مختصر تنزيه المسجد الحرام عن بدع الجهلة العوام

ابن الضياء

مختصرُ تنزيه المسجد الحرام عَنْ بِدَعِ الجهلة العوامِ

حُقوُق الطبع محفُوظة الطبعة الأولى 1420 هـ - 1999 م دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع هاتف: 702857 - فاكس: 704963/ 009611 بيروت - لبنان ص ب: 5955/ 14 e-mail: [email protected]

مقدمة المحقق

بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المحقق الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن لهذا الكتاب قصةً لطيفةً؛ فقد اتصل بي هاتفيًّا الأخ الحبيب في الله، البحَّاثة المحقِّق، والعالم والخبير المدقِّق، الشيخ محمَّد بن ناصر العجمي من الكويت المحروسة في أواخر شعبان 1419 هـ، وطلب إليَّ اصطحاب بعض المصوَّرات والمخطوطات لمدارستها -كعادتنا- في المسجد الحرام، ليالي العشر الأواخر المباركة من شهر رمضان، وانتقاء ما يصلح، منها للنشر والتحقيق، والمقابلة والتدقيق. وفي ذلك اليوم -الذي هاتفني فيه الشيخ العجمي- ذاتِه، وبَيْنَا أنا في خزانة كتبي العامرة -حرسها الله تعالى- وقعتُ على مخطوطة أصلية (¬1)، وهي أصل هذا الكتاب الذي أتشرَّف بتقديمه هنا وأخرجه من قبور المخطوطات إلى حياة المطبوعات!! وقد سُرِرْتُ أيَّما سرور عندما وجدت هذا الكتاب، لمناسبة موضوعه المكان الشريف الذي نجتمع فيه، أعني بيت الله الحرام. وهذه الرسالة "مختصر تنزيه المسجد الحرام عن بدع جهلة العوام" فريدة في بابها، نفيسة في موضوعها، كيف لا ومؤلفها إمامٌ جليلٌ من أئمةِ عصره، وفقيه من كبار فقهائه، وإليك ترجمته باختصار: ¬

_ (¬1) ولم أكن أعلم بوجودها فيها قبل ذلك!!

ترجمة مؤلف الرسالة

ترجمة مؤلف الرسالة اسمه ونسبه: هو محمَّد بن أحمد بن الضياء محمَّد، القرشي، العمري، المكي، بهاء الدين أبو البقاء، المعروف بابن الضياء (¬1). ولادته ووفاته: وُلد في ليلة تاسع المحرم سنة 789 هـ بمكة، ونشأ بها. وتوفي في ذي القعدة سنة 854 هـ بمكة أيضًا رحمه الله (¬2). ذِكْر بعض شيوخه: أُحضر على الجمال الأَمْيوطي، وسمع والده، والمحب أحمد بن أبي الفضل، وعلي بن أحمد، النويريين. وارتحل غير مرة إلى القاهرة فقرأ بها على الشرف بن الكُوَيْك، والجمال الحنبلي، والحافظ ابن حجر العسقلاني وغيرهم. وأجاز له أبو هريرة بن الذهبي، والعلائي، والبلقيني، وابن الملقن، والعراقي، والهيثمي وغيرهم من أعلام عصره رحمهم الله (¬3). بعض مناصبه: ناب في القضاء بمكة عن أبيه، ثم استقل به بعده، ثم أضيف إليه نظر الحرم والحسبة (¬4)، ثم انفصل عنهما خاصة. ¬

_ (¬1) الأعلام للزركلي 5: 332. (¬2) الضوء اللامع 7: 84 - 85. (¬3) انظر: الضوء اللامع 7: 85. (¬4) ولعله ألَّف كتابه هذا وأصله الكبير بحكم احتسابه وعمله فيه، والله أعلم.

بعض فضائله ومناقبه وثناء العلماء عليه

بعض فضائله ومناقبه وثناء العلماء عليه: قال السخاوي: كان إمامًا علَّامةً متقدمًا في الفقه والأصلين (¬1) والعربية، مشاركًا في فنون، حسن الكتابة والتقييد، عظيم الرغبة في المطالعة والانتقاء، بحيث بلغني عن أبي الخير ابن عبد القوي أنه قال: أعرفه أزيدَ من خمسينَ سنة، وما دخلت إليه قطُّ إلَّا ووجدته يطالعُ أو يكتبُ (¬2)!! وقال ابن أبي عذيبة: قاضي مكة المشرفة، وعالم تلك البلاد ومفتيها -على مذهبه-، مع الجودة والخير والخبرة بدنياه. سافر وطَوَّف البلاد، ومع ذلك لم تَفُتْهُ وقفةٌ بعرفة منذ احتلم إلى أن مات! ودخل بيت المقدس مرتين (¬3). مصنفاته: 1 - المَشْرَع في شرح المجمع (¬4) (أربع مجلدات). 2 - البحر العميق في مناسك حج البيت العتيق. (أخبرني الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان حفظه الله أنه قيد التحقيق من قبل أحد الدكاترة). 3 - تنزيه المسجد الحرام عن بدع جهلة العوام (في مجلد). قلت: وهو أصل هذه الرسالة المختصرة منه. ولم أقف له على نسخة حتى الآن فيما اطلعت عليه من فهارس الكتب الخطية في مكتبات ¬

_ (¬1) أي أصول الدين وأصول الفقه. (¬2) هكذا تكون الهمم، لا هممنا اليوم! فإنَّا لله وإنا إليه راجعون. (¬3) الضوء اللامع 7: 85. (¬4) أي مجمع البحرين في فقه الحنفية.

