَالَ: قَلْبك فنقه وَذكر بَاقِي الْحِكَايَة، وَرُبمَا يستدلون بِمَا رُوِيَ عَن أم ولد لإِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنَّهَا سَأَلت أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: إِنِّي امْرَأَة أطيل ذيلي وأمشي فِي الْمَكَان القذر فَقَالَت أم سَلمَة: قَالَ

يطهره ما بعده أم ولد إبراهيم لم يخرج حديثها في الصحيح وما رويناه أصح ثم هو محمول على النجاسة اليابسة التي تسقط عن الثوب بالسحب على الأرض وروي عن امرأة من بني عبد الأشهل قالت قلت يا رسول الله إن لنا طريقا إلى المسجد منتنة

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يطهره مَا بعده " أم ولد إِبْرَاهِيم لم يخرج حَدِيثهَا فِي الصَّحِيح، وَمَا روينَاهُ أصح ثمَّ هُوَ مَحْمُول على النَّجَاسَة الْيَابِسَة الَّتِي تسْقط عَن الثَّوْب بالسحب على الأَرْض، وَرُوِيَ عَن امْرَأَة من بني عبد الْأَشْهَل، قَالَت: قلت: يَا رَسُول الله، إِن لنا طَرِيقا إِلَى الْمَسْجِد مُنْتِنَة، وَكَيف نَفْعل إِذا مُطِرْنَا؟ قَالَ: أَلَيْسَ بعْدهَا طَرِيق هُوَ أطيب مِنْهَا؟ قَالَ: قلت: بلَى، قَالَ: " فَهَذِهِ بِهَذِهِ " لَيْسَ لهَذِهِ الْمَرْأَة ذكر فِي الصَّحِيح وَلَا لَهَا اسْم مَعْلُوم وَلَا نسب مَعْرُوف وَمثل هَذَا لَا يُقَابل مَا روينَا وَرُبمَا يستدلون وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم بن الْهَيْثَم الْبَلَدِي عَن مُحَمَّد بن

قال إذا وطئ أحدكم بنعليه في الأذى فإن التراب له طهور وخالفه أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي عن ابن كثير عن الأوزاعي عن ابن

كثير عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن ابْن عجلَان عَن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا وطئ أحدكُم بنعليه فِي الْأَذَى فَإِن التُّرَاب لَهُ طهُور " وَخَالفهُ أَبُو الْأَحْوَص مُحَمَّد بن الْهَيْثَم القَاضِي عَن ابْن كثير عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن ابْن

إذا وطئ أحدكم بخفيه أو قال بنعليه الأذى فطهورهما التراب وخالفه أصحاب الأوزاعي في إقامة إسناده فروى العباس بن الوليد بن مزيد عن أبيه عن الأوزاعي قال أنبئت أن سعيد ابن أبي سعيد حدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله

عجلَان عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وطئ أحدكُم بخفيه أَو قَالَ بنعليه الْأَذَى فطهورهما التُّرَاب " وَخَالفهُ أَصْحَاب الْأَوْزَاعِيّ فِي إِقَامَة إِسْنَاده فروى الْعَبَّاس بن الْوَلِيد بن مزِيد عَن أَبِيه عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ أنبئت أَن سعيد ابْن أبي سعيد حدث عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا وطئ أحدكُم بنعليه فِي الْأَذَى فَإِن التُّرَاب لَهُ طهُور " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو الْمُغيرَة عبد القدوس بن الْحجَّاج وَعمر بن عبد الْوَاحِد وهم أعرف بالأوزاعي من الصَّنْعَانِيّ فَصَارَ الحَدِيث بذلك معلولا وَخرج من أَن يكون مُعَارضا لما روينَا،

إذا وطئ أحدكم بنعليه الأذى فإن التراب لهما طهور هكذا روي عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد عن سعيد وهذا أيضا لا يعارض ما روينا فإن الطريق فيه ليس بواضح إلى سعيد وهو مرسل القعقاع لم يسمع من عائشة وما روينا إسناده متفق عليه وروي هذا الحديث

وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث من وَجه آخر فَروِيَ عَن ابْن وهب عَن ابْن سمْعَان عَن سعيد المَقْبُري عَن الْقَعْقَاع بن حَكِيم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وطئ أحدكُم بنعليه الْأَذَى فَإِن التُّرَاب لَهما طهُور " هَكَذَا رُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن مُحَمَّد بن الْوَلِيد عَن سعيد وَهَذَا أَيْضا لَا يُعَارض مَا روينَا فَإِن الطَّرِيق فِيهِ لَيْسَ بواضح إِلَى سعيد وَهُوَ مُرْسل الْقَعْقَاع لم يسمع من عَائِشَة وَمَا روينَا إِسْنَاده مُتَّفق عَلَيْهِ. وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث من وَجه آخر غير مُعْتَمد عَن ابْن وهب عَن الْحَارِث بن نَبهَان عَن رجل عَن أنس عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا جَاءَ

أحدكُم الْمَسْجِد فَإِن كَانَ لَيْلًا فليدلك نَعْلَيْه وَإِن كَانَ نَهَارا فَلْينْظر إِلَى أَسْفَلهَا " وَقد تبع الشَّافِعِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة مِنْهُ فِي الْإِمْلَاء وروى أَبُو دَاوُد عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " مَا كَانَ لإحدانا إِلَّا ثوب وَاحِد فِيهِ تحيض فَإِن أَصَابَهُ شَيْء من دم بلته بريقها ثمَّ قصعته بريقها " وَعَن عَطاء عَنْهَا قد كَانَ يكون لإحدانا الدرْع تحيض فِيهِ وَفِيه تصيبها الْجَنَابَة ثمَّ ترى فِيهِ قَطْرَة من دم فتقصعه بريقها " وَهَذَا ورد فِي النَّجَاسَة الْيَسِيرَة الَّتِي يُعْفَى عَنْهَا وَإِن لم يغسل يُبينهُ قَوْلهَا ثمَّ ترى فِيهِ

قال له يا عمار ما نخامتك ولا دموع عينيك إلا بمنزلة الماء الذي في

قَطْرَة من دم وَالْعجز عَن إِزَالَة كثير من النَّجَاسَة بالبزاق وَالله أعلم وَرُوِيَ عَن شُعْبَة عَن حَمَّاد عَن عَمْرو بن عَطِيَّة عَن سلمَان قَالَ: " إِذا حك أحدكُم جلده فَلَا يمسهُ بريقه فَإِنَّهُ لَيْسَ بطاهر " قَالَ فَذكرت ذَلِك لإِبْرَاهِيم فَقَالَ: " امسحه بِمَاء " وَإِنَّمَا أَرَادَ سلمَان وَالله أعلم أَن الرِّيق لَا يطهر الدَّم الْخَارِج مِنْهُ بالحك وَأما حَدِيث عمار أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " يَا عمار مَا نخامتك وَلَا دموع عَيْنَيْك إِلَّا بِمَنْزِلَة المَاء الَّذِي فِي

مسألة

ركوتك إِنَّمَا تغسل ثَوْبك من الْبَوْل وَالْغَائِط والمني وَالدَّم والقيء فَبَاطِل لَا أصل لَهُ إِنَّمَا رَوَاهُ ثَابت بن حَمَّاد عَن عَليّ بن زيد عَن عمار وَعلي بن زيد غير مُحْتَج بِهِ وثابت مُتَّهم بِالْوَضْعِ وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (2) :) وَلَا يجوز الْوضُوء بنبيذ التَّمْر مطبوخا كَانَ أَو

نيا وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز بالمطبوخ مِنْهُ. وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْكتاب وَالنَّظَر. وَلَهُم على الْخَبَر كَمَا زَعَمُوا قَالَ الله تَعَالَى: {فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} فَنقل من المَاء إِلَى التُّرَاب وَلم يَجْعَل بَينهمَا وَاسِطَة وَقَالَ فِي حَدِيث أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ: " الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم وَلَو عشر حجج فَإِذا وجد المَاء فليمس بَشرته المَاء فَإِن ذَلِك هُوَ خير " فَجعل الطَّهَارَة بِالْمَاءِ ثمَّ بالصعيد عِنْد عدم المَاء دون غَيرهمَا وَيُمكن أَن يسْتَدلّ من طَرِيق الْخَبَر فِي منع جَوَاز اسْتِعْمَال النَّبِيذ فِي الْوضُوء بِحَدِيث ابْن عمر قَالَ قَالَ

كل مسكر خمر وكل مسكر حرام أخرجه مسلم في الصحيح فثبت بهذا وقع اسم الخمر على النبيذ لكونه مسكرا وقد قال الله عز اسمه يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون فأمر باجتنابه

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل مُسكر خمر وكل مُسكر حرَام " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. فَثَبت بِهَذَا وَقع اسْم الْخمر على النَّبِيذ لكَونه مُسكرا وَقد قَالَ الله عز اسْمه: {يأيها الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر والأنصاب والأزلام رِجْس من عمل الشَّيْطَان فَاجْتَنبُوهُ لَعَلَّكُمْ تفلحون} فَأمر باجتنابه وَذَلِكَ يَقْتَضِي منع اسْتِعْمَاله من كل وَجه. وَاحْتج أَصْحَابهم بِالْحَدِيثِ الَّذِي يرْوى عَن سُفْيَان عَن أبي فَزَارَة الْعَبْسِي حَدثنَا أَبُو زيد مولى

معك ماء قلت ليس معي ماء ولكن معي إداوة فيها نبيذ فقال النبي

عَمْرو بن حُرَيْث عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لما كَانَت لَيْلَة الْجِنّ تخلف مِنْهُم رجلَانِ قَالَا نشْهد مَعَك الْفجْر يَا رَسُول الله قَالَ: فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَعَك مَاء؟ قلت: لَيْسَ معي مَاء. وَلَكِن معي إداوة فِيهَا نَبِيذ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَمْرَة طيبَة وَمَاء طهُور فَتَوَضَّأ " هَكَذَا رَوَاهُ إِسْرَائِيل بن يُونُس وَلَيْث ابْن أبي سليم

وَقيس ابْن الرّبيع وَعَمْرو بن أبي قيس والجراح بن مليح وَشريك بن عبد الله النَّخعِيّ عَن أبي فَزَارَة وَرَوَاهُ سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان الْمُؤَذّن عَن أبي فَزَارَة عَن عبد الله بن يزِيد الْأَزْرَق عَن عبد الله بن مَسْعُود وَرَوَاهُ أَبُو العميس عتبَة بن عبد الله عَن أبي فَزَارَة عَن زيد مولى عَمْرو بن حُرَيْث عَن ابْن مَسْعُود وَرَوَاهُ شريك بن عبد الله قد قيل النَّخعِيّ وَقد قيل ابْن أبي نمر عَن أبي زَائِدَة أَو زِيَادَة - عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ وَذكره ذَلِك بأسانيده فِيهِ بِلَفْظِهِ أَو بِمَعْنَاهُ أَو قريب من غير رِوَايَة عَمْرو بن أبي قيس وَقَالَ: فِي رِوَايَة

وهو خلاف القرآن قال الحاكم أبو عبد الله قد قيل أنه كان نباذا بالكوفة يعني أبا زيد قال البخاري أبو زيد الذي يروي الحديث عن ابن مسعود رجل مجهول لا يعرف

قيس بن الرّبيع قصَّة أطول وَقَالَ: فِيهَا " تَمْرَة حلوة وَمَاء طيب ثمَّ تَوَضَّأ " قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي، هُوَ صَاحب الْكَامِل وَهَذَا الحَدِيث مَدَاره على أبي فَزَارَة عَن أبي زيد مولى عمر بن حُرَيْث وَأَبُو فَزَارَة مَشْهُور واسْمه رَاشد بن كيسَان وَأَبُو زيد مَجْهُول وَلَا يَصح هَذَا الحَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ خلاف الْقُرْآن قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: قد قيل أَنه كَانَ نباذا بِالْكُوفَةِ يَعْنِي أَبَا زيد قَالَ البُخَارِيّ: أَبُو زيد الَّذِي يروي الحَدِيث عَن ابْن مَسْعُود رجل مَجْهُول لَا يعرف

بِصُحْبَة عبد الله، وَفِي كتاب الْمَجْرُوحين لأبي حَاتِم البستي: " أَبُو زيد شيخ يروي عَن ابْن مَسْعُود مَا لم يُتَابع عَلَيْهِ لَيْسَ يدْرِي من هُوَ وَلَا يعرف أَبوهُ وَلَا بَلَده وَالْإِنْسَان إِذا كَانَ بِهَذَا النَّعْت ثمَّ لم يرو إِلَّا خَبرا وَاحِدًا خَالف فِيهِ الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس وَالنَّظَر والرأي يسْتَحق مجانبته فِيمَا روى والاحتجاج بِغَيْرِهِ " فَإِن قيل رَوَاهُ غَيره وَاحْتج بِمَا رُوِيَ عَن أبي سعيد مولى بني هَاشم عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَليّ ابْن زيد عَن أبي رَافع عَن ابْن مَسْعُود أَن

قال ليلة الجن أمعك ماء قال لا قال أمعك نبيذ قال نعم فتوضأ به قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث تفرد به أبو سعيد مولى بني هاشم عن حماد بن سلمة وعلي بن زيد بن جدعان على الطريق وهو ممن أجمع الحفاظ على تركه وقال الدارقطني

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَيْلَة الْجِنّ: " أَمَعَك مَاء؟ قَالَ: لَا. قَالَ أَمَعَك نَبِيذ؟ قَالَ: نعم فَتَوَضَّأ بِهِ " قَالَ الْحَاكِم: أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ أَبُو سعيد مولى بني هَاشم عَن حَمَّاد بن سَلمَة وَعلي بن زيد بن جدعَان على الطَّرِيق. وَهُوَ مِمَّن أجمع الْحفاظ على تَركه، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: عَليّ بن زيد ضَعِيف وَأَبُو رَافع لم يثبت سَمَاعه من ابْن مَسْعُود وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث من مصنفات حَمَّاد بن سَلمَة وَقد رَوَاهُ عبد الْعَزِيز ابْن أبي رزمة يَعْنِي عَن حَمَّاد وَلَيْسَ هُوَ بِقَوي " فَإِن قيل قد رَوَاهُ غَيره وَاحْتج بِمَا روى عَن مُحَمَّد بن عِيسَى الْمَدَائِنِي

ذات ليلة فقال خذ معك إداوة فيها ماء فذكر حديثا طويلا في ليلة الجن إلى أن قال فلما أفرغت عليه من الأداوة إذا هو نبيذ فقلت يا رسول الله أخطأت بالنبيذ فقال تمرة حلوة وماء عذب قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث لم نكتبه من حديث

عَن الْحسن بن قُتَيْبَة عَن يُونُس بن أبي إِسْحَق عَن أبي إِسْحَق عَن أبي عُبَيْدَة وَأبي الْأَحْوَص عَن عمر بن مَسْعُود قَالَ: " مر بِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة فَقَالَ: " خُذ مَعَك إداوة فِيهَا مَاء " فَذكر حَدِيثا طَويلا فِي لَيْلَة الْجِنّ إِلَى أَن قَالَ: فَلَمَّا أفرغت عَلَيْهِ من الأداوة إِذا هُوَ نَبِيذ، فَقلت يَا رَسُول الله: أَخْطَأت بالنبيذ فَقَالَ: " تَمْرَة حلوة وَمَاء عذب " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث لم نَكْتُبهُ من حَدِيث أبي إِسْحَق السبيعِي إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد وَالْحمل فِيهِ على مُحَمَّد بن عِيسَى الْمَدَائِنِي فَإِنَّهُ تفرد بِهِ عَن الْحسن وَمُحَمّد بن عِيسَى واهي

تمرة طيبة وماء طهور

الحَدِيث بِمرَّة وَهَذَا لَو كَانَ عِنْد أبي إِسْحَق عَن أبي الْأَحْوَص وَأبي عُبَيْدَة، لما احْتج فُقَهَاء الْإِسْلَام مُنْذُ ثلثمِائة وَثَمَانِينَ سنة بِأبي فَزَارَة عَن أبي زيد، وَهَذَا بَاطِل بِمرَّة وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ الْحسن بن قُتَيْبَة عَن يُونُس بن أبي إِسْحَق وَالْحسن بن قُتَيْبَة وَمُحَمّد بن عِيسَى ضعيفان وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن الْحُسَيْن بن " عبيد الله " الْعجلِيّ عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل عَن ابْن مَسْعُود فَذكر حَدِيثا وَقَالَ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَمْرَة طيبَة وَمَاء طهُور

ليلة الجن بنبيذ فتوضأ به وقال شراب طهور قال

فَتَوَضَّأ بِهِ " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الْحُسَيْن بن عبيد الله هَذَا يضع الحَدِيث على الثِّقَات وَقد روى فِي هَذَا عَن عَليّ بن رَبَاح اللَّخْمِيّ عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ الْحَاكِم: أَبُو عبد الله: عَليّ بن رَبَاح هَذَا شيخ من أهل مصر وَلم يدْرك ابْن مَسْعُود وَلم يره وَلَا يبلغ سنه ذَاك على أَنه من أهل مصر وَلم يلتق بِابْن مَسْعُود قطّ وَرُوِيَ عَن ابْن لَهِيعَة عَن قيس عَن حَنش عَن ابْن عَبَّاس عَن ابْن مَسْعُود أَنه وضأ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة الْجِنّ بنبيذ فَتَوَضَّأ بِهِ وَقَالَ: " شراب طهُور " قَالَ

بنبيذ قال الدارقطني الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول قيل اسمه عمرو وقيل عبد الله بن عمرو بن غيلان ومما يدل على بطلان جميع ما روي من ذلك عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إقراره بأنه لم يكن ليلة الجن مع رسول الله

الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ ابْن لَهِيعَة وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث وَقَالَ ابْن معِين لَا يحْتَج بحَديثه وَحكى البُخَارِيّ عَن الْحميدِي عَن يحيى بن سعيد أَنه قَالَ لَا يرَاهُ شَيْئا. وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن فلَان بن غيلَان الثَّقَفِيّ عَن ابْن مَسْعُود " وضوء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بنبيذ " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: الثَّقَفِيّ الَّذِي رَوَاهُ عَن ابْن مَسْعُود مَجْهُول قيل اسْمه عَمْرو وَقيل عبد الله بن عَمْرو بن غيلَان وَمِمَّا يدل على بطلَان جَمِيع مَا رُوِيَ من ذَلِك عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ إِقْرَاره بِأَنَّهُ لم يكن لَيْلَة الْجِنّ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه من حَدِيث عَلْقَمَة عَن عبد الله قَالَ: " لم أكن لَيْلَة الْجِنّ مَعَ

وودت أني كنت معه وروي عن شعبة عن عمرو بن مرة قال سألت أبا عبيدة بن عبد الله أكان أبوك مع النبي

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وودت أَنِّي كنت مَعَه وَرُوِيَ عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة " قَالَ سَأَلت أَبَا عُبَيْدَة بن عبد الله أَكَانَ أَبوك مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة الْجِنّ قَالَ: " لَا " فهذان الخبران اللَّذَان اتّفق الْعلمَاء بِصَحِيح الْأَخْبَار وسقيمها على صحتهما وعدالة رواتهما يدلان على أَن عبد الله لم يكن مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة الْجِنّ فَمن قَالَ: إِنَّه صَحبه فِيهَا فَإِنَّهُ يُرِيد حِين ذهب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِيُرِيَهُمْ آثَارهم يدل على ذَلِك مَا روى الشّعبِيّ عَن عَلْقَمَة قَالَ: قلت لِابْنِ مَسْعُود أَن النَّاس يتحدثون بأنك كنت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة الْجِنّ فَقَالَ مَا صَحبه منا أحد وَلَكنَّا فقدناه بِمَكَّة فطلبناه فِي الشعاب والأودية فَقلت: اغتيل استطير. فبتنا بشر لَيْلَة بَات قوم فَلَمَّا أَصْبَحْنَا رَأَيْنَاهُ مُقبلا فَقُلْنَا يَا رَسُول الله: بتنا اللَّيْلَة بشر لَيْلَة بَات بهَا قوم فقدناك. فَقَالَ: " إِنَّه أَتَانِي دَاعِي الْجِنّ فَانْطَلق بِنَا

تلك الليلة على اضطراب في الإسناد فإن في حديث سليمان التيمي عن أبي تميمة عن عبد الله وقيل عن أبي تميمة عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله وعلى هذا الاضطراب لا تقوم بهم الحجة قال البيهقي رضي الله عنه قد تتبعت هذه الروايات فوجدتها على ما ذكر

فأرانا بُيُوتهم ونيرانهم " رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله فَأَما حَدِيث أبي عبد الله النَّهْدِيّ وَأبي تَمِيمَة الهُجَيْمِي وَعَمْرو الْبكالِي عَن عبد الله فَلَيْسَ فِي حَدِيث وَاحِد مِنْهُم ذكر نَبِيذ التَّمْر إِنَّمَا ذكرُوا خُرُوج عبد الله مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِلْكَ اللَّيْلَة على اضْطِرَاب فِي الْإِسْنَاد، فَإِن فِي حَدِيث سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي تَمِيمَة عَن عبد الله وَقيل عَن أبي تَمِيمَة عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن عبد الله وعَلى هَذَا الِاضْطِرَاب لَا تقوم بهم الْحجَّة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِي الله عَنهُ قد تتبعت هَذِه الرِّوَايَات فَوَجَدتهَا على مَا ذكر إمامنا أَبُو عبد الله وَلم أخرجهَا طلبا للاختصار. وَقد رُوِيَ فِي جَوَاز الْوضُوء بالنبيذ حَدِيث

النبيذ وضوء من لم يجد الماء قال علي بن عمر كذا قال ووهم فيه المسيب بن واضح في موضعين في ذكر ابن عباس وفي ذكر النبي

واه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا رَوَاهُ على الدَّارَقُطْنِيّ ابْن عمر الْحَافِظ عَن عُثْمَان بن أَحْمد حَدثنَا أَبُو الْقَاسِم بن عبد الْبَاقِي حَدثنَا الْمسيب بن وَاضح حَدثنَا مُبشر بن إِسْمَاعِيل الْحلَبِي عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " النَّبِيذ وضوء من لم يجد المَاء " قَالَ عَليّ بن عمر: كَذَا قَالَ. وَوهم فِيهِ الْمسيب بن وَاضح فِي موضِعين فِي ذكر ابْن عَبَّاس وَفِي ذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد اخْتلف فِيهِ عَن الْمسيب فحدثنا بِهِ

والمحفوظ من قول عكرمة غير مرفوع إلى النبي

مُحَمَّد بن المظفر حَدثنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان حَدثنَا الْمسيب بِهَذَا الْإِسْنَاد مَوْقُوفا غير مَرْفُوع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْمَحْفُوظ من قَول عِكْرِمَة غير مَرْفُوع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا إِلَى ابْن عَبَّاس. حدّثنَاهُ أَحْمد بن مُحَمَّد حَدثنَا إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ حَدثنَا الحكم بن مُوسَى حَدثنَا هِقْل عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير قَالَ: قَالَ

عِكْرِمَة: " النَّبِيذ وضوء لمن لم يجد غَيره هَكَذَا رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى عَن عِكْرِمَة من قَوْله وَكَذَلِكَ رَوَاهُ شَيبَان النَّحْوِيّ وَعلي بن الْمُبَارك عَن يحيى ابْن أبي كثير. وَرُوِيَ من وَجه آخر أَوْهَى من هَذَا عَن أبي عُبَيْدَة مجاعَة عَن أبان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: " إِذا لم يجد أحدكُم مَاء وَوجد النَّبِيذ فَليَتَوَضَّأ بِهِ " قَالَ عَليّ بن عمر أبان هُوَ ابْن أبي عَيَّاش مَتْرُوك ومجاعة ضَعِيف وَالْمَحْفُوظ أَنه رأى عِكْرِمَة غير مَرْفُوع وَرُوِيَ عَن

مسألة

عبد الله بن مُحَرر عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " النَّبِيذ وضوء من لم يجد المَاء " قَالَ عَليّ بن عمر: ابْن مُحرز مَتْرُوك الحَدِيث وَرُوِيَ عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن أبي إِسْحَق عَن الْحَارِث عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ كَانَ " لَا يرى بَأْسا بِالْوضُوءِ من النَّبِيذ " وَرُوِيَ عَن أبي إِسْحَق الْكُوفِي عَن مزيدة بن جَابر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن أبي ليلى الْخُرَاسَانِي مزيدة عَن عَليّ قَالَ: " لَا بَأْس بِالْوضُوءِ بالنبيذ " وَالْحجاج والْحَارث وَأَبُو إِسْحَق عبد الله بن ميسرَة وَأَبُو ليلى ضعفاء وَيُقَال أَبُو ليلى هُوَ عبد الله بن ميسرَة وَيُقَال لَهُ أَبُو إِسْحَاق. (مَسْأَلَة (3) :) وَجلد مَا لَا يُؤْكَل لَحْمه لَا يطهر بِالذبْحِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة

يقول إذا دبغ الإهاب فقد طهر خرج هذا مخرج الشرط والجزاء فقوله إذا دبغ شرط وقوله فقد طهر جزاء والجزاء لا يسبق الشرط كما يقال إذا دخلت الدار فأنت حر فما لم يدخل لا يعتق وروي عن أبي المليح الهذلي عن أبيه أن رسول الله

يطهر جلد الْحَيَوَان بذَبْحه وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا دبغ الإهاب فقد طهر " خرج هَذَا مخرج الشَّرْط وَالْجَزَاء فَقَوله إِذا دبغ شَرط وَقَوله فقد طهر جَزَاء وَالْجَزَاء لَا يسْبق الشَّرْط كَمَا يُقَال: إِذا دخلت الدَّار فَأَنت حر، فَمَا لم يدْخل لَا يعْتق. وَرُوِيَ عَن أبي الْمليح الْهُذلِيّ عَن أَبِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عَن جُلُود السبَاع " وَفِي رِوَايَة قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن جُلُود السبَاع أَن تفرش " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. فَإِن أَبَا الْمليح عَامر بن أُسَامَة بن عُمَيْر صَحَابِيّ من بني لحيان مخرج حَدِيثه فِي المسانيد وَله

نهى عن لبس جلود السباع وركوبها قال نعم وقد ورد النهي في جلد النمر خاصة عنده أيضا عن هناد عن وكيع عن أبي المعتمر عن ابن سيرين عن معاوية قال قال رسول الله

شَاهد من حَدِيث الْمِقْدَام بن معد يكرب وَمُعَاوِيَة رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي حَدِيث ذكر فِيهِ أَنه قَالَ لمعاوية فأنشدك بِاللَّه هَل تعلم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن لبس جُلُود السبَاع وركوبها قَالَ: نعم " وَقد ورد النَّهْي فِي جلد النمر خَاصَّة عِنْده أَيْضا عَن هناد عَن وَكِيع عَن أبي الْمُعْتَمِر عَن ابْن سِيرِين عَن مُعَاوِيَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تركبوا الْخَزّ

وعنده أيضا عن أبي هريرة عن النبي

وَلَا النمار " قَالَ: وَكَانَ مُعَاوِيَة لَا يتهم فِي الحَدِيث عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعِنْده أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تصْحَب الْمَلَائِكَة رفْقَة فِيهَا جلد نمر " وَرُبمَا يسْتَدلّ أَصْحَابهم بِمَا رُوِيَ عَن هِشَام عَن قَتَادَة عَن الْحسن. عَن جون عَن سَلمَة بن المحبق الْهُذلِيّ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " دباغ الْأَدِيم

دعا في غزوة تبوك بماء من عند امرأة فقالت ما عندي إلا في قربة ميتة فقال أليس دبغتها قالت بلى قال فإن ذكاتها دباغها

ذَكَاته " وَهَذَا ورد فِي جلد الْميتَة إِذا دبغ، وَقد روى الدَّارَقُطْنِيّ عَن مُحَمَّد بن مخلد عَن عبد الله بن الْهَيْثَم الْعَبْدي عَن معَاذ عَن هِشَام عَن أَبِيه بِهَذَا الْإِسْنَاد " أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعَا فِي غَزْوَة تَبُوك بِمَاء من عِنْد امْرَأَة فَقَالَت: مَا عِنْدِي إِلَّا فِي قربَة ميتَة فَقَالَ أَلَيْسَ دبغتها؟ قَالَت: بلَى. قَالَ: " فَإِن ذكاتها دباغها ".

جاء في غزوة تبوك أي على بيت فإذا فيه قربة معلقة فسأل الماء فقالوا يا رسول الله إنها ميتة قال دباغها طهورها في حديث ابن عباس وعائشة مفسرا فروى عنه قال ماتت شاة لميمونة فقال النبي

وَأما قَوْله دباغ الْأَدِيم ذَكَاته فَمَعْنَاه وَالله أعلم: طَهَارَته وطيبه يُقَال ريح ذكية أَي طيبَة. يدل على ذَلِك رِوَايَة أبي دَاوُد عَن حَفْص عَن هِشَام عَن قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن سَلمَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " جَاءَ فِي غَزْوَة تَبُوك أَي على بَيت فَإِذا فِيهِ قربَة معلقَة فَسَأَلَ المَاء فَقَالُوا يَا رَسُول الله: إِنَّهَا ميتَة. قَالَ دباغها طهورها " فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة مُفَسرًا فروى عَنهُ قَالَ مَاتَت شَاة لميمونة فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هلا استمتعتم بإهابها؟ قَالُوا: إِنَّهَا ميتَة. قَالَ: إِن دباغ الْأَدِيم طهوره وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " دباغ الْأَدِيم طهوره " وَرُوِيَ عَن سعيد بن أبي

مسألة

عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَلمَة بن المحبق الحَدِيث وَقَالَ: " ذَكَاة الْأَدِيم دباغه " وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن أبي ليلى عَن أبي بَحر عَن أبي وَائِل عَن ابْن عمر أَنه قَالَ فِي الْفراء " ذَكَاته دباغه " ابْن أبي ليلى هَذَا لَا يحْتَج بحَديثه وَالله تَعَالَى أعلم. (مَسْأَلَة (4) :) وَجلد الْكَلْب لَا يطهر بالدباغ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة يطهر دليلنا: من الْخَبَر حَدِيث رَافع بن خديج عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " شَرّ

شر كسب وسماه خبثا في أخبار أخر سنرويها إن شاء الله تعالى في كتاب البيوع وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله

الْكسْب مهر الْبَغي وَثمن الْكَلْب وَثمن الْحجام أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح دبغ جلد الْكَلْب وَبيعه وَأخذ الثّمن عَلَيْهِ للكساب مِنْهُ لتَحْصِيل ثمنه، وَقد سَمَّاهُ الْمُصْطَفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَرّ كسب وَسَماهُ خبثا فِي أَخْبَار أخر سنرويها إِن شَاءَ الله تَعَالَى فِي كتاب الْبيُوع وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثمن الْكَلْب خَبِيث وَهُوَ أَخبث مِنْهُ " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث رُوَاته كلهم ثِقَات فَإِن سلم من يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي فَإِنَّهُ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وروى أَبُو دَاوُد عَن حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة عَن

بأرض جهينة وأنا غلام شاب أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب وقد روى فيه قبل موته

الحكم عَن ابْن أبي ليلى عَن عبد الله بن عكيم قَالَ قرئَ علينا كتاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَرْض جُهَيْنَة وَأَنا غُلَام شَاب " أَن لَا تستمتعوا من الْميتَة بإهاب وَلَا عصب " وَقد روى فِيهِ قبل مَوته

عن جلود السباع والكلب من السباع فقد روينا في كتاب دلائل النبوة أن النبي

بِشَهْر، وَرُوِيَ عَن أبي الْمليح عَن أَبِيه قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن جُلُود السبَاع ". وَالْكَلب من السبَاع فقد روينَا فِي كتاب دَلَائِل النُّبُوَّة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعَا على ابْن أبي لَهب " اللَّهُمَّ سلط عَلَيْهِ كَلْبا من كلابك فجَاء أَسد فافترسه " وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابهم بِعُمُوم قَوْله: " أَيّمَا إهَاب دبغا فقد طهر " رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهَذَا مَحْمُول على غير جلد الْكَلْب بِدَلِيل حَدِيث رَافع وَغَيره فَإِنَّهُ خَاص وَهَذَا عَام وَالْخَاص يحكم على

مسألة

الْعَام. وَقد قيل أَن جلد الْكَلْب لَا يطهر وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (5) :) وَشعر الْميتَة وصوفها وقرنها وعظمها نَجِسَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: شعر الْحَيَوَان وصوفه وقرنه وعظمه لَا ينجس بِمَوْتِهِ وَلَا يَمُوت بِمَوْتِهِ. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا مضى من حَدِيث مُعَاوِيَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن ركُوب النمار " وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مر بِشَاة ميتَة لمولاة مَيْمُونَة فَقَالَ: " أَلا أخذُوا إهابها فدبغوه فانتفعوا بِهِ، قَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّهَا ميتَة، قَالَ: إِنَّمَا حرم أكلهَا " لما رَآهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمضيعة ذكر مِنْهَا مَا ينْتَفع بِهِ وَهُوَ الإهاب فَلَو كَانَ الشّعْر وَالصُّوف والقرن بِمَثَابَة الإهاب لذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَالْمرَاد بالإهاب الْجلد وَحده يُبينهُ مَا اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على صِحَّته عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وجد شَاة ميتَة أعطيتهَا مولاة لميمونة

هلا انتفعتم بجلدها فقالوا إنها ميتة فقال إنما حرم أكلها وقوله إنما حرم أكلها أي ما يكون مأكولا فأما ما تنازعنا فيه فغير مأكول وروي بإسناد ضعيف مرفوعا عن ابن عمر ادفنوا الأظفار والدم والشعر فإنه ميتة وروي في دفن الشعر والظفر

من الصَّدَقَة. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هلا انتفعتم بجلدها فَقَالُوا إِنَّهَا ميتَة فَقَالَ: إِنَّمَا حرم أكلهَا " وَقَوله إِنَّمَا حرم أكلهَا أَي مَا يكون مَأْكُولا فَأَما مَا تنازعنا فِيهِ فَغير مَأْكُول. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد ضَعِيف مَرْفُوعا عَن ابْن عمر " ادفنوا الْأَظْفَار وَالدَّم وَالشعر فَإِنَّهُ ميتَة " وَرُوِيَ فِي دفن الشّعْر وَالظفر أَحَادِيث ضَعِيفَة وَرُوِيَ عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " مَا قطع من الْبَهِيمَة وَهِي حَيَّة فَهُوَ ميتَة " وَهَذَا الحَدِيث ورد على سَبَب وَهُوَ مَذْكُور فِي كتاب الصَّيْد بِتَمَامِهِ. وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابهم بِمَا روى يُوسُف بن السّفر عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن

من الميتة لحمها فأما الجلد والشعر والصوف فلا بأس به قال الدارقطني

يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة مَرْفُوعا " لَا بَأْس بمسك الْميتَة إِذا دبغ وَلَا بَأْس بصوفها وشعرها وقرنها إِذا غسل بِالْمَاءِ " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يُوسُف بن السّفر: مَتْرُوك وَلم يَأْتِ بِهِ غَيره وَرُوِيَ عَن عبد الْجَبَّار بن مُسلم عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " إِنَّمَا حرم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْميتَة لَحمهَا فَأَما الْجلد وَالشعر وَالصُّوف فَلَا بَأْس بِهِ " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ:

في متنه ورواه أيضا بالإسناد وتفسير الآية قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الآية قال الطاعم الأكل فأما السن والقرن والعظم والصوف والشعر والوبر والعصب فلا بأس به لأنه يغسل قال الدارقطني أبو بكر الهذلي متروك ورواه

وَعبد الْجَبَّار بن مُسلم ضَعِيف. وَرَوَاهُ أَبُو بكر سلمى الْهُذلِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا حرم من الْميتَة مَا يُؤْكَل مِنْهَا وَهُوَ اللَّحْم فَأَما الْجلد وَالسّن والعظم وَالشعر وَالصُّوف فَهُوَ حَلَال " لم يذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَتنه وَرَوَاهُ أَيْضا بِالْإِسْنَادِ وَتَفْسِير الْآيَة: {قل لَا أجد فِي مَا أُوحِي إِلَيّ محرما على طاعم يطعمهُ} الْآيَة قَالَ: الطاعم الْأكل فَأَما السن والقرن والعظم وَالصُّوف وَالشعر والوبر والعصب فَلَا بَأْس بِهِ لِأَنَّهُ يغسل " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أَبُو بكر الْهُذلِيّ مَتْرُوك. وَرَوَاهُ بِالْإِسْنَادِ مَرْفُوعا " أَلا كل شَيْء من الْميتَة حَلَال إِلَّا مَا أكل مِنْهَا فَأَما الْجلد والقرن وَالشعر وَالسّن وَالصُّوف والعظم فَكل هَذَا حَلَال لِأَنَّهُ لَا يذكى " قَالَ يحيى بن معِين: هَذَا الحَدِيث لَيْسَ يرويهِ إِلَّا أَبُو بكر الْهُذلِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس " أَنه كره من الْميتَة لَحمهَا فَأَما السن وَالشعر والقرن فَلَا بَأْس بِهِ " وَقَالَ يحيى: أَبُو بكر الْهُذلِيّ لَيْسَ بِشَيْء. قَالَ يحيى: قَالَ غنْدر:

بمشط من عاج فرواه عمرو بن خالد الواسطي عن قتادة عن أنس وعمرو ضعيف وأما شعور الآدميين فإنها طاهرة في ظاهر مذهب الشافعي رضي الله عنه لكرامته ولوقع البلوى به وقد صح عن النبي

كَانَ أَبُو بكر الْهُذلِيّ كذابا وَقد رُوِيَ عَن عبد الله بن قيس الْبَصْرِيّ سمع ابْن مَسْعُود يَقُول: " إِنَّمَا حرم من الْميتَة لَحمهَا ودمها " وَهَذَا إِن صَحَّ فَالْمُرَاد وَالله أعلم اللَّحْم وَالدَّم وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا مِمَّا لَا يُؤثر فِيهِ الدّباغ دون الْجلد الَّذِي يُؤثر فِيهِ الدّباغ فيطهر بِهِ. وَمَا رُوِيَ " من امتشاط رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمشْط من عاج " فَرَوَاهُ عَمْرو بن خَالِد الوَاسِطِيّ عَن قَتَادَة عَن أنس وَعَمْرو ضَعِيف. وَأما شُعُور الْآدَمِيّين فَإِنَّهَا طَاهِرَة فِي ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لكرامته. ولوقع الْبلوى بِهِ وَقد صَحَّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه أَمر بتفريق شعره بَين النَّاس وَلَوْلَا أَنه طَاهِر لما أَمر بتفريقه إِن شَاءَ الله

مسألة

تَعَالَى فَإِن النَّجس لَا يقسم. (مَسْأَلَة (6) :) وَلَا يجوز اسْتِعْمَال الْآنِية المضببة بِالْفِضَّةِ تضبيب تَزْيِين لَهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز، وَدَلِيلنَا من الْخَبَر حَدِيث أم سَلمَة الْمُتَّفق على صِحَّته أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الَّذِي يشرب فِي آنِية الْفضة إِنَّمَا يجرجر

من شرب في إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم أخرج الإسناد أبو الوليد والشيخ أبو الحسن الدارقطني في كتابيهما وروى عن ابن سيرين عن عمرة أنها قالت كنا مع عائشة فما زلنا بها حتى رخصت لنا في الحلى ولم

فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم " وَهَذَا تَحْرِيم ورد فِي الْفضة وَالتَّحْرِيم إِذا ورد عَم الْقَلِيل وَالْكثير كَمَا قُلْنَا فِي الرِّبَا، وَرُوِيَ عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من شرب فِي إِنَاء ذهب أَو فضَّة أَو إِنَاء فِيهِ شَيْء من ذَلِك فَإِنَّمَا يجرجر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم " أخرج الْإِسْنَاد أَبُو الْوَلِيد وَالشَّيْخ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ فِي كِتَابَيْهِمَا وروى عَن ابْن سِيرِين عَن عمْرَة أَنَّهَا قَالَت: " كُنَّا مَعَ عَائِشَة فَمَا زلنا بهَا حَتَّى رخصت لنا فِي الحلى وَلم ترخص لنا فِي الْإِنَاء المفضض " وَقد رُوِيَ فِي الرُّخْصَة حَدِيث فِي إِسْنَاده نظر عَن أم عَطِيَّة وَرُوِيَ عَن خصيف عَن

نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب في القدح المفضض والله أعلم

نَافِع عَن ابْن عمر أَنه أُتِي بقدح مفضض ليشْرب مِنْهُ فَأبى أَن يشرب فَسَأَلته فَقَالَ: " إِن ابْن عمر مُنْذُ سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نهى عَن الشّرْب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة، لم يشرب فِي الْقدح المفضض " وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (7) :) وَلَا يجوز الْوضُوء بِغَيْر النِّيَّة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث عمر الْمُتَّفق على صِحَّته قَالَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِن لكل امْرِئ مَا نوى " وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ قَالَ قَالَ

الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها وما أمروا إلا

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الطّهُور شطر الْإِيمَان وَالْحَمْد لله تملأ الْمِيزَان وَسُبْحَان الله وَالْحَمْد لله تملآن أَو تملأ مَا بَين السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَالصَّلَاة نور، وَالصَّدَََقَة برهَان وَالصَّبْر ضِيَاء، وَالْقُرْآن حجَّة لَك أَو عَلَيْك، كل النَّاس يَغْدُو فبائع نَفسه فمعتقها أَو موبقها " {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين لَهُ الدّين} وإنكارهم ذَلِك وَقَوْلهمْ أَن الْوضُوء لَيْسَ من الدّين وَعند أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا صَلَاة لمن لَا وضوء لَهُ وَلَا وضوء لمن لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ " وَعِنْده عَن ابْن السَّرْح عَن ابْن وهب

لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه أنه الذي يتوضأ ويغتسل ولا ينوي وضوءا للصلاة ولا غسلا للجنابة وروي عن عبد الله بن المثنى الأنصاري حدثني بعض أهل بيتي عن أنس بن مالك أن رجلا من الأنصار من بني عمرو بن عوف قال يا رسول الله

عَن الدَّرَاورْدِي قَالَ: وَذكر ربيعَة أَن تَفْسِير حَدِيث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا وضوء لمن لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ ". أَنه الَّذِي يتَوَضَّأ ويغتسل وَلَا يَنْوِي وضُوءًا للصَّلَاة وَلَا غسلا للجنابة وَرُوِيَ عَن عبد الله بن الْمثنى الْأنْصَارِيّ حَدثنِي بعض أهل بَيْتِي عَن أنس بن مَالك: - " أَن رجلا من الْأَنْصَار من بني عَمْرو بن عَوْف قَالَ يَا رَسُول الله إِنَّك رغبتنا فِي السِّوَاك فَهَل دون ذَلِك من شَيْء: قَالَ: أصبعاك سواك عِنْد وضوءك تمرهما على أسنانك إِنَّه لَا عمل لمن لَا نِيَّة لَهُ وَلَا أجر لمن لَا حسبَة لَهُ.

مسألة

(مَسْأَلَة (8) :) وَالسّنة أَن يمسح رَأسه ثَلَاثًا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: السّنة أَن يمسحه مرّة وَاحِدَة. روى أَبُو دَاوُد عَن عَامر عَن شَقِيق بن سَلمَة قَالَ: رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ غسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا وَمسح رَأسه ثَلَاثًا. ثمَّ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل هَذَا " وَإِسْنَاده قد احتجا: بِجَمِيعِ رُوَاته غير عَامر بن شَقِيق قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: لَا أعلم فِي عَامر طَعنا

يتوضأ وعن أبي داود عن الربيع بنت معوذ صفة ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال رأيت رسول الله

بِوَجْه من الْوُجُوه وَعِنْده أَيْضا عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن حمْرَان قَالَ: رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ " تَوَضَّأ " فَذكر حَدِيثا وَفِيه " وَمسح " رَأسه ثَلَاثًا وَقَالَ: " هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَوَضَّأ ". وَعَن أبي دَاوُد عَن الرّبيع بنت معوذ صفة ثمَّ غسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا. ثمَّ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ هَكَذَا. وَقَالَ من تَوَضَّأ دون هَذَا كَفاهُ " وروى عبد الحميد

فعل هكذا رواه الحسن بن زياد اللؤلؤي عن أبي حنيفة ومسح برأسه ثلاثا وقد رواه أبو عوانة وزائد بن قدامة عن خالد ولم يذكر العدد كما ذكره أبو حنيفة ثم خالفه وروي عن ابن جريج عن محمد بن

الْحمانِي عَن أبي حنيفَة عَن خَالِد بن عَلْقَمَة عَن عبد خير أَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ دَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ فَذكر وضوءه ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَفِيه وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل " هَكَذَا رَوَاهُ الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي عَن أبي حنيفَة. وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا وَقد رَوَاهُ أَبُو عوَانَة وزائد بن قدامَة عَن خَالِد وَلم يذكر الْعدَد كَمَا ذكره أَبُو حنيفَة ثمَّ خَالفه وَرُوِيَ عَن ابْن جريج عَن مُحَمَّد بن

يتوضأ وعن أبي داود عن الربيع بنت معوذ صفة وضوء توضأه رسول الله

عَليّ بن حُسَيْن عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ " أَنه تَوَضَّأ فَذكر وضوءه وَفِيه وَمسح بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَوَضَّأ وَعَن أبي دَاوُد عَن الرّبيع بنت معوذ: صفة وضوء توضأه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدهم وَفِيه " مسح بِرَأْسِهِ مرَّتَيْنِ " وَمَا رُوِيَ فِي حَدِيث عُثْمَان وَغَيره من الْمسْح مرّة وَاحِدَة فَلَيْسَ فِيهِ نفي الْعدَد، وَفِيمَا روينَاهُ إثْبَاته سنة، وَالْأولَى بِنَا الْجمع بَين الْخَبَرَيْنِ إِذا أمكن وَالله الْمعِين على ذَلِك والموفق للصَّوَاب وَهُوَ أعلم بِهِ.

مسألة

(مَسْأَلَة (9) :) الأذنان ليستا من الرَّأْس فيمسحان بِمَاء جَدِيد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة هما من الرَّأْس يمسحان بِالْمَاءِ الَّذِي يمسح بِهِ الرَّأْس وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَوَضَّأ فَأخذ مَاء لأذنيه خلاف المَاء الَّذِي مسح بِهِ رَأسه ". وروى مَالك عَن نَافِع أَن عبد الله بن

توضأ فمسح باطن أذنيه وظاهرهما وقال وكان ابن مسعود يأمر بذلك وربما استدلوا بما روي عن النبي

عمر " كَانَ إِذا تَوَضَّأ يَأْخُذ بِأُصْبُعَيْهِ لأذنيه " وَفِي رِوَايَة: " كَانَ يُعِيد أصبعيه فِي المَاء فيمسح بهما أُذُنَيْهِ " إِسْنَاده صَحِيح لَا يشْتَبه على أحد. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود وَأنس بن مَالك معنى مَا قُلْنَا. روى حميد عَن أنس: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ فَمسح بَاطِن أُذُنَيْهِ وظاهرهما. وَقَالَ: وَكَانَ ابْن مَسْعُود: يَأْمر بذلك. وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " الأذنان من الرَّأْس "

بأسانيد كَثِيرَة مَا مِنْهَا إِسْنَاد إِلَّا وَله عِلّة، رُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَجَابِر بن عبد الله وَأبي مُوسَى وَأبي هُرَيْرَة وَأنس وَأبي أُمَامَة وَعبد الله بن زيد وَسمرَة بن جُنْدُب وَعَائِشَة

بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ. أما حَدِيث ابْن عمر فَروِيَ عَن يحيى بن الْعُرْيَان الْهَرَوِيّ عَن حَاتِم ابْن إِسْمَاعِيل عَن أُسَامَة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا. قَالَ عَليّ بن عمر: وَهُوَ وهم وَالصَّوَاب عَن أُسَامَة عَن هِلَال بن أُسَامَة الفِهري عَن ابْن عمر مَوْقُوفا حدّثنَاهُ إِبْرَاهِيم بن حَمَّاد حَدثنَا الْعَبَّاس بن يزِيد حَدثنَا وَكِيع حَدثنَا أُسَامَة بن زيد وَحدثنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ حَدثنَا

مُوسَى بن إِسْحَق حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة حَدثنَا أَبُو أُمَامَة عَن أُسَامَة بن زيد عَن هِلَال بن أُسَامَة سَمِعت ابْن عمر يَقُول: الأذنان من الرَّأْس " قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله وَقد رُوِيَ عَن أبي زيد الْهَرَوِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل مثله مُسْندًا وَمن رَوَاهُ مُسْندًا لَيْسَ مِمَّن يقبل مِنْهُ مَا تفرد بِهِ إِذا لم

تثبت عَدَالَته، فَكيف إِذا خَالف الثِّقَات مثل وَكِيع بن الْجراح الْحَافِظ المتقن وَأبي أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة الْمُتَّفق على عَدَالَته وَقد أَتَيَا بِهِ مَوْقُوفا وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ فِي الْجَامِع عَن سَالم أبي النَّضر عَن سعيد بن مرْجَانَة عَن ابْن عمر مَوْقُوفا. وَرُوِيَ ذَلِك من وَجه آخر عَن ضَمرَة بن ربيعَة وَعَن الْقَاسِم بن يحيى بن يُونُس كِلَاهُمَا عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن يحيى بن سعيد عَن نَافِع

عَن ابْن عمر مَرْفُوعا، وَالقَاسِم بن يحيى ضَعِيف وضمرة بن ربيعَة أَيْضا لَيْسَ بِالْقَوِيّ فَإِن سلم مِنْهُمَا فالحمل فِيهِ على إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَرَفعه وهم وَالصَّوَاب مَوْقُوف. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش على جلالة مَحَله إِذا انْفَرد بِحَدِيث لم يقبل مِنْهُ لسوء حفظه ولإسماعيل بن عَيَّاش أَخَوَات فِي رِوَايَته الْمَنَاكِير عَن يحيى الْأنْصَارِيّ فَمِنْهَا وَذكر حَدِيثه عَن يحيى عَن أنس مَرْفُوعا " خير نِسَائِكُم العفيفة الغلمة " قَالَ الْحَاكِم فَفِي هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد غنية لمن تدبره من أهل الصَّنْعَة. وَرُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن مهْدي أَنه كَانَ لَا يحدث عَنهُ وَذكر عِنْد يحيى بن

معِين فَقَالَ: كَانَ ثِقَة فِيمَا روى عَن أَصْحَابه أهل الشَّام وَمَا روى عَن غَيرهم فخلط فِيهَا. وَرُوِيَ ذَلِك من وَجه آخر عَن عبد الله بن مُحَمَّد ابْن وهب الفِهري. حَدثنَا ابْن أبي السّري عَن عبد الرَّزَّاق عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا قَالَ عَليّ بن عمر: كَذَا قَالَ عَن عبد الرَّزَّاق عَن عبيد الله وَرَفعه وهم وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم قَاضِي غَزَّة عَن ابْن أبي السّري عَن عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ عَن عبيد الله وَرَفعه أَيْضا وهم، وَوهم فِي ذكر الثَّوْريّ وَإِنَّمَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن

عبد الله بن عمر أخي عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَوْقُوفا. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّزَّاق عَن عبد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَوْقُوفا. قَالَ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن نَافِع وَعبد الله بن نَافِع عَن أَبِيه عَن ابْن عمر مَوْقُوفا. وروى ذَلِك من وَجه آخر عَن مُحَمَّد بن الْفضل عَن زيد الْعمي عَن مُجَاهِد عَن ابْن عمر، وَعَن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا قَالَ

عَليّ بن عمر: مُحَمَّد بن الْفضل هُوَ ابْن عَطِيَّة مَتْرُوك الحَدِيث، وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الْجوزجَاني: مُحَمَّد بن الْفضل بن عَطِيَّة كَانَ كذابا سَأَلت ابْن حَنْبَل عَنهُ قَالَ: ذَاك عجب يجيئك بالطامات، هُوَ صَاحب حَدِيث نَاقَة ثَمُود وبلال الْمُؤَذّن. وَرُوِيَ ذَلِك من أوجه عَن ابْن عمر مَوْقُوفا فَذكرهَا وَالله أعلم. وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: فَروِيَ عَن الْحسن بن عَليّ بن شبيب المعمري عَن أبي كَامِل الجحدري

الأذنان من الرأس قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث يعرف بالمعمري وهو آخر ما ذكره موسى بن هارون في الإنكار عليه وقد سرقه منه الباغندي وغيره رواه أبو أحمد بن عربي عن محمد بن محمد الباغندي عن أبي كامل فذكره بنحوه وزاد قال أبو كامل لم أكتب

عَن غنْدر عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الأذنان من الرَّأْس قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث يعرف بالمعمري وَهُوَ آخر مَا ذكره مُوسَى بن هَارُون فِي الْإِنْكَار عَلَيْهِ وَقد سَرقه مِنْهُ الباغندي وَغَيره، رَوَاهُ أَبُو أَحْمد بن عَرَبِيّ عَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الباغندي عَن أبي كَامِل فَذكره بِنَحْوِهِ وَزَاد قَالَ أَبُو كَامِل لم أكتب عَن غنْدر إِلَّا هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد أفادنيه عَنهُ عبد الله بن سَلمَة الْأَفْطَس والأفطس ضعفه ابْن معِين

مرسلا حدثنا به إبراهيم بن حماد حدثنا العباس بن يزيد حدثنا وكيع حدثنا ابن جريج حدثني سليمان بن موسى أن رسول الله

ثمَّ أَبُو عبد الله النَّسَائِيّ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي الْحسن النَّيْسَابُورِي عَن أَحْمد بن عَمْرو بن عبد الْخَالِق الْبَزَّار عَن أبي كَامِل قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ أَبُو كَامِل عَن غنْدر وَهُوَ وهم وَالصَّوَاب عَن ابْن جريج عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا حَدثنَا بِهِ إِبْرَاهِيم بن حَمَّاد حَدثنَا الْعَبَّاس بن يزِيد حَدثنَا وَكِيع حَدثنَا ابْن جريج حَدثنِي سُلَيْمَان بن مُوسَى أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ وَهَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ فِي الْجَامِع وَعبد الرَّزَّاق بن همام وَعبد الْوَهَّاب بن عَطاء الْخفاف وصلَة بن

رواه عاصم بن علي عن ابن جريج قال الدارقطني وهم علي بن عاصم في قوله عن أبي هريرة والذي قبله أصح وقد رواه الربيع بن بدر عن ابن جريج مثل حديث غندر مرفوعا مضمضوا واستنشقوا والأذنان من الرأس سئل ابن معين عن الربيع بن بدر فقال كان ضعيفا

سُلَيْمَان عَن ابْن جريج مُرْسلا وَقد قيل عَن ابْن جريج عَن سُلَيْمَان عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَوَاهُ عَاصِم بن عَليّ عَن ابْن جريج. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وهم عَليّ بن عَاصِم فِي قَوْله عَن أبي هُرَيْرَة وَالَّذِي قبله أصح وَقد رَوَاهُ الرّبيع بن بدر عَن ابْن جريج مثل حَدِيث غنْدر مَرْفُوعا " مضمضوا واستنشقوا والأذنان من الرَّأْس " سُئِلَ ابْن معِين عَن الرّبيع بن بدر فَقَالَ: كَانَ ضَعِيفا. قَالَ البُخَارِيّ

ربيع بن بدر وَيُقَال لَهُ عليلة السَّعْدِيّ التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ ضعفه قُتَيْبَة. وَرُوِيَ ذَلِك من وَجه آخر فَروِيَ عَن إِسْرَائِيل عَن جَابر عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا قَالَ عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ: جَابر ضَعِيف وَقد اخْتلف عَنهُ فَأرْسلهُ الحكم بن عبد الله. أَبُو مُطِيع عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن جَابر عَن عَطاء وَهُوَ أشبه بِالصَّوَابِ وَرُوِيَ عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن عَطاء فَاخْتلف عَنهُ فَرَوَاهُ الْقَاسِم بن غُصْن عَن إِسْمَاعِيل عَن

عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ عَليّ بن عمر: إِسْمَاعِيل بن مُسلم ضَعِيف وَالقَاسِم بن غُصْن مثله. قَالَ عَليّ: خَالفه عَليّ بن هَاشم فَرَوَاهُ عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم الْمَكِّيّ عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة. وَلَا يَصح أَيْضا، قَالَ الدَّارمِيّ: وَسَأَلته يَعْنِي ابْن معِين عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم الْمَكِّيّ فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْء. قلت: فإسماعيل بن مُسلم الْعَبْدي فَقَالَ: ثِقَة وَرُوِيَ بذلك من وَجه آخر عَن مُحَمَّد بن زِيَاد. عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن

ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا. مُحَمَّد بن زِيَاد هَذَا هُوَ الطَّحَّان: كَذَّاب خَبِيث، وَصفه ابْن معِين، وَرَوَاهُ يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا من رِوَايَة عَليّ بن زيد بن جدعَان عَنهُ وليسا بالقويين وَرَوَاهُ عمر بن قيس الْمَكِّيّ عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا وَعمر ضَعِيف وَرُوِيَ بِإِسْنَاد أَكثر رُوَاته مَجْهُولُونَ عَن عبد الْوَهَّاب بن مُجَاهِد عَن أَبِيه عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس مَرْفُوعا قَالَ ابْن

كما تقدم ذكري له والله أعلم وأما حديث أبي موسى فروي عن علي بن جعفر عن علي بن زياد الأحمر حدثنا عبد الرحيم

معِين: عبد الْوَهَّاب بن مُجَاهِد ضَعِيف. قَالَ البُخَارِيّ: عبد الْوَهَّاب بن مُجَاهِد بن جبر مولى السَّائِب الْقرشِي عَن أَبِيه. قَالَ: وَكِيع: كَانُوا يَقُولُونَ أَنه لم يسمع من أَبِيه شَيْئا قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله يروي عَن أَبِيه أَحَادِيث مَوْضُوعَة، وَأما أَحَادِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ فَروِيَ عَن سَلام حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة وَإِسْمَاعِيل الْمَكِّيّ عَن عَطاء عَن جَابر مَرْفُوعا وَذكر جَابر فِيهِ خطأ: وَقد اخْتلف فِيهِ على إِسْمَاعِيل الْمَكِّيّ كَمَا سبق ذكري لَهُ وَالله أعلم. وَالْأَشْبَه بِالصَّوَابِ حَدِيث عَطاء عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا تقدم ذكري لَهُ وَالله أعلم. وَأما حَدِيث أبي مُوسَى فَروِيَ عَن عَليّ بن جَعْفَر عَن عَليّ بن زِيَاد الْأَحْمَر حَدثنَا عبد الرَّحِيم

ابْن سُلَيْمَان حَدثنَا أَشْعَث عَن الْحسن عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا، قَالَ عَليّ بن عمر: رَفعه عَليّ بن جَعْفَر عَن عبد الرَّحِيم. وَالصَّوَاب مَوْقُوف فالحسن لم يسمع من أبي مُوسَى. حَدثنَا بِهِ جَعْفَر بن مُحَمَّد حَدثنَا مُوسَى بن إِسْحَق حَدثنَا عبد الله بن أبي شيبَة حَدثنَا عبد الرَّحِيم عَن أَشْعَث عَن الْحسن عَن أبي مُوسَى قَالَ " الأذنان من الرَّأْس " مَوْقُوف قَالَ على تَابعه إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الْفراء وَغَيره عَن

عبد الرَّحِيم قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: الْحسن لم يسمع من أبي مُوسَى وَرَوَاهُ يُونُس بن عبيد عَن الْحسن أَنه قَالَ: " الأذنان من الرَّأْس " وَهُوَ الصَّوَاب. وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فَروِيَ عَن أبي عُثْمَان عَمْرو بن الْحصين الْبَصْرِيّ عَن مُحَمَّد بن علاثة عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن سعيد بن الْمسيب عَن

تمضمضوا واستنشقوا والأذنان من الرأس قال الحاكم أبو عبد الله تفرد به محمد بن علاثة عن عبد الكريم وابن علاثة هو أبو اليسير القاضي محمد بن عبد الله بن علاثة الشامي ذاهب الحديث بمرة وله مناكير عن الأوزاعي وغيره من أئمة المسلمين فمنها

أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تمضمضوا واستنشقوا والأذنان من الرَّأْس " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: تفرد بِهِ مُحَمَّد بن علاثة عَن عبد الْكَرِيم وَابْن علاثة: هُوَ أَبُو الْيَسِير القَاضِي مُحَمَّد بن عبد الله بن علاثة الشَّامي ذَاهِب الحَدِيث بِمرَّة وَله مَنَاكِير عَن الْأَوْزَاعِيّ وَغَيره من أَئِمَّة الْمُسلمين فَمِنْهَا مَا يذكر عَنهُ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " لَا حسد وَلَا ملق إِلَّا فِي طلب الْعلم " وَقَالَ عَليّ بن عمر: عَمْرو بن الْحصين وَابْن علاثة ضعيفان وَرُوِيَ عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن

قال الدارقطني

يحيى الْأنْصَارِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: تفرد بِهِ إِسْمَاعِيل عَن يحيى وَقد سبق ذكر إِسْمَاعِيل. وَرُوِيَ عَن البخْترِي ابْن عبيد عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا قَالَ عَليّ بن عمر: البخْترِي ابْن عبيد ضَعِيف وَأَبوهُ مَجْهُول وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: بختري بن عبيد الطَّائِي روى عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أَحَادِيث مَوْضُوعَة وروى عبد الله بن مُحرز عَن يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا وَعبد الله بن مُحَرر سَاقِط قد تقدم ذكره وَأما حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ فَروِيَ عَن عبد الحكم عَن أنس عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ

توضأ ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه وقال الأذنان من الرأس وكان

عبد الحكم لَا يحْتَج بِهِ وَقَالَ البُخَارِيّ: عبد الحكم الْقَسْمَلِي الْبَصْرِيّ عَن أنس وَأبي بكر الصّديق مُنكر الحَدِيث رُوِيَ بِإِسْنَاد آخر ضَعِيف عَن أنس فَذكره بِإِسْنَادِهِ عَن يزِيد الرقاشِي عَن أنس مَرْفُوعا. وَأما حَدِيث أبي ربيعَة فَروِيَ عَن حَمَّاد بن زيد حَدثنَا سِنَان بن ربيعَة أَبُو ربيعَة عَن شهر بن حَوْشَب عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تَوَضَّأ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمسح بِرَأْسِهِ " وَقَالَ: " الأذنان من الرَّأْس " وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح المأقين قَالَ ابْن معِين

سِنَان بن ربيعَة يحدث عَنهُ حَمَّاد بن زيد لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَقد روى عَنهُ السَّهْمِي قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ حَدثنَا دعْلج قَالَ: سَأَلت مُوسَى بن هَارُون عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ لَيْسَ بِشَيْء. شهر بن حَوْشَب فِيهِ وَشهر بن حَوْشَب ضَعِيف والْحَدِيث رَفعه شكّ وبصحة مَا قَالَه مُوسَى روى أَبُو دَاوُد عَن سُلَيْمَان بن حَرْب ومسدد وقتيبة عَن

قال وكان رسول الله

حَمَّاد عَن سِنَان بن ربيعَة عَن شهر بن حَوْشَب عَن أبي أُمَامَة ذكر وضوء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يمسح المأقين قَالَ: وَقَالَ " الأذنان من الرَّأْس ". قَالَ سُلَيْمَان بن حَرْب يَقُولهَا أَبُو أُمَامَة قَالَ قُتَيْبَة: قَالَ حَمَّاد: لَا أَدْرِي هُوَ من قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو أبي أُمَامَة يَعْنِي قصَّة الْأُذُنَيْنِ، قَالَ قُتَيْبَة: عَن سِنَان بن ربيعَة وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن حشيش عَن يُوسُف بن مُوسَى عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد عَن سِنَان عَن شهر عَن أبي أُمَامَة أَنه وصف وضوء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " كَانَ إِذا تَوَضَّأ مسح مآقيه بِالْمَاءِ " وَقَالَ أَبُو أُمَامَة " الأذنان من الرَّأْس " قَالَ سُلَيْمَان بن حَرْب: " الأذنان من الرَّأْس " إِنَّمَا هُوَ من قَول أبي أُمَامَة فَمن قَالَ غير هَذَا فقد بدل أَو كلمة قَالَهَا سُلَيْمَان أَي أَخطَأ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَقفه سُلَيْمَان عَن حَمَّاد، وَهُوَ ثِقَة ثَبت وَرُوِيَ عَن جَعْفَر بن الزبير

عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: جَعْفَر بن الزبير مَتْرُوك وَقَالَ البُخَارِيّ: هُوَ مَتْرُوك الحَدِيث وَقَالَ ابْن معِين: ضَعِيف. وَرُوِيَ عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم عَن رَاشد بن سعد عَن أبي أُمَامَة مَرْفُوعا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم ضَعِيف وَقَالَ ابْن معِين الإفْرِيقِي لَيْسَ بِهِ بَأْس وَفِيه ضعف وَهُوَ أحب إِلَيّ من أبي بكر بن أبي مَرْيَم الغساني. وَأما حَدِيث عبد الله بن زيد رَضِي الله عَنهُ فروى عَن

توضأ بثلثي مد وجعل يدلك والأذنان من الرأس

سُوَيْد بن سعيد عَن يحيى بن زَكَرِيَّا عَن شُعْبَة عَن حبيب عَن عباد عَن عبد الله بن زيد قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ بِثُلثي مد وَجعل يدلك والأذنان من الرَّأْس ".

والحجاج لا يحتج بحديثه إن كان محفوظا عنه والطريق إليه سليم ولا

سعيد بن سعيد الحدثاني الْأَنْبَارِي: اخْتَلَط بعد أَن كتب عَنهُ مُسلم وَلَعَلَّه لَو عرف تغيره لما روى عَنهُ فِي الصَّحِيح وَذكر عَن ابْن معِين: حِين ذكر لَهُ رِوَايَته عَن عَليّ بن مسْهر عَن أبي يحيى القَتَّات عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا: " من عشق فعف وكتم فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدا ". " فَقَالَ لَو كَانَ لي فرس ورمح لَكُنْت أغزو " سُوَيْد بن سعيد وَنحن نذْكر حَالَة أبين من هَذَا فِي مَسْأَلَة الْقِرَاءَة خلف الإِمَام. وَأما حَدِيث سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ فَروِيَ عَن الْحجَّاج بن يُوسُف أَنه قَالَ فِي خطبَته عَن سَمُرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَالْحجاج لَا يحْتَج بحَديثه إِن كَانَ مَحْفُوظًا عَنهُ وَالطَّرِيق إِلَيْهِ سليم وَلَا

يخفى حَاله على أحد وَأما حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَروِيَ عَن عِصَام بن يُوسُف عَن ابْن الْمُبَارك عَن ابْن جريج عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة مَرْفُوعا وَهُوَ وهم من عِصَام أَو من دونه وَالصَّوَاب مُرْسل. وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد الْأَزْهَرِي عَن القفل بن مُوسَى عَن ابْن جريج بِمَعْنَاهُ مُسْندًا قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَذَا قَالَ والمرسل أصح قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَهَؤُلَاء الَّذين وصلوا هَذَا الْإِسْنَاد. تَارَة عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس

وَتارَة عَن ابْن جريج عَن سُلَيْمَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَغير ذَلِك مِمَّا سبق ذكرنَا لَهُ لَيْسُوا من أهل الصدْق وَالْعَدَالَة بِحَيْثُ إِذا تفردوا بِشَيْء يقبل ذَلِك مِنْهُم أَو جَازَ الِاحْتِجَاج بهم فَكيف إِذا خالفوا الثِّقَات وباينوا الْأَثْبَات وعمدوا إِلَى المعضلات فجودوها وقصدوا إِلَى الْمَرَاسِيل والموقوفات فأسندوها وَالزِّيَادَة إِنَّمَا هِيَ

وهذا هو الصواب وبغير ذلك لا تثبت الحجة عندنا وروي عن اليمان أبي حذيفة عن عمرة قالت سألت عائشة رضي الله عنه عن الأذنين قالت من الرأس وقالت كان رسول الله

مَقْبُولَة عَن الْمَعْرُوف بِالْعَدَالَةِ وَالْمَشْهُور بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة دون من كَانَ مَشْهُورا بِالْكَذِبِ والخيانة أَو مَنْسُوبا إِلَى نوع من الْجَهَالَة وَقد رُوِيَ عَن الثَّوْريّ عَن ابْن جريج عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب وَبِغير ذَلِك لَا تثبت الْحجَّة عندنَا. وَرُوِيَ عَن الْيَمَان أبي حُذَيْفَة عَن عمْرَة. قَالَت: سَأَلت عَائِشَة رَضِي الله عَنهُ عَن الْأُذُنَيْنِ قَالَت من الرَّأْس. وَقَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح أُذُنَيْهِ ظاهرهما وباطنهما إِذا تَوَضَّأ قَالَ ابْن معِين: يمَان بن الْمُغيرَة لَيْسَ بِشَيْء وَقَالَ البُخَارِيّ: يمَان بن الْمُغيرَة أَبُو حُذَيْفَة: الْعَنزي. قَالَ وَكِيع: التَّيْمِيّ مُنكر الحَدِيث،

يتوضأ فذكر الحديث ثلاثا ثلاثا وقال ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة وهذا لو صح فلا حجة لهم فيه إذ يجوز أنه عزل سبابتيه فمسح بها أذنيه كما روي في بعض الأخبار والحكاية حكاية حال وقد روي عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال كان رسول

وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (يتَوَضَّأ) فَذكر الحَدِيث " ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَقَالَ وَمسح بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مسحة وَاحِدَة " وَهَذَا لَو صَحَّ فَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ إِذْ يجوز أَنه عزل سبابتيه فَمسح بهَا أُذُنَيْهِ، كَمَا رُوِيَ فِي بعض الْأَخْبَار والحكاية حِكَايَة حَال. وَقد رُوِيَ عَن طَلْحَة بن مصرف عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا مسح رَأسه اسْتقْبل رَأسه بيدَيْهِ حَتَّى يَأْتِي على أُذُنَيْهِ وسالفته " قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ قلت لِسُفْيَان أَن ليثا روى عَن طَلْحَة بن مصرف عَن أَبِيه عَن جده " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ " فَأنْكر ذَلِك سُفْيَان وَعجب أَن يكون جد طَلْحَة لَقِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ عَليّ: وَسَأَلت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن نسب جد طَلْحَة فَقَالَ: عَمْرو بن كَعْب أَو كَعْب بن عَمْرو. وَكَانَت لَهُ صُحْبَة قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ مُسَدّد: فَحدثت بِهِ يحيى بن سعيد الْقطَّان فَأنكرهُ. قَالَ أَبُو دَاوُد: وَسمعت أَحْمد يَقُول: ابْن عُيَيْنَة زَعَمُوا كَانَ

يُنكره وَيَقُول لَيْسَ هَذَا طَلْحَة بن مصرف عَن أَبِيه عَن جده؟ قَالَ ابْن معِين: المحدثون يَقُولُونَ: رَآهُ. وَأهل بَيت طَلْحَة يَقُولُونَ: لَيست لَهُ صُحْبَة وَرُوِيَ عَن عُرْوَة بن قبيصَة عَن رجل من الْأَنْصَار عَن أَبِيه عَن عُثْمَان أَنه قَالَ: (الأذنان من الرَّأْس) وَلَيْسَ من شرطنا قبُول خبر رجل لَا يعرف باسمه فَكيف بعدالته وَصدقه. وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ: أما أَنا فأغسل مقدمهما مَعَ وَجْهي وأمسح مؤخرهما مَعَ رَأْسِي فَإِن كَانَتَا من الْوَجْه كنت قد غسلتهما وَإِن كَانَتَا من الرَّأْس كنت قد مسحتهما " وَبَلغنِي عَن أبي الْعَبَّاس ابْن سريح أَنه كَانَ يغسلهما ثَلَاثًا مَعَ الْوَجْه ويمسحهما ثَلَاثًا مَعَ الرَّأْس وَثَلَاثًا على الِانْفِرَاد خُرُوجًا من الْخلاف وَالله أعلم وَبِه التَّوْفِيق.

مسألة

(مَسْأَلَة (10) :) وتفريق الْوضُوء غير جَائِز فِي قَوْله الْقَدِيم وَقَالَ بِجَوَازِهِ فِي

فقال ارجع أحسن وضوءك فرجع ثم صلى أخرجه مسلم في صحيحه وروي هذا المتن بعينه من حديث أنس بن مالك بإسناد صحيح أن رجلا جاء إلى النبي

الْجَدِيد وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة ووجهة قَوْلنَا لَا يجوز من طَرِيق الْخَبَر: مَا رُوِيَ عَن عمر (أَن رجلا تَوَضَّأ فَترك مَوضِع ظفر على يَدَيْهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَقَالَ ارْجع أحسن وضوءك فَرجع ثمَّ صلى " أخرجه مُسلم فِي صَحِيحه. وَرُوِيَ هَذَا الْمَتْن بِعَيْنِه من حَدِيث أنس بن مَالك بِإِسْنَاد صَحِيح " أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد تَوَضَّأ وَترك على قَدَمَيْهِ مثل مَوضِع الظفر فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ارْجع فَأحْسن وضوءك " رُوَاته كلهم ثِقَات، مجمع على عدالتهم. وَشَاهده مَا روى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَن خَالِد عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجلا يُصَلِّي فِي ظهر قدمه لمْعَة قدر الدِّرْهَم لم يصبهَا المَاء فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة " وَرُوِيَ عَن أبي

أن يعيد الوضوء والصلاة وهذا منقطع وروي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفا عن سفيان عن الأعمش عن أبي سفيان وعن جابر قال رأى عمر رجلا يتوضأ فبقي في رجله لمعة فقال أعد الوضوء وعن سفيان عن خالد الحذاء

المتَوَكل قَالَ تَوَضَّأ ابْن عمر وَبَقِي على رجله قِطْعَة لم يصبهَا المَاء فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة " وَهَذَا مُنْقَطع وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ مَوْقُوفا عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان وَعَن جَابر قَالَ رأى عمر رجلا يتَوَضَّأ فَبَقيَ فِي رجله لمْعَة فَقَالَ " أعد الْوضُوء " وَعَن سُفْيَان عَن خَالِد الْحذاء

عَن أبي قلَابَة عَن عمر مثله وَأما وَجه قَوْلنَا أَنه يجوز، مَا روى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه بَال فِي السُّوق فَتَوَضَّأ وَغسل وَجهه وَيَديه وَمسح بِرَأْسِهِ ثمَّ دخل الْمَسْجِد فدعى لجنازة فَمسح على خفيه ثمَّ صلى وَرُوِيَ عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ " أَن عمر رأى رجلا وبظهر قَدَمَيْهِ لمْعَة لم يصبهَا المَاء فَقَالَ لَهُ عمر: أَبِهَذَا الْوضُوء تحضر الصَّلَاة، فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ الْبرد شَدِيد وَمَا معي مَا يدفيني فرق لَهُ عمر بعد مَا هم بِهِ قَالَ. فَقَالَ لَهُ اغسل مَا تركت من قدمك وَأعد الصَّلَاة وَأمر لَهُ بخميصة " هَذَا يدل على أَن الَّذِي أَمر بِهِ عمر من إِعَادَة الصَّلَاة كَانَ على طَرِيق الِاسْتِحْبَاب وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

فقلت يا رسول الله إن أهلي تغار إذا وطئت جواري قال ولم تعلمهن بذلك قلت من قبل الغسل قال فإذا كان ذلك منك فاغسل رأسك عند أهلك فإذا حضرت الصلاة فاغسل سائر بدنك وفي هذا إن صح جواز تفريق الغسل إلا أنه غير معروف وفي إسناده ضعف وروي

" ارْجع فَأحْسن وضوءك " يُرِيد بِهِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى غسل مَا لم يصبهُ المَاء. والْحَدِيث الآخر مُنْقَطع وَحَدِيث ابْن عمر ثَابت لَا شكّ فِيهِ، وَحَدِيث عمر إِسْنَاده جيد. فَالصَّحِيح أَنه يجوز كَمَا قَالَ فِي الْجَدِيد. وَرُوِيَ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه قَالَ أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت يَا رَسُول الله: " إِن أَهلِي تغار إِذا وطِئت جواري. قَالَ وَلم تعلمهن بذلك. قلت من قبل الْغسْل. قَالَ " فَإِذا كَانَ ذَلِك مِنْك فاغسل رَأسك عِنْد أهلك فَإِذا حضرت الصَّلَاة فاغسل سَائِر بدنك " وَفِي هَذَا إِن صَحَّ جَوَاز تَفْرِيق الْغسْل إِلَّا أَنه غير مَعْرُوف وَفِي إِسْنَاده ضعف. وَرُوِيَ عَن عمر بن عبد الْوَاحِد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن ابْن عجلَان أَن رجلا أَتَى سعيد بن الْمسيب. فَقَالَ إِنِّي اغْتَسَلت ونسيت أَن أصب على رَأْسِي، فَأمر رجلا عِنْده أَن يَأْتِي بِهِ الْجب فَيصب على رَأسه دلوا من مَاء وَلَا يَأْخُذ بِهِ الْأَوْزَاعِيّ.

مسألة

(مَسْأَلَة (11) :) وَلَا يجوز الْوضُوء إِلَّا مُرَتبا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز منكوسا. وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة فَاغْسِلُوا وُجُوهكُم وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إِلَى الْكَعْبَيْنِ} فَوَجَبَ الِابْتِدَاء بِمَا بَدَأَ الله بِهِ بِدَلِيل حَدِيث جَابر " ابدؤا بِمَا بَدَأَ الله عز وَجل بِهِ: {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} فِي صَحِيح مُسلم حَدِيث الْحَج الطَّوِيل وَفِيه ثمَّ خرج من الْبَاب إِلَى الصَّفَا يَعْنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا دنا من الصَّفَا قَرَأَ {إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} نبدأ بِمَا بَدَأَ الله بِهِ فَبَدَأَ بالصفا وَفِي حَدِيث مُسلم عَن عدي بن حَاتِم قَالَ خطب رجل عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ من يطع الله وَرَسُوله فقد رشد وَمن يعصهما فقد غوى فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: بئس الْخَطِيب أَنْت قل وَمن يعْص الله وَرَسُوله فقد غوى ". فَإِن عارضوا بِمَا قد رُوِيَ عَن عبد الله بن يسَار عَن حُذَيْفَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَقولُوا مَا شَاءَ الله

طاعة الله بفرض الله طاعته فلو اقتصر على رسول الله

وَشاء فلَان وَلَكِن قُولُوا مَا شَاءَ الله وَحده وَفِي رِوَايَة قُولُوا مَا شَاءَ الله ثمَّ شَاءَ فلَان " وَهَذَا لَا يُعَارض مَا روينَاهُ، فَإِنَّهُ غير مخرج فِي وَاحِد من الصَّحِيحَيْنِ، وَلَا لعبد الله بن يسَار وَهَذَا ذكر فِي الصَّحِيح، وَبِذَلِك يَقع التَّرْجِيح فَإِن كَانَ ثباتا فَإِنَّمَا نهى عَن القَوْل الأول وَأمره بِحرف ثمَّ الَّذِي هُوَ المتراخي لِأَن مَشِيئَة الله تَعَالَى قديمَة لم تزل وَلَا تزَال ومشيئة العَبْد تكون متراخية، فَلَا يَشَاء إِلَّا مَا قد شَاءَ الله، فَنَهَاهُ عَن حرف الْوَاو الَّذِي يُوهم الِاشْتِرَاك، وَأمره بِحرف ثمَّ الَّذِي هُوَ للتراخي. وَأما الطَّاعَة: فَإِن طَاعَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَاعَة الله بِفَرْض الله طَاعَته فَلَو اقْتصر على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ جَائِزا فَلَمَّا ذكر الله مَعَه بِلَفْظ الْجمع كرهه وَأحب أَن يبْدَأ بِذكر الله ثمَّ بِذكرِهِ ليَكُون أحسن فِي الْأَدَب فلولا احْتِمَال الْوَاو للتَّرْتِيب لما أمره بذلك مَعَ كَرَاهِيَة الْجمع. وَاتفقَ البُخَارِيّ وَمُسلم على صِحَة حَدِيث حمْرَان مولى عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ دَعَا يَوْمًا بِوضُوء فَتَوَضَّأ فَغسل كفيه ثَلَاث مَرَّات ثمَّ مضمض واستنثر ثَلَاث مَرَّات ثمَّ غسل وَجهه ثَلَاث مَرَّات ثمَّ غسل

يتوضأ نحو وضوئي هذا ثم قال رسول الله

يَده الْيُمْنَى إِلَى الْمرْفق ثَلَاث مَرَّات ثمَّ غسل يَده الْيُسْرَى كَذَلِك ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ ثمَّ غسل رجله الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاث مَرَّات ثمَّ غسل الْيُسْرَى مثل ذَلِك ثمَّ قَالَ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَوَضَّأ نَحْو وضوئي هَذَا ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تَوَضَّأ نَحْو وضوئي هَذَا ثمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يحدث فيهمَا نَفسه غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه ". وَفِي حَدِيث عَمْرو بن عبسة الْمخْرج فِي صَحِيح مُسلم قلت يَا رَسُول الله فالوضوء حَدثنِي عَنهُ فَقَالَ: " مَا مِنْكُم من رجل يقرب وضوءه فيمضمض ويستنشق فينتثر إِلَّا خرجت خَطَايَا وَجهه من أَطْرَاف لحيته وفمه وخياشيمه مَعَ المَاء ثمَّ إِذا غسل وَجهه كَمَا أمره الله إِلَّا خرجت خَطَايَا وَجهه من أَطْرَاف لحيته مَعَ المَاء ثمَّ يغسل يَدَيْهِ إِلَى الْمرْفقين إِلَّا خرجت خَطَايَا يَدَيْهِ من أنامله مَعَ المَاء ثمَّ يمسح رَأسه إِلَّا خرجت خَطَايَا رَأسه من أَطْرَاف شعره مَعَ المَاء ثمَّ يغسل قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ إِلَّا خرجت خَطَايَا رجلَيْهِ من أنامله مَعَ المَاء فَإِن هُوَ قَامَ فصلى " فَذكر بَاقِي الحَدِيث وروى أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد عَن أبي عوَانَة عَن مُوسَى ابْن أبي

فقال يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثم مسح برأسه فأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال هذا الوضوء

عَائِشَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رجلا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُول الله: كَيفَ الطّهُور فَدَعَا بِمَاء فِي إِنَاء فَغسل كفيه ثَلَاثًا ثمَّ غسل وَجهه ثَلَاثًا ثمَّ غسل ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثمَّ مسح بِرَأْسِهِ فَأدْخل أصبعيه السباحتين فِي أُذُنَيْهِ وَمسح بإبهاميه على ظَاهر أُذُنَيْهِ وبالسباحتين بَاطِن أُذُنَيْهِ ثمَّ غسل رجلَيْهِ ثَلَاثًا ثمَّ قَالَ: " هَذَا الْوضُوء فَمن زَاد على هَذَا أَو نقص فقد أَسَاءَ وظلم " أَو " ظلم وأساء " وَرَوَاهُ الْفضل بن مُوسَى السينَانِي وَغَيره عَن الثَّوْريّ عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن جده عبد الله بن عَمْرو دون ذكر شُعَيْب فِي الْإِسْنَاد وَقد وَصله عبيد الله بن عبيد الرَّحْمَن

توضأ مرة مرة ثم قال هذا وضوء الصلاة الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به ثم توضأ مرتين مرتين ثم قال هذا وضوء الأنبياء قبلي وضوء إبراهيم خليل الرحمن

الْأَشْجَعِيّ الثِّقَة الثبت وَتَابعه يعلى بن عبيد كِلَاهُمَا عَن الثَّوْريّ عَن مُوسَى عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده فَلَا يضرهما من خالفهما. وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابنَا بِمَا روى زيد الْعمي عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن ابْن عمر وَأنس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ مرّة مرّة ثمَّ قَالَ هَذَا وضوء الصَّلَاة الَّذِي لَا يقبل الله الصَّلَاة إِلَّا بِهِ ثمَّ تَوَضَّأ مرَّتَيْنِ مرَّتَيْنِ ثمَّ قَالَ هَذَا وضوء الْأَنْبِيَاء قبلي وضوء إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن "

الحَدِيث وَهَذَا غير ثَابت فَإِن زيد الْعمي لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَرَوَاهُ الْمسيب بن وَاضح بِبَعْض مَعْنَاهُ وبإسناده لَيْسَ فِيهِ عَن حَفْص بن ميسرَة عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر وَالله أعلم. وَذكره بِإِسْنَادِهِ فِيهِ. قَالَ وَهَذَا أَيْضا ضَعِيف وَالله أعلم. وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن مُجَاهِد قَالَ: قَالَ عبد الله لَا بَأْس أَن تبدأ بِرِجْلَيْك قبل يَديك ".

قَالَ عَليّ بن عمر: هَذَا مُرْسل وَلَا يثبت وَوجه إرْسَاله أَن مُجَاهِد لم يسمع من عبد الله بن مَسْعُود فَالرِّوَايَة الْمَشْهُورَة عَن عبد الله فِي الْيَمين وَالشمَال. عَن عبد الله الْهِلَالِي سمع عبد الله بن مَسْعُود " إِن شَاءَ بَدَأَ فِي الْوضُوء بيساره " وَعَن أبي العبيدين عَن عبد الله " أَنه سُئِلَ عَن رجل تَوَضَّأ فَبَدَأَ بمياسره فَقَالَ: " لَا بَأْس " وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو بن هِنْد قَالَ: قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " مَا أُبَالِي إِذا أتممت وضوئي بِأَيّ أعضائي بدأت " وَهَذَا مُنْقَطع. روى أَبُو عَليّ الصَّواف فِي كتاب

الْعِلَل لِأَحْمَد عَن عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل عَن أَبِيه عَن الْأنْصَارِيّ عَن عَوْف عَن عبد الله بن عَمْرو بن هِنْد " أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا أُبَالِي بِأَيّ أعضائي بدأت إِذا أتممت الْوضُوء قَالَ عَوْف: وَلم يسمعهُ من عَليّ ثمَّ هُوَ مُطلق وَأَظنهُ أَنه أَرَادَ مَا رُوِيَ عَن زِيَاد قَالَ: قَالَ عَليّ مَا أُبَالِي لَو بدأت بالشمال قبل الْيَمين إِذا تَوَضَّأت "، وَعَن زِيَاد مولى بني مَخْزُوم قَالَ: قيل لعَلي أَن أَبَا هُرَيْرَة يبْدَأ بميامنه فِي الْوضُوء، فَدَعَا بِمَاء فَتَوَضَّأ

مسألة

فَبَدَأَ بمياسره " وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (12) :) وَلَيْسَ للمحدث مس الْمُصحف وَقَالَ يَعْنِي الْعِرَاقِيّين لَهُ ذَلِك لنا مَا رُوِيَ عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم قَالَ هَذَا كتاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عندنَا الَّذِي كتبه لعَمْرو بن حزم قَالَ هَذَا كتاب رَسُول الله حِين بَعثه إِلَى الْيمن يفقه أَهلهَا وَيُعلمهُم السّنة فَذكر الحَدِيث وَقَالَ: " فَلَا يمس أحد الْقُرْآن إِلَّا وَهُوَ طَاهِر " وروى الدَّارَقُطْنِيّ فِي

لا يمس القرآن إلا طاهرا وروي عن حكيم بن حزام أن رسول الله

مُسْنده عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يمس الْقُرْآن إِلَّا طَاهِرا " وَرُوِيَ عَن حَكِيم بن حزَام أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعثه واليا إِلَى الْيمن فَقَالَ: " لَا تمس الْقُرْآن إِلَّا وَأَنت طَاهِر " وَفِي

قال لا تمس القرآن إلا وأنت على طهر وروي عن علقمة قال كنا مع سلمان الفارسي في سفر فقضى حاجته فقلنا له توضأ حتى نسألك عن آية من القرآن فقال سلوني إني لست أمسه فقرأ علينا ما أردنا ولم يكن بيننا وبينه ماء قال الحاكم أبو عبد الله هذا

رِوَايَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تمس الْقُرْآن إِلَّا وَأَنت على طهر " وَرُوِيَ عَن عَلْقَمَة قَالَ كُنَّا مَعَ سلمَان الْفَارِسِي فِي سفر فَقضى حَاجته فَقُلْنَا لَهُ تَوَضَّأ حَتَّى نَسْأَلك عَن آيَة من الْقُرْآن فَقَالَ: سلوني إِنِّي لست أمسه فَقَرَأَ علينا مَا أردنَا وَلم يكن بَيْننَا وَبَينه مَاء " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَقد رَوَاهُ جمَاعَة من الثِّقَات عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد قَالَ كُنَّا مَعَ سلمَان فَخرج يقْضِي حَاجته ثمَّ جَاءَ فَقلت يَا أَبَا عبد الله لَو تَوَضَّأت لَعَلَّنَا نَسْأَلك عَن آيَات قَالَ: إِنِّي لست أمسه إِنَّمَا {لَا يمسهُ إِلَّا الْمُطهرُونَ} فَقَرَأَ علينا مَا شِئْنَا " وروى مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن سعد عَن مُصعب بن سعد أَنه قَالَ كنت أمسك الْمُصحف على سعد بن أبي وَقاص فاحتككت فَقَالَ لَعَلَّك مسست ذكرك فَقلت: نعم، فَقَالَ قُم فَتَوَضَّأ فَقُمْت فَتَوَضَّأت ثمَّ رجعت ".

مسألة

(مَسْأَلَة (13) :) وَلَيْسَ للْجنب قِرَاءَة الْقُرْآن، وَإِن كَانَ أقل من آيَة وَحكي عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ لَو قَرَأَ أقل من آيَة طَوِيلَة أَو ثَلَاث آيَات قَصِيرَة جَازَ (وَدَلِيلنَا عَلَيْهِ مَا رُوِيَ عَن) عبد الله بن سَلمَة قَالَ دَخَلنَا على عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنا ورجلان رجل منا وَرجل من بني أَسد. قَالَ: (فبعثهما لِحَاجَتِهِ، وَقَالَ: إنَّكُمَا) علجان فعالجا عَن دينكما. قَالَ ثمَّ دخل الْمخْرج ثمَّ خرج فَدَعَا بِمَاء فَغسل يَدَيْهِ ثمَّ جعل يقْرَأ الْقُرْآن (وكأنا أَنْكَرْنَا، فَقَالَ: كأنكما أنكرتما) كَانَ

يقضي الحاجة ويقرأ القرآن ويأكل اللحم ولم يكن يحجبه أو قال يحجزه عن قراءته شيء ليس الجنابة قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث صحيح الإسناد والشيخان لم يحتجا بعبد الله بن سلمة ومدار الحديث عليه وعبد الله بن سلمة غير مطعون فيه رواه

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْضِي الْحَاجة وَيقْرَأ الْقُرْآن وَيَأْكُل اللَّحْم وَلم يكن يَحْجُبهُ (أَو قَالَ يحجزه عَن قِرَاءَته) شَيْء لَيْسَ الْجَنَابَة قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: (هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد) والشيخان لم يحْتَجَّا بِعَبْد الله بن سَلمَة ومدار الحَدِيث عَلَيْهِ وَعبد الله بن سَلمَة غير مطعون فِيهِ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي (كتاب السّنَن بِبَعْض مَعْنَاهُ) وَرُوِيَ عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن (عبيد الله) بن عمر ومُوسَى بن عقبَة عَن (نَافِع عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) " لَا يقْرَأ الْجنب وَلَا الْحَائِض شَيْئا من الْقُرْآن " تفرد بِهِ إِسْمَاعِيل بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهُوَ

أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب وروي عن عمرو بن زريق عن زمعة عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن عباس قال دخل عبد الله بن رواحة فذكر قصة وقال إن رسول الله

فِيمَا رُوِيَ عَن أهل الْحجاز (وَأهل الْعرَاق وَغَيره) أوثق مِنْهُ، وَقد روى عَن غَيره عَن مُوسَى بن عقبَة وَهُوَ ضَعِيف، وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة قَالَ: قَالَ عبد الله بن رَوَاحَة " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقْرَأ أَحَدنَا الْقُرْآن وَهُوَ جنب " وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن زُرَيْق عَن زَمعَة عَن سَلمَة بن وهرام " عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ دخل عبد الله بن رَوَاحَة فَذكر قصَّة وَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى أَن يقْرَأ

أَحَدنَا وَهُوَ جنب " وَرُوِيَ عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن زَمعَة كَذَلِك مَوْصُولا وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ وَرُوِيَ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن عُبَيْدَة " كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يكره أَن يقْرَأ الْقُرْآن وَهُوَ جنب ". وَرُوِيَ عَن أبي عبد الرَّحْمَن قَالَ: سُئِلَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن الْجنب يقْرَأ. قَالَ: لَا: وَلَا حرف لَا وَلَا حرف؟ " وَعَن أبي الغريف الهمذاني عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " اقرؤا الْقُرْآن مَا لم تصب أحدكُم جَنَابَة فَإِن أَصَابَته جَنَابَة فَلَا وَلَا حرف وَاحِد " وَرُوِيَ عَن الزبير عَن

مسألة

جَابر قَالَ: " وَلَا تقْرَأ الْحَائِض وَلَا الْجنب وَلَا النُّفَسَاء الْقُرْآن ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه رخص فِي الْآيَة والآيتين وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (14) :) وَمن كَانَ فِي صحراء وَأَرَادَ أَن يقْضِي حَاجته فَلَا يجوز لَهُ أَن يسْتَقْبل الْقبْلَة وَلَا أَن يستدبرها وَذَلِكَ فِي الْبناء جَائِز وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ يجوز لَهُ الاستدبار وَلَا يجوز لَهُ الِاسْتِقْبَال وَقَالَ بمنعهما فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة وَنحن نذْكر بعون الله تَعَالَى أَخْبَارًا وَردت فِي النَّهْي عَن الِاسْتِقْبَال والاستدبار جَمِيعًا ثمَّ نذْكر أَخْبَارًا وَردت فِي تَخْصِيص الْبناء بِالْجَوَازِ وَفِي ذَلِك بَيَان عوار قَول من خَالَفنَا.

قال لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها وفي رواية بنحو معناه وزاد ولكن شرقوا وغربوا قال فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله اتفق البخاري ومسلم على صحته وفي صحيح مسلم عن عبد

رُوِيَ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تستقبلوا الْقبْلَة بغائط وَلَا بَوْل وَلَا تستدبروها " وَفِي رِوَايَة بِنَحْوِ مَعْنَاهُ وَزَاد " وَلَكِن شرقوا وغربوا " قَالَ فقدمنا الشَّام فَوَجَدنَا مراحيض قد بنيت قبل الْقبْلَة فَكُنَّا ننحرف عَنْهَا ونستغفر الله " اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على صِحَّته. وَفِي صَحِيح مُسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ. قَالَ قيل لَهُ قد علمكُم نَبِيكُم كل شَيْء حَتَّى الخراءة. قَالَ فَقَالَ أجل لقد نَهَانَا أَن نستقبل الْقبْلَة بغائط أَو بَوْل " الحَدِيث. وَعِنْده عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا جلس أحدكُم لِحَاجَتِهِ فَلَا يسْتَقْبل الْقبْلَة وَلَا يستدبرها " وَذكر فِي ذَلِك أَخْبَارًا أخر وَردت فِي تَخْصِيص الْبناء بِالْجَوَازِ عِنْد البُخَارِيّ عَن

قاعدا على لبنتين لحاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة ورواه مسلم أيضا في حديث واسع عن ابن عمر وفيه فقال عبد الله ولقد رقيت على ظهر بيت فرأيت رسول الله

وَاسع بن حبَان قَالَ: قَالَ عبد الله بن عمر " لقد رقيت ذَات يَوْم على ظهر بيتنا فَرَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعِدا على لبنتين لِحَاجَتِهِ مُسْتَقْبل الشَّام مستدبر الْقبْلَة " وَرَوَاهُ مُسلم أَيْضا فِي حَدِيث وَاسع عَن ابْن عمر وَفِيه فَقَالَ عبد الله وَلَقَد رقيت على ظهر بَيت فَرَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَاعِدا على لبنتين مُسْتَقْبل بَيت الْمُقَدّس لِحَاجَتِهِ " وَرُوِيَ عَن مَرْوَان الْأَصْفَر قَالَ: " رَأَيْت ابْن عمر أَنَاخَ رَاحِلَته مُسْتَقْبل الْقبْلَة ثمَّ جلس يَبُول إِلَيْهَا فَقلت: يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن أَلَيْسَ قد نهي عَن هَذَا؟ فَقَالَ: بلَى إِنَّمَا نهي عَن ذَلِك فِي الفضاء، فَإِذا كَانَ بَيْنك وَبَين الْقبْلَة شَيْء يسترك فَلَا بَأْس " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: أَنه حَدِيث صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وروى أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا وهب بن جرير حَدثنَا أبي قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن

أن نستقبل القبلة ببول فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها قال الترمذي سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال هذا حديث صحيح رواه غير واحد عن محمد بن إسحق وروي عن خالد بن أبي الصلت قال كنت عند عمر بن عبد العزيز في خلافته وعنده عراك بن

إِسْحَاق يحدث عَن إبان بن صَالح عَن مُجَاهِد عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: نهى نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نستقبل الْقبْلَة ببول فرأيته قبل أَن يقبض بعام يستقبلها " قَالَ التِّرْمِذِيّ: سَأَلت مُحَمَّدًا يَعْنِي البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح رَوَاهُ غير وَاحِد عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق وَرُوِيَ عَن خَالِد بن أبي الصَّلْت قَالَ كنت عِنْد عمر بن عبد الْعَزِيز فِي خِلَافَته وَعِنْده عرَاك بن مَالك قَالَ عمر:

لما بلغه قول الناس في ذلك أمر بمقعدته فاستقبل بها القبلة والله أعلم

" مَا اسْتقْبلت الْقبْلَة وَلَا استدبرتها ببول وَلَا غَائِط مُنْذُ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ عرَاك حَدَّثتنِي عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما بلغه قَول النَّاس فِي ذَلِك أَمر بمقعدته فَاسْتقْبل بهَا الْقبْلَة " وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (15) :) والاستنجاء وَاجِب لَا يجوز تَركه وَلَا يَقع الْوضُوء عَنهُ، وَإِن كَانَت النَّجَاسَة يسيرَة، وَقُلْنَا أَنه يُعْفَى عَن يسير النَّجَاسَة على أحد الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الِاسْتِنْجَاء سنة يجوز تَركهَا إِذا لم يرد على قدر الدِّرْهَم (وَدَلِيلنَا) عَلَيْهِ من طَرِيق الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن

كل شيء حتى الخراءة فقال أجل قد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول ونهانا ونهانا أن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار ونهانا أن نستنجي برجيع أو عظم أخرجه مسلم في الصحيح وروى أبو داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله

عبد الله بن زيد قَالَ قَالُوا لسلمان قد علمكُم نَبِيكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل شَيْء حَتَّى الخراءة؟ فَقَالَ: أجل، قد نَهَانَا أَن نستقبل الْقبْلَة بغائط أَو بَوْل، ونهانا ونهانا أَن يستنجي أَحَدنَا بِأَقَلّ من ثَلَاثَة أَحْجَار، ونهانا أَن نستنجي برجيع أَو عظم. أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وروى أَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا أَنا لكم بِمَنْزِلَة الْوَالِد أعلمكُم فَإِذا أَتَى أحدكُم الْغَائِط، فَلَا يسْتَقْبل الْقبْلَة وَلَا يستدبرها وَلَا يَسْتَطِيب بِيَمِينِهِ، وَكَانَ يَأْمر بِثَلَاثَة أَحْجَار وَنهى عَن الروث والرمة " وَأَيْضًا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا ذهب أحدكُم إِلَى الْغَائِط، فليذهب مَعَه بِثَلَاثَة أَحْجَار، يَسْتَطِيب بِهن فَإِنَّهَا تُجزئ عَنهُ " وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابهم بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن إِبْرَاهِيم بن مُوسَى الرَّازِيّ أخبرنَا

قال من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن استجمر فليوتر ومن فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن أكل فما تخلل فليلفظ ومن لاك لسانه فليبتلع من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد وإن يجمع

عِيسَى عَن ثَوْر عَن الْحصين الحبراني عَن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من اكتحل فليوتر من فعل فقد أحسن، وَمن لَا فَلَا حرج، وَمن استجمر فليوتر، وَمن فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج، وَمن أكل فَمَا تخَلّل فليلفظ، وَمن لاك لِسَانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا حرج، وَمن أَتَى الْغَائِط فليستتر فَإِن لم يجد وَإِن يجمع كثيبا من رمل فليستدبره فَإِن الشَّيْطَان يلْعَب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن وَمن لَا فَلَا

أنه قال من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر وكذلك رواه

حرج " قَالَ أَبُو دَاوُد رَوَاهُ أَبُو عَاصِم عَن ثَوْر قَالَ " حُصَيْن الْحِمْيَرِي "، وَرَوَاهُ عبد الْملك بن الصَّباح عَن ثَوْر فَقَالَ: " أَبُو سعيد الْخَيْر " لَيْسَ هَذَا بِمَشْهُور وَلَا يُعَارض حَدِيث سلمَان الْمخْرج فِي الصَّحِيح وَلم يحْتَج بِهَذَا الْإِسْنَاد أحد مِنْهُمَا ثمَّ قَوْله " وَلَا حرج " يرجع إِلَى قَوْله " فليوتر دون الِاسْتِجْمَار " وَالصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة " وَمن استجمر فليوتر " دون قَوْله: " وَمن لَا فَلَا حرج " وَرَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح عَن أبي إِدْرِيس عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من تَوَضَّأ فليستنثر وَمن استجمر فليوتر " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ

الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار قال فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده فأخذت روثة فأتيت بها النبي

عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ أَبُو إِدْرِيس الْخَولَانِيّ عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ أَبُو الزبير عَن جَابر وَكله مخرج فِي الصَّحِيح. وَرُبمَا استدلوا بِمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن أبي نعيم عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَق قَالَ: لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة ذكره وَلَكِن عبد الرَّحْمَن ابْن الْأسود عَن أَبِيه أَنه سمع عبد الله يَقُول أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْغَائِط فَأمرنِي أَن آتيه بِثَلَاثَة أَحْجَار، قَالَ: فَوجدت حجرين والتمست الثَّالِث فَلم أَجِدهُ، فَأخذت رَوْثَة فَأتيت بهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأخذ الحجرين وَألقى الروثة وَقَالَ هَذَا رِجْس " قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ إِبْرَاهِيم بن يُوسُف عَن

في الاستنجاء بالأحجار الثلاثة قال ابن الشاذكوني ما سمعت بتدليس قط أعجب من هذا ولا أخفى قال أبو عبيدة لم يحدثني ولكن عبد الرحمن عن فلان عن فلان ولم يقل حدثني فجاز الحديث وسار قال البيهقي وذكر إبراهيم بن يوسف لا يجعله متصل

أَبِيه عَن أبي إِسْحَق حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بِهَذَا. وَخَالفهُ مُسلم وَلم يخرج فِي الصَّحِيح. وَقد قيل أَن أَبَا إِسْحَق لم يسمعهُ من عبد الرَّحْمَن إِنَّمَا دلّس عَنهُ. قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ كَانَ زُهَيْر وَإِسْرَائِيل يَقُولَانِ على أبي إِسْحَق أَنه كَانَ يَقُول لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة حَدثنَا لَكِن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الِاسْتِنْجَاء بالأحجار الثَّلَاثَة قَالَ ابْن الشَّاذكُونِي: " مَا سَمِعت بتدليس قطّ أعجب من هَذَا وَلَا أخْفى، قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: لم يحدثني، وَلَكِن عبد الرَّحْمَن عَن فلَان عَن فلَان، وَلم يقل: حَدثنِي فَجَاز الحَدِيث وَسَار " قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَذكر إِبْرَاهِيم بن يُوسُف لَا يَجعله مُتَّصِل فقد أخبرنَا أَبُو عبيد الله حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس

ذهب لحاجته فأمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار فجاءه بحجرين وبروثة فألقى الروثة وقال إنها ركس ائتني بحجر والله أعلم

سَمِعت الدوري يَقُول: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن أبي إِسْحَق لَيْسَ بِشَيْء وَرَوَاهُ إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن أبي إِسْحَق عَن أبي عُبَيْدَة عَن أَبِيه بقريب من مَعْنَاهُ، فَإِن صَحَّ ذَلِك فَلَيْسَ فِيهِ أَنه اقْتصر عَلَيْهِمَا وَأمره بِالثلَاثِ يدل على وجوبهما إِذْ لَو جَازَ النُّقْصَان عَنْهَا لما حَدهَا بِالثلَاثِ فِي أمره بإتيانه بهَا وَالله أعلم. وَقد رُوِيَ أَنه أمره أَن يَأْتِيهِ بِحجر آخر. عَن معمر عَن أبي إِسْحَق عَن عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذهب لِحَاجَتِهِ فَأمر ابْن مَسْعُود أَن يَأْتِيهِ بِثَلَاثَة أَحْجَار فَجَاءَهُ بحجرين وبروثة فَألْقى الروثة وَقَالَ إِنَّهَا ركس ائْتِنِي بِحجر " وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (16) :) وَلَا عَفْو عَن قدر الدِّرْهَم ... ... ... ... ... ... ...

على قبرين فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله قال فدعا بعسيب رطب فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحد وعلى هذا واحدا ثم قال لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا واتفقا على

من النَّجَاسَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: قدر الدِّرْهَم مَعْفُو عَنهُ. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على صِحَّته عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " مر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قبرين فَقَالَ: إنَّهُمَا يعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير. أما أَحدهمَا فَكَانَ يمشي بالنميمة، وَأما الآخر فَكَانَ لَا يستنزه من بَوْله " قَالَ: فَدَعَا بعسيب رطب فشقه بِاثْنَيْنِ ثمَّ غرس على هَذَا وَاحِد وعَلى هَذَا وَاحِدًا ثمَّ قَالَ لَعَلَّه أَن يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا " واتفقا على حَدِيث أَسمَاء سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن دم الْحَيْضَة يُصِيب الثَّوْب، فَقَالَ حتيه ثمَّ اقرضيه بِالْمَاءِ. ثمَّ رشيه فَصلي فِيهِ ". وَرُوِيَ عَن روح بن غطيف عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة

مَرْفُوعا: " تُعَاد الصَّلَاة فِيمَا قدر الدِّرْهَم من الدَّم " لَيْسَ هَذَا بِثَابِت فقد قَالَ البُخَارِيّ: روح بن غطيف الثَّقَفِيّ عَن أبي مُصعب روى عَنهُ مُحَمَّد بن ربيعَة. مُنكر الحَدِيث. ثمَّ إِن صَحَّ فَنَطَقَ الحَدِيث يدل على وجوب الْإِعَادَة إِذا كَانَ الدَّم قدر الدِّرْهَم خلاف مَذْهَبهم وَتَركنَا دَلِيل الْخَبَر بِمَا هُوَ أقوى مِنْهُ وهم لَا يَقُولُونَ بِدَلِيل الْخطاب وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (17) :) وَخُرُوج الرّيح من الْقبل ينْقض الْوضُوء وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا ينْقض الْوضُوء دليلنا عَلَيْهِ من طَرِيق الْخَبَر مَا روى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عباد عَن عَمه شكى للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرجل يخيل إِلَيْهِ الشَّيْء فِي الصَّلَاة فَقَالَ: لَا يَنْفَتِل حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا " وَفِي رِوَايَة عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا " واتفقا على صحتهما. رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا وضوء إِلَّا من صَوت أَو ريح " أخرجه مُسلم بِمَعْنَاهُ فَقَالَ حَتَّى تسمع صَوتا أَو تَجِد ريحًا وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (18) :) وَمن استجمع نوم الْقلب وَالْعين فَعَلَيهِ الْوضُوء سَوَاء كَانَ قَائِما أَو

قال إذا نعس أحدكم في صلاته فليرقد حتى يذهب عن عينه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه وأخرج البخاري عقيبه حديث أنس عن النبي

رَاكِعا أَو سَاجِدا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: - إِن نَام قَائِما أَو رَاكِعا أَو سَاجِدا فَلَا وضوء عَلَيْهِ وَدَلِيلنَا عَلَيْهِ من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الْمُتَّفق على صِحَّته أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا نعس أحدكُم فِي صلَاته فليرقد حَتَّى يذهب عَن عينه النّوم، فَإِن أحدكُم إِذا صلى وَهُوَ ناعس لَعَلَّه يذهب يسْتَغْفر فيسب نَفسه ". وَأخرج البُخَارِيّ عَقِيبه حَدِيث أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا نعس وَهُوَ يُصَلِّي فلينصرف فلينم حَتَّى يعلم مَا يقْرَأ " فَأمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الناعس فِي الصَّلَاة بالانصراف وَلَو بَقِي فِيهَا بِبَقَاء الطَّهَارَة. كَمَا زَعَمُوا لما أَمر بالانصراف. إِن شَاءَ الله تَعَالَى وروى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن عَاصِم بن بَهْدَلَة عَن زر قَالَ: " أتيت صَفْوَان بن عَسَّال فَقَالَ مَا جَاءَ بك فَقلت ابْتِغَاء الْعلم قَالَ: " إِن الْمَلَائِكَة تضع أَجْنِحَتهَا لطَالب الْعلم رضَا بِمَا يطْلب " قلت:

فأتيتك أسألك هل سمعت من رسول الله

إِنَّه حاك أَنه حاك نَفسِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ بعد الْغَائِط وَالْبَوْل وَكنت امْرَءًا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأتيتك أَسأَلك هَل سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ذَلِك شَيْئا قَالَ: " نعم، كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمُرنَا إِذا كُنَّا سفرا أَو مسافرين أَن لَا ننزع خفافنا ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن إِلَّا من جَنَابَة لَكِن من غَائِط وَبَوْل ونوم ". عَاصِم بن بَهْدَلَة قَارِئ أهل الْكُوفَة وَإِن لم يخرج البُخَارِيّ وَمُسلم حَدِيثه فِي الصَّحِيح لسوء حفظه فَلَيْسَ بساقط إِذا وَافق فِيمَا يرويهِ الثِّقَات وَلم يُخَالف الْأَثْبَات وَقد روى أول هَذَا الحَدِيث وَهُوَ قَوْله فِي طلب الْعلم عبد الْوَهَّاب بن بخت وَهُوَ من ثِقَات المصريين عَن زر نَحْو حَدِيث عَاصِم بن بَهْدَلَة وَشَاهده من حَدِيث رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد

وكاء السه العينان فمن نام فليتوضأ وروي ذلك من حديث معاوية بن أبي سفيان قال قال النبي

عبد الرَّحْمَن بن عَائِذ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وكاء السه العينان فَمن نَام فَليَتَوَضَّأ " وَرُوِيَ ذَلِك من حَدِيث مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعين وكاء السه، فَإِذا نَامَتْ الْعين اسْتطْلقَ الوكاء " قَالَ أَحْمد: " فِيمَا بَلغنِي عَنهُ حَدِيث عَليّ الَّذِي يرويهِ الْوَضِين بن عَطاء أثبت من حَدِيث مُعَاوِيَة فِي هَذَا الْبَاب. وروى فِيهِ عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة

نام وهو ساجد حتى غط أو نفخ قلت يا رسول الله إنك قد نمت قال إن الوضوء لا يوجب حتى ينام مضطجعا فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله تفرد بآخر هذا الحديث أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني عن قتادة وأنكره عليه جميع أئمة أهل الحديث قال أبو

وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابهم بِمَا رُوِيَ عَن يزِيد بن أبي خَالِد عَن قَتَادَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَام وَهُوَ ساجد حَتَّى غط أَو نفخ قلت: يَا رَسُول الله إِنَّك قد نمت قَالَ: " إِن الْوضُوء لَا يُوجب حَتَّى ينَام مُضْطَجعا فَإِنَّهُ إِذا اضْطجع استرخت مفاصله " تفرد بآخر هَذَا الحَدِيث أَبُو خَالِد يزِيد بن عبد الرَّحْمَن الدالاني عَن قَتَادَة وَأنْكرهُ عَلَيْهِ جَمِيع أَئِمَّة أهل الحَدِيث. قَالَ أَبُو دَاوُد: الْوضُوء على من نَام مُضْطَجعا حَدِيث مُنكر لم يروه إِلَّا يزِيد الدالاني عَن قَتَادَة، وَقد روى أَوله جمَاعَة عَن ابْن عَبَّاس لم يذكرُوا

محفوظا وقالت عائشة قال النبي

شَيْئا من هَذَا وَقَالَ: كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَحْفُوظًا. وَقَالَت عَائِشَة قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تنام عَيْني وَلَا ينَام قلبِي " قَالَ شُعْبَة: إِنَّمَا سمع قَتَادَة من أبي الْعَالِيَة أَرْبَعَة أَحَادِيث: حَدِيث يُونُس بن مَتى وَحَدِيث ابْن عَمْرو فِي الصَّلَاة، وَحَدِيث الْقُضَاة ثَلَاثَة " وَحَدِيث ابْن عَبَّاس " حَدثنِي رجال مرضيون وأرضاهم عِنْدِي عمر " قَالَ أَبُو دَاوُد:

وَذكر حَدِيث الدالاني لِأَحْمَد بن حَنْبَل فَقَالَ مَا ليزِيد الدالاني يدْخل على أَصْحَاب أبي قَتَادَة؟ وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: هَذَا لَا شَيْء رَوَاهُ سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن ابْن عَبَّاس، قَوْله وَلم يذكر فِيهِ أبي الْعَالِيَة، وَلَا أعرف لأبي خَالِد الدالاني سَمَاعا عَن قَتَادَة " وَقَالَ أَبُو حَاتِم: أَبُو خَالِد الدالاني كثير الْخَطَأ فَاحش الْوَهم لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ إِذا وَافق الثِّقَات، فَكيف إِذا انْفَرد عَنْهُم بالمعضلات؟ وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: " لَا يجب عَلَيْهِ حَتَّى يضع جنبه وينام " وَهَذَا ورد فِي النّوم قَاعِدا، وَمَا رُوِيَ عَن أنس مَرْفُوعا " إِذا نَام العَبْد فِي سُجُوده باهى الله تَعَالَى بِهِ مَلَائكَته يَقُول: انْظُرُوا عَبدِي روحه عِنْدِي وَجَسَده فِي طَاعَتي " فَلَيْسَ هُوَ بِالْقَوِيّ ثمَّ لَيْسَ فِيهِ أَن لَا يخرج من صلَاته، وَالْقَصْد مِنْهُ إِن صَحَّ الثَّنَاء على العَبْد المواظب على الصَّلَاة حَتَّى يغلبه النّوم، وَقد أَمر

كانوا ينتظرون العشاء فينامون أحسبه قال قعودا وعن ابن عمر أنه كان ينام قاعدا ويصلي ولا يتوضأ رواه الشافعي عن الثقة عن حميد عن أنس قال كان أصحاب رسول الله

فِي الرِّوَايَة الصَّحِيحَة، عَن أنس بالانصراف إِذا نعس وَكَذَلِكَ حَدِيث ابْن عمر الَّذِي مضى، فَأَما إِذا نَام قَاعِدا مستويا الْجُلُوس مُتَمَكنًا بمقعدته من الأَرْض، فقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى وَأحب للنائم قَاعِدا أَن يتَوَضَّأ، وَلَا يبين لي أَن أوجبه عَلَيْهِ لما روى عَن أنس بن مَالك أَن أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانُوا ينتظرون الْعشَاء فينامون أَحْسبهُ قَالَ قعُودا " وَعَن ابْن عمر أَنه كَانَ ينَام قَاعِدا وَيُصلي وَلَا يتَوَضَّأ ". رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن الثِّقَة عَن حميد عَن أنس قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " ينتظرون الصَّلَاة فينامون أَحْسبهُ قَالَ قعُودا حَتَّى تخفق رؤوسهم ثمَّ يصلونَ وَلَا يتوضؤون " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: إِذا قَالَ الشَّافِعِي: أخبرنَا الثِّقَة حَدثنَا حميدا الطَّوِيل فَإِنَّهُ يكني بالثقة عَن إِسْمَاعِيل بن علية رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح من

ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون وروى الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان ينام قاعدا ثم يصلي ولا يتوضأ وروي في ذلك عن يزيد بن ثابت وأبي أمامة وأبي هريرة وروي فيه حديثان مسندان أحدهما عن حذيفة قال رقدت فاحتضنني رجل من

حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ينامون ثمَّ يصلونَ وَلَا يتوضؤون " وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه كَانَ ينَام قَاعِدا ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يتَوَضَّأ " وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن يزِيد بن ثَابت وَأبي أُمَامَة، وَأبي هُرَيْرَة، وَرُوِيَ فِيهِ حديثان مسندان، أَحدهمَا عَن حُذَيْفَة قَالَ: " رقدت فاحتضنني رجل من خَلْفي فَالْتَفت فَإِذا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت هَل وَجب عَليّ الْوضُوء؟ قَالَ: " لَا، حَتَّى تضع جَنْبك " وَإِسْنَاده لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَشَيخنَا لم يقم إِسْنَاده قَالَ يحيى بن كثير وَإِنَّمَا هُوَ بَحر بن كنيز السقاء، وَيحيى ضَعِيف وَهُوَ فِي النّوم جَالِسا وَقد رَوَاهُ غَيره مُبينًا، وَالْآخر حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا " لَيْسَ على من نَام جَالِسا وضوء حَتَّى يضع جنبه " وَهَذَا الحَدِيث قد رُوِيَ من أوجه: عَن يَعْقُوب بن عَطاء

إذا وضع أحدكم جنبه فليتوضأ والله أعلم

عَنهُ وَإِسْنَاده ضَعِيف وروى مُعَاوِيَة بن يحيى الصَّدَفِي قَالَ ابْن عدي: أَنه ضَعِيف. عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وضع أحدكُم جنبه فَليَتَوَضَّأ " وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (19) :) وملامسة الرجل مَعَ الْمَرْأَة توجب الْوضُوء. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا توجب. وَدَلِيلنَا قَول الله عز اسْمه: {أَو لامستم النِّسَاء} واللمس بِالْيَدِ وَغَيرهَا دَاخل لوُقُوع اسْمه عَلَيْهِ بِدَلِيل مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس " أَن ماعزا جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأقر، فَقَالَ فلعلك قبلت أَو لمست، قَالَ: لَا فعلت كَذَا وَكَذَا، لَا يكني فَأمر برجمه ". وَرُوِيَ

كل بني آدم أصاب من الزنا لا محالة فالعين زناها النظر واليد زناها اللمس والنفس تهوى وتحدث ويصدق ذلك ويكذبه الفرج وروي عن عائشة قالت قل يوم أو ما كان يوم إلا ورسول الله

عَن أبي هُرَيْرَة بأثره عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل بني آدم أصَاب من الزِّنَا لَا محَالة، فالعين زنَاهَا النّظر، وَالْيَد زنَاهَا اللَّمْس وَالنَّفس تهوى وتحدث وَيصدق ذَلِك ويكذبه الْفرج " وَرُوِيَ عَن عَائِشَة قَالَت: " قل يَوْم أَو مَا كَانَ يَوْم إِلَّا وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يطوف علينا جَمِيعًا فَيقبل ويلمس مَا دون الوقاع فَإِذا جَاءَ الَّذِي هُوَ يَوْمهَا يبيت عِنْدهَا " وَقد صَحَّ الْخَبَر عَن عمر وَابْنه عبد الله، وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنهم جعلُوا الْقبْلَة وجسها بِيَدِهِ من الْمُلَامسَة الْمَذْكُورَة فِي الْكتاب فِي إِيجَاب الْوضُوء مِنْهَا أما حَدِيث عمر فَروِيَ عَن سَالم عَن أَبِيه أَن عمر قَالَ: " إِن الْقبْلَة من اللَّمْس فَتَوضئُوا مِنْهَا " وَأما حَدِيث ابْنه. فروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: " قبْلَة الرجل امْرَأَته وجسها بِيَدِهِ من الْمُلَامسَة فَمن قبل امْرَأَته أَو جسها بِيَدِهِ فَعَلَيهِ الْوضُوء " هَكَذَا رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ. وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود

فَروِيَ عَن طَارق ابْن شهَاب بِإِسْنَاد صَحِيح. أَن عبد الله فِي قَوْله: {أَو لامستم النِّسَاء} قَالَ: قولا مَعْنَاهُ مَا دون الْجِمَاع. وَرُوِيَ عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ الْقبْلَة من اللَّمْس، وفيهَا الْوضُوء. واللمس دون الْجِمَاع إِلَّا أَن فِيهِ إرْسَال فَإِن أَبَا عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه وَمَا قبله صَحِيح مَوْصُول عَن عبد الله وَرُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس بِخِلَاف ذَلِك عَن عَامر عَن عَليّ قَالَ: (لَيْسَ فِي الْقبْلَة وضوء) وَعَن ابْن جُبَير قَالَ: تَذَاكرنَا اللَّمْس فَقَالَ: أنَاس من الموَالِي لَيْسَ من الْجِمَاع. وَقَالَ نَاس من الْعَرَب: من الْجِمَاع. فَذكرت ذَلِك لِابْنِ عَبَّاس فَقَالَ: مَعَ أَيهمْ كنت قلت. مَعَ الموَالِي قَالَ غلبت الموَالِي، إِن اللَّمْس والمباشرة من الْجِمَاع، وَلَكِن الله عز وَجل

فجاءه رجل فقال يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له فلم يدع شيئا يصبه الرجل من امرأته إلا وقد أصابه منها إلا أنه لم يجامعها فقال توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل قال وأنزل الله عز وجل هذه الآية وأقم الصلاة طرفي

يكني مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ وَقَول من يُوَافق قَوْله ظَاهر الْكتاب أولى أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ فِي كتاب الْمُسْتَدْرك أَخْبرنِي عبد الله فَذكر إِسْنَادًا عَن معَاذ بن جبل " أَنه كَانَ قَاعِدا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَاءَهُ رجل فَقَالَ: " يَا رَسُول الله مَا تَقول فِي رجل أصَاب من امْرَأَة لَا تحل لَهُ، فَلم يدع شَيْئا يصبهُ الرجل من امْرَأَته إِلَّا وَقد أَصَابَهُ مِنْهَا، إِلَّا أَنه لم يُجَامِعهَا، فَقَالَ: تَوَضَّأ وضُوءًا حسنا ثمَّ قُم فصل، قَالَ وَأنزل الله عز وَجل هَذِه الْآيَة: {وأقم الصَّلَاة طرفِي النَّهَار وَزلفًا من اللَّيْل} الْآيَة. فَقَالَ أَهِي لَهُ خَاصَّة أم للْمُسلمين عَامَّة؟ قَالَ: بل هِيَ للْمُسلمين عَامَّة "، وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن وَكِيع عَن الْأَعْمَش عَن

قبل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ هذا حديث يشتبه فساده على كثير ممن ليس الحديث من شأنه ورواه إسنادا صحيحا وهو فاسد من وجهين أحدهما أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير فهو مرسل من هذا الوجه حكى ذلك يحيى بن سعيد قال

حبيب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قبل بعض نِسَائِهِ ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة وَلم يتَوَضَّأ " هَذَا حَدِيث يشْتَبه فَسَاده على كثير مِمَّن لَيْسَ الحَدِيث من شَأْنه وَرَوَاهُ إِسْنَادًا صَحِيحا وَهُوَ فَاسد من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن حبيب بن أبي ثَابت لم يسمع من عُرْوَة بن الزبير فَهُوَ مُرْسل من هَذَا الْوَجْه، حكى ذَلِك يحيى بن سعيد قَالَ: سَمِعت سُفْيَان يَقُول، يَعْنِي الثَّوْريّ: حبيب بن أبي ثَابت لم يسمع من عُرْوَة

يقبلني وهو على وضوء ثم يصلي وهذا أيضا فاسد

شَيْئا، وروى أَبُو دَاوُد قَالَ: قَالَ يحيى بن سعيد لرجل أحك عني أَن هذَيْن الْحَدِيثين: حَدِيث الْأَعْمَش هَذَا عَن حبيب وَحَدِيثه بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي الْمُسْتَحَاضَة " تتوضأ لكل صَلَاة " قَالَ يحيى أحك عني أَنَّهُمَا شبه لَا شَيْء قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ قَالَ مَا حَدثنَا حبيب إِلَّا عَن الثَّوْريّ. عُرْوَة الْمُزنِيّ يَعْنِي لم يُحَدِّثهُمْ عَن عُرْوَة بن الزبير بِشَيْء وَالْوَجْه الآخر. فَقَالَ أَن عُرْوَة هَذَا لَيْسَ بِابْن الزبير، إِنَّمَا هُوَ شيخ مَجْهُول يعرف بِعُرْوَة الْمُزنِيّ. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مخلد حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مغراء حَدثنَا الْأَعْمَش حَدثنَا أَصْحَاب لنا عَن عُرْوَة الْمُزنِيّ عَن عَائِشَة فَقَالَت: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبلني وَهُوَ على وضوء ثمَّ يُصَلِّي " وَهَذَا أَيْضا فَاسد

من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَنه مُرْسل إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ، لم يلق عَائِشَة، قَالَ أَبُو دَاوُد إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ لم يسمع من عَائِشَة، وَالْآخر: أَن أَبَا روق عَطِيَّة بن الْحَارِث، هَذَا لَا تقوم بِهِ الْحجَّة. قَالَ ابْن معِين: أَبُو روق لَيْسَ بِثِقَة. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " هَذَا الحَدِيث لم يروه عَن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ غير أبي روق وَلَا يعلم حدث بِهِ عَنهُ غير الثَّوْريّ وَأبي حنيفَة، وَاخْتلف فِيهِ فأسنده الثَّوْريّ عَن عَائِشَة وأسنده أَبُو حنيفَة عَن حَفْصَة وَكِلَاهُمَا أرْسلهُ، وَإِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ لم يسمع من عَائِشَة وَلَا من حَفْصَة، وَلَا أدْرك زمانهما وَقد روى مُعَاوِيَة بن هِشَام عَن الثَّوْريّ عَن أبي روق عَن

كان يقبل وهو صائم وقال عنه غير عثمان أن النبي

إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه فوصل إِسْنَاده، وَاخْتلف عَنهُ فِي لَفظه، فَقَالَ عُثْمَان بن أبي شيبَة عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم " وَقَالَ عَنهُ غير عُثْمَان أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم وَلَا يتَوَضَّأ " وَالله أعلم. وَلَفظ أبي حنيفَة عَنهُ عَن إِبْرَاهِيم عَن حَفْصَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يتَوَضَّأ للصَّلَاة ثمَّ يقبل وَلَا يحدث وضُوءًا " وروى حجاج بن أَرْطَأَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن زَيْنَب عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقبل ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يتَوَضَّأ " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا إِسْنَاد لَا تقوم بِهِ الْحجَّة فَإِن حجاج بن أَرْطَأَة على جلالة قدره غير مَذْكُور فِي الصَّحِيح، وَزَيْنَب السهمية لَيْسَ لَهَا ذكر فِي حَدِيث آخر قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله

تَعَالَى قد رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن عمر وَقَالَ عَليّ بن عمر: زَيْنَب هَذِه مَجْهُولَة وَلَا تقوم بهَا حجَّة. وَقد قيل عَن عَمْرو وَعَن أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا " كَانَ يقبل ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يحدث وضُوءًا " رَوَاهُ الْعَرْزَمِي عَنهُ وَهُوَ مَتْرُوك. وَرُوِيَ من وَجه آخر رَوَاهُ عبد الْبَاقِي قَانِع عَن إِسْمَاعِيل ابْن الْفضل عَن مُحَمَّد بن عِيسَى بن يزِيد الطرطوسي عَن سُلَيْمَان بن عَمْرو بن سيار عَن أَبِيه عَن ابْن أخي

يقبل بعض نسائه ويصلي ولا يتوضأ رواة هذا الحديث إلى ابن أخي الزهري أكثرهم مجهولون ولا يجوز الاحتجاج بأخبار المجهولين وقد رواه غيره فخالفه فيه فروي عن سعيد بن بشير عن منصور بن زاذان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت كان رسول

الزُّهْرِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبل بعض نِسَائِهِ وَيُصلي وَلَا يتَوَضَّأ " رُوَاة هَذَا الحَدِيث إِلَى ابْن أخي الزُّهْرِيّ أَكْثَرهم مَجْهُولُونَ وَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بأخبار المجهولين وَقد رَوَاهُ غَيره فخالفه فِيهِ، فَروِيَ عَن سعيد بن بشير عَن مَنْصُور بن زَاذَان عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخرج إِلَى الصَّلَاة ثمَّ يقبل وَلَا يتَوَضَّأ " تفرد بِهِ سعيد بن بشير وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء قَالَ الْبَيْهَقِيّ

كان يقبل وهو صائم كذلك رواه الحفاظ الثقات عن الزهري منهم معمر وعقيل عن أبي ذئب وقال مالك عن الزهري في القبلة الوضوء ولو كان ما رواه سعيد بن بشير صحيحا لما كان الزهري

رَحمَه الله: روى سعيد عَن الزبير عَن جَابر مَرْفُوعا " لَا تدخل الْمَلَائِكَة بَيْتا فِيهِ جلد نمر " وَرُوِيَ عَن قَتَادَة عَن الْحُسَيْن عَن أنس عَن عمر مَرْفُوعا " فِي النَّهْي عَن حلق الْقَفَا إِلَّا للحجامة " وَفِي هَذَا غنية لمن تدبره على ضعف حَاله: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ سعيد بن بشير عَن مَنْصُور عَن الزُّهْرِيّ وَلم يُتَابع عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ فِي الحَدِيث. وَالْمَحْفُوظ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم " كَذَلِك رَوَاهُ الْحفاظ الثِّقَات عَن الزُّهْرِيّ مِنْهُم معمر وَعقيل عَن أبي ذِئْب، وَقَالَ مَالك عَن الزُّهْرِيّ " فِي الْقبْلَة الْوضُوء " وَلَو كَانَ مَا رَوَاهُ سعيد بن بشير صَحِيحا لما كَانَ الزُّهْرِيّ

يقبل وهو صائم ثم يصلي ولا يتوضأ قال علي بن عمر هذا خطأ من وجوه لم يرو على هذا وإنما جاء به أنه أخطأ في إسناده ومتنه جميعا حيث روي عن الزهري عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة وزاد في متنه ثم يصلي ولا يتوضأ والمحفوظ ما سبق ذكره

يُفْتِي بِخِلَافِهِ وَالله أعلم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ أخبرنَا أَبُو بكر بن الْحَارِث حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد بن حبَان حَدثنَا عَليّ بن إِسْحَاق حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مُوسَى حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يقبل وَهُوَ صَائِم ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يتَوَضَّأ " قَالَ عَليّ بن عمر: هَذَا خطأ من وُجُوه، لم يرو على هَذَا، وَإِنَّمَا جَاءَ بِهِ أَنه أَخطَأ فِي إِسْنَاده وَمَتنه جَمِيعًا، حَيْثُ رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَزَاد فِي مَتنه " ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يتَوَضَّأ " وَالْمَحْفُوظ مَا سبق ذكره، وَالْحمل فِيهِ على من دون عِيسَى بن يُونُس، وَرُوِيَ من حَدِيث هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَوَاهُ حَاجِب بن سُلَيْمَان عَن وَكِيع عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة " قبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعض نِسَائِهِ ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ ". قَالَ

كان يقبل وهو صائم وحاجب لم يكن له كتاب إنما كان يحدث من حفظه وروي من وجه آخر عن الحسن بن دينار عن هشام عن أبيه أن رجلا قال سألت عائشة رضي الله عنها عن الرجل يقبل امرأته أيعيد الوضوء فقالت قد كان رسول الله

الدَّارَقُطْنِيّ: تفرد بِهِ حَاجِب عَن وَكِيع وَوهم فِيهِ وَالصَّوَاب عَن وَكِيع بِهَذَا الْإِسْنَاد أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يقبل وَهُوَ صَائِم " وحاجب لم يكن لَهُ كتاب، إِنَّمَا كَانَ يحدث من حفظه ". وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن الْحسن بن دِينَار عَن هِشَام عَن أَبِيه أَن رجلا قَالَ سَأَلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن الرجل يقبل امْرَأَته أيعيد الْوضُوء، فَقَالَت: قد كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يقبل بعض نِسَائِهِ ثمَّ لَا يُعِيد الْوضُوء "، قَالَ فَقلت لَهَا: إِن كَانَ ذَلِك مَا كَانَ إِلَّا مِنْك، قَالَ فَسَكَتَتْ. الْحسن بن دِينَار كَانَ دِينَار روح أمه، وَهُوَ الْحسن بن وَاصل مُنكر الحَدِيث. قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء. قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل: الْحسن بن دِينَار: وَهُوَ ابْن وَاصل أَبُو سعيد السليطي التَّمِيمِي الْبَصْرِيّ تَركه يحيى، وَابْن مهْدي، وَابْن الْمُبَارك، ووكيع، ثمَّ فِيهِ أَن عُرْوَة لم يسمعهُ

من عَائِشَة فَإِن قَالَ أَن رجلا قَالَ: سَأَلت عَائِشَة، وَرُوِيَ عَن بَقِيَّة بن الْوَلِيد حَدثنِي عبد الْملك بن مُحَمَّد عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا. " لَيْسَ فِي الْقبْلَة وضوء عبد الْملك بن مُحَمَّد ضَعِيف، قَالَ أَبُو حَاتِم: إِنَّه من صنعاء الشَّام كَانَ مِمَّن يُجيب فِي كل مَا يسْأَل حَتَّى تفرد عَن الثِّقَات بالموضوعات، لَا يجوز الِاحْتِجَاج بروايته، قَالَ إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب: الْجوزجَاني: سَأَلت أَبَا مسْهر عَن إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل وَبَقِيَّة فَقَالَ: كل كَانَ يَأْخُذ عَن غير ثِقَة. قَالَ إِبْرَاهِيم: أما أَبُو مُحَمَّد يَعْنِي: بَقِيَّة رَحمَه الله وَغفر لَهُ مَا كَانَ يَأْتِي لَا يُبَالِي إِذا وجد طرفَة عَمَّن يَأْخُذهَا، فَأَما حَدِيثه عَن الثِّقَات فَلَا بَأْس بِهِ وَرُوِيَ عَن

يقبل وهو صائم ثم لا يتوضأ قال علي بن عمر الدارقطني لا أعلم أحدا حدث به عن عاصم بن علي هكذا غير علي بن عبد العزيز هذا وهم من علي بن عبد العزيز

مُحَمَّد بن جَابر عَن هِشَام، قَالَ: الدوري سَمِعت ابْن معِين يَقُول: كَانَ مُحَمَّد بن جَابر أعمى قلت فَإِنَّمَا حَدِيثه كَذَا لِأَنَّهُ أعمى، قَالَ: لَا وَلَكِن عمي وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ، وَكَانَ مُحَمَّد كوفيا وانتقل إِلَى الْيَمَامَة، قلت: أَيُّوب أَخُوهُ كَيفَ كَانَ حَدِيثه؟ قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء. قلت أَيهمَا كَانَ أمثل؟ قَالَ: لَا وَلَا وَاحِد مِنْهُمَا. وروى عَليّ بن عبد الْعَزِيز الْوراق عَن عَاصِم بن عَليّ عَن أبي أويس عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يقبل وَهُوَ صَائِم ثمَّ لَا يتَوَضَّأ " قَالَ عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ: لَا أعلم أحدا حدث بِهِ عَن عَاصِم بن عَليّ هَكَذَا غير عَليّ بن عبد الْعَزِيز، هَذَا وهم من عَليّ بن عبد الْعَزِيز

كان يقبل بعض نسائه ثم لا يحدث وضوءا قال علي بن عمر قوله عبد الله بن غالب وهم وإنما أراد غالب بن عبيد الله وهو متروك وأبو سلمة الجهني وهو خالد بن

هَذَا أَو عَاصِم أَو أبي أويس، وَالْمَحْفُوظ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة فِي الصَّوْم بِغَيْر هَذِه الزِّيَادَة فِي الْوضُوء، كَذَلِك رَوَاهُ مَالك وَابْن عُيَيْنَة وَيحيى الْقطَّان وَغَيرهم عَن هِشَام بن عُرْوَة. قَالَ ابْن معِين: أَبُو أويس مثل فليح وَفِي حَدِيثه ضعف، أَبُو أويس عبد الله بن عبد الله بن أويس ذكره مُسلم فِي الشواهد وخرجه عَنهُ كَمَا روى عَنهُ وَهُوَ كثير الْوَهم، وَعَاصِم بن عَليّ وَإِن قبله البُخَارِيّ وَحدث عَنهُ فقد غمزه يحيى ورضيه أَحْمد وَالله أعلم. وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن أبي سَلمَة الْجُهَنِيّ عَن عبد الله بن غَالب عَن عَطاء عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يقبل بعض نِسَائِهِ ثمَّ لَا يحدث وضُوءًا قَالَ عَليّ بن عمر: قَوْله عبد الله بن غَالب وهم، وَإِنَّمَا أَرَادَ غَالب بن عبيد الله وَهُوَ مَتْرُوك، وَأَبُو سَلمَة الْجُهَنِيّ، وَهُوَ خَالِد بن

ثم يخرج إلى الصلاة ولا يتوضأ قال الحاكم أبو عبد الله غالب هذا هو ابن عبيد الله العقيلي هو شيخ من أهل الجزيرة قد خلط في هذا الحديث من وجهين أخبرنا بالوجه الثاني وذكر إسنادا عن عمر بن أيوب الموصلي عن غالب بن عبيد الله عن نافع عن ابن

سَلمَة، ضَعِيف وَلَيْسَ بِالَّذِي يروي عَنهُ زَكَرِيَّا ابْن أبي زَائِدَة، وَرُوِيَ عَن عبيد الله بن عَمْرو عَن غَالب عَن عَطاء عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا " رُبمَا قبلني النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ يخرج إِلَى الصَّلَاة وَلَا يتَوَضَّأ " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: غَالب هَذَا هُوَ ابْن عبيد الله الْعقيلِيّ، هُوَ شيخ من أهل الجزيرة قد خلط فِي هَذَا الحَدِيث من وَجْهَيْن: أخبرنَا بِالْوَجْهِ الثَّانِي وَذكر إِسْنَادًا عَن عمر بن أَيُّوب الْموصِلِي عَن غَالب بن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يقبل وَلَا يُعِيد الْوضُوء " قَالَ أَبُو عبد الله: غَالب بن عبيد الله: سَاقِط الحَدِيث بِإِجْمَاع بَين أهل النَّقْل فِيهِ. قَالَ وَكِيع رَأَيْت غَالب بن عبيد الله يطوف بِالْبَيْتِ فَسَأَلته عَن حَدِيث فَقَالَ: حَدثنَا

أعطى معاوية سهما فقال له هاك هذا يا معاوية حتى توافيني به في الجنة وفي هذا غنية لمن تدبره وروي من وجه آخر عن سلمة بن صالح الكوفي عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن عائشة قالت توضأ رسول الله

سعيد بن الْمسيب وَسليمَان الْأَعْمَش فتركته وَهَذَا لِأَنَّهُمَا لَا يَلْتَقِيَانِ فِي إِسْنَاد. وَقَالَ ابْن معِين أَنه ضَعِيف وَقَالَ البُخَارِيّ: أَنه مُنكر الحَدِيث، وَمن مَنَاكِيره رِوَايَته عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أعْطى مُعَاوِيَة سَهْما فَقَالَ لَهُ: هاك هَذَا يَا مُعَاوِيَة حَتَّى توافيني بِهِ فِي الْجنَّة " وَفِي هَذَا غنية لمن تدبره. وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن سَلمَة بن صَالح الْكُوفِي عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عَطاء عَن عَائِشَة قَالَت: " تَوَضَّأ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي ثمَّ مس بعض نِسَائِهِ ثمَّ خرج فصلى لَا يحدث وضُوءًا " قَالَ أَبُو عبد الله: هَذَا تفرد بِهِ سَلمَة بن صَالح بِإِسْنَادِهِ وَلم يُتَابع عَلَيْهِ قَالَ ابْن معِين: سَلمَة الْأَحْمَر لَيْسَ بِشَيْء. وروى ابْن عدي عَن ابْن قُتَيْبَة حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن

هناد حَدثنَا آدم أَبُو الْحسن ابْن ناهيه أَبُو إِيَاس بن ناهيه حَدثنَا ركن بن عبد الله الشَّامي عَن مَكْحُول عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: الرجل يتَوَضَّأ للصَّلَاة ثمَّ يقبل أَهله ويلاعبهما؟ أينقض ذَلِك وضوءه. قَالَ: لَا هَذَا إِسْنَاد مَجْهُول ركن الشَّامي: تكلمُوا فِيهِ، وَقد رُوِيَ من أوجه أخر مَجْهُولَة عَن عَطاء وَرُوِيَ عَن أَحْمد بن عَمْرو عَن إِسْمَاعِيل بن يَعْقُوب بن صبيح عَن مُحَمَّد بن

كان يقبل ولا يتوضأ هذا وهم والصحيح عن عبد الكريم عن عطاء من قوله وروي عن الوليد بن صالح حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري عن عطاء عن عائشة أن النبي

مُوسَى بن أعين عَن أَبِيه عبد الْكَرِيم عَن عَطاء عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقبل وَلَا يتَوَضَّأ " هَذَا وهم وَالصَّحِيح عَن عبد الْكَرِيم عَن عَطاء من قَوْله وَرُوِيَ عَن الْوَلِيد بن صَالح حَدثنَا عبيد الله بن عَمْرو عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن عَطاء عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يقبل ثمَّ يُصَلِّي وَلَا يتَوَضَّأ " وَفِي رِوَايَة قَالَت: لَا يمس مَاء. قَالَ عَليّ بن عمر: " يُقَال أَن الْوَلِيد بن صَالح وهم فِي قَوْله عَن عبد الْكَرِيم وَإِنَّمَا هُوَ حَدِيث غَالب. وَرَوَاهُ الثَّوْريّ عَن عبد الْكَرِيم عَن عَطاء من قَوْله وَهُوَ الصَّوَاب مُتَّصِل بِالْحَدِيثِ وَالله أعلم. حَدثنَا أَبُو مُبشر

ذات ليلة فالتمست بيدي فوقعت يدي على قدميه وهما منصوبتان وهو ساجد وهو يقول اللهم إني أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك رواه مسلم دون قوله وهو ساجد وروى عن حريث عن عامر عن

حَدثنَا أَحْمد بن سِنَان حَدثنَا عبد الرَّحْمَن حَدثنَا سُفْيَان. عَن عبد الْكَرِيم الْجَزرِي عَن عَطاء قَالَ: " لَيْسَ فِي الْقبْلَة وضوء وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب " قَالَ عبد الله بن أَحْمد: قلت لأبي لم لَا تكْتب عَن وليد بن صَالح، قَالَ رَأَيْته يُصَلِّي فِي مَسْجِد الْجَامِع يسيء الصَّلَاة. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ لَا يرى فِي الْقبْلَة وضُوءًا، وَقد روينَا عَن عَمْرو بن مَسْعُود وَابْن عمر بِخِلَافِهِ وَقَوْلهمْ يُوَافق ظَاهر الْكتاب فَهُوَ أولى. وَرُوِيَ عَن عَائِشَة قَالَت فقدت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة، فَالْتمست بيَدي فَوَقَعت يَدي على قَدَمَيْهِ وهما منصوبتان وَهُوَ ساجد وَهُوَ يَقُول " اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بمعافاتك من عُقُوبَتك وَأَعُوذ برضاك من سخطك وَأَعُوذ بك مِنْك " رَوَاهُ مُسلم. دون قَوْله وَهُوَ ساجد، وروى عَن حُرَيْث عَن عَامر عَن

كان يستدفئ بها بعد الغسل تفرد به حريث بن أبي مطر وهو ضعيف ضعفه ابن معين والبخاري وغيرهما والذي صح من الحديث الأول يحتمل أن يكون بينهما حائل من ثوب ثم أنه ورد في الملموس وكلامنا وقع في الملامس والله أعلم

مَسْرُوق عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يستدفئ بهَا بعد الْغسْل ". تفرد بِهِ حُرَيْث بن أبي مطر وَهُوَ ضَعِيف. ضعفه ابْن معِين وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا وَالَّذِي صَحَّ من الحَدِيث الأول يحْتَمل أَن يكون بَينهمَا حَائِل من ثوب ثمَّ أَنه ورد فِي الملموس وكلامنا وَقع فِي الملامس وَالله أعلم ".

مسألة

(مَسْأَلَة (20) :) وَمَسّ الْفرج بِبَطن الْكَفّ ينْقض الْوضُوء وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا ينْقضه وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا روى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم أَنه سمع عُرْوَة بن الزبير يَقُول دخلت على مَرْوَان بن الحكم فتذاكرنا مَا يكون مِنْهُ الْوضُوء فَقَالَ مَرْوَان: وَمن لمس للذّكر الْوضُوء قَالَ عُرْوَة: مَا

يقول إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ ورواه يحيى بن بكير عن مالك وزاد فليتوضأ وضوءه للصلاة وروى عن الزهري عن عبد الله بن أبي بكر بمعناه ورواه الأوزاعي عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن بسرة عن النبي

علمت ذَلِك. قَالَ مَرْوَان: أَخْبَرتنِي بسرة بنت صَفْوَان أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا مس أحدكُم ذكره فَليَتَوَضَّأ " وَرَوَاهُ يحيى بن بكير عَن مَالك وَزَاد " فَليَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة " وروى عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن أبي بكر بِمَعْنَاهُ: وَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عُرْوَة عَن بسرة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ " رَوَاهُ عَنهُ عَن الزُّهْرِيّ وَقَالَ: " من مس فرجه فيتوضأ " وَرَوَاهُ الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عُرْوَة عَن

كما حدثني مروان عنها فدل ذلك على صحة الحديث وثبوته على شرط الشيخين وزال عنه الخلاف والشبهة وثبت سماع عروة بن بسرة هذا كله كلام الحاكم أبي عبد الله أخبرنا بذلك قال الحاكم فممن بين ما ذكرناه

بسرة وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن مَرْوَان عَن بسرة فصح بذلك الطَّرِيق إِلَى عُرْوَة بن الزبير، وَعُرْوَة مِمَّن لَا يشك أحد فِي ثقته ومروان قد احْتج بِهِ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، فَروِيَ عَن خَالِد بن مخلد عَن عَليّ بن مسْهر وَعَن عبيد بن إِسْمَاعِيل عَن أبي أُسَامَة كِلَاهُمَا عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن مَرْوَان عَن عُثْمَان حِين أَصَابَهُ الرعاف وحبسه عَن الْحَج. أخرجه فِي فضل ابْن الزبير، وروى لمروان هَذَا الحَدِيث قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " ثمَّ نَظرنَا فَوَجَدنَا جمَاعَة من الثِّقَات الْحفاظ رووا هَذَا الحَدِيث عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن مَرْوَان عَن بسرة ثمَّ ذكر فِي روايتهم أَن عُرْوَة قَالَ: ثمَّ لقِيت بعد ذَلِك بسرة فحدثتني بِالْحَدِيثِ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا حَدثنِي مَرْوَان عَنْهَا فَدلَّ ذَلِك على صِحَة الحَدِيث وثبوته على شَرط الشَّيْخَيْنِ وَزَالَ عَنهُ الْخلاف والشبهة، وَثَبت سَماع عُرْوَة بن بسرة هَذَا كُله كَلَام الْحَاكِم أبي عبد الله أخبرنَا بذلك " قَالَ الْحَاكِم فَمِمَّنْ بَين مَا ذَكرْنَاهُ

من سَماع عُرْوَة من بسرة: شُعَيْب ابْن إِسْحَاق الدِّمَشْقِي، وَذكر حَدِيثه وَمِنْهُم ربيعَة بن عُثْمَان التَّيْمِيّ وَذكر حَدِيثه، وَمِنْهُم الْمُنْذر بن عبد الله الْحزَامِي الْمدنِي وَذكر حَدِيثه، وَمِنْهُم عَنْبَسَة بن عبد الْوَاحِد الْقرشِي وَذكر حَدِيثه، وَمِنْهُم أَبُو الْأسود حميد بن الْأسود الْبَصْرِيّ الثِّقَة الْمَأْمُون وَذكر حَدِيثه قَالَ: أَبُو عبد الله: جِئْنَا الْآن إِلَى من يُعلل هَذَا الحَدِيث الثَّابِت الصَّحِيح. بروايات واهية عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، فَليعلم أَن هَذَا وهم ظَاهر من عبد الرَّحْمَن بن عبد الله الْعمريّ وَيحيى بن أَيُّوب وَمن تابعهما. وَكَذَلِكَ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن أروى رِوَايَة هِشَام بن زِيَاد أَبُو

الْمِقْدَام وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث، وَهِشَام بن عُرْوَة بن عبد الله بن أبي بكر عَن عُرْوَة رِوَايَة دَاوُد الْعَطَّار، وَهُوَ واهم فِيهِ، وَهِشَام بن عُرْوَة عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن عُرْوَة فِيمَا روى من وَجه غير مُعْتَمد عَن هِشَام بن عُرْوَة فَجَمِيع هَذِه الرِّوَايَات واهية والْحَدِيث عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن بسرة ثَابت صَحِيح. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: رَأَيْت أَبَا بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة فِي الْمَنَام فِي مَسْجِد أبي بكر الْمُطَرز وَأَنا أسأله عَن هَذَا الْخلاف على هِشَام فَقَالَ لي: إِن عُرْوَة بن الزبير ذهب إِلَى بسرة بنت صَفْوَان حَتَّى شافهته بِالْحَدِيثِ، وَقد تَابع هِشَام بن عُرْوَة عَن رِوَايَة هَذَا الحَدِيث عَن عُرْوَة عبد الله بن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم الْأنْصَارِيّ وَغَيره كَمَا تقدم ذكره، وَأما بسرة بنت صَفْوَان فَإِنَّهَا من سيدات قُرَيْش. روى أَبُو عبد الله الْحَافِظ عَن أبي عَليّ الْحَافِظ عَن أبي

عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ عَن مُحَمَّد بن الْمُبَارك عَن مَنْصُور بن سَلمَة الْخُزَاعِيّ قَالَ: قَالَ مَالك بن أنس أَتَدْرُونَ من بسرة بنت صَفْوَان؟ هِيَ جدة عبد الْملك بن مَرْوَان، وروى أَبُو عبد الله عَن أبي عَليّ عَن مُحَمَّد بن يُوسُف الْمُؤَذّن عَن مُحَمَّد بن عمرَان عَن أَحْمد بن زُهَيْر عَن مُصعب بن عبد الله الزبيرِي قَالَ بسرة بنت صَفْوَان بن نَوْفَل بن أَسد: من المبايعات، وورقة بن نَوْفَل عَمها، وَلَيْسَ

خمسة أحاديث غير هذا الحديث فقد ثبت بما ذكرناه اشتهار بسرة وارتفع عنها اسم الجهالة بهذه الروايات وقد روينا إيجاب الوضوء عن جماعة من الصحابة والصحابيات عن رسول الله

لِصَفْوَان بن نَوْفَل عقب إِلَّا من قبل بسرة. وَهِي زَوْجَة مُعَاوِيَة بن الْمُغيرَة بن الْعَاصِ. قَالَ أَبُو عبد الله: وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ عَن بسرة، مِنْهُم عبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَمْرو، وَسَعِيد بن الْمسيب، وَعمرَة بنت عبد الرَّحْمَن، وَعبد الله بن أبي مليكَة ومروان بن الحكم، وَسليمَان بن مُوسَى، وَقد روينَا عَن بسرة بنت صَفْوَان عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَمْسَة أَحَادِيث غير هَذَا الحَدِيث، فقد ثَبت بِمَا ذَكرْنَاهُ اشتهار بسرة وارتفع عَنْهَا اسْم الْجَهَالَة بِهَذِهِ الرِّوَايَات، وَقد روينَا إِيجَاب الْوضُوء عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة والصحابيات عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُم: عبد الله بن عمر وَأَبُو هُرَيْرَة،

قال من مس فرجه فليتوضأ قال الحاكم وهذا حديث صحيح وشاهده الحديث المشهور عن يزيد بن عبد الملك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة وروى عبد العزيز بن مقلاص عن الشافعي حدثنا عبد الله بن نافع عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن

وَزيد بن خَالِد وَسعد بن أبي وَقاص، وَجَابِر بن عبد الله وَغَيرهم، وَمن النِّسَاء: عَن عَائِشَة وَأم حَبِيبَة، وَأم سَلمَة، وأروى رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ قَالَ الْحَاكِم: فَحَدثني فَذكر إِسْنَادًا عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من مس فرجه فَليَتَوَضَّأ " قَالَ الْحَاكِم: " وَهَذَا حَدِيث صَحِيح وَشَاهده الحَدِيث الْمَشْهُور، عَن يزِيد بن عبد الْملك عَن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، وروى عبد الْعَزِيز بن مِقْلَاص عَن الشَّافِعِي حَدثنَا: عبد الله بن نَافِع عَن يزِيد بن عبد الْملك النَّوْفَلِي عَن أبي مُوسَى الحناط عَن سعيد بن أبي سعيد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أفْضى أحدكُم بِيَدِهِ إِلَى ذكره فَليَتَوَضَّأ "، كَذَا رَوَاهُ عَنهُ،

فذكر حديثا معناه أنه توضأ من مسه وعبد الله بن أبي جعفر الرازي هذا ضعيف وأيوب بن عتبة وروى ابن عدي عن ابن صاعد حدثنا عثمان بن معبد بن نوح حدثنا إسحاق الفروي حدثنا عبد الله بن عمر

وَرَوَاهُ الرّبيع وَغَيره، عَن مُحَمَّد بن عبد الله وَرجل آخر عَن يزِيد بن عبد الْملك عَن سعيد عَن أبي هُرَيْرَة فَأَما حَدِيث ابْن عمر فَروِيَ عَن عبد الله بن أبي جَعْفَر عَن أَيُّوب بن عتبَة عَن يحيى بن أبي كثير عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر حَدِيثا مَعْنَاهُ " أَنه تَوَضَّأ من مَسّه " وَعبد الله بن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ هَذَا ضَعِيف وَأَيوب بن عتبَة وروى ابْن عدي عَن ابْن صاعد حَدثنَا عُثْمَان بن معبد بن نوح حَدثنَا إِسْحَاق الْفَروِي حَدثنَا عبد الله بن عمر

قال من مس ذكره فليتوضأ قال ابن عدي هذا الحديث بهذا الإسناد منكر وروى حفص بن عمر عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أنه كان يتوضأ من مس الذكر ويذكر أن بسرة أخبرته أن رسول الله

الْعمريّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ ". قَالَ ابْن عدي هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد مُنكر وروى حَفْص بن عمر عَن مَالك بن أنس عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه كَانَ " يتَوَضَّأ من مس الذّكر " وَيذكر أَن بسرة أخْبرته أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يتَوَضَّأ من مس الذّكر "، قَالَ أَبُو عبد الله تفرد بِهِ حَفْص بن عمر الْعَدنِي الملقب بفرخ، عَن مَالك بن أنس، وَقد روى الزَّعْفَرَانِي عَن الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم أَنه قَالَ: أخبرنَا مُسلم بن خَالِد، عَن ابْن جريج، عَن عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ: سمع ابْن عمر

في مس الذكر فلم يدع الوضوء منه حتى مات قال وأخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عبد الواحد بن قيس عن ابن عمر أن النبي

بسرة تحدث بحديثها عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مس الذّكر فَلم يدع الْوضُوء مِنْهُ حَتَّى مَاتَ، قَالَ: وَأخْبرنَا مُسلم بن خَالِد، عَن ابْن جريج، عَن عبد الْوَاحِد بن قيس عَن ابْن عمر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا مس أحدكُم ذكره فَليَتَوَضَّأ " وَهَذَا مُرْسل عَن ابْن عمر وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن أبي بكر بن أبي الْعَوام الريَاحي حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن أبان عَن الثَّوْريّ عَن أَيُّوب عَن ابْن سِيرِين عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من مس فرجه فَليَتَوَضَّأ " قَالَ أَبُو عبد الله: تفرد بِهِ أَبُو بكر بن أبي الْعَوام عَن عبد الْعَزِيز. وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن الْعَلَاء بن سُلَيْمَان الرقي حَدثنَا الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مس فرجه فليعد الْوضُوء " وَهَذَا أَيْضا ضَعِيف وَالْحمل فِيهِ على الْعَلَاء بن سُلَيْمَان كَمَا أَظن، وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن

من مس ذكره فليتوضأ قال ابن المديني لم أعلم لابن إسحاق إلا حديثين منكرين نافع عن ابن عمر عن النبي

ابْن لَهِيعَة عَن عقيل عَن الزُّهْرِيّ وَابْن لَهِيعَة لَا يحْتَج بِهِ وَأما حَدِيث زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ، فَروِيَ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن زيد بن خَالِد قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ " قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: لم أعلم لِابْنِ إِسْحَاق إِلَّا حديثين منكرين: نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا نعس أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة ". وَالزهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن زيد بن خَالِد " إِذا مس أحدكُم فرجه " وروى ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عُرْوَة عَن بسرة وَزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَوَاهُ إِسْحَاق الْحَنْظَلِي عَن مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي عَن ابْن جريج. قَالَ

من مسه فرجه فليتوضأ أخطأ فيه هذا المصيصي حيث قال عن عائشة وإنما هو عن بسرة وروى عن الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة ولم أسمع ذلك منه أنه كان يحدث عن بسرة أو زيد بن خالد وفي رواية عن ابن جريج عن الزهري عن عبد الله بن عروة

حَدثنِي الزُّهْرِيّ فَذكره، وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَرَوَاهُ أَحْمد بن هَارُون المصِّيصِي حَدثنَا حجاج بن مُحَمَّد عَن ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة وَزيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مَسّه فرجه فَليَتَوَضَّأ " أَخطَأ فِيهِ هَذَا المصِّيصِي حَيْثُ قَالَ: عَن عَائِشَة وَإِنَّمَا هُوَ عَن بسرة، وروى عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عُرْوَة وَلم أسمع ذَلِك مِنْهُ أَنه كَانَ يحدث عَن بسرة أَو زيد بن خَالِد وَفِي رِوَايَة عَن ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن عُرْوَة، وَلم يسمع ذَلِك مِنْهُ يَعْنِي الزُّهْرِيّ أَنه كَانَ يحدث عَن بسرة، أَو زيد بن خَالِد، وَرِوَايَته فِي مُسْند إِسْحَاق الْحَنْظَلِي بِلَا شكّ وَهَؤُلَاء رَوَوْهُ بِالشَّكِّ وَالله أعلم. وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَروِيَ عَن الضَّحَّاك بن حَجْوَةَ أبي عبد الله حَدثنَا الْهَيْثَم ... ... ... ... ...

إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ وزاد ابن نافع عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن

حَدثنَا أَبُو هِلَال الرَّاسِبِي عَن ابْن بُرَيْدَة عَن يحيى بن يعمر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا " من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ "، وَالضَّحَّاك بن حَجْوَةَ مُنكر الحَدِيث، وَأما حَدِيث جَابر فروى الشَّافِعِي أخبرنَا عبد الله بن نَافِع وَابْن أبي فديك عَن ابْن أبي ذِئْب عَن عقبَة بن عبد الرَّحْمَن عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أفْضى أحدكُم بِيَدِهِ إِلَى ذكره فَليَتَوَضَّأ " وَزَاد ابْن نَافِع عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن

قال الشافعي رضي الله عنه وسمعت غير واحد من الحفاظ يرويه لا يذكرون فيه جابرا وأما حديث أبي أيوب فروي عن ابن أبي فروة عن الزهري عن عبد الله القاري عن خالد بن زيد عن أبي أيوب عن النبي

جَابر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَسمعت غير وَاحِد من الْحفاظ يرويهِ لَا يذكرُونَ فِيهِ جَابِرا، وَأما حَدِيث أبي أَيُّوب فَروِيَ عَن ابْن أبي فَرْوَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله الْقَارِي عَن خَالِد بن زيد عَن أبي أَيُّوب عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من مس فرجه فَليَتَوَضَّأ " وَهَذَا غير مَحْفُوظ بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَأما حَدِيث عَائِشَة فَروِيَ عَن المُهَاجر بن عِكْرِمَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أعَاد الْوضُوء فِي مجْلِس فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك فَقَالَ إِنِّي حككت ذكري "، وَقد قيل عَن يُونُس، عَن ابْن شهَاب عَن عَمْرو بن شُعَيْب، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة

من مس ذكره فليتوضأ وروي عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله

قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ ". وَرُوِيَ عَن يحيى بن أبي كثير، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا قَامَ أحدكُم إِلَى الصَّلَاة فمس ذكره فَليَتَوَضَّأ " وَرَوَاهُ معَاذ بن هِشَام، عَن أَبِيه، عَن يحيى بن أبي كثير حَدثنِي: رجل فِي مَسْجِد الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا مس أحدكُم ذكره فَليَتَوَضَّأ ". وَأما حَدِيث أم حَبِيبَة فَروِيَ عَن أبي مسْهر حَدثنَا الْهَيْثَم بن حميد حَدثنَا الْعَلَاء بن الْحَارِث عَن مَكْحُول عَن عَنْبَسَة بن أبي سُفْيَان عَن أم حَبِيبَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنَّهَا سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " من مس فرجه فَليَتَوَضَّأ " قَالَ أَبُو عبد الله

الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث حدث بِهِ أَحْمد بن حَنْبَل وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَيحيى بن معِين وأئمة الحَدِيث عَن أبي مسْهر، وَكَانَ يحيى بن معِين يثبت سَماع مَكْحُول من عَنْبَسَة فَإِذا ثَبت سَمَاعه مِنْهُ فَهُوَ أصح حَدِيث فِي الْبَاب، قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ سَأَلت أَبَا زرْعَة عَن حَدِيث أم حَبِيبَة، فَاسْتَحْسَنَهُ، ورأيته كَانَ يعده مَحْفُوظًا، وَقد روى فِي سَماع مَكْحُول من عَنْبَسَة، عَن يحيى بن حَمْزَة عَن النُّعْمَان عَن مَكْحُول قَالَ أَخْبرنِي عَنْبَسَة فِي حَدِيث التَّطَوُّع فِي الصَّلَاة، إِلَّا أَن سُلَيْمَان بن مُوسَى زَاد فِيهِ عَن

من مس فرجه فليتوضأ هذا خطأ والصحيح رواية الجماعة عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة وقد صحت الرواية عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وعائشة أنهم كانوا يوجبون الوضوء من مس الذكر وروي عن عمر وابن عباس وروي عن أنس عن النبي

مَكْحُول عَن مولى عَنْبَسَة، وَعلل البُخَارِيّ حَدِيث مس الذّكر فِي آخر، وَهُوَ أَن النُّعْمَان بن الْمُنْذر قَالَ عَن مَكْحُول عَن ابْن عمر مُرْسل، " كَانَ يتَوَضَّأ من مس الذّكر ". وَأما حَدِيث أروى فَروِيَ عَن هِشَام أبي الْمِقْدَام عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن أروى بنت أنيس قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من مس فرجه فَليَتَوَضَّأ " هَذَا خطأ وَالصَّحِيح رِوَايَة الْجَمَاعَة عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن بسرة، وَقد صحت الرِّوَايَة عَن سعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن عمر وَعَائِشَة أَنهم كَانُوا يوجبون الْوضُوء من مس الذّكر، وَرُوِيَ عَن عمر وَابْن عَبَّاس وَرُوِيَ عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سَبْعَة لَا ينظر الله عز وَجل إِلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة وَلَا يزكيهم وَلَا يجمعهُمْ مَعَ الْعَالمين، يدخلهم النَّار مَعَ الداخلين إِلَّا أَن يتوبوا فَمن تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ: الناكح يَده، وَالْفَاعِل، وَالْمَفْعُول بِهِ، ومدمن الْخمر، والضارب أَبَوَيْهِ حَتَّى يستغيثا، والمؤذي جِيرَانه حَتَّى يلعنوه، والناكح حَلِيلَة جَاره " وَرُبمَا

عن الرجل يمس ذكره وهو في الصلاة فقال لا بأس إنما هو كبعض جسدك وروي من أوجه قريب من معناه عنه عن النبي

اسْتدلَّ أَصْحَابهم بِالْحَدِيثِ الَّذِي يرْوى عَن قيس بن طلق " أَن طلقا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الرجل يمس ذكره وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَقَالَ: لَا بَأْس إِنَّمَا هُوَ كبعض جسدك "، وَرُوِيَ من أوجه قريب من مَعْنَاهُ عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقيس بن طلق لَيْسَ بِالْقَوِيّ عِنْدهم، غمزه يحيى بن معِين بَين يَدي أَحْمد بن حَنْبَل، وَقَالَ لَا يحْتَج بحَديثه وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت أبي وَأَبا زرْعَة عَن حَدِيث مُحَمَّد بن جَابر هَذَا، فَقَالَا: قيس بن طلق لَيْسَ مِمَّن تقوم بِهِ حجَّة، ووهناه وَلم

وقيس

يثبتاه، ثمَّ رُوَاته عَن قيس بن طلق عِكْرِمَة بن عمار وَمُحَمّد بن جَابر، وَأَيوب بن عتبَة، وَعبد الله بن بدر، من رِوَايَة ملازم بن عَمْرو الْحَنَفِيّ، عَنهُ، وَعِكْرِمَة بن عمار، مِمَّن اخْتلفُوا فِي عَدَالَته فاستشهد بِهِ مُسلم فِي الصَّحِيح وَلم يحْتَج بِهِ، وَأما البُخَارِيّ فقد رده أصلا وَطعن فِيهِ وَقَالَ: لم يكن عِنْده كتاب فاضطرب، فِي حَدِيثه وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: سَأَلت يحيى بن سعيد عَن أَحَادِيث عِكْرِمَة بن عمار عَن يحيى بن أبي كثير فضعفها وَقَالَ: لَيست بصحاح. وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد قلت لأبي: هَذَا من يحيى أَو من عِكْرِمَة؟ فَقَالَ: لَا بل من عِكْرِمَة وَقَالَ أَبُو عبد الله النَّحْوِيّ: سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل يَقُول: عِكْرِمَة بن عمار مُنكر الحَدِيث، ثمَّ حَدِيث عِكْرِمَة مُنْقَطع، لِأَنَّهُ قَالَ عَن قيس بن طلق أَن طلقا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقيس

أو سأله رجل فقال بينا أنا في الصلاة إذ ذهبت أحك فخذي فأصابت يدي ذكري فقال إنما هو منك وهذا إن صح فالظاهر أن إصابة يده ذكره إنما كانت بظهر الكف فإن حك الفخذ إنما يكون ببطن الأنامل والأظافير وأنما يلي ذكره حينئذ ظهر كفه وقال في

لم يشْهد سُؤال طلق، وَأما مُحَمَّد بن جَابر فقد ذكرنَا شَأْنه فِي مَسْأَلَة اللَّمْس، وَحَدِيثه قَالَ فِيهِ عَن قيس بن طلق عَن أَبِيه أَنه سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَو سَأَلَهُ رجل فَقَالَ: " بَينا أَنا فِي الصَّلَاة إِذْ ذهبت أحك فَخذي فأصابت يَدي ذكري فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مِنْك " وَهَذَا إِن صَحَّ فَالظَّاهِر أَن إِصَابَة يَده ذكره إِنَّمَا كَانَت بِظهْر الْكَفّ فَإِن حك الْفَخْذ إِنَّمَا يكون بِبَطن الأنامل والأظافير، وأنما يَلِي ذكره حِينَئِذٍ ظهر كَفه وَقَالَ فِي الصَّلَاة، وَالْغَالِب أَن فِي الصَّلَاة لَا يحك الْإِنْسَان فَخذه إِلَّا وَرَاء ثَوْبه وَالله أعلم وَمُحَمّد بن جَابر ضَعِيف، وَأما حَدِيث عبد الله بن بدر فَرَوَاهُ ملازم بن عَمْرو الْحَنَفِيّ، عَن عبد الله بن بدر، عَن قيس بن طلق عَن أَبِيه قَالَ قدمنَا على نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجَاء رجل كَأَنَّهُ بدوي فَقَالَ يَا نَبِي الله: مَا ترى من مس الرجل ذكره بعد مَا يتَوَضَّأ؟

في أول مقدمه المدينة حين كان يبني مسجده كذلك رواه حماد بن زيد عن محمد بن جابر فذكر قدومه عليه وهو يبني المسجد وسؤاله عن ذلك وقد روينا عن أبي هريرة وهو من آخرهم إسلاما عن النبي

فَقَالَ وَهل هُوَ إِلَّا مُضْغَة مِنْهُ أَو بضعَة مِنْهُ "، عبد الله بن بدر ثِقَة، وَأما ملازم فَإِنَّهُ شيخ يماني لم أسمع ذكره أحد بِجرح، إِلَّا أَن أَبَا بكر بن إِسْحَاق بن أَيُّوب الصبغي الإِمَام رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: ملازم فِيهِ نظر وَلَيْسَ لَهُ ذكر فِي الصَّحِيح وَالله أعلم. ثمَّ إِن طلقا قدم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أول مقدمه الْمَدِينَة حِين كَانَ يَبْنِي مَسْجده، كَذَلِك رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد عَن مُحَمَّد بن جَابر، فَذكر قدومه عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي الْمَسْجِد، وسؤاله عَن ذَلِك وَقد روينَا عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ من آخِرهم إسلاما عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي الْوضُوء من مس الْفرج "، رُوِيَ عَنهُ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: صَحِبت

ثلاث سنين فصار حديث طلق منسوخا وربما استدلوا بما روي عن الفضل بن مختار عن الصلت بن دينار عن أبي عمر النهدي عن عمر بن الخطاب وعن فضل عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي وكان من أصحاب النبي

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث سِنِين، فَصَارَ حَدِيث طلق مَنْسُوخا. وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن الْفضل بن مُخْتَار عَن الصَّلْت بن دِينَار عَن أبي عمر النَّهْدِيّ عَن عمر بن الْخطاب وَعَن فضل عَن عبيد الله بن موهب عَن عصمَة بن مَالك الخطمي وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن رجلا قَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي احتككت فأصابت يَدي فَرجي فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَأَنا أفعل ذَلِك " الصَّلْت بن دِينَار أَو شُعَيْب الْمَجْنُون ضَعِيف كَانَ مِمَّن يشْتم أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ كَثْرَة الْمَنَاكِير فِي حَدِيثه، تَركه أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين، وَقَالَ شُعْبَة إِذا حَدثكُمْ الثَّوْريّ عَن رجل لَا تعرفونه فَلَا تقبلُوا مِنْهُ، فَإِنَّمَا يُحَدثكُمْ عَن مثل أبي

عن مس الذكر في الصلاة فقال هو منك إسناده ضعيف جعفر بن الزبير لا يحتج بحديثه وروي في ذلك عن عائشة مرفوعا ما أبالي إياه مسست أو أنفي فمنكر وقد روينا عن عائشة رضي الله عنها بخلافة وروى عن حاتم بن سليط عن رجل من بني حنيفة أنه

شُعَيْب الْمَجْنُون، الصَّلْت بن دِينَار وَالْفضل بن مُخْتَار لَيْسَ يحْتَج بحَديثه، وَكَذَلِكَ عبيد الله بن موهب عَن عصمَة بن مَالك روى عَن جَعْفَر بن الزبير عَن الْقَاسِم مولى يزِيد بن مُعَاوِيَة عَن أبي أُمَامَة: أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن مس الذّكر فِي الصَّلَاة فَقَالَ: " هُوَ مِنْك " إِسْنَاده ضَعِيف، جَعْفَر بن الزبير لَا يحْتَج بحَديثه. وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن عَائِشَة مَرْفُوعا " مَا أُبَالِي إِيَّاه مسست أَو أنفي " فمنكر وَقد روينَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بخلافة، وروى عَن حَاتِم بن سليط عَن رجل من بني حنيفَة " أَنه جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي رُبمَا وَقعت يَدي على فَرجي وَأَنا أُصَلِّي "، فَقَالَ: وَأَنا رُبمَا كَانَ ذَلِك مني ". وَهَذَا مُنْقَطع ويروى عَن عَليّ وَسعد بن أبي وَقاص وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَحُذَيْفَة وعمار رَضِي الله عَنْهُم أَنهم كَانُوا لَا يرَوْنَ

من مس الذّكر الْوضُوء. وَأما حَدِيث عَليّ فيرويه عَنهُ الْحَارِث الْأَعْوَر وَكَانَ ضَعِيفا لَا يحْتَج بحَديثه. قَالَ الشّعبِيّ: الْحَارِث الْأَعْوَر من أحد الْكَذَّابين وجرحه أشهر من أَن نشتغل بِهِ، وَسَيَأْتِي مِنْهُ فِي بَابه مَا تيَسّر إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَحَدِيث ابْن مَسْعُود يرويهِ أَبُو قيس عبد الرَّحْمَن بن ثروان الأودي وَهُوَ وَإِن قبله البُخَارِيّ، فقد رده أَحْمد بن حَنْبَل وَقَالَ: لَا يحْتَج بحَديثه وَتَابعه على ذَلِك جمَاعَة وَالْجرْح مقدم على التَّعْدِيل إِذا اجْتمعَا، وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَإِنَّمَا يرويهِ قَابُوس بن أبي ظبْيَان عَن أبي ظبْيَان، وقابوس لَا يحْتَج

بحَديثه، وَرُوِيَ أَيْضا عَن شُعْبَة مولى ابْن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، وَشعْبَة لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَأما حَدِيث حُذَيْفَة فَروِيَ عَنهُ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا مُخْتَلف فِيهِ، وَالْآخر عَن سدوس، رجل من سدوس عَن الْبَراء بن قيس عَن حُذَيْفَة، وَرُوِيَ حَدِيث ابْن مَسْعُود عَن مُحَمَّد بن يُونُس الْكُدَيْمِي حَدثنَا روح شُعْبَة عَن

إِسْمَاعِيل بن قيس بن أبي حَازِم كَذَا رَوَاهُ وَأما الْمَحْفُوظ بِهَذَا الْإِسْنَاد حَدِيث سعد. وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن إِبْرَاهِيم بن المُهَاجر عَن عبد الرَّحْمَن بن عَلْقَمَة قَالَ: سُئِلَ عبد الله بن مَسْعُود وَأَنا أسمع عَن مس ذكره فَقَالَ: هَل هُوَ إِلَّا " كطرف أَنْفك ". وَابْن المُهَاجر. لَيْسَ بِذَاكَ وَهُوَ وَإِن قبله مُسلم فقد رده غَيره، قَالَ ابْن معِين: أَنه ضَعِيف وَإِسْمَاعِيل ابْنه ضَعِيف. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله قلت لأبي الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ: فإبراهيم بن المُهَاجر فَقَالَ ضَعَّفُوهُ تكلم فِيهِ يحيى الْقطَّان وَغَيره، قلت: بِحجَّة، قَالَ: حدث

بِأَحَادِيث لم يُتَابع عَلَيْهَا، وَقد غمزه شُعْبَة أَيْضا، وَأما حَدِيث ابْن عمر فَروِيَ عَن أبي يحيى القَتَّات عَن مُجَاهِد، وَأَبُو يحيى لَيْسَ بِذَاكَ وَهَذَا خطأ فقد روى مَالك الإِمَام عَن نَافِع عَن سَالم قَالَ: " كنت مَعَ عبد الله بن عمر فِي سفر فرأيته بعد أَن طلعت الشَّمْس تَوَضَّأ ثمَّ صلى فَقلت لَهُ: إِن هَذِه صَلَاة مَا كنت تصليها. فَقَالَ إِنِّي بعد أَن تَوَضَّأت لصَلَاة الصُّبْح مسست ذكري ثمَّ نسيت أَن أتوضأ فَتَوَضَّأت ثمَّ أعدت صَلَاتي "، عَن ابْن شهَاب عَن سَالم أَنه قَالَ: " رَأَيْت عبد الله بن عمر يغْتَسل ثمَّ يتَوَضَّأ. قَالَ: قلت لَهُ: يَا أَبَت مَا يجزئك الْغسْل من الْوضُوء قَالَ: بلَى. وَلَكِنِّي أَحْيَانًا أمس ذكري فأتوضأ " وَأما حَدِيث عمار رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا الْحَاكِم أَبُو عبد الله الْحَافِظ حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عبد الله الجراحي الْعدْل الْحَافِظ حَدثنَا عبد الله يحيى القَاضِي حَدثنَا رَجَاء بن مرجى الْحَافِظ قَالَ: اجْتَمَعنَا فِي مَسْجِد الْخيف أَنا وَأحمد بن حَنْبَل، وَعلي بن الْمَدِينِيّ، وَيحيى بن معِين، فَتَنَاظَرُوا فِي مس الذّكر فَقَالَ يحيى: ابْن معِين:

يتَوَضَّأ مِنْهُ، ويقلد عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَول الْكُوفِيّين، وَقَالَ بِهِ وَاحْتج يحيى بن معِين بِحَدِيث بسرة، وَاحْتج عَليّ بن الْمَدِينِيّ بِحَدِيث قيس بن طلق. وَقَالَ: ليحيى كَيفَ فتقلد إِسْنَاد بسرة ومروان أرسل شرطيا حَتَّى رد جوابها إِلَيْهِ فَقَالَ يحيى: ثمَّ لم يقنع ذَلِك عُرْوَة حَتَّى أَتَى بسرة فَسَأَلَهَا وشافهته بِالْحَدِيثِ. ثمَّ قَالَ يحيى: وَلَقَد أَكثر النَّاس فِي حَدِيث قيس بن طلق وَأَنه لَا يحْتَج بحَديثه. فَقَالَ أَحْمد: كلا الْأَمريْنِ على مَا قلتما مَا قَالَ يحيى: مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر يتَوَضَّأ من مس الذّكر، فَقَالَ عَليّ: كَانَ ابْن مَسْعُود يَقُول " لَا يتَوَضَّأ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ بضعَة من جسدك " فَقَالَ يحيى: هَذَا عَن من. فَقَالَ عَن سُفْيَان عَن أبي قيس عَن هُذَيْل عَن عبد الله، وَإِذا اجْتمع ابْن مَسْعُود وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَاخْتلفَا فَابْن مَسْعُود أولى أَن يتبع فَقَالَ لَهُ أَحْمد: نعم. وَلَكِن أَبُو قيس الأودي لَا يحْتَج بحَديثه، فَقَالَ عَليّ: حَدثنَا أَبُو نعيم حَدثنَا مسعر عَن عُمَيْر بن سعيد عَن عمار

أنه ترك الوضوء من مس الذكر كذا في هذه الرواية وأما في القديم في رواية

فَقَالَ: مَا أُبَالِي مَسسْته أَو أنفي "، فَقَالَ يحيى: بَين عُمَيْر بن سعيد وعمار بن يَاسر مفازة. وروى الدَّارَقُطْنِيّ: عَن مُحَمَّد بن الْحسن النقاش عَن عبد الله بن يحيى بعض معنى هَذِه الْحِكَايَة وَقَالَ فِي آخِره فِي حَدِيث عُمَيْر بن سعيد عَن عمار فَقَالَ أَحْمد عمار وَابْن عمر اسْتَويَا فَمن شَاءَ أَخذ بِهَذَا وَمن شَاءَ أَخذ بِهَذَا. لم يستويا فِي جَوَاز الْأَخْذ بقول أَحدهمَا، بل الْأَخْذ بقول من أوجب مِنْهُ الْوضُوء أولى، لِأَن الَّذين قَالُوا من الصَّحَابَة لَا وضوء فِيهِ إِنَّمَا قَالَه بِالرَّأْيِ وَالَّذين أوجبوا مِنْهُ الْوضُوء: لم يقولوه بِالرَّأْيِ، إِنَّمَا قَالُوهُ بالاتباع لِأَن الرَّأْي لَا يُوجِبهُ وَهَذَا معنى قَول الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بالترجيح، وَرُوِيَ عَن ابْن عبد الحكم قَالَ: سَمِعت الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يَقُول: لَيْسَ يثبت عَن أحد من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه ترك الْوضُوء من مس الذّكر، كَذَا فِي هَذِه الرِّوَايَة، وَأما فِي الْقَدِيم فِي رِوَايَة

خلافه وأما من أوجب الوضوء فيه فلا يكون يوجبه بالرأي وإنما يوجبه بالاتباع لأن الذي يعرف في الرأي لا وضوء فيه ولكن إنما اتبعنا فيه السنة والله أعلم

الزَّعْفَرَانِي فَإِنَّهُ أجَاب عَنهُ فَقَالَ: من قَالَ مِنْهُم لَا وضوء فِيهِ فَإِنَّمَا قَالَه بِالرَّأْيِ إِذْ لم يسمع عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خِلَافه، وَأما من أوجب الْوضُوء فِيهِ فَلَا يكون يُوجِبهُ بِالرَّأْيِ وَإِنَّمَا يُوجِبهُ بالاتباع، لِأَن الَّذِي يعرف فِي الرَّأْي لَا وضوء فِيهِ وَلَكِن إِنَّمَا اتَّبعنَا فِيهِ السّنة وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (21) :) والقيء والرعاف وَالدَّم الْخَارِج من غير مخرج الْحَدث لَا ينْقض الْوضُوء - قَالَ أَبُو حنيفَة ينْقضه. احْتج بعض أَصْحَابنَا من طَرِيق الْخَبَر بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا وضوء إِلَّا من صَوت أَو ريح " هَذَا حَدِيث ثَابت. اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على إِخْرَاج مَعْنَاهُ من حَدِيث عبد الله بن زيد وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث سُهَيْل كَمَا سبق فِي مَسْأَلَة خُرُوج الرّيح من الْقبل، وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن صَدَقَة بن يسَار عَن ابْن جَابر وَهُوَ عقيل بن جَابر سَمَّاهُ سَلمَة الأبرش عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " خرجنَا مَعَ

غزوة ذات الرقاع من نخل فأصاب رجل من المسلمين امرأة رجل من المشركين فلما انصرف رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَة ذَات الرّقاع من نخل فَأصَاب رجل من الْمُسلمين امْرَأَة رجل من الْمُشْركين فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَافِلًا أَتَى زَوجهَا وَكَانَ غَائِبا، فَلَمَّا أخبر الْخَبَر حلف لَا يَنْتَهِي حَتَّى يهريق فِي أَصْحَاب مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَمًا فَخرج يتبع أثر رَسُول الله فَنزل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - منزلا فَقَالَ من رجل يكلؤنا ليلتنا هَذِه؟ فَانْتدبَ رجل من الْمُهَاجِرين وَرجل من الْأَنْصَار، فَقَالَا: نَحن يَا رَسُول الله، قَالَ: فكونا بِفَم الشّعب قَالَ: وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه قد نزلُوا إِلَى الشّعب من الْوَادي فَلَمَّا أَن خرج الرّجلَانِ إِلَى فَم الشّعب، قَالَ الْأنْصَارِيّ للمهاجري: أَي اللَّيْل أحب إِلَيْك أَن أكفيك أَوله أَو آخِره؟ . قَالَ بل اكْفِنِي أَوله، قَالَ: فاضطجع الْمُهَاجِرِي فَنَامَ. وَقَامَ الْأنْصَارِيّ يُصَلِّي وأتى زوج الْمَرْأَة، فَلَمَّا رأى شخص الرجل عرف أَنه ربيئة الْقَوْم، فَرَمَاهُ بِسَهْم فَوَضعه فِيهِ، فَنَزَعَهُ فَوَضعه وَثَبت قَائِما يُصَلِّي ثمَّ رَمَاه بِسَهْم آخر، فَوَضعه فِيهِ، فَنَزَعَهُ، فَوَضعه وَثَبت قَائِما يُصَلِّي ثمَّ عَاد لَهُ الثَّالِثَة، فَوَضعه فِيهِ فَنَزَعَهُ، فَوَضعه ثمَّ ركع فَسجدَ ثمَّ

بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث صحيح الإسناد وقد احتج مسلم بأحاديث محمد بن إسحاق فأما عقيل بن جابر الأنصاري فإنه أحسن حالا من أخويه محمد وعبد الرحمن وروي عن وهب بن جرير عن أبيه عن ابن إسحاق عن

أهب صَاحبه فَقَالَ اجْلِسْ: فقد أثبت فَوَثَبَ؟ فَلَمَّا رآهما الرجل عرف أَنه نذر بِهِ فهرب، فَلَمَّا رأى الْمُهَاجِرِي مَا بِالْأَنْصَارِيِّ من الدِّمَاء قَالَ: سُبْحَانَ الله؟ أَفلا أهببتني أول مَا رماك؟ قَالَ: كنت فِي سُورَة أقرأها فَلم أحب أَن أقطعها حَتَّى أنفذها فَلَمَّا تَابع عَليّ الرَّمْي ركعت فأذنتك وأيم الله لَوْلَا أَن أضيع ثغرا أَمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بحفظه لقطع نَفسِي قبل أَن أقطعها أَو أنفذها " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَقد احْتج مُسلم بِأَحَادِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق فَأَما عقيل بن جَابر الْأنْصَارِيّ فَإِنَّهُ أحسن حَالا من أَخَوَيْهِ مُحَمَّد وَعبد الرَّحْمَن، وَرُوِيَ عَن وهب بن جرير عَن أَبِيه عَن ابْن إِسْحَاق عَن صَدَقَة عَن عقيل بن جَابر عَن جَابر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه، وَرُوِيَ عَن أنس صَرِيحًا إِن صَحَّ الطَّرِيق فِيهِ إِلَى

احتجم فصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه في إسناده صالح بن مقاتل قال الحاكم أبو عبد الله سألت الدارقطني عن صالح بن مقاتل بن صالح فقال يحدث عن أبيه ليس بالقوي واحتج الشافعي رحمه الله بأن ابن عمر عصر بثرة بوجهه فخرج منها دم

حميد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتجم فصلى وَلم يتَوَضَّأ وَلم يزدْ على غسل محاجمه " فِي إِسْنَاده صَالح بن مقَاتل قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " سَأَلت الدَّارَقُطْنِيّ عَن صَالح بن مقَاتل بن صَالح فَقَالَ: " يحدث عَن أَبِيه لَيْسَ بِالْقَوِيّ ". وَاحْتج الشَّافِعِي رَحمَه الله بِأَن ابْن عمر عصر بثرة بِوَجْهِهِ فَخرج مِنْهَا دم فدلكه بَين أصبعيه ثمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاة وَلم يغسل يَده " وَعَن ابْن عَبَّاس " أغسل أثر المحاجم عَنْك وحسبك " وَعَن ابْن الْمسيب " رعف فَمسح أَنفه بصوفة ثمَّ صلى "، وَعَن الْقَاسِم: " لَيْسَ على المحتجم وضوء " وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن الْحسن وَالزهْرِيّ

من رعف أو قاء فإنه يتوضأ ويبني ما لم يتكلم هكذا رواه إسماعيل بن عياش وهو ممن لا تقوم به حجة عن ابن جريج ورواه أيضا مرة عن ابن جريج عن أبيه عن النبي

وَرَبِيعَة، وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَسَالم بن عبد الله وَطَاوُس، وَرُوِيَ فِيهَا أَيْضا: عَن ابْن مَسْعُود وَاسْتدلَّ أَصْحَابهم بِأَحَادِيث سقيمة رويت بأسانيد واهية، فَمِنْهَا مَا روى إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من رعف أَو قاء فَإِنَّهُ يتَوَضَّأ وَيَبْنِي مَا لم يتَكَلَّم " هَكَذَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش وَهُوَ مِمَّن لَا تقوم بِهِ حجَّة عَن ابْن جريج وَرَوَاهُ أَيْضا: مرّة عَن ابْن جريج عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحْو رِوَايَة الْجَمَاعَة وَمرَّة عَن ابْن جريج عَن أَبِيه عَن عَائِشَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ

وهم وَرَوَاهُ أَيْضا عَن عباد بن كثير عَن عَطاء بن عجلَان عَن ابْن أبي مليكَة وَهُوَ عباد؟ وَعَطَاء بن عجلَان ضعفاء وَتَابعه سُلَيْمَان بن أَرقم عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة وَسليمَان مَتْرُوك الحَدِيث، وَقد ذكرت فِي إِسْمَاعِيل مَا قَالَ أَئِمَّتنَا فِي مَسْأَلَة مسح الْأُذُنَيْنِ بِمَاء جَدِيد، وَأما سُلَيْمَان بن أَرقم فَهُوَ شَرّ مِنْهُ بِكَثِير. قَالَ مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ: كُنَّا وَنحن وشباب ننهي عَن مُجَالَسَته، وَذكر مِنْهُ أمرا عَظِيما، وَقَالَ ابْن معِين: سُلَيْمَان بن أَرقم: أَبُو معَاذ لَيْسَ يسوى فلسًا وَقَالَ البُخَارِيّ: أَبُو معَاذ: تَرَكُوهُ وَقَالَ الْجوزجَاني: سَاقِط، وَأما عباد بن كثير وَعَطَاء بن عجلَان، فَإِنَّهُمَا أَيْضا ضعيفان قَالَ الدوري: سُئِلَ يحيى بن عَطاء بن عجلَان الَّذِي

مرسلا كذلك رواه أصحاب ابن جريج الحفاظ عنه روى أبو عاصم عن ابن جريج عن أبيه قال قال

يروي عَنهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش فَقَالَ: " لم يكن بِشَيْء، وَكَانَ يوضع لَهُ الحَدِيث حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل مُعَاوِيَة وَغَيره فَيحدث بهَا "، وَسمعت يحيى يَقُول: " عباد بن كثير: ضَعِيف " وَقَالَ الدَّارمِيّ: سَأَلت يحيى بن معِين عَن عباد بن كثير الرَّمْلِيّ فَقَالَ: " ثِقَة، وَعباد بن كثير الَّذِي كَانَ ينزل مَكَّة: لَيْسَ بِشَيْء فِي الحَدِيث، وَكَانَ رجلا صَالحا " وَقَالَ البُخَارِيّ: عباد بن كثير الثَّقَفِيّ الْبَصْرِيّ ينزل مَكَّة تَرَكُوهُ. وَقَالَ عَطاء بن عجلَان الْبَصْرِيّ الْعَطَّار نسبه عبد الْوَارِث مُنكر الحَدِيث، وَقَالَ الْجوزجَاني: " عباد ابْن كثير لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يذكرهُ فِي الْعلم حَسبك عَنهُ بِحَدِيث النَّهْي وَقَالَ إِبْرَاهِيم عَطاء بن عجلَان كَذَّاب فَهَذَا جملَة مَا انْتهى إِلَيْنَا من حَال رُوَاة هَذَا الْخَبَر وَالصَّوَاب عَن ابْن جريج عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، كَذَلِك رَوَاهُ أَصْحَاب ابْن جريج الْحفاظ عَنهُ روى أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ:

إذا قاء أحدكم أو قلس أو وجد مذيا وهو في الصلاة فلينصرف وليتوضأ وليرجع فليبن على صلاته ما لم يتكلم قال علي بن عمر قال لنا أبو بكر سمعت محمد بن يحيى يقول هذا هو الصحيح عن ابن جريج وهو مرسل وأما حديث ابن أبي مليكة عن

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قاء أحدكُم أَو قلس أَو وجد مذيا وَهُوَ فِي الصَّلَاة فلينصرف، وليتوضأ وليرجع فليبن على صلَاته مَا لم يتَكَلَّم ". قَالَ عَليّ بن عمر: قَالَ لنا أَبُو بكر: سَمِعت مُحَمَّد بن يحيى يَقُول: هَذَا هُوَ الصَّحِيح. عَن ابْن جريج وَهُوَ مُرْسل، وَأما حَدِيث ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الَّذِي يرويهِ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش فَلَيْسَ بِشَيْء، وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَن عَمْرو الْقرشِي عَن أبي هَاشم عَن زَاذَان عَن سلمَان قَالَ رَآنِي

وقد سال من أنفي دم فقال أحدث وضوءا أحدث وضوءا قال علي بن عمر عمرو القرشي هذا هو عمرو بن خالد أبو خالد الواسطي متروك الحديث وقال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين أبو خالد الواسطي كذاب وروي عن جعفر بن زياد الأحمر عن أبي خالد عن أبي هاشم

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد سَالَ من أنفي دم، فَقَالَ أحدث وضُوءًا أحدث وضُوءًا " قَالَ عَليّ بن عمر: عَمْرو الْقرشِي هَذَا هُوَ عَمْرو بن خَالِد أَبُو خَالِد الوَاسِطِيّ مَتْرُوك الحَدِيث، وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَيحيى بن معِين: أَبُو خَالِد الوَاسِطِيّ كَذَّاب وَرُوِيَ عَن جَعْفَر بن زِيَاد الْأَحْمَر عَن أبي خَالِد عَن أبي هَاشم بقريب من مَعْنَاهُ. وَفِي رِوَايَة لم يذكر أَبَا خَالِد وحيوة، وجعفر وَأَبُو خَالِد كِلَاهُمَا ضَعِيف لَا يَصح الِاحْتِجَاج بخبرهما وَالله أعلم. قَالَ الْجوزجَاني: جَعْفَر الْأَحْمَر مائل عَن الطَّرِيق وَكَذَلِكَ سَلمَة الْأَحْمَر. وَقَالَ الدَّارمِيّ: سُئِلَ يحيى بن معِين عَن جَعْفَر الْأَحْمَر فَقَالَ بِيَدِهِ: لم يُثبتهُ وَلم يُضعفهُ أَو مِنْهَا

من رعف في صلاته فليرجع فليتوضأ وليبن على صلاته قال علي بن عمر أبو بكر الداهري عبد الله بن حكيم متروك وقال ابن معين ليس حديثه بشيء وقال الجوزجاني كذاب مصرح ومنها ما روي عن بقية حدثنا يزيد بن خالد عن يزيد بن محمد عن عمرو بن

مَا رُوِيَ عَن أبي بكر الداهري عَن حجاج عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من رعف فِي صلَاته فَليرْجع فَليَتَوَضَّأ وليبن على صلَاته ". قَالَ عَليّ بن عمر: أَبُو بكر الداهري عبد الله بن حَكِيم مَتْرُوك وَقَالَ ابْن معِين: لَيْسَ حَدِيثه بِشَيْء. وَقَالَ الْجوزجَاني: كَذَّاب مُصَرح وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَن بَقِيَّة حَدثنَا يزِيد بن خَالِد عَن يزِيد بن مُحَمَّد عَن عَمْرو بن عبد الْعَزِيز قَالَ: قَالَ: تَمِيم الدَّارِيّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْوضُوء من كل دم سَائل " قَالَ عَليّ بن عمر: عمر بن عبد الْعَزِيز لم يسمع من تَمِيم

إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل الدم ثم ليعد وضوءه ويستقبل صلاته وسليمان بن أرقم ضعيف قد مضى ذكر حاله وروي من وجه آخر عن عمر بن رباح البصري حدثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال كان رسول الله

الدَّارِيّ وَلَا رَآهُ، وَيزِيد بن خَالِد وَيزِيد بن مُحَمَّد مَجْهُولَانِ، وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن أَرقم عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رعف أحدكُم فِي صلَاته فلينصرف فليغسل الدَّم ثمَّ ليعد وضوءه وَيسْتَقْبل صلَاته ". وَسليمَان بن أَرقم ضَعِيف قد مضى ذكر حَاله وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن عمر بن رَبَاح الْبَصْرِيّ حَدثنَا عبد الله بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا رعف فِي صلَاته تَوَضَّأ ثمَّ بنى على مَا بَقِي صلَاته ". قَالَ عَليّ بن عمر: عمر بن رَبَاح مَتْرُوك. وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن الْفضل عَن أَبِيه عَن مَيْمُون عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " لَيْسَ فِي القطرة وَلَا القطرتين من الدَّم وضوء إِلَّا أَن يكون دَمًا سَائِلًا " قَالَ ابْن معِين: كَانَ مُحَمَّد بن الْفضل كذابا وَقد ذَكرْنَاهُ فِي مَسْأَلَة مسح الْأُذُنَيْنِ وروى عَن سهل بن عَفَّان

قاء فأفطر قال فلقيت

السجْزِي حَدثنَا الْجَارُود بن يزِيد عَن ابْن أبي ذِئْب عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " يُعَاد الْوضُوء من سَبْعَة من أقطار الْبَوْل، وَالدَّم السَّائِل والقيء وَمن دسعة يمْلَأ بهَا الْفَم، ونوم المضطجع، وقهقهة الرجل فِي الصَّلَاة وَمن خُرُوج الدَّم " سهل بن عَفَّان مَجْهُول، والجارود بن يزِيد ضَعِيف فِي الحَدِيث، وَلَا يَصح هَذَا وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَن عبد الْوَهَّاب بن عَطاء. حَدثنَا هِشَام الدستوَائي عَن يعِيش بن الْوَلِيد عَن ابْن معدان عَن أبي الدَّرْدَاء " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قاء فَأفْطر. قَالَ: فَلَقِيت

وضوءه وروي عن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي عن حسين بن ذكوان المعلم عن يحيى بن أبي كثير حدثني الأوزاعي عن يعيش بن الوليد بن هشام عن أبيه حدثني معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء بمعناه وهذا إسناد مضطرب رواه عبد الوهاب عن هشام كما

ثَوْبَان فِي مَسْجِد دمشق فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: نعم أَنا صببت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وضوءه "، وَرُوِيَ عَن عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث حَدثنَا أبي عَن حُسَيْن بن ذكْوَان الْمعلم عَن يحيى بن أبي كثير حَدثنِي الْأَوْزَاعِيّ عَن يعِيش بن الْوَلِيد بن هِشَام عَن أَبِيه حَدثنِي معدان بن أبي طَلْحَة عَن أبي الدَّرْدَاء بِمَعْنَاهُ، وَهَذَا إِسْنَاد مُضْطَرب رَوَاهُ عبد الْوَهَّاب عَن هِشَام كَمَا ذكرنَا وَرَوَاهُ عبد الصَّمد

عَن هِشَام عَن يحيى عَن رجل عَن يعِيش عَن الْوَلِيد بن هِشَام عَن ابْن معدان، وَقَالَ عبد الصَّمد عَن أَبِيه كَمَا ذكرنَا وَقَالَ مرّة عَن معدان بن طَلْحَة، وَكَذَا قَالَ أَبُو معمر عَن عبد الْوَارِث، وَقَالَ جرير عَن يحيى عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يعِيش عَن معدان وَقَالَ مرّة عَن يعِيش عَن أَبِيه عَن معدان. وَقَالَ شَيبَان عَن يحيى حدث الْوَلِيد بن هِشَام عَن معدان وَقَالَ معمر عَن يحيى بن أبي كثير عَن يعِيش عَن خَالِد بن معدان عَن أبي الدَّرْدَاء أَو كَذَلِك قَالَ: يزِيد بن زُرَيْع عَن هِشَام عَن يحيى عَن يعِيش عَن خَالِد بن معدان عَن أبي الدَّرْدَاء ويعيش قد تكلم فِيهِ بعض الْعلمَاء وَلَيْسَ لَهُ ذكر فِي الصَّحِيح وبمثل هَذَا لَا تقوم الْحجَّة وَرُبمَا

القلس حدث قال علي بن عمر الدارقطني سواء متروك ولم يروه عن زيد غيره وروى الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان إذا رعف انصرف فتوضأ ثم رجع ولم يتكلم وهذا ثابت عن ابن

يقابلهم بعض أَصْحَابنَا بِحَدِيث مُنكر يرْوى عَن ثَوْبَان فِيهِ: " فَقلت يَا رَسُول الله أفريضة الْوضُوء من الْقَيْء؟ قَالَ لَو كَانَ فَرِيضَة لوجدته فِي الْقُرْآن " وَلَا يَنْبَغِي لأحد من أَصْحَابنَا أَن يعارضهم بذلك. لكيلا يكون وهم فِي الِاحْتِجَاج بِالْمَنَاكِيرِ سَوَاء أعاذنا الله من ذَلِك بمنه. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ عقب هَذَا الحَدِيث لم يروه عَن الْأَوْزَاعِيّ غير عتبَة بن السكن، وَهُوَ مُنكر الحَدِيث، وروى سوار بن مُصعب عَن زيد بن عَليّ عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " القلس حدث " قَالَ عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ: سَوَاء مَتْرُوك وَلم يروه عَن زيد غَيره وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه كَانَ إِذا رعف انْصَرف فَتَوَضَّأ ثمَّ رَجَعَ وَلم يتَكَلَّم " وَهَذَا ثَابت عَن ابْن

عمر، وَقد روينَا بِخِلَافِهِ فنحمل فعله على الِاسْتِحْبَاب، وَتَركه على الْجَوَاز، وَرُوِيَ عَن حجاج بن أَرْطَأَة عَن خَالِد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن الْحَارِث أَن عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ فرعف فَقدم رجلا فصلى بالقوم ثمَّ ذهب فَتَوَضَّأ ثمَّ رَجَعَ فصلى مَا بَقِي من صلَاته وَلم يتَكَلَّم " وَهَذَا مُرْسل فَإِن مُحَمَّد بن الْحَارِث ابْن أبي ضرار لم يدْرك عمر رَضِي الله عَنهُ، وحجاج بن أَرْطَأَة ضَعِيف سَيَجِيءُ ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَرُوِيَ عَن عَاصِم عَن عَليّ قَالَ: " إِذا وجد أحدكُم فِي بَطْنه رزءا أَو قيئا، أَو رعافا فلينصرف فَليَتَوَضَّأ ثمَّ ليبن على صلَاته مَا لم يتَكَلَّم " وَرُوِيَ أَيْضا عَن الْحَارِث عَن عَليّ، وَعَاصِم والْحَارث: ضعيفان سَيَجِيءُ ذكرهمَا إِن شَاءَ الله

تَعَالَى. وَرُوِيَ عَن ثُوَيْر بن سعيد عَن أَبِيه عَن عَليّ قَالَ: من وجد فِي بَطْنه رزءا أَو كَانَ بِهِ بَوْل فليجعل ثَوْبه على أَنفه ثمَّ لينفتل وليتوضأ وَلَا يكلم أحدا فَإِن تكلم اسْتَأْنف "، ثُوَيْر غير قوي فِي الحَدِيث وروى معشر عَن إِبْرَاهِيم عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: " إِذا رعف ذهب فَتَوَضَّأ وَأتم بَقِيَّة صلَاته ". وَهَذَا مُرْسل، إِبْرَاهِيم لم يسمع من عبد الله ومرسلات إِبْرَاهِيم لَيست بِشَيْء. وروى عسل بن سُفْيَان عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " يُعَاد الْوضُوء من الْقَيْء والرعاف والنائم تبسطا " وَعسل لَيْسَ بِالْقَوِيّ. ذكره أَبُو حَاتِم فِي كتاب الْمَجْرُوحين ". وروى عمرَان بن ظبْيَان عَن أبي يحيى حَكِيم بن

بهذا اللفظ وقد روينا عنه أنه قال اغسل أثر المحاجم عنك وحسبك يدل ذلك على أن المراد من قوله الوضوء مما خرج أي من مخرج الحدث فيكون حجة عليهم وروي أيضا عن علي رضي الله عنه أن الوضوء مما خرج وليس مما دخل وروي عن معمر بن محمد بن

سعد وليسا بالقويين عَن سلمَان: " إِذا وجد أحدكُم فِي صلَاته رزءا أَو قيئا أَو رعافا فلينصرف، فَليَتَوَضَّأ وليبن على صلَاته "، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه ذكر عِنْده الْوضُوء من الطَّعَام والحجامة للصَّائِم فَقَالَ: " إِنَّمَا الْوضُوء مِمَّا خرج وَلَيْسَ مِمَّا دخل، وَإِنَّمَا الْفطر مِمَّا دخل وَلَيْسَ مِمَّا خرج "، وَهَذَا عَن ابْن عَبَّاس ثَابت وَلَا يثبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا اللَّفْظ، وَقد روينَا عَنهُ أَنه قَالَ: " اغسل أثر المحاجم عَنْك وحسبك " يدل ذَلِك على أَن المُرَاد من قَوْله " الْوضُوء مِمَّا خرج أَي من مخرج الْحَدث فَيكون حجَّة عَلَيْهِم، وَرُوِيَ أَيْضا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " أَن الْوضُوء مِمَّا خرج وَلَيْسَ مِمَّا دخل " وَرُوِيَ عَن معمر بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن أبي رَافع مولى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أَبِيه عَن أبي رَافع قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - احْتجم فَغسل مَوضِع محاجمه وصب على رَأسه " قَالَ ابْن عدي: سَمِعت ابْن حَمَّاد يَقُول

مسألة

قَالَ البُخَارِيّ: معمر بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن أبي رَافع مُنكر الحَدِيث وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (22) :) والقهقهة لَا تنقض الْوضُوء سَوَاء كَانَ فِي الصَّلَاة أَو خَارج الصَّلَاة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا كَانَت فِي الصَّلَاة نقضت الْوضُوء. وَالْمَسْأَلَة لنا على أقيسة قَوِيَّة وَلَهُم على أَخْبَار ضَعِيفَة رويت بأسانيد واهية فَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَن عباد بن تَمِيم عَن عَمه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَعْنِي شكي إِلَيْهِ الرجل يجد فِي صلَاته شَيْئا. قَالَ: لَا ينْصَرف حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا ". وَثَبت عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا وضؤ إِلَّا من صَوت أَو ريح " وَرُوِيَ عَن سهل بن معَاذ عَن معَاذ صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الضاحك فِي الصَّلَاة والملتفت والمفقع أَصَابِعه بِمَنْزِلَة وَاحِدَة " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث مصري حسن

قال من ضحك في صلاته يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء قال الحاكم تفرد به أبو فروة يزيد بن سنان الكبير عن الأعمش وغيره أوثق عندنا منه وكلهم ثقات إلا هذا الواحد من بينهم وكذا رواه أبو حامد أحمد بن علي بن الحسن المقري هذا عن أبي فروة

الْمخْرج رُوَاته ثِقَات كَذَا قَالَ الْحَاكِم فِي إِسْنَاد زبان بن فَائِدَة قد ضعفه يحيى بن معِين وَرُوِيَ عَن أبي سُفْيَان قَالَ: سُئِلَ جَابر عَن الرجل يضْحك فِي الصَّلَاة: قَالَ: يُعِيد الصَّلَاة وَلَا يُعِيد الْوضُوء وَهَذَا ثَابت عَن جَابر فَإِن مُسلم بن الْحجَّاج قد احْتج بِأبي سُفْيَان طَلْحَة بن نَافِع هَذَا وَسَائِر رُوَاته مُتَّفق عَلَيْهِم وَقد رُوِيَ مُسْندًا إِن صَحَّ الطَّرِيق فِيهِ عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من ضحك فِي صلَاته يُعِيد الصَّلَاة وَلَا يُعِيد الْوضُوء " قَالَ الْحَاكِم: تفرد بِهِ أَبُو فَرْوَة يزِيد بن سِنَان الْكَبِير عَن الْأَعْمَش وَغَيره أوثق عندنَا مِنْهُ، وَكلهمْ ثِقَات إِلَّا هَذَا الْوَاحِد من بَينهم، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو حَامِد أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن الْمقري، هَذَا عَن أبي فَرْوَة يزِيد بن مُحَمَّد بن يزِيد الرهاوي عَن أَبِيه وَقد خُولِفَ فِي مَتنه وَذَلِكَ يرد إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَله شَاهد عَن يزِيد بن أبي خَالِد عَن أبي سُفْيَان

الضحك ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء لكن رواته عن أبي خالد إبراهيم بن عثمان قاضي واسط أبو شيبة العبسي جد أبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة غمزه شعبة ويحيى بن معين ورواه شعبة عن يزيد بن أبي خالد عن أبي سفيان وعن أبي خالد مولى جابر

مُسْندًا إِن سلم الطَّرِيق إِلَيْهِ عَن جَابر: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الضحك ينْقض الصَّلَاة وَلَا ينْقض الْوضُوء " لَكِن رُوَاته عَن أبي خَالِد إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان قَاضِي وَاسِط أَبُو شيبَة الْعَبْسِي جد أبي بكر عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة غمزه شُعْبَة وَيحيى بن معِين، وَرَوَاهُ شُعْبَة عَن يزِيد بن أبي خَالِد، عَن أبي سُفْيَان وَعَن أبي خَالِد مولى جَابر مَوْقُوفا " لَيْسَ فِي الضحك وضوء " وَعَن شُعْبَة عَن يزِيد بن أبي خَالِد وَعَاصِم الْأَحول سمعا الشّعبِيّ مثله سَوَاء، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن جريج عَن يزِيد أبي خَالِد، وَرُوِيَ بِإِسْنَاد آخر صَحِيح عَن عَطاء عَن جَابر قَالَ " كَانَ لَا يرى على الَّذِي يضْحك فِي الصَّلَاة وضُوءًا "، وَرُوِيَ عَن الْمسيب بن رَافع عَن ابْن مَسْعُود " إِذا ضحك أحدكُم فِي الصَّلَاة فَعَلَيهِ إِعَادَة الصَّلَاة " وَعَن حميد بن هِلَال عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي حَدِيث " من كَانَ ضحك مِنْكُم

يصلي بنا فدخل رجل ضرير فوقع في حفرة فضحكنا فلما سلم رسول الله

فليعد الصَّلَاة " وروينا هَذَا الْمَذْهَب عَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة من التَّابِعين ثمَّ عَن عَطاء وَالشعْبِيّ وَالزهْرِيّ وَرُبمَا استدلوا بِمَا يرْوى عَن ابْن إِسْحَاق عَن الْحسن بن دِينَار عَن قَتَادَة عَن أبي الْمليح بن أُسَامَة الْهُذلِيّ عَن أَبِيه قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِنَا فَدخل رجل ضَرِير فَوَقع فِي حُفْرَة فضحكنا فَلَمَّا سلم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرنَا بِإِعَادَة الْوضُوء وَالصَّلَاة " وَعَن ابْن إِسْحَاق عَن الْحسن بن دِينَار عَن الْحسن الْبَصْرِيّ عَن أبي الْمليح وَعَن ابْن إِسْحَاق عَن الْحسن بن عمَارَة عَن خَالِد الْحذاء عَن أبي الْمليح بِمَعْنَاهُ، وَالْحسن بن دِينَار وَالْحسن بن عمَارَة ضعيفان، أما ابْن دِينَار فقد ذَكرْنَاهُ، وَأما ابْن عمَارَة فقد طعن فِيهِ شُعْبَة وَغَيره وَكَانَ الْحسن يُدَلس فَيسمع من مُوسَى بن مطير

وَأبي العطوف وَأَبَان بن أبي عَيَّاش وأضرابهم ثمَّ يسْقط أَسْمَاءَهُم ويرويها عَن أَقوام ثِقَات. قَالَ الْجوزجَاني: الْحسن بن عمَارَة: سَاقِط. حَدثنِي مُحَمَّد بن عَبْدَانِ أَخْبرنِي أبي عَن شُعْبَة قَالَ: روى الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم بن يحيى ابْن الجزار سَبْعَة أَحَادِيث، فَلَقِيت الحكم فَسَأَلته عَنْهَا فَقَالَ مَا حدثت بِحَدِيث مِنْهَا. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ عقب هَذَا الحَدِيث: كِلَاهُمَا أَخطَأ فِي هذَيْن الإسنادين، وَإِنَّمَا روى هَذَا الحَدِيث الْحسن الْبَصْرِيّ عَن حَفْص بن سُلَيْمَان الْمنْقري عَن

وأما قول الحسن بن عمارة عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن أبيه فوهم قبيح وإنما رواه خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن النبي

حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة مُرْسلا، وَكَانَ الْحسن كثيرا مَا يرويهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأما قَول الْحسن بن عمَارَة عَن خَالِد الْحذاء عَن أبي الْمليح عَن أَبِيه فَوَهم قَبِيح، وَإِنَّمَا رَوَاهُ خَالِد الْحذاء عَن حَفْصَة بنت سِيرِين عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، رَوَاهُ عَنهُ كَذَلِك سُفْيَان الثَّوْريّ وهشيم ووهيب، وَحَمَّاد بن سَلمَة وَغَيرهم، وَقد اضْطربَ ابْن إِسْحَاق فِي رُوَاته عَن الْحسن بن دِينَار لهَذَا الحَدِيث فَمرَّة رَوَاهُ عَنهُ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَمرَّة عَن قَتَادَة عَن أبي الْمليح عَن أَبِيه، وَقَتَادَة إِنَّمَا رَوَاهُ عَن أبي الْعَالِيَة مُرْسلا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَذَلِك رَوَاهُ عَنهُ سعيد بن أبي عرُوبَة وَمعمر وَأَبُو عوَانَة وَسَعِيد بن بشير وَغَيرهم وَالْحسن بن دِينَار مَتْرُوك. وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن عمر بن قيس الْمَكِّيّ عَن عَمْرو بن عبيد عَن الْحسن عَن عمرَان بن الْحصين قَالَ بَيْنَمَا نَحن مَعَ

في صلاة في يوم ماطر إذ أقبل أعرابي يسعى يريد الصلاة فزلق فسقط في حفرة فيها ماء فضحك من كان خلف رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة فِي يَوْم ماطر إِذْ أقبل أَعْرَابِي يسْعَى يُرِيد الصَّلَاة فزلق فَسقط فِي حُفْرَة فِيهَا مَاء فَضَحِك من كَانَ خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَمَّا فرغ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الصَّلَاة أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: " من قهقه مِنْكُم آنِفا فَليَتَوَضَّأ وليعد الصَّلَاة " قَالَ ابْن معِين: عَمْرو بن قيس الْكِنْدِيّ لقبه سندل وَهُوَ ضَعِيف وَقَالَ البُخَارِيّ عمر بن قيس أَخُو حميد بن قيس الْمَكِّيّ: مُنكر الحَدِيث ثمَّ إِن سلم مِنْهُ فعمرو بن عبيد على الطَّرِيق وَهُوَ ضال غير ثِقَة فِي الحَدِيث. أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَافِظ، وَأَبُو سعيد الصَّيْرَفِي قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد بن يَعْقُوب سَمِعت هَارُون بن

الوضوء من الضحك في الصلاة وهذا هو المحفوظ عن الحسن مرسلا ورواه عبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن

سُلَيْمَان سَمِعت أَبَا حَفْص سَمِعت الْأَفْطَس. سَمِعت عَمْرو بن عبيد يَقُول لَو شهد عَليّ وَعُثْمَان وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر عِنْدِي على شِرَاك نعل مَا أجزته رَضِي الله عَنْهُم. قَالَ ابْن معِين: عَمْرو بن عبيد لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ حَمَّاد بن سَلمَة: قَالَ لي حميد لَا تَأْخُذ عَن هَذَا بِشَيْء فَإِنَّهُ يكذب على الْحسن يَعْنِي عَمْرو بن عبيد، وَقد روى ذَلِك عَن عَمْرو بن عبيد بن الْحسن مُرْسلا، " أوجب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْوضُوء من الضحك فِي الصَّلَاة " وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ عَن الْحسن مُرْسلا وَرَوَاهُ عبد الْوَهَّاب بن الضَّحَّاك عَن إِسْمَاعِيل بن

عَيَّاش، عَن عمر بن قيس عَن الْحسن عَن عمرَان مَرْفُوعا " من ضحك فِي الصَّلَاة قرقرة فليعد الْوضُوء وَالصَّلَاة " كَذَا رَوَاهُ عبد الْوَهَّاب عَن ابْن عَيَّاش وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَرَوَاهُ حَيْوَة عَن إِسْمَاعِيل عَن عَمْرو بن عبيد عَن الْحسن عَن عمرَان وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن الْعَلَاء عَن إِسْمَاعِيل وَرَوَاهُ بَقِيَّة عَن عَمْرو بن قيس السكونِي عَن عَطاء عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا " من ضحك فِي الصَّلَاة قهقهة فليعد الْوضُوء وَالصَّلَاة " قَالَ: أَظُنهُ ابْن عدي لم يروه عَن بَقِيَّة، وَبَقِيَّة لَا يحْتَج بِهِ وَرُوِيَ عَن بَقِيَّة

قال لرجل ضحك أعد وضؤك قال ابن عدي ومحمد الخزاعي هذا هو من مجهولي مشايخ بقية ويقال عن بقية في هذا الحديث عن محمد بن راشد عن الحسن ومحمد بن راشد عن الحسن أيضا مجهول ورواه عبد الكريم أبي أمية عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا إذا

أَيْضا عَن مُحَمَّد الْخُزَاعِيّ عَن الْحسن عَن عمرَان أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لرجل ضحك: " أعد وضؤك " قَالَ ابْن عدي: وَمُحَمّد الْخُزَاعِيّ هَذَا هُوَ من مجهولي مَشَايِخ بَقِيَّة وَيُقَال عَن بَقِيَّة فِي هَذَا الحَدِيث عَن مُحَمَّد بن رَاشد عَن الْحسن، وَمُحَمّد بن رَاشد عَن الْحسن أَيْضا مَجْهُول، وَرَوَاهُ عبد الْكَرِيم أبي أُميَّة عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " إِذا قهقه أعَاد الْوضُوء وَأعَاد الصَّلَاة " وروى ابْن معِين عَن هِشَام بن يُوسُف عَن معمر قَالَ: قَالَ أَيُّوب لَا نَأْخُذ عَن عبد الْكَرِيم أبي أُميَّة فَإِنَّهُ لَيْسَ بِثِقَة، قَالَ يحيى: أَبُو أُميَّة بَصرِي

ضَعِيف قَالَ إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الْجوزجَاني: عبد الْكَرِيم بن أبي الْمخَارِق أَبُو أُميَّة غير ثِقَة فرحم الله مَالِكًا غاص هُنَاكَ فِي المَاء فَوَقع على خرقَة منكسرة أَظُنهُ أغتر بِكِتَابَة وَهَذَا لِأَن مَالِكًا كَانَ لَا يحدث إِلَّا عَن الثِّقَات ثمَّ غلط فِي عبد الْكَرِيم فَحدث عَنهُ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " وَحدث بِهَذَا الحَدِيث يَعْنِي حَدِيث القهقهة شيخ من أهل المصيصة. يُقَال لَهُ سُفْيَان بن مُحَمَّد الْفَزارِيّ وَكَانَ ضَعِيفا سيء الْحَال فِي الحَدِيث، حدث بِهِ عَن عبد الله بن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن أَرقم عَن الْحسن عَن أنس بن مَالك عَن

وأحسن حالات سفيان بن محمد أن يكون وهم في الحديث على ابن وهب إن لم يكن تعمد ذلك في قوله عن الحسن عن أنس فقد رواه غير واحد عن ابن وهب عن يونس عن الزهري عن الحسن مرسلا عن النبي

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأحسن حالات سُفْيَان بن مُحَمَّد أَن يكون وهم فِي الحَدِيث على ابْن وهب، إِن لم يكن تعمد ذَلِك فِي قَوْله عَن الْحسن عَن أنس فقد رَوَاهُ غير وَاحِد عَن ابْن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ عَن الْحسن مُرْسلا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُم خَالِد بن خِدَاش المهلبي وموهب بن يزِيد وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب وَغَيرهم لم يذكر وَاحِد مِنْهُم فِي حَدِيثه عَن ابْن وهب فِي الْإِسْنَاد: أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ وَلَا ذكر فِيهِ بَين الزُّهْرِيّ وَأنس بن سُلَيْمَان بن أَرقم، وَإِن كَانَ ابْن أخي الزُّهْرِيّ وَابْن أبي عَتيق، قد روياه عَن الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن أَرقم عَن الْحسن مُرْسلا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "

في حديث قال من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة قال ابن عدي ورواه أبو يوسف ومكي بن إبراهيم المقري عن أبي حنيفة

وروى ابْن عدي عَن ابْن حَمَّاد وَابْن صاعد والأهوازي قَالُوا حَدثنَا شُعَيْب بن أَيُّوب حَدثنَا أَبُو يحيى الْحمانِي عَن أبي حنيفَة عَن مَنْصُور بن زَاذَان عَن الْحسن عَن معبد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث قَالَ: " من كَانَ مِنْكُم قهقه فليعد الْوضُوء وَالصَّلَاة ". قَالَ ابْن عدي: وَرَوَاهُ أَبُو يُوسُف، ومكي بن إِبْرَاهِيم الْمقري عَن أبي حنيفَة

والله أعلم قال ابن عدي وهذا الذي ذكره ابن حماد غلط وذلك أنه قيل معبد الجهني فكيف يكون جهنيا أنصاريا ومعبد بن هوذه أنصاري وله حديث عن النبي

وَقَالُوا معبد الْجُهَنِيّ، وأرسله مُحَمَّد بن الْحسن وَزفر عَن أبي حنيفَة وَلم يذكرَا معبدًا فِي الْإِسْنَاد قَالَ لنا ابْن حَمَّاد: وَهُوَ معبد بن هَوْذَة الَّذِي ذكره البُخَارِيّ فِي كتاب تَسْمِيَة أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالله أعلم. قَالَ ابْن عدي وَهَذَا الَّذِي ذكره ابْن حَمَّاد غلط وَذَلِكَ أَنه قيل معبد الْجُهَنِيّ فَكيف يكون جهنيا أَنْصَارِيًّا ومعبد بن هوذه أَنْصَارِي وَله حَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْكحل إِلَّا أَن ابْن حَمَّاد اعتذر لأبي حنيفَة فَقَالَ: هُوَ معبد بن هَوْذَة لميله إِلَى أبي حنيفَة وَلم يقلهُ أحد عَن معبد فِي الْإِسْنَاد إِلَّا أَبُو حنيفَة، وَرَوَاهُ هِشَام بن حسان عَن

ووهم فيه أبو حنيفة على منصور وإنما رواه منصور بن زاذان عن محمد بن سيرين عن معبد ومعبد هذا لا صحبة له ويقال أنه أول من تكلم في القدر من التابعين حدث به عن منصور عن ابن سيرين غيلان بن جامع وهشيم بن بشير وهما أحفظ من أبي حنيفة للإسناد

الْحسن مُرْسلا، وَأَصْحَاب مَنْصُور بن زَاذَان صَاحبه الْمُخْتَص بِهِ هشيم بن بشير لِأَنَّهُ من أهل بَلَده وَبعده أَبُو عوَانَة وَغَيرهمَا مِمَّن روى عَن مَنْصُور بن زَاذَان وَلَيْسَ عِنْد هشيم وَأبي عوَانَة هَذَا الحَدِيث لَا مَوْصُولا وَلَا مُرْسلا يَعْنِي من جِهَة الْحسن. قَالَ ابْن عدي: وَأَخْطَأ أَبُو حنيفَة فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث وَمَتنه لزيادته فِي الْإِسْنَاد معبدًا وَالْأَصْل عَن الْحسن مُرْسل وزيادته فِي مَتنه القهقهة، وَلَيْسَ فِي حَدِيث أبي الْعَالِيَة مَعَ ضعفه وإرساله القهقهة. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " وروى هَذَا الحَدِيث أَبُو حنيفَة عَن مَنْصُور بن زَاذَان عَن الْحسن عَن معبد الْجُهَنِيّ مُرْسلا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَوهم فِيهِ أَبُو حنيفَة على مَنْصُور، وَإِنَّمَا رَوَاهُ مَنْصُور بن زَاذَان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن معبد ومعبد هَذَا لَا صُحْبَة لَهُ، وَيُقَال أَنه أول من تكلم فِي الْقدر من التَّابِعين حدث بِهِ عَن مَنْصُور عَن ابْن سِيرِين: غيلَان بن جَامع وهشيم بن بشير وهما أحفظ من أبي حنيفَة للإسناد. أما حَدِيث غيلَان فَذكر إِسْنَاده عَن ابْن سِيرِين عَن معبد الْجُهَنِيّ فَذكر قصَّة وَقَالَ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد مَا قضى الصَّلَاة " من ضحك مِنْكُم فليعد الْوضُوء

وَالصَّلَاة " وَأما حَدِيث هشيم فَذكر عَن ابْن سِيرِين عَن أبي الْعَالِيَة وَقَالَ فَذكر الحَدِيث مُرْسلا بِبَعْض مَعْنَاهُ وروى أَبُو بكر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الْإِسْمَاعِيلِيّ حَدثنِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عَمْرو بن شهَاب بن طَارق الْأَصْبَهَانِيّ بجرجان حَدثنَا أَبُو جَعْفَر أَحْمد بن فورك، حَدثنَا عبيد الله بن أَحْمد الْأَشْعَرِيّ حَدثنَا عمار بن يزِيد الْبَصْرِيّ حَدثنَا مُوسَى بن هِلَال حَدثنَا أنس بن مَالك مَرْفُوعا " من قهقه فِي الصَّلَاة قهقهة

فذكر قصة وقال فأمر رسول الله

شَدِيدَة فَعَلَيهِ الْوضُوء وَالصَّلَاة " ورواة هَذَا الحَدِيث أَكْثَرهم مَجْهُولُونَ، وَلَيْسَ يمكنني أَن أشهد على إسْلَامهمْ فَكيف على عدالتهم ومُوسَى بن هِلَال إِن كَانَ هُوَ الطَّوِيل الَّذِي يرى عَنهُ مُحَمَّد بن مسلمة الوَاسِطِيّ فَهُوَ ضَعِيف لَا يحْتَج بحَديثه. وروى عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن جبلة عَن سَلام بن أبي مُطِيع عَن قَتَادَة عَن أنس وَأبي الْعَالِيَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر قصَّة وَقَالَ فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من ضحك أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يروه عَن سَلام غير عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن جبلة وَهُوَ مَتْرُوك يضع الحَدِيث، وَرُوِيَ عَن دَاوُد بن الْمُجبر حَدثنَا

من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة قال علي بن عمر داود بن المحبر متروك الحديث وأيوب بن خوط ضعيف وقال محمد بن إسماعيل أيوب بن خوط البصري أبو أمية تركه ابن المبارك وقال داود بن محبر أبو سليمان قال أحمد شبه لا شيء لا يدري

أَيُّوب بن خوط عَن قَتَادَة عَن أنس فِي حَدِيث ذكره، فَذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من ضحك أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة " قَالَ عَليّ بن عمر: دَاوُد بن المحبر: مَتْرُوك الحَدِيث وَأَيوب بن خوط: ضَعِيف وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل: أَيُّوب بن خوط الْبَصْرِيّ: أَبُو أُميَّة. تَركه ابْن الْمُبَارك، وَقَالَ: دَاوُد بن محبر: أَبُو سُلَيْمَان، قَالَ أَحْمد: شبه لَا شَيْء لَا يدْرِي مَا الحَدِيث. قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: دَاوُد بن محبر قحذم: حدث بِبَغْدَاد عَن جمَاعَة من الثِّقَات بِأَحَادِيث مَوْضُوعَة. حدثونا عَن الْحَارِث بن أبي أُسَامَة عَنهُ بِكِتَاب الْعقل وَأكْثر مَا أودع ذَلِك الْكتاب من الحَدِيث مَوْضُوع على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. كذبه أَحْمد بن حَنْبَل، وَقَالَ الْجوزجَاني: أَيُّوب بن خوط مَتْرُوك وَدَاوُد مُضْطَرب الْأَمر وَرُوِيَ عَن مهْدي بن مَيْمُون عَن هِشَام بن

نحو الحديث قبله في الضحك في الصلاة وهذا خطأ إن لم يكن تعمده بعض رواته فقد رواه الثوري ويحيى القطان وجماعة من الثقات عن هشام عن حفصة عن أبي العالية عن النبي

حسان عَن حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن أبي مُوسَى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحْو الحَدِيث قبله فِي الضحك فِي الصَّلَاة وَهَذَا خطأ إِن لم يكن تَعَمّده بعض رُوَاته فقد رَوَاهُ الثَّوْريّ وَيحيى الْقطَّان وَجَمَاعَة من الثِّقَات عَن هِشَام عَن حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ زَائِدَة وَيزِيد بن زُرَيْع وَعبد الْوَهَّاب بن عَطاء وَغَيرهم عَن هِشَام وروى مُحَمَّد بن يزِيد بن سِنَان عَن أَبِيه عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة مَرْفُوعا " من ضحك فِي صلَاته قهقهة فليعد الْوضُوء وَالصَّلَاة " قَالَ ابْن معِين: أَبُو فَرْوَة الْجَزرِي: اسْمه يزِيد بن سِنَان، وَقد روى الْكُوفِيُّونَ عَنهُ، وَلَيْسَ بِثِقَة، وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: يزِيد بن سِنَان الْجَزرِي أَبُو فَرْوَة الرهاوي روى عَن الزُّهْرِيّ وَيحيى بن أبي كثير وَهِشَام بن عُرْوَة الْمَنَاكِير الْكَثِيرَة، وَابْنه واسْمه مُحَمَّد بن يزِيد، وَابْن ابْنه يزِيد بن مُحَمَّد وَابْنه مُحَمَّد أَبُو بكر

من ضحك منكم في الصلاة فليعد الوضوء والصلاة قال ابن عدي وهذا الحديث بهذا الإسناد ليس يرويه عن الأعمش غير أبي فروة حدثنا ابن أبي عصمة حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال سمعت أحمد بن حنبل يقول أبو فروة يزيد بن سنان ضعيف وروى عن إبراهيم

ثِقَات وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن أبي فَرْوَة يزِيد بن مُحَمَّد بن يزِيد بن سِنَان حَدثنَا أبي عَن أَبِيه عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من ضحك مِنْكُم فِي الصَّلَاة فليعد الْوضُوء وَالصَّلَاة " قَالَ ابْن عدي وَهَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد لَيْسَ يرويهِ عَن الْأَعْمَش غير أبي فَرْوَة حَدثنَا ابْن أبي عصمَة، حَدثنَا أَحْمد بن أبي يحيى قَالَ سَمِعت: أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول أَبُو فَرْوَة: يزِيد بن سِنَان ضَعِيف، وروى عَن إِبْرَاهِيم ابْن هَانِئ عَن مُحَمَّد بن يزِيد بن سِنَان نَحْو إِسْنَاده بِمَعْنَاهُ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ لنا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي: هَذَا حَدِيث مُنكر، وَالصَّحِيح عَن جَابر خِلَافه قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: يزِيد بن سِنَان، ضَعِيف ويكنى بِأبي فَرْوَة الرهاوي وَابْنه ضَعِيف. أَيْضا وَقد وهم فِي هَذَا الحَدِيث فِي موضِعين أَحدهمَا: فِي رَفعه إِيَّاه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْآخر فِي لَفظه، وَالصَّحِيح عَن الْأَعْمَش عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر من قَوْله " من ضحك فِي الصَّلَاة أعَاد الصَّلَاة وَلم

أمر رجلا ضحك في الصلاة أن يعيد الوضوء والصلاة قال الشافعي فلم نقبل هذا لأنه مرسل قال الشافعي يقولون نحابي ولو حابينا لحابينا الزهري إرسال الزهري ليس بشيء وذلك أنا نجده يروي عن سليمان بن أرقم قال الشافعي أخبرنا الثقة عن معمر عن

يعد الْوضُوء " كَذَلِك رَوَاهُ عَن الْأَعْمَش جمَاعَة من الرفعاء الثِّقَات، مِنْهُم سُفْيَان الثَّوْريّ أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع وَعبد الله بن دَاوُد الْخُرَيْبِي، وَعمر بن عَليّ المقدصي وَغَيرهم، كَذَلِك رَوَاهُ شُعْبَة وَابْن جريج عَن يزِيد بن أبي خَالِد عَن أبي سُفْيَان عَن جَابر. قَالَ الشَّافِعِي أخبرنَا الثِّقَة عَن ابْن أبي ذِئْب عَن ابْن شهَاب أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمر رجلا ضحك فِي الصَّلَاة أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة " قَالَ الشَّافِعِي: فَلم نقبل هَذَا لِأَنَّهُ مُرْسل، قَالَ الشَّافِعِي: يَقُولُونَ نحابي وَلَو حابينا: لحابينا الزُّهْرِيّ إرْسَال الزُّهْرِيّ لَيْسَ بِشَيْء وَذَلِكَ أَنا نجده يروي عَن سُلَيْمَان بن أَرقم قَالَ الشَّافِعِي: أخبرنَا الثِّقَة عَن معمر عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان بن أَرقم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا

في الصلاة فأمرهم أن يعيدوا الوضوء والصلاة قال ابن عدي وهذا الحديث إنما أرسله إبراهيم عن نفسه فأما الحديث فهو عن أبي العالية وذكر عن أبي هاشم الواسطي قال أنا حدثت إبراهيم عن أبي العالية قال ابن عدي حدثنا ابن أبي بكير حدثنا عباس

الحَدِيث، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: فَرجع الحَدِيث إِلَى الْحسن الْبَصْرِيّ وَالْحسن إِنَّمَا سَمعه من حَفْص بن سُلَيْمَان عَن حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة كَمَا سبق ذكره، وَلَو كَانَ هَذَا الحَدِيث صَحِيحا عِنْد الزُّهْرِيّ لما استجاز أَن يَقُول بِخِلَافِهِ وروى ابْن عدي عَن ابْن صاعد حَدثنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي حَدثنَا حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم أَن قوما ضحكوا خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة فَأَمرهمْ أَن يُعِيدُوا الْوضُوء وَالصَّلَاة "، قَالَ ابْن عدي: وَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا أرْسلهُ إِبْرَاهِيم عَن نَفسه فَأَما الحَدِيث فَهُوَ عَن أبي الْعَالِيَة وَذكر عَن أبي هَاشم الوَاسِطِيّ. قَالَ: أَنا حدثت إِبْرَاهِيم عَن أبي الْعَالِيَة. قَالَ ابْن عدي: حَدثنَا ابْن أبي بكير حَدثنَا عَبَّاس. قَالَ سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: مرسلات إِبْرَاهِيم صَحِيحَة إِلَّا حَدِيث تَاجر الْبَحْرين وَحَدِيث

الضحك فِي الصَّلَاة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَبَلغنِي عَن الثَّوْريّ أَنه كَانَ يُنكر أَن يكون الْأَعْمَش سمع من إِبْرَاهِيم حَدِيث الضحك فِي الصَّلَاة، وَأخْبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أخبرنَا أَبُو بكر بن المؤمل حَدثنَا الْفضل بن مُحَمَّد حَدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ قَالَ سُفْيَان لم يسمع الْأَعْمَش يَعْنِي حَدِيث إِبْرَاهِيم فِي الضحك، وروى ابْن عبد الحكم عَن الشَّافِعِي حَدِيث شُعْبَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم بِحَدِيث قَالَ شُعْبَة: فَقلت لحماد: سَمِعت من إِبْرَاهِيم قَالَ: لَا وَلَكِن أَخْبرنِي مُغيرَة قَالَ فَذَهَبت إِلَى مُغيرَة فَقلت: إِن حَمَّاد أَخْبرنِي عَنْك كَذَا فَقَالَ: صدق، فَقلت سمعته من إِبْرَاهِيم قَالَ لَا وَلَكِن حَدثنِي مَنْصُور قَالَ فَلَقِيت منصورا. فَقلت: حَدثنِي عَنْك مُغيرَة بِكَذَا. فَقَالَ صدق، فَقلت: سمعته من إِبْرَاهِيم. قَالَ لَا وَلَكِن حَدثنِي الحكم قَالَ: فجهدت أَن أعرف طرقه فَلم أعرفهُ وَلم يمكنني قَالَ عبد الرَّحْمَن بن أبي حَاتِم الرَّازِيّ: فَذكرت هَذَا الحَدِيث لأبي فَقَالَ:

أن أعرابيا ضحك في الصلاة فأمر النبي

هَذَا حَدِيث إِبْرَاهِيم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَعْرَابِيًا ضحك فِي الصَّلَاة فَأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن يُعِيد الْوضُوء وَالصَّلَاة ". وَهَذَا وَإِبْرَاهِيم إِنَّمَا رَوَاهُ عَن أبي هَاشم عَن أبي الْعَالِيَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، ومدار الحَدِيث على أبي الْعَالِيَة أخبرنَا بِصِحَّة ذَلِك فَذكر إِسْنَادًا إِلَى عَليّ بن الْمَدِينِيّ قَالَ: قَالَ لي عبد الرَّحْمَن بن مهْدي هَذَا الحَدِيث يَدُور على أبي الْعَالِيَة، فَقلت قد رَوَاهُ الْحسن مُرْسلا، فَقَالَ حَدثنِي حَمَّاد بن زيد عَن حَفْص بن سُلَيْمَان الْمنْقري فَقَالَ أَنا حدثت الْحسن عَن حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة، فَقلت قد رَوَاهُ إِبْرَاهِيم مُرْسلا، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن حَدثنِي شريك عَن أبي هَاشم. قَالَ أما حدثت بِهِ إِبْرَاهِيم عَن أبي الْعَالِيَة فَقلت قد رَوَاهُ الزُّهْرِيّ مُرْسلا، فَقَالَ قرأته فِي كتاب ابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن سُلَيْمَان بن أَرقم عَن الْحسن فبطلت الْأَسَانِيد الَّتِي سبق ذكرهَا وَرجع الحَدِيث إِلَى أبي الْعَالِيَة كَذَلِك رَوَاهُ الثَّوْريّ، ووهيب بن خَالِد وَحَمَّاد بن سَلمَة عَن خَالِد الْحذاء عَن حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة، وَرَوَاهُ وهيب عَن خَالِد وَأَيوب عَن حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة، وَرَوَاهُ معمر عَن حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة ".

ولم يسم الرجل ولا ذكرا له صحبة أم لا ولم يصنع خالد شيئا وقد خالفه خمسة أثبات حفاظ وقولهم أولى بالصواب أخبرني بجميع هذا الكلام أبو عبد الرحمن السلمي عن علي بن عمر الحافظ ومراسيل أبي العالية الرياحي ليست بشيء فإنه كان يأخذ عن كل ضرب وروي

وَرَوَاهُ هشيم عَن خَالِد الْحذاء عَن حَفْصَة، وَرَوَاهُ مطر الْوراق وَحَفْص بن سُلَيْمَان عَن حَفْصَة وَكَذَلِكَ رَوَاهُ هِشَام بن حسان عَن حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة مُرْسلا حدث بِهِ عَنهُ جمَاعَة مِنْهُم سُفْيَان الثَّوْريّ وزائدة بن قدامَة وَيحيى بن سعيد الْقطَّان وَحَفْص بن غياث، وروح بن عبَادَة وَعبد الْوَهَّاب بن عَطاء وَغَيرهم، وَاتَّفَقُوا عَن هِشَام عَن حَفْصَة عَن أبي الْعَالِيَة، عَن رجل من الْأَنْصَار عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يسم الرجل وَلَا ذكرا لَهُ صُحْبَة أم لَا وَلم يصنع خَالِد شَيْئا وَقد خَالفه خَمْسَة أثبات حفاظ وَقَوْلهمْ أولى بِالصَّوَابِ أَخْبرنِي بِجَمِيعِ هَذَا الْكَلَام أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن عَليّ بن عمر الْحَافِظ، ومراسيل أبي الْعَالِيَة الريَاحي لَيست بِشَيْء فَإِنَّهُ كَانَ يَأْخُذ عَن كل ضرب، وَرُوِيَ عَن شُعْبَة عَن عبد الله بن صبيح عَن

في الضحك في الصلاة خبر قال أبو بكر بن إسحاق وأما حديث الحسن عن النبي

مُحَمَّد بن سِيرِين قَالَ: ثَلَاثَة يصدقون فِي حَدِيثهمْ أنس وَأَبُو الْعَالِيَة وَالْحسن، وَرُوِيَ عَن عَاصِم الْأَحول قَالَ: قَالَ ابْن سِيرِين: مَا حَدَّثتنِي فَلَا تُحَدِّثنِي عَن رجلَيْنِ من أهل الْبَصْرَة: عَن أبي الْعَالِيَة وَالْحسن فَإِنَّهُمَا كَانَا لَا يباليان عَمَّن أخذا حَدِيثهمَا قَالَ مُحَمَّد بن يحيى لم يثبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الضحك فِي الصَّلَاة خبر قَالَ أَبُو بكر بن إِسْحَاق، وَأما حَدِيث الْحسن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْحسن عَن أبي هُرَيْرَة، وَالْحسن بن عمرَان عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: سَاقِط وَقد روينَا عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن الْحسن أَنه كَانَ لَا يرى على من ضحك فِي الصَّلَاة وضُوءًا وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (23) :) وَخُرُوج الْمَنِيّ يُوجب الِاغْتِسَال سَوَاء خرج دفقا أَو خرج سيلا لضعف الْبدن، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا خرج سيلا لضعف الْبدن لم يُوجب الِاغْتِسَال وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي صَحِيح مُسلم عَن أبي سعيد فِي حَدِيث فِيهِ فَقَالَ عتْبَان: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت الرجل يعجل عَن امْرَأَته وَلم يمن مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا المَاء من مَاء " فَإِن ادعوا فِيهِ النّسخ بِمَا رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن سهل بن سعد عَن أبي بن كَعْب: إِنَّمَا كَانَت الْفتيا فِي المَاء من المَاء رخصَة فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نهى عَنْهَا، قُلْنَا إِنَّمَا نسخ مِنْهُ ترك الْغسْل بالتقاء الختانين دون خُرُوج المَاء، فإمَّا نطقه فَغير مَنْسُوخ وَذَلِكَ لَا يفرق بَين خُرُوجه سيلا وَخُرُوجه دفقا وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (24) :) وَإِذا تَوَضَّأ الْجنب قبل اغتساله فَمن سنته أَن يكمل وضوءه قبل اغتساله. وَقَالَ أَبُو حنيفَة من سنته أَن يغسل أَعْضَاء طَهَارَته إِلَّا الرجلَيْن فَإِذا تنحى من مَوضِع غسله غسلهمَا. وَقد قَالَه الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْقَدِيم، فَوجه قَوْله فِي الْمُخْتَصر مَا رُوِيَ عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة بَدَأَ فَغسل يَدَيْهِ ثمَّ تَوَضَّأ كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة ثمَّ يدْخل أَصَابِعه فِي المَاء فيخلل بهَا أصُول شَعْرَة ثمَّ يصب على رَأسه ثَلَاث غرف بِيَدِهِ ثمَّ يفِيض المَاء على جلده كُله " أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح من حَدِيث مَالك، وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة يبْدَأ فَيغسل يَدَيْهِ ثمَّ يفرغ بِيَمِينِهِ على شِمَاله فَيغسل فرجه ثمَّ يتَوَضَّأ كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة ثمَّ يَأْخُذ المَاء فَيدْخل أَصَابِعه فِي أصُول الشّعْر حَتَّى إِذا رأى أَنه قد اسْتَبْرَأَ، يحفن على رَأسه ثَلَاث حفنات ثمَّ أَفَاضَ على سَائِر جسده ثمَّ غسل رجلَيْهِ " وَأما وَجه قَوْله فِي الْقَدِيم: مَا اتفقَا عَلَيْهِ من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهُم قَالَت سترت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يغْتَسل من الْجَنَابَة فَبَدَأَ فَغسل

مسألة

يَدَيْهِ ثمَّ صب بِيَمِينِهِ على شِمَاله فَغسل فرجه، وَمَا أَصَابَهُ ثمَّ مسح بيدَيْهِ على الْحَائِط وَالْأَرْض ثمَّ تَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة غير رجلَيْهِ ثمَّ أَفَاضَ على جسده المَاء ثمَّ تنحى فَغسل قَدَمَيْهِ وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (25) :) والمضمضة وَالِاسْتِنْشَاق سنتَانِ فِي الِاغْتِسَال وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هما واجبتان فِي الْجَنَابَة دليلنا من الْخَبَر مَا عِنْد مُسلم عَن أم سَلمَة قَالَت: سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَقلت: يَا رَسُول الله إِنِّي امْرَأَة أَشد ضفر رَأْسِي، أفأنقضه لغسل الْجَنَابَة؟ قَالَ: " لَا إِنَّمَا يَكْفِيك أَن تحثي عَلَيْهِ ثَلَاث حثيات، ثمَّ تفيضين عَلَيْك المَاء فتطهرين أَو قَالَ: فَإِذا أَنْت قد طهرت " واتفقا على حَدِيث جُبَير بن مطعم، أَنهم ذكرُوا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْغسْل من الْجَنَابَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أما أَنا

فذكر الحديث إلى أن قال كان آخر ذلك أن أعطي الذي أصابته الجنابة إناء من ماء قال اذهب فأفرغه عليك وروي عن أبي ذر قال قدمت على النبي

فأفيض على رَأْسِي ثَلَاثًا وَأَشَارَ بيدَيْهِ كلتيهما "، وَعند مُسلم عَن جَابر أَن وَفد ثَقِيف قَالُوا يَا رَسُول الله إِن أَرْضنَا أَرض بَارِدَة، فَكيف بِالْغسْلِ؟ قَالَ أما أَنا فأفرغ على رَأْسِي ثَلَاثًا " واتفقا على حَدِيث عمرَان قَالَ: كُنَّا فِي سفر مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: كَانَ آخر ذَلِك أَن أعطي الَّذِي أَصَابَته الْجَنَابَة إِنَاء من مَاء، قَالَ: اذْهَبْ فأفرغه عَلَيْك، وَرُوِيَ عَن أبي ذَر قَالَ: قدمت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: " وَإِذا وجدت المَاء فأمسسه جِلْدك فَإِن ذَلِك خير " وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابهم بِمَا روى بركَة بن مُحَمَّد عَن يُوسُف بن أَسْبَاط عَن سُفْيَان عَن خَالِد عَن ابْن سِيرِين عَن أبي

جعل الاستنشاق والمضمضة ثلاثا فريضة وفي رواية قال المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة قال علي بن عمر الدارقطني هذا باطل ولم يحدث به غير بركة هذا وهو يضع الحديث قال ابن عدي قال لي عبدان الأهوازي أغرب علي لخالد الحذاء حديثا فذكرت

هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل الِاسْتِنْشَاق والمضمضة ثَلَاثًا فَرِيضَة "، وَفِي رِوَايَة قَالَ: " الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق للْجنب ثَلَاثًا فَرِيضَة " قَالَ عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا بَاطِل وَلم يحدث بِهِ غير بركَة هَذَا وَهُوَ يضع الحَدِيث. قَالَ ابْن عدي قَالَ لي عَبْدَانِ الْأَهْوَازِي أغرب عَليّ لخَالِد الْحذاء حَدِيثا فَذكرت لَهُ هَذَا الحَدِيث الَّذِي حدّثنَاهُ وَذكر إِسْنَاده عَن بركَة عَن يُوسُف عَن سُفْيَان عَن خَالِد عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " جعل الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق للْجنب ثَلَاثًا فَرِيضَة قَالَ لي أَبُو أَحْمد قَالَ لي عَبْدَانِ: هَات حَدِيث الْمُسلمين أَنا قد رَأَيْت بركَة هَذَا بحلب وَتركته على عمد فَلم أكتب عَنهُ لِأَنَّهُ يكذب، وَهَذَا الحَدِيث لم يروه مُتَّصِلا بِهَذَا الْإِسْنَاد غير بركَة هَذَا، وَقد رُوِيَ مُرْسلا، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَالصَّوَاب عَن ابْن سِيرِين مُرْسل بِهَذَا اللَّفْظ، وَرُوِيَ عَن وَكِيع عَن سُفْيَان عَن خَالِد الْحذاء عَن ابْن سِيرِين قَالَ: سنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الِاسْتِنْشَاق فِي الْجَنَابَة ثَلَاثًا مَعًا هَكَذَا

إن تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأنقوا البشرة وعن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال كان يقال أنقوا البشر وبلوا الشعر يعني من الجنابة وعن عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة قال تحت كل

رَوَاهُ عبيد الله بن مُوسَى وَغَيره عَن سُفْيَان وَهُوَ الصَّوَاب. وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى أَبُو دَاوُد عَن نصر بن عَليّ حَدثنِي الْحَارِث بن وجيه حَدثنَا مَالك بن دِينَار عَن مُحَمَّد ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن تَحت كل شَعْرَة جَنَابَة فَاغْسِلُوا الشّعْر وأنقوا الْبشرَة، وَعَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: كَانَ يُقَال " أنقوا الْبشر وبلوا الشّعْر يَعْنِي من الْجَنَابَة "، وَعَن عبد الْوَهَّاب بن عَطاء عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " تَحت كل

تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وأنقوا البشرة فإنه ليس بثابت قال أبو داود الحارث حديثه منكر وقال البخاري الحارث بن وجيه الراسبي البصري سمع

شَعْرَة جَنَابَة فبلوا الشّعْر وأنقوا الْبشر " وَقد كتبناه من حَدِيث عَائِشَة وَأنس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا بِإِسْنَادَيْنِ ضعيفين لَا يسويان ذكرهمَا. وروى الثَّوْريّ وَأَبُو حنيفَة عَن عُثْمَان بن رَاشد عَن عَائِشَة بنت عجرد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " إِن كَانَ من جَنَابَة أعَاد الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق واستأنف الصَّلَاة " وَرُوِيَ عَن هشيم عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن عَائِشَة بنت عجرد. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " لَيْسَ لعَائِشَة بنت عجرد إِلَّا هَذَا الحَدِيث ". قَالَ الشَّافِعِي وَعُثْمَان بن رَاشد وَعَائِشَة بنت عجرد غير معروفين ببلدهما قَالَ وَأما مَا رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَحت كل شَعْرَة جَنَابَة فبلوا الشّعْر وأنقوا الْبشرَة " فَإِنَّهُ لَيْسَ بِثَابِت. قَالَ أَبُو دَاوُد: " الْحَارِث حَدِيثه مُنكر ". وَقَالَ البُخَارِيّ: " الْحَارِث بن وجيه الرَّاسِبِي الْبَصْرِيّ سمع

مرسلا وعن إبراهيم كان يقال وعن الحسن عن أبي هريرة موقوف من قوله والحسن لم يسمع من أبي هريرة أخبرنا بصحة ذلك وذكر إسنادا ثم أنه حمله على ما ظهر وروى أبو داود عن موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا عطاء بن السايب عن زاذان عن علي مرفوعا

مَالك بن دِينَار يروي عَن زيد بن الْحباب. فِيهِ بعض الْمَنَاكِير وَهَذَا الْمَتْن إِنَّمَا رُوِيَ من حَدِيث الْحسن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، وَعَن إِبْرَاهِيم كَانَ يُقَال وَعَن الْحسن عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوف من قَوْله، وَالْحسن لم يسمع من أبي هُرَيْرَة، أخبرنَا بِصِحَّة ذَلِك وَذكر إِسْنَادًا ثمَّ أَنه حمله على مَا ظهر، وروى أَبُو دَاوُد عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا حَمَّاد أخبرنَا عَطاء بن السايب عَن زَاذَان عَن عَليّ مَرْفُوعا " من ترك مَوضِع شَعْرَة من جَنَابَة لم يغسلهَا فعل بهَا كَذَا وَكَذَا من النَّار " قَالَ عَليّ: " فَمن ثمَّ عاديت رَأْسِي وَكَانَ يجز شعره "

مسألة

وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (26) :) ورؤية المَاء فِي الصَّلَاة لَا يبطل التَّيَمُّم وَلَا يمْنَع من إتْمَام الصَّلَاة أَيْضا بِهِ قَالَ أَبُو حنيفَة يُبطلهُ، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر الْمُتَّفق عَلَيْهِ عَن عبد الله بن زيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: شكي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرجل يخيل إِلَيْهِ الشَّيْء فِي الصَّلَاة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَنْفَتِل حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا " وَلم يُوجد أَحدهمَا. وَهَذَا يُؤَيّد قَول أَصْحَابنَا: الصَّلَاة مَانِعَة من اسْتِعْمَال المَاء، وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن الْعَلَاء عَن أبي أُسَامَة عَن مجَالد عَن أبي الوداك عَن أبي

لا يقطع الصلاة شيء وادرؤا ما استطعتم فإنما هو شيطان مجالد يحتاج إلى دعامة ومشاهده ما روي عن عمر بن عبد العزيز عن أنس بن مالك أن رسول الله

سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء وادرؤا مَا اسْتَطَعْتُم فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان " مجَالد يحْتَاج إِلَى دعامة، ومشاهده مَا رُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بِالنَّاسِ فَمر بَين أَيْديهم حمَار. فَقَالَ عَيَّاش بن أبي ربيعَة: سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ الله فَلَمَّا سلم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ من المسبح آنِفا سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ؟ قَالَ: أَنا يَا رَسُول الله، إِنِّي سَمِعت أَن الْحمار يقطع الصَّلَاة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء وَرُوِيَ عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم قَالَ: قيل لِابْنِ عمر أَن عبد الله بن عَيَّاش ابْن أبي ربيعَة يَقُول: يقطع الصَّلَاة الْكَلْب وَالْحمار فَقَالَ: ابْن عمر: لَا يقطع صَلَاة الْمُسلم شَيْء هَذَا ثَابت لَا شكّ فِيهِ، وَرُوِيَ عَن ضرار بن مرّة عَن حُصَيْن

يقول لا يقطع الصلاة إلا الحديث وروى أبو داود عن أبي ذر قال اجتمعت غنيمة عند رسول الله

الْمدنِي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ وَهُوَ على الْمِنْبَر: يَا أَيهَا النَّاس " إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لَا يقطع الصَّلَاة إِلَّا الحَدِيث " وروى أَبُو دَاوُد عَن أبي ذَر قَالَ اجْتمعت غنيمَة عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا أَبَا ذَر أَبَد فِيهَا فبدوت إِلَى الربذَة فَكَانَت تصيبني الْجَنَابَة فأمكث الْخمس والست، فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أَبُو ذَر؟ " فَسكت، فَقَالَ: ثكلتك أمك أَبَا ذَر، لأمك الويل فَدَعَا لي بِجَارِيَة سَوْدَاء فَجَاءَت بعس فِيهِ مَاء فسترتني بِثَوْب واستترت بالراحلة، وَاغْتَسَلت، فَكَأَنِّي ألقيت عني جبلا، فَقَالَ: الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم وَلَو إِلَى عشر سِنِين فَإِذا وجدت المَاء فأمسه جِلْدك فَإِن ذَلِك خير " لذا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث خَالِد الْحذاء عَن أبي قلَابَة

مسألة

عَن عَمْرو بن بجدان عَن أبي ذَر، وَقَالَ: حَمَّاد بن سَلمَة وَحَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن رجل من بني عَامر وَهُوَ عمر بن ملْحَان، وَلَيْسَ لَهُ رُوَاة غير أبي قلَابَة وَهُوَ مَقْبُول عِنْد أَكْثَرهم لِأَن أَبَا قلَابَة ثِقَة وَإِن كَانَ بِخِلَاف شَرط الشَّيْخَيْنِ فِي خُرُوجه عَن حد الْجَهَالَة بِأَن يروي عَنهُ اثْنَان وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (27) :) وَلَا تجوز صلاتا فرض بِتَيَمُّم وَاحِد، وَقَالَ أَبُو حنيفَة تجوز

مسألة

صلوَات فَرِيضَة بِتَيَمُّم وَاحِد، وَرُوِيَ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن نَافِع " أَن ابْن عمر كَانَ يتَيَمَّم لكل صَلَاة "، وَهَذَا أصح حَدِيث فِي الْبَاب وَقد رُوِيَ فِي ذَلِك عَن عَليّ وَعَمْرو بن الْعَاصِ وَابْن عَبَّاس وَفِي حَدِيث ابْن عمر كِفَايَة إِذْ لَا يعرف مُخَالف من الصَّحَابَة فِيهِ وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (28) :) وَالتَّيَمُّم عندنَا لَا يجوز بِمَا لَا يعلق بِالْيَدِ مِنْهُ غُبَار وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَو ضرب بيدَيْهِ الأَرْض ثمَّ نفضهما حَتَّى لم يبْق عَلَيْهِمَا غُبَار وَمسح بهما أَجزَأَهُ، وَدَلِيلنَا قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَجعلت الأَرْض لنا مَسْجِدا وترابها طهُورا " رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح عَن حُذَيْفَة، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عمرَان بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رأى رجلا مُعْتَزِلا لم يصل فِي الْقَوْم، فَقَالَ: يَا فلَان مَا مَنعك أَن

أن التراب هو الكافي في التطهير فمن نفض يديه حتى لم يبق عليهم غبار فقد اكتفى بغير التراب وخالف وصح وثبت عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا تيمم ضرب بيديه ضربة فمسح بهم وجهه ثم ضرب بيديه ضربة أخرى ثم مسح بهما يديه إلى المرفقين

تصلي فِي الْقَوْم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله أصابتني جَنَابَة، وَلَا مَاء. قَالَ عَلَيْك بالصعيد فَإِنَّهُ كافيك " فَأخْبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن التُّرَاب هُوَ الْكَافِي فِي التَّطْهِير، فَمن نفض يَدَيْهِ حَتَّى لم يبْق عَلَيْهِم غُبَار فقد اكْتفى بِغَيْر التُّرَاب وَخَالف. وَصَحَّ وَثَبت عَن سَالم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا " أَنه كَانَ إِذا تيَمّم ضرب بيدَيْهِ ضَرْبَة فَمسح بهم وَجهه ثمَّ ضرب بيدَيْهِ ضَرْبَة أُخْرَى ثمَّ مسح بهما يَدَيْهِ إِلَى الْمرْفقين وَلَا ينفض يَدَيْهِ من التُّرَاب " وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى عَن أَبِيه قَالَ جَاءَ رجل إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِنِّي أجنبت فَلم أصب المَاء، فَقَالَ عمار بن يَاسر لعمر أما تذكر أَنا كُنَّا فِي سفر فأجنبت أَنا وَأَنت، فَأَما أَنْت فَلم تصل وَأما أَنا فتمعكت فِي التُّرَاب فَصليت فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت لَهُ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا كَانَ

بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه أخرج معناه البخاري ومسلم في الصحيح وهذا لا يخالف ما روينا إذ يجوز أنه بقي فيهما غبار التراب الذي جعله النبي

يَكْفِيك هَكَذَا وَضرب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بكفيه الأَرْض وَنفخ فيهمَا ثمَّ مسح بهما وَجهه وكفيه " أخرج مَعْنَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَهَذَا لَا يُخَالف مَا روينَا إِذْ يجوز أَنه بَقِي فيهمَا غُبَار التُّرَاب الَّذِي جعله النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا روينَا طهُورا وَجعله كَافِيا وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن عمار ثمَّ نفضهما ثمَّ مسح بهما وَمَعْنَاهُ مَا ذكرنَا وَهُوَ أَن نفضهما لِكَثْرَة مَا عَلَيْهِمَا وَبَقِي غبارها وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (29) :) وَلَا يجوز التَّيَمُّم بالزرنيخ والنورة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز، وَدَلِيلنَا من الْخَبَر قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث حُذَيْفَة عِنْد مُسلم " وَجعلت لنا الأَرْض كلهَا مَسْجِدا وَجعلت ترتبها لنا طهُورا " وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (30) :) وَلَا يجوز التَّيَمُّم إِلَّا بعد دُخُول وَقت الصَّلَاة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز، وَدَلِيلنَا ظَاهر الْكتاب، وروى مُسلم بن ريَاح كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فِي سفر فَسمع مناديا يُنَادي، قَالَ الله أكبر، قَالَ: شَهَادَة الْحق وَذكر الحَدِيث، ثمَّ قَالَ انْظُرُوا فَإِنَّكُم ستجدوه راعي معزى حَضرته الصَّلَاة فَرَأى لله عَلَيْهِ من الْحق أَن يتَوَضَّأ بِالْمَاءِ فَإِن لم يجد يتَيَمَّم ثمَّ أذن وَذكر الحَدِيث. وَعَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله فضلني على الْأَنْبِيَاء أَو قَالَ أمتِي على الْأُمَم بِأَرْبَع: أَرْسلنِي إِلَى النَّاس كَافَّة، وَجعل لي الأَرْض كلهَا ولأمتي مَسْجِدا وَطهُورًا، وأينما أدْرك الرجل من أمتِي الصَّلَاة فَعنده مَسْجده وَعِنْده طهوره الحَدِيث وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (31) :) وَلَا تيَمّم لشدَّة الْبرد، وَخَوف الْمَرَض من اسْتِعْمَال المَاء فِي الْمصر وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد، يتَيَمَّم فِي الْمصر لشدَّة الْبرد وَخَوف الْمَرَض مِنْهُ، وَدَلِيلنَا من الْخَبَر مَا تقدم فِي حَدِيث حُذَيْفَة: فأباح التَّيَمُّم بِشَرْط عدم المَاء وَهَذَا وَاجِد لَهُ، وَحَدِيث جَابر أَن وَفد ثَقِيف قَالُوا: يَا رَسُول الله إِن أَرْضنَا أَرض بَارِدَة قد تقدم فِي مَسْأَلَة الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق: وَهُوَ دَلِيل فِي هَذِه أَيْضا إِذْ لَو جَازَ التَّيَمُّم لشدَّة الْبرد لأخبرهم بذلك إِن شَاءَ الله وَقد شكوه إِلَيْهِ، وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى أَبُو دَاوُد عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ احْتَلَمت فِي لَيْلَة بَارِدَة فِي غَزْوَة ذَات السلَاسِل فَأَشْفَقت إِن اغْتَسَلت أَن أهلك فَتَيَمَّمت ثمَّ صليت بِأَصْحَابِي الصُّبْح فَذكرُوا ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا عَمْرو: صليت بِأَصْحَابِك وَأَنت جنب، فَأَخْبَرته بِالَّذِي مَنَعَنِي من الِاغْتِسَال وَقلت إِنِّي سَمِعت الله جلّ ثَنَاؤُهُ يَقُول {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم إِن الله كَانَ بكم رحِيما} فَضَحِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يقل شَيْئا هَذَا مُرْسل

سأل رسول الله

لم يسمعهُ عبد الرَّحْمَن من عَمْرو وَالَّذِي رُوِيَ عَن عَمْرو فِي هَذِه الْقِصَّة مُتَّصِلا لَيْسَ فِيهِ ذكر التَّيَمُّم، رُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن أبي قيس مولى عَمْرو بن الْعَاصِ، أَن عَمْرو بن الْعَاصِ كَانَ على سَرِيَّة وَأَنه أَصَابَهُم برد شَدِيد لم يرد مثله فَخرج لصَلَاة الصُّبْح فَقَالَ: وَالله لقد احْتَلَمت البارحة وَلَكِنِّي وَالله مَا رَأَيْت بردا مثل هَذَا؟ هَل مر على وُجُوهكُم مثله قَالُوا: لَا، فَغسل مغابنه وَتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة ثمَّ صلى بهم فَلَمَّا قدم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَيفَ وجدْتُم عمرا وصحابته؟ فَأَثْنوا عَلَيْهِ خيرا وَقَالُوا: يَا رَسُول الله صلى بِنَا وَهُوَ جنب، فَأرْسل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى عَمْرو فَسَأَلَهُ فَأخْبرهُ بذلك وَبِالَّذِي لَقِي من الْبرد، فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن الله تَعَالَى يَقُول: {وَلَا تقتلُوا أَنفسكُم} وَلَو اغْتَسَلت مت فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى عَمْرو

وروى أَبُو الْوَلِيد خَالِد بن يزِيد الْمَكِّيّ عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب عَن الْحسن بن زيد عَن أَبِيه عَن عَليّ وَعَن إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الموال عَن الْحسن بن زيد عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ حَدثنَا فِي الْمسْح على الجبائر وَالتَّيَمُّم لشدَّة الْبرد، وَهَذَا لَا يثبت خَالِد بن يزِيد الْمَكِّيّ ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (32) :) وَالْمَرِيض الَّذِي لَا يخَاف التّلف بِاسْتِعْمَال المَاء لَا يتَيَمَّم وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يتَيَمَّم إِذا كَانَ يتَأَذَّى بِالْمَاءِ وَإِن لم يخف التّلف. دليلنا: إجماعنا على وجوب الطَّهَارَة بِالْمَاءِ، وَقد وَردت الْإِبَاحَة فِي التَّيَمُّم للْمَرِيض يَقُول عز وَجل: {وَإِن كُنْتُم مرضى} وَلَا يُمكن إجراؤه على ظَاهره إِذْ لَا يجوز للَّذي بِهِ صداع أَو غَيره أَن يتَيَمَّم بالِاتِّفَاقِ، فَوَجَبَ قصره على مَا ورد فِيهِ وَهُوَ الْمَرِيض الَّذِي يخَاف التّلف بِاسْتِعْمَال المَاء، أخبرنَا بذلك وَذكر إِسْنَادًا عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَفعه فِي قَوْله عز وَجل: {وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر} قَالَ إِذا كَانَ بِالرجلِ الْجراحَة فِي سَبِيل الله أَو القروح أَو الجدري فيجنب فيخاف إِن اغْتسل أَن يَمُوت فليتيمم وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن رَافع بن خديج قَالَ: سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن الْحمى من فَور جَهَنَّم فَأَبْرِدُوهَا بِالْمَاءِ " فَأمر المحموم بِاسْتِعْمَال المَاء، وَقد يتَأَذَّى إِذا كَانَ مَعهَا عِلّة أُخْرَى وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (33) :) إِذا كَانَ بعض أَعْضَاء الْجَنَابَة جريحا غسل مَا قدر عَلَيْهِ وَيتَيَمَّم للْبَاقِي، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا كَانَ الْأَكْثَر جريحا سقط عَنهُ فرض الْغسْل فَتَيَمم، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا روى أَبُو دَاوُد حَدثنَا مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الْأَنْطَاكِي حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن الزبير بن خريق، عَن عَطاء، عَن جَابر قَالَ: خرجنَا فِي سفر فَأصَاب رجلا منا حجر فَشَجَّهُ فِي رَأسه، ثمَّ احْتَلَمَ، " فَقَالَ " لأَصْحَابه هَل تَجدوا لي رخصَة فِي التَّيَمُّم؟ قَالُوا: مَا نجد لَك رخصَة وَأَنت تقدر على المَاء، فاغتسل، فَمَاتَ فَلَمَّا قدمنَا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخبر بذلك فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتلهمْ الله أَلا سَأَلُوا إِذا لم يعلمُوا، فَإِنَّمَا شِفَاء العي السُّؤَال، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَن يتَيَمَّم ويعصر " أَو " ويعصب " - شكّ مُوسَى - " على جرحه خرقَة ثمَّ يمسح عَلَيْهَا وَيغسل سَائِر جسده " قَالَ أَبُو بكر بن أبي دَاوُد هَذِه سنة تفرد بهَا أهل مَكَّة وَحملهَا أهل الجزيرة، لم

وهو الصواب قال الدارقطني وقال ابن أبي حاتم سألت وأبا زرعة فقالا رواه ابن أبي العشرين عن الأوزاعي عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس وأسند الحديث قال المصنف وفي الكتاب دلالة على وجوب التيمم على المريض ووجوب الغسل على الصحيح فوجب

يروه عَن عَطاء عَن جَابر غير الزبير بن خريق وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَخَالفهُ الْأَوْزَاعِيّ فَرَوَاهُ عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَاخْتلف على الْأَوْزَاعِيّ فَقيل عَنهُ عَن عَطاء وَقيل عَنهُ بَلغنِي عَن عَطاء وَأرْسل الْأَوْزَاعِيّ آخِره عَن عَطاء عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم: سَأَلت وَأَبا زرْعَة فَقَالَا: رَوَاهُ ابْن أبي الْعشْرين عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن إِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَأسْندَ الحَدِيث قَالَ المُصَنّف: وَفِي الْكتاب دلَالَة على وجوب التَّيَمُّم على الْمَرِيض وَوُجُوب الْغسْل على الصَّحِيح فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْغسْل لما قدر عَلَيْهِ، وَوَجَب عَلَيْهِ التَّيَمُّم لما عجز عَنهُ وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (34) :) وَفِي الْمسْح على الجبائر قَولَانِ: أَحدهمَا يجوز وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن خَالِد، عَن زيد بن عَليّ عَن أَبِيه، عَن جده، عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: انْكَسَرَ إِحْدَى زندي فَسَأَلت

فأمرني أن أمسح على الجبائر قال علي بن عمر عمرو بن خالد أبو خالد الواسطي متروك وقال وكيع كان عمرو بن خالد في جوارنا يضع الحديث فلما فطن له تحول إلى واسط وكذبه أحمد بن حنبل وابن معين وغيرهما وهذا الحديث يعرف به وقد سرقه عمر بن موسى

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأمرنِي أَن أَمسَح على الجبائر قَالَ عَليّ بن عمر: عَمْرو بن خَالِد أَبُو خَالِد الوَاسِطِيّ مَتْرُوك. وَقَالَ وَكِيع كَانَ عَمْرو بن خَالِد فِي جوارنا يضع الحَدِيث فَلَمَّا فطن لَهُ تحول إِلَى وَاسِط وَكذبه أَحْمد بن حَنْبَل وَابْن معِين وَغَيرهمَا. وَهَذَا الحَدِيث يعرف بِهِ وَقد سَرقه عمر بن مُوسَى الوجيهي فَرَوَاهُ عَن زيد بن عَليّ عَن أَبِيه عَن جده، قَالَ قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ أصابني جرح فِي يَدي فعصبت عَلَيْهِ الجبائر فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: أَمسَح عَلَيْهِمَا أَو أنزعهما. فَقَالَ: بل امسح (عَلَيْهِمَا) وَعمر بن مُوسَى مَتْرُوك وَرُوِيَ عَن

مُحَمَّد بن عبد الله البلوي بِإِسْنَاد آخر ضَعِيف. أخبرناه أَبُو عبد الله الْحَافِظ حَدثنِي أَبُو سعيد مُحَمَّد بن عَليّ بن عَمْرو بن مهْدي الْمُذكر أخبرنَا أَبُو الْحسن أَحْمد بن الْقَاسِم بن الريان بِالْبَصْرَةِ حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد البلوي. وبلى حَيّ من الْيمن، نزل الْفسْطَاط حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن عبيد الله. أَو ابْن عبد الله بن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن جده عَن

فأمر به رسول الله

عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: (أُصِيبَت) إِحْدَى زندي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأمر بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجبر فَقلت: يَا رَسُول الله كَيفَ أصنع بِالْوضُوءِ؟ قَالَ: امسح على الجبائر، قلت فالجنابة، قَالَ: كَذَلِك فافعل. عبد الله بن مُحَمَّد البلوي مَجْهُول، رَأينَا فِي أَحَادِيثه الْمَنَاكِير، وروى فِي ذَلِك خَالِد بن يزِيد الْمَكِّيّ حَدِيثا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقدم سَنَده وَهُوَ ضَعِيف وَاضح مَا روى فِي هَذَا الْبَاب مَا تقدم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح وَإِسْنَاده مُخْتَلف فِيهِ وَالله أعلم وصحيح عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يمسح على الْعِصَابَة وَرَوَاهُ الْعَرْزَمِي عَن عَطاء عَن جَابر نَحْو الرِّوَايَة الأولى بِبَعْض مَعْنَاهَا فِي الْمَسْأَلَة قبلهَا، رَوَاهُ عَنهُ مرجى بن رَجَاء وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ، والعرزمي ضَعِيف وَرَوَاهُ الْوَلِيد بن عبيد ابْن أبي

فقال ما لهم قتلوه قتلهم الله ثلاثا قد جعل الله التيمم أو الصعيد طهورا شك ابن عباس ثم أثبته بعد وبقريب من معناه روي بإسناد ضعيف عن أبي سعيد الخدري فإن صحت روايات هذا الحديث فقد أمر في بعضها بالتيمم وفي بعضها بغسل الصحيح منه وفي بعضها

رَبَاح عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس " أَن رجلا أجنب فِي شتاء فَسَأَلَ فَأمر فاغتسل فَمَاتَ، فَذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: مَا لَهُم قَتَلُوهُ قَتلهمْ الله ثَلَاثًا قد جعل الله التَّيَمُّم أَو الصَّعِيد طهُورا، شكّ ابْن عَبَّاس ثمَّ أثْبته بعد وبقريب من مَعْنَاهُ، رُوِيَ بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فَإِن صحت رِوَايَات هَذَا الحَدِيث فقد أَمر فِي بَعْضهَا بِالتَّيَمُّمِ وَفِي بَعْضهَا بِغسْل الصَّحِيح مِنْهُ وَفِي بَعْضهَا بِالْمَسْحِ على الْجرْح أَو الْعِصَابَة وَالتَّيَمُّم مَعًا فَكَأَنَّهُ أَمر بهما جَمِيعًا فحفظ بعض الروَاة كِلَاهُمَا وَحفظ بَعضهم إِحْدَاهمَا، وَالْكتاب يدل على التَّيَمُّم للمرض وَهُوَ الْجرْح وَعُمُوم قَوْله: {وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} يدل على وجوب غسل مَا قدر على غسله وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (35) :) وَلَا يتَيَمَّم صَحِيح فِي الْمصر فِي حَال وجود المَاء لصَلَاة جَنَازَة وَلَا غَيرهَا وَإِن خَافَ فَوَاتهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: يتَيَمَّم إِذا

من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد رسول الله

خَافَ فَوتهَا دليلنا من طَرِيق الْخَبَر: حَدِيث حُذَيْفَة وَقد سبق فِي مَسْأَلَة التَّيَمُّم بالزرنيخ وَحَدِيث أبي ذَر. الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُسلم سبق فِي رِوَايَة المَاء، وَرُبمَا استدلوا بِحَدِيث أبي جهم أقبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من نَحْو بِئْر جمل فَلَقِيَهُ رجل فَسلم عَلَيْهِ فَلم يرد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى أقبل على الْجِدَار فَمسح بِوَجْهِهِ وَيَديه ثمَّ رد عَلَيْهِ السَّلَام " مَذْكُورَة فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَهَذَا إِنَّمَا ورد فِيمَا لَيْسَ من شَرطه الطَّهَارَة، وكلامنا وَقع فِي مَا الطَّهَارَة من شَرطه، وروى مُحَمَّد بن عَمْرو بن أبي مذعور عَن عبد الله بن نمير حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه أُتِي

بِجنَازَة وَهُوَ على غير وضوء فَتَيَمم ثمَّ صلى عَلَيْهَا " وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون عِنْد عدم المَاء فِي السّفر، وَقد وجدت لَهُ عِلّة استدللت بهَا على خطأ رِوَايَته وَهِي مَا روى عبد الله بن أَحْمد عَن أَبِيه عَن ابْن نمير حَدثنَا إِسْمَاعِيل عَن رجل عَن عَامر (إِذا فجئتك الْجِنَازَة وَأَنت على غير وضوء فصل عَلَيْهَا) قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن: يَقُولُونَ إِن هَذَا يرويهِ مُطِيع الغزال عَن الشّعبِيّ فَعَاد الحَدِيث إِلَى قَول عَامر الشّعبِيّ وَلَيْسَ لَهُ أصل من حَدِيث ابْن عمر وَالله أعلم. وَيُقَال إِسْمَاعِيل هَذَا هُوَ ابْن أبي خَالِد وَقد روى ابْن بكير عَن مَالك عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ لَا يُصَلِّي على الجناة إِلَّا وَهُوَ طَاهِر كَذَا قَالَ وَقد رَوَاهُ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم عَن مَالك عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ لَا يُصَلِّي على الْجِنَازَة إِلَّا وَهُوَ متوضئ " وروى الْمُغيرَة بن زِيَاد عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ إِذا فَجِئْته الْجِنَازَة وَهُوَ على غير وضوء تيَمّم " وَهَذَا أحد مَا

إذا فجئتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمم قال ابن عدي هذا مرفوع غير محفوظ والله أعلم

يُنكر على الْمُغيرَة فَإِنَّهُ إِنَّمَا يروي عَن عَطاء نَفسه غير مَرْفُوع إِلَى ابْن عَبَّاس قَالَ ابْن عدي حَدثنِي ابْن حَمَّاد حَدثنِي عبد الله بن أَحْمد قَالَ: " سَمِعت أبي وَسَأَلته عَن الْمُغيرَة بن زِيَاد فَقَالَ: ضَعِيف الحَدِيث حدث بِأَحَادِيث مَنَاكِير قَالَ أبي حدث عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس فِي الْجِنَازَة تمر وَهُوَ غير متوضأ. قَالَ يتَيَمَّم، قَالَ أبي وَرَوَاهُ عبد الْملك بن جريج عَن عَطاء مَوْقُوفا، وَحدث الْمفضل بن غَسَّان الْغلابِي عَن يحيى بن معِين أَنه أنكر على الْمُغيرَة حَدِيث التَّيَمُّم على الْجِنَازَة إِنَّمَا هُوَ عَن عَطاء فَبلغ بِهِ ابْن عَبَّاس وَرَوَاهُ مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا فجئتك الْجِنَازَة وَأَنت على غير وضوء فَتَيَمم " قَالَ ابْن عدي هَذَا مَرْفُوع غير مَحْفُوظ وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (36) :) وتعجيل الصَّلَاة فِي أول الْوَقْت بِالتَّيَمُّمِ أفضل فِي أحد الْقَوْلَيْنِ من تَأْخِيرهَا إِلَى آخر الْوَقْت رَجَاء وجود المَاء. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: فِيمَا يسْتَحبّ فِيهِ التَّعْجِيل من الصَّلَوَات كالظهر إِن تَأْخِيرهَا عِنْد رَجَاء وجود المَاء أفضل، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا روينَاهُ فِي كتاب الصَّلَاة من فضل تَعْجِيل الصَّلَاة وروى عَمْرو بن مُحَمَّد أبي رُزَيْق عَن هِشَام بن حسان عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: " وَرَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَيَمَّم بِموضع يُقَال لَهُ مربد النعم وَهُوَ يرى بيُوت الْمَدِينَة " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ عَمْرو بن مُحَمَّد وَهُوَ صَدُوق. وَقد أوقفهُ يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَغَيره عَن نَافِع عَن ابْن عَمْرو وروى الشَّافِعِي عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن عجلَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه أقبل من الجرف حَتَّى إِذا كَانَ بالمربد تيَمّم

كان يخرج فيهريق الماء فيمسح بالتراب فأقول يا رسول الله إن الماء منك قريب فيقول ما أدري لعلي لا أبلغه رواية ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن الأعرج عن حنش عنه وبما استدلوا بما روى الحارث الأعور عن علي قال إذا أجنب الرجل في السفر

فَمسح وَجهه وَيَديه وَصلى الْعَصْر، ثمَّ دخل الْمَدِينَة وَالشَّمْس مُرْتَفعَة، فَلم يعد الصَّلَاة " قَالَ الشَّافِعِي: والجرف قريب من الْمَدِينَة هَذَا عَن ابْن عمر ثَابت، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يخرج فيهريق المَاء فيمسح بِالتُّرَابِ فَأَقُول يَا رَسُول الله إِن المَاء مِنْك قريب فَيَقُول مَا أَدْرِي لعَلي لَا أبلغه " رِوَايَة ابْن لَهِيعَة عَن عبد الله بن هُبَيْرَة عَن الْأَعْرَج عَن حَنش عَنهُ، وَبِمَا استدلوا بِمَا روى الْحَارِث الْأَعْوَر عَن عَليّ قَالَ: " إِذا أجنب الرجل فِي السّفر تلوم مَا بَينه وَبَين آخر الْوَقْت فَإِن لم يجد المَاء تيَمّم وَصلى " والْحَارث الْأَعْوَر ضَعِيف لَا يحْتَج بحَديثه وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (37) :) وَفِي المَاء الْمُسْتَعْمل قَولَانِ: أَحدهمَا لَا تجوز بِهِ الطَّهَارَة، وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة، وَالثَّانِي: يجوز لكَونه طَاهِرا وَهَذَا لَا يثبت عَن الشَّافِعِي، وَهُوَ اخْتِيَار أبي بكر بن الْمُنْذر وَجَمَاعَة من أهل الحَدِيث وَالدَّلِيل على طَهَارَته حَدِيث أبي حنيفَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْأَبْطح فَجَاءَهُ بِلَال فآذنه بِالصَّلَاةِ قَالَ: فَدَعَا بِوضُوء فَتَوَضَّأ فَجعل النَّاس يأْتونَ وضوء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيتمسحون بِهِ " الحَدِيث رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وروياه أَيْضا فِي الصَّحِيح عَن جَابر دخل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا مَرِيض لَا أَعقل فَتَوَضَّأ فصب عَليّ من وضوئِهِ، فَأَفَقْت فَقلت يَا رَسُول الله: أَنِّي إِنَّمَا يَرِثنِي الْكَلَالَة فَكيف بِالْمِيرَاثِ فَنزلت آيَة الْفَرْض "، وروى معَاذ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا تَوَضَّأ مسح وَجهه بِطرف ثَوْبه وَفِي حَدِيث جَابر

مسح رأسه ببلل لحيته وخالفه محمد بن يحيى الأزدي عن أبي داود فقال فيه كان النبي

(ومعاذ) دلَالَة على طَهَارَة المَاء الْمُسْتَعْمل خلافًا لقَوْل من زعم أَنه نجس ويحكي ذَلِك عَن أبي يُوسُف، وروى إِبْرَاهِيم بن مَكْتُوم عَن عبد الله بن دَاوُد عَن سُفْيَان عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن الرّبيع بنت معوذ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مسح رَأسه ببلل لحيته " وَخَالفهُ مُحَمَّد بن يحيى الْأَزْدِيّ عَن أبي دَاوُد فَقَالَ فِيهِ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يأتينا فَتَوَضَّأ فَمسح رَأسه بِمَاء فضل فِي يَدَيْهِ من المَاء " وَرُوِيَ عَن زيد بن أَرقم عَن أبي دَاوُد، فَقَالَ فِيهِ إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تَوَضَّأ وَمسح رَأسه ببلل يَدَيْهِ " وَرَوَاهُ مُسَدّد عَن أبي دَاوُد فَقَالَ: إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مسح رَأسه بِفضل مَاء كَانَ فِي يَده "، وَرَوَاهُ شريك بن عبد الله القَاضِي عَن ابْن عقيل قَالَ: فَأخذ مَاء جَدِيد فَمسح رَأسه مقدمه

توضأ مرة مرة ومسح رأسه ببلل يديه وسليمان بن أرقم متروك والصحيح عن ابن عباس عن النبي

ومؤخره "، وَرُوِيَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن أبي معَاذ سُلَيْمَان بن أَرقم الْأنْصَارِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تَوَضَّأ مرّة مرّة وَمسح رَأسه ببلل يَدَيْهِ "، وَسليمَان بن أَرقم مَتْرُوك وَالصَّحِيح عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه أَخذ شَيْئا من مَاء فَمسح بِهِ رَأسه "، وَرُوِيَ من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء عَن مُبشر بن إِسْمَاعِيل عَن تَمام بن نجيح عَن الْحسن عَن أبي الدَّرْدَاء " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَوَضَّأ وَمسح رَأسه من فضل يَده "، وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن تَمام عَن الْحسن عَن أبي الدَّرْدَاء قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تَوَضَّأ فخلل لحيته من فضل مَاء وَجهه وَمسح رَأسه من فضل ذِرَاعَيْهِ وَلم يسْتَأْنف لَهما مَاء " اللَّفْظ الأول أولى أَن يكون مَحْفُوظًا مَعَ أَن تَمام بن نجيح الْأَسدي غير مُحْتَج بِهِ. قَالَ

فقال يا رسول الله إني اغتسلت من جنابة فصليت الفجر فلما أصبحت رأيت في ذراعي قدر موضع الظفر لم يصبه الماء فقال رسول الله

البُخَارِيّ: تَمام بن نجيح فِيهِ نظر، قَالَ ابْن عدي عَامَّة مَا يرويهِ تَمام بن نجيح لَا يُتَابِعه الثِّقَات عَلَيْهِ، وروى مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي عَن الْحسن بن سعد عَن أَبِيه عَن عَليّ قَالَ: " جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِنِّي اغْتَسَلت من جَنَابَة، فَصليت الْفجْر: فَلَمَّا أَصبَحت رَأَيْت فِي ذراعي قدر مَوضِع الظفر لم يصبهُ المَاء فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو مسحت عَلَيْهِ بِيَدِك أجزأك " والعرزمي مَتْرُوك، وَقد رُوِيَ من حَدِيث ابْن عَبَّاس وَابْن مَسْعُود وَأنس وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم مُسْندًا، أما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ " أَبُو عَليّ الرَّحبِي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اغْتسل ولمعة بَين مَنْكِبَيْه لم يصبهما المَاء فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِشعرِهِ فعصره فَمسح بِهِ اللمْعَة أَبُو عَليّ الرَّحبِي: هُوَ حُسَيْن بن قيس وَيُقَال حَنش، ترك ابْن حَنْبَل حَدِيثه، وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود فَرَوَاهُ يحيى بن

اغتسل من الجنابة فبقيت لمعة في جسده فقيل له يا رسول الله هذه لمعة في جسدك لم يصبها الماء قال فأومأ إلى بلل شعره فبله به فأجزأه ذلك يحيى بن عنبسة هذا كان يتهم بوضع الحديث وإنما يروي عن إبراهيم من قوله في الوضوء إن كان في

عَنْبَسَة عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغْتسل من الْجَنَابَة فَبَقيت لمْعَة فِي جسده فَقيل لَهُ يَا رَسُول الله: هَذِه لمْعَة فِي جسدك لم يصبهَا المَاء. قَالَ: فَأَوْمأ إِلَى بَلل شعره فبله بِهِ فأجزأه ". ذَلِك يحيى بن عَنْبَسَة هَذَا كَانَ يتهم بِوَضْع الحَدِيث، وَإِنَّمَا يروي عَن إِبْرَاهِيم من قَوْله فِي الْوضُوء: إِن كَانَ فِي اللِّحْيَة بَلل مسح بِرَأْسِهِ وَأما حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُمَا فَروِيَ عَن عَطاء بن عجلَان عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة قَالَت اغْتسل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من جَنَابَة فَرَأى لمْعَة فِي جلده لم يصبهما المَاء فعصر خصْلَة من شعر رَأسه فأمسها ذَلِك المَاء. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: عَطاء بن عجلَان مَتْرُوك الحَدِيث، وَأما حَدِيث أنس فَروِيَ عَن المتَوَكل بن فُضَيْل أبي أَيُّوب الْحداد بَصرِي عَن أبي ظلال عَن أنس بن مَالك. جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الصُّبْح وَقد اغْتسل من جَنَابَة فَكَانَ نُكْتَة مثل الدِّرْهَم لم يصبهَا المَاء فسلت شعره من المَاء

مرضي أن رسول الله

ومسحه بِهِ وَلم يعد الصَّلَاة ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: متوكل بن فُضَيْل ضَعِيف، وَرُوِيَ عَن عبد السَّلَام بن صَالح عَن إِسْحَاق بن سُوَيْد عَن الْعَلَاء بن زِيَاد عَن رجل من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرضِي: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج عَلَيْهِم ذَات يَوْم وَقد اغْتسل وَقد بقيت لمْعَة من جسده لم يصبهَا المَاء، فَقُلْنَا يَا رَسُول الله هَذِه لمْعَة لم يصبهَا المَاء وَكَانَ لَهُ شعر وَارِد فَقَالَ بِشعرِهِ هَكَذَا على الْمَكَان فبله ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ عبد السَّلَام بن صَالح هَذَا بَصرِي لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَغَيره من الثِّقَات يرويهِ عَن إِسْحَاق عَن الْعَلَاء مُرْسلا، وَرُوِيَ عَن هشيم عَن إِسْحَاق بن سُوَيْد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " اغْتسل من الْجَنَابَة، فَرَأى على عَاتِقه لمْعَة بِهَذَا وَقَالَ: فَقَالَ بِشعرِهِ وَهُوَ رطب " قَالَ عَليّ: هَذَا مُرْسل وَهُوَ الصَّوَاب وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (38) :) وَيغسل الْإِنَاء من ولوغ الْكَلْب سبع مَرَّات إِحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ، وَلَا يطهر بِدُونِ ذَلِك. قَالَ أَبُو حنيفَة: يغسل ثَلَاثًا فيطهر بِهِ لنا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا شرب الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليغسله سبع مَرَّات " وَفِي رِوَايَة عِنْد مُسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ الْكَلْب فِيهِ أَن يغسل سبع مَرَّات) وَفِي أُخْرَى إِذا ولغَ الْكَلْب فِي إِنَاء أحدكُم فليرقه ثمَّ ليغسله سبع مَرَّات " وَفِي أُخْرَى قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ الْكَلْب فِيهِ أَن يغسلهُ سبع مَرَّات أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ " كَذَا رَوَاهُ هِشَام بن حسان وَأَيوب وحبِيب بن الشَّهِيد عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ أَيُّوب: " أولَاهُنَّ أَو آخِرهنَّ بِالتُّرَابِ ". وَعند مُسلم أَيْضا عَن عبد الله بن مُغفل أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمر بقتل الْكلاب ثمَّ قَالَ مَا لَهُم وَلها فَرخص فِي كلب الصَّيْد وَفِي كلب

الْغنم وَقَالَ: إِذا ولغَ الْكَلْب فِي الْإِنَاء فاغسلوه سبع مَرَّات وَالثَّامِنَة عفروه بِالتُّرَابِ ". وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن عَليّ وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس مُسْندًا وَفِيمَا مضى كِفَايَة وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى عبد الْوَهَّاب عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا (فِي الْكَلْب يلغ فِي الْإِنَاء أَنه يغسلهُ ثَلَاثًا أَو خمْسا أَو سبعا) قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " تفرد بِهِ عبد الْوَهَّاب عَن إِسْمَاعِيل وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث وَغَيره يرويهِ عَن إِسْمَاعِيل بِهَذَا الْإِسْنَاد (فاغسلوه سبع مَرَّات) وَهُوَ الصَّوَاب " وَذكر إِسْنَاده عَن أَحْمد بن خَالِد بن عَمْرو الْحِمصِي عَن أَبِيه عَن إِسْمَاعِيل بِهِ. وَقَالَ هَذَا هُوَ الصَّحِيح وَذكر أَبُو حَاتِم عبد الْوَهَّاب ابْن الضَّحَّاك أخبرنَا الْحَارِث وَذكر أَنه كَانَ يسرق الحَدِيث يرويهِ ويجيب فِيمَا يسْأَل وَيحدث بِمَا يقْرَأ عَلَيْهِ وَلَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ وَلَا الذّكر عَنهُ إِلَّا على جِهَة الِاعْتِبَار وَرُوِيَ عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن صَفْوَان بن عَمْرو عَن عبد الرَّحْمَن بن

رواه أبو داود عن محمد بن عبيد عن حماد بن

جُبَير بن نفير عَن كثير بن مرّة عَن عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا (أَن الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا، فمنزلي ومنزل إِبْرَاهِيم فِي الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة تجاهين وَالْعَبَّاس بَيْننَا مُؤمن بَين خليلين قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَفِي هَذَا غنية لمن شم رَائِحَة الحَدِيث فِي معرفَة سوء حَاله، وَقد رُوِيَ عَنهُ أَيْضا بِالْإِسْنَادِ على الصِّحَّة، وروى عبد الْملك ابْن أبي سُلَيْمَان عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: (إِذا ولغَ الْكَلْب فِي الْإِنَاء فأهرقه ثمَّ اغسله ثَلَاث مَرَّات) قَالَ عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا مَوْقُوف وَلم يروه هَكَذَا غير عبد الْملك عَن عَطاء وَالصَّحِيح مثل مَا رُوِيَ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن عبيد عَن حَمَّاد بن

مسألة

زيد عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " الْكَلْب يلغ فِي الْإِنَاء قَالَ يهراق وَيغسل أمرارا " وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ عَن الْمحَامِلِي عَن حجاج بن الشَّاعِر عَن عَارِم عَن حَمَّاد وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (39) :) وأسار السبَاع كلهَا طَاهِرَة سوى الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَمَا تفرع مِنْهُمَا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: كلهَا نَجِسَة إِلَّا مَا وَقع بِهِ الْبلوى كالهرة

أن يتوضأ فقالت امرأة من نسائه يا رسول الله قد توضأت من هذا فتوضأ النبي

والفأرة وسباع الطير، وَكره أَبُو حنيفَة سُؤْر الْهِرَّة إِلَّا أَنه إِن تَوَضَّأ جَازَ لنا من الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن شُعْبَة عَن سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ أَرَادَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يتَوَضَّأ فَقَالَت امْرَأَة من نِسَائِهِ يَا رَسُول الله قد تَوَضَّأت من هَذَا، فَتَوَضَّأ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: " المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: قد احْتج البُخَارِيّ بِأَحَادِيث عِكْرِمَة، وَاحْتج مُسلم بِأَحَادِيث سماك بن حَرْب. وَهَذَا حَدِيث صَحِيح فِي الطَّهَارَة وَلَا يحفظ لَهُ عِلّة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سماك وَرُوِيَ مُرْسلا وَمن أسْندهُ أحفظ، وروى مَالك فِي الْمُوَطَّأ من حَدِيث أبي قَتَادَة فِي الْهِرَّة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ إِنَّهَا لَيست بِنَجس إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات، فَجعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعلَّة فِي كَون سُؤْر الْهِرَّة طَاهِرا أَنَّهَا لَيست بِنَجس دون مَا زَعَمُوا من وُقُوع الْبلوى فَكَذَلِك كل طَاهِر فِي حَيَاته فسؤره طَاهِر،

إنها ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم وقد رأيت رسول الله

وروى أَبُو دَاوُد ذَلِك من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّهَا لَيست بِنَجس، إِنَّمَا هِيَ من الطوافين عَلَيْكُم " وَقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَوَضَّأ بفضلها " وَله شَوَاهِد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَمِنْهَا حَدِيث صَفِيَّة عَنْهَا وَقد مضى فِي السّنَن وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " أشهد أَنِّي تَوَضَّأت أَنا وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من إِنَاء قد أَصَابَت مِنْهُ الْهِرَّة قبل ذَلِك " وَعَن اللَّيْث حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الْأنْصَارِيّ عَن عبد الله بن سعيد عَن أَبِيه عَن عُرْوَة عَنْهَا قَالَت " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تمر بِهِ الْهِرَّة فيصغي لَهَا الْإِنَاء فَتَشرب ثمَّ يتَوَضَّأ بفضلها ". قَالَ عَليّ بن عمر: قَالَ أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي: يَعْقُوب هَذَا أَبُو يُوسُف القَاضِي وَعبد الله هُوَ ابْن سعيد المَقْبُري وَهُوَ ضَعِيف، وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن عُرْوَة عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَنه كَانَ يصغي إِلَى الْهِرَّة الْإِنَاء حَتَّى تشرب مِنْهُ ثمَّ يتَوَضَّأ بفضلهما وَأما الَّذِي رُوِيَ عَن

في الكلب يلغ في الإناء يغسل سبع مرات أولاهن أو أخراهن بالتراب والسنور مرة فهو في السنور من قول أبي هريرة فغلط فيه بعض الرواة فأدرجه في الحديث وقد بينه قرة عن ابن سيرين بيانا شافيا فقال عن رسول الله

ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي الْكَلْب يلغ فِي الْإِنَاء يغسل سبع مَرَّات أولَاهُنَّ أَو أخراهن بِالتُّرَابِ " والسنور مرّة فَهُوَ فِي السنور من قَول أبي هُرَيْرَة فغلط فِيهِ بعض الروَاة فأدرجه فِي الحَدِيث وَقد بَينه قُرَّة عَن ابْن سِيرِين بَيَانا شافيا فَقَالَ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " طهُور إِنَاء أحدكُم إِذا ولغَ فِيهِ الْكَلْب أَن يغسل سبع مَرَّات أولَاهُنَّ بِالتُّرَابِ " ثمَّ ذكر عَن أبي هُرَيْرَة الْهِرَّة لَا أَدْرِي قَالَ: " مرّة أَو مرَّتَيْنِ " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد والمعتمر بن سُلَيْمَان عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " إِذا ولغَ الهر غسل مرّة " فعلى هَذَا الْوَجْه رِوَايَة الْحفاظ فَلَا اعْتِبَار بِرِوَايَة من رَوَاهُ فِي الْهِرَّة مَرْفُوعا وَأَبُو هُرَيْرَة إِن أَرَادَ بِهَذَا الْغسْل بالنظافة فَهَكَذَا يَقُول وَإِن أَرَادَ تنجيس الْهِرَّة فَهُوَ محجوج بِحَدِيث أبي قَتَادَة وَغَيره. وروى أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي أخبرنَا سعيد بن سَالم عَن ابْن أبي حَبِيبَة وَأبي حَبِيبَة عَن دَاوُد بن الْحصين عَن جَابر بن عبد الله عَن

أنه سئل أتتوضأ بما أفضلت الحمر قال نعم وبما أفضلت السباع كلها ورواه أبو بكر بن زياد النيسابوري عن الربيع عن الشافعي عن ابن أبي حبيبة وهو إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن أبيه عن جابر وروى الدارقطني عن محمد بن

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه سُئِلَ أتتوضأ بِمَا أفضلت الْحمر قَالَ: نعم وَبِمَا أفضلت السبَاع كلهَا ". وَرَوَاهُ أَبُو بكر بن زِيَاد النَّيْسَابُورِي عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي عَن ابْن أبي حَبِيبَة وَهُوَ إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن أبي حَبِيبَة، عَن دَاوُد بن الْحصين عَن أَبِيه عَن جَابر وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الصَّنْعَانِيّ حَدثنَا عبد الرَّزَّاق عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن دَاوُد بن الْحصين عَن أَبِيه عَن جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (تَوَضَّأ بِمَا أفضلت السبَاع) وَقد رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى الْأَسْلَمِيّ وروى مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن

سئل عن الحياض التي بين المدينة ومكة وقالوا تردها السباع والكلاب والحمير فقال رسول الله

إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ خرج فِي ركب فيهم عَمْرو بن الْعَاصِ حَتَّى وردوا حوضا فَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ لصَاحب الْحَوْض، يَا صَاحب الْحَوْض: هَل ترد حوضك السبَاع؟ فَقَالَ عمر: يَا صَاحب الْحَوْض: لَا تخبرنا فَإنَّا نرد على السبَاع وَترد علينا ". وَرُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم مولى عمر عَن أَبِيه عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن الْحِيَاض الَّتِي بَين الْمَدِينَة وَمَكَّة وَقَالُوا تردها السبَاع وَالْكلاب وَالْحمير، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (مَا فِي بطونها لَهَا وَمَا بَقِي فَهُوَ لنا طهُور) . عبد الرَّحْمَن بن زيد ضَعِيف، وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " نهى عَن سُؤْر الْكَلْب والسنور وَالْحمار ". وَرَوَاهُ الثَّوْريّ عَن عبيد الله فِي الْجَامِع فَقَالَ عَن

ما أكل لحمه فلا بأس بسؤره وهذا إن سلم

نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه كره سُؤْر الْكَلْب وَالْحمار والسنور أَن يتَوَضَّأ بِهِ ". وَهَكَذَا رَوَاهُ جوَيْرِية بن أَسمَاء عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول: " لَا تتوضأ بِفضل الْكَلْب والهر وَالْحمار وَأما سَائِر ذَلِك فَلَيْسَ فِيهِ بَأْس " وَهَذَا فِي السَّبع وَدَلِيلنَا فِي الْهِرَّة وَالْحمار مَحْمُول على مَا إِذا كَانَ بفيهما نَجَاسَة، أَو التَّنْزِيه. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن رَجَاء حَدثنَا مُصعب بن سوار عَن مطرف عَن أبي الجهم عَن الْبَراء قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أكل لَحْمه فَلَا بَأْس بسؤره " وَهَذَا إِن سلم

مسألة

من مُصعب فَنحْن نقُول بِظَاهِرِهِ وَتَركنَا الْمَفْهُوم، لقِيَام الدَّلِيل عَلَيْهِ. هَذَا وَمصْعَب بن سوار إِنَّمَا هُوَ سوار بن مُصعب فَقلب ابْن رَجَاء اسْمه وسوار بن مُصعب مَتْرُوك وَرَوَاهُ غَيره عَن سوار فِي الْبَوْل وَلَا يَصح ذَلِك وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (40) :) وَمَا لَيْسَ لَهُ نفس سَائِلَة إِذا مَاتَ فِي المَاء الْقَلِيل نجسه فِي أحد الْقَوْلَيْنِ: كالذباب وَالْعَقْرَب. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يُنجسهُ وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْكتاب وَنَوع من النّظر. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (إِذا سقط الذُّبَاب فِي إِنَاء أحدكُم فليغمسه كُله ثمَّ لينتزعه فَإِن فِي أحد جناحيه دَاء، وَفِي الآخر شِفَاء) رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح: أجَاب الشَّافِعِي عَن هَذَا فَقَالَ: وغمس الذُّبَاب فِي الْإِنَاء لَيْسَ بقتْله، والذباب لَا يُؤْكَل وروى بَقِيَّة عَن سعيد بن أبي سعيد عَن

يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال أكله وشربه ووضؤوه قال الدارقطني لم يروه غير بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي وهو ضعيف وقد ذكرنا أن ما يرويه بقية من الضعفاء والمجهولين فليس بمقبول منه كيف وقد أجمعوا

بشر بن مَنْصُور عَن عَليّ بن زيد بن جدعَان عَن سعيد بن الْمسيب عَن سلمَان. قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا سلمَان كل طَعَام وشراب وَقعت فِيهِ دَابَّة لَيْسَ لَهَا دم فَمَاتَتْ فِيهِ فَهُوَ حَلَال أكله وشربه ووضؤوه " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يروه غير بَقِيَّة عَن سعيد بن أبي سعيد الزبيدِيّ وَهُوَ ضَعِيف وَقد ذكرنَا أَن مَا يرويهِ بَقِيَّة من الضُّعَفَاء والمجهولين فَلَيْسَ بمقبول مِنْهُ كَيفَ وَقد أَجمعُوا على أَن بَقِيَّة لَيْسَ بِحجَّة. وَرُوِيَ فِي الرُّخْصَة فِيمَا لَيْسَ لَهُ نفس سَائِلَة، عَن الْحسن وَعَطَاء وَعِكْرِمَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (41) :) وحد المَاء الَّذِي لَا ينجس جَمِيعه بِمَا يَقع فِيهِ وَلَا بِغَيْرِهِ قلتان وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا لَا يلتقي طرفاه، وَحده أَصْحَابه بِأَنَّهُ إِذا حرك لَا يَتَحَرَّك جانباه وَدَلِيلنَا مَا أخبرنَا الْحَاكِم أَبُو عبد الله حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس

سئل عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال رسول الله

مُحَمَّد بن يَعْقُوب حَدثنَا أَحْمد بن عبد الحميد الْحَارِثِيّ حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن الْوَلِيد بن كثير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه عبد الله بن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن المَاء وَمَا ينوبه من الدَّوَابّ وَالسِّبَاع فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل الْخبث ". أخبرناه أَبُو عبد الله فِي كتاب الْمُسْتَدْرك حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس حَدثنَا الْحسن بن عَليّ بن عَفَّان حَدثنَا أَبُو أُسَامَة فَذكره بِمَعْنَاهُ وَهَكَذَا رَوَاهُ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي وَأَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء وَيَعْقُوب

الدَّوْرَقِي وَغَيرهم عَن أبي أُسَامَة قَالَ أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد على شَرط الشَّيْخَيْنِ فقد احتجا جَمِيعًا بِجَمِيعِ رُوَاته وَلم يخرجَاهُ، وأظنهما وَالله أعلم لم يخرجَاهُ لخلاف فِيهِ على أبي أُسَامَة عَن الْوَلِيد أخبرنَا أَبُو عبد الله أخبرنَا دعْلج بن أَحْمد حَدثنَا بشر بن مُوسَى حَدثنَا الْحميدِي حَدثنَا أَبُو أُسَامَة قَالَ، وَحدثنَا عَليّ بن عِيسَى حَدثنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد وَإِبْرَاهِيم بن أبي طَالب قَالَا حَدثنَا مُحَمَّد بن عُثْمَان بن كَرَامَة حَدثنَا أَبُو أُسَامَة حَدثنَا الْوَلِيد بن كثير عَن مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر

عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث أخبرنا أبو عبد الله قال وهكذا رواه الشافعي رحمه الله في المبسوط عن الثقة وهو أبو أسامة بلا شك فيه أخبرنا أبو عبد الله حدثنا أبو العباس أخبرنا الربيع أخبرنا

عَن أَبِيه قَالَ سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن المَاء وَمَا ينوبه من الدَّوَابّ وَالسِّبَاع فَقَالَ: " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل الْخبث " أخبرنَا أَبُو عبد الله قَالَ وَهَكَذَا رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي الْمَبْسُوط عَن الثِّقَة وَهُوَ أَبُو أُسَامَة بِلَا شكّ فِيهِ، أخبرنَا أَبُو عبد الله حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس أخبرنَا الرّبيع أخبرنَا الشَّافِعِي أخبرنَا الثِّقَة عَن الْوَلِيد عَن مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل نجسا أَو خبثا " أخبرناه أَبُو عبد الله قَالَ هَذَا خلاف لَا يوهن هَذَا الحَدِيث، فقد احْتج الشَّيْخَانِ بالوليد بن كثير وَمُحَمّد بن جَعْفَر بن الزبير، فَأَما مُحَمَّد بن عباد فَغير مُحْتَج بِهِ، وَإِنَّمَا قربه أَبُو أُسَامَة عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر ابْن الزبير ثمَّ حدث بِهِ مرّة عَن هَذَا وَمرَّة عَن ذَلِك. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِي الله عَنهُ قَول شَيخنَا رَحمَه الله فِي مُحَمَّد بن عباد بن جَعْفَر أَنه غير مُحْتَج بِهِ سَهْو مِنْهُ فقد أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم رحمهمَا الله حَدِيثه فِي الصَّحِيح واحتجا بِهِ، والْحَدِيث مَحْفُوظ عَن الْوَلِيد بن كثير عَنْهُمَا جَمِيعًا قَالَ شَيخنَا أَبُو عبد الله فِيمَا قرئَ عَلَيْهِ وَأَنا أسمع وَالدَّلِيل عَلَيْهِ مَا حَدَّثَنِيهِ أَبُو عَليّ مُحَمَّد بن عَليّ الإسفرايني حَدثنَا عَليّ بن عبد الله بن مُبشر

عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال النبي

حَدثنَا شُعَيْب بن أَيُّوب حَدثنَا أَبُو أُسَامَة حَدثنَا الْوَلِيد بن كثير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير وَمُحَمّد بن عباد بن جَعْفَر عَن عبد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه قَالَ سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن المَاء وَمَا ينوبه من الدَّوَابّ وَالسِّبَاع. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل الْخبث " قَالَ الْحَاكِم قد صَحَّ وَثَبت بِهَذِهِ الرِّوَايَة صِحَة الحَدِيث وَظهر أَن أَبَا أُسَامَة سَاق هَذَا الحَدِيث عَن الْوَلِيد عَنْهُمَا جَمِيعًا، فَإِن شُعَيْب بن أَيُّوب الصريفيني ثِقَة مَأْمُون وَكَذَلِكَ الطَّرِيق إِلَيْهِ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد رُوِيَ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة عَن أبي أُسَامَة كَمَا رَوَاهُ الْحسن بن عَليّ بن عَفَّان عَن أبي أُسَامَة وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى كَمَا رَوَاهُ الْحميدِي عَن أبي أُسَامَة فصح أَن عُثْمَان بن أبي شيبَة رَوَاهُ عَن أبي أُسَامَة على الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا كَمَا رَوَاهُ شُعَيْب بن أَيُّوب. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله وَقد تَابع الْوَلِيد بن كثير على رِوَايَته عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار الْقرشِي حدّثنَاهُ، وَذكر إِسْنَاده عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير عَن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عَن ابْن عمر قَالَ سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْأَل عَن المَاء يكون بِأَرْض الفلاة وَمَا ينوبه من الدَّوَابّ وَالسِّبَاع فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ المَاء قدر قُلَّتَيْنِ لم يحمل الْخبث " قَالَ الْحَاكِم: وَهَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ وزائدة بن قدامَة وَحَمَّاد بن سَلمَة وَإِبْرَاهِيم بن سعد وَعبد الله بن الْمُبَارك وَيزِيد بن

زُرَيْع وَسَعِيد بن زيد أَخُو حَمَّاد بن زيد وَأَبُو مُعَاوِيَة وَعَبدَة بن سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق. فَقَالُوا كلهم عَن عبيد الله بن عبد الله بن عمر وَهُوَ مِمَّا لَا يوهنه فَإِن الحَدِيث قد حدث بِهِ عبيد الله وَعبد الله جَمِيعًا. قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَرُوِيَ عَن عباد بن صُهَيْب عَن الْوَلِيد بن كثير كَذَلِك أخبرناه فَذكر إِسْنَاده (إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل الْخبث) وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم بن الْمُنْذر عَن عبيد الله وَفِيه تَقْوِيَة لرِوَايَة ابْن إِسْحَاق وَكَانَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي يمِيل إِلَى الصَّحِيح رِوَايَة من رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن عبيد الله بن عبد الله ويستدل بروايته الحَدِيث عَن عِيسَى بن يُونُس عَن الْوَلِيد بن كثير عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن عبيد الله أخبرنَا أَبُو بكر وَذكر إِسْنَاده عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر

سئل عن الماء يكون بالفلاة وترده السباع والكلاب قال إذا كان الماء قلتين لا يحمل الخبث كذا قال السباع والكلاب وهو غريب وروى أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا عاصم بن المنذر عن عبد الله بن عبد الله حدثني أبي أن رسول الله

عَن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عَن أَبِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن المَاء يكون بالفلاة وترده السبَاع وَالْكلاب قَالَ " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لَا يحمل الْخبث ". كَذَا قَالَ السبَاع وَالْكلاب وَهُوَ غَرِيب وروى أَبُو دَاوُد حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا حَمَّاد حَدثنَا عَاصِم بن الْمُنْذر عَن عبد الله بن عبد الله حَدثنِي أبي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا ينجس " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جمَاعَة عَن حَمَّاد من غير شكّ وَفِي رِوَايَة بَعضهم قُلَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَالَّذين لم يشكوا أحفظ وَأكْثر فَهُوَ أولى أخبرنَا أَبُو عبد الله حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس قَالَ سَمِعت الْعَبَّاس بن مُحَمَّد يَقُول سَمِعت يحيى بن معِين وَسُئِلَ عَن حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة حَدِيث عَاصِم بن الْمُنْذر بن الزبير فَقَالَ هَذَا جيد الْإِسْنَاد، قيل لَهُ: فَإِن ابْن علية لم يعرفهُ قَالَ يحيى وَإِن لم يحفظه ابْن علية فَالْحَدِيث حَدِيث جيد الْإِسْنَاد وَهُوَ أحسن من حَدِيث الْوَلِيد ابْن كثير يَعْنِي يحيى فِي قصَّة المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء، وروى الشَّافِعِي

قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثا وفي هذا الحديث بقلال هجر قال ابن جريج وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيأ وروى الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري حدثنا أبو حميد حدثنا حجاج حدثنا ابن جريج أخبرني محمد يعني ابن يحيى

أخبرنَا مُسلم بن خَالِد عَن ابْن جريج بِإِسْنَاد لَا يحضرني ذكره أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل خبثا " وَفِي هَذَا الحَدِيث بقلال هجر قَالَ ابْن جريج: وَقد رَأَيْت قلال هجر. فالقلة تسع قربتين أَو قربتين وشيأ. وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي بكر النَّيْسَابُورِي حَدثنَا أَبُو حميد حَدثنَا حجاج حَدثنَا ابْن جريج أَخْبرنِي مُحَمَّد يَعْنِي ابْن يحيى أَن يحيى بن عقيل أخبرهُ أَن يحيى بن عمر أخبرهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يحمل نجسا وَلَا بَأْسا " فَقلت ليحيى بن عقيل: قلال هجر قَالَ: قلال هجر وأظن أَن كل قلَّة تَأْخُذ قربتين قَالَ ابْن جريج وَأَخْبرنِي لوط عَن أبي إِسْحَاق عَن مُجَاهِد أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ فَصَاعِدا لم يُنجسهُ شَيْء ".

قال فذكر حديث المعراج وفيه قال ودفعت إلى سدرة المنتهى وإذا أوراقها مثل أذان الفيول وإذا نبقها مثل قلال هجر وروى القاسم بن عبد الله عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله

وروى مُغيرَة بن سقلاب عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا " إِذا كَانَ المَاء قُلَّتَيْنِ بقلال هجر لم يحمل نجسا الْمُغيرَة بن سقلاب ضَعِيف وَالْمَحْفُوظ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق مَا مضى وَفِي الصَّحِيح من حَدِيث قَتَادَة عَن أنس عَن مَالك بن صعصعة أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فَذكر حَدِيث الْمِعْرَاج وَفِيه قَالَ وَدفعت إِلَى سِدْرَة الْمُنْتَهى وَإِذا أوراقها مثل أَذَان الفيول وَإِذا نبقها مثل قلال هجر " وروى الْقَاسِم بن عبد الله عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا بلغ المَاء أَرْبَعِينَ قلَّة فَإِنَّهُ لَا يحمل الْخبث " قَالَ عَليّ بن عمر: كَذَا رَوَاهُ الْقَاسِم الْعمريّ عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر، وَوهم فِي إِسْنَاده، وَكَانَ ضَعِيفا كثير الْخَطَأ، وَخَالفهُ روح بن الْقَاسِم وسُفْيَان الثَّوْريّ وَمعمر بن رَاشد رَوَوْهُ عَن

مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن عبد الله بن عمر مَوْقُوفا وَرَوَاهُ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن ابْن الْمُنْكَدر من قَوْله لم يُجَاوز بِهِ وَقَالَ يحيى بن معِين: الْقَاسِم بن عبد الله بن عمر لَيْسَ بِشَيْء وَكَذَلِكَ رَوَاهُ روح بن الْقَاسِم عَن ابْن الْمُنْكَدر مَوْقُوفا وَرُوِيَ عَن جَابر من قَوْله نَحْو قَوْلنَا وَرُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي هُرَيْرَة عَن أَبِيه قَالَ " إِذا كَانَ المَاء قدر أَرْبَعِينَ قلَّة لم يحمل خبثا " قَالَ عَليّ بن عمر: كَذَا قَالَ. وَخَالفهُ غير وَاحِد رَوَوْهُ عَن أبي هُرَيْرَة فَقَالُوا: أَرْبَعِينَ غربا، وَمِنْهُم من قَالَ: أَرْبَعِينَ دلوا، أما حَدِيث الثَّوْريّ وَمعمر فَروِيَ عَن عبد الرَّزَّاق عَنْهُمَا عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ قَالَ: " إِذا كَانَ المَاء أَرْبَعِينَ قلَّة لم يُنجسهُ شَيْء " وروى أَبُو حَامِد أَحْمد بن مُحَمَّد الشاذكي رَحمَه الله عَن أبي يعلى عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن أَسمَاء عَن

الماء طهور لا ينجسه شيء قال أبو داود قال قتيبة بن سعيد سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها فقلت أكثر ما يكون فيها الماء قال إلى العانة قلت فإذا نقص قال دون العورة قال أبو داود قدرت بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا

مهْدي بن مَيْمُون عَن وَاصل عَن خَالِد بن كثير عَن أبي إِسْحَاق الهمذاني قَالَ قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: (إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ لم يقبل الْخبث) وروى أَبُو دَاوُد حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء، وَالْحسن بن عَليّ وَمُحَمّد بن سُلَيْمَان قَالُوا حَدثنَا أَبُو أُسَامَة عَن الْوَلِيد ابْن كثير عَن مُحَمَّد بن كَعْب عَن عبيد الله بن عبد الله بن رَافع بن جريج عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه قيل يَا رَسُول الله: أتتوضأ من بِئْر بضَاعَة وَهِي بِئْر يطْرَح فِيهَا الْحيض وَلحم الْكلاب وَالنَّتن؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " المَاء طهُور لَا يُنجسهُ شَيْء " قَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ قُتَيْبَة بن سعيد: سَأَلت قيم بِئْر بضَاعَة عَن عمقها، فَقلت أَكثر مَا يكون فِيهَا المَاء؟ قَالَ: إِلَى الْعَانَة، قلت فَإِذا نقص قَالَ: دون الْعَوْرَة، قَالَ أَبُو دَاوُد: قدرت بِئْر بضَاعَة بردائي: مددته عَلَيْهَا ثمَّ ذرعته، فَإِذا عرضهَا

في سفر فإذا نحن بنهر من ماء أو غدير فيه شاة ميتة فأمسكنا أيدينا فقال اشربوا وتوضئوا فإن الماء لا ينجسه شيء طريف هو ابن شهاب أبو سفيان السعدي ليس بقوي وروى عن عكرمة أن عمر ورد ماء مجنة فقيل له إن الكلاب قد ولغت فيه فقال إنما ولغت

سِتَّة أَذْرع وَسَأَلت الَّذِي فتح لي بَاب الْبُسْتَان فَأَدْخلنِي إِلَيْهِ هَل غير بناؤها عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَقَالَ: لَا وَرَأَيْت فِيهَا مَاء متغير اللَّوْن، وَرُوِيَ عَن طريف عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول لله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فَإِذا نَحن بنهر من مَاء أَو غَدِير فِيهِ شَاة ميتَة فأمسكنا أَيْدِينَا فَقَالَ: " اشربوا وَتَوَضَّئُوا فَإِن المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء " طريف هُوَ ابْن شهَاب أَبُو سُفْيَان السَّعْدِيّ: لَيْسَ بِقَوي، وروى عَن عِكْرِمَة أَن عمر ورد مَاء مجنة فَقيل لَهُ: إِن الْكلاب قد ولغت فِيهِ فَقَالَ إِنَّمَا ولغت بألسنتها، وَرُوِيَ عَن عَطِيَّة بن بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن أَبِيه عَن ثُوَيْر ابْن يزِيد عَن رَاشد بن سعد عَن أبي أُمَامَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (أَن المَاء طَاهِر إِلَّا أَن يتَغَيَّر رِيحه أَو طعمه أَو لَونه بِنَجَاسَة تحدث فِيهِ، وَرَوَاهُ

مرسلا وقد روي عن قتادة مختصرا وفيه إرسال وربما استدلوا بما روي عن ابن سيرين أن

رشدين بن سعد عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن رَاشد بن سعد دون ذكر اللَّوْن " المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء إِلَّا مَا غلب عَلَيْهِ طعمه أَو رِيحه "، وَفِي رِوَايَة عبيد بن عدي " لَا ينجس المَاء إِلَّا مَا غير طعمه أَو رِيحه " قَالَ ابْن عدي: وَهَذَا أسْندهُ رشدين ويروى عَن ثَوْر بن يزِيد عَن رَاشد بن سعد عَن أبي أُمَامَة مَوْصُولا أَيْضا، وَرَوَاهُ عَن ثَوْر حَفْص بن عمر الْأَيْلِي، وَرَوَاهُ الْأَحْوَص بن حَكِيم مَعَ ضعف فِيهِ عَن رَاشد بن سعد، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا وَقد رُوِيَ عَن قَتَادَة مُخْتَصرا وَفِيه إرْسَال، وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن سِيرِين أَن

وقد يكون الدم ظهر فيها فنزحها إن كان فعل أو تنظيفا لا واجبا هذا الحديث لا يثبت كما ذكر الإمام الشافعي رضي الله عنه وذلك أن محمد بن سيرين لم يسمع من ابن عباس رضي الله عنهما ذكره ابن حنبل فهو مرسل والآخر فجابر في طريقه وهو ساقط بمرة لا

زنجيا وَقع فِي زَمْزَم يَعْنِي فَمَاتَ. فَأمر بِهِ ابْن عَبَّاس فَأخْرج وَأمر بهَا أَن تنزح، وَعَن جَابر الْجعْفِيّ عَن أبي الطُّفَيْل " أَن غُلَاما وَقع فِي زَمْزَم فَنُزِحَتْ " قَالَ الشَّافِعِي " رَضِي الله عَنهُ أَنا لَا نعرفه وزمزم عندنَا "، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: " أَربع لَا يخبثن فَذكر المَاء مِنْهَا " وَهُوَ لَا يُخَالف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد يكون الدَّم ظهر فِيهَا فنزحها إِن كَانَ فعل أَو تنظيفا لَا وَاجِبا. هَذَا الحَدِيث لَا يثبت كَمَا ذكر الإِمَام الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَذَلِكَ أَن مُحَمَّد بن سِيرِين لم يسمع من ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا. ذكره ابْن حَنْبَل فَهُوَ مُرْسل، وَالْآخر فجابر فِي طَرِيقه وَهُوَ سَاقِط بِمرَّة لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ. قَالَ ابْن معِين: جَابر الْجعْفِيّ لَا يكْتب حَدِيثه وَلَا كَرَامَة وروى أَبُو يحيى الْحمانِي عَن أبي حنيفَة قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا أكذب من جَابر وَلَا أفضل من عَطاء، وَرُوِيَ من طَرِيق فِيهِ ضعف، عَن عَمْرو بن

مسألة

دِينَار: أَن زنجيا وَقع فِي زَمْزَم فَمَاتَ فَأمر بِهِ ابْن عَبَّاس فَأخْرج وسد عيونها فَنُزِحَتْ فَشرب ابْن عَبَّاس من الْعين الَّتِي تلِي الرُّكْن وَقَالَ " إِنَّهَا من عُيُون الْجنَّة " وَأما حَدِيث ابْن عَبَّاس فَروِيَ عَن عَامر عَنهُ قَالَ: " أَربع لَا يخبثن الْإِنْسَان وَالْمَاء وَالْأَرْض وَالثَّوْب " وَرُوِيَ عَن يحيى بن عبيد قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن مَاء الْحمام فَقَالَ المَاء لَا يخْبث وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (42) :) وَإِذا غسل إِحْدَى رجلَيْهِ وأدخلها الْخُف ثمَّ غسل الْأُخْرَى وأدخلها الْخُف لم يجز أَن يمسح عَلَيْهِمَا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: جَازَ. وَدَلِيلنَا: من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ: كنت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: ثمَّ أهويت لأنزع خفيه. قَالَ دعهما فَإِنِّي أدخلتهما طاهرتين فَمسح

أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر ولبس خفيه أن يمسح عليهما ورويناه في حديث صفوان بن عسال وغيره بمعناه والله أعلم

عَلَيْهِمَا، وروى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن حُصَيْن وزَكَرِيا وَيُونُس عَن الشّعبِيّ عَن عُرْوَة بن الْمُغيرَة عَن الْمُغيرَة قَالَ: قلت يَا رَسُول الله أيمسح على الْخُفَّيْنِ؟ قَالَ: " نعم إِذا أدخلتهما وهما طاهرتان "، وَرُوِيَ عَن أبي بكرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه رخص للْمُسَافِر ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن وللمقيم يَوْمًا وَلَيْلَة إِذا تطهر وَلبس خفيه أَن يمسح عَلَيْهِمَا " ورويناه فِي حَدِيث صَفْوَان بن عَسَّال وَغَيره بِمَعْنَاهُ وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (43) :) وَالسّنة أَن يمسح أَعلَى الْخُف وأسفله، وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يمسح أَسْفَل الْخُف أصلا. دليلنا من الْخَبَر مَا روى أَبُو دَاوُد مُسْندًا عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة قَالَ: " وضأت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة تَبُوك فَمسح أَعلَى الْخُفَّيْنِ وأسفلهما " وَالَّذِي رُوِيَ عَن الْمُغيرَة وَغَيره من مسح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ظَاهر خفيه ورد فيهمَا بِجَوَاز الِاقْتِصَار عَلَيْهِ فِي الْمسْح وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يمسح ظهورهما وبطونهما "، وروى مَالك عَن ابْن شهَاب " أَنه كَانَ يَقُول: يضع الَّذِي يمسح على الْخُفَّيْنِ يدا من فَوق الْخُف ويدا من تَحت الْخُف ثمَّ يمسح "، قَالَ مَالك، وَذَلِكَ أحب مَا سَمِعت إِلَى فِي مسح الْخُفَّيْنِ فَهَذَا تَابِعِيّ لَا يعرف لَهُ مُخَالف وَرُوِيَ عَن عبد خير قَالَ: قَالَ عَليّ كرم الله وَجهه " لَو كَانَ الدّين بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَل الْخُف أولى بِالْمَسْحِ من أَعْلَاهُ وَلَقَد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسح على ظَاهر خفيه ". وَفِي هَذَا دلَالَة على

مسألة

أَن المُرَاد بِرِوَايَة من رَوَاهُ فِي الْقَدَمَيْنِ قدما الْخُفَّيْنِ وَهَكَذَا المُرَاد بِكُل حَدِيث ورد فِيهِ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مُطلقًا فِي الْقَدَمَيْنِ يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بهما قدما الْخُفَّيْنِ يكون واردا فِيمَا يجوز الِاخْتِصَار عَلَيْهِ وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (44) :) وَالْغسْل من غسل الْمَيِّت سنة مُؤَكدَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ بِسنة، دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن مُصعب بن شيبَة عَن طلق بن حبيب عَن عبد الله بن الزبير عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يغْتَسل من أَربع: من الْجَنَابَة وَيَوْم الْجُمُعَة وَمن غسل الْمَيِّت والحجامة ".

قال من غسل الميت فليغتسل ومن حمله فليتوضأ قال الشافعي أخبرنا عمرو بن الهيثم الثقة عن شعبة عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله بأبي أنت وأمي إن أبي قد مات قال اذهب فواره قلت إنه كان مشركا

رُوَاة هَذَا الحَدِيث كلهم ثِقَات فَإِن طلق بن حبيب وَمصْعَب بن شيبَة، قد أخرج مُسلم بن الْحجَّاج حَدِيثهمَا فِي الصَّحِيح وَرُوِيَ عَن أبي كريب عَن يحيى بن زَكَرِيَّا ابْن أبي زَائِدَة عَن أَبِيه عَن مُصعب بِهَذَا الْإِسْنَاد حَدِيث عشر من الْفطْرَة، وَسَائِر رُوَاته مُتَّفق عَلَيْهِم وَشَاهده مَا روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من غسل الْمَيِّت فليغتسل وَمن حمله فَليَتَوَضَّأ " قَالَ الشَّافِعِي أخبرنَا عَمْرو بن الْهَيْثَم الثِّقَة عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَاق عَن نَاجِية بن كَعْب عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قلت يَا رَسُول الله بِأبي أَنْت وَأمي: إِن أبي قد مَاتَ؟ قَالَ: اذْهَبْ فواره، قلت إِنَّه كَانَ مُشْركًا، قَالَ: " اذْهَبْ فواره " قَالَ فواريته فَأَتَيْته " قَالَ: " اذْهَبْ فاغتسل " وَمن قَالَ بِوُجُوب الْغسْل من غسل الْمَيِّت اسْتدلَّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيث وَغَيرهَا وَقد بَينا عِلّة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي كتاب السّنَن فَإِذا لم يثبت وجود عِلّة بِهِ فَلَا يخرج من أَن يكون مسنونا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.

مسألة

(مَسْأَلَة (45) :) والتمييز مقدم على الْعَادة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْعَادة أولى وَدَلِيلنَا من الْخَبَر مَا روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَائِشَة أَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش جَاءَت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: إِنِّي امْرَأَة أسْتَحَاض فَلَا أطهر أفأدع الصَّلَاة قَالَ: " إِنَّمَا ذَلِك عرق وَلَيْسَت بالحيضة فَإِذا أَقبلت الْحَيْضَة فدعي الصَّلَاة وَإِذا أَدْبَرت فاغسلي عَنْك الدَّم ثمَّ صلي " وَأخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش أَنَّهَا كَانَت تستحاض فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ الدَّم الْحَيْضَة فَإِنَّهُ دم أسود يعرف فَإِذا كَانَ ذَلِك فأمسكي عَن الصَّلَاة وَإِذا كَانَ الآخر فتوضئي وَصلي فَإِنَّمَا هُوَ عرق " وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى مُسلم فِي الصَّحِيح عَن عَائِشَة أَن أم حَبِيبَة بنت جحش الَّتِي كَانَت تَحت

الدم فقال لها امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي فكانت تغتسل عند كل صلاة وروى مالك في الموطأ عن نافع مولى ابن عمر عن سليمان بن يسار عن أم سلمة زوج النبي

عبد الرَّحْمَن بن عَوْف شكت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الدَّم فَقَالَ لَهَا: " امكثي قدر مَا كَانَت تحبسك حيضتك ثمَّ اغْتَسِلِي فَكَانَت تَغْتَسِل عِنْد كل صَلَاة " وروى مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن نَافِع مولى ابْن عمر عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن أم سَلمَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن امْرَأَة كَانَت تهراق الدِّمَاء على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاستفتت لَهَا أم سَلمَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " لتنتظر إِلَى عدد اللَّيَالِي وَالْأَيَّام الَّتِي كَانَت تحيضهن من الشَّهْر، قبل أَن يُصِيبهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فلتترك الصَّلَاة قدر ذَلِك من الشَّهْر. فَإِذا خلفت ذَلِك فلتغتسل ثمَّ لتستثفر بِثَوْب ثمَّ لتصلي " كَذَا رَوَاهُ

مسألة

مَالك وَلم يسمعهُ سُلَيْمَان من أم سَلمَة إِنَّمَا سَمعه من رجل عَن أم سَلمَة، كَذَلِك رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد وَعبيد الله بن عمر وصخر بن جوَيْرِية عَن نَافِع عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن رجل عَن أم سَلمَة وَرَوَاهُ مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن سُلَيْمَان عَن مرْجَانَة عَن أم سَلمَة وَهَذَانِ الخبران وردا فِي الْمُعْتَادَة الَّتِي لَا تَمْيِيز لَهَا وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (46) :) وَإِذا استحيضت المبتدأة وَلم تكن مُمَيزَة كَانَ قدرهَا قدر أقل الْحيض فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَقدر غَالب حيض نسائها فِي القَوْل الثَّانِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تحيض أَكثر الْحيض عشرَة أَيَّام، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن عمرَان بن طَلْحَة عَن أمه حمْنَة بنت جحش

أستفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب فقلت يا رسول الله إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة فما ترى فيها قد منعني الصلاة والصوم قال انعت لك الكرسف فإنه يذهب الدم قالت هو أكثر من ذلك قال فاتخذي ثوبا قال هو أكثر من ذلك إنما أثج

قَالَت كنت أسْتَحَاض حَيْضَة كَثِيرَة شَدِيدَة، فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أستفتيه وَأخْبرهُ فَوَجَدته فِي بَيت أُخْتِي زَيْنَب فَقلت يَا رَسُول الله إِنِّي امْرَأَة أسْتَحَاض حَيْضَة كَثِيرَة شَدِيدَة فَمَا ترى فِيهَا قد مَنَعَنِي الصَّلَاة وَالصَّوْم قَالَ: " انعت لَك الكرسف فَإِنَّهُ يذهب الدَّم، قَالَت: هُوَ أَكثر من ذَلِك قَالَ فاتخذي ثوبا، قَالَ هُوَ أَكثر من ذَلِك، إِنَّمَا أثج ثَجًّا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سآمرك بأمرين أَيهمَا فعلت أَجْزَأَ عَنْك من الآخر فَإِن قويت عَلَيْهِمَا فَأَنت أعلم، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّمَا هَذِه ركضة من ركضات الشَّيْطَان فتحيضي سِتَّة أَو سَبْعَة أَيَّام فِي علم الله جلّ وَعز ثمَّ اغْتَسِلِي حَتَّى إِذا رَأَيْت أَنَّك قد طهرت واستنقأت فَصلي ثَلَاثًا وَعشْرين لَيْلَة أَو أَرْبعا وَعشْرين لَيْلَة وأيامها فَإِن ذَلِك يجْزِيك وَكَذَلِكَ فافعلي فِي كل شهر كَمَا تحيض النِّسَاء وكما يطهرن مِيقَات حيضهن وطهرهن، وَإِن قويت على أَن تؤخري الظّهْر وتعجلي الْعَصْر فتغتسلين فتجمعين بَين الصَّلَاتَيْنِ: الظّهْر وَالْعصر، وتؤخرين الْمغرب وتعجلين الْعشَاء ثمَّ تغتسلين وتجمعين بَين الصَّلَاتَيْنِ فافعلي وصومي: إِن قدرت على ذَلِك، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَهَذَا أحب الْأَمريْنِ

مسألة

إِلَيّ " وَهَذَا يحملهُ بعض أَصْحَابنَا على المبتدأة وَيكون فِيهِ حجَّة لمن ذهب إِلَى أَنَّهَا ترجع إِلَى عَادَة نسائها سِتا أَي إِن كَانَ عادتهن سِتا أَو سبعا، وَالظَّاهِر أَن هَذَا الحَدِيث ورد فِي الْمُعْتَادَة وَحمْنَة هِيَ أم حَبِيبَة بنت جحش فِي قَول عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَغَيرهَا فِي قَول غَيره وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (47) :) وَأَقل مُدَّة الْحيض يَوْم وَلَيْلَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْوُجُود، وَرُوِيَ عَن عَطاء قَالَ: أدنى

مسألة

وَقت الْحيض يَوْم. قَالَ أَبُو إِبْرَاهِيم الزُّهْرِيّ إِلَيْهِ كَانَ يذهب أَحْمد بن حَنْبَل، وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ أَنه قَالَ: عندنَا هَا هُنَا امْرَأَة تحيض غدْوَة وتطهر عَشِيَّة وَسَنذكر مَا يحتجون بِهِ فِي الْمَسْأَلَة بعْدهَا وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (48) :) وَأكْثر الْحيض خَمْسَة عشر يَوْمًا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: عشرَة أَيَّام وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْوُجُود، رُوِيَ عَن عَطاء قَالَ: وَقت الْحيض خمس عشرَة فَإِن زَادَت فَهِيَ مُسْتَحَاضَة وَعَن الْحسن قَالَ: أَكثر الْحيض خمس عشرَة، وَعَن شريك قَالَ: عندنَا امْرَأَة تحيض

خمس عشرَة من الشَّهْر حيضا مُسْتَقِيمًا صَحِيحا وَعنهُ وَعَن الْحسن بن صَالح قَالَا أَكثر الْحيض خمس عشرَة، وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابهم بِمَا روى الْجلد بن أَيُّوب عَن مُعَاوِيَة بن مرّة عَن أنس بن مَالك قَالَ: " الْمُسْتَحَاضَة تنْتَظر ثَلَاثًا، خمْسا، سبعا، عشرا " وَفِي رِوَايَة بِنَحْوِهِ وَزَاد " تسعا وَعشرا " وَلَا تجَاوز فِي أُخْرَى عَنهُ عَن أنس قَالَ: " إِذا جَاوَزت الْعشْر اغْتَسَلت كل يَوْم اغتسالة عِنْد الظّهْر إِلَى مثلهَا وصلت " وَفِي أُخْرَى أَنه قَالَ فِي الْحَائِض: تنْتَظر خمْسا، سِتا، سبعا فَإِذا جَاوَزت الْعشْرَة فَهِيَ مُسْتَحَاضَة " هَذَا معتمدهم فِي الْمَسْأَلَة. وَالْجَلد بن أَيُّوب لَا يحْتَج بِهِ. قَالَ الشَّافِعِي فِي مناظرة لَهُ مَعَ الْكُوفِي فِي أقل الْحيض. فَقَالَ لي: إِنَّمَا قلته لشَيْء رويته عَن أنس بن مَالك، قَالَ الشَّافِعِي: فَقلت لَهُ أَلَيْسَ حَدِيث الْجلد بن أَيُّوب قَالَ:

بلَى فَقلت قد أخبرنيه ابْن علية عَن الْجلد عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أنس بن مَالك قَالَ: " قرء الْمَرْأَة أَو قَالَ قرء حيض الْمَرْأَة ثَلَاث، أَربع، حَتَّى انْتهى إِلَى عشرَة، وَقَالَ لي ابْن علية: الْجلد أَعْرَابِي لَا يعرف الحَدِيث، وَقَالَ: قد استحيضت امْرَأَة من آل أنس فَسئلَ ابْن عَبَّاس عَنْهَا فَأفْتى فِيهَا وَأنس حَيّ، فَكيف يكون عِنْد أنس بن مَالك مَا قلت من علم الْحيض، ويحتاجون إِلَى مَسْأَلَة غَيره وَنحن وَأَنت لَا نثبت مثل حَدِيث الْجلد ويستدل على غلط من هُوَ أحفظ مِنْهُ بِأَقَلّ من هَذَا، رُوِيَ عَن أبي زرْعَة الدِّمَشْقِي قَالَ رَأَيْت أَحْمد بن حَنْبَل يُنكر حَدِيث الْجلد بن أَيُّوب هَذَا، وَسمعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول لَو كَانَ هَذَا صَحِيحا لم يقل ابْن سِيرِين استحيضت أم ولد لأنس بن مَالك فأرسلوني أسأَل ابْن عَبَّاس وَقَالَ البُخَارِيّ: جلد بن أَيُّوب الْبَصْرِيّ عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة. قَالَ عبد الله بن عُثْمَان، قَالَ ابْن الْمُبَارك أهل الْبَصْرَة: يضعفون حَدِيث الْجلد قَالَ صَدَقَة وَكَانَ ابْن عُيَيْنَة قَالَ: جلد وَمَا

جلد؟ وَمن جلد. وَمن كَانَ جلد؟ " وَعَن حَمَّاد بن زيد قَالَ: ذهبت أَنا وَجَرِير بن حَازِم إِلَى الْجلد بن أَيُّوب فحدثنا بِهَذَا الحَدِيث " فِي الْمُسْتَحَاضَة تنْتَظر ثَلَاثًا، خمْسا، سبعا، عشرا " فذهبنا نوقفه فَإِذا هُوَ لَا يفصل بَين الْحيض والاستحاضة، وروى أَبُو بكر بن إِسْحَاق عَن عبيد بن عبد الْوَاحِد حَدثنَا أَبُو الْجمَاهِر حَدثنَا سعيد عَن نصر صَاحب لنا عَن بشار بن أبي سيف أَظُنهُ عَن إِيَاس عَن أنس بن مَالك أَنه قَالَ " حَيْضَة الْمَرْأَة ثَلَاث، سبع، عشر، فَمَا زَاد على ذَلِك فَهِيَ اسْتِحَاضَة "، قَالَ أَبُو بكر بن إِسْحَاق: نصر صَاحب سعيد وَسَعِيد بن بشير وَمن فَوْقهمَا فيهم نظر وَغَيرهم أوثق مِنْهُم،

وَرُوِيَ عَن الرّبيع بن صبيح عَمَّن سمع أنسا يَقُول: لَا يكون الْحيض أَكثر من عشرَة، الرّبيع لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَلم يذكر اسْم من سمع مِنْهُ وَكَأَنَّهُ وَالله أعلم أَخذه من الْجلد بن أَيُّوب. قَالَ عَمْرو بن عَليّ: كَانَ يحيى يَعْنِي ابْن سعيد لَا يحدث عَن الرّبيع بن صبيح، وَقَالَ عَفَّان أَحَادِيث الرّبيع مَقْلُوبَة كلهَا وَرُوِيَ عَن عبد الله بن شبيب حَدثنَا إِبْرَاهِيم عَن إِسْمَاعِيل بن دَاوُد عَن الدَّرَاورْدِي عَن عبيد بن عُمَيْر بن ثَابت عَن أنس قَالَ: " هِيَ حَائِض فِيمَا بَينهَا

وَبَين عشرَة فَإِذا زَادَت فَهِيَ مُسْتَحَاضَة " إِسْمَاعِيل بن دَاوُد بن مِخْرَاق من أهل الْمَدِينَة وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ سُلَيْمَان بن دَاوُد بن مِخْرَاق يروي عَن مَالك بن أنس وَأهل الْمَدِينَة يسرق الحَدِيث ويسويه، قَالَ أَبُو حَاتِم: وَعبد الله بن شبيب بن خَالِد القبيسي أَبُو سعيد من أهل الْبَصْرَة يقلب الْأَخْبَار ويسرقها فَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ لِكَثْرَة مَا خَالف أقرانه فِي الرِّوَايَات عَن الْأَثْبَات قَالَه أَبُو حَاتِم، وَرُوِيَ عَن وَجه آخر ضَعِيف عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس بن مَالك قَالَ: " لَا تضر الْحَيْضَة بعد عشر لتغتسل ولتصل " رَوَاهُ عَن عبد الْوَاحِد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عَليّ بن شقير بن يَعْقُوب عَن أَحْمد بن عِيسَى بن هَارُون الْعجلِيّ عَن إِسْمَاعِيل بن عبد الله بن مُحَمَّد بن مسلمة عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أَيُّوب هَذَا إِسْنَاد مَجْهُول، لَا يحْتَج بِمثلِهِ، وروى عَن عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق كنت مَعَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة فِي الْمَسْجِد الْحَرَام. فَقلت لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّد حَدِيث

في الحيض فذكر قصة طويلة إلى أن قال قلت أخبرنا أبو عصمة قال حدثني حميد عن أنس قال قال رسول الله

حميد عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْحيض فَذكر قصَّة طَوِيلَة إِلَى أَن قَالَ قلت أخبرنَا أَبُو عصمَة قَالَ حَدثنِي حميد عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام وَمَا بَين الحيضتين خَمْسَة عشر " فَقَالَ ابْن عُيَيْنَة: " يَا معشر من حضر من يعذرني من هَذَا الْخُرَاسَانِي، يروي عَن حميد شَيْئا لم يخلقه الله، حميد تعد حُرُوف حَدِيثه فِي الْمثل، وسُفْيَان الثَّوْريّ كَانَ من أطلب النَّاس لهَذِهِ الْأُصُول وَحَمَّاد بن سَلمَة حميد خَاله وَنحن أَيْضا قد لَقينَا حميدا يَا عَليّ من هَا هُنَا أتيتم "، وروى ابْن عدي عَن أَحْمد بن الْحُسَيْن حَدثنَا الْحسن بن شبيب الْمكتب حَدثنَا أَبُو يُوسُف عَن الْحسن بن دِينَار عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَخَمْسَة وَسِتَّة وَسَبْعَة وَثَمَانِية وَعشرَة فَإِذا زَادَت على الْعشْرَة فمستحاضة " هَذَا إِنَّمَا يعرف من

لا يكون الحيض للجارية والثيب التي قد آيست من الحيض أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام قال الدارقطني عبد الملك هذا رجل مجهول والعلاء هو ابن كثير وهو ضعيف الحديث ومكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئا والله أعلم وقال البخاري

حَدِيث الْجلد بن أَيُّوب عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أنس مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَقد بَينا ضعفه فَأَما هَذِه الرِّوَايَة فَإِنَّهَا بَاطِلَة، الْحسن بن دِينَار ضَعِيف، الْحسن بن شبيب يحدث عَن الثِّقَات بِالْبَوَاطِيل قَالَ ابْن عدي وَغَيره وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن حسان بن إِبْرَاهِيم الْكرْمَانِي أخبرنَا عبد الْملك عَن الْعَلَاء قَالَ سَمِعت مَكْحُولًا يَقُول عَن أبي أُمَامَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يكون الْحيض لِلْجَارِيَةِ وَالثَّيِّب الَّتِي قد آيست من الْحيض أقل من ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا أَكثر من عشرَة أَيَّام " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: عبد الْملك هَذَا رجل مَجْهُول، والْعَلَاء هُوَ ابْن كثير وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث وَمَكْحُول لم يسمع من أبي أُمَامَة شَيْئا وَالله أعلم. وَقَالَ البُخَارِيّ: الْعَلَاء بن كثير عَن مَكْحُول: مُنكر الحَدِيث، وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا الوَاسِطِيّ عَن

الحيض عشر فما زاد فهي مستحاضة والنفساء أربعين فما زاد فهي مستحاضة إبراهيم بن زكريا فيه ضعف وسليمان بن عمرو النخعي رمي بالكذب روى عن يعقوب بن سفيان قال أبو داود النخغي سليمان بن عمر قدري رجل سوء كذاب كان يكذب معاوية قال إسحاق

سُلَيْمَان بن عَمْرو عَن يزِيد بن يزِيد بن حَارِثَة عَن مَكْحُول عَن أبي أُمَامَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحيض عشر فَمَا زَاد فَهِيَ مُسْتَحَاضَة وَالنُّفَسَاء أَرْبَعِينَ فَمَا زَاد فَهِيَ مُسْتَحَاضَة " إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا فِيهِ ضعف وَسليمَان بن عَمْرو النَّخعِيّ رمي بِالْكَذِبِ روى عَن يَعْقُوب بن سُفْيَان، قَالَ: أَبُو دَاوُد النخغي سُلَيْمَان بن عمر قدري رجل سوء كَذَّاب. كَانَ يكذب مُعَاوِيَة، قَالَ إِسْحَاق أتيناه فَقُلْنَا لَهُ أَي شَيْء يعرف فِي أقل الْحيض وَأَكْثَره. فَقَالَ هِشَام بن حسان عَن الْحسن أَن عُثْمَان ابْن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ قَالَ: " الْحَائِض إِذا جَاوَزت

وحدثنا أبو طوالة عن أبي سعيد الخدري وجعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي

عشرَة أَيَّام فَهِيَ بِمَنْزِلَة الْمُسْتَحَاضَة، تَغْتَسِل وَتصلي، وَمَا بَين الحيضتين من الطُّهْر، فَقَالَ: الله أكبر قد قَالَ لكم " حَدثنَا يحيى ابْن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَحدثنَا أَبُو طوالة عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وجعفر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أقل الْحيض ثَلَاثَة وَأَكْثَره عشرَة، وَأَقل مَا بَين الحيضتين من الطُّهْر خَمْسَة عشر يَوْمًا " قَالَ يَعْقُوب: وَهُوَ أَبُو البخْترِي يضعان الحَدِيث وَقد قيل عَن مَكْحُول عَن زيد بن ثَابت مَرْفُوعا وَلَا يَصح " لَا يكون الْحيض أقل من ثَلَاث وَلَا أَكثر من عشرَة ". وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن أَحْمد بن أنس الشَّامي

أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام قال علي بن عمر حماد بن منهال مجهول ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف وربما استدلوا بما روي عن هارون بن زياد القشيري عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال الحيض ثلاث وأربع وخمس وست وسبع وثمان

حَدثنَا حَمَّاد بن منهال الْبَصْرِيّ عَن مُحَمَّد بن رَاشد عَن مَكْحُول عَن وَاثِلَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أقل الْحيض ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام " قَالَ عَليّ بن عمر: حَمَّاد بن منهال مَجْهُول، وَمُحَمّد بن أَحْمد بن أنس ضَعِيف وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن هَارُون بن زِيَاد الْقشيرِي عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله قَالَ: الْحيض ثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس وست وَسبع وثمان وتسع وَعشر فَإِن زَاد فَهِيَ مُسْتَحَاضَة ". قَالَ عَليّ بن عمر لم يروه عَن الْأَعْمَش بِهَذَا الْإِسْنَاد غير هَارُون بن زِيَاد وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث، وَلَيْسَ لهَذَا الحَدِيث عِنْد الْكُوفِيّين أصل من الْأَعْمَش وَالله أعلم وَقَالَ أَبُو حَاتِم: هَارُون بن زِيَاد شيخ يروي عَن الْأَعْمَش، كَانَ مِمَّن يضع الحَدِيث على الثِّقَات، وَرُوِيَ عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ أَنه قَالَ: " فِي الْمُسْتَحَاضَة

مسألة

تمكث بعد أقرائها الْيَوْم واليومين حَتَّى تبلغ عشرَة أَيَّام " وَعنهُ فِي رِوَايَة أُخْرَى قَالَ: " لَا تكون الْمَرْأَة مُسْتَحَاضَة فِي يَوْمَيْنِ وَلَا ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى تبلغ عشرَة أَيَّام فَإِذا بلغت كَانَت مُسْتَحَاضَة " وَهَذَا الْأَثر لَا بَأْس بِإِسْنَادِهِ إِلَّا أَنه قد اخْتلف فِي مَتنه، كَمَا يرى، وَالرِّوَايَة الْأَخِيرَة حجَّة عَلَيْهِم فِي أقل الْحيض إِن كَانَت مُسْتَحَاضَة. وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (49) :) وَأكْثر النّفاس سِتُّونَ يَوْمًا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: أَكْثَره أَرْبَعُونَ يَوْمًا، وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْوُجُود وَقد وجد من يبلغ نفَاسهَا سِتُّونَ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عَليّ بن عبد الْأَعْلَى عَن أبي سهل عَن نسية عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " كَانَت النُّفَسَاء على

تقعد بعد نفاسها أربعين يوما أو أربعين ليلة أبو سهل هو كثير بن زياد البرساني ليس له ذكر في الكتابين الصحيحين وذكره أبو حاتم في كتاب المجروحين واستحب مجانبة ما انفرد به وقد وثقه البخاري من رواية أبي عيسى عنه وذكر أنه ليس لمسة إلا هذا

عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تقعد بعد نفَاسهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَو أَرْبَعِينَ لَيْلَة " أَبُو سهل: هُوَ كثير بن زِيَاد البرْسَانِي لَيْسَ لَهُ ذكر فِي الْكِتَابَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ وَذكره أَبُو حَاتِم فِي كتاب الْمَجْرُوحين وَاسْتحبَّ مجانبة مَا انْفَرد بِهِ، وَقد وَثَّقَهُ البُخَارِيّ من رِوَايَة أبي عِيسَى عَنهُ وَذكر أَنه لَيْسَ لمسة إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَالله أعلم. وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي عَن الحكم عَن مسَّة وَعَن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن مسَّة، وَعَن أبي الْحسن غير مَنْسُوب وَهُوَ عَليّ بن عبد الْأَعْلَى عَن مسَّة والعرزمي مَتْرُوك الحَدِيث لَا يحْتَج بحَديثه وَسَيَجِيءُ فِي بَابه إِن شَاءَ الله مَا يكْشف عَن حَاله، أخبرناه وَذكر طرقه هَذِه إِلَى أم سَلمَة فَذكر أَحَادِيث مِنْهَا مَرْفُوعا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تجْلِس فِي نفَاسهَا أَرْبَعِينَ لَيْلَة إِلَّا أَن ترى الطُّهْر قبل ذَلِك " ثمَّ إِن هَذَا أَخْبَار عَن عادتهن، وَنحن لَا نذْكر قُصُور النّفاس عَن سِتِّينَ يَوْمًا يُبينهُ الحَدِيث الَّذِي أخبرناه وَذكر عَن أبي سهل حَدَّثتنِي مسَّة الْأَزْدِيَّة قَالَت حججْت

تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي

فَدخلت على أم سَلمَة فَقلت: يَا أم الْمُؤمنِينَ إِن سَمُرَة بن جُنْدُب يَأْمر النِّسَاء يقضين صَلَاة الْحيض. فَقَالَت: لَا تقضين. كَانَت الْمَرْأَة من نسَاء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تقعد فِي النّفاس أَرْبَعِينَ لَيْلَة لَا يأمرها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِقَضَاء صَلَاة النّفاس "، وَرُوِيَ عَن أبي بِلَال الْأَشْعَرِيّ حَدثنَا أَبُو شهَاب عَن هِشَام بن حسان عَن الْحسن عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَقت للنِّسَاء فِي نفاسهن أَرْبَعِينَ يَوْمًا " أَبُو بِلَال الْأَشْعَرِيّ لَا يحْتَج بِهِ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ ضَعِيف، وَرُوِيَ عَن عمر بن هَارُون الْبَلْخِي عَن أبي بكر الْهُذلِيّ عَن الْحسن أَن امْرَأَة عُثْمَان ابْن أبي الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ لما تعلت من نفَاسهَا تزينت، فَقَالَ عُثْمَان: ألم أخْبرك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرنَا أَن نَعْتَزِل النِّسَاء

أَرْبَعِينَ لَيْلَة " قَالَ عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ: رَفعه عمر بن هَارُون عَنهُ وَخَالفهُ وَكِيع حَدثنَا ابْن مخلد حَدثنَا الحساني حَدثنَا وَكِيع حَدثنَا الْهُذلِيّ عَن الْحسن عَن ابْن أبي الْعَاصِ أَنه كَانَ يَقُول لنسائه " إِذا نفست إحداكن فَلَا تقربني أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَن ترى الطُّهْر قبل ذَلِك " قَالَ عَليّ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُس بن عبيد وَأَشْعَث بن سوار ومبارك بن فضَالة عَن الْحسن عَن عُثْمَان مَوْقُوفا وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن الْحصين حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن علاثة عَن عَبدة بن أبي لبَابَة عَن عبد الله بن باباه عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ قَالَ

تنتظر النفساء أربعين ليلة فإن رأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر وإن جاوزت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي فإن عليها الدم توضأت لكل صلاة عمرو بن الحصين ضعيف ومحمد بن علاثة متروك وقد ذكرنا في مسألة الأذنين ما يقع به الكفاية وروي عن

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تنْتَظر النُّفَسَاء أَرْبَعِينَ لَيْلَة فَإِن رَأَتْ الطُّهْر قبل ذَلِك فَهِيَ طَاهِر وَإِن جَاوَزت الْأَرْبَعين فَهِيَ بِمَنْزِلَة الْمُسْتَحَاضَة تَغْتَسِل وَتصلي فَإِن عَلَيْهَا الدَّم تَوَضَّأت لكل صَلَاة " عَمْرو بن الْحصين ضَعِيف وَمُحَمّد بن علاثة مَتْرُوك وَقد ذكرنَا فِي مَسْأَلَة الْأُذُنَيْنِ مَا يَقع بِهِ الْكِفَايَة وَرُوِيَ عَن الْعَلَاء بن كثير عَن مَكْحُول عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي الدَّرْدَاء قَالَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " النُّفَسَاء تنْتَظر أَرْبَعِينَ إِلَّا أَن ترى الطُّهْر قبل ذَلِك " تفرد بِهِ الْعَلَاء بن كثير وَهُوَ ضَعِيف جرحه ابْن معِين وَابْن الْمَدِينِيّ وَالْبُخَارِيّ وَأَبُو عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ وَرُوِيَ عَن حَفْص بن عمر حَدثنَا مُحَمَّد بن سعيد الشَّامي أَظُنهُ عَن عبَادَة بن نسيء حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن غنم قَالَ سَمِعت معَاذ بن جبل

يقول لا حيض دون ثلاثة أيام ولا حيض فوق عشرة مما زاد على ذلك فهي مستحاضة فما زاد تتوضأ بكل صلاة إلى أيام أقرائها ولا نفاس دون أسبوعين ولا نفاس فوق أربعين فإن رأت النفساء الطهر دون الأربعين صامت وصلت ولا يأتيها زوجها إلا بعد الأربعين

يَقُول سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا حيض دون ثَلَاثَة أَيَّام وَلَا حيض فَوق عشرَة مِمَّا زَاد على ذَلِك فَهِيَ مُسْتَحَاضَة فَمَا زَاد تتوضأ بِكُل صَلَاة إِلَى أَيَّام أقرائها وَلَا نِفَاس دون أسبوعين وَلَا نِفَاس فَوق أَرْبَعِينَ، فَإِن رَأَتْ النُّفَسَاء الطُّهْر دون الْأَرْبَعين صَامت وصلت وَلَا يَأْتِيهَا زَوجهَا إِلَّا بعد الْأَرْبَعين " مُحَمَّد بن سعيد هَذَا هُوَ الَّذِي قتل وصلب فِي الزندقة وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث وَفِي هَذَا الحَدِيث مَا قد أَجمعُوا على تَركه وَرُوِيَ عَن عبد الْعَزِيز بن أبان حَدثنَا الْحسن بن صَالح عَن عَطاء بن السَّائِب عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عمْرَة عَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النُّفَسَاء: " إِذا تطاول بهَا الدَّم قَالَ تمسك أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثمَّ تَغْتَسِل وتطهر وتتوضأ لكل صَلَاة " إِسْنَاده ضَعِيف وَعبد الْعَزِيز بن أبان: جرحه ابْن معِين وَغَيره وَرُوِيَ عَن يحيى بن الْعَلَاء حَدثنِي عبد الحميد عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَقت للنفساء أَرْبَعِينَ يَوْمًا " يحيى بن الْعَلَاء ضَعِيف

عن ذلك فأمرها أن تمسك أربعين ليلة ثم تغتسل ثم تطهر فتصلي قال علي بن عمر عطاء بن عجلان متروك الحديث وروي عن سلام بن سلم عن حميد عن أنس قال قال رسول الله

جرحه ابْن معِين وَغَيره. وَرُوِيَ عَن عَطاء بن عجلَان عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: " سُئِلت عَائِشَة عَن النُّفَسَاء فَقَالَت سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك فَأمرهَا أَن تمسك أَرْبَعِينَ لَيْلَة ثمَّ تَغْتَسِل ثمَّ تطهر فَتُصَلِّي " قَالَ عَليّ بن عمر: عَطاء بن عجلَان مَتْرُوك الحَدِيث، وَرُوِيَ عَن سَلام بن سلم عَن حميد عَن أنس قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَقت النُّفَسَاء أَرْبَعُونَ يَوْمًا إِلَّا أَن ترى الطُّهْر قبل ذَلِك " قَالَ عَليّ بن عمر: لم يروه عَن حميد غير سَلام هَذَا، وَهُوَ سَلام الطَّوِيل وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث وَقَالَ البُخَارِيّ: سَلام بن سلم السَّعْدِيّ الطَّوِيل عَن زيد الْعمي: تَرَكُوهُ، قَالَ الْجوزجَاني: سَلام بن سلم الْمَدَائِنِي: غير ثِقَة " وَرُوِيَ عَن سُفْيَان عَن زيد الْعمي عَن أبي إِيَاس عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَقت النُّفَسَاء أَرْبَعُونَ لَيْلَة إِلَّا أَن ترى الطُّهْر قبل ذَلِك زيد الْعمي

في ذلك فليس لأحد مع النبي

ضَعِيف وَرُوِيَ عَن أنس من قَوْله " وَقت النُّفَسَاء أَرْبَعُونَ يَوْمًا " أخبرنَا أَبُو عبد الله قَالَ: قَالَ أَبُو بكر أَحْمد بن أَيُّوب الْفَقِيه رَحمَه الله إِن صَحَّ الحَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ذَلِك فَلَيْسَ لأحد مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجَّة إِلَّا أَن زيدا الْعمي وَعبد الْأَعْلَى وَعلي بن عبد الْأَعْلَى وَأَبا سهل ومسة فيهم نظر، وَخبر مَكْحُول عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي الدَّرْدَاء مُرْسل، وَعَطَاء بن عجلَان فِيهِ نظر، وَإِن لم يَصح وَاحِد من هَذِه الْأَخْبَار (فقد صَحَّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ لعَائِشَة وَأم سَلمَة: " أنفست. قَالَتَا: نعم " فَسمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَائِشَة وَأم سَلمَة رَضِي الله عَنْهُمَا الْحيض نفاسا، وَهَذَا مَا لم أعلم فِيهِ خلافًا وَإِذا صَحَّ أَن الْحيض نِفَاس وَقد أَمر الله عز وَجل باعتزال الْحيض وَأخْبر أَن الْحيض أَذَى وَجب بِدَلِيل السّنة وَعُمُوم الْآيَة اعتزالهن، إِلَّا أَن تقوم حجَّة على خُرُوجهَا من النّفاس. وَرُوِيَ عَن جَابر عَن عَامر عَن سعيد بن الْمسيب عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " تجْلِس النُّفَسَاء أَرْبَعِينَ يَوْمًا " وَعَن سُلَيْمَان الْبَصْرِيّ عَن أنس ابْن مَالك مثله، وَجَابِر الْجعْفِيّ لَا يحْتَج بحَديثه، وَقد قيل عَن جَابر عَن عبد الله بن بشار وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس فِي ذَلِك، وَرُوِيَ عَن هِشَام بن حسان عَن الْجلد بن أَيُّوب عَن مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن عَائِذ بن

تحت الشجرة قال نفست امرأة له فرأت الطهر بعد عشرين يوما فاغتسلت ثم جاءت تدخل معه في لحافه فوجد مسها فقال من هذه قالت فلانة قال ما لك قالت لا إلا أني رأيت الطهر فاغتسلت فضربها برجله فأقامها عن فراشه وقال لا تغريني عن ديني حتى

عَمْرو. قَالَ وَكَانَ مِمَّن بَايع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَحت الشَّجَرَة قَالَ: نفست امْرَأَة لَهُ فرأت الطُّهْر بعد عشْرين يَوْمًا فاغتسلت ثمَّ جَاءَت تدخل مَعَه فِي لِحَافه فَوجدَ مَسهَا فَقَالَ من هَذِه؟ قَالَت: فُلَانَة، قَالَ: مَا لَك: قَالَت: لَا إِلَّا أَنِّي رَأَيْت الطُّهْر فاغتسلت فضربها بِرجلِهِ فأقامها عَن فرَاشه. وَقَالَ لَا تغريني عَن ديني حَتَّى تمْضِي الْأَرْبَعُونَ يَوْمًا الْجلد مَتْرُوك وَلَيْسَ على هَذَا عمل وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (50) :) والمستحاضة تتوضأ لكل صَلَاة فَرِيضَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَنَّهَا تتوضأ لوقت كل صَلَاة وَتصلي بوضوئها مَا شَاءَت من الْفَرَائِض

فقالت إني أستحاض فلا أطهر فقال أحصي أيام حيضتك ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة وإن قطر الدم على الحصير يقال إن عروة هذا ليس بابن الزبير إنما هو المزني وقد سبق ذكره في مسألة اللمس وقد وقفه حفص وروي عن عثمان بن سعد القرشي حدثنا ابن أبي

والنوافل مَا لم يخرج وَقت الصَّلَاة، فَإِذا خرج وَقتهَا انْتقض طهرهَا. وَدَلِيلنَا من الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن حبيب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: جَاءَت فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: إِنِّي أسْتَحَاض فَلَا أطهر. فَقَالَ: أحصي أَيَّام حيضتك ثمَّ اغْتَسِلِي وتوضئي لكل صَلَاة وَإِن قطر الدَّم على الْحَصِير " يُقَال إِن عُرْوَة هَذَا لَيْسَ بِابْن الزبير إِنَّمَا هُوَ الْمُزنِيّ وَقد سبق ذكره فِي مَسْأَلَة اللَّمْس وَقد وَقفه حَفْص، وَرُوِيَ عَن عُثْمَان بن سعد الْقرشِي حَدثنَا ابْن أبي مليكَة قَالَ: جَاءَت خَالَتِي فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت: إِنِّي أَخَاف أَن أقع فِي النَّار أدع الصَّلَاة السّنة والسنتين لَا أُصَلِّي، فَقَالَت: انتظري حَتَّى يَجِيء النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فجَاء فَقَالَت عَائِشَة: هَذِه فَاطِمَة تَقول كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قولي لَهَا فلتدع الصَّلَاة فِي كل شهر أَيَّام قرؤها ثمَّ لتغتسل فِي كل يَوْم غسلا وَاحِدًا ثمَّ الطّهُور عِنْد كل صَلَاة ولتنظف ولتحتشي فَإِنَّمَا هُوَ دَاء عرض أَو ركضة من

قال لفاطمة إذا أقبلت أيام أقرائك فأمسكي عليك فإذا مضت فاغتسلي ثم اطهري لكل صلاة يعني الوضوء وروي عن الشعبي عن قمير امرأة مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضها ثم تغتسل ثم تتوضأ عند كل صلاة وضؤا

الشَّيْطَان، أَو عرق انْقَطع " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا هُوَ حَدِيث صَحِيح، وَعُثْمَان بن سعد الْكَاتِب بَصرِي ثِقَة غزير الحَدِيث يجمع حَدِيثه، قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: وَقد تكلم فِيهِ غَيره وَفِيه لين وَقد تَابعه الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن ابْن أبي مليكَة بِمَعْنَاهُ، عَن عَائِشَة فِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لفاطمة: " إِذا أَقبلت أَيَّام أَقْرَائِك فأمسكي عَلَيْك فَإِذا مَضَت فاغتسلي ثمَّ اطهري لكل صَلَاة " يَعْنِي الْوضُوء. وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ عَن قمير امْرَأَة مَسْرُوق عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: " الْمُسْتَحَاضَة تدع الصَّلَاة أَيَّام حَيْضهَا ثمَّ تَغْتَسِل ثمَّ تتوضأ عِنْد كل صَلَاة وضؤا " وروى أَبُو دَاوُد عَن عدي بن ثَابت عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمُسْتَحَاضَة " تدع الصَّلَاة أَيَّام أقرائها ثمَّ تَغْتَسِل وَتصلي وَالْوُضُوء عِنْد كل صَلَاة " قَالَ الدوري: سَمِعت يحيى بن

قال يحيى وجده اسمه دينار وقد قيل فيه عن عدي بن ثابت عن أبيه عن علي رضي الله عنه عن النبي

معِين يَقُول عدي بن ثَابت عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: يحيى وجده اسْمه دِينَار وَقد قيل فِيهِ عَن عدي بن ثَابت عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْمُسْتَحَاضَة تدع الصَّلَاة أَيَّام أقرائها ثمَّ تَغْتَسِل وتتوضأ كل صَلَاة وَتصلي " وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف القَاضِي عَن عبد الله بن عَليّ يَعْنِي الإفْرِيقِي عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل عَن جَابر بن عبد الله أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمر الْمُسْتَحَاضَة بِالْوضُوءِ لكل صَلَاة " وَرُوِيَ عَن سمي مولى أبي بكر عَن ابْن الْمسيب قَالَ: " تَغْتَسِل من ظهر إِلَى ظهر

وتتوضأ لكل صَلَاة فَإِن عَلَيْهَا الدَّم استثفرت بِثَوْب " وَالله أعلم.

صفحة فارغة

كتاب الصلاة

(كتاب الصَّلَاة) ذكر مَا اخْتلف فِيهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة رحمهمَا الله من كتاب الصَّلَاة فِيمَا ورد فِيهِ خبر أَو أثر. (مَسْأَلَة (51) :) وَقت الْعَصْر يدْخل بمصير ظلّ كل شَيْء مثله، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يدْخل وَقتهَا إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثلَيْهِ. دليلنا من الْخَبَر مَا أخبرنَا وَذكر إِسْنَاد مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ حَدثنَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال حَدثنِي أَبُو بكر بن أبي أويس حَدثنِي سُلَيْمَان بن

بالصلاة فأمره فصلى وذكر الحديث وفيه ثم صلى العصر حتى كان ظل كل شيء بقدره مرة وفيه وأخر العصر إلى قدر ظله مرتين وفي أخره ثم قال ما بين هذين صلاة قال صالح بن كيسان وكان عطاء بن أبي رباح يحدث عن جابر بن عبد الله في وقت الصلاة نحو

بِلَال قَالَ: قَالَ صَالح بن كيسَان: سَمِعت أَبَا بكر بن حزم بلغه أَن أَبَا مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " نزل جِبْرِيل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالصَّلَاةِ فَأمره فصلى " وَذكر الحَدِيث وَفِيه ثمَّ صلى الْعَصْر حَتَّى كَانَ ظلّ كل شَيْء بِقَدرِهِ مرّة، وَفِيه وَأخر الْعَصْر إِلَى قدر ظله مرَّتَيْنِ وَفِي أَخّرهُ ثمَّ قَالَ: " مَا بَين هذَيْن صَلَاة "، قَالَ صَالح بن كيسَان: وَكَانَ عَطاء بن أبي رَبَاح يحدث عَن جَابر بن عبد الله فِي وَقت الصَّلَاة نَحْو مَا كَانَ أَبُو مَسْعُود يحدث قَالَ صَالح. وَكَانَ عَمْرو بن دِينَار وَأَبُو الزبير الْمَكِّيّ يحدثان مثل ذَلِك عَن جَابر. رُوَاة هَذَا الحَدِيث كلهم ثِقَات،

عن وقت الصلاة فقال صل معنا فصلى رسول الله

فقد احْتج البُخَارِيّ بِأَيُّوب بن سُلَيْمَان وَسَائِر رُوَاته مُتَّفق على عدالتهم وَحَدِيث جَابر مُتَّصِل وَشَاهده من حَدِيث جَابر بن عبد الله قَالَ سَأَلَ رجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن وَقت الصَّلَاة فَقَالَ: صل مَعنا فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَذكر الحَدِيث فِي الْمَوَاقِيت وَذكر فِي وَقت الْعَصْر بِمَعْنَاهُ وَتَابعه برد بن سِنَان وَعبد الْكَرِيم بن الْمخَارِق عَن عَطاء بِمثل رِوَايَة وهب بن كيسَان عَن جَابر وَذَلِكَ مخرج بعد هَذَا. وَرُوِيَ عَن سُفْيَان عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث المَخْزُومِي عَن حَكِيم بن حَكِيم بن عباد بن حنيف عَن نَافِع بن جُبَير ابْن مطعم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمني جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد الْبَيْت مرَّتَيْنِ " فَذكر الحَدِيث بِمَعْنى مَا تقدم. وَهَكَذَا رَوَاهُ عبد الْعَزِيز بن

بمعنى حديث هؤلاء وربما استدلوا بحديث ابن عمر في صحيح البخاري من حديث نافع عنه قال قال رسول الله

مُحَمَّد الداروردي عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن عَمْرو بن أبي سَلمَة عَنهُ قَالَ الشَّافِعِي وَبِهَذَا نَأْخُذ وَهَذِه الْمَوَاقِيت فِي الْحَضَر، وَرُوِيَ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَعْنى حَدِيث هَؤُلَاءِ. وَرُبمَا استدلوا بِحَدِيث ابْن عمر فِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث نَافِع عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّكُم مثلكُمْ وَمثل أهل الْكِتَابَيْنِ قبلكُمْ مثل رجلَيْنِ استأجرا أَجِيرا فَقَالَ: " من يعْمل مَا بَين غدْوَة إِلَى نصف النَّهَار على قِيرَاط فَعمِلت الْيَهُود ثمَّ قَالَ: من يعْمل لي مَا بَين نصف النَّهَار إِلَى الْعَصْر على قِيرَاط فَعمِلت النَّصَارَى ثمَّ قَالَ: من يعْمل لي مَا بَين الْعَصْر إِلَى الْمغرب على قيراطين فعملتم أَنْتُم فَغضِبت الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَقَالُوا مالنا أَكثر عملا

إنما بقاؤكم فيمن سلف من الأمم كما بين من صلاة العصر إلى غروب الشمس أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا حتى انتصف النهار ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا حتى صليت العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أوتيتم

وَأَقل عَطاء، قَالَ: هَل نقصتكم من حقكم شَيْئا، قَالُوا: لَا فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ فضلي أوتيه من أَشَاء " وَهَذَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ لجَوَاز حُصُول الْعَمَل الْكثير فِي الزَّمَان الْيَسِير فَلَا يدل ذَلِك على أَن وَقت الظّهْر أطول، ثمَّ قد رَوَاهُ سَالم عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا بقاؤكم فِيمَن سلف من الْأُمَم كَمَا بَين من صَلَاة الْعَصْر إِلَى غرُوب الشَّمْس أُوتِيَ أهل التَّوْرَاة التَّوْرَاة فعملوا حَتَّى انتصف النَّهَار ثمَّ عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثمَّ أُوتِيَ أهل الْإِنْجِيل الْإِنْجِيل فعملوا حَتَّى صليت الْعَصْر ثمَّ عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثمَّ أُوتِيتُمْ الْقُرْآن فعملتم حَتَّى غربت وأعطيتم قيراطين قيراطين فَقَالَ أهل الْكتاب: هَؤُلَاءِ أقل عملا وَأكْثر أجرا. قَالَ الله: هَل ظلمتكم من حقكم من شَيْء؟ قَالُوا: لَا قَالَ: فَهُوَ فضلي أوتيه من أَشَاء ". رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يكون عمل النَّصَارَى من أول النَّهَار إِلَى صَلَاة الْعَصْر فَلذَلِك قَالُوا مَا لنا أَكثر عملا، وَقَوله: وأوتي أهل الْإِنْجِيل الْإِنْجِيل يرجع إِلَى بَعثه عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، ونزول الْإِنْجِيل عَلَيْهِ لَا إِلَى وَقت الظّهْر، وَمن أول النَّهَار إِلَى وَقت الْعَصْر يكون زمَان الْيَهُود فَلذَلِك قَالُوا فِي الْمثل: مَا بالنا أَكثر عملا وَأَقل أجرا. ثمَّ قد خَالفه أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي لفظ الحَدِيث فَرَوَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مثل الْمُسلمين وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى كَمثل رجل اسْتَأْجر

رواه البخاري في الصحيح بمعناه فهذا الحديث بمعنى ما رواه عبد الله بن عمر والقصد منه بيان إكمال المسلمين ما استعملوا له دون اليهود والنصارى فلذلك استحقوا بوعد الله تعالى ما استؤجروا عليه ولا دلالة لهم في هذا أو الرجوع في بيان الأوقات إلى

قوما يعْملُونَ عملا إِلَى اللَّيْل على أجر مَعْلُوم، فعملوا إِلَى نصف النَّهَار ثمَّ قَالُوا: لَا حَاجَة لنا فِي أجرتك الَّتِي شرطت لنا؟ وَمَا عَملنَا بَاطِل فَقَالَ لَهُم: لَا تَفعلُوا اعْمَلُوا بَقِيَّة يومكم وخذوا أجركُم كَامِلا. فَأَبَوا فتركوا ذَلِك عَلَيْهِ، واستأجر قوما آخَرين، فَقَالَ لَهُم اعْمَلُوا بَقِيَّة يومكم هَذَا وَلكم الَّذِي شرطت لهَؤُلَاء من الْأجر، فعملوا حَتَّى إِذا كَانَ حِين صَلَاة الْعَصْر، قَالُوا: لَك مَا عَملنَا بَاطِل، وَلَك الْأجر الَّذِي جعلت لنا لَا حَاجَة لنا فِيهِ. فَقَالَ لَهُم: كملوا بَقِيَّة يومكم فَإِنَّمَا بَقِي من النَّهَار شَيْء يسير وخذوا أجركُم فَأَبَوا عَلَيْهِ، فاستأجر قوما آخَرين فعملوا لَهُ بَقِيَّة يومهم حَتَّى إِذا غَابَتْ الشَّمْس فاستكملوا أجر الْفَرِيقَيْنِ وَالْأَجْر كُله ذَلِك مثل الْيَهُود وَالنَّصَارَى تركُوا مَا أَمرهم الله، وَمثل الْمُسلمين قبلوا هدى الله وَمَا جَاءَ بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح بِمَعْنَاهُ فَهَذَا الحَدِيث بِمَعْنى مَا رَوَاهُ عبد الله بن عمر وَالْقَصْد مِنْهُ بَيَان إِكْمَال الْمُسلمين مَا استعملوا لَهُ دون الْيَهُود وَالنَّصَارَى فَلذَلِك استحقوا بوعد الله تَعَالَى مَا استؤجروا عَلَيْهِ، وَلَا دلَالَة لَهُم فِي هَذَا أَو الرُّجُوع فِي بَيَان الْأَوْقَات إِلَى الْأَخْبَار الَّتِي سبقت لَهَا لَا لما سبق لِمَعْنى آخر وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَهُوَ أعلم بِالصَّوَابِ.

مسألة

(مَسْأَلَة (52) :) ولصلاة الْمغرب وَقت وَاحِد، وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَهَا وقتان، وَقد قَالَه الشَّافِعِي مُعَلّقا على صِحَة الْخَبَر وَالدَّلِيل على أَن لَهَا وقتا وَاحِدًا مَا رُوِيَ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام حِين زَالَت الشَّمْس إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الْمَوَاقِيت وَقَالَ فِيهِ: ثمَّ جَاءَهُ للمغرب حِين غَابَتْ الشَّمْس وقتا وَاحِدًا، نزل عَنهُ فَقَالَ: " قُم فصل الْمغرب " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث صَحِيح مَشْهُور، من حَدِيث عبد الله بن الْمُبَارك. وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَذَا جِبْرِيل يعلمكم دينكُمْ فَذكر مَوَاقِيت الصَّلَاة، فَذكر أَنه صلى الْمغرب حِين غربت الشَّمْس، ثمَّ لما جَاءَهُ من الْغَد صلى حِين غربت الشَّمْس فِي وَقت وَاحِد " وَقد روى الْحسن بن عمَارَة عَن ابْن عقيل عَن جَابر حَدِيث الْمَوَاقِيت وَقَالَ فِيهِ: " وَصلى الْمغرب يَعْنِي فِي الْيَوْم الثَّانِي بعد مَا غَابَ الشَّفق " وَقد أجمع الْمُسلمُونَ على خلاف هَذَا

فصلى به الصلوات في وقتين إلا المغرب وفي حديث أبي مسعود في المواقيت لم يذكرها إلا وقتا واحدا وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي

وَالْحسن بن عمَارَة مَتْرُوك الحَدِيث، وَرُوِيَ عَن نَافِع بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس " أَن جِبْرِيل أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى بِهِ الصَّلَوَات فِي وَقْتَيْنِ إِلَّا الْمغرب ". وَفِي حَدِيث أبي مَسْعُود فِي الْمَوَاقِيت لم يذكرهَا إِلَّا وقتا وَاحِدًا وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل صَلَاة فِي وَقْتَيْنِ إِلَّا الْمغرب فَإِنَّهُ صلاهَا فِي وَقت وَاحِد " وَفِي الصَّحِيح عَن جَابر وَفِي صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي الظّهْر بالهاجرة، وَيُصلي الْعَصْر وَالشَّمْس حَيَّة وَيُصلي الْعَصْر إِذا وَجَبت وَيُصلي الْعشَاء إِذا كثر النَّاس عجل وَإِذا قلوا أخر وَيُصلي الصُّبْح بِغَلَس فَهَذَا فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبدا لهَذِهِ الصَّلَاة فِي وَقت وَاحِد وَقد قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ واتفقا على إِخْرَاجه فِي الصَّحِيح من حَدِيثه عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة حَدثنَا أَبُو سُلَيْمَان مَالك بن الْحُوَيْرِث قَالَ: قَالَ لنا

صلوا كما رأيتموني أصلي فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم وعلى هذا إجماع المسلمين عملا حتى لا تكاد توجد عند غروب الشفق جماعة في صلاة المغرب فصار ذلك كإجماعهم على أعداد ركعات الصلوات ورد بإسناد رواته كلهم ثقات عن

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي فَإِذا حضرت الصَّلَاة فليؤذن لكم أحدكُم وليؤمكم أكبركم ". وعَلى هَذَا إِجْمَاع الْمُسلمين عملا حَتَّى لَا تكَاد تُوجد عِنْد غرُوب الشَّفق جمَاعَة فِي صَلَاة الْمغرب فَصَارَ ذَلِك كإجماعهم على أعداد رَكْعَات الصَّلَوَات، ورد بِإِسْنَاد رُوَاته كلهم ثِقَات عَن مرْثَد بن عبد الله قَالَ: قدم علينا أَبُو أَيُّوب غازيا وَعقبَة بن عَامر يَوْمئِذٍ على مصر، فَأخر الْمغرب فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو أَيُّوب فَقَالَ: مَا هَذِه الصَّلَاة يَا عقبَة، فَقَالَ: شغلنا فَقَالَ: أما سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا تزَال أمتِي بِخَير أَو قَالَ على الْفطْرَة مَا لم يؤخروا الْمغرب إِلَى أَن تشتبك النُّجُوم " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَشَاهده حَدِيث الْعَبَّاس بن

وفي الصحيحين عن سلمة قال كنا نصلي مع رسول الله

عبد الْمطلب رَضِي الله عَنهُ بِمَعْنَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سَلمَة قَالَ: " كُنَّا نصلي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمغرب إِذا تَوَارَتْ بالحجاب " وروى رَافع بن خديج قَالَ: " كُنَّا نصلي الْمغرب على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيَنْصَرِف أَحَدنَا وَإنَّهُ لينْظر إِلَى مواقع نبله "، وَكتب عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِلَى عماله أَن صلوا الْمغرب إِذا غربت الشَّمْس وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى مُسلم فِي الصَّحِيح عَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه حَدثنَا شُعْبَة عَن قَتَادَة سمع أَبَا أَيُّوب عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " وَقت الظّهْر مَا لم يحضر الْعَصْر وَوقت الْعَصْر مَا لم تصفر الشَّمْس وَوقت الْمغرب مَا لم يسْقط ثَوْر الشَّفق وَوقت الْعشَاء إِلَى نصف اللَّيْل

ومرتين لم يرفعه وكذلك قال يحيى بن أبي بكير عن شعبة وقال أبو عامر العقدي عن شعبة حدثني به مرتين مرة رفعه إلى النبي

وَوقت الْفجْر مَا لم تطلع الشَّمْس كَذَا أخرجه مُسلم وَلم يُخرجهُ البُخَارِيّ، وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن شُعْبَة وَقَالَ فِيهِ: قَالَ شُعْبَة: حَدثنِي بِهِ ثَلَاث مَرَّات فرفعه مرّة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومرتين لم يرفعهُ وَكَذَلِكَ قَالَ يحيى بن أبي بكير عَن شُعْبَة وَقَالَ أَبُو عَامر الْعَقدي عَن شُعْبَة حَدثنِي بِهِ مرَّتَيْنِ مرّة رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمرَّة لم يرفعهُ والْحَدِيث فِي رَفعه شكّ وَالله أعلم، ثمَّ إِنَّه أَرَادَ بذلك جَوَاز مدها بعد دُخُوله فِيهَا عِنْد غرُوب الشَّمْس إِلَى غيبوبة الشَّفق وَذَلِكَ جَائِز فِي قَول بعض أَصْحَابنَا وروى مُسلم أَيْضا عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرْعرة حَدثنَا حرمي بن عمَارَة حَدثنَا شُعْبَة عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن مَوَاقِيت الصَّلَاة فَقَالَ لَهُ: " اشْهَدْ مَعنا الصَّلَاة فَأمر بِلَالًا فَأذن " فَذكر الحَدِيث فِي الْمَوَاقِيت وَذكر فِي صَلَاة الْمغرب أَنه أمره بهَا من الْغَد قبل أَن يَقع الشَّفق وَقَالَ فِي

أمني جبريل وذكر الحديث ويقال إنما أخذه عن قيس بن الربيع أخبرنا أبو صالح العنبري حدثنا يحيى بن منصور القاضي حدثنا أحمد بن سلمة حدثنا محمد بن بشار حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة عن علقمة عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النبي

آخِره أَيْن السَّائِل؟ مَا بَين مَا رَأَيْت وَقت ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْريّ عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد وَيُقَال عَنهُ أَخذه شُعْبَة، أخبرناه أَبُو عبد الله، وَذكر إِسْنَاد ابْن إِسْحَق أخبرنَا مُحَمَّد بن يُونُس حَدثنَا عباد بن صُهَيْب وَذكرت لَهُ حَدِيث شُعْبَة عَن عَلْقَمَة بن مرْثَد فِي الْمَوَاقِيت فَقَالَ: أَنا وَالله سَأَلت شُعْبَة فَقَالَ شُعْبَة: حَدثنِي سُفْيَان بن سعيد عَن عَلْقَمَة عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمني جِبْرِيل " وَذكر الحَدِيث، وَيُقَال: إِنَّمَا أَخذه عَن قيس بن الرّبيع، أخبرنَا أَبُو صَالح الْعَنْبَري حَدثنَا يحيى بن مَنْصُور القَاضِي حَدثنَا أَحْمد بن سَلمَة حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار حَدثنَا حرمي بن عمَارَة حَدثنَا شُعْبَة عَن عَلْقَمَة عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَوَاقِيت. قَالَ ابْن بشار: فَذكرت هَذَا الحَدِيث لأبي دَاوُد فَقَالَ يَنْبَغِي أَن يكبر على صَاحب هَذَا الحَدِيث، فَقلت لَهُ: فَقَالَ: هُوَ من حَدِيث قيس فمحوته. قَالَ أَبُو بكر بن إِسْحَق بن خُزَيْمَة: " غلط أَبُو دَاوُد وَغير بنْدَار وَهَذَا خبر صَحِيح على مَا قد رَوَاهُ الثَّوْريّ أَيْضا عَن عَلْقَمَة ".

في رواية قال ثم أخر المغرب حتى إذا كان عند سقوط الشفق وفي أخرى وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق في اليوم الثاني وروي عن محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله

وَأخرج مُسلم أَيْضا حَدِيث الْمَوَاقِيت عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رِوَايَة قَالَ: ثمَّ أخر الْمغرب حَتَّى إِذا كَانَ عِنْد سُقُوط الشَّفق، وَفِي أُخْرَى: وَصلى الْمغرب قبل أَن يغيب الشَّفق فِي الْيَوْم الثَّانِي، وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن للصَّلَاة أَولا وآخرا " فَذكر الحَدِيث فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة وَقَالَ فِي الْمغرب " وَإِن أول وَقت الْمغرب حِين تغرب الشَّمْس، وَإِن آخر وَقتهَا حِين يغيب الْأُفق " قَالَ عَليّ بن عمر: " هَذَا لَا يَصح مُسْندًا وهم فِي إِسْنَاده ابْن فُضَيْل، وَغَيره يرويهِ عَن الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد مُرْسلا ". وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: يُقَال أَن مُحَمَّد بن فُضَيْل بن غَزوَان واهم فِيهِ وَإِنَّمَا هُوَ عَن الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ يُقَال، وَقَالَ الدوري: سَمِعت يحيى بن معِين يضعف حَدِيث مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة: واحسب يحيى يُرِيد " أَن للصَّلَاة أَولا وآخرا "

إن للصلاة أولا وآخرا رواه الناس كلهم عن الأعمش عن مجاهد مرسل والله أعلم

وَقَالَ: إِنَّمَا يرْوى عَن الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد. وَقَالَ الدوري: سَمِعت يحيى يَقُول حَدِيث الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن للصَّلَاة أَولا وآخرا " رَوَاهُ النَّاس كلهم عَن الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد مُرْسل وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (53) :) والشفق الَّذِي يدْخل بغروبه وَقت الْعشَاء هُوَ الْحمرَة وَقَالَ

يصليها لسقوط القمر لثالثه والشفق الذي هو البياض لا يغيب إلا بعد ذلك بزمان وقد صلاها قبله وروى في حديث عبد الله بن عمرو في المواقيت عن النبي

أَبُو حنيفَة: هُوَ الْبيَاض. وَدَلِيلنَا من الْخَبَر مَا روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير قَالَ أَنا أعلم النَّاس بِوَقْت هَذِه الصَّلَاة صَلَاة الْعشَاء الْأَخِيرَة كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصليهَا لسُقُوط الْقَمَر لثالثه والشفق الَّذِي هُوَ الْبيَاض لَا يغيب إِلَّا بعد ذَلِك بِزَمَان وَقد صلاهَا قبله وروى فِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فِي الْمَوَاقِيت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَوقت الْمغرب إِلَى أَن تذْهب حمرَة الشَّفق " وَفِي حَدِيث جَابر قَالَ يَعْنِي فِي الْقَدِيم: " صلى الْمغرب قبل غيبوبة الشَّفق " وروى عَبَّاس الدوري عَن يحيى بن معِين حَدثنَا عقبَة بن خَالِد حَدثنَا عبد الله بن نَافِع أَخْبرنِي أبي أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول: " الشَّفق: الْحمرَة فَإِذا ذهبت الْحمرَة فقد غَابَ الشَّفق "، قلت

ليحيى: سمع عقبَة من عبد الله بن نَافِع قَالَ: نعم وَمَا ننكر. وروى الشَّفق: الْحمرَة مَرْفُوعا أَبُو حذافة أَحْمد بن إِسْمَاعِيل السَّهْمِي عَن مَالك عَن نَافِع وَرُوِيَ كَذَلِك عَن عَتيق بن يَعْقُوب عَن مَالك مُسْندًا وَلَيْسَ بِشَيْء وَالصَّحِيح مَوْقُوف وَرُوِيَ عَن عبد الله بن نَافِع الصَّائِغ عَن مَالك عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه: الشَّفق الْحمرَة، قَالَ ذَلِك عمر بن الْخطاب، وَرُوِيَ ذَلِك أَيْضا عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَعَن دَاوُد بن الْحصين عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس وَعَن مَكْحُول أَن عبَادَة وَشَدَّاد بن أَوْس قَالَا:

أَن الشَّفق: شفقان الْحمرَة وَالْبَيَاض فَإِذا تَوَارَتْ الْحمرَة حلت الصَّلَاة، وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " الشَّفق الْحمرَة " قَالَ الْفراء: الشَّفق الْحمرَة الَّتِي فِي الْمغرب من الشَّمْس، حَدثنِي ابْن أبي يحيى عَن الْحُسَيْن بن عبيد الله بن ضميرَة عَن أَبِيه عَن جده رَفعه قَالَ: " الشَّفق: الْحمرَة " قَالَ الْفراء: وَسمعت بعض الْعَرَب يَقُول عَلَيْهِ ثوب مصبوغ كَأَنَّهُ الشَّفق وَكَأَنَّهُ أَحْمَر فَهَذَا شَاهد الْحمرَة وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (54) :) وَآخر وَقت الِاخْتِيَار فِي صَلَاة الْعشَاء أَن لَا تتجاوز ثلث اللَّيْل فِي أحد الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يبْقى إِلَى نصف اللَّيْل وَهُوَ القَوْل الآخر فَوجه قَوْلنَا لَا يتَجَاوَز ثلث اللَّيْل، مَا حَدثنَا وَذكر إِسْنَادًا إِلَى شُعْبَة عَن سيار بن سَلامَة أبي الْمنْهَال أَنه سمع أَبَا بَرزَة وَسَأَلَهُ أبي فَقَالَ: كَيفَ كَانَت صَلَاتكُمْ مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " كَانَ يُصَلِّي بِنَا وَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ وَكَانَ يُصَلِّي بِنَا الْعشَاء لَا يُبَالِي أَن يؤخرها إِلَى ثلث اللَّيْل " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح عَن عبيد بن معَاذ عَن

في المواقيت وفيه فأمره يعني من الغد فأقام العشاء حين ذهب ثلث الليل وفي آخره قال وقت صلاتكم ما بين ما أريتكم وعنده أيضا حديث أبي موسى في المواقيت عن رسول الله

أَبِيه عَن شُعْبَة بِنَحْوِ من مَعْنَاهُ وَقَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ معَاذ: قَالَ شُعْبَة: ثمَّ لَقيته مرّة فَقَالَ: " أَو ثلث اللَّيْل ". وَعند مُسلم حَدِيث ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَوَاقِيت وَفِيه فَأمره يَعْنِي من الْغَد فَأَقَامَ الْعشَاء حِين ذهب ثلث اللَّيْل وَفِي آخِره قَالَ: وَقت صَلَاتكُمْ مَا بَين مَا أريتكم " وَعِنْده أَيْضا حَدِيث أبي مُوسَى فِي الْمَوَاقِيت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيه وَصلى الْعشَاء إِلَى ثلث اللَّيْل ثمَّ قَالَ: أَيْن السَّائِل عَن وَقت الصَّلَاة؟ " الْوَقْت فِيمَا بَين هذَيْن "، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد أبي دَاوُد " أمني جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام عِنْد الْبَيْت مرَّتَيْنِ وَقَالَ فِيهِ وَصلى بِي الْعشَاء إِلَى ثلث اللَّيْل، وَصلى بِي الْفجْر فأسفر ثمَّ الْتفت إِلَيّ فَقَالَ: يَا مُحَمَّد هَذَا وَقت الْأَنْبِيَاء من قبلك الْوَقْت مَا بَين هذَيْن الْوَقْتَيْنِ "، وروى البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا " وَكَانُوا يصلونَ فِيمَا بَين أَن يغيب الشَّفق إِلَى ثلث اللَّيْل الأول " وروى مَالك عَن نَافِع " أَن عمر كتب إِلَى عماله أَن أهم أَمركُم عِنْدِي الصَّلَاة وَذكر فِي الْكتاب وَمِنْه فِي الْمَوَاقِيت وَالْعشَاء إِذا غَابَ الشَّفق إِلَى ثلث اللَّيْل فَمن نَام فَلَا نَامَتْ عَيْنَيْهِ " هَذَا مُرْسل. وروى مَالك عَن يزِيد بن

خاتما قال نعم أخر الصلاة صلاة العشاء ذات ليلة إلى شطر الليل فلما صلى أقبل علينا بوجهه فقال الناس قد صلوا ورقدوا وأنتم لن تزالوا في صلاة منذ انتظرتم الصلاة وكأني أنظر إلى وبيض خاتمه اتفقا على صحته معنى ولفظا وفي حديث عبد الله بن

زِيَاد عَن عبد الله بن رَافع مولى أم سَلمَة أَنه سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَة عَن وَقت الصَّلَاة فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: " وَالْعشَاء مَا بَيْنك وَبَين ثلث اللَّيْل فَإِن نمت إِلَى نصف اللَّيْل فَلَا نَامَتْ عَيْنك ". وَأما وَجه قَوْلنَا أَنه يبْقى إِلَى نصف اللَّيْل فَحَدِيث أنس أَنه سُئِلَ هَل اصْطنع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَاتمًا؟ قَالَ: " نعم، أخر الصَّلَاة صَلَاة الْعشَاء ذَات لَيْلَة إِلَى شطر اللَّيْل فَلَمَّا صلى أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: النَّاس قد صلوا ورقدوا وَأَنْتُم لن تزالوا فِي صَلَاة مُنْذُ انتظرتم الصَّلَاة وَكَأَنِّي أنظر إِلَى وبيض خَاتمه " اتفقَا على صِحَّته معنى ولفظا. وَفِي حَدِيث عبد الله بن عَمْرو عِنْد مُسلم عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَوَاقِيت " وَوقت صَلَاة الْعشَاء مَا بَيْنك وَبَين نصف اللَّيْل " وَعند البُخَارِيّ حَدِيث أبي بَرزَة كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فَذكر الْوَقْت بِتَأْخِير الْعشَاء إِلَى ثلث اللَّيْل ثمَّ قَالَ: إِلَى شطر اللَّيْل. وَعند مُسلم

فقال كان لا يبالي بعد تأخيرها يعني العشاء إلى نصف الليل الحديث وروي عن المفضل بن عاصم أخبرنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال أخر رسول الله

عَن سيار بن سَلامَة سَمِعت أبي يسْأَل أَبَا بَرزَة عَن صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " كَانَ لَا يُبَالِي بعد تَأْخِيرهَا يَعْنِي الْعشَاء إِلَى نصف اللَّيْل " الحَدِيث. وَرُوِيَ عَن الْمفضل بن عَاصِم أخبرنَا دَاوُد بن أبي هِنْد عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: أخر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة إِلَى قريب من شطر اللَّيْل ثمَّ خرج فصلى بهم وَقَالَ: " إِنَّكُم لن تزالوا فِي صَلَاة مَا انتظرتموها وَلَوْلَا كبر الْكَبِير وَضعف الضَّعِيف قَالَ وَأَحْسبهُ قَالَ: وَذُو الْحَاجة لأخرت هَذِه الصَّلَاة إِلَى شطر اللَّيْل " هَكَذَا رَوَاهُ بشر بن الْمفضل عَن دَاوُد وَرُوَاته كلهم ثِقَات فقد احْتج مُسلم بِأبي نَضرة الْمُنْذر بن مَالك، وَدَاوُد ابْن أبي هِنْد. وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن دَاوُد عَن أبي نَضرة عَن جَابر قَالَ: خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أَصْحَابه وهم ينتظرون الْعشَاء فَقَالَ: " النَّاس صلوا ورقدوا وَأَنْتُم تنتظرونها أما أَنكُمْ فِي صَلَاة مَا انتظرتموها وَلَوْلَا ضعف الضَّعِيف وَكبر الْكَبِير

فالمصير إليها أولى وبالله التوفيق وهو أعلم

لأخرت هَذِه الصَّلَاة إِلَى شطر اللَّيْل " وروى مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن صل الْعَصْر وَالشَّمْس بَيْضَاء نقية قدر مَا يسير الرَّاكِب ثَلَاث فراسخ وَأَن صل الْعَتَمَة مَا بَيْنك وَبَين ثلث اللَّيْل فَإِن أخرت فَإلَى شطر اللَّيْل هَذَا مُرْسل وَالصَّحِيح فِي الْمَذْهَب أَن وَقت الِاخْتِيَار لصَلَاة الْعشَاء يبْقى إِلَى نصف اللَّيْل وَأَن الزِّيَادَة على ثلث اللَّيْل مستفادة من هَذِه الْأَخْبَار وَهِي بعد إِمَامَة جِبْرِيل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فالمصير إِلَيْهَا أولى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَهُوَ أعلم. (مَسْأَلَة (55) :) وَالْأَذَان لصَلَاة الصُّبْح صَحِيح قبل الْفجْر وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يَصح وَدَلِيلنَا مَا أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن سَالم عَن أَبِيه أَن

قال إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم وأخرجه مسلم أيضا في الصحيح عنه عن النبي

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن بِلَالًا يُنَادي بلَيْل فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادي ابْن أم مَكْتُوم " وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الصَّحِيح عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن بِلَالًا يُؤذن بلَيْل وكلوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تسمعوا أَذَان ابْن أم مَكْتُوم " وَبِمَعْنَاهُ أَخْرجَاهُ أَيْضا من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَغُرنكُمْ نِدَاء بِلَال وَلَا هَذَا الْبيَاض حَتَّى ينفجر الْفجْر هَكَذَا " وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يمنعن أحدكُم أَذَان بِلَال من سحوره فَإِنَّهُ يُؤذن أَو يُنَادي ليرْجع قائمكم وينبه نائمكم " قَالَ مَالك: " لم يزل الصُّبْح يُنَادى لَهُ قبل الْفجْر فَأَما غَيرهَا فِي الصَّلَوَات فَإنَّا لم نرها يُنَادى لَهَا إِلَّا بعد أَن حل وَقتهَا " وَاسْتدلَّ بعض أَئِمَّتنَا رَضِي الله

قال إذا سمع أحدكم الأذان والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه والاستدلال بهذا واضح إلا أنه في بعض الروايات وكان المؤذنون يؤذنون إذا بزغ الفجر ويحتمل أنه أراد الأذان الثاني وأراد باليد الأذان الأول وربما استدلوا بما روى

عَنْهُم بِمَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا سمع أحدكُم الْأَذَان والإناء على يَده فَلَا يَضَعهُ حَتَّى يقْضِي حَاجته مِنْهُ ". وَالِاسْتِدْلَال بِهَذَا وَاضح إِلَّا أَنه فِي بعض الرِّوَايَات: وَكَانَ المؤذنون يُؤذنُونَ إِذا بزغ الْفجْر وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ الْأَذَان الثَّانِي وَأَرَادَ بِالْيَدِ الْأَذَان الأول، وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَن بِلَالًا أذن قبل طُلُوع الْفجْر فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يرجع فينادي أَلا إِن العَبْد نَام، أَلا إِن العَبْد نَام فَرجع فَنَادَى أَلا إِن العَبْد نَام " قَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا الحَدِيث لم يروه عَن أَيُّوب إِلَّا حَمَّاد بن سَلمَة. وَقَالَ إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم بن جبلة سَأَلت عليا عَن حَدِيث أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر: " أَن بِلَالًا أذن بلَيْل فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ارْجع فَنَادِ إِن العَبْد نَام " فَقَالَ: هُوَ عِنْدِي خطأ لم يُتَابع حَمَّاد بن سَلمَة على هَذَا إِنَّمَا روى أَن بِلَالًا كَانَ يُنَادي

بلَيْل قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد تَابعه سعيد بن زَرْبِي وَهُوَ ضَعِيف فَأَما حَمَّاد بن سَلمَة فَإِنَّهُ أحد أَئِمَّة الْمُسلمين، حَتَّى قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: إِذا رَأَيْت الرجل يغمز حَمَّاد بن سَلمَة فاتهمه فَإِنَّهُ كَانَ شَدِيدا على أهل الْبدع، إِلَّا أَنه لما طعن فِي السن سَاءَ حفظه وَلذَلِك ترك البُخَارِيّ الِاحْتِجَاج بحَديثه، وَأما مُسلم فَإِنَّهُ اجْتهد فِي أمره وَأخرج من حَدِيثه عَن ثَابت مَا سمع مِنْهُ قبل تغيره وَمَا سوى حَدِيثه عَن ثَابت لَا يبلغ أَكثر من اثْنَي عشر حَدِيثا أخرجهَا فِي الشواهد دون الِاحْتِجَاج بِهِ وَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فالاحتياط لمن راقب الله تَعَالَى أَن لَا يحْتَج بِمَا يجد من أَحَادِيثه مُخَالفا لأحاديث الثِّقَات الْأَثْبَات وَهَذَا الحَدِيث من جُمْلَتهَا فقد أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا عَن معمر عَن أَيُّوب قَالَ " أذن بِلَال

ما حملك على ذلك قال استيقظت وأنا وسنان فظننت أن الفجر قد طلع فأمره النبي

مرّة بلَيْل ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا مُرْسل. وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك ابْن أبي مَحْذُورَة عَن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن بِلَالًا رَضِي الله عَنهُ أذن قبل طُلُوع الْفجْر قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا حملك على ذَلِك قَالَ: استيقظت وَأَنا وَسنَان فَظَنَنْت أَن الْفجْر قد طلع فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُنَادي بِالْمَدِينَةِ ثَلَاثًا أَن العَبْد قد نَام وَأَقْعَدَهُ إِلَى جنبه حَتَّى طلع الْفجْر " هَكَذَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيم عَن عبد الْعَزِيز وَخَالفهُ شُعَيْب بن حَرْب فَقَالَ عَن عبد الْعَزِيز عَن نَافِع عَن مُؤذن لعمر يُقَال لَهُ مسروح أذن قبل الصُّبْح فَأمره عمر وَذكر بِنَحْوِهِ. قَالَ أَبُو دَاوُد:

وأمره أن ينادي أن العبد نام فوجد بلال وجدا شديدا قال الدارقطني وهم فيه عامر بن مدرك والصواب عن شعيب بن حرب عن عبد العزيز عن نافع عن مؤذن عمر عن عمر رضي الله عنه من قوله وروي عن أنس بن مالك ولا يصح وروي عن أبي يوسف القاضي عن

رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع أَو غَيره " أَن مُؤذنًا يُقَال لَهُ مسرح أَو غَيره. وَرَوَاهُ الدَّرَاورْدِي عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: كَانَ لعمر رَضِي الله عَنهُ مُؤذن يُقَال لَهُ مَسْعُود فَذكر نَحوه، قَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا أصح من ذَلِك يَعْنِي حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ أصح، وروى من وَجه آخر عَن عبد الْعَزِيز مَوْصُولا وَلَا يَصح رَوَاهُ عَامر بن مدرك عَنهُ عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن بِلَالًا أذن قبل الْفجْر فَغَضب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأمره أَن يُنَادي " أَن العَبْد نَام فَوجدَ بِلَال وجدا شَدِيدا ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: وهم فِيهِ عَامر بن مدرك، وَالصَّوَاب عَن شُعَيْب بن حَرْب عَن عبد الْعَزِيز عَن نَافِع عَن مُؤذن عمر عَن عمر رَضِي الله عَنهُ من قَوْله، وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك وَلَا يَصح، وَرُوِيَ عَن أبي يُوسُف القَاضِي عَن ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس أَن بِلَالًا أذن قبل الْفجْر فَأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يصعد فينادي أَلا إِن العَبْد نَام فَفعل. وَقَالَ: " لَيْت بِلَالًا لم تلده أمه، وابتل من نضح دم جَبينه ".

حدثنا عثمان وذكر إسنادا عن عبد الوهاب حدثنا سعيد عن قتادة أن بلالا أذن ولم يذكر أنسا والمرسل أصح والله أعلم وروي عن محمد بن إسحق الأسدي حدثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس بن مالك قال أذن بلال قبل الفجر فأمره النبي

قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ تفرد بِهِ أَبُو يُوسُف عَن سعيد وَغَيره يُرْسِلهُ عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَدثنَا عُثْمَان، وَذكر إِسْنَادًا عَن عبد الْوَهَّاب حَدثنَا سعيد عَن قَتَادَة أَن بِلَالًا أذن وَلم يذكر أنسا، والمرسل أصح وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق الْأَسدي حَدثنَا الرّبيع بن صبيح عَن الْحسن عَن أنس بن مَالك قَالَ: " أذن بِلَال قبل الْفجْر فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُعِيد فرقي بِلَال وَهُوَ يَقُول: لَيْت بِلَالًا ثكلته أمه وابتل من نضح جَبينه ثمَّ أذن حِين أَضَاء الْفجْر ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْأَسدي ضَعِيف جدا، وَقَالَ البُخَارِيّ: مُحَمَّد ابْن الْقَاسِم الْأَسدي كذبه أَحْمد بن حَنْبَل. وَرُوِيَ عَن حميد بن هِلَال " أَن بِلَالًا أذن لَيْلَة بسواد فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يرجع إِلَى مقَامه فينادي أَن العَبْد نَام "، وَرَوَاهُ

وهو يتسحر فقال لا تؤذن حتى ترى الفجر وهذا مرسل قال أبو داود شداد مولى عياض لم يدرك بلالا وروى الحسن بن عمارة عن طلحة بن مصرف عن سويد بن غفلة عن بلال قال أمرني رسول الله

إِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن حميد عَن أبي قتاده، حميد لم يلق أَبَا قَتَادَة فَهُوَ مُرْسل بِكُل حَال. وَرُوِيَ عَن شَدَّاد مولى عِيَاض قَالَ: جَاءَ بِلَال إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يتسحر فَقَالَ: " لَا تؤذن حَتَّى ترى الْفجْر " وَهَذَا مُرْسل. قَالَ أَبُو دَاوُد: شَدَّاد مولى عِيَاض لم يدْرك بِلَالًا. وروى الْحسن بن عمَارَة عَن طَلْحَة بن مصرف عَن سُوَيْد بن غَفلَة عَن بِلَال قَالَ: أَمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَن لَا أؤذن حَتَّى يطلع الْفجْر " وَعَن الحكم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن بِلَال مثله لم يروه هَكَذَا غير الْحسن بن عمَارَة وَهُوَ مَتْرُوك وَقد سبق ذكره، وَرَوَاهُ الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن طَلْحَة وزبيد عَن سُوَيْد بن

وكلاهما ضعيفان وروي عن سفيان عن سليمان التميمي عن أبي عثمان أن النبي

غَفلَة " أَن بِلَالًا لم يكن يُؤذن حَتَّى ينشق الْفجْر " هَكَذَا رَوَاهُ لم يذكر فِيهِ أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكِلَاهُمَا ضعيفان. وَرُوِيَ عَن سُفْيَان عَن سُلَيْمَان التَّمِيمِي عَن أبي عُثْمَان أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِبلَال: " لَا تؤذن الْفجْر هَكَذَا، وَجمع سُفْيَان أَصَابِعه الثَّلَاث لَا تؤذن حَتَّى يَقُول الْفجْر هَكَذَا وصف سُفْيَان بَين السبابتين ثمَّ قرن بَينهمَا " وروينا عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مَا دلّ على أَذَان بِلَال بلَيْل وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر مَعَاني ناديته بِاللَّيْلِ وَذَلِكَ أولى بِالْقبُولِ لِأَنَّهُ مَوْصُول وَهَذَا مُرْسل وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود قَالَ: قَالَت لي عَائِشَة: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أوتر من

بالليل فقالت كان ينام أول الليل فإذا كان السحر أوتر ثم يأتي فراشه فإن كان له حاجة إلى أهله ألم بهم ثم ينام فإذا سمع النداء وما قالت الأذان وثب وما قالت قام فإن كان جنبا أفاض عليه الماء وما قالت اغتسل وإن لم يكن جنبا توضأ ثم خرج

اللَّيْل رَجَعَ إِلَى فرَاشه، فَإِذا أذن بِلَال قَامَ، وَكَانَ بِلَال يُؤذن إِذا طلع الْفجْر، فَإِن كَانَ جنبا اغْتسل وَإِن لم يكن تَوَضَّأ ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ". وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَق فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ: " مَا كَانَ الْمُؤَذّن يُؤذن حَتَّى يطلع الْفجْر "، وروى عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَق عَن الْأسود سُئِلت عَائِشَة عَن صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِاللَّيْلِ فَقَالَت: " كَانَ ينَام أول اللَّيْل فَإِذا كَانَ السحر أوتر ثمَّ يَأْتِي فرَاشه، فَإِن كَانَ لَهُ حَاجَة إِلَى أَهله ألم بهم ثمَّ ينَام، فَإِذا سمع النداء، وَمَا قَالَت الْأَذَان وثب وَمَا قَالَت قَامَ فَإِن كَانَ جنبا أَفَاضَ عَلَيْهِ المَاء، وَمَا قَالَت اغْتسل، وَإِن لم يكن جنبا تَوَضَّأ ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة ". وَقَالَ زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق فِي هَذَا الحَدِيث فَإِذا كَانَ عِنْد النداء الأول وثب وَفِي رِوَايَته وَرِوَايَة شُعْبَة كالدليل على أَن هَذَا النداء كَانَ قبل طُلُوع الْفجْر وَهِي مُوَافقَة لرِوَايَة الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة وَذَلِكَ أولى من رِوَايَة من خالفها، وَرُوِيَ عَن عبد الْكَرِيم عَن نَافِع عَن حَفْصَة رَضِي الله عَنْهُم قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أذن الْمُؤَذّن صلى الرَّكْعَتَيْنِ ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد وَحرم الطَّعَام وَكَانَ لَا

أنها أخبرته أن رسول الله

يُؤذن إِلَّا بعد الْفجْر " هَكَذَا فِي هَذِه الرِّوَايَة وَهُوَ مَحْمُول إِن صَحَّ على الْأَذَان الثَّانِي وَالصَّحِيح عَن نَافِع بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ رَوَاهُ مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن حَفْصَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهَا أخْبرته " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا سكت الْمُؤَذّن من الْأَذَان لصَلَاة الصُّبْح وَبَدَأَ الصُّبْح صلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين قبل أَن تُقَام الصَّلَاة " فَخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (56) :) ودرك قدر التحريمه من الْوَقْت لَا يلْزم صَلَاة الْوَقْت على أحد الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة يلْزمهَا وَدَلِيلنَا من الْخَبَر حَدِيث أبي

قال من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر والله الموفق وهو أعلم

هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّحِيح من أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فقد أدْرك الصُّبْح وَمن أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فقد أدْرك الْعَصْر " وَالله الْمُوفق وَهُوَ أعلم. (مَسْأَلَة (57) :) ودرك وَقت الْعَصْر إِذا أوجب الْعَصْر أوجب مَعهَا الظّهْر وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجب الظّهْر مَعَ الْعَصْر وَدَلِيلنَا كَون وَقت الْعَصْر وقتا لِلظهْرِ فِي حَال الْعذر فَهُوَ وَقت لَهَا فِي حَال الضَّرُورَة وَتلك الْأَخْبَار مخرجة فِي مَسْأَلَة الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ لعذر السّفر والمطر. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة فقد أدْرك الصَّلَاة " وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا

مسألة

قَالَ: " إِذا طهرت الْمَرْأَة فِي وَقت صَلَاة الْعَصْر فلتبدأ بِالظّهْرِ فلتصلها ثمَّ لتصلي الْعَصْر وَإِذا طهرت فِي وَقت الْعشَاء الْآخِرَة فلتبدأ ولتصلي الْمغرب وَالْعشَاء "، وَعَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِذا رَأَتْ الْمَرْأَة الطُّهْر قبل أَن تغرب الشَّمْس صلت الظّهْر وَالْعصر وَإِذا رَأَتْ الطُّهْر قبل أَن يطلع الْفجْر صلت الْمغرب وَالْعشَاء " قَالَ أَبُو بكر بن إِسْحَق وَلَا أعلم وَاحِدًا من الصَّحَابَة خالفهما وروى نَحْو ذَلِك الْمَذْهَب عَن عَطاء وَطَاوُس وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (58) :) والمغمى عَلَيْهِ إِذا فاق بعد مُضِيّ الصَّلَاة فَلَا يلْزمه قَضَاء تِلْكَ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: عَلَيْهِ قَضَاء مَا فَاتَهُ فِي حَال إغمائه مَا لم يزدْ على يَوْم وَلَيْلَة. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْأَثر مَا روى يحيى بن

نصر قَالَ قرئَ عَن ابْن وهب أخْبرك عبد الله بن عمر وَمَالك بن أنس وَأُسَامَة بن زيد وَابْن سمْعَان عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر أُغمي عَلَيْهِ فَلم يقْض صلَاته وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن الثَّوْريّ عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه أُغمي عَلَيْهِ يَوْمًا وَلَيْلَة فَلم يقْض "، وَعَن سُفْيَان عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه أُغمي عَلَيْهِ أَكثر من يَوْمَيْنِ فَلم يقضه "، وَرُوِيَ عَن الْحسن قَالَ: " لَا يُعِيد الْمغمى عَلَيْهِ الصَّلَاة الَّتِي أَفَاق فِي وَقتهَا "، ورويناه عَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة من أهل الْمَدِينَة، وَرُوِيَ مُسْندًا عَن الحكم بن عبيد الله بن عبد الله بن سعد الإيلي وَهُوَ ضَعِيف جدا وَرَوَاهُ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا " سَأَلت

عن الرجل يغمى عليه فيترك الصلاة فذكر عنه أن ليس بشيء من ذلك قضاء إلا أن يغمى عليه في وقت صلاة فيفيق وهو في وقتها فيصليها واستدلوا بما روي عن السدي عن يزيد مولى عمار أن عمار بن ياسر رضي الله عنه أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الرجل يغمى عَلَيْهِ فَيتْرك الصَّلَاة، فَذكر عَنهُ أَن لَيْسَ بِشَيْء من ذَلِك قَضَاء، إِلَّا أَن يغمى عَلَيْهِ فِي وَقت صَلَاة فيفيق وَهُوَ فِي وَقتهَا فيصليها " وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن السّديّ عَن يزِيد مولى عمار أَن عمار بن يَاسر رَضِي الله عَنهُ أُغمي عَلَيْهِ فِي الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء وَهُوَ مَحْمُول على الِاسْتِحْبَاب إِن صَحَّ. وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فِيمَا روينَا عَن ابْن عمر وعمار فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كَانَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يرى فِيمَا يرى وَالله أعلم أَن الصَّلَاة مَرْفُوعَة عَن الْمغمى عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنهُ " أَنه أُغمي يَوْمًا وَلَيْلَة فَلم يقْض شَيْئا " وَلم يرو عَنهُ أَنه قَالَ: " من أُغمي عَلَيْهِ أقل قضى " وَقد يكون أَفَاق فِي وَقت الْخَامِسَة فَلم يقْض، قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: وَهَذَا مَذْهَب عمار فِيمَا نرى وَالله أعلم أَن الصَّلَاة لَيست بموضوعة عَن الْمغمى عَلَيْهِ كَمَا لَا يكون الصَّوْم مَوْضُوعا عَنهُ وَلم يرو عَن عمار أَنه قَالَ: لَو أُغمي عَليّ خمس صلوَات لَا أفِيق

مسألة

حَتَّى يمْضِي وَقت الْخَامِسَة لم أقض وَلَيْسَ هَذَا أَيْضا بِثَابِت عَن عمار ثمَّ سَاق الْكَلَام إِلَى أَن عمل عمار رَضِي الله عَنهُ على الِاسْتِحْبَاب أَن لَو ثَبت عَنهُ، وَإِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث عمار أَنه لَيْسَ بِثَابِت لِأَن رِوَايَة يزِيد مولى عمار وَهُوَ مَجْهُول والراوي عَنهُ إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن السّديّ، وَكَانَ يحيى بن معِين يستضعفه وَلم يحْتَج بِهِ البُخَارِيّ، وَكَانَ ابْن سعيد وَابْن مهْدي لَا يريان بِهِ بَأْسا وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (59) :) والترجيع سنة فِي الْأَذَان. وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تَرْجِيع فِي

الأذان الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله مرتين ثم يعود يقول أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن

الْأَذَان، وَدَلِيلنَا مَا فِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث معَاذ بن هِشَام عَن أَبِيه عَن مَكْحُول عَن ابْن محيريز عَن أبي مَحْذُورَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَذَان: الله أكبر الله أكبر، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله. أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله مرَّتَيْنِ ثمَّ يعود يَقُول أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله مرَّتَيْنِ، حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الصَّلَاة، حَيّ على الْفَلاح حَيّ على الْفَلاح، الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله " وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِي عَن مُسلم بن خَالِد عَن ابْن جريج عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة عَن ابْن محيريز عَن أبي مَحْذُورَة فِي قصَّة وَذكر الْأَذَان بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنه قَالَ فِي أول الْأَذَان: الله

أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر. وروى أَبُو دَاوُد عَن الْحَارِث بن عبيد عَن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قلت يَا رَسُول الله عَلمنِي سنة الْأَذَان، قَالَ: فَمسح مقدم رَأسه قَالَ تَقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ترفع بهَا صَوْتك، ثمَّ تَقول: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، تخْفض بهَا صَوْتك، ثمَّ ترفع صَوْتك بِالشَّهَادَةِ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الصَّلَاة، حَيّ على الْفَلاح حَيّ على الْفَلاح، فَإِن كَانَ الصُّبْح قلت: الصَّلَاة خير من النّوم الصَّلَاة خير من النّوم الله أكبر الله أكبر

مسألة

لَا إِلَه إِلَّا الله ". (مَسْأَلَة (60) :) ويلتوي فِي حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح، وَلَا يَدُور فِي حجرَة المنارة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة يَدُور، وَدَلِيلنَا مَا روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه قَالَ أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة وَهُوَ فِي قبَّة حَمْرَاء من أَدَم، فَخرج بِلَال فَأذن فَكنت أتتبع فَمه هَهُنَا وَهَهُنَا، قَالَ: ثمَّ خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَلِيهِ حلَّة حَمْرَاء برود يَمَانِية قطري، وَفِي رِوَايَة رَأَيْت بِلَالًا خرج إِلَى الأبطح فَأذن، فَلَمَّا بلغ

وهو في قبة حمراء بالأبطح فخرج إلينا بلال

" حَيّ على الصَّلَاة حَيّ على الْفَلاح " لوى عُنُقه يَمِينا وَشمَالًا وَلم يستدر وروى أَحْمد بن حَنْبَل عَن عبد الرَّزَّاق عَن سُفْيَان عَن عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه قَالَ رَأَيْت بِلَالًا يُؤذن ويدور ويتتبع فَاه هَهُنَا وَهَهُنَا. الاستدارة فِي الْأَذَان لَيست فِي حَدِيث أبي جُحَيْفَة من الطَّرِيق المخرجة فِي الصَّحِيح، وَالثَّوْري إِنَّمَا روى الاستدارة فِي هَذَا الحَدِيث عَن رجل عَن عون سَمعه من الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن عون وَالْحجاج لم يحْتَج بِهِ وَعبد الرَّزَّاق وهم فِي إدراجه فِي الحَدِيث وَالَّذِي يدل على ذَلِك الحَدِيث الَّذِي أخبرناه وَذكر إِسْنَادًا عَن عبد الله بن الْوَلِيد عَن سُفْيَان حَدثنِي عون بن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي قبَّة حَمْرَاء بِالْأَبْطح فَخرج إِلَيْنَا بِلَال

مسألة

فَجعلت أتبع فَاه هَهُنَا وَهَهُنَا "، وبإسناده حَدثنَا سُفْيَان حَدثنِي من سَمعه من عون أَنه كَانَ يَدُور وَيَضَع يَدَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَهَذِه رِوَايَة الْحجَّاج ابْن أَرْطَأَة أخبرنَا أَبُو عبد الله وَذكر إِسْنَادًا إِلَى حجاج عَن عون بن أبي جُحَيْفَة قَالَ خرجنَا حجاجا فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ فَقَامَ بِلَال فَأذن بِالظّهْرِ وَوضع يَدَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ واستدار فِي أَذَانه كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ يستدير فِي أَذَانه " وَقد روينَا من حَدِيث عَن عون وَلم يستدر وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (61) :) وَمَا فَاتَ وَقتهَا من الصَّلَاة أَقَامَ لَهَا وَلم يُؤذن فِي الصَّحِيح من مذْهبه وَله فِيهِ قَولَانِ آخرَانِ أَحدهمَا يُؤذن للصَّلَاة الأولى من جملَة مَا فَاتَهُ وَالْآخر يُؤذن لَهَا إِن رجا اجْتِمَاع النَّاس، وَلَا يُؤذن لَهَا إِن لم يرج اجْتِمَاعهم وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يُؤذن للفائتة وَيُقِيم. فَوجه قَوْلنَا لَا يُؤذن للفائتة وَلَا يُقيم مَا أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا إِلَى ابْن وهب أَخْبرنِي مَالك بن أنس وَابْن أبي ذِئْب عَن ابْن شهَاب عَن سَالم بن عبد الله عَن أَبِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الْمغرب وَالْعشَاء بِالْمُزْدَلِفَةِ جَمِيعًا قَالَ ابْن أبي ذِئْب: " لم ينادني فِي كل وَاحِدَة مِنْهُمَا إِلَّا بِإِقَامَة وَلم يسبح

وهو أيضا مخرج في الصحيح عند مسلم من حديث الثوري عن سلمة عن سعيد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي

بَينهمَا وَلَا على أثر وَاحِدَة مِنْهُمَا " أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن أبي ذِئْب، وَأخرجه مُسلم من حَدِيث مَالك وَرَوَاهُ سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر أَنه صلاهما بِإِقَامَة، وَقَالَ هَكَذَا صنع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ أَيْضا مخرج فِي الصَّحِيح عِنْد مُسلم من حَدِيث الثَّوْريّ عَن سَلمَة عَن سعيد عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى الْمغرب وَالْعشَاء، بِجمع بِإِقَامَة " حَدِيث شُعْبَة عَن الحكم وَسَلَمَة عَن سعيد عَن ابْن عمر " أَنه صلاهَا بِإِقَامَة وَاحِدَة، وَقَالَ: هَكَذَا صنع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الْمَكَان " وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَالك قَالَ: " رَأَيْت ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا صلى الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع بِأَذَان وَإِقَامَة، فَقَالَ لَهُ مَالك بن خَالِد: مَا هَذَا يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن؟ فَقَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الْمَكَان فَفعل هَكَذَا "،

بلال فأمره فأقام الظهر فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كذلك أيضا قال وذلك قبل أن ينزل صلاة الخوف فرجالا أو ركبانا رواة هذا الحديث كلهم ثقات وقد احتج

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد عَن أبي الْأَحْوَص عَن أَشْعَث بن سليم عَن أَبِيه عَن ابْن عمر فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة بِمثل ذَلِك، وَرِوَايَة سَالم وَسَعِيد أصح وَالله أعلم. وروى الشَّافِعِي عَن ابْن أبي فديك عَن ابْن أبي ذِئْب عَن المَقْبُري عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أبي سعيد قَالَ: حبسنا يَوْم الخَنْدَق عَن الصَّلَاة حَتَّى كَانَ بعد الْمغرب يهوى من اللَّيْل حَتَّى كفينا، وَذَلِكَ قَول الله تَعَالَى: {وَكفى الله الْمُؤمنِينَ الْقِتَال وَكَانَ الله قَوِيا عَزِيزًا} فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَال فَأمره فَأَقَامَ الظّهْر فَصلاهَا فَأحْسن صلَاتهَا، كَمَا كَانَ يُصليهَا فِي وَقتهَا ثمَّ أَقَامَ الْعَصْر فَصلاهَا كَذَلِك أَيْضا قَالَ وَذَلِكَ قبل أَن ينزل صَلَاة الْخَوْف {فرجالا أَو ركبانا} رُوَاة هَذَا الحَدِيث كلهم ثِقَات وَقد احْتج

بمعناه في هذه الصلوات وروي عن أبي جحيفة قال كان رسول الله

مُسلم بِعَبْد الرَّحْمَن بن أبي سعيد وسائرهم مُتَّفق على عدالتهم، وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَعْنَاهُ فِي هَذِه الصَّلَوَات وَرُوِيَ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مسير فَنَامَ حَتَّى أصبح ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ ثمَّ صلى قَالَ: " من نَام عَن صَلَاة أَو نَسِيَهَا فليصلها إِذا اسْتَيْقَظَ وليصلها إِذا ذكرهَا ". وَأما وَجه قَوْلنَا أَن يُؤذن للفائتة الأولى حَدِيث عمرَان بن الْحصين فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ: " كُنَّا فِي سفر مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسَاق الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: " ارتحلوا فارتحل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصَارَ غير بعيد فَنزل فَدَعَا بِوضُوء فَتَوَضَّأ ونادى بِالصَّلَاةِ فصلى بِالنَّاسِ وَذكر بَاقِي الحَدِيث "، وَرُوِيَ عَن الْحسن عَن عمرَان بن حُصَيْن " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ فِي سفر فَنَامَ عَن الصُّبْح حَتَّى إِذا طلعت الشَّمْس فَأمر فَأذن فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْتظر حَتَّى استعلت الشَّمْس ثمَّ أمره فَأَقَامَ بهم " وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن أبي قَتَادَة قَالَ: " سرينا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فساق الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن الله تَعَالَى قبض أرواحكم حِين شَاءَ وردهَا إِلَيْكُم، ثمَّ قَالَ يَا بِلَال قُم فَأذن للنَّاس بِالصَّلَاةِ فَتَوَضَّأ فَلَمَّا ارْتَفَعت الشَّمْس

في سفر فذكر الحديث في نومهم عن الصلاة وقال ثم أذن بلال فصلى ركعتين قبل الفجر ثم صلى الفجر وروى أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرنا أبان حدثنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة هذا الخبر يعني حديث التعريس قال فقال رسول

وابيضت قَامَ فصلى " وَعند مُسلم عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فَذكر الحَدِيث فِي نومهم عَن الصَّلَاة وَقَالَ: " ثمَّ أذن بِلَال فصلى رَكْعَتَيْنِ قبل الْفجْر ثمَّ صلى الْفجْر " وروى أَبُو دَاوُد حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل أخبرنَا أبان حَدثنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة هَذَا الْخَبَر يَعْنِي حَدِيث التَّعْرِيس قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تحولوا عَن مَكَانكُمْ الَّذِي أَصَابَتْكُم فِيهِ الْغَفْلَة قَالَ فَأمر بِلَالًا فَأذن وَأقَام وَصلى " قَالَ أَبُو دَاوُد، " رَوَاهُ مَالك عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَالْأَوْزَاعِيّ وَعبد الرَّزَّاق عَن معمر وَابْن إِسْحَق يَعْنِي وَيُونُس لم يذكر أحد مِنْهُم الْأَذَان فِي حَدِيث الزُّهْرِيّ هَذَا وَلم يسْندهُ وَاحِد مِنْهُم إِلَّا الْأَوْزَاعِيّ وَأَبَان الْعَطَّار عَن معمر ".

كان في سفر فقال من يكلؤنا الليلة لا يرقد عن صلاة الفجر فقال بلال أنا يا رسول الله فاستقبل مطلع الشمس فما أيقظهم إلا حر الشمس فقاموا فتوضئوا فأذن بلال فصلوا الركعتين ثم صلوا الفجر وروي عن علي المديني حدثنا سفيان قال ألقيناه من

قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَإِلَّا يُونُس بن يزِيد الإيلي فَإِنَّهُم أسندوه إِلَّا أبان الْعَطَّار ينْفَرد بِذكر الْأَذَان فِيهِ وَهُوَ صَحِيح فِي سَائِر الرِّوَايَة لهَذِهِ الْقِصَّة وَرُوِيَ عَن حَمَّاد بن سَلمَة حَدثنَا عَمْرو بن دِينَار عَن نَافِع بن جُبَير بن مطعم عَن أَبِيه: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ فِي سفر فَقَالَ: من يكلؤنا اللَّيْلَة لَا يرقد عَن صَلَاة الْفجْر فَقَالَ بِلَال: أَنا يَا رَسُول الله فَاسْتقْبل مطلع الشَّمْس، فَمَا أيقظهم إِلَّا حر الشَّمْس، فَقَامُوا فَتَوضئُوا فَأذن بِلَال فصلوا الرَّكْعَتَيْنِ ثمَّ صلوا الْفجْر "، وَرُوِيَ عَن عَليّ الْمَدِينِيّ حَدثنَا سُفْيَان قَالَ ألقيناه من عَمْرو بن دِينَار. قَالَ سَمِعت نَافِع بن جُبَير بن مطعم يَقُول حَدثنَا رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فَأَرَادَ أَن يعرس الحَدِيث " قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ فَقلت لِسُفْيَان: إِن حَمَّاد بن سَلمَة يَقُول عَن عَمْرو بن دِينَار عَن نَافِع بن جُبَير عَن أَبِيه قَالَ سُفْيَان: لم أحفظ إِلَّا عَن نَافِع عَن رجل قَالَ: مُحَمَّد بن يحيى صَار الحَدِيث واهي. عَن جُبَير بن مطعم. وروى أَبُو دَاوُد عَن عَمْرو بن أُميَّة الضمرِي قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَامَ عَن الصُّبْح حَتَّى طلعت الشَّمْس، فَاسْتَيْقَظَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تنحوا عَن هَذَا الْمَكَان " قَالَ: ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأذن، ثمَّ توضئوا وصلوا رَكْعَتي الْفجْر ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاة فصلى بهم

في هذا الخبر قال فتوضأ يعني النبي

صَلَاة الصُّبْح " وروى أَبُو دَاوُد عَن ذِي مخبر الحبشي، وَكَانَ يخْدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الْخَبَر قَالَ: فَتَوَضَّأ يَعْنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وضُوءًا لم يلث التُّرَاب، ثمَّ أَمر بِلَالًا فَأذن ثمَّ قَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ غير عجل، ثمَّ قَالَ لِبلَال " أقِم الصَّلَاة " ثمَّ صلى وَهُوَ غير عجل. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مسير فغفلنا عَن الصَّلَاة صَلَاة الْغَدَاة حَتَّى طلعت الشَّمْس قَالَ فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مناديه فَنَادَى كَمَا كَانَ يُنَادي وَصلى رَكْعَتي الْفجْر كَمَا كَانَ يُصَلِّي وَصلى الْغَدَاة كَمَا كَانَ يُصَلِّي ". وَعَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لما غزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَزْوَة تَبُوك الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ: " يَا بِلَال أذن وأقم " قَالَ بِلَال: الْآن قَالَ: " نعم ". فصلوا بعد مَا أَصْبحُوا " وَفِي حَدِيث جَابر الطَّوِيل فِي صلَة

المزدلفة يجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين أخرجه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة وإسحق بن إبراهيم أظنه عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر وروى أبو داود قال حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا سليمان بن

الْحَج قَالَ: " حَتَّى (أَتَى) يَعْنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمزْدَلِفَة يجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَإِسْحَق بن إِبْرَاهِيم أَظُنهُ عَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر. وروى أَبُو دَاوُد قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن مسلمة حَدثنَا سُلَيْمَان بن بِلَال قَالَ: وَحدثنَا أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ الْمَعْنى وَاحِد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه: أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الظّهْر وَالْعصر بِأَذَان وَاحِد بِعَرَفَة وَلم يسبح بَينهمَا وَإِقَامَتَيْنِ وَصلى الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ وَلم يسبح بَينهمَا ". وَقَالَ أَبُو دَاوُد: هَذَا الحَدِيث أسْندهُ حَاتِم بن إِسْمَاعِيل فِي الحَدِيث الطَّوِيل وَوَافَقَ حاتما على إِسْنَاده مُحَمَّد بن عَليّ الْجعْفِيّ عَن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن جَابر إِلَّا أَنه قَالَ: " فصلى الْمغرب وَالْعَتَمَة بِأَذَان

يوم عرفة الحديث وقال فركبنا حتى جئنا جمعا ثم أذن للصلاة فصلى المغرب وروي عن خزيمة بن ثابت أن رسول الله

وَإِقَامَة " قَالَ أَبُو دَاوُد قَالَ لي أَحْمد يَعْنِي ابْن حَنْبَل. أَخطَأ حَاتِم فِي هَذَا الحَدِيث الطَّوِيل. قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَرَوَاهُ حَفْص بن غياث عَن جَعْفَر نَحْو رِوَايَة حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، وَرُوِيَ عَن كريب عَن أُسَامَة قَالَ: " أَنا رَدِيف رَسُول لله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم عَرَفَة الحَدِيث وَقَالَ: " فَرَكبْنَا حَتَّى جِئْنَا جمعا ثمَّ أذن للصَّلَاة فصلى الْمغرب "، وَرُوِيَ عَن خُزَيْمَة بن ثَابت " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمع بَين الصَّلَاتَيْنِ بِجمع بِأَذَان وَإِقَامَة وَاحِدَة " وَرُوِيَ عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ " شغلنا الْمُشْركُونَ عَن صَلَاة الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء، فَأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَالًا فَأذن وَأقَام فصلينا الظّهْر ثمَّ أَقَامَ فصلينا الْعَصْر ثمَّ أَقَامَ فصلينا الْمغرب ثمَّ

أَقَامَ فصلينا الْعشَاء ثمَّ قَالَ مَا فِي الأَرْض عِصَابَة يذكرُونَ الله غَيْركُمْ " هَذَا مُرْسل فَإِن أَبَا عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه شَيْئا وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود " أَنه أَمر بِالْأَذَانِ للمغرب حِين جمع بَينهمَا " وَهُوَ مخرج من الصَّحِيح مَوْقُوفا وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن عمر رَضِي الله عَنهُ " أَنه أعَاد الصَّلَاة بَعْدَمَا طلعت الشَّمْس فَأذن وَأقَام " وَرُوِيَ فِيهِ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع. وَأما وَجه قَوْلنَا أَن يُؤذن إِن رجا اجْتِمَاع النَّاس، وَإِن لم يرج فَلَا يُؤذن هُوَ أَن الْأَذَان شرع للدُّعَاء إِلَى الصَّلَاة بِدَلِيل حَدِيث ابْن عمر " كَانَ الْمُسلمُونَ حِين قدمُوا الْمَدِينَة يَجْتَمعُونَ فيتحينون للصَّلَاة وَلَيْسَ

قم فناد بالصلاة مخرج في الصحيحين وفي حديث عبد الله بن زيد فقلت أتبيع الناقوس قال وما تصنع به فقلت ندعوا به إلى الصلاة وعن ابن عمر رضي الله عنهما إنما الأذان داع يدعو الناس إلى الصلاة ويحتمل أن يكون لحق الوقت إذ لو كان

يُنَادي بهَا أحد فتكلموا يَوْمًا فِي ذَلِك فَقَالَ بَعضهم اتَّخذُوا ناقوسا مثل ناقوس النَّصَارَى وَقَالَ بَعضهم: قرنا مثل قرن الْيَهُود. فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: أَلا تبعثون رجَالًا ينادون بِالصَّلَاةِ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُم فَنَادِ بِالصَّلَاةِ " مخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي حَدِيث عبد الله بن زيد فَقلت: أتبيع الناقوس قَالَ: وَمَا تصنع بِهِ، فَقلت: ندعوا بِهِ إِلَى الصَّلَاة، وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: " إِنَّمَا الْأَذَان دَاع يَدْعُو النَّاس إِلَى الصَّلَاة " وَيحْتَمل أَن يكون لحق الْوَقْت إِذْ لَو كَانَ للدُّعَاء إِلَى الصَّلَاة فَقَط لما سنّ للمنفرد، وَقد صَحَّ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي اسْتِحْبَاب الْأَذَان للمنفرد، مَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عبد الله بن أبي صعصعة أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ

وروى أبو داود في مسنده عن عقبة عن ابن عامر رضي الله عنه قول يعجب ربك من راعي غنم في رأس شظية الجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة ويخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته جنتي واختلاف هذه الروايات

لَهُ: أَنِّي أَرَاك تحب الْغنم والبادية، فَإِذا كنت فِي غنمك وباديتك فَأَذنت، فارفع صَوْتك فَإِنَّهُ لَا يسمع مدى صَوْتك جن وَلَا أنس وَلَا شَيْء إِلَّا شهد لَك يَوْم الْقِيَامَة " قَالَ أَبُو سعيد سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وروى أَبُو دَاوُد فِي مُسْنده عَن عقبَة عَن ابْن عَامر رَضِي الله عَنهُ قَول: " يعجب رَبك من راعي غنم فِي رَأس شظية الْجَبَل يُؤذن بِالصَّلَاةِ وَيُصلي فَيَقُول الله: انْظُرُوا إِلَى عَبدِي هَذَا يُؤذن وَيُقِيم الصَّلَاة وَيخَاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته جنتي "، وَاخْتِلَاف هَذِه الرِّوَايَات فِي الْأَذَان وَالْإِقَامَة للصَّلَاة الْفَائِتَة يدل على أَن الْأَمر فِيهَا وَاسع فِي كل مَا يُمكن أَن يكون خَبرا عَن وَقت آخر وَمَا رَجَعَ مِنْهَا إِلَى قصَّة وَاحِدَة فالاعتبار بِالزِّيَادَةِ لحفظه من أَتَى بهَا دون من نَقصهَا وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (62) :) قَالَ الإِمَام أَبُو الطّيب سهل بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان رَحمَه الله فِي الْجَمَاعَة إِذا دخلُوا مَسْجِدا قد صلى فِيهِ أَهله بِالْجَمَاعَة مرّة بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَة. لَهُم أَن يصلوا فِيهِ جمَاعَة، تِلْكَ الصَّلَاة بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يكره لَهُم، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد اسْتحبَّ الشَّافِعِي أَن يُؤذن وَيُقِيم فِي نَفسه، كَرَاهَة تفرق الْكَلِمَة فَإِن لم يخفه فَلَا بَأْس. وَرُوِيَ عَن أبي عُثْمَان قَالَ جَاءَنَا أنس بن مَالك وَقد كُنَّا صلينَا الْفجْر فَأذن وَأقَام وَصلى بِأَصْحَابِهِ فِي الْمَسْجِد وَقد صلينَا فِيهِ وَفِي رِوَايَة عَن أنس أَنه دخل مَسْجِدا قد جمع فِيهِ وَمَعَهُ نفر فَأذن وَأقَام وأمهم فِيهِ وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة (63) :) وَيكرهُ أَن يُؤذن وَاحِد وَيُقِيم آخر، وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا بَأْس بذلك دليلنا حَدِيث بِلَال بن الْحَارِث الصدائي حِين أَرَادَ بِلَال أَن يُقيم فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَخا صداء هُوَ أذن، وَمن أذن فَهُوَ يُقيم " وَقد سبق ذكره فِي مَسْأَلَة الْأَذَان قبل طُلُوع الْفجْر، وروى أَبُو دَاوُد حَدِيث عبد الله بن زيد حِين أرِي الْأَذَان فِي الْمَنَام فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ فَقَالَ: ألقه على بِلَال فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ، فَأذن بِلَال فَقَالَ

مسألة

عبد الله: أَنا رَأَيْته، وَأَنا كنت أريده، قَالَ: فأقم أَنْت "، وَهَذَا إِن ثَبت مَعَ حَدِيث زِيَاد بن الْحَارِث وَكَانَ قبل حَدِيث زِيَاد لِأَنَّهُ كَانَ فِي ابْتِدَاء الْأَمر بِالْأَذَانِ وَحَدِيث زِيَاد بعده وَبِذَلِك يَقع التَّرْجِيح وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (64) :) وَمن أذن قَاعِدا لم يحْتَسب بأذانه كَذَا قَالَ الإِمَام أَبُو الطّيب سهل بن مُحَمَّد رَحمَه الله. وَقد نَص الشَّافِعِي رَحمَه الله على كراهيته فِي حِكَايَة صَاحب التَّقْرِيب وَغَيره وَأَنه لَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: كرهته وأجزأه وَفِي حَدِيث ابْن عمر فِي الصَّحِيحَيْنِ " فَقَالَ عمر: أَلا تبعثون رجلا يُنَادي بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا بِلَال قُم فَنَادِ بِالصَّلَاةِ " وَفِي رِوَايَة عِنْد مُسلم: " فَأمره بِالْقيامِ لأجل الْأَذَان " وروينا عَن الْحسن بن أبي مُحَمَّد قَالَ: " دخلت على أبي

أمر بلالا في سفر فأذن على راحلته ثم نزلوا فصلوا ركعتين ثم أمره فأقام فصلى بهم الصبح وهذا مرسل وروي عن ابن عمر أنه كان يؤذن على راحلته والله أعلم

زيد الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ فَأذن وَأقَام وَهُوَ جَالس. قَالَ: وَتقدم رجل وَصلى بِنَا وَكَانَ أعرج أُصِيب رجله فِي سَبِيل الله " وَرُوِيَ عَن الْحسن أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمر بِلَالًا فِي سفر فَأذن على رَاحِلَته ثمَّ نزلُوا فصلوا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ أمره فَأَقَامَ فصلى بهم الصُّبْح " وَهَذَا مُرْسل وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يُؤذن على رَاحِلَته وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (65) :) وَالْإِقَامَة فُرَادَى، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّهَا مثنى كالأذان وَدَلِيلنَا حَدِيث أنس قَالَ: " أَمر بِلَال أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة ". اتفقنا على صِحَّته. وَفِي رِوَايَة عِنْد البُخَارِيّ " أَمر بِلَال أَن

لأنه قال ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء فيعرفونه فذكروا أن يضربوا ناقوسا أو ينوروا نارا فأمر بلال أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة ثم قد رواه أهل الحديث أبو زكريا يحيى بن معين عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس أن رسول الله

يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة إِلَّا الْإِقَامَة قد قَامَت الصَّلَاة " هَذَا حَدِيث مُسْند إِذْ لَا خلاف بَين أهل النَّقْل أَن الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ أَمر أَو نهي أَو من السّنة أَنه يكون مُسْندًا، وَكَذَلِكَ اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على صِحَّته وإخراجه فِي المسانيد الصِّحَاح وقصة الحَدِيث تدل على أَن الْآمِر بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَنَّهُ قَالَ ذكرُوا أَن يعلمُوا وَقت الصَّلَاة بِشَيْء فيعرفونه فَذكرُوا أَن يضْربُوا ناقوسا أَو ينوروا نَارا فَأمر بِلَال أَن يشفع الْأَذَان وَأَن يُوتر الْإِقَامَة. ثمَّ قد رَوَاهُ أهل الحَدِيث أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن معِين عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَمر بِلَالًا أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة "، وَقد تَابعه على سَنَد هَذَا الحَدِيث قُتَيْبَة بن سعيد البغلاني وسُفْيَان بن وَكِيع بن الْجراح الرُّؤَاسِي وَغَيرهمَا وَلِهَذَا الحَدِيث طرق كَثِيرَة عَن أبي قلَابَة وَغَيره عَن أنس وَعَن غَيره عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيمَا ذكرنَا كِفَايَة. فَإِن عارضوا ذَلِك بِمَا رُوِيَ عَن أَحْمد بن يُوسُف عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود قَالَ: " كَانَ بِلَال

وأبي بكر رضي الله عنه فإرسال الخبر ظاهر ومنها أن حماد بن أبي سليمان وشريك بن عبد الله النخعي وعمران بن مسلم غير محتج بهم في الصحيح قال البيهقي وقد رواه غيره عن عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن

يثني الْأَذَان وَالْإِقَامَة " وَعَن شريك عَن عمرَان عَن سُوَيْد بن غَفلَة " أَن بِلَالًا كَانَ يثني الْأَذَان وَالْإِقَامَة " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا واه عندنَا من أوجه مِنْهَا أَن الْأسود بن يزِيد، وسُويد بن غَفلَة لم يدركا بِلَال بن رَبَاح وإقامته فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر رَضِي الله عَنهُ فإرسال الْخَبَر ظَاهر وَمِنْهَا أَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان وَشريك بن عبد الله النَّخعِيّ وَعمْرَان بن مُسلم غير مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح. قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَقد رَوَاهُ غَيره عَن عبد الرَّزَّاق أخبرنَا الثَّوْريّ عَن

أبي معشر عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن بِلَال قَالَ: " كَانَ أَذَانه وإقامته مرَّتَيْنِ مرَّتَيْنِ " وَهَذَا بِخِلَاف رِوَايَة أَحْمد بن يُوسُف السّلمِيّ عَن عبد الرَّزَّاق فِي إِسْنَاده، وَقد أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا إِلَى أَحْمد بن مَنْصُور الرَّمَادِي حَدثنَا يزِيد بن أبي حَكِيم حَدثنَا سُفْيَان عَن زِيَاد بن كُلَيْب عَن إِبْرَاهِيم عَن بِلَال مثله قَالَ: الرَّمَادِي لم يسمع مِنْهُ سُفْيَان قَالَ الْبَيْهَقِيّ عَن إِبْرَاهِيم عَن بِلَال مُرْسل وَالْأسود لم يدْرك آذان بِلَال وإقامته وَحَدِيث أنس بن مَالك صَحِيح مَوْصُول. فَإِن قَالُوا: رُوِيَ من وَجه آخر أَن بِلَالًا كَانَ يُقيم مثنى وَذكروا مَا رُوِيَ عَن زِيَاد بن عبد الله البكائي

بمنى صوتين صوتين وأقام مثل ذلك قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث وهم فيه زياد بن عبد الله بن إدريس الأودي فإن هذا الحديث بعينه مخرج في الصحيح بهذا الإسناد وليس فيه ذكر الصوتين قال البيهقي زياد بن عبد الله البكائي كثير الوهم قال

عَن إِدْرِيس الأودي عَن عون ابْن أبي جُحَيْفَة عَن أَبِيه قَالَ: " أذن بِلَال وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى صَوْتَيْنِ صَوْتَيْنِ وَأقَام مثل ذَلِك " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث وهم فِيهِ زِيَاد بن عبد الله بن إِدْرِيس الأودي. فَإِن هَذَا الحَدِيث بِعَيْنِه مخرج فِي الصَّحِيح بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الصوتين قَالَ الْبَيْهَقِيّ: زِيَاد بن عبد الله البكائي: كثير الْوَهم، قَالَ الدَّارمِيّ: سَأَلت يحيى بن معِين عَن البكائي أَعنِي زيادا قَالَ: لَا بَأْس بِهِ فِي الْمَغَازِي، وَأما عَن غَيره فَلَا. وَقَالَ ابْن أبي شيبَة ذكرت ليحيى رِوَايَة منْجَاب عَن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف عَن زِيَاد البكائي فَقَالَ: " كَانَ زِيَاد ضَعِيفا "، ثمَّ روى عَن عون عَن أَبِيه " كَانَ الْأَذَان على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مثنى مثنى وَالْإِقَامَة فُرَادَى ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: وَقد بَلغنِي حَدِيث يحتجون بِهِ فَسَأَلت الْمُحدث الَّذِي حَدثهمْ بِهِ فَحَدثني بِهِ وَكتبه لي بِخَطِّهِ حَدثنَا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل السّلمِيّ البلاخردي حَدثنَا

أنه كان خرج في غزوة أحد وكان حانت الصلاة صلاة الظهر والعدو وراءه فقال رسول الله

إِبْرَاهِيم بن سُفْيَان بن عُثْمَان السجْزِي بجرجان حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد المَخْزُومِي عَن جرير بن عبد الحميد الضَّبِّيّ عَن الْمُخْتَار بن فلفل عَن كَعْب بن عِيَاض عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ خرج فِي غَزْوَة أحد وَكَانَ حانت الصَّلَاة صَلَاة الظّهْر والعدو وَرَاءه فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا بِلَال عجل الْإِقَامَة فَأَقَامَ بِلَال وَاحِدًا وَاحِدًا فَنزل جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: لَا تعجل فِي عبَادَة الرَّحْمَن وتنقص ذكر الله عز وَجل، وَلَكِن أقِم مثنى مثنى فَإِن الله يَقُول لَك لَا تخَاف من الْعَدو حَتَّى تنفض من ذكري وَأَنا مَعَك وناصرك " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: كَانَ من طلب الحَدِيث وسَمعه وَعرف أَلْفَاظ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وصحابته وَالتَّابِعِينَ وأتباعهم علم أَن هَذِه الْأَلْفَاظ من أول الحَدِيث إِلَى آخِره لَا يشبهها، وَكَعب بن عِيَاض لم يسند عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا: يَعْنِي " إِن لكل أمة فتْنَة وَإِن فتْنَة أمتِي هَذَا المَال "

ورأيت بلالا يؤذن بين يدي رسول الله مثنى مثنى ويقيم فرادى

وَالْمُخْتَار بن فلفل لم يدْرك من الصَّحَابَة غير أنس وَجَرِير ابْن عبد الحميد يبرأ إِلَى الله من هَذِه الرِّوَايَة فَإِنَّهُ كَانَ يُنكر على حَفْص ابْن عبد الرَّحْمَن تثنيته فِي الْإِقَامَة وَأما رِوَايَة من ذكر السّلمِيّ إِلَى جرير فَلَا يمكنني أَن أشهد على إسْلَامهمْ فضلا عَن الشَّهَادَة على عدالتهم فَإِنَّهُم مَجْهُولُونَ والجهالة عندنَا أول صِفَات الْجرْح وأنواعه. وروى ابْن عبد الحكم أَن الشَّافِعِي كَانَ إِذا سُئِلَ عَن الرجل الَّذِي لَا يعرفهُ فَيُقَال لَهُ: أثقة هُوَ، فَيَقُول وَالله مَا أشهد أَنه مُسلم، وَمن أدل الدَّلِيل على بطلَان رِوَايَة من روى أَن إِقَامَة بِلَال كَانَت مثنى سوى مَا ذكرنَا مَا أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا عَن أنس " أَن أَذَان بِلَال كَانَ مثنى مثنى وإقامته وَاحِدَة " وَعَن ابْن عمر " كَانَ بِلَال يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة " وَعَن أبي رَافع قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَأَيْت بِلَالًا يُؤذن بَين يَدي رَسُول الله مثنى مثنى وَيُقِيم فُرَادَى ".

بالناقوس يعمل ليضرب به للناس في الجمع بين الصلاة أطاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت له يا عبد الله أتبيع الناقوس فقال لي وما تصنع به قلت ندعو به إلى الصلاة قال أفأدلك على ما هو خير لك من ذلك قلت بلى قال تقول

وروى أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد ربه حَدثنِي أبي قَالَ لما أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالناقوس يعْمل ليضْرب بِهِ للنَّاس فِي الْجمع بَين الصَّلَاة أطاف بِي وَأَنا نَائِم رجل يحمل ناقوسا فِي يَده، فَقلت لَهُ: يَا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فَقَالَ لي: وَمَا تصنع بِهِ؟ قلت: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاة قَالَ: أفأدلك على مَا هُوَ خير لَك من ذَلِك؟ قلت: بلَى، قَالَ: تَقول الله أكبر الله أكبر، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ على الصَّلَاة، حَيّ على الصَّلَاة، حَيّ على الْفَلاح، حَيّ على الْفَلاح، الله أكبر، الله أكبر، لَا إِلَه إِلَه إِلَّا الله، ثمَّ تَأَخّر غير بعيد قَالَ ثمَّ يَقُول: إِذا أَقمت الصَّلَاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ على الصَّلَاة، حَيّ على الْفَلاح، قد قَامَت الصَّلَاة، قد قَامَت الصَّلَاة، الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله. فَلَمَّا أَصبَحت أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته بِمَا رَأَيْت فَقَالَ: " إِنَّهَا لرؤيا حق إِن شَاءَ الله، فَقُمْ مَعَ بِلَال فألق عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فليؤذن بِهِ فَإِنَّهُ أندى صَوتا مِنْك " فَقُمْت مَعَ بِلَال، فَجعلت ألقيه عَلَيْهِ وَيُؤذن بِهِ، فَسمع بذلك عمر بن الْخطاب وَهُوَ فِي بَيته فَخرج يجر رِدَاءَهُ وَهُوَ يَقُول:

فلله الحمد قال محمد بن يحيى الذهلي ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان خبر أصح من هذا يعني حديث محمد بن إسحق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد لأن محمدا سمع من أبيه وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن

وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ يَا رَسُول الله لقد رَأَيْت مثل مَا رأى فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَللَّه الْحَمد ". قَالَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي لَيْسَ فِي أَخْبَار عبد الله بن زيد فِي قصَّة الْأَذَان خبر أصح من هَذَا يَعْنِي حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد، لِأَن مُحَمَّدًا سمع من أَبِيه وَابْن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد فَإِن عارضوه بِمَا رُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَا: جَاءَ عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا نَبِي الله رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَأَن رجلا نزل من السَّمَاء فَقَامَ فَقَالَ: الله أكبر الله أكبر مرَّتَيْنِ، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله مرَّتَيْنِ، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله مرَّتَيْنِ، حَيّ على الصَّلَاة مرَّتَيْنِ، حَيّ على الْفَلاح مرَّتَيْنِ، الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله، ثمَّ قعد قعدة ثمَّ قَامَ ثمَّ قَالَ مثل الَّذِي قَالَ حَتَّى إِذا كَانَ فِي آخر ذَلِك قَالَ قد قَامَت الصَّلَاة فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نعم مَا رَأَيْت علمهَا بِلَالًا فعلمها إِيَّاه " وروى فِي ذَلِك الْمَعْنى من بَينه الْإِقَامَة فِي أَخْبَار مُخْتَلفَة اللَّفْظ، والإسناد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى قَالَ: حَدثنَا أَصْحَاب مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَعنهُ عَن عبيد الله بن زيد وَعنهُ عَن معَاذ بن جبل. قَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَق بن خُزَيْمَة: خبر أبي مَحْذُورَة

لا غيره فأما رواة العراقيون عن عبد الله بن زيد فغير ثابت من جهة النقل وقد خلطوا في أسانيدهم التي رووها عن عبد الله بن زيد في تثنية الأذان والإقامة جميعا وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل ولا من زيد بن عبد ربه صاحب الأذان

ثَابت من جِهَة النَّقْل وَخبر مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عَن أَبِيه ثَابت صَحِيح من جِهَة النَّقْل لِأَن ابْن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد قد سَمعه من أَبِيه، وَمُحَمّد بن إِسْحَق قد سَمعه من مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ وَلَيْسَ هُوَ مِمَّا دلسه مُحَمَّد بن إِسْحَق، وَخبر أَيُّوب وخَالِد عَن أبي قلَابَة عَن أنس صَحِيح لَا شكّ فِيهِ وَلَا ارتياب فِي صِحَّته، وَقد دللنا على أَن الْآمِر بذلك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا غَيره. فَأَما رُوَاة الْعِرَاقِيُّونَ عَن عبد الله بن زيد فَغير ثَابت من جِهَة النَّقْل وَقد خلطوا فِي أسانيدهم الَّتِي رووها عَن عبد الله بن زيد فِي تَثْنِيَة الْأَذَان وَالْإِقَامَة جَمِيعًا، وَعبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى لم يسمع من معَاذ بن جبل وَلَا من زيد بن عبد ربه صَاحب الْأَذَان فَغير جَائِز أَن يحْتَج بِخَبَر غير ثَابت على أَخْبَار ثَابِتَة، روى شُعْبَة عَن الحكم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى أَنه ولد لست بَقينَ من خلَافَة عمر رَضِي الله عَنهُ، وَذكر مُوسَى بن عقبَة أَن معَاذ بن جبل مَاتَ سنة ثَمَان عشرَة فِي طاعون عمواس.

فأخبرته فقال علمهن بلالا قال فتقدمت فأمرني أن أقيم فأقمت قال الحاكم أبو عبد الله هذا الحديث وهنه مبين في إسناده ومتنه فأما إسناده فإن الحفاظ من أصحاب أبي العميس رووه عن أبي العميس عن زيد بن محمد بن عبد الله بن زيد وأما الوهم

وَقد رُوِيَ من وَجه آخر عَن أبي أُسَامَة حَدثنَا أَبُو العميس قَالَ: " سَمِعت عبد الله بن مُحَمَّد بن عبيد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ يحدث عَن أَبِيه عَن جده " أَنه رأى الْأَذَان مثنى مثنى وَالْإِقَامَة مثنى مثنى، قَالَ: فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته فَقَالَ: علمهن بِلَالًا، قَالَ: فتقدمت فَأمرنِي أَن أقيم فأقمت "، قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا الحَدِيث وهنه مُبين فِي إِسْنَاده وَمَتنه فَأَما إِسْنَاده، فَإِن الْحفاظ من أَصْحَاب أبي العميس رَوَوْهُ عَن أبي العميس عَن زيد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد، وَأما الْوَهم الظَّاهِر فِي مَتنه فَإِنَّهُ أَتَى بمعضلة لم يروها أحد وَذَلِكَ أَنه أخبر أَن بِلَالًا أذن وَأقَام عبد الله بن زيد وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من أذن فَهُوَ يُقيم " فِي أَخْبَار كَثِيرَة، وَعبد السَّلَام بن حَرْب الْملَائي أعلم الْكُوفِيّين بِحَدِيث أبي العميس وَأَكْثَرهم عَنهُ رِوَايَة وَقد روى هَذَا الحَدِيث عَنهُ فَلم يذكر فِيهِ تَثْنِيَة الْإِقَامَة أخبرناه وَذكر إِسْنَاده إِلَى عبد السَّلَام عَن أبي العميس عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد عَن أَبِيه عَن جده " قَالَ أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَخْبَرته كَيفَ رَأَيْت الْأَذَان فَقَالَ: ألقهن على بِلَال فَإِنَّهُ أندى صَوتا فَلَمَّا أذن بِلَال تقدم عبد الله

فأقام والعلة الجامعة لوهن حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه هذا أن عبد الله استشهد يوم أحد كما بلغنا ولا تنفك الرواية عنه من الإرسال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو إسماعيل بن محمد وذكر إسنادا إلى عبيد الله بن عمر قال دخلت ابنة

فَأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَقَامَ ". وَالْعلَّة الجامعة لوهن حَدِيث عبد الله بن زيد بن عبد ربه هَذَا أَن عبد الله اسْتشْهد يَوْم أحد كَمَا بلغنَا وَلَا تنفك الرِّوَايَة عَنهُ من الْإِرْسَال، أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أخبرنَا أَبُو إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد وَذكر إِسْنَادًا إِلَى عبيد الله بن عمر قَالَ: دخلت ابْنة عبد الله بن زيد بن عبد الله على عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله فَقَالَت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنا ابْنة عبد الله بن زيد، أبي شهد بَدْرًا وَقتل يَوْم أحد فَقَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز: " تِلْكَ المكارم، لَا قعبان من لبن شبيبا بِمَاء فَعَاد بعد أبوالا "، سَلِي مَا شِئْت قَالَ: فَسَأَلت فَأعْطى مَا سَأَلت، قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: فَهَذِهِ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة تصرح بِأَن أحدا من هَؤُلَاءِ لم يلق عبد الله بن زيد بن عبد ربه صَاحب الرُّؤْيَا وَلم يدْرك أَيَّامه وَأَن الرِّوَايَات كلهَا واهية ولوهنه تَركه مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ وَمُسلم بن الْحجَّاج فَلم يخرجَاهُ فِي الصَّحِيح، وَرُبمَا توهم متوهم من المتفقهة الَّذين لَا يشتغلون بِسَمَاع الحَدِيث وَلَا معرفَة الرِّجَال الَّذِي رأى الْأَذَان فِي مَنَامه عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ الَّذِي كثرت رواياته عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَيْسَ كَذَلِك فَإِن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الَّذِي أرِي الْأَذَان لَيست لَهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رِوَايَة غير حَدِيث الْأَذَان، وَلَيْسَ لَهُ راو غير الْمَرَاسِيل الَّتِي قدمنَا ذكرهَا وَالْآخر عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْمَازِني عَم عباد بن تَمِيم الْمَازِني قد روى عَنهُ عباد ابْن تَمِيم وواسع بن حبَان وَيحيى بن

بلالا به

عمَارَة بن أبي حسن وَله أَحَادِيث مخرجة فِي الصَّحِيح. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: فَإِذا ثَبت إرْسَال حَدِيث عبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ من الْوُجُوه الَّتِي رويناها لَهُم فيعارضه حَدِيث سعيد بن الْمسيب عَن عبد الله بن زيد وَيبقى لنا الحَدِيث الَّذِي حكم إِمَام من أَئِمَّة أهل الحَدِيث مُحَمَّد بن يحيى الذهلي بِصِحَّتِهِ، أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا إِلَى ابْن الْمسيب أول من أريه فِي النّوم رجل من الْأَنْصَار من بني الْحَارِث بن خزرج يُقَال لَهُ عبد الله بن زيد، قَالَ عبد الله بن زيد: " بَينا أَنا نَائِم إِذْ أرى رجلا يمشي وَفِي يَده ناقوس فَقلت: يَا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فَقَالَ: وَمَا تُرِيدُ بِهِ؟ فَقلت: أُرِيد أَن أتخذه للنداء بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: أَلا أخْبرك بِخَير من ذَلِك؟ قَالَ: الله أكبر الله أكبر أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ على الصَّلَاة، حَيّ على الصَّلَاة، حَيّ على الْفَلاح، حَيّ على الْفَلاح، الله أكبر، الله أكبر، لَا إِلَه إِلَه إِلَّا الله، ثمَّ قَالَ: قل: الله أكبر الله أكبر أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ على الصَّلَاة، حَيّ على الْفَلاح قد قَامَت الصَّلَاة، الله أكبر، الله أكبر، لَا إِلَه إِلَّا الله " وَذكر بَاقِي الحَدِيث فِي رُؤْيا عمر رَضِي الله عَنهُ مثل ذَلِك وَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَالًا بِهِ.

أمره أن يثني الأذان ويفرد الإقامة وروي عن أبي هريرة قال أمر أبو محذورة أن يشفع

هَكَذَا رَوَاهُ يُونُس وَمعمر وَابْن إِسْحَق وَمُحَمّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد فاتفقوا على الْإِقَامَة فُرَادَى إِلَّا أَن ابْن إِسْحَق والزبيدي ذكرا التَّكْبِير فِي أول الْأَذَان أَربَاعًا وَذكر ابْن إِسْحَق قَوْله قد قَامَت الصَّلَاة مرَّتَيْنِ هَذَا ومرسل ابْن الْمسيب أولى بِالْأَخْذِ بِهِ من مَرَاسِيل غَيره إِذْ لَا أعلم خلافًا بَين أَئِمَّة أهل النَّقْل أَن أصح الْمَرَاسِيل، مَرَاسِيل سعيد بن الْمسيب. وَذكر الْوَاقِدِيّ بِإِسْنَاد عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد قَالَ: توفّي أبي بِالْمَدِينَةِ سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَصلى عَلَيْهِ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فَإِن صَحَّ ذَلِك فيشتبه أَن يكون حَدِيث سعيد بن الْمسيب مُسْندًا إِلَّا أَنه ولد فِي أول خلَافَة عمر بن الْخطاب وَذهب بعض الْمُحدثين إِلَى أَنه سمع من عمر فَلَا يبعد سَمَاعه من عبد الله بن زيد إِذا صَحَّ مَوته فِي خلَافَة عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَالله أعلم. حَدِيث أبي مَحْذُورَة، سَمُرَة بن معير، فَروِيَ عَن أبي مَحْذُورَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمره أَن يثني الْأَذَان ويفرد الْإِقَامَة " وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " أَمر أَبُو مَحْذُورَة أَن يشفع

علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة وذكرها كذلك وهذا الحديث رواه هشام الدستوائي عن عامر الأحول يصف الأذان دون ذكر الإقامة وعدد الكلمات كما تقدم في مسألة الترجيع وهو مخرج في صحيح مسلم فأما حديث همام بن يحيى بهذا اللفظ فلم

الْأَذَان وَأَن يُوتر الْإِقَامَة " وَعَن ابْن عمر " كَانَ أَبُو مَحْذُورَة إِذا ثنى عرفنَا أَنه الْأَذَان وَإِذا أفرد علمنَا أَنه الْإِقَامَة فعجلنا ". فَإِن عارضوا بِمَا رُوِيَ عَن همام بن يحيى حَدثنَا عَامر الْأَحول حَدثنِي مَكْحُول أَن ابْن محيريز حَدثهُ " أَن أَبَا مَحْذُورَة حَدثهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علمه الْأَذَان تسع عشرَة كلمة وَالْإِقَامَة سبع عشرَة كلمة " وَذكرهَا كَذَلِك وَهَذَا الحَدِيث رَوَاهُ هِشَام الدستوَائي عَن عَامر الْأَحول يصف الْأَذَان دون ذكر الْإِقَامَة وَعدد الْكَلِمَات كَمَا تقدم فِي مَسْأَلَة الترجيع وَهُوَ مخرج فِي صَحِيح مُسلم. فَأَما حَدِيث همام بن يحيى بِهَذَا اللَّفْظ فَلم يُخرجهُ وَهُوَ دَلِيل عَلَيْهِم فِي الترجيع وَقد ذهب بعض أَصْحَابنَا إِلَى أَنه إِذا رَجَعَ الْأَذَان فيقيم مثنى مثنى نَحْو هَذَا الْخَبَر وَلَيْسَ هَذَا الْخَبَر عِنْدِي بِمَحْفُوظ من وُجُوه:

معنى ما حكى ابن جريج قال الشافعي رحمه الله سمعته يقيم يقول الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله

أَحدهَا: أَنه لَو كَانَ مَحْفُوظ لما تَركه مُسلم بن الْحجَّاج كَمَا ترك حَدِيث هِشَام بن همام. وَالثَّانِي: أَنا قد روينَا خِلَافه عَن أبي رَيْحَانَة. وَالثَّالِث: وَهُوَ أَصَحهَا أَنه لم يدم عَلَيْهِ أَبُو مَحْذُورَة وَلَا أَوْلَاده، وَلَو كَانَ هَذَا حكما ثَابتا لما فعلوا بِخِلَافِهِ، روى إِسْحَق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي فِي الْمسند عَن إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة قَالَ أدْركْت أبي وجدي وهم يُؤذنُونَ هَذَا الْأَذَان الَّذِي أؤذن فَقلت: صف لي فَذكره بالترجيع قَالَ: ثمَّ يُقيم فُرَادَى فَذكرهَا فُرَادَى. قَالَ الشَّافِعِي: أدْركْت إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة يُؤذن كَمَا حكى ابْن محيريز وسمعته يحدث عَن أَبِيه عَن ابْن محيريز عَن أبي مَحْذُورَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - معنى مَا حكى ابْن جريج. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: سمعته يُقيم يَقُول: الله أكبر الله أكبر، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ على الصَّلَاة، حَيّ على الْفَلاح، قد قَامَت الصَّلَاة، قد قَامَت الصَّلَاة، الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله. قَالَ الشَّافِعِي وسمعته يَحْكِي الْإِقَامَة خَبرا كَمَا يَحْكِي الْأَذَان، وَالْأَذَان وَالْإِقَامَة كَمَا حكيت عَن أبي مَحْذُورَة،

بحديث الأذان والترجيع وفيه الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح وقال علمني الإقامة مرتين فذكرها مثنى مثنى في رواية أبي عاصم وفي رواية عبد الرزاق إذا قمت فقلها مرتين قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة أسمعت فيحتمل أن يكون الأمر بالتكرار

فَمن نقص مِنْهَا شَيْئا أَو قدم مُؤَخرا أعَاد حَتَّى يَأْتِي بِمَا نقص وكل شَيْء فِي مَوْضِعه، أَرَادَ رَحمَه الله حَدِيث ابْن جريج [الَّذِي أخرجناه فِي مَسْأَلَة الترجيع. وروى أَبُو دَاوُد حَدثنَا الْحسن بن عَليّ حَدثنَا أَبُو عَاصِم [وَعبد الرَّزَّاق] أَخْبرنِي عُثْمَان بن السَّائِب أَخْبرنِي أبي وَأم عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة، عَن أبي مَحْذُورَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحَدِيث الْأَذَان والترجيع، وَفِيه الصَّلَاة خير من النّوم فِي الأولى من الصُّبْح. وَقَالَ عَلمنِي الْإِقَامَة مرَّتَيْنِ فَذكرهَا مثنى مثنى فِي رِوَايَة أبي عَاصِم وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق إِذا قُمْت فقلها مرَّتَيْنِ قد قَامَت الصَّلَاة قد قَامَت الصَّلَاة، أسمعت؟ فَيحْتَمل أَن يكون الْأَمر بالتكرار عَائِدًا إِلَى كلمة الْإِقَامَة دون غَيرهَا، وَمن فسر جَمِيع كلماتها بالتكرار ذهب إِلَى الْمَعْنى الَّذِي ذكره وَالله أعلم. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن صَحَّ عَنهُ فِي آخر هَذَا الحَدِيث الصَّحِيح عَن سماك بن عَطِيَّة عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن

أبا محذورة الإقامة فرادى ثم اجتماع ولد أبي محذورة عن الإفراد من أذان رسول الله

أنس " الْإِقَامَة: قد قَامَت الصَّلَاة فَإِنَّهُ قَالَهَا مرَّتَيْنِ " مِمَّا يدل على ذَلِك هَذِه الرِّوَايَات الصَّحِيحَة المأثورة فِي تَعْلِيم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا مَحْذُورَة الْإِقَامَة فُرَادَى، ثمَّ اجْتِمَاع ولد أبي مَحْذُورَة عَن الْإِفْرَاد من أَذَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِلَى عصرنا فَإِنِّي حججْت سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَسمعت إِقَامَة الشُّيُوخ من ولد ولد أبي مَحْذُورَة فُرَادَى، ثمَّ حججْت سنة خمس وَأَرْبَعين فَسمِعت إقامتهم بالحرمين فُرَادَى ثمَّ حججْت سنة سبع وَسِتِّينَ وَقد غيروا الْإِقَامَة: فَسَأَلت أَبَا عَليّ الشيبي وَكَانَ أكبر ولد بني شيبَة سنا فَذكر أَنهم أكْرهُوا على ذَلِك وَفسّر لي مَا جرى عَلَيْهِم فِيهِ وَأَن أَكثر المؤذنين قد فَارق الْحرم وَانْصَرف إِلَى الطَّائِف وَقَالَ: لَا أغير إِقَامَة علمهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جدنا أَبُو مَحْذُورَة. وَرُوِيَ عَن يحيى بن يحيى عَن أبي الْأَحْوَص عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع أَخْبرنِي جدي عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة " أَن أَذَانه كَانَ مثنى مثنى، وإقامته وَاحِدَة

أمره أن يؤذن لأهل مكة يقال أن هذا من معضلات شريك فإنه لم يعلم أن عبد العزيز لم يدرك أذان أبي محذورة فإنه ولد بعد ذلك بسنين والصحيح فيه رواية يحيى بن يحيى عن أبي الأحوص وهذا مما لا يخفى إن شاء الله على عالم وبصحة ذلك أخبرنا وذكر إسنادا

وَاحِدَة وخاتمة آذانه الله أكبر، الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: لَعَلَّ قَائِلا يَقُول أَنه قد رُوِيَ عَن أبي مَحْذُورَة خلاف هَذَا فيذكر الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن شريك عَن عبد الْعَزِيز بن رفيع قَالَ: سَمِعت أَذَان أبي مَحْذُورَة خلاف هَذَا فيذكر الحَدِيث، روى " يَأْذَن مثنى مثنى وَيُقِيم مثنى مثنى " وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمره أَن يُؤذن لأهل مَكَّة، يُقَال أَن هَذَا من معضلات شريك فَإِنَّهُ لم يعلم أَن عبد الْعَزِيز لم يدْرك أَذَان أبي مَحْذُورَة، فَإِنَّهُ ولد بعد ذَلِك بسنين وَالصَّحِيح فِيهِ رِوَايَة يحيى بن يحيى عَن أبي الْأَحْوَص، وَهَذَا مِمَّا لَا يخفى إِن شَاءَ الله على عَالم وبصحة ذَلِك أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا إِلَى جرير عَن عبد الْعَزِيز ابْن رفيع عَن أبي مَحْذُورَة مُؤذن مَكَّة " أَن أَذَانه كَانَ مثنى مثنى وإقامته وَاحِدَة وَاحِدَة ". وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن جَابر عَن أبي إِسْحَق عَن الْأسود قَالَ: سَأَلت أَبَا مَحْذُورَة كَيفَ كنت تؤذن لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ وَإِلَى أَي شَيْء كنت تجْعَل آخر أذانك؟ قَالَ: كنت أثني الْإِقَامَة مثل الْأَذَان وَأَجْعَل آخر الْأَذَان " لَا إِلَه إِلَّا الله " لَيْسَ هَذَا بِمَحْفُوظ وَمُحَمّد بن جَابر السحيمي لَا يحْتَج بِهِ.

وإقامته وهو الله أكبر الله أكبر وذكر الأذان بالترجيع قال والإقامة واحدة واحدة ويقول قد قامت الصلاة مرة واحدة قال وكان إذا لم يؤذن له بلال بالصلاة وينادي أن رسول الله

حَدِيث سعد الْقرظ الْمُؤَذّن خَليفَة بِلَال بن رَبَاح الْمُؤَذّن بالحرمين فِي إِفْرَاد الْإِقَامَة، أخبرنَا أَبُو سعيد وَذكر إِسْنَادًا إِلَى الْحميدِي حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن سعد بن عمار بن سعد عَن أَبِيه سعد الْقرظ أَنه سَمعه يَقُول: " إِن هَذَا الْأَذَان أَذَان بِلَال الَّذِي أمره بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وإقامته وَهُوَ " الله أكبر الله أكبر "، وَذكر الْأَذَان بالترجيع قَالَ وَالْإِقَامَة وَاحِدَة وَاحِدَة وَيَقُول: قد قَامَت الصَّلَاة مرّة وَاحِدَة، قَالَ: وَكَانَ إِذا لم يُؤذن لَهُ بِلَال بِالصَّلَاةِ وينادي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد جَاءَ فَاجْتمعُوا إِلَيْهِ فجَاء يَوْمًا فِي قلَّة من النَّاس وَلَيْسَ مَعَه بِلَال فَجعل زنج النَّضْح ينظرُونَ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويرطن بَعضهم إِلَى بعض فَقَالَ سعد بن عَائِذ: فرقيت فِي عذق فَأَذنت فَاجْتمع النَّاس وَكَانَ ذَلِك أول مَا أذن سعد فَلَمَّا بلغ سعد إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " يَا سعد مَا حملك على أَن تؤذن؟ قَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي يَا رَسُول الله رَأَيْتُك فِي قلَّة من النَّاس وَلم أر بِلَالًا وَرَأَيْت هَؤُلَاءِ الزنج ينظرُونَ إِلَيْك ويرطن بَعضهم إِلَى بعض فَأَذنت لأجمع النَّاس إِلَيْك. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أصبت يَا سعد إِذا لم تَرَ بِلَالًا معي فَأذن فَمسح

رأسه وقال بارك الله فيك يا سعد إذا لم تر بلالا معي فأذن وأذن سعد لرسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأسه وَقَالَ: بَارك الله فِيك يَا سعد إِذا لم تَرَ بِلَالًا معي (فَأذن) . وَأذن سعد لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقباء ثَلَاث مَرَّات، فَلَمَّا قبض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى بِلَال إِلَى أبي بكر فَقَالَ: يَا خَليفَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَن أفضل عمل الْمُؤمن الْجِهَاد فِي سَبِيل الله " قَالَ: فَمَا تشَاء يَا بِلَال. فَقَالَ أُرِيد أَن أربط نَفسِي فِي سَبِيل الله حَتَّى أَمُوت فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: أنْشدك الله يَا بِلَال وحقي وحرمتي، فقد كَبرت سني واقترب أَجلي فَأَقَامَ بِلَال مَعَ أبي بكر حَتَّى هلك فَلَمَّا هلك أَبُو بكر. أَتَى بِلَال إِلَى عمر فَقَالَ يَا ابْن الْخطاب إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن أفضل عمل الْمُؤمن الْجِهَاد فِي سَبِيل الله " قَالَ: فَمَا تُرِيدُ يَا بِلَال؟ فَقَالَ: أُرِيد أَن أربط نَفسِي فِي سَبِيل الله حَتَّى أَمُوت. فَقَالَ: أنْشدك الله وحقي وحرمتي وحبي أَبَا بكر وحبه إيَّايَ. فَقَالَ مَا أَنا بفاعل. فَقَالَ إِلَى من أدفَع الْأَذَان يَا بِلَال؟ فَقَالَ: إِلَى سعد فَإِنَّهُ قد أذن لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقباء. قَالَ: فَدَعَا عمر سَعْدا فَقَالَ لَهُ: الْأَذَان إِلَيْك وَإِلَى عقبك من بعْدك

فقال امش بها بين يدي كما كان يمشي بها بين يدي رسول الله

وَأَعْطَاهُ عمر العنزة الَّتِي كَانَ يحمل بِلَال لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: امش بهَا بَين يَدي كَمَا كَانَ يمشي بهَا بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى تركزها بالمصلى حَيْثُ أُصَلِّي بِالنَّاسِ فَفعل قَالَ عبد الرَّحْمَن: فَلم يزل يفعل ذَلِك أولونا إِلَى الْيَوْم. وَرُوِيَ عَن أبي الْمثنى عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ الْأَذَان على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثنى مثنى وَالْإِقَامَة مرّة مرّة غير أَن الْمُؤَذّن إِذا قَالَ: قد قَامَت الصَّلَاة قَالَ مرَّتَيْنِ " وَعَن أبي الْمثنى عَن ابْن عمر " أَنه كَانَ يَأْمر الْمُؤَذّن أَن يشفع الْأَذَان ويوتر الْإِقَامَة ليعلم الْمَار الْأَذَان من الْإِقَامَة " أَبُو الْمثنى: هُوَ مُسلم بن مهْرَان الْقرشِي مُؤذن مَسْجِد الْجَامِع بِالْكُوفَةِ قَالَه البُخَارِيّ، حَدِيث أبي جُحَيْفَة وهب الله السوَائِي رَضِي الله عَنهُ وروى عَن أَبِيه عون عَنهُ قَالَ: " كَانَ الْأَذَان على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثنى مثنى وَالْإِقَامَة مرّة مرّة " وَرُوِيَ عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع أَن الْأَذَان كَانَ على عهد

مثنى مثنى والإقامة واحدة واحدة وروي عن علي رضي الله عنه الإقامة مثنى مثنى وروى إفراد الإقامة عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم منهم عبد الله بن عمر روي أنه مر على مؤذن فقال أوتر الإقامة ومنهم عبد الله بن عباس روي عنه أن أذانه كان

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثنى مثنى وَالْإِقَامَة وَاحِدَة وَاحِدَة، وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ الْإِقَامَة مثنى مثنى. وروى إِفْرَاد الْإِقَامَة عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم مِنْهُم: عبد الله بن عمر رُوِيَ أَنه مر على مُؤذن فَقَالَ: أوتر الْإِقَامَة، وَمِنْهُم عبد الله بن عَبَّاس رُوِيَ عَنهُ أَن أَذَانه كَانَ مثنى مثنى وإقامته مرّة مرّة، وَمِنْهُم أنس بن مَالك رُوِيَ عَنهُ كَذَلِك أَن أَذَانه كَانَ مثنى مثنى وإقامته وَاحِدَة وَاحِدَة وَمِنْهُم سَلمَة بن الْأَكْوَع: رُوِيَ أَنه كَانَ إِذا أذن ثنى وَإِذا أَقَامَ أفرد حَتَّى إِذا انْتهى إِلَى " قد قَامَت الصَّلَاة " ثنى وَجعل آخر آذانه " لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر " وَقد روينَا أَن بِلَالًا أَقَامَ لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ فُرَادَى وَأَن سعد الْقرظ أَقَامَ فِي أَيَّام عمر وَعُثْمَان فُرَادَى فَصَارَ هَذَا إِجْمَاعًا وَلَا أعلم لَهُم من الصَّحَابَة مُخَالفا إِلَّا شَيْئا يرْوى عَن ثَوْبَان وَلَا يَصح لِأَن رِوَايَة حجاج بن أَرْطَأَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم " أَن ثَوْبَان كَانَ يُؤذن مثنى مثنى وَيُقِيم مثنى مثنى " وَهَذَا لَا

يثبت من أوجه أَحدهَا: أَن إِبْرَاهِيم لم يلق ثَوْبَان، وَالْآخر أَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان غير مُحْتَج بِهِ، وَالثَّالِث أَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة ضَعِيف وعَلى هَذَا فُقَهَاء التَّابِعين فقد ثَبت عَن سعيد بن الْمسيب وَعُرْوَة بن الزبير وَالْحسن الْبَصْرِيّ وَمُحَمّد ابْن سِيرِين وَسَالم بن عبد الله وَالزهْرِيّ وَأبي قلَابَة وَعمر بن عبد الْعَزِيز وَقَتَادَة وعراك وَغَيرهم أَنهم كَانُوا يرَوْنَ إِفْرَاد الْإِقَامَة وَمَا رُوِيَ عَن فطر قَالَ: " ذكرت لمجاهد: الْأُمَرَاء يُقِيمُونَ مرّة مرّة قَالَ: إِنَّمَا هَذَا شَيْء اسْتَحَقَّه الْأُمَرَاء الْإِقَامَة مرَّتَيْنِ " إِن ثَبت فيريد بِهِ وَالله أعلم كلمة الْإِقَامَة. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله فالعجب مِمَّن يَدعِي أَن بِلَال بن رَبَاح كَانَ يُؤذن لعَلي بن أبي طَالب بِالْكُوفَةِ فِي خِلَافَته وَيُقِيم مثنى مثنى، وَيرد الْأَخْبَار الصَّحِيحَة، وَمن زَعمه أَن هَذَا آخر أَذَان كَانَ لِبلَال وَلَا يعلم بجهله أَن بِلَالًا توفّي قبل ذَلِك ببضع عشرَة سنة وَرُوِيَ عَن

مسألة

هَارُون بن سُلَيْمَان حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن الرّبيع بن صبيح أَن الْحسن وَمُحَمّد قَالَا: إِن الْإِقَامَة مرّة مرّة، قَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي: وَالْإِقَامَة مرّة مرّة سنة فَروِيَ عَن يُونُس عَن الْحسن قَالَ: الْإِقَامَة وَاحِدَة وَاحِدَة غير أَنه يَقُول: قد قَامَت الصَّلَاة، قد قَامَت الصَّلَاة فَإِنَّهُ مرَّتَيْنِ. (مَسْأَلَة (66) :) وَكلمَة التثويب: قَول الْمُؤَذّن: الصَّلَاة خير من النّوم

يدعوه إلى صلاة الغداة فقيل له أن النبي

مرَّتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ أَنَّهُمَا إِعَادَة قَوْله حَيّ على الْفَلاح مرَّتَيْنِ دليلنا مَا رُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: " أَتَى بِلَال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدعُوهُ إِلَى صَلَاة الْغَدَاة فَقيل لَهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَائِم فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوته الصَّلَاة خير من النّوم فأدخلت بعد فِي الآذان ". لذا رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَق عَن الزُّهْرِيّ عَن سعيد وَالْمَحْفُوظ من حَدِيث الزُّهْرِيّ مَا أخبرنَا أَبُو عبد الله وَذكر إِسْنَادًا إِلَى يُونُس الزُّهْرِيّ عَن حَفْص بن عمر بن سعد الْمُؤَذّن أَن سَعْدا كَانَ يُؤذن لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ حَفْص: فَحَدثني أَهلِي أَن بِلَالًا أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليؤذن بِصَلَاة الْفجْر فَقَالُوا إِنَّه نَائِم فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: الصَّلَاة خير من النّوم فأقرت فِي صَلَاة الْفجْر ". وَحَدِيث الْحَرْث بن عبيد عَن مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله عَلمنِي سنة الْأَذَان فَذكره وَقَالَ: " إِن كَانَ فِي الصُّبْح قلت الصَّلَاة خير من النّوم الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله " وَعند أبي دَاوُد

الأذان حرفا حرفا فذكره قال وكان يقول في الفجر الصلاة خير من النوم وذكر عن ابن سيرين عن أنس قال من السنة إذا قال المؤذن في أذان الفجر حي على الفلاح قال الصلاة خير من النوم والله أعلم

عَنهُ ألْقى على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَذَان حرفا حرفا فَذكره قَالَ: وَكَانَ يَقُول فِي الْفجْر الصَّلَاة خير من النّوم وَذكر عَن ابْن سِيرِين عَن أنس قَالَ من السّنة إِذا قَالَ الْمُؤَذّن فِي أَذَان الْفجْر حَيّ على الْفَلاح قَالَ الصَّلَاة خير من النّوم وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (67) :) وَمَوْضِع التثويب قبل الْفَرَاغ من الْأَذَان. وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ بَين الْأَذَان وَالْإِقَامَة. وَدَلِيلنَا من الْخَبَر مَا تقدم آنِفا وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا " قَالَ كَانَ فِي الْأَذَان الأول بعد الْفَلاح الصَّلَاة خير من النّوم الصَّلَاة خير من النّوم "، وَمَا رُوِيَ عَنهُ من كَرَاهِيَة التثويب أَنما هُوَ فِي الظّهْر وَالْعصر، وَرُوِيَ عَن ابْن عون عَن ابْن سِيرِين قَالَ سَمِعت أنس بن مَالك مرَّتَيْنِ يَقُول فِي

مسألة

صَلَاة الصُّبْح إِذا قَالَ حَيّ على الْفَلاح الصَّلَاة خير من النّوم مرَّتَيْنِ قَالَ فَقَالَ بَعضهم: إِنَّمَا هِيَ مرّة، قَالَ مُحَمَّد فَلَقِيت أنسا فَقلت لبَعْضهِم سَله فَسَأَلَهُ فَقَالَ: مرَّتَيْنِ. وَمَسْأَلَة أَخذ الْأُجْرَة على الْأَذَان وَتَعْلِيم الْقُرْآن مخرجة فِي كتاب الصَدَاق إِن شَاءَ الله تَعَالَى. (مَسْأَلَة (68) :) والتعجيل بالصلوات كلهَا أفضل إِذا لم يكن هُنَاكَ عدد تتأخر بِهِ الصَّلَاة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: التَّأْخِير بالصلوات أفضل من التَّعْجِيل بهَا إِلَّا الْمغرب وَالظّهْر فِي شدَّة الْحر. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا أخبر الْحَاكِم أَبُو عبد الله حَدثنَا أَبُو عمر وَعُثْمَان بن أَحْمد الثِّقَة الْمَأْمُون حَدثنَا الْحسن بن مكرم حَدثنَا عُثْمَان بن عمر حَدثنَا مَالك بن مغول عَن

أي العمل أفضل قال الصلاة في أول وقتها قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله قلت ثم أي قال بر الوالدين تابعه محمد بن بشار بندار عن عثمان بن عمر في هذه اللفظة وهو صحيح على شرط البخاري ومسلم لأن رواته متفق على عدالتهم

الْوَلِيد بن الْعيزَار عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي الْعَمَل أفضل؟ قَالَ: الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا، قلت: ثمَّ أَي؟ قَالَ: الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، قلت: ثمَّ أَي؟ قَالَ: بر الْوَالِدين "، تَابعه مُحَمَّد بن بشار بنْدَار عَن عُثْمَان بن عمر فِي هَذِه اللَّفْظَة وَهُوَ صَحِيح على شَرط البُخَارِيّ وَمُسلم لِأَن رُوَاته مُتَّفق على عدالتهم وَالزِّيَادَة مَقْبُولَة عَن الثِّقَة عِنْدهمَا، وَعند الْفُقَهَاء إِذا انْضَمَّ إِلَى رِوَايَته مَا يؤكدها وَإِن كَانَ الَّذِي لم يَأْتِ بهَا أكبر عددا وَهَذِه الرِّوَايَة فِي الزِّيَادَة ولهن شَوَاهِد نذكرها إِن شَاءَ الله وَقد اتفقَا على إِخْرَاج حَدِيث عبد الله الصَّلَاة على صفاتها وَالصَّلَاة لوَقْتهَا بِهَذَا الْإِسْنَاد. وشواهد مَا روى عُثْمَان بن عمر مَا أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا إِلَى حجاج بن الشَّاعِر حَدثنَا عَليّ بن حَفْص الْمَدَائِنِي حَدثنَا شُعْبَة عَن الْوَلِيد بن الْعيزَار قَالَ: " سَمِعت أَبَا عَمْرو الشَّيْبَانِيّ قَالَ حَدثنَا صَاحب هَذِه الدَّار وَأَشَارَ إِلَى دَار عبد الله بن مَسْعُود وَلم يسمه، قَالَ: سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي الْأَعْمَال أفضل؟ قَالَ: الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا، قلت: ثمَّ مَاذَا قَالَ: الْجِهَاد فِي سَبِيل الله، قلت: ثمَّ مَاذَا، قَالَ: بر الْوَالِدين، وَلَو استزدته لزادني " رُوَاة هَذَا الحَدِيث كلهم ثِقَات فَإِن حجاج بن

أي العمل أحب إلى الله قال الصلاة لوقتها قلت ثم أي قال بر الوالدين قلت ثم أي قال الجهاد في سبيل الله ورواية عثمان بن عمر عن الحسن ابن مغول عن الوليد بن العيزار مقبولة فقد اتفقا على الاحتجاج به وهو ممن لا يشك فيه

الشَّاعِر: حَافظ ثِقَة، وَاحْتج مُسلم بعلي بن حَفْص الْمَدَائِنِي. وَالْبَاقُونَ مُتَّفق على ثقتهم. وَأما اللَّفْظ الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ فأخرجاه من حَدِيث شُعْبَة عَن الْوَلِيد بن الْعيزَار عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَخْبرنِي صَاحب هَذِه الدَّار وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ على دَار عبد الله، قَالَ سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي الْعَمَل أحب إِلَى الله؟ قَالَ: " الصَّلَاة لوَقْتهَا "، قلت: ثمَّ أَي؟ قَالَ: " بر الْوَالِدين " قلت: ثمَّ أَي قَالَ: " الْجِهَاد فِي سَبِيل الله "، وَرِوَايَة عُثْمَان بن عمر عَن الْحسن ابْن مغول عَن الْوَلِيد بن الْعيزَار مَقْبُولَة فقد اتفقَا على الِاحْتِجَاج بِهِ وَهُوَ مِمَّن لَا يشك فِيهِ حَدثنِي فِي ثقته وَقد ذكرنَا من تَابعه فِي تِلْكَ اللَّفْظَة من حَدِيث شُعْبَة وَشَاهده من حَدِيث عبد الله بن عمر مَا أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا إِلَى نَافِع عَن ابْن عمر. قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَي الْعَمَل أفضل؟ قَالَ: " الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا " وَرُوِيَ عَن أم فَرْوَة. قَالَت سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي الْعَمَل أفضل؟ قَالَ: " الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا "، وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

الصلاة لوقتها الآخر حتى قبضه الله عز وجل قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وروي عن علي رضي الله عنه أن رسول الله

معنى مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر، وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " مَا صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصَّلَاة لوَقْتهَا الآخر حَتَّى قَبضه الله عز وَجل " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ. وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " يَا عَليّ ثَلَاثَة لَا تؤخرها الصَّلَاة إِذا أَتَت والجنازة إِذا حضرت والأيم إِذا وجدت كُفؤًا " وروى بَقِيَّة عَن عبد الله مولى عُثْمَان بن عَفَّان قَالَ: حَدثنِي عبد الْعَزِيز حَدثنِي مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أول الْوَقْت رضوَان الله وَآخر الْوَقْت عَفْو الله " قَالَ ابْن عدي هَذَا من الْأَحَادِيث الَّتِي يحدث بهَا بَقِيَّة عَن المجهولين لِأَن عبد الله مولى عُثْمَان وَعبد الْعَزِيز لَا يعرفان وَرُوِيَ عَن نَافِع مولى يُوسُف السّلمِيّ عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا،

أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله نافع هذا أبو هرمز ضعفه ابن معين وابن حنبل وغيرهما وروي عن يعقوب بن الوليد عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله

قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أول الْوَقْت رضوَان الله وَآخره عَفْو الله " نَافِع هَذَا أَبُو هُرْمُز ضعفه ابْن معِين وَابْن حَنْبَل وَغَيرهمَا. وَرُوِيَ عَن يَعْقُوب بن الْوَلِيد عَن عبد الله بن عمر الْعمريّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر: قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أول الْوَقْت رضوَان الله وَآخر وَقت الصَّلَاة عَفْو الله " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: الْحمل على يَعْقُوب بن الْوَلِيد فَإِنَّهُ شيخ من أهل الْمَدِينَة قدم عَلَيْهِم بَغْدَاد فَنزل الرصافة، حدث عَن هِشَام بن عُرْوَة ومُوسَى بن عقبَة وَمَالك بن أنس وَغَيرهم من أَئِمَّة الْمُسلمين بِأَحَادِيث مَنَاكِير، فَأَما الَّذِي روى فِي أول الْوَقْت وَآخره فَإِنِّي لَا أحفظه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه يَصح وَلَا عَن أحد من الصَّحَابَة إِنَّمَا الرِّوَايَة فِيهِ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ

أول الوقت رضوان الله وأوسط الوقت رحمة الله وآخر الوقت عفو الله قال البيهقي إبراهيم بن زكريا هذا هو العجلي الضرير يكنى أبا إسحق حدث عن الثقات بالبواطيل قاله لنا الماليني عن أبي أحمد بن عدي وإبراهيم بن أبي محذورة هو إبراهيم بن

الباقر، وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن أبي مَحْذُورَة بِإِسْنَاد شَاذ لَا يقوم بِمثلِهِ الْحجَّة، أخبرنَا وَذكره عَن إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا من أهل عبدس حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن أبي مَحْذُورَة حَدثنِي أبي عَن جدي يَعْنِي أَبَا مَحْذُورَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أول الْوَقْت رضوَان الله وأوسط الْوَقْت رَحْمَة الله وَآخر الْوَقْت عَفْو الله " قَالَ الْبَيْهَقِيّ: إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا هَذَا هُوَ الْعجلِيّ الضَّرِير يكنى أَبَا إِسْحَق حدث عَن الثِّقَات بِالْبَوَاطِيل. قَالَه لنا الْمَالِينِي عَن أبي أَحْمد بن عدي، وَإِبْرَاهِيم بن أبي مَحْذُورَة، هُوَ إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز بن عبد الْملك بن أبي مَحْذُورَة مَشْهُور. وَرُوِيَ هَذَا اللَّفْظ الأول عَن ابْن عَبَّاس، وَجَرِير بن عبد الله وَأنس بن مَالك رَضِي الله عَنْهُم مَرْفُوعا، وَلَيْسَ بِشَيْء وَله أصل من قَول مُحَمَّد بن عَليّ الباقر رَضِي الله عَنهُ كَذَلِك رَوَاهُ أَبُو أويس عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ

أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله وإسناده فيما أظن أصح ما روي في هذا الباب والله أعلم وروي عن أبي هريرة عن النبي

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أول الْوَقْت رضوَان الله وَآخره عَفْو الله " وَإِسْنَاده فِيمَا أَظن أصح مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِسْنَاد يعرف بِهِ حَدِيث أَن للصَّلَاة أَولا وآخرا، وَهُوَ أَيْضا مَعْلُول بِمَا ذكرنَا فِي غير هَذَا الْموضع والاعتماد على الْأَحَادِيث الَّتِي قدمنَا ذكرهَا. وَسَنذكر مَا رُوِيَ فِي الِاسْتِحْبَاب بتعجيل هَذِه الصَّلَوَات الثَّلَاث بِمَشِيئَة الله تَعَالَى. أما صَلَاة الصُّبْح فَأخْبرنَا وَذكر الحَدِيث الْمُتَّفق على صِحَّته عِنْدهمَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا " أَن كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ليُصَلِّي الصُّبْح فينصرفن النِّسَاء متلفعات بمروطهن مَا يعرفن من الْغَلَس " وَرُوِيَ بِإِسْنَاد رُوَاته ثِقَات لَكِن هَذَا الْمَتْن بِهِ غَرِيب عَن أم سَلمَة " كن النِّسَاء يشهدن الصُّبْح مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فينصرفن متلفعات بمروطهن مَا يعرفن من الْغَلَس ".

وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا من سحورهما قام نبي الله

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن قَتَادَة عَن أنس بن مَالك " أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَزيد بن ثَابت تسحرا فَلَمَّا فرغا من سحورهما قَامَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الصَّلَاة فصلى، قُلْنَا لأنس كم كَانَ بَين فراغهما من سحورهما ودخولهما فِي الصَّلَاة قَالَ قدر مَا يقْرَأ الرجل خمسين آيَة " وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن سهل بن سعد " كنت أتسحر فِي أَهلِي ثمَّ أبكر سرعَة أَن أدْرك صَلَاة الصُّبْح مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، واتفقا على صِحَة حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الظّهْر بالهجير أَو حِين تَزُول الشَّمْس وَيُصلي الْعَصْر وَالشَّمْس مُرْتَفعَة وَيُصلي الْمغرب حِين تغرب الشَّمْس وَيُصلي الْعشَاء يُؤَخر أَحْيَانًا ويعجل أَحْيَانًا إِذا اجْتمع النَّاس عجل وَإِذا تَأَخّر أخر وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْح بِغَلَس أَو قَالَ كَانُوا يصلونها بِغَلَس " واتفقا على حَدِيث أبي مَسْعُود فِي الْمَوَاقِيت مُخْتَصرا وَقد رَوَاهُ أُسَامَة بن زيد اللَّيْثِيّ، عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن بشير بن أبي مَسْعُود عَن أَبِيه مُفَسرًا وَأُسَامَة ثِقَة قد

الصبح بغلس ثم صلى مرة أخرى وأسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك بغلس حتى مات ثم لم يعد إلى أن يسفر وروي عن الأوزاعي عن نهيك بن يريم قال حدثني مغيث بن سمي قال صليت مع ابن الزبير صلاة الفجر فصلى بغلس وكان يسفر بها فلما سلم قلت لعبد

احْتج بِهِ مُسلم فِي الصَّحِيح فَذكره وَفِيه " وَصلى يَعْنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصُّبْح بِغَلَس ثمَّ صلى مرّة أُخْرَى وأسفر بهَا ثمَّ كَانَت صلَاته بعد ذَلِك بِغَلَس حَتَّى مَاتَ ثمَّ لم يعد إِلَى أَن يسفر ". وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن نهيك بن يريم قَالَ حَدثنِي مغيث بن سمي قَالَ: " صليت مَعَ ابْن الزبير صَلَاة الْفجْر فصلى بِغَلَس "، وَكَانَ يسفر بهَا فَلَمَّا سلم قلت لعبد الله بن عمر: مَا هَذِه الصَّلَاة؟ وَهُوَ إِلَى جَانِبي قَالَ: هَذِه صَلَاتنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر فَلَمَّا قتل عمر أَسْفر بهَا عُثْمَان "، قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ: حَدِيث الْأَوْزَاعِيّ عَن نهيك بن يريم فِي التغليس بِالْفَجْرِ حَدِيث حسن. وَرُوِيَ عَن حَرْمَلَة الْعَنْبَري: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ركب الْحَيّ فصلى بِنَا صَلَاة الصُّبْح فَجعلت أنظر إِلَى الَّذِي إِلَى جَنْبي فَمَا أكاد أعرفهُ أَي من الْغَلَس "، وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن مَحْمُود بن

أسفروا بصلاة الفجر فإنه أعظم للأجر أو أعظم لأجركم وفي رواية أسفروا بالصبح فإن ذلك أعظم لأجوركم أو قال للأجر وليس بمخرج في الصحيح ورواه أبو داود في السنن فقال أصبحوا بالصبح وفي إدارة رواته لألفاظه كالدلالة على أنه

لبيد عَن رَافع بن خديج، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أسفروا بِصَلَاة الْفجْر فَإِنَّهُ أعظم لِلْأجرِ أَو أعظم لأجركم "، وَفِي رِوَايَة: " أسفروا بالصبح فَإِن ذَلِك أعظم لأجوركم أَو قَالَ لِلْأجرِ " وَلَيْسَ بمخرج فِي الصَّحِيح. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي السّنَن، فَقَالَ: " أَصْبحُوا بالصبح " وَفِي إدارة رُوَاته لألفاظه كالدلالة على أَنه المُرَاد أَن يسفر بِالْفَجْرِ حَتَّى يتَبَيَّن لَهُ طُلُوع الْفجْر الآخر مُعْتَرضًا أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا عَن رَافع قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " نوروا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أعظم لِلْأجرِ ". وَرُوِيَ عَن زيد بن أسلم عَن مَحْمُود بن لبيد عَن نفر من قومه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَصْبحُوا بالصبح " وَرُوِيَ عَن زيد عَن

قال وروي عن فليح بن سليمان عن عاصم بن عمر عن أبيه عن جده عن النبي

عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة أَن رجَالًا من قومه أَخْبرُوهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ، وَرُوِيَ عَن فليح بن سُلَيْمَان عَن عَاصِم بن عمر عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَرُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن هرير ابْن رَافع بن خديج قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أسفروا بِصَلَاة الصُّبْح حَتَّى يرى الْقَوْم مواقع نبلهم " وَقيل عَن هرير بن عبد الرَّحْمَن بن رَافع عَن جده وَقيل عَن رِفَاعَة بن هرير بن عبد الرَّحْمَن بن رَافع حَدثنِي أبي عَن جدي عَن أَبِيه " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا كَانَ فِي سفر لم يصل بالقوم حَتَّى يبصر الْقَوْم مواقع نبلهم " فَهَذَا حَدِيث مُخْتَلف فِي إِسْنَاده وَلَفظه، وَمثل ذَلِك لَا يُعَارض الْأَحَادِيث الثَّابِتَة الَّتِي وَردت

قال أسفروا بالصبح أجر لكم وأيوب بن سيار ضعيف لا يحتج به قال ابن معين ليس بشيء وروي عن أبي الزاهرية عن أبي الدرداء عن النبي

فِي التغليس فِي صَلَاة الصُّبْح وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. وَرُوِيَ عَن أَيُّوب بن سيار عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله عَن أبي بكر عَن بِلَال أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أسفروا بالصبح أجر لكم " وَأَيوب بن سيار ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، وَرُوِيَ عَن أبي الزَّاهِرِيَّة عَن أبي الدَّرْدَاء عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أسفروا بِالْفَجْرِ ". مُرْسل.

صلى الصلاة إلا لميقاتها إلا هاتين الصلاتين صلى المغرب والعشاء بمزدلفة جميعا وصلى الفجر قبل ميقاتها فقط فالمراد به والله أعلم غلس بها غاية التغليس يومئذ وقد كان

وَأما حَدِيث عبد الله مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الصَّلَاة إِلَّا لميقاتها إِلَّا هَاتين الصَّلَاتَيْنِ: صلى الْمغرب وَالْعشَاء بِمُزْدَلِفَة جَمِيعًا، وَصلى الْفجْر قبل ميقاتها فَقَط "، فَالْمُرَاد بِهِ وَالله أعلم غلس بهَا غَايَة التغليس يَوْمئِذٍ وَقد كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصليهَا فِي غير ذَلِك الْيَوْم بِغَلَس دون ذَلِك، وَقد روينَا عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ " أَنه كَانَ يُصليهَا بسواد وَيقْرَأ السورتين من المئيين: إِحْدَاهمَا بني إِسْرَائِيل " وَأما صَلَاة الْعَصْر فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس قَالَ: كُنَّا نصلي الْعَصْر فَيذْهب الذَّاهِب إِلَى قبَاء فيأتيهم وَالشَّمْس مُرْتَفعَة " وَعند البُخَارِيّ عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يُصَلِّي صَلَاة الْعَصْر وَالشَّمْس مُرْتَفعَة حَيَّة فَيذْهب الذَّاهِب إِلَى العوالي فيأتيها وَالشَّمْس مُرْتَفعَة ". وروى أَبُو دَاوُد عَن يُوسُف بن مُوسَى حَدثنَا جرير عَن مَنْصُور

صلاة العصر ثم ننحر الجزور فيقسم عشر قسم ثم يطبخ فنأكل لحما نضيجا قبل أن تغيب الشمس واتفقا على حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله

عَن خَيْثَمَة قَالَ: " حَيَاتهَا أَن تجدها " واتفقا على حَدِيث رَافع بن خديج " كُنَّا نصلي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْعَصْر ثمَّ نَنْحَر الْجَزُور فَيقسم عشر قسم ثمَّ يطْبخ فنأكل لَحْمًا نضيجا قبل أَن تغيب الشَّمْس " واتفقا على حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. " كَانَ يُصَلِّي الْعَصْر وَالشَّمْس فِي حُجْرَتهَا قبل أَن تظهر " وَعند مُسلم عَن أنس " صلى لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَصْر، فَلَمَّا انْصَرف أَتَاهُ رجل من بني سَلمَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله. إِنَّا نُرِيد نحر جزور لنا وَنحن نحب أَن تحضرها قَالَ: " نعم " فَانْطَلق وانطلقنا مَعَه. فَوَجَدنَا الْجَزُور لم تنحر، فنحرت ثمَّ قطعت ثمَّ طبخ مِنْهَا ثمَّ أكلنَا قبل أَن تغيب الشَّمْس ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " شغل الْمُشْركُونَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صَلَاة الْعَصْر حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْس واصفرت فَقَالَ: شغلونا عَن صَلَاة الْوُسْطَى مَلأ الله قُبُورهم

التي كنا نصلي معه وعند مسلم عن العلاء بن عبد الرحمن أنه دخل على أنس بن مالك في داره بالبصرة حين انصرف من الظهر قال وداره بجنب المسجد قال فلما دخلنا عليه قال أصليتم العصر قلنا إنما انصرفنا الساعة من الظهر قال فصلوا العصر

نَارا " وَعِنْدَهُمَا عَن أبي أُمَامَة قَالَ صلينَا مَعَ عمر بن عبد الْعَزِيز الظّهْر. ثمَّ خرجنَا حَتَّى دَخَلنَا على أنس بن مَالك، فوجدناه يُصَلِّي الْعَصْر، فَقلت: يَا عَم. مَا هَذِه الصَّلَاة الَّتِي صليت؟ قَالَ: الْعَصْر، وَهِي صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّتِي كُنَّا نصلي مَعَه وَعند مُسلم عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن أَنه دخل على أنس بن مَالك فِي دَاره بِالْبَصْرَةِ حِين انْصَرف من الظّهْر. قَالَ: وداره بِجنب الْمَسْجِد. قَالَ: فَلَمَّا دَخَلنَا عَلَيْهِ قَالَ: أصليتم الْعَصْر؟ قُلْنَا إِنَّمَا انصرفنا السَّاعَة من الظّهْر. قَالَ: فصلوا الْعَصْر. فقمنا فصلينا. فَلَمَّا صلينَا قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " تِلْكَ صَلَاة الْمُنَافِقين، تِلْكَ صَلَاة الْمُنَافِقين يجلس أحدهم يرقب الشَّمْس حَتَّى إِذا كَانَ بَين قَرْني شَيْطَان. قَامَ فنقرها أَرْبعا لَا يذكر الله فِيهَا إِلَّا قَلِيلا وَقد بَقِي أَخْبَار تركتهَا اختصارا، وروى مَالك عَن عَمه أبي سُهَيْل بن مَالك عَن

أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب كتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ: " أَن صل الظّهْر إِذا زاغت الشَّمْس وَالْعصر وَالشَّمْس بَيْضَاء نقية قبل أَن يدخلهَا صفرَة وَالْمغْرب إِذا غربت الشَّمْس وَالْعشَاء مَا لم تنم وصل الصُّبْح والنجوم بادية واقرأ فِيهَا سورتين طويلتين من الْمفصل " وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى الْعَبَّاس بن ذريح عَن زِيَاد بن عبد الرَّحْمَن النَّخعِيّ كَذَا فِي كتاب الْبَيْهَقِيّ. وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ بِنَحْوِهِ، زِيَاد بن عبد الله قَالَ: " كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَسْجِد الْأَعْظَم والكوفة يَوْمئِذٍ أخصاص فَجَاءَهُ الْمُؤَذّن فَقَالَ: الصَّلَاة يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فَقَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسَ، ثمَّ عَاد فَقَالَ ذَلِك، فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: هَذَا الْكَلْب يعلمنَا بِالسنةِ فَقَامَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فصلى بِنَا الْعَصْر، ثمَّ انصرفنا فرجعنا إِلَى الْمَكَان الَّذِي كُنَّا فِيهِ جُلُوسًا فجثونا للركب لنزول الشَّمْس للمغيب نترآها " قَالَ عَليّ بن عمر: زِيَاد بن

أن رسول الله

عبد الله مَجْهُول لم يرو عَنهُ غير الْعَبَّاس بن ذريح قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَالْعَبَّاس بن ذريح غير مُحْتَج بِهِ فِي الصَّحِيح، وروى عَن حَفْص بن عمر حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن نَافِع بن عَليّ الكلَاعِي، قَالَ سَمِعت شَيخا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ عبد الله بن رَافع بن خديج لقِيه بِنَاحِيَة الْمَدِينَة وَأذن مُؤذن الْعَصْر فَكَأَنَّهُ عجل فكرهه وَغَضب، وَقَالَ وَتلك أَن أبي أَخْبرنِي وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَأْمر بِتَأْخِير الْعَصْر ". قَالَ عَليّ بن عمر: ابْن رَافع هَذَا لَيْسَ بِقَوي، وَرَوَاهُ مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن عبد الْوَاحِد فكناه أَبَا الرماح وَخَالف فِي اسْم ابْن رَافع فَسَماهُ عبد الرَّحْمَن قَالَ: عَليّ بن عمر: وَرَوَاهُ حرمي بن عمَارَة عَن عبد الْوَاحِد هَذَا، وَقَالَ: عبد الْوَاحِد بن نفيع، خَالف فِي نسبه، وَهَذَا حَدِيث ضَعِيف الْإِسْنَاد من جِهَة عبد الْوَاحِد هَذَا لِأَنَّهُ لم يروه عَن ابْن رَافع ابْن خديج غَيره، وَقد اخْتلف فِي اسْم ابْن رَافع هَذَا، وَلَا يَصح هَذَا الحَدِيث عَن رَافع

وَالصَّحِيح عَن رَافع بن خديج وَعَن غير وَاحِد من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم ضد هَذَا، وَهُوَ التَّعْجِيل بِصَلَاة الْعَصْر والتبكير بهَا وَأخْبرنَا أَبُو بكر الْفَارِسِي حَدثنَا أَبُو إِسْحَق الْأَصْبَهَانِيّ حَدثنَا أَبُو أَحْمد بن فَارس قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ رَحمَه الله فِي هَذَا الحَدِيث لَا يُتَابع عَلَيْهِ وَاحْتج على خطأه بِحَدِيث أبي النَّجَاشِيّ عَن رَافع بن خديج بِخِلَاف ذَلِك وَقد مضى ذكره وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن أبي الْمليح قَالَ كُنَّا مَعَ بُرَيْدَة فِي يَوْم ذِي غيم فَقَالَ بَكرُوا بِالصَّلَاةِ فَإِن النَّبِي قَالَ: " من ترك الْعَصْر حَبط عمله ". وَأما صَلَاة الْعشَاء فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا أَن التَّعْجِيل بهَا أفضل وَالثَّانِي أَن التَّأْخِير بهَا أفضل. فَوجه قَوْلنَا أَن التَّعْجِيل أفضل مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْحسن بن عَليّ قَالَ: قدم

يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس بيضاء نقية والمغرب إذا وجبت الشمس والعشاء أحيانا وأحيانا كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجل وإذا رآهم أبطأوا أخر والصبح كان النبي

الْحجَّاج فسألنا جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يُصَلِّي الظّهْر بالهاجرة وَالْعصر وَالشَّمْس بَيْضَاء نقية وَالْمغْرب إِذا وَجَبت الشَّمْس، وَالْعشَاء أَحْيَانًا، وَأَحْيَانا كَانَ إِذا رَآهُمْ قد اجْتَمعُوا عجل وَإِذا رَآهُمْ أبطأوا أخر وَالصُّبْح كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِغَلَس " وَلَفظ حَدِيث مُسلم. فَفِي هَذَا دلَالَة على أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يعجل بهَا وَأَن التَّأْخِير كَانَ لِاجْتِمَاع النَّاس لِأَنَّهُ أفضل وَحَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ الْمُتَقَدّم سُؤَاله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَي الْعَمَل أفضل؟ قَالَ الصَّلَاة فِي أول وَقتهَا " وَفِيمَا رُوِيَ عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِنِّي لأعْلم النَّاس بِوَقْت صَلَاة الْعشَاء الْآخِرَة كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصليهَا لسُقُوط الْقَمَر الثَّالِثَة ".

ذات ليلة بالعشاء حتى رقد الناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا فقام عمر بن الخطاب فقال الصلاة فخرج نبي الله

وَأما قَوْلنَا أَن التَّأْخِير بهَا أفضل، مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث ابْن عَبَّاس " اعتم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة بالعشاء حَتَّى رقد النَّاس واستيقظوا، ورقدوا واستيقظوا، فَقَامَ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: الصَّلَاة فَخرج نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم أَن يصلوها كَذَلِك " وَعند مُسلم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا " قَالَت: اعتم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات لَيْلَة ذهب عَامَّة اللَّيْل حَتَّى نَام أهل الْمَسْجِد ثمَّ خرج فصلى وَقَالَ: إِنَّه لوَقْتهَا لَوْلَا أَن أشق على أمتِي " وَعِنْده أَيْضا عَن ابْن عمر قَالَ " مكثنا لَيْلَة حَتَّى ذهب ثلث اللَّيْل أَو نصفه قَالَ: حِين خرج يَعْنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَوْلَا أَن يثقل على أمتِي لصليت بهم هَذِه السَّاعَة، ثمَّ أَمر الْمُؤَذّن فَأَقَامَ فصلى " وَعِنْده أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِتَأْخِير الْعشَاء والسواك عِنْد كل صَلَاة " وَعند أبي دَاوُد عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " صلينَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْعَتَمَة فَلم يخرج حَتَّى مضى نَحْو من شطر اللَّيْل فَقَالَ: " خُذُوا مقاعدكم " فأخذنا مقاعدنا، فَقَالَ: " إِن النَّاس قد صلوا وَأخذُوا مضاجعهم، وَإِنَّكُمْ

يصلي المكتوبة فذكر الحديث وفيه وكان يستحب أن يؤخر من صلاة العشاء التي تدعونها العتمة قال وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها وعند مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال كان رسول الله

لن تزالوا فِي صَلَاة مَا انتظرتم الصَّلَاة، وَلَوْلَا ضعف الضَّعِيف وسقم السقيم لأخرت هَذِه الصَّلَاة إِلَى شطر اللَّيْل " وَعند البُخَارِيّ عَن سيار بن سَلامَة قَالَ: دخلت أَنا وَأبي على أبي بَرزَة الْأَسْلَمِيّ فَقَالَ لَهُ أبي: أخبرنَا كَيفَ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الْمَكْتُوبَة فَذكر الحَدِيث وَفِيه " وَكَانَ يسْتَحبّ أَن يُؤَخر من صَلَاة الْعشَاء الَّتِي تدعونها الْعَتَمَة قَالَ وَكَانَ يكره النّوم قبلهَا والْحَدِيث بعْدهَا "، وَعند مُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي الصَّلَاة نَحوا من صَلَاتكُمْ وَكَانَ يُؤَخر صَلَاة الْعَتَمَة بعد صَلَاتكُمْ شَيْئا، وَقَالَ إِنَّه كَانَ يُخَفف الصَّلَاة " وروى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَليّ بن زيد عَن الْحسن عَن أبي بكرَة رَضِي الله عَنهُ: قَالَ: " أخر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْعشَاء ثَمَان لَيَال فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَو عجلت هَذِه الصَّلَاة كَانَ أمثل لقيامنا من اللَّيْل؟ فَفعل وَالله أعلم.

تمّ الْجُزْء الأول من الْقسم الأول من كتاب مُخْتَصر خلافيات الْبَيْهَقِيّ تَحْقِيق الدكتور ذياب عبد الْكَرِيم عقل ويليه الْجُزْء الثَّانِي وأوله مَسْأَلَة رقم (69)

الجزء 2

مَسْأَلَة (69) : وَالْوتر سنة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة هُوَ وَاجِب وَدَلِيلنَا من الْخَبَر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن طَلْحَة بن عبيد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِي من أهل نجد ثَائِر الرَّأْس نسْمع دوِي صَوته وَلَا نفقه مَا يَقُول حَتَّى دنا فَإِذا هُوَ يسْأَل عَن الْإِسْلَام، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خمس صلوَات فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة " قَالَ: هَل عَليّ غَيرهَا؟ قَالَ: " لَا إِلَّا أَن تطوع ". وَذكر لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صِيَام شهر رَمَضَان، فَقَالَ هَل عَليّ غَيره، قَالَ: " لَا، إِلَّا أَن تطوع " فَأَدْبَرَ الرجل وَهُوَ يَقُول وَالله لَا أَزِيد على هَذَا وَلَا أنقص مِنْهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَفْلح إِن صدق " وَعند أبي دَاوُد عَن القعْنبِي عَن مَالك. وَفِي موطأ مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن ابْن محيريز أَن رجلا من بني كنَانَة يدعى المخدجي سمع رجلا بِالشَّام أَبَا مُحَمَّد يَقُول: إِن الْوتر وَاجِب قَالَ المخدجي: فرحت إِلَى عبَادَة بن الصَّامِت فَأَخْبَرته فَقَالَ عبَادَة:

خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهدا أن يدخله الجنة ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة سمعت محمد بن إبراهيم يقول أبو محمد الذي في

كذب أَبُو مُحَمَّد، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " خمس صلوَات كتبهن الله على الْعباد فَمن جَاءَ بِهن لم يضيع مِنْهُنَّ شَيْئا اسْتِخْفَافًا بحقهن كَانَ لَهُ عِنْد الله عهدا أَن يدْخلهُ الْجنَّة، وَمن لم يَأْتِ بِهن فَلَيْسَ لَهُ عِنْد الله عهد: إِن شَاءَ عذبه، وَإِن شَاءَ أدخلهُ الْجنَّة ". سَمِعت مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم يَقُول: أَبُو مُحَمَّد الَّذِي فِي الحَدِيث كَذَّاب، أَبُو مُحَمَّد: اسْمه مَسْعُود بن أَوْس بن زيد بن أَصْرَم بن زيد بن ثَعْلَبَة بن مَالك بن النجار وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا والعقبة، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد سَمَّاهُ أَبُو مُحَمَّد الْبَيْضَاوِيّ الْمصْرِيّ عَن نَافِع بن أبي نعيم عَن مُحَمَّد بن يحيى ابْن حبَان فِي الحَدِيث وَكَانَ أَبُو مُحَمَّد من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُقَال لَهُ رفيع وَالله أعلم.

إن الله وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن تابعه الحارث عن علي رضي الله عنه وعاصم بن ضمره ليس بساقط فيما لا يخالف الثقات وروى أبو جناب عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله

وروى الطَّيَالِسِيّ عَن إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " الْوتر لَيْسَ بحتم وَلكنه سنة حَسَنَة من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن الله وتر يحب الْوتر فأوتروا يَا أهل الْقُرْآن " تَابعه الْحَارِث عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَعَاصِم بن ضمره لَيْسَ بساقط فِيمَا لَا يُخَالف الثِّقَات، وروى أَبُو جناب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " ثَلَاث هن عَليّ فَرَائض وَهِي لكم تطوع الْفجْر وَالْوتر وركعتا الضُّحَى " أَبُو جناب الْكَلْبِيّ / يحيى بن أبي حَيَّة لَيْسَ بِالْقَوِيّ والاعتماد على حَدِيث الْأَعرَابِي وَقد

والمسلمون من بعده وليس بواجب وروى ابن عدي عن يعقوب بن عبد الله عن عيسى بن جارية عن جابر قال صلى بنا رسول الله

رُوِيَ ذَلِك من وَجه آخر عَن عَائِشَة مَرْفُوعا " هن عَليّ فَرِيضَة وَهِي سنة لكم: الْوتر والسواك وَقيام اللَّيْل " وَرُوِيَ بِإِسْنَاد رُوَاته ثِقَات عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة أَنه سَأَلَ عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ عَن الْوتر فَقَالَ: " أَمر حسن جميل عمل بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والمسلمون من بعده وَلَيْسَ بِوَاجِب ". وروى ابْن عدي عَن يَعْقُوب بن عبد الله عَن عِيسَى بن جَارِيَة عَن جَابر قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رَمَضَان لَيْلَة ثَمَان رَكْعَات وَالْوتر فَلَمَّا كَانَ فِي الْقَابِلَة اجْتَمَعنَا فِي الْمَسْجِد ورجونا أَن يخرج إِلَيْنَا، فَلم نزل فِيهِ حَتَّى أَصْبَحْنَا قَالَ فَدَخَلْنَا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقُلْنَا يَا رَسُول الله اجْتَمَعنَا فِي الْمَسْجِد ورجونا أَن تخرج إِلَيْنَا فَقَالَ: " إِنِّي كرهت أَن يكْتب عَلَيْكُم الْوتر " وَرَوَاهُ غَيره عَن يَعْقُوب عَنهُ بِمَعْنَاهُ وَقَالَ " إِنِّي خفت إِن خرجت أَن يكْتب عَلَيْكُم الْوتر " أخرجه ابْن خُزَيْمَة فِي كِتَابه من وَجْهَيْن آخَرين عَن يَعْقُوب القمي، وَقد صَحَّ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يُوتر على الرَّاحِلَة وَلَو كَانَ وَاجِبا لما فعله

فرواه الأوزاعي عن الزهري مرفوعا وتابعه على ذلك يونس بن يزيد من رواية حرملة عن ابن وهب عنه

عَلَيْهَا وَذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا ". وروى عَن سُفْيَان عَن ثُوَيْر ابْن أبي فاخته عَن أَبِيه أَن عليا رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُوتر على رَاحِلَته يُومِئ إِيمَاء وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا " أَن الْوتر حق فَمن شَاءَ أوتر بِخمْس وَمن شَاءَ أوتر بِثَلَاث وَمن شَاءَ أوتر بِوَاحِدَة " هَذَا حَدِيث مُخْتَلف فِي رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ مَرْفُوعا وَتَابعه على ذَلِك يُونُس بن يزِيد من رِوَايَة حَرْمَلَة عَن ابْن وهب عَنهُ

وَمعمر بن رَاشد من رِوَايَة وهيب وَمُحَمّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ من رِوَايَة عبد الله بن سَالم وَبكر بن وَائِل وسُفْيَان بن حُسَيْن وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة ودويد بن نَافِع وَغَيرهم عَن الزُّهْرِيّ وَرَوَاهُ مَوْقُوفا عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ صَالح بن كيسَان وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَعَمْرو بن الْحَارِث وَعقيل بن خَالِد من رِوَايَة رشدين وَمعمر بن رَاشد من رِوَايَة عبد الرَّزَّاق والزبيدي من رِوَايَة مُحَمَّد بن حَرْب وَأَبُو

سعيد حَفْص بن غيلَان وَأَشْعَث بن سوار وَمُحَمّد بن إِسْحَاق بن يسَار والنعمان بن رَاشد والوليد بن مُحَمَّد الموقري وقرة بن عبد الرَّحْمَن وَيُونُس جَمِيعًا من رِوَايَة رشدين عَنْهُمَا وَعبد الله بن بديل كلهم قَالُوا عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي أَيُّوب أَنه قَالَ الْوتر حق مَوْقُوف على أبي أَيُّوب إِلَّا الْأَشْعَث بن سوار فَإِنَّهُ قَالَ: أرَاهُ رَفعه وَهَكَذَا رَوَاهُ عُثْمَان بن عمر عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ مَوْقُوفا وَلِهَذَا الِاخْتِلَاف تَركه البُخَارِيّ وَمُسلم فَلم يخرجَاهُ وَقَالَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي هَذَا الحَدِيث بِرِوَايَة يُونُس والزبيدي وَابْن عيينه

وَشُعَيْب وَابْن إِسْحَاق وَعبد الرَّزَّاق عَن معمر أشبه أَن يكون غير مَرْفُوع وَأَنه ليتخالج فِي النَّفس من رِوَايَة البَاقِينَ مَعَ رِوَايَة وهيب عَن معمر وَالله أعلم. وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن إِسْمَاعِيل بن الْعَبَّاس حَدثنَا مُحَمَّد بن حسان الْأَزْرَق حَدثنَا سُفْيَان ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي أَيُّوب مَرْفُوعا " الْوتر حق وَاجِب فَمن شَاءَ أَن يُوتر بِثَلَاث فليوتر وَمن شَاءَ أَن يُوتر بِوَاحِدَة فليوتر بِوَاحِدَة " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: قَوْله وَاجِب لَيْسَ بِمَحْفُوظ لَا أعلم تَابع ابْن حسان عَلَيْهِ أحد، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وهم فِي رَفعه، وَالصَّحِيح رِوَايَة الْحميدِي وَغَيره عَن ابْن عُيَيْنَة مَوْقُوفا عَن أبي أَيُّوب وَقَالَ الْحميدِي فِي رِوَايَته " حق أَو وَاجِب بِالشَّكِّ " من قَول أبي أَيُّوب وروى أَبُو الْمُنِيب الْعَتكِي عَن أبي

الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا أبو المنيب العتكي لا يحتج بحديثه قال البخاري رحمه الله عبيد الله بن عبد الله أبو المنيب العتكي المروزي سمع ابن يزيد وعكرمة روى عنه زيد ابن الحباب وعلي بن الحسن عنده مناكير قال أبو قدامة أراد ابن

بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْوتر حق فَمن لم يُوتر فَلَيْسَ منا " أَبُو الْمُنِيب الْعَتكِي لَا يحْتَج بحَديثه، قَالَ البُخَارِيّ رَحمَه الله عبيد الله بن عبد الله أَبُو الْمُنِيب الْعَتكِي الْمروزِي سمع ابْن يزِيد وَعِكْرِمَة روى عَنهُ زيد ابْن الْحباب وَعلي بن الْحسن عِنْده مَنَاكِير قَالَ أَبُو قدامَة: أَرَادَ ابْن الْمُبَارك أَن يَأْتِيهِ فَأخْبر أَنه روى عَن عِكْرِمَة " لَا يجْتَمع الْخراج وَالْعشر " فَلم يَأْته. وروى الْمثنى بن الصَّباح عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن الله زادكم صَلَاة فحافظوا عَلَيْهَا وَهِي الْوتر " والمثنى لَيْسَ بِالْقَوِيّ عِنْدهم، وَتَابعه الْعَرْزَمِي، وَابْن أَرْطَأَة وهما مَتْرُوكَانِ / وَقَالَ الدَّارمِيّ قلت ليحيى بن معِين فمثنى بن

الصَّباح؟ قَالَ: ضَعِيف وَقَالَ الدوري: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: مُحَمَّد بن عبد الله الْعَرْزَمِي لَيْسَ بِشَيْء، وروى عَن خَارجه الْعَدوي مَرْفُوعا " أَن الله قد أمدكم بِصَلَاة هِيَ خير لكم من حمر النعم وَهِي لكم مَا بَين صَلَاة الْعشَاء إِلَى طُلُوع الْفجْر الْوتر، الْوتر مرَّتَيْنِ " وَهَذَا لَيْسَ بِمَشْهُور ثمَّ لَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَنَّهُ قَالَ وَهِي لكم وَلم يقل عَلَيْكُم، وَرُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن: أَحْمد بن مُصعب

أن الله زادكم صلاة وهي الوتر أحمد هذا هو ابن محمد بن مصعب بن بشر بن فضالة من أهل مرو وكان ممن يضع المتون للآثار ويقلب الأسانيد للأخبار ولعله قد قلب على الثقات أكثر من عشرة آلاف حديث قاله أبو حاتم في كتاب المجروحين وضعف أمره وروى

أخبرنَا الْفضل بن مُوسَى حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن أبي يَعْفُور عَن عبد الله بن أبي أوفى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن الله زادكم صَلَاة وَهِي الْوتر " أَحْمد هَذَا هُوَ ابْن مُحَمَّد بن مُصعب بن بشر بن فضَالة من أهل مرو وَكَانَ مِمَّن يضع الْمُتُون للآثار، ويقلب الْأَسَانِيد للْأَخْبَار وَلَعَلَّه قد قلب على الثِّقَات أَكثر من عشرَة آلَاف حَدِيث قَالَه أَبُو حَاتِم فِي كتاب الْمَجْرُوحين وَضعف أمره. وروى النَّضر أَبُو عمر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج عَلَيْهِم يرى الْبشر وَالسُّرُور فِي وَجهه فَقَالَ: " إِن الله قد أَمركُم بِصَلَاة وَهِي الْوتر " قَالَ عَليّ بن عمر: النَّضر أَبُو عمر الخزاز ضَعِيف وَقَالَ البُخَارِيّ النَّضر بن

إن الله زادكم صلاة إلى صلاتكم وهو الوتر قال أبو حاتم حماد بن قيراط من أهل نيسابور يقلب الأسانيد عن الثقات ويجئ عن الأثبات بالطامات لا يجوز الاحتجاج به وكان أبو زرعة الرازي يمرض القول فيه وهو الذي روى عن عبيد الله بن عمر عن نافع

عبد الرَّحْمَن أَبُو عمر الْكُوفِي مُنكر الحَدِيث وَقَالَ ابْن نمير: النَّضر أَبُو عمر مَتْرُوك الحَدِيث. وروى حَمَّاد بن قِيرَاط عَن خَارِجَة عَن ابْن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله زادكم صَلَاة إِلَى صَلَاتكُمْ وَهُوَ الْوتر " قَالَ أَبُو حَاتِم: حَمَّاد بن قِيرَاط، من أهل نيسابور يقلب الْأَسَانِيد عَن الثِّقَات ويجئ عَن الْأَثْبَات بالطامات، لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ، وَكَانَ أَبُو زرْعَة الرَّازِيّ يمرض القَوْل فِيهِ وَهُوَ الَّذِي روى عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نتبع جَنَازَة وفيهَا صارخة " وَهَذَا لَا أصل لَهُ من حَدِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا من حَدِيث ابْن عمر وخارجه بن مُصعب أَيْضا لَيْسَ بِشَيْء جرحه

إن الله زادكم صلاة هي خير لكم من الدنيا وما فيها وهي الوتر وهذا بهذا الإسناد باطل لم يحدث به عن مكي بن إبراهيم غير محمود بن محارب هذا وهو بنيسابور ولعله غلط في إسناده إن لم يعتمده أو غلط عليه محمد بن عبد الله بن المبارك والله أعلم

ابْن معِين وَغَيره. أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ فِي التَّارِيخ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك حَدثنَا مَحْمُود بن محَارب حَدثنَا مكي بن إِبْرَاهِيم حَدثنَا ابْن جريج عَن مُجَاهِد عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله زادكم صَلَاة هِيَ خير لكم من الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا وَهِي الْوتر " وَهَذَا بِهَذَا الْإِسْنَاد بَاطِل لم يحدث بِهِ عَن مكي بن إِبْرَاهِيم غير مَحْمُود بن محَارب هَذَا وَهُوَ بنيسابور وَلَعَلَّه غلط فِي إِسْنَاده إِن لم يعتمده أَو غلط عَلَيْهِ، مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك وَالله أعلم. وروى أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ عَن هِشَام بن حسان عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن الله وتر يحب الْوتر فأوتروا يَا أهل الْقُرْآن " قَالَ أَبُو إِسْمَاعِيل ذاكرت بِهِ لبندار فَلم يكن عِنْده، فَكَتبهُ عني، هَذَا

بمعناه وزاد فقال أعرابي ما تقول قال ليس لك ولا لأصحابك وفي رواية غيره عنه فقال رسول الله

الحَدِيث إِنَّمَا يرويهِ النَّاس من حَدِيث عَليّ وَعبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا وَأما بِهَذَا الْإِسْنَاد فَإِنَّهُ تفرد بِهِ أَبُو إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ وَأخْبرنَا الْحَاكِم أَبُو عبد الله قَالَ: سَأَلت أَبَا الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي إِسْمَاعِيل التِّرْمِذِيّ فَقَالَ: ثِقَة صَدُوق، قَالَ الْحَاكِم: تكلم فِيهِ أَبُو حَاتِم يَعْنِي الرَّازِيّ أما حَدِيث عَليّ فقد سبق ذكره وَأما حَدِيث عبد الله فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدِهِ إِلَى أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَعْنَاهُ وَزَاد: فَقَالَ أَعْرَابِي: مَا تَقول؟ قَالَ: " لَيْسَ لَك وَلَا لأصحابك " وَفِي رِوَايَة غَيره عَنهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فلست من أَهله " وَفِي هَذَا دَلِيل على أَنه لَيْسَ بِوَاجِب إِذْ لَو كَانَ وَاجِبا لَكَانَ أهل الْقُرْآن وَغَيرهم فِيهِ شُرَكَاء كَمَا زَعَمُوا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (70) : وَالْفَرْض على كل مصل إِصَابَة عين الْقبْلَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة

لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج منه فلما خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال هذه القبلة وروي بإسناد ضعيف عن أبي هريرة مرفوعا ما بين المشرق والمغرب قبلة وروي عن أبي جعفر الرازي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي

الْفَرْض عَلَيْهِ إِصَابَة جِهَة الْكَعْبَة، وَهُوَ ظَاهر مَا نَقله الْمُزنِيّ عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله فَوجه الأول مَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن أُسَامَة بن زيد أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما دخل الْبَيْت دَعَا فِي نواحيه كلهَا وَلم يصل فِيهِ حَتَّى خرج مِنْهُ فَلَمَّا خرج ركع رَكْعَتَيْنِ فِي قبل الْكَعْبَة وَقَالَ: هَذِه الْقبْلَة وَرُوِيَ بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب قبْلَة " وَرُوِيَ عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة

مَرْفُوعا، وَزَاد فِي آخِره " لأهل الْعرَاق، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن أبي معشر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو وَهَذَا أشبه، وَأَبُو معشر هَذَا ضَعِيف. وروى يَعْقُوب بن يُوسُف عَن شُعَيْب بن أَيُّوب حَدثنَا ابْن نمير عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا " مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب قبله " / انْفَرد بِهِ يَعْقُوب بن يُوسُف، وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُجبر عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا أَيْضا تفرد بِهِ ابْن الْمُجبر وَالْمَشْهُور رِوَايَة الْجَمَاعَة حَمَّاد بن سَلمَة وزائدة بن قدامَة وَيحيى بن سعيد الْقطَّان وَغَيرهم عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر رَضِي الله عَنهُ من قَوْله.

مرسلا وروي عن علي وابن عباس رضي الله عنهم من قولهما والمراد به والله أعلم أهل المدينة ومن كانت قبلته على سبت أهل المدينة مما بين المشرق والمغرب يطلب قبلتهم ثم يطلب عينها فقد أخبرنا أبو عبد الله وذكر إسنادا عن نافع عن ابن عمر عن عمر مرفوعا

وَرُوِيَ عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي قلَابَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا وَرُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم من قَوْلهمَا وَالْمرَاد بِهِ وَالله أعلم أهل الْمَدِينَة وَمن كَانَت قبلته على سبت أهل الْمَدِينَة مِمَّا بَين الْمشرق وَالْمغْرب يطْلب قبلتهم ثمَّ يطْلب عينهَا، فقد أخبرنَا أَبُو عبد الله وَذكر إِسْنَادًا عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر مَرْفُوعا قَالَ: " مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب قبله " إِذا تَوَجَّهت قبل الْبَيْت، وَرُوِيَ بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْبَيْت قبْلَة لأهل الْمَسْجِد وَالْمَسْجِد قبْلَة لأهل الْحرم وَالْحرم قبْلَة لأهل الأَرْض فِي مشارقها وَمَغَارِبهَا من أمتِي " وروى طَلْحَة بن عَمْرو وَهُوَ ضَعِيف عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: " الْحرم كُله هُوَ الْمَسْجِد الْحَرَام " وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد قَالَ: " الْحرم كُله مقَام إِبْرَاهِيم " وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (71) : وَمن اجْتهد فصلى إِلَى الْمشرق ثمَّ تَيَقّن أَن الْقبْلَة إِلَى الغرب كَانَ عَلَيْهِ إِعَادَة مَا صلاه فِي أصح الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة والمزني: لَا إِعَادَة عَلَيْهِ، وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْكتاب، قَالَ الله تَعَالَى: {فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام وَحَيْثُ مَا كُنْتُم فَوَلوا وُجُوهكُم شطره} وَقد بَان أَنه لم يستقبله بِوَجْهِهِ فَتلْزمهُ الْإِعَادَة، وَبِنَحْوِ ذَلِك رُوِيَ عَن أبي الزِّنَاد عَن الْفُقَهَاء من أهل الْمَدِينَة أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ من صلى على غير طهر أَو إِلَى غَيره قبْلَة أعَاد الصَّلَاة كَانَ فِي الْوَقْت أَو غير وَقت، إِلَّا أَن يكون خطأوه الْقبْلَة تحرفا أَو شَيْئا يَسِيرا، وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن سَالم عَن عَطاء عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مسير أَو سير فأصابنا غيم فتحرينا فاختلفنا فِي الْقبْلَة وَصلى كل وَاحِد منا على حِدة، فَجعل كل وَاحِد منا يخط بَين يَدَيْهِ لنعلم أمكنتنا الَّتِي صلينَا فِيهَا فَلَمَّا أَصْبَحْنَا مُطِرْنَا فَإِذا نَحن قد صلينَا على غير الْقبْلَة فَذَكرنَا ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يَأْمُرنَا بِالْإِعَادَةِ

وَقَالَ: " قد أَجْزَأت صَلَاتكُمْ " وَعَن مُحَمَّد بن عبد الله الْعَرْزَمِي عَن عَطاء عَن جَابر بِبَعْض مَعْنَاهُ وَفِيه " فَلَمَّا أَصْبَحْنَا نَظرنَا فَإِذا نَحن قد صلينَا على غير الْقبْلَة "، وَمُحَمّد بن سَالم والعرزمي هَذَانِ ضعفهما ابْن معِين وَقَالَ الْجوزجَاني: مُحَمَّد بن عبيد الله سَاقِط وَمُحَمّد بن سَالم أَبُو سهل غير ثِقَة وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن الْعَرْزَمِي عبد الْملك بن أبي سَالم عَن عَطاء عَن جَابر إِلَّا أَن الطَّرِيق فِيهِ لَيْسَ بواضح. وَرُوِيَ عَن أَحْمد بن عبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري قَالَ وجدت فِي كتاب أبي حَدثنَا عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان الْعَرْزَمِي عَن عَطاء بن

سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقال طائفة منا القبلة هاهنا فصلوا وقال بعضنا القبلة هاهنا وخطوا خطا فلما طلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فقدمنا من سفرنا فأتينا النبي

أبي رَبَاح عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة كنت فِيهَا فأصابتنا ظلمَة فَلم نَعْرِف الْقبْلَة فَقَالَ طَائِفَة منا: الْقبْلَة هَاهُنَا فصلوا وَقَالَ بَعْضنَا: الْقبْلَة هَاهُنَا وخطوا خطا فَلَمَّا طلعت الشَّمْس أَصبَحت تِلْكَ الخطوط لغير الْقبْلَة فقدمنا من سفرنا فأتينا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلْنَاهُ عَن ذَلِك فَسكت وَأنزل الله عز وَجل: {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} أَي حَيْثُ كُنْتُم، وَهَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيّ لما فِيهِ من الوجادة وَالصَّحِيح بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن عبد الْملك عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن هَذِه الْآيَة إِنَّمَا أنزلت فِي التَّطَوُّع خَاصَّة وَذَلِكَ مَذْكُور فِي آخر هَذِه الْمَسْأَلَة. وَرُوِيَ عَن أَشْعَث بن السمان عَن عَاصِم بن عبيد الله عَن

في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر كيف القبلة فصلى كل رجل منا على خياله قال فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي

عبد الله بن عَامر بن ربيعَة عَن أَبِيه قَالَ: كُنَّا نصلي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر فِي لَيْلَة مظْلمَة فَلم ندر كَيفَ الْقبْلَة فصلى كل رجل منا على خياله، قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذكرنَا ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نزلت {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} أَشْعَث بن السمان لَا يحْتَج بِهِ وَعَاصِم بن عبيد الله ضَعِيف فِي الحَدِيث تكلم فيهمَا ابْن معِين وَغَيره وَفِي صَحِيح مُسلم عَن القواريري عَن يحيى بن سعيد عَن عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ

يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه قال وفيه نزلت فأينما تولوا فثم وجه الله وروي عن أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري قال وجدت في كتاب أبي حدثنا عبد الملك العرزمي عن سعيد بن جبير عن ابن عمر رضي الله عنهما

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي وَهُوَ مقبل من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة على رَاحِلَته حَيْثُ كَانَ وَجهه، قَالَ وَفِيه نزلت {فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} وَرُوِيَ عَن أَحْمد / بن عبيد الله بن الْحسن الْعَنْبَري قَالَ: وجدت فِي كتاب أبي حَدثنَا عبد الْملك الْعَرْزَمِي عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ إِنَّهَا نزلت يَعْنِي {وَللَّه الْمشرق وَالْمغْرب فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} فِي التَّطَوُّع خَاصَّة حَيْثُ توجه بعيرك وَالله أعلم. مَسْأَلَة (72) : والمراهق إِذا افْتتح صَلَاة الْوَقْت بِشَرْط صِحَّتهَا من طَهَارَة الْفِعْل وَالْبدن واللباس وَالْعقد بِالنِّيَّةِ ثمَّ بلغ فِي خلالها فَإِنَّهُ يتم مَا عقده وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ أَن تحلل من هَذِه الصَّلَاة الَّتِي عقدهَا على استكمال شرائطها ثمَّ بلغ وَالْوَقْت بَاقٍ فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة عَلَيْهِ الْإِعَادَة سَوَاء بلغ فِي خلال مَا عقد أَو بعد الْفَرَاغ مِنْهَا إِذا كَانَ الْوَقْت بَاقِيا، وَدَلِيلنَا أَشْيَاء مِنْهَا أَنه مَأْمُور بِالصَّلَاةِ قبل الْبلُوغ بِدَلِيل مَا رُوِيَ عَن عبد الْملك بن الرّبيع بن سُبْرَة عَن أَبِيه عَن جده رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا بلغ أَوْلَادكُم سبع سِنِين فرقوا بَين فرشهم وَإِذا

مروا الصبيان لسبع سنين واضربوهم عليها في عشر وفرقوا بينهم في المضاجع والله أعلم

بلغُوا عشر سِنِين فاضربوهم على الصَّلَاة " وَفِي رِوَايَة قَالَ: " مروا الصَّبِي بِالصَّلَاةِ إِذا بلغ سبع سِنِين " فإسناده صَحِيح فقد احْتج مُسلم بِعَبْد الْملك عَن أَبِيه عَن جده وَرُوِيَ لَهُم فِي الصَّحِيح وَشَاهده مَا رُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مروا الصّبيان لسبع سِنِين وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا فِي عشر وَفرقُوا بَينهم فِي الْمضَاجِع " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (73) : وَلَا تَنْعَقِد الصَّلَاة إِلَّا بقول الله أكبر وَالله أكبر وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تَنْعَقِد بِجَمِيعِ الْأَسْمَاء وَالصِّفَات الْمُنَاسبَة للتكبير وبالاسم دون الصّفة دليلنا حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي شَأْن الرجل الَّذِي صلى فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل ثَلَاث مَرَّات " وَقَوله فِي الثَّالِثَة: " إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر ثمَّ قَرَأَ وَذكر صفة

يستفتح بالتكبير وقد قال

الصَّلَاة " وَفِي صَحِيح مُسلم عَن عَائِشَة كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يستفتح بِالتَّكْبِيرِ " وَقد قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي " وَقد سبق ذكره. وروى همام عَن إِسْحَاق بن عبد الله بن أبي طَلْحَة حَدثنَا يحيى بن عَليّ بن يحيى بن خَلاد عَن أَبِيه عَن عَمه رِفَاعَة بن رَافع أَنه كَانَ جَالِسا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ جَاءَ رجل فَدخل الْمَسْجِد فصلى فَلَمَّا قضى صلَاته جَاءَ فَسلم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعَلى الْقَوْم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل " قَالَ: فَرجع فصلى فَجعلنَا نرمق صلَاته لَا نَدْرِي مَا يعيب مِنْهَا فَلَمَّا قضى صلَاته جَاءَ فَسلم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعَلى الْقَوْم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل " قَالَ فَرجع فصلى فَجعلنَا نرمق صلَاته لَا نَدْرِي مَا يعيب مِنْهَا فَلَمَّا قضى صلَاته، جَاءَ فَسلم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعَلى الْقَوْم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل " وَذكر ذَلِك إِمَّا مرَّتَيْنِ وَإِمَّا ثَلَاثَة فَقَالَ الرجل: مَا أَدْرِي مَا عبت من

إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تبارك وتعالى يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين ثم يكبر ويحمد الله ويمجده ويقرأ من القرآن ما أذن الله له فيه ثم يكبر فيركع ويضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن

صَلَاتي؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّهَا لَا تتمّ صَلَاة أحدكُم حَتَّى يسبغ الْوضُوء كَمَا أمره الله تبَارك وَتَعَالَى يغسل وَجهه وَيَديه إِلَى الْمرْفقين وَيمْسَح بِرَأْسِهِ وَرجلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثمَّ يكبر ويحمد الله ويمجده وَيقْرَأ من الْقُرْآن مَا أذن الله لَهُ فِيهِ ثمَّ يكبر فيركع وَيَضَع كفيه على رُكْبَتَيْهِ حَتَّى تطمئِن مفاصله وتستوي ثمَّ يَقُول سمع الله لمن حَمده وَيَسْتَوِي قَائِما حَتَّى يَأْخُذ كل عظم مأخذه ثمَّ يُقيم صلبه ثمَّ يكبر فَيسْجد فَيمكن جَبهته من الأَرْض حَتَّى تطمئِن مفاصله، وَيَسْتَوِي ثمَّ يكبر فيرفع رَأسه، وَيَسْتَوِي قَاعِدا على مقعدته وَيُقِيم صلبه، فوصف الصَّلَاة هَكَذَا حَتَّى فرغ ثمَّ قَالَ: " لَا تتمّ صَلَاة أحدكُم حَتَّى يفعل ذَلِك ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط الشَّيْخَيْنِ. بعد أَن أَقَامَ همام بن يحيى إِسْنَاده فَإِنَّهُ حَافظ ثِقَة وكل من أفسد مَا بعده فَالْقَوْل قَول همام. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: عَليّ بن يحيى بن خَلاد وَأَبوهُ من شَرط البُخَارِيّ. وَرُوِيَ بأسانيد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ وَالْمعْنَى وَاحِد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مِفْتَاح الصَّلَاة الْوضُوء وتحريمها التَّكْبِير وتحليلها

قال مفتاح الصلاة الطهور وإحرامها التكبير وتحليلها التسليم وروي عن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله

التَّسْلِيم " وَأشهر إِسْنَاد فِيهِ حَدِيث عبد الله / بن مُحَمَّد بن عقيل عَن ابْن الْحَنَفِيَّة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور وإحرامها التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم " وَرُوِيَ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله : " إِذا قَالَ الإِمَام الله أكبر فَقولُوا الله أكبر، وَإِذا قَالَ سمع الله لمن حَمده فَقولُوا رَبنَا وَلَك الْحَمد " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (74) : وَإِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَتَّى تحاذي كَفاهُ مَنْكِبَيْه وَقَالَ أَبُو

إذا افتتح الصلاة ورفع يديه حتى تحاذي منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع من الركوع ولا يرفع بعد السجدتين ومعنى ذلك في الرفع عند الافتتاح رواه علي بن أبي طالب وأبو حميد الساعدي رضي الله عنهما عن رسول الله

حنيفَة: يرفعهما حَتَّى يُحَاذِي كَفاهُ أُذُنَيْهِ وَدَلِيلنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا افْتتح الصَّلَاة وَرفع يَدَيْهِ حَتَّى تحاذي مَنْكِبَيْه وَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع وَبعد مَا يرفع من الرُّكُوع وَلَا يرفع بعد السَّجْدَتَيْنِ " وَمعنى ذَلِك فِي الرّفْع عِنْد الِافْتِتَاح رَوَاهُ عَليّ بن أبي طَالب وَأَبُو حميد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَأَما حَدِيث وَائِل بن حجر فقد روى سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن وَائِل بن حجر " حَذْو مَنْكِبَيْه " وَرَوَاهُ

وما روي عن علي رضي الله عنه كلهم عن النبي

بشر بن الْمفضل وَشريك عَن عَاصِم بن كُلَيْب أَحدهمَا " حَتَّى حاذتا أُذُنَيْهِ " وَرَوَاهُ عبد الْجَبَّار بن وَائِل عَن أَبِيه قَالَ: " رفع يَدَيْهِ حَتَّى كَانَتَا بحيال مَنْكِبَيْه وحاذى بإبهاميه أُذُنَيْهِ ثمَّ كبر " فاتفقت الرِّوَايَات عَن ابْن عَمْرو وَأبي حميد فِي عشرَة من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمَا رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ كلهم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على رفع الْيَدَيْنِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ مَعَ الْأَثر عَن عمر رَضِي الله عَنهُ بذلك فالمصير إِلَيْهِ أولى من رِوَايَة من اخْتلفت الْأَلْفَاظ عَنهُ فِي ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. وَفِي صَحِيح مُسلم عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ إِذا كبر رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي بهما أُذُنَيْهِ وَإِذا رفع رَأسه من

كان إذا كبر رفع يديه حتى يجعلهما قريبا من أذنيه وإذا ركع صنع مثل ذلك وإذا رفع رأسه من الركوع حاذتا فروع أذنيه والله أعلم

الرُّكُوع وَقَالَ سمع الله لمن حَمده مِمَّا فعل مثل ذَلِك وَإِنَّمَا أَرَادَ حَتَّى حاذت أَطْرَاف أَصَابِعه فروع أُذُنَيْهِ فقد رَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل عَن إِسْمَاعِيل عَن ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن نصر بن عَاصِم عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ إِذا كبر رفع يَدَيْهِ حَتَّى يجعلهما قَرِيبا من أُذُنَيْهِ وَإِذا ركع صنع مثل ذَلِك وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع حاذتا فروع أُذُنَيْهِ " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (75) : وَالسّنة أَن يضع الْيُمْنَى على الْيُسْرَى تَحت صَدره وَفَوق سرته. وَقَالَ أَبُو حنيفَة يضعهما تَحت السُّرَّة، وَرُوِيَ عَن مُؤَمل عَن سُفْيَان عَن عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن وَائِل قَالَ: " صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَوضع يَده الْيُمْنَى على يَده الْيُسْرَى على صَدره " رَوَاهُ الْجَمَاعَة عَن الثَّوْريّ لم يذكر وَاحِد مِنْهُم على صَدره غير مُؤَمل بن

إِسْمَاعِيل. وَرُوِيَ عَن عقبَة بن صهْبَان أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي هَذِه الْآيَة {فصل لِرَبِّك وانحر} قَالَ وضع يَده الْيُمْنَى على الشمَال عِنْد النَّحْر فِي الصَّلَاة، وروى سعيد بن زَرْبِي عَن ثَابت عَن أنس قَالَ: " من أَخْلَاق النُّبُوَّة تَعْجِيل الْإِفْطَار وَتَأْخِير السّحُور ووضعك يَمِينك على شمالك فِي الصَّلَاة تَحت السُّرَّة " تفرد بِهِ ذربي وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي وضعهما تَحت السُّرَّة عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق وَاخْتلف عَلَيْهِ فِي إِسْنَاد إِلَيْهِ

مسألة

روى عَنهُ بِإِسْنَاد ثَالِث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَأَصَح أثر رُوِيَ فِي هَذَا الْبَاب عَن التَّابِعين مَا رُوِيَ عَن أبي الزبير قَالَ: " أَمرنِي عَطاء أَن أسأَل سعيدا يَعْنِي ابْن جُبَير: أَيْن تكون اليدان فِي الصَّلَاة فَوق السُّرَّة أَو أَسْفَل من السُّرَّة؟ فَسَأَلته فَقَالَ: فَوق السُّرَّة. وَرُوِيَ أَيْضا عَن أبي مخلد كَذَلِك وَالله أعلم. مَسْأَلَة (76) : وَالْمُخْتَار أَن يستفتح بقوله " وجهت وَجْهي " وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الِاخْتِيَار فِي قَوْله: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك " فِي صَحِيح مُسلم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا استفتح الصَّلَاة كبر ثمَّ قَالَ: " وجهت وَجْهي للَّذي فطر السَّمَوَات وَالْأَرْض حَنِيفا وَمَا أَنا من الْمُشْركين إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين لَا شريك لَهُ وَبِذَلِك أمرت أَنا أول الْمُسلمين، اللَّهُمَّ أَنْت الْملك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أَنْت رَبِّي، وَأَنا عَبدك ظلمت نَفسِي / وَاعْتَرَفت بذنبي فَاغْفِر لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّه لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت، واهدني لأحسن الْأَخْلَاق لَا يهدي لأحسنها إِلَّا أَنْت، وأصرف عني سيئها لَا يصرف سيئها إِلَّا أَنْت، لبيْك وَسَعْديك وَالْخَيْر كُله فِي يَديك وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْك، أَنا بك

إذا استفتح الصلاة قال سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى

وَإِلَيْك، تَبَارَكت وَتَعَالَيْت استغفرك وَأَتُوب إِلَيْك ". وَعند أبي دَاوُد حَدثنَا عَمْرو بن عُثْمَان حَدثنَا شُرَيْح بن يزِيد قَالَ: قَالَ لي شُعَيْب بن أبي حَمْزَة قَالَ لي ابْن الْمُنْكَدر وَابْن أبي فَرْوَة وَغَيرهمَا من فُقَهَاء أهل الْمَدِينَة: فَإِذا قلت ذَلِك فَقل: " وَأَنا من الْمُسلمين " يَعْنِي قَوْله " وَأَنا أول الْمُسلمين " وَهَكَذَا ذكره إمامنا الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ. وَرُوِيَ عَن طلق بن غَنَّام عَن عبد السَّلَام بن حَرْب الْملَائي عَن بديل بن ميسرَة، عَن أبي الجوزاء عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا، قَالَت: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا استفتح الصَّلَاة قَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى

إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك قال الحاكم أبو عبد الله كان مالك بن أنس لا يرضى حارثة بن محمد وقال الدوري سمعت يحيى بن معين يقول حارثة بن أبي الرجال ضعيف وروي عن

جدك وَلَا إِلَه غَيْرك " قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِمَشْهُور عَن عبد السَّلَام لم يروه إِلَّا طلق بن غَنَّام. وَقد روى قصَّة الصَّلَاة جمَاعَة عَن بديل لم يذكرُوا فِيهِ شَيْئا عَن هَذَا وروى حَارِثَة بن مُحَمَّد عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه ثمَّ يَقُول سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: كَانَ مَالك بن أنس لَا يرضى حَارِثَة بن مُحَمَّد وَقَالَ الدوري سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: حَارِثَة بن أبي الرِّجَال ضَعِيف وَرُوِيَ عَن سهل بن عَامر أبي عَامر البَجلِيّ حَدثنَا مَالك بن مغول عَن عَطاء قَالَ: دخلت أَنا وَعبيد الله ابْن عمر على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فسألتها عَن افْتِتَاح النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

إذا قام من الليل كبر ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ثم يقول لا إله إلا الله ثلاثا ثم يقول الله أكبر كبيرا ثلاثا أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ثم يقرأ قال أبو داود هذا الحديث

قَالَت: كَانَ إِذا كبر قَالَ: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك " تفرد بِهِ سهل هَذَا عَن ابْن مقول وَلَيْسَ بِمَشْهُور عَنهُ وَلَا عَن عَطاء. وروى أَبُو دَاوُد عَن عبد السَّلَام بن مطهر حَدثنَا جَعْفَر بن سُلَيْمَان عَن عَليّ بن عَليّ الرِّفَاعِي عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَامَ من اللَّيْل كبر ثمَّ يَقُول: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك ثمَّ يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله ثَلَاثًا ثمَّ يَقُول الله أكبر كَبِيرا ثَلَاثًا أعوذ بِاللَّه السَّمِيع الْعَلِيم من الشَّيْطَان الرَّجِيم من همزه ونفخه ثمَّ يقْرَأ " قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا الحَدِيث يَقُولُونَ هُوَ عَن عَليّ بن عَليّ عَن الْحسن: الْوَهم من جَعْفَر، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: عَليّ بن عَليّ الرِّفَاعِي لَيْسَ بمذكور

وروي عن أنس بن مالك مرفوعا وليس بالقوي ورواه الحسين بن علي العجلي عن محمد بن الصلت عن أبي خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال كان رسول الله

فِي الصَّحِيح، وجعفر بن سُلَيْمَان الضبعِي وَإِن اسْتشْهد بِهِ مُسلم فقد تكلمُوا فِيهِ، وَلَيْسَ فِي الاستفتاح " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك " حَدِيث أسلم من هَذِه الْأَحَادِيث الثَّلَاثَة وفيهَا مَا فِيهَا، وَمَا روينَا مخرج فِي الصَّحِيح فَالْأولى أَن يجمع بَينهمَا، فَإِن أَرَادَ الِاقْتِصَار على أَحدهمَا فَيقْتَصر على مَا لَا شُبْهَة فِي صِحَّته عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَرُوِيَ عَن أنس بن مَالك مَرْفُوعا وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ وَرَوَاهُ الْحُسَيْن بن عَليّ الْعجلِيّ عَن مُحَمَّد بن الصَّلْت عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن حميد عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا افْتتح الصَّلَاة كبر ثمَّ رفع يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِي إبهاماه أُذُنَيْهِ ثمَّ يَقُول: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك تبَارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك " أَبُو خَالِد الْأَحْمَر من الثِّقَات غير إِنَّه سَاءَ حفظه فِي آخر عمره فغلط فِي أَحَادِيث

وليس بالصحيح والصواب ما ذكرنا والله أعلم

وَلَا أَدْرِي هَل رَوَاهُ غير هَذَا الْعجلِيّ عَن مُحَمَّد بن الصَّلْت أم لَا فَيحْتَمل أَن يكون الْوَهم مِنْهُ وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَن كَانَ إِذا افْتتح الصَّلَاة قَالَ: " سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وتبارك اسْمك وَتَعَالَى جدك وَلَا إِلَه غَيْرك " وَهَذَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ وَقد رَفعه عبد الرَّحْمَن بن عمر بن شيبَة عَن أَبِيه عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَيْسَ بِالصَّحِيحِ وَالصَّوَاب مَا ذكرنَا وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (77) : بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم آيَة من كل سُورَة خَاصَّة من الْفَاتِحَة سُورَة بَرَاءَة، ويجهر بهَا عِنْد الْجَهْر بِالْفَاتِحَةِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيست بِآيَة من كل سُورَة، وَيسر بهَا وَالْأَصْل فِيهِ عندنَا إِجْمَاع الصَّحَابَة فَإِنَّهُم أَجمعُوا على أَن مصحف عُثْمَان وَسَائِر الْمَصَاحِف كتاب الله عز وَجل ووحيه وتنزيله من غير تَقْيِيد فِيهِ وَلَا اسْتثِْنَاء وَكَذَلِكَ الناقلون عَنْهُم بعدهمْ لم يَخْتَلِفُوا فِيمَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ ووجدناه مَكْتُوبًا فِي تِلْكَ الْمَصَاحِف كَسَائِر الْقُرْآن. وَذكر الحَدِيث الْوَارِد فِي الصَّحِيح فِي كَيْفيَّة جمع الْقُرْآن ثمَّ قَالَ وَمِمَّا اسْتدلَّ بِهِ أَصْحَابنَا من الْأَخْبَار وَذكر حَدِيث أنس الْمخْرج فِي صَحِيح مُسلم. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أنزلت عليّ آنِفا سُورَة وَذكر أَنه قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم: {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} حَتَّى خَتمهَا وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن قَتَادَة قَالَ: سُئِلَ أنس بن مَالك كَيفَ كَانَت قِرَاءَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَانَت مدا

لا يعلم انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم هذا حديث صحيح وروي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن جبريل عليه السلام كان إذا جاء إلى النبي

ثمَّ قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " يمد الرَّحْمَن، ويمد الرَّحِيم. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يعلم انْقِضَاء السُّورَة حَتَّى تنزل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " هَذَا حَدِيث صَحِيح. وَرُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَن جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ " إِذا جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ أول مَا يلقِي عَلَيْهِ فَإِذا قَالَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الثَّانِيَة علم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قد ختم السُّورَة وافتتح أُخْرَى " وَرُوِيَ عَن عُرْوَة ابْن الزبير عَن نيار بن مكرم الْأَسْلَمِيّ صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لما نزلت {الم غلبت الرّوم} خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم: {الم (1) غلبت الرّوم (2) فِي أدنى الأَرْض وهم من بعد غلبهم سيغلبون (3) } وَذكر الحَدِيث.

قال فضل الله قريشا بسبع خلال أني فيهم وأن النبوة فيهم والحجابة والسقاية فيهم وأن الله نصرهم على الفيل وأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده غيرهم وأن الله أنزل فيهم سورة من القرآن ثم تلاها رسول الله

وَرُوِيَ عَن أم هَانِئ بنت أبي طَالب أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فضل الله قُريْشًا بِسبع خلال أَنِّي فيهم، وَأَن النُّبُوَّة فيهم، والحجابة، والسقاية فيهم وَأَن الله نَصرهم على الْفِيل، وَأَنَّهُمْ عبدُوا الله عشر سِنِين لَا يعبده غَيرهم، وَأَن الله أنزل فيهم سُورَة من الْقُرْآن ثمَّ تَلَاهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم {لِإِيلَافِ قُرَيْش (1) إلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف (2) فليعبدوا رب هَذَا الْبَيْت (3) الَّذِي أطْعمهُم من جوع وآمنهم من خوف (4) } . وروى يُوسُف بن يَعْقُوب القَاضِي عَن مُحَمَّد بن أبي بكر عَن ابْن أبي خَليفَة عَن عبد الله بن أبي الْحُسَيْن الْمَكِّيّ قَالَ عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ " كُنَّا لَا نَعْرِف فصل مَا بَين السورتين ". حَتَّى نزلت بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَرُوِيَ بِإِسْنَاد صَحِيح رُوَاته ثِقَات عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا: " قَالَت كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقطع قِرَاءَته (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (1) الْحَمد لله رب الْعَالمين (2)

قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية الحمد لله رب العالمين آيتين الرحمن الرحيم ثلاث آيات مالك يوم الدين أربع آيات وقال هكذا إياك نعبد وإياك نستعين وجمع خمس أصابعه وروي بإسناد كلهم ثقات مجمع على عدالتهم محتج بهم في الصحيح عن

الرَّحْمَن الرَّحِيم (3) مَالك يَوْم الدّين (4) } وَفِي رِوَايَة " إِذا قَرَأَ يقطع قِرَاءَته آيَة آيَة ". وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَرَأَ فِي الصَّلَاة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَعَدهَا آيَة الْحَمد لله رب الْعَالمين آيَتَيْنِ الرَّحْمَن الرَّحِيم ثَلَاث آيَات، مَالك يَوْم الدّين أَربع آيَات وَقَالَ هَكَذَا إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين وَجمع خمس أَصَابِعه، وَرُوِيَ بِإِسْنَاد كلهم ثِقَات مجمع على عدالتهم مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح عَن نعيم المجمر قَالَ: كنت وَرَاء أبي هُرَيْرَة " فَقَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثمَّ قَرَأَ بِأم الْقُرْآن حَتَّى بلغ وَلَا الضَّالّين قَالَ: آمين، قَالَ النَّاس: آمين وَيَقُول كلما سجد الله أكبر وَإِذا قَامَ من الْجُلُوس قَالَ: الله أكبر وَيَقُول إِذا سلم: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِنِّي لأشبهكم صَلَاة برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

أنه كان يقول الحمد لله رب العالمين سبع آيات إحداهن بسم الله الرحمن الرحيم وهي السبع المثاني والقرآن العظيم وهي أم القرآن وهي فاتحة الكتاب وعنه قال كان رسول الله

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يَقُول الْحَمد لله رب الْعَالمين سبع آيَات إِحْدَاهُنَّ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَهِي السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم وَهِي أم الْقُرْآن وَهِي فَاتِحَة الْكتاب " وَعنهُ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجْهر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ثمَّ تَركه النَّاس " تفرد بِهِ إِسْحَاق عَن إِبْرَاهِيم السراج عَن عقبَة بن مكرم / عَن يُونُس بن عُمَيْر عَن مسعر عَن مُحَمَّد بن قيس عَن أبي هُرَيْرَة وَرَوَاهُ غَيره عَن عقبَة عَن يُونُس عَن أبي معشر عَن مُحَمَّد بن قيس وَرِوَايَة أبي معشر عَن مُحَمَّد بن قيس يرتضيها الْحفاظ. وَرُوِيَ عَن أنس قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله رُوَاة هَذَا الحَدِيث عَن

قال الحاكم أبو عبد الله رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله

آخِرهم ثِقَات وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن أبي السّري الْعَسْقَلَانِي قَالَ: " صليت خلف الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان مَا لَا أحصي صَلَاة الصُّبْح وَالْمغْرب وَكَانَ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قبل فَاتِحَة الْكتاب وَبعدهَا وَسمعت الْمُعْتَمِر يَقُول: مَا آلوا أَن أقتدي بِصَلَاة أبي وَقَالَ أبي: مَا آلوا أَن أقتدي بِصَلَاة أنس، وَقَالَ أنس مَا آلوا أَن أقتدي بِصَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: رُوَاة هَذَا الحَدِيث عَن آخِرهم ثِقَات. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم "، قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله عَن إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث هَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَلَيْسَ لَهُ عِلّة، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يزل يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم حَتَّى قبض صلوَات الله عَلَيْهِ ". وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرُوِيَ عَن الْحسن عَن سَمُرَة قَالَ: " كَانَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سكتتان سكتة إِذا قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، وسكتة إِذا فرغ من الْقِرَاءَة، فَأنْكر ذَلِك عمرَان بن حُصَيْن

كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة قال قلت أقول الحمد لله رب

فَكَتَبُوا إِلَى أبي بن كَعْب فَكتب: أَن صدق سَمُرَة " ورواة هَذَا الحَدِيث كلهم ثِقَات. وَكَانَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ يثبت سَماع الْحسن من سَمُرَة قَالَ: وَقد بَقِي فِي الْبَاب عَن أَمِيري الْمُؤمنِينَ عُثْمَان وَعلي وَطَلْحَة بن عبيد الله وَجَابِر بن عبد الله وَعبد الله بن عمر والنعمان بن بشير وَالْحكم بن عُمَيْر النعماني وَبُرَيْدَة بن خبيب وَمن النِّسَاء عَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم إِلَّا أَنِّي تركته اختصارا وانتخبت مِنْهُ مَا كَانَ أصح إِسْنَادًا. وَرُوِيَ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَيفَ تقْرَأ إِذا افتتحت الصَّلَاة؟ قَالَ: قلت أَقُول الْحَمد لله رب

لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو سورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري قال فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد فأخرج إحدى رجليه من أسكفة المسجد وبقيت الأخرى في المسجد فقلت بيني وبين نفسي بشيء قال فأقبل علي بوجهه قال بأي شيء

الْعَالمين قَالَ: قل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم "، وَعَن ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا أخرج من الْمَسْجِد حَتَّى أخْبرك بِآيَة أَو سُورَة لم تنزل على نَبِي بعد سُلَيْمَان غَيْرِي قَالَ: فَمشى وتبعته حَتَّى انْتهى إِلَى بَاب الْمَسْجِد فَأخْرج إِحْدَى رجلَيْهِ من أُسْكُفَّة الْمَسْجِد وَبقيت الْأُخْرَى فِي الْمَسْجِد فَقلت بيني وَبَين نَفسِي بِشَيْء قَالَ: فَأقبل عَليّ بِوَجْهِهِ قَالَ: بِأَيّ شَيْء تفتتح الْقُرْآن إِذا افتتحت الصَّلَاة قَالَ: قلت: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قَالَ: هِيَ هِيَ ثمَّ خرج " وَعَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، قَالَ: وَكَانَ عبد الله بن عمر يجْهر بهَا وَعبد الله بن عَبَّاس وَابْن الْحَنَفِيَّة رَضِي الله عَنْهُم ". وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي السورتين جَمِيعًا " وَرُوِيَ عَن ثُوَيْر عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ " أَنه كَانَ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرُوِيَ ذَلِك من أوجه من حَدِيث أهل الْبَيْت عَن عَليّ

أمني جبريل عند الكعبة فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وروي عن ابن عمر قال صليت خلف النبي

رَضِي الله عَنهُ وَرُوِيَ عَن النُّعْمَان بن بشير قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " " أمني جِبْرِيل عِنْد الْكَعْبَة فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرُوِيَ عَن ابْن عمر قَالَ: " صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَكَانُوا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرُوِيَ عَن طَلْحَة بن عبيد الله قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ترك بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فقد ترك آيَة من كتاب الله عز وَجل وَقد عد فِيمَا عد عَليّ من أم الْكتاب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم "، وَرُوِيَ عَن مُوسَى بن أبي حبيب الطَّائِفِي عَن الحكم بن عُمَيْر وَكَانَ بَدْرِيًّا قَالَ: صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجهر فِي الصَّلَاة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي صَلَاة اللَّيْل وَصَلَاة الْغَدَاة وَصَلَاة الْجُمُعَة " / وَرُوِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ

فجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم وربما استدل أصحابنا من طريق الآثار بما روى الشافعي عن عبد المجيد عن ابن جريج أخبرني عبد الله بن عثمان بن خيثمة أن أبا بكر بن حفص بن عمر أخبره أن أنس بن مالك رضي الله عنه قال صلى معاوية

قَالَ: صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجهر فِي الصَّلَاة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ". وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابنَا من طَرِيق الْآثَار بِمَا روى الشَّافِعِي عَن عبد الْمجِيد عَن ابْن جريج أَخْبرنِي عبد الله بن عُثْمَان بن خَيْثَمَة أَن أَبَا بكر بن حَفْص بن عمر أخبرهُ أَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: " صلى مُعَاوِيَة بِالْمَدِينَةِ صَلَاة فجهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَرَأَ فِيهَا: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لأم الْقُرْآن، وَلم يقل بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم للسورة الَّتِي بعْدهَا حَتَّى قضى الصَّلَاة فَلَمَّا سمع ناداه من سمع ذَلِك من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار من كل مَكَان، يَا مُعَاوِيَة: أسرقت الصَّلَاة أم نسيت؟ فَلَمَّا صلى بعد ذَلِك قَرَأَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم للسورة الَّتِي بعد أم الْقُرْآن " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط مُسلم

فقد احْتج بِعَبْد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز وَسَائِر رُوَاته مُتَّفق على عدالتهم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَتَابعه على ذَلِك عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج وَرُوِيَ عَن عَليّ بن أَبْزي قَالَ: " صليت خلف عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فجهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرُوِيَ عَن ابْن جريج أَخْبرنِي أبي أَن سعيد بن جُبَير أخبرهُ فَقَالَ لَهُ: {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} قَالَ هِيَ أم الْقُرْآن قَالَ أبي: " وَقَرَأَ عَليّ سعيد بن جُبَير بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، حَتَّى خَتمهَا ثمَّ قَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة السَّابِعَة، قَالَ سعيد بن جُبَير: لأبي فقرأها عَليّ ابْن عَبَّاس كَمَا قرأتها عَلَيْك ثمَّ قَالَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة السَّابِعَة، قَالَ ابْن عَبَّاس فذخرها الله لكم فَمَا أخرجهَا لأحد قبلكُمْ ".

وَرُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني} فَاتِحَة الْكتاب " قيل لِابْنِ عَبَّاس فَأَيْنَ السَّابِعَة قَالَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " هَذَا حَدِيث مَشْهُور وَرُوَاته ثِقَات. وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مثل مَا روينَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا " كَانَ يستفتح الصَّلَاة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَيْء استرقه الشَّيْطَان من النَّاس " وروى الشَّافِعِي أخبرنَا مُسلم وَعبد الْمجِيد عَن ابْن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر الْعمريّ " لَا تدع بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لأم الْقُرْآن وَالسورَة الَّتِي بعْدهَا " تَابعه عبد الله بن عمر الْعمريّ وَأَخُوهُ عبيد الله وَأُسَامَة بن زيد عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَهُوَ عَنهُ مَشْهُور. وَرُوِيَ عَن أَحْمد بن شَيبَان الرَّمْلِيّ عَن عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي دَاوُد عَن أَبِيه عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه كَانَ يقْرَأ فِي صلَاته بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَالْحَمْد وَقَالَ: يجْهر فِيهَا بِبسْم الله

الرَّحْمَن الرَّحِيم ثمَّ سُورَة " وَقَالَ عبد الله بن عمر فَلم كتبت فِي الْمَصَاحِف إِذا لم تقْرَأ وَرُوِيَ عَن بكر بن عبد الله قَالَ: كَانَ ابْن الزبير يستفتح الْقِرَاءَة فِي صلَاته بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَيَقُول: " مَا يمنعهُم مِنْهَا إِلَّا الْكبر " وَرُوِيَ عَن سعيد بن أبي سعيد قَالَ: " كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يؤمنا إِذا غَابَ مَرْوَان فيفتتح الْقِرَاءَة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَإِذا فرغ من أم الْقُرْآن قَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَقد روينَا عَن أبي هُرَيْرَة مثل هَذَا بِإِسْنَاد صَحِيح. وَرُوِيَ عَن حَمَّاد بن سَلمَة بن عَليّ بن زيد بن جدعَان أَن العبادلة كَانُوا يستفتحون الْقِرَاءَة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم يجهرون، عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَمْرو وَعبد الله بن الزبير وَعبد الله بن صَفْوَان، وَرُوِيَ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن

على الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وعلى أن يقضوا ما فاتهم من صلاة الليل والنهار وعلى أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسن القول وعن علي بن موسى الرضا سئل الصادق عن الجهر بالتسمية فقال أحق ما جهر به الآية التي ذكرها الله تعالى وإذا

يعلى بن شَدَّاد بن أَوْس عَن أَبِيه " أَنه كَانَ يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرُوِيَ عَن عَليّ بن مُوسَى الرِّضَا عَن أَبِيه عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد أَنه قَالَ: " اجْتمع آل مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْجَهْر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وعَلى أَن يقضوا مَا فاتهم من صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار وعَلى أَن يَقُولُوا فِي أبي بكر وَعمر أحسن القَوْل " وَعَن عَليّ بن مُوسَى الرِّضَا سُئِلَ الصَّادِق عَن الْجَهْر بِالتَّسْمِيَةِ فَقَالَ: أَحَق مَا جهر بِهِ الْآيَة الَّتِي ذكرهَا الله (تَعَالَى) : {وَإِذا ذكرت رَبك فِي الْقُرْآن وَحده ولوا على أدبارهم نفورا} . . وَرُوِيَ عَن ابْن الْمُبَارك عَن سُفْيَان الثَّوْريّ قَالَ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي فواتح / السُّور من السُّورَة ". وَرُوِيَ عَن معمر قَالَ: سَأَلت الزُّهْرِيّ عَن قِرَاءَة بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ: اقْرَأ بهَا إِنَّهَا آيَة من كتاب الله تَركهَا النَّاس، وَرُوِيَ عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان قَالَ: سَمِعت ليثا يذكر أَن عَطاء وطاوسا

وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين قال الشافعي يعني أنهم يبدؤن بقراءة أم القرآن قبل أن يقرأ ما بعدها والله أعلم لا يعني أنهم يتركون بسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة فإن تركها أو بعضها لم تجزئه الركعة التي تركها فيها

ومجاهدا كَانُوا يجهرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن مرّة قَالَ: صليت وَرَاء سعيد بن جُبَير فَاسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَكلما فرغ من قَوْله وَلَا الضَّالّين قَالَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَرُوِيَ عَن ابْن جريج قَالَ يَعْنِي عَطاء بن أبي رَبَاح " لَا أدع أبدا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي الْمَكْتُوبَة والتطوع إِلَّا نَاسِيا لأم الْقُرْآن وللسورة الَّتِي قَرَأَ بعْدهَا "، وَرُبمَا استدلوا بِحَدِيث أنس الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الشَّافِعِي: أخبرنَا سُفْيَان عَن أَيُّوب عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وَعمر يفتتحون الْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين قَالَ الشَّافِعِي: يَعْنِي أَنهم يبدؤن بِقِرَاءَة أم الْقُرْآن قبل أَن يقْرَأ مَا بعْدهَا وَالله أعلم. لَا يَعْنِي أَنهم يتركون بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم الْآيَة السَّابِعَة فَإِن تَركهَا أَو بَعْضهَا لم تُجزئه الرَّكْعَة الَّتِي تَركهَا فِيهَا. وَقد رُوِيَ من وَجه آخر عَنهُ أَنه صلى خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر

ومع أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلم أسمع أحد منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم انفرد مسلم بإخراجهما ولم يخرجهما البخاري وإنما اتفقا على المعنى الأول فقط قال الدارقطني عقب حديث غندر هذا وكذلك رواه معاذ بن معاذ وحجاج بن محمد ومحمد

وَعمر وَعُثْمَان فَكَانُوا يستفتحون بِالْقِرَاءَةِ بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين، لَا يذكرُونَ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فِي أَوَائِل الْقِرَاءَة وَلَا فِي آخرهَا لفظ الْأَوْزَاعِيّ عَن قَتَادَة كتب إِلَى قَتَادَة، خرجه مُسلم من حَدِيثه وَاخْتلف فِي لَفظه فَأخْرج مُسلم عَن غنْدر عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: " صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَ أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم فَلم أسمع أحد مِنْهُم يقْرَأ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " انْفَرد مُسلم بإخراجهما وَلم يخرجهما البُخَارِيّ وَإِنَّمَا اتفقَا على الْمَعْنى الأول فَقَط. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ عقب حَدِيث غنْدر هَذَا: " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ معَاذ بن معَاذ وحجاج بن مُحَمَّد وَمُحَمّد بن بكر البرْسَانِي وَبشر بن عمر وقراد بن أبي نوح وآدَم بن أبي إلْيَاس وَعبيد بن مُوسَى وَأَبُو النَّضر وخَالِد بن

وأبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم يفتتحون القراءة

يزِيد المزرقي عَن شبعة مثل قَول غنْدر وَعلي بن الْجَعْد سَوَاء. وَرَوَاهُ وَكِيع وأسود بن عَامر عَن شُعْبَة بِلَفْظ آخر، يَعْنِي فَلم يجهروا بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، وَرَوَاهُ زيد ابْن الْحباب عَن شُعْبَة وَهَمَّام عَن قَتَادَة، وَرَوَاهُ يحيى بن سعيد الْقطَّان وَالْحسن بن مُوسَى الأشيب وَيحيى بن السكن وَأَبُو عمر الحوضي وَعَمْرو بن مَرْزُوق وَغَيرهم عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن أنس فَقَالُوا " إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم يفتتحون الْقِرَاءَة

بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين "، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن الْأَعْمَش عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة، وثابت عَن أنس. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَامَّة أَصْحَاب قَتَادَة هِشَام الدستوَائي وَسَعِيد بن أبي عرُوبَة وَأَبَان بن يزِيد الْعَطَّار وَحَمَّاد بن سَلمَة وَحميد الطَّوِيل، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ، وَالْأَوْزَاعِيّ وَسَعِيد بن بشير وَغَيرهم، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ معمر وَهَمَّام، وَاخْتلف عَنْهُمَا فِي لَفظه وَهُوَ الْمَحْفُوظ عَن قَتَادَة وَغَيره عَن أنس قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِي الله عَنهُ فالأشبه وَالله أعلم أَن من رَوَاهُ على اللَّفْظ الَّذِي اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على صِحَّته أَدَّاهُ على اللَّفْظ الَّذِي سَمعه وَمن رَوَاهُ على اللَّفْظ الَّذِي تفرد بِهِ مُسلم بِإِخْرَاجِهِ أَدَّاهُ على الْمَعْنى الَّذِي وَقع لَهُ. فقد روينَا عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ بأسانيد عدَّة فِي الْقِرَاءَة بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم يشْهد الْقلب أَن القَوْل قَول من رَوَاهُ على اللَّفْظَة الأولى وَفِي ذَلِك جمع بَين الْأَخْبَار وقبولها دون إِسْقَاط بَعْضهَا. وَقد رُوِيَ عَن أنس مَا يُؤَيّد قَوْلنَا ويوقع شُبْهَة فِي حَدِيث قَتَادَة. وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي بكر يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الْبَزَّاز حَدثنَا الْعَبَّاس بن يزِيد حَدثنَا غَسَّان بن مُضر حَدثنَا أَبُو مسلمة قَالَ:

يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو ببسم الله الرحمن الرحيم فقال إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه وما سألني عنه أحد قبلك قلت أكان رسول الله

سَأَلت أنس بن مَالك: " أَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستفتح بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين أَو بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ: إِنَّك لتسألني عَن شَيْء مَا أحفظه، وَمَا سَأَلَني عَنهُ أحد / قبلك، قلت: أَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي النَّعْلَيْنِ قَالَ: نعم " قَالَ عَليّ بن عمر: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح هُوَ كَمَا قَالَ أَبُو الْحسن فَإِن أَبَا مسلمة هُوَ سعيد بن يزِيد احْتج البُخَارِيّ وَمُسلم بِهِ وغسان بن مُضر قد وَثَّقَهُ ابْن معِين وَقد رَوَاهُ شُعْبَة وَابْن علية عَن أم سَلمَة بِمَعْنى رِوَايَة غَسَّان بن مُضر عَنْهُم. ذكر ابْن خُزَيْمَة فِي كِتَابه وَذكر بِمَعْنَاهُ سوى ذكر النَّعْلَيْنِ. وَرُوِيَ عَن الْحسن عَن أنس رَضِي الله عَنهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانُوا يسرون بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَهَذِه الرِّوَايَة تدل على أَنهم كَانُوا يقرؤونها وَهُوَ توَافق رِوَايَة من رَوَاهَا عَن قَتَادَة فِي ترك الْجَهْر إِذا كَانَ الِاخْتِلَاف فِي ترك

يقول الله قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي الحديث قال الحليمي رحمه الله في ابتداء القسمة من قوله الحمد لله دليل يقطع أن بسم الله الرحمن الرحيم ليست الآية الأولى لأنه يجوز أن

الْجَهْر فَالَّذِي سمع جهره بهَا شَاهد وَالَّذِي لم يسمع غير شَاهد فرواية من سَمعه أولى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَرُبمَا استدلوا بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَقُول الله قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ. فَإِذا قَالَ: الْحَمد لله رب الْعَالمين يَقُول الله: حمدني عَبدِي " الحَدِيث. قَالَ الْحَلِيمِيّ رَحمَه الله فِي ابْتِدَاء الْقِسْمَة من قَوْله الْحَمد لله دَلِيل يقطع أَن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم لَيست الْآيَة الأولى لِأَنَّهُ يجوز أَن يكون أَرَادَ فَإِذا انْتهى العَبْد إِلَى الْحَمد لله رب الْعَالمين قَالَ الله تَعَالَى: " حمدني عَبدِي " إِلَّا أَن ذَلِك جَمِيع الْجُزْء الأول من هَذِه السُّورَة كَمَا قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَإِذا قَالَ الإِمَام وَلَا الضَّالّين فَقولُوا: آمين "، وَإِنَّمَا أَرَادَ فَإِذا انْتهى فِي الْقِرَاءَة إِلَى هَذَا القَوْل لِأَن ذَلِك جَمِيع قِرَاءَته وَالله أعلم. وَأما التَّقْسِيم فَلَيْسَ فِي الحَدِيث أَن التصنيف بِالْآيِ فَإِذا كَانَت تتنصف مَعَ انتدابها بِالتَّسْمِيَةِ بالْكلَام والحروف نِصْفَيْنِ فقد وَقع بذلك الْخُرُوج عَن عُهْدَة الْخَبَر وَالله أعلم وعَلى أَنه لَو ثَبت أَن المُرَاد بِهِ أَن تنصيف السُّورَة نِصْفَيْنِ بِالْآيِ فقد يجوز أَن يكون نصفهَا الأول أطول من الثَّانِي كَمَا أَن الشَّهْر إِذا لم يُجَاوز تسعا وَعشْرين لم

يخل من التصنيف وَيكون نصفه الأول خَمْسَة عشر وَنصفه الآخر أَرْبَعَة عشر حَتَّى لَو قَالَ رجل لامْرَأَته فِي أول الشَّهْر إِذا انتصف هَذَا الشَّهْر فَأَنت طَالِق، طلقت إِذا انْقَضتْ من أَيَّامه خَمْسَة عشر يَوْمًا، وَإِن نقص مِنْهُ يَوْمًا لم يبن أَن الطَّلَاق كَانَ وَاقعا قبل الْوَقْت الَّذِي ذكرنَا. وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث من طَرِيقين ضعيفين وَفِيه ذكر بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم وَقد جعل بعض الروَاة النّصْف مَالك يَوْم الدّين وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَلَا بُد أَن يكون بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم آيه مِنْهُ وَسَنذكر بِمَشِيئَة الله تَعَالَى الرِّوَايَات فِي مَسْأَلَة تعْيين الْقِرَاءَة بِفَاتِحَة الْكتاب. وَرُبمَا استدلوا بِحَدِيث عَن أبي نعَامَة قيس بن عَبَايَة عَن ابْن لعبد الله بن مُغفل قَالَ: " سمعني أبي مرّة وَأَنا أَجْهَر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " الحَدِيث، ابْن مُغفل لَا نعرفه بِمَا يثبت بِهِ حَدِيثه

عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال هو اسم من أسماء الله عز وجل

والراوي عَنهُ أَبُو نعَامَة الْحَنَفِيّ تفرد بِهِ وَاخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ فَرَوَاهُ الْجريرِي وَعُثْمَان بن غياث هَكَذَا عَن ابْن عبد الله عَن أَبِيه وَرَوَاهُ خَالِد الْحذاء عَن أبي نعَامَة عَن أنس وباثرين عَن عَليّ وَعبد الله رَوَاهُمَا أَبُو سعد سعيد بن الْمَرْزُبَان الْأَعْوَر الْبَقَّال وَقد تكلمُوا فِيهِ وبأثر عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ " قِرَاءَة الْجَهْر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم قِرَاءَة الْأَعْرَاب " وَقَالَ عَنهُ فِي رِوَايَة " كَانَ لَا يجْهر بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم " وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ: " هُوَ اسْم من أَسمَاء الله عز وَجل

مسألة

وَمَا بَينه وَبَين اسْم الله الْأَعْظَم إِلَّا كَمَا بَين سَواد الْعَينَيْنِ وبياضهما من الْقرب " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (78) : ويجهر الإِمَام بالتأمين فِيمَا يجْهر بِالْقِرَاءَةِ فِيهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة يسر بِهِ، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمُتَّفق على صِحَّته أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا فَإِنَّهُ من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه. قَالَ ابْن شهَاب وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يَقُول: آمين روينَا عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سَلمَة بن كهيل عَن حجر بن عَنْبَس عَن وَائِل بن حجر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَالَ: آمين رفع بهَا صَوته " وَفِي رِوَايَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا قَالَ غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين، رفع صَوته

خفض بها صوته وقال في إسناده أخبرني سلمة قال سمعت حجرا أبا العنبس قال سمعت علقمة بن وائل وقد سمعه من وائل أنه صلى مع رسول الله

بآمين وَطول بهَا " خَالفه شُعْبَة فِي إِسْنَاده وَمَتنه وَذكر أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خفض بهَا صَوته " وَقَالَ فِي إِسْنَاده أَخْبرنِي سَلمَة قَالَ: سَمِعت حجرا أَبَا العنبس قَالَ: سَمِعت عَلْقَمَة بن وَائِل وَقد سَمعه من وَائِل أَنه صلى مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَلَا أعلم خلافًا بَين أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ أَن سُفْيَان وشعبه إِذا اخْتلفَا فَالْقَوْل قَول سُفْيَان قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ أحد يُخَالف سُفْيَان الثَّوْريّ إِلَّا كَانَ القَوْل قَول سُفْيَان وَقيل وَشعْبَة أَيْضا إِن خَالفه قَالَ: نعم. وَقَالَ يحيى بن سعيد لَيْسَ أحد أحب إِلَيّ من شُعْبَة وَلَا يعدله أحد عِنْدِي وَإِذا خَالفه سُفْيَان أخذت بقول سُفْيَان، وَقَالَ شُعْبَة: سُفْيَان أحفظ مني. وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ يَقُول: حَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن سَلمَة بن كهيل فِي هَذَا الْبَاب أصح

من حَدِيث شُعْبَة. أَخطَأ فِي هَذَا الحَدِيث فِي مَوَاضِع قَالَ حجر أبي العنبس " وَإِنَّمَا كنيته أَبُو السكن وَزَاد فِيهِ " عَلْقَمَة بن وَائِل " وَإِنَّمَا هُوَ حجر ابْن عَنْبَس عَن وَائِل بن حجر لَيْسَ فِيهِ عَلْقَمَة، وَقَالَ: " خفض بهَا صَوته " وَالصَّحِيح أَنه جهر بهَا وَقَالَ أَبُو عِيسَى: وَسَأَلت أَبَا زرْعَة عَن حَدِيث سُفْيَان وَشعْبَة فَقَالَ: حَدِيث سُفْيَان أصح من حَدِيث شُعْبَة، وَقد روى الْعَلَاء بن صَالح عَن سَلمَة بن كهيل نَحْو رِوَايَة سُفْيَان، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَذَا قَالَ شُعْبَة وأخفى بهَا صَوته، وَيُقَال: إِنَّه وهم فِيهِ، لِأَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَمُحَمّد بن سَلمَة بن كهيل وَغَيرهمَا رَوَوْهُ عَن سَلمَة فَقَالُوا: وَرفع صَوته بآمين. وَهُوَ الصَّوَاب قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد روى أَبُو الْوَلِيد الطَّيَالِسِيّ وَهُوَ من الثِّقَات عَن شُعْبَة بوفاق الثَّوْريّ فِي مَتنه فَذكره ثمَّ قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون شُعْبَة رَحمَه الله تنبه لذَلِك فَعَاد إِلَى الصَّوَاب فِي مَتنه وَترك ذكر عَلْقَمَة فِي إِسْنَاده وَالله أعلم وَذكر أَسَانِيد أخر إِلَى وَائِل بن حجر فِي الْجَهْر بآمين عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته فقال آمين قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث صحيح وعن أبي داود عنه بمعناه وزاد بيانا فقال قال آمين حتى يسمع من يليه في الصف الأول وفي رواية عنه قال كان النبي

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا فرغ من قِرَاءَة أم الْقُرْآن رفع صَوته فَقَالَ: " آمين " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث صَحِيح وَعَن أبي دَاوُد عَنهُ بِمَعْنَاهُ وَزَاد بَيَانا فَقَالَ: قَالَ آمين حَتَّى يسمع من يَلِيهِ فِي الصَّفّ الأول، وَفِي رِوَايَة عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَالَ: " غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين " قَالَ: " آمين "، يرفع بهَا صَوته وَيَأْمُر بذلك وروى الْجَهْر بهَا عَن ابْن عمر مَرْفُوعا بَحر بن كنيز السقا وَهُوَ ضَعِيف. وَرُوِيَ فِي ذَلِك " عَن أم الْحصين عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيه سمعته وَهِي فِي صف النِّسَاء " وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن عَليّ قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

كان إذا قرأ ولا الضالين رفع صوته بآمين وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى بهم صلاة المغرب فلما فرغ من قراءة أم القرآن قال آمين ورفع بها صوته وعن نافع عنه أنه كان يؤمن وراء الإمام قال ورأى ذلك من السنة وعند أبي داود عن بلال أنه

" يَقُول آمين إِذا قَرَأَ غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين "، وَفِي أُخْرَى عَنهُ بِمَعْنَاهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا قَرَأَ وَلَا الضَّالّين رفع صَوته بآمين " وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه صلى بهم صَلَاة الْمغرب فَلَمَّا فرغ من قِرَاءَة أم الْقُرْآن قَالَ: آمين وَرفع بهَا صَوته وَعَن نَافِع عَنهُ " أَنه كَانَ يُؤمن وَرَاء الإِمَام قَالَ وَرَأى ذَلِك من السّنة ". وَعند أبي دَاوُد عَن بِلَال أَنه قَالَ: يَا رَسُول الله لَا تسبقني بآمين. قَالَ الرّبيع بن سُلَيْمَان: سُئِلَ الشَّافِعِي عَن الإِمَام إِذا قَالَ غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين هَل يرفع صَوته بآمين؟ قَالَ: نعم وَيرْفَع بهَا من خَلفه أَصْوَاتهم فَقلت وَمَا الْحجَّة فِيمَا يثبت من هَذَا فَقَالَ: أخبرنَا مَالك وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة الصَّحِيح عِنْدهمَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فَفِي قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أَمن الإِمَام فَأمنُوا " دلَالَة على أَن الإِمَام يجْهر بآمين من خَلفه لَا نَعْرِف وَقت تأمينه إِلَّا بِأَن يسمع تأمينه ثمَّ بَينه ابْن شهَاب فَقَالَ: وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " آمين " قَالَ الرّبيع: فَقلت للشَّافِعِيّ فَإنَّا نكره للْإِمَام / أَن يرفع صَوته بآمين فَقَالَ: هَذَا خلاف مَا روى صَاحبكُم

لو لم يكن عندهم وعندنا علم إلا هذا الحديث الذي ذكرنا عن مالك رحمه الله ينبغي أن نستدل بأن النبي

وصاحبنا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَو لم يكن عِنْدهم وَعِنْدنَا علم إِلَّا هَذَا الحَدِيث الَّذِي ذكرنَا عَن مَالك رَحمَه الله يَنْبَغِي أَن نستدل بِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجْهر بآمين وَأَنه أَمر الإِمَام أَن يجْهر بهَا فَكيف وَلم يزل أهل الْعلم عَلَيْهِ. وروى وَائِل بن حجر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَانَ يَقُول آمين يرفع بهَا صَوته ويحكي مده إِيَّاهَا وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة يَقُول للْإِمَام: لَا تسبقني بآمين وَكَانَ يُؤذن لَهُ قَالَ الشَّافِعِي: أخبرنَا مُسلم بن خَالِد عَن ابْن جريج عَن عَطاء قَالَ: كنت أسمع الْأَئِمَّة ابْن الزبير وَمن بعده يَقُولُونَ آمين وَمن خَلفهم آمين حَتَّى أَن لِلْمَسْجِدِ للجة ثمَّ روى الْبَيْهَقِيّ إِسْنَاده عَن ثَابت عَن أبي رَافع أَن أَبَا هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُؤذن لمروان بن الحكم فَاشْترط أَن لَا يسْبقهُ بالضالين حَتَّى يعلم أَنه قد دخل الصَّفّ. وَكَانَ إِذا قَالَ مَرْوَان وَلَا الضَّالّين قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: آمين يمد بهَا صَوته وَقَالَ: إِذا وَافق تَأْمِين أهل الأَرْض تَأْمِين أهل السَّمَاء غفر لَهُم. وَرُوِيَ عَن عَطاء قَالَ: أدْركْت مِائَتَيْنِ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الْمَسْجِد إِذا قَالَ الإِمَام غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين سَمِعت لَهُم رجة بآمين.

مسألة

مَسْأَلَة (79) : وَرفع الْيَدَيْنِ سنة عِنْد الرُّكُوع والارتفاع مِنْهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا ترفع الْأَيْدِي فِي هذَيْن الْمَوْضِعَيْنِ. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر، وَذكر الحَدِيث الصَّحِيح الْمَذْكُور فِي مَسْأَلَة رفع الْيَدَيْنِ فِي افْتِتَاح التَّكْبِير وَذكر لَهُ طرقا كَثِيرَة وَالْمعْنَى وَاحِد وَرُوِيَ عَن الْحَاكِم أبي عبد الله عَن أبي الْحسن بن عَبدُوس عَن عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ سَمِعت عَليّ بن الْمَدِينِيّ يَقُول فِي حَدِيث سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع وَبَعْدَمَا يرفع رَأسه من الرُّكُوع. قَالَ سُفْيَان حفظته عَن الزُّهْرِيّ كَمَا أَنَّك هَا هُنَا. قَالَ عَليّ: هَذَا الحَدِيث عِنْدِي حجَّة على الْخلق كل من سَمعه فَعَلَيهِ أَن يعْمل بِهِ لِأَنَّهُ فِي إِسْنَاده شَيْء قَالَ عَليّ: لم أزل أعمل بِهِ مُنْذُ أَنا صبي قَالَ: أَبُو سعيد وَبِه نَأْخُذ. قَالَ أَبُو الْحسن وَبِه نَأْخُذ، قَالَ أَبُو عبد الله: وَبِه نَأْخُذ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَبِه نَأْخُذ. وَعند البُخَارِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر كَانَ إِذا دخل فِي الصَّلَاة كبر وَرفع يَدَيْهِ وَإِذا ركع رفع يَدَيْهِ وَإِذا قَالَ: سمع الله لمن حَمده رفع يَدَيْهِ وَإِذا قَامَ بَين الرَّكْعَتَيْنِ رفع يَدَيْهِ، وَرفع ذَلِك ابْن عمر إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرفع الْيَدَيْنِ عِنْد الْقيام من الرَّكْعَتَيْنِ سنة وَإِن لم يذكرهُ

فقولوا بسنة رسول الله

الشَّافِعِي فَإِن إِسْنَاده صَحِيح وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة. وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " إِذا وجدْتُم فِي كتابي خلاف سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقولُوا بِسنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ودعوا مَا قلت ". وَهُوَ مَذْكُور فِي حَدِيث أبي حميد فِي عشرَة من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَضي عَنْهُم، وَقد ذكر الشَّافِعِي حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ وَفِيه هَذِه الزِّيَادَة ثمَّ قَالَ فِي آخِره وَبِه نقُول. وَعند البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي قلَابَة أَنه رأى مَالك بن الْحُوَيْرِث إِذا صلى كبر ثمَّ رفع يَدَيْهِ وَإِذا أَرَادَ أَن يرْكَع مَا يرفع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع رفع يَدَيْهِ وَحدث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يفعل هَكَذَا وَعند مُسلم عَن وَائِل بن حجر نَحوه فِي الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ الرّبيع قلت للشَّافِعِيّ رَحمَه الله: مَا معنى رفع

في صفة الصلاة وذكر فيه رفع اليدين عند الافتتاح وعند الركوع والرفع منه وعند القيام من الركعتين وفي آخره فقالوا جميعا صدق هكذا كان يصلي رسول الله

الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع فَقَالَ مثل معنى رفعهما عِنْد الِافْتِتَاح تَعْظِيمًا لله وَسنة متبعة نرجو فِيهَا ثَوَاب الله، وَمثل رفع الْيَدَيْنِ على الصَّفَا والمروة وَغَيرهمَا وروى حَدِيث أبي حميد السَّاعِدِيّ فِي عشرَة من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صفة الصَّلَاة وَذكر فِيهِ رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الِافْتِتَاح وَعند الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ وَعند الْقيام من الرَّكْعَتَيْنِ وَفِي آخِره فَقَالُوا جَمِيعًا " صدق هَكَذَا كَانَ يُصَلِّي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَرُوِيَ الرّفْع عِنْد الِافْتِتَاح وَالرُّكُوع وَرفع الرَّأْس مِنْهُ عَن أبي بكر وَعمر وَعلي وَأنس وَجَابِر بن عبد الله وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأبي هُرَيْرَة قَالَ: وَقد روينَا / رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع وَرفع الرَّأْس مِنْهُ عَن أبي بكر الصّديق وَعمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب وَعبد الله ابْن عمر وَمَالك بن الْحُوَيْرِث وَوَائِل بن حجر وَأبي حميد السَّاعِدِيّ فِي عشرَة من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُم أَبُو قَتَادَة وَأَبُو هُرَيْرَة وَمُحَمّد بن سَلمَة وَأَبُو أسيد وَسَهل بن سعد وَعَن أبي مُوسَى

بأسانيد صحيحة محتج بها وقد سمعت الحاكم أبا عبد الله يقول لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله

الْأَشْعَرِيّ وَأنس وَجَابِر رَضِي الله عَنْهُم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بأسانيد صَحِيحَة مُحْتَج بهَا وَقد سَمِعت الْحَاكِم أَبَا عبد الله يَقُول: لَا نعلم سنة اتّفق على رِوَايَتهَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة ثمَّ الْعشْرَة الَّذين شهد لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْجنَّةِ مِمَّن بعدهمْ من أكَابِر الصَّحَابَة على تفرقهم فِي الْبِلَاد غير هَذِه السّنة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ كَمَا قَالَ أستاذنا أَبُو عبد الله رَضِي الله عَنهُ، فقد روى هَذِه السّنة عَن أبي بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي وَذكرنَا فِي الْعشْرَة رَضِي الله عَنْهُم ومعاذ بن جبل وَزيد بن ثَابت وَأبي بن كَعْب وَعبد الله بن مَسْعُود وَأبي مُوسَى وَعبد الله بن عَبَّاس وَابْن عمر وَابْن الْحُوَيْرِث وَالْحسن بن عَليّ والبراء بن عَازِب (ذكرهمَا) الْحَاكِم وَلم أجد إِسْنَاده وَزِيَاد بن الْحَارِث الصدائي وَسَهل بن سعد وَأبي سعيد وَأبي قَتَادَة وسلمان وَعبد الله بن عَمْرو وَعقبَة بن عَامر وَبُرَيْدَة بن حصيب وَأبي هُرَيْرَة وَعبد الرَّحْمَن بن صَخْر الدوسي وعمار وَأبي أُمَامَة وَعُمَيْر بن قَتَادَة اللَّيْثِيّ وَأبي مَسْعُود: عقبَة بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ وَعَائِشَة بنت الصّديق وأعرابي صَحَابِيّ كلهم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرَضي عَنْهُم وَعَمن اقْتدى بِنَبِيِّهِ وَاتبع سنته. وَرُوِيَ عَن طَاوس أَنه سُئِلَ عَن رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة فَقَالَ رَأينَا

أنهم كانوا يرفعون أيديهم عند الركوع منهم أبو قتادة وأبو أسيد ومحمد بن سلمة وسهل بن سعد وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن الزبير ووائل بن حجر الحضرمي ومالك بن الحويرث وأبو موسى وأبو حميد وروي ذلك عن جماعة لم يذكرهم البخاري وعلي بن أبي طالب رضي

عبد الله وَعبد الله وَعبد الله يرفعون أَيْديهم إِذا افتتحوا وَإِذا ركعوا وَإِذا رفعوا فعبد الله بن عَبَّاس، وَعبد الله بن الزبير وَعبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُم. وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ رَحمَه الله قَالَ قد روينَا عَن سَبْعَة عشر نَفرا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنهم كَانُوا يرفعون أَيْديهم عِنْد الرُّكُوع مِنْهُم أَبُو قَتَادَة وَأَبُو أسيد وَمُحَمّد بن سَلمَة وَسَهل بن سعد وَعبد الله بن عَمْرو وَعبد الله بن الزبير وَوَائِل بن حجر الْحَضْرَمِيّ وَمَالك بن الْحُوَيْرِث وَأَبُو مُوسَى وَأَبُو حميد وَرُوِيَ ذَلِك عَن جمَاعَة لم يذكرهم البُخَارِيّ وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ، وَقد ذَكرْنَاهُ أَيْضا وَطَلْحَة بن عبد الله بن مَسْعُود وَجَابِر بن عبد الله وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَقد ذكرناهما وَأَبُو الدَّرْدَاء الْأنْصَارِيّ وَعبد الله بن جَابر البياضي وَعقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ.

كأنما أيديهم مراوح في صلاتهم إذا ركعوا وإذا رفعوا رؤوسهم وعن البخاري قال ويروى أن عدة من أهل مكة وأهل الحجاز والعراق والشام واليمن أنهم كانوا يرفعون أيديهم عند الركوع وعند رفع الرأس منه منهم سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد

وَرُوِيَ عَن الْحسن قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَأَنَّمَا أَيْديهم مراوح فِي صلَاتهم إِذا ركعوا وَإِذا رفعوا رؤوسهم وَعَن البُخَارِيّ قَالَ: ويروى أَن عدَّة من أهل مَكَّة وَأهل الْحجاز وَالْعراق وَالشَّام واليمن أَنهم كَانُوا يرفعون أَيْديهم عِنْد الرُّكُوع وَعند رفع الرَّأْس مِنْهُ مِنْهُم: سعيد بن جُبَير وَعَطَاء بن أبي رَبَاح وَمُجاهد وَالقَاسِم بن مُحَمَّد وَسَالم بن عبد الله بن عمر وَعمر بن عبد الْعَزِيز والنعمان بن أبي عَيَّاش وَالْحسن وَابْن سِيرِين وَطَاوُس وَمَكْحُول وَعبد الله بن دِينَار وَنَافِع وَعبد الله بن عمر وَالْحسن بن مُسلم وَقيس بن سعد وَغَيرهم عدَّة كَثِيرَة. وَرُوِيَ عَن وَكِيع سَأَلَ ابْن الْمُبَارك أَبَا حنيفَة عَن الرجل يرفع يَدَيْهِ فِي كل رفع وَوضع فَقَالَ: يفعل ذَلِك يُرِيد أَن يطير، فَأَجَابَهُ ابْن الْمُبَارك جَوَابا أعجبني فَقَالَ: إِن كَانَ يُرِيد أَن يطير فِي الثَّانِيَة فَهُوَ يطير فِي الأولى قَالَ وَاسْتدلَّ من غفل عَن هَذِه السّنة الصَّحِيحَة بِمَا أخبرنَا أَبُو عبد الله وَذكر عَن

قلنا نعم فقام فلم يرفع يديه إلا في أول تكبيرة ثم لم يعد وروي عن عبد الله بن المبارك قال لم يثبت عندي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله

عَلْقَمَة عَن عبد الله أَنه قَالَ: " أَلا أريكم صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْنَا: نعم فَقَامَ فَلم يرفع يَدَيْهِ إِلَّا فِي أول تَكْبِيرَة ثمَّ لم يعد ". وَرُوِيَ عَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: لم يثبت عِنْدِي حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رفع يَدَيْهِ أول مرّة ثمَّ لم يرفع وَقد ثَبت عِنْدِي حَدِيث من يرفع يَدَيْهِ عَنهُ إِذا ركع وَإِذا رفع ذكره عبيد الله / الْعمريّ وَمَالك وسُفْيَان وَمعمر وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله عَن هَذَا الْخَبَر مُخْتَصر من أَصله وَعَاصِم بن كُلَيْب لم يخرج حَدِيثه فِي الصَّحِيحَيْنِ وَذَلِكَ أَنه كَانَ يختصر الْأَخْبَار يُؤَدِّيهَا على الْمَعْنى وَهَذِه اللَّفْظَة لم تعد غير مَحْفُوظَة فِي الْخَبَر يُرِيد وَالله

في مسألة الحلي السواد ثم ذكر سندا عن علقمة والأسود عن عبد الله رضي الله عنه قال ألا أريكم صلاة رسول الله

أعلم صَحِيح البُخَارِيّ لِأَن مُسلما قد أخرج حَدِيثه عَن أبي بردة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَسْأَلَة الْحلِيّ السوَاد ثمَّ ذكر سندا عَن عَلْقَمَة وَالْأسود عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ " أَلا أريكم صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكبر وَرفع يَدَيْهِ ثمَّ كبر فطبق يَدَيْهِ بَين فَخذيهِ فَذكرت ذَلِك لسعد رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ قد كُنَّا نَفْعل ذَلِك فَأمرنَا بالركب ". قَالَ أَبُو سعيد الدَّارمِيّ فَهَذَا الحَدِيث قد رَوَاهُ وَكِيع ابْن إِدْرِيس كَمَا ذكرناهما فَإِن يكن الْمَحْفُوظ عنْدك مَا رُوِيَ عَن وَكِيع وَصَحَّ عنْدك أَن ابْن مَسْعُود قَالَ: " صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يرفع يَدَيْهِ إِلَّا مرّة " وَلم يكن يرد قَوْله قَول من قَالَ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يرفعهما وَكَيف وَإِنَّمَا هُوَ قَول عَلْقَمَة فَلَا تقبل من الْأَحَادِيث إِلَّا مَا رَوَاهُ عَنهُ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِيمَا يصف من صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الحَدِيث حَتَّى لقد رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: " لكَأَنِّي أنظر إِلَى اخْتِلَاف أَصَابِع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين فَخذيهِ " وَأَنت لَا تَأْخُذ بِهِ وَلَا نَحن فَإِن

وضع اليدين على الركبتين ولما أن سعدا قال كنا نفعله ثم أمرنا بالركب قلنا فكيف وسعك أن تترك خبر عبد الله الصحيح الذي حفظه عن رسول الله

قيل أترك التطبيق من فعله لما رُوِيَ أَن وَائِل بن حجر وَأَبا حميد السَّاعِدِيّ وَأَبا مَسْعُود وَغَيرهم رووا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وضع الْيَدَيْنِ على الرُّكْبَتَيْنِ وَلما أَن سَعْدا قَالَ كُنَّا نفعله ثمَّ أمرنَا بالركب قُلْنَا فَكيف وسعك أَن تتْرك خبر عبد الله الصَّحِيح الَّذِي حفظه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرِوَايَة وَائِل بن حجر وَأبي حميد وَأَبا مَسْعُود وَغَيرهم، وَلَا يسع هَؤُلَاءِ أَن يتبعوا رِوَايَة بضعَة عشر رجلا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رووا ذَلِك وأثبتوه مِنْهُم وَائِل بن حجر وَأَبُو حميد وَابْن عمر وَغَيرهم وَلَيْسَ يرْوى عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ أَنه أنكر ذَلِك من فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا قَالَ عَلْقَمَة صلى بِنَا عبد الله فَلم يرفع يَدَيْهِ إِلَّا مرّة وَاحِدَة، قَالَه الدَّارمِيّ: وَقد سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله عَن حَدِيث ابْن مَسْعُود هَذَا فَقَالَ يُمكن أَن يكون قد عَاد لرفعهما فَلم يحفظ الْعود، قَالَ عُثْمَان: " وَالْحجّة أبدا وَالْحكم أَن يحكم بقول من سمع لَا بقول من لم يسمع وَلم ير ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ: ثمَّ يُعَارضهُ وَذكر حَدِيثا مسلسلا عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذكر فِيهِ الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ ذكر خَبرا فِي أَوْهَى مِمَّا ذكرنَا، وَذكر حَدِيثا رَوَاهُ إِسْحَاق بن أبي

وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلم يرفعوا أيديهم إلا عند افتتاح الصلاة قال الحاكم أبو عبد الله هذا إسناد مقلوب لا نعلم أحدا حدث من أصحاب حماد بن أبي سليمان عنه من المشورين بالأخذ عنه ولو كان محفوظا لبادر بروايته أبو حنيفة وسفيان الثوري

إِسْرَائِيل عَن مُحَمَّد بن جَابر عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله قَالَ " صليت خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فَلم يرفعوا أَيْديهم إِلَّا عِنْد افْتِتَاح الصَّلَاة ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا إِسْنَاد مقلوب لَا نعلم أحدا حدث من أَصْحَاب حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان عَنهُ من المشورين بِالْأَخْذِ عَنهُ وَلَو كَانَ مَحْفُوظًا لبادر بروايته أَبُو حنيفَة وسُفْيَان الثَّوْريّ عَن حَمَّاد إِذا كَانَ يُوَافق مَذْهَبهمَا فَأَما مُحَمَّد بن جَابر بن سيار السحيمي فَإِنَّهُ قد تكلم فِيهِ أَئِمَّة أهل الحَدِيث، وَأما إِسْحَق بن أبي إِسْرَائِيل فَغير مُحْتَج بِرِوَايَاتِهِ فَإِن مَا رُوِيَ عَن حَمَّاد فِي هَذَا الْبَاب فَحَدَّثنَاهُ أَبُو الْحسن وَذكر إِسْنَاده إِلَى حَمَّاد بن سَلمَة عَن حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان عَن إِبْرَاهِيم " أَن ابْن مَسْعُود كَانَ إِذا دخل فِي الصَّلَاة كبر وَرفع يَدَيْهِ أول مرّة ثمَّ لَا

ثم لم يقنعه ذلك إلى أن وصله بذكر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ذكر خبر ثالث قال الشافعي رحمه الله أخبرنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال رأيت رسول الله

يرفع بعد ذَلِك " قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: فَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ لم ير ابْن مَسْعُود والْحَدِيث مُنْقَطع، وَالْعجب من ابْن جَابر أَنه لم يرض بِأَن وصل هَذَا الْمُنْقَطع حَتَّى زَاد أَيْضا فأسنده إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ لم يقنعه ذَلِك إِلَى أَن وَصله بِذكر أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا. ذكر خبر ثَالِث قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله / أخبرنَا سُفْيَان عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا افْتتح الصَّلَاة رفع يَدَيْهِ قَالَ سُفْيَان ثمَّ قدمت الْكُوفَة فَلَقِيت يزِيد فَسَمعته يحدث بِهَذَا وَزَاد فِيهِ " ثمَّ لَا يعود " فَظَنَنْت أَنهم لقنوه. قَالَ: سُفْيَان هَكَذَا سَمِعت يزِيد يحدثه ثمَّ سمعته بعد يحدثه هَكَذَا وَيزِيد فِيهِ " ثمَّ لَا يعود ". قَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: لَا يَصح عَنهُ هَذَا الحَدِيث قَالَ: وَسمعت يحيى بن معِين يضعف يزِيد بن

وتعارضني بيزيد بن أبي زياد ويزيد رجل ضعيف الحديث وحديثه مخالف للسنة قال فاحمر وجه سفيان فقال الأوزاعي كأنك كرهت ما قلنا قال الثوري نعم قال الأوزاعي قم بنا إلى المقام نلتعن أينا على الحق قال فتبسم الثوري لما رأى الأوزاعي قد احتد

أبي زِيَاد. قَالَ الدَّارمِيّ: وَمِمَّا يُحَقّق قَول سُفْيَان أَنهم لقنوه هَذِه الْكَلِمَة أَن سُفْيَان الثَّوْريّ وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة وهشيما وَغَيرهم من أهل الْعلم لم يجيئوا بهَا إِنَّمَا جَاءَ بهَا من سمع مِنْهُ بِآخِرهِ وَذكر الْحَاكِم أَبُو عبد الله أَنه كَانَ يذكر بِالْحِفْظِ فِي شبابه فَلَمَّا كبر سَاءَ حفظه فَكَانَ يُخطئ فِي كثير من رواياته وَحَدِيثه وتنقلب الْأَسَانِيد وَيزِيد فِي الْمُتُون فَلَا يُمَيّز. وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن دَاوُد الشَّاذكُونِي قَالَ: سَمِعت سُفْيَان بن عينة يَقُول: اجْتمع الْأَوْزَاعِيّ وَالثَّوْري بمنى، فَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ للثوري: لم لَا ترفع يَديك فِي خفض الرُّكُوع وَرَفعه، فَقَالَ الثَّوْريّ حَدثنَا يزِيد بن أبي زِيَاد فَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: أروي ذَلِك عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتعارضني بِيَزِيد بن أبي زِيَاد وَيزِيد رجل ضَعِيف الحَدِيث وَحَدِيثه مُخَالف للسّنة قَالَ فاحمر وَجه سُفْيَان فَقَالَ الْأَوْزَاعِيّ: كَأَنَّك كرهت مَا قُلْنَا، قَالَ الثَّوْريّ: نعم، قَالَ الْأَوْزَاعِيّ: قُم بِنَا إِلَى الْمقَام نلتعن أَيّنَا على الْحق، قَالَ: فَتَبَسَّمَ الثَّوْريّ لما رأى الْأَوْزَاعِيّ قد احتد. ثمَّ يُعَارضهُ مَا رُوِيَ إِبْرَاهِيم بن

ونحن رافعوا أيدينا في الصلاة فقال

بشار عَن سُفْيَان عَن يزِيد بِمَكَّة بِإِسْنَادِهِ إِلَى الْبَراء فَذكر الحَدِيث وَزَاد فِيهِ ذكر الرّفْع عِنْد الرُّكُوع وَبعده قَالَ سُفْيَان فَلَمَّا قدمت الْكُوفَة سمعته يَقُول ثمَّ لَا يعود فَظَنَنْت أَنهم لقنوه. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: لَا أعلم سَاق هَذَا الْمَتْن بِهَذِهِ الزِّيَادَة عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن إِبْرَاهِيم بن بشار المنادى وَهُوَ ثِقَة مَأْمُون من الطَّبَقَة الأولى من أَصْحَاب ابْن عُيَيْنَة جَالس ابْن عُيَيْنَة نيفا وَأَرْبَعين سنة وَذكر عَن ابْن أبي ليلى عَن عِيسَى عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن الْبَراء وَذكر حَدِيثا بِمَعْنى مَا استدلوا بِهِ. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث توهمه من لَا يرجع إِلَى معرفَة الحَدِيث أَنه مُتَابعَة لحَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد هَذَا عَن الحكم عَن يزِيد بن أبي زِيَاد وَرُوِيَ فِي بعض طرقه أَن يزِيد أنكر بِهَذِهِ الزِّيَادَة بعد أَن رويت عَنهُ وَالله أعلم. ذكر خبر رَابِع: وَذكر الحَدِيث الصَّحِيح عِنْد مُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة، " رآنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن رافعوا أَيْدِينَا فِي الصَّلَاة فَقَالَ

قلنا بأيدينا السلام عليكم فقال رسول الله

أَسْلمُوا فِي الصَّلَاة " وَلَيْسَ فِي ذَلِك دلَالَة لَهُم إِنَّمَا هُوَ خبر مُجمل بَينه بِإِسْنَاد آخر عِنْد مُسلم أَيْضا فِي الصَّحِيح عَنهُ قَالَ: " كُنَّا إِذا صلينَا خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْنَا بِأَيْدِينَا السَّلَام عَلَيْكُم فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا هَؤُلَاءِ الَّذين يرْمونَ بِأَيْدِيهِم كَأَنَّهَا أَذْنَاب الْخَيل الشَّمْس أما يَكْفِي أحدكُم أَن يضع يَدَيْهِ على فَخذه ثمَّ يسلم على أَخِيه عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله ". ذكر خبر خَامِس: ذكر خَبرا عَن ابْن أبي ليلى إِلَى ابْن عَبَّاس وَابْن عمر مَرْفُوعا: ترفع الْأَيْدِي فِي سبع مَوَاطِن فَلم يذكر فِيهَا رفع الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاة عِنْد الرُّكُوع. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث واه من أوجه أَولهَا: تفرد ابْن أبي ليلى بروايته وَقد اتّفق أهل الحَدِيث على ترك الِاحْتِجَاج بروايته، وَالثَّانِي رِوَايَة وَكِيع عَن ابْن أبي ليلى بِالْوَقْفِ على ابْن عَبَّاس الثَّالِث رِوَايَة جمَاعَة من التَّابِعين

والوجه الرابع لوهن هذا الحديث أن شعبة بن الحجاج قال لم يسمع الحكم من مقسم إلا أربعة أحاديث وليس هذا الحديث منها والوجه الخامس أن في جميع هذه الروايات ترفع الأيدي في سبع مواطن وليس في رواية منها لا ترفع الأيدي إلا في سبع مواطن

بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، أَنَّهُمَا كَانَا يرفعان أَيْدِيهِمَا عِنْد الرُّكُوع وَبعد رفع الرَّأْس مِنْهُ كَمَا قدمنَا ذكره وأسنداه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَالْوَجْه الرَّابِع لوهن هَذَا الحَدِيث أَن شُعْبَة بن الْحجَّاج قَالَ: لم يسمع الحكم من مقسم إِلَّا أَرْبَعَة أَحَادِيث وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث مِنْهَا. وَالْوَجْه الْخَامِس أَن فِي / جَمِيع هَذِه الرِّوَايَات ترفع الْأَيْدِي فِي سبع مَوَاطِن، وَلَيْسَ فِي رِوَايَة مِنْهَا لَا ترفع الْأَيْدِي إِلَّا فِي سبع مَوَاطِن، وَقد توافرت الْأَخْبَار المأثورة بِأَن الْأَيْدِي ترفع فِي مَوَاطِن كَثِيرَة غير المواطن السَّبْعَة فَمِنْهَا الاسْتِسْقَاء وَدُعَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لدوس وَرفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الدُّعَاء للصَّلَاة وَأمر بهَا وَرفع الْيَدَيْنِ فِي الْقُنُوت، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ ابْن جريج فَقَالَ حَدِيث عَن مقسم وَبِذَلِك لَا تثبت الْحجَّة.

على هذا ورفع حماد يده حذو المنكبين أو نحو ذلك وهذا مجمل بين في رواية أخرى عن حماد بن سلمة عن بشر عن ابن عمر والله أن رفعكم أيديكم في السماء لبدعة يحلف عليها ثلاثا ما زاد رسول الله

ذكر خبر سادس: وروى عَن بشر بن حَرْب عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " أَرَأَيْتُم رفعكم أَيْدِيكُم فِي الصَّلَاة هَكَذَا إِنَّهَا لبدعة مَا زَاد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على هَذَا " وَرفع حَمَّاد يَده حَذْو الْمَنْكِبَيْنِ أَو نَحْو ذَلِك، وَهَذَا مُجمل بَين فِي رِوَايَة أُخْرَى عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن بشر عَن ابْن عمر " وَالله أَن رفعكم أَيْدِيكُم فِي السَّمَاء لبدعة يحلف عَلَيْهَا ثَلَاثًا مَا زَاد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على هَذَا وَرفع يَدَيْهِ حَذْو ثدييه ". قَالَ الدَّارمِيّ فَهَذَا دَلِيل على أَنه فِي الدُّعَاء فِي التَّكْبِير عِنْد الرُّكُوع فَإِن أَبيت أَلا يحْتَج بِهِ كَانَ عَلَيْك وعلينا فَإِنَّهُ قد أَبَاحَ رفعهما على كل حَال وَلَو صَحَّ هَذَا عَن ابْن عمر كَمَا رويت عِنْد الرُّكُوع لم يكن لَك كَبِير رَاحَة لِأَن بشر بن حَرْب لَيْسَ لَهُ من التَّقَدُّم فِي الرِّوَايَة مَا يرفع بروايته رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفعل أمة من أَصْحَاب مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالتَّابِعِينَ سَمِعت يحيى بن معِين يضعف بشرا فِي الحَدِيث وروى الْحُسَيْن بن وَاقد عَن بشر بن حَرْب أبي

يديه فوق صدره في الدعاء قال أبو عبد الله الحاكم فهذا الحسين بن واقد على صدقه وإتقانه قد أتى بالمعنى الذي أشرنا إليه ذكر خبر سابع قال محمد بن إسماعيل البخاري والذي قال أبو بكر بن عياش عن حصين عن مجاهد ما رأيت ابن عمر رافعا يديه في

عَمْرو الندبي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ " وَالله مَا رفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدَيْهِ فَوق صَدره فِي الدُّعَاء " قَالَ: أَبُو عبد الله الْحَاكِم، فَهَذَا الْحُسَيْن بن وَاقد على صدقه وإتقانه قد أَتَى بِالْمَعْنَى الَّذِي أَشَرنَا إِلَيْهِ. ذكر خبر سَابِع: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ وَالَّذِي قَالَ أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن حُصَيْن عَن مُجَاهِد مَا رَأَيْت ابْن عمر رَافعا يَدَيْهِ فِي شَيْء من الصَّلَاة إِلَّا فِي التَّكْبِيرَة الأولى فقد خُولِفَ فِي ذَلِك عَن مُجَاهِد قَالَ وَكِيع عَن الرّبيع بن صبيح. قَالَ: " رَأَيْت مُجَاهدًا رفع يَدَيْهِ إِذا ركع وَإِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع " وَقَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن الرّبيع " رَأَيْت مُجَاهدًا رفع يَدَيْهِ "، وَقَالَ جرير عَن لَيْث عَن مُجَاهِد " أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ " وَهَذَا أحفظ عِنْد أهل الْعلم وَقَالَ صدقه: إِن الَّذِي روى حَدِيث مُجَاهِد أَنه لم يرفع يَدَيْهِ إِلَّا فِي أول تَكْبِيرَة وَكَانَ صَاحبه قد تغير بِآخِرهِ قَالَ البُخَارِيّ: وَالَّذِي رَوَاهُ الرّبيع وَلَيْث أَولا مَعَ رِوَايَة طَاوس وَسَالم وَنَافِع وَأبي الزبير ومحارب بن دثار وَغَيرهم وَقَالُوا: رَأينَا عمر يرفع يَدَيْهِ إِذا

يرفعهما عند الركوع فليس الظن بعلي رضي الله عنه أنه يختار فعله على فعل النبي

كبر وَإِذا رفع، وَذكر الْحَاكِم أَبُو عبد الله: أَن الْمَحْفُوظ فِي ذَلِك عَن أبي بكر بن عَيَّاش إِنَّمَا هُوَ عَن عبد الله بن مَسْعُود لَا عَن عبد الله بن عمر. ذكر خبر ثامن عَن أبي بكر النَّهْشَلِي عَن عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي التَّكْبِيرَة الأولى من الصَّلَاة ثمَّ لَا يرفع فِي شَيْء مِنْهَا قَالَ الدَّارمِيّ: فَهَذَا قد رُوِيَ من هَذَا الطَّرِيق الواهي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَقد روى عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز الْأَعْرَج عَن عبيد الله بن أبي رَافع عَنهُ " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يرفعهما عِنْد الرُّكُوع " فَلَيْسَ الظَّن بعلي رَضِي الله عَنهُ أَنه يخْتَار فعله على فعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَكِن لَيْسَ أَبُو بكر النَّهْشَلِي مِمَّن يحْتَج بروايته

بخلاف هذا كما رواه الناس عن عاصم ذكر خبر تاسع عن عبد الملك بن أبجر عن الزبير بن عدي عن إبراهيم عن الأسود قال رأيت عمر رضي الله عنه يرفع يديه في أول التكبير ثم لم يعد قال الحاكم أبو عبد الله هذه رواية شاذة لا تقوم بها الحجة ولا

وَيثبت بِهِ سَنَده لم يَأْتِ بهَا غَيره وَالصَّوَاب عَن عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن وَائِل بن حجر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخِلَاف هَذَا كَمَا رَوَاهُ النَّاس عَن عَاصِم. ذكر خبر تَاسِع: عَن عبد الْملك بن أبجر عَن الزبير بن عدي عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود قَالَ: رَأَيْت عمر رَضِي الله عَنهُ يرفع يَدَيْهِ فِي أول التَّكْبِير ثمَّ لم يعد " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذِه رِوَايَة شَاذَّة لَا تقوم بهَا الْحجَّة وَلَا يُعَارض بهَا الْأَخْبَار الصَّحِيحَة المأثورة عَن طَاوس بن كيسَان عَن ابْن عمر " أَن عمر كَانَ يرفع يَدَيْهِ فِي الرُّكُوع " وَقد روى سُفْيَان الثَّوْريّ هَذَا الحَدِيث عَن الزبير بن عدي / فَقَالَ فِيهِ أَن عمر كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِلَى الْمَنْكِبَيْنِ وَلم يزدْ. ذكر خبر عَاشر: عَن سوار بن مُصعب عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ وَابْن عمر " كَانَا يرفعان أَيْدِيهِمَا أول مَا يكبران ثمَّ لَا

خلاف ما روى على حجر قال لا ولكن ذهب إلى أن قال ذلك لو كان روياه وفعلاه قلت وروى إبراهيم هذا عن علي وعبد الله نصا قال لا قلت فخفى عن إبراهيم شيء رواه علي وعبد الله أو فعلاه قال ما أشك في ذلك قلت فتدري لعلهما قد فعلاه فخفي

يفردان " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا خبر لَا يسْتَحل الِاحْتِجَاج بِهِ من يرجع إِلَى أدنى معرفَة بِالرِّجَالِ، فَإِن عَطِيَّة بن سعد الْعَوْفِيّ ذَاهِب بسره، وَأما سوارة بن مُصعب فَإِنَّهُ أَسْوَأ حَالا مِنْهُ. ذكر الْخَبَر الْحَادِي عشر: عَن الرّبيع أخبرنَا الشَّافِعِي فِي مناظرته مَعَ مخالفه فِي رفع الْيَدَيْنِ. قَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: لم يذكر حَدِيث وَائِل بن حجر وَقَالَ: أرى وَائِل بن حجر أعلم من عَليّ وَعبد الله رَضِي الله عَنْهُم؟ قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: وروى إِبْرَاهِيم من عَليّ وَعبد الله أَنَّهُمَا رويا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خلاف مَا روى على حجر. قَالَ: لَا وَلَكِن ذهب إِلَى أَن قَالَ ذَلِك لَو كَانَ روياه وفعلاه؟ قلت: وروى إِبْرَاهِيم هَذَا عَن عَليّ وَعبد الله نصا؟ قَالَ: لَا قلت: فخفى عَن إِبْرَاهِيم شَيْء رَوَاهُ عَليّ وَعبد الله أَو فعلاه؟ قَالَ: مَا أَشك فِي ذَلِك قلت: فتدري لعلهما قد فعلاه فخفي عَنهُ وروياه فَلم يسمعهُ قَالَ: إِن ذَلِك ليمكن. قَالَ: أَفَرَأَيْت جَمِيع مَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيم

شيئا فقال عدد من أصحاب النبي

فَحل بِهِ وَحرم؟ أرواه عَن عَليّ وَعبد الله؟ قَالَ: لَا، قلت: فَلم احتججت بِأَنَّهُ ذكر عليا وَعبد الله وَقد يَأْخُذ هُوَ وَغَيره عَن غَيرهمَا مَا لم يَأْتِ عَن وَاحِد مِنْهُمَا، وَمن قَوْلنَا وقولك أَن وَائِل بن حجر إِذْ كَانَ ثِقَة لَو روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا فَقَالَ عدد من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن مَا روى، كَانَ الَّذِي قَالَ أولى أَن يُؤْخَذ بِهِ من الَّذِي قَالَ لم يكن. وأصل قَوْلنَا: أَن إِبْرَاهِيم لَو روى عَن عَليّ وَعبد الله لم يقبل مِنْهُ لِأَنَّهُ لم يلق وَاحِدًا مِنْهُمَا إِلَّا أَن يُسَمِّي من بَينه وَبَينهمَا وَيكون ثِقَة ثمَّ أردْت إبِْطَال مَا روى وَائِل عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَن لم يعلم إِبْرَاهِيم قَول عَليّ وَعبد الله قَالَ: فَقَالَ وَائِل أَعْرَابِي قلت: أَفَرَأَيْت قرثع الضَّبِّيّ وقزعه وَسَهْم بن منْجَاب حِين روى إِبْرَاهِيم عَنْهُم وروى عَن

شيئا قط أكثر منهم غير وائل ووائل أهل أن يقبل عنه ويروون عن إبراهيم أنه كان إذا ذكر عنده حديث وائل يقول لعله فعل ذلك مرة ثم تركه وفيما روينا عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل إبطال هذا القول قال البيهقي ومما يدل على ذلك وذكر خبرا عن

عبيد بن فَضِيلَة أهم أولى أَن يرْوى عَنْهُم أَو وَائِل وَهُوَ مَعْرُوف عنْدكُمْ من الصَّحَابَة وَلَيْسَ وَاحِد من هَؤُلَاءِ فِيمَا زعمت مَعْرُوفا عنْدكُمْ بِحَدِيث، وَلَا شَيْء؟ قَالَ: لَا بل وَائِل بن حجر قلت: وَكَيف تُرِيدُ حَدِيث رجل من الصَّحَابَة وتروي عَمَّن دونه، وَنحن إِنَّمَا قُلْنَا بِرَفْع الْيَدَيْنِ عَن عدد لَعَلَّه لم يرو عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا قطّ أَكثر مِنْهُم غير وَائِل، وَوَائِل أهل أَن يقبل عَنهُ، ويروون عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ إِذا ذكر عِنْده حَدِيث وَائِل يَقُول لَعَلَّه فعل ذَلِك مرّة ثمَّ تَركه وَفِيمَا روينَا عَن عَاصِم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن وَائِل إبِْطَال هَذَا القَوْل. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَمِمَّا يدل على ذَلِك وَذكر خَبرا عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي رفع الْيَدَيْنِ عِنْد الرُّكُوع وَالرَّفْع مِنْهُ وَقَالَ فِي آخِره فَمَا زَالَت تِلْكَ صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى لَقِي الله عز وَجل " وَرُبمَا تعلقوا بِخَبَر يَرْوُونَهُ عَن ابْن عمر على رَأْيهمْ وَذَلِكَ

مسألة

بَاطِل مَوْضُوع وَكَذَلِكَ أَيْضا بِخَبَر عَن عباد بن عبد الله بن الزبير وَذَلِكَ مُرْسل وَقد روى عَن أَبِيه ضِدّه وَالله أعلم. مَسْأَلَة (80) : وَمن رفع رَأسه من الرُّكُوع قَالَ: سمع الله لمن حَمده رَبنَا لَك الْحَمد إِمَامًا كَانَ أَو مَأْمُوما وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الإِمَام يَقُول سمع الله لمن حَمده وَالْمَأْمُوم رَبنَا وَلَك الْحَمد. دليلنا من طَرِيق الْخَبَر من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قَالَ سمع الله لمن

إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم ربنا ولك الحمد ثم يكبر حين يهوي ساجدا ثم يكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح قال وروي

حَمده قَالَ: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد " أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَعنهُ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة يكبر حِين يقوم ثمَّ يكبر حِين يرْكَع ثمَّ يَقُول سمع الله لمن حَمده حِين يرفع صلبه من الرَّكْعَة ثمَّ يَقُول وَهُوَ قَائِم رَبنَا وَلَك الْحَمد ثمَّ يكبر حِين يهوي سَاجِدا ثمَّ يكبر حِين يقوم من الثِّنْتَيْنِ بعد الْجُلُوس " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. قَالَ وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ مخرج فِي كتاب البُخَارِيّ وَرُوِيَ عَن ابْن أبي أوفى قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَالَ: " سمع الله لمن حَمده اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد ملْء السَّمَوَات وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَأخرجه أَيْضا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا رفع رَأسه من الرُّكُوع قَالَ: " رَبنَا لَك الْحَمد ملْء السَّمَوَات / وملء الأَرْض وملء مَا شِئْت من شَيْء بعد أهل الثَّنَاء وَالْمجد أَحَق مَا قَالَ العَبْد كلنا لَك عبد لَا نَازع لما أَعْطَيْت وَلَا معطي لما منعت وَلَا ينفع ذَا الْجد مِنْك الْجد "

قال إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح ولا حجة لهم فيه لأنه أمر بأن يقول اللهم ربنا لك الحمد ونحن نقوله فأما إذا قال معه

ودليلهم: حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قَالَ الإِمَام سمع الله لمن حَمده، فَقولُوا: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد فَإِنَّهُ من وَافق قَوْله قَول الْمَلَائِكَة غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَنَّهُ أَمر بِأَن يَقُول: اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد وَنحن نقُوله فَأَما إِذا قَالَ مَعَه غَيره فَلَيْسَ بمذكور فِي هَذَا الْخَبَر وَهُوَ مَذْكُور فِيمَا روينَا والمصير إِلَيْهِ أولى وعَلى أَن هَذَا إِن كَانَ دَلِيلا فِي الْمَأْمُوم فالأخبار الصَّحِيحَة كلهَا دَالَّة على أَن الإِمَام يجمع بَينهمَا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (81) : وجلسة الاسْتِرَاحَة بعد السَّجْدَة الثَّانِيَة من الرَّكْعَة الأولى وَالثَّالِثَة سنة، وَإِذا قَامَ اعْتمد بيدَيْهِ على الأَرْض وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجلس بل يصير من السُّجُود إِلَى الْقيام من غير اعْتِمَاد. وَدَلِيلنَا: حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا كَانَ فِي وتر من صلَاته لم ينْهض حَتَّى يَسْتَوِي قَاعِدا " أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح قَالَ: وَقد

يصلي قال أيوب فقلت لأبي قلابة كيف كانت يعني صلاته قال مثل صلاة شيخنا هذا يعني عمرو بن سلمة قال أيوب وكان ذلك الشيخ يتم التكبير وكان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض قال وأما الذي روى خالد بن إياس

روينَاهُ فِي حَدِيث أبي حميد، وروى البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة. قَالَ: كَانَ مَالك بن الْحُوَيْرِث يأتينا فِي مَسَاجِدنَا ليُصَلِّي بِنَا فَيَقُول: إِنِّي لأصلي بكم وَمَا أُرِيد الصَّلَاة لكني أُرِيد أَن أريكم كَيفَ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي؟ قَالَ أَيُّوب: فَقلت لأبي قلَابَة كَيفَ كَانَت يَعْنِي صلَاته؟ قَالَ: مثل صَلَاة شَيخنَا هَذَا - يَعْنِي: عَمْرو بن سَلمَة -. قَالَ أَيُّوب: وَكَانَ ذَلِك الشَّيْخ يتم التَّكْبِير، وَكَانَ إِذا رفع رَأسه من السَّجْدَة الثَّانِيَة جلس وَاعْتمد على الأَرْض قَالَ: وَأما الَّذِي روى خَالِد بن إِيَاس وَيُقَال: إِيَاس عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهض فِي الصَّلَاة على صُدُور قَدَمَيْهِ "

وقوله أولى من متابعة غيره وبالله التوفيق

فَإِنَّهُ حَدِيث ضَعِيف خَالِد مَتْرُوك وَصَالح غير مُحْتَج بِهِ وَرُوِيَ عَن الْأَعْمَش فِي ذَلِك بأسانيد لَهُ عَن ابْن مَسْعُود وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن الزبير وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ، فَأَما أثر ابْن مَسْعُود فَصَحِيح وَأما ابْن عمر فقد رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ فِي ذَلِك أَنَّهَا لَيست بِسنة الصَّلَاة وَإِنَّمَا أفعل ذَلِك من أجل أَنِّي أشتكي وَأما ابْن الزبير وَابْن عَبَّاس فراويه عَنْهُمَا عَطِيَّة الْعَوْفِيّ وعطية غير مُحْتَج بِهِ ومتابعة فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَوله أولى من مُتَابعَة غَيره (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق) . مَسْأَلَة (82) : وَيُشِير بالمسبحة فِي التَّشَهُّد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يكره ذَلِك، وَدَلِيلنَا حَدِيث ابْن عمر فِي صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا جلس فِي الصَّلَاة وضع كَفه الْيُمْنَى على فَخذه الْيُمْنَى وَقبض أَصَابِعه

كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه ورفع إصبعه التي تلي الإبهام فدعا بها ويده اليسرى على ركبته باسطها عليها وفي رواية عنه أيضا نحوه وقال وعقد ثلاثا وخمسين ثم يدعو وعنده أيضا عن عبد الله بن الزبير عن رسول الله

كلهَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تلِي الْإِبْهَام وَوَضعه كَفه الْيُسْرَى على فَخذه الْيُسْرَى " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَعِنْده أَيْضا عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ إِذا جلس فِي الصَّلَاة وضع يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ وَرفع إصبعه الَّتِي تلِي الْإِبْهَام فَدَعَا بهَا وَيَده الْيُسْرَى على ركبته باسطها عَلَيْهَا " وَفِي رِوَايَة عَنهُ أَيْضا نَحوه وَقَالَ وَعقد ثَلَاثًا وَخمسين. ثمَّ يَدْعُو وَعِنْده أَيْضا عَن عبد الله بن الزبير عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه كَانَ إِذا قعد فِي الصَّلَاة وضع يَدَيْهِ على رُكْبَتَيْهِ وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ " ثمَّ روى فِي ذَلِك عَن خفاف بن إِيمَاء بن رحضة وَعَن وَائِل بن حجر وَعَن ابْني عبَادَة عَن أَبِيهِمَا

أنه كان يشير في الصلاة رواه أنس وجابر وغيرهما عن النبي

وَعَن مَالك بن نمير الْخُزَاعِيّ عَن أَبِيه كُله مَرْفُوع وَعَن ابْن عَبَّاس: أَنه سُئِلَ عَنهُ فَقَالَ: هُوَ الْإِخْلَاص وروى ابْن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن عتبَة عَن أبي غطفان الْمُزنِيّ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " التَّسْبِيح للرِّجَال والتصفيق للنِّسَاء، وَمن أَشَارَ فِي صلَاته إِشَارَة تفهم عَنهُ فليعدها " قَالَ عَليّ بن عمر: قَالَ لنا ابْن أبي دَاوُد: ابْن غطفان هَذَا مَجْهُول، وَآخر الحَدِيث زِيَادَة فِي الحَدِيث وَلَعَلَّه من قَول ابْن إِسْحَق، وَالصَّحِيح عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يُشِير فِي الصَّلَاة رَوَاهُ أنس وَجَابِر وَغَيرهمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: عَليّ وَرَوَاهُ ابْن عمر وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم.

مسألة

مَسْأَلَة (83) : وَالْقعُود فِي التَّشَهُّد الْأَخير يكون بالتورك وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يقْعد فِي التَّشَهُّد الْأَخير قعوده فِي التَّشَهُّد الأول دليلنا: مَا عِنْد البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء أَنه كَانَ جَالِسا مَعَ نفر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرُوا / صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ أَبُو حميد السَّاعِدِيّ رَضِي الله عَنهُ: أَنا كنت أحفظكم لصَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأَيْته إِذا كبر جعل يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْه وَإِذا ركع أمكن يَدَيْهِ من رُكْبَتَيْهِ ثمَّ يقصر ظَهره. وَإِذا رفع رَأسه اسْتَوَى حَتَّى تعود كل فقار مَكَانَهُ فَإِذا سجد وضع يَده غير مفترش وَلَا قابضها واستقبل بأطراف أَصَابِع رجلَيْهِ الْقبْلَة فَإِذا جلس فِي الرَّكْعَتَيْنِ جلس على رجله الْيُسْرَى وَإِذا جلس فِي الرَّكْعَة الْأَخِيرَة وَجلسَ على مقعدته " قَالَ: وَالَّذِي روى أَن الزبير رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قعد فِي الصَّلَاة فَجعل قدمه الْيُسْرَى بَين فَخذه وَسَاقه وقوس قدمه الْيُمْنَى " مَحْمُول على قعوده فِي التَّشَهُّد الْأَخير وَفِي خبرنَا زِيَادَة بَيَان وحكاية سنة لم يحكها وَرَوَاهُ عبد الحميد بن

كما كتبناه قبل هذا وأما حديث عائشة رضي الله عنها في صلاة النبي

جَعْفَر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن عَطاء عَن أبي حميد فِي عشرَة من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا كتبناه قبل هَذَا. وَأما حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يفرش رجله الْيُسْرَى فَإِنَّهُ ورد فِي التَّشَهُّد الْأَخير، وَأما حَدِيث وَائِل بن حجر فِي صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ جلس فافترش رجله الْيُسْرَى فَإِنَّهُ ورد فِي التَّشَهُّد الأول بَيَان ذَلِك فِي خبر أبي حميد، وَعند البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن عبد الله بن عبد الله " أَنه كَانَ يرى عبد الله بن عمر يتربع فِي الصَّلَاة إِذا جلس ففعلته وَأَنا يَوْمئِذٍ حَدِيث السن فنهاني عبد الله بن عمر " وَقَالَ: إِنَّهَا سنة الصَّلَاة أَن تنصب رجلك الْيُمْنَى وَتثني الْيُسْرَى فَقلت: إِنَّك تفعل ذَلِك فَقَالَ: إِن رجْلي لَا تحملاني " وَهَذَا إِن كَانَ المُرَاد بقوله تثني رجلك الْيُسْرَى أَن تثنيها وتقعد عَلَيْهَا فَيكون واردا فِي التَّشَهُّد الأول وَإِن كَانَ المُرَاد أَن

مسألة

يثنيها ويجعلها فرشا لليمنى وَيَضَع على الأَرْض فَيكون واردا فِي التَّشَهُّد الْأَخير وَالَّذِي يدل على هَذَا الِاحْتِمَال الثَّانِي مَا روى مَالك عَن يحيى بن سعيد أَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد كَانَ إِذا جلس فِي التَّشَهُّد نصب رجله الْيُمْنَى، وثنى رجله الْيُسْرَى وَجلسَ على وركه الْيُسْرَى وَلم يجلس على قَدَمَيْهِ ثمَّ قَالَ: أَتَانِي عبد الله بن عبد الله بن عمر وحَدثني أَن أَبَاهُ كَانَ يفعل ذَلِك. مَسْأَلَة (84) : وَقِرَاءَة السُّورَة سنة فِي الْأُخْرَيَيْنِ فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيست بِسنة، فَوجه قَوْلنَا إِنَّهَا سنة حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: كُنَّا نحزر قيام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الظّهْر وَالْعصر فحزرنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الظّهْر قدر قِرَاءَة ألم تَنْزِيل السَّجْدَة وحزرنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ قدر النّصْف من ذَلِك، وحزرنا قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الْعَصْر على قدر قِيَامه فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ فِي الظّهْر وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ من الْعَصْر على النّصْف من ذَلِك. أخرجه

كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة ويسمعنا الآية أحيانا أخرجه

البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. أَو وَجه الدَّلِيل من هَذَا أَنه إِذا كَانَ قِيَامه فِي أولتي الظّهْر قدر قِرَاءَة ثَلَاثِينَ آيَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ قدر النّصْف من ذَلِك وفاتحة الْكتاب سبع آيَات فَلَا بُد وَأَن يكون قد قَرَأَ السُّورَة حَتَّى تكون خمس عشرَة آيَة. وَرُوِيَ عَن الصنَابحِي أَنه قد قدم الْمَدِينَة فِي خلَافَة أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ فصلى وَرَاء أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ الْمغرب فَقَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين بِأم الْقُرْآن وَسورَة من قصار الْمفصل، ثمَّ قَامَ فِي الرَّكْعَة الثَّالِثَة، فدنوت مِنْهُ، حَتَّى أَن ثِيَابِي تمس ثِيَابه فَسَمعته، قَرَأَ بِأم الْقُرْآن وَهَذِه الْآيَة {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب} وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه كَانَ إِذا صلى وَحده يقْرَأ فِي الْأَرْبَع من كل رَكْعَة بِأم الْقُرْآن وَسورَة من الْقُرْآن قَالَ وَكَانَ يقْرَأ أَحْيَانًا بالسورتين وَالثَّلَاث فِي الرَّكْعَة الْوَاحِدَة فِي صَلَاة الْفَرِيضَة "، وَوجه القَوْل الآخر حَدِيث أبي قَتَادَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الظّهْر وَالْعصر بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا " أخرجه

مسألة

البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. مَسْأَلَة (85) : وَالْقِرَاءَة خلف الإِمَام فرض وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يقْرَأ خلف الإِمَام، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب " اتّفق البُخَارِيّ على صِحَّته وَعند مُسلم أَيْضا عَن أبي السَّائِب أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى صَلَاة وَلم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَهِيَ خداج فَهِيَ خداج فَهِيَ خداج غير تَمام " فَقلت يَا أَبَا هُرَيْرَة إِنِّي أكون / أَحْيَانًا وَرَاء الإِمَام فغمز ذراعي وَقَالَ: يَا فَارسي اقْرَأ بهَا فِي نَفسك فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " قَالَ الله قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي نِصْفَيْنِ " وَذكر الحَدِيث

قال لا صلاة إلا بقراءة قال أبو هريرة فما أعلن رسول الله

وَعِنْده أَيْضا عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا صَلَاة إِلَّا بِقِرَاءَة " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: فَمَا أعلن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعلناه لكم وَمَا أخْفى أخفيناه. وروى أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمره أَن يخرج فَنَادَى فِي النَّاس " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب فَمَا زَاد " وَقَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث صَحِيح لَا غُبَار عَلَيْهِ، فَإِن جَعْفَر بن مَيْمُون الْعَبْدي من ثِقَات الْبَصرِيين، وَيحيى بن سعيد لَا يحدث إِلَّا عَن الثِّقَات وروى أَبُو نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نَقْرَأ فَاتِحَة الْكتاب وَمَا تيَسّر " رُوَاة هَذَا الحَدِيث عَن آخِرهم ثِقَات فقد احْتج مُسلم بِأبي نَضرة وَالْبَاقُونَ مجمع على عدالتهم وَعند أبي دَاوُد فِي كتاب السّنَن عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: " كُنَّا خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الْفجْر فقرا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَثقلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَة فَلَمَّا فرغ قَالَ: لَعَلَّكُمْ تقرأون خلف إمامكم قُلْنَا: نعم يَا رَسُول الله قَالَ لَا تَفعلُوا إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب فَإِنَّهُ لَا صَلَاة (لمن يقْرَأ بهَا) ".

بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة فالتبست عليه القراءة فلما انصرف أقبل علينا بوجهه فقال هل تقرأون إذا جهرت بالقراءة فقال بعضنا إنا لنصنع ذلك قال فلا وأنا أقول مالي أنازغ القرآن فلا تقرأوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن

وروى نَافِع بن مَحْمُود الرّبيع الْأنْصَارِيّ قَالَ: أَبْطَأَ عبَادَة عَن صَلَاة الصُّبْح، وَأقَام أَبُو نعيم الْمُؤَذّن الصَّلَاة وَكَانَ أَبُو نعيم أول من أذن فِي بَيت الْمُقَدّس فصلى بِالنَّاسِ أَبُو نعيم وَأَقْبل عبَادَة وَأَنا مَعَه حَتَّى صففنا خلف أبي نعيم وَأَبُو نعيم يجْهر بِالْقِرَاءَةِ فَجعل عبَادَة يقْرَأ بِأم الْقُرْآن فَلَمَّا انْصَرف قلت لعبادة: قد صنعت شَيْئا فَلَا أَدْرِي أسنة هِيَ أم سَهْو كَانَ مِنْك؟ قَالَ: وَمَا ذَاك قَالَ: سَمِعتك تقْرَأ بِأم الْقُرْآن وَأَبُو نعيم يجْهر قَالَ أجل صلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعض الصَّلَوَات الَّتِي يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فالتبست عَلَيْهِ الْقِرَاءَة فَلَمَّا انْصَرف: أقبل علينا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: " هَل تقرأون إِذا جهرت بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ بَعْضنَا إِنَّا لنصنع ذَلِك قَالَ: فَلَا وَأَنا أَقُول مَالِي أنازغ الْقُرْآن فَلَا تقرأوا بِشَيْء من الْقُرْآن إِذا جهرت إِلَّا بِأم الْقُرْآن " قَالَ عَليّ بن عمر: كلهم ثِقَات. وروى الْمثنى بن الصَّباح عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كنت مَعَ الإِمَام فاقرأ بِأم الْقُرْآن قبله وَإِذا سكت " الْمثنى غير مُحْتَج بِهِ، وروى ابْن لَهِيعَة قَالَ ابْن خُزَيْمَة: وَلَيْسَ من شرطنا عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن

إذا أنصت فإذا قرأ لم يقرأ فإذا أنصت قرأ وكان رسول الله

جده مَرْفُوعا بقريب من مَعْنَاهُ وَزِيَادَة قَالَ الْبَيْهَقِيّ وَيشْهد لروايتهما بِالصِّحَّةِ رِوَايَة عبد الحميد بن جَعْفَر عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده " أَنه كَانَ يقْرَأ خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أنصت فَإِذا قَرَأَ لم يقْرَأ فَإِذا أنصت قَرَأَ وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: كل صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فَهِيَ خداج " كَذَا فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن أبي صَفْوَان عَن أبي بكر الْحَنَفِيّ عَنهُ وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بشار بنْدَار عَن أبي بكر الْحَنَفِيّ عَنهُ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَمْرو قَالَ: " كَانَ يقْرَأ خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أنصت وَإِذا قَرَأَ لم يقرأوا خَلفه فَإِذا أنصت قرأوا ". وَبَاقِيه بِمَعْنَاهُ قَالَ وَقد صحت الرِّوَايَة عَن أَمِيري الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب وَعلي بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا يأمرانا بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام وَذكر عَن يزِيد بن شريك أَنه سَأَلَ

عمر رَضِي الله عَنهُ عَن الْقِرَاءَة خلف الإِمَام فَقَالَ: " اقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب، قلت: وَإِن كنت أَنْت؟ قَالَ: وَإِن كنت أَنا، قلت: وَإِن جهرت، قَالَ: وَإِن جهرت " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: رُوَاته كلهم ثِقَات وَصدق فَإِن البُخَارِيّ وَمُسلم قد احتجا بِجَمِيعِ رُوَاته. وروى أَبُو نَافِع وَابْنه عبد الله عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَأْمر أَن يقْرَأ خلف الإِمَام فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَة الْكتاب، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن مَسْعُود، وَعبد الله بن عمر، وَعمْرَان بن حُصَيْن، وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَأنس بن مَالك، وَجَابِر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، وَأبي الدَّرْدَاء وَغَيرهم، وَرُوِيَ عَن ابْن أبي الْهُذيْل قَالَ: سَأَلت أبي بن كَعْب: أقرا خلف الإِمَام؟ قَالَ: نعم. وَرُوِيَ عَنهُ أَنه كَانَ يقْرَأ خلف الإِمَام فِي الظّهْر وَالْعصر، قَالَ: وَلأَهل الْكُوفَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَخْبَار واهية رويت بأسانيد غير مُسْتَقِيمَة وَذكرهَا وَبَين عللها وأوفاها أحسن بَيَان وأشفاه رَحمَه الله وَرَضي عَنهُ فَمِنْهَا حَدِيث جَابر بن عبد الله الْأنْصَارِيّ مَرْفُوعا بِأَلْفَاظ وأسانيد ذكرهَا وَبَين وهنها فِي الرّفْع وَأَن

مَالك / ابْن أنس أخرجه فِي الْمُوَطَّأ عَن جَابر مَوْقُوفا من قَوْله وَذكر عَن إِسْمَاعِيل ابْن بنت السّديّ قلت لمَالِك رَحمَه الله فِي هَذَا الحَدِيث مَرْفُوع فَقَالَ: " خُذُوا بِرجلِهِ " والْحَدِيث عَن جَابر من قَوْله " من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فَلم يصل إِلَّا وَرَاء الإِمَام " قَالَ أَحْمد بن عدي لم يرفعهُ عَن مَالك غير ابْن سَلام وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ مَوْقُوف. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: وَيحيى بن سَلام كثير الْوَهم وَقد رُوِيَ عَن إِسْمَاعِيل بن مُوسَى السّديّ عَن مَالك مَرْفُوعا قَالَ أَبُو عبد الله: وهم الرَّاوِي عَن إِسْمَاعِيل السّديّ فِي رَفعه بِلَا شكّ فِيهِ فقد خَالفه الثبت عَن إِسْمَاعِيل وَأَوْقفهُ.