العالم، وهي كثيرة، يسَّر الله تعالى لنا ذلك بمنَّة وجُوده وكرمه .. آمين. 4 - شرح الوافي (له شرحان مطول ومختصر). 5 - شرح مقدمة الغزنوي في العبادات وسماه: الضياء المعنوي. له نسخة في مكتبة مكة برقم 539 في الفهرس (¬1) (ص 193) بعنوان: ضياء المعنوية على المقدمة الغزنوية في 428 ورقة [تحت رقم 17 فقه حنفي]. 6 - شرح للبزدوي (لم يكمل). 7 - المتدارك على المدارك في التفسير (لم يكمل وصل فيه إلى آخر سورة هود، وذكر السخاوي أن والده أكمله). 8 - النكت على الصحيح (في الحديث)، ذكره الزركلي في "الأعلام". 9 - تاريخ مكة المشرفة والمسجد الحرام والمدينة الشريفة والقبر الشريف. منه نسخة مخطوطة في دار الكتب المصرية (¬2). وقد ذكره بروكلمان في "تاريخ التراث العربي" وغير ذلك. * * * ¬

_ (¬1) فهرس مخطوطات مكتبة مكة المكرمة، مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية، الرياض 1418 هـ. (¬2) قلت: وقد طبع في بيروت هذا العام (1419 هـ) أثناء صف الكتاب وتقديمه للطباعة.

وصف النسخ الخطية

وصف النسخ الخطية اعتمدت في إخراج هذه النشرة على نسختين مخطوطتين هما: 1 - نسخة أصلية في خزانة كتبي الخاصة -حرسها الله- تقع في 7 ورقات. تاريخ نسخها في يوم الثلاثاء 2 شعبان سنة 1006 هـ. في القسطنطينية. (وهي التي أشير إليها بالأصل). 2 - نسخة مكتبة مكة المكرمة المحفوظة في بيت المولد النبوي. وهي برقم 376 في فهرس مخطوطات مكتبة مكة المكرمة (ص 142). وتقع في 8 ورقات ومسطرتها 19 س، ضمن مجموع. كتبت بالمدادين الأسود والأحمر. كتبت بخط التعليق. وهي غير مؤرخة، ورجح المفهرس أنها تعود للقرن 12 هـ. شكر وتقدير: ولا يفوتني هنا أن أتقدم بجزيل الشكر وخالص التقدير إلى شيخنا العلَّامة الفقيه الأصولي، الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، حفظه الله؛ فهو الذي أرشدنا إلى هذه النسخة، ثم يسر لي الاطلاع عليها، وزاد في إفضاله بتصويرها لي في يوم واحد. وليست هذه بأولى أفضاله وأياديه الكثيرة على طلبة

منهج التحقيق

العلم وأهله. زاده الله علمًا، ونفع به، وأطال في الخير والصلاح عمره .. آمين. منهج التحقيق اتخذت نسختي الخاصة أصلًا لقِدَمها، ووجود التاريخ فيها، ثم هي أولى النسختين وجودًا عندي. وقابلت منسوختي على أصل نسخة مكة في مكتبة مكة، كما يتبين من تاريخ المقابلة في آخر الرسالة. وأَثْبَتُّ أهمَّ الفروق بينَ النُّسْخَتَيْن. ولم أتكلف إثقال الحواشي بما لا يُجدي، واكتفيت بإخراج الكتاب في أقرب صورة لنص المؤلف رحمه الله تعالى، مع تعليقات يسيرة اقتضاها توضيح النص والتعريف ببعض الأَعلام. وصلَّى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلم. قاله وكتبه خادم العلم والعلماء بدولة البحرين نظام محمد صالح يعقوبي 3 شعبان 1420 هـ

الورقة الأولى من نسخة الأصل

الورقة الأخيرة من نسخة الأصل

الورقة الأولى من النسخة المكية

الورقة الأخيرة من النسخة المكية

[مقدمة المصنف]

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين قال الشيخُ الإمامُ العلَّامة الهُمامُ، قاضي القُضاة، شيخُ الإِسلام أبو البقاء أحمد بن الضياء القُرشيُّ العدوي، الحنفي، رحمةُ اللهِ عليه: الحمد لله رَبِّ العالمين، وصلَّى الله على سَيِّدِنا مُحَمَّد خاتمِ النبيينَ، وعلى آله وَصَحْبِه أجمعين، وبعدُ: فهذه وُرَيْقاتٌ اخْتَصَرْتُها من كتابي المُسَمَّى بـ: (تَنْزِيه المَسْجِدِ الحرامِ عن بِدَعِ جَهَلَةِ العَوَامّ)، وأَسْأَلُ الله تعالى أن يَنْفَعَ بِه، إنَّهُ قريبٌ مُجيبٌ، وما توفيقي إلَّا بالله، عليه تَوَكَّلْتُ وإِلَيْهِ أُنيبُ: اعْلَمْ أَنَّ رَفْعَ الصَّوْتِ في المسجد الحرامِ بِذِكْرٍ، أو بتلاوةٍ، أو غَيْرِ ذلكَ: مَنْهِيٌّ عَنْهُ، والجَهْرَ بالذِّكْرِ والأَدْعيةِ بِدْعةٌ، والتَّشْويشَ (¬1) على الطائفينَ والمُصَلِّينَ وغيرهم، حَرَامٌ. دَلَّ على ذلك: الكتابُ، والسُّنَّةُ، وأقوال (¬2) الصحابةِ والسَّلَفِ الصَّالحِ رضي الله عنهم. واتَّفَقَ (¬3) الأَئِمَّةُ الأَرْبعةُ وأصحابُهُمْ على إنكارِ ¬

_ (¬1) نسخة مكة: (التش ش)، وهو تحريف. (¬2) نسخة مكة: (قول). (¬3) نسخة مكة: (واتفقت).