وَرُوِيَ عَن السّري بن خُزَيْمَة عَنهُ مَوْقُوفا عَن جَابر قَالَ: " كل صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَهِيَ خداج إِلَّا وَرَاء الإِمَام "، قَالَ السّري بن خُزَيْمَة: لَا أجعَل فِي حل من روى عني هَذَا الْخَبَر مَرْفُوعا فَمن ذكره عني مُسْندًا فقد كذب. وَرُوِيَ من وَجه ثَان عَن جَابر وَلَيْث بن أبي سليم عَن أبي الزبير عَن جَابر مَرْفُوعا قَالَ: " من كَانَ لَهُ إِمَام فقراءة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: لَيْث وَجَابِر بن يزِيد الْجعْفِيّ مِمَّن لَا تقوم الْحجَّة بِرِوَايَة وَاحِد مِنْهُمَا، خُصُوصا إِذا خالفا الثِّقَات وتفردا بِمثل هَذَا الْخَبَر الْمُنكر عَن مثل أبي الزبير مُحَمَّد بن مُسلم الْمَكِّيّ فِي استشهاده وَكَثْرَة أَصْحَابه. وَرُوِيَ من وَجه ثَالِث: عَن سهل بن الْعَبَّاس التِّرْمِذِيّ: عَن ابْن عَلَيْهِ عَن أَيُّوب عَن أبي الزبير عَن جَابر مَرْفُوعا " من صلى خلف

الإِمَام فَإِن قِرَاءَة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هَذَا مُنكر وَسَهل بن الْعَبَّاس مَتْرُوك. وَرُوِيَ من وَجه رَابِع: عَن مُحَمَّد بن أَشْرَس وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث. وَرُوِيَ من وَجه خَامِس: عَن أبي حنيفَة عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن عبد الله بن شَدَّاد عَن جَابر بن عبد الله مَرْفُوعا " من كَانَ لَهُ إِمَام فَإِن قِرَاءَة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة " قَالَ أَبُو عبد الله فِي إِسْنَاد هَذَا الْخَبَر وهم من الروَاة عَن أبي حنيفَة فَإِن هَذَا خبر مُرْسل عَن ابْن

دون ذكر جابر في الإسناد وهما قصتان عند أبي حنيفة عن ابن أبي عائشة عن ابن شداد عن النبي

أبي عَائِشَة عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَاد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دون ذكر جَابر فِي الْإِسْنَاد، وهما قصتان عِنْد أبي حنيفَة عَن ابْن أبي عَائِشَة عَن ابْن شَدَّاد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا والقصة الْأُخْرَى عَن ابْن أبي عَائِشَة عَن ابْن شَدَّاد عَن جَابر انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من صَلَاة الظّهْر فَقَالَ: من قَرَأَ " سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى " الحَدِيث. قَالَ وَالدَّلِيل على مَا ذكرته أَن أَبَا عبد الرَّحْمَن عبد الله بن الْمُبَارك أحفظ الروَاة عَن أبي حنيفَة وَقد رُوِيَ هَذَا الْخَبَر فِي كتاب الصَّلَاة عَن أبي حنيفَة فَأرْسلهُ، وَقد تَابعه زفر بن الْهُذيْل على رِوَايَة هَذَا الْخَبَر عَن أبي حنيفَة مُرْسلا مَعَ استغنائه عَن مُتَابَعَته فَإِن قيل الْحسن بن عمَارَة قد تَابع أَبَا حنيفَة فِيمَا رُوِيَ عَنهُ من اتِّصَال هَذَا الْخَبَر، قُلْنَا مُتَابعَة الْحسن بن عمَارَة لَا تعنى بل تزيد الحَدِيث، وَهنا فقد قَالَ سعيد بن الْحجَّاج: مَا أُبَالِي حدثت عَن الْحسن بن عمَارَة بِحَدِيث أَو زَنَيْت فِي الْإِسْلَام زنية وَرُوِيَ عَن اللَّيْث بن سعد عَن طَلْحَة عَن مُوسَى عَن ابْن شَدَّاد عَن أبي الْوَلِيد عَن جَابر

مُتَّصِلا، قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذِه الرِّوَايَة لَا تسوى سماعهَا وَلَا الْكَلَام عَلَيْهَا فَإنَّا لَا نعلم من الروَاة من اسْمه طَلْحَة يروي عَن اللَّيْث ويروي عَن مُوسَى وَابْن شَدَّاد وكنيته أَبُو الْوَلِيد وَقد أفحش فِي الْخَطَأ من قَالَ عَن ابْن شَدَّاد عَن أبي الْوَلِيد قَالَ أَبُو عَليّ الْحَافِظ هُوَ خطأ إِنَّمَا هُوَ عَن اللَّيْث بن سعد عَن يَعْقُوب أبي يُوسُف عَن أبي حنيفَة، رَوَاهُ شيخ مَجْهُول عَن الثَّوْريّ عَن مُوسَى مُتَّصِلا فَقَالَ لَهُ عبد الْعَزِيز بن خَالِد الْمَكِّيّ قَالَ أَبُو عبد الله وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث كَافَّة أَصْحَاب الثَّوْريّ من الثِّقَات وَالْأَئِمَّة عَن الثَّوْريّ فَأَرْسلُوهُ عَن آخِرهم وروى هَذَا الحَدِيث مَنْظُور بن الْمُعْتَمِر وَسعد بن الْحجَّاج وزائدة بن قدامَة وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَإِسْرَائِيل بن يُونُس، وَقيس بن الرّبيع، وَشريك بن عبد الله النَّخعِيّ وَأَبُو إِسْحَق الْفَزارِيّ وَجَرِير بن عبد الحميد وَغَيرهم عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة

فلما قضى صلاته قال تقرأون والإمام يقرأ قالوا إننا لنفعل قال فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم في نفسه أم الكتاب قال الحاكم أبو عبد الله هكذا وجدته في كتابي عن

فَأَرْسلُوهُ كَمَا أرْسلهُ الثَّوْريّ. وَالدَّلِيل على مَا ذكرنَا من وَهن هَذَا الْخَبَر مَا أخبرنَا الْحَاكِم أَبُو عبد الله وَذكر إِسْنَاده عَن جَابر قَالَ: " كُنَّا نَقْرَأ فِي الظّهْر وَالْعصر خلف الإِمَام فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَة الْكتاب " قَالَ أَبُو عبد الله حَدِيث صَحِيح لست أعرف لَهُ عِلّة بِوَجْه وَهُوَ حَدِيث مُسْند فَإِن الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ كُنَّا نَفْعل كَذَا وأمرنا بِكَذَا ونهينا عَن كَذَا وَكُنَّا نتحدث فَإِنِّي لَا أعلم بَين أهل النَّقْل خلافًا فِيهِ أَنه مُسْند فقد بَطل بِهَذَا جَمِيع هَذِه الرِّوَايَات عَن جَابر وَرجع الحَدِيث إِلَى الْمُرْسل الَّذِي ذكرنَا وَذَلِكَ الْمُرْسل يُعَارضهُ مثله (وَالله أعلم) / أخبرنَا أَبُو عبد الله أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَق الْفَقِيه، وَذكر إِسْنَاده عَن أبي قلَابَة عَن ابْن أبي عَائِشَة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هُوَ مُحَمَّد عَمَّن شهد ذَلِك قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا قضى صلَاته قَالَ " تقرأون وَالْإِمَام يقْرَأ؟ قَالُوا: إننا لنفعل قَالَ: " فَلَا تَفعلُوا إِلَّا أَن يقْرَأ أحدكُم فِي نَفسه أم الْكتاب "، قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَكَذَا وجدته فِي كتابي عَن

الشَّيْخ أبي بكر وَلَيْسَ فِي إِسْنَاده إِلَّا ثِقَة وَثَبت. وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة لهَذَا الْخَبَر الواهي عَن ابْن عمر عَن عُثْمَان بن سعد الْقرشِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا " من صلى وَرَاء إِمَام فَإِن قِرَاءَة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة " قَالَ أَبُو عبد الله: عُثْمَان بن عبد الله الَّذِي زعم أَنه قرشي هَذَا كَذَّاب وقح ظَاهر الْكَذِب، وَرُوِيَ عَن خَارِجَة بن مُصعب عَن أَيُّوب بن نَافِع عَن ابْن عمر مَرْفُوعا " من كَانَ لَهُ إِمَام فقراءة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة ". قَالَ يحيى بن معَاذ: " خَارِجَة بن مُصعب لَيْسَ هُوَ بِشَيْء " وَمِمَّا يدل على ضعف سَنَد هَذَا الحَدِيث أَن مَالك بن أنس روى فِي الْمُوَطَّأ عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِيمَا يجْهر فِيهِ الإِمَام هَذَا الْخَبَر مَوْقُوفا، وَرَوَاهُ سُوَيْد بن سعيد أَبُو مُحَمَّد وَكَانَ البُخَارِيّ يضعف أمره جدا وروى الْمُنْكَدر سَمِعت أَبَا عبد الرَّحْمَن التَّمِيمِي يَقُول هُوَ ذَا أستخير الله أَن أضْرب على حَدِيث سُوَيْد كُله من أجل هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد فِي الْقِرَاءَة خلف الإِمَام. هَذَا رَوَاهُ

النَّاس عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَوْقُوف فَأتى بِهِ سُوَيْد مَرْفُوعا وَرَوَاهُ أَبُو عصمَة نوح بن أبي مَرْيَم الْجَامِع القَاضِي الْمروزِي عَن الْفضل بن عَطِيَّة قَالَ أَبُو عبد الله: هَذَا كذب بَاطِل، أَبُو عصمَة: كَذَّاب، وَرُوِيَ عَن أبي عمار الْمروزِي قيل لأبي عصمَة: من أَيْن لَك عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي فَضَائِل الْقُرْآن سُورَة سُورَة فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت النَّاس قد أَعرضُوا عَن الْقُرْآن وَاشْتَغلُوا بِفقه أبي حنيفَة وَمَغَازِي ابْن إِسْحَق فَوضعت هَذَا الحَدِيث حسنه وروى حَدِيثا عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " نهى أَن يقطع الْخبز بالسكين وَقَالَ: أكْرمُوا الْخبز فَإِن الله أكْرمه " حَدِيث مَوْضُوع وَله أَخَوَات كَثِيرَة وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن الْفضل بن عَطِيَّة عَن أَبِيه وَهُوَ مَتْرُوك لَا يحل

الِاحْتِجَاج بِهِ. قَالَ أَبُو عبد الله وَقد ذكر حَدِيثا وضعوه على أبي حنيفَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر فِي هَذَا الْبَاب مَرْفُوعا " نهى عَن الْقِرَاءَة خلف الإِمَام ". وَذكر إِسْنَاده ثمَّ قَالَ وَأَنا أتعجب من مُسلم يسْتَحل أَن يضع على إِمَامه مثل هَذَا الْكَذِب الصراح ولسنا نَعْرِف مُحَمَّد بن الْحسن الهمذاني وَلَا مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن وَلَا الْقَاسِم بن عبد الْوَاحِد وَلَا بكر بن حَمْزَة، وَأَبُو حنيفَة برِئ من هَذِه الرِّوَايَة الْمَوْضُوعَة، فَإِن رِوَايَته عَن نَافِع أَحَادِيث مَعْدُودَة لَا يخفى على أهل النَّقْل وَقد عيب نَقله الرِّوَايَة عَن نَافِع وَلَو كَانَ لمثل هَذَا الْخَبَر أصل عَن أَصْحَاب أبي حنيفَة مَتى كَانُوا يتعلقون بالمرسل الَّذِي رَوَوْهُ عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة وَرُوِيَ من وَجه آخر أَوْهَى من هَذَا عَن ابْن عمر مَرْفُوعا " سُئِلَ عَن الْقِرَاءَة خلف الإِمَام قَالَ: الإِمَام يقْرَأ " وَهَذَا بَاطِل بِهَذَا الْإِسْنَاد

ما يعارض جميع هذه الروايات ويدافعها وروي عنه أيضا من قوله وفعله رضي الله عنه والرواية الثالثة لهذا الحديث الواهي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي

وَالْحمل فِيهِ على أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عبد الله الماستيني مَعَ أَنه لَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ لم يقل " وَالْمَأْمُوم لَا يقْرَأ " وَقد روينَا عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا يُعَارض جَمِيع هَذِه الرِّوَايَات ويدافعها، وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا من قَوْله وَفعله رَضِي الله عَنهُ. وَالرِّوَايَة الثَّالِثَة لهَذَا الحَدِيث الواهي عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ " أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقرَأ خلف الإِمَام أَو أنصت؟ قَالَ: بلَى أنصت؟ قَالَ أَبُو عبد الله: هَذَا خبر فِي إِسْنَاده وَسَنَده وهم من أوجه مِنْهَا: أَن المحتج بِهِ قد أقرّ أَن صَوَابه من عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَوْقُوف ثمَّ نَظرنَا فَلم نجد لَهُ رَاوِيا غير الْحَارِث بن عبد الله الهمذاني وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ: كَانَ الْحَارِث من الْكَذَّابين ثمَّ نَظرنَا فَإِذا رَاوِي هَذَا الْخَبَر عَن الشّعبِيّ أَبُو سهل مُحَمَّد بن سَالم وشأنه عِنْد أَئِمَّة الْعلم قريب من شَأْن الْحَارِث ثمَّ نَظرنَا فَإِذا رَاوِي هَذَا الْخَبَر عَن مُحَمَّد بن سَالم: قيس بن الرّبيع وشأنه

فلما سلم قال أيكم قرأ خلفي فقال رجل أنا يا رسول الله فقال ما لي أنازع القرآن إذا صلى أحدكم خلف الإمام فلينصت فإن قراءته له قراءة وصلاته له صلاة قال أبو عبد الله هذا حديث لم يكتبه إلا عن هذا الشيخ بهذا الإسناد ولا سمعنا أحدا من

يقرب من شَأْن صَاحبه وَقد روينَا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ ضد هَذَا، وَأما الْمَوْقُوف الَّذِي رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّمَا رُوِيَ بأسانيد واهية لَا يَصح شَيْء من ذَلِك فقد صَحَّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ " أَنه كَانَ يَأْمر بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام " وَذكر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن أبي رَافع عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ " اقْرَأ فِي صَلَاة الظّهْر وَالْعصر خلف الإِمَام بِفَاتِحَة الْكتاب وَسورَة " رُوَاة هَذَا الحَدِيث كلهم عَن آخِرهم ثِقَات مُحْتَج بهم فِي الصَّحِيح. وَالرِّوَايَة الرَّابِعَة: لهَذَا الْخَبَر الواهي عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مُسْندًا وموقوفا أما الْمسند فَروِيَ عَنهُ / قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا سلم " قَالَ أَيّكُم قَرَأَ خَلْفي فَقَالَ رجل أَنا يَا رَسُول الله فَقَالَ: مَا لي أنازع الْقُرْآن إِذا صلى أحدكُم خلف الإِمَام فلينصت فَإِن قِرَاءَته لَهُ قِرَاءَة وَصلَاته لَهُ صَلَاة " قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث لم يَكْتُبهُ إِلَّا عَن هَذَا الشَّيْخ بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلَا سمعنَا أحدا من فُقَهَاء أهل الْكُوفَة ذكره فِي هَذَا الْبَاب، وَلَو ثَبت مثل هَذَا عَن الثَّوْريّ عَن مُغيرَة لَكَانَ لَا يخفى على أَئِمَّة الْكُوفَة، وَأحمد بن مُحَمَّد بن الْعجْلَاني هَذَا لَا نعرفه وَلم نسْمع بِذكرِهِ إِلَّا فِي هَذَا الْخَبَر

أنه قال اخلطتم على القرآن في الجهر بالقراءة خلفه فأما الموقوف فيما روي أنه استغنى في القراءة خلف الإمام قال أنصت للقرآن كما أمرت فإن في الصلاة شغلا وسيكفيك ذاك الإمام قال أبو عبد الله فقال هذا الفتوى من ابن مسعود رضي الله

وأنما الْخَبَر الْمَرْوِيّ عَن عبد الله بن مَسْعُود عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " اخلطتم على الْقُرْآن " فِي الْجَهْر بِالْقِرَاءَةِ خَلفه، فَأَما الْمَوْقُوف فِيمَا رُوِيَ أَنه: اسْتغنى فِي الْقِرَاءَة خلف الإِمَام قَالَ: أنصت لِلْقُرْآنِ كَمَا أمرت فَإِن فِي الصَّلَاة شغلا وسيكفيك ذَاك الإِمَام ". قَالَ أَبُو عبد الله: فَقَالَ هَذَا الْفَتْوَى من ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا هُوَ فِي الْجَهْر خلف الإِمَام وَيَأْمُر بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام لَا فِي ترك الْقِرَاءَة أصلا وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ كَانَ يقْرَأ خلف الإِمَام وَيَأْمُر بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام. وَالرِّوَايَة الْخَامِسَة: لهَذَا الْخَبَر الواهي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ الرّبيع بن بدر عَن أبي هَارُون الْعَبْدي عَن أبي سعيد مَرْفُوعا " من صلى خلف إِمَام فَإِن قِرَاءَة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة "

أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر بإسناد صحيح وروي عنه أنه أفتى بذلك عن أبي نضرة قال سألت أبا سعيد الخدري عن القراءة خلف الإمام فقال اقرأ بفاتحة الكتاب والرواية السادسة لهذا الخبر الواهي عن أبي هريرة رضي الله

قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا خبر فِي إِسْنَاده وَمَتنه نظر وَذَلِكَ أَن الرّبيع بن بدر لَيْسَ مِمَّن يجوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ سُئِلَ عَنهُ ابْن معِين: فَقَالَ كَانَ ضَعِيفا؟ قَالَ أَبُو عبد الله؟ فَإِن سلم هَذَا الْخَبَر من عليله ابْن بدر فَإِنِّي مَا أرَاهُ يسلم من أبي هَارُون الْعَبْدي. قَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول: أَبُو هَارُون الْعَبْدي مَتْرُوك الحَدِيث، قَالَ البُخَارِيّ عمَارَة بن جُوَيْن، أَبُو هَارُون الْعَبْدي كَذَّاب مفتري. سَمِعت سعيد بن عَامر يَقُول: مِسْكين أَبُو هَارُون الْعَبْدي وَالدَّلِيل على وَهن هَذَا الْخَبَر أَنا قد روينَا عَن أبي سعيد أَنه قَالَ " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نَقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَمَا تيَسّر " بِإِسْنَاد صَحِيح وَرُوِيَ عَنهُ أَنه أفتى بذلك عَن أبي نَضرة قَالَ: سَأَلت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ عَن الْقِرَاءَة خلف الإِمَام فَقَالَ: اقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب. وَالرِّوَايَة السَّادِسَة: لهَذَا الْخَبَر الواهي عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله

بخلاف هذا أكثر وأشهر من أن يمكن ذكرها في هذا الموضع وروى خالد بن عبد الله عن عبد الرحمن بن إسحق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله

عَنهُ رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " من كَانَ لَهُ إِمَام فقراءة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة " قَالَ أَبُو عبد الله: وَهَذَا حَدِيث مَوْضُوع على سهل، وَأَبُو يحيى التَّيْمِيّ مِمَّن لَا أَشك فِي ضعفه وَلَا أعلم خلافًا بَين أَئِمَّة أهل النَّقْل فِي ترك حَدِيثه وهب أَن هَذَا الْخَبَر يسلم من أبي يحيى التَّيْمِيّ، فَمن مُحَمَّد بن عباد الْمُزنِيّ من بَين خلق الله فينفرد بِمثل هَذَا الْخَبَر الْمُنكر عَن أبي يحيى التَّيْمِيّ. وَالرِّوَايَة الصَّحِيحَة الْوَاضِحَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخِلَاف هَذَا أَكثر وَأشهر من أَن يُمكن ذكرهَا فِي هَذَا الْموضع، وروى خَالِد بن عبد الله عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَق عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَهِيَ خداج إِلَّا صَلَاة خلف إِمَام " قَالَ الشَّيْخ أَبُو

فقال إني أكون أحيانا وراء الإمام فيقول اقرأ بها في نفسك يا فارسي ثم يكون عنده خلافه عن رسول الله

بكر بن إِسْحَق: هَذَا خبر فِيهِ نظر لَا يُثبتهُ أهل الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ قَالُوا أَخطَأ فِيهِ خَالِد وقلب متن الحَدِيث وَجعل قَوْله أَنى أكون أَحْيَانًا خلف الإِمَام فَقَالَ: " إِلَّا خلف الإِمَام سَهوا مِنْهُ " وَالدَّلِيل على خطأه وقلب متن الحَدِيث مَا أخبرنَا مُحَمَّد بن أَيُّوب أخبرنَا دَاوُد حَدثنَا شُعْبَة عَن الْعَلَاء عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ " كل صَلَاة لَا يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب فَهِيَ خداج فَقلت: فَإِن كَانَ خلف إِمَام فَقَالَ: اقْرَأ فِي نَفسك " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله رحم الله شَيخنَا أَبَا بكر فَلَقَد وفْق لانتزاع عِلّة هَذَا الْخَبَر وَذكر مَوضِع الْوَهم فِيهِ إِلَّا أَن الْوَهم عِنْدِي من عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَق فَإِنَّهُ بِهِ أليق وخَالِد ثَبت مَأْمُون ومحال أَن يعاود الرَّاوِي أَبَا هُرَيْرَة فِي رِوَايَته عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنِّي أكون أَحْيَانًا وَرَاء الإِمَام فَيَقُول اقْرَأ بهَا فِي نَفسك يَا فَارسي " ثمَّ يكون عِنْده خِلَافه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ابْن أبي شيبَة سَأَلت يحيى بن معِين: عَن عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَق فَقَالَ كَانَ ضَعِيفا وَهُوَ ابْن أُخْت النُّعْمَان بن سعد، وَقَالَ البُخَارِيّ:

قال إنما الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا فذكر الحديث وقال فيه وإذا قرأ فأنصتوا قال أبو عبد الله هذا الخبر وهم الراوي فيه لا خلاف أعرفه بين أهل النقل فيه والدليل الأول على وهنه أن أصحاب أبي هريرة الأنجم

عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَق بن الْحَارِث أَبُو شيبَة الوَاسِطِيّ عَن أَبِيه، قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: هُوَ مُنكر الحَدِيث وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عجلَان عَن زيد بن أسلم، وَمصْعَب بن شُرَحْبِيل عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا الإِمَام ليؤتم بِهِ فَلَا تختلفوا عَلَيْهِ فَإِذا كبر فكبروا فَذكر الحَدِيث. وَقَالَ فِيهِ " وَإِذا قَرَأَ فأنصتوا " قَالَ أَبُو عبد الله: هَذَا الْخَبَر وهم الرَّاوِي فِيهِ لَا خلاف أعرفهُ بَين أهل النَّقْل فِيهِ. وَالدَّلِيل الأول على وهنه: أَن أَصْحَاب أبي هُرَيْرَة الأنجم الزهر قد رووا هَذَا الْخَبَر عَنهُ فَلم يذكر وَاحِد مِنْهُم هَذِه اللَّفْظَة فَإِن قيل إِن زيد بن أسلم عنْدكُمْ ثِقَة مَأْمُون بِلَا خلاف وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة يُقَال إِن الزِّيَادَة مَقْبُولَة من الثِّقَة إِذا تفرد بهَا عَنهُ ثِقَة مثله وَهَذِه الزِّيَادَة إِنَّمَا تفرد بهَا عَن زيد بن أسلم، مُحَمَّد بن عجلَان وَإِنَّمَا أسقط حَدِيثه من الصَّحِيح لسوء حفظه فَإِن قيل أَن مُحَمَّد بن عجلَان وَإِن لم يخرج فِي الصَّحِيح يَعْنِي محتجا بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِمَّن يرْمى بِجرح أَو مِمَّن يتْرك حَدِيثه وَقد

روى عَنهُ مَالك بن أنس وأجمعت أئمتكم أَن مَالِكًا لم يرو إِلَّا عَن ثِقَة. يُقَال: إِن فِي رِوَايَة هَذَا الْخَبَر عَن مُحَمَّد بن عجلَان أَيْضا نظر فقد رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد عَن ابْن عجلَان: فَلم يذكر فِيهِ هَذِه اللَّفْظَة ثمَّ رُوِيَ بِإِسْنَاد عَن يحيى بن معِين فِي حَدِيث ابْن عجلَان، " إِذا قَرَأَ فأنصتوا " قَالَ لَيْسَ بِشَيْء قَالَ أَبُو عبد الله: فَإِن قيل أَن يحيى بن الْعَلَاء الرَّازِيّ ابْن الْعَلَاء يتفرد عَن الثِّقَات بِأَحَادِيث مَقْلُوبَة، وَقد خرجه وَكِيع بن الْجراح وَهُوَ الَّذِي يروي حَدِيث كَانَ " إِذا اكتحل جعل فِي كل عين ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَة بَينهمَا " فمتابعة من يكون هَذِه حَاله لَا تؤيد الحَدِيث بل تزيده وَهنا فَإِن من اسْتحلَّ رِوَايَة الْمُنكر والتفرد بِهِ أَحْرَى أَن يسْتَحل السّرقَة من غَيره وَرَوَاهُ عمر بن هَارُون وَهُوَ ضَعِيف عَن خَارِجَة بن مُصعب، وَلَيْسَ بالمقوي عَن زيد بن أسلم وَلَا يَصح، ثمَّ يحمل هَذَا على الْجَهْر بِالْقِرَاءَةِ وَالْكَلَام فِي الصَّلَاة وَذكر فِي تَفْسِير الْآيَة عَن أبي هُرَيْرَة وَقَتَادَة وَمُعَاوِيَة بن قُرَّة مَا يُؤَيّد قَوْله هَذَا وَرويت هَذِه اللَّفْظَة فِي حَدِيث عَن الثَّوْريّ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَن قَتَادَة عَن يُونُس بن جُبَير عَن حطَّان بن

عبد الله: قَالَ: " صلينَا مَعَ أبي مُوسَى الْعشَاء " فَذكره بِطُولِهِ وَفِيه " وَإِذا قَرَأَ فأنصتوا " وَهَكَذَا رَوَاهُ جرير عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، قَالَ أَبُو عبد الله: سَمِعت أَبَا عَليّ الْحَافِظ خَالف سُلَيْمَان التَّيْمِيّ أَصْحَاب أبي قَتَادَة كلهم فِي هَذَا الحَدِيث فِي موضِعين قَوْله (وَإِذا قَرَأَ فأنصتوا) وَصلى بِنَا أَبُو مُوسَى صَلَاة الْعَتَمَة وَهُوَ عِنْدِي وهم مِنْهُ وَالْمَحْفُوظ عَن قَتَادَة حَدِيث هِشَام الدستوَائي وَهَمَّام وَسَعِيد بن أبي عروبه وَمعمر بن رَاشد وَأَبُو عوَانَة، وَالْحجاج بن الْحجَّاج، قَالَ أَبُو عبد الله: أَن أَبَا الْمُعْتَمِر سُلَيْمَان التَّيْمِيّ رَحمَه الله أحد أَئِمَّة أهل الْبَصْرَة إتقانا وورعا وَهُوَ قريب من قَتَادَة فِي الْإِسْنَاد والمتن وَرِوَايَة الأقران بَعضهم عَن بعض يرْتَفع فِيهَا الْوَهم قَالَ فَإِن من الْعَادة أَن المستفيد الْمُبْتَدِئ بضبط الْخَبَر عَن الْعَالم بِخِلَاف مَا يضبطه من هُوَ مثله من أقرانه فِي المذاكرة، وَقد وجدنَا كَافَّة الثِّقَات الْمَشْهُورين من أَصْحَاب قَتَادَة بالرواية عَنهُ وملازمته وَحفظ حَدِيثه والتمييز بَين مَا دلّس فِيهِ وَمَا سمع من شُيُوخه قد خالفوا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ فِي ذكره هَذِه اللَّفْظَة مثل شُعْبَة بن الْحجَّاج وَحَمَّاد بن سَلمَة وَأبي هِلَال الرَّاسِبِي وَعمر بن إِبْرَاهِيم وَأَبَان بن يزِيد وَغَيرهم كَمَا ذكره أَبُو

عَليّ، فَإِن قيل قد تَابعه عمر بن عَامر وَابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة، وَذكر حَدِيثهمَا عَن قَتَادَة بِإِسْنَادِهِ عَن أبي مُوسَى مَرْفُوعا " إِذا كبر الإِمَام فكبروا وَإِذا قَرَأَ فأنصتوا " قُلْنَا رَوَاهُ سَالم بن نوح وَهُوَ وهم مِنْهُ فقد رَوَاهُ يزِيد بن زُرَيْع وَعَبده بن سُلَيْمَان وَابْن عَلَيْهِ ومروان بن مُعَاوِيَة وَأَبُو أُسَامَة وَغَيرهم من الْحفاظ عَن ابْن أبي عرُوبَة دون هَذِه الزِّيَادَة، قَالَ أَبُو عبد الله: سَمِعت أَبَا عَليّ الْحَافِظ يَقُول وَلنَا رِوَايَة سَالم بن نوح فَإِنَّهُ أَخطَأ على عمر بن عَامر كَمَا أَخطَأ على ابْن أبي عرُوبَة لِأَن حَدِيث سعيد رَوَاهُ يحيى بن سعيدة وَيزِيد بن زُرَيْع وَإِسْمَاعِيل بن عَلَيْهِ وَابْن أبي عدي وَغَيرهم فَإِذا جاؤوها فسالم بن نوح دونهم قَالَ عَليّ بن عمر: سَالم بن نوح لَيْسَ بِالْقَوِيّ ثمَّ قد رُوِيَ عَن سَالم بن نوح عَن ابْن عَامر بِطُولِهِ دون ذكر هَذِه الزِّيَادَة ثمَّ إِنَّه يستمع لَهُ وينصت وَيقْرَأ لنَفسِهِ بِدَلِيل مَا رُوِيَ عَن عبَادَة بن الصَّامِت

لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب خلف الإمام قال البيهقي هذا وجدته في كتابي ورواته ثقات وكذلك رواه محمد بن صالح بن هاني وأبو إسحق إبراهيم بن محمد بن يحيى وأبو الطيب محمد بن أحمد الذهلي قال أبو الطيب لمحمد بن سليمان خلف الإمام

قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب خلف الإِمَام " قَالَ الْبَيْهَقِيّ: / هَذَا وجدته فِي كتابي وَرُوَاته ثِقَات وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بن صَالح بن هاني وَأَبُو إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يحيى وَأَبُو الطّيب مُحَمَّد بن أَحْمد الذهلي قَالَ أَبُو الطّيب لمُحَمد بن سُلَيْمَان خلف الإِمَام، قَالَ خلف الإِمَام. وَالرِّوَايَة السَّابِعَة: لهَذَا الْخَبَر الواهي. مَا روى مُحَمَّد بن حميد حَدثنَا سَلمَة بن الْفضل عَن الْحجَّاج عَن قَتَادَة عَن زُرَارَة بن أوفى عَن عمرَان بن حُصَيْن مَرْفُوعا كَانَ ينْهَى عَن الْقِرَاءَة خلف الإِمَام قَالَ

صلى بأصحابه الظهر فقال أيكم قرأ سبح اسم ربك الأعلى فقال رجل أنا فقال رسول الله

أَبُو زرْعَة: وَمُحَمّد بن مُسلم ابْن واره صَحَّ عندنَا أَن مُحَمَّد بن حميد يكذب وَقَالَ ابْن معِين: مجَالد وَالْحجاج بن أَرْطَأَة لَا يحْتَج بحديثهما، قَالَ ابْن صاعدة النَّهْي عَن الْقِرَاءَة خلف الإِمَام تفرد بروايته حجاج عَن قَتَادَة وَقد رَوَاهُ شُعْبَة وَسَعِيد وَمعمر وَإِسْمَاعِيل بن مُسلم وحجاج بن حجاج وَأَيوب بن مِسْكين وَهَمَّام وَأَبَان وَسَعِيد بن بشير كلهم لم يذكرُوا مَا تفرد بِهِ الْحجَّاج بل قد قَالَ شُعْبَة سَأَلت قَتَادَة فَقلت كَأَنَّهُ كرهه، قَالَ لَو كرهه لنهى عَنهُ وَرُوِيَ عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة سمع زُرَارَة عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بِأَصْحَابِهِ الظّهْر فَقَالَ: " أَيّكُم قَرَأَ سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى " فَقَالَ رجل: أَنا فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد عرفت أَن رجلا خالجنيها " قَالَ شُعْبَة: قلت لعبادة كَأَنَّهُ كرهه فَقَالَ: لَو كرهه لنهى عَنهُ وَالدَّلِيل الْوَاضِح على وَهن هَذَا الْخَبَر، مَا رُوِيَ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: " لَا تجوز صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب وآيتين فَصَاعِدا " وَعنهُ قَالَ: لَا تزكوا صَلَاة مُسلم إِلَّا بِطهُور وركوع وَسُجُود وفاتحة الْكتاب وَرَاء الإِمَام وَغير الإِمَام ".

أن لا أقرأ خلف الإمام قال أبو عبد الله وهذا خبر من النوع الذي يقول أنه لا يسوى سماعه فلو صح مثله عن الثوري لما خفي ولما وقع الخلاف في صحته فنقول وبالله التوفيق أن عيسى بن جعفر قاضي الري ثقة ثبت لا يحتمل هذا الدنس فالراوي عنه لا يخلو

الثَّامِنَة: لهَذَا الْخَبَر الواهي مَا رُوِيَ بِإِسْنَاد واه عَن إِسْمَاعِيل بن الْفضل أبي عَليّ عَن عِيسَى بن جَعْفَر عَن الثَّوْريّ بِإِسْنَادِهِ عَن بِلَال قَالَ: " أَمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن لَا أَقرَأ خلف الإِمَام "، قَالَ أَبُو عبد الله: وَهَذَا خبر من النَّوْع الَّذِي يَقُول أَنه لَا يسوى سَمَاعه، فَلَو صَحَّ مثله عَن الثَّوْريّ لما خَفِي وَلما وَقع الْخلاف فِي صِحَّته فَنَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق أَن عِيسَى بن جَعْفَر قَاضِي الرّيّ ثِقَة ثَبت لَا يحْتَمل هَذَا الدنس فالراوي عَنهُ لَا يَخْلُو من وَجْهَيْن: إِمَّا أَن يكون صَدُوقًا دخل لَهُ حَدِيث فِي حَدِيث أَو كذابا وضع هَذَا الحَدِيث على عِيسَى بن جَعْفَر فَإِن عِيسَى شيخ قديم لم يُدْرِكهُ إِسْمَاعِيل بن الْفضل، وَإِسْمَاعِيل هُوَ أَخُو عبد الصَّمد بن الْفضل الْبَلْخِي وَهَذَا الْوَهم من الرجل الَّذِي أسقط ذكره وَمن الرَّاوِي عَن إِسْمَاعِيل إِن لم يكن عبد من عباد الله أَحسب فِي وَصفه نَعُوذ بِاللَّه من الْجَهْل فَإِن لم يكن الرَّاوِي صَدُوقًا فَإِنَّهُ أَرَادَ بِإِسْنَادِهِ عَن بِلَال عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمسْح على الْخُفَّيْنِ وَإِن كَانَ غير ذَلِك فَإِنَّهُ مَوْضُوع لَا يحمل ذكره وَلَا يسوى الْكَلَام عَلَيْهِ. وَالرِّوَايَة التَّاسِعَة: لهَذَا الْخَبَر حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ. رَوَاهُ يُوسُف بن عدي عَن عبيد الله بن عَمْرو الرقي عَن أَيُّوب عَن

أبي قلَابَة عَنهُ مَرْفُوعا " أتقرأون وَالْإِمَام يقْرَأ؟ فَسَكَتُوا فَسَأَلَهُمْ ثَلَاثًا فَقَالُوا: إِنَّا لنفعل: قَالَ: فَلَا تَفعلُوا " وَرَوَاهُ الْحسن بن زُرَيْق عَن رَجَاء بن أبي رَجَاء عَن أبي تَوْبَة عَن عبيد الله بن عَمْرو، وَقَالَ فِيهِ " من كَانَ لَهُ إِمَام فقراءة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة ". وَرَوَاهُ عبد الله بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب عَن الْحسن بن سهل الْبَصْرِيّ عَن فطر بن صَالح عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة، عَن أنس مَرْفُوعا

أَيْضا، أما حَدِيث يُوسُف بن عدي فَإِنَّهُ قصر بِهِ وَأسْقط لَفظه من الْخَبَر، وَقد ذكرهَا غَيره وَذكر عَن إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الْجوزجَاني عَن عبد الله بن جَعْفَر الرقي بِإِسْنَادِهِ الأول وَذكر مَعْنَاهُ وَزَاد فَلَا تَفعلُوا عَن عبيد الله، وليقرأ أحدكُم بِفَاتِحَة الْكتاب فِي نَفسه. وَأما حَدِيث ابْن زُرَيْق، قَالَ أَبُو عبد الله: الْحُسَيْن بن زُرَيْق ورجاء بن أبي رَجَاء لَا نعرفهما بعدالة وَلَا جرح، وَقد خالفا كل من روى هَذَا الْخَبَر وروياه على ضد مَا روى الثِّقَات عَن أَيُّوب فَوَجَبَ بذلك إِسْقَاط خبرهما لِأَنَّهُ مُنكر شَاذ فَخَالف الرِّوَايَة الْأَثْبَات وَهَذَا الْخَبَر مُرْسل فِي الأَصْل عِنْد أبي قلَابَة، وَاخْتلف النَّاس عَلَيْهِ فَرَوَاهُ عبيد الله بن عَمْرو الرقي عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس كَمَا تقدم وَرَوَاهُ حَمَّاد بن زِيَاد وَعبد الْوَارِث بن سعيد وَحَمَّاد بن سَلمَة، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وَإِسْمَاعِيل بن عَلَيْهِ عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة مُرْسلا. وَأما حَدِيث

عبد الله بن مُحَمَّد بن يَعْقُوب فَإِنَّهُ كَذَّاب لَا يحْتَج بِهِ وَأما الْحسن بن سُهَيْل، وقطن بن صَالح: فَإِنِّي رَأَيْت الْحَاكِم لَا يقف على أَمرهمَا وَقد روينَا عَن أنس أَنه / " كَانَ يَأْمر بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام " وَذكر إِسْنَاده فِيهِ. وَالرِّوَايَة الْعَاشِرَة لهَذَا الْخَبَر الواهي عَن عبد الله بن عَبَّاس مَرْفُوعا " يَكْفِيك قِرَاءَة الإِمَام خَافت أَو جهر " وَفِي رِوَايَة " خَافت أَو قَرَأَ " قَالَ أَبُو مُوسَى الْأنْصَارِيّ قلت لِأَحْمَد بن حَنْبَل رَحمَه الله فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس هَذَا فِي الْقِرَاءَة فَقَالَ هَذَا مُنكر وَرَوَاهُ عَاصِم بن عبد الْعَزِيز، قَالَ عَليّ بن عمر: لَيْسَ بِالْقَوِيّ قَالَ أَبُو عبد الله: عَاصِم بن عبد الْعَزِيز بن عَاصِم أَبُو عبد الْعَزِيز الْأَشْجَعِيّ الْغَالِب على حَدِيثه الْوَهم وَالْخَطَأ، وَرَوَاهُ عَليّ بن كيسَان شيخ مَجْهُول وَلَا يحْتَج بِحَدِيث المجهولين وَقد روينَا عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: " اقْرَأ خلف

أفي الصلاة قراءة قال نعم فقال رجل وجبت وكنت أدنى القوم إليه فقال وذكر رسول الله

الإِمَام بِفَاتِحَة الْكتاب " وَهُوَ إِسْنَاد صَحِيح. وَالرِّوَايَة الْحَادِيَة عشر: لهَذَا الْخَبَر عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ رَوَاهُ، الْعَبَّاس بن مُحَمَّد الدوري، عَن زيد بن الْحباب عَن مُعَاوِيَة بن صَالح، عَن أبي الزَّاهِرِيَّة عَن كثير عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَفِي الصَّلَاة قِرَاءَة؟ قَالَ: نعم فَقَالَ رجل وَجَبت وَكنت أدنى الْقَوْم إِلَيْهِ فَقَالَ: وَذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أرى الرجل إِذا أم الْقَوْم إِلَّا قد كفاهم " قَالَ أَبُو عبد الله: فِي متن هَذَا الْخَبَر وهم من الرَّاوِي فِي قَوْله: " مَا أرى الإِمَام " فَإِنَّهُ من قَول أبي الدَّرْدَاء وَزيد بن الْحباب حدث بِهَذَا الحَدِيث مرَّتَيْنِ حفظ مرّة هَذِه اللَّفْظَة عَن أبي الدَّرْدَاء، وَوهم فِي رَفعه مرّة هَكَذَا. رَوَاهُ الْفضل بن أبي حسان وَمُحَمّد بن أشكاب عَن زيد من قَول أبي الدَّرْدَاء وَكَذَلِكَ رَوَاهُ

عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الإِمَام عَن مُحَمَّد بن صَالح وَذكر إِسْنَاده فَذكره بِمَعْنَاهُ وَقَالَ فِيهِ، فَقَالَ رجل: وَجَبت، وَجَبت، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء " مَا أرى الإِمَام إِذا أم الْقَوْم إِلَّا قد كفاهم " قَالَ يحيى بن معِين: عبد الرَّحْمَن بن مهْدي أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي الحَدِيث، وَقد تَابعه على ذَلِك عَن مُعَاوِيَة عبد الله بن وهب قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: وَقد رُوِيَ من وَجه آخر وَذكر إِسْنَاده عَن مُعَاوِيَة بن يحيى الصَّدَفِي بِمَعْنى الأول مَرْفُوعا ثمَّ قَالَ: مُعَاوِيَة بن يحيى لَا يحْتَج بِهِ وَقد روينَا عَن أبي الدَّرْدَاء مَا يُخَالِفهُ قَالَ " لَو أدْركْت الإِمَام وَهُوَ رَاكِع لأحببت أَن أَقرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب ". وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة عشرَة لهَذَا الْخَبَر الواهي: رَوَاهُ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَق الأندلسي قَالَ: هُوَ الْعُكَّاشِي عَن مَالك بن أنس عَن

الإمام ضامن فما يصنع فاصنعوا قال أبو حاتم هذا صحيح لمن قال بالقراءة خلف الإمام وروي عن نفر من أصحاب رسول الله

يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن النواس بن سمْعَان. وَذكر حَدِيثا مَرْفُوعا وَفِيه قَالَ " فَلَا تفعل من كَانَ لَهُ إِمَام فقراءة الإِمَام لَهُ قِرَاءَة " قَالَ: وَمُحَمّد بن إِسْحَق هَذَا كَذَّاب يضع الحَدِيث على الْأَوْزَاعِيّ وَغَيره من الْأَئِمَّة لَا يحل ذكره إِلَّا على سَبِيل الْقدح فِيهِ وَرُوِيَ عَن أبي حَاتِم الرَّازِيّ إِسْنَاده عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الإِمَام ضَامِن فَمَا يصنع فَاصْنَعُوا " قَالَ أَبُو حَاتِم هَذَا صَحِيح لمن قَالَ بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام وَرُوِيَ عَن نفر من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُم خَوات بن جُبَير " لَا صَلَاة إِلَّا بِقِرَاءَة وَلَو بِأم الْقُرْآن " وَعَن أبي هُرَيْرَة وَعَائِشَة " أَنَّهُمَا كَانَا يأمران بِالْقِرَاءَةِ خلف الإِمَام فِي الظّهْر وَالْعصر فِي الْأَوليين بِفَاتِحَة الْكتاب وَشَيْء من الْقُرْآن ". وَكَانَت عَائِشَة تَقول " يقْرَأ فِي

في الصلاة وأن رسول الله

الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَة الْكتاب " وَرويت الْقِرَاءَة خلف الإِمَام عَن هِشَام بن عَامر وَعَن عبد الله بن مُغفل وَأما حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن ابْن أكيمَة اللَّيْثِيّ عَن أبي هُرَيْرَة وَذكر قرائتهم مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " إِنِّي أَقُول مَا لي أنازع الْقُرْآن "، قَالَ: فَانْتهى النَّاس عَن الْقِرَاءَة مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا جهر فِيهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْقِرَاءَةِ من الصَّلَوَات حِين سمعُوا ذَلِك من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَإِلَى هَذَا ذهب الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْقَدِيم ثمَّ رَجَعَ عَنهُ فِي الْجَدِيد فَأوجب الْقِرَاءَة خلف الإِمَام فِيمَا جهر فِيهِ الإِمَام وَأسر. وَابْن أكيمَة مَجْهُول وَقَوله فَانْتهى النَّاس عَن الْقِرَاءَة فِيمَا جهر فِيهِ قَالَ: الزُّهْرِيّ رَوَاهُ الْأَوْزَاعِيّ فميزه من قَول أبي هُرَيْرَة وَجعله من قَول الزُّهْرِيّ وَالَّذِي يدل على صِحَة

من القراءة وما أمر به منها فقال لا تفعلوا يعني الجهر وما زاد على الفاتحة وليقرأ بفاتحة الكتاب لأنه لا صلاة إلا بها قال وقد مضى حديثه وشواهده وذكرنا سائر شواهده في كتاب القراءة خلف الإمام وبالله التوفيق

ذَلِك أَنا قد روينَا عَن أبي هُرَيْرَة أَنه كَانَ يَأْمر بِالْقِرَاءَةِ خلف / الإِمَام فِيمَا جهر وَأسر وروينا عَن عبَادَة بن الصَّامِت فِي مثل الْقِصَّة الَّتِي رَوَاهَا ابْن أكيمَة بَيَان مَا نهى عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْقِرَاءَة وَمَا أَمر بِهِ مِنْهَا فَقَالَ " لَا تَفعلُوا " يَعْنِي الْجَهْر وَمَا زَاد على الْفَاتِحَة؟ وليقرأ بِفَاتِحَة الْكتاب لِأَنَّهُ لَا صَلَاة إِلَّا بهَا " قَالَ وَقد مضى حَدِيثه وشواهده وَذكرنَا سَائِر شواهده فِي كتاب الْقِرَاءَة خلف الإِمَام وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. مَسْأَلَة (86) : ويقنت فِي صَلَاة الصُّبْح بعد الرُّكُوع من الرَّكْعَة الثَّانِيَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يكره الْقُنُوت فِيهَا، عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لما رفع رَأسه من الرَّكْعَة الثَّانِيَة من الصُّبْح قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْج الْوَلِيد بن

وكان أبو هريرة يقنت في الركعة الثانية من صلاة الصبح بعدما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار وعند البخاري ومسلم عن محمد عن أنس أنه سئل هل قنت النبي

الْوَلِيد " الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وَرُوِيَ عَن أبي سَلمَة عَنهُ أَنه قَالَ " وَالله لأَنا أقربكم بِصَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَة " يقنت فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة من صَلَاة الصُّبْح بَعْدَمَا يَقُول سمع الله لمن حَمده فيدعو للْمُؤْمِنين ويلعن الْكفَّار " وَعند البُخَارِيّ وَمُسلم عَن مُحَمَّد عَن أنس " أَنه سُئِلَ هَل قنت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الصُّبْح؟ فَقَالَ: نعم، فَقيل لَهُ قبل الرُّكُوع أَو بعد الرُّكُوع، قَالَ: بعد الرُّكُوع " وَعند مُسلم عَن الْبَراء أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يقنت فِي الصُّبْح وَالْمغْرب " وَعِنْده عَن خفاف بن إِيمَاء بن رحضه الْغِفَارِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الصُّبْح " اللَّهُمَّ الْعَن بني لحيان " الحَدِيث وَرُوِيَ عَن الرّبيع بن أنس عَن أنس قَالَ: " مَا زَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقنت فِي صَلَاة الصُّبْح حَتَّى فَارق الدُّنْيَا ". قَالَ أَبُو

قنت في صلاة الصبح وروينا ذلك عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي وأبي هريرة والبراء رضي الله عنهم وذكر بعض أسانيد ذلك ثم قال ودليلهم في المسألة حديث أبي عاصم الأحول قال سألت أنسا عن القنوت قبل الركوع قال إنما قنت رسول

عبد الله الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح فَإِن رُوَاته كلهم ثِقَات، وَقَالَ أَبُو حَاتِم وَأَبُو زرعه، عَن الرّبيع صَدُوق ثِقَة وَرُوِيَ عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَابْن مَسْعُود وَجَابِر بن عبد الله وعمار وَحُذَيْفَة بن أسيد الْغِفَارِيّ وَعَائِشَة بنت الصّديق رَضِي الله عَنْهُم " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قنت فِي صَلَاة الصُّبْح "، وروينا ذَلِك عَن أبي بكر الصّديق وَعمر بن الْخطاب وَعُثْمَان وَعلي وَأبي هُرَيْرَة والبراء رَضِي الله عَنْهُم وَذكر بعض أَسَانِيد ذَلِك ثمَّ قَالَ ودليلهم فِي الْمَسْأَلَة حَدِيث أبي عَاصِم الْأَحول قَالَ: " سَأَلت أنسا عَن الْقُنُوت قبل الرُّكُوع قَالَ: إِنَّمَا قنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهرا يَدْعُو على أنَاس قتلوا أُنَاسًا من أَصْحَابه يُقَال لَهُم الْقُرَّاء " رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح وَرَوَاهُ قَتَادَة عَن أنس أَن

قنت شهرا يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه قلنا هذا حديث لا شك بصحته إلا أنه

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قنت شهرا يَدْعُو على أَحيَاء من أَحيَاء الْعَرَب ثمَّ تَركه ". قُلْنَا هَذَا حَدِيث لَا شكّ بِصِحَّتِهِ إِلَّا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ترك الدُّعَاء عَلَيْهِم واللعن وَلم يتْرك الْقُنُوت أصلا أَو تَركه فِي سَائِر الصَّلَوَات دون صَلَاة الصُّبْح بِدَلِيل مَا روينَا عَن أنس فِي أخباره عَن دوَام فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِك إِلَى أَن فَارق الدُّنْيَا، وروينا عَن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين ثمَّ عَن أبي هُرَيْرَة والبراء أَنهم قنتوا فِي صَلَاة الصُّبْح، وَلَو كَانَ متروكا لما بقوا. وَرُوِيَ أَنه كَانَ يقنت فيدعو لعباس وَسلمهُ والوليد، وعَلى مُضر فَأنْزل الله عز وَجل {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} . وَعند مُسلم عَن أنس أَنَّهَا إِنَّمَا نزلت حِين قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم أحد " كَيفَ يفلح قوم شجوا نَبِيّهم فكسروا رباعيته وَهُوَ يَدعُوهُم إِلَى الله ". وَفِي الصَّحِيح عَن ابْن عمر قَالَ " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة

إلا شهرا واحدا ثم تركه بشر بن حرب متروك الحديث والصحيح عن ابن عمر ما رواه أبو الشعثاء وأبو الأسود وأبو مجلز أنه كان لا يرى القنوت وقال ما أحفظه عن

الصُّبْح يَوْم أحد فَلَمَّا رفع رَأسه من الرَّكْعَة الثَّانِيَة قَالَ سمع الله لمن حَمده قَالَ: اللَّهُمَّ الْعَن فَذكر جمَاعَة من الْكفَّار فَنزلت {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء} وَقتل أهل بِئْر مَعُونَة إِنَّمَا كَانَ بعد أحد، فَلَو كَانَت الْآيَة ناسخة للقنوت لم يعد إِلَيْهِ بعد النّسخ وَالله أعلم، وروى بشر بن حَرْب الندبي قَالَ " سَمِعت ابْن عمر يَقُول: " أَرَأَيْتُم قيامكم بعد فرَاغ الْقَارئ من السُّورَة هَذَا الْقُنُوت وَالله إِنَّهَا لبدعة مَا فعله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا شهرا وَاحِدًا ثمَّ تَركه ". بشر بن حَرْب مَتْرُوك الحَدِيث، وَالصَّحِيح عَن ابْن عمر مَا رَوَاهُ أَبُو الشعْثَاء وَأَبُو الْأسود وَأَبُو مجلز أَنه كَانَ لَا يرى الْقُنُوت، وَقَالَ مَا أحفظه، عَن

لم يعلم سنة عملها غيره فعليه وعلى جميع المسلمين قبوله فهذا خليفة رسول الله

أحد من أَصْحَابنَا قَالَ: وَهَذِه سنة خفيت على ابْن عمر كَمَا خَفِي بعض السّنَن على بعض الصَّحَابَة وحفظها غَيرهم وَالْقَوْل فِي ذَلِك قَول من يثبت ويحفظ لَا قَول من لَا يحفظه وَإِن صَحَّ مَا روى بشر فَلَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ أنكر الْقُنُوت قبل الرُّكُوع ومذهبنا بِخِلَافِهِ. وَرُوِيَ فِي ذَلِك أَيْضا عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ وَهُوَ مِمَّا ذكرنَا أَن الْحَاكِم لقَوْل من يسمع دون من لَا يعلم / وأصل قَوْلنَا وَقَوْلهمْ أَن طَارق بن أَشْيَم الْأَشْجَعِيّ وَغَيره وَإِن كَانَ قد صحب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لم يعلم سنة عَملهَا غَيره فَعَلَيهِ وعَلى جَمِيع الْمُسلمين قبُوله فَهَذَا خَليفَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أمته من بعده لم يسمع من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مِيرَاث الْجدّة حَتَّى أخبرهُ الْمُغيرَة بذلك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقبله وَقضى بِهِ فَكيف طَارق بن أَشْيَم فَإِن استدلوا بِمَا روى مُحَمَّد بن يعلى عَن عَنْبَسَة بن

قنت في صلاة الصبح وقال على ابن عمر في بمعناه وقال وقال هياج عن عنبسة عن ابن نافع عن أبيه عن صفية بنت أبي عبيد عن النبي

عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله بن نَافِع عَن أَبِيه عَن أم سَلمَة مَرْفُوعا " نهى عَن الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح ". قَالَ أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث بَاطِل من أوجه مِنْهَا أَن مُحَمَّد بن يعلى وعنبسة وَابْن نَافِع غير مُحْتَج بِحَدِيث وَاحِد مِنْهُم، وَمِنْهَا أَن نَافِعًا لم يسمع من أم سلمه، وَقد صحت الرِّوَايَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قنت فِي صَلَاة الصُّبْح، وَقَالَ على ابْن عمر فِي بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: وَقَالَ هياج: عَن عَنْبَسَة عَن ابْن نَافِع عَن أَبِيه عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا. وَصفيه لم تدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ابْن معِين عبد الله بن نَافِع ضَعِيف وَإِن استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود فِي إِنْكَار الْقُنُوت عَن

قال أبو عبد الله هذا حديث ينفرد به محمد بن جابر السحيمي متروك الحديث بمره وقد صح عن ابن مسعود رضي الله عنه خلاف هذا وإن استدلوا بما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بأنه بدعة فإنه لا يثبت وعبد الله بن ميسرة راويه يقال له أبو ليلى ويقال

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث ينْفَرد بِهِ مُحَمَّد بن جَابر السحيمي مَتْرُوك الحَدِيث بمره، وَقد صَحَّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ خلاف هَذَا وَإِن استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس بِأَنَّهُ بِدعَة فَإِنَّهُ لَا يثبت وَعبد الله بن ميسرَة رَاوِيه يُقَال لَهُ أَبُو ليلى وَيُقَال أَبُو إِسْحَاق الْكُوفِي، وَيُقَال أَبُو عبد الْجَلِيل وَهُوَ ضَعِيف جدا لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ وَالدَّلِيل على بطلَان هَذَا أَنا قد روينَا عَن ابْن عَبَّاس بِخِلَاف هَذَا. مَسْأَلَة (87) : وَالْمُخْتَار من التَّشَهُّد قَول التَّحِيَّات المباركات الصَّلَوَات الطَّيِّبَات لله. كَذَا رَوَاهُ ابْن عَبَّاس. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْمُخْتَار قَوْله " التَّحِيَّات لله والصلوات " كَذَا رَوَاهُ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم عَن

يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن وكان يقول التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله أخرجه مسلم في الصحيح

سعيد بن جُبَير وَطَاوُس عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمنَا التَّشَهُّد كَمَا يعلمنَا الْقُرْآن وَكَانَ يَقُول: " التَّحِيَّات المباركات الصَّلَوَات الطَّيِّبَات لله السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود ذكر مَا كَانُوا يَقُولُونَ؛ قَالَ: فسمعنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِن الله هُوَ السَّلَام فَإِذا جلس أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلْيقل التَّحِيَّات لله والصلوات والطيبات السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين فَإِذا قَالَهَا أَصَابَت كل عبد صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ثمَّ يتَخَيَّر بعد من الدُّعَاء مَا شَاءَ "، أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. فَأَقُول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَإِن أَصْحَابنَا رَضِي الله عَنْهُم أخرجُوا مَعَاني حسانا لاختيار إمامنا الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ تشهد ابْن عَبَّاس وَالَّذِي عِنْدِي أَنه إِنَّمَا اخْتَارَهُ لِأَن إِسْنَاده إِسْنَاد حجازي وَإسْنَاد حَدِيث عبد الله إِسْنَاد كُوفِي وَمهما وجد أَئِمَّتنَا المتقدمون من أهل الْمَدِينَة للْحَدِيث طَرِيقا بالحجاز فَلَا يحتجون بِحَدِيث يكون مخرجه من الْكُوفَة. أخبرنَا بِصِحَّة ذَلِك أَبُو عبد الله وَذكر إِسْنَاده إِلَى يُونُس بن عبد الْأَعْلَى قَالَ لي الشَّافِعِي: مَا أَتَاك من هَا هُنَا - وَأَشَارَ إِلَى الطّرق -

وأشاد إلى رواية ابن مسعود وأبي موسى وجابر وذكر تشهد عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم واختار رواية ابن عباس لأنه أكملها وفيه زيادة المباركات والله أعلم

لَا يكون هَهُنَا - وَأَشَارَ إِلَى الْحجاز أَو إِلَى الْمَدِينَة - فَلَا نعتد بِهِ، وَعنهُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِي فِي شَيْء ناظرته فِيهِ: وَالله مَا أَقُول لَك إِلَّا نصحا إِذا وجدت أهل الْمَدِينَة على شَيْء فَلَا يدخلن قَلْبك شكّ أَنه حق وَكلما جَاءَك وَإِن صَحَّ وَقَوي كل الْقُوَّة لم تَجِد لَهُ بِالْمَدِينَةِ أصلا فَإِنَّهُ ضعف وَلَا تعبأ بِهِ وَلَا تلْتَفت إِلَيْهِ. وَهَذَا إِنَّمَا قَالَه الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ لما علم من مَذْهَب أهل الْكُوفَة فِي أَخذهم الحَدِيث عَن كل ضرب التَّدْلِيس لما لم يسمعوا أَو سمعُوا من مَجْهُول أَو مطعون فِيهِ وَهَذَا أَبُو إِسْحَق السبيعِي يَقُول لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَة حَدثنَا وَلَكِن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه، وَهَذَا إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ يَقُول قَالَ عبد الله فِي أَحَادِيث سَمعهَا من أَقوام مجهولين وَكَذَلِكَ الْأَعْمَش فَمن بعدهمْ وَذكر من ذَلِك طرقا ثمَّ قَالَ فاستحب الشَّافِعِي رَحمَه الله الرُّجُوع إِلَى حَدِيث يكون مخرجه الْحجاز ومجانبة أَحَادِيث أهل الْكُوفَة لما خَافَ من مَذْهَبهم فِي التَّدْلِيس وَالله أعلم / وَقد رَجَعَ الشَّافِعِي رَحمَه الله إِلَى قبُول رِوَايَة الثِّقَات من أهل الْحجاز وَمن أهل الْعرَاق مَعَ تَرْجِيح رِوَايَة أهل الْحجاز فِي مَوضِع آخر، وَجوز الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ الْإِتْيَان بِكُل تشهد رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأشاد إِلَى رِوَايَة ابْن مَسْعُود وَأبي مُوسَى وَجَابِر وَذكر تشهد عمر وَابْن عَبَّاس وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم وَاخْتَارَ رِوَايَة ابْن عَبَّاس لِأَنَّهُ أكملها وَفِيه زِيَادَة المباركات وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (88) : لم يذكرهَا الإِمَام، وَمَا جَازَ للْإِمَام أَن يَدْعُو فِي غير الصَّلَاة جَازَ لَهُ أَن يَدْعُو بِهِ فِي الصَّلَاة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا مَا ورد بِهِ الْقُرْآن من الدُّعَاء، دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن مَسْعُود الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التَّشَهُّد وَقَالَ فِي آخِره: " ثمَّ يستخير أحدكُم من الدُّعَاء أعجبه إِلَيْهِ فيدعو بِهِ " وَعند مُسلم عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَأَنا نهيت أَن أَقرَأ رَاكِعا أَو سَاجِدا فَأَما الرُّكُوع فَعَظمُوا الرب فِيهِ وَأما السُّجُود فاجتهدوا من الدُّعَاء فقمن أَن يُسْتَجَاب لكم ". وَعِنْده عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " أقرب مَا يكون العَبْد من ربه وَهُوَ ساجد فَأَكْثرُوا الدُّعَاء " وَعنهُ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد فليعوذ بِاللَّه من

قال سلوا الله حوائجكم البتة في صلاة الصبح وقد بقي في هذه المسألة أحاديث تركتها اختصارا

أَربع: من عَذَاب جَهَنَّم، وَمن عَذَاب الْقَبْر، وفتنة الْمحيا وَالْمَمَات وَمن فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال ثمَّ ليَدع لنَفسِهِ مَا بدا لَهُ ". أخرج أَوله مُسلم فِي الصَّحِيح وَهَذِه الزِّيَادَة أَيْضا صَحِيحه فَإِن الْوَلِيد بن يزِيد ثِقَة وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة، كَيفَ وَقد تَابعه على ذَلِك جمَاعَة وَرُوِيَ عَن أبي رَافع أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " سلوا الله حَوَائِجكُمْ الْبَتَّةَ فِي صَلَاة الصُّبْح " وَقد بَقِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة أَحَادِيث تركتهَا اختصارا. مَسْأَلَة (89) : وَمن ذكر صَلَاة وَهُوَ فِي فَرِيضَة الْوَقْت أتمهَا ثمَّ قضى مَا تذكر سَوَاء كَانَ الْوَقْت متسعا أَو ضيقا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: عَلَيْهِ أَن يبْدَأ بالفائتة مَا لم يزدْ على صَلَاة يَوْم وَلَيْلَة إِذا كَانَ الْوَقْت موسعا، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا روينَا فِي حَدِيث أَوْقَات الصَّلَوَات مَا بَين هذَيْن وَقت للصَّلَاة وَقد صلاهَا فِي وَقتهَا فَلَا يلْزمه الْإِعَادَة بِأَن ذكر فَائِتَة وَيُمكن أَن يسْتَدلّ بِمَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أتيتم الصَّلَاة فَلَا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وَعَلَيْكُم السكينَة فصلوا مَا أدركتم ثمَّ اقضوا مَا فاتكم " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَهَذَا وَإِن ورد فِي صَلَاة الْمَسْبُوق، فَهَذَا اللَّفْظ إِن كَانَ قد

ووهم في رفعه فإن كان قد رجع عن رفعه فقد وفق للصواب ولفظة هذا الأثر قال من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الإمام فليصل مع الإمام فإذا فرغ من صلاته فليعد الصلاة التي نسي ثم ليعد الصلاة التي صلاها مع الإمام قال ثم يعارضه ما أخبرنا وذكره

حفظه سُفْيَان فَهُوَ عَام يتَنَاوَل صَلَاة الْمَسْبُوق وَالَّذِي أَدْرَكته صَلَاة الْفَرِيضَة وَعَلِيهِ فَائِتَة وَرُبمَا استدلوا بِحَدِيث يرد عَن ابْن عمر، قَالَه الْحَاكِم أَبُو عبد الله، قَالَ مُوسَى بن هَارُون، وحدثناه أَبُو إِبْرَاهِيم الترجماني رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَوهم فِي رَفعه فَإِن كَانَ قد رَجَعَ عَن رَفعه فقد وفْق للصَّوَاب وَلَفْظَة هَذَا الْأَثر قَالَ: " من نسي صَلَاة فَلم يذكرهَا إِلَّا وَهُوَ مَعَ الإِمَام فَليصل مَعَ الإِمَام فَإِذا فرغ من صلَاته فليعد الصَّلَاة الَّتِي نسي ثمَّ ليعد الصَّلَاة الَّتِي صلاهَا مَعَ الإِمَام " قَالَ ثمَّ يُعَارضهُ مَا أخبرنَا وَذكره إِسْنَادًا عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا " إِذا نسي أحدكُم صَلَاة فَذكرهَا وَهُوَ فِي صَلَاة مَكْتُوبَة فليبدأ بِالَّتِي هُوَ فِيهَا فَإِذا فرغ مِنْهَا صلى الَّتِي نسي ". وَأَخْرَجَا فِي الصَّحِيح عَن جَابر قَالَ: " جَاءَ عمر رَضِي الله عَنهُ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الخَنْدَق فَجعل يسب كفار قُرَيْش وَيَقُول يَا رَسُول الله: مَا صليت صَلَاة الْعَصْر حَتَّى كَادَت أَن تغيب فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا وَالله مَا صليتها بعد قَالَ: فَنزل إِلَى بطحان

يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نار ثم صلاها بين العشائين بين المغرب والعشاء فيحتمل أن يكون ما روي في حديث جابر فعله في يوم والذي في حديث علي رضي الله عنه فعله في يوم آخر والله أعلم وفي المسألة

وَتَوَضَّأ وَصلى الْعَصْر بعد مَا غَابَتْ الشَّمْس ثمَّ صلى الْمغرب بعْدهَا، وَلَيْسَ أَنه صلى الْمغرب قبل الْعَصْر ثمَّ يقضها بعد فَرَاغه من الْعَصْر ". وَعند مُسلم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْأَحْزَاب " شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر مَلأ الله بُيُوتهم وقبورهم نَار " ثمَّ صلاهَا بَين العشائين بَين الْمغرب وَالْعشَاء فَيحْتَمل أَن يكون مَا رُوِيَ فِي حَدِيث جَابر فعله فِي يَوْم وَالَّذِي فِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ فعله فِي يَوْم آخر وَالله أعلم. وَفِي الْمَسْأَلَة طَريقَة أُخْرَى وَهِي أَن ندل على سَعَة وَقت الْقَضَاء بِمَا أخبرنَا وَذكر إِسْنَادًا عَن عمرَان بن حُصَيْن " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ فِي سفر فَنَامَ عَن الصُّبْح حَتَّى طلعت الشَّمْس فَأمر بِلَالًا فَأذن فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ انْتظر حَتَّى انْتَقَلت الشَّمْس ثمَّ أمره فَأَقَامَ فصلى بهم " وَعَن أبي هُرَيْرَة: قَالَ: عرسنا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يَسْتَيْقِظ حَتَّى طلعت الشَّمْس فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ليَأْخُذ كل رجل / رَأس رَاحِلَته فَإِن هَذَا منزل حَضَرنَا فِيهِ الشَّيْطَان فَفَعَلْنَا ثمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأ ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة فصلى الْغَدَاة " وَرَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح. وَرُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة فِي هَذِه الْقِصَّة وَزَاد فَقَالَ فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَالَ " من نسي الصَّلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا فَإِن الله عز وَجل قَالَ {وأقم الصَّلَاة لذكري} وَأما الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " من

لقضاء صلاة الصبح لم يكن لتحل الصلاة بذهاب وقت الكراهة فإنما استيقظوا بعدما طلعت الشمس وذهب وقت الكراهة وحضور الشيطان لا يمنع الصلاة فقد خنق رسول الله

نسي صَلَاة فوقتها إِذا ذكرهَا " كَذَا رَوَاهُ حَفْص بن عمر بن أبي العطاف وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث، قَالَه البُخَارِيّ وَغَيره وَالصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة وَغَيره مَا ذكرنَا لَيْسَ فِيهِ فوقتها إِذا ذكرهَا وَإِذا كَانَ وَقت الْقَضَاء موسعا لما روينَا عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي قَتَادَة فَلم لَا يجوز تَأْخِيرهَا لتقديم صَلَاة أُخْرَى عَلَيْهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَتَأْخِير النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقَضَاء صَلَاة الصُّبْح لم يكن لتحل الصَّلَاة بذهاب وَقت الْكَرَاهَة فَإِنَّمَا استيقظوا بَعْدَمَا طلعت الشَّمْس وَذهب وَقت الْكَرَاهَة وَحُضُور الشَّيْطَان لَا يمْنَع الصَّلَاة فقد خنق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صلَاته شَيْطَانا وَلَوْلَا سَعَة وَقت الْقَضَاء لما أَخّرهُ بِحُضُور الشَّيْطَان، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (90) : وللمصلي أَن يسبح فِي دفع الْمَار بَين يَدَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن فعل ذَلِك بطلت صلَاته، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن

قال التسبيح في الصلاة للرجال والتصفيق للنساء أخرجه البخاري ومسلم وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله

أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " التَّسْبِيح فِي الصَّلَاة للرِّجَال والتصفيق للنِّسَاء " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَعَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذهب إِلَى بني عَمْرو بن عَوْف ليصلح بَينهم وَذكر الحَدِيث وَقَالَ فِي آخِره فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا لي أَرَاكُم أَكثرْتُم التصفيق؟ من يَأْته شَيْء فِي صلَاته، فليسبح، فَإِنَّهُ إِذا سبح الْتفت إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا التصفيق للنِّسَاء " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا استؤذن على الرجل وَهُوَ يُصَلِّي فإذنه التَّسْبِيح وَإِذا استؤذن على الْمَرْأَة وَهِي تصلي فإذنها التصفيق " رُوَاة هَذَا الحَدِيث عَن آخِرهم ثِقَات. مَسْأَلَة (91) : والسرة عندنَا لَيست بِعَوْرَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّهَا عَورَة لنا مَا رُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذكر الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ " وَإِذا زوج أحدكُم عَبده أَو أمته أَو أجيره فَلَا تنظر الْأمة إِلَى شَيْء من عَوْرَته فَإِن مَا تَحت السُّرَّة إِلَى ركبته

يقبلها منه احتجوا بحديث عن ابن جريج عن النبي

للعورة " وَمَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَنه قبل سرة الْحسن وَالْحُسَيْن بعد رفع قَمِيصه عَنْهُمَا وَذكر أَنه رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقبلهَا مِنْهُ احْتَجُّوا بِحَدِيث عَن ابْن جريج عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " السُّرَّة من الْعَوْرَة " وَهَذَا لَا تقوم بِهِ حجَّة لانقطاعه عَمَّا دون التَّابِعين وَالله أعلم. مَسْأَلَة (92) : وَإِذا سلم على الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ يرد على الْإِشَارَة وَلَا يتَكَلَّم وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يرد. عِنْد أبي دَاوُد عَن ابْن عمر عَن صُهَيْب أَنه قَالَ: " مَرَرْت برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي، فَسلمت عَلَيْهِ، فَرد إِشَارَة: قَالَ: وَلَا أعلمهُ إِلَّا قَالَ: " ورد إِشَارَة بِأُصْبُعِهِ " وَرُوِيَ عَن ابْن عمر " فِي رد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْأَنْصَار حِين سلمُوا عَلَيْهِ بِالْإِشَارَةِ " فِي رِوَايَة بقباء وَأخْبر بذلك بِلَال وَفِي أُخْرَى فِي مَسْجِد بني عَمْرو بن عَوْف، وَأَخْبرنِي بذلك صُهَيْب وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه سلم على رجل وَهُوَ يُصَلِّي فَرد عَلَيْهِ الرجل كلَاما فَقَالَ إِذا سلم على أحدكُم

مسألة

وَهُوَ يُصَلِّي فَلَا يتَكَلَّم " وَلَكِن يُشِير بِيَدِهِ ". مَسْأَلَة (93) : وَإِذا انكشفت من عَورَة الرجل، وَهِي: مَا بَين السُّرَّة والركبتين، وَالْمَرْأَة الحره، وَهِي: جَمِيع بدنهَا غير الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ شَيْء وَإِن قل لم يجزهما صلاتهما، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا انكشفت من الْعَوْرَة المخففة وَهِي مَا عدا الْقبل والدبر من الرجل أقل من ربع الْعُضْو، وَمن الْعَوْرَة الْمُغَلَّظَة قدر دِرْهَم فَمَا دونه صحت صلاتهما، روى مَالك عَن أبي النَّضر مولى ابْن عمر بن عبيد الله عَن زرْعَة بن عبد الرَّحْمَن بن جرهد الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه أَن جرهد كَانَ من أهل الصّفة قَالَ " جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفخذي منكشفه: وَقَالَ: خمر عَلَيْك أَو مَا علمت: أَن الْفَخْذ عَورَة " لفظ أبي أويس عَن مَالك

عندنا فرأى فخذي منكشفه والباقي سواء وبمعناه رواه أبي بكير وجماعة عن مالك وروي عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه أن النبي

وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ القعْنبِي وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن عبد الله الأويسي عَن زرْعَة بن عبد الرَّحْمَن بن جرهد عَن أَبِيه وَكَانَ من أَصْحَاب الصّفة أَنه قَالَ: " جلس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عندنَا فَرَأى فَخذي منكشفه وَالْبَاقِي سَوَاء " وَبِمَعْنَاهُ رَوَاهُ أبي بكير وَجَمَاعَة عَن مَالك وَرُوِيَ عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن جرهد عَن أَبِيه " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر عَلَيْهِ وَهُوَ كاشف فَخذه فَقَالَ غطها فَإِنَّهَا من الْعَوْرَة " وَرُوِيَ عَن / مُحَمَّد بن عبد الله بن جحش أَنه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمر على معمر وَهُوَ جَالس عِنْد دَاره بِالسوقِ وفخذاه مكشوفتان، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا معمر غط فخذيك فَإِن الفخذين عَورَة ". وَعَن عبد الله بن جَعْفَر سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " مَا بَين السُّرَّة إِلَى الرّكْبَة عَورَة " وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْفَخْذ عَورَة " وَقد ذكر البُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة حَدِيث ابْن عَبَّاس، وجرهد

وأنا كاشف فخذي فقال يا علي غط فخذيك فإنها من العورة ولا يصح احتجاجهم بقصة عثمان وكشف النبي

وَابْن جحش بِلَا إِسْنَاد وَهَذِه أَسَانِيد صَحِيحه يحْتَج بهَا، وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ دخل عليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا كاشف فَخذي فَقَالَ: يَا عَليّ غط فخذيك فَإِنَّهَا من الْعَوْرَة ". وَلَا يَصح احتجاجهم بِقصَّة عُثْمَان وكشف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن فَخذيهِ أَو سَاقيه حَتَّى دخل فَإِنَّهُ مَشْكُوك فِيهِ، وَرُوِيَ من تِلْكَ الْقِصَّة أَنه كَانَ وضع ثَوْبه بَين فَخذيهِ فَلَمَّا دخل عُثْمَان أَخذ ثَوْبه فتجلله وَكَانَ أَخذ بِطرف ثَوْبه بَين فَخذيهِ وَإِنَّمَا ينْكَشف بذلك ركبتاه فِي الْغَالِب دون فَخذه. وَقد روى أَبُو مُوسَى أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ فِي مَكَان فِيهِ مَاء قد كشف عَن رُكْبَتَيْهِ، فَلَمَّا أقبل عُثْمَان غطاهما " وَالَّذِي روى عبد الْعَزِيز بن صُهَيْب عَن أنس " فِي قصَّة خَيْبَر ودخوله فِي زقاق خَيْبَر وَأَن ركبته لتمس فَخذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، قَالَ أنس: ثمَّ حسر الْإِزَار عَن فَخذه حَتَّى " أَنِّي لأنظر إِلَى بَيَاض فَخذ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَالَ لَا حجَّة لَهُم فِيهِ فَإِن انحسار الْإِزَار عَن فَخذيهِ لم يكن بِقَصْدِهِ وَإِنَّمَا حصره ضيق الزقاق. وَقد رَوَاهُ حميد عَن أنس فَقَالَ: فِي إِحْدَى

ولم يذكر انكشاف الفخذ وفي الرواية الأخرى وأن قدمي لتمس قدم رسول الله

الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ " أَن ركبتي لتمس ركبة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلم يذكر انكشاف الْفَخْذ " وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى " وَأَن قدمي لتمس قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلم يذكر انكشاف الْفَخْذ ". مَسْأَلَة (94) : وعورة الْحرَّة جَمِيع بدنهَا غير الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ قَالَ أَبُو حنيفَة: غير الْوَجْه وَالْيَدَيْنِ إِلَى الْمرْفقين وَالرّجلَيْنِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَعنهُ فِي الْعَضُد رِوَايَتَانِ: قَالَ فَإِن انْكَشَفَ من عورتها أقل من ربع الْعُضْو صحت صلَاتهَا، وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَتُصَلِّي الْمَرْأَة فِي درع وخمار لَيْسَ عَلَيْهَا إِزَار، فَقَالَ: إِذا كَانَ الدرْع سابغا يُغطي ظُهُور قدميها " وَعند أبي دَاوُد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهَا دخلت على

فقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه قال أبو داود هذا مرسل خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها وروي عن ابن عباس ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال ما في الكف

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " يَا أَسمَاء إِن الْمَرْأَة إِذا بلغت الْمَحِيض لم يصلح أَن يرى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجهه وكفيه "، قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا مُرْسل، خَالِد بن دريك لم يدْرك عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس " وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا ". قَالَ: مَا فِي الْكَفّ وَالْوَجْه، وَعَن أنس: " وَلَا يبدين زينتهن إِلَّا مَا ظهر مِنْهَا قَالَ: الْكحل والخاتم. مَسْأَلَة (95) : وَكَلَام الْمُخطئ وَالنَّاسِي وَالْجَاهِل: بِتَحْرِيمِهِ فِي الصَّلَاة لَا يقطع الصَّلَاة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة يقطعهَا، دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْصَرف من اثْنَتَيْنِ فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ أقصرت الصَّلَاة أم نسيت يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أصدق ذُو الْيَدَيْنِ. فَقَالَ النَّاس: نعم، فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثمَّ سلم ثمَّ كبر فَسجدَ مثل سُجُوده أَو أطول، ثمَّ رفع ثمَّ

وإجابتهم كانت واجبة عليهم في الصلاة وغيرها وذكر حديث أبي سعيد بن المعلى لما دعاه رسول الله

كبر فَسجدَ مثل سُجُوده أَو أطول ثمَّ رفع " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَقَول النَّاس: نعم، لم يقْدَح فِي صلَاتهم لأَنهم قَالُوا جَوَابا لسؤال النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وإجابتهم كَانَت وَاجِبَة عَلَيْهِم فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا. وَذكر حَدِيث أبي سعيد بن الْمُعَلَّى لما دَعَاهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي الصَّلَاة " وَفِيه من قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ألم يَقُول الله عز وَجل " {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا اسْتجِيبُوا لله وَلِلرَّسُولِ إِذا دعَاكُمْ لما يُحْيِيكُمْ} وَرُوِيَ حَدِيث ذُو الْيَدَيْنِ عَن ابْن عمر وَعمْرَان بن حُصَيْن، وَرُوِيَ عَن عَطاء قَالَ: صلى بِنَا ابْن الزبير صَلَاة الْمغرب فَسلم فِي رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ قَامَ إِلَى الْحجر يستلمه فسبحنا، فَالْتَفت إِلَيْنَا فَقَالَ مَا أتممنا الصَّلَاة فَقُلْنَا برؤسنا: سُبْحَانَ الله أَي لَا؟ فَرجع فصلى الرَّكْعَة الثَّالِثَة، ثمَّ سلم، ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قَالَ عَطاء فَلم أدر من ذَلِك. فَخرجت من فوري حَتَّى أَدخل على ابْن عَبَّاس فَأَخْبَرته بصنيعه فَقَالَ: مَا أَن عَن سنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

فذكر الحديث وقال بينا أنا مع رسول الله

وَذكر حَدِيث مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ قَالَ: قلت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث وَقَالَ: بَينا أَنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة إِذْ عطس رجل من الْقَوْم. فَقلت: يَرْحَمك الله. قَالَ: فحذفني الْقَوْم بِأَبْصَارِهِمْ / قَالَ: فَقلت: واثكل أمِّياه مالكم تنْظرُون إِلَيّ؟ فَضرب الْقَوْم بِأَيْدِيهِم على أَفْخَاذهم، فَلَمَّا رَأَيْتهمْ يسكتوني لكَي أسكت. فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعَاني فبأبي هُوَ وَأمي، مَا رَأَيْت معلما قبله وَلَا بعده أحسن تَعْلِيما مِنْهُ: وَالله مَا ضَرَبَنِي وَلَا كَهَرَنِي وَلَا سبني، فَقَالَ: " إِن صَلَاتنَا هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيح وَالتَّكْبِير وتلاوة الْقُرْآن " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، وَفِيه دَلِيل على أَن كَلَام الْجَاهِل بِتَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة، لَا يُبْطِلهَا إِذْ لم يَأْمُرهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِعَادَة الصَّلَاة وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: كَانَ إِسْلَام مُعَاوِيَة بن الحكم فِي آخر الْأَمر فَلم يَأْمُرهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِعَادَة الصَّلَاة فَمن تكلم فِي صلَاته جَاهِلا أَو سَاهِيا مَضَت صلَاته وَمن تكلم عَامِدًا اسْتَأْنف الصَّلَاة.

قال إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه إسناده مستقيم ورواته ثقات واستدلوا بحديث عبد الله قال كنا نسلم على النبي

وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله تجَاوز عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ " إِسْنَاده مُسْتَقِيم، وَرُوَاته ثِقَات، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث عبد الله قَالَ " كُنَّا نسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة. فَيرد علينا. فَلَمَّا رَجعْنَا من عِنْد النَّجَاشِيّ، سلمنَا عَلَيْهِ فَلم يرد علينا. فَقُلْنَا يَا رَسُول الله كُنَّا نسلم عَلَيْك فَترد علينا قَالَ: إِن فِي الصَّلَاة شغلا " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَذكره من وَجه آخر بِمَعْنَاهُ وَفِيه فَقَالَ " إِن الله عز وَجل يحدث من أمره مَا شَاءَ وَإِن مِمَّا أحدث أَن لَا تكلمُوا فِي الصَّلَاة وَهَذَا ورد فِي الْعمد ثمَّ إِنَّه كَانَ قبل هِجْرَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَدِينَة وقصة ذِي الْيَدَيْنِ بِرِوَايَة أبي هُرَيْرَة كَانَ بعد الْهِجْرَة وَأَبُو هُرَيْرَة من آخِرهم إسلاما قَالَ: صَحِبت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث سِنِين فَصَارَ كَلَام النَّاسِي والمخطئ مُسْتَثْنى عَن الْخَبَر الأول وَالله أعلم، عَن زيد بن أَرقم قَالَ: كُنَّا نتكلم فِي

وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال بيده هكذا وأومأ زهير بيده ثم كلمته وأومأ زهير بيده نحو الأرض وأنا أسمعه يقرأ يومئ برأسه فلما فرغ قال ما فعلت في الذي أرسلتك له فإنه لم يمنعني أن أكلمك

الصَّلَاة، يكلم أَحَدنَا صَاحبه بِالْحَاجةِ حَتَّى نزلت هَذِه الْآيَة {حَافظُوا على الصَّلَوَات والصلوة الْوُسْطَى وَقومُوا لله قَانِتِينَ (238) } فَأمرنَا بِالسُّكُوتِ حِينَئِذٍ، رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَقد رَوَاهُ جمَاعَة وَقَالَ بَعضهم فِيهِ كَانَ الرجل يكلم صَاحبه لم ينْسبهُ إِلَى نَفسه ثمَّ إِن زيدا كَانَ من مُتَقَدِّمي الْأَنْصَار إسلاما فَيحْتَمل أَن يكون هَذَا فِي ابْتِدَاء الْهِجْرَة، وَيحْتَمل أَن يكون التَّحْرِيم ثَابتا من الْوَقْت الَّذِي ذكر ابْن مَسْعُود ثمَّ وَردت الْآيَة على وفَاق ذَلِك تَأْكِيدًا لَهُ، وَقد روى زُهَيْر عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: " أَرْسلنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ منطلق إِلَى بني المصطلق. فَأَتَيْته وَهُوَ يُصَلِّي على بعيره. فكلمته. فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا (وَأَوْمَأَ زُهَيْر بِيَدِهِ) ثمَّ كَلمته (وَأَوْمَأَ زُهَيْر بِيَدِهِ نَحْو الأَرْض) وَأَنا أسمعهُ يقْرَأ، يُومِئ بِرَأْسِهِ. فَلَمَّا فرغ قَالَ: " مَا فعلت فِي الَّذِي أرسلتك لَهُ؟ فَإِنَّهُ لم يَمْنعنِي أَن أُكَلِّمك إِلَّا أَنِّي كنت أُصَلِّي " قَالَ زُهَيْر وَابْن الزبير جالسين مَعَه مُسْتَقْبل الْكَعْبَة فَقَالَ بِيَدِهِ أَبُو الزبير إِلَى بني المصطلق، فَقَالَ بِيَدِهِ إِلَى غير الْكَعْبَة " رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح، وَفِي هَذَا دلَالَة على تَحْرِيم الْكَلَام كَانَ ثَابتا من بني المصطلق وَكَانَت

وفي رواية عنه بينما أنا أصلي مع رسول الله

غَزْوَة بني المصطلق سنة خمس من الْهِجْرَة وَإِسْلَام أبي هُرَيْرَة كَانَ زمن خَيْبَر بعد بني المصطلق وَقد قَالَ فِي قصَّة ذِي الْيَدَيْنِ، صلى بِنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي رِوَايَة عَنهُ بَيْنَمَا أَنا أُصَلِّي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكره. مَسْأَلَة (96) : إِذا نفخ فِي الصَّلَاة وَلم يبين من كَلَامه حرفان لم تبطل صلَاته، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تبطل، عِنْد أبي دَاوُد عَن عبد الله بن عَمْرو وَقَالَ: " انكسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث قَالَ ثمَّ نفخ فِي آخر سُجُوده "، وَرُوِيَ عَن أبي بن نابل، قَالَ: قلت لقدامة بن عبد الله بن عمار الْكلابِي صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

يقول لغلام لنا إذا سجدت يا رباح فترب وجهك قالوا معناه لا تنفخ موضع السجود وأبو حمزة ميمون الكوفي ضعيف في الحديث وروي من وجه آخر عنها قالت مر رسول الله

" إِنَّا نتأذى بريش الْحمام فِي الْمَسْجِد الْحَرَام إِذا سجدنا فَقَالَ: انفخوا " احْتَجُّوا بِمَا روى أَبُو حَمْزَة عَن أبي صَالح، قَالَ: سَأَلت أم سَلمَة عَن النفخ فِي الصَّلَاة فَقَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لغلام لنا: " إِذا سجدت يَا رَبَاح فترب وَجهك " قَالُوا مَعْنَاهُ لَا تنفخ مَوضِع السُّجُود، وَأَبُو حَمْزَة: مَيْمُون الْكُوفِي ضَعِيف فِي الحَدِيث. وَرُوِيَ من وَجه آخر عَنْهَا قَالَت مر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على غُلَام لنا يُقَال لَهُ رَبَاح وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا سجد نفخ، وَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يَا رَبَاح لَا تنفخ فَإِن من نفخ فقد تكلم ". هَذَا أَضْعَف من الأول ثمَّ هُوَ مَجْهُول على نفخ يبلغ ثَلَاثَة أحرف كَقَوْلِك: أُفٍّ فَمَا دونه فَلَا يكون كلَاما حَتَّى يشدد الْفَاء فَيكون ثَلَاثَة أحرف، من التأفيف، قَالَ: والنافخ لَا يخرج الْفَاء فِي نغمته مُشَدّدَة وَلَا يكَاد يُخرجهَا، فَاء صَادِقَة من مخرجها. قَالَه أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ رَحمَه الله تَعَالَى، وَرُوِيَ

مسألة

عَن خَالِد بن إِيَاس حَدثنَا مَرْفُوعا عَن يزِيد بن ثَابت فِي النَّهْي عَن النفخ فِي التُّرَاب وَمَوْضِع السُّجُود وخَالِد بن إِيَاس مَتْرُوك، وروى نوح بن أبي مَرْيَم عَن يزِيد الرقاشِي عَن أنس مَرْفُوعا: " النفخ كَلَام " ونوح مَتْرُوك وَيزِيد لَا يحْتَج بِهِ وَالله أعلم. مَسْأَلَة (97) : وَمن سبقه الْحَدث فِي صلَاته اسْتَأْنف صلَاته فِي الصَّحِيح من الْمَذْهَب، قَالَ أَبُو حنيفَة: يتَوَضَّأ وَيَبْنِي على صلَاته دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا وجد أحدكُم فِي بَطْنه شَيْئا فيشكل عَلَيْهِ أخرج مِنْهُ شَيْء أم لَا فَلَا يخرج من الْمَسْجِد حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا " أخرجه مُسلم فِي

إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف فليتوضأ وليعد صلاته واحتج البويطي والربيع بحديث النبي

الصَّحِيح من حَدِيثه وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الله بن زيد وَقد سبق ذكره وَعند أبي دَاوُد عَن عَليّ بن طلق قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا فسا أحدكُم فِي الصَّلَاة فلينصرف فَليَتَوَضَّأ وليعد صلَاته " وَاحْتج الْبُوَيْطِيّ وَالربيع بِحَدِيث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا تجزى صَلَاة بِغَيْر طهُور ". وَرُوِيَ عَن ابْن شهَاب عَن الْمسور بن مخرمَة أَنه كَانَ يَقُول: " يسْتَأْنف يَعْنِي فِي الرعاف " احْتج فِي الْبُوَيْطِيّ لما اخْتلف أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ قَول الْمسور وأشبههما لِأَنِّي لَا أعلم خلافًا أَن كل من ولي ظَهره الْقبْلَة عَامِدًا أعَاد الصَّلَاة والراعف مولى ظَهره الْقبْلَة

أولى أن نتبع ورواه عمران بن ظبيان عن حكيم بن سعد وليسا بالقويين عن سلمان رضي الله عنه

عَامِدًا، وَقَالَ مُجَاهِد وَعمر بن عبد الْعَزِيز " إِذا صرفت وَجهك عَن الْقبْلَة عَامِدًا "، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ مَرْفُوعا " من قاء أَو رعف أَو أمذى فِي صلَاته " الحَدِيث وَقد أبطلنا أسانيده فِي مَسْأَلَة الْوضُوء من الْقَيْء والرعاف، وبرواية الْحَارِث عَن عَليّ والْحَارث لَا يحْتَج بِهِ وَيَرْوِيه ثُوَيْر بن سعيد عَن أَبِيه عَن عَليّ وَهُوَ مَجْهُول وَهُوَ عَن ابْن عمر صَحِيح وَحَدِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أولى أَن نتبع، وَرَوَاهُ عمرَان بن ظبْيَان عَن حَكِيم بن سعد وليسا بالقويين عَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ. مَسْأَلَة (98) : وَمَا أدْركهُ الْمَسْبُوق فَهُوَ أول صلَاته، وَقَالَ أَبُو حنيفَة مَا أدْركهُ فَهُوَ آخر صلَاته، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن أبي

إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليك السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وقال رسول الله

هُرَيْرَة قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَة فامشوا إِلَى الصَّلَاة وَعَلَيْك السكينَة فَمَا أدركتم فصلوا وَمَا فاتكم فَأتمُّوا " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وَقَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم " فِيمَا رُوِيَ عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرُوِيَ معنى فتواه عَن عَليّ وَعمر وَأبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنْهُم، وَرُوِيَ أَنه قَول سعيد ابْن الْمسيب، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز رَحِمهم الله وَكَذَلِكَ عَن عَطاء وَالْحسن رحمهمَا الله تَعَالَى وَاحْتَجُّوا بالرواية الْأُخْرَى عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أتيتم الصَّلَاة فَلَا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وَعَلَيْكُم السكينَة فصلوا مَا أدركتم ثمَّ اقضوا مَا فاتكم " رَوَاهُ مُسلم، وَرُوِيَ عَن أبي عبد الله الْحَافِظ أخبرنَا أَبُو نصر بن عمر قَالَ سَمِعت أَحْمد بن

وأبو قتادة وأنس عن النبي

سَلمَة يَقُول: سَمِعت مُسلم بن الْحجَّاج يَقُول: لَا أعلم هَذِه اللَّفْظَة رَوَاهَا عَن الزُّهْرِيّ غير ابْن عُيَيْنَة " واقضوا مَا فاتكم " قَالَ مُسلم أَخطَأ ابْن عُيَيْنَة فِي هَذِه اللَّفْظَة، هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ يُونُس بن يزِيد والزبيدي وَابْن أبي ذِئْب وَإِبْرَاهِيم بن سعد، وَمعمر وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة وَغَيرهم عَن الزُّهْرِيّ " وَمَا فاتكم فَأتمُّوا " وَكَذَا قَالَ مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة وجعفر بن ربيعَة عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة، وَهَمَّام بن مُنَبّه وَعبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب عَن أبي هُرَيْرَة قَالُوا: وَقَالَ ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ " فاقضوا " وَقَالَ سعد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة " واقضوا مَا سبقكم " وَكَذَا قَالَ ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة " وليقض " وَقَالَ ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو قَتَادَة وَأنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَأتمُّوا " وَعَن أبي قَتَادَة فِي رِوَايَة أُخْرَى " فاقضوا "

مسألة

وَعَن أنس فِي أُخْرَى " وليقض مَا سبقه " وَالَّذين قَالُوا فَأتمُّوا أَكثر وأحفظ وَالله أعلم ثمَّ لفظ " الْقَضَاء " فَمن ذكره مَحْمُول على الْفِعْل قَالَ الله عز وَجل: " فقضاهن سبع سموات ". مَسْأَلَة (99) : وَمن صلى فَرِيضَة من الْفَرَائِض الْخمس مُنْفَرد ثمَّ أدْرك فِيهَا جمَاعَة يُصليهَا فِي الْجَمَاعَة، وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة فِي الظّهْر وَالْعشَاء الْآخِرَة. وَلم يجوز ذَلِك فِي الصُّبْح وَالْمغْرب وَالْعصر. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر: مَا رُوِيَ عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِن خليلي أَوْصَانِي أَن أُصَلِّي الصَّلَاة لوَقْتهَا فَإِن أدْركْت الْقَوْم قد صلوا كنت قد أحرزت صَلَاتك وَإِلَّا كَانَت نَافِلَة " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، وَفِي الْمُوَطَّأ عَن زيد بن أسلم عَن رجل من بني الدئل يُقَال لَهُ بشر بن محجن عَن أَبِيه محجن أَنه كَانَ فِي مجْلِس مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

فصلى ومحجن في مجلسه فقال له رسول الله

فَأذن بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى، ومحجن فِي مَجْلِسه، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا مَنعك أَن تصلي مَعَ النَّاس؟ أَلَسْت بِرَجُل مُسلم {قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله، وَلَكِنِّي قد صليت فِي أَهلِي، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا جِئْت فصل مَعَ النَّاس وَإِن كنت قد صليت ". وَفِي كتاب السّنَن عَن جَابر بن يزِيد بن الْأسود عَن أَبِيه قَالَ: " صلينَا مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْفجْر بمنى، فجَاء رجلَانِ حَتَّى وَقفا على رواحلهما / فَقَالَ: فَأمر بهما النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجيء بهما ترْعد فرائصهما} فَقَالَ لَهما: مَا منعكما أَن تصليا مَعَ النَّاس ألستما مُسلمين؟ قَالَا: بلَى يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا صلينَا فِي رحالنا، فَقَالَ: إِذا صليتما فِي رحالكما ثمَّ أتيتما الإِمَام فَصَليَا مَعَه فَإِنَّهَا لَكمَا نَافِلَة " وَرَوَاهُ يُونُس بن صعصعة عَن زيد بن عَامر قَالَ: " جِئْت وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة،

إذا جئت الصلاة فوجدت الناس فصل معهم فإن كنت قد صليت فليكن ذلك نافلة وهذه مكتوبة عن حميد قال قال أنس قدمنا مع أبي موسى فصلى بنا الغداة بالمربد ثم انتهينا إلى المسجد فأقيمت الصلاة وصلينا مع المغيرة بن شعبة رواته ثقات وروينا

فَجَلَست وَلم أَدخل مَعَهم فِي الصَّلَاة " فَذكر الحَدِيث، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا جِئْت الصَّلَاة فَوجدت النَّاس فصل مَعَهم فَإِن كنت قد صليت فَلْيَكُن ذَلِك نَافِلَة وَهَذِه مَكْتُوبَة ". عَن حميد قَالَ: قَالَ أنس قدمنَا مَعَ أبي مُوسَى، " فصلى بِنَا الْغَدَاة بالمربد ثمَّ انتهينا إِلَى الْمَسْجِد فأقيمت الصَّلَاة، وصلينا مَعَ الْمُغيرَة بن شُعْبَة " رُوَاته ثِقَات، وروينا عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن الرجل الَّذِي دخل الْمَسْجِد وَقد صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَلا رجل يتَصَدَّق على هَذَا فَيصَلي مَعَه فَقَامَ رجل فصلى مَعَه " وَعَن الْحسن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الْخَبَر فَقَامَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فصلى، وَقد كَانَ صلى مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. ودليلهم فِي الْمَسْأَلَة: " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس " وَذَلِكَ مَنْسُوخ بِمَا روينَا فَإِن حَدِيث يزِيد بن الْأسود وَكَانَ فِي حجَّة الْوَدَاع، وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا: " لَا تصلوا صَلَاة فِي يَوْم مرَّتَيْنِ ". تفرد

مسألة

بِهِ حُسَيْن الْمعلم عَن عَمْرو بن شُعَيْب وَقد رُوِيَ عَنهُ، وَرُوِيَ عَنهُ: " النَّهْي عَن إِعَادَة الصَّلَاة مَعَ الإِمَام فِي الْمغرب وَالصُّبْح من صلى الْمغرب أَو الصُّبْح ثمَّ أدركهما مَعَ الإِمَام فَلَا يعد لَهما " وروى مَالك عَن نَافِع أَن رجلا سَأَلَ عبد الله بن عمر فَقَالَ: إِنِّي أُصَلِّي فِي بَيْتِي ثمَّ أدْرك الصَّلَاة مَعَ الإِمَام أفأصلي مَعَه؟ فَقَالَ لَهُ عبد الله بن عمر: وَذَلِكَ إِلَيْك؟ إِنَّمَا ذَلِك إِلَى الله يَجْعَل أَيَّتهمَا شَاءَ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بقوله: فَلَا تعد لَهما، أَي لَا يعدهما مقبولين ويعيدهما مَعَ الإِمَام أَو لَا يعد لَهما على طَرِيق الْوُجُوب، وَإِنَّمَا هُوَ على طَرِيق الِاخْتِيَار وَالله أعلم. مَسْأَلَة (100) : وَمن لم يقدر أَن يُصَلِّي قَاعِدا، وَقدر أَن يُصَلِّي مُسْتَقْبلا مُسْتَلْقِيا على قَفاهُ، وعَلى الْجنب صلى على جنبه، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يُصَلِّي مُسْتَلْقِيا وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: كَانَ لي بواسير، فَسَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: " صل قَائِما،

مسألة

فَإِن لم تستطع فجالسا، فَإِن لم تستطع فعلى جنب " أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا، وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا، وَالْمَحْفُوظ عَنهُ فِيهِ مَوْقُوف. مَسْأَلَة (101) : وَيسْتَحب أَنه إِذا قَرَأَ آيَة رَحْمَة أَن يسْأَل وَالنَّاس أَو آيَة عَذَاب، أَن يستعيذ وَالنَّاس، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يكره ذَلِك عَن حُذَيْفَة قَالَ: " صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فَافْتتحَ الْبَقَرَة، فَقلت: يُصَلِّي بهَا فِي رَكْعَة، فَمضى، فَقلت: يرْكَع بهَا، ثمَّ افْتتح النِّسَاء فقرأها ثمَّ افْتتح آل عمرَان فقرأها، يقْرَأ مترسلا، إِذا مر بِآيَة فِيهَا تَسْبِيح: سبح، وَإِذا مر بسؤال: سَأَلَ، وَإِذا مر بتعوذ: تعوذ، ثمَّ ركع فَقَالَ: " سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم "، وَكَانَ رُكُوعه نَحوا من قِيَامه ثمَّ قَالَ: " سمع الله لمن حَمده "، ثمَّ قَامَ قَرِيبا مِمَّا ركع، ثمَّ سجد فَقَالَ: " سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى " وَكَانَ

في الليل التام بآل عمران والنساء فإذا مر بآية فيها دعا وترغب وإذا مر بآية فيها تخويف دعا واستعاذ قال وروينا في السنن عن عوف بن مالك الأشجعي قال قمت مع رسول الله

سُجُوده قَرِيبا من قِيَامه ". رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح، وروى مُسلم بن مِخْرَاق قَالَ: " قلت لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رجَالًا يقْرَأ أحدهم الْقُرْآن فِي اللَّيْلَة مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، فَقَالَت، أُولَئِكَ قرأوا، وَلم يقرأوا كنت أقوم مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي اللَّيْل التَّام، بآل عمرَان وَالنِّسَاء فَإِذا مر بِآيَة فِيهَا / دَعَا وترغب، وَإِذا مر بِآيَة فِيهَا تخويف دَعَا واستعاذ "، قَالَ: وروينا فِي السّنَن عَن عَوْف بن مَالك الْأَشْجَعِيّ قَالَ: " قُمْت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْلَة، فَقَامَ، فَقَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة لَا يمر بِآيَة رَحْمَة إِلَّا وقف وَسَأَلَ، وَلَا يمر بِآيَة عَذَاب إِلَّا وقف فتعوذ "، وَذكر الحَدِيث عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا قَرَأَ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} قَالَ: " سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى "، وَعَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة

من قرأ منكم والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ لا أقسم بيوم القيامة وانتهى إلى أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى فليقبل بلى ومن قرأ

قَالَ: كَانَ رجل يُصَلِّي فَوق بَيته وَكَانَ إِذا قَرَأَ: {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيى الْمَوْتَى} قَالَ: بلَى سُبْحَانَكَ، فَبكى، فَسَأَلُوهُ عَن ذَلِك، فَقَالَ: سَمِعت أبي هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَرَأَ مِنْكُم {والتين وَالزَّيْتُون} فَانْتهى إِلَى آخرهَا {أَلَيْسَ الله بِأَحْكَم الْحَاكِمين} فَلْيقل: " وَأَنا على ذَلِك من الشَّاهِدين وَمن قَرَأَ {لَا أقسم بِيَوْم الْقِيَامَة} وانْتهى إِلَى {أَلَيْسَ ذَلِك بِقَادِر على أَن يحيى الْمَوْتَى} فليقبل، بلَى، وَمن قَرَأَ {والمرسلات} فَبلغ {فَبِأَي حَدِيث بعده يُؤمنُونَ} . فَلْيقل آمنا بِاللَّه "، ثمَّ رُوِيَ عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن أَبِيه قَالَ: صليت إِلَى جنب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي تَطَوّعا فَمر بِآيَة فَقَالَ: " أعوذ بِاللَّه من الْبر،

ويل لأه الْبر من الْبر " قَالَ وَقد ورينا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَرَأَ {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَقَالَ " سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى " وَعَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَنه قَرَأَ فِي أجمعة {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} فَقَالَ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَعَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل {أفرءيتم مَا تمنون (58) ءأنتم تخلقونه أم نَحن الْخَالِقُونَ} قَالَ: بل أَنْت يَا رب ثَلَاثًا. ثمَّ قَرَأَ {أفرءيتم مَا تَحْرُثُونَ} {المَاء الَّذِي تشربون} فَذكر نَحوه ثَلَاثًا ".

مسألة

مَسْأَلَة (102) : وَسجْدَة التِّلَاوَة غير وَاجِبَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَنَّهَا وَاجِبَة وَدَلِيلنَا، مَا رُوِيَ عَن عَطاء بن يسَار أَنه سَأَلَ زيد بن ثَابت عَن الْقِرَاءَة مَعَ الإِمَام فَقَالَ: لَا قِرَاءَة مَعَ الإِمَام فِي شَيْء، وَزعم أَنه قَرَأَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والنجم فَلم يسْجد " رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح، وَرَوَاهُ البُخَارِيّ، دون الْقِرَاءَة مَعَ الإِمَام، وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: سجد فِي النَّجْم وَهُوَ بِمَكَّة فَلَمَّا هَاجر إِلَى الْمَدِينَة تَركهَا، وَعنهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يسْجد فِي شَيْء من الْمفصل مُنْذُ حول إِلَى الْمَدِينَة " قَالَ وَبِهَذَا اللَّفْظ أخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنَن قَالَ: وَقد ثَبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه سجد فِي الْمفصل وَهُوَ فِي الْمَدِينَة، فَإِن صَحَّ حَدِيث ابْن عَبَّاس فَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَدعهَا مرّة، ويسجدها أُخْرَى، وَفِي ذَلِك دلَالَة على أَنَّهَا غير وَاجِبَة، وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سجد فِي النَّجْم، وَسجد النَّاس مَعَه إِلَّا رجلَيْنِ أَرَادَا أَن

بإعادته وروي عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت أنه قرأ على رسول الله

يشهرا "، قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: وَالرجلَانِ لَا يدعان إِن شَاءَ الله الْفَرْض وَلَو تركاه أَمرهمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإعادته. وَرُوِيَ عَن عَطاء بن يسَار عَن زيد بن ثَابت " أَنه قَرَأَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والنجم إِذا هوى، فَلم يسْجد " أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيح، قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ يُقَال إِن زيدا لم يسْجد وَهُوَ الْقَارئ، فَلم يسْجد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يكن فرضا فيأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ، وَقيل لعمران بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ الرجل يسمع السَّجْدَة وَلم يجلس لَهَا؟ قَالَ أَرَأَيْت لَو قعد لَهَا؟ كَأَنَّهُ لم يُوجِبهُ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَة الثَّوْريّ فِي الْجَامِع عَن عَاصِم عَن ابْن سِيرِين قَالَ: " سُئِلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن سُجُود الْقُرْآن، فَقَالَت: حق الله يُؤَدِّيه أَو تطوع تطوعه " الحَدِيث والاعتماد فِي هَذِه الْمَسْأَلَة حَدِيث عمر الْمخْرج فِي الصَّحِيح البُخَارِيّ أَنه قَرَأَ على الْمِنْبَر سُورَة النَّحْل فَسجدَ وَأَنه قَرَأَ بهَا فِي الْجُمُعَة الْقَابِلَة حَتَّى إِذا جَاءَ السَّجْدَة قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِنَّا

مسألة

نمر بِالسُّجُود فَمن سجد فقد أصَاب وَمن لم يسْجد فَلَا إِثْم عَلَيْهِ / وَلم يسْجد عمر رَضِي الله عَنهُ وزاده نَافِع عَن ابْن عمر " أَن الله لم يفْرض السُّجُود إِلَّا أَن نشَاء " وَشَاهده مَا روى مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَرَأَ السَّجْدَة وَهُوَ على الْمِنْبَر يَوْم الْجُمُعَة فَنزل، فَسجدَ، وسجدوا مَعَه، ثمَّ قَرَأَهَا يَوْم الْجُمُعَة الْأُخْرَى فتهيئوا، فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: على رسلكُمْ إِن الله لم يَكْتُبهَا علينا إِلَّا أَن نشَاء، فقرأها فَلم يسْجد ومنعهم أَن يسجدوا. مَسْأَلَة (103) : وَإِذا لم يسْجد التَّالِي لآيَة السَّجْدَة، فَلَا يسْجد لَهَا السَّامع، فِي أصح الْوَجْهَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يسْجد السَّامع وَإِن لم يسْجد التَّالِي دليلنا: حَدِيث زيد بن ثَابت هَذَا الْمَذْكُور آنِفا وَرُوِيَ عَن عَطاء بن يسَار، قَالَ: بَلغنِي أَن رجلا قَرَأَ بِآيَة من الْقُرْآن فِيهَا سَجْدَة عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَسجدَ الرجل، وَسجد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَه ثمَّ قَرَأَ آيَة: فِيهَا سَجْدَة وَهُوَ عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فانتظر الرجل أَن يسْجد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يسْجد فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله قَرَأت السَّجْدَة فَلم تسْجد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كنت إِمَامًا فَلَو سجدت سجدت مَعَك " وَقد رُوِيَ

مسألة

من وَجْهَيْن ضعيفين عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِبَعْض مَعْنَاهُ، وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن حَنْظَلَة قَالَ: قَرَأت على عبد الله سُورَة فِيهَا سَجْدَة، فَلَمَّا أتيت على السَّجْدَة سكت! فَقَالَ: أَنْت إمامنا فاسجد، يَعْنِي نسجد مَعَك. وَفِي رِوَايَة قَرَأت السَّجْدَة عِنْد ابْن مَسْعُود فَنظر إِلَيّ، فَقَالَ: " أَنْت إمامنا فاسجد: نسجد مَعَك " قَالَ البُخَارِيّ: وَقيل لعمران بن حُصَيْن رَضِي الله عَنهُ الرجل يسمع السَّجْدَة، وَلم يجلس لَهَا، قَالَ: أَرَأَيْت لَو قعد لَهَا كَأَنَّهُ لم يُوجِبهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ سلمَان رَضِي الله عَنهُ، مَا لهَذَا غدونا، وَهَذَا كُله دَلِيل فِي الْمَسْأَلَة، قبلهَا وانضم مَذْهَب هَؤُلَاءِ الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم إِلَى هَذَا الْمُرْسل فيقوى بهَا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (104) : وَفِي الْحَج سَجْدَتَانِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: فِيهَا سَجْدَة وَاحِدَة،

أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاثة في المفصل وفي سورة الحج سجدتين وعن عقبة بن عامر قال قلت يا رسول الله في سورة الحج سجدتان قال نعم ومن يسجدهما فلا يقرأهما قال هو أيضا في السنن وأنا إنما أخرجته شاهدا وروى

وَدَلِيلنَا: مَا روى أَبُو دَاوُد فِي السّنَن عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقرأه خمس عشرَة سَجْدَة فِي الْقُرْآن مِنْهَا ثَلَاثَة فِي الْمفصل، وَفِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَيْنِ " وَعَن عقبَة بن عَامر، قَالَ: " قلت يَا رَسُول الله فِي سُورَة الْحَج: سَجْدَتَانِ! قَالَ: نعم، وَمن يسجدهما فَلَا يقرأهما "، قَالَ هُوَ أَيْضا فِي السّنَن وَأَنا إِنَّمَا أخرجته شَاهدا، وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ، أَن عمر رَضِي الله عَنهُ صلى بالجابية فَقَرَأَ سُورَة الْحَج، فَسجدَ فِيهَا: سَجْدَتَيْنِ، وروى مَالك عَن عبد الله بن دِينَار، أَنه قَالَ: رَأَيْت عبد الله سجد فِي سُورَة الْحَج: سَجْدَتَيْنِ وروى أَبُو الْعَالِيَة عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: فضلت هَذِه السُّورَة بسجدتين يَعْنِي سُورَة الْحَج " وروينا فِي السّنَن بِالْأَسَانِيدِ عَن عَليّ بن أبي طَالب، وَعبد الله بن مَسْعُود، وعمار بن يَاسر وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنْهُم أَنهم سجدوا فِي سُورَة الْحَج سَجْدَتَيْنِ، وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (105) : وَسجْدَة ص، سَجْدَة شكر وَلَيْسَت فِي سُجُود التِّلَاوَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّهَا من سُجُود التِّلَاوَة، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " لَيْسَ " ص " من عزائم السُّجُود، وَقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يسْجد فِيهَا "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَعند أبي دَاوُد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَنه قَالَ: قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ على الْمِنْبَر (ص) فَلَمَّا بلغ السَّجْدَة نزل فَسجدَ وَسجد النَّاس مَعَه، فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا آخر، قَرَأَهَا فَلَمَّا بلغ السَّجْدَة تشزن النَّاس للسُّجُود، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا هِيَ تَوْبَة نَبِي وَلَكِن رأيتكم تشزنتم للسُّجُود فَنزل فَسجدَ " رُوَاته ثِقَات وروى الشَّافِعِي (عَن ابْن عُيَيْنَة) عَن عَبده عَن ذَر عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه " كَانَ لَا يسْجد فِي (ص) وَيَقُول إِنَّمَا هُوَ تَوْبَة نَبِي " وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: " لَا تسجدوا فِي ص

سجدها داود عليه السلام لتوبة ونحن نسجدها شكرا يعني ص هذا المحفوظ وقد روي من أوجه عن عمر بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من طرق معناه

إِنَّمَا هِيَ تَوْبَة نَبِي " وروى الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ عَن سُفْيَان عَن عمر بن ذَر عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سجدها / دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام لتوبة، وَنحن نسجدها شكرا، يَعْنِي " ص " هَذَا الْمَحْفُوظ وَقد رُوِيَ من أوجه عَن عمر بن ذَر عَن أَبِيه عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس من طرق مَعْنَاهُ. مَسْأَلَة (106) : السَّجْدَة إِذا كَانَت فِي آخر السُّورَة وَكَانَ فِي الصَّلَاة فَالْأولى أَن يسْجد ثمَّ يقوم فَيقْرَأ سُورَة أُخْرَى، وَقَالَ بعض الْعِرَاقِيّين يرْكَع وَلَا يسْجد للتلاوة لنا مَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ رَأَيْت عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ سجد فِي النَّجْم فِي صَلَاة الْفجْر ثمَّ استفتح

مسألة

بِسُورَة أُخْرَى قَالَ ورويناه أَيْضا عَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ بِمَعْنَاهُ، وَعَن ابْن مَسْعُود إِذا كَانَت السَّجْدَة فِي آخر السَّجْدَة فَإِن شَاءَ ركع وَإِن شَاءَ سجد، وَعَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ إِذا قَرَأَ بِالنَّجْمِ أَو اقْرَأ باسم رَبك ركع ثمَّ رفع رَأسه وَإِذا قَرَأَ فِي غير الصَّلَاة سجد. قَالَ وروينا عَن ابْن عمر من وَجه آخر أَنه كَانَ إِذا وصل إِلَيْهَا قَرَأنَا سجد، وَإِذا لم يصل إِلَيْهَا قَرَأنَا ركع. مَسْأَلَة (107) : وَيسْجد للتلاوة فِي صَلَاة يسر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ كَمَا يسْجد فِيمَا يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، وَحكي عَن أبي حنيفَة: أَنه لَا يسْجد. دليلنا: مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سجد فِي صَلَاة الظّهْر ثمَّ قَامَ، فيرون أَنه قَرَأَ سُورَة فِيهَا سَجْدَة.

مسألة

مَسْأَلَة (108) : وَلَا يجوز الصَّلَاة على ظهر الْكَعْبَة، إِذا لم يكن بَين يَدي الْمُصَلِّي شَيْء من بِنَاء الْكَعْبَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز، رُوِيَ عَن ابْن عمر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى أَن يُصَلِّي فِي سَبْعَة مَوَاطِن: المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطَّرِيق، وَالْحمام، ومعاطن الْإِبِل، وَفَوق ظهر بَيت الله ". مَسْأَلَة (109) : وعَلى الْمُرْتَد قَضَاء مَا ترك من الصَّلَوَات أَيَّام ردته، إِذا عَاد إِلَى الْإِسْلَام، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من نسي

إذا رقد أحدكم عن الصلاة وغفل عنها فليصلها إذا ذكرها فإن الله عز وجل يقول وأقم الصلاة لذكري وهذا الذي ارتد غفل عن ذكر الله تعالى واتبع هواه قال الله تعالى ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه فإذا عاد إلى ذكر

صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا، لَا كَفَّارَة لَهَا غير ذَلِك " أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيح، وَالنِّسْيَان يعبر بِهِ عَن التّرْك قَالَ الله عز وَجل: {نسوا الله فنسيهم} وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح أَيْضا: عَن أنس قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رقد أحدكُم عَن الصَّلَاة وغفل عَنْهَا فليصلها إِذا ذكرهَا " فَإِن الله عز وَجل يَقُول: {وأقم الصَّلَاة لذكري} وَهَذَا الَّذِي ارْتَدَّ غفل عَن ذكر الله تَعَالَى وَاتبع هَوَاهُ قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا تُطِع من أَغْفَلنَا قلبه عَن ذكرنَا وَاتبع هَوَاهُ} . فَإِذا عَاد إِلَى ذكر الله بهداه أعَاد مَا تبع من هَوَاهُ. مَسْأَلَة (110) : وَإِذا أَخذ الْمُصحف فِي صلَاته فَقَرَأَ مِنْهُ فَإِن كَانَ يتصفح الأوراق متواليا، وَزَاد على ثَلَاثَة أوراق: بطلت صلَاته وَإِن كَانَ يتصفح ورقة وَلم يوال ذَلِك أَو والى وَلَكِن كَانَت ثَلَاثًا فَمَا دونهَا لم تبطل صلَاته وَكَذَلِكَ إِذا كَانَ مَكْتُوبًا على حَائِط فقرأه فِي الصَّلَاة لم تبطل صلَاته، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: كل ذَلِك يبطل صلَاته، وَرُوِيَ عَن ابْن

أنها كان يؤمها غلامها ذكوان في المصحف في رمضان والله أعلم

أبي مليكَة، وَالقَاسِم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنَّهَا كَانَ يؤمها غلامها ذكْوَان فِي الْمُصحف فِي رَمَضَان " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (111) : من شكّ فِي صلَاته فَلم يدر أَثلَاثًا صلى أم أَرْبعا، لم تفْسد بِهِ صلَاته وَإِن كَانَ ذَلِك أول مرّة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا كَانَ ذَلِك أول مرّة فَإِن صلَاته تفْسد. دليلنا: حَدِيث أبي هُرَيْرَة الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ: " إِن أحدكُم إِذا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَان فَلبس عَلَيْهِ حَتَّى لَا يدْرِي كم صلى فَإِذا وجد ذَلِك، فَيسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس ". مَسْأَلَة (112) : ويبنى على مَا استيقن إِذا وَقع لَهُ هَذَا الشَّك سَوَاء كَانَ فِي الْمرة الأولى وَالثَّانيَِة فَصَاعِدا، / وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا (وَقع لَهُ) هَذَا الشَّك، تحرى وَبنى على أغلب ظَنّه دليلنا من طَرِيق الْخَبَر: حَدِيث

إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته وإن كان صلى تماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان وروي عن ابن عمر قال قال رسول

أبي سعيد الْمخْرج فِي صَحِيح مُسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى ثَلَاثًا أم أَرْبعا؟ فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن. ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم فَإِن كَانَ صلى خمْسا شفعن لَهُ صلَاته، وَإِن كَانَ صلى [تَمامًا] لأَرْبَع كَانَتَا ترغيما للشَّيْطَان "، وَرُوِيَ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم فَلَا يدْرِي كم صلى ثَلَاثًا أم أَرْبعا ركع رَكْعَتَيْنِ يحسن سجودهما وركوعهما ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ ". رُوَاة هَذَا الحَدِيث هم ثِقَات. وَرُوِيَ عَن ابْن إِسْحَق عَن مَكْحُول عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف مَرْفُوعا " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته، فَشك فِي الْوَاحِدَة والثنتين فليجعلهما وَاحِدَة، وَإِذا شكّ فِي الاثنتين وَالثَّلَاث، فليجعلهما اثْنَتَيْنِ، وَإِذا شكّ فِي الثَّلَاث والأربع فليجعلها ثَلَاثًا حَتَّى يكون الْوَهم فِي الزِّيَادَة، وَيسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم ثمَّ يسلم "

قال إذا شك أحدكم في صلاته الحديث بمعناه قال محمد بن إسحق قال لي حسين بن عبد الله أسند لك مكحول هذا الحديث قلت ما سألته قال فإنه ذكر عن كريب عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف وحسين بن عبد الله هذا ليس بثقة والاعتماد على

قَالَ: رُوَاة هَذَا الحَدِيث كلهم ثِقَات، إِلَّا أَن لَهُ عِلّة وَهِي أَنه رُوِيَ عَن ابْن إِسْحَق عَن مَكْحُول أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته ". الحَدِيث بِمَعْنَاهُ. قَالَ: مُحَمَّد بن إِسْحَق قَالَ لي حُسَيْن بن عبد الله أسْند لَك مَكْحُول هَذَا الحَدِيث، قلت: مَا سَأَلته، قَالَ: فَإِنَّهُ ذكر عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وحسين بن عبد الله هَذَا لَيْسَ بِثِقَة والاعتماد على حَدِيث أبي سعيد. وروى غير ابْن إِسْحَق عَن مَكْحُول عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس، عَن عبد الرَّحْمَن بِبَعْض مَعْنَاهُ، وَله شَاهد من حَدِيث ابْن عَبَّاس من وَجه آخر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس عَن عبد الرَّحْمَن قَالَ: أشهد بِشَهَادَة الله أَنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا كَانَ أحدكُم على شكّ من صلَاته فِي النُّقْصَان، حَتَّى يكون على الشَّك من الزِّيَادَة " وروى مَالك عَن عفيف عَن عَطاء بن يسَار قَالَ: سَأَلت عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ

إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فأيكم شك في صلاته فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب فليتم عليه ويسجد سجدتين والأخذ بالصواب هو الأخذ باليقين قال الله تعالى فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا والله أعلم

وَكَعب الْأَحْبَار عَن الَّذِي يشك فِي صلَاته فَلَا يدْرِي أَثلَاثًا أم أَرْبعا، وَكِلَاهُمَا قَالَ: فَليقمْ فَليصل رَكْعَة أُخْرَى وَيسْجد سَجْدَتَيْنِ، إِذا صلى وَرُوِيَ أَيْضا عَن عمر بن مُحَمَّد بن سَالم أَن عبد الله بن عمر كَانَ يَقُول: " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فليتوخ الَّذِي يظنّ أَنه نسي من صلَاته فليصله ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس وَاسْتَدَلُّوا: بِحَدِيث عبد الله الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ: قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِنَّمَا أَنا بشر أنسى كَمَا تنسون، فَأَيكُمْ شكّ فِي صلَاته فَلْينْظر أَحْرَى ذَلِك إِلَى الصَّوَاب فليتم عَلَيْهِ وَيسْجد سَجْدَتَيْنِ " وَالْأَخْذ بِالصَّوَابِ هُوَ الْأَخْذ بِالْيَقِينِ، قَالَ الله تَعَالَى: {فَمن أسلم فَأُولَئِك تحروا رشدا} وَالله أعلم. مَسْأَلَة (113) : وَسُجُود السَّهْو قبل السَّلَام، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: بعده، وروى مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن الْأَعْرَج عَن ابْن بحينه قَالَ " صلى بِنَا

ركعتين من بعض الصلوات ثم قال فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من حديثه وروي بمعناه عن معاوية عن أبي سعيد أن رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكْعَتَيْنِ من بعض الصَّلَوَات ثمَّ قَالَ فَلم يجلس فَقَامَ النَّاس مَعَه، فَلَمَّا قضى صلَاته ونظرنا تَسْلِيمه كبر فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم ثمَّ سلم. أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح من حَدِيثه، وَرُوِيَ بِمَعْنَاهُ عَن مُعَاوِيَة عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا شكّ أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلَا يدْرِي كم صلى / ثَلَاثًا أَو أَرْبعا فَليقمْ فَليصل رَكْعَة ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قبل السَّلَام فَإِن كَانَت الرَّكْعَة الَّتِي صلاهَا خَامِسَة شفعها بِهَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ وَإِن كَانَت رَابِعَة فالسجدتان ترغيم للشَّيْطَان " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَرُوِيَ حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ عَن مَالك عَن دَاوُد بن حُصَيْن عَن أبي سُفْيَان مولى ابْن أبي أَحْمد عَن أبي هُرَيْرَة وَفِيه " ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم " وَفِي رِوَايَة " ثمَّ سلم وَسجد سَجْدَتَيْنِ " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم، وكل قد روينَا حَدِيث مَالك عَن ابْن شهَاب عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، " فليسجد سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة وَمعمر وَاللَّيْث، وَرَوَاهُ ابْن أخي الزُّهْرِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: " فليسجد سَجْدَتَيْنِ قل أَن يسلم ثمَّ يسلم وَهُوَ جَالس ".

صلى رسول الله

وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح عَن عمرَان بن حُصَيْن حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ وَفِيه " ثمَّ سلم ثمَّ سجد سَجْدَتَيْنِ ثمَّ سلم " وَعِنْدَهُمَا جَمِيعًا عَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ " وَإِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فليتحر الصَّوَاب وليتم عَلَيْهِ ثمَّ يسلم ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ " قَالَ قد روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه سجد للسَّهْو قبل السَّلَام وَأَنه أَمر بذلك قبل السَّلَام، وروينا أَنه سجد بعد السَّلَام وَأَنه أَمر بِهِ بعد السَّلَام " وَكِلَاهُمَا صَحِيحَانِ وَله شَوَاهِد يطول بذكرها الْكتاب، وَفِي ألفاظهما منع تَأْوِيل أَحدهمَا وَالْأَخْذ بِالْآخرِ فالأشبه وَالصَّوَاب جَوَاز الْأَمريْنِ جَمِيعًا وَإِلَى هَذَا ذهب كثير من أَصْحَابنَا، وَهُوَ فِيمَا حَكَاهُ لي الشَّيْخ أَبُو الْفَتْح أيده الله عَن صَاحب التَّقْرِيب رَحمَه الله وَحمله الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي كتاب الْقَدِيم على نسخ السُّجُود بعد السَّلَام بِالسُّجُود قبل السَّلَام وَحَكَاهُ عَن الزُّهْرِيّ وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِرِوَايَة ابْن عُيَيْنَة وَمُعَاوِيَة وهما من متأخري الصَّحَابَة وَمن أَصْحَابنَا من فعل فِي كل حَادِثَة رويت مَا روى فِيهَا

مسألة

وَالله أعلم. مَسْأَلَة (114) : وَإِن ذكر أَنه فِي الْخَامِسَة سجد أَو لم يسْجد، قعد فِي الرَّابِعَة أَو لم يقْعد، فَإِنَّهُ يجلس للرابعة ويتشهد، وَيسْجد للسَّهْو ثمَّ يسلم، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَ سجد فِي الْخَامِسَة، وَلم يكن قد قعد فِي الرَّابِعَة وتذكر بَعْدَمَا سجد فِي الْخَامِسَة، أضَاف إِلَيْهَا رَكْعَة أُخْرَى لتَكون لَهُ نَافِلَة، وَقد صحت فريضته، دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن مَسْعُود " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظّهْر خمْسا، فَقيل لَهُ: أَزِيد فِي الصَّلَاة قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: صليت خمْسا، فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سلم " أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. مَسْأَلَة (115) : وَمن أسر فِيمَا يجْهر أَو جهر فِيمَا يسر فَلَا سُجُود عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن فعله الإِمَام سجد للسَّهْو، دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يقْرَأ بِأم الْقُرْآن وبسورتين

قال لا سهو في الصلاة إلا لقيام عن جلوس أو جلوس عن قيام وسمع الصنابحي أبا بكر الصديق قرأ في الركعة الثالثة من المغرب بأم القرآن وهذه الآية ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب روينا إسناده في

مَعهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من صَلَاة الظّهْر وَالْعصر ويسمعنا الْآيَة أَحْيَانًا وَكَانَ يطول فِي الرَّكْعَة الأولى " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وَرُوِيَ عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا سَهْو فِي الصَّلَاة إِلَّا لقِيَام عَن جُلُوس أَو جُلُوس عَن قيام وَسمع الصنَابحِي أَبَا بكر الصّديق قَرَأَ فِي الرَّكْعَة الثَّالِثَة من الْمغرب بِأم الْقُرْآن وَهَذِه الْآيَة {رَبنَا لَا تزغ قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب} . روينَا إِسْنَاده فِي السّنَن، وَقَالَ أَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ: سَمِعت من عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ نَغمَة من قَاف فِي الظّهْر، وَعبد الله بن زِيَاد: سَمِعت ابْن مَسْعُود يقْرَأ فِي الظّهْر وَالْعصر، وَعَن قَتَادَة أَن أنسا جهر بِالْقِرَاءَةِ فِي الظّهْر أَو الْعَصْر فَلم يسْجد، وَعَن سعيد بن الْعَاصِ أَنه جهر بِالْقِرَاءَةِ فِي الظّهْر وَالْعصر، فسبح النَّاس، فَمضى فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَالَ: فِي كل صَلَاة قِرَاءَة وَمَا دلَّنِي على ذَلِك خلاف السّنة، وَلَكِن قَرَأت نَاسِيا مكْرها أَن أقطع

مسألة

الْقُرْآن ". مَسْأَلَة (116) : وَسُجُود السَّهْو غير وَاجِب وَحكي عَن أبي حنيفَة أَنه وَاجِب رُوِيَ عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فليلق الشَّك وليبن على الْيَقِين وَإِن استيقن التَّمام سجد سَجْدَتَيْنِ / فَإِن كَانَت صلَاته تَامَّة كَانَت الرَّكْعَة نَافِلَة والسجدتان وَإِن كَانَت نَاقِصَة كَانَت الرَّكْعَة تَمامًا لصلاته والسجدتان ترغمان أنف الشَّيْطَان ". مَسْأَلَة (117) : وَسُجُود الشُّكْر عِنْد حَادث النِّعْمَة سنة مُؤَكدَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّه بِدعَة، دليلنا مَا رُوِيَ عَن بكار بن عبد الْعَزِيز بن

كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجدا شكرا لله قال الحافظ أبو عبد الله بكار بن عبد العزيز صدوق عند الأئمة وهذا حديث صحيح ولهذا الحديث شواهد عن النبي

أبي بكرَة عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا أَتَاهُ أَمر يسر بِهِ خر سَاجِدا شكرا لله ". قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله بكار بن عبد الْعَزِيز صَدُوق عِنْد الْأَئِمَّة وَهَذَا حَدِيث صَحِيح. وَلِهَذَا الحَدِيث شَوَاهِد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَعَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَمِنْهَا: - عَن الْبَراء قَالَ: " بعث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَالِد بن الْوَلِيد إِلَى أهل الْيمن يَدعُوهُم إِلَى الْإِسْلَام فَذكر الحَدِيث فِي بعث عَليّ رَضِي الله عَنهُ، وإقبال خَالِد، وَإِسْلَام همذان قَالَ: فَكتب عَليّ رَضِي الله عَنهُ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِسْلَامِهِمْ فَلَمَّا قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْكتاب خر سَاجِدا، ثمَّ رفع رَأسه فَقَالَ: السَّلَام على همذان السَّلَام على همذان "، وَهَذَا حَدِيث صَحِيح، قد أخرج البُخَارِيّ صدر الحَدِيث وَلم يسقه بِتَمَامِهِ وَسُجُود الشُّكْر ثَابت على شَرطه. وَمِنْهَا فِي حَدِيث كَعْب بن مَالك الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي

وتوبته الحديث الطويل وقال فيه فبينا أنا جالس على الحال الذي ذكر الله عز وجل منا قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سلع يقول بأعلا صوته يا كعب بن مالك أبشر قال فخررت ساجدا وعرفت أن قد

تخلفه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وتوبته، الحَدِيث الطَّوِيل وَقَالَ فِيهِ فَبينا أَنا جَالس على الْحَال الَّذِي ذكر الله عز وَجل منا: " قد ضَاقَتْ عَليّ نَفسِي وَضَاقَتْ عَليّ الأَرْض بِمَا رَحبَتْ: سَمِعت صَوت (صارخ) أوفى (على) جبل سلع يَقُول: بأعلا صَوته: يَا كَعْب بن مَالك أبشر قَالَ: فَخَرَرْت سَاجِدا، وَعرفت أَن قد جَاءَ فرج "، وَذكر بَاقِي الحَدِيث. وَمِنْهَا: عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف قَالَ: " دخلت الْمَسْجِد وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَارج من الْمَسْجِد فتبعته أَمْشِي وَرَاءه وَهُوَ لَا يشْعر حَتَّى دخل نخلا فَاسْتقْبل الْقبْلَة، فَسجدَ فَأطَال السُّجُود، وَأَنا وَرَاءه حَتَّى ظَنَنْت أَن الله قد توفاه فَأَقْبَلت أَمْشِي وَرَاءه حَتَّى جِئْته فطأطأت رَأْسِي أنظر فِي وَجهه فَرفع رَأسه فَقَالَ مَالك يَا عبد الرَّحْمَن فَقلت لما أطلت السُّجُود يَا رَسُول الله خشيت أَن يكون توفى نَفسك فَجئْت أنظر فَقَالَ: إِنِّي لما دخلت النّخل لقِيت جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: أُبَشِّرك أَن الله عز وَجل يَقُول: من سلم عَلَيْك سلمت عَلَيْهِ، وَمن صلى عَلَيْك صليت عَلَيْهِ " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله رَحمَه الله هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَلَا أعلم فِي سَجْدَة الشُّكْر أصح من هَذَا الحَدِيث. وَعند أبي دَاوُد فِي كتاب السّنَن عَن سعد قَالَ: خرجنَا مَعَ

من مكة نريد المدينة فلما كان قريبا عزور نزل فرفع يديه فدعا الله ساعة ثم خر ساجدا فمكث طويلا ثم قام فرفع يديه ساعة ثم خر ساجدا ذكره ثلاثا قال إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت لربي ساجدا شكرا ثم رفعت رأسي فسألت ربي

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من مَكَّة نُرِيد الْمَدِينَة فَلَمَّا كَانَ قَرِيبا عزور نزل فَرفع يَدَيْهِ فَدَعَا الله سَاعَة ثمَّ خر سَاجِدا، فَمَكثَ طَويلا ثمَّ قَامَ فَرفع يَدَيْهِ سَاعَة، ثمَّ خر سَاجِدا ذكره ثَلَاثًا قَالَ: إِنِّي سَأَلت رَبِّي وشفعت لأمتي فَأَعْطَانِي ثلث أمتِي، فَخَرَرْت لرَبي سَاجِدا شكرا، ثمَّ رفعت رَأْسِي، فَسَأَلت رَبِّي لأمتي فَأَعْطَانِي ثلث أمتِي فَخَرَرْت سَاجِدا لرَبي شكرا ثمَّ قُمْت فَسَأَلت رَبِّي لأمتي فَأَعْطَانِي الثُّلُث الآخر فَخَرَرْت سَاجِدا لرَبي عز وَجل ". وَرُوِيَ عَن أنس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " بشر بحاجة فَخر سَاجِدا "، وَعَن أبي عون مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ عَن عرْفجَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبْصر رجلا لَهُ زمانة فَسجدَ " قَالَ مُحَمَّد بن عبيد الله: " وَأَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ أَتَاهُ فتح فَسجدَ " وَعنهُ " أَن أَبَا بكر لما أَتَاهُ فتح

مر برجل به زمانة فنزل فسجد ثم مر به أبو بكر رضي الله عنه فنزل فسجد ثم مر عمر رضي الله عنه فنزل فسجد ومنها ما روي عن جابر قال كان رسول الله

الْيَمَامَة سجد "، وَعَن ابْن عمر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِرَجُل بِهِ زمانة، فَنزل فَسجدَ ثمَّ مر بِهِ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فَنزل فَسجدَ ثمَّ مر عمر رَضِي الله عَنهُ فَنزل فَسجدَ ". وَمِنْهَا: مَا رُوِيَ عَن جَابر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا رأى رجلا متغير الْخلق خر سَاجِدا، وَإِذا رأى القرد خر سَاجِدا وَإِذا قَامَ من مَنَامه خر سَاجِدا شكر لله عز وَجل " وَمِنْهَا مَا رُوِيَ / عَن مَالك بن الْحُوَيْرِث " شهِدت عليا رَضِي الله عَنهُ يَوْم النهروان طلب المخدج فَلم يقدر عَلَيْهِ فَجعل جَبينه يعرق وَيَأْخُذهُ الكرب ثمَّ إِنَّه قدر عَلَيْهِ فَخر سَاجِدا ثمَّ قَالَ: وَالله مَا كذبت وَلَا كذبت " وَفِي ذَلِك إِثْبَات هَذِه السّنة وَالله أعلم. مَسْأَلَة (118) : وتحريمه الصَّلَاة من الصَّلَاة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: بهَا تَنْعَقِد

فذكر الحديث في سؤاله رسول الله

الصَّلَاة وَلَيْسَت مِنْهَا، وَذكر حَدِيث مُعَاوِيَة بن الحكم السّلمِيّ قَالَ: أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث فِي سُؤَاله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن التطير وَغَيره، وَفِي كَلَامه فِي الصَّلَاة وَقَالَ فِي آخِره فَلَمَّا فرغ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من صلَاته بِأبي وَأمي مَا رَأَيْت معلما قبله وَلَا بعده أحسن تَعْلِيما مِنْهُ وَالله، مَا نهرني وَلَا سبني قَالَ: " إِن صَلَاتنَا هَذِه لَا يصلح فِيهَا شَيْء من كَلَام النَّاس، إِنَّمَا هِيَ التَّكْبِير وَالتَّسْبِيح وَقِرَاءَة الْقُرْآن " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، قَالَ: وَقد روينَا عَن عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يستفتح صلَاته بِالتَّكْبِيرِ " وَإِذا كَانَ التَّكْبِير فَاتِحَة الصَّلَاة كَانَ مِنْهَا كَمَا أَن فَاتِحَة الْكتاب من الْكتاب وَالله أعلم. مَسْأَلَة (119) : وَالْقِيَام بِقدر فرض الْقِرَاءَة فرض فِي الصَّلَاة مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ، على عُمُوم الْأَحْوَال وَقَالَ أَبُو حنيفَة: وَحده فِي رَاكب السَّفِينَة إِن صلى قَاعِدا أَجزَأَهُ، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر قَالَ: سُئِلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الصَّلَاة فِي السَّفِينَة فَقَالَ: " كَيفَ أُصَلِّي فِي السَّفِينَة قَالَ صل فِيهَا قَائِما إِلَّا أَن تخَاف الْغَرق " قَالَ: رُوَاته ثِقَات

قال ليصل قائما دليل في هذه المسألة وقد أخرجاه قبل هذا وروي عن عبيد الله بن أبي عتبة مولى لأنس سافرت مع أبي الدرداء وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله يصلي بنا إمامنا الفرض قائما في السفينة ونصلي خلفه قياما ولو شئنا لخرجنا

وَالله أعلم. وَحَدِيث عمرَان بن حُصَيْن أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ليصل قَائِما " دَلِيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، وَقد أَخْرجَاهُ قبل هَذَا، وَرُوِيَ عَن عبيد الله بن أبي عتبَة مولى لأنس: سَافَرت مَعَ أبي الدَّرْدَاء وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ، وَجَابِر بن عبد الله، " يُصَلِّي بِنَا إمامنا الْفَرْض قَائِما فِي السَّفِينَة وَنُصَلِّي خَلفه قيَاما وَلَو شِئْنَا لخرجنا ". وَعَن النَّضر بن أنس عَن أنس قَالَ: " كَانَ إِذا ركب السَّفِينَة فَحَضَرت الصَّلَاة والسفينة محبوسه صلى قَائِما، وَإِذا كَانَت تسير صلى قَاعِدا فِي جمَاعَة " وَهَذَا يحْتَمل أَن يكون أَنه كَانَ يخْشَى دوران الرَّأْس عِنْد سَيرهَا فَلذَلِك صلى قَاعِدا وَالله أعلم والحكاية حِكَايَة حَال. مَسْأَلَة (120) : وَلَا تصح صَلَاة من لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب فِي كل رَكْعَة مِنْهَا إِذا أحْسنهَا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يقْرَأ فِيهَا مَا شَاءَ من الْقُرْآن وتجزئه صلَاته، دليلنا مَا عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

قال قال الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي وهو عند مسلم في الصحيح عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة عن أبي هريرة وفي أوله قال رسول الله

" لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِأم الْقُرْآن " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وَذكر حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: قَالَ الله تَعَالَى: " قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي " وَهُوَ عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح عَن أبي السَّائِب مولى هِشَام بن زهرَة عَن أبي هُرَيْرَة وَفِي أَوله قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى صَلَاة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَهِيَ خداج، فَهِيَ خداج، فَهِيَ خداج، غير تَمام " فَقلت: يَا أَبَا هُرَيْرَة إِنِّي أكون أَحْيَانًا وَرَاء الإِمَام، فغمز ذراعي وَقَالَ: اقْرَأ بهَا فِي نَفسك يَا فَارسي فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " قَالَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ: قسمت الصَّلَاة بيني وَبَين عَبدِي " وَذكر الحَدِيث وَذكر حَدِيث أبي ابْن كَعْب، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أعلمك سُورَة " وَذكر الحَدِيث، " قَالَ: قلت يَا رَسُول الله: السُّورَة الَّتِي وَعَدتنِي؟ قَالَ: وَكَيف تقْرَأ إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة، فَقَرَأت فَاتِحَة الْكتاب فَقَالَ هِيَ هِيَ وَهِي السَّبع المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم الَّذِي أَعْطَيْت " وَعَن أبي هُرَيْرَة: " فِي كل صَلَاة قِرَاءَة، فَمَا أسمعنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أسمعناكم وَمَا أخفاه منا أخفيناه مِنْكُم، من قَرَأَ بِأم الْقُرْآن فقد أَجْزَأت عَنهُ وَمن زَاد فَهُوَ أفضل ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح.

قال أم القرآن عوض غيرها وليس غيرها منها عوض قال أبو عبد الله الحاكم رواة هذا الحديث أكثرهم أئمة وكلهم ثقات واستدلوا بحديث أبي هريرة أن النبي

وَعَن عبَادَة بن الصَّامِت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أم الْقُرْآن / عوض غَيرهَا، وَلَيْسَ غَيرهَا مِنْهَا عوض " قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: رُوَاة هَذَا الحَدِيث أَكْثَرهم أَئِمَّة وَكلهمْ ثِقَات، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ للرجل: " إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن " وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَنَّهُ أمره أَن يقْرَأ مَا تيَسّر مَعَه من الْقُرْآن وَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا الْفَاتِحَة لسهولتها على الألسن وَابْتِدَاء المتعلمين بتعلمها، واستفتاح الْمُصَلِّين صلَاتهم بِقِرَاءَتِهَا، حَتَّى لَا يكَاد يُوجد مصل يقْرَأ فِي صلَاته غير الْفَاتِحَة، وإجماعهم على هَذَا دَلِيل على تعْيين الْقِرَاءَة فِي الْفَاتِحَة، ثمَّ جَمِيع مَا روينَا لطوله " ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن " وَالرُّجُوع إِلَى الْمُفَسّر أولى وَالله أعلم. وَعَن قيس بن أبي حَازِم قَالَ صليت خلف ابْن عَبَّاس بِالْبَصْرَةِ، " فَقَرَأَ لي أول رَكْعَة بِالْحَمْد، وَأول آيَة من الْبَقَرَة ثمَّ قَامَ فِي الثَّانِيَة فَقَرَأَ: الْحَمد لله، وَالْآيَة الثَّانِيَة من الْبَقَرَة، ثمَّ ركع فَلَمَّا انْصَرف أقبل علينا فَقَالَ: إِن الله تَعَالَى يَقُول {فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ} قَالَ عَليّ بن عمر: هَذَا إِسْنَاد حسن وَفِيه حجَّة لمن يَقُول إِن معنى قَوْله: {فاقرءوا مَا تيَسّر مِنْهُ} إِن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ بعد قِرَاءَة فَاتِحَة الْكتاب وَالله أعلم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِي الله عَنهُ: وَحَدِيث أبي سعيد " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

أن أنادي في المدينة أنه لا صلاة إلا بقراءة ولو بفاتحة الكتاب كذا رواه غير وهيب عن جعفر بن ميمون وخالفهم سفيان الثوري ويحيى بن سعيد القطان في آخرين عن جعفر فقال الثوري في روايته عنه لا صلاة إلا بقرآن بفاتحة الكتاب فما زاد وقال

أَن نَقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب وَمَا تيسير " حجَّة فِي ذَلِك أَيْضا، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى وهيب بن خَالِد عَن جَعْفَر بن مَيْمُون عَن أبي عُثْمَان عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: أَمرنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن أنادي فِي الْمَدِينَة أَنه لَا صَلَاة إِلَّا بِقِرَاءَة وَلَو بِفَاتِحَة الْكتاب " كَذَا رَوَاهُ غير وهيب عَن جَعْفَر بن مَيْمُون وَخَالفهُم سُفْيَان الثَّوْريّ وَيحيى بن سعيد الْقطَّان فِي آخَرين عَن جَعْفَر فَقَالَ الثَّوْريّ فِي رِوَايَته عَنهُ: " لَا صَلَاة إِلَّا بقرآن، بِفَاتِحَة الْكتاب "، فَمَا زَاد، وَقَالَ يحيى فِي رِوَايَته عَنهُ " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب "، فَمَا زَاد وهما إمامان، لم يرد هَذَا الحَدِيث عَن جَعْفَر أحد أحفظ وأتقن مِنْهُمَا لَا يشك فِي هَذَا إِلَّا جَاهِل، فَإِذا خالفهما غَيرهمَا فِي لفظ الحَدِيث، والْحَدِيث وَاحِد وَجب الرُّجُوع إِلَى قَوْلهمَا أَو الْجمع بَينهمَا فَنَقُول: أَرَادَ بقوله وَلَو بِفَاتِحَة الْكتاب إِذا أَرَادَ الِاقْتِصَار عَلَيْهَا فَلَا يُجزئ مَا دونهمَا، وَبَيَانه فِي حَدِيث عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة " من قَرَأَ بِأم الْكتاب لهَذَا أَجْزَأت عَنهُ وَمن زَاد فَهُوَ أفضل " وَالَّذِي يرْوى " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب، وَقُرْآن " لَيْسَ بِشَيْء لم يروه أحد يساوى ذكره وَالْمَحْفُوظ من رِوَايَات هَذِه الْأَحَادِيث مَا كتبنَا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، وَفِي مَسْأَلَة الْقِرَاءَة خلف الإِمَام

مسألة

وَالله أعلم. مَسْأَلَة (121) : والطمأنينة فِي الرُّكُوع فرض وَكَذَلِكَ الِاعْتِدَال من الرُّكُوع حَتَّى يطمئن قَائِما فرض، والقعدة بَين السَّجْدَتَيْنِ فَرِيضَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: شَيْء من ذَلِك لَيْسَ بفريضة دليلنا حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَوْله للرجل صلي فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ارْجع فصل فَإنَّك لم تصل ثَلَاثًا، قَالَ: إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فَكبر ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل قَائِما ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تطمئِن جَالِسا ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا، ثمَّ افْعَل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا " أخرجه فِي الصَّحِيح

قال أقيموا الركوع والسجود فوالله إني لأراكم من بعدي وربما قال من بعد ظهري إذا ركعتم وسجدتم وعند مسلم عنه عن النبي

البُخَارِيّ وَمُسلم جَمِيعًا وَأَخْرَجَا أَيْضا فِي الصَّحِيح عَن أنس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أقِيمُوا الرُّكُوع وَالسُّجُود فوَاللَّه إِنِّي لأَرَاكُمْ من بعدِي، وَرُبمَا قَالَ من بعد ظَهْري إِذا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ " وَعند مُسلم عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَتموا الرُّكُوع وَالسُّجُود فَإِنِّي أَرَاكُم بعد ظَهْري " وَعند البُخَارِيّ عَن الصَّلْت عَن مهْدي بن مَيْمُون / عَن وَاصل عَن أبي وَائِل عَن حُذَيْفَة أَنه مر على رجل يُصَلِّي لَا يتم رُكُوعًا وَلَا سجودا فَقَالَ لَهُ مُنْذُ كم تصلي هَذِه الصَّلَاة قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سنة أَو قَالَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، " فَقَالَ: مَا صليت لله صَلَاة مُنْذُ كَذَا وَكَذَا "، قَالَ ابْن مهْدي وَأَحْسبهُ قَالَ: إِن مت مت على غير سنة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُجزئ صَلَاة لَا يُقيم الرجل فِيهَا صلبه فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود " قَالَ عَليّ بن عمر: هَذَا إِسْنَاد ثَابت صَحِيح، وَرُوِيَ عَن يحيى بن أبي بكر عَن

أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته قالوا يا رسول الله كيف يسرق صلاته قال لا يتم ركوعها ولا سجودها رواته ثقات ورواه عبد الحميد بن أبي العشرين عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن عبد الرحمن بن شبل قال نهى رسول الله

إِسْرَائِيل بن أبي يُونُس من حَدِيث جَابر، قَالَ أَبُو الْفضل عَبَّاس بن مُحَمَّد: لم يروه إِلَّا يحيى بن أبي بكير وَهُوَ حَدِيث غَرِيب جدا وَرُوِيَ عَن أبي قَتَادَة قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَسْوَأ النَّاس سَرقَة الَّذِي يسرق من صلَاته. قَالُوا يَا رَسُول الله كَيفَ يسرق صلَاته قَالَ: لَا يتم ركوعها وَلَا سجودها " رُوَاته ثِقَات، وَرَوَاهُ عبد الحميد بن أبي الْعشْرين عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل، قَالَ نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " عَن ثَلَاث عَن نقرة الْغُرَاب، وافتراش السَّبع، وَلَا يوطن الرجل الْمَكَان يُصَلِّي فِيهِ كَمَا يوطن الْبَعِير.

مسألة

مَسْأَلَة (122) : وَلَا يجوز السُّجُود على كور الْعِمَامَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجوز دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أمرت أَن أَسجد على سَبْعَة أعظم على الْجَبْهَة، وَأَشَارَ بِيَدِهِ وَالْيَدَيْنِ والركبتين، وأطراف الْقَدَمَيْنِ، وَلَا أكف الثَّوْب وَلَا الشّعْر " أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَأخرجه مُسلم عَن خباب قَالَ: " شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حر الرمضاء فَلم يشكنا " وَرَوَاهُ أَبُو زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن أبي إِسْحَق قَالَ فِيهِ عَنهُ: " شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شدَّة الرمضاء فِي مياهنا وأكفنا فَلم يشكنا "، زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة مجمع على عَدَالَته وَكَذَلِكَ الطَّرِيق إِلَيْهِ سديد وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة وَحَدِيث رِفَاعَة " مكن جبهتك من الأَرْض قد سبق ذكره فِي مَسْأَلَة التَّكْبِير، وَذكر عَن عِيَاض بن عبد الله الْقرشِي قَالَ: " رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

في شدة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن وجهه في رواية جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وهذا لا حجة لهم فيه لأنه يريد به ثوبا منفصلا عنه وبيانه فيما روينا وذكر عن أنس أيضا كنا نصلي مع رسول الله

رجلا يسْجد على كور الْعِمَامَة فَأَوْمأ بِيَدِهِ، ارْفَعْ عمامتك وَأَوْمَأَ إِلَى جَبهته " وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه " كَانَ ينْزع الْعِمَامَة من جَبهته حَتَّى يسْجد على الأَرْض "، وَعَن عبَادَة ابْن الصَّامِت " أَنه كَانَ إِذا قَامَ إِلَى الصَّلَاة حسر الْعِمَامَة على جَبهته " وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن أنس قَالَ: " كُنَّا نصلي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي شدَّة الْحر فَإِذا لم يسْتَطع أَحَدنَا أَن يُمكن وَجهه، فِي رِوَايَة جَبهته من الأَرْض، بسط ثَوْبه فَسجدَ عَلَيْهِ " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وَهَذَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَنَّهُ يُرِيد بِهِ ثوبا مُنْفَصِلا عَنهُ وَبَيَانه فِيمَا روينَا، وَذكر عَن أنس أَيْضا: " كُنَّا نصلي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي شدَّة الْحر فَيَأْخُذ أَحَدنَا الْحَصَى فِي يَده وَإِذا برد وَضعه وَسجد عَلَيْهِ " فَدلَّ أَن بسط الثَّوْب وسجودهم عَلَيْهِ كَانَ ذَلِك فِي ثوب مُنْفَصِل عَن الْمُصَلِّي وَلَو جَازَ السُّجُود على ثوب مُتَّصِل لَكَانَ ذَلِك أسهل من تبريد الحصي فِي الْكَفّ ووضعها للسُّجُود عَلَيْهَا، وَرُوِيَ نَحْو هَذَا عَن جَابر " كنت أُصَلِّي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الظّهْر فآخذ قَبْضَة من الْحَصَى فِي كفي حَتَّى تبرد وأضعها لجبهتي إِذا سجدت من شدَّة الْحر ".

يسجد على ثوبه وهؤلاء الثلاث كلهم ضعاف وروى حسين بن عبد الله وهو ضعيف لا يحتج به عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رسول الله

وروى مُحَمَّد بن عِيسَى عَن سَلام بن سُلَيْمَان عَن مُحَمَّد بن الْفضل مَرْفُوعا إِلَى ابْن عَبَّاس قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْجد على ثَوْبه " وَهَؤُلَاء الثَّلَاث كلهم ضِعَاف وروى حُسَيْن بن عبد الله وَهُوَ ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ، عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي الثَّوْب الْوَاحِد يَتَّقِي حر الأَرْض وبردها بفضوله " وروى عبد الله بن الْمُحَرر وَهُوَ مَتْرُوك عَن يزِيد عَن أبي هُرَيْرَة " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يسْجد على كور الْعِمَامَة "، وروى عبد الْعَزِيز بن عبيد الله بن حَمْزَة بن صُهَيْب حَدِيثا مَرْفُوعا " فِي السُّجُود فِي أَعلَى الْجَبْهَة مَعَ قصاص الشّعْر وَفِي رِوَايَة على قصاص الشّعْر "، قَالَ عَليّ بن عمر: تفرد بِهِ وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ وروى مَعْنَاهُ أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث، روى أَن عمر قَالَ: " إِذا اشْتَدَّ

يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل منهم على عمامته ويحتمل أن يكون أراد يسجد على عمامته وجبهته كما قلنا في المسح بالاحتياط لفرط السجود أولا والله أعلم

الْحر فليسجد على ثَوْبه، وَإِذا اشْتَدَّ الزحام فليسجد على ظهر أَخِيه "، وَهَذَا أَرَادَ بِهِ ثوبا مُنْفَصِلا، وَالله أعلم وَرُوِيَ عَن كثير بن سليم قَالَ: " رَأَيْت أنس بن مَالك يسْجد على عمَامَته " وَهَذَا يحْتَمل إِن صَحَّ أَن يكون أَرَادَ على عمَامَته وجبهته كَمَا قُلْنَا فِي الْمسْح على الْعِمَامَة، أَرَادَ عَلَيْهَا وعَلى الرَّأْس، وَعَامة مَا يحتجون بِهِ فِي جَوَاز السُّجُود على كور الْعِمَامَة لَا يثبت، وَأقرب مَا رُوِيَ فِي ذَلِك قَول الْحسن الْبَصْرِيّ " كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْجُدُونَ وأيديهم فِي ثِيَابهمْ، وَيسْجد الرجل مِنْهُم على عمَامَته " وَيحْتَمل أَن يكون أَرَادَ يسْجد على عمَامَته وجبهته، كَمَا قُلْنَا فِي الْمسْح بِالِاحْتِيَاطِ لفرط السُّجُود أَولا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (123) : وَوضع الْيَدَيْنِ والركبتين فرض فِي السُّجُود كوضع الْجَبْهَة على أحد الْقَوْلَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة؛ لَيْسَ بِفَرْض دليلنا عَن ابْن عَبَّاس

أن يسجد على سبعة يديه وركبتيه وأطراف أصابعه وجبهته ونهى أن يكف منها الشعر والثياب أخرجه مسلم وأخرجه البخاري كما سبق وروى مسلم في الصحيح عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله

قَالَ: " أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يسْجد على سَبْعَة يَدَيْهِ، وركبتيه، وأطراف أَصَابِعه، وجبهته، وَنهى أَن يكف مِنْهَا الشّعْر وَالثيَاب " أخرجه مُسلم وَأخرجه البُخَارِيّ كَمَا سبق وروى مُسلم فِي الصَّحِيح عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب / أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا سجد العَبْد سجد مَعَه سَبْعَة أراب وَجهه وَكَفاهُ وركبتيه وَقَدمَاهُ " وَعِنْده أَيْضا عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك " وَعند أبي دَاوُد عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَفعه قَالَ: " إِن الْيَدَيْنِ تسجدان كَمَا يسْجد الْوَجْه فَإِذا وضع أحدكُم وَجهه فليضع يَدَيْهِ وَإِذا رَفعه فليرفعهما " وَدَلِيل القَوْل الثَّانِي: مَا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا سجد قَالَ: " اللَّهُمَّ لَك سجدت وَبِك آمَنت، وَلَك أسلمت وَعَلَيْك توكلت، سجد وَجْهي للَّذي خلقه وصوره وشق سَمعه وبصره فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، اقْتِصَاره على ذكر الْوَجْه لَا يدل على أَن الرُّكْبَتَيْنِ وَالْيَدَيْنِ لَيْسَ من شَرَائِط السُّجُود، لِأَن بعض الشَّيْء يذكر وَالْمرَاد بِهِ جملَته وَبَيَانه فِيمَا روينَا وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (124) : وَالْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فَرِيضَة بمثابتها فِي الأوليتين وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيست بفريضة وَدَلِيلنَا، عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا دخل الْمَسْجِد وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نَاحيَة الْمَسْجِد فصلى، الحَدِيث " وَفِيه إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فأسبع الْوضُوء ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة ثمَّ اقْرَأ مَا تيَسّر مَعَك من الْقُرْآن، وَقَالَ فِي آخِره ثمَّ افْعَل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وَفِي رِوَايَة عِنْدهمَا الحَدِيث وَقَالَ فِي آخِره، " ثمَّ كَذَلِك فِي كل رَكْعَة وَسجْدَة "، وَحَدِيث أبي قَتَادَة أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ " بِفَاتِحَة الْكتاب وَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث مَالك بن الْحُوَيْرِث " صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي ". دَلِيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة. وروى عَاصِم بن أبي النجُود عَن ذكْوَان عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا " أَنَّهَا كَانَت تَأمر بِالْقِرَاءَةِ بِفَاتِحَة الْكتاب فِي الْأُخْرَيَيْنِ " وَعَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ مثله رَوَاهُ وهب بن كيسَان أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " من صلى رَكْعَة لم يقْرَأ فِيهَا بِأم الْقُرْآن فَلم

مسألة

يصل إِلَّا وَرَاء الإِمَام " وَقَوله وَرَاء الإِمَام يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ إِذا أدْرك الإِمَام فِي الرُّكُوع فَسقط عَنهُ الْقِرَاءَة كَمَا سقط عَنهُ الْقيام، احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ " أَنه كَانَ لَا يقْرَأ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَيَقُول هما التسبيحتان " وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ، وَإِنَّمَا يرويهِ الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَق عَن الْحَارِث والْحَارث غير مُحْتَج بِهِ، قَالَ الشّعبِيّ حَدثنَا الْحَارِث، وَأشْهد بِاللَّه أَنه أحد الْكَذَّابين ويوضح مَا ذكرنَا من ضعفه، مَا روينَا بِإِسْنَاد صَحِيح عَن ابْن أبي رَافع عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ " أَنه كَانَ يَأْمر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ من الظّهْر وَالْعصر بِفَاتِحَة الْكتاب ". مَسْأَلَة (125) : وَالتَّشَهُّد الْأَخير فِي الصَّلَاة وَاجِب قَالَ أَبُو حنيفَة: غير وَاجِب، دليلنا: حَدِيث ابْن مَسْعُود كُنَّا إِذا صلينَا خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الحَدِيث فِي التَّشَهُّد وَقَالَ فِيهِ: فَالْتَفت إِلَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: الله هُوَ السَّلَام، فَإِذا صلى أحدكُم فَلْيقل: " التَّحِيَّات لله " الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم وَفِي رِوَايَة فَقَالَ

قولوا التحيات لله وحديث ابن عباس رضي الله عنهما كان رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قُولُوا التَّحِيَّات لله " وَحَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمنَا التَّشَهُّد كَمَا يعلمنَا الْقُرْآن " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَحَدِيث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي حَدِيث صفة الصَّلَاة أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطب لنا وَبَين لنا سنتنا وَعلمنَا صَلَاتنَا فَإِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: " فَإِذا كَانَ عِنْد الْقعدَة فَلْيَكُن من أول قَول أحدكُم: التَّحِيَّات الصَّلَوَات الطَّيِّبَات " وَذكرنَا فِي التَّشَهُّد أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَفِي رِوَايَة عِنْده الحَدِيث وَفِيه " فَإِذا كَانَ عِنْد الْقعُود فَلْيَكُن أول مَا يتَكَلَّم بِهِ التَّحِيَّات الطَّيِّبَات الزاكيات لله ". وَرُوِيَ عَن اللَّيْث بن سعد بِإِسْنَادِهِ عَن الْفضل بن الْعَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الصَّلَاة مثنى مثنى، يشْهد فِي كل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تضرع وتخشع وتسكن (وَيرْفَع يَقُول تسْتَقْبل) بهما وَجهك وَيَقُول: يَا رب، يَا رب، فَمن لم يفعل فَهِيَ خداج " خَالفه شُعْبَة فِي إِسْنَاده وَبَعض مَتنه، قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: سَمِعت البُخَارِيّ

يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ويقول تعلموا فإنه لا صلاة إلا بتشهد وعنه رضي الله عنه قال التشهد تمام الصلاة وأدلتهم مخرجة في مسألة التحليل مجاب عنها والله أعلم

يَقُول فِي هَذَا الحَدِيث، رِوَايَة اللَّيْث أصح من حَدِيث شُعْبَة وَشعْبَة أَخطَأ فِي هَذَا الحَدِيث فِي مَوَاضِع قَالَ عَن أنس / بن أبي أويس وَإِنَّمَا هُوَ عمرَان بن أبي أويس، وَقَالَ عبد الله بن الْحَارِث وَإِنَّمَا هُوَ عبد الله بن نَافِع عَن ربيعَة بن الْحَارِث وَرَبِيعَة بن الْحَارِث هُوَ ابْن عبد الْمطلب فَقَالَ هُوَ عَن الْمطلب وَلم يذكر فِيهِ الْفضل بن الْعَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم وَرُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ " لَا تجوز صَلَاة إِلَّا بتشهد "، وَعَن عبد الله قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعلمنَا التَّشَهُّد كَمَا يعلمنَا السُّورَة من الْقُرْآن " وَيَقُول: " تعلمُوا فَإِنَّهُ لَا صَلَاة إِلَّا بتشهد " وَعنهُ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " التَّشَهُّد تَمام الصَّلَاة "، وأدلتهم مخرجة فِي مَسْأَلَة التَّحْلِيل مجاب عَنْهَا وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (126) : وَالصَّلَاة على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرِيضَة فِي التَّشَهُّد الْأَخير وركن من أَرْكَان الصَّلَاة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّهَا سنة دليلنا: مَا عَن كَعْب بن عجْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل علينا فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله إِنَّا قد عرفنَا السَّلَام، فَكيف نصلي عَلَيْك قَالَ: " قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد، اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد "، أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وَعِنْدَهُمَا أَيْضا: عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ لما نزلت هَذِه الْآيَة {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا} ، قُلْنَا يَا رَسُول الله: كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد ". وَعَن أبي حميد السَّاعِدِيّ قَالُوا: يَا رَسُول الله كَيفَ نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وأزواجه وَذريته، كَمَا صليت على

في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد أمرنا الله أن نصلي عليك يا نبي الله فكيف نصلي عليك فسكت النبي

إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد وعَلى أَزوَاجه وَذريته، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد ". وَعند مُسلم عَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ أَنه رأى يَعْنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مجْلِس سعد بن عبَادَة، فَقَالَ لَهُ بشير بن سعد: أمرنَا الله أَن نصلي عَلَيْك يَا نَبِي الله! فَكيف نصلي عَلَيْك؟ فَسكت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى تمنينا لم يسْأَله، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد وَالسَّلَام كَمَا قد علمْتُم " وَرُوِيَ عَن فضَالة بن عبيد الْأنْصَارِيّ: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجلا لم يحمد الله وَلم يمجده وَلم يصل على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَانْصَرف فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " عجل هَذَا، فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ وَلغيره: إِذا صلى أحدكُم فليبدأ بتمجيد ربه، وَفِي رِوَايَة تحميد ربه وَالثنَاء عَلَيْهِ، وَليصل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ يَدْعُو بِمَا شَاءَ "، قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث صَحِيح.

كان يقول لا صلاة لمن لم يصل على النبي

وروى عبد الْمُهَيْمِن بن عَبَّاس بن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: " لَا صَلَاة لمن لم يصل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. عبد الْمُهَيْمِن لَيْسَ بِالْقَوِيّ والاعتماد على مَا سبق، وَرُوِيَ عَن أبي مَسْعُود البدري قَالَ: " لَو صليت صَلَاة لَا أُصَلِّي فِيهَا على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد مَا رَأَيْت أَنَّهَا تتمّ " وَقد روى جَابر الْجعْفِيّ، فِي الْبَاب حَدِيثا مَرْفُوعا عَن أبي مَسْعُود " من صلى صَلَاة لم يصل عَليّ وعَلى أهل بَيْتِي لم يقبل مِنْهُ " وَجَابِر ضَعِيف، وَقد اخْتلف عَنهُ فَروِيَ عَن عَائِشَة مَرْفُوعا " لَا تقبل صَلَاة بِغَيْر طهُور وبالصلاة عَليّ "، وَعَن بُرَيْدَة " إِذا جَلَست فِي صَلَاتك فَلَا تتركن فِي التَّشَهُّد لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله وَالصَّلَاة عَليّ وعَلى جَمِيع أَنْبيَاء الله " روى الشّعبِيّ قَالَ: " من لم يصل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التَّشَهُّد الْأَخير فليعد صلَاته أَو قَالَ: لَا تُجزئ صلَاته " فَهَذَا عَن الشّعبِيّ يبطل قَوْلهم من الْعلمَاء لم يَقُولُوا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة بِوُجُوب الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هُوَ مذهبكم، وروينا عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن

مسألة

أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن يَعْنِي مَا روينَا عَن الشّعبِيّ وَالله أعلم. مَسْأَلَة (127) : وَالْخُرُوج من الصَّلَاة بِالسَّلَامِ وَاجِب على من أحْسنه، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: كل قطع الصَّلَاة / إِذا فعله فِي خلَافهَا عمدا خرج بِهِ من الصَّلَاة إِذا فعله فِي غَيرهَا دليلنا من طَرِيق الْخَبَر: حَدِيث جَابر بن سَمُرَة " كُنَّا إِذا صلينَا خلف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْنَا يَعْنِي الْإِشَارَة بِأُصْبُعِهِ السبابَة، السَّلَام عَلَيْكُم، قَالَ لنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا بَال أَقوام يومئون بِأَيْدِيهِم فِي الصَّلَاة كأذناب خيل الشَّمْس أَلا يَكْفِي أحدهم أَن يضع يَده على فَخذه ثمَّ يسلم على أَخِيه من عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَعِنْده فِي رِوَايَة عَنهُ بِمَعْنَاهُ عَنهُ قَالَ " إِنَّمَا يَكْفِي أحدكُم أَن يضع يَده على فَخذه ثمَّ يسلم عَن يَمِينه وَعَن شِمَاله السَّلَام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الله " وَعِنْده، عَن عَائِشَة: فِي صفة صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَت فِي آخِره " كَانَ يخْتم الصَّلَاة بِالتَّسْلِيمِ "، وَعِنْده عَن سعد

يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده اتفقا على حديث عتبان وفيه ثم سلم يعني رسول الله

" كنت أرى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره حَتَّى أرى بَيَاض خَدّه " اتفقَا على حَدِيث عتْبَان وَفِيه " ثمَّ سلم يَعْنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسلمنَا حِين سلم "، وَقد أَمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالتَّسْلِيمِ، فِي حَدِيث عبد الله فِي سَجْدَتي السَّهْو قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا شكّ أحدكُم فِي الصَّلَاة فليتحر الصَّوَاب ثمَّ يسلم ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ " اتفقَا على صِحَّته، وَرُوِيَ من طرق عَن عبد الله أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يسلم عَن يَمِينه وَعَن يسَاره " وَعَن عبد الله بن عَمْرو عَن أبي سعيد، وَعَن وَائِل الْحَضْرَمِيّ، وَعَن الْبَراء بن عَازِب ثمَّ قَالَ وَقد تَابع عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ على تسليمتي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سعد بن أبي وَقاص وَعبد الله بن عَمْرو، وَوَائِل بن حجر وَجَابِر بن سَمُرَة والبراء وَعبد الله بن زيد وَسَهل بن سعد وواثلة بن الْأَسْقَع ثمَّ روى عَن

كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة تلقاء وجهه يميل إلى الشق الأيمن شيئا قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث صحيح تابعهم على ذلك أنس وسمرة وذكرهما ثم روى عن أبي سعيد أن رسول الله

عَائِشَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يسلم فِي الصَّلَاة تَسْلِيمَة وَاحِدَة تِلْقَاء وَجهه يمِيل إِلَى الشق الْأَيْمن شَيْئا " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث صَحِيح تَابعهمْ على ذَلِك أنس وَسمرَة وذكرهما ثمَّ روى عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مِفْتَاح الصَّلَاة الْوضُوء وتحريمها التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم "، قَالَ أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد. وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن عَليّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مِفْتَاح الصَّلَاة الْوضُوء، وتحريمها التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم "، وَرُوِيَ عَن عبد الله قَالَ " مِفْتَاح الصَّلَاة التَّكْبِير، وانقضاؤها بِالتَّسْلِيمِ إِذا سلم الإِمَام فَقُمْ إِن شِئْت " وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث رُوِيَ عَن معلي بن مَنْصُور الرَّازِيّ عَن يَعْقُوب يَعْنِي أَبَا يُوسُف، حَدثنَا أَبُو حنيفَة حَدثنَا الْحسن بن الْحر

أخذ بيد عبد الله فعلمه التشهد في الصلاة فقال قل التحيات لله وذكره ثم قال فإذا فعلت أو قلت هذا فقد قضيت صلاتك فإن شئت أن تقم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد قال أبو العباس ابن عبده ليس هذا من حديث أبي حنيفة إنما رواه أبو يوسف عن أبي

عَن الْقَاسِم ابْن مخيمرة قَالَ: " أَخذ عَلْقَمَة بيَدي فَحَدثني أَن عبد الله بن مَسْعُود، أَخذ بِيَدِهِ وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ بيد عبد الله فَعلمه التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة فَقَالَ قل: التَّحِيَّات لله وَذكره ثمَّ قَالَ: فَإِذا فعلت أَو قلت هَذَا، فقد قضيت صَلَاتك فَإِن شِئْت أَن تقم فَقُمْ، وَإِن شِئْت أَن تقعد فَاقْعُدْ "، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس ابْن عَبده: لَيْسَ هَذَا من حَدِيث أبي حنيفَة، إِنَّمَا رَوَاهُ أَبُو يُوسُف عَن أبي خَيْثَمَة، وَهُوَ زُهَيْر بن مُعَاوِيَة قَالَ أَبُو عَليّ الْحَافِظ: هَذَا خطأ وَأَبُو يُوسُف إِنَّمَا أَرَادَ عَن أبي خَيْثَمَة وَأَبُو حنيفَة لم يعرف لَهُ عَن الْحسن بن الْحر حَدِيث، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: أَبُو حنيفَة وهم فِيهِ الرَّاوِي وَأَرَادَ أَبَا خَيْثَمَة، وَقد يَقع التَّصْحِيف فِي مثله، إِنَّمَا رُوِيَ هَذَا الْخَبَر فِي الْآثَار عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله بن مَسْعُود مُرْسلا وَلَيْسَ فِيهِ هَذِه الزِّيَادَة، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: إِن المدرج فِي هَذَا الْخَبَر إِذا فعلت هَذَا، أَو قضيت هَذَا فقد قضيت صَلَاتك إِلَى الْآخِرَة من كَلَام

والدليل على صحة ما قلناه أن أبا خيثمة قد أقر بالشك في ذلك الموضع من الخبر في الروايات كلها عنه فأما أبو النضر هاشم بن القاسم فإنه قال في حديثه قال أبو خيثمة حدثني من سمعه قال يعني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده

عبد الله بن مَسْعُود لَا من كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَالدَّلِيل على صِحَة مَا قُلْنَاهُ، أَن أَبَا خَيْثَمَة قد أقرّ بِالشَّكِّ فِي ذَلِك الْموضع من الْخَبَر فِي الرِّوَايَات كلهَا عَنهُ، فَأَما أَبُو النَّضر هَاشم بن الْقَاسِم فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثه، قَالَ أَبُو خَيْثَمَة: حَدثنِي من سَمعه قَالَ: يَعْنِي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله إِذا فعلت هَذَا فَذكره وَقَالَ عَاصِم بن عَليّ فِي حَدِيثه: قَالَ / أَبُو خَيْثَمَة وَلَا أحسبني إِلَّا قد سمعته، وَقد يبْقى الإِمَام أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن يحيى ريحانه أهل خراسانة رَحمَه الله بروايته عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة وأتقن عَنهُ إرْسَاله هَذِه اللَّفْظَة عَن مَجْهُول لم يذكرهُ، وَأما أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس الْيَرْبُوعي فَإِنَّهُ قد أخبر فِي رِوَايَته عَن زُهَيْر بن مُعَاوِيَة أَن بعض هَذَا الحَدِيث انمحى من كتاب زُهَيْر أَو عرف فَذَلِك شكّ فِيهِ، كَذَلِك هَذَا كُله كَلَام أبي عبد الله رَحمَه الله تَعَالَى، قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِي الله عَنهُ: إِنَّمَا قَالَ يحيى بن يحيى عَن زُهَيْر بلغت حفظي عَن الْحسن فَذكر الزِّيَادَة، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن

ما ليس من كلامه وهو قوله إذا فعلت هذا فقد قضيت صلاتك هذا إنما هو من قول عبد الله بن مسعود والدليل الواضح على صحة ما ذكره أبو علي الحافظ وأبو عبد الله رحمهما الله إن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان قد روى هذا الخبر عن ابن الحر فميز

زُهَيْر مَوْقُوفا قَالَ أَبُو عَليّ الْحَافِظ: وهم زُهَيْر بن مُعَاوِيَة فِي رِوَايَته عَن الْحسن بن الْحر وأدرج فِي كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا لَيْسَ من كَلَامه وَهُوَ قَوْله: " إِذا فعلت هَذَا فقد قضيت صَلَاتك هَذَا إِنَّمَا هُوَ من قَول عبد الله بن مَسْعُود. وَالدَّلِيل الْوَاضِح على صِحَة مَا ذكره أَبُو عَليّ الْحَافِظ وَأَبُو عبد الله رحمهمَا الله، إِن عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان، قد روى هَذَا الْخَبَر عَن ابْن الْحر فميز هَذِه الْكَلِمَة من كَلِمَات رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَالَ عَليّ بن مَسْعُود، قَالَ عَليّ بن عمر رَحمَه الله تَعَالَى: وَرَوَاهُ زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن الْحسن بن الْحر فَزَاد فِي آخِره كلَاما، فأدرجه بَعضهم عَن زُهَيْر فِي الحَدِيث، وَوَصله بِكَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وفصله شَبابَة عَن زُهَيْر، وَحَوله عَن كَلَام ابْن مَسْعُود، وَقَوله: أشبه بِالصَّوَابِ من قَول من أدرجه فِي حَدِيث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِأَن ابْن ثَوْبَان رَوَاهُ عَن الْحسن بن الْحر، كَذَلِك، وَجعل آخِره من قَول ابْن مَسْعُود، ولاتفاق حُسَيْن الْجعْفِيّ وَابْن عجلَان وَغَيرهَا فِي روايتهم عَن

ما ليس منه بالرجوع إلى قوله أولى والله أعلم قال دحيم ابن ثوبان ثقة وقال البخاري ابن ثوبان الشامي الزاهد وقال أبو علي الحافظ ابن ثوبان حافظ مميز من

الْحسن بن الْحر على ترك ذكره فِي آخر الحَدِيث مَعَ اتِّفَاق كل من روى التَّشَهُّد عَن عَلْقَمَة وَعَن غَيره عَن عبد الله على ذَلِك، وَالله أعلم " وَهُوَ كَمَا قَالَ إمامنا أَبُو الْحسن رَحمَه الله تَعَالَى، فقد رَوَاهُ مَكْحُول فَقِيه أهل دمشق وَيزِيد بن أبي مَرْيَم، عَن الْقَاسِم بن مخيمرة دون ذكر هَذِه الزِّيَادَة وَرَوَاهُ عَامر الشّعبِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَعَمْرو بن عبد الله السبيعِي، وَعبد الْملك بن عُمَيْر عَن عَلْقَمَة بن قيس دون ذكر هَذِه الزِّيَادَة وَزُهَيْر بن مُعَاوِيَة، وَإِن كَانَ عدلا ثِقَة فقد أقرّ على نَفسه بِالشَّكِّ فِي آخر الحَدِيث وَلَا يذهب يَقِين غَيره بشكه فقد حفظه ابْن ثَوْبَان وميز عَن كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا لَيْسَ مِنْهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى قَوْله أولى وَالله أعلم. قَالَ دُحَيْم: ابْن ثَوْبَان ثِقَة، وَقَالَ البُخَارِيّ: ابْن ثَوْبَان الشَّامي الزَّاهِد وَقَالَ أَبُو عَليّ الْحَافِظ: ابْن ثَوْبَان حَافظ مُمَيّز من

قلنا متابعة محمد بن أبان عن الحسن لشك زهير بن يزيد الحديث وهنا فإنه ليس ممن يقبل منه ما يوافق الأثبات فكيف ما يخالف فيه الثقات قال ابن معين محمد بن أبان الجعفي ضعيف قال البخاري ليس بالقوي فقد ظهر لمن وفق أن هذه الزيادة من قول

أَئِمَّة أهل الشَّام فَإِن قيل قد روى مُحَمَّد بن أبان عَن الْحسن بن الْحَرْب وأدرجه فِي كَلَام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْنَا: مُتَابعَة مُحَمَّد بن أبان عَن الْحسن لشك زُهَيْر بن يزِيد الحَدِيث، وَهنا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِمَّن يقبل مِنْهُ، مَا يُوَافق الْأَثْبَات فَكيف مَا يُخَالف فِيهِ الثِّقَات؟ قَالَ ابْن معِين: مُحَمَّد بن أبان الْجعْفِيّ ضَعِيف، قَالَ البُخَارِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيّ، فقد ظهر لمن وفْق أَن هَذِه الزِّيَادَة من قَول ابْن مَسْعُود، لَا من قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أَنه كالشاذ من قَول عبد الله أَيْضا، وَإِن استدلوا بِمَا روى عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم عَن عبد الرَّحْمَن بن رَافع عَن بكر بن سوَادَة عَن عبد الله بن عَمْرو مَرْفُوعا: " إِذا رفع رَأسه من آخر السُّجُود ثمَّ أحدث فقد تمت صلَاته " وَرُوِيَ عَنهُ بِأَلْفَاظ أخر وَزِيَادَة، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَافِظ: تقال للمتحج بِهَذَا الْخَبَر إِنَّه خبر مُضْطَرب الْمَتْن والإسناد وَرُوَاته، الَّذِي تفرد بِهِ بروايته، عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الأفريقي. قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: " لَا يكْتب حَدِيث أَرْبَعَة مُوسَى ابْن

وعلى آله

عُبَيْدَة، وَعبد الرَّحْمَن زِيَاد بن أنعم، وجويبر بن سعيد، وَإِسْحَق بن عبد الله بن أبي فَرْوَة " قَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ: سَأَلته يَعْنِي ابْن معِين عَن عبد الرَّحْمَن الأفريقي فَقَالَ ضَعِيف، وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل حَدثنَا الْمقري عَن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم فِي حَدِيثه بعض الْمَنَاكِير، وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الْجوزجَاني: عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد غير مَحْمُود فِي الحَدِيث وَكَانَ صَارِمًا خبيثا، قَالَ أَبُو عبد الله: فَهَذَا حَال الأفريقي عِنْد من يرجع إِلَيْهِم فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل من أَعْلَام الْمُسلمين وأئمة الدّين فَلْينْظر امْرُؤ لدينِهِ أَن لَا يَجْعَل مثله حجَّة فِيمَا بَينه وَبَين الله فِي ترك التَّشَهُّد وَالصَّلَاة على نبيه الْمُصْطَفى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعَلى آله /.

والتحليل من الصلاة بالتسليم وفي ذلك غنية لمن تدبره ولم يعاند الحق وأهله ثم لو قابلنا اليقين بالشك وروايات الحفاظ والمقبولين بروايات الضعفاء والمجروحين وقبلنا هذه الروايات التي رويناها لهم وكأنه كان قبل أن شرع التشهد في الصلاة والصلاة

وَقد رُوِيَ عَن ابْن عمر حَدِيث أَوْهَى إِسْنَادًا من حَدِيث ابْن عَمْرو وَلَا تقوم الْحجَّة بِمثل رُوَاته فَإِن أَكْثَرهم مَجْهُولُونَ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى هَذَا مَا انْتهى إِلَيْنَا، مِمَّا قَالَ أَئِمَّتنَا رَضِي الله عَنْهُم فِي عِلّة هَذِه الْأَحَادِيث وجرح رواتها مَا أَقَمْنَا عَلَيْهِ من الْبَرَاهِين على وجوب التَّشَهُّد وَالصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والتحليل من الصَّلَاة بِالتَّسْلِيمِ وَفِي ذَلِك غنية لمن تدبره وَلم يعاند الْحق وَأَهله ثمَّ لَو قابلنا الْيَقِين بِالشَّكِّ، وَرِوَايَات الْحفاظ والمقبولين بروايات الضُّعَفَاء والمجروحين، وَقَبلنَا هَذِه الرِّوَايَات الَّتِي رويناها لَهُم وَكَأَنَّهُ كَانَ قبل أَن شرع التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة، وَالصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والتحليل مِنْهَا بِالتَّسْلِيمِ، ثمَّ صَار مَنْسُوخا وَالدَّلِيل على صِحَة ذَلِك الرِّوَايَة الثَّابِتَة من عَطاء بن أبي رَبَاح، قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا قعد فِي آخر صلَاته قدر التَّشَهُّد أقبل على النَّاس بِوَجْهِهِ، وَذَلِكَ قبل أَن ينزل التَّسْلِيم " وروى عَاصِم بن ضَمرَة من قَوْله: " إِذا قعد قدر التَّشَهُّد فقد تمت صلَاته "، وَعَاصِم لَيْسَ بِحجَّة وَإِن كُنَّا نروي حَدِيثه على طَرِيق الِاسْتِئْنَاس والاستشهادات، قَالَ عَليّ بن سعيد النسوي سَأَلت أَحْمد بن حَنْبَل عَمَّن ترك التَّشَهُّد، قَالَ: يُعِيد الصَّلَاة قلت فَحَدِيث من قعد مِقْدَار التَّشَهُّد فَقَالَ: لَا

مسألة

يَصح وَالله أعلم. مَسْأَلَة (128) : وَمن لم يحسن قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَلَا غَيرهَا من الْقُرْآن فَإِنَّهُ يذكر الله تَعَالَى، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يلْزمه الذّكر فَيقوم قدر الْقِرَاءَة ثمَّ يرْكَع، وَرُوِيَ أَبُو دَاوُد عَن رِفَاعَة بن رَافع أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقص الحَدِيث وَفِيه " فَتَوَضَّأ كَمَا أَمرك الله ثمَّ تشهد فأقم ثمَّ كبر فَإِن كَانَ مَعَك قُرْآن فاقرأ بِهِ، وَإِلَّا فاحمد الله وَكبره، وَهَلله، وَقَالَ فِيهِ: وَإِن انتقصت مِنْهُ شَيْئا انتقصت من صَلَاتك "، وَرُوِيَ عَن ابْن أبي أوفى قَالَ: " أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيع أَن آخذ من الْقُرْآن شَيْئا فعلمني مَا يجزئني من الْقُرْآن، قَالَ: سُبْحَانَ الله، وَالْحَمْد لله، وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، فَقَالَ هَذَا لله فَمَا لي، قَالَ: قل اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وَعَافنِي وارزقني "

مسألة

وَالله أعلم. مَسْأَلَة (129) : وترجمة الْقُرْآن عندنَا لَيست بقرآن تجزي بهَا الصَّلَاة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّهَا تقوم مقَام الْقُرْآن فِي جَوَاز الصَّلَاة بهَا. عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح عَن أبي بن كَعْب " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ عِنْد أضاة بني غفار فَقَالَ: إِن الله يَأْمُرك أَنْت وَأمتك أَن تقْرَأ الْقُرْآن على حرف فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أسأَل الله معافاته ومغفرته " وَذكر الحَدِيث إِلَى أَن " قَالَ: ثمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: إِن الله يَأْمُرك أَنْت وَأمتك أَن تقْرَأ الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف، أَي حرف قرأوا عَلَيْهِ فقد أَصَابُوا "، وَعِنْده أَيْضا: حَدِيث عمر بن الْخطاب: مَرَرْت بِهِشَام بن حَكِيم بن حزَام يقْرَأ سُورَة الْفرْقَان وَبعده، حَدِيث ابْن

مسألة

عَبَّاس، وَرُوِيَ عَن زيد بن ثَابت قَالَ: " الْقِرَاءَة سنة "، إِنَّمَا أَرَادَ وَالله أعلم: أَن اتِّبَاع من قبلنَا فِي الْحُرُوف والقراءات سنة متبعة لَا يجوز مُخَالفَة الْمُصحف الَّذِي هُوَ إِمَام وَلَا مُخَالفَة الْقرَاءَات الَّتِي هِيَ مَشْهُورَة، وَإِن كَانَ غير ذَلِك شَائِعا فِي اللُّغَة وَأظْهر فِيهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ. مَسْأَلَة (130) : وَإِذا صلى الْجنب بِقوم لم يعلمُوا بجنابته ثمَّ أخْبرهُم بهَا لم يلْزمهُم الْإِعَادَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يلْزمهُم الْإِعَادَة وأصحابنا يستدلون بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة: " أُقِيمَت الصَّلَاة وصف النَّاس صفوفهم فَخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى قَامَ مقَامه ثمَّ ذكر أَنه لم يغْتَسل فَقَالَ: مَكَانكُمْ فَانْصَرف إِلَى منزله فاغتسل ثمَّ خرج حَتَّى قَامَ مَكَانَهُ وَرَأسه ينطف المَاء " وَرَوَاهُ عبد الله بن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ، وَقَالَ فِيهِ: " فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى إِذا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ قبل

كبر ورواه أبو بكر أن رسول الله

أَن يكبر ذكر أَنه جنب وَانْصَرف " وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كبر " وَرَوَاهُ أَبُو بكر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل فِي صَلَاة الْفجْر فأوصى بِيَدِهِ أَن مَكَانكُمْ ثمَّ جَاءَ وَرَأسه يقطر فصلى بهم، وَفِي رِوَايَة عِنْد أبي دَاوُد بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ فِي أَوله فَكبر وَقَالَ فِي آخِره فَلَمَّا قضى الصَّلَاة قَالَ: " إِنَّمَا أَنا بشر، وَإِنِّي كنت جنبا " رُوَاته ثِقَات، فقد احْتج البُخَارِيّ بِزِيَادَة الأعلم وَاحْتج مُسلم بحماد بن سَلمَة، وروى الْحسن بن عبد الرَّحْمَن بِإِسْنَادِهِ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة مَعْنَاهُ تفرد الْحسن بِرَفْعِهِ وروى هِشَام عَن /، عبيد الله بن معَاذ عَن أنس " دخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة فَكبر، فكبرنا مَعَه، ثمَّ أَشَارَ إِلَى الْقَوْم أَي كَمَا أَنْتُم؟ فَلم نزل قيَاما حَتَّى أَتَانَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَكَذَلِكَ عُثْمَان بن

كبر في صلاة من الصلوات ثم أشار بيديه امكثوا ثم رجع وعلى جلده أثر الماء وهذا المرسل لعطاء بن يسار يقوى بانضمام مرسل محمد بن سيرين عن النبي

سعيد الدَّارمِيّ عَن عبيد الله بن معَاذ، وَرَوَاهُ عَطاء بن يسَار مُرْسلا " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كبر فِي صَلَاة من الصَّلَوَات ثمَّ أَشَارَ بيدَيْهِ امكثوا ثمَّ رَجَعَ وعَلى جلده أثر المَاء "، وَهَذَا الْمُرْسل لعطاء بن يسَار يقوى بانضمام مُرْسل مُحَمَّد بن سِيرِين عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَبِمَا يرويهِ عبد الْوَهَّاب بن عَطاء عَن ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن بكر بن عبد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. وبإجماع الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فقد روينَا عَن عمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا فعلهمَا فِي خِلَافَتهمَا بمشهد من الصَّحَابَة وصلاتهما بهم من غير نَكِير من أحد مِنْهُم وَرُوِيَ أَيْضا عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مثل مَا قُلْنَا وَعند البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يصلونَ لكم فَإِن أَصَابُوا فلكم وَلَهُم وَأَن أخطئوا فلكم وَعَلَيْهِم " وَقد صَحَّ عَن عمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا مثل مَا قُلْنَا أَن عمر صلى بِالنَّاسِ وَهُوَ جنب، فَأَعَادَ وَلم يَأْمُرهُم أَن يُعِيدُوا. وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن زبيد بن

الصَّلْت أَنه قَالَ خرجت مَعَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ إِلَى الجرف فنظروا فَإِذا هُوَ قد احْتَلَمَ وَصلى وَلم يغْتَسل فَقَالَ مَا أَرَانِي إِلَّا قد احْتَلَمت وَمَا شَعرت، وَصليت وَمَا اغْتَسَلت، قَالَ فاغتسل وَغسل مَا رأى ونضح مَا لم ير وَأذن وَأقَام ثمَّ صلى بعد ارْتِفَاع الضُّحَى مُتَمَكنًا وَرَوَاهُ أنس أبين من هَذَا وَفِيه زِيَادَة أَلْفَاظ إِسْحَاق بن يحيى بِإِسْنَاد آخر عَن مُطِيع بن الْأسود وَلَا بَأْس بِهِ فِيمَا يُوَافق الْأَثْبَات وَلَا يُخَالف الْأَثْبَات قَالَ فِيهِ " وَلم يَأْمر أحدا بِإِعَادَة الصَّلَاة "، وروى عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن هشيم عَن خَالِد بن سَلمَة عَن مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْحَارِث بن أبي ضرار " أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ صلى بِالنَّاسِ وَهُوَ جنب فَلَمَّا أصبح نظر فِي ثَوْبه احتلاما فَقَالَ: كَبرت وَالله لَا أَدْرِي أَنِّي أجنب ثمَّ لَا أعلم ثمَّ أعَاد وَلم يَأْمُرهُم (أَن) يُعِيدُوا، قَالَ عبد الرَّحْمَن: سَأَلت سُفْيَان عَنهُ فَقَالَ: قد سمعته من خَالِد بن سَلمَة وَلَا أجئ بِهِ كَمَا أُرِيد قَالَ عبد الرَّحْمَن وَهَذَا الْمُجْتَمع عَلَيْهِ، الْجنب يُعِيد وَلَا يعيدون مَا أعلم فِيهِ اخْتِلَافا.

صلى بالناس وهو جنب فأعاد وأعادوا قال علي بن عمر هذا مرسل وأبو جابر متروك الحديث قال الشافعي رحمه الله الرواية عن حرام بن عمر بن حرام ومن روى عن أبي جابر البياضي بيض الله عينيه وقال مالك لم يكن رضا وقال ابن معين كان كذابا

وَرُوِيَ بِإِسْنَاد رُوَاته كلهم ثِقَات عَن سَالم عَن أَبِيه فِي رجل صلى بِقوم وَهُوَ على غير وضوء قَالَ: يُعِيد وَلَا يعيدون. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى أَبُو جَابر البياضي، عَن ابْن الْمسيب " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بِالنَّاسِ وَهُوَ جنب فَأَعَادَ وأعادوا "، قَالَ عَليّ بن عمر: هَذَا مُرْسل وَأَبُو جَابر مَتْرُوك الحَدِيث، قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: الرِّوَايَة عَن حرَام بن عمر بن حرَام، وَمن روى عَن أبي جَابر البياضي بيض الله عَيْنَيْهِ وَقَالَ مَالك لم يكن رضَا، وَقَالَ ابْن معِين: كَانَ كذابا، وروينا عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ مثل مَذْهَبنَا وَعَن الثَّوْريّ لَهُ قَالَ: " لَا نعلم أحدا قَالَ: يُعِيد ويعيدون، غير حَمَّاد " ويروون ذَلِك عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ، بِإِسْنَاد لَا تقوم بِهِ حجَّة، رَوَاهُ عَمْرو بن خَالِد أَبُو خَالِد الوَاسِطِيّ وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث، رَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل

وليس هو على وضوء فتمت للقوم وأعاد النبي

بِالْكَذِبِ، عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن عَاصِم بن ضَمرَة، قَالَ الثَّوْريّ: إِن حبيب بن أبي ثَابت لم يرو عَن عَاصِم بن ضَمرَة شَيْئا قطّ، وَعَن عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ لَيْسَ فِي الحَدِيث قَوْله لمن يَقُول: " إِذا صلى الإِمَام بِغَيْر وضوء أَن أَصْحَابه يعيدون " والْحَدِيث الآخر أثبت أَن لَا يعيدون الْقَوْم هَذَا إِن أَرَادَ الْإِنْصَاف بِالْحَدِيثِ " والْحَدِيث. ثمَّ يعارضهما مَا رُوِيَ عَن الْبَراء قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَيْسَ هُوَ على وضوء فتمت للْقَوْم وَأعَاد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَعنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَيّمَا إِمَام صلى بِالنَّاسِ وَهُوَ جنب أَو على غير وضوء فقد تمت صَلَاة الْقَوْم وَيُعِيد الإِمَام ". مَسْأَلَة (131) : وَبَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه وَمَا لَا يُؤْكَل لَحْمه فِي النَّجَاسَة سَوَاء، وَوُجُوب غسل الثَّوْب وَالْبدن مِنْهُ، وَفرق أَبُو حنيفَة بَينهمَا فَقَالَ: فِي بَوْل مَا يُؤْكَل لَحْمه أَن مَا يُصِيب الْبدن أَو الثَّوْب فمعفو مَا لم يكن

انتهى إلى قبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير كان أحدهما يمشي بالنميمة وكان الآخر لا يتقي البول قال ثم أخذ جريدة فكسرها بقطعتين ثم قال عسى أن يخفف عنهما حتى ييبسا اتفقا على صحته وفي رواية عند البخاري فكان لا يستتر من

كَبِيرا فَاحِشا. دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْتهى إِلَى قبرين فَقَالَ: " إنَّهُمَا ليعذبان وَمَا يعذبان فِي كَبِير كَانَ أَحدهمَا يمشي بالنميمة وَكَانَ الآخر لَا يَتَّقِي الْبَوْل قَالَ: ثمَّ أَخذ جَرِيدَة فَكَسرهَا بقطعتين ثمَّ قَالَ عَسى أَن يُخَفف عَنْهُمَا حَتَّى ييبسا " اتفقَا على صِحَّته، وَفِي رِوَايَة عِنْد البُخَارِيّ " فَكَانَ لَا يسْتَتر من الْبَوْل " وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَكثر عَذَاب الْقَبْر فِي الْبَوْل " وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى سوار بن مُصعب عَن مطرف عَن أبي الجهم عَن الْبَراء مَرْفُوعا " لَا بَأْس ببول مَا أكل لَحْمه " / قَالَ عَليّ بن عمر: " خَالفه يحيى بن الْعَلَاء يَعْنِي من رِوَايَة عمر بن الْحصين عَنهُ عَن مطرف عَن محَارب عَن جَابر، وَعَمْرو بن الْحصين وَيحيى بن الْعَلَاء ضعيفان وسوار أَيْضا مَتْرُوك قد اخْتلف عَنهُ فَقيل مَا أكل لَحْمه فَلَا بَأْس بسؤره "، قَالَ عَبَّاس الدوري: قَالَ يحيى بن

وعنان فرسه في ذراعه فبال الفرس فانتضح عليه من بوله ولم ينصرف لذلك وهذا مرسل وفي إسناده ضعيف وروي عن أبي قتادة ما أكل لحمه فلا بأس بسلخه هذا موقوف وفي ضعف وروي عن بكير بن عبد الله بن الأشبح قال كان أصحاب رسول الله

معِين يَقُول " سوار الْأَعْمَى ضَعِيف، وَقَالَ سوار بن مُصعب! كُوفِي وَقد رَأَيْته وَلَيْسَ بِشَيْء كَانَ يجيئنا إِلَى منزلنا " وَقَالَ البُخَارِيّ: سوار بن مُصعب الهمذاني يعد فِي الْكُوفِيّين مُنكر الحَدِيث، وَقَالَ أَيْضا: يحيى بن الْعَلَاء البَجلِيّ الرَّازِيّ: كَانَ وَكِيع يتَكَلَّم فِيهِ. وَرُوِيَ عَن مَكْحُول: صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وعنان فرسه فِي ذراعه فَبَال الْفرس فانتضح عَلَيْهِ من بَوْله وَلم ينْصَرف لذَلِك وَهَذَا مُرْسل وَفِي إِسْنَاده ضَعِيف وَرُوِيَ عَن أبي قَتَادَة: " مَا أكل لَحْمه فَلَا بَأْس بسلخه " هَذَا مَوْقُوف وَفِي ضعف، وَرُوِيَ عَن بكير بن عبد الله بن الأشبح قَالَ: " كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصلونَ بحدق الْبَقر يَعْنِي سلخ الْبَقر يكون فِي الثَّوْب " قَالَ أَبُو بكر بن إِسْحَق الْفَقِيه: خبر بكير مُرْسل لَا تقوم بِهِ حجَّة وَرُوِيَ عَن أبي مجلز: " قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى ابْن عمر فَقَالَ: إِنِّي تبِعت رَاحِلَتي أصابني من بولها فَقَالَ: اغسل اغسل الثَّوْب

مسألة

كُله، واغسله " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (132) : لم يذكرهَا الإِمَام، ويرش على بَوْل الصَّبِي الَّذِي لم يَأْكُل الطَّعَام وَلَا يجب غسله، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: بَوْل الصَّبِي والصبية سَوَاء فِي وجوب الْغسْل مِنْهُ، دليلنا: حَدِيث قيس بنت مُحصن أَنَّهَا جَاءَت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِابْن لَهَا صَغِير لم يَأْكُل الطَّعَام فأجلسه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجره، فَبَال عَلَيْهِ، فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فنضحه وَلم

كان يؤتى بالصبيان فينزل عليهم ويحنكهم فأتى بصبي فبال عليه فدعا بماء فأتبعه ولم يغسله اتفقا على صحته أيضا وعند أبي داود عن لبابة بنت الحارث رضي الله عنها قالت كان الحسين بن علي رضي الله عنهما في حجر رسول الله

يغسلهُ " اتفقَا على صِحَّته، وَعَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يُؤْتى بالصبيان فَينزل عَلَيْهِم ويحنكهم، فَأتى بصبي فَبَال عَلَيْهِ فَدَعَا بِمَاء فَأتبعهُ وَلم يغسلهُ " اتفقَا على صِحَّته أَيْضا وَعند أبي دَاوُد عَن لبَابَة بنت الْحَارِث رَضِي الله عَنْهَا، " قَالَت كَانَ الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فِي حجر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَبَال عَلَيْهِ، فَقَالَت: البس ثوبا، وَأَعْطِنِي إزارك حَتَّى أغسله قَالَ: " إِنَّمَا يغسل من بَوْل الْأُنْثَى وينضح من بَوْل الذّكر " وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فِي بَوْل الصَّبِي " ينضح بَوْل الْغُلَام، وَيغسل بَوْل الْجَارِيَة " قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح، فَإِن أَبَا الْأسود الديلِي يَصح سَمَاعه من عَليّ رَضِي الله عَنهُ. وَفِي رِوَايَة

أخرى وروى أبو داود عن الحسن عن أمه أنها أبصرت أم سلمة رضي الله عنها تصب على بول الغلام ما لم يطعم وإذا طعم غسلته وكانت تغسل بول الجارية فقد صح عن النبي

أُخْرَى بِنَحْوِهِ وَزَاد: قَالَ قَتَادَة وَهَذَا مَا لم يطعما الطَّعَام فَإِذا أطعما الطَّعَام غسلا جَمِيعًا، وَقد رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ. مَوْقُوفا قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: فَكَأَنَّهُ أفتى مرّة، وَرَوَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُخْرَى، وروى أَبُو دَاوُد عَن الْحسن عَن أمه " أَنَّهَا أَبْصرت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا: تصب على بَوْل الْغُلَام مَا لم يطعم، وَإِذا طعم غسلته، وَكَانَت تغسل بَوْل الْجَارِيَة "، فقد صَحَّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ عَن عَليّ وَأم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا. وَلَا يعرف لَهَا من الصَّحَابَة مُخَالف. مَسْأَلَة (133) : ومني الْإِنْسَان طَاهِر، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّه نجس يغسل رطبه ويفرك يابسه، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن همام قَالَ: " ضاف عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا ضيف فَأرْسلت إِلَيْهِ تَدعُوهُ، فَقَالُوا لَهَا: إِنَّه أَصَابَته جَنَابَة، فَذهب يغسل ثَوْبه فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: وَلم يغسلهُ؟ إِن كنت لأفرك الْمَنِيّ من ثوب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، وَأخرج أَيْضا عَن الْأسود عَنْهَا قَالَت: " إِن كنت لأجده يَعْنِي الْمَنِيّ فِي ثوب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأحته عَنهُ "، وَجه الِاسْتِدْلَال مِنْهُ مَا قَالَه الشَّيْخ الإِمَام رَضِي الله عَنهُ: إِن مَا كفي فِي يابسة بعد

يسلت المني من ثوبه بعرق الأذفر ثم يصلي فيه قال وقال القاسم قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله

رطوبته الفرك لم يجب غسله كالبزاق والمخاط، وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة بن عمار حَدثنَا عبد الله بن عبيد قَالَ: قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَسْلت الْمَنِيّ من ثَوْبه بعرق الأذفر، ثمَّ يُصَلِّي فِيهِ " قَالَ: وَقَالَ الْقَاسِم قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يبصر الْمَنِيّ فِي ثَوْبه ثمَّ يحته ثمَّ يُصَلِّي فِيهِ " وَرُوِيَ عَن محَارب بن دثار عَنْهَا " أَنَّهَا كَانَت تَحت الْمَنِيّ من ثِيَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي الصَّلَاة " وَفِيمَا قبله مَا يؤكده. وروى إِسْحَاق الْأَزْرَق عَن شريك عَن مُحَمَّد بن أبي ليلى عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " سُئِلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْمَنِيّ يُصِيب الثَّوْب قَالَ: إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة المخاط والبزاق إِنَّمَا يَكْفِيك أَن تمسحه بِخرقَة أَو بأذخرة "، لم يرفعهُ غير / إِسْحَق وَهُوَ

فركا فإن رأيته أغسله وإن لم يره فأنضحه يعني المني أخرجه مسلم في الصحيح وهو محمول على الاستحباب ونحن نستحب غسله وأول الخبر دليل على

ثِقَة، وَخَالفهُ وَكِيع عَن مُحَمَّد وَلم يرفعهُ وَلَو لم يكن ابْن أبي ليلى وَشريك على الطَّرِيق لَكنا نحكم لرِوَايَة إِسْحَق بِالصِّحَّةِ إِلَّا أَنَّهُمَا لَا يصلحان للاحتجاج بروايتهما والاعتماد فِيهِ على مَا صَحَّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا، رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار وَابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: فِي الْمَنِيّ يُصِيب الثَّوْب " أمطه عَنْك قَالَ أَحدهمَا: بِعُود وأذخر فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة البزاق والمخاط ". وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن مُصعب بن سعد بن أبي وَقاص عَن أَبِيه، أَنه كَانَ إِذا أصَاب ثَوْبه الْمَنِيّ إِن كَانَ رطبا مَسحه وَإِن كَانَ يَابسا حته ثمَّ صلى فِيهِ وَرُبمَا استدلوا بِمَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كنت أفركه من ثوب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فركا، فَإِن رَأَيْته أغسله وَإِن لم يره فأنضحه يَعْنِي الْمَنِيّ "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، وَهُوَ مَحْمُول على الِاسْتِحْبَاب وَنحن نستحب غسله، وَأول الْخَبَر دَلِيل على

كان إذا أصاب ثوبه المني غسل ما أصاب منه ثوبه ثم خرج إلى الصلاة وأنا انظر إلى أثر البقع في ثوبه ذلك في موضع الغسل أخرجه البخاري في الصحيح وهذا ليس بخلاف لقولهما كنت أفرك المني من ثوبه ثم يصلي فيه ولا لحتها المني من ثوبه

طَهَارَته إِذْ لَو كَانَ نجسا لما كفى فِي يابسة فركه، كَسَائِر النَّجَاسَات، استدلوا بِمَا عَنْهَا " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا أصَاب ثَوْبه الْمَنِيّ غسل مَا أصَاب مِنْهُ ثَوْبه ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة وَأَنا انْظُر إِلَى أثر البقع فِي ثَوْبه ذَلِك فِي مَوضِع الْغسْل " أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَهَذَا لَيْسَ بِخِلَاف لقولهما: " كنت أفرك الْمَنِيّ من ثَوْبه ثمَّ يُصَلِّي فِيهِ " وَلَا لحتها الْمَنِيّ من ثَوْبه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي الصَّلَاة، وَلَا لروايتها لسلت الْمَنِيّ من ثوب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعرق الأذخر ثمَّ يُصَلِّي فِيهِ، لَا يكون غسله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خلافًا لمسحه على خفيه فِي يَوْم من أَيَّامه بل تحري الصَّلَاة فيهمَا، كَذَلِك هَذَا، وَرُوِيَ عَن عمار حَدِيث مَرْفُوع فِي غسل الثَّوْب من الْمَنِيّ، قَالَ ابْن عدي الْحَافِظ لَا أعلم روى هَذَا الحَدِيث عَن عَليّ بن زيد غير ثَابت بن حَمَّاد وَأَحَادِيث مَنَاكِير ومقلوبات وَقَالَ عَليّ بن عمر: لم يروه إِلَّا ثَابت بن حَمَّاد وَهُوَ ضَعِيف جدا، ثمَّ

مسألة

يُعَارضهُ حَدِيثه ابْن أبي ليلى، وَهُوَ أصح من هَذَا بِكَثِير وَالله أعلم. مَسْأَلَة (134) : ويطهر مَكَان الْبَوْل من الأَرْض بصب ذنُوب من المَاء عَلَيْهِ سَوَاء كَانَت الأَرْض صلبة أَو رَملَة متخلخلة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن كَانَت صلبة لَا ينزل المَاء من ظَاهرهَا إِلَى بَاطِنهَا فَإِنَّهُ لَا يطهر بِمَا يصب عَلَيْهِ، دليلنا " حَدِيث أنس الْمُتَّفق على صِحَّته جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى الْمَسْجِد فَبَال فصاح النَّاس بِهِ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اتركوه فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَال ثمَّ أَمر بِدَلْو فصب عَلَيْهِ " وَأخرج البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " قَامَ أَعْرَابِي فَبَال فِي الْمَسْجِد، فتناوله النَّاس فَقَالَ

دعوه وأهرقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين واستدلوا بما اعتد أبي داود عن عبد الله بن مغفل بن مقرن قال صلى أعرابي مع النبي

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دَعوه وأهرقوا على بَوْله سجلا من مَاء أَو ذنوبا من مَاء فَإِنَّمَا بعثتم ميسرين وَلم تبعثوا معسرين "، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا اعْتد أبي دَاوُد عَن عبد الله بن مُغفل بن مقرن قَالَ " صلى أَعْرَابِي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر قصَّة، فَقَالَ: قَالَ يَعْنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خُذُوا مَا بَال عَلَيْهِ من التُّرَاب فألقوه وأهرقوا على مَكَانَهُ مَاء " قَالَ أَبُو دَاوُد: وَهُوَ مُرْسل، ابْن معقل لم يدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وروى مَعْنَاهُ سمْعَان بن مَالك والمعلى بن عرفان. وفيهَا نظر عَن ابْن

مسألة

مَسْعُود. قَالَ: روينَا عَن أبي زرْعَة الرَّازِيّ أَنه ضعفه. مَسْأَلَة (135) : وَلَا تَزُول نَجَاسَة الأَرْض من الْبَوْل بِوُقُوع الشَّمْس عَلَيْهِ وَضرب الرِّيَاح لَهُ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّهَا تطهر وَهُوَ القَوْل الثَّانِي لنا، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا استدللنا بِهِ فِي الْمَسْأَلَة قبلهَا، وَهُوَ أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بصب المَاء عَلَيْهِ، وَذَلِكَ الْأَمر بَاقٍ إِلَى أَن يحصل الْمَأْمُور بِهِ قَالَ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح: وَقَالَ أَحْمد بن شبيب وَذكر حَدِيث ابْن عمر: " كَانَت الْكلاب تقبل وتدبر فِي الْمَسْجِد فَلم يَكُونُوا يرشون شَيْئا من ذَلِك " كَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام ثمَّ صَار مَنْسُوخا بِحَدِيث أبي

في إيجاب الغسل سبعا من ولوغ الكلب وقال أبو بكر الإسماعيلي معنى الخبر أن المسجد لم يكن يغلق عليها وكانت تتردد فيه وعساها كانت تبول إلا أن علم بولها فيه لم يكن عند النبي

هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي إِيجَاب الْغسْل سبعا من ولوغ الْكَلْب وَقَالَ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ: معنى الْخَبَر أَن الْمَسْجِد لم يكن يغلق عَلَيْهَا وَكَانَت تَتَرَدَّد فِيهِ وعساها كَانَت تبول إِلَّا أَن علم بولها فِيهِ لم يكن عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه وَلها عِنْد الرَّاوِي أَي مَوضِع هُوَ وَحَيْثُ أَمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بَوْل الْأَعرَابِي بِمَا أَمر، دلّ على أَن بَوْل مَا سواهُ فِي حكم النَّجَاسَة وَاحِد وَأَن اخْتلف غلظ نجاستها وَسمعت وَاحِدًا من أَصْحَابه سُئِلَ عَن هَذِه الْمَسْأَلَة، فَروِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه قَالَ زَكَاة الأَرْض من يبسها " وَكذب، وَالله مَا قَالَ هَذَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَإِنَّمَا يرْوى عَن أبي قلَابَة، وَهُوَ من التَّابِعين أخبرناه أَبُو عبد الله / الْحَافِظ وَذكر إِسْنَاده إِلَيْهِ وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (136) : وللجنب أَن يمر فِي الْمَسْجِد، وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَيْسَ لَهُ ذَلِك، وَبِنَاء الْمَسْأَلَة على الْكتاب قَالَ الله عز وَجل: {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: قَالَ بعض أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ فِي قَول الله تَعَالَى: لَا تقربُوا مَوضِع الصَّلَاة، قَالَ: وَمَا أشبه مَا قَالَ بِمَا قَالَ لِأَنَّهُ لَا يكون فِي الصَّلَاة عبور سَبِيل، إِنَّمَا عبور السَّبِيل فِي موضعهَا وَهُوَ فِي الْمَسْجِد فَلَا بَأْس أَن يمر الْجنب فِي الْمَسْجِد مارا وَلَا يُقيم فِيهِ لقَوْل الله عز وَجل: {وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل} . وَقد روينَا هَذَا فِي التَّفْسِير عَن ابْن عَبَّاس وَأنس بن مَالك وَمُحَمّد بن عَليّ الباقر، وَهَذَا الْمَذْهَب عَن جَابر بن عبد الله وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم، وَذكر أَسَانِيد ذَلِك. وَاسْتدلَّ بِمَا عِنْد أبي دَاوُد عَن جسرة بنت دجَاجَة عَن عَائِشَة: جَاءَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ووجوه

ولم يصنع القوم شيئا رجاء أن تترك لهم رخصة فخرج إليهم بعد فقال وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب وزاد فيه بعض الرواة إلا لمحمد

بيُوت أَصْحَابه شارعة فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ: " وجهوا هَذِه الْبيُوت عَن الْمَسْجِد ثمَّ دخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يصنع الْقَوْم شَيْئا. رَجَاء أَن تتْرك لَهُم رخصَة فَخرج إِلَيْهِم بعد فَقَالَ: وجهوا هَذِه الْبيُوت عَن الْمَسْجِد فَإِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جنب ". وَزَاد فِيهِ بعض الروَاة إِلَّا لمُحَمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ مُحَمَّد: رَوَاهُ البُخَارِيّ بِزِيَادَتِهِ، وَقَالَ: عِنْد جسرة عجائب قَالَ: وَقَالَ عُرْوَة وَعبادَة وَعَائِشَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " سدوا هَذِه الْأَبْوَاب إِلَّا بَاب أبي بكر " وَهَذَا أصح، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهَذَا أصح من حَدِيث جسرة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَمَحْمُول على الْمكْث فِيهِ دون العبور بِدَلِيل الْكتاب وَالله أعلم. مَسْأَلَة (137) : وَيجوز لَهُ أَن يُصَلِّي فِي الْأَوْقَات الَّتِي نهي عَنْهَا فِيهَا صَلَاة لَهَا

نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس أخرجه مسلم في الصحيح وأخرج أيضا عن عقبة بن عامر ثلاث ساعات كان رسول الله

سَبَب ويحتسب بهَا لقَضَاء فَائِتَة أَو صَلَاة جَنَازَة أَو خُسُوف أَو تَحِيَّة مَسْجِد أَو مَا أشبه ذَلِك، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجوز قَضَاء الْفَرِيضَة الْفَائِتَة بعد الصُّبْح وَالْعصر، وَلَا يجوز سوى ذَلِك وَاسْتدلَّ بِمَا عِنْد أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " نهى عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس وَعَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَأخرج أَيْضا عَن عقبَة بن عَامر " ثَلَاث سَاعَات كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينهانا أَن نصلي فِيهِنَّ أَو نقبر فِيهِنَّ مَوتَانا حِين تطلع الشَّمْس بازغة حَتَّى ترْتَفع وَحين تقوم الظهيرة حَتَّى تميل وَحين تضيف الشَّمْس للغروب حَتَّى تغرب " فَفِي هذَيْن الْخَبَرَيْنِ النَّهْي عَن الصَّلَاة فِي الْأَوْقَات الْمَذْكُورَة، وَذَلِكَ النَّهْي عَام وَهُوَ مَخْصُوص، بِمَا اتفقنا على صِحَّته عَن أنس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من نسي صَلَاة فليصلها إِذا ذكرهَا لَا كَفَّارَة لَهَا إِلَّا ذَلِك " وَقد روى حَفْص بن أبي العطاف وَهُوَ مِمَّن لَا يحْتَج بِهِ عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن

قال إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس وفي حديث جابر الصحيح قدمت بالغداة فقال رسول الله

أبي هُرَيْرَة يرفعهُ " من نسي صَلَاة فوقتها إِذا ذكرهَا " واتفقنا على صِحَة حَدِيث أبي قَتَادَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فليركع رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يجلس " وَفِي حَدِيث جَابر الصَّحِيح، قدمت بِالْغَدَاةِ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ادخل فصل رَكْعَتَيْنِ ". وَعَن كريب مولى ابْن عَبَّاس أَن عبد الله بن عَبَّاس وَعبد الرَّحْمَن ابْن أَزْهَر والمسور بن مخرمَة أَرْسلُوهُ إِلَى عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: أَقرَأ عَلَيْهَا السَّلَام منا جَمِيعًا وسلها عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر وَقل: إِنَّا أخبرنَا أَنَّك تصلينها، وَقد بلغنَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَنْهَا فَدخلت عَلَيْهَا فبلغتها مَا أرسلوني بِهِ فَقَالَت: سل أم سَلمَة. فَخرجت إِلَيْهِم فَأَخْبَرتهمْ بقولِهَا فردوني إِلَى أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا بِمثل مَا أرسلوني بِهِ إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا. فَقَالَت: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، نهى عَنْهَا ثمَّ رَأَيْته يُصَلِّيهمَا أما حِين صلاهما فَإِنَّهُ صلى الْعَصْر ثمَّ دخل وَعِنْدِي نسْوَة من بني حرَام من الْأَنْصَار فصلاهما فَأرْسلت إِلَيْهِ الْجَارِيَة. فَقلت قومِي بجنبه فَقولِي لَهُ بقول أم سَلمَة يَا رَسُول الله سَمِعتك تنْهى عَن هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ وأراك تصليهما فَإِن أَشَارَ بِيَدِهِ فاستأخري عَنهُ، قَالَت: فَفعلت الْجَارِيَة، فَأَشَارَ بِيَدِهِ فاستأخرت عَنهُ فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: " يَا بنت أبي أُميَّة سَأَلت عَن

قضاهما بعد العصر بعد نهيه عن الصلاة في هذه الأوقات فلا يجوز دعوى النسخ فيه بأخبار النهي والذي روي عن ذكوان عن أم سلمة رضي الله عنها في هذه القصة أنها قالت أفنقضيهما يا رسول الله إذا فاتتا قال لا وهذه رواية ضعيفة والذي تدل

الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر وَأَنه أَتَانَا نَاس من عبد الْقَيْس بِالْإِسْلَامِ من قَومهمْ فشغلوني عَن الرَّكْعَتَيْنِ بعد الظّهْر فهما هَاتَانِ " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَهَذَا دلَالَة على أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضاهما بعد الْعَصْر بعد نَهْيه عَن الصَّلَاة فِي هَذِه الْأَوْقَات فَلَا يجوز دَعْوَى النّسخ فِيهِ بأخبار النَّهْي وَالَّذِي رُوِيَ عَن ذكْوَان عَن أم سَلمَة / رَضِي الله عَنْهَا فِي هَذِه الْقِصَّة أَنَّهَا قَالَت: " أفنقضيهما يَا رَسُول الله إِذا فاتتا قَالَ: لَا " وَهَذِه رِوَايَة ضَعِيفَة. وَالَّذِي تدل عَلَيْهِ الْأَخْبَار الصَّحِيحَة فِي ذَلِك عَن عَائِشَة وَأم سَلمَة رَضِي الله عَنْهُمَا " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دوَام على قضائهما، وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا عمل عملا أثْبته "، وَلَيْسَ لغير رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فالتخصيص إِنَّمَا يرجع إِلَى المداومة دون أصل الْقَضَاء بِدَلِيل حَدِيث قيس بن قهد وَغَيره وَذَلِكَ فِيمَا روى يحيى بن سعيد عَن أَبِيه عَن جده " أَنه جَاءَ وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي صَلَاة الْفجْر فصلى مَعَه فَلَمَّا سلم قَامَ فصلى رَكْعَتي الْفجْر،

ما هاتان الركعتان فقال لم أكن صليتهما قبل الفجر فسكت ولم يقل شيئا قال أبو عبد الله الحاكم رحمه الله قيس بن قهد صحابي والطريق إليه صحيح قال وقد رواه محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس وذكر إسناده إليه عن قيس بن قهد قال رأى رسول

فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا هَاتَانِ الركعتان فَقَالَ: لم أكن صليتهما قبل الْفجْر "، فَسكت وَلم يقل شَيْئا قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم رَحمَه الله: قيس بن قهد صَحَابِيّ وَالطَّرِيق إِلَيْهِ صَحِيح، قَالَ: وَقد رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن قيس وَذكر إِسْنَاده إِلَيْهِ عَن قيس بن قهد قَالَ: " رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا يُصَلِّي بعد صَلَاة الصُّبْح، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أصلاة الصُّبْح مرَّتَيْنِ؟ فَقَالَ الرجل: لم أكن صليت الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قبلهمَا فصليتهما الْآن: فَسكت عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". أخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنَن وَقَالَ قيس بن عَمْرو وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدراقطني بِمثلِهِ، وَقَالَ قيس بن عَمْرو. وَاحْتج الشَّافِعِي رَحمَه الله بِمَا روى أَبُو هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فقد أدْرك الصُّبْح وَمن أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس فقد أدْرك الْعَصْر ". أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: وَالْعلم يُحِيط أَن الْمُصَلِّي رَكْعَة من قبل طُلُوع الشَّمْس وَالْمُصَلي رَكْعَة قبل غرُوب الشَّمْس، قد صليا مَعًا فِي وَقْتَيْنِ يجمعان تَحْرِيم وَقْتَيْنِ فَمَا جعله مدْركا للصبح وَالْعصر. واستدللنا على أَن نَهْيه عَن

قال إذا أدرك أول سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته وروى مالك عن نافع عن ابن عمر كان يصلي على الجنائز بعد العصر وبعد الصبح إذا صليتا لوقتهما فإن عارضوا بما روي عن سالم أنه شهد أباه وشهد جنازة رافع بن خديج حين صلى

الصَّلَاة فِي هَذِه الْأَوْقَات على النَّوَافِل الَّتِي لَا تلْزم. وروينا فِي الحَدِيث الثَّابِت عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أدْرك أول سَجْدَة من صَلَاة الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فليتم صلَاته ". وروى مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر: كَانَ يُصَلِّي على الْجَنَائِز بعد الْعَصْر وَبعد الصُّبْح إِذا صليتا لوقتهما فَإِن عارضوا بِمَا رُوِيَ عَن سَالم أَنه شهد أَبَاهُ وَشهد جَنَازَة رَافع بن خديج حِين صلى عَلَيْهَا قبل طُلُوع الشَّمْس فَقَالَ عبد الله: سُبْحَانَ الله أَلا تَتَّقُون الله؟ أتصلون عَلَيْهِ هَذِه السَّاعَة؟ إِنَّه لَا يصلح أَن يُصَلِّي على جَنَازَة هَذِه السَّاعَة حَتَّى تطلع الشَّمْس وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغيب الشَّمْس قُلْنَا: هَذَا لَا يُعَارض مَا روينَا فَإِن رَاوِيه عَن الزُّهْرِيّ يحيى بن أبي أنيسَة وَهُوَ مِمَّن أجمع الْحفاظ على ترك حَدِيثه، كَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يذكرهُ بالذم، وَيثبت أَخَاهُ زيد بن أبي أنيسَة وَكَانَ يسيء الرَّأْي فِيهِ

أَخِيه ويرميه بِالْكَذِبِ وَقَالَ عَنهُ ابْن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، وَعبد الله بن عمر إِنَّمَا كره الصَّلَاة عِنْد طُلُوع الشَّمْس واستوائها وغروبها كَمَا روينَا فِي حَدِيث عقبَة بن عَامر فِي النَّهْي عَن الْقَبْر فِي تِلْكَ السَّاعَات. وروى مَالك عَن مُحَمَّد بن أبي حَرْمَلَة مولى عبد الرَّحْمَن بن أبي سُفْيَان بن حويطب أَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة توفيت وطارق أَمِير الْمَدِينَة فَأتى بجنازتها بعدة صَلَاة الصُّبْح فَوضعت بِالبَقِيعِ قَالَ وَكَانَ طَارق يغلس بالصبح. فَقَالَ ابْن أبي حَرْمَلَة فَسمِعت ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول لأَهْلهَا: " إِمَّا أَن تصلوا على جنازتكم الْآن، وَإِمَّا أَن تتركوها حَتَّى ترْتَفع الشَّمْس " فَمن منع من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم صَلَاة الْجِنَازَة أَو غَيرهَا فِي هَذِه الْأَوْقَات، فَإِنَّمَا سمع النَّهْي، وَلم

رضي الله عنها حين صلوا الصبح وذكر يحيى بن معين أن يحيى القطان روى عن عنبسة الوزان عن أبي لبابة مروان عن أبي هريرة أنه صلى على جنازة والشمس على أطراف الحيطان وعن كعب بن مالك أنه سجد للشكر حين بشر بتوبة الله عليه وعلى صاحبه بعد صلاة الصبح

يسمع مَا يدل على التَّخْصِيص، فَكَانَ عَلَيْهِ الْمَنْع من ذَلِك، وَمن سمع النَّهْي وَسمع مَا يُوجب التَّخْصِيص فَعَلَيهِ إجَازَة مَا دلّت السّنة على تَخْصِيصه من النَّهْي الْمُطلق وَقد رُوِيَ عَن نَافِع أَنه صلى مَعَ أبي هُرَيْرَة على عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَضِي الله عَنْهَا حِين صلوا الصُّبْح وَذكر يحيى بن معِين أَن يحيى الْقطَّان روى عَن عَنْبَسَة الْوزان عَن أبي لبَابَة مَرْوَان عَن أبي هُرَيْرَة أَنه صلى على جَنَازَة وَالشَّمْس على أَطْرَاف الْحِيطَان، وَعَن كَعْب بن مَالك أَنه سجد للشكر حِين بشر بتوبة الله عَلَيْهِ وعَلى صَاحبه بعد صَلَاة الصُّبْح، وَذَلِكَ فِي عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَله أَن يتَنَفَّل أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار إِذا كَانَ بِمَكَّة وَذَلِكَ منزوع من عُمُوم / نهي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وروى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان بِإِسْنَادِهِ عَن جُبَير بن مطعم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَا بني عبد منَاف من ولي مِنْكُم من أَمر النَّاس شَيْئا فَلَا يمنعن أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت أَو صلى بِهِ

قال يا بني عبد المطلب أو يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا يطوف بالبيت ويصلي فإنه لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس إلا عند هذا البيت يطوفون ويصلون وعن مجاهد قال قدم علينا أبو ذر فأخذ بحلقة باب الكعبة ثم

أَيَّة سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار " أخرجه أَبُو دَاوُد فِي السّنَن، وَرُوِيَ عَن جَابر بِبَعْض مَعْنَاهُ وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَا بني عبد الْمطلب أَو يَا بني عبد منَاف لَا تمنعوا أحدا يطوف بِالْبَيْتِ وَيُصلي فَإِنَّهُ لَا صَلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس وَلَا صَلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس إِلَّا عِنْد هَذَا الْبَيْت يطوفون وَيصلونَ، وَعَن مُجَاهِد قَالَ " قدم علينا أَبُو ذَر فَأخذ بِحَلقَة بَاب الْكَعْبَة ثمَّ نَادَى بِصَوْتِهِ أَلا عَليّ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لَا صَلَاة بعد الْفجْر حَتَّى تطلع الشَّمْس وَلَا بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس إِلَّا بِمَكَّة يَقُولهَا ثَلَاثًا " وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ، وَرُوِيَ عَن عبد الْعَزِيز ابْن رفيع قَالَ: رَأَيْت عبد الله بن الزبير يطوف بعد الْفجْر وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ، قَالَ وَرَأَيْت عبد الله بن الزبير يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر، ويخبر أَن عَائِشَة حدثته أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يدْخل بَيتهَا إِلَّا صلاهما " رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. روى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن

تقولون لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس فقال إن هذه البلدة بلدة ليست كغيرها وعن ابن أيمن عن أبيه طاف مع أبي سعيد الخدري قبل صلاة المغرب ثم ركع ركعتين وعن ابن أبي نجيح عن أبيه قال قدم علينا أبو سعيد الخدري فطاف بعد الصبح

عَمْرو بن دِينَار، قَالَ: رَأَيْت أَنا وَعَطَاء بن أبي رَبَاح ابْن عمر طَاف بعد الصُّبْح وَصلى قبل أَن تطلع الشَّمْس، وروى رَضِي الله عَنهُ عَن مُسلم وَعبد الْمجِيد عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: " رَأَيْت ابْن عَبَّاس طَاف بعد الْعَصْر، وَصلى، وَرُوِيَ عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: " رَأَيْت الْحسن وَالْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا يطوفان بعد الْعَصْر ويصليان "، وَرُوِيَ عَن أبي الدَّرْدَاء " أَنه طَاف بعد الْعَصْر عِنْد مغارب الشَّمْس فصلى الرَّكْعَتَيْنِ قبل غرُوب الشَّمْس فَقيل لَهُ يَا أَبَا الدَّرْدَاء أَنْتُم أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، تَقولُونَ: لَا صَلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، فَقَالَ: إِن هَذِه الْبَلدة بَلْدَة لَيست كَغَيْرِهَا ". وَعَن ابْن أَيمن عَن أَبِيه طَاف مَعَ أبي سعيد الْخُدْرِيّ قبل صَلَاة الْمغرب ثمَّ ركع رَكْعَتَيْنِ وَعَن ابْن أبي نجيح. عَن أَبِيه قَالَ: قدم علينا أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ فَطَافَ بعد الصُّبْح فَقُلْنَا انْظُرُوا الْآن كَيفَ نصْنَع أيصلي أم لَا؟ قَالَ: فَجَلَسَ حَتَّى طلعت الشَّمْس، ثمَّ صلى "

نهى عن الصلاة نصف النهار وحتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة قال الشافعي رحمه الله تعالى والنهي عن الصلاة في هذه

وروى مَالك بِإِسْنَادِهِ أَن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْقَارئ أخبر أَنه طَاف مَعَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بعد صَلَاة الصُّبْح بِالْكَعْبَةِ، فَلَمَّا قضى عمر طَوَافه نظر فَلم ير الشَّمْس، فَركب حَتَّى أَنَاخَ بِذِي طوى فسبح رَكْعَتَيْنِ، قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ سمع عمر رَضِي الله عَنهُ النَّهْي عَن الصَّلَاة جملَة، وَضرب الْمُنْكَدر عَلَيْهَا بِالْمَدِينَةِ بعد الْعَصْر، وَلم يسمع مَا يدل على أَنه إِنَّمَا نهى عَنْهَا الْمَعْنى الَّذِي وَصفنَا وَكَانَ يجب عَلَيْهِ مَا فعل، وَكَذَلِكَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَيجب على من علم الْمَعْنى الَّذِي نهى عَنهُ وَالْمعْنَى الَّذِي أُبِيح فِيهِ أباحتها، فَالْمَعْنى الَّذِي أَبَاحَهَا فِيهِ قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: فِي رِوَايَة الْمُزنِيّ وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نهى عَن الصَّلَاة نصف النَّهَار وَحَتَّى تَزُول الشَّمْس إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى: وَالنَّهْي عَن الصَّلَاة فِي هَذِه

أنه كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة وروي عن مجاهد عن أبي الخليل عنه قال أبو داود هذا مرسل أبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة ومجاهد أكبر من أبي الخليل قال البيهقي رضي الله عنه واعتمادي في المسألة على ما أخبرنا أبو عبد الله وذكر

الْأَوْقَات عَن التَّطَوُّع إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة للتهجير حَتَّى يخرج الإِمَام فَجعل الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يَوْم الْجُمُعَة منزوعا عَن عُمُوم النَّهْي عَن تحري الصَّلَاة عِنْد اسْتِوَاء الشَّمْس بِحَدِيث أبي سعيد، وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن عَنْبَسَة نَحْو مَا رُوِيَ عَن أبي سعيد، وَرُوِيَ عَن أبي قَتَادَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كره الصَّلَاة نصف النَّهَار إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة "، وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد عَن أبي الْخَلِيل عَنهُ، قَالَ أَبُو دَاوُد هَذَا مُرْسل، أَبُو الْخَلِيل لم يسمع من أبي قَتَادَة وَمُجاهد أكبر من أبي الْخَلِيل قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِي الله عَنهُ: واعتمادي فِي الْمَسْأَلَة على مَا أخبرنَا أَبُو عبد الله وَذكر إِسْنَاده عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة فصلى مَا قدر لَهُ ثمَّ أنصت حَتَّى يفرغ الإِمَام من خطبَته ثمَّ يُصَلِّي مَعَه إِلَّا غفر لَهُ مَا بَينه وَبَين الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَفضل ثَلَاثَة أَيَّام " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَعَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة وَاسْتَاك / وَلبس أحسن ثِيَابه وتطيب بِطيب إِن وجده ثمَّ جَاءَ وَلم يتخط النَّاس فصلى مَا شَاءَ الله أَن يُصَلِّي فَإِذا خرج الإِمَام سكت فَذَلِك كَفَّارَة إِلَى

استحب التبكير إلى صلاة الجمعة في أخبار كثيرة وندبه إلى الصلاة بعد مجيئه المسجد إلى أن يخرج الإمام ثم ندبه الإمساك والإنصات للخطبة فدل ذلك على جواز فعل الصلاة نصف النهار إذ لو كان ممنوعا منه لما مده إلى الخروج الإمام ولما أطلق له جواز فعل

يَوْم الْجُمُعَة الْأُخْرَى ". رُوَاته كلهم ثِقَات. ووجهة الِاسْتِدْلَال من هَذَا هُوَ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسْتحبَّ التبكير إِلَى صَلَاة الْجُمُعَة فِي أَخْبَار كَثِيرَة وندبه إِلَى الصَّلَاة بعد مَجِيئه الْمَسْجِد إِلَى أَن يخرج الإِمَام ثمَّ نَدبه الْإِمْسَاك والإنصات للخطبة، فَدلَّ ذَلِك على جَوَاز فعل الصَّلَاة نصف النَّهَار إِذْ لَو كَانَ مَمْنُوعًا مِنْهُ لما مده إِلَى الْخُرُوج الإِمَام وَلما أطلق لَهُ جَوَاز فعل الصَّلَاة فِي ذَلِك الْوَقْت كَمَا لم يُطلقهُ بعد خُرُوج الإِمَام وَالله أعلم، وَالَّذِي يُؤَيّد مَا ذَكرْنَاهُ ويؤكده الحَدِيث الَّذِي اتفقَا على صِحَّته عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ذكر يَوْم الْجُمُعَة فَقَالَ: فِيهِ سَاعَة لَا يُوَافِقهَا عبد مُسلم وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي يسْأَل الله شَيْئا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه، وَأَشَارَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِيَدِهِ يقللها " لفظ حَدِيث البُخَارِيّ وَفِي أُخْرَى عِنْد مُسلم عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْجُمُعَة سَاعَة لَا يُوَافِقهَا مُسلم، وَهُوَ يُصَلِّي سَأَلَ ربه شَيْئا إِلَّا أَتَاهُ إِيَّاه، فَيُسْتَحَب لَهُ أَن يكثر الصَّلَاة يَوْم الْجُمُعَة إِذا رَاح إِلَيْهَا طلبا لموافقته السَّاعَة الْمَذْكُورَة فِي الْخَبَر وَهُوَ قَائِم يُصَلِّي يسْأَل الله شَيْئا فيؤتيه إِن شَاءَ "، وَمَا وعده على لِسَان نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهَذَا لسَائِر الْأَيَّام وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (138) : والنوافل الرَّوَاتِب على الْفَرَائِض الْخمس مقضية بعد وَقتهَا فِي ظَاهر الْمَذْهَب، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن فَاتَتْهُ مَعَ الْفَرِيضَة قضيتا وَإِن فَاتَت دونهَا فَلَا تقضى. وَأكْثر مَا استدللنا بِهِ فِي الْمَسْأَلَة قبلهَا دَلِيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَمِمَّا يُؤَيّدهُ مَا عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح عَن أبي سَلمَة أَنه سَأَلَ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّيهمَا بعد الْعَصْر فَقَالَت: " كَانَ يُصَلِّيهمَا قبل الْعَصْر ثمَّ إِنَّه شغل عَنْهَا ونسيهما فصلاهما بعد الْعَصْر ثمَّ أثبتها وَكَانَ إِذا صلى أثبتها وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من نسي رَكْعَتي الْفجْر فليصلهما إِذا طلعت الشَّمْس "، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَعند مُسلم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا فَاتَتْهُ الصَّلَاة من اللَّيْل من وجع أَو غَيره صلى من النَّهَار ثِنْتَيْ عشرَة رَكْعَة ". وَصَحَّ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يُعِيد رَكْعَتي الْفجْر بعد طُلُوع الشَّمْس

مسألة

وَالله أعلم. مَسْأَلَة (139) : وَصَلَاة الصُّبْح لَا تفْسد على الْمُصَلِّي بِطُلُوع الشَّمْس عَلَيْهَا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّهَا تفْسد. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا أتفقا على صِحَّته عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أدْرك رَكْعَة من الصُّبْح قبل أَن تطلع الشَّمْس فقد أدْرك الصُّبْح ". لفظ حَدِيث البُخَارِيّ، وَرُوِيَ عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أدْرك من الصُّبْح رَكْعَة قبل أَن تطلع الشَّمْس وركعة بَعْدَمَا تطلع فقد أدْركهَا، وَمن أدْرك رَكْعَة من الْعَصْر قبل أَن تغرب الشَّمْس، وَثَلَاثًا بَعْدَمَا تغرب فقد أدْركهَا " وَعنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من صلى من صَلَاة الصُّبْح رَكْعَة قبل أَن تطلع الشَّمْس فطلعت، فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى " وَعَن همام قَالَ: سُئِلَ قَتَادَة عَن رجل صلى رَكْعَة من صَلَاة الصُّبْح ثمَّ طلع قرن الشَّمْس؟ قَالَ: حَدثنِي خلاس عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة عَن

قال يتمها رواة هذه الأحاديث كلهم ثقات وفتوى أبي هريرة رضي الله عنه بذلك بعد وفاة رسول الله

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يُتمهَا ". رُوَاة هَذِه الْأَحَادِيث كلهم ثِقَات، وفتوى أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ بذلك بعد وَفَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ أحد رُوَاة النَّهْي عَن الصَّلَاة فِي هَذِه الْأَوْقَات دلَالَة على أَنه لَا يجوز دَعْوَى النّسخ فِيهِ بأخبار النَّهْي وَأَن صَلَاة الصُّبْح لَا تبطل بِطُلُوع الشَّمْس فِيهَا كَمَا لَا تبطل صَلَاة الْعَصْر بغروب الشَّمْس فِيهَا، وَالنَّهْي عَن الصَّلَاة مُطلقًا فِيهَا وَاحِد، وروى الشَّافِعِي عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن شهَاب عَن أنس أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ صلى بِالنَّاسِ الصُّبْح فَقَرَأَ بِسُورَة الْبَقَرَة فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: " كَادَت " أَن تطلع فَقَالَ لَو طلعت لم تجدنا غافلين. وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَيْضا وَالله أعلم.

عن صلاة الليل فقال رسول الله

مَسْأَلَة (140) : الْوتر بِرَكْعَة وَاحِدَة صَحِيح. وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَصح نقصانه على ثَلَاث، دليلنا مَا عَن ابْن عمر أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صَلَاة اللَّيْل فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى فَإِذا خشِي / أحدكُم الصُّبْح صلى رَكْعَة وَاحِدَة توتر لَهُ مَا قد صلى " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَالْبُخَارِيّ وَعَن عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِيمَا بَين أَن يفرغ من صَلَاة الْعشَاء إِلَى الْفجْر إِحْدَى عشرَة رَكْعَة يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ ويوتر بِوَاحِدَة وَيسْجد سَجْدَة مِقْدَار خمسين آيَة قبل أَن يرفع رَأسه فَإِذا سكت الْمُؤَذّن من صَلَاة الْفجْر وَتبين لَهُ الْفجْر قَامَ وَركع رَكْعَتَيْنِ خفيفتين ثمَّ اضْطجع على شقَّه الْأَيْمن حَتَّى يَأْتِيهِ الْمُؤَذّن للإقامة فَيخرج مَعَه وَبَعض الروَاة يزِيد على بعض فِي قصَّة الحَدِيث. أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَعَن أبي مجلز قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْوتر فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " رَكْعَة من آخر اللَّيْل " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: سَمِعت الشَّيْخ الإِمَام أَبَا الطّيب سهل بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان قدس الله روحه يسْتَدلّ فِي جَوَاز الْوتر بِرَكْعَة وَاحِدَة بقول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَلَاة الْقَاعِد على النّصْف من صَلَاة

جعل ركعتي القاعد مثل ركعة يركعها القائم ولو لم تكن الركعة الواحدة صلاة لم تكن ركعتا القاعد التي جعلها النبي

الْقَائِم " فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل رَكْعَتي الْقَاعِد مثل رَكْعَة يركعها الْقَائِم، وَلَو لم تكن الرَّكْعَة الْوَاحِدَة صَلَاة لم تكن رَكعَتَا الْقَاعِد الَّتِي جعلهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على النّصْف من صَلَاة الْقَائِم. واتفاقنا على صِحَة الرَّكْعَة الْوَاحِدَة وَكَونهَا صَلَاة محتسبا بهَا. هَذَا معنى كَلَامه فَإِنِّي علقته حفظا. والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ عِنْد مُسلم عَن عبد الله بن عَمْرو وَعند البُخَارِيّ عَن عمرَان بن حُصَيْن رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الَّتِي يُوتر بعدهمَا {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} وَيقْرَأ فِي الْوتر ب {قل هُوَ الله أحد} وَقل {قل أعوذ بِرَبّ الفلق} و {قل أعوذ بِرَبّ النَّاس} قَالَ وَقد روينَا صِحَة الْوتر بِرَكْعَة وَاحِدَة عَن أَمِير

الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفَّان وَسعد بن أبي وَقاص، وَعبد الله بن عمر وَعبد الله بن عَبَّاس، وَأبي أَيُّوب، وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان رَضِي الله عَنْهُم، ثمَّ ذكر ذَلِك بأسانيده، أما حَدِيث سعد فَرَوَاهُ مَالك عَن ابْن شهَاب أَن سعد بن أبي وَقاص كَانَ يُوتر بِوَاحِدَة وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مُتَّصِلا بأسانيد: أَحدهَا عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه أَنه كَانَ يَأْتِي بعض أرضه فَيَأْتِي كسلانا فيوتر بِرَكْعَة وَعَن يُونُس بن زيد عَن ابْن شهَاب عَن عبد الله بن ثَعْلَبَة بن صعير العذري أَنه رأى سعد بن أبي وَقاص يُوتر بِرَكْعَة وَاحِدَة لَا يزِيد عَلَيْهَا حَتَّى يقوم من جَوف اللَّيْل وَعَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان أَن سعد بن أبي وَقاص صلى الْعشَاء ثمَّ أوتر بِوَاحِدَة فَقَالَ لَهُ رجل: يَا أَبَا إِسْحَاق لم أرك أوترت بِوَاحِدَة أَنْت تعلمني ديني وَأما حَدِيث ابْن عمر فَأخْرجهُ البُخَارِيّ: أَنه

وفي رواية عنده أيضا في الصحيح عن ابن أبي مليكة قال قيل لابن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية ما أوتر إلا بواحدة قال أصاب إنه فقيه قال الربيع بن سليمان سئل الشافعي رحمه الله عن الوتر أيجوز أن يوتر الرجل بواحدة ليس قبلها شيء

كَانَ يسلم بَين الرَّكْعَة والركعتين فِي الْوتر حَتَّى يَأْمر بِبَعْض حَاجته، وَرُوِيَ عَنهُ أَنه أفتى بذلك وَأما حَدِيث مُعَاوِيَة وَابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن ابْن أبي مليكَة: أوتر مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان بعد الْعشَاء بِرَكْعَة وَعِنْده مولى لِابْنِ عَبَّاس فَأتى ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ: دَعه فَإِنَّهُ قد صحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي رِوَايَة عِنْده أَيْضا فِي الصَّحِيح عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: قيل لِابْنِ عَبَّاس: هَل لَك فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ مُعَاوِيَة مَا أوتر إِلَّا بِوَاحِدَة؟ قَالَ: أصَاب إِنَّه فَقِيه. قَالَ الرّبيع بن سُلَيْمَان سُئِلَ الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن الْوتر: أَيجوزُ أَن يُوتر الرجل بِوَاحِدَة لَيْسَ قبلهَا شَيْء؟ فَقَالَ: نعم. وَالَّذِي أخْتَار أَن أُصَلِّي عشر رَكْعَات ثمَّ أوتر بِوَاحِدَة. فَقلت للشَّافِعِيّ: فَمَا الْحجَّة فِي أَن الْوتر يجوز بِوَاحِدَة. فَقَالَ: الْحجَّة فِيهِ السّنة والْآثَار وَأخْبرنَا مَالك عَن نَافِع وَعبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى فَإِذا خشِي أحدكُم الصُّبْح صلى رَكْعَة وَاحِدَة توتر لَهُ مَا صلى " وَأخْبرنَا مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عشرَة رَكْعَة يُوتر مِنْهَا بِوَاحِدَة "، وَأخْبرنَا مَالك عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ يسلم

وورد به الأثر

بَين الرَّكْعَة والركعتين من الْوتر حَتَّى يَأْمر بِبَعْض حَاجته. قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: وَكَانَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ يحيي اللَّيْل بِرَكْعَة هِيَ وتره، وأوتر مُعَاوِيَة بِوَاحِدَة، فَقَالَ ابْن عَبَّاس أصَاب. قَالَ الشَّافِعِي أخبرنَا عبد الْمجِيد / عَن ابْن جريج أَخْبرنِي عتبَة بن مُحَمَّد بن الْحَارِث أَن كريبا مولى ابْن عَبَّاس أخبرهُ أَنه رأى مُعَاوِيَة صلى الْعشَاء ثمَّ أوتر بِرَكْعَة وَاحِدَة لم يزدْ عَلَيْهَا فَأخْبرهُ ابْن عَبَّاس فَقَالَ: أصَاب أَي بني لَيْسَ أحد منا أعلم من مُعَاوِيَة هِيَ وَاحِدَة أَو خمس أَو سبع فَصَاعِدا، إِلَى أَكثر من ذَلِك الْوتر مَا شَاءَ. وَاخْتَارَ بعض أَصْحَابنَا أَن يُوتر بِثَلَاث أَو خمس أَو سبع فَصَاعِدا لَا يقْعد وَلَا يسلم إِلَّا فِي إِحْدَاهُنَّ، وَكَانَ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو الطّيب قدس الله روحه يختاره وَقد صَحَّ ذَلِك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَورد بِهِ الْأَثر

كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة وكان يوتر بخمس سجدات لا يجلس بينهن حتى يجلس في الأخيرة ثم يسلم أخرجه مسلم في الصحيح وروى الشافعي بإسناده عنها أن النبي

رَوَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة وَكَانَ يُوتر بِخمْس سَجدَات لَا يجلس بَينهُنَّ حَتَّى يجلس فِي الْأَخِيرَة، ثمَّ يسلم " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَنْهَا " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُوتر بِخمْس رَكْعَات لَا يجلس وَلَا يسلم إِلَّا فِي الْأَخِيرَة مِنْهُنَّ " وروى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عَبَّاس فَذكر قصَّته فِي قيام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى صلى ثَمَان رَكْعَات ثمَّ أوتر بِخمْس لم يجلس بَينهُنَّ " وَرُوِيَ عَن حبيب الْمعلم قَالَ: قيل لِلْحسنِ أَن ابْن عمر كَانَ يسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ من الْوتر، فَقَالَ كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ أفقه مِنْهُ: كَانَ ينْهض فِي الثَّالِثَة بالتكبيرة وَرُوِيَ عَن عَطاء: أَنه كَانَ يُوتر بِوَاحِدَة. لَا يجلس فِيهِنَّ ويتشهد إِلَّا فِي آخِرهنَّ، وَحَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ وَيحْتَمل أَن يكون هَكَذَا أَو يحْتَمل أَن يكون غَيره، وَهُوَ مُرْسل، الْحسن لم يدْرك عمر رَضِي الله عَنهُ، وروينا عَن زيد بن ثَابت

قالت كنا نعد لرسول الله

رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يُوتر بِخمْس لَا يسلم إِلَّا فِي الْخَامِسَة. وَأما من ذهب إِلَى أَنه يقْعد فِي الثَّانِيَة وَلَا يسلم حَتَّى يرْكَع رَكْعَة ثَالِثَة ثمَّ يسلم فاحتج بِحَدِيث سعد بن هِشَام الَّذِي فِيهِ، فَقلت يَعْنِي لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا يَا أم الْمُؤمنِينَ: أَنْبِئِينِي عَن وتر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَت: " كُنَّا نعد لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سواكه وَطهُوره فيبعثه الله مَا شَاءَ أَن يَبْعَثهُ من اللَّيْل يسوك وَيتَوَضَّأ ثمَّ يُصَلِّي تسع رَكْعَات لَا يجلس فِيهِنَّ إِلَّا عِنْد الثَّامِنَة فيدعو ربه " وَيُصلي على نبيه ثمَّ ينْهض وَلَا يسلم ثمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَة فيقعد ثمَّ يحمد ربه وَيُصلي على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويدعوه، ثمَّ يسلم تَسْلِيمَة يسمعنا. ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعْدهَا يسلم وَهُوَ قَاعد. فَتلك إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، فَلَمَّا أسن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأخذ اللَّحْم أوتر بِسبع (وَصلى) رَكْعَتَيْنِ بعد مَا سلم بِاثْنَتَيْنِ وَكَانَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا غَلبه قيام اللَّيْل صلى من النَّهَار اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح.

من ثلاثة أوجه أحدها ما رواه الزهري عن عروة عنها في وتره

قد روينَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي كَيْفيَّة وتر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ثَلَاثَة أوجه: أَحدهَا مَا رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَنْهَا فِي وتره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِرَكْعَة وَاحِدَة بعد عشر رَكْعَات مثنى مثنى الثَّانِي مَا رَوَاهُ هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَنْهَا فِي وتره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخمْس لَا يقْعد وَلَا يسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ الثَّالِث مَا رَوَاهُ سعد بن هِشَام عَنْهَا، وَالرِّوَايَة عَنهُ فِيهِ متعارضة فَإِن ذَهَبْنَا إِلَى الْمُرَجح، فَحَدِيث عُرْوَة بن الزبير أولى لِأَنَّهُ أعرف بِحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا من سعد بن هِشَام وكما أَظن لَا يخفى هَذَا على عَالم لقُرْبه من عَائِشَة بِكَوْنِهِ ابْن أُخْتهَا وفقهه ودرايته بِأُمُور الدّين وَهُوَ أحد الْفُقَهَاء السَّبْعَة من التَّابِعين، ثمَّ رِوَايَة الزُّهْرِيّ أولى من رِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة لِأَنَّهُ أحفظ وأفقه من هِشَام بِكَثِير وَهَذَا أَيْضا مِمَّا لَا يخفى على عَالم، وَرِوَايَته مُوَافقَة لما روينَا عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم. وَهُوَ مُتَّفق على صِحَّته عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم، وَحَدِيث هِشَام بن عُرْوَة وَسعد بن هِشَام انْفَرد بِهِ مُسلم فِي الصَّحِيح هَذَا وَجه التَّرْجِيح وَإِن صرنا إِلَى الِاسْتِعْمَال فجوز لَهُ أَن يُوتر بِوَاحِدَة أَو ثَلَاث لَا يقْعد إِلَّا فِي آخِرهنَّ أَو سبع أَو أقل يقْعد فِيهَا مرَّتَيْنِ وَلَا يسلم إِلَّا فِي آخِرهنَّ أَو لَا يقْعد إِلَّا فِي الْآخِرَة مِنْهُنَّ لما رَوَاهُ هِشَام إِلَّا أَن الْمُسْتَحبّ أَن يفصل بَينهمَا بِسَلام، إِن قعد فِي الثَّانِيَة، لحَدِيث ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَلما روينَا وَأخْبرنَا بذلك عَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فَنحْن نجد الْوتر على هَذِه الْأَوْجه الَّتِي صحت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة

لا توتروا بثلاث فتشبهوه بصلاة المغرب وأوتروا بسبع أو بخمس رواته كلهم ثقات وله شاهد آخر بإسناد صحيح وذكر بمعناه وزاد أوتروا بخمس أو سبع أو بتسع أو إحدى عشرة أو أكثر من ذلك والكوفيون لا يجيزون الوتر بأكثر من ثلاث ولا بأقل ويخالفون

وَرِوَايَة هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَنْهَا وَرِوَايَة ابْن أبي عرُوبَة الَّتِي عِنْد مُسلم، وَأما إِذا صلاهَا ثَلَاثًا وَقعد فِي الثَّانِيَة فَهِيَ قِيَاس حَدِيث سعد بن هِشَام. وَرُوِيَ / عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا توتروا بِثَلَاث فتشبهوه بِصَلَاة الْمغرب وأوتروا بِسبع، أَو بِخمْس " رُوَاته كلهم ثِقَات وَله شَاهد آخر بِإِسْنَاد صَحِيح، وَذكر بِمَعْنَاهُ وَزَاد " أوتروا بِخمْس أَو سبع أَو بتسع أَو إِحْدَى عشرَة أَو أَكثر من ذَلِك " والكوفيون لَا يجيزون الْوتر بِأَكْثَرَ من ثَلَاث وَلَا بِأَقَلّ ويخالفون هَذِه الرِّوَايَات الصَّحِيحَة فِي عَددهَا بِأَقَلّ وَأكْثر من ثَلَاث وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى يحيى بن زَكَرِيَّا بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وتر اللَّيْل ثَلَاث كوتر النَّهَار صَلَاة الْمغرب " قَالَ

عَليّ بن عمر: يحيى بن زَكَرِيَّا هَذَا يُقَال لَهُ ابْن أبي الحواجب ضَعِيف وَلم يروه عَن الْأَعْمَش مَرْفُوعا غَيره، رَوَاهُ الثَّوْريّ فِي الْجَامِع وَغَيره عَن الْأَعْمَش مَوْقُوفا على ابْن مَسْعُود وَهُوَ الصَّوَاب وَرَوَاهُ الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود الْوتر سبع أَو خمس وَلَا أقل من ثَلَاث وَهُوَ مُرْسل إِبْرَاهِيم لم يُدْرِكهُ وروى الشَّافِعِي بلاغا بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله أَنه كَانَ يُوتر بِخمْس أَو سبع قَالَ: وسُفْيَان عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله أَنه كَانَ هُوَ يكره أَن يكون ثَلَاثًا وترا وَلَكِن خمْسا أَو سبعا قَالَ الشَّافِعِي وَلَيْسوا يَقُولُونَ بِهَذَا يَقُولُونَ صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى إِلَّا الْوتر فَإِنَّهَا ثَلَاث متصلات لَا يُصَلِّي الْوتر أَكثر من ثَلَاث.

مسألة

مَسْأَلَة (141) : ويقنت فِي الْوتر من طَرِيق السّنة فِي النّصْف الْأَخير من شهر رَمَضَان، قَالَ أَبُو حنيفَة: فِي جَمِيع السّنة وَدَلِيلنَا: مَا روى أَبُو دَاوُد عَن الْحسن أَن عمر جمع النَّاس على أبي وَكَانَ يُصَلِّي لَهُم عشْرين رَكْعَة، وَلَا يقنت بهم إِلَّا فِي النّصْف الثَّانِي فَإِذا كَانَ الْعشْر الْأَوَاخِر تخلف فصلى فِي بَيته وَكَانُوا يَقُولُونَ: أبق أبي " وروى أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن مُحَمَّد عَن بعض أَصْحَابه أَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أمّهم يَعْنِي فِي رَمَضَان فَكَانَ يقنت فِي النّصْف الآخر من رَمَضَان " وروى الْحَارِث عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أَنه كَانَ يقنت فِي النّصْف الْأَخير من رَمَضَان، وَرُوِيَ عَن قَتَادَة عَن الْحسن قَالَ: أمنا عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي زمن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ عشْرين لَيْلَة ثمَّ احْتبسَ فَقَالَ بَعضهم قد تفرغ لنَفسِهِ، ثمَّ أمّهم أَبُو حليمة معَاذ الْقَارئ فَكَانَ

مسألة

يقنت، وَرُوِيَ عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ لَا يقنت فِي الْوتر إِلَّا فِي النّصْف الْأَخير من رَمَضَان. مَسْأَلَة (142) : وَمَوْضِع الْقُنُوت بعد الِارْتفَاع من الرُّكُوع. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يقنت قبل الرُّكُوع فيكبر بعد الْفَرَاغ من الْقِرَاءَة ويقنت، وَدَلِيلنَا مَا رُوِيَ عَن ابْن سِيرِين قَالَ: سُئِلَ أنس: أقنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الصُّبْح قبل الرُّكُوع أَو بعده؟ قَالَ: بعد الرُّكُوع يَسِيرا. أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وروى البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن عَاصِم قَالَ: سَأَلت أنس بن مَالك عَن الْقُنُوت فَقَالَ: " قد كَانَ الْقُنُوت؟ قلت: قبل الرُّكُوع أَو بعده قَالَ: قبله، فَقلت فَإِن فلَانا أَخْبرنِي عَنْك أَنَّك قلت قبل الرُّكُوع فَقَالَ: كذب إِنَّمَا قنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد الرُّكُوع شهرا أرَاهُ كَانَ بعث قوما يُقَال لَهُم الْقُرَّاء زهاء سبعين رجلا إِلَى قوم من الْمُشْركين دون أُولَئِكَ وَكَانَ بَينهم وَبَين رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عهد فقنت

شهرا يدعو عليهم وروي عن أبي جعفر الرازي عن عاصم بخلاف هذا قال قلت لأنس إنهم يقولون أن رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شهرا يَدْعُو عَلَيْهِم " وَرُوِيَ عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ عَن عَاصِم بِخِلَاف هَذَا قَالَ: " قلت لأنس إِنَّهُم يَقُولُونَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَانَ يقنت قبل الرُّكُوع. فَقَالَ: كذبُوا. قنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد الرُّكُوع يَدْعُو على حَيّ من أَحيَاء الْعَرَب وَكَانَ يقنت قبل ذَلِك قبل الرُّكُوع ". هَكَذَا وجدته فِي كتابي، وَرُوَاته كلهم ثِقَات. وَرُوِيَ فِي حَدِيث حميد الطَّوِيل عَن أنس كِلَاهُمَا قَالَ: " قلت لأنس: كَيفَ كُنْتُم تقنتون أقبل الرُّكُوع أَو بعد؟ قَالَ: كل ذَلِك يفعل قبل وَبعد " رُوَاته ثِقَات فَنَظَرْنَا فِي هَذَا الِاخْتِلَاف عَن أنس فِي

في صلاة الصبح فوجدنا آخر الأمرين من رسول الله

أخباره عَن قنوت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الصُّبْح فَوَجَدنَا آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقُنُوت بعد الرُّكُوع، وَذَلِكَ لأَنا روينَا عَن مُحَمَّد بن سِيرِين أَنه سَأَلَ أنس بن مَالك عَن قنوت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل الرُّكُوع أَو بعده؟ قَالَ: بعده، وَلم يزدْ على ذَلِك. وَهُوَ مخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِي رِوَايَة ابْن علية عَن أَيُّوب عَن مُحَمَّد قَالَ ثمَّ سُئِلَ بعد ذَلِك. هَل قنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الصُّبْح؟ قَالَ: نعم بعد الرُّكُوع يَسِيرا وَتَابعه على ذَلِك أَخُوهُ أنس بن سِيرِين / وَأَبُو مجلز لَاحق بن حميد عَن أنس بن مَالك وَهُوَ أَيْضا مخرج فِي الصَّحِيح، وروينا فِي مَسْأَلَة الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح، عَن ابْن عَبَّاس وَأبي هُرَيْرَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قنت فِي صَلَاة الصُّبْح بعد الرُّكُوع وتابعهما على ذَلِك عَليّ بن أبي طَالب وَعبد الله بن عمر وَجَابِر بن عبد الله وخفاف بن إِيمَاء والبراء بن عَازِب وَعَائِشَة رَضِي الله عَنْهُم فرووا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قنت بعد الرُّكُوع، وروينا عَن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين فَمن بعدهمْ من الصَّحَابَة أَنهم قنتوا بعد الرُّكُوع. فَأَما رِوَايَة عَاصِم عَن أنس فَإِنَّهَا مُعَارضَة، كَمَا تقدم وَقد روينَا عَن أبي جَعْفَر الرَّازِيّ وَهُوَ صَدُوق عَن عَاصِم بِخِلَافِهِ فَأَما أَن نعرض عَن الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا ونقبل على سَائِر الرِّوَايَات بِالِاسْتِعْمَالِ وَذَلِكَ إِن

القنوت إلى ما بعد الركوع ودعا على أحياء من أحياء العرب في قنوته شهرا ثم ترك الدعاء عليهم ولم يترك القنوت ولم يرده إلى ما بعد الركوع حتى فارق الدنيا وحديث أبي جعفر الرازي يدل عليه فإنه قال فكان يقنت قبل ذلك قبل الركوع فأخبر أن قنوته قبله

علمناه يَقْتَضِي الْقُنُوت فِي الصُّبْح بعد الرُّكُوع وَإِن استعملنا روايتي عَاصِم وجمعنا بَينهمَا فَيحْتَمل أَمريْن أَحدهمَا أَن نقُول: بِجَوَاز الْقُنُوت قبل الرُّكُوع وَبعده، ونختار بعده لحَدِيث أبي هُرَيْرَة وَغَيره وَفعل الصَّحَابَة وَالْآخر أَن نقُول الْقُنُوت قبل الرُّكُوع حِين لم تقتل أَصْحَاب بِئْر مَعُونَة فَلَمَّا قتلوا رد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْقُنُوت إِلَى مَا بعد الرُّكُوع ودعا على أَحيَاء من أَحيَاء الْعَرَب فِي قنوته شهرا ثمَّ ترك الدُّعَاء عَلَيْهِم وَلم يتْرك الْقُنُوت وَلم يردهُ إِلَى مَا بعد الرُّكُوع حَتَّى فَارق الدُّنْيَا " وَحَدِيث أبي جَعْفَر الرَّازِيّ يدل عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ: فَكَانَ يقنت قبل ذَلِك قبل الرُّكُوع فَأخْبر أَن قنوته قبله كَانَ قبل دُعَائِهِ عَلَيْهِم وَأما إِنْكَار أنس للقنوت بعد الرُّكُوع ثمَّ إخْبَاره عَن قنوت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: شهرا بعد الرُّكُوع فَيحْتَمل أَن يُرِيد بِهِ قنوته قبل ذَلِك لَا بعده كَمَا فسره أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَن عَاصِم وَهَذَا كُله كَلَام على مَذْهَبنَا. فَأَما أَبُو حنيفَة لَا يَقُول بالروايتين جَمِيعًا فِي صَلَاة الصُّبْح إِلَّا أَنه إِذا ثَبت لنا الْقُنُوت فِي صَلَاة الصُّبْح بعد الرُّكُوع قسنا عَلَيْهِ الْقُنُوت فِي الْوتر، وَأما الَّذِي يخْتَص بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة، فَمَا رُوِيَ عَن هِشَام عَن

في وتر إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أتيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت قال أبو عبد الله الحاكم رحمه الله هذا

أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَعَن الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وتر إِذا رفعت رَأْسِي وَلم يبْق إِلَّا السُّجُود: اللَّهُمَّ اهدني فِيمَن هديت وَعَافنِي فِيمَن عافيت وتولني فِيمَن توليت وَبَارك لي فِيمَا أتيت وقني شَرّ مَا قضيت إِنَّك تقضي وَلَا يقْضى عَلَيْك إِنَّه لَا يذل من واليت تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت " قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم رَحمَه الله: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح للمدنيين وَرُوِيَ عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن أبي رَافع قَالَ: " صليت خلف عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فقنت بعد الرُّكُوع وجهر بِالدُّعَاءِ قَالَ قَتَادَة وَكَانَ الْحسن يفعل مثل ذَلِك " رُوَاته ثِقَات وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى أبان بن أبي عَيَّاش عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كَانَ يقنت قبل رُكُوعه قَالَ وَبت لَيْلَة مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأنظر كَيفَ يقنت فقنت قبل الرُّكُوع " هَذَا حَدِيث لم يَكْتُبهُ إِلَّا من حَدِيث أبان وَأَبَان مَتْرُوك الحَدِيث لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ وَقد سبق ذكرنَا لَهُ فِي كتاب الطَّهَارَة وَقد رُوِيَ عَن

يوتر سبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وكان يقنت قبل الركوع قال أبو الأعلى الحافظ لم يسنده غير مخلد يعني ابن يزيد إن كان حفظه وروى وكيع وابن المبارك وأبو نعيم وغيرهم عن الثوري عن زبيد

سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم وَهُوَ غلط وَالْمَشْهُور رِوَايَة الْجَمَاعَة عَن سُفْيَان عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم، والْحَدِيث يَدُور على أبان رَوَاهُ عَنهُ أَبُو حنيفَة وَهَمَّام وَزفر وَجَمَاعَة وَغَيرهم وَأَبَان مَتْرُوك. وَرُوِيَ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ بِإِسْنَادِهِ عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى قَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُوتر: {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} و {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} و {قل هُوَ الله أحد} وَكَانَ يقنت قبل الرُّكُوع قَالَ أَبُو الْأَعْلَى الْحَافِظ: لم يسْندهُ غير مخلد يَعْنِي ابْن يزِيد، إِن كَانَ حفظه، وروى وَكِيع وَابْن الْمُبَارك وَأَبُو نعيم وَغَيرهم عَن الثَّوْريّ عَن زبيد عَن ذَر عَن سعيد بِمَعْنَاهُ وَلم يذكرُوا أبي بن كَعْب قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَلم يذكرُوا أَيْضا الْقُنُوت قبل الرُّكُوع وَرُوِيَ عَن فطر عَن زبيد عَن سعيد، وَعَن مسعر عَن زبيد عَن سعيد بِمَعْنَاهُ وَزِيَادَة، قَالَ أَبُو عَليّ: وَكِلَاهُمَا وهم، وزبيد إِنَّمَا سَمعه من ذَر بن عبد الله عَن سعيد عَن أَبِيه دون ذكر أبيّ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَدون ذكر الْقُنُوت، وَحدثنَا عِيسَى بن يُونُس عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن عُرْوَة عَن سعيد وهم رُوَاة شُعْبَة وَغَيره عَن قَتَادَة دون ذكر أبيّ فِيهِ وَدون ذكر الْقُنُوت.

قنت في الوتر قبل الركوع وروى عيسى بن يونس هذا الحديث أيضا عن فطر بن خليفة عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن أبي عن النبي

وَقد ذكر أَبُو دَاوُد عِلّة هَذَا الحَدِيث / قَالَ روى عِيسَى بن يُونُس عَن سعد عَن قَتَادَة عَن سعيد عَن أَبِيه عَن أبيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قنت فِي الْوتر قبل الرُّكُوع وروى عِيسَى بن يُونُس هَذَا الحَدِيث أَيْضا عَن فطر بن خَليفَة عَن زبيد عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزي عَن أَبِيه عَن أبيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله وَرُوِيَ عَن حَفْص بن غياث عَن مسعر عَن زبيد عَن سعيد عَن أَبِيه عَن أبيّ مثله، وَحَدِيث سعيد عَن قَتَادَة رَوَاهُ يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن عُرْوَة عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يذكر الْقُنُوت وَلَا ذكر أَبَيَا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عبد الْأَعْلَى وَمُحَمّد بن بشر الْعَبْدي وسماعهما بِالْكُوفَةِ مَعَ عِيسَى بن يُونُس وَلم يذكر الْقُنُوت وَرَوَاهُ أَيْضا هِشَام الدستوَائي وَشعْبَة عَن قَتَادَة لم يذكر الْقُنُوت وَحَدِيث زبيد رَوَاهُ سُلَيْمَان الْأَعْمَش وَشعْبَة وَعبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان وَجَرِير بن حَازِم عَن زبيد لم يذكر أحد مِنْهُم الْقُنُوت إِلَّا مَا رُوِيَ عَن حَفْص بن غياث عَن مسعر عَن زبيد فَإِنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثه وَأَنه قنت قبل الرُّكُوع وَلَيْسَ هُوَ بالمشهور من حَدِيث حَفْص يخَاف أَن يكون عَن حَفْص عَن غير مسعر وَضعف أَبُو دَاوُد حَدِيث أبيّ أَن

قنت قبل الركوع وروى عطاء بن مسلم الخفاف وهو ضعيف عن العلاء عن حبيب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال نبئت عن خالتي ميمونة فذكر حديثا وقال في آخره قنت وركع

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قنت قبل الرُّكُوع، وروى عَطاء بن مُسلم الْخفاف وَهُوَ ضَعِيف عَن الْعَلَاء عَن حبيب عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: نبئت عَن خَالَتِي مَيْمُونَة فَذكر حَدِيثا وَقَالَ فِي آخِره قنت وَركع. مَسْأَلَة (143) : ويقنت بِالدُّعَاءِ الَّذِي علمه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة يقنت بِسُورَة الْحَمد وَذكر إِسْنَاده إِلَى أبي الْحَوْرَاء السَّعْدِيّ واسْمه ربيعَة بن شَيبَان، قَالَ:

قال كان يعلمنا هذا الدعاء اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي في ما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت وفي رواية عنه قال علمني كلمات أقولهن في قنوت

قلت: لِلْحسنِ بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا: مَا تذكر من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: كَانَ يعلمنَا هَذَا الدُّعَاء " اللَّهُمَّ اهدني فِيمَن هديت وَعَافنِي فِيمَن عافيت وتولني فِيمَن توليت وَبَارك لي فِي مَا أَعْطَيْت وقني شَرّ مَا قضيت إِنَّك تقضي وَلَا يقْضى عَلَيْك وَإنَّهُ لَا يذل من واليت تَبَارَكت رَبنَا وَتَعَالَيْت " وَفِي رِوَايَة عَنهُ قَالَ: عَلمنِي كَلِمَات أقولهن فِي قنوت الْوتر استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن خَالِد بن أبي عمرَان قَالَ: " بَينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدْعُو على مُضر إِذْ جَاءَهُ جِبْرِيل فَأَوْمأ إِلَيْهِ أَن اسْكُتْ: فَسكت فَقَالَ يَا مُحَمَّد: إِن الله لم يَبْعَثك سبابا وَلَا لعانا وَإِنَّمَا بَعثك رَحْمَة وَلم يَبْعَثك عذَابا {لَيْسَ لَك من الْأَمر شَيْء أَو يَتُوب عَلَيْهِم أَو يعذبهم فَإِنَّهُم ظَالِمُونَ} . ثمَّ علمه هَذَا الْقُنُوت: اللَّهُمَّ إِنَّا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لَك ونخلع ونترك من يكفرك اللَّهُمَّ إياك نعْبد وَلَك نصلي ونسجد وَإِلَيْك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الْجد إِن عذابك بالكافرين مُلْحق "، وروى عَطاء بن

مسألة

عبيد بن عُمَيْر أَن عمر بن الْخطاب قنت بعد الرُّكُوع وَذكر دُعَاء طَويلا وَهَذَا الَّذِي روينَاهُ فِيهِ وَمَا روينَا أثبت إِسْنَادًا، وَهَذَا مُرْسل وَمَوْقُوف إِن ثَبت وَيجوز الْجمع بَينهمَا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (144) : وَسنَن الصَّلَاة مثاني وَقَالَ أَبُو حنيفَة فِي سنة الظّهْر وَالْعصر الْأَفْضَل فيهمَا أَربع بِتَسْلِيمَة وَاحِدَة وَفِي سنة الْعشَاء الْأَخِيرَة إِنَّهَا مثنى إِن شَاءَ وَأَرْبع إِن شَاءَ وَكَذَلِكَ يَقُول فِي صَلَاة اللَّيْل. وَدَلِيلنَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب السّنَن عَن أبي عَمْرو عَن شُعْبَة عَن يعلى عَن عَليّ بن عبد الله الْبَارِقي عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى

وَهَكَذَا رَوَاهُ غنْدر وَهُوَ الحكم بَين أَصْحَاب شُعْبَة ومعاذ الْعَنْبَري وَدَاوُد بن إِبْرَاهِيم وَغَيرهم عَن شُعْبَة وَهَذَا حَدِيث صَحِيح رُوَاته ثِقَات فقد احْتج مُسلم بعلي بن عبد الله الْبَارِقي الْأَزْدِيّ وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة، وَقد سُئِلَ البُخَارِيّ عَن حَدِيث يعلى بن عَطاء أصحيح هُوَ؟ قَالَ: نعم، قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ سعيد بن جُبَير كَانَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يُصَلِّي أَرْبعا لَا يفصل بَينهُنَّ إِلَّا الْمَكْتُوبَة، وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان عَن ابْن عمر مَوْقُوفا من رِوَايَة، وَمَرْفُوعًا فِي أُخْرَى، والموقوفة أصح قَالَ: وَلَا يجوز توهين حَدِيث عَليّ الْبَارِقي رِوَايَة. وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه صلى بِالنَّهَارِ أَرْبعا لَا يفصل بَينهُنَّ بِسَلام لجَوَاز الْأَمريْنِ عِنْد من يحْتَج بِحَدِيث الْبَارِقي وَيكون

صلاة الليل والنهار مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل قال الحاكم هذا حديث غريب بهذا الإسناد ولم يكتبه إلا عن هذا الشيخ ورواته كلهم ثقات ولا أعرف له علة وروي عن علي رضي الله عنه عن النبي

قَول سعيد مَحْمُولا على أَنه كَذَلِك رأى ابْن عمر وَهُوَ أفضل عِنْده حَتَّى كَانَ أَكثر صلَاته مثنى مثنى، وَيجْبر أَكثر مِنْهُمَا إِن كَانَ عَنهُ مَحْفُوظًا، وَقد رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن ابْن عمر قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مثنى مثنى وَالْوتر رَكْعَة من آخر اللَّيْل / قَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث غَرِيب بِهَذَا الْإِسْنَاد وَلم يَكْتُبهُ إِلَّا عَن هَذَا الشَّيْخ وَرُوَاته كلهم ثِقَات وَلَا أعرف لَهُ عِلّة، وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مثنى مثنى ثمَّ يسلم تَسْلِيمَة ". وَعَن الْفضل بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الصَّلَاة مثنى مثنى فَيشْهد فِي كل رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تضرع وتخشع وتمسكن وترفع يَديك تَقول تسْتَقْبل بهما وَجهك، وَتقول يَا رب، يَا رب، فَمن لم يفعل فَهِيَ خداج " وَرَوَاهُ شُعْبَة مُخَالف فِي إِسْنَاده وَبَعض لَفظه وَذكر أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: أَن البُخَارِيّ قَالَ: تِلْكَ

وكان يصلي أربعا قبل الظهر فسألته عن ذلك فقال إن أبواب السماء تفتح فما تغلق حتى يصلى الظهر قال قلت يا رسول الله أيسلم بينهن قال لا إلا في آخرهن ومداره عن ابن عبيدة الضبي وهو ضعيف قال

الرِّوَايَة أصح من رِوَايَة شُعْبَة فَإِنَّهُ أَخطَأ فِيهِ فِي مَوَاضِع قَالَ فِيهِ عَن أنس بن أبي أنس وَإِنَّمَا هُوَ عمرَان بن أبي أنس، وَقَالَ عبد الله بن الْحَارِث، وَإِنَّمَا هُوَ عبد الله بن نَافِع عَن ربيعَة بن الْحَارِث وَرَبِيعَة بن الْحَارِث هُوَ ابْن الْمطلب وَقَالَ هُوَ عَن الْمطلب، وَلم يذكر فِيهِ الْفضل بن الْعَبَّاس. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن أَيُّوب " نزل على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ يُصَلِّي أَرْبعا قبل الظّهْر، فَسَأَلته عَن ذَلِك فَقَالَ: إِن أَبْوَاب السَّمَاء تفتح فَمَا تغلق حَتَّى يصلى الظّهْر قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله أيسلم بَينهُنَّ قَالَ: لَا إِلَّا فِي آخِرهنَّ " ومداره عَن ابْن عُبَيْدَة الضَّبِّيّ وَهُوَ ضَعِيف قَالَ

من صلى أربعا قبل الظهر ثم رآني أكتبه فقال لا تكتبه لا تكتبه أما أنه من عتيق حديثه وقال ابن معين عبيدة الضبي ليس بشيء وقال البخاري ليس بالقوي وقد روي من وجه آخر عن أيوب ببعض معناه وليس فيه ذكر التسليم وروى عمرو بن هارون حدثنا عن

عَمْرو بن عَليّ: كَانَ يحيى بن سعيد وَعبد الرَّحْمَن بن مهْدي لَا يحدثان عَن عُبَيْدَة الضَّبِّيّ. قَالَ عَمْرو: سَمِعت يحيى يذكر عُبَيْدَة بن معتب فَحدث عَنهُ بِحَدِيث أبي أَيُّوب عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من صلى أَرْبعا قبل الظّهْر ثمَّ رَآنِي أكتبه فَقَالَ: لَا تكتبه، لَا تكتبه أما أَنه من عَتيق حَدِيثه وَقَالَ ابْن معِين: عُبَيْدَة الضَّبِّيّ: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ البُخَارِيّ لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَقد رُوِيَ من وَجه آخر عَن أَيُّوب بِبَعْض مَعْنَاهُ وَلَيْسَ فِيهِ ذكر التَّسْلِيم وروى عَمْرو بن هَارُون حَدثنَا عَن ابْن عمر مَرْفُوعا " صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار أَربع أَربع " وَعَمْرو بن هَارُون ضَعِيف الحَدِيث جدا: كذبه يحيى بن معِين من رِوَايَة ابْن الْجُنَيْد عَنهُ والاعتماد على حَدِيث الْبَارِقي ثمَّ على حَدِيث ابْن عمر وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (145) : وَمن حضر صَلَاة فَرِيضَة ووجدها أُقِيمَت دخل فِيهَا وَلم يشْتَغل بسنتها قبلهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: فِي صَلَاة الصُّبْح إِذا دخل رحبة الْمَسْجِد وَالْإِمَام فِي الرَّكْعَة الأولى مِنْهَا أَنه يُصَلِّي رَكْعَتي الْفجْر فِي رحبة الْمَسْجِد ثمَّ يتَّصل بِالْجَمَاعَة. دليلنا: حَدِيث عبد الله بن سرجس. قَالَ: " دخل رجل الْمَسْجِد وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صَلَاة الصُّبْح فصلى رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يصل إِلَى الصَّفّ فَلَمَّا انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: يَا فلَان بِأَيّ صلاتيك اعْتدت بِالَّتِي صليت وَحدك أَو بِالَّتِي صليت مَعنا " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَأَخْرَجَا جَمِيعًا فِي الصَّحِيح حَدِيث عبد الله بن مَالك ابْن بُحَيْنَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِرَجُل فَكَلمهُ بِشَيْء لَا يدْرِي مَا هُوَ فَلَمَّا انْصَرف أحطنا بِهِ مَاذَا قَالَ لَك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: قَالَ لي: يُوشك أَن يُصَلِّي أحدكُم الصُّبْح أَرْبعا " وَعند مُسلم عَنهُ قَالَ: " أُقِيمَت الصَّلَاة، صَلَاة الصُّبْح فَرَأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا يُصَلِّي والمؤذن يُقيم فَقَالَ أَتُصَلِّي الصُّبْح أَرْبعا " وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كنت أُصَلِّي

فقال أتصلي أربعا وعند أبي داود عن أبي هريرة قال قال رسول الله

وَأخذ الْمُؤَذّن فِي الْإِقَامَة فجذبني النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ أَتُصَلِّي أَرْبعا " وَعند أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وروينا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ إِذا رأى رجلا يُصَلِّي وَهُوَ يسمع الْإِقَامَة ضربه استدلوا: بِمَا روى حجاج بن نصير عَن عباد بن كثير عَن لَيْث عَن عَطاء أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة فَلَا صَلَاة إِلَّا الْمَكْتُوبَة وَزَاد إِلَّا رَكْعَتي الصُّبْح " وَهَذِه الزِّيَادَة لَا أصل لَهَا: عباد وحجاج ضعيفان وروى مَا قَالُوهُ عَن أبي الدَّرْدَاء وَعبد الله أَنَّهُمَا فعلاه وَقد روينَا عَن عمر خلاف ذَلِك وَعَن ابْنه مَعَ مَا روينَا من السّنة الصَّحِيحَة فَهُوَ أولى وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (146) : وَيجوز صَلَاة الْفَرِيضَة خلف من يُصَلِّي النَّافِلَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز، وَدَلِيلنَا: حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ " كَانَ معَاذ رَضِي الله عَنهُ يُصَلِّي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ يَأْتِي فيؤم قومه " أخرجه (البُخَارِيّ) وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَعند مُسلم أَيْضا: " عَنهُ كَانَ معَاذ رَضِي الله عَنهُ يُصَلِّي مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعشَاء وَالْعَتَمَة ثمَّ يرجع فيصليهما بقَوْمه / فِي بني سَلمَة " وَذكر الحَدِيث بِطُولِهِ وَعِنْده أَيْضا أَن معَاذًا رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعشَاء ثمَّ ينْصَرف فَيَأْتِي قومه فَيصَلي بهم تِلْكَ الصَّلَاة وَرَوَاهُ أَبُو عَاصِم عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر " أَن معَاذ رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعشَاء ثمَّ ينْصَرف إِلَى قومه فَيصَلي بهم هِيَ لَهُ تطوع وَلَهُم فَرِيضَة وَرَوَاهُ عَن ابْن جريج أَيْضا عبد الرَّزَّاق بِمثلِهِ إِلَّا أَنه قَالَ فَيصَلي بهم تِلْكَ الصَّلَاة هِيَ لَهُ نَافِلَة وَلَهُم فَرِيضَة وَالزِّيَادَة من الثِّقَة

مَقْبُولَة وروى الرّبيع عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنْهُمَا أخبرنَا مُسلم عَن ابْن جريج أَن عَطاء كَانَ يفوتهُ الْعَتَمَة فَيَأْتِي النَّاس فِي الْقيام فَيصَلي بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يَبْنِي عَلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ وَأَنه رَآهُ فعل ذَلِك ويعتد بِهِ من الْعَتَمَة. قَالَ الشَّافِعِي: وَكَانَ وهب بن مُنَبّه، وَالْحسن وَأَبُو رَجَاء العطاردي يَقُولُونَ هَذَا وَعَن طَاوس مثل مَذْهَبنَا وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَرجل من الْأَنْصَار مثل هَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ، ويروى عَن أبي الدَّرْدَاء وَابْن عَبَّاس قريب مِنْهُ وَلَا يَصح

الحال في الإمامة ولو كان تفصيل بين أن يكون الإمام متطوعا أو مؤديا فرضا لاستفصل رسول الله

قَوْلهم على حَدِيث جَابر هِيَ لَهُ أَي لِمعَاذ تطوع وَلَهُم فَرِيضَة أَنه قَول بعض الروَاة بل هُوَ قَول جَابر فَإِن الأَصْل أَن مَا كَانَ مَوْصُولا بِالْحَدِيثِ كَانَ مِنْهُ إِلَّا أَن يقوم دلَالَة على التَّمْيِيز وَلما شكا الرجل من معَاذ تطويله صلَاته لم يفصل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْحَال فِي الْإِمَامَة وَلَو كَانَ تَفْصِيل بَين أَن يكون الإِمَام مُتَطَوعا أَو مُؤديا فرضا لاستفصل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا يَصح قَول من ادّعى نسخ مَا قُلْنَاهُ فَإِن ذَلِك بِبَطن النّخل حِين كَانَ يفعل الْفَرْض مرَّتَيْنِ فِي الْيَوْم الْوَاحِد، ثمَّ نسخ فَإِنَّهُ دَعْوَى لَا تعرف وَلَا يشْهد لَهَا تَارِيخ وَلَا نقل وَعَن جَابر " أَنه صلى مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْخَوْف فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِحْدَى

أربع ركعات وصلى بكل طائفة ركعتين أخرجه مسلم في الصحيح قال الشافعي والآخرة من هاتين للنبي

الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ثمَّ صلى بالطائفة الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَربع رَكْعَات وَصلى بِكُل طَائِفَة رَكْعَتَيْنِ " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح قَالَ الشَّافِعِي وَالْآخِرَة من هَاتين للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَافِلَة وَالْأُخْرَى فَرِيضَة، وَرُوِيَ عَن ابْن عَائِذ، قَالَ: دخل ثَلَاثَة نفر من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَسْجِد وَالنَّاس فِي صَلَاة الْعَصْر قد فرغوا من صَلَاة الظّهْر فصلوا (مَعَ النَّبِي) فَلَمَّا فرغوا قَالَ بَعضهم لبَعض كَيفَ صَنَعْتُم قَالَ أحدهم جَعلتهَا الظّهْر ثمَّ صليت الْعَصْر، وَقَالَ الآخر جَعلتهَا للعصر ثمَّ صليت الظّهْر، وَقَالَ الآخر جَعلتهَا لِلْمَسْجِدِ ثمَّ صليت الظّهْر وَالْعصر فَلم يعب بَعضهم على بعض وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (147) : إِذا أخرج الْمَأْمُوم نَفسه من صَلَاة الإِمَام فصلى لنَفسِهِ جَازَ لعذر، وَإِن كَانَ لغير عذر فعلى قَوْلَيْنِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تبطل صلَاته بِكُل حَال. لنا قصَّة معَاذ حِين قَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة فِي الْعشَاء الْآخِرَة، فَأخْرج رجل نَفسه وتمم لنَفسِهِ ثمَّ لما جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لِمعَاذ " أفتان أَنْت " وَلم يَأْمر الرجل بِإِعَادَة الصَّلَاة الَّتِي أتمهَا لنَفسِهِ مُنْفَردا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (148) : إِذا صلى فِي بَيته بِصَلَاة الإِمَام فِي الْمَسْجِد وَبَينهمَا حَائِل لم يجز وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَصح مَا لم يكن بَينه وَبَين الْمَسْجِد شَارِع أَو نهر لنا حَدِيث عَليّ وَعَائِشَة وَأنس رَضِي الله عَنْهُم قَالَ الشَّافِعِي: قد صلى نسْوَة مَعَ عَائِشَة زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حُجْرَتهَا، فَقَالَت لَا تصلين بِصَلَاة الإِمَام فَإِنَّكُنَّ دونه فِي حجاب قَالَ الشَّافِعِي: وكما قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي حُجْرَتهَا إِن كَانَت قائلة قُلْنَا ورويناه

مرفوعا وروى الشافعي بإسناده عن صالح بن إبراهيم قال رأيت أنس بن مالك صلى الجمعة في بيوت حميد بن عبد الرحمن بن عوف يصلي بصلاة الإمام في المسجد وبين بيوت حميد والمسجد الطريق وروي أيضا بإسناده عن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يصلي

عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد " وَرُوِيَ ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرْفُوعا وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن صَالح بن إِبْرَاهِيم قَالَ: " رَأَيْت أنس بن مَالك صلى الْجُمُعَة فِي بيُوت حميد بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، يُصَلِّي بِصَلَاة الإِمَام فِي الْمَسْجِد وَبَين بيُوت حميد وَالْمَسْجِد الطَّرِيق "، وَرُوِيَ أَيْضا بِإِسْنَادِهِ عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه " أَنه كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَة فِي بيُوت حميد بن عبد الرَّحْمَن عَام حج الْوَلِيد وَكثر النَّاس بَينهمَا وَبَين الْمَسْجِد الطَّرِيق " وَهَذَا يدل على أَنهم كَانُوا لَا يعدون الطَّرِيق حَائِلا يمْنَع الْإِتْمَام وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (149) : وإمامة الْكَافِر بِالْمُسْلِمين لَا يكون إسلاما مِنْهُ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة يكون إسلاما دليلنا من الْخَبَر حَدِيث ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله ويقيمون الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة فَإِذا فعلوا ذَلِك عصموا مني دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَق الْإِسْلَام وحسابهم على الله " / أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، وَعِنْده أَيْضا فِي الصَّحِيح عَن أنس بن مَالك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى تشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وَإِذا شهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وصلوا صَلَاتنَا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا حرمت علينا دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ إِلَّا بِحَقِّهَا لَهُ مَا للْمُسلمِ وَعَلِيهِ مَا على الْمُسلم وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (150) : وَإِذا ابْتَدَأَ صَلَاة مُنْفَردا ثمَّ دخل فِي جمَاعَة صحت صلَاته من أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تصح دليلنا حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا حِين قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ "، فَفِيهِ أَن أَبَا بكر دخل فِي الصَّلَاة وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ فَأومى إِلَيْهِ مَكَانك وَجلسَ عَن يسَاره قَالَت: " وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسا وَأَبُو بكر قَائِما يَقْتَدِي بِصَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ويقتدي النَّاس بِصَلَاة أبي بكر " وَحَدِيث أبي بكر وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُمَا فذكرناه فِي مَسْأَلَة الْجنب إِذا صلى بِالنَّاسِ فَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما خرج للطَّهَارَة بقوا هم فِي الصَّلَاة منفردين إِلَى أَن رَجَعَ وعلقوا صلَاتهم على صلَاته وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (151) : لم يذكرهَا الإِمَام. وَالصَّبِيّ يجوز أَن يكون إِمَامًا للبالغ فِي صَلَاة الْفَرِيضَة سوى الْجُمُعَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز فِي الْفَرِيضَة وَيجوز فِي النَّافِلَة، دليلنا حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا كُنْتُم ثَلَاثَة فليؤمكم أحدكُم وليؤمكم أقرأوكم " أخرجه مُسلم. احْتج فِي كتاب الْبُوَيْطِيّ فِي جَوَاز إِمَامَته وَإِن كَانَ الِاخْتِيَار أَن لَا يؤم إِلَّا بَالغ فَحَدِيث معَاذ رَضِي الله عَنهُ حِين كَانَ يُصليهَا فصلى مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ يُصليهَا بقَوْمه نَافِلَة وَأَقل مَا فِي صَلَاة الْغُلَام أَن يكون نَافِلَة وَبِحَدِيث عَمْرو بن أم سَلمَة الْجرْمِي أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَفِيه بعد ذكر قصَّة إسْلَامهمْ " فنظروا فِي حوائنا فَلم يَجدوا أَكثر قُرْآنًا مني قدموني وَأَنا ابْن سبع سِنِين أَو سِتّ سِنِين فَلَبثت أُصَلِّي بهم " وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس

مسألة

" لَا يُؤمر الْغُلَام حَتَّى يَحْتَلِم " وَرُوِيَ عَنهُ بِإِسْنَادِهِ مَرْفُوعا إِلَّا أَنه قَالَ: قَالَ: " لَا يُؤذن غُلَام حَتَّى يَحْتَلِم وليؤذن لكم خياركم " وَهَذِه الزِّيَادَة تدل على أَنه فِي الْأَذَان وَهُوَ ضَعِيف سَوَاء كَانَ مَوْقُوفا أَو مَرْفُوعا وَرُوِيَ بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا " لَا تقدمُوا سفهاءكم وَصِبْيَانكُمْ فِي صَلَاتكُمْ وَلَا على جنائزكم فَإِنَّهُ وفدكم إِلَى الله " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (152) : لم يذكرهَا الإِمَام وَيسْتَحب للنِّسَاء الْجَمَاعَة وتقف إمامهن وسطهن. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يكره لَهُنَّ الْجَمَاعَة دليلنا من الْخَبَر

قال صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وروي أن رسول الله

حَدِيث ابْن عمر الْمُتَّفق على صِحَّته أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " صَلَاة الْجَمَاعَة أفضل من صَلَاة الْفَذ بِسبع وَعشْرين دَرَجَة " وَرُوِيَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن لأم ورقة بنت عبد الله بن الْحَارِث أَن تؤم أهل دارها وَكَانَت قد قَرَأت الْقُرْآن على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا خير فِي جمَاعَة النِّسَاء إِلَّا فِي صَلَاة أَو جَنَازَة " ويروى عَنْهَا " أَنَّهَا أمت نسْوَة فِي الْمَكْتُوبَة فأمتهن بَينهُنَّ وسطا " وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن حجيرة عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا " أَنَّهَا أمتهن فَقَامَتْ وسطا " وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (153) : وحد السّفر القاصد سِتَّة عشر فرسخا وَهُوَ مسيرَة يَوْمَيْنِ بليلتيهما سير الثّقل. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: حَده ثَلَاثَة أَيَّام بلياليهما دليلنا: مَا روى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أقصر إِلَى عَرَفَة قَالَ: لَا وَلَكِن إِلَى جدة وَعُسْفَان والطائف وَإِن قدمت على

قال يا أهل مكة لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربع برد من مكة إلى عسفان رواه عن إسماعيل بن عياش قال ولا اعتمده بأن

أهل أَو مَاشِيَة فَأَتمَّ قَالَ الشَّافِعِي: فَهَذَا قَول ابْن عمر وَبِه نَأْخُذ وروى مَنْصُور عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: إِذا سَافر يَوْمًا إِلَى الْعشَاء فأتمم فَإِن زِدْت فأقصر وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن عبد الله ركب إِلَى ذَات النصب وَيقصر الصَّلَاة فِي مسيره ذَلِك. قَالَ مَالك: وَبَين ذَات نصب وَالْمَدينَة أَربع برد كل بريد يكون اثْنَي عشر ميلًا فَيكون جملَة أَربع برد ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ ميلًا بالهاشمي كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي كتاب الْبُوَيْطِيّ فِي الصّيام وكل ثَلَاثَة أَمْيَال يكون فرسخا وَاحِدًا بِالسَّفرِ الَّذِي يجوز / عندنَا فِيهِ قصر الصَّلَاة سِتَّة عشر فرسخا، وَقد روى عبد الْوَهَّاب بن مُجَاهِد عَن أَبِيه وَعَطَاء ابْن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَا أهل مَكَّة لَا تقصرُوا الصَّلَاة فِي أدنى من أَربع برد من مَكَّة إِلَى عسفان " رَوَاهُ عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش قَالَ: وَلَا اعْتَمدهُ بِأَن

إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَعبد الْوَهَّاب: ضَعِيف جدا، وَقد ذهب بعض أَصْحَابنَا إِلَى جَوَاز الْقصر فِي مسيرَة الْيَوْم التَّام وَله وَجه، وَرُوِيَ عَن سَالم أَن ابْن عمر كَانَ يقصر الصَّلَاة مسيرَة الْيَوْم التَّام "، وَهَذَا عَن ابْن عمر صَحِيح لَا شكّ فِيهِ فقد أخرجه مَالك فِي الْمُوَطَّأ فَيكون مَحْمُولا على تَعْجِيله فِي السّير فَسَار فِي يَوْم وَلَيْلَة مَا سَار فِي يَوْمَيْنِ وليلتين سير الثّقل. وَأما مَا رُوِيَ عَنهُ أَنه كَانَ يُسَافر مسيرَة الْيَوْم واليومين فَلم يكن يقصر الصَّلَاة وَلكنه كَانَ إِذا خرج إِلَى خَيْبَر قصر الصَّلَاة وَذَلِكَ مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام فَهُوَ ضَعِيف وَلَا نَتْرُك رِوَايَة الْأَئِمَّة عَن نَافِع عَن ابْن عمر بِرِوَايَة خصيف وَالَّذِي لَا يحْتَج بِهِ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث ابْن عمر

لا تسافر المرأة ثلاثا إلا ومعها ذو محرم ولا حجة لهم فيه فقد روي مسيرة يوم وروي مسيرة ليلة وروي مسيرة يومين وروي بريدا فعن أبي هريرة قال قال رسول الله

الْمُتَّفق على صِحَّته قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تُسَافِر الْمَرْأَة ثَلَاثًا إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ، فقد رُوِيَ مسيرَة يَوْم وَرُوِيَ مسيرَة لَيْلَة، وَرُوِيَ مسيرَة يَوْمَيْنِ، وَرُوِيَ بريدا. فَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر مسيرَة يَوْم وَلَيْلَة وَلَيْسَ مَعهَا حُرْمَة " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وكل هَذِه الرِّوَايَات صَحِيحَة وَعِنْدَهُمَا عَن أبي سعيد: " لَا تُسَافِر الْمَرْأَة يَوْمَيْنِ من الدَّهْر إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم وَمَعَهَا زَوجهَا " وَعِنْدَهُمَا أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يخلون رجلا بِامْرَأَة وَلَا تُسَافِر امْرَأَة إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم " وَأطلق وَلم

إنما قصد بهذه الأخبار الحياطة على المرأة دون تحديد السفر بشيء من ذلك وروي عن الحسن في التقصير قال في ليلتين والله أعلم

يذكر مُدَّة وَفِي كل هَذَا دلَالَة على أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّمَا قصد بِهَذِهِ الْأَخْبَار الحياطة على الْمَرْأَة دون تَحْدِيد السّفر بِشَيْء من ذَلِك، وَرُوِيَ عَن الْحسن فِي التَّقْصِير قَالَ: فِي لَيْلَتَيْنِ وَالله أعلم. مَسْأَلَة (154) : وَالْقصر فِي السّفر مُبَاح وَلَيْسَ بِفَرْض وَقَالَ أَبُو حنيفَة: فرض السّفر رَكْعَتَانِ وَمَا زَاد عَلَيْهِمَا فَهُوَ تطوع. وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْكتاب قَالَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ " وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْض فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة " وَعَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: قلت لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ " فَلَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تقصرُوا من الصَّلَاة إِن خِفْتُمْ وَقد أَمن النَّاس "، فَقَالَ: عجبت مِمَّا عجبت مِنْهُ فَسَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك فَقَالَ: صَدَقَة تصدق الله بهَا عَلَيْكُم فاقبلوا صدقته رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فَدلَّ

على أن القصر في السفر بلا خوف صدقة من الله والصدقة رخصة لا حتم من الله أن تقصروا وعن عائشة رضي الله عنها قالت كل ذلك فعل رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أَن الْقصر فِي السّفر بِلَا خوف صَدَقَة من الله وَالصَّدَََقَة رخصَة لَا حتم من الله أَن تقصرُوا. وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: كل ذَلِك فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أتم فِي السّفر وَقصر وَرُوِيَ عَن طَاوس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَامَ فِي السّفر وَأفْطر وَأتم وَقصر وَهُوَ مُرْسل صَحِيح شَاهد للمسند وَقصر عُثْمَان وَأتم وَقصرت عَائِشَة وأتمت، وَأخرج البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح عَن ابْن عمر قَالَ: صليت مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أبي بكر رَضِي الله عَنهُ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عمر رَضِي الله عَنهُ رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ صَدرا من إمارته ثمَّ أتمهما وَعِنْدَهُمَا أَيْضا فِي الصَّحِيح عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: أول مَا فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فزيد فِي صَلَاة الْحَضَر وأقرت صَلَاة السّفر. قلت فَمَا شَأْن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تتمّ الصَّلَاة: قَالَ: إِنَّهَا تأولت مَا تَأَول عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ. وروى الدراقطني عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه عَن عَائِشَة وَعنهُ عَن

في عمرة رمضان فأفطر رسول الله

عَائِشَة قَالَت: " خرجت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي عمْرَة رَمَضَان فَأفْطر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصمت وَقصر فأتممت، فَقلت يَا رَسُول الله بِأبي وَأمي أفطرت وَصمت وَقصرت وَأَتْمَمْت. فَقَالَ: " أَحْسَنت يَا عَائِشَة " ثمَّ قَالَ الأول مُتَّصِل. وَهُوَ إِسْنَاد صَحِيح حسن، وَعبد الرَّحْمَن قد أدْرك عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَدخل عَلَيْهَا وَهُوَ مراهق. وَفِي الصَّحِيح عَن مُسلم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " فرض الله جلّ ثَنَاؤُهُ الصَّلَاة على لِسَان نَبِيكُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / فِي الْحَضَر أَرْبعا وَفِي السّفر رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْف رَكْعَة " وَعِنْدَهُمَا فِي الصَّحِيح عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى رَكْعَتَيْنِ وَمَعَ أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ تَفَرَّقت بكم الطّرق وددت أَن

يقول إذا تأهل الرجل ببلد فليصل صلاة مقيم وروي عن الزهري أن عثمان إنما صلى بمنى أربعا لأنه أجمع الإقامة

حظى من أَربع رَكْعَات رَكْعَتَيْنِ مُتَقَبَّلَتَيْنِ ". قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَابْن مَسْعُود " عَابَ إتْمَام الصَّلَاة بمنى فَقَامَ فأتمهما فَقيل لَهُ فِي ذَلِك فَقَالَ الْخلاف شَرّ " وَلَو كَانَ ذَلِك يفْسد الصَّلَاة لم يتم. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد مُنْقَطع ضَعِيف أَن عُثْمَان قَالَ لما أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الْإِتْمَام: يَا أَيهَا النَّاس لما قدمت مَكَّة تأهلت بهَا وَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا تأهل الرجل بِبَلَد فَليصل صَلَاة مُقيم ". وَرُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ أَن عُثْمَان " إِنَّمَا صلى بمنى أَرْبعا لِأَنَّهُ أجمع الْإِقَامَة

بعد الْحَج " وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا: قَالَ " لما اتخذ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ الْأَمْوَال بِالطَّائِف وَأَرَادَ أَن يُقيم بهَا صلى أَرْبعا "، وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " إِن عُثْمَان صلى أَرْبعا لِأَنَّهُ اتخذها وطنا " وكل هَذَا مَدْخُول لِأَنَّهُ لَو كَانَ إِتْمَامه لهَذَا الْمَعْنى لما خَفِي ذَلِك عَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم، وَلما أَنْكَرُوا عَلَيْهِ ترك السّنة، وَلما صلاهَا عبد الله بن مَسْعُود فِي منزله أَرْبعا وَهُوَ لم ينْو من الْإِقَامَة مَا نوى عُثْمَان، وَقد رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ " أَن عُثْمَان أتم الصَّلَاة بمنى من أجل الْأَعْرَاب لأَنهم كَثُرُوا عامئذ فصلى بِالنَّاسِ أَرْبعا ليعلمهم أَن الصَّلَاة أَربع " وَهَذَا من قَول الزُّهْرِيّ يدل على أَن الأول إِن صَحَّ لم يقلهُ، عَن رِوَايَة صَحِيحَة عِنْده إِذْ لَو كَانَت فِي ذَلِك رِوَايَة صَحِيحَة لم يخْتَلف قَوْله فِيهِ وكل ذَلِك من قَول الزُّهْرِيّ وَإِبْرَاهِيم مُنْقَطع دون عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَقد روينَا

وسنة صاحبيه ولكنه حدث العام من الناس فخفت أن يستنوا فهو يؤكد قول الزهري وفي ذلك دلالة على أن صلاة السفر على ركعتين ثم هي كانت تتم وتأولت ما تأول عثمان رضي الله عنه وتأول عثمان رضي الله عنه في ذلك أنه رأى القصر رخصة والرخصة بخلاف

بِإِسْنَاد حسن عَن عبد الرَّحْمَن بن حميد عَن أَبِيه عَن عُثْمَان أَنه أتم الصَّلَاة بمنى ثمَّ خطب النَّاس فَقَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس إِن السّنة سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسنة صَاحِبيهِ وَلكنه حدث الْعَام من النَّاس فَخفت أَن يستنوا " فَهُوَ يُؤَكد قَول الزُّهْرِيّ، وَفِي ذَلِك دلَالَة على أَن صَلَاة السّفر على رَكْعَتَيْنِ ثمَّ هِيَ كَانَت تتمّ وتأولت مَا تَأَول عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ، وَتَأَول عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فِي ذَلِك أَنه رأى الْقصر رخصَة والرخصة بِخِلَاف الْعَزِيمَة، فَيجوز تَركهَا غير رَاغِب عَن قبُول الرُّخْصَة كَمَا يَقُول فِي الْفطر فِي السّفر وَترك الْمسْح على الْخُفَّيْنِ وَغير ذَلِك من الرُّخص، وَكَذَلِكَ تَأْوِيلهَا مَعَ رِوَايَتهَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه أتمهَا فِي السّفر وقصرها ". قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: وَلَو كَانَت فَرِيضَة رَكْعَتَيْنِ مَا صلى مُسَافر خلف مُقيم. وَفِي الصَّحِيح عِنْد مُسلم عَن نَافِع عَن ابْن عمر

يصلي بمنى ركعتين وأبو بكر وعمر وعمثان ثم صلى عثمان بعد أربع وكان ابن عمر يصلي مع الإمام بصلاته وإذا صلى وحده صلى ركعتين وروي عن أبي مجلز قال سألت ابن عمر المسافر يدرك ركعتين من صلاة المقيمين أفتجزآنه قال بلى يصلي بصلاتهم وعن

قَالَ: كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بمنى رَكْعَتَيْنِ وَأَبُو بكر وَعمر وعمثان ثمَّ صلى عُثْمَان بعد أَربع وَكَانَ ابْن عمر يُصَلِّي مَعَ الإِمَام بِصَلَاتِهِ وَإِذا صلى وَحده صلى رَكْعَتَيْنِ " وَرُوِيَ عَن أبي مجلز قَالَ: سَأَلت ابْن عمر الْمُسَافِر يدْرك رَكْعَتَيْنِ من صَلَاة المقيمين أفتجزآنه. قَالَ " بلَى: يُصَلِّي بصلاتهم "، وَعَن أبي قلَابَة قَالَ: " من صلى فِي السّفر أَرْبعا فَحسن وَعَن عَائِشَة قَالَت: من صلى فِي السّفر أَرْبعا فَحسن وَمن صلى رَكْعَتَيْنِ: فَحسن، إِن الله لَا يعذب على الزِّيَادَة إِنَّمَا يعذب على النُّقْصَان، وَأما مَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا " المتم الصَّلَاة فِي السّفر كالمقصر فِي الْحَضَر " فإسناده ضَعِيف وَهُوَ مَتْرُوك بِالْإِجْمَاع والمتم فِي السّفر لَا يكون كالمقصر فِي الْحَضَر، فَإِن عِنْدهم إِذا أتم فِي السّفر يكون رَكْعَتَانِ فَرِيضَة وَمَا زَاد عَلَيْهَا تَطَوّعا وَإِذا قصر فِي الْحَضَر لم يكن مُؤديا للْفَرض وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (155) : وَمن نوى مقَام أَربع أتم، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: مَا لم ينْو خَمْسَة عشر يَوْمًا فَلهُ أَن يقصر عَن الْعَلَاء بن الْحَضْرَمِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يمْكث المُهَاجر بعد قَضَاء نُسكه ثَلَاثًا " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَعَن عمر أَنه أجلى أهل الذِّمَّة من الْحجاز وَضرب لمن يقدم مِنْهُم تَاجِرًا مقَام ثَلَاثَة أَيَّام. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: فَأشبه مَا وصفت / أَن يكون ذَلِك مقَام السّفر، مَا جاوزه مقَام الْإِقَامَة، وروى قَتَادَة عَن عُثْمَان " من أَقَامَ أَرْبعا أتم " حَكَاهُ الشَّافِعِي عَنهُ فِي الْقَدِيم وروى مَالك عَن عَطاء بن عبد الله الْخُرَاسَانِي أَنه سمع سعيد بن الْمسيب يَقُول: " من أجمع على إِقَامَة أَربع لَيَال وَهُوَ مُسَافر أتم الصَّلَاة "، قَالَ مَالك: " وَذَلِكَ الْأَمر الَّذِي لم يزل عَلَيْهِ أهل الْعلم

يقصر حتى أتى مكة فأقام بها عشرا يقصر حتى رجع فلا حجة لهم فيه وذلك لأن النبي

ببلدنا ". وَأما مَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح عَن أنس " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقصر حَتَّى أَتَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا عشرا يقصر حَتَّى رَجَعَ " فَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ وَذَلِكَ لِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قدم مَكَّة لأَرْبَع مضين من ذِي الْحجَّة فَلم يحْسب الْيَوْم الَّذِي قدم فِيهِ ثمَّ أَقَامَ بهَا ثَلَاثًا ثمَّ خرج يَوْم التَّرويَة وَلم يحسبه إِلَى منى فصلى بهَا الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء وَالصُّبْح فَلَمَّا طلعت الشَّمْس سَار مِنْهَا إِلَى عَرَفَات فَلَمَّا غربت الشَّمْس دفع مِنْهَا حَتَّى أَتَى الْمزْدَلِفَة فَلَمَّا صلى الصُّبْح بِغَلَس أَتَى الْمشعر الْحَرَام وَدفع قبل طُلُوع الشَّمْس حَتَّى أَتَى منى وَقضى نُسكه فَلَمَّا كَانَ يَوْم النَّفر الآخر نزل بالمحصب فَأذن فِي أَصْحَابه بالرحيل وَهَذَا معنى قَول الشَّافِعِي أَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى ثَلَاثًا يقصر وَقدم فَأَقَامَ بِمَكَّة قبل خُرُوجه إِلَى عَرَفَة ثَلَاثًا يقصر فَلم يحْسب الْيَوْم الَّذِي قدم فِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ فِيهِ سائرا ويصحبه ذَلِك فِي قدومه.

وأصحابه لأربع خلون من العشر وهم مهلون الحج فأمرهم رسول الله

أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح عَن ابْن عَبَّاس قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه لأَرْبَع خلون من الْعشْر وهم مهلون الْحَج " فَأَمرهمْ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يحلوا " وَفِي حَدِيث عَائِشَة " لأَرْبَع أَو لخمس مضين من ذِي الْحجَّة " وَعِنْدَهُمَا عَن أنس " أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى الظّهْر يَوْم التَّرويَة بمنى وَصلى الْعَصْر يَوْم النَّفر بِالْأَبْطح وَفِي حَدِيث عَائِشَة عِنْدهمَا قَالَت: " فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة النَّفر قلت يَا رَسُول الله إِنِّي لم أكن تطوفت بِالْبَيْتِ قَالَ: انطلقي مَعَ أَخِيك إِلَى التَّنْعِيم فاعتمري " وحاضت صَفِيَّة لَيْلَة النَّفر فَقَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا كنت تطوفت بِالْبَيْتِ يَوْم النَّحْر. قَالَت: بلَى. قَالَ: فانفري، قَالَت: فَلَقِيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مدلجا على الْعقبَة

لم يمكث بموضع واحد أربعة أيام يقصر الصلاة ثم إن هذا ورد فيمن أقام بموضع ولم يجمع مكثا وكلامنا وقع فيمن أجمع مقام أربعة أيام وقد روينا عن علي رضي الله عنه بخلاف مذهبهم وعن ابن عمر قال إذا أزمعت بالإقامة ثنتي عشرة فأتم الصلاة وعن سالم

وَهُوَ منهبط على أهل الْمَدِينَة، وَأما منهبطه على أهل مَكَّة. قَالَ مَوْعدكُمْ كَذَا وَكَذَا " فَثَبت بذلك أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يمْكث بِموضع وَاحِد أَرْبَعَة أَيَّام يقصر الصَّلَاة ثمَّ إِن هَذَا ورد فِيمَن أَقَامَ بِموضع وَلم يجمع مكثا وكلامنا وَقع فِيمَن أجمع مقَام أَرْبَعَة أَيَّام، وَقد روينَا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ بِخِلَاف مَذْهَبهم وَعَن ابْن عمر قَالَ: " إِذا أزمعت بِالْإِقَامَةِ ثِنْتَيْ عشرَة فَأَتمَّ الصَّلَاة " وَعَن سَالم عَن أَبِيه أَنه كَانَ إِذا أجمع الْمقَام صلى أَرْبعا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (156) : وَإِذا نوى مقَام أَكثر من أَرْبَعَة عشر أَو ثَمَانِيَة عشر، مَعَ الْخَوْف وَالْحَرب صَار مُقيما على أحد الْقَوْلَيْنِ وَكَذَا إِذا انْتهى إِلَى بلد فَأَقَامَ يقصر مَا لم يجمع مكثا بهَا لَا يجمع مقَام أَربع وَلكنه أَقَامَ على شَيْء يرَاهُ بِحَجّ فِي الْيَوْم واليومين فاستأخر بِهِ ذَلِك فَلَا يزَال يقصر مَا لم يبلغ مقَامه مَا أَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْفَتْح بِمَكَّة نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الْإِمْلَاء. وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يصير

أقام سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة قال ابن عباس ومن أقام سبع عشرة قصر ومن أقام أكثر أتم كذا قال سبع عشرة وهو عند أبي داود وكذا في رواية وفي أخرى خمس عشرة وعند البخاري عن ابن عباس أقام رسول الله

بنية الْمقَام على الْخَوْف وَالْحَرب مُقيما. رُوِيَ بِإِسْنَاد رُوَاته كلهم ثِقَات عَن ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقَامَ سبع عشرَة بِمَكَّة يقصر الصَّلَاة. قَالَ ابْن عَبَّاس: وَمن أَقَامَ سبع عشرَة قصر وَمن أَقَامَ أَكثر أتم، كَذَا قَالَ سبع عشرَة وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد وَكَذَا فِي رِوَايَة وَفِي أُخْرَى خمس عشرَة وَعند البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس: " أَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تِسْعَة عشر يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَنحْن نصلي رَكْعَتَيْنِ تِسْعَة عشر يَوْمًا فَإِن أَقَمْنَا أَكثر من ذَلِك أتممنا " وَهَذِه الرِّوَايَة أثبت الرِّوَايَات وَعند أبي دَاوُد عَن عمرَان بن حُصَيْن ثَمَان عشرَة لَيْلَة " وَإسْنَاد حَدِيث ابْن عَبَّاس أصح بِكَثِير وَيُمكن الْجمع بَين الرِّوَايَات من قَالَ تسع عشرَة عد الْيَوْم الَّذِي خرج فِيهِ وَمن قَالَ سبع عشرَة لم يعدهما وَمن قَالَ ثَمَان عشرَة عد أَحدهمَا وَالله أعلم. وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن ثَوْبَان عَن جَابر قَالَ: " أَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتبوك عشْرين يَوْمًا يقصر الصَّلَاة "، قَالَ أَبُو دَاوُد:

مرسلا وروي عن ابن أبي أنيسة أظنه يحيى عن أبي الزبير عن جابر قال غزوت مع رسول الله

غير معمر لَا يسْندهُ قَالَ الْبَيْهَقِيّ: رَوَاهُ عَليّ بن الْمُبَارك وَغَيره عَن ابْن ثَوْبَان عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا وَرُوِيَ عَن ابْن أبي أنيسَة أَظُنهُ يحيى عَن أبي الزبير عَن جَابر قَالَ: " غزوت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / غَزْوَة تَبُوك فَأَقَامَ بهَا بضع عشرَة فَلم يزدْ على رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعَ "، وَرُوِيَ عَن أنس قَالَ: " غزا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تَبُوك فَأَقَامَ بضع عشرَة لَيْلَة يُصَلِّي صَلَاة مُسَافر " وَهَذَا أشبه وَالله أعلم، وروى الْحسن بن عمَارَة وَهُوَ ضَعِيف مَرْفُوعا عَن ابْن عَبَّاس أَقَامَ بِخَيْبَر أَرْبَعِينَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَرُوِيَ عَن ابْن عمر قَالَ: " أَقمت بِأَذربِيجَان سِتَّة أشهر فِي أَمارَة عُثْمَان فَكنت أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ " وَعَن أنس أَنه أَقَامَ بِالشَّام شَهْرَيْن يُصَلِّي صَلَاة مُسَافر وَعَن سعد كَذَلِك. أذربيجان بِلَاد وقرى مُتَفَرِّقَة وَكَذَلِكَ الشَّام فكأنهم لم يقيموا فِي مَوضِع وَاحِد قدرا لم يلْزمهُم إتْمَام الصَّلَاة وَالله أعلم، وَأما مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر أَنه أَقَامَ حِين قتل عُثْمَان بِمَكَّة سنة إِذا صلى وَحده قصر فإسناده ضَعِيف

مسألة

ومجهول وَالله أعلم. مَسْأَلَة (157) : لم يذكرهَا الإِمَام وَالْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ جَائِز بعد السّفر والمطر. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يجوز الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ إِلَّا بِعَرَفَة يَوْم عَرَفَة والمزدلفة لَيْلَة النَّحْر وَعند البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح عَن ابْن عمر كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا عجل فِي السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء ". وَعند مُسلم عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه كَانَ إِذا " جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بعد أَن يغيب الشَّفق " وَيذكر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء " وَفِي رِوَايَة عَن نَافِع أَن ابْن عمر " صلاهما حِين نصف اللَّيْل أَو قَرِيبا من نصف اللَّيْل " وَفِي رِوَايَة قَرِيبا من ربع اللَّيْل وَفِي رِوَايَة حَتَّى

إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء إلى ربع الليل اتفقت رواية عبد الله بن عمر وأيوب السختياني ويحيى بن سعيد الأنصاري وكذلك رواه عمر بن محمد بن زيد عن نافع على أن الجمع من ابن عمر كان بعد غيبوبة الشفق وروايتهم أولى من رواية محمد بن

ذهب هوى من اللَّيْل وَفِي رِوَايَة عَنهُ عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا جد بِهِ السّير جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء إِلَى ربع اللَّيْل " اتّفقت رِوَايَة عبد الله بن عمر وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَيحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عمر بن مُحَمَّد بن زيد عَن نَافِع على أَن الْجمع من ابْن عمر كَانَ بعد غيبوبة الشَّفق، وروايتهم أولى من رِوَايَة مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن أَبِيه عَن نَافِع أَن ابْن عمر صلى الْمغرب قبل غرُوب الشَّفق ثمَّ انْتظر حَتَّى غَابَ الشَّفق فصلى الْعشَاء. فَإِن رِوَايَة الْجَمَاعَة المختصين بِنَافِع أولى من رِوَايَة غَيرهم مَعَ مَا روينَا عَن سَالم بن عبد الله وَعبد الله بن دِينَار وَإِسْمَاعِيل بن أبي ذُؤَيْب وَأسلم مولى عمر عَن ابْن عمر مثل رِوَايَة الْجَمَاعَة عَن نَافِع فَإِن قابلوه بِمَا رُوِيَ عَن سلمَان بن أبي يحيى عَن ابْن عمر قَالَ: " مَا جمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين الْمغرب وَالْعشَاء قطّ فِي سَفَره إِلَّا مرّة ".

بقوله كان رسول الله

قَالَ أَبُو دَاوُد وَهَذَا يرْوى عَن أَيُّوب عَن نَافِع مَوْقُوفا على ابْن عمر أَنه لم ير ابْن عمر جمع بَينهمَا قطّ إِلَّا تِلْكَ اللَّيْلَة يَعْنِي لَيْلَة استصرخ على صَفِيَّة، وَرُوِيَ من حَدِيث مَكْحُول عَن نَافِع أَنه رأى ابْن عمر فعل ذَلِك مرّة أَو مرَّتَيْنِ. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا الْإِسْنَاد لَيْسَ بواضح وَقد روينَا عَن ابْن عمر بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَة أخباره عَن دوَام فعله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقوله كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعلم. وَعند البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح عَن أنس قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا ارتحل قبل ترفع الشَّمْس أخر الظّهْر إِلَى وَقت الْعَصْر ثمَّ ترك فَجمع بَينهمَا فَإِن زاغت الشَّمْس قبل أَن يرتحل صلى الظّهْر ثمَّ ركب " وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن سهل البُخَارِيّ فَزَاد " وَإِذا زاغت الشَّمْس وَهُوَ فِي منزله صلى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا ثمَّ ركب " وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح عَن أنس عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ إِذا عجل بِهِ السّير يُؤَخر الظّهْر إِلَى أول وَقت الْعَصْر فَيجمع بَينهمَا وَيُؤَخر الْمغرب حَتَّى يجمع بَينهمَا وَبَين الْعشَاء حِين يغيب الشَّفق " وَعِنْده أَيْضا عَنهُ قَالَ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَرَادَ أَن يجمع بَين الظّهْر وَالْعصر فِي السّفر

كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر ثم ارتحل قال البيهقي وهذا تمام الحديث الأول لا أنه يخالفه والله أعلم وعند مسلم عن معاذ قال خرجنا مع رسول الله

أخر الظّهْر حَتَّى يدْخل أول وَقت الْعَصْر ثمَّ يجمع بَينهمَا " وَرُوِيَ عَن أنس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا كَانَ فِي سفر فَزَالَتْ الشَّمْس صلى الظّهْر وَالْعصر ثمَّ ارتحل " قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَهَذَا تَمام الحَدِيث الأول لَا أَنه يُخَالِفهُ وَالله أعلم وَعند مُسلم عَن معَاذ / قَالَ خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي غَزْوَة تَبُوك فَكَانَ يُصَلِّي الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا وَالْمغْرب وَالْعَتَمَة جَمِيعًا " وَعِنْده أَيْضا عَنهُ أَنهم خَرجُوا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام تَبُوك فَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يجمع بَين الظّهْر وَالْعصر وَالْمغْرب وَالْعشَاء قَالَ: " فَأخر الصَّلَاة يَوْمًا ثمَّ خرج فصلى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا ثمَّ دخل ثمَّ خرج فصلى الْمغرب وَالْعشَاء جَمِيعًا " وَعند أبي دَاوُد عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ فِي غَزْوَة تَبُوك إِذا ارتحل قبل زيغ الشَّمْس أخر الظّهْر حَتَّى يجمعها إِلَى الْعَصْر فيصليهما جَمِيعًا وَإِذا ارتحل بعد زيغ الشَّمْس صلى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا وَكَانَ إِذا ارتحل قبل الْمغرب أخر الْمغرب حَتَّى يُصليهَا مَعَ الْعشَاء وَإِذا ارتحل بعد الْمغرب عجل الْعشَاء فَصلاهَا مَعَ الْمغرب ". وَرُوِيَ نَحْو من ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس أَيْضا قَالَ وَقد أخرجناه فِي كتاب السّنَن، وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح عَن ابْن عَبَّاس " قَالَ صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا من غير خوف وَلَا سفر " قَالَ مَالك فِي الْمُوَطَّأ أرى ذَلِك فِي

غابت له الشمس بمكة فجمع بينها بسرف وقال أبو بكر بن إسحاق رحمه الله وبسرف من مكة تسعة أميال ولا خلاف أعلمه أنه لا ينهانا أن يسار من عند غروب الشفق تسعة أميال على شيء من الدواب فدل على أنه جمع بينهما بعد ذهاب بعض الليل وعند أبي داود عن هشام

مطر، وَعند أبي دَاوُد عَن جَابر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غَابَتْ لَهُ الشَّمْس بِمَكَّة فَجمع بَينهَا بسرف " وَقَالَ أَبُو بكر بن إِسْحَاق رَحمَه الله وبسرف من مَكَّة تِسْعَة أَمْيَال وَلَا خلاف أعلمهُ أَنه لَا ينهانا أَن يسَار من عِنْد غرُوب الشَّفق تِسْعَة أَمْيَال على شَيْء من الدَّوَابّ فَدلَّ على أَنه جمع بَينهمَا بعد ذهَاب بعض اللَّيْل وَعند أبي دَاوُد عَن هِشَام بن سعد أَن بَينهمَا عشرَة أَمْيَال وَقد روينَا عَن عمر بن الْخطاب وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعلي بن أبي طَالب وَسعد بن أبي وَقاص وَسَعِيد بن زيد وَأُسَامَة وَعبد الله بن زيد وَعبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَأنس بن مَالك وَغَيرهم أَنهم كَانُوا يجمعُونَ بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي السّفر. استدلوا بِمَا روى البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى صَلَاة لغير ميقاتها إِلَّا صَلَاتَيْنِ جمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِجمع وَصلى الْفجْر قبل

ميقاتها وَمن جمع بَين صَلَاتَيْنِ فِي وَقت أَحدهمَا فَلَا يَقُول أَنه صلاهَا فِي غير وَقتهَا ثمَّ الحكم لقَوْل من رأى لِأَنَّهُ شَاهد لَا لقَوْل من لم ير وَالله أعلم.

صفحة فارغة.