ذكر عدد من المنكرات والبدع بالمسجد الحرام

ذلكَ. وغالبُ البِدَع والمُنكرَاتِ بالمَسْجِدِ الحرامِ، تَشْتَمِلُ على رَفْعِ الصَّوْتِ وتَنْشَأ عَنْهُ، أَو تكون (¬1) من جملة مفاسِدِها. بيانُ ذلكَ: أَنَّ مِنَ البدَعِ والمُنكراتِ: إنشادُ الأَشْعارِ والقصائِدِ بالمَسْجِدِ الحرامِ، وَفَوْقَ المآذنِ (¬2) بِرَفْعِ الصَّوْتِ بقُرْبِ الطائفينَ والمُتَعَبِّدينَ. ومنها (¬3): قراءة القُرآنِ جُوقاتٍ بِرَفْعِ الأَصْواتِ المُشَوِّشَةِ على المُتَعَبِّدينَ. ومنها: بِدْعةُ الخُطَبِ فَوْقَ المَنَابِرِ ليالي الختمِ في شَهْرِ رَمَضَانَ بِرَفْعِ الأصواتِ. ومنها: بِدْعةُ البَيع والشِّراءِ في المسْجِدِ الحرام، خُصوصًا أيَّامَ المَوْسِمِ، يَجْتَمعُ فيهِ النَّاسُ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عميقٍ، ويُؤَدّي ذلكَ إلى رَفْعِ الأَصْواتِ بطريق الضَّرُورَةِ. ومنها: بِدْعَةُ نَصْبِ الخيامِ في المَسْجِدِ الحرامِ أَيَّامَ المَوْسِمِ، يَجْتَمِعُ فيهِ الحُجَّاجُ مِنَ الرجالِ والنساءِ والأَطفالِ والغِلْمان والعكَّامة (¬4)، ويُؤَدِّي ذلك إلى رَفْعِ الأَصْوَاتِ بطريقِ الضرورةِ. ¬

_ (¬1) الأصل: (أو يكون هو)، لا يستقيم به الكلام، وكذلك في نسخة مكة. (¬2) الأصل ونسخة مكة: (الميادين). (¬3) أي البدع والمنكرات. (¬4) كذا في المخطوطتين. ولعلها عامية مكية، كما أخبرنا بذلك شيخنا الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان؛ وفي تكملة المعاجم العربية لدوزي (ترجمة د. محمَّد سليم النعيمي) 7/ 275: عكَّام والجمع عكَّامة وعكَّامون: رجل يربط الأعدال ويحملها على الجمال وغيرها من الدواب. وهو أيضًا من يُعْنى بالأمتعة وبالخيم خاصة. اهـ.

ومنها: أَنّه إذا وَقَعَ المَطَرُ بمكة (¬1) يَخْرُجُ من البُيُوتِ الكِبارُ والصِّغارُ والإِماءُ، إلى المسجد الحرام، حُفاةً، يَدْخُلُونَ الطَّوافَ الشَّريفَ، والحِجْرَ المُكَرَّمَ، ومَعَهُم القِرَبُ والدَّوارقُ والكِيزانُ، يَمْلَؤُنها مِنَ المطافِ ومِنَ الحِجْرِ تحتَ الميزابِ، ويحصلُ حينَئِذٍ في المطافِ الشَّريفِ غوغاءُ وجَلَبَةٌ ولَعِبٌ بالماءِ، وإساءةُ أدبٍ، ورَفْعُ أصواتٍ! ومنها: تَعْلِيمُ الصبيانِ في المَسْجِدِ الحرامِ، وَرَفْعُ أَصْوَاتِهِمُ المُشَوِّشةُ. ومنها: صلاةُ الرَّغائِبِ؛ يَجْتَمِعُ بِسَبَبِها الرجالُ والنِّساءُ في المَسْجِدِ الحرام، ويَكْثُرُ فيه رَفْعُ الأَصْواتِ. ومنها: ما أَحْدَثُوه في لَيْلَةِ النِّصْفِ من شعبان؛ يَجْتَمِعُ في تِلْكَ اللَّيْلَةِ في المَسْجِدِ الحَرَامِ خَلْقٌ لا يُحْصَوْنَ (¬2)، ويَقَعُ مِنْهم جُملَةٌ مِنَ المُنكراتِ ذكرناها في كتابنا: (تنزيه المسجدِ الحرام عَنْ بِدَعِ جَهَلَةِ العَوامِّ)، ويُؤدِّي ذلك إلى رَفْعِ الأَصْواتِ. ومنها: ما أَحْدَثُوهُ في ليلة مَوْلِدِ النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي الثانية عَشَرَ من ربيع الأول، يجتمع تلكَ الليلةَ الفَرَّاشون بالشُّمُوعِ والفوانيسِ في المسجدِ الحرامِ ويزفّونَ الخطيبَ مِنَ المَسْجِدِ إلى مولد النبي - عليه السلام - ¬

_ (¬1) ومن لطيف التقدير أننا نسخنا هذه السطور أثناء نزول المطر الغزير بالمسجد الحرام يوم 21 رمضان 1419 هـ، ونحن تجاه الكعبة المشرفة، في جمع فيهم الشيخ المحقق المدقق محمَّد بن ناصر العجمي، والأخ الأستاذ المربي مساعد آل عبد الجادر والأستاذ رمزي دمشقية صاحب دار البشائر الإِسلامية. (¬2) نسخة مكة: (يخصمون)، وهو تحريف.

بالشموع والمغرعات (¬1) والمنجنيقات، وبين يَدَيْهِ جوقات المعرّبين (¬2)، ويختلط حينئذٍ الرجالُ والنِّساءُ والصبيانُ، ويكثُرُ اللغطُ والزعيق والخصومات ورفع الأصوات بالمسجد الحرام وفي مسجد المَوْلِدِ. ويحصل في تلك الليلةِ مِنَ المفاسدِ ما لا يُحْصيه إلَّا الله تعالى. ومنها: رفْعُ أَصْواتِ المُصَلِّينَ للتراويحِ في شَهْر رمضان في حاشيةِ المطافِ، وفي صَحْنِ المَسْجدِ. وجَهْرِ بعضهم على بعض بالقراءة، ورَفْعِ أصواتِ المُكَبِّرينَ خلفهم. ومنها: بدعةُ الوقيد على المقاماتِ الأربعة في الليالي الفاضلة، وكثرةُ إيقادِ الشُّموعِ والقناديل في ليالي الختم في رمضان؛ لأنه ينجرُّ بسبب ذلك مفاسدُ كثيرةٌ، برَفْعِ الأَصْواتِ المُشَوِّشَةِ والألفاظ، واللغو، والضَّحِكِ، والمزاحِ، والخُصومات، والزعقاتِ واللَّغَطِ، وغير ذلك من المفاسد التي لا تُحصى. ومنها: خروجُ نساءِ أهل مكة إلى المسجد والمطافِ الشريفِ واجتماعُهُم (¬3) هناك في ليالي الجُمَع والأعياد والليالي الفاضِلَةِ في السَّنَةِ، ويكْثُرُ إذْ ذاكَ لَعِبُهُنَّ وَرَفْعُ أصواتِهِن، ويكونُ ذلكَ سببًا لوقوعِ الفتنةِ بينَ الرجال والنِّساء. ومنها: سؤالُ الفقراءِ النَّاسَ في المسجدِ الحرامِ وفي حاشيةِ المطافِ، وتشويشُهم على الناس، بِرَفْعِ أصواتهم بالسؤال. ¬

_ (¬1) كذا بالأصلين المخطوطين. ولم أتبين وجه الصواب فيها. (¬2) نسخة مكة: (المقربين)، ولعل الصواب: (المقرئين)، والله أعلم. (¬3) كذا في المخطوطتين والوجه: (واجتماعهن).

ومنها: اجتماعُ الرجال في المسجد حَلْقاتٍ ذاكرين، وقُرَّاء يَذْكُرُون ويَقْرؤون بِرَفْعِ الأصوات المشوشة على الطائفين والمُصَلّين. ومنها: الدُّعَاء بعد الختمِ في آخر شهر رمضانَ بِرَفْعِ الأَصْواتِ، ويجتمع بسبب ذلك خَلْقٌ لا يُحْصَوْن مِنَ الرجال والنساء، وينجر ذلك إلى مفاسد جمة. ومنها: اجتماعُ الرجال جوقات يقرؤون عُقيبُ جلوسِ الخطيب في أثناء الخطبةِ في شَهْرِ رمضان، برفع الأصواتِ المشوشة. ومنها: إنشادهم الأشعار والقَصائِدَ عُقَيْبَ الخَتْمِ بِرَفْع الأَصْواتِ المُزْعِجَةِ جوقاتٍ جوقاتٍ. ومنها: رفعُ أصْواتهم على المآذن (¬1) بالتسبيح آخر الليل ويشَوِّشونَ بذلك على المُتَعَبِّدينَ والطائفين في المسجد، ويخلطون عليهم ما هم فيه. ومنها: رَفْعُ أصواتِ السَّقَّائِينَ الّذين يَسْقُون الناس في المسجد الحرامِ. ومنها: كثرة المؤذنين في المسجد وعلى المآذن، وعلى سطح المسجد وأبوابه بِرَفْعِ الأصواتِ المُزْعِجَةِ حتى لا يقْدِرَ أَحَدٌ أن يُجيبَ مُؤَذِّنًا مُعَيَّنًا. ومنها: التسحير (¬2) المُحْدثُ في شَهْر رمضانَ فوقَ المآذنِ، وعلى الرُّباع والبُيُوت والجبالِ، بِرَفْعِ الأَصواتِ المُشَوِّشةِ على المُتَعَبِّدينَ في المسجد. ¬

_ (¬1) الأصل: (الميازين)، نسخة مكة: (الميادين). (¬2) في المخطوطتين: (التسخير). والتسحير: النداء وقت السحر.

ومنها: التذكير يومَ الجُمُعَةِ بِرَفْعِ الأصْواتِ. ومنها: جُلُوس الخياطين في المَسْجِدِ -[و] يكثرون في جوانبِ المسجد- ويَكْثُرُ منهمُ اللَّغَطُ واللَّعِبُ ورَفْعُ الأصْواتِ، والقيل والقالُ. ومنها: رَفْعُ أصْواتِ الأخْصَام (¬1) عند الحاكم الذي يحكمُ في المَسْجِد. ومنها: مرورُ الحمَّالينَ بالأمتعة والطعامات (¬2) في المسجد، ورفعُ أصواتهم بالألفاظ التي تُعْهَدُ مِنْهُم في بيعِ المَتاعِ. ومنها: اتخاذُ المسجدِ طريقًا فَيَدْخُلُهُ الجمُّ الغفيرُ مِنَ الرجال، والنساء، والعبيد الذين لا يحترزونَ عن النجاساتِ، [والصغار] (¬3) والإماءِ حُفاةً وأقدامهن منجسة، ويؤدي ذلك إلى اللَّغَطِ واللغو. [ومنها] (¬4): نشد الضالة والبيع والشراء وَرَفْعُ الأصوات. ومنها: اشتغالُ بعض الطائفين بما لا يعنيهم من الكلام في أحاديث الدُّنيا، واللغط والقهقهة، ورفع الأصوات. ومنها: دعاؤهم في الطوافِ بأدعيةٍ متكلفة ملحونة مُحَرَّفة (¬5) -غير مأثورة (¬6) - بِرَفْع أصواتهم. ¬

_ (¬1) كذا في المخطوطتين، وهو صحيح لغة. (¬2) كذا في المخطوطتين، وهو صحيح لغة. (¬3) زيادة من نسخة مكة. (¬4) ساقطة من المخطوطتين. (¬5) في المخطوطتين: (محرمة)، ولعل الصواب ما أثبت. (¬6) في المخطوطتين: (مأثون)!.

الأدلة من القرآن الكريم على منع رفع الصوت بالدعاء بالمسجد الحرام

ومنها: وقوفُهم في الطوافِ حِلَقًا حِلَقًا حول الأَرْكانِ مُسْتدبِرين القِبْلَة، مشيرين بالسبَّابةِ نحو الأَرْكان، ويبالغونَ برفعِ الأصوات المُشَوِّشةِ. ومنها: وسْوَستُهم في النيةِ، وتشكُّكُهم (¬1) حالةَ الشروعِ في الطواف، رافعينَ أصواتَهم. ومنها: تَقْبيلُهم الحجرَ الأسودَ بِصَوتٍ مُرْتَفِعٍ عالٍ. ومنها: طوافُ النساءِ مختلطينَ بالرجال، خصوصًا أيَّامَ المَوْسِمِ، فتقَعُ الزَّحْمَةُ بينهم، ويكثر رَفْعُ الأصوات. ومنها: وقوفُهم في فتحتَيَ الحجْرِ مُسْتقبلين جهةَ النبي (¬2) عليه السلام، ويدعونَ بِرَفْعِ الأصوات. ومنها: دخولُهم البيتَ الشريف بالزحمة الشديدةِ، ورفعِ الأصواتِ، وإيذاءِ بعضهم بعضًا. فَهذِهِ خَمْسَةٌ وثلاثونَ منكرًا من جُملةِ المنكراتِ التي تشتملُ على رَفْعِ الأصوات وهي أكثرُ مما ذكرنا، لكن اقتصرنا على ذكر هذا القَدر مخافةَ التطويل، وكثيرٌ مما ذكرنا مذكرر في كتابنا (تنزيه المسجد الحرام). رجعنا إلى ما نحنُ فيه من الأَدِلَّةِ: أما الأدلةُ من الكتاب العزيزِ على مَنْعِ رَفْع الأصوات، وفضيلة الإخفاء بالتلاوة والذِّكْرِ والدُّعاء، فكثيرةٌ، ذكرناها في كتابنا المذكور، ونذكرُ بعضها: ¬