ومن كتاب الجمعة

وَمن كتاب الْجُمُعَة مَسْأَلَة (158) : وَالْجُمُعَة تجب على أهل الْقرْيَة إِذا بلغُوا أَرْبَعِينَ وَكَانُوا مستوطنين: وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تجب الْجُمُعَة إِلَّا فِي مصر جَامع: دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي صَحِيح البُخَارِيّ قَالَ: إِن أول جُمُعَة جمعت بعد جُمُعَة فِي مَسْجِد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَسْجِد عبد الْقَيْسِي بجواثاء من الْبَحْرين، وَفِي رِوَايَة عِنْد أبي دَاوُد بجواثاء قَرْيَة من قرى الْبَحْرين، وَفِي أُخْرَى " قَرْيَة من قرى

وروي عن ابن إسحاق حدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه عن عبد الرحمن بن كعب يعني ابن مالك قال كنت قائد أبي حين ذهب بصره فإذا خرجت به إلى الجمعة فسمع الأذان صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة واستغفر له يعني فلبث كثيرا لا يسمع أذان

عبد الْقَيْسِي " وَكَانُوا لَا يستبدون بِأُمُور الشَّرْع فالأشبه أَنهم لم يقيموها فِي هَذِه الْقرْيَة إِلَّا من أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرُوِيَ عَن ابْن إِسْحَاق حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي أُمَامَة بن سهل عَن أَبِيه عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب يَعْنِي ابْن مَالك قَالَ: كنت قَائِد أبي حِين ذهب بَصَره فَإِذا خرجت بِهِ إِلَى الْجُمُعَة. فَسمع الْأَذَان صلى على أبي أُمَامَة أسعد بن زُرَارَة واستغفر لَهُ يَعْنِي فَلبث كثيرا لَا يسمع أَذَان الْجُمُعَة إِلَّا فعل ذَلِك فَقلت لَهُ يَا أَبَت أَرَأَيْت استغفارك لأبي أُمَامَة كلما سَمِعت الْأَذَان للْجُمُعَة مَا هُوَ؟ قَالَ أَي بني؟ كَانَ أول من جمع بِنَا فِي هزم من حرَّة بني بَيَاض يُقَال لَهُ نَقِيع الْخضمات قَالَ قلت: كم كُنْتُم يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ رجلا " ابْن إِسْحَاق إِذا ذكر سَمَاعه وَكَانَ الرَّاوِي

قال من ترك ثلاث جمع متهاونا طبع الله على قلبه وعنده عن طارق بن شهاب عن النبي

ثِقَة استقام الْإِسْنَاد وَعند أبي دَاوُد عَن أبي الْجَعْد الضمرِي وَكَانَت لَهُ صُحْبَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من ترك ثَلَاث جمع متهاونا طبع الله على قلبه " وَعِنْده عَن طَارق بن شهَاب عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " الْجُمُعَة حق وَاجِب على كل مُسلم فِي جمَاعَة إِلَّا أَرْبَعَة عبد مَمْلُوك أَو امْرَأَة أَو صبي أَو مَرِيض " قَالَ أَبُو دَاوُد طَارق قد رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يسمع مِنْهُ شَيْئا. وَذكر الْبَيْهَقِيّ لَهُ إِسْنَادًا مُتَّصِلا عَن طَارق عَن أبي مُوسَى فَذكره بِنَحْوِهِ وَالله أعلم. قَالَ وَرُوِيَ عَن عبد الله بن عبيد الله بن عتبَة بن مَسْعُود وَهُوَ من أكَابِر التَّابِعين أَنه قَالَ: " كل قَرْيَة فِيهَا أَرْبَعُونَ رجلا فَعَلَيْهِم الْجُمُعَة " وَمثله عَن عمر بن

عبد الْعَزِيز وَرُوِيَ عَن الْوَلِيد بن مُسلم قَالَ: سَأَلت اللَّيْث بن سعد فَقَالَ: " كل مَدِينَة أَو قَرْيَة فِيهَا جمَاعَة وَعَلَيْهِم أَمِير أمروا بِالْجمعَةِ {فليجمع بهم، فَإِن أهل الْإسْكَنْدَريَّة وَمَدَائِن مصر وَمَدَائِن سواحلها كَانُوا يجمعُونَ الْجُمُعَة على عهد عمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا بأمرهما وفيهَا رجال من الصَّحَابَة ". وَعنهُ قَالَ أَخْبرنِي شَيبَان قَالَ: حَدثنِي مولى لآل سعيد بن الْعَاصِ أَنه سَأَلَ عبد الله بن عمر بن الْخطاب عَن الْقرى الَّتِي بَين مَكَّة وَالْمَدينَة} مَا ترى فِي الْجُمُعَة؟ قَالَ: نعم: إِذا كَانَ عَلَيْهِم أَمِير فليجمع " وَعَن جَعْفَر بن برْقَان قَالَ كتب عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى عدي بن عدي الْكِنْدِيّ. انْظُر لكل قَرْيَة أهل خزار لَيْسُوا هم بِأَهْل عَمُود ينتقلون

والله أعلم

فَأمر عَلَيْهِم أَمِير فليجمع بهم وَأَرَادُوا بالأمير من يكون إِمَامًا يجمعهُمْ ويخطب بهم وَيُصلي وَيكون كَافِيا للْقِيَام بهَا وَالْأَشْبَه بأقاويل السّلف وأفعالهم فِي إِقَامَة الْجُمُعَة فِي الْقرى الَّتِي أَهلهَا أهل قَرَار لَيْسُوا بِأَهْل عَمُود ينتقلون، إِن ذَلِك مُرَاد عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ بِمَا رَوَاهُ أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَنهُ قَالَ: لَا تَشْرِيق وَلَا جُمُعَة إِلَّا فِي مصر جَامع " وَهُوَ عَنهُ ثَابت فَلَا يَصح عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالله أعلم. مَسْأَلَة (159) : لم يذكرهَا الإِمَام: تجب الْجُمُعَة على من كَانَ خَارج الْمصر يسمع النداء وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يلْزم إِلَّا أهل الْبَلَد. وَدَلِيلنَا: مَا عِنْد أبي دَاوُد فِي كتاب السّنَن عَن عبد الله بن عَمْرو عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْجُمُعَة على من يسمع النداء " وَمَا رُوِيَ عَن شُعْبَة عَن عدي بن ثَابت عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

قال إنما الجمعة على من سمع النداء روي عن علي رضي الله عنه أنه قال لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل ومن جار المسجد قال من أسمعه المنادي وعند مسلم في الصحيح عن ابن عمر وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله

قَالَ: " من سمع النداء فَلم يجب فَلَا صَلَاة لَهُ " قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم هَذَا حَدِيث رَفعه هشيم بن بشير وقراد أَبُو نوح عبد الرَّحْمَن بن غَزوَان عَن شُعْبَة وهما ثقتان وَالطَّرِيق إِلَيْهِمَا صَحِيح فَلَا يضرهما من خالفهما فِي رَفعه. وَرَوَاهُ معراء الْعَبْدي عَن عدي بن ثَابت هَكَذَا مَرْفُوعا فَزَاد فَلم يمنعهُ من اتِّبَاعه عذر قَالُوا وَمَا الْعذر؟ قَالَ: خوف أَو مرض وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا الْجُمُعَة على من سمع النداء " رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " لَا صَلَاة لِجَار الْمَسْجِد إِلَّا فِي الْمَسْجِد. قيل: وَمن جَار الْمَسْجِد؟ قَالَ: من أسمعهُ الْمُنَادِي ". وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح عَن ابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة أَنَّهُمَا سمعا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول على أَعْوَاد منبره " لينتهين أَقوام عَن ودعهم الْجُمُعَات أَو ليختمن الله على قُلُوبهم ثمَّ لَيَكُونن من الغافلين ". وَأَخْرَجَا جَمِيعًا فِي الصَّحِيح عَن عَائِشَة رَضِي الله

ناس منهم وهو عندي فقال رسول الله

عَنْهَا قَالَت: كَانَ النَّاس ينتابون الْجُمُعَة من مَنَازِلهمْ، وَمن العوالي فَيَأْتُونَ فِي العباء ويصيبهم الْغُبَار والعرق، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَاس مِنْهُم وَهُوَ عِنْدِي فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو تطهرتم ليومكم هَذَا ". مَسْأَلَة (160) : وَالْجُمُعَة لَا تَنْعَقِد بِأَقَلّ من أَرْبَعِينَ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تَنْعَقِد بِثَلَاثَة وَإِمَام، دليلنا: حَدِيث كَعْب بن مَالك حِين سُئِلَ عَن ترحمه على أسعد بن زُرَارَة، فَذكر " أَنه أول من جمع بهم، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ " أخرجه أَبُو دَاوُد فِي كتاب السّنَن وَرُوَاته كلهم ثِقَات، وَقد رُوِيَ فِي ذَلِك عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ وَلَا أرَاهُ يَصح أَنه قَالَ: " مَضَت السّنة أَن فِي كل ثَلَاثَة إِمَام، وَفِي كل أَرْبَعِينَ فَمَا فَوق ذَلِك جُمُعَة وأضحى وَفطر ". وَلم يَأْتِ بِهِ غير عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن شيخ

قال على الخمسين جمعة وفي رواية الجمعة على الخمسين وليس على من دون الخمسين جمعة تفرد به جعفر وهو متروك الحديث وللأربعين تأثير فيما يقصد فيه الجماعة بدليل ما روي عن عائشة قالت سمعت رسول الله

من / أهل الْيمن يُضعفهُ أَصْحَاب الحَدِيث وَالله أعلم. وَيصْلح ذَلِك لمعارضة مَا روى الْوَلِيد بن مُحَمَّد وَمُعَاوِيَة وَالْحكم بن عبد الله بن سعد سعد عَن الزُّهْرِيّ عَن أم عبد الله الدوسية يرفعهُ وَالْجُمُعَة وَاجِبَة على كل قَرْيَة فِيهَا إِمَام وَإِن لم يَكُونُوا إِلَّا أَرْبَعَة وَلَا يَصح هَذَا عَن الزُّهْرِيّ كل من رَوَاهُ عَنهُ مَتْرُوك وجرح هَؤُلَاءِ أشهر من أَن يذكر. قَالَ عَليّ بن عمر: وَالزهْرِيّ لَا يَصح سَمَاعه من الدوسية وروى جَعْفَر بن الزبير عَن الْقَاسِم عَن أبي أُمَامَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: على الْخمسين جُمُعَة وَفِي رِوَايَة الْجُمُعَة على الْخمسين وَلَيْسَ على من دون الْخمسين جُمُعَة " تفرد بِهِ جَعْفَر وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث وللأربعين تَأْثِير فِيمَا يقْصد فِيهِ الْجَمَاعَة بِدَلِيل مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة قَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِن كاتبين يكتبان يَوْم الْجُمُعَة الأول فَالْأول حَتَّى يكتبا أَرْبَعِينَ رجلا تطوى الصُّحُف ثمَّ يَقْعُدُونَ يَسْتَمِعُون الذّكر " وَعَن ابْن مَسْعُود " جَمعنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكنت آخر

لا يجتمع أربعون رجلا من المسلمين يدعون الله في أمر واحد إلا استجاب لهم حتى لو دعوا على جبل لأزالوه وفي الصحيحين قال كنا مع رسول الله

من أَتَاهُ وَنحن أَرْبَعُونَ رجلا فَقَالَ: إِنَّكُم مصيبون ومنصورون ومفتوح لكم فَمن أدْرك ذَلِك فليتق الله وليأمر بِالْمَعْرُوفِ وَلينه عَن الْمُنكر وَليصل الرَّحِم، من كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار " وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا يجْتَمع أَرْبَعُونَ رجلا من الْمُسلمين يدعونَ الله فِي أَمر وَاحِد إِلَّا اسْتَجَابَ لَهُم حَتَّى لَو دعوا على جبل لأزالوه ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قبَّة نَحوا من أَرْبَعِينَ فَقَالَ: أَتَرْضَوْنَ أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة؟ قَالُوا: نعم الحَدِيث وَعند مُسلم عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس أَنه مَاتَ ابْن لَهُ بِقديد أَو أَبُو بعسفان فَقَالَ يَا كريب انْظُر مَا اجْتمع لَهُ من النَّاس. قَالَ فَخرجت فَإِذا بأناس قد اجْتَمعُوا، فَأَخْبَرته فَقَالَ: تَقول هم أَرْبَعُونَ؟ قلت: نعم، قَالَ اخْرُجُوا بِهِ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول " مَا من رجل مُسلم يَمُوت فَيقوم على جنَازَته أَرْبَعُونَ رجلا لَا يشركُونَ بِاللَّه شَيْئا إِلَّا شفعهم الله فِيهِ " وَعِنْدَهُمَا عَن جَابر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ قَائِما يَوْم الْجُمُعَة يخْطب فَجَاءَت عير من الشَّام، فَانْفَتَلَ النَّاس إِلَيْهَا حَتَّى لم يبْق مَعَه إِلَّا اثْنَي عشر رجلا فأنزلت هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي الْجُمُعَة {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما} وَهَذَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ لجَوَاز انصرافهم بعد انقضائهم أَو اقْتِصَاره على الظّهْر وَالله أعلم. وَقد

ليس معه إلا أربعين رجلا قال علي بن عمر لم يقل في هذا الحديث إلا أربعين رجلا غير علي بن عاصم عن حصين وخالفه أصحاب حصين فقالوا لم يبق مع النبي

رُوِيَ مَعْنَاهُ وَفِيه وَتركُوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ مَعَه إِلَّا أَرْبَعِينَ رجلا. قَالَ عَليّ بن عمر: " لم يقل فِي هَذَا الحَدِيث إِلَّا أَرْبَعِينَ رجلا غير عَليّ بن عَاصِم عَن حُصَيْن وَخَالفهُ أَصْحَاب حُصَيْن فَقَالُوا لم يبْق مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا اثْنَي عشر رجلا " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (161) : تَحِيَّة الْمَسْجِد عندنَا جَائِزَة فِي حَال مَا يخْطب الإِمَام وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجوز، دليلنا حَدِيث أبي قَتَادَة فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فليركع رَكْعَتَيْنِ قبل أَن يجلس "

يخطب فقال أصليت قال لا قال قم فصل ركعتين وعند مسلم عن جابر قال جاء سليك الغطفاني والنبي

وَعِنْدَهُمَا أَيْضا عَن جَابر " دخل رجل يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فَقَالَ: أصليت؟ قَالَ: لَا، قَالَ: قُم فصل رَكْعَتَيْنِ " وَعند مُسلم عَن جَابر قَالَ: جَاءَ سليك الْغَطَفَانِي وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب يَوْم الْجُمُعَة. فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أصليت الرَّكْعَتَيْنِ؟ فَقَالَ: لَا قَالَ: قُم فصل رَكْعَتَيْنِ وَتجوز فيهمَا " وَقَالَ: " إِذا جَاءَ أحدكُم وَالْإِمَام يخْطب فليركع رَكْعَتَيْنِ وليتجوز فيهمَا " وروى عبيد بن مُحَمَّد الْعَبْدي عَن مُعْتَمر عَن أَبِيه عَن قَتَادَة عَن أنس قَالَ: " دخل رجل من قيس الْمَسْجِد وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قُم فاركع رَكْعَتَيْنِ وَأمْسك عَن الْخطْبَة حَتَّى فرغ من صلَاته " قَالَ عَليّ بن عمر: أسْندهُ عبيد وَوهم فِيهِ: الصَّوَاب عَن معمر عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / مُرْسل كَذَلِك رَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره عَن مُعْتَمر، وَرَوَاهُ أَبُو معشر عَن مُحَمَّد بن قيس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ عَليّ بن عمر: هَذَا مُرْسل وَأَبُو

يخطب فأومأ بيده إليه أن اجلس فجلس وقد رواه مالك بن إسماعيل الهروي عن شعبة بغير هذا اللفظ أن أباه ذكر أنه كان في الشمس ورسول الله

معشر: ضَعِيف واسْمه نجيح وروى خلف بن عبد الْعَزِيز بن عُثْمَان بن جبلة عَن أَبِيه عَن جده عَن شُعْبَة عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَن أَبِيه " أَنه جَاءَ وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فَأَوْمأ بِيَدِهِ إِلَيْهِ أَن اجْلِسْ: فَجَلَسَ " وَقد رَوَاهُ مَالك بن إِسْمَاعِيل الْهَرَوِيّ عَن شُعْبَة بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ " أَن أَبَاهُ ذكر أَنه كَانَ فِي الشَّمْس وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمُرهُ أَن يتَحَوَّل إِلَى الظل فَأمر بِهِ فحول إِلَى الظل " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (162) : لم يذكرهَا الإِمَام وَالْكَلَام لَا يحرم مَا لم يَأْخُذ الإِمَام فِي الْخطْبَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا صعد الإِمَام الْمِنْبَر حرم الْكَلَام وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا قلت لصاحبك: أنصت يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب فقد لغوت " وروى

الشَّافِعِي: عَن مَالك عَن أبي النَّضر عَن مَالك بن أبي عَامر أَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول فِي خطبَته: قَلما يدع ذَلِك إِذا خطب " إِذا قَامَ الإِمَام يخْطب يَوْم الْجُمُعَة فَاسْتَمعُوا وأنصتوا فَإِن ذَلِك للمنصت الَّذِي لَا يسمع مثل مَا للسامع مَعَ المنصت فَإِذا قُمْت الصَّلَاة فاعدلوا الصُّفُوف وحاذوا بالمناكب فَإِن اعْتِدَال الصُّفُوف من تَمام الصَّلَاة ثمَّ لَا يكبر عُثْمَان حَتَّى يَأْتِيهِ رجال قد وَكلهمْ بتسوية الصُّفُوف فيخبرونه قد اسْتَوَت فيكبر " وَرُوِيَ أَيْضا: عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن ثَعْلَبَة بن أبي مَالك " أَنه أخبرهُ أَنهم كَانُوا فِي زمَان عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَوْم الْجُمُعَة يصلونَ حَتَّى يخرج عمر فَإِذا خرج وَجلسَ على الْمِنْبَر وَأذن جَلَسُوا يتحدثون حَتَّى إِذا سكت المؤذنون وَقَامَ عمر رَضِي الله عَنهُ سكتوا فَلم يتَكَلَّم أحد " وَرُوِيَ عَن ابْن أبي فديك عَن ابْن أبي ذِئْب عَن ابْن شهَاب عَن ثَعْلَبَة أَن قعُود الإِمَام يقطع التسبيحة وَإِن كَلَامه يقطع الْكَلَام وَإِنَّهُم كَانُوا يتحدثون يَوْم الْجُمُعَة وَعمر جَالس على الْمِنْبَر فَإِذا سكت الْمُؤَذّن قَامَ عمر فَلم يتَكَلَّم

مسألة

أحد حَتَّى يقْضِي الْخطْبَتَيْنِ كلتاهما فَإِذا قَامَت الصَّلَاة وَنزل عمر تكلمُوا " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (163) : وَالْقِيَام فرض فِي حَالَة الْخطْبَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ بِفَرْض. وَدَلِيلنَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب يَوْم الْجُمُعَة قَائِما ثمَّ يقْعد ثمَّ يقوم، قَالَ: كَمَا يَفْعَلُونَ الْيَوْم " وَعند مُسلم عَن سماك قَالَ نَبَّأَنِي جَابر بن سَمُرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كَانَ يخْطب قَائِما ثمَّ يجلس ثمَّ يقوم فيخطب. فَمن نبأك أَنه كَانَ يخْطب جَالِسا فقد كذب! فقد وَالله صليت مَعَه أَكثر من ألفي صَلَاة " وَعِنْده أَيْضا عَن أبي عُبَيْدَة: أَن كَعْب بن عجْرَة دخل الْمَسْجِد وَعبد الرَّحْمَن بن أم الحكم يخْطب قَاعِدا. فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبيث يخْطب قَاعِدا وَقد قَالَ الله عز وَجل: {وَإِذا رَأَوْا تِجَارَة أَو لهوا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِما} وَبَيَان الْجُمُعَة أَخذ من

ولم يخطب إلا قائما قال وروي عن الشعبي قال أول من أحدث القعود على المنبر معاوية رضي الله عنه ويحتمل أنه إنما فعل ذلك لضعف أو مرض والله أعلم

فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يخْطب إِلَّا قَائِما قَالَ: وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ قَالَ: أول من أحدث الْقعُود على الْمِنْبَر مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ وَيحْتَمل أَنه إِنَّمَا فعل ذَلِك لضعف أَو مرض وَالله أعلم. مَسْأَلَة (164) : والجلسة بَين الْخطْبَتَيْنِ فَرِيضَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: هِيَ سنة دلينا مَا سبق ذكره من فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: استدلوا بِمَا روى الْحسن ابْن عمَارَة عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب يَوْم الْجُمُعَة خطْبَة وَاحِدَة. قَائِما فَلَمَّا ثقل خطب خطبتين وَجلسَ بَينهمَا يستريح " وَالْحسن بن عمَارَة ضَعِيف مَتْرُوك الحَدِيث. وَالْحكم لم يسمع من مقسم إِلَّا أَرْبَعَة أَحَادِيث وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا وَمَا رُوِيَ عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: رَأَيْت عليا رَضِي الله عَنهُ يخْطب يَوْم الْجُمُعَة ثمَّ لم يجلس حَتَّى فرغ يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ

مسألة

لم يجلس فِي حَال الْخطْبَة خلاف مَا أَخذ غَيره من الْجُلُوس فِيهَا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (165) : وَلَا تصح الْخطْبَة بِكَلِمَة وَاحِدَة / وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَو قَالَ الْحَمد لله أَو لَا إِلَه إِلَّا الله صحت خطبَته. وَدَلِيلنَا من الْخَبَر مَا عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح عَن جَابر قَالَ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب النَّاس فيحمد الله ويثني عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهله ثمَّ يَقُول: " من يهده الله فَلَا مضل لَهُ وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَخير الحَدِيث كتاب الله، وَخير الْهَدْي هدى مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَشر الْأُمُور محدثاتها وكل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة وَكَانَ إِذا ذكر السَّاعَة علا صَوته واحمرت وجنتاه وَاشْتَدَّ غَضَبه كَأَنَّهُ مُنْذر جَيش صبحكم مساكم من ترك مَالا فلورثته وَمن ترد دينا أَو ضيَاعًا فَإِلَيَّ وَعلي وَأَنا ولي الْمُؤمنِينَ ". رَوَاهُ سُلَيْمَان بن بِلَال عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر وَقَالَ كَانَت خطْبَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ أَيْضا صَحِيح وَعند مُسلم عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: كَانَت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطبتان يجلس بَينهمَا وَيقْرَأ الْقُرْآن وَيذكر النَّاس "،

يوم الجمعة وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة أخت عمرة هي أم هشام بنت حارثة بن النعمان وكأنها أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها وعنده أيضا عن عبد الله بن محمد بن معن عن أبيه لحارثة بن النعمان قالت ما حفظت ق إلا من في رسول الله

وَعِنْده أَيْضا عَن عمْرَة عَن أُخْت لعمرة قَالَت " أخذت {ق وَالْقُرْآن الْمجِيد} من فيّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة وَهُوَ يقْرَأ بهَا على الْمِنْبَر فِي كل جُمُعَة " أُخْت عمْرَة هِيَ أم هِشَام بنت حَارِثَة بن النُّعْمَان وَكَأَنَّهَا أُخْت عمْرَة بنت عبد الرَّحْمَن لأمها وَعِنْده أَيْضا عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن معن عَن أَبِيه لحارثة بن النُّعْمَان قَالَت: مَا حفظت " ق " إِلَّا من فيّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب بهَا كل جُمُعَة قَالَت: وَكَانَ تنورنا وتنور رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَاحِدَة وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن عبد الله بن أبي بكر عَن يحيى بن عبد الله عَن أم هِشَام بنت حَارِثَة بن النُّعْمَان. وَعَن أبي دَاوُد عَن الحكم بن حزن فَذكر وفادته على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ قَالَ: فأقمت بهَا إِمَامًا شَهِدنَا فِيهَا

فقام متكئا على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال أيها الناس إنكم لن تطيقوا أو لن تفعلوا كلما أمرتم به ولكن سددوا وأبشروا وعند مسلم عن ابن عباس أن ضمادا قدم مكة فذكر قصة فقال رسول الله

الْجُمُعَة مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ مُتكئا على عَصا أَو قَوس فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ كَلِمَات خفيفات طَيّبَات مباركات ثمَّ قَالَ أَيهَا النَّاس: إِنَّكُم لن تُطِيقُوا أَو لن تَفعلُوا كلما أمرْتُم بِهِ وَلَكِن سددوا وَأَبْشِرُوا " وَعند مُسلم عَن ابْن عَبَّاس: أَن ضمادا قدم مَكَّة فَذكر قصَّة فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْحَمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فَلَا مضل لَهُ. وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ. وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. أما بعد " وَعِنْدَهُمَا جَمِيعًا فِي الصَّحِيح عَن ابْن عمر قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب يَوْم الْجُمُعَة خطبتين بَينهمَا جلْسَة " وَفِي أَكثر مَا روينَا أَخْبَار على دوَام فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْأَصْل وجوب الظّهْر أَرْبعا فَلَا نعدل مِنْهُ إِلَّا بِيَقِين وَالْيَقِين مَا فعله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى فَارق الدُّنْيَا وَالله أعلم. وَفِي وجوب ذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْخطْبَة قَالَ عز وَجل: {ورفعنا لَك ذكرك} ، وروى الشَّافِعِي عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد فِي قَوْله عز وَجل {ورفعنا لَك ذكرك} قَالَ: اذكر إِلَّا ذكرت معي أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وَيذكر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ مثل ذَلِك. وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

إلا كانت عليهم ترة يوم القيامة إن شاء أخذهم الله وإن شاء عفا عنهم وفي وجوب الوصية في الخطبة والموعظة روينا ما تيسر وكذلك التحميد وقراءة القرآن وكذلك الدعاء وورد فيه ما عند مسلم في الصحيح عن حصين عن عمارة بن رويبة رأى بشر بن مروان رافعا

" مَا جلس قوم لم يذكرُوا رَبهم وَلم يصلوا فِيهِ على نَبِيّهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا كَانَت عَلَيْهِم ترة يَوْم الْقِيَامَة إِن شَاءَ أَخذهم الله وَإِن شَاءَ عَفا عَنْهُم "، وَفِي وجوب الْوَصِيَّة فِي الْخطْبَة وَالْمَوْعِظَة روينَا مَا تيَسّر. وَكَذَلِكَ التَّحْمِيد وَقِرَاءَة الْقُرْآن وَكَذَلِكَ الدُّعَاء وَورد فِيهِ مَا عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح عَن حُصَيْن عَن عمَارَة بن رويبة رأى بشر بن مَرْوَان رَافعا يَدَيْهِ فَقَالَ: فتح الله هَاتين الْيَدَيْنِ لقد رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يزِيد على أَن يَقُول بِيَدِهِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ " وَالْقَصْد من ذَلِك إِثْبَات الدُّعَاء فِي الْخطْبَة قَالَ الشَّافِعِي وَأَقل مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم / خطْبَة من الْخطْبَتَيْنِ أَن يحمد الله وَيُصلي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويوصي بتقوى الله وَيقْرَأ شَيْئا من الْقُرْآن فِي الأولى ويحمد الله وَيُصلي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُوصي بتقوى الله وَيَدْعُو فِي الْآخِرَة لِأَن معقولا أَن الْخطْبَة جمع بعض الْكَلَام من وُجُوه إِلَى بعض وَهَذَا أوجز مَا يجمع من الْكَلَام. وَقَالَ فِي خلال كَلَام لَهُ فِي الْقَدِيم وَأَقل مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم الْخطْبَة كَلَام كَقدْر أقصر سُورَة من الْقُرْآن وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (166) : لم يذكرهَا الإِمَام وَهل للخطيب والمستمع أَن يتَكَلَّم بِمَا يعنيه فِي حَال الْخطْبَة أم لَا فِيهِ قَولَانِ أَحدهمَا: يحل مَا لم يقل لَغوا وَالْآخر لَا يحل وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة، فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس أَن رجلا يدْخل الْمَسْجِد يَوْم الْجُمُعَة وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِم يخْطب، فَاسْتقْبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِما فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَلَكت الْأَمْوَال، وانقطعت السبل فَادع الله أَن يغيثنا قَالَ: فَرفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ اغثنا. اللَّهُمَّ اغثنا. اللَّهُمَّ اغثنا ". قَالَ أنس وَلَا وَالله مَا نرى فِي السَّمَاء من السَّحَاب وَلَا قزعة وَمَا بَيْننَا وَبَين سلع من بَيت وَلَا دَار. قَالَ فطلعت علينا من وَرَائه سَحَابَة مثل

قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله عز وجل يمسكها عنا قال فرفع رسول الله

الترس فَلَمَّا توسطت السَّمَاء انتشرت ثمَّ أمْطرت. قَالَ: فَلَا وَالله مَا رَأينَا السَّمَاء سبتا. قَالَ: ثمَّ دخل رجل من ذَلِك الْبَاب فِي الْجُمُعَة الْمُقبلَة وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَائِم يخْطب فَاسْتَقْبلهُ قَائِما فَقَالَ: يَا رَسُول الله هَلَكت الْأَمْوَال وانقطعت السبل فَادع الله عز وَجل يمْسِكهَا عَنَّا قَالَ فَرفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ حوالينا وَلَا علينا اللَّهُمَّ على الأكام والظراب وبطون الأودية ومنابت الشّجر قَالَ: " فانغلقت وَخَرجْنَا نمشي فِي الشَّمْس "، وَقد تقدم حَدِيث سليك الْغَطَفَانِي قبل، وَرُوِيَ عَن بُرَيْدَة قَالَ: " وَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فَأقبل الْحسن وَالْحُسَيْن عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَعْثرَانِ وَيقومَانِ فَنزل فَأَخذهُمَا فوضعهما بَين يَدَيْهِ ثمَّ قَالَ صدق الله وَرَسُوله: {أَنما أَمْوَالكُم وَأَوْلَادكُمْ فتْنَة} رَأَيْت وَلَدي هذَيْن فَلم أَصْبِر حَتَّى نزلت فأخذتهما ثمَّ أَخذ فِي خطبَته ". قَالَ

وهو يخطب قال فقلت يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه فأقبل النبي

أَبُو عبد الله الْحَاكِم هَذَا حَدِيث صَحِيح وَعَن أبي رِفَاعَة الْعَدوي قَالَ: انْتَهَيْت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يخْطب قَالَ: فَقلت يَا رَسُول الله: رجل غَرِيب جَاءَ يسْأَل عَن دينه لَا يدْرِي مَا دينه فَأقبل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَترك الْخطْبَة فَأتى بكرسي قوائمه حَدِيد فَقعدَ عَلَيْهِ فَجعل يعلمني مَا علمه الله ثمَّ أَتَى خطبَته فَأَتمَّ آخرهَا " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَاحْتج الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بِحَدِيث عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ حَيْثُ جَاءَ يَوْم الْجُمُعَة وَعمر يخْطب فَقَالَ: مَا حَبسك؟ قَالَ: كنت فِي السُّوق، وَمَا زِدْت على أَن تَوَضَّأت وَجئْت. قَالَ: الْوضُوء أَيْضا وَقد علمت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بِغسْل الْجُمُعَة ". وَذكر الشَّافِعِي فِيمَا بلغه عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن منهال عَن عباد أَن عليا رَضِي الله عَنهُ كَانَ يخْطب فجَاء الْأَشْعَث وَقد امْتَلَأَ الْمَسْجِد وَأخذُوا مجَالِسهمْ فَجعل يتخطى حَتَّى دنا وَقَالَ: غلبتنا عَلَيْك هَذِه الْحَمْرَاء فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَا بَال هَذِه الضياطر يخلف أحدهم قَالَ: ثمَّ ذكر كلَاما. قَالَ الشَّافِعِي وَقد تكلم الْأَشْعَث فَلم يَنْهَهُ عَليّ رَضِي الله

أنخت راحلتي وحللت عيني فلبست حلتي فدخلت ورسول الله

عَنهُ وَتكلم عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَرُوِيَ عَن جرير بن عبد الله قَالَ: لما دَنَوْت من مَدِينَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنخت رَاحِلَتي وحللت عَيْني فَلبِست حلتي فَدخلت وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فَسلم عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَمَانِي النَّاس بالحدق فَقلت لجليسي يَا عبد الله هَل ذكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أَمْرِي شَيْئا قَالَ: نعم. ذكرك بِأَحْسَن الذّكر قَالَ: إِنَّه سيدخل عَلَيْكُم من هَذَا الْبَاب أَو من هَذَا الْفَج من خير ذِي يمن فَإِن وَجهه لمسحة ملك فحمدت الله على مَا أبلاني قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله الْحَاكِم هَذَا حَدِيث صَحِيح وَعَن أبي دَاوُد / عَن أبي الزَّاهِرِيَّة قَالَ كُنَّا مَعَ عبد الله بن بسر صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجُمُعَة فَدخل يتخطى رِقَاب النَّاس فَقَالَ عبد الله رَضِي الله عَنهُ جَاءَ رجل يتخطى رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اجْلِسْ فقد آذيت " قد روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كلم الرجل فِي خطبَته وكلم

فخطب فقال أفلحت الوجوه فقالوا أفلح وجهك يا رسول الله فقال قتلتموه فقلنا نعم وما روى عن أبي الدرداء أو عن أبي ذر في سؤال أحدهم الآخر حين قرأ رسول الله

بعض أَصْحَابه جليسه فِي حَال الْخطْبَة وَأجَاب سَأَلَهُ عَنهُ وَالله أعلم. وروى فِي حَدِيث قتل ابْن أبي الْحقيق أَن ابْن عتِيك وَأَصْحَابه وافوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَخَطب فَقَالَ: " أفلحت الْوُجُوه فَقَالُوا أَفْلح وَجهك يَا رَسُول الله. فَقَالَ قَتَلْتُمُوهُ؟ فَقُلْنَا: نعم " وَمَا روى عَن أبي الدَّرْدَاء أَو عَن أبي ذَر فِي سُؤال أحدهم الآخر حِين قَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَرَاءَة فِي الْخطْبَة مَتى أنزلت فَلم يجبهُ حَتَّى فَلَمَّا انصرفوا قَالَ لَهُ لَيْسَ لَك من صَلَاتك إِلَّا مَا لغوت وَإنَّهُ أخبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك فَقَالَ صدق، قَالَ: وَهَذَا حَدِيث مُخْتَلف فِي اسْم الَّذِي سَأَلَ وَاسم الَّذِي سُئِلَ قد ذَكرْنَاهُ فِي كتاب الْمعرفَة أَن يكون المُرَاد بقوله لَا جُمُعَة لَك أَي لَيْسَ لَك أجر من اسْتمع الْخطْبَة وَقَوله: " إِذا قلت لصاحبك أنصت وَالْإِمَام يخْطب فقد لغوت " قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي مَعْنَاهُ مَا وصفت من كَلَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَلَام من كلم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِكَلَامِهِ، فَيدل على مَا وصفت وَأَن الْإِنْصَات للْإِمَام اخْتِيَار، وَإِن قَوْله لغوت

مسألة

تَكَلَّمت بِهِ فِي مَوضِع الْأَدَب فِيهِ أَلا يتَكَلَّم، وَالْأَدب فِي مَوضِع الْكَلَام أَن يتَكَلَّم بِمَا يعنيه، وَفرق الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى بَين كَلَام الإِمَام وَكَلَام من كلم الإِمَام فِي حَال الْخطْبَة. وَبَين رجل من الْمَأْمُومين مثله وَحمل الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِك على هَاتين الْحَالَتَيْنِ وَأَنه لَيْسَ بَينهمَا اخْتِلَاف وَالله أعلم. مَسْأَلَة (167) : وَالْجُمُعَة لَا تدْرك بِأَقَلّ من رَكْعَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا أدْرك التَّشَهُّد فقد أدْركهَا. دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أدْرك رَكْعَة من الصَّلَاة فقد أدْرك الصَّلَاة ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح فَجعله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مدْركا بِإِدْرَاك رَكْعَة مِنْهَا. وَفِي رِوَايَة عِنْد مُسلم " من أدْرك من الصَّلَاة رَكْعَة فقد أدْركهَا كلهَا ". وَرُوِيَ من طرق عدَّة عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة فَليصل إِلَيْهَا أُخْرَى " وَفِي

من أدرك الإمام جالسا قبل أن يسلم فقد أدرك الصلاة قال علي بن عمر لم يروه هكذا غير نوح وهو ضعيف الحديث متروك أبو عصمة أقر على نفسه بالكذب وصدق في إقراره بذلك فإنه ظاهر في روايته ثم يعارضه ما هو أسلم طريقا منه عن ياسين بن معاذ عن

بضعهَا " وَمن أدركهم جُلُوسًا فَليصل أَرْبعا " وَعَن ابْن عمر أَيْضا بِمَعْنَاهُ، وَأما الَّذِي عَن عبد الله مَرْفُوعا " من أدْرك يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام فِي التَّشَهُّد يُصَلِّي ثِنْتَيْنِ " فَإِنَّهُ لَا يَصح وَمُحَمّد بن جَابر لَا يحْتَج بِهِ، وَحمله عِنْدِي على من دونه فَكيف يكون ذَلِك صَحِيحا وَقد صَحَّ عَن عبد الله أَنه قَالَ: " إِذا أدْركْت رَكْعَة من الْجُمُعَة فأضف إِلَيْهَا أُخْرَى وَإِذا فاتك الرُّكُوع فصل أَرْبعا " استدلوا بِمَا روى نوح بن أبي مَرْيَم أَبُو عصمَة عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من أدْرك الإِمَام جَالِسا قبل أَن يسلم فقد أدْرك الصَّلَاة ". قَالَ عَليّ بن عمر: لم يروه هَكَذَا غير نوح وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث مَتْرُوك، أَبُو عصمَة أقرّ على نَفسه بِالْكَذِبِ وَصدق فِي إِقْرَاره بذلك فَإِنَّهُ ظَاهر فِي رِوَايَته ثمَّ يُعَارضهُ مَا هُوَ أسلم طَرِيقا مِنْهُ عَن ياسين بن معَاذ عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة من أدْرك من الْجُمُعَة رَكْعَة صلى إِلَيْهَا أُخْرَى وَإِن أدركهم جُلُوسًا صلى

مسألة

الظّهْر أَرْبعا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (168) : وَالْجُمُعَة تصح بِغَيْر سُلْطَان وَلَا أحد من جِهَته وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تصح روى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن أبي عُبَيْدَة مولى ابْن أَزْهَر قَالَ: شهِدت الْعِيد مَعَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ مَحْصُور زَاد فِي رِوَايَة ابْن بكير عَن مَالك فجَاء فصلى ثمَّ انْصَرف فَخَطب. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله وَلم يعلم عُثْمَان أمره بذلك وَالله أعلم.

صفحة فارغة.

كتاب صلاة الخوف

كتاب صَلَاة الْخَوْف ذكر حَدِيث سهل بن أبي حثْمَة فِي صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم، وَذكر حَدِيث أبي عَيَّاش الزرقي فِي صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعسفان، أخرجه أَبُو دَاوُد، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح مَشْهُور إِلَّا أَن الْمُحدثين تَقول فِيهِ إرْسَال، فكأنهم يَشكونَ فِي سَماع مُجَاهِد من أبي عَيَّاش زيد بن الصَّامِت الزرقي وَقد رَوَاهُ قُتَيْبَة عَن جرير فَذكر فِيهِ سَماع مُجَاهِد من أبي عَيَّاش وَنحن روينَاهُ من حَدِيث جَابر وَهُوَ صَحِيح لَا شكّ فِيهِ، وَذكره عَنهُ أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح وَرَوَاهُ عِكْرِمَة عَن ابْن

بذات الرقاع أخرجه مسلم في الصحيح وذكر حديث ابن عمر الذي عند مسلم وحديثه الذي عند البخاري وذكر حديث ابن عتبة عن ابن عباس وهو عند البخاري قال جميع هذه الروايات في كيفية صلاة الخوف صحيحة معمول بها على اختلافها باختلاف الخوف وإن

عَبَّاس بِمَعْنى حَدِيث جَابر وَذكر حَدِيث جَابر أَيْضا فِي صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَات الرّقاع، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، وَذكر حَدِيث ابْن عمر الَّذِي عِنْد مُسلم، وَحَدِيثه الَّذِي عِنْد البُخَارِيّ، وَذكر حَدِيث ابْن عتبَة عَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ، قَالَ جَمِيع هَذِه الرِّوَايَات فِي كَيْفيَّة صَلَاة الْخَوْف صَحِيحَة مَعْمُول بهَا على اختلافها باخْتلَاف الْخَوْف، وَإِن كَانَ للشَّافِعِيّ رَحمَه الله فِي جَوَاز صَلَاة الْخَوْف على نَحْو رِوَايَة ابْن عمر قَولَانِ: فَإِن مذْهبه اتِّبَاع مَا صَحَّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا أَنه يخْتَار رِوَايَة صَالح بن خَوات لموافقته الْآيَة ولمعان حسان يذكرهَا أَصْحَابنَا، وَاخْتَارَ أَبُو حنيفَة رِوَايَة ابْن عمر وَحَدِيث ابْن عَبَّاس يحْتَمل أَن يكون حَدِيث جَابر إِلَّا أَن حَدِيث جَابر أبين وَقد رَوَاهُ دَاوُد بن الْحصين عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس بِمَعْنى حَدِيث جَابر وَالله أعلم، فَإِذا كَانَ الْعَدو فِي غير جِهَة الْقبْلَة أَو جِهَتهَا غير مأمومين، فالمستحب للْإِمَام أَن يُصَلِّي بهم مثل صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِذَات الرّقاع أَو مثل صلَاته بِبَطن

بعسفان والله أعلم

النّخل أَو مثل رِوَايَة ابْن عمر وَإِذا كَانَ الْعَدو وجاه الْقبْلَة فِي صحراء لَا يواريهم شَيْء فِي قلَّة مِنْهُم وَكَثْرَة من الْمُسلمين صلى بهم مثل صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعسفان وَالله أعلم. مَسْأَلَة (169) : وَالصَّلَاة جَائِزَة مَعَ شدَّة الْقِتَال والتحام الْحَرْب رجَالًا وركبانا مستقبلي الْقبْلَة وَغير مستقبلها بِالْإِيمَاءِ وَلَا يجوز تَأْخِيرهَا عَن وَقتهَا لأجل ذَلِك. وَقَالَ أَبُو حنيفَة يُؤَخر الصَّلَاة عَن وَقتهَا وَلَا تصح مَعَ الْمُحَاربَة. عَن ابْن جريج عَن عبد الله بن كثير عَن مُجَاهِد قَالَ: " إِذا اختلطوا فَإِنَّمَا هُوَ الْإِشَارَة بِالرَّأْسِ وَالتَّكْبِير " قَالَ ابْن جريج

مثل قول مجاهد وزاد عن النبي

وَأَخْبرنِي مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل قَول مُجَاهِد وَزَاد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فَإِن كَثُرُوا فليصلوا ركبانا أَو قيَاما على أَقْدَامهم ". أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن ابْن جريج عَن مُوسَى، وَعند مُسلم عَن سُفْيَان عَن مُوسَى عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَلَاة الْخَوْف فِي بعض أَيَّامه فَقَامَتْ طَائِفَة مَعَه وَطَائِفَة بِإِزَاءِ الْعَدو فصلى بالذين مَعَه رَكْعَة ثمَّ ذَهَبُوا وَجَاء الْآخرُونَ فصلى بهم رَكْعَة ثمَّ قَضَت الطائفتان رَكْعَة رَكْعَة قَالَ: وَقَالَ ابْن عمر فَإِذا كَانَ خوف أَكثر من ذَلِك فصلى رَاكِبًا أَو قَائِما يُومِئ إِيمَاء، وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر كَانَ إِذا سُئِلَ عَن صَلَاة الْخَوْف قَالَ يتَقَدَّم الإِمَام وَطَائِفَة ثمَّ قصّ الحَدِيث. وَقَالَ ابْن عمر فِي الحَدِيث: " فَإِن كَانَ خوفًا أَشد من ذَلِك صلوا رجَالًا وركبانا مستقبلي الْقبْلَة وَغير مستقبليها ". قَالَ مَالك: قَالَ نَافِع: لَا أرى عبد الله ذكر ذَلِك إِلَّا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذَا حَدِيث مُسْند فقد أسْندهُ عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز عَن ابْن جريج عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَصَححهُ البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى وَقد روى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَن عبد الله بن أنيس قَالَ بَعَثَنِي

إلى خالد بن سفيان الهذلي وكان نحو عرنه وعرفات فقال اذهب فاقتله قال فرأيته وحضرت صلاة العصر فقلت إني لا أخاف أن يكون بيني وبينه ما أن أؤخر الصلاة فانطلقت أمشي وأصلي أومئ إيماء نحوه فلما دنوت منه قال من أنت قلت رجل من العرب بلغني

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى خَالِد بن سُفْيَان الْهُذلِيّ وَكَانَ نَحْو عرنه وعرفات فَقَالَ: اذْهَبْ فاقتله، قَالَ: فرأيته وَحَضَرت صَلَاة الْعَصْر فَقلت: إِنِّي لَا أَخَاف أَن يكون بيني وَبَينه مَا أَن أؤخر الصَّلَاة فَانْطَلَقت أَمْشِي وأصلي أومئ إِيمَاء نَحوه فَلَمَّا دَنَوْت مِنْهُ قَالَ: من أَنْت؟ قلت رجل من الْعَرَب / بَلغنِي أَنَّك تجمع لهَذَا الرجل فجئتك فِي ذَاك، فمشيت مَعَه سَاعَة حَتَّى إِذا أمكنني علوته بسيفي حَتَّى برد ". وَرُوِيَ عَن ابْن الزبير قَالَ: سَمِعت جَابِرا سُئِلَ عَن صَلَاة المسايفة قَالَ: رَكْعَتَانِ حَيْثُ مَا تَوَجَّهت على دابتك تؤمي إِيمَاء وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (170) : لبس الْحَرِير وَالنَّوْم عَلَيْهِ وَالْجُلُوس والتدثر بِهِ محرم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّمَا يحرم اللّبْس فَحسب. عِنْد أبي دَاوُد عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ " أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ حَرِيرًا فَجعله فِي يَمِينه وَأخذ ذَهَبا فَجعله فِي شِمَاله ثمَّ قَالَ: إِن هذَيْن حرَام على ذُكُور أمتِي " وَعند البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح فِي حَدِيث حُذَيْفَة قَالَ إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَهَانَا أَن نشرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة وَأَن نَأْكُل فِيهَا وَعَن لبس الْحَرِير والديباج وَأَن نجلس عَلَيْهِ وَقَالَ هُوَ لَهُم فِي الدُّنْيَا وَلكم فِي الْآخِرَة وَالله أعلم.

ومن كتاب العيدين

وَمن كتاب الْعِيدَيْنِ مَسْأَلَة (171) : التَّكْبِير فِي لَيْلَة الْفطر وَيَوْم الْفطر حَتَّى يخرج الإِمَام مسنون. وأظن أَن أَبَا حنيفَة يَقُول: غير مسنون قَالَ الله عز وَجل {ولتكملوا الْعدة ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} قَالَ الشَّافِعِي سَمِعت من أرْضى من أهل الْعلم بِالْقُرْآنِ يَقُول لتكملوا عدَّة صَوْم شهر رَمَضَان، ولتكبروا الله عِنْد إكماله على مَا هدَاكُمْ وإكماله لَهُ مغيب الشَّمْس من آخر يَوْم من أَيَّام شهر رَمَضَان، وَعَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عز وَجل {وَذكر اسْم ربه فصلى} قَالَ ذكر الله وَهُوَ ينْطَلق إِلَى الْعِيد وَعَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يخرج فِي الْعِيدَيْنِ من الْمَسْجِد فيكبر حَتَّى يَأْتِي الْمصلى وَعَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ

نحو رواية نافع عن ابن عمر إلا أن الموقري متروك لا نقر به وروي بإسناد أمثل من حديث الموقري مرفوعا أيضا أنه

قَالَ: كَانُوا فِي التَّكْبِير فِي الْفطر أَشد مِنْهُم فِي الْأَضْحَى وَأَبُو عبد الرَّحْمَن: عبد الله بن حبيب السّلمِيّ من أكَابِر التَّابِعين مِمَّن أدْرك عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَسمع مِنْهُ فِي قَول كثير من الْمُحدثين وَأدْركَ عليا رَضِي الله عَنهُ وَسمع مِنْهُ فَمن بعده من الصَّحَابَة وَهَذَا إِخْبَار عَن فعلهم، وَقد رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُحَمَّد الموقري مَرْفُوعا أَيْضا عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحْو رِوَايَة نَافِع عَن ابْن عمر إِلَّا أَن الموقري مَتْرُوك لَا نقر بِهِ وَرُوِيَ بِإِسْنَاد أمثل من حَدِيث الموقري مَرْفُوعا أَيْضا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يخرج فِي الْعِيدَيْنِ رَافعا صَوته بالتهليل وَالتَّكْبِير فَيَأْخُذ طَرِيق الحدادين حَتَّى يَأْتِي الْمصلى وَرُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَجَمَاعَة من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل مَا روينَا عَن ابْن عمر مَرْفُوعا عَن التَّكْبِير عِنْد الغدو إِلَى الْمصلى،

مسألة

وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن جمَاعَة من التَّابِعين أَنهم كَانُوا يكبرُونَ لَيْلَة الْفطر فِي الْمَسْجِد يجهرون وَعَن جمَاعَة مِنْهُم جهرهم بِهِ عِنْد الغدو إِلَى الْمصلى وَالله أعلم. مَسْأَلَة (172) : وَيُصلي النَّوَافِل قبل صَلَاة الْعِيد من سبق الإِمَام إِلَى محلهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تطوع قبل صَلَاة الْعِيد. وَعند البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن الصَّلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس وَعَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس ". وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ قَالَ: " رَأَيْت أنس بن مَالك وَالْحسن بن أبي الْحسن وَجَابِر بن زيد وَسَعِيد بن أبي الْحسن يصلونَ قبل الإِمَام فِي الْعِيد " وَعنهُ عَن عبد الله الداناج قَالَ: " رَأَيْت أَبَا بردة يُصَلِّي يَوْم الْعِيد قبل الإِمَام " وَثَبت عَن الْقَاسِم بن

خرج يوم الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وهكذا يجب للإمام أن لا يصلي قبلها للخبر فأما المأموم فمخالف للإمام فقد تنفل قوم قبل صلاة العيد وبعدها وآخرون قبلها وآخرون بعدها وآخرون تركوه كما يكونون

مُحَمَّد وَعُرْوَة بن الزبير " أَنَّهُمَا كَانَا يصليان قبل الْعِيد " وروينا عَن ابْن بُرَيْدَة قَالَ كَانَ بُرَيْدَة " يُصَلِّي يَوْم الْفطر وَيَوْم النَّحْر قبل الإِمَام "، استدلوا بِحَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج يَوْم الْفطر فصلى رَكْعَتَيْنِ لم يصل قبلهمَا وَلَا بعدهمَا " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَهَكَذَا يجب للْإِمَام أَن لَا يُصَلِّي قبلهَا للْخَبَر، فَأَما الْمَأْمُوم فمخالف للْإِمَام فقد تنفل قوم قبل صَلَاة الْعِيد وَبعدهَا، وَآخَرُونَ قبلهَا وَآخَرُونَ بعْدهَا وَآخَرُونَ تَرَكُوهُ كَمَا يكونُونَ فِي كل يَوْم يتنفلون وَلَا يتنفلون وَرُوِيَ عَن سهل بن سعد وَرَافِع بن خديج وَعُرْوَة بن الزبير أَنهم كَانُوا يصلونَ قبل صَلَاة الْعِيد وَبعدهَا. وَحَدِيث جرير فِي الْأَرْبَع الَّتِي حفظهَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفيهَا " لَا صَلَاة فِي الْعِيدَيْنِ قبل الإِمَام " فإسناده ضَعِيف، وَحَدِيث سعيد بن جُبَير عَن عقبَة بن عَامر فِي رِوَايَة وَعَن أبي مَسْعُود فِي أُخْرَى

مسألة

ذَلِك مَجْهُول الْإِسْنَاد وَالله أعلم. مَسْأَلَة (173) : تَكْبِيرَات الْعِيد سبع فِي الأولى / سوى تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح، وَفِي الثَّانِيَة خمس سوى تَكْبِيرَة الْقيام، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: ثَلَاث فِي الأولى وَثَلَاث فِي الثَّانِيَة رُوِيَ عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كبر فِي الْعِيد يَوْم الْفطر سبعا، وخمسا: فِي الأولى سبع وَفِي الْآخِرَة خمس سوى تَكْبِيرَة الصَّلَاة " وَرَأَيْت حِكَايَة عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ رَحمَه الله أَنه قَالَ حَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن فِي هَذَا الْبَاب صَحِيح وَعَن كثير بن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف عَن أَبِيه عَن جده أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ يكبر فِي الْعِيدَيْنِ فِي الرَّكْعَة الأولى سبع تَكْبِيرَات وَفِي الثَّانِيَة خمس تَكْبِيرَات قبل الْقِرَاءَة " قَالَ أَبُو عِيسَى

كان يكبر في الفطر والأضحى في الأول سبع تكبيرات وفي الآخرة خمس تكبيرات قبل القراءة وروى عنه عن أبي هريرة وعنه عن ابن عمر مرفوعا ولا يصح والموقوف على أبي هريرة لا شك في صحته وعن ابن عباس كان يكبر ثنتي عشرة تكبيرة سبعا في الأولى وخمسا في

التِّرْمِذِيّ: سَأَلت مُحَمَّدًا يَعْنِي البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث: قَالَ: لَيْسَ فِي هَذَا الْبَاب شَيْء أصح من هَذَا وَبِه أَقُول، قَالَ وَحَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الطَّائِفِي عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده فِي هَذَا الْبَاب هُوَ صَحِيح أَيْضا، وَعند أبي دَاوُد عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يكبر فِي الْفطر والأضحى فِي الأول سبع تَكْبِيرَات وَفِي الْآخِرَة خمس تَكْبِيرَات قبل الْقِرَاءَة " وروى عَنهُ عَن أبي هُرَيْرَة وَعنهُ عَن ابْن عمر مَرْفُوعا وَلَا يَصح، وَالْمَوْقُوف على أبي هُرَيْرَة لَا شكّ فِي صِحَّته وَعَن ابْن عَبَّاس " كَانَ يكبر ثِنْتَيْ عشرَة تَكْبِيرَة سبعا فِي الأولى وخمسا فِي الْآخِرَة " رُوَاته ثِقَات وَفِي

كذلك رواه أبو إسحاق السبيعي وقال الثانية يقرأ ثم يكبر وعبد الرحمن بن ثابت ضعفه يحيى بن معين وقال وكان رجلا صالحا قال الشافعي رحمه الله في القديم وقال بعض الناس يكبر أربعا في الأولى بالتي يفتتح بها الصلاة ثم يقرأ ثم يكبر فيركع ثم يقوم

رِوَايَة ثَلَاث عشرَة وَقَالَ سِتا فِي الْآخِرَة وَالْمرَاد بِهِ وَالله أعلم مَعَ تَكْبِيرَة الْقيام، فقد رَوَاهُ عبد الْوَهَّاب عَن حميد وزائدة عَن عبد الْملك، وَقَالا: خمْسا، وَقد رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا بِإِسْنَاد ضَعِيف وَأما حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان فِي استفتاء سعيد بن الْعَاصِ حُذَيْفَة وَأَبا مُوسَى فِي ذَلِك وَإِن أَبَا مُوسَى أفتاه بِأَرْبَع تَكْبِيرَات يرفع ذَلِك وَصدقه حُذَيْفَة، فقد خُولِفَ رُوَاته فِي موضِعين أَحدهمَا فِي رَفعه وَالْآخر فِي جَوَاب أبي مُوسَى وَالْمَشْهُور من هَذِه الْقِصَّة أَنهم أسندوا أَمرهم إِلَى ابْن مَسْعُود فأفتاه ابْن مَسْعُود فِي ذَلِك وَلم يرفعهُ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَذَلِك رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق السبيعِي وَقَالَ الثَّانِيَة يقْرَأ ثمَّ يكبر وَعبد الرَّحْمَن بن ثَابت ضعفه يحيى بن معِين وَقَالَ: وَكَانَ رجلا صَالحا. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي الْقَدِيم وَقَالَ بعض النَّاس يكبر أَرْبعا فِي الأولى بِالَّتِي يفْتَتح بهَا الصَّلَاة ثمَّ يقْرَأ ثمَّ يكبر فيركع ثمَّ يقوم فَيقْرَأ ثمَّ يكبر أَرْبعا وَعَابَ علينا قَوْلنَا وَزعم أَنا إِنَّمَا روينَاهُ عَن أبي هُرَيْرَة لَا عَن غَيره وَأَحْسبهُ

مع علمه وعلمهم به علمنا أنه لم يكبر خلاف تكبير رسول الله

قد علم أَن قد روينَاهُ من غير أبي هُرَيْرَة وَقَالَ قَول ابْن مَسْعُود أَحَق أَن يُؤْخَذ بِهِ فَقيل لَهُ: إِن تَكْبِيرَة الْعِيدَيْنِ من الْأَمر الَّذِي لَا يجهله الْعلمَاء وَلَا نحسب ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يُخَالف أَصْحَابه وَلَو فعل رَحْمَة الله عَلَيْهِ: كَانَ الثَّابِت عندنَا من أهل الْإِمَامَة قَول أهل الْمَدِينَة وَلَو لم يكن عندنَا فِيهِ إِلَّا قَول أبي هُرَيْرَة تَكْبِيرَة فِي دَار الْهِجْرَة وَالسّنة (وَمن) أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ علمه وعلمهم بِهِ علمنَا أَنه لم يكبر خلاف تَكْبِير رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن شَاءَ الله وَلَو خَفِي عَلَيْهِ تَكْبِير رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علموه إِيَّاه وأنكروا عَلَيْهِ خِلَافه وَلم يكن ذَلِك كَفعل رجل فِي بلد كلهم يتَعَلَّم مِنْهُ لَيْسُوا كَأَهل الْمَدِينَة وتكبير أبي هُرَيْرَة عَام لِأَنَّهُ بَين ظهراني الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَأهل الْعلم وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله بِإِسْنَادِهِ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر وعليا كبروا فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاء سبعا وخمسا وجهروا بِالْقِرَاءَةِ وَالله تَعَالَى أعلم. مَسْأَلَة (174) : وَالتَّكْبِير فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة قبل الْقِرَاءَة كَهُوَ فِي الرَّكْعَة الأولى وَقَالَ أَبُو حنيفَة: التَّكْبِير فِي الثَّانِيَة بعد الْقِرَاءَة عِنْد أبي دَاوُد عَن

التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتاهما وروي معنى ذلك عن أبي هريرة وابن عمر مرفوعا وعن أبي هريرة من فعله وقد تقدم استدلوا بما روى محمد بن معاوية النيسابوري عن ابن لهيعة عن خالد عن الزهري عن عروة عن

عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " التَّكْبِير فِي الْفطر سبع فِي الأولى وَخمْس فِي الْآخِرَة، وَالْقِرَاءَة بعدهمَا كلتاهما " وَرُوِيَ معنى ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة وَابْن عمر مَرْفُوعا وَعَن أبي هُرَيْرَة من فعله وَقد تقدم، استدلوا بِمَا روى مُحَمَّد بن مُعَاوِيَة النَّيْسَابُورِي عَن ابْن لَهِيعَة عَن خَالِد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة قَالَت: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكبر فِي الْعِيدَيْنِ ثِنْتَيْ عشرَة تَكْبِيرَة سبعا فِي الأولى وخمسا فِي الْآخِرَة ويوالي بَين الْقِرَاءَتَيْن، وَمُحَمّد بن مُعَاوِيَة مِمَّن رَمَاه غير وَاحِد من أهل الحَدِيث بِالْكَذِبِ. وَقد رَوَاهُ ابْن وهب وَعَمْرو بن خَالِد / وَمعلى بن مَنْصُور وَغَيرهم عَن ابْن لَهِيعَة لم يقل " ويوالي بَين الْقِرَاءَتَيْن " غَيره ثمَّ يُعَارضهُ مَا رُوِيَ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة أَنه سَأَلَهَا عَن تَكْبِير رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكبر سبعا ثمَّ يقْرَأ ثمَّ يكبر خمْسا

فقال كان رسول الله

ثمَّ يقْرَأ ". قَالَ الْقَاسِم: سَأَلت عبد الله بن عمر عَن تَكْبِير رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يكبر سبعا ثمَّ يقْرَأ ثمَّ يكبر خمْسا ثمَّ يقْرَأ ". وَقَالَ: سَأَلت أمك عَائِشَة فقد فعلت. قَالَ: فَكَأَنَّهُ وجد عَليّ إِذْ لم أكتف بقولِهَا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (175) : يقف بَين تكبيرتين بِذكر الله تَعَالَى بِقدر آيَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يقف بل يَأْتِي بهما مُتَوَالِيَة، وَرُوِيَ عَن عبد الله قَالَ: يحمد الله بَين التكبيرتين من الْعِيد وَيُصلي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَن جَابر بن عبد الله قَالَ: مَضَت السّنة أَن يكبروا للصَّلَاة فِي الْعِيدَيْنِ سبعا وخمسا بِذكر الله مَا بَين كل تكبيرتين وَالله أعلم. مَسْأَلَة (176) : ومبتدأ تَكْبِير أَيَّام التَّشْرِيق بعد صَلَاة الظّهْر من يَوْم النَّحْر إِلَى

أردفه من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة أخرجه البخاري ومسلم وعند مسلم عن بثينة عن النبي

صَلَاة الصُّبْح من آخر أَيَّام التَّشْرِيق وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يبتدأ بعد الصُّبْح من يَوْم عَرَفَة وَيقطع بعد الْعَصْر من يَوْم النَّحْر وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى عَن بعض السّلف: أَنه كَانَ يبتدأ التَّكْبِير خلف صَلَاة الصُّبْح من يَوْم عَرَفَة وأسأل الله التَّوْفِيق. عَن الْفضل بن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أردفه من جمع إِلَى منى فَلم يزل يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم، وَعند مُسلم عَن بثينة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام أكل وَشرب وَذكر الله ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله " وبلغنا نَحْو ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس يَعْنِي نَحْو القَوْل الأول. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله وَرَوَاهُ خصيف الْجَزرِي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، وَرُوِيَ عَن ابْن عمر وَجَمَاعَة، وَذكر إِسْنَاده عَنهُ وَعَن زيد بن ثَابت وَأبي سعيد الْخُدْرِيّ وَعُثْمَان بن عَفَّان وَذكره أَيْضا عَن شُرَيْح بن أَبْرَهَة مَرْفُوعا قَالَ: وَأما وَجه قَوْلنَا الآخر فَالَّذِي حَدثنَا

قال كان يلبي الملبي فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وروي عن عبيد بن عمير قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكبر بعد صلاة الصبح من يوم عرفة إلى صلاة الظهر في آخر أيام التشريق وعن

أَبُو عبد الله وَذكر إِسْنَاده عَن مُحَمَّد بن أبي بكر الثَّقَفِيّ قَالَ: قلت لأنس وَنحن غاديان من منى إِلَى عَرَفَة: كَيفَ كُنْتُم تَصْنَعُونَ فِي هَذَا الْيَوْم مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: " كَانَ يُلَبِّي الملبي فَلَا يُنكر عَلَيْهِ، وَيكبر المكبر فَلَا يُنكر عَلَيْهِ " أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، وَرُوِيَ عَن عبيد بن عُمَيْر قَالَ: " كَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يكبر بعد صَلَاة الصُّبْح من يَوْم عَرَفَة إِلَى صَلَاة الظّهْر فِي آخر أَيَّام التَّشْرِيق ". وَعَن شَقِيق: " كَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يكبر بعد صَلَاة الْفجْر غَدَاة عَرَفَة ثمَّ لَا يقطع حَتَّى يُصَلِّي الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق ثمَّ يكبر بعد الْعَصْر وَعَن عُمَيْر بن سعيد النَّخعِيّ " كَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يكبر دبر كل صَلَاة مَكْتُوبَة " يبْدَأ فِي يَوْم عَرَفَة من صَلَاة الْغَدَاة إِلَى آخر يَوْم من أَيَّام التَّشْرِيق من صَلَاة الْعَصْر يكبر بعد فَرَاغه من صَلَاة الْعَصْر ثمَّ يقطع التَّكْبِير وَذَلِكَ خَمْسَة أَيَّام وَكَانَ تكبيره الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر الله أكبر وَللَّه الْحَمد " وَعَن عِكْرِمَة عَن ابْن

كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم وكان يقنت في صلاة الفجر وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق قال الحاكم أبو عبد الله لا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح والله أعلم

عَبَّاس: أَنه كَانَ يكبر من غَدَاة عَرَفَة إِلَى صَلَاة الْعَصْر إِلَى آخر أَيَّام التَّشْرِيق كَمَا كبر عَليّ وَعبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا وَرُوِيَ عَن أبي الطُّفَيْل عَن عَليّ وعمار رَضِي الله عَنْهُمَا " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجْهر فِي المكتوبات بِبسْم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، وَكَانَ يقنت فِي صَلَاة الْفجْر وَكَانَ يكبر من يَوْم عَرَفَة صَلَاة الْغَدَاة ويقطعها صَلَاة الْعَصْر آخر أَيَّام التَّشْرِيق " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: لَا أعلم فِي رُوَاته مَنْسُوبا إِلَى الْجرْح وَالله أعلم. مَسْأَلَة (177) : التَّكْبِير عندنَا ثَلَاثًا نسقا، وَعند أبي حنيفَة ثِنْتَيْنِ. عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح فِي حَدِيث جَابر الطَّوِيل فِي صفة الْحَج " أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صعد على الصَّفَا، وَكبر ثَلَاثًا، وَقَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد يحيي وَيُمِيت بِيَدِهِ الْخَيْر وَهُوَ على كل شَيْء

كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا وعن ابن عمر أن رسول الله

قدير ". . وَمثل ذَلِك على الْمَرْوَة، وَرُوِيَ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كَانَ إِذا اسْتَوَى على بعيره خَارِجا إِلَى سفر كبر ثَلَاثًا ". وَعَن ابْن عمر " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا قفل من غَزْو أَو حج أَو عمْرَة كبر على كل شرف ثَلَاث تَكْبِيرَات " فالابتداء بِثَلَاث تَكْبِيرَات نسقا أشبه / بسنن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الِابْتِدَاء بهَا مرَّتَيْنِ وَإِن كَانَ الْكل وَاسِعًا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس يكبر من غَدَاة عَرَفَة إِلَى آخر أَيَّام النَّفر لَا يكبر فِي الْمغرب " الله أكبر الله أكبر الله أكبر وَللَّه الْحَمد الله أكبر وَأجل الله أكبر على مَا هدَانَا " وَرَوَاهُ الْوَاقِدِيّ عَنهُ وَعَن جَابر بن عبد الله وَبِه قَالَ الْحسن بن أبي الْحسن، وروينا عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَنه قَالَ: يكبر الله ثَلَاث مَرَّات وَعَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ قَالَ: كَانَ سلمَان رَضِي الله عَنهُ يعلمنَا التَّكْبِير يَقُول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر كَبِيرا أَو قَالَ: تَكْبِيرا اللَّهُمَّ أَنْت أعلا وَأجل من أَن يكون لَك صَاحِبَة أَو يكون لَك ولد أَو يكون لَك شريك فِي الْملك أَو يكون لَك ولي من الذل وَكبره تَكْبِيرا،

مسألة

اللَّهُمَّ ارحمنا، ثمَّ قَالَ وَالله لتكتبن هَذِه لَا تتْرك هَاتَانِ ولتكونن شفعا لهاتين وَالله أعلم. مَسْأَلَة (178) : التَّكْبِير مسنون للمقيم وَالْمُسَافر وَأهل الْقرى والأمصار وَالْمُنْفَرد وَالْمُصَلي فِي جمَاعَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّمَا تسن للحاضر إِذا صلى فَرِيضَة فِي جمَاعَة لقَوْل الله تَعَالَى: {واذْكُرُوا الله فِي أَيَّام معدودات} فَعم وَلم يخص وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِذا قضيتم مَنَاسِككُم فاذكروا الله كذكركم آبائكم أَو أَشد ذكرا} وروينا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه قَالَ أَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام أكل وَشرب وَذكر الله " وَأَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كبر على الصَّفَا وَكَانَ مُسَافِرًا ". وروينا عَن ابْن عمر وَأنس فِي تكبيرهم يَوْم عَرَفَة عِنْد الغدو من منى إِلَى عَرَفَة وَكَانُوا مسافرين وَعَن أم عَطِيَّة رَضِي الله عَنْهَا فِي الْحيض يخْرجن يَوْم

الْعِيد فيكُن خلف النَّاس يكبرن مَعَ النَّاس " وَكَانَت مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا تكبر يَوْم النَّحْر وَكَانَ النَّاس يكبرن خلف أبان بن عُثْمَان وَعمر بن عبد الْعَزِيز ليَالِي التَّشْرِيق مَعَ الرِّجَال فِي الْمَسْجِد وَكَانَ الشّعبِيّ وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ يَقُولَانِ هَذَا القَوْل وَكَانَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ يكبر بمنى أَيَّام التَّشْرِيق وَالله أعلم.

ومن كتاب صلاة الخسوف

وَمن كتاب صَلَاة الخسوف مَسْأَلَة (179) : صَلَاة الخسوف رَكْعَتَانِ: فِي كل رَكْعَة ركوعان، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: كَسَائِر الصَّلَوَات، إِن شَاءَ صلى رَكْعَتَيْنِ وَإِن شَاءَ أَرْبعا وَإِن شَاءَ سِتا، يسلم فِي كل رَكْعَتَيْنِ وَلَا يزِيد فِي الرُّكُوع. وَدَلِيلنَا: الحَدِيث الْمُتَّفق على صِحَّته عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين خسفت الشَّمْس، وَعَن ابْن عَبَّاس أَيْضا

ابن عباس وابن عمر وجابر وعائشة وابن عمرو وأبي موسى رضي الله عنهم عن النبي

وَعند مُسلم عَن جَابر أَيْضا وَالْأَخْذ بذلك أولى لِأَنَّهَا مفسرة زَائِدَة على غَيرهَا من الرِّوَايَات وَإِن صحت وأسانيد حَدِيث الرَّكْعَتَيْنِ وَإِن كَانَت عِنْد البُخَارِيّ لَا تقاوم أَسَانِيد من روى فِيهَا ركوعين فِي كل رَكْعَة فَهِيَ أصح إِسْنَادًا وَأثبت رجَالًا وَرَوَاهُ سِتَّة من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْن عَبَّاس، وَابْن عمر، وَجَابِر، وَعَائِشَة، وَابْن عَمْرو، وَأبي مُوسَى رَضِي الله عَنْهُم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فهم أَكثر عددا وأثبتوا فِي صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا لم يُثبتهُ غَيرهم والمثبت أولى. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى يحْكى عَن مناظره فَقَالَ: " روى بَعْضكُم أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صلى ثَلَاث رَكْعَات فِي كل رَكْعَة " قلت هُوَ من وَجه مُنْقَطع وَنحن لَا نثبت الْمُنْقَطع على الِانْفِرَاد وَوجه نرَاهُ وَالله أعلم غَلطا قَالَ وَهل يرْوى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ صَلَاة ثَلَاث رَكْعَات؟ قُلْنَا: نعم أخبرنَا سُفْيَان عَن سُلَيْمَان الْأَحول يَقُول: سَمِعت: طاووسا يَقُول خسفت الشَّمْس فصلى بِنَا ابْن عَبَّاس فِي صفة زَمْزَم سِتّ رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات. قَالَ: فَمَا جعل زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن ابْن

إن شاء الله وإذا كان عطاء بن يسار وصفوان بن عبد الله والحسن يروون عن ابن عباس خلاف ما روى سليمان الأحول كانت رواية ثلاثة أولى أن تقبل وعبد الله بن أبي بكر وزيد بن أسلم أكثر حديثا وأشهر بالعلم بالحديث من سليمان قال فقد روى عن ابن عباس

عَبَّاس أثبت من سُلَيْمَان الْأَحول عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قلت: الدّلَالَة عَن ابْن عَبَّاس مُوَافقَة حَدِيث زيد بن أسلم عَنهُ رُوِيَ عَن عبد الله بن أبي بكر عَن صَفْوَان بن عبد الله بن صَفْوَان، قَالَ: رَأَيْت ابْن عَبَّاس صلى على ظهر زَمْزَم فِي كسوف الشَّمْس رَكْعَتَيْنِ فِي كل رَكْعَة رَكْعَتَيْنِ، وَابْن عَبَّاس لَا يُصَلِّي فِي الخسوف خلاف صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن شَاءَ الله، وَإِذا كَانَ عَطاء بن يسَار وَصَفوَان بن عبد الله وَالْحسن يروون عَن ابْن عَبَّاس خلاف مَا روى سُلَيْمَان الْأَحول كَانَت رِوَايَة ثَلَاثَة أولى أَن تقبل وَعبد الله بن أبي بكر وَزيد بن أسلم أَكثر حَدِيثا وَأشهر بِالْعلمِ بِالْحَدِيثِ من سُلَيْمَان. قَالَ فقد روى عَن ابْن عَبَّاس / أَنه صلى فِي زَلْزَلَة ثَلَاث رَكْعَات فِي كل رَكْعَة. قلت لَو ثَبت عَن ابْن عَبَّاس أشبه أَن يكون ابْن عَبَّاس فرق من خُسُوف الشَّمْس وَالْقَمَر والزلزلة وَإِن سوى بَينهمَا فأحاديثها أَكثر

فعلها مرات وأن الجميع جائز وكأنه

وَأثبت مِمَّا رويت فأخذنا بِالْأَكْثَرِ والأثبت. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَإِنَّمَا أَرَادَ الشَّافِعِي بالمنقطع: حَدِيث عبيد بن عُمَيْر حَيْثُ قَالَه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بالتوهم وَأَرَادَ بِأَلْفَاظ حَدِيث عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان فَإِن ابْن جريج خَالفه فَرَوَاهُ عَن عَطاء عَن عبيد بن عُمَيْر وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: أَقْْضِي بِابْن جريج على عبد الْملك فِي حَدِيث عَطاء وَفِيمَا حكى أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فِي كتاب الْعِلَل عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ رحمهمَا الله أَنه قَالَ: أصح الرِّوَايَات عِنْدِي فِي صَلَاة الْكُسُوف أَربع رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَمن أَصْحَابنَا من ذهب إِلَى تَصْحِيح الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي هَذِه الْأَعْدَاد وَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فعلهَا مَرَّات، وَأَن الْجَمِيع جَائِز وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُرِيد فِي الرُّكُوع إِذا لم ير الشَّمْس قد تجلت ذهب إِلَى هَذَا إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَمن بعده مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة وَأَبُو بكر أَحْمد بن إِسْحَاق بن أَيُّوب الصبغي وَأَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ

وَاسْتَحْسنهُ أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر صَاحب الخلافيات وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَالَّذِي اخْتَارَهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله من التَّرْجِيح أصح وَهُوَ اخْتِيَار البُخَارِيّ رَحمَه الله أَيْضا وَالله أعلم. وَذَلِكَ أَنه ظَاهر بَين فِي طرق أَحَادِيث صَلَاة الخسوف: أَنَّهَا ترجع إِلَى صَلَاة وَاحِدَة وَهِي يَوْم توفّي ابْنه إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، فَلَا يُمكن حمل هَذِه الْأَخْبَار الْمُخْتَلفَة على الْفَرد، وَلَا وَجه فِيهَا إِلَّا التَّرْجِيح وَالْأَحَادِيث الَّتِي وَردت فِي ركوعين فِي رَكْعَة من أثبت الْأَحَادِيث وأصحها فالأخذ بهَا أولى وَالْأَحَادِيث الَّتِي رويت فِي الرَّكْعَتَيْنِ دون عدد الرُّكُوع يحْتَمل أَن يكون مُرَاد الرَّاوِي بهَا حِكَايَة الصَّلَاة عَن الخسوف دون كيفيتها وكيفيتها مَوْجُودَة فِي أخبارنا فالأخذ بهَا

مسألة

أولى وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. مَسْأَلَة (180) : ويخطب لصَلَاة الْكُسُوف بعد الصَّلَاة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يَدْعُو بعد مَا ينْصَرف وَلَا يخْطب، دليلنا الْأَحَادِيث الْمُتَّفق على صِحَّتهَا عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم عَن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس وَأَسْمَاء بنت أبي بكر وَأبي مُوسَى وَللَّه الْحَمد على التَّوْفِيق. مَسْأَلَة (181) : لم يذكرهَا الإِمَام، وَيسر بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاة خُسُوف الشَّمْس ويجهر بهَا فِي صَلَاة خُسُوف الْقَمَر، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يجْهر فيهمَا، دليلنا: قَول ابْن عَبَّاس فِي حَدِيثه خسفت يَعْنِي الشَّمْس

والناس معه فقام قياما طويلا بنحو من سورة البقرة ثم ركع قال الشافعي رحمه الله لو سمعه ما قدر قراءته وقد روي عنه صريحا قال صليت مع رسول الله

فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالنَّاس مَعَه فَقَامَ قيَاما طَويلا بِنَحْوِ من سُورَة الْبَقَرَة ثمَّ ركع " قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله لَو سَمعه مَا قدر قِرَاءَته وَقد رُوِيَ عَنهُ صَرِيحًا قَالَ: صليت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة الْكُسُوف فَلم أسمع مِنْهُ فِيهَا حرفا من الْقِرَاءَة وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَن سَمُرَة أَيْضا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب السّنَن وَفِيه صفة خُسُوف الشَّمْس وَصَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وخطبته وَرُوِيَ بِإِسْنَاد رُوَاته ثِقَات عَن عَائِشَة فِي حَدِيث كسوف الشَّمْس وَفِيه " فَخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى بِالنَّاسِ فَقَامَ فحزرت قِرَاءَته فَرَأَيْت أَنه قَرَأَ بِسُورَة الْبَقَرَة وسَاق الحَدِيث. قَالَت ثمَّ قَالَ فَأطَال الْقِرَاءَة فحزرت قِرَاءَته فَرَأَيْت أَنه قَرَأَ سُورَة آل عمرَان " وروينا عَنْهَا خلاف ذَلِك " أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جهر " قَالَ البُخَارِيّ رَحمَه الله حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي الْجَهْر أصح من حَدِيث سَمُرَة. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله لكنه لَيْسَ بأصح من حَدِيث ابْن

بنحو من سورة البقرة قال الشافعي رحمه الله فيه دليل على أن لم يسمع ما قرأ لأنه لو سمعه لم يقدره بغيره قال وروي عن ابن عباس أنه قرأ قمت إلى جنب النبي

عَبَّاس أَنه قَالَ فِي قِرَاءَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بِنَحْوِ من سُورَة الْبَقَرَة ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِيهِ دَلِيل على أَن لم يسمع مَا قَرَأَ لِأَنَّهُ لَو سَمعه لم يقدره بِغَيْرِهِ، قَالَ: وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ: " قُمْت إِلَى جنب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي خُسُوف الشَّمْس فَمَا سَمِعت مِنْهُ حرفا وَقد مضى هَذَا عَن ابْن لَهِيعَة والواقدي وَغَيرهمَا وَابْن لَهِيعَة وَإِن كَانَ غير مُحْتَج بِهِ فِي الرِّوَايَة، وَكَذَلِكَ الْوَاقِدِيّ وَالْحكم بن أبان فهم عدد وروايتهم هَذِه توَافق الرِّوَايَة الصَّحِيحَة عَن ابْن عَبَّاس وتوافق رِوَايَة لمُحَمد بن إِسْحَاق بن يسَار وَإِسْنَاده عَن عَائِشَة ويوافق رِوَايَة سَمُرَة بن جُنْدُب وَإِنَّمَا الْجَهْر عَن الزُّهْرِيّ فَقَط، وَهُوَ إِن كَانَ حَافِظًا فيشتبه أَن يكون الْعدَد أولى بِالْحِفْظِ من الْوَاحِد وَالله أعلم. مَسْأَلَة (182) : / وَيصلى للاستسقاء بِالْجَمَاعَة فِي الْمصلى كَصَلَاة الْعِيد فِي التَّكْبِيرَات والجهر والخطبتين بعْدهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يخرجُون إِلَى الْمصلى فَيدعونَ فَإِن صلوا فُرَادَى فَلَا بَأْس وَلَا جمَاعَة فِيهَا. فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عبد الله بن زيد قَالَ: " خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمصلى

يوما يستسقي فاستقبل القبلة وحول رداءه وصلى ركعتين فقرأ وجهر بالقراءة وروي عن طلحة بن يحيى قال أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء فقال سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين إلا أن رسول الله

فَاسْتَسْقَى واستقبل الْقبْلَة فحول رِدَاءَهُ فصلى رَكْعَتَيْنِ " وَفِي رِوَايَة عَن البُخَارِيّ قَالَ: " خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا يَسْتَسْقِي فَاسْتقْبل الْقبْلَة وحول رِدَاءَهُ وَصلى رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأَ وجهر بِالْقِرَاءَةِ " وَرُوِيَ عَن طَلْحَة بن يحيى قَالَ: أَرْسلنِي مَرْوَان إِلَى ابْن عَبَّاس أسأله عَن سنة الاسْتِسْقَاء. فَقَالَ: سنة الاسْتِسْقَاء سنة الصَّلَاة فِي الْعِيدَيْنِ إِلَّا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلب رِدَاءَهُ فَجعل يَمِينه على يسَاره ويساره على يَمِينه. وَصلى الرَّكْعَتَيْنِ فَكبر فِي الأولى سبع تَكْبِيرَات وَقَرَأَ: {سبح اسْم رَبك الْأَعْلَى} وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَة {هَل أَتَاك حَدِيث الغاشية} وَكبر فِيهَا خمس تَكْبِيرَات " قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَرُوِيَ عَن أبي بكر وَعمر وَعلي " أَنهم كبروا فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاء سبعا وخمسا وصلوا قبل الْخطْبَة وجهروا بِالْقِرَاءَةِ " وَرُوِيَ عَن أبي

يستسقي فصلى ركعتين بلا آذان ولا إقامة ثم خطبنا وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه ثم قلب رداءه فجعل الأيمن من الأيسر والأيسر على الأيمن رواة هذا الحديث كلهم ثقات استدلوا بحديث أنس في الرجل الذي دخل ورسول الله

هُرَيْرَة قَالَ: خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَسْتَسْقِي فصلى رَكْعَتَيْنِ بِلَا آذان وَلَا إِقَامَة ثمَّ خَطَبنَا وحول وَجهه نَحْو الْقبْلَة رَافعا يَدَيْهِ ثمَّ قلب رِدَاءَهُ فَجعل الْأَيْمن من الْأَيْسَر والأيسر على الْأَيْمن. رُوَاة هَذَا الحَدِيث كلهم ثِقَات، استدلوا بِحَدِيث أنس " فِي الرجل الَّذِي دخل وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب فَشَكا إِلَيْهِ الْقَحْط فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمُطِرُوا " الحَدِيث وَالِاسْتِسْقَاء عندنَا على أَنْوَاع مِنْهَا أَن يَدْعُو وَلَا يُصَلِّي وَمِنْهَا أَن يَدْعُو خلال الْخطْبَة مثل الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ وَلَا يُصَلِّي لَهَا وَمِنْهَا أَن يُصَلِّي لَهَا ويخطب وَيَدْعُو كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدَيْنِ وَهُوَ أكملها وَالله أعلم. مَسْأَلَة (183) : يسْتَحبّ للْإِمَام وَالْمَأْمُوم إِذا أَرَادَ الدُّعَاء أَن يقلب رِدَاءَهُ ويحوله. وَقَالَ فِي الْقَدِيم: يجوز وَلَا يقلب وَهُوَ قَول مَالك وَأحمد رحمهمَا الله تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّد: يَفْعَله الإِمَام دون الْمَأْمُوم وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يَفْعَله أحد، لَا الإِمَام وَلَا الْمَأْمُوم وَدَلِيلنَا فِي ذَلِك من

مضى في المسألة آنفا وروي عن جابر أنه قال استسقى رسول الله

فعل الرَّسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مضى فِي الْمَسْأَلَة آنِفا وَرُوِيَ عَن جَابر أَنه قَالَ: استسقى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وحول رِدَاءَهُ لتحول الْقَحْط وَالله أعلم. مَسْأَلَة (184) : وتارك الصَّلَاة عمدا من غير عذر يقتل، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يضْرب حَتَّى يُصَلِّي وَلَا يقتل، فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يشْهدُوا أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة فَإِذا فعلوا عصموا مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ وحسابهم على الله " وَعِنْدَهُمَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي مُرَاجعَة عمر أَبَا بكر فِي قتال مانعي الزَّكَاة وَفِيه فَقَالَ أَبُو بكر " لأقاتلن من فرق بَين الصَّلَاة وَالزَّكَاة، قَالَ عمر: " فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا أَن رَأَيْت الله قد شرح صدر أبي بكر لِلْقِتَالِ فَعرفت أَنه الْحق "، وَعند مُسلم وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ بِلَفْظ آخر عَن عبد الله بن مَسْعُود أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحل دم امْرِئ مُسلم يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاث رجل كفر بعد إِسْلَامه أَو زنى بعد إحْصَانه أَو نفس بِنَفس "

أباح دم المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بإحدى ثلاث فذكر منها كفره بعد إسلامه وفي بعض الروايات بعد إيمانه فيشبه أن يرتد بتركه للصلاة بعد أن كان يفعلها فقد سمى الله الصلاة إيمانا بقوله عز وجل وما كان الله ليضيع

وَجه الِاسْتِدْلَال مِنْهُ هُوَ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَاحَ دم الْمُسلم الَّذِي يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله بِإِحْدَى ثَلَاث فَذكر مِنْهَا كفره بعد إِسْلَامه وَفِي بعض الرِّوَايَات " بعد إيمَانه " فَيُشبه أَن يرْتَد بِتَرْكِهِ للصَّلَاة بعد أَن كَانَ يَفْعَلهَا فقد سمى الله الصَّلَاة إِيمَانًا بقوله عز وَجل {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ} أَي صَلَاتكُمْ وسمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ترك الصَّلَاة كَقَوْلِه فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن الْبَراء قَالَ قيل هَذَا الَّذين مَاتُوا قبل أَن تحول الْقبْلَة وَرِجَال قتلوا قبل بدر مَا نقُول فيهم؟ فَأنْزل الله عز وَجل {وَمَا كَانَ الله لِيُضيع إيمَانكُمْ إِن الله بِالنَّاسِ لرءوف رَحِيم} . وَعند مُسلم عَن جَابر سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " بَين الرجل وَبَين الشّرك وَالْكفْر ترك الصَّلَاة " وَرُوِيَ عَن بُرَيْدَة بن الْحصيب قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبَيْنكُم الصَّلَاة فَمن تَركهَا فقد كفر " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد لَا

لا يرون شيئا عن الأعمال تركه كفر غير الصلاة وفي الموطأ عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه حدثه عن رسول الله

يعرف لَهُ عِلّة بِوَجْه من الْوُجُوه، وَهَذَا الحَدِيث على شَرطهمَا عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يرَوْنَ شَيْئا عَن الْأَعْمَال تَركه كفر غير الصَّلَاة وَفِي الْمُوَطَّأ عَن ابْن شهَاب عَن عَطاء بن يزِيد عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار أَنه حَدثهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر حَدِيثا عَن رجل فِي قتل مُنَافِق فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَلَيْسَ يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله قَالَ: بلَى يَا رَسُول الله، وَلَا شَهَادَة لَهُ فَقَالَ: أَلَيْسَ يُصَلِّي؟ قَالَ وَلَا صَلَاة لَهُ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أُولَئِكَ الَّذين نهاني عَن قَتلهمْ " وَفِي رِوَايَة الشَّافِعِي بِمَعْنَاهُ وَقَالَ: " أُولَئِكَ الَّذين نهاني الله عَن قَتلهمْ " وَهَذَا مُرْسل وَقد رَوَاهُ معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء عَن عبيد الله عَن عبد الله بن عدي الْأنْصَارِيّ مَوْصُولا، وَعَن أبي دَاوُد عَن إِبْرَاهِيم ورد الحَدِيث فِي نفي المخنث

وَفِيه قَالُوا يَا رَسُول الله أَلا نَقْتُلهُ؟ قَالَ: إِنِّي نهيت عَن قتل الْمُصَلِّين وَالله أعلم.

من كتاب الجنائز

من كتاب الْجَنَائِز مَسْأَلَة (185) : سرته الْغَاسِل مَا بَين سترته إِلَى ركبته، وَإِن غسله فِي قَمِيصه كَانَ أحسن وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ يَكْفِي ستر فرجه بخرقه، ذكر أَحَادِيث فِي غسل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَمِيصه وَذكر عَن أبي دَاوُد حَدِيثا رَوَاهُ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تبرز فخذك وَلَا تنظر فَخذ حَيّ وَلَا ميت ". مَسْأَلَة (186) : وَإِذا مَاتَ الْمحرم لم يخمر رَأسه وَلم يقرب طيبا، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يفعل بِهِ مَا يفعل بِسَائِر الْمَوْتَى، دليلنا مَا عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم عَن ابْن عَبَّاس أَن رجلا كَانَ وَاقِفًا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَة

اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين أو قال في ثوبيه ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبي وما روي عن ابن عمر من خلاف ذلك فقد قال الشافعي رحمه الله ولعل ابن عمر رضي الله عنه لم يسمع هذا الحديث بل لا شك إن شاء الله

على نَاقَة فوقصته أَو قَالَ فأقعصته فَمَاتَ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " اغسلوه بِمَاء وَسدر وكفنوه فِي ثَوْبَيْنِ أَو قَالَ: فِي ثوبيه وَلَا تحنطوه وَلَا تخمروا رَأسه، فَإِن الله يَبْعَثهُ يَوْم الْقِيَامَة يُلَبِّي " وَمَا رُوِيَ عَن ابْن عمر من خلاف ذَلِك فقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله وَلَعَلَّ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ لم يسمع هَذَا الحَدِيث بل لَا شكّ إِن شَاءَ الله وَلَو سَمعه مَا خَالفه، وَقد ثَبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَوْلنَا. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وبلغنا مثله وَمَا ثَبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَيْسَ لأحد خِلَافه وَالله أعلم. مَسْأَلَة (187) : الزَّوْج يغسل امْرَأَته، وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يغسلهَا. وروى الشَّافِعِي عَن إِبْرَاهِيم عَن عمَارَة عَن أم مُحَمَّد بنت مُحَمَّد بن

أوصت أن تغسلها إذا ماتت هي وعلي رضي الله عنه فغسلتها هي وعلي رضي الله عنهم هذا عجيب فإن أسماء كانت في ذلك الوقت عند أبي بكر وقد ثبت أنه لم يعلم بوفاة فاطمة بما في الصحيح أن عليا دفنها ليلا ولم يعلم أبا بكر فكيف يمكن أن تغسلها زوجته ولا

جَعْفَر بن أبي طَالب عَن جدَّتهَا أَسمَاء بنت عُمَيْس: أَن فَاطِمَة بنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أوصت أَن تغسلها إِذا مَاتَت هِيَ وَعلي رَضِي الله عَنهُ فغسلتها هِيَ وَعلي رَضِي الله عَنْهُم " هَذَا عَجِيب فَإِن أَسمَاء كَانَت فِي ذَلِك الْوَقْت عِنْد أبي بكر وَقد ثَبت أَنه لم يعلم بوفاة فَاطِمَة بِمَا فِي الصَّحِيح أَن عليا دَفنهَا لَيْلًا وَلم يعلم أَبَا بكر فَكيف يُمكن أَن تغسلها زَوجته وَلَا يعلم، وورع أَسمَاء يمْنَعهَا أَن تفعل ذَلِك وَلَا تستأذن زَوجهَا إِلَّا أَن يُقَال أَنه يحْتَمل أَن يكون علم وَاجِب أَن لَا يرد عرض عَليّ فِي كِتْمَانه مِنْهُ، لَكِن الْأَشْبَه أَن يتَحَقَّق على أَن أَسمَاء ستعلمه وَأَنه علم أَنه علم وَلَو نوى حُضُوره وَالْأولَى إِن ثَبت هَذَا أَن يُقَال مُحْتَمل وَالله أعلم أَن أَبَا بكر علم وَأَن عليا علم بِعِلْمِهِ بذلك وَظن أَنه سيحضر من غير استدعاء مِنْهُ لَهُ وَظن أَبُو بكر أَنه سيدعوه وَأَنه لَا يرى حُضُوره وَالله أعلم.

مسألة

وَرُوِيَ أَن ابْن مَسْعُود غسل امْرَأَته وَعَن ابْن عَبَّاس قَالَ: الرجل أَحَق بِغسْل امْرَأَته وروينا فِي حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن عتبَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله عَن عَائِشَة قَوْلهَا " وارأساه " " وَمَا ضرك لَو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وَصليت عَلَيْك ثمَّ دفنتك " وَعَن أبي قلَابَة " أَنه غسل امْرَأَته " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (188) : يمضمض الْمَيِّت وينشق، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يفعل، فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أم عَطِيَّة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أمرهَا أَن تغسل ابْنَته قَالَ " ابدئي بميامنها ومواضع الْوضُوء وَزَاد البُخَارِيّ مِنْهَا " وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (189) : يظفر شعر الْمَرْأَة ثَلَاثَة قُرُون فيلقين خلفهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا تظفر وتطرح بَين ثدييها / دليلنا حَدِيث أم عَطِيَّة فِي غسلهَا ابْنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فظفرنا رَأسهَا وناصيتها وقرنيها ثَلَاث قُرُون وألقينا خلفهَا " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (190) : يسْتَحبّ أَن يَجْعَل فِي الغسلة الْأَخِيرَة كافورا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يسْتَحبّ ذَلِك، فِي حَدِيث أم عَطِيَّة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: واجعلن فِي الْآخِرَة كافورا. مَسْأَلَة (191) : ويكفن الرجل فِي ثَلَاثَة أَثوَاب لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة.

كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة وفي رواية عند مسلم سحولية من كرسف وفي أخرى عند البخاري سحولية كرسف استدلوا بما روى أبو داود عن ابن عباس قال كفن رسول الله

وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يُكفن فِي إِزَار وقميص ورداء. دليلنا حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " كفن فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض سحُولِيَّة، لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة، وَفِي رِوَايَة عِنْد مُسلم " سحُولِيَّة من كُرْسُف " وَفِي أُخْرَى عِنْد البُخَارِيّ " سحُولِيَّة كُرْسُف " استدلوا بِمَا روى أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كفن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض نجرانية: الْحلَّة ثَوْبَان وقميصه الَّذِي مَاتَ فِيهِ " وَفِي رِوَايَة " فِي ثَلَاثَة أَثوَاب حلَّة حَمْرَاء وقميصه الَّذِي مَاتَ فِيهِ " هَذَا لَا يُعَارض مَا روينَا لأمور مِنْهَا أَن يزِيد بن أبي زِيَاد الرَّاوِي هَذَا الحَدِيث غير مُحْتَج بِهِ، وَمَا روينَا اتّفق أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ على صِحَّته. قَالَ ابْن معِين فِي التَّارِيخ: وَلَا يحْتَج بِحَدِيث يزِيد بن أبي زِيَاد وَمِنْهَا أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا

وقد مات في بيتها وبين سحرها ونحرها وأجابت عن قول من زعم أنه كفن

أعلم بذلك فَإِنَّهَا زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد مَاتَ فِي بَيتهَا وَبَين سحرها ونحرها وأجابت عَن قَول من زعم أَنه كفن - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ثَلَاثَة أَثوَاب فِيهَا حلَّة بقولِهَا فِي الصَّحِيح عِنْد مُسلم " فَأَما الْحلَّة فَإِنَّمَا شبه على النَّاس فِيهَا أَنَّهَا اشْتريت لَهُ حلَّة ليكفن فِيهَا فَتركت فَأَخذهَا عبد الله بن أبي بكر فَقَالَ: لاحتسبنها لنَفْسي حَتَّى أكفن فِيهَا ثمَّ قَالَ لَو رضيها الله لنَبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لكفنه فِيهَا فَبَاعَهَا وَتصدق بِثمنِهَا " فكفتنا رَضِي الله عَنْهَا مُؤنَة الْجَواب عَن ذَلِك وَللَّه الْحَمد. وَقد رُوِيَ من وَجه آخر لَا يَصح أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " زر عَلَيْهِ قَمِيصه الَّذِي كفن فِيهِ ". رَوَوْهُ عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: وَكَيف يجوز أَن يَصح مثله، وَقد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار عَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَعبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عَمْرو وَجَابِر بن عبد الله وَعبد الله بن معقل وَعَائِشَة بنت الصّديق رَضِي الله عَنْهُم فِي تكفين النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي ثَلَاثَة أَثوَاب بيض لَيْسَ فِيهَا قَمِيص وَلَا عِمَامَة وَمَا رُوِيَ فِي الحَدِيث صَحِيح من

عبد الله بن أبي قميصه فإن ذلك عندنا جائز قال الشافعي رضي الله عنه فإن قمصه وعممه جاز ثم إنما فعله رسول الله

إلباس رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عبد الله بن أُبي: قَمِيصه فَإِن ذَلِك عندنَا جَائِز. قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فَإِن قمصه وعممه جَازَ، ثمَّ إِنَّمَا فعله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لسَبَب وَهُوَ فِيمَا رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن سُفْيَان عَن عَمْرو عَن جَابر لما كَانَ الْعَبَّاس رَضِي الله عَنهُ بِالْمَدِينَةِ طلبت لَهُ الْأَنْصَار ثوبا يكسونه فَلم يَجدوا قَمِيصًا يصلح لَهُ إِلَّا قَمِيص عبد الله بن أُبي فكسوه إِيَّاه " وَزَاد بعض الروَاة عَن سُفْيَان أَنه قَالَ: فَلَعَلَّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جازاه بذلك، وَيَكْفِي فِي التَّرْجِيح، أَن مَا اخْتَارَهُ الله تَعَالَى لرَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أولى من غَيره وَالله أعلم. مَسْأَلَة (192) : والشهيد لَا يغسل وَلَا يصلى عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا يغسل وَلَكِن يصلى عَلَيْهِ. وَدَلِيلنَا حَدِيث جَابر الصَّحِيح عِنْد البُخَارِيّ " أَن

كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد وذكر الحديث وفيه يدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلهم وروى عن أنس بن مالك أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم قال أبو عبد الله هذا حديث صحيح والاعتماد على حديث جابر فإنه الصحيح

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجمع بَين الرجلَيْن من قَتْلَى أحد، وَذكر الحَدِيث وَفِيه " يدفنهم بدمائهم وَلم يصل عَلَيْهِم وَلم يغسلهم " وروى عَن أنس بن مَالك " أَن شُهَدَاء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم وَلم يصل عَلَيْهِم ". قَالَ أَبُو عبد الله هَذَا حَدِيث صَحِيح والاعتماد على حَدِيث جَابر فَإِنَّهُ الصَّحِيح الْمَشْهُور وَلَا يَصح عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / أَنه صلى على أحد من شُهَدَاء أحد لَا على حَمْزَة وَلَا على غَيره وَقد رُوِيَ عَن أنس حَدِيث فِي قَتْلَى أحد وَذكره حَمْزَة وَقَالَ: وَلم يصل على أحد من الشُّهَدَاء غَيره قَالَ عَليّ بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ: هَذِه اللَّفْظَة وَلم يصل على أحد من الشُّهَدَاء غَيره لَيست مَحْفُوظَة، وَإِن استدلوا بِحَدِيث عقبَة بن عَامر الْمُتَّفق على صِحَّته " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج يَوْمًا فصلى على أهل أحد صلَاته على الْمَيِّت ثمَّ انْصَرف إِلَى الْمِنْبَر ". الحَدِيث قُلْنَا: لَا حجَّة لكم فِيهِ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا صلى على قُبُورهم بعد ثَمَان سِنِين وَأَنْتُم لَا تَقولُونَ بِهِ عِنْد البُخَارِيّ فِي

صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات

الصَّحِيح عَنهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على قَتْلَى أحد بعد ثَمَان سِنِين كَالْمُودعِ للأحياء والأموات - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " والْحَدِيث الَّذِي يرْوى " فِي صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قَتْلَى أحد مَعَ حَمْزَة حَتَّى صلى عَلَيْهِ اثْنَيْنِ وَسبعين صَلَاة قَائِما " رَوَاهُ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن يسَار عَن رجل من أَصْحَابه لم يسمه عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ رحمنا الله وإياه إِذا روى عَن مَشْهُور مَنْسُوب وَلَا يذكر سَمَاعه مِنْهُ يكون فِيهِ نظر لما اشْتهر من تدليسه وَرِوَايَته عَن الْمَجْرُوحين حَتَّى تكلم فِيهِ مَالك وَيحيى بن سعيد وَلم يحْتَج بِهِ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَإِنَّمَا اسْتشْهد بِهِ مُسلم فِي خَمْسَة أَحَادِيث وَافق فِيهَا الثِّقَات أفيعارض مثل ذَلِك الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وَرَوَاهُ الْحسن بن عمَارَة قيل عَن سعيد وَقيل عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صلى عَلَيْهِم وغسلهم ". وَالْحسن ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ وَهَذَا أحد مَا أنكر عَلَيْهِ شُعْبَة بن الْحجَّاج. وَقَالَ أَبُو دَاوُد: قَالَ: قَالَ لي شُعْبَة اذْهَبْ إِلَى جرير بن حَازِم فَقل لَهُ لَا يحل لَك أَن تروي عَن الْحسن بن عمَارَة فَإِنَّهُ يكذب، روى أَشْيَاء عَن الحكم لَهُ

على قتلى أحد فقال لم يصل على قتلى أحد وذكر بقية كلامه وروي عن أبي مالك مرسلا لا يصح ورواه إسماعيل بن عياش عن عبد الملك أو غيره وإسماعيل لا يحتج به في إسناده شك ورواه عبد العزيز بن أبي عمران أبو ثابت وعبد العزيز ضعيف قال ابن

يجد لَهَا أصلا قلت لشعبة أَي شَيْء؟ قَالَ: قلت للْحكم صلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على قَتْلَى أحد فَقَالَ: لم يصل على قَتْلَى أحد وَذكر بَقِيَّة كَلَامه وَرُوِيَ عَن أبي مَالك مُرْسلا لَا يَصح، وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن عبد الْملك أَو غَيره، وَإِسْمَاعِيل لَا يحْتَج بِهِ، فِي إِسْنَاده شكّ. وَرَوَاهُ عبد الْعَزِيز بن أبي عمرَان، أَبُو ثَابت وَعبد الْعَزِيز: ضَعِيف. قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ بِثِقَة، إِنَّمَا هُوَ صَاحب شعر وَرَوَاهُ أَبُو حَمَّاد الْمفضل بن صَدَقَة الْحَنَفِيّ الْكُوفِي. قَالَ ابْن معِين: لَيْسَ هُوَ بِشَيْء فَهَذَا حَال الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الصَّلَاة عَلَيْهِم، وحديثنا عَن جَابر أَنه لم يصل عَلَيْهِم من أصح الْأَحَادِيث. حكم بِصِحَّتِهِ البُخَارِيّ رَحمَه الله تَعَالَى. قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ فِي الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على شُهَدَاء أحد تِسْعَة تِسْعَة، وَحَمْزَة عاشرهم، شُهَدَاء أحد اثْنَان وَسَبْعُونَ فَإِذا كَانُوا قد صلى عَلَيْهِم عشرَة

لم يصل عليهم وقال زملوهم بكلومهم وأما حديث عقبة بن عامر قال فيه أنه

عشرَة فَالصَّلَاة لَا تكون أَكثر من سبع وثمان. فنجعله أَنه صلى على اثْنَيْنِ صَلَاة وعَلى حَمْزَة صَلَاة فَهَذِهِ تسع صلوَات. فَمن أَيْن جَاءَت سبعين صَلَاة؟ وَإِن كَانَ عَنى سبعين تَكْبِيرَة فَنحْن وهم بزعم أَن التَّكْبِير على الْجَنَائِز أَربع فَهِيَ إِذا كَانَت تسع صلوَات سِتّ وَثَلَاثِينَ فَمن أَيْن جَاءَت أَربع وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَة؟ قد كَانَ يَنْبَغِي لمن روى هَذَا الحَدِيث أَن يستحي على نَفسه وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن يُعَارض بِهِ الْأَحَادِيث كلهَا عيان، فقد جَاءَت من وُجُوه متواترة: بِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يصل عَلَيْهِم وَقَالَ زملوهم بكلومهم وَأما حَدِيث عقبَة بن عَامر قَالَ فِيهِ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى عَلَيْهِم بعد ثَمَان سِنِين كَالْمُودعِ للأحياء والأموات وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقف على قُبُورهم ودعا لَهُم واستغفر لَهُم كَمَا كَانَ يَدْعُو لغَيرهم من الْمَوْتَى حِين علم قرب أَجله كَالْمُودعِ وَلَا يدل ذَلِك على نسخ الحكم فِي غير مَا ورد فِيهِ إِلَّا على الْوَجْه الَّذِي حملنَا الْخَبَر عَلَيْهِ لم ينتسخ بِهِ مَا ثَبت من أَحْكَامه فَأَما الَّذِي رُوِيَ عَن شَدَّاد بن الْهَاد فِي الْأَعرَابِي الَّذِي أَصَابَهُ السهْم بِخَيْبَر. فصلى عَلَيْهِ وَفِي آخِره قَالَ عَطاء: وَزَعَمُوا أَنه لم يصل على أهل أحد فَابْن جريج ذكره عَن عَطاء: وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا الرجل بَقِي / حَيا حَتَّى انْقَطَعت الْحَرْب ثمَّ مَاتَ فصلى عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالَّذِي لم يصل عَلَيْهِم بِأحد مَاتُوا قبل انْقِضَاء الْحَرْب

مسألة

وَالله أعلم. مَسْأَلَة (193) : ومقتول قطاع الطَّرِيق وَمن قتل فِي دَفعه نَفسه مغسول مصلى عَلَيْهِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ أَنه شَهِيد لَا يغسل، وَحكى صَاحب الإفصاح عَن أبي حنيفَة أَنه قَالَ من قتل من الْمصر ظلما لم يغسل إِلَّا أَنه يقتل بخشبه، قَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا قتل بمحدد لم يغسل، وروى الشَّافِعِي عَن نَافِع عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ غسل وكفن وَصلى عَلَيْهِ، وَقد ثَبت أَنه قتل بمحدد، وَرُوِيَ أَن الْحسن صلى على عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (194) : وَحمل الْجِنَازَة بَين العمودين سنة وَهُوَ أَن يحملهَا أَرْبَعَة من جوانبها الْأَرْبَعَة وَيقف خَامِس بَين العمودين فِي الْمُقدم ويحملها على كتفه وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ بِسنة وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: رَأَيْت سعد بن أبي وَقاص فِي جَنَازَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنْهُمَا بَين العمودين قد حمل السرير على كاهليه، وَعَن مُحَمَّد بن صَالح: توفّي أسيد بن الْحضير حمله عمر رَضِي الله عَنْهُمَا بَين العمودين حَتَّى وَضعه بِالبَقِيعِ وَصلى عَلَيْهِ بِالبَقِيعِ. وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن عِيسَى بن طَلْحَة قَالَ: رَأينَا عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ يحمل بَين عمودي سَرِير أمه فَلم يُفَارِقهُ حَتَّى وَضعه،

مسألة

وَعَن يُوسُف بن مَاهك أَنه رأى ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي جَنَازَة رَافع قَائِما بَين قائمتي السرير وَعَن عبد الله بن ثَابت عَن أَبِيه قَالَ: رَأَيْت أَبَا هُرَيْرَة يحمل بَين عمودي سَرِير سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ، وَعَن شُرَحْبِيل بن أبي عون قَالَ رَأَيْت ابْن الزبير يحمل بَين عمودي سَرِير الْمسور بن المخرمة رَضِي الله عَنْهُمَا، وَرُوِيَ عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ: إِن من السّنة أَن نَأْخُذ بقوائم السرير الْأَرْبَع ثمَّ من شَاءَ زَاد أَو ترك وَهَذِه فِي الْحمل بَين العمودين وقف عَلَيْهَا من الصَّحَابَة فالأخذ بِهِ أولى وَالله أعلم، وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ: إِذا اتبعت الْجِنَازَة فَخذ بجوانبها وَإِن شِئْت تَطَوَّعت بعد أَو تركت وَالله أعلم. مَسْأَلَة (195) : إِذا وجد بعض من الْمَيِّت غسل وَصلى عَلَيْهِ وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن وجد أَكثر الْبدن غسل وَصلى عَلَيْهِ، وَإِن وجد الْأَقَل لم يغسل وَلم يُصَلِّي عَلَيْهِ، لنا مَا روى الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ بِسَنَدِهِ عَن خَالِد بن معدان أَن أَبَا

مسألة

عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ صلى على رُؤُوس، قَالَ وبلغنا أَن طائرا ألْقى يدا بِمَكَّة فِي وقْعَة الْجمل فعرفوها بالخاتم فغسلوها وصلوا عَلَيْهَا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (196) : وَالْمَشْي أَمَام الْجِنَازَة أفضل، وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْمَشْي خلفهَا أفضل لنا حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة وَفِي بعض الرِّوَايَات وَعُثْمَان وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مُرْسلا وَوَصله سُفْيَان وَتَابعه مَنْصُور وَبكر بن وَائِل وَزِيَاد بن سعد من رِوَايَة هِشَام عَنْهُم وَكلهمْ ثِقَات، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن عقيل بن خَالِد فِي بعض الرِّوَايَات عَنهُ، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وَابْن أخي الزُّهْرِيّ، وَزَمعَة بن صَالح وَغَيرهم عَن

وروي عن الزهري عن أنس بن مالك أيضا وروى الشافعي عن مالك عن ابن المنكدر عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقدم الناس أمام جنازة زينب بنت جحش وروى ذلك أيضا عن أبي قتادة وأبي أسيد وأبي هريرة وغيرهم رضي الله

الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَرُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس بن مَالك أَيْضا، وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن ربيعَة بن عبد الله بن الهدير أَنه رأى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ تقدم النَّاس أَمَام جَنَازَة زَيْنَب بنت جحش، وروى ذَلِك أَيْضا عَن أبي قَتَادَة وَأبي أسيد وَأبي هُرَيْرَة وَغَيرهم رَضِي الله عَنْهُم أَنهم كَانُوا يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة، وَعَن أبي حَازِم رَأَيْت ابْن عمر وَحسن بن عَليّ وَابْن الزبير رَضِي الله عَنْهُم يَمْشُونَ أمامها حَتَّى وضعت، وَعَن زِيَاد بن قيس الْأَشْعَرِيّ قَالَ: أتيت الْمَدِينَة، فَرَأَيْت أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار / يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة، وَعَن ابْن أبي ليلى

أمام الجنازة وعن المغيرة عن رسول الله

قَالَ: كُنَّا نمشي مَعَ أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمَام الْجِنَازَة وَعَن الْمُغيرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْمَاشِي أَمَام الْجِنَازَة والراكب خلفهَا والطفل يُصَلِّي عَلَيْهِ " وَفِي رِوَايَة: الرَّاكِب يسير خلف الْجِنَازَة وَالْمَشْي عَن يَمِينهَا وَعَن شمالها قريبان، والسقط يصلى عَلَيْهِ ويدعى لوَالِديهِ بالعافية وَالرَّحْمَة وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح. رَوَاهُ الثَّوْريّ وَغَيره عَن يُونُس بِإِسْنَادِهِ والماشي خلفهَا وأمامها وَعَن يَمِينهَا ويسارها قَرِيبا مِنْهَا وَهَذَا حَدِيث مَحْفُوظ وَرُوَاته ثِقَات احْتج بهم البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، وروى يحيى بن عبد الله الْكُوفِي الجابر التَّيْمِيّ عَن أبي ماجد عَن ابْن مَسْعُود. قَالَ: سَأَلنَا نَبينَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْمَشْي مَعَ الْجِنَازَة فَقَالَ: مَا دون الْجنب، أَن يكون خيرا يعجل إِلَيْهِ وَإِن يكن غير ذَلِك فبعدا لأهل الشَّرّ، والجنازة متبوعة وَلَا

أن أمه توفيت وهي نصرانية وهو يحب أن يحضرها فقال اركب دابتك وسر أمامها فإنك إذا ركبت أمامها لم تتبعها هذا لا يثبت وأبو معشر نجيح ضعيف وروى يحيى بن سعيد القطان بسنده عن سهل بن سعد أن النبي

تتبع لَيْسَ مَعهَا من يقدمهَا " قَالَ أَبُو دَاوُد: يحيى ضَعِيف، وَقَالَ يحيى بن معِين وَقد سُئِلَ عَنهُ، فَقَالَ: لَا شَيْء، وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب يحيى الجابر: غير مَحْمُود، وَأَبُو ماجد غير مَعْرُوف، وروى أَبُو معشر بِسَنَدِهِ جَاءَ ثَابت بن قيس بن شماس إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أمه توفيت وَهِي نَصْرَانِيَّة وَهُوَ يحب أَن يحضرها فَقَالَ اركب دابتك وسر أمامها فَإنَّك إِذا ركبت أمامها لم تتبعها " هَذَا لَا يثبت، وَأَبُو معشر نجيح ضَعِيف، وروى يحيى بن سعيد الْقطَّان بِسَنَدِهِ عَن سهل بن سعد أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يمشي خلف الْجِنَازَة ويطيل الْفِكر " قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: وَهَذَا لَا يعرف إِلَّا من رِوَايَة يحيى وَله

في المشي أمامها والأخذ به أولى وقد كانوا أئمة بموضع القدوة بهم فلا يفعلون في الظاهر إلا ما هو الأفضل عندهم والله أعلم

أَحَادِيث وَلَا يُتَابع عَلَيْهَا وَهُوَ بَين الضعْف، وَمَا رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه مَشى خلف الْجِنَازَة فَقيل لَهُ إِن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يمشيان أمامها، قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ رحمهمَا الله إنَّهُمَا كَانَا سهلين يسهلان للنَّاس الْمَشْي خلفهَا أفضل من الْمَشْي أمامها، فَهُوَ شَيْء ذهب إِلَيْهِ عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَالَّذِي فعله: أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَغَيرهم من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم مُوَافق فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَشْي أمامها وَالْأَخْذ بِهِ أولى وَقد كَانُوا أَئِمَّة بِموضع الْقدْوَة بهم فَلَا يَفْعَلُونَ فِي الظَّاهِر إِلَّا مَا هُوَ الْأَفْضَل عِنْدهم وَالله أعلم. مَسْأَلَة (197) : وَالْوَلِيّ أولى بِالصَّلَاةِ على الْمَيِّت من الْوَالِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة

يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله الحديث في ترتيب الأئمة وفيه ولا يؤمن الرجل في سلطانه وهذا ورد في الصلاة التي هي من الأمور العامة التي تكون ولايتها إلى الأئمة فأما الصلاة على الجنازة فإنها من الأمور الخاصة التي يكون الولي فيها أولى من

وَمُحَمّد: الْوَالِي أولى، فَوجه قَوْلنَا قَول الله عز وَجل {وَأولُوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} . وَرُوِيَ عَن أبي أسيد السَّاعِدِيّ أَن رجلا من بني سَاعِدَة قَالَ يَا رَسُول الله: إِن أَبَوي قد هلكا فَهَل بَقِي من برهما شَيْء أَفعلهُ بعد مَوْتهمَا. قَالَ: " نعم أَرْبَعَة أَشْيَاء: الصَّلَاة عَلَيْهِمَا من بعد مَوْتهمَا، وإكرام صديقهما، وصلَة رحمهمَا الَّتِي لَا رحم لَك إِلَّا من قبلهمَا " استدلوا بِحَدِيث أبي مَسْعُود وَعند مُسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يؤم الْقَوْم أقرؤهم لكتاب الله " الحَدِيث فِي تَرْتِيب الْأَئِمَّة وَفِيه " وَلَا يُؤمن الرجل فِي سُلْطَانه " وَهَذَا ورد فِي الصَّلَاة الَّتِي هِيَ من الْأُمُور الْعَامَّة الَّتِي تكون ولايتها إِلَى الْأَئِمَّة، فَأَما الصَّلَاة على الْجِنَازَة فَإِنَّهَا من الْأُمُور الْخَاصَّة الَّتِي يكون الْوَلِيّ فِيهَا أولى من الْوَالِي: كولاية النِّكَاح وَغَيره وَهَذَا لِأَن الْقَصْد من صَلَاة الْجِنَازَة الدُّعَاء للْمَيت، فَكل من يكون أقرب إِلَى الْمَيِّت يكون أشْفق عَلَيْهِ ودعاؤه لَهُ أَرْجَى للإجابة وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن أبي حَازِم قَالَ: رَأَيْت حُسَيْن بن عَليّ قدم على سعيد بن الْعَاصِ على الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُم فصلى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنَّهَا سنة مَا

يقول إذا اجتمعت الجنازة والإمام فالإمام أولى من الوالي بالصلاة عليها وفيها إن مروان هو الذي صلى وهذا لا يصح فإن الحسين رضي الله عنه لا يصح له عن النبي

قَدمته. فَإِن صَحَّ هَذَا عَن الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَيحْتَمل أَن يكون قِيَاسا مِنْهُ على سَائِر الصَّلَوَات، وَقد ذكرنَا أَن الصَّلَاة على الْجِنَازَة من الْأُمُور الْخَاصَّة الَّتِي يكون الْوَلِيّ فِيهَا أولى من الْوَالِي وَقد روى الْحسن بن عمَارَة عَن أبي سعيد قصَّة عَن الصَّلَاة / عَن الْحسن وفيهَا أَن الْحُسَيْن قَالَ: إِنَّه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا اجْتمعت الْجِنَازَة وَالْإِمَام، فالإمام أولى من الْوَالِي بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا وفيهَا إِن مَرْوَان هُوَ الَّذِي صلى وَهَذَا لَا يَصح فَإِن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنهُ لَا يَصح لَهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَماع، وَابْن عمَارَة مَتْرُوك الحَدِيث وَأَبُو سعيد: ضَعِيف وَالله أعلم. مَسْأَلَة (198) : وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة فَرِيضَة فِي صَلَاة الْجِنَازَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا

ويكون مسندا وقد روينا عن رسول الله

قِرَاءَة فِي صَلَاة الْجِنَازَة، لنا عَن طَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف، قَالَ: " صليت خلف ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا على جَنَازَة وَأَنا يَوْمئِذٍ شَاب فَسَمعته يقْرَأ عَلَيْهَا بِفَاتِحَة الْكتاب، فَلَمَّا صليت جِئْت وَأخذت بِيَدِهِ فَقلت لَهُ: يَا أَبَا الْعَبَّاس مَا هَذَا، قَالَ: حق وَسنة أَو سنة وَحقّ " أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَفِي رِوَايَة عِنْده بِمَعْنَاهُ، قَالَ: وَقَالَ " أَنَّهَا من السّنة "، وروى عَن جَابر الْقِرَاءَة بِمَا فِيهَا مَرْفُوعَة، وَفِي حَدِيث ابْن عَبَّاس غنية فَإِنِّي لَا أعلم خلافًا بَين أهل النَّقْل أَن الصَّحَابِيّ إِذا قَالَ: من السّنة كَذَا وَكَذَا أَنه يُرِيد سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَيكون مُسْندًا وَقد روينَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْكتاب " فَهُوَ الْعُمُوم وَالله أعلم. مَسْأَلَة (199) : وترفع الْيَد فِي تَكْبِيرَات الْجِنَازَة، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ:

مسألة

أَنَّهَا لَا ترفع، روى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ كلما كبر على الْجِنَازَة وروى عَن ابْن سِيرِين أَنه كَانَ يرفع يَدَيْهِ إِذا دخل فِي الصَّلَاة وَإِذا رفع من الرُّكُوع حَذْو مَنْكِبَيْه وَكَانَ يفعل ذَلِك فِي تكبيره على الْجَنَائِز وَرَوَاهُ مُجَاهِد بن مُوسَى عَن معَاذ وَقَالَ فِيهِ: يفعل ذَلِك مَعَ كل تكبيره على الْجَنَائِز رَوَاهُ ابْن جريج عَن عَطاء قَالَ ترفع يَديك فِي كل تَكْبِيرَة وَمَا روى عَن ابْن عَبَّاس يرفعهُ: كَانَ يرفع يَدَيْهِ على الْجِنَازَة فِي أول تَكْبِيرَة ثمَّ لَا يعود فَإِنَّهُ حَدِيث مُنكر وَالله أعلم. مَسْأَلَة (200) : وَمن فَاتَتْهُ صَلَاة الْجِنَازَة وَكَانَ من أهل فرض الْكِفَايَة فِي الصَّلَاة عَلَيْهَا، صلاهَا على الْقَبْر على قرب الْعَهْد بالدفن وَقَالَ أَبُو حنيفَة:

أتى قبرا منبوذا فصفهم وتقدم فصلى عليه وكبر أربعا وعند أبي داود عن أبي هريرة إن امرأة سوداء أو رجلا كان يقم المسجد ففقده النبي

لَا يُصَلِّي على الْقَبْر بعد قَضَاء حق الصَّلَاة على الْجِنَازَة. دليلنا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى قبرا مَنْبُوذًا فصفهم وَتقدم فصلى عَلَيْهِ وَكبر أَرْبعا وَعند أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة: " إِن امْرَأَة سَوْدَاء أَو رجلا كَانَ يقم الْمَسْجِد فَفَقدهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَ عَنهُ فَقيل: مَاتَ، فَقَالَ أَلا أذنتموني لَهُ، دلوني على قَبره، فدلوه فصلى عَلَيْهِ ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَعند مُسلم عَن أنس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على قبر امْرَأَة بَعْدَمَا دفنت " وروى هَذَا الحَدِيث عَن زيد بن ثَابت وأخيه يزِيد بن ثَابت وَكَانَ مِمَّن شهد بَدْرًا وعامر بن زَمعَة بِمَعْنى حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وروى مَذْهَبنَا عَن ابْن عمر وَعَائِشَة وَغَيرهم من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (201) : وَيصلى على الْغَائِب بِالنِّيَّةِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ لَا تصح الصَّلَاة على الْغَائِب لنا حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي الصَّحِيحَيْنِ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نعى للنَّاس النَّجَاشِيّ فِي الْيَوْم الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَخرج إِلَى الْمصلى وَكبر أَربع تَكْبِيرَات " وَعِنْدَهُمَا أَيْضا عَن جَابر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على أَصْحَمَة النَّجَاشِيّ فَكبر عَلَيْهِ أَرْبعا ". وَعند مُسلم عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَخا لكم مَاتَ فَقومُوا فصلوا عَلَيْهِ يَعْنِي النَّجَاشِيّ " وَرُوِيَ عَنهُ بِإِسْنَاد رُوَاته ثِقَات أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن أَخا لكم النَّجَاشِيّ مَاتَ فصلوا عَلَيْهِ " قَالَ فصففنا خَلفه كَمَا يصف على الْمَيِّت وصلينا عَلَيْهِ كَمَا يصلى على الْمَيِّت قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: وصلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا على قبر أَخِيهَا وَغير وَاحِد من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حَدِيث الثِّقَات عِنْد مَالك، وَإِنَّمَا الصَّلَاة دُعَاء للْمَيت وَهُوَ إِذا كَانَ ملففا بَيْننَا نصلي عَلَيْهِ فَإِنَّمَا يَدْعُو لَهُ بِالصَّلَاةِ بِوَجْه علمناه فَكيف لَا

مسألة

يَدْعُو لَهُ غَائِبا وَفِي الْخَبَر بذلك الْوَجْه وَالله أعلم. مَسْأَلَة (202) : وَالصَّلَاة على الْجِنَازَة فِي الْمَسْجِد غير مَكْرُوهَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّهَا مَكْرُوهَة، لنا حَدِيث عَائِشَة فِي الصَّحِيح عِنْد مُسلم عَن أبي سَلمَة عَنْهَا قَالَت: " وَالله / لقد صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ابْني بَيْضَاء فِي الْمَسْجِد سُهَيْل وأخيه " وَعِنْده " أَنَّهَا صلت على سعد بن أبي وَقاص فِي الْمَسْجِد وروى مَالك عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر أَنه صلى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي

من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له قال صالح وأدركت رجالا ممن أدركوا النبي

الْمَسْجِد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَلَا نرى أحدا من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم حَضرمَوْت عمر رَضِي الله عَنهُ " فَتخلف عَن جنَازَته فَهَذَا عمل مُجْتَمع عَلَيْهِ عنْدكُمْ، قَالَه لبَعض المالكيين وَرُوِيَ عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ صلي عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِد وَأما مَا رُوِيَ عَن ابْن أبي ذِئْب عَن صَالح مولى التؤمة عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى على جَنَازَة فِي الْمَسْجِد فَلَا شَيْء لَهُ ". قَالَ صَالح وَأدْركت رجَالًا مِمَّن أدركوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبا بكر إِذا جاؤكم يَجدوا إِلَّا أَن يصلوا فِي الْمَسْجِد رجعُوا فَلم يصلوا فَغير ثَابت. رِوَايَة صَالح بن نَبهَان مولى التؤمة فِيهَا نظر، فَإِنَّهُ مِمَّن تغير فِي آخر عمره وَاخْتَلَطَ حَدِيثه فَلَا تميز قديمه من حَدِيثه. قَالَ البُخَارِيّ: فِيمَا سَأَلَهُ التِّرْمِذِيّ كَانَ

على ابني بيضاء في المسجد سكتوا ولم يعارضوا بغيره والله أعلم وله الحمد

أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول: من سمع من صَالح قَدِيما فسماعه حسن وَمن سمع مِنْهُ أخيرا كَأَنَّهُ يصف سَمَاعه، قَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل: وَابْن أبي ذِئْب سمع مِنْهُ أخيرا يرْوى عَنهُ مَنَاكِير وَسُئِلَ عَنهُ مَالك فَقَالَ: لم يكن ثِقَة وَلَو كَانَ هَذَا عَن أبي هُرَيْرَة صَحِيحا نَاسِخا مَا روته عَائِشَة لذكره يَوْم صلى على أبي بكر وَيَوْم صلى على عمر فِي الْمَسْجِد ولذكره غَيره وَلم يتفقوا على فعل خِلَافه وَأما إِنْكَار بَعضهم على عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا صلَاتهَا فِي الْمَسْجِد فَلَا يهم وَالله أعلم. خَفِي عَنْهُم جَوَازه أَلا ترى أَنَّهَا لما رَوَت لَهُم صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ابْني بَيْضَاء فِي الْمَسْجِد سكتوا وَلم يعارضوا بِغَيْرِهِ وَالله أعلم وَله الْحَمد. مَسْأَلَة (203) : وسل الْمَيِّت من قبل رَأسه وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: يوضع على شَفير

سل من قبل رأسه وقال أخبرنا الثقات من أصحابنا أن قبر النبي

الْقَبْر من قبل الْقبْلَة ثمَّ ينزلوه دفْعَة وَاحِدَة عرضا، روى الشَّافِعِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سل من قبل رَأسه. وَقَالَ أخبرنَا الثِّقَات من أَصْحَابنَا أَن قبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على يَمِين الدَّاخِل من الْبَيْت لاصق بالجدار والجدار الَّذِي تَحْتَهُ قبْلَة الْبَيْت فَإِن لحده تَحت الْجِدَار فَكيف يدْخل مُعْتَرضًا واللحد لاصق بالجدار وَلَا يقف عَلَيْهِ شَيْء وَلَا يُمكن إِلَّا أَن يسل سلا أَن يدْخل من خلاف الْقبْلَة وَقَالَ: أُمُور الْمَوْتَى وإدخالهم من الْأُمُور المشهودة عندنَا لِكَثْرَة الْمَوْت وَحُضُور الْأَئِمَّة وَأهل الْفِقْه وَهُوَ من الْأُمُور الْعَامَّة الَّتِي يَسْتَغْنِي فِيهَا عَن الحَدِيث، وَيكون الحَدِيث فِيهَا كالتكليف بِعُمُوم معرفَة النَّاس لَهَا وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والمهاجرون وَالْأَنْصَار بَين أظهرنَا ينْقل إِلَيْنَا الْعَامَّة عَن الْعَامَّة لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِك أَن الْمَيِّت يسل سلا ثمَّ جَاءَ آتٍ من غير بلدنا يعلمنَا كَيفَ ندخل الْمَيِّت ثمَّ لم يرض حَتَّى روى عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَدخل مُعْتَرضًا. أخبرنَا الثِّقَة من أَصْحَابنَا عَن

من قبل رأسه وقال أخبرنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وأبي النضر اختلاف بينهم في ذلك أن رسول الله

عَمْرو بن عَطاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ سل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من قبل رَأسه وَقَالَ أخبرنَا بعض أَصْحَابنَا عَن أبي الزِّنَاد وَرَبِيعَة وَأبي النَّضر اخْتِلَاف بَينهم فِي ذَلِك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سل من قبل رَأسه وَأَبُو بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا وروى أَبُو دَاوُد عَن عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَق قَالَ: أوصى الْحَرْث أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ عبد الله بن زيد فصلى عَلَيْهِ ثمَّ أدخلهُ الْقَبْر من قبل رجل الْقَبْر، وَقَالَ: هَذَا من السّنة، عبد الله بن زيد هَذَا قد أدْرك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَحكى ابْن الْمُنْذر: سل الْمَيِّت من قبل رجل الْقَبْر، عَن ابْن عمر، وَأنس وَعبد الله بن زيد الْأنْصَارِيّ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس وَعَن ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخِلَاف

أدخل من قبل القبلة والله أعلم وله الحمد وبه الاستعانة

ذَلِك وَمَا روينَا أشهر فِي أَرض الْحجاز وَرُوِيَ بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن ابْن بُرَيْدَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَدخل من قبل الْقبْلَة وَالله أعلم وَله الْحَمد وَبِه الِاسْتِعَانَة.

ذكر ما اختلف فيه الشافعي وأبو حنيفة رضي الله عنهما

ذكر مَا اخْتلف فِيهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنْهُمَا من كتاب الزَّكَاة مِمَّا ورد فِيهِ خبر أَو أثر /. مَسْأَلَة (204) : إِذا زَادَت الْإِبِل على عشْرين وَمِائَة فَفِي كل أَرْبَعِينَ ابْنة لبون، وَفِي كل خمسين: حَقه، وَقَالَ أَبُو حنيفَة تسْتَأْنف الْفَرِيضَة. دليلنا: إِسْنَاد أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ ذَلِك إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ غَيره من الزكوات فِي كِتَابه الَّذِي كتبه لأنس حِين ولاه صَدَقَة

فرواه عنه وهو في صحيح البخاري وروي ذلك أيضا عن ابن عمر في كتاب رسول الله

الْبَحْرين وختمه بِخَاتم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَوَاهُ عَنهُ وَهُوَ فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَرُوِيَ ذَلِك أَيْضا عَن ابْن عمر فِي كتاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَعَن أبي الرِّجَال مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ عَن كتاب عمر إِلَى عماله بِمثل كتاب وجده عمر بن عبد الْعَزِيز عِنْد آل عَمْرو بن حزم ذكرُوا أَنه كتاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَعَن الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كتب إِلَى أهل الْيمن بِكِتَاب فِيهِ الْفَرَائِض وَالسّنَن والديات وَبعث بِهِ مَعَ عَمْرو بن حزم وَذكر ذَلِك كُله بِطُولِهِ ثمَّ قَالَ: وَاعْلَم أَن مَا روينَا بعد حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ الَّذِي أخرجه إِمَام أهل الحَدِيث فِي عصره مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، وَحَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة الثَّابِت الْمَشْهُود كُله تكلّف والتماس ظُهُور قَول إمامنا الشَّافِعِي رَحمَه الله، وعوار قَول مخالفيه لمن لَيْسَ الحَدِيث من شَأْنه، فَإِن فِي حَدِيث أنس بن مَالك غنية وَالله أعلم استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن

سُفْيَان عَن أبي إِسْحَق عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: فِي خمس وَعشْرين من الْإِبِل: خمس يَعْنِي شياها، فَإِذا زَادَت على عشْرين وَمِائَة، قَالَ: ترد الْفَرَائِض إِلَى أَهلهَا فَإِذا كثرت الْإِبِل فَفِي كل خمسين حقة وَهَذَا أحب إِلَى سُفْيَان من قَول أهل الْحجاز، رُوِيَ عَن الْمفضل بن غَسَّان الْغلابِي. قَالَ ذكر يحيى بن معِين أَن يحيى بن سعيد الْقطَّان حدث بِحَدِيث تفرد بِهِ عَن أبي إِسْحَق عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: إِذا زَادَت الْإِبِل على عشْرين وَمِائَة تسْتَأْنف الْفَرِيضَة على الْحساب الأول. فَقَالَ هَذَا غلط، قَالَ وَذكر ليحيى حَدِيث وَكِيع عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: إِذا زَادَت الْإِبِل على عشْرين وَمِائَة تسْتَأْنف الْفَرِيضَة على الْحساب الأول فَقَالَ: هَذَا صَحِيح. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله قَول يحيى فِي هَذِه الرِّوَايَة يحْتَمل أَن يكون إِنَّمَا غَابَ على يحيى بن سعيد رِوَايَته عَن سُفْيَان حَدِيثا تفرد بِهِ سُفْيَان وَهُوَ عِنْد أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ غلط وَهُوَ يَنْفِي أَمْثَال ذَلِك فَلَا يروي إِلَّا مَا هُوَ صَحِيح عِنْده وَالله أعلم. وَأما أَبُو

وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الصدقات وأما الشافعي رحمه الله فإنه قال في كتابه القديم روى هذا مجهول عن علي رضي الله عنه وأكثر الرواة عن ذلك المجهول يزعم أن الذي روى هذا غلط عليه وأن هذا ليس من حديثه نريد قوله في الاستئناف واستدل على هذا

يُوسُف يَعْقُوب بن سُفْيَان الْفَارِسِي وَغَيره من الْأَئِمَّة فَإِنَّهُم أحالوا بالغلط على عَاصِم بن ضَمرَة وَاسْتَدَلُّوا على خطائه بِمَا فِيهِ من الْخلاف للروايات الْمَشْهُورَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الصَّدقَات، وَأما الشَّافِعِي رَحمَه الله فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابه الْقَدِيم روى هَذَا مَجْهُول عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَأكْثر الروَاة عَن ذَلِك الْمَجْهُول يزْعم أَن الَّذِي روى هَذَا غلط عَلَيْهِ وَأَن هَذَا لَيْسَ من حَدِيثه نُرِيد قَوْله فِي الِاسْتِئْنَاف وَاسْتدلَّ على هَذَا فِي كتاب آخر بِرِوَايَة من روى عَن أبي إِسْحَاق عَن عَاصِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ بِخِلَاف ذَلِك قَالَ: قَالَ شريك عَن أبي إِسْحَق عَن عَاصِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ إِذا زَادَت الْإِبِل على عشْرين وَمِائَة فَفِي كل خمسين حقة وَفِي كل أَرْبَعِينَ بنت لبون قَالَ: وَقَالَ عَمْرو بن الْهَيْثَم وَغَيره عَن شُعْبَة عَن أبي إِسْحَق عَن عَاصِم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مثله. قَالَ الشَّافِعِي وَبِهَذَا نقُول وَهُوَ مُوَافق للسّنة وهم لَا يَأْخُذُونَ بِهَذَا ويخالفون مَا رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا، وَالثَّابِت عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ إِلَى قَول إِبْرَاهِيم وَشَيْء يغلط بِهِ على عَليّ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد رَوَاهُ زُهَيْر بن مُعَاوِيَة عَن أبي إِسْحَاق عَن

كتبه لجده فقرأته فكان فيه ذكر ما يخرج من فرائض الإبل فنص الحديث إلى أن يبلغ عشرين ومائة فإذا كانت أكثر من ذلك فعد في كل خمسين حقه وما فضل فإنه يعاد إلى أول فريضة الإبل فهو منقطع بين أبي بكر إلى النبي

عَاصِم، والحرث عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الزَّكَاة. الحَدِيث، وَلَيْسَ فِيهِ مَا فِي رِوَايَة سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق من الِاسْتِئْنَاف قَالَ: إِبْرَاهِيم بن يَعْقُوب الْجوزجَاني: عَاصِم بن ضَمرَة عِنْدِي قريب مِنْهُ، يَعْنِي من الْحَارِث الْأَعْوَر وَذكر لَهُ حديثين أنكرهما عَلَيْهِ وَقَالَ حَدثنِي أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، حَدثنَا مُغيرَة قَالَ: لم يكن يصدق على عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الحَدِيث عَنهُ أَصْحَاب عبد الله رَضِي الله عَنهُ، وَأما الْأَثر الَّذِي ذكره أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَ: قَالَ حَمَّاد قلت لقيس بن سعد خُذ لي كتاب مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم فَأَعْطَانِي كتابا أخبر أَنه أَخذه من أبي بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم. إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتبه لجده فَقَرَأته فَكَانَ فِيهِ ذكر مَا يخرج من فَرَائض الْإِبِل فنص الحَدِيث إِلَى أَن يبلغ عشْرين وَمِائَة فَإِذا / كَانَت أَكثر من ذَلِك فعد فِي كل خمسين حَقه، وَمَا فضل فَإِنَّهُ يُعَاد إِلَى أول فَرِيضَة الْإِبِل " فَهُوَ مُنْقَطع بَين أبي بكر إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقيس بن سعد أَخذه عَن كتاب لَا عَن سَماع وَكَذَلِكَ حَمَّاد بن سَلمَة. وهما وَإِن كَانَا من الْحفاظ فروايتهما

هَذِه بِخِلَاف رِوَايَة الْحفاظ عَن كتاب عَمْرو ابْن حزم وَغَيره وَحَمَّاد سَاءَ حفظه فِي آخر عمره، فالحفاظ لَا يحتجون بِمَا يُخَالف فِيهِ ويتجنبون مَا ينْفَرد بِهِ عَن قيس بن سعد خَاصَّة وَأَمْثَاله وَهَذَا الحَدِيث قد جمع الْأَمريْنِ مَعَ مَا فِيهِ من الِانْقِطَاع وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق عَن عبد الله بن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: ضَاعَ كتاب حَمَّاد بن سَلمَة عَن قيس بن سعد فَكَانَ يُحَدِّثهُمْ عَن حفظَة وَعَن أَحْمد بن حَنْبَل حَدثنَا عَفَّان قَالَ: قَالَ حَمَّاد بن سَلمَة استعاد مني حجاج بن الْأَحول كتاب قيس ابْن سعد فَذهب بِهِ إِلَى مَكَّة فَقَالَ: ضَاعَ، وَأما حَدِيث خصيف الْجَزرِي عَن أبي عُبَيْدَة وَزِيَاد بن أبي مَرْيَم عَن عبد الله فموقوف ومنقطع بَينهمَا وَبَين عبد الله رَضِي الله عَنهُ وخصيف غير مُحْتَج بِهِ وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (205) : وجبر أَن مَا بَين السنين شَاتين أَو عشْرين درهما لَا يُزَاد عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يعْتَبر فِيهِ الْقيمَة فَإِن زَاد مَا بَين السنين على قدر الشاتين لزمَه إِخْرَاج الزِّيَادَة. لنا حَدِيث أنس أَن أَبَا بكر لما اسْتخْلف وَجه أنس بن مَالك إِلَى الْبَحْرين. فَكتب لَهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة الَّتِي فرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْمُسلمين، فَذكر الحَدِيث على وفْق مَا قُلْنَا بِهِ أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَالله أعلم. مَسْأَلَة (206) : وَفِي أَرْبَعِينَ من الْبَقر مُسِنَّة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: وَفِي خمسين سنة وَربع سنة لنا عَن معَاذ: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعثه إِلَى الْيمن وَأمره أَن يَأْخُذ من الْبَقَرَة من كل ثَلَاثِينَ بقرة تبيعا وَمن كل أَرْبَعِينَ بقرة سنة وَمن كل حالم دِينَارا

أنه كتب إلى أهل اليمن قال فيه وفي كل ثلاثين باقورة تبيع جذع وفي كل أربعين باقورة بقرة وروى الشافعي أخبرنا مالك عن حميد بن قيس عن طاوس اليماني أن معاذ بن جبل رضي الله عنه أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا ومن أربعين بقرة مسنة وأتى بما دون

أَو عدله ثوب معافر " وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَفِي حَدِيث سُلَيْمَان بن دَاوُد عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كتب إِلَى أهل الْيمن قَالَ فِيهِ: وَفِي كل ثَلَاثِينَ باقورة تبيع جذع، وَفِي كل أَرْبَعِينَ باقورة بقرة "، وروى الشَّافِعِي أخبرنَا مَالك عَن حميد بن قيس عَن طَاوس الْيَمَانِيّ أَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ أَخذ من ثَلَاثِينَ بقرة تبيعا وَمن أَرْبَعِينَ بقرة مُسِنَّة، وأتى بِمَا دون ذَلِك فَأبى أَن يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا وَقَالَ لم أسمع من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهِ شَيْئا حَتَّى أَلْقَاهُ وأسأله فَتوفي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل أَن يقدم معَاذ "

مسألة

قَالَ الشَّافِعِي وَطَاوُس عَالم بِأَمْر معَاذ وَإِن كَانَ لم يلقه لِكَثْرَة من لقِيه مِمَّن أدْرك معَاذًا من أهل الْيمن وَالله أعلم. مَسْأَلَة (207) : والجذع من الضَّأْن مَأْخُوذ من زَكَاة الْغنم، وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يقبل فِيهَا أدنى من الثني ضأنا كَانَ أَو معزا. عِنْد أبي دَاوُد عَن شيخ يُقَال لَهُ سعر بن ديسم عَن رجلَيْنِ جاءاه على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَا: إِنَّا رَسُولا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَيْك لتؤدي صَدَقَة غنمك، فَذكر الحَدِيث وَفِيه فَقَالَ: هَذِه شَاة الشافع وَقد نَهَانَا

أن نأخذ شافعا قلت فأي شيء تأخذان قالا عناقا جذعة أو ثنية وروى مالك بإسناده عن سفيان بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث مصدقا وكان يعد على الناس بالسخل فقالوا أتعد علينا ولا تأخذ منه شيئا فلما قدم على عمر بن الخطاب رضي الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نَأْخُذ شافعا قلت: فَأَي شَيْء تأخذان قَالَا: عنَاقًا جَذَعَة أَو ثنية وروى مَالك بِإِسْنَادِهِ عَن سُفْيَان بن عبد الله أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بعث مُصدقا وَكَانَ يعد على النَّاس بالسخل، فَقَالُوا أتعد علينا وَلَا تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا؟ فَلَمَّا قدم على عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ذكر لَهُ ذَلِك فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: نعم تعد عَلَيْهِم بالسخله يحملهَا الرَّاعِي، وَلَا تأخذها، وَلَا تَأْخُذ الأكولة وَلَا الربى وَلَا الماخض وَلَا فَحل الْغنم، ونأخذ الْجَذعَة والثنية وَذَلِكَ عدل بَين غذَاء المَال وخياره وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (208) : والمستفاد من غير نتاج الأَصْل مزكى بحول نَفسه وَقَالَ أَبُو حنيفَة: مزكى بحول مَا عِنْده من جنسه روى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: لَا تجب فِي مَال زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول، وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا وَالْمَوْقُوف أصح، وروى مَالك عَن مُحَمَّد بن عقبَة مولى الزبير عَن الْقَاسِم أَن أَبَا بكر الصّديق لم يكن يَأْخُذ من مَاله زَكَاة حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول وَذكر أَحَادِيث أخر مِنْهَا الْمَجْهُول والمتروك وَالله أعلم. مَسْأَلَة (209) : وَإِذا مَاتَت الْأُمَّهَات وَبقيت السخال بقيت فِي حق الزَّكَاة وَيُؤْخَذ

لقاتلتهم على منعها والذي روى عن سويد بن غفلة قال سرت أو قال أخبرني من سار مع مصدق رسول الله

مِنْهَا إِذا كَانَت السخال نِصَابا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِن لم يبْق مِنْهَا وَاحِد من الْأُمَّهَات فَلَا زَكَاة فِيهَا / فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة عِنْد البُخَارِيّ عَن أبي بكر فِي قتال أهل الرِّدَّة " وَالله لَو مَنَعُونِي عنَاقًا كَانَ يؤدنه إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقاتلتهم على منعهَا " وَالَّذِي روى عَن سُوَيْد بن غَفلَة قَالَ: سرت أَو قَالَ أَخْبرنِي من سَار مَعَ مُصدق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِذا فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَن لَا نَأْخُذ من راضع لبن " فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَالله أعلم أَن راضع اللَّبن لَا يُؤْخَذ فِي زَكَاة الْغنم إِذا بَقِي من الْأُمَّهَات شَيْء فَإِذا لم يبْق من الْأُمَّهَات شَيْء جَازَ أَخذهَا بِدَلِيل مَا ذكرنَا فِي حَدِيث أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فِي العناق، وروى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن بشر بن عَاصِم عَن أَبِيه أَن عمر اسْتعْمل أَبَا سُفْيَان بن عبد الله فَذكر الحَدِيث وَفِيه من قَول عمر وَمد العناق والجذعة

أنه قال في أربعين شاة شاة والله أعلم

والثنية فَذَلِك عدل بَين غذَاء المَال وخياره وَقد روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: فِي أَرْبَعِينَ شَاة شَاة وَالله أعلم. مَسْأَلَة (210) : والخلطة فِي بَاب الزَّكَاة صَحِيحَة تزيد بهَا الزَّكَاة مرّة وتنقص أُخْرَى. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا حكم للخلطة وَلَا تَتَغَيَّر بهَا الزَّكَاة لنا حَدِيث أنس عَن أبي بكر فِي فَرِيضَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفيهَا " لَا يجمع بَين متفرق وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة وَمَا كَانَ من خليطين فَإِنَّهُمَا يتراجعان بِالسَّوِيَّةِ " أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح وَرُوِيَ عَن حميد قَالَ قدم الْحسن مَكَّة فَسَأَلُوهُ عَن أَرْبَعِينَ شَاة بَين رجلَيْنِ فَقَالَ: فِيهَا شَاة، وَرُوِيَ عَن عَطاء نَحْو هَذِه الْفَتْوَى وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (211) : وَالزَّكَاة تجب فِي مَال الصَّبِي وَالْمَجْنُون. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تجب، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْكتاب وَالْخَبَر والأثر، قَالَ الشَّافِعِي: رَضِي الله عَنهُ فِي قَول الله تبَارك وَتَعَالَى: {خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ} بَين أَن كل مَالك قَامَ الْملك من حوله قَالَ فِيهِ زَكَاة سَوَاء أَكَانَ بَالغا أَو صَبيا أَو صَحِيحا أَو معتوها وَاحْتج فِي مَوضِع آخر بِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق صَدَقَة وَلَا فِيمَا دون خمس ذود صَدَقَة وَلَا فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ صَدَقَة " فَدلَّ على أَنه إِذا كَانَ وَاحِد مِنْهُمَا لحر مُسلم فَفِيهِ الصَّدَقَة فِي المَال نَفسه لَا فِي الْمَالِك، وروى عَن عبد الحميد عَن ابْن جرير عَن ابْن مَاهك أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ابْتَغوا فِي مَال الْيَتِيم أَو فِي مَال الْيَتَامَى لَا تذهبها وَلَا تستهلكها الزَّكَاة أَو الصَّدَقَة " فأكد

رَضِي الله عَنهُ هَذَا الْمُرْسل بالْخبر الأول وبأقاويل الصَّحَابَة، قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرَوَاهُ عَمْرو بن شُعَيْب عَن ابْن الْمسيب أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: ابْتَغوا بأموال الْيَتَامَى لَا تأكلها الصَّدَقَة ثمَّ ذكر إِسْنَاده فِيهِ وَقَالَ: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح وَله شَوَاهِد، عَن عمر وَرَوَاهُ بِمَعْنَاهُ مثنى بن الصَّباح عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا، وَرَوَاهُ كَذَلِك منْدَل بن عَليّ عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ عَن عَمْرو والمثنى ومندل غير قويين، وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن ابْن إِسْحَق عَن أَبِيه قَالَ: كَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تليني وأخا لي يَتِيم فِي حجرها وَكَانَت تخرج من أَمْوَالنَا الزَّكَاة وَعنهُ أخبرنَا سُفْيَان عَن أَيُّوب بن مُوسَى وَيحيى بن سعيد وَعبد الْكَرِيم كلهم يُخبرهُ عَن

الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: كَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تزكي أَمْوَالنَا وَإِنَّهَا لتتجر بهَا فِي الْبَحْرين، وكلا الإسنادين صَحِيحا وروى أَيْضا عَن سُفْيَان عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يُزكي مَال الْيَتِيم وَعَن سُفْيَان أَيْضا عَن ابْن أبي ليلى عَن الحكم بن عتيبة أَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ كَانَت عِنْده أَمْوَال بني رَافع فَكَانَ يزكيها فِي كل عَام وروينا ذَلِك عَن الْحسن بن عَليّ وَجَابِر رَضِي الله عَنْهُم وَالله أعلم. استدلوا بِمَا روى ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لَا تجب على مَال الصَّغِير زَكَاة حَتَّى تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة " قَالَ عَليّ بن عمر: ابْن لَهِيعَة لَا يحْتَج بِهِ، وَرَوَاهُ لَيْث وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ عَن مُجَاهِد عَن ابْن مَسْعُود قَالَ: أعلمهُ إِذا بلغ مَا حل فِيهِ من الزَّكَاة فَإِن شَاءَ زَكَّاهُ وَإِن شَاءَ لم يزكه، وَفِي رِوَايَة بِمَعْنَاهُ عَن لَيْث بن أبي سليم عَن مُجَاهِد مُرْسل، مُجَاهِد لَا يَصح لَهُ عَن ابْن مَسْعُود سَماع قَالَ الشَّافِعِي: إِن هَذَا لَيْسَ بِثَابِت عَن ابْن

مسألة

مَسْعُود من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَنه مُنْقَطع وَإِن الَّذِي رَوَاهُ لَيْسَ بحافظ قَالَ وَلَو كَانَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ لَا يرى عَلَيْهِ زَكَاة لم يَأْمُرهُ بالإحصاء كَمَا لم يُؤمر الصَّبِي بإحصاء سنه فِي صغره للصَّلَاة / وَلَكِن ابْن مَسْعُود كَانَ يرى عَلَيْهِ الزَّكَاة وَكَانَ يرى أَلا يزكيها الْوَلِيّ وهم يَقُولُونَ: لَيْسَ فِي مَال الصَّبِي زَكَاة: وَالله أعلم. مَسْأَلَة (212) : وَلَا تُؤْخَذ الْقيمَة فِيمَا يجب من الزَّكَاة فَكَانَ الْوَاجِب مَعَ الْقُدْرَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تُؤْخَذ لنا مَا عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح وَاللَّفْظ لمُسلم: " عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرض زَكَاة الْفطر من رَمَضَان على النَّاس صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير على كل حر أَو عبد ذكر أَو أُنْثَى من الْمُسلمين " وَعِنْدَهُمَا عَن أبي سعيد قَالَ: " كُنَّا نخرج زَكَاة الْفطر صَاعا من طَعَام أَو صَاعا من شعير أَو صَاعا من تمر أَو صَاعا من أقط أَو صَاعا من

وورد به الخبر وروي بإسناد رواته ثقات عن معاذ أن رسول الله

زبيب وَعند أبي دَاوُد فِي هَذَا الحَدِيث فِي رِوَايَة سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَقَالَ: " أَو صَاعا من دَقِيق " قَالَ: فانكروا عَلَيْهِ فَتَركه سُفْيَان قَالَ أَبُو دَاوُد فَهَذِهِ الزِّيَادَة وهم من ابْن عُيَيْنَة، وَفِي حَدِيث أنس عَن أبي بكر فِي الصَّدقَات، " فَإِن لم يكن فِيهَا ابْنة مَخَاض فَابْن لبون ذكر " فَلَا يُجزئ غير مَا سمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَورد بِهِ الْخَبَر وَرُوِيَ بِإِسْنَاد رُوَاته ثِقَات عَن معَاذ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعثه إِلَى الْيمن فَقَالَ: " خُذ الْحبّ من الْحبّ والشاه من الْغنم وَالْبَعِير من الْإِبِل وَالْبَقَرَة من الْبَقر " استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن طَاوس قَالَ: قَالَ معَاذ بن جبل لأهل الْيمن: " أئتوني بخميس أَو لبيس أَخذ مِنْكُم فِي الصَّدَقَة. فَهُوَ أَهْون عَلَيْكُم وَخير للمهاجرين بِالْمَدِينَةِ وَفِي رِوَايَة ائْتُونِي بِعرْض ثِيَاب " قَالَ أَبُو

به من أخذ الجنس في الصدقات وأخذ الدينار أو عدله معافر في الجزية فإن رد الصدقات على فقرائهم إلا أن ينقلها إلى المهاجرين بالمدينة الذين أكثرهم أهل فيء لا أهل صدقة ثم يعارضه ما روي عن أبي سعيد قال جاء رجال من أهل البادية إلى النبي

بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ الْحَافِظ: حَدِيث طَاوس عَن معَاذ لم يكن مُرْسلا. فَلَا حجَّة فِيهِ فَلَقَد قَالَ بَعضهم: من الْجِزْيَة بدل الصَّدَقَة، قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا هُوَ الْأَلْيَق بمعاذ رَضِي الله عَنهُ وَالْأَشْبَه بِمَا أمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ من أَخذ الْجِنْس فِي الصَّدقَات وَأخذ الدِّينَار أَو عدله معافر فِي الْجِزْيَة، فَإِن رد الصَّدقَات على فقرائهم إِلَّا أَن ينقلها إِلَى الْمُهَاجِرين بِالْمَدِينَةِ الَّذين أَكْثَرهم أهل فَيْء لَا أهل صَدَقَة ثمَّ يُعَارضهُ مَا رُوِيَ عَن أبي سعيد قَالَ: جَاءَ رجال من أهل الْبَادِيَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِنَّا أهل أَمْوَال فَهَل تجوز عَنَّا من زَكَاة الْفطر قَالَ: " لَا فأدوها صَاعا من تمر أَو صَاعا من زبيب أَو صَاعا من شعير أَو صَاعا من أقط " استدلوا بِمَا روى مجَالد عَن ابْن أبي حَازِم عَن الصنابح الأحمسي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبْصر نَاقَة مُسِنَّة فِي أبل الصَّدَقَة فَقَالَ: قَاتل الله صَاحب هَذِه النَّاقة فَقَالَ: يَا

رأى في إبل الصدقة فذكره مرسلا وضعف مجالدا وأما ما روى أبو معشر عن نافع عن ابن عمر قال فإذا انصرف رسول الله

رَسُول الله إِنِّي ارتجعتها ببعيرين من مواشي الصَّدَقَة قَالَ: فَنعم إِذن "، قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ سَأَلت عَنهُ البُخَارِيّ فَقَالَ روى هَذَا الحَدِيث إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى فِي إبل الصَّدَقَة فَذكره مُرْسلا وَضعف مجالدا وَأما مَا روى أَبُو معشر عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: " فَإِذا انْصَرف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الصَّلَاة قسمه بَينهم وَقَالَ: " اغنوهم عَن طواف هَذَا الْيَوْم " قَالَ فالقصد من ذَلِك أَن يغنيهم وَذَلِكَ حَاصِل بِدفع قيمَة مَا وَجب عَلَيْهِ فَهَذَا خبر غير ثَابت. أَبُو معشر مِمَّن اخْتَلَط فِي آخر عمره حَتَّى كثرت الْمَنَاكِير فِي رواياته كَانَ يحيى بن سعيد لَا يحدث عَنهُ ويستضعفه جدا وَقَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث ويعارضه مَا رُوِيَ عَن أبي سعيد قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن شري الصَّدقَات حَتَّى تقبض "

مسألة

وَعَن أبي هُرَيْرَة مثله وَالله أعلم. مَسْأَلَة (213) : وَمن منع زَكَاة الْأَمْوَال الظَّاهِر فللإمام أَخذهَا قهرا وَإِذا أَخذهَا قهرا وَقعت موقعها، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ لَهُ أَخذهَا قهرا وَلَكِن يحبس حَتَّى تُؤَدّى من يَده، وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر قتال أبي بكر رَضِي الله عَنهُ مانعي الزَّكَاة وَقَوله: " لَو مَنَعُونِي عقَالًا كَانُوا يؤدونه إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقاتلتهم عَلَيْهِ " وَعَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده قَالَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَقُول فِي كل إبل سَائِمَة فِي كل أَرْبَعِينَ ابْنة لبون لَا تفرق إبل عَن حِسَابهَا من أعْطى مُؤْتَجِرًا فَلهُ أجرهَا وَمن منعهَا فَأَنا آخذها وَشطر إبِله عَزمَة من عَزمَات رَبنَا لَا يحل لآل مُحَمَّد مِنْهَا شَيْء " قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: هَذَا صَحِيح الْإِسْنَاد وَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة على أَخذهَا مِنْهُ قهرا، فَأَما أَخذ غَيرهَا مَعهَا فَيحْتَمل أَنه كَانَ ذَلِك فِي الْوَقْت الَّذِي يضعف الغرامة على من غلّ أَو سرق

مسألة

وَقد صَار تَضْعِيف الغرامة مَنْسُوخا / وَبَقِي جَوَاز الْأَخْذ دون التَّضْعِيف على ظَاهره، وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن عمر بن حُسَيْن عَن عَائِشَة بنت قدامَة عَن أَبِيهَا قَالَ: كنت إِذا جِئْت عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ أَقبض مِنْهُ عطائي سَأَلَني: هَل عنْدك من مَال وَجَبت فِيهِ الزَّكَاة؟ فَإِن قلت نعم: أَخذ من عطائي زَكَاة ذَلِك المَال فَإِن قلت: لَا دفع إليّ عطائي " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (214) : وَلَا زَكَاة فِي سَائِمَة الْخَيل، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: فِي كل فرس

قال ليس في عبد المسلم ولا في فرسه صدقة وفيما ذهبنا إليه إجماع الصحابة وعلى هذا إجماع التابعين رضي الله عنهم وذكر فيه آثارا عن عمر وأبي عبيدة وعلي وغيرهم رضي الله عنهم وعن ابن المسيب وعمر بن عبد العزيز واعتمادهم في المسألة على حديث

سَائِمَة إِذا كَانَ ذُكُورا أَو إِنَاثًا دِينَار أَو عشرَة دَرَاهِم. لنا مَا عِنْد مُسلم وَالْبُخَارِيّ وَاللَّفْظ لَهُ: عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِي عبد الْمُسلم وَلَا فِي فرسه صَدَقَة "، وَفِيمَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ إِجْمَاع الصَّحَابَة وعَلى هَذَا إِجْمَاع التَّابِعين رَضِي الله عَنْهُم وَذكر فِيهِ آثارا عَن عمر وَأبي عُبَيْدَة وَعلي وَغَيرهم رَضِي الله عَنْهُم، وَعَن ابْن الْمسيب وَعمر بن عبد الْعَزِيز واعتمادهم فِي الْمَسْأَلَة على حَدِيث رَوَوْهُ مَرْفُوعا عَن جَابر " فِي الْخَيل السَّائِمَة فِي كل فرس دِينَار " وَنَفس الْمُعْتَمد حَدِيث مُنكر يرويهِ مَجْهُول لَا تعرف عَدَالَته قَالَ عَليّ بن عمر: تفرد بِهِ غورك عَن جَعْفَر وَهُوَ ضَعِيف جدا وَمن دونه ضعف هَذَا وَقد احْتَالُوا فِي الِاسْتِدْلَال بأخبار رويت لأسباب مَعْلُومَة ونقلت لمعان مَعْرُوفَة وسيقت لأحكام أخر سوى مَا زَعَمُوا لما لم يقبل مِنْهُم، رِوَايَة غورك لكَونهَا ضَعِيفَة وَلَا يشك فِيهَا، حَدثنِي، وَتركُوا الحَدِيث الصَّحِيح الْمَشْهُور والصريح الْمَذْكُور فِيهِ وَالْمَقْصُود بِهِ، وَأما قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي خَالِد حِين

قال إن خالدا قد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله فلا أراه يبخل بدفع الزكاة ويمتنع من أدائها وهو وإن تأخر دفعها فعن قريب يستدركها وأن خالدا قد احتبس أمواله حتى أدراعه وأعتده في سبيل الله فلا شيء عليه ويؤكده جمعه بين أدراعه

قيل إِنَّه منع، " وَأما خَالِد فَإِنَّكُم تظْلمُونَ خَالِدا وَقد احْتبسَ أدراعه وأعتده فِي سَبِيل الله " فَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَن الْقَصْد بذلك تَحْسِين أمره، وَإِظْهَار عذره، وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن خَالِدا، قد احْتبسَ أدراعه وأعتده فِي سَبِيل الله فَلَا أرَاهُ يبخل بِدفع الزَّكَاة وَيمْتَنع من أَدَائِهَا، وَهُوَ وَإِن تَأَخّر دَفعهَا، فَعَن قريب يستدركها وَأَن خَالِدا قد احْتبسَ أَمْوَاله حَتَّى أدراعه وأعتده فِي سَبِيل الله، فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، ويؤكده جمعه بَين أدراعه وأعتده، وإجماعنا على أَن لَا زَكَاة فِي الدروع حسب مَا يوجبونه فِي الْخَيل، أَو كَأَنَّهُ طلب زَكَاة التِّجَارَة، وَأما حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي صَحِيح مُسلم عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كي مَانع حق الذَّهَب

وَالْفِضَّة بهَا وَأَن مَانع حق الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم " يبطح لَهَا بقاع قرقر الحَدِيث الْمَشْهُور، وَقَالَ فِيهِ عَن الْخَيل وَأما الَّتِي هِيَ لَهُ ستر فَرجل ربطها فِي سَبِيل الله ثمَّ لم ينس حق الله فِي ظُهُورهَا وَلَا فِي رقابها فَهِيَ لَهُ ستر " وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَن الْقَصْد من ذَلِك الْحَث على الْخَيْر وَفعل الْمَعْرُوف أَلا ترى أَنه لما ذكر الْإِبِل قَالَ: " وَمن حَقّهَا حلبها يَوْم وردهَا " وَقَالَ فِي حَدِيث جَابر قُلْنَا: يَا رَسُول الله وَمَا حَقّهَا؟ يَعْنِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم. قَالَ: إطراق فَحلهَا وإعارة دلوها وهجتها وحلبها على المَاء وَحمل عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله "، وَإِذا كَانَ هَذَا الْخَبَر مُحْتملا لما ذكرنَا فنحمله عَلَيْهِ

ليس على المسلم في فرسه صدقة وبالله التوفيق استدلوا بما روي عن يعلى بن أمية أن أخاه ابتاع فرسا أنثى بمائة قلوص فذكر الحديث وأن عمر قال خذ من كل فرس دينارا قال فضرب على الخيل دينارا دينارا قلنا في ثبوته كلام ونظر فإن ثبت فإنما

بِدَلِيل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ على الْمُسلم فِي فرسه صَدَقَة " وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق، استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن يعلى بن أُميَّة " أَن أَخَاهُ ابْتَاعَ فرسا أُنْثَى بِمِائَة قلُوص " فَذكر الحَدِيث وَأَن عمر قَالَ: خُذ من كل فرس دِينَارا قَالَ: فَضرب على الْخَيل دِينَارا دِينَارا قُلْنَا فِي ثُبُوته كَلَام وَنظر فَإِن ثَبت فَإِنَّمَا أَمر عمر رَضِي الله عَنهُ بذلك حِين أحبه أَرْبَابهَا وَالله أعلم روى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن أهل الشَّام قَالُوا لأبي عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ خُذ من خَيْلنَا ورقيقنا صَدَقَة فَأبى ثمَّ كتب إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَأبى فكلموه أَيْضا فَكتب إِلَى عمر فَكتب إِلَيْهِ عمر إِن أَحبُّوا فَخذهَا مِنْهُم وارددها عَلَيْهِم وارزق رقيقهم قَالَ مَالك: ارددها عَلَيْهِم أَي ارددها على فقرائهم، وَرُوِيَ عَن حَارِثَة بن مضرب قَالَ: جَاءَ نَاس من أهل الشَّام إِلَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالُوا: إِنَّا قد أصبْنَا أَمْوَالًا خيلا ورقيقا فَنحب أَن يكون لنا فِيهَا زَكَاة وطهور قَالَ مَا فعله

فقال علي رضي الله عنه هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها راتبة والله أعلم

صَاحِبَايَ قبله فافعله بعدِي فَاسْتَشَارَ عمر عليا رَضِي الله عَنهُ فِي جمَاعَة من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: هُوَ حسن إِن لم يكن جِزْيَة يؤخذون بهَا راتبة وَالله أعلم. مَسْأَلَة (215) : / وَالْعشر لَا يجب فِيمَا دون خَمْسَة أوسق. وَقَالَ أَبُو حنيفَة يجب فِي الْكثير والقليل. لنا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق صَدَقَة " وَفِي

لا صدقة في حب ولا تمر دون خمسة أوسق وعنده أيضا عن جابر عن رسول الله

رِوَايَة عِنْد مُسلم عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا صَدَقَة فِي حب وَلَا تمر دون خَمْسَة أوسق " وَعِنْده أَيْضا عَن جَابر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ من الْوَرق صَدَقَة وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود من الْإِبِل صَدَقَة وَلَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة ". استدلوا بِحَدِيث ابْن عمر فِي الصَّحِيح عِنْد البُخَارِيّ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه سنّ فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون أَو مَا كَانَ عثريا الْعشْر وَفِيمَا سقى بالنضج نصف الْعشْر " وَالْقَصْد من هَذَا الْخَبَر بَيَان مَا يجب فِيهِ الْعشْر أَو نصف الْعشْر فإمَّا بَيَان النّصاب الَّذِي يجب فِيهِ الْعشْر أَو نصف الْعشْر فَهُوَ مُسْتَفَاد مِمَّا تقدم وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (216) : ويخرص الْكَرم وَالنَّخْل إِذا بدا صَلَاحهَا وَقَالَ أَبُو حنيفَة: الْخرص كالقمار وَالْميسر لَا يَصح الِاعْتِمَاد عَلَيْهِ: فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي حَدِيث أبي حميد فِي غَزْوَة تَبُوك وَقَالَ فِيهِ: فأتينا وَادي الْقرى على حديقة لامْرَأَة فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اخرصوها فخرصناها وخرصها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عشر أوسق وَقَالَ: احصيها حَتَّى نرْجِع إِلَيْك إِن شَاءَ الله " وقص الحَدِيث وَقَالَ: " ثمَّ أَقبلنَا حَتَّى قدمنَا وَادي الْقرى. فَسَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَرْأَة عَن حديقتها كم بلغ؟ فَقَالَت: بلغت عشرَة أوسق " وروى الشَّافِعِي عَن عبد الله بن نَافِع عَن مُحَمَّد بن صَالح التمار عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب عَن عتاب بن أسيد

قال في زكاة الكرم يخرص كما يخرص النخل ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل تمرا وبإسناده أن رسول الله

أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي زَكَاة الْكَرم: " يخرص كَمَا يخرص النّخل ثمَّ تُؤَدّى زَكَاته زبيبا كَمَا تُؤَدّى زَكَاة النّخل تَمرا " وبإسناده: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يبْعَث من يخرص على النَّاس كرومهم وتمارهم " وَرُوِيَ عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا خرصتم فدعوا الثُّلُث وَإِن لم تدعوا الثُّلُث فدعوا الرّبع " قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد بِمَعْنَاهُ وَقَالَ: " إِذا خرصتم فجدوا ودعوا الثُّلُث " وَعِنْده عَن عَائِشَة: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يبْعَث عبد الله بن رَوَاحَة إِلَى يهود فيخرص النّخل حِين يطيب قبل أَن يُؤْكَل مِنْهُ ثمَّ يُخَيّر يهود فيأخذونه بذلك الْخرص أم يدفعونه إِلَيْهِم بذلك الْخرص لكَي تحصى الزَّكَاة قبل أَن تُؤْكَل الثِّمَار وتفرق. وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ ليهود خَيْبَر حِين افْتتح خَيْبَر: " أقركم على مَا

يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم ثم يقول إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي فكانوا يأخذونه وروي عن سهل بن أبي حثمة أن عمر بن الخطاب بعثه على خرص التمر وقال إذا أتيت أرضا فاخرصها ودع لهم قدر ما يأكلون هذا إسناد متصل ورواته ثقات وأكثر ما

أقركم الله على أَن التَّمْر بَيْننَا وَبَيْنكُم قَالَ: وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يبْعَث عبد الله بن رَوَاحَة فيخرص عَلَيْهِم ثمَّ يَقُول إِن شِئْتُم فلكم، وَإِن شِئْتُم فلي، فَكَانُوا يأخذونه وَرُوِيَ عَن سهل بن أبي حثْمَة أَن عمر بن الْخطاب بَعثه على خرص التَّمْر وَقَالَ: " إِذا أتيت أَرضًا فاخرصها ودع لَهُم قدر مَا يَأْكُلُون " هَذَا إِسْنَاد مُتَّصِل وَرُوَاته ثِقَات وَأكْثر مَا يسْتَدلّ بِهِ فِي مسالة الْعَرَايَا. دَلِيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة وَهُوَ مخرج فِي كتاب الْبيُوع وَكَذَلِكَ فِي مَسْأَلَة الْمُسَاقَاة وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (217) : وَلَا شَيْء فِي الخضروات، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: فِيهَا الْعشْر وَنصف الْعشْر إِلَّا فِي الْقصب والحطب والتبن روى سُفْيَان عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن مُوسَى بن طَلْحَة قَالَ: عندنَا كتاب لِمعَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه: " إِنَّمَا آخذ الصَّدَقَة من الْحِنْطَة وَالشعِير وَالزَّبِيب وَالتَّمْر " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: هَذَا حَدِيث قد احْتج بِهِ الشَّيْخَانِ بِجَمِيعِ رُوَاته ومُوسَى بن طَلْحَة تَابِعِيّ كَبِير، لَا يُنكر لَهُ أَن يدْرك أَيَّام معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ وَرَوَاهُ الثَّوْريّ فِي الْجَامِع بِهَذَا الْإِسْنَاد وَزَاد فَقَالَ: بعث الْحجَّاج مُوسَى بن الْمُغيرَة على الْخضر والسواد فَقَالَ مُوسَى بن طَلْحَة فَذكر وَشَاهده مَا رُوِيَ عَن وَكِيع عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن مُوسَى بن طَلْحَة أَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ لما أَتَى الْيمن لم يَأْخُذ الصَّدَقَة إِلَّا من الْحِنْطَة وَالشعِير وَالتَّمْر وَالزَّبِيب، وَرُوِيَ عَن عبد الله بن نَافِع عَن إِسْحَق بن يحيى بن طَلْحَة بن

قال فيما سقت السماء والبعل والسيل العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب فقد عفا عنه رسول الله

عبيد الله عَن مُوسَى بن طَلْحَة / عَن معَاذ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِيمَا سقت السَّمَاء والبعل والسيل الْعشْر، وَفِيمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر "، وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِي التَّمْر وَالْحِنْطَة والحبوب فَأَما القثاء والبطيخ وَالرُّمَّان والقصب فقد عَفا عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَله شَاهد آخر بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى ومعاذ رَضِي الله عَنْهُمَا حِين بعثهما رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْيمن يعلمَانِ النَّاس أَمر دينهم " لَا تَأْخُذ الصَّدَقَة إِلَّا من هَذِه الْأَرْبَعَة الشّعير وَالْحِنْطَة وَالزَّبِيب وَالتَّمْر " رُوَاته ثِقَات وَهُوَ مُتَّصِل فَإِن سَماع أبي بردة بن أبي مُوسَى صَحِيح من أَبِيه وَذكر أَخْبَارًا وآثارا عَن ابْن عمر وَعَائِشَة وَعلي وَطَلْحَة بن عبيد الله وَعمر بن الْخطاب وَابْن عَبَّاس وَغَيرهم: استدلوا بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح عِنْد مُسلم عَن جَابر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِيمَا سقت الْأَنْهَار

مسألة

العشور وَفِيمَا سقت السانية نصف الْعشْر وَالْقَصْد من هَذَا الْخَبَر بَيَان مِقْدَار الْوَاجِب فَأَما الَّذِي يجب فِيهِ فمستفاد من خبرنَا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (218) : وَالْعشر وَاجِب فِيمَا يستنبت فِي أَرض الْخراج وَقَالَ أَبُو حنيفَة لَا يجب وَالدَّلِيل وَالْكَلَام فِيهِ من طَرِيقين أَحدهمَا أَن يدل على وجوب الْعشْر من طَرِيق الْخَبَر بِمَا عِنْد البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن سَالم عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِيمَا سقت السَّمَاء والأنهار والعيون أَو كَانَ بعلا الْعشْر، وَفِيمَا سقِِي بالسواقي والنضح فَنصف

فيما سقت السماء على اليهود والنصارى وليس على المسلمين عشور وعنده عن محمد بن عبيد عن وكيع عن سفيان عن عطاء بن السائب عن جرير بن عبيد الله عن النبي

الْعشْر " وَالثَّانِي: أَن يدل على أَن لَا خراج على أَرض مُسلم خلاف مَا زعم أَبُو حنيفَة أَن مُسلم إِذا اشْترى أَرضًا خَرَاجِيَّة فِي دَار الْحَرْب بَقِي عَلَيْهَا خراجها وَأَن الرجل إِذا أسلم على أَرض خَرَاجِيَّة بَقِي عَلَيْهِ خراجها من طَرِيق الْخَبَر عِنْد أبي دَاوُد عَن مُسَدّد عَن أبي الْأَحْوَص عَطاء عَن حَرْب بن عبيد الله عَن جده أبي أمه عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِيمَا سقت السَّمَاء على الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَلَيْسَ على الْمُسلمين عشور وَعِنْده عَن مُحَمَّد بن عبيد عَن وَكِيع عَن سُفْيَان عَن عَطاء بن السَّائِب عَن جرير بن عبيد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: " إِخْرَاج " مَكَان " عشور "، وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ فِي أهل الذِّمَّة " لَهُم مَا أَسْلمُوا عَلَيْهِ من أَمْوَالهم وعبيدهم " أرضيهم وماشيتهم لَيْسَ عَلَيْهِم فِيهِ إِلَّا صَدَقَة " وَالَّذِي يُؤْخَذ من أَرَاضِي الْعرَاق فَإِنَّمَا هُوَ كرا أَو ثمن لَهَا على مَا نذكرهُ فِي تَفْصِيل الْمَذْهَب وَلَيْسَ بخراج، وأصل هَذَا أَن أَرض السوَاد فتحت عنْوَة ثمَّ وَقفهَا عمر رَضِي الله عَنهُ على الْمُسلمين، والمأخوذ عَنْهَا لجَمِيع

لا يجتمع على المسلم خراج وعشور وهذا باطل وصله ورفعه يحيى بن عنبسة متهم بالوضع قال ابن عدي الحافظ إنما يرويه أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم من قوله فرواه يحيى فأوصله إلى النبي

الْمُسلمين وَيجْرِي مجْرى الْأُجْرَة وَالثمن، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِنَّهَا فتحت صلحا وَللْإِمَام أَن يضْرب عَلَيْهَا خراجا. روى الشَّافِعِي عَن الثِّقَة عَن ابْن خَالِد عَن قيس، عَن جرير قَالَ: كَانَت بجليه ربع النَّاس فقسم لَهُم ربع السوَاد واستعملوا ثَلَاث أَو أَربع سِنِين الشَّك من بعض الروَاة ثمَّ قدمنَا على عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَمَعِي فُلَانَة بنت فُلَانَة امْرَأَة مِنْهُم سَمَّاهَا فَقَالَ عمر: " لَوْلَا أَنِّي قَاسم مسؤول، لتركتكم على مَا قسم لكم وَلَكِنِّي أرى أَن تردوا على النَّاس " استدلوا بِمَا روى يحيى بن عَنْبَسَة عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يجْتَمع على الْمُسلم خراج وعشور " وَهَذَا بَاطِل وَصله وَرَفعه يحيى بن عَنْبَسَة مُتَّهم بِالْوَضْعِ قَالَ ابْن عدي الْحَافِظ: إِنَّمَا يرويهِ أَبُو حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم من قَوْله فَرَوَاهُ يحيى فأوصله إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَيحيى، مَكْشُوف الْأَمر فِي ضعفه لرواياته عَن الثِّقَات بالموضوعات. استدلوا بِمَا عِنْد مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " منعت الْعرَاق قفيزها

ودرهمها، ومنعت الشَّام: مديها ودينارها، ومنعت مصر أردبها. ودينارها وعدتم من حَيْثُ بدأتم " قَالُوا أَرَادَ بِمَنْع القفيز وَالدِّينَار

يكون في أمتي خليفة يحثي المال لا يعده الحديث أخرجه مسلم في الصحيح قال وفي كتاب الغريبين عن أبي عبيدة

وَالْخَرَاج وَكَأَنَّهُ ذمّ / [امتناعهم] من أَدَاء الْخراج بَعْدَمَا مَا أَسْلمُوا عَلَيْهِ وَفِي ذَلِك دلَالَة على أَن الرجل إِذا أسلم على خراج لم يسْقط عَنهُ الْخراج بِإِسْلَامِهِ وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ لِأَن القفيز ظَاهره الْمِكْيَال وَإِن كَانَ يتَنَاوَل الدِّينَار والعدول عَن الظَّاهِر بِلَا حجَّة محَال وَإِنَّمَا المُرَاد بِهِ وَالله أعلم الْحُقُوق الَّتِي تجب فِي مَال الْمُسلم من الْعشْر وَسَائِر الزكوات وَتَفْسِير هَذَا الحَدِيث فِيمَا رُوِيَ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " يُوشك أهل الْعرَاق لَا يَجِيء إِلَيْهِم دِرْهَم وَلَا قفيز، فَقَالُوا بِمَ ذَاك يَا أَبَا عبد الله؟ قَالَ: من قبل الْعَجم يمْنَعُونَ ذَاك ثمَّ سكت هنيهة ثمَّ قَالَ يُوشك أهل الشَّام أَن لَا يَجِيء إِلَيْهِم دِينَار وَلَا مدى. قَالُوا: مِم ذَاك؟ قَالَ: من قبل الرّوم يمْنَعُونَ ذَاك، ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يكون فِي أمتِي خَليفَة يحثي المَال لَا يعده " الحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح قَالَ وَفِي كتاب الغريبين عَن أبي عُبَيْدَة

ما وظف على أهل الذمة في هذه البلاد في زمن عمر رضي الله عنه من الجزية وأنهم إذا أسلموا سقطت عنهم تلك الجزية وقوله منعت معناه ستمنع بإسلامهم ما وظف عليهم وفي هذا المعنى يصير الخبر حجة لنا في سقوط الخراج والذي يكون على طريق الجزية عن أراضي

الْهَرَوِيّ رَحمَه الله أَنه حمله على أَخْبَار النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا وظف على أهل الذِّمَّة فِي هَذِه الْبِلَاد فِي زمن عمر رَضِي الله عَنهُ من الْجِزْيَة وَأَنَّهُمْ إِذا أَسْلمُوا سَقَطت عَنْهُم تِلْكَ الْجِزْيَة وَقَوله منعت: مَعْنَاهُ ستمنع بِإِسْلَامِهِمْ مَا وظف عَلَيْهِم وَفِي هَذَا الْمَعْنى يصير الْخَبَر حجَّة لنا فِي سُقُوط الْخراج وَالَّذِي يكون على طَرِيق الْجِزْيَة عَن أَرَاضِي أهل الذِّمَّة إِذا أَسْلمُوا وَالله أعلم. مَسْأَلَة (219) : وَالدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير إِذا بلغت نِصَابا كَانَ فِيمَا زَاد على النّصاب بِحِسَابِهِ، قلت الزِّيَادَة أَو كثرت، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: مَا لم تبلغ الزِّيَادَة أَرْبَعِينَ درهما وَمن الذَّهَب أَربع مَثَاقِيل فَلَا شَيْء فِيهَا. لنا مَا فِي حَدِيث أنس عَن أبي بكر الصّديق فِي الصَّدقَات وَفِي آخِره: وَفِي الرقة ربع الْعشْر فَإِذا لم يكن المَال إِلَّا تسعين وَمِائَة فَلهم فِيهَا صَدَقَة

ليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمس ذود صدقة قال سفيان والوقية أربعون درهما ووجه الاستدلال من هذا أنا لو خليناه وقوله وفي الرقة ربع العشر لكنا نوجبه في قليلها وكثيرها إلا أن الشرع دل أن ليس ذلك فيما نقص عن خمس أواق

إِلَّا أَن يشار بهَا " وَعند مُسلم عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ صَدَقَة وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود صَدَقَة ". قَالَ سُفْيَان: والوقية أَرْبَعُونَ درهما وَوجه الِاسْتِدْلَال من هَذَا أَنا لَو خليناه وَقَوله: " وَفِي الرقة ربع الْعشْر " لَكنا نوجبه فِي قليلها وكثيرها إِلَّا أَن الشَّرْع دلّ أَن لَيْسَ ذَلِك فِيمَا نقص عَن خمس أَوَاقٍ فَعلمنَا أَنه فِي خمس أَوَاقٍ من الْوَرق فَمَا زَاد فأوجبناه فِيهَا قلت الزِّيَادَة أَو كثرت لتناولها قَوْله، وَفِي الرقة ربع الْعشْر وروى ابْن إِسْحَق عَن أبي العطوف الْجراح بن منهال وقلب اسْمه خَبرا مَرْفُوعا عَن معَاذ قَالَ فِيهِ: " وَلَا يَأْخُذ مِمَّا زَاد شَيْئا حَتَّى يبلغ أَرْبَعِينَ فَيَأْخُذ مِنْهَا درهما " وَأَبُو العطوف مِمَّن أجمع أَئِمَّة الحَدِيث على ترك حَدِيثه: وَعبادَة بن نسيء لم يسمع من معَاذ وروى إِسْحَق بن بشر عَن الْمثنى بن صباح عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جده عَن

فذكر حديثا في الزكاة قال فيه من كل مائتي درهم خمسة دراهم فإن زاد على المائتين ففي كل أربعين درهما درهم وهذا لو ثبت لم يكن فيه حجة فكيف وإسحق بن بشر الكاهلي منسوب إلى الوضع والمثنى لا يحتج به وروي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر حَدِيثا فِي الزَّكَاة قَالَ فِيهِ: " من كل مِائَتي دِرْهَم خَمْسَة دَرَاهِم. فَإِن زَاد على الْمِائَتَيْنِ فَفِي كل أَرْبَعِينَ درهما دِرْهَم " وَهَذَا لَو ثَبت لم يكن فِيهِ حجَّة فَكيف وَإِسْحَق بن بشر الْكَاهِلِي مَنْسُوب إِلَى الْوَضع والمثنى لَا يحْتَج بِهِ، وَرُوِيَ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا يكون فِي الْوَرق زَكَاة حَتَّى يبلغ خمس أَوَاقٍ. فَإِذا بلغت فَفِيهَا خَمْسَة دَرَاهِم، ثمَّ فِي كل أَرْبَعِينَ دِرْهَم ". وَهُوَ مُرْسل وَلَا حجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ لم يقل لَيْسَ فِيمَا دون الْأَرْبَعين بعد الْمِائَتَيْنِ شَيْء وَالله أعلم. مَسْأَلَة (220) : كل مَا تجب الزَّكَاة فِي عينه إِذا نقص عَن النّصاب فِي بعض الْحول انْقَطع حكم الْحول فَإِذا كمل نِصَابا استؤنف الْحول. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا وجد النّصاب كَامِلا فِي طرفِي الْحول لم يُؤثر نقصانه

لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول وقد ذكرناه في مسألة الزكاة في المستفاد في أثناء الحول والله أعلم

فِي أَثْنَائِهِ. لنا فِيهِ قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا زَكَاة فِي مَال حَتَّى يحول عَلَيْهِ الْحول " وَقد ذَكرْنَاهُ فِي مَسْأَلَة الزَّكَاة فِي الْمُسْتَفَاد فِي أثْنَاء الْحول وَالله أعلم. مَسْأَلَة (221) : وَلَا زَكَاة فِي الْحلِيّ الْمُبَاح على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: فِيهِ الزَّكَاة، وَهُوَ القَوْل الآخر، فَوجه قَوْلنَا: لَا زَكَاة فِيهِ من طَرِيق الْأَثر مَا روى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر " أَنه يحلي بَنَاته وجواريه الذَّهَب ثمَّ لَا يخرج مِنْهُ الزَّكَاة "، وَرُوِيَ عَنهُ قَالَ: " زَكَاة الْحلِيّ عاريته ". وَرُوِيَ نَحوه عَن ابْن الْمسيب وَالشعْبِيّ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ وروى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن عَمْرو / قَالَ: " سَمِعت رجلا يسْأَل جَابر بن عبد الله عَن الْحلِيّ أفيه الزَّكَاة؟ فَقَالَ جَابر: لَا. فَقَالَ وَإِن كَانَ يبلغ ألف دِينَار فَقَالَ جَابر: كثير " وَكَذَلِكَ

ليس في الحلي زكاة وهذا لا أصل له مرفوعا والصحيح أنه موقوف على جابر وروى الشافعي عن مالك عن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها كانت بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي فلا تخرج منه الزكاة وروي عن أسماء بيت أبي بكر أنها

رَوَاهُ الثَّوْريّ وَغَيره عَن عَمْرو وَرَوَاهُ عافيه بن أَيُّوب عَن اللَّيْث عَن أبي الزبير عَن جَابر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ فِي الْحلِيّ زَكَاة ". وَهَذَا لَا أصل لَهُ مَرْفُوعا، وَالصَّحِيح أَنه مَوْقُوف على جَابر وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " كَانَت بَنَات أَخِيهَا يتامى فِي حجرها لَهُنَّ الْحلِيّ فَلَا تخرج مِنْهُ الزَّكَاة ". وَرُوِيَ عَن أَسمَاء بَيت أبي بكر أَنَّهَا كَانَت تحلي بناتها بِالذَّهَب وَلَا تزكيه، وَعَن أنس سُئِلَ عَن الْحلِيّ فَقَالَ: " لَيْسَ فِيهِ زَكَاة " وَأما وَجه قَوْلنَا أَن فِيهِ الزَّكَاة مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة " دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرَأى فِي يَدي سخابا من ورق فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَة؟ فَقلت: صنعتهن أتزين لَك فِيهِنَّ يَا رَسُول الله. فَقَالَ أتؤدين زكاتهن؟ فَقلت: لَا أَو مَا شَاءَ الله من ذَلِك. قَالَ هِيَ حَسبك من الْبر " وَرَوَاهُ حُسَيْن الْمعلم عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن عُرْوَة عَن

ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها أتعطين زكاة هذا قالت لا قال أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي

عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: " لَا بَأْس بِلبْس الْحلِيّ إِذا أعطي زَكَاته " وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " أَنَّهَا كَانَت تحلي بَنَات أَخِيهَا وَكَانَت لَا تخرج زَكَاته " مَعَ مَا روينَا عَنْهَا فِيمَا تقدم مِمَّا يدل على وجوب الزَّكَاة فِي مَال الْيَتِيم وَفِي ذَلِك تَضْعِيف مَا رُوِيَ عَنْهَا مَرْفُوعا أَو مَوْقُوفا وَالله أعلم. فإسنادهما عَنْهَا فِي وجوب الزَّكَاة لَا يُقَاوم رِوَايَة الْقَاسِم بن مُحَمَّد وروى أَبُو دَاوُد عَن عمر بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: " أَن امْرَأَة أَتَت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهَا ابْنة لَهَا وَفِي يَد ابْنَتهَا مسكتان غليظتان من ذهب فَقَالَ لَهَا: أتعطين زَكَاة هَذَا؟ قَالَت: لَا. قَالَ: أَيَسُرُّك أَن يسورك الله بهما يَوْم الْقِيَامَة سِوَارَيْنِ من نَار " قَالَ فخلعتهما فألقتهما إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: " هما لله وَلِرَسُولِهِ " وَعِنْده أَيْضا عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " كنت ألبس أَوْضَاحًا من ذهب فَقلت: يَا رَسُول الله: أكنز هُوَ؟ فَقَالَ: مَا بلغ أَن تُؤدِّي زَكَاته فَزكِّي فَلَيْسَ بكنز ". وروى أَبُو بكر الْهُذلِيّ حَدِيثا عَن فَاطِمَة

بطوق فيه سبعون مثقالا من ذهب فقلت يا رسول الله خذ منه الفريضة فأخذ مثقالا وثلاثة أرباع مثقال قلت يا رسول الله أفي المال حق سوى الزكاة قال نعم ثم قرأ وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى قال علي بن عمر أبو بكر الهذلي

بنت قيس أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بطوق فِيهِ سَبْعُونَ مِثْقَالا من ذهب، فَقلت يَا رَسُول الله خُذ مِنْهُ الْفَرِيضَة فَأخذ مِثْقَالا وَثَلَاثَة أَربَاع مِثْقَال. قلت يَا رَسُول الله أَفِي المَال حق سوى الزَّكَاة؟ قَالَ: نعم ثمَّ قَرَأَ: {وَآتى المَال على حبه ذَوي الْقُرْبَى واليتامى} قَالَ عَليّ بن عمر: أَبُو بكر الْهُذلِيّ مَتْرُوك الحَدِيث وَلم يَأْتِ بِهِ غَيره، وَرَوَاهُ أَبُو حَمْزَة مَيْمُون الْأَعْوَر القصاب عَن الشّعبِيّ عَن فَاطِمَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فِي الْحلِيّ زَكَاة " وَأَبُو حَمْزَة ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ، وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله " أَن امْرَأَة أَتَت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: إِن لي حليا وَأَن زَوجي خَفِيف ذَات الْيَد وَإِن لي بني أَخ أفيجزي عني أَن أجعَل زَكَاة الْحلِيّ فيهم؟ قَالَ: نعم " قَالَ عَليّ بن عمر هَذَا وهم وَالصَّوَاب عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله مُرْسل، مَوْقُوف، وَرُوِيَ عَن يحيى بن أبي أنيسَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله قَالَ: قلت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن لامرأتي حليا من عشْرين مِثْقَالا. قَالَ: فأد

قال تصدقن ولو من حليكن فذكر الحديث وفيه أنها قالت لبلال سئل رسول الله

زَكَاته نصف مِثْقَال " قَالَ عَليّ: يحيى مَتْرُوك وَهَذَا وهم وَالصَّوَاب مُرْسل مَوْقُوف وَالصَّحِيح من هَذِه الرِّوَايَات فِي قصَّة امْرَأَة عبد الله مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن زَيْنَب الثقفية: امْرَأَة عبد الله أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: تصدقن وَلَو من حليكن، فَذكر الحَدِيث. وَفِيه أَنَّهَا قَالَت لِبلَال: سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أتجزئ عني أَن أَضَع صدقتي فِي بني أخي أَيْتَام وَبني أُخْتِي أَيْتَام فِي حجري وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أخْبرهَا أَن لَهما أَجْرَيْنِ أجر الْقَرَابَة، وَأجر الصَّدَقَة وَمَا رُوِيَ عَن يعلى قَالَ: " دخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي يَدي خَاتم من ذهب فَقَالَ: أتزكي هَذَا؟ قلت وَهل فِيهِ الزَّكَاة؟ قَالَ: جَمْرَة عَظِيمَة فَإِنَّهُ مَحْظُور وَالزَّكَاة فِيهِ وَاجِبَة " قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ لي زَكَرِيَّا حَدثنَا أَبُو أُسَامَة حَدثنِي شُعَيْب بن يسَار أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كتب أَن تزكّى الحلى قَالَ البُخَارِيّ: هَذَا

مسألة

مُرْسل وَالله أعلم. مَسْأَلَة (222) : مَا يُؤْخَذ من الْبَحْر فَلَا زَكَاة فِيهِ إِلَّا أَن يكون ذَهَبا أَو فضَّة فَيكون كَمَا لَو وجد فِي الْبر، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: إِذا أَخذ العنبر من الْبَحْر فَفِيهِ الْخمس، روى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن عَمْرو عَن أُذُنَيْهِ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: " لَيْسَ فِي العنبر زَكَاة إِنَّمَا هُوَ شَيْء دسره الْبَحْر، فَإِن قيل مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه سُئِلَ عَن العنبر أفيه

مسألة

زَكَاة؟ فَقَالَ إِن كَانَ فِيهِ شَيْء فَفِيهِ الْخمس قُلْنَا علق القَوْل فِيهِ فِي هَذِه الرِّوَايَة وَقطع بِأَن لَا زَكَاة فِي الرِّوَايَة الأولى وَالله أعلم. مَسْأَلَة (223) : اعْتِبَار النّصاب فِي أَمْوَال التِّجَارَة عِنْد تَمام الْحول وَقَالَ أَبُو حنيفَة: يعْتَبر فِيهِ طرفا الْحول، روى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن يحيى بن سعيد عَن عبد الله بن أبي سَلمَة عَن أبي عَمْرو بن حماس أَن أَبَاهُ قَالَ: مَرَرْت بعمر بن الْخطاب وعَلى عنقِي أدمة أحملها فَقَالَ: أَلا تُؤدِّي زكاتك يَا حماس؟ فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ: مَا لي غير هَذِه الَّتِي على ظَهْري وأهبة فِي الْقرظ.

مسألة

قَالَ: ذَاك مَال فضع فَوَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ فحسبتها فَوجدَ قد وَجَبت فِيهِ الزَّكَاة فَأخذ مِنْهَا الزَّكَاة وَعَن سُفْيَان عَن ابْن عجلَان عَن أبي الزِّنَاد عَن أبي عَمْرو عَن أَبِيه مثله وَالله أعلم. مَسْأَلَة (224) : وَزَكَاة الْفطر وَاجِبَة فِي العَبْد وَإِن كَانَ للتِّجَارَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تجب فَيَقُول قد أجمعنا على وجوب زَكَاة التِّجَارَة فَيدل على وجوب زَكَاة الْفطر عِنْد مُسلم وَالْبُخَارِيّ، وَاللَّفْظ لَهُ، عَن ابْن عمر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه فرض صَدَقَة الْفطر صَاعا من شعير أَو تمر عَن الصَّغِير وَالْكَبِير وَالْحر والمملوك وَعند مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَيْسَ فِي العَبْد صَدَقَة إِلَّا صَدَقَة الْفطر ". وَمَا رُوِيَ عَن فَاطِمَة بنت حُسَيْن يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا ثنيا

مسألة

فِي الصَّدَقَة " فَإِنَّهُ مُرْسل والثنيا إِنَّمَا هِيَ الِاسْتِثْنَاء يَعْنِي وَالله أعلم أَنه لَا تتْرك بَعْضهَا وَلَا يُؤَخر بَعْضهَا عَن الْعَام الَّذِي وَجَبت فِيهِ ثمَّ زَكَاة التِّجَارَة تجب فِي قيمَة العَبْد لَا فِي عينه وَزَكَاة الْفطر إِنَّمَا تجب على السَّيِّد بِسَبَب العَبْد فَلَيْسَ هَهُنَا تَثْنِيَة الصَّدَقَة فِي مَال وَاحِد وَهَذَا كَمَا أَن المتاجر يخرج زَكَاة التِّجَارَة عَن قيمَة مَال التِّجَارَة وَزَكَاة الْفطر عَن نَفسه فَلَا يُقَال إِن الصَّدَقَة ثنيت عَلَيْهِ وَالله أعلم. مَسْأَلَة (225) : وَالدّين لَا يمْنَع وجوب الزَّكَاة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة أَنه يمْنَع وُجُوبهَا. فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي سعيد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ صَدَقَة. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمعَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ حِين بَعثه إِلَى الْيمن: فَذكر الحَدِيث وَفِيه " فَإِن هم أطاعوك فَأخْبرهُم إِن الله قد فرض عَلَيْهِم صَدَقَة تُؤْخَذ من أغينائهم وَترد على فقرائهم " قَالُوا وَمن كَانَ فِي يَده مَال وَعَلِيهِ مَال مثله فَلَا

ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس وعند البخاري في الصحيح عن السائب بن يزيد أنه سمع عثمان بن عفان خطيبا على منبر رسول الله

يُسمى غَنِيا فَلَا تُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة قُلْنَا هُوَ غَنِي بِمَا فِي يَده وَقد يسْقط عَنهُ الدّين بإبداء أَو مِيرَاث أَو غَيره وَقد يَقع اسْم الْغَنِيّ على غير المَال بِدَلِيل مَا عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ الْغَنِيّ عَن كَثْرَة الْعرض وَلَكِن الْغنى غنى النَّفس " وَعند البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن السَّائِب بن يزِيد " أَنه سمع عُثْمَان بن عَفَّان خَطِيبًا على مِنْبَر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " هَذَا شهر زَكَاتكُمْ فَمن كَانَ عَلَيْهِ دين فليقض دينه حَتَّى تخلص أَمْوَالكُم فتؤدوا مِنْهَا الزَّكَاة ". قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ وَحَدِيث عُثْمَان يشبه وَالله أعلم أَن يكون إِنَّمَا أَمر بِقَضَاء الدّين قبل حُلُول الصَّدَقَة فِي المَال، وَقَوله " هَذَا شهر زَكَاتكُمْ " يجوز أَن يَقُول هَذَا الشَّهْر الَّذِي إِذا مضى حلت زَكَاتكُمْ كَمَا يُقَال شهر ذِي الْحجَّة وَإِنَّمَا الْحجَّة بعد مُضِيّ أَيَّام مِنْهُ وَهَذَا على

مسألة

قَوْله أَن الدّين لَا يمْنَع وجوب الزَّكَاة وَبِه قَالَ ربيعَة وَحَمَّاد بن أبي سَلمَة وَابْن أبي ليلى، وَرُوِيَ عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر فِي الرجل يستقرض فينفق على ثَمَرَته وعَلى أَهله. قَالَ: قَالَ ابْن عمر " يبْدَأ بِمَا اسْتقْرض فيقضيه فيزكى مَا بَقِي وَقَالَ ابْن عَبَّاس: " يقْضِي مَا أنْفق على ثَمَرَته، ثمَّ يزكّى مَا بَقِي " وَمن قَالَ بقول الشَّافِعِي رَحمَه الله أَن الدّين / لَا يمْنَع وجوب الزَّكَاة رغم أَنَّهُمَا محجوجان بالظواهر الَّتِي وَردت فِي وجوب الْعشْر فِي الثِّمَار والزروع وَوُجُوب الزَّكَاة فِي سَائِر الْأَمْوَال وَقد فرق الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي الْقَدِيم بَين الْأَمْوَال الظَّاهِرَة وَبَين الْأَمْوَال الْبَاطِنَة فَقَالَ: فِي الْمُصدق إِذا قدم أَخذ الصَّدَقَة مِمَّا ظهر من مَاله مثل الْحَرْث والمعدن والماشية وَلم يَتْرُكهَا لدين وَلكنه يَتْرُكهَا إِذا أحَاط الدّين بِمَالِه من الزَّكَاة وَالتِّجَارَة الَّتِي إِلَيْهِ أَن نؤديها، وَقد روينَا عَن ابْن سِيرِين وَالزهْرِيّ فِي الْفرق بَين الثِّمَار والزروع وَبَين الذَّهَب وَالْفِضَّة فِي ذَلِك وَالله أعلم. مَسْأَلَة (226) : وَمن لَهُ دين على آخر إِلَّا أَنه جَحده ثمَّ أقرّ بِهِ لزمَه أَن يخرج عَنهُ زَكَاة مَا مضى حوله على جحوده إِذا أَخذه فِي أحد الْقَوْلَيْنِ.

وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة مَا مضى حوله على جحوده. قَالَ أَبُو عبيد فِي حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يكون لَهُ الدّين المظنون. قَالَ يُزَكِّيه لما مضى إِذا قَبضه إِن كَانَ صَادِقا قَالَ أَبُو عبيد المظنون هُوَ الدّين لَا يدْرِي صَاحبه أيقضيه الَّذِي عَلَيْهِ الدّين أم لَا. كَأَنَّهُ الَّذِي لَا يرجوه، وَرُوِيَ عَن سُفْيَان عَن ابْن عون وَهِشَام عَن ابْن سِيرِين عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه سُئِلَ عَن الرجل يكون لَهُ الدّين فَقَالَ مَا يمنعهُ أَن يُزَكِّيه؟ قَالُوا لَا يقدر عَلَيْهِ قَالَ فَإِن كَانَ صَادِقا فَإِذا أدّى إِلَيْهِ فليزكه لما غَابَ عَنهُ. وَبِه يَأْخُذ سُفْيَان وَرُوِيَ عَن ابْن عمر قَالَ: " زكوا مَا كَانَ فِي أَيْدِيكُم، وَمَا كَانَ من دين فِي ثِقَة فَهُوَ بِمَنْزِلَة مَا فِي أَيْدِيكُم، وَمَا كَانَ من دين ظنون فَلَا زَكَاة فِيهِ حَتَّى يقبضهُ " وَرُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز بِخِلَافِهِ عَن مَالك عَن أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيّ أَن عمر بن عبد الْعَزِيز كتب فِي مَال قَبضه بعض الْوُلَاة ظلما يَأْمر برده إِلَى أَهله وَتُؤْخَذ زَكَاته لما مضى من السنين ثمَّ أعقب ذَلِك بِكِتَاب أَلا يُؤْخَذ مِنْهُ إِلَّا زَكَاة وَاحِدَة فَإِنَّهُ كَانَ ضمارا، قَالَ أَبُو عبيد: الضمار الْغَائِب الَّذِي لَا

مسألة

يُرْجَى وَالله أعلم. مَسْأَلَة (227) : وَلَا شَيْء فِيمَا يسْتَخْرج من الْمَعَادِن إِلَّا فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة وَقَالَ أَبُو حنيفَة كل مَا ينطبع فَفِيهِ الْخمس كالحديد والنحاس وَمَا أشبهه وأصل هَذَا أَن الْوَاجِب فِيمَا يسْتَخْرج مِنْهُ الزَّكَاة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ ربع الْعشْر فَلَا يجب إِلَّا فِيمَا تجب فِيهِ الزَّكَاة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْوَاجِب فِيهِ الْخمس وَقد قَالَه الشَّافِعِي أَيْضا، وَفرق فِي مَوضِع آخر بَين مَا يسْتَخْرج مِنْهُ الْعَمَل وَمَا يُؤْخَذ مِنْهُ ندرة فَقَالَ فِي الأول: فِيهِ ربع الْعشْر وَفِي الندرة: الْخمس وروينا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه أَشَارَ إِلَى هَذِه الْأَقْوَال الثَّلَاثَة، وَفِي حَدِيث أنس بن مَالك غير مَا كتب لَهُ أَبُو بكر فِي الصَّدقَات وَفِيه: " وَفِي الرقة ربع الْعشْر فَإِن لم يكن المَال إِلَّا تسعين وَمِائَة فَلَيْسَ فِيهَا شَيْء إِلَّا أَن يَشَاء بهَا، وَعَن أبي دَاوُد عَن ربيعَة عَن غير وَاحِد " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقطع بِلَال بن الْحَارِث

أخذ من المعادن القبلية الصدقة وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله

الْمُزنِيّ معادن الْقبلية هِيَ من نَاحيَة الْفَرْع فَتلك الْمَعَادِن لَا تُؤْخَذ مِنْهَا إِلَّا الزَّكَاة إِلَى الْيَوْم " وَقد رُوِيَ مَوْصُولا عَن ربيعَة عَن الْحَارِث بن بِلَال بن الْحَارِث عَن أَبِيه " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ من الْمَعَادِن الْقبلية الصَّدَقَة ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جرح العجماء جَبَّار والتبر جَبَّار والمعدن جَبَّار وَفِي الرِّكَاز الْخمس " وَإِنَّمَا أخرجت هَذَا الحَدِيث لِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمع فِي هَذَا الْخَبَر بَين ذكر الْمَعْدن والركازة وأضاف إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا حِكْمَة فَلَو كَانَ الْمَعْدن والركاز وَاحِد فِي وجوب الْخمس فِيهِ لجمع بَينهمَا فِي الحكم وأضاف إِلَيْهِمَا إِيجَاب الْخمس وَالله أعلم وَرَوَاهُ عبد الله بن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه عَن جده عَن أبي هُرَيْرَة وَزَاد

أتاه رجل بخمس أواق من معدن فلم يأخذ منها شيئا رواه البيهقي موصلا عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة أن رجلا جاء بخمس أواق إلى رسول الله

" فَقيل وَمَا الرِّكَاز يَا رَسُول الله؟ قَالَ الذَّهَب وَالْفِضَّة الَّذِي خلقه الله فِي الأَرْض يَوْم خلقت " والمقبري هَذَا ضَعِيف قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: قد اتَّقى النَّاس حَدِيثه، قَالَ الشَّافِعِي وَقد روى ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَاهُ رجل بِخمْس أَوَاقٍ من مَعْدن فَلم يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا " رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ موصلا عَن ابْن أبي ذِئْب عَن المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رجلا جَاءَ بِخمْس أَوَاقٍ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ يَا رَسُول الله: إِنِّي أصبت هَذَا من مَعْدن فَخذ مِنْهُ الزَّكَاة قَالَ: لَا شَيْء فِيهِ " وَذكره: هَذَا مَوْصُول وَشَاهده وَذكر / إِسْنَاده عَن ابْن أبي أُميَّة عَن المَقْبُري قَالَ: أَحْسبهُ عَن أبي هُرَيْرَة " أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِقِطْعَة فضَّة فَقَالَ: خُذ مني زَكَاتهَا، فَقَالَ من أَيْن جِئْت بهَا؟ قَالَ: من مَعْدن. قَالَ: لَا بل نعطيك مثل مَا جِئْت بِهِ وَلَا ترجع إِلَيْهِ " لَيْسَ فِي هَذَا بَيَان مِقْدَار مَا جَاءَ بِهِ وَفِيه مَا دلّ على أَنه لم يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا وَفِيه النَّهْي عَن الرُّجُوع إِلَيْهِ. وَكَأَنَّهُ أحب التَّنَزُّه عَنهُ لما روينَا عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " سَتَكُون معادن وَيكون فِيهَا من شرار خلق الله " قَالَ

لم يأخذ منها شيئا ولو كان فيها شيء لأخذه وهذا على قوله في رواية أبي عبد الرحمن والبويطي عنه أن الحول شرط في وجوب الزكاة فيه وأجاب الشافعي رحمه الله عن قولهم تقول العرب قد أركز المعدن فإن قال إنما يقال أركز المعدن عند الندرة تأتي منه

الشَّافِعِي رَحمَه الله وَهَذَا خلاف رِوَايَة عبد الله بن سعيد عَن أَبِيه عَن جده وَذَاكَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يَأْخُذ مِنْهَا شَيْئا وَلَو كَانَ فِيهَا شَيْء لأَخذه وَهَذَا على قَوْله فِي رِوَايَة أبي عبد الرَّحْمَن، والبويطي عَنهُ أَن الْحول شَرط فِي وجوب الزَّكَاة فِيهِ وَأجَاب الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن قَوْلهم تَقول الْعَرَب. قد أركز الْمَعْدن فَإِن قَالَ إِنَّمَا يُقَال أركز الْمَعْدن عِنْد الندرة تَأتي مِنْهُ بَائِنَة مِمَّا يَأْتِي مِنْهُ بِالْعَمَلِ وَهُوَ يَقُول فِي الندرة، تَأتي مِنْهُ وَفِي الْقَلِيل يَأْتِي مِنْهُ، بِخمْس مَعًا فَلَو كَانَ يَقُول لَا يُخَمّس إِلَّا قيل أركز الْمَعْدن كَانَ قد ذهب إِلَى ضَعِيف من القَوْل أَيْضا وَذَلِكَ أَنه قد يُقَال للرجل يُوهب لَهُ الشَّيْء وللرجل مَرْكَز أذرعه، وللرجل يَأْتِيهِ فِي تِجَارَته أَكثر مِمَّا كَانَ يَأْتِيهِ وَمن ثمره أَكثر مِمَّا كَانَ يَأْتِيهِ أركزت فَإِن كَانَ باسم الرِّكَاز، اعتل فَهَذَا كُله وَأكْثر مِنْهُ يَقع عَلَيْهِ اسْم الرِّكَاز وَإِن كَانَ بالْخبر فَالْخَبَر على دفن الْجَاهِلِيَّة، وَقد حكى البُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة من كتاب الْجَامِع الصَّحِيح، مَذْهَب مَالك وَالشَّافِعِيّ رحمهمَا الله فِي الْمَعْدن وَحكى مَا احْتج بِهِ الشَّافِعِي

فذكر حديثا فيه طول في الضوال وغيرها وفيه وما كان في الطريق غير الميتاء والقرية غير المسكونة ففيه وفي الركاز الخمس قالوا فقوله

رَحمَه الله فِي أَن الْمَعْدن لَيْسَ بركاز وَإِنَّمَا أَخذه من قَول الشَّافِعِي رَحمَه الله. استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رجلا من مزينة أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر حَدِيثا فِيهِ طول فِي الضوال وَغَيرهَا وَفِيه وَمَا كَانَ فِي الطَّرِيق غير الميتاء والقرية غير المسكونة فَفِيهِ وَفِي الرِّكَاز الْخمس قَالُوا فَقَوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا كَانَ فِي الطَّرِيق غير الميتاء الْقرْيَة غير المسكونة قَالُوا أَرَادَ بِهِ الْمَعْدن ثمَّ قَالَ فَفِيهِ وَفِي الرِّكَاز الْخمس. دلّ على أَنَّهُمَا يستويان فِي وجوب الْخمس فيهمَا. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: فَإِن كَانَ حَدِيث عمر وَيكون حجَّة فَالَّذِي روى الْحجَّة عَلَيْهِ فِي غير حكم، وَإِن كَانَ حَدِيث عَمْرو غير حجَّة فالحجة بِغَيْر حجَّة جهل. رُوِيَ فِي حَدِيث عَمْرو الَّذِي رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه سُئِلَ عَن التَّمْر الْمُعَلق. فَقَالَ غرامته وَمثله مَعَه، وَجلد أَو نكال فَإِذا أَواه الجرين فَفِيهِ الْقطع، وَهُوَ يَقُول: غرامته فَقَط وَلَيْسَ مثله مَعَه وَيَقُول: لَا يقطع فِيهِ إِذا أَواه الجرين رطبا والجرين يؤويه رطبا، وَرُوِيَ فِي ضَالَّة الْإِبِل غرامتها وَمثلهَا مَعهَا، وَيَقُول غرامتها وَحدهَا فَإِن جَاءَ صَاحبهَا وَإِلَّا فَشَأْنه بهَا وَهُوَ يَقُول: إِذا كَانَ مُوسِرًا: لم يكن لَهُ أَن

مسألة

يأكلها ويتصرف بهَا. فَخَالف حَدِيث عَمْرو الَّذِي رَوَاهُ فِي أَحْكَام وَاحْتج مِنْهُ بِشَيْء وَاحِد إِنَّمَا هُوَ توهم فِي الحَدِيث فَإِن كَانَ حجَّة فِي شَيْء فَلْيقل فِيمَا تَركه فِيهِ " قَوْله رَحمَه الله هُوَ توهم يشتبهه أَن يكون أَرَادَ بِهِ لَيْسَ بمنصوص عَلَيْهِ فِي مَوضِع النزاع وَقد يكون المُرَاد بِهِ مَا يُؤْخَذ من أَمْوَال الْجَاهِلِيَّة ظَاهرا فِي الأَرْض فِي الطَّرِيق غير المئتاء والقرية غير المسكونة، فَقَالَ فِيهِ: وَفِي الرِّكَاز الْخمس. قَالَ الشَّافِعِي: أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ قَالَ جَاءَ رجل إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: إِنِّي وجدت ألفا وخمسماية دِرْهَم فِي خربة بِالسَّوَادِ. فَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " أما لأقضين فِيهَا قضاءا بَينا: إِن كنت وَجدتهَا فِي قَرْيَة تُؤدِّي خراجها قَرْيَة أُخْرَى فَهِيَ لأهل تِلْكَ الْقرْيَة وَإِن كنت وَجدتهَا فِي قَرْيَة لَيْسَ تُؤدِّي خراجها قَرْيَة أُخْرَى فلك أَرْبَعَة أخماسه وَلنَا الْخمس ثمَّ الْخمس لَك " وَهَذَا لَا حجَّة فِيهِ فَإِنَّهُ ورد فِي الرِّكَاز الَّذِي هُوَ دفن الْجَاهِلِيَّة وكلامنا وَقع فِي الْمَعْدن وَالله أعلم. مَسْأَلَة (228) : والنصاب مُعْتَبر فِي الْمُسْتَخْرج من الْمَعْدن على أحد الْقَوْلَيْنِ،

وليس فيما دون خمس أواق صدقة زاد في رواية عند البخاري من الورق وروي عن جابر بن عبد الله قال كنا عند رسول الله

قَالَ أَبُو حنيفَة يجب فِي الْقَلِيل وَالْكثير عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم عَن أبي سعيد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ صَدَقَة "، زَاد فِي رِوَايَة عِنْد البُخَارِيّ: من الْوَرق، وَرُوِيَ عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: كُنَّا / عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ جَاءَهُ رجل بِمثل بَيْضَة من ذهب فَقَالَ: يَا رَسُول الله أصبت هَذِه من مَعْدن فَخذهَا فَهِيَ صَدَقَة، مَا أملك غَيرهَا فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ أَتَاهُ من قبل رُكْنه الْأَيْمن. فَقَالَ: مثل ذَلِك فَأَعْرض عَنهُ ثمَّ أَتَاهُ من رُكْنه الْأَيْسَر فَأَعْرض عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ أَتَاهُ من خَلفه فَأَخذهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحَذفهُ بهَا فَلَو أَصَابَته لَأَوْجَعَتْهُ أَو عقرته فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَأْتِي أحدكُم بِمَا يملك فَيَقُول هَذِه صَدَقَة ثمَّ يقْعد يستكفي النَّاس، خير الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى " لَو لم يكن النّصاب مُعْتَبرا لأخذ مِنْهُ الْخمس مَعَ كَثْرَة إِعَادَته لَهُ وَعرضه عَلَيْهِ وَلكنه امْتنع عَن أَخذ الْوَاجِب مِنْهَا لكَونهَا نَاقِصَة عَن النّصاب وَالله أعلم، وَأَبُو حنيفَة كَانَ يزْعم للْفَقِير خمس حق مَا يجده على نَفسه فَإِذا بذله الإِمَام يَأْخُذ وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (229) : الْحق الْوَاجِب فِي الْمَعْدن والركاز مصرفه مصرف الزَّكَاة وَيعْتَبر بِحَال الْوَاجِد وَقَالَ أَبُو حنيفَة: مصرفه مصرف الْفَيْء وَالْغنيمَة وَلَا يعْتَبر حَال الْوَاجِد عِنْد أبي دَاوُد عَن ضباعة بنت الزبير بن عبد الْمطلب بن هَاشم قَالَت: ذهب الْمِقْدَاد لِحَاجَتِهِ ببقيع الخبجبة وَإِذا جرذ يخرج من حجر دِينَارا ثمَّ لم يزل يخرج دِينَارا دِينَارا حَتَّى أخرج سَبْعَة عشر دِينَارا ثمَّ أخرج خرقَة حَمْرَاء يَعْنِي فِيهَا دِينَار فَكَانَت ثَمَانِيَة عشر دِينَارا فَذهب بهَا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ بهَا وَقَالَ لَهُ: خُذ صدقتها، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَل هويت إِلَى الْحجر " قَالَ: لَا فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بَارك الله لَك فِيهَا " إِنَّمَا لم يَأْخُذ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لنُقْصَان ذَلِك عَن النّصاب، وَلم يقل لَيْسَ فِيهِ زَكَاة لما قَالَ خُذ صدقتها وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (230) : وَتجب زَكَاة الْفطر على من عِنْده فضل من قوت يَوْمه، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: لَا تجب إِلَّا على من ملك نِصَابا تجب فِيهِ الزَّكَاة. لنا حَدِيث ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فرض زَكَاة الْفطر فِي رَمَضَان على كل نفس من الْمُسلمين حر أَو عبد، رجل أَو امْرَأَة صَغِيرا أَو كَبِيرا صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن أبي صعير عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَاعا من بر أَو قَمح على كل صَغِير أَو كَبِير حر أَو عبد ذكر وَأُنْثَى، غَنِي أَو فَقير. أما غنيكم فيزكيه الله وَأما فقيركم فَيرد الله عَلَيْهِ أَكثر مِمَّا أعْطى " وروى معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: " كَانَ زَكَاة الْفطر على كل حر وَعبد ذكر وَأُنْثَى صَغِير

مسألة

وكبير فَقير وغني " وَذكر الْأَثر بِتَمَامِهِ وَالله أعلم. مَسْأَلَة (231) : وَلَا تجب على الْمُسلم صَدَقَة الْفطر عَن عَبده الْكَافِر، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: تجب لنا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فرض زَكَاة الْفطر من رَمَضَان صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير على كل حر أَو عبد ذكر أَو أُنْثَى من الْمُسلمين " وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " فرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَكَاة الْفطر طهرة للصيام من اللَّغْو والرفث وطعمة للْمَسَاكِين من أَدَّاهَا قبل الصَّلَاة فَهِيَ زَكَاة مَقْبُولَة وَمن أَدَّاهَا بعد الصَّلَاة فَهِيَ صَدَقَة من الصَّدقَات " وَفِي حَدِيث ابْن عمر دَلِيل فِي مسَائِل أخر مِنْهَا أَن وَقت وجوب زَكَاة الْفطر مُنْتَهى رَمَضَان ومبتدأ هِلَال شَوَّال. لقَوْله فرض زَكَاة الْفطر من رَمَضَان خلاف مَا زعم أَبُو حنيفَة من أَن وقته طُلُوع الْفجْر

مسألة

من أول يَوْم من شَوَّال، وَمِنْهَا أَن على الشَّرِيكَيْنِ فِي العَبْد زَكَاة الْفطر فِيهِ بِحِسَاب الشِّرَاء خلاف مَا زعم أَبُو حنيفَة أَن الشّركَة مسقطة لَهَا وَغير ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَمَا رُوِيَ عَن نَافِع عَن ابْن عمر: " أَنه كَانَ يخرج صَدَقَة الْفطر عَن كل حر وَعبد صَغِير وكبير ذكر وَأُنْثَى، كَافِر وَمُسلم حَتَّى إِن كَانَ يخرج عَن مكاتبيه فَهَذَا إِن صَحَّ فَهُوَ شَيْء تبرع بِهِ ابْن عمر أَلا ترى أَنه كَانَ يُخرجهَا عَن مكاتبيه وَذَلِكَ لَا يجب عَلَيْهِ وَالله أعلم. مَسْأَلَة (232) : وَزَكَاة فطر الْمَرْأَة على زَوجهَا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: عَلَيْهَا دون زَوجهَا رُوِيَ عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه قَالَ أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِزَكَاة الْفطر تُؤَدّى قبل أَن يخرج النَّاس إِلَى الصَّلَاة، قَالَ فَكَانَ عبد الله يُؤَدِّيهَا قبل ذَلِك بِالْيَوْمِ وباليومين قَالَ وَكَانَ عبد الله يُؤَدِّيهَا عَن كل مَمْلُوك لَهُ فِي أرضه وَغير أرضه عَن كل إِنْسَان يعوله صَغِيرا أَو كَبِيرا وَعَن رَقِيق امْرَأَته وَكَانَ لَهُ مكَاتب بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ لَا يُؤَدِّي عَنهُ

مسألة

إِسْنَاده صَحِيح وَعنهُ عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يُعْطي صَدَقَة الْفطر عَن جَمِيع أَهله صَغِيرهمْ وَكَبِيرهمْ عَمَّن يعول وَعَن رَقِيقه وَعَن رَقِيق نِسَائِهِ " وَهَذَا أَيْضا صَحِيح وَعَلِيهِ اعتمادي من طَرِيق الْخَبَر وَلَا اعْتمد السَّنَد الَّذِي قدمت ذكره لِأَن إِسْنَاده لَيْسَ بِالْقَوِيّ وَالله أعلم. مَسْأَلَة (233) : وَلَا يُجزئ من الْبر إِلَّا صَاع وَقَالَ أَبُو حنيفَة يُجزئهُ نصف صَاع. لنا حَدِيث / أبي سعيد الصَّحِيح قَالَ كُنَّا نعطي زَكَاة الْفطر فِي زمن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَاعا من طَعَام أَو صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير أَو صَاعا من أقط وَالطَّعَام فِي هَذَا الحَدِيث المُرَاد بِهِ الْحِنْطَة بِدَلِيل تنَاولهَا من طَرِيق الْعَرَبيَّة وَبِمَا روى أَحْمد بن حَنْبَل فِي مُسْنده عَن عِيَاض بن عبد بن أبي سرح قَالَ: قَالَ أَبُو سعيد وَذكر عِنْده صَدَقَة الْفطر فَقَالَ: لَا أخرج إِلَّا مَا كنت أخرجه فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صَاعا من تمر أَو صَاعا من حِنْطَة أَو صَاعا من شعير أَو صَاعا من أقط فَقَالَ لَهُ رجل من الْقَوْم أَو مد من قَمح فَقَالَ: لَا تِلْكَ قيمَة مُعَاوِيَة

زكاة الفطر على كل صغير وكبير حرا ومملوكا صاعا من طعام أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا يكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال إني أرى مدين من تمر الشام

لَا أقبلها وَلَا أعمل بهَا " وَقد رَوَاهُ غَيره فَلم يذكر الْحِنْطَة، وَقد ذكرهَا هُوَ وَالطَّرِيق إِلَيْهِ صَحِيح، وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة فَكيف عَن إِمَام مثله رَضِي الله عَنهُ وَفِي صَحِيح مُسلم عَن عِيَاض بن عبد الله عَن أبي سعيد قَالَ: " كُنَّا نخرج إِذْ كَانَ فِينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَكَاة الْفطر على كل صَغِير وكبير حرا ومملوكا صَاعا من طَعَام أَو صَاعا من أقط أَو صَاعا من شعير أَو صَاعا من تمر أَو صَاعا من زبيب فَلم نزل نخرجهُ حَتَّى قدم مُعَاوِيَة حَاجا أَو مُعْتَمِرًا يكلم النَّاس على الْمِنْبَر، فَكَانَ فِيمَا كلم بِهِ النَّاس، أَن قَالَ إِنِّي أرى مَدين من تمر الشَّام تعدل صَاعا من تمر فَأخذ بذلك النَّاس فَقَالَ أَبُو سعيد: فَأَما أَنا فَلَا أَزَال أخرجه أبدا مَا عِشْت وَعِنْده أَيْضا عَن أبي سعيد أَن مُعَاوِيَة لما جعل نصف الصَّاع من الْحِنْطَة عدل صَاع من تمر أنكر ذَلِك أَبُو سعيد وَقَالَ: لَا أخرج فِيهَا إِلَّا الَّذِي كنت أخرج فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " صَاع من تمر أَو صَاع من زبيب أَو صَاع من شعير أَو صَاع من أقط ". وَزعم بعض من نصر قَول من قَالَ: يُجزئ نصف صَاع من بر أَن لَا حجَّة فِي حَدِيث أبي سعيد لِأَنَّهُ قد يجوز أَن يُعْطوا من ذَلِك مَا عَلَيْهِم ويريدون فضلا لَيْسَ عَلَيْهِم وَاسْتشْهدَ بِرِوَايَة رَوَاهَا عَن الْحسن: " أَن مَرْوَان بعث إِلَى أبي سعيد أَن ابْعَثْ إِلَيّ زَكَاة رقيقك. فَقَالَ أَبُو سعيد: إِن مَرْوَان لَا يعلم أَن علينا أَن نعطي لكل رَأس عبد كل فطر صَاعا من تمر أَو نصف صَاع من بر وَهَذَا إِن صَحَّ فَلِأَن

أمر بزكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير قال عبد الله فجعل الناس عدله مدين من حنطة يعني معاوية ومن تابعه عليه بدليل حديث أبي سعيد الصريح في ذلك وبدليل ما روي عنه أيضا أن رسول الله

مَرْوَان كَانَ يطالبهم عَن كل رَأس صَاع من تمر أَو نصف صَاع من بر على تَعْدِيل مُعَاوِيَة. فَقَالَ أَبُو سعيد: قد أَعْطَيْت ذَلِك فَلم يطالبني بِالزِّيَادَةِ وَقد أخبر فِي حَدِيث عِيَاض بِمَا كَانَ يُخرجهُ، وَأنكر تَعْدِيل مُعَاوِيَة فَكيف يَصح هَذَا عَنهُ إِلَّا على الْوَجْه الَّذِي ذكرنَا، وَلَو جَازَ لقَائِل أَن يَقُول فِي الطَّعَام كَانُوا يخرجُون بعضه فرضا وَبَعضه فضلا لجَاز لغيره أَن يَقُول مثله فِي سَائِر الْأَجْنَاس ولجاز لغيره أَن يَقُول فِي الْمَدِين إِنَّمَا قَالَه فِي من لم يجز أَكثر من ذَلِك وَلَكِن الْأَمر على مَا شَاءَ وَالله أعلم. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن نَافِع أَن ابْن عمر قَالَ: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بِزَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير " قَالَ عبد الله: فَجعل النَّاس عدله مَدين من حِنْطَة يَعْنِي مُعَاوِيَة وَمن تَابعه عَلَيْهِ بِدَلِيل حَدِيث أبي سعيد الصَّرِيح فِي ذَلِك، وبدليل مَا رُوِيَ عَنهُ أَيْضا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فرض زَكَاة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من بر على كل حر وَعبد ذكرا أَو أُنْثَى من الْمُسلمين " قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح فَإِن قيل قد رَوَاهُ عبد الْعَزِيز بن أبي رواد عَن نَافِع فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ " عبد الله فَلَمَّا كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ وَكَثُرت الْحِنْطَة جعل عمر نصف صَاع حِنْطَة مَكَان صَاع من تِلْكَ الْأَشْيَاء "، قيل عبد الْعَزِيز بن أبي رواد ضَعِيف الحَدِيث كثير الْوَهم يروي على التَّوَهُّم وَيحدث على الحسبان وَكَانَ يرى الإرجاء مَاتَ

في زكاة الفطر نصف صاع من حنطة أو صاعا من تمر وذكر في إسناده اختلافا ثم قال وفي الجملة لا يصح هذا الحديث بهذا الإسناد إذ لو كان عند ابن عمر أن النبي

وسُفْيَان الثَّوْريّ بِمَكَّة فَلم يصل عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ أَبُو حَمَّاد الْمفضل بن صدقه فِي هَذَا الحَدِيث وَذكر أَن عبد الله بن عمر هُوَ الَّذِي (عدل) الْمَدِين بالصاع وَأَبُو حَمَّاد هَذَا قد تكلمُوا فِيهِ وَقد خَالف رِوَايَة عبد الْعَزِيز أَيْضا وَالصَّحِيح مَا مضى أَن ابْن عمر قَالَ: فَجعل النَّاس عدله مَدين لم يعزه إِلَى أحد وَقد بَينه الحَدِيث الآخر الصَّحِيح عَن أبي سعيد وَالله أعلم. استدلوا بِحَدِيث عَن ابْن عمر أَنه قَالَ أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي زَكَاة الْفطر نصف صَاع من حِنْطَة أَو صَاعا من تمر وَذكر فِي إِسْنَاده اخْتِلَافا ثمَّ قَالَ وَفِي الْجُمْلَة لَا يَصح هَذَا الحَدِيث بِهَذَا الْإِسْنَاد إِذْ لَو كَانَ عِنْد ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرض فِي زَكَاة الْفطر نصف صَاع من حِنْطَة لما كَانَ يَقُول فَجعل النَّاس عدله مَدين من حِنْطَة / وَرُوِيَ بِإِسْنَاد آخر عَن ابْن عمر مَرْفُوعا " صَدَقَة الْفطر صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير أَو مَدين من حِنْطَة " إِسْنَاده مظلم، وَفِيه بَقِيَّة عَن دَاوُد بن الزبْرِقَان وَقد تكلمُوا فيهمَا وَالطَّرِيق إِلَيْهِمَا فيهمَا لَيْسَ بواضح وَالله أعلم ثمَّ يُعَارضهُ مثله وَذكر حديثين فِي أَحدهمَا " أَو صَاع من بر " وَفِي الآخر " أَو صَاعا من قَمح " وَكِلَاهُمَا عَن ابْن عمر مَرْفُوعا قَالَ فِيهِ " أَو نصف صَاع من بر " وَذكر فِيهِ اخْتِلَافا

كَبِيرا على الزُّهْرِيّ فِي إِسْنَاده وَمَتنه مِنْهَا مَا أخرجه الدراقطني فِي سنَنه وَقَالَ فِيهِ: " صَاعا من بر " وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي بِمَعْنى حَدِيث فِيهِ " أَو صَاع من قَمح " وَقَالَ هَكَذَا رِوَايَة بكر لم يقم هَذَا الحَدِيث غَيره قد أصَاب الْإِسْنَاد والمتن، وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن أبي صعير قَالَ " كُنَّا نخرج على عهد عمر رَضِي الله عَنهُ " نصف صَاع من تمر " قَالَ مُحَمَّد بن يحيى: لَا أَدْرِي مَا هَذَا؟ هَذَا مُنكر الْإِسْنَاد والمتن وَهَذَا مِمَّا أرَاهُ لم يسمعهُ عَن الزُّهْرِيّ ثمَّ قَالَ: وَقد ذكرنَا مَا انْتهى إِلَيْنَا من الِاخْتِلَاف فِيهِ على الزُّهْرِيّ فِي إِسْنَاده وَمَتنه وبمثل ذَلِك لَا تقوم الْحجَّة، وَرُبمَا استدلوا بِحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن هُرْمُز عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ مَوْقُوف، وَالَّذِي هُوَ مَرْفُوع مُرْسل، وَقد رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا بِخِلَافِهِ وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا وَهُوَ وهم وَالصَّوَاب عَن عَطاء من قَوْله كَذَا رَوَاهُ عبد الْوَهَّاب بن عَطاء وَغَيره عَن ابْن جريج، وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن شُعَيْب وَهُوَ مخرج بعد هَذَا، وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ عَن عبد الحميد عَن

في زكاة الفطر فقال حديث بصري وإسناده مرسل رواه الحسن

أَبِيه عَن أبي سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس والواقدي ضَعِيف الحَدِيث جدا. قَالَ الشَّافِعِي: كتب الْوَاقِدِيّ كذب، وَقَالَ ابْن معِين: الْوَاقِدِيّ: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ الْوَاقِدِيّ: يضع الحَدِيث، وَرَوَاهُ سَلام الطَّوِيل عَن زيد الْعمي عَن عِكْرِمَة عَنهُ مَرْفُوعا، قَالَ عَليّ بن عمر: سَلام الطَّوِيل مَتْرُوك الحَدِيث، وَلم يسْندهُ غَيره وَالصَّوَاب من هَذِه الرِّوَايَات عَن ابْن عَبَّاس مُرْسل كَمَا عِنْد أبي دَاوُد عَن الْحسن: قَالَ خطب ابْن عَبَّاس فَذكر الحَدِيث مَرْفُوعا وَفِيه " أَو نصف صَاع قَمح "، وَقَالَ فَلَمَّا قدم عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَرَأى رخص السّعر وَقَالَ: قد أوسع الله عَلَيْكُم لَو جعلتموه صَاعا من كل شَيْء. قَالَ حميد: وَكَانَ الْحسن يرى صَدَقَة رَمَضَان على من صَامَ، وَهَذَا مُرْسل الْحسن لم يسمع من ابْن عَبَّاس، قَالَ مُحَمَّد بن أَحْمد بن الْبَراء سَمِعت عَليّ بن الْمَدِينِيّ وَقد سُئِلَ عَن حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي زَكَاة الْفطر. فَقَالَ: حَدِيث بَصرِي وَإِسْنَاده مُرْسل رَوَاهُ الْحسن

أن نعطي صدقة الفطر نصف صاع حنطة وصاعا مما سواه أبان متروك الحديث قال حماد بن زيد جاءني إبان فقال أحب أن تكلم شعبة أن يكف عني قال فكلمته فكف عنه أياما فأتاني في بعض الليل فقال إنك سألتني أن أكف عن أبان وأنه لا يحل الكف عنه فإنه

وَمُحَمّد بن سِيرِين عَن ابْن عَبَّاس قَالَ شُعْبَة أَحَادِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن ابْن عَبَّاس إِنَّمَا سَمعهَا مُحَمَّد عَن عِكْرِمَة وَلم يسمع من ابْن عَبَّاس لقِيه أَيَّام الْمُخْتَار، الْحسن لم يسمع من ابْن عَبَّاس وَلَا رَآهُ قطّ وَرُوِيَ عَن ابْن سِيرِين عَن ابْن عَبَّاس بِخِلَافِهِ قَالَ أمرنَا أَن نعطى صَدَقَة رَمَضَان فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ: فِيهِ صَاعا من طَعَام من أدّى برا قبل مِنْهُ وَمن أدّى شَعِيرًا قبل مِنْهُ " وَرُوَاته ثِقَات إِلَّا أَن فِيهِ إرْسَالًا، مُحَمَّد لم يسمع من ابْن عَبَّاس فِي قَول أَكثر أَئِمَّة الحَدِيث، وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى أبان بن أبي عَيَّاش عَن أنس قَالَ: " أمرنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نعطي صَدَقَة الْفطر نصف صَاع حِنْطَة وصاعا مِمَّا سواهُ ". أبان مَتْرُوك الحَدِيث، قَالَ حَمَّاد بن زيد جَاءَنِي إبان فَقَالَ أحب أَن تكلم شُعْبَة أَن يكف عني قَالَ: فكلمته فَكف عَنهُ أَيَّامًا فَأَتَانِي فِي بعض اللَّيْل فَقَالَ: إِنَّك سَأَلتنِي أَن أكف عَن أبان وَأَنه لَا يحل الْكَفّ عَنهُ، فَإِنَّهُ يكذب على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى عمر بن صهْبَان عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان عَن أَبِيه قَالَ: " فرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صَدَقَة الْفطر على كل صَغِير وكبير حر وَعبد صَاعا من تمر أَو صَاعا من شعير أَو نصف صَاع من قَمح " هَذَا مُنكر، عمر

بعث مناديا فذكر الحديث وقال فيه مدان من قمح وابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب وربما استدلوا بما روى ابن لهيعة عن أبي الأسود عن فاطمة عن أسماء بنت أبي بكر قالت كنا نؤدي زكاة الفطر على عهد رسول الله

ابْن صهْبَان: ضَعِيف وَالطَّرِيق إِلَيْهِ لَيْسَ بواضح قَالَ ابْن معِين: عمر بن صهْبَان مدنِي لَا يُسَوِّي فلس، وَقَالَ البُخَارِيّ عمر بن صهْبَان: مُنكر الحَدِيث وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد سديد عَن ابْن صهْبَان عَن الزُّهْرِيّ بِالْإِسْنَادِ خلاف ذَلِك وَإِنَّمَا استدلوا / بِمَا رُوِيَ عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث مناديا فَذكر الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ: " مدان من قَمح " وَابْن جريج لم يسمع من عَمْرو بن شُعَيْب وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى ابْن لَهِيعَة عَن أبي الْأسود عَن فَاطِمَة عَن أَسمَاء بنت أبي بكر قَالَت: " كُنَّا نُؤَدِّي زَكَاة الْفطر على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَدين من قَمح بِالْمدِّ الَّذِي تقتاتون بِهِ " ابْن لَهِيعَة لَا يحْتَج بِهِ وَالصَّحِيح عَن أَسمَاء بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن أمه أَنهم كَانُوا يخرجُون زَكَاة الْفطر فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمدِّ الَّذِي يقتات بِهِ أهل الْبَيْت أَو الصَّاع الَّذِي تقتاتون بِهِ يفعل ذَلِك أهل الْمَدِينَة كلهم، وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عصمَة بن مَالك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " فِي صَدَقَة

فذكر الحديث وقال فيه بنصف صاع من بر قال الدارقطني لم يروه بهذا الإسناد وهذه الألفاظ غير سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث وروي عنه أيضا بالإسناد خلاف ذلك وربما استدلوا بما روي عن الحكم عن قيس بن سعد بن عبادة قال كنا نصوم عاشوراء

الْفطر نصف صَاع من بر أَو صَاعا من تمر " وَرُوِيَ مَوْقُوفا وَهُوَ الصَّوَاب، وَرُوِيَ بِخِلَاف ذَلِك مَرْفُوعا أَو مَوْقُوفا وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى سُلَيْمَان بن أَرقم عَن الزُّهْرِيّ عَن قبيصَة عَن زيد بن ثَابت قَالَ خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ: " بِنصْف صَاع من بر " قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يروه بِهَذَا الْإِسْنَاد وَهَذِه الْأَلْفَاظ غير سُلَيْمَان بن أَرقم، وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا بِالْإِسْنَادِ خلاف ذَلِك وَرُبمَا استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن الحكم عَن قيس بن سعد بن عبَادَة قَالَ: كُنَّا نَصُوم عَاشُورَاء، فَلَمَّا فرض الله رَمَضَان لم ينهنا عَنهُ وَكُنَّا نصومه وَكُنَّا نعطي عَن كل إِنْسَان صَاعا يَوْم الْفطر فَلَمَّا نزلت الزَّكَاة لم ينهنا عَنهُ وَنحن نفعله " هَذَا مُرْسل الحكم لم يسمع من قيس، وَرَوَاهُ الْقَاسِم بن مخيمرة عَن أبي عمار الهمذاني عَن قيس بن سعد لَيْسَ فِيهِ ذكر الْمِقْدَاد، وروى عبد الْكَرِيم أَبُو أُميَّة عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة وَالْأسود عَن ابْن مَسْعُود، قَالَ: " مدان من قَمح أَو صَاع من تمر " وَأَبُو أُميَّة ضَعِيف الحَدِيث، وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن جَابر بن عبد الله وَعُثْمَان بن عَفَّان وَرُوِيَ عَن أبي بكر أَنه أدّى إِلَيْهِ نصف صَاع، وَهُوَ مُرْسل قَالَ ابْن الْمُنْذر: لَا يثبت ذَلِك عَن أبي بكر وَعُثْمَان رَضِي الله

فذكر الحديث وقال فيه نصف صاع من بر وهو مرسل وجابر متروك والله أعلم بالصواب استدلوا بمرسل عن سعيد بن المسيب في ذلك قال الشافعي رحمه الله تعالى حديث مدين خطأ وهو كما قال فقد ثبت أن التعديل بمدين إنما كان بعد رسول الله

عَنْهُمَا وروى جَابر الْجعْفِيّ عَن الشّعبِيّ. قَالَ: كَانُوا يعطونها على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ: نصف صَاع من بر وَهُوَ مُرْسل، وَجَابِر مَتْرُوك وَالله أعلم. بِالصَّوَابِ، استدلوا بمرسل عَن سعيد بن الْمسيب فِي ذَلِك. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى حَدِيث مَدين خطأ، وَهُوَ كَمَا قَالَ: فقد ثَبت أَن التَّعْدِيل بمدين إِنَّمَا كَانَ بعد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالله أعلم. مَسْأَلَة (234) : لم يذكرهَا الإِمَام والصاع خَمْسَة أَرْطَال وَثلث، وَقَالَ أَبُو

الميزان على ميزان أهل مكة والمكيال مكيال أهل المدينة وعن أبي هريرة قال قالوا لرسول الله

حنيفَة: ثَمَانِيَة لنا مَا رُوِيَ عَن عَطاء عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمِيزَان على ميزَان أهل مَكَّة، والمكيال مكيال أهل الْمَدِينَة " وَعَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالُوا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا رَسُول الله إِن صاعنا أَصْغَر الصيعان ومدنا أَصْغَر الأمداد، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي صاعنا ومدنا " فَذكر الحَدِيث، وَعَن إِسْحَق بن سُلَيْمَان الرَّازِيّ قَالَ: قلت لمَالِك: " يَا أَبَا عبد الله كم وزن صَاع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: خَمْسَة أَرْطَال وَثلث بالعراقي، أَنا حزرته، قلت يَا أَبَا عبد الله: خَالف شيخ الْقَوْم يَقُول ثَمَانِيَة أَرْطَال، فَغَضب ثمَّ قَالَ لبَعض جُلَسَائِهِ يَا فلَان هَات صَاع جدك، وَيَا فلَان صَاع عمك، وَيَا فلَان هَات صَاع جدتك، قَالَ إِسْحَق: فاجتمعت آصَع، فَقَالَ مَالك: مَا تحفظون فِي هَذِه؟ فَقَالَ هَذَا حَدثنِي أبي عَن أَبِيه أَنه كَانَ يُؤَدِّي بِهَذَا الصَّاع إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَالَ: الآخر حَدثنِي أبي عَن أمه: أَنَّهَا كَانَت تُؤدِّي بِهَذَا الصَّاع إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ مَالك: " إِنَّمَا حزرت هَذِه فَوَجَدتهَا: خَمْسَة أَرْطَال وَثلث، فَقلت يَا أَبَا عبد الله: أحَدثك بِأَعْجَب من هَذَا عَنهُ أَنه يزْعم أَن صَدَقَة الْفطر نصف صَاع، والصاع ثَمَانِيَة أَرْطَال / فَقَالَ هَذِه أعجب من

وقال لي مالك لو جاءكم أمير فضرب مدا أصغر من مد النبي

الأولى يُخطئ فِي الْحِرْز وَينْقص من الْعَطِيَّة بل صَاع تَامّ على كل إِنْسَان هَكَذَا أدركنا علماءنا ببلدنا هَذَا، وَعند البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن بندر حَدثنَا أَبُو قُتَيْبَة حَدثنَا مَالك عَن نَافِع قَالَ كَانَ ابْن عمر يُعْطي زَكَاة رَمَضَان بِمد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ لي مَالك: " لَو جَاءَكُم أَمِير فَضرب مدا أَصْغَر من مد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَيّ شَيْء كُنْتُم تعطون قلت كُنَّا نعطى بِمد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، قَالَ: أَفلا ترى أَن الْأَمر إِنَّمَا يعود إِلَى مد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، وَرُوِيَ عَن الْحُسَيْن بن الْوَلِيد قَالَ: قدم علينا أَبُو يُوسُف من الْحَج فأتيناه فَقَالَ: إِنِّي أُرِيد أَن أفتح عَلَيْكُم بَابا من الْعلم همني، تفحصت عَنهُ فَقدمت الْمَدِينَة فَسَأَلت عَن الصَّاع فَقَالُوا صاعنا صَاع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قلت لَهُم مَا حجتكم فِي ذَلِك فَقَالُوا نَأْتِيك بِالْحجَّةِ غَدا فَلَمَّا أَصبَحت أَتَانِي: نَحْو من خمسين شَيخا من أَبنَاء الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار مَعَ كل رجل

فنظرت فإذا هي سواء فعيرته فإذا هو خمسة أرطال وثلث ينقصان معه يسير فرأيت أمرا قويا فقد تركت قول أبي حنيفة في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة قال الحسين فحججت من عامي ذلك فلقيت مالك بن أنس فسألته عن الصاع فقال صاعنا هذا صاع رسول الله

مِنْهُم الصَّاع تَحت رِدَائه كل رجل مِنْهُم يخبر عَن أَبِيه أَو أهل بَيته أَن هَذَا صَاع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَظَرت فَإِذا هِيَ سَوَاء فَعَيَّرْته فَإِذا هُوَ خَمْسَة أَرْطَال وَثلث ينقصان مَعَه يسير فَرَأَيْت أمرا قَوِيا، فقد تركت قَول أبي حنيفَة فِي الصَّاع وَأخذت بقول أهل الْمَدِينَة، قَالَ الْحُسَيْن: فحججت من عَامي ذَلِك فَلَقِيت مَالك بن أنس فَسَأَلته عَن الصَّاع، فَقَالَ: صاعنا هَذَا صَاع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت كم رَطْل هُوَ؟ فَقَالَ: إِن الْمِكْيَال لَا يرطل هُوَ هَذَا، قَالَ الْحُسَيْن: فَلَقِيت عبد الله بن زيد بن أسلم فَقَالَ: حَدثنِي أبي عَن جدي أَن هَذَا صَاع عمر رَضِي الله عَنهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث كَعْب بن عجْرَة فِي قدمه الْحَج وَقَالَ فِيهِ فَأمرنِي يَعْنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَصوم ثَلَاثَة أَيَّام أَو أنسك مَا تيَسّر أَو فرق من طَعَام بَين سِتَّة مَسَاكِين، وَرَوَاهُ مُجَاهِد عَن ابْن أبي ليلى وَقَالَ فِيهِ: " وَأطْعم فرقا بَين سِتَّة مَسَاكِين، وَالْفرق ثَلَاثَة آصَع "، ومعهود أَن الْفرق سِتَّة عشر رطلا. قَالَ أَبُو دَاوُد: سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول: " الْفرق سِتَّة عشر رطلا وسمعته يَقُول: صَاع ابْن أبي ذِئْب خَمْسَة أَرْطَال وَثلث، قَالَ فَمن

في الغسل من الجنابة صاع والوضوء رطلين والصاع ثمانية أرطال قال الدارقطني لم يروه عن منصور غير صالح وهو ضعيف الحديث وقال البخاري صالح بن موسى منكر الحديث وروى ابن أبي ليلى وهو ضعيف عن عبد الكريم عن أنس قال كان رسول الله

قَالَ ثَمَانِيَة أَرْطَال قَالَ: لَيْسَ ذَاك بِمَحْفُوظ، وَسمعت أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول: من أعْطى صَدَقَة الْفطر خَمْسَة أَرْطَال وَثلث فقد أوفى " وَأما مَا روى صَالح بن مُوسَى: " جرت السّنة من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْغسْل من الْجَنَابَة صَاع وَالْوُضُوء رطلين، والصاع ثَمَانِيَة أَرْطَال. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: لم يروه عَن مَنْصُور غير صَالح وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث وَقَالَ البُخَارِيّ: صَالح بن مُوسَى مُنكر الحَدِيث وروى ابْن أبي ليلى وَهُوَ ضَعِيف عَن عبد الْكَرِيم عَن أنس قَالَ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَوَضَّأ برطلين ويغتسل بِصَاع ثَمَانِيَة أَرْطَال، وَرُوِيَ بِمَعْنَاهُ من وَجه آخر عَن أنس وَالصَّحِيح عَنهُ مَا عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح عَنهُ كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يتَوَضَّأ بِالْمدِّ ويغتسل بالصاع " قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد عَن أُميَّة بن خَالِد

بالمد الذي يقتات به أهل البيت أو الصاع الذي يقتاتون به يفعل ذلك أهل المدينة كلهم فدل ذلك على مخالفة صاع الزكاة والقوت صاع الغسل ثم قد روت عائشة رضي الله عنها أنها كانت تغتسل هي ورسول الله

قَالَ: لما ولى خَالِد الْقَسرِي أَضْعَف الصَّاع فَصَارَ الصَّاع: سِتَّة عشرَة رطلا " ثمَّ قد أخْبرت أَسمَاء بنت أبي بكر رَضِي الله عَنْهُم " أَنهم كَانُوا يخرجُون زَكَاة الْفطر فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمدِّ الَّذِي يقتات بِهِ أهل الْبَيْت أَو الصَّاع الَّذِي يقتاتون بِهِ يفعل ذَلِك أهل الْمَدِينَة كلهم " فَدلَّ ذَلِك على مُخَالفَة صَاع الزَّكَاة والقوت صَاع الْغسْل، ثمَّ قد رَوَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا " أَنَّهَا كَانَت تَغْتَسِل هِيَ وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي إِنَاء وَاحِد قدر الْفرق " وَقد دللنا أَن الْفرق ثَلَاثَة آصَع فَإِذا كَانَ الصَّاع خَمْسَة أَرْطَال وَثلث كَانَ قدر مَا يغْتَسل بِهِ كل وَاحِد مِنْهُمَا ثَمَانِيَة أَرْطَال وَهُوَ صَاع وَنصف وَقدر مَا يغْتَسل بِهِ كَانَ يخْتَلف باخْتلَاف الِاسْتِعْمَال فَلَا معنى لترك الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة فِي قدر الصَّاع الْمعد لزكاة الْفطر بِمثل هَذَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَهُوَ أعلم بِالصَّوَابِ وَله الْحَمد وَالشُّكْر.

تمّ الْجُزْء الثَّانِي من الْقسم الأول من الْكتاب بتحقيق الدكتور ذياب عبد الْكَرِيم عقل ويليه الْجُزْء الأول من الْقسم الثَّانِي من الْكتاب بتحقيق الدكتور إِبْرَاهِيم الخضير وأوله مُقَدّمَة الْمُحَقق ويليه كتاب الصّيام وَالله الْمُوفق.

الجزء 3

كتاب الصّيام ذكر مَا اخْتلف فِيهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - من كتاب (الصّيام) مَسْأَلَة (1) : لَا يَصح صَوْم شهر رَمَضَان بنية من النَّهَار. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِذا نوى قبل الزَّوَال يَصح ". وَدَلِيلنَا: من طَرِيق الْخَبَر مَا (روى) عَن حَفْصَة - رَضِي الله

قال من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له وروى من وجه آخر عنها بمعناه إلا أنه قال مع الفجر ورواته ثقات وله شاهد بإسناد صحيح عنها أن النبي

عَنْهَا - زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " من لم يجمع الصّيام قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ ". وروى من وَجه آخر عَنْهَا بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنه قَالَ " مَعَ الْفجْر ". وَرُوَاته ثِقَات. وَله شَاهد بِإِسْنَاد صَحِيح عَنْهَا: أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: من لم يبيت الصّيام قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ. قَالَ عَليّ: رُوَاته ثِقَات، إِلَّا أَنه قد رُوِيَ مَوْقُوفا على حَفْصَة

قال من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له قال علي بن عمر تفرد به عبد الله بن عباد عن الفضل بهذا الإسناد وكلهم ثقات وروى مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر

وَرُوِيَ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من لم يبيت الصّيام قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ ". قَالَ عَليّ بن عمر: " تفرد بِهِ عبد الله بن عباد عَن الْفضل بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَكلهمْ ثِقَات " وروى مَالك: عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: كَانَ يَقُول: " لَا يَصُوم إِلَّا من أجمع الصّيام قبل الْفجْر "، وَعَن ابْن شهَاب عَن عَائِشَة وَحَفْصَة - رَضِي الله عَنْهُمَا -: بِمثل ذَلِك. وَرَوَاهُ اللَّيْث: عَن عقيل عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم: أَن عبد الله وَحَفْصَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَا ذَلِك. فَهُوَ عَن عبد الله بن عمر، وَحَفْصَة صَحِيح، وَلَا مُخَالف لَهما فِي ذَلِك فِي صَوْم الْفَرْض من الصَّحَابَة.

في قرى الأنصار من أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرا فليتم صومه آخر يومه قالت فلم نزل نصومه بعد ونصومه صبياننا الحديث أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وأخرجا أيضا عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن رسول

وَرُبمَا استدلوا بِحَدِيث الرُّبيع بنت معوذ - رَضِي الله عَنْهَا - فِي صِيَام يَوْم عَاشُورَاء: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قرى الْأَنْصَار: " من أصبح صَائِما فليتم صَوْمه، وَمن كَانَ أصبح مُفطرا فليتم صَوْمه آخر يَوْمه. قَالَت: فَلم نزل نصومه بعد، ونُصَوِّمه صبياننا " الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَأَخْرَجَا أَيْضا عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث رجلا من أسلم إِلَى قومه يَوْم عَاشُورَاء فَقَالَ: مرهم فليصوموا هَذَا الْيَوْم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا أَرَانِي آتيهم حَتَّى يطعموا، قَالَ: من طعم مِنْهُم فليصم بَقِيَّة يَوْمه " وَعِنْدَهُمَا عَن حميد أَنه سمع مُعَاوِيَة يَوْم عَاشُورَاء، عَام حج - وَهُوَ على الْمِنْبَر - يَقُول " أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ؟ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن هَذَا الْيَوْم يَوْم عَاشُورَاء، وَلم يكْتب عَلَيْكُم صِيَامه، فَمن شَاءَ فليصم، وَمن شَاءَ فليفطر "

يوم عاشوراء فقال النبي

وَعند مُسلم عَن ابْن عمر قَالَ " ذكر عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم عَاشُورَاء، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَوْمًا يَصُومهُ أهل الْجَاهِلِيَّة، فَمن أحب مِنْكُم أَن يَصُومهُ فليصمه، وَمن كرهه فليدعه " , فَحَدِيث ابْن عمر وَمُعَاوِيَة - رَضِي الله عَنْهُم - دَلِيل على أَن صَوْم عَاشُورَاء لم يكن وَاجِبا قطّ. وَمن زعم أَنه كَانَ وَاجِبا ثمَّ ترك فَفِي خبر سَلمَة بن الْأَكْوَع دلَالَة على أَنه إِنَّمَا أَمر بِهِ نَهَارا، فَكَانَ وُجُوبه من ذَلِك الْوَقْت، فَلذَلِك (جَازَ بنية من) النَّهَار. وَحَدِيث الْأَمر بِالْقضَاءِ لم يثبت إِسْنَاده، وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ، فَقيل من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مسلمة، وَقيل: ابْن سَلمَة، وَلم نقف على اسْمه وحاله، وَالله أعلم.

مسألة وصوم التطوع يصح بالنية بعد الزوال في أحد القولين وقال أبو حنيفة رحمه الله لا يصح وروي عن حذيفة رضي الله عنه أنه بدا له الصوم بعد ما زالت الشمس فصام قال الربيع وقال الشافعي حكاية عن أبي معاوية عن

مَسْأَلَة (2) : وَصَوْم التَّطَوُّع يَصح بِالنِّيَّةِ بعد الزَّوَال فِي أحد الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يَصح ". وَرُوِيَ عَن حُذَيْفَة - رَضِي الله عَنهُ - أَنه بدا لَهُ الصَّوْم بعد مَا زَالَت الشَّمْس فصَام. قَالَ الرّبيع: " وَقَالَ الشَّافِعِي حِكَايَة عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش

مسألة

عَن عمَارَة عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد عَن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أحدكُم بِالْخِيَارِ مَا لم يَأْكُل أَو يشرب "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (3) : لم يذكرهَا الإِمَام - وَيكرهُ صَوْم يَوْم الشَّك، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " لَا يكره ". وَدَلِيلنَا: مَا عِنْد البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يتَقَدَّم أحدكُم رَمَضَان بِصَوْم يَوْم وَلَا يَوْمَيْنِ، إِلَّا رجل كَانَ يَصُوم صوما فليصم ذَلِك الْيَوْم " وَأخرجه

قال لا تستقبلوا الشهر استقبالا صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبين منظره سحابة أو قترة فأكملوا العدة ثلاثين قال الحافظ أبو عبد الله الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد عن صلة بن زفر قال كنا عند عمار بن ياسر رضي

مُسلم أَيْضا إِلَّا أَنه قَالَ: " لَا تقدمُوا قبل رَمَضَان. وَرُوِيَ عَن سماك قَالَ: " دخلت على عِكْرِمَة فِي الْيَوْم الَّذِي شكّ فِيهِ من رَمَضَان وَهُوَ يَأْكُل، قَالَ " أدن فَكل، قلت: إِنِّي صَائِم، قَالَ: وَالله لتدنون، فَقلت: فَحَدثني، قَالَ: حَدثنِي ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَا تستقبلوا الشَّهْر اسْتِقْبَالًا، صُومُوا لرُؤْيَته، وأفطروا لرُؤْيَته، فَإِن حَال بَيْنكُم وَبَين منظره سَحَابَة أَو قترة فأكملوا الْعدة ثَلَاثِينَ ". قَالَ الْحَافِظ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد " عَن صلَة بن زفر قَالَ: " كُنَّا عِنْد عمار بن يَاسر - رَضِي الله عَنهُ - فَأتي بِشَاة مصلية، فَقَالَ: كلوا، فَتنحّى بعض الْقَوْم، فَقَالَ: إِنِّي صَائِم، فَقَالَ عمار - رَضِي الله عَنهُ - من صَامَ يَوْم الشَّك فقد عصى أَبَا الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

قال إذا انتصف شعبان فلا تصوموا فقال العلاء اللهم إن أبي حدثني عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي

قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى: " وَقد ذكره البُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة من كِتَابه الصَّحِيح " وروى أَبُو دَاوُد: عَن قُتَيْبَة، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد قَالَ: " قدم عباد بن كثير الْمَدِينَة فَمَال إِلَى مجْلِس الْعَلَاء، فَأَخذه بِيَدِهِ فأقامه، ثمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ، إِن هَذَا يحدث عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِذا انتصف شعْبَان فَلَا تَصُومُوا فَقَالَ الْعَلَاء: اللَّهُمَّ إِن أبي حَدثنِي عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك "

قَالَ أَبُو دَاوُد: " قَالَ أَحْمد: هَذَا حَدِيث مُنكر، يَعْنِي حَدِيث الْعَلَاء هَذَا " وَرُوِيَ عَن عمر، وَعلي - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي النَّهْي عَن صَوْم يَوْم الشَّك. وروى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن حنين عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " عجبت مِمَّن

لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال لأن أفطر يوما من رمضان ثم أقضيه أحب إلي من أن أزيد فيه ما ليس منه وروي أن الحسن وابن سيرين وقتادة كانوا إذا حال بينهم وبين الهلال

يتَقَدَّم الشَّهْر، وَقد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَصُومُوا حَتَّى تروه (وَلَا تفطروا حَتَّى تروه " وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: " لِأَن أفطر يَوْمًا من رَمَضَان ثمَّ أقضيه أحب إِلَيّ من أَن أَزِيد فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ " وَرُوِيَ أَن الْحسن، وَابْن سِيرِين، وَقَتَادَة كَانُوا إِذا حَال بَينهم وَبَين الْهلَال قترة أفطروا. وَعَن عبد الْعَزِيز بن حَكِيم الْحَضْرَمِيّ قَالَ: سَمِعت ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَقيل لَهُ إِن قوما يَصُومُونَ الْيَوْم الَّذِي يشك فِيهِ من رَمَضَان، فَقَالَ ابْن عمر: أُفٍّ لَهُم (أُفٍّ لَهُم) مَا أحب أَن أَصوم إِلَّا مَعَ الْجَمَاعَة " وَرُوِيَ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت - وَقد سُئِلت عَن الشَّهْر إِذا غم: " لِأَن أَصوم يَوْمًا من شعْبَان أحب إِلَيّ من أَن أفطر يَوْمًا من رَمَضَان "

قال له أو لغيره هل صمت من سرر شعبان شيئا قال لا قال فإذا أفطرت فصم يومين فقد حكينا عن الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز رحمهما الله أنهما قالا سره أوله وقيل عن الأوزاعي آخره والمراد به والله أعلم

وَرُوِيَ أَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - كَانَ إِذا حَال بَينه وَبَينه سَحَاب أَو قترة صَامَ. وَأما حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ لَهُ، أَو لغيره: " (هَل) صمت من سرر شعْبَان شَيْئا؟ " قَالَ: " لَا " (قَالَ) : " فَإِذا أفطرت فَصم يَوْمَيْنِ "، فقد حكينا عَن الْأَوْزَاعِيّ وَسَعِيد بن عبد الْعَزِيز - رحمهمَا الله - أَنَّهُمَا قَالَا: سره أَوله. وَقيل عَن الْأَوْزَاعِيّ: آخِره. وَالْمرَاد بِهِ - وَالله أعلم - الْيَوْم أَو

مسألة

(اليومان اللَّذَان) يسْتَتر فيهمَا الْقَمَر. وَقيل: يَوْم الشَّك، وَأَرَادَ بِهِ صِيَام آخر الشَّهْر مَعَ يَوْم الشَّك إِذا وَافق ذَلِك عَادَته فِي صَوْم آخر كل شهر. وَأما حَدِيث عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -: " لِأَن أَصوم (يَوْمًا) من شعْبَان أحب إليّ من أَن أفطر يَوْمًا من رَمَضَان " فَإِنَّمَا قَالَه عِنْد شَهَادَة رجل على رُؤْيَة الْهلَال، وَبِه نقُول. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (4) : وَشَهَادَة الْعدْل الْوَاحِد تقبل فِي هِلَال رَمَضَان مَعَ صحو السَّمَاء فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِذا لم يكن فِي

فقال إني رأيت الهلال يعني هلال رمضان فقال أتشهد أن لا إله إلا الله قال نعم قال أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم قال يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا ورواه حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس

السَّمَاء عِلّة وَكَانَ الْبَلَد كَبِيرا فعدد الْقسَامَة فَصَاعِدا شَرط فِيهِ ". لنا: مَا روى عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَيّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت الْهلَال - يَعْنِي هِلَال رَمَضَان - فَقَالَ: أَتَشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله؟ قَالَ نعم، قَالَ: أَتَشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله؟ قَالَ: نعم، قَالَ: يَا بِلَال أذن فِي النَّاس أَن يَصُومُوا غَدا ". وَرَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن سماك بن حَرْب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس بِمَعْنَاهُ. قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " قد احْتج البُخَارِيّ بِأَحَادِيث عِكْرِمَة، وَاحْتج مُسلم بِأَحَادِيث سماك، وَهَذَا الحَدِيث صَحِيح على أَصلهمَا. وَعَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " ترَاءى النَّاس الْهلَال، فَأخْبرت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنِّي رَأَيْته، فصَام رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأمر النَّاس بالصيام "

أجاز شهادة رجل على رؤية هلال رمضان وليس بمعتمد لأن راويه حفص بن عمر الأيلي وهو ضعيف

قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا الحَدِيث صَحِيح ". وروى الشَّافِعِي (بِسَنَدِهِ) عَن فَاطِمَة بنت حُسَيْن أَن رجلا شهد عِنْد عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - على رُؤْيَة هِلَال رَمَضَان، فصَام - وَأَحْسبهُ قَالَ: وَأمر النَّاس أَن يَصُومُوا - وَقَالَ: " أَصوم يَوْمًا من شعْبَان أحب إِلَيّ من أَن أفطر يَوْمًا من رَمَضَان ". وَرُوِيَ عَن طَاوُوس عَن ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُم -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أجَاز شَهَادَة رجل على رُؤْيَة هِلَال رَمَضَان "، وَلَيْسَ بمعتمد؛ لِأَن رَاوِيه حَفْص بن عمر الْأَيْلِي، وَهُوَ ضَعِيف.

مسألة

وَرُوِيَ عبد الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن الْبَراء بن عَازِب (عَن) عمر أَنه أجَاز شَهَادَة الْأَعرَابِي فِي رُؤْيَة الْهلَال، وَهَذَا خطأ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا قَوْله: " عَن عبد الرَّحْمَن عَن الْبَراء عَن عمر "، وَالْمَحْفُوظ: " عَن عبد الرَّحْمَن عَن عمر ". وَالْآخر: إِطْلَاقه الْهلَال دون تَقْيِيده بِهِلَال شَوَّال، فَالْمَشْهُور عَن عبد الرَّحْمَن عَن عمر فِي رُؤْيَة هِلَال شَوَّال. وَهُوَ أَيْضا مُنْقَطع، فَلم يثبت سَماع عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى من عمر - رَضِي الله عَنهُ -، وَعبد الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيّ ضَعِيف، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (5) : لَا تقبل شَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ فِي هِلَال شَوَّال. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: " تقبل إِذا كَانَ فِي السَّمَاء عِلّة "، (وَكَذَلِكَ عِنْده تقبل شَهَادَة الْوَاحِد فِي هِلَال شَوَّال إِذا كَانَ فِي السَّمَاء عِلّة،

أن نمسك لرؤيته فإن لم نره وشهد شاهدا عدل تمسكنا بشهادتهما فسأله الحسين بن الحارث من أمير مكة فقال لا أدري ثم لقيني بعد ذلك فقال هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب ثم قال الأمير إن

وَعِنْدنَا لَا يقبل (إِلَّا شَاهدا عدل) . عِنْد (أبي دَاوُد: " عَن مَالك الْأَشْجَعِيّ عَن حُسَيْن) بن الْحَارِث الجدلي: جديلة قيس " أَن أَمِير بكة خطب، ثمَّ قَالَ: عهد إِلَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن نمسك لرُؤْيَته، فَإِن لم نره وَشهد شَاهدا عدل تمسكنا بِشَهَادَتِهِمَا - فَسَأَلَهُ الْحُسَيْن بن الْحَارِث: من أَمِير مَكَّة؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي، ثمَّ لَقِيَنِي بعد ذَلِك فَقَالَ: هُوَ الْحَارِث بن حَاطِب أَخُو مُحَمَّد / بن حَاطِب - ثمَّ قَالَ الْأَمِير: إِن

وأما بيده إلى رجل قال الحسين فقلت لشيخ إلى جنبي من هذا الذي أومأ إليه الأمير قال هذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وصدق كان أعلم بالله منه فقال بذلك أمرنا رسول الله

مِنْكُم من هُوَ أعلم بِاللَّه وَرَسُوله مني، وَشهد هَذَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأما بِيَدِهِ إِلَى رجل - قَالَ الْحُسَيْن: فَقلت لشيخ إِلَى جَنْبي: من هَذَا الَّذِي أَوْمَأ إِلَيْهِ الْأَمِير؟ قَالَ: هَذَا عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -، وَصدق كَانَ أعلم بِاللَّه مِنْهُ - فَقَالَ: بذلك أمرنَا رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَرُوِيَ من وَجه آخر بِمَعْنَاهُ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " قَالَ لنا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي: سَأَلت إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: حَدثنَا بِهِ سعيد بن سُلَيْمَان، ثمَّ

الناس فأفطروا عن شقيق قال جاءنا كتاب عمر رضي الله عنه ونحن بخانقين وقال في كتابه إن الأهلة بعضها أكبر من

قَالَ إِبْرَاهِيم: " هَذَا الْحَارِث بن حَاطِب بن الْحَارِث بن معمر بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح، كَانَ من مُهَاجِرِي الْحَبَشَة ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " هَذَا إِسْنَاد صَحِيح ". وَرُوِيَ عَن مَنْصُور عَن ربعي بن حِرَاش عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أصبح النَّاس صياما لتَمام ثَلَاثِينَ، فجَاء رجلَانِ فشهدا أَنَّهُمَا رَأيا الْهلَال بالْأَمْس، فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - النَّاس فأفطروا " عَن (شَقِيق) قَالَ: جَاءَنَا كتاب عمر - رَضِي الله عَنهُ - وَنحن (بخانقين) ، وَقَالَ فِي كِتَابه: " إِن الْأَهِلّة بَعْضهَا أكبر من

مسألة

بعض، فَإِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال نَهَارا فَلَا تفطروا حَتَّى يشْهد شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رأياه بالْأَمْس " وَهَذَا أصح إِسْنَادًا عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - من حَدِيث عبد الْأَعْلَى بن عَامر الثَّعْلَبِيّ عَن ابْن أبي ليلى عَنهُ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (6) : وَإِذا رئي الْهلَال يَوْم الثَّلَاثِينَ من شهر رَمَضَان نَهَارا فَهُوَ لليلة المستقبلية، وَقَالَ أَبُو يُوسُف: " إِذا رئي قبل الزَّوَال فَهُوَ لليلة الْمَاضِيَة ". لنا: حَدِيث عمر الْمَذْكُور آنِفا رَوَاهُ شُعْبَة عَن سُلَيْمَان

(عَن) أبي وَائِل بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنه قَالَ: " وَإِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال من أول النَّهَار " وَكَذَلِكَ بِمَعْنَاهُ رَوَاهُ حَمَّاد بن سَلمَة عَن الْأَعْمَش أَيْضا، وَقَالَ: " أول النَّهَار ". وَرَوَاهُ مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل عَن الثَّوْريّ، وَقَالَ " إِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال أول النَّهَار ... " وَذكر الحَدِيث. وَرُوِيَ عَن سَالم قَالَ: " كَانَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول: إِن نَاسا يفطرون إِذا رَأَوْا الْهلَال نَهَارا، وَإنَّهُ لَا يصلح لكم أَن تفطروا حَتَّى تروه لَيْلًا من حَيْثُ يرى " استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " كتب عمر إِلَى عتبَة بن فرقد: إِذا رَأَيْتُمْ الْهلَال نَهَارا قبل أَن (تَزُول) الشَّمْس لتَمام ثَلَاثِينَ

صائما صبح ثلاثين فرئي هلال شوال نهارا فلم يفطر حتى أمسى والله أعلم

فأفطروا، وَإِذا رَأَيْتُمُوهُ بعد مَا تَزُول الشَّمْس فَلَا تفطروا حَتَّى تَصُومُوا ". هَذَا مُنْقَطع، ويعارضه حَدِيث سُفْيَان، وَهُوَ أصح مِنْهُ. وَرُوِيَ الْوَاقِدِيّ بِسَنَدِهِ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا: " أصبح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَائِما صبح ثَلَاثِينَ فَرُئِيَ هِلَال شَوَّال نَهَارا فَلم يفْطر حَتَّى أَمْسَى ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (7) : وَإِذا جَامع امْرَأَته فِي نَهَار رَمَضَان فَلَا كَفَّارَة عَلَيْهَا فِي ظَاهر الْمَذْهَب، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " على كل وَاحِد مِنْهُمَا كَفَّارَة ".

فقال هلكت يا رسول الله قال وما أهلكك قال وقعت على امرأتي في رمضان الحديث قال أبو عبد الله الحاكم قال لي بعض فقهائنا قد روى هذا الحديث أبو ثور عن معلى بن منصور الرازي عن سفيان عن الزهري

فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: هَلَكت يَا رَسُول الله قَالَ: وَمَا أهْلكك؟ قَالَ: وَقعت على امْرَأَتي فِي رَمَضَان ... " الحَدِيث. قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " قَالَ لي بعض فقهائنا: قد روى هَذَا الحَدِيث أَبُو ثَوْر عَن مُعلى بن مَنْصُور الرَّازِيّ عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ

فقال هلكت وأهلكت قلت له هذا باطل لا أصل له فذكر سماعا له فيه عن أبي ثور فقلت اشهدوا علي أنه متى صح هذا عن أبي ثور كما قال فهو باطل والدليل على بطلانه أني قرأت في كتاب أبي بكر محمد بن أحمد بن باكويه الجلاث سماعه من محمد

عَن حميد عَن أبي هُرَيْرَة أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ هَلَكت وأهلكت. قلت لَهُ: هَذَا بَاطِل لَا أصل لَهُ، فَذكر سَمَاعا لَهُ فِيهِ عَن أبي ثَوْر، فَقلت: اشْهَدُوا عَليّ أَنه مَتى صَحَّ هَذَا عَن أبي ثَوْر كَمَا قَالَ فَهُوَ بَاطِل، وَالدَّلِيل على بُطْلَانه أَنِّي قَرَأت فِي كتاب أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن باكويه الجلاث، سَمَاعه من مُحَمَّد بن شَاذان الْجَوْهَرِي، بِخَط مشطاج الْوراق - الْخط الْمَشْهُور الَّذِي كَانَ مَشَايِخ أهل النَّقْل يحتجون بِهِ - فِي كتاب الصَّوْم، تصنيف الْمُعَلَّى بن مَنْصُور: حَدثنَا سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل فَقَالَ: هَلَكت فَقَالَ: وَمَا شَأْنك؟ قَالَ وَقعت على امْرَأَتي فِي شهر رَمَضَان ... الحَدِيث بِطُولِهِ. وَكَيف يجوز أَن يُقَال: إِن الْمُعَلَّى بن مَنْصُور صنف كتاب الصَّوْم فَترك هَذِه اللَّفْظَة من، وَخص بهَا أَبَا ثَوْر من بَين النَّاس؟ ".

وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن الْمسيب الأرغياني عَن مُحَمَّد بن عتبَة عَن أَبِيه، وَعَن عبد السَّلَام عَن عَمْرو والوليد، قَالُوا: حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنِي الزُّهْرِيّ، فَذكر هَذِه اللَّفْظَة. قَالَ أَبُو عبد الله - رَحمَه الله -: " هَذِه اللَّفْظَة الزَّائِدَة فِي هَذَا الحَدِيث - " وأهلكت " - مدخولة على مُحَمَّد بن الْمسيب فِي هَذَا الحَدِيث، وَقد كَانَ من صالحي الْمُسلمين، وَمن الرحالة فِي طلب الحَدِيث، وَمن المكثرين بِلَا فهم وَلَا معرفَة بالصنعة، وَمَعَ ذَلِك فَإِنَّهُ عمي - رَحمَه الله (تَعَالَى) - من كَثْرَة بكائه، فَكَانَ أَصْحَاب الحَدِيث يضعون لَهُ، ويتمكنون من كتبه، وَلَا يخفى مَا يخْشَى من بَعضهم إِذا (استومنوا) الشَّيْخ، وَرَوَاهُ أَبُو عَليّ الْحَافِظ عَن مُحَمَّد بن الْمسيب دون هَذِه الزِّيَادَة.

فقال أهلكت يا رسول الله وليس هذا بشيء فقد رواه غيره عن محمد بن يحيى هلكت ورواه أحمد بن حنبل وغيره عن عبد الرزاق هلكت وقد أقر محمد بن إسحاق بالتصحيف فقال بعد روايته

(وَرَوَاهُ الْعَبَّاس بن الْوَلِيد عَن عقبَة بن عَلْقَمَة دون هَذِه الزِّيَادَة) ، وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك، والوليد بن مُسلم، والوليد بن يزِيد، والهقل، وَغَيرهم عَن الْأَوْزَاعِيّ دونهَا. وَرَوَاهُ عَامَّة أَصْحَاب الزُّهْرِيّ أَكثر من ثَلَاثِينَ نفسا عَن الزُّهْرِيّ دون ذكرهَا، إِلَّا أَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة روى عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن (حميد) عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رجلا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أهلكت يَا رَسُول الله ". وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء؛ فقد رَوَاهُ غَيره عَن مُحَمَّد بن يحيى " هَلَكت ". وَرَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره عَن عبد الرَّزَّاق: " هَلَكت ". وَقد أقرّ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بالتصحيف، فَقَالَ بعد رِوَايَته

أمره بالكفارة وفي بعض الروايات أمره أيضا بالقضاء ولم يأمر المرأة بذلك وهو أخبر عن حاله وحالها وفي الصحيحين أيضا عن عائشة رضي الله عنها بقريب من معنى حديث أبي هريرة رضي الله عنه وفيه مكان هلكت احترقت

الحَدِيث: هَذِه اللَّفْظَة فِي كتابتي (بخطي) : أهلكت يَا رَسُول الله ". وَسمعت هَذَا الْكتاب مرَّتَيْنِ من مُحَمَّد، وأملى (علينا) مُحَمَّد - رَحمَه الله - هَذَا الْخَبَر فِي الْمسند فَقَالَ: " هَلَكت يَا رَسُول الله " بِإِسْقَاط الْألف، وَلَا أعلم أحدا من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ أَدخل فِيهِ هَذَا الْألف. وَقد صنف أستاذنا أَبُو عبد الله الْحَافِظ - رَحمَه الله - فِي إبِْطَال هَذِه الزِّيَادَة ثَلَاثَة أَجزَاء بخطي. وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَفِيمَا صَحَّ غنية؛ إِذْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمره بِالْكَفَّارَةِ، وَفِي بعض الرِّوَايَات أمره أَيْضا بِالْقضَاءِ، وَلم يَأْمر الْمَرْأَة بذلك، وَهُوَ أخبر عَن حَاله وحالها. (و) فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - بقريب من معنى حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -، وَفِيه مَكَان " هَلَكت ": " احترقت ". والْحَدِيث الَّذِي يتعلقون بِهِ مخرج فِي مَسْأَلَة الْفطر بِالْأَكْلِ فِي نَهَار رَمَضَان. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (8) : وَمن أكل عَامِدًا فِي صَوْم رَمَضَان فَعَلَيهِ الْقَضَاء، وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة: " عَلَيْهِ كَفَّارَة الْجِمَاع (فِيهِ) "

قال من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة رخصها الله عز وجل لم يقض عنه ولو صام الدهر كله وروي عن الشعبي وسعيد بن جبير وجابر بن زيد وإبراهيم ألا كفارة على المفطر في رمضان واستدلوا بما روى مالك عن ابن شهاب عن حميد

رُوي عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أفطر يَوْمًا من رَمَضَان من غير رخصَة رخصها الله - عز وَجل - لم يقْض عَنهُ وَلَو صَامَ الدَّهْر كُله ". وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ، وَسَعِيد بن جُبَير، وَجَابِر بن زيد، وَإِبْرَاهِيم (أَلا) كَفَّارَة على الْمُفطر فِي رَمَضَان , وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رجلا أفطر فِي شهر رَمَضَان فَأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (بِعِتْق رَقَبَة، أَو صِيَام شَهْرَيْن، أَو إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا، فَقَالَ: إِنِّي لَا أجد، فَأتي رَسُول الله) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

حتى بدت ثناياه ثم قال كله قال الشافعي رحمه الله وكان فطره بجماع أخرجه مسلم في الصحيح من حديث مالك ولم يخرجه البخاري من حديثه وكذلك رواه يحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج وهشام بن سعد وغيرهم عن

بعرق تمر فَقَالَ: خُذ هَذَا فَتصدق بِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، مَا أجد أحْوج مني، فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى بَدَت ثناياه، ثمَّ قَالَ: كُله ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - " وَكَانَ فطره بجماع ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، من حَدِيث مَالك، وَلم يُخرجهُ البُخَارِيّ من حَدِيثه. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَابْن جريج، وَهِشَام بن سعد، وَغَيرهم، عَن الْأَزْهَرِي إِلَّا أَنه مُطلق. وَقد رَوَاهُ سَائِر أَصْحَابه عَنهُ مُقَيّدا، وَذكر أَن فطره كَانَ بجماع، مِنْهُم معمر بن رَاشد، وَشُعَيْب بن أبي حَمْزَة، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَالْأَوْزَاعِيّ، وَمَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم بن سعد،

وَاللَّيْث بن سعد وَيُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي، وَعبد الرَّحْمَن بن خَالِد بن سَافر، وَحَدِيث هَؤُلَاءِ كلهم فِي الصَّحِيحَيْنِ، أَو فِي أَحدهمَا مخرج. وتابعهم على ذَلِك عرَاك بن مَالك الْغِفَارِيّ، ومُوسَى بن عتبَة، وَعبد الله بن عِيسَى بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، وَصَالح بن أبي الْأَخْضَر، وَعقيل بن خَالِد، والنعمان بن رَاشد، وَغَيرهم، عَن الزُّهْرِيّ مُقَيّدا.

وَمَالك بن أنس الإِمَام - رَحمَه الله - وَمن تَابعه - كَمَا رَوَاهُ - عَن الزُّهْرِيّ مُطلقًا خالفوا أَيْضا أَصْحَاب الزُّهْرِيّ فِي مَتنه، فجعلوه على التَّخْيِير: " أَو "، " أَو ". كَمَا صرنا إِلَى تَرْتِيب الْكَفَّارَة إِلَى رِوَايَة الْجَمَاعَة نصير إِلَيْهَا فِي استفادة مَا وَقع بِهِ الْفطر عَنْهَا. على أَنه قد رُوِيَ عَن مَالك هَذَا الحَدِيث مثل مَا رَوَاهُ أقرانه من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ، أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ: أَخْبرنِي أَبُو الْفضل ابْن إِبْرَاهِيم قَالَ: سَمِعت أَحْمد بن سَلمَة يَقُول: " ذاكرت مُسلم بن الْحجَّاج حَدِيث مَالك عَن ابْن شهَاب عَن حميد عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي قصَّة الوقاع أَنه قَالَ فِيهِ: " أَو ... أَو " فَقَالَ: لم أَجِدهُ من حَدِيث مَالك عِنْد أحد إِلَّا قَالَ هَكَذَا، حَتَّى وجدته عِنْد عبد الرَّحْمَن بن بشر عَن حَمَّاد بن مسْعدَة عَن مَالك، قَالَ فِيهِ: " أعتق

فقال إنه احترق فسأله ما له فقال أصبت أهلي في رمضان فأتى النبي

رَقَبَة، ثمَّ قَالَ: صم شَهْرَيْن "، قَالَ أَحْمد: فَذَهَبت / إِلَيْهِ فَحَدثني بِهِ ". وَصَحَّ هَذَا الحَدِيث أَيْضا من رِوَايَة عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - مُقَيّدا: " أَن رجلا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنَّه احْتَرَقَ، فَسَأَلَهُ: مَا لَهُ؟ فَقَالَ: أصبت أَهلِي فِي رَمَضَان، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمكتل يدعى الْعرق فِيهِ تمر فَقَالَ: أَيْن المحترق؟ فَقَامَ الرجل فَقَالَ: تصدق بِهَذَا ". أخرجه البُخَارِيّ فِي صَحِيحه. وَهَكَذَا رَوَاهُ اللَّيْث بن سعد بن يحيى بن سعيد مُقَيّدا. وَرَوَاهُ عَمْرو بن الْحَارِث عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم مُقَيّدا. وَرَوَاهُ عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن يحيى بن سعيد مُطلقًا،

في كفارة الفطر بالأكل شيء والأخبار كلها وردت في الفطر بالجماع وكان على بن موسى القمي من أصحاب الرأي ويدعي المعرفة بالحديث زعم أن الخبر الذي أوجب الكفارة على المفسد لصيامه هو في الجماع فجعل علماؤنا الأكل بمنزلة الجماع روى

قَالَ: " أفطرت فِي رَمَضَان " وَالْمُطلق مَحْمُول على الْمُقَيد، وَلَا يَصح عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كَفَّارَة الْفطر بِالْأَكْلِ شَيْء، وَالْأَخْبَار كلهَا وَردت فِي الْفطر بِالْجِمَاعِ. وَكَانَ على بن مُوسَى القمي من أَصْحَاب الرَّأْي - وَيَدعِي الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ - زعم أَن الْخَبَر الَّذِي أوجب الْكَفَّارَة على الْمُفْسد لصيامه هُوَ فِي الْجِمَاع، فَجعل عُلَمَاؤُنَا الْأكل بِمَنْزِلَة الْجِمَاع. روى لَيْث بن أبي سليم عَن مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه أَمر الَّذِي يفْطر فِي رَمَضَان بِمثل كَفَّارَة الظِّهَار. وَلَيْث لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِي الحَدِيث، وَقد أرْسلهُ غَيره عَن مُجَاهِد،

فقال يا رسول الله إني وقعت على أهلي في رمضان وأنا صائم فذكر الحديث وروي عن ابن المسيب عن النبي

ثمَّ هُوَ أَرَادَ أَيْضا فِي الْمُفطر بِالْجِمَاعِ. وَقد رُوِيَ جرير، وَعبد الْوَارِث بن سعيد عَن أَبِيه عَن مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -، قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي وَقعت على أَهلِي فِي رَمَضَان وَأَنا صَائِم، فَذكر الحَدِيث. وَرُوِيَ عَن ابْن الْمسيب عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أتيت - يَا رَسُول الله - أَهلِي فِي نَهَار رَمَضَان "، فَأمره أَن يكفر كَفَّارَة الظِّهَار. وَرُوِيَ عَن الْحمانِي عَن هِشَام عَن إِسْمَاعِيل بن سَالم عَن مُجَاهِد عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ

وروي بإسناد مظلم بإسناد عن مقاتل بن سليمان عن عطاء عن جابر رضي الله عنه عن النبي

وهم: وَالْمَحْفُوظ: عَن هِشَام عَن إِسْمَاعِيل عَن مُجَاهِد مُرْسلا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد مظلم بِإِسْنَاد عَن مقَاتل بن سُلَيْمَان عَن عَطاء عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَن أفطر يَوْمًا من رَمَضَان فِي الْحَضَر مُتَعَمدا من غير عذر عَلَيْهِ عتق رَقَبَة، الحَدِيث.

فقال يا رسول الله إني وقعت على امرأتي نهارا في شهر رمضان فقال أعتق رقبة وذكر الحديث ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي

وَمُقَاتِل ضَعِيف الحَدِيث. قَالَ مقَاتل بن الْجراح: " حَدثنَا مقَاتل بن سُلَيْمَان، وَكَانَ كذابا ... " ثمَّ هُوَ وَارِد فِي الْفطر بِالْجِمَاعِ، بِدَلِيل مَا أخبرنَا أَبُو عبد الله، وَذكر إِسْنَاده عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل: حَدثنَا لَيْث عَن عَطاء عَن جَابر، وَأبي هُرَيْرَة - رضب الله عَنْهُمَا - قَالَا: " جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي وَقعت على امْرَأَتي نَهَارا فِي شهر رَمَضَان، فَقَالَ: أعتق رَقَبَة (وَذكر الحَدِيث) . وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عَطاء (عَن جَابر) - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، (إِنِّي) وَقعت على امْرَأَتي نَهَارا فِي شهر رَمَضَان، فَقَالَ: أعتق رَقَبَة " وَرَوَاهُ الصَّباح بن محَارب عَن هَارُون بن عميرَة - وليسا (مِمَّن

فقال إني أفطرت يوما من رمضان وذكر الحديث وهو متى ما صح كان واردا أيضا في المفطر بالجماع بدليل أنه قد روي عن عبد الله العمري ولوين بن حكيم عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما مقيدا أتى رجل رسول الله

يقوم بهما) حجَّة - عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَقَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنِّي أفطرت يَوْمًا من رَمَضَان "، وَذكر الحَدِيث. وَهُوَ مَتى مَا صَحَّ كَانَ وارداً أَيْضا فِي الْمُفطر بِالْجِمَاعِ، بِدَلِيل أَنه قد رُوِيَ عَن عبد الله الْعمريّ ولوين بن حَكِيم عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مُقَيّدا: " أَتَى رجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي واقعت أَهلِي فِي رَمَضَان ". وروى الْوَاقِدِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن سعد بن أبي وَقاص - رَضِي الله

فقال يا رسول الله أفطرت يوما من رمضان متعمدا فقال رسول الله

عَنهُ -: " جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أفطرت يَوْمًا من رَمَضَان مُتَعَمدا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أعتق رَقَبَة، أَو صم شَهْرَيْن مُتَتَابعين، أَو أطْعم سِتِّينَ مِسْكينا " وَرَوَاهُ عبد الله بن شبيب بن أبي أويس عَن أَبِيه بِإِسْنَادِهِ، وَمَعْنَاهُ. والواقدي وَابْن شبيب ضعيفان، ثمَّ هُوَ وَارِد فِي الْفطر بِالْجِمَاعِ، بِدَلِيل مَا سبق. وروى نجيح أَبُو معشر عَن مُحَمَّد بن كَعْب عَن أبي هُرَيْرَة -

أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين أو يطعم ستين مسكينا وهذه اللفظة باطلة وأبو معشر ضعيف الحديث وقد سبق منه ما يكفي إن شاء الله تعالى وقد روي عنه من وجه آخر فقال فيه أفطرت والله أعلم

رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رجلا أكل فِي رَمَضَان فَأمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يعْتق رَقَبَة، أَو يَصُوم شَهْرَيْن، أَو يطعم سِتِّينَ مِسْكينا ". وَهَذِه اللَّفْظَة بَاطِلَة، وَأَبُو معشر ضَعِيف الحَدِيث، وَقد سبق مِنْهُ مَا يَكْفِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَقد (رُوِيَ عَنهُ من وَجه آخر) ، فَقَالَ فِيهِ: " أفطرت " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (9) : وَالْحَامِل والمرضع إِذا خافتا على ولديهما أفطرتا، وَعَلَيْهِمَا الْقَضَاء والفدية، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " عَلَيْهِمَا الْقَضَاء وَلَا فديَة ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْأَثر: مَا روى الشَّافِعِي عَن مَالك - رحمهمَا الله - عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: سُئِلَ عَن الْمَرْأَة الْحَامِل إِذا خَافت على وَلَدهَا، قَالَ: تفطر وَتطعم مَكَان كل يَوْم مِسْكينا، مدا من حِنْطَة " قَالَ الشَّافِعِي: " قَالَ مَالك: وَأهل الْعلم يرَوْنَ عَلَيْهَا مَعَ ذَلِك الْقَضَاء ".

قَالَ مَالك ك " عَلَيْهَا الْقَضَاء؛ فَإِن الله - تبَارك وَتَعَالَى - يَقُول: {فَمن كَانَ مِنْكُم مَرِيضا أَو على سفر فَعدَّة من أَيَّام أخر} . ثمَّ قد رُوِيَ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " وَإِذا صحت قَضَت ". وَرُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير أَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ لأم ولد حُبْلَى، أَو مرضع: " أَنْت من الَّذين لَا يُطِيقُونَ الصّيام، عَلَيْك الْجَزَاء، وَلَيْسَ عَلَيْك الْقَضَاء ". قَالَ عَليّ بن عمر: " إِسْنَاد صَحِيح ". والفدية وَجَبت بقول (ابْن عَبَّاس وَابْن عمر) - رَضِي الله عَنْهُم - وَالْقَضَاء وَاجِب بقول الله تَعَالَى: {فَعدَّة من أَيَّام أخر} ، وبإجماع من بعدهمَا على وجوب الْقَضَاء على الْحَامِل والمرضع. روى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: (وعَلى

مسألة

الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين} : قَالَ: كَانَت رخصَة للشَّيْخ الْكَبِير، وَالْمَرْأَة الْكَبِيرَة - وهما يطيقان الصّيام - أَن يفطرا، ويطعما مَكَان كل يَوْم مِسْكينا، والحبلى والمرضع إِذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (10) : من رأى الْهلَال وَحده و (شهد بِهِ) ، فَردَّتْ شَهَادَته كَانَ عَلَيْهِ أَن يَصُوم إِجْمَاعًا، فَإِن جَامع فِي يَوْم رد شَهَادَته لَزِمته الْكَفَّارَة، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا كَفَّارَة عَلَيْهِ ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سَالم أَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول لهِلَال رَمَضَان: " إِذا رَأَيْتُمُوهُ فأفطروا، فَإِن غم عَلَيْكُم فاقدروا لَهُ ". فَثَبت بِهَذَا الْخَبَر وجوب الصَّوْم عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْيَوْم، وَكَونه عِنْده من رَمَضَان، والمفسد لصومه فِي نَهَار رَمَضَان بِالْجِمَاعِ يلْزمه الْكَفَّارَة.

لم يسأل أوقع ذلك في مثل هذا اليوم أو بعده وروي الواقدي بسنده عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وروي عن ابن المنكدر عن عائشة مرفوعا عرفة يوم يعرف الإمام والأضحى يوم يضحي

(و) حَدِيث المجامع فِي شهر رَمَضَان يدل على ذَلِك؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لم يسْأَل أوقع) - ذَلِك فِي مثل هَذَا الْيَوْم أَو بعده؟ وَرُوِيَ الْوَاقِدِيّ بِسَنَدِهِ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - مَرْفُوعا: (" صومكم يَوْم تصومون، وفطركم يَوْم تفطرون ". وَرُوِيَ عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن عَائِشَة مَرْفُوعا:) " عَرَفَة يَوْم يعرف الإِمَام، والأضحى يَوْم يُضحي الإِمَام، وَالْفطر يَوْم يفْطر الإِمَام ". وَابْن الْمُنْكَدر عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - مُرْسل. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (11) : وَمن كَانَ عَلَيْهِ صَوْم (رَمَضَان) فَلم يقضه مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ حَتَّى دخل عَلَيْهِ رَمَضَان آخر قضى وَكفر. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يقْضِي، وَلَا يكفر ".

ولا يصح رواه إبراهيم بن نافع أبو إسحاق الجلاب عن عمر بن موسى بن

روى عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " يطعم عَن السالف ويصوم الدَّاخِل "، وَعَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - بِمثلِهِ. وَعَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - أَيْضا قَالَ: " من فرط فِي صِيَام شهر رَمَضَان حَتَّى يُدْرِكهُ رَمَضَان آخر فليصم هَذَا الَّذِي أدْركهُ، ثمَّ ليصم مَا فَاتَهُ، وَيطْعم مَعَ كل يَوْم مِسْكينا:. وأسانيد هَذِه الْآثَار صَحِيحَة. وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَيْضا بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه قَالَ: " يَصُوم الَّذِي حضر، وَيَقْضِي الآخر، وَيطْعم لكل يَوْم مِسْكينا ". وَرُوِيَ مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يَصح، رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن نَافِع أَبُو إِسْحَاق الْجلاب عَن عمر بن مُوسَى بن

مسألة

دحْيَة، وهما ضعيفان. وَثَبت ذَلِك عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، وَعَن سعيد بن جُبَير، رَحِمهم الله. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (12) : لم يذكرهَا الإِمَام، رَحمَه الله - وَمن كَانَ عَلَيْهِ صَوْم فَلم يقضه مَعَ الْقُدْرَة عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ صَامَ عَنهُ وليه - إِن شَاءَ - أَو أطْعم عَنهُ، على قَوْله فِي الْقَدِيم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله: يطعم عَنهُ، وَلَا يجزيء الصَّوْم عَنهُ "، وَهُوَ قَوْله فِي الْجَدِيد. فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من مَاتَ وَعَلِيهِ صِيَام صَامَ عَنهُ وليه ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: " جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: إِن أُمِّي مَاتَت وَعَلَيْهَا صَوْم نذر، قَالَ: أَكنت قاضية دينا لَو كَانَ على أمك؟ قَالَت: نعم، قَالَ: فصومي عَنْهَا ".

إذ أتته امرأة فقالت إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت قال وجب أجرك وردها عليك الميراث قالت يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها قال صومي عنها قالت يا رسول الله إنها لم تحج أفأحج عنها قال حجي

(وَعند مُسلم عَن عبد الله بن يزِيد عَن أَبِيه قَالَ: كنت جَالِسا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ أَتَتْهُ امْرَأَة فَقَالَت: إِنِّي تَصَدَّقت على أُمِّي بِجَارِيَة وَإِنَّهَا مَاتَت، قَالَ: وَجب أجرك، وردهَا عَلَيْك الْمِيرَاث. قَالَت: يَا رَسُول الله، إِنَّه كَانَ عَلَيْهَا صَوْم شهر، أفأصوم عَنْهَا؟ قَالَ: صومي عَنْهَا) ، قَالَت: يَا رَسُول الله، إِنَّهَا لم تحج، أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا ". فَهَذَا الحَدِيث قد صَحَّ وَهُوَ صَرِيح فِي جَوَاز الصَّوْم عَن الْمَيِّت بعيد من التَّأْوِيل. وَمذهب إمامنا الشَّافِعِي - رَحمَه الله - اتِّبَاع السّنة بعد ثُبُوتهَا، وَترك مَا يُخَالِفهَا بعد صِحَّتهَا. وَهَذِه الْأَخْبَار ثَابِتَة، وَلَا أعلم خلافًا بَين أهل الحَدِيث فِي صِحَّتهَا. فَوَجَبَ على من سَمعهَا اتباعها، وَلَا يَسعهُ خلَافهَا. وَأما الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن مُحَمَّد عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا أَن فِيهِ الْكَفَّارَة، وَلم يذكر الصّيام، فَإِن رَفعه وهم، وَالصَّوَاب: عَن ابْن عمر مَوْقُوفا. وَمُحَمّد هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى، قَالَه ابْن عدي، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث كثير الْوَهم، وَقد سبق من ذكره مَا يَكْفِي، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

أولى وعلمي أنه لو بلغه الخبر لصار إليه روي عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم أنهما أفتيا بالكفارة دون ذكر الصوم عنه ومن قال من أصحابنا بذلك احتج به عنهما وهما رويا الحديث المرفوع في القضاء عن الميت فدل على أن المراد

وَمَا رُوِيَ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " لَا يَصُوم أحد عَن أحد، وَلَا يحجّ أحد عَن أحد " فَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ - وَالله أعلم - فِي حَال الْحَيَاة. ثمَّ اتِّبَاع سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أولى. (وَعلمِي أَنه لَو بلغه الْخَبَر لصار إِلَيْهِ. رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة - رَضِي الله عَنْهُم - أَنَّهُمَا أفتيا بِالْكَفَّارَةِ دون ذكر الصَّوْم عَنهُ. وَمن قَالَ من أَصْحَابنَا بذلك احْتج بِهِ عَنْهُمَا، وهما رويا الحَدِيث الْمَرْفُوع فِي الْقَضَاء / عَن الْمَيِّت، فَدلَّ على) أَن المُرَاد بِالْحَدِيثِ الْمَرْفُوع فعل مَا يكون قَضَاء لصومه، وَهُوَ الْإِطْعَام الَّذِي فسره، وَالله أعلم. وَالْأَحَادِيث المرفوعة أصح إِسْنَادًا، وأحفظ رجَالًا من الَّذِي رُوِيَ مَوْقُوفا، وَالْأَحَادِيث على ظَاهرهَا حَتَّى يَأْتِي دلَالَة على غير ذَلِك، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " فِي رَمَضَان يطعم عَنهُ، وَفِي النّذر يقْضِي عَنهُ وليه "، وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: " لَا يَصُوم أحد عَن أحد، وَيطْعم عَنهُ ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (13) : وَمن نذر صَوْم يَوْم النَّحْر، أَو يَوْم الْفطر لم ينْعَقد نَذره. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " ينْعَقد نَذره، ويصوم يَوْمًا آخر مَكَانَهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الثَّانِيَة: لَو صَامَهُ جَازَ ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي عبيد مولى عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَنه شهد الْعِيد مَعَ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - فصلى قبل أَن يخْطب بِلَا أَذَان وَلَا إِقَامَة، ثمَّ خطب فَقَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس، إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن صِيَام هذَيْن الْيَوْمَيْنِ، أما أَحدهمَا (ف) يَوْم فطركم من صِيَامكُمْ، وعيدكم، وَأما الآخر فَيوم تَأْكُلُونَ فِيهِ من نسككم ". وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صِيَام يَوْمَيْنِ: يَوْم الْفطر، وَيَوْم الْأَضْحَى، وَعَن

لا نذر في معصية ولا فيما لا يملكه ابن آدم وعند البخاري عن حكيم بن أبي حمزة الأسلمي سمع رجلا يسأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رجل نذر لا يأتي عليه يوم سماه إلا وهو صائم فيه فوافق ذلك يوم أضحى أو يوم فطر

لبستين: الصماء، وَأَن يحتبي (الرجل) فِي الثَّوْب الْوَاحِد، وَعَن الصَّلَاة فِي ساعتين: بعد الصُّبْح، وَبعد الْعَصْر " وَعند مُسلم عَن عمرَان بن حُصَيْن - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا نذر فِي مَعْصِيّة، وَلَا فِيمَا لَا يملكهُ (ابْن آدم) ". وَعند البُخَارِيّ عَن حَكِيم بن أبي حَمْزَة الْأَسْلَمِيّ: سمع رجلا يسْأَل عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن رجل نذر: لَا يَأْتِي عَلَيْهِ يَوْم سَمَّاهُ إِلَّا وَهُوَ صَائِم فِيهِ، فَوَافَقَ ذَلِك يَوْم أضحى، أَو يَوْم فطر، فَقَالَ ابْن عمر: - رَضِي الله عَنْهُمَا - {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} ، لم يكن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

مسألة

يَصُوم يَوْم الْأَضْحَى، وَلَا يَوْم الْفطر، وَلَا يَأْمر بصيامهما ". وهم يروون عَنهُ حسب مَا يُوَافق مَذْهَبهم، وَلَيْسَ بِشَيْء، إِنَّمَا الصَّحِيح عَنهُ هَكَذَا. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (14) : وَمن سبق مَاء الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق إِلَى جَوْفه لم يفْطر على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " أفطر " وَهُوَ القَوْل الثَّانِي، وَاخْتِيَار الْمُزنِيّ، رَحمَه الله. وَجه قَوْله: " لم يفْطر " من طَرِيق الْخَبَر: مَا رَوَاهُ الثِّقَات عَن ابْن

إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ووجه قوله أفطر روى أبو داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال عمر رضي الله عنه هششت فقبلت وأنا صائم فقلت يا رسول الله صنعت اليوم أمرا عظيما

عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن الله تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ ". وَوجه قَوْله: " أفطر ": روى أَبُو دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ: هششت فَقبلت وَأَنا صَائِم (فَقلت: يَا رَسُول الله، صنعت الْيَوْم أمرا عَظِيما، قبلت وَأَنا صَائِم) ، قَالَ: أَرَأَيْت لَو تمضمضت من المَاء وَأَنت صَائِم؟ قلت: لَا بَأْس، قَالَ: فَمه ". وروى الشَّافِعِي بِإِسْنَادِهِ عَن لَقِيط بن صبرَة - رَضِي الله عَنهُ - حَدِيثا فِيهِ: " قلت: يَا رَسُول الله، أَخْبرنِي عَن الْوضُوء، قَالَ: أَسْبغ الْوضُوء، وخلل بَين الْأَصَابِع، وَبَالغ فِي الِاسْتِنْشَاق، إِلَّا أَن تكون صَائِما ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (15) : وَالْمَجْنُون إِذا أَفَاق فِي بعض نَهَار رَمَضَان لم يلْزمه قَضَاء مَا مضى من الْأَيَّام على الْجُنُون. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " يلْزمه قَضَاؤُهَا إِذا كَانَ جُنُونه عارضاً، وَلم يكن أَصْلِيًّا ". عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رفع الْقَلَم عَن ثَلَاث، عَن النَّائِم حَنى يَسْتَيْقِظ، وَعَن الْمَجْنُون حَتَّى يبرأ، وَعَن الصَّبِي حَتَّى يعقل ". روى جرير بن حَازِم عَن سُلَيْمَان بن مهْرَان عَن أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " مر عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -

رفع القلم عن ثلاث النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حنى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق قال نعم فأمر بها فخلى عنها رواته ثقات إلا أن جريرا انفرد برفعه عن سليمان ورواه جماعة عن الأعمش موقوفا على علي رضي الله عنه

بمجنونة بني فلَان قد زنت، وَهِي ترْجم، فَقَالَ عَليّ لعمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أمرت برجم فُلَانَة؟ قَالَ: نعم. قَالَ: أما تذكر قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " (رفع) الْقَلَم عَن ثَلَاث: النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ، وَعَن الصَّبِي حَنى يَحْتَلِم، وَعَن الْمَجْنُون حَتَّى يفِيق "؟ قَالَ نعم، فَأمر بهَا فخلى عَنْهَا "، رُوَاته ثِقَات، إِلَّا أَن جَرِيرًا انْفَرد بِرَفْعِهِ عَن سُلَيْمَان، وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن الْأَعْمَش مَوْقُوفا على عَليّ، رَضِي الله عَنهُ. وَرَوَاهُ عَطاء بن السَّائِب عَن أبي ظبْيَان عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَرْفُوعا، دون ذكر ابْن عَبَّاس فِي إِسْنَاده. وَرَوَاهُ قَتَادَة عَن الْحسن عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَإِسْنَاده حسن، والمحدثون يَقُولُونَ: " أدْرك الْحسن الْبَصْرِيّ عليا، رَضِي الله عَنهُ ". وَعند أبي دَاوُد عَن أبي الضُّحَى عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -

قال رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل والله أعلم

عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رفع الْقَلَم عَن ثَلَاثَة: عَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ، وَعَن الصَّبِي حَتَّى يَحْتَلِم، وَعَن الْمَجْنُون حَتَّى يعقل ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (16) : (و) يكره السِّوَاك للصَّائِم (بعد العشى) . وَقَالَ أَبُو

كل حسنة يعمل ابن آدم تكتب عشرا إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به وللصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة يوم القيامة ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك والسواك يقطع هذا الخلوف وبمثله احتج أبو هريرة

حنيفَة - رَحمَه الله: " لَا يكره ذَلِك ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر: مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كل حَسَنَة يعْمل ابْن آدم تكْتب عشرا إِلَى سَبْعمِائة ضعف، إِلَّا الصَّوْم فَإِنَّهُ لي وَأَنا أجزي بِهِ، وللصائم فرحتان: فرحة عِنْد فطره، وفرحة يَوْم الْقِيَامَة، ولخلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك "، والسواك يقطع هَذَا الخلوف. وبمثله احْتج أَبُو هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -، رُوِيَ عَنهُ أَنه قَالَ: " لَك السِّوَاك إِلَى الْعَصْر / فَإِذا صليت الْعَصْر فألقه، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: خلوف فَم الصَّائِم أطيب عِنْد الله من ريح الْمسك ". وَرُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " لَا يستاك الصَّائِم بالْعَشي، وَلَكِن بِاللَّيْلِ، فَإِن يبوس شفتي الصَّائِم نور بَين عَيْنَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة ".

يتسوك وهو صائم وعاصم بن عبيد الله ضعيف الحديث قال البخاري منكر الحديث وروى مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عَاصِم بن عبيد الله عَن (ابْن عَامر) بن عبد الله بن ربيعَة عَن أَبِيه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ " مَا أحصي، وَلَا أعد مَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتَسَوَّك وَهُوَ صَائِم ". وَعَاصِم بن عبيد الله ضَعِيف الحَدِيث، قَالَ البُخَارِيّ: " مُنكر الحَدِيث ". وروى مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من خير خِصَال الصَّائِم السِّوَاك ". قَالَ البُخَارِيّ: " مجَالد بن سعيد بن عُمَيْر الْكُوفِي: كَانَ يحيى

وفي ذلك

الْقطَّان يُضعفهُ، وَكَانَ ابْن مهْدي لَا يروي عَنهُ، عَن الشّعبِيّ وَقيس ابْن أبي حَازِم، وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل لَا يرَاهُ شَيْئا، وَيَقُول: " مجَالد لَيْسَ بِشَيْء ". وروى إِبْرَاهِيم بن قِنْطَار أَبُو إِسْحَاق الْخَوَارِزْمِيّ عَن عَاصِم الْأَحول عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي ذَلِك.

مسألة

وَأَبُو إِسْحَاق: قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف، لَا يجوز الِاحْتِجَاج بِهِ فَإِنَّهُ حدث ببلخ عَن عَاصِم بِالْمَنَاكِيرِ. وروى الْقَاسِم بن عبد الله بن عمر الْعمريّ عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر أَنه كَانَ يتَسَوَّك بِالسِّوَاكِ الرطب وَهُوَ صَائِم. قَاسم ضَعِيف. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (17) : من أفطر فِي صَوْم التَّطَوُّع عَامِدًا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة = رَحمَه الله =: " عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، وَلم يكن لَهُ الْخُرُوج مِنْهُ ". دلينا من طَرِيق (الْأَثر و) الْخَبَر: مَا فِي صَحِيح مُسلم عَن

ذات يوم يا عائشة هل عندك شيء قالت لا والله ما عندنا شيء قال إني صائم قالت فخرج رسول الله

عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت -: " قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم: يَا عَائِشَة، هَل عنْدك شَيْء؟ قَالَت: لَا وَالله، مَا عندنَا شَيْء، قَالَ: إِنِّي صَائِم. قَالَت: فَخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأهديت لنا هَدِيَّة، أَو جَاءَنَا زور، قَالَت: فَلَمَّا رَجَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قلت: يَا رَسُول الله أهديت لنا هَدِيَّة، أَو جَاءَنَا زور، وَقد خبأت لَك شَيْئا، قَالَ: مَا هُوَ؟ قلت: حيس، قَالَ: هاتيه، فَجئْت بِهِ فَأكل، ثمَّ قَالَ: قد كنت أَصبَحت صَائِما ". هَكَذَا أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح عَن أبي كَامِل الجحدري عَن عبد الْوَاحِد، وَعَن أبي بكر عَن وَكِيع عَن طَلْحَة بن يحيى. وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْريّ وَغَيره عَن طَلْحَة. وَرَوَاهُ شيخ يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن عَمْرو بن الْعَبَّاس الْبَاهِلِيّ عَن ابْن

فقلت إنا خبأنا لك حيسا فقال أما إني كنت أريد الصوم ولكن قربيه كذا رواه المزني عنه ورواه الطحاوي عن المزني عنه فزاد سأصوم يوما مكانه قال الشافعي رحمه الله سمعت سفيان عامة مجالسه لا يذكر فيه سأصوم

عيية، وَزَاد فِيهِ: " وَأَصُوم يَوْمًا مَكَانَهُ. قَالَ عَليّ بن عمر: " لم يروه عَن ابْن عيية بِهَذَا اللَّفْظ غير الْبَاهِلِيّ، وَلم يُتَابع على قَوْله، وَلَعَلَّه شبه عَلَيْهِ - وَالله أعلم - لِكَثْرَة من خَالفه. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أخبرنَا سُفْيَان عَن طَلْحَة، فَذكر سَنَده عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " دخل عليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: إِنَّا خبأنا لَك حَيْسًا، فَقَالَ: أما إِنِّي كنت أُرِيد الصَّوْم، وَلَكِن قربيه "، كَذَا رَوَاهُ الْمُزنِيّ عَنهُ، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن الْمُزنِيّ عَنهُ، فَزَاد: " سأصوم يَوْمًا مَكَانَهُ ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " سَمِعت سُفْيَان، عَامَّة مجالسه لَا يذكر فِيهِ: " سأصوم يَوْمًا مَكَانَهُ "، ثمَّ عرضته عَلَيْهِ قبل أَن يَمُوت بِسنة فَأجَاب فِيهِ: سأصوم يَوْمًا مَكَانَهُ " ثمَّ حمله الشَّافِعِي - إِن كَانَ ثَابتا - على الإختيار للتطوع يَصُوم

خرج عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون فأفطر بعض الناس وصام بعضهم فبلغه أن أناسا صاموا فقال أولئك العصاة وعند

يَوْمًا مَكَانَهُ، كقضائه رَكْعَتي الظّهْر بعد الْعَصْر فِي حَدِيث أم سَلمَة، وسط الْكَلَام فِيهِ، رَحمَه الله تَعَالَى. وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح عَن جَابر - رصي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج عَام الْفَتْح فصَام حَتَّى بلغ كرَاع الغميم فَقيل لَهُ: إِن النَّاس قد شقّ عَلَيْهِم الصّيام وَإِنَّمَا ينظرُونَ فِيمَا فعلت، فَدَعَا بقدح من مَاء بعد الْعَصْر، فَشرب وَالنَّاس ينظرُونَ، فَأفْطر بعض النَّاس، وَصَامَ بَعضهم، فَبَلغهُ أَن أُنَاسًا صَامُوا فَقَالَ: أُولَئِكَ العصاة ". وَعند البُخَارِيّ عَن أبي جُحَيْفَة - رَضِي الله عَنهُ - " أَن

آخى بين سلمان وأبي الدرداء قال فجاءه سلمان يزوره فإذا أم الدرداء مبتذلة فقال ما شأنك يا أم الدرداء قالت إن أخاك يقوم الليل ويصوم النهار فجاءه أبو الدرداء فرحبه وقرب إليه طعاما وقال له سلمان قال أطعم إني صائم

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آخى بَين سلمَان وَأبي الدَّرْدَاء، قَالَ: فَجَاءَهُ سلمَان يزوره فَإِذا أم الدَّرْدَاء مبتذلة، فَقَالَ: مَا شَأْنك يَا أم الدَّرْدَاء؟ قَالَت: إِن أَخَاك يقوم اللَّيْل ويصوم النَّهَار، فَجَاءَهُ أَبُو الدَّرْدَاء، فرحبه، و (قرب إِلَيْهِ) طَعَاما، وَقَالَ لَهُ سلمَان قَالَ: أطْعم، إِنِّي صَائِم، قَالَ أَقْسَمت عَلَيْك لتفطرن، قَالَ: مَا أَنا بآكل حَتَّى تَأْكُل، فَأكل مَعَه، ثمَّ بَات عِنْده، فَلَمَّا كَانَ من اللَّيْل أَرَادَ أَبُو الدَّرْدَاء أَن يقوم فَمَنعه سلمَان، وَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاء، إِن لجسدك عَلَيْك حَقًا، ولربك عَلَيْك حَقًا، ولأهلك عَلَيْك حَقًا، صم وَأفْطر، وأت أهلك، وَأعْطِ كل ذِي حق حَقه، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجه الصُّبْح قَالَ: قُم الْآن إِن شِئْت، قَالَ فقاما، فتوضآ، ثمَّ ركعا، ثمَّ خرجا إِلَى الصَّلَاة، فَدَنَا أَبُو الدَّرْدَاء ليخبر

بالذي أمره سلمان فقال له رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالَّذِي أمره سلمَان، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا أَبَا الدَّرْدَاء، إِن لجسدك عَلَيْك حَقًا، مثل مَا قَالَ سلمَان ". وَعند أبي دَاوُد عَن عبد الله بن الْحَارِث عَن أم هَانِئ قَالَت: " لما كَانَ يَوْم فتح مَكَّة جَاءَت فَاطِمَة فَجَلَست عَن يسَار رَسُول الله - - وَأم هَانِئ عَن يَمِينه، فَجَاءَت الوليدة بِإِنَاء فِيهِ شراب فَنَاوَلَهُ، فَشرب، ثمَّ ناول أم هَانِئ فَشَرِبت مِنْهُ، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، لقد أفطرت، وَكنت صَائِمَة، فَقَالَ لَهَا: كنت تقضين شَيْئا؟ قَالَت: لَا، قَالَ: فَلَا يَضرك إِن كَانَ تَطَوّعا ". قَوْلهَا: " يَوْم فتح مَكَّة " أَرَادَت بِهِ أَيَّام فتح مَكَّة. وروى عون بن عمَارَة الْبَصْرِيّ عَن حميد عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ -، وَعَن جَعْفَر بن الزبير عَن الْقَاسِم عَن أبي

قال الصائم بالخيار ما بينه وبين نصف النهار وعون بن عمارة فيه نظر وجعفر بن الزبير متروك وروى ابن فديك عن ابن أبي حميد عن إبراهيم بن عبيد الله ابن رفاعة الأنصاري أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه صنع طعاما فدعا رسول

أُمَامَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " (الصَّائِم بِالْخِيَارِ مَا بَينه وَبَين نصف النَّهَار ". وَعون بن عمَارَة فِيهِ نظر، وجعفر بن الزبير مَتْرُوك. وروى ابْن فديك عَن ابْن أبي حميد عَن إِبْرَاهِيم بن عبيد الله ابْن رِفَاعَة الْأنْصَارِيّ أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - صنع طَعَاما، فَدَعَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه، فَقَالَ: كلوا، فَقَالَ رجل مِنْهُم: إِنِّي صَائِم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تكلّف لَك أَخُوك، وصنع لَك طَعَاما، فَأفْطر، وصم يَوْمًا غَيره إِن أَحْبَبْت ".

كَذَلِك رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن أبي سعيد بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: " صم مَكَانَهُ يَوْمًا إِن شِئْت ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن ابْن أبي حميد بِبَعْض مَعْنَاهُ، وَلم يقل: " إِن أَحْبَبْت، وَتلك الزِّيَادَة أصح. وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مُسلم، وَعبد الْمجِيد عَن ابْن جريج عَن عَطاء " أَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - كَانَ لَا يرى بَأْسا أَن يفْطر الْإِنْسَان فِي صِيَام التَّطَوُّع، وَيضْرب لذَلِك أَمْثَالًا: رجل طَاف سبعا، وَلم يوفه، فَلهُ أجر مَا احتسب، أَو صلى رَكْعَة، وَلم يصل أُخْرَى، فَلهُ أجر مَا احتسب ". قَالَ: " وَأخْبرنَا مُسلم، وَعبد الْمجِيد عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: " كَانَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - لَا يرى بالإفطار فِي صِيَام التَّطَوُّع بَأْسا ". وَعنهُ: " حَدثنَا عبد الْمجِيد عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن

جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه كَانَ لَا يرى بالإفطار فِي صِيَام التَّطَوُّع بَأْسا ". وروى عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " إِذا أَصبَحت وَأَنت تنهوي الصّيام فَأَنت (بأخير) النظرين: إِن شِئْت صمت، وَإِن شِئْت أفطرت " وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " من أصبح صَائِما ثمَّ بدا لَهُ أَن يفْطر فليقض يَوْمًا مَكَانَهُ ". وَهَذَا على الِاسْتِحْبَاب، ورد بِدَلِيل مَا مضى، أَو فِي فَرِيضَة مقضية، أَو منذورة مفعولة. وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة أَنَّهَا وَحَفْصَة أصبحتا - رَضِي الله عَنْهُمَا - صائمتين، فَأَصَابَهُمَا جهد، فذكرتا

فأمرهما أن يفطرا وقال اقضيا يوما مكانه وكذلك روي عن حجاج بن أرطاة عن الزهري والحجاج لم ير الزهري ولم يسمع منه وذكر عروة في هذا الحديث وهم وإنما روي عن الزهري عن عائشة مرسلا وكذا رواه مالك في الموطأ وسفيان بن

ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَمرهمَا أَن يفطرا، وَقَالَ: " اقضيا يَوْمًا مَكَانَهُ ". وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن حجاج بن أَرْطَاة عَن الزُّهْرِيّ، وَالْحجاج لم ير الزُّهْرِيّ وَلم يسمع مِنْهُ، وَذكر عُرْوَة فِي هَذَا الحَدِيث وهم، وَإِنَّمَا رُوِيَ (عَن الزُّهْرِيّ) عَن عَائِشَة مرسلاُ، وَكَذَا رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ. وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَيُونُس بن يزِيد، وَابْن جريج، وَمعمر بن رائد، وَمُحَمّد بن الْوَلِيد، وَبكر ابْن وتال، وَغَيرهم عَن الزُّهْرِيّ أَن عَائِشَة وَحَفْصَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - ... وَقد أقرّ الزُّهْرِيّ أَنه لم يسمع هَذَا الحَدِيث من عُرْوَة، قَالَ ابْن جريج: " قلت لَهُ: أحَدثك عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: أَصبَحت أَنا وَحَفْصَة صائمتين؟ فَقَالَ: لم أسمع من عُرْوَة فِي هَذَا شَيْئا، وَلَكِن حَدثنِي نَاس فِي خلَافَة سُلَيْمَان بن عبد الْملك

فبدرتني حفصة فذكرت ذلك له فقال اقضيا يوما مكانه وقال أبو عيسى الترمذي سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال لا يصح حديث الزهري عن عروة عن عائشة قال الشافعي رحمه الله أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن

عَن بعض من كَانَ يدْخل على عَائِشَة، قَالَت: أَصبَحت أَنا وَحَفْصَة صائمتين، فأهدي لنا هَدِيَّة فأكلناها، فَدخل علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فبدرتني حَفْصَة، فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: اقضيا يَوْمًا مَكَانَهُ ". وَقَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: " سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: لَا يَصح حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أخبرنَا مُسلم بن خَالِد عَن ابْن جريج عَن ابْن شهَاب الحَدِيث الَّذِي رويت عَن عَائِشَة وَحَفْصَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - / عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ ابْن جريج: " فَقلت لَهُ: أسمعته من عُرْوَة؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّمَا أخبرنيه رجل بِبَاب عبد الْملك، أَو رجل من جلساء عبد الْملك بن مَرْوَان ". قَالَ مُحَمَّد بن يحيى: " لم يَصح ذَا عندنَا من حَدِيث عُرْوَة لتنصيص ابْن جريج الزُّهْرِيّ، فَقَالَ: لم اسْمَع من عُرْوَة فِي ذَلِك شَيْئا، ولحكاية سُفْيَان جَوَاب الزُّهْرِيّ لصالح بن أبي الْأَخْضَر حِين قَالَ لِلزهْرِيِّ: إِنَّمَا هُوَ عَن عُرْوَة، فَقَالَ الزُّهْرِيّ: لَا، وَرفع صَوته. وَتَتَابَعَتْ الْأَخْبَار بعد عَن الْحفاظ بإرسال الزُّهْرِيّ الحَدِيث ". معمر، وَمَالك، وَيُونُس، والزبيدي، وَيحيى بن سعيد، وَعبد الله

ابْن عمر، فَهَؤُلَاءِ أثبت وَأولى مِمَّن خالفهم. وَقيل: " عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهُمَا " وَهُوَ وهم. روى أَبُو بكر الْأَثْرَم: " قلت لأبي عبد الله - يَعْنِي أَحْمد بن حَنْبَل - يحفظ عَن يحيى عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة: أَصبَحت أَنا وَحَفْصَة صائمتين؟ فَأنكرهُ، فَقَالَ: من رَوَاهُ؟ قلت: جرير بن حَازِم، قَالَ جرير كَانَ يحدث بالتوهم، فَقلت لَهُ: بِمصْر خَاصَّة أَو فِي غَيرهَا؟ فَقَالَ: كَانَ يحدث بالتوهم فِي غَيرهَا، وفيهَا "، هَذَا معنى كَلَامه، إِن شَاءَ الله. قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " أَشْيَاء عَن قَتَادَة أسندها كلهَا (بَاطِل) ". وروى أَحْمد بن مَنْصُور الرَّمَادِي (قَالَ) : " قلت لعَلي بن

الْمَدِينِيّ: يَا أَبَا الْحسن، تحفظ عَن يحيى بن سعيد عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: أَصبَحت أَنا وَحَفْصَة صائمتين؟ فَقَالَ لي: من هَذَا؟ قلت: ابْن وهب عَن جرير بن حَازِم عَن يحيى بن سعيد، قَالَ: فَضَحِك، ثمَّ قَالَ لي: مثلك يَقُول هَذَا حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن يحيى بن سعيد) عَن الزُّهْرِيّ أَن عَائِشَة وَحَفْصَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - أصبحتا صائمتين ". وَرُوِيَ عَن الْفرج بن فضَالة - وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث جدا - عَن يحيى عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، وَهُوَ وهم رَوَاهُ هِشَام بن خَالِد عَن

شُعَيْب بن إِسْحَاق وَقيل: عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَافِظ: " هَذَا شَاذ بِمرَّة، فَإِن شُعَيْب بن إِسْحَاق وَإِن كَانَ من الثِّقَات فقد أَتَى هِشَام بن خَالِد عَنهُ بمعضل، إِنَّمَا يعرف هَذَا لهشام بن عبد الله بن عِكْرِمَة المَخْزُومِي عَن هِشَام بن عُرْوَة، وَهِشَام بن عبد الله قد روى عَن هِشَام بن عُرْوَة غير حَدِيث من الْمَنَاكِير الَّتِي لم يُتَابع عَلَيْهَا، وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث بِلَا خلاف بَين أهل النَّقْل فِي مَعْنَاهُ. وَرُوِيَ عَن رجل مَجْهُول عَن عُرْوَة، يُقَال لَهُ: زميل، وَقَالَ آخَرُونَ: زميل، قَالَ البُخَارِيّ: " زميل بن عَيَّاش، أَو عَيَّاش بن زميل، مولى عُرْوَة ابْن الزبير، عَن عُرْوَة، روى عَنهُ يزِيد بن الْهَاد،

لَيْسَ فِي الْعَتِيق مُقَيّد، لَا يعرف لزميل سَماع من عُرْوَة، وَلَا لزيد بن زميل، لَا تقوم بِهِ الْحجَّة ". وَرُوِيَ من وَجه عَن عُرْوَة، وَلَا يَصح. وَرُوِيَ عَن هِشَام بن عبيد الله الرَّازِيّ عَن (العطاف بن خَالِد) المَخْزُومِي عَن زيد بن أسلم: " أَن عَائِشَة وَحَفْصَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - أصبحتا صائمتين ... "، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَافِظ: " زيد بن أسلم لم يسمع من عَائِشَة، والعطاف بن خَالِد لم يرضه مَالك، وَهِشَام

ابْن عبيد الله الملقب بِالسنةِ عِنْد الْقَوْم، وَعند أهل النَّقْل وأئمة الحَدِيث لَيْسَ بِالْحجَّةِ، وَإِنَّمَا يُقَال لَهُ: " السّني "، لِأَنَّهُ من قَرْيَة السن، فصحفوا، وَقَالُوا " السّني "، فَبَقيَ عَلَيْهِ. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد لَا يسوى ذكره عَن عبد الله بن مطرف عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، وَلم يرضه أستاذنا أَبُو عبد الله الْحَافِظ. رَوَاهُ مُحَمَّد أَبُو عبد الله الْمَكِّيّ عَن مُحَمَّد بن عمر عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة، وَقيل عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَكِلَاهُمَا وهم. مُحَمَّد الْمَكِّيّ هَذَا مَجْهُول. وَرَوَاهُ عبد الْعَزِيز بن الْحصين بن الترجمان عَن يزِيد بن يزِيد

فقال اقضياه قال الحافظ أبو عبد الله سلامة وأم سلمة إن لم يكن زوج النبي

ابْن جَابر عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة عَن جدته البرصاء عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، وَهَذَا إِسْنَاد لَا تقوم بِهِ الْحجَّة، وَعبد الْعَزِيز ضَعِيف الحَدِيث، قَالَه ابْن معِين. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو بن جبلة عَن سَلامَة بنت سليم المزنية قَالَت: حَدَّثتنِي أم سَلمَة قَالَت: سَأَلت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - فَقلت: إِنِّي أَصوم الْيَوْم فيهدى إِلَيّ الطَّعَام فَأفْطر؟ قَالَت: صمت أَنا وَحَفْصَة بنت عمر فأهدي لنا طَعَام فأفطرنا، فسألنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: اقضياه ". قَالَ (الْحَافِظ أَبُو عبد الله) : سَلامَة، وَأم سَلمَة إِن لم يكن زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَا نعرفها فِي غير الرِّوَايَة. وَعبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن جبلة سَاقِط. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَلَيْسَ بِشَيْء، رَوَاهُ مُحَمَّد ابْن مُوسَى عَن خطاب عَن خصيف عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل على حَفْصَة، وَأم

وأصحابه فقال رجل من القوم إني صائم فقال رسول الله

سَلمَة أَو عَائِشَة، وَذكر حَدِيثا، ثمَّ قَالَ: فَقَالَ: " صوما يَوْمًا مَكَانَهُ ". مُحَمَّد بن مُوسَى هُوَ (مِسْكين أَبُو عوَانَة) ، ضَعِيف الحَدِيث؛ بَلغنِي أَنه كَانَ يسرق الحَدِيث وَيحدث / بِهِ، ويروي عَن الثِّقَات أَشْيَاء مَوْضُوعَات. وخصيف رُبمَا يهم فِي الشَّيْء، إِلَّا أَن الْحمل فِيهِ - عِنْدِي - على مُحَمَّد بن مُوسَى هَذَا. وَرُوِيَ عَن ابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَهُوَ بَاطِل، رَوَاهُ حَمَّاد ابْن الْوَلِيد الْأَزْدِيّ عَن عبد الله بن عمر، عَن نَافِع، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَافِظ: " حَمَّاد بن الْوَلِيد من أهل الْكُوفَة حدث بِبَغْدَاد أَحَادِيث منكير، وَيُقَال: إِنَّه يسرق الحَدِيث، وَلَو صَحَّ مثل هَذَا عَن عبد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - لما احْتج النَّاس فِيهِ بمراسيل الزُّهْرِيّ. وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى مُحَمَّد بن أبي حميد عَن إِبْرَاهِيم بن عبيد قَالَ: " صنع أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - طَعَاما فَدَعَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه، فَقَالَ رجل من الْقَوْم: إِنِّي صَائِم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: صنع لَك أَخُوك، وتكلف لَك أَخُوك، أفطر، وصم يَوْمًا مَكَانَهُ ".

قَالَ عَليّ بن عمر: " هَذَا مُرْسل ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ: هَذَا إِسْنَاد مظلم، وَمُحَمّد بن أبي حميد ضَعِيف الحَدِيث، قَالَ يحيى بن معِين: لَيْسَ بِشَيْء، وَقَالَ البُخَارِيّ: مُنكر الحَدِيث. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد آخر أَوْهَى من هَذَا، رَوَاهُ عَمْرو بن خليف بن إِسْحَاق بن مرسال الْخَثْعَمِي عَن عَمه عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر بِمَعْنَاهُ. وَعَمْرو بن خليف كَانَ يضع الحَدِيث، ذكره (أَبُو حَاتِم) فِي كتاب الْمَجْرُوحين. ثمَّ قد روينَا فِي هَذِه الْقِصَّة: " صم يَوْمًا مَكَانَهُ إِن أَحْبَبْت "، وَهُوَ مَذْكُور فِي هَذِه الْمَسْأَلَة قبل هَذَا، وَالله أعلم، (وَله الْحَمد والْمنَّة) .

مسألة

مَسْأَلَة (18) : يسْتَحبّ أَن تتبع رَمَضَان بست من شَوَّال، وَقَالَ مَالك، وَأَبُو حنيفَة - رحمهمَا الله -: " يكره ذَلِك ". فِي صَحِيح مُسلم عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ - رَضِي الله عَنهُ - " قَالَ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من صَامَ رَمَضَان ثمَّ أتبعه سِتا من شَوَّال فَذَاك صِيَام الدَّهْر ". ورويناه أَيْضا فِي كتاب السّنَن من حَدِيث ثَوْبَان، وَجَابِر.

فلا معنى للكراهة بأنه زيادة على الفرض فإنه إنما يصومهن تطوعا لا بنية الفرض وقد فصل بينه وبين الفرض بإفطار يوم العيد والله أعلم

وَإِذا ثَبت الحَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَا معنى للكراهة بِأَنَّهُ زِيَادَة على الْفَرْض، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يصومهن تَطَوّعا، لَا بنية الْفَرْض، وَقد فصل بَينه وَبَين الْفَرْض بإفطار يَوْم الْعِيد، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (19) : وَصِيَام أَيَّام التَّشْرِيق لَا يجوز بِحَال، وَقَالَ فِي الْقَدِيم: يجوز صيامها للمتمتع. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". فَوجه قَوْلنَا: " لَا يجوز بِحَال " مَا فِي صَحِيح مُسلم عَن نُبَيْشَة -

أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله

رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيَّام التَّشْرِيق أَيَّام أكل وَشرب وَذكر لله ". وَعَن كَعْب بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَعثه وَأَوْس بن الْحدثَان أَيَّام التَّشْرِيق، فَنَادَى أَن لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا مُؤمن، وَأَيَّام منى أَيَّام أكل وَشرب ". وَرُوِيَ عَن عقبَة بن عَامر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ

يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهن أيام أكل وشرب قال أبو عبد الله الحاكم هذا حديث صحيح وروى الشافعي عن مالك رحمهما الله وهو عند أبي داود عن القعنبي عن مالك عن يزيد بن الهاد عن أبي مرة مولى أم هانئ

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم عَرَفَة وَيَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق عيدنا أهل الْإِسْلَام، وَهن أَيَّام أكل وَشرب ". قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وروى الشَّافِعِي عَن مَالك، رحمهمَا الله - وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد عَن القعْنبِي عَن مَالك - عَن يزِيد بن الْهَاد عَن أبي مرّة مولى أم هَانِئ أَنه دخل مَعَ عبد الله بن عَمْرو (على أَبِيه عَمْرو) بن الْعَاصِ - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَقرب إِلَيْهِمَا طَعَاما فَقَالَ: " كل "، قَالَ: " إِنِّي صَائِم ". فَقَالَ عَمْرو: " كل فَهَذِهِ الْأَيَّام الَّتِي كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمُرنَا بإفطارها، وَينْهى عَن صيامها "، قَالَ مَالك - رَحمَه الله -: " وَهن أَيَّام التَّشْرِيق ".

البيضاء في شعب الأنصار وهو يقول يا أيها الناس إن رسول الله

وَرُوِيَ عَن مَسْعُود بن الحكم الزرقي عَن أمه أَنَّهَا حدثته، قَالَت: " كَأَنِّي أنظر إِلَى عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - على بغلة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْبَيْضَاء فِي شعب الْأَنْصَار، وَهُوَ يَقُول: " يَا أَيهَا النَّاس، إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِنَّهَا لَيست أَيَّام صِيَام، إِنَّهَا أَيَّام أكل وَشرب وَذكر ". وَوجه قَوْلنَا فِي الْقَدِيم مَا فِي الصَّحِيح البُخَارِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: " صِيَام التَّمَتُّع مَا بَين أَن يهل بِالْحَجِّ إِلَى يَوْم عَرَفَة، فَإِن فَاتَهُ صَامَ أَيَّام منى ". وَعَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مثله. وَعَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، وَعَن سَالم عَن ابْن عمر - رصي الله عَنْهُم - أَنَّهُمَا قَالَا: " لم يرخص فِي أَيَّام التَّشْرِيق أَن يصمن إِلَّا من لم يجد الْهَدْي ".

وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال يصوم بعد أيام التشريق إذا فاته الصوم والله أعلم

وَعِنْده أَيْضا عَن هِشَام بن عُرْوَة: " أَخْبرنِي أبي قَالَ: كَانَت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - تَصُوم أَيَّام منى، وَكَانَ أَبوهَا يصومها ". وَرُوِيَ فِي جَوَاز صيامها للمتمتع - إِذا لم يجد الْهَدْي وفاتته أَيَّام الْعشْر - عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وروى جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " يَصُوم بعد أَيَّام التَّشْرِيق إِذا فَاتَهُ الصَّوْم ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (20) : الِاعْتِكَاف بِغَيْر صَوْم يَصح. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يَصح ".

قال إني نذرت أن أعتكف ليلة في الجاهلية فقال له النبي

دليلنا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب أَن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِنِّي نذرت أَن أعتكف لَيْلَة فِي الْجَاهِلِيَّة، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: / أوف بِنَذْرِك ". وَعِنْدَهُمَا أَيْضا عَنهُ حَدِيث فِيهِ: " وَكَانَ على عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - نذر اعْتِكَاف لَيْلَة فِي الْجَاهِلِيَّة، فَسَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأمره أَن يَفِي بِهِ، فَدخل الْمَسْجِد تِلْكَ اللَّيْلَة فَلَمَّا أصبح إِذْ السَّبي يسعون وَيَقُولُونَ: أعتقنا رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَرُوِيَ عبد الله بن بديل عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عمر (عَن عمر) - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْجِعِرَّانَة: يَا رَسُول الله، إِن عَليّ يَوْمًا أعتكفه، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اذْهَبْ فاعتكفه وصمه ".

بعد إسلامه فقال أوف بنذرك وقوله ويصوم ليس بمحفوظ وسعيد تفرد به وهو غير مقبول منه لمخالفته الثقات وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي

قَالَ عَليّ بن عمر: " تفرد بِهِ ابْن بديل عَن عَمْرو، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث، سَمِعت أَبَا بكر النَّيْسَابُورِي يَقُول: هَذَا حَدِيث مُنكر؛ لِأَن الثِّقَات من أَصْحَاب عَمْرو لم يذكروه، وَابْن بديل ضَعِيف الحَدِيث ". وَرَوَاهُ سعيد بن بشير عَن عبد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - " أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - نذر أَن يعْتَكف فِي الشّرك ويصوم، فَسَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد إِسْلَامه، فَقَالَ: أوف بِنَذْرِك ". وَقَوله: " ويصوم " لَيْسَ بِمَحْفُوظ، وَسَعِيد تفرد بِهِ، وَهُوَ غير مَقْبُول مِنْهُ لمُخَالفَته الثِّقَات. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " لَيْسَ على الْمُعْتَكف صِيَام، إِلَّا أَن يَجعله على نَفسه ". قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: تفرد بِرَفْعِهِ عبد الله الْموصِلِي ".

أنه أراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فذكر الحديث وفي آخره ثم أحر الاعتكاف إلى العشر الأول من شوال قال أبو بكر الإسماعيلي فيه دليل على جواز الاعتكاف بغير صوم لأن أول شوال يوم الفطر ولا يجوز صومه

وَرَوَاهُ عَمْرو بن زُرَارَة عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن أبي سُهَيْل بن مَالك عَن طَاوُوس قَالَ: " كَانَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - لَا يرى على الْمُعْتَكف صياما، إِلَّا أَن يَجعله على نَفسه "، قَالَ أَبُو سُهَيْل: " قَالَ عَطاء: ذَلِك رَأْيِي ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحميدِي عَن عبد الْعَزِيز أتم مِنْهُ، ذَكرْنَاهُ فِي كتاب السّنَن. وَرُوِيَ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه أَرَادَ أَن يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان ... ، فَذكر الحَدِيث، وَفِي آخِره: " ثمَّ أحر الِاعْتِكَاف إِلَى الْعشْر الأول من شَوَّال ". قَالَ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ: " فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الِاعْتِكَاف بِغَيْر صَوْم؛ لِأَن أول شَوَّال يَوْم الْفطر، وَلَا يجوز صَوْمه ".

كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز الدِّمَشْقِي عَن سُفْيَان ابْن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - مَرْفُوعا " لَا اعْتِكَاف إِلَّا بصيام ". وَرَفعه وهم، وَالصَّحِيح مَوْقُوف، تفرد بِهِ سُوَيْد عَن سُفْيَان، وهما غير مُحْتَج بهما فِي الصَّحِيح، قَالَ ابْن معِين: " سُوَيْد لَيْسَ بِشَيْء، وَكَانَ قاضياُ بِدِمَشْق بَين النَّصَارَى " وَرُوِيَ عَن عَطاء عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - مَوْقُوف: " من اعْتكف فَعَلَيهِ الصّيام ". . وَعَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: " لَا اعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْم ". وَفِي بعض الرِّوَايَات زِيَادَة. فِي الحَدِيث الصَّحِيح عِنْدهمَا عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان حَتَّى توفاه الله، ثمَّ اعْتكف أَزوَاجه من بعده ".

وأنه من كلام الزهري ومن أدرجه في الحديث فقد وهم والله أعلم وروى أبو داود عن وهب عن خالد عن عبد الرحمن عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت السنة على المعتكف أن لا يعود المريض ولا يشهد الجنازة ولا يمس

وَزَاد: " وَمن السّنة فِي الْمُعْتَكف أَن لَا يخرج إِلَّا لِحَاجَتِهِ الَّتِي لَا بُد مِنْهَا، وَلَا يعود مَرِيضا، وَلَا يمس امْرَأَته، وَلَا يُبَاشِرهَا، وَلَا اعْتِكَاف إِلَّا فِي مَسْجِد جمَاعَة، وَالسّنة فِيمَن اعْتكف أَن يَصُوم ". وَبَعْضهمْ يَقُول: " إِنَّه من قَول عَائِشَة ". قَالَ عَليّ بن عمر: " يُقَال: لَيْسَ من قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَنه من كَلَام الزُّهْرِيّ، وَمن أدرجه فِي الحَدِيث فقد وهم ". وَالله أعلم. وروى أَبُو دَاوُد عَن وهب عَن خَالِد عَن عبد الرَّحْمَن عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: " السّنة على الْمُعْتَكف أَن لَا يعود الْمَرِيض، وَلَا يشْهد الْجِنَازَة، وَلَا يمس امْرَأَة، وَلَا يُبَاشِرهَا، وَلَا يخرج لحَاجَة إِلَّا مَا لَا بُد مِنْهُ، وَلَا اعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْم، وَلَا اعْتِكَاف إِلَّا فِي مَسْجِد جَامع ". قَالَ أَبُو دَاوُد: " غير عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق لَا يَقُول فِيهِ:

" قَالَت: السّنة، جعله (من قَول عَائِشَة) ، رَضِي الله عَنْهَا ". وَرُوِيَ عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، وَعَن ابْن عمر أَنَّهُمَا قَالَا: " الْمُعْتَكف يَصُوم ". وَرُوِيَ عَن أبي بكر الْحميدِي عَن سُفْيَان: حَدثنَا عَمْرو: سَمِعت أَبَا فَاخِتَة يَقُول: سَمِعت ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - يَقُول: " يَصُوم المجاور "، والمجاور الْمُعْتَكف، فَحكى لِسُفْيَان أَن هشيماً يَقُوله عَن عَمْرو عَن أبي فَاخِتَة أَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " لَا اعْتِكَاف إِلَّا بِصَوْم "، فَقَالَ سُفْيَان: " أَخطَأ هِشَام، هُوَ كَمَا قلت لَك ". وَرُوِيَ عَن حَمَّاد بن زيد أَن رجلا قَالَ لعَمْرو بن دِينَار: يَا أَبَا مُحَمَّد، كَيفَ قَول ابْن عَبَّاس: " على المجاور الصَّوْم "؟ فَقَالَ عَمْرو: لَيْسَ كَذَا، قَالَ: ابْن عَبَّاس إِنَّمَا قَالَ: " المجاور يَصُوم ". وَالله أعلم.

كتاب الحج

كتاب الْحَج ذكر مَا اخْتلف فِيهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - من كتاب الْحَج، وَمَا ورد فِيهِ من خبر أَو أثر مَسْأَلَة (21) : من حج مُسلما ثمَّ ارْتَدَّ، ثمَّ أسلم لم يلْزمه حجَّة الْإِسْلَام ثَانِيًا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: يلْزمه. (وَدَلِيلنَا) من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مهلين بِالْحَجِّ، ومعنا النِّسَاء

والولدان "، فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ: " فجَاء سراقَة فَقَالَ: يَا رَسُول الله أَرَأَيْت عُمْرَتنَا هَذِه لِعَامِنَا (هَذَا) أم لِلْأَبَد؟ فَقَالَ: لَا، بل لِلْأَبَد ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: خَطَبنَا رَسُول الله قَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس، إِن الله كتب عَلَيْكُم الْحَج مرّة "، قَالَ: فَقَامَ الْأَقْرَع بن حَابِس فَقَالَ: أَفِي كل عَام يَا رَسُول الله، فَقَالَ: " لَو قلتهَا لَوَجَبَتْ، وَلَو وَجَبت لم تعلمُوا بهَا، وَلم تستطيعوا أَن تعملوا بهَا. الْحَج مرّة، فَمن زَاد فمتطوع ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح "، وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (22) : (والمعضوب) إِذا كَانَ واجداً لِلْمَالِ يلْزمه الْحَج، وَعَلِيهِ أَن يسْتَأْجر. من يحجّ عَنهُ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يلْزمه ". قَالَ الله (جلّ ثَنَاؤُهُ) : {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} . رُوِيَ عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قَول الله - تبَارك وَتَعَالَى: (وَللَّه على النَّاس

مرسلا وكذلك رواه يونس بن عبيد عن الحسن مرسلا روي في ذلك عن ابن عمر عن النبي

حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} ، قَالَ: " قيل: يَا رَسُول الله، مَا السَّبِيل؟ قَالَ: الزَّاد وَالرَّاحِلَة ". وَرُوِيَ عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة هَكَذَا. وَرَوَاهُ جَعْفَر بن عون عَن سعيد عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُس بن عبيد عَن الْحسن مُرْسلا، رُوِيَ فِي ذَلِك عَن ابْن عمر عَن النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذكره، ثمَّ قَالَ: إِنَّمَا أخرجته شَاهدا ".

فجاءته امرأة من خثعم تستفتيه فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه فجعل رسول الله يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر فقالت يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه

\ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " كَانَ الْفضل بن عَبَّاس رَدِيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَاءَتْهُ امْرَأَة من خثعم تستفتيه؛ فَجعل الْفضل ينظر إِلَيْهَا، وَتنظر إِلَيْهِ، فَجعل رَسُول الله يصرف وَجه الْفضل إِلَى الشق الآخر، فَقَالَت: يَا رَسُول الله - إِن فَرِيضَة الله على عباده فِي الْحَج أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا، لَا يَسْتَطِيع أَن يثبت على الرَّاحِلَة أفأحج عَنهُ؟ قَالَ: نعم. وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع " وَفِي رِوَايَة عِنْدهمَا مُخْتَصرا: " عَن ابْن عَبَّاس عَن الْفضل - رَضِي الله عَنْهُم - أَن امراة جَاءَت إِلَى النَّبِي - - فَقَالَت: إِن أبي أدْركهُ الْحَج وَهُوَ شيخ كَبِير لَا يَسْتَطِيع أَن يركب الْبَعِير، أفأحجد عَنهُ؟ قَالَ: حجي عَنهُ ". وَرُوِيَ عَن أبي رزين الْعقيلِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، إِن أبي شيخ كَبِير لَا يَسْتَطِيع الْحَج، وَلَا الْعمرَة، وَلَا الظعن، فَقَالَ: حج عَن أَبِيك وَاعْتمر ". رُوَاته ثِقَات. وَعَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَاهُ رجل فَقَالَ: إِن أبي شيخ كَبِير أدْرك الْإِسْلَام وَلم يحجّ، وَلَا يسْتَمْسك

احجج عن أبيك قال أبو عبد الله الحاكم هذا حديث صحيح وروي عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن عبد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب أن امرأة من خثعم شابة قالت يا رسول الله إن أبي شيخ كبير أدركته فريضة الله على

على رَاحِلَته، وَإِن شددته بالحبل خشيت أَن أَقتلهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: احجج عَن أَبِيك ". قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وَرُوِيَ عَن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن أَبِيه عَن عبد الله بن أبي رَافع عَن عَليّ بن أبي طَالب: " أَن امْرَأَة من خثعم شَابة قَالَت: يَا رَسُول الله، إِن أبي شيخ كَبِير، أَدْرَكته فَرِيضَة الله على عباده فِي الْحَج، لَا يَسْتَطِيع أداءها، أفيجزئ عَنهُ أَن أؤديها عَنهُ؟ قَالَ: نعم ". مَسْأَلَة (23) : وَمن مَاتَ بعد وجوب الْحَج عَلَيْهِ قضي عَنهُ، وَإِن لم يوص وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يَصح قَضَاء الْحَج عَنهُ إِذا لم يوص بِهِ، إِلَّا لِابْنِهِ، فَإِن حج عَنهُ رَجَوْت أَن يُجزئهُ ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رجلا أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِن أُمِّي نذرت أَن تحج، وَإِنَّهَا مَاتَت "، فَقَالَ: " لَو كَانَ على أمك دين

فأتته امرأة فقالت يا رسول الله إني كنت تصدقت بوليدة على أمي فماتت وبقيت الوليدة قال قد وجب أجرك ورجعت إليك في الميراث قالت إنها ماتت وعليها صوم شهر فقال صومي عن أمك قالت إنها لم تحج قال فحجي عن أمك

أَكنت قاضيه؟ " قَالَ: " نعم "، قَالَ: " فاقضوا الله، فَهُوَ أَحَق بِالْوَفَاءِ ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن عبد الله بن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " كنت عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَتَتْهُ امْرَأَة، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِنِّي كنت تَصَدَّقت (بوليدة على أُمِّي، فَمَاتَتْ) وَبقيت الوليدة، قَالَ: قد وَجب أجرك، وَرجعت إِلَيْك فِي الْمِيرَاث، قَالَت: إِنَّهَا مَاتَت وَعَلَيْهَا صَوْم شهر، فَقَالَ: صومي عَن أمك، قَالَت: إِنَّهَا لم تحج، قَالَ فحجي عَن أمك ". وَرُوِيَ فِي ذَلِك خبر صَرِيح فِي الْحَج عَمَّن مَاتَ وَلم يوص عَن أبي الْغَوْث بن الْحصين الْخَثْعَمِي عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا أَن إِسْنَاده ضَعِيف. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (24) : وَمن لم يحجّ حجَّة الْإِسْلَام لَا يَصح حجه عَن غَيره، وَإِذا أحرم عَن الْغَيْر وَقع عَن فَرْضه، وَكَذَلِكَ من كَانَ عَلَيْهِ حج وَاجِب. وَقَالَ أَبُو

سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال من شبرمة قال أخ لي أو قريب لي قال حججت عن نفسك قال لا قال حج عن نفسك ثم عن شبرمة قال يحيى بن معين أثبت الناس سماعا من سعيد عبدة بن سليمان

حنيفَة - رَحمَه الله -: " يَصح حجه عَن الْغَيْر وَإِن لم يحجج عَن نَفسه ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا روى أَبُو دَاوُد عَن إِسْحَاق بن إِسْمَاعِيل: " حَدثنَا عَبدة بن سُلَيْمَان ع 7 ن ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن عُرْوَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمع رجلا يَقُول: لبيْك عَن شبْرمَة، قَالَ: من شبْرمَة؟ قَالَ: أَخ لي، أَو قريب لي، قَالَ: حججْت عَن نَفسك؟ قَالَ: لَا، قَالَ: حج عَن نَفسك، ثمَّ عَن شبْرمَة ". قَالَ يحيى بن معِين: " أثبت النَّاس سَمَاعا من (سعيد عَبدة) بن سُلَيْمَان

قَالَ الْبَيْهَقِيّ: " وَهُوَ إِسْنَاد صَحِيح، لَيْسَ فِي الْبَاب أصح مِنْهُ ". وَرَوَاهُ جمَاعَة مثل ابْن معِين، وَابْن نمير، وَهَارُون بن إِسْحَاق، وَغَيرهم عَن عَبدة هَكَذَا مَرْفُوعا، وَعَبدَة بن سُلَيْمَان حجَّة، اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على الِاحْتِجَاج بروايته. كَيفَ؟ وَقد رُوِيَ عَن الْأنْصَارِيّ، وَمُحَمّد بن بشر، وَأبي يُوسُف عَن سعيد هَكَذَا، وَعُرْوَة هَذَا هُوَ ابْن يحيى. أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ: سَمِعت أَبَا عَليّ الْحَافِظ يَقُول ذَلِك. قَالَ: " وَقد روى قَتَادَة أَيْضا عَن عُرْوَة بن تَمِيم، وَعَن عُرْوَة بن عبد الرَّحْمَن. وقصرته جمَاعَة، فأوقفوه على ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا "

رجلا يلبي عن نبيشة فقال أيها الملبي هذه عن نبيشة واحجج عن نفسك قال علي بن عمر تفرد الحسن بن عمارة وهو متروك الحديث والمحفوظ عن ابن عباس رضي الله عنهما حديث شبرمة ويقال إن الحسن رجع عنه إلى الصواب فحدث

وَرُوِيَ عَن عَائِشَة، وَعَن جَابر أَيْضا، والإسناد الأول أصح مَا فِي هَذَا الْبَاب. وَرُوِيَ أَن امْرَأَة سَأَلت ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -، قَالَت: إِنِّي نذرت أَن أحج فَلم أحج، فَقَالَ: " ابدئي بِحجَّة الْإِسْلَام ". وَعَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - فِيمَن نذر أَن بِحَجّ فَلم يحجّ قطّ، قَالَ: " ليبدأ بالفريضة ". وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى الْحسن بن عمَارَة عَن عبد الْملك عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا يُلَبِّي عَن نُبَيْشَة، فَقَالَ: أَيهَا الملبي، هَذِه عَن نُبَيْشَة، واحجج عَن نَفسك ". قَالَ عَليّ بن عمر: " تفرد الْحسن (بن عمَارَة، وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث، وَالْمَحْفُوظ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - حَدِيث شبْرمَة، وَيُقَال: إِن الْحسن) رَجَعَ عَنهُ إِلَى الصَّوَاب، فَحدث بِهِ مُوَافقا لرِوَايَة غَيره عَن ابْن عَبَّاس / - رَضِي الله عَنْهُمَا -،

مسألة

وَهُوَ مَتْرُوك على كل حَال ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (25) :

سئل عن قول الله تعالى من استطاع إليه سبيلا فقيل وما السبيل قال الزاد والراحلة قال الحاكم أبو عبد الله هذا حديث صحيح

يلْزم الْمَرْأَة الْخُرُوج إِلَى الْحَج صُحْبَة النِّسَاء الثِّقَات، كَمَا يلْزمهَا صُحْبَة الْمحرم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: " إِذا لم يكن مَعهَا محرم يخرج مَعهَا لم يلْزمهَا الْحَج ". قَالَ الله - عز وَجل -: {وَللَّه على النَّاس حج الْبَيْت من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} . وَرُوِيَ عَن قَتَادَة عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن قَول الله تَعَالَى: {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} ، فَقيل: وَمَا السَّبِيل؟ قَالَ: " الزَّاد وَالرَّاحِلَة ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ".

مرسلا وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله

هَكَذَا رُوِيَ بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَالْمَحْفُوظ عَن قَتَادَة، وَغَيره عَن الْحسن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن (رَسُول الله) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تمنعوا إِمَاء الله مَسَاجِد الله ". وَعند البُخَارِيّ عَن عدي بن حَاتِم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " كنت عِنْد (رَسُول الله) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجَاءَهُ رجلَانِ أَحدهمَا يشكو الْعيلَة، وَالْآخر يشكو قطع السَّبِيل، قَالَ: فَقَالَ: لَا يَأْتِي عَلَيْك إِلَّا قَلِيل حَتَّى تخرج الْمَرْأَة من الْحيرَة إِلَى مَكَّة بِغَيْر خفير ... " وَذكر بَاقِي الحَدِيث. وروى إِسْرَائِيل عَن سعد الطَّائِي فِي هَذَا الحَدِيث: " فَإِن طَالَتْ بك حَيَاة لترين الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف الْكَعْبَة لَا تخَاف أحدا إِلَّا الله ".

يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة إلى مكة بلا مجوزه قال وقد كان ذلك والله عزيزا في الجاهلية واستدلوا بما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله

قَالَ عدي - رَضِي الله عَنهُ - فِي آخِره: " قد رَأَيْت الظعينة ترتحل من الْكُوفَة حَتَّى تَطوف بِالْبَيْتِ ". وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَة بن حُذَيْفَة عَن عدي - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُوشك أَن تخرج الظعينة من الْحيرَة إِلَى مَكَّة بِلَا مجوزه "، قَالَ: " وَقد كَانَ ذَلِك - وَالله - عَزِيزًا فِي الْجَاهِلِيَّة ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا يخلون رجل بِامْرَأَة، وَلَا يحل لامْرَأَة أَن تُسَافِر إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم، فَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله: أَنِّي اكتتبت فِي غَزْوَة كَذَا وَكَذَا، وَإِن امْرَأَتي انْطَلَقت حَاجَة، فَقَالَ: انْطلق فأحجج بامرأتك ". وَرُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن عمْرَة أَنَّهَا كَانَت عِنْد عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرت أَن أَبَا سعيد يخبر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا يحل للْمَرْأَة أَن تُسَافِر ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم، فالتفتت إِلَيْهَا عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -

يقول لا تسافر المرأة سفرا ثلاثة أيام أو تحجج إلا ومعها زوجها وهذا اللفظ أو تحجج ليس بمحفوظ وراويه جابر الجعفي وهو كذاب كما سبق ذكره والله أعلم

فَقَالَت: مَا كُلهنَّ لَهَا (ذُو) محرم " رُوَاته ثِقَات. وَفِي قَوْلهَا - رَضِي الله عَنْهَا - دلَالَة على أَن الْخَبَر ورد فِي غير السّفر الْوَاجِب، وَأَن الْمَقْصُود من الْخَبَر الحياطة عَلَيْهَا، أَلا ترى أَنه فِي حَدِيث (أبي هُرَيْرَة) ذكر يَوْمًا، وَفِي حَدِيث أبي سعيد ثَلَاثَة أَيَّام، وَالْكل فِي صَحِيح مُسلم، وَلَيْسَ فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس ذكر الْمدَّة، فَدلَّ على أَن المُرَاد بِهَذِهِ الْأَخْبَار صيانتها عَمَّا يخْشَى عَلَيْهَا، سَوَاء كَانَ السّفر ثَلَاثَة أَيَّام، أَو أقل أَو أَكثر. وَنحن إِنَّمَا نوجب عَلَيْهَا الْخُرُوج فِي مَوضِع تكون فِيهِ آمِنَة. وَمَا رُوِيَ عَن أبي أُمَامَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا تُسَافِر الْمَرْأَة (سفرا) ثَلَاثَة أَيَّام، أَو تحجج إِلَّا وَمَعَهَا زَوجهَا ". وَهَذَا اللَّفْظ: " أَو تحجج " لَيْسَ بِمَحْفُوظ، وَرَاوِيه جَابر الْجعْفِيّ، وَهُوَ كَذَّاب كَمَا سبق ذكره. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (26) : الْحَج موسع الْوَقْت، يجوز تَأْخِيره بعد وُجُوبه. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّه مضيق الْوَقْت، يكون مؤخره عَن سنة وُجُوبه مفرطاً ".

على الحج وتخلف عليه السلام بالمدينة بعد منصرفه من تبوك لا محاربا ولا مشغولا بشيء وتخلف أكثر المسلمين قادرين على الحج وأزواج رسول الله

قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أنزلت فَرِيضَة الْحَج بعد الْهِجْرَة، وَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْحَج، وتخلف - عَلَيْهِ السَّلَام - بِالْمَدِينَةِ بعد مُنْصَرفه من تَبُوك، لَا مُحَاربًا، وَلَا مَشْغُولًا بِشَيْء، وتخلف أَكثر الْمُسلمين قَادِرين على الْحَج، وَأَزْوَاج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَو كَانَ كمن ترك الصَّلَاة حَتَّى يخرج وَقتهَا مَا ترك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْفَرْض، وَلَا ترك المتخلفين عَنهُ، وَلم يحجّ - عَلَيْهِ السَّلَام - بعد فرض الْحَج إِلَّا حجَّة الْإِسْلَام، وَهِي حجَّة الْوَدَاع ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث كَعْب بن عجْرَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَآهُ - وَالْقمل يسْقط على وَجهه - فَقَالَ: " أيوذيك هوامك؟ " قَالَ: " نعم " فَأمره أَن يحلق. وهم بِالْحُدَيْبِية، لم يتَبَيَّن أَنهم يحلونَ بهَا وهم على طمع من دُخُول / مَكَّة، فَأنْزل الله - عز وَجل - الْفِدْيَة، فَأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يطعم فرقا بَين سِتَّة مَسَاكِين، أَو يَصُوم ثَلَاثَة أَيَّام، أَو ينْسك شَاة.

سنة سبع معتمرا عمرة القضاء فأقام بمكة ثلاثة أيام ثم انصرف ولو أراد الحج لأمكنه ذلك إن شاء الله ثم خرج في شهر رمضان سائرا إلى مكة عام الفتح وذلك في سنة ثمان فأقام بها سبع عشرة ثم خرج منها واستعمل عليها عتاب بن أسيد ولو

وَفِيه دَلِيل على أَن قَوْله: {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} ... إِلَى قَوْله: {ففدية من صِيَام أَو صَدَقَة أَو نسك} ... إِلَى آخِره نزل زمن الْحُدَيْبِيَة، وَالْحُدَيْبِيَة كَانَت فِي ذِي الْقعدَة سنة سِتّ من الْهِجْرَة بِلَا خلاف أعرفهُ بَين أهل النَّقْل فِيهِ، فَثَبت بِمَا ذكرنَا أَن نزُول وجوب الْحَج كَانَ سنة سِتّ أَو قبلهَا. ثمَّ خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سنة سبع مُعْتَمِرًا عمْرَة الْقَضَاء، فَأَقَامَ بِمَكَّة ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ انْصَرف، وَلَو أَرَادَ الْحَج لأمكنه ذَلِك إِن شَاءَ الله. ثمَّ خرج فِي شهر رَمَضَان سائراً إِلَى مَكَّة عَام الْفَتْح، وَذَلِكَ فِي سنة ثَمَان، فَأَقَامَ بهَا سبع عشرَة، ثمَّ خرج مِنْهَا، وَاسْتعْمل عَلَيْهَا عتاب بن أسيد. وَلَو أَرَادَ الْحَج أمكنه ذَلِك، إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: " ارتحل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْعمرَة بعد ثَلَاث، ثمَّ غزا الْفَتْح فتح مَكَّة ".

خرج في رمضان فصام وصام الناس معه وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدم رسول الله

قَالَ الزُّهْرِيّ: " وَأَخْبرنِي عبيد الله بن عبد الله عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج فِي رَمَضَان، فصَام، وَصَامَ النَّاس مَعَه، وَذَلِكَ على رَأس ثَمَان سِنِين وَنصف من مقدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْمَدِينَة، ثمَّ سَار وَمن مَعَه من النَّاس حَتَّى إِذا كَانَ بالكديد أفطر، وَأفْطر من مَعَه من الْمُسلمين، ثمَّ لم يصم بَقِيَّة رَمَضَان ". قَالَ الزُّهْرِيّ:: " فَصبح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَكَّة لبضع عشرَة خلت من شهر رَمَضَان ". وَعِنْده أَيْضا فِي الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة أَن أَبَا بكر الصّديق - رَضِي الله عَنْهُمَا - بَعثه فِي الْحجَّة الَّتِي أمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل حجَّة الْوَدَاع يَوْم النَّحْر فِي رَهْط يُؤذن فِي النَّاس أَن لَا يحجّ بعد الْعَام مُشْرك، وَلَا يطوف بِالْبَيْتِ عُرْيَان ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله وروى

أقام بالمدينة تسع سنين لم يحج ثم حج وهو في صحيح مسلم في الحديث الطويل في صفة الحج والله أعلم

عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ تسع سِنِين لم يحجّ، ثمَّ حج ". وَهُوَ فِي صَحِيح مُسلم فِي الحَدِيث الطَّوِيل فِي صفة الْحَج، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (27) : وَالْإِحْرَام بِالْحَجِّ فِي غير أشهر الْحَج لَا يَصح. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " أَسَاءَ، وتجزئه ". روى أَبُو بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء أَبُو كريب، حَدثنَا أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، عَن شُعْبَة عَن الحكم

عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " لَا يحرم بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أشهر الْحَج، فَإِن من سنة الْحَج أَن يحرم بِالْحَجِّ فِي اشهر الْحَج ". قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح، وَقد جرت فِيهِ مناظرة بيني وَبَين أبي مُحَمَّد السبيعِي، فَإِنَّهُ أنكرهُ، وَقَالَ: إِنَّمَا رَوَاهُ النَّاس عَن أبي خَالِد عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن الحكم، فَمن أَيْن جابه شيخكم - يَعْنِي ابْن خُزَيْمَة - عَن شُعْبَة؟ فَقلت: تَأمل مَا تَقول، فَإِن شَيخنَا أَتَى بالإسنادين جَمِيعًا، فَكَأَنَّمَا ألقمته حجرأً ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " رَأَيْت فِي يَوْم الْأَحَد الثَّالِث وَالْعِشْرين من الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَتِسْعين وثلاثمائة فِي مَنَامِي، كَأَنِّي أرى جمَاعَة من أَصْحَابنَا يبشروني بورود أبي كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء الْهَمدَانِي نيسابور، فقصدته، فَدخلت دَارا لم أذكر لمن هِيَ، وَإِذا شيخ كوسج هرم فَسلمت عَلَيْهِ فَرد الْجَواب، فَقلت: يَأْذَن الشَّيْخ فِي أَحَادِيث أعرضها عَلَيْهِ؟ قَالَ: نعم، قلت: إِن إمامنا وَشَيخ بلدنا أَبَا بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن خُزَيْمَة حدث عَنْك عَن أبي خَالِد الْأَحْمَر عَن

شُعْبَة عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: لَا يحرم بِالْحَجِّ إِلَّا فِي أشهر الْحَج. وَهَذَا عِنْد غَيره عَنْك عَن أبي خَالِد عَن الْحجَّاج عَن الحكم؟ فَقَالَ أَبُو كريب: حدّثنَاهُ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر مرَّتَيْنِ، مرّة قَالَ: شُعْبَة، وَمرَّة قَالَ: عَن الْحجَّاج. ثمَّ انْتَبَهت ". وَقد روى عَن حَمْزَة الزيات (عَن الحكم) مثل رِوَايَة شُعْبَة وَالْحجاج عَنهُ، قَالَ " عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي الرجل الَّذِي يحرم بِالْحَجِّ فِي غير أشهر الْحَج قَالَ: " لَيْسَ ذَلِك من السّنة ". وَرُوِيَ عَن سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو بن مَيْمُون أَنه

لرجموه وروى الشافعي أخبرنا مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما سئل عن الرجل أيهل بالحج قبل أشهر الحج فقال لا وروي عن عطاء قال إنما قال الله تعالى الحج

رأى ابْن أبي نعيم يحرم بِالْحَجِّ فِي غير أشهر الْحَج فَقَالَ: " لَو أدْرك هَذَا أَصْحَاب مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لرجموه ". وروى الشَّافِعِي: " أخبرنَا مُسلم وَسَعِيد بن سَالم عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير أَنه سمع جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُمَا - / سُئِلَ عَن الرجل، أيهل بِالْحَجِّ قبل أشهر الْحَج؟ فَقَالَ: لَا ". وَرُوِيَ عَن عَطاء قَالَ: " إِنَّمَا قَالَ الله تَعَالَى: {الْحَج أشهر مَعْلُومَات} لِئَلَّا نفرض الْحَج فِي غَيرهم ". وَعنهُ قَالَ: " من أحرم فِي غير أشهر الْحَج جعلهَا عمْرَة ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (28) : وَلَا يكره فعل الْعمرَة فِي وَقت. و (حكى عَن أبي حنيفَة) -

عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة وعمرة ومنا من أهل بالحج الحديث فالقارن معتمر في هذه الأيام وأي فرق بين إفراده عمرة وبين قرانه بينها وبين حجة وما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت

رَحمَه الله - أَنه قَالَ: " نكره فعلهَا يَوْم عَرَفَة، وَيَوْم النَّحْر، وَأَيَّام التَّشْرِيق ". وَدَلِيلنَا مَا ذكرنَا من حَدِيث أبي الْأسود عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام حجَّة الْوَدَاع، فمنا من أهل بِعُمْرَة، وَمنا من أهل (بِحجَّة وَعمرَة) ، وَمنا من أهل بِالْحَجِّ ... الحَدِيث ". فالقارن مُعْتَمر فِي هَذِه الْأَيَّام، وَأي فرق بَين إِفْرَاده (عمْرَة) ، وَبَين قرانه بَينهَا وَبَين حجَّة؟ وَمَا رُوِيَ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " حلت الْعمرَة فِي السّنة كلهَا، إِلَّا فِي أَرْبَعَة أَيَّام: يَوْم عَرَفَة، وَيَوْم النَّحْر، ويومان بعد ذَلِك "، فموقوف، وَهُوَ عندنَا مَحْمُول على من كَانَ مشتغلاً بِالْحَجِّ، فَلَا تدخل الْعمرَة عَلَيْهِ، وَلَا يعْتَمر حَتَّى يكمل عمل الْحَج كُله. فقد أَمر عمر بن الْخطاب. رَضِي الله عَنهُ - أَبَا أَيُّوب الْأنْصَارِيّ، وَهَبَّار بن الْأسود حِين فَاتَ كل وَاحِد مِنْهُمَا

مسألة

الْحَج أَن يتَحَلَّل بِعَمَل عمْرَة. وَقَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وَأعظم الْأَيَّام حُرْمَة لأولادها أَن ينْسك فِيهَا لله عز وَجل ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (29) : الْعمرَة وَاجِبَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّهَا سنة ". قَالَ تَعَالَى: {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} . قَالَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -: " إِتْمَامهَا أَن تحرم من دويرة أهلك ". وَعَن ابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُم -: " وَأقِيمُوا الْحَج وَالْعمْرَة لله ". وَقَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " إِنَّهَا لقرينتها فِي كتاب الله، عز وَجل: {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} . وَفِي حَدِيث الصَّبِي بن معبد أَنه قَالَ لعمر بن الْخطاب -

وفيه دلالة ظاهرة فإنه أخبر عن وجوبها وصوبه عمر وبين أنه مهتد بما يراه من وجوبها لسنة النبي

رَضِي الله عَنهُ -: " إِنِّي وجدت الْحَج وَالْعمْرَة مكتوبتين عَليّ، وَإِنِّي أَهلَلْت بهما "، فَقَالَ: " هديت لسنة (نبيك مُحَمَّد) ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَفِيه دلَالَة ظَاهِرَة، فَإِنَّهُ أخبر عَن وُجُوبهَا، وَصَوَّبَهُ عمر، وَبَين أَنه مهتد بِمَا يرَاهُ من وُجُوبهَا لسنة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَفِي صَحِيح مُسلم عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مهلين بِالْحَجِّ ... "، فَذكر الحَدِيث، وَفِيه: " فجَاء سراقَة بن مَالك بن جعْشم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أرايت عُمْرَتنَا هَذِه لِعَامِنَا هَذَا أم لِلْأَبَد، فَقَالَ: لَا، بل لِلْأَبَد ". وَحكى مُسلم بن الْحجَّاج عَن أَحْمد بن حَنْبَل أَنه لَا يعلم فِي إِيجَاب الْعمرَة حَدِيثا أَجود، وَلَا أصح من حَدِيث أبي رزين الْعقيلِيّ، قَالَ: " سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: إِن أبي شيخ كَبِير، لَا يَسْتَطِيع الْحَج وَالْعمْرَة، وَلَا الظعن، قَالَ: حج عَن أَبِيك وَاعْتمر ". قَالَ: " وَلم يجوده أحد كَمَا جوده شُعْبَة ".

فقال يا رسول الله العمرة واجبة قال لا وأن تعتمر خير لك

وَرُوِيَ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " الْحَج وَالْعمْرَة فريضتان ". وَعنهُ: " لَيْسَ من خلق الله أحد إِلَّا عَلَيْهِ حجَّة وَعمرَة واجبتان، من اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِك سَبِيلا ". وَعَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " الْعمرَة وَاجِبَة كوجوب الْحَج ". أَسَانِيد ذَلِك كُله صَحِيحَة. وَرُوِيَ عَن طَاوُوس، وَعَطَاء، وَابْن سِيرِين - رَحمَه الله - قَالُوا: " الْعمرَة وَاجِبَة "، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير، ومسروق، وَأبي بردة. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " يَا رَسُول الله، الْعمرَة وَاجِبَة؟ " قَالَ: " لَا، وَأَن تعتمر خير لَك ".

من هذا الوجه وخالفه عبد الملك بن جريج وغيره فرووه عن ابن المنكدر عن جابر رضي الله عنه من قوله وهو الصواب وحجاج ليس ممن يقبل منه ما ينفرد به من الروايات لسوء حفظه وقلة مراعاته لما يحدث به وكثرة تدليسه فكيف إذا خالف

وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث بِثَابِت، وحجاج بن أَرْطَأَة ينْفَرد بِسَنَدِهِ، وَرَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من هَذَا الْوَجْه، وَخَالفهُ عبد الْملك بن جريج، وَغَيره، فَرَوَوْه عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - من قَوْله، وَهُوَ الصَّوَاب. وحجاج لَيْسَ مِمَّن يقبل مِنْهُ مَا ينْفَرد بِهِ من الرِّوَايَات؛ لسوء حفظه، وَقلة مراعاته لما يحدث بِهِ، وَكَثْرَة تدليسه، فَكيف إِذا خَالف الثِّقَات؟ وَرفع الْمَوْقُوفَات والمعضلات؟ ثمَّ يُعَارضهُ مَا رُوِيَ عَن ابْن لَهِيعَة عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْحَج وَالْعمْرَة فريضتان واجبتان ". وَقد رُوِيَ من وَجه آخر عَن جَابر مَرْفُوعا - وَلَا يَصح:

قال الحج جهاد والعمرة تطوع ولا تقوم به الحجة لأن أبا صالح ماهان وقيل عبد الرحمن بن قيس ليس له ذكر في الصحيح وهو مرسل ونحن لا نحتج بالمراسيل إذا لم تخالف المسانيد فكيف إذا خالفتها وقد وهم بعضهم فرفعه

" الْعُمر وَاجِبَة؟ قَالَ: لَا، وَأَن تعتمر خير لَك ". وعَلى الْأَحْوَال كلهَا رَفعه وهم، وَالصَّوَاب مَوْقُوف. وَقد رُوِيَ من حَدِيث أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا، يرويهِ نوح بن أبي مَرْيَم عَن ثَابت الْبنانِيّ عَنهُ. ونوح: أَبُو عصمَة مَتْرُوك الحَدِيث. كَذَا رَوَاهُ عَنهُ حَمَّاد بن قِيرَاط / النَّيْسَابُورِي، وَإِنَّمَا يرويهِ نوح عَن ابْن الْمُنكر عَن جَابر، رَضِي الله عَنهُ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن أبي صَالح الْحَنَفِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحَج جِهَاد، وَالْعمْرَة تطوع. وَلَا تقوم بِهِ الْحجَّة، لِأَن أَبَا صَالح: ماهان، وَقيل: عبد الرَّحْمَن بن قيس، لَيْسَ لَهُ ذكر فِي الصَّحِيح، وَهُوَ مُرْسل، وَنحن لَا نحتج بالمراسيل إِذا لم تخَالف المسانيد، فَكيف إِذا خالفتها؟ ! وَقد وهم بَعضهم فرفعه، وَالصَّحِيح أَنه مُرْسل. وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن الْفضل بن عَطِيَّة من حَدِيث ابْن عَبَّاس مَرْفُوعا، وَهُوَ مَتْرُوك.

مسألة

وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله مَوْقُوفا، وَهُوَ مُنْقَطع بَين إِبْرَاهِيم وَعبد الله - رَضِي الله عَنهُ - وَالله أعلم. مَسْأَلَة (30) : والإفراد أفضل من الْقرَان والتمتع، ثمَّ التَّمَتُّع أفضل من

وأصح ذلك حديث عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجنا لخمس ليال بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا الحج وإنما أحرم رسول الله

الْقرَان. وَقَالَ أيو حنيفَة - رَحمَه الله =: " الْقرَان أفضل ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " اخْتلفُوا فِي إهلال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصَح ذَلِك حَدِيث عمْرَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -، قَالَت: " خرجنَا لخمس لَيَال بَقينَ من ذِي الْقعدَة، وَلَا نرى إِلَّا الْحَج، وَإِنَّمَا أحرم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْتَظر الْقَضَاء، أَي أَن يُؤمر بِهِ ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يذكر حجا وَلَا عمْرَة، فَلَمَّا قدمنَا - يَعْنِي مَكَّة - أمرنَا أَن نحل "، وَذكر بَاقٍ الحَدِيث. وَرَوَاهُ طَاوُوس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (من الْمَدِينَة) لَا يُسَمِّي حجا، وَلَا عمْرَة، ينْتَظر الْقَضَاء، فَنزل عَلَيْهِ الْقَضَاء وَهُوَ بَين الصَّفَا والمروة فَأمر أَصْحَابه من كَانَ مِنْهُم أهل وَلم يكن مَعَه هدي أَن يَجْعَلهَا عمْرَة، وَقَالَ: لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت لما سقت الْهَدْي، وَلَكِن لبدت رَأْسِي، وسقت الْهَدْي، فَلَيْسَ لي مَحل

أفرد الحج وكأنه

دون مَحل هَدْيِي ... . "، وَذكر بَاقِي الحَدِيث. وَفِي صَحِيح مُسلم عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أفرد الْحَج، وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُمر بإفراد الْحَج حِين نزل عَلَيْهِ الْقَضَاء، وَالله تَعَالَى لَا يخْتَار لرَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا مَا هُوَ أفضل. وَعِنْده عَنْهَا - رَضِي الله عَنْهَا - أَيْضا، قَالَت: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: من أَرَادَ مِنْكُم أَن يهل بِحَجّ وَعمرَة فَلْيفْعَل، وَمن أَرَادَ أَن يهل بِحَجّ فليهل. قَالَت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا: وَأهل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِحَجّ، وَأهل بِهِ نَاس مَعَه ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا - رَضِي الله عَنْهَا -: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام حجَّة الْوَدَاع، فمنا من أهل بِعُمْرَة، وَمنا من أهل بِحَجّ وَعمرَة، وَمنا من أهل بِالْحَجِّ، وَأهل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحَجِّ. فَأَما من أهل بِالْحَجِّ أَو جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَلم يحلوا حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر ".

بالمدينة تسع سنين لم يحج ثم أذن للناس بالحج فقدم الناس المدينة ليخرجوا معه فانطلق رسول الله

وَعند مُسلم عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - مَا مَعْنَاهُ: أَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْمَدِينَةِ تسع سِنِين لم يحجّ، ثمَّ أذن للنَّاس بِالْحَجِّ، فَقدم النَّاس الْمَدِينَة لِيخْرجُوا مَعَه، فَانْطَلق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وانطلقنا، لَا نَعْرِف إِلَّا الْحَج ". وَله: " خرجنَا وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين أظهرنَا، ينزل عَلَيْهِ الْقُرْآن، وَهُوَ يعرف تَأْوِيله، وَإِنَّمَا يفعل مَا أَمر بِهِ، فقدمنا مَكَّة، فَلَمَّا طَاف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْبَيْتِ، وبالصفا والمروة قَالَ: من لم يكن مَعَه هدي فليجعلها عمْرَة، وَلَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي، ولجعلتها عمْرَة ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي شهَاب مُوسَى بن نَافِع الْأَسدي قَالَ: " قدمت مَكَّة وَأَنا متمتع بِعُمْرَة، فَدخلت قبل التَّرويَة بِثَلَاثَة أَيَّام، فَقَالَ أنَاس من أهل مَكَّة: تصير الْآن حجتك مَكِّيَّة، فَدخلت على عَطاء بن أبي رَبَاح أستفتيه، فَقَالَ: حَدثنِي جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه حج مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم سَاق الْبدن، وَقد أهلوا بِالْحَجِّ مُفردا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحلُّوا من إحرامكم بِطواف الْبَيْت، وَبَين الصَّفَا والمروة، ثمَّ أقِيمُوا حَلَالا، حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم التَّرويَة فأهلوا بِالْحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِي قدمتم بهَا مُتْعَة. فَقَالُوا: كَيفَ نَجْعَلهَا مُتْعَة، وَقد

بالحج خالصا وحده وذكر باقي الحديث بمعناه وفيه البيان الواضح أن النبي

سمينا الْحَج؟ فَقَالَ: افعلوا مَا أَمرتكُم بِهِ، فلولا أَنِّي سقت الْهَدْي لفَعَلت مثل الَّذِي أَمرتكُم بِهِ، / وَلَكِن لَا يحل مني حرَام حَتَّى يبلغ الْهَدْي مَحَله ". وَرَوَاهُ ابْن جريج عَن عَطاء عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحَجِّ خَالِصا وَحده "، وَذكر بَاقِي الحَدِيث بِمَعْنَاهُ. وَفِيه الْبَيَان الْوَاضِح أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ مُفردا. وَعند مُسلم عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحَجِّ مُفردا ". وَرُوِيَ بِإِسْنَاد صَحِيح عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه قَالَ: " حججْت مَعَ أبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - فَجرد، وَمَعَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَجرد، وَمَعَ عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - فَجرد ". وَعَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " افصلوا بَين حَجكُمْ وعمرتكم، فَإِنَّهُ أتم لحج أحدكُم، وَأتم لعمرته أَن يعْتَمر فِي غير

أشهر الْحَج ". وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عَليّ بن حُسَيْن بن عَليّ عَن أَبِيه عَن جده عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يَأْمر بنيه، وَغَيرهم بإفراد الْحَج، يَقُول: " إِنَّه أفضل ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - بِسَنَدِهِ عَن عبد الله أَنه أَمر بإفراد الْحَج، قَالَ: " أحب أَن يكون لكل وَاحِد مِنْهُمَا شعث وسفر ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وهم يَزْعمُونَ أَن الْقرَان أفضل، وَبِه يفتون من استفتاهم، وَعبد الله يكره الْقرَان ". ذكر حجج من اخْتَار التَّمَتُّع وَرَآهُ أفضل: قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " اخْتَرْت الْإِفْرَاد، والتمتع حسن لَا نكرهه ". وَعند البُخَارِيّ وَمُسلم - وَاللَّفْظ لَهُ - عَن نصر بن عمرَان أبي

وقال في الهدي جزور أو بقرة أو شاة أو شركا في دم وعند مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي

جَمْرَة الضبعِي قَالَ: " تمتعت فنهاني نَاس عَن ذَلِك، فَأتيت ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَسَأَلته فَأمرنِي بهَا، فَانْطَلَقت إِلَى الْبَيْت، فَنمت، فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ: عمْرَة متقبلة وَحج مبرور، فَأتيت ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَأَخْبَرته بِالَّذِي رَأَيْت، فَقَالَ: الله أكبر، سنة أبي الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ فِي الْهَدْي: جزور، أَو بقرة، أَو شَاة، أَو شركا فِي دم ". وَعند مُسلم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هَذِه عمْرَة استمتعنا بهَا، فَمن لم يكن مَعَه هدي فليحل الْحل كُله، وَقد دخلت الْعمرَة فِي الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". كَأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرَادَ أَصْحَابه الَّذين حلوا وَاسْتَمْتِعُوا، إِذْ ثَبت أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تلهف، حَيْثُ سَاق الْهَدْي فَلم يحل، وَلَو كَانَ مُتَمَتِّعا لم يتلهف عَلَيْهَا.

وهذا يومئذ كافر يعني معاوية بالعرش يعني بيوت مكة وروى الشافعي رحمه الله عن مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس رضي الله عنهما عام حج معاوية بن أبي سفيان

وَعِنْده عَن غنيم بن قيس قَالَ: " سَأَلت سعد بن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - عَن مُتْعَة الْحَج، فَقَالَ: قد فعلناها مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهَذَا يَوْمئِذٍ كَافِر - يَعْنِي مُعَاوِيَة - بالعرش، يَعْنِي بيُوت مَكَّة ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْحَارِث بن نَوْفَل أَنه سمع سعد بن أبي وَقاص وَالضَّحَّاك بن قيس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَام حج مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان - رَضِي الله عَنْهُمَا -، وهما يتذاكران التَّمَتُّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج، فَقَالَ الضَّحَّاك: لَا يصنع ذَلِك إِلَّا من جهل أَمر الله، فَقَالَ

وصنعناها معه وعندها عن ابن عمر رضي الله عنهما قال تمتع رسول الله

سعد: بئس مَا فعلت، يَا ابْن أخي، فَقَالَ الضَّحَّاك: فَإِن عمر - رَضِي الله عَنهُ - قد نهى عَن ذَلِك، فَقَالَ سعد: قد صنعها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وصنعناها مَعَه ". وَعِنْدهَا عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " تمتّع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجَّة الْوَدَاع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج (فأهدى وسَاق مَعَه الْهَدْي من ذِي الحليفة، وَبَدَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأهل بِالْعُمْرَةِ، ثمَّ أهل بِالْحَجِّ، وتمتع النَّاس مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج) ، فَلَمَّا قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَكَّة قَالَ للنَّاس: من كَانَ مِنْكُم أهْدى فَإِنَّهُ لَا يحل لَهُ شَيْء حرم مِنْهُ حَتَّى يقْضِي حجَّة، وَمن لم يكن مِنْكُم أهْدى فليطف بِالْبَيْتِ، وبالصفا والمروة، وليقصر، وليحلل، ثمَّ ليهل بِالْحَجِّ ... " وَذكر الحَدِيث فِي طواف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ " ثمَّ لم يحلل من شَيْء حرم مِنْهُ حَتَّى قضى حجه، وَنحر هَدْيه (يَوْم النَّحْر) ، وأفاض، فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثمَّ حل من كل شَيْء حرم مِنْهُ ". قُلْنَا: حَيْثُ لم يتَحَلَّل حَتَّى فرغ من حجه فِي هَذِه الرِّوَايَة، وَغَيرهَا، فَفِيهِ دَلِيل على أَنه لم يكن مُتَمَتِّعا، وَالله أعلم. ثمَّ فِي أَخْبَار الْإِفْرَاد مَا يُعَارضهُ.

ما شأن الناس حلوا ولم تحلل أنت من عمرتك فقال إني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر وعند مسلم عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري عن أبي موسى رضي الله عنه أنه كان يفتي بالمتعة فقال له رجل رويدك ببعض فتياك

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مَا شَأْن النَّاس حلوا، وَلم تحلل أَنْت من عمرتك؟ " فَقَالَ: " إِنِّي لبدت رَأْسِي، وقلدت هَدْيِي، فَلَا أحل حَتَّى أنحر ". وَعند مُسلم عَن إِبْرَاهِيم بن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عَن أبي مُوسَى - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يُفْتِي بِالْمُتْعَةِ، فَقَالَ لَهُ رجل: " رويدك بِبَعْض فتياك، فَإنَّك لَا تَدْرِي مَا أحدث / أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي النّسك بعْدك "، حَتَّى لقِيه فَسَأَلَهُ، فَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ: " قد علمنَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعله، وَلَكِن كرهت أَن يظلوا معرضين بالأراك، ثمَّ يروحوا بِالْحَجِّ تقطر رؤوسهم "

فقال لي بم أهللت قال قلت لبيك إهلالا كإهلال النبي

وَعند البُخَارِيّ وَمُسلم عَن طَارق بن شهَاب عَن أبي مُوسَى - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قدمت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لي: بِمَ أَهلَلْت؟ قَالَ: قلت: لبيْك إهلالاً كإهلال النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: سقت الْهَدْي؟ قلت: لَا، قَالَ: فَأمرنِي فطفت بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة، ثمَّ أحللت فَأتيت امْرَأَة من قومِي فغسلت ثِيَابِي وغسلت رَأْسِي، فَكنت أُفْتِي النَّاس، إِذْ أَتَانِي رجل فَقَالَ: إِنَّك مَا تَدْرِي مَا أحدث أَمِير الْمُؤمنِينَ فِي شَأْن النّسك، قلت: أَيهَا النَّاس، هَذَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قادم عَلَيْكُم، فبه فَأتمُّوا، فَلَمَّا قدم قلت: مَا الَّذِي أحدثت فِي شَأْن النّسك؟ فَقَالَ: إِن نَأْخُذ بِكِتَاب الله تَعَالَى فَإِنَّهُ يَأْمُرنَا بالإتمام، قَالَ الله - عز وَجل: {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} ، وَإِن نَأْخُذ بِسنة نَبينَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنَّهُ لم يحل حَتَّى نحر الْهَدْي ". وَعند مُسلم عَن أبي نَضرة قَالَ: (كَانَ) ابْن عَبَّاس - رَضِي الله

فلما قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إن الله عز وجل كان يحل لنبيه

عَنْهُمَا - يَأْمُرهُم بِالْمُتْعَةِ، وَابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - ينْهَى عَنْهَا، فَذكرت ذَلِك لجَابِر بن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَقَالَ: " على يَدي دَار الحَدِيث "، فَقَالَ: " تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا قَامَ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن الله - عز وَجل - كَانَ يحل لنَبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا شَاءَ بِمَا شَاءَ، وَإِن الْقُرْآن قد نزل مَنَازِله، فَأتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله كَمَا أَمركُم، وأبتوا نِكَاح هَذِه النِّسَاء، فَلَنْ أُوتى بِرَجُل تزوج امْرَأَة إِلَى أجل إِلَّا رَجَمْته بِالْحِجَارَةِ ". وَفِي رِوَايَة: " افصلوا حَجكُمْ من عُمْرَتكُمْ، فَإِنَّهُ أتم لحجكم وَأتم لعمرتكم ". وَعِنْده أَيْضا عَن عبد الله بن شَقِيق أَن عليا - رَضِي الله عَنهُ - جعل يَأْمر بِالْمُتْعَةِ، وَعُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - ينْهَى عَنْهَا، فَقَالَ عُثْمَان كلمة، فَقَالَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -: لقد علمت أَنا تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ -: " أجل، وَلَكنَّا كُنَّا خَائِفين ". وَعِنْده أَيْضا عَن أبي ذَر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " لَا يصلح المتعتان إِلَّا لنا خَاصَّة، يَعْنِي مُتْعَة النِّسَاء، ومتعة الْحَج ".

يحتمل أن يكون مراده بذلك إذنه فيه وأمره من لم يكن معه هدي بدليل ما مضى من الأحاديث في الإفراد والله أعلم وعند أبي داود عن سعيد بن المسيب أن رجلا من أصحاب النبي

عِنْدِي أَن المُرَاد - وَالله أعلم - فَسخه الْحَج على من لم يكن مَعَه هدي بِالْعُمْرَةِ، ثمَّ حجهم بعد ذَلِك، وَالْفَسْخ كَانَ لَهُم خَاصَّة دون غَيرهم، وَيحْتَمل أَن يكون أَرَادَ تخصيصهم بِجَوَاز مُتْعَة الْحَج. وكل من قَالَ فِي هَذِه الْأَحَادِيث: " تمتّع رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " يحْتَمل أَن يكون مُرَاده بذلك إِذْنه فِيهِ وَأمره من لم يكن مَعَه هدي؛ بِدَلِيل مَا مضى من الْأَحَادِيث فِي الْإِفْرَاد، وَالله أعلم. وَعند أبي دَاوُد عَن سعيد بن الْمسيب أَن رجلا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَتَى عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - شهد عِنْده أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مَرضه الَّذِي قبض فِيهِ ينْهَى عَن الْعمرَة قبل الْحَج. إِنَّمَا أخرجت هَذِه الْأَحَادِيث لتعلم اخْتِلَاف النَّاس فِي حج

لأربع أو خمس مضين من ذي الحجة فدخل علي وهو غضبان فقلت من أغضبك أدخله الله النار فقال وما شعرت أني أمرت الناس بأمر فهم يترددون ولو أني كنت استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي معي حتى أشتريه وأحل كما حلوا وقد

التَّمَتُّع، وَلَا نَعْرِف أحدا من الصَّحَابَة كره الْإِفْرَاد، وَلَيْسَ الْمُخْتَلف فِيهِ كالمتفق عَلَيْهِ. وَعند مُسلم عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأَرْبَع أَو خمس مضين من ذِي الْحجَّة، فَدخل عليّ، وَهُوَ غَضْبَان، فَقلت: من أغضبك؟ أدخلهُ الله النَّار، فَقَالَ: وَمَا شَعرت أَنِّي أمرت النَّاس بِأَمْر فهم يَتَرَدَّدُونَ، وَلَو أَنِّي كنت اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي معي، حَتَّى أشتريه، وَأحل كَمَا حلوا ". وَقد روينَاهُ من حَدِيث جَابر - رَضِي الله عَنهُ -، وَفِيه الْبَيَان

لم يكن متمتعا بالعمرة إلى الحج إذ لو كان كذلك لما قال هذا لكنه أمر أصحابه بفسخ الإحرام بالعمرة قطعا لعادة الناس في كراهة الإحرام بالعمرة في أشهر الحج ثم لما رآهم يكرهون ذلك قال لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي

الْوَاضِح أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن مُتَمَتِّعا بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج؛ " إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لما قَالَ هَذَا، لكنه أَمر أَصْحَابه بِفَسْخ الْإِحْرَام بِالْعُمْرَةِ؛ قطعا لعادة النَّاس فِي كَرَاهَة الْإِحْرَام بِالْعُمْرَةِ فِي أشهر الْحَج، ثمَّ لما رَآهُمْ يكْرهُونَ ذَلِك قَالَ: " لَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي، ولجعلتها عمْرَة "، تطييباً لقُلُوبِهِمْ؛ لَا أَن التَّمَتُّع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج أفضل مِمَّا كَانَ فِيهِ. وَيدل على صِحَة ذَلِك مَا ثَبت عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " كَانُوا يرَوْنَ أَن الْعمرَة فِي اشهر الْحَج من أفجر الْفُجُور فِي الأَرْض، يَقُولُونَ: إِذا برأَ الدبر، وَعَفا الْأَثر، وانسلخ صفر حلت الْعمرَة لمن اعْتَمر، وَكَانُوا يسمون الْمحرم صفراً، قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لصبح رَابِعَة، مهلين بِالْحَجِّ، فَأَمرهمْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يجعلوها عمْرَة، فتعاظم ذَلِك عِنْدهم، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، أَي الْحل؟ قَالَ: الْحل كُله " - يَعْنِي: يحلونَ من كل شَيْء - أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. ذكر حجج من اخْتَار الْقرَان وَرَآهُ أفضل: عِنْد أبي دَاوُد / عَن ابْن حَنْبَل عَن هشيم عَن يحيى بن أبي إِسْحَاق، وَعبد الْعَزِيز بن صُهَيْب، وَحميد (عَن) أنس - رَضِي الله

يلبي بالحج والعمرة جميعا يقول لبيك عمرة وحجا لبيك عمرة وحجا وفي رواية يحيى بن يحيى عن هشيم بمثله إلا أنه قال سمعت رسول الله

عَنهُ -: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة جَمِيعًا، يَقُول: لبيْك عمْرَة وحجاً، لبيْك عمْرَة وحجاً ". وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى عَن هشيم بِمثلِهِ، إِلَّا أَنه قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أهل بهما جَمِيعًا ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح عَنهُ. وَبِهَذَا الْمَعْنى رَوَاهُ وهيب عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أنس، وَخَالفهُ حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب وَهُوَ أحفظ - فَرَوَاهُ عَن أَيُّوب عَن أبي قلَابَة فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ: " سمعهم يصرخون بهما جَمِيعًا: الْحَج وَالْعمْرَة ". قَالَ سُلَيْمَان بن حَرْب: " سمع أَبُو قلَابَة هَذَا من أنس - رَضِي الله عَنهُ - وَهُوَ فَقِيه، فِي رِوَايَته أَن أنسا إِنَّمَا سمع أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يصرخون بذلك، وهم كل من جمع مِنْهُم بَين الْحَج وَالْعمْرَة ". وَقد ذكرنَا هَذَا فِي كتاب السّنَن مشروحاً. حَدِيث معَاذ بن معَاذ عَن شُعْبَة عَن مُسلم القري، سمع ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - يَقُول: " أهل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعُمْرَة، وَأهل الصَّحَابَة بِحَجّ، فَلم يحجّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا من سَاق الْهَدْي من

بالحج وذكر الحديث

أَصْحَابه، وَحل بَقِيَّتهمْ، وَكَانَ طَلْحَة بن عبيد الله مِمَّن سَاق الْهَدْي، فَلم يحل "، رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح عَن عبيد الله بن معَاذ، وَعَن بنْدَار عَن غنْدر عَن شُعْبَة، إِلَّا أَن فِيهِ: " وَكَانَ مِمَّن لم يكن مَعَه الْهَدْي طَلْحَة بن عبيد الله - رَضِي الله عَنهُ - وَرجل آخر فأحلا ". وَخَالَفَهُمَا روح بن عبَادَة، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ فروياه عَن شُعْبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد يَقُول: " أهل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحَجِّ "، وَذكر الحَدِيث

بالحج وعن حميد عن بكر عن أنس رضي الله عنه قال سمعت النبي

بِمثلِهِ، وَلم يَقُولَا: " أهل بِعُمْرَة ". وَفِي حَدِيث روح أَن طَلْحَة لم يسق الْهَدْي فَحل. وَفِي حَدِيث أبي دَاوُد: وَكَانَ طَلْحَة مِمَّن مَعَه الْهَدْي. وَرِوَايَة من قَالَ: " أهل بِالْحَجِّ " أشبه؛ لموافقة رِوَايَة أبي الْعَالِيَة الْبَراء، وَابْن حسان عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي إهلاله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْحَجِّ. وَعَن حميد عَن بكر عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة جَمِيعًا ". قَالَ حميد: قَالَ بكر: فَحدثت بذلك ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَقَالَ: لبي بِالْحَجِّ وَحده، فَلَقِيت أنسا فَحَدَّثته بقول ابْن عمر، فَقَالَ أنس: مَا تعدوننا إِلَّا صبياناً سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لبيْك حجا وَعمرَة ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وروى الثِّقَات عَن زيد بن أسلم وَغَيره أَن رجلا أَتَى ابْن عمر -

قال ألم تأت العام الأول قال بلى ولكن أنس بن مالك رضي الله عنه زعم أنه قرن قال ابن عمر إن أنس بن مالك كان يدخل على النساء وهن مكشفات الرؤوس وإني كنت تحت ناقة رسول الله

رَضِي الله عَنْهُمَا - فَقَالَ: " بِمَ أهل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ " قَالَ: " ألم تأت الْعَام الأول؟ " قَالَ: بلَى، وَلَكِن أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - زعم أَنه قرن ". قَالَ ابْن عمر: " إِن أنس بن مَالك كَانَ يدْخل على النِّسَاء وَهن مكشفات الرؤوس، وَإِنِّي كنت تَحت نَاقَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يمسني لُعَابهَا، أسمعهُ يُلَبِّي بِالْحَجِّ ". وَعَن قَتَادَة قَالَ: " سَأَلت أنسا - رَضِي الله عَنهُ - (كم حجَّة) حَجهَا النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: حجَّة وَاحِدَة، وَاعْتمر عمرته الَّتِي صده الْمُشْركُونَ عَن الْبَيْت، وعمرنه حِين صالحوه، فَدخل من الْعَام الْمقبل، وعمرته فِي ذِي الْقعدَة حِين قسم غنيمَة حنين، وعمرته فِي حجَّته ". أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، وَمُسلم، قَالَ: " مَعَ حجَّته ". وَرُوِيَ ذَلِك فِي حَدِيث عَائِشَة، وَابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُم - وَلم يخرج فِي الصَّحِيح، أما حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - فَذكره عَنْهَا مُجَاهِد، وَقد اخْتلف فِي سَمَاعه مِنْهَا، فشعبة يُنكره، وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم يثبتانه، وَالله أعلم.

حجتين قبل أن يهاجر وحج بعد ما هاجر حجة قرن معها عمرة وكذا رواه غير واحد عن زيد بن الحباب وكأنه أراد بذلك والله أعلم إن صح الجمع بينهما في سنة واحدة لا في عقد واحد فقد روينا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر رضي الله

وروى زيد بن الْحباب عَن الثَّوْريّ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " حج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجَّتَيْنِ قبل أَن يُهَاجر، وَحج بعد مَا هَاجر حجَّة قرن مَعهَا عمْرَة ". وَكَذَا رَوَاهُ غير وَاحِد عَن زيد بن الْحباب، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بذلك - وَالله أعلم، إِن صَحَّ - الْجمع بَينهمَا فِي سنة وَاحِدَة، لَا فِي عقد وَاحِد؛ فقد روينَا عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر - رَضِي الله عَنْهُمَا - الحَدِيث الطَّوِيل الْمَشْهُور فِي إخْبَاره عَن حجَّة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنه كَانَ مُفردا. وَقد قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: " سَأَلت البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: هَذَا حَدِيث خطأ، وَإِنَّمَا رُوِيَ هَذَا عَن الثَّوْريّ مُرْسلا ". وَقَالَ البُخَارِيّ: " وَكَانَ زيد بن الْخطاب إِذا روى حفظا رُبمَا غلط فِي الشَّيْء ". وَعَن دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن عَن عَمْرو عَن عِكْرِمَة عَن ابْن

أربعا وقال والرابعة التي قرن مع حجته وهذا أيضا لا يرضاه أهل العلم بالحديث فقد رواه ابن عيينة عن عمرو ابن دينار عن عكرمة أن النبي

عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: عدد عمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أربعاُ، وَقَالَ: " وَالرَّابِعَة الَّتِي قرن مَعَ حجَّته ". وَهَذَا أَيْضا لَا يرضاه أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ؛ فقد رَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو ابْن دِينَار عَن عِكْرِمَة / أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ... ، مُرْسل. قَالَ البُخَارِيّ: " دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن صَدُوق، إِلَّا أَنه رُبمَا يهم فِي الشَّيْء ". ثمَّ إِنَّه إِنَّمَا أَرَادَ مَا ذكرنَا، فقد روينَا عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أهل بِالْحَجِّ "، وَهُوَ عِنْد أبي دَاوُد. وَعند مُسلم عَن حميد بن هِلَال عَن مطرف قَالَ: " قَالَ

جمع بين حج وعمرة ثم لم ينه عنه حتى مات ولم ينزل فيه قرآن يحرمه وقد كان بسلم على حتى اكتويت فترك ثم تركت الكي فعاد وعند البخاري عن قتادة عن مطرف عن عمران رضي الله عنه قال تمتعنا مع رسول الله

عمرَان بن الْحصين - رَضِي الله عَنهُ -: أحَدثك حَدِيثا عَسى الله أَن ينفعك بِهِ، إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمع بَين حج وَعمرَة، ثمَّ لم ينْه عَنهُ حَتَّى مَاتَ، وَلم ينزل فِيهِ قُرْآن يحرمه، وَقد كَانَ بسلم على حَتَّى اكتويت، فَترك، ثمَّ تركت الكي فَعَاد ". وَعند البُخَارِيّ عَن قَتَادَة عَن مطرف عَن عمرَان - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " تَمَتعنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنزل فِيهِ الْقُرْآن ". وَرَوَاهُ أَبُو الْعَلَاء عَن مطرف عَن عمرَان - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أعلم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اعْتَمر طَائِفَة من أَهله فِي الْعشْر ". وَرَوَاهُ أَبُو رَجَاء العطاردي عَن عمرَان فِي الْمُتْعَة. هَكَذَا اخْتلفُوا عَنهُ. وقصده من جَمِيع ذَلِك بَيَان جَوَاز الْعمرَة فِي

يقول وهو بوادي العقيق أتاني الليلة آت فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة فيكون ذلك والله أعلم إذنا في إدخال العمرة على الحج لا أنه

أشهر الْحَج، وَقَوله: " جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة " - إِن كَانَ الرَّاوِي حفظه - يحْتَمل أَن يكون أَرَادَ بِهِ إِذْنه فِيهِ، وَأمره بعض أَصْحَابه بِهِ، وَالله أعلم. وَعند البُخَارِيّ عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول - وَهُوَ بوادي العقيق: أَتَانِي اللَّيْلَة آتٍ، فَقَالَ: صل فِي هَذَا الْوَادي الْمُبَارك، وَقل: عمْرَة فِي حجَّة ". فَيكون ذَلِك - وَالله أعلم - إِذْنا فِي إِدْخَال الْعمرَة على الْحَج، لَا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بذلك فِي نَفسه. وَفِي بعض الرِّوَايَات: " وَقل: عمْرَة فِي حجَّة، فقد دخلت الْعمرَة فِي الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". وَعِنْده، وَعند مُسلم عَن حَفْصَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: " يَا رَسُول الله، مَا شَأْن النَّاس حلوا من عمرتهم، وَلم تحلل أَنْت من عمرتك؟ " فَقَالَ: " لبدت رَأْسِي، وقلدت هَدْيِي، فَلَا أحلل حَتَّى أنحر ". وَعند البُخَارِيّ عَن مَرْوَان بن الحكم قَالَ: " شهِدت عُثْمَان، وعلياً - رَضِي الله عَنْهُمَا - بَين مَكَّة وَالْمَدينَة، وَعُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - ينْهَى عَن الْمُتْعَة، وَأَن يجمع بَينهمَا، فَلَمَّا رأى ذَلِك عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أهل بهما جَمِيعًا فَقَالَ: لبيْك بِعُمْرَة وَحجَّة مَعًا، فَقَالَ عُثْمَان -

لقول أحد من الناس وعند أبي داود عن البراء رضي الله عنه قال كنت مع علي رضي الله عنه حين أمره رسول الله

رَضِي الله عَنهُ -: تراني أنهى النَّاس عَن شَيْء وَأَنت تَفْعَلهُ؟ فَقَالَ: مَا كنت لأدع سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لقَوْل أحد من النَّاس ". وَعند أبي دَاوُد عَن الْبَراء - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " كنت مَعَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - حِين أمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْيمن " ... فَذكر الحَدِيث فِي قدومه، وَقَالَ عَنهُ: " قَالَ: فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَيفَ صنعت؟ قَالَ: قلت: أَهلَلْت بإهلال النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: إِنِّي قد سقت الْهَدْي وقرنت ". قَوْله: " وقرنت " لَيْسَ بمذكور فِي الرِّوَايَات الْوَارِدَة فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن جَابر، وَأنس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قدوم عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - من الْيمن، وَجعل الْعلَّة فِي امْتِنَاعه من التَّحَلُّل كَون الْهَدْي مَعَه، والقارن لَا يحل من إِحْرَامه حَتَّى يحل مِنْهُمَا جَمِيعًا، سَوَاء كَانَ مَعَه هدي أَو لم يكن، فَدلَّ على خطأ تِلْكَ اللَّفْظَة، وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ للصَّبِيّ بن معبد - وَقد قرن -: " هديت لسنة نبيك، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَعند أبي دَاوُد أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ " يَا أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَل تعلمُونَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى

مسألة

عَن ركُوب جُلُود النمور؟ قَالُوا: نعم. قَالَ: فتعلمون أَنه نهى أَن يقرن بَين الْحَج وَالْعمْرَة؟ قَالُوا: أما هَذَا فَلَا، فَقَالَ: أما إِنَّهَا مَعَهُنَّ، وَلَكِنَّكُمْ نسيتم ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (31) : صَوْم السَّبْعَة لَا يجوز إِلَّا بعد رُجُوعه إِلَى أَهله. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن صَامَ بِمَكَّة أَو فِي الطَّرِيق بعد أَيَّام منى جَازَ ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " تمتّع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجَّة الْوَدَاع بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَج "، وَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وليهد، فَمن لم يجد هَديا فليصم ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج، وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح ".

وسبعة إذا رجع إلى أهله والله تعالى أعلم

وروى عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " صَامَ ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج، وَسَبْعَة إِذا رجعتم إِلَى أمصاركم ". وَهُوَ مخرج فِي كتاب البُخَارِيّ. وَرَوَاهُ عَطاء، وَمُجاهد عَن جَابر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله ". وَالله تَعَالَى أعلم. مَسْأَلَة (32) : ويبتدئ بِالتَّلْبِيَةِ إِذا انبعثت بِهِ رَاحِلَته فِي قَوْله الْجَدِيد.؟ وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله: " الْمُخْتَار أَن يَبْتَدِئ بِهِ فِي مجْلِس صلَاته بعد / فَرَاغه من الرَّكْعَتَيْنِ، وَهُوَ قَوْله الْقَدِيم ". فَوجه الْجَدِيد مَا عِنْد البُخَارِيّ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -

أهل حين استوت به راحلته قائمة وأخرجه مسلم عنه بمعناه وعندهما عن أنس رضي الله عنه قال صلى رسول الله

" أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أهل حِين اسْتَوَت بِهِ رَاحِلَته قَائِمَة ". وَأخرجه مُسلم عَنهُ بِمَعْنَاهُ. وَعِنْدَهُمَا عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن مَعَه الظّهْر بِالْمَدِينَةِ أَرْبعا، وَصلى بِذِي الحليفة - يَعْنِي الْعَصْر - رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ بَات بهَا حَتَّى أصبح، ثمَّ ركب حَتَّى اسْتَوَت بِهِ الْبَيْدَاء كبر وَسبح، ثمَّ أهل "، وَذكر بَاقِي الحَدِيث ". وَعَن أبي دَاوُد عَن سعد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَخذ الطَّرِيق الْفَزع أهل إِذا اسْتقْبلت بِهِ رَاحِلَته، وَإِذا أَخذ طَرِيق أحد أهل إِذا أشرف على جبل بيداء ". وَوجه قَوْله الْقَدِيم مَا روى خصيف عَن سعيد بن جُبَير عَن

أهل في دبر صلاته حين فرغ من ركعتين وما مضى أصح إسنادا لأن خصيفا تكلموا فيه وقد تابعه الواقدي في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما ومتابعة الواقدي لا تغني والأحاديث الواردة فيه عن ابن عمر رضي الله عنهما وغيره أسانيدها

ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أهل فِي دبر صلَاته حِين فرغ من رَكْعَتَيْنِ ". وَمَا مضى أصح إِسْنَادًا؛ لِأَن خصيفاً تكلمُوا فِيهِ، وَقد تَابعه الْوَاقِدِيّ فِي ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -، ومتابعة الْوَاقِدِيّ لَا تغني. وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِيهِ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَغَيره أسانيدها قَوِيَّة ثَابِتَة، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (33) : والتلبية لَيست بواجبة فِي الْإِحْرَام، وَلَا هِيَ شَرط فِيهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " التَّلْبِيَة شَرط فِي صِحَة الْإِحْرَام، أَو مَا يقوم مقَامهَا من سوق للهدي ". وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ عَن عُرْوَة بن مُضرس بن أَوْس بن حَارِثَة بن لَام - رَضِي الله عَنهُ - أَنه حج على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأدْرك

قال يا رسول الله أتعبت نفسي وأنضبت راحلتي فهل لي من حج فقال رسول الله

النَّاس وَهُوَ بِجمع، فَانْطَلق إِلَى عَرَفَات لَيْلًا، فَأَفَاضَ مِنْهَا، ثمَّ رَجَعَ إِلَى جمع، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَا رَسُول الله: أَتعبت نَفسِي وأنضبت رَاحِلَتي، فَهَل لي من حج؟ ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من صلى مَعنا صَلَاة الْغَدَاة، ووقف مَعنا حَتَّى يفِيض، وَقد أَتَى عَرَفَات قبل ذَلِك لَيْلًا أَو نَهَارا، فقد تمّ حجه، وَقضى تفثه ". والْحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ فِي الْأَمر بِرَفْع الصَّوْت فِي التَّلْبِيَة، لَا يدل على وُجُوبهَا؛ لِأَنَّهُ ورد فِي التَّرْغِيب ي رفع الصَّوْت بهَا، وأجمعنا أَنه غير وَاجِب. وَالله أعلم.

لم يذكرها الإمام والاقتصار على تلبية رسول الله

مَسْأَلَة (34) : لم يذكرهَا الإِمَام - والاقتصار على تَلْبِيَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحب إِلَّا أَن يرى شَيْئا يُعجبهُ فَيَقُول: " لبيْك أَن الْعَيْش عَيْش الْآخِرَة "، لَا يضيق أَن يزِيد عَلَيْهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن زَاد فَحسن ". روى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - بِسَنَدِهِ عَن عبد الله بن أبي سَلمَة أَنه قَالَ: سمع سعد بن وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - بعض بني أَخِيه وَهُوَ يُلَبِّي يَا ذَا المعارج، فَقَالَ سعد: " إِنَّه لذُو المعارج، وَمَا هَكَذَا كُنَّا نلبي على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل وعند أبي داود عن جابر

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن تَلْبِيَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، لبيْك لَا شريك لَك لبيْك، إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك، لَا شريك لَك ". وَكَانَ عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - يزِيد فِيهَا: " لبيْك لبيْك، وَسَعْديك، وَالْخَيْر بيديك لبيْك، وَالرغْبَاء إِلَيْك وَالْعَمَل ". وَعند أبي دَاوُد عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أهل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر التَّلْبِيَة مثل حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: " وَالنَّاس يزِيدُونَ (يَا ذَا المعارج) وَنَحْوه من الْكَلَام وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسمع، فَلَا يَقُول لَهُم شَيْئا ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " كَانَ من تَلْبِيَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لبيْك إِلَه الْحق) ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (35) : وَلَيْسَ للمحرمة أَن تلبس لقفازين على أحد الْقَوْلَيْنِ، وَلها

فقال يا رسول الله ما تأمرنا أن نلبس من الثياب في الإحرام فقال رسول الله

لبسهَا على القَوْل الآخر، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ " قَامَ رجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله: مَا تَأْمُرنَا أَن نلبس من الثِّيَاب فِي الْإِحْرَام؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا تلبسوا القمص، وَلَا السراويلات، وَلَا العمائم، وَلَا البرانس، وَلَا الْخفاف، إِلَّا أَن يكون إِنْسَان لَيست لَهُ نَعْلَانِ؛ فليلبس الْخُفَّيْنِ، فليقطعهما أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ، وَلَا تلبسوا شَيْئا من الثِّيَاب مَسّه الزَّعْفَرَان، وَلَا الورس، وَلَا تنتقب الْمَرْأَة الْمُحرمَة، وَلَا تلبس القفازين ". أخرجه البُخَارِيّ فِي / الصَّحِيح وَقَالَ: " تَابعه مُوسَى بن عقبَة، وَإِسْمَاعِيل بن عقبَة، وَجُوَيْرِية ابْن إِسْمَاعِيل، وَابْن إِسْحَاق - يَعْنِي عَن نَافِع - فِي النقاب والقفازين ". وَعَن أبي دَاوُد عَنهُ: أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى النِّسَاء فِي إحرامهن عَن القفازين والنقاب، وَمَا مس الورس والزعفران من الثِّيَاب، ولتلبس بعد ذَلِك مَا أحبت من ألوان الثِّيَاب معصفراً، أَو حزاً، أَو حليا، أَو سراويلاً، أَو قَمِيصًا، أَو خفاً. وروى مَالك عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - كَانَ يَقُول: " لَا تنتقب الْمَرْأَة الْمُحرمَة، وَلَا تلبس القفازين ".

ليس على المرأة حرم إلا في وجهها قال الحاكم أبو عبد الله هكذا رواه أيوب عن عبيد الله مسندا مرفوعا وحاله عند أئمة أهل النقل بخلاف ما عدله به عبد الله بن رجاء رحمه الله قال ابن معين شيخ يماني ضعيف وروى مخلد

وروى عبد الله بن رَجَاء العداني، حَدثنَا أَيُّوب بن مُحَمَّد أَبُو الْجمال ثِقَة عَن عبد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ على الْمَرْأَة حرم إِلَّا فِي وَجههَا ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " هَكَذَا رَوَاهُ أَيُّوب عَن عبيد الله مُسْندًا مَرْفُوعا، وحاله عِنْد أَئِمَّة أهل النَّقْل بِخِلَاف مَا عدله بِهِ عبد الله بن رَجَاء رَحمَه الله. قَالَ ابْن معِين: " شيخ يماني ضَعِيف ". وروى مخلد بن مَالك، حَدثنَا يحيى بن سعيد، حَدثنَا عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِحْرَام الرجل فِي رَأسه، وإحرام الْمَرْأَة فِي وَجههَا ".

قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " وَأما حَدِيث مخلد بن مَالك عَن يحيى بن سعيد، ومخلد قد روى عَن يحيى بن سعيد الْعَطَّار، (وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وَيحيى بن سعيد الْأمَوِي، فَإِن كَانَت الرِّوَايَة عَن يحيى بن سعيد الْعَطَّار) - وَلَا يبعد رِوَايَته عَن عبيد الله بن عمر - فَإِن يحيى بن سعيد الْعَطَّار شيخ من أهل حمص، ينتسب إِلَى الْأَنْصَار، قد عرف بمخالفة الْأَثْبَات فِي حَدِيثه، وَقد دلّس عَنهُ جمَاعَة، فَقَالُوا: حَدثنَا أَبُو زَكَرِيَّا الْأنْصَارِيّ، قَالَ أبن معِين: لَيْسَ بِشَيْء ". قَالَ أَبُو عبد الله: " وَإِن كَانَت الرِّوَايَة عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان الإِمَام - رَحمَه الله -، أَو يحيى بن سعيد الْأمَوِي فقد وهم فِي رَفعه أحد الروَاة، وَلَا يسلم صَاحب الْكتاب من مثله، وَالدَّلِيل على مَا ذَكرْنَاهُ إِجْمَاع أَصْحَابه على رِوَايَته عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر مَوْقُوفا من قَوْله، هَكَذَا رَوَاهُ حَمَّاد بن زيد عَن هِشَام بن حسان عَن عبيد الله " عَن نَافِع ". وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَمُحَمّد بن فليح بن سُلَيْمَان، وَعبد

مسألة

الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد، وَغَيرهم من المعروفين بالرواية عَن عبيد الله بن عمر. وَرُوِيَ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: " لم تَرَ بالقفازين بَأْسا " وَهُوَ مُرْسل. رَوَاهُ سُلَيْمَان عَن إِبْرَاهِيم عَن ابْن عمر. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (36) : وَلَا فديَة على الرجل بستر وَجهه طَالَتْ الْمدَّة فِيهِ أَو قصرت. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله: " إِن ستره يَوْمًا فَأكْثر لَزِمته الْفِدْيَة ". روى مَالك عَن يحيى عَن الْقَاسِم عَن الفرافصة بن عُمَيْر الْحِمْيَرِي، أَنه رأى عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - يُغطي

بميت مات محرما أن يكشف عن رأسه دون وجهه ولا يقرب طيبا ويكفن في ثوبيه اللذين مات فيهما قال ابن المنذر فيه أي المحرم يغطي وجهه ورخص سعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله روى عن ابن الزبير يغشى المحرم وجهه بثوبه حتى شعر

وَجهه وَهُوَ محرم. وروى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن ابْن الْقَاسِم عَن أَبِيه أَن عُثْمَان بن عَفَّان وَزيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَذكر رجلا آخر كَانُوا يخمرون وُجُوههم وهم حرم ". وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: " وهم محرمون ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - وَمَا هُوَ أقوى من هَذَا كُله أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بميت مَاتَ محرما أَن يكْشف عَن رَأسه دون وَجهه، وَلَا يقرب طيبا، ويكفن فِي ثوبيه اللَّذين مَاتَ فيهمَا ". قَالَ ابْن الْمُنْذر فِيهِ أَي الْمحرم يُغطي وَجهه: وَرخّص سعد بن أبي وَقاص، وَجَابِر بن عبد الله، روى عَن ابْن الزبير: " يغشى الْمحرم وَجهه بِثَوْبِهِ حَتَّى شعر رَأسه إِن شَاءَ ".

مسألة

وروى مَالك عَن نَافِع: أَن عبد الله كَانَ يَقُول: " أما فَوق الذقن من الرَّأْس فَلَا يخمره الْمحرم ". وَقَول من وَافق قَوْله السّنة أولى من قَول ابْن عمر، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (37) : وَالْمحرم إِذا لم يجد الْإِزَار لبس السَّرَاوِيل، وَلَا فديَة عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " عَلَيْهِ الْفِدْيَة ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -، خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَات، فَقَالَ: " من لم يجد الْإِزَار فليلبس السَّرَاوِيل، وَمن لم يجد النَّعْلَيْنِ فليلبس الْخُفَّيْنِ ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَلم يرخص فِي حَدِيث ابْن عمر إِلَّا فِي النَّعْلَيْنِ، قَالَ: " وليقطعهما أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ "، وَفِي أَكثر الرِّوَايَات أَن ذَلِك كَانَ حِين سَأَلَهُ رجل عَنهُ فِي الْمَسْجِد، وَذَلِكَ يدل على أَنه كَانَ قبل

من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ومن لم يجد نعلين فليلبس خفين والله أعلم

الْإِحْرَام بِالْمَدِينَةِ، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس بعد حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - وَالله أعلم. وَعند مُسلم عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من لم يجد إزاراً فليلبس سَرَاوِيل، وَمن لم يجد نَعْلَيْنِ فليلبس خُفَّيْنِ "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة / (38) : وَإِذا غسل الْمحرم رَأسه بالسدر والخطمي لم تلْزمهُ الْفِدْيَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " عَلَيْهِ الْفِدْيَة ". فِيهِ حَدِيث ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي الْمحرم. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (39) : وَإِذا ادهن الزَّيْت والشيرج فِي بدنه فَلَا فديَة عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " هما طيبان، وَفِيهِمَا الْفِدْيَة ". وَرُوِيَ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ادهن بِزَيْت (غير) مقتت، وَهُوَ محرم ". وَفِي رِوَايَة: " ابْن عَبَّاس "، بدل " ابْن عمر ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (40) : وَإِن تطيب نَاسِيا فَلَا فديَة عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " عَلَيْهِ الْفِدْيَة ".

بالجعرانة فأتاه رجل وعليه مقطع يعني جبة وهو متضمخ بالخلوق فقال يا رسول الله إني أحرمت بالعمرة وهذه على فقال رسول الله

دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن يعلى بن أُميَّة قَالَ: " كُنَّا عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالجعرانة، فَأَتَاهُ رجل، وَعَلِيهِ مقطع - يَعْنِي جُبَّة - وَهُوَ متضمخ بالخلوق، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أَحرمت بِالْعُمْرَةِ، وَهَذِه على؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا كنت تصنع فِي حجك؟ قَالَ: كنت أنزع هَذِه، وأغسل هَذَا الخلوق، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا كنت صانعاً فِي حجتك فاصنعه فِي عمرتك ". أخرجه البُخَارِيّ، وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَرَوَاهُ نوح بن حبيب القومسي فَقَالَ فِيهِ: " فَأتى بِالرجلِ فَقَالَ: أما الْجُبَّة فاخلعها، وَأما الطّيب فاغسله، ثمَّ أحدث إحراماً ". قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ: " لَا أعلم أَن أحدا قَالَ:

" أحدث إحراماً " غير نوح بن حبيب، وَلَا أَحْسبهُ مَحْفُوظًا "، هَذِه الزِّيَادَة: " ثمَّ أحدث إحراماً " لَيست بمحفوظة. فقد رَوَاهُ مُسَدّد عَن يحيى الْقطَّان، وَأَبُو عَاصِم، وَإِسْمَاعِيل بن علية، وَمُحَمّد بن بكر، وَعِيسَى بن يُونُس، كلهم عَن ابْن جريج، دون ذكر هَذِه الزِّيَادَة.

إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وروى ابن جريج عن عطاء من تطيب ناسيا أو لبس ناسيا

وَرَوَاهُ همام بن يحيى، وَقيس بن سعد، ورباح بن أبي مَعْرُوف، وَأَبُو بشر جَعْفَر بن إِيَاس، وَاللَّيْث، وَالْحجاج، كلهم عَن عَطاء بن أبي رَبَاح فِي هَذَا الحَدِيث، لم يذكر وَاحِد مِنْهُم هَذِه، غير (نوح بن حبيب) عَن يحيى بن سعيد عَن ابْن جريج، وَلم يقبلهَا أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ مِنْهُ. وَقد روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن الله تجَاوز عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان ". وروى ابْن جريج عَن عَطاء: " من تطيب نَاسِيا، أَو لبس نَاسِيا،

مسألة

أَو جَاهِلا فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (41) : وَلَا يَصح نِكَاح الْمحرم وإنكاحه. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يَصح ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا روى مَالك عَن نَافِع مولى عبد الله بن عمر عَن نبيه بن وهب، أَن عمر بن عبيد الله أَرَادَ أَن يُزَوّج طَلْحَة بن عمر ابْنة شيبَة بن جُبَير، فَأرْسل إِلَى أبان بن عُثْمَان؛ ليحضر ذَلِك - وَهُوَ أَمِير الْحَج - فَقَالَ أبان: سَمِعت عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا ينْكح

الْمحرم، وَلَا ينْكح، وَلَا يخْطب " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَنبيه بن وهب من أَشْرَاف بني عبد الدَّار، مَعْرُوف الدَّار وَالنّسب بِمَكَّة، روى عَنهُ نَافِع مولى ابْن عمر، وَبُكَيْر بن عبد الله وَأَيوب بن مُوسَى، وَعبد الْأَعْلَى، وَعبد الْجَبَّار

أن المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب

ابْنا نبيه، وَسَعِيد بن أبي هِلَال والمسور بن عبد الْملك. قَالَ ابْن خُزَيْمَة: " فَكيف يكون مَجْهُولا (من هُوَ) مَعْرُوف الدَّار وَالنّسب. وَقد روى عَنهُ مثل هَؤُلَاءِ قَالَ: وَلَقَد سَمِعت مُسلم بن الْحجَّاج يَقُول - وَذكر لَهُ قَول من زعم أَن نبيه بن وهب مَجْهُول - قَالَ: " لَو سمع بَنو عبد الدَّار بن قصي هَذَا القَوْل، لقذفوا قَائِله ". وروى عَن إِسْحَاق بن رَاشد الْجَزرِي عَن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن، قَالَ: أَرَادَ عمر بن عبيد الله بن معمر أَن يُزَوّج ابْنا لَهُ وَأَبَان بن عُثْمَان على الوشم، فَطلب إِلَيْهِ أَن يحضر ذَلِك، فَقَالَ لَهُ أبان: " أَلا أَرَاك أَعْرَابِيًا جَافيا، أَو مَا سَمِعت عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - كَانَ يذكر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن الْمحرم لَا ينْكح، وَلَا ينْكح، وَلَا يخْطب ".

قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " فَصَارَ الحَدِيث عَن زيد بن عَليّ عَن أبان بن عُثْمَان، وَهُوَ عَجِيب بِمرَّة ". وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَوْقُوفا وَمَرْفُوعًا. وَرُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب، وَعلي بن أبي طَالب، وَزيد بن ثَابت، وَعبد الله بن عمر، رَضِي الله عَنْهُم. أما حَدِيث عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَرَوَاهُ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن دَاوُد بن الْحصين عَن أبي غطفان الْمُزنِيّ: " أَن أَبَا طريف تزوج امْرَأَة وَهُوَ محرم، فَرد عمر نِكَاحه ".

وَأما حَدِيث عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فَروِيَ عَن عَمْرو بن عَليّ، قَالَ: " سَأَلت يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن حَدِيث مطر عَن الْحسن، أَن عليا - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: من تزوج وَهُوَ محرم نَزَعْنَا مِنْهُ امْرَأَته وَلم يجز نِكَاحه، قَالَ حَدثنَا مَيْمُون المراني، حَدثنَا الْحسن بن عَليّ - رَضِي الله عَنْهُمَا -، فَقلت: " أُرِيد حَدِيث مطر، فَمَا حَدثنِي بِهِ إِلَّا بعد شدَّة ". وَعَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه / أَن عليا - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: لَا ينْكح الْمحرم، فَإِن نكح رد نِكَاحه ". وَأما حَدِيث زيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنهُ -، فَقَالَ البُخَارِيّ - رَحمَه الله: قَالَ لنا عبد الله بن سَلمَة حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن قدامَة بن مُوسَى عَن شَوْذَب مولى زيد بن ثَابت، أَنه تزوج وَهُوَ محرم، فَفرق بَينهمَا زيد بن ثَابت، رَضِي الله عَنهُ.

تزوج ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال وماتت وهو بسرف أخرجه البخاري في الصحيح وروى عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن عبد الله بن

وَأما حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ: " لَا ينْكح الْمحرم، وَلَا يخْطب على نَفسه، وَلَا على غَيره ". وَعَن سعيد بن الْمسيب، وَسَالم بن عبد الله، وَسليمَان بن يسَار أَنهم سئلوا عَن نِكَاح الْمحرم فَقَالُوا: " لَا ينْكح الْمحرم، وَلَا ينْكح ". استدلوا بِحَدِيث ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تزوج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم، وَبنى بهَا وَهُوَ حَلَال، وَمَاتَتْ (وَهُوَ) بسرف. أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وروى عَمْرو بن دِينَار عَن أبي الشعْثَاء عَن عبد الله بن

نكح وهو محرم قال عمرو فحدثت ابن شهاب حديث أبي الشعثاء فقال حدثني يزيد ابن الأصم أن النبي

عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نكح وَهُوَ محرم ". قَالَ عَمْرو: فَحدثت ابْن شهَاب حَدِيث أبي الشعْثَاء، فَقَالَ حَدثنِي يزِيد ابْن الْأَصَم أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نكح وَهُوَ غير محرم. أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَأخرج أَيْضا فِي الصَّحِيح عَن أبي فَزَارَة عَن يزِيد بن الْأَصَم، قَالَ: " حَدَّثتنِي مَيْمُونَة بنت الْحَارِث أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تزَوجهَا وَهُوَ حَلَال، قَالَ: " وَكَانَت خَالَتِي وَخَالَة ابْن عَبَّاس ". وَأخرجه أَبُو دَاوُد عَن مَيْمُون بن مهْرَان عَن يزِيد بن الْأَصَم ابْن أُخْت مَيْمُونَة عَن مَيْمُونَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " تزَوجنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَنحن حلالان بسرف ".

نكح ميمونة وهو محرم ما نكحها رسول الله

وروى الشَّافِعِي عَن سعيد بن سَلمَة عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن سعيد بن الْمسيب، قَالَ: " أوهم الَّذِي روى أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نكح مَيْمُونَة وَهُوَ محرم، مَا نَكَحَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا وَهُوَ حَلَال ". روى أَبُو عَاصِم عَن عُثْمَان بن الْأسود عَن ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تزوج وَهُوَ محرم. قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ - رَحمَه الله: " سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ - رَحمَه الله - عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: يرَوْنَ هَذَا عَن ابْن أبي مليكَة مُرْسل، ذكر عَائِشَة فِيهِ وهم، وَالصَّوَاب إرْسَاله، كَذَا يَقُول أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ وَالله أعلم ". وَيُقَال: " إِن أَبَا عَاصِم رَجَعَ عَن وَصله حِين عَاد إِلَى أَصله فَوَجَدَهُ فِيهِ مُرْسلا "، قَالَه عَمْرو بن عَليّ عَن بعض أَصْحَابه.

مرسلا هكذا رواه جرير عن مغيرة مرسلا قال أبو علي الحافظ كلا الروايتين عن أبي عوانة خطأ والمحفوظ حديث جرير قال محمد بن عبد الله بن عمار سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول في حديث ابن مسعود رضي الله عنه لا بأس أن

وَرَوَاهُ عَمْرو عَن أبي عَاصِم مُرْسلا. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد آخر واه عَن عَائِشَة: " عَن أبي عوَانَة عَن مُغيرَة عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن عَائِشَة ". وَقيل: عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة. وَالْمَحْفُوظ: عَن الْمُغيرَة عَن سماك عَن أبي الضُّحَى عَن مَسْرُوق عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، هَكَذَا رَوَاهُ جرير عَن مُغيرَة مرسلاَ. قَالَ أَبُو عَليّ الْحَافِظ: " كلا الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبي عوَانَة خطأ، وَالْمَحْفُوظ حَدِيث جرير ". قَالَ مُحَمَّد بن عبد الله بن عمار: سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي يَقُول فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - " لَا بَأْس أَن

مسألة

يتَزَوَّج الْمحرم ": " لَيْسَ يحدث بِهِ عَن جرير إِلَّا من يُرِيد شين جرير، إِنَّمَا هُوَ قَول إِبْرَاهِيم "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (42) : ويستلم الرُّكْن الْيَمَانِيّ، وَلَا يقبله. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " (لَا يستلمه) ". دليلنا حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - " مَا تركت (استلام) هذَيْن الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيّ وَالْحجر فِي شدَّة، وَلَا رخاء مُنْذُ رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستلمهما ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَحَدِيث ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " لم أر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْتَلم غير الرُّكْنَيْنِ اليمانيين ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَالله أعلم.

لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوافه والله أعلم

وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يدع أَن يسْتَلم الرُّكْن الْيَمَانِيّ، وَالْحجر فِي كل طَوَافه ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (43) : وَلَا يَصح الطّواف إِلَّا بِمَا تصح بِهِ الصَّلَاة من الطَّهَارَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن طَاف بِغَيْر طَهَارَة أَجزَأَهُ، وَيجْبر بِدَم ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن مُوسَى بن أعين عَن عَطاء بن السَّائِب عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الطّواف بِالْبَيْتِ صَلَاة، وَلَكِن الله تَعَالَى أحل لكم فِيهِ الْمنطق، فَمن نطق فَلَا ينْطق إِلَّا بِخَير ". تَابعه الثَّوْريّ، وَجَرِير بن عبد الْمجِيد، والفضيل بن عِيَاض، وَغَيرهم عَن عَطاء بن السَّائِب مُسْندًا مُتَّصِلا.

وَرَوَاهُ عبد الله بن طَاوُوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَوْقُوفا. وروى عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنهُ مَوْقُوفا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عُرْوَة حَدِيث فِيهِ: " وأخبرتني عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن أول شَيْء بَدَأَ بِهِ حِين قدم مَكَّة أَن تَوَضَّأ، ثمَّ طَاف بِالْبَيْتِ " يَعْنِي رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

يرمي على راحلته يوم النحر يقول لنا خذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه أخرجه مسلم في الصحيح بنحوه وعند البخاري عن عائشة رضي الله عنها قدمت وأنا حائض فشكوت ذلك إلى رسول الله

روى أَبُو دَاوُد عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ _: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَرْمِي على رَاحِلَته يَوْم النَّحْر، يَقُول لنا: خُذُوا عني مَنَاسِككُم؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لعَلي لَا أحج بعد حجتي هَذِه ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح بِنَحْوِهِ. وَعند البُخَارِيّ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - " قدمت وَأَنا حَائِض، فشكوت ذَلِك إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: افعلي كَمَا يفعل الْحَاج، غير أَن لَا تطوفي بِالْبَيْتِ حَتَّى تطهري ". وَالله - (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) - أعلم. (وَله الْحَمد وَالنعْمَة، وَبِه التَّوْفِيق والعصمة) , مَسْأَلَة (44) : وَبَعض الطّواف لَا يقوم مقَام جَمِيعه، وَلَا يُجزئهُ، كَانَ الْمَفْعُول أَكثر أَو الْمَتْرُوك. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يُجزئ وَالْمَفْعُول أَكثر من الْمَتْرُوك مَعَ دم ". وَهَكَذَا الْخلاف فِيمَن طَاف بِالْبَيْتِ فسلك الْحجر، وَلم يطف من وَرَائه، فعندنا لَا يُجزئهُ، وَعِنْدهم بجزئه.

فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين ثم خرج إلى الصفا وقال قال الله تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة أخرجه البخاري ومسلم وعن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله

دليلنا حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَطَافَ بِالْبَيْتِ سبعا، وَصلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ خرج إِلَى الصَّفَا ". و (قَالَ) : " قَالَ الله تَعَالَى: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} . أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم. وَعَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الِاسْتِجْمَار تو، وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة تو، وَالطّواف تو، وَإِذا استجمر أحدكُم فليستجمر بتو ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَفِيه دَلِيل على أَنه إِذا طَاف أَرْبعا لَا يُجزئهُ. روى الرّبيع: " أخبرنَا الشَّافِعِي: أخبرنَا سُفْيَان: حَدثنَا هِشَام عَن طَاوُوس - فِيمَا أَحسب أَنه قَالَ: عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: الْحجر من الْبَيْت، وَقَالَ الله تَعَالَى: {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} ، وَقد طَاف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَرَاء الْحجر ". وَعند البُخَارِيّ عَن أبي السّفر عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله

طاف من ورائه ولا يقولن أحدكم الحطيم وفي حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين عن رسول الله

عَنْهُمَا - قَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس، اسمعوا مَا أَقُول لكم، وأسمعوني مَا تَقولُونَ، وَلَا تَقولُوا: قَالَ ابْن عَبَّاس: من طَاف بِالْبَيْتِ فليطف بِالْحجرِ؛ فَإِن الْحجر من الْبَيْت، وَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَاف من وَرَائه، وَلَا يَقُولَن أحدكُم: الْحطيم ". وَفِي حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيَان أَن الْحجر من الْبَيْت، وَالسَّبَب فِي تَركه خَارج الْبَيْت ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (45) : لَا دم على من طَاف رَاكِبًا ركب مُخْتَارًا أَو مَعْذُورًا، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن كَانَ مُخْتَارًا فَعَلَيهِ دم ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَاف فِي حجَّة الْوَدَاع على بعيره، يسْتَلم الرُّكْن بمحجن ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله عَنهُ. وروى يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قدم مَكَّة، وَهُوَ يشتكي، فَطَافَ على رَاحِلَته ". وَهَذِه الزِّيَادَة لم يُتَابع عَلَيْهَا. وَقد أخرج البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح من حَدِيث خَالِد الْحذاء عَن

في حجة الوداع على راحتله بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه أخرجه مسلم في الصحيح وأخرج أيضا عن عائشة رضي الله عنها قالت طاف رسول الله

عِكْرِمَة، دون هَذِه الزِّيَادَة، وَيزِيد بن أبي زِيَاد غير مُحْتَج بِهِ. وَقد بَين جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُمَا - السَّبَب فِي طوافة - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجَّة الْوَدَاع على راحتله بِالْبَيْتِ، وبالصفا والمروة: ليراه النَّاس، وليشرف، وليسألوه، فَإِن النَّاس غشوه. أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَأخرج أَيْضا عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " طَاف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجَّة الْوَدَاع حول الْكَعْبَة على بعيره، يسْتَلم الرُّكْن؛ كَرَاهِيَة أَن يصرف عَنهُ النَّاس ". وروى هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه قَالَ: " قَالَت أم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهَا - لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنِّي لم أطف طواف الْخُرُوج، فَقَالَ: إِذا أَقمت الصَّلَاة فطوفي من وَرَاء النَّاس على بعيرك ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (46) : وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة فِي الْحَج وَالْعمْرَة ركن مَفْرُوض لَا

أنه كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم سعى ثلاثة أطواف ومشى أربعا ثم يصلي سجدتين ويطوف بين الصفا والمروة أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وقد روينا عن النبي

يَنُوب عَنهُ الدَّم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " إِنَّه وَاجِب، وينوب عَنهُ الدَّم ". لنا حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ إِذا طَاف فِي الْحَج وَالْعمْرَة أول مَا يقدم سعى ثَلَاثَة أطواف، وَمَشى أَرْبعا، ثمَّ يُصَلِّي سَجْدَتَيْنِ، وَيَطوف بَين الصَّفَا والمروة ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَقد روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لِتَأْخُذُوا عني مَنَاسِككُم ". وَفِي حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - فِي الصَّحِيحَيْنِ حِين ذكرت فِيهِ نزُول الْآيَة، ثمَّ قَالَت: " قد سنّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الطّواف بَينهمَا، وَلَيْسَ لأحد أَن يتْرك الطّواف بَينهمَا ". كَذَا فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة. وَفِي رِوَايَة هِشَام عَن أَبِيه قَالَت: " مَا أتم الله حج امْرِئ، وَلَا عمرته لم يطف بَين الصَّفَا والمروة ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح.

فطاف في بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بالصفا والمروة سبعا وقال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة قال عمرو فسألنا جابرا رضي الله عنه فقال لا تقربها حتى تطوف بين الصفا والمروة رواه البخاري عن

وَعَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: " سَأَلنَا ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن رجل قدم بِعُمْرَة فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَلم يطف بَين الصَّفَا والمروة أياتي امْرَأَته؟ فَقَالَ: قدم / النَّبِي - - فَطَافَ فِي بِالْبَيْتِ سبعا، وَصلى خلف الْمقَام رَكْعَتَيْنِ، وَطَاف بالصفا والمروة سبعا، وَقَالَ: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة (حَسَنَة} } ، قَالَ عَمْرو: فسألنا جَابِرا - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: لَا تَقربهَا حَتَّى تَطوف بَين الصَّفَا والمروة ". رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن الْحميدِي، وَغَيره، عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة. وروى الشَّافِعِي عَن عبد الله بن المؤمل عَن عمر عَن عبد الرَّحْمَن عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن صَفِيَّة بنت شيبَة قَالَت:

وهو يسعى بين الصفا والمروة فرأيته يسعى وأن مئزره ليدور من شدة السعي حتى لا أقول إني لأرى ركبته وسمعته يقول اسعوا فإن الله عز وجل كتب عليكم السعي ورواه يونس بن محمد ومعاذ بن هانئ عن ابن المؤمل في هذا

أَخْبَرتنِي بنت أبي تجراة، إِحْدَى نسَاء بني عبد الدَّار، قَالَت: دخلت مَعَ نسْوَة من قُرَيْش دَار أبي حُسَيْن نَنْظُر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يسْعَى بَين الصَّفَا والمروة، فرأيته يسْعَى وَأَن (مِئْزَره) ليدور من شدَّة السَّعْي، حَتَّى لَا أَقُول إِنِّي لأرى ركبته، وسمعته يَقُول: اسْعوا، فَإِن الله - عز وَجل - كتب عَلَيْكُم السَّعْي ". وَرَوَاهُ يُونُس بن مُحَمَّد، و (معَاذ) بن هَانِئ، عَن ابْن المؤمل فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ: " حَسَنَة بنت أبي تجراة ". مَسْأَلَة (47) : الْقَارِن يَكْفِيهِ طواف وَاحِد، وسعي وَاحِد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة -

عام حجة الوداع فذكر الحديث وقال في آخره قالت وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وعند مسلم عنها رضي الله عنها أنها حاضت بسرف وطهرت بعرفة فقال لها رسول

رَحمَه الله: " إِنَّه يطوف طوافين، وَيسْعَى سعيين ". لنا حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " خرجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام حجَّة الْوَدَاع "، فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِي آخِره: " قَالَت: وَأما الَّذين كَانُوا جمعُوا بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَإِنَّمَا طافوا طَوافا وَاحِدًا ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَعند مُسلم عَنْهَا - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا حَاضَت بسرف، وطهرت بِعَرَفَة، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يُجزئ عَنْك طوافك بالصفا والمروة عَن حجك وعمرتك ". عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهَا: " طوافك بِالْبَيْتِ، وَبَين الصَّفَا والمروة يَكْفِيك لحجك وعمرتك ". قَالَ الشَّافِعِي: " وَكَانَ سُفْيَان رُبمَا قَالَ: عَن عَطاء عَن عَائِشَة، وَرُبمَا قَالَ: عَن عَطاء أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لعَائِشَة ". وروى الثِّقَات عَن الثَّوْريّ عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَكْفِيك طواف وَاحِد بعد الْمُعَرّف لحجك وعمرتك ". وَفِي حَدِيث " ابْن عمر حِين خرج إِلَى الْحَج عَام) نزل الْحجَّاج بِابْن الزبير قَالَ: " ثمَّ انْطلق يهل بهما جَمِيعًا، حَتَّى قدم

أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وروى الثقات عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله

مَكَّة فَطَافَ بِالْبَيْتِ، وَبَين الصَّفَا والمروة، وَلم يزدْ على ذَلِك، وَلم ينْحَر، وَلم يحلق، وَلم يقصر، وَلم يحلل من شَيْء حرم مِنْهُ، حَتَّى كَانَ يَوْم النَّحْر، فَنحر وَحلق، وَرَأى أَنه قد قضى طواف الْحَج وَالْعمْرَة بطوافه الأول، وَقَالَ ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: هَذَا من فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وروى الثِّقَات عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أهل بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة كَفاهُ لَهما طواف وَاحِد، لَا يحل حَتَّى يحل مِنْهُمَا ". وَعَن جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " لم يطف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا أَصْحَابه بَين الصَّفَا والمروة إِلَّا طَوافا وَاحِدًا، طَوَافه الأول ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. استدلوا بِمَا روى الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن مُجَاهِد قَالَ: " خرج ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - يهل بِعُمْرَة، وَهُوَ يتخوف أَيَّام نجدة أَن يحبس عَن الْبَيْت، فَلَمَّا سَار أَيَّامًا قَالَ: مَا الْحصْر فِي الْعمرَة والحصر فِي الْحَج إِلَّا وَاحِد، فضم إِلَيْهَا حجَّة، فَلَمَّا قدم طَاف طوافين، طَوافا لعمرته، وطوافاً لحجته، ثمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل ". قَالَ عَليّ بن عمر: " لم يروه عَن الحكم غير الْحسن بن

فعل قال علي بن عمر حفص بن أبي داود ضعيف وابن أبي ليلى ردئ الحفظ كثير الوهم وروي بإسناد آخر ولا يصح لأن راويه الحسن بن عمارة ورواه عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي رضي

عمَارَة هُوَ مَتْرُوك ". وَالْحسن بن عمَارَة مِمَّن أجمع أَئِمَّة أهل النَّقْل على ترك حَدِيثه؛ لِكَثْرَة الْمَنَاكِير فِي رواياته، وَكَيف يَصح مثل هَذَا عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَقد ثَبت عَنهُ أَنه طَاف لَهما طَوافا وَاحِدًا؟ - كَمَا سبق - وَالله أعلم. وروى حَفْص بن أبي دَاوُد عَن ابْن أبي ليلى عَن الحكم عَن ابْن أبي ليلى عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة فَطَافَ لَهما طوافين، وسعى لَهما سعيين، (ثمَّ قَالَ ابْن عمر) هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل ". قَالَ عَليّ بن عمر: " حَفْص بن أبي دَاوُد ضَعِيف، وَابْن أبي ليلى ردئ الْحِفْظ كثير الْوَهم ". وَرُوِيَ بِإِسْنَاد آخر، وَلَا يَصح؛ لِأَن رَاوِيه الْحسن بن عمَارَة. وَرَوَاهُ عِيسَى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ: حَدثنِي أبي عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ قَارنا، فَطَافَ طوافين، وسعى سعيين ". قَالَ على بن عمر: " عِيسَى بن عبد الله يُقَال لَهُ: مبارك، وَهُوَ

فعل ذلك ومثل ذلك لا يصح وروى علي بن عمر عن ابن صاعد عن ابن زنبور عن

مَتْرُوك الحَدِيث ". وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " إِنَّه روى عَن أَبِيه عَن آبَائِهِ أَحَادِيث مَوْضُوعَة ". وروى بِإِسْنَاد فِيهِ مَجْهُول يُقَال لَهُ حَمَّاد بن عبد الرَّحْمَن عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة قَالَ: " طفت مَعَ أبي، وَقد جمع بَين الْحَج وَالْعمْرَة، فَطَافَ لَهما طوافين، وسعى لَهما سعيين، / وحَدثني أَن عليا - رَضِي الله عَنهُ - فعل ذَلِك، وحدثه عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل ذَلِك ". وَمثل ذَلِك لَا يَصح. وروى عَليّ بن عمر عَن ابْن صاعد عَن ابْن زنبور عَن

فُضَيْل عَن مَنْصُور عَن مَالك بن الْحَارِث عَن (أبي نصر) قَالَ: لقِيت عليا - رَضِي الله عَنهُ -، فَذكر حَدِيثا فِيهِ: " ثمَّ يطوف لَهما طوافين، وَيسْعَى لَهما سعيين ". وَرَوَاهُ الثَّوْريّ عَن مَنْصُور، فَلم يذكر فِيهِ السَّعْي، وَكَذَلِكَ شُعْبَة، وَابْن عُيَيْنَة. وَأَبُو نصر هَذَا مَجْهُول، فَإِن صَحَّ فَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِهِ طواف الْقدوم وَطواف الزِّيَارَة، وَأَرَادَ سعياً وَاحِدًا، على مَا رَوَاهُ الثَّوْريّ وصاحباه، فَلَا يكون مُخَالفا لما رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن ابْن أبي يحيى عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي الْقَارِن: " يطوف طوافين، وَيسْعَى سعياً ". يَعْنِي طواف الْقدوم والزيارة. وَقد روينَا عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - بِخِلَافِهِ: عَن ابْن

طاف طوافين وسعى قال وسعى سعيين قال لنا ابن صاعد خالف محمد بن يحيى غيره في هذه الرواية قال الشيخ أبو الحسن يقال إن محمد بن يحيى حدث بهذا من حفظه فوهم في متنه والصواب بهذا الإسناد أن النبي

سمْعَان عَن مُحَمَّد بن عَليّ عَن أَبِيه عَن جده عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه أهل بِحجَّة وَعمرَة مَعًا، فَطَافَ لَهما طوفاً وَاحِدًا، وسعى لَهما سعياً وَاحِدًا. وروى عَليّ بن عمر: " عَن ابْن صاعد عَن مُحَمَّد بن يحيى الْأَزْدِيّ، حَدثنَا عبد الله بن دَاوُد عَن شُعْبَة عَن حميد عَن مطرف عَن عمرَان بن حُصَيْن - رَضِي الله عَنهُ - " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَاف طوافين، وسعى قَالَ وسعى سعيين ". قَالَ لنا ابْن صاعد: خَالف مُحَمَّد بن يحيى غَيره فِي هَذِه الرِّوَايَة، قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْحسن: يُقَال: إِن مُحَمَّد بن يحيى حدث بِهَذَا من حفظه، فَوَهم فِي مَتنه، وَالصَّوَاب بِهَذَا الْإِسْنَاد: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قرن الْحَج وَالْعمْرَة "، وَلَيْسَ فِيهِ (ذكر) الطّواف، وَلَا السَّعْي. وَقد حدث بِهِ مُحَمَّد بن يحيى على الصَّوَاب مرَارًا، وَيُقَال: إِنَّه رَجَعَ عَن ذكر الطّواف وَالسَّعْي إِلَى الصَّوَاب، وَالله أعلم ". وروى أَبُو بردة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن

لعمرته وحجته طوافين وسعى سعيين وأبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم قال علي بن عمر أبو بردة هذا عمرو بن يزيد ضعيف ومن دونه في الإسناد ضعفاء والله أعلم

عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " طَاف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعمرته وحجته طوافين، وسعى سعيين، وَأَبُو بكر، وَعمر، وَعلي، وَابْن مَسْعُود، رَضِي الله عَنْهُم ". قَالَ عَليّ بن عمر: " أَبُو بردة هَذَا عَمْرو بن يزِيد ضَعِيف، وَمن دونه فِي الْإِسْنَاد ضعفاء ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (48) : المؤذنون بِعَرَفَة يُؤذنُونَ فِي حَال مَا يخْطب الإِمَام الْخطْبَة الثَّانِيَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله _: " قبل الْخطْبَة الأولى ". وَلنَا حَدِيث جَابر - رَضِي الله عَنهُ - الطَّوِيل فِي صفه الْحَج عِنْد مُسلم، وَفِيه: " فَركب - يَعْنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَنى نزل بطن الْوَادي، فَخَطب النَّاس، فَقَالَ: إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُم

قال ثم أذن بلال ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا وروى الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد وغيره عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حجة الإسلام قال فراح النبي

حرَام. . " فَذكر حطبة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثمَّ أذن بِلَال، ثمَّ أَقَامَ، فصلى الظّهْر، ثمَّ أَقَامَ، فصلى الْعَصْر، وَلم يصل بَينهمَا شَيْئا ". وروى الشَّافِعِي: " أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد وَغَيره عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر فِي حجَّة الْإِسْلَام قَالَ: فراح النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْموقف بِعَرَفَة فَخَطب النَّاس الْخطْبَة الأولى، ثمَّ أذن بِلَال، ثمَّ أَخذ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْخطْبَة الثَّانِيَة، ففرغ من الْخطْبَة، وبلال من الْأَذَان، ثمَّ أَقَامَ بِلَال فصلى الظّهْر، ثمَّ أَقَامَ فصلى الْعَصْر ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (49) : وَتُؤَدِّي صَلَاة الْجمع بِالْمُزْدَلِفَةِ بِأَذَان وَإِقَامَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله: " بِأَذَان وَإِقَامَة ". وَلنَا مَا فِي حَدِيث جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " حَتَّى أَتَى الْمزْدَلِفَة فَجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء بِأَذَان وَاحِد وَإِقَامَتَيْنِ، وَلم يسبح بَينهمَا شَيْئا ". وَهُوَ عِنْد مُسلم. وَعِنْدَهُمَا عَن أُسَامَة - رَضِي الله عَن -: " دفع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من عَرَفَة، حَتَّى إِذا كَانَ بِالشعبِ نزل، فَبَال، ثمَّ تَوَضَّأ، وَلم يسبغ

مسألة

الْوضُوء، فَقلت لَهُ: الصَّلَاة؟ قَالَ: الصَّلَاة أمامك، فَركب، فَلَمَّا جَاءَ الْمزْدَلِفَة نزل فَتَوَضَّأ فأسبغ الْوضُوء، ثمَّ أُقِيمَت الصَّلَاة فصلى الْمغرب، ثمَّ أَنَاخَ كل إِنْسَان بعيره فِي منزله، ثمَّ أُقِيمَت الْعشَاء فصلاهما، وَلم يصل بَينهمَا شَيْئا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (50) : لَا يجوز الرَّمْي إِلَّا بِمَا كَانَ من جنس الْحجر ز وَقَالَ أَبُو حنيفَة: " جَازَ بِكُل مَا كَانَ من طَبَقَات الأَرْض كالكحل، والنورة، والجص، والمدر ". لنا حَدِيث الْفضل بن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي صَحِيح مُسلم، وَفِيه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " عَلَيْكُم بحصى الْخذف الَّذِي يرْمى بِهِ الْجَمْرَة ". وَرُوِيَ عَن أبي الْعَالِيَة قَالَ " قَالَ لي ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - غَدَاة الْعقبَة: هَات القط لي / حَصَيَات من حَصى الْخذف، فَلَمَّا وضعن فِي يَده قَالَ: بأمثال هَؤُلَاءِ بأمثال هَؤُلَاءِ، وَإِيَّاكُم والغلو فِي الدّين، فَإِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بالغلو فِي الدّين ".

إلا ما قام دليله ولهم في ذلك أثر عن سفيان بن حرب قال رأيت سكينة بنت الحسن ترمي الجمرة ورجل يناولها حصاة حصاة كلما رمت بحصاة كبرت ورمت بست وسقطت واحدة فرمت بخاتمها والله أعلم

قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". فَالْوَاجِب أَن يُؤْتى بِمَا أَتَى بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا مَا قَامَ دَلِيله. وَلَهُم فِي ذَلِك أثر عَن سُفْيَان بن حَرْب، قَالَ: رَأَيْت سكينَة بنت الْحسن ترمي الْجَمْرَة، وَرجل يناولها حَصَاة حَصَاة، كلما رمت بحصاة كَبرت، ورمت بست، وَسَقَطت وَاحِدَة، فرمت بخاتمها ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (51) : وَرمي جَمْرَة الْعقبَة جَائِز فِي النّصْف الْأَخير من لَيْلَة النَّحْر. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز قبل طُلُوع الْفجْر من يَوْم النَّحْر ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أَسمَاء - رَضِي الله عَنْهَا - فِي

أذن للظعن لفظ حديث مسلم وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت أرسل رسول الله

الصَّحِيحَيْنِ، عَن عبد الله مَوْلَاهَا قَالَ: " قَالَت " لي أَسمَاء، وَهِي بِمُزْدَلِفَة: هَل غَابَ الْقَمَر؟ قلت: لَا، فصلت سَاعَة، ثمَّ قَالَت: يَا بني، هَل غَابَ الْقَمَر؟ قلت: نعم، قَالَت: ارحل بِي فارتحلنا حَتَّى رمت الْجَمْرَة، ثمَّ صلت فِي منزلهَا، فَقلت لَهَا: لقد غلسنا، قَالَت: كلا إِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أذن للظعن " - لفظ حَدِيث مُسلم. وَرُوِيَ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " أرسل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأم سَلمَة لَيْلَة النَّحْر فرمت الْجَمْرَة قبل الْفجْر، ثمَّ مَضَت فأفاضت، وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم الَّذِي يكون عِنْدهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب السّنَن بِمَعْنَاهُ. وَرُوِيَ عَن زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم سَلمَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرهَا أَن توافي مَعَه صَلَاة الصُّبْح يَوْم النَّحْر بِمَكَّة ". رُوَاته ثِقَات. رَوَاهُ جُمُعَة عَن أبي مُعَاوِيَة هَكَذَا. وَقَالَ بَعضهم: " توافيه ". وَرَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ، وَغَيره عَن هِشَام عَن أَبِيه مُرْسلا، وَقَالُوا فِي الحَدِيث: " توافي ". وَهَذَا اللَّفْظ هُوَ الصَّحِيح، فَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن مَعهَا بِمَكَّة

أغيلمة عبد المطلب على حمرات ثم جعل يلطح أفخاذنا ويقول أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس اللطح الضرب اللين

وَقت صَلَاة الصُّبْح يَوْم النَّحْر، وَإِنَّمَا أَفَاضَ (بعد ذَلِك، ثمَّ رَجَعَ إِلَى منى، فصلى بهَا الظّهْر فِي رِوَايَة ابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا. وَفِي حَدِيث جَابر - رَضِي الله عَنهُ - مَا يدل على أَنه أَفَاضَ) يَوْم النَّحْر، ثمَّ رَجَعَ، وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث أم سَلمَة عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهُمَا. وكل ذَلِك أصح من راية من روى تَأْخِيره الطّواف إِلَى اللَّيْل. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " حملنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أغيلمة عبد الْمطلب على حمرات، ثمَّ جعل يلطح أفخاذنا وَيَقُول: " أبيني، لَا ترموا الْجَمْرَة حَتَّى تطلع الشَّمْس " - اللطح الضَّرْب اللين.

كان يأمر نساءه وثقله من صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد وأن لا يرموا الجمرة إلا مصلين رواته ثقات وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه رمى رسول الله

وَهَذَا الحَدِيث وَمَا فِي مَعْنَاهُ ورد فِي وَقت الِاخْتِيَار، بِدَلِيل جَوَازه بِالْإِجْمَاع قبل طُلُوع الشَّمْس. وروى كريب عَن ابْن عَبَّاس (أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَأْمر نِسَاءَهُ وَثقله من صَبِيحَة جمع أَن يفيضوا مَعَ أول الْفجْر بسواد، وَأَن لَا يرموا الْجَمْرَة إِلَّا مصلين ". رُوَاته ثِقَات. وَفِي صَحِيح مُسلم عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ -: " رمى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر ضحى، وَأما بعد فَإِذا زَالَت الشَّمْس ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (52) : وَمن حلق قبل أَن ينْحَر لم يكن عَلَيْهِ دم. وَقَالَ أَبُو

بمنى للناس يسألونه فجاء رجل فقال يا رسول الله لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر قال اذبح ولا حرج ثم جاءه آخر فقال لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج فما سئل رسول الله

حنيفَة - رَحمَه الله - " عَلَيْهِ ". دليلنا حَدِيث عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " وقف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى للنَّاس يسألونه، فجَاء رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، لم أشعر فحلقت قبل أَن أنحر، قَالَ: اذْبَحْ، وَلَا حرج، ثمَّ جَاءَهُ آخر فَقَالَ: لم أشعر فنحرت قبل أَن أرمي، قَالَ: ارْمِ، وَلَا حرج، فَمَا سُئِلَ رَسُول الله - - عَن شَيْء قدم، وَلَا أخر إِلَّا قَالَ: " افْعَل وَلَا حرج ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَعِنْدَهُمَا عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قيل لَهُ فِي الذّبْح، وَالْحلق، وَالرَّمْي، والتقديم وَالتَّأْخِير، قَالَ: لَا حرج ". وَعند البُخَارِيّ عَنهُ أَيْضا: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يسْأَل بمنى، فَيَقُول: " لَا حرج) ، فَسَأَلَهُ رجل فَقَالَ: إِنِّي حلقت قبل أَن أذبح فَقَالَ: اذْبَحْ، وَلَا حرج، قَالَ أَنِّي أمسيت وَلم أرم، قَالَ: ارْمِ، وَلَا حرج. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (53) : وَلَا تقطع التَّلْبِيَة حَتَّى رمى الْجَمْرَة بِأول حَصَاة وَلنَا حَدِيث الْفضل بن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -، (وَكَانَ رَدِيف النَّبِي) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من جمع إِلَى منى، " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يزل يُلَبِّي حَتَّى رمى جَمْرَة الْعقبَة "، اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم على صِحَّته. وَرُوِيَ عَن أبي قلَابَة أَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - كَانَ يكبر حَتَّى يصل إِلَى الْبَيْت. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة / (54) : وَلَا يحل الطّيب بِالْحلِّ الأول فِي أحد الْقَوْلَيْنِ، وَالظَّاهِر من الْمَذْهَب أَنه يحل. وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة، رَحمَه الله. فَوجه قَوْلنَا: " لَا يحل " مَا روى مَالك عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - خطب النَّاس بِعَرَفَة يعلمهُمْ أَمر الْحَج، وَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُم: " إِذا جئْتُمْ منى فَمن رمى الْجَمْرَة فقد حل لَهُ مَا حرم عَلَيْهِ إِلَّا الطّيب وَالنِّسَاء، لَا يمس أحد نسَاء، وَلَا طيبا حَتَّى يطوف بِالْبَيْتِ ". قَالَ مَالك: " وحَدثني عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر قَالَ: قَالَ عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - ... . فَذكر مَعْنَاهُ. وروى مَالك عَن ابْن الزبير - رَضِي الله عَنْهُمَا - ذكر الْحَج، وَقَالَ: " فَإِذا رمى الْجَمْرَة الْكُبْرَى حل لَهُ كل شَيْء حرم عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاء وَالطّيب، حَتَّى يزور الْبَيْت ". قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وروى عَنهُ بِخِلَافِهِ، أَنه قَالَ: إِذا رميت الْجَمْرَة يَوْم النَّحْر فقد حل لَك مَا وَرَاء النِّسَاء ". وَجه قَوْلنَا: " يحل " - وَهُوَ الصَّحِيح - مَا اتّفق البُخَارِيّ وَمُسلم

لإحرامة قبل أن يحرم ولحلة قبل أن يطوف بالبيت وسنة رسول الله

على صِحَّته عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " كنت أطيب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لإحرامة قبل أَن يحرم، ولحلة قبل أَن يطوف بِالْبَيْتِ ". وَسنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحَق أَن تتبع وَالله أعلم. مَسْأَلَة (55) : ويخطب يَوْم النَّحْر بعد الظّهْر. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله: " لَا خطْبَة يَوْم النَّحْر ". دليلنا حَدِيث عبد الله بن عَمْرو - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينا هُوَ يخْطب يَوْم النَّحْر فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ: كنت أَحسب - يَا رَسُول الله - أَن كَذَا وَكَذَا قبل كَذَا وَكَذَا، ثمَّ قَالَ آخر فَقَالَ: كنت أَحسب - يَا رَسُول الله - أَن كَذَا وَكَذَا لهَؤُلَاء الثَّلَاث، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " افْعَل، وَلَا حرج ". اتفقَا على صِحَّته، وَصِحَّة حَدِيث أبي بكرَة - رَضِي الله عَنهُ -: " خَطَبنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم النَّحْر، فَقَالَ: أَي يَوْم هَذَا؟ قُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم، فَسكت حَتَّى ظننا أَنه سيسميه بِغَيْر اسْمه، قَالَ: أَلَيْسَ يَوْم النَّحْر؟ قُلْنَا: بلَى " ... وَذكر بَاقِي الحَدِيث. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (56) : يَوْم النَّفر الأول يَوْم خطْبَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا خطْبَة فِيهِ ". روى أَبُو دَاوُد: مُحَمَّد بن الْعَلَاء عَن ابْن الْمُبَارك عَن إِبْرَاهِيم بن نَافِع عَن ابْن أبي نجيح عَن أَبِيه عَن رجلَيْنِ من بني بكر قَالَا: " رَأينَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب بَين أَوسط أَيَّام التَّشْرِيق، وَنحن عِنْد رَاحِلَته، وَهِي خطْبَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّتِي خطب بمنى ". مَسْأَلَة (57) : لَا يجوز الرَّمْي فِي أَيَّام التَّشْرِيق إِلَّا بعد الزَّوَال. وَقَالَ أَبُو

رمى جمرة العقبة أول يوم ضحى وأما بعد ذلك فبعد الزوال وروى طلحة بن عمرو عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي الله عنهما إذا انتضح النهار من يوم النفر الآخر فقد حل الرمي والصدر وطلحة بن عمرو ضعيف والله أعلم

حنيفَة - رَحمَه الله: " إِذا رمى فِي الْيَوْم الثَّالِث قبل الزَّوَال أجزاه 7 اسْتِحْسَانًا ". لنا حَدِيث جَابر - رَضِي الله عَنهُ - فِي صَحِيح مُسلم: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رمى جَمْرَة الْعقبَة أول يَوْم ضحى، وَأما بعد ذَلِك فَبعد الزَّوَال ". وروى طَلْحَة بن عَمْرو عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " إِذا انتضح النَّهَار من يَوْم النَّفر الآخر فقد حل الرَّمْي والصدر ". وَطَلْحَة بن عَمْرو ضَعِيف. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (58) : للصَّبِيّ حج. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " لَا حج للصَّبِيّ ".

وروي عنه رضي الله عنه أنه قال حججنا مع رسول الله

لنا حَدِيث ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا: " ... . فَرفعت إِلَيْهِ امْرَأَة صَبيا لَهَا فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَلِهَذَا حج؟ قَالَ: نعم، وَلَك أجر ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَرُوِيَ أَيْضا من حَدِيث جَابر - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرُوِيَ عَنهُ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: " حجَجنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ومعنا النِّسَاء وَالصبيان، فلبينا عَن الصّبيان، ورمينا عَنْهُم ". وَعند البُخَارِيّ عَن السَّائِب بن يزِيد - رَضِي الله عَنهُ: " حج بِي فِي ثقل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا غُلَام ". وَفِي رِوَايَة عِنْده عَنهُ: " حج بِي مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي

بعبد الله بن عباس رضي الله عنهما قبل بلوغه ففي الصحيحين عنه رضي الله عنهما جئت راكبا على أتان وقد ناهزت الحلم فإذا النبي

حجَّة الْوَدَاع وَأَنا ابْن سبع سِنِين ". وَحج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَبْد الله بن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قبل بُلُوغه؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ - رَضِي الله عَنْهُمَا - " جِئْت رَاكِبًا على أتان، وَقد ناهزت الْحلم، فَإِذا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى " ... الحَدِيث. وَعند البُخَارِيّ عَنهُ: " بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ الثّقل من جمع بلَيْل، فصلينا ورمينا قبل أَن يَأْتِي النَّاس ". وروى الشَّافِعِي عَن سعيد بن سَالم عَن مَالك بن مغول عَن أبي السّفر قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَيهَا النَّاس أسمعوني مَا تَقولُونَ، وافهموا مَا أَقُول لكم: أَيّمَا مَمْلُوك حج بِهِ أَهله فَمَاتَ قبل أَن يعْتق فقد قضى حجه، وَإِن عتق قبل أَن يَمُوت فليحجج، وَأَيّمَا غُلَام حج بِهِ أَهله فَمَاتَ قبل أَن يدْرك فقد قضى عَنهُ حجه، وَإِن بلغ فليحجج ". وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا فِي حَدِيث مُحَمَّد بن الْمنْهَال / عَن يزِيد بن

إذا حج الصبي فهي له حجة حتى يعقل وإذا عقل فعليه حجة أخرى قال أبو عبد الله الحاكم هذا حديث صحيح قال البيهقي رحمه الله وأظن أن شيخنا حمل حديث عفان وغيره على حديث يزيد فهذا الحديث إنما رواه أصحاب شعبة عنه موقوفا

زُرَيْع عَن شُعْبَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي ظبْيَان عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِذا حج الصَّبِي فَهِيَ لَهُ حجَّة حَتَّى يعقل، وَإِذا عقل فَعَلَيهِ حجَّة أُخْرَى " قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: وأظن أَن شَيخنَا حمل حَدِيث عَفَّان وَغَيره على حَدِيث يزِيد، فَهَذَا الحَدِيث إِنَّمَا رَوَاهُ أَصْحَاب شُعْبَة عَنهُ مَوْقُوفا، سوى ابْن زُرَيْع، فَإِن مُحَمَّد بن الْمنْهَال ينْفَرد بِرَفْعِهِ عَنهُ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (59) : وَإِذا جَامع الْمحرم قبل الْحل الأول، فسد حجه، وَعَلِيهِ بَدَنَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - إِذا كَانَ قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة، فسد حجه، وَعَلِيهِ شَاة، وَإِن كَانَ بعد الْوُقُوف لم يفْسد حجه، وَعَلِيهِ بَدَنَة. قَالَ الله تَعَالَى: {الْحَج أشهر مَعْلُومَات فَمن فرض فِيهِنَّ الْحَج فَلَا رفث وَلَا فسوق وَلَا جِدَال فِي الْحَج} . عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " الرَّفَث: الْجِمَاع، والفسوق: السباب، والجدال: أَن تُمَارِي صَاحبك حَتَّى تغضبه ". وَعَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " الرَّفَث: الْجِمَاع، والفسوق: مَا أُصِيب من معاصي الله تَعَالَى، والجدال: السباب والمنازعة ".

اقضيا نسككما واهديا هديا في هذا الحديث وعليكما حجة أخرى وهذا يتأكد بآثار الصحابة رضي الله عنهم كما سنذكرها عقيب هذا المرسل روى الثقات عن عمرو بن شعيب عن أبيه أن رجلا أتى عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يسأله

حَدِيث يزِيد بن نعيم الْأَسْلَمِيّ أَن رجلا من جذام جَامع امْرَأَته وهما محرمان، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقضيا نسككما، واهديا هَديا "، فِي هَذَا الحَدِيث " وعليكما حجَّة أُخْرَى ". وَهَذَا يتَأَكَّد بآثار الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم - كَمَا سنذكرها عقيب هَذَا الْمُرْسل. روى الثِّقَات عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه أَن رجلا أَتَى عبد الله بن عَمْرو - رَضِي الله عَنْهُمَا - يسْأَله عَن محرم وَقع بامرأته، فَأَشَارَ إِلَى عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَقَالَ: " اذْهَبْ إِلَى ذَلِك، فَاسْأَلْهُ:، قَالَ شُعَيْب: " فَلم يعرفهُ الرجل، فَذَهَبت مَعَه، فَسَأَلَ ابْن عمر "، فَقَالَ " بَطل حجك "، فَقَالَ الرجل / فَمَا أصنع؟ " اخْرُج مَعَ النَّاس، واصنع مَا يصنعون، فَإِذا أدْركْت قَابل، فحج، وأهد "، فَرجع إِلَى عبد الله بن عَمْرو وَأَنا مَعَه، فَأخْبرهُ، فَقَالَ: ط اذْهَبْ إِلَى ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَاسْأَلْهُ "، قَالَ شُعَيْب: " فَذَهَبت مَعَه إِلَى ابْن

مسألة

عَبَّاس، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ ابْن عمر، فَرجع إِلَى عبد الله بن عَمْرو، وَأَنا مَعَه، فَأخْبرهُ بِمَا قَالَ ابْن عَبَّاس "، ثمَّ قَالَ: مَا تَقول أَنْت؟ فَقَالَ: " قولي مثل مَا قَالَا ". وَفِيه دَلِيل على صِحَة سَماع شُعَيْب بن مُحَمَّد من جده عبد الله بن عَمْرو. وَقَالَ مَالك - رَحمَه الله - إِنَّه بلغه أَن عمر بن الْخطاب، (وَعلي بن أبي طَالب، وَأَبا هُرَيْرَة) - رَضِي الله عَنْهُم - سئلوا عَن رجل أصَاب أَهله وَهُوَ محرم، فَقَالُوا: " ينفذان لوجههما حَتَّى يقضيا حجهما، وَعَلَيْهِمَا الْحَج من قَابل وَالْهَدْي ". وَقَالَ عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ -: " وَإِذا أَهلا بِالْحَجِّ عَام قَابل، تفَرقا حَتَّى يقضيا حجهما ". وَرُوِيَ نَحْو ذَلِك فِي التَّفَرُّق عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَيْضا، وَقيل عَنهُ: " من حَيْثُ وَاقعهَا " وَالله أعلم. . وَالله مَسْأَلَة (60) : وَمن فَاتَهُ الْحَج فِي سنة عقده، لزمَه دم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا دم بالفوت ".

قال من لم يدرك الحج فعليه دم ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل وعنه عن نافع عن ابن عمر مثله وروى الشافعي رحمه الله عن مالك عن يحيى بن سعيد أخبرني سليمان بن يسار أن أبا أيوب خرج حاجا حتى إذا كان بالنازية من طريق

دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن ابْن أبي ليلى عَن عَطاء أَن نَبِي الله - - قَالَ: " من لم يدْرك الْحَج، فَعَلَيهِ دم، ويجعلها عمْرَة، وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل ". وَعنهُ عَن نَافِع عَن ابْن عمر مثله. وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد، أَخْبرنِي سُلَيْمَان بن يسَار أَن أَبَا أَيُّوب خرج حَاجا، حَتَّى إِذا كَانَ بالنازية من طَرِيق مَكَّة أضلّ رواحله، وَأَنه قدم على عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - يَوْم النَّحْر، فَذكر ذَلِك، فَقَالَ: " اصْنَع كَمَا يصنع الْمُعْتَمِر، ثمَّ قد حللت، فَإِذا أدْركْت الْحَج، قَابل حج، وأهد مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي ". وروى الشَّافِعِي، وَابْن بكير، وَاللَّفْظ لَهُ - عَن مَالك عَن نَافِع

عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن هَبَّار بن الْأسود جَاءَ يَوْم النَّحْر وَعمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - ينْحَر هَدْيه، فَقَالَ: يَا (أَمِير) الْمُؤمنِينَ، أَخْطَأنَا الْعدَد، كُنَّا نظن هَذَا الْيَوْم يَوْم عَرَفَة، فَقَالَ لَهُ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " اذْهَبْ إِلَى مَكَّة، فَطُفْ أَنْت وَمن مَعَك، وانحر، وأهد إِن كَانَ مَعَك، ثمَّ احْلقُوا أَو اقصروا، فَإِذا كَانَ عَام قَابل، فحجوا وأهدوا، فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج، وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ ". وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن طهْمَان عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن سُلَيْمَان عَن هَبَّار أَنه حَدثهُ أَنه فَاتَهُ الْحَج، فَذكره مَوْصُولا بِمَعْنَاهُ. وَعَن نَافِع ابْن عمر عَن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مثل ذَلِك، فَصَارَ حَدِيثهمَا مَوْصُولا من هذَيْن الْوَجْهَيْنِ. وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أخبرنَا أنس بن عِيَاض عَن مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " من أدْرك لَيْلَة النَّحْر من الْحَاج، فَوقف بجبل عَرَفَة قبل أَن يطلع الْفجْر، فقد أدْرك الْحَج، وَمن لم يدْرك عَرَفَة قبل أَن يطلع الْفجْر،

فقد فَاتَهُ الْحَج، فليأت الْبَيْت، فليطف بِهِ سبعا، وَيَطوف بَين الصَّفَا والمروة سبعا، ثمَّ ليحلق، أَو / يقصر إِن شَاءَ الله، وَإِن كَانَ مَعَه هدي فلينحره قبل أَن يحلق، فَإِذا فرغ من طَوَافه وسعيه، فليحلق أَو يقصر، ثمَّ ليرْجع إِلَى أَهله، فَإِن أدْرك الْحَج قَابل، فليحج إِن اسْتَطَاعَ، وليهد، فَإِن لم يجد هَديا، فليصم عَنهُ ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج، وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ إِلَى أَهله ". وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود، قَالَ: سَأَلت عمر - رَضِي الله عَنهُ - عَن رجل فَاتَهُ الْحَج، قَالَ: " يهل بِعُمْرَة، وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل، ثمَّ خرجت الْعَام الْمقبل، فَلَقِيت زيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنهُ - فَسَأَلته عَن رجل فَاتَهُ الْحَج، قَالَ: " يهل بِعُمْرَة، وَعَلِيهِ الْحَج من عَام قَابل ". وَزَاد فِيهِ بعض الروَاة " وَلَيْسَ عَلَيْهِ هدي "، (وَقَالَ: " فَلَقِيت زيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنهُ - بعد عشْرين سنة، فَقَالَ مثل قَول عمر رَضِي الله عَنْهُمَا ". فَيحْتَمل أَن يكون قَوْله: " وَلَيْسَ عَلَيْهِ هدي " زِيَادَة من بعض الروَاة ظنا مِنْهُ. فقد روينَا عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه أَمر بِالْهَدْي، وَهُوَ الزَّائِد وَهُوَ أولى.

مسألة

وَيحْتَمل قَوْله: " وَلَيْسَ عَلَيْهِ هدي " - إِن كَانَ ثَابتا - أَن يكون المُرَاد بِهِ أَن لَا يتضيق عَلَيْهِ وَقت إراقته، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ - وَالله أعلم - سنة الْفَوات. فقد روينَا عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - " وأهد مَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (61) :

دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر وعند مسلم عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله

وَالْإِحْرَام لمورد الْحرم غير وَاجِب، على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يجب احرام بِحَجّ أَو عمْرَة ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل مَكَّة عَام الْفَتْح، وعَلى رَأسه مغفر ". وَعند مُسلم عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل يَوْم فتح مَكَّة، وَعَلِيهِ عِمَامَة سَوَاء بِغَيْر إِحْرَام ". وروى مَالك عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -

أقبل من مَكَّة، حَتَّى إِذا كَانَ بِقديد جَاءَهُ خبر من الْمَدِينَة، فَرجع فَدخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام. (وَعَن ابْن شهَاب أَنه سُئِلَ عَن الرجل يدْخل مَكَّة بِغَيْر إِحْرَام) ، فَقَالَ: " لَا أرى بذلك بَأْسا ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - بِخِلَافِهِ. رُوِيَ الشَّافِعِي عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن أبي الشعْثَاء أَنه رأى ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - يرد من جَاوز الْمَوَاقِيت غير محرم. وَثَبت عَنهُ أَنه قَالَ: " مَا يدْخل مَكَّة أحد من أَهلهَا، وَلَا من غير أَهلهَا إِلَّا بِإِحْرَام ".

قال لا تجوز المواقيت إلا بإحرام خصيف ليس بالقوي وروى إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما فوالله ما دخلها رسول الله

وروى خصيف عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تجوز الْمَوَاقِيت إِلَّا بِإِحْرَام ". . خصيف لَيْسَ بِالْقَوِيّ. وروى إِسْمَاعِيل بن مُسلم عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - " فوَاللَّه مَا دَخلهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا حَاجا أَو مُعْتَمِرًا " وَإِسْمَاعِيل بن مُسلم هَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيّ: كَيفَ وَقد صَحَّ عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه - - دَخلهَا بِغَيْر إِحْرَام. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (62) : وَإِذا قُلْنَا: " إِنَّه يلْزمه دُخُولهَا بنسك "، فَلم يفعل فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " عَلَيْهِ الْقَضَاء "، فَيحْتَاج أَن يدخلهَا بِحَجّ أَو عمْرَة، إِلَّا أَن يحجّ من سنته، فَيدْخل الْقَضَاء فِي حجَّة الْإِسْلَام. (لنا) حَدِيث الْأَقْرَع بن حَابِس. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (63) : إِذا بلغ الصَّبِي قبل الْوُقُوف بِعَرَفَة، أَو فِي حَال وُقُوفه بهَا انْقَلب حجه فرضا، وَيجزئهُ عَن حجَّة الْإِسْلَام. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِحْرَامه لَا يَصح، فَيحْتَاج إِلَى أَن يسْتَأْنف الْإِحْرَام، وَإِلَّا فَلَا يدْرك بِهِ حج الْفَرْض ". روى عبد الرَّحْمَن بن يعمر: شهِدت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْحَج عَرَفَة، من أدْرك عَرَفَة قبل أَن يطلع الْفجْر فقد أدْرك الْحَج، وَتمّ حجه ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (64) : وَمَا لَهُ مثل من النعم من الصَّيْد، يجزى بِمثلِهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " بِقِيمَتِه ".

في الضبع يصيبه المحرم كبشا نجديا وجعله من الصيد قال الشافعي رحمه الله أخبرنا مالك وسفيان عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في الأرنب بعناق وقضى في الغزال بعنز وفي اليربوع بجفرة وروى

دليلنا قَوْله تَعَالَى: {فجزاء مثل مَا قتل من النعم} . رُوِيَ عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ -، قَالَ: " جعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الضبع يُصِيبهُ الْمحرم كَبْشًا نجدياً، وَجعله من الصَّيْد ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: أخبرنَا مَالك، وسُفْيَان عَن أبي الزبير عَن جَابر أَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - " قضى فِي الأرنب بعناق، وَقضى فِي الغزال بعنز، وَفِي اليربوع بجفرة ". وروى الْأَجْلَح ذَلِك مُسْندًا عَن جَابر مَرْفُوعا، وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ عِنْد أهل الحَدِيث. وَالصَّوَاب: أَنه من قَول عمر مَوْقُوفا. وَقَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: أخبرنَا سعيد بن سَالم عَن ابْن

جريج عَن عَطاء، أَن عُثْمَان بن عبد الله بن حميد، قتل ابْن لَهُ حمامة، فجَاء ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -، فَقَالَ ذَلِك لَهُ، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: " يذبح شَاة؛ فَيتَصَدَّق بهَا ". قَالَ ابْن جريج فَقلت لعطاء: " أَمن حمام مَكَّة؟ " قَالَ: " نعم ". وَقَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - أخبرنَا سُفْيَان، أخبرنَا مُخَارق عَن طَارق بن شهَاب، قَالَ: " خرجنَا حجاجاً (فأوطأ) رجل منا - يُقَال لَهُ أَرْبَد - ضباً (ففزر) ظَهره، فقدمنا على عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَسَأَلَهُ أَرْبَد، فَقَالَ لَهُ عمر: " احكم يَا أَرْبَد فِيهِ "، فَقَالَ: أَنْت خير مني يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ (وَأعلم) ، فَقَالَ عمر: إِنَّمَا أَمرتك أَن تحكم فِيهِ، وَلم آمُرك أَن تزكيني "، فَقَالَ أَرْبَد: أرى فِيهِ جدياً قد جمع المَاء وَالشَّجر، فَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: فَذَاك فِيهِ ". قَالَ مَالك - رَحمَه الله - عَن عبد الْملك بن قرير عَن

مُحَمَّد بن سِيرِين أَن رجلا جَاءَ إِلَى عمر، فَقَالَ /: " إِنِّي أجريت أَنا وصاحبي فرسين لنا إِلَى ثغرة ثنية، فأصبنا ظَبْيًا وَنحن محرمان فَمَا ترى؟ فَقَالَ عمر لرجل إِلَى جنبه: تعال، حَتَّى أحكم أَنا وَأَنت "، قَالَ: فحكما عَلَيْهِ بعنز. وَالرجل عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. وَرُوِيَ عَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " إِذا قتل الْمحرم شَيْئا من الصَّيْد، حكم عَلَيْهِ "، وَذكر فِي الظبي شَاة، وَفِي الْإِبِل بقرة، وَفِي النعامة وحمار الْوَحْش بَدَنَة. وَفِي هَذَا إرْسَال بَين ابْن أبي طَلْحَة، وَابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا،

فَإِن ثَبت فَنَقُول بقوله بِوُجُوب الْمثل، ونخالفه فِي كَيْفيَّة التَّعْدِيل بِظَاهِر الْكتاب وَقَول غَيره. وَرُوِيَ عَنهُ أَن فِي الأرنب عنَاقًا. وَرُوِيَ عَن عَطاء عَن عمر، وَعُثْمَان، وَابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي حمام مَكَّة شَاة. وَرُوِيَ عَنهُ بِإِسْنَاد مَجْهُول عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي الطير، والعصفور: يهريق دَمًا، وَالدَّم شَاة. وَرُوِيَ عَن ابْن عَوْف، وَابْن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا حكما فِي ظَبْي بتيس الْمعز. وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن حبشِي قَالَ: " مَرَرْت بِالْمَسْجِدِ، فدعاني عبد الله بن عَمْرو - رَضِي الله عَنْهُمَا -، فَقَالَ: مَا تَقول فِي ولد أرنب أَصَابَهُ الْمحرم؟ فَقلت: أَنْت أعلم بذلك، فَقَالَ: إِنَّه لَيْسَ بِي عناء، وَلَكِن قَول الله - عز وَجل - {يحكم بِهِ ذَوا عدل مِنْكُم} ،

مسألة

قلت: ولد شَاة، قَالَ: صدقت ". وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي الضبع: " إِذا عدا على الْمحرم، فليقتله، فَإِن قَتله من قبل أَن يعدو عَلَيْهِ فَعَلَيهِ شَاة مُسِنَّة ". وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة أَن مَرْوَان سَأَلَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: أَرَأَيْت مَا أصبْنَا من الصَّيْد، لم نجد لَهُ فدَاء من النعم؟ قَالَ: " قيمَة ذَلِك طَعَاما لأهل مَكَّة ". وروى مُحَمَّد بن أَشْرَس - وَكَانَ يضع الحَدِيث - عَن جَابر حَدِيثا مَرْفُوعا: " من أَشَارَ إِلَى حرَام بصيد فَعَلَيهِ صِيَام، أَو إطْعَام وَإِن كَانَ المشير حَلَالا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (65) : وَلَا يحل للْمحرمِ لحم مَا يصطاد لَهُ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يحل ". دليلنا مَا رُوِيَ عَن جَابر - رَحمَه الله - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لحم صيد الْبر لكم حَلَال مَا لم تصيدوه، أَو يصاد لكم ".

وذكرت أني لم أكن أحرمت وأني إنما اصطدته لك فأمر النبي

قَالَ لنا أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وَفِي حَدِيث أبي قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: خرجت زمن الْحُدَيْبِيَة، فَأحْرم أَصْحَابِي، وَلم أحرم، فَرَأَيْت حمارا، فَحملت عَلَيْهِ فاصطدته، فَذكرت شَأْنه لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذكرت أَنِّي لم أكن أَحرمت، وَأَنِّي إِنَّمَا اصطدته لَك، فَأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَصْحَابه، فَأَكَلُوا، وَلم يَأْكُل مِنْهُ حِين أخْبرته أَنِّي اصطدته لَهُ ". قَالَ أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي، قَوْله: " اصطدته لَك "، وَقَوله: " وَلم يَأْكُل مِنْهُ " لَا أعلم أحدا ذكر فِي هَذَا الحَدِيث غير معمر، وَهُوَ

مسألة

مُوَافق لما رُوِيَ عَن عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: أخبرنَا مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر عَن عبد الله بن عَامر، قَالَ: رَأَيْت عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - بالعرج فِي يَوْم صَائِف وَهُوَ محرم، وَقد غطى وَجهه بقطيفة أرجوان، ثمَّ أَتَى بِلَحْم صيد، فَقَالَ لأَصْحَابه: " كلوا "، قَالُوا: أَلا تَأْكُل أَنْت؟ قَالَ: " إِنِّي لست كهيئتكم، إِنَّمَا صيد من أَجلي ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (66) : وَإِذا دلّ الْمحرم على صيد فَقتله مَحل، أَو محرم فَلَا ضَمَان على الدَّال، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِذا دله دلَالَة باطنة، أَو أعَار سِلَاحا لَا يَسْتَغْنِي عَنهُ لزمَه الضَّمَان ". لَهُم حَدِيث أَشْرَس الَّذِي تقدم، وَكَانَ يضع الحَدِيث. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (67) : وللصوم مدْخل فِي ضَمَان صيد الْمحرم. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (68) : وَشَجر الْحرم مَضْمُون على الْمحل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " الشّجر الَّذِي ينبته الآدميون فِي الْعَادة لَا ضَمَان فِيهِ بِحَال، وَكَذَلِكَ مَا ينبته الله فِي الْحل فَأدْخلهُ فِي الْحرم فأنبته ". رُوِيَ عَن عَطاء فِي الرجل يقطع من الْحرم قَالَ: " فِي الْقَضِيب دِرْهَم، وَفِي الدوحة بقرة ". وروينا عَن الْحَارِث وَحَمَّاد قَالَا: " عَلَيْهِ قِيمَته ". وَعَن عبيد بن عُمَيْر أَن عمر بن الْخطاب كَانَ يخْطب بمنى فَرَأى رجلا على جبل يعضد شَجرا، فَدَعَاهُ فَقَالَ: أما علمت أَن مَكَّة لَا يعضد شَجَرهَا، وَلَا يخْتَلى خَلاهَا؟ قَالَ: بلَى، وَلَكِن حَملَنِي على ذَلِك بعير لي نضو، قَالَ: فَحَمله على بعير، وَقَالَ لَهُ: " لَا تعد "، وَلم يَجْعَل عَلَيْهِ شَيْئا. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (69) : وَيجوز الرَّعْي فِي الْحرم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". وَالله تَعَالَى أعلم. مَسْأَلَة (70) : وَالْجَمَاعَة إِذا اشْتَركُوا فِي قتل صَيْده فَعَلَيْهِم جَزَاء وَاحِد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " على كل وَاحِد مِنْهُم جَزَاء كَامِل ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أخبرنَا مَالك عَن عبد الْملك بن قرير عَن ابْن سِيرِين أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - قضى هُوَ وَرجل آخر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ مَالك: هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، رَضِي الله عَنهُ - على رجلَيْنِ أوطياً / ظَبْيًا فقتلاه بِشَاة ".

مسألة

وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قوم أَصَابُوا ضبعاً قَالَ: " عَلَيْهِم كَبْش يتخارجونه بَينهم ". وَقَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أَخْبرنِي الثِّقَة عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن زِيَاد مولى بني مَخْزُوم - وَكَانَ ثِقَة: " أَن قوما أَصَابُوا صيدا، فَقَالَ لَهُم ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " عَلَيْكُم جَزَاء "، قَالُوا: " على كل وَاحِد منا أَو علينا كلنا جَزَاء وَاحِد؟ فَقَالَ ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " إِنَّه لمعوز بكم، بل كلكُمْ جَزَاء وَاحِد ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (71) : وَمَا لَا يُؤْكَل فَلَا جَزَاء عَلَيْهِ على من قَتله فِي إِحْرَام أَو حرم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " فِي الْأسد، والفهد، والنمر، وسباع الطير الْجَزَاء ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " خمس من الدَّوَابّ لَيْسَ على الْمحرم فِي قتلهن جنَاح: الْغُرَاب، والحدأة، وَالْعَقْرَب، والفأرة، وَالْكَلب الْعَقُور ".

خمس من الدواب كلها فاسق يقتلن في الحرم الغراب والحدأة والكلب العقور والعقرب والفأرة أخرجه من حديث عروة وأخرجه مسلم من حديث ابن المسيب عنها وقال فيه الحية بدل العقرب ومن حديث القاسم عنها أربع فواسق

وَرَوَاهُ اللَّيْث، وَأَيوب عَن نَافِع، وَزَاد فِيهِ: " قَالَ نَافِع: والحية لَا يخْتَلف فِيهَا ". وَأَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " خمس من الدَّوَابّ، كلهَا فَاسق، يقتلن فِي الْحرم: الْغُرَاب، والحدأة، وَالْكَلب الْعَقُور، وَالْعَقْرَب، والفأرة " - أخرجه من حَدِيث عُرْوَة. وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن الْمسيب عَنْهَا، وَقَالَ فِيهِ: " الْحَيَّة "، بدل الْعَقْرَب، وَمن حَدِيث الْقَاسِم عَنْهَا: " أَربع فواسق "، فَلم يذكر الْحَيَّة، وَلَا الْعَقْرَب. وَرَوَاهُ أَبُو صَالح عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن

فذكر الحية بدل الغراب وروى أبو داود عن ابن حنبل أخبر هشيم أخبرنا يزيد بن أبي زياد حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعيم البجلي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الْحَيَّة بدل الْغُرَاب. وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن حَنْبَل: أخبر هشيم: أخبرنَا يزِيد بن أبي زِيَاد: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي نعيم البَجلِيّ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَمَّا يقتل الْمحرم، قَالَ: " الْحَيَّة، وَالْعَقْرَب، والفويسقة، وَيَرْمِي الْغُرَاب، وَلَا يقْتله، وَالْكَلب الْعَقُور، والحدأة، والسبع العادي ". وَالله أعلم.؟ مَسْأَلَة (72) : وَقتل صيد الْمَدِينَة، وَقطع شَجَرهَا محرم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يحرم ".

المدينة حرام ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه عدل ولا صرف الحديث أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وعند أبي داود عن علي رضي الله عنه في هذه القصة

وَدَلِيلنَا حَدِيث عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمَدِينَة حرَام مَا بَين عير إِلَى ثَوْر، فَمن أحدث فِيهَا حَدثا، أَو آوى مُحدثا فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ، لَا يقبل مِنْهُ عدل، وَلَا صرف ". الحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَعند أبي دَاوُد عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي هَذِه الْقِصَّة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَلَا يخْتَلى خَلاهَا، وَلَا ينفر صيدها، وَلَا يلتقط لقطتهَا إِلَّا لمن أَشَارَ بهَا، وَلَا يصلح لرجل أَن يحمل فِيهَا السِّلَاح لقِتَال، وَلَا يصلح لرجل أَن يقطع مِنْهَا شَجَرَة إِلَّا أَن يعلف رجل بعيره ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - 0 طلع لَهُ أحد، فَقَالَ لَهُ: هَذَا جبل يحبنا ونحبه، اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة، وَإِنِّي أحرمك مَا بَين لابتيها ".

المدينة قال نعم هي حرام حرمها الله ورسوله لا يختلى خلاها فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه عن رسول الله

وَعند مُسلم عَن يزِيد بن هَارُون: أخبرنَا عَاصِم، قَالَ: سَأَلت أنسا - رَضِي الله عَنهُ - أحرم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة؟ قَالَ: " نعم، هِيَ حرَام حرمهَا الله وَرَسُوله، لَا يخْتَلى خَلاهَا، فَمن (فعل ذَلِك) فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ ". وَعَن عبد الله بن زيد - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة، وَحرمت الْمَدِينَة كَمَا حرم إِبْرَاهِيم مَكَّة، ودعوت لَهَا فِي مدها، وصاعها، مثل مَا دَعَا بِهِ إِبْرَاهِيم لمَكَّة ". أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم. (وَأَخْرَجَا) أَيْضا من حَدِيث مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ - وَاللَّفْظ لمُسلم: أَنه كَانَ يَقُول: " لَو رَأَيْت الظباء ترتع بِالْمَدِينَةِ مَا ذعرتها، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا بَين لابتيها حرَام ". وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي عَن مَالك فَقَالَ فِيهِ: " لَو رَأَيْت الظباء بِالْمَدِينَةِ مَا ذعرتها؛ إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: مَا بَين لابتيها حرَام ".

ما بين لابتيها وذلك عندنا في أديم حولاني وعنده أيضا عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه رضي الله عنه أنه سمع رسول الله

قَالَ مَالك: " حرم الْمَدِينَة بريد فِي بريد، واللابتان هما الحرتان ". وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح حَدِيث، فِيهِ أَن رَافع بن خديج - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " وَقد حرم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا بَين لابتيها ". وَذَلِكَ عندنَا فِي أَدِيم حولاني. وَعِنْده أَيْضا عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنِّي قد حرمت مَا بَين لابتي الْمَدِينَة، كَمَا حرم إِبْرَاهِيم "، ثمَّ كَانَ أَبُو سعيد يجد أَحَدنَا فِي يَده الطير قد أَخذه، فيفكه من يَده فيرسله. وَعِنْده أَيْضا عَن سهل بن حنيف - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ:

إلى المدينة فقال إنها حرم آمن وعنده أيضا عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله

" أَهْوى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْمَدِينَة، فَقَالَ: إِنَّهَا حرم آمن ". وَعِنْده أَيْضا عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة، وَإِنِّي حرمت الْمَدِينَة مَا بَين لابتيها، لَا يقطع عضاهها، وَلَا يصاد صيدها ". وَعِنْده أَيْضا عَن سعد بن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنِّي أحرم مَا بَين لابتي الْمَدِينَة أَن يقطع عضاهها، أَو يقتل صيدها ". وروى فِي تَحْرِيم الْمَدِينَة عَن زيد بن ثَابت، وَأبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ، رَضِي الله عَنْهُمَا. وَفِي ذَلِك إبِْطَال قَول من زعم أَن ذَلِك لَيْسَ بعام. فقد روينَاهُ عَن أحد عشر نفسا، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَعند مُسلم أَن سَعْدا - رَضِي الله عَنهُ - ركب إِلَى قصره

فلم يرد إليهم شيئا وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال كان ابن لأم سليم رضي الله عنها يقال له أبو عمير كان النبي

بالعقيق، فَوجدَ عبدا يقطع شَجرا فاستلبه، فَلَمَّا رَجَعَ جَاءَهُ أهل العَبْد يسألونه أَن يرد عَلَيْهِم مَا أَخذ من عبدهم، فَقَالَ: " معَاذ الله أَن أرد شَيْئا نفلنيه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلم يرد إِلَيْهِم شَيْئا ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " كَانَ ابْن لأم سليم - رَضِي الله عَنْهَا - يُقَال لَهُ " أَبُو عُمَيْر "، كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رُبمَا يمازحه إِذا جَاءَ، فَدخل يَوْمًا فَوَجَدَهُ حَزينًا، فَقَالَ: مَا لي أرى أَبَا عُمَيْر حَزينًا؟ فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، مَاتَ نغيره الَّذِي كَانَ يلْعَب بِهِ، فَجعل يُنَادِيه: يَا أَبَا عُمَيْر، مَا فعل النغير؟ ". قَالَ أَبُو حَاتِم مُحَمَّد بن إِدْرِيس الرَّازِيّ: " فِيهِ غير شَيْء من الْعلم، فِيهِ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مازح صَبيا، وَفِيه أَنه لم ينْه عَن لعب

وذلك أنه لم يأمره برفع اليد عنه وحين مات لم يوجب فيه الجزاء وقد دللنا على أن حرم المدينة كحرم مكة وأما تحريم وج من الطائف فما روى فيه عن النبي

الصَّبِي بالطير، وَفِيه أَنه كنى من لم يُولد لَهُ، وَفِيه أَنه لم ينْه عَن صيد وجد بِالْمَدِينَةِ - قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى -: " يَعْنِي إِذا كَانَ قد أدخلهُ من الْحل فِي حرم الْمَدِينَة " - وَفِيه أَنه صغر طيراً، وَهُوَ خلق من خلق الله تَعَالَى ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله: " هَذَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ فَلَيْسَ فِيهِ أَنه صيد بِالْمَدِينَةِ. وَهُوَ دَلِيل لنا عَلَيْهِم فِي مَسْأَلَة أُخْرَى، وَهِي أَن الصَّيْد الْمَمْلُوك الَّذِي يدْخلهُ الْحَلَال فِي الْحرم يبْقى على ملكه، وَجَوَاز تصرفه فِيهِ، وَيحل ذبحه لَهُ، وَلغيره، وَلَا جَزَاء عَلَيْهِ فِي ذبحه. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يلْزمه رفع الْيَد عَنهُ، فَإِن قَتله جزأه ". وَهَذَا خلاف مَا روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذَلِكَ أَنه لم يَأْمُرهُ بِرَفْع الْيَد عَنهُ، وَحين مَاتَ لم يُوجب فِيهِ الْجَزَاء. وَقد دللنا على أَن حرم الْمَدِينَة كحرم مَكَّة، وَأما تَحْرِيم وَج من الطَّائِف فَمَا روى فِيهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عَن الزبير بن الْعَوام -

من لية قال الحميدي مكان بالطائف حتى إذا كنا عند السدرة وقف رسول الله

رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أَقبلنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من لية - قَالَ الْحميدِي: مَكَان بِالطَّائِف - حَتَّى إِذا كُنَّا عِنْد السِّدْرَة وقف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طرف الْقرن الْأسود حذوها، فَاسْتقْبل نخباً - قَالَ الْحميدِي: مَكَان يُقَال لَهُ " نخب " - يبصره، ثمَّ وقف حَتَّى أوقف النَّاس، ثمَّ قَالَ: " إِن صيد وَج، وعضاه حرم محرم لله، عز وَجل، وَذَلِكَ قبل نُزُوله الطَّائِف، وحصاره ثقيفاً " ... وَالله أعلم. مَسْأَلَة (73) : وَيحل الْمحصر فِي الْحل، مَحل دم إحصاره. وَقَالَ أَبُو

بالحديبية البقرة عن سبعة والبدنة عن سبعة وفي صحيح البخاري عن الزهري عن عروة عن المسور ومروان يصدق حديث كل واحد منهما صاحبه قالا خرج رسول الله

حنيفَة - رَحمَه الله -: " يَسُوق دم إحصاره إِلَى الْحرم على يَد غَيره، ويواعده يَوْمًا لنحره، ثمَّ لَا يحل هُوَ قبل يَوْم مواعدته ". فِي صَحِيح مُسلم عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ: " نحرنا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (بِالْحُدَيْبِية) الْبَقَرَة عَن سَبْعَة، والبدنة عَن سَبْعَة. وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن الزُّهْرِيّ (عَن عُرْوَة) عَن الْمسور، ومروان - يصدق حَدِيث كل وَاحِد مِنْهُمَا صَاحبه - قَالَا: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زمن الْحُدَيْبِيَة "، فَذكر الحَدِيث فِي قصَّة الْحُدَيْبِيَة، وَفِيه: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نحر بهَا هَدْيه، وَأَن أَصْحَابه لما رَأَوْهُ نحر، قَامُوا فنحروا. وَفِي ذَلِك دَلِيل على أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نحر هَدْيه بِالْحُدَيْبِية وَهِي من الْحل خلاف مَا زَعَمُوا أَنه بعث بهديه مَعَ جُنْدُب هَذِه السّنة حَتَّى نَحره فِي الْحرم. وَإسْنَاد حَدِيث جُنْدُب لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَلَعَلَّه كَانَ فِي وَقت آخر إِن صَحَّ، رَوَوْهُ عَن نَاجِية بن جُنْدُب الْأَسْلَمِيّ عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَأَبُو دَاوُد يَقُول: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، أخبرنَا سُفْيَان عَن هِشَام

بعث معه بهدي فقال إن عطب فانحره ثم أصبغ نعله في دمه ثم خل بينه وبين الناس وليس لهم حجة فيه وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بعث رسول الله

عَن أَبِيه عَن نَاجِية الْأَسْلَمِيّ: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث مَعَه بِهَدي، فَقَالَ: " إِن عطب فانحره، ثمَّ أصبغ نَعله فِي دَمه، ثمَّ خل بَينه وَبَين النَّاس "، وَلَيْسَ لَهُم حجَّة فِيهِ. وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سِتّ عشرَة بَدَنَة / مَعَ رجل وَأمره، قَالَ: مضى ثمَّ رَجَعَ، قَالَ: يَا رَسُول الله، كَيفَ أصنع بِمَا أبدع (عَليّ) مِنْهَا؟ قَالَ: " انحرها، ثمَّ اصبغ نعلها فِي دَمهَا، ثمَّ اجْعَلْهَا فِي صفحتها، وَلَا تَأْكُل مِنْهَا أَنْت، وَلَا أحد من أهل رفقتك ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وَالْحُدَيْبِيَة مَوضِع من الأَرْض مِنْهُ مَا هُوَ فِي الْحل، وَمِنْه مَا هُوَ فِي الْحرم، وَإِنَّمَا نحر الْهَدْي - عندنَا - فِي الْحل، وَفِيه منحر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذِي بُويِعَ فِيهِ تَحت الشَّجَرَة ". قَالَ: " وَإِنَّمَا ذَهَبْنَا إِلَى أَنه نحر فِي الْحل؛ لِأَن الله - تَعَالَى - يَقُول: {هم الَّذين كفرُوا وصدوكم عَن الْمَسْجِد الْحَرَام وَالْهَدْي معكوفاً أَن يبلغ مَحَله} ، وَالْحرم كُله مَحَله عِنْد أهل الْعلم ".

قَالَ أَبُو عبيد فِي حَدِيث عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - فِي الَّذِي لدغ وَهُوَ محرم بِالْعُمْرَةِ، فأحصر، فَقَالَ عبد الله: " ابْعَثُوا بِالْهَدْي، وَاجْعَلُوا بَيْنكُم وَبَينه يَوْم أمار، فَإِذا ذبح الْهَدْي بِمَكَّة، حل ": " حدّثنَاهُ عباد بن الْعَوام عَن أبان بن تغلب عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود عَن أَبِيه عَن عبد الله، قَالَ الْكسَائي: الأمارة: الْعَلامَة الَّتِي يعرف بهَا الشَّيْء، يَقُول: اجعلوا بَيْنكُم يَوْمًا تعرفونه؛ لكيلا تختلفوا ".

مسألة

مَسْأَلَة (74) : وَلَيْسَ للْمحرمِ أَن يتَحَلَّل من إِحْرَامه بمرضه. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَهُ ذَلِك ". وَدَلِيلنَا مَا روى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن سُفْيَان عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس، وَعَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " لَا حصر إِلَّا حصر الْعَدو "، فَزَاد أَحدهمَا: " ذهب الْحصْر الْآن ". وَعَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار " أَن ابْن عمر، وَابْن الزبير - رَضِي الله عَنْهُمَا -، ومروان أفتوا ابْن حزابة المَخْزُومِي - وَأَنه صرع بِبَعْض طَرِيق مَكَّة وَهُوَ محرم - أَن يتداوى بِمَا لَا بُد (لَهُ) مِنْهُ ويفتدي، فَإِذا صَحَّ اعْتَمر، فَحل من إِحْرَامه، وَكَانَ عَلَيْهِ أَن يحجّ عَاما قَابلا وَيهْدِي ". وروى مَالك - رَحمَه الله - عَن يحيى بن سعيد " أَنه بلغه عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا كَانَت تَقول: الْمحرم لَا يحله إِلَّا الْبَيْت ".

على ضباعة بنت الزبير فقال لها أردت الحج قالت والله ما أجدني إلا وجعة فقال لها حجي واشترطي وقولي اللهم محلي حيث حبستني وكانت تحت المقداد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح ورواه مسلم أيضا عن ابن عباس رضي الله

وَعَن أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة عَن رجل من أهل الْبَصْرَة، أَنه قَالَ: " خرجت إِلَى مَكَّة حَتَّى إِذا كُنَّا بِبَعْض الطَّرِيق، كسرت فَخذي، فَأرْسلت إِلَى مَكَّة، وَبهَا عبد الله بن مَسْعُود، وَعبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُم -، وَالنَّاس، فَلم يرخص لي أحد فِي أَن أحل، فأقمت على ذَلِك المَاء سَبْعَة أشهر، ثمَّ حللت بِعُمْرَة. وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابنَا بِمَا حدثت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -، قَالَت: " دخل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على ضباعة بنت الزبير، فَقَالَ لَهَا: أردْت الْحَج؟ قَالَت: وَالله مَا أجدني إِلَّا وجعة، فَقَالَ لَهَا: " حجي، واشترطي، وَقَوْلِي: اللَّهُمَّ محلي حَيْثُ حبستني، وَكَانَت تَحت الْمِقْدَاد "، أخرجه البُخَارِيّ، وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَرَوَاهُ مُسلم أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (أَمر ضباعة بنت الزبير) أَن تشْتَرط فِي الْحَج،

وروي الاشتراط في الحج عن ابن عمر وابن مسعود وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهم من قولهم ولو كان يحل بالمرض لم يكن للاشتراط معنى والله أعلم واستدلوا بما روى عن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما عن الحجاج بن عمرو

فَفعلت ذَاك عَن أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَرُوِيَ الِاشْتِرَاط فِي الْحَج عَن ابْن عمر، وَابْن مَسْعُود، وَعَائِشَة، وَأم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهُم - من قَوْلهم: " وَلَو كَانَ يحل بِالْمرضِ، لم يكن للاشتراط معنى. وَالله أعلم. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى عَن عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن الْحجَّاج بن عَمْرو الْأنْصَارِيّ - رَضِي الله عَنهُ -، قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من كسر أَو عرج فقد حل، وَعَلِيهِ حجَّة أُخْرَى ". قَالَ عِكْرِمَة: " سَأَلت ابْن عَبَّاس، وَأَبا هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنْهُم - عَمَّا قَالَ، فَقَالَا: صدق "، وَلَيْسَ بمخرج فِي الصَّحِيح. وَرُوِيَ عَن يحيى بن سعيد عَن ابْن الْمسيب، أَن معبد بن حزابة خرج حَاجا، فَوَقَعت رجله فِي بِئْر، فانفسخت، فَسَأَلَ ابْن الزبير - رَضِي الله عَنهُ -، ومروان بن الحكم، وَغَيرهم، كلهم يَقُول لَهُ:

خاصة وفي هذا الحديث دلالة عن أبي ذر رضي الله عنه على أن فسخ الحج إلى العمرة لا يجوز لأحد بعد النبي

" تداوى بِمَا يصلحك من الطّيب، وافسخ حجك إِلَى عمْرَة، ثمَّ عَلَيْك الْحَج من قَابل، وأهرق لذَلِك دَمًا ". وبإسناده عَن يحيى بن سعيد عَن مربع الْأَسدي عَن أبي ذَر - رَضِي الله عَنهُ -، قَالَ: " لم يكن لأحد أَن يفْسخ حجَّة إِلَى عمْرَة إِلَّا للركب من أَصْحَاب مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَاصَّة ". وَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة عَن أبي ذَر - رَضِي الله عَنهُ - على أَن فسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة لَا يجوز لأحد بعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا يجوز للْمَرِيض فسخ الْحَج بِالْعُمْرَةِ، وَلَكِن يصبر حَتَّى يبرأ فيحج، أَو يفوتهُ الْحَج فيتحلل بِعَمَل عمْرَة. وَهَذَا هُوَ المُرَاد بفتوى ابْن الزبير - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَغَيره، وَذَلِكَ فِي رِوَايَة مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (75) : وَإِذا أَحرمت الْمَرْأَة لحج / إسْلَامهَا دون إِذن (زَوجهَا، كَانَ) للزَّوْج أَن يمْنَعهَا من الْمُضِيّ فِيهِ على أحد الْقَوْلَيْنِ

قال ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها ولا يحل للمرأة أن تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم تحرم عليه وروي عن حسان بالقول الثاني احتج بما روينا عن النبي

وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَيْسَ لَهُ ذَلِك ". رُوِيَ عَن حسان بن إِبْرَاهِيم فِي امْرَأَة - لَهَا مَال، تستأذن زَوجهَا فِي الْحَج، فَلَا يَأْذَن لَهَا: قَالَ إِبْرَاهِيم الصَّائِغ: قَالَ نَافِع: قَالَ عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - 0 قَالَ: " لَيْسَ لَهَا أَن تَنْطَلِق إِلَّا بِإِذن زَوجهَا، وَلَا يحل للْمَرْأَة أَن تُسَافِر ثَلَاث لَيَال إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرم تحرم عَلَيْهِ ". وَرُوِيَ عَن حسان بالْقَوْل الثَّانِي، احْتج بِمَا روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تمنعوا إِمَاء الله مَسَاجِد الله "، فَحَمله الشَّافِعِي على هَذَا القَوْل، على الْمَسْجِد الْحَرَام خَاصَّة، دون سَائِر الْمَسَاجِد. وَمن قَالَ بِالْأولِ، حمله على الِاسْتِحْبَاب فِي جَمِيع الْمَسَاجِد. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (76) : الْأَيَّام المعلومات عشر ذِي الْحجَّة، آخرهَا يَوْم النَّحْر، وَالْأَيَّام

مسألة

المعدودات ثَلَاثَة أَيَّام التَّشْرِيق. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " المعلومات ثَلَاثَة: يَوْم عَرَفَة، وَيَوْم النَّحْر، وَالْأول من أَيَّام التَّشْرِيق والمعدودات: ثَلَاثَة أَيَّام التَّشْرِيق رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " الْأَيَّام المعلومات أَيَّام الْعشْر، والمعدودات أَيَّام التَّشْرِيق ". وَكَذَا قَالَه مُجَاهِد، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (77) : وَمن نذر هَديا مُطلقًا من غير تَسْمِيَة شَيْء، وَلَا نِيَّة شَيْء، خرج من وَاجِب نَذره بِقدر مَا يتَصَدَّق بِهِ عَن كل مَا يتمول، على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا تُجزئه من غير النعم "، وَهُوَ القَوْل الآخر.

قال إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الناس الأول فالأول فالمهجر إلى الصلاة كالمهدي كبشا حتى ذكر الدجاجة والبيضة فإذا جلس الإمام طووا الصحف واجتمعوا للخطبة وعندها عنه فيه فمثل المهجر

فِي صَحِيح مُسلم، حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة، كَانَ على كل بَاب من أَبْوَاب الْمَسْجِد مَلَائِكَة، يَكْتُبُونَ النَّاس الأول فَالْأول، فالمهجر إِلَى الصَّلَاة كالمهدي كَبْشًا، حَتَّى ذكر الدَّجَاجَة والبيضة، فَإِذا جلس الإِمَام طَوَوْا الصُّحُف، واجتمعوا للخطبة ". وَعِنْدهَا عَنهُ فِيهِ: " فَمثل المهجر يهدي بَدَنَة، ثمَّ كَالَّذي يهدي بقرة، ثمَّ كَالَّذي يهدي الْكَبْش، ثمَّ كَالَّذي يهدي الدَّجَاجَة، ثمَّ كَالَّذي يهدي الْبَيْضَة ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (78) : إشعاره الْبَدنَة مسنون. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه مَكْرُوه ". لنا حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " فتلت قلائد هدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيَدي، ثمَّ أشعرها وقلدها، ثمَّ بعث بهَا إِلَى الْبَيْت، وَأقَام بِالْمَدِينَةِ، فَمَا حرم عَلَيْهِ شَيْء كَانَ حل لَهُ ".

أخرجاه في الصحيح وعند البخاري عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه أن رسول الله

وَفِي رِوَايَة: " فتلت قلائد بدن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيح. وَعند البُخَارِيّ عَن الْمسور بن مخرمَة - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج عَام الْحُدَيْبِيَة فِي بضع عشرَة مائَة من أَصْحَابه، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الحليفة، قلد الْهَدْي، وَأَشْعرهُ وَأحرم مِنْهَا. وَعند مُسلم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أَتَى ذَا الحليفة، أشعر بدنته من جَانب سنامها الْأَيْمن، ثمَّ سلت عَنْهَا الدَّم ". وَفِي رِوَايَة " ثمَّ أماط عَنْهَا الدَّم، وَأهل بِالْحَجِّ ". وروى مَالك عَن نَافِع أَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - " كَانَ يشْعر بدنه من الشق الْأَيْسَر إِلَّا أَن تكون صعاباً تنفر بِهِ، فَإِذا لم يسْتَطع أَن يدْخل بَينهَا، أشعر من الشق الْأَيْمن، وَإِذا أَرَادَ أَن يشعرها، وَجههَا إِلَى الْقبْلَة، وَإِذا أشعرها، قَالَ: بِسم الله، وَالله أكبر، وَأَنه كَانَ يشعرها بِيَدِهِ قيَاما ".

مسألة

وبإسناده أَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " الْهَدْي مَا قلد، وأشعر، ووقف بِهِ بِعَرَفَة ". مَسْأَلَة (79) : وَإِن كَانَ الْهَدْي شَاة، قَلّدهُ بِحَرب الْقرْبَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " لَا تَقْلِيد فِي الْغنم ". دليلنا مَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " كنت أفتل قلائد الْغنم لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فيبعث بهَا، ثمَّ يمْكث حَلَالا ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَنْهَا قَالَت: " أهْدى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مرّة غنما فقلدها ". وعنها أَيْضا قَالَت: " كُنَّا نقلد الشَّاة، وَنُرْسِل بهَا وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَلَال، لم يحرم مِنْهُ شَيْء ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (80) : إِذا نذر هَديا بِعَيْنِه، لم يكن لَهُ أَن يصرفهُ إِلَى غَيره، أَو يعْطى قِيمَته. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله، فِيمَا حكى عَنهُ: " إِن لَهُ ذَلِك ".

فقال يا رسول الله إني أهديت نجيبا فأعطيت بها ثلاث مائة دينار أفأبيعها وأشتري بثمنها بدنة قال لا انحرها إياها والله سبحانه وتعالى أعلم وله الحمد والمنة ومنه التوفيق والعصمة آخر كتاب العبادات

وروى أَبُو دَاوُد عَن سَالم عَن أَبِيه، قَالَ: " أهْدى عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - نجيباً، فَأعْطى بهَا ثَلَاث مائَة دِينَار، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِنِّي أهديت نجيباً، فَأعْطيت بهَا ثَلَاث مائَة دِينَار، أَفَأَبِيعهَا، وأشتري بِثمنِهَا بَدَنَة؟ قَالَ: لَا، انحرها إِيَّاهَا. وَالله - (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أعلم، وَله الْحَمد والْمنَّة، وَمِنْه التَّوْفِيق والعصمة) . آخر كتاب الْعِبَادَات.

صفحة فارغة.

كتاب البيوع

كتاب الْبيُوع. ذكر مَا اخْتلف فِيهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة - رحمهمَا الله تَعَالَى - من كتاب الْبيُوع مِمَّا ورد فِيهِ خبر أَو أثر مَسْأَلَة (81) : بيع الْعين الغائبة لَا يجوز على أحد الْقَوْلَيْنِ / وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه يجوز ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْحَصَاة، وَعَن بيع الْغرَر ". أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَعَن أبي دَاوُد عَن عبد الله بن عَمْرو - رَضِي الله عَنْهُمَا -، قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يحل بيع، وَلَا سلف، وَلَا شَرْطَانِ فِي بيع، وَلَا ربح مَا لم يضمن، وَلَا تبع مَا لَيْسَ عنْدك ".

عن بيع الغائب كله من كل شيء يديره الناس بينهم وروى الشافعي عن الثقة قال البيهقي أحسبه إسماعيل بن علية عن أيوب عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام قال نهاني رسول الله

وروى عَن ابْن لَهِيعَة عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْغَائِب كُله، من كل شَيْء يديره النَّاس بَينهم ". وروى الشَّافِعِي عَن الثِّقَة - قَالَ الْبَيْهَقِيّ: أَحْسبهُ إِسْمَاعِيل بن علية - عَن أَيُّوب عَن يُوسُف بن مَاهك عَن حَكِيم بن حزَام، قَالَ: " نهاني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع مَا لَيْسَ عِنْدِي ". وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى (عمر بن) إِبْرَاهِيم - بأسانيد لَهُ - عَن مُحَمَّد ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " من اشْترى شَيْئا لم يره فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذا رَآهُ ". وَهَذَا بَاطِل لَا يَصح، لم يروه غَيره. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " عمر بن إِبْرَاهِيم - يُقَال لَهُ: الْكرْدِي -، كَانَ يضع الحَدِيث، وَإِنَّمَا يروي عَن ابْن سِيرِين من قَوْله ". وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن أبي بكر بن أبي مَرْيَم عَن مَكْحُول يرفع الحَدِيث إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

مسألة

قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " هَذَا مُرْسل، وَأَبُو بكر بن أبي مَرْيَم ضَعِيف. وَقد سبق ذكره فِي كتاب الطَّهَارَة. وَرُوِيَ فِي جَوَاز بيع خِيَار الرُّؤْيَة عَن عُثْمَان، وَطَلْحَة، وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَجبير بن مطعم - رَضِي الله عَنْهُم - وَذكرنَا قصتهم فِي كتاب السّنَن. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (82) : وَخيَار الْمجْلس عندنَا ثَابت فِي البيع بِالشَّرْعِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه لَا يثبت ". وَدَلِيلنَا حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُتَبَايعَانِ كل وَاحِد مِنْهُم بِالْخِيَارِ على صَاحبه مَا لم يَتَفَرَّقَا إِلَّا بيع الْخِيَار ". أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، وَمُسلم، وَاللَّفْظ لَهُ.

قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يفترقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع وعندهما أيضا عن حكيم بن حزام

وَعِنْدَهُمَا أَيْضا بِمَعْنَاهُ، وَزَاد: " وَكَانَ ابْن عمر إِذا اشْترى شَيْئا ً يُعجبهُ، فَارق صَاحبه. وَعِنْدَهُمَا أَيْضا (عَنهُ) عَن رَسُول الله - - قَالَ: " إِذا تبَايع الرّجلَانِ فَكل وَاحِد مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ، مَا لم يفترقا، وَكَانَا جَمِيعًا، أَو يُخَيّر أَحدهمَا الآخر، فتبايعا على ذَلِك، فقد وَجب البيع، وَإِن تفَرقا بعد أَن تبَايعا، وَلم يتْرك وَاحِد مِنْهُمَا البيع، فقد وَجب البيع. وَعِنْدَهُمَا أَيْضا عَن حَكِيم بن حزَام - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - - قَالَ: " الْمُتَبَايعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لم يَتَفَرَّقَا، فَإِن صدقا وَبينا بورك لَهما فِي بيعهمَا، وَإِن كتما وكذبا، محقت الْبركَة من بيعهمَا. وَرُوِيَ عَن ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن رَسُول الله - - " من اشْترى بيعا فَوَجَبَ لَهُ هُوَ بِالْخِيَارِ مَا لم يُفَارِقهُ صَاحبه، فَإِن فَارقه فَلَا خِيَار لَهُ ". قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن أبي هُرَيْرَة، وَسمرَة بن جُنْدُب، وَجَابِر،

وَجَرِير بن عبد الله، وَعُثْمَان بن عَفَّان، وَعبد الله بن عَمْرو، رَضِي الله عَنْهُم، وَقَالَ فِي حَدِيثه: " وَلَا يحل لَهُ أَن يُفَارق صَاحبه بنية أَن يستقيله، ثمَّ عَن شُرَيْح، وَسَعِيد بن الْمسيب، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح. وَرُوِيَ عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: قَالَ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - البيع صَفْقَة، أَو خِيَار ". قَالَ أَبُو عوَانَة: الصَّفْقَة: أَن يضْرب بِيَدِهِ على يَده، وَالْخيَار: أَن يَقُول اختر ". هَذَا مُنْقَطع لَا تقوم بِهِ حجَّة. ثمن مَعْنَاهُ عِنْد الشَّافِعِي - رَحمَه الله - البيع صَفْقَة، بعْدهَا تفرق أَو خِيَار، فَمن الْمحَال تعلق وجوب البيع بِالْخِيَارِ دون الصَّفْقَة. وَكَذَلِكَ لَا تتَعَلَّق الصَّفْقَة دون الْخِيَار والتفرق. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (83) : وَشرط الْخِيَار أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام، يبطل البيع، وَلَا يَصح بِإِسْقَاط الزِّيَادَة على الثَّلَاث. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن أسقطا الزِّيَادَة على الثَّلَاث فِي الثَّلَاث صَحَّ البيع، وَإِن سكتا حَتَّى مضى الثَّلَاث بَطل ". وَقَالَ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد - رحمهمَا الله -: " يجوز شَرط الْخِيَار أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه نهى عَن بيع الْغرَر ". وَفِي حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قصَّة بَرِيرَة: " مَا كَانَ من شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل، وَإِن كَانَ مائَة شَرط ". اتفقَا على صِحَّته. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وأصل البيع على الْخِيَار، لَوْلَا الْخَبَر كَانَ يَنْبَغِي أَن يكون فَاسِدا، فَلَمَّا اشْترط رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي

ولم نجاوزه أما حديث المصراة فهو في مسألة بيعها وأما حديث حبان بن منقذ رضي الله عنه فغروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان حبان بن منقذ رجلا ضعيفا وكان قد سفع في رأسه مأمومة فجعل رسول الله

الْمُصراة خِيَار ثَلَاثَة بعد البيع، وَرُوِيَ أَنه جعل لحبان بن منقذ - رَضِي الله عَنهُ - خِيَار ثَلَاثَة فِيمَا ابْتَاعَ انتهينا إِلَى مَا أَمر بِهِ رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم نجاوزه ". أما حَدِيث الْمُصراة فَهُوَ فِي مَسْأَلَة بيعهَا. وَأما حَدِيث حبَان بن منقذ - رَضِي الله عَنهُ - فغروي عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -، قَالَ: " كَانَ حبَان بن منقذ رجلا ضَعِيفا، وَكَانَ قد سفع فِي رَأسه مأمومة؛ فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُ الْخِيَار فِيمَا اشْترى ثَلَاثًا، وَكَانَ قد ثقل لِسَانه، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعْ، وَقل: لَا خلابة، وَكنت أسمعهُ يَقُول: لَا (خذابة) ، فَكَانَ يَشْتَرِي الشَّيْء ويجئ بِهِ أَهله، فَيَقُولُونَ: هَذَا غال، فَيَقُول: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خيرني فِي بيعي "، رُوَاته ثِقَات.

مسألة

وَمَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " الْمُسلمُونَ على شروطهم، وَالصُّلْح جَائِز بَين الْمُسلمين "، فقد رُوِيَ فِي بعض طرقه: " فِيمَا وَافق الْحق "، وَشرط الْخِيَار أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام يُخَالف مَا سبق ذكره من الْأَحَادِيث؛ فَلَا يَصح. وَالله تَعَالَى أعلم. مَسْأَلَة (84) : وَخيَار الثَّلَاث عِنْدَمَا يُورث. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يُورث ". قَالَ الله تَعَالَى {وَلكم نصف مَا ترك أزواجكم} عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من مَاتَ وَترك عَلَيْهِ دينا، فدينه على الله وَرَسُوله، وَمن مَاتَ وَترك شَيْئا، فَهُوَ للْوَارِث ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (85) : والتفرق (عَن) بيع الْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ، أَو الشّعير بِالشَّعِيرِ قبل الْقَبْض يبطل البيع. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يبطل ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا روى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن مَالك بن أَوْس بن الْحدثَان، أَنه التمس صرفا بِمِائَة دِينَار، قَالَ: " فدعاني طَلْحَة بن عبيد الله، فتراوضنا حَتَّى اصطرف مني، وَأخذ الذَّهَب يقلبها فِي يَده، ثمَّ قَالَ حَتَّى يَأْتِي خازني، أَو يَأْتِي خازني من الغابة - أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك، قَالَ الشَّافِعِي: أَنا شَككت - وَعمر - رَضِي الله عَنهُ - يسمع، فَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: وَالله لَا تُفَارِقهُ حَتَّى تَأْخُذ مِنْهُ، ثمَّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الذَّهَب بالورق رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء، (وَالْبر بِالْبرِّ رَبًّا، إِلَّا هَاء وهاء، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ رَبًّا إِلَّا

مثل حديث مالك وقال حتى يأتي خازني من الغابة أخرجه البخاري من حديث مالك وأخرجه مسلم من حديث ابن عيينة عن أبي قلابة قال كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار فجاء أبو الأشعث قال قالوا أبو الأشعث فجلس فقلت

هَاء وهاء) ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ رَبًّا إِلَّا هَاء وهاء ". وَعنهُ عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن شهَاب عَن مَالك بن أَوْس عَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (مثل حَدِيث مَالك، وَقَالَ: " حَتَّى (يَأْتِي خازني) من الغابة "، أخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك) . وَأخرجه مُسلم من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن أبي قلَابَة، قَالَ " كنت بِالشَّام فِي حَلقَة فِيهَا مُسلم بن يسَار، فجَاء أَبُو الْأَشْعَث قَالَ: قَالُوا: أَبُو الْأَشْعَث، فَجَلَسَ، فَقلت لَهُ: حدث أخانا حَدِيث

ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى فرد الناس ما أخذوا أخرجه مسلم في الصحيح وعن عبادة رضي الله عنه

عبَادَة بن الصَّامِت، - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: نعم، غزونا غزَاة، وعَلى النَّاس مُعَاوِيَة - رَضِي الله عَنهُ - فغنمنا غَنَائِم كَثِيرَة فَكَانَ فِيمَا غنمنا آنِية من فضَّة، فَأمر مُعَاوِيَة رجلا أَن يَبِيعهَا فِي أعطيات النَّاس، فَتسَارع النَّاس فِي ذَلِك، فَبلغ ذَلِك عبَادَة بن الصَّامِت، فَقَامَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينْهَى عَن بيع الذَّهَب بِالذَّهَب، وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ، وَالْبر بِالْبرِّ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ، وَالْملح بالملح إِلَّا سَوَاء بِسَوَاء، عينا بِعَين، فَمن زَاد أَو ازْدَادَ، فقد أربى، فَرد النَّاس مَا أخذُوا "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَعَن عبَادَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الذَّهَب بِالذَّهَب، وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ، وَالْبر بِالْبرِّ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ، وَالْملح بالملح مثلا بِمثل، فَإِذا اخْتلفت هَذِه الْأَصْنَاف، فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد "، أخرجه مُسلم. وَعَن أبي سعيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الذَّهَب بِالذَّهَب، وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ، وَالْبر بِالْبرِّ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْر

التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى إلا ما اختلفت ألوانه قوله إلا ما اختلفت ألوانه أراد به في جواز التفاضل لا في التفرق عن المجلس قبل

بِالتَّمْرِ، وَالْملح بالملح مثلا بِمثل، يدا بيد، فَمن زَاد أَو ازْدَادَ، فقد أربى، الْآخِذ والمعطي فِيهِ سَوَاء "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَعِنْده عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: التَّمْر بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالْملح بالملح مثلاًُ بِمثل، يدا بيد، فَمن زَاد، أَو اسْتَزَادَ، فقد أربى إِلَّا مَا اخْتلفت ألوانه ". قَوْله: " إِلَّا مَا اخْتلفت ألوانه "، أَرَادَ بِهِ فِي جَوَاز التَّفَاضُل، لَا فِي التَّفَرُّق عَن الْمجْلس قبل التَّقَابُض، بَيَانه فِي حَدِيث عبَادَة، رَضِي الله عَنهُ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (86) :

صفحة فارغة.

صفحة فارغة.

صفحة فارغة.

صفحة فارغة.

يقول الطعام بالطعام مثلا بمثل وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله

وَعلة الرِّبَا فِي الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة الطّعْم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " الْكَيْل ". فِي صَحِيح مُسلم عَن معمر بن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ 0، قَالَ: كنت أسمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الطَّعَام بِالطَّعَامِ مثلا بِمثل ": وَعَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه لعن آكل الرِّبَا، وموكله ". وَقد روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / أَنه قَالَ: " وَالْملح بالملح مثلا بِمثل، يدا بيد.

بعث أخا بني عدي الأنصاري فاستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب فقال رسول الله

وَأما الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن (عبد الْمجِيد) عَن سعيد بن الْمسيب أَن أَبَا هُرَيْرَة، وَأَبا سعيد - رَضِي الله عَنْهُمَا - حَدَّثَاهُ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث أَخا بني عدي الْأنْصَارِيّ، فَاسْتَعْملهُ على خَيْبَر، فَقدم بِتَمْر جنيب، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أكل تمر خَيْبَر هَكَذَا؟ ، قَالَ: لَا وَالله، يَا رَسُول الله، إِنَّا لنشتري الصَّاع بالصاعين من الْجمع، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تَفعلُوا، وَلَكِن مثلا بِمثل، أَو تَبِيعُوا هَذَا، وتشتروا بِثمنِهِ من هَذَا، وَكَذَلِكَ الْمِيزَان "، رَوَاهُ مُسلم، وَالْبُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَأخرجه من حَدِيث مَالك دون قَوْله: " وَكَذَلِكَ الْمِيزَان ". وَالْأَشْبَه أَن يكون ذَلِك من قَول أبي سعيد لما خَالفه فِيهِ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - من بيع الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ على مَا رُوِيَ فِيهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّاع بالصاعين. وَكَذَلِكَ مَا فِي حَدِيث حبَان بن عبد الله، إِن صَحَّ ذَلِك من تِلْكَ الْجِهَة. الَّذِي يدل على ذَلِك من قَول أبي سعيد حَدِيث دَاوُد بن أبي هِنْد عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد فِي احتجاجه على ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - بِقصَّة التَّمْر، قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أربيت إِذا أردْت ذَلِك فبع تمرك بسلعة، ثمَّ اشْتَرِ بسلعتك أَي تمر شِئْت "،

قال ردوه ردوه التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والذهب بالذهب والفضة بالفضة يدا بيد مثلا بمثل ليس فيه زيادة ولا نقصان فمن زاد أو نقص فقد أربى في كل ما يكال أو يوزن

قَالَ أَبُو سعيد: " فالتمر بِالتَّمْرِ أَحَق أَن يكون رَبًّا، أَو الْفضة بِالْفِضَّةِ؟ ". فَكَانَ هَذَا قِيَاسا من أبي سعيد لِلْفِضَّةِ على التَّمْر الَّذِي روى فِيهِ قصَّته إِلَّا أَن بعض الروَاة رَوَاهُ مُفَسرًا مَفْصُولًا، وَبَعْضهمْ مُجملا مَوْصُولا، وَالله أعلم. وروى حبَان بن عبد الله أَبُو زُهَيْر الْعَدوي عَن لَاحق بن حميد أبي مجلز: أَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - كَانَ لَا يرى بِالصرْفِ بَأْسا، وَأَن أَبَا سعيد أنكر ذَلِك عَلَيْهِ، وَاسْتدلَّ بِأَن أم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهَا - بعثت بصاعين من تمر عَتيق، فَأتيت بدلهما بِصَاع عَجْوَة، وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ردُّوهُ، ردُّوهُ التَّمْر بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَة بِالْحِنْطَةِ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالذَّهَب بِالذَّهَب، وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ، يدا بيد، مثلا بِمثل / لَيْسَ فِيهِ زِيَادَة، وَلَا نُقْصَان، فَمن زَاد، أَو نقص، فقد أربى فِي كل مَا يُكَال، أَو يُوزن ".

في الربا وروي في حديث عبادة وأنس بن مالك ولا يصح رواه أبو بكر ابن عياش عن الربيع بن صبيح عن الحسن عن عبادة وأنس رضي الله عنهما عن النبي

وقصة أبي سعيد مَعَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - مخرجه فِي الصَّحِيح من غير هَذِه الرِّوَايَة، وَلَيْسَ فِيهِ: " وكل مَا يُكَال ويوزن "، وَإِنَّمَا انْفَرد بِهِ حبَان بن عبيد الله هَذَا من هَذِه الرِّوَايَة، وحبان لم يحْتَج بِهِ الشَّيْخَانِ، وَلَا لَهُ ذكر فِي كتابهما، وَهُوَ مُخَالف للروايات عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الرِّبَا. وَرُوِيَ فِي حَدِيث عبَادَة، وَأنس بن مَالك - وَلَا يَصح - رَوَاهُ أَبُو بكر ابْن عَيَّاش عَن الرّبيع بن صبيح عَن الْحسن عَن عبَادَة، وَأنس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " مَا وزن مثل بِمثل إِذا كَانَ نوعا وَاحِدًا، وَمَا كيل فَمثل ذَلِك، وَإِذا اخْتلف النوعان فَلَا بَأْس ". قَالَ عَليّ بن عمر: " لم يروه غير أبي بكر عَن الرّبيع هَكَذَا، وَخَالفهُ جمَاعَة، فَرَوَوْه عَن الرّبيع عَن ابْن سِيرِين عَن عبَادَة، وَأنس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَفْظ غير هَذَا اللَّفْظ ". وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن يعلى الْكُوفِي عَن الرّبيع عَن ابْن سِيرِين عَن ابْن الصَّامِت، وَعَن أنس رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْوَرق بِالذَّهَب، وَالذَّهَب بالورق، وَاحِد بِاثْنَيْنِ، لَا بَأْس بِهِ التَّمْر بالملح، وَالْملح بِالتَّمْرِ وَاحِد بِاثْنَيْنِ يدا بيد، لَا بَأْس بِهِ، وَإِذا اخْتلف النوعان فَلَا بَأْس بِهِ اثْنَان بِوَاحِد يدا بيد، على أَلا تفارق صَاحبك حَتَّى تَأْخُذهُ.

قال الورق بالورق والذهب بالذهب والتمر بالتمر والبر بالبر والشعير بالشعير والملح بالملح عينا بعين أو قال وزنا بوزن وقال أحدهما ولم يقله الآخر ولا بأس بالدينار بالورق اثنين بواحد يدا بيد ولا بأس بالبر

وَعَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن ابْن سِيرِين عَن عبَادَة، وَأنس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوَرق بالورق، وَالذَّهَب بِالذَّهَب، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ، وَالْبر بِالْبرِّ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالْملح بالملح، عينا بِعَين "، أَو قَالَ: " وزنا بِوَزْن ". وَقَالَ أَحدهمَا، وَلم يقلهُ الآخر: " وَلَا بَأْس بالدينار بالورق اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد، وَلَا بَأْس بِالْبرِّ بِالشَّعِيرِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد، وَلَا بَأْس بالملح بِالشَّعِيرِ اثْنَيْنِ بِوَاحِد يدا بيد ". هَذَا هُوَ الْمَحْفُوظ من حَدِيث الرّبيع بن صبيح، وعَلى الْأَحْوَال كلهَا الرّبيع غير مُحْتَج بِهِ، وَقد سبق ذكري لَهُ. وَقَوله: " أَو قَالَ: وزنا بِوَزْن " لَيْسَ (بِشَيْء) ، وَالْمَحْفُوظ من حَدِيث عبَادَة " كَيْلا بكيل "، يدل على صِحَة ذَلِك مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِسَنَدِهِ عَن عباد / - رَضِي الله عَنهُ -، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قَالَ: " الذَّهَب بِالذَّهَب، تبرها وعينها، وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ، تبرها وعينها، وَالْبر بِالْبرِّ مد بِمد، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ مد بِمد، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ مد بِمد، وَالْملح بالملح مد بِمد، فَمن زَاد أَو ازْدَادَ فقد أربى، وَلَا بَأْس بِبيع الذَّهَب بِالْفِضَّةِ، وَالْفِضَّة أكثرهما يدا بيد، وَأما النَّسِيئَة فَلَا "

وهو وهم والصواب أنه من قول ابن المسيب مع أنه لا حجة لهم فيه والله أعلم

وَرُوِيَ غير مَرْفُوع. وروى مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن أبي الزِّنَاد أَنه سمع سعيد بن الْمسيب يَقُول: " لَا رَبًّا إِلَّا فِي ذهب، أَو فضَّة، أَو مَا يُكَال، أَو يُوزن مِمَّا يُؤْكَل أَو يشرب ". وَرُوِيَ عَن ابْن الْمسيب عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ وهم، وَالصَّوَاب أَنه من قَول ابْن الْمسيب مَعَ أَنه لَا حجَّة لَهُم (فِيهِ) . وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (87) : والنسأ جَائِز فِي الْجِنْس الْوَاحِد مِمَّا لَا رَبًّا فِيهِ كَالثَّوْبِ فِي الثَّوْب، وَالْبَعِير فِي الْبَعِير، وَغير ذَلِك. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا روى أَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن عَمْرو - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمره أَن يُجهز جَيْشًا، فنفذت الْإِبِل، فَأمره أَن يَأْخُذ فِي قلاص الصَّدَقَة، فَكَانَ يَأْخُذ الْبَعِير بالبعيرين إِلَى إبل الصَّدَقَة ". وَله شَاهد صَحِيح عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن عبد الله بن عَمْرو - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا نَحوه، ذَكرْنَاهُ فِي كتاب السّنَن. روى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن صَالح عَن الْحسن بن مُحَمَّد ابْن عَليّ عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ -: " أَنه بَاعَ

أنه نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة هذا حديث رواته ثقات إلا أن أهل العلم بالحديث اختلفوا في

جملا لَهُ - يدعى عصيفيراً - بِعشْرين بَعِيرًا إِلَى أجل ". وَعنهُ عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَنه اشْترى رَاحِلَة بأَرْبعَة أبعر مَضْمُونَة عَلَيْهِ يوفيها صَاحبهَا بالربذة ". وَرُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " لَيْسَ فِي الْحَيَوَان رَبًّا "، وَالْمَحْفُوظ أَنه عَن ابْن الْمسيب من قَوْله. وَالله أعلم. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه نهى عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة ". هَذَا حَدِيث رُوَاته ثِقَات إِلَّا أَن أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ اخْتلفُوا فِي

عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة كل من روى هذا الحديث عن الثوري وذكر ابن عباس رضي الله عنه في إسناده فقد وهم وذلك لأن الثوري إنما رواه مرسلا وذكره من حديث الفريابي عنه مرسلا وقال وهو

سَماع الْحسن من سَمُرَة، قَالَ يحيى بن معِين، قَالَ أَبُو النَّضر عَن شُعْبَة، قَالَ: " لم يسمع الْحسن من سَمُرَة ". قَالَ يحيى: " لم يسمع الْحسن من سَمُرَة شَيْئا ". وَأما عَليّ بن الْمَدِينِيّ فَكَانَ يثبت سَمَاعه مِنْهُ، وَيَقُول: " الْحسن قد سمع من سَمُرَة؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي عهد عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - ابْن أَربع عشرَة سنة وَأشهر، وَمَات سَمُرَة فِي عهد زِيَاد "، وَلم يخرج البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن الْحسن عَن سَمُرَة شَيْئا. مِمَّا (يرْوى) عَنهُ لما فِيهِ الِاخْتِلَاف إِلَّا حَدِيثا وَاحِدًا، بَين الْحسن فِيهِ سَمَاعه مِنْهُ، فَروِيَ عَن حبيب بن الشَّهِيد، قَالَ: " قَالَ لي مُحَمَّد بن سِيرِين: سُئِلَ الْحسن مِمَّن سمع حَدِيث الْعَقِيقَة؟ ، (قَالَ: فَسَأَلته، فَقَالَ: من سَمُرَة بن جُنْدُب ". وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة ". كل من روى هَذَا الحَدِيث عَن الثَّوْريّ، وَذكر ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - فِي إِسْنَاده، فقد وهم، وَذَلِكَ لِأَن الثَّوْريّ إِنَّمَا رَوَاهُ مُرْسلا، وَذكره من حَدِيث الْفرْيَابِيّ عَنهُ، مُرْسلا، وَقَالَ: وَهُوَ

مرسلا قال أبو عيسى الترمذي سألت محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله عن هذا الحديث فقال قد روى داود بن عبد الرحمن العطار عن معمر وقال عن ابن عباس وقال الناس عن عكرمة عن النبي

الصَّوَاب. وَهَكَذَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق، وَعبد الْأَعْلَى عَن معمر مُرْسلا. وَرَوَاهُ عَليّ ابْن الْمُبَارك عَن يحيى بن أبي كثير عَن عِكْرِمَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: " سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ - رَحمَه الله - عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: قد روى دَاوُد بن عبد الرَّحْمَن الْعَطَّار عَن معمر، وَقَالَ: عَن ابْن عَبَّاس، وَقَالَ النَّاس: عَن عِكْرِمَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، فوهن مُحَمَّد هَذَا الحَدِيث. وَقد رُوِيَ عَن دَاوُد مُسْندًا مَرْفُوعا: نهى عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نساً ".

عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة فهذا غير ثابت عن رسول الله

قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وَأما قَوْله: نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة، فَهَذَا غير ثَابت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَقَالَ أَبُو بكر بن خُزَيْمَة: " الصَّحِيح عِنْد أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ هَذَا الْخَبَر مُرْسل، لَيْسَ مُتَّصِل " وروى مُحَمَّد بن دينارعن يُونُس بن عبيد عَن زِيَاد بن جُبَير عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / نهى عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة "، تفرد بِهِ مُحَمَّد بن دِينَار، إِنَّمَا يرويهِ النَّاس عَن زِيَاد (بن جُبَير) عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. قَالَ أَحْمد بن زُهَيْر: " سُئِلَ يحيى بن معِين عَن مُحَمَّد بن دِينَار الطَّاحِي، فَقَالَ: ضَعِيف "

قال عثمان بن سعيد سمعت يحيى بن معين يقول يزيد بن مروان الخلال كذاب قال أبو سعيد وقد أدركت أبا يزيد هذا وهو ضعيف قريب مما قال يحيى وقد روي عنه أيضا عن مالك عن الزهري عن سهل نهى رسول الله

وَرَوَاهُ يزِيد بن مَرْوَان عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سهل بن سعد - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ عُثْمَان بن سعيد: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: يزِيد بن مَرْوَان الْخلال كَذَّاب، قَالَ أَبُو سعيد: وَقد أدْركْت أَبَا يزِيد هَذَا، وَهُوَ ضَعِيف، قريب مِمَّا قَالَ يحيى. وَقد رُوِيَ عَنهُ أَيْضا عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سهل: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ "، وَهَذَا أَيْضا بَاطِل، إِنَّمَا رَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن زيد بن أسلم عَن سعيد بن الْمسيب عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا فِي النَّهْي عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ. وروى إِسْحَاق الْحَنْظَلِي عَن مُحَمَّد بن بكر البرْسَانِي عَن ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة، قَالَ: " سَأَلت ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن شَاة بشاتين إِلَى الحبال، فَقَالَ: سَأَلَ رجل عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ -، فَقَالَ عمر: إِن (من) آخر مَا أنزل الله الرِّبَا، وَإِن

قبض قبل أن يفسرها لنا فدعوا الربا والريبة وروى بحر بن كثير السقا عن أبي الزبير عن جابر نهى رسول الله

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبض قبل أَن يُفَسِّرهَا لنا، فدعوا الرِّبَا والريبة ". وروى بَحر بن كثير السقا عَن أبي الزبير عَن جَابر: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الْحَيَوَان اثْنَيْنِ (بِوَاحِد) نَسِيئَة، وَلم ير بِهِ بَأْسا يدا بيد ". تفرد بِهِ بَحر وَهُوَ ضَعِيف. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (88) : وَلَا يجوز أَن يَبِيع مَا يجْرِي فِيهِ الرِّبَا بِجِنْسِهِ وَمَعَ أَحدهمَا شَيْء آخر، فَلَا يجوز أَن يَبِيع مد عَجْوَة ودرهماً بمدي عَجْوَة، وَلَا بيع دِينَار وثوب بدينارين. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يجوز ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث فضَالة بن عبيد، قَالَ: " أُتِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام خَيْبَر بقلادة فِيهَا خرز معلقَة بِذَهَب، ابتاعها

لا حتى يميز بينه وبينها قال إنما أردت الحجارة قال لا حتى يميز بينهما قال فرده حتى ميز بينهما أخرجه مسلم في الصحيح وأما الذي رواه الليث عن سعيد بهذا الإسناد عن فضالة أنه اشترى يوم خيبر قلادة باثني عشر دينارا

رجل بسبعة دَنَانِير أَو تِسْعَة، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا، حَتَّى يُمَيّز بَينه وَبَينهَا، قَالَ: إِنَّمَا أردْت الْحِجَارَة، قَالَ: لَا، (حَتَّى) يُمَيّز بَينهمَا، قَالَ: فَرده حَتَّى ميز بَينهمَا "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَأما الَّذِي رَوَاهُ اللَّيْث عَن سعيد بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن فضَالة أَنه اشْترى يَوْم خَيْبَر قلادة بِاثْنَيْ عشر دِينَارا، فِيهَا ذهب وخرز، (وَفِي رِوَايَة أُخْرَى بِاثْنَيْ عشر دِينَارا فِيهَا ذهب وخرز) ، (ففصلها) ، فَوجدت فِيهَا أَكثر من (اثْنَي عشر دِينَارا) ، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " لَا تبَاع حَتَّى تفصل "، فَإِنَّهُ قصَّة أُخْرَى. أَلا ترى أَن فِي الحَدِيث الأول: " عَن فضَالة أَو رجلا " ابْتَاعَ، وَفِي هَذَا الحَدِيث: " عَن فضَالة، أَنه اشْترى "، وَفِي الحَدِيث: " أَنه ابتاعها بسبعة دَنَانِير أَو تِسْعَة "، وَفِي هَذَا: " بِاثْنَيْ عشر دِينَارا "، فَأجَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَوْضِعَيْنِ جَمِيعًا: برد البيع حَتَّى يفصل الذَّهَب، وَنحن نقُول بهما جَمِيعًا. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (89) : وَلَا يجوز بيع الرطب بِالتَّمْرِ كَيْلا بكيل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن ذَلِك يجوز ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا تَبِيعُوا الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه، وَلَا تَبِيعُوا الثَّمر بِالتَّمْرِ "، اتفقَا على صِحَّته. وَعند مُسلم عَنهُ: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع التَّمْر بِالتَّمْرِ كَيْلا، وَعَن بيع الْعِنَب بالزبيب كَيْلا، وَعَن بيع الزَّرْع بِالْحِنْطَةِ كَيْلا ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن عبد الله بن يزِيد:

سئل عن شراء التمر بالرطب فقال رسول الله

" أَن زيدا أَبَا عَيَّاش أخبرهُ أَنه سَأَلَ سعد بن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - عَن الْبَيْضَاء بالسلت، فَقَالَ لَهُ سعد: أَيَّتهمَا أفضل؟ قَالَ: الْبَيْضَاء، فَنهى عَن ذَلِك، وَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن شِرَاء التَّمْر بالرطب، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أينقص الرطب إِذا يبس؟ ، قَالُوا: نعم؛ فَنهى عَن ذَلِك "، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وَرَوَاهُ يحيى بن أبي كثير عَن عبد الله بن يزِيد: " أَن أَبَا عَيَّاش أخبرهُ أَنه سمع سعد بن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول: نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ نَسِيئَة ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: خَالفه مَالك، وَإِسْمَاعِيل بن أُميَّة، وَالضَّحَّاك بن عُثْمَان، وَأُسَامَة بن زيد، وَرَوَوْهُ عَن عبد الله بن يزِيد وَلم يَقُولُوا:

سئل عن رطب بتمر فقال أينقص الرطب فقالوا نعم فقال لا يباع رطب بيابس وروي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي

فِيهِ نَسِيئَة، وَإِجْمَاع هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة على خلاف مَا رَوَاهُ يحيى يدل على ضبطهم للْحَدِيث، وَفِيهِمْ إِمَام حَافظ مَالك بن أنس رَحمَه الله تَعَالَى. وَشهد لحَدِيث زيد أبي عَيَّاش مُرْسل جيد عَن عبد الله بن أبي سَلمَة " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن رطب بِتَمْر، فَقَالَ: أينقص الرطب؟ ، فَقَالُوا: نعم، فَقَالَ: لَا يُبَاع رطب بيابس ". وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى أَن يُبَاع رطب بيابس ". وَعَن سَالم عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن التَّمْر الجاف بالرطب ". وَعَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -، قَالَت: " سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الخمير والخميرة يقرضها الْجِيرَان، فَردُّوا أَكثر وَأَقل، فَقَالَ: لَا بَأْس بذلك، إِنَّمَا هَذِه مرافق من النَّاس، لَا يُرَاد فِيهَا الْفضل ".

مسألة

قَالَ الشَّيْخ أَبُو الْوَلِيد - رَحمَه الله تَعَالَى -: " يدل هَذَا على أَن مَا يُرَاد بِهِ الْفضل فَهُوَ محرم:. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (90) : وَالدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير يتعينان فِي العقد بِالتَّعْيِينِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يتعينان ". فِي صَحِيح مُسلم عَن عبَادَة بن الصَّامِت، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب، وَلَا الْفضة بِالْفِضَّةِ، وَلَا الْبر بِالْبرِّ، وَلَا الشّعير بِالشَّعِيرِ، وَلَا الْملح بالملح، وَلَا التَّمْر بِالتَّمْرِ، إِلَّا مثلا بِمثل، سَوَاء بِسَوَاء، عينا بِعَين ". استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن سماك بن حَرْب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -، قَالَ: " كنت أبيع الْإِبِل بِالبَقِيعِ، فأبيع بِالدَّنَانِيرِ، وآخذ الدَّرَاهِم، وأبيع بِالدَّرَاهِمِ، وآخذ الدَّنَانِير، فَوَقع فِي

وهو في بيت حفصة أو قال حين خرج من بيت حفصة فقلت يا رسول الله رويدك أسألك إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير فقال لا بأس أن تأخذهما بسعر يومها ما لم تفترقا وبينكما

نَفسِي من ذَلِك، فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي بَيت حَفْصَة، أَو قَالَ: حِين خرج من بَيت حَفْصَة، فَقلت: يَا رَسُول الله، رويدك، أَسأَلك، إِنِّي أبيع الْإِبِل بِالبَقِيعِ، فأبيع بِالدَّنَانِيرِ، وآخذ الدَّرَاهِم، وأبيع بِالدَّرَاهِمِ، وآخذ الدَّنَانِير، فَقَالَ: لَا بَأْس أَن تأخذهما بِسعْر يَوْمهَا مَا لم تفترقا، وبينكما شَيْء:. وَعنهُ عَن سعيد عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن اشْتِرَاء الذَّهَب بِالْفِضَّةِ، وَالْفِضَّة بِالذَّهَب فَقَالَ: إِذا أخذت أَحدهمَا (بِالْآخرِ) فَلَا يفارقك صَاحبك، وَبَيْنك وَبَينه لبس ". هَذَا الحَدِيث بعض من الأول، وَفِيه دَلِيل لقَوْل أَصْحَابنَا إِنَّه كَانَ يجدد العقد، فَيقبض وَيَشْتَرِي الذَّهَب بِالْفِضَّةِ، أَو الْفضة بِالذَّهَب. وَالله أعلم. وَعنهُ بِالْإِسْنَادِ قَالَ: " كنت أبيع الْإِبِل بِالبَقِيعِ فيجتمع عِنْدِي من الدَّرَاهِم، فأبيعها من الرجل بِالدَّنَانِيرِ، ويعطينيها الْغَد، فَأتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلته عَن ذَلِك، فَقَالَ: إِذا بَايَعت الرجل بِالذَّهَب

فيه حكم الصرف فلم يجز العقد إلا بعد التقابض في المجلس وهذه الأحاديث وردت في بيع الإبل بالدراهم أو الدنانير في الذمة ولذلك جاز أخذ العوض عنها لاستقرارها في الذمة والحديث مشكوك في رفعه رواه جماعة غير سماك موقوفا على ابن

وَالْفِضَّة (فَلَا تُفَارِقهُ) وبينكما لبس ". وَفِي هَذَا دلَالَة على أَنَّهُمَا كَانَا يحددان العقد على الدَّرَاهِم بِالدَّنَانِيرِ حَتَّى اعْتبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهِ حكم الصّرْف، فَلم يجز العقد إِلَّا بعد التَّقَابُض فِي الْمجْلس. وَهَذِه الْأَحَادِيث وَردت فِي بيع الْإِبِل بِالدَّرَاهِمِ أَو الدَّنَانِير فِي الذِّمَّة، وَلذَلِك) جَازَ أَخذ الْعِوَض عَنْهَا؛ لاستقرارها فِي الذِّمَّة. والْحَدِيث مَشْكُوك فِي رَفعه رَوَاهُ جمَاعَة غير سماك مَوْقُوفا على ابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (91) : وَبيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ غير جَائِز. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يجوز ". دليلنا مَا رُوِيَ عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع شَاة بِاللَّحْمِ ".

نهى عن بيع اللحم بالحيوان ورواه يزيد بن مروان عن مالك عن الزهري عن سهل بن سعد عن النبي

قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، وَشَاهده مُرْسل ". وَرَوَاهُ مَالك فِي الْمُوَطَّأ عَن زيد بن أسلم عَن سعيد بن الْمسيب: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع اللَّحْم بِالْحَيَوَانِ ". وَرَوَاهُ يزِيد بن مَرْوَان عَن مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن سهل بن سعد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ بَاطِل؛ إِنَّمَا هُوَ عَن مَالك عَن زيد عَن سعيد مُرْسلا. وروى مَالك عَن دَاوُد بن الْحصين أَنه سمع سعيد بن الْمسيب يَقُول: " كَانَ من ميسر أهل الْجَاهِلِيَّة بيع اللَّحْم بِالشَّاة والشاتين ". قَالَ أَبُو الزِّنَاد: " وَكَانَ / من أدْركْت من النَّاس ينهون عَن بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ، وَكَانَ ذَاك يكْتب فِي عهد الْعمَّال فِي زمَان أبان بن عُثْمَان وَهِشَام بن إِسْمَاعِيل، ينهون عَنهُ ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مُسلم عَن ابْن جريج عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة قَالَ: " قدمت الْمَدِينَة فَوجدت جزوراً قد

نهى أن يباع حي بميت قال فسألت عن ذلك الرجل فأخبرت عنه خيرا وعن ابن أبي يحيى عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كره بيع الحيوان باللحم والله أعلم

جزرت، فجزيت أَرْبَعَة أَجزَاء كل جُزْء مِنْهَا يُضَاف، فَأَرَدْت أَن ابْتَاعَ مِنْهَا جُزْءا، فَقَالَ لي رجل من أهل الْمَدِينَة إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى أَن يُبَاع حَيّ بميت، قَالَ: فَسَأَلت عَن ذَلِك الرجل فَأخْبرت عَنهُ خيرا ". وَعَن ابْن أبي يحيى عَن صَالح مولى التَّوْأَمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - " أَنه كره بيع الْحَيَوَان بِاللَّحْمِ ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (92) : وَإِذا اشْترى نخيلاً مثمرة، وَلم تكن مؤبرة كَانَ الثَّمر للْمُشْتَرِي بِغَيْر شَرط. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " الثَّمَرَة

قال من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع اتفقا على صحته قال الشافعي رحمه الله فإذا جعل النبي

للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع ". دليلنا حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من بَاعَ نخلا قد أبرت فثمرتها للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع "، اتفقَا على صِحَّته. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " فَإِذا جعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الإبار حدا لملك البَائِع، فقد جعل مَا قبله حدا لملك المُشْتَرِي ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (93) : وَبيع الثِّمَار قبل بَدو صَلَاحهَا غير جَائِز إِلَّا بِشَرْط الْقطع. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يَصح مُطلقًا، ثمَّ يُؤْخَذ للْمُشْتَرِي بِالْقطعِ ". عِنْد البُخَارِيّ، وَمُسلم - وَاللَّفْظ لَهُ - عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا، نهى البَائِع والمبتاع ". وَعِنْدَهُمَا عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع الثِّمَار حَتَّى تزهى، فَقيل: يَا رَسُول الله، وَمَا تزهى؟ قَالَ:

أرأيت إذا منع الله الثمرة فبم يأخذ أحدكم مال أخيه وعند البخاري عن جابر رضي الله عنه نهى رسول الله

حَتَّى تحمر، وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرَأَيْت إِذا منع الله الثَّمَرَة فَبِمَ يَأْخُذ أحدكُم مَال أَخِيه؟ " وَعند البُخَارِيّ عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ -: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تبَاع الثَّمَرَة حَتَّى تشقح، قيل: وَمَا تشقح؟ قَالَ: تحمار، أَو تصفار، ويؤكل مِنْهَا ". وَعند مُسلم عَنهُ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْمُزَابَنَة، والمحاقلة، وَالْمُخَابَرَة، وَعَن بيع الثَّمَرَة حَتَّى تشقح ". وَعِنْدهَا - وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ - عَن شُعْبَة، قَالَ: " عَمْرو أَخْبرنِي عَن أبي البخْترِي، قَالَ: سَأَلت ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن السّلم فِي النّخل، قَالَ: نهى عَن بيع النّخل حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا، قَالَ: فَسَأَلت ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -، فَقَالَ: نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع النّخل حَتَّى يَأْكُل مِنْهُ، أَو يُؤْكَل، وَحَتَّى يُوزن، قَالَ شُعْبَة: فَقلت لرجل فِي الْحلقَة مَا يُوزن؟ قَالَ: يحزر ". قَول ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " نهى "، يَعْنِي بِهِ عمر - رَضِي الله عَنهُ - فقد بَينه غَيره. وَعند مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ، قَالَ:

لا تبيعوا الثمار حتى تبدو صلاحها وروي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تَبِيعُوا الثِّمَار حَتَّى تبدو صَلَاحهَا ". وَرُوِيَ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع الْحبّ حَتَّى تشتد، وَعَن بيع الْعِنَب حَتَّى يسود، وَعَن بيع التَّمْر حَتَّى يحمر ويصفر "، قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن سُفْيَان عَن عَمْرو عَن طَاوس: سمع ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - يَقُول: " لَا يُبَاع الثَّمر حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا "، وَسَمعنَا ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - يَقُول: " لَا يُبَاع الثَّمر حَتَّى يطعم ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (94) : وَلَا بجوز بيع الْحِنْطَة فِي سنبلها بِالشَّعِيرِ، وَلَا بِالدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِير فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يجوز ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن

نهى عن بيع الغرر وعن بيع الحصاة أخرجه مسلم في الصحيح وروى الثقات عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع الْغرَر، وَعَن بيع الْحَصَاة "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وروى الثِّقَات عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى أَن تبَاع الثَّمَرَة حَتَّى يتَبَيَّن صَلَاحهَا، تصفر، أَو تحمر، وَعَن بيع الْعِنَب حَتَّى يسود، وَعَن بيع الْحبّ حَتَّى يفرك ". قَالَ الرّبيع: " قلت للشَّافِعِيّ - رَحمَه الله - إِن عَليّ بن معبد أخبرنَا بِإِسْنَاد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّه أجَاز بيع الْقَمْح فِي سنبله إِذا أَبيض "، فَقَالَ: " أما هَذَا فغرر؛ لِأَنَّهُ يحول دونه، فَلَا يرى، فَإِن ثَبت الْخَبَر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْنَا بِهِ، وَكَانَ خَاصّا مستخرجاً من عَام، كَمَا أجزنا بيع الصُّبْرَة بَعْضهَا فَوق بعض "، يَعْنِي وَهِي غرر، فَلَمَّا أجازها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أجزناها كَمَا أجازها، وَكَانَ خَاصّا مستخرجاً من عَام؛ لِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع الْغرَر، وَأَجَازَ هَذَا، وَكَذَلِكَ أجَاز بيع الشّقص من الدَّار، وَجعل لصَاحِبهَا الشُّفْعَة، وَأَن كَانَ الأساس فِيهَا مغيباً، وخشباً فِي الْحَائِط لَا يرى، فَلَمَّا أجَاز ذَلِك أجزناه كَمَا أجَازه، وَإِن كَانَ فِيهِ غرر، وَكَانَ خَاصّا مستخرجاً من عَام ". روى أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله

نهى عن بيع النخل حتى تزهو وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة أخرجه مسلم في الصحيح عن علي بن حجر عن ابن علية عنه ذكر السنبل في هذا الحديث مما تفرد به أيوب فقد رواه كافة أصحاب نافع عنه دونه ورواه سالم عن ابن عمر رضي الله

عَنْهُمَا -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع النّخل حَتَّى تزهو، وَعَن السنبل حَتَّى يبيض، ويأمن العاهة "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح عَن عَليّ بن حجر عَن ابْن علية عَنهُ. ذكر السنبل فِي هَذَا الحَدِيث مِمَّا تفرد بِهِ أَيُّوب؛ فقد رَوَاهُ كَافَّة أَصْحَاب نَافِع عَنهُ دونه، وَرَوَاهُ سَالم عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - دونه. وروى حَدِيث النَّهْي عَن بيع الثِّمَار حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا جمَاعَة من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سوى ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - لم يذكر أحد مِنْهُم مَا روى أَيُّوب إِلَّا مَا روينَا عَن عباد بن سَلمَة عَن حميد عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّهْي عَن بيع الْحبّ حَنى يشْتَد، وَفِي رِوَايَة حَتَّى يفرك، فَإِن كَانَ بخفض الرَّاء فَهُوَ كَقَوْلِه " حَتَّى: تشتد "، وَيكون مُوَافقا لرِوَايَة أَيُّوب، وَإِن كَانَ (يفرك) بِنصب الرَّاء اقْتضى تنقيته عَن السنبل، وَالْأَشْبَه أَن يكون بالخفض؛ لرِوَايَة من رَوَاهُ " حَتَّى يشْتَد ". وَرَوَاهُ أَيْضا أبان بن أبي عَيَّاش عَن أنس، رَضِي الله عَنهُ، وَأَبَان مَتْرُوك، وَرُوِيَ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - مَوْقُوفا عَلَيْهِ من رِوَايَة ابْن أبي شيبَة. وَالله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (95) : لم يذكرهَا الإِمَام - وَإِذا بَاعَ ثَمَرَة بعد بَدو الصّلاح فِيهَا، فأصابتها جَائِحَة بعد التَّسْلِيم، فقد قَالَ - فِي الْقَدِيم - تُوضَع الْجَائِحَة، وَأَشَارَ - فِي الْجَدِيد - إِلَى قَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا تُوضَع، وَتَكون من مَال المُشْتَرِي. فَوجه قَوْلنَا " تُوضَع، وَتَكون من مَال البَائِع " حَدِيث جَابر - رَضِي الله عَنهُ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَو بِعْت من أَخِيك تمراًُ، فأصابته جَائِحَة، فَلَا تحل لَك أَن تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا، بِمَ تَأْخُذ مَال أَخِيك بِغَيْر حق؟ " أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن سُفْيَان عَن حميد عَن سُلَيْمَان عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع السنين، وَأمر بِوَضْع الْجَائِحَة "، أخرج مُسلم نَهْيه عَن بيع السنين.

مثله ووجه قولنا لا توضع الجائحة وتكون من مال المشتري حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال أصيب رجل في عهد رسول الله

(عَن ابْن أبي شيبَة وَغَيره عَن سُفْيَان: وَأمره بِوَضْع الجوائح ") ، عَن بشر بن الحكم عَن سُفْيَان. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " سَمِعت سُفْيَان يحدث هَذَا الحَدِيث كثيرا مَا لَا أحصي من كثرته، لَا يذكر فِيهِ: (أَمر بِوَضْع الجوائح) ، ثمَّ زَاد بعد ذَلِك (وَأمر بِوَضْع الجوائح) ". قَالَ سُفْيَان: " وَكَانَ حميد يذكر بعد مَعَ (السنين) كلَاما قبل (وضع الجوائح) ، لَا أحفظه، وَكنت أكف (عَن وضع الجوائح) ، لِأَنِّي لَا أَدْرِي كَيفَ كَانَ الْكَلَام؟ ، وَفِي الحَدِيث أَمر بِوَضْع الجوائح ". قَالَ الشَّافِعِي: " أخبرنَا سُفْيَان عَن أبي الزبير عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله ". وَوجه قَوْلنَا: " لَا تُوضَع الْجَائِحَة وَتَكون من مَال المُشْتَرِي " حَدِيث أبي سعيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أُصِيب رجل فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ثمار ابتاعها؛ فَكثر دينه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تصدقوا عَلَيْهِ، فتصدقوا عَلَيْهِ، فَلم يبلغ ذَلِك وَفَاء دينه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خُذُوا مَا وجدْتُم، وَلَيْسَ لكم إِلَّا

فعالجه وأقام عليه حتى تبين له النقصان فسأل رب الحائط أن يضع فحلف ألا يفعل فذهبت أم المشتري إلى رسول الله

ذَلِك "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح، وَلَو كَانَت الْجَائِحَة مَوْضُوعَة لما كَانَ لِلْأَمْرِ بالتصدق عَلَيْهِ، وَصَرفه ذَلِك فِيهِ معنى. وَيحْتَمل غير ذَلِك، وَهُوَ جَوَاز كَون الدُّيُون عَلَيْهِ من غير جِهَة مَا ابتاعه. وَحَدِيث أبي الزبير عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - صَرِيح فِي وضع الْجَائِحَة، وَالله أعلم. روى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن أبي الرِّجَال عَن أمه عمْرَة أَنه سَمعهَا تَقول: " ابْتَاعَ رجل ثَمَر حَائِط فِي زمَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعالجه، وَأقَام عَلَيْهِ حَتَّى تبين لَهُ النُّقْصَان، فَسَأَلَ رب الْحَائِط أَن يضع، فَحلف أَلا يفعل، فَذَهَبت أم المُشْتَرِي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

تألى أن لا يفعل خيرا فسمع بذلك رب المال فأتى إلى رسول الله

فَذكرت لَهُ ذَلِك، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تألى أَن لَا يفعل خيرا، فَسمع بذلك رب المَال، فَأتى إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا رَسُول الله هُوَ لَهُ ". هَذَا مُرْسل، وَقد أسْندهُ ابْن أبي الرِّجَال - وَلَا أَحْسبهُ إِلَّا حَارِثَة بن أبي الرِّجَال - عَن أَبِيه عَن أمه عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، وحارثة ضَعِيف الحَدِيث. وأسنده يحيى بن سعيد عَن أبي الرِّجَال إِلَّا أَنه مُخْتَصر، لَيْسَ فِيهِ ذكر الثَّمر، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن ابْن أبي أويس عَن

صوت خصوم بالباب عالية أصواتهم وإذا أحدهم يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء وهو يقول والله لا أفعل فخرج النبي

أَخِيه عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن يحيى عَن أبي الرِّجَال عَن عمْرَة عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا. وَأخرجه مُسلم (أَيْضا) ، فَقَالَ: " حَدثنِي غير وَاحِد من أَصْحَابنَا، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس - بِالْإِسْنَادِ - عَنْهَا، سمع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَوت خصوم بِالْبَابِ، عالية أَصْوَاتهم، وَإِذا أحدهم يستوضع الآخر، ويسترفقه فِي شَيْء، وَهُوَ يَقُول: وَالله لَا أفعل، فَخرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: أَيْن المتألي على الله، لَا يفعل الْمَعْرُوف؟ فَقَالَ: (أَنا) يَا رَسُول الله، فَلهُ (أَي ذَلِك) أحب وَالله أعلم. / مَسْأَلَة (96) : وَيجوز بيع الْعرية بِخرْصِهَا تَمرا فِي دون خَمْسَة أوسق. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". لنا حَدِيث ابْن عمر عَن زيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنْهُم -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رخص لصَاحب الْعرية أَن يَبِيعهَا (بِخرْصِهَا من التَّمْر "، كَذَا عِنْد مُسلم، وَعند البُخَارِيّ - رَحمَه الله -: " رخص

أن تباع العرايا بخرصها تمرا وروى الزهري عن سالم عن أبيه عن رسول الله

لصَاحب الْعرية أَن يَبِيعهَا) بِخرْصِهَا "، وَفِي رِوَايَة: " رخص رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تبَاع الْعَرَايَا بِخرْصِهَا تَمرا ". وروى الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا تَبِيعُوا الثَّمر حَتَّى تبدو صَلَاحه، وَلَا تَبِيعُوا التَّمْر بِالتَّمْرِ ". وَعنهُ عَن أَبِيه عَن زيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه رخص بعد ذَلِك فِي الْعرية بالرطب، أَو التَّمْر، وَلم يرخص فِي غير ذَلِك "، أخرجه البُخَارِيّ، وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَفِيه الْبَيَان الْوَاضِح أَن الرُّخْصَة فِي بيع الْعَرَايَا كَانَت بعد تَحْرِيم الرِّبَا، وَيدل على ذَلِك حَدِيث سهل بن أبي خَيْثَمَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي الصَّحِيح أَيْضا عِنْدهمَا: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن بيع التَّمْر بِالتَّمْرِ، إِلَّا أَنه رخص فِي الْعرية أَن تبَاع بِخرْصِهَا تَمرا يأكلها أَهلهَا رطبا ".

نهى أن يباع التمر بالتمر قال ذلك الربا ذلك المزابنة إلا أنه أرخص في بيع العرية النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا وعندهما عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله

وَفِي رِوَايَة عَن مُسلم: " أَن رَسُول الله - 0 - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى أَن يُبَاع التَّمْر بِالتَّمْرِ، قَالَ: ذَلِك الرِّبَا، ذَلِك الْمُزَابَنَة إِلَّا أَنه أرخص فِي بيع الْعرية النَّخْلَة، والنخلتين يَأْخُذهَا أهل الْبَيْت بِخرْصِهَا تَمرا يأكلونها رطبا ". وَعِنْدَهُمَا عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن الْمُزَابَنَة - والمزابنة: التَّمْر بِالتَّمْرِ - إِلَّا أَنه رخص فِي الْعَرَايَا ". وَعِنْدَهُمَا عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رخص فِي الْعَرَايَا مَا دون خَمْسَة أوسق، أَو فِي خَمْسَة أوسق "، شكّ دَاوُد بن الْحصين. وروى (عَن) مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر عَن زيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنْهُم -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرخص فِي الْعَرَايَا أَن تبَاع بِخرْصِهَا كَيْلا "، قَالَ مُوسَى: " الْعَرَايَا: نخلات مَعْلُومَات تأتيها فتشتريها "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وروى يحيى بن سعيد عَن نَافِع عَن عبد الله عَن زيد -

أرخص في العرايا بخرصها تمرا قال يحيى العرية أن يشتري الرجل تمرا لنخلات لطعام أهله رطبا بخرصها تمرا والله أعلم

رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرخص فِي الْعَرَايَا بِخرْصِهَا تَمرا ". قَالَ يحيى: " الْعرية: أَن يَشْتَرِي الرجل تَمرا لنخلات لطعام أَهله رطبا بِخرْصِهَا (تَمرا) ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (97) : وَبيع الْعقار قبل الْقَبْض غير جَائِز. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه جَائِز ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن حَكِيم بن حزَام - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أَشْتَرِي بيوعاً، فَمَا يحل لي مِمَّا يحرم عَليّ؟ ، فَقَالَ: إِذا بِعْت بيعا فَلَا تبعه حَتَّى تقبضه ". وَفِي رِوَايَة أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله إِنِّي أَشْتَرِي هَذِه الْبيُوع فَمَا يحل لي مِنْهَا؟ ، وَمَا يحرم عَليّ؟ "، قَالَ: " يَا ابْن أخي، إِذا اشْتريت بيعا، فَلَا تبعه حَتَّى تقبضه ". وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث

لعتاب بن أسيد إني بعثتك إلى أهل الله وأهل مكة فانههم عن بيع ما لم يقبضوا أو ربح ما لم يضمنوا وعن قرض وبيع وعن شرطين في بيع وعن بيع وسلف تفرد به يحيى بن صالح وروى الشافعي عن سفيان عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن

عتاب بن أسيد، فَنهى عَن شرطين، وَعَن سلف وَبيع، وَعَن بيع مَا لَيْسَ عنْدك، وَعَن ربح مَا لم يضمن ". وَعَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعتاب بن أسيد: " إِنِّي بَعَثْتُك إِلَى أهل الله، وَأهل مَكَّة، فانههم عَن بيع مَا لم يقبضوا، أَو ربح مَا لم يضمنوا، وَعَن قرض وَبيع، وَعَن شرطين فِي بيع، وَعَن بيع وَسلف "، تفرد بِهِ يحيى بن صَالح. وروى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " أما الَّذِي فَقَالَ: " أما الَّذِي نهى عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهُوَ الطَّعَام أَن يُبَاع حَتَّى يَسْتَوْفِي ". وَقَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا، بِرَأْيهِ -: " وَلَا أَحسب كل شَيْء إِلَّا مثله "، أخرجه البُخَارِيّ، وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَالله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أعلم. مَسْأَلَة (98) : والتخلية فِيمَا ينْقل ويحول لَيْسَ بِقَبض، يَصح بهَا بيع المُشْتَرِي. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " إِنَّهَا قبض ".

قال من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يستوفيه أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وعند مسلم عنه قال كنا في زمان رسول الله

لنا حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من ابْتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِيعهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيه "، أخرجه البُخَارِيّ، وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَعند مُسلم عَنهُ، قَالَ: " كُنَّا فِي زمَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نبتاع طَعَاما، فيبعث علينا من يَأْمُرنَا بانتقاله من الْمَكَان الَّذِي ابتعناه إِلَى مَكَان سواهُ قبل أَن نبيعه ". وَعِنْدَهُمَا: " أَنهم كَانُوا يضْربُونَ على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا اشْتَروا الطَّعَام (جزَافا) أَن يبيعوه فِي مَكَانَهُ حَتَّى يحولوه ". وَعند أبي دَاوُد عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من ابْتَاعَ (طَعَاما) فَلَا يَبِيعهُ حَتَّى يكتاله "، قلت لِابْنِ عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - لم؟ قَالَ: أَلا ترى أَنهم يبتاعون بِالذَّهَب، وَالطَّعَام (مزجا) ". وروى سُلَيْمَان بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ لمروان: " أحللت بيع الصكاك، وَقد نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / عَن بيع

يقول إذا ابتعت طعاما فلا تبيعه حتى تستوفيه والله أعلم

الطَّعَام قبل أَن يسْتَوْفى؟ ، قَالَ: فَخَطب مَرْوَان، فَنهى عَن بَيْعه، فَرَأَيْت الحرس يأخذونه من أَيدي النَّاس "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَعِنْده عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ -: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا ابتعت طَعَاما فَلَا تبيعه حَتَّى تستوفيه ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (99) : وَمن اشْترى شَاة، فَوَجَدَهَا مصراة، كَانَ لَهُ ردهَا بعد مَا حلبها، وَبرد مَعهَا صَاعا من تمر. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يرجع بِأَرْش عيب التصرية، وَلَا يرد ". لنا حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يتلَقَّى الركْبَان للْبيع، وَلَا يبع بَعْضكُم على بيع بعض، وَلَا تناجشوا، وَلَا يبع حَاضر لباد، وَلَا تصروا الْإِبِل وَالْغنم، فَمن ابتاعها بعد ذَلِك، فَهُوَ بِخَير النظرين بعد أَن يحلبها، فَإِن رضيها أمْسكهَا، وَإِن سخطها ردهَا وصاعاً من تمر "، أخرج البُخَارِيّ وَمُسلم حَدِيث التصرية، وَلم يخرجَا مَا قبله فِيهِ.

عن تلقي الركبان أو كما قال أخرجه البخاري في الصحيح وقد روي مرفوعا والصحيح أنه هكذا وروي في ذلك أحاديث وفي بعضها قال ردها معها مثل أو مثلي لبنها قمحا ومن روى التمر أكثر وأحفظ فهو أولى على أن من أصحابنا

وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - من قَوْله، وَلَا يعلم لَهُ مُخَالفا من الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، قَالَ: " من اشْترى محفلة فَردهَا، فليرد مَعهَا صَاعا، "، قَالَ: " وَنهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن تلقي الركْبَان "، أَو كَمَا قَالَ، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، وَقد رُوِيَ مَرْفُوعا، وَالصَّحِيح أَنه هَكَذَا. وَرُوِيَ فِي ذَلِك أَحَادِيث، وَفِي بَعْضهَا قَالَ: " ردهَا مَعهَا مثل، أَو مثلي لَبنهَا قمحاً ". وَمن روى التَّمْر أَكثر وأحفظ، فَهُوَ أولى، على أَن من أَصْحَابنَا من حمله على مَوضِع لَا يُوجد فِيهِ التَّمْر؛ فَيرد حِينَئِذٍ الْقَمْح. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (100) : وَإِن اشْترى مَاشِيَة فنتجت فِي يَده، أَو أشجاراً فأثمرت، ثمَّ ظهر مِنْهَا على عيب، فَلهُ أَن يردهَا بِالْعَيْبِ، وَيكون النِّتَاج، وَالثَّمَرَة لَهُ، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَهُ أرش الْعَيْب، وَلَيْسَ لَهُ الرَّد ".

قضى أن الخراج بالضمان قال الشافعي رحمه الله أخبرني من لا أتهم عن ابن أبي ذئب قال أخبرني مخلد بن خفاف قال ابتعت غلاما فاستعملته ثم ظهرت منه على عيب فخاصمت فيه إلى عمر بن عبد العزيز

وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا روى ابْن أبي ذِئْب عَن مخلد بن خفاف الْغِفَارِيّ، قَالَ: " خَاصَمت إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز فِي عبد دلّس لنا، فأصبنا من غَلَّته، وَعِنْده عُرْوَة بن الزبير، فحدثه عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى أَن الْخراج بِالضَّمَانِ ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أَخْبرنِي من لَا أتهم عَن ابْن أبي ذِئْب، قَالَ: أَخْبرنِي مخلد بن خفاف، قَالَ: ابتعت غُلَاما فاستعملته، ثمَّ ظَهرت مِنْهُ على عيب، فخاصمت فِيهِ إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز،

قضى في مثل هذا أن الخراج بالضمان فعجلت إلى عمر فأخبرته ما أخبرني عروة عن عائشة عن رسول الله

فَقضى لي برده وَقضى علتي برد غَلَّته، فَأتيت عُرْوَة، فَأَخْبَرته، فَقَالَ: أروح إِلَيْهِ العشية، فَأخْبرهُ أَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَخْبَرتنِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى فِي مثل هَذَا أَن الْخراج بِالضَّمَانِ، فعجلت إِلَى عمر، فَأَخْبَرته مَا أَخْبرنِي عُرْوَة عَن عَائِشَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ عمر: فَمَا أيسر عَليّ من قَضَاء قَضيته، الله يعلم أَنِّي لم أرد فِيهِ إِلَّا بِالْحَقِّ، فبلغني فِيهِ سنة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؛ فأرد قَضَاء عمر، أنفذ سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فراح إِلَيْهِ عُرْوَة، فَقضى لي أَن آخذ الْخراج من الَّذِي قضى بِهِ عَليّ لَهُ ". وَرَوَاهُ يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن ابْن أبي ذِئْب مُخْتَصرا، وَقد سرني ذَلِك حِين وجدته؛ لِأَن يحيى بن سعيد الإِمَام - رَحمَه الله تَعَالَى - لَا يروي إِلَّا حَدِيث الثِّقَات، وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْريّ، وَابْن الْمُبَارك، وَجَمَاعَة عَن ابْن أبي ذِئْب. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أخبرنَا مُسلم بن خَالِد عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الْخراج بِالضَّمَانِ ". وَرُوِيَ عَن مُسلم بن خَالِد عَن هِشَام عَن أَبِيه: " أَن رجلا اشْترى من رجل غُلَاما فِي زمَان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَانَ (عِنْده) مَا شَاءَ الله، ثمَّ رده من عيب وجد بِهِ، فَقَالَ الرجل حِين رد عَلَيْهِ الْغُلَام: يَا رَسُول الله إِنَّه (كَانَ) استغل غلامي مُنْذُ كَانَ عِنْده، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخراج

الغلة بالضمان قال أبو عبد الله هذا حديث صحيح الإسناد قال الدارمي قلت ليحيى بن معين فالزنجي يعني مسلم بن خالد فقال ثقة وقد رواه أبو عيسى الترمذي عن أبي سلمة يحيى بن خلف البصري عن عمر بن علي المقدمي عن

بِالضَّمَانِ ". وَرُوِيَ بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ إِلَّا أَنه قَالَ: " فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْغلَّة بِالضَّمَانِ ". قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد ". قَالَ الدَّارمِيّ: " قلت ليحيى بن معِين فالزنجي؟ - يَعْنِي مُسلم بن خَالِد - فَقَالَ: ثِقَة ". وَقد رَوَاهُ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ عَن أبي سَلمَة يحيى بن خلف الْبَصْرِيّ عَن عمر بن عَليّ الْمقدمِي عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْخراج بِالضَّمَانِ "، وَعمر بن عَليّ ثِقَة لَا شكّ فِيهِ. وَرُوِيَ عَن مُصعب بن إِبْرَاهِيم عَن ابْن جريج عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: " أَن رَسُول الله / - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى أَن الْخراج بِالضَّمَانِ ".

مسألة

قَالَ أَبُو عَليّ الْحَافِظ: " مُصعب هَذَا من أهل الرقة، لم يحدث بِهِ عَن ابْن جريج غَيره، وَلَا يعرف هَذَا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة، وَإِنَّمَا يرويهِ عَن عُرْوَة مخلد بن خفاف وَهِشَام بن عُرْوَة من رِوَايَة مُسلم بن خَالِد الزنْجِي، وَعمر بن عَليّ الْمقدمِي، وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَب عَن شُرَيْح القَاضِي ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (101) : وَإِذا اشْترى أمة ثَيِّبًا وَوَطئهَا، ثمَّ وجد بهَا عَيْبا، كَانَ لَهُ أَن يردهَا بِالْعَيْبِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَيْسَ لَهُ ردهَا ". وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْمعَانِي، وعَلى أَن فسخ البيع قطع لَهُ من وقته، وَلَيْسَ بِرَفْع لَهُ من أَصله، وَمَا استدللنا بِهِ فِي الْمَسْأَلَة الأولى دَلِيل على أَنه قطع لَهُ من وقته. وَرُوِيَ عَن يحيى بن سعيد عَن جَعْفَر: حَدثنِي أبي عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -: فِي رجل اشْترى جَارِيَة،

فَوَطِئَهَا، فَوجدَ بهَا عَيْبا، قَالَ: " لَزِمته، وَيرد البَائِع مَا بَين الصِّحَّة والداء، وَإِن لم يكن وَطئهَا ردهَا ". كَذَا رَوَاهُ سُلَيْمَان الثَّوْريّ، وَحَفْص بن غياث عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد، وَهُوَ مُرْسل؛ فَإِن عَليّ بن حُسَيْن لم يدْرك جده عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله عَنهُ، وَقد وَصله مُسلم بن خَالِد الزنْجِي عَن عَليّ بن الْحُسَيْن عَن الْحُسَيْن بن عَليّ عَن أَبِيه، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَإِن كُنَّا نروي حَدِيثه على طَرِيق الاستشهاد، فَهُوَ بَين قبُول ورد، قبله بعض الْمُحدثين، ورده بَعضهم، وَالله أعلم. وَرَوَاهُ جُوَيْبِر - وَهُوَ ضَعِيف - عَن الضَّحَّاك عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَهُوَ مُرْسل، وَلَيْسَ فِي وَاحِد مِنْهُمَا ذكر الثّيّب، والبكارة، وَإِنَّمَا هُوَ مُطلق، فافهمه. وَرُوِيَ عَن شريك عَن جَابر عَن عَامر عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - فِي رجل اشْترى جَارِيَة، فيطؤها، ثمَّ يظْهر مِنْهَا على عيب، قَالَ: " إِن كَانَت ثَيِّبًا، رد مَعهَا نصف الْعشْر، وَإِن كَانَت بكرا رد الْعشْر ".

أنه قال الخراج بالضمان ويخالف في البكر بالإجماع وبما روينا عن علي رضي الله عنه وقول علي رضي الله عنه عندنا هو في البكر لئلا يكون مخالفا لما روينا من السنة وافتضاض البكر نقصان أدخله فيما اشتراه فيمنعه ذلك من

قَالَ عَليّ بن عمر: " هَذَا مُرْسل، عَامر لم يدْرك عمر، رَضِي الله عَنهُ، هَذَا لَا يثبت؛ فَإِن الشّعبِيّ عَن عمر مُرْسل، وَجَابِر الْجعْفِيّ ضَعِيف. وَمَا قَالَ إِن كَانَ قد قَالَه فِي رد الثّيّب يُوَافق قَوْلنَا، وَيُخَالف فِي (رد نصف الْعشْر؛ لما روينَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: الْخراج بِالضَّمَانِ، وَيُخَالف فِي) الْبكر بِالْإِجْمَاع، وَبِمَا روينَا عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ ". وَقَول عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - عندنَا هُوَ فِي الْبكر؛ لِئَلَّا يكون مُخَالفا لما روينَا من السّنة، وافتضاض الْبكر نُقْصَان أدخلهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ؛ فيمنعه ذَلِك من الرَّد بِالْعَيْبِ، فَيرجع بِأَرْش الْعَيْب، وَوَطْء الثّيّب لَيْسَ بِنُقْصَان، إِنَّمَا هُوَ أَخذ مَنْفَعَة، فَهُوَ كاستخدام، فيردها بِالْعَيْبِ، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (102) : وَيملك العَبْد بالتمليك على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه لَا يملك "، وَهُوَ ظَاهر الْمَذْهَب. فِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن

قال من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع وفي حديث سلمان رضي الله عنه أنه جاءه

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من بَاعَ عبدا، وَله مَال، فَمَاله للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع ". وَفِي حَدِيث سلمَان رَضِي الله عَنهُ - " أَنه جَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - برطب، أَو تمر، فَلم يَأْكُل حِين أخبرهُ أَنه صدقه، وَحين أخْبرته أَنه هَدِيَّة قبل ". قَالَ أَبُو عبد الله: " إِنَّه حَدِيث صَحِيح، وَفِيه أَنه سَأَلَهُ لمن هُوَ، قَالَ: لقوم، فَأمره أَن يطْلب إِلَيْهِم أَن يكاتبوه ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَنه زوج عبدا لَهُ وليدة لَهُ، فَطلقهَا، فَقَالَ: ارْجع، فَأبى، فَقَالَ: هِيَ لَك، طَأْهَا بِملك الْيَمين ". وَعَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: ط لَيْسَ فِي مَال العَبْد زَكَاة حَتَّى يعْتق ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (103) : وَإِذا بَاعَ حَيَوَانا بِشَرْط الْبَرَاءَة برِئ من كل عيب لم يُعلمهُ، وَلَا يبرأ من عيب علمه وَلم يسمه لَهُ، على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو

حنيفَة - رَحمَه الله -: " برِئ من كل عيب كَانَ مَوْجُودا عِنْد العقد، علم بِهِ، أَو لم يعلم ". وَدَلِيلنَا مَا روى (مَالك عَن يحيى عَن سَالم) " أَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - بَاعَ غُلَاما لَهُ بثمان مائَة دِرْهَم، وَبَاعه بِالْبَرَاءَةِ، فَقَالَ الَّذِي ابتاعه لعبد الله بن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا،: بالغلام دَاء لم تسمه؛ فاختصما إِلَى عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله عَنهُ، فَقَالَ الرجل: بَاعَنِي عبدا، وَبِه دَاء، وَلم يسمه لي، فَقَالَ عبد الله بن عمر: بِعته بِالْبَرَاءَةِ، فَقضى عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - على عبد الله بن عمر بِالْيَمِينِ أَن يحلف لَهُ، لقد بَاعه الْغُلَام وَمَا بِهِ دَاء يُعلمهُ، فَأبى عبد الله أَن يحلف لَهُ، وارتجع العَبْد، فَبَاعَهُ عبد الله بن عمر بعد ذَلِك بِأَلف وَخمْس مائَة دِرْهَم ". قَالَ مَالك - رَحمَه الله تَعَالَى -: " الْأَمر الْمُجْتَمع عَلَيْهِ عندنَا أَن من بَاعَ عبدا، أَو وليدة، أَو حَيَوَانا بِالْبَرَاءَةِ، فقد برِئ من كل عيب إِلَّا أَن يكون علم فِي ذَلِك عَيْبا، فَإِن كَانَ علم عَيْبا، فكتمه، لم يَنْفَعهُ تبرئته، وَكَانَ مَا بَاعَ مردوداً عَلَيْهِ ". وروى شريك عَن عَاصِم عَن عبيد الله عَن عبد الله بن عَامر: " أَن

يقول المسلم أخو المسلم ولا يحل لمسلم إن باع من أخيه بيعا فيه عيب أن لا يبينه له قال أبو عبد الله هذا حديث صحيح وروي عن وائلة بن الأسقع رضي الله عنه قال سمعت رسول الله

زيد بن ثَابت و (عبد الله) بن عمر كَانَا يريان / الْبَرَاءَة من كل عيب جَائِزَة ". وَهَذَا حَدِيث قد أنكرهُ عبد الله بن الْمُبَارك، وَيحيى بن معِين على شريك، وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن عقبَة بن عَامر، قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: الْمُسلم أَخُو الْمُسلم، وَلَا يحل لمُسلم إِن بَاعَ من أَخِيه بيعا فِيهِ عيب أَن لَا يُبينهُ لَهُ "، قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وَرُوِيَ عَن وائلة بن الْأَسْقَع - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا يحل لأحد يَبِيع شَيْئا إِلَّا بَين مَا فِيهِ، وَلَا يحل لمن علم ذَلِك أَلا يُبينهُ ". وَفِي هَذَا تَنْبِيه على وُقُوع الْبَرَاءَة من عيب علمه فبينه، أَو لم يُعلمهُ، دون عيب علمه فَلم يُبينهُ، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (104) : وَإِذا بَاعَ سلْعَة بِثمن مَعْلُوم إِلَى أجل، ثمَّ اشْتَرَاهَا من المُشْتَرِي بِأَقَلّ مِنْهُ نَقْدا جَازَ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ".

إلا أن يتوب فقيل له أثبت هذا الحديث عن عائشة فقال أبو إسحاق رواه عن امرأته قيل فتعرف امرأته بشيء يثبت به حديثها فما علمته قال شيئا فقلت له ترد حديث بسرة بنت صفوان مهاجرة معروفة بالفضل أن تقول حديث امرأة وتحتج بحديث

وَقَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - " من بَاعَ سلْعَة من السّلع إِلَى أجل من الْآجَال، وَقَبضهَا المُشْتَرِي، فَلَا بَأْس أَن يَبِيعهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا بِأَقَلّ من الثّمن، أَو أَكثر وَدين، أَو نَقْدا، لِأَنَّهَا بيعَة غير الْبيعَة الأولى. وَقَالَ بعض النَّاس: " لَا يَشْتَرِيهَا البَائِع بِأَقَلّ من الثّمن، وَزعم أَن الْقيَاس بِأَن ذَلِك جَائِز، وَلكنه زعم تتبع الْأَثر، ومحمود مِنْهُ أَن يتتبع الْأَثر الصَّحِيح، فَلَمَّا سُئِلَ عَن الْأَثر إِذا هُوَ أَبُو إِسْحَاق عَن امْرَأَته غَالِيَة بنت أَيفع، أَنَّهَا دخلت مَعَ امْرَأَة أبي السّفر على عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، فَذكرت لعَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن زيد بن أَرقم بَاعَ شَيْئا إِلَى الْعَطاء، ثمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلّ مِمَّا بَاعه، فَقَالَت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا: أَخْبِرِي زيد بن أَرقم أَن الله قد أبطل جهاده مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا أَن يَتُوب "، فَقيل لَهُ: أثبت هَذَا الحَدِيث عَن عَائِشَة فَقَالَ: أَبُو إِسْحَاق: رَوَاهُ عَن امْرَأَته، قيل: فتعرف امْرَأَته بِشَيْء يثبت بِهِ حَدِيثهَا. فَمَا عَلمته قَالَ شَيْئا. فَقلت لَهُ: ترد حَدِيث بسرة بنت صَفْوَان مهاجرة مَعْرُوفَة بِالْفَضْلِ أَن تَقول: حَدِيث امْرَأَة، وتحتج بِحَدِيث امْرَأَة لَيست عنْدك مِنْهَا معرفَة أَكثر من أَن زَوجهَا روى عَنْهَا؟ ". قَالَ الرّبيع: " أخبرنَا مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم - يَعْنِي ابْن مُحَمَّد - قَالَ: سَمِعت عبد الله بن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -

مسألة

وَرجل يسْأَله عَن رجل سلف فِي سبايب - قَالَ الرّبيع: سبائك، فَأَرَادَ أَن يَبِيعهَا قبل أَن يقبضهَا، قَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: تِلْكَ الْوَرق بالورق، وَكره ذَلِك ". وَقَالَ مَالك - رَحمَه الله -: " وَذَلِكَ فِيمَا نرى - أَنه أَرَادَ أَن يَبِيعهَا من صَاحبهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِأَكْثَرَ من الثّمن الَّذِي ابتاعها بِهِ، وَلَو بَاعهَا من غير الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ، لم يكن بِبيعِهِ بَأْس ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: " إِنَّمَا أخرجت هَذَا؛ لأَنهم يَرْوُونَهُ على مَا يريدونه، وَإِنَّمَا يرْوى هَكَذَا، وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا نهى عَن ذَلِك؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ قبل الْقَبْض، وَذَلِكَ لَا يجوز، لَا من الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ، وَلَا من غَيره ". وروى سُفْيَان الثَّوْريّ عَن هِشَام عَن ابْن سِيرِين عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: أَنه سُئِلَ عَن بيع الْحَرِير، قَالَ: " وَإِيَّاك أَن تكون دَرَاهِم بِدَرَاهِم بَينهمَا حَرِير "، وَقَالَ سُفْيَان: " يَعْنِي أَن يَبِيع عشْرين دِينَارا وحريرة ثمن نصف دِينَار بِأَرْبَع وَعشْرين دِينَارا، أَو أَكثر ". وَهَذَا البيع على مَا فسره سُفْيَان غير جَائِز عندنَا؛ فَإِنَّهُ بيع ذهب وَغَيره بِذَهَب، وَذَلِكَ لَا يجوز عندنَا. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (105) : وَإِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ، والسلعة قد تلفت فِي يَد المُشْتَرِي،

قضى باليمين على المدعى عليه اتفقا على صحته وروي عن أبي العميس عن عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث بن قيس عن أبيه عن جده قال اشترى

تحَالفا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة، وَأَبُو يُوسُف - رحمهمَا الله -: " سقط التَّحَالُف، وَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي ". لنا مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِالْيَمِينِ على الْمُدعى عَلَيْهِ "، اتفقَا على صِحَّته. وَرُوِيَ عَن أبي العميس عَن عبد الرَّحْمَن بن قيس بن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث بن قيس عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: " اشْترى

يقول إذا اختلف البيعان وليس بينهما بينة فهو ما يقول رب السلعة أو يتتاركان أخرجه أبو داود في كتاب السنن وقال أبو عبد الله هذا حديث صحيح الأسناد وروى الشافعي عن سعيد بن سالم عن ابن جريج أن إسماعيل بن أمية

الْأَشْعَث بن قيس رَقِيقا من الرَّقِيق الْخمس من عبد الله بِعشْرين ألفا، فَأرْسل إِلَيْهِ عبد الله فِي ثمنهم، فَقَالَ: إِنَّمَا أخذتهم بِعشْرَة آلَاف، فَقَالَ عبد الله: فاختر رجلا يكون بيني وَبَيْنك، فَقَالَ الْأَشْعَث: أَنْت بيني وَبَين نَفسك، قَالَ عبد الله: فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا اخْتلف البيعان، وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة، فَهُوَ مَا يَقُول رب السّلْعَة، أَو يتتاركان "، أخرجه أَبُو دَاوُد فِي كتاب السّنَن. وَقَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا (حَدِيث) صَحِيح الأسناد ". وروى الشَّافِعِي عَن سعيد بن سَالم عَن ابْن جريج أَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة أخبرهُ عَن عبد الْملك بن عُمَيْر قَالَ: " حضرت أَبَا عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، وَأَتَاهُ رجلَانِ تبَايعا سلْعَة، (فَقَالَ أَحدهمَا: أخذت بِكَذَا وَكَذَا، وَقَالَ الآخر: بِعْت بِكَذَا وَكَذَا، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: (أَتَى) عبد الله بن مَسْعُود فِي مثل هَذَا) ، قَالَ حضرت

في مثل هذا فأمر للبائع أن يستخلف ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ وإن شاء ترك رواه أحمد بن حنبل عنه حديث أبي عبيدة هذا إن كان سعيد بن سالم حفظ عبد الملك بن عمير في إسناده فهو أيضا جيد لا بأس به إلا أنه مرسل أبو عبيدة لم

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مثل هَذَا فَأمر للْبَائِع / أَن يسْتَخْلف ثمَّ يُخَيّر الْمُبْتَاع، إِن شَاءَ أَخذ، وَإِن شَاءَ ترك "، رَوَاهُ أَحْمد بن حَنْبَل عَنهُ. حَدِيث أبي عُبَيْدَة هَذَا إِن كَانَ سعيد بن سَالم حفظ عبد الْملك بن عُمَيْر فِي إِسْنَاده، فَهُوَ أَيْضا جيد، لَا بَأْس بِهِ، إِلَّا أَنه مُرْسل؛ أَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه شَيْئا. رَوَاهُ ابْن عجلَان عَن عون بن عبد الله عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - نَحْو رِوَايَة أبي عُبَيْدَة، وَهُوَ أَيْضا جيد، إِلَّا أَنه مُرْسل " عون بن عبد الله لم يسمع من ابْن مَسْعُود شَيْئا ً. وَحَدِيث المَسْعُودِيّ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله

إذا اختلف البيعان ولم يكن بينهما بينة فهو بما يقول رب السلعة أو يتتاركان وكذلك رواه معن بن عبد الرحمن المسعودي عن أخيه القاسم وهو مرسل القاسم بن عبد الرحمن لم يدرك جده وقد رواه إسماعيل بن عياش عن عقبة عن محمد بن عبد

ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " بَايع (عبد الله بن الْأَشْعَث) برقيق من رَقِيق الأمارة، فَذكر الحَدِيث بِمَعْنى حَدِيث أبي العميس، فَقَالَ عبد الله: أما وَالله لأقضين بيني وَبَيْنك بِقَضَاء سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا اخْتلف البيعان، وَلم يكن بَينهمَا بَيِّنَة فَهُوَ بِمَا يَقُول رب السّلْعَة، أَو يتتاركان ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ معن بن عبد الرَّحْمَن المَسْعُودِيّ عَن أَخِيه الْقَاسِم وَهُوَ مُرْسل؛ الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن لم يدْرك جده. وَقد رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن عقبَة عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عبد الله قَالَ، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فِي البيع، والسلعة كَمَا هِيَ بِعَينهَا، لم تستهلك، فَالْقَوْل مَا قَالَ البَائِع، أَو يترادان البيع ". وروى عَنهُ أَيْضا بِالْإِسْنَادِ نَحْو رِوَايَة النَّاس عَن عبد الله: " إِذا اخْتلف البيعان اسْتحْلف البَائِع، وَكَانَ الْمُبْتَاع بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ، وَإِن شَاءَ ترك ".

قال وهب قال سمعت رسول الله

وَرَوَاهُ هشيم عَن ابْن أبي ليلى عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه فَذكر قصَّة الْأَشْعَث وَعبد الله، فَقَالَ عبد الله: " إِن شِئْت حدثتك بِحَدِيث سمعته من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قَالَ وهب: قَالَ: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) يَقُول: إِذا اخْتلف البيعان، وَالْبيع قَائِم بِعَيْنِه، وَلَيْسَ بَينهمَا بَيِّنَة، فَالْقَوْل مَا قَالَ البَائِع، أَو يترادان البيع "، كَذَا قَالَ: " وَالْبيع قَائِم "، وَلم يقل: " وَالْمَبِيع ". وَرَوَاهُ الْحسن بن عمَارَة عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عبد الله قَالَ، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا اخْتلف البيعان، فَالْقَوْل مَا قَالَ البَائِع، فَإِذا اسْتهْلك، فَالْقَوْل قَول مَا قَالَ المُشْتَرِي ". وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَابْن أبي ليلى، وَالْحسن بن عمَارَة كلهم ضعفاء، قد سبق ذكرهم. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (106) : وَإِذا اشْترى عبدا بِشَرْط أَن يعتقهُ صَحَّ الشِّرَاء على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يَصح ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث بَرِيرَة - رَضِي الله عَنْهَا - فِي الصَّحِيحَيْنِ.

اشترطي لهم الولاء معناه اشترطي عليهم الولاء قال الله عز وجل أولئك لهم اللعنة يعني عليه اللعنة واستقصينا هذه المسألة في الولاء والعتق والله أعلم

قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - فِي قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اشترطي: (لَهُم الْوَلَاء، مَعْنَاهُ: اشترطي) عَلَيْهِم الْوَلَاء ". قَالَ الله عز وَجل: {أُولَئِكَ لَهُم اللَّعْنَة} ، يَعْنِي: عَلَيْهِ اللَّعْنَة، واستقصينا هَذِه الْمَسْأَلَة فِي الْوَلَاء وَالْعِتْق. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (107) : وَلَا يجوز بيع مَال الْغَيْر دون إِذْنه، مَوْقُوفا على إِجَازَته. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " إِنَّه يجوز "، ووافقنا فِي الشِّرَاء للْغَيْر أَنه لَا يجوز بِغَيْر إِذْنه. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن بيع الْغرَر "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَعَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من ابْتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِيعهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيه، قَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: وأحسب أَن كل شَيْء مثله "، اتفقَا على صِحَّته.

أنه لما بعث عتاب بن أسيد إلى أهل مكة قال أخبرهم أنه لا يجوز بيعان في بيع ولا تبع ما لم تملك ولا سلف وبيع ولا شرطين في بيع وأما الحديث الذي يروي عن عروة البارقي أن النبي

وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، إِنِّي أسمع مِنْك أَشْيَاء، أَخَاف أَن أَنْسَاهَا فتأذن لي أَن أَكتبهَا؟ ، قَالَ: نعم، فَكَانَ فِيمَا كتبت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه لما بعث عتاب بن أسيد إِلَى أهل مَكَّة، قَالَ: أخْبرهُم أَنه لَا يجوز بيعان فِي بيع، وَلَا تبع مَا لم تملك، وَلَا سلف وَبيع، وَلَا شرطين فِي بيع ". وَأما الحَدِيث الَّذِي يروي عَن عُرْوَة الْبَارِقي: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعطَاهُ دِينَارا؛ ليَشْتَرِي بِهِ شَاة لأضحية، فَاشْترى شَاتين، فَبَاعَ إِحْدَاهمَا بِدِينَار، وأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِشَاة، ودينار، فَدَعَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهُ بِالْبركَةِ فِي بَيْعه، وَكَانَ لَو اشْترى التُّرَاب ربح فِيهِ ". قَالَ سُفْيَان: " كَانَ الْحسن بن عمَارَة جَاءَنَا بِهَذَا الحَدِيث عَنهُ، قَالَ: سَمعه شبيب من عُرْوَة، فَأَتَيْته فَقَالَ شبيب: إِنِّي لم أسمعهُ

يقول الخير معقود بنواصي الخيل إلى يوم القيامة والحديث الذي روي عن أبي الحصين عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم بن حزام أن رسول الله

من عُرْوَة، سَمِعت الْحَيّ يخبرونه عَنهُ، وَلَكِن سمعته يَقُول: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: الْخَيْر مَعْقُود بنواصي الْخَيل إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". والْحَدِيث / الَّذِي رُوِيَ عَن أبي الْحصين عَن شيخ من أهل الْمَدِينَة عَن حَكِيم بن حزَام: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث مَعَه بِدِينَار يَشْتَرِي لَهُ أضْحِية، فاشتراها بِدِينَار، وباعها بدينارين، فَرجع فَاشْترى أضْحِية بِدِينَار إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَتصدق بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ودعا لَهُ أَن يُبَارك لَهُ فِي تِجَارَته "، فالحي الَّذين أخبروا شبيب بن غرقدة عَن عُرْوَة الْبَارِقي لَا نعرفهم، وَالشَّيْخ الَّذِي أخبر أَبَا حُصَيْن (عَن حَكِيم) لَا نعرفه، وَلَيْسَ هَذَا من شَرط أَصْحَاب الحَدِيث فِي قبُول الْأَخْبَار. (وَالله أعلم) . مَسْأَلَة (108) : وقرض الْحَيَوَان جَائِز. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " غير جَائِز إِلَّا أَن يستقرضه للْمَسَاكِين ". عَن أبي رَافع - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

إبل قال أبو رافع فأمرني النبي

استسلف من رجل بكرا، فَقدمت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إبل، قَالَ أَبُو رَافع: فَأمرنِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أَقْْضِي الرجل بكرَة، فأبغيت فِي الْإِبِل، فَلم أجد فِيهَا إِلَّا جملاُ رباعياً، فَذكرت ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أعْطه إِيَّاه، فَإِن خير عباد الله أحْسنهم قَضَاء "، مخرج فِي صَحِيح مُسلم. وَعَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ: قَالَ " كَانَ لرجل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سنّ من الْإِبِل؛ فجَاء يتقاضاه، فَقَالَ: أَعْطوهُ، فَلم يَجدوا إِلَّا سنا فَوق سنه، فَقَالَ: أَعْطوهُ، فَقَالَ أوفيتني، أوفاك الله، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن خياركم أحسنكم قَضَاء "، اتفقَا على صِحَّته. وَعنهُ: " أَن رجلا تقاضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَغْلَظ لَهُ، فهم أَصْحَابه بِهِ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دَعوه؛ فَإِن لصَاحب الْحق مقَالا، فاشتروا لَهُ بَعِيرًا، فَأَعْطوهُ إِيَّاه، قَالُوا: لَا نجد إِلَّا أفضل من

مسألة

سنة، قَالَ: اشتروه، فَأَعْطوهُ إِيَّاه؛ فَإِن خياركم أحسنكم قَضَاء "، اتفقَا على صِحَّته. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (109) :

صفحة فارغة.

رباع (مَكَّة) مَمْلُوكَة، يَصح بيعهَا، وَالتَّصَرُّف فِيهَا كَغَيْرِهَا من الْأَرَاضِي. وَعَن أبي حنيفَة - رَحمَه الله - فِيهَا رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهمَا: مثل قَوْلنَا. وَالْأُخْرَى: أَنَّهَا لَيست مَمْلُوكَة؛ فَلَا يجوز إِجَارَتهَا، وَلَا بيعهَا. عَن ابْن شهَاب عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن أُسَامَة بن يزِيد أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، أتنزل فِي دَارك بِمَكَّة؟ قَالَ: وَهل ترك لنا عقيل من رباع، أَو دور ". وَكَانَ عقيل ورث أَبَا طَالب هُوَ وطالب، وَلم يَرِثهُ جَعْفَر، وَلَا عَليّ، رَضِي الله عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسلمين، وَكَانَ عقيل، وطالب كَافِرين؛ فَكَانَ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - من أجل ذَلِك

عام الفتح جاءه العباس بن عبد المطلب بأبي سفيان ابن حرب فأسلم بمر الظهران فقال له العباس يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فلو جعلت له شيئا قال نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن فنسب

بقول: " لَا يَرث الْمُؤمن الْكَافِر "، اتفقَا على صِحَّته. وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْفَتْح جَاءَهُ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب بِأبي سُفْيَان ابْن حَرْب، فَأسلم بمر الظهْرَان، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس: يَا رَسُول الله، إِن أَبَا سُفْيَان رجل يحب هَذَا الْفَخر، فَلَو جعلت لَهُ شَيْئا، قَالَ: نعم، من دخل دَار أبي سُفْيَان فَهُوَ آمن، وَمن أغلق بَابه فَهُوَ آمن "، فنسب الديار إِلَى أَرْبَابهَا ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله: " وَقد اشْترى عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - دَار الحجامين، وسكنها، يَعْنِي بِمَكَّة (حرسها الله تَعَالَى) . رُوِيَ عَن عَلْقَمَة بن نَضْلَة الْكِنَانِي، قَالَ: كَانَت دور مَكَّة على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأبي بكر، وَعمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - تدعى السوايب، من احْتَاجَ سكن، وَمن اسْتغنى أسكن، لَا يُبَاع وَلَا يُورث ".

مسألة

وَرُوِيَ عَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا: " مَكَّة حرَام، وَحرَام بيع رباعها، وَحرَام أجر بيوتها "، قَالَ عَليّ بن عمر: " هَذَا وهم، وَالصَّحِيح أَنه مَوْقُوف ". وَعنهُ أَنه قَالَ: " إِن الَّذِي يَأْكُل كراً بيُوت مَكَّة، إِنَّمَا يَأْكُل فِي بَطْنه نَارا ". وَعنهُ مَرْفُوعا: " مَكَّة مناخ لَا يُبَاع رباعها، وَلَا يُؤَاجر بيوتها ". وَالله تَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ. مَسْأَلَة (110) : السرجين نجس الْعين، لَا يجوز بَيْعه. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يجوز بَيْعه ".

قال ذاكرت رسول الله

رُوِيَ عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ الثَّقَفِيّ - رَضِي الله عَنهُ - صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: " ذاكرت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَشْيَاء، فَقَالَ: " كَذَا وَكَذَا حَلَال، وَكَذَا وَكَذَا حرَام، ثمَّ قَالَ: مَا حل لَك أكله وشربه، حل لَك بَيْعه وشراؤه، وَمَا حرم عَلَيْك أكله وشربه، حرم عَلَيْك بَيْعه وشراؤه ". وَفِي مَعْنَاهُ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَالِسا عِنْد الرُّكْن "، فَذكر الحَدِيث / ذَكرْنَاهُ فِي غير مَوضِع فِي السّنَن. وَكَذَلِكَ قَول عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " لَا تحل التِّجَارَة فِي شَيْء لَا يحل أكله وشربه ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (111) : وَلَا يجوز بيع الْكَلْب، وَلَا تجب قِيمَته على قَاتله. وَقَالَ

نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن اتفقا على صحته وعن عون بن أبي جحيفة قال اشترى أبي عبدا حجاما فأمر بمحاجمه فكسرت وقال إن رسول الله

أَبُو حنيفَة رَحمَه الله -: " يجوز بَيْعه، وَتجب قِيمَته على قَاتله:. وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن ثمن الْكَلْب، وَمهر الْبَغي، وحلوان الكاهن "، اتفقَا على صِحَّته. وَعَن عون بن أبي جُحَيْفَة، قَالَ: " اشْترى أبي عبدا حجاماً، فَأمر بمحاجمه فَكسرت، وَقَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن ثمن الْكَلْب، وَكسب الْبَغي، وَثمن الدَّم، وَلعن الواشمة، والمستوشمة، وآكل الرِّبَا، وموكله، وَلعن المصور "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَعَن رَافع بن خديج - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كسب الْحجام خَبِيث، وَكسب الْبَغي خَبِيث، وَثمن الْكَلْب خَبِيث "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح.

عن ثمن الكلب وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا وعنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله

وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ثمن الْكَلْب، وَإِن جَاءَ يطْلب ثمن الْكَلْب فاملأ كَفه تُرَابا ". وَعِنْده عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يحل ثمن الْكَلْب، وَلَا حلوان الكاهن، وَلَا مهر الْبَغي ". وَرُوِيَ عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ثمن الْكَلْب، والسنور ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس عَن عمر - رَضِي الله عَنْهُم -: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لعن الله الْيَهُود، حرمت عَلَيْهِم الشحوم، فجملوها، فَبَاعُوهَا ". وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - 0 جَالِسا عِنْد الرُّكْن، قَالَ: فَرفع بَصَره إِلَى السَّمَاء، فَضَحِك، فَقَالَ: لعن الله الْيَهُود ثَلَاثًا؛ إِن الله حرم عَلَيْهِم الشحوم، فَبَاعُوهَا، وأكلوا أثمانها، وَإِن الله عز وَجل إِذا حرم على قوم أكل شَيْء حرم عَلَيْهِم ثمنه ".

عن ثمن الكلب والهر إلا الكلب المعلم ورواه عبد الله بن موسى عن حماد بالشك في رفعه ورواه سويد بن عمرو عن حماد موقوفا على جابر رضي الله عنه وهو الصواب وفي الجملة لا يعارض بهذه الرواية ما روينا من الأحاديث الصحيحة

استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن الْهَيْثَم بن جميل عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عباد بن الْعَوام عَن الْحسن بن أبي جَعْفَر - كِلَاهُمَا عَن أبي الزبير. عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ثمن الْكَلْب، والهر، إِلَّا الْكَلْب الْمعلم ". وَرَوَاهُ عبد الله بن مُوسَى عَن حَمَّاد بِالشَّكِّ فِي رَفعه، وَرَوَاهُ سُوَيْد بن عَمْرو عَن حَمَّاد مَوْقُوفا على جَابر، رَضِي الله عَنهُ، وَهُوَ الصَّوَاب. وَفِي الْجُمْلَة، لَا يُعَارض بِهَذِهِ الرِّوَايَة مَا روينَا من الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة الَّتِي اتّفق عُلَمَاء أهل الحَدِيث على إخْرَاجهَا فِي المسانيد الصَّحِيحَة، وَالْحكم بثبوتها. وروى الْمثنى بن الصَّباح عَن عَطاء، قَالَ: " سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة -

ثلاث كلهن سحت كسب الحجام سحت ومهر الزانية سحت وثمن الكلب سحت إلا كلبا ضاريا وتابعه الوليد بن عبد الله بن أبي رباح عن عمه عطاء وهما ضعيفان وروي عن حماد بن سلمة عن قيس عن عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه نهى عن

رَضِي الله عَنهُ - يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث كُلهنَّ سحت، كسب الْحجام سحت، وَمهر الزَّانِيَة سحت، وَثمن الْكَلْب سحت، إِلَّا كَلْبا ضارياً "، وَتَابعه الْوَلِيد بن عبد الله بن أبي رَبَاح عَن عَمه عَطاء، وهما ضعيفان. وَرُوِيَ عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن قيس عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -: " نهى عَن مهر الْبَغي، وعسب الْفَحْل، وَعَن ثمن السنور، وَعَن الْكَلْب إِلَّا كلب صيد ". وَرِوَايَة حَمَّاد عَن قيس بن سعد فِيهَا نظر، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاء غير مَحْفُوظ فِي الْأَحَادِيث الصِّحَاح فِي النَّهْي عَن ثمن الْكَلْب، وَإِنَّمَا هُوَ فِيهَا فِي النَّهْي عَن اقتناء الْكَلْب، وَكَأَنَّهُ شبه على بَعضهم مِمَّن دون التَّابِعين، فَذكره فِي حَدِيث النَّهْي عَن ثمنه. وَالله أعلم. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن أبي إِسْحَاق عَن عمرَان بن أبي أنس: " أَن عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - أغرم رجلا ثمن كلب قَتله عشْرين بَعِيرًا ".

وَهَذَا إِن ثَبت عَن ابْن إِسْحَاق فَهُوَ لم يقل: " أخبرنَا عمرَان "، وَلَكِن قَالَ: " عَن عمرَان "، وَهُوَ مَشْهُور بالتدليس، ثمَّ عمرَان لم يدْرك عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، فَهُوَ مُنْقَطع. وروى عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ أَنه ذكره عَن عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ (وَهَذِه) الرِّوَايَة أَيْضا مُنْقَطِعَة. ثمَّ الثَّابِت عَن عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - بِخِلَافِهِ؛ فَإِنَّهُ خطب، فَأمر بقتل الْكلاب، قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله -: " فَكيف يَأْمر بقتل مَا يغرم من قَتله قِيمَته ". وَرُوِيَ عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن عبد الله بن عَمْرو: " أَنه قضى فِي كلب صيد قَتله رجل بِأَرْبَعِينَ درهما، وَقضى فِي كلب مَاشِيَة بكبش ". وَهَذَا مُرْسل، مَوْقُوف، وَابْن جريج لم يسمع من عَمْرو بن شُعَيْب، كَذَا قَالَ البُخَارِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى.

مسألة

وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن جساس عَن عبد الله بن عَمْرو، وَزَاد: " فِي كلب الزَّرْع بفرق من طَعَام، وَفِي كلب الْحَرْث فرق من تُرَاب، وَحقّ على الَّذِي قَتله أَن يُعْطي، وَحقّ على صَاحب الْكَلْب أَن يَأْخُذ مَعَ مَا نقص من الْأجر ". " وَإِسْمَاعِيل بن جساس لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ، وفال البُخَارِيّ: " لم يُتَابع عَلَيْهِ ". ثمَّ هَذَا مُقَابل بِمَا رَوَاهُ هَيْثَم عَن حُصَيْن عَن مُجَاهِد عَن / عبد الله بن عَمْرو " قَالَ نهى عَن ثمن الْكَلْب، وَمهر الْبَغي "، وَذكر الحَدِيث. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (112) : وَيجوز السّلم فِيمَا يكون عَام الْوُجُود فِي مَحَله، وَإِن لم يكن مَوْجُودا فِي وَقت عقده، وَفِيمَا بعده إِلَى مَحَله. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " لَا يجوز ". لنا مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " قدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة وهم يسلفون فِي التَّمْر السّنة، والسنتين، وَالثَّلَاث، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من أسلف فليسلف فِي كيل

المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث فقال رسول الله أسلموا في الثمار في كيل معلوم إلى أجل معلوم أخرجه البخاري في الصحيح وعن محمد بن أبي مجالد قال اختلف أبو برزة وعبد الله بن شداد في السلم فأرسلوني إلى

مَعْلُوم، وَوزن مَعْلُوم، إِلَى أجل مَعْلُوم "، اتفقَا على صِحَّته. وَعنهُ: " قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة وهم يسلفون فِي الثِّمَار السنتين، وَالثَّلَاث، فَقَالَ رَسُول الله -: أَسْلمُوا فِي الثِّمَار فِي كيل مَعْلُوم، إِلَى أجل مَعْلُوم "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَعَن مُحَمَّد بن أبي مجَالد، قَالَ: " اخْتلف أَبُو بَرزَة، وَعبد الله بن شَدَّاد فِي السّلم، فأرسلوني إِلَى ابْن أبي أوفى

في البر والشعير والزبيب والتمر إلى قوم ما هو عندهم قال وسألنا ابن أبزى فقال مثل ذلك أخرجه البخاري في الصحيح استدلوا بحديث حكيم بن حزام لا تبع ما ليس عندك وإنما ورد ذلك في بيع الأعيان وقد أخرجته في هذا

رَضِي الله عَنْهُم - فَسَأَلته فَقَالَ: كُنَّا نسلم على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْبر، وَالشعِير، وَالزَّبِيب، وَالتَّمْر إِلَى قوم مَا هُوَ عِنْدهم، قَالَ: وَسَأَلنَا ابْن أَبْزَى، فَقَالَ: مثل ذَلِك "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. استدلوا بِحَدِيث حَكِيم بن حزَام: " لَا تبع مَا لَيْسَ عنْدك "، وَإِنَّمَا ورد ذَلِك فِي بيع الْأَعْيَان، وَقد أخرجته فِي هَذَا الْكتاب. وَرُوِيَ عَن أبي إِسْحَاق عَن رجل نجراني عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: أَن رجلا أسلف فِي نخل، فَلم تخرج تِلْكَ السّنة شَيْئا؛ فاختصما إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " بِمَ تستحل مَاله؟ أردد عَلَيْهِ مَاله "، ثمَّ قَالَ: " لَا تسلفوا فِي النّخل حَتَّى يَبْدُو صَلَاحه ". وَهَذَا إِن سلم من الرجل النجراني، فَإِنَّمَا ورد فِي ثَمَرَة نخل

بيع الأعيان والله أعلم وعبر بالسلف أو السلم عن البيع وبيع عين الثمرة قبل ظهورها لا تجوز والسلم المتعلق بالعين لا يجوز بالإجماع والله أعلم وعن أبي البختري قال سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن السلم في النخل فقال

بِعَينهَا، فَالْمُرَاد بقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيع الْأَعْيَان، وَالله أعلم، وَعبر بالسلف، أَو السّلم عَن البيع، وَبيع عين الثَّمَرَة قبل ظُهُورهَا لَا تجوز، وَالسّلم الْمُتَعَلّق بِالْعينِ لَا يجوز بِالْإِجْمَاع. وَالله أعلم. وَعَن أبي البخْترِي قَالَ: " سَأَلت ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن السّلم فِي النّخل، فَقَالَ: نهى عمر - رَضِي الله عَنهُ - عَن بيع التَّمْر حَتَّى يصلح، وَنهى عَن (الْوَرق بِالذَّهَب نساً) بناجز "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ بيع الْعين. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (113) : وَيصِح السّلم حَالا، كَمَا يَصح مُؤَجّلا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه لَا يَصح ". رُوِيَ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْتَاعَ من أَعْرَابِي جزوراً بِتَمْر، وَكَانَ يرى أَن التَّمْر عِنْده، فَإِذا بعضه عِنْده، وَبَعضه لَيْسَ عِنْده، فَقَالَ لَهُ: هَل لَك أَن تَأْخُذ بعض

تمره فدفعه إليه قال أبو عبد الله هذا حديث صحيح وروى هذا الحديث الإمام أبو سهل محمد بن سليمان الصعلوكي بإسناده عنها قالت ابتاع رسول الله

تمرك، وَبَعضه إِلَى الْجذاذ، فَأبى، فاستلف لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تمره، فَدفعهُ إِلَيْهِ "، قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وروى هَذَا الحَدِيث الإِمَام أَبُو سهل مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الصعلوكي بِإِسْنَادِهِ عَنْهَا قَالَت: " ابْتَاعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جزوراً من أَعْرَابِي بوسق من تمر الذَّخِيرَة، وَهِي الْعَجْوَة، قَالَت فجَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى منزله، فالتمس التَّمْر فَلم يجده، فَقَالَ للأعرابي: لتفقه يَا عبد الله، إِنَّا ابتعنا مِنْك جزوراً بوسق من تمر الذَّخِيرَة، فالتمسناه، فَلم نجده، قَالَ الْأَعرَابِي: واغدراه، قَالَت: فوجزه النَّاس، وَقَالُوا: تَقول هَذَا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: دَعوه؛ فَإِن لصَاحب الْحق مقَالا، قَالَت: فَلَمَّا لم يفهم عَنهُ أرسل إِلَى خَوْلَة بنت حَكِيم أَن أقرضينا من تمر الذَّخِيرَة حَتَّى يكون عندنَا؛ فنقضيك، فَقَالَت: نعم، فَأرْسل رَسُولا يَأْخُذهُ، وَقَالَ للأعرابي: انْطلق مَعَه حَتَّى يؤتيك، فَانْطَلق الْأَعرَابِي، فَأخذ التَّمْر، ثمَّ مر برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ

أولئك خيار عباد الله يوم القيامة الموفون الطيبون قال الأستاذ أبو سهل رحمه الله هذا الحديث يجمع فنونا من الأحكام وعيونا من آداب الإسلام منها جواز ابتياع الشريف من المشروف والمتبوع من التابع ومنها حسن التجارة

جَالس بَين أَصْحَابه، فَقَالَ: جَزَاك الله خيرا، وَبَارك عَلَيْك، فقد أوفيت، وأطبت، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُولَئِكَ خِيَار عباد الله يَوْم الْقِيَامَة، الموفون الطيبون ". قَالَ الْأُسْتَاذ أَبُو سهل - رَحمَه الله -: " هَذَا الحَدِيث يجمع فنوناً من الْأَحْكَام، وعيوناً من آدَاب الْإِسْلَام: مِنْهَا جَوَاز ابتياع الشريف من المشروف / والمتبوع من التَّابِع، وَمِنْهَا حسن التِّجَارَة، وارتفاع قدرهَا، وعلو أمرهَا. وَمِنْهَا أَن الإِمَام يَلِي البيع وَالشِّرَاء بِنَفسِهِ، وَلَا يكون ذَلِك وَاضِعا من قدره، وَمِنْهَا صِحَة ابتياع الْحَيَوَان بالمصوق من التَّمْر غير الْمُؤَجل، وَهَذَا أصل فِي جَوَاز السّلم الْحَال خلافًا على الْعِرَاقِيّ حِين أَبَاهُ محتجاً بقول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من أسلم فليسلم فِي كيل مَعْلُوم، وَأجل مَعْلُوم. وَالْحَدِيثَانِ متفقان، وعَلى مَذْهَب التَّأْلِيف متسقان، وَلَكِن الحَدِيث الَّذِي رَوَوْهُ، الْغَرَض مِنْهُ أَن يكون الْأَجَل مَعْلُوما؛ إِذْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورد الْمَدِينَة وهم يسلفون إِلَى آجال مُتَفَاوِتَة، وأوقات غير مَعْلُومَة؛ فنهاهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، وعرفهم أَن الْأَجَل الَّذِي يَصح بِهِ هَذَا العقد على حكم الدّين والشريعة، وَهُوَ الْأَجَل الْمَعْلُوم دون أَن يقْصد قصد إبِْطَال مَا هُوَ أعرف من الْأَجَل الْمَعْلُوم الْمُقْتَضى حَقه فِي فَور العقد مَعَ امْتنَاع التَّأْخِير والبعد. وَالْأَصْل فِي البيع كُله الْحُلُول والنقد، وَالْأَجَل ترخيص وترفيه، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن لَا بيع يمْتَنع عَن جَوَازه لكَونه نَقْدا، وبيوع كَثِيرَة تمْتَنع عَن الصِّحَّة للأجل.

في كيل معلوم قصدا منه إلى أن يكون المقدار والمخبر عن الكمية معلوما لا على وجه إفراد الكيل بالجواز دون الوزن وكل مكيل بالوزن جائز اتفاقا وإجماعا لأن الوزن أحصر وبالكمية أخبر فلهذا أجاز جوازه كذلك الحلول فإن قيل

وَمِمَّا يقرب الْأَمر فِيهِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فِي كيل مَعْلُوم " قصدا مِنْهُ إِلَى أَن يكون الْمِقْدَار، والمخبر عَن الكمية مَعْلُوما، لَا على وَجه إِفْرَاد الْكَيْل بِالْجَوَازِ دون الْوَزْن، وكل مَكِيل بِالْوَزْنِ جَائِز اتِّفَاقًا، وإجماعاً؛ لِأَن الْوَزْن أحْصر، وبالكمية أخبر، فَلهَذَا أجَاز جَوَازه، كَذَلِك الْحُلُول. فَإِن قيل: مَا أمكن فِيهِ الْأَجَل، فشرطه التَّأْجِيل، قلت: وَمَا أمكن فِيهِ الْكَيْل، فشرطه الْكَيْل، فَإِن قَالَ: الْوَزْن يحل مَحَله، وَيفْعل فعله، وَيزِيد عَلَيْهِ فِي الْحصْر، والإنباء عَن الْقدر، قلت: كَذَلِك الْحَال يحل مَحل الْأَجَل، ويربي عَلَيْهِ؛ إِذْ غَايَته مفضي إِلَيْهِ. فَإِن قيل: فالكتابة، قلت لَهُ: أَنْت تجوزها حَالَة، وَأما نَحن فَإنَّا خصصنا الْبيُوع الْمُمْتَنع كثير مِنْهَا عَن الْأَجَل؛ لجوازه حَالا مَا جَازَ مِنْهُ مُؤَجّلا، فَأَما الْكِتَابَة فالغرض فِيهِ الْعتْق، وَالْعَمَل فِيهِ على الرِّفْق المخلص من الرّقّ؛ إِذْ هُوَ يُعَامل مَاله بِمَالِه، وَيَأْخُذ عَن عَبده كسب يَده. وَلَوْلَا مَا أحذره من الإملال الْجَارِي بالإقلال لملأت الأطباق فِي هَذَا الْمَعْنى بِتَوْفِيق الله، وَمِنْه. وَمِنْهَا جَوَاز تَسْمِيَة الطَّعَام بإسمين: أَحدهمَا أشهر من الآخر، وَإِذا خَافَ الْحَكِيم ذهَاب الْمخبر عَن مقْصده بالإسم الْغَرِيب عرفه بالإسم الْمَشْهُور، وَذَلِكَ قَول عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: " تمر الذَّخِيرَة وَهِي الْعَجْوَة ". وَمِنْهَا حسن ابتياع الشَّيْء بالواقع فِي الذِّمَّة على حسن الظَّن

الأعرابي إلى منزله للوفاء ومنها الرئيس الكريم الكبير والجليل الخطير يلتمس في منزله ما خلفه فيه فإن لم يجده لم يعقبه بعتب ألا ترى إلى عائشة رضي الله عنها تقول فالتمس التمر فلم يجده ومنها أن لا عتب على الإنسان

بالموجود عِنْده؛ ليقضى مِنْهُ مَا فِي ذمَّته، وَهَذَا رَسُول الله رب الْعَالمين يبْتَاع بِتَمْر الذَّخِيرَة، وَيَأْتِي الْأَعرَابِي إِلَى منزله؛ ليوفيه. (وَمِنْهَا اسْتِصْحَاب الْغَرِيم لقَضَاء الدّين وَالْغُرْم كاستصحاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْأَعرَابِي إِلَى منزله للوفاء. وَمِنْهَا) الرئيس الْكَرِيم الْكَبِير، والجليل الخطير يلْتَمس فِي منزله مَا خَلفه فِيهِ، فَإِن لم يجده، لم يعقبه بعتب، أَلا ترى إِلَى عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - تَقول: " فالتمس التَّمْر، فَلم يجده ". وَمِنْهَا أَن لَا عتب على الْإِنْسَان فِي إخلاف الظَّن، ووجودج الْأَمر بِغَيْر التَّقْدِير الَّذِي فِي نَفسه. وَمِنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعْصم فِي أَمر الدّين، والإخبار عَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَأَما فِي أَمر الدُّنْيَا فَإِنَّهُ بشر، كَمَا قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " (" إِنَّمَا أَنا بشر أغضب كَمَا تغضبون ") وكما قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما نَهَاهُم عَن التابير، فشاصت النخيل، فشكوا إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " مَا كَانَ من أَمر دينكُمْ فَإلَى، وَمَا كَانَ من أَمر دنياكم فإليكم "، أَو كَمَا قَالَه. وَمِنْهَا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما أَرَادَ الْخُرُوج إِلَى بدر أَرَادَ أَن ينزل

ومنها أن المبتاع يعرض لبائعه بالاستقالة والإقالة إذا لم يجد قضاء وهو قوله

منزلا، فَقَالُوا لَهُ: " يَا رَسُول الله، إِن كَانَ هَذَا عَن وَحي فالسمع، وَالطَّاعَة، / وَلَا اخْتِيَار على أَمر الله، وَإِن كَانَ هَذَا عَن رَأْي فَمَا هَذَا منزل مكيدة، فطوى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَمِنْهَا أَن الْمُبْتَاع يعرض لبَائِعه بالاستقالة وَالْإِقَالَة إِذا لم يجد قَضَاء، وَهُوَ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا عبد الله أَنا ابتعنا مِنْك جزوراً بوسق من تمر الذَّخِيرَة، وَنحن نرى أَنه عندنَا، فالتمسناه، فَلم نجده ". وَمِنْهَا جَوَاز تَسْمِيَة من لم يعرف اسْمه، وكنيته بِعَبْد الله؛ إِذْ الْخلق عبيد الله، وَبِهَذَا يعلم صِحَة المعاقدة، وَتحمل الشَّهَادَة على الْأَعْيَان للمشاهدة مَعَ الِاسْتِغْنَاء عَن الْأَنْسَاب، والكنى، والألقاب خلاف هاجس الهوس الشايع فِي هَذَا الزَّمَان العجيب أمره من طلب أثر بعد عين. وَمِنْهَا استغاثة الملهوف، وندبة المضعوف وَهُوَ قَول الْأَعرَابِي: " واغدراه " حِين تصور الْأَمر بِغَيْر صورته، وَقدر غدراً وَاقعا بِهِ، ومكراً جَامعا لَهُ.

فإن لصاحب الحق مقالا وهو الذي قال له

وَمِنْهَا أَن اتِّبَاع الرئيس، وَأَصْحَاب الإِمَام إِذا رَأَوْا مُنْكرا غاضاً عَن مَحَله بَادرُوا الغاض بالفض، والغض، وَهُوَ قَول أم الْمُؤمنِينَ - رَضِي الله عَنْهَا -: " فزجره النَّاس ". وَمِنْهَا لطف الإِمَام فِي كف أَتْبَاعه عَن المتألم، ورد أنصاره عَن رد المتظلم حَتَّى يَتَّضِح سَبيله، وَلَا يقر بالظلم قبله، وَقَالَ: " دَعوه ". ثمَّ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَإِن لصَاحب الْحق مقَالا "، وَهُوَ الَّذِي قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " (لصَاحب الْحق يَد) ، ولسان "، فيده تنَاول مَاله مِمَّن يحتجبه، وَأخذ مثله مَعَ فَوت عينه. وَلَا يذهب بك عَن الصَّوَاب قَول من يَقُول: " رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: أد إِلَى من ائتمنك، وَلَا تخن من خانك "، إِذْ معنى هَذَا القَوْل أَلا يُقَابل الْأَخْذ بِمثلِهِ بعد وُصُوله إِلَى حَقه، وَتَنَاول مَاله من تَحت يَده، فيده فِي الْعَدْوى عَلَيْهِ، والتزامه لِلْخُرُوجِ من حَقه إِذْ الْيَد يعبر بهَا عَن الْقُدْرَة، وَالْقُوَّة، والبسط، والجارحة، وَالنعْمَة، وَالصّفة الْمَخْصُوصَة، وَهَذَا أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للأعرابي على تَقْدِيره فِيهِ حِين وضع الْأَمر أَنه يمْنَع مَاله عَن بَيْعه.

لتفقه يا عبد الله هذا يدل على حسن التكرار وصواب التقدير ومحل التحرير بترديد الكلام وإعادة النظام لتفاوت الناس في الأفهام فمن بين يدرك اللحظة من اللفظة من بين قوم لا يعرفون لا إلا ب لا سمعت الشيخ أبا الفضل محمد

ثمَّ قَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لتفقه، يَا عبد الله "، هَذَا يدل على حسن التّكْرَار، وصواب التَّقْدِير، وَمحل التَّحْرِير بترديد الْكَلَام، وإعادة النظام لتَفَاوت النَّاس فِي الأفهام، فَمن بَين يدْرك اللحظة من اللَّفْظَة من بَين قوم لَا يعْرفُونَ (لَا) إِلَّا ب (لَا) . سَمِعت الشَّيْخ أَبَا الْفضل مُحَمَّد بن عبد الله - رَحمَه الله تَعَالَى - فِي مجَالِس نظرة يَوْم الْخَمِيس، وَقد ألح عَلَيْهِ ملح، فَقَالَ: إِن هَهُنَا أَقْوَامًا لَا يعْرفُونَ " لَا " إِلَّا ب " لَا "، فَهَذَا رَسُول رب الْعِزَّة يُكَرر على الْأَعرَابِي القَوْل؛ ليفقه الْعلم؛ إِذْ لَيْسَ كل من يسمع يفقه، وَهَذَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " نضر الله أمرا سمع منا مقَالا، فوعاه، فأداه كَمَا سَمعه، فَرب حَامِل فقه غير فَقِيه وَرب حَامِل فقه إِلَى من هُوَ أفقه مِنْهُ "، فَقَالَ الْأَعرَابِي ثَانِيًا: " واغدراه " فزجره النَّاس "، وَهَذَا يدل على أَن الاستكفاف على الْحَالة لَا توجب كفا على التَّأْبِيد، وَأَن الْمُسِيء إِذا عَاد إِلَى سوء القَوْل قوبل بِالرَّدِّ من الْفِعْل، أَلا ترى أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُم: " دَعوه " فَلَمَّا عَاد إِلَى قَوْله، عَادوا إِلَى زَجره، وَلم يكن النَّهْي الأول ناهياً عَن هَذِه الْحَالة، لِأَنَّهُ لَو نَهَاهُم عَنْهَا لكانوا عصاة بارتكاب النَّهْي، وحاشاهم أَن يَكُونُوا بِهَذِهِ الصّفة، وَلَو كَانُوا للحقتهم الموعظة، والمزجرة ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: " وروينا حَدِيث طَارق بن عبد الله فِي ابتياع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جملا بِكَذَا وَكَذَا، صَاعا من تمر خَارج

المدينة وهم يسلفون السنتين والثلاث فقال رسول الله

الْمَدِينَة وَأَخذه الْجمل، ورجوعه إِلَى الْمَدِينَة، ثمَّ إِنْفَاذه بِالتَّمْرِ. وَهُوَ مَذْهَب عَطاء بن أبي رَبَاح الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ آخرا فِي جَوَاز السّلم فِي الْحَال ". وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (الْمَدِينَة، وهم يسلفون السنتين، وَالثَّلَاث، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) /: من سلف فِي تمر، فليسلف فِي كيل مَعْلُوم، وَوزن مَعْلُوم، إِلَى أجل مَعْلُوم ". (وَقَوله: " إِلَى أجل مَعْلُوم "، أَي: إِذا (كَانَ مُؤَجّلا يجب أَن) يكون الْأَجَل مَعْلُوما غير مَجْهُول، وَلَيْسَ فِيهِ نفي الْحَال، يُوضحهُ الْجمع بَين الْكَيْل، وَالْوَزْن فِي هَذَا الحَدِيث، وبالإجماع لَا يلْزم اجْتِمَاعهمَا، إِنَّمَا يلْزم أَحدهمَا. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (114) : وَالسّلم فِي الْحَيَوَان جَائِز. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه لَا يجوز ".

أن تباشر المرأة المرأة في ثوب واحد لأجل أن تصفها لزوجها حتى كأنه ينظر إليها ونهى إذا كنا ثلاثة أن يتناجى اثنان دون واحد أجل أن يحزنه حتى يختلط بالناس وفيه دليل على أن الحيوان يضبط بالصفة خلاف ما زعم أبو حنيفة رحمه الله من أنه

وَدَلِيلنَا حَدِيث عبد الله بن عَمْرو، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَقد سبق ذكرنَا لَهُ فِي مَسْأَلَة بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة، وَذكرنَا أَيْضا حَدِيث عبد الله بن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَغَيرهم لَهُم، وأجبنا (عَنهُ) بِمَا يتَعَلَّق بِهَذَا الْكتاب. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تباشر الْمَرْأَة الْمَرْأَة فِي ثوب وَاحِد؛ لأجل أَن تصفها لزَوجهَا حَتَّى كَأَنَّهُ ينظر إِلَيْهَا، وَنهى إِذا كُنَّا ثَلَاثَة أَن يَتَنَاجَى اثْنَان دون وَاحِد أجل أَن يحزنهُ حَتَّى يخْتَلط بِالنَّاسِ ". وَفِيه دَلِيل على أَن الْحَيَوَان يضْبط بِالصّفةِ خلاف مَا زعم أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - من أَنه لَا يضْبط بِالصّفةِ. وَرُوِيَ عَن أبي الحسان الْأَعْرَج، قَالَ: " سَأَلت ابْن عمر، وَابْن

عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُم - عَن السّلم فِي الْحَيَوَان، فَقَالَ: إِذا سمي الْأَسْنَان، والآجال، فَلَا بَأْس ". وَعَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: " أسلم عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - فِي وصف "، قَالَ: " وَكَانَ الشّعبِيّ لَا يرى بَأْسا بالسلم فِي الْحَيَوَان ". وَعَن يُونُس عَن الْحسن: " أَنه كَانَ لَا يرى بَأْسا فِي السّلف فِي الْحَيَوَان إِذا كَانَ شَيْئا مَعْلُوما إِلَى أجل مَعْلُوم "، وَقد مضى سَائِر الْآثَار فِيهَا فِي أول كتاب الْبيُوع. استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عمار الذَّهَبِيّ، قَالَ: " رَأَيْت سعيد بن جُبَير بِمَكَّة ينْهَى عَن السّلم فِي الْحَيَوَان، فَقلت: أَلَيْسَ كنت

بِأَذربِيجَان سنتَيْن؟ يعْملُونَ بذلك، لَا تنه عَنهُ، فَقَالَ: نهى عَنهُ حُذَيْفَة ". (سعيد لم يدْرك حُذَيْفَة بن سعيد. وروى عَنهُ، وَعَن إِبْرَاهِيم، عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنْهُمَا: " أَنه كره السّلف) فِي الْحَيَوَان ". وَسَعِيد، وَإِبْرَاهِيم لم يدركا ابْن مَسْعُود. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وَيَزْعُم الشّعبِيّ الَّذِي هُوَ أكبر سنا من الَّذِي روى عَنهُ - يَعْنِي عَن ابْن مَسْعُود - الْكَرَاهَة؛ أَنه إِنَّمَا أسلف لَهُ فِي لقاح إبل بِعَيْنِه، وَهَذَا مكروة عندنَا، وَعند كل أحد، هَذَا بيع الملاقيح، والمضامين، أَو هما ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحْمَة الله عَلَيْهِ، فِي الْقَدِيم -: وَقد يكون ابْن مَسْعُود كرهه تنزهاً عَن التِّجَارَة فِيهِ، لَا على تَحْرِيمه "، ثمَّ قد روينَا عَن الْقَاسِم، قَالَ: أسلم عبد الله فِي وصفاء ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - أَنه

ذكر فِي أَبْوَاب الرِّبَا: " أَن يسلم فِي سنّ "، رُوِيَ ذَلِك عَن المَسْعُودِيّ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن عمر، وَهَذَا إِسْنَاد مُنْقَطع. وَالله أعلم.

ذكر ما اختلف فيه الشافعي وأبو حنيفة رضي الله عنهما من كتاب الرهن والتفليس والحجر والصلح والحوالة والضمان والشركة والوكالة والإقرار والعارية والغصب والمساقاة وإحياء الموات والوقف والهبة واللقطة مما ورد فيه

ذكر مَا اخْتلف فِيهِ الشَّافِعِي، وَأَبُو حنيفَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - من كتاب الرَّهْن، والتفليس، وَالْحجر، وَالصُّلْح، وَالْحوالَة، وَالضَّمان، وَالشَّرِكَة، وَالْوكَالَة، وَالْإِقْرَار، وَالْعَارِية، وَالْغَصْب، وَالْمُسَاقَاة، وإحياء الْموَات، وَالْوَقْف، وَالْهِبَة، واللقطة مِمَّا ورد فِيهِ خبر، أَو أثر مَسْأَلَة (115) : تَخْلِيل الْخمر لَا يجوز، وَلَا يحل تنَاوله، فَإِن صَار بِنَفسِهِ خلا، حِينَئِذٍ حل تنَاوله فِي ظَاهر الْمَذْهَب. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " تَخْلِيل الْخمر جَائِز، والخل الْمُتَّخذ مِنْهُ حَلَال تنَاوله ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي صَحِيح مُسلم عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْخمر تتَّخذ خلا، قَالَ: لَا ".

فقال ما فعلت شاتكم فقلت ماتت قال أفلا انتفعتم بإهابها قلت إنها ميتة قال فإن دباغها يحل كما يحل الخل الخمر قال أبو عبد الله الحاكم تفرد به الفرج بن فضالة عن يحيى والفرج ممن لا يحتج بحديثه ولم يصح تحليل خل الخمر

رُوِيَ عَن أسلم مولى عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " أَن عمر أَتَى بالطلاء، وَهُوَ بالجابية، وَهُوَ يَوْمئِذٍ يطْبخ، وَهُوَ كعقيد الرب، فَقَالَ: إِن فِي هَذَا لشراباً مَا انتهينا إِلَيْهِ، وَلَا تشرب خل خمر أفسدت حَتَّى يُبْدِي الله فَسَادهَا، فَعِنْدَ ذَلِك يطيب الْخلّ، وَلَا باس على امْرِئ إِن ابْتَاعَ خلا وَحده مَعَ أهل الْكتاب مَا لم يعلم أَنهم تعمدوا إفسادها بعد مَا عَادَتْ خمرًا ". قَوْله: " أفسدت " يَعْنِي، عولجت، وَلَا نعلم أحدا من الصَّحَابَة - رضوَان الله عَلَيْهِم - خَالفه. استدلوا بِمَا روى الْفرج بن فضَالة عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن أم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهَا: _ " أَنَّهَا كَانَت لَهَا شَاة تحلبها، ففقدها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: مَا فعلت شاتكم؟ فَقلت: مَاتَت، قَالَ: أَفلا انتفعتم بإهابها؟ قلت: إِنَّهَا ميتَة، قَالَ: فَإِن دباغها يحل كَمَا يحل الْخلّ الْخمر "، / قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " تفرد بِهِ الْفرج بن فضَالة عَن يحيى، والفرج مِمَّن لَا يحْتَج بحَديثه، وَلم يَصح تَحْلِيل خل الْخمر من وَجه ". وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن بكار عَن الْفرج بِهَذَا الحَدِيث، قَالَ

ما أفقر بيت من أدم فيه خل وخير خلكم خل خمركم

فرج: " يَعْنِي أَن الْخمر إِذا تَغَيَّرت، فَصَارَت خلا حلت "، فعلى هَذَا التَّفْسِير الَّذِي فسره - وَهُوَ رَاوِي الحَدِيث - يرْتَفع الْخلاف، ونقول بِهِ. قَالَ عَمْرو بن عَليّ: " كَانَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي لَا يحدث عَن فرج بن فضَالة، وَيَقُول: حدث عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ أَحَادِيث مُنكرَة مَقْلُوبَة؛ فَقَالَ البُخَارِيّ: الْفرج بن فضَالة، أَبُو فضَالة مُنكر الحَدِيث ". وَرُوِيَ عَن الْمُغيرَة بن زِيَاد عَن أبي الزبير عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أفقر بَيت من أَدَم فِيهِ خل، وَخير خلكم خل خمركم ".

في النهي عن تخليل الخمر ولم يزل أهل حرم رسول الله

قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث واه شَاذ، لَا أعلم أَنا كتبناه إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَاد، والمغيرة بن زِيَاد الْموصِلِي يُقَال لَهُ: أَبُو هِشَام المكفوف صَاحب الْمَنَاكِير، وَيُقَال إِنَّه حدث عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، وَأبي الزبير بجملة من الْمَنَاكِير، وَقد حدث عَن عبَادَة بن نسي بِحَدِيث مَوْضُوع، فَكيف يُعَارض بِمثل هَذِه الرِّوَايَة الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة المحفوظة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّهْي عَن تَخْلِيل الْخمر؟ وَلم يزل أهل حرم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُنكرُونَ ذكر خل الْخمر، سَمِعت أَبَا الْحسن على بن عِيسَى الْحِيرِي يَقُول: سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْحَاق: أخبرنَا الْعَبَّاس يَقُول: سَمِعت قُتَيْبَة بن سعيد يَقُول: قدمت الْمَدِينَة أَيَّام مَالك، فتقدمت (الى فامي) ، فَقلت: عنْدك خل خمر؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ الله فِي حرم رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: ثمَّ قدمت بعد موت مَالك، فَذكرت لَهُم، فَلم يُنكر عَليّ ". وَرُوِيَ عَن أم حِرَاش قَالَت: " أتيت عليا - رَضِي الله عَنهُ - يصطبغ فِي خل خمر "، هَذَا وَإِن ثَبت فهم يسمون الْخلّ الْمُتَّخذ من الْعِنَب خل خمر، وَذَلِكَ شَائِع بَينهم. وَرُوِيَ عَن مسربل الْعَبْدي عَن أمه عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: " لَا بَأْس بخل الْخمر "، وَإِسْنَاده مَجْهُول مظلم. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (116) : وزيادات الرَّهْن الْمُنْفَصِلَة الْحَادِثَة بعد عقد الرَّهْن تخلص

لا يغلق الرهن له غنمه وعليه غرمه قال علي بن عمر هذا إسناد حسن متصل وقال أبو عبد الله الحاكم هذا حديث صحيح وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله

للرَّاهِن. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّهَا دَاخِلَة فِي عقد الرَّهْن ". (عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يغلق الرَّهْن لَهُ غنمه، وَعَلِيهِ غرمه "، قَالَ عَليّ بن عمر: " هَذَا إِسْنَاد حسن مُتَّصِل " وَقَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ") . وَعَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الرَّهْن يركب ويحلب بعلفه "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَأخرج أَيْضا فِي الصَّحِيح عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لبن الدّرّ يحلب بِنَفَقَتِهِ إِذا كَانَ مَرْهُونا، وَالظّهْر يركب إِذا كَانَ مَرْهُونا، وعَلى الَّذِي يركب ويحلب النَّفَقَة، كَذَلِك رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك، وَيحيى الْقطَّان عَن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن الشّعبِيّ عَنهُ. وَرَوَاهُ هشيم، وسُفْيَان (بن حبيب) عَن زَكَرِيَّا، وَزَاد فِي مَتنه " الْمُرْتَهن "، وَلَيْسَ بِمَحْفُوظ لوجوه.

أَحدهَا: أَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي رَوَاهُ عَن هشيم، وَلَفظ الحَدِيث: " إِذا كَانَت الدَّابَّة مَرْهُونَة فعلى الَّذِي رهن عَلفهَا، وَلبن الدّرّ يشرب، وعَلى الَّذِي يشرب نَفَقَته، ويركب "، وَلم يذكر الْمُرْتَهن فِيهِ. وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن الْحفاظ كَابْن الْمُبَارك، وَأبي نعيم، وَيحيى الْقطَّان لم يذكرُوا هَذِه اللَّفْظَة، فتصويبهم أولى. الثَّالِث: أَن الشّعبِيّ رَاوِي الحَدِيث، وَقد أفتى بِخِلَاف مذهبكم، حَيْثُ قَالَ: " لَا ينْتَفع من الرَّهْن بِشَيْء "، فِيمَا يرويهِ الثَّوْريّ عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَنهُ، وَفِيمَا يرويهِ الثَّوْريّ أَيْضا عَن زَكَرِيَّا عَنهُ أَنه قَالَ فِي رجل ارْتهن جَارِيَة، فأرضعت لَهُ، قَالَ: " يغرم لصَاحب الْجَارِيَة قيمَة (الرَّضَاع للبن) ".

قال الرهن مركوب ومحلوب قال أبو عبد الله هذا إسناد صحيح كذا رواه أبو معاوية وأبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه ورواه وكيع عنه فوقفه على أبي هريرة رضي الله عنه احتجوا بما روي عن عمرو بن

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الرَّهْن مركوب ومحلوب "، قَالَ أَبُو عبد الله _ هَذَا إِسْنَاد صَحِيح، كَذَا رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة، / وَأَبُو عوَانَة عَن الْأَعْمَش عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ. وَرَوَاهُ وَكِيع عَنهُ، فَوَقفهُ على أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ. احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: " كَانَ معَاذ بن جبل - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول فِي النّخل إِذا رَهنه، فَتخرج فِيهِ ثَمَرَة، فَهُوَ من الرَّهْن "، وَهَذَا مُنْقَطع بَين عَمْرو، ومعاذ، ثمَّ قد رُوِيَ عَن معمر عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه أَن معَاذ بن جبل - رَضِي الله عَنهُ - قضى فِيمَن ارْتهن نخلا مثمراً، فليحتسب الْمُرْتَهن ثَمَرَتهَا من رَأس المَال "، وَرَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مطرف بن مَازِن عَن معمر. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (117) : وَالرَّهْن أَمَانَة فِي يَد الْمُرْتَهن إِذا تلف لم يكن عَلَيْهِ ضَمَان , وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه مَضْمُون بِالدّينِ بِقدر قِيمَته ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أخبرنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك عَن ابْن أبي ذِئْب عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا يغلق الرَّهْن من صَاحبه الَّذِي رَهنه، لَهُ غنمه، وَعَلِيهِ غرمه "، قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " غنمه: زِيَادَته، وغرمه: هَلَاكه ونقصانه ".

مثله أو مثل معناه وقد روينا من حديث زياد بن سعد عن الزهري متصلا وهذا حديث حسن وروي عن مالك مرفوعا متصلا والمحفوظ عنه ما في الموطأ

رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن شَبابَة، وَعبد الحميد بن سُلَيْمَان أخي فليح، وَأبي قَتَادَة عبد الله بن وَافد الْحَرَّانِي، وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن ابْن أبي ذيب يذكر أَبَا هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ. وروى الشَّافِعِي عَن الثِّقَة عَن يحيى بن أبي أنيسَة - عَن ابْن شهَاب عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ 0 عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله، أَو مثل مَعْنَاهُ. وَقد روينَا من حَدِيث زِيَاد بن سعد عَن الزُّهْرِيّ مُتَّصِلا، وَهَذَا حَدِيث حسن، وَرُوِيَ عَن مَالك مَرْفُوعا مُتَّصِلا، وَالْمَحْفُوظ عَنهُ مَا فِي الْمُوَطَّأ.

الرهن بما فيه قال أبو حازم الحافظ تفرد به حسان بن إبراهيم الكرماني قال البيهقي رحمه الله وهو منقطع بين عمرو بن دينار وأبي هريرة واستدلوا بما روي عن حميد عن أنس رضي الله عنه مرفوعا بمثله قال

استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عَمْرو بن دِينَار، قَالَ: " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الرَّهْن بِمَا فِيهِ "، قَالَ أَبُو حَازِم الْحَافِظ: " تفرد بِهِ حسان بن إِبْرَاهِيم الْكرْمَانِي "، قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: " وَهُوَ مُنْقَطع بَين عَمْرو بن دِينَار، وَأبي هُرَيْرَة ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن حميد عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا (بِمثلِهِ) ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى -: " لَا يثبت هَذَا عَن حميد، وكل من بَينه وَبَين شَيخنَا ضعفاء، وهم أَحْمد بن مُحَمَّد بن غَالب عَن عبد الْكَرِيم بن روح عَن هِشَام بن زِيَاد. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد آخر واه عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أُميَّة عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن أنس، رَضِي الله عَنهُ. قَالَ عَليّ ابْن عمر: " إِسْمَاعِيل بن أبي أُميَّة هَذَا يصنع الحَدِيث، وَهَذَا بَاطِل عَن قَتَادَة عَن حَمَّاد. وَالله أعلم. وأصل هَذِه الْمَسْأَلَة لَهُم حَدِيث مُرْسل، وَفِيه من الوهن مَا فِيهِ، رُوِيَ عَن مُصعب بن ثَابت قَالَ: " سَمِعت عَطاء يحدث أَن رجلا

للمرتهن ذهب حقك هكذا رواه ابن المبارك عنه مرة وقيل عنه عن عطاء عن الحسن عن النبي

رهن فرسا، فنفق فِي يَده، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للْمُرْتَهن: ذهب حَقك "، هَكَذَا رَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَنهُ مرّة، وَقيل عَنهُ عَن عَطاء عَن الْحسن عَن النَّبِي -. (ومرسلات الْحسن ضَعِيفَة، وصحيح عَن عَطاء) أَنه قَالَ فِيمَا ظهر هَلَاكه أَمَانَة، وَهُوَ لَا يُخَالف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا يكون مثبتاً عِنْده، وَقيل عَن عَطاء: " يترادان الْفضل "، وكل ذَلِك يُخَالف مَا رُوِيَ عَنهُ فِي حَدِيث الْفرس (وَقد يكون الْفرس أقل قيمَة من الْحق، وَأكْثر مِنْهُ، وَمثله، وَلم يرو أَنه سَأَلَ عَن قيمَة الْفرس) . وَرُوِيَ فِي هَذِه الْقِصَّة أَنه قَالَ: " الرَّهْن بِمَا فِيهِ "، وهم يخالفون إِذا كَانَ فضل فِي الدّين على مَال الرَّهْن، فَلَا يجعلونه سَاقِطا. وَرُوِيَ عَن أبي الْعَوام (عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عبيد بن

مسألة

عُمَيْر أَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ -) قَالَ فِي الرجل يرتهن الرَّهْن فيضيع، قَالَ: " إِن كَانَ أقل مِمَّا فِيهِ رد عَلَيْهِ تَمام حَقه، وَإِن كَانَ أَكثر فَهُوَ أَمِين "، وَأَبُو الْعَوام هُوَ عمرَان بن دَاوُد، وَهُوَ مُنْفَرد بِهِ، وَأكْثر أَصْحَاب الحَدِيث لَا يحتجون بِهِ، لسوء حفظه. وَرُوِيَ عَن الثَّوْريّ عَن لَيْث، أَو مَنْصُور عَن الحكم عَن عَليّ أَنه قَالَ فِي الرَّهْن: " يترادان الْفضل "، وَهَذَا مُرْسل مَوْقُوف، وَرُوِيَ ذَلِك عَنهُ من وُجُوه أخر، وَرُوِيَ عَنهُ: " إِذا كَانَ فِي الرَّهْن فضل فَإِن أَصَابَته جَائِحَة، فالرهن بِمَا فِيهِ، وَإِن لم تصبه جَائِحَة، فَإِنَّهُ يرد الْفضل ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (118) : وَإِذا أفلس المُشْتَرِي بِالثّمن، وَوجد البَائِع / عين مَاله فِي يَده، كَانَ أَحَق بِهِ من سَائِر غُرَمَائه، وَله أَن يرتجعه، وينقض البيع فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " البَائِع أُسْوَة الْغُرَمَاء، لَيْسَ لَهُ نقض البيع، وَلَا ارتجاع الْمَبِيع ". وَدَلِيلنَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أدْرك مَاله بِعَيْنِه عِنْد رجل قد أفلس، أَو

إذا أفلس الرجل فوجد غريمه متاعه بعينه فهو أحق به من سائر الغرماء وفي أخرى عنده أيضا عنه عن النبي

إِنْسَان قد أفلس، فَهُوَ أَحَق بِهِ من غَيره " اتفقَا على صِحَّته. وَفِي رِوَايَة عِنْد مُسلم عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أفلس الرجل، فَوجدَ غَرِيمه مَتَاعه بِعَيْنِه، فَهُوَ أَحَق بِهِ من سَائِر الْغُرَمَاء ". وَفِي أُخْرَى عِنْده أَيْضا عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الرجل الَّذِي يعْدم إِذا وجد عِنْده الْمَتَاع، وَلم يفرقه: " أَنه لصَاحبه الَّذِي بَايعه ". وَفِي أُخْرَى عِنْده أَيْضا عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أفلس الرجل، فَوجدَ الرجل عِنْده سلْعَته بِعَينهَا، فَهُوَ أَحَق بهَا ". وَرُوِيَ عَن أبي الْمُعْتَمِر عَن عَمْرو بن خلدَة الزرقي. وَكَانَ قَاضِي الْمَدِينَة حينا - قَالَ: " جِئْنَا أَبَا هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي صَاحب لنا قد أفلس فَقَالَ: هَذَا الَّذِي قضى فِيهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيّمَا رجل مَاتَ، أَو أفلس فَصَاحب الْمَتَاع أَحَق بمتاعه إِذا وجده بِعَيْنِه "، قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح "، وروى سعيد بن الْمسيب عَن عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قضى بذلك.

خالف عثمان وعليا رضي الله عنهما في ذلك وروى إسماعيل بن عياش عن ابن عقبة عن الزهري عن أبي بكر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله

وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَيْضا، قَالَ: " لَا نعلم أحدا من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَالف عُثْمَان، وعلياً - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي ذَلِك ". وروى إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن ابْن عقبَة عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي بكر عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيّمَا رجل بَاعَ سلْعَة، فَأدْرك سلْعَته بِعَينهَا عِنْد رجل قد أفلس، وَلم يقبض من ثمنهَا شَيْئا، فَهِيَ لَهُ، فَإِن كَانَ قَضَاهُ من ثمنهَا شَيْئا، فَمَا بقى فَهُوَ أُسْوَة الْغُرَمَاء "، تفرد بوصله إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، قَالَ عَليّ بن عمر: " إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش مُضْطَرب الحَدِيث، وَلَا يثبت هَذَا عَن الزُّهْرِيّ مُسْندًا، وَإِنَّمَا هُوَ مُرْسل ". وَرَوَاهُ الْيَمَان بن عدي عَن الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا، واليمان ضَعِيف الحَدِيث جدا. وَرُوِيَ عَن خلاس عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " هُوَ أُسْوَة

لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها فأخذنا جميعا به ولم يثبت عن النبي

الْغُرَمَاء "، خلاس عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - لَيْسَ بِسَمَاع، وَإِنَّمَا أَخذه من صحيفَة، فَهُوَ مُنْقَطع. وَلَا حَاصِل لقَوْل من يَقُول " لِتَفَرُّد أبي هُرَيْرَة بروايته " لَا أَقُول بِهِ، فكم من حكم فِي الشَّرْع لم يثبت إِلَّا بروايته، وقبلوه مِنْهُ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ -: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تنْكح الْمَرْأَة على عَمَّتهَا، وَلَا خَالَتهَا "، فأخذنا جَمِيعًا بِهِ، وَلم يثبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من رِوَايَة غَيره. وَلَا يَصح قَوْلهم: " إِنَّا بِالْإِجْمَاع فِي النِّكَاح بِهَذَا الحكم "، بل هُوَ وَاجِب بِالْحجَّةِ عَلَيْهِم، أَن يجْتَمع النَّاس على حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَحده، وَلَا يذهبون فِيهِ إِلَى توهِينه بِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {حرمت عَلَيْكُم أُمَّهَاتكُم} إِلَى قَوْله {وَأحل لكم مَا وَرَاء ذَلِكُم} ، وَنِكَاح الْمَرْأَة على الْعمة، وَالْخَالَة مِمَّا وَرَاء ذَلِك، هَذَا معنى كَلَام الشَّافِعِي - رَحمَه الله - وَبَعض لَفظه. وَالله تَعَالَى أعلم. مَسْأَلَة (119) : وَإِذا امْتنع الْمُوسر من قَضَاء مَا عَلَيْهِ من الدُّيُون فللحاكم أَن يَبِيع

على معاذ بن جبل رضي الله عنه ماله وباعه في دين كان عليه وفي رواية قال كان معاذ بن جبل رضي الله عنه شابا حليما سمحا من أفضل شباب قومه ولم يكن يمسك شيئا فلم يزل يدان حتى أغرقه ماله كله في الدين فأتى النبي

من مَاله مَا يقدر عَلَيْهِ، وَيَقْضِي من ثمنه دُيُون غُرَمَائه، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَيْسَ للْحَاكِم أَن يَبِيع عَلَيْهِ عروضه، وعقاره، وَلكنه يحْبسهُ حَتَّى يَبِيع بِنَفسِهِ ". رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن كَعْب بن مَالك عَن أَبِيه، قَالَ: حجر رَسُول الله - - على معَاذ بن جبل - رَضِي الله عَنهُ - مَاله، وَبَاعه فِي دين كَانَ عَلَيْهِ. وَفِي رِوَايَة قَالَ: " كَانَ معَاذ بن جبل - رَضِي الله عَنهُ - شَابًّا، حَلِيمًا، سَمحا، من أفضل / شباب قومه، وَلم يكن يمسك شَيْئا، فَلم يزل يدان حَتَّى أغرقه مَاله كُله فِي الدّين، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكلم غرماءه، فَلَو تركُوا أحدا من أجل أحد لتركوا معَاذًا من أجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبَاعَ لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يَعْنِي مَاله - حَتَّى قَامَ معَاذ بِغَيْر شَيْء ". وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن كَعْب مُرْسلا دون ذكر أَبِيه، وانضم إِلَيْهِ مُرْسل أبي مجلز " أَن غلامين من جُهَيْنَة كَانَ بَينهمَا غُلَام، فَأعتق

حتى باع فيه غنيمة له وروى مالك عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف عن أبيه أن رجلا من جهينة كان يشتري الرواحل فيغال بها ثم يسرع السير فيسبق الحاج فأفلس فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أما بعد أيها

أَحدهمَا نصِيبه، فحبسه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى بَاعَ فِيهِ غنيمَة لَهُ ". وروى مَالك عَن عمر بن عبد الرَّحْمَن (بن دلاف) عَن أَبِيه " أَن رجلا من جُهَيْنَة كَانَ يَشْتَرِي الرَّوَاحِل، فيغال بهَا، ثمَّ يسْرع السّير، فَيَسْبق الْحَاج، فأفلس، فَرفع أمره إِلَى عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: " أما بعد، أَيهَا النَّاس، فَإِن الأسيفع أسيفع جُهَيْنَة رَضِي من دينة، وأمانته أَن يُقَال: سبق الْحَاج، إِلَّا أَنه قد دَان معرضًا فَأصْبح قد دين بِهِ، فَمن كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دين، فليأتنا بِالْغَدَاةِ، نقسم مَاله بَين غُرَمَائه، وَإِيَّاكُم وَالدّين، فَإِن أَوله هم، وَآخره حَرْب ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (120) : يجوز الْحجر على الْبَالِغ الْعَاقِل بالسفه، وبالدين مَعَ التَّفْلِيس

وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". قَالَ الله تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم الَّتِي جعل الله لكم قيَاما} ، وَقَالَ: {وابتلوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذا بلغُوا النِّكَاح فَإِن أنستم مِنْهُم رشدا فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم} ، وَقَالَ: {فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحق سَفِيها أَو ضَعِيفا أَو لَا يَسْتَطِيع أَن يمل هُوَ فليملل وليه بِالْعَدْلِ} وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله تَعَالَى: {وابتلوا الْيَتَامَى} يَعْنِي: اختبروهم، وَقَوله تَعَالَى: {فَإِن أنستم مِنْهُم رشدا فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم} يَعْنِي إِن ءانستم مِنْهُم إصلاحاً فِي أَمْوَالهم فادفعوها إِلَيْهِم، قَالَ: " يَقُول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: اختبروا الْيَتَامَى عِنْد الْحلم، فَإِن عَرَفْتُمْ مِنْهُم الرشد فِي حَالهم، والإصلاح فِي أَمْوَالهم فادفعوا إِلَيْهِم أَمْوَالهم، وَأشْهدُوا عَلَيْهِم ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن يزِيد بن هُرْمُز أَن نجدة كتب إِلَى ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - يسْأَله عَن خلال، فَذكر الحَدِيث، قَالَ: " وكتبت مَتى يَنْقَضِي يتم الْيَتِيم، ولعمري، إِن الرجل لتشيب لحيته، وَإنَّهُ لضعيف الْأَخْذ، ضَعِيف الأعطاء، فَإِذا أَخذ لنَفسِهِ من صَالح مَا يَأْخُذ النَّاس فقد ذهب عَنهُ اسْم الْيَتِيم ".

إن الله تبارك وتعالى حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال اتفقا على صحته وعن كعب بن مالك أن رسول الله

وَعَن الْمُغيرَة قَالَ: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِن الله تبَارك وَتَعَالَى حرم عَلَيْكُم عقوق الْأُمَّهَات، ووأد الْبَنَات، ومنعاً وهات، وَكره لكم قيل وَقَالَ، وَكَثْرَة السُّؤَال، وإضاعة المَال "، اتفقَا على صِحَّته. وَعَن كَعْب بن مَالك "، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجر على معَاذ - رَضِي الله عَنهُ - مَاله، وَبَاعه فِي دين عَلَيْهِ "، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَافِظ: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ أَن ابْن الزبير قَالَ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا -: " لأحجرن عَلَيْهَا "، الحَدِيث بِطُولِهِ فِي هجرها إِيَّاه لذَلِك، ثمَّ رِضَاهَا عَنهُ. وروى أَبُو يُوسُف القَاضِي عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه أَن عبد الله بن جَعْفَر أَتَى الزبير - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: " إِنِّي اشْتريت بيع كَذَا وَكَذَا، (وَإِن عليا - رَضِي الله عَنهُ - يُرِيد أَن يَأْتِي أَمِير الْمُؤمنِينَ، فيسأله أَن يحْجر عَليّ فِيهِ "، فَقَالَ الزبير: " أَنا شريكك فِي البيع "، وأتى على عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: إِن ابْن جَعْفَر اشْترى بيع كَذَا وَكَذَا) فاحجر عَلَيْهِ "، فَقَالَ الزبير: " وَأَنا شَرِيكه فِي البيع "، فَقَالَ عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ -: " كَيفَ أحجر على رجل فِي بيع شَرِيكه فِيهِ الزبير؟ "، قيل: تفرد بِهِ أَبُو يُوسُف القَاضِي، وَقد تَابعه أَبُو الزبير

مسألة

الْمَدِينِيّ قاضيهم عَن هِشَام بِبَعْض مَعْنَاهُ. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - /: " فعلي - رَضِي الله عَنهُ - لَو كَانَ الْحجر بَاطِلا قَالَ: لَا يحْجر على بَالغ حر، وَكَذَلِكَ عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - لَا يطْلب الْحجر إِلَّا وَهُوَ يرَاهُ، وَالزُّبَيْر رَضِي الله عَنهُ - بل كلهم يعرف الْحجر فِي حَدِيث صَاحبك ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَكَذَا عَائِشَة، وَابْن الزبير، رَضِي الله عَنْهُمَا، كَمَا سبق ذكره. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (121) : سنّ الْبلُوغ خمس عشرَة سنة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " فِي الْغُلَام سبع عشرَة، وَفِي الْجَارِيَة ثَمَانِي عشرَة ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا روى نَافِع، قَالَ: " حَدثنِي ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عرضه يَوْم أحد لِلْقِتَالِ، قَالَ: وَأَنا ابْن أَربع عشرَة سنة، فَلم يجزني، ثمَّ قَالَ: عرضني يَوْم الخَنْدَق، وَأَنا ابْن خمس عشرَة سنة، فأجازني، قَالَ نَافِع: " فَقدمت على عمر بن عبد الْعَزِيز وَهُوَ إِذْ ذَاك خَليفَة، فَحَدَّثته هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: إِن هَذَا الْحَد بَين الصَّغِير وَالْكَبِير، ثمَّ كتب إِلَى عماله أَن يفرضوا لمن بلغ خمس عشرَة سنة، وَمَا كَانَ دون ذَلِك أَن يَجْعَلُوهُ مَعَ الْعِيَال "، اتفقَا على صِحَّته.

وَلَا يجوز رد حَدِيث ابْن عمر بِأَن يُقَال: إِن بَين أحد وَالْخَنْدَق أَكثر من سنة وَاحِدَة، فَكيف يَصح أَن يَقُول ابْن عمر مَا رويتم؟ فَإِن أهل الْمَغَازِي اخْتلفُوا فِي قدر مَا بَينهمَا، فَقَوْل عُرْوَة بن الزبير، وَالزهْرِيّ فِي رِوَايَة مُوسَى بن عقبَة عَنهُ، وَمَالك بن أنس يدل على أَن غَزْوَة الخَنْدَق كَانَت سنة أَربع، فَيكون بَينهَا وَبَين أحد سنة وَاحِدَة كَمَا روينَا، فبالإجماع كَانَت غَزْوَة أحد سنة ثَلَاث، وَإِن أَخذنَا بقول من يَقُول إِن غَزْوَة الخَنْدَق كَانَت سنة خمس، فَمَعْنَى قَول ابْن عمر: " عرضت يَوْم أحد، وَأَنا ابْن أَربع عشرَة سنة "، أَي طعنت فِيهَا، وَيَوْم الخَنْدَق عرضت عَلَيْهِ، وَأَنا ابْن خمس عشرَة سنة، أَي: استكملتها، وزدت عَلَيْهَا، غير أَنه لم ينْقل الزِّيَادَة لعلمه بتعلق الحكم بالخمس عشرَة دون مَا زَاد عَلَيْهِ، وَهَذَا جَائِز فِي الْعرف أَن يعبر عَنهُ بِهِ، فَلَا حَاجَة لرد الحَدِيث بأمثاله، وَهُوَ مستقصى فِي السّنَن. وَمَا رُوِيَ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - مرفوعأً: " الصَّبِي يكْتب لَهُ حَسَنَاته، وَلَا يكْتب عَلَيْهِ سيآته، حَتَّى إِذا بلغ ثَلَاث عشرَة سنة كتب لَهُ وَعَلِيهِ، فَإِذا بلغ خمس عشرَة أُقِيمَت عَلَيْهِ الْحُدُود، أَو أخذت مِنْهُ الْحُدُود "، فإسناده ضَعِيف، لَا يثبت مثله. وَمَا روى عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا: " يثغر الصَّبِي فِي سبع سِنِين، ويحتلم لخمس عشرَة، وَيتم طوله فِي إِحْدَى

مسألة

وَعشْرين سنة، وَيتم عقله فِي ثَمَان وَعشْرين، ثمَّ التجارب "، فَلَيْسَ بِثَابِت، وَإِن ثَبت فكلامنا فِي غير الِاحْتِلَام. وَكَذَلِكَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن الْقَاسِم الطابكاني بِإِسْنَادِهِ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " رفع الْقَلَم عَن ثَلَاثَة عَن الْغُلَام حَتَّى يَحْتَلِم، فَإِن لم يَحْتَلِم حَتَّى يكون ابْن ثَمَان عشرَة، وَعَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ، وَإِن يَعْنِي طلق فِي مَنَامه لم يَقع الطَّلَاق، وَعَن الْمَجْنُون حَتَّى يَصح، قيل: وَمن الْمَجْنُون؟ قَالَ: من أبلى شبابه فِي مَعْصِيّة الله "، فَإِنَّهُ مَوْضُوع، فَإِن مُحَمَّد بن الْقَاسِم هَذَا كَانَ يضع الحَدِيث. ثمَّ ثَمَانِيَة عشرَة حَدهمْ فِي (الْجَارِيَة، لَا) الْغُلَام، فَلَا يَقُولُونَ بِهِ. وَرُوِيَ عَن عمر، وَعُثْمَان - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا اعتبرا الإنبات فِي إِقَامَة الْحُدُود. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (122) : والإنبات عَلامَة على الْبلُوغ فِي الْكفَّار، أَو هُوَ بُلُوغ

فجاء على حمار فقال رسول الله

وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَيْسَ ببلوغ ". وَدَلِيلنَا مَا روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - " أَن أهل قُرَيْظَة لما نزلُوا على حكم سعد أرسل إِلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فجَاء على حمَار، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قومُوا إِلَى سيدكم، أَو قَالَ: خَيركُمْ، قَالَ: إِن هَؤُلَاءِ قد نزلُوا على حكمك، قَالَ: إِنِّي أحكم أَن يقتل مُقَاتلَتهمْ، وتسبى ذَرَارِيهمْ، قَالَ: لقد حكمت فيهم بِحكم الْملك "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَعند أبي دَاوُد عَن عَطِيَّة الْقرظِيّ، قَالَ: " كنت من سبي قُرَيْظَة، فَكَانُوا ينظرُونَ، فَمن أنبت الشّعْر قتل، وَمن لم ينْبت لم يقتل، فَكنت فِيمَن لم ينْبت "، وَفِي رِوَايَة بِهَذَا الحَدِيث قَالَ: " فكشفوا عانتي، فوجدوها لم تنْبت، فجعلوني فِي السَّبي ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (123) : وَالصُّلْح على الْإِنْكَار غير جَائِز. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه جَائِز ".

الصلح بين المسلمين جائز إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما وقال

روى / أَبُو دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الصُّلْح بَين الْمُسلمين جَائِز، إِلَّا صلحا حرم حَلَالا، أَو أحل حَرَامًا ". وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُسلمُونَ على شروطهم ". وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث عَن أم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهَا -، وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ.

كل معروف صدقة وما أنفق الرجل على أهله ونفسه كتب له صدقة وما وقى به المرء عرضه كتب له به صدقه وما أنفق المؤمن من نفقة فإن خلفها على الله والله ضامن إلا ما كان في بنيان أو معصية فقلت لمحمد بن المنكدر وما وقى به الرجل عرضه

وروى عبد الحميد بن الْحسن الْهِلَالِي عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل مَعْرُوف صَدَقَة، وَمَا أنْفق الرجل على أَهله وَنَفسه كتب لَهُ صَدَقَة، وَمَا وقى بِهِ الْمَرْء عرضه كتب لَهُ بِهِ صدقه، وَمَا أنْفق الْمُؤمن من نَفَقَة فَإِن خلفهَا على الله - وَالله ضَامِن - إِلَّا مَا كَانَ فِي بُنيان، أَو مَعْصِيّة "، فَقلت لمُحَمد بن الْمُنْكَدر: " وَمَا وقى بِهِ الرجل عرضه؟ " قَالَ: " مَا يُعْطي الشَّاعِر، وَذَا الْبَيَان المتقي ". وَعبد الحميد هَذَا لَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَرَوَاهُ الْمسور بن الصَّلْت عَن ابْن الْمُنْكَدر أَيْضا، وَهُوَ ضَعِيف، ضعفه أجمد، وَالْبُخَارِيّ، وَالنَّسَائِيّ. وَرَوَاهُ أَبُو عصمَة عَن عبد الرَّحْمَن بن بديل عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُخْتَصرا، وَأَبُو عصمَة مَتْرُوك. وَرُوِيَ عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: " ردوا الْخُصُوم،

مسألة

لَعَلَّهُم أَن يصطلحوا، فَإِنَّهُ أَبْرَأ للصدق، وَأَقل للخباث ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (124) : وَإِذا تداعى رجلَانِ جداراً بَين داريهما، لأَحَدهمَا عَلَيْهِ جُذُوع، لم يحكم بالجدار لصَاحب الْجُذُوع. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِن كَانَت جذوعه عَلَيْهِ أَكثر من ثَلَاثَة حكم لَهُ بالجدار ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي "، رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن مُسلم بن خَالِد عَنهُ. وَعَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يمْنَع أحدكُم جَاره أَن يغرز خَشَبَة فِي جِدَاره "، أخرجه البُخَارِيّ، وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَحَدِيث سعيد بن أبي بردة عَن أَبِيه عَن أبي مُوسَى -

في شيء ليس لواحد منهما بينة فقضى به رسول الله

رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " اخْتصم رجلَانِ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي شَيْء لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة، فَقضى بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهمَا نِصْفَيْنِ "، وَفِي رِوَايَة خلاس عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا بِمَعْنَاهُ، وَقد ذَكرنَاهَا فِي السّنَن. وروى دهثم بن قرَان - بأسانيد مُخْتَلفَة - " أَن قوما اخْتَصَمُوا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حظار بَينهم، فَأرْسل حُذَيْفَة - رَضِي الله عَنهُ - يقْضِي بَينهم، فَقضى للَّذي وجد معاقد القمط تليه، ثمَّ رَجَعَ، فَأخْبر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أصبت، أَو قَالَ: أَحْسَنت "، قَالَ على بن عمر: لم يروه غير دهثم، وَهُوَ ضَعِيف. سُئِلَ يحيى بن معِين عَن حَدِيثه، فَقَالَ: " دهثم كَانَ كوفياً، لَا يكْتب حَدِيثه ".

مسألة

وَرُوِيَ عَن سماك عَن رجل من أهل الْبَصْرَة " أَن قوما اخْتَصَمُوا فِي خص لَهُم إِلَى عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فَقضى بَينهم أَن ينظر أَيهمْ كَانَ أقرب من القماط، فَهُوَ أَحَق بِهِ "، وَهَذَا مُنْقَطع، وَقد رَوَاهُ الْوَلِيد بن أبي ثَوْر عَن منهال عَن الْحسن عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (125) : الْمحَال عَلَيْهِ إِذا مَاتَ مُفلسًا، أَو جحد الْحق، وَلم يكن للمحتال بَيِّنَة، لم يكن لَهُ أَن يرجع على الْمُحِيل بِحقِّهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَضِي الله عَنهُ -: " لَهُ أَن يرجع عَلَيْهِ ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مطل الْغَنِيّ ظلم، وَإِذا أُتبع أحدكُم على مليءٍ، فَليتبعْ، اتفقَا على صِحَّته.

استدلوا بِحَدِيث خُلَيْد بن جَعْفَر: سَمِعت أَبَا إِيَاس عَن عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " لَيْسَ على مَال الْمُسلم توى "، يَعْنِي حِوَالَة، وروى مُطلقًا لَيْسَ فِيهِ - يَعْنِي - حِوَالَة، وَذكره مُحَمَّد بن الْحسن، وَقَالَ: " فِي حِوَالَة وكفالة ". وخليد بن جَعْفَر بَصرِي، لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ جدا، وَلِهَذَا لم يحْتَج بِهِ البُخَارِيّ، وَلَا مُسلم، وَلَكِن قرنه مُسلم مَعَ غَيره فِي مَوضِع، وَاسْتشْهدَ بِهِ أَيْضا. (وَإيَاس هُوَ أَبُو مُعَاوِيَة) ، وَأَبُو إِيَاس هُوَ مُعَاوِيَة بن قُرَّة الْمُزنِيّ، من الطَّبَقَة الثَّالِثَة من تَابِعِيّ أهل الْبَصْرَة، فَهُوَ لم يدْرك عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، وَلَا كَانَ فِي زَمَانه / وَلَو كَانَ ثَابتا عَن عُثْمَان، لم يكن فِيهِ حجَّة، لِأَنَّهُ لَا يدْرِي أقَال فِي الْحِوَالَة، أَو الْكفَالَة، أَو

مسألة

غَيرهمَا، وَغلط بعض الْمُحدثين، وَقَالَ: " خُلَيْد بن دعْلج "، وَهُوَ وهم. وَالله أعلم بِالصَّوَابِ. مَسْأَلَة (126) : الضَّمَان عَن الْمَيِّت صَحِيح خلف وَفَاء، أَو لم يخلف. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - وَحده: " إِن لم يخلف وَفَاء لم يَصح ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِجنَازَة رجل من الْأَنْصَار؛ ليُصَلِّي عَلَيْهَا، فَقَالَ: هَل عَلَيْهِ دين؟ قَالُوا لَا، قَالَ: هَل ترك شَيْئا؟ قَالُوا: لَا، فصلى عَلَيْهِ، وَأتي بِجنَازَة، فَقَالَ: هَل عَلَيْهِ دين؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: هَل ترك شَيْئا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: صلوا على صَاحبكُم، قَالَ أَبُو قَتَادَة: هُوَ عَليّ يَا رَسُول الله "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَحَدِيث سَمُرَة - رَضِي الله عَنهُ - " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى على

أما إني لم أنوه باسمك إلا لخير إن فلانا لرجل منهم مأسور بدينه فلو رأيت أهله ومن يتحرون بأمره قاموا فقضوا عنه وفي هذين الحديثين بيان جواز إنشاء الضمان على الميت بعد موته وإن لم يضمنه الضامن عنه في حال حياته بخلاف مذهب

جَنَازَة، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ: أههنا من آل فلَان أحد؟ ، فَقَالَ ذَاك مرَارًا، فَقَامَ رجل يجر إزَاره (من مُؤخر النَّاس) ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما إِنِّي لم أنوه بِاسْمِك إِلَّا لخير، إِن فلَانا لرجل مِنْهُم مأسور بِدِينِهِ، فَلَو رَأَيْت أَهله، وَمن يتحرون بأَمْره قَامُوا، فقضوا عَنهُ ". وَفِي هذَيْن الْحَدِيثين بَيَان جَوَاز إنْشَاء الضَّمَان على الْمَيِّت بعد مَوته، وَإِن لم يضمنهُ الضَّامِن عَنهُ فِي حَال حَيَاته، بِخِلَاف مَذْهَب الْعِرَاقِيّين. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ. مَسْأَلَة (127) : شركَة الْمُفَاوضَة بَاطِلَة - وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّهَا جَائِزَة ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي حَدِيث بَرِيرَة - الْمُتَّفق على صِحَّته - عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " ثمَّ قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي النَّاس، فَحَمدَ الله، وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: مَا بَال رجال يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله، مَا كَانَ من شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله فَهُوَ بَاطِل، وَإِن كَانَ مائَة شَرط ".