_ (¬1) في المخطوطتين: (تشكيكهم). (¬2) لعله يقصد جهة المولد الشريف.

الصحابة والتابعون الوارد عنهم المنع

الأول: قوله تعالى: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان: 19]. الثاني: قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [الأعراف: 55]. الثالث: قوله تعالى: {كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: 1 - 3]. الرابع: قوله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف: 205]. الخامس: قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء: 110]. السادس: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)} [الحجرات: 2، 3] * وأمَّا الأحاديثُ الواردةُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فكثيرةٌ، قدَّمناها في كتابنا المذكورِ مَعْزُوَّةً إلى مُخَرِّجيها فليُنْظرْ ثَمَّةَ. * وأمَّا أقوالُ الصحابةِ والتابعينَ رضوانُ الله تعالى عليهم أجمعين. فمِمَّن ورد عنهم ذلك: 1 - أمُّ المؤمنينَ عائشةُ رضي الله عنها و 2 - ابن عباس و 3 - ابن سيرين رضي الله عنهم.

كما نقله القُرطبيُّ (¬1) في تفسير قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110]. ومنهم: 4 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كما رواه عنه الطبرانيُّ في "المعجم الكبير". ومنهم: 5 - عمر بن الخطاب و 6 - علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. كما ذكره القرطبيُّ وابنُ عطيةَ في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ...} الآية. رواه الإِمامُ مالكُ بن أنس رضي الله عنه في "الموطأ" عن عُمَرَ بن الخطَّاب رضي الله عنه، ورواه البخاري في صحيحه عن عمر بن الخطاب أيضًا في كتاب الجهاد، ورواه البغويُّ في "شرح السُّنةِ" عن عمر أيضًا. ومنهم: 7 - أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه، كما نَقَلَهُ عنه ابنُ عطيةَ في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} ومنهم: 8 - عبدُ الله بن عمر رضي الله عنه كما رواه أبو ذرٍ الهرويُّ. ومنهم: 9 - معاذ بن جبل رضي الله عنه، كما ذكره البغويُّ في "شرح السُنَّة". ومنهم: 10 - الحسن بن أبي الحسن البصري، كما ذكره ابنُ عطيةَ في تفسير قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: 55]. ومنهم: ¬

_ (¬1) تفسير القرطبي 5: 343 - 344.

11 - ابنُ جريج، كما ذكره الشيخ حافظُ الدين النسفي رحمه الله تعالى في "مدارك التنزيل" في تفسير قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}، ونقله عنه الكوّاشي أيضًا في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204]. ومنهم: 12 - أنس بن مالك رضي الله عنه، كما نَقَلَهُ الغافقي (¬1) في كتابه "لمحات الأنوار ونفحات الأَزْهار" (¬2) عن إسحاق بن إبراهيم في كتاب "الفضائح"، ونَقَلَهُ عنه القرطبيُّ في أوائل تفسير القُرآن. ومنهم: 13 - مجاهد، كما رواه عنه ابن أبي شيبة في مصنفه. ومنهم: 14 - قتادة، كما ذكره القرطبي في تفسيره. ومنهم: 15 - سعيد بن المسيب و 16 - سعيد بن جبير و 17 - القاسم بن محمَّد و 18 - إبراهيم النخعي، كما ذكره القرطبي في أول تفسير القُرآن. ومنهم: 19 - أبو مسلم الخولاني، كما نقله الغافقيُّ في كتاب "لمحات الأنوار" عن إسحاق بن إبراهيم في كتاب "الفضائح". ومنهم: 20 - قيس بن عبادة و 21 - محمَّد بن كعب القرظي، كما ذكره القرطبيُّ في تفسيره. ¬

_ (¬1) في المخطوطتين: (اليافعي)، وهو تحريف. (¬2) من مطبوعات دار البشائر الإسلامية.

المفسرون الوارد عنهم ذلك أيضا

* وأمَّا قَوْل المفسرين في ذلك، فمنهم: 1 - الإمام محمَّد بن جرير الطبري. ومنهم: 2 - النقَّاش. ومنهم: 3 - أبو جعفر النحاس، كما نقله القرطبيُّ في قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا}. ومنهم: 4 - ابنُ زيد، كما نقله القُرطبيُّ في قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}. ومنهم: 5 - الفقيه أبو الليث في تفسيره. ومنهم: 6 - القُرطبيُّ في أماكن كثيرة من تفسيره. ومنهم: 7 - المهدوي في تفسيره. ومنهم: 8 - الزمخشري في "الكشاف". ومنهم: 9 - الواحديُّ في "الوسيط". ومنهم: 10 - البغويُّ في "معالم التنزيل". ومنهم: 11 - القاضي أبو بكر بن العربي كما نقله عنه القرطبي في تفسيره. ومنهم: 12 - الإِمام حافظ الدين النسفي، في "مدارك التنزيل". 13 - ومنهم الكواشي، في تفسيره. • وأما أَقْوالُ الأئمةِ الأربعةِ وأصحابهم: فقد ذكروا ذلك في كُتبهم في أماكنَ متفرقة ومسائل كثيرة، بعبارات مُخْتَلِفةٍ كُلُّها تَعُودُ إلى المَنع من رَفْعِ الصَوْتِ والجهر بالأذكارِ والأدعيةِ، وقدّمنا بعض كلامهم في كتابنا المشار إليه. فالمقصود هنا أن نَذْكُرَ فهرسة أسماء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والكتب التي ذكروا ذلك فيها