وفيه قال رسول الله

وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - بِإِسْنَادِهِ حَدِيث أبي رمثة حِين دخل مَعَ أَبِيه على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيه قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من هَذَا مَعَك؟ " قَالَ: " ابْني "، قَالَ: " أما إِنَّه لَا يجني عَلَيْك، وَلَا تجني عَلَيْهِ "، وَرُوِيَ من وَجه آخر، وَفِيه: " وَقَرَأَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى} ، وهم فِي شركَة الْمُفَاوضَة يؤاخذون الشَّرِيك بِجِنَايَة شَرِيكه. احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله قَالَ: " اشتركت أَنا وعمار وَسعد فِيمَا نصيب يَوْم بدر، قَالَ: فجَاء سعد بأسيرين، وَلم أجئ أَنا وعمار بِشَيْء ". هَذَا مُرْسل؛ أَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه إِلَّا أَنه حسن، وَلَيْسَ فِيهِ حجَّة لمن أجَاز شركَة الْأَبدَان؛ لِأَن الْغَنِيمَة شركَة لمن شهد الْوَقْعَة وَأهل الْخمس، دون عقد الشّركَة، وَلَا تَأْثِير للْعقد فِي كَون الْغَنِيمَة بَينهمَا. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (128) : وَالْكَفَالَة ببدن من عَلَيْهِ المَال صَحِيحَة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة، رَحمَه الله، وباطلة فِي القَوْل الآخر،

مسألة

وَهُوَ الْقيَاس. وَأما فِي الْحُدُود فَلَا تجوز بِالْإِجْمَاع. وَالْأَحَادِيث فِيهَا وَردت، فَلَا معنى فِي مَوْضُوع الْخلاف، إِلَّا أَنَّهَا تدل على اشتهار الْكفَالَة بِالْبدنِ فِيمَا بَينهم. وَرُوِيَ عَن أبي إِسْحَاق عَن حَارِثَة بن مصرف فَذكر قصَّة فِي عبد الله بن النواحة، وَأَصْحَابه أَصْحَاب مُسَيْلمَة الْكذَّاب، وَأَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - أَمر بِابْن النواحة، فَضرب رَأسه، ثمَّ إِن ابْن مَسْعُود اسْتَشَارَ النَّاس فِي أُولَئِكَ النَّفر، فَقَامَ عدي بن حَاتِم، فَقَالَ: قولا، ثمَّ قَامَ جرير، والأشعث، فقلا: بل استتبهم، وكفلهم عَشَائِرهمْ، فاستتابهم، فتابوا، فكفلهم عَشَائِرهمْ ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (129) : التَّوْكِيل بِالْخُصُومَةِ صَحِيح دون رضى الْخصم بِهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - وَحده: " رضى الْخصم شَرط فِي صِحَة التَّوْكِيل مَعَ حُضُور الْمُوكل وسلامته ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر عَن أبي ذَر - رَضِي الله عَنهُ قَالَ:

أي العمل أفضل فقال إيمان بالله وجهاد في سبيله قلت أي الرقاب أفضل قال أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها قال قلت فإن لم أفعل قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق قال قلت فإن لم أفعل قال تدع الناس من الشر فإنها

" سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَي الْعَمَل أفضل، فَقَالَ: إِيمَان بِاللَّه، وَجِهَاد فِي سَبيله، قلت: أَي الرّقاب أفضل، قَالَ: أغلاها ثمنا، وأنفسها عِنْد أَهلهَا، قَالَ: قلت: فَإِن لم أفعل، قَالَ: تعين صانعا، أَو تصنع لأخرق قَالَ: قلت: فَإِن لم أفعل، قَالَ: تدع النَّاس من الشَّرّ؛ فَإِنَّهَا صَدَقَة، تصدق بهَا على نَفسك "، اتفقَا على صِحَّته. وَعَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - /: انصر أَخَاك ظَالِما أَو مَظْلُوما، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، هَذَا ينصره مَظْلُوما، كَيفَ ينصره ظَالِما، قَالَ: يَأْخُذ فَوق يَدَيْهِ "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَعَن سهل بن أبي خَيْثَمَة، وَرَافِع بن خديج - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن عبد الله بن سهل (ومحيصة بن مَسْعُود أَتَيَا خَيْبَر فِي حَاجَة، فتفرقا فِي النّخل، فَقتل عبد الله بن سهل، فجَاء أَخُوهُ عبد الرَّحْمَن بن سهل) ، وَأَبْنَاء عَمه محيصة، وحويصة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

الكبر فتكلما في أمر صاحبهما وذكر الحديث اتفقا على صحته وروي عن محمد بن إسحاق عن جهم بن أبي جهم عن عبد الله بن جعفر قال كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يكره الخصومة وكان إذا كانت الخصومة وكل فيها عقيل بن أبي طالب

فذكرا أَمر صَاحبهمَا، فَبَدَأَ عبد الرَّحْمَن فَتكلم، وَكَانَ أقرب، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْكبر، فتكلما فِي أَمر صَاحبهمَا " وَذكر الحَدِيث، اتفقَا على صِحَّته. وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن جهم بن أبي جهم عَن عبد الله بن جَعْفَر، قَالَ: " كَانَ عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - يكره الْخُصُومَة، وَكَانَ إِذا كَانَت الْخُصُومَة وكل فِيهَا) عقيل بن أبي طَالب، فَلَمَّا كبر وكلني "، وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (130) : وَإِقْرَار الْمَرِيض لوَارِثه بِالدّينِ فِي مرض مَوته فِي ظَاهر الْمَذْهَب. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّه مَرْدُود ". وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْمعَانِي، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وليملل الَّذِي عَلَيْهِ الْحق وليتق الله ربه وَلَا يبخس مِنْهُ شَيْئا} ، فَأمر الله تَعَالَى الْإِقْرَار، وَنهى عَن الكتمان، وَلم يخص. وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إيَّاكُمْ وَالظَّن؛ فَإِن الظَّن أكذب الحَدِيث، وَلَا تجسسوا، وَلَا تحسسوا، وَلَا تناجشوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تباغضوا، وَلَا تدابروا، وَكُونُوا عبدا الله إخْوَانًا " - اتفقَا على صِحَّته عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى نوح بن دراج عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه قَالَ: قَالَ رَسُول الله " لَا وَصِيَّة لوَارث، وَلَا إِقْرَار بدين ".

مسألة

وَهَذَا مُرْسل، ونوح بن دراج ضَعِيف الحَدِيث جدا، قَالَ يحيى بن معِين: " نوح بن دراج كَذَّاب خَبِيث، لم يكن يدْرِي مَا الحَدِيث، كَانَ يقْضِي وَهُوَ أعمى ثَلَاث سِنِين، وَلَا يخبر النَّاس أَنه أعمى، من خبثه ". وَرَوَاهُ نوح مرّة، فَزَاد فِيهِ: " عَن جَابر ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (131) : وَإِذا أقرّ جَمِيع الْوَرَثَة بوارث ثَبت نسبه. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يشاركهم فِي الْمِيرَاث، وَلَا يثبت نسبه ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن عبد بن زَمعَة وسعداً - رَضِي الله عَنْهُمَا - اخْتَصمَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ابْن أمة زَمعَة، فَقَالَ سعد: " يَا رَسُول الله، أَوْصَانِي أخي: إِذا قدمت مَكَّة أَن أنظر إِلَى ابْن أمة زَمعَة فاقبضه، فَإِنَّهُ ابْني "، فَقَالَ عبد بن زَمعَة: " أخي، وَابْن أمة أبي، ولد على فرَاش أبي "، فَرَأى شبهاًَ بَينا بِعتبَة، فَقَالَ: " هُوَ لَك يَا عبد بن زَمعَة، الْوَلَد للْفراش، واحتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة " - اتفقَا على صِحَّته.

هو لك وهو أخوك يا عبد بن زمعة وفيه ثم قال واحتجبي منه يا سودة لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص أخرجه البخاري في الصحيح فقال وقال ليث حدثني يونس فذكر معناه فذكر هذه اللفظة استدلوا بما روى جرير عن منصور عن

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - بِمَعْنَاهُ، وَزَاد فَقَالَ: " هُوَ أَخُوك يَا عبد ". ومسدد حَافظ ثِقَة، وَالزِّيَادَة من مثله مَقْبُولَة. وَرَوَاهُ يُونُس عَن الزُّهْرِيّ، وَفِيه: " فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هُوَ لَك، وَهُوَ أَخُوك، يَا عبد بن زَمعَة "، وَفِيه: ثمَّ قَالَ: واحتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة لما رأى من شبه عتبَة بن أبي وَقاص "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح فَقَالَ: " وَقَالَ لَيْث: حَدثنِي يُونُس "، فَذكر مَعْنَاهُ، فَذكر هَذِه اللَّفْظَة. استدلوا بِمَا روى جرير عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد عَن يُوسُف بن الزبير مولى الزبير عَن عبد الله بن الزبير - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " كَانَت لزمعة جَارِيَة يَطَؤُهَا، وَكَانَت تظن بِرَجُل آخر أَنه يَقع عَلَيْهَا، فَمَاتَ زَمعَة وَهِي حُبْلَى، فَولدت غُلَاما يسبه الرجل الَّذِي كَانَت تظن بِهِ، فَذَكرته سَوْدَة لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: أما الْمِيرَاث فَلهُ، وَأما أَنْت فاحتجبي مِنْهُ ".

مسألة

هَذَا حَدِيث فِي رُوَاته من نسب فِي آخر عمره إِلَى سوء الْحِفْظ، وَهُوَ جرير ابْن عبد الحميد، وَفِيهِمْ من لَا يعرف بِمَا يثبت بِهِ حَدِيثه، وَهُوَ يُوسُف بن الزبير، أَو الزبير بن يُوسُف، مولى لآل الزبير، وَعبد الله بن الزبير - رَضِي الله عَنهُ - كَأَنَّهُ لم يشْهد الْقِصَّة لصغره. وَأما حديثنا فرواته مَشْهُورُونَ بِالْحِفْظِ وَالْفِقْه وَالْأَمَانَة. وَعَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - تخبر عَن الْقِصَّة كَأَنَّهَا شهدتها. ثمَّ إِن ثَبت يحْتَمل أَن يكون المُرَاد بقوله: لَيْسَ لَك بِأَخ شبها، وَإِن كَانَ لَك بِحكم الْفراش أَخا؛ فَلَا يكون لقَوْله: " هُوَ أَخُوك يَا عبد (بن زَمعَة) " مُخَالفا، فقد ألحقهُ بالفراش، حَتَّى حكم لَهُ بِالْمِيرَاثِ. (وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق، وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أعلم بِالصَّوَابِ) . مَسْأَلَة (132) : الْعَارِية مَضْمُونَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّهَا أَمَانَة ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا عِنْد / أبي دَاوُد عَن مُسَدّد عَن يحيى عَن ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " على الْيَد مَا أخذت حَتَّى تُؤدِّي "، ثمَّ إِن

استعار منه أدراعا يوم حنين فقال أغصب يا محمد قال لا بل عارية مضمونة وكذا رواه جعفر بن محمد عن أبيه أن صفوان بن أمية أعار ورواه عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه رضي الله عنه عن النبي

الْحسن نسى فَقَالَ: " هُوَ أمينك لَا ضَمَان عَلَيْهِ ". وَرُوِيَ عَن أُميَّة بن صَفْوَان بن أُميَّة عَن أَبِيه - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتعَار مِنْهُ أدراعاً يَوْم حنين، فَقَالَ: " أغصب يَا مُحَمَّد؟ " قَالَ: لَا، بل عَارِية مَضْمُونَة ". وَكَذَا رَوَاهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن صَفْوَان بن أُميَّة أعَار ... وَرَوَاهُ عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة عَن عبد الرَّحْمَن بن جَابر عَن أَبِيه - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَكرْنَاهُ فِي السّنَن بِالْإِسْنَادِ.

قال يا صفوان هل عندك سلاح قال عارية أم غصبا قل لا بل عارية فأعاره بين الثلاثين إلى الأربعين درعا وغزا رسول الله

وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن أبي شيبَة عَن جرير عَن ابْن رفيع عَن أنَاس من آل عبد الله بن صَفْوَان أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يَا صَفْوَان، هَل عنْدك سلَاح؟ " قَالَ: " عَارِية أم غصبا؟ " قل: " لَا، بل عَارِية "، فأعاره بَين الثَّلَاثِينَ إِلَى الْأَرْبَعين درعاً، وغزا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حنيناً. فَلَمَّا هزم الله الْمُشْركين جمعت دروع صَفْوَان ففقد مِنْهَا أدراعاً، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِصَفْوَان: " إِنَّا قد فَقدنَا من أدراعك أدراعاً، فَهَل نغرم لَك؟ " قَالَ: " لَا، يَا رَسُول الله، لِأَن فِي قلبِي الْيَوْم مَا لم يَك يَوْمئِذٍ ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن مُسَدّد عَن أبي الْأَحْوَص عَن ابْن رفيع عَن عَطاء عَن أنَاس من آل صَفْوَان، فَذكره بِمَعْنَاهُ.

استعار قصعة فضاعت فأمرهم النبي

وَرُوِيَ عَن سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز الدِّمَشْقِي عَن حميد عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن بعض أهل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتعَار قَصْعَة فَضَاعَت فَأَمرهمْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يغرموها، وَفِي رِوَايَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - اسْتعَار قَصْعَة فَضَاعَت، فضمنها لَهُم. سُوَيْد بن عبد الْعَزِيز رُبمَا يهم فِي الشَّيْء، وَمَا سبق أصح. وَالصَّحِيح رِوَايَة يحيى ين سعيد، وَابْن عَلَيْهِ عَن حميد، أخرجهَا البُخَارِيّ - رَحمَه الله - وفيهَا بَيَان أَن الْقِصَّة فِي غير الْعَارِية. وَرُوِيَ ضَمَان الْعَارِية عَن ابْن عَبَّاس، وَأبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنْهُم. وَعَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: " كَانَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - يضمن الْعَارِية، وَكتب إِلَيّ أَن أضمنها وَقُرِئَ على الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عبد الرَّحْمَن - قَالَ الطَّحَاوِيّ: هُوَ ابْن السَّائِب: أَن رجلا اسْتعَار بَعِيرًا من رجل فَعَطب، فَأتى بِهِ مَرْوَان بن الحكم، فَأرْسل مَرْوَان إِلَى أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - فأوقفوه بَين السماطين فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: " يغرم ". استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عَمْرو بن عبد الْجَبَّار عَن عُبَيْدَة بن

قال ليس على المستعبر غير المغل ضمان ولا على المستودع غير المغل ضمان قال علي بن عمر عمرو وعبيدة ضعيفان وإنما يروي ذلك عن شريح القاضي غير مرفوع والله أعلم

حسان عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ على المستعبر غير الْمغل ضَمَان، وَلَا على الْمُسْتَوْدع غير الْمغل ضَمَان ". قَالَ عَليّ بن عمر: " عَمْرو، وَعبيدَة ضعيفان. وَإِنَّمَا يروي ذَلِك عَن شُرَيْح القَاضِي غير مَرْفُوع. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (133) : وَالْقطع وَالضَّمان يَجْتَمِعَانِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِذا قطع السَّارِق لم يضمن، وَإِذا ضمن أَولا لم يقطع ". قَالَ الله - عز وَجل: {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا جَزَاء بِمَا كسبا نكالاً من الله وَالله عَزِيز حَكِيم} . وَقَالَ الله - عز وَجل: {فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} . فالقطع حق الله عز وَجل، والاعتداء عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم حق الْمَسْرُوق مِنْهُ.

فقال يا أسامة تشفع في حد من حدود الله ثم قام النبي

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - حَدِيث المخزومية الَّتِي سرقت، وكلم فِيهَا أُسَامَة - رَضِي الله عَنهُ - رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " يَا أُسَامَة، تشفع فِي حد من حُدُود الله "، ثمَّ قَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَطِيبًا فَقَالَ: " إِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ أَنهم كَانُوا إِذا سرق فيهم الشريف تَرَكُوهُ، وَإِذا سرق فيهم الضَّعِيف أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَد، وأيم الله، لَو أَن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد سرقت لَقطعت يَدهَا ". فَلَو كَانَ رد الْمَسْرُوق أَو تَضْمِينه يُوجب سُقُوط الْقطع عَن السَّارِق لضمنوه؛ لِئَلَّا يقطعهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَكنهُمْ لما لم يَجدوا لَهَا عَنهُ محيصاً بتشفيع أُسَامَة / بن زيد، فَلم يَنْفَعهُمْ ذَلِك أَيْضا. وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن صَفْوَان بن عبد الله أَن صَفْوَان بن أُميَّة - رَضِي الله عَنهُ - قيل لَهُ: " من لم يُهَاجر هلك "، فَقدم صَفْوَان الْمَدِينَة، فَنَامَ فِي الْمَسْجِد، فتوسد رِدَاءَهُ، فجَاء سَارِق فَأخذ رِدَاءَهُ من تَحت رَأسه، فَأخذ صَفْوَان السَّارِق فجَاء بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِقطع يَده، فَقَالَ صَفْوَان: " إِنِّي لم أرد هَذَا، هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَة "، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَهَلا قبل أَن تَأتِينِي بِهِ ". ثمَّ قَالَ: " وَحدثنَا سُفْيَان عَن عَمْرو عَن طَاوُوس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل حَدِيث مَالك ".

يقطع اليد في ربع دينار فصاعدا وروى الشافعي عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن رقيقا لحاطب سرقوا ناقة لرجل من مزينة وانتحروها فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأمر كثير بن الصلت أن يقطع

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يقطع الْيَد فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا ". وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب أَن رَقِيقا ً لحاطب سرقوا نَاقَة لرجل من مزينة وانتحروها، فَرفع ذَلِك إِلَى عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - فَأمر كثير بن الصَّلْت أَن يقطع أَيْديهم، (ثمَّ قَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " إِنِّي أَرَاك تجيعهم، وَالله لأغرمنك غرماً يشق عَلَيْك) ، ثمَّ قَالَ للمزني: " كم ثمن نَاقَتك؟ " قَالَ: " أَربع مائَة دِرْهَم "، قَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " أعْطه ثَمَان مائَة دِرْهَم ". وَرُوِيَ عَن هشيم عَن أبي حنيفَة عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ يَقُول: " يضمن السّرقَة استهلكها أَو لم يستهلكها، وَعَلِيهِ الْقطع ".

قال لا غرم على السارق إذا أقيم عليه الحد قال هذا حديث تفرد به المفضل وهو مرسل المسور أخو سعيد بن إبراهيم لم يدرك جده عبد الرحمن بن عوف قال أبو صالح عبد الغفار بن داود قلت للمفضل يا أبا معاوية إنما هو

استدلوا بِمَا روى الْمفضل بن فضَالة عَن يُونُس بن يزِيد عَن سعيد بن إِبْرَاهِيم عَن أَخِيه الْمسور عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا غرم على السَّارِق إِذا أقيم عَلَيْهِ الْحَد ". قَالَ: هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ الْمفضل، وَهُوَ مُرْسل؛ الْمسور أَخُو سعيد بن إِبْرَاهِيم لم يدْرك جده عبد الرَّحْمَن بن عَوْف. قَالَ أَبُو صَالح عبد الْغفار بن دَاوُد: " قلت للمفضل: يَا أَبَا مُعَاوِيَة، إِنَّمَا هُوَ

سعد بن إِبْرَاهِيم "، فَقَالَ " هَكَذَا فِي كتابي "، أَو " هَكَذَا "، الشَّك مَعَ أبي صَالح. قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى: " وَإِن كَانَ هَذَا سعيد بن إِبْرَاهِيم - كَمَا فِي كتاب الْمفضل - فَهُوَ مَجْهُول، وَأَخُوهُ الْمسور مَجْهُول. وَإِن كَانَ (سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن) بن عَوْف فقد قَالَ أهل الْعلم بالتواريخ: لَا نَعْرِف لسعد أَخا مَعْرُوفا بالرواية يُقَال لَهُ الْمسور. وَقد رَأَيْت حَدِيثا لسَعِيد بن مُحَمَّد بن الْمسور بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن، كَانَ فِي خلَافَة عمر بن الْخطاب صَبيا صَغِيرا، وَمَات أَبوهُ فِي خلَافَة عُثْمَان، فَكَانَ إِدْرَاك أَوْلَاده بعد موت أَبِيه، وَإِنَّمَا رِوَايَة ابنيه المعروفين صَالح وَسعد عَن أَبِيهِمَا إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّحْمَن. فَهَذَا الَّذِي عَرفْنَاهُ بحفيديه، وَفِيه نظر، لَا يعر لَهُ رُؤْيَة، وَلَا رِوَايَة عَن جده، وَلَا عَن غَيره من الصَّحَابَة، فَهُوَ مَعَ الْجَهَالَة مُنْقَطع. وبمثل هَذِه الرِّوَايَة لَا تتْرك أَمْوَال الْمُسلمين تذْهب بَاطِلا ".

مسألة

قَالَ أَبُو بكر بن الْمُنْذر: " لَا يثبت خبر عبد الرَّحْمَن بن عَوْف فِي هَذَا الْبَاب ". وَالله تَعَالَى أعلم. مَسْأَلَة (134) : والأراضي عندنَا تضمن بِالْغَصْبِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّهَا لَا تضمن، وَلَا يتَصَوَّر فِيهَا الْغَصْب ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن أَنه دخل على عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - وَهُوَ يُخَاصم فِي أَرض، فَقَالَت: " يَا أَبَا سَلمَة، اجْتنب الأَرْض، فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من ظلم قيد شبر من أَرض طوقه يَوْم الْقِيَامَة من سبع أَرضين "، اتفقَا على صِحَّته ". وَعَن عُرْوَة بن الزبير أَن أروى ادَّعَت على سعد بن زيد - رَضِي الله عَنهُ - أَنه أَخذ شَيْئا من أرْضهَا فَخَاصَمته إِلَى مَرْوَان، فَقَالَ سعيد: " أَنا كنت آخذ من أرْضهَا شَيْئا بعد الَّذِي سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، فَقَالَ: " وماذا سَمِعت من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / يَقُول: من أَخذ شبْرًا من الأَرْض طوقه إِلَى سبع أَرضين "، فَقَالَ لَهُ مَرْوَان: " لَا أَسأَلك بَيِّنَة بعد هَذَا "، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِن كَانَت كَاذِبَة فأعم بصرها، واقتلها فِي أرْضهَا "، فَمَا مَاتَت حَتَّى ذهب بصرها، فَبَيْنَمَا هِيَ تمشي فِي أرْضهَا إِذْ وَقعت فِي حُفْرَة

قال من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه من سبع أرضين وفي الباب عن سعيد بن زيد رضي الله عنه أيضا مرفوعا أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وعن علي رضي الله عنه مرفوعا لعن الله من غير منار الأرض والله أعلم

فَمَاتَتْ. اتفقَا على صِحَّته. وَقَوله فِي هَذِه الرِّوَايَة: " من أَخذ شبْرًا من الأَرْض " صَرِيح فِي الْمَسْأَلَة. وَكَذَلِكَ (فِي صَحِيح) حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عِنْد مُسلم، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أَخذ شبْرًا من الأَرْض بِغَيْر حَقه طوقه من سبع أَرضين ". وَفِي الْبَاب عَن سعيد بن زيد - رَضِي الله عَنهُ - أَيْضا مَرْفُوعا، أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَعَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا -: " لعن الله من غير منار الأَرْض ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (135) : وَإِذا غصب ساحة (من الأَرْض) (فَبنى عَلَيْهَا) أَخذ بِنَقْض

قال لا يحل لامرئ أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه وذلك لشدة ما حرم الله عز وجل مال المسلم على المسلم وهو في السنن أتم وفي حديث عبد الله بن السائب بن يزيد عن أبيه عن جده رضي الله عنهما عن النبي

الْبناء ورد مَا غصب. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " يلْزمه قيمَة الساحة، وَلَا يلْزمه ردهَا ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحل لامرئ أَن يَأْخُذ عَصا أَخِيه بِغَيْر طيب نَفسه. وَذَلِكَ لشدَّة مَا حرم الله - عز وَجل - مَال الْمُسلم على الْمُسلم ". وَهُوَ فِي السّنَن أتم. وَفِي حَدِيث عبد الله بن السَّائِب بن يزِيد عَن أَبِيه عَن جده - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَإِذا أَخذ أحدكُم عَصا أَخِيه فليردها إِلَيْهِ ". وَهُوَ فِي السّنَن، و (إِسْنَاده) حسن إِلَيْهِ.

رواية عمرو بن يثربي فيقوى احتجوا بما روي عن الشافعي رحمه الله أن مالكا رحمه الله أخبره عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رسول الله

وَحَدِيث عَم أبي حرَّة الرقاشِي - رَضِي الله عَنهُ -: " لَا يحل مَال امْرِئ مُسلم إِلَّا بِطيب نفس مِنْهُ "، يضم إِلَيْهِ حَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -، وخطبة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رِوَايَة عَمْرو بن يثربي، فيقوى. احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن الشَّافِعِي - رَحمَه الله - أَن مَالِكًا - رَحمَه الله - أخبرهُ عَن عَمْرو بن يحيى الْمَازِني عَن أَبِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا ضَرَر، وَلَا ضرار ".

قال لا ضرر ولا ضرار من ضار ضره الله ومن شاق شق الله عليه ثم يقول المغصوب منه يستضر بذلك وهو أولى بأن ينظر له قال رسول الله

وَرُوِيَ عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد الدَّرَاورْدِي عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه عَن أبي سعيد - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا ضَرَر، وَلَا ضرار؛ من ضار ضره الله، وَمن شاق شقّ الله عَلَيْهِ "، ثمَّ يَقُول: " الْمَغْصُوب مِنْهُ يستضر بذلك، وَهُوَ أولى بِأَن ينظر لَهُ ". قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَيْسَ لعرق ظَالِم حق ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث سعيد بن زيد - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لعرق ظَالِم حق ". قَالَ مَالك بن أنس - رَحمَه الله -: " الْعرق الظَّالِم (كل مَا) أَخذ واحتفر وغرس بِغَيْر حق ".

مسألة

وَعِنْده عَن يحيى بن عُرْوَة عَن أَبِيه، فَذكر مَعْنَاهُ، وَقَالَ: " فَلَقَد خبرني ... . ". مَسْأَلَة (136) : وَإِذا غصب جَارِيَة فَزعم أَنَّهَا مَاتَت فَقضى بِقِيمَة الْجَارِيَة الْميتَة، ثمَّ وجدهَا صَاحبهَا فَهِيَ لَهُ، وَترد الْقيمَة، وَلَا تكون الْقيمَة ثمنا. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِن أَخذ الْقيمَة الَّذِي ادَّعَاهَا الْمَغْصُوب مِنْهُ لم ترد، وَصَارَت الْجَارِيَة ملكا للْغَاصِب لأَخذه الْقيمَة ". وَفِي هَذَا احتيال لمن أَرَادَ جَارِيَة رجل لَا يَبِيعهَا، فيغصبها، ويعتل بِأَنَّهَا مَاتَت، حَتَّى يَأْخُذ رَبهَا قيمتهَا، فينسب للْغَاصِب جَارِيَة غيرَة. وَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَمْوَالكُم عَلَيْكُم حرَام، وَلكُل غادر لِوَاء يَوْم

بمنى وفيها فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأنسابكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت قلنا نعم قال اللهم أشهد فليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ يبلغه من هو أوعى له

الْقِيَامَة "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح من حَدِيث ابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا. واتفقا على حَدِيث أبي بكرَة فِي خطة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى، وفيهَا: " فَإِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضكُمْ وأنسابكم عَلَيْكُم حرَام، كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا، (فِي شهركم) هَذَا، فِي بلدكم هَذَا، أَلا هَل بلغت؟ " قُلْنَا " نعم "، قَالَ: " اللَّهُمَّ أشهد، فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب، فَإِنَّهُ رب مبلغ يبلغهُ من هُوَ أوعى لَهُ ". واتفقا على حَدِيث أم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا أَنا بشر، (وَإِنَّكُمْ) تختصمون إِلَيّ وَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أَلحن بحجته من بعض فأقضي لَهُ / على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ، فَمن قضيت لَهُ من حق أَخِيه بِشَيْء فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا، فَإِنَّمَا هِيَ لَهُ قِطْعَة من نَار ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (137) : من أراق على ذمِّي خمرًا لم يكن عَلَيْهِ ضَمَان، وَلَا يجوز لمُسلم

فقرأهن علينا وقال حرمت التجارة في الخمر اتفقا على صحته وفي الحديث الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي

تَوْكِيل الذِّمِّيّ فِي بيع الْخمر. وَقَالَ بعض الْعِرَاقِيّين: " عَلَيْهِ الضَّمَان، وَيجوز تَوْكِيل الذِّمِّيّ فِي بَيْعه ". وَعَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " لما نزلت الْآيَات الْأَوَاخِر من سُورَة الْبَقَرَة خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقرأهن علينا وَقَالَ: حرمت التِّجَارَة فِي الْخمر) ، اتفقَا على صِحَّته. وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي الْخمر: " إِن الَّذِي حرم شربهَا حرم بيعهَا ". وروينا فِي مَسْأَلَة تَخْلِيل الْخمر عَن أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر بإراقة خمر الْيَتَامَى، وَلم يَأْذَن فِي تخليلها، وَلَو كَانَ إِلَى بيعهَا سَبِيل بِوَجْه لم يَأْمر بإهلاك مَال الْيَتِيم. وَإِذا لم يجز بيعهَا لم يجز تضمينها. وَأما مَا رُوِيَ عَن سُفْيَان عَمَّن سمع ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - يَقُول: " دخلت على عمر - رَضِي الله عَنهُ - وَهُوَ يقلب يَده، فَقلت لَهُ: مَا لَك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؟ قَالَ: عويمل لنا بالعراق خلط

قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم أن يأكلوها فجملوها فباعوها فأكلوا أثمانها قال سفيان يقول لا تأخذ في ضريبتهم الخمر ولا الخنزير ولكن خلوا بينهم وبين بيعها فخذوا أثمانها في جزيتهم فهذا حديث منقطع وليس فيه

فِي الْمُسلمين أَثمَان الْخمر وأثمان الْخَنَازِير، ألم يعلم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لعن الله الْيَهُود؛ حرمت عَلَيْهِم الشحوم أَن يأكلوها، فجملوها فَبَاعُوهَا، فَأَكَلُوا أثمانها ". قَالَ سُفْيَان: " يَقُول: لَا تَأْخُذ فِي ضريبتهم الْخمر وَلَا الْخِنْزِير، وَلَكِن خلوا بَينهم وَبَين بيعهَا، فَخُذُوا أثمانها فِي جزيتهم ". فَهَذَا حَدِيث مُنْقَطع، وَلَيْسَ فِيهِ - إِن كَانَ ثَابتا - أَن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - ولأهم بيعهَا، بَعْدَمَا دخلت فِي يَده، وَإِنَّمَا فِيهِ قَول سُفْيَان: " خلوا بَينهم وَبَين بيعهَا "، يَعْنِي: لَا يتَعَرَّض الْمُسلمُونَ لَهُم فِيمَا يَعْتَقِدُونَ جَوَاز بَيْعه، فَإِذا باعوها بِأَنْفسِهِم أخذُوا مِنْهُم حِينَئِذٍ مَا كَانَ للْمُسلمين عَلَيْهِم. وَنحن نقُول بِجَمِيعِ ذَلِك. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (138) : إِذا غصب شَيْئا فَغَيره، أَو طَعَاما فَأَكله لم يملكهُ، وَعَلِيهِ رد مَا بقى مِنْهُ نَاقِصا، وَيغرم قيمَة النُّقْصَان. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " (يملكهُ) - على تَفْصِيل يذكرهُ فِي مذْهبه - وَيغرم قِيمَته ".

خطب الناس في حجة الوداع وذكر الحديث وفيه ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس ولا تظالموا ولا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وروينا في حديث عمرو بن يثربي رضي الله عنه أنه قال شهدت خطبة النبي

رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطب النَّاس فِي حجَّة الْوَدَاع، وَذكر الحَدِيث، وَفِيه: " وَلَا يحل لامرئ من مَال أَخِيه إِلَّا مَا أعطَاهُ عَن طيب نفس، وَلَا تظالموا، وَلَا ترجعوا بعدِي كفَّارًا يضْرب بَعْضكُم رِقَاب بعض ". وروينا فِي حَدِيث عَمْرو بن يثربي - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: " شهِدت خطْبَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بمنى، وَكَانَ فِيمَا خطب بِهِ أَن قَالَ: وَلَا يحل لأحد من مَال أَخِيه إِلَّا مَا طابت بِهِ نَفسه "، وَذكر الحَدِيث. وَذكر حَدِيثا عَن رجل من مزينة قَالَ: " صنعت امْرَأَة

طعاما فدعته وأصحابه قال فذهب بي أبي معه فلم يأكلوا حتى رأوا رسول الله

لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَعَاما، فدعته وَأَصْحَابه، قَالَ: فَذهب بِي أبي مَعَه، فَلم يَأْكُلُوا حَتَّى رَأَوْا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أكل، فَلَمَّا أَخذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - 0 لقمته رمى بهَا، ثمَّ قَالَ: إِنِّي لأجد طعم لحم شَاة ذبحت بِغَيْر إِذن صَاحبهَا، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، أخي، وَأَنا من أعز النَّاس عَلَيْهِ، وَلَو كَانَ خيرا مِنْهَا لم يُغير عَليّ، وَعلي أَن أرضيه بِأَفْضَل مِنْهَا، فَأبى أَن يَأْكُل مِنْهَا، وَأمر بِالطَّعَامِ للأسارى ". فَهَذِهِ الْمَرْأَة ذبحتها، وشوت لَحمهَا، فَلَو كَانَت ملكتها بِالذبْحِ والشي لم يمْتَنع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أكل مَا قَدمته إِلَيْهِ بعد مَا ملكته، وَإِنَّمَا أَمر بِهِ للأسارى لغيبة صَاحبه، وَخَوف الْفساد عَلَيْهِ بالإمساك على صَاحبه، ثمَّ يغرمه لَهُ، كَمَا يغرم أَمْثَال ذَلِك لأربابه. وَالله أعلم. وَفِي الحَدِيث الصَّحِيح عِنْد البُخَارِيّ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " كَانَ لأبي غُلَام يخرج لَهُ الْخراج، وَكَانَ أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - يَأْكُل من خراجه، فجَاء يَوْمًا بِشَيْء فَأكل مِنْهُ أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ لَهُ الْغُلَام: تَدْرِي مَا هَذَا؟ قَالَ أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ -: مَا هُوَ؟ قَالَ كنت تكهنت لإِنْسَان فِي الْجَاهِلِيَّة - وَمَا أحسن الكهانة إِلَّا أَنِّي خدعته - فَلَقِيت فَأَعْطَانِي بذلك، فَهَذَا الَّذِي أكلت مِنْهُ، فَأدْخل أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - يَده فقاء كل شَيْء فِي بَطْنه ".

مسألة

مَسْأَلَة (139) : وَفِي معنى هَذِه الْمَسْأَلَة - لَا يملك الْغَاصِب الْمَغْصُوب / بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ، سَوَاء بلغ أرش الْجِنَايَة قِيمَته أَو لم يبلغ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِذا بلغ أرش الْجِنَايَة قِيمَته فصاحبه بِالْخِيَارِ بَين أَن يَأْخُذ الْمَغْصُوب بِلَا أرش، أَو يَأْخُذ الْأَرْش دون الْمَغْصُوب " وروينا نَحْو مَذْهَبنَا عَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة من التَّابِعين من أهل الْمَدِينَة، فِيمَا يرويهِ ابْن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَنْهُم. مَسْأَلَة (140) : وَعِنْدنَا إِذا غصب دَابَّة ففقأ عينهَا وَجب عَلَيْهِ أَرْشهَا، وَهُوَ مَا نقص من قيمتهَا. وَقَالَ بعض الْعِرَاقِيّين: " يضمن ربع قِيمَته ".

مسألة

وروينا نَحْو مَذْهَبنَا عَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة من التَّابِعين. وَالَّذِي رُوِيَ عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - فِي تضمينها بِربع ثمنهَا إِنَّمَا رُوِيَ بأسانيد مَرَاسِيل وضعيفة. فَمِنْهَا رِوَايَة النَّخعِيّ وَأبي قلَابَة عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَكِلَاهُمَا مُنْقَطع. وَمِنْهَا رِوَايَة جَابر الْجعْفِيّ عَن الشّعبِيّ عَن شُرَيْح عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ، والجعفي ضَعِيف، وَرِوَايَة مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ ومجالد غير مُحْتَج بِهِ، وَالشعْبِيّ عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - مُنْقَطع. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (141) :

صفحة فارغة.

الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وطرقت الطرق فلا شفعة أخرجه البخاري في الصحيح وأخرج مسلم عنه قال قضى رسول الله

الشُّفْعَة لَا تثبت بالجوار. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّهَا تثبت بالجوار ". وَدَلِيلنَا حَدِيث جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " إِنَّمَا جعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الشُّفْعَة فِي كل مَا لم يقسم، فَإِذا وَقعت الْحُدُود، (وطرقت) الطّرق فَلَا شُفْعَة "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَأخرج مُسلم عَنهُ قَالَ: " قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالشُّفْعَة فِي كل شرك لم يقسم ربعَة، أَو حَائِط (فَلَا) يحل لَهُ أَن يَبِيع حَتَّى يُؤذن شَرِيكه، فَإِن شَاءَ أَخذ، وَإِن شَاءَ ترك. فَإِن بَاعَ وَلم يُؤذنهُ فَهُوَ أَحَق ".

فقال يا سعد ابتع مني بيتي في دارك فقال سعد والله لا ابتاعهما فقال المسور والله لتبتاعنهما فقال سعد لا أزيد على أربعة آلاف منجمة أو قال مقطعة فقال أبو رافع والله لقد أعطيت بها خمسمائة دينار ولولا أني

قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " لم يقل: " يقسم " فِي هَذَا الحَدِيث إِلَّا ابْن إِدْرِيس، وَهُوَ من الثِّقَات الْحفاظ ". وَرُوِيَ هَذَا الْمَذْهَب عَن عمر، وَعُثْمَان، رَضِي الله عَنْهُمَا. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث عمر بن الشريد، قَالَ: " وقف على سعد بن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - فجَاء الْمسور بن مخرمَة - رَضِي الله عَنهُ - فَوضع يَده على أحد مَنْكِبي، إِذْ جَاءَ أَبُو رَافع - رَضِي الله عَنهُ - مولى (رَسُول الله) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا سعد، ابتع مني بَيْتِي فِي دَارك. فَقَالَ سعد: وَالله، لَا ابتاعهما. فَقَالَ الْمسور: وَالله، لتبتاعنهما، فَقَالَ سعد: (لَا أَزِيد) على أَرْبَعَة آلَاف منجمة، أَو (قَالَ) : مقطعَة، فَقَالَ أَبُو رَافع: وَالله، لقد أَعْطَيْت بهَا خَمْسمِائَة دِينَار، وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت (رَسُول الله) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " الْجَار أَحَق بصقبه " مَا أعطيتكها

الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا قال أبو عيسى سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال لا أعلم أحد رواه عن عطاء غير عبد الملك بن أبي سليمان وهو حديث عبد الملك الذي تفرد به ويروى عن

بأَرْبعَة آلَاف، وَأَنا أعْطى بهَا خمس مائَة دِينَار، فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَعند أبي دَاوُد عَن الْحسن عَن سَمُرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " جَار الدَّار أَحَق بدار الْجَار (أَو الأَرْض) ". وَالْمرَاد - وَالله أعلم بذلك - أَن الْجَار الشَّرِيك الَّذِي لم يقاسم؛ بِدَلِيل حَدِيث أبي سَلمَة، وَأبي الزبير عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - فَإِنَّهُ جمع فِي حَدِيثه بَين من يسْتَحق الشُّفْعَة، وَمن لَا يَسْتَحِقهَا، فَهُوَ أولى بِالرُّجُوعِ إِلَيْهِ. وَعند أبي دَاوُد عَن أَحْمد بن حَنْبَل: حَدثنَا هشيم: أخبرنَا عبد الْملك - هُوَ ابْن أبي سُلَيْمَان - عَن عَطاء عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْجَار أَحَق بشفعة جَاره، ينْتَظر بهَا وَإِن كَانَ غَائِبا، إِذا كَانَ طريقهما وَاحِدًا ". قَالَ أَبُو عِيسَى: " سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: لَا أعلم أحد رَوَاهُ عَن عَطاء غير عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان، وَهُوَ حَدِيث عبد الْملك الَّذِي تفرد بِهِ. ويروى عَن جَابر - رَضِي الله

في كون حق الشفعة على الفور وليس بثابت وروي عن ابن البيلماني عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا لا شفعة لشريك على شريكه إذا سبقه بالشراء والشفعة كحل العقال وابن البيلماني ضعيف جدا وليس هذا بثابت وروي عن

عَنهُ - خلاف هَذَا "، قَالَ أَبُو عِيسَى: " وَإِنَّمَا ترك شُعْبَة حَدِيث عبد الْملك لحَال هَذَا الحَدِيث ". وَرُوِيَ بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن أبي سعيد - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " الخليط أَحَق من الشَّفِيع، وَالشَّفِيع أَحَق من غَيره ". ويروى حَدِيث عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كَون حق الشُّفْعَة على الْفَوْر، وَلَيْسَ بِثَابِت. وَرُوِيَ عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي عَن أَبِيه عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا: " لَا شُفْعَة لِشَرِيك على شَرِيكه إِذا سبقه بِالشِّرَاءِ، وَالشُّفْعَة كحل العقال ". وَابْن الْبَيْلَمَانِي ضَعِيف جدا، وَلَيْسَ هَذَا بِثَابِت. وَرُوِيَ عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " الصَّبِي على شفعته حَتَّى يدْرك، فَإِذا أدْرك فَإِن شَاءَ أَخذ، وَإِن شَاءَ ترك ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (142) : كل عَرصَة لَا تحْتَمل الْقِسْمَة الشَّرْعِيَّة فَلَا شُفْعَة فِيهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " فِيهَا الشُّفْعَة ". وروى أَبُو عبيد / عَن عبد الله بن إِدْرِيس عَن مُحَمَّد بن عمَارَة عَن أبي بكر بن حزم (أَو عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم) - الشَّك من أبي عبيد - عَن أبان بن عُثْمَان عَن عُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " لَا شُفْعَة فِي بِئْر، وَلَا (فَحل) ، والأرف تقطع كل شُفْعَة ". قَالَ ابْن إِدْرِيس: " الأرف: المعالم " وَقَالَ الْأَصْمَعِي: " هِيَ المعالم وَالْحُدُود، هَذَا كَلَام أهل الْحجاز، يُقَال مِنْهُ: أرفت الدَّار وَالْأَرْض تأريفاً، إِذا قسمتهَا وحددتها ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (143) : الْمُسَاقَاة جَائِزَة على النّخل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -

عامل أهل خيبر على شطر ما يخرج منها من ثمر وزرع أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح وفي صحيح مسلم عنه أن النبي

وَحده: " إِنَّهَا غير جَائِزَة ". وَدَلِيلنَا حَدِيث نَافِع عَن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَامل أهل خَيْبَر على شطر مَا يخرج مِنْهَا من ثَمَر وَزرع "، أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَفِي صَحِيح مُسلم عَنهُ: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دفع إِلَى يهود خَيْبَر نخل خَيْبَر وأرضها على أَن يعتملوها من أَمْوَالهم، وَأَن لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شطر ثَمَرهَا ". وَعِنْده أَيْضا عَنهُ، قَالَ: " لما فتحت خَيْبَر سَأَلت يهود رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقرهم فِيهَا، على أَن يعملوا على النّصْف مِمَّا خرج مِنْهَا من الثَّمر وَالزَّرْع، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نقركم فِيهَا على ذَلِك مَا شِئْنَا. فَكَانُوا فِيهَا كَذَلِك على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - وَطَائِفَة من إِمَارَة عمر - رَضِي الله عَنهُ - وَكَانَ التَّمْر يقسم على السهْمَان بِالنِّصْفِ، وَيَأْخُذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخمس ". (وَالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أعلم) .

مسألة

مَسْأَلَة (144) : وَفِي تضمين الْأَجِير الْمُشْتَرك مَا تلف فِي يَده من غير تَعديَة قَولَانِ. وَقَالَ (أَبُو حنيفَة) - رَحمَه الله -: " مَا تلف بِفِعْلِهِ ضمنه وَإِن لم يكن مفرطاً فِيهِ، وَمَا تلف بِغَيْر فعله فَلَا يضمنهُ ". رُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يضمن الصناع، وَقَالَ: " لَا يصلح النَّاس إِلَّا ذَاك ". وَرُوِيَ عَن عمر - رَضِي عَنهُ - تضمين بعض الصناع، من وَجه فِيهِ نظر. وَقضى شُرَيْح على قصار أَو صباغ بِالضَّمَانِ. وَعَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة من التَّابِعين أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: " الغسال، والصواغ، والخياط، وَأَصْحَاب الصناعات كلهم ضامنون لكل مَا وَقع إِلَيْهِم ". وَمِمَّنْ قَالَ: " لَا يضمن " عَطاء بن أبي رَبَاح، قَالَ: " لَا ضَمَان على صانع، وَلَا على أجِير "، ذَكرْنَاهُ فِي السّنَن. وَرُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ، من وَجه لَا يثبت مثله - أَنه كَانَ لَا يضمن أحدا من الأجراء، ذَكرْنَاهُ فِي السّنَن.

مسألة

وروى حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان عَن النَّخعِيّ أَنه قَالَ: " لَا يضمن ". وَقَالَ سُلَيْمَان بن مهْرَان: " سَأَلت إِبْرَاهِيم عَن الْقصار فَقَالَ: يضمن ". فَهَذِهِ أخبارهم فِي الضَّمَان، وَلم يحك عَن أحد مِنْهُم التَّفْصِيل بَين مَا يكون بِفِعْلِهِ وَغَيره، وَمَا ثَبت فِيهِ الْأَثر، فَهُوَ أولى الْقَوْلَيْنِ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (145) : دفع الْأجر بِدفع الشَّيْء فِيهِ الْمَنْفَعَة إِذا لم يشترطا فِي الْأُجْرَة أَََجَلًا. وَعند أبي حنيفَة - رَحمَه الله - يجب بِقدر مَا يمْضِي. احْتج الشَّافِعِي - رَحمَه الله - فِي ذَلِك بِجَوَاز أَخذهَا من جِهَة الصّرْف، قَالَ: " وهم يَرْوُونَهُ عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يكاري من رجل بِالْمَدِينَةِ، ثمَّ صارفه قبل أَن يركب "، قَالَ

مسألة

" وَإِن كَانَ ثَابتا فَهُوَ مُوَافق لنا وَحجَّة عَلَيْهِم ". رُوِيَ عَن سَالم عَن أَبِيه أَن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ: " أَيّمَا رجل أكرى كِرَاء فجاوز صَاحبه ذَا الحليفة قد وَجب (كراؤه، وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ، يَعْنِي - وَالله أعلم - قبض الْمُكْتَرِي مَا اكترى، وَجَاوَزَ ذَا الحليفة فقد وَجب) عَلَيْهِ جَمِيع الْكِرَاء إِذا لم يشْتَرط فِي الْأُجْرَة أَََجَلًا، وَلَا ضَمَان عَلَيْهِ إِذا لم يَتَعَدَّ ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (146) : إِذا أَحييت أَرض ميتَة مرّة، ثمَّ ذهبت آثَار الْإِحْيَاء، وأحياها آخر لم يملكهَا. وَقَالَ بعض الْعِرَاقِيّين: " يملكهَا ". عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من عمر أَرضًا لَيست لأحد فَهُوَ أَحَق بهَا ". قَالَ عُرْوَة: " قضى بذلك عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - فِي خِلَافَته "، رَوَاهُ البُخَارِيّ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (147) : وَمن أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ، أذن لَهُ الإِمَام فِي إحيائها أَو لم يَأْذَن. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يملكهَا إِلَّا بِإِذن الإِمَام ".

قال من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق وعن عروة قال أشهد أن رسول الله

دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن سعيد بن زيد - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لعرق ظَالِم حق ". وَعَن عُرْوَة قَالَ: " أشهد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى أَن الأَرْض أَرض الله، وَأَن الْعباد عباد الله، وَمن أَحْيَا مواتاً فَهُوَ أَحَق بهَا، جَاءَنَا بِهَذَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الَّذين جاؤونا بالصلوات عَنهُ ". وروى عَنهُ عَن عَائِشَة مَرْفُوعا. وَعند أبي دَاوُد عَن أَحْمد بن حَنْبَل بِإِسْنَادِهِ عَن الْحسن عَن سَمُرَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أحَاط على أَرض فَهِيَ لَهُ ". وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِي عَن مَالك (عَن هِشَام) عَن أَبِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لعرق ظَالِم حق ". قَالَ: " وَأخْبرنَا مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه أَن عمر -

قال غزوت مع رسول الله

رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: من أَحْيَا أَرضًا ميتَة فَهِيَ لَهُ ". وَرُوِيَ عَن أبي خرَاش عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " غزوت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سبع غزوات، أَو ثَلَاث غزوات، فَسَمعته يَقُول: الْمُسلمُونَ شُرَكَاء فِي ثَلَاث، فِي المَاء، والكلأ، وَالنَّار ". فالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل النَّاس شُرَكَاء فِيمَا لم يكن ملكا لأحد، وَلم يشْتَرط فِي الِانْتِفَاع بهَا إِذن السُّلْطَان، وَكَذَلِكَ إحْيَاء الْموَات الَّذِي لَيْسَ بِملك لأحد يجوز (دون) إِذن السُّلْطَان، إِذْ هُوَ فِي مَعْنَاهُ. وَالله أعلم. . مَسْأَلَة (148) : لَيْسَ للذِّمِّيّ أَن يحيي الْموَات فِي دَار الْإِسْلَام. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَهُ ذَلِك إِذا أذن لَهُ الإِمَام ". " (موتان) الأَرْض لله، وَلِرَسُولِهِ، ثمَّ لكم من بعد ". وَالله تَعَالَى أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (149) : وَلَيْسَ للسُّلْطَان أَن يحمي، فِي أحد الْقَوْلَيْنِ، وَله أَن يحمي لغيره فِي القَوْل الثَّانِي. عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن الصعب بن جثامة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا حمى إِلَّا لله وَلِرَسُولِهِ "، قَالَ - يَعْنِي ابْن شهَاب -: " وبلغنا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حمى البقيع، وَأَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - حمى سرف،

والربذة "، أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه قَالَ: " سَمِعت عمر - رَضِي الله عَنهُ - وَاسْتعْمل مولى لَهُ على الْحمى يُقَال لَهُ: هنى، أَو هنى، فَقَالَ: ياهنى، ضم جناحيك عَن النَّاس، وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم؛ فَإِن دَعْوَة الْمَظْلُوم مجابة، أَدخل رب الصريمة وَالْغنيمَة، وَدعنِي من نعم ابْن عَفَّان، وَابْن عَوْف، فَإِنَّهُمَا إِن تهْلك ماشيتهما يرجعان إِلَى نخل وَزرع، وَإِن هَذَا الْمِسْكِين إِن تهْلك مَاشِيَته جَاءَنِي يَصِيح: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، فالماء والكلأ أَهْون عَليّ من أَن أغرم لَهُم ذَهَبا وورقاً، وَالله إِنَّهَا لبلادهم الَّتِي قَاتلُوا عَلَيْهَا فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأَسْلمُوا عَلَيْهَا فِي الْإِسْلَام، وَلَوْلَا مَا أحمل عَلَيْهِ من هَذِه النعم فِي سَبِيل الله مَا حميت (من بِلَاد الْمُسلمين شَيْئا) ، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح.

لا حمى إلا لله ولرسوله أي على مثل ما حمى عليه رسوله

وَفِي حمى أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - مِمَّا حماه لمنافع الْمُسلمين، وسكوت الصَّحَابَة - رَضِي الله عَنْهُم - عَن الْإِنْكَار عَلَيْهِ كالإجماع مِنْهُم على جَوَازه على مثل مَا حماه. وَفِي ذَلِك كالدلالة على أَن معنى قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا حمى إِلَّا لله (وَلِرَسُولِهِ) " أَي على مثل مَا حمى عَلَيْهِ رَسُوله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (150) : وَيتم الْحَبْس فِي الْمشَاع والمقسوم والمنقولات، وَإِن لم يقبض. وَعند مُحَمَّد بن الْحسن وَحده لَا يتم فِيمَا يجوز فِيهِ الْوَقْف عِنْده، وَهُوَ الْعقار. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " الْوَقْف لَا يلْزم، وَإِن قبض ". دليلنا حَدِيث ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " أصَاب عمر أَرضًا بِخَيْبَر، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت أَرضًا بِخَيْبَر لم أصب مَالا قطّ أنفس مِنْهُ، فَكيف تَأمر (ني) بِهِ؟ قَالَ: إِن شِئْت حبست أَصْلهَا وتصدقت بهَا، فَتصدق بهَا عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَن لَا يُبَاع أَصْلهَا، وَلَا يُوهب، وَلَا يُورث، فِي الْفُقَرَاء والقربى والرقاب (وَفِي سَبِيل الله، والضيف) وَابْن السَّبِيل، لَا جنَاح على من

في أن يتصدق بماله الذي بثمغ فقال النبي

وَليهَا أَن يَأْكُل مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ / (أَو) يطعم صديقا، غير مُتَمَوّل فِيهِ، أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَعَن ابْن عمر (أَن عمر) - رَضِي الله عَنْهُمَا - اسْتَشَارَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أَن يتَصَدَّق بِمَالِه الَّذِي بثمغ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " تصدق بثمره، واحبس أَصله، لَا يُبَاع، وَلَا يُورث ". وَفِي رِوَايَة أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - تصدق بِمَال لَهُ على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تصدق بِأَصْلِهِ لَا يُبَاع، (وَلَا يُورث، وَلَا يُوهب) ، وَلَكِن ينْفق ثمره "، وَمن ذَلِك الْوَجْه أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَرُوِيَ عَنهُ أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " يَا رَسُول الله، إِنِّي أصبت مَالا لم أصب قطّ مثله، تخلصت الْمِائَة الَّتِي بِخَيْبَر، وَإِنِّي قد أردْت أَن أَتَقَرَّب بهَا إِلَى الله "، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " حبس الأَصْل، وسبل الثَّمَرَة ".

وَفِي هَذَا الْخَبَر دلَالَة على وقف الْمشَاع. قَالَ أَبُو يحيى السَّاجِي: " وَرُوِيَ أَن (الْحُسَيْن وَالْحسن) رَضِي الله عَنْهُمَا - وقف أَحدهمَا أشقاصاً من دوره، فَأجَاز ذَلِك الْعلمَاء ". وَتصدق ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - بِالسَّهْمِ بِالْغَابَةِ الَّتِي وهبت لَهُ حَفْصَة، رَضِي الله عَنْهَا. وروى الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادِهِ عَن اللَّيْث عَن يحيى بن سعيد عَن صَدَقَة عمر، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: نسخهَا لي عبد الحميد بن عبد الله بن عمر بن الْخطاب (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، هَذَا مَا كتب عبد الله بن عمر (بن الْخطاب) فِي ثمغ) أَنه إِلَى حَفْصَة مَا عاشت

بالواد بيدي لم أهلكها فإنه مع ثمغ على سنته التي أمرت بها وإن شاء ولي ثمغ اشترى من ثمره رقيقا لعمله كتب معيقيب وشهد عبد الله بن الأرقم بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين أن أحدث به حدث أن

تنْفق ثمره حَيْثُ أَرَاهَا الله، فَإِن توفيت فَإِنَّهُ إِلَى ذِي الرَّأْي من أَهلهَا لَا يَشْتَرِي أَصله أبدا، وَلَا يُوهب. وَمن وليه فَلَا حرج عَلَيْهِ فِي ثمره إِن أكل، أَو آكل صديقا غير متأثل مَالا، فَمَا عَفا عَنهُ من ثمره فَهُوَ للسَّائِل، والمحروم، والضيف، وَذَوي الْقُرْبَى، وَابْن السَّبِيل، وَفِي سَبِيل الله، تنفقه حَيْثُ أَرَاهَا الله من ذَلِك. فَإِن توفيت فَإلَى ذِي الرَّأْي من وَلَدي. وَالْمِائَة الوسق الَّذِي أَطْعمنِي مُحَمَّد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالواد بيَدي لم أهلكها فَإِنَّهُ مَعَ ثمغ، على سنته الَّتِي أمرت بهَا. وَإِن شَاءَ ولي ثمغ اشْترى من ثمره رَقِيقا لعمله. كتب معيقيب، وَشهد عبد الله بن الأرقم: " بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، هَذَا مَا أوصى بِهِ عبد الله عمر، أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن أحدث بِهِ، حدث أَن ثمغ، وصرمة ابْن الْأَكْوَع، وَالْعَبْد الَّذِي فِيهِ و (الْمِائَة السهْم) الَّذِي بِخَيْبَر، ورقيقه الَّذِي فِيهِ، وَالْمِائَة الوسق الَّذِي أطْعمهُ مُحَمَّد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تليه مَا عاشت - يَعْنِي حَفْصَة - ثمَّ يَلِيهِ ذَوُو الرَّأْي من أَهلهَا، لَا يُبَاع، وَلَا يشترى، يُنْفِقهُ حَيْثُ رأى، من السَّائِل والمحروم، وَذَوي الْقُرْبَى، وَلَا حرج على من وليه إِن

عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة وذكر الحديث وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا وقد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله وفي هذا دلالة على جواز وقف المنقولات خلاف قول محمد بن الحسن إنه لا يجوز قال أبو بكر عبد

أكل، أَو آكل، أَو اشْترى بِهِ رَقِيقا مِنْهُ ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة - ر ضي الله عَنهُ - قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - على الصَّدَقَة، وَذكر الحَدِيث ... " وَأما خَالِد فَإِنَّكُم تظْلمُونَ خَالِدا، وَقد احْتبسَ أدراعه، وأعتده فِي سَبِيل الله ". وَفِي هَذَا دلَالَة على جَوَاز وقف المنقولات، خلاف قَول مُحَمَّد بن الْحسن إِنَّه لَا يجوز. قَالَ أَبُو بكر عبد الله بن الزبير الْحميدِي: " وَتصدق أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - بداره بِمَكَّة على وَلَده، فَهِيَ إِلَى الْيَوْم، (وَتصدق عمر (بن الْخطاب) - رَضِي الله عَنهُ - بربعه عِنْد الْمَرْوَة وبالثنية على وَلَده فَهِيَ إِلَى الْيَوْم) ، وَتصدق عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - بأرضه وداره بِمصْر وبأمواله بِالْمَدِينَةِ على وَلَده فَذَلِك إِلَى الْيَوْم

وَتصدق سعد بن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - بداره بِالْمَدِينَةِ وَبِدَارِهِ بِمصْر على وَلَده فَذَلِك إِلَى الْيَوْم، وَعُثْمَان - رَضِي الله عَنهُ - برومة فَهِيَ إِلَى (الْيَوْم) ، / وَعَمْرو بن الْعَاصِ - رَضِي الله عَنهُ - بالوهط من الطَّائِف وداره بِمَكَّة على وَلَده فَذَلِك إِلَى الْيَوْم، وَحَكِيم بن حزَام بداره بِمَكَّة وَالْمَدينَة على وَلَده (فَذَلِك إِلَى الْيَوْم) " قَالَ: " وَمَا لَا يحضرني ذكره كثير، يجْرِي مِنْهُ أقل مِمَّا ذكرت من صدقَات من تصدق بداره بِمَكَّة، وَحجَّة لأهل مَكَّة فِي ملك بيوتها، وَكَذَلِكَ منازلها، لِأَنَّهُ لَا يعمد أَبُو بكر، وَعمر، وَالزُّبَيْر، وَعَمْرو بن الْعَاصِ، وَحَكِيم بن حزَام - رَضِي الله عَنْهُم - إِلَى شَيْء النَّاس فِيهِ شرع سَوَاء، فيتصدقون بِهِ على أَوْلَادهم دون مالكيه مَعَهم ". وَرُوِيَ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه تصدق بِأَرْض لَهُ بينبع على الْفُقَرَاء، وَالْمَسَاكِين، وَفِي سَبِيل الله، وَابْن السَّبِيل، للقريب والبعيد، وَفِي السّلم وَفِي الْحَرْب، ليَوْم تبيض وُجُوه وَتسود وُجُوه ليصرف الله بهَا وَجْهي عَن النَّار، وَيصرف النَّار عَن وَجْهي ". وَرُوِيَ عَنهُ أَن عمر وعلياً - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَقفا أَرضًا لَهما (بتابتلا) ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أَخْبرنِي مُحَمَّد بن شَافِع: أَخْبرنِي

رضي الله عنها تصدقت بمالها على بني هاشم وبني المطلب وأن عليا رضي الله عنه تصدق عليهم وأدخل معهم غيرهم واستدلوا بما روي عن أبي بكر بن حزم أن عبد الله بن زيد بن عبد ربه جاء إلى رسول الله

عبد الله بن حسن عَن غير وَاحِد من أهل بَيته - وَأَحْسبهُ قَالَ: زيد بن عَليّ - أَن فَاطِمَة بنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، رَضِي الله عَنْهَا، تَصَدَّقت بمالها على بني هَاشم وَبني الْمطلب، وَأَن عليا - رَضِي الله عَنهُ - تصدق عَلَيْهِم، وَأدْخل مَعَهم غَيرهم ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن أبي بكر بن حزم أَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه جَاءَ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن حائطي هَذَا صَدَقَة، وَهُوَ إِلَى الله، وَإِلَى رَسُوله فجَاء أَبَوَاهُ فَقَالَا: يَا رَسُول الله، كَانَ قوام عيشنا فَرده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِمَا، فورثه ابنهما بعدهمَا ".

ميراثا قال على بن عمر هذا مرسل لأن عبد الله بن زيد عبد ربه توفي في خلافة عثمان ولم يدركه أبو بكر بن حزم ورواه بشير بن محمد بن عبد الله بن زيد وهذا أيضا مرسل بشير لم يدرك جده عبد الله بن زيد قاله لي أبو عبد الرحمن

وَعنهُ عَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه - وَهُوَ الَّذِي أرِي النداء _ أَنه الَّذِي تصدق على أَبَوَيْهِ ثمَّ توفيا، فَرده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِيرَاثا. قَالَ على بن عمر: " هَذَا مُرْسل؛ لِأَن عبد الله بن زيد عبد ربه توفّي فِي خلَافَة عُثْمَان، وَلم يُدْرِكهُ أَبُو بكر بن حزم ". وَرَوَاهُ بشير بن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد، وَهَذَا أَيْضا مُرْسل؛ بشير لم يدْرك جده عبد الله بن زيد، قَالَه لي أَبُو عبد الرَّحْمَن عَن عَليّ بن عمر الْحَافِظ. وَرَوَاهُ عَمْرو بن سليم عَن عبد الله بن زيد، وَهُوَ أَيْضا مُرْسل، قَالَه لي عَنهُ. وَرَوَاهُ أَبُو أُميَّة بن يعلى عَن مُوسَى بن عقبَة عَن إِسْحَاق بن يحيى عَن عبَادَة بن الصَّامِت - رَضِي الله عَنهُ - أَن عبد الله بن فلَان. . وَهُوَ أَيْضا مُرْسل؛ إِسْحَاق بن يحيى ضَعِيف، وَلم يدْرك عبَادَة، وَأَبُو أُميَّة مَتْرُوك، قَالَه لي عَنهُ.

جاء بإطلاق الحبس قال مالك الذي جاء محمد

ثمَّ إِن صَحَّ شَيْء من ذَلِك فَإِنَّمَا ورد فِي الصَّدَقَة غير الْمُحرمَة، وَنحن نقُول بذلك. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وَاحْتج مُحْتَج بِحَدِيث شُرَيْح أَن مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ بِإِطْلَاق الْحَبْس "، (قَالَ مَالك) : " الَّذِي جَاءَ مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِطْلَاقِهِ هُوَ الَّذِي فِي كتاب الله - عز وَجل - {مَا جعل الله من بحيرة وَلَا سائبة وَلَا وصيلة وَلَا حام} ".

ولا يصح قال علي بن عمر لم يسنده غير ابن لهيعة عن أخيه وهما ضعيفان والمشهور عن شريح قوله لا حبس عن فرائض الله فإن استدلوا به من وجه آخر وقالوا حكم شريح فيما بين الصحابة وسكوتهم على ذلك دليل على موافقتهم إياه على

قَالَ ابْن عبد الحكم: " كلم بِهِ مَالك أَبَا يُوسُف عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ، فاحتج مُحْتَج بقول شُرَيْح (لَا حبس عَن فَرَائض الله) ، فَكَذَلِك من مَاله، فَلَيْسَ بِحَبْس عَن فَرَائض الله ". ويروون هَذَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَا يَصح. قَالَ عَليّ بن عمر: " لم يسْندهُ غير ابْن لَهِيعَة عَن أَخِيه، وهما ضعيفان ". وَالْمَشْهُور عَن شُرَيْح قَوْله: " لَا حبس عَن فَرَائض الله ". فَإِن استدلوا بِهِ من وَجه آخر، وَقَالُوا: حكم شُرَيْح فِيمَا بَين الصَّحَابَة وسكوتهم على ذَلِك دَلِيل على موافقتهم إِيَّاه على ذَلِك، قُلْنَا: إِنَّمَا حمله عَطاء بن السَّائِب مستفتياً فِي زمن بشر بن مَرْوَان، حِين لم يبْق من الْخُلَفَاء الرَّاشِدين أحد، وَلَو ظهر قَوْله لمن بَقِي من الصَّحَابَة - رَضِي الله عَنْهُم - لم يعجز عَن منكرين إِيَّاه، وعملهم بالتحبيس وَاحِد بعد آخر، كَمَا / حَكَاهُ الشَّافِعِي، رَحمَه الله. وَعنهُ: يُؤَدِّي معنى الْإِنْكَار إِلَى من غفل عَنْهُم وَخلف هَوَاهُ. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق، (وَهُوَ) أعلم بِالصَّوَابِ.

مسألة

مَسْأَلَة (151) : وَيجوز وقف الْحَيَوَان. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". وَقَالَ مُحَمَّد: " يجوز وقف الْخَيل دون غَيرهَا ". وَالله (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) - أعلم. مَسْأَلَة (152) : وَحكم الرقبى حكم الْعُمْرَى. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -:

قال لا تعمروا ولا ترقبوا فمن أعمر شيئا أو أرقبه فهو في سبيل الميراث وروى أبو داود بسنده عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال قال رسول الله

الرقبى لَا تلْزم، فللمرقب الرُّجُوع فِيهَا مَتى شَاءَ ". روى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تعمروا، وَلَا ترقبوا، فَمن أعمر شَيْئا أَو أرقبه فَهُوَ فِي سَبِيل الْمِيرَاث ". وروى أَبُو دَاوُد بِسَنَدِهِ عَن زيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أعمر شَيْئا فَهُوَ لمعمره محياه ومماته، وَلَا ترقبوا، فَمن أرقب شَيْئا فَهُوَ (سَبِيل الْمِيرَاث) " وَرُوِيَ عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْعُمْرَى جَائِزَة لمن أعمرها، والرقبى جَائِزَة لمن أرقبها ". وَالله تَعَالَى (أعلم) . مَسْأَلَة (153) : وَلَيْسَ لأحد أَن يرجع فِيمَا وهب (وأقبضه إِلَّا الْوَالِد) فِيمَا

فقال إني أعطيت ابن عمرة بنت رواحة عطية وأمرتني أن أشهدك يا رسول الله قال أعطيت سائر ولدك مثل هذا قال لا قال فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم وقال فرجع فرد عطيته رواه البخاري في الصحيح وعن حميد بن عبد الرحمن

وهب من وَلَده. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يجوز إِلَّا للوالد فِيمَا وهب لوَلَده وكل ذِي رحم محرم ". وَدَلِيلنَا مَا أخبرنَا أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد، وَذكر إِسْنَاده عَن عَامر، قَالَ: " سَمِعت النُّعْمَان بن بشير - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول - وَهُوَ على الْمِنْبَر - أَعْطَانِي أبي عَطِيَّة فَقَالَت لَهُ عمْرَة بنت رَوَاحَة؛ لَا أرْضى حَتَّى تشهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْت (ابْن عمْرَة) بنت رَوَاحَة عَطِيَّة وأمرتني أَن أشهدك، يَا رَسُول الله، قَالَ أَعْطَيْت سَائِر ولدك مثل هَذَا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَاتَّقُوا الله، واعدلوا بَين أَوْلَادكُم. وَقَالَ: فَرجع فَرد عطيته "، رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. وَعَن حميد بن عبد الرَّحْمَن، وَمُحَمّد بن النُّعْمَان بن بشير عَنهُ

فقال إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال رسول الله

أَن أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنِّي نحلت ابْني هَذَا غُلَاما كَانَ لي، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أكل ولدك نحلته مثل هَذَا؟ " فَقَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فارجعه ". اتفقَا على صِحَّته. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله تَعَالَى -: " حَدِيث النُّعْمَان حَدِيث ثَابت، وَبِه نَأْخُذ، وَفِيه دلَالَة على أُمُور، مِنْهَا: حسن الْأَدَب فِي أَن لَا يفضل رجل أحدا من وَلَده على أحد فِي نحل، فَيعرض فِي قلب الْمفضل عَلَيْهِ شَيْء يمنعهُ من بره، لِأَن كثيرا من قُلُوب الْآدَمِيّين جبل على الإقصار عَن بعض الْبر إِذا أوثر عَلَيْهِ، وَدلَالَة على أَن نحل الْوَالِد بعض وَلَده دون بعض جَائِز؛ من قبل أَنه لَو كَانَ لَا يجوز - فَذكر كلَاما لَا أثْبته، مَعْنَاهُ: لما قَالَ: ارجعه، ثمَّ أثْبته - وَقَالَ: وَقَوله: (فارجعه) دَلِيل على أَن للوالد رد مَا أعْطى الْوَلَد، وَأَنه لَا يخرج بارتجاعه ". وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " أشهد غَيْرِي "، وَهَذَا يدل على أَنه اخْتِيَار ". وروى عَن النَّبِي عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس، وَابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - قَالَا: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَنْبَغِي - وَفِي رِوَايَة: لَا يحل لأحد أَن يُعْطي عَطِيَّة فَيرجع فِيهَا إِلَّا

ولد الرجل من كسبه وقال أنت ومالك لأبيك فهو من عمومه إلا ما قام دليله وعند أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي

الْوَالِد فِيمَا يُعْطي وَلَده، وَمثل الَّذِي يُعْطي الْعَطِيَّة، ثمَّ يرجع فِيهَا كَالْكَلْبِ يَأْكُل، حَتَّى إِذا شبع تقيأ، ثمَّ عَاد فَرجع فِي قيئه ". وَرُوِيَ عَن أبي قلَابَة قَالَ: " كتب عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - بِقَبض الرجل من وَلَده مَا أعطَاهُ مَا لم يمت، أَو يستهلكه، أَو يَقع فِيهِ دين ". وَقد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ولد الرجل من كَسبه "، وَقَالَ: " أَنْت وَمَالك لأَبِيك "، فَهُوَ من عُمُومه إِلَّا مَا قَامَ دَلِيله. وَعند أبي دَاوُد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رجلا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " يَا رَسُول الله، إِن لي مَالا وَولدا وَإِن وَالِدي يحْتَاج مَالِي "، قَالَ: " أَنْت وَمَالك لوالدك؛ إِن أَوْلَادكُم من أطيب كسبكم، فَكُلُوا من كسب أَوْلَادكُم ".

قال العائد في هبته كالعائد في قيئه وروي بإسناد لا تقوم به حجة عن سمرة رضي الله عنه مرفوعا قال إذا كانت الهبة لذي رحم محرم لم يرجع فيها وروي عن عمر رضي الله عنه قال من وهب هبة لوجه الله فذلك له ومن وهب

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - / قَالَ: " الْعَائِد فِي هِبته كالعائد فِي قيئه ". وَرُوِيَ بِإِسْنَاد لَا تقوم بِهِ حجَّة عَن سَمُرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا قَالَ: " إِذا كَانَت الْهِبَة لذِي رحم محرم لم يرجع فِيهَا ". وَرُوِيَ عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " من وهب هبة لوجه الله فَذَلِك لَهُ، وَمن وهب هبة يُرِيد ثَوَابهَا فَإِنَّهُ يرجع فِيهَا (إِن لم يرض مِنْهَا) "، وَالصَّوَاب فِيهِ: عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - مَوْقُوفا، وَمن أسْندهُ فقد وهم. وَرُوِيَ بِأَلْفَاظ أخر. وَالْمَقْصُود مِمَّا عساه يَصح مِنْهُ جَوَاز الرُّجُوع فِيمَا وهب للثَّواب، فَأَما إِذا كَانَت هِبته لصلة رحم أَو نَحوه فَإِنَّهُ لَا يقْصد بهَا ثَوابًا من

في الحديث الذي قدمنا ذكره وهو الوالد ومن في معناه وروى جابر الجعفي وهو متروك عن علي رضي الله عنه قال من وهب هبة لغير ذي رحم فلم يثب فيها فهو أحق بها وبالله التوفيق وهو أعلم بالصواب

الْمَوْهُوب لَهُ، فَلَا يرجع فِيهَا، إِلَّا من اسْتَثْنَاهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الحَدِيث الَّذِي قدمنَا ذكره، وَهُوَ الْوَالِد وَمن فِي مَعْنَاهُ. وروى جَابر الْجعْفِيّ - وَهُوَ مَتْرُوك - عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " من وهب هبة لغير ذِي رحم فَلم يثب فِيهَا فَهُوَ أَحَق بهَا ". وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق، وَهُوَ أعلم بِالصَّوَابِ. مَسْأَلَة (154) : وَيصِح هبة الْمشَاع. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يَصح هبة مَا يَنْقَسِم ... . ". عَن حابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ لي: صله، أَو صل رَكْعَتَيْنِ، قَالَ: وَكَانَ لي عَلَيْهِ دين فقضاني وَزَادَنِي "، رَوَاهُ البُخَارِيّ. وَأَخْرَجَا عَنهُ قَالَ: " بِعْت بَعِيرًا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَأمر بِلَالًا أَن يزِيد لَهُ) ، فوزن فأرجح، فَمَا زَالَ بعض تِلْكَ الدَّرَاهِم معي حَتَّى أصبت يَوْم الْحرَّة ".

خرج يريد مكة وهو محرم حتى إذا كان بالروحاء إذا حمار وحشي عقير فذكر لرسول الله

وروى مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن عِيسَى بن طَلْحَة عَن عُمَيْر بن سَلمَة الضمرِي (أَنه أخبر) عَن الْبَهْزِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج يُرِيد مَكَّة، وَهُوَ محرم، حَتَّى إِذا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ إِذا حمَار وَحشِي عقير، فَذكر لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " دَعوه، فَإِنَّهُ يُوشك أَن يَأْتِي صَاحبه "، فجَاء الْبَهْزِي - وَهُوَ صَاحبه - إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " يَا رَسُول الله شَأْنكُمْ بِهَذَا الْحمار "، فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَبَا بكر - رَضِي الله عَنهُ - فَقَسمهُ بَين الرفاق، ثمَّ مضى، حَتَّى إِذا كَانَ بالأثاية بَين الرُّوَيْثَة وَالْعَرج إِذا

أمر رجلا يثبت عنده لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزه وروى مسلم البطين أن حسين بن علي رضي الله عنهما ورث مواريث فتصدق بها قبل أن يقسم فأجيزت وروى عن قتادة عن النضر بن أنس قال نحلني أنس نصف داره فقال أبو بردة إن سرك

ظَبْي حَاقِف فِي ظلّ، وَفِيه سهم، فَزعم أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر رجلا يثبت عِنْده، لَا يرِيبهُ أحد من النَّاس حَتَّى يُجَاوِزهُ. وروى مُسلم البطين أَن حُسَيْن بن عَليّ - رَضِي الله عَنْهُمَا - ورث مَوَارِيث فَتصدق بهَا قبل أَن يقسم، فأجيزت. وروى عَن قَتَادَة عَن النَّضر بن أنس قَالَ: " نَحَلَنِي أنس نصف دَاره، فَقَالَ أَبُو بردة: إِن سرك يجوز لَك، فاقبضه، فَإِن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - قضى فِي الأنحال أَن مَا قبض مِنْهُ فَهُوَ جَائِز، وَمَا لم يقبض مِنْهُ فَهُوَ مِيرَاث "، قَالَ: فدعوت يزِيد الرشك فَقَسمهَا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (155) : للغني أكل اللّقطَة بعد حول التَّعْرِيف. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ:

يسأله عن اللقطة فقال أعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها اتفقا على صحته وعنه قال سئل رسول الله

" لَيْسَ لَهُ أكلهَا، وَعَلِيهِ أَن يتَصَدَّق بهَا ". وَدَلِيلنَا حَدِيث زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسْأَله عَن اللّقطَة، فَقَالَ: أعرف عفاصها ووكاءها، ثمَّ عرفهَا سنة، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا، وَإِلَّا فشأنك بهَا "، اتفقَا على صِحَّته. وَعنهُ قَالَ: " سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن اللّقطَة، فَقَالَ: عرفهَا سنة فَإِن لم تعترف فاعرف عفاصها ووكاءها، ثمَّ كلهَا، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فارددها إِلَيْهِ. أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَأَخْرَجَا حَدِيث سُوَيْد بن غَفلَة عَن أبي بن كَعْب: " وجدت صرة على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا مائَة دِينَار فَأتيت بهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ لي: عرفهَا ... " وَذكر الحَدِيث.

بمعنى حديث زيد ابن خالد وزاد فيه فإن جاء باغيها فعرف عفاصها وعددها فادفعها إليه قال أبو داود هذه الزيادة التي زاد حماد ليست بمحفوظة وعند أبي داود عن بلال بن يحيى العبسي عن علي رضي الله عنه أنه التقط دينارا

وَقَالَ فِي آخِره - فِي رِوَايَة البُخَارِيّ -: " احفظ وعاءها، وعددها، ووكاءها، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا، وَإِلَّا فاستمتع بهَا ". وَفِي رِوَايَة مُسلم زَاد: " فاستمتعت بهَا ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: " اعرف عَددهَا، ووكاءها، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فَعرف عَددهَا ووكاءها فادفعها إِلَيْهِ ". وَمن حَدِيثه أَيْضا عَن عبد الله بن عَمْرو عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَعْنى حَدِيث زيد / ابْن خَالِد، وَزَاد فِيهِ: " فَإِن جَاءَ باغيها فَعرف عفاصها، وعددها فادفعها إِلَيْهِ ". قَالَ أَبُو دَاوُد: " هَذِه الزِّيَادَة الَّتِي زَاد حَمَّاد لَيست بمحفوظة ". وَعند أبي دَاوُد عَن بِلَال بن يحيى الْعَبْسِي عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ 0 أَنه الْتقط ديناراًُ فَاشْترى بِهِ دَقِيقًا، فَعرفهُ صَاحب

فقال رسول الله

الدَّقِيق، فَرد عَلَيْهِ الدِّينَار، فَقطع مِنْهُ قيراطين، فَاشْترى بِهِ لَحْمًا. (وَعِنْده) عَن ابْن مقسم عَن رجل عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - وجد دِينَارا، فَأتى فَاطِمَة - رَضِي الله عَنْهَا - فَسَأَلَ عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هُوَ رزق الله؛ فَأكل مِنْهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأكل عَليّ وَفَاطِمَة، رَضِي الله عَنْهُمَا - فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك أَتَت امْرَأَة تنشد الدِّينَار، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا عَليّ، أد الدِّينَار ". وَرُوِيَ عَن عَطاء بن يسَار أَن عليا - رَضِي الله عَنهُ - وجد دِينَارا فَأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يعرفهُ، فَعرفهُ فَلم يجد لَهُ بَاغِيا، فأنفقه، ثمَّ وجد باغيه، فغرمه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عليا، رَضِي الله عَنهُ ". فأمير الْمُؤمنِينَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - مِمَّن لَا تحل لَهُ الصَّدَقَة، لِأَنَّهُ من صليبة بني هَاشم، فحين وجد لقطَة أمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بتعريفها، ثمَّ إِنَّه احْتَاجَ إِلَيْهَا، فلشدة حَاجته إِلَيْهَا أمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بإنفاقها، فَاشْترى بِهِ دَقِيقًا، فحين عرف صَاحب الدَّقِيق عليا - رَضِي الله عَنهُ - رد عَلَيْهِ الدِّينَار، فَاشْترى عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - بِبَعْضِه لَحْمًا، وَلَعَلَّه أنْفق الْبَاقِي أَيْضا لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، فَلَمَّا جَاءَ باغيه غرمه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بدله، وَإِنَّمَا أذن لَهُ فِي إِنْفَاقه قبل مُضِيّ سنة التَّعْرِيف لشدَّة حَاجته إِلَيْهِ، مَعَ أَنه يحْتَمل أَن يكون

عرفه سنة، فَلم ينْقل الرَّاوِي، أَو مَا كَانَ شرع تَعْرِيف السّنة جَاءَ بعد. وَالله أعلم. وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن أَيُّوب بن مُوسَى عَن مُعَاوِيَة بن عبد الله بن بدر أَن أَبَاهُ أخبرهُ أَنه نزل منزلا بطرِيق الشَّام، فَوجدَ صرة فِيهَا ثَمَانُون دِينَارا، فَذكر ذَلِك لعمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ لَهُ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " عرفهَا على أَبْوَاب الْمَسَاجِد واذكرها لمن تقدم من الشَّام سنة، فَإِذا مَضَت السّنة فشأنك بهَا ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - حِكَايَة عَن رجل عَن شُعْبَة عَن أبي قيس قَالَ: " سَمِعت هزيلاً يَقُول: " رَأَيْت عبد الله - يَعْنِي ابْن

فإن عارضوا بروايتهم عن عامر عن أبيه عن عبد الله رضي الله عنه أنه اشترى جارية فذهب صاحبها فتصدق بثمنها وقال اللهم عن صاحبها فإن كره فلي وعلي الغرم ثم قال هكذا نفعل باللقطة قال الشافعي رحمه الله فخالفوا

مَسْعُود، رَضِي الله عَنهُ - أَتَاهُ رجل بصرة مختومة، فَقَالَ: قد عرفتها وَلم أجد من يعرفهَا، قَالَ: استمتع بهَا ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وَهَكَذَا السّنة الثَّابِتَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِن عارضوا بروايتهم عَن عَامر عَن أَبِيه عَن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - أَنه اشْترى جَارِيَة فَذهب صَاحبهَا، فَتصدق بِثمنِهَا وَقَالَ: " اللَّهُمَّ، عَن صَاحبهَا، فَإِن كره فلي، وَعلي الْغرم "، ثمَّ قَالَ: " هَكَذَا نَفْعل باللقطة "، قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " فخالفوا السّنة فِي اللّقطَة الَّتِي لَا حجَّة مَعهَا، وخالفوا حَدِيث عبد الله الَّذِي يُوَافق السّنة، وَهُوَ عِنْدهم ثَابت، وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الحَدِيث، وهم يخالفونه فِيمَا هُوَ فِيهِ بِعَيْنِه، لأَنهم لَا يَقُولُونَ كَمَا رووا عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - من قَوْله أَن المُشْتَرِي يتَصَدَّق بِثمن الْمَبِيع إِذا فقد البَائِع ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى يُوسُف بن خَالِد السَّمْتِي عَن زِيَاد عَن سمي عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَسُئِلَ عَن اللّقطَة، قَالَ: " لَا تحل اللّقطَة، من الْتقط شَيْئا فليعرفه سنة، فَإِن جَاءَ صَاحبهَا فليردها إِلَيْهِ، وَإِن لم يَأْتِ صَاحبهَا فليتصدق بهَا، وَإِن جَاءَ فليخيره بَين الْأجر وَبَين الَّذِي لَهُ ".

وسنة النبي

قَالَ يحيى بن معِين: " كَانَ يُوسُف السَّمْتِي يكذب ". وَرُوِيَ ذَلِك من حَدِيث مَالك عَن سمي، وَهُوَ خطأ؛ وَالصَّحِيح من حَدِيث مَالك مَا رُوِيَ عَنهُ عَن ربيعَة عَن يزِيد عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ، الحَدِيث الَّذِي تقدم، الْمُتَّفق على صِحَّته، / وَالْحمل فِي هَذَا الحَدِيث على مُحَمَّد بن مَعْرُوف بن مُوسَى الْأَبْهَرِيّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَعْرُوف. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه أفتى بذلك، وَعَاصِم ضَعِيف. وَقد روينَا جَوَاز الْأكل عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا، ومذهبه أَيْضا، وبأسانيد صِحَاح مَوْصُولَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَسنة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أولى بالاتباع، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.

مسألة

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع أَن رجلا وجد لقطَة فجَاء إِلَى عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ: " إِنِّي وجدت لقطَة فَمَاذَا ترى؟ " فَقَالَ لَهُ ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " عرفهَا "، قَالَ: " قد فعلت "، قَالَ " زد "، قَالَ: " قد فعلت "، قَالَ: " لَا آمُرك أَن تأكلها، وَلَو شِئْت لم تأخذها ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله تَعَالَى -: " ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - لم يُوَقت فِي التَّعْرِيف وقتا، وَأَنْتُم توقتون، وَابْن عمر كره أكلهَا غَنِيا كَانَ أَو فَقِيرا، وَأَنْتُم لَيْسَ هَكَذَا تَقولُونَ، وَابْن عمر يكره لَهُ أَخذهَا، وَيكرهُ لَهُ أَن يتَصَدَّق بهَا، وَأَنْتُم لَا تَكْرَهُونَ، بل تستحبون، وتقولون: لَو تَركهَا ضَاعَت. وَلَعَلَّ ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - لم يسمع الحَدِيث فِي اللّقطَة ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (156) : وَلَيْسَ لَهُ أَخذ الْإِبِل فِي الصَّحرَاء. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَهُ ذَلِك ". لنا حَدِيث زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: " ... . وَسَأَلَهُ عَن ضَالَّة الْإِبِل، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا لَك وَلها؟ دعها، فَإِن مَعهَا حذاءها

حتى احمرت وجنتاه أو احمر وجهه وقال ما لك ولها معها حذاؤها وسقاؤها حتى يأتيها ربها وعند أبي داود عن المنذر بن جرير قلا كنت مع جرير بالبوازيج فجاء الراعي بالبقر وفيها بقرة ليست منها فقال له جرير ما هذه قال

وسقاءها، ترد المَاء وتأكل الشّجر؛ حَتَّى يجِئ رَبهَا، وَسَأَلَهُ عَن الشَّاة، فَقَالَ: خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَك أَو لأخيك أَو للذئب "، اتفقَا على صِحَّته. وَفِي رِوَايَة عِنْدهمَا فِي الصَّحِيح أَيْضا عَنهُ الحَدِيث، وَفِيه: " قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُول الله، فضَالة الْإِبِل؟ فَغَضب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى احْمَرَّتْ وجنتاه، أَو احمر وَجهه، وَقَالَ: مَا لَك وَلها؟ مَعهَا حذاؤها وسقاؤها حَتَّى يَأْتِيهَا رَبهَا ". وَعند أبي دَاوُد عَن الْمُنْذر بن جرير، (قلا " كنت مَعَ جرير بالبوازيج، فجَاء الرَّاعِي بالبقر، وفيهَا بقرة لَيست مِنْهَا، فَقَالَ لَهُ جرير) : مَا هَذِه؟ قَالَ: لحقت بالبقر، لَا يدْرِي لمن هِيَ، فَقَالَ جرير: أخرجوها، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا يأوي الضَّالة إِلَّا الضال ".

إياك وضالة المسلم فإنها حرق النار

وَرُوِيَ عَن الْجَارُود بن الْمُعَلَّى أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، إِنَّا نصيب فِي أسفارنا إبِلا هوامل، فَهَل علينا بَأْس أَن نركبها، وننتفع بهَا؟ " فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إياك وضالة الْمُسلم، فَإِنَّهَا حرق النَّار ". مَسْأَلَة (157) : وَلَا يسْتَحق الْجعل فِي رد الْآبِق من العبيد وَالْإِمَاء، والضوال من الْبَهَائِم إِلَّا بِالشّرطِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن رد العَبْد من مسيرَة ثَلَاثَة أَيَّام وَكَانَت قِيمَته أَرْبَعِينَ أَو اكثر اسْتحق أَرْبَعِينَ ". رُوِيَ عَن الشّعبِيّ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي جعل الْآبِق دِينَار قَرِيبا أَخذ أَو بَعيدا. وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب أَن سعيد بن الْمسيب كَانَ يَقُول ذَلِك. وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - أَنه كَانَ يَقُول: " إِذا خرج من الْمصر فَجعله أَرْبَعُونَ درهما ". وَرُوِيَ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي العَبْد الْآبِق يُؤْخَذ فِي الْحرم بِعشْرَة دَرَاهِم ".

مسألة

وَلَا حجَّة لَهُم فِيمَا روينَا عَن عَليّ، (وَابْن عمر) - رَضِي الله عَنْهُم - لِأَن مَذْهَبهم بِخِلَاف ذَلِك. وَلَا نقُول بِهِ؛ لضعف بعض رُوَاة الْحَدِيثين. وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - فَإِنَّهُ مُنْقَطع من هَذَا الْوَجْه، وأمثل مَا رُوِيَ فِيهِ عَن ابْن مَسْعُود (مَا روينَا فِيهِ عَن أبي عمر الشَّيْبَانِيّ، قَالَ: " أصبت غلماناً إباقاً بالغين، فَأتيت ابْن مَسْعُود) فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: الْأجر وَالْغنيمَة. قلت: هَذَا الْأجر، فَمَا الْغَنِيمَة؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ درهما من كل رَأس ". وَلَعَلَّ ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - عرف شَرط مالكهم لمن ردهم، فَأخْبرهُ بذلك. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (158) :

(صفحة فارغة)

(صفحة فارغة)

قال رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المعتوه حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ ورويناه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي

لَا يَصح إِسْلَام الصَّبِي بِنَفسِهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يَصح إِذا كَانَ مُمَيّزا ". رُوِيَ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " رفع الْقَلَم عَن ثَلَاثَة: عَن الصَّبِي حَتَّى يَحْتَلِم، وَعَن الْمَعْتُوه حَتَّى يفِيق، وَعَن النَّائِم حَتَّى يَسْتَيْقِظ ". ورويناه عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

فمرض فأتاه النبي

استدلوا بِحَدِيث أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن غُلَاما / من الْيَهُود كَانَ يخْدم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَمَرض، فَأَتَاهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعودهُ، فَقعدَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْد رَأسه، (فَقَالَ أسلم) ، فَنظر الْغُلَام إِلَى أَبِيه (- وَهُوَ عِنْده -) ، فَقَالَ أطع أَبَا الْقَاسِم، فَأسلم، فَخرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يَقُول: " الْحَمد لله الَّذِي أنقذه (بِي من النَّار) ، رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. قُلْنَا: يحْتَمل أَنه كَانَ بَالغا، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ غُلَاما لعدم نَبَات لحيته، وَيحْتَمل أَن تكون صِحَة إِسْلَامه لِأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خاطبه بِالْإِسْلَامِ. أَلا ترى أَن أَبَاهُ قَالَ: أطع أَبَا الْقَاسِم؟ وَإِذا كَانَ مَخْصُوصًا بِالْإِسْلَامِ كَانَ مَخْصُوصًا بِصِحَّتِهِ، نَحْو مَا نقُول فِي أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ، رَضِي الله عَنهُ. قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " فَإِن احْتج مُحْتَج بِأَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - أسلم فِي حَال من لم يبلغ، فعد ذَلِك إسلاماً، وَقيل: " كَانَ أول من أسلم "، فَقَالَ: " إِنَّمَا قَالَ النَّاس: أول من صلى عَليّ، رَضِي الله عَنهُ "، رُوِيَ ذَلِك عَن زيد بن أَرقم. فَإِن قيل: " إِذا كَانَ هُوَ أول من صلى دلّ ذَلِك على صِحَة

بصبي من هودج فقالت ألهذا حج قال نعم ولك أجر وقد رأينا الصغير يرى الصلاة فيصلي وهو غير عالم بأن الصلاة عليه وهو غير عارف بالإيمان فعلى ذلك كان أمر علي رضي الله عنه كان أول من صلى وذلك أنه رأى النبي

إِسْلَامه حِينَئِذٍ " فَجَوَابه مَا ذكره الشَّافِعِي - رَحمَه الله - من أَن الصَّلَاة قد تكون من الصَّغِير، وَالْحج. وَقد أشرفت امْرَأَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بصبي من هودج، فَقَالَت: " أَلِهَذَا حج؟ " قَالَ: " نعم، وَلَك أجر ". وَقد رَأينَا الصَّغِير يرى الصَّلَاة فَيصَلي، وَهُوَ غير عَالم بِأَن الصَّلَاة عَلَيْهِ، وَهُوَ غير عَارِف بِالْإِيمَان، فعلى ذَلِك كَانَ أَمر عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، كَانَ أول من صلى، وَذَلِكَ أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَخَدِيجَة - رَضِي الله عَنْهَا - يصليان، فَفعل فعلهمَا، كَمَا يرى الصَّبِي أَبَوَيْهِ يصليان فَيصَلي بصلاتهما، وَلَيْسَ مِمَّن يعقل تَكْلِيف الصَّلَاة، وَلَا الْإِيمَان. قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَقد اخْتلف النَّاس فِي سنّ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - يَوْم أسلم، فَذهب مُجَاهِد وَمُحَمّد بن إِسْحَاق بن يسَار إِلَى أَنه أسلم وَهُوَ ابْن عشر سِنِين، وَذهب شريك القَاضِي إِلَى أَنه أسلم وَهُوَ ابْن إِحْدَى عشرَة سنة، (وَذهب أَبُو الْأسود وَغَيره إِلَى أَنه أسلم وَهُوَ ابْن ثِنْتَيْ عشرَة سنة) ، وَذهب الْحسن الْبَصْرِيّ وَجَمَاعَة إِلَى أَنه أسلم وَهُوَ ابْن خمس عشرَة أَو سِتّ عشرَة. وَهَذَا الَّذِي قَالَه الْحسن وَغَيره فِي سنّ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -

مكث بمكة خمس عشرة سنة وأن عليا رضي الله عنه قتل وهو ابن ثلاث وستين سنة روى ذلك مسلم في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أقام رسول الله

صَحِيح على قَول من زعم أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مكث بِمَكَّة خمس عشرَة سنة، وَأَن عليا - رَضِي الله عَنهُ قتل وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ (سنة) . روى ذَلِك مُسلم فِي الصَّحِيح عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " أَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة خمس عشرَة سنة يسمع الصَّوْت. وَيرى الضَّوْء سبع سِنِين، وَلَا يرى شَيْئا، وثمان سِنِين يُوحى إِلَيْهِ، وَأقَام بِالْمَدِينَةِ عشرا ". فعلى هَذَا التَّفْصِيل يكون إِسْلَام عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - بعد السنين السَّبع، وَهُوَ بعد مَا أُوحِي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَيكون مقَامه بِمَكَّة بعد الْوَحْي ثَمَان سِنِين، فَيكون عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَول من قَالَ: " قتل وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة " على رَأس أَرْبَعِينَ من مهَاجر النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَقد رُوِيَ تَارِيخ قَتله - رَضِي الله عَنهُ - هَكَذَا عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى. فَإِن كَانَ الصَّحِيح من هَذِه الرِّوَايَات قَول من زعم أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أسلم وَهُوَ صبي لم يَحْتَلِم فقد قَالَ

بالإسلام والصلاة فهو أحد شيئين إما أن يكون خصه بالخطاب لما صار من أهل التمييز والمعرفة دون سائر الصغار ليكون ذلك كرامة له ومنقبة فلما توجه عليه الخطاب والدعوة صحت منه الإجابة وسائر الصغار لا يتوجه عليهم الخطاب والدعوة فلا يصح

أَبُو عبد الله الْحَلِيمِيّ - رَحمَه الله -: " لما أمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْإِسْلَامِ وَالصَّلَاة فَهُوَ أحد شَيْئَيْنِ: إِمَّا أَن يكون خصّه بِالْخِطَابِ لما صَار من أهل التَّمْيِيز والمعرفة دون سَائِر الصغار، ليَكُون ذَلِك كَرَامَة لَهُ ومنقبة، فَلَمَّا توجه عَلَيْهِ الْخطاب والدعوة صحت مِنْهُ الْإِجَابَة، وَسَائِر الصغار لَا يتَوَجَّه عَلَيْهِم الْخطاب والدعوة فَلَا يَصح مِنْهُم الْإِسْلَام. اَوْ يكون خطاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاه بِالدُّعَاءِ إِلَى الْإِسْلَام وَالصَّلَاة يَوْمئِذٍ على أَنه بَالغ عِنْده؛ لِأَن الْبلُوغ بِالسِّنِينَ لَيْسَ مِمَّا شرع فِي أول الْإِسْلَام، بل لَيْسَ يحفظ قبل قصَّة ابْن عمر فِي أحد وَالْخَنْدَق فِي ذَلِك شَيْء، فَالظَّاهِر أَن النَّاس كَانُوا يجرونَ فِي ذَلِك على رَأْيهمْ وَمَا تعارفوه من أَن الصَّبِي من لَا يُمكن أَن يُولد لَهُ، وَالرجل من يُمكن أَن يُولد لَهُ، وَكَانَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - ابْن عشر سِنِين لما أسلم، وَظَاهر من يُقَال إِنَّه ابْن عشر أَنه اسْتكْمل عشرا، أَو دخل فِي الْحَادِي عشر. وَمن بلغ هَذِه السن فقد يُمكن من أَن يُولد بِهِ. فَلَمَّا شرع الْبلُوغ بعد ذَلِك السنين، وَنظر إِلَى السن الَّتِي كل من بلغَهَا جَازَ أَن يُولد لَهُ دون السن الَّتِي ينْدر مِمَّن بلغَهَا الإيلاد، وَكَانَ من قصرت سنوه عَن ذَلِك الْحَد صَغِيرا فِي الحكم، وَلم يجز أَن يَصح إِسْلَامه، وَالله أعلم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى -: فعلى قَول من قَالَ: " أسلم عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - وَهُوَ ابْن خمس عشرَة سنة " صَحَّ إِسْلَامه. (وعَلى قَول من زعم أَنه أسلم وسنه دون ذَلِك صَحَّ إِسْلَامه) أَيْضا على الْوَجْهَيْنِ اللَّذين ذكرهمَا الْحَلِيمِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى.

قط وقتل وهو ابن بضع وستين سنة وهذه الرواية أولى فولد الرجل أعرف به والله أعلم

وَصَحَّ أَيْضا على قَول من زعم أَن إِسْلَام الصَّبِي مَوْقُوف على بُلُوغه، ومكثه عَلَيْهِ، فقد بلغ، وَمكث عَلَيْهِ، رضوَان الله عَلَيْهِ وَسَلَامه. وَهَذِه طَريقَة بعض أَصْحَابنَا. فَإِن رجحوا قَول من قَالَ: " أسلم وَهُوَ صَغِير غير بَالغ " بِمَا نروي عَنهُ - رَضِي الله عَنهُ - من قَوْله: " سبقتهم إِلَى الْإِسْلَام قدما ً غُلَاما مَا بلغت أَوَان حلمي "، فَهَذَا وَإِن كَانَ شَائِعا بَين النَّاس، إِلَّا أَنه لم يَقع إِلَيْنَا بِإِسْنَاد إِلَيْهِ - رَضِي الله عَنهُ - يحْتَج بِمثلِهِ، ثمَّ يحْتَمل أَن يكون قد بلغ الْحلم؛ قَوْله: " مَا بلغت أَوَان حلمي " أَي: أَوَان احْتِلَام أمثالي، أَو كَانَ قد بلغ بِالسِّنِّ، على مَا قَالَه الْحسن وَغَيره، دون الِاحْتِلَام، وَالله أعلم. وَأما الزبير بن الْعَوام - رَضِي الله عَنهُ - فقد اخْتلفت الرِّوَايَة عَن عُرْوَة فِي مبلغ سنه يَوْم أسلم؛ فَروِيَ عَن أبي الْأسود عَنهُ قَالَ: " أسلم الزبير وَهُوَ ابْن ثَمَان سِنِين ". وَرُوِيَ عَن هِشَام ابْنه عَنهُ أَن الزبير - رَضِي الله عَنهُ - أسلم يَوْم أسلم وَهُوَ ابْن سِتّ عشرَة سنة، فَمَا تخلف عَن غَزْوَة غَزَاهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطّ، وَقتل وَهُوَ ابْن بضع وَسِتِّينَ سنة ". وَهَذِه الرِّوَايَة أولى؛ فولد الرجل أعرف بِهِ. وَالله أعلم.

الجزء 4

كتاب الْفَرَائِض رُوِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أرْحم أمتِي بأمتي أَبُو بكر، وأشدهم فِي دين الله عمر، وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان، وأعلمهم بالحلال وَالْحرَام معَاذ بن جبل، وأعلمهم بِمَا أنزل الله عَليّ أبي بن كَعْب، وأفرضهم زيد بن ثَابت، وَأمين هَذِه الْأمة أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح " وَالله الْمُوفق. مَسْأَلَة (159) ذَوُو الْأَرْحَام لَا يَرِثُونَ إِرْث ذَوي النّسَب. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: (إِنَّهُم يَرِثُونَ) .

وأبو بكر في بني سلمة فوجدني لا أعقل فدعا بماء فتوضأ فرش علي منه فأفقت فقلت كيف أصنع في مالي يا رسول الله فنزلت يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين وفي رواية عندهما أيضا عنه دخل علي رسول الله

قَالَ الله عز وَجل: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} ، الْآيَات فِي الْمِيرَاث. وَقَالَ: {يستفتونك قل الله يفتيكم فِي الْكَلَالَة} إِلَى آخر الْآيَة. وَاتفقَ البُخَارِيّ وَمُسلم على صِحَة مَا رُوِيَ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: عادني رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر فِي بني سَلمَة، فوجدني لَا أَعقل، فَدَعَا بِمَاء، فَتَوَضَّأ، فرش عَليّ مِنْهُ، فَأَفَقْت، فَقلت: كَيفَ أصنع فِي مَالِي يَا رَسُول الله؟ فَنزلت: {يُوصِيكُم الله فِي أَوْلَادكُم للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} . وَفِي رِوَايَة عِنْدهمَا أَيْضا عَنهُ: " دخل عَليّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا مَرِيض، فَتَوَضَّأ، ونضح 0 عَليّ من وضوئِهِ، فَقلت: يَا رَسُول الله إِنَّمَا يَرِثنِي كَلَالَة، فَكيف الْمِيرَاث؟ فَنزلت اية الْفَرْض ". فجابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا سَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن كَيْفيَّة الْمِيرَاث، فَأنْزل الله تَعَالَى الْآيَات فِيهِ، وَبَين حِصَّة كل وَاحِد مِنْهُم فَلَا

إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ولا نجد لهم في الكتاب العزيز حقا مذكورا وروي أن عمر رضي الله عنه كان كتب كتابا في شأن العمة ليسأل عنها ويستخبر ثم محاه بالماء وقال لو رضيك الله لأقرك وإنه كان يقول للعمة تورث ولا ترث

يُزَاد عَلَيْهِ، وَلم يذكر الْخَال، وَغَيره من ذَوي الْأَرْحَام، فَلَا يَرِثُونَ، لقَوْل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه ". وَلَا نجد لَهُم فِي الْكتاب الْعَزِيز حَقًا مَذْكُورا. وَرُوِيَ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ كتب كتابا فِي شَأْن الْعمة؛ ليسأل عَنْهَا ويستخبر، ثمَّ محاه بِالْمَاءِ، وَقَالَ: " لَو رضيك الله لأقرك، وَإنَّهُ كَانَ يَقُول للعمة تورث، وَلَا تَرث ". وَرُوِيَ عَنهُ بِخِلَافِهِ، وَهُوَ مَذْكُور فِي آخر هَذِه الْمَسْأَلَة، وَمَا روينَا هَهُنَا رِوَايَة الْمَدَنِيين، وهم أعرف بمذهبه من غير أهل بَلَده. وَرُوِيَ أَن شريحا قضى بميراث أم ولد أخي شُرَيْح بن الْحَارِث لِابْنِ ابْنَتهَا دون شُرَيْح بن الْحَارِث، وَقَالَ: {وَأولُوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} فَأخْبر ابْن الزبير

بذلك، فَكتب إِلَيْهِ، " أَن ميسرَة بن يزِيد ذكر لي كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّك قلت عِنْد ذَلِك: {وأؤلوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} وَإِنَّمَا كَانَت تِلْكَ الْآيَة فِي شَأْن الْعصبَة، كَانَ الرجل يعاقد الرجل، فَيَقُول: ترثني، وأرثك، فَلَمَّا نزلت ترك ذَاك "، فَأبى شُرَيْح أَن يرد قَضَاءَهُ، وَقَالَ: " فَإِنَّهُ إِنَّمَا أعْتقهَا حسان بَطنهَا ". وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَالَّذين عقدت أَيْمَانكُم فأتوهم نصِيبهم} ، كَانَ الرجل يحالف الرجل لَيْسَ بَينهمَا نسب، فيرث أَحدهمَا الآخر، فنسخ ذَلِك الْأَفْعَال، فَقَالَ: {وأؤلوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} . وَعنهُ أَيْضا: {وَالَّذين ءامنوا وَهَاجرُوا} ، {وَالَّذين ءامنوا وَلم يهاجروا} كَانَ الْأَعرَابِي لَا يَرث المُهَاجر، وَلَا يَرِثهُ المُهَاجر، فنسخها {وأؤلوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض} .

لا مطلقا هكذا ألا ترى أن الزوج يرث أكثر مما يرث ذوو الأرحام ولا رحم له أولا ترى أن ابن العم البعيد يرث المال كله ولا يرث الخال والخال أقرب رحما منه وذكر أيضا توريث الموالي دون ذوي الأرحام ولا رحم لهم قال فإنما

وَإِلَى هَذَا ذهب الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: (فَنزل قَوْله: {وأؤلوا الْأَرْحَام بَعضهم أولى بِبَعْض فِي كتاب الله} على معنى مَا فرض الله، وَسن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لَا مُطلقًا هَكَذَا، أَلا ترى أَن الزَّوْج يَرث أَكثر مِمَّا يَرث ذَوُو الْأَرْحَام، وَلَا رحم لَهُ؟ أَولا ترى أَن ابْن الْعم الْبعيد يَرث المَال كُله، وَلَا يَرث الْخَال، وَالْخَال أقرب رحما مِنْهُ؟) . وَذكر أَيْضا تَوْرِيث الموَالِي دون ذَوي الْأَرْحَام، وَلَا رحم لَهُم، قَالَ: (فَإِنَّمَا مَعْنَاهَا على مَا وصفت لَك من أَنَّهَا على مَا فرض الله، وَسن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) . وَمَا رُوِيَ عَن الْمِقْدَام الْكِنْدِيّ رَضِي الله عَنهُ، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث فِيهِ (وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ، يَرث مَاله، وَيعْقل عَنهُ) فَلَيْسَ بِالْقَوِيّ، رَوَاهُ رَاشد بن سعد، وَأَبُو عَامر عبد الله بن لحي الْهَوْزَنِي وهما مِمَّن لم يحْتَج بهما الشَّيْخَانِ، رحمهمَا الله، وَهُوَ حَدِيث مُخْتَلف فِيهِ، رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَإِسْنَاده ضَعِيف، غير مُحْتَج بِهِ، وَكَانَ يحيى بن معِين يبطل هَذَا الحَدِيث، وَقَالَ: (لَيْسَ فِيهِ حَدِيث قوي) .

كان يقول الله ورسوله مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له وعبد الرحمن بن الحارث وحكيم بن حكيم غير محتج بهما في الصحيح وروي عن عمرو بن مسلم عن طاوس عن عائشة رضي الله عنها قالت الله ورسوله مولى من لا مولى له والخال

قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " وَإِن صَحَّ حَدِيث الْمِقْدَام فَإِنَّمَا ورث فِيهِ خالا يعقل عَنهُ، وَالْخَال الَّذِي يعقل عَنهُ هُوَ أَن يكون ابْن عَم لَهُ، أَو معتقا، أَو سُلْطَانا، فَأَما الْخَال الَّذِي يورثونه بالرحم فَإِنَّهُ لَا يعقل عَنهُ فَكَذَلِك لَا يَرِثهُ، وَالله أعلم ". وَرُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بن الْحَارِث بن عَيَّاش بن أبي ربيعَة عَن حَكِيم (بن حَكِيم) بن عباد بن حنيف عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، فَذكر حَدِيثا فِيهِ " فَكتب عمر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَقُول: الله وَرَسُوله مولى من لَا مولى لَهُ، وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ " وَعبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث، وَحَكِيم بن حَكِيم غير مُحْتَج بهما فِي الصَّحِيح. وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن مُسلم عَن طَاوس عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: (الله وَرَسُوله مولى من لَا مولى لَهُ، وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ) رَفعه (وهم، وَالصَّوَاب مَوْقُوف، كَذَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن

مرسلا وروي عن شريك عن ليث عن ابن المنكدر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ورث رسول الله

ابْن جريج مَوْقُوفا، وَكَانَ) أَحْمد بن حَنْبَل، وَيحيى بن معِين يَقُولَانِ: (عَمْرو بن مُسلم صَاحب طَاوس لَيْسَ بِالْقَوِيّ) . وَرُوِيَ عَن ابْن طَاوس عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. وَرُوِيَ عَن شريك عَن لَيْث عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: (ورث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخَال) . وَفِي رِوَايَة (الْخَال وَارِث) . وَشريك غير مُحْتَج بِهِ، وَلَيْث بن أبي سليم ضَعِيف فِي الحَدِيث، قد سبق ذكره، وَلم يرو هَذَا الحَدِيث من وَجه يَصح، وَقد رُوِيَ بِخِلَافِهِ مُرْسلا عَن عَطاء بن يسَار عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَرُوِيَ عَن عبد الله بن جَعْفَر الْمدنِي عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: (أقبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على حمَار، فَلَقِيَهُ رجل، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، رجل ترك عمته وخالته، لَا وَارِث لَهُ غَيرهمَا، قَالَ: فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء، فَقَالَ: اللَّهُمَّ رجل ترك عمته وخالته، لَا وَارِث لَهُ غَيرهمَا، ثمَّ قَالَ: أَيْن السَّائِل؟ قَالَ هَا أَنا، قَالَ: لَا مِيرَاث لَهما) ، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: (هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد فَإِن عبد الله بن جَعْفَر لَيْسَ مِمَّن يتْرك حَدِيثه، وَله شَاهد،

بمعناه وعن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه كذلك احتجوا بما روي عن الحجاج بن أرطأة عن الزهري أن رسول الله

وَذكر حَدِيثا عَن الْحَارِث بن عبد الله عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَعْنَاهُ ". وَعَن عَطاء بن يسَار عَن أَبى سعيد الْخُدْرِيّ، رَضِي الله عَنهُ كَذَلِك. احْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن الزُّهْرِيّ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: الْعمة بِمَنْزِلَة الْأَب إِذا لم يكن بَينهمَا أَب، وَالْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم إِذا لم يكن بَينهمَا أم " وَعَن قيس بن الرّبيع عَن عَيَّاش بن عَمْرو عَن عبد الله بن شَدَّاد، قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْخَالَة وَالِدَة "، مرسلان، وإسنادهما ضَعِيف. وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن عقبَة عَن

أنه سأل عاصم بن عدي عن ثابت بن الدحداح وتوفي هل تعلمون له نسبا فيكم فقالوا لا إنما هو أني قال فقضى رسول الله

مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن عَمه وَاسع بن حبَان رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه سَأَلَ عَاصِم بن عدي عَن ثَابت بن الدحداح - وَتُوفِّي -: هَل تعلمُونَ لَهُ نسبا، فِيكُم؟ فَقَالُوا: لَا، إِنَّمَا هُوَ أَنِّي، قَالَ: فَقضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بميراثه لِابْنِ أُخْته " هَذَا مُنْقَطع. وَقد أجَاب الشَّافِعِي - رَحمَه الله تَعَالَى - فِي الْقَدِيم، فَقَالَ: ثَابت بن الدحداح قتل يَوْم أحد قبل أَن تنزل الْفَرَائِض " قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " قَتله يَوْم أحد فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن سعيد بن الْمسيب فِي قصَّة ذكرهَا ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَإِنَّمَا نزلت آيَة الْفَرَائِض فِيمَا يثبت أَصْحَابنَا فِي بَنَات مَحْمُود بن مسلمة، وَقتل يَوْم خَيْبَر، وَقد قيل: نزلت بعد أحد فِي بَنَات سعد بن الرّبيع، وَهَذَا كُله بعد أَمر

عن وارثه وجوابهم له دلالة على أنه لم يكن له وارث وأن رسول الله

ثَابت بن الدحداح، وَقد ذكرنَا أَسَانِيد مَا أَشَارَ إِلَيْهِ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - فِي كتاب السّنَن. وَفِي سُؤال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن وَارثه، (وجوابهم لَهُ) دلَالَة على أَنه لم يكن لَهُ وَارِث، وَأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا دفع الْمِيرَاث لِابْنِ أُخْته على طَرِيق الْمصلحَة. كَمَا رُوِيَ عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ وَغَيره " أَن رجلا توفّي من خُزَاعَة، فَأتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بميراثه، فَقَالَ: انْظُرُوا هَل من وَارِث فالتمسوه، فَلم يَجدوا لَهُ وَارِثا، فَأخْبر بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ادفعوه إِلَى أكبر خُزَاعَة ". وَهَذَا إِنَّمَا دَفعه إِلَيْهِ على طَرِيق الْمصلحَة، لَا بالتوريث، فَكَذَلِك فِي قصَّة ابْن الدحداح إِن كَانَ صَحِيحا، وَالله أعلم. وَلَا حجَّة لَهُم فِي حَدِيث سعد بن أبي وَقاص بقوله: " وَلَا يَرِثنِي إِلَّا ابْنة لي "، فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَن يتَصَدَّق بِأَكْثَرَ مَاله، إِذْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا ابْنة وَاحِدَة، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يدل على أَن ابْنَته تَرث جَمِيع مَاله، فقد كَانَ لسعد بَنو أعمام من بني زهرَة يَرِثُونَ بَقِيَّة مَاله بِالْإِجْمَاع، فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على جَوَاز رده على الْبِنْت.

وتوريث ذَوي الْأَرْحَام خلاف فِي الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم وَمن قَالَ بتوريثهم قدموهم على الموَالِي، إِلَّا فِي رِوَايَة ضَعِيفَة عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ. والعراقيون يقدمُونَ الموَالِي على ذَوي الْأَرْحَام، وَلَيْسَ لَهُم أثر صَحِيح فِي ذَلِك. وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ عَن خَارِجَة بن زيد قَالَ: " رَأَيْت أبي يَجْعَل فضول المَال فِي بَيت المَال، وَلَا يرد على وَارِث شَيْئا ". وَعَن سُوَيْد بن غَفلَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " أَنه سُئِلَ عَن امْرَأَة تركت زَوجهَا وَأمّهَا، فَجعل لزَوجهَا النّصْف، ولأمها الثُّلُث، ثمَّ رد مَا بَقِي على أمهَا. وَعَن الشّعبِيّ قَالَ: " كَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يرد على كل وَارِث الْفضل بِحِصَّة مَا يُورث غير " الْمَرْأَة وَالزَّوْج ".

وَعَن مَسْرُوق قَالَ: " أُتِي عبد الله فِي إخْوَة لأم وَأم، فَأعْطى الْإِخْوَة من الْأُم الثُّلُث، وَأعْطى الْأُم سَائِر المَال، وَقَالَ: الْأُم عصبَة من لَا عصبَة لَهُ. وَكَانَ لَا يرد على الْإِخْوَة لأم مَعَ أم، وَلَا على ابْنة ابْن مَعَ بنت الصلب، وَلَا على أُخْت لأَب مَعَ أُخْت لأَب وَأم، وَلَا على امْرَأَة، وَلَا على جدة، وَلَا على زوج ". وَعَن جَابر بن زيد " أَن امْرَأَة هَلَكت / وَلم يعلم لَهَا وَارِث، وَلَا عصبَة، وَلها زوج، فَقضى عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن لزَوجهَا مَالهَا ". وَعَن الشّعبِيّ قَالَ: " أُتِي زِيَاد فِي رجل ترك عمته وخالته، قَالَ: هَل تَدْرُونَ كَيفَ قضى عمر فِيهَا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: وَالله إِنِّي لأعْلم النَّاس بِقَضَاء عمر - رَضِي الله عَنهُ - فِيهَا، جعل الْعمة بِمَنْزِلَة الْأَخ، وَالْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُخْت، فَأعْطى الْعمة الثُّلثَيْنِ، وَالْخَالَة الثُّلُث ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحسن، وَجَابِر بن زيد، وَبكر بن عبد الله الْمُزنِيّ: " أَن عمر رَضِي الله عَنهُ جعل للعمة الثُّلثَيْنِ، وللخالة الثُّلُث ".

وَقد روينَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ بِخِلَاف هَذَا فِي رِوَايَة الْمَدَنِيين عَنهُ، وَهِي أصح، فهم أهل بلدته، وَأعرف بقضاياه من غَيرهم. وَرُوِيَ عَن مَسْرُوق عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم، والعمة بِمَنْزِلَة الْأَب، وَابْنَة الْأَخ بِمَنْزِلَة الْأَخ، وكل ذِي رحم بِمَنْزِلَة الرَّحِم الَّذِي يَلِيهِ إِذا لم يكن وَارِث ذُو قرَابَة ". وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِيمَا بلغه عَن أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " كَانَ عمر وَعبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا يورثان الْأَرْحَام دون الموَالِي "، قَالَ: " وَكَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَشَّدهم فِي ذَلِك "، قَالَ الشَّافِعِي، رَحمَه الله تَعَالَى: " وَلَيْسوا يَقُولُونَ بِهَذَا إِذا لم يكن أهل فَرَائض مُسَمَّاة، وَلَا عصبَة ورثنا الموَالِي ". وَرُوِيَ عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن حَيَّان الْجعْفِيّ، قَالَ: " كنت عِنْد سُوَيْد بن غَفلَة، فَأتي فِي ابْنة، وَامْرَأَة، وَمولى، فَقَالَ: كَانَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ يُعْطي الِابْنَة النّصْف، وَالْمَرْأَة الثّمن، وَيرد مَا بَقِي على الْبِنْت ". فَهَذِهِ رِوَايَة مَوْصُولَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ بِخِلَاف مَا قَالُوا، وَإِنَّمَا رُوِيَ مثل مَذْهَبهم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ من رِوَايَة قطر،

وَالْحسن بن عمَارَة عَن الحكم بن عُيَيْنَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مُنْقَطِعًا. وَعَن مُحَمَّد بن سَالم عَن الشّعبِيّ مُنْقَطِعًا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ. وَعَن سَلمَة بن كهيل قَالَ: " رَأَيْت الْمَرْأَة الَّتِي ورثهَا عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَأعْطى الْبِنْت النّصْف، والموالي النّصْف "، وَهَذِه الْمَرْأَة مَجْهُولَة. وَالرِّوَايَة الموصولة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ بِخِلَاف ذَلِك. وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ بزعمهم أعرف بِمذهب عَليّ، وَعبد الله رَضِي الله عَنهُ من غَيره، وَقد روى عَنْهُمَا تقديمهما الرَّد، وتوريث ذَوي الْأَرْحَام على الموَالِي. والعراقيون يخالفونهما فِي ذَلِك، ويخالفون زيدا وَعمر بن الْخطاب رَضِي رَضِي الله عَنْهُمَا فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَن - عمر رَضِي الله عَنْهُمَا - وَهِي

مسألة

رِوَايَة الْمَدَنِيين. وَالله أعلم. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق، وَهُوَ أعلم بِالصَّوَابِ، لَا إِلَه إِلَّا هُوَ. مَسْأَلَة (160) : وَلَا يَرث من قبل الْأَب إِلَّا جدة وَاحِدَة على أحد الْقَوْلَيْنِ، وَهِي أم الْأَب، وأمهاتها. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " تَرث أم أَب لأَب أَيْضا، وَهُوَ القَوْل الآخر، وَهُوَ الصَّحِيح ". روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُثْمَان بن إِسْحَاق عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب قَالَ: " جَاءَت الْجدّة إِلَى أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ تسأله مِيرَاثهَا، فَقَالَ لَهَا أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ: مَا لَك فِي كتاب الله شَيْء، وَمَا علمت لَك فِي سنة نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا، فارجعي، حَتَّى أسأَل النَّاس، فَسَأَلَ النَّاس، فَقَالَ لَهُ الْمُغيرَة بن

أعطاها السدس فقال أبو بكر رضي الله عنه هل معك غيرك فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذ لها أبو بكر رضي الله عنه ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر رضي الله عنه تسأله ميراثها فقال ما لك في كتاب

شُعْبَة: حضرت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَعْطَاهَا السُّدس، فَقَالَ أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ -: هَل مَعَك غَيْرك؟ فَقَامَ مُحَمَّد بن مسلمة الْأنْصَارِيّ، فَقَالَ مثل مَا قَالَ الْمُغيرَة، فأنفذ لَهَا أَبُو بكر، رَضِي الله عَنهُ، ثمَّ جَاءَت الْجدّة الْأُخْرَى إِلَى عمر - رَضِي الله عَنهُ - تسأله (مِيرَاثهَا) ، فَقَالَ: مَا لَك فِي كتاب الله شَيْء، وَمَا كَانَ الْقَضَاء الَّذِي قضي بِهِ إِلَّا لغيرك، وَمَا أَنا فِي الْفَرَائِض بزائد شَيْئا، وَلَكِن هُوَ ذَلِك السُّدس، فَإِن اجتمعتما فِيهِ فَهُوَ بَيْنكُمَا، وأيتكما خلت فَهُوَ لَهَا ". وروى مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: " أَتَت الجدتان إِلَى أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - فَأَرَادَ أَن يَجْعَل السُّدس للَّتِي من قبل الْأُم، فَقَالَ لَهُ رجل / من الْأَنْصَار: أما أَنَّك لتترك الَّتِي لَو ماتتا، وَهُوَ حَيّ كَانَ إِيَّاهَا يَرث، فَجعل أَبُو بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - السُّدس بَينهمَا "، تَابعه سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن يحيى بن سعيد، وَقَالَ فِيهِ: " فَقل لَهُ عبد الرَّحْمَن بن سهل بن حَارِثَة - وَقد كَانَ شهد بَدْرًا وَقَالَ مرّة رجل من بني حَارِثَة -: يَا أَبَا بكر، يَا خَليفَة رَسُول الله، أَعْطَيْت الَّتِي لَو أَنَّهَا مَاتَت لم يَرِثهَا، فَجعله بَينهمَا ".

فَمن قَالَ بالْقَوْل الأول زعم أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ إِنَّمَا ورث جدتين، وَكَذَلِكَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَلَا يُورث أَكثر مِنْهُمَا. وروى مَالك عَن عبد الله " أَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام كَانَ لَا يفْرض إِلَّا لجدتين ". وَرُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ: " لَا نعلمهُ ورث فِي الْإِسْلَام إِلَّا جدتين "، وَهَذَا قَول ربيعَة أَيْضا. وَرُوِيَ عَن سعد بن أبي وَقاص أَنه قَالَ لِابْنِ مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا: " أَنْتُم الَّذين تفرضون لثلاث جدات "، كَأَنَّهُ يُنكر ذَلِك. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى: " ورث حَوَّاء من بَينهَا "، وَإِسْنَاده لَيْسَ بذلك. قَالَ مُحَمَّد بن نصر الْمروزِي رَحمَه الله تَعَالَى: " جَاءَت

وجماعة من التابعين رضي الله عنهم أنهم ورثوا ثلاث جدات مع الحديث المنقطع الذي روي عن النبي

الْأَخْبَار عَن جمَاعَة من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَمَاعَة من التَّابِعين رَضِي الله عَنْهُم أَنهم ورثوا ثَلَاث جدات، مَعَ الحَدِيث الْمُنْقَطع الَّذِي رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، أَنه ورث ثَلَاث جدات، وَلَا نعلم عَن أحد من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خلاف ذَلِك، إِلَّا مَا روينَا عَن سعد بن أبي وَقاص رَضِي الله عَنهُ مِمَّا لَا يثبت عِنْد أهل الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ إِسْنَاده ". وَهَذَا الحَدِيث الْمُنْقَطع رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم، وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد، وفسراه بأنهن ثِنْتَيْنِ من قبل الْأَب، وَوَاحِدَة من قبل الْأُم. وَرُوِيَ أَيْضا عَن الْحسن " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ورث ثَلَاث جدات ". وَعَن مُحَمَّد فِي الْجدَّات الْأَرْبَع " أَن عمر رَضِي الله عَنهُ اطمعهن السُّدس ". وَرَوَاهُ خَارِجَة بن زيد بن ثَابت عَن أَبِيه " أَنه كَانَ يُورث ثَلَاث جدات إِذا استوين ثِنْتَيْنِ من قبل الْأَب، وَوَاحِدَة من قبل الْأُم ". وَعَن الشّعبِيّ قَالَ: " كَانَ عَليّ، وَزيد رَضِي الله عَنْهُمَا يعطيان الْجدّة، أَو اثْنَتَيْنِ، أَو الثَّلَاث السُّدس، لَا ينقصن مِنْهُ، وَلَا يزدن عَلَيْهِ إِذا كَانَت قراباتهن إِلَى الْمَيِّت سَوَاء، فَإِن كَانَت إِحْدَاهُنَّ أقرب فالسدس

مسألة

لَهَا دونهن ". وَكَانَ عبد الله يُشْرك بَين أقربهن وأبعدهن فِي السُّدس. وَعنهُ " أَن زيد بن ثَابت وعليا رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَا يورثان ثَلَاث جدات: ثِنْتَيْنِ من قبل الْأَب، وَوَاحِدَة من قبل الْأُم ". وَعَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " تَرث الْجدَّات الْأَرْبَع جمع "، وَهُوَ قَول مَسْرُوق، وَالْحسن الْبَصْرِيّ، وَالشعْبِيّ، وَغَيرهم من التَّابِعين، رَضِي الله عَنْهُم. مَسْأَلَة (161) : الْقُرْبَى من قبل الْأُم تحجب البعدى من قبل الْأَب، والقربى من قبل الْأَب لَا تحجب البعدى من جِهَة الْأُم فِي الصَّحِيح من الْمَذْهَب، وَهُوَ أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَن زيد بن ثَابت، رَضِي الله عَنهُ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " الْقُرْبَى من الْجدَّات تحجب البعدى سَوَاء كَانَ من قبل الْأَب، أَو من قبل الْأُم ".

رُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب عَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِذا اجْتمعت جدتان، فبينهما السُّدس، وَإِذا كَانَت الَّتِي من قبل الْأُم أقرب من الْأُخْرَى فالسدس لَهَا، وَإِذا كَانَت الَّتِي من قبل الْأَب أقرب فَهُوَ بَينهم ". وَبِمَعْنَاهُ رُوِيَ عَن خَارِجَة بن زيد عَن أَبِيه. وَعَن عَمْرو بن وهيب عَن أَبِيه عَن زيد أَنه كَانَ يَقُول: " إِذا كَانَت الْجدّة من قبل الْأُم أقعد من الْجدّة من قبل الْأَب، فَهِيَ أَحَق بالسدس، فَإِذا كَانَت الْجدّة من الْأَب أقعد، (أشركت بَينهمَا) وَبَين جدة الْأُم ". قيل: وَكَيف صَارَت الْجدّة مَعَ الْأُم بِهَذِهِ الْمنزلَة؟ قَالَ: لِأَن الْجدَّات إِنَّمَا أطعمن السُّدس من قبل سدس الْأُم. وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ " أَن عليا وزيدا كَانَا يورثان الْقُرْبَى من الْجدَّات ". وَفِي رِوَايَة: " كَانَ عَليّ وَزيد يورثان من الْجدَّات الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب ". وَعَن الشّعبِيّ " فِي رجل ترك جدتيه: أم أَبِيه، وَأم أمه، وَجدّة الْأَب، قَالَ عَليّ وَزيد: لأم الْأُم السُّدس، وَكَانَا يَقُولَانِ: السُّدس لأَقْرَب الْجدَّات ". وَقَالَ عبد الله: " السُّدس بَينهمَا سَوَاء، فَإِن كَانَت أم الْأُم،

مسألة

وجدتي الْأَب أشرك بَينهُنَّ فِي السُّدس، إِذا كَانَتَا الجدتين من قبل الْأَب نسبتهما سَوَاء، فَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا أقرب من الْأُخْرَى أشرك بَين الدُّنْيَا، وَأم الْأُم، وَسَقَطت القصوى ". فَمن قَالَ بتوريث الْقُرْبَى من الْجدَّات دون البعدى سَوَاء كَانَت الْقُرْبَى من قبل الْأُم والبعدى من قبل الْأَب، أَو البعدى من قبل الْأَب، والقربى من قبل الْأُم، احْتج بِرِوَايَة الشّعبِيّ عَن عَليّ وَزيد رَضِي الله عَنْهُمَا وَهَذِه رِوَايَة مُطلقَة، وَرِوَايَة الْمَدَنِيين عَن زيد مفسرة، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بالطلقة، مَا فسره أهل الْمَدِينَة عَنهُ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (162) : وَالإِخْوَة وَالْأَخَوَات للْأَب وَالأُم، وَللْأَب يقاسمون الْجد مَا دَامَت الْمُقَاسَمَة خيرا لَهُ من الثُّلُث، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " الْجد أولى بِالْمِيرَاثِ مِنْهُم. رُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الله، وَسَعِيد بن الْمسيب وَقبيصَة قَالُوا: " قضى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَن الْجد يقاسم الْإِخْوَة للْأَب وَالأُم، وَالإِخْوَة للْأَب مَا كَانَت الْمُقَاسَمَة خيرا لَهُ من ثلث المَال، وَإِن كثرت الْإِخْوَة أعطَاهُ الثُّلُث، وَكَانَ للإخوة مَا بَقِي {فللذكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} ، وَقضى أَن بني الْأَب وَالأُم هم أولى

بذلك من بني الْأَب: ذكرهم، وَنِسَاؤُهُمْ، غير أَن بني الْأَب يقاسمون بالجد لبني الْأَب وَالأُم، ثمَّ يردون عَلَيْهِم، وَلَا يكون لبني الْأَب شَيْء مَعَ بني الْأَب وَالأُم، وَبَنُو الْأَب يردون على بَنَات الْأَب وَالأُم، وَإِن بَقِي شَيْء بعد فَرَائض بَنَات الْأَب وَالأُم فَهُوَ للإخوة للْأَب {فللذكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ} . وَرُوِيَ عَن سعيد بن سُلَيْمَان بن زيد بن ثَابت عَن أَبِيه عَن جده " أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ اسْتَأْذن عَليّ يَوْمًا، فَأذن لَهُ، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لَو أرْسلت إِلَيّ جئْتُك، فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: إِنَّمَا الْحَاجة لي، إِنِّي جئْتُك لتنظر فِي أَمر الْجد، فَقَالَ زيد رَضِي الله عَنهُ: لَا وَالله، مَا تَقول فِيهِ، فَقَالَ عمر: لَيْسَ هُوَ بِوَحْي حَتَّى تزيد فِيهِ، وتنقص مِنْهُ، إِنَّمَا هُوَ شَيْء ترَاهُ، فَإِن رَأَيْته واقفني تَبعته، وَإِلَّا لم يكن عَلَيْك فِيهِ شَيْء، فَأبى زيد، فَخرج مغضبا، ثمَّ أَتَاهُ مرّة أُخْرَى، فَلم يزل بِهِ حَتَّى قَالَ: فسأكتب لَك فِيهِ، فَكَتبهُ فِي قِطْعَة قتب، وَضرب لَهُ مثلا إِنَّمَا مثله مثل شَجَرَة تنْبت على سَاق وَاحِد، فَخرج فِيهَا غُصْن، ثمَّ خرج فِي غُصْن غُصْن آخر، والساق يسْقِي الْغُصْن، فَإِن قطعت الْغُصْن الأول رَجَعَ المَاء إِلَى الْغُصْن، وَإِن قطعت الثَّانِي رَجَعَ المَاء إِلَى الأول فَأتي بِهِ، فَخَطب النَّاس عمر رَضِي الله عَنهُ ثمَّ قَرَأَ قِطْعَة القتب عَلَيْهِم، ثمَّ قَالَ: إِن زيد بن ثَابت قد قَالَ

فِي الْجد قولا، وَقد أمضيته، قَالَ: وَكَانَ أول جد كَانَ، فَأَرَادَ أَن يَأْخُذ المَال كُله، مَال ابْن ابْنه دون إخْوَته، فَقَسمهُ بعد ذَلِك عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ ". وَعَن الشّعبِيّ قَالَ: " كَانَ رَأْي أبي بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن يجعلا الْجد أولى من الْأَخ ". وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يكره الْكَلَام فِيهِ، فَلَمَّا صَار عمر رَضِي الله عَنهُ جدا، قَالَ: هَذَا أَمر قد وَقع لَا بُد للنَّاس من مَعْرفَته، فَأرْسل إِلَى زيد، فَسَأَلَهُ فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لَا تجْعَل شَجَرَة نَبتَت، فانشعب مِنْهَا غُصْن، فانشعب فِي الْغُصْن غُصْن فَمَا يَجْعَل الْغُصْن الأول أولى من الْغُصْن الثَّانِي، وَقد خرج الْغُصْن من الْغُصْن، قَالَ: فَأرْسل إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ كَمَا قَالَ زيد إِلَّا أَنه جعله سَبِيلا سَالَ، فانشعب مِنْهُ شُعْبَة، ثمَّ انشعبت مِنْهُ شعبتان، فَقَالَ: أَرَأَيْت لَو أَن هَذِه الشعبة الْوُسْطَى رَجَعَ أَلَيْسَ إِلَى الشعبتين جَمِيعًا؟ فَقَامَ عمر رَضِي الله عَنهُ فَخَطب النَّاس، فَذكر الحَدِيث بِمَعْنى مَا مضى ". وَعَن الشّعبِيّ قَالَ: أول جد ورث فِي الْإِسْلَام عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنهُ، مَاتَ ابْن فلَان بن عمر، فَأَرَادَ عمر رَضِي الله عَنهُ أَن يَأْخُذ المَال دون إخْوَته، فَقَالَ لَهُ عَليّ وَزيد رَضِي الله عَنْهُمَا لَيْسَ لَك ذَلِك، فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: لَوْلَا أَن رأيكما اجْتمع لم أر أَن يكون

لو كنت متخذا خليلا لاتخذته يعني أبا بكر رضي الله عنه جعل الجد أبا أخرجه البخاري في الصحيح

ابْني، وَلَا أكون أَبَاهُ، هَذَا مُرْسل جيد ". وَعَن عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد قَالَ: " أَخذ / أَبُو الزِّنَاد هَذِه الرسَالَة من خَارِجَة بن زيد بن ثَابت، وَمن كَبِير آل زيد: " بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم، لعبد الله أَمِير الْمُؤمنِينَ (من زيد بن ثَابت ... .) فَذكر الرسَالَة بِطُولِهَا، وفيهَا: " لقد كنت كلمت أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي شَأْن الْجد وَالإِخْوَة من الْأَب كلَاما شَدِيدا، وَأَنا يَوْمئِذٍ أَحسب أَن الْإِخْوَة أقرب حَقًا فِي أخيهم من الْجد، وَيرى يَوْمئِذٍ هُوَ أَن الْجد أقرب من الْإِخْوَة "، فَذكر محاورتهما فِي ذَلِك، ثمَّ اجْتِمَاعهمَا على قسْمَة المَال بَينهم على التَّرْتِيب الَّذِي نَقَلْنَاهُ فِي كتاب السّنَن. ثمَّ أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَكَانَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يُشْرك بَين الْجد، وَالإِخْوَة، وَالْأَخَوَات لأَب وَأم، أَو لأَب، وَكَيْفِيَّة تشريكهم بَينهم مَذْكُور فِي كتاب السّنَن. استدلوا بِحَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " جعله الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَو كنت متخذا خَلِيلًا لاتخذته يَعْنِي أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ - جعل الْجد أَبَا "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح.

مسألة

وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ " أَن أَبَا بكر، وَابْن عَبَّاس، وَابْن الزبير، رَضِي الله عَنْهُم، كَانُوا يجْعَلُونَ الْجد أَبَا يَرث مَا يَرث، ويحجب مَا يحجب ". وَعَن طَاوس " أَن عُثْمَان، وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، كَانَا يجعلان الْجد أَبَا " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (163) : وَمَال الْمُرْتَد إِذا مَاتَ على ردته، أَو قتل فَيْء للْمُسلمين. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " مَا كَانَ لَهُ قبل ردته فَهُوَ لوَرثَته الْمُسلمين ". فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنهُ، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر، وَلَا الْكَافِر الْمُسلم ". وَهُوَ عِنْد مُسلم أَيْضا بِمَعْنَاهُ. وَعند أبي دَاوُد عَن يزِيد بن الْبَراء عَن أَبِيه قَالَ: " لقِيت عمي وَمَعَهُ راية، فَقلت: أَيْن تُرِيدُ؟ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى رجل نكح امْرَأَة أَبِيه، فَأمرنِي أَن أضْرب عُنُقه، وآخذ مَاله ". وَالْمرَاد بِهَذَا

النِّكَاح الْوَطْء، وَقد رُوِيَ " إِلَى رجل عرس بِامْرَأَة أَبِيه ". وَقد حمل بعض أَصْحَابنَا على أَنه نَكَحَهَا مُعْتَقدًا الْإِبَاحَة، فَصَارَ بِهِ مُرْتَدا، أوجب قَتله، وَأخذ مَاله، فبالإجماع لَا يُؤْخَذ مَاله بِمُجَرَّد الزِّنَا دون اعْتِقَاد إِبَاحَته. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَقد رُوِيَ أَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى ابْن عَبَّاس، وَزيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُمَا يسألهما عَن مِيرَاث الْمُرْتَد، فَقَالَا: لبيت المَال "، قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى " يعنيان أَنه فَيْء ". استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ " أَنه أُتِي بمستورد الْعجلِيّ، وَقد ارْتَدَّ، فَعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام، فَأبى، قَالَ: " فَقتله، وَجعل مِيرَاثه بَين ورثته الْمُسلمين ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله -: " يزْعم بعض أهل الحَدِيث مِنْكُم أَنه غلط، وَأَن الْحفاظ لم يحفظوا عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، " فقسم مَاله

لا يرث المسلم الكافر كما تركوا به قول معاذ ومعاوية رضي الله عنهما وغيرهما في توريث المسلم من اليهودي يعني أنهم معنا لم يخصوا خبر أسامة بقول معاذ وغيره فكذلك وجب أن لا يخصوه بقول علي رضي الله عنه حتى يحملوا الخبر على

بَين ورثته الْمُسلمين "، وَيخَاف أَن يكون الَّذِي أَرَادَ هَذَا غلط ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " قد رَوَاهُ الشّعبِيّ، وَعبد الْملك بن عُمَيْر عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ دون ذكر المَال، وَبَلغنِي عَن أَحْمد بن حَنْبَل رَضِي الله عَنهُ فِي مَا رَوَاهُ عَنهُ أَبُو بكر أَحْمد بن مُحَمَّد بن هَانِئ، أَنه ضعف الحَدِيث الَّذِي رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن مِيرَاث الْمُرْتَد لوَرثَته من الْمُسلمين ". ثمَّ قد جعله الشَّافِعِي رَحمَه الله لخصمه ثَابتا، وَاعْتذر فِي تَركه قَوْله بِظَاهِر قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر ". كَمَا تركُوا بِهِ قَول معَاذ، وَمُعَاوِيَة رَضِي الله عَنْهُمَا، وَغَيرهمَا فِي تَوْرِيث الْمُسلم من الْيَهُودِيّ - يَعْنِي أَنهم مَعنا - لم يخصوا خبر أُسَامَة بقول معَاذ وَغَيره، فَكَذَلِك وَجب أَن لَا يخصوه بقول عَليّ رَضِي الله عَنهُ حَتَّى يحملوا الْخَبَر على الْكَافِر الْحَرْبِيّ دون الْمُرْتَد، كَمَا لم يحملوه على الْكَافِر الْحَرْبِيّ دون الذِّمِّيّ بقول معَاذ رَضِي الله عَنهُ وَغَيره. وَرُوِيَ عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن الحكم " أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قضى فِي مِيرَاث الْمُرْتَد أَنه لأَهله من الْمُسلمين "، وَهَذَا مُنْقَطع، وَالْحجاج غير مُحْتَج بِهِ. وَرَوَاهُ شريك عَن الْمُغيرَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ، وَهُوَ أَيْضا

فهو أولى والله أعلم

مُنْقَطع. وَعَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الله " أَنه جعل مِيرَاث الْمُرْتَد لوَرثَته من الْمُسلمين "، وَهَذَا أَيْضا مُنْقَطع، الْقَاسِم لم يدْرك جده. ثمَّ قد رُوِيَ عَن زيد بن ثَابت، وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا نَحْو مَذْهَبنَا، وقولهما يُوَافق حَدِيث أُسَامَة بن زيد عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَهُوَ أولى. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (164) : وَالإِخْوَة وَالْأَخَوَات للْأَب وَالأُم يشاركون الْإِخْوَة وَالْأَخَوَات للْأُم فِي ثلثهم فِي مَسْأَلَة المشركة. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّهُم لَا يشاركونهم ". رُوِيَ عَن وهب بن مُنَبّه عَن مَسْعُود بن الحكم الثَّقَفِيّ، قَالَ: " أُتِي عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فِي امْرَأَة تركت زَوجهَا وَأمّهَا، وإخوتها لأمها، وإخوتها لأَبِيهَا (وَأمّهَا) ، فشرك بَين الْإِخْوَة للْأُم، وَبَين الْإِخْوَة للْأُم وَالْأَب بِالثُّلثِ، فَقَالَ لَهُ رجل: إِنَّك لم تشرك بَينهم عَام أول كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: تِلْكَ على مَا قضينا يَوْمئِذٍ، وَهَذِه على

مَا قضينا الْيَوْم ". قَالَ عبد الرَّزَّاق: " قَالَ الثَّوْريّ: لَو لم أستفد فِي سفرتي هَذِه غير هَذَا الحَدِيث لظَنَنْت أَنِّي قد اسْتَفَدْت فِيهِ خيرا "، وَكَذَلِكَ قَالَه ابْن عُيَيْنَة عَن معمر. وَقَالَ يَعْقُوب بن سُفْيَان: " هَذَا خطأ؛ إِنَّمَا هُوَ الحكم بن مَسْعُود، وَبِمَعْنَاهُ قَالَ البُخَارِيّ. وَرُوِيَ عَن قَتَادَة عَن ابْن الْمسيب " أَن عمر رَضِي الله عَنهُ أشرك بَين الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم، وَبَين الْإِخْوَة من الْأُم فِي الثُّلُث ". وَرُوِيَ عَن وهب عَن زيد بن ثَابت فِي المشركة، قَالَ: " هبوا أباهم كَانَ حمارا مَا زادهم الْأَب إِلَّا قربا، وأشرك بَينهم فِي الثُّلُث ". و (عَن أبي مجلز) أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ (شرك بَين الْإِخْوَة من الْأُم، وَالإِخْوَة من الْأَب وَالأُم فِي الثُّلُث، وَأَن عليا رَضِي الله عَنهُ لم يُشْرك بَينهم ". وَعَن الثَّوْريّ عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عمر، وَعبد الله، وَزيد، رَضِي الله عَنْهُم، أَنهم قَالُوا: " للزَّوْج النّصْف، وَللْأُمّ السُّدس، وأشركوا بَين الْإِخْوَة من الْأَب وَالأُم، وَالإِخْوَة من الْأُم فِي الثُّلُث،

مسألة

وَقَالُوا: مَا زادهم الْأَب إِلَّا قربا ". وَعَن الشّعبِيّ قَالَ: " قَالَ عمر، وَعبد الله، فَذكر بِمَعْنَاهُ وَزَاد ذكرهم، وأنثاهم فِيهِ سَوَاء. وَقَالَ عَليّ، وَزيد رَضِي الله عَنْهُمَا: " هم عصبَة إِن فضل شَيْء كَانَ لَهُم، وَإِن لم يفضل لم يكن لَهُم شَيْء ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " الْمَشْهُور عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه لم يُشْرك. وَالصَّحِيح عَن زيد رَضِي الله عَنهُ أَنه شرك. وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِيهِ عَن عبد الله، فَقيل عَنهُ أَنه لم يُشْرك، وَقيل: إِنَّه شرك. وَهَذَا فِي رِوَايَة الشّعبِيّ، وَإِبْرَاهِيم عَنهُ - وهما أعرف بمذهبه من غَيرهمَا - فَيحْتَمل أَن تكون فِي الِابْتِدَاء لم يُشْرك، ثمَّ رَجَعَ إِلَى التَّشْرِيك، كَمَا روينَا عَن عمر، رَضِي الله عَنْهُم. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (165) : وَإِذا مَاتَ ولد الْمُلَاعنَة، وَلَا وَارِث لَهُ إِلَّا عصبَة أمه، فَمَاله لبيت مَال الْمُسلمين. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " مَاله لعصبة أمه بالتعصب فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ".

قال ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر فجعل ما فضل لعصبة المتوفى دون عصبة أمه وولد الملاعنة لا عصبة له من قبل أبيه فالمسلمون له عصبة وعندهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله

فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِي فَهُوَ لأولى رجل ذكر "، فَجعل مَا فضل لعصبة الْمُتَوفَّى دون عصبَة أمه، وَولد الْمُلَاعنَة لَا عصبَة لَهُ من قبل أَبِيه، فالمسلمون لَهُ عصبَة. وَعِنْدَهُمَا عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حَدِيث قَالَ فِيهِ: " فليؤثر بِمَالِه عصبته من كَانَ ". وَفِي رِوَايَة: " وَأَيكُمْ مَا ترك مَالا فَإلَى الْعصبَة من كَانَ ". وَعند البُخَارِيّ حَدِيث المتلاعنين عَن سهل بن سعد فِيهِ: " وَكَانَت حَامِلا، فَأنْكر حملهَا، فَكَانَ ابْنهَا يدعى إِلَيْهَا، ثمَّ جرت السّنة فِي الْمِيرَاث أَن يَرِثهَا، وترث مِنْهُ مَا فرض الله وَعز وَجل لَهَا "، وَفِي هَذَا الحَدِيث دلَالَة على أَنه لَا يرد على أمه، وَلَا على إخْوَته لأمه مَا فضل عَن فريضتهم. استدلوا بِمَا روى أَبُو دَاوُد عَن وَاثِلَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمَرْأَة تحرز ثَلَاث مَوَارِيث: عتيقها، ولقطتها، وَوَلدهَا الَّذِي لاعنت

ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها وهذا مرسل ورواه من حديث عيسى بن موسى أبي محمد القرشي وفيه نظر ولم يثبت من عدالته ما يوجب قبول خبره عن العلاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده

عَلَيْهِ " رِوَايَة عَمْرو بن روبة التغلبي، وَلم يحْتَج بِهِ الشَّيْخَانِ، وَلَا لَهُ ذكر فِي كتابهما، فَالله اعْلَم، وَقد قَالَ البُخَارِيّ: " عَمْرو بن روبة فِيهِ نظر ". وروى أَيْضا مَكْحُول قَالَ: " جعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِيرَاث ابْن الْمُلَاعنَة لأمه، ولورثتها من بعْدهَا "، وَهَذَا مُرْسل، وَرَوَاهُ من حَدِيث عِيسَى بن مُوسَى أبي مُحَمَّد الْقرشِي، وَفِيه نظر، وَلم يثبت من عَدَالَته مَا يُوجب قبُول خَبره عَن الْعَلَاء عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده.

بولد الملاعنة قال قضى به رسول الله

وَرُوِيَ عَن دَاوُد بن أبي هِنْد، قَالَ: " حَدثنِي عبد الله بن عبيد الْأنْصَارِيّ، قَالَ: كتبت إِلَى أَخ لي من بني رُزَيْق لمن قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِولد الْمُلَاعنَة، قَالَ: قضى بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأمه، قَالَ: هِيَ بِمَنْزِلَة أَبِيه وَأمه ". وَقيل: " عَن دَاوُد عَن عبد الله عَن رجل من أهل الشَّام "، وَكِلَاهُمَا مُنْقَطع، لَا تقوم الْحجَّة بمثلهما، ثمَّ حمله الْأُسْتَاذ أَبُو الْوَلِيد يرحمه الله على مَا لَو كَانَت أمه مولاة بعتاقه، فَيكون مواليها عصبتها، وعصبة ابْنهَا. وَيحْتَمل أَن يكون ابْن الْمُلَاعنَة مَمْلُوكا ملكته أمه بعد أَن صَارَت حرَّة، فَعتق عَلَيْهَا، فَتكون مولاة، فترث مَا بَقِي بِالْوَلَاءِ إِن كَانَت حَيَّة، ويرثه عصبتها إِن كَانَت ميتَة بِالْوَلَاءِ. وَرُوِيَ جعلهَا عصبَة عَن عَليّ وَعبد الله، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَرُوِيَ بِخِلَافِهِ عَن عَليّ وَزيد، رَضِي الله عَنْهُمَا. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " فَالرِّوَايَة فِيهِ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مُخْتَلفَة، وَقَوله مَعَ زيد بن ثَابت أشبه بِمَا ذكرنَا من السّنة، وَنحن إِنَّمَا نَأْخُذ بقول زيد بن ثَابت لما روينَاهُ من حَدِيث سهل بن سعد

السَّاعِدِيّ فِي ابْن المتلاعنين أَن السّنة جرت أَنه يَرِثهَا، وترث مِنْهُ مَا فرض الله لَهَا (وَالله تَعَالَى إِنَّمَا فرض) لَهَا الثُّلُث، أَو السُّدس، فَلَا تجوز الزِّيَادَة على ذَلِك، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق ". وروى مَالك " أَنه بلغه عَن عُرْوَة بن الزبير، وَسليمَان بن يسَار أَنَّهُمَا سئلا عَن ولد الْمُلَاعنَة، وَولد الزِّنَا من يَرِثهُ؟ فَقَالَا: تَرثه أمه حَقّهَا، وَإِخْوَته من أمه حُقُوقهم، وَيَرِث مَا بَقِي من مَاله موَالِي أمه إِن كَانَت مولاة، وَإِن كَانَت عَرَبِيَّة ورثت حَقّهَا، وَورث إخْوَته من أمه حُقُوقهم، وَورث مَا بَقِي من مَاله الْمُسلمُونَ، قَالَ مَالك: وَذَلِكَ الْأَمر عندنَا، وَالَّذِي أدْركْت عَلَيْهِ أهل الْعلم ببلدنا " وَالله أعلم.

كتاب الوصايا

كتاب الْوَصَايَا مَسْأَلَة (166) : إِذا أوصى لِذَوي قرَابَته دخل فِيهِ من كَانَ فصيلته مِمَّن يَقع عَلَيْهِ اسْم الْقَرَابَة، من بني الْأَعْمَام وَغَيرهم، وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يخْتَص بهَا كل ذِي رحم محرم من قرَابَته ". لنا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين أنزل الله تَعَالَى: {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} ، قَالَ: يَا معشر قُرَيْش، اشْتَروا أَنفسكُم من الله، لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا، يَا بني عبد منَاف، لَا أُغني عَنْكُم من الله شَيْئا، يَا عَبَّاس بن عبد الْمطلب، لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا، يَا صَفِيَّة عمَّة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا، يَا فَاطِمَة بنت مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سليني مَا شِئْت، لَا أُغني عَنْك من الله شَيْئا، فَثَبت

أمر أبا طلحة أن يجعل الأرض التي جعلها لله في قرابته فقسمها بين حسان بن ثابت وأبي بن كعب من حديث أنس بن مالك قال أبو داود وبلغني عن الأنصاري محمد بن عبيد الله قال أبو طلحة يزيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد بن مناة

بذلك دُخُولهمْ فِي الِاسْم، فَوَجَبَ أَن يشاركوهم فِي الِاسْتِحْقَاق بِالِاسْمِ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر أَبَا طَلْحَة أَن يَجْعَل الأَرْض الَّتِي جعلهَا لله فِي قرَابَته فَقَسمهَا بَين حسان بن ثَابت، وَأبي بن كَعْب ". من حَدِيث أنس بن مَالك، قَالَ أَبُو دَاوُد: " وَبَلغنِي عَن الْأنْصَارِيّ مُحَمَّد بن عبيد الله، قَالَ: أَبُو طَلْحَة يزِيد بن سهل بن الْأسود بن حرَام بن عَمْرو بن زيد بن مَنَاة بن عدي بن عَمْرو بن مَالك بن النجار، وَحسان بن ثَابت بن الْمُنْذر بن حرَام يَجْتَمِعَانِ إِلَى حرَام، وَهُوَ الْأَب الثَّالِث، وَأبي بن كَعْب بن قيس بن عتِيك بن زيد بن مُعَاوِيَة بن عَمْرو بن مَالك النجار فعمرو يجمع حسانا، وَأَبا طَلْحَة، وأبيا. قَالَ الْأنْصَارِيّ بَين أبي، وَأبي طَلْحَة

مسألة

سِتَّة آبَاء، فَيثبت بِهَذَا وَمَا قبله دُخُول بني الْأَعْمَام فِي الْأَقْرَبين. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (167) : الْوَصِيَّة للْقَاتِل جَائِزَة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " الْوَصِيَّة للْقَاتِل غير جَائِزَة ". قَالَ الله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم إِذا حضر أحدكُم الْمَوْت إِن ترك خيرا الْوَصِيَّة للْوَالِدين والأقربين} ، وَلم يفرق بَين الْقَاتِل وَغَيره. وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الثُّلُث، وَالثلث كثير "، وَلم يفرق بَين أَن يُوصي بِهِ لقاتله، أَو غَيره. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ /: " مَا حق امْرِئ مُسلم لَهُ شَيْء يُوصي فِيهِ، يبيت لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّة مَكْتُوبَة عِنْده ". وروى مُبشر بن عبيد بِسَنَد لَهُ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا:

مسألة

" لَيْسَ لقَاتل وَصِيَّة ". قَالَ عَليّ بن عمر: " مُبشر مَتْرُوك يضع الحَدِيث ". وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: " أَحَادِيثه أَحَادِيث مَوْضُوعَة كذب ". وَقَالَ البُخَارِيّ: " مُبشر مُنكر الحَدِيث "، وَنسبه أَبُو حَاتِم إِلَى وضع الحَدِيث. نَعُوذ بِاللَّه من الخذلان والحرمان، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (168) : إِذا أوصى لجيرانه، فحد الْجوَار عِنْد الشَّافِعِي أَرْبَعُونَ دَارا من جَمِيع الجوانب، يصرف إِلَيْهِم، وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " الْجَار الملاصق ". وَقَالَ أَبُو يُوسُف رَحمَه الله: " أهل الْبَلَد "، وَقَالَ مُحَمَّد: " أهل الْمحلة ". رُوِيَ بِإِسْنَاد - فِيهِ ضعف - عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَوْصَانِي جِبْرِيل بالجار إِلَى أَرْبَعِينَ دَارا، عشرَة من هَهُنَا، وَعشرَة من هَهُنَا، وَعشرَة من هَهُنَا، وَعشرَة من هَهُنَا "، وَإِنَّمَا يعرف من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا: " أَرْبَعِينَ دَارا جَار "، قيل لِابْنِ شهَاب، " وَكَيف أَرْبَعِينَ دَارا "؟ قَالَ: " أَرْبَعِينَ عَن يَمِينه، وَعَن يسَاره، وَخَلفه، وَبَين يَدَيْهِ "، وَهُوَ فِي مَرَاسِيل أبي دَاوُد. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (169) : تصح وَصِيَّة الْمُرَاهق على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَهُوَ قَول مَالك، رَحمَه الله تَعَالَى. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا تصح " وَهُوَ القَوْل الآخر. روى مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر عَن أَبِيه أَن عَمْرو بن سليم الزرقي أخبرهُ أَنه قيل لعمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: إِن هَهُنَا غُلَاما يفاعا لم يَحْتَلِم فِي عنسان، ووارثه بِالشَّام، وَهُوَ ذُو مَال، وَلَيْسَ لَهُ هَهُنَا إِلَّا ابْنة عَم لَهُ، فَقَالَ عمر بن الْخطاب: " فليوص لَهَا "، فأوصى لَهَا بِمَال. يُقَال لَهُ بيرجم، قَالَ عَمْرو بن سليم فَبعث ذَلِك من المَال ثَلَاثِينَ ألفا، وَابْنَة عَمه الَّتِي أوصى لَهَا هِيَ أم عَمْرو بن سليم. فعلق الشَّافِعِي رَحمَه الله جَوَاز وَصِيَّة الْغُلَام وتدبيره، على ثُبُوت الْخَبَر فِيهَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ، وَالْخَبَر مُنْقَطع عَمْرو بن سليم لم يدْرك عمر بن الْخطاب، رَضِي الله نه) غير أَنه ذكر فِي الْخَبَر انتساب عَمْرو إِلَى الْمُوصى لَهَا، فَيكون أعرف

مسألة

بالقصة، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (170) : وَإِذا قَالَ: أوصيت لفُلَان بِسَهْم من مَالِي " لم يقتدر ذَلِك بِشَيْء، وَالْخيَار إِلَى الْوَرَثَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يدْفع إِلَيْهِ سهم أقلهم إِلَّا أَن يزِيد على السُّدس، فَيكون لَهُ السُّدس ". وَقَالَ أَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد رحمهمَا الله: " مَا لم يزدْ على الثُّلُث ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (171) : وَوَصِيَّة من لَا وَارِث لَهُ بِعَيْنِه، فِيمَا زَاد على الثُّلُث سَاقِطَة، غير قَابِلَة للإجازة على أحد المذهبين. وَفِيه وَجه آخر أَن الإِمَام لَو أجازها جَازَت. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّهَا جَائِزَة ". لنا حَدِيث سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله عَنهُ " الثُّلُث، وَالثلث كثير ".

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: " إِن الله أَعْطَاكُم ثلث أَمْوَالكُم، عِنْد وفاتكم زِيَادَة فِي أَعمالكُم ". وَله شَاهد عَن معَاذ مَرْفُوعا: " إِن الله قد تصدق عَلَيْكُم بِثلث أَمْوَالكُم زِيَادَة فِي حسناتكم، ليجعلها لكم زَكَاة فِي أَعمالكُم ". وَرُوِيَ عَن عبد الله بن عمر بن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنْهُمَا سُئِلَ عَن الْوَصِيَّة، فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: " الثُّلُث، وسط من المَال، لَا بخس، وَلَا شطط ". وَرُوِيَ عَن عبد الله، رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ " أَيّمَا رجل توفّي، وَلَيْسَت لَهُ عصبَة، فَإِن مَاله وَصِيَّة كُله ". وَقَالَ: إِنَّمَا بَدَأَ بشأن الْوَصِيَّة من أجل سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله عَنهُ، وَالله أعلم.

كتاب قسم الفيء والغنيمة

كتاب قسم الْفَيْء وَالْغنيمَة من كتاب (قسم الْفَيْء وَالْغنيمَة) . مسالة (172) : السَّلب للْقَاتِل دون شَرط الإِمَام. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِن ذَلِك بِشَرْط الإِمَام ". وَدَلِيلنَا حَدِيث أبي قَتَادَة فِي قَتله الرجل يَوْم حنين، وَأخذ غَيره سلبه، وَقَول أبي بكر رَضِي الله عَنهُ: " لَا هَا الله إِذن لَا نعمد إِلَى أَسد من أَسد الله يُقَاتل عَن الله عز وَجل، وَعَن رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فيعطيك سلبه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " صدق فأعطه إِيَّاه "، أخرجه البُخَارِيّ، وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَحَدِيث عبد الرَّحْمَن بن عَوْف من الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا فِي قصَّة قتل أبي جهل، ثمَّ قَالَ: " وَقضى بسلبه لِمعَاذ بن عَمْرو ".

بدلالة قوله عز وجل يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فكان

قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " إِنَّمَا قضى بسلبه لأَحَدهمَا دون الآخر؛ لِأَنَّهُ علم أَن أَحدهمَا أثخنه،، وَالْآخر أجهز عَلَيْهِ، فَقضى بسلبه لمن أخنه، وَالله أعلم. على أَن غنيمَة بدر كَانَت للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِدلَالَة قَوْله عز وَجل: {يسئلونك عَن الْأَنْفَال قل الْأَنْفَال لله وَالرَّسُول} ، فَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُعْطي مِنْهَا من رأى، ثمَّ نزلت قسْمَة الْغَنِيمَة، وأحكامها بعد ذَلِك. وَفِي صَحِيح مُسلم عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ قصَّة الرجل الْعين، وَقَتله إِيَّاه، فَسَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صَاحبه، فَقيل: ابْن الْأَكْوَع، قَالَ: " لَهُ سلبه أجمع ". والقصة عِنْد البُخَارِيّ أَيْضا عَنهُ، وَقَالَ فِيهَا: " ثمَّ قَتله "، قَالَ " فنفله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سلبه ". وَرُوِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه ". وَفِي رِوَايَة قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم حنين: " من تفرد بِدَم رجل فَلهُ سلبه، فجَاء أَبُو طَلْحَة بسلب أحد وَعشْرين رجلا ".

فيما بين أصحابه أن السلب يكون للقاتل في كل غزوة غزاها رسول الله

وَحَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم فِي صَحِيح مُسلم عَن صَفْوَان بن عَمْرو عَن عبد الرَّحْمَن بن جُبَير عَن أَبِيه عَن عَوْف يُؤَكد هَذَا ويقويه. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " وَكَانَ مَعْرُوفا فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا بَين أَصْحَابه أَن السَّلب يكون للْقَاتِل فِي كل غَزْوَة غَزَاهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد بدر، وَذكر قصَّة عَن حَاطِب بن أبي بلتعه فِي قتل عتبَة بن أبي وَقاص، وَأَخذه سلبه بِأَمْر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وقصة صَفِيَّة بنت عبد الْمطلب، رَضِي الله عَنْهَا، وقتلها الْيَهُودِيّ، وَقَوْلها لحسان: " اسلبه، فاستلبه، وَأَنه لم يَمْنعنِي أَن أستلبه إِلَّا أَنه رجل ". وقصة قتل عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ عَمْرو بن ود، ثمَّ أقبل عَليّ رَضِي الله عَنهُ نَحْو رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَوَجهه يَتَهَلَّل، فَقَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: " هلا استلبته درعه؟ فَإِنَّهُ لَيْسَ للْعَرَب درع خير مِنْهَا، فَقَالَ: ضَربته، فاتقاني بسواده، فَاسْتَحْيَيْت ابْن عمي أَن أستلبه ".

وقصة قتل خَالِد بن الْوَلِيد هُرْمُز، فنقله أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ سلبه، فبلغت قلنسوته مائَة ألف دِرْهَم. وَعَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " بارز الْبَراء مرزبان الرادة، فَقتله، فَنزل، فَأخذ منطقته وسواريه، فقوما بِثَلَاثِينَ ألفا، فَذكر ذَلِك لعمر، رَضِي الله عَنهُ، فَأتي أَبَا طَلْحَة، فَقَالَ: إِنَّا لَا نُخَمِّسُ سلبا، وَإِن سلب الْبَراء قد بِيعَتْ مَالا، وَلَا أَرَانِي إِلَّا خَامِسَة ". وَفِي رِوَايَة عَنهُ أَن الْبَراء قتل رجلا من فَارس، فَبلغ سلبه أَرْبَعِينَ ألف دِرْهَم، فَكتب عمر أَن يُخَمّس سلبه، ثمَّ يدْفع سائره كُله إِلَى الْبَراء. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَرُوِيَ أَن بشر بن عَلْقَمَة، قَالَ: " بارزت رجلا يَوْم الْقَادِسِيَّة، فَبلغ اثْنَي عشر ألفا، فنفلنيه سعد ". رَوَاهُ الثَّوْريّ، وَابْن عُيَيْنَة عَن الْأسود بن قيس (عَن) بشر بن عَلْقَمَة، رَوَاهُ الشَّافِعِي عَن ابْن عُيَيْنَة. وَفِي الصَّحِيح عِنْد مُسلم منع خَالِد بن الْوَلِيد رجلا من الْمُسلمين سلب رجل من الْعَدو قَتله، وَأَن عَوْف بن مَالك أخبر بذلك

فقال يا خالد ما منعك أن تعطيه سلبه قال استكثرته يا رسول الله قال ادفعه وقال فيه إن رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا خَالِد، مَا مَنعك أَن تعطيه سلبه؟ قَالَ: استكثرته يَا رَسُول الله، قَالَ: ادفعه "، وَقَالَ فِيهِ: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يكن يُخَمّس السَّلب ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " السَّلب من النَّفْل، وَالنَّفْل من الْخمس "، وَهَذَا مَذْهَب لِابْنِ عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " إِذا ثَبت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأبي هُوَ وَأمي شَيْء لم يجز تَركه "، قَالَ: " وَلم يسْتَثْن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَلِيل السَّلب، وَلَا كَثِيره ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (173) : والأراضي المغنومة مقسومة بَين الْغَانِمين، لَيْسَ للْإِمَام أَن يردهَا على الْمُشْركين. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " الإِمَام بِالْخِيَارِ بَين أَن يقسمها، أَو يردهَا عَلَيْهِم بِضَرْب الْخراج عَلَيْهَا ". وَهَذَا خلاف كتاب الله عز وَجل، وَسنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ الله عز وَجل: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شئ فَأن لله خَمْسَة وَلِلرَّسُولِ} الْآيَة.

خيبر بين أصحابه ففي صحيح البخاري عن أسلم أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس لهم شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله

وَقَالَ تَعَالَى: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ} الْآيَة. وَقسم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَيْبَر بَين أَصْحَابه، فَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن أسلم، أَنه سمع عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَقُول: " أما وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا أَن أترك آخر النَّاس ببانا لَيْسَ لَهُم شَيْء مَا فتحت عَليّ قَرْيَة إِلَّا قسمتهَا، كَمَا قسم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَيْبَر، وَلَكِن أتركها لَهُم خزانَة. وَعِنْده أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ افتتحنا خَيْبَر، فَلم نغنم ذَهَبا، وَلَا فضَّة، إِنَّمَا غنمنا الْإِبِل، وَالْبَقر، وَالْمَتَاع، والحوائط ". والحوائط الَّتِي قسمهَا (رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) بَين الْغَانِمين، هِيَ مَا فتحهَا عنْوَة، دون مَا فتح صلحا بِدَلِيل مَا رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ وَغَيره، قَالُوا: " بقيت بَقِيَّة من أهل خَيْبَر يحصوا، فسألوا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يحقن دِمَاءَهُمْ، ويسيرهم فَفعل، فَسمع بذلك أهل فدك، فنزلوا على مثل ذَلِك، وَكَانَت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خَالِصَة؛ لِأَنَّهُ لم يوجف عَلَيْهَا بخيل، وَلَا ركاب ". وَعمر رَضِي الله عَنهُ حِين رأى وقف السوَاد استطاب أنفس الْغَانِمين، كَمَا استطاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنفس الْغَانِمين بحنين فِي رد

أيما قرية أتيتموها فأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله ثم هي لكم رواه مسلم في الصحيح ورواه محمد بن رافع وغيره عن عبد الرزاق وقال سهمك فيها فيحتمل أن يكون المراد به ما

النِّسَاء، والذراري، وَإِن الحكم اللَّازِم فِي الْأَرَاضِي المغنومة مَا ذكرنَا. وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَيّمَا قَرْيَة أتيتموها، فأقمتم فِيهَا، فسهمكم فِيهَا، وَأَيّمَا قَرْيَة عَصَتْ الله وَرَسُوله، فَإِن خمسها لله وَلِرَسُولِهِ، ثمَّ هِيَ لكم "، رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح. وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن رَافع وَغَيره عَن عبد الرَّزَّاق وَقَالَ: " سهمك فِيهَا ". فَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِهِ مَا يكون فَيْئا، فَيكون فِيهِ حَقهم من سهم الْمصَالح، ثمَّ ذكر مَا فتح عنْوَة، وَجعل مَا زَاد على الْخمس للغانمين، فَقَالَ: " ثمَّ هِيَ لكم "، وَلم يفرق بَين الْأَرَاضِي وَغَيرهَا، وَالله تَعَالَى اعْلَم. مَسْأَلَة (174) : إِذا شَرط الإِمَام قبل الْقِتَال، من أَخذ شَيْئا فَهُوَ لَهُ، فَمن أَخذ شَيْئا يكون غنيمَة. وَفِيه قَول آخر: " إِنَّه جَائِز "، وَهُوَ قَول ابي حنيفَة، رَحمَه الله.

حين التقى الناس ببدر نفل كل امرئ ما أصاب وذكر باقي الحديث في اختلافهم ونزول الآية في الأنفال قال البيهقي رحمه الله تعالى وقد روي في حديث داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في شرط النبي

رُوِيَ عَن ابْن إِسْحَاق عَن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث عَن سُلَيْمَان الْأَشْدَق عَن مَكْحُول عَن أبي أُمَامَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت، رَضِي الله عَنْهُم: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين التقى النَّاس ببدر نفل كل امْرِئ مَا أصَاب ". وَذكر بَاقِي الحَدِيث فِي اخْتلَافهمْ، ونزول الْآيَة فِي الْأَنْفَال. قَالَ الْبَيْهَقِيّ، رَحمَه الله تَعَالَى: " وَقد رُوِيَ فِي حَدِيث دَاوُد بن أبي هِنْد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي شَرط النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا يُخَالف حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت، فَقيل عَنهُ: قَالَ النَّبِي - يَعْنِي يَوْم بدر - من فعل كَذَا، أَو كَذَا فَلهُ كَذَا وَكَذَا ". وَقيل عَنهُ: " من قتل قَتِيلا فَلهُ كَذَا وَكَذَا، وَمن أسر أَسِيرًا فَلهُ كَذَا وَكَذَا "، وَمن أَتَى مَكَان كَذَا وَكَذَا فَلهُ كَذَا وَكَذَا ". وَهَذَا لَا يدل على أَنه جعل لَهُ جَمِيع مَا أَخذه، وَإِنَّمَا يدل على أَنه يُعْطِيهِ شَيْئا على طَرِيق النَّفْل، ثمَّ قد بَين عبَادَة، وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم، أَن ذَلِك كَانَ قبل نزُول الْآيَة فِي قسْمَة الْغَنِيمَة، وَأَن الْأَمر بعد نُزُولهَا صَار إِلَيْهِ.

المدينة بعثنا في ركب فذكر الحديث وفيه قال وكان الفيء إذ ذاك من أخذ شيئا فهو له ثم ذكر الحديث في بعثه

وَكَذَا فِيمَا رُوِيَ عَن زِيَاد بن علاقَة عَن سعد بن أبي وَقاص، رَضِي الله عَنهُ: " لما قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة بعثنَا فِي ركب "، فَذكر الحَدِيث، وَفِيه: " قَالَ: وَكَانَ الْفَيْء إِذْ ذَاك من أَخذ شَيْئا فَهُوَ لَهُ "، ثمَّ ذكر الحَدِيث فِي بَعثه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَلَيْهِم (عبد الله) بن جحش قَالَ: وَكَانَ أول أَمِير أَمر فِي الْإِسْلَام ". (وَفِي هَذَا أَيْضا دلَالَة على أَن ذَلِك كَانَ فِي أول الْإِسْلَام قبل وقْعَة بدر، ونزول الْآيَة فِي الْغَنَائِم كَانَ بعد وقْعَة بدر، فَصَارَ الْأَمر إِلَى مَا دلّت عَلَيْهِ الْآيَة، ثمَّ سيره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد ذَلِك فِي مغازيه وَالله أعلم. مَسْأَلَة (175) : وَللْإِمَام أَن يمن على الْبَالِغين من الأسرى، وَأَن يفاديهم بأسرى الْمُسلمين. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " لَيْسَ لَهُ ذَلِك ". وَهَذَا أَيْضا خلاف الْكتاب وَالسّنة.

خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه رسول الله

قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِذا لَقِيتُم الَّذين كفرُوا فَضرب الرّقاب حَتَّى إِذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء حَتَّى تضع الْحَرْب أَوزَارهَا} . رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " يُوشك أَن ينزل عِيسَى ابْن مَرْيَم، عَلَيْهِ السَّلَام، إِمَامًا مهديا، وَحكما عادلا، فَيقْتل الْخِنْزِير، وَيكسر الصَّلِيب، وَيَضَع الْجِزْيَة، وتضع الْحَرْب أَوزَارهَا ". وَعَن مُجَاهِد قَالَ: " حَتَّى تضع الْحَرْب اوزارها - يَعْنِي نزُول عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَام ". وَعنهُ قَالَ: " فَيسلم كل يَهُودِيّ، وَنَصْرَانِي، وَصَاحب مِلَّة، وتأمن الشَّاة الذِّئْب، وَلَا تقْرض فَأْرَة جرابا ". وَتذهب الْعَدَاوَة من الْأَشْيَاء كلهَا، وَذَلِكَ ظُهُور الْإِسْلَام على الدّين كُله. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خيلا قبل نجد، فَجَاءَت بِرَجُل من بني حنيفَة، يُقَال لَهُ ثُمَامَة بن أَثَال، فربطوه بِسَارِيَة من سواري الْمَسْجِد، فَخرج إِلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: مَا عنْدك يَا ثُمَامَة؟ قَالَ: عِنْدِي - يَا مُحَمَّد -

بإطلاقه ثم إسلامه وفي صحيح البخاري عن جبير بن مطعم رضي الله عنه عن النبي

خير: إِن تقتل تقتل ذَا دم، وَإِن تنعم تنعم على شَاكر، وَإِن كنت تُرِيدُ المَال فسل، تعط مِنْهُ مَا شِئْت ". وَذكر بَاقِي الحَدِيث فِي تَكْرِير هَذَا القَوْل، وَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِطْلَاقِهِ، ثمَّ إِسْلَامه. وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن جُبَير بن مطعم رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأسرى بدر: " لَو كَانَ مطعم حَيا ثمَّ كلمني فِي هَؤُلَاءِ النتنى لخليتهم لَهُ ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ " أَن ثَمَانِينَ رجلا من أهل مَكَّة هَبَطُوا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه من جبال التَّنْعِيم عِنْد صَلَاة الْفجْر، ليقتلوهم، فَأَخذهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأعْتقهُمْ، فَأنْزل الله. جلّ ثَنَاؤُهُ -: {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة (من بعد أَن أَظْفَرَكُم عَلَيْهِم} } ، إِلَى آخر الْآيَة. وَفِيه أَيْضا عَن عمرَان، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: " أسر أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا من بني عقيل، وَكَانَت ثَقِيف قد أسرت رجلَيْنِ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَفَدَاهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالرجلَيْنِ اللَّذين أسرتهمَا ثَقِيف ".

فبعث بها إلى أهل مكة ففادى بها أسيرا كان في أيديهم وفي الصحيحين حديث جابر رضي الله عنه في الرجل الذي اخترط سيف رسول الله

وَفِيه أَيْضا حَدِيث سَلمَة بن الْأَكْوَع رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَرْأَة الَّتِي نفله إِيَّاهَا أَبُو بكر، رَضِي الله عَنهُ، ثمَّ استوهبها مِنْهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَبعث بهَا إِلَى أهل مَكَّة، ففادى بهَا أَسِيرًا كَانَ فِي أَيْديهم. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ " فِي الرجل الَّذِي اخْتَرَطَ سيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ نَائِم، فَاسْتَيْقَظَ، وَهُوَ فِي يَده صَلتا، فَقَالَ: من يمنعك مني؟ فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الله، فَشَام السَّيْف فَجَلَسَ، فَلم يُعَاقِبهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد فعل ذَلِك ". وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عُبَيْدَة عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الاسارى يَوْم بدر: إِن شِئْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ، وَإِن شِئْتُم فَادَيْتُمُوهُمْ، وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِالْفِدَاءِ، وَاسْتشْهدَ مِنْكُم بِعدَّتِهِمْ ". وَعَن ابْن إِسْحَاق قَالَ: " وَكَانَ مِمَّن ترك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أُسَارَى بدر بعد فدَاء الْمطلب بن حنْطَب المَخْزُومِي، وَكَانَ مُحْتَاجا فَلم يفاد، فَمن عَلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَبُو عزة عمر بن عبد الله

مسألة

الجُمَحِي، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، بَنَاتِي، فرحمه، فَمن عَلَيْهِ، وصفي بن عَابِد المَخْزُومِي ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (176) : الْمُسْتَحبّ أَن يقسم الْغَنَائِم فِي دَار الْحَرْب، مَا لم يكن عذر يمْنَع من ذَلِك. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يكره ذَلِك ". رُوِيَ " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قسم غَنَائِم بدر بشعب من شعاب الصَّفْرَاء، قريب من بدر، وَقسم غَنَائِم بني المصطلق على مِيَاههمْ، وَغَنَائِم هوَازن فِي دِيَارهمْ، وَغَنَائِم خَيْبَر بِخَيْبَر "، وَذَلِكَ فِي مغازي ابْن إِسْحَاق مَذْكُور، روينَاهُ فِي كتاب السّنَن. وَقد أعَاد الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى هَذِه الْمَسْأَلَة فِي كتاب السّير، وسنستقصي بَيَانهَا هُنَالك، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (177) : للفارس ثَلَاثَة أسْهم: سَهْمَان لفرسه، وَسَهْم لَهُ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " للفارس سَهْمَان: سهم لَهُ وَسَهْم لفرسه ". وَدَلِيلنَا مَا عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه قسم للْفرس سَهْمَيْنِ، وللراجل سهم ". وَعند البُخَارِيّ عَنهُ عَن نَافِع عَن ابْن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالَ: " قسم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم خَيْبَر للفارس سَهْمَيْنِ، وللرجل سَهْما "، قَالَ فسره نَافِع، فَقَالَ: " إِذا كَانَ مَعَ الرجل فرس فَلهُ ثَلَاثَة أسْهم، إِن لم يكن لَهُ فرس فَلهُ سهم ". وَعند أبي دَاوُد عَن أَحْمد بن حَنْبَل عَن أبي مُعَاوِيَة عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا بِنَحْوِ حَدِيث " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أسْهم للرجل ولفرسه ثَلَاثَة أسْهم: سَهْما لَهُ، وسهمين لفرسه ". فقد شفى أَبُو مُعَاوِيَة بروايته هَذِه عَن عبيد الله، وَهُوَ حَافظ، ثِقَة، حجَّة. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ الإِمَام عَنهُ، وَقد وهم بعض الروَاة لهَذَا الحَدِيث، فروه بِخِلَاف هَذِه الرِّوَايَة الصَّحِيحَة.

أسهم للرجل ولفرسه ثلاثه أسهم سهما له وسهمين لفرسه جعل للفارس سهمين وللراجل سهما قال الرمادي كذا يقول ابن نمير قال لنا النيسابوري هذا عندي وهم من ابن أبي شيبة أو من الرمادي لأن أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشر

رَوَاهُ أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي بكر النَّيْسَابُورِي حَدثنَا أَحْمد بن مَنْصُور، حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، وَابْن نمير قَالَا: " حَدثنَا عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أسْهم للرجل ولفرسه ثلَاثه أسْهم، سَهْما لَهُ، وسهمين لفرسه "، جعل للفارس سَهْمَيْنِ، وللراجل سَهْما ". قَالَ الرَّمَادِي: " كَذَا يَقُول ابْن نمير: قَالَ لنا النَّيْسَابُورِي: هَذَا عِنْدِي وهم من ابْن أبي شيبَة، أَو من الرَّمَادِي، لِأَن أَحْمد بن حَنْبَل، وَعبد الرَّحْمَن بن بشر وَغَيرهمَا رَوَوْهُ عَن ابْن نمير خلاف هَذَا ". قَالَ: " وَرَوَاهُ ابْن كَرَامَة وَغَيره عَن أبي أُسَامَة خلاف هَذَا، وروى كَذَلِك عَن نعيم بن حَمَّاد عَن ابْن الْمُبَارك عَن عبيد الله، قَالَ

النَّيْسَابُورِي: " لَعَلَّ الْوَهم من نعيم؛ لِأَن ابْن الْمُبَارك من اثْبتْ النَّاس ". وَرَوَاهُ حجاج بن منهال وَغَيره عَن حَمَّاد بن سَلمَة عَن عبيد الله كَذَلِك، وَخَالفهُم النَّضر بن مُحَمَّد اليمامي عَن حَمَّاد، فَقَالَ: " أسْهم للفارس سَهْما وللفرس سَهْمَيْنِ ". وَرَوَاهُ كَذَلِك أَيْضا يُونُس بن بكير عَن عبيد الله (بن عَمْرو بن حُصَيْن) عَن نَافِع " للفارس سَهْمَيْنِ، وللراجل سمهما " وَتَابعه ابْن وهب، وَابْن أبي مَرْيَم، وخَالِد بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله الْعمريّ.

وَرَوَاهُ القعْنبِي عَنهُ بِالشَّكِّ فِي الْفَارِس، أَو الْفرس، والعمري كثير الْوَهم غير مُحْتَج بِهِ، وَكَانَ يحيى بن سعيد الْقطَّان لَا يحدث عَنهُ. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى: " كَأَنَّهُ سمع نَافِعًا يَقُول: للْفرس سَهْمَيْنِ، وللراجل سَهْما، فَقَالَ للفارس سَهْمَيْنِ، وللراجل سهم، وَلَيْسَ يشك، أحد من أهل الْعلم فِي تقدمه عبيد الله على أَخِيه فِي الْحِفْظ ". وَرُوِيَ عَن يُونُس بن بكير عَن عبد الرَّحْمَن بن أَمِين عَن نَافِع عَنهُ، وَقَالَ: " للفارس سَهْمَيْنِ، وللراجل سَهْما "، وَعبد الرَّحْمَن لَيْسَ بِشَيْء، غير مُحْتَج بِهِ، وَيُونُس بن بكير رُبمَا يهم فِي الشَّيْء.

قَالُوا: " إِن خَيْبَر قسمت على ثَمَانِيَة عشر سَهْما على أهل الْحُدَيْبِيَة، وَكَانَ الْجَيْش ألفا وَخمْس مائَة، مِنْهُم ثَلَاث مائَة فَارس، فَأعْطى الْفَارِس سَهْمَيْنِ، والراجل سَهْما ". وذكروه فِيمَا روى مجمع بن يَعْقُوب عَن أَبِيه عَن عَمه عبد الرَّحْمَن بن يزِيد عَن عَمه مجمع بن جَارِيَة. قيل هَذِه الرِّوَايَة لَا تعَارض بهَا الرِّوَايَات الثَّابِتَة الصَّحِيحَة بِمَا قدمنَا ذكره عَن عبد الله بن عمر بن الْخطاب، وَذَلِكَ لِأَن مجمع بن يَعْقُوب بن مجمع بن يزِيد غير مُحْتَج بِهِ، وَلَا بِأَبِيهِ، ثمَّ فِيهِ نظر. من وَجه آخر، وَهُوَ مَا صَحَّ عِنْد البُخَارِيّ وَمُسلم عَن جَابر، رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة "، وَرُوِيَ " أَربع

أربعة نفر ومعنا فرس فأعطى كل إنسان منا سهما وأعطى الفرس سهمين استدلوا بما روي عن أبي حازم مولى أبي رهم عن أبي رهم قال حضرت انا وأخي حنينا ومعنا فرسان فأسهم النبي

عشرَة مائَة ". وعَلى ذَلِك أهل الْمَغَازِي، وَأَنه قسم يَوْم خَيْبَر لمائتي فَارس. وَعند أبي دَاوُد عَن أَحْمد بن حَنْبَل عَن عبد الله بن يزِيد عَن المَسْعُودِيّ عَن أبي عمْرَة عَن أَبِيه، قَالَ: " أَتَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبَعَة نفر، ومعنا فرس، فَأعْطى كل إِنْسَان منا سَهْما، وَأعْطى الْفرس سَهْمَيْنِ ". استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن أبي حَازِم مولى أبي رهم عَن أبي رهم، قَالَ: " حضرت انا وَأخي حنينا، ومعنا فرسَان، فَأَسْهم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لنا أَرْبَعَة أسْهم: لي ولأخي سَهْمَيْنِ، فبعنا سهمينا من حنين ببكرين ". وَرُوِيَ بأسانيد أخر عَنهُ انه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعطاهما سِتَّة أسْهم: أَرْبَعَة لفرسيهما، وسهمان لَهما. وَرُوِيَ فِي الثَّلَاثَة الأسهم للْفرس وَصَاحبه عَن عمر وَعلي، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (178) : وَسَهْم ذَوي الْقُرْبَى ثَابت لبني هَاشم، وَبني عبد الْمطلب، على غناهم وفقرهم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " إِنَّمَا يُعْطون بالفقر ". وَهَذَا خلاف الْكتاب، وَالسّنة، وَالْإِجْمَاع. قَالَ الله تَعَالَى: {وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ ولذى الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} . وَقَالَ: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ ولذى الْقُرْبَى} الْآيَة. وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن جُبَير بن مطعم، قَالَ: " مشيت أَنا وَعُثْمَان بن عَفَّان إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله أَعْطَيْت بني عبد الْمطلب وَتَرَكتنَا، وَإِنَّمَا نَحن وهم بِمَنْزِلَة وَاحِدَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِنَّمَا بَنو هَاشم، وَبَنُو عبد الْمطلب شَيْء وَاحِد، وَلم يقسم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لبني عبد شمس، وَلَا لبني عبد نَوْفَل ". وروى هَذَا الحَدِيث بَعضهم، فأدرج فِيهِ " أَن ابا بكر لم يكن يُعْطي قربى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يعطيهم، وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يعطيهم مِنْهُ، وَعُثْمَان رَضِي الله عَنهُ بعده ". وَرَوَاهُ

يزيد بن معاوية وأهله وعند أبي داود أن نجدة حين حج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى ويقول لمن تراه قال ابن

غَيره، فميز ذَلِك عَن الحَدِيث، وَجعله من قَول الزُّهْرِيّ، فَصَارَت الرِّوَايَة لَهُم بذلك مُنْقَطِعَة، وَنحن نروي عَنْهُمَا مَوْصُولا غير مُنْقَطع مثل مَذْهَبنَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَمَا رُوِيَ فِي صَحِيح مُسلم من مسَائِل نجدة الحروري لِابْنِ عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَجَوَابه، وَفِيه " سَأَلت عَن ذِي الْقُرْبَى من هم، فزعمنا أَنا نَحن هم، فَأبى ذَلِك علينا قَومنَا ". فقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله (فِيهِ: " يجوز أَن يكون ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ) عَنى بقوله: وَأبي ذَلِك علينا قَومنَا غير أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يزِيد بن مُعَاوِيَة، وَأَهله ". وَعند أبي دَاوُد أَن نجدة حِين حج فِي فتْنَة ابْن الزبير أرسل إِلَى ابْن عَبَّاس يسْأَله عَن سهم ذِي الْقُرْبَى، وَيَقُول: لمن ترَاهُ؟ قَالَ ابْن

قسمه لهم رسول الله

عَبَّاس: " لقربى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قسمه لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقد كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ عرض علينا من ذَلِك عرضا رَأَيْنَاهُ دون حَقنا، فرددناه عَلَيْهِ، وأبينا أَن نقبله ". وَعِنْده أَيْضا عَن ابْن أبي ليلى، قَالَ: " سَمِعت عليا رَضِي الله عَنهُ يَقُول: اجْتمعت أَنا وَالْعَبَّاس، وَفَاطِمَة، وَزيد بن حَارِثَة عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقلت: يَا رَسُول الله، إِن رَأَيْت توليني حَقنا من هَذَا الْخمس فِي كتاب الله، فأقسمه حياتك حَتَّى لَا يُنَازعنِي أحد بعْدك، فافعل، قَالَ: فَفعل ذَلِك، قَالَ: فقسمته حَيَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ ولانية أَبُو بكر، رَضِي الله عَنهُ، حَتَّى كَانَت آخر سنة من سني عمر، رَضِي الله عَنهُ، فَإِنَّهُ أَتَاهُ مَال كثير، فعزل حَقنا، ثمَّ أرسل إِلَيّ، فَقلت: بِنَا عَنهُ الْعَام غنى، وبالمسلمين إِلَيْهِ حَاجَة، فاردده عَلَيْهِم، فَرده عَلَيْهِم، ثمَّ لم يدعني إِلَيْهِ أحد بعد عمر، رَضِي الله عَنهُ، فَلَقِيت الْعَبَّاس بَعْدَمَا خرجت من عِنْد عمر، رَضِي الله عَنهُ، فَقَالَ: يَا عَليّ: حرمتنا الْغَدَاة شَيْئا لَا يرد علينا أبدا ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " فِي هَذَا دلَالَة على أَن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا أقرا عليا، رَضِي الله عَنهُ، على مَا ولاه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي قسْمَة سهم ذِي الْقُرْبَى بَينهم. وَيدل على اسْتِحْقَاق ذَوي الْقُرْبَى هَذَا السهْم بِنَصّ كتاب الله

عليا رضي الله عنه إلى خالد بن الوليد لقبض الخمس فأخذ منه جارية فأصبح ورأسه يقطر قال خالد لبريدة ترى ما يصنع هذا قال وكنت أبغض عليا فذكرت ذلك لرسول الله

لَهُم مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ " عَن عبد الله ابْن بُرَيْدَة " عَن بُرَيْدَة قَالَ: " بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عليا رَضِي الله عَنهُ إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد لقبض الْخمس، فَأخذ مِنْهُ جَارِيَة، فَأصْبح وَرَأسه يقطر، قَالَ خَالِد لبريدة: ترى مَا يصنع هَذَا؟ قَالَ: وَكنت أبْغض عليا، فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: يَا بُرَيْدَة، أتبغض عليا؟ قَالَ: قلت: نعم، قَالَ: فَأَحبهُ، فَإِن لَهُ فِي الْخمس أَكثر من ذَلِك ". فَفِي هَذَا دلَالَة على صِحَة مَا روينَا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي تَوْلِيَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاه حَقهم من الْخمس، وَفِيه دلَالَة على أَن الله تَعَالَى جعل لَهُم هَذَا السهْم على جِهَة الِاسْتِحْقَاق، وَكَانَ ذَلِك موكولا إِلَى رَأْي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يُعْطِيهِ من شَاءَ من قرَابَته، ثمَّ سقط (حكمه بِمَوْتِهِ مَا سقط) حكم سهم الصفي، (كَمَا ذهب) إِلَيْهِ بعض من يُسَوِّي الْأَخْبَار على مذْهبه وَلما اسْتحلَّ عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَخذ جَارِيَة مِنْهُ، والوقوع عَلَيْهَا، وَلما عذره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ذَلِك وَلما احْتج لَهُ بَان لَهُ فِي الْخمس أَكثر من ذَلِك، وَالْعجب أَن هَذَا الْقَائِل اسْتدلَّ، فَقَالَ: " لَو كَانَ هَذَا السهْم لَهُم على جِهَة الِاسْتِحْقَاق مَا جَازَ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يُعْطي بَعْضًا دون بعض، وَلم يفكر فِي نَفسه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا بعث مُبينًا لأمته مَا أَرَادَ الله تَعَالَى بكتابه عَاما، أَو خَاصّا، وَلَيْسَ هَذَا أول عُمُوم ورد فِي الْكتاب، فَبين رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه خَاص دون عَام، ثمَّ لم يقْتَصر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذَا الحكم على مُجَرّد الْبَيَان، حَتَّى ذكر علته،

ما روينا عنه في الأخبار الثابتة أنهم لم يفارقوه في جاهلية ولا إسلام وقد أعطى

فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا روينَا عَنهُ فِي الْأَخْبَار الثَّابِتَة أَنهم لم يفارقوه فِي جَاهِلِيَّة، وَلَا إِسْلَام ". وَقد أعْطى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَمِيع من أخبر عَن الله تَعَالَى أَنهم مرادون بِذِي الْقُرْبَى، وهم بَنو هَاشم، وَبَنُو عبد الْمطلب، لَا نعلم حرم مِنْهُم أحدا. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " وَقد نقلنا فِي الْمَبْسُوط من كَلَام الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الْقَدِيم والجديد تشبيهه قَول من زعم أَن هَذَا السهْم سقط بِمَوْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَا حجَّة، بقول من زعم أَن فرض الزَّكَاة رفع بِرَفْع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا يكون جَوَابا عَن جَمِيع أسئلتهم، من أَرَادَ الْوُقُوف عَلَيْهِ رَجَعَ إِلَيْهِ، وَإِن شَاءَ الله تَعَالَى ". وَالله أعلم. مسالة (197) : وَفِي سهم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد وَفَاته قَولَانِ: أَحدهمَا: إِنَّه مَرْدُود على الْأَصْنَاف الْمَذْكُورين فِي الْآيَة، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى. وَالْقَوْل الثَّانِي: " إِنَّه يصرف فِي الْمصَالح. وَهُوَ الصَّحِيح الَّذِي اخْتَارَهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله مذهبا لنَفسِهِ. رُوِيَ عَن عبَادَة بن الصَّامِت، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: " أَخذ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم خَيْبَر وبرة من جنب بعير، فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس، أَنه لَا يحل لي مِمَّا افاء الله عَلَيْكُم قدر هَذِه إِلَّا الْخمس، وَالْخمس مَرْدُود عَلَيْكُم ".

أم أهله قال لا بل أهله قالت فما بال الخمس فقال إني سمعت رسول الله

وروى الْوَلِيد بن جَمِيع عَن أبي الطُّفَيْل، قَالَ: " جَاءَت فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا إِلَى أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ، فَقَالَت: يَا خَليفَة رَسُول الله، أَنْت ورثت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أم أَهله، قَالَ: لَا، بل أَهله، قَالَت: فَمَا بَال الْخمس؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِذا أطْعم الله نَبيا طعمه، ثمَّ قَبضه، كَانَت للَّذي يَلِي بعده، فَلَمَّا وليت رَأَيْت أَن أرده على الْمُسلمين، قَالَت: أَنْت وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعلم، ثمَّ رجعت ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " هَكَذَا رَوَاهُ الْوَلِيد بن جَمِيع، وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ، وَإِنَّمَا احْتج أَبُو بكر بِمَا رَوَاهُ وَغَيره عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا نورث، مَا تركنَا صَدَقَة "، فَإِن كَانَ حفظ هَذَا اللَّفْظ الْوَلِيد فَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِهِ أَن ولَايَته إِلَى الَّذِي يَلِي الْأَمر بعده ". وَالله اعْلَم.

كتاب قسم الصدقات

كتاب قسم الصَّدقَات وَمن كتاب قسم الصَّدقَات: مَسْأَلَة (180) : وَلَا تحل الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة لمن لَهُ كسب بِقدر كِفَايَته. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّهَا تحل لَهُ ". وَدَلِيلنَا مَا رُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تحل الصَّدَقَة لَغَنِيّ، وَلَا لذِي مرّة قوي ". وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مثله، وَقَالَ: " وَلَا لذِي مرّة سوي ". وَرُوِيَ عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار عَن رجلَيْنِ، قَالَا: أَتَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يقسم نعم الصَّدَقَة، فَسَأَلْنَاهُ، فَصَعدَ فِينَا الْبَصَر،

في حجة الوداع وقال فرآنا جلدين فقال إن شئتما والله أعلم

وَصوب فَقَالَ: (مَا شئتما، فَلَا حق) فِيهَا (لَغَنِيّ، وَلَا) لقوي مكتسب ". وَفِي رِوَايَة قَالَ: " أَخْبرنِي رجلَانِ أَنَّهُمَا أَتَيَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي حجَّة الْوَدَاع، وَقَالَ: فرآنا جلدين، فَقَالَ: إِن شئتما "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (181) : لَا يجوز صرف شَيْء من الصَّدقَات الْوَاجِبَة إِلَى الْكفَّار. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يجوز صرف صَدَقَة الْفطر وَالْكَفَّارَات إِلَى فُقَرَاء أهل الذِّمَّة ". لنا حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي وَصِيَّة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمعَاذ رَضِي الله عَنهُ لما بَعثه إِلَى الْيمن، وفيهَا: " فَإِذا صلوا فَأخْبرهُم أَن الله تَعَالَى قد افْترض عَلَيْهِم زَكَاة فِي أَمْوَالهم، تُؤْخَذ من غنيهم، فَترد على فقيرهم، فَإِذا أقرُّوا بذلك، فَخذ مِنْهُم، وتوق كرائم أَمْوَالهم "، أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح، فَأخْبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن الصَّدَقَة الْوَاجِبَة عَلَيْهِم مَرْدُودَة على فقرائهم، فَخص - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُسلمين من الْفُقَرَاء بذلك. وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الْحسن وَقَتَادَة عَن الزُّهْرِيّ أَنهم كَانُوا

مسألة

يَقُولُونَ: " لَا يطعم الْكَافِر من الْكَفَّارَات شَيْئا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (182) : يجوز للرجل أَن يتَوَلَّى دفع صَدَقَة الْأَمْوَال الظَّاهِرَة، وتفريقها بِنَفسِهِ فِي قَوْله الْجَدِيد. وَقَالَ فِي الْقَدِيم: " لَا يجوز ". وَهُوَ قَول أبي حنيفَة رَحمَه الله. قَالَ الله عز وَجل: {إِن تبدوا الصَّدقَات فَنعما هى وَإِن تخفوها وتؤتوها الْفُقَرَاء فَهُوَ خير لكم} . رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْك يَا غُلَام بني عبد الْمطلب، فَقَالَ: وَعَلَيْك، قَالَ: إِنِّي رجل من أخوالك، من ولد بني سعد بن بكر، وَإِنِّي رَسُول قومِي إِلَيْك ووافدهم "، فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: " فَإنَّا قد وجدنَا فِي كتابك، وأمرتنا رسلك أَن نَأْخُذ من حَوَاشِي أَمْوَالنَا، فنضعه فِي فقرائنا، وأنشدك الله، أهوَ أَمرك بذلك؟ فَقَالَ: نعم ".

مسألة

قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " هَذِه اللَّفْظَة إِن كَانَت مَحْفُوظَة دلّت على جَوَاز تَفْرِيق رب المَال زَكَاة مَاله بِنَفسِهِ. وَحَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ فِي هَذِه الْقِصَّة " آللَّهُ أَمرك أَن تَأْخُذ هَذِه الصَّدَقَة من أغنيائنا، فتقسمها على فقرائنا " إِسْنَاده أصح، وَهُوَ دَلِيل القَوْل الثَّانِي، وَهُوَ الْقَدِيم، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (183) : وَيُعْطى سهم الغارمين لمن تحمل حمالَة مَعَ غناهُ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " لَا يعْطى إِلَّا بفقره وَحَاجته ". رُوِيَ عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر، وَالثَّوْري عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تحل صَدَقَة لَغَنِيّ إِلَّا لخمسة: لعامل عَلَيْهَا، أَو مِسْكين تصدق عَلَيْهِ مِنْهُ، فأهداها لَغَنِيّ، أَو لرجل اشْتَرَاهَا بِمَالِه، أَو غَارِم، أَو غاز فِي سَبِيل الله عز وَجل "، وَرُوِيَ عَنهُ عَن معمر عَن زيد بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. وَرَوَاهُ القعْنبِي عَن مَالك عَن زيد عَن عَطاء، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تحل الصَّدَقَة إِلَّا لخمسة "، فَذكر الحَدِيث مُرْسلا، وَتَابعه ابْن عُيَيْنَة عَن زيد مُرْسلا. وأسنده معمر، وَهُوَ ثِقَة، حجَّة، وَالزِّيَادَة من الثِّقَة مَقْبُولَة.

قال أقم يا قبيصة حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها ثم قال يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة فسأل حتى يصيب قواما

وَفِي صَحِيح مُسلم عَن قبيصَة بن مُخَارق الْهِلَالِي قَالَ: " تحملت حمالَة فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: أقِم يَا قبيصَة، حَتَّى تَأْتِينَا الصَّدَقَة، فنأمر لَك بهَا، ثمَّ قَالَ:: يَا قبيصَة، إِن الْمَسْأَلَة لَا تحل إِلَّا لأحد ثَلَاثَة: رجل تحمل حمالَة فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُصِيبهَا، ثمَّ يمسك، وَرجل أَصَابَته جَائِحَة، فاجتاحت مَاله، فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة، فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيب قواما من عَيْش - اَوْ قَالَ: سدادا من عَيْش - وَرجل أَصَابَته فاقة، حَتَّى يَقُول ثَلَاثَة من ذَوي الحجى من قومه قد أَصَابَت فلَانا الْفَاقَة، فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة، فَسَأَلَ حَتَّى يُصِيب قواما من عَيْش، أَو سدادا من عَيْش، ثمَّ يمسك، وَمَا سواهن من الْمَسْأَلَة، - يَا قبيصَة - سحت، يأكلها صَاحبهَا سحتا "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (184) : وَلَا يجوز صرف الصَّدقَات إِلَى صنف وَاحِد من جملَة الْأَصْنَاف الثَّمَانِية مَعَ وجودهم. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِن ذَلِك جَائِز ". وَدَلِيلنَا قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} الْآيَة روى أَبُو دَاوُد عَن زِيَاد بن الْحَارِث الصدائي، قَالَ: " أتيت

فبايعته فذكر حديثا طويلا فأتاه رجل فقال أعطني من الصدقة فقال له رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبَايَعته "، فَذكر حَدِيثا طَويلا، " فَأَتَاهُ رجل، فَقَالَ: أَعْطِنِي من الصَّدَقَة، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله عز وَجل لم يرض بِحكم نَبِي، وَلَا غَيره فِي الصَّدقَات، حَتَّى يحكم فِيهَا هُوَ، فجزأها ثَمَانِيَة أَجزَاء، فَإِن كنت من تِلْكَ الْأَجْزَاء أَعطيتك حَقك ". وَرُوِيَ عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن منهال عَن زر عَن حُذَيْفَة رَضِي الله عَنهُ مثل مَذْهَبهم، وَالْحجاج غير مُحْتَج بِهِ. وَالله اعْلَم. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا من قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمعَاذ حِين بَعثه إِلَى الْيمن: " فَإِذا صلوا فَأخْبرهُم أَن الله قد افْترض عَلَيْهِم زَكَاة فِي أَمْوَالهم تُؤْخَذ من غنيهم، فَترد على فقيرهم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " يشبه أَن يكون الْمَقْصُود من هَذَا الْخَبَر تَفْرِقَة الصَّدقَات فِي الْموضع الَّذِي تُؤْخَذ فِيهِ دون نقلهَا إِلَى غَيره، وَاقْتصر على ذكر صنف وَاحِد من الْأَصْنَاف الْمَذْكُورَة فِي الْآيَة، وَالْمرَاد بِهِ جَمِيعهم ". وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بالفقراء، أهل الْحَاجة، وَأكْثر أهل الصَّدقَات أهل حَاجَة بمعان مُخْتَلفَة ". استدلوا بِمَا روى الْحسن بن عمَارَة عَن وَاصل، وَحَكِيم عَن سُفْيَان، قَالَ: " أُتِي عمر رَضِي الله عَنهُ بِصَدقَة زَكَاة، فَأَعْطَاهَا أهل بَيت كَمَا هِيَ ".

وَعَن الحكم عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنهُ، وَعَن منهال عَن زر عَن حُذَيْفَة انهما لم يَكُونَا يريان بِهَذَا بَأْسا. وَرَوَاهُ لَيْث بن أبي سليم عَن عَطاء عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَالْحسن بن عمَارَة مَتْرُوك، وَلَيْث بن ابي سليم لَيْسَ بِقَوي، وَعَطَاء عَن عمر رَضِي الله عَنهُ مُرْسل. وَحَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا رَوَاهُ يُوسُف بن يَعْقُوب عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن وهيب عَن عَطاء عَن ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَهَذَا الْإِسْنَاد صَحِيح، غير أَنه قد خُولِفَ فِيهِ، فَرَوَاهُ الثَّوْريّ، وَحَمَّاد بن سَلمَة، وَيحيى بن عُثْمَان عَن عَطاء عَن سعيد من قَوْله: " وروى لنا عِكْرِمَة من قَوْله "، وَاحْتج بِالْآيَةِ الَّتِي احْتج بهَا الشَّافِعِي، رَحمَه الله. وروى أَبُو أَحْمد بن عدي - بِسَنَدِهِ - عَن أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ، قَالَ: " قَالَ شُعْبَة: أَلا تعْجبُونَ من جرير بن حَازِم، هَذَا الْمَجْنُون أَتَانِي

مسألة

هُوَ، وَحَمَّاد بن زيد، فكلماني أَن أكف عَن الْحسن بن عمَارَة، أما أكف عَن ذكره، لَا وَالله لَا اكف عَن ذكره، أما وَالله سَأَلت الحكم عَن الصَّدَقَة تجْعَل فِي صنف وَاحِد مِمَّا سمى الله، فَقَالَ: لَا بَأْس، قلت: مِمَّن سَمِعت؟ قَالَ: كَانَ إِبْرَاهِيم يَقُوله ". وَهَذَا الْحسن يحدث عَن الحكم عَن يحيى بن الجرار عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَعَن الحكم عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَعَن الحكم عَن حُذَيْفَة، قَالَ: لَا بَأْس أَن يَجْعَل الرجل صدقته فِي صنف وَاحِد "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (185) : الْفَقِير الْمَذْكُور فِي آيَة الصَّدقَات أمس حَاجَة من الْمِسْكِين الْمَذْكُور فِيهَا. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " بل الْمِسْكِين أمس حَاجَة من الْفَقِير ". وَدَلِيلنَا قَول الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} الْآيَة، فَقدم ذكر الْفُقَرَاء على الْمَسَاكِين، وَمن عَادَة الْعَرَب أَنَّهَا إِذا ذكرت صنفين قد اجْتمعَا فِي صفة بدأت بأهمهما أمرا، وأشدهما حَالا.

ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس فترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان قالوا فمن المسكين يا رسول الله قال الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه ولا يسأل الناس شيئا لفظ حديث مسلم وعند البخاري

وَقَول الله تَعَالَى: {للْفُقَرَاء الَّذين أحْصرُوا فِي سَبِيل الله لَا يَسْتَطِيعُونَ ضربا} الْآيَة. وَقَالَ الله عز وَجل: {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر} الْآيَة. وَوجه الدَّلِيل مِنْهُ أَن من حصر عَن الضَّرْب فِي الأَرْض لفقره أَشد حَالا مِمَّن لم تحبسه المسكنة عَن الضَّرْب فِي الْبَحْر، وَله أَيْضا ملك السَّفِينَة. وَمن الْخَبَر حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَيْسَ الْمِسْكِين بِهَذَا الطّواف الَّذِي يطوف على النَّاس، فَتَردهُ اللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ، وَالتَّمْرَة وَالتَّمْرَتَانِ، قَالُوا: فَمن الْمِسْكِين يَا رَسُول الله؟ قَالَ: الَّذِي لَا يجد غنى يُغْنِيه، وَلَا يفْطن لَهُ، فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ، وَلَا يسْأَل النَّاس شَيْئا "، لفظ حَدِيث مُسلم، وَعند البُخَارِيّ " وَلَا يقوم فَيسْأَل النَّاس ". وَالْمرَاد بِالْحَدِيثِ وَالله أعلم " لَيْسَ الْمِسْكِين بِهَذَا الطّواف " يَعْنِي: لَيْسَ هُوَ بِهَذَا الْفَقِير الَّذِي لَا شَيْء لَهُ، وَلَا يجد بدا من السُّؤَال حَتَّى يحصل لَهُ لقْمَة، أَو لقمتان، وَإِنَّمَا الْمِسْكِين الَّذِي لَا يجد مَا يُغْنِيه، يَعْنِي تَمام مَا يَكْفِيهِ وَله مِقْدَار مَا يتعفف بِهِ عَن السُّؤَال، فيكتفي بِهِ، وَلَا يسْأَل، وَلَا يفْطن لَهُ؛ فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ بِمَا يَكْفِيهِ. وَأما من يتعفف وَلَيْسَ لَهُ بعض الْكِفَايَة كَانَ قَاتل نَفسه، فَلَا

ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان إنما المسكين الذي يتعفف اقرؤوا إن شئتم لا يسئلون الناس إلحافا ومن يتعفف وليس له بعض كفاية كان قاتل نفسه كما ذكرنا قيل دل على أن المسكين هو الذي له بعض الغنى

يسْتَحق هَذَا الثَّنَاء، بل هُوَ ملوم، فَدلَّ أَن المُرَاد مِنْهُ مَا ذكرنَا. وَفِي هَذَا الْإِيضَاح، وسوق جَمِيع الْخَبَر على وَجهه جَوَاب عَن احتجاج أبي عبيد الْقَاسِم بن سَلام بِهَذَا الحَدِيث على أَن الْمِسْكِين أمس حَاجَة من الْفَقِير، حَيْثُ إِنَّه نفى المتكفف أَن يكون مِسْكينا، وَجعل الْمِسْكِين الَّذِي لَا يجد مَا يُغْنِيه، أَي: لَا يجد شَيْئا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من رِوَايَة أُخْرَى عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي ترده التمرة وَالتَّمْرَتَانِ، واللقمة وَاللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا الْمِسْكِين الَّذِي يتعفف، اقرؤوا إِن شِئْتُم {لَا يسئلون النَّاس إلحافا} . وَمن يتعفف، وَلَيْسَ لَهُ بعض كِفَايَة كَانَ قَاتل نَفسه، كَمَا ذكرنَا. قيل: دلّ على أَن الْمِسْكِين هُوَ الَّذِي لَهُ بعض الْغنى، وَلَا يكون لَهُ تَمام مَا يُغْنِيه، وَالْفَقِير: من لَا مَال لَهُ، وَلَا حِرْفَة تقع مِنْهُ موقعا، وَالله أعلم. وَرُوِيَ " أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ تعوذ من الْفقر ". وَرُوِيَ عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انه كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ أحيني مِسْكينا، وتوفني

بعض الكفاية فدل على أن المسكين من له بعض الكفاية استدلوا بقوله جل جلاله أو مسكينا ذا متربة قالوا وصفه بشدة الحال والالتزاق بالتراب من البؤس والفاقة قلنا لم يقتصر فيه على اسم المسكين حتى قرنه بما دل

مِسْكينا، واحشرني فِي زمرة الْمَسَاكِين ". قَالَ أَصْحَابنَا: " فقد استعاذ من الْفقر، وَسَأَلَ المسكنة، وَقد كَانَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعض الْكِفَايَة، فَدلَّ على أَن الْمِسْكِين من لَهُ بعض الْكِفَايَة ". استدلوا بقوله جلّ جَلَاله: {أَو مِسْكينا ذَا مَتْرَبَة (16) } ، قَالُوا: " وَصفه بِشدَّة الْحَال، والالتزاق بِالتُّرَابِ من الْبُؤْس والفاقة "، قُلْنَا: " لم يقْتَصر فِيهِ على اسْم الْمِسْكِين، حَتَّى قرنه بِمَا دلّ على شدَّة حَاجته "، وَنحن لَا ننكر وُقُوع اسْم أَحدهمَا على الآخر بِقَرِينَة، فاستدلوا بِمَا اسْتدلَّ بِهِ أَبُو عبيد من الحَدِيث، وَمَا سبق من تَفْسِيره جَوَاب عَنهُ. وَاحْتج القتيبي فِي الْفَقِير بِأَنَّهُ أوسع حَالا من الْمِسْكِين بقول الشَّاعِر: (أما الْفَقِير الَّذِي كَانَت حلوبته ... وفْق الْعِيَال فَلم يتْرك لَهُ الدَّهْر من سبد) وَقَالُوا: " الْفَقِير الَّذِي لَهُ حلوبة يحلبها، وَهِي قدر قوته، وقوت عِيَاله، والمسكين: لَا شَيْء لَهُ ".

وَجَوَابه أَن نقُول: أما الْبَيْت فحجة عَلَيْكُم، لِأَن مَعْنَاهُ أَن الَّذِي كَانَت حلوبته وفْق قوت عِيَاله لَهُ قبل الْفقر، وَقد صَار بِحَيْثُ لَا سبد لَهُ وَلَا لبد، ثمَّ نقُول: اخْتلف أهل الْمعرفَة فِيهِ، فَمنهمْ من قَالَ مَا ذكرْتُمْ مستدلين بِمَا نقلتم وَبِغَيْرِهِ، وَمِنْهُم من جعل الْفَقِير أَشد حَالا من الْمِسْكِين، لما ذكرنَا من الْأَدِلَّة ولأمثالها. وَقد ذكر أَبُو مَنْصُور الْأَزْهَرِي رَحمَه الله تَعَالَى اخْتِلَاف أهل اللُّغَة فِيهِ، واحتجاج كل فريق مِنْهُم لما ذهب إِلَيْهِ بحجته، ثمَّ قَالَ: " وَالَّذِي عِنْدِي فيهمَا أَن الْفَقِير والمسكين يجمعهما الْحَاجة، وَإِن كَانَ لَهما مَا يتقوتانه، إِمَّا لِكَثْرَة الْعِيَال أَو قلَّة مَا بأيديهما، وَالْفَقِير أشدهما حَالا؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من الْفقر، وَهُوَ كسر الفقار، وَهُوَ فعيل بِمَعْنى مفعول، فَكَأَن الْفَقِير لَا يَنْفَكّ عَن زَمَانه أقعدته عَن التَّصَرُّف مَعَ حَاجته، وَبهَا سمي فَقِيرا؛ لِأَن غَايَة الْحَاجة أَن لَا يكون لَهُ مَال، وَلَا يكون لَهُ سوى الْجَوَارِح مكتسبا، وَالْعرب تَقول للداهية الشَّدِيدَة: فاقرة، وَجَمعهَا فواقر، وَهِي الَّتِي تكسر الفقار، قَالَ الله تَعَالَى: {تظن أَن يفعل بهَا فاقرة (25) } . وَذكر الْأَهْوَازِي فِي (شرح) احتجاج من جعل الْفَقِير أمس حَاجَة بقوله عز وَجل: {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين يعْملُونَ فِي الْبَحْر} ، سماهم مَسَاكِين، وَلَهُم سفينة لَهَا قيمَة، قَالَ: " وأنشدني (أَحْمد بن يحيى قَالَ) : أَنْشدني ابْن الْأَعرَابِي:

مسألة

(هَل لَك فِي أجر عَظِيم تؤجره ... تغيث مِسْكينا قَلِيلا عسكره) (عشر شِيَاه سَمعه وبصره ... قد حدث النَّفس بِمصْر يمصره) (يخَاف أَن يلقاه نسر فينسره ... ) قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: عسكره: جمَاعَة مَاله، فَسمى نَفسه مِسْكينا، وَله بلغَة، وَهِي الشياه الْعشْر "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (186) : وَلَا يجوز نقل صَدَقَة بلد إِلَى بلد آخر مَعَ وجود / أَهلهَا على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّه جَائِز ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لِمعَاذ حِين بَعثه إِلَى الْيمن، وَمِنْه: " فَإِذا فعلوا فَأخْبرهُم أَن الله قد فرض عَلَيْهِم زَكَاة، تُؤْخَذ من أغنيائهم، فَترد على فقرائهم. وَعِنْدَهُمَا فِي رِوَايَة: " فَأخْبرهُم أَن عَلَيْهِم صَدَقَة تُؤْخَذ من أغنيائهم، فَترد على فقرائهم ". وَعند أبي دَاوُد حَدثنَا نصر بن عَليّ، أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن عَطاء

ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله

مولى عمرَان بن حُصَيْن (عَن أَبِيه أَن زيادا، أَو بعض الْأُمَرَاء " بعث عمرَان بن حُصَيْن) على الصَّدَقَة، فَلَمَّا رَجَعَ، قَالَ لعمران: أَيْن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ووضعناها حَيْثُ كُنَّا نضعها على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". استدلوا بِحَدِيث عدي بن حَاتِم، وَقَوله عمر رَضِي الله عَنهُ، وَقَول لَهُ فِيهِ: " وَإِن أول صَدَقَة بيضت وَجه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ووجوه أَصْحَابه صَدَقَة طَيء جِئْت بهَا "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح من حَدِيث أبي عوَانَة عَن الْمُغيرَة عَن عَامر عَن الشّعبِيّ عَنهُ. وَرُوِيَ عَن هشيم بن مجَالد عَن الشّعبِيّ بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنه قَالَ: " وَإِن أول صَدَقَة بيضت وُجُوه أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَدَقَة طَيء، جِئْت بهَا إِلَى أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ، فَقلت: أما إِنِّي أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعام أول، كَمَا أَتَيْتُك بهَا ".

هذه صدقات قومنا وإتيان عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر وغيرهما بالصدقات إلى المدينة محمول على ما فضل عن أهاليهم في موضع الصدقة ويحتمل أن يكون من حولهم لم يسلموا بعد أو ارتدوا في زمان أبي بكر وكانت المدينة أقرب دارا أو نسبا

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ حَدِيث فِي فضل بني تَمِيم، فِيهِ: " وَجَاءَت صَدَقَاتهمْ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هَذِه صدقَات قَومنَا ". وإتيان عدي بن حَاتِم، والزبرقان بن بدر، وَغَيرهمَا بالصدقات إِلَى الْمَدِينَة مَحْمُول على مَا فضل عَن أَهَالِيهمْ فِي مَوضِع الصَّدَقَة، وَيحْتَمل أَن يكون من حَولهمْ لم يسلمُوا بعد، أَو ارْتَدُّوا فِي زمَان أبي بكر، وَكَانَت الْمَدِينَة أقرب دَارا، أَو نسبا إِلَى الْيمن من طَيء وَمُضر. وَيحْتَمل أَن يكون أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ أَمر بردهَا بعد وصولها إِلَيْهِ إِلَى أَرْبَابهَا، حَيْثُ نقل مِنْهَا، والحكاية حِكَايَة الْحَال، وكل مُحْتَمل، وَالله أعلم. استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن عُيَيْنَة عَن إِبْرَاهِيم بن ميسرَة عَن طَاوس، قَالَ: " قَالَ معَاذ بِالْيمن: ائْتُونِي بخميس، أَو لبيس، آخذه مِنْكُم مَكَان الصَّدَقَة، فَإِنَّهُ أَهْون عَلَيْكُم، وَخير للمهاجرين بِالْمَدِينَةِ "، كَذَا قَالَ. وَخَالفهُ من هُوَ أوثق مِنْهُ عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس، فَقَالَ: " قَالَ معَاذ بِالْيمن: ائْتُونِي بِعرْض ثِيَاب آخذه مِنْكُم مَكَان الذّرة

به من أخذ الجنس في الصدقات وأخذ الدينار أو عدله معافر ثياب اليمن في الجزية وأن يرد الصدقات على فقرائهم لا أن ينقلها إلى المهاجرين بالمدينة الذين أكثرهم أهل فيء لا أهل صدقة والله أعلم فإن قيل كيف يجوز حمله على الجزية وقد

وَالشعِير ". قَالَ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " حَدِيث طَاوس عَن معَاذ إِن كَانَ مُرْسلا فَلَا حجَّة فِيهِ ". وَقد قَالَ فِيهِ بَعضهم: " من الْجِزْيَة " مَكَان " الصَّدَقَة ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " وَهَذَا الْأَلْيَق بمعاذ، رَضِي الله عَنهُ وَالْأَشْبَه بِمَا أمره النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ من أَخذ الْجِنْس فِي الصَّدقَات، وَأخذ الدِّينَار، أَو عدله معافر ثِيَاب الْيمن فِي الْجِزْيَة، وَأَن يرد الصَّدقَات على فقرائهم، لَا أَن ينقلها إِلَى الْمُهَاجِرين بِالْمَدِينَةِ الَّذين أَكْثَرهم أهل فَيْء، لَا أهل صَدَقَة "، وَالله أعلم. فَإِن قيل: كَيفَ يجوز حمله على الْجِزْيَة وَقد روينَا أَنه قَالَ: " آخذه مِنْكُم مَكَان الذّرة وَالشعِير "، وَفِي رِوَايَة مَكَان الصَّدَقَة قُلْنَا: أما قَوْله: " مَكَان الصَّدَقَة "، فَلم يحفظه ابْن ميسرَة، وَخَالفهُ من هُوَ أحفظ مِنْهُ، وَإِن ثَبت فَمَحْمُول على معنى مَا كَانَ يُؤْخَذ مِنْهُم باسم الصَّدَقَة، كبني تغلب، فَإِنَّهُم كَانُوا يُعْطون الْجِزْيَة باسم الصَّدقَات. وَأما قَوْله: " مَكَان الذّرة وَالشعِير " فَلَعَلَّ معَاذًا رَضِي الله عَنهُ لَو

أعسروا بِالدَّنَانِيرِ أَخذ مِنْهُم الشّعير وَالْحِنْطَة، لِأَنَّهُ أَكثر مَا عِنْدهم، وَإِذا جَازَ أَن يتْرك الدِّينَار لعرض، وَهُوَ الْمعَافِرِي فَلَعَلَّهُ جَازَ عِنْده أَن يَأْخُذ مِنْهُم طَعَاما فِي الْجِزْيَة، ثمَّ يَقُول: الثِّيَاب خير للمهاجرين بِالْمَدِينَةِ، وأهون عَلَيْكُم؛ لِأَنَّهُ لَا مُؤنَة كَبِيرَة فِي حمل الثِّيَاب إِلَى الْمَدِينَة، وَالثيَاب بهَا أغْلى مِنْهَا بِالْيمن "، والحكاية حِكَايَة حَال. يُوضح مَا ذكرنَا أَن رِوَايَة حديثنا وحديثكم عَن معَاذ بن جبل من حَدِيث طَاوس، وَلَو ثَبت عَن معَاذ لطاووس أَنه قضى فِي نقل الصَّدقَات نَحْو مذهبكم لما خَالفه طَاوس، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَمَعْلُوم من مَذْهَب طَاوس رَحمَه الله تَعَالَى أَنه كَانَ لَا يُجِيز بيع الصَّدقَات، وَيحلف أَنه لَا يحل، لَا قبل الْقَبْض، وَلَا بعده. وَلَو صَحَّ مَا رويتم عَن معَاذ رَضِي الله عَنهُ من أَخذه الثِّيَاب بدل الْحِنْطَة وَالشعِير فِي الصَّدَقَة كَانَ بيع الصَّدَقَة قبل أَن يقبض، ثمَّ قد روينَا قَضَاء معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ فِي الْعشْر وَالصَّدَََقَة من طَرِيق (مطرف بن مَازِن، والاعتماد لنا على مَا سبق من الْأَدِلَّة، وَالله أعلم. روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مطرف بن مَازِن عَن معمر عَن عبد الله ابْن طَاوس عَن أَبِيه أَن معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ قضى: " أَيّمَا رجل انْتقل من مخلاف عشيرته إِلَى غير مخلاف عشيرته فعشره وصدقته إِلَى مخلاف عشيرته إِلَى غير مخلاف عشيرته معشره وصدقته إِلَى مخلاف عشيرته "، فتعارضا، على أَن الْحَدِيثين

منقطعان، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " طَاوس لم يدْرك معَاذًا، رَضِي الله عَنهُ ". (استدلوا) أَن عمر رَضِي الله عَنهُ كَانَ يحمل على إبل كَثِيرَة إِلَى الشَّام وَالْعراق. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " قلت: لَيست من نعم الصَّدَقَة، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يحمل على مَا يحْتَمل، وَأكْثر فَرَائض الْإِبِل، لَا تحمل أحدا. وَبَيَانه فِيمَا قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " أخبرنَا بعض أَصْحَابنَا عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن مَالك الدَّار عَن يحيى بن عبد الله بن مَالك عَن أَبِيه، أَنه سَأَلَهُ أرايت الْإِبِل الَّتِي كَانَ يحمل عَلَيْهَا عمر رَضِي الله عَنهُ الْغُزَاة، وَعُثْمَان بعده، قَالَ: أَخْبرنِي أَنَّهَا إبل الْجِزْيَة الَّتِي كَانَ يبْعَث بهَا مُعَاوِيَة، وَعَمْرو، رَضِي الله عَنْهُمَا، قلت: وَمِمَّنْ كَانَ يُؤْخَذ؟ قَالَ: من جِزْيَة أهل الذِّمَّة، وَيُؤْخَذ من صدقَات بني تغلب فَرَائض على وجوهها، فتبعث، فيبتاع بهَا إبل جله، فيبعث بهَا إِلَى

مسألة

عمر، رَضِي الله عَنهُ فَيحمل عَلَيْهَا ". وَالَّذِي يُوضح أَنَّهَا من الْجِزْيَة كَانَ يحمل عَلَيْهَا عمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا لَا غير إِنْفَاذ عبد الْملك بن مَرْوَان مِنْهُ إِلَى أهل الْمَدِينَة ألف ألف دِرْهَم من الصَّدَقَة الْمَأْخُوذَة من الْيَمَامَة لما تَأَخّر عَنْهُم حَقهم من الْجِزْيَة، وامتناعهم عَن الْقبُول. وَقَالُوا: " أتطعمنا أوساخ النَّاس، وَمَا لَا يصلح لنا؟ وَكَانَ أَوَّلهمْ سعيد بن الْمسيب، وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن، وخارجة بن زيد، وَابْن عتبَة، وَقد ذَكرْنَاهُ بِتَمَامِهِ فِي كتاب الْمعرفَة. وَفِيه بَيَان أَيْضا أَن مَا بَعثه معَاذ وَغَيره إِلَى الْمَدِينَة كَانَ من الْجِزْيَة، فَإِن استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنهُ، أَنه كَانَ يُؤْتى بنعم من نعم الصَّدَقَة، فَهُوَ مَحْمُول على أَنه إِنَّمَا أُتِي بهَا من أَطْرَاف الْمَدِينَة، ولعلهم استغنوا، فنقلها إِلَى أقرب النَّاس بهم دَارا ونسبا، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (187) : وللفقير أَن يَأْخُذ من الزَّكَاة مَا يقوم بكفايته على الدَّوَام، وَإِن زَاد على مِائَتي دِرْهَم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " الْغنى مِائَتَا دِرْهَم،

أنه قال لا تحل الصدقة إلا لأحد ثلاثة فذكر الرجل الذي يحمل حمالة ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال سدادا من عيش ثم يمسك وما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت وقد تقدم قبل

أَو قيمتهَا ". دليلنا فِي الْمَسْأَلَة الحَدِيث الصَّحِيح عَن قبيصَة بن مُخَارق رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا تحل الصَّدَقَة إِلَّا لأحد ثَلَاثَة فَذكر الرجل الَّذِي يحمل حمالَة، وَرجل أَصَابَته جَائِحَة، فاجتاحت مَاله، فَحلت لَهُ الْمَسْأَلَة، حَتَّى يُصِيب قواما من عَيْش، أَو قَالَ: سدادا من عَيْش، ثمَّ يمسك، وَمَا سواهن من الْمَسْأَلَة - يَا قبيصَة - سحت "، وَقد تقدم قبل. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " وَهَذَا فِي رجل عرف بالغني، فأصابته جَائِحَة، فَلَا يعْطى حَتَّى يشْتَهر بِأَن قد أَصَابَته مَا يَدعِي من الْجَائِحَة والفاقة، ثمَّ لم يُوَقت فِيمَا يعْطى قدر النّصاب، وَأحل لَهُ الْمَسْأَلَة حَتَّى يُعْطي مَا يقوم بكفايته، وَتَكون سدا لِحَاجَتِهِ ". وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " إِن الله تَعَالَى فرض على الْأَغْنِيَاء فِي أَمْوَالهم بِقدر مَا يَكْفِي فقراءهم ". وَرُوِيَ عَن عبد الله قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من سَأَلَ وَله مَا يُغْنِيه جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة خموش، أَو خدوش، أَو كدوح فِي وَجهه، فَقيل: يَا رَسُول الله، وَمَا الْغنى؟ قَالَ: خَمْسُونَ درهما أَو قيمتهَا من الذَّهَب ".

قال من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا وروينا عن سهل بن حنظلية عن النبي

وَهَذَا الحَدِيث إِن ثَبت دلّ على أَن الِاعْتِبَار فِي قدر مَا يعْطى بِمَا يقوم بكفايته، وَيكون فِيهِ - عَادَة - سَوَاء من نقص عَن قدر النّصاب، أَو زَاد عَلَيْهِ. وَفِي هَذَا الْمَعْنى مَا روينَا عَن زيد بن أسلم عَن عَطاء بن يسَار عَن رجل من بني أَسد أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من سَأَلَ مِنْكُم، وَله أُوقِيَّة، أَو عدلها فقد سَأَلَ إلحافا ". وروينا عَن سهل بن حنظلية عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قيل: " مَا الْغَنِيّ الَّذِي لَا يَنْبَغِي مَعَه الْمَسْأَلَة؟ قَالَ: أَن يكون لَهُ شبع يَوْم وَلَيْلَة ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ: " وَلَيْسَ شَيْء من هَذِه الْأَحَادِيث يخْتَلف، وَكَأن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علم مَا يُغني كل وَاحِد مِنْهُم، فَجعل غناهُ بِهِ، وَذَلِكَ لِأَن النَّاس يَخْتَلِفُونَ فِي قدر كفايتهم، فَمنهمْ من يُغْنِيه خَمْسُونَ درهما، لَا يُغْنِيه أقل، (وَمِنْهُم من يُغْنِيه أَرْبَعُونَ درهما، لَا يُغْنِيه أقل مِنْهَا، وَمِنْهُم من لَهُ كسب يدر عَلَيْهِ كل يَوْم مَا يغديه ويعشيه، وَلَا عِيَال لَهُ،

مسألة

فَهُوَ مستغن بِهِ، فَإِن لم تقع لَهُ الْكِفَايَة إِلَّا بألوف أعطي قدر أقل الْكِفَايَة بِدَلِيل حَدِيث قبيصَة بن مُخَارق، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (188) : يجوز للْمَرْأَة أَن تصرف زَكَاتهَا إِلَى زَوجهَا إِذا كَانَ مُحْتَاجا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يجوز ". لنا حَدِيث زَيْنَب امْرَأَة ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم فِي سؤالها رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَك أجر الصَّدَقَة، وَأجر الصِّلَة، مخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (189) : إِذا دفع رب المَال الصَّدَقَة إِلَى من ظَاهره الْفقر، ثمَّ بَان أَنه كَانَ غَنِيا لَزِمته الْإِعَادَة، فِي أصح الْقَوْلَيْنِ. وَفِيه قَول آخر: " إِنَّه لَا إِعَادَة عَلَيْهِ ". وَهُوَ قَول أبي حنيفَة. روى عَن عبيد الله بن عدي بن الْخِيَار عَن رجلَيْنِ قَالَا: " أَتَيْنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يقسم نعم الصَّدَقَة، فَسَأَلْنَاهُ، فَصَعدَ فِينَا الْبَصَر،

فذكر رجلا قال لأتصدقن الليلة بصدقة فخرج فوضع صدقته في يد غني الحديث وقال فيه فقيل له أما صدقتك فقد قبلت ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله عز وجل مخرج في الصحيحين وحديث معن بن يزيد كان أبي خرج بدنانير

وَصوب، وَقَالَ: مَا شئتما، وَلَا حق فِيهَا لَغَنِيّ، وَلَا لقوي مكتسب ". والْحَدِيث الْمَرْوِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ " لَا تصلح الصَّدَقَة لَغَنِيّ، وَلَا لذِي مرّة سوي ". وَلَهُم حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر رجلا قَالَ: لأتصدقن، اللَّيْلَة بِصَدقَة فَخرج، فَوضع صدقته فِي يَد غَنِي " الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: " فَقيل لَهُ: أما صدقتك فقد قبلت، وَلَعَلَّ الْغَنِيّ يعْتَبر، فينفق مِمَّا أعطَاهُ الله عز وَجل "، مخرج فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَحَدِيث معن بن يزِيد " كَانَ أبي خرج بِدَنَانِير يتَصَدَّق بهَا، فوضعها عِنْد رجل فِي الْمَسْجِد، فَجئْت فأخذتها، فَأَتَيْته، فَقَالَ: وَالله مَا إياك أردْت بهَا، فَخَاصَمته إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: لَك مَا نَوَيْت يَا يزِيد، وَلَك يَا معن مَا أخذت "، رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. ومعن كَانَ مستغنيا بِأَبِيهِ، و (كَانَ) حِين أعطي من صَدَقَة أَبِيه بِجَهَالَة، ثمَّ بَان ذَلِك وَقعت موقعها.

مسألة

وَمن قَالَ بِالْأولِ أجَاب عَن هَذَا، فَقَالَ: هَذِه حِكَايَة حَال، فَيحْتَمل أَن تكون وَارِدَة فِي صَدَقَة التَّطَوُّع دون الْفَرْض، وَقد روينَا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: لَيْسَ لولد، وَلَا لوالد حق فِي صَدَقَة مَفْرُوضَة، وروينا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَا دلّ على ذَلِك، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (190) : يجوز للْإِمَام أَن يسم بنعم الْجِزْيَة وإبل الصَّدَقَة. ويحكى عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه كره ذَلِك. لنا حَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، قَالَ: " دخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بأخي، ليحنكه، فرأيته يسم شَاة ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا عَنهُ، قَالَ: " رَأَيْت فِي يَد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الميسم، وَهُوَ يسم إبل الصَّدَقَة ". وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح عَن ناعم أبي عبد الله مولى أم سَلمَة، أَنه سمع ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول: " رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حمارا مَوْسُوم الْوَجْه، فَأنْكر ذَلِك، قَالَ: فوَاللَّه لَا أُسَمِّهِ إِلَّا بأقصى شَيْء من

الْوَجْه، فَأمر بِحِمَار لَهُ، فكوى فِي جَاعِرَتَيْهِ فَهُوَ أول من كوى الْجَاعِرَتَيْنِ ". وَلَيْسَ فِيهِ من الْقَائِل وَهُوَ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، وَبَيَانه فِي رِوَايَة معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبيد الله بن عبد الْملك عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَالله أعلم.

(صفحة فارغة)

كتاب النكاح

كتاب النِّكَاح ذكر مَا اخْتلف فِيهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة رحمهمَا الله تَعَالَى من كتاب النِّكَاح: مَسْأَلَة (191) : الْمَرْأَة لَا تلِي عقد النِّكَاح. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " انها تلِي عقد النِّكَاح على نَفسهَا، وعَلى غَيرهَا ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث معقل بن يسَار رَضِي الله عَنهُ فِي صَحِيح البُخَارِيّ، قَالَ: " كَانَت لي أُخْت فَخطبت إِلَيّ، فَكنت أمنعها النَّاس فَأَتَانِي ابْن عَم لي فَخَطَبَهَا فأنكحتها إِيَّاه فاصطحبا مَا شَاءَ الله، ثمَّ طَلقهَا طَلَاقا يملك الرّجْعَة، ثمَّ تَركهَا حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا، فَلَمَّا خطبت إِلَيّ أَتَانِي فَخَطَبَهَا مَعَ الْخطاب، فَقلت: منعتها النَّاس وآثرتك، ثمَّ طَلقتهَا طَلَاقا تملك الرّجْعَة، ثمَّ تركتهَا حَتَّى

لا نكاح إلا بولي كذا رواه عبد الرحمن بن مهدي الإمام ووكيع ويحيى بن آدم وهاشم بن القاسم وعبيد الله بن موسى وعبد الله بن رجاء عن إسرائيل بن يونس وهو ثقة متفق على عدالته وقد حكموا لحديثه هذا بالصحة عن علي بن المديني

انْقَضتْ عدتهَا، فَلَمَّا خطبت إِلَيّ أتيتني مَعَ الْخطاب! لَا أزَوجك أبدا، فَأنْزل الله عز وَجل: {وَإِذا طلّقْتُم النِّسَاء فبلغن أَجلهنَّ فَلَا تعضلوهن أَن ينكحن أَزوَاجهنَّ} فكفرت عَن يَمِيني، وأنكحتها إِيَّاه ". وروى إِسْرَائِيل بن أبي إِسْحَاق عَن أبي بردة عَن أَبِيه قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا نِكَاح إِلَّا بولِي ". كَذَا رَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي الإِمَام، ووكيع، وَيحيى بن آدم، وهَاشِم بن الْقَاسِم، وَعبيد الله بن مُوسَى، وَعبد الله بن رَجَاء عَن إِسْرَائِيل بن يُونُس، وَهُوَ ثِقَة مُتَّفق على عَدَالَته، وَقد حكمُوا لحديثه هَذَا بِالصِّحَّةِ: عَن عَليّ بن الْمَدِينِيّ سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن مهْدي يَقُول: " كَانَ

قال نعم هكذا روياه ولكنهم كانوا يحدثون الحديث فيرسلونه فإذا قيل لهم عمن فيسندونه قال البيهقي رحمه الله وقد أسنداه في رواية النعمان بن عبد السلام وغيره عنهما قال أبو عبد الله الحافظ النعمان بن

إِسْرَائِيل يحفظ حَدِيث أبي إِسْحَاق، كَمَا يحفظ الْحَمد ". وَعَن أبي مُوسَى: كَانَ عبد الرَّحْمَن يثبت حَدِيث إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق، يَعْنِي فِي النِّكَاح بِغَيْر ولي. وَعَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم: سَمِعت عَليّ بن الْمَدِينِيّ يَقُول: حَدِيث إِسْرَائِيل صَحِيح فِي " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي ". هَذَا، وَقد تَابع إِسْرَائِيل على رِوَايَته مَوْصُولا عَن أبي إِسْحَاق يُونُس بن أبي إِسْحَاق، وَزُهَيْر، وَأَبُو عوَانَة، وَشريك، وَقيس بن الرّبيع، وَغَيرهم. قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق الإِمَام: " سَأَلت مُحَمَّد بن يحيى عَن هَذَا الْبَاب، فَقَالَ: حَدِيث إِسْرَائِيل صَحِيح عِنْدِي، فَقلت (لَهُ: وَرَوَاهُ) شُعْبَة، وَالثَّوْري عَن أبي إِسْحَاق عَن أبي بردة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم، هَكَذَا روياه، وَلَكنهُمْ كَانُوا يحدثُونَ الحَدِيث فيرسلونه، فَإِذا قيل لَهُم: عَمَّن؟ فيسندونه ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " وَقد أسنداه فِي رِوَايَة النُّعْمَان بن عبد السَّلَام، وَغَيره عَنْهُمَا، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَافِظ: " النُّعْمَان بن

قال أبو عبد الله الحافظ لا أعلم خلافا بين أئمة هذا العلم في عدالة يونس بن أبي إسحاق وأن سماعه من أبي بردة مع أبيه صحيح ثم لم يختلف عن يونس في وصل هذا الإسناد ففيه الدليل الواضح أن الخلاف الذي وقع على أبيه فيه من جهة أصحابه لا من

عبد السَّلَام ثِقَة مَأْمُون ". وَقد روى عَن يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ أَبُو عبد الله الْحَافِظ: لَا أعلم خلافًا بَين أَئِمَّة هَذَا الْعلم فِي عَدَالَة يُونُس بن أبي إِسْحَاق، وَأَن سَمَاعه من أبي بردة مَعَ أَبِيه صَحِيح، ثمَّ لم يخْتَلف عَن يُونُس فِي وصل هَذَا الْإِسْنَاد؛ فَفِيهِ الدَّلِيل الْوَاضِح أَن الْخلاف الَّذِي وَقع على أَبِيه فِيهِ من جِهَة أَصْحَابه، لَا من جِهَة أبي إِسْحَاق ". وَالله أعلم. وَقد أوردهُ أَبُو دَاوُد فِي السّنَن من حَدِيث يُونُس، وَفِي بعض النّسخ: " قَالَ أَبُو دَاوُد: هُوَ يُونُس بن أبي كثير ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " فَإِن كَانَ كَذَلِك فَهُوَ متابع لأبي إِسْحَاق فِي الْوَصْل، وَلَا أرَاهُ مَحْفُوظًا، فقد رَوَاهُ مُحَمَّد بن نصر الإِمَام، وَأَبُو الْعَبَّاس السراج،

وقد وصل هذا الحديث عن أبي بردة نفسه أبو حصين عثمان بن عاصم الثقفي وروي عن عبد الرزاق عن ابن جريج أن سليمان بن موسى أخبره أن ابن شهاب أخبره أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة

فَقَالَا: " عَن أَحْمد بن منيع عَن أبي عُبَيْدَة عَن يُونُس بن أبي إِسْحَاق عَن أبي بردة عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَقد وصل هَذَا الحَدِيث عَن أبي بردة نَفسه أَبُو حُصَيْن عُثْمَان بن عَاصِم الثَّقَفِيّ. وَرُوِيَ عَن عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج أَن سُلَيْمَان بن مُوسَى أخبرهُ أَن ابْن شهَاب أخبرهُ أَن عُرْوَة بن الزبير أخبرهُ أَن عَائِشَة

يقول أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل ولها المهر بما أصابها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له تابعه أبو عاصم الضحاك بن مخلد على ذكر سماع ابن جريج من سليمان وسماع سليمان من الزهري

رَضِي الله عَنْهَا أخْبرته، قَالَت: سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن مواليها فنكاحها بَاطِل، فنكاحها بَاطِل فنكاحها بَاطِل، وَلها الْمهْر بِمَا أَصَابَهَا، فَإِن اشتجروا فالسلطان ولي من لَا ولي لَهُ ". تَابعه أَبُو عَاصِم الضَّحَّاك بن مخلد على ذكر سَماع ابْن جريج من سُلَيْمَان وَسَمَاع سُلَيْمَان من الزُّهْرِيّ. وَرَوَاهُ حجاج بن مُحَمَّد، وَيحيى بن أَيُّوب عَن ابْن جريج، إِلَّا انهما قَالَا: " أَيّمَا / امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا "، وَكَذَا قَالَه عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد، وَمُسلم (بن خَالِد) .

أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاثا ورواه ابن وهب عن ابن جريج وقال فيه لا تنكح امرأة بغير أمر وليها فإن نكحت فنكاحها باطل ثلاث مرات فإن أصابها فلها مهر مثلها بما أصاب منها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من

رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن جريج بِالْإِسْنَادِ عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا (فنكاحها بَاطِل) ثَلَاثًا ". وَرَوَاهُ ابْن وهب عَن ابْن جريج، وَقَالَ فِيهِ: " لَا تنْكح امْرَأَة بِغَيْر أَمر وَليهَا فَإِن نكحت فنكاحها بَاطِل، ثَلَاث مَرَّات، فَإِن أَصَابَهَا فلهَا مهر مثلهَا بِمَا أصَاب مِنْهَا، فَإِن اشتجروا فالسلطان ولي من لَا ولي لَهُ ". رُوِيَ عَن أبي حَاتِم الرَّازِيّ قَالَ: " سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل وَذكر عِنْده أَن ابْن عَلَيْهِ يذكر حَدِيث ابْن جريج: (لَا نِكَاح إِلَّا بولِي) ، قَالَ ابْن جريج: فَلَقِيت الزُّهْرِيّ فَسَأَلته عَنهُ فَلم يعرفهُ، وَأثْنى على سُلَيْمَان بن مُوسَى، فَقَالَ أَحْمد: إِن ابْن جريج لَهُ كتب مدونة، وَلَيْسَ هَذَا من كتبه "، يَعْنِي حِكَايَة ابْن علية عَن ابْن جريج. وَرُوِيَ عَن الْعَبَّاس بن مُحَمَّد: سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول فِي

حَدِيث: (لَا نِكَاح إِلَّا بولِي) الَّذِي يرويهِ ابْن جريج، فَقلت لَهُ: " إِن ابْن علية يَقُول: قَالَ ابْن جريج: فَسَأَلت عَنهُ الزُّهْرِيّ فَقَالَ: لست احفظه "، قَالَ يحيى بن معِين: " لَيْسَ يَقُول هَذَا إِلَّا ابْن علية، وَإِنَّمَا عرض ابْن علية كتب ابْن جريج على عبد الْمجِيد بن عبد الْعَزِيز بن أبي رواد فأصلحها لَهُ "، فَقلت ليحيى: " مَا كنت أَظن أَن (عبد الْمجِيد) هَكَذَا! " فَقَالَ: " كَانَ أعلم النَّاس بِحَدِيث ابْن جريج، وَلَكِن لم يبْذل نَفسه للْحَدِيث ". سُلَيْمَان بن مُوسَى ثِقَة، وَقد احْتج بِهِ مُسلم فِي الصَّحِيح، وَقد رَوَاهُ - كَمَا تقدم - فَوَجَبَ قبُوله، كَيفَ وَقد تَابع على ذَلِك جَعْفَر بن ربيعَة عَن الزُّهْرِيّ. وَرَوَاهُ الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن الزُّهْرِيّ. وَله شَاهد غَرِيب تفرد بِهِ بكر بن الشرود الصَّنْعَانِيّ عَن سُفْيَان

لا نكاح إلا بولي وروي عن الحسن بن سفيان حدثنا مسلم الحرمي حدثنا مخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن

الثَّوْريّ عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن عبد الله بن شَدَّاد بن الْهَادِي عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي ". وَرُوِيَ عَن الْحسن بن سُفْيَان: حَدثنَا مُسلم الحرمي حَدثنَا مخلد بن حُسَيْن عَن هِشَام بن حسان عَن ابْن سِيرِين عَن

لا تزوج المرأة المراة ولا تزوج المرأة نفسها إن البغية التي تزوج نفسها قال الحسن وسألت يحيى بن معين عن رواية مخلد عن هشام فقال ثقة فذكرت له هذا الحديث قال نعم قد كان عندنا شيخ يرفعه عن مخلد تابعه عبد السلام بن

أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تزوج الْمَرْأَة المراة، وَلَا تزوج الْمَرْأَة نَفسهَا، إِن البغية الَّتِي تزوج نَفسهَا ". قَالَ الْحسن: " وَسَأَلت يحيى بن معِين عَن رِوَايَة مخلد عَن هِشَام، فَقَالَ: ثِقَة. فَذكرت لَهُ هَذَا الحَدِيث، قَالَ: نعم، قد كَانَ عندنَا شيخ يرفعهُ عَن مخلد، تَابعه عبد السَّلَام بن حَرْب، وَمُحَمّد بن مَرْوَان الْعقيلِيّ عَن هِشَام مَرْفُوعا، وَكَذَلِكَ رَفعه الْمُغيرَة بن مُوسَى، وَغَيره. وَرُوِيَ عَن أبي عَامر الخزاز عَن ابْن سِيرِين مَرْفُوعا.

روى الشَّافِعِي عَن مُسلم، وَسَعِيد عَن ابْن جريج عَن عِكْرِمَة بن خَالِد قَالَ: " سَمِعت فِي الطَّرِيق رفْقَة فيهم امْرَأَة ثيب، فَوَلَّتْ رجلا مِنْهُم أمرهَا، فَزَوجهَا رجلا، فجلد عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ الناكح، والمنكح، ورد نِكَاحهَا ". وَرَوَاهُ الزَّعْفَرَانِي عَن الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم عَن ابْن جريج عَن عبد الحميد بن جُبَير عَن عِكْرِمَة، وَهُوَ أصح. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ روح بن عبَادَة عَن ابْن جريج. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار عَن عبد الرَّحْمَن بن معبد بن عُمَيْر " أَن عمر رَضِي الله عَنهُ رد نِكَاح امْرَأَة نكحت بِغَيْر ولي ". وَعَن مَالك رَحمَه الله أَنه بلغه أَن ابْن الْمسيب كَانَ يَقُول: " قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: " لَا تنْكح الْمَرْأَة إِلَّا بِإِذن وَليهَا، أَو ذِي الرَّأْي من أَهلهَا، أَو السُّلْطَان ".

أشد في النكاح بغير ولي من علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يضرب فيه وروى الشافعي رحمه الله عن مسلم عن ابن خيثم عن ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل وروي عن شيبان عن قتادة عن

ورويناه مَوْصُولا عَن ابْن الْمسيب فِي كتاب السّنَن. وَرُوِيَ عَن أبي رَافع أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لَا يجوز نِكَاح إِلَّا بولِي، أَو إِذْنه، وَلَا يجوز (أَن يشْهد إِلَّا كَمَا) أَمركُم الله ". وَرُوِيَ بِإِسْنَاد صَحِيح - وَعَلِيهِ الِاعْتِمَاد - عَن سُوَيْد بن مقرن عَن عَليّ، رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل، لَا نِكَاح إِلَّا بِإِذن ولي ". وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ قَالَ: " قَالَ عَليّ، وَعبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا: لَا نِكَاح إِلَّا بولِي، مَا كَانَ أحد من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَشد فِي النِّكَاح بِغَيْر ولي من عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ، كَانَ يضْرب فِيهِ ". وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مُسلم (عَن ابْن خَيْثَم) عَن ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي مرشد، وشاهدي عدل ". وَرُوِيَ عَن شَيبَان عَن قَتَادَة عَن عِكْرِمَة أَنه قَالَ: (قد علمنَا مَا

ميمونة رضي الله عنها ومالك بن سليمان متروك

فَرضنَا عَلَيْهِم فِي أَزوَاجهم} . قَالَ: " الَّذِي فرض عَلَيْهِم أَن لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدين وَمهر "، قَالَ أَبُو عَليّ الْحَافِظ: " لم يحدث بِهِ عَن شَيبَان غير سُورَة بن حَكِيم، وَسورَة صَدُوق ". وَرُوِيَ عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ (قَالَ) : " كَانُوا يَقُولُونَ: إِن الْمَرْأَة الَّتِي تزوج نَفسهَا هِيَ الزَّانِيَة ". وَعَن الْقَاسِم عَن أَبِيه كَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تخْطب إِلَيْهَا الْمَرْأَة من أَهلهَا، فَإِذا بقيت عقدَة النِّكَاح قَالَت لبَعض أَهلهَا: " زوج، فَإِن الْمَرْأَة لَا تلِي عقد النِّكَاح ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " أَن النِّكَاح كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة على أَرْبَعَة أنحاء " ... الحَدِيث بِطُولِهِ. وروى مَالك بن سُلَيْمَان الْهَرَوِيّ حَدِيثا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي النِّكَاح رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَيْمُونَة، رَضِي الله عَنْهَا، وَمَالك بن سُلَيْمَان مَتْرُوك.

وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " البغايا اللَّاتِي يزوجن أَنْفسهنَّ، يَعْنِي بِغَيْر ولي، وَلَا يجوز نِكَاح إِلَّا بولِي، وشاهدين، وَمهر مِمَّا قل أَو كثر ". وَعَن أبي الزِّنَاد قَالَ: " كَانَ من أدْركْت من فقهائنا الَّذين ينتهى إِلَى قَوْلهم - مِنْهُم سعيد بن الْمسيب، وَعُرْوَة بن الزبير، وَالقَاسِم بن مُحَمَّد، وَأَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن، وخارجة بن زيد، وَعبيد الله بن عبد الله، وَسليمَان بن يسَار، فِي مشيخة جلة سواهُم من نظرائهم، أهل فقه وَفضل - كَانُوا يَقُولُونَ: " لَا تعقد امْرَأَة عقد نِكَاح فِي نَفسهَا، وَلَا فِي غَيرهَا ". وَرُوِيَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: أخبرنَا مُسلم، وَعبد الْمجِيد عَن ابْن جريج قَالَ: " قَالَ عَمْرو بن دِينَار: نكحت امْرَأَة من بني بكر بن

قال الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها في صماتها إنما جعلها رسول الله

كنَانَة، فَكتب عَلْقَمَة إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله إِذْ هُوَ وَال بِالْمَدِينَةِ: إِنِّي وَليهَا، وَإِنَّهَا نكحت بِغَيْر أَمْرِي، فَرده عمر، وَقد أَصَابَهَا ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الأيم أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا، وَالْبكْر تستأذن فِي نَفسهَا، وإذنها فِي صماتها ". إِنَّمَا جعلهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَحَق بِنَفسِهَا فِي الْإِذْن، حَتَّى لَا تكره على النِّكَاح، وَهِي مُخَالفَة للبكر؛ بِدَلِيل مَا عِنْده فِي الصَّحِيح أَيْضا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لتستأمر النِّسَاء فِي أبضعهن "، قَالَت: " قلت: يَا رَسُول الله إنَّهُنَّ يستحيين، قَالَ: الأيم أَحَق بِنَفسِهَا، وَالْبكْر تستأمر، وسكاتها إِقْرَارهَا ". وَرُوِيَ أَن عليا رَضِي الله عَنهُ (أجَاز نِكَاح امْرَأَة زوجتها أمهَا، وأبوها غَائِب. وَقد روينَا عَنهُ رَضِي الله عَنهُ أَنه) قَالَ " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي ". فَإِن صَحَّ هَذَا فَكَأَن السُّلْطَان زَوجهَا بِمَسْأَلَة أمهَا، وأبوها

غَائِب، وَذَلِكَ جَائِز عندنَا. وَرُوِيَ ابْن لَهِيعَة عَن عبد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " إِذا كَانَ الْوَلِيّ قصارا فَوَلَّتْ رجلا فَأَنْكحهَا فنكاحها جَائِز ". وَابْن لَهِيعَة لَا يحْتَج بِهِ. وَرُوِيَ مَالك عَن عبد الرَّحْمَن (بن الْقَاسِم) عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا زوجت حَفْصَة بنت عبد الرَّحْمَن من الْمُنْذر بن الزبير، وَعبد الرَّحْمَن غَائِب بِالشَّام، فَلَمَّا قدم عبد الرَّحْمَن قَالَ: " (مثلي يصنع هَذَا بِهِ) ، ويفتات عَلَيْهِ! " فكلمت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الْمُنْذر بن الزبير، فَقَالَ الْمُنْذر: " فَإِن ذَلِك بيد عبد الرَّحْمَن "، فَقَالَ عبد الرَّحْمَن: " مَا كنت لأرد أمرا

مسألة

قضيتيه "، فقرت حَفْصَة عِنْد الْمُنْذر، وَلم يكن ذَلِك طَلَاقا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (192) : للْأَب ان يُزَوّج ابْنَته الْبَالِغ دون رِضَاهَا إِذا كَانَت بكرا، كَمَا (لَهُ ذَلِك إِذا) كَانَت صَغِيرَة، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِك إِذا كَانَت ثَيِّبًا، صَغِيرَة كَانَت أَو بَالغا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَيْسَ لَهُ ذَلِك " بَالِغَة، وَله ذَلِك " إِذا كَانَت بكرا إِذا كَانَت ثَيِّبًا صَغِيرَة ". فعندنا الِاعْتِبَار فِيهِ بالبكارة والتثييب، وَعِنْده الِاعْتِبَار بالصغر وَالْبُلُوغ. فِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الأيم أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا، وَالْبكْر تستأذن فِي نَفسهَا، وإذنها صماتها ". وَرَوَاهُ بَعضهم فَقَالَ: " وَالْبكْر تستأذن أَبوهَا "، قَالَ أَبُو دَاوُد: " (أَبوهَا: لَيْسَ بِمَحْفُوظ ".

قال ليس للولي مع الثيب أمر واليتيمة تستأمر وصمتها إقرارها رواته ثقات وفي هذا الخبر دليل على أن المراد بالبكر التي تستأذن اليتيمة يزوجها غير الأب والجد بعد بلوغها بإذنها ويقنع منها بالسكوت حينئذ في الإذن في ظاهر المذهب

وروى أَبُو دَاوُد) عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَيْسَ للْوَلِيّ مَعَ الثّيّب أَمر، واليتيمة تستأمر، وصمتها إِقْرَارهَا. رُوَاته ثِقَات. وَفِي هَذَا الْخَبَر دَلِيل على أَن المُرَاد بالبكر الَّتِي تستأذن الْيَتِيمَة يُزَوّجهَا غير الْأَب وَالْجد، بعد بُلُوغهَا بِإِذْنِهَا، ويقنع مِنْهَا بِالسُّكُوتِ حِينَئِذٍ فِي الْإِذْن فِي ظَاهر الْمَذْهَب. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تنْكح الثّيّب حَتَّى تستأمر، وَلَا الْبكر حَتَّى تستأذن ". قيل: يَا رَسُول الله، كَيفَ إِذْنهَا؟ قَالَ: " إِذا سكتت فَهُوَ رِضَاهَا ". وَالْمرَاد فِيهِ بالبكر الْيَتِيمَة بِدَلِيل رِوَايَة مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تستأمر الْيَتِيمَة فِي نَفسهَا، فَإِن سكتت فَهُوَ إِذْنهَا، وَإِن أَبَت فَلَا جَوَاز عَلَيْهَا ". وَرُوِيَ عَن أبي بردة عَن أَبِيه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْيَتِيمَة بِنَحْوِ مَعْنَاهُ.

فرد نكاحها وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله

وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن خنساء بنت خدام رَضِي الله عَنْهَا " أَن أَبَاهَا زَوجهَا وَهِي بنت، فَكرِهت ذَلِك، فَأَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرد نِكَاحهَا ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تستأمر النِّسَاء فِي أبضاعهن "، فَقيل: " إِن الْبكر تستحيي " قَالَ: " إِذْنهَا سكُوتهَا "، أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيح من حَدِيث ابْن جريج، وَرَوَاهُ الثَّوْريّ عَنهُ، وَقَالَ فِيهِ: " تستأمر الْيَتِيمَة ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " تزَوجنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَنا ابْنة سبع، وَبنى بِي وَأَنا ابْنة تسع ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَلَو كَانَت إِذا بلغت أَحَق بِنَفسِهَا أشبه أَن لَا يجوز ذَلِك عَلَيْهَا قبل بُلُوغهَا، كَمَا قُلْنَا فِي الْمَوْلُود يقتل أَبوهُ يحبس قَاتله حَتَّى يبلغ، فيقيد، أَو يعْفُو ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن جرير (عَن أَيُّوب) عَن عِكْرِمَة عَن ابْن

فذكرت له أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها رسول الله

عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا " أَن جَارِيَة بكرا أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت لَهُ أَن أَبَاهَا زَوجهَا وَهِي كارهة، فَخَيرهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". يُقَال: إِن هَذَا الْخَبَر فِي الأَصْل مُرْسل، وكل من ذكر فِي الْإِسْنَاد ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فقد وهم، قَالُوا: وَهَذَا مِمَّا أَخطَأ فِيهِ جرير على أَيُّوب، وَالْمَحْفُوظ: عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة مُرْسلا. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب مُرْسلا، وَقَالَ: " هَذَا رَوَاهُ النَّاس مُرْسلا مَعْرُوفا ". وَرُوِيَ من وَجه آخر عبد الْملك الذمارِي: حَدثنَا سُفْيَان عَن هِشَام عَن يحيى بن أبي كثير عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رد نِكَاح بكر وثيب أنكحهما أَبوهُمَا وهما كارهتان ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " هَذَا وهم، وَالصَّوَاب: عَن يحيى عَن المُهَاجر عَن عِكْرِمَة، مُرْسل: وهم فِيهِ الذمارِي على الثَّوْريّ، وَلَيْسَ بِقَوي (مُتَّصِل) ".

ففرق بينهما يقال إن هذا وهم والصواب عن الأوزاعي عن إبراهيم بن مرة عن عطاء عن النبي

وَهُوَ فِي جَامع الثَّوْريّ كَمَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ رَحمَه الله تَعَالَى، مُرْسلا. (وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَامَّة أَصْحَابه عَنهُ) ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم (عَن هِشَام) مُرْسلا، (قَالَ: وَهُوَ الْمَحْفُوظ) . وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ " أَن رجلا زوج ابْنَته - وَهِي بكر - من غير أمرهَا، فَأَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَفرق بَينهمَا ". يُقَال: إِن هَذَا وهم، وَالصَّوَاب: عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن مرّة عَن عَطاء عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، كَذَا رَوَاهُ عبد الله بن الْمُبَارك الإِمَام، وَعِيسَى بن يُونُس، وَغَيرهمَا عَن الْأَوْزَاعِيّ. قَالَ أَبُو عَليّ الْحَافِظ: " لم يسمعهُ الْأَوْزَاعِيّ من عَطاء، والْحَدِيث فِي الأَصْل مُرْسل لعطاء، وَإِنَّمَا رَوَاهُ الثِّقَات عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن مرّة عَن عَطاء عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " الصَّحِيح مُرْسل، وَقَول شُعَيْب وهم؛ حَدثنَا دعْلج حَدثنَا الْخضر بن دَاوُد حَدثنَا الْأَثْرَم قَالَ: " ذكرت لأبي عبد الله يَعْنِي أَحْمد بن حَنْبَل، رَحمَه الله حَدِيث شُعَيْب بن إِسْحَاق عَن

فقال حدثناه أبو المغيرة عن الأوزاعي عن عطاء مرسلا مثل هذا عن جابر رضي الله عنه كالمنكر أن يكون وروى عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه حديثا مرفوعا في رد نكاح امرأتين بكر وثيب زوجهما أبوهما بكره منهما وروي عن

الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء (عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: حدّثنَاهُ أَبُو الْمُغيرَة عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء) مُرْسلا، مثل هَذَا عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ كالمنكر أَن يكون ". وروى عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ حَدِيثا مَرْفُوعا فِي رد نِكَاح امْرَأتَيْنِ بكر وثيب زَوجهمَا أَبوهُمَا بكره مِنْهُمَا. وَرُوِيَ عَن ابْن أبي ذِئْب عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا " أَن رجلا زوج ابْنَته بكرا وكرهت ذَلِك، فَأَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرد نِكَاحهَا ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " لَا يثبت هَذَا عَن ابْن أبي ذِئْب عَن نَافِع، (وَالصَّوَاب حَدِيث ابْن أبي ذِئْب عَن عمر بن حُسَيْن "، يَعْنِي عَن نَافِع) حَدِيث ابْنة عُثْمَان بن مَظْعُون، وَهُوَ مخرج بعد هَذَا، وَارِد

فقال لا تنكحها وهي كارهة قال البيهقي رحمه الله تعالى عندي أن هذا وهم من القطعي أو غيره والصواب عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع ابني يزيد بن جارية عن خنساء بغير هذا اللفظ ثم ذكر حديث مالك عنه

فِي الْوَلِيّ غير الْأَب وَالْجد. وروى سعيد بن إِسْرَائِيل الْقطعِي بِإِسْنَاد لَهُ عَن خنساء بنت خذام رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " أنكحني أبي وَأَنا كارهة، وَأَنا بكر، فشكوت ذَلِك إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: لَا تنكحها وَهِي كارهة ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " عِنْدِي أَن هَذَا وهم من الْقطعِي، أَو غَيره، وَالصَّوَاب: عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عبد الرَّحْمَن، وَمجمع ابْني يزِيد بن جَارِيَة عَن خنساء بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ "، ثمَّ ذكر حَدِيث مَالك عَنهُ، الْمخْرج فِي صَحِيح البُخَارِيّ، ثمَّ قَالَ: " هَذَا هُوَ الصَّوَاب ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (193) - لم يذكرهَا الإِمَام - النِّكَاح لَا يقف على الْإِجَازَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " إِنَّه يقف على الْإِجَازَة ". وَاسْتدلَّ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى بِحَدِيث خنساء رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَ: " وَفِي تَركه أَن يَقُول لخنساء: " إِلَّا أَن تشائي أَن تجيزي مَا فعل أَبوك " دلَالَة أَنَّهَا لَو أجازته مَا جَازَ " وَقد سبق ذكرنَا لَهُ. وَاسْتدلَّ أَصْحَابنَا أَيْضا بِحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تنْكح امْرَأَة بِغَيْر أَمر وَليهَا، فَإِن نكحت فنكاحها بَاطِل "، وَقد سبق ذكرنَا لَهُ أَيْضا. وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا نكح العَبْد بِغَيْر إِذن مَوْلَاهُ فنكاحه بَاطِل ". وَرُوِيَ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا تزوج العَبْد بِغَيْر إِذن سَيّده كَانَ عاهرا ".

وأمهرها عنه أربعة آلاف درهم وبعث بها إلى رسول الله

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عُرْوَة عَن أم حَبِيبَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا كَانَت تَحت عبيد الله بن جحش، فَمَاتَ بِالْحَبَشَةِ، فَزَوجهَا النَّجَاشِيّ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَمْهَرهَا عَنهُ أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم، وَبعث بهَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعَ شُرَحْبِيل بن حَسَنَة ... ". قَالُوا: " كَانَ مَوْقُوفا على قبُول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". قُلْنَا: بل كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث عَمْرو بن أُميَّة وَكيلا لقبُول العقد، رُوِيَ ذَلِك عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ بن

فاذكري ذلك له فجاء نبي الله

الْحُسَيْن. وَأما مَا رُوِيَ عَن ابْن بُرَيْدَة: " جَاءَت فتاة إِلَى عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَقَالَت: إِن أبي زَوجنِي ابْن أَخِيه، ليرْفَع خسيسته، وَإِنِّي كرهت ذَلِك، فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: اقعدي حَتَّى يَأْتِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاذكري ذَلِك لَهُ، فجَاء نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَأرْسل إِلَى أَبِيهَا، فَلَمَّا جَاءَ أَبوهَا جعل أمرهَا إِلَيْهَا، فَلَمَّا رَأَتْ أَن الْأَمر قد جعل إِلَيْهَا قَالَت: إِنِّي قد أجزت مَا صنع وَالِدي، وَإِنَّمَا أردْت أَن أعلم هَل للنِّسَاء من الْأَمر شَيْء أم لَا "، فَهُوَ مُرْسل؛ ابْن بُرَيْدَة لم يسمع من عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، قَالَه الدَّارَقُطْنِيّ.

مسألة

ثمَّ نقُول: إِن ثَبت هَذَا كَانَ العقد منعقدا، ولكنت كَانَ لَهَا ولَايَة الْفَسْخ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (194) : وَلَا يَصح النِّكَاح بِشَهَادَة فاسقين، وَلَا شَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يَصح "، وَهَذَا خلاف الْكتاب وَالسّنة. قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِذا بلغن أَجلهنَّ فأمسكوهن بِمَعْرُوف أَو فارقوهن بِمَعْرُوف واشهدوا ذَوي عدل مِنْكُم وَأقِيمُوا الشَّهَادَة لله} . رُوِيَ عَن ابْن جريج عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا وشاهدي عدل فنكاحها بَاطِل " ... الحَدِيث. وَفِي رِوَايَة قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدي عدل ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " تَابعه - يَعْنِي سُلَيْمَان بن عمر - عبد الرَّحْمَن بن يُونُس

عَن عِيسَى بن يُونُس ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سعيد بن خَالِد بن عبد الله بن عَمْرو بن عُثْمَان، وَيزِيد بن سِنَان، ونوح بن دراج، وَعبد الله بن حَكِيم، عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالُوا فِيهِ: " وشاهدي عدل ". (وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن أبي مليكَة عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا. وَرُوِيَ عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدي عدل، فَمن تزوج بِغَيْر إِذن ولي فقد بَطل نِكَاحه "، وَالصَّحِيح: عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَوْقُوفا، وَقد أخرجناه فِي مَوْضِعه فِي الْمَسْأَلَة بعْدهَا.

لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وروي عن الحسن أن رسول الله

وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدي عدل ". وَرُوِيَ عَن الْحسن أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحل نِكَاح إِلَّا بولِي، وصداق، وشاهدي عدل ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " هَذَا وَإِن كَانَ مُنْقَطِعًا دون النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِن أَكثر أهل الْعلم يَقُول بِهِ، ونقول: الْفرق بَين النِّكَاح والسفاح: الشُّهُود. وَهُوَ ثَابت عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَغَيره من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَرَوَاهُ عبد الله بن مُحَرر عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن عمرَان بن الْحصين رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدي عدل، وَابْن مُحَرر مَتْرُوك.

لا نكاح إلا بولي وخاطب وشاهدي عدل قال ابن عدي المغيرة بن موسى في نفسه ثقة وروي عن سعيد بن المسيب والحسن أن عمر رضي الله عنه قال لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل إسناده صحيح وابن المسيب رحمه الله راوية عمر رضي

وَرُوِيَ عَن الْمُغيرَة بن مُوسَى عَن هِشَام عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وخاطب وشاهدي عدل ". قَالَ ابْن عدي: " الْمُغيرَة بن مُوسَى فِي نَفسه ثِقَة ". وَرُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب، وَالْحسن أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدي عدل " إِسْنَاده صَحِيح، وَابْن الْمسيب رَحمَه الله راوية عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَكَانَ ابْن عمر يسْأَله عَن شَأْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن منْدَل عَن أبي النَّضر عَن الْحسن قَالَ:

لا نكاح إلا بولي وشهود قالوا رجل وامرأتان شهود وهذا لا يصح ومندل بن علي ضعيف وروي عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء عن عمر رضي الله عنه قال أجاز رسول الله

قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشهود ". قَالُوا: " رجل وَامْرَأَتَانِ شُهُود "، وَهَذَا لَا يَصح، ومندل بن عَليّ ضَعِيف. وَرُوِيَ عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن عَطاء عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " أجَاز رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَهَادَة رجل وَامْرَأَتَيْنِ فِي النِّكَاح "، وَهَذَا لَا يثبت، وَالْحجاج بن أَرْطَأَة لَا يحْتَج بِهِ، وَهُوَ مُرْسل؛ عَطاء لم يسمع من عمر رَضِي الله عَنهُ شَيْئا. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (195) : الْفَاسِق الْمُعْلن لَا يكون وليا فِي التَّزْوِيج فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يكون وليا، وَيصِح تَزْوِيجه ". روى الطَّبَرَانِيّ عَن أَحْمد بن الْقَاسِم عَن القواريري عَن

لا نكاح إلا بإذن ولي مرشد أو سلطان ورواه الطبراني أيضا عن ابن حنبل ومحمد بن عبدوس السراج عن القواريري قال الطبراني لم يرو هذا الحديث عن سفيان مرفوعا إلا بشر وابن مهدي والحربي تفرد به القواريري عبيد الله بن

الْحَرْبِيّ، وَعَن بشر، وَابْن مهْدي عَن سُفْيَان عَن ابْن خثيم عَن سعيد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا نِكَاح إِلَّا بِإِذن ولي مرشد، أَو سُلْطَان ". وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا عَن ابْن حَنْبَل وَمُحَمّد بن عَبدُوس السراج عَن القواريري، قَالَ الطَّبَرَانِيّ: " لم يرو هَذَا الحَدِيث عَن سُفْيَان مَرْفُوعا إِلَّا بشر، وَابْن مهْدي، وَالْحَرْبِيّ، تفرد بِهِ القواريري ": (عبيد الله) بن عمر القواريري ثِقَة، مُتَّفق على عَدَالَته، وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن معَاذ بن الْمثنى عَن القواريري عَن عبد الله بن دَاوُد عَن سُفْيَان. وَرَوَاهُ عدي بن الْفضل عَن ابْن خثيم عَن سعيد بن جُبَير عَن

لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل فإن أنكحها ولي مسخوط عليه فنكاحها باطل وروى الشافعي رحمه الله عن مسلم بن خالد وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لا نكاح إلا

ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا نِكَاح إِلَّا بولِي، وشاهدي عدل، فَإِن أنْكحهَا ولي مسخوط عَلَيْهِ فنكاحها بَاطِل ". وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مُسلم بن خَالِد، وَسَعِيد بن سَالم عَن ابْن جريج عَن عبد الله بن عُثْمَان بن خثيم عَن سعيد عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لَا نِكَاح إِلَّا بشاهدي عدل، وَولي مرشد "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (196) : وَلَا يُزَوّج الْبكر الصَّغِيرَة إِلَّا أَبوهَا، أَو جدها، وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يُزَوّجهَا الْأَخ، وَابْن الْأَخ، وَالْعم وَابْن الْعم، وَمن هُوَ ولي تَزْوِيجهَا بعد بُلُوغهَا "، وَكَذَا عِنْده الثّيّب الصَّغِيرَة، وَعِنْدنَا

الأيم أحق بنفسها من وليها وقوله تستأمر اليتيمة في نفسها وقوله لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا البكر حتى تستأذن وكل ذلك قد ذكرناه فأغنى عن إعادته واستدل أصحابنا أيضا بما روي عن ابن إسحاق حدثني عمر بن

لَا يُزَوّجهَا وَاحِد مِنْهُم قبل بُلُوغهَا إِلَّا الْأَب، وَلَا غَيره. دليلنا من طَرِيق الْخَبَر قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الأيم أَحَق بِنَفسِهَا من وَليهَا ". وَقَوله: " تستأمر الْيَتِيمَة فِي نَفسهَا ". وَقَوله: " لَا تنْكح الثّيّب حَتَّى تستأمر، وَلَا الْبكر حَتَّى تستأذن ". وكل ذَلِك قد ذَكرْنَاهُ، فأغنى عَن إِعَادَته. وَاسْتدلَّ أَصْحَابنَا أَيْضا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن إِسْحَاق، حَدثنِي عمر بن حُسَيْن مولى آل حَاطِب عَن نَافِع عَن ابْن عمر، قَالَ: " توفّي عُثْمَان بن مَظْعُون، وَترك ابْنة لَهُ من خَوْلَة بنت حَكِيم بن أُميَّة، وَأوصى إِلَى أَخِيه قدامَة بن مَظْعُون، وهما خالاي، فَخطبت إِلَى قدامَة ابْنة عُثْمَان، فزوجنيها، فَدخل الْمُغيرَة إِلَى أمهَا فأرغبها فِي المَال، فحطت إِلَيْهِ، وحطت الْجَارِيَة إِلَى هوى أمهَا حَتَّى ارْتَفع أَمرهم إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ قدامَة: " يَا رَسُول الله، ابْنة أخي، وَأوصى

هي يتيمة ولا تنكح إلا بأذنها فانتزعت مني والله بعدما ملكتها فزوجوها المغيرة تابعه ابن أبي ذئب عن عمر بن حسين مختصرا ورويناه بإسناده في السنن الكبرى ولنا أيضا حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وحديث أبي بردة عن

بهَا إِلَيّ، فزوجتها ابْن عمر، وَلم أقصر بالصلاح والكفاءة، وَلكنهَا امْرَأَة، وَأَنَّهَا حطت إِلَى هوى أمهَا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هِيَ يتيمة، وَلَا تنْكح إِلَّا بأذنها، فانتزعت مني وَالله بَعْدَمَا ملكتها، فزوجوها الْمُغيرَة ". تَابعه ابْن أبي ذِئْب عَن عمر بن حُسَيْن مُخْتَصرا، ورويناه بِإِسْنَادِهِ فِي السّنَن الْكُبْرَى. وَلنَا أَيْضا حَدِيث مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة، وَحَدِيث أبي بردة عَن أَبِيه رَضِي الله عَنْهُم قَالَا: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تستأمر الْيَتِيمَة فِي نَفسهَا " الحَدِيث، وَقد رويناهما بإسنادهما فِي مَسْأَلَة " إِجْبَار الْبكر " قبل هَذَا، فَشرط إِذْنهَا، وَأمر أَن تستأمر، وَذَلِكَ لَا يَتَأَتَّى قبل بُلُوغهَا، فَدلَّ على أَنه يجب لَهُ انْتِظَار بُلُوغهَا بإنكاحها. وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ " إِذا بلغ النِّسَاء نَص الْحَقَائِق فالعصبة أولى "، فَجعل رَضِي الله عَنهُ الْعصبَة أولى بِالتَّزْوِيجِ عِنْد بُلُوغهَا، فَدلَّ على أَنه لَيْسَ لَهُم ذَلِك قبله. قَالَ أَبُو عبيد: " بَعضهم يَقُول: " الحقاق، وَهُوَ من المحاقة - يَعْنِي الْمُخَاصمَة - أَن تحاق الْأُم الْعصبَة فِيهِنَّ، فَهِيَ نَص الحقاق، إِنَّمَا هُوَ الْإِدْرَاك، لِأَنَّهُ مُنْتَهى الصغر، فَإِذا بلغ النِّسَاء ذَلِك فالعصبة أولى بِالْمَرْأَةِ من أمهَا إِذا كَانُوا محرما، وبتزويجها أَيْضا إِن أَرَادوا ". قَالَ: " وَهَذَا يبين لَك أَن الْعصبَة، والأولياء غير الْآبَاء لَيْسَ لَهُم أَن يزوجوا

يعني في عمرة القضية خرج بها علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال النبي

الْيَتِيمَة حَتَّى تدْرك، وَلَو كَانَ لَهُم ذَلِك لم ينتظروا بهَا نَص الحقاق ". قَالَ: " وَمن رَوَاهُ نَص الْحَقَائِق فَإِنَّمَا جمع حَقِيقَة ". استدلوا بِحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي تَفْسِير قَول الله عز وَجل: {وَإِن خِفْتُمْ أَلا تقسطوا فِي الْيَتَامَى} الْمخْرج فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عُرْوَة عَنْهَا. (قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " الْقَصْد من هَذِه الْآيَة، وَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا) النَّهْي عَن نِكَاحهنَّ دون إِكْمَال صداقهن، ثمَّ مَتى ينكحهن وَمن ينكحهن فَهُوَ مُسْتَفَاد من مَوضِع آخر، وَلَيْسَ فِي الْآيَة نَص على تزويجهن قبل الْبلُوغ. استدلوا أَيْضا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن عمَارَة بنت حَمْزَة بن عبد الْمطلب كَانَت بِمَكَّة، فَلَمَّا قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يَعْنِي فِي عمْرَة الْقَضِيَّة خرج بهَا عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله عَنهُ، وَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تزَوجهَا "، فَقَالَ: " ابْنة أخي من الرضَاعَة "، فَزَوجهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَلمَة بن أبي سَلمَة، فَكَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " هَل

فإنه كان

جزيت سَلمَة ". قُلْنَا: هَذَا إِسْنَاد فِيهِ ضعف، ثمَّ إِن صَحَّ فَإِنَّمَا زَوجهَا بِمَالِه من عُمُوم الْولَايَة، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم، يُوضح صِحَة مَا ذكرنَا أَن الْعَبَّاس رَضِي اله عَنهُ وَهُوَ أقرب إِلَيْهَا نسبا من حَيْثُ الْقَرَابَة والتعصيب، وَلم يوله تَزْوِيجهَا، فَدلَّ أَنه إِن فعل إِنَّمَا فعل لما ذكرنَا؛ على أَنه لَيْسَ فِي الحَدِيث، إِنَّهَا كَانَت صَغِيرَة، فتثبتوا ذَلِك حَتَّى يكون لكم فِيهِ حجَّة "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (197) : وَإِذا كَانَ ولي الْمَرْأَة ابْن عَمها، فَأَرَادَ أَن يتَزَوَّج بهَا، فَلَيْسَ لَهُ أَن يتَوَلَّى طرفِي العقد بِنَفسِهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يجوز ". لنا حَدِيث الْمُغيرَة بن مُوسَى عَن هِشَام عَن ابْن سِيرِين عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا نِكَاح إِلَّا بولِي، وخاطب، وشاهدي عدل ". رَوَاهُ بَعضهم من حَدِيث أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا أَيْضا: " لَا يحل نِكَاح إِلَّا بأَرْبعَة: ولي، ومنكح، وخاطب، وشاهدين " بِإِسْنَاد ضَعِيف.

وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا من قَوْله: " لَا نِكَاح إِلَّا بأَرْبعَة، ولي، وشاهدين، وخاطب ". وَرَوَاهُ مُعَاوِيَة بن هِشَام عَن سُفْيَان عَن أبي يحيى عَن رجل يُقَال لَهُ الحكم بن هِشَام عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " ادنى مَا يكون فِي النِّكَاح أَرْبَعَة: الَّذِي تزوج، وَالَّذِي يُزَوّج، وشاهدان ". وَله شَاهد بِإِسْنَاد صَحِيح عَن قَتَادَة عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَإِن لم يُدْرِكهُ قَتَادَة، روينَاهُ فِي السّنَن الْكُبْرَى. استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عبد الْملك بن عُمَيْر أَن الْمُغيرَة أَرَادَ أَن يتَزَوَّج امْرَأَة هُوَ وَليهَا، فَجعل أمرهَا إِلَى رجل الْمُغيرَة أولى بهَا مِنْهُ، فَزَوجهُ. قُلْنَا: " هَذَا مُرْسل، وَإِن صَحَّ فَفِيهِ كالدلالة على أَن الْوَلِيّ لَا يتَوَلَّى طرفِي العقد بِنَفسِهِ "، وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (198) : وَلَا يُزَوّج الابْن أمه بِحَق الْبُنُوَّة، وَلَا يكون وليا لَهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يُزَوّجهَا ". وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْمعَانِي. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن ثَابت الْبنانِيّ عَن ابْن عمر ابْن أبي سَلمَة عَن أَبِيه عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من أَصَابَته مُصِيبَة فَلْيقل: {إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون} ، اللَّهُمَّ عنْدك أحتسب مصيبتي، فأجرني فِيهَا، وأبدلني بهَا خيرا مِنْهَا، قلت فِي نَفسِي: وَمن خير من أبي سَلمَة! ثمَّ قلتهَا، فَلَمَّا انْقَضتْ عدتهَا بعث إِلَيْهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يخطبها عَلَيْهِ، فَقَالَت لابنها: يَا عمر، قُم، فزوج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَزَوجهُ ". قَالَ أَصْحَابنَا: " نِكَاح النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يجوز خلْوَة عَن الْوَلِيّ، وَعمر بن أبي سَلمَة، كَانَ فِي ذَلِك الْوَقْت صَغِيرا، وَلَا يكون للصغار ولَايَة، أَو كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا يَجْعَل ولايتها إِلَيْهِ، فَزَوجهَا مِنْهُ هَذَا، وَعمر بن أبي سَلمَة كَانَ ابْن عَمها من الْبعد، وَكَانَ عصبَة لَهَا؛

تزوج أم سلمة بعد وقعة بدر وأنه

وَذَلِكَ لِأَن أم سَلمَة هِنْد بنت أُميَّة بن الْمُغيرَة بن عبد الله بن عمر ابْن مَخْزُوم ". (وَسَلَمَة بن عبد الله بن عبد الْأسد بن هِلَال بن عبد الله بن عمر بن مَخْزُوم) . وَذكر أَبُو نصر الكلاباذي الْحَافِظ رَحمَه الله تَعَالَى أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تزوج أم سَلمَة بعد وقْعَة بدر، وَأَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - توفّي، وَعمر بن أبي سَلمَة ابْن تسع سِنِين، وَمَات فِي خلَافَة عبد الْملك بن مَرْوَان، رَضِي الله عَنهُ ". وَرُوِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن أَبَا طَلْحَة خطب أم سليم، فَقَالَت: " يَا أَبَا طَلْحَة أَلَسْت تعلم أَن الرجل الَّذِي تعبد خَشَبَة تنْبت من الأَرْض ينجرها حبشِي بني فلَان؟ إِن أَنْت أسلمت لم أرد مِنْك من الصَدَاق غَيره، فَقَالَ: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، قَالَت: يَا أنس، زوج أَبَا طَلْحَة "، وَأنس ابْنهَا وعصبتها، فَإِنَّهُ أنس بن مَالك بن النَّضر بن ضَمْضَم بن زيد بن حرَام ". وَأم سليم هِيَ ابْنة ملْحَان بن خَالِد بن زيد بن حرَام، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (199) : وَلَا يُزَوّج الْأَب ابْنَته الصَّغِيرَة من عبد، وَلَا مَجْنُون، وَلَا من بِهِ أحد الْعُيُوب الْأَرْبَعَة، وَلَا غير كُفْء. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله:

تخيروا لنطفكم وأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم والله اعلم

" لَهُ أَن يُزَوّجهَا من هَؤُلَاءِ كلهم ". لنا مَا رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تخَيرُوا لنُطَفِكُمْ، وَأنْكحُوا الْأَكفاء، وَأنْكحُوا إِلَيْهِم "، وَالله اعْلَم. مَسْأَلَة (200) : وَلَا يعْقد النِّكَاح بِلَفْظ الْهِبَة، وَالْبيع، وَمَا أشبههما من أَلْفَاظ عُقُود التَّمْلِيك. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " ينْعَقد ". لنا من الْكتاب الْعَزِيز قَول الله عز وَجل: {وَامْرَأَة مُؤمنَة إِن وهبت نَفسهَا للنَّبِي إِن اراد النَّبِي أَن يستنكحها خَالِصَة لَك من دون الْمُؤمنِينَ} . قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " فأبان - جلّ ثَنَاؤُهُ - أَن الْهِبَة لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دون الْمُؤمنِينَ، على أَن لَا يجوز نِكَاح إِلَّا باسم النِّكَاح، أَو التَّزْوِيج ". وَفِي صَحِيح مُسلم حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ فِي قصَّة حجَّة الْوَدَاع عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فَاتَّقُوا الله فِي النِّسَاء، فَإِنَّكُم

فوهبت نفسها له المتفق على صحته وفيه في رواية قتيبة عن يعقوب بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن أبي حازم عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أنه قال للرجل الذي زوجه بها اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن أخرجاه عنه وأخرجا

أَخَذْتُمُوهُنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله ". وَفِيه الدَّلِيل على أَن الْفرج لَا يستباح إِلَّا بِكَلِمَة الله: النِّكَاح، أَو التَّزْوِيج، وهما اللَّذَان قد ورد بهما الْقُرْآن. استدلوا بِحَدِيث سهل بن سعد، رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَرْأَة الَّتِي جَاءَت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَوهبت نَفسهَا لَهُ، الْمُتَّفق على صِحَّته. وَفِيه فِي رِوَايَة قُتَيْبَة عَن يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، وَعبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم عَن أبي حَازِم عَن سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ للرجل الَّذِي زوجه بهَا: " اذْهَبْ، فقد زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن "، (أَخْرجَاهُ عَنهُ، وَأَخْرَجَا الحَدِيث من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن أبي حَازِم، وَفِيه قَالَ: " اذْهَبْ فقد زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن ". وَرَوَاهُ فُضَيْل بن سُلَيْمَان عَن أبي حَازِم، فَقَالَ: " اذْهَبْ فقد زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن ".

قد ملكتكها إلا ويروي عن ذلك الثقة من وجه آخر قد ملكتها بكاف واحد والله أعلم وبالإجماع لا ينعقد النكاح بقوله ملكتها فدل أن قوله ملكتها أو ملكتكها إن كان محفوظا صدر بعد لفظ التزويج خبرا عن ملكه بضعها بالتزويج

وَرَوَاهُ عبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي عَن أبي حَازِم، قَالَ: " فقد زَوجتك على مَا عنْدك من الْقُرْآن ". وَرَوَاهُ زَائِدَة عَن أبي حَاتِم، قَالَ: " انْطلق، فقد زوجتكها بِمَا تعلمهَا من الْقُرْآن ". وَلم ينْقل فِي هَذَا الحَدِيث ثِقَة عَن أبي حَازِم عَن سهل رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قد ملكتكها " إِلَّا ويروي عَن ذَلِك الثِّقَة من وَجه آخر " قد ملكتها " بكاف وَاحِد، وَالله أعلم. وبالإجماع لَا ينْعَقد النِّكَاح بقوله: " ملكتها "، فَدلَّ أَن قَوْله: " ملكتها " أَو " ملكتكها " إِن كَانَ مَحْفُوظًا صدر بعد لفظ التَّزْوِيج خَبرا عَن ملكه بضعهَا بِالتَّزْوِيجِ، على أَن رِوَايَة الْجُمْهُور التَّزْوِيج أَو الْإِنْكَاح، وَالْجَمَاعَة أولى بِالْحِفْظِ من الْوَاحِد، وَالله تَعَالَى أعلم. مَسْأَلَة (201) : وَالزِّنَا لَا يحرم الْحَلَال، وَلَا يُوقع تَحْرِيم الْمُصَاهَرَة. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّه يُوقع تَحْرِيم الْمُصَاهَرَة ". وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على كتاب الله تَعَالَى، والمعاني، وَقد صَحَّ ذَلِك عَن عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَلَا يَصح عَن أحد من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم، خلاف قَوْله، وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَنهُ، وَعَن

من وجه ليس بساقط عن ابن عمر رضي الله عنهما عنه

ابْن الْمسيب، وَيحيى بن يعمر، وَعُرْوَة بن الزبير، وَمُجاهد، وَالْحسن، وَالزهْرِيّ. وَرُوِيَ ذَلِك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من وَجه لَيْسَ بساقط، عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يحرم الْحَرَام الْحَلَال ". وَله شَاهد من حَدِيث عَائِشَة أَيْضا بِمثلِهِ. استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لَا ينظر الله عز وَجل إِلَى رجل إِلَى رجل نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها "، قَالَ عَليّ: مَوْقُوف، فِيهِ لَيْث وَحَمَّاد ضعيفان، ثمَّ يَقُول: " هُوَ مَحْمُول على مَا إِذا جَمعهمَا نِكَاحه، أَو زِنَاهُ ". وَاسْتشْهدَ بَعضهم بِمَا حكى الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى أَن وهب بن مُنَبّه قَالَ: " مَكْتُوب فِي التَّوْرَاة مَلْعُون من نظر إِلَى فرج امْرَأَة وابنتها "، (ثمَّ أجَاب الشَّافِعِي: رَحمَه الله فَقَالَ: " لَا أدفَع هَذَا؛ وأصغر ذَنبا من الزَّانِي بِالْمَرْأَةِ وابنتها) ، (وَالْمَرْأَة بِلَا ابْنة) مَلْعُون، قد لعنت الْوَاصِلَة، والموصولة، والمختنية، وَالزِّنَا أعظم من هَذَا كُله، وَلَو كنت حرمته لقَوْله: " مَلْعُون " لزمك مَكَان هَذَا فِي آكل الرِّبَا وموكله وَأَنت لَا تمنع من الرِّبَا إِذا اشْترى بِمَا يحل، وَلَا إِذا اختنى قبرا أَن يحل حفر غَيره، يَعْنِي لغَرَض مُبَاح، (وَلَا أَن) يحْفر مختن مَا نبشه

إذا نظر الرجل إلى فرج المرأة حرمت عليه أمها وابنتها وروايته في موضع آخر عن أم هانئ وهذا منقطع بين الحجاج وأم هانئ أو بين ابن هاني والنبي

مرّة إِذا ذهب الْمَيِّت بالبلى، فَقل هَهُنَا أَيْضا: " الْحَرَام لَا يمْنَع الْحَلَال ". وروى جَابر الْجعْفِيّ عَن الشّعبِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: " مَا اجْتمع الْحَرَام والحلال إِلَّا غلب الْحَرَام الْحَلَال ". وَجَابِر ضَعِيف، لَا يحْتَج بِهِ، ثمَّ هُوَ معَارض بِحَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " لَا يحرم الْحَرَام الْحَلَال ". وَرُوِيَ عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن ابْن هَانِئ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا نظر الرجل إِلَى فرج الْمَرْأَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها ". وَرِوَايَته فِي مَوضِع آخر عَن أم هَانِئ، وَهَذَا مُنْقَطع بَين الْحجَّاج وَأم هَانِئ، أَو بَين (ابْن هاني) ، وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالْحجاج لَا يقبل مِنْهُ مَا يتفرد بِهِ مِمَّا يسْندهُ، فَكيف يقبل مِنْهُ مَا يُرْسِلهُ! وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (202) : وَمن وجد طول حرَّة لم يجز لَهُ نِكَاح أمة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يجوز ". وَهَذَا خلاف ظَاهر الْقُرْآن، قَالَ الله تَعَالَى: {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا أَن ينْكح الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات فَمن مَا ملكت أَيْمَانكُم من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} إِلَى قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {ذَلِك لمن خشى الْعَنَت مِنْكُم وَأَن تصبروا خير لكم وَالله غَفُور رَحِيم} ، فأباح نِكَاح الْأمة بِشَرْطَيْنِ: بِعَدَمِ الطول، وخشية الْعَنَت، فَلَا يُبَاح حَتَّى يُوجد الشرطان جَمِيعًا. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي تَفْسِير هَذِه الْآيَة قَالَ: " يَقُول: من لم يكن لَهُ سَعَة أَن ينْكح الْحَرَائِر فَلْيَنْكِح من إِمَاء الْمُؤمنِينَ، وَذَلِكَ لمن خشِي الْعَنَت، وَهُوَ الْفُجُور، فَلَيْسَ لأحد من الْأَحْرَار أَن ينْكح إِلَّا أَن لَا يقدر على حرَّة، وَهُوَ يخْشَى الْعَنَت، وَأَن تصبروا عَن نِكَاح الْإِمَاء فَهُوَ خير لكم ". وَعَن سعيد بن جُبَير قَالَ: " الطول الْغنى إِذا لم يجد مَا ينْكح بِهِ الْحرَّة تزوج أمة، وَأَن تصبروا خير لكم "، قَالَ عَن نِكَاح الْإِمَاء.

وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " من ملك ثَلَاثمِائَة دِرْهَم وَجب عَلَيْهِ الْحَج، وَحرم عَلَيْهِ نِكَاح الْإِمَاء ". وَعَن جَابر بن عبد الله، رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " من وجد صدَاق حرَّة فَلَا ينْكح أمة ". وَرُوِيَ عَن الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن أبي الشعْثَاء قَالَ: " لَا يصلح نِكَاح الْإِمَاء الْيَوْم؛ لِأَنَّهُ يجد طولا إِلَى حرَّة ". وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ قَالَ: " هِيَ بِمَنْزِلَة الْميتَة يضْطَر إِلَيْهَا، فَإِذا أَغْنَاك الله عَنْهَا فاستغنه ". وَعَن طَاوُوس قَالَ: " لَا يحل للْحرّ أَن ينْكح الْأمة، وَهُوَ يجد طولا لحرة ". وَقد روينَا أَيْضا عَن الْحسن نَحْو مَذْهَبنَا فِي كتاب السّنَن. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " وَلَا يجوز عندنَا للْمُسلمِ نِكَاح أمة كِتَابِيَّة بِحَال؛ لِأَن الله تَعَالَى شَرط فِي إِبَاحَة نِكَاح الْإِمَاء أَن يكن مؤمنات، وَالْإِيمَان شَرط ثَالِث، فَأَما نسَاء أهل الْكتاب فداخلات فِي عُمُوم قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنْكِحُوا المشركات حَتَّى يُؤمن} غير خارجات

مسألة

مِنْهُ بقوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَالْمُحصنَات من الَّذين أُوتُوا الْكتاب} ، فالمحصنات هَهُنَا الْحَرَائِر، وَبِه قَالَ مُجَاهِد، فَقَالَ: " لَا يصلح نِكَاح إِمَاء أهل الْكتاب، لِأَن الله تَعَالَى يَقُول: {من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} ، وَكَذَا قَالَ الْحسن، وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَاد عَن فُقَهَاء التَّابِعين من أهل الْمَدِينَة، وَعند أبي حنيفَة يجوز ذَلِك، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (203) : وَإِذا أسلم، وَتَحْته أَكثر من أَربع، نكحهن فِي عقد وَاحِد فَلهُ أَن يخْتَار مِنْهُنَّ أَرْبعا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " بَطل نِكَاحهنَّ جَمِيعًا ". وَإِذا تزوج بِهن فِي عُقُود مُتَفَرِّقَة فعندنا يخْتَار مِنْهُنَّ أَرْبعا. وَعند أبي حنيفَة رَحمَه الله ثَبت نِكَاح أَربع من الْأَوَائِل، وَبَطل نِكَاح من نكحهن بعدهن. وَدَلِيلنَا مَا رُوِيَ عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه أَن غيلَان بن سَلمَة الثَّقَفِيّ أسلم، وَعِنْده عشر نسْوَة، فَقَالَ لَهُ

أمسك أربعا وفارق سائرهن رواه الشافعي رحمه الله عن الثقة قال الربيع أحسبه إسماعيل بن إبراهيم عنه وروي عن سعيد بن أبي عروبة عنه وتابعهما على روايته عن معمر من البصريين يزيد بن زريع ومحمد بن جعفر غندر وهؤلاء

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمسك أَرْبعا، وَفَارق سائرهن "، رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله، عَن الثِّقَة، قَالَ الرّبيع: " أَحْسبهُ إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم عَنهُ ". وَرُوِيَ عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَنهُ، وتابعهما على رِوَايَته عَن معمر من الْبَصرِيين يزِيد بن زُرَيْع، وَمُحَمّد بن جَعْفَر غنْدر، وَهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة من الْأَئِمَّة الْحفاظ (من أهل الْبَصْرَة) ". وَقد حكم الإِمَام مُسلم بن الْحجَّاج رَحمَه الله تَعَالَى أَن هَذَا الحَدِيث مِمَّا رَوَاهُ معمر بِالْبَصْرَةِ هَكَذَا، وَقَالَ: " فَإِن رَوَاهُ عَنهُ ثِقَة خَارج الْبَصرِيين حكمنَا لَهُ بِالصِّحَّةِ "، أَو قَالَ: " صَار الحَدِيث حَدِيثا، وَإِلَّا فالإرسال أولى، فَوَجَدنَا سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ، وَعبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمحَاربي، وَعِيسَى بن

فصح الحديث بذلك وقد روي عن أيوب بن أبي تميمة السختياني عن نافع وسالم عن ابن عمر رضي الله عنهما متصلا رواه عنه سرار بن مجشر قال أبو علي الحافظ تفرد به سرار وهو بصري ثقة قال أبو عبد الله رواة هذا الحديث كلهم ثقات

يُونُس، وثلاثتهم كوفيون حدثونا بِهِ عَن معمر مُتَّصِلا ". وَهَكَذَا رُوِيَ عَن يحيى بن أبي كثير، وَهُوَ يماني، عَن الْفضل بن مُوسَى، وَهُوَ خراساني عَن معمر مُتَّصِلا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصح الحَدِيث بذلك ". وَقد رُوِيَ عَن أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة السّخْتِيَانِيّ عَن نَافِع وَسَالم عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مُتَّصِلا، رَوَاهُ عَنهُ سرار بن مجشر، قَالَ أَبُو عَليّ الْحَافِظ: " تفرد بِهِ سرار، وَهُوَ بَصرِي ثِقَة "، قَالَ أَبُو عبد الله: " رُوَاة هَذَا الحَدِيث كلهم ثِقَات، تقوم الْحجَّة بروايتهم ". وَعند أبي دَاوُد عَن فَيْرُوز الديلمي قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله إِنِّي أسلمت، وتحتي أختَان، قَالَ: طلق أَيَّتهمَا شِئْت ".

استفسر واستفصل حال عقودهم كانت قبل التحريم أو بعده والله أعلم

وَذهب الطَّحَاوِيّ إِلَى أَن التَّخْيِير إِنَّمَا كَانَ؛ لِأَن عقودهم كَانَت فِي الْوَقْت الَّذِي يجوز الْجمع من أَكثر من أَرْبَعَة نسْوَة، قَالَ: " وعقود الْمُشْركين الْآن كلهَا بعد وُرُود الشَّرْع بِالتَّحْرِيمِ "، قُلْنَا: هَذَا فرار من الحَدِيث، وقولكم ينْتَقض بالولي، وَالشُّهُود، والخلو من الْعدة؛ فَإِن جَمِيع ذَلِك وَجب بِالشَّرْعِ، وعقود الْمُشْركين قد تَخْلُو من هَذِه الْأَشْيَاء الْآن بعد وُجُوبهَا، وَلَا يحكم ببطلانها إِذا أَسْلمُوا، ثمَّ نقُول لم يبلغنَا إِبَاحَة الْجمع بَين أَكثر من أَربع نسْوَة ثَابِتَة فِي ابْتِدَاء شرعنا، ثمَّ لَو كَانَت فَلم يبلغنَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استفسر واستفصل حَال عقودهم كَانَت قبل التَّحْرِيم أَو بعده "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (204) : وَإِذا أسلم أَحدهمَا بعد الدُّخُول توقف النِّكَاح على انْقِضَاء الْعدة. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِذا اخْتلف بَينهمَا الدّين وَالدَّار انْقَطع النِّكَاح بَينهمَا ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " فَإِن قَالَ قَائِل مَا دلّ على ذَلِك؟ قيل لَهُ: أسلم أَبُو سُفْيَان بن حَرْب رَضِي الله عَنهُ بمر الظهْرَان، وَهِي دَار

بمكة وهرب عكرمة إلى اليمن وهي دار حرب وصفوان يريد اليمن وهي دار حرب ثم رجع

خُزَاعَة، وخزاعة مُسلمُونَ قبل الْفَتْح فِي دَار الْإِسْلَام، وَرجع إِلَى مَكَّة، وَهِنْد بنت عتبَة مُقِيمَة (على غير الْإِسْلَام، وَأخذت بلحيته، وَقَالَت: اقْتُلُوا الشَّيْخ الضال، ثمَّ أسلمت هِنْد بعد إِسْلَام أبي سُفْيَان بأيام كَثِيرَة، وَقد كَانَت كَافِرَة مُقِيمَة) بدار لَيست بدار الْإِسْلَام يَوْمئِذٍ، وَزوجهَا مُسلم فِي دَار الْإِسْلَام، وَهِي فِي دَار الْحَرْب، ثمَّ صَارَت مَكَّة دَار الْإِسْلَام، وَأَبُو سُفْيَان بهَا مُسلم، وَهِنْد كَافِرَة، ثمَّ أسلمت قبل انْقِضَاء الْعدة، وَاسْتقر على النِّكَاح؛ لِأَن عدتهَا لم تنقض حَتَّى أسلمت. وَكَانَ كَذَلِك حَكِيم بن حزَام وإسلامه، وَأسْلمت امْرَأَة صَفْوَان بن أُميَّة، وَامْرَأَة عِكْرِمَة بن أبي جهل بِمَكَّة، وَصَارَت دارهما دَار الْإِسْلَام، وَظهر حكم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة، وهرب عِكْرِمَة إِلَى الْيمن، وَهِي دَار حَرْب، وَصَفوَان يُرِيد الْيمن، وَهِي دَار حَرْب، ثمَّ رَجَعَ

وشهد حنينا والطائف مشركا وامرأته مسلمة واستقرا على النكاح يعني حين أسلم صفوان قال ابن شهاب وكان بين إسلام صفوان وامرأته نحوا من شهر وروى مالك رحمه الله عنه أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل

صَفْوَان إِلَى مَكَّة، وَهِي دَار الْإِسْلَام، وَشهد حنينا، وَهُوَ كَافِر، ثمَّ أسلم، فاستقرت عِنْده امْرَأَته بِالنِّكَاحِ الأول، وَذَلِكَ أَنه لم تنقض، يَعْنِي عدتهما، فَقلت لَهُ: " مَا وصفت لَك أَمر مَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم بالمغازي من أَمر صَفْوَان، وَحَكِيم، وَابْن صَفْوَان، وَعِكْرِمَة ". وَقد حفظ أهل الْمَغَازِي أَن امْرَأَة من الْأَنْصَار كَانَت عِنْد رجل بِمَكَّة، فَأسْلمت، ثمَّ هَاجَرت إِلَى الْمَدِينَة، فَقدم زَوجهَا، وَهِي فِي الْعدة، فاستقرا على النِّكَاح. جَمِيع مَا ذكره رَحمَه الله من أمرخزاعة وَأمر أبي سُفْيَان، وَحَكِيم مَذْكُور فِي الْمَغَازِي عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن ابْن شهَاب أَن صَفْوَان بن أُميَّة هرب من الْإِسْلَام، ثمَّ جَاءَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَشهد حنينا، والطائف مُشْركًا، وَامْرَأَته مسلمة، واستقرا على النِّكَاح، يَعْنِي حِين أسلم صَفْوَان. (قَالَ ابْن شهَاب: " وَكَانَ بَين إِسْلَام صَفْوَان) وَامْرَأَته نَحوا من شهر ". وروى مَالك رَحمَه الله عَنهُ أَن أم حَكِيم بنت الْحَارِث بن هِشَام، وَكَانَت تَحت عِكْرِمَة بن أبي جهل، فَأسْلمت يَوْم الْفَتْح بِمَكَّة، وهرب زَوجهَا عِكْرِمَة من الْإِسْلَام حَتَّى قدم الْيمن، فارتحلت أم حَكِيم حَتَّى قدمت عَلَيْهِ بِالْيمن، ودعته إِلَى الْإِسْلَام، فَأسلم، وَقدم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْفَتْح، فَلَمَّا رَآهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وثب إِلَيْهِ فَرحا، وَمَا عَلَيْهِ رِدَاؤُهُ حَتَّى بَايعه، فثبتا على نِكَاحهمَا ذَلِك.

والمؤمنين كانوا مشركي أهل حرب يقاتلهم ويقاتلونه ومشركي أهل عهد لا يقاتلهم ولا يقاتلونه فكان إذا هاجرت امرأة من الحرب لم تخطب حتى تحيض وتطهر فإذا طهرت حل لها النكاح فإن هاجر زوجها قبل أن تنكح ردت إليه وهذا يدل على أن

وَعنهُ قَالَ: " لم يبلغنِي أَن امْرَأَة هَاجَرت إِلَى الله وَرَسُوله، وَزوجهَا كَافِر مُقيم بدار الْكفْر، إِلَّا فرقت هجرتهَا بَينهَا وَبَين زَوجهَا إِلَّا أَن يقدم زَوجهَا مُهَاجرا قبل أَن تَنْقَضِي عدتهَا، وَأَنه لم يبلغنَا أَن امْرَأَة فرق بَينهَا وَبَين زَوجهَا إِذا قدم، وَهِي فِي عدتهَا ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ رَحمَه الله عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ الْمُشْركُونَ على منزلتين من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْمُؤمنِينَ، (كَانُوا مُشْركي) أهل حَرْب يقاتلهم، ويقاتلونه، ومشركي أهل عهد لَا يقاتلهم، وَلَا يقاتلونه، فَكَانَ إِذا هَاجَرت امْرَأَة من الْحَرْب لم تخْطب حَتَّى تحيض وتطهر، فَإِذا طهرت حل لَهَا النِّكَاح، فَإِن هَاجر زَوجهَا قبل أَن تنْكح ردَّتْ إِلَيْهِ "، وَهَذَا يدل على أَن الدَّار لم يُمكن أَن تفرق بَينهمَا. وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " رد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَيْنَب ابْنَته على أبي الْعَاصِ بن الرّبيع بِالنِّكَاحِ الأول، وَلم يحدث شَيْئا بعد سِتّ سِنِين ".

رد ابنته إلى أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد فقد قال الدارقطني رحمه الله هذا لا يثبت وحجاج لا يحتج به والصواب حديث ابن عباس وبلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه قال سألت عنه البخاري فقال حديث ابن عباس في هذا الباب أصح من حديث عمرو

فَدلَّ هَذَا على أَن اخْتِلَاف الدَّار لَا يضر قبل انْقِضَاء الْعدة، وَلَا معنى لقَوْل من أنكرهُ، واستبعد بَقَاء الْعدة سِتّ سِنِين، وَذَلِكَ لِأَن ابْتِدَاء مُدَّة عدتهَا لم يكن من وَقت إسْلَامهَا وهجرتها، وَلَكِن من وَقت / نزُول آيَة التَّحْرِيم المسلمات على الْمُشْركين، وَهُوَ بعد صلح الْحُدَيْبِيَة، ثمَّ (لم يلبث) أَبُو الْعَاصِ بعد ذَلِك إِلَّا يَسِيرا حَتَّى أَخذه أَبُو بَصِير، أَو غَيره، وأجارته زَيْنَب، ثمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَّة، ورد مَا كَانَ عِنْده من الودائع، وَأظْهر إِسْلَامه، فَلم يكن بَين توقف نِكَاحهَا على انْقِضَاء الْعدة وَبَين إِسْلَامه إِلَّا الْيَسِير. وَأما مَا روى حجاج عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رد ابْنَته إِلَى أبي الْعَاصِ بِمهْر جَدِيد، وَنِكَاح جَدِيد، فقد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ رَحمَه الله: " هَذَا لَا يثبت، وحجاج لَا يحْتَج بِهِ، وَالصَّوَاب حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَبَلغنِي عَن أبي عِيسَى التِّرْمِذِيّ أَنه قَالَ: سَأَلت عَنهُ البُخَارِيّ فَقَالَ: حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي هَذَا الْبَاب أصح من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه، وَبَيَان هَذَا كُله مَرْوِيّ فِي كتاب الْمعرفَة ". وَحكى أَبُو عبيد عَن يحيى بن سعيد الْقطَّان أَن حجاج يَعْنِي ابْن أَرْطَأَة - لم يسمع من عَمْرو بن شُعَيْب، وَأَنه من حَدِيث مُحَمَّد بن عبد الله العورني عَن عَمْرو، فَهَذَا وَجه لَا يعبأ بِهِ أحد يدْرِي مَا الحَدِيث.

على أبي العاص بأن قال علم عبد الله بن عمرو بتحريم الله جل جلاله رجوع المؤمنات إلى الكفار فلم يكن ذلك عنده ألا بنكاح جديد أما ابن عباس فلم يعلم بتحريم الله المؤمنات إلى الكفار حين علم برد زينب على أبي العاص رضوان الله عليهما

وَالَّذِي ذكره بعض أكابرهم فِي الْجمع بَين حَدِيث عبد الله بن عَمْرو، وَحَدِيث ابْن عَبَّاس فِي رد ابْنَته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أبي الْعَاصِ بِأَن قَالَ علم عبد الله بن عَمْرو بِتَحْرِيم الله - جلّ جَلَاله - رُجُوع الْمُؤْمِنَات إِلَى الْكفَّار، فَلم يكن ذَلِك عِنْده أَلا بِنِكَاح جَدِيد. أما ابْن عَبَّاس فَلم يعلم بِتَحْرِيم الله الْمُؤْمِنَات إِلَى الْكفَّار حِين علم برد زَيْنَب على أبي الْعَاصِ، رضوَان الله عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: ردهَا بِالنِّكَاحِ الأول؛ لِأَنَّهُ لم يكن عِنْده بَينهمَا فسخ نِكَاح، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِجمع صَحِيح، وَمَا هُوَ إِلَّا سوء ظن بالصحابة، رَضِي الله عَنْهُم، حَيْثُ نسبهم إِلَى أَنهم، يتجاوزون فِي رِوَايَة الحَدِيث على مَا وَقع لَهُم من غير سَماع. ثمَّ يَقُول أما حَدِيث عبد الله بن عَمْرو فَلم يُثبتهُ الْحفاظ على مَا قدمنَا ذكره، وَلَو كَانَ ثَبت فالظن بِهِ رَضِي الله عَنهُ أَنه لَا يروي عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عقد نِكَاح لم يحضرهُ، وَلم يُثبتهُ بِشُهُود من يَثِق بِهِ، وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يَقُول ردهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الأول، وَلم يحدث شَيْئا لَا بعد إحاطة الْعلم بِهِ بِنَفسِهِ، أَو عَن من يَثِق بِهِ بكيفية الرَّد، وَكَيف يشْتَبه على مثله نزُول الْآيَة قبل رد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْنَته على أبي الْعَاصِ. وَإِن اشْتبهَ ذَلِك عَلَيْهِ فِي وَقت نُزُولهَا، أفيشتبه ذَلِك عَلَيْهِ حَيْثُ روى هَذَا الْخَبَر بعد وَفَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقد علم منَازِل الْقُرْآن وتأويله؟ هَذَا بعيد، لَا يجوز حمله عَلَيْهِ، وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (205) :

نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته وليس بينهما صداق وأخرجه مسلم أيضا عن جابر وعن أبي هريرة رضي الله عنهما

نِكَاح الشّغَار بَاطِل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " إِنَّه جَائِز ". دليلنا حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن الشّغَار، والشغار أَن يُزَوّج الرجل ابْنَته على أَن يُزَوجهُ ابْنَته، وَلَيْسَ بَينهمَا صدَاق ". وَأخرجه مُسلم أَيْضا عَن جَابر، وَعَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنْهُمَا.

وروي بإسناد رواته ثقات عن أنس رضي الله عنه عن النبي

وَعند أبي دَاوُد عَن عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز أَن الْعَبَّاس بن عبد الله بن الْعَبَّاس أنكح عبد الرَّحْمَن بن الحكم ابْنَته، وأنكحه عبد الرَّحْمَن ابْنَته، وَكَانَا جعلا صَدَاقا، فَكتب مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ إِلَى مَرْوَان يَأْمُرهُ بِالتَّفْرِيقِ بَينهمَا، وَقَالَ فِي كِتَابه: " هَذَا الشّغَار الَّذِي نهى عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَرُوِيَ بِإِسْنَاد رُوَاته ثِقَات، عَن أنس، رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا شغار فِي الْإِسْلَام "، وَهُوَ غَرِيب بِهَذَا الْإِسْنَاد. وَرُوِيَ فِي حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فِي حَدِيث وَائِل بن حجر، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (206) : والمنكوحة ترد بالعيوب الْخَمْسَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة

رَحمَه الله: " لَا ترد ". وَدَلِيلنَا مَا روى مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: " قَالَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ: أَيّمَا رجل نكح امْرَأَة، وَبهَا جُنُون، أَو جذام، أَو برص، فمسها، فلهَا صَدَاقهَا، وَذَلِكَ لزَوجهَا غرم على وَليهَا ". وَرُوِيَ عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: " أَربع لَا يجزن فِي بيع، وَلَا نِكَاح: الْمَجْنُونَة، والمجذومة، والبرصاء، والعفلاء "، رُوَاته ثِقَات، وَالشَّافِعِيّ رَحمَه الله إِنَّمَا ذكره من قَول أبي الشعْثَاء جَابر بن زيد، وَهُوَ صَحِيح عَن ابْن عَبَّاس، وَلَا يَصح عَن أحد من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم خلاف ذَلِك. فَإِن تعلقوا بِمَا رُوِيَ عَن مُسلم بن جُنَادَة عَن وَكِيع عَن ابْن أبي خَالِد عَن عَامر قَالَ: " قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ: أَيّمَا رجل تزوج امْرَأَة مَجْنُونَة، أَو جذماء، أَو بهَا برص، أَو بهَا قرن فَهِيَ امْرَأَته إِن

شَاءَ أمسك، وَإِن شَاءَ طلق "، قُلْنَا: هَذَا مُخْتَصر، وَرَوَاهُ غَيره عَن وَكِيع إِذا لم يدْخل بهَا فرق بَينهمَا ". وَرَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ فِي الْجَامِع عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِذا تزوج الْمَرْأَة فَوجدَ بهَا جنونا أَو برصا، أَو جذاما، أَو قرنا فَدخل بهَا فَهِيَ امْرَأَته إِن شَاءَ أمسك، وَإِن شَاءَ طلق "، فَكَأَنَّهُ أبطل خِيَاره بِالدُّخُولِ بعد الْعلم بعيبها، وَفِيه دَلِيل على أَنه إِن لم يدْخل بهَا وَاخْتَارَ الْفَسْخ كَانَ لَهُ ذَلِك؛ لشرطه فِي امْتنَاع خِيَار الْفَسْخ وجود مَا يدل على رِضَاهُ بذلك من دُخُول، أَو غَيره، وَالله أعلم. وَالَّذِي يدل على صِحَة مَا ذكرنَا من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَا روى أَبُو حَامِد الشاركي عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزيَادي عَن عَفَّان عَن همام عَن قَتَادَة عَن خلاس أَن عليا رَضِي الله عَنهُ كَانَ لَا يُجِيز جنونا، وَلَا برصاء، وَلَا جذاما، وَلَا عفلاء، قَالَ: " وَأخْبرنَا يحيى بن أبي طَالب عَن مُعلى عَن حَمَّاد عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِذا تزوج الرجل الْمَجْنُونَة، والمجذومة، والعفلاء فَإِن لم يكن دخل بهَا، فرق بَينهمَا، وَإِن دخل بهَا حازت عَلَيْهِ ".

أنا قد بايعناك فارجع أخرجه مسلم في الصحيح وأخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله

وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن الزبير عَن أَبِيه، قَالَ " كَانَ فِي وَفد ثَقِيف مجذوم، فَأرْسل إِلَيْهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنا قد بايعناك فَارْجِع "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَأخرجه البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا عدوى، وَلَا هَامة، وَلَا صفر، وفر من المجذوم فرارك من الْأسد "، أَو قَالَ: " من الْأسود ". فَأمر فِي هذَيْن الْحَدِيثين بالتباعد من المجذوم. وَقَالَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يُورد ممرض على مصح ". وَفِي ذَلِك دلَالَة على أَن قَوْله: " لَا عدوى " أَرَادَ بِهِ على الْوَجْه

أخذ بيد مجذوم فوضعها في قصعة فقال كل بسم الله وتوكلا عليه ففيه بيان توهم لحوق ضرر بمخالطته لكنه احتمله ثقة بالله وتوكلا عليه والله أعلم

الَّذِي كَانُوا يَعْتَقِدُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة من إِضَافَة الْفِعْل إِلَى غير الله تَعَالَى، أَلا ترَاهُ حِين عورض بالمخالطة قَالَ: " فَمن أعدى الأول؟ "، ثمَّ قد تكون المخالطة سَببا للعدوى بِإِذن الله عز وَجل. وَإِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فَفِي نِكَاح من بِهِ أحد هَذِه الْعُيُوب ضَرَر كَبِير، وَلَا يكون مَعَ الْجُنُون تأدية حق، وَالنِّكَاح للألفة، وَالْعشرَة، وَهَذِه الْعُيُوب مَانِعَة من الْمَقْصُود بِالنِّكَاحِ، فَثَبت الْخِيَار بوجودها، أَو وجود بَعْضهَا. وَرُوِيَ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ بيد مجذوم، فوضعها فِي قَصْعَة، فَقَالَ: " كل بِسم الله، وتوكلا عَلَيْهِ ". فَفِيهِ بَيَان توهم لُحُوق ضَرَر بمخالطته، لكنه احتمله ثِقَة بِاللَّه، وتوكلا عَلَيْهِ، وَالله أعلم. مَسْأَلته (207) : وَإِذا أعتقت الْأمة تَحت حر فَلَا خِيَار لَهَا فِي فسخ النِّكَاح. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَهَا خِيَار الْفَسْخ ". فِي صَحِيح مُسلم عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا اشترت بَرِيرَة من أنَاس من الْأَنْصَار، واشترطوا الْوَلَاء، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْوَلَاء لمن ولي النِّعْمَة، وَخَيرهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكَانَ زَوجهَا عبدا ".

ولو كان حرا ما خيرها وعند أبي داود عنها أن بريرة عتقت وهي عند مغيث عبد لآل أبي أحمد فخيرها رسول الله

وَعِنْده أَيْضا عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن زوج بَرِيرَة كَانَ عبدا، فَخَيرهَا رَسُول الله . وَلَو كَانَ حرا، مَا خَيرهَا. وَعند أبي دَاوُد عَنْهَا أَن بَرِيرَة عتقت، وَهِي عِنْد مغيث عبد لآل أبي أَحْمد، فَخَيرهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَو كَانَ حرا مَا خَيرهَا، وَقَالَ: " إِن قربك فَلَا خِيَار لَك ". وَرُوِيَ حَدِيث بَرِيرَة عَن الْأسود عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، وَفِيه: " وخيرت من زَوجهَا "، قَالَ: " وَكَانَ زَوجهَا حرا ". أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح دون هَذِه اللَّفْظَة: " وَكَانَ زَوجهَا حرا ". وَيُقَال: إِن هَذِه اللَّفْظَة لَيست من قَول عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، إِنَّمَا من قَول الْأسود بن يزِيد، فقد صَحَّ عَنْهَا، وَثَبت من حَدِيث عُرْوَة وَهُوَ ابْن أُخْتهَا - وَمن حَدِيث الْقَاسِم - هُوَ ابْن أَخِيهَا - وَغَيرهمَا أَن زوج بَرِيرَة كَانَ عبدا حِين عتقت، وروايتهما مَعَ غَيرهمَا أولى لقربهما مِنْهَا وسماعهما شفاها دَاخل السّتْر، وَلِأَن أَبَا عوَانَة، وَجَرِير بن عبد الحميد - وهما ثقتان - رويا هَذَا الحَدِيث عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، وَبينا أَن هَذِه اللَّفْظَة من قَول

إن أعتقتهما فابدئي بالرجل قبل المرأة يشبه أن يكون إنما أراد بالبداءة

الْأسود، فَقَالَا فِيهِ: " قَالَ الْأسود "، وَذَلِكَ فِي صَحِيح البُخَارِيّ، وَقَالَ البُخَارِيّ: " قَول الْأسود مُنْقَطع، وَقَول ابْن عَبَّاس: " رَأَيْته عبدا " أصح ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " وَقد رُوِيَ عَن أبي حُذَيْفَة عَن الثَّوْريّ عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن زوج بَرِيرَة كَانَ عبدا حِين أعتقت ". " وَرَوَاهُ ابْن أبي بكير عَن أبي جَعْفَر عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا نَحوه ". فقد تقابلت الرِّوَايَة عَن الثَّوْريّ، وَالْأَعْمَش بِحَدِيث الْأسود، وَقد بقيت لنا رِوَايَة الْقَاسِم، وَعُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَعَ قربهما مِنْهَا، وأنهما من أهل الْحجاز. وَرُوِيَ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه كَانَ لَهَا غُلَام، وَجَارِيَة زوج، فَقَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " يَا رَسُول الله إِنِّي أُرِيد أَن أعتقهما، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن أعتقتهما فابدئي بِالرجلِ قبل الْمَرْأَة "، يشبه أَن يكون إِنَّمَا أَرَادَ بالبداءة

بِالرجلِ؛ لِئَلَّا يكون لَهَا الْخِيَار إِذا عتقت، وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن سعيد بن الْمسيب، وَسليمَان بن يسَار، وَالْحسن، وَعِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، قَالُوا: " لَا خِيَار لَهَا على الْحر ". وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لَا تخير إِذا أعتقت إِلَّا أَن يكون زَوجهَا عبدا "، وَالله أعلم.

كتاب الصداق

كتاب الصَدَاق وَمن كتاب الصَدَاق مَسْأَلَة (208) : أقل الْمهْر لَا يتَقَدَّر بِالْعشرَةِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " إِنَّه مُقَدّر بِالْعشرَةِ ". لنا حَدِيث انس رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَبِه أثر صفرَة، فَسَأَلَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأخْبرهُ أَنه تزوج امْرَأَة من الْأَنْصَار، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كم سقت إِلَيْهَا؟ "، قَالَ: " زنة نواة من ذهب "، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أولم وَلَو بِشَاة ". قَالَ أَبُو عبيد: " قَوْله نواة يَعْنِي خَمْسَة دَرَاهِم تسمى نواة ذهب، كَمَا تسمى الْأَرْبَعُونَ أُوقِيَّة، وكما تسمى الْعشْرُونَ نشا "، قَالَ أَبُو عبيد: " حَدَّثَنِيهِ يحيى بن سعيد عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد قَالَ: " الْأُوقِيَّة أَرْبَعُونَ، والنش عشرُون، والنواة خَمْسَة ".

وأنه

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث سهل بن سعد فِي الْمَرْأَة الَّتِي وهبت نَفسهَا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زَوجهَا من الرجل الَّذِي خطبهَا مِنْهُ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد زوجتكها بِمَا مَعَك من الْقُرْآن "، بعد ان قَالَ لَهُ: " التمس وَلَو خَاتمًا من حَدِيد "؛ لتصدقها إِيَّاه ". وَعند أبي دَاوُد عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أعْطى فِي صدَاق امْرَأَة ملْء كفيه سويقا، أَو تَمرا فقد اسْتحلَّ ". فَإِن اعْترض معترض بِأَن هَذَا ورد فِي نِكَاح الْمُتْعَة، وَهُوَ مَنْسُوخ بِدَلِيل حَدِيث جَابر فِي صَحِيح مُسلم " كُنَّا نستمتع بالقبضة من التَّمْر والدقيق الْأَيَّام على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأبي بكر رَضِي الله عَنهُ حَتَّى نَهَانَا عمر رَضِي الله عَنهُ فِي شَأْن عَمْرو بن حُرَيْث "، فقد مَضَت الدّلَالَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه حرم نِكَاح الْمُتْعَة بعد الرُّخْصَة، وَالْفَسْخ إِنَّمَا ورد بِإِبْطَال الْأَجَل، لَا قدر مَا كَانُوا ينْكحُونَ بِهِ من الصَدَاق، وَالله أعلم.

وَفِيه أَخْبَار أخر تركناها للمعارضة. وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " هَذَا شَيْء خالفتم فِيهِ السّنة، وَالْعَمَل، والْآثَار بِالْمَدِينَةِ، وَلم يقلهُ أحد قبلكُمْ بِالْمَدِينَةِ علمناه، عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يَقُول: " فِي ثَلَاث قبضات زبيب مهر ". وَسَعِيد بن الْمسيب يَقُول: " لَو أصدقهَا سَوْطًا فَمَا فَوْقهَا جَازَ ". وَرَبِيعَة يُجِيز النِّكَاح على نصف دِرْهَم وَأَقل "، وَذكر بَاقِي الْحِكَايَة. وَرُوِيَ عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: لَو أَن رجلا تزوج امْرَأَة على سواك لَكَانَ ذَلِك مهْرا ". استدلوا بِمَا روى مُبشر بن عبيد عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن عَطاء، وَعَمْرو بن جَابر رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: " لَا تنْكِحُوا النِّسَاء إِلَّا الْأَكفاء، وَلَا يزوجهن إِلَّا الْأَوْلِيَاء، وَلَا مهر دون عشرَة دَرَاهِم "، هَذَا حَدِيث مُنكر، مُبشر بن عبيد مِمَّن أَجمعُوا على ترك حَدِيثه، وَالْحجاج بن أَرْطَأَة أَيْضا لَا يحْتَج بِهِ. قَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: " هَذَا الحَدِيث مَعَ اخْتِلَاف أَلْفَاظه فِي

عن صداق النساء فقال هو ما اصطلح عليه أهلوهم واستدلوا بما روى داود بن يزيد الأودي عن الشعبي عن علي رضي الله عنه لا صداق دون عشرة دراهم داود بن يزيد ضعيف في الحديث وهذا مما أنكر عليه قال أحمد بن حنبل لقن غياث بن

الْمُتُون، دون اخْتِلَاف إِسْنَاده بَاطِل كُله، لَا يرويهِ غير مُبشر بن عبيد. قَالَ احْمَد بن حَنْبَل: " مُبشر بن عبيد يضع الحَدِيث ". ثمَّ هُوَ مُقَابل بِمَا هُوَ أصح مِنْهُ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " سَأَلنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن صدَاق النِّسَاء، فَقَالَ: هُوَ مَا اصْطلحَ عَلَيْهِ أهلوهم ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى دَاوُد بن يزِيد الأودي عَن الشّعبِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ " لَا صدَاق دون عشرَة دَرَاهِم "، دَاوُد بن يزِيد ضَعِيف فِي الحَدِيث، وَهَذَا مِمَّا أنكر عَلَيْهِ، قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: " لقن غياث بن إِبْرَاهِيم دَاوُد بن يزِيد الأودي عَن الشّعبِيّ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ " لَا

يكون مهر أقل من عشرَة دَرَاهِم "، فَصَارَ حَدِيثا، قَالَ ابْن معِين: " غياث كَذَّاب، لَيْسَ بِثِقَة، وَلَا مَأْمُون، دَاوُد الأودي لَيْسَ بِشَيْء "، وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَيْضا بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن الضَّحَّاك عَنهُ، وَالضَّحَّاك لم يُدْرِكهُ، فَهُوَ مَعَ ضعفه مُنْقَطع. وَرُوِيَ عَن الْحسن بن دِينَار عَن عبد الله الداناج عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لَا مهر أقل من خَمْسَة دَرَاهِم "، وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء، الْحسن بن دِينَار ضَعِيف الحَدِيث، قد سبق ذكره. وَقد رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ بِخِلَاف ذَلِك كُله، عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " الصَدَاق مَا ترْضى بِهِ الزَّوْجَات "، وَهَذَا مَعَ إرْسَاله أمثل هَذِه الرِّوَايَات عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ. وَرُوِيَ عَن الْمطلب بن عبد الله بن حنْطَب قَالَ: " زَوجنِي

مسألة

سعيد بن الْمسيب ابْنَته بِصَدَاق دِرْهَمَيْنِ، لَيْسَ لَهَا صدَاق غَيره "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (209) : وَيجوز أَخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْخَيْر، وَذَلِكَ مثل تَعْلِيم الْقُرْآن، وَأَن يَجْعَل مهْرا، وَكَذَلِكَ يجوز أَخذ الْأُجْرَة على الْأَذَان. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " غير جَائِز ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ فِي الَّذِي رقى السَّلِيم بِأم الْكتاب على شَاءَ، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأخْبرهُ بِمَا كَانَ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن احق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله عز وَجل ".

الرجل على ما معه من القرآن في الصحيحين وفي رواية عند مسلم أنه

وَحَدِيث سهل بن سعد رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَرْأَة الَّتِي زَوجهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الرجل على مَا مَعَه من الْقُرْآن فِي الصَّحِيحَيْنِ. وَفِي رِوَايَة عِنْد مُسلم أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " انْطلق فقد زوجتكها بِمَا تعلمهَا من الْقُرْآن ". وَفِي أُخْرَى عِنْد أبي دَاوُد بعض حَدِيث سهل عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ وَفِيه فَقَالَ " مَا تحفظ من الْقُرْآن؟ " قَالَ: " سُورَة الْبَقَرَة، وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَ: " قُم، فعلمها عشْرين آيَة، وَهِي امْرَأَتك ". استدلوا بِمَا روى عتبَة بن السكن عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن ابْن أبي طَلْحَة عَن زِيَادَة بن سَخْبَرَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأَة أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: " يَا رَسُول الله، رأ فِي رَأْيك " الحَدِيث، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قد أنكحتكها على أَن تقرئها وتعلمها، فَإِذا رزقك الله عوضهَا، فَتَزَوجهَا الرجل على ذَلِك "، قَالَ الدراقطني: " تفرد بِهِ عتبَة، وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث "، وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " عتبَة بن السكن مَنْسُوب إِلَى وضع الحَدِيث، وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث بِشَيْء ". وروري عَن مُغيرَة بن زِيَاد عَن عبَادَة عَن الْأسود بن ثَعْلَبَة عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " علمت نَاسا من أهل الصّفة الْكِتَابَة وَالْقُرْآن، فأهدى إِلَيّ رجل مِنْهُم قوسا، فَقلت: لَيست بِمَال، وأرمي عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله، لَآتِيَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلأسألنه، فَأَتَيْته، فَقلت: يَا رَسُول الله، رجل أهْدى إِلَيّ قوسا مِمَّن كنت أعلمهُ الْكتاب

إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله عز وجل وابن عباس رضي الله عنهما من أواخر من حمل الحديث عن رسول الله

وَالْقُرْآن، وَلَيْسَت بِمَال، وأرمي عَلَيْهَا فِي سَبِيل الله، قَالَ: إِن كنت تحب أَن تطوق طوقا من نَار فاقبلها "، مُغيرَة بن زِيَاد تكلمُوا فِيهِ، وَلَيْسَ بمحتج بِهِ فِي الصَّحِيح. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد آخر وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ نَحوه، وَالْأول أتم فَقلت: " مَا ترى فِيهَا يَا رَسُول الله؟ " فَقَالَ: " جَمْرَة بَين كفيك، تقلد بهَا، أَو تعلقهَا ". ثمَّ هَذَا مَتْرُوك الظَّاهِر فَلَيْسَ فِيهِ أَنه علمه بِشَرْط الْأُجْرَة، وَمن علم غَيره الْقُرْآن، فأهدى المتعلم لَهُ شَيْئا جَازَ لَهُ قبُوله بِالْإِجْمَاع، على أَن ابْن الْمَدِينِيّ ضعفه، فَإِن صَحَّ فَيُشبه أَن يكون مَنْسُوخا بِمَا روينَا من حَدِيث ابْن عَبَّاس، وَأبي سعيد رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَحَق مَا أَخَذْتُم عَلَيْهِ أجرا كتاب الله عز وَجل "؛ وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا من أَوَاخِر من حمل الحَدِيث عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكَذَا أَبُو سعيد، رَضِي الله عَنهُ. وَمِمَّا يدل على جَوَاز أَخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْقُرْآن مَا رُوِيَ عَن وَكِيع عَن صَدَقَة بن مُوسَى عَن الْوَضِين بن عَطاء قَالَ: " ثَلَاثَة

معلمين كَانُوا بِالْمَدِينَةِ يعلمُونَ الصّبيان، وَكَانَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ يرْزق كل وَاحِد مِنْهُم خَمْسَة عشر درهما كل شهر ". وَعَن خلف بن هِشَام عَن إِبْرَاهِيم بن سعد عَن أَبِيه أَن عمر رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَى بعض عماله أَن أعْط النَّاس على تَعْلِيم الْقُرْآن. وَرُوِيَ عَن أَبى الدَّرْدَاء مَرْفُوعا: " من أَخذ على تَعْلِيم الْقُرْآن قوسا قَلّدهُ الله تَعَالَى يَوْم الْقِيَامَة قوسا من نَار "، قَالَ الدَّارمِيّ: " قَالَ دُحَيْم حَدِيث أبي الدَّرْدَاء فِي هَذَا لَيْسَ لَهُ

فذكر الحديث وقال ونهى عن التعليم بالأجر ونهى عن الأذان بالأجر ونهى عن الإمامة بالأجرة وهذا منقطع

أصل ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ: " ثمَّ إِن صَحَّ شَيْء من هَذَا الْجِنْس فَهُوَ مَحْمُول عندنَا على مَا لَو تعين عَلَيْهِ تَعْلِيمه بِأَن لَا يجد المتعلم غَيره ". وَرُوِيَ عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، اجْعَلنِي إِمَام قومِي، قَالَ: أَنْت إمَامهمْ، واقتد بأضعفهم، وَاتخذ مُؤذنًا لَا يَأْخُذ على أَذَانه أجرا ". وَهَذَا هُوَ الأولى أَن لَا يتَّخذ مُؤذنًا يَأْخُذ على أَذَانه أجرا إِذا وجد من يتَطَوَّع بِهِ، فَإِن لم يجد فَيجوز. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " قد رزقهم - يَعْنِي المؤذنين - إِمَام هدى عُثْمَان بن عَفَّان، رَضِي الله عَنهُ ". وَاحْتج الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فِي جَوَاز أَخذ الْأُجْرَة على تَعْلِيم الْخَيْر بِحَدِيث التَّزْوِيج على تَعْلِيم الْقُرْآن. وروى أَبُو عصمَة عَن يُونُس عَن الْحسن عَن شُعْبَة كلهم يحدثونه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ: " وَنهى عَن التَّعْلِيم بِالْأَجْرِ، وَنهى عَن الْأَذَان بِالْأَجْرِ، وَنهى عَن الْإِمَامَة بِالْأُجْرَةِ "، وَهَذَا مُنْقَطع،

فداءهم أن يعملوا أولاد الأنصار الكتابة قال فجاء غلام من الأنصار يبكي يوما إلى أبيه فقال له ابوه ما شأنك قال ضربني معلمي قال الخبيث يطلب بدحل بدر والله لا تأتينه أبدا وهذا يعلم الخير والله أعلم

وَأَبُو عصمَة مَتْرُوك. قَالَ البُخَارِيّ رَحمَه الله فِي التَّرْجَمَة: " وَقَالَ الحكم: لم أسمع أحدا كره أجر الْمعلم "، قَالَ: " وَلم ير ابْن سِيرِين بِأَجْر الْمعلم بَأْسا ". وروينا عَن عَطاء، وَأبي قلَابَة أَنَّهُمَا كَانَا لَا يريان بتعليم الغلمان بِالْأَجْرِ بَأْسا. وَعَن الْحسن قَالَ: " إِذا قَاطع، وَلم يعدل كتب من الظلمَة ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لم يكن لِأُنَاس من أُسَارَى بدر فدَاء، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فداءهم أَن يعملوا أَوْلَاد الْأَنْصَار الْكِتَابَة، قَالَ: فجَاء غُلَام من الْأَنْصَار يبكي (يَوْمًا إِلَى أَبِيه) فَقَالَ لَهُ ابوه: مَا شَأْنك؟ قَالَ: ضَرَبَنِي معلمي، قَالَ: الْخَبيث يطْلب بدحل بدر، وَالله لَا تأتينه أبدا "، وَهَذَا يعلم الْخَيْر، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (210) : وَإِن مَاتَ زوج المفوضة قبل فرض مهرهَا، وَالدُّخُول بهَا لم

يجب لَهَا مهر الْمثل مَعَ الْمِيرَاث فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " لَهَا مهر الْمثل وَالْمِيرَاث ". دليلنا مَا روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن نَافِع أَن ابْنة عبد الله بن عمر وَأمّهَا بنت زيد بن الْخطاب كَانَت (تَحت ابْن) لِعبيد الله بن عمر فَمَاتَ، وَلم يدْخل بهَا، وَلم يسم لَهَا صَدَاقا، فابتغت أمهَا صَدَاقا، فَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: " لَيْسَ لَهَا صدَاق، وَلَو كَانَ لَهَا صدَاق لم نمنعكموه، وَلم نظلمها "، فَأَبت أَن تقبل ذَلِك، فَجعلُوا بَينهم زيد بن ثَابت، فَقضى أَن لَا صدَاق لَهَا، وَلها الْمِيرَاث. وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَطاء بن السَّائِب عَن عبد خير عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي الرجل يتَزَوَّج الْمَرْأَة، ثمَّ يَمُوت، وَلم يدْخل بهَا وَلم يفْرض لَهَا صَدَاقا: " إِن لَهَا الْمِيرَاث وَعَلَيْهَا الْعدة، وَلَا صدَاق لَهَا ". وروى سُفْيَان الثورى عَن عبد الْملك بن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مثل ذَلِك.

قضى في بروع بنت واشق وروي عن علقمة قال أتى عبد الله في امرأة توفي عنها زوجها ولم يفرض لها صداقا ولم يدخل بها فترددوا إليه ولم يزالوا به حتى قال إني سأقول برأيي لها صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة

وَدَلِيل القَوْل الثَّانِي مَا عِنْد أبي دَاوُد عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ فِي رجل تزوج امْرَأَة، فَمَاتَ عَنْهَا، وَلم يدْخل بهَا، وَلم يفْرض لَهَا، فَقَالَ: " لَهَا الصَدَاق كَامِلا، وَعَلَيْهَا الْعدة، وَلها الْمِيرَاث "، فَقَالَ معقل بن سِنَان: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى فِي بروع بنت واشق ". وَرُوِيَ عَن عَلْقَمَة، قَالَ: " أَتَى عبد الله فِي امْرَأَة توفّي عَنْهَا زَوجهَا "، وَلم يفْرض لَهَا صَدَاقا وَلم يدْخل بهَا، فترددوا إِلَيْهِ، وَلم يزَالُوا بِهِ، حَتَّى قَالَ: " إِنِّي سأقول برأيي: لَهَا صدَاق نسائها، لَا وكس، وَلَا شطط، وَعَلَيْهَا الْعدة، وَلها الْمِيرَاث "، فَقَامَ معقل بن سِنَان، فَشهد أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى فِي بروع بنت واشق الأشجعية بِمثل مَا قضيت، ففرح عبد الله "، إِسْنَاده صَحِيح، وَرُوَاته ثِقَات، وَمَعْقِل بن سِنَان صَحَابِيّ مَعْرُوف، وَقد قيل فِي هَذَا الحَدِيث: " معقل بن يسَار "، و " ابْن سِنَان "، أصح، وَقيل ذَلِك عَن نَاس من أَشْجَع.

بأبي وأمي أنه قضى في بروع بنت واشق ونكحت بغير مهر فمات زوجها فقضى لها بمهر نسائها وقضى لها بالميراث فإن كان يثبت عن النبي

قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأبي وَأمي، أَنه قضى فِي بروع بنت واشق، ونكحت بِغَيْر مهر، فَمَاتَ زَوجهَا، فَقضى لَهَا بِمهْر نسائها، وَقضى لَهَا بِالْمِيرَاثِ، فَإِن كَانَ يثبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهُوَ أولى الْأُمُور بِنَا، وَلَا حجَّة فِي قَول أحد دون النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا فِي الْقيَاس، وَلَا فِي شَيْء فِي قَوْله إِلَّا طَاعَة الله بِالتَّسْلِيمِ لَهُ، وَإِن كَانَ لَا يثبت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، لم يكن لأحد أَن يثبت عَنهُ مَا لم يثبت، وَلم احفظه من وَجه يثبت مثله، وَهُوَ مرّة يُقَال: عَن معقل بن يسَار، (وَمرَّة عَن معقل بن سِنَان) وَمرَّة عَن بعض أَشْجَع لَا يُسمى ". وَقَالَ رَحمَه الله: " أَن صَحَّ حَدِيث بروع بنت واشق قلت بِهِ ". قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " لَو حضرت الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى لقمت إِلَيْهِ على رُؤُوس أَصْحَابه، وَقلت: قد صَحَّ الحَدِيث فَقل بِهِ، قَالَ: (فالشافعي رَحمَه الله) إِنَّمَا قَالَ: لَو صَحَّ الحَدِيث؛ لِأَن هَذِه الرِّوَايَة وَإِن كَانَت صَحِيحَة فَإِن الْفَتْوَى لعبد الله بن مَسْعُود، وَسَنَد الحَدِيث لنفر من أَشْجَع ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " وَشَيخنَا أَبُو عبد الله إِنَّمَا حكم بِصِحَّة الحَدِيث؛ لِأَن الثِّقَة قد سمى فِيهِ رجلا من الصَّحَابَة، وَهُوَ معقل بن سِنَان الْأَشْجَعِيّ، وَهَذَا الِاخْتِلَاف فِي تَسْمِيَة من روى قصَّة

لا يوهن الحديث فإن أسانيد هذه الروايات صحيحة وفي بعضها إن جماعة من أشجع شهدوا بذلك فبعضهم سمى هذا وبعضهم سمى آخر وكلهم ثقة ولولا الثقة بمن رواه عن النبي

بروع بنت واشق عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يوهن الحَدِيث؛ فَإِن أَسَانِيد هَذِه الرِّوَايَات صَحِيحَة، وَفِي بَعْضهَا إِن جمَاعَة من أَشْجَع شهدُوا بذلك، فبعضهم سمى هَذَا، وَبَعْضهمْ سمى آخر، وَكلهمْ ثِقَة، وَلَوْلَا الثِّقَة بِمن رَوَاهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما كَانَ عبد الله يفرح بروايته "، وَالله أعلم. مسأله (211) : وَالَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح هُوَ الْأَب، على قَوْله فِي الْقَدِيم، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " هُوَ الزَّوْج ". فَوجه قَوْله الْقَدِيم من طَرِيق الْأَثر مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الَّذِي ذكر الله {أَو يعفوا الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} قَالَ: " ذَلِك أَبوهَا ". وَعَن الْحسن، قَالَ: " هُوَ الْوَلِيّ ". وَعَن عَلْقَمَة: " الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح هُوَ الْوَلِيّ ". وَعَن الزُّهْرِيّ قَالَ: " إِن كَانَت الْمَرْأَة مالكة أمرهَا فَهِيَ تَعْفُو، وَإِن

كَانَت بكرا فَالَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح أَبوهَا يعْفُو ". وَعَن مَالك قَالَ: " قَالَ الله تَعَالَى فِي كِتَابه: {إِلَّا أَن يعفون} الْآيَة، فهن النِّسَاء اللَّاتِي قد دخل بِهن، قَالَ: {أَو يعفوا الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} ، وَهُوَ الْأَب فِي ابْنَته الْبكر، أَو السَّيِّد فِي أمته، قَالَ: وَذَلِكَ الَّذِي سَمِعت، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَمر عندنَا ". وَعَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح هُوَ الْوَلِيّ ". وَوجه قَوْله فِي الْجَدِيد من طَرِيق الْأَثر مَا رُوِيَ عَن شُرَيْح قَالَ: " سَأَلَني عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح، قَالَ: قلت: هُوَ الْوَلِيّ، قَالَ: لَا بل هُوَ الزَّوْج ". وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا من طَرِيق فِيهِ عَليّ بن زيد، وَالرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة عَنهُ أصح؛ فَإِن عَليّ بن زيد غير مُحْتَج بِهِ. وَرُوِيَ عَن أبي سَلمَة رَضِي الله عَنهُ أَن جُبَير بن مطعم تزوج امْرَأَة من بني نظر، فَسمى لَهَا صَدَاقهَا، ثمَّ طَلقهَا من قبل أَن يدْخل بهَا، فَقَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِلَّا أَن يعفون أَو يعفوا الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح} ، قَالَ: " أَنا أَحَق بِالْعَفو مِنْهَا، فَسلم إِلَيْهَا صَدَاقهَا ".

ولي عقدة النكاح الزوج وابن لهيعة ضعيف لا يحتج به والله أعلم

وَتَابعه مُحَمَّد بن جُبَير عَن أَبِيه، وَعَن ابْن الْمسيب قَالَ: " الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح هُوَ الزَّوْج ". وَعَن الْمُغيرَة عَن الشّعبِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {إِلَّا أَن يعفون} الْآيَة. قَالَ: " يَعْنِي الْمَرْأَة، وَالَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح هُوَ الزَّوْج "، قَالَ: " وَهُوَ قَول شُرَيْح ". وَعَن ابْن سِيرِين قَالَ: " الَّذِي بِيَدِهِ عقدَة النِّكَاح هُوَ الزَّوْج ". وَعَن سعيد بن جُبَير مثله. وَعَن قَتَادَة قَالَ: " {إِلَّا أَن تَعْفُو} الْمَرْأَة، فتدع نصف صَدَاقهَا، أَو يعْفُو الزَّوْج، فيكمل لَهَا صَدَاقهَا ". وَرُوِيَ ذَلِك عَن طَاوس، وَنَافِع بن جُبَير، وَمُجاهد، وَمُحَمّد بن كَعْب. وروى ابْن لَهِيعَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ولي عقدَة النِّكَاح الزَّوْج "، وَابْن لَهِيعَة ضَعِيف، لَا يحْتَج بِهِ، وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (212) : وَالْخلْوَة الخالية عَن الْوَطْء لَا تقرر الْمهْر، وَلَا توجب الْعدة على أصح الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة، وصاحباه رَحِمهم الله: " إِنَّهَا تقرر الْمهْر، وتوجب الْعدة ". وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على الْكتاب والمعاني، قَالَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِن طلقتموهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ وَقد فرضتم لَهُنَّ فَرِيضَة فَنصف مَا فرضتم} . وَقَالَ جلّ جَلَاله، وَتَعَالَى علاؤه وشأنه: {يَا أَيهَا الَّذين ءامنوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن من قبل ان تمَسُّوهُنَّ فَمَا لكم عَلَيْهِنَّ من عدَّة تعتدونها} والمسيس الْجِمَاع. روى الثِّقَات عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " اللَّمْس، والمس، والمباشرة جماع، وَلَكِن الله عز وَجل يكني بِمَا شَاءَ عَمَّا شَاءَ ". وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ عَن ابْن مَسْعُود، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: " نصف الصَدَاق، وَإِن جلس بَين رِجْلَيْهَا "، فِيهِ انْقِطَاع بَينهمَا. وَعنهُ عَن شُرَيْح أَن رجلا تزوج امْرَأَة، وأغلق عَلَيْهَا الْبَاب، وأرخى السّتْر، ثمَّ طَلقهَا، وَلم يَمَسهَا، فَقضى لَهَا شُرَيْح بِنصْف الصَدَاق.

قال من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد وجب الصداق زاد ابن لهيعة دخل بها أو لم يدخل وابن صالح وابن لهيعة لا يحتج بحديثهما فإن سلم منهما فهو مرسل وروى الشافعي عن مالك عن ابن سعيد عن ابن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي

استدلوا بِمَا روى عبد الله بن صَالح الْعجلِيّ بِسَنَد لَهُ - عَن ابْن لَهِيعَة عَن مُحَمَّد بن ثَوْبَان أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من كشف امْرَأَة فَنظر إِلَى عورتها، فقد وَجب الصَدَاق "، زَاد ابْن لَهِيعَة: " دخل بهَا، أَو لم يدْخل ". وَابْن صَالح، وَابْن لَهِيعَة لَا يحْتَج بحديثهما، فَإِن سلم مِنْهُمَا فَهُوَ مُرْسل. وروى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن ابْن سعيد عَن ابْن الْمسيب أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قضى فِي الْمَرْأَة يَتَزَوَّجهَا الرجل أَنه إِذا أرخيت الستور فقد وَجب الصَدَاق. (وَعنهُ عَن الزُّهْرِيّ أَن زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِذا دخل الرجل بامرأته، فأرخيت عَلَيْهِمَا الستور فقد وَجب

الصَدَاق ". قَالَ الشَّافِعِي: " لَيْسَ إرخاء الستور يُوجب الصَدَاق عِنْدِي؛ لقَوْل الله عز وَجل: {إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتوهن من قبل أَن تمَسُّوهُنَّ} ، فَلَا يُوجب الصَدَاق إِلَّا بالمسيس "، قَالَ: " وَرُوِيَ ذَلِك عَن ابْن عَبَّاس ". وَظَاهر مَا رُوِيَ عَن زيد رَضِي الله عَنهُ أَنه لم يُوجِبهُ بِنَفس الْخلْوَة، وَلَكِن إِذا ادَّعَت الْمَسِيس؛ فقد رُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَنهُ فِي الرجل يَخْلُو بِالْمَرْأَةِ فَيَقُول: لم أَمسهَا، فَتَقول: قد مسني قَالَ: القَوْل قَوْلهَا ". وَرُوِيَ عَن عمر، وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا: " إِذا أغلق بَابا، وأرخى سترا فقد وَجب الصَدَاق كَامِلا، وَعَلَيْهَا الْعدة ". وَرُوِيَ عَن زُرَارَة بن أوفى قَالَ: " قَضَاء الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين أَنه من أغلق بَابا، وأرخي سترا فقد وَجب الصَدَاق

مسألة

وَالْعدة، هَذَا مُرْسل زُرَارَة (بن أوفى) لم يدركهم "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (213) :

(صفحة فارغه)

وللتي طَلقهَا زَوجهَا بعد الدُّخُول بهَا الْمُتْعَة على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " لَا مُتْعَة لَهَا ". قَالَ الله تَعَالَى: {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُتَّقِينَ} الْآيَة، فَعم، وَلم يخص.

فقال لزوجها متعها قال لا أجد ما أمتعها قال فإنه لا بد من المتاع قال متعها ولو نصف صاع من تمر وفاطمة هذه هي بنت قيس وقصتها مشهورة في

روى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ: " لكل مُطلقَة مُتْعَة إِلَّا الَّتِي فرض لَهَا الصَدَاق، وَلم يدْخل بهَا، فحسبها نصف الْمهْر ". وروى مَالك عَن نَافِع أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول: " لكل مُطلقَة مُتْعَة إِلَّا الَّتِي تطلق، وَقد فرض لَهَا صدَاق، وَلم يَمَسهَا، فحسبها نصف مَا فرض لَهَا ". وَعنهُ عَن ابْن شهَاب أَنه كَانَ يَقُول: " لكل مُطلقَة مُتْعَة ". وَرُوِيَ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لما طلق حَفْص بن الْمُغيرَة امْرَأَته فَاطِمَة أَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ لزَوجهَا: مَتعهَا، قَالَ: لَا أجد مَا أمتعها، قَالَ: فَإِنَّهُ لَا بُد من الْمَتَاع، قَالَ: مَتعهَا، وَلَو نصف صَاع من تمر "، وَفَاطِمَة هَذِه هِيَ بنت قيس، وقصتها مَشْهُورَة فِي

الْعدة دَالَّة على أَنَّهَا كَانَت مَدْخُولا بهَا، وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن سُوَيْد بن غَفلَة قصَّة طَلَاق الْحسن بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ الخثعمية، وفيهَا: " فَبعث إِلَيْهَا الْحسن بِبَقِيَّة من صَدَاقهَا، وبمتعة عشْرين ألف دِرْهَم، فَلَمَّا جَاءَ الرَّسُول، وَرَأَتْ المَال، قَالَت: مَتَاع قَلِيل من خَلِيل مفارق ". وَعَن سعيد بن جُبَير قَالَ: " لكل مُطلقَة مُتْعَة، {وللمطلقات مَتَاع بِالْمَعْرُوفِ حَقًا على الْمُتَّقِينَ} ". وروري عَن حميد الْأَعْرَج، وَابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: " لكل مُطلقَة مُتْعَة إِلَّا الَّتِي تطلق قبل أَن يدْخل بهَا، وَقد فرض لَهَا، فَلَا مُتْعَة لَهَا إِلَّا نصف صَدَاقهَا "، وَالله أعلم.

(صفحه فارغة)

كتاب القسم

كتاب الْقسم وَمن كتاب الْقسم: مَسْأَلَة (214) : وَيُقِيم الزَّوْج فِي ابْتِدَاء الزفاف عِنْد الْبكر سبعا، وَعند الثّيّب ثَلَاثًا، ثمَّ لَا يقْضِي قدره لسَائِر نِسَائِهِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّه يقْضِي ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " من السّنة إِذا تزوج الْبكر على الثّيّب أَقَامَ عِنْدهَا (سبعا، وَإِذا تزوج الثّيّب على الْبكر أَقَامَ عِنْدهَا) ثَلَاثًا "، قَالَ خَالِد: " وَلَو قلت: إِنَّه رَفعه لصدقت ". وَعِنْده مُسلم عَن أم سَلمَة أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما تزوج أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا أَقَامَ عِنْدهَا ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: لَيْسَ بك على أهلك هوان، إِن شِئْت سبعت لَك، وَإِن سبعت لَك سبعت لنسائي ".

حين تزوج أم سلمة رضي الله عنها واصبحت عنده قال أما ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت فقالت ثلث وروي عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله

وَعِنْده أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين تزوج أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا، واصبحت عِنْده قَالَ: " أما لَيْسَ بك على أهلك هوان، إِن شِئْت سبعت عنْدك، وسبعت عِنْدهن وَإِن شِئْت ثلثت عنْدك، وَدرت، فَقَالَت: ثلث ". وَرُوِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: للبكر سبع، وللثيب ثَلَاث ". وَذَلِكَ إِضَافَة إِلَيْهَا بلام التَّمْلِيك، وَفصل بَين الْبكر وَالثَّيِّب. فَلَو كَانَ يقْضِي كَمَا زَعَمُوا لم يكن ذَلِك لَهَا، وَلَا للْفرق بَين الْبكر وَالثَّيِّب معنى، وَلما اخْتَارَتْ أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا حَقّهَا حَيْثُ قَالَت: " ثلث "، (ولكان) قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فِي التَّثْلِيث كَقَوْلِه فِي التسبيع. (فَلَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التسبيع) : " ثمَّ سبعت عِنْدهن "، وَقَالَ فِي التَّثْلِيث: " ثمَّ ردَّتْ "، واختارت هِيَ التَّثْلِيث علمنَا أَن التَّثْلِيث حَقّهَا من غير قَضَاء للبواقي. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (215) : وَلَيْسَ للزَّوْج أَن يخرج بِوَاحِدَة من نِسَائِهِ إِلَى سَفَره بِغَيْر الْقرعَة. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " لَهُ أَن يخرج بِمن شَاءَ مِنْهُنَّ بِغَيْر

إذا أراد سفرا اقرع بين نسائه وأيتهن خرج سهمها خرج بها والله أعلم

قرعَة ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا أَرَادَ سفرا اقرع بَين نِسَائِهِ، وأيتهن خرج سهمها خرج بهَا ". وَالله أعلم.

(صفحه فارغة)

كتاب الخلع

كتاب الْخلْع وَمن كتاب الْخلْع: مَسْأَلَة (216) : الْخلْع فسخ على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّه طَلَاق بَائِن ". روى عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي امْرَأَة طَلقهَا زَوجهَا تَطْلِيقَتَيْنِ، ثمَّ اخْتلعت مِنْهُ أيتزوجها؟ قَالَ ابْن عَبَّاس: " ذكر الله الطَّلَاق فِي أول الْآيَة وَآخِرهَا، وَالْخلْع بَين ذَلِك، فَلَيْسَ الْخلْع بِطَلَاق، ينْكِحهَا "، وروى الشَّافِعِي عَن سُفْيَان عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بِمَعْنَاهُ. وَعَن سُفْيَان عَن عَمْرو عَن عِكْرِمَة قَالَ: " كل شَيْء اجازه المَال، (فَلَيْسَ بِطَلَاق) ". وَرُوِيَ عَن لَيْث عَن طَاوُوس أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا جمع بَين رجل وَامْرَأَته بعد طَلْقَتَيْنِ وخلع.

الخلع تطليقة هذا منقطع وإبراهيم بن يزيد ليس بقوي وروى الشافعي رحمه الله عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن جهمان مولى الأسلميين عن أم بكرة الأسلمية أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن أسيد ثم أتيا عثمان بن عفان رضي الله عنه في ذلك

وَأما القَوْل الثَّانِي فروى إِبْرَاهِيم بن يزِيد الْمَكِّيّ عَن دَاوُد عَن ابْن الْمسيب قَالَ: " جعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْخلْع تَطْلِيقَة "، هَذَا مُنْقَطع، وَإِبْرَاهِيم بن يزِيد لَيْسَ بِقَوي. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن جهمان مولى الأسلميين عَن أم بكرَة الأسْلَمِيَّة أَنَّهَا اخْتلعت من زَوجهَا عبد الله بن أسيد، ثمَّ أَتَيَا عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: " هِيَ تَطْلِيقَة إِلَّا أَن تكون سميت شَيْئا، فَهُوَ على مَا سميت ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَلَا أعرف جهمان، وَلَا أم بكرَة بِشَيْء يثبت بِهِ خبرهما، وَلَا يردهُ ".

جعل الخلع تطليقه بائنة وعباد لا يحتج به وكيف يصح هذا ومذهب عكرمة وابن عباس خلافه وإن يثبت فأراد به إذا نوى طلاقا أو ذكره والقصد منه قطع الرجعة والله أعلم

قَالَ أَبُو دَاوُد: " قلت لِأَحْمَد بن حَنْبَل رَحمَه الله تَعَالَى حَدِيث عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ الْخلْع تطليقه، قَالَ: لَا يَصح، فَقَالَ: مَا أَدْرِي جهمان، لَا أعرفهُ ". قَالَ ابْن الْمُنْذر: " وَرُوِيَ عَن عُثْمَان، وَعلي، وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم الْخلْع تطليقه بَائِنَة، وَحَدِيث عَليّ، وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا فِي إسنادهما مقَال، وَلَيْسَ فِي الْبَاب أصح من حَدِيث ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا " يُرِيد رَحمَه الله حَدِيث طَاوُوس ". وروى عباد بن كثير عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل الْخلْع تطليقه بَائِنَة ". وَعباد لَا يحْتَج بِهِ، وَكَيف يَصح هَذَا، وَمذهب عِكْرِمَة وَابْن عَبَّاس خِلَافه؟ وَإِن يثبت فَأَرَادَ بِهِ إِذا نوى طَلَاقا أَو ذكره، وَالْقَصْد مِنْهُ قطع الرّجْعَة. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (217) : المختلعة لَا يلْحقهَا الطَّلَاق. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " يلْحقهَا صَرِيح الطَّلَاق دون كنايته ".

قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله " لم يَقع على المختلعة طَلَاق؛ لِأَنَّهَا لَيست بِزَوْجَة، وَلَا فِي مَعَاني الْأزْوَاج "، وَاحْتج بِانْقِطَاع الرّجْعَة، وَالْإِيلَاء، وَالظِّهَار، وَاللّعان، وَالْمِيرَاث بَين الزَّوْجَيْنِ، وَفِي مَوضِع آخر أَنه لَو مَاتَ لم تنْتَقل إِلَى عدَّة الْوَفَاة. قَالَ: " أخبرنَا مُسلم بن خَالِد عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس وَابْن الزبير رَضِي الله عَنْهُم أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْمُخْتَلفَة يطلقهَا زَوجهَا، قَالَا: " لَا يلْزمهَا طَلَاق؛ لِأَنَّهُ طلق مَا لَا يملك ". كَذَلِك رَوَاهُ سُفْيَان الثَّوْريّ عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، وَابْن الزبير رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا سئلا عَن امْرَأَة اخْتلعت، ثمَّ طَلقهَا زَوجهَا فِي الْعدة، قَالَا: " طلق مَا لم يملك "، فَهَذَا عَنْهُمَا صَحِيح، وَلَا يَصح عَن أحد من الصَّحَابَة خِلَافه. استدلوا بِمَا روى الْفرج بن فضَالة بِسَنَدِهِ عَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " للمختلعة طَلَاق مَا كَانَت فِي الْعدة "، وَهَذَا عَن أبي الدَّرْدَاء مَوْقُوف وَضَعِيف؛ فَإِن الْفرج بن فضَالة لَيْسَ بِقَوي.

مسألة

وَرُوِيَ عَن أبي سَلمَة، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن أَنَّهُمَا قَالَا: " إِذا خالعت، ثمَّ طَلقهَا لزمَه مَا دَامَت فِي مَجْلِسه ". وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " يجْرِي الطَّلَاق على الَّتِي تَفْتَدِي من زَوجهَا مَا كَانَت فِي الْعدة "، وَهَذَا بَاطِل؛ فَإِنَّهُ عَن رجل مَجْهُول عَن الضَّحَّاك بن مُزَاحم، وَهُوَ غير مُحْتَج بِهِ، وَلم يدْرك ابْن مَسْعُود، وَلَا قاربه، فَهُوَ مُنْقَطع، وَضَعِيف، ومجهول، وَإِسْنَاده إِلَى عِيسَى الْعَسْقَلَانِي مظلم. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (218) : عقد الطَّلَاق قبل عقد النِّكَاح لَا ينْعَقد بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ. وَقَالَ

لا طلاق من قبل نكاح وروي عن جابر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله

الْعِرَاقِيُّونَ: " انْعَقَد، وَوَقع فِيهِ ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا رُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا طَلَاق من قبل نِكَاح ". وَرُوِيَ عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: لَا طَلَاق لمن لَا يملك، وَلَا عتاق لمن لم يملك ". قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وَعَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ " رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا طَلَاق إِلَّا بعد نِكَاح ". قَالَ ابْن صاعد: " هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا أعرف لَهُ عِلّة ". وَرُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن أبي بكر الصّديق، وَعلي بن أبي طَالب، وَابْن عَبَّاس، ومعاذ، وَزيد، وَأبي سعيد، وَعمْرَان، وَأبي مُوسَى، وَأبي هُرَيْرَة، والمسور، وَعَائِشَة، رَضِي الله عَنْهُم، وَأَصَح حَدِيث فِيهِ وأشهره حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده الَّذِي تقدم ذكره،

وَحَدِيث حَمَّاد بن خَالِد عَن هِشَام بن سعد عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، قَالَه البُخَارِيّ. وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " مَا قَالَهَا ابْن مَسْعُود، و (إِن يكن) قَالَهَا فزلة من عَالم فِي الرجل يَقُول: إِن تزوجت فُلَانَة فَهِيَ طَالِق، قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا الَّذين ءامنوا إِذا نكحتم الْمُؤْمِنَات ثمَّ طلقتموهن} ، وَلم يقل: إِذا طلّقْتُم الْمُؤْمِنَات، ثمَّ نكحتموهن ". قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد ". وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن ابْن الْمسيب، وَأبي سَلمَة وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، وَعبيد الله بن عتبَة، وطاووس، وَعَطَاء بن أبي رَبَاح، ووهب بن مُنَبّه، وَعلي بن الْحُسَيْن، وَالْحسن، وَعِكْرِمَة، وَابْن جُبَير، وَأبي الشعْثَاء، وَنَافِع بن جُبَير، والقرطبي، وَمُجاهد.

بهذا النفي عدم وقوعه بعد الملك حتى يفيد الخبر وبالله التوفيق والله أعلم بالصواب

وَهَذَا يدل على أَن عوام أهل الْعلم من الصَّحَابَة، وَالتَّابِعِينَ ذَهَبُوا إِلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ، وفهموا من الْأَخْبَار مَا فهمناه من أَن الطَّلَاق وَالْعتاق قبل الْملك لَا يعْمل بعد وُقُوع الْملك، وَأَن الَّذِي حمل من خَالَفنَا الْخَبَر عَلَيْهِ من عدم وُقُوعه قبل الْملك، ووقوعه بعده لَا معنى لَهُ، فَكل أحد يعلم أَن الطَّلَاق وَالْعتاق قبل الْملك لَا يَقع، وَإِنَّمَا قصد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهَذَا النَّفْي عدم وُقُوعه بعد الْملك، حَتَّى يُفِيد الْخَبَر. وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ.

كتاب الطلاق والرجعة والإيلاء

كتاب الطَّلَاق وَالرَّجْعَة وَالْإِيلَاء وَمن كتاب الطَّلَاق وَالرَّجْعَة وَالْإِيلَاء. مَسْأَلَة (219) : السّنة والبدعة فِي وَقت الطَّلَاق دون عدده. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " فِي وقته وعدده ". لنا حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ طلقت امْرَأَتي، وَهِي حَائِض، قَالَ: " فَذكر ذَلِك عمر رَضِي الله عَنهُ للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: فَقَالَ: ليراجعها، فَإِذا طهرت فَلْيُطَلِّقهَا "، قَالَ يَعْنِي ابْن سِيرِين: " فَقلت لَهُ يَعْنِي ابْن عمر يحْتَسب بهَا؟ قَالَ فَمه؟ ". وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا من حَدِيث يُونُس بن جُبَير عَن ابْن عمر بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: " فَقلت لِابْنِ عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: فاحتسب بهَا؟ قَالَ: فَمَا يمنعهُ، أَرَأَيْت إِن عجز واستحمق؟ ".

عن ذلك فقال مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها أو يمسك قال وقرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن وكان مجاهد يقرؤها هكذا

وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أبي الزبير، قَالَ: " سَمِعت عبد الرَّحْمَن ابْن أَيمن يسْأَل عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رجل طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض، فَقَالَ: إِن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض فَسَأَلَ عمر رَضِي الله عَنهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، فَقَالَ: مره فَلْيُرَاجِعهَا، فَإِذا طهرت فَلْيُطَلِّقهَا، أَو يمسك، قَالَ: " وَقَرَأَ {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لقبل عدتهن} ". وَكَانَ مُجَاهِد يقْرؤهَا هَكَذَا.

فتغيظ فيه رسول الله

وَعِنْدَهُمَا أَيْضا عَنهُ انه طلق امْرَأَته، وَهِي حَائِض، فَذكر ذَلِك عمر لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فتغيظ فِيهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ليراجعها، ثمَّ يمْسِكهَا، حَتَّى تطهر، ثمَّ تحيض فَتطهر، فَإِن بدا لَهُ أَن يطلقهَا فَلْيُطَلِّقهَا طَاهِرا قبل أَن يَمَسهَا، فَتلك الْعدة، كَمَا أَمر الله عز وَجل ". وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عِنْدهمَا عَن نَافِع عَنهُ بِمَعْنَاهُ، وَزَاد " فَتلك الْعدة الَّتِي أَمر الله أَن تطلق لَهَا النِّسَاء "، وَكَانَ ابْن عمر إِذا سُئِلَ عَن ذَلِك قَالَ لأَحَدهم: " إِن كنت طَلقتهَا ثَلَاثًا فقد حرمت عَلَيْك حَتَّى تنْكح زوجا غَيْرك، وعصيت الله فِيمَا أَمرك من طَلَاق امْرَأَتك ". وَفِي أُخْرَى عِنْد مُسلم أَن ابْن عمر طلق امْرَأَته تَطْلِيقَتَيْنِ، وَهِي حَائِض، فَذكره. قَالَ: " وَكَانَ ابْن عمر إِذا سُئِلَ عَن الرجل يُطلق امْرَأَته، وَهِي حَائِض، يَقُول: أما أَنْت طَلقتهَا وَاحِدَة، أَو ثِنْتَيْنِ فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمره أَن يُرَاجِعهَا، ثمَّ يُمْهِلهَا حَتَّى تحيض حَيْضَة أُخْرَى، ثمَّ يُمْهِلهَا حَتَّى تطهر، ثمَّ يطلقهَا قبل أَن يَمَسهَا. وَأما أَنْت طَلقتهَا ثَلَاثًا فقد

أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك فإن كانت الرواية الأخرى عن سالم ثم عن نافع وابن دينار في أمره بأن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر محفوظة قال الشافعي رحمه الله هذا يحتمل أن يكون إنما أراد بذلك

عصيت الله فِيمَا أَمرك بِهِ من طَلَاق امْرَأَتك، وَبَانَتْ مِنْك ". وَأكْثر الرِّوَايَات عَن ابْن عمر أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمره أَن يُرَاجِعهَا حَتَّى تطهر، ثمَّ إِن شَاءَ طلق، وَإِن شَاءَ أمسك. فَإِن كَانَت الرِّوَايَة الْأُخْرَى عَن سَالم ثمَّ عَن نَافِع، وَابْن دِينَار فِي أمره بِأَن يُرَاجِعهَا حَتَّى تطهر، ثمَّ تحيض، ثمَّ تطهر مَحْفُوظَة. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " هَذَا يحْتَمل أَن يكون إِنَّمَا أَرَادَ بذلك الِاسْتِبْرَاء أَن يكون يَسْتَبْرِئهَا بعد الْحَيْضَة الَّتِي طَلقهَا فِيهَا بطهر تَامّ، ثمَّ حيض تَامّ؛ ليَكُون تطليقها، وَهِي تعلم عدتهَا: آلحمل هِيَ، أم الْحيض، وليكون تطليقها بعد علمه بِحمْل، وَهُوَ غير جَاهِل مَا يصنع، أَو يرغب، فَيمسك للْحَمْل، وليكون إِن كَانَت سَأَلت الطَّلَاق غير حَامِل أَن يكف عَنهُ حَامِلا ". وَرَوَاهُ عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن الْحسن عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا وَفِيه زِيَادَة، وَاخْتِلَاف لفظ، وَعَطَاء تكلمُوا فِيهِ، وَالْحسن قيل: إِنَّه لم يسمع من ابْن عمر.

وفيهما أيضا حديث عائشة رضي الله عنها جاءت امرأة رفاعة إلى النبي

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث عُوَيْمِر الْعجْلَاني حِين لَاعن امْرَأَته، وَقَالَ: " فَطلقهَا ثَلَاثًا قبل أَن يَأْمُرهُ رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَفِيهِمَا أَيْضا حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا جَاءَت امْرَأَة رِفَاعَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: " إِنِّي كنت عِنْد رِفَاعَة، فطلقني، فَبت طَلَاقي " الحَدِيث. وَفِيهِمَا أَيْضا عَنْهَا أَن رجلا طلق امْرَأَته، فَتزوّجت، فَطلقهَا قبل أَن يَمَسهَا، فَسئلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أتحل للْأولِ؟ قَالَ: " لَا حَتَّى يَذُوق عسيلتها، كَمَا ذاق الأول ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن عُرْوَة عَن فَاطِمَة بنت قيس قَالَت: " يَا رَسُول الله، زَوجي طَلقنِي ثَلَاثًا " الحَدِيث، فقد ذكر عِنْده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَلَاق الثَّلَاث، وَأخْبر بِمن فعله، فَلم يُنكر ذَلِك، وَلَو كَانَ مَحْظُورًا لبينه بِصَرِيح، أَو نبه عَلَيْهِ بتعريض؛ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث مُبينًا، فَلَمَّا لم يفعل ثَبت بذلك أَنه مُبَاح، وَلَيْسَ بِحرَام.

وَقد رُوِيَ أَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ طلق امْرَأَته الْبَتَّةَ، وَهُوَ مَرِيض، فَورثَهَا عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ مِنْهُ بعد انْقِضَاء عدتهَا، فقد فعله مثل عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَبلغ ذَلِك عُثْمَان، واشتهر بَين الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، وَلم ينْقل عَن أحد مِنْهُم أَنه أنكرهُ، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي توريثها مِنْهُ. وَزَاد بَعضهم فِي هَذِه الرِّوَايَة، قَالَ عبد الرَّحْمَن: " مَا فَرَرْت من كتاب الله ". وَقد استفتي ابْن عَبَّاس، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَابْن عمر، وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُم فِي مسَائِل، وَأَجَابُوا عَنْهَا، وفيهَا ذكر الثَّلَاث، فَلم يعيبوا ذَلِك. وَرُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ للَّذي زعم أَنه طلق امْرَأَته ألفا: " إِنَّمَا يَكْفِيك من ذَلِك ثَلَاث، وضربه بِالدرةِ ". وَمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ لرجل قَالَ لَهُ إِنَّه طلق امْرَأَته ثَلَاثًا: " عصيت رَبك، وَبَانَتْ مِنْك امْرَأَتك، وَإِن الله تَعَالَى قَالَ: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن فِي قبل عدتهن} ، فَيحْتَمل أَنه إِنَّمَا سُئِلَ عَمَّن طلق امْرَأَته، وَهِي

مسألة

حَائِض "، فقد رُوِيَ عَنهُ بِخِلَافِهِ. وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَن عمرَان بن حُصَيْن، وَأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " طَلَاق السّنة أَن يطلقهَا طَاهِرا من غير جماع ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (220) : لم يذكرهَا، وَإِذا قَالَ لامْرَأَته الْمَدْخُول بهَا: " أَنْت بتة، أَو بتلة، أَو خلية، أَو بَريَّة، أَو بَائِن، أَو حرَام "، وَأَرَادَ بِهِ الطَّلَاق، كَانَ رَجْعِيًا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " تكون بَائِنا ". روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن عَمه مُحَمَّد بن عَليّ بن شَافِع عَن عبد الله بن عَليّ بن السَّائِب عَن نَافِع بن عجير بن عبد يزِيد أَن

فقال يا رسول الله إني طلقت امرأتي سهيمة البتة ووالله ما أردت إلا واحدة فقال رسول الله

ركَانَة بن عبد يزِيد طلق امْرَأَته سهيمة المزنية الْبَتَّةَ، ثمَّ أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: " يَا رَسُول الله، إِنِّي طلقت امْرَأَتي سهيمة الْبَتَّةَ، وَوَاللَّه مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة "، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لركانة: " وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة؟ " فَقَالَ ركَانَة: " وَالله مَا أردْت إِلَّا وَاحِدَة "، فَردهَا إِلَيْهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَطلقهَا الثَّانِيَة فِي زمَان عمر، وَالثَّالِثَة فِي زمَان عُثْمَان، رَضِي الله عَنْهُم. وَعند أبي دَاوُد (عَن مُحَمَّد بن يُونُس عَن عبد الله بن الزبير عَن الشَّافِعِي) بِنَحْوِهِ ". وروى سُفْيَان عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول فِي الخلية، والبرية، والبتة، والبائنة: " وَاحِدَة،

مسألة

وَهُوَ أَحَق بهَا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (221) : وَإِذا قَالَ: " أَنْت بَائِن "، وَنوى بِهِ طَلْقَتَيْنِ وقعتا. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " تقع وَاحِدَة ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لكل امْرِئ مَا نوى ". وَحَدِيث ركَانَة الَّذِي تقدم. وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث جدهن جد، وهزلهن جد: النِّكَاح، وَالطَّلَاق، وَالرَّجْعَة "، وَهَذَا قد نوى طَلْقَتَيْنِ، فَلَا يلغى أَحدهمَا، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (222) : لم يذكرهَا، وَإِذا قَالَ لَهَا: " اخْتَارِي نَفسك "، وَنوى بِهِ طَلْقَة،

فَاخْتَارَتْ نَفسهَا، ونوت بِهِ طَلْقَة، وَقعت طَلْقَة رَجْعِيَّة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " طَلْقَة بَائِنَة ". رُوِيَ عَن عمر، وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ: " إِذا خَيرهَا، فَاخْتَارَتْ نَفسهَا فَهِيَ وَاحِدَة، وَهُوَ أَحَق بهَا، فَإِن اخْتَارَتْ زَوجهَا فَلَا شَيْء ". وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مثله. وَعَن خَارِجَة عَن أَبِيه زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ كَذَلِك، وَفِي رِوَايَة أَنه كَانَ يَجْعَلهَا ثَلَاثًا، عَن إِبْرَاهِيم عَن زيد. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن سعيد بن سُلَيْمَان بن زيد عَن خَارِجَة بن زيد أَنه كَانَ جَالِسا عِنْد زيد فَأتى مُحَمَّد بن أبي عَتيق، وَعَيناهُ تدمعان، فَقَالَ لَهُ: " مَا شَأْنك؟ " فَقَالَ: " ملكت امْرَأَتي أمرهَا، ففارقتني "، فَقَالَ لَهُ زيد: " مَا حملك على ذَلِك؟ "، فَقَالَ لَهُ: " الْقدر "، فَقَالَ لَهُ زيد: " ارتجعها إِن شِئْت، فَإِنَّمَا هِيَ وَاحِدَة، وَأَنت أملك بهَا ".

فاخترناه فلم يكن ذلك طلاقا وروي عن أبي إسحاق قال دخلت أنا وأبو السفر على أبي جعفر فسألته عن التخيير عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها قال فليست بشيء قلنا فإن أناسا يروون عن علي رضي الله عنه أنه قال إن اختارت زوجها

وَعنهُ عَن نَافِع أَن ابْن عمر كَانَ يَقُول: " إِذا ملك الرجل امْرَأَته فالقضاء مَا قَضَت إِلَّا أَن يناكرها الرجل، فَيَقُول: لم أرد إِلَّا تطليقه وَاحِدَة، فَيحلف على ذَلِك، وَيكون أملك بهَا مَا دَامَت فِي عدتهَا ". وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ مَا يُوَافق قَوْلنَا، وَهُوَ مُوَافقَة السّنة الثَّابِتَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " خيرنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاخترناه، فَلم يكن ذَلِك طَلَاقا. وَرُوِيَ عَن أبي إِسْحَاق قَالَ: " دخلت أَنا وَأَبُو السّفر على أبي جَعْفَر، فَسَأَلته عَن التَّخْيِير: عَن رجل خير امْرَأَته فَاخْتَارَتْ نَفسهَا. قَالَ: فَلَيْسَتْ بِشَيْء، قُلْنَا: فَإِن أُنَاسًا يروون عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: إِن اخْتَارَتْ زَوجهَا فتطليقة، وَزوجهَا أَحَق برجعتها، وَإِن اخْتَارَتْ نَفسهَا فتطليقة بَائِنَة، وَهِي أملك بِنَفسِهَا، قَالَ: هَذَا وجدوه فِي الصُّحُف ". وَرُوِيَ عَن مَسْرُوق عَن عبد الله أَنه قَالَ: " إِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته

مسألة

استفلحي بِأَمْرك، أَو أَمرك لَك، أَو وَهبهَا لأَهْلهَا، فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة ". وَرُوِيَ عَن مَسْرُوق: " إِذا قَالَ الرجل لامْرَأَته: استفلحي أَمرك، أَو اخْتَارِي، أَو وَهبهَا لأَهْلهَا، فَهِيَ وَاحِدَة بَائِنَة ". قَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي: " وَسَأَلت سُفْيَان، فَقَالَ: هُوَ عَن مَسْرُوق، يَعْنِي أَنه لم يقل: عَن عبد الله ". (وَقد رُوِيَ عَن شريك عَن أبي حُصَيْن فِي الْهِبَة، فقبلوها، فَهِيَ تَطْلِيقَة، وَهُوَ أَحَق بهَا) ". وَرُوِيَ عَن عمر، وَعبد الله، وَزيد فِيمَن جعل أَمر امْرَأَته بِيَدِهَا، فَطلقت نَفسهَا ثَلَاثًا، أَنَّهَا وَاحِدَة، وَهُوَ أَحَق بهَا، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (223) : وَقَول الرجل لامْرَأَته: " أَنْت عَليّ حرَام "، صَرِيح فِي التَّحْرِيم،

والمؤمنين إذا حرموا شيئا مما أحل الله تعالى أن يكفروا عن أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة وليس في ذلك الطلاق وفي الصحيحين عنه قال إذا حرم الرجل عليه امرأته فهي يمين يكفرها وقال لقد كان لكم في رسول الله

على أحد الْقَوْلَيْنِ، وَالْكَفَّارَة فِيهِ تجب بِنَفس اللَّفْظ، كَمَا لَو نوى بِهِ التَّحْرِيم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " إِنَّه يَمِين بِلَفْظِهِ دون الْإِرَادَة، وَالْكَفَّارَة فِيهِ تجب بِالْحلف فِيهَا ". قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} الْآيَتَيْنِ. رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله عز وَجل: {قد فرض الله لكم تَحِلَّة أَيْمَانكُم} أَمر الله النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَالْمُؤمنِينَ إِذا حرمُوا شَيْئا مِمَّا أحل الله تَعَالَى أَن يكفروا عَن أَيْمَانهم بإطعام عشرَة مَسَاكِين، أَو كسوتهم، أَو تَحْرِير رَقَبَة، وَلَيْسَ فِي ذَلِك الطَّلَاق ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ قَالَ " إِذا حرم الرجل عَلَيْهِ امْرَأَته فَهِيَ يَمِين يكفرهَا، وَقَالَ: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} ". وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَالله أعلم أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حرم على نَفسه جَارِيَته، فَنزل {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك} ، فَأخْبر أَنَّهَا لَا تحرم عَلَيْهِ بذلك، وَأمر بكفارة الْيَمين، دون شَرط الْحلف. فعبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " فَهِيَ يَمِين يكفرهَا "،

أَي هِيَ كاليمين فِي امْتنَاع وُقُوع تَحْرِيم الْفرج بذلك، وَفِي وجوب الْكَفَّارَة، (لَا أَن) الْكَفَّارَة تجب فِيهَا بِالْحلف؛ إِذْ لَو كَانَ كَذَلِك لبينه، وَيدل عَلَيْهِ الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنهُ. وَهَكَذَا معنى قَول غَيره: " إِنَّهَا يَمِين يكفرهَا "، وَالله أعلم. وَهَذِه الْمَسْأَلَة، وَالَّتِي تَلِيهَا لم اخْرُج فِيهَا جَمِيع مَا نقل إِلَيّ عَن الصَّحَابَة وَالسَّلَف الصَّالِحين رَضِي الله عَنْهُم لكثرته، وهأنا أستخير الله تَعَالَى فِيهِ لاختيار أقرب الْأَقْوَال فِيهَا إِلَى الصَّوَاب، وَالله الْمُوفق لذَلِك برحمته. رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " فِي الْحَرَام يَمِين ". وَعَن ابْن عمر، وَزيد فِيمَن قَالَ لامْرَأَته: " أَنْت عَليّ حرَام "، قَالَا: " كَفَّارَة يَمِين "، وَالله أعلم. وَعَن عَامر فِي الرجل يَجْعَل امْرَأَته عَلَيْهِ حَرَامًا، قَالَ: " يَقُولُونَ: إِن عليا جعلهَا ثَلَاثًا ".

مسالة

قَالَ عَامر: " مَا قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ هَذَا، إِنَّمَا قَالَ: لَا أحلهَا، وَلَا أحرمهَا عَلَيْهِ "، وَالله أعلم. مسالة (224) : وَإِذا حرم على نَفسه الطَّعَام وَالشرَاب لم يلْزمه كَفَّارَة. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " يلْزمه كَفَّارَة الْيَمين ". وَبِنَاء الْمَسْأَلَة لنا على سَبَب نزُول آيَة التَّحْرِيم، وَقد اخْتلفُوا فِيهِ، فَروِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَت لَهُ أمة يَطَؤُهَا، فَلم تزل بِهِ حَفْصَة حَتَّى جعلهَا على نَفسه حَرَامًا، فَأنْزل الله عز وَجل هَذِه الْآيَة: {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك تبتغي مرضات أَزوَاجك} الْآيَة، قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح "، فالآية فِي قَول أَكثر الْمُفَسّرين نزلت فِي تَحْرِيم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَارِيَة الْقبْطِيَّة،

آلى وحرم فوجوب الكفارة تعلق بالإيلاء لا بالتحريم وروي ذلك عنه عن عائشة رضي الله عنها والمرسل أصح وإلى مثل ذلك ذهب قتادة وهو أن النبي

فَكَانَ ذَلِك تَحْرِيم فرج، فقاس عَلَيْهِ الشَّافِعِي تَحْرِيم الرجل عَلَيْهِ فرج امْرَأَته فِي تعلق الْكَفَّارَة بِهِ. فَأَما الطَّعَام فَإِنَّهُ يُفَارق تَحْرِيم الْفرج، فَلم يتَعَلَّق بِتَحْرِيمِهِ وجوب الْكَفَّارَة، على أَن مَسْرُوق بن الأجدع ذهب إِلَى أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - آلى وَحرم، فوجوب الْكَفَّارَة تعلق بالإيلاء، لَا بِالتَّحْرِيمِ. وَرُوِيَ ذَلِك عَنهُ عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، والمرسل أصح. وَإِلَى مثل ذَلِك ذهب قَتَادَة، وَهُوَ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لحفصة: " اسكتي، فوَاللَّه لَا أقربها، وَهِي عَليّ حرَام ". وَكَذَلِكَ قَالَ زيد بن أسلم أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حرم أم إِبْرَاهِيم، قَالَ: " أَنْت عَليّ حرَام، وَالله لَا أمسك، فَأنْزل الله عز وَجل فِي ذَلِك مَا أنزل ". وَأما حَدِيث عَائِشَة فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يمْكث عِنْد زَيْنَب، وَيشْرب عِنْدهَا عسلا الحَدِيث، وَفِيه قَالَ: " شربت عسلا

يشرب من شراب عند سودة من العسل فدخل على عائشة رضي الله عنها فقالت إني أجد منك ريحا ثم دخل على حفصة رضي الله عنها فقالت إني أجد منك ريحا فقال إني أراه من شراب شربته عند سودة والله لا أشربه فنزلت هذه الآية يا

عِنْد زَيْنَب، وَلنْ أَعُود لَهُ، فَنزلت: {يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك ... إِلَى ... إِن تَتُوبَا إِلَى الله} لعَائِشَة وَحَفْصَة (وَإِذ أسر النَّبِي إِلَى بعض أَزوَاجه حَدِيثا " لقَوْله: " بل شربت عسلا ". وَفِي رِوَايَة لهَذَا الحَدِيث عِنْد البُخَارِيّ قَالَ: " وَلنْ أَعُود لَهُ، وَقد حَلَفت، فَلَا تُخْبِرِي بذلك أحدا ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يشرب من شراب عِنْد سَوْدَة من الْعَسَل، فَدخل على عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، فَقَالَت: إِنِّي أجد مِنْك ريحًا، (ثمَّ دخل على حَفْصَة، رَضِي الله عَنْهَا، فَقَالَت: إِنِّي أجد مِنْك ريحًا "، فَقَالَ: إِنِّي أرَاهُ من شراب شربته عِنْد سَوْدَة، وَالله لَا أشربه، فَنزلت هَذِه الْآيَة (يَا أَيهَا النَّبِي لم تحرم مَا أحل الله لَك (، وَهَذَا إِسْنَاد صَحِيح، وَإِن كَانَ يُخَالف الأول فِي اسْم من كَانَ يشرب عِنْدهَا، فَفِيهِ زِيَادَة مَحْفُوظَة، وَهِي قَوْله: " وَالله لَا أشْرب "، فَحلف بقوله: " وَالله "، فَلذَلِك تعلّقت بِهِ الْكَفَّارَة، إِن كَانَت الْآيَة نزلت فِيهِ، وَالله أعلم.

مسألة

وَرُوِيَ عَن مَسْرُوق قَالَ: " أُتِي عبد الله بضرع، فَقَالَ للْقَوْم: ادْنُوا، فَأخذُوا يطعمونه، فَكَانَ رجل مِنْهُم نَاحيَة، فَقَالَ عبد الله: ادن، فَقَالَ: إِنِّي لَا أريده، فَقَالَ: لم؟ ، قَالَ: لِأَنِّي حرمت الضَّرع، فَقَالَ عبد الله: هَذَا من خطوَات الشَّيْطَان، فَقَالَ عبد الله: {يَا أَيهَا الَّذين ءامنوا لَا تحرموا طَيّبَات مَا أحل الله لكم وَلَا تَعْتَدوا إِن الله لَا يحب الْمُعْتَدِينَ} ، ادن، فَكل، وَكفر عَن يَمِينك؛ فَإِن هَذَا من خطوَات الشَّيْطَان. قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ: " لَيْسَ فِي هَذِه الْآيَة إِيجَاب الْكَفَّارَة بِالتَّحْرِيمِ، وَيُشبه أَن يكون الرجل حرمه على نَفسه، وَحلف أَن لَا يعود إِلَى أكله، فَلذَلِك أمره ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ بِالْكَفَّارَةِ، أَلا ترَاهُ قَالَ: وَكفر عَن يَمِينك، فعلق وجوب الْكَفَّارَة بِالْيَمِينِ، لَا بِالتَّحْرِيمِ "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (225) : وَلَا يَقع طَلَاق الْمُكْره إِلَّا أَن يُرِيد وُقُوعه. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّه وَاقع ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " قَالَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ وتقدست أسماؤه: {إِلَّا من أكره وَقَلبه مطمئن بِالْإِيمَان} ، وللكفر أَحْكَام، فَلَمَّا وضع الله تَعَالَى عَنهُ سَقَطت أَحْكَام الْإِكْرَاه عَن

تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه قال أبو عبد الله الحاكم هذا حديث صحيح وروي عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي

القَوْل كُله؛ لِأَن الْأَعْظَم إِذا سقط عَن النَّاس سقط مَا هُوَ أَصْغَر مِنْهُ "، وَبسط الْكَلَام فِي بَيَان الْإِكْرَاه، ثمَّ قَالَ: " فَإِذا خَافَ هَذَا سقط عَنهُ حكم مَا أكره عَلَيْهِ من قَول مَا كَانَ القَوْل "، فَذكر البيع، وَالنِّكَاح، وَالطَّلَاق، وَالْعتاق، وَالْإِقْرَار. رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: تجَاوز الله عَن أمتِي الْخَطَأ، وَالنِّسْيَان، وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ "، قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح ". وَرُوِيَ عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " غن الله تجَاوز عَن أمتِي الْخَطَأ، وَالنِّسْيَان، وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ ". وَفِي رِوَايَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وضع عَن أمتِي الْخَطَأ، وَالنِّسْيَان، وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ "، قَالَ أَبُو عبد الله: " تفرد بِهِ الْوَلِيد بن مُسلم عَن مَالك، وَهُوَ غَرِيب، صَحِيح ". وَرُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا طَلَاق،

وَلَا عتاق فِي إغلاق "، قَالَ الْخطابِيّ: " معنى الإغلاق الْإِكْرَاه ". وروى مَالك عَن ثَابت بن الْأَحْنَف أَنه تزوج أم ولد لعبد الرَّحْمَن بن زيد بن الْخطاب قَالَ: " فدعاني عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، فَجِئْته فَدخلت عَلَيْهِ، فَإِذا بسياط مَوْضُوعَة، (وَإِذا قيدان) من حَدِيد، (وعبدان) لَهُ قد أجلسهما، فَقَالَ: " طَلقهَا، وَإِلَّا - وَالَّذِي يحلف بِهِ - فعلت بك كَذَا وَكَذَا " فَقلت: " هِيَ الطَّلَاق ألفا "، قَالَ: " فَخرجت من عِنْده، فأدركت عبد الله بن عمر بطرِيق مَكَّة، فَأَخْبَرته بِالَّذِي كَانَ من شأني، فتغيظ عبد الله، وَقَالَ: " لَيْسَ ذَلِك بِطَلَاق، وَإِنَّهَا لم تحرم عَلَيْك، فَارْجِع إِلَى أهلك "، قَالَ: " فَلم تقر نَفسِي حَتَّى أتيت عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ يَوْمئِذٍ بِمَكَّة، فَأَخْبَرته بِالَّذِي كَانَ من شأني، وَالَّذِي قَالَ لي عبد الله بن عمر، رَضِي الله عَنْهُمَا، فَقَالَ لي عبد الله بن الزبير: " لم تحرم عَلَيْك،

فَارْجِع إِلَى أهلك "، قَالَ: " وَكتب إِلَى جَابر بن الْأسود الزُّهْرِيّ، وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة يؤمئذ، فَأمره أَن يُعَاقب عبد الله بن عبد الرَّحْمَن، وَأَن يخلي بيني وَبَين أَهلِي ". وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن يحيى بن أبي كثير أَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لم يجز طَلَاق الْمُكْره. وَعَن الْأَوْزَاعِيّ عَن عَطاء، وَعبد الله بن عبيد أَنَّهُمَا ألغيا طَلَاق الْمُكْره. وَرَوَاهُ الثَّوْريّ عَن اللَّيْث عَن عَطاء وَطَاوُس قَالَا: " طَلَاق المستكره لَيْسَ بِشَيْء ". وَعَن سماك عَن الْحسن قَالَ: " لَيْسَ بِشَيْء ". ورويناه عَن جَابر بن زيد، وَعِكْرِمَة، وَعمر بن عبد الْعَزِيز. وَرُوِيَ عَن الْحسن عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " طَلَاق

الْمُكْره لَيْسَ بِطَلَاق ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى عَطاء بن عجلَان عَن عِكْرِمَة بن خَالِد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: " كل الطَّلَاق جَائِز إِلَّا طَلَاق الْمَعْتُوه، والمغلوب على عقله "، تفرد بِهِ عَطاء، وَعِكْرِمَة بن خَالِد لم يدْرك أَبَا هُرَيْرَة، وَقد روى عَنهُ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، وَكَيف مَا رَوَاهُ فَهُوَ مَتْرُوك مَنْسُوب إِلَى الْوَضع، يَعْنِي عَطاء بن عجلَان، وَقد روينَاهُ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ لَا يُجِيز طَلَاق الْمُكْره. وَإِنَّمَا الرِّوَايَة فِيهِ عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ. وَقد روينَا فِيهِ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه لَا يَقع، فَيحْتَمل أَنه رَضِي الله عَنهُ أَرَادَ طَلَاق الْمَعْتُوه وَمن فِي مَعْنَاهُ. وَرُوِيَ عَن عبد الْملك بن قدامَة عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن

حَاطِب الجُمَحِي عَن أَبِيه أَن رجلا تدلى يشتار عسلا فِي زمَان عمر، رَضِي الله عَنهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَته، فوقفت على الْحَبل، فَحَلَفت لتقطعنه، أَو لتطلقني ثَلَاثًا، فَذكرهَا الله وَالْإِسْلَام، فَأَبت إِلَّا ذَلِك، فَطلقهَا ثَلَاثًا، فَلَمَّا ظهر أَتَى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَذكر لَهُ مَا كَانَ مِنْهَا إِلَيْهِ، وَمَا كَانَ مِنْهُ إِلَيْهَا، فَقَالَ: " ارْجع إِلَى أهلك، فَلَيْسَ هَذَا بِطَلَاق "، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ. وَرَوَاهُ (أَبُو عبيد) عَن قدامَة بِهَذِهِ الْقِصَّة، قَالَ: " فَرفع إِلَى عمر، رَضِي الله عَنهُ، فَأَبَانَهَا مِنْهُ " ثمَّ قَالَ أَبُو عبيد: " وَقد رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ بِخِلَافِهِ ". قَالَ: " ويروى عَن عَليّ، وَابْن عَبَّاس، وَابْن عمر، وَابْن الزبير، وَعَطَاء، وَعبد الله بن عبيد بن عُمَيْر رَضِي الله عَنْهُم أَنهم كَانُوا يرَوْنَ طَلَاقه غير جَائِز "، وَكَأن أَبَا عبيد تنبه لخطأ وَقع فِي رِوَايَته فَقَالَ ذَلِك، والْحَدِيث مُنْقَطع.

فليس فيه أن المشركين أكرهوهما على اليمين والعهد وكان هذا في ابتداء الإسلام قبل ثبوت الأحكام واليوم فلو حلف على ترك قتال المشركين فإنا نأمره بأن يحنث نفسه ويقاتل المشركين فإن قتالهم خير مما حلف عليه من تركه واستدلوا

وَلَا حجَّة لَهُم فِيمَا استدلوا بِهِ من حَدِيث حُذَيْفَة بن الْيَمَان وَابْنه رَضِي الله عَنْهُمَا حِين أَخذ عَلَيْهِمَا الْمُشْركُونَ عهد الله أَن ينصرفا إِلَى الْمَدِينَة، وَلَا يقاتلا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَلَيْسَ فِيهِ أَن الْمُشْركين أكرهوهما على الْيَمين والعهد، (وَكَانَ) هَذَا فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام قبل ثُبُوت الْأَحْكَام، وَالْيَوْم فَلَو حلف على ترك قتال الْمُشْركين، فَإنَّا نأمره بِأَن يَحْنَث نَفسه، وَيُقَاتل الْمُشْركين، فَإِن قِتَالهمْ خير مِمَّا حلف عَلَيْهِ من تَركه. وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث جدهن جد، وهزهن جد: الطَّلَاق، وَالنِّكَاح، وَالرَّجْعَة، قُلْنَا: " هَذَا لَيْسَ من الْإِكْرَاه فِي شَيْء؛ لِأَن الْمُكْره لَيْسَ بجاد، وَلَا هازل "، وَالله أعلم. مسالة (226) :

(صفحه فارغة)

(صفحه فارغة)

قال فيم أطهرك فقال من الزنا فسأل النبي

وَطَلَاق السَّكْرَان لَا يَقع على أحد الْقَوْلَيْنِ، وَهَذَا القَوْل الَّذِي تفرد الْمُزنِيّ رَحمَه الله بنقله واختياره. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِذا كَانَ يُمَيّز بَين الْأَجْنَبِيّ وَامْرَأَته يَقع طَلَاقه ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن بُرَيْدَة رَضِي الله عَنهُ حَدِيث مَاعِز: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " فيمَ أطهرك؟ " فَقَالَ: " من الزِّنَا "، فَسَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أبه جُنُون؟ فَأخْبر أَنه لَيْسَ بمجنون، فَقَالَ: " أشربت خمرًا؟ " فَقَامَ رجل فاستنكهه فَلم يجد مِنْهُ ريح خمر ". قَالَ أَصْحَابنَا: " إِنَّمَا سَأَلَهُ عَن شربه الْخمر لكَي يبطل إِقْرَاره بِالزِّنَا إِن كَانَ سكرانا، وَإِذا كَانَ إِقْرَاره بِالزِّنَا سَاقِطا كَانَ طَلَاقه هدرا ".

ودوي عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لَا طَلَاق للسكران، وَلَا للمعتوه ". وَعَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ: " قرئَ علينا كتاب عمر بن عبد الْعَزِيز بِالْمَدِينَةِ يذكر فِيهِ السّنة، فَذكر فِيمَا يذكر: وَأَن طَلَاق السَّكْرَان لَيْسَ بجائز ". وَعنهُ قَالَ: " سَمِعت أبان بن عُثْمَان وَهُوَ أَمِير علينا بِالْمَدِينَةِ سُئِلَ عَن طَلَاق السَّكْرَان فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْء ". وَعَن رَجَاء بن حَيْوَة: " قَرَأَ علينا عبد الْملك بن مَرْوَان كتاب مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان رَضِي اله عَنْهُمَا فِيهِ السّنَن: أَن كل وَاحِد طلق امْرَأَته جَائِز أَلا الْمَجْنُون ".

رُوِيَ أَن عمر بن عبد الْعَزِيز إِنَّمَا ذهب إِلَى ذَلِك لِأَن أبان بن عُثْمَان أخبرهُ عَن أَبِيه أَنه قَالَه. وَاسْتَدَلُّوا بقول عَليّ لعمر حِين استشارهم فِي الْخمر يرى أَن يجلده ثَمَانِينَ، فَإِنَّهُ إِذا شرب سكر، وَإِذا سكر هذى، وَإِذا هذى افترى، أَو كَمَا قَالَ، رَوَاهُ مَالك عَن ثَوْر بن يزِيد. قَالُوا: " فقد جعل لقذفه حكم ". قَالَ أَصْحَابنَا: " هَذَا دليلنا؛ لِأَنَّهُ جعل قَوْله هذيانا، وَإِنَّمَا جلده ثَمَانِينَ للشُّرْب، لَا للقذف؛ إِذْ لَو كَانَ للقذف لأضاف إِلَيْهِ حد الشّرْب، وَقَوله رَضِي الله عَنهُ يدل على أَنه للشُّرْب ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنهُ قَالَ: " مَا من رجل أَقمت عَلَيْهِ حدا فَمَاتَ

لم يسنه وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي

فأجده فِي نَفسِي إِلَّا الْخمر؛ فَإِنَّهُ إِن مَاتَ وديته؛ لِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يسنه ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جلد فِي الْخمر بِالْجَرِيدِ وَالنعال ثمَّ جلد أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ ودنا النَّاس (من الرِّيف والقرى) فَقَالَ: " إِن النَّاس قد دنوا من الرِّيف فَمَا ترَوْنَ فِي حد الْخمر؟ " فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف رَضِي الله عَنهُ: " أرى أَن تجعلها كأخف الْحُدُود "، (فجلد فِيهِ ثَمَانِينَ) ". وَقَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث جدهن جد، وهزلهن جد "، وَمن زَالَ عقله بسكر أَو غَيره لم يكن لَهُ جد، وَلَا هزل، فَلَا يَقع طَلَاقه، كَالْمَجْنُونِ. وَكَذَلِكَ قَول عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " كل الطَّلَاق جَائِز إِلَّا طَلَاق

مسألة

الْمَعْتُوه "، وَهَذَا لَا يُخَالف قَول عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ؛ فالمعتوه إِنَّمَا لم يَقع طَلَاقه لزوَال عقله، والسكران فِي مَعْنَاهُ. وَهَكَذَا الْجَواب عَمَّا رُوِيَ عَن كتاب مُعَاوِيَة، رَضِي الله عَنهُ. وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " إِن طَلَاق السَّكْرَان يَقع، فزوال عقله كَانَ بِمَعْصِيَة، فَلم يكن سَببا مَانِعا من وُقُوع طَلَاقه ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (227) : والمبتوتة فِي مرض الْمَوْت لَا تَرث على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّهَا تَرث ". رُوِيَ عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: " سَأَلت عبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ عَن رجل يُطلق امْرَأَته فِي مَرضه فيبتها، قَالَ: أما عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فيورثها، وَأما أَنا فَلَا أرى أَن أورثها ببينونته إِيَّاهَا ". وَفِي رِوَايَة عَنهُ: " أطلق عبد الرَّحْمَن بن عَوْف تماضر بنت الإصبغ الْكَلْبِيَّة فبتها، ثمَّ مَاتَ وَهِي فِي عدتهَا، فَورثَهَا عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، وَأما أَنا فَلَا أرى أَن تَرث مبتوتة ".

وَعبد الله بن الزبير رَضِي الله عَنهُ قد عاصر الصَّحَابَة الْمُتَقَدِّمين، وَصَارَ من فقهائهم، وَالرِّوَايَة عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ مُخْتَلفَة. فَروِيَ عَنهُ أَنه ورثهَا فِي الْعدة، وَرُوِيَ عَنهُ أَنه ورثهَا بعد انْقِضَاء الْعدة وهم لَا يَقُولُونَ بِهِ. رَوَاهُ مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن طَلْحَة بن عبد الله بن عَوْف، وَقَالَ: " وَكَانَ أعلمهم بذلك ". وَعَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وَرُوِيَ عَن عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، أَيْضا " أَنه ورث أم حَكِيم بنت قارظ بن عبد الله بن مكمل بعد مَا (حلت) ". وروى مَالك عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن: " بَلغنِي أَن امْرَأَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف سَأَلته أَن يطلقهَا، فَقَالَ لَهَا: إِذا حِضْت ثمَّ طهرت فآذنيني فَلم تَحض حَتَّى مرض عبد الرَّحْمَن، فَلَمَّا طهرت آذنته، فَطلقهَا الْبَتَّةَ، أَو تَطْلِيقَة لم يكن بَقِي لَهُ عَلَيْهَا من الطَّلَاق غَيرهَا، وَعبد الرَّحْمَن يَوْمئِذٍ مَرِيض، فَورثَهَا عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ بعد انْقِضَاء عدتهَا ". وَهَذَا يُؤَكد مَا مضى لنا، وَفِيه أَنَّهَا سَأَلت الطَّلَاق، وَعِنْدهم إِذا سَأَلته لم تَرث، فقد خالفوا عُثْمَان فِي هَذِه الْقَضِيَّة. وَنحن وَإِن قُلْنَا بتوريث المبتوتة فَلَا نخالفه فِي توريثها بعد انْقِضَاء الْعدة. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَالَّذِي أخْتَار إِن ورثت بعد مُضِيّ الْعدة

أَن تَرث مَا لم تزوج، فَإِن تزوجت فَلَا تَرثه؛ فترث زَوْجَيْنِ، وَتَكون كالتاركة لحقها بِالتَّزْوِيجِ ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " حَيْثُ لَا تَرث المبتوتة أتبع فِي ذَلِك من الصَّحَابَة عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَعبد الله بن الزبير. وَفِي القَوْل الآخر أخْتَار أَن ورثت مِنْهُ (أَن تَرث) مَا لم تتَزَوَّج "، وَتبع فِي أصح الرِّوَايَتَيْنِ عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَمَا رُوِيَ عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ فِي توريثها بعد انْقِضَاء الْعدة مَا لم تتَزَوَّج. والعراقيون قد خالفوا الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا، قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَقَالَ غَيرهم يَعْنِي غير الصَّحَابَة من أهل الْحجاز، (وهم الْعِرَاقِيُّونَ) تَرثه مَا لم تنقض الْعدة ". وَرَوَاهُ عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ بِإِسْنَاد لَا يثبت مثله عِنْد أهل الحَدِيث، رُوِيَ عَن الْمُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم عَن عمر: " تَرثه فِي الْعدة، وَلَا يَرِثهَا ". وَهَذَا مُنْقَطع، وَلم يسمعهُ مُغيرَة من إِبْرَاهِيم. , إِنَّمَا رَوَاهُ عُبَيْدَة الضَّبِّيّ، وَالرِّوَايَة عَنهُ فِيهِ مُخْتَلفَة، مَعَ أَنه

كتب إلى شريح بخمس جاء بهن يعني عروة وإذا طلق الرجل امرأته ثلاثا وهو مريض ترثه ما دامت في عدتها فالرواية لهذا الحديث كما ترى وأما حديث أشعث عن الشعبي أن عثمان رضي الله عنه طلق امرأته وهو محصور ثلاثا فورثها علي رضي

غير مُحْتَج بِهِ عِنْد أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ. قَالَ يحيى بن سعيد: " كَانَ ثِقَة، يرْوى حَدِيث الْمُغيرَة عَن عُبَيْدَة عَن إِبْرَاهِيم عَن عمر فِي الَّذِي يُطلق امْرَأَته وَهُوَ مَرِيض، وَكَانَ هشيم يَقُول: " ذكر عُبَيْدَة عَن إِبْرَاهِيم عَن عمر "، قَالَ يحيى بن سعيد: " فَسَأَلت عُبَيْدَة عَنهُ فحدثنا عَن إِبْرَاهِيم وَالشعْبِيّ أَن ابْن هُبَيْرَة كتب إِلَى شُرَيْح، وَلَيْسَ عَن عمر ". وَفِي رِوَايَة عَن مُغيرَة عَنهُ عَن إِبْرَاهِيم أَنه كَانَ فِي هَذَا الْكتاب يَعْنِي عُرْوَة الْبَارِقي، وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، كتب إِلَى شُرَيْح بِخمْس جَاءَ بِهن، يَعْنِي عُرْوَة: " وَإِذا طلق الرجل امْرَأَته ثَلَاثًا وَهُوَ مَرِيض تَرثه مَا دَامَت فِي عدتهَا ". فَالرِّوَايَة لهَذَا الحَدِيث كَمَا ترى. وَأما حَدِيث أَشْعَث عَن الشّعبِيّ " أَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ طلق امْرَأَته وَهُوَ مَحْصُور ثَلَاثًا، فَورثَهَا عَليّ، رَضِي الله عَنهُ "، فَإِنَّهُ مُنْقَطع، وَلَيْسَ فِيهِ حجَّة؛ فعثمان رَضِي الله عَنهُ طَلقهَا ثَلَاثًا وَهُوَ صَحِيح، وكلامنا فِيمَن طلق فِي مرض مَوته. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (228) : وَإِذا طلق امْرَأَته طَلْقَة أَو طَلْقَتَيْنِ ثمَّ عَادَتْ إِلَيْهِ بعد مَا (أَصَابَت

زوجا) . عَادَتْ بِمَا بَقِي من عدد الطَّلَاق. قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " عَادَتْ إِلَيْهِ بِالثلَاثِ ". دليلنا من طَرِيق الْأَثر مَا رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " سَأَلت عمر رَضِي الله عَنهُ عَن رجل من أهل الْبَحْرين طلق امْرَأَته تَطْلِيقَة أَو ثِنْتَيْنِ، فنكحت زوجا، ثمَّ مَاتَ عَنْهَا أَو طَلقهَا فَرَجَعت إِلَى الأول على كم هِيَ عِنْده؟ قَالَ: هِيَ عِنْده على مَا بَقِي ". رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد وَعبيد الله وَسليمَان بن يسَار عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ بِمَعْنَاهُ. وروى شُعْبَة عَن الحكم عَن بُرَيْدَة عَن أَبِيه أَنه سمع عليا

رَضِي الله عَنهُ يَقُول: " هِيَ على مَا بَقِي "، هَذَا هُوَ الصَّحِيح عَنهُ، رَضِي الله عَنهُ. وَالَّذِي روى عبد الْأَعْلَى عَن ابْن الحنيفة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ بِخِلَاف ذَلِك لَا يَصح، فَأهل الْعلم بِالْحَدِيثِ يضعفون رِوَايَة عبد الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيّ عَن ابْن الْحَنَفِيَّة. وَرُوِيَ عَن أبي بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لَا يهدم الثَّلَاث ". استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن عمر، وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم: " يهدم النِّكَاح الطَّلَاق ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " رَجَعَ الطَّلَاق جَدِيدا ".

مسألة

وَمن قُلْنَا بقوله أَكثر عددا، وأكبر سنا، وَفِيهِمْ إِمَامًا هدى عمر وَعلي رَضِي الله عَنْهُمَا فمتابعتهم أولى. وَرَوَاهُ ابْن الْمُنْذر عَنْهُم، ثمَّ قَالَ: " رُوِيَ ذَلِك عَن زيد، ومعاذ، وَعبد الله بن عَمْرو، رَضِي الله عَنْهُم، وَبِه قَالَ عُبَيْدَة السَّلمَانِي، وَسَعِيد بن الْمسيب، وَالْحسن الْبَصْرِيّ ... ". مَسْأَلَة (229) : وَاعْتِبَار عدد الطَّلَاق برق الزَّوْج وحريته، وَاعْتِبَار قدر الْعدة برق الْمَرْأَة وحريتها. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " برق الزَّوْجَة وحريتها فيهمَا جَمِيعًا ". روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن

أو عبد مكاتب تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي

مولى آل طَلْحَة عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عبد الله بن عتبَة عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " ينْكح العَبْد امْرَأتَيْنِ، وَيُطلق تَطْلِيقَتَيْنِ ". وَعَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن نفيعا، مكَاتبا لأم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو عبد مكَاتب تَحْتَهُ امْرَأَة حرَّة فَطلقهَا اثْنَتَيْنِ، ثمَّ أَرَادَ أَن يُرَاجِعهَا فَأمره أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يَأْتِي عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ يسْأَله عَن ذَلِك، فَذهب إِلَيْهِ فَلَقِيَهُ عِنْد الدرج آخِذا بيد زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلَهُمَا فابتدراه جَمِيعًا

فَقَالَا: " حرمت عَلَيْك، حرمت عَلَيْك ". وَعَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن ابْن الْمسيب عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ بذلك فِي نفيع مكَاتب لأم سَلمَة، رَضِي الله عَنْهَا. وَعَن مَالك عَن عبد ربه بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن زيد بن ثَابت فِي نفيع أَيْضا. وَرُوِيَ عَن زيد: " الطَّلَاق بِالرِّجَالِ، وَالْعدة بِالنسَاء ". وَعَن عَطاء عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " الطَّلَاق - أرَاهُ قَالَ - بِالرِّجَالِ، وَالْعدة بِالنسَاء ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن مظَاهر بن أسلم عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد

عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَرْفُوعا: " تطلق الْأمة تَطْلِيقَتَيْنِ، وقرؤها حيضتين. . ". هَذَا حَدِيث تفرد بِهِ مظَاهر بِهَذَا الْإِسْنَاد، قَالَ أَبُو دَاوُد: " مظَاهر رجل مَجْهُول، وَالْأَمر على غير هَذَا، وَهَذَا مُنكر ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ: سَمِعت أَبَا عَاصِم يَقُول: لَيْسَ بِالْبَصْرَةِ حَدِيث أنكر، يَعْنِي من حَدِيث مظَاهر هَذَا، قَالَ النَّيْسَابُورِي: وَالصَّحِيح عَن الْقَاسِم خلاف هَذَا ". وَرُوِيَ بِإِسْنَاد أَوْهَى من هَذَا عَن عمر بن شبيب الْمسلي عَن

عبد الله بن عِيسَى عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا: " طَلَاق الْأمة ثِنْتَانِ، وعدتها حيضتان ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " تفرد بِهِ عمر بن شبيب مَرْفُوعا، وَكَانَ ضَعِيفا، وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ سَالم وَنَافِع من قَوْله "، يَعْنِي أَيهمَا رق نقض الطَّلَاق برقه، كَذَا رَوَاهُ الزُّهْرِيّ عَن سَالم عَن أَبِيه (مَوْقُوفا) . وَرَوَاهُ عبد الله، وَاللَّيْث، وَابْن جريج، وَغَيرهم عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا (مَوْقُوفا) . وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " مُنكر غير ثَابت من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن عَطِيَّة ضَعِيف، وَسَالم وَنَافِع أصح رِوَايَة. وَالْآخر: أَن عمر بن شبيب ضَعِيف لَا يحْتَج بروايته، وَالله أعلم ". وَقَالَ ابْن معِين: " عمر بن شبيب لم يكن بِشَيْء، وَقد رَأَيْته ".

مسألة

ثمَّ يُعَارضهُ حَدِيث: " إِنَّمَا الطَّلَاق بيد من أَخذ بالساق "، رُوِيَ عَن عصمَة بن مَالك الخطمي مَرْفُوعا. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَيْضا مَرْفُوعا: " أَلا إِنَّمَا يملك الطَّلَاق من أَخذ بالساق ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس نَحْو مَذْهَبنَا ومذهبهم. وَرُوِيَ عَنهُ أَيْضا مَا لَا يَقُول بِهِ أحد من الْفُقَهَاء فِي مَمْلُوك كَانَت تَحْتَهُ مَمْلُوكَة فَطلقهَا تَطْلِيقَتَيْنِ، ثمَّ أعتقا بعد ذَلِك، هَل يصلح لَهُ أَن يخطبها؟ قَالَ: " نعم ". فِي إِسْنَاده مَجْهُول. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (230) : والرجعية مُحرمَة الْوَطْء، وَإِذا وَطئهَا فالرجعة لَا تحصل بِالْوَطْءِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّهَا مُبَاح الْوَطْء، وَإِذا وَطئهَا حصلت

الرّجْعَة بذلك ". روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه طلق امْرَأَته وَهِي فِي مسكن حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا وَكَانَت طَرِيقه إِلَى الْمَسْجِد، وَكَانَ يسْلك الطَّرِيق الآخر من أدبار الْبيُوت كَرَاهِيَة أَن يسْتَأْذن عَلَيْهَا حَتَّى (رَاجعهَا) . وروى عبيد الله عَن نَافِع قَالَ: " طلق ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا امْرَأَته صَفِيَّة بنت أبي عبيد تَطْلِيقَة أَو تَطْلِيقَتَيْنِ، فَكَانَ لَا يدْخل عَلَيْهَا إِلَّا بِإِذن، فَلَمَّا رَاجعهَا أشهد على رَجعتهَا، وَدخل عَلَيْهَا ". ورويناه عَن عَطاء بن أبي رَبَاح، (و) عَمْرو بن دِينَار قَالَا: " لَا يحل لَهُ مِنْهَا شَيْء مَا لم يُرَاجِعهَا ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (231) : وبمضي مُدَّة الْإِيلَاء لَا يَقع الطَّلَاق، لَكِن يُوقف حَتَّى يفِيء أَو يُطلق. قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " تقع طَلْقَة بَائِنَة ". دليلنا من طَرِيق الْأَثر مَا روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن عُيَيْنَة عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ: " أدْركْت بضعَة عشر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كلهم يَقُول: يُوقف الْمولي ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " فَأَقل بضعَة عشر أَن يَكُونُوا ثَلَاثَة عشر، وَهُوَ يَقُول: من الْأَنْصَار ". وَرُوِيَ عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه قَالَ: " سَأَلت اثْنَي

عن الرجل يولي قالوا ليس عليه شيء حتى تمضي أربعة أشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق وروى الشافعي رحمه الله عن سفيان عن مسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن طاووس أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يوقف المولي روى القاسم بن محمد أن

عشر من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الرجل يولي، قَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء حَتَّى تمْضِي أَرْبَعَة أشهر فَيُوقف، فَإِن فَاء، وَإِلَّا طلق ". وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن سُفْيَان عَن مسعر عَن حبيب بن أبي ثَابت عَن طَاوُوس " أَن عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُوقف الْمولي ". روى الْقَاسِم بن مُحَمَّد " أَن عُثْمَان (بن عَفَّان) رَضِي الله عَنهُ كَانَ لَا يرى الْإِيلَاء شَيْئا، وَإِن مَضَت الْأَرْبَعَة الْأَشْهر، حَتَّى يُوقف ". روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ

عَن الشّعبِيّ عَن عَمْرو بن سَلمَة قَالَ: " شهِدت عليا رَضِي الله عَنهُ أوقف الْمولي ". وَعَن مَالك عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عليا رَضِي الله عَنهُ كَانَ يُوقف الْمولي. وَرَوَاهُ عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: " يُوقف بعد الْأَرْبَعَة فإمَّا أَن يفِيء، وَإِمَّا أَن يُطلق ". وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد قَالَ: " كَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِذا ذكر لَهَا الرجل يحلف أَن لَا يَأْتِي امْرَأَته فيدعها خَمْسَة أشهر لَا ترى ذَلِك شَيْئا حَتَّى يُوقف، وَتقول: كَيفَ قَالَ الله عز وَجل: {فإمساك بِمَعْرُوف أَو تَسْرِيح بِإِحْسَان} ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا " إِذا آلى الرجل من امْرَأَته لم يَقع عَلَيْهَا طَلَاق وَإِن مَضَت أَرْبَعَة أشهر حَتَّى يُوقف، (فإمَّا أَن يُطلق، وَإِمَّا أَن يفِيء) ". وَرُوِيَ إيقافه عِنْد انْقِضَاء الْعدة، فإمَّا أَن يُطلق وَإِمَّا أَن يفِيء عَن

أبي ذَر، وَأبي الدَّرْدَاء، رَضِي الله عَنْهُمَا. وَرُوِيَ عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن أبي سَلمَة عَن عُثْمَان، وَزيد رَضِي الله عَنْهُمَا: " إِذا مَضَت الْأَرْبَعَة أشهر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة ". وَقد روينَا عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنْهَا خلاف هَذَا، وَهُوَ أصح، فعطاء الْخُرَاسَانِي رُبمَا يهم فِي الشَّيْء. وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن النَّيْسَابُورِي عَن الْمَيْمُونِيّ: " ذكرت لِأَحْمَد بن حَنْبَل حَدِيث عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن أبي سَلمَة عَن عُثْمَان، قَالَ: لَا أَدْرِي مَا هُوَ، رُوِيَ عَن عُثْمَان خِلَافه، قيل لَهُ: من رَوَاهُ؟ قَالَ: حبيب بن أبي ثَابت عَن طَاوُوس عَن عُثْمَان: يُوقف ". وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: " الْإِيلَاء تَطْلِيقَة بَائِنَة، ثمَّ تَعْتَد بعد ذَلِك (بِثَلَاثَة) قُرُوء ". وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: " إِذا مَضَت أَرْبَعَة أشهر فَهِيَ تَطْلِيقَة بَائِنَة ". وَرُوِيَ عَنهُ كَمَا قُلْنَا. وَقد رجح الشَّافِعِي رَحمَه الله قَوْله فِي

الْوَقْف بعد انْقِضَاء أَرْبَعَة أشهر بِأَن أَكثر الصَّحَابَة قَالُوا بوقف الْمولي، فَقَوْلهم أولى من قَول وَاحِد أَو اثْنَيْنِ. وَقد قَالَ الله تَعَالَى فِي الْإِيلَاء: {للَّذين يؤلون من نِسَائِهِم تربص أَرْبَعَة أشهر فَإِن فاءو فَإِن الله غَفُور رَحِيم (226) وَإِن عزموا الطَّلَاق فَإِن الله سميع عليم (227) } ، قَالَ: " فَظَاهر كتاب الله عز وَجل يدل على أَن لَهُ أَرْبَعَة أشهر، وَمن وَكَانَت لَهُ أَرْبَعَة أشهر أَََجَلًا لَهُ فَلَا سَبِيل عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى تَنْقَضِي، كَمَا لَو أجلتني لم يكن لَك أَخذ حَقك مني حَتَّى تَنْقَضِي الْأَرْبَعَة الْأَشْهر، وَدلّ على أَن عَلَيْهِ إِذا مَضَت الْأَرْبَعَة أشهر وَاحِدًا من حكمين: إِمَّا أَن يفِيء، وَإِمَّا أَن يُطلق. فَقُلْنَا بِهَذَا، وَقُلْنَا: لَا يلْزمه طَلَاق بِمُضِيِّ أَرْبَعَة أشهر، حَتَّى يحدث فيئة أَو طَلَاقا ". قَالَ: " والفيئة الْجِمَاع من عذر، وَقد (بَيناهُ) ". وَقَالَ: " أَنْتُم تخالفون ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْإِيلَاء؛ فَإِن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا يَقُول: الْمولي الَّذِي يحلف: لَا يقرب امْرَأَته أبدا. . "، يَعْنِي: وَأَنْتُم تَقولُونَ: إِذا حلف: لَا يقرب امْرَأَته أَرْبَعَة أشهر يكون موليا. وَالله أعلم.

كتاب الظهار

كتاب الظِّهَار من كتاب الظِّهَار: مَسْأَلَة (232) : لَو ظَاهر من أَربع نسْوَة بِكَلِمَة وَاحِدَة يَكْفِيهِ كَفَّارَة وَاحِدَة على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " عَلَيْهِ فِي كل وَاحِدَة كَفَّارَة ". رُوِيَ عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس عَن عمر رَضِي الله عَنْهُم فِي رجل ظَاهر من أَربع نسْوَة قَالَ: " كَفَّارَة وَاحِدَة ". وَرُوِيَ عَن ابْن الْمسيب عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَهُوَ صَحِيح عَنهُ. وَبِه قَالَ عُرْوَة بن الزبير، وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (233) : إِذا أمْسكهَا سَاعَة يُمكنهُ فِيهَا طَلاقهَا بعد كلمة الظِّهَار فقد حصل عَائِدًا. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " الْعود هُوَ الْعَزْم على الْوَطْء ". فِي رِوَايَة فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله تجَاوز لأمتي مَا لم تعْمل أَو تَتَكَلَّم بِهِ مِمَّا حدثت بِهِ أَنْفسهَا ". وَهَذَا دَلِيل على أَن لَا اعْتِبَار بالعزم على الْوَطْء. وَذكر حَدِيث خُوَيْلَة وَأَوْس، واستفتائها النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن أبي

فاسأليه الحديث وذكر حديثا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا ظاهر من امرأته فرأى خلخالها في القمر فأعجبته فوقع عليها فأتى النبي

حَمْزَة الثمالِي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَقَالَ: " وَأَبُو حَمْزَة ثَابت بن أبي صَفِيَّة لَيْسَ بِالْقَوِيّ فِي الحَدِيث ". وَفِيه أَنه لما ظَاهر مِنْهَا قَالَ لَهَا: " مَا أَرَاك إِلَّا قد حرمت عَليّ "، قَالَت لَهُ مثل ذَلِك، قَالَ: " فانطلقي إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فاسأليه ... " الحَدِيث. وَذكر حَدِيثا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا ظَاهر من امْرَأَته، فَرَأى خلْخَالهَا فِي الْقَمَر فَأَعْجَبتهُ، فَوَقع عَلَيْهَا، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: " فقد كَانَ ذَلِك "، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أمسك حَتَّى تكفر ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (234) : واعتاق الْكَافِر فِي كَفَّارَة الظِّهَار غير جَائِز. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " يجوز إِعْتَاق الذِّمِّيّ ". قَالَ الله تَعَالَى فِي كَفَّارَة الظِّهَار: {فَتَحْرِير رَقَبَة} ، وَقَالَ فِي كَفَّارَة الْقَتْل: {فَتَحْرِير رَقَبَة مُؤمنَة} ، فحملنا الْمُطلق على الْمُقَيد. رُوِيَ عَن يحيى بن يحيى عَن مَالك عَن هِلَال بن أُسَامَة عَن عَطاء بن يسَار عَن مُعَاوِيَة بن الحكم قَالَ: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَقلت: يَا رَسُول الله) ، أَن جَارِيَة لي كَانَت ترعى غنما لي، ففقدت شَاة من الْغنم فسألتها عَنْهَا فَقَالَت: أكلهَا الذِّئْب، فأسفت عَلَيْهَا، وَكنت من بني آدم، فلطمت وَجههَا، وَعلي رَقَبَة، أفأعتقها؟ فَقَالَ لَهَا

أين الله فقالت في السماء فقال من أنا فقالت أنت رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَيْن الله؟ فَقَالَت: فِي السَّمَاء، فَقَالَ: من أَنا؟ فَقَالَت: أَنْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: أعْتقهَا فَإِنَّهَا مُؤمنَة ". كَذَا أَتَى بِهِ يحيى بن يحيى من هَذَا الرِّوَايَة عَنهُ مجودا، وَالنَّاس يَرْوُونَهُ عَن مَالك وَيَقُولُونَ فِيهِ: " عَمْرو بن الحكم "، وَالصَّوَاب: " مُعَاوِيَة بن الحكم ". فَفِيهِ دلَالَة على أَن الرَّقَبَة الَّتِي تجب فِي الْكَفَّارَة تكون مُؤمنَة، حَيْثُ قَالَ: " وَعلي رَقَبَة "، وَلم يستفسر مِنْهُ سَبَب وُجُوبهَا عَلَيْهِ، وَلم يَأْذَن لَهُ فِي عتقهَا إِلَّا بعد أَن علم أَنَّهَا مُؤمنَة. وَقَوْلها: " فِي السَّمَاء "؛ لأَنهم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَن الْأَوْثَان آلِهَة فِي الأَرْض، فَلَمَّا قَالَت: " فِي السَّمَاء " عرف أَنَّهَا بريئة من الْأَوْثَان مُؤمنَة بِاللَّه الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاء إِلَه وَفِي الأَرْض إِلَه، لَا أَنه مَحْصُور فِي جِهَة، تَعَالَى الله عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا.

(صفحه فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... . .

(صفحه فارغة) ... ... ... ... ... ... ... ... . .

مسألة

وَقد رُوِيَ من وَجه آخر عَن الشريد بن سُوَيْد قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله، إِن أُمِّي أوصت أَن أعتق عَنْهَا رَقَبَة (مُؤمنَة) ، وَأَن عِنْدِي جَارِيَة سَوْدَاء نوبية، فَقَالَ: ادْع بهَا، فَقَالَ: من رَبك؟ قَالَت: الله، قَالَ: فَمن أَنا؟ قَالَت: رَسُول الله، قَالَ: أعْتقهَا فَإِنَّهَا مُؤمنَة ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (235) : وَلَو دفع طَعَام سِتِّينَ مِسْكينا إِلَى مِسْكين وَاحِد لم يجزه ذَلِك. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِذا دَفعه إِلَيْهِ فِي سِتِّينَ يَوْمًا أَجزَأَهُ ".

قال له فأطعم وسقا من تمر بين ستين مسكينا والله أعلم

وَذكر حَدِيثا عَن سَلمَة بن صَخْر الْأنْصَارِيّ فِي أَنه ظَاهر من امْرَأَته، وَذكر قصَّة فِيهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " فأطعم وسْقا من تمر بَين سِتِّينَ مِسْكينا ". وَالله أعلم مَسْأَلَة (236) : وَقدر مَا يُؤَدِّي الْوَاحِد من الْمَسَاكِين من طَعَام الْكَفَّارَة مد. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " نصف صَاع من بر، أَو صَاع من شعير أَو تمر ". روى الْأَوْزَاعِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، هَلَكت، قَالَ: وَيحك! وَمَا ذَاك؟ قَالَ: وَقعت على أَهلِي فِي يَوْم من شهر رَمَضَان ... " فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: " فَأتي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعرق فِيهِ تمر خَمْسَة عشر صَاعا، قَالَ: خُذْهُ فَتصدق بِهِ ". كَذَا رَوَاهُ شَيخنَا عَن الشَّيْخ أبي الْوَلِيد الْفَقِيه عَن الْحسن بن

بتمر فأعطاه إياه وهو قريب من خمسة عشر صاعا قال تصدق بهذا وروي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا كفر يمينه أطعم عشرة مساكين لكل مسكين مد وهو بالمد الأول وروي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لكل

سُفْيَان وَرَوَاهُ أَبُو بكر الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن الْحسن بن سُفْيَان، وَجعل التَّقْدِير من رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب. وَقد رَوَاهُ الْوَلِيد بن مُسلم عَن الهقل، وَغَيرهمَا عَن الْأَوْزَاعِيّ، وَلم يذكرُوا عَمْرو بن شُعَيْب، وَذكروا هَذَا التَّقْدِير. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ غير وَاحِد عَن الزُّهْرِيّ. وَذكره عَن مَنْصُور، وَعَن هِشَام بن سعد عَنهُ. وَفِي رِوَايَة: هِشَام أَبُو سَلمَة. وَالصَّوَاب حميد، وفيهَا: " بعرق فِيهِ تمر قدر خَمْسَة عشر صَاعا ". وَعند أبي دَاوُد عَن سُلَيْمَان بن يسَار (عَن) سَلمَة بن صَخْر (قَالَ ابْن الْعَلَاء) البياضي فِي مظاهرته من امْرَأَته، قَالَ: " فَأتي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِتَمْر فَأعْطَاهُ إِيَّاه، وَهُوَ قريب من خَمْسَة عشر صَاعا، قَالَ: تصدق بِهَذَا ". وَرُوِيَ عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه كَانَ إِذا كفر يَمِينه أطْعم عشرَة مَسَاكِين، لكل مِسْكين مد، وَهُوَ بِالْمدِّ الأول. وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لكل مِسْكين مد، وَمَعَهُ إدامه ". وَرُوِيَ عَن أبي سَلمَة عَن زيد قَالَ فِي كَفَّارَة الْيَمين قَالَ: " مد

أعطاه خمسة عشر صاعا من شعير إطعام ستين مسكينا وهذا حديث مختلف فيه فتارة يقول ستون صاعا وتارة يقول ثلاثون صاعا وتارة خمسة عشر صاعا وأسانيدها ليست بالقوية ولا تقاوم حديث المجامع في شهر رمضان في الصحة وإذا

(من حِنْطَة) لكل مِسْكين ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى أَبُو دَاوُد عَن خُوَيْلَة بنت مَالك بن ثَعْلَبَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " ظَاهر مني زَوجي ... " الحَدِيث، قَالَ: " فَإِنِّي سأعينه بعرق من تمر "، قَالَت: " يَا رَسُول الله، وَإِنِّي أعينه بعرق آخر "، قَالَ: " قد أَحْسَنت، اذهبي فأطعمي بهَا عَنهُ سِتِّينَ مِسْكينا، وارجعي إِلَى ابْن عمك "، قَالَ: " والعرق سِتُّونَ صَاعا ". وَرَوَاهُ بِإِسْنَاد آخر نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ: " والعرق مَكِيل يسع ثَلَاثِينَ صَاعا ". وَرُوِيَ أَيْضا بِإِسْنَاد آخر عَن أَوْس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعطَاهُ خَمْسَة عشر صَاعا من شعير إطْعَام سِتِّينَ مِسْكينا ". وَهَذَا حَدِيث مُخْتَلف فِيهِ، فَتَارَة يَقُول: " سِتُّونَ صَاعا "، وَتارَة يَقُول: " ثَلَاثُونَ صَاعا "، وَتارَة: " خَمْسَة عشر صَاعا "، وأسانيدها لَيست بالقوية، وَلَا تقاوم حَدِيث المجامع فِي شهر رَمَضَان فِي الصِّحَّة، وَإِذا كَانَ كَذَلِك فالأخذ بالأصح اولى. هَذَا، وَقد روينَا فِي حَدِيث (ابْن صَخْر) : " خَمْسَة عشر

مسألة

صَاعا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (237) : وَإِذا دفع إِلَى من ظَنّه فَقِيرا ثمَّ بَان أَنه كَانَ غَنِيا لم يُجزئهُ ذَلِك على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّه يُجزئهُ ". وَهَذِه الْمَسْأَلَة موضعهَا فِي كتاب قسم الصَّدقَات، ذَكرنَاهَا هُنَالك أتم. واستدللنا بالمعمومات الَّتِي وَردت فِي أَن الصَّدَقَة الْمَفْرُوضَة لَا تحل لَغَنِيّ، وَلَا لمكتسب. وَلَهُم بِحَدِيث معن بن يزِيد رَضِي الله عَنهُ فِي صَحِيح البُخَارِيّ، وَهُوَ حِكَايَة حَال يحْتَمل أَن تكون فِي صَدَقَة التَّطَوُّع. وَالله أعلم.

كتاب اللعان

كتاب اللّعان من كتاب اللّعان: مَسْأَلَة (238) : مُوجب قذف الزَّوْج لزوجته المحصنة الْحَد، وَله دَرْء الْحَد عَن نَفسه بِاللّعانِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " مُوجبَة اللّعان ". فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن هِلَال بن أُميَّة قذف امْرَأَته عِنْد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِشريك بن سَحْمَاء، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْبَيِّنَة (وَإِلَّا) حد فِي ظهرك ". . وَذكر بَاقِي الحَدِيث

مسألة

فِي نزُول الْآيَة ولعانهما. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (239) : وللذمي، وَالْعَبْد، والمحدود فِي الْقَذْف أَن يُلَاعن على قذف امْرَأَته. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " لَيْسَ لَهُم ذَلِك ". قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذين يرْمونَ أَزوَاجهم} الْآيَة. وَسَماهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَمِينا، فَقَالَ: " لَوْلَا الْأَيْمَان لَكَانَ لي وَلها شَأْن ". وَقَالَ لهِلَال بن أُميَّة رَضِي الله عَنهُ: " احْلِف بِاللَّه "، وَلَا فرق بَين الْحر وَالْعَبْد، وَالْمُسلم وَالذِّمِّيّ فِي الْيَمين. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن الزُّهْرِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده مَرْفُوعا: " أَرْبَعَة لَيْسَ بَينهم لعان، لَيْسَ بَين الْحر وَالْأمة لعان، (وَلَيْسَ بَين الْحرَّة وَالْعَبْد لعان) ، وَلَيْسَ بَين الْمُسلم واليهودية لعان، وَلَيْسَ بَين الْمُسلم والنصرانية لعان ".

قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " عُثْمَان هُوَ الوقاصي، مَتْرُوك الحَدِيث ". تَابعه عُثْمَان بن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن عَمْرو، وعمار بن مطر عَن حَمَّاد بن عَمْرو عَن زيد بن رفيع عَن عَمْرو بن شُعَيْب هَكَذَا مَرْفُوعا، وَهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة كلهم ضعفاء، لَا يجوز الِاحْتِجَاج برواياتهم. وَقد رَوَاهُ ابْن جريج، وَالْأَوْزَاعِيّ وهما إمامان عَن عَمْرو بن شُعَيْب (عَن أَبِيه) عَن جده مَوْقُوفا، إِلَّا أَن رَاوِيه عَنْهُمَا عمر بن

أحكاما توافق أقاويلنا وتخالف أقاويلكم يرويها عنه الثقات ويسندها إلى النبي

هَارُون، وَهُوَ أَيْضا ضَعِيف. وَفِي صِحَّته عَن ابْن عَمْرو من قَوْله نظر أَيْضا. وَرَوَاهُ يحيى بن أبي أنيسَة عَن أَبِيه عَن جده، وَيحيى ضَعِيف أَيْضا. وَقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب فِي اللّعان إِنَّه لَا يثبت عَن عَمْرو بن شُعَيْب، فَأَشَارَ إِلَى ضعف كل من رَوَاهُ عَن عَمْرو، كَمَا بَينا، وسمينا من رَوَاهُ من الضُّعَفَاء. ثمَّ قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى: " وَعَمْرو بن شُعَيْب قد روى لنا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحكاما توَافق أقاويلنا وتخالف أقاويلكم، يَرْوِيهَا عَنهُ الثِّقَات، ويسندها إِلَى النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فرددتموها علينا، ورددتم رِوَايَته، ونسبتموه إِلَى الْغَلَط، فَأنْتم محجوجون؛ إِن كَانَ مِمَّا يثبت حَدِيثه بأحاديثه الَّتِي وَافَقْنَاهَا، وخالفتمونا، فِي نَحْو ثَلَاثِينَ حكما عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خالفتم أَكْثَرهَا فَأنْتم غير منصفين إِن احتججتم بروايته، وَهُوَ مِمَّن لَا يثبت رِوَايَته ". قَالَ: " وَلما ذكر الله تَعَالَى اللّعان على كل زوج جَازَ طَلَاقه وَلَزِمَه الْفَرْض، وَكَذَلِكَ زَوْجَة لَزِمَهَا الْفَرْض ".

يا عتاب بن أسيد إني قد بعثتك إلى أهل مكة فذكر الحديث فيه أربعة ليس بينهم ملاعنة اليهودية والنصرانية تحت المسلم والعبد عند الحرة والحر عند الأمة وهذا الإسناد بهذا الحديث باطل ويحيى الإيلي أحاديثه غير

وَرُوِيَ عَن الْحسن قَالَ: " يُلَاعن كل زوج ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى يحيى بن صَالح الإيلي عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا عتاب بن أسيد، إِنِّي قد بَعَثْتُك إِلَى أهل مَكَّة ... "، فَذكر الحَدِيث، فِيهِ: " أَرْبَعَة لَيْسَ بَينهم ملاعنة: الْيَهُودِيَّة، والنصرانية تَحت الْمُسلم، وَالْعَبْد عِنْد الْحرَّة، وَالْحر عِنْد الْأمة ". وَهَذَا الْإِسْنَاد بِهَذَا الحَدِيث بَاطِل، وَيحيى الإيلي (أَحَادِيثه) غير مَحْفُوظَة، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (240) : والفرقة تقع بِلعان الزَّوْج دون تَفْرِيق القَاضِي، وَالتَّحْرِيم الْوَاقِع بِهِ لَا يرْتَفع بتكذيب الزَّوْج الْملَاعن نَفسه. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " الْفرْقَة لَا تقع إِلَّا بلعانها وتفريق القَاضِي، وَإِذا كذب الْملَاعن نَفسه ارْتَفع التَّحْرِيم الْوَاقِع بِاللّعانِ ".

قال ابن شهاب فكانت تلك سنة المتلاعنين كذا في رواية مالك عن الزهري عنه وروي عن الأوزاعي عن الزبيدي عن الزهري عنه في قصة المتلاعنين قال فتلاعنا ففرق رسول الله

فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ حَدِيث عُوَيْمِر الْعجْلَاني وَامْرَأَته وملاعنتهما، وَفِيه أَنه قَالَ لما فرغا: " كذبت عَلَيْهَا يَا رَسُول الله، إِن أَمْسَكتهَا "، فَطلقهَا ثَلَاثًا قبل أَن يَأْمُرهُ رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ ابْن شهَاب: " فَكَانَت تِلْكَ سنة المتلاعنين "، كَذَا فِي رِوَايَة مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ. وَرُوِيَ عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ عَنهُ فِي قصَّة المتلاعنين قَالَ: " فَتَلَاعَنا، فَفرق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهمَا، وَقَالَ: لَا يَجْتَمِعَانِ أبدا ". وَعَن أبي دَاوُد: " حَدثنَا أَحْمد بن عمر حَدثنَا ابْن وهب عَن عِيَاض بن عبد الله وَغَيره عَن ابْن شهَاب عَن سهل بن سعد فِي المتلاعنين قَالَ: " فَطلقهَا "، قَالَ سهل: " حضرت هَذَا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فمضت السّنة بعده فِي المتلاعنين "، قَالَ: " أَن يفرق بَينهمَا، ثمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أبدا ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " فرق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين المتلاعنين فَقَالَ: حسابكما على الله عز وَجل أَحَدكُمَا كَاذِب لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا. قَالَ: يَا رَسُول الله، مَالِي؟ قَالَ: لَا مَال لَك، إِن كنت صدقت عَلَيْهَا فَهُوَ بِمَا استحللت من فرجهَا، وَإِن

قال المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان قال الشافعي رحمه الله وإذا أكمل الزوج الشهادة والالتعان فقد زال فراش امرأته ولا تحل له أبدا بحال وإن أكذب نفسه لم تعد إليه وإنما قلت هذا لأن رسول الله

كنت كذبت عَلَيْهَا فَذَاك أبعد لَك مِنْهَا ". وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن مُحَمَّد بن يزِيد عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " المتلاعنان إِذا تفَرقا لَا يَجْتَمِعَانِ ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَإِذا أكمل الزَّوْج الشَّهَادَة والالتعان فقد زَالَ فرَاش امْرَأَته، وَلَا تحل لَهُ أبدا بِحَال، وَإِن أكذب نَفسه لم تعد إِلَيْهِ. وَإِنَّمَا قلت هَذَا لِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوَلَد للْفراش "، وَكَانَت فراشا فَلم يجز أَن يَنْفِي الْوَلَد عَن الْفراش إِلَّا بِأَن يَزُول الْفراش، فَلَا يكون فراشا أبدا ". قَالَ: " وَكَانَ معقولا فِي حكم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا ألحق الْوَلَد بِأُمِّهِ أَنه نَفَاهُ عَن أَبِيه، وَإِن نَفْيه عَن أَبِيه بِيَمِينِهِ والتعانه، لَا بِيَمِين أمه على كذبه يَنْفِيه. وَلما قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا سَبِيل لَك عَلَيْهَا " استدللنا على أَن المتلاعنين لَا يتناكحان أبدا، إِذْ لم يقل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِلَّا أَن تكذب نَفسك، أَو تفعل كَذَا "، كَمَا قَالَ الله عز وَجل فِي الْمُطلق الثَّالِثَة: {حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} ، وَبسط الْكَلَام فِيهِ.

وانتفى من ولدها ففرق رسول الله

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا " أَن رجلا لَاعن امْرَأَته فِي زمَان رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وانتفى من وَلَدهَا، فَفرق رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهمَا، وَألْحق الْوَلَد بِالْأُمِّ ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " يحْتَمل طَلَاقه ثَلَاثًا يَعْنِي فِي حَدِيث سهل أَن يكون بِمَا وجد فِي نَفسه بِعِلْمِهِ بصدقه وكذبها، وجرأتها على الْيَمين، طَلقهَا ثَلَاثًا جَاهِلا بِأَن اللّعان فرقه، فَكَانَ كمن طلق من طلق عَلَيْهِ بِغَيْر طَلَاقه، وَكَمن شَرط الْعهْدَة فِي البيع، وَالضَّمان فِي السّلف، وَهُوَ يلْزمه ". وَزَاد ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه فرق بَين المتلاعنين، وتفريق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - غير فرقة الزَّوْج، إِنَّمَا هُوَ تَفْرِيق حكم ". رُوِيَ عَن عَليّ، وَعبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: " مَضَت السّنة بَين المتلاعنين أَن لَا يجتمعا أبدا ". وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي المتلاعنين إِذا تلاعنا قَالَ: " يفرق بَينهمَا، وَلَا يَجْتَمِعَانِ أبدا ". وَعَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " إِذا أكذب نَفسه بعد اللّعان ضرب الْحَد، وألزق بِهِ الْوَلَد، وَلَا يَجْتَمِعَانِ أبدا ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (241) : وَإِذا التعن الزَّوْج وأبت الْمَرْأَة أَن تلتعن فَإِنَّهَا تحد حد الزِّنَا وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " تحبس حَتَّى تلتعن ". دليلنا قَول الله عز وَجل: {ويدرؤا عَنْهَا الْعَذَاب أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه} ... الْآيَة. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَالْعَذَاب الْحَد ". وَالَّذِي يدل على صِحَة قَوْله مَا روينَا فِي حَدِيث عباد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي المتلاعينين، وَهَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي خرجناها فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، وَالَّتِي قبلهَا مستعملة فِي مسَائِل أخر من كتاب اللّعان، فاقتصرت على رِوَايَتهَا، دون ذكر تراجمها، طلبا للاختصار، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. مَسْأَلَة (242) : شَهَادَة الزَّوْج لَا تقبل على امْرَأَته بِالزِّنَا. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّهَا مَقْبُولَة ". روى سعيد عَن قَتَادَة عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي أَرْبَعَة شهدُوا على امْرَأَة بِالزِّنَا أحدهم زَوجهَا قَالَ: " يُلَاعن الزَّوْج وَيحد الثَّلَاثَة ".

مسألة

قَالَ يحيى بن سعيد: " هَذَا من صَحِيح حَدِيث سعيد، وَمن عَتيق حَدِيثه ". مَسْأَلَة (243) : وَنسب ولد الْأمة لَاحق إِذا أقرّ بِوَطْئِهَا دون الدعْوَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يلْحق نسبه إِلَّا بِالْإِقْرَارِ ". رُوِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَنه لما ولد إِبْرَاهِيم ابْن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من مَارِيَة، جَارِيَته كَاد يَقع فِي نفس النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِنْهُ، حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: " السَّلَام عَلَيْك (يَا أَبَا إِبْرَاهِيم) ". فِي هَذَا إِن يثبت دلَالَة على ثُبُوت النّسَب بفراش الْأمة. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْوَلَد للْفراش، وللعاهر الْحجر ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " اخْتصم سعد وَعبد بن زَمعَة رَضِي الله عَنْهُمَا فِي غُلَام، فَقَالَ سعد: هَذَا، يَا رَسُول الله، ابْن أخي عتبَة، عهد إِلَيّ أَنه ابْنه، انْظُر إِلَى شبهه! وَقَالَ عبد بن زَمعَة: أخي، يَا رَسُول الله، ولد على فرَاش أبي، وَمن وليدته. فَنظر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى شبهه فَرَأى شبها بَينا بِعتبَة، فَقَالَ: هُوَ لَك يَا عبد، الْوَلَد للْفراش، وللعاهر الْحجر، احتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة بنت زَمعَة،

قَالَت: فَلم ير سَوْدَة قطّ ". وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن سَالم عَن أَبِيه أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " مَا بَال رجال يطؤون ولائدهم، ثمَّ يعزلونهن! لَا تَأتِينِي وليدة يعْتَرف سَيِّدهَا أَن قد ألم بهَا إِلَّا ألحقت بِهِ وَلَدهَا، فاعزلوا بعد أَو اتْرُكُوا ". وَعَن مَالك عَن نَافِع عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد عَن عمر رَضِي الله عَنهُ فِي إرْسَال الولائد يوطأن بِمثل معنى حَدِيث ابْن شهَاب. وَلَهُم مَا روى الرّبيع قَالَ: " قلت للشَّافِعِيّ: فَهَل خالفك فِي هَذَا غَيرنَا؟ قَالَ: نعم، بعض المشرقيين. قلت: فَمَا كَانَ حجتهم؟ قَالَ: كَانَ حجتهم أَن قَالُوا: انْتَفَى عمر رَضِي الله عَنهُ من ولد جَارِيَة لَهُ، (وانتفى زيد رَضِي الله عَنهُ من ولد جَارِيَة لَهُ، وانتفى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا من ولد جَارِيَة لَهُ) . قلت: فَمَا كَانَ حجتك عَلَيْهِم؟ قَالَ: فَأَما عمر رَضِي الله عَنهُ فَروِيَ أَنه أنكر حمل جَارِيَة أقرَّت بالمكروه. وَأما زيد بن ثَابت، وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم فَإِنَّهُمَا أنكرا (إِن كَانَا فعلا) ولد جاريتين عرفا أَن لَيْسَ مِنْهُمَا، فحلال لَهما، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لَهما فِي الْأمة، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لزوج الْحرَّة إِذا علم أَنَّهَا حبلت من زنا أَن يدْفع وَلَدهَا، وَلَا يلْحق بِنَفسِهِ من لَيْسَ مِنْهُ. وَإِنَّمَا قلت هَذَا

مسألة

فِيمَا بَينه وَبَين الله، كَمَا تعلم الْمَرْأَة أَن زَوجهَا طَلقهَا ثَلَاثًا، فَلَا يَنْبَغِي لَهَا إِلَّا الِامْتِنَاع مِنْهُ بجهدها، وعَلى الإِمَام أَن يحلفهُ، ثمَّ يردهَا، فَالْحكم غير مَا بَين العَبْد وَبَين الله، عز وَجل ". ذكرنَا هَذِه الْمَسْأَلَة بِتَمَامِهَا فِي كتاب الْإِقْرَار. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (244) : وَإِذا غَابَ الرجل عَن امْرَأَته فبلغتها وَفَاته فاعتدت، ثمَّ نكحت فَولدت أَوْلَادًا، ثمَّ قدم فرق بَينهَا وَبَين زَوجهَا الآخر، وَألْحق الْوَلَد بِالْآخرِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " الْوَلَد يلْحق بِالْأولِ ". وَدَلِيلنَا مَا رُوِيَ عَن عمرَان بن كثير النَّخعِيّ أَن عبيد الله بن الْحر تزوج جَارِيَة من قومه يُقَال لَهَا الدَّرْدَاء زَوجهَا إِيَّاه أَبوهَا، فَانْطَلق عبيد الله فلحق بِمُعَاوِيَة فَأطَال الْغَيْبَة عَن أَهله، وَمَات أَبُو

الْجَارِيَة فَزَوجهَا أَهلهَا من رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ عِكْرِمَة، فَبلغ ذَلِك عبيد الله فَقدم فخاصمهم إِلَى عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَرد عَلَيْهِ الْمَرْأَة، وَكَانَت حَامِلا من عِكْرِمَة، فوضعها على يَدي عدل، فَقَالَت الْمَرْأَة لعَلي رَضِي الله عَنهُ: " أَنا أَحَق بِمَالي أَو عبيد الله بن الْحر؟ " قَالَ: " بل أَنْت أَحَق بذلك "، قَالَت: " فاشهد أَن كل مَا كَانَ لي على عِكْرِمَة من شَيْء من صَدَاقي فَهُوَ لَهُ ". فَلَمَّا وضعت مَا فِي بَطنهَا ردهَا إِلَى عبيد الله، وَألْحق الْوَلَد بِأَبِيهِ. وَالله أعلم.

كتاب العدد

كتاب الْعدَد من كتاب الْعدَد: مَسْأَلَة (245) : الْأَقْرَاء الْمُحْتَسب بهَا هِيَ الْأَطْهَار. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّهَا الْحيض ". فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه طلق امْرَأَته وَهِي حَائِض على عهد رَسُول الله فَسَأَلَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مره فَلْيُرَاجِعهَا، ثمَّ ليمسكها حَتَّى تطهر، ثمَّ تحيض، ثمَّ تطهر، ثمَّ إِن شَاءَ أمسك بعد، وَإِن شَاءَ طلق قبل أَن يمس، فَتلك الْعدة الَّتِي أَمر الله أَن تطلق لَهَا النِّسَاء ".

يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن قال الشافعي رحمه الله تعالى فأخبر رسول الله

وَقد روينَا (هـ) فِي كتاب الطَّلَاق من حَدِيث أبي الزبير عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " وَقَرَأَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء فطلقوهن لقبل عدتهن} ... ". (قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى: " فَأخْبر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جلّ ثَنَاؤُهُ أَن الْعدة الطُّهْر دون الْحيض، وَقَرَأَ: فطلقوهن لقبل عدتهن "، وَهُوَ أَن تطلق طَاهِرا: لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تسْتَقْبل عدتهَا، وَلَو طلقت حَائِضًا لم (تكن مُسْتَقْبلَة) عدتهَا إِلَّا بعد الْحيض ". قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ رَحمَه الله تَعَالَى " قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَتلك الْعدة الَّتِي أَمر الله أَن تطلق لَهَا النِّسَاء "، أَي: فِيهَا، كَقَوْلِهِم: كتبت هَذَا الْكتاب لخمس خلون من الشَّهْر، أَي: فِي وَقت خلا فِيهِ من

الشَّهْر خمس لَيَال. وَإِذا كَانَ وَقت الطَّلَاق الطُّهْر ثَبت أَنه مَحل الْعدة ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى: " وَاللِّسَان يدل على هَذَا؛ لِأَن الْقُرْء اسْم وضع لِمَعْنى، فَلَمَّا كَانَ الْحيض دَمًا يرخيه الرَّحِم فَيخرج، وَالطُّهْر دَمًا يحتبس فَلَا يخرج كَانَ مَعْرُوفا من لِسَان الْعَرَب أَن الْقُرْء الْحَبْس، تَقول الْعَرَب: هُوَ يقري المَاء فِي حَوْضه، وَفِي سقائه. وَتقول الْعَرَب: يقري الطَّعَام فِي شدقه، يَعْنِي يحبس الطَّعَام فِي شدقه ". وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا انتفلت حَفْصَة بنت عبد الرَّحْمَن حِين دخلت فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة. قَالَ ابْن شهَاب: " فَذكرت ذَلِك لعمرة بنت عبد الرَّحْمَن، قَالَت: (صدق عُرْوَة، وَقد جادلها فِي ذَلِك نَاس، وَقَالُوا: إِن الله عز وَجل يَقُول: {ثَلَاثَة قُرُوء} ، فَقَالَت) عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: صَدقْتُمْ، وَهل تَدْرُونَ مَا الْأَقْرَاء؟ الْأَقْرَاء الْأَطْهَار ".

وَعَن مَالك رَحمَه الله عَنهُ قَالَ: " سَمِعت أَبَا بكر بن عبد الرَّحْمَن يَقُول: مَا أدْركْت أحدا من فقهائنا إِلَّا وَهُوَ يَقُول هَذَا، يُرِيد: الَّذِي قَالَت عَائِشَة ". وَعَن مَالك عَن نَافِع، وَزيد بن أسلم عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن الْأَحْوَص هلك بِالشَّام حِين دخلت امْرَأَته فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة، وَقد كَانَ طَلقهَا، فَكتب مُعَاوِيَة إِلَى زيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُمَا يسْأَله عَن ذَلِك، فَكتب إِلَيْهِ زيد رَضِي الله عَنهُ أَنَّهَا إِذا دخلت فِي الدَّم من الْحَيْضَة الثَّالِثَة فقد بَرِئت مِنْهُ وبرىء مِنْهَا، وَلَا تَرثه، وَلَا يَرِثهَا ". وَعنهُ عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " إِذا طلق الرجل امْرَأَته فَدخلت فِي الدَّم " ... فَذكر مثله سَوَاء. وَرُوِيَ عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: " إِذا دخلت فِي الْحَيْضَة الثَّالِثَة فَلَا رَجْعَة لَهُ عَلَيْهَا ". وَنقل مَالك نَحْو مَذْهَب زيد، وَابْن عمر، وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد، وَسَالم بن عبد الله، وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، وَسليمَان بن يسَار، وَابْن شهَاب، وَقَالَ: " وَذَلِكَ الَّذِي أدْركْت عَلَيْهِ أهل الْعلم ببلدنا، رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ ". وروى أَبُو دَاوُد عَن فَاطِمَة بنت أبي حُبَيْش رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا

فشكت إليه الدم فقال لها رسول الله

سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فشكت إِلَيْهِ الدَّم، فَقَالَ لَهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا ذَلِك عرق، فانظري، إِذا أَتَى قرؤك فَلَا تصلي، فَإِذا مر قرؤك فتطهري، ثمَّ صلي مَا بَين الْقُرْء إِلَى الْقُرْء ". قَالَ أَبُو دَاوُد: " وَرَوَاهُ قَتَادَة عَن عُرْوَة عَن زَيْنَب بنت أم سَلمَة أَن أم حَبِيبَة بنت جحش استحيضت، فَأمرهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تدع الصَّلَاة أَيَّام أقرائها "، وَهَذَا وهم من ابْن عُيَيْنَة، لَيْسَ هَذَا فِي حَدِيث الْحفاظ عَن الزُّهْرِيّ، قَالَ أَبُو دَاوُد: " لم يسمع قَتَادَة عَن عُرْوَة شَيْئا "، وَذكر رِوَايَات فِي مَعْنَاهُ فِي الْمُسْتَحَاضَة، فَقَالَ: " وَرَوَاهُ ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " وَشَيْء من هَذِه الرِّوَايَات بِهَذِهِ الْأَلْفَاظ غير مخرج فِي الصَّحِيح؛ لِأَن بَعْضهَا مَرَاسِيل، وَبَعضهَا وهم فِيهِ بعض الروَاة. وَالصَّحِيح حَدِيث عرَاك بن مَالك عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لأم حَبِيبَة: " امكثي قدر مَا كَانَت تحبسك حيضتك، ثمَّ اغْتَسِلِي ". وَقد تَابعه على ذَلِك جمَاعَة، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الْأَقْرَاء. وَرَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح، وَهَكَذَا فِي سَائِر الرِّوَايَات الصَّحِيحَة، لَيْسَ فِي شَيْء مِنْهَا أَنه عبر بِالْأَقْرَاءِ عَن الْحيض. وَالَّذِي رُوِيَ فِي ذَلِك خَارج الصَّحِيح فَإِنَّمَا هُوَ من جِهَة الروَاة، عبر كل وَاحِد

مِنْهُم عَنهُ بِمَا وَقع لَهُ ". ثمَّ قَالَ: " قد قَالَ أَبُو عبيد: " يُقَال: قد أَقرَأت الْمَرْأَة: إِذا دنا حَيْضهَا، وأقرأت الْمَرْأَة: إِذا دنا طهرهَا، زعم ذَلِك أَبُو عُبَيْدَة، والأصمعي، وَغَيرهمَا ". قَالَ: " وَقد ذكر ذَلِك الْأَعْشَى فِي شعر يمدح بِهِ رجلا غزا غَزْوَة غنم فِيهَا وظفر، فَقَالَ: (مورثة عزا وَفِي الْحَيّ رفْعَة ... لما ضَاعَ فِيهَا من قُرُوء نسائكا) فَمَعْنَى الْقُرْء هَا هُنَا الْأَطْهَار؛ لِأَنَّهُ ضيع أطهارهن فِي غَزَوَاته، وآثرها عَلَيْهِنَّ، وشغل بهَا عَنْهُن ". فَذهب أَبُو عبيد إِلَى أَن اسْم الْقُرْء وَاقع عَلَيْهِمَا. وَكَأَنَّهُ فِي الطُّهْر أظهر؛ لما ذكر الشَّافِعِي رَحمَه الله من حكم الِاشْتِقَاق، وَلِأَن

أنهم قالوا هو أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة وذهب الشافعي رحمه الله في القديم إلى أن العراقيين خالفوا الإجماع في هذه المسألة لأن الذين قالوا إن الأقراء الحيض زعموا أنها لا تبرأ حتى تغتسل من الحيضة الثالثة ويحل لها الصلاة

الاحتساب بِالطُّهْرِ فِي الْعدة أسبق إِلَى وجودهَا مِمَّا يَقع عَلَيْهِ اسْم الْأَقْرَاء، فَوَجَبَ أَن يحكم بِانْقِضَاء عدتهَا، فَمن زعم أَنه يجب عَلَيْهَا الزِّيَادَة على مَا وَقع عَلَيْهِ اسْم ثَلَاثَة أَقراء فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى دَلِيل. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب أَن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِذا طلق الرجل امْرَأَته فَهُوَ أَحَق برجعتها حَتَّى تَغْتَسِل من الْحَيْضَة الثَّالِثَة، فِي الْوَاحِدَة والاثنتين ". وَهَكَذَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عمر، وَعبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا. وَرُوِيَ عَن الْحسن عَنْهُمَا، وَعَن أبي مُوسَى، رَضِي الله عَنْهُم، وَالْحسن لم يسمع مِنْهُم. وَرُوِيَ فِي ثَلَاثَة قُرُوء عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " ثَلَاث حيض ". وروى عِيسَى الْخياط وَهُوَ ضَعِيف حَدِيثا مُنْكرا لم يقبله مِنْهُ أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ، عَن الشّعبِيّ عَن ثَلَاثَة عشر من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنهم قَالُوا: " هُوَ أَحَق بهَا مَا لم تَغْتَسِل من الْحَيْضَة الثَّالِثَة ". وَذهب الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي الْقَدِيم إِلَى أَن الْعِرَاقِيّين خالفوا الْإِجْمَاع فِي هَذِه الْمَسْأَلَة؛ لِأَن الَّذين قَالُوا إِن الْأَقْرَاء الْحيض زَعَمُوا أَنَّهَا لَا تَبرأ حَتَّى تَغْتَسِل من الْحَيْضَة الثَّالِثَة وَيحل لَهَا الصَّلَاة، وهم

مسألة

يَقُولُونَ: إِذا فرطت فِي الْغسْل حَتَّى يذهب وَقت الصَّلَاة فقد حلت، وَهِي لم تَغْتَسِل وَلم يحل لَهَا الصَّلَاة، وَبسط الْكَلَام فِيهِ، إِلَى أَن قَالَ: " وَلَا يعدو أَن يكون الْأَقْرَاء الْأَطْهَار كَمَا قَالَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَالنِّسَاء بِهَذَا أعلم؛ لِأَنَّهُ فِيهِنَّ، لَا فِي الرِّجَال، أَبُو يكون الْحيض، فَإِذا جَاءَت بِثَلَاث حيض حلت، وَلَا نجد فِي كتاب الله تَعَالَى للْغسْل معنى يدل عَلَيْهِ، ولستم تَقولُونَ بِوَاحِد من الْقَوْلَيْنِ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (246) : وعدة من تبَاعد حَيْضهَا تَنْقَضِي بِالْأَشْهرِ قبل بُلُوغ سنّ الْإِيَاس، على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا تَنْقَضِي مَا لم تبلغ سنّ الْإِيَاس "، وَهُوَ القَوْل الآخر، وَهُوَ الصَّحِيح من الْمَذْهَب. فَوجه قَوْله الأول مَا رُوِيَ عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد، وَزيد بن عبد الله عَن ابْن الْمسيب عَن عمر رَضِي الله عَنهُ: " أَيّمَا امْرَأَة طلقت فَحَاضَت حَيْضَة أَو حيضتين، ثمَّ رفعتها حَيْضَة فَإِنَّهَا تنْتَظر تِسْعَة أشهر، فَإِن بَان حمل فَذَاك، وَإِلَّا اعْتدت بعد التِّسْعَة ثَلَاث أشهر، ثمَّ حلت ". وَوجه قَوْله فِي الصَّحِيح من طَرِيق الْأَثر مَا رُوِيَ عَن مَالك عَن

مُحَمَّد بن يحيى بن حَيَّان أَنه كَانَ عِنْد (جده) هاشمية وأنصارية، فَطلق الْأَنْصَارِيَّة، وَهِي ترْضع، فمرت بهَا سنة، ثمَّ هلك، وَلم تَحض، فَقَالَت: " (أرثه) ، لم أحض "، فاختصموا إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَقضى للأنصارية بِالْمِيرَاثِ، فلامت الهاشمية عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، فَقَالَ: " هَذَا عمل ابْن عمك. هُوَ أَشَارَ علينا بِهَذَا، يَعْنِي عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ. رَوَاهُ بِنَحْوِ مِنْهُ ابْن بكير عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن حَيَّان. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن سعيد بن سَالم عَن ابْن جريج عَن عبد الله بن أبي بكر أَن رجلا من الْأَنْصَار يُقَال لَهُ حبَان بن منقذ طلق امْرَأَته وَهُوَ صَحِيح، وَهِي ترْضع ابْنَته، فَمَكثت سَبْعَة عشر شهرا لَا تحيض، يمْنَعهَا الرَّضَاع أَن تحيض، ثمَّ مرض حبَان بعد أَن طَلقهَا بسبعة أشهر أَو ثَمَانِيَة، فَقيل لَهُ: " إِن امْرَأَتك تُرِيدُ أَن تَرث "، فَقَالَ لأَهله: " احْمِلُونِي إِلَى عُثْمَان "، فَحَمَلُوهُ، فَذكر لَهُ شَأْن امْرَأَته، وَعِنْده عَليّ بن أبي طَالب، وَزيد بن ثَابت رَضِي الله عَنْهُم فَقَالَ لَهما عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ: " مَا تربان؟ " فَقَالَا: " نرى أَنَّهَا تَرثه إِن مَاتَ، ويرثها إِن مَاتَت؛ فَإِنَّهَا لَيست من الْقَوَاعِد اللَّاتِي قد يئسن من الْمَحِيض، وَلَيْسَت من الْأَبْكَار اللآتي لم يبلغن الْمَحِيض، ثمَّ هِيَ على عدَّة حَيْضَتهَا مَا كَانَ من قَلِيل أَو كثير ". فَرجع حبَان إِلَى أَهله، وَأخذ

مسألة

ابْنَته، فَلَمَّا فقدت الرَّضَاع حَاضَت حَيْضَة، ثمَّ حَاضَت حَيْضَة أُخْرَى، ثمَّ توفّي حبَان قبل أَن تحيض الثَّالِثَة، فاعتدت عدَّة الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا، وورثته ". وَهَذَا إِنَّمَا ورد فِيمَن تَأَخّر حَيْضهَا بِعَارِض، فَهِيَ تنْتَظر رُؤْيَة الدَّم، وَلَا تنْتَقل إِلَى الْأَشْهر بِلَا خلاف. وروى سُفْيَان عَن حَمَّاد وَالْأَعْمَش، وَمَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة بن قيس أَنه طلق امْرَأَته تَطْلِيقَة وتطليقتين، ثمَّ حَاضَت حَيْضَة أَو حيضتين، ثمَّ ارْتَفع حَيْضهَا سَبْعَة عشر شهرا أَو ثَمَانِيَة، ثمَّ مَاتَت، فجَاء إِلَى ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: " حبس الله عَلَيْك مِيرَاثهَا، فورثه مِنْهَا ". وَالله أعلم مَسْأَلَة (247) : وَالْحَامِل تحيض على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا تحيض ". روى عَن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البُخَارِيّ: حَدثنَا عَمْرو بن مُحَمَّد

يخصف نعله فجعل جبينه يعرق وجعل عرقه يتولد نورا فبهت فنظر إلى رسول الله

حَدثنَا أَبُو عُبَيْدَة معمر بن الْمثنى التَّيْمِيّ حَدثنَا هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " كنت قَاعِدَة أغزل، وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخصف نَعله، فَجعل جَبينه يعرق، وَجعل عرقه يتَوَلَّد نورا، فبهت، فَنظر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: (مَا بالك) يَا عَائِشَة؟ بهت؟ قلت: جعل جبينك يعرق، وَجعل عرقك يتَوَلَّد نورا، وَلَو رآك أَبُو كَبِير الْهُذلِيّ لعلم أَنَّك أَحَق بِشعرِهِ، قَالَ: وَمَا يَقُول أَبُو كَبِير؟ قلت يَقُول: (ومبرا من كل غبر حَيْضَة ... وَفَسَاد مَوْضِعه وداء مغيل) (وَإِذا نظرة إِلَى أسرة وَجهه ... برقتْ كبرق الْعَارِض المتهلل) قَالَت: فَقَامَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقبل بَين عَيْني، وَقَالَ: جَزَاك الله، يَا

ولم يقل إن غبر هذا لا يكون وروي عن الليث عن بكر بن عبد الله عن أم علقمة عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي أنها سئلت عن الحامل ترى الدم أتصلي فقالت لا تصلي حتى يذهب عنها الدم وروي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة رضي

عَائِشَة، خيرا، مَا سررت مني كسروري بك ". فَفِي هَذَا الْخَبَر كالدلالة على أَن ابْتِدَاء الْحمل قد يكون على حَال الْحيض، وَأَن الْحيض وَالْحمل يجوز اجْتِمَاعهمَا، حَيْثُ قَالَ: ومبرأ من كل غبر حَيْضَة ... ... ... ... . . وَلم يُنكر النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلم يقل: إِن " غبر " هَذَا لَا يكون. وَرُوِيَ عَن اللَّيْث عَن بكر بن عبد الله عَن أم عَلْقَمَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا زوج النَّبِي أَنَّهَا سُئِلت عَن الْحَامِل ترى الدَّم أَتُصَلِّي؟ فَقَالَت: لَا تصلي حَتَّى يذهب عَنْهَا (الدَّم) ". وَرُوِيَ عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " إِذا رَأَتْ الْحَامِل الدَّم تكف عَن الصَّلَاة ". وَعنهُ قَالَ: " لَا يخْتَلف عندنَا عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فِي أَن الْحَامِل إِذا رَأَتْ الدَّم أَنَّهَا تمسك عَن الصَّلَاة حَتَّى تطهر "، قَوْله: " عندنَا "، أَي عِنْد أهل الْمَدِينَة، كَذَا قَالَ.

وَقد رُوِيَ عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بِخِلَافِهِ، احْتَجُّوا (بِأَنَّهَا) قَالَت: " أَن الحبلى لَا تحيض "، وأمرتها بِالْغسْلِ وَالصَّلَاة، كَذَا رَوَاهُ مطر بن طهْمَان، وَسليمَان بن مُوسَى عَن عَطاء عَنْهَا. وَقد ضعف أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ هَاتين الرِّوَايَتَيْنِ عَن عَطاء، ذكر ابْن عدي عَن أَحْمد بن حَنْبَل رَحمَه الله أَنه سُئِلَ عَن حَدِيث همام عَن مطر عَن عَطاء عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا: " الْحَامِل لَا تحيض "، قَالَ: " كَانَ يحيى يَعْنِي الْقطَّان يضعف ابْن أبي ليلى، ومطر عَن عَطاء ". وروى عَن إِسْحَاق الْحَنْظَلِي: قَالَ لي أَحْمد بن حَنْبَل: " مَا تَقول فِي الْحَامِل ترى الدَّم؟ " فَقلت: " تصلي "، واحتججت بِخَبَر عَطاء عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا. قَالَ: فَقَالَ لي: " أَيْن أَنْت عَن خبر الْمَدَنِيين، خبر أم عَلْقَمَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا؟ فَإِنَّهُ أصح "، قَالَ: " فَرَجَعت إِلَى قَول أَحْمد ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " وَأما رِوَايَة سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن عَطاء فَإِن مُحَمَّد بن رَاشد ينْفَرد بهَا عَن سُلَيْمَان، وَمُحَمّد بن رَاشد ضَعِيف ". وَرَوَاهُ ابْن جريج من عَطاء عَن قَوْله فِي الْحَامِل ترى الدَّم، قَالَ: " هِيَ بِمَنْزِلَة الْمُسْتَحَاضَة ". وَرُوِيَ عَن حجاج عَن عَطاء قَالَ: " إِذا رَأَتْ الْحَامِل الدَّم فَإِنَّهَا تتوضأ، وَتصلي، وَلَا تَغْتَسِل.

مسألة

قَالَ أَبُو بكر بن إِسْحَاق: " فَدلَّ هَذَا على وَهن خبر عَطاء الْمُتَقَدّم فِي الْغسْل؛ لِأَن الْخَبَر لَو كَانَ عِنْده صَحِيحا لما خَالفه " يَعْنِي فِي الْغسْل " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (248) : وَتعْتَد الْأمة الصَّغِيرَة والآيسة بشهرين على أصح الْقَوْلَيْنِ، أَو بِثَلَاثَة أشهر على القَوْل الثَّانِي. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " تَعْتَد بِشَهْر وَنصف ". رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " عدَّة الْأمة إِذا لم تَحض شَهْرَان كعدتها إِذا حَاضَت (حيضتان) . ". وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله: أخبرنَا سُفْيَان عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن مولى طَلْحَة عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عبد الله بن عتبَة عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " ينْكح العَبْد امْرَأتَيْنِ، وَيُطلق تَطْلِيقَتَيْنِ، وَتعْتَد الْأمة حيضتين، فَإِن لم تكن تحيض فشهرين، أَو شهرا وَنصفا ". قَالَ سُفْيَان وَكَانَ ثِقَة: " وَرووا عَن الْحسن عَن

مسألة

عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " عدَّة الْأمة حيضتان، فَإِن لم تكن تحيض فشهر وَنصف ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (249) : وَله فِي سُكْنى المتوفي عَنْهَا زَوجهَا قَولَانِ: أَحدهمَا: أَن لَا سُكْنى لَهَا، وَهُوَ قَول أبي حنيفَة، رَحمَه الله. وَالثَّانِي: أَن لَهَا السُّكْنَى. روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن سعد بن إِسْحَاق بن كَعْب بن عجْرَة عَن عمته زَيْنَب بنت كَعْب أَن الفريعة بنت مَالك رَضِي الله عَنْهَا أخْبرتهَا أَنَّهَا جَاءَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تسأله أَن ترجع

أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه قالت فقال رسول الله

إِلَى أَهلهَا فِي بني خدرة: " فَسَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن أرجع إِلَى أَهلِي؛ فَإِن زَوجي لم يتركني فِي مسكن يملكهُ، قَالَت: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: نعم، فَانْصَرَفت، حَتَّى إِذا كنت فِي الْحُجْرَة، أَو فِي الْمَسْجِد دَعَاني، أَو أَمر بِي فَدُعِيت إِلَيْهِ، قَالَ: فَكيف قلت؟ : فَرددت عَلَيْهِ الْقِصَّة؛ فَقَالَ: امكثي فِي بَيْتك حَتَّى يبلغ الْكتاب أَجله. قَالَت: فاعتددت فِيهِ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا. فَلَمَّا كَانَ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ أرسل إِلَيّ فَسَأَلَنِي عَن ذَلِك، فَأَخْبَرته فَاتبعهُ، وَقضى بِهِ ". وَرُوِيَ عَن يحيى بن سعيد عَن سعد بن إِبْرَاهِيم بِمَعْنَاهُ وَزِيَادَة أَلْفَاظ: وَقَالَت: " لم يدع لي نَفَقَة، وَلَا مَالا، وَلَيْسَ الْمسكن لي ". قَالَ أَبُو عبد الله الْحَاكِم: " هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد من الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ". وَقَالَ مُحَمَّد بن يحيى الذهلي: " هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد، مَحْفُوظ، وهما اثْنَان، سعد بن إِسْحَاق، وَهُوَ أشهرهما، وَإِسْحَاق بن سعد بن كَعْب. وَقد روى عَنْهُمَا جَمِيعًا يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، فقد ارْتَفَعت عَنْهُمَا الْجَهَالَة ".

وروى ابْن بكير عَن مَالك عَن حميد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن سعيد بن الْمسيب أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ كَانَ يرد الْمُتَوفَّى عَنْهُن أَزوَاجهنَّ من الْبَيْدَاء، يمنعهن من الْحَج ". وَعنهُ عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لَا تبيت الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا، وَلَا المبتوتة إِلَّا فِي بَيتهَا ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " نسخت هَذِه، عدتهَا فِي أَهلهَا، فَتعْتَد حَيْثُ شَاءَت، لقَوْل الله عز وَجل: {غير إِخْرَاج} . . ". وَعِنْده أَيْضا عَن عَطاء: قَالَ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: " نسخت هَذِه الْآيَة عدتهَا عِنْد أَهلهَا، فَتعْتَد حَيْثُ شَاءَت، وَهُوَ قَول الله تبَارك وَتَعَالَى: {غير إِخْرَاج} ، قَالَ عَطاء: " إِن شَاءَت اعْتدت عِنْد أَهلهَا، وسكنت فِي وصيتها، وَإِن شَاءَت خرجت، لقَوْل الله تَعَالَى: {فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِي مَا فعلن} "، قَالَ عَطاء: " ثمَّ جَاءَ الْمِيرَاث فنسخ مِنْهُ السُّكْنَى، تَعْتَد حَيْثُ شَاءَت، وَلَا سُكْنى لَهَا ".

ولا يصح روى عن محبوب بن محرز التميمي عن أبي مالك النخعي عن عطاء عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه مرفوعا أمر المتوفى عنها زوجها أن تعتد في غير بيتها إن شاءت قال الدارقطني لم يسنده غير أبي مالك النخعي وهو ضعيف

وَرُوِيَ عَن النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا يَصح، روى عَن مَحْبُوب بن مُحرز التَّمِيمِي عَن أبي مَالك النَّخعِيّ عَن عَطاء عَن أبي عبد الرَّحْمَن عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: " أَمر الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا أَن تَعْتَد فِي غير بَيتهَا إِن شَاءَت ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " لم يسْندهُ غير أبي مَالك النَّخعِيّ، وَهُوَ ضَعِيف، ومحبوب هَذَا ضَعِيف أَيْضا ". وَعند البُخَارِيّ عَن مُجَاهِد: " وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} : قَالَ: كَانَت هَذِه الْعدة تَعْتَد عِنْد أهل زَوجهَا، وَاجِب ذَلِك عَلَيْهَا، قَالَ: فَأنْزل الله عز وَجل {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا وَصِيَّة لأزواجهم مَتَاعا إِلَى الْحول غير إِخْرَاج فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِي مَا فعلن فِي أَنْفسهنَّ من مَعْرُوف وَالله عَزِيز حَكِيم} ، قَالَ: جعل الله عز وَجل

لَهَا سَبْعَة أشهر وَعشْرين لَيْلَة وَصِيَّة، إِن شَاءَت سكنت فِي وصيتها، وَإِن شَاءَت خرجت، وَهُوَ قَول الله تَعَالَى: {غير إِخْرَاج فَإِن خرجن فَلَا جنَاح عَلَيْكُم فِي مَا فعلن} ، فالعدة كَمَا هِيَ، وَاجِب (ة) عَلَيْهَا، زعم ذَلِك مُجَاهِد، وَقَالَ عَطاء: عَن ابْن عَبَّاس ... . . " الحَدِيث. وروى عَن الشّعبِيّ قَالَ: " نقل عَليّ رَضِي الله عَنهُ أم كُلْثُوم بعد قتل عمر رَضِي الله عَنهُ لسبع لَيَال ". وَرَوَاهُ سُفْيَان فِي جَامعه، وَقَالَ: " لِأَنَّهَا كَانَت فِي دَار الْإِمَارَة ". وَرُوِيَ عَن عَطاء أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أحجت بأختها فِي عدتهَا ". وَعَن سُفْيَان عَن ابْن الْقَاسِم عَن أَبِيه قَالَ: " كَانَت الْفِتْنَة وخوفها، يَعْنِي: حِين أحجت أُخْتهَا فِي عدتهَا ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (250) : وَلَا إحداد على المبتوتة فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " عَلَيْهَا أَن تحد ". رُوِيَ عَن أم عَطِيَّة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تحد الْمَرْأَة فَوق ثَلَاثَة أَيَّام إِلَّا على زَوجهَا، فَإِنَّهَا تحد عَلَيْهِ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا ". فخض - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا بِأَنَّهَا تحد أَرْبَعَة أشهر وَعشرا. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (251) : وعَلى الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا الْإِحْدَاد، وَإِن كَانَت ذِمِّيَّة أَو صَغِيرَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا إحداد عَلَيْهِمَا ". فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث زَيْنَب بنت أبي سَلمَة عَن أم حَبِيبَة رَضِي الله عَنْهَا: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يحل لامْرَأَة تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تحد على ميت فَوق ثَلَاث لَيَال إِلَّا على زوج أَرْبَعَة أشهرا وَعشرا ".

بمثله سواء والصغيرة داخلة فيه لأنها مؤمنة بالله تعالى وباليوم الآخر وروي عن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي

وَعَن زَيْنَب بنت جحش رَضِي الله عَنْهَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثلِهِ سَوَاء. وَالصَّغِيرَة دَاخِلَة فِيهِ؛ لِأَنَّهَا مُؤمنَة بِاللَّه تَعَالَى وباليوم الآخر. وَرُوِيَ عَن أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا زوج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا لَا تلبس المعصفر من الثِّيَاب وَلَا الممشق وَلَا الْحلِيّ، وَلَا تختضب وَلَا تكتحل " وَلَيْسَ فِيهِ تَفْصِيل بَين مسلمة، وذمية، وصغيرة. وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا لَا تكتحل، وَلَا تتطيب، وَلَا تختضب، وَلَا تلبس ثوبا مصبوغا إِلَّا الْبرد الْقصب، وَلَا تبت عَن بَيت زَوجهَا، وَلَكِن تزور بِالنَّهَارِ ".

مسألة

وَهُوَ على إِطْلَاقه من غير تَخْصِيص. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (252) : والعدتان من رجلَيْنِ لَا يتداخلان. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يتداخلان ". روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن ابْن الْمسيب، وَسليمَان بن يسَار أَن طليحة كَانَت تَحت رشيد الثَّقَفِيّ فَطلقهَا الْبَتَّةَ، فنكحت فِي عدتهَا، فضربها عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ وَضرب زَوجهَا بالمخفقة ضربات وَفرق بَينهمَا، ثمَّ قَالَ: " أَيّمَا امْرَأَة نكحت فِي عدتهَا فَإِن كَانَ زَوجهَا الَّذِي تزَوجهَا لم يدْخل بهَا فرق بَينهمَا، ثمَّ اعْتدت بَقِيَّة عدتهَا من زَوجهَا الأول، (وَكَانَ خاطبا من الْخطاب، وَإِن كَانَ دخل بهَا فرق بَينهمَا، ثمَّ اعْتدت بَقِيَّة عدتهَا من زَوجهَا الأول) ثمَّ اعْتدت من الآخر، ثمَّ لم ينْكِحهَا أبدا "، قَالَ

سعيد: " وَلها مهرهَا بِمَا اسْتحلَّ مِنْهَا ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: وَكَانَ عمر بن الْخطاب يَقُول: " صَدَاقهَا فِي بَيت المَال، ثمَّ رَجَعَ عَنهُ، وَقَالَ: " لَهَا صَدَاقهَا "، وَكَانَ يَقُول: " لَا يَجْتَمِعَانِ أبدا "، ثمَّ رَجَعَ عَنهُ. قَالَه مَسْرُوق، وَغَيره. وَهُوَ قَول عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله عَنهُ. رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن (يحيى) بن حسان عَن عَطاء بن السَّائِب عَن زَاذَان عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قضى فِي الَّتِي تزوج فِي عدتهَا أَنه يفرق بَينهمَا، وَلها الصَدَاق بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا، وتكمل مَا أفسدت من عدَّة الأول، وَتعْتَد من الآخر. تَابعه

مسألة

ابْن جريج عَن عَطاء عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ. وَرَوَاهُ الشّعبِيّ عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَجعل لَهَا الصَدَاق بِمَا اسْتحلَّ من فرجهَا، وَقَالَ: " إِذا انْقَضتْ عدتهَا فَإِن شَاءَت تزوجته فعلت ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (253) : لم يذكرهَا، وَأكْثر مُدَّة الْحمل أَربع سِنِين. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " سنتَانِ ".

مسألة

رُوِيَ عَن الْمُبَارك بن مُجَاهِد قَالَ: " مَشْهُور عندنَا امْرَأَة مُحَمَّد بن عجلَان تحمل وتضع فِي أَربع سِنِين، وَكَانَت تسمى حاملة الْفِيل ". وَعَن الْوَلِيد بن مُسلم: قلت لمَالِك بن أنس رَحمَه الله تَعَالَى: " أَي حَدِيث عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: " لَا تزيد الْمَرْأَة فِي حملهَا على سنيتن قدر ظلّ المغزل "، فَقَالَ: " سُبْحَانَ الله {من يَقُول (بِهَذَا) } هَذِه جارتنا امْرَأَة مُحَمَّد بن عجلَان امْرَأَة صدق، وَزوجهَا رجل صدق، حملت ثَلَاث أبطن فِي اثْنَتَيْ عشرَة سنة، تحمل كل بطن أَربع سِنِين ". وَقَول عمر رَضِي الله عَنهُ فِي امْرَأَة الْمَفْقُود: " تربص أَربع سِنِين " يشبه أَن يكون إِنَّمَا قَالَه لبَقَاء الْحمل أَربع سِنِين. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (254) : لم يذكرهَا، وَامْرَأَة الْمَفْقُود لَا تَعْتَد، وَلَا تنْكح أبدا، حَتَّى يَأْتِيهَا يَقِين وَفَاته. وَحكي عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه قَالَ: " إِذا بلغ مائَة وَعشْرين سنة وَجب على امْرَأَته الْعدة، وَفرق بَينهمَا ".

رُوِيَ عَن عباد بن عبد الله الْأَسدي عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ فِي امْرَأَة الْمَفْقُود: " إِنَّهَا لَا تتَزَوَّج ". رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن يحيى بن حسان عَن أبي عوَانَة عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن الْمنْهَال بن عَمْرو عَن عباد بِهِ، قَالَ: " وَأخْبرنَا يحيى عَن هِشَام بن بشير (عَن أبي عوَانَة) عَن سيار ابي الحكم عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي امْرَأَة الْمَفْقُود إِذا قدم، وَقد تزوجت امْرَأَته: " هِيَ امْرَأَته إِن شَاءَ طلق، وَإِن شَاءَ أمسك ". وروى سوار بن مُصعب الْكُوفِي وَلَيْسَ بِثِقَة عَن مُحَمَّد بن شُرَحْبِيل عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة مَرْفُوعا: " امْرَأَة الْمَفْقُود امْرَأَته حَتَّى يَأْتِيهَا الْبَيَان ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (255) : وَأم الْوَلَد إِذا مَاتَ سَيِّدهَا، أَو أعتقت تستبرأ بِحَيْضَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " بِثَلَاث حيض ". روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه قَالَ فِي أم الْوَلَد يتوفى عَنْهَا سَيِّدهَا قَالَ: " تَعْتَد بِحَيْضَة ". وَقد روينَاهُ عَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة من التَّابِعين فِيمَا رَوَاهُ ابْن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَنْهُم. وَمَا رُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن رَجَاء بن حَيْوَة عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب عَن عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لَا تلبسوا علينا سنة نَبينَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أم الْوَلَد إِذا توفّي عَنْهَا سَيِّدهَا عدتهَا أَرْبَعَة أشهر وَعشرا "، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ قبيصَة لم يسمع من عَمْرو، وَالصَّوَاب: " لَا تلبسوا علينا ... " مَوْقُوفا ".

عدة أم الولد حيضة وروي عن سويد عن عبد العزيز وهو غير قوي عن سعيد عن عطاء أن مارية رضي الله عنها اعتدت بثلاث حيض وهو مرسل وسويد غير قوي والله أعلم ورواية الجماعة عن عطاء مذهبه دون الرواية وروي بإسناد فيه ضعف عن

ثمَّ يعارضهم بِمَا رُوِيَ عَن مطر الْوراق عَن رَجَاء بن حَيْوَة عَن قبيصَة عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لَا تلبسوا علينا سنة نَبينَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: عدَّة أم الْوَلَد حَيْضَة ". وَرُوِيَ عَن سُوَيْد عَن عبد الْعَزِيز وَهُوَ غير قوي عَن سعيد عَن عَطاء: أَن مَارِيَة رَضِي الله عَنْهَا اعْتدت بِثَلَاث حيض "، وَهُوَ مُرْسل، وسُويد غير قوي. وَالله أعلم. وَرِوَايَة الْجَمَاعَة عَن عَطاء مذْهبه، دون الرِّوَايَة. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد فِيهِ ضعف عَن نَافِع قَالَ: " سُئِلَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن عدَّة أم الْوَلَد، فَقَالَ: حَيْضَة، فَقَالَ رجل: إِن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ كَانَ يَقُول بِثَلَاثَة قُرُوء، فَقَالَ: عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ خيرنا وَأَعْلَمنَا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (256) : وتزويج الْأمة الَّتِي يَطَؤُهَا لَا يَصح إِلَّا بِأَن يَسْتَبْرِئهَا بِحَيْضَة. وَرُوِيَ عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله أَنه قَالَ: " يَصح ".

أنه قال لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أو من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقي ماءه ولد غيره وفي رواية لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على

عِنْد أبي دَاوُد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ رَفعه أَنه قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاس: " لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع، وَلَا ذَات غير حمل حَتَّى تحيض حَيْضَة ". وَرُوِيَ عَن رويفع بن ثَابت الْأنْصَارِيّ رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا يحل لأحد يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر، أَو من كَانَ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر (فَلَا يسْقِي مَاءَهُ ولد غَيره ". وَفِي رِوَايَة: " لَا يحل لامرئ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر) أَن يسْقِي مَاءَهُ زرع غَيره، وَلَا يحل لامرئ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يَقع على امْرَأَة من السَّبي حَتَّى يَسْتَبْرِئهَا ". وَالله أعلم.

كتاب الرضاع

كتاب الرَّضَاع وَمن كتاب الرَّضَاع: مَسْأَلَة (257) : لَا يحرم اقل من خمس رَضعَات. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " الرضعة الْوَاحِدَة تحرم ". دليلنا مَا فِي صَحِيح مُسلم عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " كَانَ فِيمَا أنزل من الْقُرْآن عشر رَضعَات مَعْلُومَات يحرمن، ثمَّ نسخن بِخمْس مَعْلُومَات، فَتوفي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهن مِمَّا يقْرَأ من الْقُرْآن ". وَعِنْده أَيْضا عَنْهَا قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تحرم المصة، وَلَا المصتان "، وَزَاد فِي رِوَايَة: " من الرضَاعَة ". وَقَالَ فِي أُخْرَى: " لَا تحرم الإملاجة، وَلَا الإملاجتان "، عَن أم الْفضل رَضِي الله عَنْهَا عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

لا تحرم المصة ولا المصتان أو الرضعة أو الرضعتان وفي صحيح البخاري عن عروة عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أن أبا حذيفة بن عتبة كان قد تبنى سالما وأنكحه بنت أخيه وهو مولى لامرأة من الأنصار كما تبنى رسول الله زيدا

وعنها عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تحرم المصة، وَلَا المصتان، أَو الرضعة، أَو الرضعتان ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، وَأم سَلمَة رَضِي الله عَنْهُمَا أَن أَبَا حُذَيْفَة بن عتبَة كَانَ قد تبنى سالما، وأنكحه بنت أَخِيه، وَهُوَ مولى لامْرَأَة من الْأَنْصَار، كَمَا تبنى رَسُول الله زيدا، فَجَاءَت سهلة بنت سُهَيْل رَضِي الله عَنْهَا امْرَأَة أبي حُذَيْفَة فَقَالَت: " يَا رَسُول الله، إِنَّا كُنَّا نرى سالما ولدا، وَقد يأوي معي، وَمَعَ أبي حُذَيْفَة فِي بَيت وَاحِد، ويراني فضلا، وَقد انْزِلْ الله فيهم مَا قد علمت، فَكيف ترى فِيهِ؟ " فَقَالَ لَهَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ارضعيه "، فأرضعته خمس رَضعَات، فَكَانَ بِمَنْزِلَة وَلَدهَا من الرضَاعَة. فبذلك كَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تامر بَنَات أخواتها، وَبَنَات إخوتها أَن يرضعن من أحبت عَائِشَة أَن يَرَاهَا وَيدخل عَلَيْهَا وَإِن كَانَ كَبِيرا خمس رَضعَات، ثمَّ يدْخل عَلَيْهَا. وأبت ذَلِك أم سَلمَة رَضِي الله عَنْهَا وَسَائِر أَزوَاج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقلن لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَمَا نَدْرِي لَعَلَّهَا كَانَت رخصَة من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لسالم دون النَّاس ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَإِنَّمَا الرضَاعَة من

المجاعة ". وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ: " لَا رضَاع إِلَّا مَا شدّ الْعظم وَأنْبت اللَّحْم ". وَفِي رِوَايَة مَرْفُوعا بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: " أنشز الْعظم ". وَرُوِيَ عَن عبد الله بن الزبير، وَأبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنْهُم مَرْفُوعا: " لَا رضَاع إِلَّا مَا فتق الأمعاء ". وَالصَّحِيح عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوف. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: " قَلِيل الرضَاعَة وكثيرها يحرم فِي المهد ". قَالَ ابْن شهَاب: " يَقُول: لَا رضَاع بعد حَوْلَيْنِ

كَامِلين ". رُوَاته ثِقَات. وَرُوِيَ (بِإِسْنَاد) صَحِيح عَن عَمْرو بن دِينَار أَنه سمع ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا سَأَلَهُ رجل: أتحرم رضعة ورضعتان؟ فَقَالَ: " مَا نعلم الْأُخْت من الرضَاعَة إِلَّا حَرَامًا "، فَقَالَ الرجل: " إِن أَمِير الْمُؤمنِينَ يُرِيد ابْن الزبير، رَضِي الله عَنْهُمَا زعم أَنه لَا تحرم رضعة "، فَقَالَ ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا: " قَضَاء الله خير من قضائك وَقَضَاء أَمِير الْمُؤمنِينَ ". وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد عَن عَليّ، وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: " يحرم من الرضَاعَة قَلِيله وَكَثِيره ". إِسْنَاده لَيْسَ بِالْقَوِيّ، فَإِن لم يرو مُتَّصِلا بِإِسْنَاد آخر فَهَذَا لَيْسَ بِشَيْء، فَروِيَ عَن قَتَادَة قَالَ: " كتبنَا إِلَى إِبْرَاهِيم فِي الرَّضَاع، فَكتب إِلَيْنَا أَن شريحا حدث أَن عليا، وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: يحرم من الرَّضَاع قَلِيله وَكَثِيره ". قَالَ: " وَكَانَ فِي كِتَابه أَن أَبَا الشعْثَاء الْمحَاربي حدث أَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: لَا تحرم الْخَطفَة، (وَلَا) الخطفتان ". وَهَذَا أَيْضا مُنْقَطع؛ فَإِنَّهُ كتاب، وَأَيْضًا (فَإِن) إِبْرَاهِيم يَقُول: " حَدِيث شُرَيْح "، وَهُوَ إرْسَال.

في كتبها فلم يأذن له فيها وأما رضاعة الكبير فهى عند غير عائشة رضي الله عنها

وَرَوَاهُ ابْن لَهِيعَة عَن أبي الزبير عَن جَابر، وَابْن لَهِيعَة لَا يحْتَج بِهِ. وَأما حَدِيث الدَّاجِن الَّتِي زَعَمُوا أَنَّهَا أكلت الصَّحِيفَة الَّتِي فِيهَا آيَة الرَّجْم ورضاعة الْكَبِير عشرا يرْوى عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا فَإِنَّهُ إِخْبَار عَن أَمر رفع، دون تَعْلِيق حكم بِهِ. وَقد كَانَت آيَة الرَّجْم مَعْلُومَة عِنْد الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، وَعَلمُوا نسخ تلاوتها دون حكمهَا، وَذَلِكَ حِين رَاجع عمر رَضِي الله عَنهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كتبهَا، فَلم يَأْذَن لَهُ فِيهَا. وَأما رضاعة الْكَبِير فهى عِنْد (غير) عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا

مسألة

مَنْسُوخَة، أَو كَانَت رخصَة لسالم وَحده، فَلذَلِك لم يثبتوها. وَأما رضاعته عشرا فقد أخْبرت أَنَّهَا صَارَت مَنْسُوخَة بِخمْس يحرمن، فَكَانَ نسخ تلاوتها وَحكمهَا مَعْلُوما عِنْد الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم؛ لأجل ذَلِك لم يثبتوها، لَا لأجل أكل الدَّاجِن صحيفتها، وَهَذَا وَاضح بَين بِحَمْد الله تَعَالَى وَمِنْه. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن نَافِع عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد أَن حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنْهَا أرْسلت بعاصم بن عبد الله بن سعد إِلَى أُخْتهَا فَاطِمَة بنت عمر ترْضِعه عشر رَضعَات ليدْخل عَلَيْهَا، وَهُوَ صَغِير يرضع، فَفعلت، فَكَانَ يدْخل عَلَيْهَا. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (258) : لَا رضَاع بعد الْحَوْلَيْنِ، خلافًا لأبي حنيفَة رَحمَه الله حَيْثُ قدر مُدَّة الرَّضَاع بِثَلَاثِينَ شهرا. دليلنا قَول الله عز وَجل: {وفصاله فِي عَاميْنِ} ، وَقَالَ جلّ جَلَاله: {والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين لمن أَرَادَ أَن يتم الرضَاعَة} ، وَمَا رُوِيَ

عَن عمر رَضِي الله عَنهُ: " لَا رضَاع إِلَّا فِي الْحَوْلَيْنِ فِي الصغر ". وَعَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ بِمَعْنَاهُ، وَابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا. وَرُوِيَ التَّحْدِيد بالحولين عَن ابْن الْمسيب، وَعُرْوَة، وَالشعْبِيّ، رَضِي الله عَنْهُم، وَالله تَعَالَى أعلم.

(صفحه فارغة)

كتاب النفقات

كتاب النَّفَقَات وَمن كتاب النَّفَقَات: مَسْأَلَة (259) : وَنَفَقَة الصَّغِيرَة تجب على زَوجهَا فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا تجب ". رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حث على الصَّدَقَة، فجَاء رجل فَقَالَ: " عِنْدِي دِينَار "، قَالَ: " أنفقهُ على نَفسك "، قَالَ: " عِنْدِي آخر "، قَالَ: " أنفقهُ على ولدك "، قَالَ: " عِنْدِي آخر "، قَالَ: " أنفقهُ على زَوجتك "، قَالَ: " عِنْدِي آخر "، قَالَ: " أنفقهُ على خادمك "، قَالَ: " عِنْدِي آخر "، قَالَ: " أَنْت أبْصر "، رُوَاته ثِقَات. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (260) : والإعسار بِنَفَقَة الزَّوْجَة يُوجب لَهَا خِيَار الْفَسْخ للنِّكَاح. وَقَالَ

أنه قال خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول قال ومن أعول يا رسول الله قال امرأتك تقول أطعمني وإلا فارقني خادمك يقول أطعمني واستعملني ولدك يقول إلى من تتركني

أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَيْسَ خِيَار الْفَسْخ بذلك ". عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " خير الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى، وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى، وابدأ بِمن تعول "، قَالَ: " وَمن أعول؟ يَا رَسُول الله "، قَالَ: " امْرَأَتك، تَقول: أَطْعمنِي وَإِلَّا فارقني، خادمك، يَقُول: أَطْعمنِي واستعملني، ولدك، يَقُول: إِلَى من تتركني "، وَفِي رِوَايَة جعل آخِره من قَول أبي هُرَيْرَة. أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح. روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن سُفْيَان عَن أبي الزِّنَاد قَالَ: " سَأَلت سعيد بن الْمسيب عَن الرجل لَا يجد مَا ينْفق على امْرَأَته "، قَالَ: " يفرق بَينهمَا "، (قلت: " سنة؟ "، قَالَ: " سنة ". وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا فِي الرجل لَا يجد مَا ينْفق على امْرَأَته، قَالَ: " يفرق بَينهمَا ") .

مسألة

وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مُسلم بن خَالِد عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كتب إِلَى أُمَرَاء الأجناد فِي رجال غَابُوا عَن نِسَائِهِم يَأْمُرهُم أَن يأخذوهم بِأَن ينفقوا أَو يطلقوا فَإِن طلقوا بعثوا بِنَفَقَة مَا حبسوا. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (261) : وَلَا نَفَقَة للمبتوته الْحَائِل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَهَا النَّفَقَة ". قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِن كن أولات حمل فأنفقوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضعن حَملهنَّ} ، فدلت على أَن النَّفَقَة للحامل دون غَيرهَا. وَفِي صَحِيح مُسلم حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس، وَفِيه أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهَا: " لَا نَفَقَة لَك، إِلَّا أَن تَكُونِي حَامِلا ".

وروي عن ابن المسيب أنه إنما نقلها أنها استطالت على أحمائها بلسانها وفي صحيح البخاري عن القاسم وسليمان أن يحيى بن سعيد بن العاص طلق ابنة عبد الرحمن بن الحكم ألبتة فأنقلها عبد الرحمن فأرسلت عائشة رضي الله عنها إلى مروان وهو

وَالَّذِي أنكر عَلَيْهَا هُوَ ترك السُّكْنَى، لَا النَّفَقَة، فقد رُوِيَ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: " قلت: يَا رَسُول الله، زَوجي طَلقنِي ثَلَاثًا، فَأَخَاف أَن يقتحم عَليّ "، فَيحْتَمل أَنه إِنَّمَا نقلهَا لذَلِك. يُؤَكد ذَلِك مَا جَاءَ عِنْد أبي دَاوُد عَن عُرْوَة قَالَ: " لقد عابت ذَلِك عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَشد الْعَيْب يَعْنِي حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس وَقَالَت: إِن فَاطِمَة كَانَت بمَكَان وَحش، فخيف على ناحيتها، فَلذَلِك أرخص لَهَا رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَرُوِيَ عَن ابْن الْمسيب أَنه إِنَّمَا نقلهَا أَنَّهَا استطالت على أحمائها بلسانها. وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن الْقَاسِم، وَسليمَان أَن يحيى بن سعيد بن الْعَاصِ طلق ابْنة عبد الرَّحْمَن بن الحكم أَلْبَتَّة، فأنقلها عبد الرَّحْمَن، فَأرْسلت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا إِلَى مَرْوَان وَهُوَ امير الْمَدِينَة فَقَالَت: " اتَّقِ الله يَا مَرْوَان، واردد (الْمَرْأَة) إِلَى بَيتهَا "، فَقَالَ مَرْوَان فِي حَدِيث سُلَيْمَان: " إِن عبد الرَّحْمَن غلبني "، وَقَالَ فِي حَدِيث الْقَاسِم: " أَو مَا بلغك شَأْن فَاطِمَة؟ " فَقَالَت عَائِشَة: " لَا عَلَيْك أَن لَا

لا سكنى لك ولا نفقة فقلت له ما تركنا من حديث فاطمة حرفا ولو كان ما حدثتم عنها كما حدثتم كان على ما قلنا وعلى خلاف ما قلتم قال وكيف قلت قلت أما حديثنا فصحيح على وجهه أن النبي

يذكر من شَأْن فَاطِمَة "، فَقَالَ: " إِن كَانَ إِنَّمَا بك الشَّرّ فحسبك مَا بَين هذَيْن من الشَّرّ ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله وَذكر مناظرة جرت بَينه وَبَين بعض النَّاس فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، فَذكر حَدِيث فَاطِمَة قَالَ: فَقَالَ: " إِنَّكُم تركْتُم حَدِيث فَاطِمَة، هِيَ قَالَت: قَالَ لي (النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) : لَا سُكْنى لَك وَلَا نَفَقَة " , فَقلت لَهُ: " مَا تركنَا من حَدِيث فَاطِمَة حرفا، وَلَو كَانَ مَا حدثتم عَنْهَا كَمَا حدثتم كَانَ على مَا قُلْنَا، وعَلى خلاف مَا قُلْتُمْ "، قَالَ: " وَكَيف قلت؟ " قلت: " أما حديثنا (فَصَحِيح) على وَجهه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَا نَفَقَة لَك عَلَيْهِم، وأمرها أَن تَعْتَد فِي بَيت ابْن أم مَكْتُوم، وَلَو كَانَ فِي حَدِيثهَا إحلاله لَهَا أَن تَعْتَد حَيْثُ شَاءَت لم يحظر عَلَيْهَا أَن تَعْتَد حَيْثُ شَاءَت ". قَالَ: " كَيفَ أخرجوها من بَيت زَوجهَا وأمرها أَن تَعْتَد فِي بَيت غَيره؟ " قلت: " لعِلَّة لم تذكرها فَاطِمَة، كَأَنَّهَا استحيت من ذكرهَا، وَقد ذكرهَا غَيرهَا ". قَالَ: " وَمَا هِيَ؟ " قلت: " كَانَ فِي لسانها ذرب، فاستطالت على أحمائها "، استطالت: تفاحشت. قَالَ: " فَهَل من دَلِيل على مَا قلت؟ " قلت: " نعم، فِي الْخَبَر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَغَيره من أهل الْعلم ". قَالَ: " فاذكرها ". قلت: " قَالَ الله عز وَجل: {لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ} الْآيَة، وَأخْبرنَا عبد الْعَزِيز

الدَّرَاورْدِي عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَول الله عز وَجل: {وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} قَالَ: " أَن تبذو على أهل زَوجهَا، فَإِذا بذت فقد حل إخْرَاجهَا ". فَقَالَ: " هَذَا تَأْوِيل، وَقد يحْتَمل مَا قَالَ، وَيحْتَمل غَيره، أَن تكون الْفَاحِشَة خُرُوجهَا، وَأَن تكون الْفَاحِشَة أَن تخرج للحد ". قلت: " فَإِذا احتملت الْآيَة مَا وصفت فَأَي الْمعَانِي أولى بهَا؟ " قَالَ: " معنى مَا وافقته السّنة ". فَقلت: " فقد ذكرت فِي ذَلِك السّنة فِي فَاطِمَة ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن حبلة عَن أبي أَحْمد الزبيرِي عَن

عمار بن زُرَيْق عَن أبي إِسْحَاق عَن الْأسود: " أَتَت فَاطِمَة بنت قيس رَضِي الله عَنْهَا عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: لَا نَدع كتاب رَبنَا وَسنة نَبينَا لقَوْل امْرَأَة لَا نَدْرِي حفظت أم لَا ". وَرَوَاهُ يحيى بن آدم، وَغَيره عَن (عمار) ، وَلم يذكر فِيهِ: " وَسنة نَبينَا ".

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَلم يذكر فِيهِ: " وَسنة نَبينَا "، وَإِنَّمَا ذكره الزبيرِي عَن عمار، وَحَمَّاد بن إِبْرَاهِيم، وَالْحسن بن عمَارَة عَن ابْن كهيل عَن عبد الله بن الْخَلِيل عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَيحيى بن آدم أحفظ من أبي أَحْمد وَأثبت مِنْهُ، وَقد تَابعه قبيصَة بن عقبَة، وَغَيره. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " وَأما ابْن عمَارَة فمتروك، وَأَشْعَث بن سوار ضَعِيف، وَرِوَايَة الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم أصح؛ لِأَنَّهُ أثبت، وأحفظ من أَشْعَث، وَالله أعلم ". رُوِيَ عَن أبي دَاوُد قَالَ: " سَمِعت أَحْمد بن حَنْبَل، رَحمَه الله، وَذكر لَهُ قَول عمر رَضِي الله عَنهُ: " لَا نَدع كتاب رَبنَا وَسنة نَبينَا "،

قضى أن تعتد المبتوتة حيث شاءت في غير بيت زوجها ثم ساق الكلام إلى أن قال وما يعلم في كتاب الله ذكر نفقة إنما في كتاب الله ذكر السكنى ثم ذكر حديث ابن المسيب وقول مروان لعائشة وقد تقدم روى الشافعي رحمه الله عن

قلت: يَصح هَذَا عَن عمر؟ قَالَ: لَا ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى فِي الْقَدِيم: " قَالَ قَائِل فَإِن عمر رَضِي الله عَنهُ اتهمَ حَدِيث فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا وَقَالَ: لَا نَدع كتاب رَبنَا لقَوْل امْرَأَة،، قُلْنَا: لَا نَعْرِف أَن عمر رَضِي الله عَنهُ اتهمها، وَمَا كَانَ فِي حَدِيثهَا مَا يتهم لَهُ، مَا حدثت إِلَّا بِمَا لَا تحب، وَهِي امْرَأَة من الْمُهَاجِرين، لَهَا شرف وعقل وَفضل، وَلَو رد شَيْء من حَدِيثهَا كَانَ إِنَّمَا يرد مِنْهُ أَنه أمرهَا بِالْخرُوجِ من بَيت زَوجهَا، فَلم تذكر هِيَ: لم أمرت بذلك، وَإِنَّمَا أمرت بِهِ لِأَنَّهَا استطالت على أحمائها، فَأمرت بالتحول عَنْهُم للشر بَينهَا وَبينهمْ، وَلم تُؤمر أَن تَعْتَد فِي بَيت ابْن أم مَكْتُوم؛ لِأَن من حق الزَّوْج أَن يحصن لَهُ حَتَّى تَنْقَضِي الْعدة، فَلَمَّا جَاءَ عذر حصنت فِي غير بَيته، فكأنهم أَحبُّوا لَهَا ذكر السَّبَب الَّذِي لَهُ أخرجت؛ لِئَلَّا يذهب ذَاهِب إِلَى (أَن) النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى أَن تَعْتَد المبتوتة حَيْثُ شَاءَت فِي غير بَيت زَوجهَا ". ثمَّ سَاق الْكَلَام، إِلَى أَن قَالَ: " وَمَا يعلم فِي كتاب الله ذكر نَفَقَة، إِنَّمَا فِي كتاب الله (ذكر) السُّكْنَى ". ثمَّ ذكر حَدِيث ابْن الْمسيب، وَقَول مَرْوَان لعَائِشَة، وَقد تقدم. روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن عبد الْمجِيد عَن ابْن جريج عَن أبي الزبير عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " لَيْسَ للمتوفى عَنْهَا زَوجهَا نَفَقَة، حسبها الْمِيرَاث ". وَبِه عَنهُ: " نَفَقَة الْمُطلقَة مَا لم تحرم، فَإِذا حرمت فمتاع

مسألة

بِالْمَعْرُوفِ ". وَرُوِيَ عَنهُ مَرْفُوعا: " الْمُطلقَة ثَلَاثًا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفقَة ". وَعنهُ فِي الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا: " لَا نَفَقَة لَهَا ". وَكِلَاهُمَا خطأ. وَرُوِيَ عَن عَطاء أَنه ذهب أَن لَا نَفَقَة للمبتوتة إِلَّا الْحَامِل. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن لَا نَفَقَة للمطلقة ثَلَاثًا، وَأَن لَا نَفَقَة للحامل المتوفي عَنْهَا زَوجهَا، وَأَن أَبَا الزبير كَانَ يقْضِي بِخِلَافِهِ فِي المتوفي عَنْهَا، ثمَّ عَاد إِلَى قَوْله حِين بلغه. وَرُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " الْمُطلقَة ثَلَاثًا لَا تنْتَقل، وَهِي فِي ذَلِك لَا نَفَقَة لَهَا ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (262) : وَيُخَير الْوَلَد بَين أَبَوَيْهِ إِذا بلغ سبع سِنِين أَو ثَمَان. وَقَالَ أَبُو

خير غلاما بين أبيه وأمه وفي رواية أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه بيان أنها كانت مطلقة وأنه اختار أمه وعند أبي داود عن رافع بن سنان رضي الله عنه أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فأتت النبي

حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يُخَيّر أصلا ". وَحكى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن بعض النَّاس أَنهم قَالُوا: " الْأُم أَحَق بالغلام حَتَّى يَأْكُل وَحده ويلبس وَحده، ثمَّ الْأَب أَحَق بِهِ، ثمَّ الْأُم أَحَق بالجارية حَتَّى تحيض ". روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن عُيَيْنَة بِإِسْنَادِهِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خير غُلَاما بَين أَبِيه وَأمه. وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ بَيَان أَنَّهَا كَانَت مُطلقَة، وَأَنه اخْتَار أمه. وَعند أبي دَاوُد عَن رَافع بن سِنَان رَضِي الله عَنهُ أَنه أسلم، وأبت امْرَأَته أَن تسلم، فَأَتَت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: " ابْنَتي، وَهِي فطيم "، وَقَالَ رَافع: " ابْنَتي "، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لرافع: " اقعد نَاحيَة "، وَقَالَ لامْرَأَته: " أقعدي نَاحيَة "، وأقعد الصبية بَينهمَا، ثمَّ قَالَ: " ادعواها "، فمالت الصبية إِلَى أمهَا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اللَّهُمَّ اهدها "، فمالت إِلَى أَبِيهَا، فَأَخذهَا. قَالَ أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد ". وَفِي هَذَا إِثْبَات التَّخْيِير بَين الْأَبَوَيْنِ، وَإِن كَانَ أَحدهمَا غير مُسلم، وَإِلَيْهِ ذهب أَبُو سعيد الْإِصْطَخْرِي من أَصْحَابنَا. وَقد ألزمهم الشَّافِعِي

قال أنت أحق به ما لم تنكحي فجعلها أحق به ما لم تنكح ولم يعتبر ما اعتبروه وروى الشافعي رحمه الله عن سفيان بسنده أن عمر خير غلاما بين أبيه وأمه وعنه عن يونس بن عبد الله عن عمارة الجرمي قال خيرني علي رضي الله عنه بين

رَحمَه الله روايتهم هَذَا الحَدِيث فِي التَّخْيِير لإنكارهم التَّخْيِير أصلا. وَرُوِيَ عَن ابْن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَنْت أَحَق بِهِ مَا لم تنكحي "، فَجَعلهَا أَحَق بِهِ مَا لم تنْكح، وَلم يعْتَبر مَا اعتبروه. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن سُفْيَان بِسَنَدِهِ أَن عمر خير غُلَاما بَين أَبِيه وَأمه. وَعنهُ عَن يُونُس بن عبد الله عَن عمَارَة الْجرْمِي قَالَ: " خيرني عَليّ رَضِي الله عَنهُ بَين أُمِّي وَعمي، ثمَّ قَالَ لأخ لي أَصْغَر مني: وَهَذَا أَيْضا لَو قد بلغ مبلغ هَذَا لخيرته ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " قَالَ إِبْرَاهِيم: عَن يُونُس عَن عمَارَة عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَقَالَ فِي الحَدِيث: " وَكنت ابْن سبع أَو ثَمَان سِنِين ". وَالله أعلم.

كتاب الجراح

كتاب الْجراح ذكر مَا اخْتلف فِيهِ الشَّافِعِي وَأَبُو حنيفَة رحمهمَا الله من كتاب الْجراح مِمَّا ورد فِيهِ خبر أَو أثر. مَسْأَلَة (263) : لَا يقتل الْمُسلم بالذمي. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يقتل ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: " " قلت لعَلي رَضِي الله عَنهُ: هَل عنْدكُمْ من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْء سوى الْقُرْآن؟ قَالَ: لَا وَالَّذِي فلق الْحبَّة وبرأ النَّسمَة، إِلَّا أَن يُعْطي الله عبدا فهما فِي كِتَابه، أَو مَا فِي الصَّحِيفَة، قلت: وَمَا فِي الصَّحِيفَة؟ قَالَ: الْعقل، وفكاك الْأَسير، وَلَا يقتل مُسلم بِكَافِر ". عَن قيس بن عباد قَالَ: " انْطَلَقت أَنا وَالْأَشْتَر إِلَى عَليّ

عهدا لم يعهده إلى الناس عامة فقال لا إلا ما في كتابي هذا فأخرج كتابا فإذا فيه المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده الحديث قال الشافعي

رَضِي الله عَنهُ فَقُلْنَا: هَل عهد إِلَيْك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عهدا لم يعهده إِلَى النَّاس (عَامَّة) ؟ فَقَالَ: لَا، إِلَّا مَا فِي كتابي هَذَا، فَأخْرج كتابا، فَإِذا فِيهِ: الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ، وهم يَد على من سواهُم، وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم، أَلا لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر، وَلَا ذُو عهد فِي عَهده ... . الحَدِيث ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى: " يشبه أَن يكون لما أعلمهم أَنه لَا قَود بَينهم وَبَين الْكفَّار أعلمهم أَن دِمَاء أهل الْعَهْد مُحرمَة عَلَيْهِم، فَقَالَ: لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر، وَلَا يقتل ذُو عهد فِي عَهده ". احْتج أَبُو جَعْفَر الطَّحَاوِيّ رحمنا الله وإياه على صِحَة مَا تأولوا عَلَيْهِ الْخَبَر من أَن المُرَاد بِهِ: لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر حَرْبِيّ، وَلَا يقتل بِهِ ذُو عهد بِأَن رَاوِيه عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ أعلم بتأويله، وَقد أَشَارَ الْمُهَاجِرُونَ على عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ بقتل عبيد الله بن عمر حِين قتل الهرمزان وجهينة، وهما ذميان، وَكَانَ فيهم عَليّ،

رَضِي الله عَنهُ، فَثَبت بزعم هَذَا أَن معنى الْخَبَر مَا ذكره. وَهَذَا سَاقِط من أوجه: أَحدهَا: أَنه لَيْسَ فِي الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ فِي هَذَا الْبَاب أَن عليا رَضِي الله عَنهُ أَشَارَ بذلك، فإدخاله فِي جملَة من أَشَارَ بِهِ على عُثْمَان دون رِوَايَة مَوْصُولَة محَال. وَالثَّانِي: أَن فِي الحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ أَنه قتل ابْنة لأبي لؤلؤة صَغِيرَة كَانَت تَدعِي الْإِسْلَام، وَإِذا وَجب الْقَتْل بِوَاحِد من قتلاه وَجب أَن يشيروا عَلَيْهِ بِالْقصاصِ. الثَّالِث: أَن الهرمزان (وَإِن) أقرّ بِالْإِسْلَامِ حَالَة مَسّه السَّيْف فِي الْخَبَر الَّذِي رَوَاهُ الطَّحَاوِيّ فَكَانَ قد أسلم قبل ذَلِك، وَهُوَ مَعْرُوف مَشْهُور بَين أهل الْمَغَازِي، وَإِنَّمَا قَالَ: " لَا إِلَه إِلَّا الله " حِين مَسّه السَّيْف تَعَجبا، أَو تبعيدا لما اتهمه بِهِ عبيد الله. وَمن الدَّلِيل على إِسْلَامه قبل ذَلِك، وَذكر أَسَانِيد فِي إِسْلَامه، وَأَن عمر رَضِي الله عَنهُ فرض لَهُ، عَن أنس بن مَالك رَضِي الله عَنهُ وَغَيره، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن الثَّقَفِيّ عَن حميد عَن أنس، رَضِي الله عَنهُ.

فحديث عمران رضي الله عنه قال قال رسول الله

وَلَو اقْتصر هَذَا الشَّيْخ على مَا احْتج بِهِ مشايخه لم يَقع لَهُ هَذَا الْخَطَأ الْفَاحِش، لكنه يعرف ويخطئ، وَلَا يستوحش من رد الْأَخْبَار الصَّحِيحَة ومعارضتها بأمثال هَذَا، وَالله الْمُسْتَعَان. ورويناه فِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن، وَعَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ، وَمَعْقِل بن يسَار، وَعبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُم عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فَحَدِيث عمرَان رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذكر رجلا: " لَو قتلت مُؤمنا بِكَافِر لقتلته " ". وَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن عبيد الله بن عبد الْمجِيد عَن ابْن وهب عَن مَالك عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن عَن عمْرَة

كتابان فذكر أحدهما قال وفي الآخر المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده وذكرنا فيه ابن وهب هو عبيد الله بن عبد الرحمن بن وهب ومالك هو ابن أبي الرجال وأبو الرجال هو محمد بن

عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: " وجد فِي قَائِم سيف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كِتَابَانِ "، فَذكر أَحدهمَا، قَالَ: " وَفِي الآخر: الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأ دِمَاؤُهُمْ، وَيسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُم لَا يقتل مُسلم بِكَافِر، وَلَا ذُو عهد فِي عَهده ". وَذكرنَا فِيهِ ابْن وهب، هُوَ عبيد الله بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، وَمَالك هُوَ ابْن أبي الرِّجَال. وَأَبُو الرِّجَال هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ، الَّذِي روى عَنهُ ابْنه مَالك. وَحَدِيث معقل رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يقتل مُسلم بِكَافِر، وَلَا ذُو عهد فِي عَهده، والمسلمون يَد على من سواهُم، وتتكافأ دِمَاؤُهُمْ ". وَحَدِيث عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " خطب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْفَتْح "، فَذكر الْخطْبَة، فِيهَا: " لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنهُ فِي كَلَام غَيره، من غير ذكر خطْبَة، وَفِيه: " وَلَا ذُو عهد فِي عَهده ". وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله حَدِيثا مُرْسلا عَن عَطاء وطاووس

قال يوم الفتح لا يقتل مؤمن بكافر وقال وهذا عام عند أهل المغازي أن رسول الله

احسبه قَالَ: وَمُجاهد وَالْحسن أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ يَوْم الْفَتْح: " لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر "، وَقَالَ: " وَهَذَا عَام عِنْد أهل الْمَغَازِي أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تكلم بِهِ فِي خطبَته يَوْم الْفَتْح ". وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُسْندًا من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، وَحَدِيث عمرَان بن حُصَيْن. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى عمار بن مطر عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد الْأَسْلَمِيّ عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتل مُسلما بمعاهد، وَقَالَ: " أَنا أكْرم من وفى بِذِمَّتِهِ ". أَخطَأ عمار فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: فِي قَوْله: " عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن "، وَإِنَّمَا يرويهِ إِبْرَاهِيم عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي عبد الرَّحْمَن. وَالْآخر: فِي ذكر ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِيهِ، وَإِنَّمَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيم بِهَذَا الْإِسْنَاد مُرْسلا. دون ذكر ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ فِيهِ. وَهُوَ غير مستبدع من عمار بن مطر الرهاوي، فقد كَانَ

فقال أنا أحق من أوفى بذمته ثم أمر به فقتل كذا رواه أبو عبيد القاسم بن محمد بن سلام وغيره عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى مرسلا ورواه الثوري وغيره عن ربيعة عن ابن البيلماني عن النبي

يقلب الْأَسَانِيد، وَيسْرق الْأَحَادِيث، حَتَّى كثر ذَلِك فِي رِوَايَته، وَسقط عَن حد الِاحْتِجَاج بِهِ. رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مُحَمَّد بن الْحسن عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن ابْن الْمُنْكَدر عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي أَن رجلا من الْمُسلمين قتل رجلا من أهل الذِّمَّة فَرفع ذَلِك إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " أَنا أَحَق من أوفى بِذِمَّتِهِ ". ثمَّ أَمر بِهِ فَقتل. كَذَا رَوَاهُ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن سَلام، وَغَيره عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي يحيى مُرْسلا. وَرَوَاهُ الثَّوْريّ، وَغَيره عَن ربيعَة عَن ابْن الْبَيْلَمَانِي عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. قَالَ أَبُو عبيد: " بَلغنِي عَن ابْن أبي يحيى أَنه قَالَ: مَا حَدِيث ربيعَة بِهَذَا الحَدِيث فَالْحَدِيث يَدُور عَلَيْهِ، وَهُوَ مَتْرُوك الحَدِيث لَا يحل الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ، وَابْن الْبَيْلَمَانِي تكلمُوا فِيهِ، وَقد قيل: إِنَّه قريب من ابْنه مُحَمَّد فِي الضعْف ". قَالَ صَالح بن مُحَمَّد الْحَافِظ: " عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد

قتل مسلما بمعاهد وهو مرسل منكر وقال ابن المديني حديث ابن البيلماني أن النبي

الْبَيْلَمَانِي حَدِيثه مُنكر، روى عَن ربيعَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتل مُسلما بمعاهد، وَهُوَ مُرْسل مُنكر ". وَقَالَ (ابْن الْمَدِينِيّ: " حَدِيث ") ابْن الْبَيْلَمَانِي أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتل (مُسلما بمعاهد) إِنَّمَا يَدُور على ابْن أبي يحيى، لَيْسَ لَهُ وَجه حجاج، وَإِنَّمَا أَخذه عَنهُ ". وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " ابْن الْبَيْلَمَانِي لَا تقوم بِهِ حجَّة إِذا وصل، فَكيف بِمَا يُرْسِلهُ! وَالله أعلم ". وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " قَالَ قَائِل: فقد روينَا من حَدِيث ابْن الْبَيْلَمَانِي أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتل مُؤمنا بِكَافِر قُلْنَا: أفرايت لَو كُنَّا نَحن وَأَنت نثبت الْمُنْقَطع لحسن الظَّن بِمن روى، فَروِيَ حديثان أَحدهمَا

به فلو كان ثابتا كنت أنت قد خالفت الحديثين حديثنا وحديث ابن البيلماني قال والذي قتله عمرو بن أمية قبل بني النظير وقبل الفتح بزمان وخطبة النبي

مُنْقَطع، وَالْآخر مُتَّصِل بِخِلَافِهِ، أَيهمَا كَانَ أولى بِنَا أَن نثبته؟ الَّذِي ثبتناه، وَقد عرفنَا من رَوَاهُ بِالصّدقِ؟ أَو الَّذِي ثبتناه بِالظَّنِّ؟ قَالَ: بل الَّذِي ثبتناه مُتَّصِلا. قُلْنَا: فحديثنا مُتَّصِل، وَحَدِيث ابْن الْبَيْلَمَانِي مُنْقَطع خطأ، وَإِنَّمَا روى ابْن الْبَيْلَمَانِي فِيمَا بَلغنِي أَن عَمْرو بن أُميَّة قتل كَافِرًا لَهُ عهد إِلَى مُدَّة، وَكَانَ الْمَقْتُول رَسُولا فَقتله النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ "، فَلَو كَانَ ثَابتا كنت أَنْت قد خَالَفت الْحَدِيثين، حديثنا وَحَدِيث ابْن الْبَيْلَمَانِي. قَالَ: " وَالَّذِي قَتله عَمْرو بن أُميَّة قبل بني النظير، وَقبل الْفَتْح بِزَمَان، وخطبة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقتل مُؤمن بِكَافِر عَام الْفَتْح، فَلَو كَانَ كَمَا يَقُول كَانَ مَنْسُوخا. قَالَ: فَلم لم تقل بِهِ، وَتقول: هُوَ مَنْسُوخ؟ قلت هَذَا خطأ، قلت: عَاشَ عَمْرو بن أُميَّة بعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دهرا، وَأَنت إِنَّمَا تَأْخُذ الْعلم من بعد، لَيْسَ لَك بِهِ مثل معرفَة أَصْحَابنَا، وَعَمْرو قتل اثْنَيْنِ وداهما النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يزدْ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عمرا على أَن قَالَ: " قتلت رجلَيْنِ لَهما مني عهد لأدينهما ".

شيئا ثم يخالفه وروي بسند ضعيف عن الشعبي قال قتل رجل من المسلمين رجلا من أهل الحيرة نصرانيا فقتله به عمر رضي الله عنه وهذا مع ضعف رواته منقطع ورواه النخعي وزاد فيه فكتب عمر رضي الله عنه بعد ذلك إن كان الرجل يقتل

وَرُوِيَ عَن أبي الْجنُوب الْأَسدي أَن عليا رَضِي الله عَنهُ أَمر بقتل مُسلم قتل ذِمِّيا. وَأَبُو الْجنُوب ضَعِيف، وَعلي رَضِي الله عَنهُ لَا يروي عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا ثمَّ يُخَالِفهُ. وَرُوِيَ بِسَنَد ضَعِيف عَن الشّعبِيّ قَالَ: " قتل رجل من الْمُسلمين رجلا من أهل الْحيرَة نَصْرَانِيّا فَقتله بِهِ عمر، رَضِي الله عَنهُ ". وَهَذَا مَعَ ضعف رُوَاته مُنْقَطع. وَرَوَاهُ النَّخعِيّ، وَزَاد فِيهِ: " فَكتب عمر رَضِي الله عَنهُ بعد ذَلِك: إِن كَانَ الرجل يقتل فَلَا تقتلوه "، فزادا أَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَرَادَ أَن يرضيهم من الدِّيَة. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " الَّذِي رَجَعَ إِلَيْهِ أولى بِهِ، وَلَعَلَّه أَرَادَ أَن يخيفه بِالْقَتْلِ، وَلَا يقْتله، وَهُوَ مُنْقَطع ضَعِيف ". وروى ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رجلا مُسلما قتل رجلا من أهل الذِّمَّة عمدا، وَرفع إِلَى (عمر) رَضِي الله عَنهُ فَلم يقْتله، وَغلظ عَلَيْهِ الدِّيَة ".

ونهوه عن قتله فجعل ديته ألف دينار وقال الشافعي رحمه الله قلت هذا من حديث من يجهل فإن كان غير ثابت فدع الاحتجاج به وإن كان ثابتا فقد زعمت أنه أراد قتله فمنعه أناس من أصحاب رسول الله

وَرُوِيَ أَنه أَرَادَ أَن يقْتَصّ فِي شجه فَقَالَ لَهُ زيد رَضِي الله عَنهُ: " أتقيد عَبدك من أَخِيك "، وَأَنه أَرَادَ قَتله بِهِ فَقَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَة رَضِي الله عَنهُ: " لَيْسَ ذَلِك لَك، أَرَأَيْت لَو قتل عبدا لَهُ أَكنت قَاتله بِهِ؟ ". وَرُوِيَ عَن ابْن شهَاب قَالَ: " كَانَ عُثْمَان، وَمُعَاوِيَة رَضِي الله عَنْهُمَا لَا يقيدان الْمُشرك من الْمُسلم ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحسن أخبرنَا مُحَمَّد بن يزِيد أخبرنَا سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ أَن ابْن سَاس الخزامي قتل رجلا من أَنْبَاط الشَّام، فَرفع إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَأمر بقتْله، فَكَلمهُ الزبير، وناس من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ونهوه عَن قَتله، فَجعل دِيَته ألف دِينَار ". وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " قلت: هَذَا من حَدِيث من يجهل، فَإِن كَانَ غير ثَابت فدع الِاحْتِجَاج بِهِ، وَإِن كَانَ ثَابتا فقد زعمت أَنه أَرَادَ قَتله، فَمَنعه أنَاس من أَصْحَاب رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَهَذَا عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وأناس من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مجمعون: لَا يقتل مُسلم بِكَافِر، فَكيف خالفتهم ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (264) : لَا يقتل حر بِعَبْد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يقتل ". وَبِنَاء الْمَسْأَلَة على الْكتاب وَالنَّظَر، قَالَ الله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ} ، فَأدْخل فِيهِ لَام الْمعرفَة، فَوَجَبَ قصر الحكم عَلَيْهِ، وَنفي مَا عداهُ على طَريقَة أَصْحَابنَا، وَهُوَ قَول بفحوى الْكَلَام. وَنَظِيره قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْوَلَاء لمن أعتق "، أَي: لَا وَلَاء لمن لم يعْتق. وَكَذَلِكَ قَوْله: " الْحر بِالْحرِّ "، وَلَا يقتل بِالْعَبدِ. قَالَه لي الْأُسْتَاذ أَبُو طَاهِر الريادي. وَرُوِيَ الثَّوْريّ عَن يُونُس عَن الْحسن قَالَ: " لَا يقتل الْحر بالمملوك ". وَعَن ابْن جريج قَالَ: " لَا يقتل بِهِ "، رَوَاهُ مَالك عَن الزُّهْرِيّ.

قال لا يقتل حر بعبد وروي بإسناد آخر والله أعلم وروي عن علي رضي الله عنه من السنة أن لا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد رواه جابر الجعفي فإن سلم منه فسائر رواته ثقات وروي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن أبا بكر وعمر

وَرُوِيَ بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يقتل حر بِعَبْد "، وَرُوِيَ بِإِسْنَاد آخر. وَالله أعلم وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " من السّنة أَن لَا يقتل مُسلم بِكَافِر، وَلَا حر بِعَبْد "، رَوَاهُ جَابر الْجعْفِيّ، فَإِن سلم مِنْهُ فسائر رُوَاته ثِقَات. وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن أَبَا بكر وَعمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَا لَا يقتلان الْحر بقتل العَبْد. وَفِيمَا تقدم من قَول أبي عُبَيْدَة وَزيد لعمر رَضِي الله عَنْهُم وموافقته لَهما عَلَيْهِ، فَنزل قتل الْمُسلم بالذمي هُوَ يعرض أَن ينْقض الْعَهْد فَيلْحق بدار الْحَرْب فيسترق. وَرُوِيَ عَن الحكم قَالَ: " قَالَ عَليّ وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم: " إِذا قتل الْحر العَبْد مُتَعَمدا فَهُوَ قَود ". قَالَ عَليّ بن عمر: " لَا تقوم بِهِ حجَّة؛ لِأَنَّهُ مُرْسل ". وَمَا رُوِيَ عَن الْحسن عَن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: " من قتل

مسألة

عَبده قَتَلْنَاهُ، وَمن جدعه جدعناه، وَمن خصاه خصيناه " فمنسوخ إِجْمَاعًا. وَقد روى أَبُو دَاوُد عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام عَن قَتَادَة عَن الْحسن قَالَ: " لَا يُقَاد الْحر بِالْعَبدِ "، فِيهِ دلَالَة على نسخ مَا رَوَاهُ (سَمُرَة) أَو ضعف الرِّوَايَة عَنهُ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (265) : الْقصاص يجْرِي فِيمَا بَين الرِّجَال وَالنِّسَاء، وَبَين العبيد فِي النَّفس، وَفِيمَا دون النَّفس. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يجْرِي بَينهم الْقصاص فِيمَا دون النَّفس ". لنا مَا قَالَ البُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة، فَقَالَ: " وَيذكر عَن عمر رَضِي الله عَنهُ: تقاد الْمَرْأَة من الرجل فِي كل عمد يبلغ نفس فَمَا دونهَا من الْجراح "، قَالَ: " وَبِه قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز، وَإِبْرَاهِيم،

القصاص قال البيهقي وروي فيه عن ابن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهم والرواية من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء السبعة منهم ورويناه عن الزهري وغيره وعن إبراهيم قال القصاص بين الرجل والمرأة في

وَأَبُو الزِّنَاد عَن أَصْحَابه "، قَالَ: " وجرحت أُخْت الرّبيع إنْسَانا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْقصاص ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ: وَرُوِيَ فِيهِ عَن ابْن عَبَّاس، وَزيد بن ثَابت، رَضِي الله عَنْهُم، وَالرِّوَايَة من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن أَبِيه عَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة مِنْهُم. ورويناه عَن الزُّهْرِيّ، وَغَيره، وَعَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " الْقصاص بَين الرجل وَالْمَرْأَة فِي الْعمد "، وَعَن جَابر عَن الشّعبِيّ مثله. وَأما مَا روى أَبُو دَاوُد عَن عمرَان رَضِي الله عَنهُ أَن غُلَاما لِأُنَاس فُقَرَاء قطع أذن غُلَام لِأُنَاس أَغْنِيَاء فَأتى أَهله النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: " يَا رَسُول الله، إِنَّا أنَاس فُقَرَاء، فَلم يَجْعَل عَلَيْهِ شَيْئا "، فَإِن كَانَ المُرَاد بالغلام الْمَذْكُور فِيهِ الْمَمْلُوك فإجماع أهل الْعلم على أَن جِنَايَة العَبْد فِي رقبته تدل وَالله أعلم على أَن الْجِنَايَة كَانَت خطأ، وَأَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا لم يَجْعَل عَلَيْهِ شَيْئا لِأَنَّهُ الْتزم أرش جِنَايَته، فَأعْطَاهُ من عِنْده مُتَبَرعا. وَقد حمله الْخطابِيّ على أَن الْجَانِي كَانَ حرا، وَكَانَت الْجِنَايَة خطأ، وَكَانَت عَاقِلَته فُقَرَاء، فَلم يَجْعَل عَلَيْهِم شَيْئا، إِمَّا لفقرهم، وَإِمَّا لأَنهم لَا يعْقلُونَ الْجِنَايَة الْوَاقِعَة على العَبْد إِن كَانَ الْمَجْنِي عَلَيْهِ مَمْلُوكا، وَالله أعلم.

مسألة

قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " وَقد يكون الْجَانِي غُلَاما حرا غير بَالغ، وَكَانَت الْجِنَايَة عمدا، فَلم يَجْعَل أَرْشهَا على عَاقِلَته، وَكَانَ فَقِيرا، فَلم يَجعله فِي الْحَال عَلَيْهِ، أَو رَآهُ على عَاقِلَته فَوَجَدَهُمْ فُقَرَاء فَلم يَجعله عَلَيْهِم لكَون جِنَايَته فِي حكم الْخَطَأ، وَلَا عَلَيْهِم لكَوْنهم فُقَرَاء، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (266) : وَإِذا قطع اثْنَان يَد إِنْسَان دَفعه وَاحِدَة عمدا وَجب عَلَيْهِمَا الْقصاص. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يجب ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " عَن سُفْيَان عَن مطرف عَن الشّعبِيّ أَن رجلَيْنِ لقيا عليا رَضِي الله عَنهُ فشهدا على رجل أَنه سرق، فَقطع عَليّ رَضِي الله عَنهُ يَده ثمَّ اتياه بآخر فَقَالَا: " هَذَا الَّذِي سرق، وأخطأنا على الأول "، فَلم يجز شَهَادَتهمَا على الآخر، وغرمهما دِيَة الأول، وَقَالَ: " لَو أعلمكما تعمدتما لقطعتكما "، أخرجه البُخَارِيّ فِي تَرْجَمَة الْبَاب. وَالله تَعَالَى أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (267) : وَالْقَتْل بالخشب وَالْحجر الَّذِي يقتل مثله لَا محَالة قتل عمد مُوجب للْقصَاص. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله وَحده: " هُوَ شبه عمد لَا قصاص فِيهِ ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر حَدِيث أنيس رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي شَأْن الْجَارِيَة الَّتِي رض يَهُودِيّ رَأسهَا بَين حجرين، فَأمر بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يرض رَأسه. وَرُوِيَ عَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ: " بَيْنَمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقسم شَيْئا أقبل رجل فأكب عَلَيْهِ، فطعنه بعرجون كَانَ مَعَه، فجرح الرجل، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تعال فاستقد "، فَقَالَ: " بل عَفَوْت يَا رَسُول الله ". وَعَن زِيَاد بن علاقَة عَن مرداس بن عُرْوَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " رمى رجل من الْحَيّ أَخا لي فَقتله، ففر فوجدناه، فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأقاد مِنْهُ ".

فأقادهم به وروي عن البراء رضي الله عنه عن النبي

وَفِي رِوَايَة عَنهُ قَالَ: " طردت إبل لأخي فاتبعهم فلحقهم، فَرَمَوْهُ بِحجر فَقَتَلُوهُ، فَأتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأقادهم بِهِ ". وَرُوِيَ عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من عرض عرضنَا لَهُ، وَمن حرق حرقناه، وَمن غرق غرقناه ". وَعَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لَا يضْرب أحدكُم أَخَاهُ (بآكلة لحم) ثمَّ يَقُول: " وَالله، مَا أردْت نَفسه، وَرب الْكَعْبَة، لأقيدن مِنْهَا، قَالَ أَبُو عبيد عَن الْحجَّاج: " آكِلَة اللَّحْم يَعْنِي عَصا محددة ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن جدعَان عَن الْقَاسِم بن ربيعَة عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن

قال ألا إن في قتيل العمد الخطأ بالسوط والعصا مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها وليس في هذا الخبر أن كل قتيل حصل بالسوط والعصا يكون قتل عمد خطأ وإنما فيه أن القتل بالسوط والعصا إذا كان عمد خطأ تكون فيه

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلا إِن فِي قَتِيل الْعمد الْخَطَأ بِالسَّوْطِ والعصا مائَة من الْإِبِل مُغَلّظَة، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خلفة فِي بطونها أَوْلَادهَا ". وَلَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَر أَن كل قَتِيل حصل بِالسَّوْطِ والعصا (يكون قتل عمد خطأ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَن الْقَتْل بِالسَّوْطِ والعصا إِذا) كَانَ عمد خطأ تكون فِيهِ الدِّيَة الَّتِي ذكرهَا. وَقد يكون الْقَتْل بِالسَّوْطِ والعصا عمدا مَحْضا بإن يوالي عَلَيْهِ بِالسَّوْطِ والعصا حَتَّى يَمُوت، فَهَذَا عمد مَحْض، لَيْسَ فِيهِ خطأ بِحَال. وروى جَابر الْجَعْفَرِي عَن النُّعْمَان بن بشير رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: " كل شَيْء خطأ إِلَّا السَّيْف، وَلكُل خطأ أرش ". وَعَن أبي سعيد رَضِي الله عَنهُ أَيْضا مَرْفُوعا: " الْقود بِالسَّيْفِ، وَالْخَطَأ على الْعَاقِلَة "، وَرُوِيَ من طَرِيق ومداره عَلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّن لَا يحْتَج بِهِ، وَقد سبق ذكره.

فقضى رسول الله

وَرُوِيَ عَن قيس بن الرّبيع عَن النُّعْمَان رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: " كل شَيْء سوى الْحَدِيد خطأ "، وَقيس ضَعِيف فِي الحَدِيث، لَيْسَ بِحجَّة. وَرُبمَا استدلوا بِمَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ: فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " اقْتتلَتْ امْرَأَتَانِ من هُذَيْل، فرمت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بِحجر فقتلتها وَمَا فِي بَطنهَا، فاختصموا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن دِيَة جَنِينهَا غرَّة عبدا أَو وليدة، وَقضى بدية الْمَرْأَة على عاقلتها ". وَذكر بَقِيَّته فِي قَول حمل ابْن النَّابِغَة، رَضِي الله عَنهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا هَذَا من إخْوَان الْكُهَّان "؛ من أجل سجعه. قُلْنَا: هَذَا الْقَتْل كَانَ خطأ، أَلا ترى أَنه جعل الدِّيَة على الْعَاقِلَة. ثمَّ قد روى أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس عَن عمر رَضِي الله عَنْهُم أَنه سَأَلَ عَن قَضِيَّة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ذَلِك، فَقَامَ حمل بن النَّابِغَة رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: " كنت بَين امْرَأتَيْنِ فَضربت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بمسطح فقتلتها

بغرة وأن تقتل والله أعلم

وجنينها، فَقضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بغرة وَأَن تقتل ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (268) : وَالْوَاجِب بقتل الْعمد الْقصاص أَو الدِّيَة، فَيُخَير بَينهمَا ولي الدَّم فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " الْقصاص وَحده، وَالدية تجب بِالصُّلْحِ بتراضيهما ". قَالَ الله تَعَالَى: {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى} ... إِلَى قَوْله: {فَمن عفى لَهُ من أَخِيه شئ فاتباع بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَان} . وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: " كَانَ فِي بني إِسْرَائِيل الْقصاص، وَلم يكن فيهم الدِّيَة فَقَالَ الله عز وَجل لهَذِهِ الْأمة: {كتب عَلَيْكُم الْقصاص فِي الْقَتْلَى الْحر بِالْحرِّ وَالْعَبْد بِالْعَبدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمن عفى لَهُ من أَخِيه شئ} : قَالَ الْعَفو أَن يقبل الدِّيَة فِي الْعمد {فاتباع} ، {وَأَدَاء} {بِإِحْسَان} ، {ذَلِك تَخْفيف من ربكُم} مِمَّا كتب على من كَانَ قبلكُمْ، {فَمن اعْتدى بعد ذَلِك فَلهُ عَذَاب أَلِيم} ... ". وَفِي صَحِيح مُسلم وَالْبُخَارِيّ وَاللَّفْظ لمُسلم عَن أبي هُرَيْرَة

عام الفتح فيها ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يعطي الدية وأما أن يقاد أهل القتيل وعند البخاري إما أن يؤدي وأما أن يقاد وروي عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال جيء بالقاتل إلى رسول الله

رَضِي الله عَنهُ خطْبَة لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَام الْفَتْح فِيهَا: " وَمن قتل لَهُ قَتِيل فَهُوَ بِخَير النظرين إِمَّا أَن يُعْطي الدِّيَة، وَأما أَن يُقَاد أهل الْقَتِيل ". وَعند البُخَارِيّ: " إِمَّا أَن يُؤَدِّي، وَأما أَن يُقَاد ". وَرُوِيَ عَن عَلْقَمَة بن وَائِل الْحَضْرَمِيّ عَن أَبِيه قَالَ: " جِيءَ بالقاتل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جَاءَ بِهِ ولي الْمَقْتُول فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أتعفو؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أتأخذ الدِّيَة؟ قَالَ: لَا، قَالَ: أتقتل؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فَاذْهَبْ، فَلَمَّا ذهب دَعَاهُ فَقَالَ: أما إِنَّك إِن عَفَوْت عَنهُ فَإِنَّهُ يبوء بإثمك وإثمه وإثم صَاحبك، فَعَفَا عَنهُ، فَأرْسلهُ، فرأيته وَهُوَ يجر نسعه ... ". استدلوا بِحَدِيث أنس رَضِي الله عَنهُ فِي صَحِيح البُخَارِيّ قَالَ: " لطمت الرّبيع بنت النَّضر رَضِي الله عَنْهَا جَارِيَة فَكسرت ثنيتها، فطلبوا إِلَيْهِم الْعَفو (فَأَبَوا) وعرضوا الْأَرْش عَلَيْهِم فَأَبَوا، فَأتوا

فأمر بالقصاص فقال أنس بن النضر رضي الله عنه يا رسول الله أتكسر ثنية الربيع والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال النبي

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأمر بِالْقصاصِ فَقَالَ أنس بن النَّضر رَضِي الله عَنهُ: يَا رَسُول الله، أتكسر ثنية الرّبيع؟ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ، لَا تكسر ثنيتها، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أنس، كتاب الله الْقصاص، فَرضِي الْقَوْم فعفوا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن من عباد الله من لَو أقسم على الله لَأَبَره ". وَهَذَا لَا يُخَالف مَا رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن أبي فديك عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي شُرَيْح الكعبي رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِن الله حرم مَكَّة. . " فَذكر الحَدِيث، إِلَى أَن قَالَ: " من قتل قَتِيلا فأهله بَين خيرتين، إِن أَحبُّوا اقتادوا، وَإِن أَحبُّوا أخذُوا الْعقل "، تَابعه يحيى الْقطَّان وَجَمَاعَة عَن ابْن أبي ذِئْب.

يقول من أصيب بدم أو خبل فهو بالخيار بين إحدى ثلاث فإن أراد الرابعة فخذوا على يديه بين أن يقتص أو يعفو أو يأخذ العقل فإن قبل من ذلك شيئا ثم عدا بعد ذلك فله النار وذاك لأن كتاب الله القصاص إلا أن يعفو عنه ولي الدم وليس إذا لم

وَرُوِيَ عَن أبي شُرَيْح الْخُزَاعِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: من أُصِيب بِدَم أَو خبل فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَين إِحْدَى ثَلَاث، فَإِن أَرَادَ الرَّابِعَة فَخُذُوا على يَدَيْهِ، بَين أَن يقْتَصّ أَو يعْفُو أَو يَأْخُذ الْعقل. فَإِن قبل من ذَلِك شَيْئا ثمَّ عدا بعد ذَلِك فَلهُ النَّار ". وَذَاكَ لِأَن كتاب الله الْقصاص (إِلَّا أَن يعْفُو عَنهُ ولي الدَّم، وَلَيْسَ إِذا لم ينْقل فِي هَذَا الحَدِيث التَّخْيِير بَين الدِّيَة وَالْقصاص " يدل على أَنه لَا يُخَيّر. وَقد بَين الشَّافِعِي رَحمَه الله ثُبُوت الْخِيَار بقوله عز وَجل: {فَمن عفى لَهُ من أَخِيه شَيْء فاتباع بِالْمَعْرُوفِ} ... الْآيَة؛ لِأَنَّهُ لَو لم يجب بِالْعَفو عَن الْقصاص مَال لم يكن للعافي شَيْء يتبعهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَا على الْقَاتِل شَيْء يُؤَدِّيه بِإِحْسَان. فَإِن قَالَ المحتج بِهَذَا الْخَبَر: " لم يقْض لَهُم بِالدِّيَةِ حِين عَفا الْقَوْم " قُلْنَا: هَذَا مِنْك غَفلَة؛ فَفِي الحَدِيث أَنهم عرضوا الْأَرْش عَلَيْهِم فَأَبَوا، ثمَّ قَالَ فِي الحَدِيث: وَرَضي الْقَوْم فعفوا، فَالظَّاهِر مِنْهُم أَنهم رَضوا بِأخذ الْأَرْش وعفوا عَن الْقصاص. ثمَّ هُوَ بَين فِي حَدِيث الْمُعْتَمِر عَن حمد عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فرضوا بِأَرْش أَخَذُوهُ ".

القصاص وفيه قال فما زالت حتى قبلوا الدية وروى إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا قال العمد قود إلا أن يعفو ولي المقتول والله أعلم

وَفِي الحَدِيث الثَّابِت عَن ثَابت عَن أنس رَضِي الله عَنهُ أَن أُخْت الرّبيع أم حَارِثَة رَضِي الله عَنْهُمَا جرحت إنْسَانا فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْقصاص "، وَفِيه قَالَ: " فَمَا زَالَت حَتَّى قبلوا الدِّيَة ". وروى إِسْمَاعِيل بن مُسلم وَهُوَ ضَعِيف عَن عَمْرو بن دِينَار عَن طَاوُوس عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا قَالَ: " الْعمد قَود إِلَّا أَن يعْفُو ولي الْمَقْتُول ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (269) : وعَلى شريك الْأَب الْقصاص فِي قتل الْوَلَد عمدا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " إِنَّه لَا قصاص عَلَيْهِ ". روى الشَّافِعِي عَن مَالك عَن (يحيى عَن ابْن الْمسيب) أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قتل نَفرا خَمْسَة، أَو سَبْعَة بِرَجُل قَتَلُوهُ قتل غيلَة وَقَالَ: " لَو تمالأ عَلَيْهِ أهل صنعاء لقتلهم جَمِيعًا ".

مسألة

فَبِهَذَا وَمَا يُشبههُ وَجب الْقصاص فِي قتل الْعمد على القاتلين من كَانُوا، فورد الدَّلِيل بتخصيص الْأَب بِسُقُوط الْقصاص عَنهُ وَبَقِي وُجُوبه على سَائِرهمْ. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (270) : ولولي الدَّم الْقصاص بِمثل مَا قتل بِهِ والعدول عَنهُ إِلَى ضرب الرَّقَبَة إِن شَاءَ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يقْتَصّ مِنْهُ إِلَّا بِضَرْب الرَّقَبَة ". فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَمر برض رَأس الْيَهُودِيّ الَّذِي رض رَأس الْجَارِيَة. وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أنس رَضِي الله عَنهُ حَدِيث العكليين الَّذين

أعينهم وفي صحيح مسلم عنه أن رسول الله

سمل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَعينهم. وَفِي صَحِيح مُسلم عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا سمل أعين أُولَئِكَ لأَنهم سملوا أعين الرُّعَاة. وروى الثَّوْريّ عَن أَشْعَث عَن الشّعبِيّ قَالَ: " إِذا مثل بِهِ ثمَّ قَتله مثل بِهِ ثمَّ قتل ". استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن مبارك بن فضَالة عَن الْحسن عَن أبي بكرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا قَالَ: " لَا قَود إِلَّا بِالسَّيْفِ ". وَفِي رِوَايَة عَن الْحسن عَن النُّعْمَان بن بشير، رَضِي الله عَنهُ. وَهَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِالْقَوِيّ، ومبارك بن فضَالة غير مُحْتَج بِهِ، تَركه ابْن سعد، وَابْن مهْدي فَمن بعدهمَا. وَرُوِيَ عَن جَابر الْجعْفِيّ من حَدِيث النُّعْمَان، رَضِي الله عَنهُ، وَقَالَ: " إِلَّا بحديدة ". وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن أَرقم من حَدِيث أبي هُرَيْرَة رَضِي الله

من بدل دينه فاقتلوه ولا تعذبوا بعذاب الله ورواه أبو داود بمعناه وزاد فبلغ ذلك عليا فقال ويح أم ابن عباس

عَنهُ: " لَا قَود إِلَّا بِالسَّيْفِ "، وَمن حَدِيث عبد الله رَضِي الله عَنهُ: " لَا قَود إِلَّا بسلاح ". قَالَ يحيى بن معِين: " سُلَيْمَان بن أَرقم أَبُو معَاذ لَيْسَ يُسَاوِي فلسًا ". وَرَوَاهُ مُعلى بن هِلَال الطَّحَّان من حَدِيث عَليّ رَضِي الله عَنهُ: " لَا قَود إِلَّا بحديدة ". وَمعلى كذبه ابْن عُيَيْنَة وَغَيره، فَلَا يجوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ. وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عِكْرِمَة أَن عليا رَضِي الله عَنهُ أُتِي بِقوم (من الزَّنَادِقَة) فحرقهم، فَبلغ ذَلِك ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: " أما أَنا لَو كنت لقتلتهم؛ لقَوْل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ، وَلَا تعذبوا بِعَذَاب الله ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ، وَزَاد: " فَبلغ ذَلِك عليا، فَقَالَ: " وَيْح أم ابْن عَبَّاس ".

مسألة

وَنحن نقُول بِهَذَا الحَدِيث فِي قتل الْمُرْتَدين، فَأَما مَا اخْتَلَفْنَا فِيهِ فَإِن كتاب الله الْقصاص، وَالْقصاص هُوَ أَن يفعل بالفاعل مثل مَا فعل، وَلم تقم دلَالَة على الْمَنْع بِعَيْنِه. وَالله أعلم. مَسْأَلَة (271) : وَأما قطع مَا فِيهِ الْقصاص فللمقطوع طلب الْقصاص فِيهِ قبل الِانْدِمَال. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَيْسَ لَهُ ذَلِك ". وَدَلِيلنَا قَول الله تَعَالَى: {والحرمات قصاص فَمن اعْتدى عَلَيْكُم فاعتدوا عَلَيْهِ بِمثل مَا اعْتدى عَلَيْكُم} . رُوِيَ عَن يَعْقُوب بن حميد عَن عبد الله عَن يَعْقُوب بن عَطاء، وَابْن جريج، وَعُثْمَان بن الْأسود عَن أبي الزبير عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا جرح رجلا فَأَرَادَ أَن يستقيد مِنْهُ، فَنهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يمتثل من الْجَارِح حَتَّى يبرأ الْمَجْرُوح.

تفرد بِهِ هَكَذَا عبد الله بن عبد الله الْأمَوِي هَذَا. وَيَعْقُوب. وَرُوِيَ عَن ابْن لَهِيعَة عَن أبي الزبير عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا " تقاس الْجِرَاحَات ثمَّ يستأنى بهَا سنة، ثمَّ يقْضى فِيهَا بِقدر مَا انْتَهَت إِلَيْهِ "، وَابْن لَهِيعَة ضَعِيف. وَرَوَاهُ يزِيد بن عِيَاض عَن أبي الزبير فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ: " يستأنى بالجراحات سنة "، وَيزِيد بن عِيَاض ضَعِيف مَتْرُوك. وَرَوَاهُ يحيى بن أبي أنيسَة عَن أبي الزبير نَحوه: " سنة "، وَقد قَالَ أَخُوهُ زيد: " لَا تكْتبُوا عَن أخي؛ فَإِنَّهُ كَذَّاب "، وَقَالَ ابْن حَنْبَل: " إِنَّه مَتْرُوك الحَدِيث ". وروى ابْنا أبي شيبَة عَن ابْن علية عَن أَيُّوب عَن عَمْرو بن دِينَار

يستقيد فقيل له حتى تبرأ فأبى وعجل فاستقاد قال فعنتت رجله وبرئت رجل المستقاد منه فأتى النبي

عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن رجلا طعن رجلا بقرن فِي ركبته، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يستقيد، فَقيل لَهُ: " حَتَّى تَبرأ "، فَأبى وَعجل، فاستقاد، قَالَ: " فعنتت رجله، وبرئت رجل المستقاد مِنْهُ، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَيْسَ لَك شَيْء؛ أَنْت أَبيت ". قَالَ أَبُو احْمَد بن عَبدُوس: " مَا جَاءَ بِهَذَا إِلَّا أَبُو بكر، وَعُثْمَان "، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " أَخطَأ فِيهِ ابْنا أبي شيبَة، وَخَالَفَهُمَا أَحْمد بن حَنْبَل، وَغَيره فَرَوَوْه عَن ابْن علية مُرْسلا، وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَاب عَمْرو (عَنهُ، وَهُوَ الْمَحْفُوظ مُرْسلا ". وَرُوِيَ عَن عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن أَيُّوب عَن عَمْرو بن دِينَار عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله. وَعَن مُعْتَمر عَن أَيُّوب عَم عَمْرو بن شُعَيْب قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أبعدك الله! أَنْت عجلت ". وروى مُسلم بن خَالِد عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن

أن يقص من المجروح حتى ينتهي كذا رواه محمد بن حمدان عن ابن جريج ذكرناه في السنن الكبير وروي من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما وجأ رجل فخذ رجل فجاء إلى النبي

أَبِيه عَن جده قَالَ: " نهى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقص من الْمَجْرُوح حَتَّى يَنْتَهِي "، كَذَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن حمدَان عَن ابْن جريج، ذَكرْنَاهُ فِي السّنَن الْكَبِير. وَرُوِيَ من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: " وجأ رجل فَخذ رجل فجَاء إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " يَا رَسُول الله، أقدني مِنْهُ "، قَالَ: " حَتَّى تَبرأ "، ثمَّ جَاءَ فَقَالَ: " أقدني، يَا رَسُول الله "، فأقاده، فجَاء بعد إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " شلت رجْلي "، قَالَ: " أخذت حَقك ". وَالله أعلم. مَسْأَلَة (272) :

(صفحة فارغه)

لم يذكرهَا: وَقَاتل الْعمد إِذا التجأ إِلَى الْحرم جَازَ ان يسْتَوْفى مِنْهُ

قال عام الفتح من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إن أحب أخذ العقل وإن أحب فله القود استدلوا بما في الصحيحين من حديث أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن أسيد وهو يبعث البعوث إلى مكة ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولا قام به رسول

الْقصاص فِي الْحرم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يضْطَر إِلَى الْخُرُوج مِنْهُ، وَلَا يسْتَوْفى فِي الْحرم ". روى الشَّافِعِي رَحمَه الله: " حَدثنَا أَبُو حنيفَة عَن سماك بن الْفضل حَدثنِي ابْن أبي ذِئْب عَن المَقْبُري عَن أبي شُرَيْح الكعبي رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ عَام الْفَتْح: " من قتل لَهُ قَتِيل فَهُوَ بِخَير النظرين إِن أحب أَخذ الْعقل، وَإِن أحب فَلهُ الْقود ". استدلوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث أبي شُرَيْح الْعَدوي أَنه قَالَ لعَمْرو بن أسيد وَهُوَ يبْعَث الْبعُوث إِلَى مَكَّة: " ائْذَنْ لي أَيهَا الْأَمِير (أحَدثك) قولا قَامَ بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْغَد من يَوْم الْفَتْح، سمعته أذناي، ووعاه قلبِي، وأبصرته عَيْنَايَ حِين تكلم بِهِ، إِنَّه حمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: إِن مَكَّة حرمهَا الله وَلم يحرمها النَّاس، فَلَا يحل لامرئ يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن يسفك بهَا دَمًا، وَلَا يعضد بهَا شَجَرَة ... " الحَدِيث، وَفِيه أَن عمرا قَالَ لَهُ: " أَنا أعلم بذلك مِنْك، يَا أَبَا شُرَيْح، إِن الْحرم لَا يعيذ عَاصِيا، وَلَا فَارًّا بِدَم، وَلَا فَارًّا بخربة ". وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده حَدِيثا فِيهَا: " فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَامَ خَطِيبًا وَهُوَ مُسْند ظَهره إِلَى الْكَعْبَة فَقَالَ: " إِن

عندما قتل عاصم بن ثابت وخبيب رضي الله عنهما بقتل أبي سفيان في داره بمكة غيلة إن قدر عليه وهذا في الوقت الذي كانت محرمة فدل على أنها لا تمنع أحدا من شيء وجب عليه وإنما يمنع من أن ينصب عليها الحرب كما ينصب على غيرها وروي عن ابن

أعدى النَّاس على الله تَعَالَى من عدا فِي الْحرم، وَمن قتل غير قَاتله، وَمن قتل بدحول الْجَاهِلِيَّة ". أجَاب الشَّافِعِي رَحمَه الله عَمَّا أوردوا فَقَالَ: " معنى ذَلِك وَالله أعلم أَنه لم يحلل ان ينصب عَلَيْهَا الْحَرْب حَتَّى تكون كَغَيْرِهَا، فَإِن قيل مَا دلّ على مَا وصفت؟ قيل: أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عِنْدَمَا قتل عَاصِم بن ثَابت، وخبيب رَضِي الله عَنْهُمَا بقتل أبي سُفْيَان فِي دَاره بِمَكَّة غيلَة إِن قدر عَلَيْهِ، وَهَذَا فِي الْوَقْت الَّذِي كَانَت مُحرمَة، فَدلَّ على أَنَّهَا لَا تمنع أحدا من شَيْء وَجب عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يمْنَع من أَن ينصب عَلَيْهَا الْحَرْب كَمَا ينصب على غَيرهَا ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " إِذا دخل الْحرم لم يؤو، وَلم يُبَايع، وَلم يسق، وَلم يُجَالس حَتَّى يخرج "، يَعْنِي الْقَاتِل. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " هَكَذَا ورد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَهُوَ محجوج بِمَا ورد من الظَّوَاهِر فِي إِقَامَة الْحُدُود من غير اسْتثِْنَاء وَلَا تَخْصِيص. وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (237) : وَفِي السن السَّوْدَاء من أصل الْخلقَة مَا فِي الْبَيْضَاء. وَقَالَ (أَبُو حنيفَة) رَحمَه الله: " إِن فِيهَا حُكُومَة ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قضى فِي الْعين العوراء الْقَائِمَة إِذا خسفت، وَفِي السن السَّوْدَاء (إِذا انْكَسَرت) ، وَفِي الْيَد الشلاء إِذا قطعت ثلث دِيَتهَا ". يحْتَمل أَن تكون إِذا اسودت وضعفت من جِنَايَة وَقعت عَلَيْهَا، أما إِذا كَانَت سَوْدَاء من أصل خلقتها فَفِيهَا مَا حكم بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقوله: " فِي كل سنّ خمس من الْإِبِل، وَلم يفرق بَين سَوْدَاء وبيضاء. وَالله أعلم.

(صفحة فارغه)

كتاب الديات

كتاب الدِّيات من كتاب الدِّيات: مَسْأَلَة (274) : وَخمْس دِيَة الْخَطَأ والعمد بَنو اللَّبُون. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " إِن أحد أخماسها بَنو الْمَخَاض ". فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث سهل بن أبي خَيْثَمَة رَضِي الله عَنهُ فِي شَأْن الَّذِي قتل بِخَيْبَر، وَفِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وداه بِمِائَة من إبل الصَّدَقَة "، وَلَا مدْخل لبني الْمَخَاض فِي فَرَائض الصَّدقَات. وَإِنَّمَا وداه بدية الْخَطَأ، حَيْثُ لم يثبت الْعمد، أَلا ترى أَن دِيَة

الْعمد بَعْضهَا يكون ثنايا، وَلَا مدْخل للثنايا فِي فَرَائض الصَّدقَات. وَرُوِيَ عَن أبي عُبَيْدَة أَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " دِيَة الْخَطَأ خَمْسَة أَخْمَاس: عشرُون حقة، وَعِشْرُونَ جدعة، وَعِشْرُونَ بَنَات مَخَاض، وَعِشْرُونَ بَنَات لبون، وَعِشْرُونَ بَنو لبون ذُكُور ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " هَذَا إِسْنَاد حسن، وَرُوَاته ثِقَات، وَقد رُوِيَ عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ نَحْو هَذَا ". كَذَا رَوَاهُ، رَحمَه الله تَعَالَى، وَهُوَ الأوحد فِي عصره فِي هَذَا الشَّأْن، وَهُوَ واهم فِيهِ، والجواد رُبمَا يعثر؛ فَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ وَكِيع فِي مصنفاته عَن الثَّوْريّ عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله، وَعَن سُفْيَان عَن أبي إِسْحَاق عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله، وَقَالَ فِيهِ: " وَعِشْرُونَ بَنو مَخَاض "، وَلم يقل: " بَنو لبون ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْريّ فِي الْجَامِع عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْرَائِيل عَن إِسْحَاق عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله: " بَنو مَخَاض ".

فوددنا أن لو كان ما روياه عن ابن مسعود من بني اللبون كما روياه غير ان مذهب ابن مسعود رضي الله عنه في ذلك مشهور في بني المخاض وقد حكاه ابن المنذر في الخلافيات عن ابن مسعود رضي الله عنه كذلك والله أعلم وروي بنو اللبون الذكور عن

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يزِيد بن هَارُون عَن التَّيْمِيّ عَن أبي مجلز عَن أبي عُبَيْدَة عَن عبد الله: " خمس بَنو مَخَاض ". والعجيب أَنِّي رايته فِي كتاب ابْن خُزَيْمَة وَهُوَ إِمَام فِي الْفِقْه والْحَدِيث عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن وَكِيع عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن إِبْرَاهِيم عَن عبد الله، وَعَن أبي إِسْحَاق عَن عَلْقَمَة عَن (عبد الله: " عشرُون بَنو لبون "، وَعَن أبي عُبَيْدَة عَنهُ كَذَلِك. وَرَوَاهُ بعد حَدِيث خشف بن مَالك عَن أبي إِسْحَاق عَن عَلْقَمَة عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ) بِمثل حَدِيث خشف، وَفِيه: " عشرُون بَنو مَخَاض "، بدل " بني لبون "، ثمَّ قَالَ: " يزِيد عَن ابْن مَسْعُود، رَضِي الله عَنهُ " (قَوْله بِمثلِهِ، لَا عَن النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. فوددنا أَن لَو كَانَ مَا روياه عَن ابْن مَسْعُود) من بني اللَّبُون كَمَا روياه غير ان مَذْهَب ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي ذَلِك مَشْهُور فِي بني الْمَخَاض، وَقد حَكَاهُ ابْن الْمُنْذر فِي الخلافيات عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ كَذَلِك. وَالله أعلم. وَرُوِيَ بَنو اللَّبُون الذُّكُور عَن أبي الزِّنَاد عَن فُقَهَاء الْمَدِينَة: ابْن الْمسيب، وَعُرْوَة، وَالقَاسِم، وَأبي بكر بن عبد الرَّحْمَن، وخارجة بن زيد، وَعبيد الله بن عتبَة، وَسليمَان بن يسَار، فِي مشيخة

في دية الخطأ عشرون حقة وعشرون جذعة وعشرون ابنة مخاض وعشرون ابنة لبون وعشرون ابن مخاض ذكر تابعه عبد الرحيم بن سليمان عن حجاج بن أرطأة وليس هذا الحديث بثابت وقد كفانا إمامنا أبو الحسن الدارقطني

جلة سواهُم من نظرائهم. وَرَوَاهُ مَالك عَن ابْن شهَاب، وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن. استدلوا بِمَا روى أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد عَن عبد الْوَاحِد عَن الْحجَّاج عَن زيد بن جُبَير عَن خشف بن مَالك الطَّائِي عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: فِي دِيَة الْخَطَأ عشرُون حقة، وَعِشْرُونَ جَذَعَة، (وَعِشْرُونَ ابْنة مَخَاض) ، وَعِشْرُونَ ابْنة لبون، وَعِشْرُونَ ابْن مَخَاض ذكر) . تَابعه عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان عَن حجاج بن أَرْطَأَة. وَلَيْسَ هَذَا الحَدِيث بِثَابِت، وَقد كفانا إمامنا أَبُو الْحسن الدَّارَقُطْنِيّ

مُؤنَة اسْتِخْرَاج علع هَذَا الحَدِيث، قَالَ رَحمَه الله تَعَالَى: " هَذَا حَدِيث ضَعِيف غير ثَابت عِنْد أهل الْمعرفَة بِالْحَدِيثِ من وُجُوه: أَحدهَا ... . "، وَذكر مُخَالفَته لما رَوَاهُ عَن أبي عُبَيْدَة، وَأبي الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله أَن تكون تِلْكَ عِلّة؛ لما بَينه آنِفا من رِوَايَة الثَّوْريّ وَغَيره، وحكاية ابْن الْمُنْذر من مَذْهَب ابْن مَسْعُود، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: " وَهُوَ الْمُقدم الثِّقَة فِيمَا يحكيه من مَذَاهِب الْعلمَاء ". قَالَ: وَزعم أَن الشَّافِعِي رَحمَه الله إِنَّمَا اخْتَار قَول أهل الْمَدِينَة فِي دِيَة الْخَطَأ لِأَنَّهُ كَانَ عِنْده أقل مَا قيل فِي أسنانها، (فَلم يُوجب أكبر مِنْهَا، وَلم يبلغهُ قَول عبد الله رَضِي الله عَنهُ فِي بني الْمَخَاض، فَلذَلِك لم يرجع إِلَيْهِ، وَلَو بلغه لرجع إِلَيْهِ إِن شَاءَ الله لِأَنَّهَا أقل من بني لبون، وَاسم الْإِبِل وَاقع " عَلَيْهَا، وَهُوَ قَول صَحَابِيّ، فاتباعه فِي ذَلِك أولى. وَالله أعلم. وَهَذَا معنى قَوْله رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: " وَمن يرغب عَن قَوْله اسْتدلَّ بِحَدِيث سهل بن أبي خثمة، وَقد ذَكرْنَاهُ، وَذكرنَا وَجه الِاسْتِدْلَال مِنْهُ. وَاسْتشْهدَ الدَّارَقُطْنِيّ على حَدِيث أبي عُبَيْدَة بِمَا رَوَاهُ من حَدِيث ابراهيم عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ بِمَعْنَاهُ، وَقَالَ: " فَهَذِهِ الرِّوَايَة وَإِن كَانَ فِيهَا إرْسَال فإبراهيم هُوَ من أعلم النَّاس بِعَبْد الله بِرَأْيهِ وفتياه، وَقد أَخذ ذَلِك عَن أَخْوَاله: " عَن عَلْقَمَة، وَالْأسود وَعبد الرَّحْمَن ابْني يزِيد، وَغَيرهم من أكبر أَصْحَاب (عبد الله) ، وَهُوَ الْقَائِل: " إِذا قلت

في الخطأ أخماسا عشرون جذاع وعشرون بنات لبون وعشرون بني لبون وعشرون بنات مخاض

لكم: قَالَ عبد الله فَهُوَ عَن جمَاعَة (من أَصْحَابه) ، وَإِذا سمعته من وَاحِد سميته لكم ". وَوجه آخر وَهُوَ أَن الْخَبَر الْمَرْفُوع الَّذِي فِيهِ ذكر بني الْمَخَاض لَا نعلمهُ رَوَاهُ إِلَّا خشف بن مَالك عَن ابْن مَسْعُود، وَهُوَ رجل مَجْهُول لم يرو عَنهُ إِلَّا زيد بن جُبَير بن حَرْمَلَة الْجُشَمِي، وَأهل الْعلم (بِالْحَدِيثِ) لَا يحتجون (بِمَا يتفرد بروايته) رجل غير مَعْرُوف، وَإِنَّمَا يثبت الْعلم عِنْدهم بالْخبر إِذا كَانَ رَاوِيه عدلا مَشْهُورا، أَو رجلا قد ارْتَفع عَنهُ اسْم الْجَهَالَة، وارتفاع اسْم الْجَهَالَة عَنهُ أَن يروي عَنهُ رجلَانِ فَصَاعِدا. وَوجه آخر، وَهُوَ لَا نعلم أحدا رَوَاهُ عَن زيد الا حجاج بن أَرْطَأَة، وَالْحجاج رجل مَشْهُور بالتدليس، وَبِأَنَّهُ يحدث عَمَّن لم يلقه وَلم يسمع مِنْهُ، ترك الرِّوَايَة عَنهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَيحيى بن سعيد، وَعِيسَى بن يُونُس بعد أَن جالسوه وخبروه. وَوجه آخر، وَهُوَ أَن جمَاعَة من الثِّقَات رووا هَذَا الحَدِيث عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ فِيهِ، فَرَوَاهُ عبد الرَّحِيم بن سُلَيْمَان عَن حجاج على اللَّفْظ الَّذِي ذكرنَا، وَوَافَقَهُ عبد الْوَاحِد بن زِيَاد. وَخَالَفَهُمَا يحيى بن سعيد الْأمَوِي وَهُوَ من الثِّقَات فَرَوَاهُ عَن الْحجَّاج: " قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْخَطَأ أَخْمَاسًا: عشرُون جذاع، وَعِشْرُونَ بَنَات لبون، وَعِشْرُونَ بني لبون، وَعِشْرُونَ بَنَات مَخَاض،

دية الخطأ أخماسا لم يزيدوا على هذا ورواه يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن حجاج واختلف عنه فرواه شريح بن يونس بموافقة عبد الرحيم وعبد الواحد وخالفه أبو هشام الرفاعي فرواه عنه بموافقة أبي معاوية ومن تابعه لم يفسرها فيشبه

وَعِشْرُونَ بني مَخَاض ذُكُورا "، فَجعل مَكَان الحقاق بني لبون. وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن الْحجَّاج: " خمْسا جذاع، وخمسا حقاق، وخمسا بَنَات لبون، وخمسا بَنَات مَخَاض، وخمسا بني لبون ذُكُور ". وَرَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة الضَّرِير، وَحَفْص بن غياث وَعَمْرو بن هَاشم أَبُو مَالك الْجَنبي، وَأَبُو خَالِد الْأَحْمَر عَن الْحجَّاج بِهَذَا الْإِسْنَاد قَالَ: " جعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دِيَة الْخَطَأ أَخْمَاسًا "، لم يزِيدُوا على هَذَا. وَرَوَاهُ يحيى بن زَكَرِيَّا بن أبي زَائِدَة عَن حجاج، وَاخْتلف عَنهُ فَرَوَاهُ شُرَيْح بن يُونُس بموافقة عبد الرَّحِيم وَعبد الْوَاحِد. وَخَالفهُ أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي فَرَوَاهُ عَنهُ بموافقة أبي مُعَاوِيَة وَمن تَابعه، (لم يُفَسِّرهَا) . فَيُشبه أَن يكون الصَّحِيح ان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل دِيَة الْخَطَأ أَخْمَاسًا

ويقوي هذا أيضا اختلاف عبد الواحد وعبد الرحيم والأموي عنه ووجه آخر وهو أنه قد روي عن النبي

لَيْسَ فِيهِ تَفْسِير الْأَخْمَاس لاتفاقهم على ذَلِك، وَكَثْرَة عَددهمْ وَكلهمْ ثِقَات، وَيُشبه أَن يكون الْحجَّاج رُبمَا كَانَ يُفَسر الْأَخْمَاس بِرَأْيهِ، فَتوهم السَّامع أَن ذَلِك من حَدِيث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَيُقَوِّي هَذَا أَيْضا اخْتِلَاف عبد الْوَاحِد، وَعبد الرَّحِيم، والأموي عَنهُ. وَوجه آخر، وَهُوَ أَنه قد رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَن جمَاعَة من الصَّحَابَة فِي دِيَة الْخَطَأ أقاويل مُخْتَلفَة لَا نعلم رُوِيَ عَن أحد مِنْهُم فِي ذَلِك ذكر بني الْمَخَاض إِلَّا فِي حَدِيث خشف هَذَا، فروى إِسْحَاق بن يحيى عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي دِيَة الْخَطَأ: " ثَلَاثِينَ حقة، وَثَلَاثِينَ جَذَعَة، وَعشْرين بَنَات لبون، وَعشْرين بني لبون ذُكُور "، وَهَذَا مُرْسل؛ إِسْحَاق لم يسمع من عبَادَة. وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن رَاشد عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قتل خطأ فديته مائَة من الْإِبِل: وَثَلَاثُونَ بَنَات مَخَاض، وَثَلَاثُونَ بَنَات لبون، وَثَلَاثُونَ حقة، وَعِشْرُونَ بَنو لبون ذُكُور ". وَهَذَا أَيْضا فِيهِ مقَال من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن عَمْرو بن شُعَيْب لم يخبر فِيهِ بِسَمَاع أَبِيه من جده، وَالثَّانِي: أَن مُحَمَّد بن رَاشد ضَعِيف. وَرُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ مثل مَا روى إِسْحَاق عَن عبَادَة، رَضِي الله عَنهُ.

وَرُوِيَ عَن عُثْمَان، وَزيد رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَا: " فِي دِيَة الْخَطَأ ثَلَاثُونَ حقة، وَثَلَاثُونَ (بَنَات لبون، وَعِشْرُونَ بَنَات مَخَاض، وَعِشْرُونَ بَنو لبون ذُكُور ". وَرُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ يَقُول: " الدِّيَة فِي الْخَطَأ أَربَاع: خمس وَعِشْرُونَ حقة، وَخمْس وَعِشْرُونَ جَذَعَة، وَخمْس وَعِشْرُونَ ابْنة لبون، وَخمْس وَعِشْرُونَ ابْنة مَخَاض ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: وَعلل الرِّوَايَات الثَّلَاث عَن عبد الله بِأَنَّهَا كلهَا مَرَاسِيل؛ فَأَما رِوَايَة إِبْرَاهِيم عَن عبد الله فَلَا شكّ فِي انقطاعها، وَأما رِوَايَة أبي إِسْحَاق فَإِنَّهَا أَيْضا مُنْقَطِعَة؛ لِأَن أَبَا إِسْحَاق لم يسمع من عَلْقَمَة شَيْئا، وَأما رِوَايَة أبي عُبَيْدَة فَإِنَّهَا أَيْضا مُنْقَطِعَة، أَبُو عُبَيْدَة لم يسمع من أَبِيه شَيْئا. رُوِيَ عَن عَمْرو بن مرّة: سَأَلت أَبَا عُبَيْدَة: " تحفظ من أَبِيك شَيْئا؟ " قَالَ: " لَا ". وَعَن شُعْبَة: " كنت عِنْد أبي إِسْحَاق الْهَمدَانِي فَقيل لَهُ: إِن شُعْبَة يَقُول: إِنَّك لم تسمع من عَلْقَمَة شَيْئا، قَالَ: صدق ". وَقَالَ ابْن معِين: " أَبُو إِسْحَاق قد رأى عَلْقَمَة، وَلم يسمع مِنْهُ ". وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (275) : ودية الْعمد وَعمد الْخَطَأ أَثلَاث: مِنْهَا أَرْبَعُونَ خلفة، وَثَلَاثُونَ حقة، وَثَلَاثُونَ جَذَعَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " أَربَاع بَنَات الْمَخَاض، وَبَنَات لبون، والحقاق، والجذاع ". روى أَبُو دَاوُد عَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خطب يَوْم الْفَتْح بِمَكَّة، فَكبر ثَلَاثًا، ثمَّ قَالَ: " لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده، صدق وعده، وَنصر عَبده، وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده " الحَدِيث، وَفِيه: " أَلا إِن دِيَة شبه الْخَطَأ شبه الْعمد مَا كَانَ بِالسَّوْطِ والعصا مائَة من الْإِبِل: مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بطونها أَوْلَادهَا ". وَقَول زيد وَأبي مُوسَى مثل حَدِيث النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وروى أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن مُجَاهِد قَالَ: " قضى عمر رَضِي الله عَنهُ فِي شبه الْعمد ثَلَاثِينَ حقة، وَثَلَاثِينَ جَذَعَة، وَأَرْبَعين خلفة مَا بَين ثنية إِلَى بازل عامها ". وَعَن أبي عِيَاض عَن عُثْمَان بن عَفَّان (وَزيد بن ثَابت) رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْمُغَلَّظَة أَرْبَعُونَ جَذَعَة خلفة، وَثَلَاثُونَ حقة، وَثَلَاثُونَ بَنَات لبون كَذَا قَالَ عَن زيد.

أولى والله ولي التوفيق وهو أعلم

وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ رَحمَه الله عَن زيد رَضِي الله عَنهُ فِي شبه الْعمد ثَلَاثُونَ حقة، وَثَلَاثُونَ جَذَعَة، واربعون مَا بَين ثنية إِلَى بازل عامها كلهَا خلفة. وَعَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة، وَأبي مُوسَى رَضِي الله عَنْهُمَا مثل قَول عمر رَضِي الله عَنهُ سَوَاء. وَرُوِيَ عَن عَاصِم بن ضَمرَة عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " شبه الْعمد أَثلَاثًا: ثَلَاث وَثَلَاثُونَ حقة، وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ جَذَعَة، وَأَرْبع وَثَلَاثُونَ ثنية إِلَى بازل عامها كلهَا خلفة ". وَنقل الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ شبه الْعمد مثل قَوْلنَا. وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى أَبُو دَاوُد عَن عبد الله، وَإِذا اخْتلف الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم فِي ذَلِك هَذَا الِاخْتِلَاف فَقَوْل من يُوَافق قَوْله قَول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أولى. وَالله ولي التَّوْفِيق، وَهُوَ أعلم. مَسْأَلَة (276) : دِيَة قتل الْخَطَأ فِي الْحرم، وَالْأَشْهر الْحرم، وَلِذِي الرَّحِم الْمحرم

قال ليس لقاتل شيء وروي عن مجاهد أن عمر رضي الله عنه قضى فيمن قتل في الحرم أو في الشهر الحرام أو هو محرم بالدية وثلث الدية

مُغَلّظَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " مُخَفّفَة ". رُوِيَ عَن ابْن أبي نجيح عَن أَبِيه أَن امْرَأَة قتلت بِمَكَّة، فَقضى فِيهَا عمر بِسِتَّة آلَاف دِيَتهَا، وألفين تَغْلِيظًا للحرم، سَمِعت الْأُسْتَاذ أَبَا طَاهِر الزيَادي يَقُول: " إِذا قُلْنَا الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أصلا الدِّيَة، فيتغلظان فِي الدِّيَة الْمُغَلَّظَة، فَيبلغ بهَا دِيَة وَثلث ". وَاسْتدلَّ بِقَضَاء عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ وَجعله مَسْأَلَة خلاف بَيْننَا وَبَين أبي حنيفَة رَحمَه الله، فَسمِعت الْفَقِيه أَبَا الْفَتْح نَاصِر بن الْحسن أيده الله، وَمن حضر من الْفُقَهَاء يبحثون فِي ذَلِك يَقُولُونَ: " لم نسْمع بِهِ إِلَّا من الْأُسْتَاذ ". وروى الشَّافِعِي (رَحمَه الله) عَن مَالك عَن يحيى عَن عَمْرو بن شُعَيْب " أَن رجلا " حذف ابْنه بِسيف، فَأصَاب سَاقه فبترها فَمَاتَ الْقِصَّة ... "، وفيهَا أَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَخذ ثَلَاثِينَ حقة، وَثَلَاثِينَ جَذَعَة، وَأَرْبَعين خلفة، ثمَّ قَالَ لِابْنِ أَخ الْمَقْتُول: " خُذْهَا؛ فَإِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: لَيْسَ لقَاتل شَيْء ". وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قضى فِيمَن قتل فِي الْحرم، أَو فِي الشَّهْر الْحَرَام، أَو هُوَ محرم بِالدِّيَةِ وَثلث الدِّيَة.

في الدية بمائة من الإبل فذكر الحديث ثم ذكر تقويم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدية باثني عشر ألف درهم ثم قال ويزاد ثلث الدية في الشهر الحرام وفيه انقطاع بين إسحاق وعبادة ولكنه إذا انضم إلى رواية مجاهد عن عمر فيما اتفقا عليه من

روينَا فِيهِ عَن نَافِع عَن ابْن جُبَير أَنه قَالَ: " يُزَاد فِي دِيَة الْمَقْتُول فِي الشَّهْر الْحَرَام أَرْبَعَة آلَاف، وَفِي دِيَة الْمَقْتُول فِي الْحرم ". وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن زيد عَن عَطاء: فِي دِيَة الْمحرم وَالَّذِي يقتل فِي الْحرم دِيَة وَثلث. وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد، وَعَطَاء، وَابْن جُبَير فِي الَّذِي يقتل فِي الْحرم دِيَة وَثلث. وَرُوِيَ عَن إِسْحَاق بن يحيى بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِن فِي قَضَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الدِّيَة بِمِائَة من الْإِبِل " فَذكر الحَدِيث، ثمَّ ذكر تَقْوِيم عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ الدِّيَة بِاثْنَيْ عشر ألف دِرْهَم، ثمَّ قَالَ: " وَيُزَاد ثلث الدِّيَة فِي الشَّهْر الْحَرَام "، وَفِيه انْقِطَاع بَين إِسْحَاق وَعبادَة وَلكنه إِذا انْضَمَّ إِلَى رِوَايَة مُجَاهِد عَن عمر فِيمَا اتفقَا عَلَيْهِ من التَّغْلِيظ بالشهر الْحَرَام تأكدت إِحْدَاهمَا بِالْأُخْرَى وقويتا، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (277) : وَالْأَصْل فِي الدِّيَة الْإِبِل وَحدهَا وَلَا يجوز الْعُدُول عَنْهَا مَعَ وجودهَا إِلَى غَيرهَا على قَوْله فِي الْجَدِيد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة

مائة بعير لكل بعير أوقية فذلك أربعة آلاف فلما كان عمر رضي الله عنه غلت الإبل ورخصت الورق فجعل عمر أوقيتين أوقيتين فلذلك ثمانية آلاف ثم لم تزل الإبل تغلو وترخص الورق حتى جعلها اثني عشر ألفا من الورق وألف دينار ومن البقر مائتي

رَحمَه الله: " الْإِبِل وَالدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أصُول فِيهَا ". ذكر أَحَادِيث فِي الدِّيات (لَيْسَ ذكر فِيهَا إِلَّا الْإِبِل) . ثمَّ روى عَن الزُّهْرِيّ قَالَ: " كَانَت الدِّيَة على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مائَة بعير، لكل بعير أُوقِيَّة، فَذَلِك أَرْبَعَة آلَاف، فَلَمَّا كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ غلت الْإِبِل، ورخصت الْوَرق، فَجعل عمر أوقيتين أوقيتين، فَلذَلِك ثَمَانِيَة آلَاف، ثمَّ لم تزل الْإِبِل تغلو وترخص الْوَرق حَتَّى جعلهَا اثْنَي عشر ألفا من الْوَرق وَألف دِينَار وَمن الْبَقر مِائَتي بقرة، وَمن الشَّاة ألفي شَاة ". وَعنهُ عَن مَكْحُول وَعَطَاء، قَالُوا: " أدركنا النَّاس على أَن دِيَة الْحر الْمُسلم على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مائَة من الْإِبِل، فقوم عمر رَضِي الله عَنهُ تِلْكَ الدِّيَة على أهل الْقرى ألف دِينَار أَو اثْنَي عشر الف دِرْهَم، ودية الْحرَّة الْمسلمَة إِذا كَانَت من أهل الْقرى خَمْسمِائَة دِينَار، أَو سِتَّة آلَاف دِرْهَم، لَا يُكَلف الْأَعرَابِي الذَّهَب وَالْوَرق ". وَعَن الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مُسلم بن جريج عَن عَمْرو بن

يقيم الإبل على أهل القرى أربعمائة دينار أو عدلها من الورق ويقسمها على أثمان الإبل فإذا غلت رفع في قيمتها وإذا هانت نقص من ثمنها على أهل القرى الثمن ما كان ورواه محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده موصولا

شُعَيْب قَالَ: " كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُقيم الْإِبِل على أهل الْقرى أَرْبَعمِائَة دِينَار، أَو عدلها من الْوَرق، ويقسمها على أَثمَان الْإِبِل، فَإِذا غلت رفع فِي قيمتهَا، وَإِذا هَانَتْ نقص من ثمنهَا على أهل الْقرى الثّمن مَا كَانَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن رَاشد عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده مَوْصُولا. وروى أَبُو دَاوُد عَن يحي بن حَكِيم عَن عبد الرَّحْمَن عَن حُسَيْن الْمعلم عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: " كَانَت قيمَة الدِّيَة على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَمَان مائَة دِينَار، ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم، ودية أهل الْكتاب يَوْمئِذٍ النّصْف من دِيَة الْمُسلمين، قَالَ: فَكَانَ كَذَلِك حَتَّى اسْتخْلف عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: إِن الْإِبِل قد غلت، قَالَ: ففرضها عمر رَضِي الله عَنهُ على أهل الذَّهَب ألف دِينَار، وعَلى أهل الْوَرق اثْنَي عشر ألفا، وعَلى أهل الْبَقر مِائَتي بقرة، وعَلى أهل الشَّاة ألفي شَاة، وعَلى أهل الْحلَل مِائَتي حلَّة، قَالَ: وَترك دِيَة أهل الذِّمَّة، لم يرفعها فِيمَا رفع من الدِّيَة ". قَالَ أَبُو دَاوُد: " قَرَأت على سعيد بن يَعْقُوب حَدثنَا أَبُو ثَقيلَة حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق قَالَ: " ذكر عَطاء عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: فرض رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أهل الْإِبِل مائَة من الْإِبِل، وعَلى أهل الْبَقر مِائَتي بقرة، وعَلى أهل الشَّاة ألفي شَاة، وعَلى أهل الْحلَل مِائَتي حلَّة، وعَلى أهل الطَّعَام شَيْئا لَا أحفظه "، وَالله سُبْحَانَهُ الْمُوفق والملهم للصَّوَاب.

مسألة

مَسْأَلَة (278) :

جعل الدية اثني عشر ألفا عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله

فَإِن جعلنَا الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير أصلين فِي الدِّيَة على القَوْل الثَّانِي فقدره ألف دِينَار، أَو اثْنَا عشر ألف دِرْهَم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " عشرَة آلَاف دِرْهَم ". رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل الدِّيَة اثْنَي عشر ألفا. عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لِأَن أَجْلِس مَعَ قوم يذكرُونَ الله تَعَالَى بعد صَلَاة الصُّبْح إِلَى أَن تطلع الشَّمْس أحب إِلَيّ مِمَّا طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس) ، وَلِأَن أَجْلِس مَعَ قوم يذكرُونَ الله تَعَالَى بعد الْعَصْر إِلَى أَن تغيب الشَّمْس أحب إِلَيّ من أَن أعتق ثَمَانِيَة من ولد إِسْمَاعِيل لِأَن دِيَة كل رجل مِنْهُم اثْنَا عشر ألفا ".

وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا بَيْنَمَا هِيَ مرّة تصلي إِذا بحية قريبَة مِنْهَا، قَالَ: " فَأمرت بهَا فقتلت، فَأتيت فِي منامها: أقتلت رجلا مُسلما جَاءَ يسمع الْقُرْآن؟ فديَة. قَالَ: فأخرجت دِيَته اثْنَي عشر ألف دِرْهَم ". وَعَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِنِّي لأسبح كل يَوْم قدر ديتي اثْنَي عشر ألفا ". وروينا فِي الْمَسْأَلَة قبلهَا من أوجه عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه قضى بِالدِّيَةِ على أهل الْوَرق اثْنَي عشر ألفا. وَرُوِيَ عَن الْحسن أَن عليا رَضِي الله عَنْهُمَا قضى بِالدِّيَةِ اثْنَي عشر ألفا. وَرُوِيَ عَن أبي الزِّنَاد قَالَ: " كَانَ من أدْركْت من فقهائنا الَّذين ينتهى إِلَى قَوْلهم، وعد ابْن الْمسيب، وَعُرْوَة، وَالقَاسِم، وَأَبا بكر، وخارجة، وَعبيد الله، وَسليمَان فِي مشيخة جلة سواهُم من نظرائهم، وَذكر أحكاما مِنْهَا، وَكَانُوا يَقُولُونَ: الدِّيَة على أهل الذَّهَب ألف دِينَار، وعَلى أهل الْوَرق اثْنَا عشر ألف دِرْهَم، وعَلى أهل الْإِبِل مائَة بعير، وعَلى أهل الْبَقر مِائَتَا بقرة، وعَلى أهل الشَّاة ألفا شَاة ". وَفِي رِوَايَة: " ألف شَاة ".

قَالَ: " وَقد كَانُوا يَقُولُونَ: يكون على أهل الْحلَل مِائَتَا حلَّة ". وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن: بلغنَا عَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ أَنه فرض على أهل الذَّهَب ألف دِينَار، وعَلى أهل الْوَرق عشرَة آلَاف دِرْهَم، حَدثنَا بذلك أَبُو حنيفَة رَحمَه الله عَن الْهَيْثَم عَن الشّعبِيّ ". قَالَ مُحَمَّد: " وَقَالَ أهل الْمَدِينَة أَن عمر رَضِي الله عَنهُ فرض الدِّيَة على أهل الْوَرق اثْنَي عشر ألف دِرْهَم، وَنحن فِيمَا نظن أعلم بفريضة عمر حِين فرض الدِّيَة دَرَاهِم من أهل الْمَدِينَة؛ لِأَن الدَّرَاهِم على أهل الْعرَاق وَإِنَّمَا كَانَ يُؤَدِّي الدِّيَة دَرَاهِم أهل الْعرَاق، وَقد صدق أهل الْمَدِينَة أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فرض الدِّيَة اثْنَي عشر ألف دِرْهَم، وَلكنه فَرضهَا اثْنَي عشر ألف دِرْهَم وزن سِتَّة؛ أخبرنَا الثَّوْريّ عَن مُغيرَة عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " كَانَت الدِّيَة الْإِبِل، فَجعلت الْإِبِل الصَّغِير وَالْكَبِير كل بعير مائَة وَعِشْرُونَ درهما وزن سِتَّة، فَذَلِك عشرَة آلَاف دِرْهَم ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " روى عَطاء وَمَكْحُول وَعَمْرو بن شُعَيْب، وَعدد من الحجازين أَن عمر رَضِي الله عَنهُ فرض الدِّيَة اثْنَي

أنه قضى بالدية اثني عشر ألف درهم وزعم أنه نزل فيه وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله قال الشافعي رحمه الله فقلت لمحمد أفتقول إن الدية اثنا عشر ألف درهم وزن ستة قال لا قلت فمن أين زعمت إذ كنت أعلم

عشر ألف دِرْهَم، وَلم أعلم بالحجاز أحدا خَالف فِيهِ، وَلَا عَن عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، وَمِمَّنْ قَالَ: الدِّيَة اثْنَا عشر ألف دِرْهَم ابْن عَبَّاس، وَأَبُو هُرَيْرَة، وَعَائِشَة، رَضِي الله عَنْهُم، وَلَا أعلم أحدا بالحجاز خَالف فِي ذَلِك ". وَقد رَوَاهُ عِكْرِمَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قضى بِالدِّيَةِ اثْنَي عشر ألف دِرْهَم، وَزعم أَنه نزل فِيهِ: {وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله وَرَسُوله من فَضله} . قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " فَقلت لمُحَمد: أفتقول: إِن الدِّيَة اثْنَا عشر ألف دِرْهَم وزن سِتَّة؟ قَالَ: لَا، قلت: فَمن أَيْن زعمت؟ إِذْ كنت أعلم بِالدِّيَةِ فِيمَا زعمت من أهل الْحجاز؛ لِأَنَّك من أهل الْعرَاق، وَأَنَّك عَن عمر قبلتها؛ لِأَن عمر رَضِي الله عَنهُ قضى فِيهَا بِشَيْء لَا تقضي بِهِ، قَالَ: لم يَكُونُوا يحسبون، قلت: أفتروي شَيْئا تَجْعَلهُ أصلا فِي الحكم، وَأَنت تزْعم أَن من يروي عَنهُ لَا يعرف بِمَا قضى بِهِ؟ " وَبسط الْكَلَام فِي هَذَا، وَفِي الْجَواب عَمَّا احْتج بِهِ مُحَمَّد. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " فَادّعى على أهل الْحجاز أَنه أعلم بِالدِّيَةِ مِنْهُم، وَإِنَّمَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قبل الدِّيَة من الْوَرق، وَلم يَجْعَل لَهُم أَنهم أعلم بِالدِّيَةِ مِنْهُ؛ إِذْ كَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ مِنْهُم، فَمن الْحَاكِم مِنْهُ أولى بالمعرفة مِمَّن الدَّرَاهِم مِنْهُ؛ إِذْ كَانَ

مسألة

الحكم إِنَّمَا وَقع، إِنَّمَا بالحاكم ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ (رَحمَه الله) : " رواياته عَن عمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا مُنْقَطِعَة، وَالرِّوَايَة الَّتِي ذكرهَا الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى مُنْقَطِعَة، إِلَّا أَن أهل الْحجاز أعرف بِمذهب عمر من غَيرهم، وَقد رويناها مَوْصُولَة فِي الْمَسْأَلَة السَّابِقَة "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (279) :

(صفحه فارغه)

(صفحه فارغه)

ودية الذِّمِّيّ ثلث دِيَة الْمُسلم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " مثل دِيَة الْمُسلم ". روى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن فُضَيْل بن عِيَاض عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن ثَابت بن الْحداد عَن ابْن الْمسيب أَن عمر رَضِي الله عَنهُ قضى فِي دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ بأَرْبعَة آلَاف، وَفِي دِيَة الْمَجُوس

بثمان مائَة دِرْهَم، تَابعه قَتَادَة عَن ابْن الْمسيب. وروى عَن ابْن عُيَيْنَة عَن صَدَقَة بن يسَار قَالَ: " أرسلنَا إِلَى سعيد بن الْمسيب نَسْأَلهُ عَن دِيَة الْمعَاهد، فَقَالَ: قضى فِيهِ عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ بأَرْبعَة آلَاف، قَالَ: قُلْنَا: فَمن قبله فحصبنا " قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله هم الَّذين سَأَلُوهُ آخرا " وَإِنَّمَا عَنى الشَّافِعِي بقوله هَذَا أَنه رُوِيَ عَنهُ بِخِلَافِهِ، وَهَذَا آخر مَا قضى بِهِ، فالأخذ بِهِ أولى. وَرُوِيَ عَن عَليّ وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا فِي دِيَة الْمَجُوس ثَمَانمِائَة دِرْهَم. وَرُوِيَ عَن أبي صَالح كَاتب اللَّيْث عَن ابْن لَهِيعَة عَن يزِيد بن أبي حبيب عَن أبي الْخَيْر عَن عقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا دِيَة الْمَجُوس ثَمَانمِائَة دِرْهَم، تفرد بِهِ أَبُو صَالح.

مائة من الإبل وفي هذا دلالة على أن الدية كانت تختلف حيث قيدوه بالرجل المسلم الحر ولو كانت دية غيره كديته لم يكن لتقييدهم فائدة والله أعلم وروى أبو داود عن ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي

وروينا عَن أَيُّوب بن مُوسَى عَن ابْن شهَاب، وَمَكْحُول عَن عَطاء قَالُوا: " أدركنا النَّاس على أَن دِيَة الرجل الْمُسلم الْحر على عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مائَة من الْإِبِل ". وَفِي هَذَا دلَالَة على أَن الدِّيَة كَانَت تخْتَلف حَيْثُ قيدوه بِالرجلِ الْمُسلم الْحر، وَلَو كَانَت دِيَة غَيره كديته لم يكن لتقييدهم فَائِدَة، وَالله أعلم. وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن إِسْحَاق عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " دِيَة الْمعَاهد نصف دِيَة الْحر ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " يحْتَمل أَن يكون هَذَا إِخْبَارًا عَن دِيَة الْمعَاهد حِين كَانَت قيمَة دِيَة الْمُسلم (ثَمَانِيَة آلَاف دِرْهَم، فَلَمَّا غلت الْإِبِل رفع أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر رَضِي الله عَنهُ قيمَة دِيَة الْمُسلم "، وَلم يرفع دِيَة الْمعَاهد فِيمَا رفع علما مِنْهُ بِأَنَّهَا فِي أهل الذِّمَّة تَوْقِيت. وَالَّذِي يدل على هَذَا مَا رُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرض على كل مُسلم حر قتل رجلا من أهل الْكتاب أَرْبَعَة آلَاف.

جعل دية المعاهد كدية المسلم قال علي بن عمر عثمان هو الوقاصي متروك الحديث وروي عن أبي سعد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جعل رسول الله

ثمَّ قَالَ الشَّافِعِي فِي الْقَدِيم رَحمَه الله أحكاما رَوَاهَا عَمْرو بن شُعَيْب هم - يَعْنِي الْعِرَاقِيّين - لَا يَقُولُونَ بهَا، وَنحن نقُول بهَا، فَذكر مِنْهَا مَا رَوَاهُ فِي عقل أهل الْكتاب أَنه نصف عقل الْمُسلم، فَفِيهِ إِشَارَة أَنه كَانَ يَقُول بذلك، ثمَّ رغب عَنهُ، وَالله أعلم، لما ذكرنَا من الِاحْتِمَال، وَالله أعلم. استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن الزُّهْرِيّ عَن عَليّ بن حُسَيْن عَن عَمْرو بن عُثْمَان عَن أُسَامَة بن زيد رَضِي الله عَنْهُمَا " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جعل دِيَة الْمعَاهد كدية الْمُسلم "، قَالَ عَليّ (بن عمر: " عُثْمَان هُوَ الوقاصي مَتْرُوك الحَدِيث ". وَرُوِيَ عَن أبي سعد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " جعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دِيَة الْعَامِرِيين دِيَة الْحر الْمُسلم، وَكَانَ لَهما عهد ". أَبُو سعد هَذَا سعيد بن الْمَرْزُبَان الْبَقَّال ضَعِيف الحَدِيث، وَلَيْسَ هَذَا بِثَابِت. وروى أَبُو كرز عبد الله بن عبد الْملك الفِهري عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه ودى ذِمِّيا دِيَة مُسلم ".

وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم دية المسلم واليهودي والنصراني سواء فلما استخلف معاوية صار دية اليهودي والنصراني على النصف من دية المسلم فلما استخلف عمر بن عبد العزيز رد الأمر إلى القضاء الأول هذا باطل بهذا الإسناد فبركة

قَالَ عَليّ: " أَبُو كرز هَذَا مَتْرُوك الحَدِيث، وَلم يروه عَن نَافِع غَيره ". وروى بركَة بن مُحَمَّد الْحلَبِي بِسَنَد عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن الدِّيَة كَانَت على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر، وَعمر، وَعُثْمَان، وَعلي رَضِي الله عَنْهُم دِيَة الْمُسلم واليهودي وَالنَّصْرَانِيّ سَوَاء، فَلَمَّا اسْتخْلف مُعَاوِيَة صَار دِيَة الْيَهُودِيّ وَالنَّصْرَانِيّ على النّصْف من دِيَة الْمُسلم، فَلَمَّا اسْتخْلف عمر بن عبد الْعَزِيز رد الْأَمر إِلَى الْقَضَاء الأول. هَذَا بَاطِل بِهَذَا الْإِسْنَاد، فبركة بن مُحَمَّد كَذَّاب. وروى الْحسن بن عمَارَة عَن الحكم عَن مقسم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " ودى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلَيْنِ من الْمُشْركين وَكَانَا مِنْهُ فِي عهد دِيَة الحرين الْمُسلمين ". وَابْن عمَارَة مَتْرُوك الحَدِيث لَا يحْتَج بِهِ. وَرُوِيَ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " من كَانَ لَهُ عهد أَو ذمَّة فديته دِيَة مُسلم "، قُلْنَا: " هَذَا مُنْقَطع ". وَرُوِيَ عَن الزُّهْرِيّ بقريب من معنى مَا روى بركَة بن مُحَمَّد،

مسألة

ورده الشَّافِعِي (رَحمَه الله) بِكَوْنِهِ مُرْسلا، وَبِأَن الزُّهْرِيّ قَبِيح الْمَرَاسِيل، وَأَنا روينَا عَن عمر وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا مَا هُوَ أصح مِنْهُ، وَالله أعلم. قيل للشَّافِعِيّ (رَحمَه الله) : " سعيد بن الْمسيب عَن عمر رَضِي الله عَنهُ مُنْقَطع " قَالَ: " إِنَّه يزْعم أَنه حفظ عَنهُ، ثمَّ تزعمونه أَنْتُم خَاصَّة وَهُوَ عَن عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ غير مُنْقَطع ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَضِي الله عَنهُ: أَظُنهُ أَرَادَ مَا أخبرنَا، وَذكر إِسْنَادًا عَن إِيَاس بن مُعَاوِيَة قَالَ: " قَالَ سعيد بن الْمسيب مِمَّن أَنْت؟ قلت: من مزينة قَالَ: إِنِّي لأذكر يَوْم نعى عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ النُّعْمَان بن المقرن الْمُزنِيّ على الْمِنْبَر ". روينَا عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ أَن ابْن الْمسيب كَانَ يُسمى راوية عمر؛ لِأَنَّهُ كَانَ أحفظ النَّاس لأحكامه. وَقَالَ مَالك: " بَلغنِي أَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يُرْسل إِلَى ابْن الْمسيب يسْأَله عَن بعض شَأْن عمر وَأمره، رَضِي الله عَنهُ " وَالله أعلم. مَسْأَلَة (280) : وَقِيمَة العَبْد على الْقَاتِل، لَا تحملهَا الْعَاقِلَة فِي أحد

مسألة

الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله: " تحملهَا الْعَاقِلَة ". رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ الْعمد وَالْعَبْد وَالصُّلْح وَالِاعْتِرَاف لَا تعقله الْعَاقِلَة. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب أَنه قَالَ: " عقل العَبْد فِي ثمنه كجراح الْحر فِي دِيَته ". قَالَ ابْن شهَاب: " وَكَانَ رجال سواهُ. يَقُولُونَ: يقوم سلْعَة (إِذا قوم سلْعَة كَانَ كَغَيْرِهِ من السّلع، لَا شَيْء على الْعَاقِلَة، وَإِذا كَانَ كَالْحرِّ فِي جراحه لَا يكون مثله فِي تحمل الْعَاقِلَة، وَإِذن لَا يُقَاس على الدِّيَة مَا يكون قيمَة كَسَائِر المتقومات) ، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (281) : وَأَبُو الْقَاتِل وجده وَابْنه وَابْن ابْنه لَيْسُوا من جملَة الْعَاقِلَة الَّذين يتحملون الدِّيَة، وَكَذَلِكَ الْقَاتِل لَا يحمل شَيْئا من دِيَة قتيلة خطأ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " إِنَّهُم من جُمْلَتهمْ، وَعَلَيْهِم مَا على الْإِخْوَة وَغَيرهم ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَنِين امْرَأَة من بني لحيان سقط مَيتا بغرة عبد أَو

دية المقتول على عاقلة القاتلة وبرأ زوجها قال فقال عاقلة المقتول ميراثها لنا قال رسول الله

وليدة. ثمَّ إِن الْمَرْأَة الَّتِي قضى عَلَيْهَا بالغرة توفيت، فَقضى رَسُول الله أَن مِيرَاثهَا لبنيها وَزوجهَا، وَأَن الْعقل على عصبتها ". وَعند أبي دَاوُد عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ أَن امْرَأتَيْنِ من هُذَيْل قتلت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى، وَلكُل وَاحِدَة مِنْهُمَا زوج وَولد، قَالَ: " فَجعل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دِيَة الْمَقْتُول على عَاقِلَة القاتلة، وبرأ زَوجهَا، قَالَ: فَقَالَ عَاقِلَة الْمَقْتُول مِيرَاثهَا لنا. قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا مِيرَاثهَا لزَوجهَا وَوَلدهَا ". وَعند مُسلم عَن الْمُغيرَة أَن امْرَأَة قتلت ضَرَّتهَا بعمود منسطاطا، فَأتي فِيهِ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقضى فِيهِ على عاقلتها بِالدِّيَةِ، وَكَانَت حَامِلا فَقضى فِي الْجَنِين بغرة، فَقَالَ بعض عصبتها: أندي من لَا طعم " الحَدِيث. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَلم أعلم مُخَالفا فِي أَن الْعَاقِلَة الْعصبَة، وهم الْقَرَابَة من قبل الْأَب ". قَالَ رَحمَه الله: " وَقد قضى عمر على عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا بِأَن يعقل عَن موَالِي صَفِيَّة، وَقضى للزبير بميراثهم؛ لِأَنَّهُ ابْنهَا ". وروى أَبُو الزِّنَاد عَن فُقَهَاء التَّابِعين من أهل الْمَدِينَة ابْن الْمسيب وَغَيره كَانُوا يَقُولُونَ: " إِذا ولدت الْمَرْأَة فِي غير قَومهَا فبنوها يرثونها،

مسألة

وقومها يعْقلُونَ عَنْهَا، ومولاها بِتِلْكَ الْمنزلَة "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (282) : وَمن فِي الدِّيوَان وَمن لَيْسَ فِيهِ من الْعَاقِلَة سَوَاء فِي تحمل الْعقل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يخْتَص بحملها من فِي الدِّيوَان من الْعَاقِلَة) ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه: " قضى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْعَاقِلَة، وَلَا ديوَان حَتَّى كَانَ الدِّيوَان فِي زمَان عمر رَضِي الله عَنهُ حِين كثر المَال، وَقد مضى الحَدِيث فِي قَضَاء رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَرُوِيَ عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا أول من دون الدَّوَاوِين عمر، رَضِي الله عَنهُ. مَسْأَلَة (283) : والبداية فِي الْقسَامَة مَعَ اللوث بأيمان المدعين. وَقَالَ أَبُو

قال لهم حين أنكرت يهود قتل عبد الله بن سهل تحلفون وتستحقون دم صاحبكم قالوا لا قال فيحلف يهود قالوا ليسوا بمسلمين فوداه رسول الله

حنيفَة رَحمَه الله: " من قبل الْمُدعى عَلَيْهِم، لَا من قبل المدعين ". لنا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سهل بن أبي حثْمَة رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث حويصة ومحيصة، وَفِيه: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُم حِين أنْكرت يهود قتل عبد الله بن سهل: تحلفون وتستحقون دم صَاحبكُم؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَيحلف يهود، قَالُوا: لَيْسُوا بمسلمين، فوداه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من عِنْده ". وَفِي رِوَايَة عِنْدهمَا عَنهُ، وَعَن رَافع بن خديج رَضِي الله عَنهُ الْقِصَّة فِي قَتله، قَالَ: " فتكلما فِي أَمر صَاحبهمَا، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - استحقوا صَاحبكُم، أَو قَالَ: قتيلكم بأيمان خمسين مِنْكُم، قَالُوا: أَمر لم نشهده، فَقَالَ: فتبرئكم يهود بأيمان خمسين مِنْهُم، قَالُوا: قوم كفار، فوداه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من قبله ". وَفِي رِوَايَة أُخْرَى عِنْدهمَا أَيْضا عَن سهل رَضِي الله عَنهُ قَالَ يحيى: " وحسبته قَالَ: وَعَن رَافع أَنَّهُمَا قَالَا "، فَذكر قصَّة فِي قَتله إِلَى أَن قَالَ: " فَذكرُوا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقتل عبد الله، فَقَالَ لَهُم: تحلفون خمسين يَمِينا فتستحقون صَاحبكُم أَو قاتلكم؟ قَالُوا: كَيفَ نحلف وَلم نشْهد؟ قَالَ: فتبرئكم الْيَهُود بِخَمْسِينَ يَمِينا، قَالُوا: وَكَيف نقبل أَيْمَان قوم كفار؟ فَلَمَّا رأى ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أعْطى عقله ".

قال لهم تأتوني بالبينة على من قتل قالوا ما لنا بينة قال فيحلفون لكم ولم يسم أحدا منهم قال البيهقي رحمه الله وهذا يحتمل أن لا يخالف رواية يحيى وكأنه أراد بالبينة إيمان المدعين مع اللوث كما فسره

وَفِي هَذَا دلَالَة على أَن ذكر الْخمسين يرجع إِلَى الْأَيْمَان، لَا إِلَى عدد الَّذين يحلفُونَ. وَهَكَذَا رِوَايَة الْجَمَاعَة عَن يحيى بن سعيد. كَذَلِك رَوَاهُ بشر بن الْمفضل وَسليمَان بن بِلَال وَعبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ عَن يحيى بن سعيد زَاد بَعضهم عَن عبد الْوَهَّاب: " وتستحقون دم قاتلكم ". وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد. وَرَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن يحيى فَلم يتقن إتقان هَؤُلَاءِ فِي الْبدَاءَة بأيمان الْأَنْصَار، وَالْجَمَاعَة بِالْحِفْظِ أولى؛ وَلذَلِك أحَال مُسلم رِوَايَة سُفْيَان على رِوَايَة الْجَمَاعَة وَلم يسق مَتنه، وَكَذَلِكَ لم يسق متن رِوَايَة سعيد بن عبيد الطَّائِي؛ لمُخَالفَته رِوَايَة يحيى، وَقَالَ: " إِنَّهَا غلط، وَيحيى احفظ مِنْهُ ". وساقها البُخَارِيّ، وفيهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُم: " تَأْتُونِي بِالْبَيِّنَةِ على من قتل؟ قَالُوا: مَا لنا بَيِّنَة، قَالَ: فَيحلفُونَ لكم "، وَلم يسم أحدا مِنْهُم. قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " وَهَذَا يحْتَمل أَن لَا يُخَالف رِوَايَة يحيى، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْبَيِّنَةِ إِيمَان المدعين مَعَ اللوث، كَمَا فسره

طالبهم بالبينة فلم يكن لهم بينة فقال استحقوا بخمسين قسامة وعن عمرو بن شعيب أيضا بمعنى ذلك وروى ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن بجيد قال والله ما هكذا كان الشأن ولكن سهلا أوهم ما قال رسول الله

يحيى بن سعيد، أَو طالبهم بِالْبَيِّنَةِ كَمَا فِي هَذِه الرِّوَايَة، فَلَمَّا لم يكن عِنْدهم بَيِّنَة عرض عَلَيْهِم الْأَيْمَان كَمَا فِي رِوَايَة يحيى بن سعيد، فَلَمَّا لم يحلفوا ردهَا على الْيَهُود كَمَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا وَالله أعلم يُؤَكد كَذَلِك مَا أخبرنَا ". وَذكر خَبرا مُرْسلا عَن سُلَيْمَان بن يسَار فِيهِ: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طالبهم بِالْبَيِّنَةِ، فَلم يكن لَهُم بَيِّنَة، فَقَالَ: استحقوا بِخَمْسِينَ قسَامَة "، وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب أَيْضا بِمَعْنى ذَلِك. وروى ابْن إِسْحَاق عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الرَّحْمَن بن بجيد قَالَ: " وَالله مَا هَكَذَا كَانَ الشَّأْن، وَلَكِن سهلا أوهم مَا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " احلفوا على مَا لَا علم لكم بِهِ ". وَلَيْسَ هَذَا القَوْل بمقبول من قَائِله؛ فَإِن سهلا قصّ الْقِصَّة من أَولهَا إِلَى آخرهَا، وَتَابعه

وروى أبو داود خبرا منقطعا عن الزهري عن أبي سلمة وسليمان بن يسار ورجال من الأنصار أن رسول الله

على ذَلِك رَافع ابْن خديج. وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " لَا اعْلَم ابْن بجيد سمع من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وروى أَبُو دَاوُد خَبرا مُنْقَطِعًا عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَسليمَان بن يسَار، وَرِجَال من الْأَنْصَار أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ للْيَهُود وَبَدَأَ بهم: " يحلف مِنْكُم خَمْسُونَ رجلا، فَأَبَوا " وخولف فِيهِ. فَرَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح عَنهُ عَنْهُمَا عَن رجل من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْأَنْصَار أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقرّ الْقسَامَة على مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَقضى بهَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين نَاس من الْأَنْصَار فِي قَتِيل ادعوهُ على الْيَهُود. وَرُوِيَ بِأَلْفَاظ أخر، فَالرِّوَايَة عَنهُ مُخْتَلفَة مِنْهَا الْمُنْقَطع، والمجمل، والمفسر، وَحَدِيث سهل صَحِيح مُتَّصِل مُفَسّر،

فالأخذ بِهِ أولى، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ رَحمَه الله أَن قَتِيلا بَين وَادعَة وشاكر، فقاسوا مَا بَين القريتين، فوجدوه أقرب إِلَى وَادعَة، فحلفهم عمر خمسين يَمِينا مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا علمنَا لَهُ قَاتلا، وغرمهم الدِّيَة. وَفِي رِوَايَة أَن الْحَارِث بن الأزمع قَالَ: " لَا أَمْوَالنَا دفعت عَن أَيْمَاننَا، وَلَا أَيْمَاننَا دفعت عَن أَمْوَالنَا "، فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ: " كَذَلِك الْحق ". وَهَذَا مُرْسل، وَهُوَ الْمَحْفُوظ. وَرُوِيَ عَن مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن مَسْرُوق: " أَن قَتِيلا وجد بَين قريتين ... . "، ومجالد غير مُحْتَج بِهِ.

وَرُوِيَ عَن أبي إِسْحَاق عَن الْحَارِث بن الأزمع قَالَ: " قتل قَتِيل بِالْيمن فذكروه "، وَلم يسْندهُ. وَعنهُ أَن قَتِيلا وجد بَين وَادعَة وخيوان، قَالَ شُعْبَة: قلت لأبي إِسْحَاق: من حَدثَك؟ : قَالَ: " مجَالد عَن الشّعبِيّ عَن الْحَارِث "، فَعَاد الحَدِيث إِلَى مجَالد ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " سَافَرت إِلَى خيوان ووادعة كَذَا وَكَذَا سفرة أسألهم عَن حكم عمر فِي الْقَتِيل، وأحكي لَهُم مَا رُوِيَ عَنهُ، فَقَالُوا: إِن هَذَا الشَّيْء مَا كَانَ ببلدنا "، قَالَ: " وَالْعرب أحفظ شَيْء لأمر كَانَ ". وَرُوِيَ عَن عمر بن صبيح من حَدِيث ابْن الْمسيب أَن عمر رَضِي الله عَنهُ لما حج غودر رجل من الْمُسلمين قَتِيلا ببني وَادعَة، فَذكر الْقِصَّة بِمَعْنَاهُ وَزِيَادَة، وَفِيه: " أَنه أَخذ دِيَته دَنَانِير دِيَة وَثلث دِيَة ". قَالَ عَليّ: " عمر ابْن صبيح مَتْرُوك الحَدِيث ". وروى أَبُو إِسْرَائِيل الْملَائي عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَن أبي سعيد أَن قَتِيلا وجد بَين حيين، فَذكر الحَدِيث مَرْفُوعا مَعْنَاهُ أَن دِيَته ألقيت إِلَى أقربهما إِلَيْهِ بشبر، وعطية والملائي غير مُحْتَج بهما.

مسألة

وروى الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " وجد رجل من الْأَنْصَار قَتِيلا فِي دالية نَاس من الْيَهُود "، فَذكر الحَدِيث مَرْفُوعا مَعْنَاهُ أَن الدِّيَة جعلت عَلَيْهِم بعد يَمِين خمسين مِنْهُم، والكلبي مَتْرُوك، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (284) : قتل الْعمد يُوجب الْكَفَّارَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يُوجب ". رُوِيَ عَن وَاثِلَة بن الْأَسْقَع رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نفر من بني سليم، فَقَالُوا: إِن صاحبا لنا أوجب، قَالَ: فليعتق رَقَبَة يقد الله بِكُل عُضْو مِنْهُ عضوا مِنْهُ من النَّار ". وَفِي رِوَايَة: " فِي صَاحب لنا قد أوجب النَّار بِالْقَتْلِ "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (285) : وَنَفس السحر لَيْسَ بِكفْر، وَلَا يقتل مَا لم يقتل سحره عمدا.

لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة وفيهما حديث أسامة رضي الله عنه بعثنا رسول الله

وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " نفس السحر كفر يقتل بِهِ، وَإِن لم يقتل ". وَلنَا حَدِيث: " أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَه إِلَّا الله " الحَدِيث عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَفِيهِمَا عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يحل دم امْرِئ مُسلم يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي رَسُول الله إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث: الثّيّب الزَّانِي، وَالنَّفس بِالنَّفسِ، والتارك لدينِهِ المفارق للْجَمَاعَة ". وَفِيهِمَا حَدِيث أُسَامَة رَضِي الله عَنهُ بعثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَرِيَّة إِلَى الحرقات، (فغدروا بِنَا) ، فَهَرَبُوا، فَأَدْرَكنَا رجلا مِنْهُم، فَلَمَّا غشيناه قَالَ: " لَا إِلَه إِلَّا الله، فضربناه حَتَّى قَتَلْنَاهُ، فَعرض فِي نَفسِي شَيْء من ذَلِك، فَذَكرته لرَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: من لَك ب " لَا إِلَه إِلَّا الله " يَوْم الْقِيَامَة؟ ! فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا قَالَهَا مَخَافَة السِّلَاح وَالْقَتْل، قَالَ / أَفلا شققت عَن قلبه حَتَّى تعلم قَالَهَا من أجل ذَلِك أم لَا؟ من لَك ب " لَا إِلَه إِلَّا الله " يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ: فَمَا زَالَ يَقُول، حَتَّى وددت أَنِّي لم أسلم إِلَّا يَوْمئِذٍ ".

وَفِي هَذَا الْخَبَر دَلِيل على أَن السَّاحر لَا يقتل بِنَفس السحر، وَأَن تَوْبَته مَقْبُولَة خلافًا لما زَعَمُوا أَن تَوْبَته غير مَقْبُولَة. وَمَا رُوِيَ عَن حَفْصَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قتلت جَارِيَة لَهَا سحرتها، فَمَحْمُول على سَاحِرَة جمعت الْكفْر إِلَى سحرها وَهُوَ دَلِيل على قتل الْمُرْتَدَّة، وَالله أعلم. (وَأما حَدِيث بجالة فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن كتاب عمر رَضِي الله عَنهُ اقْتُلُوا كل سَاحر وساحرة) ، (فَقَالَ) الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى: " وَأمر عمر رَضِي الله عَنهُ أَن يقتل السحار وَالله أعلم إِن كَانَ السحر كَمَا وَصفنَا شركا، وَكَذَلِكَ أَمر حَفْصَة، رَضِي الله عَنْهَا. وَأما بيع عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا الْجَارِيَة الَّتِي سحرتها، وَلم تَأمر بقتلها فَيُشبه أَن يكون لم تعرف مَا السحر فباعتها؛ لِأَن لَهَا بيعهَا عندنَا، وَإِن لم

على أحد هذه المعاني وهو حديثها في الصحيحين أن النبي

تسحرها، وَلَو أقرَّت عِنْد عَائِشَة أَن السحر شرك مَا تركت قَتلهَا إِن لم تتب، أَو دفعتها إِلَى الإِمَام ليقتلها، إِن شَاءَ الله ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَحَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أحد هَذِه الْمعَانِي، وَهُوَ حَدِيثهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طب ... الحَدِيث "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (286) : وَإِذا انهزم الْبَاغِي حَقِيقَة لم يجز اتِّبَاع مدبرهم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " إِن كَانَ لَهُم فِئَة يرجعُونَ إِلَيْهَا جَازَ اتِّبَاع مدبرهم ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " أخبرنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ: دخلت على مَرْوَان بن الحكم فَقَالَ: مَا رَأَيْت أحدا أكْرم عَليّ من أَبِيك، مَا هُوَ إِلَّا أَن وليناه يَوْم الْجمل، فَنَادَى مناديه: لَا يقتل مُدبر، وَلَا يذفف على جريح ".

مسألة

وروى عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " شهِدت صفّين، فَكَانُوا لَا يجيزون على جريح، وَلَا يقتلُون موليا، وَلَا يسلبون قَتِيلا "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (287) : لَا يحل قتل أَسِير أهل الْبَغي. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يحل مَا دَامَ لَهُم فِئَة يرجعُونَ إِلَيْهَا، روى فِي ذَلِك حَدِيثا مُسْندًا بِإِسْنَاد ضَعِيف. رُوِيَ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا فِيمَن بغى من هَذِه الْأمة لَا يتبع مدبرهم، وَلَا يقتل أسيرهم، وَلَا يذفف على جريحهم. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو عَن أبي فَاخِتَة أَن عليا رَضِي الله عَنهُ أُتِي بأسير يَوْم صفّين، فَقَالَ: " لَا تقتلني

مسألة

صبرا "، فَقَالَ عَليّ: " إِنِّي لَا أَقْتلك صبرا، إِنِّي أَخَاف الله رب الْعَالمين "، فخلى سَبيله. قَالَ الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ: " وَالْحَرب يَوْم صفّين قَائِمَة، وَمُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ يُقَاتل جادا فِي أَيَّامه كلهَا منتصفا أَو مستعليا، وَعلي رَضِي الله عَنهُ يَقُول لأسير من أَصْحَاب مُعَاوِيَة: لَا أَقْتلك صبرا، إِنِّي أَخَاف الله رب الْعَالمين، وَأَنت تَأمر بقتْله "، يَقُول ذَلِك للَّذي كَلمه فِي الْمَسْأَلَة وعنى بقوله " منتصفا أَو مستعليا " أَي يُسَاوِيه مرّة فِي الْغَلَبَة فِي الْحَرْب، ويعلوه أُخْرَى، وَقيل: منتصفا عِنْد نَفسه فِي طلب دم عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ ومستعليا عِنْد غَيره لما علم من بَرَاءَة عَليّ رَضِي الله عَنهُ من قتل عُثْمَان رَضِي الله عَنْهُمَا، وَالْأول أصح، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (288) : وَيقتل الْمُرْتَد الْمصر على ردته، وَلَا يهمل أَكثر من أَن يناظر، ويكشف عَمَّا اشْتبهَ عَلَيْهِ على أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يُمْهل ثَلَاثَة أَيَّام ". فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ فِي بعث

إياه إلى اليمن وفيه ثم أتبعه معاذا رضي الله عنه فلما قدم قال له إنزل وألقي له وسادة فإذا عنده رجل موثق قال ما هذا قال كان يهوديا فأسلم ثم راجع دينه دين السوء فتهود قال لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله قال نعم

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِيَّاه إِلَى الْيمن، وَفِيه: " ثمَّ أتبعه معَاذًا، رَضِي الله عَنهُ، فَلَمَّا قدم قَالَ لَهُ: " إنزل وَأُلْقِي لَهُ وسَادَة، فَإِذا عِنْده رجل موثق قَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: " كَانَ يَهُودِيّا، فَأسلم ثمَّ رَاجع دينه دين السوء، فتهود قَالَ: لَا أَجْلِس حَتَّى يقتل قَضَاء الله وَرَسُوله، قَالَ: نعم، إجلس، ثَلَاث مَرَّات، فَأمر بِهِ فَقتل ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى: " وَاحْتج لقَوْله الْجَدِيد بالثابت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " لَا يحل دم امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث: كفر بعد إِيمَان "، وَلم يَأْمر بأناة ". وَضعف رَحمَه الله تَعَالَى مَا رُوِيَ عَن عمر رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: " الَّذِي رُوِيَ عَن عمر: " لَو حبستموه ثَلَاثًا " لَيْسَ بِثَابِت؛ لِأَنَّهُ لَا نعلمهُ مُتَّصِلا، وَإِن كَانَ ثَابتا كَانَ لم يَجْعَل على قَاتله قبل ثَلَاث شَيْئا، وَالله أعلم.

مسألة

وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن الْعَلَاء عَن حَفْص عَن الشَّيْبَانِيّ عَن أبي بردة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " فَأتي أَبُو مُوسَى بِرَجُل ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فَدَعَاهُ عشْرين لَيْلَة أَو قَرِيبا مِنْهَا، فجَاء معَاذ فَدَعَاهُ، فَأبى فَضرب عُنُقه ". قَالَ أَبُو دَاوُد: " رَوَاهُ عبد الْملك بن عُمَيْر عَن أبي بردة رَضِي الله عَنهُ لم يذكر الاستتابة. وَرَوَاهُ ابْن فُضَيْل عَن الشَّيْبَانِيّ عَن سعيد بن أبي بردة عَن أَبِيه عَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ لم يذكر الاستتابة، حَدثنَا ابْن معَاذ حَدثنَا أبي حَدثنَا المَسْعُودِيّ عَن الْقَاسِم بِهَذِهِ الصّفة، قَالَ: " فَلم ينزل حَتَّى ضرب عُنُقه وَمَا استتابه "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (289) : الْمُرْتَدَّة تقتل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا تقتل ". لنا عُمُوم الْخَبَر الصَّحِيح " من بدل دينه فَاقْتُلُوهُ ". وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا خبر فِي أعمى

فقتلها فقال النبي

كَانَت لَهُ أم ولد تَشْتُم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَتلهَا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا اشْهَدُوا أَن دَمهَا هدر ". وَرُوِيَ أَن امْرَأَة سبت النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَتلهَا خَالِد بن الْوَلِيد. وَقَالَ ابْن عمر، وَالزهْرِيّ، وَإِبْرَاهِيم: " تقتل الْمُرْتَدَّة ". وَرُوِيَ من وَجه لَيْسَ بِالْقَوِيّ من حَدِيث ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر خبر مَرْفُوع فِي ذَلِك، وَكَذَلِكَ أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَقد روى بَعضهم عَن أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَنه قتل نسْوَة ارتددن عَن الْإِسْلَام، فَكيف لم تصر إِلَيْهِ. قَالَ ابْن وهب: قَالَ اللَّيْث: وَذَلِكَ الَّذِي سمعنَا وَهُوَ رَأْي، يَعْنِي فِي قتل أبي بكر رَضِي الله عَنهُ مرتدة، قَالَ: " وَقَالَ لي مَالك مثل ذَلِك ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن امْرَأَة وجدت

مقتولة فأنكر رسول الله

فِي بعض مغازي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقتولة، فَأنْكر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قتل النِّسَاء وَالصبيان ". وَهَذَا إِنَّمَا ورد فِي الْكَافِرَة الْأَصْلِيَّة. وَرُوِيَ عَن سُفْيَان عَن أبي حنيفَة عَن عَاصِم عَن أبي رزين عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْمُرْتَدَّة قَالَ: " تحبس وَلَا تقتل ". رُوِيَ عَن ابْن الْمَدِينِيّ عَن ابْن سعيد سَأَلت سُفْيَان عَن حَدِيث عَاصِم قَول ابْن عَبَّاس فِي الْمُرْتَدَّة فَأنكرهُ، وَقَالَ: " لَيْسَ من حَدِيثي ". وَعَن ابْن حَنْبَل عَن ابْن مهْدي سَأَلت سُفْيَان عَن حَدِيث عَاصِم فِي الْمُرْتَدَّة، فَقَالَ: " قَالَ ابْن معِين: كَانَ الثَّوْريّ يعيب على أبي حنيفَة حَدِيثا كَانَ يرويهِ عَن عَاصِم عَن أبي رزين ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " وَقد حدث بِهِ سُفْيَان بِالْيمن، والْحَدِيث كَانَ يرويهِ أَبُو حنيفَة عَن عَاصِم عَن أبي رزين) عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ فِي الْمَرْأَة إِذا ارْتَدَّت، فَقَالَ: " تحبس وَلَا تقتل ". وَقد رَوَاهُ أَبُو مَالك النَّخعِيّ عَن عَاصِم بن أبي النجُود مثل رِوَايَة أبي حنيفَة عَنهُ إِلَّا أَنه ضَعِيف الحَدِيث. وَرَوَاهُ عبد الله بن عِيسَى عَن عَفَّان عَن شُعْبَة عَن عَاصِم مَرْفُوعا مَوْصُولا: " لَا تقتل الْمَرْأَة إِذا ارْتَدَّت "، قَالَ عَليّ: " عبد الله كَذَّاب

ولا رواه شعبة وروي عن جلاس عن علي رضي الله عنه المرتدة تستأنى ولا تقتل قال لي شعبة قال لي أيوب لا ترو عن خلاس شيئا قال علي بن عمر خلاس عن علي لا يحتج به لضعفه وقد روي عن علي رضي الله عنه بخلافه وروى

يضع الحَدِيث، وَهَذَا لَا يَصح عَن النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا رَوَاهُ شُعْبَة ". وَرُوِيَ عَن جلاس عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ ": الْمُرْتَدَّة تستأنى وَلَا تقتل ". قَالَ لي شُعْبَة: " قَالَ لي أَيُّوب: لَا ترو عَن خلاس شَيْئا ". قَالَ عَليّ بن عمر: " خلاس عَن عَليّ لَا يحْتَج بِهِ لضَعْفه "، وَقد رُوِيَ عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ بِخِلَافِهِ. وروى ابْن عدي عَن عَليّ بن الْعَبَّاس عَن عمر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن حَفْص بن سُلَيْمَان عَن مُوسَى بن أبي كثير عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ " أَن امْرَأَة ارْتَدَّت على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي: فَلم تقتل "، ثمَّ قَالَ ابْن عدي: " هَذَا حَدِيث مُنكر بِهَذَا الْإِسْنَاد "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (290) : قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " لَا يسبى للمرتدين ذُرِّيَّة امْتَنعُوا أَو لم يمتنعوا، أَو لَحِقُوا بدار الْحَرْب، أَو أَقَامُوا؛ لِأَن حُرْمَة الْإِسْلَام قد ثبتَتْ للذرية بِحكم الْإِسْلَام، وَلَا ذَنْب لَهُم فِي تَبْدِيل آبَائِهِم ". وَحكى فِي رِوَايَة أبي عبد الرَّحْمَن الْبَغْدَادِيّ عَنهُ عَن بعض

الْعِرَاقِيّين أَن حكمهم حكم أهل الْأَوْثَان إِذا حَاربُوا وَلَحِقُوا بدار من دور الْمُشْركين. وَذكر الشَّافِعِي رَحمَه الله احتجاجهم بِمَا فعل عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنهُ فِي بني نَاجِية حِين قَاتلهم، والْحَدِيث كَمَا رُوِيَ أَنهم كَانُوا ثَلَاث فرق، فرقة قَالُوا: " كُنَّا نَصَارَى فأسلمنا فثبتنا على إسْلَامنَا، وَقَالَت الْأُخْرَى: " نَحن قوم كُنَّا نَصَارَى، يَعْنِي فثبتنا على نصرانيتنا "، وَقَالَت الْأُخْرَى: " نَحن كُنَّا نَصَارَى، فأسلمنا فرجعنا، فَلم نر دينا أفضل من ديننَا فتنصرنا "، فَقَالُوا لَهُم: " أَسْلمُوا " فَأَبَوا، فَقَالَ الْأَمِير لأَصْحَابه " إِذا مسحت رَأْسِي ثَلَاث مَرَّات فشدوا عَلَيْهِم " فَفَعَلُوا، فَقتلُوا الْمُقَاتلَة وَسبوا الذَّرَارِي، وَجِيء بِالذَّرَارِيِّ إِلَى عَليّ، رَضِي الله عَنهُ ". أجَاب الشَّافِعِي عَنهُ فَقَالَ: " قَاتل من لم يزل على النَّصْرَانِيَّة وَمن ارْتَدَّ، فقد يجوز أَن يكون سبى من لم يكن ارْتَدَّ، وَقد كَانَت الرِّدَّة فِي عهد أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ، فَلم يبلغنَا أَن أَبَا بكر خمس شَيْئا من ذَلِك، يَعْنِي الذَّرَارِي "، وَالله أعلم.

كتاب الحدود

كتاب الْحُدُود وَمن كتاب الْحُدُود. مَسْأَلَة (291) :

الْإِسْلَام لَيْسَ بِشَرْط فِي وجوب الرَّجْم فِي الزِّنَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " هُوَ شَرط ". دليلنا من الْخَبَر حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قصَّة

فرجما ورواه البخاري ومسلم في الصحيح وعند مسلم قصة أخرى عن البراء بن عازب رضي الله عنه في يهودي زنى وفيها فأمر يعني رسول الله

الْيَهُودِيّ واليهودية اللَّذين زَنَيَا، فَأمر بهما رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَرُجِمَا، وَرَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح. وَعند مُسلم قصَّة أُخْرَى عَن الْبَراء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ فِي يَهُودِيّ زنى، وفيهَا فَأمر يَعْنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ فرجم. وَعِنْده أَيْضا عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنْهُمَا رجم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلا من أسلم، ورجلا من الْيَهُود وَامْرَأَة. وَرُوِيَ عَن جَابر بن سَمُرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجم يَهُودِيّا وَيَهُودِيَّة. وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قصَّة لَهُم، وفيهَا: " وَقد أحصنا ". وَكَذَلِكَ فِي قصَّة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ لِلْيَهُودِيَّةِ، وفيهَا: " قد أحصن ". وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " آيتان نسختا من هَذِه

مخيرا ثم نزلت وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم فأمر النبي

السُّورَة - يَعْنِي الْمَائِدَة - آيَة القلائد، وَقَوله: {فاحكم بَينهم أَو أعرض عَنْهُم} . قَالَ: " وَكَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُخَيّرا، ثمَّ نزلت: {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل الله وَلَا تتبع أهواءهم} فَأمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يحكم بَينهم بِمَا فِي كتَابنَا ". وَفِي هَذَا دلَالَة على أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا حكم عَلَيْهِمَا بِالرَّجمِ بِحكم الْإِسْلَام، وَأَنه لم يَجْعَل الْإِسْلَام من شَرَائِط الْإِحْصَان خلاف قَول من زعم أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا حكم عَلَيْهِم بحكمهم. وروى عَن عفيف بن سَالم عَن الثَّوْريّ عَن ابْن عقبَة عَن نَافِع

اليهوديين وهو لا يخالف رسول الله

عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا مَرْفُوعا لَا يحصن الْمُشرك بِاللَّه شَيْئا، قَالَ عَليّ بن عمر: " وهم عفيف فِي رَفعه، وَالصَّوَاب أَنه مَوْقُوف ". ثمَّ رَوَاهُ عَن وَكِيع عَن سُفْيَان بِهِ مَوْقُوفا على ابْن عمر من أشرك بِاللَّه فَلَيْسَ بمحصن ". وَقَالَ أَبُو أَحْمد بن عدي: " وَرُوِيَ عَن أَحْمد بن أبي نَافِع عَن معافى بن عمرَان عَن الثَّوْريّ، وَهُوَ مُنكر من حَدِيث الثَّوْريّ عَن مُوسَى بن عقبَة بِهَذَا الْإِسْنَاد ". وَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن عبيد الله عَن نَافِع مُسْندًا، وَيُقَال: " إِنَّه رَجَعَ عَنهُ ". وَرُوِيَ من حَدِيث جُورِيَةُ عَن نَافِع مَوْقُوفا. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَصْحَاب نَافِع عَن نَافِع، وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ إِحْصَان العفائف فِي حد الْقَذْف دون الْإِحْصَان الَّذِي هُوَ من شَرَائِط الرَّجْم. فقد روى رجم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْيَهُودِيين، وَهُوَ لَا يُخَالف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيمَا روى عَنهُ.

عن ذلك فنهاه وقال إنها لا تحصنك قال علي أبو بكر بن أبي مريم ضعيف وعلي بن أبي طلحة لم يدرك كعبا ورواه بقية بن الوليد عن بعض مشائخه المجهولين أخبرنا أبو سبأ عتبة بن تميم عن علي عن كعب وروى إبراهيم بن أبي حية عن هشام

وَرُوِيَ عَن ابْن أبي مَرْيَم عَن عَليّ بن طَلْحَة عَن كَعْب بن مَالك رَضِي الله عَنهُ أَنه أَرَادَ أَن يتَزَوَّج يَهُودِيَّة أَو نَصْرَانِيَّة، فَسَأَلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك فَنَهَاهُ، وَقَالَ: " إِنَّهَا لَا تحصنك "، قَالَ عَليّ: " أَبُو بكر بن أبي مَرْيَم ضَعِيف، وَعلي بن أبي طَلْحَة لم يدْرك كَعْبًا، وَرَوَاهُ بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن بعض مشائخه المجهولين ". أخبرنَا أَبُو سبأ عتبَة بن تَمِيم عَن عَليّ عَن كَعْب. وروى إِبْرَاهِيم بن أبي حَيَّة عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن الله عز وَجل أخر حد المماليك وَأهل الذِّمَّة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ". تفرد بِهِ إِبْرَاهِيم، وَلَيْسَ بِالْقَوِيّ، فَإِن صَحَّ فَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد بِهِ مَا يجب لَهُم من الْحَد عَمَّن قذفهم، فبالإجماع يحد الْمَمْلُوك فِيمَا تجب بِهِ الْحُدُود، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة (292) :) وَلَيْسَ على شُهُود الزِّنَا أَن يحضروا رجم الْمَشْهُود عَلَيْهِ، وَلَا

برجم ماعز ولم يحضره وأمر أنيسا أن يأتي امرأة فإن اعترفت رجمهما ولم يقل أعلمني لأحضرها ولم أعلمه أمر برجم أحد فحضره ولو كان حضور الإمام حقا حضر رسول الله

على الإِمَام. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " عَلَيْهِم أَن يحضروا، ويبتدئوا بِالرَّجمِ ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - برجم مَاعِز، وَلم يحضرهُ، وَأمر أنيسا أَن يَأْتِي امْرَأَة، فَإِن اعْترفت رجمهما "، وَلم يقل أعلمني لأحضرها، وَلم أعلمهُ أَمر برجم أحد، فحضره، وَلَو كَانَ حُضُور الإِمَام حَقًا حضر رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَقد أَمر عمر رَضِي الله عَنهُ أَبَا وَاقد اللَّيْثِيّ أَن يَأْتِي امْرَأَة، فَإِن اعْترفت رَجمهَا، وَلم يقل أعلمني أحضرها. وَلَقَد أَمر عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ برجم امْرَأَة، وَمَا حضرها ". وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ رَحمَه الله عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي قصَّة امْرَأَة فجرت أَنه جلدهَا، ثمَّ رَجمهَا، وَأَنه قَالَ: " أَيّمَا امْرَأَة نعى عَلَيْهَا وَلَدهَا، أَو كَانَ اعْتِرَاف، فالإمام أول من يرْجم، (ثمَّ النَّاس، فَإِن نعتها) الشُّهُود فالشهود أول من يرْجم، ثمَّ الإِمَام، ثمَّ النَّاس "، وَهَذَا قَول ذهب إِلَيْهِ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِيمَا رَوَاهُ الشّعبِيّ عَنهُ، وَيحْتَمل أَن يكون الشّعبِيّ أَخذه من الْحَارِث الْأَعْوَر، وَقد صَحَّ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا دلّ على أَن حُضُور الإِمَام لَيْسَ بِشَرْط، وَذكر أَنه

مسألة

جلد مَعَ الرَّجْم، وَقد ذكرنَا أَن الْجلد على الثّيّب صَار مَنْسُوخا، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (293) : وتجلد الْبكر وتنفى. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا تنفى ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن زيد بن خَالِد الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " سَمِعت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَأْمر فِيمَن زنى، وَلم يحصن بجلد مائَة وتغريب عَام "، زَاد البُخَارِيّ قَالَ ابْن شهَاب: " وَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير أَن عمر رَضِي الله عَنهُ غرب، ثمَّ لم تزل تِلْكَ السّنة ". وَعند البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ فِيمَن زنى، وَلم يحصن: " ينفى عَاما من الْمَدِينَة مَعَ إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ ". قَالَ ابْن شهَاب: " وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يَنْفِي من الْمَدِينَة إِلَى الْبَصْرَة، وَإِلَى خَيْبَر ". وَعِنْدَهُمَا عَنْهُمَا قصَّة الرجلَيْن اللَّذين زنى ابْن أَحدهمَا بِامْرَأَة الآخر، وفيهَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جلد الَّذِي زنى مائَة، وغربه عَاما ".

والبكر جلد مائة ونفي سنة وروى مالك عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه أتي برجل وقع على جارية بكر فأحبلها ولم يكن أحصن فأمر به أبو بكر رضي الله عنه فجلد الحد ثم نفي إلى فدك وروي عن ابن إدريس عن

وَعند مُسلم عَن عبَادَة بن الصَّامِت رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَالْبكْر جلد مائَة وَنفي سنة. وروى مَالك عَن نَافِع عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد أَن أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ أُتِي بِرَجُل وَقع على جَارِيَة بكر فأحبلها، وَلم يكن أحصن، فَأمر بِهِ أَبُو بكر، رَضِي الله عَنهُ فجلد الْحَد، ثمَّ نفي إِلَى فدك. وَرُوِيَ عَن ابْن إِدْرِيس عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ضرب وَغرب، وَأَن أَبَا بكر ضرب وَغرب، وَأَن عمر ضرب وَغرب. هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو كريب، وَمن تَابعه عَن عبد الله بن إِدْرِيس، وَرَوَاهُ غَيره، فَلم يذكر فِيهِ النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والتغريب عَنهُ صَحِيح فِي سَائِر الرِّوَايَات، وَعَن أبي بكر، وَعمر صَحِيح، وَفِي هَذِه الرِّوَايَة وَغَيرهَا. وَرُوِيَ الْجلد والتغريب عَن عَليّ، وَعَن أبي بن كَعْب، رَضِي الله عَنْهُمَا.

وَأما نفي المماليك فللشافعي رَحمَه الله فِيهِ قَولَانِ. وَرُوِيَ عَن مَالك عَن نَافِع أَن عبدا كَانَ يقوم على رَقِيق الْخمس، وَأَنه استكره جَارِيَة من ذَلِك الرَّقِيق، فَوَقع بهَا، فجلده عمر، ونفاه، وَلم يجلد الوليدة؛ لِأَنَّهُ استكرهها، وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ عَنهُ، وَهَذَا وَإِن كَانَ مُرْسلا فنافع كَانَ مَشْهُورا بالرواية عَن الثِّقَات، وبالعناية بأخبار آل عمر. وَرَوَاهُ اللَّيْث عَن نَافِع عَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد عَن عمر. وروى ابْن الْمُنْذر صَاحب الخلافيات عَن عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه جلد مَمْلُوكه فِي الزِّنَا، ونفاها إِلَى فدك. وَرُوِيَ ذَلِك أَيْضا عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَفِي إِسْنَاده نظر. وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قَالَ فِي أم ولد بَغت: " تضرب، وَلَا نفي عَلَيْهَا ".

سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن قال إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير قال ابن شهاب لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة وروي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال أتت امرأة إلى

وَأَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " تضرب، وتنفى ". وَاخْتلفت الرِّوَايَة فِيهِ عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَالَّذِي يخالفنا يحْتَج بمراسيل إِبْرَاهِيم عَن عبد الله. وَأبي رَضِي الله عَنهُ حكم بِنَفْي البكرين، وَلم يفرق بَين الْحر والمملوك. وَمن قَالَ بترك نفيهما احْتج بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن الْأمة إِذا زنت، وَلم تحصن، قَالَ: " إِن زنت فاجلدوها، ثمَّ إِن زنت فاجلدوها، ثمَّ إِن زنت فاجلدوها، ثمَّ بيعوها وَلَو بضفير "، قَالَ ابْن شهَاب: " لَا أَدْرِي أبعد الثَّالِثَة أَو الرَّابِعَة ". وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف قَالَ: " أَتَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهِي حُبْلَى، فَقَالَت: " إِن فلَانا أحبلها، فَأرْسل إِلَيْهِ رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأتي بِهِ يحمل وَهُوَ ضَرِير مقْعد، فاعترف، فَضَربهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعثكول فِيهَا مائَة شِمْرَاخ الْحَد ضَرْبَة وَاحِدَة، وَكَانَ بكرا ". وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة عَن أَبِيه بِبَعْض مَعْنَاهُ مُخْتَصرا. وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة عَن أبي سعيد، وَالصَّوَاب مُرْسل. وَرُوِيَ عَنهُ عَن بعض أَصْحَاب رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

في الابتداء بجلد الثيب مع الرجم فاستدللنا بسكوته عن الحد في حديث أنس على نسخ الجلد كذلك استدللنا بسكوته عن النفي في حديث الأمة على نسخ النفي قلنا تركه في حديث الأمة ذكره لا يدل على النسخ لأمور

وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة عَن سعيد بن سعد بن عبَادَة فِي رجل مُخْدج ضَعِيف بِلَفْظ آخر فِيهِ " فَخُذُوا لَهُ عثْكَالًا فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَاضْرِبُوهُ وَاحِدَة ". وَلَا حجَّة لَهُم فِي هَذِه الْأَحَادِيث حَيْثُ لم يذكر فِيهَا النَّفْي؛ فَإِن الْمَقْصُود من حَدِيث الْأمة أَمر السادات بِضَرْب الْإِمَاء فِي الزِّنَا، بِخِلَاف مَا يَقُولُونَ: " إِنَّه لَيْسَ لَهُم ضربهن فِي الْحَد "، وَأَن ذَلِك للْإِمَام، وَالْمَقْصُود بِالْحَدِيثِ الثَّانِي جَوَاز الِاقْتِصَار فِي حد المضرور فِي خلقته على ضربه بِمِائَة شِمْرَاخ ضَرْبَة وَاحِدَة خلاف مَا يَقُولُونَ. وكما لم يذكر النَّفْي فِي حَدِيث الْأمة لم يذكر أَيْضا عدد الْحَد، وَكِلَاهُمَا مُسْتَفَاد من غير هَذَا الحَدِيث، ونفيها لَا يمْنَع من بيعهَا منفية إِلَى مَوضِع مَعْرُوف، ثمَّ الحَدِيث ورد فِي الْأمة، وَقد قَالَ الشَّافِعِي فِي أحد قوليه: " إِنَّهَا لَا تنفى ". وَحَدِيث المقعد إِنَّمَا سيق لبَيَان كَيْفيَّة ضربه، وَالنَّفْي مُسْتَفَاد من غَيره، وَمَا حُكيَ عَن الطَّحَاوِيّ أَنه قَالَ: " أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الِابْتِدَاء بجلد الثّيّب مَعَ الرَّجْم، فاستدللنا بسكوته (عَن الْحَد فِي حَدِيث أنس على نسخ الْجلد، كَذَلِك استدللنا بسكوته) عَن النَّفْي فِي حَدِيث الْأمة على نسخ النَّفْي "، قُلْنَا تَركه فِي حَدِيث الْأمة ذكره لَا يدل على النّسخ لأمور:

في الأمة على ذكر الجلد يشبه أن يكون اكتفى بما سبق منه من ذكره والله أعلم والعجب أن قائل هذا يدعي المعرفة بالآثار ثم يجعل تركه القول فيما تقدم من الأخبار نفي البكر كتركنا جميعا القول بحديث رواه محمد بن عبد العزيز الواسطي عن إسماعيل بن

أَحدهَا: أَن الْقَصْد من الحَدِيث الْإِذْن للسادات بجلد الأماء، أَلا ترَاهُ لم يذكر عدد الْحَد، كَمَا لم يذكر النَّفْي. وَمِنْهَا: أَنه لَيْسَ فِي شَيْء من الْأَحَادِيث مَا يدل على أَن حَدِيث الْأمة كَانَ بعد حَدِيث أبي هُرَيْرَة فِي النَّفْي حَتَّى يكون نَاسِخا لَهُ، وَفِي حَدِيث أنيس أَنه أمره بِالرَّجمِ دون الْجلد، وَأَنه رَجمهَا وَلم يجلدها، وَكَانَ ذَلِك بعد حَدِيث الْجلد مَعَ الرَّجْم، فَدلَّ على نسخه. وَمِنْهَا: أَنه يجوز أَن يعبر فِي الْكَلَام بِبَعْض الشَّيْء عَن جملَته، ويكتفى فِي بَاقِيَة بِمَا سبق مِنْهُ فِيهِ، وَلَا يجوز أَن يقْتَصر فِي الْعقل على بعض الشَّيْء إِلَّا بعد جَوَاز الِاقْتِصَار عَلَيْهِ. وأنيس لما اقْتصر على الرَّجْم علمنَا أَن الْجلد مَرْفُوع، واقتصار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْأمة على ذكر الْجلد يشبه أَن يكون اكْتفى بِمَا سبق مِنْهُ من ذكره، وَالله أعلم. وَالْعجب أَن قَائِل هَذَا يَدعِي الْمعرفَة بالآثار، ثمَّ يَجْعَل تَركه القَوْل فِيمَا تقدم من الْأَخْبَار نفي الْبكر كتركنا جَمِيعًا القَوْل بِحَدِيث رَوَاهُ مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الوَاسِطِيّ عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن رجلا قتل عَبده عمدا، فجلده النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مائَة، ونفاه سنة، ومحى سَهْمه من الْمُسلمين، وَأمره أَن يعْتق رَقَبَة. وَنحن لَا نَدْرِي لأي معنى تَركه، فَهُوَ يحْتَج بِمَا هُوَ أَضْعَف من

مسألة

هَذَا الْإِسْنَاد فِيمَا يُوَافق هَوَاهُ. فَأَما نَحن فَإِنَّمَا تَرَكْنَاهُ لضعف إِسْنَاده، وَهَذَا حَدِيث مُخْتَلف فِيهِ على إِسْمَاعِيل، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (294) : إِذا أقرّ بِالزِّنَا مرّة وَاحِدَة حد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يحد حَتَّى يقر أَربع مَرَّات ". وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة، وَزيد بن خَالِد رَضِي الله عَنْهُمَا أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " واغد يَا أنيس على امْرَأَة هَذَا، فَإِن اعْترفت فارجمها، فغدا عَلَيْهَا، فَاعْترفت، فَأمر بهَا رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فرجمت ". وَعِنْدَهُمَا فِي الصَّحِيح أَيْضا فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس عَن عمر رَضِي الله عَنْهُم " إِنِّي أَخَاف أَن يطول بِالنَّاسِ زمَان حَتَّى يَقُول الْقَائِل لَا نجد الرَّجْم فِي كتاب الله، فيضلوا بترك فَرِيضَة أنزلهَا الله، أَلا وَإِن الرَّجْم حق على من زنى، إِذا أحصن، إِذا قَامَت الْبَيِّنَة، أَو كَانَ الْحمل، أَو الِاعْتِرَاف ". وَهَذَا، وَمَا قبله يدل على أَن الْحَد يتَعَلَّق بالاعتراف دون الْعدَد. وَأما حَدِيث مَاعِز، وَمَا فِي مَعْنَاهُ من إعراضه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنهُ حَتَّى أقرّ أَربع مَرَّات فَلِأَنَّهُ لم يتَبَيَّن لَهُ صِحَة إِقْرَاره بِصَرِيح الزِّنَا، أَلا ترَاهُ استفسر مِنْهُ صَرِيح الزِّنَا بعد وجود الْعدَد فِي إِقْرَاره، وَحين فسر إِقْرَاره نظر هَل بِهِ جنَّة، أَو سكر، فَلَمَّا تبين لَهُ صِحَة إِقْرَاره أَمر برجمه، فَإِذا

مسألة

تبين لغيره من الْأَئِمَّة صِحَة إِقْرَار الْمُعْتَرف بِالزِّنَا وَجب إِقَامَة الْحَد عَلَيْهِ مَا لم يرجع، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (295) : واللواط كَالزِّنَا فِي الْأَقْوَال. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " يُعَزّر ". روى ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من وجدتموه يعْمل عمل قوم لوط فَاقْتُلُوا الْفَاعِل، وَالْمَفْعُول بِهِ ". وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن جريج عَن ابْن جشم عَن سعيد بن جُبَير، وَمُجاهد عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي الْبكر يُؤَاخذ على اللوطية، قَالَ: " يرْجم ".

يعني ما تقدم وروي عن ابن المنكدر وصفوان بن سليم قصة في شأن رجل ينكح كما تنكح المرأة أن أبا بكر رضي الله عنه جمع الناس فسألهم عن ذلك فكان من أشدهم قولا يومئذ علي رضي الله عنه قال يرى أن نحرقه بالنار فاجتمع رأي أصحاب

وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا: " من عمل عمل قوم لوط فارجموه ". وَعَن أبي مُوسَى رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا إِذا أَتَى الرجل الرجل فهما زانيان، وَإِذا أَتَت الْمَرْأَة الْمَرْأَة فهما زانيان. وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ مَوْقُوفا أَنه رجم لوطيا. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَبِهَذَا نَأْخُذ برجم اللوطي مُحصنا كَانَ، أَو غير مُحصن، وَهَذَا قَول ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنهُ ". (وَقَالَ: " قَالَ سعيد بن الْمسيب: السّنة أَنه يرْجم اللوطي أحصن، أَو لم يحصن. وَعِكْرِمَة يرويهِ عَن ابْن عَبَّاس) رَضِي الله عَنْهُمَا. عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، يَعْنِي مَا تقدم. وَرُوِيَ عَن ابْن الْمُنْكَدر، وَصَفوَان بن سليم قصَّة فِي شَأْن رجل ينْكح، كَمَا تنْكح الْمَرْأَة أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ جمع النَّاس، فَسَأَلَهُمْ عَن ذَلِك، فَكَانَ من أَشَّدهم قولا يَوْمئِذٍ عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: " يرى أَن نحرقه بالنَّار، فَاجْتمع رَأْي أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على أَن يحرقه بالنَّار.

وَكتب أَبُو بكر إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد يَأْمُرهُ أَن يحرقه بالنَّار، وَهَذَا مُرْسل. وَرُوِيَ عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي غير هَذِه الْقِصَّة، قَالَ: " يرْجم، وَيحرق بالنَّار ". وَيذكر عَن ابْن أبي ليلى عَن رجل من هَمدَان أَن عليا رجم رجلا مُحصنا فِي عمل قوم لوط، كَذَا ذكره الثَّوْريّ عَنهُ مُقَيّدا، وَهِشَام مُطلقًا. وَرُوِيَ عَن عَطاء قَالَ: " شهِدت ابْن الزبير، وأتى بسبعة، أخذُوا فِي لواط، أَرْبَعَة مِنْهُم قد أحصنوا، فَأمر بالأربعة، فأخرجوا من الْمَسْجِد، فرضخوا بِالْحِجَارَةِ، وَأمر بِالثَّلَاثَةِ، فَضربُوا الْحُدُود، وَابْن عمر، وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم فِي الْمَسْجِد ". وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " حد اللواطي حد الزَّانِي، إِن كَانَ مُحصنا رجم، وَإِلَّا جلد ". وَإِلَى هَذَا رَجَعَ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِيمَا زعم الرّبيع. وَأما إتْيَان الْبَهِيمَة فقد روى أَبُو دَاوُد عَن عِكْرِمَة عَن

من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه قال قلت له ما شأن البهيمة قال ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها وقد عمل بها ذلك العمل استدلوا بما روى أبو حنيفة رحمه الله عن عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس رضي الله عنهما

ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من أَتَى بَهِيمَة فَاقْتُلُوهُ، واقتلوها مَعَه "، قَالَ: " قلت لَهُ: مَا شَأْن الْبَهِيمَة؟ قَالَ: " مَا أرَاهُ قَالَ ذَلِك إِلَّا أَنه كره أَن يُؤْكَل لَحمهَا، وَقد عمل بهَا ذَلِك الْعَمَل ". استدلوا بِمَا روى أَبُو حنيفَة رَحمَه الله عَن عَاصِم عَن أبي رزين عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " لَيْسَ على من أَتَى بَهِيمَة حد ". وحديثنا قد رُوِيَ من أوجه عَن عِكْرِمَة، وَبَعْضهمْ لَا يقصر عَن عَاصِم فِي الْحِفْظ والإتقان. وَقد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ مَرْفُوعا أَيْضا.

رجم رجلا أتى بهيمة ويرجح مذهبنا في اتيان البهائم بقول الحسن بن علي وجابر بن زيد والحكم والحسن وعطاء والله أعلم

وَرُوِيَ عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجم رجلا أَتَى بَهِيمَة ". ويرجح مَذْهَبنَا فِي اتيان الْبَهَائِم بقول الْحسن بن عَليّ، وَجَابِر بن زيد، وَالْحكم، وَالْحسن، وَعَطَاء، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (296) : وَمن نكح ذَات محرم لَهُ، وَوَطئهَا عَالما حد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يحد ". وَهَذَا خلاف الْكتاب وَالسّنة. وَلنَا عُمُوم الْخَبَر فِي وجوب الْحَد على الزَّانِي مُطلقًا. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من وَقع على ذَات محرم فَاقْتُلُوهُ ". وَعَن أبي الجهم مولى الْبَراء (عَن الْبَراء) رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " إِنِّي لأَطُوف فِي تِلْكَ الْأَحْيَاء على إبل ضلت فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ جَاءَ ركب، أَو فوارس مَعَهم، فَجعل الْأَعْرَاب يلوذون بِي لمنزلتي

فانتهوا إلينا فاطافوا بقبة فاستخرجوا رجلا فضربوا عنقه فسألت عن قصته فقيل وجد يعرس بامرأة أبيه إسناده صحيح وجاء من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه وحمل ذلك على أنه

من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَانْتَهوا إِلَيْنَا، فاطافوا بقبة، فَاسْتَخْرَجُوا رجلا، فَضربُوا عُنُقه، فَسَأَلت عَن قصَّته، فَقيل: وجد يعرس بِامْرَأَة أَبِيه ". إِسْنَاده صَحِيح، وَجَاء من يَدعِي تَسْوِيَة الْأَخْبَار على مذْهبه، وَحمل ذَلِك على أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا بقتْله؛ لِأَنَّهُ كَانَ قد استحله، فَصَارَ بِهِ مُرْتَدا، وَاحْتج بِمَا روى أَبُو دَاوُد عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " لقِيت عمي، وَمَعَهُ راية، فَقلت: أَيْن تُرِيدُ؟ فَقَالَ: بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى رجل نكح امْرَأَة أَبِيه، فَأمرنِي أَن أضْرب عُنُقه، وآخذ مَاله ". وَبِحَدِيث مُعَاوِيَة بن قُرَّة عَن أَبِيه أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث جد مُعَاوِيَة إِلَى رجل عرس بِامْرَأَة أَبِيه أَن يضْرب عُنُقه، ويخمس مَاله. وَقَالَ فَدلَّ على انه كَانَ مُرْتَدا مُحَاربًا؛ لِأَن الْمُرْتَد الَّذِي لم يحارب لَا يُخَمّس مَاله، وَهَذَا الَّذِي ذكره لَيْسَ بِشَيْء مِنْهُ فِي الحَدِيث، لَا لاستحلال وَلَا الْمُحَاربَة، وَلَو جَازَ دَعْوَى الاستحلال فِي هَذَا لجَاز مثله فِي زنا من رجمه؛ لِأَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يسْتَحلُّونَ الزِّنَا.

ادرؤوا الحدود ما استطعتم عن المسلمين فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله فإن الإمام لأن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة

وَفِي حَدِيث أبي الجهم عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ أَنهم أطافوا بقبة، فَاسْتَخْرَجُوا رجلا فَأَيْنَ الْمُحَاربَة، هَهُنَا؟ ثمَّ إِن كَانَ الْأَمر على مَا ذكره من الاستحلال فَهُوَ حجَّة عَلَيْهِ فِي أَن مَال الْمُرْتَد لَا يكون لوَرثَته، وتخميسه لَا يُنَافِي ظَاهر مَذْهَب الشَّافِعِي، رَحمَه الله، فَإِنَّهُ يُوجب الْخمس فِيمَا أوجف عَلَيْهِ فِي الْغَنِيمَة، وَفِيمَا لم يوجف عَلَيْهِ من أَمْوَال الْفَيْء - قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " الْخمس ثَابت لأَهله فِي كل مَا أَخذ من مُشْرك غنيمَة كَانَ، أَو فَيْئا ". قَالَ: " والفيء مَا رده الله على أهل دينه من مَال من خَالف دينه، وَإِن فعله على غير وَجه الاستحلال، فَهُوَ حجتنا فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، أَن الْحَد وَاجِب عَلَيْهِ ". استدلوا بِمَا روى يزِيد بن زِيَاد الشَّامي عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ادرؤوا الْحُدُود مَا اسْتَطَعْتُم عَن الْمُسلمين فَإِن وجدْتُم للْمُسلمِ مخرجا فَخلوا سَبيله، فَإِن الإِمَام لِأَن يُخطئ فِي الْعَفو خير لَهُ من أَن يُخطئ فِي الْعقُوبَة ".