الحنفية

لِيَسهُلَ على الطالب الكشفُ عَمَّن تكلم على هذه المسائل من العُلماءِ. • أما الحنفية: فنقله الإِمام الصيمري (¬1) عن أبي حنيفة رضي الله عنه. وممن تكلم على هذه المسائل مِنْ أصحابه: شمسُ الأئمة السرَخْسِي في مبسوطه. ومنهم: صاحبُ الهداية (¬2) في كتاب "التجنيس"، و"المزيد". ومنهم: صاحبُ كتابُ "المحيط"، كما ذكره في باب الأذان وصلاةِ التراويح وصلاةِ العيدين، وباب التكبيرِ في أيام التشريق. ومنهم: صاحبُ كتابِ العلل وصاحب كتاب "الأولى" (¬3) وأبو اليُسْرِ في شرحه، كما نقله عنهم التمرتاشي في "شرح الجامع الصغير". ومنهم: الفقيه أبو الليث كما ذكره في "النوازل" (¬4). ومنهم: قاضي خان، ذكره في "فتاويه" قُبيل صلاة السَّفر وفي صلاة العيدين، وفي باب التراويح، وقُبيل كتاب الزكاة. ومنهم: أبو حامدٍ وأبو نصر الدَّبُوسي، والإمام ظهير الدين المرقيباني (¬5)، كما نقله عنهم صاحب "القُنية" فيها. ¬

_ (¬1) في المخطوطتين: (الخضيري). (¬2) في الأصل: (الرواية). (¬3) كذا. (¬4) في المخطوطتين: (المنازل). (¬5) كذا.

ومنهم: صاحب خزانة (¬1) الأكمل ونقله في خزانته (¬2) الأكمل عن "المنتقى" وعن الكرخي وعن المجرد. ومنهم: الإمامُ السِّغْناقي (¬3) في "النهاية شرح الهداية"، ونقله فيها عن الفوائد. ومنهم: الإمامُ شمس الدين الكردي ذكره في "المقيد والمزيد شرح التجريد" في باب تكبيرات الجنائز. ومنهم: الإمامُ حسام الدين الشهيد، ذكره في كتاب "الفتاوى الكبرى" في باب ذكر مسائل القرآن والمسجد عند كراهية فتاوى أهل سمرقند، ونَقَلهُ في كتاب الكراهية في الفصل الثالث، عن "عيون المسائل" (¬4) لأبي الليث السمرقندي، ونقله صاحبُ "الهداية" في كتاب الكراهية والاستحسان من الفقيه، عن الصدر حسام الدين الشهيد أيضًا. [ومنهم: صاحب" الملتقطات" ذكره في "الملتقطات" في كتاب الكراهية والاستحسان] (¬5). ومنهم: صاحب كتاب "الخُلاصة في الفتاوى"، ذكره في كتاب ¬

_ (¬1) الأصل: (حزانه). (¬2) الأصل: (حزانه). (¬3) هو الحسن بن علي السِّغْناقي، من فقهاء الحنفية. توفي بحلب سنة 711 هـ، أو 714 هـ. ذكره اللكنوي في الفوائد البهية. انظر: معجم المؤلفين لكحالة 3: 250. وسغناق بلدة بتركستان. (¬4) في المخطوطتين: (المسألة). (¬5) زيادة من نسخة مكة.

الصلاة، في الفَصْلِ الأوَّلِ وفي الفصل الحادي عشر وفي (¬1) الفصل الثالث والعشرين. ومنهم: الكاسانيُّ في كتاب "البدائع". ومنهم: الإمامُ حافظُ الدين النسفيُّ في "الكافي". ومنهم: قوام الدين الإتقاني (¬2) في "شرح الهداية". ومنهم: الفقيهُ أبو بكر الحداد في كتاب "السِّراج الوهاج شرح مختصر القدوري" وهو "المنهاج". ومنهم: صاحبُ كتاب "الفتاوى التاتارخانية"، ذكره فيها في أماكن عديدةٍ، ونَقَلَهُ في "التاتارخانية" عن "المحيط" وعن الشيخ أبي الحسن الكَرْخيِّ، وعن "الجامع الصغير" للفاني (¬3)، وعن صاحب كتاب "الحُجَّة"، وعن صاحب كتاب "الذخيرة"، وعن "فتاوى سمرقند"، وعن "صلاة النوازل"، وعن كتاب "النصاب"، وعن فتاوى قاضي برهان الدين، وعن الخجندي، وعن "الملتقط"، وعن " مجموع النوازل"، وعن "شرح الطحاوي"، وعن " الظهيرة"، وعن "التتمة" (¬4)، وعن " السراجية"، ونقله عن "التاتارخانية" أيضًا في كتاب الاستحسان، عن مُحَمد رَحِمَهُ الله في ¬

_ (¬1) في المخطوطتين: (من). (¬2) غير واضحة في الأصل، وفي نسخة مكة: (الإتقاني)، واضحة؛ وهو أمير كاتب بن أمير عمر بن أمير غازي الفارابي توفي 758 هـ. وشرحه للهداية يقع في عشرين مجلدًا، واسمه: "غاية البيان ونادرة الأقران في آخر الزمان". معجم المؤلفين 3: 4. (¬3) كذا في المخطوطتين. (¬4) في نسخة مكة: (اليتيمة).

المالكية

كتاب "العلل"، ونقله في "التاتارخانية" أيضًا، عن " المحيط" عن محمَّد بن الحسن رحمه الله، في كتابهِ (¬1) الحَسَنُ "السير الكبير". ومنهم: الإِمام أبو منصورٍ الكرمايُّ، ذَكَرهُ في "منسكه" قُبيل فصل السَّعْيِ بينَ الصفا والمروة. ومنهم: السجستاني الإِسحاقي، ومجد الأئمة الترجماني، وعلي الصفدي، كما نقله عنهم في "القُنية" في باب الجنائز. ومنهم: شرفُ الأئمة المكيُّ، كما نقله عنه صاحبُ "القُنية" أيضًا في كتاب الكراهية والاستحسان. ومنهم القاضي صَدْرُ الدين العجمي الدمشقي، ذكره في "مناسكه". ومنهم: شمس الدين، ابن الدَّيْري، قاضي القضاة بالقاهرة المحروسة في عَصْرِنا، كما وقفتُ عليه في جوابه لفتوى فيما يَتَعَلَّقُ بهذه المسائل، وهو مكتوبُ بخطه. انتهى ذكرُ ما وقفنا عليهم من العلماء الحنفية رحمة الله عليهم أجمعين. • وأما المالكيةُ: فنقله عنهم: أبو عبد الله القرطبي في تفسير سورة البقرة عن مالِك رحمه الله. ونقله: الإِمام أبو بكر الطرطوشي عن مالكٍ أيضًا في كتاب "الحوادث والبدع" في أماكن كثيرة، ونَقَلَهُ عن مالك في كتاب "المدونة" وفي كتاب "الغنية". ¬

_ (¬1) في المخطوطتين: (كتاب).

ومنهم: الإمامُ أحمدُ بن محمد، حكاه في "المستخرجة"، عن أبي القاسم، عن مالك رحمه الله. ومنهم: الإِمام أبو بكر الطرطوشي في كتاب "الحوادث والبدع". ومنهم: ابنُ القاسم، حكاه في كتاب"المبسوط" عن مالك. نقله عن ابن القاسم أبو بكر الطرطوشي في كتاب "الحوادث والبدع"، وابن الحاجّ في كتاب "المدخل". ومنهم: ابنُ شعبان، ذكره في "مختصر" (¬1) ما ليس في المختصر عن مالك"، نقله [عن] ابن شعبان: الطرطوشي في كتاب "الحوادث والبدع". ومنهم: صاحبُ كتاب "المنتقى"، حكاه فيه عن مالك رحمه الله، ونقله الطرطوشي عن "المنتقى" (¬2). ومنهم: القاضي أبو الوليد، ابنُ رُشد، ذكره في كتاب "البيان والتحصيل"، نقله عن القاضي أبي الوليد: ابنُ الحاجّ في "المدخل". ومنهم: الإمامُ أَبو طالبٍ المكيُّ، ذكره في كتاب "قوت القلوب"، حكاه عنه ابنُ الحاجّ في "المدخل". ومنهم: أبو عمر، ابن عبد البَرِّ، ذكره في كتاب "التمهيد". ومنهم: الفاضي أبو بكر بن العربي، نقله عن القاضي في التفسير (¬3). ¬

_ (¬1) في المخطوطتين: (المختصر)، خطأ. (¬2) في المخطوطتين: (المفتقى). (¬3) كذا في المخطوطتين ولا تستقيم العبارة. ولعلها: نقله [القرطبي] عن القاضي.

الشافعية

ومنهم: عبد الله بن أبي جمرة، ذكره في "شرح البُخاري". ومنهم: الشيخ شمس بن عماد من علماء مِصْرَ في عصرنا هذا، كما وقفتُ عليه في جوابه لفتوى بخطه، والله أعلم. • وأما الشافعيةُ: فنَقَلَهُ الشيخُ محيي الدين النووي رحمه الله في "شرح المهذب"، عن الشافعي في "الأُمِّ". ونَقَلهُ القُرطبي في "التفسير" عن الشافعي رحمه الله أيضًا. ومنهم: الإمامُ أبو بكرٍ الآجُرّيُّ، ذكره في تأْليفِه المؤلف لأَجل هذه المسألةِ بخصوصها (¬1)، وَيَتَضَمَّنُ هذا التأليفُ الإنكارَ على الذي يَجْهَرُ في الطوافِ ويَرْفَعُ صَوْتَهُ بتلاوةٍ أوْ ذِكْرٍ، والتغليظَ فيه والتشديدَ، وقد قدّمنا كلامَ أبي بكرٍ الآجُريِّ على هذه المسألةِ في كتابنا (تنزيه المسجد الحرام) في الفصل الخامس من الباب الأول، فمن أراد الوقوفَ [عليه] فليراجع ثَمَّة. ومنهم: الشيخُ محيي الدين النووي رحمه الله، ذَكَرَه في "شرح المهذب" وفي "شرح صحيح مسلم" أيضًا. ومنهم: الشيخ محبُّ الدين الطَّبريّ، ذكَرَهُ في كتاب "القِرَى". ومنهم: الشيخ جمال الدين الرَّيْمي ذكره في كتاب "دلالات المسترشد" على الروضة من (¬2) المسجد. ¬

_ (¬1) في المخطوطتين: (بخصوصيتها). (¬2) في الأصلين هكذا: (الروضة هي المسجد).

ومنهم: ابنُ المُلَقِّن، ذكره في "شَرْحِ البُخاري". ومنهم: ابنُ بطَّالٍ (¬1)، حكاه عنه النوويُّ في "شرح صحيح مسلم". ومنهم: ابنُ المُنَيّر (¬2)، ذكره في "شرح البُخاري"، كما حكاه عنه ابنُ المُلَقِّن في شرح البخاري. ومنهم: قاضي القُضاة عزُّ الدين، ابنُ جَمَاعة في "مناسكه الكُبرى". ومنهم: الشيخُ عِزُّ الدين بنُ عبد السلام، والشيخ تقي الدين بنُ الصلاح، والشيخ تقي الدين بنُ دقيق العيد، والشيخ شهابُ الدين أبو شامة، والشيخ تقيُّ الدين العِراقيُّ المعروف بابن الفِرْكاح، والشيخ شهاب الدين بنُ الزَّمَلْكاني، والشيخُ صدر الدين بنُ الوكيل. كما وقف عليه في جواب فتوى بخط عفيف الدين عبد الله بن أحمد بن محمَّد بن المحب الطبري، وذكر أنَّه عَلَّقَهُ بدمشقَ المحروسة بالخانقاه الأندلسية في يوم السبت الثاني والعشرين من شعبان أحد شهور سنة أربع وأربعين وسبعمائة، وتَقَدَّم في كتاب (تنزيه المسجد الحرام) لفظُ الاستفتاء والجواب، فليُراجع ثَمَّة، فإنه جوابٌ مُفيدٌ مُتَضَمِّنٌ لمُنكراتٍ كثيرةٍ، وذَكَرَ فيه الأَدِلَّةَ على المسألةِ مِنَ العَقْلِ والنَّقْلِ. ¬

_ (¬1) وهم المصنف رحمه الله، فابن بطال مالكي، وليس شافعيًّا. (¬2) ابن المنيّر مالكي أيضًا.