بإسناد شبه لا شيء وروي عن عبد الله ومعاذ وعقبة بن عامر رضي الله عنهم موقوفا كما ذكرنا إسنادها في السنن والله أعلم

وَهَذَا الحَدِيث مَشْهُور بَين الْفُقَهَاء، وَإِسْنَاده ضَعِيف، وَيزِيد هَذَا غير مُحْتَج بِهِ، وَقد تفرد بِهِ وَرَوَاهُ، وَكِيع عَن يزِيد مَوْقُوفا وروى عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِسْنَاد شبه لَا شَيْء. وَرُوِيَ عَن عبد الله، ومعاذ، وَعقبَة بن عَامر رَضِي الله عَنْهُم مَوْقُوفا، كَمَا ذكرنَا إسنادها فِي السّنَن، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (297) : وَيحد الرجل أمته إِذا زنت. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَيْسَ لَهُ ذَلِك إِلَّا أَن يكون سُلْطَانا ". لنا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا زنت أمة أحدكُم فَتبين زنَاهَا (فليجلدها الْحَد، وَلَا يثرب عَلَيْهَا، ثمَّ أَن زنت فليجلدها الْحَد، وَلَا يثرب عَلَيْهَا، ثمَّ إِن زنت الثَّالِثَة، فَتبين زنَاهَا) فليبعها، وَلَو بِحَبل من شعر ". وَعند مُسلم عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، قَالَ: " خطب عَليّ رَضِي الله عَنهُ فَقَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس، أقِيمُوا الْحَد على أرقائكم، من أحصن مِنْهُم، وَمن لم يحصن، فَإِن أمة لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - زنت، فَأمرنِي أَن أجلدها، فأتيتها، فَإِذا هِيَ حَدِيث عهد بالنفاس، فَخَشِيت إِن أَنا

فأخبرته فقال أحسنت وروي عن أبي جميلة عنه قال قال رسول الله

جلدتها أَن تَمُوت، فَأتيت النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَخْبَرته، فَقَالَ: أَحْسَنت ". وَرُوِيَ عَن أبي جميلَة عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقيما الْحُدُود على مَا ملكت أَيْمَانكُم " وَعَن عبد خير عَنهُ قَالَ: " قَالَ " قَالَ رَسُول الله : إِذا زنت إماؤكم، فأقيموا عَلَيْهِنَّ الْحُدُود، أحصن، أَو لم يحصن " قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وهم يخالفون هَذَا إِلَى غير فعل أحد عَلمته من أَصْحَاب النَّبِي، وَنحن نقُول بِهِ ". أخبرنَا سُفْيَان عَن عَمْرو عَن الْحسن بن مُحَمَّد بن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَن فَاطِمَة رَضِي الله عَنْهَا بنت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حدت جَارِيَة لَهَا زنت ". وَرُوِيَ عَن أبان قَالَ: " قلت لأنس رَضِي الله عَنهُ أجلد أمتِي إِذا زنت؟ قَالَ: نعم، قلت: لَا أرفعها إِلَى السُّلْطَان، قَالَ: أَنْت سلطانها ".

حجة قال لا قلنا فلم يحتج به وليس عن ابن عباس رضي الله عنهما بمعروف أيضا

وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن نَافِع أَن عبدا لِابْنِ عمر سرق، وَهُوَ آبق، فَأرْسل بِهِ عبد الله إِلَى سعد بن الْعَاصِ، وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة؛ ليقطع يَده، فأبي أَن يقطع يَده، وَقَالَ: " لَا تقطع يَد الْآبِق إِذا سرق "، فَقَالَ لَهُ ابْن عمر: " فِي أَي كتاب الله وجدت هَذَا؟ "، فَأمر بِهِ ابْن عمر، فَقطعت يَده. وَرُوِيَ عَن ابْن أبي ليلى أدْركْت بقايا الْأَنْصَار، وهم يضْربُونَ الوليدة من ولائدهم فِي مجَالِسهمْ إِذا زنت. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ يَأْمر بِهِ، وَأَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ حد وليدته ". وروى الْبَيْهَقِيّ ذَلِك بِإِسْنَادَيْنِ إِلَيْهِمَا. وَعَن أبي الزِّنَاد عَن الْفُقَهَاء الَّذين ينتهى إِلَى قَوْلهم من أهل الْمَدِينَة كَانُوا يَقُولُونَ: " لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يُقيم شَيْئا من الْحُدُود دون السُّلْطَان إِلَّا أَن للرجل أَن يُقيم حد الزِّنَا على عَبده وَأمته ". وَاسْتَدَلُّوا بِأَن قَالُوا: " روينَا عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا مَا يشبه قَوْلنَا ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " أَو فِي أحد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجَّة؟ قَالَ: لَا، قُلْنَا: فَلم يحْتَج بِهِ؟ وَلَيْسَ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا بِمَعْرُوف أَيْضا ".

مسألة

قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " لم نجده عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي شَيْء من كتب الحَدِيث "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (298) : وَيقطع السَّارِق فِي ربع دِينَار، أَو مَا قِيمَته ربع دِينَار. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يقطع إِلَّا فِي عشرَة دَرَاهِم، أَو دِينَار ". دليلنا الْخَبَر الْمُتَّفق على صِحَّته عَن الزُّهْرِيّ عَن عمْرَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْقطع فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا ". وَفِي رِوَايَة: " تقطع يَد السَّارِق فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا ". رَوَاهُ الشَّافِعِي رَحمَه الله من حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ، فَقَالَ: " الْقطع فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إِسْحَاق الْحَنْظَلِي عَنهُ فِي أحد الْمَوْضِعَيْنِ من مُسْنده. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّد بن نصر عَن مُحَمَّد بن عبيد بن حسان عَن ابْن عُيَيْنَة. وَبِمَعْنَاهُ رِوَايَة الْحجَّاج بن منهال، والْحميدِي فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَرَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح عَن يحيى بن يحيى عَن ابْن عُيَيْنَة،

فيحتمل أن يكون ذلك لأنها قومت ما قطع

فَقَالَ فِيهِ: " إِن رَسُول الله كَانَ يقطع السَّارِق فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا ". فجَاء الطَّحَاوِيّ فَرَوَاهُ عَن مُوسَى بن عُيَيْنَة بِهَذَا اللَّفْظ، وَتعلق بِهِ، وَزعم أَنَّهَا رَضِي الله عَنْهَا أخْبرت عَمَّا قطع فِيهِ رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك لِأَنَّهَا قومت مَا قطع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهِ، فَكَانَت قِيمَته عِنْدهَا ربع دِينَار، فَجعلت ذَلِك مِقْدَار مَا كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقطع فِيهِ، وَقِيمَته عِنْد غَيرهَا أَكثر من ربع دِينَار ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله تَعَالَى: " وَلَو كَانَ أصل الحَدِيث على هَذَا اللَّفْظ، فعائشة رَضِي الله عَنْهَا عِنْد أهل الْعلم بِحَالِهَا كَانَت أعلم بِاللَّه، وأفقه فِي دين الله، وأخوف من الله، وَأَشد إتقانا فِي الرِّوَايَة، أَن تقطع على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَنَّهُ كَانَ يقطع السَّارِق فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا فِيمَا لم تحط بِهِ علما، أَو تطلق مثل هَذَا التَّقْدِير فِيمَا تقومه بِالظَّنِّ والتخمين، ثمَّ تُفْتِي بذلك الْمُسلمين، نَحن لَا نظن بعائشة رَضِي الله عَنْهَا مثل هَذَا ". وَالْبُخَارِيّ رَحمَه الله لم يخرج حَدِيث ابْن عُيَيْنَة هَذَا فِي الصَّحِيح، وَأَظنهُ إِنَّمَا تَركه لمُخَالفَته سَائِر الروَاة فِي لَفظه وَلَا ضطرابه فِيهِ، وَقد أخرجناه من حَدِيث يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي وَغَيره عَن الزُّهْرِيّ مَنْقُولًا عَن لفظ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

فَرجع الطَّحَاوِيّ إِلَى تَرْجِيح رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة بِأَن قَالَ: " يُونُس بن يزِيد عنْدكُمْ لَا يُقَارب ابْن عُيَيْنَة "، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَن ينظر فِي تواريخ أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ ويبصر مدارج الروَاة ومنازلهم فِي الرِّوَايَة، ثمَّ يلْزمهُم مَا وقف عَلَيْهِ من أقاويلهم لَو قَالَ ابْن عُيَيْنَة لَا يُقَارب يُونُس فِي الزُّهْرِيّ لَكَانَ أقرب إِلَى أقاويل أهل الْعلم. قَالَ عُثْمَان بن سعيد الدَّارمِيّ رَحمَه الله: " سَمِعت يحيى بن معِين عَن أَصْحَاب الزُّهْرِيّ، فَذكر مَالِكًا، وَيُونُس بن يزِيد، ومعمرا، وعقيلا، وَغَيرهم، وَذكر مَنَازِلهمْ، قلت: فَابْن عُيَيْنَة أحب، أَو معمر؟ فَقَالَ: معمر، فَقلت لَهُ: إِن بعض النَّاس يَقُولُونَ: سُفْيَان بن عُيَيْنَة أثبت النَّاس فِي الزُّهْرِيّ، فَقَالَ: إِنَّمَا يَقُول: من سمع مِنْهُ، وَأي شَيْء كَانَ سُفْيَان؟ إِنَّمَا كَانَ غليم يَعْنِي أَيَّام الزُّهْرِيّ ". قَالَ الدَّارمِيّ: " سَمِعت أَحْمد بن صَالح يَقُول: لَا يقدم فِي الزُّهْرِيّ على يُونُس أحد ". قَالَ أَحْمد بن صَالح: " سَمِعت أَحَادِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ، فَوجدت الحَدِيث الْوَاحِد رُبمَا سَمعه الزُّهْرِيّ مرَارًا، وَكَانَ الزُّهْرِيّ إِذا قدم أَيْلَة نزل على يُونُس بن يزِيد، وَإِذا سَار إِلَى الْمَدِينَة زامله يُونُس ".

كما رواه عن يونس وكلهم حفاظ ثقات وفي ذلك دلالة على أن أصل الحديث عن لفظ رسول الله

وروى صَدَقَة بن الْمُنْتَصر عَن يُونُس قَالَ: " صَحِبت الزُّهْرِيّ أَربع عشرَة سنة ". وَأما ابْن عُيَيْنَة فَإِنَّهُ قَالَ: " ولدت سنة سبع وَمِائَة، وجالست الزُّهْرِيّ وَأَنا ابْن سِتّ عشرَة وشهرين وَنصف، قدم علينا الزُّهْرِيّ سنة ثَلَاث وَعشْرين وَمِائَة، وَخرج إِلَى الشَّام وَمَات ". روى ذَلِك عَنهُ البُخَارِيّ عَن ابْن الْمَدِينِيّ، وَكَانَ الزُّهْرِيّ يَقُول: " مَا رَأَيْت عَالما بِالْعلمِ أَصْغَر مِنْهُ وَكَانَ يجلس على فَخذه ويحدثه، فكم بَين سَماع هَذَا، وَسَمَاع من صحب الزُّهْرِيّ أَربع عشرَة سنة؟ فَسَمعهُ يُبْدِي الحَدِيث، ويعيده، وينسبه، ويكرره ". والعجيب أَن هَذَا الشَّيْخ أوهم من نظر فِي كِتَابه أَنه لم يرو هَذَا الحَدِيث عَن الزُّهْرِيّ غير ابْن عُيَيْنَة وَيُونُس. ثمَّ رَوَاهُ فِي آخر الْبَاب من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ، والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث إِبْرَاهِيم، وَسليمَان بِمَ كثير. وَعند مُسلم من حَدِيث معمر أَيْضا كلهم عَن الزُّهْرِيّ مَنْقُولًا عَن لفظ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا رَوَاهُ عَن يُونُس. وَكلهمْ حفاظ ثِقَات، وَفِي ذَلِك دلَالَة على أَن أصل الحَدِيث عَن لفظ رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِي وَغَيره عَن ابْن عُيَيْنَة. وَأما من رَوَاهُ عَنهُ عَن فعل رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَيحْتَمل أَن يَكُونَا محفوظين بِأَن يقطع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ربع دِينَار، وَيَقُول: " الْقطع فِي ربع دِينَار

مثل معنى رواية الجماعة وكلها مخرج في الصحيح رواية سليمان وأبي بكر عند مسلم والأخرى عند البخاري وأظنها لم تقع للطحاوي ولو وقعت له فما أدري بما كان يعللها فإنه علل حديث سليمان بأن مخرمة بن بكير بن الأشج الذي رواه عن أبيه عن

فَصَاعِدا "، فيؤديه ابْن عُيَيْنَة مرّة بِالْفِعْلِ دون القَوْل، وَمرَّة بالْقَوْل دون الْفِعْل. هَذَا، وَقد رَوَاهُ سُلَيْمَان بن يسَار، وَأَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ أَيْضا عَن عمْرَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل معنى رِوَايَة الْجَمَاعَة، وَكلهَا مخرج فِي الصَّحِيح، رِوَايَة سُلَيْمَان، وَأبي بكر عِنْد مُسلم، وَالْأُخْرَى عِنْد البُخَارِيّ، وأظنها لم تقع للطحاوي، وَلَو وَقعت لَهُ، فَمَا أَدْرِي بِمَا كَانَ يعللها، فَإِنَّهُ علل حَدِيث سُلَيْمَان بِأَن مخرمَة بن بكير بن الْأَشَج الَّذِي رَوَاهُ عَن أَبِيه عَن سُلَيْمَان لم يسمع من أَبِيه شَيْئا، وَاحْتج بِمَا حُكيَ عَنهُ من إِنْكَاره سَماع كتب أَبِيه. وَقد رُوِيَ عَن ابْن أبي أويس قَالَ: " قَرَأت فِي كتاب مَالك بِخَط مَالك قُمْت إِلَى جنب مخرمَة فِي الرَّوْضَة، فَقلت لَهُ: " إِن النَّاس يَقُولُونَ: إِنَّك لم تسمع هَذِه الْأَحَادِيث الَّتِي تروي عَن أَبِيك، من أَبِيك، قَالَ: " وَرب هَذَا الْمِنْبَر والقبر لقد سَمعتهَا من أبي، وَكرر هَذَا القَوْل عَنهُ ثَلَاثًا "، وَقد اعْتَمدهُ مَالك فِي مَا أرْسلهُ فِي الْمُوَطَّأ عَن أَبِيه بكير، وَإِنَّمَا أَخذه عَن مخرمَة، وَاعْتَمدهُ مُسلم، وَأخرج أَحَادِيثه فِي الصَّحِيح، وَوَثَّقَهُ أَحْمد بن حَنْبَل، وَعلي بن الْمَدِينِيّ، وَعلل حَدِيث أبي بكر بن حزم بِأَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، وَيحيى بن سعيد، وَعبد ربه بن سعيد، ورزين بن حَكِيم رووا هَذَا الحَدِيث عَن عمْرَة عَن عَائِشَة مَوْقُوفا، وَأخذ فِي كَلَام يُوهم أَن أَبَا بكر بن حزم ينْفَرد بِهَذَا

فيقتصر الرواة تارة على فتواها ومرة على روايتها وأما رواية عبد الله بن أبي بكر فإنه روى عن عمرة قصة المولاتين اللتين خرجتا مع عائشة رضي الله عنها والعبد الذي سرق

الحَدِيث، وَأَن الَّذين خالفوه أَكثر عددا، وَأَشد إتقانا وحفظا وَلم يعلم حَال أبي بكر بن حزم فِي علمه بِالْقضَاءِ، وَالسّنَن، واجتهاده فِي الْعِبَادَة. رُوِيَ عَن مَالك أَنه قَالَ: " لم يكن عِنْد أحد بِالْمَدِينَةِ من علم الْقَضَاء مَا كَانَ عِنْد أبي بكر بن حزم، وَذكر أَن عمر بن عبد الْعَزِيز أمره أَن يكْتب لَهُ الْعلم من عِنْد عمْرَة وَالقَاسِم، وَذكر غَيره أَن سجدته كَانَت أخذت جَبهته، فَإِذا كَانَ عمر يعتمده فِي الْقَضَاء، وَفِي كِتَابَة الْعلم عَن عمْرَة، وَالقَاسِم، وَغَيرهمَا أَفلا نعتمده نَحن فِيمَا يروي عَنْهَا، وَقد تَابعه أحفظ النَّاس فِي دهره ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ، وتابعهما سُلَيْمَان بن يسَار، وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن الْأنْصَارِيّ، وَغَيرهمَا عَن عمْرَة ". وَقد رَوَاهُ مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن عمْرَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " مَا طَال عَليّ، وَمَا نسيت الْقطع فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا "، وَفِي ذَلِك مَا يُوهم الْإِشَارَة إِلَى الرّفْع. وَرَوَاهُ ابْن أبي عرُوبَة عَن يحيى مَرْفُوعا، وأسنده أَيْضا أبان بن يزِيد عَن يحيى، وَبدل بن المحبر عَن شُعْبَة عَن يحيى، وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا تُفْتِي بذلك، وترويه عَن رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَيقْتَصر الروَاة تَارَة على فتواها، وَمرَّة على رِوَايَتهَا. وَأما رِوَايَة عبد الله بن أبي بكر فَإِنَّهُ روى عَن عمْرَة قصَّة المولاتين اللَّتَيْنِ خرجتا مَعَ عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، وَالْعَبْد الَّذِي سرق

وروى همام عن قتادة عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله

مِنْهَا، وَأَنَّهَا أمرت بِهِ، فَقطعت يَده وَقَالَ: " الْقطع فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا "، فروت قَضَاهَا وفتواها دون رِوَايَتهَا، وَفِي غَيره دون رِوَايَتهَا. فَلَا تعلل حَدِيث الْحفاظ بِمثل هَذَا. وَقد رُوِيَ من حَدِيث يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن عمْرَة، وَعمرَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا عَن النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وروى همام عَن قَتَادَة عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: السَّارِق يقطع فِي ربع دِينَار "، رَوَاهُ عَنهُ أَبُو عمر الحوضي، وَتَابعه على رَفعه عَن همام عبد الصَّمد بن عبد الْوَارِث، وَإِسْحَاق بن إِدْرِيس، وهدبة بن خَالِد فِي بعض الرِّوَايَات عَنهُ. وَرُوِيَ مَوْقُوفا، وَهَذَا لَا يُخَالف رِوَايَة هشان بن عرُوبَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت: " لم يقطع سَارِق فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أقل من ثمن الْمِجَن جحفة، أَو ترس، وَكِلَاهُمَا ذُو ثمن ". فهشام إِنَّمَا رَوَاهُ فِي رجل سرق قدحا، فَأتى بِهِ عمر بن عبد الْعَزِيز، فَقَالَ: " قَالَ أبي: إِنَّه لَا تقطع الْيَد فِي الشَّيْء التافه ".

في أدنى من ثمن مجن حجفة أو ترس رواه مسلم في الصحيح ثم قيمة المجن غير مذكورة في هذه الرواية وقد ذكرتها عمرة عن عائشة في رواية ابن إسحاق عن يزيد بن حبيب عن بكير الأشج عن ابن يسار عن عمرة قالت قيل لعائشة رضي الله عنها ما ثمن المجن

وَقَالَ: " أَخْبَرتنِي عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَنه لم يكن تقطع الْيَد فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي أدنى من ثمن مجن حجفة، أَو ترس ". رَوَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح، ثمَّ قيمَة الْمِجَن غير مَذْكُورَة فِي هَذِه الرِّوَايَة، وَقد ذكرتها عمْرَة عَن عَائِشَة فِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَن يزِيد بن حبيب عَن بكير الْأَشَج عَن ابْن يسَار عَن عمْرَة قَالَت: " قيل لعَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا مَا ثمن الْمِجَن؟ قَالَت: ربع دِينَار ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطع سَارِقا فِي مجن قِيمَته ثَلَاثَة دَرَاهِم ". وَفِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث ابْن جريج عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة أَن نَافِعًا حَدثهُ أَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا حَدثهمْ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطع رجلا سرق ترسا من صفة النِّسَاء ثمنه ثَلَاثَة دَرَاهِم. قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " حَدِيث ابْن عمر مُوَافق لحَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله عَنْهُم؛ لِأَن ثَلَاثَة دَرَاهِم فِي عهد النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَمن بعده ربع دِينَار ". وَاحْتج بِمَا تقدم عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَغَيره فِي تَقْوِيم الْإِبِل فِي الدِّيات بِأَلف دِينَار، أَو اثْنَي عشر ألف دِرْهَم.

وبقصة الأترجة رَوَاهَا عَن مَالك عَن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عَن أَبِيه عَن عمْرَة أَن سَارِقا سرق أترجة فِي عهد عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، فَأمر بهَا عُثْمَان، رَضِي الله عَنهُ، فقومت ثَلَاثَة دَرَاهِم من صرف اثْنَي عشر درهما بِدِينَار، فَقطع يَده، قَالَ مَالك: " وَهِي الأترجة الَّتِي يأكلها النَّاس ". وَرُوِيَ عَن أنس رَضِي الله عَنهُ قطع أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فِي شَيْء لَا يسرني أَنه لي بِثَلَاثَة دَرَاهِم. وَرُوِيَ أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قطع فِي بَيْضَة من حَدِيد ثمن ربع دِينَار. وروى فتواه بِهِ الشَّافِعِي عَن غير وَاحِد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَنهُ. وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة، وَأبي سعيد رَضِي الله عَنْهُمَا الْقطع فِي أَرْبَعَة دَرَاهِم فَصَاعِدا.

في أدنى من ثمن جحفة أو ترس وكل واحد منهما يومئذ ذو ثمن زاد مسلم وأن يد السارق لم تقطع في عهد رسول

وروى أَبُو الزِّنَاد عَن الْفُقَهَاء السَّبْعَة من التَّابِعين أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: " لَا قطع إِلَّا فِيمَا بلغت قِيمَته ربع دِينَار فَصَاعِدا ". استدلوا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن يَد السَّارِق لم تقطع فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فِي أدنى من ثمن جحفة، أَو ترس، وكل وَاحِد مِنْهُمَا يَوْمئِذٍ ذُو ثمن. زَاد مُسلم وَأَن يَد السَّارِق لم تقطع فِي عهد رَسُول) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الشَّيْء التافه. وَرُوِيَ عَن أَحْمد بن خَالِد الْوَهْبِي عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن أَيُّوب بن مُوسَى عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: " كَانَ ثمن الْمِجَن فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يقوم عشرَة دَرَاهِم ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن نمير عَن ابْن إِسْحَاق فَقَالَ: " قطع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَد رجل فِي مجن قِيمَته دِينَار، أَو عشرَة دَرَاهِم ". وَهَذِه حِكَايَة فعل لَا يدل على ترك الْقطع فِيمَا دون ذَلِك، ثمَّ قد خُولِفَ فِي هَذَا الْإِسْنَاد، فَرَوَاهُ النَّاس عَن عَطاء عَن أَيمن (قَالَ عَليّ بن عمر: " خَالفه مَنْصُور، فَرَوَاهُ عَن عَطاء عَن أَيمن) ، وأيمن لَا صُحْبَة لَهُ ". رُوِيَ عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد، وَعَطَاء، أَو عَن عَطاء

إلا في ثمن المجن وكان ثمن المجن يومئذ دينارا قال الشافعي رحمه الله أخبرنا ابن عيينة عن حميد الطويل قال سمعت قتادة يسأل أنس بن مالك عن القطع فقال حضرت أبا بكر الصديق رضي الله عنه قطع سارقا في شيء ما يسوى ثلاثة دراهم أو

عَن أَيمن الحبشي قَالَ: " لم يقطع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا فِي ثمن الْمِجَن، وَكَانَ ثمن الْمِجَن يَوْمئِذٍ دِينَارا ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن حميد الطَّوِيل، قَالَ: سَمِعت قَتَادَة يسْأَل أنس بن مَالك عَن الْقطع، فَقَالَ: حضرت أَبَا بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ قطع سَارِقا فِي شَيْء مَا يسوى ثَلَاثَة دَرَاهِم، أَو مَا يسرني أَنه لي بِثَلَاثَة دَرَاهِم ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " قلت لبَعض النَّاس هَذِه سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يقطع فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا "، قلت: " لَا يقطع الْيَد إِلَّا فِي عشرَة دَرَاهِم، وَمَا حجتك فِي ذَلِك؟ " قَالَ: " قد روينَا عَن شريك عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد عَن أَيمن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَبِيها بقولنَا "، قلت: " أتعرف أَيمن، أما أَيمن الَّذِي روى عَنهُ عَطاء فَرجل حدث، لَعَلَّه أَصْغَر من عَطاء، روى عَنهُ عَطاء حَدِيثا عَن ربيع ابْن امْرَأَة كَعْب عَن كَعْب يَعْنِي فِي الْوضُوء "، قَالَ الشَّافِعِي: " فَهَذَا مُنْقَطع ". قَالَ: " فقد روينَا عَن شريك عَن مُجَاهِد عَن أَيمن ابْن أم أَيمن

يوم حنين قبل مولد مجاهد قال فقد روينا عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي

أخي أُسَامَة لأمه "، لَا علم لَك بأصحابنا، أَيمن أَخُو أُسَامَة، قتل مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم حنين قبل مولد مُجَاهِد ". قَالَ: " فقد روينَا عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطع فِي ثمن الْمِجَن، قَالَ عبد الله: " وَكَانَ ثمن الْمِجَن على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دِينَارا ". قلت: " هَذَا رَأْي من عبد الله بن عَمْرو فِي رِوَايَة عَمْرو بن شُعَيْب، والمجان قَدِيما وحديثا تبلغ ثَمَانِي عشرَة وَمِائَة ودرهمين، فَإِذا قطع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ربع دِينَار قطع فِي أَكثر مِنْهُ، وَأَنت تزْعم أَن عَمْرو بن شُعَيْب لَيْسَ مِمَّن تقبل رِوَايَته وَتقول غلط، فَكيف ترد رِوَايَته مرّة، ثمَّ تحتج بِهِ على أهل الْحِفْظ والصدق؟ ". قَالَ " فقد روينَا قَوْلنَا عَن عَليّ "، قلت: " رَوَاهُ الزعافري عَن الشّعبِيّ عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَقد أخبرنَا أَصْحَاب جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عليا رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " الْقطع فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا "، وَحَدِيث جَعْفَر عَن عَليّ أولى من أَن يثبت من حَدِيث الزعافري، فَقَالَ: " فقد روينَا عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ: " لَا تقطع الْيَد إِلَّا فِي عشرَة دَرَاهِم "، قُلْنَا: " فقد رُوِيَ الثَّوْريّ عَن

قطع سارقا في خمسة دراهم وهذا أقرب أن يكون صحيحا عن عبد الله في حديث المسعودي عن القاسم عن عبد الله قال وكيف لم يأخذ بهذا قلنا هذا حديث لا يخالف حديثنا إذا قطع في ثلاثة دراهم قطع في خمسة قال فقد روينا عن عمر

عِيسَى بن أبي عزة عَن الشّعبِيّ عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قطع سَارِقا فِي خَمْسَة دَرَاهِم "، وَهَذَا أقرب أَن يكون صَحِيحا عَن عبد الله فِي حَدِيث المَسْعُودِيّ عَن الْقَاسِم عَن عبد الله "، قَالَ: " وَكَيف لم يَأْخُذ بِهَذَا؟ " قُلْنَا: " هَذَا حَدِيث لَا يُخَالف حديثنا، إِذا قطع فِي ثَلَاثَة دَرَاهِم، قطع فِي خَمْسَة "، قَالَ: " فقد روينَا عَن عمر رَضِي الله عَنهُ أَنه لم يقطع فِي ثَمَانِيَة "، قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " رِوَايَته عَن عمر غير صَحِيحَة، وَقد روى معمر عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي عَن عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " الْقطع فِي ربع دِينَار فَصَاعِدا "، فَلم نر أَن نحتج بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِت، وَلَيْسَ لأحد مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حجَّة، وعَلى الْمُسلمين اتِّبَاع أمره، فَلَا إِلَى حَدِيث صَحِيح ذهب من خَالَفنَا، وَلَا إِلَى مَا ذهب إِلَيْهِ من ترك الحَدِيث، وَاسْتعْمل ظَاهر الْقُرْآن ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " أما حَدِيث عمر الَّذِي احْتج بِهِ مُحَمَّد إِنَّمَا رَوَاهُ الثَّوْريّ عَن عَطِيَّة الثَّقَفِيّ عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن عمر، وَهُوَ مُرْسل ".

مسألة

وَقد روى قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب عَن عمر رَضِي الله عَنهُ لَا يقطع الْخمس إِلَّا فِي خمس ". وَأما حَدِيث عَليّ فقد ذكرنَا بِإِسْنَاد أَطَم مِمَّا ذكره الشَّافِعِي رَحمَه الله، وأوهى عَن مُحَمَّد بن مَرْوَان عَن عَاصِم عَن إِسْمَاعِيل بن اليسع عَن جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن النزال عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ لَا يقطع الْيَد إِلَّا فِي عشرَة دَرَاهِم، وَلَا يكون الْمهْر أقل من عشرَة دَرَاهِم "، جُوَيْبِر، وَإِسْمَاعِيل، وَابْن مراون لَيْسُوا بأقوياء، وَلَيْسَ هَذَا بِشَيْء. وَأما حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَرَوَاهُ أَبُو حنيفَة عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن ابْن مَسْعُود، وَخَالفهُ المَسْعُودِيّ فَرَوَاهُ عَن الْقَاسِم عَن ابْن مَسْعُود ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " وَالْأَصْل فِي نِصَاب السّرقَة عندنَا ربع دِينَار، فَكل من قومه بِأَكْثَرَ من ثَلَاثَة دَرَاهِم يحْتَمل أَن يكون قومه بذلك حِين تغير صرف الدِّينَار، فَكَانَت قِيمَته ربع دِينَار أَكثر من ثَلَاثَة دَرَاهِم، وعَلى هَذَا يحمل مَا رُوِيَ إِن صَحَّ حَتَّى لَا يتناقض "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (299) : وَلَا فرق بَين الطَّعَام الرطب واليابس فِي وجوب الْقطع إِذا أَواه الجرين، وَبلغ قِيمَته ربع دِينَار. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله:

لعن الله السارق يسرق الحبل فتقطع يده ويسرق البيضة فتقطع يده وروي عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو أن رجلا من مزينة أتى رسول الله

" لَا تقطع فِي الْأَشْيَاء الرّطبَة ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعن الله السَّارِق يسرق الْحَبل فتقطع يَده، وَيسْرق الْبَيْضَة فتقطع يَده ". وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن عبد الله بن عَمْرو أَن رجلا من مزينة أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " يَا رَسُول الله، كَيفَ ترى فِي التَّمْر الْمُعَلق؟ قَالَ: " هُوَ وَمثله مَعَه، والنكال، وَلَيْسَ فِي شَيْء من التَّمْر الْمُعَلق قطع إِلَّا مَا آواه الجرين، فَمَا أَخذ من الجرين، فَبلغ ثمن الْمِجَن، فَفِيهِ الْقطع، وَمَا لم يبلغ ثمن الْمِجَن فَفِيهِ غَرَامَة مثلَيْهِ، وجلدات نكال ". وَرُوِيَ عَن إِسْحَاق بن سعيد عَن أَبِيه قَالَ: " سُئِلَ ابْن عمر رَضِي الله عَنهُ عَن سَارِق الثِّمَار، قَالَ: الْقطع من الثِّمَار فِيمَا أحرز الجرين، وَالْقطع من الْمَاشِيَة فِيمَا آوى المراح ". استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن رَافع بن خديج عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا قطع فِي ثَمَر، وَلَا كثر ".

حين قال لا قطع في تمر ولا كثر على مثل ما سئل عنه وكان حيطان المدينة ليس عليها حيطان ولأنه يقول فإذا آواه الجرين والمراح ففيه القطع واحتج بحديث عثمان في الأترجة وقد مضى والله أعلم

قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَاحْتج بِهَذَا الحَدِيث بعض النَّاس، وَقَالَ: فَمن هَهُنَا لَا يقطع فِي التَّمْر الرطب ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " التَّمْر اسْم جَامع (للرطب من التَّمْر) الزَّبِيب وَغَيره، أفسقط الْقطع عَمَّن سرق تَمرا فِي بَيت؟ وَإِنَّمَا أجَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين قَالَ: " لَا قطع فِي تمر، وَلَا كثر "، على مثل مَا سُئِلَ عَنهُ، وَكَانَ حيطان الْمَدِينَة لَيْسَ عَلَيْهَا حيطان، وَلِأَنَّهُ يَقُول: " فَإِذا آواه الجرين والمراح فَفِيهِ الْقطع "، وَاحْتج بِحَدِيث عُثْمَان فِي الأترجة، وَقد مضى، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (300) : وَلَو وهبت مِنْهُ السّرقَة لم يدرء عَنهُ بذلك الْحَد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " سقط الْقطع ". فِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا أَن قُريْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْن المخزومية الَّتِي سرقت، فَقَالُوا: " من يكلم فِيهَا رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالُوا: " وَمن يجتري عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَة بن زيد حب رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَكَلمهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا أهلك الَّذين من قبلكُمْ، أَنهم كَانُوا إِذا سرق فيهم الشريف تَرَكُوهُ، وَإِذا سرق فيهم الضَّعِيف أَقَامُوا عَلَيْهِ

أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود وروى مالك عن ابن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان بن أمية رضي الله عنه قيل له من لم يهاجر هلك فقدم المدينة فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاء سارق فأخذ رداءه فأخذ صفوان

الْحَد، وأيم الله لَو أَن فَاطِمَة بنت مُحَمَّد سرقت لَقطعت يَدهَا، ثمَّ أَمر بِتِلْكَ الْمَرْأَة الَّتِي سرقت، فَقطعت يَدهَا ". قد كَانَ طَلَبهمْ من الْمَسْرُوق مِنْهُ، وإرضاه بعوض أيسر لَو كَانَ الْقطع يسْقط بِالْهبةِ إِن شَاءَ الله، فَلَمَّا لم يَفْعَلُوا، وتشفعوا دلّ على أَنه لَا يسْقط بعد رَفعه إِلَى الإِمَام. وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أقيلوا ذَوي الهيئات عثراتهم إِلَّا الْحُدُود ". وروى مَالك عَن ابْن شهَاب عَن صَفْوَان بن عبد الله بن صَفْوَان أَن صَفْوَان بن أُميَّة رَضِي الله عَنهُ قيل لَهُ: " من لم يُهَاجر هلك، فَقدم الْمَدِينَة، فَنَامَ فِي الْمَسْجِد، وتوسد رِدَاءَهُ، فجَاء سَارِق، فَأخذ رِدَاءَهُ، فَأخذ صَفْوَان السَّارِق، فجَاء بِهِ إِلَى رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأمره رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تقطع يَده، فَقَالَ صَفْوَان: إِنِّي لم أرد هَذَا، هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهَلا قبل أَن تَأتِينِي بِهِ ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث سماك بن حَرْب عَن حميد ابْن أُخْت صَفْوَان عَن صَفْوَان قَالَ: " كنت نَائِما فِي الْمَسْجِد على خميصة لي (ثمن ثَلَاثِينَ درهما) ، فجَاء رجل، فاختلسها مني، فَأخذ الرجل،

فأمر به ليقطع فأتيته فقلت أتقطعه من أجل ثلاثين درهما أنا أبيعه وأنسئه ثمنها قال فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به وروى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله

فَأتى بِهِ النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأمر بِهِ ليقطع، فَأَتَيْته، فَقلت: (أتقطعه من أجل ثَلَاثِينَ درهما) ، أَنا أبيعه، وأنسئه، ثمنهَا، قَالَ: فَهَلا كَانَ هَذَا قبل أَن تَأتِينِي بِهِ ". وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن عبد الله بن عَمْرو رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تعافوا الْحُدُود فِيمَا بَيْنكُم، فَمَا بَلغنِي من حد، فقد وَجب "، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (301) : وَيقطع النباش إِذا أخرج من الْكَفَن، وَبَلغت قِيمَته نِصَابا.

يا أبا ذر قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف يعني القبر قلت الله ورسوله أعلم أو ما خار الله لي ورسوله قال عليك بالصبر أو قال تصبر قال أبو داود قال حماد بن أبي

وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " لِأَنَّهُ حرز مثله ". وَقَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يقطع ". روى أَبُو دَاوُد عَن أبي ذَر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَبَا ذَر، قلت: لبيْك يَا رَسُول الله وَسَعْديك، قَالَ: كَيفَ أَنْت إِذا أصَاب النَّاس موت يكون الْبَيْت فِيهِ بالوصيف، يَعْنِي الْقَبْر؟ قلت: الله وَرَسُوله أعلم، أَو مَا خار الله لي وَرَسُوله، قَالَ: عَلَيْك بِالصبرِ، أَو قَالَ: تصبر "، قَالَ أَبُو دَاوُد: " قَالَ حَمَّاد بن أبي سُلَيْمَان يقطع النباش؛ لِأَنَّهُ دخل على الْمَيِّت بَيته " وَرُوِيَ عَن الْبَراء رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " وَمن نبش قطعناه ". وَعَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: " سَارِق أمواتنا كسارق أحيائنا ". وَقَالَ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل: " قَالَ هِشَام: " حَدثنَا سُهَيْل قَالَ: شهِدت الزبير قطع نباشا ".

مسألة

وروى عَن الشّعبِيّ قَالَ: " النباش سَارِق ". وَعَن الْحسن، وَإِبْرَاهِيم مثله. وَعَن عمر بن عبد الْعَزِيز: " لعمري بِحَسب سَارِق الْأَمْوَات أَن يُعَاقب بِمَا يُعَاقب بِهِ سَارِق الْأَحْيَاء ". وَعَن ابْن الْمسيب فِي أَن النباش يقطع، وَالله أعلم. مَسْأَلَة (302) :

(صفحة فارغة)

وَإِذا سرق قطعت يَده، وَإِذا سرق الثَّانِيَة قطعت رجله الْيُسْرَى، فَإِذا سرق الثَّالِثَة قطعت يَده الْيُسْرَى، فَإِذا سرق الرَّابِعَة قطعت رجله الْيُمْنَى. وَقَالَ ابو حنيفَة رَحمَه الله: " لَا يقطع فِي الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة، بل يُعَزّر ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " اخبرني الثِّقَة من أَصْحَابنَا عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب عَن الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن عَن

قال في السارق غن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله ثم إن سرق فاقطعوا يده ثم إن سرق فاقطعوا رجله وفي رواية حرملة والمزني عنه قال أخبرني عبد الله بن نافع عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي

أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فِي السَّارِق: غن سرق فَاقْطَعُوا يَده، ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا رجله، ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا يَده، ثمَّ إِن سرق فَاقْطَعُوا رجله ". وَفِي رِوَايَة حَرْمَلَة، والمزني عَنهُ قَالَ: " أَخْبرنِي عبد الله بن نَافِع عَن مُحَمَّد بن أبي حميد عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر بن عبد الله رَضِي الله عَنهُ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله ". وروى أَبُو دَاوُد فِي حَدِيث ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر رَضِي الله عَنهُ جِيءَ بسارق إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " اقْتُلُوهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا سرق، فَقَالَ: اقطعوه، فَقطع، وَذكر مثل ذَلِك إِلَى الرَّابِعَة، فَأتي بِهِ الْخَامِسَة، فَقَالَ: اقْتُلُوهُ، فقتلناه ". وَالْقَتْل مَنْسُوخ، كَهُوَ فِي حد الشّرْب، وَالْقطع ثَابت. وروى أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن الْحَارِث بن عبد الله بن أبي ربيعَة، قَالَ: " أُتِي بالسارق، وَقَالُوا: يَا رَسُول الله، هَذَا غُلَام لأيتام، وَالله مَا نعلم لَهُم مَالا غَيره، فَتَركه، وَذكر تَركه إِلَى الرَّابِعَة، ثمَّ أُتِي بِهِ

لم ير بلوغه في المرات الأربع أو لم ير سرقته بلغت ما يوجب القطع ثم رأى ذلك في المرات الأخر فقطع وهذا مرسل يقوي المرسل قبله ويقوي قول من وافقه من الصحابة رضي الله عنهم وروي عن معاذ بن عبد الله الجهني رضي الله عنه صاحب رسول

الْخَامِسَة، فَقطع يَده، ثمَّ اتي بِهِ السَّادِسَة، فَقطع رجله، ثمَّ أُتِي بِهِ السَّابِعَة، فَقطع يَده، ثمَّ اتي بِهِ الثَّامِنَة، فَقطع رجله "، وَهُوَ مُرْسل حسن، بِإِسْنَاد صَحِيح، أخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل، وَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم ير بُلُوغه فِي المرات الْأَرْبَع، أَو لم ير سَرقته بلغت مَا يُوجب الْقطع، ثمَّ رأى ذَلِك فِي المرات الْأُخَر، فَقطع، وَهَذَا مُرْسل يُقَوي الْمُرْسل قبله، وَيُقَوِّي قَول من وَافقه من الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم. وَرُوِيَ عَن معَاذ بن عبد الله الْجُهَنِيّ رَضِي الله عَنهُ صَاحب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من سرق فَاقْطَعُوا يَده ". الحَدِيث، بِنَحْوِ حَدِيث أبي هُرَيْرَة. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن مَالك عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم عَن أَبِيه أَن رجلا من أهل الْيمن أقطع الْيَد وَالرجل قدم على أبي بكر رَضِي الله عَنهُ فَشَكا إِلَيْهِ أَن عَامل الْيمن ظلمه، وَكَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل، فَيَقُول أَبُو بكر: " وَأَبِيك مَا ليلك، ليل سَارِق، ثمَّ إِنَّهُم افتقدوا حليا

وعن صفية بنت أبي عبيد أن رجلا سرق مقطوعة يده ورجله فأراد أبو بكر أن يقطع رجله ويدع يده ينتفع بها فقال عمر لا والذي نفسي بيده فأمر به أبو بكر فقطعت يده وعن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما شهدت عمر قطع يدا بعد يد

لأسماء بنت عُمَيْس امْرَأَة أبي بكر، فَجعل الرجل يطوف مَعَهم، وَيَقُول: اللَّهُمَّ عَلَيْك بِمن بَيت أهل هَذَا الْبَيْت الصَّالح، فوجدوا الْحلِيّ عِنْد صائغ، وَأَن الأقطع جَاءَ بِهِ، واعترف الأقطع، أَو شهد عَلَيْهِ، فَأمر بِهِ أَبُو بكر فَقطعت يَده الْيُسْرَى، وَقَالَ أَبُو بكر: وَالله لدعاؤه على نَفسه أَشد عَليّ من سَرقته ". وَعَن الْقَاسِم أَن أَبَا بكر أَرَادَ أَن يقطع رجلا بعد الْيَد وَالرجل، فَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ " السّنة الْيَد "، يشبه أَن يكون أَرَادَ سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَعَن صَفِيَّة بنت أبي عبيد أَن رجلا سرق مَقْطُوعَة يَده وَرجله، فَأَرَادَ أَبُو بكر أَن يقطع رجله، ويدع يَده، ينْتَفع بهَا، فَقَالَ عمر: " لَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، فَأمر بِهِ أَبُو بكر، فَقطعت يَده ". وَعَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا شهِدت عمر قطع يدا بعد يَد وَرجل. استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن عَائِذ قَالَ: " أُتِي بِرَجُل

وأبي بكر في دار الهجرة وعمر يراه ويشير به وروي عنه أنه قطع أيضا وهو كما قال الشافعي رحمه الله تعالى فإن عبد الله بن سلمة غير محتج به والله أعلم

أقطع الْيَد وَالرجل، قد سرق فَأمر بِهِ عمر أَن يقطع رجله، فَقَالَ عَليّ: إِنَّمَا قَالَ الله عز وَجل: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله} الْآيَة، فقد قطعت يَد هَذَا وَرجله، فَلَا يَنْبَغِي أَن يقطع رجله، فتدعه لَيْسَ لَهُ قَائِمَة يمشي عَلَيْهَا، وَإِمَّا أَن تعزره، وَإِمَّا أَن تستودعه السجْن، قَالَ: فاستودعه السجْن ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ رَحمَه الله: " الرِّوَايَة الأولى عَن عمر أولى أَن تكون صَحِيحَة، وَكَيف يَصح هَذَا؟ وَقد أنكر فِي الرِّوَايَة الأولى قطع الرجل بعد الْيَد وَالرجل، وَأَشَارَ بِالْيَدِ. وَرِوَايَة ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنهُ مَوْصُولَة تشهد، وَكَذَلِكَ رِوَايَة صَفِيَّة. وَأما مَا رَوَاهُ فِي ذَلِك عَن عبد الله بن سَلمَة عَن عَليّ فِي غير هَذِه الرِّوَايَة من تَضْمِينه السجْن فِي الثَّالِثَة فقد قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " قد رويتم فِي الْقطع أَشْيَاء مستنكرة تَرَكْتُمُوهَا عَلَيْهِ: مِنْهَا أَنه قطع بطُون أنامل صبي وَمِنْهَا أَنه قطع الْقدَم من نصف الْقدَم، وَكلما رويتم عَن عَليّ فِي الْقطع غير ثَابت عندنَا عَنهُ "، وَبسط الْكَلَام فِيهِ، قَالَ: " وَقد روينَا مَا قُلْنَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأبي بكر فِي دَار الْهِجْرَة، وَعمر يرَاهُ وَيُشِير بِهِ ". وَرُوِيَ عَنهُ أَنه قطع أَيْضا، وَهُوَ كَمَا قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى، فَإِن عبد الله بن سَلمَة غير مُحْتَج بِهِ، وَالله أعلم.

مسألة

أما مسالة اجْتِمَاع الْقطع مَعَ الْغرم فقد مَضَت فِي كتاب الْغَصْب (وَالله أعلم) . مَسْأَلَة (303) : وَآيَة الْمُحَاربين نزلت فِي الْمُسلمين، وترتيبه على مَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا. وَبِه قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله إِلَّا فِي موضِعين: أَحدهمَا: أَنه قَالَ: " يقتل الردء "، وَعِنْدنَا لَا يقتل. وَالْآخر: أَنه إِن جمع بَين أَخذ المَال وَالْقَتْل، قَالَ: " الإِمَام بِالْخِيَارِ بَين الْقطع وَالْقَتْل، أَو الصلب وَالْقَتْل "، وَعِنْدنَا قتلوا وصلبوا. فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عبد الله رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " قَالَ

لا يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاثة نفر النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة والردء لم يقتل ولم يزن ولم يكفر

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا يحل دم رجل يشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَنِّي رَسُول الله إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثَة نفر: النَّفس بِالنَّفسِ، وَالثَّيِّب الزَّانِي، والتارك لدينِهِ، المفارق للْجَمَاعَة ". والردء لم يقتل، وَلم يزن، وَلم يكفر.

وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله عَن إِبْرَاهِيم عَن صَالح عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قطاع الطَّرِيق: " إِذا قتلوا وَأخذُوا المَال قتلوا وصلبوا، وَإِذا قتلوا وَلم يَأْخُذُوا المَال قتلوا وَلم يصلبوا، وَإِذا أخذُوا المَال وَلم يقتلُوا قطعت أَيْديهم وأرجلهم من خلاف، وَإِذا أخافوا السَّبِيل، وَلم يَأْخُذُوا مَالا نفوا من الأَرْض ". قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله: " وَبِهَذَا نقُول، وَهُوَ مُوَافق معنى كتاب الله عز وَجل، وَذَلِكَ أَن الْحُدُود إِنَّمَا نزلت فِيمَن أسلم، فَأَما أهل الشّرك فَلَا حُدُود عَلَيْهِم إِلَّا الْقَتْل، أَو السَّبي، أَو الْجِزْيَة، وَاخْتِلَاف حدودهم باخْتلَاف أَحْوَالهم على مَا قَالَ ابْن عَبَّاس إِن شَاءَ الله، فَمن تَابَ قبل أَن يقدر عَلَيْهِ سقط حد الله، وَأخذ بِحُقُوق بني آدم، وَلَا يقطع من قطاع الطَّرِيق إِلَّا من أَخذ قيمَة ربع دِينَار فَصَاعِدا، قباسا على السّنة فِي السَّارِق ". وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَن عبد الرَّزَّاق، وَإِبْرَاهِيم عَن دَاوُد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا إِلَّا انه لم يذكر الصلب مَعَ الْقَتْل، وَلَا إخافة السَّبِيل، وَقَالَ فِي أَخّرهُ: " فَإِن هرب، وأعجزهم فَذَلِك نَفْيه ". وَرُوِيَ عَن عُثْمَان بن عَطاء عَن أَبِيه عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: " إِن أَخذ وَقد أصَاب المَال، وَلم يصب الدَّم قطعت يَده وَرجله من خلاف، وَإِن وجد، وَقد أصَاب الدَّم قتل وصلب ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... تمّ بِحَمْد الله

الجزء 5

(كتاب الاشربة) وَمن كتاب الْأَشْرِبَة: (مَسْأَلَة) (305) : مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام، من أَي الْأَجْنَاس كَانَ: من مطبوخ ونيّ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " النيُّ من التَّمْر، وَالزَّبِيب، وَالْعِنَب محرم، وَمن غَيرهَا مُبَاح، وَأما الْمَطْبُوخ فَمن الْأَجْنَاس كلهَا حَلَال ". قَالَ الله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن أبي رَجَاء عَن ابْن سعيد عَن أبي حَيَّان عَن عَامر عَن ابْن عمر عَن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - أَنه قَامَ خطيباُ على مِنْبَر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " أما بعد، فَإِن الْخمر نزل تَحْرِيمهَا، وَهِي من خَمْسَة: من الْعِنَب، وَالتَّمْر، وَالْبر، وَالشعِير، وَالْعَسَل، وَالْخمر مَا خامر الْعقل، وَثَلَاث وددت أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يفارقنا حَتَّى يعْهَد إِلَيْنَا فِيهَا عهدا يَنْتَهِي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا "، فَقلت: " مَا ترى فِي السَّادِسَة

ولو كان لنهى عنه ألا ترى أنه قد عم الأشربة كلها فقال الخمر ما خامر العقل قال البخاري وقال حجاج عن حماد أبي حسان مكان العنب الزبيب وقوله الخمر ما خامر العقل في آخر الحديث مسند فافهمه وفي الصحيحين عن

يصنع بالسند يدعى الْجَاهِل يشرب مِنْهُ الشربة، فتصرعه، يصنع من الْأرز؟ قَالَ: " لم يكن هَذَا على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلَو كَانَ لنهى عَنهُ، أَلا ترى أَنه قد عَم الْأَشْرِبَة كلهَا، فَقَالَ: الْخمر مَا خامر الْعقل ". قَالَ البُخَارِيّ: " وَقَالَ حجاج عَن حَمَّاد أبي حسان مَكَان " الْعِنَب " " الزَّبِيب ". وَقَوله: " الْخمر مَا خامر الْعقل " فِي آخر الحَدِيث مُسْند فافهمه. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان عَن أَبِيه عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ -: كنت قَائِما على الْحَيّ (أسقيهم) على عمومتي، وَأَنا أَصْغَرهم سنا، من فضيخ لَهُم، قَالَ: " فجَاء رجل فَقَالَ: " إِن الْخمر قد حرمت "، فَقَالُوا: " أكفئها يَا أنس "، قَالَ: " فكفأتها "، فَقيل لأنس: " فَمَا كَانَ شرابهم؟ " قَالَ: " رطب وَبسر "، قَالَ أَبُو بكر بن أنس: - وَأنس شَاهد -: " وَكَانَت خمرهم يَوْمئِذٍ "، فَلم يُنكر ذَلِك أنس، قَالَ: " وحَدثني بعض أَصْحَابِي أَنه سمع أنسا يَقُول: " كَانَت خمرهم يَوْمئِذٍ ". وَعِنْدَهُمَا أَيْضا عَن قَتَادَة عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " إِنِّي

عن البتع فقال كل شراب أسكر فهو حرام زاد مسلم في رواية والبتع نبيذ العسل وفي أخرى عند البخاري سئل رسول الله

لأسقي أَبَا طَلْحَة، وَأَبا دُجَانَة، وَسُهيْل بن بَيْضَاء من خليط بسر وتمر إِذْ حرمت الْخمر، فدفعتها، وَأَنا ساقيهم، وأصغرهم، وَإِنَّا نعدها يَوْمئِذٍ الْخمر ". وَعند البُخَارِيّ عَن ثَابت عَنهُ حرمت الْخمر حِين حرمت، وَمَا نجد خمور الأعناب إِلَّا الْقَلِيل، وَعَامة خمرهم الْبر وَالتَّمْر ". وَعِنْده عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " نزل تَحْرِيم الْخمر، وَإِن بِالْمَدِينَةِ يَوْمئِذٍ لخمسة أشربة مَا فِيهَا شراب الْعِنَب ". واتفقا على صِحَة حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن البتع، فَقَالَ: " كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام "، زَاد مُسلم فِي رِوَايَة: " والبتع نَبِيذ الْعَسَل ". وَفِي أُخْرَى عِنْد البُخَارِيّ سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن البتع، وَهُوَ نَبِيذ

كل شراب أسكر فهو حرام اتفقا على صحة حديث أبي موسى فقلت يا رسول الله يصنع عندنا شراب من العسل يقال له البتع وشراب من الشعير يقال المزر وهما يسكران فقال النبي

الْعَسَل، كَانَ أهل الْيمن يشربونه، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام ". (اتفقَا على صِحَة حَدِيث أبي مُوسَى: فَقلت: يَا رَسُول الله، يصنع عندنَا شراب من الْعَسَل، يُقَال لَهُ: البتع، وشراب من الشّعير يُقَال المزر، وهما يسكران، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل شراب يسكر حرَام ") . وَعند مُسلم عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل مُسكر خمر، وكل مُسكر حرَام ". وَعند أبي دَاوُد عَن جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام ". وَله شَوَاهِد مِنْهَا مَا رُوِيَ عَن عَامر بن سعد عَن أَبِيه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أنهى عَن قَلِيل مَا أسكر كَثِيره "، رُوَاته ثِقَات. وَعَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

قال كل مسكر خمر وما أسكر كثيره فقليله حرام وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله

يَقُول: كل مُسكر حرَام، وَمَا أسكر مِنْهُ الْفرق، فملء الْكَفّ مِنْهُ حرَام ". وَفِي رِوَايَة: " فالحسوة مِنْهُ حرَام ". وَعَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل مُسكر خمر، وَمَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام ". وَعَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام ". وَرُوِيَ فِي ذَلِك عَن عبد الرَّحْمَن بن حجيرة، وَعَن عبد الله بن عَمْرو. وَعند أبي دَاوُد عَن دَيْلَم الْحِمْيَرِي، قَالَ: " سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا بِأَرْض بَارِدَة، نعالج فِيهَا عملاُ شَدِيدا، وَإِنَّا نتَّخذ شرابًا من هَذَا الْقَمْح نتقوى بِهِ، قَالَ: هَل يسكر؟ قلت: نعم، قَالَ: فَاجْتَنبُوهُ، قلت: فَإِن النَّاس غير تاركيه، قَالَ: فَإِن لم يَتْرُكُوهُ فقاتلوهم ". وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح عَن أبي عمر البهراني، قَالَ: " سُئِلَ ابْن عَبَّاس

عن الباذق ما أسكر فهو حرام قال الشراب الطيب لا الحرام الخبيث وعند أبي داود عن مالك بن أبي مريم قال دخل علينا عبد الرحمن ابن غنيم فتذاكرنا الطلاء فقال حدثني أبو مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله

- رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن الطِّلا، فَقَالَ: إِن النَّار لَا تحل شَيْئا، وَلَا تحرمه ". وَعند البُخَارِيّ عَن أبي الجويرة قَالَ: " سَأَلت ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن الباذق، فَقَالَ: " سبق مُحَمَّد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الباذق مَا أسكر فَهُوَ حرَام، قَالَ: الشَّرَاب الطّيب، لَا الْحَرَام الْخَبيث ". وَعند أبي دَاوُد عَن مَالك بن أبي مَرْيَم قَالَ: " دخل علينا عبد الرَّحْمَن ابْن غنيم فتذاكرنا الطلاء، فَقَالَ: حَدثنِي أَبُو مَالك الْأَشْعَرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: ليشربن نَاس من أمتِي الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا ". وَقد ثَبت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " الْخمر من هَاتين الشجرتين "، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى هِيَ خَمْسَة، لم يفرق بَين الْمَطْبُوخ والنيِّ ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنَّمَا الْخمر من هَاتين الشجرتين: النَّخْلَة والعنبة ". وَعند أبي دَاوُد عَن النُّعْمَان بن بشير - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ:

يقول إن الخمر من العصير والزبيب والتمر والحنطة والشعير والذرة وإني أنهاكم عن كل مسكر وهذان الحديثان لا يتنافيان قال أبو سليمان الخطابي في حديث أبي هريرة معناه أن معظم ما يتخذ من الخمر إنما هو من النخلة والعنبة

" سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: إِن الْخمر من الْعصير، وَالزَّبِيب، وَالتَّمْر، وَالْحِنْطَة، وَالشعِير، والذرة، وَإِنِّي أنهاكم عَن كل مُسكر "، وَهَذَانِ الحديثان لَا يتنافيان. قَالَ أَبُو سُلَيْمَان الْخطابِيّ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: " مَعْنَاهُ: أَن مُعظم مَا يتَّخذ من الْخمر إِنَّمَا هُوَ من النَّخْلَة والعنبة، وَإِن كَانَت قد تتَّخذ أَيْضا من غَيرهمَا، وَإِنَّمَا هُوَ من بَاب التَّأْكِيد لتحريمه لضراوته، وَشدَّة سورته، كَمَا يُقَال: الشِّبَع من اللَّحْم، والدفء من الْوَبر، وَلَيْسَ فِيهِ نفي الشِّبَع عَن غير اللَّحْم، وَنفي الدفء عَن غير الْوَبر ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن ابْن شهَاب عَن السَّائِب عَن يزِيد أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - خرج عَلَيْهِم، فَقَالَ: " إِنِّي وجدت من فلَان ريح شراب، فَزعم أَنه شراب الطِّلاء، وَأَنا سَائل عَمَّا شرب، فَإِن كَانَ يسكر جلدته، فجلده الْحَد تَاما ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - أخبرنَا إِبْرَاهِيم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " لَا أُوتى بِرَجُل شرب خمرًا، وَلَا نبيذاً مُسكرا إِلَّا جلدته الْحَد ".

بقدحي هذا الشراب كله العسل والنبيذ والماء واللبن وهذا لا حجة لهم فيه وصفة النبيذ الذي كان يشربه

وَرُوِيَ عَن مُسلم بن خَالِد عَن ابْن جريج قَالَ: " قلت لعطاء: أتجلد فِي ريح الشَّرَاب؟ قَالَ: إِن الرّيح ليَكُون من الشَّرَاب الَّذِي لَيْسَ بِهِ بَأْس، فَإِذا اجْتَمعُوا جَمِيعًا على شراب وَاحِد، فيسكر أحدهم جلدُوا جَمِيعًا الْحَد تَاما ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " أَرَأَيْت إِن شرب عشرَة، وَلم يسكروا؟ "، فَإِن قَالَ: " حَلَال "، قيل: " افرأيت إِن خرج، فأصابته الرّيح فَسَكِرَ؟ "، فَإِن قَالَ: " حَرَامًا "، قيل لَهُ: " أَرَأَيْت شَيْئا قطّ يشربه، وَصَارَ إِلَى جَوْفه حَلَالا، ثمَّ صيرته الرّيح حَرَامًا؟ ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا فِي صَحِيح مُسلم عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - لقد سقيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقدحي هَذَا الشَّرَاب كُله الْعَسَل، والنبيذ، وَالْمَاء، وَاللَّبن ". وَهَذَا لَا حجَّة لَهُم فِيهِ، وَصفَة النَّبِيذ الَّذِي كَانَ يشربه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - منقولة إِلَيْنَا فِي صَحِيح مُسلم أَيْضا عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - كُنَّا ننبذ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سقا، يوكى أَعْلَاهُ، وَله عزلا، ننبذ غدْوَة، فيشربه عشَاء، وننبذه عشَاء، فيشربه غدْوَة ". عِنْده عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - جَاءَهُ قوم، فَسَأَلُوهُ عَن بيع الْخمر، واشترائه، وَالتِّجَارَة فِيهِ، قَالَ: " لَا يصلح بيعهَا، وَلَا اشتراؤها، وَلَا التِّجَارَة فِيهِ لمُسلم "، ثمَّ سَأَلُوهُ عَن الطلاء، فَقَالَ:

في سفر فرجع من سفره وناس من أصحابه قد انتبذوا نبيذا لهم في نقيرة وحناتم ودباء فأمر بها فأهرقت فأمر بسقا فجعل فيه زبيب وماء فكان ينبذ له من الليل فيصبح فيشربه يومه ذلك وليلته التي يستقبل ومن الغد حتى يمسي فإذا أمسى

" وَمَا طلاؤكم هَذَا؟ " قَالُوا: هُوَ الْعِنَب يعصر، ثمَّ يطْبخ، وَيجْعَل فِي الدنان، قَالَ: " وَمَا الدنان؟ "، قَالُوا: دنان مقيرة، قَالَ: " أيسكر؟ "، قَالُوا: إِذا أَكثر مِنْهُ أسكر، قَالَ: " فَكل مُسكر حرَام "، ثمَّ سَأَلُوهُ عَن النَّبِيذ، فَقَالَ: " خرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي سفر، فَرجع من سَفَره، وناس من أَصْحَابه قد انتبذوا نبيذاً لَهُم فِي نقيرة، وحناتم، ودباء، فَأمر بهَا، فأهرقت، فَأمر بسقا، فَجعل فِيهِ زبيب وَمَاء، فَكَانَ ينْبذ لَهُ من اللَّيْل، فَيُصْبِح فيشربه يَوْمه ذَلِك وَلَيْلَته الَّتِي يسْتَقْبل، وَمن الْغَد حَتَّى يُمْسِي، فَإِذا أَمْسَى شرب وَسَقَى، فَإِذا أصبح فِيهِ شَيْء أَمر بِهِ فأهريق ". وَعند أبي دَاوُد عَن عبد الله الديلمي عَن أَبِيه قَالَ: " أَتَيْنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله، قد علمت من نَحن؟ وَمن أَيْن نَحن؟ فَإلَى أَيْن نَحن؟ ، قَالَ: إِلَى الله عز وَجل، وَإِلَى رَسُوله، فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِن لنا أعناباً، مَا نصْنَع بهَا؟ قَالَ: زببوها، قُلْنَا: مَا نصْنَع بالزبيب؟ قَالَ: انبذوه على غدائكم، واشربوه على عشائكم، وانبذوه على عشائكم، واشربوه على غدائكم، وانبذوه فِي الشنان، وَلَا تنبذوه فِي القلل؛ فَإِنَّهُ إِذا تَأَخّر عَن عصره صَار خلا ". وَعِنْده أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " علمت أَن

كان يصوم فتحينت قطرة نبيذ صنعته في دباء ثم أتيته به فإذا هو ينشى فقال اضرب بهذا الحائط فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر واستدلوا بما روي عن سلام عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة رضي الله عنه أن النبي

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَصُوم، فتحينت قَطْرَة نَبِيذ صَنعته فِي دباء، ثمَّ أَتَيْته بِهِ، فَإِذا هُوَ ينشى فَقَالَ: اضْرِب بِهَذَا الْحَائِط، فَإِن هَذَا شراب من لَا يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ". وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَن سَلام عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي بردة - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " اشربوا، وَلَا تسكروا "، وَفِيه وهمان: أَحدهمَا: فِي إِسْنَاده، حَيْثُ قَالَ: " عَن أبي بردة "، وَإِنَّمَا يرويهِ سماك عَن الْقَاسِم عَن ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه، كَذَا رَوَاهُ يحيى بن يحيى عَن مُحَمَّد بن جرير عَن سماك. وَالْآخر: فِي مَتنه، حَيْثُ قَالَ: " اشربوا، وَلَا تسكروا "، وَإِنَّمَا يرويهِ النَّاس " وَلَا تشْربُوا مُسكرا "، يدل على صِحَة ذَلِك مَا روى مُسلم فِي الصَّحِيح عَن محَارب بن دثار عَن ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كنت نَهَيْتُكُمْ عَن الْأَشْرِبَة فِي ظروف الْأدم، فَاشْرَبُوا فِي كل وعَاء غير أَن لَا تشْربُوا مُسكرا ". وَفِي رِوَايَة: " فَاشْرَبُوا فِي الأسقية كلهَا، وَلَا تشْربُوا مُسكرا ".

من حديث ابن مسعود ولا يصح روي عن فرقد السبحي عن جابر بن يزيد عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنهم قال بينما نحن نزول مع النبي

وَبَلغنِي عَن أبي عبد الرَّحْمَن النَّسَائِيّ أَنه قَالَ: " هَذَا حَدِيث مُنكر، غلط فِيهِ أَبُو الْأَحْوَص سَلام بن سليم، لَا نعلم أَن أحدا تَابعه عَلَيْهِ من أَصْحَاب سماك "، قَالَ النَّسَائِيّ: " قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: أَبُو الْأَحْوَص يُخطئ فِي هَذَا الحَدِيث "، قَالَ النَّسَائِيّ: " وَرَوَاهُ أَبُو عوَانَة عَن سماك عَن مرصافة امْرَأَة مِنْهُنَّ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " اشربوا وَلَا تسكروا "، وَهَذَا أَيْضا غير ثَابت، ومرصافة هَذِه لَا أَدْرِي من هِيَ، وَالْمَشْهُور عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - خلاف ذَلِك. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " وهم أَبُو الْأَحْوَص فِي إِسْنَاده وَمَتنه، وَقَالَ عَنهُ عَن سماك عَن الْقَاسِم عَن ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه وَلَا تشْربُوا مُسكرا ". وروى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حَدِيث ابْن مَسْعُود، وَلَا يَصح. رُوِيَ عَن فرقد السبحي عَن جَابر بن يزِيد عَن مَسْرُوق عَن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ: " بَيْنَمَا نَحن نزُول مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْأَبْطح "، فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: " فَاشْرَبُوا، وَلَا تسكروا "، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " فرقد، وَجَابِر ضعيفان، وَلَا يَصح ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " حرمت الْخمر بِعَينهَا الْقَلِيل مِنْهَا وَالْكثير، وَالسكر من كل شراب "، نَحن نقُوله

كل مسكر حرام وروى عنه عطاء وطاوس ومجاهد ما أسكر كثيره فقليله حرام وكذلك روي عن

بِظَاهِر الْخَبَر، وَهُوَ السُّكُوت فِيهِ، وَهُوَ الْقَلِيل مَأْخُوذ حكمه مِمَّا روينَاهُ، ثمَّ إِنَّهُم يروون هَذَا الحَدِيث على نَحْو مَا يذهبون إِلَيْهِ من تَحْرِيم الْمُسكر من كل شراب سوى الأعناب، والْحَدِيث عِنْد الْحفاظ " السكر من كل شراب " بِفَتْح السِّين وَالْكَاف، قَالَ صَاحب الغريبين: " السكر خمر الأعجام، وَيُقَال لما يسكر السكر ". وَالَّذِي يدل على أَن المُرَاد بِهِ ذَلِك رِوَايَة إِمَام أهل الحَدِيث أَحْمد بن حَنْبَل عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة عَن مسعر عَن أبي عون عَن ابْن شَدَّاد عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - حرمت الْخمر بِعَينهَا، قليلها وكثيرها، والمسكر من كل شراب. كَذَا رُوِيَ عَن ابْنه عبد الله عَنهُ، وَهَكَذَا رَوَاهُ مُوسَى ابْن هَارُون عَن أَحْمد، والمسكر من كل شراب. قَالَ مُوسَى: " وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهَا - لِأَنَّهُ قد روى عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كل مُسكر حرَام ". وروى عَنهُ عَطاء، وَطَاوُس، وَمُجاهد: مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام. وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَن

أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة. استدلوا بقول الله عز وَجل: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} ، قَالُوا: " أخرجه مخرج الْمِنَّة، فَتَنَاول كَثِيرَة وقليله، فأخرجنا مِنْهُ إِذا أَكثر مِنْهُ، وَبَقِي مَا دونه على التَّحْلِيل. رُوِيَ عَن عَمْرو بن سُفْيَان عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " السكر مَا حرم من ثَمَرَتهَا، والرزق الْحسن مَا حل من ثَمَرَتهَا ". وَعَن عَليّ بن أبي طَلْحَة عَنهُ فِي قَوْله: {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً} ، فَحرم الله بعد ذَلِك السكر مَعَ تَحْرِيم الْخمر؛ لِأَنَّهَا مِنْهَا، قَالَ: {وَرِزْقاً حَسَناً} فَهُوَ حَلَال من الْخلّ، والرُّبِّ، والنبيذ، وَأَشْبَاه ذَلِك، فأقره الله، وَجعله حَلَالا للْمُسلمين. وَقد روينَا عَن أبي عبيد أَنه قَالَ: " السكر نَقِيع التَّمْر ". وَعَلِيهِ تدل رِوَايَة ابْن أبي طَلْحَة مَعَ الدّلَالَة على دُخُوله فِي التَّحْرِيم حِين حرمت الْخمر؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا. وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم، وَالشعْبِيّ، وَأبي رزين قَالُوا فِي هَذِه الْآيَة

عن النبيذ حلال أو حرام فقال حلال قال علي بن عمر عبد العزيز بن أبان متروك الحديث وروي عن يحيى بن يمان العجلي عن سفيان بالإسناد أن النبي

{تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} " هِيَ مَنْسُوخَة ". وَرُوِيَ عَن عبد الْعَزِيز بن أبان عَن سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن خَالِد عَن أبي مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " سُئِلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن النَّبِيذ حَلَال، أَو حرَام؟ فَقَالَ: حَلَال ". قَالَ عَليّ بن عمر: " عبد الْعَزِيز بن أبان مَتْرُوك الحَدِيث ". وَرُوِيَ عَن يحيى بن يمَان الْعجلِيّ عَن سُفْيَان بِالْإِسْنَادِ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عطس، وَهُوَ يطوف، فَأتي بنبيذ من السِّقَايَة فقطب، فَقَالَ لَهُ رجل: " أحرام هُوَ، يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " لَا، عليّ بذنوب من مَاء زَمْزَم، فصب عَلَيْهِ، ثمَّ شرب، وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ ". كَذَا رَوَاهُ اليسع بن إِسْمَاعِيل عَن زيد بن الْخَبَّاب عَن سُفْيَان، وَالْيَسع ضَعِيف الحَدِيث. قَالَه عَليّ بن عمر، والْحَدِيث مَعْرُوف بِيَحْيَى بن يمَان، وَيُقَال: " إِنَّه انْقَلب عَلَيْهِ الْإِسْنَاد، وَاخْتَلَطَ بِحَدِيث الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة هَذَا الْمَتْن، والكلبي مَتْرُوك الحَدِيث، لَا يعرفهُ، وَأَبُو صَالح بادان مولى أم هَانِئ ضَعِيف الحَدِيث، وَابْن يمَان كثير الْخَطَأ، يتَجَنَّب مَا ينْفَرد بِهِ. قَالَ يحيى بن معِين: " رُبمَا عارضت بِأَحَادِيث يحيى بن يمَان أَحَادِيث النَّاس فَمَا خَالف فِيهَا النَّاس ضربت عَلَيْهِ، وَقد ذكرت لوكيع شَيْئا من حَدِيثه عَن سُفْيَان، فَقَالَ وَكِيع: لَيْسَ هَذَا سُفْيَان الَّذِي سمعنَا نَحن مِنْهُ ". قَالَ ابْن عدي: " سَمِعت عَبْدَانِ يَقُول: سَمِعت مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير يَقُول: ابْن يمَان سريع النسْيَان، وَحَدِيثه خطأ عَن

وقال الأشجعي وعبدة عن سفيان الكلبي عن أبي صالح عن المطلب وروي عن يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما فذكر قصة فيها طواف النبي

الثَّوْريّ عَن مَنْصُور عَن خَالِد ابْن سعد عَن أبي مَسْعُود، إِنَّمَا هُوَ عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن الْمطلب ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: " فقد سَرقه عبد الْعَزِيز بن أبان، فَرَوَاهُ عَن سُفْيَان، وَسَرَقَهُ اليسع بن إِسْمَاعِيل، فَرَوَاهُ عَن زيد بن الْحباب عَن سُفْيَان، وَعبد الْعَزِيز مَتْرُوك، وَالْيَسع ضَعِيف الحَدِيث، أخبرنَا بذلك السّلمِيّ عَن الدَّارَقُطْنِيّ. قَالَ ابْن عدي: " حَدثنَا الجندي، قَالَ: قَالَ البُخَارِيّ - رَحمَه الله - فِي حَدِيث يحيى بن الْيَمَان: هَذَا لم يَصح عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَقَالَ الْأَشْجَعِيّ، وَعَبدَة عَن سُفْيَان الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن الْمطلب. وَرُوِيَ عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَذكر قصَّة فِيهَا طواف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ودعاؤه بشراب، قَالَ: " فَأتي بشراب، فَشرب مِنْهُ، ثمَّ دَعَا بِالْمَاءِ، فَصَبَّهُ فِيهِ، فَشرب، ثمَّ اشْتَدَّ عَلَيْهِ، فدعاء بِمَاء، فصب فِيهِ، (فَشرب، ثمَّ اشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَدَعَا بِمَاء، فَصَبَّهُ عَلَيْهِ) ، ثمَّ شرب مرَّتَيْنِ، أَو ثَلَاثَة، ثمَّ قَالَ: إِذا اشْتَدَّ عَلَيْكُم فَاقْتُلُوهُ بِالْمَاءِ "، وَيزِيد بن أبي زِيَاد ضَعِيف، لم يحْتَج بِهِ لسوء حفظه، وَقد روى خَالِد الْحذاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَقد روى خَالِد الْحذاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن

وشربه لم يذكر ما ذكره يزيد وإنما تعرف هذه الزيادة من رواية الكلبي كما مضى وزاد يزيد شربه منه قبل خلطه بالماء وهو بخلاف سائر الرواة وروى عن الشيباني عن عبد الملك بن نافع بن أخي القعقاع عن ابن عمر رضي الله عنهما فذكر

عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قصَّة طواف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وشربه، لم يذكر مَا ذكره يزِيد، وَإِنَّمَا تعرف هَذِه الزِّيَادَة من رِوَايَة الْكَلْبِيّ، كَمَا مضى، وَزَاد يزِيد " شربه مِنْهُ قبل خلطه بِالْمَاءِ "، وَهُوَ بِخِلَاف سَائِر الروَاة. وروى عَن الشَّيْبَانِيّ عَن عبد الْملك بن نَافِع بن أخي الْقَعْقَاع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَذكر حَدِيثا طَويلا فِي نَبِيذ لَهُ ريح شَدِيدَة، قَالَ: " فَدَعَا بِمَاء، فَصَبَّهُ عَلَيْهِ، ثمَّ شرب، ثمَّ قَالَ: إِذا اعتملت الأسقية، فاكسروها بِالْمَاءِ ". وَفِي رِوَايَة عَن مَالك بن الْقَعْقَاع، (قَالَ: " سَأَلت ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِيذ الشَّديد، فَذكره بِمَعْنَاهُ "، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " كَذَا قَالَ مَالك بن الْقَعْقَاع، وَقَالَ غَيره عَن عبد الْملك بن نَافِع بن أخي الْقَعْقَاع) ، وَهُوَ رجل مَجْهُول ضَعِيف ". وَالصَّحِيح عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام ". وَهَذَا حَدِيث يعرف بِعَبْد الْملك بن نَافِع، وَهُوَ رجل مَجْهُول، وَاخْتلفُوا فِي اسْمه، وَاسم أَبِيه، فَقيل: هَكَذَا، وَقيل: " عبد الْملك بن الْقَعْقَاع "، وَقيل: " ابْن أخي الْقَعْقَاع "، وَقيل: " مَالك بن الْقَعْقَاع ". وروى ابْن عدي عَن ابْن أبي مَرْيَم قلت ليحيى: " أَرَأَيْت حَدِيث عبد الْملك بن نَافِع الَّذِي يرويهِ إِسْمَاعِيل فِي النَّبِيذ؟ "، قَالَ: " هم يضعفونه "، قَالَ ابْن عدي: " سَمِعت ابْن حَمَّاد يَقُول: " قَالَ البُخَارِيّ:

أنه قال لوفد عبد القيس لا تشربوا في نقير ولا مقير ولا دباء ولا حنتم ولا مزادة ولكن اشربوا في سقاء أحدكم غير مسكر فإن خشي شدته فليصب عليه الماء

قَالَ عبد الْملك ابْن نَافِع بن أخي الْقَعْقَاع بن ثَوْر عَن ابْن عمر فِي النَّبِيذ لم يُتَابع عَلَيْهِ "، قَالَ النَّسَائِيّ: " عبد الْملك بن نَافِع لَيْسَ بِمَشْهُور، وَلَا يحْتَج بحَديثه، وَالْمَشْهُور عَن ابْن عمر خلاف حكايته ". وروى أَبُو دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي حَدِيث وَفد عبد الْقَيْس، وَفِيه قَالُوا: " يَا رَسُول الله، فَإِن اشْتَدَّ فِي الأسقية "، قَالَ: " فصبوا عَلَيْهِ المَاء "، قَالُوا: " يَا رَسُول الله "، فَقَالَ لَهُم فِي الثَّالِثَة، أَو الرَّابِعَة: " أهريقوه "، ثمَّ قَالَ: " إِن الله - جلّ ثَنَاؤُهُ - حرم عَليّ، أَو حرم الْخمر وَالْميسر والكوبة "، قَالَ: " وكل مُسكر حرَام ". وَحَدِيث وَفد عبد الْقَيْس الْمَعْرُوف الْمَشْهُور عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَلَيْسَ فِيهِ الْأَمر بِالْكَسْرِ، ثمَّ المُرَاد بِهِ - إِن صَحَّ - كَسره بِالْمَاءِ إِذا خَافَ شدته قبل الاشتداد، فقد رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: لوفد عبد الْقَيْس: " لَا تشْربُوا فِي نقير، وَلَا مقير، وَلَا دباء، وَلَا حنتم، وَلَا مزادة وَلَكِن اشربوا فِي سقاء أحدكُم غير مُسكر، فَإِن خشِي شدته، فليصب عَلَيْهِ المَاء ".

أنه أمر فيه بإراقته ولو كان إلى إصلاحه بالماء سبيل لما أمر بإراقته والله أعلم وروي بإسناد لا يحتج به عن أبي سعيد مرفوعا لينبذ أحدكم في سقائه فإن خشي سكره فليكسره بالماء ورأيت في حديث يحيى بن أبي كثير عن ثمامة بن كلاب عن أبي

فَأَما إِذا اشْتَدَّ، وَبلغ حد الْإِسْكَار فقد روينَا قبل هَذَا عَن أبي مُوسَى، وَأبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه أَمر فِيهِ بإراقته، وَلَو كَانَ إِلَى إِصْلَاحه بِالْمَاءِ سَبِيل لما أَمر بإراقته، وَالله أعلم. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد لَا يحْتَج بِهِ عَن أبي سعيد مَرْفُوعا " لينبذ أحدكُم فِي سقائه، فَإِن خشِي سكره فليكسره بِالْمَاءِ "، وَرَأَيْت فِي حَدِيث يحيى بن أبي كثير عَن ثُمَامَة بن كلاب عَن أبي سَلمَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - مَرْفُوعا " لَا تنبذوا فِي الدُّبَّاء، والمزفت، وَلَا النقير، وَلَا الحنتمة، وَلَا تنبذوا الرطب والبسر جَمِيعًا، وَلَا التَّمْر وَالزَّبِيب جَمِيعًا، وَمَا كَانَ سوى ذَلِك فَاشْتَدَّ عَلَيْكُم فاكسروه بِالْمَاءِ ". وثمامة مَجْهُول، وَالثَّابِت عَن ابْن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي قَتَادَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " النَّهْي عَن الخليطين " دون هَذِه اللَّفْظَة. ورأيته أَيْضا فِي حَدِيث عِكْرِمَة ابْن عمار عَن أبي كثير السحمي عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا إِلَّا أَنه قَالَ: " إِذا أَرَابَك فِي

قال إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه فليأكل من طعامه ولا يسأله وإن سقاه شرابا فليشرب من شرابه ولا يسأله عنه وإن خشي منه فليكسره بالماء المراد والله أعلم إذا خشي أن يبلغ حد الإسكار فليكسره بالماء حتى لا يشتد

شرابك ريب فسن عَلَيْهِ المَاء، أمط عَنْك حرَامه، واشرب حَلَاله "، وَهَذَا أَيْضا ضَعِيف، عِكْرِمَة بن عمار اخْتَلَط فِي آخر عمره، وساء حفظه، فروى مَا لم يُتَابع عَلَيْهِ. وَقد رَوَاهُ عبد الله بن يزِيد المَقْبُري عَن عِكْرِمَة بن عمار، وَقَالَ قَوْله: إِذا أَرَابَك ... " قَالَه أَبُو هُرَيْرَة، ذكره إِسْحَاق الْحَنْظَلِي فِي مُسْنده. وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا دخل أحدكُم على أَخِيه الْمُسلم، فأطعمه، فَليَأْكُل من طَعَامه، وَلَا يسْأَله، وَإِن سقَاهُ شرابًا، فليشرب من شرابه، وَلَا يسْأَله عَنهُ، وَإِن خشِي مِنْهُ فليكسره بِالْمَاءِ ". المُرَاد - وَالله أعلم - إِذا خشِي أَن يبلغ حد الْإِسْكَار فليكسره بِالْمَاءِ حَتَّى لَا يشْتَد ويبلغ حد الْإِسْكَار بِدَلِيل مَا سبق ذكره، وَالله أعلم. وَرُبمَا استدلوا بِمَا روى عمار بن مطر عَن جرير عَن الْحجَّاج عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن عبد الله - رَضِي الله عَنْهُم - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كل مُسكر حرَام "، قَالَ عبد الله: " هِيَ الشربة الَّتِي أسكرتك ". وَعَن شريك عَن أبي حَمْزَة عَن إِبْرَاهِيم قَوْله: " كل مُسكر حرَام " هِيَ الشربة الَّتِي أسكرتك. قَالَ عَليّ بن عمر: " وَهَذَا أصح من الَّذِي

وأصحاب النبي

قبله، وَلم يسْندهُ غير الْحجَّاج، وَاخْتلف عَنهُ، وعمار بن مطر ضَعِيف، وَإِنَّمَا هُوَ من قَول إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ. حَدثنَا أَبُو سعيد، وَذكر إِسْنَادًا عَن سُفْيَان بن عبد الْملك أَنه ذكر عِنْده - يَعْنِي عِنْد ابْن الْمُبَارك - حَدِيث ابْن مَسْعُود هِيَ الشربة الَّتِي أسكرتك؟ فَقَالَ عبد الله بن الْمُبَارك - رَحمَه الله -: " هَذَا حَدِيث بَاطِل ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى: " وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم بِخِلَافِهِ، قَالَ البُخَارِيّ: زَكَرِيَّا بن عدي لما قدم ابْن الْمُبَارك - رَحمَه الله تَعَالَى - الْكُوفَة كَانَت بِهِ عِلّة، فَأَتَاهُ وَكِيع، وأصحابنا الْكُوفِيُّونَ، فتذاكروا عِنْده، حَتَّى بلغُوا الشَّرَاب، فَجعل ابْن الْمُبَارك يحْتَج بِأَحَادِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، والمهاجرين، وَالْأَنْصَار من أهل الْمَدِينَة، فَقَالُوا: " لَا، وَلَكِن من حديثنا "، فَقَالَ ابْن الْمُبَارك: " أخبرنَا الْحسن بن عَمْرو عَن فُضَيْل بن عَمْرو عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: إِنَّه سكر من شراب لم يحل لَهُ أَن يعود فِيهِ أبدا، فنكسوا رؤوسهم، فَقَالَ للَّذي يَلِيهِ: أَرَأَيْت أعجب من هَؤُلَاءِ؟ أحدثهم عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَعَن أَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ، فَلم يعبؤا بِهِ، وأذكر عَن إِبْرَاهِيم، فنكسوا رؤوسهم ". وروى الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: كل مُسكر حرَام، فَقَالَ رجل، أَو رجلَانِ: يَا ابْن عَبَّاس، إِن هَذَا الشَّرَاب الَّذِي نشربه إِذا أكثرنا سكرنا، قَالَ: لَيْسَ هَكَذَا، إِذا شربت تِسْعَة، فَلم يسكرك، فَلَا بَأْس، فَإِذا شربت الْعَاشِر، فأسكرك فَهُوَ حرَام "، وَهَذَا بَاطِل، الْكَلْبِيّ مَتْرُوك.

وَرُوِيَ عَن شريك عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو بن مَيْمُون، قَالَ: " قَالَ عمر: إِنِّي لأشرب هَذَا النَّبِيذ الشَّديد ليقتطع مَا فِي بطوننا من لُحُوم الْإِبِل "، رَوَاهُ إِسْرَائِيل عَن أبي إِسْحَاق، وَلم يذكر " الشَّديد "، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو خَيْثَمَة عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو عَن عمر إِنَّا لنشرب من النَّبِيذ نبيذاً يقطع لُحُوم الْإِبِل فِي بطوننا من أَن يؤذينا. ونبيذهم الَّذِي كَانُوا يشربونه على الصّفة الَّتِي روينَا عَن ابْن عَبَّاس، وَعَائِشَة، وَغَيرهمَا - رَضِي الله عَنْهُم - لم يبلغ حد الْإِسْكَار. وروى عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه كَانَ النَّبِيذ الَّذِي يشربه عمر كَانَ ينقع لَهُ الزَّبِيب غدْوَة، فيشربه عَشِيَّة، وينقع لَهُ عَشِيَّة، فيشربه غدْوَة، وَلَا يَجْعَل فِيهِ دردي. وَرُوِيَ عَن وَكِيع عَن شريك عَن فراس عَن الشّعبِيّ أَن رجلا شرب من إداوة على نَبِيذ نِصْفَيْنِ، فَسَكِرَ، فَضَربهُ عَليّ الْحَد. وَعَن سُفْيَان عَن إِسْحَاق عَن أبي عَامر أَن أَعْرَابِيًا شرب من أداوة عمر - رَضِي الله عَنهُ - نبيذاً، فَسَكِرَ، فَضَربهُ عمر الْحَد. قَالَ عَليّ بن عمر: " هَذَا مُرْسل، وَلَا يثبت، إِنَّمَا رَوَاهُ عَن سعيد بن ذِي

كان إذا حمض عليهم النبيذ كسروه بالماء لما روى عبد الله بن المبارك قال قال عبيد الله بن عمر لأبي حنيفة في النبيذ فقال أبو حنيفة أخذناه من قبل أبيك قال أي شيء هو قال إذا رابكم فاكسروه بالماء قال عبد الله العمري إذا

لعوة، وَسَعِيد ضَعِيف، ضعفه يحيى وَغَيره ". وَرُوِيَ عَن ابْن الْمسيب قَالَ: " تلقت ثَقِيف عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - بنبيذ، فَوَجَدَهُ شَدِيدا، فَدَعَا بِمَاء، فصب عَلَيْهِ "، مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، وَإِنَّمَا كَانَ اشتداده - وَالله أعلم - بالحموضة، أَو الْحَلَاوَة، فقد رُوِيَ عَن نَافِع مولى ابْن عمر أَن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ لي: " اذْهَبْ إِلَى إِخْوَاننَا فالتمس عِنْدهم شرابًا، فَأَتَاهُم، فَقَالُوا: مَا عندنَا إِلَّا هَذِه الأداوة، وَقد تَغَيَّرت، فَدَعَا بهَا عمر، فذاقها، فَقبض وَجهه، ثمَّ دُعَاء بِمَاء، فصب عَلَيْهِ، ثمَّ شرب ". قَالَ نَافِع: " وَالله مَا قبض وَجهه إِلَّا أَنَّهَا تخللت ". وروينا عَن ابْن الْمسيب بِنَحْوِ من رِوَايَة نَافِع، وَيذكر عَن زيد بن أسلم أَن أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا حمض عَلَيْهِم النَّبِيذ، كسروه بِالْمَاءِ؛ لما روى عبد الله بن الْمُبَارك قَالَ: " قَالَ عبيد الله بن عمر لأبي حنيفَة فِي النَّبِيذ، فَقَالَ أَبُو حنيفَة: أخذناه من قبل أَبِيك، قَالَ: أَي شَيْء هُوَ؟ قَالَ: إِذا رابكم فاكسروه بِالْمَاءِ، قَالَ عبد الله الْعمريّ: إِذا تيقنت بِهِ، وَلم ترَتّب، كَيفَ تصنع؟ فَسكت أَبُو حنيفَة ".

عن عمر رضي الله عنه أسانيدها غير قوية فإجراء ما روينا على ظاهرها وحمل ما رووا على الأمر بالكسر بالماء إذا خشي شدته قبل أن يشتد على تخفيف حموضته أو حارته كما حمله المتقدمون عليه أولى وبالله التوفيق وروي عن سليمان التيمي في

وَقد أَشَارَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - إِلَى تَضْعِيف الرِّوَايَة السَّابِقَة عَن عَليّ وَعمر فِي جلدهما اللَّذين شربا من أدواتهما؛ لِأَنَّهُ أعَاد الْحَدِيثين هَهُنَا، فَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: " رويتموه عَن رجل مَجْهُول عنْدكُمْ، لَا تكون رِوَايَته حجَّة ". قَالَ البُخَارِيّ - رَحمَه الله -: " سعيد بن ذِي لعوة عَن عمر فِي النَّبِيذ يُخَالف النَّاس فِي حَدِيثه لَا يعرف ". وَقَالَ بَعضهم: " سعيد بن ذِي حدان وَهُوَ وهم ". وَالْأَحَادِيث الَّتِي لنا، واحتججنا بهَا أَحَادِيث قد أجمع أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ على صِحَّتهَا، وَالْأَحَادِيث الَّتِي رويت فِي الْكسر بِالْمَاءِ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أسانيدها غير قَوِيَّة، فإجراء مَا روينَا على ظَاهرهَا، وَحمل مَا رووا على الْأَمر بِالْكَسْرِ بِالْمَاءِ إِذا خشِي شدته قبل أَن يشْتَد على تَخْفيف حموضته، أَو حارته كَمَا حمله المتقدمون عَلَيْهِ أولى، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق. وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان التَّيْمِيّ: " فِي شربة من نَبِيذ مَا يخاطر الرجل بِدِينِهِ ". وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (306) : وحد الشّرْب أَرْبَعُونَ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -:

أتي برجل شرب الخمر فضربه بجريدتين نحوا من أربعين ثم صنع أبو بكر مثل ذلك فلما كان عمر رضي الله عنه استشار الناس فيه فقال له عبد الرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون ففعل قوله فضربه بجريدتين نحوا من أربعين أراد به أن

" ثَمَانُون ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أُتِي بِرَجُل شرب الْخمر، فَضَربهُ بجريدتين نَحوا من أَرْبَعِينَ، ثمَّ صنع أَبُو بكر مثل ذَلِك، فَلَمَّا كَانَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - اسْتَشَارَ النَّاس فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف: " أخف الْحُدُود ثَمَانُون، فَفعل ". قَوْله: " فَضَربهُ بجريدتين نَحوا من أَرْبَعِينَ " أَرَادَ بِهِ أَن بهما صَار الْعدَد أَرْبَعِينَ، وَبَيَان ذَلِك فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى عِنْد مُسلم فِي الصَّحِيح عَنهُ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يضْرب فِي الْخمر بِالْجَرِيدِ وَالنعال أَرْبَعِينَ، وَأَبُو بكر ضرب أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا ولي عمر، سُئِلَ عَن ذَلِك، فشاورهم، فَقَالَ ابْن عَوْف: " أرى أَن تضربه ثَمَانُون "، فَضَربهُ ثَمَانِينَ. وَلَوْلَا ذَلِك لما كَانَ بَين مَا نَقله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأبي بكر وَعمر، وَبَين مَا أَشَارَ بِهِ عبد الرَّحْمَن خلاف. وروى البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن السَّائِب بن يزِيد قَالَ: " كُنَّا نؤتي بالشارب فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَفِي إمرة أبي بكر، وصدراً من إمرة عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - فجلد أَرْبَعِينَ حَتَّى إِذا عتوا فِيهِ، وفسقوا جلد ثَمَانِينَ ". وَعند مُسلم عَن حُصَيْن قَالَ: " حضرت عُثْمَان، وَأتي بالوليد بن عقبَة، قد شرب الْخمر، فَقَالَ عُثْمَان لعَلي: أقِم عَلَيْهِ الْحَد، وَأمر عَليّ

أربعين وجلد أبو بكر أربعين وجلد عمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي وعنده في رواية ببعض معناه عنه وقال فيه ضرب رسول الله

عبد الله بن جَعْفَر ذَا الجناحين أَن يجلده، فَأخذ فِي جلد، وَعلي يعد، حَتَّى بلغ جد أَرْبَعِينَ، ثمَّ قَالَ لَهُ: أمسك، جلد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرْبَعِينَ، وَجلد أَبُو بكر أَرْبَعِينَ، وَجلد عمر ثَمَانِينَ، وكل سنة، وَهَذَا أحب إِلَيّ ". وَعِنْده فِي رِوَايَة بِبَعْض مَعْنَاهُ عَنهُ، وَقَالَ فِيهِ: " ضرب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَبُو بكر وَعمر صَدرا من خِلَافَته أَرْبَعِينَ، ثمَّ أتمهَا عمر ثَمَانِينَ، وكل سنة ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن الشُّرَّاب كَانُوا يضْربُونَ على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي بِالْأَيْدِي، وَالنعال، والعصي، قَالُوا: " وَكَانُوا فِي خلَافَة أبي بكر أَكثر مِنْهُ فِي عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ -: لَو فَرضنَا لَهُم حدا فتوخى نَحوا مِمَّا كَانُوا يضْربُونَ فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَكَانَ يجلدهم أَرْبَعِينَ حَتَّى توفّي، ثمَّ كَانَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - من بعده، فجلدهم كَذَلِك أَرْبَعِينَ، حَتَّى أُتِي بِرَجُل "، فَذكر قصَّة، ثمَّ قَالَ: " قَالَ عمر: فَمَاذَا ترَوْنَ؟ قَالَ عَليّ بن أبي طَالب، إِنَّه إِذا شرب سكر، وَإِذا سكر هذى، وَإِذا هذى افترى، وعَلى المفتري ثَمَانُون جلدَة، فَأمر عمر - رَضِي الله عَنهُ - فجلد ثَمَانِينَ ".

لم يسنه وإنما أراد لم يسن ما وراء الأربعين إلى الثمانين وهو ما زادوا على حده على وجه التعزير فأما الأربعون بالجريد والنعال وأطراف الثياب فهو حد ثابت عن النبي

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " مَا من صَاحب حد أقيم عَلَيْهِ، فأجد فِي نَفسِي عَلَيْهِ شَيْئا إِلَّا صَاحب الْخمر لَو مَاتَ لوديته؛ لِأَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يسنه ". وَإِنَّمَا أَرَادَ لم يسن مَا وَرَاء الْأَرْبَعين إِلَى الثَّمَانِينَ، وَهُوَ مَا زادوا على حَده على وَجه التَّعْزِير، فَأَما الْأَرْبَعُونَ بِالْجَرِيدِ وَالنعال وأطراف الثِّيَاب فَهُوَ حد ثَابت عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ عَن أبي بكر، ثمَّ عَن عمر، وَإِنَّمَا أَرَادوا الزِّيَادَة على الْأَرْبَعين على وَجه التَّعْزِير، وحد ثَبت فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ فِي عهد أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ، وتوخيه فِي ذَلِك، فعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يتَغَيَّر بِمَا رَوَاهُ من الزِّيَادَة عَلَيْهِ على وَجه التَّعْزِير، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق، وَهُوَ أعلم بِالصَّوَابِ. (مَسْأَلَة) (307) : وَمن تطلع من صير بَاب، فَرمى صَاحب الدَّار بِمَا يدْفع بَصَره، فأعمي عينه كَانَ هدرا. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " يكون على صَاحب الدَّار ضَمَان عينه ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سهل بن سعد السَّاعِدِيّ - رَضِي الله عَنهُ - اطلع رجل من جُحر فِي حجرَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَعَهُ

فقام إليه بمشقص أو بمشاقص قال فكأني انظر إلى رسول الله

مِدْرى يحك بهَا رَأسه، فَقَالَ: " إِنِّي لَو أعلم أَنَّك تنظر لطعنت بِهِ فِي عَيْنك، إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل النّظر "، كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، أَو بِمَعْنَاهُ. وَعند مُسلم أَيْضا عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن رجلا اطلع من بعض حجر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَامَ إِلَيْهِ بمشقص، أَو بمشاقص قَالَ: " فَكَأَنِّي انْظُر إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخبأه؛ ليطعنه ". وَعِنْدَهُمَا أَيْضا فِي الصَّحِيح، عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو أَن امْرأ اطلع عَلَيْك بِغَيْر إِذن، فخذفته بحصاة، ففقأت عينه، مَا كَانَ عَلَيْك جنَاح ". وَعند مُسلم عَنهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من اطلع فِي بَيت قوم بِغَيْر إذْنهمْ فقد حل لَهُم أَن يفقؤا عينه ". وروى بِإِسْنَاد صَحِيح عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من اطلع على قوم بِغَيْر إذْنهمْ، فَرَمَوْهُ، وَأَصَابُوا

مسألة

عينه، فَلَا دِيَة لَهُ، وَلَا قصاص ". وروى ابْن الْمُنْذر عَن عمر من اطلع على جَاره فأصابته جِرَاحَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (308) : وَإِذا عزّر السُّلْطَان إنْسَانا، فَتلف من التَّعْزِير ضمنه الإِمَام، إِمَّا فِي مَال نَفسه أَو فِي بَيت المَال على اخْتِلَاف الْقَوْلَيْنِ فِيهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا ضَمَان عَلَيْهِ ". فِي الصَّحِيحَيْنِ قَول عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -: " مَا من رجل أَقمت عَلَيْهِ حدا، فَمَاتَ فأجد فِي نَفسِي إِلَّا الْخمر، فَإِنَّهُ إِن مَاتَ وديته؛ إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يسنه "، (وَإِنَّمَا أَرَادَ - وَالله أعلم - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يسنه) زِيَادَة على الْأَرْبَعين، أَو لم يسنه بالسياط، وَقد سنه بالنعال وأطراف الثِّيَاب مِقْدَار أَرْبَعِينَ، وَالله أعلم. وَقد روى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد عَن عَليّ بن يحيى عَن الْحسن أَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " مَا أحد يَمُوت فِي حد من الْحُدُود، فأجد فِي نَفسِي مِنْهُ

فمن مات منه وديته إما قال في بيت المال وإما قال على عاقلة الإمام أشك يعني الشافعي وإنما أراد والله أعلم إذا مات فيما أحدثوه من الزيادة على الأربعين على وجه التعزير قال الشافعي رحمه الله وبلغنا أن عمر

شَيْئا إِلَّا الَّذِي يَمُوت فِي حد الْخمر، فَإِنَّهُ شَيْء أحدثناه بعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَمن مَاتَ مِنْهُ، وديته إِمَّا قَالَ: " فِي بَيت المَال "، وَإِمَّا قَالَ: " على عَاقِلَة الإِمَام " أَشك - يَعْنِي الشَّافِعِي، وَإِنَّمَا أَرَادَ - وَالله أعلم - " إِذا مَاتَ فِيمَا أحدثوه من الزِّيَادَة على الْأَرْبَعين على وَجه التَّعْزِير ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وبلغنا أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أرسل إِلَى امْرَأَة، فَفَزِعت، فأجهزت ذَا بَطنهَا، فَاسْتَشَارَ عليا، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَن يَدَيْهِ ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وَقد كَانَ لعمر - رَضِي الله عَنهُ - أَن يبْعَث، وَللْإِمَام أَن يحد فِي الْخمر عِنْد الْعَامَّة، فَلَمَّا كَانَ فِي الْبعْثَة تلف على الْمَبْعُوث إِلَيْهَا، أَو على ذِي بَطنهَا، فَقَالَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ -: " إِن عَلَيْهِ مَعَ ذَلِك الدِّيَة كَانَ الَّذِي يراهم، ذَهَبُوا إِلَيْهِ أَنه وَإِن كَانَت لَهُ الرسَالَة فَعَلَيهِ أَن لَا يتْلف بِهِ أحد، فَإِن تلف ضمن، وَكَانَ المأثم - إِن شَاءَ الله تَعَالَى - مَرْفُوعا ". (مَسْأَلَة) (309) : الْخِتَان وَاجِب. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " سنة ". دليلنا مَا اتفقنا على صِحَّته عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اختتن إِبْرَاهِيم النَّبِي - عَلَيْهِ السَّلَام - وَهُوَ ابْن

فأسلم فقال النبي

ثَمَانِينَ سنة بالقدوم ". وَقد قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} وَالْأَمر على الْوُجُوب بِظَاهِرِهِ. وروى ابْن عدي - بِسَنَدِهِ - عَن ابْن جريج قَالَ: " أخْبرت عَن عُثيم بن كُلَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَنه جَاءَ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأسلم، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: ألق عَنْك شعر الْكفْر واختتن ". قَالَ ابْن عدي: " هَذَا الَّذِي قَالَه ابْن جريج إِنَّمَا حَدثهُ إِبْرَاهِيم بن يحيى، فكنى عَن اسْمه ". وَعَن أبي دَاوُد عَن أم عَطِيَّة الْأَنْصَارِيَّة أَن امْرَأَة كَانَت تختن بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تنهكي؛ فَإِن ذَلِك أحظى للْمَرْأَة، وَأحب للبعل ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " لَا تقبل صَلَاة

وأمر به فيكون واجبا بدليل ما مضى وقد روي هذا مرفوعا ولا يصح رفعه وروي عن الحجاج بن أرطأة من حديث أسامة وأبي أيوب مرفوعا والحجاج لا يحتج به والله أعلم

رجل لم يختتن "، وَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يُوجِبهُ. وَرُوِيَ عَن أبي بَرزَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا فِي الأقلف يحجّ بَيت الله، قَالَ: " لَا، حَتَّى يختتن ". استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " الْخِتَان سنة للرجل، ومكرمة للنِّسَاء "، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ شَيْئا سنه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأمر بِهِ، فَيكون وَاجِبا بِدَلِيل مَا مضى. وَقد رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعا، وَلَا يَصح رَفعه. وَرُوِيَ عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة من حَدِيث أُسَامَة، وَأبي أَيُّوب مَرْفُوعا، وَالْحجاج، لَا يحْتَج بِهِ، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (310) :

(صفحة فارغة)

قضى على أهل الحوائط حفظها بالنهار وعلى أهل الماشية ما أفسدت ماشيتهم بالليل وروى قتادة عن الشعبي أن شريحا رفعت إليه شاة أصابت غزلا فقال إن كان بليل فقد ضمنته وإن كان بنهار فلا ضمان عليكم

وَمَا أفسدت الْبَهَائِم من الزَّرْع بِاللَّيْلِ ضمنه أَهلهَا، وَمَا أفسدت بِالنَّهَارِ، وَلم يكن مَعهَا صَاحبهَا فَهدر. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا ضَمَان على صَاحبهَا ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا روى أَبُو دَاوُد عَن الْبَراء - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " كَانَت لَهُ نَاقَة ضارية، فأفسدت ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: " فَذكر بِنَحْوِ مِمَّا سبق، وَقيل ذَلِك مَا مَعْنَاهُ: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى على أهل الحوائط حفظهَا بِالنَّهَارِ، وعَلى أهل الْمَاشِيَة مَا أفسدت ماشيتهم بِاللَّيْلِ ". وروى قَتَادَة عَن الشّعبِيّ أَن شريحاً رفعت إِلَيْهِ شَاة أَصَابَت غزلاً، فَقَالَ: " إِن كَانَ بلَيْل فقد ضمنته، وَإِن كَانَ بنهار فَلَا ضَمَان عَلَيْكُم ".

قال جرح العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي الركاز الخمس اتفقا على صحته قالوا فهذا يدل على أن حديث البراء صار منسوخا قال الشافعي رحمه الله فأخذنا به يعني بحديث البراء أيضا لثبوته واتصاله

وَقَالَ: " النفش بِاللَّيْلِ، والهمل بِالنَّهَارِ ". استدلوا بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " جرح العجماء جَبَّار، والبئر جَبَّار، والمعدن جَبَّار، وَفِي الرِّكَاز الْخمس "، اتفقَا على صِحَّته، قَالُوا: " فَهَذَا يدل على أَن حَدِيث الْبَراء صَار مَنْسُوخا ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " فأخذنا بِهِ - يَعْنِي بِحَدِيث الْبَراء أَيْضا - لثُبُوته واتصاله، وَمَعْرِفَة رِجَاله، وَلَا يُخَالف هَذَا الحَدِيث حَدِيث (العجماء جرحها جَبَّار) ، وَلَكِن " العجماء جرحها جَبَّار " جملَة من الْكَلَام الْعَام الْمخْرج الَّذِي يُرَاد بِهِ الْخَاص، فَلَمَّا قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (العجماء جرحها جَبَّار) ، وَقضى فِيمَا أفسدت العجماء بِشَيْء فِي حَال دون حَال دلّ ذَلِك على أَن مَا أَصَابَت العجماء من جرح وَغَيره فِي حَال جَبَّار، وَفِي حَال غير جَبَّار "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (311) : وَلَو وطِئت دَابَّته، وَهُوَ راكبها إنْسَانا برجلها كَانَ عَلَيْهِ ضَمَانه؛ لِأَن عَلَيْهِ منعهَا فِي تِلْكَ الْحَال من كل مَا يتْلف بِهِ أحدا، احْتج

أنه قال العجماء جرحها جبار

الشَّافِعِي - رَحمَه الله - فِي ذَلِك بِحَدِيث الْبَراء - رَضِي الله عَنهُ - وَقد سبق. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا ضَمَان عَلَيْهِ ". وَاسْتدلَّ بِمَا لَا يُثبتهُ أهل الْعلم بِالْحَدِيثِ، وَهُوَ مَا روى سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " الرجل جَبَّار "، فَذكر الشَّافِعِي - رَحمَه الله - أَنه غلط؛ لِأَن الْحفاظ لم يحفظوا هَكَذَا، وَالله أعلم. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " لم يُتَابع سُفْيَان بن حُسَيْن على قَوْله: " الرجل جَبَّار "، وَهُوَ وهم؛ لِأَن الثِّقَات خالفوه، وَلم يذكرُوا ذَلِك، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو صَالح السمان، وَعبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج، وَمُحَمّد بن سِيرِين، وَمُحَمّد بن زِيَاد، وَغَيرهم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - لم يذكرُوا فِيهِ: وَالرجل جَبَّار ". وَهُوَ الْمَحْفُوظ عَن أبي هُرَيْرَة مَا أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح من حَدِيث اللَّيْث عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة، وَابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " العجماء جرحها جَبَّار "

قال الرجل جبار

(الحَدِيث، لَيْسَ فِي " الرجل جَبَّار ") ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح. كَذَلِك رَوَاهُ مَالك الإِمَام، وَابْن جريج، وَمعمر، وَعقيل، وَابْن عُيَيْنَة، وَغَيرهم عَن الزُّهْرِيّ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُس بن يزِيد عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنْهُم. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الزبيدِيّ، وَابْن برْقَان عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة عَن عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنْهُم. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأسود بن الْعَلَاء عَن أبي سَلمَة، رَضِي الله عَنْهُم. فَأَما حَدِيث سُفْيَان بن حُسَيْن عَن الزُّهْرِيّ فَإِنَّهُ وهم، قَالَ الدَّارمِيّ: " سَأَلت يحيى بن معِين عَن سُفْيَان بن حُسَيْن فَقَالَ: ثِقَة، وَهُوَ ضَعِيف الحَدِيث عَن الزُّهْرِيّ ". وَرَوَاهُ آدم بن أبي إِيَاس عَن شُعْبَة عَن مُحَمَّد بن زِيَاد، وَفِيه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - وَزَاد " وَالرجل جَبَّار "، وَلم يُتَابع عَلَيْهِ، وَقد رَوَاهُ غنْدر - وَهُوَ الحكم من حَدِيث شُعْبَة - ومعاذ الْعَنْبَري، وَمُسلم بن إِبْرَاهِيم، وَأَبُو عَمْرو، وَغَيرهم عَن شُعْبَة دون هَذِه الزِّيَادَة. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الرّبيع بن مُسلم عَن مُحَمَّد بن زِيَاد قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " هُوَ وهم لم يُتَابع عَلَيْهِ أحد عَن شُعْبَة، وَرُوِيَ عَن سُفْيَان عَن ابْن أبي ليلى عَن ابْن قيس عَن هُذَيْل أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الرجل جَبَّار "،

هَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْريّ عَن ابْن قيس مُرْسلا، وَوَصله قيس بن الرّبيع، وَهُوَ ضَعِيف يذكر عبد الله فِيهِ، ونعارضهم بِمَا رُوِيَ عَن النُّعْمَان بن بشير مَرْفُوعا من ربط دَابَّة فِي طَرِيق الْمُسلمين، فأصابت أحدا فَهُوَ ضَامِن، وَالله أعلم.

(فارغة)

كتاب السير

(كتاب السّير) وَمن كتاب السّير: (مَسْأَلَة) (312) : فَإِن أدْرك أهل الْحَرْب الْمُسلمين المنصرفين بالغلبة وَالْغنيمَة، فخاف الْمُسلمُونَ ارتجاع الْغَنَائِم لم يحل لَهُم ذبح الْحَيَوَان، وإتلافه لغير مأكله. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " لَهُم أَن يذبحوا مَا لم يُمكنهُم إِخْرَاجه من دَار الْحَرْب، وَأَن يحرقوه بعد الذّبْح بالنَّار ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن دِينَار عَن صُهَيْب عَن عبد الله بن عَمْرو - رَضِي الله عَنْهُم - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من قتل عصفوراً فَمَا فَوْقهَا بِغَيْر حَقّهَا سَأَلَهُ الله عز وَجل - عَن قَتله قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا حَقّهَا؟ قَالَ: أَن يذبحها، فيأكلها، وَلَا يقطع رَأسهَا، فَيَرْمِي بهَا ".

عن المصبورة وفي حديث أنس رضي الله عنه نهى رسول الله

قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وَنهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن المصبورة ". وَفِي حَدِيث أنس - رَضِي الله عَنهُ - نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تصبر الْبَهَائِم، أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيح. وَفِي وَصِيَّة أبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - لما بعث الجيوش أَن قَالَ: " وَلَا يعقرن شَاة، وَلَا بَعِيرًا إِلَّا لمأكله ". وَقيل لِمعَاذ - رَضِي الله عَنهُ -: " إِن الرّوم يَأْخُذُونَ مَا حسر من خَيْلنَا فيستعجلونها، ويقاتلون عَلَيْهَا، فنعقر مَا حسر من خَيْلنَا "، قَالَ: " لَا، لَيْسُوا بِأَهْل أَن ينتفعوا مِنْكُم، إِنَّمَا هم غَدا رقيقكم، أَو أهل ذمتكم ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وبلغنا أَن أَبَا أُمَامَة - رَضِي الله عَنهُ - أوصى ابْنه أَن لَا يعقرن جسداً ". وَنهى عمر بن عبد الْعَزِيز - رَحمَه الله - عَن عقر الدَّابَّة إِذا هِيَ قَامَت. وَحَدِيث جَعْفَر، وعقره فرسه - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ أَبُو دَاوُد:

قال الشافعي رحمه الله لا أعلمه مما يثبت عند الإفراد ولا أعلمه مشهورا عند عوام أهل العلم بالمغازي قال البيهقي رحمه الله الحفاظ يتوقون ما ينفرد به ابن إسحاق وإن صح فلعل جعفرا رضي الله عنه لم يبلغه

هَذَا الحَدِيث لَيْسَ بِذَاكَ الْقوي، وَقد جَاءَ فِيهِ: " نهى كثير من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " لَا أعلمهُ مِمَّا يثبت عِنْد الْإِفْرَاد، وَلَا أعلمهُ مَشْهُورا عِنْد عوام أهل الْعلم بالمغازي ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: " الْحفاظ يتوقون مَا ينْفَرد بِهِ ابْن إِسْحَاق، وَإِن صَحَّ، فَلَعَلَّ جعفراً - رَضِي الله عَنهُ - لم يبلغهُ النَّهْي "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (313) : وَالْغنيمَة لمن شهد الْوَقْعَة، أَو كَانَ ردأ لَهُم، فَأَما من لم يحضرها، وَلم يكن ردأ لَهُم فَلَا حق لَهُ فِيهَا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " الْغَنِيمَة لكل من دخل دَار الْحَرْب قبل قسمتهَا ". روى طَارق بن شهَاب الأحمس قَالَ: " غزت بَنو عُطَارِد مَاء الْبَصْرَة "، فَذكر قصَّة، وَقَالَ فِيهَا: " فَكتب فِي ذَلِك إِلَى عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَكتب أَن الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة ".

بعث أبان بن سعيد على سرية من المدينة قبل نجد فقدم أبان بن سعيد وأصحابه على رسول الله

وروى أَبُو دَاوُد أخبرنَا سعيد، حَدثنَا إِسْمَاعِيل عَن مُحَمَّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ أَن عَنْبَسَة بن سعيد أخبرهُ أَنه سمع أَبَا هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - يحدث سعيد بن الْعَاصِ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث أبان بن سعيد على سَرِيَّة من الْمَدِينَة قبل نجد، فَقدم أبان بن سعيد وَأَصْحَابه على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بخييبر بعد أَن فتحهَا، وَإِن حزم خيلهم لِيف، فَقَالَ أبان: " اقْسمْ لنا يَا رَسُول الله "، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة: " فَقلت لَا تقسم لَهُم يَا رَسُول الله، فَقَالَ أبان: " أَنْت بهَا يَا وبر، تحدد علينا من رَأس ضال "، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اجْلِسْ يَا أبان، وَلم يقسم لَهُم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". قَالَ البُخَارِيّ: " وَيذكر عَن الزبيدِيّ عَن الزُّهْرِيّ "، فَذكر هَذَا الحَدِيث. وَعِنْده فِي الصَّحِيح عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قصَّة هجرتهم، وَقَالَ: " فِي بضع وَخمسين رجلا من قومِي "، إِمَّا قَالَ اثْنَيْنِ وَخمسين، أَو ثَلَاثَة وَخمسين، وَنحن ثَلَاثَة إخْوَة: أَبُو مُوسَى، وَأَبُو رهم، وَأَبُو بردة، فأخرجتنا سَفِينَتنَا إِلَى النَّجَاشِيّ بِأَرْض الْحَبَشَة، وَعِنْده جَعْفَر بن أبي طَالب وَأَصْحَابه، فأقبلنا جَمِيعًا إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين

مسألة

افْتتح خَيْبَر، فَأَسْهم لنا، أَو قَالَ: فأعطانا مِنْهَا، وَمَا قسم لأحد غَابَ عَن فتح خَيْبَر مِنْهَا شَيْء إِلَّا لمن شهد الْوَقْعَة، إِلَّا لجَعْفَر وَأَصْحَاب السَّفِينَة، قسم لَهُم، وَقَالَ: لكم الْهِجْرَة مرَّتَيْنِ: هاجرتم إِلَى النَّجَاشِيّ، وهاجرتم إِلَيّ ". وَرُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " الْغَنِيمَة لمن شهد الْوَقْعَة "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (314) : وَيقتل الشُّيُوخ والرهبان فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يقتلُون ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي مُوسَى - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " لما فرغ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حنين بعث أَبَا عَامر على جَيش أَوْطَاس، فلقي دُرَيْد بن الصمَّة، فَقتل دُرَيْد، وَهزمَ الله تَعَالَى أَصْحَابه ". وَذكر بَاقِي مَا فِي الحَدِيث، وَفِي آخِره " فَلَمَّا رجعت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

وجنبيه فأخبرته خبرنا وخبر أبي عامر وروى أبو داود عن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله

دخلت عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي بَيت على سَرِير مرمل، وَعَلِيهِ فرَاش، وَقد أثر رمال السرير بِظهْر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وجنبيه، فَأَخْبَرته خبرنَا، وَخبر أبي عَامر ". وروى أَبُو دَاوُد عَن سَمُرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " اقْتُلُوا شُيُوخ الْمُشْركين، واستبقوا شرخهم ". وَعَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " انْطَلقُوا بِسم الله وَبِاللَّهِ، وعَلى مِلَّة رَسُول الله، وَلَا تقتلُوا شَيخا فانياً، وَلَا طفْلا، وَلَا صَغِيرا، وَلَا امْرَأَة، وَلَا تغلوا، وضموا غنائمكم، وَأَصْلحُوا وأحسنوا، إِن الله يحب الْمُحْسِنِينَ ". وَرُوِيَ عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا بعث جيوشه قَالَ: " اخْرُجُوا بِسم الله تقاتلون فِي سَبِيل الله من كفر بِاللَّه، لَا تغدروا، وَلَا تمثلوا، وَلَا تغلوا، وَلَا تقتلُوا وليداً، وَلَا أَصْحَاب الصوامع ".

مسألة

وَفِي وَصِيَّة أبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - يزِيد بن أبي سُفْيَان لما بَعثه إِلَى الشَّام فِي رِوَايَة ابْن إِسْحَاق عَن صَالح بن كيسَان: " وَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَقْوَامًا قد حبسوا أنفسهم فِي هَذِه الصوامع فاتركوهم، وَمَا حبسوا لَهُ أنفسهم، وستجدون أَقْوَامًا قد اتخذ الشَّيْطَان على رؤوسهم مقاعد - يَعْنِي الشمامسة - فاضربوا تِلْكَ الْأَعْنَاق، وَلَا تقتلُوا كَبِيرا، هرماً، وَلَا امْرَأَة، وَلَا وليداً، وَلَا تخربوا عمراناً، وَلَا تقطعوا شَجَرَة إِلَّا لنفع، وَلَا تعقرن بَهِيمَة إِلَّا لنفع، وَلَا تحرقن نخلا، وَلَا تعرقنه، وَلَا تغدر، وَلَا تمثل، وَلَا تجبن، وَلَا تغلل ". قَالَ ابْن إِسْحَاق: " حَدثنِي مُحَمَّد بن جَعْفَر بن الزبير، فَقَالَ لي: " هَل تَدْرِي لم فرق أَبُو بكر، فَأمر بقتل الشماسة، وَنهى عَن قتل الرهبان؟ فَقلت: لَا أرَاهُ إِلَّا لحبس هَؤُلَاءِ أنفسهم، فَقَالَ: أجل، وَلَكِن الشمامسة يلقون الْقِتَال فيقاتلون، وَإِن الرهبان رَأْيهمْ أَن لَا يقاتلوا "، وَقد قَالَ الله تَعَالَى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ الله الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} ، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (315) : وأمان العَبْد الْمُسلم جَائِز، قَاتل أَو لم يُقَاتل. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ:

مسألة

" إِذا لم يَأْذَن لَهُ سَيّده فِي الْقِتَال لم يَصح أَمَانه ". رُوِيَ عَن عبد الله بن عَمْرو - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا يجير على الْمُسلمين أَدْنَاهُم، وَيرد على الْمُسلمين أَقْصَاهُم. وَعَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا العَبْد لَا يعْطى من الْغَنِيمَة شَيْئا، وَيُعْطى من جزئي الْمَتَاع، وأمانه جَائِز، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (316) : وَإِذا زنى مُسلم فِي دَار الْحَرْب لزمَه الْحَد، وَكَذَلِكَ إِذا سرق فِيهَا مَال مُسلم لزمَه الْقطع. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " لَا يلْزمه الْحَد ". عِنْد أبي دَاوُد عَن بسر بن أبي أَرْطَأَة مَرْفُوعا لَا تقطع الْأَيْدِي فِي السّفر، إِسْنَاده شَامي، وَكَانَ يحيى بن معِين يَقُول: " أهل الْمَدِينَة يُنكرُونَ أَن يكون بسر بن أَرْطَأَة سمع من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَحَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أقِيمُوا الْحُدُود فِي الْحَضَر وَالسّفر، وعَلى الْقَرِيب والبعيد، وَلَا تبالوا فِي الله لومة لائم "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيل من حَدِيث مَكْحُول عَن عبَادَة، رَضِي الله عَنهُ، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (317) : وَلَا يملك الْمُشْركُونَ مَا أحرزه الْمُسلمُونَ من أَمْوَالهم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يملكُونَ ". عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن قوما أَغَارُوا، فَأَصَابُوا امْرَأَة من الْأَنْصَار وناقة للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ انفلتت الْمَرْأَة، فركبت النَّاقة، فَأَتَت الْمَدِينَة، فَعرفت نَاقَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَت: " إِنِّي نذرت إِن أنجاني الله عَلَيْهَا لأنحرنها، فمنعوها أَن تنحرها حَتَّى يذكرُوا ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: بئْسَمَا جزيتهَا أَن أنجاك الله عَلَيْهَا، لَا نذر فِي مَعْصِيّة الله، وَلَا فِيمَا لَا يملك ابْن آدم "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح. وَعند البُخَارِيّ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " ذهب فرس لَهُ، فَأَخذه الْعَدو، فَظهر عَلَيْهِم الْمُسلمُونَ فَرد عَلَيْهِ، فِي زمن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وأبق عبد لَهُ فلحق بالروم، فَظهر عَلَيْهِ

وعند أبي داود عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن غلاما لابن عمر أبق إلى العدو فظهر عليه المسلمون فرده رسول الله

الْمُسلمُونَ، فَرده عَلَيْهِ خَالِد بن الْوَلِيد، يَعْنِي بعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَعند أبي دَاوُد عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن غُلَاما لِابْنِ عمر أبق إِلَى الْعَدو، فَظهر عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ، فَرده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى ابْن عمر، وَلم يقسم. استدلوا بِمَا روى مسلمة بن عَليّ عَن عبد الْملك بن ميسرَة عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " وجد رجل من الْمُسلمين بَعِيرًا لَهُ فِي الْمغنم قد أَصَابَهُ الْمُشْركُونَ، فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِن وجدته فِي الْمغنم فَخذه، وَإِن وجدته قد قسم فَأَنت أَحَق بِهِ بِالثّمن إِن أردته، تَابعه الْحسن بن عمَارَة عَن عبد الْملك بِمَعْنَاهُ، وَالْحسن بن عمَارَة مَتْرُوك الحَدِيث، ومسلمة بن عَليّ الْخُشَنِي ضَعِيف الحَدِيث، قَالَ ابْن معِين: " لَيْسَ بِشَيْء ". وَرَوَاهُ الْحسن بن عَطاء عَن عبد الْملك. وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن أبي فَرْوَة من حَدِيث ابْن عمر مَرْفُوعا من وجد مَاله فِي الْفَيْء، قبل أَن يقسم فَهُوَ لَهُ، وَمن وجده بعد مَا قسم، فَلَيْسَ لَهُ شَيْء. وَإِسْحَاق قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: " لَا تحل الْكِتَابَة عَنهُ ".

وقبيصة لم يدرك عمر رضي الله عنه والله أعلم

وَرَوَاهُ ياسين بن معَاذ من أدْرك مَاله فَذكر مَعْنَاهُ، وَقَالَ فِي آخِره: " فَهُوَ أَحَق بِهِ بِالثّمن "، وَيَاسِين ضَعِيف. وَرُوِيَ عَن قبيصَة بن ذُؤَيْب عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - من قَوْله نَحْو مَا رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقبيصَة لم يدْرك عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (318) :

(فارغة)

من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه داره فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن قال فافترق الناس إلى دورهم وإلى المسجد وعنده عن وهب قال سألت جابرا هل غنموا يوم الفتح شيئا قال لا

وَمَكَّة فتحت صلحا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " فتحت عنْوَة ". عِنْد أبي دَاوُد عَن الْعَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " من دخل دَار أبي سُفْيَان فَهُوَ آمن، وَمن أغلق عَلَيْهِ دَاره فَهُوَ آمن، وَمن دخل الْمَسْجِد فَهُوَ آمن ". قَالَ: " فافترق النَّاس إِلَى دُورهمْ، وَإِلَى الْمَسْجِد ". وَعِنْده عَن وهب قَالَ: " سَأَلت جَابِرا، هَل غنموا يَوْم الْفَتْح شَيْئا؟ قَالَ: لَا ".

لما دخل مكة سرح الزبير بن العوام وأبا عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد على الخيل وقال يا أبا هريرة اهتف بالأنصار قال اسلكوا هذا الطريق فلا يشرفن لكم أحد إلا أمنتموه فنادى مناد لا قريش بعد اليوم فقال رسول الله

وَعِنْده - وَهُوَ مخرج فِي كتاب مُسلم - عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما دخل مَكَّة سرح الزبير بن الْعَوام، وَأَبا عُبَيْدَة بن الْجراح، وخَالِد بن الْوَلِيد على الْخَيل، وَقَالَ: يَا أَبَا هُرَيْرَة، اهتف بالأنصار، قَالَ: اسلكوا هَذَا الطَّرِيق، فَلَا يشرفن لكم أحد إِلَّا أمنتموه، فَنَادَى مُنَاد لَا قُرَيْش بعد الْيَوْم، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من دخل دَارا فَهُوَ آمن، وَمن ألْقى السِّلَاح فَهُوَ آمن، وَعمد صَنَادِيد قُرَيْش، فَدَخَلُوا الْكَعْبَة، فغص بهم، وَطَاف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَصلى خلف الْمقَام، ثمَّ أَخذ بجنبتي الْبَاب، فَخَرجُوا، فَبَايعُوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على الْإِسْلَام "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (319) : وَمن سبي مِنْهُم من الْحَرَائِر فقد رقت، وَبَانَتْ من الزَّوْج، كَانَ مَعهَا، أَو لم يكن. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِذا سبيا مَعًا بقيا على النِّكَاح ". وَدَلِيلنَا مَا فِي صَحِيح مُسلم عَن أبي سعيد - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعث يَوْم حنين جَيْشًا إِلَى أَوْطَاس، فَلَقوا عدوا، فقاتلوهم، وظهروا عَلَيْهِم، فَأَصَابُوا لَهُم سَبَايَا، فَكَأَن أُنَاسًا من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تحرجوا من غشيانهم من أجل أَزوَاجهنَّ من الْمُشْركين،

أن توطأ حامل حتى تضع أو حائل حتى تحيض قال لنا ابن صاعد وما قال لنا في هذا الإسناد أحد عن ابن عباس رضي الله عنهما إلا الغامدي والله أعلم

فَأنْزل الله تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُمْ} ، أَي: فهن لَهُم حَلَال إِذا انْقَضتْ عدتهن ". وَقد روينَا فِيمَا تقدم (عَن الوداك) عَن أبي سعيد - رَضِي الله عَنهُ - لَا تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع، وَلَا حَائِل حَتَّى تحيض حَيْضَة. وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن ابْن صاعد عَن الغامدي عَن ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن مُسلم عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن تُوطأ حَامِل حَتَّى تضع، أَو حَائِل حَتَّى تحيض ". قَالَ لنا ابْن صاعد: " وَمَا قَالَ لنا فِي هَذَا الْإِسْنَاد أحد عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - إِلَّا الغامدي "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (320) : والتفريق بَين الْأمة وَوَلدهَا قبل سنّ التَّمْيِيز فِي الْملك بِالْبيعِ وَالْقِسْمَة بَاطِل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِذا فرق بَينهمَا فِي

عن ذلك ورد البيع والله أعلم

البيع كره، وَصَحَّ البيع ". عِنْد أبي دَاوُد عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه فرق بَين جَارِيَة وَوَلدهَا، فَنَهَاهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك، ورد البيع، وَالله أعلم.

كتاب الجزية

(كتاب الْجِزْيَة) وَمن كتاب الْجِزْيَة: (مَسْأَلَة) (321) : وَلَا تقبل الْجِزْيَة من أهل الْأَوْثَان، وَإِنَّمَا تقبل مِمَّن لَهُ كتاب، أَو شُبْهَة كتاب. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " تُؤْخَذ من أهل الْأَوْثَان ". وَهَذَا خلاف الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع. قَالَ الله تَعَالَى: {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} . وَقَالَ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لله} . وَاسْتثنى أهل الْكتاب إِذا أعْطوا الْجِزْيَة، فَقَالَ فِي آيتها: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ} وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله الحَدِيث.

أخذها من مجوس هجر وروى الشافعي رحمه الله عن سفيان عن أبي سعيد بن المرباز عن نصر بن عاصم فذكر قصة فيها عن علي رضي الله عنه أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه وإن ملكهم سكر فوقع على ابنته أو أخته

وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن بجالة بن عَبدة كتب كتابا لجزئ بن مُعَاوِيَة، فَذكر الحَدِيث، وَقَالَ فِيهِ: " وَلم يكن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَخذ الْجِزْيَة من الْمَجُوس حَتَّى شهد عبد الرَّحْمَن بن عَوْف أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذهَا من مجوس هجر ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن سُفْيَان عَن أبي سعيد بن المرباز عَن نصر بن عَاصِم فَذكر قصَّة فِيهَا عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنا أعلم النَّاس بالمجوس، كَانَ لَهُم علم يعلمونه، وَكتاب يدرسونه، وَإِن ملكهم سكر، فَوَقع على ابْنَته، أَو أُخْته، فَاطلع عَلَيْهِ بعض أهل مَمْلَكَته، فَلَمَّا صَحا جَاءُوا يُقِيمُونَ عَلَيْهِ الْحَد، فَامْتنعَ مِنْهُم، فَدَعَا أهل مَمْلَكَته، فَقَالَ: " تعلمُونَ دينا خير من دين آدم، قد كَانَ آدم ينْكح بنيه من بَنَاته، فَأَنا على دين آدم مَا يرغب بكم عَن دينه، فَبَايعُوهُ وقاتلوا الَّذين خالفوهم حَتَّى قتلوهم فَأَصْبحُوا، وَقد أسرى على كِتَابهمْ، فَرفع من بَين أظهرهم، وَذهب الْعلم والآي من صُدُورهمْ، قَالَ: " وهم أهل كتاب، وَقد أَخذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَأَبُو بكر، وَعمر - رَضِي الله عَنْهُم - مِنْهُم الْجِزْيَة ". فَأَما حَدِيث بُرَيْدَة - رَضِي الله عَنهُ - فِي صَحِيح مُسلم قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا بعث أَمِيرا على سَرِيَّة، أَو جَيش أوصاه بتقوى الله، وَقَالَ: " إِذا لقِيت عَدوك من الْمُشْركين، فادعهم إِلَى

كان يقاتل كفار قريش بنفسه ويقاتل أهل الكتاب بنفسه وبأصحابه وما بلغنا أنه دعا كفار قريش إلى إعطاء الجزية والله أعلم

إِحْدَى ثَلَاث خِصَال، أَو خلال فأيتهن أجابوك إِلَيْهَا فاقبل " ... الحَدِيث، وَفِيه: " فَإِن هم أَبَوا فادعهم إِلَى إِعْطَاء الْجِزْيَة، فَإِن أجابوك فاقبل مِنْهُم، وكف عَنْهُم ". قَالَ أَصْحَابنَا: " هَذَا ورد فِي أهل الْكتاب (فَإِن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يُقَاتل كفار قُرَيْش بِنَفسِهِ، وَيُقَاتل أهل الْكتاب) بِنَفسِهِ وبأصحابه، وَمَا بلغنَا أَنه دَعَا كفار قُرَيْش إِلَى إِعْطَاء الْجِزْيَة "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (322) : وَأَقل الْجِزْيَة دِينَار، والغني وَالْفَقِير فِيهِ سَوَاء. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " هِيَ على ثَلَاث مَرَاتِب على الْفَقِير دِينَار، وعَلى الْمُتَوَسّط دِينَارَانِ، وعَلى الْغَنِيّ أَرْبَعَة دَنَانِير ". وروى فِي ذَلِك خبر مُرْسل عَن إِبْرَاهِيم عَن مَسْرُوق قَالَا: " قَالَ معَاذ: بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْيمن، فَأمرنِي أَن آخذ من كل أَرْبَعِينَ بقرة ثنية، وَمن كل ثَلَاثِينَ (تبيعاً) ، أَو تبيعة، وَمن

كان لأهل ذمة اليمن على دينار كل سنة وروى مالك عن نافع عن سالم مولى عمر أن عمر رضي الله عنه ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير وعلى أهل الورق أربعين درهما ومع ذلك أرزاق المسلمين وضيافة ثلاثة أيام والله أعلم

كل حالم دِينَار أَو عدله معافر ". وَقَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله: " سَأَلت مُحَمَّد بن خَالِد، وَعبد الله بن عَمْرو بن مُسلم - وعدداً من عُلَمَاء أهل الْيمن، فكلهم حكى لي عَن عدد مضوا، كلهم ثِقَة - أَن صلح النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ لأهل ذمَّة الْيمن على دِينَار كل سنة ". وروى مَالك عَن نَافِع عَن سَالم مولى عمر أَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - ضرب الْجِزْيَة على أهل الذَّهَب أَرْبَعَة دَنَانِير، وعَلى أهل الْوَرق أَرْبَعِينَ درهما، وَمَعَ ذَلِك أرزاق الْمُسلمين، وضيافة ثَلَاثَة أَيَّام، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (323) : وَمن دخل من أهل الْحَرْب دَار الْإِسْلَام للتِّجَارَة فللإمام أَن يضع عَلَيْهِ شَيْئا يَأْخُذهُ من أَمْوَال تِجَارَته على مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ اجْتِهَاده. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِن كَانُوا هم يعشرُونَ أَمْوَال الْمُسلمين إِذا دخلُوا دَارهم أَخذ الإِمَام مِنْهُم ذَلِك، وَإِن كَانُوا لَا يَأْخُذُونَ شَيْئا فَلَا يَأْخُذ مِنْهُم شَيْئا ". وَالله أعلم.

كتاب الصيد والذبائح

(كتاب الصَّيْد والذبائح) وَمن كتاب الصَّيْد والذبائح: (مَسْأَلَة) (324) : وَالْكَلب الْمعلم إِذا أكل مِمَّا اصطاد شَيْئا فَلَا يحرمه فِي أحدة الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " يحرمه "، وَهُوَ القَوْل الآخر. وَجه قَوْلنَا: " لَا يحرمه " من طَرِيق الْخَبَر مَا روى أَبُو دَاوُد عَن أبي ثَعْلَبَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صيد الْكَلْب: " إِذا أرْسلت كلبك، وَذكرت اسْم الله عَلَيْهِ، فَكل وَإِن أكل مِنْهُ، وكل مَا ردَّتْ يدك ". وَعَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أَن أَعْرَابِيًا - يُقَال

إن كان لك كلاب مكلبة فكل ما أمسكن عليك قال وإن أكل منه قال وإن أكل منه وقال مالك حدثني من سمع نافعا يقول قال عبد الله رضي الله عنه وإن أكل أو لم يأكل وعن مالك أنه بلغه أن سعد بن أبي وقاص رضي

لَهُ: أَبُو ثَعْلَبَة - قَالَ: " يَا رَسُول الله، إنّ لي كلاباً مكلبة، فأفتني فِي صيدها، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن كَانَ لَك كلاب مكلبة، فَكل مَا أمسكن عَلَيْك، قَالَ: وَإِن أكل مِنْهُ، قَالَ: وَإِن أكل مِنْهُ ". وَقَالَ مَالك: " حَدثنِي من سمع نَافِعًا يَقُول: قَالَ عبد الله - رَضِي الله عَنهُ -: وَإِن أكل (أَو لم يَأْكُل) ". وَعَن مَالك أَنه بلغه أَن سعد بن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنهُ - سُئِلَ عَن الْكَلْب الْمعلم إِذا أَخذ ثمَّ أكل، فَقَالَ سعد: وَإِن لم يبقَ إِلَّا بضعَة وَاحِدَة. كَذَا رَوَاهُ الثَّوْريّ عَن عبيد الله عَن نَافِع عَن ابْن عمر أَنه قَالَ: " إِذا أكل فَكل ". وَعَن ابْن أبي ذِئْب عَن بكر بن عبيد الله عَن رجل - يُقَال لَهُ حميد بن مَالك - قَالَ: " سَأَلت سعيداً "، فَذكره بِمَعْنَاهُ. وَوجه قَوْلنَا يحرم من طَرِيق الْخَبَر مَا روى الشّعبِيّ عَن عدي بن حَاتِم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْكَلْب، فَقَالَ: " إِذا أرْسلت كلبك، فَذكرت اسْم الله فَكل، وَإِن أكل مِنْهُ فَلَا تَأْكُل؛

عن الكلب قلت إنا قوم نصيد بهذه الكلاب فقال إذا أرسلت كلابك المعلمة فذكرت اسم الله عليها فكل مما أمسكن عليك وإن قتلن إلا أن يأكل الكلب فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل

فَإِنَّهُ إِنَّمَا أمسك على نَفسه "، اتفقَا على صِحَّته بِهَذَا اللَّفْظ أَو بِمَعْنَاهُ. وَعِنْدَهُمَا عَنهُ أَيْضا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (عَن الْكَلْب) قلت: إِنَّا قوم نصيد بِهَذِهِ الْكلاب، فَقَالَ: إِذا أرْسلت كلابك المعلمة فَذكرت اسْم الله عَلَيْهَا، فَكل مِمَّا أمسكن عَلَيْك وَإِن قتلن، إِلَّا أَن يَأْكُل الْكَلْب، فَإِن أكل فَلَا تَأْكُل، فَإِنِّي أَخَاف أَن يكون إِنَّمَا أمسك على نَفسه، وَإِن خالطها كلاب من غَيرهَا فَلَا تَأْكُل ". وَعند أبي دَاوُد عَن عدي - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مَا علمت من كلب أَو باز، ثمَّ أَرْسلتهُ، وَذكرت اسْم الله عَلَيْهِ فَكل مِمَّا أمسك عَلَيْك، قلت: وَإِن قتل قَالَ: إِذا قَتله وَلم يَأْكُل مِنْهُ شَيْئا؛ فَإِنَّمَا أمْسكهُ عَلَيْك "، وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " إِذا أكل الْكَلْب من الصَّيْد فَلَا تَأْكُل "، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (325) : لَو ذبح مُسلم وَلم يسم حلت ذَبِيحَته. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن ترك التَّسْمِيَة عمدا لم تحل ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - (أَن قوما قَالُوا: " يَا رَسُول الله، إنّ قوما يَأْتُونَا بِاللَّحْمِ لَا نَدْرِي أذكروا اسْم الله أم لَا؟ " فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سموا الله عَلَيْهِ وكلوا "، كَذَا رَوَاهُ البُخَارِيّ عَن أبي أَشْعَث عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: " وَتَابعه الدَّرَاورْدِي عَن هِشَام، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو خَالِد الْأَحْمَر، ومحاضر، ومسلمة بن قعنب، وَيُونُس، وحاتم، وَعبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان، وَأُسَامَة بن حَفْص عَن هِشَام ". وَرَوَاهُ مَالك وَحَمَّاد عَنهُ بِمَعْنَاهُ، وَلم يذكرَا عَائِشَة، وَهُوَ الْمَحْفُوظ من حَدِيث مَالك مُرْسل. قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: وَقد أخبرنَا أَبُو عبد الله، وَأَبُو بكر، وَعبيد بن مُحَمَّد قَالُوا: أخبرنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب، حَدِيثا يحيى بن أبي طَالب، أخبرنَا عبد الْوَهَّاب، أخبرنَا مَالك بن أنس عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - سُئِلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

سموا عليها ثم كلوا قال البيهقي رحمه الله كذا وجدته في كتابي في الثاني من الثالث والعشرين من الفوائد الكبير وروي عن أبي العشراء الدارمي واسمه أسامة بن مالك بن فهطم وقال بعضهم عطارد بن برز عن أبيه أنه قال

فَقَالُوا: " يَا رَسُول الله إنّ أُنَاسًا من أهل الْبَادِيَة يأتوننا بأجبان وَإِنَّا لَا نَدْرِي أسموا الله عَلَيْهَا؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سموا عَلَيْهَا، ثمَّ كلوا ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: " كَذَا وجدته فِي كتابي فِي الثَّانِي من الثَّالِث وَالْعِشْرين من الْفَوَائِد الْكَبِير ". وَرُوِيَ عَن أبي العشراء الدَّارمِيّ - واسْمه أُسَامَة بن مَالك بن فهطم، وَقَالَ بَعضهم: عُطَارِد بن برز - عَن أَبِيه أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، أما يكون الذَّكَاة إِلَّا فِي الْحلق واللبة؟ فَقَالَ: " لَو طعنت فِي فَخذهَا لأجزأ عَنْك "، وَهَذَا ورد فِي المتوحش والمتردي، وَلم يشْتَرط التَّسْمِيَة. وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا: قَالَ: " جَاءَت الْيَهُود إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالُوا: تَأْكُل مِمَّا قتلنَا، وَلَا تَأْكُل مِمَّا قتل الله فَأنْزل الله -

عن المعراض فقال إذا أصبت بحده وذكرت اسم الله فكل وإذا أصبت بعرضه فإنه وقيذ فلا تأكل قلت يا رسول الله أرسل كلبي وأجد معه كلبا آخر قد أخذ لا أدري أيهما أخذ قال فلا تأكل فإنما سميت على كلبك ولم تسم على غيره

عز وجلّ - {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} الْآيَة ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عدي بن حَاتِم - رَضِي الله عَنهُ - سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن المعراض، فَقَالَ: " إِذا أصبت بحده، وَذكرت اسْم الله فَكل، وَإِذا أصبت بعرضه فَإِنَّهُ وقيذ، فَلَا تَأْكُل، قلت: يَا رَسُول الله، أرسل كَلْبِي وَأَجد مَعَه كَلْبا آخر قد أَخذ، لَا أَدْرِي أَيهمَا أَخذ؟ قَالَ: فَلَا تَأْكُل، فَإِنَّمَا سميت على كلبك، وَلم تسم على غَيره ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا اصطاد كلبك المكلب، فَكل مِمَّا أمسك عَلَيْك، وَاذْكُر اسْم الله، وَأما مَا اصطاد كلبك الَّذِي لَيْسَ بمكلب، فأدركت ذَكَاته، فَكل مِنْهُ، وَمَا لم تدْرك ذَكَاته، فَلَا تَأْكُل مِنْهُ، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (326) : وَإِذا رمى بِسَهْم إِلَى صيد، وَأرْسل كَلْبا على صيد فغابا عَنهُ، ثمَّ وجده مقتولاً لم يحل أكله على أحد الْقَوْلَيْنِ، وَحل فِي القَوْل الثَّانِي، وَإِن لم يكن مقتفياً أَثَره. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن

كل

كَانَ يقفو أَثَره حل أكله، وَإِن لم يكن مقتفياً أَثَره تَابعا لَهُ إِلَى أَن وجده لم يحل أكله اسْتِحْسَانًا ". رُوِيَ عَن ابْن جُبَير عَن عدي - رَضِي الله عَنهُ - قلت: " يَا رَسُول الله، أرمي الصَّيْد، فأجده من الْغَد فِيهِ سهمي؟ قَالَ: إِذا وجدت فِيهِ سهمك، وَعلمت أَنه قَتله، وَلم تره فِيهِ أثر سبع فكله ". وَرُوِيَ عَن عَمْرو بن مَيْمُون عَن أَبِيه أنّ أَعْرَابِيًا أَتَى إِلَى عبد الله بن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فَقَالَ: " إِنِّي أرمي الصَّيْد، فأصمي وأنمي "، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: " كل مَا أصميت، ودع مَا أنميت، والإصماء أَن يقبضهُ، والإنماء أَن يسْتَقلّ بسهمه حَتَّى يغيب عَنهُ، فَوَجَدَهُ بعد ذَلِك بِيَوْم، أَو نَحْو ذَلِك ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: لَا أَدْرِي هَذَا التَّفْسِير من قَول من. وَقد روى هَذَا الحَدِيث عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن عَن الحكم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كل

وإن رميت بسهمك فاذكر اسم الله وإن غاب عنك يوما فلم تجد فيه إلا أثر سهمك فكل إن شئت وإن وجدته غريقا في الماء فلا تأكل قال أصحابنا إنما أراد به إذا أصاب السهم مقتله بمرأى منه ثم غاب عنه وذلك يحل أكله وقد رواه عباد

مَا أصميت، ودع مَا أنميت "، إِلَّا أَن عُثْمَان الْوَقَّاصِ ضَعِيف الحَدِيث، فَلَا يحْتَج بروايته، وَالْمَشْهُور عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوف. وروى سُفْيَان عَن ابْن جريج عَن عَطاء قَالَ: " إِذا غَابَ عَن مصارعه فَلَا تَأْكُله ". وَعند أبي دَاوُد حَدثنَا الْحُسَيْن حَدثنَا عبد الْأَعْلَى حَدثنَا دَاوُد عَن عَامر عَن عدي - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: " يَا رَسُول الله، أَحَدنَا يَرْمِي الصَّيْد، فيقتفي أَثَره الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَة، ثمَّ يجده مَيتا وَفِيه سَهْمه، أيأكل؟ قَالَ: نعم إِن شَاءَ، أَو قَالَ: يَأْكُل إِن شَاءَ ". قَالَ البُخَارِيّ: " وَقَالَ عبد الْأَعْلَى عَن دَاوُد فَذكره ". وَعند مُسلم فِي الصَّحِيح عَن عدي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ لي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَإِن رميت بسهمك، فاذكر اسْم الله، وَإِن غَابَ عَنْك يَوْمًا، فَلم تَجِد فِيهِ إِلَّا أثر سهمك فَكل إِن شِئْت، وَإِن وجدته غريقاً فِي المَاء فَلَا تَأْكُل ". قَالَ أَصْحَابنَا: إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ إِذا أصَاب السهْم مَقْتَله بمرأى مِنْهُ، ثمَّ غَابَ عَنهُ، وَذَلِكَ يحل أكله. وَقد رَوَاهُ عباد بن عباد عَن عَاصِم عَن الشّعبِيّ أنّ عدي بن حَاتِم

أرمي بسهمي فأصيب فلا اقدر عليه إلا بعد يوم أو يومين قال إن قدرت عليه وليس به أثر ولا خدش إلا رميتك فكل وإن وجدت به أثرا غير رميتك فلا تأكل أو قال فلا تطعمه وعند مسلم عن أبي ثعلبة رضي الله عنه عن النبي

- رَضِي الله عَنهُ -: " سَأَلت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أرمي بسهمي فأصيب، فَلَا اقدر عَلَيْهِ إلاّ بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ "، قَالَ: " إِن قدرت عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِهِ أثر، وَلَا خدش إِلَّا رميتك فَكل، (وَإِن وجدت بِهِ أثرا غير رميتك فَلَا تَأْكُل "، أَو قَالَ: " فَلَا تطعمه ". وَعند مُسلم عَن أبي ثَعْلَبَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا رميت الصَّيْد فَأَدْرَكته بعد ثَلَاث لَيَال، وسهمك فِيهِ فَكل) مَا لم ينتن ". (مَسْأَلَة) (327) : وَإِذا ضرب الصَّيْد فَقَطعه قطعتين أكل، وَإِن كَانَت إِحْدَى القطعتين أقل من الْأُخْرَى. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِن أبان مِنْهُ الرَّأْس أكل الْجَمِيع، وَإِن أبان مِنْهُ يدا أَو رجلا فَلَا يُؤْكَل المبان مِنْهُ، وَيَأْكُل الَّذِي فِيهِ الرَّأْس ". عِنْد أبي دَاوُد عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا أَبَا ثَعْلَبَة، كل مَا ردَّتْ عَلَيْك قوسُك وكلبُك الْمعلم ويدُك فكُلْ، ذكيّ وَغير ذكي ".

المدينة والناس يحتون أسنام الإبل ويقطعون أليات الغنم فقال النبي

وَمَا رُوِيَ عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: " قدم النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة وَالنَّاس يحتون أسنام الْإِبِل ويقطعون أليات الْغنم، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا قطع من الْبَهِيمَة، وَهِي حَيَّة فَهُوَ ميتَة ". فَنحْن نقُول بِهِ، والخلال لم يَقع فِيهِ. وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (328) : وَلَا تقع الذَّكَاة بِالسِّنِّ وَالظفر. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " تقع بهما الذَّكَاة إِذا كَانَا منفصلين ". دليلنا مَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ: عَن رَافع بن خديج - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا نلقى الْعَدو غَدا، وَلَيْسَ مَعنا مدى، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَرِنْ أَو أَعْجِلْ، مَا

إنا نرجو أو نخشى أن نلقى العدو وليس معنا مدى أفنذبح بالقصب فقال رسول الله

أنهر الدَّم وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ فَكُلُوا (مَا لم يكن) سنّ أَو ظفر، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَن ذَلِك، أما السن فَعظم، وَأما الظفر فمدى الْحَبَشَة " ... الحَدِيث. واتفقا على صِحَة حَدِيث رَافع بن خديج، وَأَنه قَالَ لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّا نرجو أَو نخشى أَن نلقى الْعَدو، وَلَيْسَ مَعنا مدى أفنذبح بالقصب؟ " فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أنهر الدَّم، وَذكر اسْم الله فَكُلُوا إِلَّا السن وَالظفر ". وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (329) : وَيجوز أكل السّمك الطافي. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". وَلنَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْبَحْر هُوَ الطّهُور مَاؤُهُ، والحل ميتَته.

فقال رزق أخرجه الله أطعمونا إن كان معكم فأتاه بعضو فأكله وروي عن ابن عباس عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم عنه قال كل السمكة الطافية وروي عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال السمك ذكي

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث جَابر - رَضِي الله عَنهُ - غزونا وأميرنا أَبُو عُبَيْدَة، فجعنا جوعا شَدِيدا، فَألْقى الْبَحْر حوتاً لم نرَ مثله، فأكلنا مِنْهُ نصف شهر. وَفِي رِوَايَة: " فال أَبُو عُبَيْدَة - رَضِي الله عَنهُ -: كلوا، فَلَمَّا قدمنَا ذكرنَا ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: رزق أخرجه الله، أطعمونا إِن كَانَ مَعكُمْ، فَأَتَاهُ بعضو فَأَكله ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنْهُم - عَنهُ قَالَ: " كلِ السمكةَ الطافية ". وَرُوِيَ عَن زيد بن أسلم عَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " السّمك ذكي، وَالْجَرَاد ذكي كُله ".

وقد قيل عن النبي

وَرُوِيَ أَيْضا فِي حل الطافية عَن أبي أَيُّوب وَأبي طَلْحَة، رَضِي الله عَنْهُمَا. وَرُوِيَ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ: الْجَرَاد وَالْحِيتَان، والكبد وَالطحَال ". وَإِذا قَالَ الصَّحَابِيّ: " أحل لنا، أَو حرم علينا " كَانَ ذَلِك مُسْندًا؛ إِذْ لَيْسَ أحد يُؤْخَذ عَنهُ ذَلِك إِلَّا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقد قيل عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من رِوَايَة ضَعِيفَة عَن زيد بن أسلم روى ذَلِك بِمَعْنَاهُ الشَّافِعِي عَن عبد الرَّحْمَن بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَعبد الرَّحْمَن بن زيد مَتْرُوك الحَدِيث. وَرُوِيَ عَن ابْن أبي أويس عَن عبد الرَّحْمَن، وَأُسَامَة، وَعبد الله بن زيد بن أسلم عَن أَبِيهِم مُسْندًا أَيْضا. وروى أَبُو أَحْمد الزبيرِي عَن الثَّوْريّ عَن أبي الزبير عَن جَابر -

رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " إِذا طفا السّمك على المَاء (فَلَا تَأْكُله) ، وَإِذا جزر عَنهُ الْبَحْر فكله، وَمَا كَانَ على حافتيه فكله ". قَالَ سُلَيْمَان بن أَحْمد: " لم يرفع هَذَا الحَدِيث عَن سُفْيَان إِلَّا أَبُو أَحْمد "، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " لم يسْندهُ عَن الثَّوْريّ غير أبي أَحْمد، وَخَالفهُ وَكِيع، والعدوي، وَعبد الرَّزَّاق، مؤئل، وَأَبُو عَاصِم، وَغَيرهم عَن الثَّوْريّ، فَرَوَوْه مَوْقُوفا وَهُوَ الصَّوَاب ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، وَعبيد الله بن عمر، وَابْن جريج، وَزُهَيْر، وَحَمَّاد بن سَلمَة، وَغَيرهم عَن أبي الزبير مَوْقُوفا. وَرُوِيَ عَن ابْن أبي ذِئْب، وَإِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن أبي الزبير مَرْفُوعا، وَلَا يَصح رَفعه، عَن يحيى بن سليم عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة مَعْنَاهُ، وَوَقفه غَيره عَن إِسْمَاعِيل وَهُوَ الصَّوَاب. وَرَوَاهُ يحيى بن أبي أنيسَة عَن أبي الزبير مَوْقُوفا، وَيحيى مَتْرُوك الحَدِيث. وَرُوِيَ عَن عبد الْعَزِيز بن عبيد الله عَن وهب بن كيسَان عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا. قَالَ عَليّ بن عمر: " تفرد بِهِ عَن وهب، وَعبد الْعَزِيز ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ ".

وَرُوِيَ عَن بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن أبي الزبير عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " ودعوا مَا طفا "، وَبَقِيَّة فِيهِ نظر، ثمَّ يُعَارضهُ حَدِيثه يرْوى عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " كل مَا طفا على الْبَحْر ". وَالله اعْلَم.

كتاب الضحايا

(كتاب الضَّحَايَا) من كتاب الضَّحَايَا: (مَسْأَلَة) (330) : الْأُضْحِية غير وَاجِبَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله: " هِيَ وَاجِبَة على المقيمين ". لنا حَدِيث أم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا دخل الْعشْر، فَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي فَلَا يمس من شعره، وَلَا بشره شَيْئا "، أخرج مَعْنَاهُ مُسلم فِي الصَّحِيح. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ثَلَاث هن عليّ فَرَائض، وهنّ عَلَيْكُم تطوع: النَّحْر، وَالْوتر، وركعتا الْفجْر ".

صلى للناس يوم النحر فلما فرغ من خطبته وصلاته دعا بكبش فذبحه هو بنفسه وقال بسم الله والله أكبر اللهم عني وعمن لم يضح من أمتي وعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه إني لأترك الأضحى وإني موسر كراهة أن يرى جيراني وأهل

وَعَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلّى للنَّاس يَوْم النَّحْر، فَلَمَّا فرغ من خطبَته وَصلَاته دَعَا بكبش فذبحه هُوَ بِنَفسِهِ، وَقَالَ: " بِسم الله وَالله أكبر، اللهمّ عني وَعَمن لم يضح من أمّتي ". وَعَن أبي مَسْعُود الْأنْصَارِيّ - رَضِي الله عَنهُ -: " إِنِّي لأترك الْأَضْحَى، وَإِنِّي مُوسر كَرَاهَة أَن يرى جيراني وَأهل أَنه عَليّ حتم ". وَعَن أبي سريحَة قَالَ: " أدْركْت أَبَا بكر وَعمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - وَكَانَا لي جارين، وَكَانَا لَا يضحيان ". وَعَن حُذَيْفَة بن أسيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " لقد رَأَيْت أَبَا بكر وَعمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - يحجان وَمَا يضحيان - أَرَادَ أَن يستنّ بهما - ثمَّ أتيتكم فحملتموني على الجفا بَعْدَمَا فقهت السّنة ". وَعَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " لم تكْتب الْأَضْحَى عَلَيْكُم، فَمن شَاءَ فليضح ".

قال يا أيها الناس إن على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة أتدرون ما العتيرة هذه التي يقول الناس الرجبية وروي عن عبد الله بن شريح عن عبد الله القتباني عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا من وجد سعة فلم يذبح

وَعَن عِكْرِمَة أنّ ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا - كَانَ إِذا حضر الْأَضْحَى أعْطى مولى لَهُ دِرْهَمَيْنِ، " اشْتَرِ بهما لَحْمًا، وَأخْبر النَّاس أَنه أضحى ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنْهُمَا ". وروى أَبُو دَاوُد عَن مُسَدّد عَن يزِيد، وَعَن حميد بن بشر عَن عبد الله بن عون عَن عَامر بن أبي رَملَة قَالَ: " أَنبأَنَا مخْنَف بن سليم قَالَ: " وَنحن وقُوف مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إنّ على أهل كل بَيت فِي كل عَام أضْحِية وعتيرة، أَتَدْرُونَ مَا العتيرة؟ هَذِه الَّتِي يَقُول النَّاس الرجبية ". وَرُوِيَ عَن (عبد الله) بن شُرَيْح عَن عبد الله الْقِتْبَانِي عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَرْفُوعا: " من وجد سَعَة فَلم يذبح فَلَا يقربن مصلانا "، تَابعه زيد بن الْحباب عَن الْقِتْبَانِي. وَرَوَاهُ جَعْفَر بن ربيعَة وَغَيره عَن عبد الرَّحْمَن الْأَعْرَج عَن أبي

مسألة

هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - مَوْقُوفا، وَهُوَ الصَّوَاب. وَرَوَاهُ يحيى (بن سعيد الْعَطَّار عَن الْقِتْبَانِي مَرْفُوعا: " من قدر على سَعَة فَلم يضح ... "، وَيحيى دمشقي ضَعِيف، وَالله أعلم) . (مَسْأَلَة) (331) : وَلَا وَقت للذبح يَوْم الْأَضْحَى إِلَّا فِي قدر صَلَاة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَذَلِكَ حِين حلت الصَّلَاة، وَقدر خطبتين خفيفتين إِذا كَانَ هَذَا فقد حلّ الذّبْح لكل أحد حَيْثُ كَانَ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يعْتَبر فعل الصَّلَاة ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تذبحوا إِلَّا مُسِنَّة إِلَّا أَن يعسر عَلَيْكُم، فتذبحوا جَذَعَة من الضَّأْن ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن الْبَراء - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إنّ أول مَا نبدأ بِهِ فِي يَوْمنَا هَذَا أَن نصلي، ثمَّ ترجع،

يوم النحر يقول من ذبح قبل أن يصلي فليعد مكانها ومن لم يذبح فليذبح وعند مسلم عنه شهدت الأضحى مع رسول الله

فننحر، فَمن فعل ذَلِك فقد أصَاب سنتنا، وَمن نحر قبل الصَّلَاة فَإِنَّمَا هُوَ لحم قدم لأَهله، لَيْسَ من النّسك فِي شَيْء ". وَعند البُخَارِيّ عَن جُنْدُب بن سُفْيَان البَجلِيّ شهِدت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم النَّحْر يَقُول: " من ذبح قبل أَن يُصَلِّي فليعد مَكَانهَا، وَمن لم يذبح فليذبح ". وَعند مُسلم عَنهُ شهِدت الْأَضْحَى مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فَقَامَ رجل فَقَالَ: إِن نَاسا ذَبَحُوا قبل الصَّلَاة) فَقَالَ: " من ذبح مِنْكُم قبل الصَّلَاة فليعد ذَبِيحَته، وَمن لَا فلذبح على اسْم الله "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (332) : وَإِذا قطع الْحُلْقُوم والمرئ فقد حل لَهُ، وَإِن لم يقطع الودجين. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " عَلَيْهِ قطع الثَّلَاث من الْأَرْبَع من الْحُلْقُوم والمريء والودجين ". لنا مَا اتفقَا على صِحَّته عَن رَافع بن خديج - رَضِي الله عَنهُ - قُلْنَا: " يَا رَسُول الله، إِنَّا لاقو الْعَدو غَدا، وَلَيْسَ مَعنا مدى، قَالَ:

مسألة

مَا أنهر الدَّم، وَذكر اسْم الله فَكل، لَيْسَ السن وَالظفر ". وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: " الذَّكَاة فِي الْحلق واللبة، وَلَا تعجلوا الْأَنْفس أَن تزهق "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (333) : ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه، إِذا وجد مَيتا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يحل إِلَّا بالذكاة كالأم ". عِنْد أبي دَاوُد عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ذَكَاة الْجَنِين ذَكَاة أمه ". وَعَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْجَنِين، فَقَالَ: كلوه إِن شِئْتُم ". وَفِي رِوَايَة: قُلْنَا: " يَا رَسُول الله، نَنْحَر النَّاقة، ونذبح الْبَقَرَة وَالشَّاة فنجد فِي بَطنهَا الْجَنِين، أنلقيه أم نأكله؟ " قَالَ: " كلوه إِن شِئْتُم، فَإِن ذَكَاته ذَكَاة أمه ".

مسألة

وروى مَالك عَن نَافِع أنّ عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - كَانَ يَقُول: " إِذا نحرت النَّاقة فذكاة مَا فِي بَطنهَا بذكاتها إِذا كَانَ قد تمّ خلقه، وَتمّ شعره، فَإِذا خرج من بَطنهَا - يَعْنِي حَيا - ذبح حَتَّى يخرج الدَّم من جَوْفه ". وَكَذَا رَوَاهُ مَالك عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط عَن سعيد بن الْمسيب أَنه كَانَ يَقُول: " ذَكَاة مَا فِي بطن الذَّبِيحَة فِي ذَكَاة أمه، إِذا كَانَ قد نبت شعره، وتّم خلقه ". وَرُوِيَ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا فِي الْجَنِين: " ذَكَاته ذَكَاة أمه، أشعر أَو لم يشْعر "، وَمَا مضى أصح مِنْهُ، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (334) : وَلحم الضبع والثعلب حَلَال يُؤْكَل. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يُؤْكَل ". رُوِيَ عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمَارَة قلت لجَابِر: " آكل الضبع؟ "، قَالَ: " نعم "، قلت: " أصيد هِيَ؟ "، قَالَ: " نعم "، قلت:

قال نعم قال أبو عيسى الترمذي سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال هو حديث صحيح وعن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله

" أسمعت ذَلِك من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ " قَالَ: " نعم " قَالَ أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ: " سَأَلت مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: " هُوَ حَدِيث صَحِيح ". وَعَن عَطاء عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الضبع صيد، فَإِذا أَصَابَهُ الْمحرم فَفِيهِ جَزَاء كَبْش مسن ويؤكل ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " هَذَا الحَدِيث صَحِيح ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي ثَعْلَبَة الْخُشَنِي - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع ". (وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن كل ذِي نَاب من السبَاع) ، وكل ذِي مخلب من الطير.

مسألة

وروى ابْن عدي بِإِسْنَاد ضَعِيف عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - النَّهْي عَن الضَّب والضبع، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (335) : وَأكل الضَّب مُبَاح. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: إِنَّه مَكْرُوه ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - " أَن خَالِدا بن الْوَلِيد دخل مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيت مَيْمُونَة زوج النَّبِي ّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأتي بضب محنوذ فَأَهوى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَده، فَقَالَ بعض النسْوَة اللَّاتِي فِي بَيت مَيْمُونَة زوج النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أخبروا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَا يُرِيد أَن يَأْكُل، فَقَالُوا: هُوَ ضَب، فَرفع يَده، فَقلت: أحرام هُوَ؟ قَالَ: لَا وَلكنه لم يكن بِأَرْض قومِي فأجدني أعافُه قَالَ: فاجتررته، فأكلته وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ينظر "، وَعند مُسلم " فَلم ينهني ". وَعِنْدَهُمَا عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - كَانَ نَاس من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيهم سعد، فَذَهَبُوا يَأْكُلُون من لحم، فنادتهم امْرَأَة من بعض أَزوَاج النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه لحم ضَب فأمسكوا، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " كلوا وأطعموا فَإِنَّهُ حَلَال " أَو قَالَ: " لَا بَأْس بِهِ، وَلكنه لَيْسَ من طَعَام قومِي ".

أقطا وسمنا وأضبا فأكل رسول الله

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَهْدَت أم جُنَيْد خَالَة ابْن عَبَّاس إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أقطا وَسمنًا وأضبا، فَأكل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الأقط وَالسمن، وَترك الأضب تقذراً، وَأكل على مائدة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَو كَانَ حَرَامًا مَا أكل على مائدته. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - سُئِلَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الضَّب، فَقَالَ: " لست بآكله، وَلَا محرمه ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن أبي سعيد - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رجل: يَا رَسُول الله، إِنَّا بِأَرْض مضبة، فَمَا تَأْمُرنَا، أَو فَمَا تفتينا؟ قَالَ: " ذكر لي أنّ أمة من بني إِسْرَائِيل مسخت، فَلم يَأْمر، وَلم ينْه "، قَالَ أَبُو سعيد: " فَلَمَّا كَانَ بعد ذَلِك قَالَ عمر: إنّ الله لينفع بِهِ غير وَاحِد، وَإنَّهُ لطعام عَامَّة هَذِه الرعاء، وَلَو كَانَ عِنْدِي لطعمته، إِنَّمَا عافه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وروى إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش عَن ضَمْضَم عَن شُرَيْح عَن أبي رَاشد عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن أكل لحم الضَّب "، وَإِسْمَاعِيل بن عَيَّاش لَيْسَ بِالْقَوِيّ عِنْدهم،

مسألة

وَلَا بِعَارِض بِهَذِهِ الرِّوَايَة رِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ الَّتِي ذَكرنَاهَا، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (336) : لحم الْفرس مَأْكُول مُبَاح من غير كَرَاهِيَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله: " إِنَّه مَكْرُوه فِي رِوَايَة، وَحرَام فِي رِوَايَة ". دليلنا مَا فِي الصَّحِيح عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعند مُسلم أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى يَوْم خَيْبَر عَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة، وَأذن فِي لُحُوم الْخَيل ". وَفِي صَحِيح مُسلم أكلنَا زمن خَيْبَر الْخَيل وحمر الْوَحْش، وَنهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْحمار الأهلي. وَعِنْده عَن أَسمَاء بنت أبي بكر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَت: " أكلنَا لحم فرس على عهد النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَعند البُخَارِيّ عَنْهَا قَالَت: " نحرنا فرسا على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأكلناه ".

نهى عن أكل لحوم الخيل كذا رواه محمد بن عمر الواقداني عن ثور إلا أنه قال نهى يوم خيبر عن أكل لحوم الخيل قال الدارقطني حدثنا أبو سهل قال سمعت محمد بن هارون يقول لا يعرف صالح بن يحيى ولا أخوه إلا بجده وهذا ضعيف

وَرُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم عَن الْأسود أنّه أكل لحم الْفرس، وروينا عَن الْحسن وَغَيره. استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن بَقِيَّة عَن ثَوْر بن يزِيد عَن صَالح بن يحيى بن الْمِقْدَام. ابْن معدي كرب عَن أَبِيه عَن جده عَن خَالِد - رَضِي الله عَنهُ - " أَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى عَن أكل لُحُوم الْخَيل ". كَذَا رَوَاهُ مُحَمَّد بن عمر الواقداني عَن ثَوْر إِلَّا أَنه قَالَ: " نهى يَوْم خَيْبَر عَن أكل لُحُوم الْخَيل ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " حَدثنَا أَبُو سهل قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن هَارُون يَقُول: لَا يعرف صَالح بن يحيى، وَلَا أَخُوهُ إِلَّا بجده، وَهَذَا ضَعِيف. قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله -: " وَرَوَاهُ مُحَمَّد بن هَارُون الْبَلْخِي عَن ثَوْر عَن يحيى بن الْمِقْدَام عَن أَبِيه عَن خَالِد "، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " هَذَا إِسْنَاد مُضْطَرب "، وَقَالَ الْوَاقِدِيّ: " لَا يَصح هَذَا؛ لِأَن خَالِدا أسلم بعد فتح خَيْبَر ".

نهى يوم خيبر عن كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب من الطير وعن المجثمة وعن لحوم الخيل وعن لحوم الحمر الأهلية وأن توطأ الحبالى حتى يضعن ما في بطونهن والله أعلم

وَقد رُوِيَ بِإِسْنَاد آخر عَن الْعِرْبَاض - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى يَوْم خَيْبَر عَن كل ذِي نَاب من السبَاع، وَعَن كل ذِي مخلب من الطير، وَعَن الْمُجثمَة، وَعَن لُحُوم الْخَيل، وَعَن لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة، وَأَن تُوطأ الحبالى حَتَّى يَضعن مَا فِي بطونهن "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (337) : لَا يجوز بيع الزَّيْت النَّجس. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يجوز ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن مَيْمُونَة - رَضِي الله عَنْهَا - أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ عَن فَأْرَة وَقعت فِي سمن وَمَاتَتْ فِيهِ، فَقَالَ: " ألقوها وَمَا حولهَا، وكلوه ".

إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامدا فألقوها وما حولها وإن كان مائعا فلا تقربوه وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا في السمن المائع والودك قال فانتفعوا به ولا تأكلوه وعن أبي موسى رضي الله عنه في الفأرة

وَعند أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: إِذا وَقعت الْفَأْرَة فِي السّمن، فَإِن كَانَ جَامِدا فألقوها وَمَا حولهَا، وَإِن كَانَ مَائِعا فَلَا تقربوه ". وَرُوِيَ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - مَرْفُوعا فِي السّمن الْمَائِع والودك قَالَ: " فانتفعوا بِهِ، وَلَا تأكلوه ". وَعَن أبي مُوسَى - رَضِي الله عَنهُ - فِي الْفَأْرَة تقع فِي السّمن، فَقَالَ: " بيعوا وبينوا، وَلَا تَبِيعُوا من مُسلم ". وَعَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " استصبحوا بِهِ، وادهنوا بِهِ أدمكم "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (338) : وَمن اضطرّ إِلَى الْميتَة حل لَهُ أَن يتَنَاوَل مِنْهَا مِقْدَار الشِّبَع فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ الْمُزنِيّ وَأَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يحل لَهُ مِنْهَا إِلَّا قدر مَا يسد الرمق ". رُوِيَ عَن جَابر بن سَمُرَة - رَضِي الله عَنهُ - " أنّ رجلا كَانَت لَهُ

فذكر له ذلك فقال أعندكم ما يغنيكم قال لا قال فكلوها وكانت قد ماتت قال فأكلنا من ودكها ولحمها وشحمها نحوا من عشرين يوما ثم لقي صاحبها فقال له ألا كنت نحرتها قال إني كنت استحييت منك رواه أبو داود الطيالسي عن شريك

نَاقَة بِالْحرَّةِ، فَدَفعهَا إِلَى رجل، وَقد كَانَت مَرضت، فَلَمَّا أَرَادَت أَن تَمُوت، قَالَت لَهُ امْرَأَته: لَو نحرتها، فأكلنا مِنْهَا، فَأبى وأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر لَهُ ذَلِك، فَقَالَ: أعندكم مَا يغنيكم قَالَ: لَا قَالَ: فكلوها، وَكَانَت قد مَاتَت قَالَ: فأكلنا من ودكها ولحمها وشحمها نَحوا من عشْرين يَوْمًا، ثمَّ لَقِي صَاحبهَا، فَقَالَ لَهُ: أَلا كنت نحرتها، قَالَ: إِنِّي كنت استحييت مِنْك ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شريك عَن سماك عَن جَابر. رُوِيَ عَن أبي وَاقد اللَّيْثِيّ - رَضِي الله عَنهُ - أنّ رجلا قَالَ: " يَا رَسُول الله، إِنَّا نَكُون بِالْأَرْضِ فتصيبنا بهَا المخمصة، فَمَتَى تحل لنا الْميتَة؟ فَقَالَ: مَا لم تصطبحوا، أَو تغتبقوا، أَو تحتبئوا بهَا بقلا، فشأنكم بهَا "، رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن مُحَمَّد بن كثير عَن الْأَوْزَاعِيّ عَن حسان بن عَطِيَّة عَنهُ، وَالله أعلم.

(فارغة)

كتاب السبق والرمي

(كتاب السَّبق وَالرَّمْي) من كتاب السَّبق وَالرَّمْي: (مَسْأَلَة) (339) : والمسابقة جَائِزَة على شَرط المَال على التَّفْصِيل الَّذِي ذكره فِي الْمَذْهَب. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِنَّهَا غير جَائِزَة على شَرط المَال بِحَال ". روى الشَّافِعِي عَن ابْن أبي فديك عَن ابْن أبي ذِئْب عَن نَافِع بن أبي نَافِع عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا سبق إِلَّا فِي نصل أَو حافر أَو خف ".

سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق وأن عبد الله بن عمر فيمن سابق بها وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه من أدخل فرسا بين فرسين ولا يأمن أن

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سَابق بَين الْخَيل الَّتِي قد أضمرت من الحفياء، وَكَانَ أمدها ثنية الْوَدَاع، وسابق بَين الْخَيل الَّتِي لم تضمر من الثَّنية إِلَى مَسْجِد بني زُرَيْق (وأنّ عبد الله بن عمر فِيمَن سَابق بهَا) . وَرُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - " من أَدخل فرسا بَين فرسين وَلَا يَأْمَن أَن يسْبق فَلَيْسَ بقمار، وَمن أَدخل فرسا بَين فرسين وَقد أَمن أَن يسْبق فَهُوَ قمار "، قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد ". وَرُوِيَ عَن أبي الْوَلِيد قَالَ: " أرسل الْحَاكِم بن أَيُّوب الْخَيل يَوْمًا، فَقُلْنَا: لَو أَتَيْنَا أنس بن مَالك، فأتيناه فَسَأَلْنَاهُ أَكُنْتُم تراهنون على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: نعم، لقد رَاهن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على فرس لَهُ يُقَال لَهَا سبخَة - فَجَاءَت سَابِقَة، فهش لذَلِك أعجبه ".

قال نعم والله لقد راهن على فرس له يقال لها سبخة فجاءت سابقة فبهش لذلك وأعجبه والله أعلم

وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدِهِ عَن أبي الْوَلِيد لمازة بن زبار فَذكر قصَّة، وَقَالَ: " قُلْنَا: يَا أَبَا حَمْزَة، أَكُنْتُم تراهنون، أَو كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ قَالَ: نعم، وَالله لقد رَاهن على فرس لَهُ يُقَال لَهَا سبخَة، فَجَاءَت سَابِقَة، فبهش لذَلِك وَأَعْجَبهُ "، وَالله أعلم.

(فارغة)

كتاب الأيمان والنذور

(كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور) وَمن كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور: (مَسْأَلَة) (340) : وَلَا كَفَّارَة على من حلف باليهودية، أَو بالنصرانية، أَو بِالْبَرَاءَةِ من الله، أَو من الْإِسْلَام. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " عَلَيْهِ الْكَفَّارَة ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ثَابت بن الضَّحَّاك - رَضِي الله عَنهُ - عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من حلف بِملَّة غير الْإِسْلَام كَاذِبًا فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمن قتل نَفسه بِشَيْء عذب بِهِ يَوْم الْقِيَامَة فِي نَار جَهَنَّم، وَلعن الْمُؤمن كقتله، وَمن رمى مُؤمنا بِكفْر فَهُوَ كقتله ".

من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله ولم ينسبه إلى الكفر والله أعلم

وَرُوِيَ عَن عبد الله بن بُرَيْدَة عَن أَبِيه - رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من حلف بِاللات والعزى فَلْيقل: لَا إِلَه إلاّ الله "، وَلم ينْسبهُ إِلَى الْكفْر، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (341) : وَالْكَفَّارَة وَاجِبَة فِي يَمِين الْغمُوس. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا كَفَّارَة ". قَالَ الله - عزّ وجلّ: (لاَ يُؤَاخِذُكُمُ الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن

قال هو كلام الرجل في بيته كلا والله بل والله وروى الشافعي رحمه الله عن مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لغو اليمين قول الإنسان لا والله وبلى والله أخرجه البخاري في الصحيح من حديث هشام عن

يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ} الْآيَة. وَعند أبي دَاوُد عَن عَطاء اللَّغْو فِي الْيَمين، قَالَ: " قَالَت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " هُوَ كَلَام الرجل فِي بَيته: كلا وَالله، بل وَالله ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: " لَغْو الْيَمين قَول الْإِنْسَان: لَا وَالله، وبلى وَالله "، أخرجه البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح من حَدِيث هِشَام عَن أَبِيه عَنْهَا فِي هَذِه الْآيَة قَالَت: " هُوَ قَول الرجل: لَا وَالله، وبلى وَالله ". وَرُوِيَ عَن عَبْثَر عَن لَيْث عَن حَمَّاد عَن إِبْرَاهِيم عَن عَلْقَمَة عَن

فسأل رسول الله

عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " الْأَيْمَان أَرْبَعَة: يمينان يكفران، ويمينان لَا يكفران، الرجل يحلف وَالله لَا يفعل كَذَا وَكَذَا فيفعل، وَالرجل يَقُول: وَالله أفعل فَلَا يفعل، وَأما اليمينان اللَّتَان لَا يكفران فَإِن الرجل يحلف مَا فعلت كَذَا وَكَذَا، وَقد فعله، وَالرجل يحلف لقد فعلت كَذَا وَكَذَا، وَلم يَفْعَله ". وَخَالفهُ سُفْيَان فَرَوَاهُ عَن لَيْث - هُوَ ابْن أبي سليم - عَن زِيَاد بن كُلَيْب عَن إِبْرَاهِيم من قَوْله، وَلَيْث وَحَمَّاد غير مُحْتَج بهما فِي الصَّحِيح. وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن فراس عَن الشّعبِيّ (عَن عبد الله بن عَمْرو - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي ّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله مَا الْكَبَائِر؟ قَالَ: الْإِشْرَاك بِاللَّه، قَالَ: ثمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثمَّ الْيَمين الْغمُوس، قَالَ: قلت لعامر: يَعْنِي الشّعبِيّ) - مَا الْيَمين الْغمُوس؟ قَالَ: الَّذِي يقتطع مَال امْرِئ مُسلم بِيَمِين وَهُوَ فِيهَا كَاذِب "، والمحتج بِهَذَا اللَّفْظ وَلَا حجَّة لَهُم فِيهِ. وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّ رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الطَّالِب الْبَيِّنَة، فَلم تكن لَهُ بَيِّنَة، فاستحلف الْمَطْلُوب، فَحلف بِاللَّه الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، فَقَالَ

بلى قد فعلت ولكن غفر لك بإخلاص قول لا إله إلا الله وروى أبو حنيفة عن يحيى بن أبي كثير عن مجاهد وعكرمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله

رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " بلَى قد فعلت، وَلَكِن غفر لَك بإخلاص قَول لَا إِلَه إلاّ الله ". وروى أَبُو حنيفَة عَن يحيى بن أبي كثير عَن مُجَاهِد وَعِكْرِمَة عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَيْسَ شَيْء أطيع الله فِيهِ أعجل ثَوابًا من صلَة الرَّحِم، وَلَيْسَ شَيْء أعجل عقَابا من الْبَغي وَقَطِيعَة الرَّحِم وَالْيَمِين الْفَاجِرَة تدع الديار بَلَاقِع ". وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (342) : وَكَفَّارَة الْيَمين قبل الْحِنْث جَائِزَة وَاقعَة موقعها. وَقَالَ أَبُو

في نفر من الأشعريين أستحمله فقال والله لا أحملكم فذكر الحديث إلى أن قال فأتينا النبي

حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا تُجزئه ". وَدَلِيلنَا من الْخَبَر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي مُوسَى - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نفر من الْأَشْعَرِيين أستحمله فَقَالَ: وَالله لَا أحملكم "، فَذكر الحَدِيث إِلَى أَن قَالَ: " فأتينا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَكرنَا ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: مَا أَنا حملتكم، بل الله حملكم، إِنِّي وَالله - إِن شَاءَ الله - لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى خيرا مِنْهَا إِلَّا كفرت عَن يَمِيني، وأتيت الَّذِي هُوَ خير ". وَعند مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " من حلف على يَمِين، فَرَأى خيرا مِنْهَا فليكفر عَن يَمِينه وليفعل ". وَعِنْده عَن عدي بن حَاتِم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا حلف أحدكُم على يَمِين، فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليكفرها، وليأتِ الَّذِي هُوَ خير ". وَعِنْدَهُمَا عَن عبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا عبد الرَّحْمَن، لَا تسْأَل الْإِمَارَة؛ فَإنَّك إِن أعطيتهَا عَن مَسْأَلَة وكلت إِلَيْهَا، وَإِن أعطيتهَا عَن غير مَسْأَلَة أعنت عَلَيْهَا، وَإِذا

قال له يا عبد الرحمن إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير وعند البخاري عن عائشة رضي الله عنها قال كان أبو بكر إذا حلف لا يحنث حتى نزلت الكفارة قالت فقال أبو بكر لا أحلف

حَلَفت على يَمِين فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا فَكفر عَن يَمِينك، وائتِ الَّذِي هُوَ خير ". وَعند مُسلم عَنهُ أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ لَهُ: " يَا عبد الرَّحْمَن، إِذا حَلَفت على يَمِين، فَرَأَيْت غَيرهَا خيرا مِنْهَا فَكفر عَن يَمِينك، ثمَّ ائتِ الَّذِي هُوَ خير ". وَعند البُخَارِيّ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَ كَانَ أَبُو بكر إِذا حلف لَا يَحْنَث، حَتَّى نزلت الْكَفَّارَة، قَالَت: " فَقَالَ أَبُو بكر: لَا أَحْلف على يَمِين فَأرى خيرا مِنْهَا إِلَّا كفّرت عَن يَمِيني، وأتيت الَّذِي هُوَ خير ". وَرُوِيَ عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّه كَانَ رُبمَا كفر يَمِينه قبل أَن يَحْنَث، وَرُبمَا كفر بَعْدَمَا يَحْنَث ". قَالَ أَبُو دَاوُد: أَحَادِيث أبي مُوسَى، وعدي، وَأبي هُرَيْرَة وَأَظنهُ قَالَ: وَعبد الرَّحْمَن روى حَدِيث كل وَاحِد مِنْهُم مَا دلّ على الْحِنْث قبل الْكَفَّارَة، وَبَعضهَا مَا دلّ على الْكَفَّارَة قبل الْحِنْث، وَأَكْثَرهم قَالُوا: " فليكفر يَمِينه، وليأت الَّذِي هُوَ خير "، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (343) : وَلَو حلف: " ليقضينه حَقه إِلَى حِين " فَلَيْسَ بِمَعْلُوم؛ لِأَنَّهُ يَقع على مُدَّة الدُّنْيَا وَيَوْم. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " الْحِين سِتَّة أشهر ". رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " الْحِين قد يكون غدْوَة وَعَشِيَّة ".

مسألة

وَعَن قَتَادَة فِي قَوْله: {وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ} قَالَ: " بعد الْمَوْت "، وَقَالَ: {وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِين] } ثَلَاثَة أَيَّام، وَفِي قَوْله تَعَالَى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} ، قَالَ: " كل سِتَّة أشهر ". وَعَن ابْن الْمسيب أَنه قَالَ: " نرى الْحِين شَهْرَيْن ". وَعَن عِكْرِمَة قَالَ: " سِتَّة أشهر "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (344) : وَإِذا حلف لَا يَأْكُل خبْزًا بأدم، فَأَكله مَعَ التَّمْر حنث. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " لَا يَحْنَث ". رُوِيَ عَن يُوسُف بن عبد الله بن سَلام - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " رَأَيْت النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخذ كسرة من خبز شعير، فَوضع عَلَيْهَا تَمْرَة، وَقَالَ: هَذِه أدام هَذِه فَأكلهَا ".

مسالة

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب السّنَن بِمَعْنَاهُ إِلَّا أَنه لم يقل: " فَأكلهَا ". وَالله أعلم. (مسالة) (345) : وَلَو حلف ليضربن عَبده مائَة سَوط، فجمعها فَضَربهُ بِحَيْثُ يمسهُ الْجَمِيع بر فِي يَمِينه. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يبر ". وَهَذَا خلاف الْكتاب وَالسّنة، قَالَ الله - عزّ وجلّ: {وخُذْ بِيَدِكَ ضَغْثاً فَاضْرِبْ وَلاَ تَحْنُثْ} وَضرب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بأثكال النّخل فِي الزِّنَا. وَرُوِيَ عَن أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف عَن أَبِيه قَالَ: " أَخذ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مقْعدا زنا، فَضَربهُ بأثكال النّخل ". وَعند أبي دَاوُد عَنهُ عَن بعض أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْأَنْصَار أَنه اشْتَكَى رجل مِنْهُم حَتَّى أضنى، فَذكر قصَّة فِي زِنَاهُ، قَالَ: " فَأمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يَأْخُذُوا لَهُ مائَة شِمْرَاخ، فَيَضْرِبُونَهُ بهَا ضَرْبَة وَاحِدَة "، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (346) : وَإِن قَالَ: " إِن كلمت فلَانا فَمَالِي فِي سَبِيل الله، أَو صَدَقَة، أَو لله عَليّ أَن أحج، وَمَا أشبه ذَلِك " فَعَلَيهِ كَفَّارَة يَمِين فِي ظَاهر الْمَذْهَب، وَقد قيل: " إِنَّه بَينهمَا يُخَيّر، وكل وَاحِد مِنْهُمَا كَاف مكفر ". وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " عَلَيْهِ الْوَفَاء بِمَا قَالَ ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي صَحِيح مُسلم عَن عقبَة بن عَامر - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " كَفَّارَة النّذر كَفَّارَة يَمِين ". وَعند أبي دَاوُد عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كَفَّارَة يَمِين، وَمن نذر نذرا لَا يطيقه فكفارته كَفَّارَة يَمِين ". وَعِنْده عَن ابْن الْمسيب أَن أَخَوَيْنِ من الْأَنْصَار كَانَ بَينهمَا مِيرَاث، فَسَأَلَ أَحدهمَا صَاحبه الْقِسْمَة، (فَقَالَ " إِن عدت تَسْأَلنِي الْقِسْمَة) فَكل مَالِي فِي رتاج الْكَعْبَة "، فَقَالَ لَهُ عمر - رَضِي الله

يقول لا يمين عليك ولا نذر في معصية الرب ولا في قطيعة الرحم ولا فيما لا تملك وروى الدارقطني بسنده عن أبي رافع أن مولاته أرادت أن تفرق بينه وبين امرأته فقالت هي يوما يهودية وهي يوما نصرانية وكل مملوك لها حر وكل مال

عَنهُ: " إنّ الْكَعْبَة غنية عَن مَالك؛ كفر عَن يَمِينك، وكلم أَخَاك، سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " لَا يَمِين عَلَيْك، وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة الرب، وَلَا فِي قطيعة الرَّحِم، وَلَا فِيمَا لَا تملك ". وروى الدَّارَقُطْنِيّ بِسَنَدِهِ عَن أبي رَافع أنّ مولاته أَرَادَت أَن تفرق بَينه وَبَين امْرَأَته، فَقَالَت: " هِيَ يَوْمًا يَهُودِيَّة، وَهِي يَوْمًا نَصْرَانِيَّة، وكل مَمْلُوك لَهَا حر، وكل مَال لَهَا فِي سَبِيل الله، وَعَلَيْهَا الْمَشْي إِلَى بَيت الله إِن لم تفرق بَينهمَا "، فَسَأَلت عَائِشَة، وَابْن عمر، وَابْن عَبَّاس، وَحَفْصَة، وَأم سَلمَة، رَضِي الله عَنْهُم، فكلهم قَالَ لَهَا: " أَتُرِيدِينَ أَن تكون مثل هاروت وماروت، وأمروها أَن تكفر يَمِينهَا، وتخلي بَينهمَا ". وَرُوِيَ عَن عمرَان بن حُصَيْن - رَضِي الله عَنهُ - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تذر فِي مَعْصِيّة الله، وكفارته كَفَّارَة يَمِين " وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (347) : وَلَو قَالَ: " إِن شفا الله مريضي فَللَّه عليَّ أَن أنحر وَلَدي " لم ينْعَقد نَذره. وَقد حكى لي الْفَقِيه أَبُو الْفَتْح - رَحمَه الله - عَن الرّبيع أنّه حكى هَذِه الْمَسْأَلَة، ثمَّ قَالَ: " وَفِيه قَول آخر: إِنَّه (يلْزمه) كَفَّارَة يَمِين ". قَالَ الْفَقِيه: " وَقد رضيه صَاحب التَّقْرِيب ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ: " والْآثَار تدل على ذَلِك ". وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد - رحمهمَا الله -: " يلْزمه ذبح شَاة ".

قال من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه رواه البخاري في الصحيح عن أبي عاصم وأبي نعيم عن مالك بإسناده ومعناه وروى الشافعي رحمه الله عن عبد الوهاب بن عبد المجيد عن أبي أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن

وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن طَلْحَة عَن الْقَاسِم عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه، وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ "، رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي الصَّحِيح عَن أبي عَاصِم وَأبي نعيم عَن مَالك بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ. وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد عَن أبي أَيُّوب عَن أبي قلَابَة عَن أبي الْمُهلب عَن عمرَان بن حصن عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا وَفَاء لنذر فِي مَعْصِيّة الله، وَلَا وَفَاء لنذر فِيمَا لَا يملك العَبْد، أَو قَالَ: ابْن آدم "، رَوَاهُ (البُخَارِيّ وَمُسلم) فِي الصَّحِيح عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ. وروى مَالك عَن يحيى بن سعيد قَالَ: " سَمِعت الْقَاسِم بن مُحَمَّد يَقُول: أَنْت امْرَأَة إِلَى عبد الله بن عَبَّاس، فَقَالَت: إِنِّي نذرت أَن أنحر ابْني، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَا تنحري ابْنك، وكفري عَن يَمِينك، فَقَالَ شيخ عَنهُ ابْن عَبَّاس جَالس، وَكَيف يكون فِي هَذَا كَفَّارَة؟ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: إِن الله - عزّ وَجل - يَقُول: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِّسائِهِمْ} ، ثمَّ جعل فِيهِ من الْكَفَّارَة مَا قد رَأَيْت ".

قال لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين وهو موافق لفتوى ابن عباس وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لرجل نذر أن ينحر نفسه وهم يفعل ذلك ويحل لقد أردت أن تحل ثلاث خصال أن تحل بلدا حراما وأن تقطع رحما

وروينا فِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن - رَضِي الله عَنهُ - أَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا نذر فِي مَعْصِيّة الله، وكفارته كَفَّارَة يَمِين "، وَهُوَ مُوَافق لفتوى ابْن عَبَّاس. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّه قَالَ لرجل نذر أَن ينْحَر نَفسه، وهمّ يفعل ذَلِك وَيحل: " لقد أردْت أَن تحل ثَلَاث خِصَال: أَن تحل بَلَدا حَرَامًا، وَأَن تقطع رحما حَرَامًا نَفسك أقرب الْأَرْحَام إِلَيْك، وَأَن تسفك دَمًا حَرَامًا، أتجد مائَة من الْإِبِل؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فَاذْهَبْ فانحر فِي كل عَام ثَلَاثًا لَا يفْسد اللَّحْم ". وروى سُفْيَان عَن عبد الْملك بن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّ رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: " إِنِّي نذرت أَن أنحر نَفسِي "، فَقَالَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ، وَأمره بكبش، فَسئلَ عَطاء أَيْن يذبح الْكَبْش؟ قَالَ: " بِمَكَّة "، وَالله أعلم.

مسألة

مَسْأَلَة (348)

رأى رجلا يهادي بين ابنيه فسأل عنه فقالوا نذر أن يمشي فقال إن الله عز وجل لغني عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب وفي الصحيحين أيضا عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله فأمرتني أن

وَمن نذر أَن يمشي إِلَى بَيت الله الْحَرَام لزمَه إِن قدر على الْمَشْي فِي أحد الْقَوْلَيْنِ، وَإِن لم يقدر ركب وأهرق دَمًا احْتِيَاطًا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَهُ أَن يركب، وَإِن قدر على الْمَشْي ويهريق دَمًا ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس بن مَالك - رَضِي الله عَنهُ - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى رجلا يهادي بَين ابنيه، فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالُوا: " نذر أَن يمشي، فَقَالَ: إنّ الله - عزّ وجلّ - لَغَنِيّ عَن تَعْذِيب هَذَا نَفسه، وَأمره أَن يركب ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا عَن عقبَة بن عَامر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " نذرت أُخْتِي أَن تمشي إِلَى بَيت الله، فأمرتني أَن أستفتي لَهَا النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فاستفتيت النَّبِي ّ، فَقَالَ: لتمش ولتركب ".

فيه فإذا نذر أحدكم أن يحج ماشيا فليهد هديا وليركب وفي هذا نظر فالمحدثون يقولون الحسن لم يسمع من عمران فهو مرسل وروي عن جعفر بن عون عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن زحر عن أبي سعيد الرعيني عن عبد الله بن مالك عن عقبة بن

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - " أنّ أُخْت عقبَة ابْن عَامر - رَضِي الله عَنْهُمَا - نذرت أَن تمشي إِلَى الْبَيْت، فَأمرهَا النبيّ أَن تركب وتهدي هَديا ". وَكَذَلِكَ رُوِيَ فِي حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن - رَضِي الله عَنهُ - فليهد هَديا وليركب، رَوَاهُ الْحسن عَنهُ فِي حَدِيث عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهِ: " فَإِذا نذر أحدكُم أَن يحجّ مَاشِيا فليهد هَديا وليركب ". وَفِي هَذَا نظر، فالمحدثون يَقُولُونَ: " الْحسن لم يسمع من عمرَان ". فَهُوَ مُرْسل. وَرُوِيَ عَن جَعْفَر بن عون عَن يحيى بن سعيد عَن عبيد الله بن زحر عَن أبي سعيد الرعيني عَن عبد الله بن مَالك عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " نذرت أُخْتِي أَن تحج مَاشِيَة غير مختمرة قَالَ: فَذكرت لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: مر أختك، فلتختمر، ولتركب، ولتصم ثَلَاثَة أَيَّام "، وَتَابعه يحيى بن سعيد الْقطَّان عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ، وَذكر سَماع كل وَاحِد من الروَاة عَن

صَاحبه إِلَى عقبَة. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن جريج قَالَ: " كتب إِلَى يحيى بن سعيد فَذكره ". وروى ابْن وهب عَن مَالك، وَعبد الله بن عمر عَن عُرْوَة بن أذينة قَالَ: " خرجت مَعَ جدة لي عَلَيْهَا مشي حَتَّى إِذا كُنَّا بِبَعْض الطَّرِيق عجزت، فَأرْسلت مولاة لَهَا إِلَى عبد الله بن عمر تسأله، فَخرجت مَعهَا، فَسَأَلت ابْن عمر فَقَالَ: مرها لتركب، ثمَّ لتمشي من حَيْثُ عجزت ". وَرَوَاهُ الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك بِنَحْوِهِ، وَقَالَ: " عَلَيْهَا مشي إِلَى بَيت الله الْحَرَام حَتَّى إِذا كَانَت بِبَعْض الطَّرِيق عجزت، فَسَأَلت عبد الله ابْن عمر ". وروى ابْن وهب عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ عَن عبد الله بن عَبَّاس مثل قَول ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: " وينحر بَدَنَة ". وَعَن ابْن وهب عَن يزِيد بن هَارُون عَن إِسْمَاعِيل عَن عَامر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه سُئِلَ عَن رجل نذر أَن يمشي إِلَى الْكَعْبَة، فَمشى

مسألة

نصف الطَّرِيق ثمَّ ركب، قَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا -: إِذا كَانَ عَام قَابل فليركب مَا مَشى، وَيَمْشي مَا ركب، وينحر بَدَنَة "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (349) : لَو نذر الْمَشْي إِلَى مَسْجِد الْمَدِينَة، أَو بَيت الْمُقَدّس لزمَه الْوَفَاء بِمَا نذر فِي أحد الْقَوْلَيْنِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يلْزمه ". لنا حَدِيث أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ، بلغ بِهِ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تشدوا الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: الْمَسْجِد الْحَرَام، ومسجدي هَذَا، وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى "، أخرجه مُسلم فِي الصَّحِيح بِلَفْظِهِ وَمَعْنَاهُ. وَرُوِيَ عَن طلق بن حبيب أنّ فرعة قَالَ لِابْنِ عمر: إِنِّي نذرت أَن أخرج إِلَى بَيت الْمُقَدّس، قَالَ: " إِنَّمَا تشد الرّحال إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: مَسْجِد بَيت الْمُقَدّس، وَالْمَسْجِد الْحَرَام، وَمَسْجِد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَهَذَا من ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - اسْتِدْلَال بالْخبر فِي انْعِقَاد

شأنك إذن وروي نحوه عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي

تنذر بِالْخرُوجِ إِلَيْهِ، كَمَا لَو نذر الْخُرُوج إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام، وَالله أعلم. وَرُوِيَ عَن عَطاء عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - أنّ رجلا قَالَ: " يَا رَسُول الله، إِنِّي نذرت زمَان الْفَتْح إِن فتح الله عَلَيْك أَن أُصَلِّي فِي بَيت الْمُقَدّس "، قَالَ: " صلّ هَهُنَا "، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثَة، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " شَأْنك إِذن ". وَرُوِيَ نَحوه عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَالله أعلم.

(فارغة)

كتاب القاضي

(كتاب القَاضِي) وَمن كتاب القَاضِي: (مَسْأَلَة) (350) :

(فارغة)

من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا

يكره الْقَضَاء فِي الْمَسْجِد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يكره " فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ. قَالَ الله - عزّ وجلّ -: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَّنَعَ مَسَاجِدَ الله أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ} رُوِيَ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من سمع رجلا ينشد ضَالَّة فِي الْمَسْجِد فَلْيقل: لَا ردهَا الله عَلَيْك؛ فَإِن الْمَسَاجِد لم تبن لهَذَا ".

وقال إنما بنيت المساجد لما بنيت له وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال جاء أعرابي إلى المسجد فبال في المسجد فقال أصحاب النبي

وَرَوَاهُ ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقَالَ: " إِنَّمَا بنيت الْمَسَاجِد لما بنيت لَهُ ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى الْمَسْجِد فَبَال فِي الْمَسْجِد، فَقَالَ أَصْحَاب النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَه، فَقَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تزرموه "، فَلَمَّا فرغ دَعَا بِهِ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إنّ هَذِه الْمَسَاجِد لم تتَّخذ لهَذَا الْخَلَاء وَالْبَوْل والقذر، إِنَّمَا تتَّخذ لقِرَاءَة الْقُرْآن وَلذكر الله، ثمَّ أَمر بعض أَصْحَابه بذنوب أَو بِدَلْو من مَاء فَصَبَّهُ عَلَيْهِ ". رُوِيَ عَن مَكْحُول عَن أبي الدَّرْدَاء عَن وَاثِلَة، وَعَن أبي أُمَامَة كلهم يَقُول: " سمعنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ (على الْمِنْبَر) يَقُول: " جَنبُوا مَسَاجِدكُمْ صِبْيَانكُمْ وَمَجَانِينكُمْ وَخُصُومَاتكُمْ وَرفع أَصْوَاتكُم، وسل سُيُوفكُمْ وَإِقَامَة حُدُودكُمْ، واعمروها فِي الْجمع، وَاتَّخذُوا على أَبْوَاب مَسَاجِدكُمْ مطاهر "، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (351) :

إذا حكم الحاكم فاجتهد فقرنه بالاجتهاد وروى أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي عون الثقفي قال سمعت الحارث بن عمر يحدث عن أصحاب معاذ من أهل حمص

وَلَا يجوز الحكم بالتقليد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " يجوز ". وَهَذَا بِخِلَاف الْكتاب والسنّة. قَالَ الله تَعَالَى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله وَالرَّسُولِ} ، وَقَالَ: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ} ، وَقَالَ: {وَمَنْ لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقٌونَ} ، وَقَالَ: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} ؛ فَمَا ذكر الحكم فِي مَوضِع إِلَّا وقرنه بِالْعلمِ. وَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا حكم الْحَاكِم فاجتهد "، فقرنه بِالِاجْتِهَادِ. وروى أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَن شُعْبَة عَن أبي عون الثَّقَفِيّ قَالَ: " سَمِعت الْحَارِث بن عمر يحدث عَن أَصْحَاب معَاذ من أهل حمص

لما بعث معاذا إلى اليمن قال له كيف تقضي إذا عرض لك قضاء قال أقضي بكتاب الله قال فإن لم تجده في كتاب الله قال أقضي بسنة رسول الله

قَالَ: وَقَالَ مرّة عَن معَاذ أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما بعث معَاذًا إِلَى الْيمن قَالَ لَهُ: " كَيفَ تقضي إِذا عرض لَك قَضَاء؟ " قَالَ: " أَقْْضِي بِكِتَاب الله، قَالَ: فَإِن لم تَجدهُ فِي كتاب الله؟ " قَالَ: " أَقْْضِي بِسنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، قَالَ: " فَإِن لم تَجدهُ فِي سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أجتهد رَأْيِي وَلَا آلو "، قَالَ: " فَضرب بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي وفْق رَسُول رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما يرضى رَسُول الله "، تَابعه يحيى بن سعيد الْقطَّان الإِمَام عَن شُعْبَة، وَقَالَ: عَن نَاس من أَصْحَاب معَاذ عَن معَاذ. وروى أَبُو دَاوُد السّخْتِيَانِيّ عَن عَمْرو بن عون عَن شريك عَن سماك عَن حسن عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ قَالَ: " بَعَثَنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى الْيمن قَاضِيا، فَقلت: يَا رَسُول الله، ترسلني وَأَنا حَدِيث السن، وَلَا علم لي بِالْقضَاءِ، فَقَالَ: إنّ الله - جلّ ثَنَاؤُهُ - سيهدي قَلْبك، وَيثبت لسَانك، فَإِذا جلس بَين يَديك الخصمان فَلَا تقضين حَتَّى تسمع من الآخر كَمَا سَمِعت من الأول، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن يتَبَيَّن لَك الْقَضَاء، قَالَ: فَمَا زلت قَاضِيا، وَمَا شَككت فِي قَضَاء بعد ". وَلَو جَازَ الحكم بالتقليد لأخبره بذلك، وإحالته إِيَّاه على اجْتِهَاده دون تَقْلِيد غَيره

يقول إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر وعن أبي بكر بن عمرو بن حزم هكذا حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي

فِيمَا أشكل عَلَيْهِ دَلِيل على امْتنَاع جَوَاز الحكم بالتقليد وَالله أعلم. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَمْرو بن الْعَاصِ أنّه سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِذا حكم الْحَاكِم فاجتهد فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ، وَإِذا حكم الْحَاكِم فاجتهد فَأَخْطَأَ فَلهُ أجر ". وَعَن أبي بكر بن عَمْرو بن حزم: " هَكَذَا حَدثنِي أَبُو سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَعند أبي دَاوُد عَن ابْن بُرَيْدَة عَن أَبِيه عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْقُضَاة ثَلَاثَة، وَاحِد فِي الْجنَّة، وَاثْنَانِ فِي النَّار، فَأَما الَّذِي فِي الْجنَّة فَرجل عرف الْحق فَقضى بِهِ، وَرجل عرف الْحق وجار فِي الحكم، وَرجل قضى للنَّاس على جهل فهما فِي النَّار ". وَرُوِيَ عَن مُعَاوِيَة بن صَالح عَن أَشْيَاخهم أنّ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - رأى رجلا فَقيل: " هَذَا قَاضِي كَذَا وَكَذَا "، قَالَ: " هَذَا "، قَالُوا: " نعم "، قَالَ: " كَيفَ تقضي؟ " قَالَ: " أَقْْضِي بِمَا أعلم، وأسأل عَمَّا جهلت "، فَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " أَنْت قَاض "، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (352) : وَلَا يجوز أَن يكون الْفَاسِق أَو الْمَرْأَة قَاضِيا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله - " يجوز ". فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن الْحسن عَن أبي بكرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " لقد نَفَعَنِي الله بِكَلِمَة سَمعتهَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد مَا كدت أَن ألحق بأصحاب الْجمل وأقاتل مَعَهم، قَالَ: بلغ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنّ أهل فَارس قد ملكوا عَلَيْهِم بنت كسْرَى، فَقَالَ: لن يفلح قوم ولوا أَمرهم امْرَأَة ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عمر - وَهُوَ فِي صَحِيح البُخَارِيّ - عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ - وَهَذَا لفظ ابْن عمر - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا معشر النِّسَاء، أكثرن الاسْتِغْفَار، فَإِنِّي رأيتكن أَكثر أهل النَّار، فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ، وَمَا لنا يَا رَسُول الله أَكثر أهل النَّار، قَالَ: تكثرن اللَّعْن، وتكفرن العشير، وَمَا من ناقصات عقل وَدين أغلب لذِي اللب مِنْكُن، قَالَت: يَا رَسُول الله، وَمَا نُقْصَان الْعقل وَالدّين؟ قَالَ: أما نُقْصَان الْعقل فشهادة امْرَأتَيْنِ تعدل شَهَادَة رجل، فَهَذَا من نُقْصَان

مسألة

الْعقل، وتمكث اللَّيَالِي لَا تصلي وتفطر فِي رَمَضَان، فَهَذَا نُقْصَان الدّين "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (353) :

(فارغة)

إن أبا سفيان رجل شحيح أعلي جناح أن آخذ من ماله قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف وحديث أبي قلابة عند عمر بن عبد العزيز في شأن القسامة وقال حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه وذكر حديث القوم من عكل وعرينة في صحيح

وَالْقَضَاء على الْغَائِب جَائِز. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن هنداً قَالَت للنبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن أَبَا سُفْيَان رجل شحيح، أعليّ جنَاح أَن آخذ من مَاله؟ قَالَ: خذي مَا يَكْفِيك وولدك بِالْمَعْرُوفِ ". وَحَدِيث أبي قلَابَة عِنْد عمر بن عبد الْعَزِيز فِي شَأْن الْقسَامَة، وَقَالَ: " حَدثنَا أنس بن مَالك، رَضِي الله عَنهُ "، وَذكر حَدِيث (الْقَوْم من عكل) وعرينة فِي صَحِيح مُسلم، وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا، وَقَالَ:

مسألة

" عَن أبي قلَابَة بِحَدِيث العرينيين، وَحَدِيث عمر فِي أسيفع جُهَيْنَة "، وَقد سبق فِي كتاب الْحَج ذكره. وَأما حَدِيث عَليّ الَّذِي تقدّم فِي مَسْأَلَة الحكم بالتقليد فَإِنَّمَا ورد فِي الْخَصْمَيْنِ الْحَاضِرين، وكلامنا لم يَقع فِي ذَلِك. (مَسْأَلَة) (354) :

(فارغة)

(فارغة)

(فارغة)

جلب خصم عند بابها فخرج عليهم فقال إنكم تختصمون إلي وإنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون أعلم بحجته من بعض فأقضي له بما أسمع وأظنه صادقا فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنها قطعة من النار فليأخذها أو ليذرها وفي الصحيحين عن

وللحاكم أَن يحكم بِعِلْمِهِ فِي ظَاهر الْمَذْهَب إِلَّا فِي الْحُدُود، سَوَاء أحَاط علمه بذلك قبل أَن ولي الْقَضَاء أَو بعده، وَسَوَاء أحَاط علمه بِهِ فِي بلد ولَايَته، أَو فِي غير بلد ولَايَته، وَقد قيل: " إِنَّه فِي الْحُدُود بمثابته "، وَفِيه قَول آخر: " إِنَّه لَا يحكم بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُود وَلَا فِي غَيره ". وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَهُ أَن يحكم بِعِلْمِهِ فِي غير الْحُدُود إِذا علمه فِي ولَايَته وبلد ولَايَته ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " سمع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جلب خصم عِنْد بَابهَا، فَخرج عَلَيْهِم فَقَالَ: إِنَّكُم تختصمون إِلَيّ، وَإِنَّمَا أَنا بشر، وَلَعَلَّ بَعْضكُم أَن يكون أعلم بحجته من بعض، فأقضي لَهُ بِمَا أسمع وَأَظنهُ صَادِقا، فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من حقّ أَخِيه فَإِنَّهَا قِطْعَة من النَّار، فليأخذها أَو ليذرها ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن الْأَشْعَث بن قيس قَالَ: كَانَ بيني وَبَين رجل خُصُومَة فِي بِئْر فَاخْتَصَمْنَا إِلَى النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: " شَاهِدَاك أَو

من حلف على يمين ليستحق بها مالا هو فيها فاجر لقي الله تعالى وهو عليه غضبان فأنزل الله تعالى تصديق ذلك ثم قرأ هذه الآية إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية وفي صحيح

يَمِينه "، فَقلت: إنّه إِذا يحلف وَلَا يُبَالِي، فَقَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من حلف على يَمِين ليستحقّ بهَا مَالا هُوَ فِيهَا فَاجر لَقِي الله تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان، فَأنْزل الله تَعَالَى تَصْدِيق ذَلِك، ثمَّ قَرَأَ هَذِه الْآيَة {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} إِلَى آخر الْآيَة. وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن زيد بن أَرقم - لما قَالَ عبد الله بن أبي: {لاَ تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنفَضُوا} ، وَقَالَ أَيْضا: {لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} أخْبرت بذلك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلامتني الْأَنْصَار، وَحلف عبد الله بن أبي مَا قَالَ ذَلِك، فرجعنا إِلَى الْمنزل، فَنمت (فدعاني) رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَتَيْته، فَقَالَ: " إنّ الله صدقك وعذرك، وَنزل {هُمُ الَّذِينَ يَقُولونَ لاَ تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنفَضُوا} الْآيَة ". واتفقا على حَدِيث جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - فِي هَذَا الْبَاب، وَفِيه: فَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " دَعْنِي أضْرب عنق هَذَا الْكَافِر الْمُنَافِق "، فَقَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دَعه، لَا يتحدث النَّاس أنّ مُحَمَّدًا يقتل أَصْحَابه ".

أن رسول الله

وَحَدِيث اللّعان قد ذَكرْنَاهُ فِي كِتَابه. وَرُوِيَ عَن عمَارَة بن خُزَيْمَة أنّ عَمه أخبرهُ - وَكَانَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ابْتَاعَ فرسا من رجل من الْأَعْرَاب، واستتبعه النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (ليَقْضِ ثمن فرسه، فأسرع رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) الْمَشْي وَأَبْطَأ الْأَعرَابِي، فَطَفِقَ رجال يعترضون الْأَعرَابِي ويساومونه الْفرس، وَلَا يَشْعُرُونَ أَن رَسُول الله قد ابْتَاعَ حَتَّى زَاد بَعضهم الْأَعرَابِي فِي السّوم، فَلَمَّا زادوا نَادَى الْأَعرَابِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " إِن كنت مبتاعاً هَذَا الْفرس فابتعه وَإِلَّا بِعته "، فَقَامَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حِين سمع نِدَاء الْأَعرَابِي حَتَّى أَتَى الْأَعرَابِي، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَو لَيْسَ قد ابتعت مِنْك؟ " قَالَ: " لَا، وَالله مَا بعتكه "، قَالَ: " بلَى ابتعته مِنْك "، فَطَفِقَ النَّاس يلوذون برَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وبالأعرابي، وهما يتراجعان، فَطَفِقَ الْأَعرَابِي يَقُول: " هَلُمَّ شَهِيدا أَنِّي بَايَعْتُك "، فَقَالَ خُزَيْمَة: " أَنا أشهد أَنَّك بايعته، فَأقبل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على خُزَيْمَة، فَقَالَ: " بِمَ تشهد؟ " فَقَالَ: " بتصديقك "، فَجعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَهَادَة خُزَيْمَة بِشَهَادَة رجلَيْنِ ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أنّ فَاطِمَة بنت النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرْسلت إِلَى أبي بكر - رَضِي الله عَنهُ - تسأله

مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر رضي الله عنه إن رسول الله

مِيرَاثهَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وفدك وَمَا بَقِي من خمس خَيْبَر، فَقَالَ أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - إنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا نورث، مَا تركنَا صَدَقَة، إِنَّمَا يَأْكُل آل مُحَمَّد فِي هَذَا المَال، فَإِنِّي وَالله لَا أغير شَيْئا من صَدَقَة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن حَالهَا الَّتِي كَانَت عَلَيْهَا فِي عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ولأعملن فِيهَا بِمَا عمل بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - "، وَذكر بَاقِي الحَدِيث، وَالله أعلم.

كتاب الشهادات

(كتاب الشَّهَادَات) وَمن كتاب الشَّهَادَات: (مَسْأَلَة) (355) : وَلَا يحِيل حكم الْحَاكِم الْأُمُور عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " مَا للْحَاكِم إنشاؤه من الْعُقُود (وحله) نفذ ظَاهرا وَبَاطنا ". وَفِي هَذَا حِيلَة لمن عشق امْرَأَة رجل، وأتى بِشَاهِدين يَشْهَدَانِ أنّ زَوجهَا طَلقهَا ثَلَاثًا، وَأَنه تزوج بهَا فَحكم الْحَاكِم بِالتَّفْرِيقِ بَينهَا وَبَين

لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به وقال ولا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وقال أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل وقال من فعل في أمرنا ما لا يجوز فهو رد وفي الصحيحين حديث أم سلمة رضي الله عنها أن

الأول، وَحكم بِأَنَّهَا زَوْجَة الآخر، ثمَّ بانا شَاهِدي زور، فتطيب لَهُ أَن يَطَأهَا، وَلَا سَبِيل للْأولِ عَلَيْهَا. فَأجَاز مثل هَذَا الخداع بَين الْمُسلمين، وَقد قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لكل غادر لِوَاء يَوْم الْقِيَامَة يعرف بِهِ "، وَقَالَ: " وَلَا نِكَاح إِلَّا بولِي وشاهدي عدل ". وَقَالَ: " أَيّمَا امْرَأَة نكحت بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ". وَقَالَ: " من فعل فِي أمرنَا مَا لَا يجوز فَهُوَ رد ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ حَدِيث أم سَلمَة - رَضِي الله عَنْهَا - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ، وأنكم تختصمون إليّ، فَلَعَلَّ بَعْضكُم أَلحن بحجته من بعض، فأقضي لَهُ على نَحْو مَا أسمع مِنْهُ، فَمن قضيت لَهُ بِشَيْء من حق أَخِيه، فَلَا يَأْخُذ مِنْهُ، فَإِنَّمَا أقطع لَهُ قِطْعَة من النَّار ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " كَانَ عتبَة بن أبي وَقاص عهد إِلَى أَخِيه سعد بن أبي وَقاص - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن يقبض إِلَيْهِ ابْن وليدة زَمعَة، فَأقبل بِهِ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأقبل مَعَه عبد بن زَمعَة، فَقَالَ سعد: يَا رَسُول الله، هَذَا ابْن أخي عهد إِلَيّ أنّه ابْنه، قَالَ عبد: يَا رَسُول الله: هَذَا أخي ابْن زَمعَة، وَولد على فرَاشه، فَنظر النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى ابْن وليدة زَمعَة، فَإِذا هُوَ أشبه النَّاس

هو لك يا عبد بن زمعة من أجل أنه ولد على فراش أبيه وقال النبي

بِعتبَة بن أبي وَقاص، فَقَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هُوَ لَك يَا عبد بن زَمعَة من أجل أَنه ولد على فرَاش أَبِيه "، وَقَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " احتجبي مِنْهُ يَا سَوْدَة بنت زَمعَة؛ لما رأى من شبهه بِعتبَة ابْن أبي وَقاص، وَسَوْدَة بنت زَمعَة زوج النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أحدث فِي أمرنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رد ". (وَفِي رِوَايَة أبي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من فعل فِي أمرنَا مَا لَا يجوز فَهُوَ رد ". وروى الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن سُلَيْمَان النعماني حَدثنَا عبد الله بن عبد الصَّمد بن أبي خِدَاش حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس حَدثنَا عبيد الله ابْن أبي حميد عَن أبي الْمليح الْهُذلِيّ قَالَ: " كتب عمر - رَضِي الله عَنهُ - أما بعد:

فَإِن الْقَضَاء فَرِيضَة محكمَة، وَسنة متبعة، فَافْهَم إِذا أدلي إِلَيْك (بِحجَّة وأنفذ الْحق إِذا وضح) ، فَإِنَّهُ لَا ينفع تكلم بِحَق لَا نَفاذ لَهُ، وآس بَين النَّاس فِي وَجهك ومجلسك وعدلك؛ حَتَّى لَا ييأس الضَّعِيف من عدلك، وَلَا يطْمع الشريف فِي حيفك، الْبَيِّنَة على من ادّعى، وَالْيَمِين على من أنكر، وَالصُّلْح جَائِز بَين الْمُسلمين إِلَّا صلحا من أحل حَرَامًا، أَو حرّم حَلَالا، لَا يمنعك قَضَاء قَضيته بالْأَمْس، راجعت فِيهِ نَفسك، وهديت فِيهِ لرشدك، أَن تراجع الْحق، فَإِن الْحق قديم، ومراجعة الْحق خير من التَّمَادِي فِي الْبَاطِل، الْفَهم الْفَهم فِيمَا يلجلج فِي صدرك مِمَّا لم يبلغك فِي الْكتاب أَو السنّة، اعرف الْأَمْثَال والأشباه، ثمَّ قس الْأُمُور عِنْد ذَلِك، فاعمد إِلَى أحبها إِلَى الله وأشبهها

بِالْحَقِّ فِيمَا ترى، اجْعَل للْمُدَّعِي بيّنة أمداً يَنْتَهِي إِلَيْهِ، فَإِن أحضر بيّنته أخذت بِحقِّهِ، وَإِلَّا وجهت الْقَضَاء عَلَيْهِ، فَإِن ذَلِك أجلى للعمى، وأبلغ فِي الْعذر، الْمُسلمُونَ عدُول بَعضهم على بعض إِلَّا (مجلوداً فِي حد، أَو مجرباً فِي شَهَادَة زور، أَو ظنيناً فِي وَلَاء، أَو قرَابَة) ، إنّ الله تولى مِنْكُم السرائر وَدَرَأَ عَنْكُم - (يَعْنِي الْحُدُود) - إلاّ بِالْبَيِّنَاتِ و (الْأَيْمَان) ، وَإِيَّاك والقلق والضجر، والتأذي بِالنَّاسِ، والتنكر للخصوم فِي مَوَاطِن الحقّ الَّتِي يُوجب الله بهَا الْأجر، وَيحسن بهَا الذخر، فَإِنَّهُ من يصلح نيّته فِيمَا بَينه وَبَين الله وَلَو على نَفسه يكفه الله مَا بَينه وَبَين النَّاس، وَمن تزين النَّاس بِمَا يعلم الله مِنْهُ غير ذَلِك يشنه الله، فَمَا ظَنك بِثَوَاب عِنْد الله فِي عَاجل رزقه وخزائن رَحمته، وَالسَّلَام عَلَيْك ".

وَرَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة عَن إِدْرِيس الأودي عَن سعيد بن أبي بردة وَأخرج الْكتاب، فَقَالَ: " هَذَا كتاب عمر - رَضِي الله عَنهُ - بِمَعْنَاهُ أَو قريب " مِنْهُ، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (356) : وَشَهَادَة الْوَاحِدَة غير مَقْبُولَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّهَا مَقْبُولَة على الْولادَة ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " يَا معشر النِّسَاء تصدقن، وأكثرن من الاسْتِغْفَار، فَإِنِّي رأيتكن أَكثر أهل النَّار، فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ جزلة: وَمَا لنا يَا رَسُول الله أَكثر أهل النَّار؟ قَالَ: تكثرن اللَّعْن، وتكفرن العشير، مَا رَأَيْت من ناقصات عقل وَدين، أغلب لذِي لب مِنْكُن؟ قَالَ: يَا رَسُول الله، وَمَا نُقْصَان الْعقل وَالدّين؟ قَالَ: أما نُقْصَان الْعقل فشهادة امْرَأتَيْنِ تعدل شَهَادَة رجل، فَهَذَا نُقْصَان الْعقل، وتمكث اللَّيَالِي مَا تصلي، وتفطر فِي رَمَضَان، فَهَذَا نُقْصَان الدّين ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مُسلم بن خَالِد عَن ابْن جريج عَن عَطاء أَنه قَالَ: " لَا تجوز شَهَادَة النِّسَاء لَا رجل مَعَهُنَّ فِي أَمر النِّسَاء أقل من أَربع عدُول ". استدلوا بِمَا رُوِيَ عَن مُحَمَّد بن عبد الْملك عَن أبي عبد الرَّحْمَن المدايني عَن الْأَعْمَش عَن أبي وَائِل عَن حُذَيْفَة - رَضِي الله عَنهُ - " أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أجَاز شَهَادَة الْقَابِلَة "، قَالَ عَليّ بن

مسألة

عمر: " أَبُو عبد الرَّحْمَن المدايني رجل مَجْهُول ". وروى جَابر الْجعْفِيّ عَن عبد الله بن يحيى عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " شَهَادَة الْقَابِلَة جَائِزَة على الاستهلال "، كَذَا رَوَاهُ أبان بن ثَعْلَب عَن جَابر ". وَرَوَاهُ الثَّوْريّ عَن جَابر بن عبد الله بن يحيى: " أنّ عليا - رَضِي الله عَنهُ - أجَاز شَهَادَة الْقَابِلَة وَحدهَا فِي الاستهلال "، وَجَابِر الْجعْفِيّ مَتْرُوك الحَدِيث - قد سبق ذكري لَهُ - وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (357) : وَشَهَادَة الْمَحْدُود فِي الْقَذْف مَقْبُولَة إِذا تَابَ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا تقبل ". قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} .

التائب من الذنب كمن لا ذنب له وقال عمر رضي الله عنه لأبي بكرة تب تقبل شهادتك وروى الشافعي رحمه الله عن ابن عيينة قال سمعت الزهري يقول زعم أهل العراق أن شهادة القاذف لا تجوز فأشهد لأخبرني سعيد بن المسيب

وَرُوِيَ عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " التائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ ". وَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - لأبي بكرَة: " تب تقبل شهادتك ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن ابْن عُيَيْنَة قَالَ: " سَمِعت الزُّهْرِيّ يَقُول: زعم أهل الْعرَاق أنّ شَهَادَة الْقَاذِف لَا تجوز، فَأشْهد لأخبرني سعيد بن الْمسيب أنّ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ لأبي بكرَة: تب تقبل شهادتك، أَو إِن تبت قبلت شهادتك ". قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " وَأَخْبرنِي من أَثِق بِهِ من أهل الْمَدِينَة عَن ابْن شهَاب عَن سعيد بن الْمسيب أنّ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - لما جلد الثَّلَاثَة استتابهم، فَرجع اثْنَان، فَقبل شَهَادَتهمَا، وأبى أَبُو بكرَة أَن يرجع فَرد شَهَادَته ". وَرُوِيَ عَن آدم بن فائد عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده قَالَ: " قَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: لَا تجوز شَهَادَة خائن، وَلَا خَائِنَة، وَلَا مَحْدُود فِي الْإِسْلَام، وَلَا محدودة، وَلَا ذِي غمر على أَخِيه "، رَوَاهُ

ويزيد ضعيف لا يحتج به ويحيى بن سعيد هذا هو الفارسي متروك وعبد الأعلى ضعيف قال ذلك الدارقطني رحمه الله والله أعلم

الْمثنى بن الصَّباح عَن عَمْرو، وَقَالَ فِيهِ: " وَلَا مَوْقُوف على حد "، وَرَوَاهُ سُلَيْمَان بن مُوسَى عَن عَمْرو وَلم يذكر المحدودة فِي مثل هَذَا الحَدِيث، وَهُوَ ثِقَة من جملَة من روى هَذَا الحَدِيث عَن عَمْرو فَلَا يلْزمنَا قبُول خلاف من خَالفه. وَرَوَاهُ يزِيد الْقرشِي عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا ترفعه. وَرَوَاهُ عبد الْأَعْلَى بن مُحَمَّد عَن يحيى بن سعيد عَن الزُّهْرِيّ عَن ابْن الْمسيب عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَيزِيد ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ، وَيحيى بن سعيد هَذَا هُوَ الْفَارِسِي مَتْرُوك، وَعبد الْأَعْلَى ضَعِيف، قَالَ ذَلِك الدَّارَقُطْنِيّ رَحمَه الله، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (358) : وَشَهَادَة الْكَافِر عندنَا مَرْدُودَة فِي جَمِيع الْأَحْوَال. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " شَهَادَة أهل الذِّمَّة فِيمَا بَينهم مَقْبُولَة ".

لا

قَالَ الله تَعَالَى: {وَلاَ تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} وَقَالَ تَعَالَى: {وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَن تَبَعَ دَينَكُمْ} . وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} وَقَالَ: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء} . وَقَالَ تَعَالَى: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبأ فَتَبَيَّنُواْ أَن تُصِيبُوا قَوْمَا بِجَهَالَةٍ} ، وَاسم الْفَاسِق يتَنَاوَل الْكَافِر وَغَيره بِدلَالَة قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ} ، وَقَوله تَعَالَى: {وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ} الْآيَة. وروى الدوري عَن شَاذان قَالَ " كنت عِنْد سُفْيَان الثَّوْريّ فَسمِعت شَيخا يحدث عَن يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا

فإنها تجوز على غيرهم قال أبو عبد الرحمن شاذان فسألت عن هذا الشيخ بعد أصحابنا فزعم أنه عمر بن راشد الحنفي تابعه الحسن بن موسى عن عمر بن راشد ورواه علي بن الجعدي عن عمر بن راشد إلا أنه قال وحدثه عن أبي هريرة أحسبه

يتوارث أهل ملتين شَتَّى، وَلَا تجوز شَهَادَة مِلَّة على مِلَّة إِلَّا مِلَّة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَإِنَّهَا تجوز على غَيرهم ". قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن شَاذان: " فَسَأَلت عَن هَذَا الشَّيْخ بعد أَصْحَابنَا فَزعم أنّه عمر بن رَاشد الْحَنَفِيّ، تَابعه الْحسن بن مُوسَى عَن عمر بن رَاشد، وَرَوَاهُ عَليّ بن الْجَعْدِي عَن عمر بن رَاشد إِلَّا أَنه قَالَ: " وحدثه عَن أبي هُرَيْرَة أَحْسبهُ ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " خرج رجل من بني جهم مَعَ تَمِيم الدَّارِيّ وعدي بن بداء، فَمَاتَ السَّهْمِي بِأَرْض لَيْسَ بهَا مُسلم، فَلَمَّا قدمُوا بِتركَتِهِ فقدوا جَاما من فضَّة مخوصاً من ذهب) فَأَحْلفهُمَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ثمَّ وجد الْجَام بِمَكَّة، (فَقَالَا: اشْتَرَيْنَاهُ من تَمِيم وعدي) ، فَقَامَ رجلَانِ من أَوْلِيَاء السَّهْمِي، فَحَلفا لَشَهَادَتنَا أَحَق من شَهَادَتهمَا، وأنّ الْجَام لصَاحِبِهِمْ،

مسألة

قَالَ: وَفِيهِمْ نزلت هَذِه الْآيَة {يَأَيُّهاَ الَّذَينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} . وَرُوِيَ عَن الشّعبِيّ قَالَ: " توفّي رجل من خثعم فَلم يشْهد مَوته إلاّ رجلَانِ نصرانيان، فأشهدهما على وَصيته، فَلَمَّا قدما الْكُوفَة حلفهما أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيّ فِي مَسْجِد الْكُوفَة بعد الْعَصْر بِاللَّه مَا خَانا، وَلَا كتما، وَلَا بَدَلا، وَأَن هَذِه وَصيته، فَأجَاز شَهَادَتهمَا "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (359) :

(فارغة)

وَيجوز الْقَضَاء بِشَاهِد وَيَمِين فِي الْأَمْوَال وَمَا يجْرِي مجْراهَا.

قضى بشاهد ويمين قال الحاكم أبو عبد الله رحمه الله تعالى وقد تعرض لهذا الحديث بعض المخالفين ممن ليس من صناعته معرفة الصحيح من السقيم واحتج فيه بما روي عن يحيى بن معين سمعت أبا العباس يقول سمعت العباس الدوري يقول قال يحيى بن

وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". دليلنا مَا فِي صَحِيح مُسلم عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَابْن نمير عَن زيد بن الْحباب عَن سيف بن سُلَيْمَان عَن قيس بن سعد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " إنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِشَاهِد وَيَمِين ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله - رَحمَه الله تَعَالَى -: " وَقد تعرض لهَذَا الحَدِيث بعض الْمُخَالفين مِمَّن لَيْسَ من صناعته معرفَة الصَّحِيح من السقيم، وَاحْتج فِيهِ بِمَا رُوِيَ عَن يحيى بن معِين سَمِعت أَبَا الْعَبَّاس يَقُول: سَمِعت الْعَبَّاس الدوري يَقُول قَالَ يحيى بن معِين: حَدِيث ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " قضى بِشَاهِد وَيَمِين " لَيْسَ بِمَحْفُوظ ". قَالَ أَبُو عبد الله - رَحمَه الله تَعَالَى -: فَنَقُول - وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق -: إنّ شَيخنَا أَبَا زَكَرِيَّا - رَضِي الله عَنهُ - لم يُطلق هَذَا القَوْل على حَدِيث سيف بن سُلَيْمَان عَن قيس بن سعد عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس، وَإِنَّمَا أَرَادَ الحَدِيث الْخَطَأ الَّذِي رُوِيَ عَن ابْن أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس، أَو الحَدِيث الَّذِي تفرّد بِهِ إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن أبي يحيى،

اغسلوه بماء وسدر ولا تخمروا رأسه فإن الله يبعثه يوم القيامة وهو يلبي ولا يبعد أن يكون له عن عمرو غير هذا وليس من شرط قبول الأخبار كثرة رواية الراوي عمن روى عنه وإذا روى الثقة عمن لا ينكر سماعه منه حديثا واحدا وجب قبوله

فَأَما حَدِيث سيف بن سُلَيْمَان فَلَيْسَ فِي إِسْنَاده من يجرح، وَلم نعلم لَهُ أَيْضا عِلّة نعلل بِهِ الحَدِيث، وَالْإِمَام أَبُو زَكَرِيَّا - رَحمَه الله تَعَالَى - أعرف بِهَذَا الشَّأْن من أَن يظنّ بِهِ أَن يوهن حَدِيثا يرويهِ الثِّقَات الْأَثْبَات ". وَعلل الطَّحَاوِيّ هَذَا الحَدِيث بأنّه (لَا يعلم قيسا يحدث عَن عَمْرو بن دِينَار بِشَيْء) ، وَلَيْسَ مَا لَا يُعلمهُ الطَّحَاوِيّ لَا يُعلمهُ غَيره. وَقد أخبرنَا الْحسن بن أبي عبد الله الْفَارِسِي أخبرنَا أَبُو أَحْمد مُحَمَّد بن أبي حَامِد الْعدْل أخبرنَا أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مخلد الدوري حَدثنَا يحيى بن مُسلم بن عبد الله الرَّازِيّ حَدثنَا وهب بن جرير حَدثنَا أبي قَالَ: " سَمِعت قيس ابْن سعد يحدث عَن عَمْرو بن دِينَار عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّ رجلا وقصته نَاقَته وَهُوَ محرم فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اغسلوه بِمَاء وَسدر، وَلَا تخمروا رَأسه؛ فَإِن الله يَبْعَثهُ يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ يُلَبِّي ". وَلَا يبعد أَن يكون لَهُ عَن عَمْرو غير هَذَا، وَلَيْسَ من شَرط قبُول الْأَخْبَار كَثْرَة رِوَايَة الرَّاوِي عَمَّن روى عَنهُ، وَإِذا روى الثِّقَة عَمَّن لَا يُنكر سَمَاعه مِنْهُ حَدِيثا وَاحِدًا ... وَجب قبُوله، وَإِن لم يرو عَنهُ غَيره، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.

قضى باليمين مع الشاهد ورواه كذلك عنه أبو حذيفة ورواه أبو داود في كتاب السنن من حديث عبد الرزاق عن محمد بن مسلم بإسناده ومعناه وخالفهما خالد بن يزيد العمري عن محمد بن مسلم فرواه عنه عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس وتابعه على ذلك

وَقد روى هَذَا الحَدِيث مُحَمَّد بن مُسلم الطايفي عَن عَمْرو بن دِينَار عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد. وَرَوَاهُ كَذَلِك عَنهُ أَبُو حُذَيْفَة، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي كتاب السّنَن من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن مُحَمَّد بن مُسلم بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ، وَخَالَفَهُمَا خَالِد بن يزِيد الْعمريّ (عَن مُحَمَّد بن مُسلم، فَرَوَاهُ عَنهُ عَن عَمْرو عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس) ، وَتَابعه على ذَلِك عبد الله بن مُحَمَّد بن ربيعَة العدامي، وعصام بن يُوسُف الْبَلْخِي، وخَالِد والعدامي وعصام لَيْسُوا بأقوياء. وَعبد الرَّزَّاق ثِقَة حجَّة، وَتَابعه (مُحَمَّد بن مُسلم فَرَوَاهُ عَنهُ عَن عَمْرو عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس وَتَابعه) أَبُو خَليفَة فروياه كَمَا ذكرنَا، فَلَا يعلله رِوَايَة من لَا يُبَالِي بِهِ، وَرُوِيَ بِإِسْنَاد واهٍ عَن عَمْرو عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس، رَضِي الله عَنهُ، فَسمِعت الْحَاكِم أَبَا عبد الله - رَحمَه الله - يَقُول: " إنّ هَذَا الْخلاف لَا يُعلل هَذَا الحَدِيث من أوجه مِنْهَا: - إنّ عَمْرو بن دِينَار قد سمع من ابْن عَبَّاس، فَلَا يُنكر أَن يسمع حَدِيثا مِنْهُ وَمن أَصْحَابه.

قضى باليمين مع الشاهد قال عبد العزيز فذكرت ذلك لسهيل قال أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه ولا أحفظه قال عبد العزيز وقد أصاب سهيلا علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه وكان سهيل يحدث عن ربيعة عنه عن أبيه

- وَأَيْضًا فَإِن سيف بن سُلَيْمَان ثِقَة مَأْمُون، وَقد حكم مُسلم بن الْحجَّاج - رَحمَه الله - لروايته بِالصِّحَّةِ، فَلَا يُقَابل بِمثل الْعمريّ والعذرمي والبلخي وَالْحكم لروايته بِالصِّحَّةِ، وَالله أعلم ". روى الشَّافِعِي عَن عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد "، قَالَ عبد الْعَزِيز: " فَذكرت ذَلِك لسهيل قَالَ: " أَخْبرنِي ربيعَة - وَهُوَ عِنْدِي ثِقَة - أَنِّي حدثته إِيَّاه، وَلَا أحفظه "، قَالَ عبد الْعَزِيز: " وَقد أصَاب سهيلاً عِلّة أذهبت بعض عقله وَنسي بعض حَدِيثه، وَكَانَ سُهَيْل يحدث عَن ربيعَة عَنهُ عَن أَبِيه ". وروى أَبُو دَاوُد عَن مُحَمَّد بن دَاوُد الإسْكَنْدراني: حَدثنَا زِيَاد بن يُونُس حَدثنِي سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ربيعَة بِهَذَا الحَدِيث، قَالَ سُلَيْمَان: " فَلَقِيت سهيلاً فَسَأَلته عَن هَذَا الحَدِيث، فَقَالَ: مَا أعرفهُ، فَقلت لَهُ:

قضى باليمين مع الشاهد وعن عبد الله بن نافع عن المغيرة بإسناده ومتنه قال الحاكم أبو عبد الله فحدثني محمد بن يعقوب أخبرنا أبو الجهم حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال سمعت يحيى بن معين يقول محمد بن مبارك رجل أهل الشام بعد أبي

إنّ ربيعَة أَخْبِرِينِي بِهِ عَنْك، قَالَ: فَإِن كَانَ ربيعَة أخْبرك عني فَحدث بِهِ عَن ربيعَة عني ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله - رَحمَه الله -: " هَذَا الحَدِيث عندنَا مَحْفُوظ من حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح؛ إِذْ حفظ عَنهُ إِمَام حَافظ متقن مثل ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، وَقد يحدث الْمُحدث الثبت بِالْحَدِيثِ ثمَّ ينساه، وَقد روينَا أَيْضا عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن العامري، وَمُحَمّد بن زيد الْمَكِّيّ عَن سُهَيْل بن أبي صَالح مثل رِوَايَة ربيعَة عَنهُ ". وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن الْمُبَارك عَن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد ". وَعَن عبد الله بن نَافِع عَن الْمُغيرَة بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه ". قَالَ الْحَاكِم أَبُو عبد الله: " فَحَدثني مُحَمَّد بن يَعْقُوب أخبرنَا أَبُو الجهم حَدثنَا أَحْمد بن أبي الْحوَاري قَالَ: " سَمِعت يحيى بن معِين يَقُول: مُحَمَّد بن مبارك رجل أهل الشَّام بعد أبي مسْهر لقد حفظ الْإِسْنَاد ".

قضى باليمين مع الشاهد أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا يوسف بن يعقوب حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي فذكره بإسناده نحوه أخبرنا الإمام أبو إسحاق الإسفرايني أخبرنا محمد بن محمد بن

قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " فَقلت لَهُ - يَعْنِي بعض من ناظره - روى الثَّقَفِيّ - وَهُوَ ثِقَة - عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد ". أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ حَدثنَا يُوسُف بن يَعْقُوب حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم أخبرنَا عبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ فَذكره بِإِسْنَادِهِ نَحوه. أخبرنَا الإِمَام أَبُو إِسْحَاق الإسفرايني أخبرنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن رزمونة حَدثنَا أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن مُحَمَّد بن غَالب النسوي حَدثنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْحَنْظَلِي، فَذكره بِإِسْنَادِهِ وَمَتنه سَوَاء، وَزَاد قَالَ أبي: " وَقضى بِهِ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - بالعراق "، قَالَ لنا أَبُو عبد الله - رَحمَه الله -: " عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ - كَمَا ذكره الشَّافِعِي - رَحمَه الله تَعَالَى - لَا يحْتَج بحَديثه ". وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث عَن حميد الْأسود الْمَكِّيّ، وَعبد الله بن عمر بن حَفْص الْعمريّ، وَهِشَام بن سعد الْمدنِي، وسابق بن عبد الله الرقي، وَإِبْرَاهِيم بن أبي حَيَّة، وَغَيرهم عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جَابر. وَرُوِيَ عَن جَعْفَر عَن أَبِيه عَن عَليّ - رَضِي الله عَنْهُم - " أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِشَاهِد وَيَمِين "، كَذَا

قضى بشهادة رجل واحد مع يمين صاحب الحق وقضى به علي رضي الله عنه بالعراق وكذلك رواه حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله

روى عَن الثَّوْريّ، وَعَن ابْن جرير وَغَيره عَن جَعْفَر. وروى عبد الْعَزِيز بن الْمَاجشون عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنْهُم - أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِشَهَادَة رجل وَاحِد مَعَ يَمِين صَاحب الْحق، وَقضى بِهِ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - بالعراق. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ حُسَيْن بن زيد عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد. وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد عَن أَبِيه أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن، وخَالِد بن أبي كَرِيمَة

مرسلا وكأنه رواه مرة متصلا ومرة مرسلا والله أعلم وروى أبو داود حدثنا أحمد بن عبده حدثنا عمار بن شعيب بن عبد الله بن الزبيب العنبري حدثنا أبي قال سمعت جدي الزبيب يقول بعث رسول الله

عَن أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ الباقر عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، وَكَأَنَّهُ رَوَاهُ مرّة مُتَّصِلا وَمرَّة مُرْسلا، وَالله أعلم. وروى أَبُو دَاوُد: حَدثنَا أَحْمد بن عَبده حَدثنَا عمار بن شُعَيْب بن عبد الله بن الزَّبِيب الْعَنْبَري حَدثنَا أبي، قَالَ: " سَمِعت جدي الزَّبِيب يَقُول: بعث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى بني العنبر، فَأَخَذُوهُمْ بركبة من نَاحيَة الطَّائِف، فاستاقوهم إِلَى نبيّ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فركبت فسبقتهم إِلَى النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: السَّلَام عَلَيْك يَا نَبِي الله وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، أَتَانَا جندك فأخذونا، وَقد كُنَّا أسلمنَا، وخضرمنا آذان النِّعم، فَلَمَّا قدم بالعنبر قَالَ لي نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " هَل لكم بَيِّنَة على أَنكُمْ أسلمتم قبل أَن تؤخذوا فِي هَذِه الْأَيَّام؟ قلت: نعم، قَالَ من بينتك؟ قلت: سَمُرَة رجل من بني العنبر، وَرجل آخر سَمَّاهُ لَهُ، (فَشهد الرجل وأبى سَمُرَة أَن يشْهد، فَقَالَ نبيّ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: قد أَبى أَن يشْهد لَك، فتحلف مَعَ

اذهبوا فقاسموهم أنصاف الأموال ولا تمسوا ذراريهم لولا أن الله عز وجل لا يحب ضلالة العمل ما ذريناكم عقالا قال الزبيب فدعتني أمي فقالت هذا الرجل أخذ زريبتي فانصرفت إلى نبي الله

شاهدك الآخر؟ قلت: نعم) ، فاستحلفني فَحَلَفت بِاللَّه لقد أسلمنَا يَوْم كَذَا وَكَذَا، وخضرمنا آذان النعم، فَقَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اذْهَبُوا فقاسموهم أَنْصَاف الْأَمْوَال، وَلَا تمسوا ذَرَارِيهمْ، لَوْلَا أنّ الله - عزّ وجلّ - لَا يحب ضَلَالَة الْعَمَل مَا ذريناكم عقَالًا، قَالَ الزَّبِيب: فدعتني أُمِّي، فَقَالَت: هَذَا الرجل أَخذ زريبتي، فَانْصَرَفت إِلَى نبيّ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَعْنِي - فَأَخْبَرته، فَقَالَ لي: احبسه، فَأَخَذته بتلابيبه وَقمت مَعَه مَكَانا، ثمَّ نظر إِلَيْنَا نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (قَائِمين، فَقَالَ: مَا تُرِيدُ بأسيرك؟ فأرسلته من يَدي، فَقَامَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) ، فَقَالَ للرجل: رد على هَذَا زريبة أمه الَّتِي أخذت مِنْهَا، فَقَالَ: يَا نَبِي الله، إِنَّهَا خرجت من يَدي، فاختلع نبيّ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سيف الرجل فأعطانيه، وَقَالَ للرجل: اذْهَبْ فزده آصعاً من طَعَام، قَالَ: فزادني آصعاً من شعير ". وَرُوِيَ عَن إِسْمَاعِيل بن أبي أويس حَدثنِي أبي عَن ربيعَة عَن سعيد بن عَمْرو بن شُرَحْبِيل - يَعْنِي ابْن سعيد بن سعد بن عبَادَة الْأنْصَارِيّ - عَن أَبِيه عَن جده " أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد الْوَاحِد فِي الْحُقُوق ".

قضى باليمين مع الشاهد وروي عن سليمان بن بلال عن ربيعة عن إسماعيل بن عمرو بن قيس بن سعد بن عبادة عن أبيه أنهم وجدوا في كتاب سعد أن رسول الله

وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: أخبرنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد بن أبي عبيد الدَّرَاورْدِي، وَرَبِيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن عَن سعيد بن عَمْرو بن شُرَحْبِيل بن سعيد ابْن سعد بن عبَادَة الْأنْصَارِيّ ثمَّ السَّاعِدِيّ عَن أَبِيه عَن جده - رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ: " وجد فِي كتاب سعد أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد ". (وَرُوِيَ عَن سُلَيْمَان بن بِلَال عَن ربيعَة عَن إِسْمَاعِيل بن عَمْرو بن قيس بن سعد بن عبَادَة عَن أَبِيه أنّهم وجدوا فِي كتاب سعد أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قضى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد) . وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله أخبرنَا مُسلم بن خَالِد حَدثنِي جَعْفَر بن مُحَمَّد قَالَ: " سَمِعت الحكم بن عتبَة يسْأَل أبي، وَقد وضع يَده على جِدَار الْقَبْر ليقوم، أقضى النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد؟ قَالَ: نعم، وَقضى بِهِ عَليّ بَين أظْهركُم "، قَالَ مُسلم: " قَالَ جَعْفَر: فِي الدّين ". وَرُوِيَ عَن كُلْثُوم بن زِيَاد قَالَ: " أدْركْت سُلَيْمَان بن حبيب وَالزهْرِيّ يقضيان بذلك "، قَالَ كُلْثُوم: " وَكَانَ أَبُو ثَابت بن سُلَيْمَان بن

شاهداك أو يمينه أخبرنا أبو عمرو الأديب أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إبراهيم

حبيب قَاضِي الْمَدِينَة ثَلَاثِينَ سنة، يقْضِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد ". وَعَن حَمَّاد بن خَالِد الْخياط عَن ابْن أبي ذيب عَن الزُّهْرِيّ فِي الْيَمين مَعَ الشَّاهِد قَالَ: " أول من صنعه مُعَاوِيَة "، هَذَا هُوَ الصَّحِيح عَن الزُّهْرِيّ وَالَّذِي رُوِيَ من إِنْكَاره فَنحْن لَا نعرفه. وروى مَالك عَن أبي الزِّنَاد أنّ عمر بن عبد الْعَزِيز كتب إِلَى أبي عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن الْخطاب - وَهُوَ عَامل لَهُ على الْكُوفَة - أَن اقْضِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِد. وَقَالَ البُخَارِيّ - رَحمَه الله - فِي كِتَابه: " قَالَ لي قُتَيْبَة حَدثنَا سُفْيَان بن شبْرمَة قَالَ: كلمني أَبُو الزِّنَاد فِي شَهَادَة الشَّاهِد وَيَمِين الْمُدَّعِي فَقلت: قَالَ الله - عزّ وجلّ -: {وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} . (قلت: إِذا كَانَ يَكْتَفِي بِشَهَادَة شَاهد وَيَمِين الْمُدَّعِي فَمَا يحْتَاج أَن تذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى مَا كَانَ يصنع بِذكر إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى؟) ، فَأَشَارَ البُخَارِيّ فِي التَّرْجَمَة إِلَى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " شَاهِدَاك أَو يَمِينه ". أخبرنَا أَبُو عَمْرو الأديب أخبرنَا الشَّيْخ أَبُو بكر أَحْمد بن إِبْرَاهِيم

شاهداك أو يمينه فنقله عن الشاهدين إلى يمين خصمه بلا ذكر رجل وامرأتين والله أعلم

الْإِسْمَاعِيلِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى - عِنْد ذكر البُخَارِيّ هَذِه الْحِكَايَة لَيْسَ فِيمَا ذكره ابْن شبْرمَة معنى. فَإِن قَالَ: " الْحَاجة إِلَى إذكار إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى إِذا شهدتا، فَإِذا لم تَكُونَا قَامَت مقامهما يَمِين الطَّالِب الَّتِي لَو انْفَرَدت مِمَّن هِيَ عَلَيْهِ حلت مَحل الْبَيِّنَة فِي الْأَدَاء أَو الْإِبْرَاء فَحلت هَهُنَا مَحل الْمَرْأَتَيْنِ فِي الِاسْتِحْقَاق بهما مُضَافَة للشَّاهِد الْوَاحِد، وَلَو وَجب إِسْقَاط الْبَيِّنَة الثَّابِتَة فِي الشَّاهِد وَالْيَمِين؛ لما ذكر ابْن شبْرمَة لسقط الشَّاهِد، والمرأتان لقَوْل النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " شَاهِدَاك أَو يَمِينه "، فنقله عَن الشَّاهِدين إِلَى يَمِين خَصمه بِلَا ذكر رجل وَامْرَأَتَيْنِ، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (360) : وتؤكد الْيَمين بِالْمَكَانِ وَالزَّمَان. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " لَا تؤكد بالمساجد ". روى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن مَالك عَن هِشَام بن هَاشم بن عتبَة بن أبي وَقاص عَن عبد الله بن نسطاس عَن جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من حلف على منبري هَذَا بِيَمِين آثمة تبوأ مَقْعَده من النَّار ". وَعَن مَالك - رَحمَه الله - عَن دَاوُد بن الْحصين أنّه سمع أَبَا غطفان بن طريف المري قَالَ: " اخْتصم زيد بن ثَابت وَابْن مُطِيع إِلَى مَرْوَان بن الحكم فِي دَار، فَقضى بِالْيَمِينِ على زيد بن ثَابت على الْمِنْبَر، فَقَالَ زيد: أَحْلف لَهُ مَكَاني، قَالَ لَهُ مَرْوَان: وَالله إِلَّا عِنْد مقاطع الْحُقُوق، فَجعل زيد يحلف أَن (حَقه لحق) ، ويأبى أَن يحلف على الْمِنْبَر، فَجعل مَرْوَان يعجب من ذَلِك "، قَالَ مَالك: " كره زيد - رَضِي الله عَنهُ - صَبر الْيَمين ".

قال ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم رجل حلف على سلعته لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال امرئ مسلم ورجل منع فضل ماء فيقول الله تعالى له اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم: رجل حلف على سلْعَته لقد أعطي بهَا أَكثر مِمَّا أعطي وَهُوَ كَاذِب، وَرجل حلف على يَمِين كَاذِبَة بعد الْعَصْر؛ ليقتطع بهَا مَال امْرِئ مُسلم، وَرجل منع فضل مَاء، فَيَقُول الله تَعَالَى لَهُ: الْيَوْم أمنعك فضلي كَمَا منعت فضل مَا لم تعْمل يداك ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن عبد الله بن مُؤَمل عَن ابْن أبي مليكَة قَالَ: " كتبت إِلَى ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - من الطَّائِف فِي جاريتين ضربت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى وَلَا شَاهد عَلَيْهِمَا، فَكتب إِلَى أَن أحبسهما بعد الْعَصْر، ثمَّ أَقرَأ عَلَيْهِمَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} فَفعلت فَاعْترفت "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (361) :

(فارغة)

(فارغة)

فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال له رسول الله

وَالْيَمِين ترد على الْمُدَّعِي بنكول الْمُدَّعِي عَلَيْهِ، وَلَا يحكم بِمُجَرَّد النّكُول. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يحكم بِالنّكُولِ "، وَلَا ترد الْيَمين على الْمُدَّعِي ". فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن بشر بن يسَار عَن سهل بن أبي حيثمة قَالَ: " انْطلق عبد الله بن سهل، ومحيصة بن مَسْعُود بن زيد إِلَى خَيْبَر - وَهِي يومئذٍ صلح - فتفرقا فِي حوائجهما، فَأتى محيصة على عبد الله بن سهل، وَهُوَ يشحط فِي دَمه قَتِيلا فدفنه، ثمَّ قدم الْمَدِينَة، فَانْطَلق عبد الرَّحْمَن بن سهل ومحيصة وحويصة ابْنا مَسْعُود إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذهب عبد الرَّحْمَن يتَكَلَّم فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كبر الْكبر، وَهُوَ أحدث الْقَوْم، فَسكت فتكلما، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

وروى مسلم في الصحيح عن عمرو الناقد عن سفيان عن يحيى بن سعيد بشير بن يسار عن سهل بن أبي حيثمة فذكر هذه القصة قال النبي

" أتحلفون خمسين يَمِينا وتستحقون دم قاتلكم أَو صَاحبكُم؟ " فَقَالُوا: " يَا رَسُول الله كَيفَ نحلف وَلم نشْهد وَلم نَر؟ " قَالَ: " فتبرئكم يهود بِخَمْسِينَ "، فَقَالُوا: " يَا رَسُول الله كَيفَ نَأْخُذ يَمِين قوم كفار؟ " قَالَ: فعقله رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وروى مُسلم فِي الصَّحِيح عَن عَمْرو النَّاقِد عَن سُفْيَان عَن يحيى بن سعيد بشير بن يسَار عَن سهل بن أبي حيثمة فَذكر هَذِه الْقِصَّة، قَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أفتبرئكم يهود بِخَمْسِينَ يَمِينا؟ يحلفُونَ أَنهم لم يقتلوه "، " وَكَيف نرضى بأيمانهم وهم مشركون؟ "، قَالَ: " فَيقسم مِنْكُم خَمْسُونَ أَنهم قَتَلُوهُ "، قَالُوا: " كَيفَ نقسم على مَا لم نره؟ " قَالَ: " فوداه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من عِنْده "، كَذَا رَوَاهُ سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن يحيى بن سعيد، فَيبْدَأ بقوله: " فتبرئكم يهود "، وَالْجَمَاعَة عَن يحيى بن سعيد بدؤوا بقوله: " تحلفون خمسين يَمِينا " للأنصاريين كَمَا سبق ذكرنَا لَهُ، وَالله أعلم. وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، والثقفي عَن يحيى بن سعيد عَن بشير بن يسَار عَن سهل بن أبي حيثمة - رَضِي الله عَنهُ - أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَدَأَ بالأنصاريين، فَلَمَّا لم يحلفوا رد الْأَيْمَان على الْيَهُود. قَالَ: " وَأخْبرنَا مَالك عَن يحيى بن بشير بن يسَار - رَضِي الله عَنهُ

بمثله كذا يرويه الإمام الشافعي رحمه الله عن ابن عيينة وهو الصواب وحديث اللعان دليل في هذه المسألة وقد سبق ذكره في كتاب اللعان وروي عن الليث بن سعد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي

- عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثلِهِ "، كَذَا يرويهِ الإِمَام الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن ابْن عُيَيْنَة، وَهُوَ الصَّوَاب، وَحَدِيث اللّعان دَلِيل فِي هَذِه الْمَسْأَلَة، وَقد سبق ذكره فِي كتاب اللّعان. وَرُوِيَ عَن اللَّيْث بن سعد عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رد الْيَمين على طَالب الْحق. وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - أخبرنَا مَالك بن أنس عَن ابْن شهَاب عَن سُلَيْمَان بن يسَار أنّ رجلا من بني سعد بن لَيْث أجْرى فرسا، فوطئ على إِصْبَع رجل من جُهَيْنَة (فَنزل فِيهَا) فَمَاتَ، فَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - للَّذين ادّعى عَلَيْهِم: " تحلفون خمسين يَمِينا مَا مَاتَ مِنْهَا "، فَأَبَوا وتحرجوا من الْأَيْمَان، فَقَالَ للآخرين: " احلفوا أَنْتُم " فَأَبَوا. وروى إِبْرَاهِيم بن أبي يحيى وَغَيره عَن حُسَيْن بن عبد الله بن ضميرَة عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " الْمُدعى

فأتاه خصمان فقال أحدهما وهو ابن القيس بن عابس الكندي وخصمه ربيعة يا رسول الله إن هذا أجر على أرضي في الجاهلية فقال هي أرضي أزرعها فقال لك بينة قال لا قال لك يمينه قال إنه ليس يبالي ما حلف عليه قال ليس

عَلَيْهِ أولى بِالْيَمِينِ، فَإِن نكل أَحْلف صَاحب الْحق وَأخذ "، وَلَيْسَ هَذَا بمعتمد. وَفِي صَحِيح مُسلم من حَدِيث أبي عوَانَة عَن عبد الْملك بن عُمَيْر عَن عَلْقَمَة بن وَائِل عَن أَبِيه قَالَ: " كنت عِنْد النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَأَتَاهُ خصمان، فَقَالَ أَحدهمَا - وَهُوَ ابْن الْقَيْس بن عَابس الْكِنْدِيّ، وخصمه ربيعَة -: يَا رَسُول الله: إنّ هَذَا أجر على أرضي فِي الْجَاهِلِيَّة، فَقَالَ: هِيَ أرضي أزرعها، فَقَالَ: لَك بَيِّنَة، قَالَ: لَا، قَالَ: لَك يَمِينه، قَالَ: إنّه لَيْسَ يُبَالِي مَا حلف عَلَيْهِ، قَالَ: لَيْسَ لَك مِنْهُ إِلَّا ذَلِك، قَالَ: فَلَمَّا ذهب ليحلف، قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أما إِنَّه إِن حلف على مَاله ظلما لَقِي الله تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَان ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو الْأَحْوَص عَن سماك بن حَرْب عَن عَلْقَمَة بن وَائِل قَالَ فِيهِ: " فَقَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للحضرمي: أَلَك بَيِّنَة؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فلك يَمِينه، قَالَ: فَقَالَ: لَيْسَ لَك مِنْهُ إِلَّا ذَلِك ".

شاهداك أو يمينه كما سبق ذكرنا له وليس فيه ليس لك إلا ذلك وإنما هو في حديث وائل وقال فيه ألك بينة ولم يقل شاهداك فافهمه وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي

وَفِي حَدِيث الْأَشْعَث بن قيس قَالَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " شَاهِدَاك أَو يَمِينه "، كَمَا سبق ذكرنَا لَهُ. وَلَيْسَ فِيهِ: " لَيْسَ لَك إِلَّا ذَلِك "، وَإِنَّمَا هُوَ فِي حَدِيث وَائِل، وَقَالَ فِيهِ: " أَلَك بَيِّنَة؟ وَلم يقل: " شَاهِدَاك " فافهمه. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أنّ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَو يعْطى النَّاس بدعاواهم لادّعى أنَاس دِمَاء رجال وَأَمْوَالهمْ، وَلَكِن الْيَمين على الْمُدعى (عَلَيْهِ) ". وروى الدَّارَقُطْنِيّ: أخبرنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى حَدثنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن ابْن جريج عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده عَن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا ادّعت الْمَرْأَة طَلَاق زَوجهَا، فَجَاءَت على ذَلِك بِشَاهِد عدل (اسْتحْلف زَوجهَا فَإِن) حلف بطلت شَهَادَة الشَّاهِد، وَإِن نكل فنكوله بِمَنْزِلَة شَاهد آخر، وَجَاز طَلَاقه ". وَالله أعلم. (362) : وَشَهَادَة الْعَدو على الْعَدو غير مَقْبُولَة. وَحكي عَن أبي

رد شهادة والخائنة وذي الغمر على أخيه ورد شهادة القانع لأهل البيت وأجازها لغيرهم وعنه قال قال رسول الله

حنيفَة - رَحمَه الله - أنّه قَالَ: " هِيَ مَقْبُولَة ". روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده أنّ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ردّ شَهَادَة والخائنة، وَذي الْغمر على أَخِيه، وردّ شَهَادَة القانع لأهل الْبَيْت، وأجازها لغَيرهم. وَعنهُ قَالَ: " قَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجوز شَهَادَة خائن وَلَا خَائِنَة، وَلَا زَان وَلَا زَانِيَة، وَلَا ذِي غمر على أَخِيه "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (363) : وَإِذا شهد الشُّهُود بِمُوجب قتل، فَقتل الْمَشْهُود عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِم، ثمَّ رجعُوا عَن الشَّهَادَة، وَقَالُوا: " تعمدنا " وَجب عَلَيْهِم الْقصاص. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا قصاص عَلَيْهِم ". روى الدَّارَقُطْنِيّ عَن أبي روق حَدثنَا أَحْمد بن روح حَدثنَا سُفْيَان عَن مطرف عَن الشّعبِيّ قَالَ: " جَاءَ رجلَانِ بِرَجُل إِلَى عَليّ رَضِي الله

مسألة

عَنهُ، فشهدا عَلَيْهِ بِالسَّرقَةِ فَقَطعه، ثمَّ جَاءَا بآخر بعد ذَلِك، فَقَالَا: هُوَ هَذَا، غلطنا بِالْأولِ، فَلم يقبل شَهَادَتهمَا على الآخر، وغرمهما دِيَة الأول، وَقَالَ: " لَو أعلم أنكما تعمدتما لقطعتكما "، تَابعه سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ عَن مطرف - وَهُوَ صَحِيح - عَن عَليّ، رَضِي الله عَنهُ، وَلَا نَعْرِف أحدا خَالفه من الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (364) : وحد الزِّنَا لَا يُقَام على الْمَشْهُود عَلَيْهِ بِشُهُود الزوايا، وَهُوَ أَن يشْهد كل وَاحِد مِنْهُم أَنه زنى بهَا فِي زَاوِيَة أُخْرَى من زَوَايَا الْبَيْت. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يُقَام عَلَيْهِ الْحَد اسْتِحْسَانًا ". وَالله أعلم.

كتاب الدعوى

(كتاب الدَّعْوَى) من كتاب الدَّعْوَى. (مَسْأَلَة) (365) : الْبَيِّنَتَانِ إِذا تَعَارَضَتَا وَالشَّيْء فِي يَد ثَالِث لم يقسم بَينهمَا فِي أحد الْأَقْوَال: وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يقسم بَينهمَا ". روى عَن شبعة عَن قَتَادَة عَن سعيد بن أبي بردة عَن أَبِيه عَن جده: " أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَقَامَ كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاهِدين، فَقضى بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهمَا نِصْفَيْنِ ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث همام عَن قَتَادَة بِمَعْنى إِسْنَاده: " أَن رجلَيْنِ ادّعَيَا بَعِيرًا على عهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَبعث كل وَاحِد مِنْهُمَا شَاهِدين، فَقَسمهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهمَا نِصْفَيْنِ ".

في بعير ليس لواحد منهما بينة فقضي به رسول الله

(خالفهما سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة فِي مَتنه، فَقَالَ فِيهِ: " اخْتصم رجلَانِ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعير لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة، فقضي بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهمَا نِصْفَيْنِ ". وَرُوِيَ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن حجاج بن الْمنْهَال حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع حَدثنَا ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة فِي مَتنه، فَقَالَ فِيهِ: " اخْتصم رجلَانِ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي بعير لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة، فقضي بِهِ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهمَا نِصْفَيْنِ ". رَوَاهُ سعيد بن بشر عَن قَتَادَة بِسَنَدِهِ وَمَعْنَاهُ. وَرُوِيَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله عَنهُ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن حجاج بن الْمنْهَال: حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع حَدثنَا ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن خلاس عَن أبي رَافع عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - " أَن رجلَيْنِ اخْتَصمَا فِي مَتَاع إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (لَيْسَ لوَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: اسْتهمَا) على الْيَمين (مَا كَانَ أحبّا ذَلِك أَو كرها) ". كَذَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة. فَأَما حَدِيث سعيد بن أبي بردة عَن أَبِيه عَن أبي مُوسَى فمقال فِيهِ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن مَتنه مُخْتَلف فِيهِ، كَمَا سبق ذكرنَا لَهُ، والْحَدِيث حَدِيث وَاحِد.

مسألة

وَالْآخر: أَن فِيهِ إرْسَالًا؛ يُقَال: " إِن أَبَا بردة لم يسمع هَذَا الحَدِيث من أبي مُوسَى، رَضِي الله عَنهُ "، قَالَ حَمَّاد بن سَلمَة: " قَالَ سماك بن حَرْب أَنا حدثت أَبَا بردة بِهَذَا الحَدِيث "؛ ولهذه الْعلَّة لم يُخرجهُ الشَّيْخَانِ - رحمهمَا الله تَعَالَى - فِي الصَّحِيح "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (366) : وَيرجع فِي تَمْيِيز الْأَنْسَاب إِذا اشتبهت إِلَى قَول الْقَافة. وَقَالَ أَبُو حنفية - رَحمَه الله -: " لَا يرجع إِلَى الْقَافة، وَلَكِن يلْحق بِجَمِيعِ من ادَّعَاهُ ". فَفِي الصَّحِيح عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَت: " دخل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْمًا مَسْرُورا، وأسارير وَجهه تبرق، فَقَالَ: ألم تسمعي مَا قَالَ مجزز المدلجي؟ وَرَأى زيدا وَأُسَامَة قد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما، فَقَالَ: إِن هَذِه الْأَقْدَام بَعْضهَا من بعض ". وَفِي رِوَايَة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دخل عَلَيْهَا وَهُوَ مسرور تبرق أسارير وَجهه، فَقَالَ: " ألم تسمعي مَا قَالَ مجزز المدلجي، وَرَأى أُسَامَة وزيداً نائمين، وَقد خرجت أقدامهما "، فَذكر مثله، أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّحِيح.

وَأخرجه مُسلم عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - بِمَعْنَاهُ من حَدِيث ابْن شهَاب، وَفِيه: " وَكَانَ مجزز قائفاً ". قَالَ أَبُو دَاوُد: " وَكَانَ أُسَامَة أسود، وَكَانَ زيد أَبيض ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - أخبرنَا أنس بن عِيَاض عَن هِشَام عَن أَبِيه عَن يحيى بن عبد الرَّحْمَن بن حَاطِب أَن رجلَيْنِ تداعيا ولدا، فَدَعَا لَهُ عمر الْقَافة فَقَالُوا: " قد اشْتَركَا فِيهِ، فَقَالَ لَهُ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: وَآل أَيهمَا شِئْت "، قَالَ أخبرنَا مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن عمر - (رَضِي الله عَنهُ - مثل مَعْنَاهُ. وروى ابْن بكير عَن مَالك عَن يحيى بن سعيد عَن سُلَيْمَان بن يسَار أَن عمر) بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - كَانَ يليط أَوْلَاد الْجَاهِلِيَّة مِمَّن دعاهم فِي الْإِسْلَام، قَالَ سُلَيْمَان: " فَأتى رجلَانِ كِلَاهُمَا يَدعِي ولد امْرَأَة، فَدَعَا عمر - رَضِي الله عَنهُ - قائفاً، فَنظر إِلَيْهِمَا، فَقَالَ الْقَائِف: " لقد اشْتَركَا فِيهِ، فَضَربهُ عمر - رَضِي الله عَنهُ - بِالدرةِ، (وَقَالَ: مَا يدْريك؟) ، ثمَّ قَالَ للْمَرْأَة: أَخْبِرِينِي خبرك، فَقَالَت: كَانَ هَذَا لأحد الرجلَيْن يَأْتِيهَا، وَهِي فِي إبل لأَهْلهَا، فَلَا يفارقها حَتَّى يظنّ أَن قد اسْتمرّ بهَا حملا، ثمَّ انْصَرف عَنْهَا، فأهريقت دَمًا، ثمَّ خلف هَذَا - يَعْنِي الآخر - فَلَا أَدْرِي من أَيهمَا

هُوَ، فَكبر الْقَائِف، فَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - للغلام: وَال أَيهمَا شِئْت ". وَعَن مَالك عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث التَّيْمِيّ عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عبد الله بن عبد الله بن أُميَّة أَن امْرَأَة هلك عَنْهَا زَوجهَا، فاعتدت أَرْبَعَة أشهر وَعشرا، ثمَّ تزوجت حِين حلّت، فَمَكثت عِنْد زَوجهَا أَرْبَعَة أشهر (وَنصفا) ، ثمَّ ولدت ولدا تَاما، فجَاء زَوجهَا إِلَى عمر بن الْخطاب، رَضِي الله عَنهُ، فَذكر لَهُ ذَلِك، فَدَعَا عمر - رَضِي الله عَنهُ - نسْوَة من نسَاء الْجَاهِلِيَّة قدماء، فسألهن عَن ذَلِك، فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ: " أَنا أخْبرك عَن هَذِه الْمَرْأَة، هلك عَنْهَا زَوجهَا حِين حملت، فأهريقت عَلَيْهِ الدِّمَاء، فَحُشَّ وَلَدهَا فِي بَطنهَا، فَلَمَّا أَصَابَهَا زَوجهَا الَّذِي نكحت، وَأصَاب الولدَ الماءُ تحرّك الْوَلَد فِي بَطنهَا وَكبر "، فصدقها عمر، رَضِي الله عَنهُ، وَفرق بَينهمَا، وَقَالَ عمر - رَضِي الله عَنهُ -: " أما إِنَّه لم يبلغنِي عنكما إِلَّا خير، وَألْحق الْوَلَد بِالْأولِ ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - عَن ابْن علية عَن حميد عَن أنس - رَضِي الله عَنهُ - أَنه شكّ فِي ابْن لَهُ، فَدَعَا لَهُ الْقَافة.

وهو الصادق المصدوق أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله الملك فينفخ فيه الروح ثم يؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وعمله وأجله وشقي هو أم سعيد فوالذي لا إله غيره إن

فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " حَدثنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَهُوَ الصَّادِق المصدوق: أَن أحدكُم يجمع خلقه فِي بطن أمه أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثمَّ يكون علقَة مثل ذَلِك، ثمَّ يكون مُضْغَة مثل ذَلِك، ثمَّ يبْعَث الله الْملك فينفخ فِيهِ الرّوح، ثمَّ يُؤمر بِأَرْبَع كَلِمَات، يكْتب رزقه وَعَمله وأجله وشقي هُوَ أم سعيد، فوالذي لَا إِلَه غَيره، إِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل النَّار حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع، فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب، فيختم لَهُ بِعَمَل أهل الْجنَّة فيدخلها. وَإِن أحدكُم ليعْمَل بِعَمَل أهل الْجنَّة حَتَّى مَا يكون بَينه وَبَينهَا إِلَّا ذِرَاع، فَيَسْبق عَلَيْهِ الْكتاب، فيختم لَهُ بِعَمَل أهل النَّار فيدخلها ". وروى أَبُو دَاوُد: حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا يحيى عَن الْأَجْلَح عَن الشّعبِيّ عَن عبد الله بن الْجَلِيل عَن زيد بن الأرقم - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " كنت جَالِسا عِنْد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فجَاء رجل من الْيمن، فَقَالَ: إِن ثَلَاث نفر من أهل الْيمن أَتَوا عليا يختصمون إِلَيْهِ فِي ولد، وَقد وَقَعُوا على امْرَأَة فِي طهر وَاحِد، فَقَالَ لاثْنَيْنِ: طيبا بِالْوَلَدِ لهَذَا (فغلبا) ، ثمَّ قَالَ لاثْنَيْنِ: طيبا بِالْوَلَدِ لهَذَا (فغلبا) ، ثمَّ قَالَ لاثْنَيْنِ: طيبا بِالْوَلَدِ لهَذَا فغلبا. ثمَّ قَالَ: أَنْتُم شُرَكَاء متشاكسون، إِنِّي مقرع بَيْنكُم، فَمن قرع فَلهُ الْوَلَد، وَعَلِيهِ لصاحبيه ثلثا الدِّيَة، فأقرع بَينهم، فَجعله لمن قرع، فَضَحِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى بَدَت أَضْرَاسه أَو نَوَاجِذه ".

ولا قوله طيبا وروي عن قتادة عن سعيد بن المسيب أن رجلين اشتركا في طهر امرأة فحملت منهما فولدت ولدا فارتفعا إلى عمر رضي الله عنه فدعا ثلاثة من القافة فدعوا بتراب فوطئ فيه الرجلان والغلام ثم قال لأحدهما انظر

وَرَوَاهُ سَلمَة بن كهيل عَن الشّعبِيّ عَن الْخَلِيل، أَو ابْن الْخَلِيل قَالَ: " أَتَى عَليّ بن أبي طَالب - رَضِي الله عَنهُ - فِي امْرَأَة ولدت من ثَلَاث " بِمَعْنَاهُ، وَلم يذكر الْيمن، وَلَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا قَوْله: " طيبا ". وَرُوِيَ عَن قَتَادَة عَن سعيد بن الْمسيب أَن رجلَيْنِ اشْتَركَا فِي طهر امْرَأَة، فَحملت مِنْهُمَا (فَولدت ولدا) ، فارتفعا إِلَى عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَدَعَا ثَلَاثَة من الْقَافة، فدعوا بِتُرَاب، فوطئ فِيهِ الرّجلَانِ والغلام، ثمَّ قَالَ لأَحَدهمَا: " انْظُر "، فَنظر، فَاسْتقْبل واستعرض واستدبر، فَقَالَ: " أسر أم أعلن؟ " فَقَالَ: " بل أسر "، فَقَالَ: " لقد أَخذ الشّبَه مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَمَا أَدْرِي من أَيهمَا هُوَ " وَذكروا عَن الآخرين بِمَعْنى ذَلِك، فَقَالَ عمر: " إِنَّا نقوف الْآثَار " ثَلَاثًا يَقُولهَا، وَكَانَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - قائفاً، فَجعله لَهما يرثانه ويرثهما، فَقَالَ سعيد: " أَتَدْرِي من عصبته؟ " قلت: " لَا "، قَالَ: " الْبَاقِي مِنْهُمَا ". وَرُوِيَ عَن سماك عَن أنَاس من أهل الْمَدِينَة أَن عليا - رَضِي الله عَنهُ - قضى فِي نخاسين وَقع أَحدهمَا على جَارِيَة، ثمَّ بَاعهَا من آخر فَوَقع عَلَيْهَا، فَولدت، فَقَالَت: " لَا أَدْرِي من أَيهمَا هُوَ؟ " فقضي بَينهمَا يرثهما ويرثانه، وَالَّذِي يبْقى مِنْهُمَا، هُوَ منزلَة أَبِيه، وَالله أعلم.

(فارغة)

كتاب العتق والولاء والمدبر والكتابة

(كتاب الْعتْق وَالْوَلَاء وَالْمُدبر وَالْكِتَابَة) وَمن كتاب الْعتْق وَالْوَلَاء وَالْمُدبر والكابة. (مَسْأَلَة) (367) : إِذا أعتق من عَبده جُزْءا عتق كُله. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " هُوَ بِالْخِيَارِ بَين أَن يعْتق بَاقِيَة وَبَين أَن يستسعى ". وَدَلِيلنَا من طَرِيق الْخَبَر مَا عِنْد أبي دَاوُد من حَدِيث قَتَادَة عَن أبي الْمليح عَن أَبِيه أَن رجلا أعتق شقيصاً لَهُ من غُلَام، فَذكر ذَلِك للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: " لَيْسَ لله شريك، فَأجَاز النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عتقه "، وَالله أعلم.

مسألة

(مَسْأَلَة) (368) : وَإِذا أعتق أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه - وَهُوَ مُوسر - سرى إِلَى شَرِيكه وَضمن لَهُ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " شَرِيكه هُوَ بِالْخِيَارِ بَين أَن يعتقهُ، أَو يكاتبه، أَو يستسعيه، أَو يغرم قيمَة نصِيبه وشريكه ". دليلنا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أعتق شركا لَهُ فِي عبد فَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل، فَأعْطِي شركاؤه حصصهم، وَعتق عَلَيْهِ العَبْد، وَإِلَّا فقد عتق مِنْهُ مَا عتق ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا عَنهُ قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أعتق شركا لَهُ فِي مَمْلُوك فَعَلَيهِ عتقه كُله إِن كَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمنه، وَإِن لم يكن لَهُ مَال عتق مِنْهُ مَا عتق ". وَعند البُخَارِيّ أَيْضا قَالَ: " وَرَوَاهُ ابْن أبي ذِئْب ". وَأخرجه مُسلم مُسْندًا عَن ابْن أبي ذِئْب عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أعتق شِقْصا لَهُ فِي مَمْلُوك، فَكَانَ للَّذي يعْتق مِنْهُمَا نصِيبه مبلغ ثمنه من عتق كلّه ". وَرَوَاهُ أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن

قال من أعتق نصيبا له في مملوك أو شركا من عبد فكان له من المال ما يبلغ قيمة بقية العبد فقد عتق قال نافع وإلا فقد عتق منه ما عتق قال أيوب لا أدري أشيء قاله نافع أو هو في الحديث وفي رواية بمعناه إلا أنه قال

النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أعتق نَصِيبا لَهُ فِي مَمْلُوك، أَو شركا من عبد فَكَانَ لَهُ من المَال مَا يبلغ قيمَة بَقِيَّة العَبْد فقد عتق "، قَالَ نَافِع: " وَإِلَّا فقد عتق مِنْهُ مَا عتق ". قَالَ أَيُّوب: " لَا أَدْرِي أَشَيْء قَالَه نَافِع، أَو هُوَ فِي الحَدِيث؟ ". وَفِي رِوَايَة بِمَعْنَاهُ، إِلَّا أَنه قَالَ: " فَهُوَ عَتيق " بدل قَوْله: " فقد عتق "، أخرج البُخَارِيّ الأول، وَمُسلم الثَّانِي فِي الصَّحِيح. وَهَذَا شكّ وَقع لأيوب) ، وَقد حفظه عبيد الله بن عمر، وَمَالك بن أنس، وَجَرِير بن حَازِم عَن نَافِع فِي الحَدِيث، (وَمَالك وَعبيد الله أثبت فِي) نَافِع من أَيُّوب. (وَكَذَلِكَ قَالَ جرير بن حَازِم عَن نَافِع) كَمَا قَالَا، أخرجه مُسلم من حَدِيثه عَن نَافِع عَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من أعتق نَصِيبا لَهُ فِي عبد، فَكَانَ لَهُ من المَال قدر مَا يبلغ قِيمَته قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل، وَإِلَّا فقد عتق مِنْهُ مَا عتق ". وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث مُوسَى بن عقبَة عَن نَافِع عَن ابْن عمر

واتفقا على حديث سالم عن أبيه يبلغ به النبي

- رَضِي الله عَنْهُمَا - كَانَ يُفْتِي فِي العَبْد أَو الْأمة يكون بَين شُرَكَاء فَيعتق أحدهم نصِيبه مِنْهُ يَقُول: " قد وَجب عَلَيْهِ عتقه كُله إِذا كَانَ لَهُ من المَال مَا يبلغ يقوم من مَاله قيمَة الْعدْل، وَيدْفَع إِلَى الشُّرَكَاء، أنصباؤهم، ويخلي سَبِيل الْمُعْتق "، يخبر ذَلِك ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - عَن النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. واتفقا على حَدِيث سَالم عَن أَبِيه - يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ العَبْد بَين اثْنَيْنِ، فَأعتق أَحدهمَا نصِيبه، فَإِن كَانَ مُوسِرًا تقوم عَلَيْهِ قيمَة، وَلَا وكس، وَلَا شطط، ثمَّ يعْتق ". وَأخرجه مُسلم من حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة عَن النَّضر بن أنس عَن بشير بن نهيك عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (فِي الْمَمْلُوك بَين الرجلَيْن، فَيعتق أَحدهمَا نصِيبه، قَالَ: " يضمن ". وَعِنْده أَيْضا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) من أعتق شقيصاً من مَمْلُوك فَهُوَ حر من مَاله. وَرُوِيَ عَن الْحسن بن عمَارَة عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنْهُم - قَالَ: " كَانَ رجلَانِ من جُهَيْنَة بَينهمَا غُلَام، فَأعتق أَحدهمَا، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فضمنه إِيَّاه، وَكَانَ لَهُ قَرِيبا من مِائَتي شَاة، فَبَاعَهَا فَأَعْطَاهَا صَاحبه ". تفرد بِهِ

مرسلا وفي الصحيحين عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي

الْحسن بن عمَارَة، وَرَوَاهُ الثَّوْريّ عَن ابْن أبي ليلى عَن الْقَاسِم بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي مجلز عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن النَّضر بن أنس عَن بشير بن نهيك عَن أبي هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من أعتق شِقْصا أَو نَصِيبا فِي مَمْلُوك فخلاصة عَلَيْهِ فِي مَاله إِن كَانَ لَهُ مَال، وَإِلَّا قوم عَلَيْهِ واستسعى بِهِ غير مشقوق عَلَيْهِ ". وَكَذَلِكَ رَوَاهُ جرير بن حَازِم، وَأَبَان بن يزِيد الْقطَّان، ومُوسَى بن خلف الْعَمى عَن قَتَادَة بِهَذَا الْإِسْنَاد، وَذكروا فِيهِ السّعَايَة. وَرَوَاهُ عبد الله بن يزِيد الْمقري - وَهُوَ ثِقَة - عَن همام عَن قَتَادَة فَجعل ذكر السّعَايَة من قَول قَتَادَة، وَلم يدرجه فِي الحَدِيث، وَذكره عَنهُ أَن رجلا أعتق شِقْصا لَهُ فِي مَمْلُوكه، فغرمه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَقِيَّة ثمنه، قَالَ: " وَكَانَ قَتَادَة يَقُول: إِن لم يكن لَهُ مَال استسعى العَبْد ".

يقولون إذا أعتق الرجل العبد بينه وبين الرجل فهو ضامن إن كان موسرا وإن كان معسرا سعى بالعبد صاحبه في نصف قيمته غير مشقوق عليه وهذا لا يصح وراوية الحجاج ولا يعرف به والله أعلم

قَالَ عبد الرَّحْمَن بن مهْدي: " أَحَادِيث همام عَن قَتَادَة أصح من حَدِيث غَيره؛ لِأَنَّهُ كتبهَا إملاء ". وَقَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: " سَمِعت يحيى بن سعيد يَقُول: شُعْبَة أعلم النَّاس بِحَدِيث قَتَادَة مَا سمع مِنْهُ وَمَا لم يسمع، وَهِشَام أحفظ وَسَعِيد أكبر ". وروى الْحجَّاج بن أَرْطَأَة عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: " كَانَ ثَلَاثُونَ من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُولُونَ: إِذا أعتق الرجل العَبْد بَينه وَبَين الرجل فَهُوَ ضَامِن إِن كَانَ مُوسِرًا، وَإِن كَانَ مُعسرا سعى بِالْعَبدِ صَاحبه فِي نصف قِيمَته غير مشقوق عَلَيْهِ ". وَهَذَا لَا يَصح، وراوية الْحجَّاج، وَلَا يعرف بِهِ، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (369) : من أعتق سِتَّة أعبد لَهُ فِي مرض مَوته، وَلَا مَال لَهُ غَيرهم أَقرع بَينهم، فَيحكم بِعِتْق اثْنَيْنِ، ورق أَرْبَعَة. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يعْتق من كل وَاحِد ثلثه وَلَا يقرع ". وَدَلِيلنَا مَا فِي صَحِيح مُسلم عَن أبي الْمُهلب عَن عمرَان بن الْحصين أَن رجلا من الْأَنْصَار أوصى عِنْد مَوته، فَأعتق سِتَّة مماليك لَيْسَ لَهُ مَال غَيرهم، أَو قَالَ أعتق عِنْد مَوته سِتَّة مماليك لَهُ، وَلَيْسَ

فقال فيه قولا شديدا ثم دعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وعنده أيضا عن محمد بن سيرين عن عمران بن حصين أن رجلا كان له ستة أعبد ولم يكن له مال غيرهم فأعتقهم عند موته فرفع ذلك إلى النبي

لَهُ شَيْء غَيرهم، فَبلغ ذَلِك النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ فِيهِ قولا شَدِيدا، ثمَّ دعاهم فجزأهم ثَلَاثَة أَجزَاء، فأقرع بَينهم، فَأعتق اثْنَيْنِ وأرق أَرْبَعَة. وَعِنْده أَيْضا عَن مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رجلا كَانَ لَهُ سِتَّة أعبد، وَلم يكن لَهُ مَال غَيرهم، فَأعْتقهُمْ عِنْد مَوته، فَرفع ذَلِك إِلَى النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فكره ذَلِك، ثمَّ جزأهم، فأقرع بَينهم، فَأعتق اثْنَيْنِ، وأرق أَرْبَعَة. وَرُوِيَ من حَدِيث الْحسن عَن عمرَان بن حُصَيْن أَن رجلا من الْأَنْصَار أعتق سِتَّة أعبد لَهُ عِنْد الْمَوْت، فأقرع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهم، فَأعتق ثلثهم، وأرق ثلثيهم، وَقَالَ: " لَو علمنَا مَا صلينَا عَلَيْهِ، أَو مَا دفن فِي مقابرنا "، حَدِيث ابْن سِيرِين، وَأبي الْمُهلب عَن عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو مُتَّصِل، حكم مُسلم وَغَيره من أَئِمَّة أهل الحَدِيث بِصِحَّتِهِ. فَأَما حَدِيث الْحسن عَن عمرَان بن حُصَيْن فالمحدثون يَقُولُونَ: " إِنَّه مُرْسل، الْحسن لم يسمع من عمرَان "، وَالله أعلم. وروى الشَّافِعِي عَن عبد الْمجِيد عَن ابْن جريج قَالَ: " أَخْبرنِي قيس بن سعد أَنه سمع مَكْحُولًا يَقُول: سَمِعت سعيد بن الْمسيب يَقُول: أعتقت امْرَأَة أَو رجل سِتَّة أعبد لَهَا، وَلم يكن لَهَا مَال غَيرهم، فَأتي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي ذَلِك، فأقرع بَينهم، فَأعتق ثلثهم ". قَالَ الشَّافِعِي

ثلثه وأمر أن يسعى في الثلثين وهذا مرسل والله أعلم

- رَحمَه الله -: " كَانَ ذَلِك فِي مرض الْمُعْتق الَّذِي مَاتَ فِيهِ ". وروى مَالك عَن ربيعَة بن أبي عبد الرَّحْمَن أَن رجلا فِي زمن أبان بن عُثْمَان أعتق رَقِيقا لَهُ جَمِيعًا، فَأمر أبان بذلك الرَّقِيق، فقسموا ثَلَاثًا ثمَّ أسْهم على أَيهمْ يخرج سهم الْمَيِّت فيعتقهم، فَخرج سهم الْمَيِّت على أحد الأثلاث، فعتقوا، وَقَالَ مَالك: " وَذَلِكَ أحسن مَا سَمِعت ". وَرُوِيَ عَن أبي قلَابَة، أَن رجلا من بني عذرة أعتق مَمْلُوكا لَهُ عِنْد مَوته، وَلَيْسَ لَهُ مَال غَيره، فَأعتق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثلثه، وَأمر أَن يسْعَى فِي الثُّلثَيْنِ، وَهَذَا مُرْسل، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (370) : وَلَا يعْتق عَلَيْهِ أَخُوهُ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " يعْتق ". ووافقنا فِي بني الْأَعْمَام أَنهم يعتقون عَلَيْهِ بِحَق الْملك. فبناء الْمَسْأَلَة لنا على الْمعَانِي. وَرُبمَا اسْتدلَّ أَصْحَابنَا بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سعد بن مرْجَانَة صَاحب عَليّ بن الْحُسَيْن قَالَ: " قَالَ أَبُو هُرَيْرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَيّمَا امْرِئ مُسلم أعتق امْرَءًا مُسلما استنقذ الله بِكُل عُضْو مِنْهُ عضوا من النَّار ".

من ملك ذا رحم محرم فهو حر يقال في هذا الحديث من وجهين أحدهما أن حماد بن سلمة تفرد به هكذا وخالفه سعيد بن أبي عروبة فرواه عن قتادة عن الحسن من قوله عن قتادة عن عمر رضي الله عنه ورواه أبو داود عن مسلم بن إبراهيم

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا روى حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من ملك ذَا رحم محرم فَهُوَ حر ". يُقَال فِي هَذَا الحَدِيث من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن حَمَّاد بن سَلمَة تفرد بِهِ هَكَذَا، وَخَالفهُ سعيد بن أبي عرُوبَة، فَرَوَاهُ عَن قَتَادَة عَن الْحسن من قَوْله: " عَن قَتَادَة عَن عمر، رَضِي الله عَنهُ ". وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَن مُسلم بن إِبْرَاهِيم، ومُوسَى بن إِسْمَاعِيل قَالَا: " حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن قَتَادَة عَن الْحسن عَن سَمُرَة - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ". وَقَالَ مُوسَى فِي مَوضِع آخر: " عَن سَمُرَة فِيمَا يحْسب حَمَّاد قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من ملك ذَا رحم محرم فَهُوَ حر ". وَقَالَ أَبُو عِيسَى: " سَأَلت البُخَارِيّ عَن هَذَا الحَدِيث فَلم يعرفهُ عَن الْحسن عَن سَمُرَة إِلَّا من حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة ". وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى -: " والْحَدِيث تفرد بِهِ حَمَّاد بن سَلمَة وَخَالفهُ غَيره، ثمَّ شكّ هُوَ أَيْضا فِيهِ، فَالصَّوَاب لمن راقب فِي

من ملك ذا رحم محرم فهو حر لو كان هذا الحديث عن سعيد الثوري عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما صحيحا لكان كالأخذ باليد ولما خفي على المتقدمين من أصحاب سفيان الذين هو حفاظ حديثه لكنه تفرد به ضمرة بن ربيعة عن

دينه أَن يتَوَقَّف فِيهِ، وَلَا يحْتَج بِهِ ". وَالْوَجْه الآخر: إِن أَكثر الْمُحدثين يُنكرُونَ سَماع الْحسن عَن سَمُرَة بن جُنْدُب غير حَدِيث الْعَقِيقَة وَيَقُولُونَ: إِنَّه كتاب، وَالله أعلم. وروى ضَمرَة بن ربيعَة عَن سُفْيَان عَن عبد الله بن دِينَار عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من ملك ذَا رحم محرم فَهُوَ حر ". لَو كَانَ هَذَا الحَدِيث عَن سعيد الثَّوْريّ عَن عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - صَحِيحا لَكَانَ كالأخذ بِالْيَدِ، وَلما خَفِي على الْمُتَقَدِّمين من أَصْحَاب سُفْيَان الَّذين هُوَ حفاظ حَدِيثه، لكنه تفرد بِهِ ضَمرَة بن ربيعَة عَن سُفْيَان، وضمرة غير مُحْتَج بِهِ. وَرُوِيَ بِإِسْنَاد آخر ضَعِيف، أخبرنَا أَبُو الفوارس الْحسن بن أَحْمد أبي الفوارس حَدثنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن سهل حَدثنَا مُحَمَّد بن صَالح الْكلابِي حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن يُوسُف الْمَقْدِسِي حَدثنَا

من ملك ذا رحم محرم فهو حر وروى العرزمي عن أبي النضر عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء رجل يقال له صالح بأخيه فقال يا رسول الله إني أريد أن أعتق أخي هذا فقال إن الله أعتقه حين ملكته قال

مُحَمَّد بن يُوسُف عَن سُفْيَان عَن عبيد الله بن عمر عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من ملك ذَا رحم محرم فَهُوَ حر ". وروى الْعَرْزَمِي عَن أبي النَّضر عَن أبي صَالح عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - قَالَ: " جَاءَ رجل - يُقَال لَهُ صَالح - بأَخيه، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي أُرِيد أَن أعتق أخي هَذَا، فَقَالَ: إِن الله أعْتقهُ حِين ملكته ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " الْعَرْزَمِي تَركه ابْن الْمُبَارك، وَيحيى الْقطَّان، وَابْن مهْدي، وَأَبُو النَّضر هُوَ مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ مَتْرُوك أَيْضا، وَهُوَ الْقَائِل: " كَمَا حدثت عَن أبي صَالح كذب ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله تَعَالَى -: " الْعَرْزَمِي والكلبي وَأَبُو صَالح بِأَذَان ضعفاء لَا يحل الِاحْتِجَاج بروايتهم، وَقد سبق ذكرنَا لَهُم "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (371) : وَلَا وَلَاء بِغَيْر جِهَة الْإِعْتَاق، وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -:

إنما الولاء لمن أعتق وعنده أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم قال كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذي رحمه للأخوة التي آخى

" إِذا أسلم على يَدَيْهِ وأولاه ثَبت وَلَاؤُه، يَرِثهُ وَيعْقل عَنهُ، إِلَّا أَن يكون لَهُ وَارِث ". وَدَلِيلنَا من الْخَبَر مَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق ". وَعِنْده أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - فِي قَوْله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} قَالَ: " كَانَ الْمُهَاجِرُونَ حِين قدمُوا الْمَدِينَة يَرث المُهَاجر الْأنْصَارِيّ، دون ذِي رَحمَه للأخوّة الَّتِي آخى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَينهم، فَلَمَّا نزلت الْآيَة {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ} قَالَ: " نسختها {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} {من النَّصْر والرفادة والنصيحة، ويوصي لَهُ، وَقد ذهب الْمِيرَاث} ". وروى أَبُو دَاوُد عَن أَحْمد بن حَنْبَل قَالَ: " حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة عَن ابْن إِسْحَاق عَن دَاوُد بن الْحصين قَالَ: كنت أَقرَأ على أم سعد بنت الرّبيع، وَكَانَت يتيمة فِي حجر أبي بكر، رَضِي الله عَنهُ فَقَرَأت {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أيْمَانُكُمْ} فَقَالَ: " لَا تقْرَأ (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ

أن يؤتيه نصيبه زاد في رواية غير أحمد فما أسلم حتى حمل على الإسلام بالسيف وروي عن تميم الداري قال سألت رسول الله

أَيْمَانُكُمْ} ، إِنَّمَا نزلت فِي أبي بكر وَابْنه عبد الرَّحْمَن حِين أَبى الْإِسْلَام، فَحلف أَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - أَلا يورثه، فَلَمَّا أسلم أمره نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يؤتيه نصِيبه "، زَاد فِي رِوَايَة غير أَحْمد " فَمَا أسلم حَتَّى حمل على الْإِسْلَام بِالسَّيْفِ ". وَرُوِيَ عَن تَمِيم الدَّارِيّ قَالَ: " سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الرجل يسلم على يَدي الرجل ثمَّ يَمُوت، وَلَيْسَ لَهُ وَارِث، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: هُوَ أولى النَّاس بمحياه ومماته ". وروى مُعَاوِيَة بن يحيى الصَّدَفِي عَن الْقَاسِم الشَّامي عَن أبي أُمَامَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من أسلم على يَدَيْهِ رجل فَلهُ وَلَاؤُه "، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " الصَّدَفِي ضَعِيف ". وَقَالَ الدَّارمِيّ: " قلت ليحيى بن معِين: مُعَاوِيَة بن يحيى الصَّدَفِي قَالَ: لَيْسَ بِشَيْء ". وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة بن مصرف عَن مُعَاوِيَة بن إِسْحَاق

فقال إن فلانا أسلم على يدي قال هو مولاك فإذا مت فأوص له والله أعلم

قَالَ: " جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: إِن فلَانا أسلم على يَدي، قَالَ هُوَ مَوْلَاك، فَإِذا مت فأوص لَهُ "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (372) : وَبيع الْمُدبر جَائِز. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " لَا يجوز ". دليلنا من طَرِيق الْخَبَر مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن جَابر بن عبد الله دبر رجل من الْأَنْصَار عبدا لَهُ لم يكن لَهُ مَال غَيره، فَبَاعَهُ رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ جَابر: " اشْتَرَاهُ ابْن النحام عبدا قبطياً مَاتَ عَام (أول فِي إِمَارَة ابْن الزبير) ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا عَن عَمْرو بن دِينَار عَنهُ أَن رجلا من الْأَنْصَار أعتق غُلَاما لَهُ عَن دبر، وَلم يكن لَهُ مَال غَيره، فَبلغ ذَلِك النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: " من يَشْتَرِيهِ مني؟ فَاشْتَرَاهُ نعيم بن عبد الله بثمان مائَة دِرْهَم، فَدَفعهَا إِلَيْهِ، قَالَ: سَمِعت جَابر بن

فقال من يشتريه مني فاشتراه منه نعيم بن عبد الله بثمان مائة درهم فدفع إليه ثمنه وفي صحيح مسلم عنه أن رجلا من الأنصار أعتق غلاما عن دبر وكان محتاجا فذكر ذلك لرسول الله

عبد الله يَقُول: عبدا قبطياً مَاتَ عَام أول ". وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا عَن عَطاء عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - أَن رجلا أعتق غُلَاما لَهُ عَن دبر، فَاحْتَاجَ فَأَخذه رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: " من يَشْتَرِيهِ مني؟ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ نعيم بن عبد الله بثمان مائَة دِرْهَم فَدفع إِلَيْهِ ثمنه ". وَفِي صَحِيح مُسلم عَنهُ أَن رجلا من الْأَنْصَار أعتق غُلَاما عَن دبر، وَكَانَ مُحْتَاجا، فَذكر ذَلِك لرَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَدَعَاهُ فَقَالَ: " أعتقت غلامك؟ " فَقَالَ: " نعم " فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنْت أحْوج إِلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " من يَشْتَرِيهِ؟ "، فَقَالَ نعيم بن عبد الله: " أَنا "، فَاشْتَرَاهُ، فَأخذ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمنه، فَدفعهُ إِلَى صَاحبه. وَعند مُسلم أَيْضا عَنهُ قَالَ: " اعْتِقْ رجل من بني عذرة عبدا لَهُ عَن دبر، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَقَالَ: " أَلَك مَال غَيره؟ "، فَقَالَ: " لَا "، فَقَالَ: " من يشتره مني؟ "، فَاشْتَرَاهُ نعيم بن النحام الْعَدوي بثمان مائَة دِرْهَم، فجَاء بهَا إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَدَفعهَا إِلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: " ابدأ بِنَفْسِك، فَتصدق عَلَيْهَا، فَإِن فضل شَيْء فلأهلك، فَإِن فضل عَن أهلك شَيْء فلذي قرابتك، فَإِن فضل عَن ذِي قرابتك فَهَكَذَا وَهَكَذَا يَقُول، فَبين يَديك، وَعَن

من يشتريه فاشتراه نعيم بن النحام قال عمرو سمعت جابرا يقول عبدا قبطيا مات عام أول في أمارة ابن الزبير زاد أبو الزبير يقال له يعقوب وروى الدارقطني أخبرنا أبو عمرو يوسف بن يعقوب حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز المقوم حدثنا

يَمِينك، وَعَن شمالك ". وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله أخبرنَا ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو بن دِينَار، وَعَن أبي الزبير سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: " دبر رجل منا غُلَاما لَهُ، لَيْسَ لَهُ مَال غَيره، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: من يَشْتَرِيهِ؟ فَاشْتَرَاهُ نعيم بن النحام، قَالَ عَمْرو: سَمِعت جَابِرا يَقُول: عبدا قبطياً مَاتَ عَام أول فِي أَمارَة ابْن الزبير، زَاد أَبُو الزبير يُقَال لَهُ: يَعْقُوب ". وروى الدَّارَقُطْنِيّ أخبرنَا أَبُو عَمْرو يُوسُف بن يَعْقُوب حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الْعَزِيز الْمُقَوّم حَدثنَا سَالم بن قُتَيْبَة حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن جَابر - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " أَمر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِبيع الْمُدبر ". وروى أَبُو أَحْمد بن عدي الْحَافِظ حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف بن عَاصِم حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى حَدثنَا جرير عَن عبد الْغفار بن الْقَاسِم عَن أبي جَعْفَر قَالَ: " ذكر عِنْده الَّذِي كَانَ عَطاء وطاووس يَقُولُونَ عَن جَابر بن عبد الله فِي الَّذِي أعْتقهُ مَوْلَاهُ فِي عهد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ

باع مدبرا فأتيت أبا جعفر محمد بن علي فقلت له إن عطاء بن أبي رباح حدثنا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله

أعْتقهُ عَن دبر فَأمر أَن يَبِيعهُ وَيَقْضِي دينه، فَبَاعَهُ بثمان مائَة دِرْهَم "، قَالَ أَبُو جَعْفَر: " شهِدت هَذَا الحَدِيث من جَابر، فَقَالَ: إِنَّمَا يَأْذَن فِي بيع خدمته ". قَالَ ابْن عدي: " حَدثنَا مُحَمَّد بن خلف حَدثنِي أَبُو الْعَبَّاس الْقرشِي، قَالَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ: أَبُو مَرْيَم الْحَنَفِيّ اسْمه عبد الْغفار بن الْقَاسِم، وَكَانَ يضع الحَدِيث ". قَالَ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله - أخبرنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْحَافِظ أخبرنَا عبد الصَّمد بن عَليّ بن مكرم حَدثنَا أسلم بن سهل الوَاسِطِيّ حَدثنَا مُحَمَّد بن أبان حَدثنَا مُحَمَّد بن أبي شيبَة إِبْرَاهِيم بن عُثْمَان عَن عُثْمَان بن عُمَيْر عَن عُمَيْر أخبرنَا عَطاء بن أبي رَبَاح حَدثنَا جَابر بن عبد الله أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (بَاعَ مُدبرا، فَأتيت أَبَا جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ، فَقلت لَهُ: إِن عَطاء بن أبي رَبَاح حَدثنَا عَن جَابر بن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) بَاعَ خدمَة الْمُدبر ". كَذَا رُوِيَ عَن عبد الْغفار بن الْقَاسِم عَن أبي جَعْفَر عَن جَابر وَهُوَ وهم، وَأَبُو شيبَة ضَعِيف الحَدِيث، قد سبق ذكري لَهُ، وَعبد الْغفار أَيْضا ضَعِيف قَالَه لي أَبُو عبد الرَّحْمَن عَن عَليّ بن عمر الْحَافِظ، وَالصَّوَاب عَن أبي جَعْفَر عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُرْسلا، أخبرناه أَبُو

خدمة المدبر قال أبو بكر لم أجد فيه حديثا غير هذا وأبو جعفر وإن كان من الثقات فإن حديثه مرسل أخبرني أبو عبد الرحمن أخبرنا علي بن عمر حدثنا أبو محمد بن صاعد حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال سمعت يحيى بن

عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ أخبرنَا عَليّ بن عمر الْحَافِظ حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى حَدثنَا يزِيد بن هَارُون حَدثنَا عبد الْملك بن أبي سُلَيْمَان عَن أبي جَعْفَر قَالَ: " بَاعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خدمَة الْمُدبر ". قَالَ أَبُو بكر: " لم أجد فِيهِ حَدِيثا غير هَذَا، وَأَبُو جَعْفَر وَإِن كَانَ من الثِّقَات فَإِن حَدِيثه مُرْسل ". أَخْبرنِي أَبُو عبد الرَّحْمَن أخبرنَا عَليّ بن عمر حَدثنَا أَبُو مُحَمَّد بن صاعد حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى حَدثنَا عبد الْوَهَّاب الثَّقَفِيّ، قَالَ: " سَمِعت يحيى بن سعيد يَقُول: أَخْبرنِي أَبُو عمْرَة مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن حَارِثَة - وَهُوَ أَبُو الرِّجَال - عَن عمْرَة عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَصَابَهَا مرض، وَإِن بعض بني أَخِيهَا ذكرُوا شكواها لرجل من الزط يتطبب، وَأَنه قَالَ لَهُم: إِنَّكُم لتذكرون امْرَأَة مسحورة، سحرتها جَارِيَة لَهَا فِي حجر الْجَارِيَة الْآن صبي قد بَال فِي حجرها، فَذكرُوا ذَلِك لعَائِشَة، رَضِي الله عَنْهَا، فَقَالَت: ادعوا لي فُلَانَة لجارية لَهَا، فَقَالُوا فِي حجرها فلَان صبي لَهُم، قد بَال فِي حجرها، فَقَالَت: ايتوني بهَا، فَقَالَت: سحرتيني؟ قَالَت: نعم، قَالَت: لمه؟ قَالَت: أردْت أَن أعتق، وَكَانَت عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أعتقتها عَن دبر مِنْهَا، فَقَالَت: إِن لله عَليّ أَن لَا تعتقين أبدا، انْظُرُوا أَسْوَأ الْعَرَب ملكة، فبيعوها مِنْهُم، واشترت بِثمنِهَا جَارِيَة فأعتقتها ".

قال المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من الثلث قال الدارقطني لم يسنده غير عبيدة بن حسان وهو ضعيف وإنما هو عن ابن عمر موقوف من قوله حدثنا أبو بكر النيسابوري حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن أيوب

قَالَ الشَّافِعِي - رَحمَه الله -: " جَابر بن عبد الله، وَعَائِشَة، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَعمر بن عبد الْعَزِيز، وَابْن الْمُنْكَدر، وَغَيرهم يَبِيعهُ بِالْمَدِينَةِ، وَعَطَاء، وَطَاوُس، وَمُجاهد، وَغَيرهم من المكيين، وعندك بالعراق من يَبِيعهُ، يَعْنِي الْمُدبر ". وروى عُبَيْدَة بن حسان عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْمُدبر لَا يُبَاع، وَلَا يُوهب، وَهُوَ حر من الثُّلُث ". قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " لم يسْندهُ غير عُبَيْدَة بن حسان وَهُوَ ضَعِيف، وَإِنَّمَا هُوَ عَن ابْن عمر مَوْقُوف من قَوْله "، حَدثنَا أَبُو بكر النَّيْسَابُورِي حَدثنَا مُحَمَّد بن يحيى حَدثنَا أَبُو النُّعْمَان حَدثنَا حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه كره بيع الْمُدبر. قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: " هَذَا هُوَ الصَّحِيح مَوْقُوف وَمَا قبله لَا يثبت مَرْفُوعا. وَرُوَاته ضعفاء "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (373) : وَلَا تجوز الْكِتَابَة على أقل من نجمين. وَقَالَ أَبُو حنيفَة -

عن الغرر وليس الغرر بأكثر من بيع ماله بماله لكن الله تعالى جوزه بهذه الآية ووردت الأخبار والآثار بذلك ولم يسمع أن أحدا من السلف كاتب عبده كتابة حالة وإنما كاتبوهم بذكر الأجل فيه فصار إجماعهم على ذلك بيانا للآية فلا يجوز حالا

رَحمَه الله -: " تصح حَالَة ". قَالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمُتُمْ فِيهِمْ خَيْرا} {النُّور: 33} . وَالْكِتَابَة من الْكتب، وَمَا لم يكن مُؤَجّلا فَلَا معنى للكتب، وَلَو جَازَ غير مُؤَجل لم يكن لتسميته بِالْكِتَابَةِ معنى، فتسميته بِالْكِتَابَةِ دَلِيل شَرط الْأَجَل فِيهِ. وَقد نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْغرَر، وَلَيْسَ الْغرَر بِأَكْثَرَ من بيع مَاله بِمَالِه، لَكِن الله تَعَالَى جوزه بِهَذِهِ الْآيَة، ووردت الْأَخْبَار والْآثَار بذلك، وَلم يسمع أَن أحدا من السّلف كَاتب عَبده كِتَابَة حَالَة، وَإِنَّمَا كاتبوهم بِذكر الْأَجَل فِيهِ، فَصَارَ إِجْمَاعهم على ذَلِك بَيَانا لِلْآيَةِ، فَلَا يجوز حَالا، وَالله أعلم. وروى الشَّافِعِي - رَحمَه الله - أخبرنَا مَالك عَن هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَت: " جَاءَتْنِي بَرِيرَة، فَقَالَت: إِنِّي كاتبت أَهلِي على تسع أَوَاقٍ فِي كل عَام (أُوقِيَّة فأعينيني) "، وَذكر الحَدِيث عَنهُ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، (اتفقنا على

مسألة

صِحَّته، وَالله أعلم) . (مَسْأَلَة) (374) : وَلَا يعْتق الْمكَاتب مَا لم يقل سَيّده فِي عقد كِتَابَته، فَإِذا أدّيت إِلَيّ فَأَنت حر. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " يعْتق بأَدَاء نُجُوم الْكِتَابَة، وَإِن لم يقل إِن أدّيت ". أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أَخْبرنِي أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن الْحسن القَاضِي بهمذان حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن حَدثنَا عَفَّان بن مُسلم حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة عَن عَاصِم بن سُلَيْمَان، وَعلي بن زيد عَن عُثْمَان النَّهْدِيّ عَن سلمَان، قَالَ: " كاتبت أَهلِي على أَن أغرس لَهُم خَمْسمِائَة فسيلة، فَإِذا علقت فَأَنا حر، فَأتيت النَّبِي، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فَذكرت ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: اغرس، وَاشْترط لَهُم، فَإِذا أردْت أَن تغرس فَآذِنِّي، فآذنته فجَاء، فَجعل يغْرس إِلَّا وَاحِدَة غرستها بيَدي، فعلقن جَمِيعًا إِلَّا الْوَاحِدَة "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (375) : وَإِذا مَاتَ الْمكَاتب، وَقد بَقِي عَلَيْهِ شَيْء من مَال الْكِتَابَة، مَاتَ

رَقِيقا، وانفسخت كِتَابَته بِمَوْتِهِ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: " إِذا خلف وَفَاء بِمَال كِتَابَته أدّى عَنهُ، وَعتق حكما قبل مَوته (بِغَيْر فصل) ". أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب حَدثنَا يحيى بن أبي طَالب أخبرنَا يزِيد بن هَارُون أخبرنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن الشّعبِيّ عَن زيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم ". وبإسناده إِلَى يزِيد أخبرنَا سُفْيَان الثَّوْريّ عَن عبد الله أبي نجيح عَن مُجَاهِد قَالَ: " كَانَ زيد - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول: الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم من مُكَاتبَته ". وبإسناده إِلَى يزِيد حَدثنَا ابْن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن معبد الْجُهَنِيّ عَن عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم ". وبإسناده عَن قَتَادَة قَالَ: " قَالَ عمر بن الْخطاب - رَضِي الله عَنهُ -: إِذا مَاتَ الْمكَاتب وَترك مَالا فَهُوَ لمواليه، وَلَيْسَ لوَرثَته شَيْء ".

وبإسناده أخبرنَا يزِيد أخبرنَا مُحَمَّد بن سَالم عَن الشّعبِيّ قَالَ: " كَانَ زيد بن ثَابت - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول -: الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم، لَا يَرث وَلَا يُورث ". وَكَانَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - يَقُول: " إِذا مَاتَ الْمكَاتب وَترك مَالا قسم مَا ترك على مَا أدّى، وعَلى مَا بَقِي، فَمَا أصَاب مَا أدّى فللورثة، وَمَا بَقِي فلمواليه ". وَكَانَ عبد الله يَقُول: " يُؤَدِّي إِلَى موَالِيه مَا بَقِي عَلَيْهِ من مُكَاتبَته، ولورثته مَا بَقِي. أخبرنَا أَبُو عَليّ الرُّوذَبَارِي، وَأَبُو الْحُسَيْن بن بَشرَان قَالَ: " أخبرنَا إِسْمَاعِيل الصفار حَدثنَا سَعْدَان بن نصر حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة

مسألة

مُحَمَّد بن خازم الضَّرِير عَن عَمْرو بن مَيْمُون بن مهْرَان عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - قَالَ: " اسْتَأْذَنت عَلَيْهَا، فَقَالَت: من هَذَا؟ فَقلت سُلَيْمَان، قَالَت: كم بَقِي عَلَيْك من مُكَاتَبَتك؟ قَالَ: قلت: عشرَة أَوَاقٍ، قَالَت: ادخل فَإنَّك عبد مَا بَقِي عَلَيْك دِرْهَم "، وَالله أعلم. (مَسْأَلَة) (376) : وإيتاء الْمكَاتب بعض مَال الْكِتَابَة، أَو الْحَط لبَعض مَال الْكِتَابَة وَاجِب على السَّيِّد. وَقَالَ أَبُو حنيفَة - رَحمَه الله -: " إِنَّه غير وَاجِب ".

وَدَلِيلنَا قَوْله عز وَجل: {وَءَاتُوهُمْ مِّن مَّالِ اللهِ الَّذِيءَاتَاكُمْ} . أخبرنَا الإِمَام أَبُو طَاهِر الزيَادي أخبرنَا أَبُو بكر الْقطَّان حَدثنَا أَبُو الْأَزْهَر حَدثنَا روح حَدثنَا ابْن جريج، وَهِشَام بن أبي عبد الله قَالَا

" أخبرنَا عَطاء بن السَّائِب عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي قَوْله: {وَءَاتُوهُمْ مِّن مَّالِ اللهِ الَّذِيءَاتَاكُمْ} . قَالَ: " ربع الْكِتَابَة "، وَرُوِيَ بِمَعْنَاهُ مَرْفُوعا. وَأخْبرنَا أَبُو طَاهِر أخبرنَا أَبُو بكر الْقطَّان حَدثنَا أَبُو الْأَزْهَر حَدثنَا روح حَدثنَا حَمَّاد عَن الْجريرِي عَن أبي بصرة عَن أبي سعيد مولى آل أسيد أَنه كَاتب مولى لَهُ على ألف دِرْهَم (ومائتي دِرْهَم) ، قَالَ: " فَأَتَيْته بمكاتبتي، فَرد عَليّ مِائَتي دِرْهَم ". أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب حَدثنَا أَحْمد بن عبد الْجَبَّار حَدثنَا وَكِيع عَن أبي شبيب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - كَاتب عبدا لَهُ يكنى بِأبي أُميَّة فَجَاءَهُ بنجمه حِين حل، فَقَالَ: " اذْهَبْ واستعن بِهِ فِي مُكَاتَبَتك "، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، لَو تركته حَتَّى يكون آخر نجم، قَالَ: " إِنِّي أَخَاف أَن لَا أدْرك ذَلِك، ثمَّ قَرَأَ {وَءَاتُوهُمْ مِّن مَّالِ اللهِ الَّذِيءَاتَاكُمْ} . قَالَ عِكْرِمَة: " فَكَانَ أول نجم أُدي فِي الْإِسْلَام ". أخبرنَا أَبُو عبد الله حَدثنَا أَبُو الْعَبَّاس حَدثنَا يحيى بن أبي طَالب أخبرنَا يزِيد بن حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن

قال يؤدي المكاتب بحصة ما أدى دية حر وما بقي دية عبد وبه عن حماد عن أيوب عن عكرمة عن النبي

عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُم - عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: يُؤَدِّي الْمكَاتب بِحِصَّة مَا أدّى دِيَة حر، وَمَا بَقِي دِيَة عبد ". وَبِه عَن حَمَّاد عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا أصَاب الْمكَاتب حدا أَو مِيرَاثا ورث بِحِسَاب مَا أعتق مِنْهُ، وأقيم عَلَيْهِ الْحَد بِحِسَاب مَا عتق مِنْهُ ". أخبرنَا أَبُو الْحُسَيْن بن الْفضل الْقطَّان أخبرنَا أَبُو سُهَيْل بن زِيَاد حَدثنَا إِسْحَاق بن الْحسن حَدثنَا عَفَّان حَدثنَا وهيب حَدثنَا أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يُؤَدِّي الْمكَاتب بِقدر مَا أدّى "، رِوَايَة عِكْرِمَة عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - مُرْسل، وَالله تَعَالَى أعلم. تمّ الْكتاب، وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين، وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد، وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ، وَسلم.

(فارغة)

الخاتمة

الخاتمة الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات، أَحْمَده - سُبْحَانَهُ - حمد الشَّاكِرِينَ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله ولي الصَّالِحين، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الْأمين، صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ. أما بعد ... فقد احتوى هَذَا الْكتاب الْقيم على مِائَتَيْنِ وَثَلَاث وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَة فِي الْقسم الأول وعَلى (376) ثَلَاثمِائَة وست وَسبعين مَسْأَلَة فِي هَذَا الْقسم، وَكلهَا منحصرة فِيمَا للإمامين أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ، أَو أَحدهمَا قَول فِي الْمسَائِل الخلافية بَينهمَا، وَهِي عُمْدَة الْخلاف بَين المذهبين، ونحوي جلّ الْمسَائِل الْمُخْتَلف فِيهَا بَين الصَّحَابَة، رَضِي الله عَنْهُم، وَكَذَلِكَ كثيرا مِمَّا اخْتلف فِيهِ الإمامان أَحْمد وَمَالك مَعَ الشَّافِعِي وَأبي حنيفَة، أَو أَحدهمَا، أَو مَا اخْتلف فِيهِ مَالك وَأحمد، رحم الله الْجَمِيع. وَلَقَد استخلصت من خلال تحقيقي لهَذَا الْقسم النتائج التالية: 1 - سَعَة أفق الشَّرِيعَة الإسلامية وشمولها لمختلف الأفهام، حَيْثُ إِن الْخلاف ناجم عَن ذَلِك، وَعَن ثُبُوت الدَّلِيل وَفهم الدّلَالَة مِنْهُ، وَهَذِه الشَّرِيعَة صَالِحَة لكل زمَان وَمَكَان، فقد أَتَت بسعادة البشرية، وَلَيْسَ هُنَاكَ شَيْء لَا حكم لَهُ فِي الشَّرْع قطّ، وَلَكِن تخْتَلف الْقُدْرَة عَن الْعلمَاء فِي استنباط الْأَحْكَام وإيضاحها للنَّاس. 2 - أَن هَذَا الْخلاف لم يكن فِي يَوْم من الْأَيَّام سَببا للعداوة والبغضاء بَين الْأَئِمَّة المعتبرين؛ لِأَن قصدهم الْحق والتقريب إِلَى الله

إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإذا اجتهد وأخطأ فله أجر متفق عليه ولهذا كان الصحابة رضوان الله عليهم يعلمون أن المصيب واحد قال شيخ الإسلام ابن تيمية قال ابن مسعود لما سئل عن مسألة أقول فيها برأيي فإن كان صوابا

تَعَالَى ببيانه للنَّاس والصدع بِهِ. وَقد كَانَ هَذَا الْخلاف علما لَهُ أُصُوله وقواعده، وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة يدرسون أَسبَابه ويلتمسون الْأَعْذَار لمن خالفهم فِي حكم مَسْأَلَة؛ لعلمهم أَن كل مُجْتَهد اتَّقى الله مَا اسْتَطَاعَ، فَهُوَ مُطِيع لله سُبْحَانَهُ، لَيْسَ بآثم، وَلَا مَذْمُوم، الْمُصِيب مِنْهُم وَاحِد وَله أَجْرَانِ، والمخطئ لَهُ أجر، كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا اجْتهد الْحَاكِم فَأصَاب فَلهُ أَجْرَانِ، وَإِذا اجْتهد وَأَخْطَأ فَلهُ أجر "، مُتَّفق عَلَيْهِ. وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَة - رضوَان الله عَلَيْهِم - يعلمُونَ أَن الْمُصِيب وَاحِد. قَالَ شيخ الْإِسْلَام ابْن تَيْمِية: " قَالَ ابْن مَسْعُود لما سُئِلَ عَن مَسْأَلَة: أَقُول فِيهَا برأيي، فَإِن كَانَ صَوَابا فَمن الله، وَإِن يكن خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان، وَالله وَرَسُوله بريئان مِنْهُ ". قَالَ ابْن تَيْمِية: " وَلَا يُمكن لوَاحِد أَن يُحِيط بِجَمِيعِ سنة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِلَا وَلَا يَدعِي ذَلِك. وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن أَبَا بكر - رَضِي الله عَنهُ - وَهُوَ الَّذِي لَا يُفَارق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حضرا وَلَا سفرا سَأَلَ عَن مِيرَاث الْجدّة فَأخْبرهُ الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَمُحَمّد بن مسلمة بِقَضَاء رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَكَذَلِكَ عمر - رَضِي الله عَنهُ - خفيت عَلَيْهِ أَحْكَام، مِنْهَا حكم الْمَجُوس فِي الْجِزْيَة حَتَّى أخبرهُ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بقول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سنوا بهم سنة أهل الْكتاب ". وَكَذَلِكَ عُثْمَان بن عَفَّان - رَضِي الله عَنهُ - لم يكن يعلم أَن المتوفي عَنْهَا زَوجهَا تَعْتَد فِي بَيت الْمَوْت، حَتَّى أخْبرته الفريعة بنت مَالك بذلك.

فيها ثم لو فرض فليس كل ما في الكتب يعلمه عالم بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين أعلم بالسنة من المتأخرين لأن كثيرا مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول أو بإسناد منقطع أو لا يبلغنا بالكلية فكانت دواوينهم في صدورهم التي

وَأفْتى عَليّ، وَزيد، وَابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُم - بِأَن المفوضة إِذا مَاتَ عَنْهَا زَوجهَا فَلَا مهر لَهَا، وَلم يبلغهم حَدِيث بروع بنت واشق. وَلَيْسَ تدوين كتب السّنة دَلِيلا على انحصار حَدِيث رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا، ثمَّ لَو فرض فَلَيْسَ كل مَا فِي الْكتب يُعلمهُ عَالم، بل الَّذين كَانُوا قبل جمع هَذِه الدَّوَاوِين أعلم بِالسنةِ من الْمُتَأَخِّرين؛ لِأَن كثيرا مِمَّا بَلغهُمْ وَصَحَّ عِنْدهم قد لَا يبلغنَا إِلَّا عَن مَجْهُول، أَو بِإِسْنَاد مُنْقَطع، أَو لَا يبلغنَا بِالْكُلِّيَّةِ، فَكَانَت دواوينهم فِي صُدُورهمْ الَّتِي تحوي أَضْعَاف مَا فِي الدَّوَاوِين ... " اه. وَقد بلغ من شدَّة اعتناء الْعلمَاء بِالْخِلَافِ أَن بَعضهم ذكر أَن خلاف الصَّحَابَة لَا ينسخه إِجْمَاع يحصل بعده. وصنفت المصنفات الْكَثِيرَة فِي علم الْخلاف، فَمِنْهَا رِسَالَة " رفع الملام عَن الْأَئِمَّة الْأَعْلَام " لِابْنِ تَيْمِية، رَحمَه الله، وَكتاب صِحَة أصُول مَذْهَب أهل الْمَدِينَة لِابْنِ تَيْمِية، قَالَ عَنْهَا: " وَالْمَقْصُود هُنَا أَن عمل أهل الْمَدِينَة الَّذِي يجْرِي النَّقْل حجَّة بِاتِّفَاق الْمُسلمين، كَمَا قَالَ مَالك لأبي يُوسُف - لما سَأَلَهُ عَن الصَّاع وَالْمدّ وَأمر أهل الْمَدِينَة بإحضار صيعانهم وَذكروا لَهُ أَن إسنادها عَن أسلافهم -: " أَتَرَى هَؤُلَاءِ - يَا أَبَا يُوسُف - يكذبُون؟ " قَالَ: " لَا وَالله، مَا يكذبُون "، قَالَ: " فَأَنا حررت هَذِه الصيعان فَوَجَدتهَا خَمْسَة أَرْطَال وَثلثا بأرطالكم، يَا أهل الْعرَاق " فَقَالَ: " رجعت إِلَى قَوْلك، يَا أَبَا عبد الله، وَلَو رأى صاحبى مَا رَأَيْت لرجع كَمَا رجعت ".

وأن التعصب والتقليد قد يكون من عوامل الاختلاف عند بعض الناس ومنها أسباب اختلاف الفقهاء للدكتور عبد المحسن التركي وذكر فيه من أسباب اختلاف الفقهاء القراءة الشاذة ومنها الخلاف بين العلماء وموقفنا منه للشيخ محمد بن صالح العثيمين

وَمِنْهَا كتاب " الْإِنْصَاف " للبطليوسي، وَفِيه قَالَ: " إِن الْخلاف عرض لأهل ملتنا - أهل السّنة وَالْجَمَاعَة - من ثَمَانِيَة أوجه، كل ضرب من الْخلاف متولد مِنْهَا متفرع عَنْهَا. الأول مِنْهَا: اشْتِرَاك الْأَلْفَاظ والمعاني، وَالثَّانِي: الْحَقِيقَة وَالْمجَاز، وَالثَّالِث: الْإِفْرَاد والتركيب، وَالرَّابِع: الْخُصُوص والعموم، وَالْخَامِس، الرِّوَايَة وَالنَّقْل، وَالسَّادِس: الِاجْتِهَاد فِيمَا لَا نَص فِيهِ، وَالسَّابِع: النَّاسِخ والمنسوخ، وَالثَّامِن: الْإِبَاحَة والتوسع ". وَمِنْهَا كتاب " الْكَوْكَب الدُّرِّي فِيمَا يتَخَرَّج على الْأُصُول النحوية من الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة، لجمال الدّين الأسنوي، وَقد ذكر فِيهِ أَن علم الْحَلَال وَالْحرَام مستمد من علم أصُول الْفِقْه والعربية؛ لِأَن أدلته عَرَبِيَّة فَيتَوَقَّف فهم تِلْكَ الْأَدِلَّة على فهمها. وَمِنْهَا كتاب " الِاتِّبَاع " للْقَاضِي ابْن أبي الْعِزّ الْحَنَفِيّ، بَين فِيهِ وجوب اتِّبَاع النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَن التعصب والتقليد قد يكون من عوامل الِاخْتِلَاف عِنْد بعض النَّاس. وَمِنْهَا " أَسبَاب اخْتِلَاف الْفُقَهَاء " للدكتور عبد المحسن التركي، وَذكر فِيهِ من أَسبَاب اخْتِلَاف الْفُقَهَاء الْقِرَاءَة الشاذة. وَمِنْهَا " الْخلاف بَين الْعلمَاء وموقفنا مِنْهُ " للشَّيْخ مُحَمَّد بن صَالح العثيمين، وَبَين فِيهِ أَن الْخلاف بَين الْأمة لم يكن فِي أصُول دينهَا ومصادره الْأَصْلِيَّة، وَإِنَّمَا كَانَ فِي أَشْيَاء لَا تمس وحدة الْمُسلمين الْحَقِيقِيَّة، وَهُوَ أَمر لَا بُد أَن يكون.

ولا يقولون على الله سبحانه بلا علم فكان منهم مجتهد له مأخذ شرعي فيما يعتقده ولا يحل لأحد أن يتصدى للفتوى إلا أن يكون بصيرا بخلاف العلماء وقد تحققت فيه شروط الفتوى منها الأمانة والتقوى والعلم والعدالة وقد كان السلف يتدافعون

وثمت كتب اعتنت بِذكر الْمسَائِل الخلافية بَين الْعلمَاء مُقَارنَة بَين أَقْوَالهم وحججهم، فَكَانَت ثروة مباركة، وَمِنْهَا الإفصاح لِابْنِ هُبَيْرَة، وَالْمُغني لِابْنِ قدامَة، والخلافيات للبيهقي، أصل هَذَا الْمُخْتَصر، وَشرح الْمُهَذّب للنووي، والاستذكار لمذاهب فُقَهَاء الْأَمْصَار وعلماء الأقطار لِابْنِ عبد الْبر، ومجموع فتاوي ابْن تَيْمِية، وَغَيرهَا كثير. لقد كَانَ الْعلمَاء السَّابِقُونَ - رَحِمهم الله تَعَالَى - يعْرفُونَ لأهل الْعلم فَضلهمْ، ويعذرونهم فِيمَا اخْتلفُوا فِيهِ، ويلتمسون الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة للْأَحْكَام ودلالتها، وكل مِنْهُم يرجع إِلَى كتاب الله تَعَالَى وَسنة رَسُوله، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَلَا يَقُولُونَ على الله - سُبْحَانَهُ - بِلَا علم، فَكَانَ مِنْهُم مُجْتَهد لَهُ مَأْخَذ شَرْعِي فِيمَا يَعْتَقِدهُ، وَلَا يحل لأحد أَن يتَصَدَّى للْفَتْوَى إِلَّا أَن يكون بَصيرًا بِخِلَاف الْعلمَاء، وَقد تحققت فِيهِ شُرُوط الْفَتْوَى، مِنْهَا الْأَمَانَة وَالتَّقوى وَالْعلم وَالْعَدَالَة. وَقد كَانَ السّلف يتدافعون الْفَتْوَى من شدَّة الْوَرع، رَحِمهم الله تَعَالَى رَحْمَة وَاسِعَة. وَالْيَوْم تَجِد جمَاعَة من الْبشر لَا خلاق لَهُم يتعرضون لعلماء الْمُسلمين ودعاتهم بالذم ويسعرون نَار الْبغضَاء فِي قُلُوب الغافلين من الْمُسلمين لعلمائهم ودعاتهم؛ ليحققوا مآربهم الدُّنْيَوِيَّة فِي إِثْبَات أنفسهم، وإظهارهم بمظهر الْعلم، {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءَ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ... .} {فاطر: 8} . فَهَؤُلَاءِ حسابهم عِنْد الله عسير؛ قَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} . 3 - أَن هَذَا الْكتاب الْقيم يمثل حَقِيقَة هَامة، وَهِي أَن بضَاعَة

رضوان الله عليهم لأنهم أعلم بالتنزيل ثم ما قرره علماء الأمة من التابعين ومن تبعهم من سلف صالح المؤمنين يحمله من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الجاهلين وتأويل المبطلين وتنطع الهالكين وهذا الكتاب يمثل أنموذجا صادقا لهذه الحقيقة

الْأَئِمَّة الْفُقَهَاء من الحَدِيث صَحِيحَة غزيرة؛ لِأَن الْفِقْه الإسلامي يعْتَمد على الْكتاب وَالسّنة، وَمَا فهمه صحابة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رضوَان الله عَلَيْهِم؛ لأَنهم أعلم بالتنزيل، ثمَّ مَا قَرَّرَهُ عُلَمَاء الْأمة من التَّابِعين وَمن تَبِعَهُمْ من سلف صَالح الْمُؤمنِينَ، يحملهُ من كل خلف عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الْجَاهِلين وَتَأْويل المبطلين وتنطع الهالكين، وَهَذَا الْكتاب يمثل أنموذجاً صَادِقا لهَذِهِ الْحَقِيقَة. 4 - أَن الْحَافِظ الْبَيْهَقِيّ - رَحمَه الله - إِمَام بارز فِي الحَدِيث وَالْفِقْه، شَافِعِيّ الْمَذْهَب، بل من أَئِمَّة الْمَذْهَب، وَله اختيارات يخْتَلف فِيهَا مَعَ إِمَام الْمَذْهَب الشَّافِعِي - رَحمَه الله تَعَالَى - ويستقل فِيهَا بِرَأْيهِ الَّذِي أَدَّاهُ إِلَيْهِ اجْتِهَاده. 5 - يَتَّصِف الْبَيْهَقِيّ بالمنهجية العلمية، فَهُوَ يذكر أَدِلَّة خَصمه وَيرد عَلَيْهَا، وَرُبمَا تَركهَا فِي بعض المواطن، وَلَعَلَّ عذره أَنَّهَا تعليلات عقلية، مثل مَسْأَلَة 244، ص 273 ج 4، وَإِن كَانَ - رَحمَه الله - من المتساهلين فِي الرِّجَال، كَمَا قَالَ عَنهُ الذَّهَبِيّ، فَهُوَ يحْتَج بِحَدِيث رَوَاهُ ضَعِيف مثل ابْن لَهِيعَة أَو الْحجَّاج بن أَرْطَأَة، وَيَردهُ إِن ورد عِنْد الْمُخَالف، مثل مَسْأَلَة 244 ص 373 ج 4، وَمَسْأَلَة 247 ص 284 ج 4، وَمَسْأَلَة 255 ص 300 ج 4، وَمَسْأَلَة 277 ص 374 ج 4، وَمَسْأَلَة 269 ص 346 ج 4. 6 - أَن سَنَد الْبَيْهَقِيّ يَتَّصِف بالعلو، فَهُوَ يروي الحَدِيث وَهُوَ إِمَام يروي عَن أَئِمَّة تقدّمت وفاتهم وَتقدم سَمَاعه عَنْهُم بِإِسْنَاد مُتَّصِل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو الصَّحَابِيّ؛ رَضِي الله عَنهُ. 7 - أَن هَذَا الْكتاب ذُو قيمَة علمية كَبِيرَة، حَيْثُ إِنَّه يخْتَص بالمسائل الخلافية بَين الْإِمَامَيْنِ، فَهُوَ يخْتَلف عَن الْمسَائِل الْمُخْتَلف

فِيهَا بَين المذهبين، وَلذَلِك لم يذكر الْمسَائِل الَّتِي لَيْسَ للإمامين أَو أَحدهمَا قَول فِيهَا، مثل سَرقَة الْمُصحف، فَهَذِهِ مَسْأَلَة اخْتلف الْعلمَاء - رَحِمهم الله تَعَالَى - فِيهَا على قَوْلَيْنِ: القَوْل الأول: إِنَّه لَا يقطع بِسَرِقَة الْمُصحف، وَبِهَذَا قَالَ الأحناف، وَبَعض الْحَنَابِلَة. القَوْل الثَّانِي: إِنَّه يجب الْقطع بِسَرِقَة الْمُصحف، وَبِه قَالَ الْمَالِكِيَّة، وَالشَّافِعِيَّة، وَبَعض الْحَنَابِلَة، وَهُوَ قَول الظَّاهِرِيَّة. وَحجَّة الْقَائِلين بِالْقطعِ عُمُوم أَدِلَّة قطع السَّارِق، وَحجَّة الْقَائِلين بِعَدَمِ الْقطع أَن الْآخِذ يتَأَوَّل فِي أَخذه الْقِرَاءَة وَالنَّظَر فِيهِ فَلَا يقطع لذَلِك، وَأَن الْمُصحف لَا مَالِيَّة لَهُ؛ لِأَن الْمُعْتَبر تِلَاوَته، وَأَن الْمَقْصُود من الْمُصحف كَلَام الله - عز وَجل - وَهُوَ مِمَّا لَا يجوز أَخذ الْعِوَض عَنهُ، فَلَا يقطع بسرقته. 8 - أَن الْمُخْتَصر تحلى بالأمانة العلمية، حَيْثُ كَانَ اختصاره جيدا، فقد قرب الْكتاب بَين يَدي الْقَارئ وَأبقى كَلَام الْبَيْهَقِيّ فِي رجال الحَدِيث، وَحذف بعض الْأَسَانِيد المكررة، وَاقْتصر على مَوضِع

الشَّاهِد من الْأَحَادِيث الطَّوِيلَة، وأحال على بعض الْأَحَادِيث المكررة فِي أصل الْكتاب وَلم يكررها كثيرا، رَحمَه الله تَعَالَى. 9 - أَن الْمُخْتَصر من الْعلمَاء المعروفين، وَمن أهل الشان فِي الْفِقْه والْحَدِيث، قَالَ الذَّهَبِيّ: " عني بِهَذَا الشَّأْن، ثمَّ أقبل على تَقْيِيد الْأَلْفَاظ، وَفهم الْمُتُون ومذاهب الْعلمَاء ". وعده السخاوي مِمَّن يعْتد بقوله فِي الرِّجَال، وَقد ظَهرت خبرته فِي هَذَا الْمُخْتَصر، كَمَا فِي مَسْأَلَة 272 ص 347 ج 4، وَمَسْأَلَة 109 ص 346 ج 3. وَبعد ... فَهَذَا جهد الْمقل، وحسبي أَنِّي بذلت جهداً وحرصت على إِظْهَار هَذَا السّفر النفيس. وأشكر الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - وأحمده على جزيل إنعامه، وأشكره على توفيقه وامتنانه. وأسأل الله - جلت قدرته - أَن يَرْزُقنِي الْإِخْلَاص فِي القَوْل وَالْعَمَل، وَأَن يَجْعَل هَذَا الْعَمَل خَالِصا لوجهه الْكَرِيم. وَصلى الله وَسلم على نَبينَا مُحَمَّد بن عبد الله، وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ. وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين.

§1/1