الحنابلة

ومنهم: الشيخُ جمال الدين الحسين (¬1) الوِصابي في كتاب "البركة في فضل السعي والحركة". ومنهم: الشيخُ جمال الدين الطبري في كتاب "التشويق إلى البيت العتيق" (¬2). • وأما الحنابلةُ: فَنَقَلَهُ عن الإمام [أحمدَ] بن حنبل رضي الله عنه: القُرطبيُّ في "التفسير"، والشيخ موفق الدين في كتاب "المغني شرح مختصر الخِرَقي"، والنووي في "شرح مسلم"، وابنُ المُلَقِّن في "شرح صحيح البخاري"، وأبو بكر الطرطوشي في كتاب "الحوادثِ والبدع"، وابنُ الحاجّ في "المدخل"، رحمهم الله تعالى. ومنهم: الحافظ أبو الفرج بن الجوزي، ذكره في كتاب "تلبيس إبليس". ومنهم: الشيخ موفق الدين، ذكره في كتاب "المغني شرح مختصر الخرقي" في أماكن متفرقة. ومنهم: الحافظ شمس الدين محمَّد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي في كتاب "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". ومنهم: الشيخ تقي الدين، ابن تيمية، كما وقفتُ عليه في جواب فتوى بخط عفيف الدين عبد الله بن أحمد بن محمد، ابن المحب الطبري. ¬

_ (¬1) في المخطوطتين: (الحسن). (¬2) في المخطوطتين: (التشريق)، وهو تحريف.

آخر الرسالة

ومنهم: قاضي القُضاة علاء الدين مُعَلَّى الحنبلي الموجود في القاهرة في عصرنا هذا. وقد كتب جماعةٌ ممن عاصرناهم منْ عُلَماءِ (¬1) كُلِّ مَذهب من المذاهب الأربعة: من أهل مكة والمدينةِ ومصر خطوطهم على هذه المسألةِ وأجابوا بالمَنْعِ من رفع الأصوات في المسجد الحرام، وبإنكار ذلك وزَجْرِ فَاعِله، وما يترتب به علي فاعل ذلك مِنَ الزواجر الشرعية، وإثابة الناهي عن (¬2) هذه المنكرات، وَفَّق الله تعالى وليَّ الأمر لإزالة المنكرات القولية والعملية، إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير. هذا آخر ما أشرنا إليه من الأدلة على منع رَفْع الأصوات من الكتاب العزيز، والأحاديث، وأقوال الصحابة والتابعين والأَئمة الأربعة وأصحابهم مجملًا. ومن أراد الوقوف على كلامهم مُفَصَّلًا فليراجعه في الباب الأول من كتابي (تنزيه المسجد الحرام عن بدع جهلة العوام). اللهم إنا نعوذُ بك من جهد البلاء، ودَرَك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتةِ الأعداء، ونعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعاءٍ لا يُسمع، يا رب العالمين. هذا آخر المختصر. تم كتاب [مختصر] (¬3) تنزيه المسجد الحرام عن بدع [جهلة] العوام بحمد الله تعالى وعونه وحسن توفيقه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ¬

_ (¬1) في المخطوطتين: (العلماء)، خطأ. (¬2) في المخطوطتين: (في). (¬3) ساقطة من المخطوطتين والسياق يقتضيها لأنه "المختصر" وليس الأصل.

نعم المولى ونعم النصير، في وقت الضحى في يوم الثلاثاء في الثاني من شهر شعبان المعظم في سنة سِتِّ وألف من الهجرة النبوية - عليه السلام - (¬1) في القسطنطينية (¬2). • • • ¬

_ (¬1) كذا، والصواب: (على مهاجِرها السلام). (¬2) فرغتُ من نسخها بعد أذان العشاء ليلة 23 رمضان المبارك عام 1419 هـ وتجاه الكعبة المشرفة في صحن المسجد الحرام ببلد الله الحرام مكة المكرمة، في مجالس العشر الأواخر من رمضان التي نعقدها مع جمع من الإِخوة الأحباب من طلبة العلم ومحبيهم كل عام في صحن المسجد الحرام في العشر الأواخر. وقد قرأ عليَّ من مصورة الأصل المخطوط الإِخوة الكرام، والأحبابُ الأوفياء بلا ملام: الشيخ المحقق المدقق تُفاحة الكويت محمَّد بن ناصر العجمي، والأستاذ المربي الفاضل مساعد بن سالم آل عبد الجادر، والأستاذ المتفنن رمزي دمشقية صاحب دار البشائر الإِسلامية، مع مشاركة يسيرة في قراءة ما استغلق من خط الناسخ من ابن عمي جوهرة البحرين المخزونة الشيخ عصام بن الشيخ محمَّد بن الشيخ إسحاق وذلك بحضور والده الشيخ محمَّد إسحاق أطال الله في عمره ومتع به، وبحضور الأخ المكرم المحب في الله الأستاذ هاني بن عبد العزيز ساب المدني، وابني أحمد وهو الآن في التاسعة من عمره حفظه الله تعالى وبارك فيه ونفعه بالعلم. نسأل الله أن يجمعنا وأحبابنا دائمًا على خير. آمين. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين. ° ثم قابلتها يوم 24 رمضان 1419 هـ بمكتبة مكة على نُسختها الخطية المكية في المكتبة ذاتها في مجلس واحد بحضور صاحب الفضيلة العالم الجليل الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان حفظه الله تعالى. ° كما تمت المقابلة مرة ثانية بالمسجد الحرام بين العشاءين ليلة 28 رمضان المبارك 1419، والحمد لله رب العالمين.

§1/1